الكتاب: أسنى المطالب في شرح روض الطالب المؤلف: زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري، زين الدين أبو يحيى السنيكي (المتوفى: 926هـ) عدد الأجزاء: 4 الناشر: دار الكتاب الإسلامي الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، ومعه حاشية الرملي الكبير] ---------- أسنى المطالب في شرح روض الطالب الأنصاري، زكريا الكتاب: أسنى المطالب في شرح روض الطالب المؤلف: زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري، زين الدين أبو يحيى السنيكي (المتوفى: 926هـ) عدد الأجزاء: 4 الناشر: دار الكتاب الإسلامي الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، ومعه حاشية الرملي الكبير] [خِطْبَة الْكتاب] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى أَشْرَفِ الْخَلْقِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَبْرُ الْبَحْرُ الْفِهَامُ فَرِيدُ دَهْرِهِ وَوَحِيدُ عَصْرِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ مُحْيِي السُّنَّةِ فِي الْعَالَمِينَ مُفْتِي الْمُسْلِمِينَ زَيْنُ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ فَسَّحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُدَّتِهِ وَنَفَعَنَا وَالْمُسْلِمِينَ بِبَرَكَتِهِ وَبِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ إنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَقَادِرٌ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَ لَنَا ثَمَرَ الرَّوْضِ مِنْ كِمَامِهِ، وَأَسْبَغَ عَلَيْنَا بِفَضْلِهِ مَلَابِسَ إنْعَامِهِ، وَبَصَّرَنَا مِنْ شَرْعِهِ بِحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ، وَرَسُولُهُ الْمُؤَيَّدُ بِمُعْجِزَاتِهِ الْعِظَامِ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ الْغُرِّ الْكِرَامِ (وَبَعْدُ) فَهَذَا مَا دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةُ الْمُتَفَهِّمِينَ لِلرَّوْضِ فِي الْفِقْهِ تَأْلِيفُ الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ شَرَفِ الدِّينِ إسْمَاعِيلَ بْنِ الْمُقْرِي الْيَمَنِيِّ مِنْ شَرْحٍ يُحِلُّ أَلْفَاظَهُ، وَيُبَيِّنُ مُرَادَهُ، وَيُذَلِّلُ صِعَابَهُ، وَيَكْشِفُ لِطُلَّابِهِ نِقَابَهُ مَعَ فَوَائِدَ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَدَقَائِقَ لَا يَسْتَغْنِي الْفَقِيهُ عَنْهَا عَلَى، وَجْهٍ لَطِيفٍ، وَمَنْهَجٍ حَنِيفٍ خَالٍ عَنْ الْحَشْوِ، وَالتَّطْوِيلِ حَاوٍ لِلدَّلِيلِ، وَالتَّعْلِيلِ، وَاَللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ، وَهُوَ حَسْبِي، وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (وَسَمَّيْته أَسْنَى الْمَطَالِبِ فِي شَرْحِ رَوْضِ الطَّالِبِ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَيْ أَبْتَدِئُ، وَأَوْلَى مِنْهُ أُؤَلِّفُ إذْ كُلُّ فَاعِلٍ يَبْدَأُ فِي فِعْلِهِ بِبَسْمِ اللَّهِ يُضْمِرُ مَا جَعَلَ التَّسْمِيَةَ مَبْدَأً لَهُ كَمَا أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا حَلَّ أَوْ ارْتَحَلَ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ كَانَ الْمَعْنَى بِسْمِ اللَّهِ أَحِلُّ، وَبِسْمِ اللَّهِ أَرْتَحِلُ، وَالِاسْمُ مُشْتَقٌّ مِنْ السُّمُوِّ، وَهُوَ الْعُلُوُّ، وَقِيلَ مِنْ الْوَسْمِ، وَهُوَ الْعَلَامَةُ، وَإِنَّمَا حَذَفُوا أَلِفَه، وَإِنْ كَانَ وَضْعُ الْخَطِّ عَلَى حُكْمِ الِابْتِدَاءِ دُونَ الدَّرْجِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ مَعَ أَنَّهُمْ طَوَّلُوا الْبَاءَ لِتَكُونَ كَالْعِوَضِ مِنْ الْأَلْفِ، وَاَللَّهُ عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ، وَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ صِفَتَانِ مُشَبَّهَتَانِ بُنِيَتَا لِلْمُبَالَغَةِ مِنْ رَحِمَ كَغَضْبَانَ مِنْ غَضِبَ، وَسَقِيمٍ مِنْ سَقِمَ وَالرَّحْمَةُ رِقَّةُ الْقَلْبِ، وَهِيَ كَيْفِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ تَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى فَتُحْمَلُ عَلَى غَايَتِهَا، وَهِيَ الْإِنْعَامُ، وَبُنِيَتْ الصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ مِنْ رَحِمَ مَعَ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِجَعْلِهِ لَازِمًا، وَنَقْلِهِ إلَى فَعُلَ   [حاشية الرملي الكبير] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى تَوْفِيقِهِ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. (وَبَعْدُ) فَهَذِهِ حَوَاشٍ لَطِيفَةٌ وَفَوَائِدُ شَرِيفَةٌ جَرَّدْتهَا مِنْ خَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا شَيْخِ الشُّيُوخِ خَاتِمَةِ أَهْلِ الرُّسُوخِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ الرَّمْلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ شَرْحِ الرَّوْضِ تَابِعًا لَهُ فِيمَا رَمَزَ إلَيْهِ مِنْ عَلَامَةِ الْكُتُبِ أَوْ أَصْحَابِهَا وَمَا كُتِبَ عَلَيْهِ عَلَامَةَ التَّصْحِيحِ أَوْ التَّضْعِيفِ أُشِيرُ إلَيْهِ بِقَوْلِي وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَوْ أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ، وَرُبَّمَا كَتَبَ شَيْخُنَا وَلَدُهُ تَوْضِيحًا أَوْ تَتِمَّةً أَوْ زِيَادَةً أُخْرَى أَوْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحٍ فَأُمَيِّزُهَا بِنَحْوِ وَقَالَ شَيْخُنَا، وَاَللَّهَ أَرْجُو النَّفْعَ بِذَلِكَ وَأَسْأَلُهُ الْهِدَايَةَ لِأَحْسَنِ الْمَسَالِكِ (قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَضَمَّنَتْ جَمِيعَ الشَّرْعِ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَهَذَا صَحِيحٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 بِالضَّمِّ، وَالرَّحْمَنُ أَبْلَغُ مِنْ الرَّحِيمِ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى كَمَا فِي قَطَعَ، وَقَطَّعَ، وَعَلَيْهِ نَقْضٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) بَدَأَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْبَسْمَلَةِ، وَبِالْحَمْدَلَةِ اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَعَمَلًا بِخَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَقْطَعُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «بِالْحَمْدِ لِلَّهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ، وَحَسَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَغَيْرُهُ، وَجَمَعَ بَيْنَ الِابْتِدَاءَيْنِ عَمَلًا بِالرِّوَايَتَيْنِ، وَإِشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا إذْ الِابْتِدَاءُ حَقِيقِيٌّ، وَإِضَافِيٌّ فَبِالْبَسْمَلَةِ حَصَلَ الْحَقِيقِيُّ، وَبِالْحَمْدَلَةِ حَصَلَ الْإِضَافِيُّ، وَقَدَّمَ الْبَسْمَلَةَ عَمَلًا بِالْكِتَابِ، وَالْإِجْمَاعِ وَالْحَمْدُ لُغَةً هُوَ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ عَلَى جِهَةِ التَّبْجِيلِ سَوَاءٌ أَتَعَلَّقَ بِالْفَضَائِلِ أَمْ بِالْفَوَاضِلِ، وَعُرْفًا فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ لِكَوْنِهِ مُنْعِمًا عَلَى الْحَامِدِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَتَنَاوَلُ الْقَوْلَ، وَالْفِعْلَ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الصُّوفِيَّةِ، وَهُوَ بِالْفِعْلِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْقَوْلِ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ الَّتِي هِيَ آثَارُ السَّخَاوَةِ مَثَلًا تَدُلُّ عَلَيْهَا دَلَالَةً عَقْلِيَّةً قَطْعِيَّةً لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا تَخَلُّفٌ بِخِلَافِ الْأَقْوَالِ فَإِنَّ دَلَالَتَهَا عَلَيْهَا وَضْعِيَّةً، وَقَدْ يَتَخَلَّفُ عَنْهَا مَدْلُولُهَا، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ حَمْدًا لِلَّهِ، وَثَنَاؤُهُ عَلَى ذَاتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى حِينَ بَسَطَ بِسَاطَ الْوُجُودِ عَلَى مُمْكِنَاتٍ لَا تُحْصَى، وَوَضَعَ عَلَيْهِ مَوَائِدَ كَرَمِهِ الَّتِي لَا تَتَنَاهَى فَقَدْ كَشَفَ سُبْحَانَهُ عَنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ، وَأَظْهَرَهَا بِدَلَالَاتٍ قَطْعِيَّةٍ تَفْصِيلِيَّةٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ فَإِنَّ كُلَّ ذَرَّةٍ مِنْ ذَرَّاتِ الْوُجُودِ تَدُلُّ عَلَيْهَا، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعِبَارَاتِ مِثْلُ هَذِهِ الدَّلَالَاتِ، وَمِنْ ثَمَّ «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سُبْحَانَك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك» . وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَغَيْرِهِ (الَّذِي جَعَلَ الْكِتَابَ الْعَزِيزَ) أَيْ الْقُرْآنَ (رَوْضَةً دَانِيَةً قُطُوفُهَا) أَيْ قَرِيبَةً ثِمَارُهَا، وَالْمُرَادُ فَوَائِدُهَا، وَالرَّوْضَةُ تُقَالُ لِبُقْعَةٍ ذَاتِ أَشْجَارٍ كَثِيرَةِ الثِّمَارِ، وَالْبَقْلِ، وَالْعُشْبِ، وَقَدْ اسْتَعَارَ لَفْظَهَا لِلْقُرْآنِ، وَرَشَّحَ الِاسْتِعَارَةَ بِدَانِيَةٍ قُطُوفُهَا (وَأَوْجَزَ) أَيْ قَلَّلَ مَبَانِيَهُ، وَكَثَّرَ مَعَانِيهِ (فَأَعْجَزَ) خَلْقَهُ عَنْ إدْرَاكِ مَعَانِيهِ، وَعَنْ إتْيَانِهِمْ بِمِثْلِهِ (وَجَمَعَ) فِيهِ (عِلْمَ الْأَوَّلِينَ، وَالْآخِرِينَ فِي كَلِمٍ) عِدَّتُهَا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ سَبْعٌ، وَسَبْعُونَ أَلْفًا، وَتِسْعُمِائَةٍ، وَأَرْبَعٌ، وَثَلَاثُونَ (مَعْدُودَةٌ حُرُوفُهَا) ، وَهِيَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفٍ، وَأَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَسَبْعُمِائَةٍ، وَأَرْبَعُونَ، وَفِيهَا، وَفِي الْكَلِمِ أَقْوَالٌ أُخَرُ (أَحْمَدُهُ حَمْدَ مَنْ رَتَعَ فِي رَوْضِ مَوَاهِبِهِ) جَمْعُ مَوْهِبَةٍ بِالْكَسْرِ، وَبِالْفَتْحِ الْعَطِيَّةُ، وَبِالْفَتْحِ نَقْرَةٌ فِي الْجَبَلِ يُسْتَنْقَعُ فِيهَا الْمَاءُ، وَرَوْضٌ جَمْعُ رَوْضَةٍ ذَكَرَ ذَلِكَ الْجَوْهَرِيُّ. وَقَدْ اسْتَعَارَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ الرُّتُوعِ، وَهُوَ التَّنَعُّمُ بِالْأَكْلِ لِلتَّنَعُّمِ بِالْمَعَانِي ثُمَّ رَشَّحَ الِاسْتِعَارَةَ بِالرَّوْضِ (وَ) حَمْدُ مَنْ (تَعَاوَرَتْ) أَيْ تَدَاوَلَتْ (رَبَوَاتُ) أَيْ مُرْتَفَعَاتُ (أَرْضِهِ هُوَ أَطَلُّ سَحَائِبِهِ) فَاعِلُ تَعَاوَرَتْ أَيْ سَحَائِبُهُ الْهَوَاطِلُ أَيْ كَثِيرَةَ الْمَطَرِ، وَالسَّحَائِبُ جَمْعُ سَحَابَةٍ، وَهِيَ الْغَيْمُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَالْمُرَادُ مِنْ تَوَالَتْ عَلَيْهِ نِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى فَالضَّمِيرُ فِي أَرْضِهِ لِلْحَامِدِ، وَفِي سَحَائِبِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَمْدَ مَرَّتَيْنِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ نَوْعَيْهِ الْوَاقِعِ فِي مُقَابَلَةِ صِفَاتِ اللَّهِ الْعِظَامِ، وَالْوَاقِعِ فِي مُقَابَلَةِ نِعَمِهِ الْجِسَامِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا التَّوْفِيقُ لِتَأْلِيفِ هَذَا الْكِتَابِ، وَلَمَّا كَانَتْ صِفَاتُهُ تَعَالَى قَدِيمَةً مُسْتَمِرَّةً، وَالنِّعَمُ مُتَجَدِّدَةٌ مُتَعَاقِبَةٌ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الثُّبُوتِ، وَالِاسْتِمْرَارِ، وَالثَّانِي بِالْفِعْلِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّجَدُّدِ، وَالتَّعَاقُبِ (وَأُصَلِّي) ، وَأُسَلِّمُ (عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ) اللَّهُ (رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الْإِنْسِ، وَالْجِنِّ، وَالصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ، وَمِنْ الْآدَمِيِّ تَضَرُّعٌ، وَدُعَاءٌ وَالرَّسُولُ إنْسَانٌ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ، وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ ، وَالنَّبِيُّ إنْسَانٌ أُوحِيَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ نَقْضٌ إلَخْ) وَنَقْضٌ بِحَذَرٍ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ حَاذِرٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ وَبِأَنَّهُ لَا يُنَافِي أَنْ يَقَعَ فِي الْأَنْقَصِ زِيَادَةُ مَعْنًى بِسَبَبٍ آخَرَ كَالْإِلْحَاقِ بِالْأُمُورِ الْجِبِلِّيَّةِ مِثْلُ شَرِهٍ وَنَهِمٍ وَبَانَ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُتَلَاقِيَانِ فِي الِاشْتِقَاقِ مُتَّحِدِي النَّوْعِ فِي الْمَعْنَى كَغَرْثٍ وَغَرْثَانَ وَصَدًى وَصَدْيَانَ لَا كَحَذِرٍ وَحَاذِرٍ لِلِاخْتِلَافِ ش. (قَوْلُهُ فَالْبَسْمَلَةُ حَصَلَ الْحَقِيقِيُّ إلَخْ) أَوْ يُحْمَلُ الِابْتِدَاءُ عَلَى الْعُرْفِيِّ الْمُمْتَدِّ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ فِي الْحَدِيثَيْنِ لِلِاسْتِعَانَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِشَيْءٍ لَا تُنَافِي الِاسْتِعَانَةَ بِآخَرَ، أَوْ لِلْمُلَابَسَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُلَابَسَةَ تَعُمُّ وُقُوعَ الِابْتِدَاءِ بِالشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ الْجُزْئِيَّةِ وَبِذِكْرِهِ قَبْلَ الِابْتِدَاءِ بِالشَّيْءِ بِلَا فَصْلٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَهُمَا جُزْءًا وَيَذْكُرَ الْآخَرَ قَبْلَهُ بِدُونِ الْفَصْلِ فَيَكُونُ آنُ الِابْتِدَاءِ آنُ التَّلَبُّسِ بِهِمَا. (قَوْلُهُ هُوَ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ إلَخْ) فَدَخَلَ فِي الثَّنَاءِ الْحَمْدُ وَغَيْرُهُ وَخَرَجَ بِاللِّسَانِ الثَّنَاءُ بِغَيْرِهِ كَالْحَمْدِ النَّفْسِيِّ وَبِالْجَمِيلِ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى غَيْرِ الْجَمِيلِ إنْ قُلْنَا بِرَأْيِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الثَّنَاءَ حَقِيقَةٌ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَإِنْ قُلْنَا بِرَأْيِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْخَيْرِ فَقَطْ فَفَائِدَةُ ذِكْرِ ذَلِكَ تَحْقِيقُ الْمَاهِيَّةِ أَوْ دَفْعُ تَوَهُّمِ إرَادَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُهُ، وَبِالِاخْتِيَارِيِّ الْمَدْحُ فَإِنَّهُ يَعُمُّ الِاخْتِيَارِيَّ وَغَيْرَهُ تَقُولُ مَدَحْت اللُّؤْلُؤَةَ عَلَى حُسْنِهَا دُونَ حَمِدْتهَا، وَعَلَى جِهَةِ التَّبْجِيلِ مُتَنَاوِلٌ لِلظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ إذْ لَوْ تَجَرَّدَ الثَّنَاءُ عَلَى الْجَمِيلِ عَنْ مُطَابَقَةِ الِاعْتِقَادِ أَوْ خَالَفَهُ أَفْعَالُ الْجَوَارِحِ لَمْ يَكُنْ حَمْدًا بَلْ تَهَكُّمٌ أَوْ تَمْلِيحٌ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي دُخُولَ الْجَوَارِحِ وَالْجِنَانِ فِي التَّعْرِيفِ لِأَنَّهُمَا اُعْتُبِرَا فِيهِ شَرْطًا لَا شَطْرًا ش. (قَوْلُهُ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ إلَخْ) وَالشُّكْرُ لُغَةً فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى الشَّاكِرِ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِاللِّسَانِ أَمْ بِالْجَنَانِ أَمْ بِالْأَرْكَانِ فَمَوْرِدُ الْحَمْدِ اللِّسَانُ وَحْدَهُ وَمُتَعَلِّقُهُ النِّعْمَةُ وَغَيْرُهَا وَمَوْرِدُ الشُّكْرِ اللِّسَانُ وَغَيْرُهُ وَمُتَعَلِّقُهُ النِّعْمَةُ وَحْدَهَا فَالْحَمْدُ أَعَمُّ مُتَعَلَّقًا وَأَخَصُّ مَوْرِدًا وَالشُّكْرُ بِالْعَكْسِ وَمِنْ ثَمَّ تَحَقَّقَ تَصَادُقُهُمَا فِي الثَّنَاءِ بِاللِّسَانِ فِي مُقَابَلَةِ الْإِحْسَانِ وَتُفَارِقُهُمَا فِي صِدْقِ الْحَمْدِ فَقَطْ عَلَى الثَّنَاءِ بِاللِّسَانِ عَلَى الْعِلْمِ وَالشَّجَاعَةِ وَصِدْقِ الشُّكْرِ فَقَطْ عَلَى الثَّنَاءِ بِالْجَنَانِ عَلَى الْإِحْسَانِ وَالشُّكْرُ عُرْفًا صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ السَّمْعِ وَغَيْرِهِ إلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ فَهُوَ أَخَصُّ مُطْلَقًا مِنْ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ لِاخْتِصَاصِ مُتَعَلِّقِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلِاعْتِبَارِ شُمُولِ الْآلَاتِ فِيهِ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ وَالشُّكْرُ اللُّغَوِيُّ مُسَاوٍ لِلْحَمْدِ الْعُرْفِيِّ وَبَيْنَ الْحَمَدَيْنِ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ ش. (قَوْلُهُ فِي كَلِمٍ مَعْدُودَةٍ حُرُوفُهَا إلَخْ) أَمَّا النُّقَطُ عَلَى حُرُوفِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 إلَيْهِ بِشَرْعٍ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ الرَّسُولِ، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَسُمِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّدًا لِكَثْرَةِ خِصَالِهِ الْحَمِيدَةِ (فَشَرَعَ الشَّرَائِعَ) أَيْ سَنَّهَا (وَفَقِهَ) أَيْ فَهِمَ (فِي الدِّينِ) أَيْ الشَّرِيعَةِ (صَلَّى اللَّهُ) ، وَسَلَّمَ (عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ) ، وَهُمْ مُؤْمِنُو بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الزَّكَاةِ (، وَصَحْبِهِ) ، وَهُمْ مَنْ لَقُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤْمِنِينَ (أَجْمَعِينَ) تَأْكِيدٌ لِآلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَقَرَنَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ تَعَالَى بِالصَّلَاةِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ أَمَّا عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] أَيْ لَا أُذْكَرُ إلَّا، وَتُذْكَرُ مَعِي كَمَا فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ. وَأَمَّا عَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ فَتَبَعًا لَهُ لِخَبَرِ «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ» وَيَصْدُقُ عَلَى الصَّحْبِ فِي قَوْلٍ، وَلِأَنَّهَا إذَا طُلِبَتْ عَلَى الْآلِ غَيْرِ الصَّحْبِ فَعَلَى الصَّحْبِ أَوْلَى، وَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبٍ، وَقِيلَ جَمْعٌ لَهُ، وَكَرَّرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إظْهَارًا لِعَظَمَتِهِ، وَجَمْعًا بَيْنَ إسْنَادِهَا إلَى نَفْسِهِ، وَإِسْنَادِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا بَيَّنَ الْجُمْلَةَ الْمُضَارِعِيَّةَ، وَالْمَاضَوِيَّةَ، وَلَوْ ذَكَرَ مَعَهَا السَّلَامَ كَانَ أَوْلَى لِيَخْرُجَ مِنْ كَرَاهَةِ إفْرَادِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لَفْظًا (أَمَّا بَعْدُ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَبَعْدُ أَيْ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ (فَهَذَا) الْمُؤَلِّفُ الْحَاضِرُ ذِهْنًا إنْ أَلَّفَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ أَوْ خَارِجًا أَيْضًا إنْ أَلَّفَ قَبْلَهَا (كِتَابٌ اخْتَصَرْت فِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ) لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (الْمُخْتَصَرَةُ مِنْ الْعَزِيزِ) شَرْحِ الْوَجِيزِ لِلْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ (وَقَرَّبْته) أَيْ أَدْنَيْته (عَلَى الطَّالِبِ) لِلْعِلْمِ (بِعِبَارَةٍ بَيِّنَةٍ، وَلَفْظٍ، وَجِيزٍ) أَيْ مُخْتَصَرٍ (وَحَذَفْت) مِنْهُ (الْخِلَافَ) الَّذِي فِيهِ تَصْحِيحٌ (وَقَطَعْت بِالْأَصَحِّ) غَالِبًا (وَاخْتَصَرْت اسْمَهُ) أَيْ الْكِتَابَ (مِنْ اسْمِ أَصْلِهِ) ، وَهُوَ رَوْضَةُ الطَّالِبِينَ (فَسَمَّيْته رَوْضَ الطَّالِبِ، وَأَرْجُو) مِنْ الرَّجَاءِ بِالْمَدِّ، وَهُوَ الْأَمَلُ يُقَالُ رَجَوْت فُلَانًا رُجُوًّا، وَرَجَاءً، وَرَجَاوَةً، وَتَرَجَّيْته، وَارْتَجَيْته، وَرُجِيته كُلُّهُ بِمَعْنَى رَجَوْته قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ أَيْ أُؤَمِّلُ (أَنْ يَنْفَعَ اللَّهُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ لِي، وَسِيلَةً) أَيْ سَبَبًا أَتَقَرَّبُ بِهِ (إلَى النَّجَاةِ) مِنْ كُلِّ هَوْلٍ (يَوْمَ الدِّينِ) أَيْ الْجَزَاءِ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (آمِينَ) اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ لُغَاتِهِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (كِتَابُ الطَّهَارَةِ) هُوَ لُغَةً الضَّمُّ، وَالْجَمْعُ يُقَالُ كَتَبَ كُتُبًا، وَكِتَابَةً، وَكِتَابًا، وَمِثْلُهُ الْكُثُبُ بِالْمُثَلَّثَةِ، وَمِنْهُ كَثِيبُ الرَّمَلِ لَكِنَّهُ يَنْظُرُهُ إلَى الِانْصِبَابِ، وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِضَمٍّ مَخْصُوصٍ أَوْ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَبْوَابٍ، وَفُصُولٍ غَالِبًا فَهُوَ إمَّا مَصْدَرٌ لَكِنْ لِضَمٍّ مَخْصُوصٍ أَوْ اسْمِ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى الْمَكْتُوبِ أَوْ اسْمُ فَاعِلٍ بِمَعْنَى الْجَامِعِ لِلطَّهَارَةِ، وَهِيَ مَصْدَرُ طَهَرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ، وَضَمِّهَا، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ يَطْهُرُ بِضَمِّهَا فِيهِمَا، وَهِيَ لُغَةً النَّظَافَةُ، وَالْخُلُوصُ مِنْ الْأَدْنَاسِ حِسِّيَّةً كَالْأَنْجَاسِ أَوْ مَعْنَوِيَّةً كَالْعُيُوبِ يُقَالُ تَطَهَّرْت بِالْمَاءِ، وَهُمْ قَوْمٌ يَتَطَهَّرُونَ أَيْ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ الْعَيْبِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعراف: 82] ، وَشَرْعًا رَفْعُ حَدَثٍ أَوْ إزَالَةُ نَجَسٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا، وَعَلَى صُورَتِهِمَا كَالتَّيَمُّمِ، وَالْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ، وَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ، وَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى ذَلِكَ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ، وَفَوَائِدُ أُخَرُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ.   [حاشية الرملي الكبير] فَأَلْفُ أَلْفٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا وَثَلَاثُونَ نُقْطَةً. (قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَبَعْدُ إلَخْ) الْفَاءُ عَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ أَمَّا عَلَى تَوَهُّمِ أَمَّا أَوْ تَقْدِيرِهَا فِي نَظْمِ الْكَلَامِ بِطَرِيقِ تَعْوِيضِ الْوَاوِ عَنْهَا. (قَوْلُهُ يَوْمَ الدِّينِ) الدِّينُ وَضْعٌ إلَهِيٌّ سَائِقٌ لِذَوِي الْعُقُولِ بِاخْتِيَارِهِمْ الْمَحْمُودِ إلَى الْخَيْرِ بِالذَّاتِ وَقِيلَ الطَّرِيقَةُ الْمَخْصُوصَةُ الْمَشْرُوعَةُ بِبَيَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْآدَابِ سُمِّيَتْ مِنْ حَيْثُ انْقِيَادُ الْخَلْقِ لَهَا دِينًا وَمِنْ حَيْثُ إظْهَارُ الشَّارِعِ إيَّاهَا شَرْعًا وَشَرِيعَةً وَمِنْ حَيْثُ إمْلَاءُ الْمَبْعُوثِ إيَّاهَا مِلَّةً [كِتَابُ الطَّهَارَةِ] (كِتَابُ الطَّهَارَةِ) (قَوْلُهُ الطَّهَارَةُ إلَخْ) الطَّهَارَةُ عَيْنِيَّةٌ وَحُكْمِيَّةٌ فَالْعَيْنِيَّةُ مَا لَا تُجَاوِزُ مَحَلَّ حُلُولِهَا كَغَسْلِ النَّجَاسَةِ وَالْحُكْمِيَّةُ مَا تُجَاوِزُهُ كَالْوُضُوءِ وَالنَّجَاسَةُ عَيْنِيَّةٌ وَحُكْمِيَّةٌ وَالْقُدْوَةُ عَيْنِيَّةٌ وَحُكْمِيَّةٌ قَوْلُهُ مَا تُجَاوِزُهُ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ تُجَاوِزُ سَبَبَ مَحَلِّ حُلُولِهَا، وَقَالَ أَيْضًا وَالطَّهَارَةُ عَنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ لَا تَكُونُ إلَّا عَيْنِيَّةً وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةً. (قَوْلُهُ يُقَالُ كَتَبَ كِتَابًا إلَخْ) قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْكِتَابَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْكَتْبِ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ الْمَزِيدَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا رَفْعُ الْحَدَثِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ الطَّهَارَةُ مَا يُتَوَقَّفُ عَلَى حُصُولِهَا إبَاحَةٌ أَوْ ثَوَابٌ مُجَرَّدٌ. اهـ. وَعَرَّفْتهَا بِشَرْحِي الْمَزِيدَ بِقَوْلِي وَهِيَ شَرْعًا زَوَالُ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحَدَثِ أَوْ الْخَبَثِ أَوْ الْفِعْلُ الْمَوْضُوعُ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ الْمَنْعِ لِإِفَادَةِ بَعْضِ آثَارِهِ. (قَوْلُهُ وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى ذَلِكَ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ إلَخْ) وَشَرْعًا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى زَوَالِ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَبِمَعْنَى الْفِعْلِ الْمَوْضُوعِ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ أَوْ لِإِفَادَةِ بَعْضِ آثَارِهِ كَالتَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ جَوَازَ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ مِنْ آثَارِ ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي لَا جَرَمَ عَرَّفَهَا النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مُدْخِلًا فِيهَا الْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ وَنَحْوَهَا بِأَنَّهَا رَفْعُ حَدَثٍ أَوْ إزَالَةُ نَجَسٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا وَعَلَى صُورَتِهِمَا وَقَوْلُهُ وَعَلَى صُورَتِهِمَا يُعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِمَا فِي مَعْنَاهُمَا مَا يُشَارِكُهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ، وَلِهَذَا قَالَ وَقَوْلُنَا أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا أَرَدْنَا بِهِ التَّيَمُّمَ وَالْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ وَتَجْدِيدَ الْوُضُوءِ وَالْغَسْلَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ وَمَسْحَ الْأُذُنِ وَالْمَضْمَضَةِ وَنَحْوَهَا مِنْ نَوَافِلِ الطَّهَارَةِ وَطَهَارَةَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَسَلَسَ الْبَوْلِ اهـ. وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ مِنْ قِسْمِ الْأَفْعَالِ وَالرَّفْعُ مِنْ قِسْمِهَا فَلَا تُعْرَفُ بِهِ وَبِأَنَّ مَا لَا يَرْفَعُ حَدَثًا وَلَا نَجِسًا لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا يَرْفَعُهُمَا وَبِأَنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَشْمَلُ الطَّهَارَةَ بِمَعْنَى الزَّوَالِ وَوَجْهُ انْدِفَاعِ هَذَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَايَاتِيُّ أَنَّ التَّعْرِيفَ بِاعْتِبَارِ وَضْعٍ لَا يُعْتَرَضُ بِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ إفْرَادُ وَضْعٍ آخَرَ ش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ الْأَصْلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] لِمَا قِيلَ أَنَّهُ أَصْرَحُ مِنْهُ دَلَالَةً (الْمُطَهِّرُ لِلْحَدَثِ) ، وَهُوَ هُنَا أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ (وَالْخَبَثُ) ، وَهُوَ مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ (الْمَاءُ الْمُطْلَقُ) أَيْ لَا غَيْرَهُ مِنْ تُرَابِ تَيَمُّمٍ، وَحَجَرِ اسْتِنْجَاءٍ، وَأَدْوِيَةِ دِبَاغٍ، وَشَمْسٍ، وَرِيحٍ، وَنَارٍ، وَغَيْرِهَا حَتَّى التُّرَابَ فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ فَإِنَّ الْمُزِيلَ هُوَ الْمَاءُ بِشَرْطِ امْتِزَاجِهِ بِالتُّرَابِ فِي غَسْلِهِ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ فَالْجُمْلَةُ مُفِيدَةٌ لِلْحَصْرِ بِتَعْرِيفِ طَرَفَيْهَا، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ حِينَ بَالَ الْأَعْرَابِيُّ فِي الْمَسْجِدِ «صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ» ، وَالذَّنُوبُ الدَّلْوُ الْمُمْتَلِئَةُ مَاءً. وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَلَوْ رَفَعَ غَيْرَ الْمَاءِ لَمْ يَجِبْ التَّيَمُّمُ عِنْدَ فَقْدِهِ، وَلَا غَسْلُ الْبَوْلِ بِهِ، وَلَا يُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ اخْتِصَاصَ الطُّهْرِ بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ تَعَبُّدٌ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقَّةِ، وَاللَّطَافَةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، وَحَذَفَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ مِنْ الْمَائِعَاتِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَإِنْ قُلْت بَلْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِخْرَاجِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ مُطَهِّرٌ، وَلَيْسَ بِمَاءٍ قُلْت مُسَلَّمٌ أَنَّهُ مُطَهِّرٌ لَكِنَّهُ مُطَهِّرٌ لِلْحَدَثِ لَا لِلْخَبَثِ، وَالْكَلَامُ فِي الْمُطَهِّرِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّ كَلَامَنَا فِي الرَّافِعِ لَا فِي الْمُبِيحِ فَقَطْ، وَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُحَرَّرُ بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ رَفْعُ حَدَثٍ، وَلَا إزَالَةُ نَجِسٍ إلَّا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَالْمِنْهَاجُ بِقَوْلِهِ يُشْتَرَطُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ، وَالنَّجَسِ مَاءٌ مُطْلَقٌ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى رَفْعِهِمَا لِأَنَّهُمَا الْأَصْلُ، وَإِلَّا فَالطَّهَارَةُ الْمَسْنُونَةُ مَثَلًا كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ (وَهُوَ الْعَارِي عَنْ إضَافَةٍ لَازِمَةٍ) أَيْ قَيْدٍ لَازِمٍ فَخَرَجَ الْمُقَيَّدُ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَقَيَّدَ بِإِضَافَةٍ نَحْوِيَّةٍ كَمَاءِ الْوَرْدِ أَمْ بِصِفَةٍ كَمَاءٍ دَافِقٍ أَيْ مَنِيٍّ أَمْ فَاللَّامُ عَهْدٍ كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» أَيْ الْمَنِيَّ، وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ الْمُتَغَيِّرِ كَثِيرًا بِمَا لَا يُؤَثِّرُ كَطِينٍ، وَطُحْلُبٍ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ عَمَّا ذُكِرَ، وَأُجِيبَ بِمَنْعٍ أَنَّهُ مُطْلَقٌ. وَإِنَّمَا أَعْطَى حُكْمَهُ فِي جَوَازِ التَّطْهِيرِ بِهِ لِلضَّرُورَةِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ غَيْرِ الْمُطْلَقِ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ أَهْلُ اللِّسَانِ وَالْعُرْفِ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ إيقَاعِ اسْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ لَا إيرَادَ أَصْلًا (وَلَوْ) كَانَ الْعَارِي عَمَّا ذُكِرَ (مَاءً يَنْعَقِدُ بِجَوْهَرِهِ) أَوْ بِغَيْرِهِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى كَسَبُوخَةِ الْأَرْضِ (مِلْحًا) لِأَنَّ اسْمَ الْمَاءِ يَتَنَاوَلُهُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بَعْدُ (أَوْ) كَانَ (بُخَارُهُ) أَيْ رَشْحُ بُخَارِ الْمَاءِ الْمَغْلِيِّ لِأَنَّهُ مَاءٌ حَقِيقَةً، وَيَنْقُصُ مِنْهُ بِقَدْرِهِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ تَلْوِيحًا فِي الرَّوْضَةِ، وَصَرِيحًا فِي غَيْرِهَا، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الرُّويَانِيِّ ثُمَّ قَالَ، وَنَازَعَ فِيهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ، وَقَالُوا يُسَمَّى بُخَارًا أَوْ رَشْحًا لَا مَاءً عَلَى الْإِطْلَاقِ (لَا قَلِيلُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْمُطْلَقِ أَوْ الْعَارِي أَيْ لَا مَاءٍ قَلِيلٌ (مُسْتَعْمَلٌ فِي فَرْضٍ) مِنْ رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ فَلَا يُطَهِّرُ شَيْئًا لِانْتِقَالِ الْمَنْعِ إلَيْهِ، وَلِأَنَّ السَّلَفَ لَمْ يَجْمَعُوهُ فِي أَسْفَارِهِمْ لِاسْتِعْمَالِهِ ثَانِيًا مَعَ احْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ، وَعَدَمِ اسْتِقْذَارِهِ فِي الطَّهَارَةِ بَلْ عَدَلُوا إلَى التَّيَمُّمِ فَإِنْ قُلْت طَهُورٌ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ بِوَزْنِ فَعُولٌ فَيَقْتَضِي تَكَرُّرِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ قُلْت فَعُولٌ يَأْتِي اسْمًا لِلْآلَةِ كَسَحُورٍ لِمَا يُتَسَحَّرُ بِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَهُورًا كَذَلِكَ، وَلَوْ سَلَّمَ اقْتِضَاؤُهُ التَّكَرُّرَ فَالْمُرَادُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ ثُبُوتُ ذَلِكَ لِجِنْسِ الْمَاءِ، وَفِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَمُرُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُطَهِّرُ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ. وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَثِمَ بِتَرْكِهِ أَمْ لَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ مِنْ حَنَفِيٍّ بِلَا نِيَّةٍ، وَصَبِيٍّ) إذْ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِمَا مِنْ الْوُضُوءِ، وَالْأَوَّلُ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ دُونَ الثَّانِي، وَلَا أَثَرَ لِاعْتِقَادِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَاءَ الْحَنَفِيِّ فِيمَا ذُكِرَ لَمْ يَرْفَعْ حَدَثًا بِخِلَافِ اقْتِدَائِهِ بِحَنَفِيٍّ مَسَّ فَرْجَهُ حَيْثُ لَا يَصِحُّ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ لِأَنَّ الرَّابِطَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الِاقْتِدَاءِ دُونَ الطَّهَارَاتِ، وَلِأَنَّ الْحُكْمَ بِالِاسْتِعْمَالِ قَدْ يُوجَدُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَمَا فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَغُسْلِ الْمَجْنُونَةِ، وَالْمُمْتَنِعَةِ مِنْ الْغُسْلِ بِخِلَافِ الِاقْتِدَاءِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ، وَنِيَّةُ الْإِمَامِ فِيمَا ذُكِرَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي ظَنِّ الْمَأْمُومِ ثُمَّ الْمُسْتَعْمَلُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ، وَغَيْرِهِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ، وَمُطْلَقٌ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ عِنْدَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ} [الفرقان: 48] إلَخْ) السَّمَاءُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ لِمَا قِيلَ أَنَّهُ أَصْرَحُ مِنْهُ دَلَالَةً) لَكِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الطَّهُورَ غَيْرُ الطَّاهِرِ لِأَنَّهُ سِيقَ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يَمْتَنُّ بِنَجِسٍ فَيَكُونُ الطَّهُورُ غَيْرُ الطَّاهِرِ وَإِلَّا لَزِمَ التَّأْكِيدُ وَالتَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْهُ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الدَّلِيلَ عَلَى الْمَدْلُولِ وَإِنْ كَانَتْ رُتْبَتُهُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ لِأَنَّ الدَّلِيلَ إذَا كَانَ قَاعِدَةً كُلِّيَّةً مُنْطَبِقَةً عَلَى غَالِبِ مَسَائِلِ الْبَابِ كَانَ تَقْدِيمُهُ أَوْلَى. (قَوْلُهُ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ) الْمَاءُ جَوْهَرٌ سَيَّالٌ مُرَطِّبٌ مُسَكِّنٌ لِلْعَطَشِ (قَوْلُهُ ذُنُوبًا مِنْ مَاءٍ) تَعَقَّبْ بِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَبِأَنَّهُ يَخْرُجُ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فِي الِاسْتِعْمَالِ لَا الشَّرْطِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ صِفَةَ الْإِطْلَاقِ لَازِمَةٌ لِلَفْظِ الْمَاءِ مَا لَمْ يُقَيَّدْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا حِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمَاءُ الْمَأْمُورُ بِهِ مَاءً مُطْلَقًا دَائِمًا فَحِينَئِذٍ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْأَمْرِ إلَّا بِامْتِثَالِ مَا أُمِرَ بِهِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى الْمَاءِ وَذَلِكَ إمَّا تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَوْ يُعْقَلُ كَمَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقَّةِ وَاللَّطَافَةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ قَالَ أَهْلُ اللِّسَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ بُخَارَهُ) قَالَ فِي الْهَادِي وَلَا يَجُوزُ رَفْعُ حَدَثٍ وَلَا إزَالَةُ نَجَسٍ إلَّا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ أَوْ بُخَارِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي فَرْضٍ إلَخْ) وَأُورِدَ عَلَى ضَابِطِ الْمُسْتَعْمَلِ مَا غُسِلَ بِهِ الرِّجْلَانِ بَعْدَ مَسْحِ الْخُفِّ، وَمَا غُسِلَ بِهِ الْوَجْهُ قَبْلَ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ، وَمَا غُسِلَ بِهِ الْخَبَثُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ فَإِنَّهَا لَا تَرْفَعُ مَعَ أَنَّهَا لَمْ تُسْتَعْمَلْ فِي فَرْضٍ، وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَنْعِ عَدَمِ رَفْعِهِ لِأَنَّ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْبَغَوِيِّ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي فَرْضٍ وَهُوَ رَفْعُ الْحَدَثِ الْمُسْتَفَادِ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ فَرِيضَةٍ وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي فَرْضٍ أَصَالَةً ش. (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ حَنَفِيٍّ بِلَا نِيَّةٍ وَصَبِيٍّ) وَبَالِغٍ لِصَلَاةِ النَّفْلِ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِتَرْكِ النَّفْلِ (قَوْلُهُ وَغُسْلُ الْمَجْنُونَةِ إلَخْ) وَغُسْلُ الذِّمِّيَّةِ فَإِنَّ نِيَّتَهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِدَلِيلِ وُجُوبِ إعَادَةِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ) فَلَا يَحْنَثُ بِشُرْبِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً وَلَا يَقَعُ شِرَاؤُهُ لِمَنْ وُكِّلَ فِي شِرَاءِ مَاءٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 الْأَكْثَرِينَ لَكِنْ مُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ تَعَبُّدًا فَهُوَ عَلَى هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُطْلَقِ كَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ الْقَلِيلُ الْمُتَنَجِّسُ بِوُصُولِ نَجَسٍ. (وَغَسْلٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى حَنَفِيٍّ أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَعْمَلُ مِنْ طَهَارَةِ حَنَفِيٍّ بِلَا نِيَّةٍ، وَمِنْ غَسْلٍ (بَدَلَ مَسْحٍ) كَمَا لَوْ اسْتَعْمَلَ فِي طَهَارَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ حَاجَتِهِ، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا جَزَمَ بِهِ الْبَارِزِيُّ مِنْ غَسْلِ الْخُفِّ، وَالْجَبِيرَةِ بَدَلَ مَسْحِهِمَا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ، وَلَوْ غَسَلَ رَأْسَهُ بَدَلَ مَسْحِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ (أَوْ غُسْلِ مَيِّتٍ) مِنْ زِيَادَتِهِ عِطْفه بَاءَ، وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ نَوْعٌ آخَرُ لِأَنَّ وُجُوبَهُ لَيْسَ لِلْحَدَثِ بَلْ لِلْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، وَمَا بَعْدَهُ (وَ) غُسْلِ (كَافِرَةٍ) بِقَصْدِ حِلِّهَا (لِمُسْلِمٍ) زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ، وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِغُسْلِهَا فَيَجِبُ، وَلَوْ عَبَّرَ كَالرَّوْضَةِ بِالْكِتَابِيَّةِ كَانَ أَوْلَى لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ مَا سِوَاهَا مِنْ الْكَافِرَاتِ حَرَامٌ، وَكَالْمُسْلِمِ الْكَافِرِ فِيمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِالْفُرُوعِ، وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ بِالْغُسْلِ لَهُ كَالْمُسْلِمَةِ ثُمَّ تَرَجَّحَ عِنْدِي خِلَافَ ذَلِكَ عَمَلًا بِتَقْيِيدِهِمْ الْحُكْمَ بِالْمُسْلِمِ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّخْفِيفِ عَلَيْهِ، وَالْكَافِرُ لَا يَسْتَحِقُّهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهَا بِأَنْ يُسْلِمَ (وَ) غُسْلِ (مَجْنُونَةٍ) بِأَنْ غُسِلَتْ بِقَصْدِ حِلِّهَا (لِزَوْجٍ) أَوْ سَيِّدٍ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. وَلَوْ قَالَ كَمَا فِي الَّتِي قَبِلَهَا الْمُسْلِمُ كَانَ أَنْسَبَ (لَا) مُسْتَعْمَلَ (فِي نَفْلٍ) فَإِنَّهُ طَهُورٌ لِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ فِي فَرْضٍ، وَلَك أَنْ تَقُولَ شَرْطُ الْعَطْفِ بِلَا أَنْ يُسْبَقَ بِإِيجَابٍ أَوْ أَمْرٍ أَوْ نِدَاءٍ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا (و) لَا فِي (تَجْدِيدٍ) هَذَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ فَلَوْ قَالَ كَتَجْدِيدٍ كَانَ أَوْلَى. (فَإِنْ جَمَعَ) الْمُسْتَعْمَلَ فَبَلَغَ (قُلَّتَيْنِ صَارَ طَهُورًا) لِخَبَرِهِمَا الْآتِي، وَكَمَا لَوْ جَمَعَ الْمُتَنَجِّسَ فَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بَلْ أَوْلَى، وَطَهُورٌ بِفَتْحِ الطَّاءِ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَبِضَمِّهَا الْفِعْلُ، وَقِيلَ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا، وَقِيلَ بِضَمِّهَا فِيهِمَا. (وَلَوْ نَوَى) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (نَوَى جُنُبٌ) رَفْعَ حَدَثِهِ الْأَكْبَرِ (وَلَوْ قَبْلَ تَمَامُ الِانْغِمَاسِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَجْزَأَهُ) الْغُسْلُ بِهِ (فِي ذَلِكَ الْحَدَثِ) لَا فِي غَيْرِهِ (فَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ) مَثَلًا مِنْ الْجَنَابَةِ (ثُمَّ تَمَّمَ الِانْغِمَاسَ لَزِمَهُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ لِلْوُضُوءِ بِالنِّيَّةِ) بِمَاءٍ آخَرَ، وَلَا يُجْزِئُهُ مَا انْغَمَسَ فِيهِ، وَهَذَا مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَذِهِ الصُّورَةِ، وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَيْضًا، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَئِمَّةِ كَمَا قَالَ الْأَصْلُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْخُوَارِزْمِيّ. وَأَمَّا الْبَحْثُ فَجَوَابُهُ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ صُورَةَ الِاسْتِعْمَالِ بَاقِيَةٌ إلَى الِانْفِصَالِ، وَالْمَاءُ فِي حَالِ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ خَبَثٌ بِمَحِلَّيْنِ فَمَرَّ الْمَاءُ بِأَعْلَاهُمَا ثُمَّ بِأَسْفَلِهِمَا طَهُرَا مَعًا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ (وَإِنْ نَوَى جُنُبَانِ مَعًا بَعْدَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ (طَهُرَا أَوْ) نَوَيَا (مُرَتَّبًا) ، وَلَوْ قَبْلَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ (فَالْأَوَّلُ) طَهُرَ دُونَ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مُسْتَعْمَلًا (أَوْ) نَوَيَا (مَعًا فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الِانْغِمَاسِ (لَمْ يَرْتَفِعْ) حَدَثُهُمَا (عَنْ بَاقِيهِمَا) لِأَنَّ مَاءَ كُلٍّ مِنْهُمَا صَارَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخَرِ مُسْتَعْمَلًا، وَلَوْ شَكَّا فِي الْمَعِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يَطْهُرَانِ لِأَنَّا لَا نَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ بِالشَّكِّ، وَسَلْبُهَا فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا فَقَطْ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ. (وَ) الْمَاءُ (الْمُتَرَدِّدُ عَلَى عُضْوِ الْمُتَوَضِّئِ و) عَلَى (الْمُتَنَجِّسِ، وَبَدَنِ الْجُنُبِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَهُورٌ) لِلْحَاجَةِ إلَى تَطْهِيرِ الْبَاقِي، وَعَسُرَ إفْرَادُ كُلِّ جُزْءٍ بِمَاءٍ جَدِيدٍ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مَعَ أَنَّهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَبَدَنُ الْجُنُبِ (فَإِنْ جَرَى الْمَاءُ مِنْ عُضْوِ الْمُتَوَضِّئِ إلَى عُضْوِهِ) الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ كَأَنْ جَاوَزَ مَنْكِبَهُ (أَوْ تَقَاطَرَ) مِنْ عُضْوٍ (وَلَوْ مِنْ) عُضْوِ (بَدَنِ الْجُنُبِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا) لِانْفِصَالِهِ عَنْ الْعُضْوِ سَوَاءٌ أَتَقَاطَرَ عَلَى عُضْوٍ آخَرَ أَمْ لَا، وَالتَّرْجِيحُ فِي مَسْأَلَةِ الْجُنُبِ مَعَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَعْمَلَ فِي طَهَارَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ حَاجَتِهِ) ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا قَاعِدَةً وَهِيَ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاجِبِ إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ مَا يُؤَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ لَهُ حُكْمُ الْوَاجِبِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمِنْهُ تَطْوِيلُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَبَعِيرُ الزَّكَاةِ عَمَّا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ وَكَالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَرَجَّحَ عِنْدِي خِلَافُ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَوْنَ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ مُسْلِمًا لَيْسَ بِقَيْدٍ لِلصِّحَّةِ بَلْ الْخَلِيَّةُ لَوْ نَوَتْ الْغُسْلَ مِنْ الْحَيْضِ صَحَّ فِي حَقِّ مَا يَطْرَأُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا فِي تَجْدِيدٍ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ إنْ كَانَ النَّفَلُ لِأَجْلِ الْحَدَثِ كَالتَّجْدِيدِ وَالثَّانِيَةِ فَمُسْتَعْمَلٌ أَوَّلًا كَالْغُسْلِ الْمَسْنُونِ فَلَا. (قَوْلُهُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْخُوَارِزْمِيّ) وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ مُطْلَقًا وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ حَدَثًا آخَرَ فِي حَالِ انْغِمَاسِهِ جَازَ وَصَوَّبَهُ قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَتِهِ ذِكْرُ الِانْغِمَاسِ مِثَالٌ فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَحْدَثَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْخُوَارِزْمِيَّ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كَافِيهِ لَوْ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ ثُمَّ انْغَمَسَ فِيهِ ثَانِيًا صَحَّ طَهَارَتُهُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ كَانَ بِهِ خَبَثٌ بِمَحِلَّيْنِ إلَخْ) ، وَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ نَزَلَ الْمَاءُ مِنْ الْجُنُبِ إلَى مَحَلِّ الْخَبَثِ وَقُلْنَا مُسْتَعْمَلُ الْحَدَثِ لَا يُزِيلُ الْخُبْثَ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَفِي طُهْرِهِ وَجْهَانِ. اهـ. وَنَقَلَهُمَا مَعَ تَصْحِيحِ الطُّهْرِ الْبَغَوِيّ عَنْ الْقَاضِي وَصَحَّحَ مِنْ عِنْدِهِ مُقَابِلَهُ وَمَا صَحَّحَهُ الْقَاضِي أَوْجَهُ ش (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَاءَ كُلٍّ مِنْهُمَا صَارَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخَرِ مُسْتَعْمَلًا) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ حَكَمْتُمْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بِكَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا كُلَّهُ مَعَ أَنَّ الَّذِي لَاقَى الْبَدَنَ شَيْءٌ يَسِيرٌ وَقَدْ يُفْرَضْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ أَنَّهُ لَوْ قَدَّرَ مُخَالِفُونَ بَاقِي الْمَاءِ لَمَا غَيَّرَهُ فَالْجَوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ إذَا نَزَلَ فِيهِ فَقَدْ اتَّصَلَ بِهِ جَمِيعُ الْمَاءِ وَلَمْ يَخْتَصَّ الِاسْتِعْمَالُ بِمُلَاقِي الْبَشَرَةِ لَا اسْمًا وَلَا إطْلَاقًا. م (قَوْلُهُ فَإِنْ جَرَى الْمَاءُ مِنْ عُضْوِ الْمُتَوَضِّئِ إلَى عُضْوِهِ الْآخَرِ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ فِي الِانْتِقَالِ النَّادِرِ أَمَّا التَّقَاذُفُ الَّذِي يُعَابُ فِي الْمَاءِ كَالْحَاصِلِ عِنْدَ نَقْلِهِ مِنْ الْكَفِّ إلَى السَّاعِدِ وَرَدَّهُ مِنْ السَّاعِدِ إلَى الْكَفِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ التَّيَمُّمِ ج. (قَوْلُهُ أَوْ تَقَاطَرَ مِنْ عُضْوٍ إلَخْ) تَقَاطُرًا لَا يَقَعُ إلَّا نَادِرًا كَأَنْ شَبَّ مِنْ الرَّأْسِ إلَى الْبَطْنِ وَخَرَقَ الْهَوَاءَ. (قَوْلُهُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 التَّصْرِيحِ بِحُكْمِ التَّقَاطُرِ فِي غَيْرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ. (وَلَوْ غَرَفَ بِكَفِّهِ جُنُبٌ نَوَى) رَفْعَ الْجَنَابَةِ (أَوْ مُحْدِثٌ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ) أَيْ الْغَسْلَةِ الْأُولَى كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُ لِصِحَّةِ غَسْلِ الْيَدِ حِينَئِذٍ أَوْ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ كَمَا قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَمَلًا بِالْعَادَةِ مِنْ أَنَّ الْيَدَ تَدْخُلُ فِي الْإِنَاءِ لِلِاغْتِرَافِ دُونَ تَطْهِيرِهَا فِي نَفْسِهَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (مِنْ مَاءٍ قَلِيلٍ، وَلَمْ يَنْوِ الِاغْتِرَافَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا) بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَاهُ (فَلَوْ غَسَلَ بِمَا فِي كَفِّهِ) قَبْلَ انْفِصَالِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (بَاقِيَ يَدِهِ لَا غَيْرِهَا أَجْزَأَهُ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا، وَبِقَوْلِهِ قَلِيلٌ مِنْ زِيَادَتِهِ. وَقَوْلُ الْجُوَيْنِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ إذَا نَوَى بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ، وَالْمَاءُ بِكَفِّهِ ثُمَّ غَسَلَ بِهِ سَاعِدَهُ ارْتَفَعَ حَدَثُ كَفِّهِ دُونَ حَدَثِ سَاعِدِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا انْفَصَلَ الْمَاءُ عَنْهَا، وَالْأَخْذُ بِهَذَا التَّفْصِيلِ أَوْجَهُ مِنْ الْأَخْذِ بِإِطْلَاقِ التَّبْصِرَةِ، وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَهَا، وَقَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْهُ أَنَّ انْفِصَالَ الْعُضْوِ مَعَ الْمَاءِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ عَلَى الْمَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُتَّصِلًا بِالْعُضْوِ فَتَفَطَّنَ لِهَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّهَا مُقَيَّدَةٌ لِإِطْلَاقِهِمْ انْتَهَى، وَقَدْ يُؤَيِّدُ التَّفْصِيلُ قَوْلَ الْمَجْمُوعِ فِيمَا لَوْ نَزَلَ الْجُنُبُ فِي الْمَاءِ، وَنَوَى رَفْعَ الْجَنَابَةِ قَبْلَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ أَمَّا لَوْ اغْتَرَفَ الْمَاءَ بِإِنَاءٍ أَوْ يَدِهِ، وَصَبَّهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تَرْتَفِعُ جَنَابَةُ ذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي اغْتَرَفَ لَهُ بِلَا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ أَوْضَحُ لِأَنَّهُ انْفَصَلَ انْتَهَى (فَصْلٌ) الْمَاءُ (الْمُتَغَيِّرُ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا أَوْ رِيحًا بِمُخَالَطَةِ طَاهِرٍ يُسْتَغْنَى) الْمَاءُ (عَنْهُ كَالْمَنِيِّ) ، وَالزَّعْفَرَانِ (تَغَيُّرًا يَمْنَعُهُ الْإِطْلَاقَ) أَيْ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ (غَيْرُ طَهُورٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقٍ (وَ) لِهَذَا (لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِهِ) الْحَالِفُ عَلَى أَنْ لَا يَشْرَبَ مَاءً (فَلَوْ لَمْ يُغَيِّرْهُ) الطَّاهِرُ الْمَذْكُورُ (لِمُوَافَقَتِهِ الْمَاءَ) فِي صِفَاتِهِ كَمَاءِ الْوَرْدِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ (فَرَضْنَاهُ مُخَالِفًا) لَهُ فِيهَا لِأَنَّهُ لِمُوَافَقَتِهِ لَا يُغَيَّرُ فَاعْتُبِرَ بِغَيْرِهِ كَالْحُكُومَةِ (وَسَطًا) فِي الصِّفَاتِ كَلَوْنِ الْعَصِيرِ، وَطَعْمِ الرُّمَّانِ، وَرِيحِ الْأُذُن فَلَا يُقَدَّرُ بِالْأَشَدِّ كَلَوْنِ الْحِبْرِ، وَطَعْمِ الْخَلِّ، وَرِيحِ الْمِسْكِ بِخِلَافِ الْخَبَثِ كَمَا يَأْتِي لَفْظُهُ (فَلَوْ لَمْ يُؤَثِّرْ) فِيهِ الْخَلِيطُ حِسًّا أَوْ فَرْضًا (اسْتَعْمَلَهُ كُلَّهُ) ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اسْتَهْلَكَتْ النَّجَاسَةُ الْمَائِعَةُ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَ) إذَا لَمْ يَكْفِهِ الْمَاءُ، وَحْدَهُ، وَلَوْ كَمَّلَهُ بِمَائِعٍ يَسْتَهْلِكُ فِيهِ لَكَفَاهُ (وَجَبَ تَكْمِيلُ الْمَاءِ بِهِ إنْ سَاوَى) قِيمَتُهُ (قِيمَةَ مَاءٍ مِثْلَهُ) أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَةِ مَاءٍ مِثْلِهِ لَشَمِلَهُ مَنْطُوقًا كَمَا شَمِلَهُ كَذَلِكَ تَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَزِيدَ قِيمَةُ الْمَائِعِ عَلَى ثَمَنِ مَاءِ الطَّهَارَةِ، وَتَعْبِيرُهُ بِقِيمَةِ مَاءٍ مِثْلُهُ أَيْ، وَهُوَ مَا عَجَزَ عَنْهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِثَمَنِ مَاءِ الطَّهَارَةِ (، وَيُفْرَضُ فِي النَّجَاسَةِ) الْمُوَافِقَةِ لِلْمَاءِ فِي الصِّفَاتِ (الْأَشَدِّ) فِيهَا لِمَا مَرَّ (وَ) الْمَاءِ (الْمُسْتَعْمَلِ كَمَائِعٍ) فِي أَنَّهُ يُفْرَضُ مُخَالِفًا لِلْمَاءِ فِي صِفَاتِهِ، وَسَطًا (لَا فِي تَكْثِيرِ الْمَاءِ) فَلَوْ ضَمَّهُ إلَى مَاءٍ قَلِيلٍ فَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ صَارَ طَهُورًا، وَإِنْ أَثَّرَ فِي الْمَاءِ بِفَرْضِهِ مُخَالِفًا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَأَصْلِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنْ جَمَعَ قُلَّتَيْنِ صَارَ طَهُورًا (، وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرٌ يَسِيرٌ) بِطَاهِرٍ، وَلَوْ مُخَالِطًا لِتَعَذُّرِ صَوْنِ الْمَاءِ عَنْهُ، وَلِبَقَاءِ إطْلَاقِ الِاسْمِ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ تَغَيَّرَ بِهِ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا نَعَمْ لَوْ تَغَيَّرَ كَثِيرًا ثُمَّ زَالَ بَعْضُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ ثُمَّ شَكَّ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ الْآنَ يَسِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ لَمْ يَطْهُرْ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْحَالَيْنِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا) يَضُرُّ تَغَيُّرٌ (كَثِيرٌ بِمُجَاوِرِهِ) أَيْ الْمَاءِ (كَعُودٍ، وَدُهْنٍ) ، وَلَوْ مُطَيَّبَيْنِ (وَكَافُورٍ صَلْبٍ) لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ تَرَوُّحًا   [حاشية الرملي الكبير] وَلَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِانْتِقَالِهِ إلَى مَوْضِعِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِمَا كَفَوْقِ الرُّكْبَةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا. د (قَوْلُهُ أَيْ الْغَسْلَةِ الْأُولَى عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ كَابْنِ النَّقِيبِ وَالْبِرْمَاوِيِّ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ) كَأَبِي شُكَيْلٍ وَالسَّبْتِيِّ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْوِ الِاغْتِرَافَ إلَخْ) لِوُجُوبِ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَقِيلَ كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَبَيَّنَ أَنَّ النَّهْيَ لِأَجْلِ إفْسَادِ الْمَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَأَنَّ الْمُلَخَّصَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقْصِدَ نَقْلَ الْمَاءِ مِنْهُ وَالْغَسْلُ بِهِ خَارِجَ الْإِنَاءِ، وَكَذَلِكَ أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنْ إدْخَالِ الْيَدِ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا فَإِنَّ الْغَسْلَ إنْ كَانَ لِنَجَاسَةٍ فَقَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ بِالْوَارِدِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لِحَدَثٍ تَوَجَّهَ النَّهْيُ لِفَسَادِ الْمَاءِ بِغُسْلِ الْيَدَيْنِ فِيهِ مِنْ الْحَدَثِ كَمَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَكَذَلِكَ أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنْ الْوُضُوءِ بِفَضْلِ وُضُوءِ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ غَسَلَ بِمَا فِي كَفِّهِ بَاقِيَ يَدِهِ لَا غَيْرِهَا أَجْزَأَهُ) جَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُمَا. (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْجُوَيْنِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ إلَخْ) مَا فِي التَّبْصِرَةِ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيِ مُؤَلِّفِهَا وَهُوَ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا نَوَى بَعْدَ انْغِمَاسِ بَعْضِهِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى بَاقِيهِ. [فَصْلٌ الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ] (قَوْلُهُ فَصْلٌ الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا أَوْ رِيحًا إلَخْ) سَوَاءٌ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ. (قَوْلُهُ غَيْرُ طَهُورٍ) قَدْ يَشْمَلُ مَسْأَلَةَ ابْنِ أَبِي الصَّيْفِ وَهِيَ مَا لَوْ طَرَحَ مَاءً مُتَغَيِّرًا بِمَا فِي مَقَرِّهِ أَوْ مَمَرِّهِ عَلَى مَاءٍ غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ فَتَغَيَّرَ بِهِ سَلَبَهُ الطَّهُورِيَّةَ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ أَلْغَزَ بِهِ فَقِيلَ لَنَا مَاءَانِ يَجُوزُ التَّطْهِيرُ بِهِمَا انْفِرَادًا لَا اجْتِمَاعًا. (قَوْلُهُ وَجَبَ تَكْمِيلُ الْمَاءِ بِهِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ تَقْيِيدَ لُزُومِ التَّكْمِيلِ بِمَا إذَا كَانَ يَكْفِيهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ النَّاقِصَ عَنْ الْكِفَايَةِ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ مَا لَوْ جَمَعَ الْمَاءَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَوَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَشَكَّ فِي بُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ، وَمَا لَوْ جَاءَ مِنْ قُدَّامِ الْإِمَامِ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ وَشَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِيهِمَا فَتَكُونُ مَسْأَلَتُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ تَرَوُّحًا إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي مُجَاوِرٍ لَا يَنْفَصِلُ مِنْهُ مُخَالِطٌ فَإِنْ انْفَصَلَ مِنْهُ مُخَالِطٌ كَعُودِ الْقَرْعِ وَكَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَغَيْرِهِمَا سُلِبَ الطَّهُورِيَّةَ وَمِنْهُ الْكَتَّانُ إذَا وُضِعَ فِي الْمَاءِ أَيَّامًا فَإِنَّ صُفْرَتَهُ تَنْحَلُّ وَتَخْرُجُ فِي الْمَاءِ فَيَصِيرُ أَسْوَدَ مُنْتِنًا وَقَدْ وَهِمَ مَنْ ادَّعَى طَهُورِيَّتَهُ وَقَالَ إنَّهُ تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرٍ وَقَوْلُهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَضَابِطُ الْكَثِيرِ هُوَ الْمُزِيلُ لِلِاسْمِ غَلَطٌ فَاحِشٌ فَإِنَّ التَّغَيُّرَ بِمَا لَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ لَيْسَ بِمُزِيلٍ لِلِاسْمِ شَرْعًا بَلْ وَلَا عُرْفًا وَلَا سِيَّمَا إذَا تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ فَقَطْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 لَا يَمْنَعُ إطْلَاقَ الِاسْمِ عَلَيْهِ، وَالْمُجَاوِرُ مَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ، وَقِيلَ مَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ بِخِلَافِ الْخَلِيطِ فِيهِمَا، وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ (وَلَا بِمَكْثٍ) بِتَثْلِيثِ مِيمِهِ مَعَ إسْكَانِ كَافِهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ، وَبِفَتْحِهِمَا (وَلَا بِمَا لَا يُسْتَغْنَى) الْمَاءُ (عَنْهُ فِي مَمَرِّهِ، وَمَقَرِّهِ كَطُحْلُبٍ) بِضَمِّ الطَّاءِ مَعَ ضَمِّ اللَّامِ، وَبِفَتْحِهَا شَيْءٌ أَخْضَرُ يَعْلُو الْمَاءَ مِنْ طُولِ الْمَكْثِ (وَنَوْرَةٍ لَمْ تُطْبَخْ، وَأَوْرَاقِ شَجَرٍ تَنَاثَرَتْ، وَتَفَتَّتَتْ) أَيْ، وَاخْتَلَطَتْ، وَإِنْ كَانَتْ رَبِيعِيَّةً أَوْ بَعِيدَةً عَنْ الْمَاءِ لِتَعَذُّرِ صَوْنِ الْمَاءِ عَنْ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَمْ تُطْبَخْ مُضِرٌّ إذْ الْكَلَامُ فِيمَا لَا يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْ الْمُسْتَلْزِمِ لِعَدَمِ طَرْحِهِ فِيهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَطْبُوخَةِ، وَغَيْرِهَا. أَمَّا الْمَطْرُوحَةُ فَتَضُرُّ بِلَا طَبْخٍ، وَكَذَا بِهِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَغَيْرِهَا، وَخَرَجَ بِأَوْرَاقِ الشَّجَرِ ثِمَارُهَا لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهَا غَالِبًا، وَبِقَوْلِهِ تَنَاثَرَتْ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ (لَا إنْ طُرِحَتْ) فَتَضُرُّ لِذَلِكَ، وَبِقَوْلِهِ، وَتَفَتَّتَتْ غَيْرُ الْمُتَفَتِّتَةِ فَلَا تَضُرُّ، وَإِنْ طُرِحَتْ لِأَنَّهَا مُجَاوِرَةٌ، وَعَطْفُهُ أَوْرَاقَ الشَّجَرِ عَلَى مَا قَبْلَهَا يَقْتَضِي أَنَّ عَدَمَ تَأْثِيرِهَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ فِي مَمَرِّ الْمَاءِ، وَمَقَرِّهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ سَالِمَةٌ مِنْ ذَلِكَ (وَكَذَا إنْ تَغَيَّرَ كَثِيرًا بِمِلْحٍ مَائِيٍّ، وَتُرَابٍ مَطْرُوحٍ) فَإِنَّهُ طَهُورٌ، وَلِانْعِقَادِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَاءِ كَالْجَمْدِ بِخِلَافِ الْمِلْحِ الْجَبَلِيِّ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ بِمَمَرِّ الْمَاءِ، وَمَقَرِّهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِمُوَافَقَتِهِ الْمَاءَ فِي الطَّهُورِيَّةِ، وَلِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِهِ مُجَرَّدُ كُدُورَةٍ، وَهِيَ لَا تَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ نَعَمْ إنْ تَغَيَّرَ حَتَّى صَارَ لَا يُسَمَّى إلَّا طِينًا رَطْبًا سَلَبَهَا كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَقَوْلُهُ كَثِيرًا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ، وَتَخْصِيصُهُ الطَّرْحَ بِالتُّرَابِ تَبِعَ فِيهِ الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيُّ ذَكَرَهُ فِيهِ، وَفِي الْمِلْحِ، وَكَذَا صَنَعَ هُوَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَطْرُوحَيْنِ، وَأَوْلَى مِنْهُ أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ طَرْحًا. (وَكُرِهَ) شَرْعًا (تَنْزِيهًا اسْتِعْمَالُ مُتَشَمِّسٍ) فِي الْبَدَنِ (بِمُنْطَبِعٍ) أَيْ مُطْرَقٍ (مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ) كَالْحَدِيدِ (فِي قُطْرٍ حَارٍّ) كَمَكَّةَ (مَا لَمْ يَبْرُدْ) لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ الْمُشَمَّسِ، وَقَالَ أَنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ، وَلِأَنَّ الشَّمْسَ بِحِدَّتِهَا تَفْصِلُ مِنْهُ زُهُومَةً تَعْلُو الْمَاءَ فَإِذَا لَاقَتْ الْبَدَنَ بِسُخُونَتِهَا خِيفَ مِنْهَا الْبَرَصُ بِخِلَافِ الْمُتَسَخَّنِ بِالنَّارِ لَا يُكْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي لِذَهَابِ الزُّهُومَةِ بِهَا لِقُوَّةِ تَأْثِيرِهَا، وَبِخِلَافِ الْمُتَشَمِّسِ بِغَيْرِ الْمُنْطَبِعِ كَالْخَزَفِ، وَالْحِيَاضِ أَوْ بِالْمُنْطَبِعِ مِنْ النَّقْدَيْنِ لِصَفَاءِ جَوْهَرِهِمَا أَوْ بِالْمُنْطَبِعِ مِنْ غَيْرِهِمَا فِي قُطْرٍ بَارِدٍ أَوْ مُعْتَدِلٍ أَوْ قُطْرٍ حَارٍّ لَكِنْ يُرَدُّ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مِنْ بَقَاءِ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ التَّبْرِيدِ، وَتَعْبِيرُهُ بِمُتَشَمِّسٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِمُشَمَّسٍ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَشَمِّسِ بِنَفْسِهِ، وَالْمُتَشَمِّسِ بِغَيْرِهِ (فَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ الْبَدَنِ) كَالثَّوْبِ (أَوْ) فِي (مَأْكُولٍ غَيْرِ مَائِعٍ لَمْ يُكْرَهْ) . وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهِيَ مُقَيَّدَةٌ لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ، وَيَخْتَصُّ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْبَدَنِ، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ يَنْبَغِي فِيهَا الْكَرَاهَةُ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ الْمُنْفَصِلَةَ مِنْ الْإِنَاءِ تُمَازِجُ الطَّعَامَ فَتُؤَثِّرُ فِي الْبَدَنِ، وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ، وَغَيْرُ الْمَاءِ مِنْ الْمَائِعَاتِ كَالْمَاءِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ كَرَاهَةَ اسْتِعْمَالِهِ فِي بَدَنِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ كَمَا فِي الْحَيَاةِ، وَكَلَامُ الشَّامِلِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ. (وَلَوْ عَدِمَ غَيْرَهُ اسْتَعْمَلَهُ) وُجُوبًا إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ (وَلَمْ يَتَيَمَّمْ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى مَاءٍ مُطَهِّرٍ (وَوَجَبَ) شِرَاؤُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمِيَاهِ، وَلِأَنَّ تَحْصِيلَ مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْمَكْرُوهِ، وَقَوْلُهُ، وَلَوْ عَدِمَ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ الْمُتَشَمِّسِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ. (وَ) لَكِنَّ (الْمُخْتَارَ) عِنْدَ النَّوَوِيِّ دَلِيلًا (عَدَمُ الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا) عَنْ شُرُوطِهَا السَّابِقَةِ، وَصَحَّحَهُ فِي تَنْقِيحِهِ، وَقَالَ فِي مَجْمُوعِهِ إنَّهُ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلدَّلِيلِ، وَلِنَصِّ الْأُمِّ حَيْثُ قَالَ فِيهَا لَا أَكْرَهُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ أَيْ إنَّمَا أَكْرَهُهُ شَرْعًا حَيْثُ يَقْتَضِي الطِّبُّ مَحْذُورًا فِيهِ، وَأَثَرُ عُمَرَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى تَضْعِيفِهِ، وَجَرَّحُوهُ إلَّا الشَّافِعِيُّ فَوَثَّقَهُ فَثَبَتَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقِيلَ مَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ) فَالْوَرَقُ الْمَدْقُوقُ خَلِيطٌ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِإِمْكَانِ فَصْلِهِ بَعْدَ رُسُوبِهِ وَكَذَلِكَ التُّرَابُ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ ج. (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ التَّغَيُّرِ بِطَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ عَلَى الْأَصَحِّ. (قَوْلُهُ لَا يَمْكُثُ إلَخْ) (تَنْبِيهٌ) لَا يُقَالُ الْمُتَغَيِّرُ كَثِيرًا بِطُولِ الْمُكْثِ أَوْ بِمُجَاوِرٍ أَوْ بِمَا يَعْسُرُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ غَيْرُ مُطْلَقٍ بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ كَطُحْلُبٍ إلَخْ) مِثْلُ الطُّحْلُبِ الزِّرْنِيخُ وَحِجَارَةُ النُّورَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُحْتَرِقَةُ بِالنَّارِ بَلْ حِجَارَةٌ رَخْوَةٌ فِيهَا خُطُوطٌ إذَا جَرَى عَلَيْهَا الْمَاءُ انْحَلَّتْ فِيهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ هُنَا وَالْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَمْ تُطْبَخْ يُسْتَفَادُ مِنْهُ حُكْمُ الْمَطْبُوخَةِ بِمَفْهُومِ الْأُولَى فَلَيْسَ بِمُضِرٍّ بَلْ هُوَ حَسَنٌ وَأَمَّا وَجْهُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْمَطْرُوحَةِ إذَا لَمْ تُطْبَخْ أَنَّهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ بِخِلَافِ الْمَطْبُوخَةِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ تَغَيَّرَ كَثِيرًا بِمِلْحٍ) لَوْ أَخَذَ الْمُتَغَيِّرَ بِذَلِكَ فَصَبَّهُ عَلَى مَاءٍ غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ فَإِنَّهُ يَضُرُّ قَالَهُ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ الْيَمَنِيُّ وَلَهُ نَظَائِرُ. (قَوْلُهُ وَتُرَابٌ مَطْرُوحٌ) وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لِلتُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ حَتَّى لَا يُؤَثِّرَ وَهُوَ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَقَضِيَّةُ الْأُولَى أَنَّهُ يُؤَثِّرُ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ش وَقَوْلُهُ وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِهِ مُجَرَّدُ كُدُورَةٍ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَلَوْ كَانَ يُسْلَبُ كَمَا أُمِرَ بِهِ لِلتَّطْهِيرِ وَالسِّدْرُ أُمِرَ بِهِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلتَّطْهِيرِ. (قَوْلُهُ مُتَشَمِّسٌ إلَخْ) وَلَوْ كَثِيرًا. (قَوْلُهُ فِي قُطْرٍ حَارٍّ كَمَكَّةَ) أَيْ فِي الصَّيْفِ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ مُخْتَصَّةٌ بِوَقْتِ الْحَرَارَةِ (قَوْلُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) قَالَ كَالْبُلْقِينِيِّ. (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ كَرَاهَةَ اسْتِعْمَالِهِ إلَخْ) صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِكَرَاهَةِ غُسْلِ الْمَيِّتِ بِهِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ كَمَا فِي الْحَيَاةِ) وَفِي الْأَبْرَصِ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُ الْآدَمِيِّ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ إنْ كَانَ الْبَرَصُ يُدْرِكُهُ كَالْخَيْلِ أَوْ يَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّ مِنْهُ ضَرَرٌ اُتُّجِهَتْ الْكَرَاهَةُ وَإِلَّا فَلَا. ش. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ تَحْصِيلَ مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ إلَخْ) أَوْ لِأَنَّ تَحَمُّلَ مَفْسَدَةِ الْمَكْرُوهِ أَوْلَى مِنْ تَحَمُّلِ مَفْسَدَةِ تَفْوِيتِ الْوَاجِبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 أَنَّهُ لَا أَصْلَ لِكَرَاهَتِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ الْأَطِبَّاءِ فِيهِ شَيْءٌ انْتَهَى، وَيُجَابُ بِأَنَّ دَعْوَاهُ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلدَّلِيلِ، وَلِنَصِّ الْأُمِّ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ مَمْنُوعَةٌ، وَأَثَرُ عُمَرَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ آخَرَ صَحِيحٍ عَلَى أَنَّ الْحَصْرَ فِي قَوْلِهِ إلَّا الشَّافِعِيُّ فَوَثَّقَهُ مَمْنُوعٌ بَلْ، وَثَّقَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَغَيْرُهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَوْلُهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ الْأَطِبَّاءِ فِيهِ شَيْءٌ شَهَادَةُ نَفْيٍ لَا يُرَدُّ بِهَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَيَكْفِي فِي إثْبَاتِهِ إخْبَارُ السَّيِّدِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الَّذِي هُوَ أَعْرَفُ بِالطِّبِّ مِنْ غَيْرِهِ، وَتَمَسُّكُهُ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خَبَرٌ لَا تَقْلِيدٌ، وَضَابِطُ الْمُشَمَّسِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ أَنْ يَنْتَقِلَ بِالشَّمْسِ عَنْ حَالَتِهِ إلَى حَالَةٍ أُخْرَى حَتَّى لَوْ كَانَ شَدِيدَ الْبُرُودَةِ فَخَفَّ بَرْدُهُ بِالشَّمْسِ فَمُتَشَمَّسٌ، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَقَالَ قَالَ أَصْحَابُنَا تَأْثِيرُ الشَّمْسِ فِي مِيَاهِ الْأَوَانِي تَارَةً تَكُونُ بِالْحُمَّى، وَتَارَةً بِزَوَالِ بَرْدِهِ، وَالْكَرَاهَةُ فِي الْحَالَيْنِ سَوَاءٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُ بَعْدَ نَقْلِهِمْ ذَلِكَ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ مَنْ اشْتَرَطَ الْآنِيَةَ الْمُنْطَبِعَةَ، وَالْبِلَادَ الْحَارَّةَ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِمَا يَظْهَرُ تَأْثِيرُ الشَّمْسِ فِيهِ فَإِنَّهَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْآنِيَةِ تَفْصِلُ أَجْزَاءَ سُمِّيَّةً تُؤَثِّرُ فِي الْبَدَنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ ظُهُورِ السُّخُونَةِ، وَمَا قَالُوهُ أَوْجَهُ. (وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا (شَدِيدُ حَرَارَةِ و) شَدِيدُ (بُرُودَةِ) لِمَنْعِ كُلٍّ مِنْهَا الْإِسْبَاغَ نَعَمْ إنْ فَقَدَ غَيْرَهُ، وَضَاقَ الْوَقْتُ، وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ أَوْ خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا حَرُمَ، وَهُوَ، وَاضِحٌ (وَ) تُكْرَهُ (مِيَاهُ ثَمُودَ) ، وَكُلُّ مَاءٍ مَغْضُوبٍ عَلَيْهِ كَمَاءِ دِيَارِ قَوْمِ لُوطٍ، وَمَاءِ دِيَارِ بَابِلَ (لَا) مَاءِ (بِئْرِ النَّاقَةِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ النَّاسَ النَّازِلِينَ عَلَى الْحِجْرِ أَرْضِ ثَمُودَ بِأَنْ يُهْرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا، وَيَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَنْ يَسْتَقُوا مِنْ بِئْرِ النَّاقَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقَوْلُهُ، وَمِيَاهُ ثَمُودَ لَا بِئْرُ النَّاقَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ (وَلَا يُكْرَهُ) مَاءُ (بَحْرٍ) لِأَخْبَارٍ كَخَبَرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَخَبَرُ «مَنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ مَاءُ الْبَحْرِ فَلَا طَهَّرَهُ اللَّهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِ فَأَشْبَهَ غَيْرَهُ، وَمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارٌ، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرٌ حَتَّى عَدَّ سَبْعَةً، وَسَبْعَةً» ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ. وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَا يُكْرَهُ كَانَ أَنْسَبَ، وَأَخْصَرَ (وَ) لَا (مَاءُ زَمْزَمَ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَهْيٍ فِيهِ نَعَمْ تُكْرَهُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ، وَغَيْرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِنْجَاءِ (فَائِدَةٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي مُخْتَصَرِ تَارِيخِ مَكَّةَ مَاءُ زَمْزَمَ أَفْضَلُ مِنْ الْكَوْثَرِ لِأَنَّ بِهِ غُسِلَ صَدْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يُغْسَلُ إلَّا بِأَفْضَلِ الْمِيَاهِ (وَلَا مُتَغَيِّرَ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ) كَمُتَغَيِّرٍ بِمَا فِي مَقَرِّهِ، وَمَمَرِّهِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (وَ) لَا (مُتَسَخِّنٍ) بِالنَّارِ (وَلَوْ بِنَجَاسَةٍ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَهْيٍ فِيهِ، وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ الْغِلْظَةِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ. (بَابُ بَيَانِ النَّجَاسَةِ، وَالْمَاءِ النَّجِسِ) عَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِكُلِّ عَيْنٍ حَرُمَ تَنَاوُلُهَا مُطْلَقًا فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ مَعَ سُهُولَةِ تَمْيِيزِهَا، وَإِمْكَانِ تَنَاوُلِهَا لَا لِحُرْمَتِهَا، وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا، وَلَا لِضَرَرِهَا فِي بَدَنٍ أَوْ عَقْلٍ فَاحْتَرَزَ بِمُطْلَقًا عَمَّا يُبَاحُ قَلِيلُهُ كَبَعْضِ النَّبَاتَاتِ السُّمِّيَّةِ، الِاخْتِيَارِ عَنْ حَالَةِ الضَّرُورَةِ فَيُبَاحُ فِيهَا تَنَاوُلُ النَّجَاسَةِ بِسُهُولَةِ تَمْيِيزِهَا عَنْ دُودِ الْفَاكِهَةِ، وَنَحْوِهَا فَيُبَاحُ تَنَاوُلُهُ مَعَهَا، وَهَذَانِ الْقَيْدَانِ لِلْإِدْخَالِ لَا لِلْإِخْرَاجِ، وَبِإِمْكَانِ تَنَاوُلِهَا عَنْ الْأَشْيَاءِ الصُّلْبَةِ كَالْحَجَرِ، وَبِالْبَقِيَّةِ عَنْ الْآدَمِيِّ، وَعَنْ الْمُخَاطِ، وَنَحْوِهِ، وَعَنْ الْحَشِيشَةِ الْمُسْكِرَةِ، وَالسُّمِّ الَّذِي يَضُرُّ قَلِيلُهُ، وَكَثِيرُهُ، وَالتُّرَابِ فَإِنَّهُ لَمْ يُحَرَّمْ تَنَاوُلُهَا لِنَجَاسَتِهَا بَلْ لِحُرْمَةِ الْآدَمِيِّ، وَاسْتِقْذَارِ الْمُخَاطِ، وَنَحْوِهِ، وَضَرَرِ الْبَقِيَّةِ، وَعَرَّفَهَا الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ بِالْعَدِّ فَقَالَ مُبْتَدِئًا بِتَقْسِيمِ مَا يَشْمَلُهَا، وَغَيْرَهَا (الْأَعْيَانُ جَمَادٌ، وَحَيَوَانٌ فَالْجَمَادُ طَاهِرٌ) عَلَى الْأَصْلِ فِيهَا إذْ الْأَصْلُ فِيهَا الطَّهَارَةُ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] . وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الِانْتِفَاعُ أَوْ يَكْمُلُ بِالطَّهَارَةِ (لَا خَمْرٌ) ، وَهِيَ الْمُشْتَدُّ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ (وَلَوْ مُحْتَرَمَةً، وَبِبَاطِنِ) حَبَّاتِ (عُنْقُودٍ) فَنَجِسَةٌ تَغْلِيظًا، وَزَجْرًا عَنْهَا كَالْكَلْبِ، وَلِأَنَّهَا رِجْسٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَالرِّجْسُ النَّجِسُ، وَالْمُحْتَرَمَةُ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي الْغَصْبِ هِيَ مَا عُصِرَ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَفِي الرَّهْنِ مَا عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ النَّوَوِيُّ فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ أَعْرَفُ بِالطِّبِّ مِنْ غَيْرِهِ) وَقَدْ قَالَ ابْنُ النَّفِيسِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ أَنَّ مُقْتَضَى الطِّبِّ كَوْنُهُ يُورِثُ الْبَرَصَ ثُمَّ بَيَّنَهُ وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي ذَلِكَ أَنَّ (قَوْلَهُ فَخَفَّ بَرْدُهُ بِالشَّمْسِ فَمُتَشَمِّسٌ) قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ وَهُوَ غَرِيبٌ. (قَوْلُهُ وَمَا قَالُوهُ أَوْجَهُ) فَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ وَمَاءُ دِيَارِ بَابِلَ) وَمَاءُ بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ الَّتِي وُضِعَ فِيهَا السِّحْرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَاءُ بِئْرِ بَرَهُوتَ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ «شَرُّ بِئْرٍ فِي الْأَرْضِ بَرَهُوتُ» ش وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْمِيَاهُ الْمَكْرُوهَةُ ثَمَانِيَةً. (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِنْجَاءِ) ، وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّ غَيْرَ مَاءِ زَمْزَمَ مِنْ الْمَاءِ أَوْلَى مِنْهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ ثُمَّ قَالَ إنَّ مَاءَ زَمْزَمَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ ج [بَابُ بَيَانِ النَّجَاسَةِ وَالْمَاءِ النَّجِسِ] (قَوْلُهُ وَبِإِمْكَانِ تَنَاوُلِهَا إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ لَا يُوصَفُ بِتَحْرِيمٍ وَلَا تَحْلِيلٍ ع وَأَيْضًا يَبْقَى الْحَدُّ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ عَظْمِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَتَعَذَّرُ تَنَاوُلُهُ. (قَوْلُهُ وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا الْقَيْدُ مُضِرٌّ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ غَالِبَ النَّجَاسَاتِ مِنْ الْعَذِرَةِ وَالْبَوْلِ وَالْقَيْحِ وَالْقَيْءِ فَإِنَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ وَحُرِّمَتْ لِاسْتِقْذَارِهَا وَكُلُّهَا نَجِسَةٌ (قَوْلُهُ وَضَرَرُ الْبَقِيَّةِ) فَعَلَى هَذَا لَا يَحْرُمُ أَكْلُ قَلِيلِ الْحَشِيشِ وَالْبَنْجِ وَالْأَفْيُونِ وَجَوْزُ الطِّيبِ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ لَا ضَرَرَ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِجَوَازِ أَكْلِ قَلِيلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْقَرَافِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِجَوَازِ أَكْلِ قَلِيلِ الْحَشِيشِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي ت (قَوْلُهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةً فِي الْآيَةِ لِأَنَّ الرِّجْسَ لُغَةً الْقَذَرُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ النَّجَاسَةُ وَلَا مِنْ الْأَمْرِ بِالِاجْتِنَابِ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ جَارِيَةٌ عَلَى الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ وَالرِّجْسُ فِيهِ هُوَ النَّجَسُ ش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 مَجْمُوعِهِ هُنَا وَالْمُصَنِّفُ فِي الرَّهْنِ، وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ، وَأَوْجَهُ (وَ) لَا (نَبِيذٌ مُسْكِرٌ) ، وَهُوَ الْمُشْتَدُّ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ أَوْ نَحْوِهِ فَنَجِسٌ كَالْخَمْرِ بِخِلَافِ الْجَامِدِ الْمُسْكِرِ كَالْحَشِيشَةِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ أَسْكَرَ طَاهِرٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ (وَلَوْ) كَانَ الْخَمْرُ (مُثَلَّثًا) ، وَهُوَ الْمَغْلِيُّ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى صَارَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ، وَجَرَى فِيهِ عَلَى لُغَةِ تَذْكِيرِ الْخَمْرِ، وَهِيَ ضَعِيفَةٌ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْخَمْرِ، وَالنَّبِيذِ مُثَلَّثًا فَيَكُونُ قَدْ غَلَبَ. (، وَالْحَيَوَانُ طَاهِرٌ) لِمَا مَرَّ (لَا كَلْبٌ) ، وَلَوْ مُعَلَّمًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» ، وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الطَّهَارَةَ إمَّا لِحَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ أَوْ تَكْرُمَةٍ، وَلَا حَدَثَ عَلَى الْإِنَاءِ، وَلَا تَكْرُمَةً فَتَعَيَّنَتْ طَهَارَةُ الْخَبَثِ فَثَبَتَ نَجَاسَةُ فَمِهِ، وَهُوَ أَطْيَبُ أَجْزَائِهِ بَلْ هُوَ أَطْيَبُ الْحَيَوَانِ نَكْهَةً لِكَثْرَةِ مَا يَلْهَثُ فَبَقِيَّتُهَا أَوْلَى (وَ) لَا (خِنْزِيرٌ) لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَنَى قَالَ النَّوَوِيُّ، وَلَيْسَ لَنَا دَلِيلٌ، وَاضِحٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ (وَ) لَا (فَرْعُ كُلٍّ) مِنْهُمَا مَعَ الْآخَرِ أَوْ غَيْرِهِ تَغْلِيبًا لِلنَّجَاسَةِ، وَلِتَوَلُّدِهِ مِنْهَا، وَالْفَرْعُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ، وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ، وَأَشْرَفُهُمَا فِي الدِّينِ، وَإِيجَابِ الْبَدَلِ، وَتَقْرِيرِ الْجِزْيَةِ، وَأَخَفَّهُمَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَأَخَسَّهُمَا فِي النَّجَاسَةِ، وَتَحْرِيمَ الذَّبِيحَةِ، وَالْمُنَاكَحَةِ (وَ) لَا (مَيْتَةٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمُهَا لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا قَالَ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] ، وَتَحْرِيمُ مَا لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ، وَلَا بِمُسْتَقْذَرٍ، وَلَا ضَرَرَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَالْمَيْتَةُ مَازَالَ حَيَاتُهُ لَا بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ (وَ) لَا (شَعْرُهَا) ، وَعَظْمُهَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ لِأَنَّهُ يَنْمُو، وَالْعَظْمُ يُحِسُّ، وَيَأْلَمُ، وَفِي مَعْنَاهُ الصُّوفُ، وَالْوَبَرُ، وَالرِّيشُ، وَالشَّعَرُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا (غَيْرُ) مَيْتَةِ (آدَمِيٍّ، وَسَمَكٍ، وَجَرَادٍ، وَصَيْدٍ لَمْ تُدْرَكُ ذَكَاتُهُ) ، وَإِنْ مَاتَ بِالضَّغْطَةِ (وَجَنِينُ مُذَكَّاةٍ) لِحِلِّ تَنَاوُلِهَا فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ عَلَى أَنَّ الْأَخِيرَيْنِ لَيْسَا مَيْتَةً بَلْ جَعَلَ الشَّارِعُ هَذَا ذَكَاتَهُمَا، وَلِهَذَا صَرَّحَ فِي خَبَرِ الْجَنِينَ بِأَنَّهُ مُذَكًّى، وَإِنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ السِّكِّينُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] ، وَقَضِيَّةُ التَّكْرِيمِ أَنْ لَا يَحْكُمَ بِنَجَاسَتِهِمْ بِالْمَوْتِ، وَسَوَاءٌ الْمُسْلِمُ، وَالْكَافِرُ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] فَالْمُرَادُ بِهِ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ أَوْ اجْتِنَابِهِمْ كَالنَّجَسِ لَا نَجَاسَةُ الْأَبْدَانِ، وَأَمَّا خَبَرُ الْحَاكِمِ «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا، وَلَا مَيِّتًا» فَجَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَيْتَةَ غَيْرُ مَا ذُكِرَ نَجِسَةٌ (فَمَيْتَةُ دُودِ نَحْوِ خَلٍّ، وَتُفَّاحٍ نَجِسَةٌ لَكِنْ لَا تُنَجِّسُهُ) لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا (وَيَجُوزُ أَكْلُهُ مَعَهُ) لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ بِخِلَافِ أَكْلِهِ مُنْفَرِدًا، وَأَكْلُهُ مَعَ مَا لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْهُ (، وَلَا يَنْجُسُ مَاءٌ و) لَا (مَائِعٌ) غَيْرُهُ (بِمَيْتَةٍ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ) بِفَتْحِهَا، وَنَصْبِهَا، وَرَفْعِهَا بِالتَّنْوِينِ فِيهِمَا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَيْ لَا دَمَ لَهَا يَسِيلُ عِنْدَ شَقِّ جُزْءٍ مِنْهَا فِي حَيَاتِهَا (وَإِنْ طُرِحَتْ) فِيهِ (كَزُنْبُورٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (وَعَقْرَبٍ) ، وَوَزَغٍ، وَذُبَابٍ، وَنَحْلٍ، وَقَمْلٍ، وَبُرْغُوثٍ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً» زَادَ أَبُو دَاوُد «، وَأَنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ» ، وَقَدْ يُفْضِي غَمْسُهُ إلَى مَوْتِهِ فَلَوْ نَجُسَ لَمَا أَمَرَ بِهِ. وَقِيسَ بِالذُّبَابِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ مَيِّتَةٍ لَا يَسِيلُ دَمُهَا، وَالْأَصْلُ مَثَّلَ بِالذُّبَابِ فَأَبْدَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا ذَكَرَهُ (لَا) نَحْوُ (حَيَّةٍ) ، وَفَأْرَةٍ، وَسُلَحْفَاةٍ (وَضُفْدُع) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَثَالِثِهِ عَلَى الْأَشْهَرِ فَيَتَنَجَّسُ بِهَا مَا ذُكِرَ لِسَيَلَانِ دَمِهَا بِخِلَافِ تِلْكَ لَا يَتَنَجَّسُ بِهَا (مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ) بِهَا فَإِنْ تَغَيَّرَ بِهَا لِكَثْرَتِهَا تَنَجَّسَ لِتَغَيُّرِهِ بِنَجَاسَةٍ، وَلِأَنَّهُ لَا يَشُقُّ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ وَأَوْجَهُ) لِأَنَّ الْعِنَبَ كَانَ مُحْتَرَمًا قَبْلَ الْعَصْرِ وَلَمْ يُوجَدُ مِنْ مَالِكِهِ قَصْدٌ فَاسِدٌ يَخْرُجُهُ عَنْ الِاحْتِرَامِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْخَمْرُ الَّتِي فِي بَاطِنِ الْعُنْقُودِ مُحْتَرَمَةً. (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ) وَصَرَّحَ أَيْضًا فِي مَجْمُوعِهِ بِأَنَّ الْبَنْجَ وَالْحَشِيشَةَ مُسْكِرَانِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْحَشِيشَةَ مُسْكِرَةٌ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ خِلَافٌ عِنْدَنَا فَالصَّوَابُ أَنَّهَا مُسْكِرَةٌ كَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعَارِفُونَ بِالنَّبَاتِ وَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِمْ فِيهَا كَمَا رُجِعَ إلَيْهِمْ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ لِخَبَرِ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ» إلَخْ) ، وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُعِيَ إلَى دَارِ قَوْمٍ فَأَجَابَ ثُمَّ دُعِيَ إلَى دَارٍ أُخْرَى فَلَمْ يُجِبْ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إنَّ فِي دَارِ فُلَانٍ كَلْبًا قِيلَ وَإِنَّ فِي دَارِ فُلَانٍ هِرَّةً فَقَالَ الْهِرَّةُ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ.» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَنَى) وَلَا يُنْتَقَضُ بِالْحَشَرَاتِ وَنَحْوِهَا إذْ لَا تَقْبَلُ الِانْتِفَاعَ وَالِاقْتِنَاءَ. (قَوْلُهُ وَلِتَوَلُّدِهِ مِنْهَا فَكَانَ مِثْلَهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَا يُنْتَقَضُ بِالدُّودِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْهَا لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ نَفْسِهَا وَإِنَّمَا تَوَلَّدَ فِيهَا كَدُودِ الْخَلِّ لَا يُخْلَقُ مِنْ نَفْسِ الْخَلِّ بَلْ يَتَوَلَّدُ فِيهِ قَالَ وَلَوْ ارْتَضَعَ جَدْيٌ كَلْبَةً أَوْ خِنْزِيرَةً فَنَبَتَ لَحْمُهُ عَلَى لَبَنِهَا لَمْ يَنْجُسْ عَلَى الْأَصَحِّ ش. (قَوْلُهُ وَلَا شَعْرُهَا) شَمِلَ الشَّعْرَ عَلَى الْعُضْوِ الْمُبَانِ مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ حَالَ حَيَاتِهِ. (قَوْلُهُ وَسَمَكٌ) أَيْ مَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ عُرْفًا سَمَكًا. (قَوْلُهُ لَا نَجَاسَةُ الْأَبْدَانِ) أَوْ أَنَّهُمْ لَا يَتَطَهَّرُونَ أَوْ لَا يَجْتَنِبُونَ النَّجَاسَاتِ فَهُمْ مُلَابِسُونَ لَهَا غَالِبًا. (قَوْلُهُ فَجَرَى عَلَى الْغَالِبِ) وَلِأَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ بِالْمَوْتِ لَكَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ كَسَائِرِ الْمَيْتَاتِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُؤْمَرْ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ وَعُورِضَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمْ يُؤْمَرْ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عُهِدَ غَسْلُ الطَّاهِرِ بِدَلِيلِ الْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ بِخِلَافِ نَجِسِ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا تُنَجِّسُهُ) إذَا لَمْ تُغَيِّرْهُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَكْلُهُ مَعَهُ) قَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ حِلَّ أَكْلِهِ مَعَهُ بِأَنْ لَا يَنْقُلَهُ أَوْ يُنَحِّيهِ مِنْ الطَّعَامِ إلَى آخَرَ فَإِنْ فَعَلَ فَكَالْمُنْفَرِدِ فَتَحْرُمُ فِي الْأَصَحِّ. اهـ. (قَوْلُهُ بِمَيْتَةٍ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةً) هَهُنَا تَنْبِيهٌ يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِمَعْرِفَتِهِ وَهُوَ أَنَّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ إذَا اغْتَذَى بِالدَّمِ كَالْحَلَمِ الْكِبَارِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْإِبِلِ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَاءِ لَا يَنْجُسُ الْمَاءُ بِمُجَرَّدِ الْوُقُوعِ فَإِنْ مَكَثَ فِي الْمَاءِ حَتَّى انْشَقَّ جَوْفُهُ وَخَرَجَ مِنْهُ الدَّمُ يَنْجُسُ لِأَنَّهُ إنَّمَا عُفِيَ عَنْ الْحَيَوَانِ دُونَ الدَّمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا كَمَا يُعْفَى عَمَّا فِي بَطْنِهِ مِنْ الرَّوْثِ إذَا ذَابَ وَاخْتَلَطَ بِالْمَاءِ وَلَمْ يُغَيَّرْ وَكَذَلِكَ مَا عَلَى مَنْفَذِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ ت وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَشُقُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 الِاحْتِرَازُ عَنْهَا حِينَئِذٍ، وَقَوْلُهُ، وَإِنْ طُرِحَتْ ظَاهِرُهُ أَنَّ طَرْحَهَا مَيِّتَةً لَا يَضُرُّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْ الْمَائِعِ ضَرَّ طَرْحُهَا جَزْمًا كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَإِنْ كَانَ نَشْؤُهَا فِيهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ فَلَوْ أُخْرِجَ مِنْهُ، وَطُرِحَ فِيهِ عَادَ الْخِلَافُ أَيْ فِي الْحَيَوَانِ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي وَقَعَ بِنَفْسِهِ، وَعَبَّرَ النَّوَوِيُّ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ فَلَوْ أُخْرِجَ مِنْهُ، وَطُرِحَ فِي غَيْرِهِ أَوْ رُدَّ إلَيْهِ عَادَ الْقَوْلَانِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ فِيمَا أُلْقِيَ فِي غَيْرِهِ أَنَّهُ يَضُرُّ، وَيُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ أَيْضًا فِيمَا أُلْقِيَ فِيهِ فَاعْتَمَدَهُ انْتَهَى، وَيُؤَيِّدُهُ تَصْوِيرُ الْبَغَوِيّ ذَلِكَ بِمَا إذْ أُلْقِيَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ، وَيُجَابُ عَنْ تَعْبِيرِ الشَّيْخَيْنِ بِعَوْدِ الْخِلَافِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ أَوْ بِأَنَّ كَلَامَهُمَا مُصَوَّرٌ بِمَا صَوَّرَ بِهِ الْبَغَوِيّ لَكِنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ يُنَافِيهِ، وَتَوْجِيهُ الْبُلْقِينِيُّ لِكَلَامِهِمَا بِأَنَّهُ لَمَّا اُغْتُفِرَ بِلَا طَرْحٍ اُغْتُفِرَ مَعَ الطَّرْحِ مُنْتَقَضٌ بِطَرْحِ الْمَيْتَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَلَوْ شَكَكْنَا فِي سَيْلِ دَمِهَا اُمْتُحِنَ بِجِنْسِهَا فَتَخْرُجُ لِلْحَاجَةِ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يَسِيلُ دَمُهَا لَكِنْ لَا دَمَ فِيهَا أَوْ فِيهَا دَمٌ لَا يَسِيلُ لِصِغَرِهَا فَلَهَا حُكْمُ مَا يَسِيلُ دَمُهَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ لَا حَيَّةٌ، وَضِفْدِعٌ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ) الْفَرْعُ مَا انْدَرَجَ تَحْتَ أَصْلٍ كُلِّيِّ الْجُزْءِ (الْمُبَانِ مِنْ حَيٍّ، وَمَشِيمَتِهِ) ، وَهِيَ غِلَافُ الْوَلَدِ، وَعَطْفُهَا عَلَى الْمُبَانِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (كَمَيْتَتِهِ) أَيْ كَمَيْتَةِ ذَلِكَ الْحَيِّ طَهَارَةً، وَنَجَاسَةً لِخَبَرِ «مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فَالْيَدُ مِنْ الْآدَمِيِّ طَاهِرَةٌ، وَمِنْ الْبَقَرِ نَجِسَةٌ، وَسَوَاءٌ فِي الْمَشِيمَةِ مَشِيمَةُ الْآدَمِيِّ، وَغَيْرِهِ (لَا شَعَرُ مَأْكُولٍ، وَرِيشُهُ) فَطَاهِرَانِ (وَلَوْ اُنْتُتِفَ) كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ نُتِفَ، وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا مِنْ صُوفٍ، وَوَبَرٍ قَالَ تَعَالَى {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا أُخِذَ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ أَوْ فِي الْحَيَاةِ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ، وَذَلِكَ مُخَصِّصٌ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، وَلَا هُنَا لِكَوْنِهَا لَا يُعْطَفُ بِهَا مَا شَمِلَهُ مَا قَبْلَهَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرٍ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا بِصُورَةِ الْحَرْفِ، وَهِيَ مَعَهُ حَالٌ مِمَّا قَبْلَهَا أَوْ صِفَةٌ لَهُ بِجَعْلِ أَلْ لِلْجِنْسِ (وَلَا مَشْكُوكٌ فِيهِ) أَيْ فِي أَنَّ الشَّعَرَ، وَنَحْوَهُ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ (وَ) لَا (مِسْكٌ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ» (وَكَذَا فَأْرَتُهُ) بِالْهَمْزِ، وَتَرَكَهُ لِانْفِصَالِهَا بِالطَّبْعِ كَالْجَنِينِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَلِأَنَّ الْمِسْكَ فِيهَا طَاهِرٌ، وَلَوْ كَانَتْ نَجِسَةً لَكَانَ الْمَظْرُوفُ، وَهِيَ خُرَّاجٌ بِجَانِبِ سُرَّةِ الظَّبْيَةِ كَالسَّلْعَةِ فَتَحْتَكُّ حَتَّى تُلْقِيَهَا هَذَا (إنْ انْفَصَلَتْ مِنْ) ظَبْيَةٍ (حَيَّةٍ) فَإِنْ انْفَصَلَتْ مِنْ مَيِّتَةٍ فَنَجِسَةٌ كَاللَّبَنِ بِخِلَافِ الْبَيْضِ الْمُتَصَلِّبِ لِنُمُوِّهِ بِخِلَافِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالْأَصْلِ أَنَّ الْمِسْكَ طَاهِرٌ مُطْلَقًا، وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالْإِنْفَحَةِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الطَّاوُسِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] الِاحْتِرَازُ عَنْهَا حِينَئِذٍ) فَعَلَى هَذَا يَحْرُمُ الْغَمْسُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ التَّغَيُّرُ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ ت (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ نَشْؤُهَا فِيهِ إلَخْ) فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ فِي ذَلِكَ كَالنَّاشِئِ كَمَا أَشَارَ إلَى نَقْلِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. (قَوْلُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ) وَرَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ خِلَافَهُ ش. (قَوْلُهُ عَادَ الْقَوْلَانِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا أَعَادَهُ إلَيْهِ حَيًّا فَمَاتَ فِيهِ فَإِنْ أَعَادَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ نَجُسَ قَوْلًا وَاحِدًا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ مَأْمُورٌ بِرَدِّهِ أَوْ قَتْلِهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرُدَّهُ مَاتَ جُوعًا وَتَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ لَا يَجُوزُ وَرَدُّهُ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَبَثٌ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْوِيرُ الْبَغَوِيّ إلَخْ) بَلْ صَوَّرَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِمَا إذَا وَقَعَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أُلْقِيَ فِيهِ كَذَلِكَ ضَرَّ وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ بِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ س (قَوْلُهُ بِمَا صَوَّرَ بِهِ الْبَغَوِيّ) وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ الَّذِي يُتَّجَهُ. (قَوْلُهُ لَكِنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ يُنَافِيهِ) عِبَارَتُهُ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ أُخْرِجَ هَذَا الْحَيَوَانُ مِمَّا مَاتَ فِيهِ وَأُلْقِيَ فِي مَائِعٍ غَيْرِهِ أَوْ رُدَّ إلَيْهِ فَهَلْ يُنَجِّسُهُ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي الْحَيَوَانِ الْأَجْنَبِيِّ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقَيْنِ اهـ [فَرْعٌ طَهَارَة الْمُبَانِ مِنْ حَيٍّ وَمَشِيمَتِهِ] (قَوْلُهُ لَا شَعْرَ مَأْكُولٍ وَرِيشِهِ إلَخْ) وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الشَّعْرَ إنْ تَنَاوَلَ الرِّيشَ فَذِكْرُهُ مَعَهُ حَشْوٌ وَإِلَّا وَجَبَ ذِكْرُهُ مَعَهُ فِيمَا مَرَّ أَيْضًا وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ لَكِنَّ اتِّصَالَهُ أَقْوَى مِنْ اتِّصَالِ الشَّعْرِ فَعُلِمَ نَجَاسَتُهُ مِنْ نَجَاسَتِهِ بِالْأَوْلَى وَلَا يُعْلَمُ طَهَارَتُهُ مِنْ طَهَارَتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الرِّيشَ يُغْنِي عَنْ الشَّعْرِ هُنَا كَعَكْسِهِ ثَمَّةَ ش. (قَوْلُهُ قَالَ تَعَالَى {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا} [النحل: 80] إلَخْ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي الْمَلَابِسِ وَلَوْ قَصَرَ الِانْتِفَاعَ عَلَى مَا يَكُونُ عَلَى الْمُذَكَّى لَضَاعَ مُعْظَمُ الشُّعُورِ وَالْأَصْوَافِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا أَحَدُ مَوْضِعَيْنِ خُصِّصَتْ السُّنَّةُ فِيهِمَا بِالْكِتَابِ فَإِنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا قُطِعَ مِنْ بَهِيمَةٍ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيِّتٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ «مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» خُصَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] الْآيَةَ الْمَوْضِعُ، الثَّانِي قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ» الْحَدِيثَ فَهَذَا عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: 29] الْآيَةَ وَيَلْحَقُ بِهِمَا مَوَاضِعُ مِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» فَإِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: 158] الْآيَةَ وَمِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» فَإِنَّهُ عَامٌّ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْإِمَاءِ {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} [النساء: 25] الْآيَةَ وَمِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَمِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» فَهَذَا يَعُمُّ الْوَالِدَيْنِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] فَإِنَّهُ يَقْتَضِي بِمَفْهُومِهِ تَحْرِيمَ أَنْوَاعِ الْأَذَى وَلِهَذَا كَانَ الْأَصَحُّ عَدَمَ حَبْسِ الْوَالِدِ بِدَيْنِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ) فَكَأَنَّا تَيَقَّنَّاهَا فِي حَيَاتِهِ وَلَمْ يُعَارِضْهَا أَصْلٌ وَلَا ظَاهِرٌ وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ مِنْ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ فِي غَايَةِ النُّدُورِ (قَوْلُهُ مِنْ ظَبْيَةٍ حَيَّةٍ) أَوْ مُذَكَّاةٍ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالْإِنْفَحَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا قَوْلُهُ كَالْإِنْفَحَةِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَهِيَ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا لَا تَنْفَصِلُ مِنْ حَيٍّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 وَالْبَارِزِيُّ جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ فِي أَنَّ الْمُبَانَ مِنْ الْمَيْتَةِ النَّجِسَةِ نَجِسٌ، وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ السَّابِقِ. (وَلَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ (إيقَادٌ) فِي التَّنُّورِ، وَغَيْرِهِ (بِعَظْمِ مَيْتَةِ) غَيْرِ آدَمِيٍّ (وَإِنْ نَجُسَ دُخَّانُهُ) لِعَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ لِلنَّجَاسَةِ (، وَالْإِنَاءُ النَّجِسُ الْجَافُّ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ) فِي جَافٍّ، وَفِي مَاءٍ كَثِيرٍ، وَيَحْرُمُ فِيمَا عَدَاهُمَا لِلتَّنَجُّسِ بِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَرَيَانُ الْكَرَاهَةِ فِي جِلْدِ الْكَلْبِ، وَنَحْوِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يُشْكِلُ بِتَحْرِيمِ لُبْسِهِ لِأَنَّهُ هُنَاكَ مُلَابِسٌ لِلْبَدَنِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ. (فَرْعٌ لِلْمُتَرَشِّحِ) أَيْ لِمَا يَغْلِبُ تَرْشِيحُهُ (حُكْمُ حَيَوَانِهِ) طَهَارَةً، وَنَجَاسَةً (وَهُوَ كَدَمْعٍ) ، وَمُخَاطٍ، وَعَرَقٍ (وَلُعَابٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ فَرَسًا مَعْرُورًا، وَرَكَضَهُ فَلَمْ يَجْتَنِبْ عَرَقَهُ» ، وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ (فَإِنْ سَالَ مِنْ فَمِ نَائِمٍ فَكَانَ مِنْ الْمَعِدَةِ) كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ (فَنَجِسٌ لَا إنْ) كَانَ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ (شَكَّ) فِي أَنَّهُ مِنْهَا أَوَّلًا فَإِنَّهُ طَاهِرٌ، وَقِيلَ إنْ كَانَ مُتَغَيِّرًا فَنَجِسٌ، وَإِلَّا فَطَاهِرٌ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ (وَيُحْتَاطُ) فِي صُورَةِ الشَّكِّ فَيَغْسِلُهُ نَدْبًا (فَإِنْ اُبْتُلِيَ بِهِ شَخْصٌ) لِكَثْرَتِهِ مِنْهُ (فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ) كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ (وَالزَّبَادُ طَاهِرٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ إمَّا لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْ عَرَقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ كَمَا سَمِعْته مِنْ ثِقَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهَذَا لَكِنَّهُ يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ بِمَا يَتَسَاقَطُ مِنْ شَعَرِهِ فَلْيُحْتَرَزْ عَمَّا وُجِدَ فِيهِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ مَنْعُ أَكْلِ السِّنَّوْرِ الْبَرِّيِّ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (لَا شَعَرُ) ، وَفِي نُسْخَةٍ لَا شُعُورُ (سِنَّوْرِهِ) اعْتِمَادُ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ، وَالزَّبَادُ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ الْمُسْتَحِيلُ فِي الْبَاطِنِ نَجِسٌ كَدَمٍ، وَلَوْ تَحَلَّبَ مِنْ كَبِدٍ) أَوْ طِحَالٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3] ، وَلِخَبَرِ «فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمِ، وَصَلِّي» (وَقَيْحٌ، وَمَاءُ قَرْحٍ تَغَيَّرَ) بِفَتْحِ الْقَافِ، وَضَمِّهَا أَيْ جُرْحٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَمٌ مُسْتَحِيلٌ فَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ مَاءُ الْقَرْحِ فَطَاهِرٌ كَالْعَرَقِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ (وَقَيْءٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَقِيلَ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ مُتَنَجِّسٌ لَا نَجِسٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ حَقٌّ (، وَجِرَّةٌ) بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَهِيَ مَا يُخْرِجُهُ الْبَعِيرُ أَوْ غَيْرُهُ لِلِاجْتِرَارِ، وَتَعْبِيرُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِجِرَّةِ الْبَعِيرِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ جِرَّتِهِ وَجِرَّةِ غَيْرِهِ. (وَمِرَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا فِي الْمَرَارَةِ قِيَاسًا لِلثَّلَاثَةِ عَلَى الدَّمِ بِجَامِعِ الِاسْتِحَالَةِ فِي الْبَاطِنِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْقَيْءِ (وَعَذِرَةٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ بِالْإِجْمَاعِ (وَبَوْلٌ) لِلْأَمْرِ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ فِي الْمَسْجِدِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقِيسَ بِهِ سَائِرُ الْأَبْوَالِ، وَأَمَّا أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعُرَنِيِّينَ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ فَكَانَ لِلتَّدَاوِي (وَرَوْثٌ) بِالْمُثَلَّثَةِ (وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ، وَجَرَادٍ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جِيءَ لَهُ بِحَجَرَيْنِ، وَرَوْثَةٍ لِيَسْتَنْجِيَ بِهَا أَخَذَ الْحَجَرَيْنِ، وَرَدَّ الرَّوْثَةَ، وَقَالَ هَذَا رِكْسٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْعَذِرَةُ، وَالرَّوْثُ قِيلَ مُتَرَادِفَانِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ الْعَذِرَةُ مُخْتَصَّةٌ بِفَضْلَةِ الْآدَمِيِّ، وَالرَّوْثُ أَعَمُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَدْ يُمْنَعُ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحْكَمِ، وَابْنِ الْأَثِيرِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِذِي الْحَافِرِ قَالَ، وَعَلَيْهِ فَاسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لَهُ فِي سَائِرِ الْبَهَائِمِ تَوَسُّعٌ انْتَهَى. وَعَلَى قَوْلِ التَّرَادُفِ فَأَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ، وَعَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ الرَّوْثُ يُغْنِي عَنْ الْعَذِرَةِ (وَمَذْيٌ) بِالْمُعْجَمَةِ لِلْأَمْرِ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ يَخْرُجُ بِلَا شَهْوَةٍ عِنْدَ ثَوَرَانِهَا (، وَوَدْيٌ) بِالْمُهْمَلَةِ إجْمَاعًا، وَقِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ كَدِرٌ ثَخِينٌ يَخْرُجُ عَقِبَ الْبَوْلِ أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ، وَبِالْمَذْيِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْجُمْهُورُ كَمَا فِي الْأَصْلِ عَلَى نَجَاسَةِ هَذِهِ الْفَضَلَاتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ، وَالنَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ، وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ، وَغَيْرُهُ بِطَهَارَتِهَا، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. (، وَلَبَنُ مَا لَا يُؤْكَلُ) كَلَبَنِ الْأَتَانِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ فِي الْبَاطِنِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ مُتَغَيِّرًا فَنَجِسٌ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هِيَ مَقَالَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّ الْخَارِجَ مِنْ الْمَعِدَةِ يَكُونُ مُتَغَيِّرًا بِخِلَافِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَالزَّبَادُ طَاهِرٌ) الْعَنْبَرُ طَاهِرٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ يَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ وَيَلْفِظُهُ ش وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا سَمِعْته مِنْ ثِقَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ كَدَمٍ) الدَّمُ الْبَاقِي عَلَى لَحْمِ الْمُذَكَّاةِ وَعَظْمِهَا نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَقَدْ قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَأَمَّا مَا بَقِيَ مِنْ الدَّمِ الْيَسِيرِ فِي بَعْضِ الْعُرُوقِ الدَّقِيقَةِ خِلَالَ اللَّحْمِ فَهُوَ عَفْوٌ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْقَيْءِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَأَمَّا الْخَرَزَةُ الَّتِي تُوجَدُ دَاخِلَ الْمَرَارَةِ وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْأَدْوِيَةِ فَيَنْبَغِي نَجَاسَتُهَا لِأَنَّهَا تُجَسَّدُ مِنْ النَّجَاسَةِ فَأَشْبَهَتْ الْمَاءَ النَّجِسَ إذَا انْعَقَدَ مِلْحًا انْتَهَى قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَالْمَرَارَةُ الصَّفْرَاءُ نَجِسَةٌ وَمَا فِيهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ خَرَزَتِهَا الصَّفْرَاءِ الَّتِي تُوجَدُ فِي بَعْضِ الْأَبْقَارِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي. الْخَادِمِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ «كَانَتْ الْكِلَابُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَبِأَنَّ بَوْلَهَا خَفِيَ مَكَانَهُ فَمَنْ تَيَقَّنَهُ لَزِمَهُ غَسْلُهُ وَبِأَنَّهَا كَانَتْ تَبُولُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِيهِ ش (قَوْلُهُ وَرَوْثٌ) هَلْ الْعَسَلُ خَارِجٌ مِنْ دُبُرِ النَّحْلِ أَوْ مِنْ فِيهَا فِيهِ خِلَافٌ وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَرْجِيحًا وَإِلَّا شَبِهَ الثَّانِي فَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ الضَّابِطِ فِي الْخَارِجِ ت. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَرَوْثٌ) فَلَوْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِذَرْقِ الطُّيُورِ وَتَعَذَّرَ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يُعْفَى عَنْهَا د وَقَوْلُهُ فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَذْيٌ) فِي تَعْلِيقِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ الْمَذْيَ يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ أَبْيَضَ ثَخِينًا، وَفِي الصَّيْفِ أَصْفَرَ رَقِيقًا. (قَوْلُهُ وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِطَهَارَتِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ) وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَلْقَى اللَّهَ بِهِ وَصَحَّحَهُ الْبَارِزِيُّ وَالسُّبْكِيُّ وَنَجْمُ الدِّينِ الْإسْفَرايِينِيّ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَبِهِ أَلْقَى اللَّهَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّامِلِ الصَّغِيرِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَيَنْبَغِي طَرْدُهُ فِي سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ ش قَالَ فِي التَّوْشِيحِ، وَفِيمَا عَلَّقْته مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ زَيْنِ الدَّيْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْوَانَ الْفَارِقِيِّ أَنَّهُ اُسْتُفْتِيَ عَنْ وَاعِظٍ قَالَ لِلْمُحَاضَرِينَ بَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 كَالدَّمِ (إلَّا) لَبَنَ (الْآدَمِيِّ) فَطَاهِرٌ إذْ لَا يَلِيقُ بِكَرَامَتِهِ أَنْ يَكُونَ مُنْشَؤُهُ نَجِسًا (فَإِنْ مَاتَ فَفِي لَبَنِهِ وَجْهَانِ) لَمْ يُذْكَرْ هَذَا فِي الْأَصْلِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَصْحِيحُ طَهَارَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ قَالَ لِأَنَّهُ فِي إنَاءٍ طَاهِرٍ، وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لِلَّبَنِ الذَّكَرِ، وَالصَّغِيرَةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ الْمُوَافِقُ لِتَعْبِيرِ الصَّيْمَرِيِّ بِقَوْلِهِ أَلْبَانُ الْآدَمِيِّينَ، وَالْآدَمِيَّاتِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ فِي طَهَارَتِهَا، وَجَوَازِ بَيْعِهَا، وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ لَبَنُ الْمَيْتَةِ، وَالرَّجُلِ نَجِسٌ مُفَرَّعٌ عَلَى نَجَاسَةِ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ كَمَا أَفَادَهُ الرُّويَانِيُّ. أَمَّا لَبَنُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَلَبَنِ الْفَرَسِ، وَإِنْ، وَلَدَتْ بَغْلًا فَطَاهِرٌ قَالَ تَعَالَى {لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66] . (وَالْإِنْفَحَةُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَفَتْحِ الْفَاءِ، وَتَخْفِيفِ الْحَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ، وَهِيَ لَبَنٌ فِي جَوْفِ نَحْوِ سَخْلَةٍ فِي جِلْدَةٍ تُسَمَّى إنْفَحَةٌ أَيْضًا إنْ أُخِذَتْ (مِنْ سَخْلَةٍ) مَثَلًا (مَذْبُوحَةٍ، وَهِيَ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهَا (مِنْ) السَّخْلَةِ (الَّتِي لَمْ تُطْعَمْ غَيْرَ اللَّبَنِ طَاهِرَةٌ) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِلْحَاجَةِ) إلَيْهَا فِي عَمَلِ الْجُبْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُخِذَتْ مِنْ مَيْتَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ مَذْبُوحَةٍ أَكَلَتْ غَيْرَ اللَّبَنِ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْمُسْتَحِيلَاتِ فِي الْبَاطِنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ أَكَلَتْ لَبَنًا نَجِسًا كَلَبَنِ أَتَانٍ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ. (وَالْبَيْضُ) الْمَأْخُوذُ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ (وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ، وَكَذَا) الْمَأْخُوذُ (مِنْ مَيْتَةٍ أَنْ تُصْلَبَ، وَبِزْرِ الْقَزِّ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا، وَهُوَ الْبَيْضُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ دُودُ الْقَزِّ (، وَمَنِيُّ غَيْرِ الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ) ، وَفَرْعُ أَحَدِهِمَا أَيْ كُلٍّ مِنْهَا (طَاهِرٌ) خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي مَنِيِّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ أَصْلُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ نَعَمْ يُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ غَسْلُهُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ، وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ بَيْضُ الْمَيْتَةِ غَيْرِ الْمُتَصَلِّبِ، وَمَنِيُّ الْكَلْبِ، وَمَا بَعْدَهُ، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ الْبَيْضَ إذَا اسْتَحَالَ دَمًا، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا فِي تَنْقِيحِهِ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْهُ، وَفِي التَّحْقِيقِ، وَغَيْرِهِ أَنَّهُ نَجِسٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ مَنِيِّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهِ فَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْتَحِلَّ حَيَوَانًا، وَالْأَوَّلُ عَلَى خِلَافِهِ. (وَكَذَا رُطُوبَةُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ) بَلْ، وَغَيْرِهَا مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ (وَالْعَلَقَةُ) ، وَالْمُضْغَةُ مِنْهُ فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ كَعَرَقِهِ، وَمَنِيِّهِ، وَالْمُضْغَةُ مَفْهُومَةٌ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى، وَمُصَرَّحٌ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَرُطُوبَةُ الْفَرْجِ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ، وَالْعَرَقِ، وَأَمَّا الرُّطُوبَةُ الْخَارِجَةُ مِنْ بَاطِنِ الْفَرْجِ فَتُنَجِّسُهُ، وَالْعَلَقَةُ دَمٌ غَلِيظٌ يَسْتَحِيلُ إلَيْهِ الْمَنِيُّ، وَالْمُضْغَةُ لَحْمَةٌ مُنْعَقِدَةٌ مِنْ ذَلِكَ (، وَيَنْجُسُ مَنِيُّ مَنْ لَمْ يَسْتَنْجِ بِمَاءٍ) لِاتِّصَالِهِ بِنَجِسٍ (كَدُودِ مَيْتَةٍ رَحْبٍ رَجِيعٍ) أَيْ رَوْثٍ (فِيهِ قُوَّةُ الْإِنْبَاتِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ذَلِكَ فَنَجِسُ الْعَيْنِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ، وَيُقَاسُ بِحَبِّ الرَّجِيعِ حَبُّ الْقَيْءِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ. (وَيُعْفَى عَنْ رَوْثِ سَمَكٍ) فَلَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ) فَإِنْ غَيَّرَهُ نَجَّسَهُ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذَكَرَهَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ (وَ) يُعْفَى (عَنْ الْيَسِيرِ عُرْفًا مِنْ شَعَرٍ نَجِسٍ) بِقَيْدٍ زَادَهُ كَالزَّرْكَشِيِّ تَبَعًا لِصَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ بِقَوْلِهِ (مِنْ غَيْرِ كَلْبٍ، وَخِنْزِيرٍ) ، وَفَرْعُ كُلٍّ مِنْهَا بِخِلَافِ شَعَرِ الثَّلَاثَةِ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهَا، وَسَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِ الزَّرْعِ النَّابِتِ فِي النَّجَاسَةِ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ، وَبَيَانُ حُكْمِ حَبَّاتِهِ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ (وَ) يُعْفَى (عَنْ كَثِيرِهِ) أَيْ الشَّعَرِ النَّجِسِ (مِنْ مَرْكُوبٍ) لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَخَالَفَ فِيهِ الْقَاضِي فَقَالَ لَوْ رَكِبَ حِمَارًا فَانْتُتِفَ مِنْهُ شَعَرٌ، وَالْتَصَقَ بِثِيَابِهِ فَلَا يُعْفَى إلَّا عَنْ الْيَسِيرِ (وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْبَيْضَةِ) ، وَالْوَلَدِ إذَا خَرَجَا مِنْ فَرْجٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا رُطُوبَةٌ نَجِسَةٌ (وَلِوَسَخٍ انْفَصَلَ مِنْ حَيَوَانٍ حُكْمُ عَرَقِهِ) طَهَارَةً، وَنَجَاسَةً لِأَنَّهُ عَرَقٌ جَامِدٌ، وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ تَفَقُّهًا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ لِذَلِكَ حُكْمُ مَيْتَتِهِ، وَحَمَلَ الْإِسْنَوِيُّ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي عَلَى قِطَعٍ تَخْرُجُ مِنْ الْجِلْدِ الْخَشِنِ. [فَصْلٌ كَثِيرُ الْمَاءِ قُلَّتَانِ] ، وَالْقُلَّةُ لُغَةً الْجَرَّةُ الْعَظِيمَةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجُلَ الْعَظِيمَ يُقِلُّهَا بِيَدَيْهِ أَيْ يَرْفَعُهَا   [حاشية الرملي الكبير] خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكُمْ فَأَفْتَى بِتَصْوِيبِهِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ تَكَاثَرَتْ الْأَدِلَّةُ عَلَى طَهَارَةِ فَضَلَاتِهِ وَعَدَّ الْأَئِمَّةُ ذَلِكَ فِي خَصَائِصِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا وَقَعَ فِي كُتُبِ كَثِيرٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَصْحِيحُ طَهَارَتِهِ إلَخْ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ كَانَ طَاهِرًا حَالَ الْحَيَاةِ وَمَيْتَةُ الْآدَمِيِّ طَاهِرَةٌ وَالْجُزْءُ الْمُبَانُ مِنْهُ وَلَوْ فِي حَيَاتِهِ طَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ وَلَدَتْ بَغْلًا فَطَاهِرٌ) وَكَذَا لَبَنُ الشَّاةِ أَوْ الْبَقَرَةِ إذَا أَوْلَدَهَا كَلْبٌ أَوْ خِنْزِيرٌ فِيمَا يَظْهَرُ ع قَالَ فِي الْخَادِمِ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ أَمَّا هُمَا فَاللَّبَنُ الْحَاصِلُ مِنْ إحْبَالِهِمَا نَجِسٌ قَطْعًا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ كَفَرْعِهِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْخَادِمِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ. (قَوْلُهُ الَّتِي لَمْ تُطْعَمْ غَيْرَ اللَّبَنِ طَاهِرَةٌ) وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ بِحَيْثُ يَغْتَذِي أَمْثَالُهَا بِالْحَشِيشِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ إلَخْ) (تَنْبِيهٌ) إنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ جَازَ أَكْلُهُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا فِي تَنْقِيحِهِ) وَكَأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ د وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا فِي تَنْقِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْتَحِلَّ حَيَوَانًا إلَخْ) جَرَى عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ صَاحِبُ الْبَيَانِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ذَلِكَ فَنَجِسُ الْعَيْنِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ) ، قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقِيَاسُهُ فِي الْقَيْءِ كَذَلِكَ فَتَفَطَّنْ لَهُ حَتَّى لَوْ ابْتَلَعَ مَاءً ثُمَّ أَلْقَاهُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ وَفَرَّعْنَا عَلَى أَنَّهُ نَجِسٌ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ طَهُرَ بِالْمُكَاثَرَةِ أَنْهَى. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقِيَاسِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِخُرُوجِ الْقَيْءِ عَنْ مُسَمَّى الْمَاءِ بِطُرُقِ الْمُكَاثَرَةِ بِخِلَافِ الْحَبِّ وَمُسْتَقِيمٌ عَلَى التَّفْرِيعِ عَلَى طَهَارَةِ الْقَيْءِ، الثَّانِي أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مُخَالِفٌ مَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ نَجِسٌ سَوَاءٌ تَغَيَّرَ أَمْ لَا وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُتَغَيِّرِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ وَجْهٌ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْخَادِمِ (قَوْلُهُ وَيُعْفَى عَنْ الْيَسِيرِ عُرْفًا مِنْ شَعْرٍ نَجِسٍ) الرِّيشُ النَّجِسُ كَالشَّعْرِ النَّجِسِ ت (فَصْلٌ) (كَثِيرُ الْمَاءِ قُلَّتَانِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 (وَهُمَا) أَيْ الْقُلَّتَانِ (خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (بَغْدَادِيٍّ تَقْرِيبًا) رَوَى الشَّافِعِيُّ خَبَرَ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ بِقِلَالِ هَجَرَ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» ثُمَّ رُوِيَ عَنْ ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ «رَأَيْت قِلَالَ هَجَرَ فَإِذَا الْقُلَّةُ مِنْهَا تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أَوْ قِرْبَتَيْنِ، وَشَيْئًا أَيْ مِنْ قِرَبِ الْحِجَازِ» فَاحْتَاطَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَحَسِبَ الشَّيْءَ نِصْفًا إذْ لَوْ كَانَ فَوْقَهُ لَقَالَ تَسَعُ ثَلَاثَ قِرَبٍ الْأَشْيَاءُ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فَتَكُونُ الْقُلَّتَانِ خَمْسُ قِرَبٍ. وَالْغَالِبُ أَنَّ الْقِرْبَةَ لَا تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ رِطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ فَالْمَجْمُوعُ بِهِ خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ تَقْرِيبًا (فَيُعْفَى عَنْ) نُقَصِّرُ (رِطْلٍ، وَرِطْلَيْنِ) هَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَصُحِّحَ فِي التَّحْقِيقِ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ نَقْصُ قَدْرٍ لَا يَظْهَرُ بِنَقْصِهِ تَفَاوُتٌ فِي التَّغَيُّرِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُغَيَّرَةِ (و) مِقْدَارُ الْقُلَّتَيْنِ (بِالْمِسَاحَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ فِي الْمُرَبَّعِ (ذِرَاعٌ، وَرُبْعٌ طُولًا، وَعَرْضًا، وَعُمْقًا) ، وَفِي الْمُدَوَّرِ ذِرَاعَانِ طُولًا، وَذِرَاعٌ عَرْضًا قَالَهُ الْعِجْلِيّ، وَالْمُرَادُ فِيهِ بِالطُّولِ الْعُمْقُ، وَبِالْعَرْضِ مَا بَيْنَ حَائِطَيْ الْبِئْرِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ، وَالْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ فِي الْمُرَبَّعِ ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ الْمَذْكُورِ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَهُوَ شِبْرَانِ تَقْرِيبًا، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ ذِرَاعُ النَّجَّارِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِالذِّرَاعِ مَحْكِيٌّ عِنْدَ الْمُهَنْدِسِينَ، وَأَمَّا فِي الْمُدَوَّرِ فَالْمُرَادُ فِي الطُّولِ ذِرَاعُ النَّجَّارِ الَّذِي هُوَ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ ذِرَاعٌ، وَرُبْعٌ تَقْرِيبًا إذْ لَوْ كَانَ الذِّرَاعُ فِي طُولِهِ، وَطُولِ الْمُرَبَّعِ، وَاحِدًا مِمَّا مَرَّ لَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الطُّولُ فِي الْمُدَوَّرِ ذِرَاعَيْنِ، وَنِصْفًا تَقْرِيبًا إذَا كَانَ الْعَرْضُ ذِرَاعًا. وَوَجْهُهُ أَنْ يُبَسَّطَ كُلٌّ مِنْ الْعَرْضِ، وَمُحِيطِهِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ، وَسُبْعٌ، وَالطُّولِ أَرْبَاعًا لِوُجُودِ مَخْرَجِهَا فِي مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ فِي الْمُرَبَّعِ ثُمَّ يَضْرِبُ نِصْفَ الْعَرْضِ، وَهُوَ اثْنَانِ فِي نِصْفِ الْمُحِيطِ، وَهُوَ سِتَّةٌ، وَسُبْعَانِ يَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ، وَأَرْبَعَةَ أَسْبَاعٍ، وَهُوَ بَسْطُ الْمُسَطَّحِ فَيُضْرَبُ فِي بَسْطِ الطُّولِ، وَهُوَ عَشَرَةٌ يَبْلُغُ مِائَةً، وَخَمْسَةً، وَعِشْرِينَ رُبْعًا يَبْلُغُ مِقْدَارَ مَسْحِ الْقُلَّتَيْنِ فِي الْمُرَبَّعِ، وَهُوَ مِائَةٌ، وَخَمْسَةٌ، وَعِشْرُونَ رُبْعًا مَعَ زِيَادَةِ خَمْسَةِ أَسْبَاعٍ رُبْعٌ، وَبِهَا حَصَلَ التَّقْرِيبُ فَلَوْ كَانَ الذِّرَاعُ فِي طُولِ الْمُدَوَّرِ، وَالْمُرَبَّعُ، وَاحِدٌ، وَطُولُ الْمُدَوَّرِ ذِرَاعَيْنِ لَكَانَ الْحَاصِلُ مِائَةَ رُبْعٍ، وَأَرْبَعَةَ أَسْبَاعِ رُبْعٍ، وَهِيَ أَنْقَصُ مِنْ مِقْدَارِ مَسْحِ الْقُلَّتَيْنِ بِخُمُسٍ تَقْرِيبًا (وَدُونَهُمَا) أَيْ، وَدُونَ الْقُلَّتَيْنِ مِنْ مَاءٍ (قَلِيلٍ فَيُنَجِّسُ) هُوَ (وَرَطْبٌ غَيْرُهُ) كَزَيْتٍ، وَإِنْ كَثُرَ (بِمُلَاقَاةِ نَجَاسَةٍ مُؤَثِّرَةٍ) فِي التَّنْجِيسِ (وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) بِهَا أَمَّا الْمَاءُ فَلِخَبَرِ مُسْلِمٌ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» نَهَاهُ عَنْ الْغَمْسِ خَشْيَةَ النَّجَاسَةِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إذَا خَفِيَتْ لَا تُغَيِّرُ الْمَاءَ فَلَوْلَا أَنَّهَا تُنَجِّسُهُ بِوُصُولِهَا لَمْ يَنْهَهُ، وَلِمَفْهُومِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد، وَالْحَاكِمِ، وَصَحَّحَهُ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا» ، وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «لَمْ يَنْجُسْ» فَمَعْنَى لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا لَمْ يَقْبَلْهُ، وَمَفْهُومُ الْخَبَرِ مُخَصِّصٌ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ أَنَّهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَاءِ فَبِالْأَوْلَى، وَفَارَقَ كَثِيرُ الْمَاءِ كَثِيرَ غَيْرِهِ بِأَنَّ كَثِيرَهُ قَوِيٌّ، وَيَشُقُّ حِفْظُهُ مِنْ النَّجَسِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَثُرَ، وَخَرَجَ بِالرَّطْبِ الْجَامِدُ الْخَالِي عَنْ رُطُوبَةٍ عِنْدَ الْمُلَاقَاةِ، وَبِالْمُؤَثِّرَةِ غَيْرُهَا مِمَّا يَأْتِي، وَمِمَّا مَرَّ (لَا إنْ شَكَّ فِي قِلَّتِهِ) أَيْ الْمَاءِ فَلَا يَنْجُسُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ، وَشَكَكْنَا فِي نَجَاسَةٍ مُنَجِّسَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ هَذَا مَا اخْتَارَهُ، وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَغَيْرِهَا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، وَآخَرِينَ أَنَّهُ نَجِسٌ، وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ فَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ نَجِسٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْقِلَّةُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ لَكِنَّ مُدْرِكَهُ قَوِيٌّ. (وَلَا يَنْجُسُ) الْمَاءُ، وَلَا غَيْرُهُ (بِمَا لَا يُدْرِكُهُ طَرْفٌ) أَيْ بَصَرٌ لِقِلَّتِهِ (كَمَا) أَيْ كَنَجِسٍ (يَحْمِلُهُ ذُبَابٌ) بِرِجْلِهِ أَوْ غَيْرِهَا لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ، وَاحِدٍ، وَوُقُوعِهِ فِي مَحَالَّ، وَهُوَ قَوِيٌّ لَكِنْ قَالَ الْجَبَلِيُّ صُورَتُهُ أَنْ يَقَعَ فِي مَحَلٍّ، وَاحِدٍ، وَإِلَّا فَلَهُ حُكْمُ مَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَصُحِّحَ فِي التَّحْقِيقِ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت الْقَوْلُ بِالْأَوَّلِ فِيهِ رُجُوعٌ لِلتَّحْدِيدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ قُلْت أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ بِأَنَّ هَذَا تَحْدِيدٌ غَيْرُ التَّحْدِيدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ ش. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهَا) أَوْ عُفِيَ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ فَمَعْنَى لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا لَمْ يَقْبَلْهُ) أَيْ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمَعْنَى نَحْوُ فُلَانٌ لَا يَحْمِلُ الضَّيْمَ أَيْ لَا يَقْبَلُهُ وَلَا يَلْتَزِمُهُ وَلَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} [الجمعة: 5] أَيْ لَمْ يَقْبَلُوا أَحْكَامَهَا وَلَمْ يَلْتَزِمُوهَا بِخِلَافِ حَمْلِ الْجِسْمِ نَحْوُ فُلَانٌ لَا يَحْمِلُ الْحَجَرَ أَيْ لَا يُطِيقُهُ لِثِقَلِهِ وَلَوْ حُمِلَ الْخَبَرُ عَلَى هَذَا لَمْ يَبْقَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْقُلَّتَيْنِ فَائِدَةٌ ش. (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ) يُعَضِّدُهُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ تَحَقَّقَ النَّوْمَ وَشَكَّ فِي تَمَكُّنِهِ لَمْ يُنْتَقَضْ وَالنَّوْمُ ثَمَّ كَالنَّجَاسَةِ هُنَا وَالتَّمْكِينُ كَالْكَثْرَةِ. (قَوْلُهُ فَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ نَجِسٌ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ بَلْ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إنْ جَمَعَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَشَكَّ فِي وُصُولِهِ قُلَّتَيْنِ فَالْأَصْلُ الْقِلَّةُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا وَأَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا فَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْكَثْرَةِ، وَإِنْ وَرَدَ شَيْءٌ عَلَى مَا يَحْتَمِلُ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ فَهَذَا مَوْضِعُ التَّرَدُّدِ قُلْت هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ خِلَافُ الصَّوَابِ، وَكَيْفَ يُحْكَمُ بِالنَّجَاسَةِ مَعَ الشَّكِّ، وَكَيْفَ وَقَدْ تَحَقَّقْنَا طَهُورِيَّةَ الْمَاءِ وَشَكَكْنَا فِي زَوَالِهَا وَهَلْ ذَلِكَ إلَّا كَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ وَمَا تَمَسَّكَ بِهِ أَخَذَهُ مِنْ مَقَالَةٍ ذَكَرَهَا لِلْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا شَكَّ الْمَأْمُومُ فِي أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ مُتَأَخِّرٌ فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَقَالَ الْقَاضِي إنْ جَاءَ مِنْ خَلْفِ الْإِمَامِ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ وَإِنْ جَاءَ مِنْ قُدَّامِهِ لَمْ تَصِحَّ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَمَا قَالَهُ الْقَاضِي ضَعَّفُوهُ وَهُوَ يُؤَكِّدُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَتَضْعِيفُ مَا ادَّعَاهُ الْمُعْتَرِضُ صَوَابًا فَوَضَحَ بِذَلِكَ خَطَأُ مَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ وَلَا بِمَا لَا يُدْرِكُهُ طَرَفٌ) ، قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَإِنْ وَقَعَ فِيمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ مِنْ نَجَاسَةٍ لَا يُدْرِكُهَا الطَّرَفُ لَمْ تُنَجِّسْهُ انْتَهَى، قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ قَوْلُهُ وَقَعَ يُفْهَمُ مِنْهُ الْجَزْمُ بِالتَّنْجِيسِ عِنْدَ الطَّرْحِ وَهُوَ قِيَاسٌ نَظِيرُهُ فِي مَيْتَةٍ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةَ إذَا طُرِحَتْ. (قَوْلُهُ لِقِلَّتِهِ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ خَالَفَتْ لَوْنَهُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ لَمْ يُرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ حُكْمُ مَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ) وَلَوْ رَأَى قَوِيُّ النَّظَرِ مَا لَا يَرَاهُ غَيْرُهُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ كَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ إشَارَةٌ إلَيْهِ كَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَأَقَرَّهُ، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ بِالْيَسِيرِ عُرْفًا لَا بِوُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ، وَاحِدٍ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ جَارٍ عَلَى الْغَالِبِ بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقَ قَالَ، وَقِيَاسُ اسْتِثْنَاءِ دَمِ الْكَلْبِ مِنْ يَسِيرِ الدَّمِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ أَنْ يَكُونَ هُنَا مِثْلُهُ. (وَلَوْ تَنَجَّسَ فَمُ حَيَوَانٍ) طَاهِرٍ، وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ اخْتِلَاطُهُ بِالنَّاسِ كَسَبُعٍ (وَغَابَ) غَيْبَةً (وَأَمْكَنَ) فِيهَا (وُرُودُهُ مَاءً كَثِيرًا ثُمَّ، وَلَغَ فِي طَاهِرٍ) مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يُنَجِّسْهُ) مَعَ الْحُكْمِ بِنَجَاسَةِ فَمِهِ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ، وَفِي ذَلِكَ عَمَلٌ بِالْأَصْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وُرُودُهُ مَاءً كَثِيرًا تَنَجَّسَ مَا وَلَغَ فِيهِ لِتَيَقُّنِ نَجَاسَةِ فَمِهِ، وَالِاحْتِرَازُ، وَإِنْ عَسُرَ إنَّمَا يَعْسُرُ عَنْ مُطْلَقِ الْوُلُوغِ لَا عَنْ وُلُوغٍ بَعْدَ تَيَقُّنِ النَّجَاسَةِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْحَيَوَانِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْهِرَّةِ فَغَيْرُ الْهِرَّةِ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ مِثْلُهَا كَمَا قَدَّمْته خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ، وَلِمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ مِنْ تَخْصِيصِ الْحُكْمِ بِهَا. (وَلَا يَنْجُسُ) الْمَاءُ (الْكَثِيرُ إلَّا بِتَغَيُّرٍ، وَإِنْ قَلَّ) التَّغَيُّرُ (بِنَجَاسَةٍ مُلَاقِيَةٍ) لَهُ لِلْإِجْمَاعِ الْمُخَصِّصِ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» كَمَا خَصَّصَهُ مَفْهُومُ خَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا أَثَّرَ التَّغَيُّرُ الْقَلِيلُ بِالنَّجَاسَةِ بِخِلَافِهِ فِي الطَّاهِرِ لِغِلَظِ أَمْرِهَا، وَخَرَجَ بِالْمُلَاقِيَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ (لَا بِجِيفَةٍ بِقُرْبِهِ) فَلَا يَنْجُسُ بِتَغَيُّرِهِ بِهَا (وَإِنْ تَغَيَّرَ بَعْضُهُ فَالْمُتَغَيِّرُ كَنَجَاسَةٍ جَامِدَةٍ لَا يَجِبُ التَّبَاعُدُ عَنْهَا بِقُلَّتَيْنِ) ، وَالْبَاقِي إنْ قَلَّ فَنَجِسٌ، وَإِلَّا فَطَاهِرٌ، وَفَرَّعَ عَلَى حُكْمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ قَوْلُهُ (فَإِنْ غَرَفَ دَلْوًا مِنْ) مَاءٍ (قُلَّتَيْنِ فَقَطْ، وَفِيهِ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ) لَمْ يَغْرِفْهَا مَعَ الْمَاءِ (فَبَاطِنُ الدَّلْوِ طَاهِرٌ) لِانْفِصَالِ مَا فِيهِ عَنْ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ قُلَّتَيْنِ (لَا ظَاهِرُهَا) ، وَفِي نُسْخَةٍ لَا ظَاهِرُهُ لِتَنَجُّسِهِ بِالْبَاقِي الْمُتَنَجِّسِ بِالنَّجَاسَةِ لِقِلَّتِهِ فَإِنْ غَرَفَهَا مَعَ الْمَاءِ بِأَنْ دَخَلَتْ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ فِي الدَّلْوِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ، وَالدَّلْوُ يُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ لَكِنَّ التَّأْنِيثَ أَفْصَحُ (وَلَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ) الْحِسِّيُّ أَوْ التَّقْدِيرِيُّ يَرَى لِلْمَاءِ (بِنَفْسِهِ) بِأَنْ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ شَيْءٌ كَأَنْ زَالَ بِطُولِ مَكْثٍ (أَوْ بِمَاءٍ) انْضَمَّ إلَيْهِ أَوْ نَقَصَ مِنْهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (طَهُرَ) لِزَوَالِ سَبَبِ التَّنَجُّسِ، وَلَا يَضُرُّ عَوْدُ تَغَيُّرِهِ إنْ خَلَا عَنْ نَجِسٍ جَامِدٍ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَيُعْرَفُ زَوَالُ تَغَيُّرِهِ التَّقْدِيرِيُّ بِأَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ زَمَنٌ لَوْ كَانَ تَغَيُّرُهُ حِسِّيًّا لَزَالَ عَادَةً أَوْ يُضَمُّ إلَيْهِ مَاءٌ لَوْ ضُمَّ إلَى الْمُتَغَيِّرِ حِسًّا لَزَالَ تَغَيُّرُهُ. وَذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ بِجَنْبِهِ غَدِيرٌ فِيهِ مَاءٌ مُتَغَيِّرٌ فَزَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ أَوْ بِمَاءٍ صُبَّ عَلَيْهِ فَيُعْلَمُ أَنَّ هَذَا أَيْضًا زَالَ تَغَيُّرُهُ (لَا) إنْ زَالَ حِسًّا (بِعَيْنٍ سَاتِرَةٍ) لَهُ (كَالتُّرَابِ) ، وَالْجِصِّ فَلَا يَطْهُرُ لِلشَّكِّ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ زَالَ أَوْ اسْتَتَرَ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتَتَرَ، وَفِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ صَفَا الْمَاءُ، وَلَمْ يَبْقَ تَغَيُّرٌ أَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِمُجَاوِرٍ طَهُرَ، وَبِالْأَوَّلِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَبِالثَّانِي الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ. (فَرْعٌ لَوْ كَثُرَ) ، وَلَوْ بِإِيرَادِ طَهُورِ مَاءٍ (قَلِيلٍ) أَيْ دُونَ قُلَّتَيْنِ مُتَنَجِّسٍ (لَمْ يَطْهُرْ حَتَّى يَبْلُغَهُمَا بِالْمَاءِ) لِأَنَّهُ قَلِيلٌ فِيهِ نَجَاسَةٌ، وَلِمَفْهُومِ خَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِالْمَاءِ (وَلَوْ مُسْتَعْمَلًا، وَمُتَنَجِّسًا) طَهُرَ (لَا) إنْ بَلَغَهُمَا (بِمَائِعٍ) آخَرَ فَلَا يَطْهُرُ (وَإِنْ اسْتَهْلَكَ) فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُمَا بِالْمَاءِ الْمَعْلُومِ اعْتِبَارًا مِنْ خَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ، وَإِبَاحَةِ التَّطَهُّرِ بِالْجَمِيعِ حَيْثُ لَا نَجَاسَةَ لِاسْتِهْلَاكِ الْمَائِعِ فِيهِ لَا لِأَنَّهُ صَارَ مَاءً فَإِنْ قُلْت لِمَ جَعَلَ الْمُسْتَهْلَكَ كَالْمَاءِ فِي إبَاحَةِ التَّطَهُّرِ بِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ كَذَلِكَ فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ عَنْ نَفْسِهِ إذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ قُلْت لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الدَّفْعِ، وَالْأَوَّلُ مِنْ بَابِ الرَّفْعِ، وَالدَّفْعُ أَقْوَى مِنْ الرَّفْعِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدَّافِعُ أَقْوَى مِنْ الرَّافِعِ   [حاشية الرملي الكبير] فِي سَمَاعِ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ ش (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ اسْتِثْنَاءِ دَمِ الْكَلْبِ مِنْ يَسِيرِ الدَّمِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ مَشَقَّةُ الِاحْتِرَازِ هُنَا بِخِلَافِهِ. ثُمَّ (قَوْلُهُ وَأَمْكَنَ وُرُودُهُ مَاءً كَثِيرًا إلَخْ) وَاسْتَشْكَلَ إمْكَانُ طُهْرِ فَمِهَا بِإِمْكَانِ مُطْلَقِ وُلُوغِهَا بِأَنَّهَا لَا تَعُبُّ الْمَاءَ بَلْ تَلْعَقُهُ بِلِسَانِهَا وَهُوَ قَلِيلٌ فَيَتَنَجَّسُ وَأُجِيبَ بِمَنْعِ تَنَجُّسِهِ لِوُرُودِهِ عَلَى لِسَانِهَا كَوُرُودِهِ عَلَى جَوَانِبِ الْإِنَاءِ النَّجِسِ ش وَكَتَبَ الشَّيْخِ وَاحْتِمَالُ طَهَارَةِ فَمِ الْهِرَّةِ بِأَنْ تَكُونَ وَضَعَتْ جَمِيعَ فَمِهَا فِي الْمَاءِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ بِأَنَّ الَّذِي يُلَاقِي الْمَاءَ مِنْ فَمِهَا وَلِسَانِهَا يَطْهُرُ بِالْمُلَاقَاةِ وَمَا يُلَاقِيه يَطْهُرُ بِإِجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَلَا يَضُرُّنَا قِلَّتُهُ لِأَنَّهُ وَارِدٌ فَهُوَ كَالصَّبِّ مِنْ إبْرِيقٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْجُسُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ إلَّا بِتَغَيُّرٍ إلَخْ) فَلَوْ وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ مُتَغَيِّرٍ بِالْمُكْثِ وَلَوْ تُؤَثِّر تَغْيِيرًا قُدِّرَ زَوَالُ أَثَرِ الْمُكْثِ فَإِنْ فُرِضَ تَغَيُّرُهُ بِهَا حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ (قَوْلُهُ انْعَكَسَ الْحُكْمُ) فَإِنْ قَطَرَ فِي الْبَاقِي مِنْ بَاطِنِهِ قَطْرَةً تَنَجَّسَ أَوْ مِنْ ظَاهِرِهِ أَوْ شَكَّ فَلَا وَإِنْ نَزَلَتْ بَعْدَ الْمَاءِ فَالْمَاءَانِ نَجِسَانِ. (قَوْلُهُ كَأَنْ زَالَ) بِطُولِ مُكْثٍ أَوْ هُبُوبِ رِيحٍ. (قَوْلُهُ لِزَوَالِ سَبَبِ التَّنَجُّسِ) وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ الْعِلَّةَ وَالْعِلَّةُ أَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَطْهُرُ بِانْتِفَاءِ تَغَيُّرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ تَغَيُّرُهُ بِمَيِّتٍ لَا يَسِيلُ دَمُهُ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ ش وَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيُعْلَمُ أَنَّ هَذَا أَيْضًا زَالَ تَغَيُّرُهُ) قِيلَ مَا أَطْلَقُوهُ وَمِنْ عَوْدِ الطَّهُورِيَّةِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ الْوَاقِعِ مُخَالِفًا فَإِنْ غُيِّرَ بِالتَّقْدِيرِ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ وَقَدْ ذَكَرُوا فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلَ وَهَذَا أَوْلَى وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ كَانَتْ مَوْجُودَةً بِخِلَافِ الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ فَاحْتِيجَ هُنَاكَ إلَى التَّقْدِيرِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ. (قَوْلُهُ، وَفِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَصْفَى الْمَاءَ إلَخْ) وَكَذَلِكَ لَوْ زَالَتْ رَائِحَةُ الْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانِ وَزَالَ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِالنَّجَاسَةِ ت. (قَوْلُهُ وَبِالثَّانِي الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ) لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَيَرُدُّهُ تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ الرَّائِحَةَ تَسْتُرُ النَّجَاسَةَ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْمُخَالِطِ وَالْمُجَاوِرِ فَلَا مَعْنَى لِمَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارًا لَهُ فَلَا يَتْرُكُ الْمَذْهَبَ عَلَى اخْتِيَارِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْقَفَّالِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَرَوَّحْ الْمَاءُ بِرَائِحَةِ الْعُودِ أَوْ كَانَ الْعُودُ مُنْقَطِعَ الرَّائِحَةِ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا فَهِمَهُ هُوَ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ تَرَوَّحَ الْمَاءُ بِجِيفَةٍ بِقُرْبِهِ فَزَالَتْ رِيحُ النَّجَاسَةِ الْوَاقِعَةِ فِيهِ أَنْ يَطْهُرَ وَهُوَ بَعِيدٌ ت. (قَوْلُهُ لَمْ يَطْهُرْ حَتَّى يَبْلُغَهُمَا بِالْمَاءِ) لَوْ وُضِعَ فِي الْقَلِيلِ الْمُتَنَجِّسِ مِلْحٌ مَائِيٌّ فَذَابَ حَتَّى بَلَغَ بِهِ قُلَّتَيْنِ كَانَ كَمَا لَوْ كَمَّلَ بِالْمَاءِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ قُلْت لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الدَّفْعِ إلَخْ) فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا بِمَا حَاصِلُهُ مَعَ التَّوْضِيحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ يَجُوزُ التَّطَهُّرُ بِهِ، وَلَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ النَّجَاسَةَ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْحُكْمِ بِتَنَجُّسِهِ أَنَّهُ لَوْ انْغَمَسَ فِيهِ جُنُبٌ صَارَ مُسْتَعْمَلًا لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ لَا يَدْفَعُ الِاسْتِعْمَالَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ (وَيَكْفِي الضَّمُّ، وَإِنْ لَمْ يَمْتَزِجْ صَافٍ بِكَدِرٍ) لِحُصُولِ الْقُوَّةِ بِالضَّمِّ لَكِنْ إنْ انْضَمَّا بِفَتْحِ حَاجِزٍ اُعْتُبِرَ اتِّسَاعُهُ، وَمُكْثُهُ زَمَنًا يَزُولُ فِيهِ التَّغَيُّرُ لَوْ كَانَ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ الْآتِيَةِ (وَلَا يَضُرُّ تَفْرِيقٌ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الضَّمِّ. (وَلَوْ غُمِسَ كُوزُ مَاءٍ، وَاسِعِ الرَّأْسِ فِي مَاءٍ كَمَّلَهُ قُلَّتَيْنِ، وَسَاوَاهُ) بِأَنْ كَانَ الْإِنَاءُ مُمْتَلِئًا أَوْ امْتَلَأَ بِدُخُولِ الْمَاءِ فِيهِ (وَمَكَثَ قَدْرًا يَزُولُ فِيهِ تَغَيُّرٌ لَوْ كَانَ) ، وَأَحَدُ الْمَاءَيْنِ نَجِسٌ أَوْ مُسْتَعْمَلٌ (طَهُرَ) لِأَنَّ تَقَوِّي أَحَدِ الْمَاءَيْنِ بِالْآخَرِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ ضَيِّقَ الرَّأْسِ أَوْ، وَاسِعَهُ بِحَيْثُ يَتَحَرَّك مَا فِيهِ بِتَحَرُّكِ الْآخَرِ تَحَرُّكًا عَنِيفًا لَكِنْ لَمْ يَكْمُلْ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ أَوْ كَمُلَ لَكِنْ لَمْ يَمْكُثْ زَمَنًا يَزُولُ فِيهِ التَّغَيُّرُ لَوْ كَانَ أَوْ مَكَثَ لَكِنْ لَمْ يُسَاوِهِ الْمَاءُ (فَلَا) يَطْهُرُ فَأَفَادَ قَوْلُهُ وَسَاوَاهُ أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ يَدْخُلُ فِي الْإِنَاءِ لَمْ يَطْهُرْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَكَلَامُهُ أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ كَمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ. (وَلَا يَنْجُسُ أَسْفَلُ مَا يَفُورُ بِتَنَجُّسِ أَعْلَاهُ) كَعَكْسِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَكَذَا الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الصَّيْدِ، وَلَوْ وُضِعَ كُوزٌ عَلَى نَجَاسَةٍ، وَمَاؤُهُ خَارِجٌ مِنْ أَسْفَلِهِ لَمْ يَنْجُسْ مَا فِيهِ مَا دَامَ يَخْرُجُ فَإِنْ تَرَاجَعَ تَنَجَّسَ كَمَا لَوْ سَدَّ بِنَجِسٍ [فَرْعٌ إذْ قَلَّ مَاءُ الْبِئْرِ وَتَنَجَّسَ] (فَرْعٌ إذْ قَلَّ مَاءُ الْبِئْرِ، وَتَنَجَّسَ لَمْ يَطْهُرْ بِالنَّزَحِ بَلْ بِالتَّكْثِيرِ) كَأَنْ يُتْرَكَ أَوْ يَصُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ لِيَكْثُرَ قَالَ فِي الْأَصْلِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُنْزَحَ لِيَنْبُعَ الْمَاءُ الطَّهُورُ، بَعْدَهُ لِأَنَّهُ، وَإِنْ نُزِحَ فَقَعْرُ الْبِئْرِ يَبْقَى نَجِسًا، وَقَدْ تُنَجَّسُ جُدْرَانُ الْبِئْرِ أَيْضًا بِالنَّزَحِ. (وَإِنْ كَثُرَ) الْمَاءُ (وَتَمَعَّطَ فِيهِ فَأْرَةٌ) مَثَلًا عِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَتَفَتَّتَ فِيهِ شَيْءٌ نَجِسٌ كَفَأْرَةٍ تَمَعَّطَ شَعْرُهَا (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ طَاهِرٌ) بِمَعْنَى طَهُورٍ (تَعَذَّرَ) ، وَفِي نُسْخَةٍ لَكِنْ يَتَعَذَّرُ (اسْتِعْمَالُهُ) بِاغْتِرَافِ شَيْءٌ مِنْهُ بِدَلْوٍ أَوْ نَحْوِهَا (إذْ لَا يَخْلُو دَلْوٌ) ، وَفِي نُسْخَةٍ كُلُّ دَلْوٍ (مِنْهُ) أَيْ مِمَّا تَمَعَّطَ (فَلْيَنْزِحْ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خُرُوجُهُ فِيهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَقَى الْمَاءُ كُلُّهُ لِيَخْرُجَ الشَّعْرُ مَعَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فَوَّارَةً، وَتَعَذَّرَ نَزْحُ الْجَمِيعِ نَزَحَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الشَّعْرَ كُلَّهُ خَرَجَ مَعَهُ (فَإِنْ اغْتَرَفَ قَبْلَ النَّزَحِ، وَلَمْ يَتَيَقَّنْ) فِيمَا اغْتَرَفَهُ (شَعْرًا لَمْ يَضُرَّ) ، وَإِنْ ظَنَّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ عَمَلًا بِتَقْدِيمِ الْأَصْلِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَذُّرِ فِيمَا مَرَّ التَّعَسُّرُ. [فَصْلٌ الْمَاءُ الْجَارِي] (فَصْلٌ) الْمَاءُ (الْجَارِي) ، وَهُوَ مَا يَجْرِي فِي مُسْتَوٍ أَوْ مُنْخَفِضٍ (مُتَفَاصِلٌ) جَرَيَانُهُ حُكْمًا، وَإِنْ اتَّصَلَتْ حِسًّا إذْ كُلُّ جَرْيَةٍ طَالِبَةٌ لِمَا أَمَامَهَا هَارِبَةٌ عَمَّا خَلْفَهَا (، وَالْمُتَغَيِّرُ مِنْهُ بِنَجَاسَةٍ) مُلَاقِيَةٍ لَهُ (كَنَجَاسَةٍ جَامِدَةٍ) فِي حُكْمِهَا (، وَالْجَامِدَةُ إنْ جَرَتْ بِجَرْيِهِ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ أَوْ بِهَاءِ التَّأْنِيثِ أَيْ بِجَرْيِ الْمَاءِ أَوْ بِجَرْيِهِ مِنْ جَرَيَانِهِ (فَمَا قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ جَرْيَةِ النَّجَاسَةِ (وَ) مَا (بَعْدَهَا) مِنْ الْجِرْيَات (طَاهِرٌ، وَجَرْيَةُ النَّجَاسَةِ، وَهِيَ قَدْرُهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (فِي عَرْضِ النَّهْرِ لَهَا حُكْمُ الرَّاكِدِ) فِيمَا مَرَّ فَيُنْتَظَرُ (إنْ بَلَغَتْ قُلَّتَيْنِ فَطَاهِرَةٌ) مُطَهِّرَةٌ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَبَاعُدٌ) عَنْ النَّجَاسَةِ بِقُلَّتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْهُمَا فَتُنَجِّسُهُ (وَلِلْجَرْيَةِ الثَّانِيَةِ و) لِلْجَرْيَاتِ (السَّبْعِ إنْ كَانَتْ) أَيْ النَّجَاسَةُ (كَلْبِيَّةً حُكْمُ الْغُسَالَةِ) الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي (لِأَنَّهَا تَغْسِلُ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ فِي طُولِ النَّهْرِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَتَفْسِيرُهُ الْجَرْيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ، وَهِيَ قَدْرُهَا فِي عَرْضِ النَّهْرِ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْمُتَوَلِّي هِيَ الْقَدْرُ الْمُقَابِلُ لِحَافَّتَيْ النَّجَاسَةِ إلَى حَافَّتَيْ النَّهْرِ، وَقَدْ بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَهُوَ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلْمَشْهُورِ قَاصِرٌ عَلَى جَرْيَةِ النَّجَاسَةِ، وَالْمَشْهُورُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهَا الدَّفْعَةُ بَيْنَ حَافَّتَيْ النَّهْرِ عَرْضًا. (وَإِنْ وَقَعَتْ)   [حاشية الرملي الكبير] وَالتَّنْقِيحِ إنَّ دَفْعَ النَّجَاسَةِ مَنُوطٌ بِبُلُوغِ الْمَاءِ قُلَّتَيْنِ وَمَعْرِفَةُ بُلُوغِ الْمَاءِ قُلَّتَيْنِ مُمْكِنَةٌ مَعَ الِاخْتِلَاطِ وَالِاسْتِهْلَاكِ وَرَفْعُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ مَنُوطٌ بِاسْتِعْمَالِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ وَمَعَ الِاسْتِهْلَاكِ الْإِطْلَاقُ ثَابِتٌ وَاسْتِعْمَالُ الْخَالِصِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَكْلِيفٌ وَاكْتَفَى بِالْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ ضَيِّقَ الرَّأْسِ إلَخْ) وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ مَكَثَ الضَّيِّقُ وَفِيهِ مَاءٌ مُتَغَيِّرٌ حَتَّى انْتَفَى تَغَيُّرُهُ لَمْ يَطْهُرْ وَوَجْهُهُ عَدَمُ تَرَادِّ الْمَاءِ وَانْعِطَافِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ مَعَ وُجُودِ الِاتِّصَالِ صُورَةً ش 1 - (مَسْأَلَةٌ) لَوْ وَقَعَتْ قَطْرَةُ نَجَاسَةٍ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا بِمَاءٍ كَثِيرٍ دُونَ قُلَّتَيْنِ تَنَجَّسَ الْكُلُّ وَقَدْ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ تَغْلِيبُ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ عَلَى الْمُفْسِدَةِ الْمَرْجُوحَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ غَلَبَ دَرْءُ الْمَفْسَدَةِ بِالتَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ 1 - (فَرْعٌ) شَخْصٌ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ بَوْلٍ لِيَتَطَهَّرَ مِنْهُ فِي وُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ وَإِزَالَةِ نَجَاسَتِهِ وَصُورَتُهُ فِي جَمَاعَةٍ مَعَهُمْ قُلَّتَانِ فَصَاعِدًا مِنْ الْمَاءِ وَذَلِكَ لَا يَكْفِيهِمْ لِطَهَارَتِهِمْ وَلَوْ كَمَّلُوهُ بِبَوْلٍ وَقَدَّرُوهُ مُخَالِفًا لِلْمَاءِ فِي أَشَدِّ الصِّفَاتِ لَمْ يُغَيِّرْهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْخَلْطُ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَسْتَعْمِلُونَ جَمِيعَهُ (فَصْلٌ الْمَاءُ الْجَارِي مُتَفَاصِلٌ) . (قَوْلُهُ وَلِلْجَرْيَةِ الثَّانِيَةِ وَالسَّبْعِ إنْ كَانَتْ كَلْبِيَّةً حُكْمُ الْغُسَالَةِ) وَغُسَالَةُ النَّجَاسَةِ إنْ كَانَتْ قُلَّتَيْنِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ مُطَهِّرَةٌ وَإِنْ كَانَتْ دُونَهَا فَهِيَ طَاهِرَةٌ غَيْرُ مُطَهِّرَةٍ. (قَوْلُهُ هِيَ الْقَدْرُ الْمُقَابِلُ لِحَافَّتَيْ النَّجَاسَةِ إلَخْ) وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الْوَسِيطِ وَالْغَايَةِ الْقُصْوَى وَالْيَنَابِيعِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي الْعُجَابِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِيمَا إذَا لَمْ تَزِدْ النَّجَاسَةُ عَلَى الدَّفْعَةِ بَيْنَ حَافَّتَيْ النَّهْرِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا زَادَتْ عَلَيْهَا فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَأَيْت الْغَزِّيِّ قَالَ عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ الْجَرْيَةُ مَا يُقَابِلُ جَانِبَيْ النَّجَاسَةِ إلَى حَافَّتَيْ النَّهْرِ وَهَذَا فِي الْجَامِدَةِ أَمَّا الْمَائِعَةُ فَتُعْتَبَرُ الدَّفْعَةُ مِنْ الْمَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَدْ بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) وَبَيَّنَهُ قُطْبُ الدِّينِ الرَّازِيّ بِأَنْ يَفْرِضَ خَطَّانِ مُسْتَقِيمَانِ مِنْ حَافَّتَيْ النَّجَاسَةِ وَيَخْرُجَانِ إلَى حَافَّتَيْ النَّهْرِ فَمَا بَيْنَ الْخَطَّيْنِ هُوَ الْجَرْيَةُ، قَالَ وَهُوَ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ لِاخْتِلَافِهَا بِحَسَبِ غِلَظِ النَّجَاسَةِ وَرِقَّتِهَا وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَعُودَ الطَّهَارَةُ لَوْ زِيدَتْ النَّجَاسَةُ وَمَا قَالَهُ مِنْ اللُّزُومِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ فَإِنَّ الْمَاءَ إذَا زَادَ بِزِيَادَةِ النَّجَاسَةِ حَتَّى بَلَغَ قُلَّتَيْنِ عَادَتْ طَهَارَتُهُ ش. (قَوْلُهُ أَنَّهَا الدَّفْعَةُ بَيْنَ حَافَّتَيْ النَّهْرِ عَرْضًا) وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَرْتَفِعُ وَيَنْخَفِضُ مِنْ الْمَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 أَيْ النَّجَاسَةُ أَوْ كَانَ جَرْيُ الْمَاءِ أَسْرَعَ (وَالْجَرْيَةُ) أَيْ، وَكُلُّ جَرْيَةٍ تَمُرُّ عَلَيْهَا (قَلِيلَةٌ تُنَجِّسُ مَا مَرَّ عَلَيْهَا) مِنْ ذَلِكَ (وَإِنْ امْتَدَّ فَرَاسِخَ) ، وَبَلَغَ قِلَالًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْجَرْيَاتِ مُتَفَاصِلَةٌ حُكْمًا فَلَا يَتَقَوَّى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ بِخِلَافِ الرَّاكِدِ، وَالْجَرْيَةُ إذَا بَلَغَ كُلٌّ مِنْهُمَا قُلَّتَيْنِ، وَيُعْرَفُ كَوْنُ الْجَرْيَةِ قُلَّتَيْنِ بِطَرِيقٍ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَإِنْ كَانَ أَمَامَ الْجَارِي ارْتِفَاعٌ يَرُدُّهُ فَلَهُ حُكْمُ الرَّاكِدِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَفِيهِ، وَلَوْ كَانَ فِي، وَسَطِ النَّهْرِ حُفْرَةٌ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ نَقْلًا عَنْ النَّصِّ لَهَا حُكْمُ الرَّاكِدِ، وَإِنْ جَرَى الْمَاءُ فَوْقَهَا قَالَ الْغَزَالِيُّ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْجَارِي يَغْلِبُ مَاءَهَا، وَيُبَدِّلُهُ فَلَهُ حُكْمُ الْجَارِي أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ يَلْبَثُ فِيهَا قَلِيلًا ثُمَّ يُزَايِلُهَا فَلَهُ فِي وَقْتِ اللُّبْثِ حُكْمُ الرَّاكِدِ، وَكَذَا إنْ كَانَ لَا يَلْبَثُ، وَلَكِنْ تَتَثَاقَلُ حَرَكَتُهُ فَلَهُ فِي وَقْتِ التَّثَاقُلِ حُكْمُ الْمَاءِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ارْتِفَاعٌ. (وَإِنْ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرٍ) مَاؤُهَا قَلِيلٌ (فَخَرَجَ مِنْهَا دَجَاجَةٌ) مَثَلًا مَيِّتَةٌ (مُنْتَفِخَةٌ) ، وَدَالُهَا مُثَلَّثَةٌ، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ (أَعَادَ) مِنْ صَلَاتِهِ (مَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ صَلَّاهُ بِالنَّجَسِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ اسْتِعْمَالُ النَّجَسِ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ قُلْت الْأَوْجَهُ عَدَمُ لُزُومِهَا أَخْذًا مِمَّا قَدَّمْته قُبَيْلَ الْفَصْلِ، وَوَصَفْت الدَّجَاجَةَ بِالِانْتِفَاخِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَقَادُمِ مَوْتِهَا مَعَ أَنَّ ذِكْرَهُ مِثَالٌ لَا تَقْيِيدٌ. [فَرْعٌ وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَلَمْ تُغَيِّرْهُ فِي الْحَالِ وَتَغَيَّرَ بَعْدَ مُدَّةٍ] (فَرْعٌ) لَوْ، وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَلَمْ تُغَيِّرْهُ فِي الْحَالِ، وَتَغَيَّرَ بَعْدَ مُدَّةٍ قَالَ ابْنُ كَجٍّ رَجَعْنَا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ قَالُوا تَغَيَّرَ بِهَا حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَمْ أَرَ مَا يُوَافِقُهُ، وَلَا مَا يُخَالِفُهُ قُلْت نُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ مَا يُخَالِفُهُ لَكِنَّهُ نَظَرَ فِيهِ، وَبَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ، وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ يَعْرِفُونَ التَّغَيُّرَ النَّاشِئَ عَنْ النَّجَاسَةِ، وَغَيْرِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُرْجَعَ إلَيْهِمْ فِيمَا سَيَأْتِي فِي بَوْلِ الظَّبْيَةِ. (بَابُ) بَيَانِ (إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) تَجِبُ إزَالَتُهَا لِلصَّلَاةِ، وَنَحْوِهَا كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا النِّيَّةُ) لِأَنَّهَا تَرْكٌ كَتَرْكِ الزِّنَا، وَالْغَصْبِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، وَالصَّلَاةِ، وَنَحْوِهِمَا، وَالصَّوْمِ لِكَوْنِهِ كَفًّا مَقْصُودًا لِقَمْعِ الشَّهْوَةِ، وَمُخَالَفَةِ الْهَوَى الْتَحَقَ بِالْفِعْلِ، وَلَمَّا كَانَ لِلذَّكَاةِ شَبَهٌ مَا بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ ذَكَرَ هُنَا حُكْمَهَا الْمُنَاسِبَ لِذَلِكَ فَقَالَ (الذَّكَاةُ) أَيْ الْآتِي بَيَانُهَا فِي مَحَلِّهَا (تَحْفَظُ طَهَارَةَ الْمَأْكُولِ) حَتَّى جِلْدَهُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ حِلِّ أَكْلِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ طَهَارَةِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ، وَفِي نُسْخَةٍ طَهَارَةِ جِلْدِ الْمَأْكُولِ، وَيَلْزَمُهَا إيهَامُ نَجَاسَةِ غَيْرِ الْجِلْدِ، وَعَدَمُ الْوَفَاءِ بِمَا فِي الْأَصْلِ (وَالدِّبَاغُ) بِمَعْنَى الِانْدِبَاغِ (وَلَوْ بِإِلْقَاءِ الرِّيحِ) لِمَا يُدْبَغُ فِيمَا يُدْبَغُ بِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ (بِحِرِّيفٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (نَازِعٌ لِلْفُضُولِ بِحَيْثُ لَا يُفْسِدُهُ) أَيْ لَا يُنْتِنُهُ مَا يَقَعُ هُوَ فِيهِ. (وَلَوْ) كَانَ الِانْدِبَاغُ (بِنَجِسٍ كَذَرْقِ حَمَامٍ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ (وَبِغَيْرِ مَاءٍ) فِي أَثْنَاءِ الدِّبَاغِ (لَا بِتَمْلِيحٍ، وَتَشْمِيسٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِحِرِّيفٍ (يُطَهِّرُ) أَيْ الِانْدِبَاغُ (جِلْدَ غَيْرِ كَلْبٍ، وَخِنْزِيرٍ، وَفَرْعِهِمَا) أَيْ فَرْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ غَيْرِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» ، وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي شَاةٍ مَيِّتَةٍ لَوْ أَخَذْتُمْ إهَابَهَا قَالُوا إنَّهَا مَيِّتَةٌ فَقَالَ يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ، وَالْقَرْظُ» ، وَقِيسَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الْإِحَالَةُ مِنْ طَاهِرٍ، وَنَجِسٍ بِخِلَافِ الْمِلْحِ، وَالشَّمْسِ، وَنَحْوِهِمَا إذْ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ نَازَعَ إلَخْ فَقَوْلُهُ لَا بِتَمْلِيحٍ، وَتَشْمِيسٍ إيضَاحٌ، وَلِكَوْنِ   [حاشية الرملي الكبير] عِنْدَ تَمَوُّجِهِ ش. (قَوْلُهُ بِطَرِيقٍ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) بِأَنْ يَمْسَحَا وَيُجْعَلُ الْحَاصِلُ مِيزَانًا ثُمَّ يُؤْخَذُ قَدْرُ عُمْقِ الْجَرْيَةِ وَيُضْرَبُ فِي قَدْرِ طُولِهَا ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي قَدْرِ عَرْضِهَا بَعْدَ بَسْطِ الْأَقْدَارِ مِنْ مَخْرَجِ الرُّبْعِ لِوُجُودِهِ فِي مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ فِي الْمُرَبَّعِ فَمَسْحُ الْقُلَّتَيْنِ بِأَنْ تَضْرِبَ ذِرَاعًا وَرُبْعًا طُولًا فِي مِثْلِهِمَا عَرْضًا فِي مِثْلِهِمَا عُمْقًا يَحْصُلُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَهِيَ الْمِيزَانُ فَلَوْ كَانَ عُمْقُ الْجَرْيَةِ ذِرَاعًا وَنِصْفًا وَطُولُهَا كَذَلِكَ فَابْسُطْ كُلًّا مِنْهُمَا أَرْبَاعًا تَكُنْ سِتَّةً وَاضْرِبْ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ يَحْصُلُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ اضْرِبْهَا فِي قَدْرِ عَرْضِهَا بَعْدَ بَسْطِهِ أَرْبَاعًا فَإِنْ كَانَ ذِرَاعًا فَالْحَاصِلُ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَالْجَرْيَةُ قُلَّتَانِ وَأَكْثَرُ وَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ ذِرَاعٍ فَالْحَاصِلُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ فَلَيْسَتْ الْجَرْيَةُ قُلَّتَيْنِ ش. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَمَامَ الْجَارِيَ إلَخْ) ، قَالَ فِي الْوَسِيطِ الْحَوْضُ إذَا كَانَ يَجْرِي الْمَاءُ فِي وَسَطِهِ وَطَرَفَاهُ رَاكِدَانِ فَلِلطَّرَفَيْنِ حُكْمُ الرَّاكِدِ وَلِلْمُتَحَرِّكِ حُكْمُ الْجَارِي فَلَوْ وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ فِي الْجَارِي فَلَا يَنْجُسُ الرَّاكِدُ إذَا لَمْ نُوجِبْ التَّبَاعُدَ وَإِنْ كَانَ الْجَارِي قَلِيلًا فَإِنْ وَقَعَتْ فِي الرَّاكِدِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ قُلَّتَيْنِ فَهُوَ نَجِسٌ وَالْجَارِي تَلَاقَى جَرَيَانُهُ مَاءً نَجِسًا فَإِنْ كَانَ يَخْتَلِطُ بِهِ مَا يُغَيِّرُهُ لَوْ خَالَفَهُ لَوْنُهُ نَجَّسَهُ. اهـ. (فَرْعٌ) إنَاءٌ لَطِيفٌ فِيهِ مَاءٌ تَوَضَّأَ مِنْهُ إنْسَانٌ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَصَحَّ وُضُوءُهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ مِنْهُ لِلظُّهْرِ فَلَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ مِنْهُ لِصُبْحِ الْيَوْمِ الثَّانِي تَنَجَّسَتْ أَعْضَاؤُهُ وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ شَيْءٌ بَعْدَ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا وَمَاءً فَهُوَ عِنْدَ الصُّبْحِ مُتَغَيِّرٌ تَغْيِيرًا يَسِيرًا وَعِنْدَ الظُّهْرِ مُتَغَيِّرٌ تَغْيِيرًا كَثِيرًا وَعِنْدَ الصُّبْحِ الثَّانِي صَارَ مُسْكِرًا [بَابُ بَيَانِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ] (بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) . النَّجَاسَاتُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا قِسْمٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْمَاءِ وَقِسْمٌ يُعْفَى عَنْهُ فِيهِمَا وَقِسْمٌ يُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْمَاءِ وَقِسْمٌ بِالْعَكْسِ فَالْأَوَّلُ مَعْرُوفٌ وَالثَّانِي مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالثَّالِثُ قَلِيلُ الدَّمِ يُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْمَاءِ وَفَرَّقَ الْعِمْرَانِيُّ بَيْنَهُمَا بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَاءَ يُمْكِنُ صَوْنُهُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ الثَّانِي إنْ غُسِلَ الثَّوْبُ كُلَّ سَاعَةٍ يَقْطَعُهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِغَيْرِ الْغُسْلِ بِالْمُكَاثَرَةِ وَالرَّابِعُ الْمَيْتَةُ الَّتِي لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ يُعْفَى عَنْهَا فِي الْمَاءِ وَلَا يُعْفَى عَنْهَا فِي الثَّوْبِ حَتَّى لَوْ صَلَّى حَامِلًا لَهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَأَثَرُ التَّجَمُّرِ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ حَتَّى لَوْ سَالَ مِنْهُ عَرَقٌ وَأَصَابَ الثَّوْبَ عُفِيَ عَنْهُ فِي الْأَصَحِّ دُونَ الْمَاءِ عَكْسَ مَنْفَذِ الطَّائِرِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَوَقَعَ فِي الْمَاءِ لَمْ يُنَجِّسْهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ حَمَلَهُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ وَلِكَوْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 الدَّبْغِ إحَالَةٌ لَمْ يَجِبْ فِيهِ الْمَاءُ، وَلِهَذَا جَازَ بِالنَّجِسِ الْمُحَصِّلِ لِذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ، وَأَمَّا خَبَرُ «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ، وَالْقَرْظُ» فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى الطَّهَارَةِ الْمُطْلَقَةِ أَمَّا جِلْدُ الْكَلْبِ، وَنَحْوِهِ فَلَا يُطَهِّرُهُ ذَلِكَ لِأَنَّ سَبَبَ نَجَاسَةِ الْمَيِّتَةِ تَعَرُّضُهَا لِلْعُفُونَةِ، وَالْحَيَاةُ أَبْلَغُ فِي دَفْعِهَا فَإِذَا لَمْ تُفِدْ الطَّهَارَةُ فَالِانْدِبَاغُ أَوْلَى (لَا شَعْرُهُ) فَلَا يُطَهِّرُهُ الِانْدِبَاغُ لِعَدَمِ تَأَثُّرِهِ بِهِ. وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ الْجِلْدِ فَذِكْرُهُ إيضَاحٌ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ فَيَطْهُرُ تَبَعًا، وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِالدَّبْغِ كَيْفَ يَطْهُرُ قَلِيلُهُ، وَأَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ يَطْهُرُ أَيْ يُعْطَى حُكْمَ الطَّاهِرِ انْتَهَى، وَقَدْ يُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَطْهُرُ تَبَعًا لِلْمَشَقَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِالدَّبْغِ كَمَا يَطْهُرُ دَنُّ الْخَمْرِ تَبَعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَخَلُّلٌ عَلَى أَنَّ السُّبْكِيَّ قَالَ بِطَهَارَةِ الشَّعْرِ مُطْلَقًا أَخَذَ بِخَبَرٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ، وَهَذَا لَا شَكَّ عِنْدِي فِيهِ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ، وَأَفْتَى بِهِ (، وَيَصِيرُ) الْمُنْدَبِغُ (كَثَوْبٍ نَجِسٍ) فِي أَنَّهُ (يُصَلِّيَ فِيهِ إنْ غُسِلَ، وَيُبَاعُ) ، وَإِنْ لَمْ يُغْسَلْ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ (وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا حُرِّمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا» (وَيَحْرُمُ ذَبْحُ مَا لَا يُؤْكَلُ) كَبَغْلٍ، وَحِمَارٍ، وَلَوْ (لِجِلْدِهِ) أَيْ لِدَبْغِ جِلْدِهِ (أَوْ اصْطِيَادٍ بِلَحْمِهِ) لِلنَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ إلَّا لِمَأْكَلِهِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَصَحَّحَهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الِاصْطِيَادِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَتَطْهُرُ خَمْرٌ) ، وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ (تَخَلَّلَتْ، وَلَوْ بِتَشْمِيسٍ) أَوْ فَتْحِ رَأْسِ الدَّنِّ لِزَوَالِ الشِّدَّةِ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ حَلَّتْهَا (لَا) إنْ تَخَلَّلَتْ (مَعَ) وُجُودِ (عَيْنٍ) فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي التَّخَلُّلِ كَحَصَاةٍ، وَحَبَّةِ عِنَبٍ تَخَمَّرَ جَوْفُهَا (أَوْ) مَعَ (تَنَجُّسٍ) لَهَا بِنَجِسٍ (وَلَوْ) وَقَعَ كُلٌّ مِنْ الْعَيْنِ، وَالنَّجِسِ (فِي عَصِيرِهِ) أَيْ الْخَلِّ أَوْ الْخَمْرِ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُذَكِّرُهَا، وَنُزِعَ النَّجَسُ مِنْهَا قَبْلَ تَخَلُّلِهَا فَلَا تَطْهُرُ لِبَقَائِهَا عَلَى نَجَاسَتِهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَلِتَنْجِيسِهَا بَعْدَ تَخَلُّلِهَا بِالْعَيْنِ الَّتِي تَنَجَّسَتْ بِهَا فِي الْأُولَى، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ إذَا نُزِعَتْ مِنْهَا الْعَيْنُ الطَّاهِرَةُ قَبْلَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَيَتْبَعُهَا) فِي الطَّهَارَةِ لِلضَّرُورَةِ (الدَّنُّ، وَإِنْ غَلَتْ) حَتَّى ارْتَفَعَتْ، وَتَنَجَّسَ بِهَا مَا فَوْقَهَا مِنْهُ (وَتَشْرَبُ) مِنْهَا فَإِنْ ارْتَفَعَتْ بِلَا غَلَيَانٍ بَلْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَلَا يَطْهُرُ الدَّنُّ إذْ لَا ضَرُورَةَ، وَكَذَا الْخَمْرُ لِاتِّصَالِهَا بِالْمُرْتَفِعِ النَّجِسِ نَعَمْ لَوْ غُمِرَ الْمُرْتَفِعُ قَبْلَ جَفَافِهِ بِخَمْرٍ أُخْرَى طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ انْتَهَى، وَفِي تَقْيِيدِهِ بِالْجَفَافِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ، وَلَوْ نُقِلَتْ مِنْ دَنٍّ إلَى آخَرَ طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُخْرِجَتْ مِنْهُ ثُمَّ صُبَّ فِيهِ عَصِيرٌ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ، وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ أَنَّهَا نَجِسَةٌ فِيهِمَا، وَهْمٌ، وَخَرَجَ بِالْخَمْرِ النَّبِيذُ فَلَا يَطْهَرُ بِالتَّخَلُّلِ لِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَطْهُرُ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِ. (وَإِنْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَلَوْ (اخْتَلَطَ عَصِيرٌ بِخَلٍّ مَغْلُوبٍ ضَرَّ لِأَنَّهُ) لِقِلَّةِ الْخَلِّ فِيهِ (يَتَخَمَّرُ) فَيَتَنَجَّسُ بِهِ بَعْدَ تَخَلُّلِهِ (أَوْ) بِخَلٍّ (غَالِبٍ فَلَا) يَضُرُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ عَدَمُ التَّخَمُّرِ، وَسَيَأْتِي فِيهِ فِي الرَّهْنِ زِيَادَةٌ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِتَشْمِيسٍ إلَى هُنَا مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ فِي الرَّهْنِ مَا عَدَا عَدَمِ طُهْرِهَا عِنْدَ مُصَاحَبَةِ نَجِسٍ فَمِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي، وَبِهِ أَفْتَى النَّوَوِيُّ. (وَيَطْهُرُ كُلُّ نَجِسٍ اسْتَحَالَ حَيَوَانًا) كَدَمِ بَيْضَةٍ اسْتَحَالَ فَرْخًا عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ (وَلَوْ) كَانَ الْحَيَوَانُ (دُودَ كَلْبٍ) لِأَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] الدَّبْغِ إحَالَةً لَمْ يَجِبْ فِيهِ الْمَاءُ) ، قَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْإِنْصَافُ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْهُمَا وَالْخِلَافُ فِي الْمُغَلِّبِ (قَوْلُهُ وَتَطْهُرُ خَمْرٌ تَخَلَّلَتْ إلَخْ) لِأَنَّ عِلَّةَ النَّجَاسَةِ وَالتَّحْرِيمِ الْإِسْكَارُ وَقَدْ زَالَتْ وَلِأَنَّ الْعَصِيرَ لَا يَتَخَلَّلُ إلَّا بَعْدَ التَّخَمُّرِ فَلَوْ لَمْ نَقُلْ بِالطَّهَارَةِ لَتَعَذَّرَ اتِّخَاذُ الْخَلِّ وَهُوَ جَائِزٌ إجْمَاعًا. (قَوْلُهُ لَا إنْ تَخَلَّلَتْ مَعَ وُجُودِ عَيْنٍ فِيهَا إلَخْ) وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْعَنَاقِيدَ وَحَبَّاتِهَا بِأَنْ وُضِعَتْ فِي الدَّنِّ فَتَخَمَّرَتْ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ أَنَّهَا لَا تَضُرُّ قَالَا لِأَنَّ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ تَشْرَبُ الْمَاءَ وَهُوَ طَاهِرٌ وَهَذَا بِنَاءٌ مِنْهُمَا عَلَى مَا قَالَاهُ مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا وُضِعَتْ فِي الْعَصِيرِ وَبَقِيَتْ حَتَّى تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ لَا تَضُرُّ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ لَكِنْ مَا قَالَاهُ يُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ وَلَوْ اسْتَحَالَتْ أَجْوَافُ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ خَمْرًا فَفِي صِحَّةِ بَيْعِهَا اعْتِمَادًا عَلَى طَهَارَةِ طَاهِرِهَا وَتَوَقُّعِ طَهَارَةِ بَاطِنِهَا وَجْهَانِ وَالصَّحِيحُ الْبُطْلَانُ وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّ طَهَارَةَ بَاطِنِهَا لَا تَسْتَلْزِمُ تَخَلُّلَهُ مَعَ وُجُودِ الْعَنَاقِيدِ وَالْحَبَّاتِ لِجَوَازِ تَخَلُّلِهِ بَعْدَ عَصْرِهَا أَوْ حَمْلِهِ عَلَى عِنَبٍ لَا حَبَّ فِي جَوْفِهِ ش يُجَابُ عَنْ إطْلَاقِ الْمَجْمُوعِ بِاغْتِفَارِ حَبَّاتِهَا كَاغْتِفَارِ الْمَاءِ فِي خَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. (قَوْلُهُ وَيَتْبَعُهَا الدَّنُّ إلَخْ) وَإِنْ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ غَمَرَ الْمُرْتَفِعَ قَبْلَ جَفَافِهِ إلَخْ) تَقْيِيدُهُ بِمَا قَبْلَ الْجَفَافِ يَأْبَاهُ تَعْلِيلُهُ فَلَعَلَّهُ تَصْوِيرٌ لِتَحْقِيقِ انْغِمَارِ مَوْضِعِ الِارْتِفَاعِ. اهـ. (قَوْلُهُ طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ انْتَهَى) لِوُجُودِهِ فِي الْكُلِّ فَإِنَّ أَجْزَاءَ الدَّنِّ الْمُلَاقِيَةِ لِلْخَلِّ لَا خِلَافَ فِي طَهَارَتِهَا تَبَعًا لَهُ وَقَوْلُهُ قَبْلَ جَفَافِهِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ فِيمَا لَوْ غَمَرَهُ بِهَا بَعْدَ جَفَافِهِ وَتَعْلِيلُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ مُطْلَقًا لِمُصَاحَبَتِهَا عَيْنًا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا ش. (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ) نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ ش. (فَرْعٌ) سُئِلَ عَنْ خَلِّ التَّمْرِ الَّذِي فِيهِ النَّوَى هَلْ يَحْكُمُ بِطَهَارَتِهِ بِالِاسْتِحَالَةِ فَقَالَ صَاحِبُ التَّفْقِيهِ قَالَ الْفَارِقِيُّ أَنَّهُ يَطْهُرُ وَالْإِمَامُ وَجَمَاعَةٌ وَاسْتَدْرَكُوا عَلَى الْأَصْحَابِ بِالْتِزَامٍ مَعْنَوِيٍّ قِيَاسِيٍّ مِنْ قِيَاسِ الدَّلَالَةِ وَأَطْنَبُوا وَسَبَقَهُمْ إلَى ذَلِكَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَطْهُرُ) ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الطَّهَارَةِ مَا صَحَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنْ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ ثُمَّ قَالَ لَا يَحِلُّ خَلٌّ مِنْ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ حَتَّى يَبْدَأَ اللَّهُ إفْسَادَهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَفْسَدَ الْخَمْرَ وَصَارَتْ خَلًّا طَهُرَتْ وَإِذَا أَفْسَدَهَا الْآدَمِيُّ بِالِاسْتِعْجَالِ لَمْ تَطْهُرْ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ فِي كِتَابِ السَّلَمِ بِجَوَازِهِ فِي خَلِّ الْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ أَنْ يَتَخَمَّرَ ثُمَّ يَتَخَلَّلَ أَمْ لَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلتَّوْسِعَةِ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا يُفْتَى بِهِ لِأَنَّ الْمَاءَ ضَرُورِيٌّ اهـ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ أَفْتَيْت. (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ وَيَطْهُرُ كُلُّ نَجِسٍ اسْتَحَالَ حَيَوَانًا) ، قَالَ الكوهكيلوني كَمَا إذَا انْقَلَبَ اللَّحْمُ دُودًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 لِلْحَيَاةِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ، وَلِهَذَا نَظَرَا بِزَوَالِهَا، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ دُودَ كَلْبٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَخَلَّقَ مِنْ الْكَلْبِ، وَقَدْ مَنَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ بِأَنَّ الدُّودَ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا يُخَلَّقُ مِنْهَا، وَإِنَّمَا يَتَوَلَّدُ فِيهَا كَدُودِ الْخَلِّ لَا يُخَلَّقُ مِنْهُ بَلْ يَتَوَلَّدُ فِيهِ (لَا) إنْ اسْتَحَالَ (رَمَادًا، وَمِلْحًا) ، وَنَحْوَهُمَا فَلَا يَطْهُرُ. وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ثُمَّ النَّجَاسَةُ إمَّا عَيْنِيَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي تَحُسُّ أَوْ حُكْمِيَّةٌ، وَهِيَ بِخِلَافِهَا كَبَوْلٍ جَفَّ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَثَرٌ، وَلَا رِيحٌ، وَقَدْ بَيَّنَ حُكْمَهُمَا فَقَالَ (، وَيَطْهُرُ مُتَنَجِّسٌ بِعَيْنِيَّةٍ بِغَسْلٍ مُزِيلٍ لِلطَّعْمِ) ، وَإِنْ عَسُرَ إزَالَتُهُ لِسُهُولَتِهَا غَالِبًا فَأَلْحَقَ بِهِ نَادِرُهَا، وَلِأَنَّ بَقَاءَهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ (وَكَذَا) مُزِيلٌ (لِلَوْنٍ وَرِيحٍ سَهْلَيْنِ فَإِنْ عَسُرَ أَوْ بَقِيَا مَعًا) بِمَحْمَلٍ، وَاحِدٍ (لَمْ يَطْهُرْ) أَيْ الْمُتَنَجِّسُ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ (أَوْ) بَقِيَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ (وَلَوْ رِيحًا طَهُرَ) لِلْمَشَقَّةِ (، وَمُزِيلُ الْعَيْنِ غَسْلَةٌ) ، وَاحِدَةٌ (وَإِنْ تَعَدَّدَ) الْفِعْلُ (وَلَوْ) كَانَ الْغَسْلُ (مِنْ) نَجَاسَةٍ (كَلْبِيَّةٍ) حَتَّى لَوْ لَمْ يُزِلْهَا إلَّا سِتُّ غَسَلَاتٍ مَثَلًا حُسِبَتْ مَرَّةً، وَصُحِّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهَا تُحْسَبُ سِتًّا (، وَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مَصْبُوغٌ بِمُتَنَجِّسٍ انْفَصَلَ) عَنْهُ (، وَلَمْ يَزِدْ) أَيْ الْمَصْبُوغُ (وَزْنًا بَعْدَ الْغَسْلِ) عَلَى وَزْنِهِ قَبْلَ الصَّبْغِ، وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ لِعُسْرِ زَوَالِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ، وَزْنًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْغُسَالَةِ (فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ) عَنْهُ (لِتَعَقُّدِهِ) بِهِ (لَمْ يَطْهُرْ) لِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ. وَقَوْلُهُ، وَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ إلَّا صَدَّرَهُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَا مَرَّ فَفِي الرَّوْضَةِ فِي الْبَيْعِ (وَيَطْهُرُ) الْمُتَنَجِّسُ (فِي الْحُكْمِيَّةِ بِجَرَيَانِ الْمَاءِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يُعْصَرْ) لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ (وَالصَّقِيلُ) مِنْ سَيْفٍ، وَسِكِّينٍ، وَنَحْوِهِمَا (كَغَيْرِهِ) فِي أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِغَسْلِهِ فَلَا يَطْهُرُ بِمَسْحِهِ (وَيُبَادِرُ) وُجُوبًا (بِهِ) أَيْ بِغَسْلِ الْمُتَنَجِّسِ (عَاصٍ بِالتَّنْجِيسِ) كَأَنْ اسْتَعْمَلَ النَّجَاسَةَ فِي بَدَنِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ خُرُوجًا مِنْ الْمَعْصِيَةِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْصِ بِهِ (فَلِلصَّلَاةِ) أَيْ فَلْيُبَادِرْ بِذَلِكَ وُجُوبًا لِلصَّلَاةِ، وَنَحْوِهَا فَقَطْ (وَنُدِبَ تَعْجِيلٌ) بِهِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مُغَلَّظَةً فَيَنْبَغِي وُجُوبُ تَعْجِيلِ إزَالَتِهَا مُطْلَقًا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَالْعَاصِي بِالْجَنَابَةِ يُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِالْعَاصِي بِالتَّنْجِيسِ قَالَ، وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الَّذِي عَصَى بِهِ هُنَا مُتَلَبِّسٌ بِهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ (وَ) نُدِبَ (حَتٌّ) بِالْمُثَنَّاةِ (وَقَرْصٌ) بِالْمُهْمَلَةِ إذَا (لَمْ يَجِبَا) بِأَنْ لَمْ تَتَوَقَّفْ الْإِزَالَةُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِمَا، وَجَبَا، وَقَوْلُهُ (لِنَحْوِ دَمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا، وَتَقْيِيدُ نَدْبِهِمَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ جَمَعَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ بَيْنَ إطْلَاقِ قَوْلَيْ الْوُجُوبِ، وَالنَّدْبِ (وَ) نُدِبَ (التَّثْلِيثُ) بَعْدَ الْإِزَالَةِ اسْتِظْهَارًا كَطُهْرِ الْحَدَثِ (و) نُدِبَ (لِنَحْوِ ثَوْبٍ) أَيْ لِغَسْلِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ (عَصْرٌ) لَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِنَدْبِ الْعَصْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَوْرَدَ) إنْسَانٌ أَوْ غَيْرُهُ كَرِيحٍ (مُتَنَجِّسًا عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ) لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ (، وَالْمَاءُ الْوَارِدُ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ طَهُورٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ) لِقُوَّتِهِ لِكَوْنِهِ فَاعِلًا فَإِنْ تَغَيَّرَ فَنَجِسٌ كَمَا مَرَّ أَوْ انْفَصَلَ عَنْهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْقَيْدِ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِهِ، وَإِذَا كَانَ طَهُورًا فِيمَا ذُكِرَ (فَلْيُدِرْهُ فِي الْإِنَاءِ يَطْهُرُ، وَلَا يَطْهُرُ مَائِعٌ، وَلَوْ) كَانَ (دُهْنًا) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد، وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ بَقِيَ أَحَدُهُمَا وَلَوْ رِيحًا طَهُرَ) وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْعُسْرَ مِنْ لَوْنِ الْمُغَلَّظَةِ أَوْ رِيحِهَا لَا يَضُرُّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ وَلِهَذَا لَا يَلْتَحِقُ جِلْدُ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ بِجِلْدِ مَيْتَةِ مَا سِوَاهُمَا فِي جَوَازِ تَجْلِيلِ الدَّابَّةِ وَمَا قَالَهُ قَدْ يُؤَيَّدُ بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَمِ الْكَلْبِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الدَّمَ يَسْهُلُ إزَالَةُ جُرْمِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا ش (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهَا عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ) وَالتَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا بَقِيَا مَعًا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَإِنْ بَقِيَا مُتَفَرِّقَيْنِ لَمْ يَضُرَّ وَالْمَسْأَلَةُ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دِمَاءٌ مُتَفَرِّقَةٌ كُلٌّ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ لَكَثُرَتْ، وَفِيهَا احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَمَيْلُهُ إلَى الْعَفْوِ وَكَلَامُ التَّتِمَّةِ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِخِلَافِهِ ج. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلِلصَّلَاةِ) هَلْ الْمُوجِبُ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ هُوَ مُلَابَسَتُهَا أَوْ دُخُولُ الْوَقْتِ أَوْ هُمَا مَعًا أَوْ الْمُلَابَسَةُ وَالْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ مَعًا يُتَّجَهُ إلْحَاقُهَا فِي ذَلِكَ بِالْحَدَثِ ج. (قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِمَا وَجَبَا) وَإِنْ تَوَقَّفَتْ إزَالَتُهُ عَلَى أُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي تَحْقِيقِهِ وَصَحَّحَهُ فِي تَنْقِيحِهِ، لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ خِلَافُ النَّصِّ وَرَأْيِ الْجُمْهُورِ فَفِي الْبَحْرِ إذَا بَقِيَ لَوْنٌ لَا يُخْرِجُهُ الْمَاءُ يُحْكَمُ بِالطَّهَارَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِعَانَةَ بِغَيْرِ الْمَاءِ مِنْ صَابُونٍ وَأُشْنَانٍ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، قَالَ وَمَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ يُعْتَمَدْ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلِلدَّلِيلِ إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِي خَبَرِ أَسْمَاءَ غَيْرَ الْمَاءِ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ، قَالَ وَمَا فِي التَّحْقِيقِ لَعَلَّهُ جَرَى فِيهِ عَلَى رَأْيِ الْمُتَوَلِّي وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى بَقَاءِ الرِّيحِ وَاللَّوْنِ مَعًا أَوْ الطَّعْمِ أَيْ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ مَعَ بَقَاءِ ذَلِكَ ش وَقَوْلُهُ وَجَبَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ وَجَزَمَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ التَّثْلِيثُ بَعْدَ الْإِزَالَةِ إلَخْ) ، قَالَ الْجِيلِيُّ وَنُدِبَ التَّثْلِيثُ لَا فِي الْمُغَلَّظَةِ حَتَّى يَغْسِلَهُ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَرَّةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ صَرَّحَ فِي الشَّامِلِ الصَّغِيرِ وَمُذَاكَرَةُ أَهْلِ الْيَمَنِ بِخِلَافِهِ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى عُجَيْلُ وَالْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْفَقِيهُ تَقِيُّ الدِّينِ الْأَسَدِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ وَقَالَ ابْنُ النَّحْوِيِّ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ انْتَهَى إذْ الْمُكَبِّرُ لَا يُكَبِّرُ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ الشَّيْءُ إذَا انْتَهَى نِهَايَتُهُ فِي التَّغْلِيظِ لَا يَقْبَلُ التَّغْلِيظَ كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ وَكَقَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ لَا تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ غَلُظَتْ فِي الْخَطَأِ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْقَوَاعِدِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ حَيْثُ تَضَعَّفَ أَنَّ الْجُبْرَانَ لَا يُضَعَّفُ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ لِنَحْوِ ثَوْبٍ عُصِرَ) ، قَالَ الْغَزِّيِّ وَيَجِبُ الْعَصْرُ اتِّفَاقًا فِيمَا لَهُ خَمْلَةٌ كَالْبِسَاطِ وَنَحْوِهِ انْتَهَى، قَالَ وَالِدِي وَكَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِيمَا لَوْ طُبِخَ لَحْمٌ بِمَاءٍ نَجِسٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَصْرَ فِي الْبِسَاطِ مَحَلُّ وِفَاقٍ، قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعَصْرِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ فَلْيُدِرْهُ فِي الْإِنَاءِ يَطْهُرُ) لَا إنْ بَقِيَتْ عَيْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 عَنْ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ فَقَالَ إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا، وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْخَطَّابِيِّ «فَأَرِيقُوهُ» فَلَوْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ ذَلِكَ، وَالْجَامِدُ هُوَ الَّذِي إذَا أُخِذَ مِنْهُ قِطْعَةٌ لَا يَتَرَادَّ مِنْ الْبَاقِي مَا يَمْلَأُ مَحَلَّهَا عَلَى قُرْبٍ، وَالْمَائِعُ بِخِلَافِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. (وَلَوْ صُبَّ عَلَى مَوْضِعِ بَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا (مِنْ أَرْضٍ مَا أَغْمَرَهُ طَهُرَ، وَلَوْ لَمْ يَنْضُبْ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَغُرْ (، وَاللَّبِنُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (إنْ خَالَطَ نَجَاسَةً جَامِدَةً كَالرَّوْثِ لَمْ يَطْهُرْ، وَإِنْ طُبِخَ) بِأَنْ صَارَ آجُرًّا لِعَيْنِ النَّجَاسَةِ (أَوْ) خَالَطَ (غَيْرَهَا كَالْبَوْلِ طَهُرَ ظَاهِرُهُ بِالْغَسْلِ) ، وَكَذَا (بَاطِنُهُ إنْ نَقَعَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَاءِ (وَلَوْ مَطْبُوخًا إنْ كَانَ رَخْوًا يَصِلُهُ الْمَاءُ) كَالْعَجِينِ بِمَائِعٍ نَجِسٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَخْوًا (فَمَدْقُوقًا) أَيْ فَيَظْهَرُ بَاطِنُهُ مَدْقُوقًا بِحَيْثُ يَصِيرُ تُرَابًا بِخِلَافِهِ غَيْرَ مَدْقُوقٍ، وَوَقَعَ فِي نُسْخَةٍ مَا يُخَالِفُ مَا شَرَحْت عَلَيْهِ فَاعْلَمْهُ (وَإِنْ سُقِيَتْ سِكِّينٌ أَوْ طُبِخَ لَحْمٌ بِمَاءٍ نَجِسٍ كَفَى غَسْلُهُمَا) ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى سَقْيِ السِّكِّينِ، وَإِغْلَاءِ اللَّحْمِ بِالْمَاءِ، وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ (مَعَ عَصْرِ اللَّحْمِ) مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ اشْتِرَاطُ الْعَصْرِ، وَاسْتَشْكَلَ الِاكْتِفَاءُ بِغَسْلِ ظَاهِرِ السِّكِّينِ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الْآجُرِّ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِهِ فِي الْآجُرِّ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ مُتَأَتٍّ مِنْ غَيْرِ مُلَابَسَةٍ لَهُ فَلَا حَاجَةَ لِلْحُكْمِ بِتَطْهِيرِ بَاطِنِهِ مِنْ غَيْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ بِخِلَافِ السِّكِّينِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مُرَادُ الْقَائِلِ بِطَهَارَةِ بَاطِنِهَا الِاكْتِفَاءُ بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا قَالَ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّامِلِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَقَالَ طَهُرَتْ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى بَاطِنِهَا لِتَعَذُّرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ فَعُفِيَ عَنْهُ. (وَيَطْهُرُ الزِّئْبَقُ) الْمُتَنَجِّسُ (بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ) بَيْنَ تَنَجُّسِهِ، وَغَسْلِهِ (تَقَطَّعَ) ، وَإِلَّا لَمْ يَطْهُرْ كَالدُّهْنِ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَطَّعُ عِنْدَ مُلَاقَاةِ الْمَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَتَقَطَّعُ عِنْدَ إصَابَةِ النَّجَاسَةِ، وَلَا يَنْجُسُ إلَّا بِتَوَسُّطِ رُطُوبَةٍ لِأَنَّهُ جَافٌّ فَلَوْ، وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ فَمَاتَتْ، وَلَا رُطُوبَةَ لَمْ يَنْجُسْ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَالزِّئْبَقُ بِالْهَمْزِ، وَكَسْرِ الزَّايِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ، وَيُقَالُ بِكَسْرِهَا (، وَيَكْفِي غَسْلُ مَوْضِعِ نَجَاسَةٍ وَقَعَتْ عَلَى ثَوْبٍ) ، وَلَوْ (عَقِيبَ عَصْرِهِ) ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِهِ، وَعَقِيبُ بِالْيَاءِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وَالْكَثِيرُ تَرْكُ الْيَاءِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ (وَكَذَا) يَكْفِي غَسْلُ مَكَانِ نَجَاسَةٍ (لَوْ صُبَّ مَاءٌ عَلَى مَكَانِهَا، وَانْتَشَرَ) حَوْلَهَا فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ مَحَلِّ الِانْتِشَارِ لِأَنَّ الْمَاءَ الْوَارِدَ عَلَى النَّجَاسَةِ طَهُورٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَلَمْ يَنْفَصِلْ كَمَا مَرَّ. (وَ) يَكْفِي (فِي تَطْهِيرِ بَوْلِ صَبِيٍّ لَمْ يُطْعَمْ غَيْرَ اللَّبَنِ) لِلتَّغَذِّي (لَا صَبِيَّةٍ، وَخُنْثَى نَضْحٌ بِالْمَاءِ بِشَرْطِ غَلَبَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسِلْ) أَمَّا بَوْلُ الصَّبِيَّةِ، وَالْخُنْثَى فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْغَسْلِ، وَيَحْصُلُ بِالسَّيَلَانِ مَعَ الْغَلَبَةِ فَالنَّضْحُ الْمُرَادُ غَلَبَةُ الْمَاءِ بِلَا سَيَلَانَ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِابْتِلَاءَ بِحَمْلِهِ أَكْثَرُ، وَبِأَنَّ بَوْلَهُ أَرَقُّ مِنْ بَوْلِهَا فَلَا يَلْصَقُ بِالْمَحَلِّ لُصُوقَ بَوْلِهَا بِهِ، وَأُلْحِقَ بِبَوْلِهَا بَوْلُ الْخُنْثَى مِنْ أَيِّ فَرْجَيْهِ خَرَجَ، وَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ النَّضْحَ تَحْنِيكُ الصَّبِيِّ بِتَمْرٍ، وَنَحْوِهِ، وَلَا تَنَاوَلَهُ السَّفُوفُ، وَنَحْوُهُ لِلْإِصْلَاحِ. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ النَّضْحِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ إذْ الرَّضَاعُ بَعْدَهُ كَالطَّعَامِ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ، وَسِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْأَصْلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ فِيهِ التَّثْلِيثُ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ تَوْجِيهُهُمْ السَّابِقُ فِي التَّثْلِيثِ فِي غَيْرِهِ، وَتَصْرِيحُهُمْ بِذَلِكَ فِي النَّجَاسَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ، وَأَنَّهُ يَكْتَفِي فِيهِ بِالنَّضْحِ مَعَ بَقَاءِ أَوْصَافِهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي اللَّوْنِ، وَالرِّيحِ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ   [حاشية الرملي الكبير] النَّجَاسَةِ الْمَائِعَةِ وَلَوْ مَغْمُورَةً بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِهِ فِي الْآجُرِّ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ إنَّمَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُ الْبَاطِنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا مِنْ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِالْمَاءِ النَّجِسِ وَاللِّفْتِ إذَا صُلِقَ بِالنَّشَادِرِ لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي التَّطْهِيرِ بِمَا يُكْتَفَى بِهِ فِي التَّنْجِيسِ وَذَلِكَ لِأَنَّ سَرَيَانَ النَّجَاسَةِ إلَى الْبَاطِنِ مُنَجِّسٌ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِ النَّجَسِ وَتَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ لَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ السَّرَيَانِ وَالْوُصُولِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إفَاضَةِ الْمَاءِ وَجَرَيَانِهِ عَلَى مَحَلِّ النَّجَاسَةِ وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ فِي السِّكِّينِ وَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِالنَّجَاسَةِ وَلِهَذَا صَحَّحَ النَّوَوِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِغَسْلِ ظَاهِرِ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِالنَّجَاسَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَطْهِيرِ بَاطِنِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ وَلَا سَبِيلَ إلَى طَرْحِ اللَّحْمِ وَضَيَاعِ الْمَالِيَّةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُغْسَلُ وَيُعْصَرُ كَالْبِسَاطِ أَوْ يُغْلَى بِمَاءٍ طَهُورٍ ضَعِيفٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ السَّرَيَانَ لَا يَطْهُرُ فَوَجَبَ الِاكْتِفَاءُ بِغَسْلِ الظَّاهِرِ وَحُكِمَ بِطَهَارَةِ الْبَاطِنِ تَبَعًا بِخِلَافِ الْآجُرِّ وَهَذَا فَرْقٌ دَقِيقٌ (تَعَقُّبَاتٌ) وَكَتَبَ أَيْضًا وَبِأَنَّ الْآجُرَّ يُمْكِنُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِهِ بِأَنْ يَسْتَحِقَّ وَيَصُبَّ عَلَيْهِ مَا يُغْمَرُهُ مِنْ الْمَاءِ فَيَطْهُرُ كَالتُّرَابِ الْمُتَنَجِّسِ يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السِّكِّينِ لَا يَجُوزُ سَحْقُهَا لِأَدَائِهِ إلَى ضَيَاعِ مَالِيَّتِهَا أَوْ نَقْصُهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ دَاخِلَ الْأَجْزَاءِ الصِّغَارِ. (قَوْلُهُ وَيَطْهُرُ الزِّئْبَقُ بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ إلَخْ) تَنْبِيهٌ إذَا تَنَجَّسَ الزِّئْبَقُ بِدُهْنٍ كَوَدَكِ الْمَيْتَةِ لَمْ يَطْهُرْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَطْهُرْ) أَيْ وَلَا بِأَنْ تَخَلَّلَ تَقَطُّعٌ وَالْتَأَمَ ثُمَّ تَقَطَّعَ عِنْدَ غَسْلِهِ مِنْهُ (قَوْله عَقِيبَ عَصْرِهِ) فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ عَقِبَ غَسْلِهِ وَالنَّوَوِيُّ نَقَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ مِنْ الْقَائِلِينَ بِاعْتِبَارِ الْعَصْرِ فِي مُسَمَّى الْغُسْلِ. (قَوْلُهُ لَمْ يُطْعَمْ غَيْرَ اللَّبَنِ إلَخْ) وَهُنَا أَمْرٌ مُهِمٌّ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ غَيْرَ اللَّبَنِ وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْغَسْلِ فَأَقَامَ أَيَّامًا وَدَامَ فِيهَا عَلَى شُرْبِ اللَّبَنِ فَإِنَّهُ يَنْضَحُ مِنْ بَوْلِهِ لِزَوَالِ الْمُغَيِّرِ مِنْ جَوْفِهِ وَهَذَا كَمَأْكُولِ اللَّحْمِ إذَا أَكَلَ نَجَاسَةً فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ بَوْلِهِ إذَا قُلْنَا بَوْلُهُ طَاهِرٌ فَإِنْ أَقَامَ أَيَّامًا حَتَّى ذَهَبَ مَا فِي جَوْفِهِ عَادَ الْحُكْمُ بِطَهَارَةِ بَوْلِهِ وَيَنْبَغِي طَرْدُ ذَلِكَ فِي السَّخْلَةِ إذَا أَكَلَتْ غَيْرَ اللَّبَنِ ثُمَّ اسْتَمَرَّتْ عَلَى شُرْبِ اللَّبَنِ أَيَّامًا ثُمَّ ذُبِحَتْ أَنَّ إنْفَحَتَهَا تَكُونُ طَاهِرَةً وَهَذَا أَيْضًا قَدْ ذَكَرُوا فِي الْجَلَّالَةِ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) يُخَالِفُ مَا بَحَثَهُ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ وَالْإِنْفَحَةُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ لِلتَّغَذِّي) لَمْ يُجَاوِزْ الْحَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ إذْ الرَّضَاعُ بَعْدَهُ كَالطَّعَامِ إلَخْ) وَلِهَذَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ لَا يَتَنَاوَلُونَ إلَّا اللَّبَنَ. (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي اللَّوْنِ وَالرِّيحِ) قَالَ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَكْتَفِ بِهِ لَأَوْجَبْنَا غُسْلَهُ انْتَهَى ش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ سُهُولَةِ زَوَالِهِ قَالَ، وَلَوْ شَرِبَ صَبِيٌّ لَبَنًا نَجِسًا أَوْ مُتَنَجِّسًا فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْغَسْلِ مِنْ بَوْلِهِ كَمَا لَوْ شَرِبَتْ السَّخْلَةُ لَبَنًا نَجِسًا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ إنْفَحَتِهَا، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ. (فَصْلٌ لَا يَطْهُرُ مُتَنَجِّسٌ بِكَلْبٍ، وَخِنْزِيرٍ، وَفَرْعِ كُلٍّ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا (أَوْ بِمُتَنَجِّسٍ بِذَلِكَ إلَّا بِسَبْعٍ) مِنْ الْغَسَلَاتِ بِالْمَاءِ (إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا، وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» أَيْ بِأَنْ يُصَاحِبَ السَّابِعَةَ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد «السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ «أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» ، وَبَيْنَ رِوَايَتَيْ مُسْلِمٍ تَعَارُضٌ فِي مَحَلِّ التُّرَابِ فَتَتَسَاقَطَانِ فِي تَعْيِينِ مَحَلِّهِ، وَيُكْتَفَى بِوُجُودِهِ فِي، وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ إحْدَاهُنَّ بِالْبَطْحَاءِ، وَيُقَاسُ بِالْوُلُوغِ غَيْرُهُ كَبَوْلِهِ، وَبِالْكَلْبِ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ، وَلَوْ تَنَجَّسَ خُفٌّ بِشَعْرِ خِنْزِيرٍ لَمْ يَطْهُرْ بِمَا ذُكِرَ مَحَلُّ الْخَرْزِ لَكِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فَيُصَلَّى فِيهِ الْفَرَائِضُ، وَالنَّوَافِلُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُصَلِّ فِيهِ أَبُو زَيْدٍ الْفَرَائِضَ احْتِيَاطًا لَهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالْمُصَنِّفُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَلَا يَقُومُ غَيْرُ التُّرَابِ كَأُشْنَانٍ، وَصَابُونٍ مَقَامَهُ (وَإِنْ أَفْسَدَ الثَّوْبَ، وَزَادَ فِي الْغَسَلَاتِ) فَجَعَلَهَا ثَمَانِيًا مَثَلًا لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ التَّطْهِيرُ الْوَارِدُ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ. (وَلْيَكُنْ التُّرَابُ) الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ ذَلِكَ (طَاهِرًا غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ) فِي حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ كَالْمَاءِ، وَالتَّصْرِيحُ بِغَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (يَعُمُّ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ) بِأَنْ يَكُونَ قَدْرًا يُكَدِّرُ الْمَاءَ، وَيَصِلُ بِوَاسِطَتِهِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ، وَلْيَكُنْ (مَمْزُوجًا بِالْمَاءِ) قَبْلَ وَضْعِهِمَا عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ يُوضَعَا، وَلَوْ مَرَّ تَبَيَّنَ ثُمَّ يُمْزَجَا قَبْلَ الْغَسْلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا إذْ الطَّهُورُ الْوَارِدُ عَلَى الْمَحَلِّ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا لَوْ، وَضَعَ التُّرَابَ أَوَّلًا، وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ بِلَا رَيْبٍ، وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَمَا، وَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ الْمَزْجُ قَبْلَ الْوَضْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ، وَأَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَرْدُودٌ يُرَدُّ بِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ فَلَا يُرْتَكَبُ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَكَلَامُ الْجُوَيْنِيِّ عَلَيْهِ لَا لَهُ إذْ عِبَارَتُهُ لَيْسَ كَيْفِيَّةُ التَّعْفِيرِ تَغْبِيرُ الثَّوْبِ بِغُبَارِ التُّرَابِ ثُمَّ غَسْلُهُ بَعْدَ نَفْضِهِ، وَإِنَّمَا التَّعْفِيرُ أَنْ يُخْلَطَ التُّرَابُ بِالْمَاءِ خَلْطًا ثُمَّ يُغْسَلُ الْمَحَلُّ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ غَسْلُهُ بَعْدَ نَفْضِ التُّرَابِ أَوْ بِلَا مَزْجٍ، وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَزْجُهُ قَبْلَ الْغَسْلِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الْوَضْعِ أَمْ بَعْدَهُ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ لَا يُقَالُ قَوْلُهُ ثُمَّ يُغْسَلُ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ مَزْجِهِ قَبْلَ الْوَضْعِ لِأَنَّا نَقُولُ مَمْنُوعٌ فَتَأَمَّلْ، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْمَاءِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمَزْجُ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَعْبِيرُهُ بِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْمَائِعِ، وَإِنْ وَفَّى كَلَامُهُ آخِرًا بِالْغَرَضِ نَعَمْ، إنْ مَزَجَهُ بِالْمَاءِ بَعْدَ مَزْجِهِ بِغَيْرِهِ كَفَى قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَفَرْضُهُ فِي الْخَلِّ، وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ بِذَلِكَ تَغَيُّرًا فَاحِشًا (، وَيُسَنُّ) جَعْلُ التُّرَابِ (فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ، وَالْأُولَى أَوْلَى) لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى تَثْرِيبِ مَا يَتَرَشَّشُ مِنْ جَمِيعِ الْغَسَلَاتِ (وَكَفَتْ) أَيْ السَّبْعُ مَعَ التَّتْرِيبِ فِي إحْدَاهَا. (وَإِنْ تَعَدَّدَ الْكِلَابُ) كَأَنْ، وَلَغَتْ فِي الْإِنَاءِ (أَوْ لَاقَى) مَحَلَّ التَّنْجِيسِ بِهَا (نَجِسًا آخَرَ، وَيَسْقُطُ تَتْرِيبُ أَرْضٍ تُرَابِيَّةٍ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ) لِأَنَّ الْأَصْحَابَ تَرَدَّدُوا فِي نَجَاسَةِ لَبَنِ الْآدَمِيِّ وَلَمْ يَتَرَدَّدُوا فِي النَّضْحِ مِنْ بَوْلِهِ فَلَوْ لَاحَظُوا النَّجَاسَةَ وَعَدَمَهَا لَفَرَّعُوا النَّضْحَ عَلَى طَهَارَةِ لَبَنِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ ارْتَضَعَ مِنْ كَلْبَةِ فَالْقِيَاسُ أَيْضًا كَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَ التَّغْلِيظِ لَا يَنْسَحِبُ عَلَى الْمَخْرَجَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ لَحْمَ كَلْبٍ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ سَبْعًا وَإِنْ وَجَبَ غَسْلُ الْفَمِ سَبْعًا ت. [فَصْلٌ لَا يَطْهُرُ مُتَنَجِّسٌ بِكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ] (فَصْلٌ لَا يَطْهُرُ مُتَنَجِّسٌ بِكَلْبٍ إلَخْ) فَرْعٌ لَوْ وَلَغَ الْكَلْبُ فِي بَوْلٍ نَجِسٍ نَجَاسَةً مُغَلَّظَةً. (قَوْلُهُ إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ) تَنْبِيهٌ لَوْ لَمْ تَزُلْ النَّجَاسَةُ الْكَلْبِيَّةُ الْعَيْنِيَّةُ إلَّا بِغَسَلَاتٍ فَهَلْ يَكْفِي التَّتْرِيبُ فِي الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا مَعَ بَقَاءِ جُرْمِ النَّجَاسَةِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ أَنَّهَا تُعَدُّ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ غَسَلَاتٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَزُلْ نَجَاسَتُهُ الْعَيْنِيَّةُ إلَّا بِالْحَتِّ وَالْقَرْصِ وَالِاسْتِعَانَةُ بِأُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ أَنْ يَجِبَ ذَلِكَ جَزْمًا لِغِلَظِ حُكْمِهَا وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ فِي سَائِرِ النَّجَاسَاتِ ت (قَوْلُهُ أَيْ بِأَنْ يُصَاحِبَ السَّابِعَةَ) لَمَّا كَانَ التُّرَابُ جِنْسًا غَيْرَ الْمَاءِ جُعِلَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مَعْدُودًا بِاثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ) فَإِنَّ التُّرَابَ يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ الْعَفْرُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ) وَلِأَنَّهُ غَلُظَ بِجَمْعِ جِنْسَيْنِ كَالْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ (قَوْلُهُ وَلْيَكُنْ التُّرَابُ طَاهِرًا غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ) سَيَأْتِي جَوَازُ التَّيَمُّمِ بِرَمْلٍ فِيهِ غُبَارٌ فَهُوَ فِي مَعْنَى التُّرَابِ وَجَوَازُهُ هُنَا أَوْلَى، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهُ الطَّفْلُ وَهُوَ الطِّينُ الْأَبْيَضُ الَّذِي يُشْوَى وَيُؤْكَلُ سَفَهًا وَالتَّيَمُّمُ بِهِ جَائِزٌ وَكَذَا الطِّينُ الْأَرْمِيُّ وَالْخُرَاسَانِيُّ وَالْمَخْتُومُ وَغَيْرُهُمَا وَشَرْطُ الرَّمَلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ غُبَارٌ يُكَدِّرُ الْمَاءَ، وَفِي الْكَافِي لِلْخُوَارِزْمِيِّ يَجُوزُ التَّعْفِيرُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِ التُّرَابِ كَالتَّيَمُّمِ. (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِغَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ سَلَّارٌ شَيْخُ النَّوَوِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِمَّا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ ش وَقَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ سَلَّارٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ وَضْعِهِمَا عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ بَعْدَهُ إلَخْ) نَعَمْ مَا ذَكَرْنَاهُ وَاضِحٌ فِيمَا إذَا كَانَ التَّنَجُّسُ حَصَلَ لِمَا يَتَأَتَّى خَلْطُ التُّرَابِ عَلَيْهِ بِالْمَاءِ كَبَاطِنِ الْإِنَاءِ أَمَّا لَوْ كَانَ لِمَا لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيهِ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَظَاهِرِ إنَاءِ النُّحَاسِ وَنَحْوِهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمَزْجِ قَبْلَ الْإِيرَادِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَحَلٍّ وَمَحَلٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ت. (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ جَعْلُ التُّرَابِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ إلَخْ) ، قَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَإِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ غُسِلَ سَبْعًا أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَلَا يُطَهِّرُهُ غَيْرُ ذَاكَ أَيْ غَيْرُ التَّسْبِيعِ وَالتَّتْرِيبِ لَا تَعَيُّنُ إحْدَى الْغَسْلَتَيْنِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ خِلَافًا لِلْأَصْحَابِ ع (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ تَتْرِيبُ أَرْضٍ تُرَابِيَّةٍ) أَمَّا الْحَجَرِيَّةُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّتْرِيبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ، وَتَعْبِيرُهُ بِ يَسْقُطُ يَقْتَضِي أَنَّهُ، وَجَبَ ثُمَّ سَقَطَ، وَلَيْسَ مُرَادًا، وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ تَنَجَّسَتْ أَرْضٌ تُرَابِيَّةٌ بِنَجَاسَةِ كَلْبٍ كَفَى الْمَاءُ وَحْدَهُ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ (وَالْغَمْسُ فِي) مَاءٍ (رَاكِدٍ) كَثِيرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (يَحْسَبُ مَرَّةً وَإِنْ مَكَثَ) الْمَحَلُّ فِيهِ نَعَمْ إنْ حَرَّكَهُ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ حُسِبَتْ سَبْعًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ رَاكِدُ الْجَارِي فَإِنَّهُ إذَا جَرَى مِنْهُ عَلَى الْمَحَلِّ سَبْعَ جِرْيَاتٍ حُسِبَتْ سَبْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ قَوْلِهِ رَاكِدٍ لَا جَارٍ، وَهُوَ إيضَاحٌ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ يُحْسَبُ مَرَّةً، وَإِنْ مَكَثَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَنْجُسُ كَثِيرُ الْمَاءِ الطَّهُورِ، وَلَا إنَاؤُهُ بِوُلُوغِهِ) أَيْ الْكَلْبِ أَوْ نَحْوِهِ فِيهِ (إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ) عَنْ قُلَّتَيْنِ نَعَمْ إنْ أَصَابَ مِنْ الْإِنَاءِ مَا لَمْ يَصِلْهُ مَعَ رُطُوبَةِ أَحَدِهِمَا نَجَّسَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّ هَذَا لَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ تَنَجُّسَهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِالْوُلُوغِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ الْإِنَاءَ مِنْ دَاخِلِ الْمَاءِ لَمْ يَنْجُسْ، وَتَكُونُ كَثْرَةُ الْمَاءِ مَانِعَةٌ مِنْ تَنَجُّسِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ تَنَجَّسَ الْإِنَاءُ بِالْوُلُوغِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ فِيهِ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى بَلَغَ قُلَّتَيْنِ طَهُرَ الْمَاءُ دُونَ الْإِنَاءِ كَمَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَأَقَرَّهُ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ فِي قَوْلِهِ بِطَهَارَةِ الْإِنَاءِ أَيْضًا، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَخَرَجَ بِالطَّهُورِ غَيْرُهُ كَالْمُتَغَيِّرِ بِمُخَالَطَةِ طَاهِرٍ يَسْهُلُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَنْجُسُ بِالْوُلُوغِ مُطْلَقًا (، وَيَلْقَى سَمْنٌ جَامِدٌ تَنَجَّسَ و) كَذَا (مَا حَوْلَهُ) مِمَّا لَا يَتَحَقَّقُ إلْقَاءُ الْمُتَنَجِّسِ إلَّا بِإِلْقَائِهِ، وَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى طَهَارَتِهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ، وَذِكْرُ السَّمْنِ مِثَالٌ فَسَائِرُ الْأَطْعِمَةِ مِثْلُهُ، وَلِهَذَا عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالطَّعَامِ فَإِنْ قُلْت يَنْبَغِي إلْقَاءُ الْجَمِيعِ لِأَنَّ مَا حَوْلَ الْمُتَنَجِّسِ إذَا تَنَجَّسَ تَنَجَّسَ مَا حَوْلَهُ، وَهَكَذَا لِوُجُودِ الرُّطُوبَةِ قُلْت رُدَّ بِأَنَّ مَا حَوْلَهُ تَنَجَّسَ بِمُلَاقَاةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ، وَمَا حَوْلَ هَذَا لَمْ يُلَاقِهَا، وَإِنَّمَا لَاقَى الْمُتَنَجِّسَ حُكْمًا فَلَا يَنْجُسُ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخَبَرِ «أَلْقُوهَا، وَمَا حَوْلَهَا» فَحَكَمَ بِتَنَجُّسِ مَا لَاقَى عَيْنَ النَّجَاسَةِ فَقَطْ مَعَ رُطُوبَةِ السَّمْنِ (وَنُدِبَ إرَاقَةُ سُؤْرِ الْكَلْبِ) أَيْ بَاقِي مَا وَلَغَ فِيهِ (فَوْرًا) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ، وَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» ، وَيُقَاسُ بِالْكَلْبِ الْخِنْزِيرُ، وَفَرْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمَحَلُّ نَدْبِ الْإِرَاقَةِ إذَا لَمْ يُرِدْ اسْتِعْمَالَ الْإِنَاءِ فَإِنْ أَرَادَهُ، وَجَبَتْ، وَالتَّصْرِيحُ بِنَدْبِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلِلْغُسَالَةِ حُكْمُ الْمَحَلِّ بَعْدَ الْغَسْلِ) طَهَارَةً، وَنَجَاسَةً فَإِنْ طَهُرَ طَهُرَتْ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ بَلَلَ الْمَحَلِّ بَعْضُهَا، وَالْمَاءُ الْوَاحِدُ الْقَلِيلُ لَا يَتَبَعَّضُ طَهَارَةً وَنَجَاسَةً هَذَا (إنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَلَمْ تَزِدْ، وَزْنًا) فَإِنْ تَغَيَّرَتْ أَوْ زَادَ، وَزْنُهَا أَيْ بَعْدَ اعْتِبَارِ مَا أَخَذَهُ الْمَحَلُّ مِنْ الْمَاءِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ الْوَسَخِ الطَّاهِرِ فَنَجَّسَهُ، وَالْمَحَلُّ حِينَئِذٍ نَجِسٌ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِلشَّرْطِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ لِلْغُسَالَةِ الْقَلِيلَةِ حُكْمُ الْمَحَلِّ مُطْلَقًا، وَيُجَابُ بِأَنَّ نَجَاسَتَهَا هُنَا دَلِيلُ نَجَاسَةِ الْمَحَلِّ، وَفِيمَا مَرَّ بِالْعَكْسِ، وَإِذَا كَانَ لَهَا حُكْمُ الْمَحَلِّ (فَيُغْسَلُ مِنْ رَشَاشِ) غُسَالَةِ النَّجَاسَةِ (الْكَلْبِيَّةِ فِي) الْمَرَّةِ (الْأُولَى سِتًّا) هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَبْلُغْ الْغُسَالَةُ قُلَّتَيْنِ (فَإِنْ بَلَغَتْ) قُلَّتَيْنِ، وَلَمْ تَتَغَيَّرْ (فَطَهُورٌ) مُطْلَقًا (وَغُسَالَةُ الْمَنْدُوبِ) أَيْ مَا يُنْدَبُ غَسْلُهُ أَصَالَةً (كَالتَّثْلِيثِ طَهُورٌ) أَمَّا غُسَالَةُ مَا يُنْدَبُ غَسْلُهُ عَرْضًا، وَهِيَ غُسَالَةُ مَا يُعْفَى عَنْهُ كَدَمٍ قَلِيلٍ فَهِيَ كَغُسَالَةِ مَا لَا يُعْفَى عَنْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ وُجُوبُ غَسْلِهِ لَكِنْ عُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ (خَاتِمَةٌ) إذَا غَسَلَ فَمَه الْمُتَنَجِّسَ فَلْيُبَالِغْ فِي الْغَرْغَرَةِ لِيَغْسِلَ كُلَّ مَا فِي حَدِّ الظَّاهِرِ، وَلَا يَبْتَلِعُ طَعَامًا، وَلَا شَرَابًا قَبْلَ غَسْلِهِ لِئَلَّا يَكُونَ آكِلًا لِلنَّجَاسَةِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ، وَأَقَرَّهُ (بَابُ الِاجْتِهَادِ فِي الْمِيَاهِ، وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَعْيَانِ) . الِاجْتِهَادُ وَالتَّحَرِّي وَالتَّأَخِّي بَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي طَلَبِ الْمَقْصُودِ (يَجِبُ التَّحَرِّي) وُجُوبًا مُضَيَّقًا بِضِيقِ الْوَقْتِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ يُحْسَبُ مَرَّةً وَإِنْ مَكَثَ) أَيْ لَا أَكْثَرَ مِنْهَا لِأَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ مُعْتَبَرٌ فَالْغَايَةُ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَمْكُثْ لَا يُحْسَبُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ تَعْبِيرَهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْكُثْ يُحْسَبُ مَرَّةً مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ وَلَا يُحْسَبُ إلَّا مَرَّةً وَإِنْ مَكَثَ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ حَرَّكَهُ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ حُسِبَ سَبْعًا) وَأَجْزَأَ عَنْ التَّعْفِيرِ إنْ كَانَ كَدِرًا د. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا جَرَى مِنْهُ عَلَى الْمَحَلِّ إلَخْ) وَيَكْفِي عَنْ التَّعْفِيرِ إنْ كَانَ كَدِرًا (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ) الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ فِي مُعَايَاتِهِ وَالرُّويَانِيُّ فِي فُرُوقِهِ وَغَيْرُهُمْ ش. (قَوْلُهُ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ إلَخْ) وَإِنْ أَصَابَهُ الْكَلْبُ بِجُرْمِهِ لِأَنَّهُ صَارَ إلَى حَالَةٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا حَالَةَ الْوُلُوغِ لَمْ يَنْجُسْ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِأَنَّ الْإِنَاءَ قَدْ تَنَجَّسَ فَلَا يَطْهُرُ بِذَلِكَ وَقَدْ صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِيمَا لَوْ وَقَعَ الْإِنَاءُ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ ش (قَوْلُهُ وَلِلْغُسَالَةِ حُكْمُ الْمَحَلِّ بَعْدَ الْغُسْلِ) غُسَالَةٌ لَعَيْن نَجِسَةٍ لَا يَكُونُ حُكْمُهَا بَعْدَ الْغُسْلِ حُكْمُ تِلْكَ الْعَيْنِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّهَارَةِ وَصُورَتُهُ فِي التُّرَابِ النَّجِسِ وَالطِّينِ وَنَحْوِهِمَا إذَا غَسَلَهُ فَإِنَّهُ يَعُودُ طَهُورًا حَتَّى يَتَيَمَّمَ بِهِ وَيَغْسِلَ بِهِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَأَمَّا غُسَالَتُهُ وَهُوَ الْمَاءُ الْمَأْخُوذُ بَعْدَ أَنْ صَفَا وَرَسَبَ الطِّينُ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ عَلَى قَاعِدَةِ سَائِرِ الْغُسَالَاتِ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ وَلَمْ تَزِدْ وَزْنًا) فَإِنْ تَغَيَّرَتْ الْغُسَالَةُ أَوْ زَادَ وَزْنُهَا فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْمَغْسُولِ بَلْ يَسْتَأْنِفُ التَّطْهِيرَ مِنْهَا وَقَوْلُنَا إنَّ الْغُسَالَةَ الْمُتَغَيِّرَةَ وَاَلَّتِي ثَقُلَتْ وَزْنًا تُخَالِفُ حُكْمَ الْمَغْسُولِ أَيْ فِي النَّجَاسَةِ يُنَبَّهْ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّظَةَ يَسْتَأْنِفُ التَّطْهِيرَ مِنْهَا بِسَبْعٍ إحْدَاهَا بِالتُّرَابِ وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ الَّذِي انْفَصَلَتْ عَنْهُ يَطْهُرُ بِمَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ أت. (قَوْلُهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى سِتًّا مَعَ التَّتْرِيبِ) إنْ لَمْ يُتَرِّبْ فِيهَا وَيَحْتَاجُ إلَى تَتْرِيبِ مَا أَصَابَهُ رَشَاشُ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ عَدَمِ وُجُوبِ تَعْفِيرِهَا وَهِيَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ (قَوْلُهُ لَكِنْ عُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ) لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْمَاءِ أَيْضًا كَغُبَارِ السَّرْجَيْنِ وَقَلِيلَ دُخَانُ النَّجَاسَةِ وَرُطُوبَةُ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةَ وَشُبِّهَ ذَلِكَ ت. (قَوْلُهُ إذَا غَسَلَ فَمَه الْمُتَنَجِّسَ إلَخْ) وَلَوْ أَكَلَ لَحْمَ كَلْبٍ نَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ يَغْسِلُ فَمَه سَبْعًا وَيُعَفِّرُهُ وَأَنَّهُ يَكْفِي فِي قُبُلِهِ وَدُبُرِهِ مِنْ أَجْلِ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ مَرَّةً وَاحِدَةً د. [بَابُ الِاجْتِهَادِ فِي الْمِيَاهِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَعْيَانِ] (بَابُ الِاجْتِهَادِ) . (قَوْلُهُ وُجُوبًا مُضَيِّقًا بِضِيقِ الْوَقْتِ إلَخْ) فَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 وَمُوَسَّعًا بِسَعَتِهِ (لِلتَّطَهُّرِ إنْ اشْتَبَهَ) عَلَيْهِ مَاءٌ (طَاهِرٌ بِمُتَنَجِّسٍ) وَلَمْ يَبْلُغَا قُلَّتَيْنِ بِالْخَلْطِ (وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) يَتَطَهَّرُ بِهِ لِأَنَّ التَّطَهُّرَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ فَوَجَبَ كَالْقِبْلَةِ، وَجَازَ فِيمَا عَدَا مَا ذُكِرَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ وَبِقَوْلِهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ هَجَمَ) وَأَخَذَ أَحَدَهُمَا بِلَا اجْتِهَادٍ، وَتَوَضَّأَ بِهِ (لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ، وَإِنْ وَافَقَ) الطَّهُورَ بِأَنْ انْكَشَفَ لَهُ الْحَالُ لِتَلَاعُبِهِ (وَسَوَاءٌ) فِي وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ، وَجَوَازِهِ (رَأَى) أَيْ عَلِمَ نَجَاسَةَ أَحَدِهِمَا بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَتَعْبِيرُهُ بِرَأْيٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْعِلْمِ بِالْمُشَاهَدَةِ (أَوْ أَخْبَرَهُ) بِهَا (عَدْلُ الرِّوَايَةِ) ، وَبَيَّنَ سَبَبَهَا أَوْ كَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا لَهُ (وَلَوْ) كَانَ (أَعْمَى) أَوْ أُنْثَى أَوْ عَبْدًا (لَا) إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ (صَبِيًّا) أَوْ فَاسِقًا أَوْ كَافِرًا نَعَمْ إنْ أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِهِ كَقَوْلِهِ بُلْت فِي هَذَا الْإِنَاءِ قُبِلَ خَبَرُهُ كَمَا قَبِلُوهُ فِيمَا لَوْ أَخْبَرَ ذِمِّيٌّ عَنْ شَاةٍ بِأَنَّهُ ذَكَّاهَا (وَلَهُ الِاجْتِهَادُ وَلَوْ) كَانَ (عَلَى الشَّطِّ) أَيْ شَطِّ النَّهْرِ (أَوْ بَلَغَا) أَيْ الْمَاءَانِ (قُلَّتَيْنِ بِالْخَلْطِ) بِلَا تَغَيُّرٍ لِجَوَازِ الْعُدُولِ إلَى الْمَظْنُونِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَيَقَّنِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى اسْتِعْمَالُ الْمُتَيَقَّنِ وَكَذَا لَهُ الِاجْتِهَادُ إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَاءٌ طَهُورٌ بِمُسْتَعْمَلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَهَذَا) يَعْنِي الْعَمَلَ بِالِاجْتِهَادِ فِيمَا مَرَّ، وَفِيمَا يَأْتِي (إنْ وَجَدَ عَلَامَةً) كَنَقْصِ أَحَدِ الْمَاءَيْنِ أَوْ ابْتِلَالِ طَرَفِ إنَائِهِ (وَتَأَيَّدَ) الِاجْتِهَادُ (بِأَصْلٍ) أَيْ بِأَصْلِ الْحِلِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَكَانَ لِلْعَلَامَةِ فِي الْمُجْتَهَدِ فِيهِ مَجَالٌ بِأَنْ يَتَوَقَّعَ ظُهُورَ الْحَالِ فِيهِ بِعَلَامَةٍ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَحْرَمُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ مَحْصُورَاتٍ أَوْ مَيْتَةٍ بِمُذَكَّاةٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَلَا اجْتِهَادَ لِفَقْدِ الْعَلَامَةِ، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ رَأَى كَالرَّافِعِيِّ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَخْرُجُ بِتَأَيُّدِ الِاجْتِهَادِ بِالْأَصْلِ فَاكْتَفَى بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ ظُهُورَ الْعَلَامَةِ شَرْطٌ لِلْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ، وَأَنَّ بَقِيَّةَ الشُّرُوطِ شُرُوطٌ لِلِاجْتِهَادِ أَوْ أَنَّ الْجَمِيعَ شُرُوطٌ لِلْعَمَلِ بِهِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ أَوَّلًا فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ كَالْغَزَالِيِّ أَنَّ الْجَمِيعَ شُرُوطٌ لِلِاجْتِهَادِ مُرَادُهُ بِهِ مَا قُلْنَاهُ بِقَرِينَةِ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلَ الْبَابِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي تَقْرِيرِهِ لِكَلَامِ الْغَزَالِيِّ فَقَالَ، وَلَعَلَّك تَقُولُ الِاجْتِهَادُ هُوَ الْبَحْثُ وَالنَّظَرُ وَثَمَرَتُهُ ظُهُورُ الْعَلَامَاتِ، وَثَمَرَةُ الشَّيْءِ تَتَأَخَّرُ عَنْهُ، وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ فَكَيْفَ جَعَلَ ظُهُورَ الْعَلَامَاتِ شَرْطًا فَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ لِلِاجْتِهَادِ شَرَائِطُ أَيْ لِلْعَمَلِ بِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ مُفِيدًا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (وَلَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا) بِأَنْ صَبَّ أَوْ انْصَبَّ (لَمْ يَجْتَهِدْ، وَيَتَيَمَّمُ، وَلَا إعَادَةَ، وَإِنْ بَقِيَ الْآخَرُ) لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الِاجْتِهَادِ أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُتَعَدِّدٍ بَاقٍ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يَجْتَهِدُ فَقَدْ تَظْهَرُ أَمَارَةُ النَّجَاسَةِ فِي التَّالِفِ فَيَأْخُذُ الْبَاقِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُخَالِفُ جَوَازَ إلْحَاقِ الْقَائِفِ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، وَتَخْيِيرِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِهِنَّ لِأَنَّ حُكْمَ النَّسَبِ وَالنِّكَاحِ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ بَاقٍ فِي الْمَوْتَى، وَالْمَاءُ بَعْدَ تَلَفِهِ لَا حُكْمَ فِيهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي. (وَيَجْتَهِدُ) وُجُوبًا إنْ اُضْطُرَّ، وَإِلَّا فَجَوَازًا (فِي غَيْرِ الْمَاءِ) أَيْضًا (وَلَوْ فِي جِنْسَيْنِ) كَلَبَنٍ، وَخَلٍّ (وَإِنْ اشْتَبَهَ) عَلَيْهِ (مَاءٌ وَبَوْلٌ أَوْ) مَاءٌ (وَمَاءُ وَرْدٍ، أَوْ مَيِّتَةٌ وَمُذَكَّاةٌ، أَوْ لَبَنُ بَقَرَةٍ و) لَبَنُ (أَتَانٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَحُكِيَ كَسْرُهَا، وَبِالْمُثَنَّاةِ الْأُنْثَى مِنْ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (لَمْ يَجْتَهِدْ) لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لِغَيْرِ الْمَاءِ، وَالْمُذَكَّاةُ، وَلَبَنُ الْبَقَرَةِ مِمَّا ذُكِرَ فِي حِلِّ الْمَطْلُوبِ (وَيَتَيَمَّمُ) فِي الْأُولَى (بَعْدَ الْإِرَاقَةِ) لِلْمَاءِ، وَالْبَوْلِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِشَيْءٍ مِنْهُ فِي الْآخَرِ، وَصَلَّى وَلَا إعَادَةَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ تَيَمَّمَ قَبْلَهَا (أَعَادَ) مَا صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ بِحَضْرَةِ مَاءٍ طَاهِرٍ بِيَقِينٍ لَهُ طَرِيقٌ إلَى إعْدَامِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ التَّيَمُّمِ بِحَضْرَةِ مَاءٍ مَنَعَ مِنْهُ سَبُعٌ. وَقَوْلُهُ بَعْدَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْمِنْهَاجُ وَغَيْرُهُ (وَلَزِمَ) فِي الثَّانِيَةِ (الْوُضُوءُ بِكُلٍّ مِنْ الْمَاءِ، وَمَاءِ الْوَرْدِ مَرَّةً) ، وَيُعْذَرُ فِي تَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ هَذَا (إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ) أَيْ مَاءِ الْوَرْدِ عَلَى قِيمَةِ مَاءِ الطَّهَارَةِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ مَاءٌ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِمُؤْنَةِ رُكُوبٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ وَالتَّطَهُّرُ بِهِ إنْ لَمْ تَزِدْ الْمُؤْنَةُ عَلَى قِيمَةِ الْمَاءِ (فَإِنْ زَادَتْ) قِيمَتُهُ (فَلَهُ التَّيَمُّمُ، وَيُعِيدُ إنْ لَمْ يُرِقْهُ) يَعْنِي أَحَدَهُمَا أَوْ   [حاشية الرملي الكبير] الِاجْتِهَادِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَأَعَادَ قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ فِي الْبَيَانِ أَيْ مُرَاعَاةً لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالِاجْتِهَادِ فَقَدْ لَا يَتَيَقَّنُ طَهَارَةَ الْمَاءِ بَلْ قَدْ لَا يَظُنُّهَا لِتَحْسِيرِهِ، قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي الْبَيَانِ مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّ الصَّبَّ أَوْ الْخَلْطَ شَرْطٌ لِعَدَمِ الْإِعَادَةِ لَا لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ يَتَطَهَّرُ بِهِ) شَمِلَ الْمَاءَ الْمُشَمَّسَ. (قَوْلُهُ أَوْ أَخْبَرَهُ بِهَا عَدْلُ الرِّوَايَةِ) وَلَوْ قَالَ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّعْدِيلِ أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ عَدْلٌ فَيُشْبِهُ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ ج (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا لَهُ) عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ فَقِيهًا مُوَافِقًا لَهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ الرَّاجِحَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا شَمِلَ ذَلِكَ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ إذَا أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِهِ فَيُقْبَلُ كَمَا يُسْتَفَادُ مَا ذُكِرَ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ فِي حَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ بُلْت فِي هَذَا الْإِنَاءِ) أَيْ أَوْ غَسَلْت هَذَا الْمَيِّتَ أَوْ طَهَّرْتُ هَذَا الثَّوْبَ، قَالَ شَيْخُنَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ طَهُرَ الثَّوْبُ أَوْ غُسِلَ الْمَيِّتُ فَلَا يَقْبُل. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى اسْتِعْمَالُ الْمُتَيَقَّنِ) وَفَارَقَ الْقَادِرَ عَلَى الْيَقِينِ فِي الْقِبْلَةِ مِنْ وُجُوهٍ أَحْسَنُهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْقِبْلَةَ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهَا كَأَنْ طَلَبَهُ لَهَا فِي غَيْرِهَا عَبَثًا بِخِلَافِ الْمَاءِ الطَّهُورِ فَإِنَّهُ فِي جِهَاتٍ كَثِيرَةٍ الثَّانِي أَنَّ الْمَنْعَ فِي الْمَاءِ وَالثَّوْبِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى مَشَقَّةٍ فِي التَّحْصِيلِ مِنْ بَذْلِ مَالٍ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ الثَّالِثُ أَنَّ الْمَاءَ مَالٌ مُتَمَوَّلٌ، وَفِي الْإِعْرَاضِ عَنْهُ تَفْوِيتُ مَالِيَّةِ إمْكَانِهَا بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ. (قَوْلُهُ وَتَأَيَّدَ الِاجْتِهَادُ بِأَصْلٍ) وَاسْتَشْكَلَ بِمُخَالَفَتِهِ لِقَاعِدَةِ الِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الِاعْتِضَادُ بِأَصْلٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَدِلَّةَ الْأَحْكَامِ نَصَّبَهَا الشَّارِعُ فَهِيَ قَوِيَّةٌ يَبْعُدُ الْغَلَطُ فِيهَا ش (قَوْلُهُ أَوْ لَبَنُ بَقَرَةٍ وَلَبَنُ أَتَانٍ) أَوْ خَلٌّ وَخَمْرٌ أَوْ خَمْرٌ تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا وَخَمْرٌ تَخَلَّلَتْ بِمِلْحٍ أَوْ نَحْوِهِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لِغَيْرِ الْمَاءِ مِمَّا ذُكِرَ) قَالَ فِي الْخَادِمِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ إمْكَانُ رَدِّهِ إلَى الطَّهَارَةِ بِوَجْهٍ وَهَذَا مُتَحَقِّقٌ فِي الْمُتَنَجِّسِ بِالْمُكَاثَرَةِ بِخِلَافِ الْبَوْلِ اهـ. (قَوْلُهُ وَبِعُذْرٍ فِي تَرَدُّدِ النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ إلَخْ) وَمُقْتَضَاهُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى الطَّاهِرِ بِيَقِينٍ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ ج قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 شَيْئًا مِنْهُ فِي الْآخَرِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ بِحَيْثُ يَسْلُبُهُ الِاسْمَ لَوْ قُدِّرَ مُخَالِفًا لَهُ لِمَا مَرَّ، وَذِكْرُ اللُّزُومِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَزِدْ إلَى آخِرِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُهِمَّاتِ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ وَعِنْدَهُ مَائِعٌ كَمَاءِ وَرْدٍ لَزِمَهُ أَنْ يُكَمِّلَ بِهِ إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى ثَمَنِ مَاءِ الطَّهَارَةِ فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ التَّكْمِيلُ بِهِ عِنْدَ زِيَادَةِ قِيمَتِهِ فَلَأَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ الْكَامِلُ بِهِ أَوْلَى لَكِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ، وَعِنْدَهُ مَائِعٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ، وَإِنَّمَا الَّذِي تَقَدَّمَ، وَمَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ، وَلَوْ كَمَّلَهُ بِمَائِعٍ يُسْتَهْلَكُ فِيهِ لَكَفَاهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَائِعَ لَيْسَ مَعَهُ لَكِنْ يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةِ قِيمَتِهِ، وَالْمَائِعُ فِي مَسْأَلَتِنَا مَعَهُ فَيَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ مَعَ الزِّيَادَةِ كَمَا يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الْمُتَيَسِّرِ مَعَهُ فِي مَحَلٍّ يُبَاعُ فِيهِ الْمَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَبِأَنَّ الْفَرْضَ هُنَا فِي مَاءِ وَرْدٍ مُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ، وَذَلِكَ لَا قِيمَةَ لَهُ غَالِبًا أَوْ قِيمَتُهُ تَافِهَةٌ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ، وَبِأَنَّ إلْزَامَهُ بِالْوُضُوءِ بِهِمَا إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ، وَلَمْ يَجِدْ سِوَاهُمَا، وَفِيمَا أُجِيبَ بِهِ نَظَرٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِيهِمَا لِشُرْبِ مَاءِ الْوَرْدِ فَإِذَا بَانَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ أَحَدَهُمَا مَاءُ وَرْدٍ أَعَدَّهُ لِلشُّرْبِ، وَلَهُ التَّطَهُّرُ بِالْآخَرِ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَاءٌ وَأَفْسَدَهُ الشَّاشِيُّ بِأَنَّ الشُّرْبَ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَاهِرٌ. وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ الشُّرْبَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ إلَى اجْتِهَادٍ لَكِنَّ شُرْبَ مَاءِ الْوَرْدِ فِي ظَنِّهِ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَيْهِ. (وَإِنْ اشْتَبَهَ) عَلَيْهِ (مَحْرَمٌ) لَهُ (بِغَيْرِهَا فَلَا اجْتِهَادَ) عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَلَا لَهُ إنْ اشْتَبَهَتْ بِأَجْنَبِيَّاتٍ مَحْصُورَاتٍ إذْ لَا عَلَامَةَ تَمْتَازُ بِهَا الْمَحْرَمُ عَنْ غَيْرِهَا كَمَا مَرَّ فَإِنْ ادَّعَى امْتِيَازًا بِعَلَامَةٍ فَلَا اجْتِهَادَ أَيْضًا لِأَنَّهَا إنَّمَا تَعْتَمِدُ عِنْدَ اعْتِضَادِ الظَّنِّ بِأَصْلِ الْحِلِّ كَمَا مَرَّ، وَالْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ الْحُرْمَةُ، وَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ وَلَوْ بِلَا اجْتِهَادٍ (لَكِنْ يَجْتَنِبُ الْمَحْصُورَاتِ) كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ، وَهَلْ يَنْكِحُ إلَى أَنْ تَبْقَى وَاحِدَةً أَوْ إلَى أَنْ تَبْقَى جُمْلَةً لَوْ كَانَ الِاخْتِلَاطُ بِهِنَّ ابْتِدَاءً مُنِعَ مِنْهُنَّ حَكَى فِيهِ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ احْتِمَالَيْنِ وَقَالَ الْأَقْيَسُ عِنْدِي الثَّانِي لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ الْأَوَّلَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَوَانِي وَنَحْوِهَا، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الطُّهْرِ، وَالصَّلَاةِ بِمَظْنُونِ الطَّهَارَةِ، وَحَلَّ تَنَاوُلُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مُتَيَقَّنِهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ قَالَ الْإِمَامُ، وَالْمَحْصُورُ مَا يَسْهُلُ عَلَى الْآحَادِ عَدُّهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَفِي الْإِحْيَاءِ كُلُّ عَدَدٍ لَوْ اجْتَمَعَ فِي صَعِيدٍ، وَاحِدٍ لَعَسُرَ عَلَى النَّاظِرِ عَدُّهُ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ كَالْأَلْفِ فَغَيْرُ مَحْصُورٍ، وَإِنْ سَهُلَ عَدُّهُ كَعِشْرِينَ فَمَحْصُورٌ، وَبَيْنَهُمَا وَسَائِطُ تَلْحَقُ بِأَحَدِهِمَا بِالظَّنِّ، وَمَا وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ اُسْتُفْتِيَ فِيهِ الْقَلْبُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَنْبَغِي التَّحْرِيمُ عِنْدَ الشَّكِّ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْإِمَامِ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ، وَكَلَامُ الْإِحْيَاءِ فِي الصَّيْدِ، وَالذَّبَائِحِ (وَإِنْ اشْتَبَهَتْ الزَّوْجَةُ) عَلَيْهِ بِأَجْنَبِيَّاتٍ (اجْتَنَبَ الْكُلَّ) فَلَا يَطَأُ، وَاحِدَةً مِنْهُنَّ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ إلَّا بِالْعَقْدِ (أَوْ) اشْتَبَهَ عَلَيْهِ (شَاتُه بِشَاةِ غَيْرِهِ) مَثَلًا (أَوْ طَعَامٌ طَاهِرٌ بِمُتَنَجِّسٍ اجْتَهَدَ) ، وَالْأَوَّلِيَّانِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا تَعْلِيلُ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ الْمِلْكَ يُؤْخَذُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) فَلَوْ عَقِبَهَا بِهِ كَانَ أَوْلَى فَإِنْ نُوزِعَ فِي الْمِلْكِ قُدِّمَ ذُو الْيَدِ. (وَيَجْتَهِدُ الْأَعْمَى) كَمَا فِي الْوَقْتِ، وَلِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا غَيْرَ الْبَصَرِ كَالشَّمِّ، وَاللَّمْسِ وَالذَّوْقِ وَفَارَقَ مَنْعُهُ فِي الْقِبْلَةِ بِأَنَّ أَدِلَّتَهَا بَصَرِيَّةٌ (فَإِنْ تَحَيَّرَ قَلَّدَ بَصِيرًا) لِعَجْزِهِ كَالْعَامِّيِّ يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَيَّرْ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ ثَمَّ إنَّمَا يَأْتِي بِتَعَاطِي أَعْمَالٍ مُسْتَغْرِقَةٍ لِلْوَقْتِ، وَفِيهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقُيِّدَ بِالْبَصِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ كَالْحَاوِي وَغَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ لِيَخْرُجَ الْأَعْمَى لِنَقْصِهِ عَنْ الْبَصِيرِ، وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ اجْتِهَادِهِ هُنَا، وَمُنِعَ مِنْهُ فِي الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ الْبَصِيرِ فِيهِمَا (فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ بَصِيرَانِ أَوْ تَحَرَّى بَصِيرٌ وَتَحَيَّرَ لَزِمَهُ) ، وَفِي نُسْخَةٍ لَزِمَهَا أَيْ الْأَعْمَى، وَالْبَصِيرِ فِيمَا ذُكِرَ (خَلْطُ الْمَاءَيْنِ) لِيَتَطَهَّرَ بِهِمَا (إنْ بَلَغَا قُلَّتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغَا) هُمَا (لَمْ تَجِبْ إرَاقَةٌ وَلَا خَلْطٌ) هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَالْوَجْهُ وُجُوبُ أَحَدِهِمَا لِيَصِحَّ   [حاشية الرملي الكبير] شَيْخُنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ التَّكْمِيلُ بِهِ عِنْدَ زِيَادَةِ قِيمَتِهِ فَلَأَنْ لَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) لَا سِيَّمَا مَعَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْكَامِلِ لِغَرَضٍ كَامِلٍ فَالصَّوَابُ الِانْتِقَالُ لِلتَّيَمُّمِ وَكَتَبَ أَيْضًا جَوَابُهُ أَنَّهُ قُدِرَ هُنَا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ بِالْمَاءِ وَقَدْ اشْتَبَهَ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَهُنَاكَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَامِلَةِ فَتَكْلِيفُهُ التَّكْمِيلُ بِأَزْيَدَ مِمَّا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ عَلَيْهِ لَا يُتَّجَهُ وَيُؤَيِّدُ الْفَرْقَ مَا يَجِيءُ فِي مَسْحِ الْخُفِّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى اللَّابِسِ الْمَسْحُ إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَكْفِيهِ لَوْ مَسَحَ فَقَطْ وَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ هُوَ بِوُضُوءٍ وَأَرْهَقَهُ الْحَدَثُ وَمَعَهُ مَاءٌ يَكْفِيهِ لَوْ مَسَحَ أَنْ يَلْبَسَ الْخُفَّ لِقُدْرَتِهِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ، وَفِي الثَّانِي هُوَ عَاجِزٌ عَنْهَا إلَّا بِفِعْلٍ آخَرَ غ. (قَوْلُهُ لَكِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَعِنْدَهُ مَائِعٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ وَإِنَّمَا الَّذِي تَقَدَّمَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فَالْمُعْتَمَدُ هُنَا عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالنَّظَرُ لَا يَدْفَعُ الْجَوَابَ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةِ قِيمَتِهِ) وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَزِيدَ قِيمَةُ الْمَائِعِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) ، قَالَ شَيْخُنَا وَهَلْ يَلْحَقُ بِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ مَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْتَهِدَ لِلْأَكْلِ مَثَلًا بَيْنَ لَحْمِ مَيِّتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ أَوَّلًا الْأَقْرَبُ الْمَنْعُ إذْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَيْتَةَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لِلْأَكْلِ أَصْلًا وَمَاءُ الْوَرْدِ طَاهِرٌ مَقْصُودٌ لِلشُّرْبِ فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ إنْ اشْتَبَهَتْ بِأَجْنَبِيَّاتٍ مَحْصُورَاتٍ) كَمِائَةٍ وَدُونَهَا. (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجْتَنِبُ الْمَحْصُورَاتِ) ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً. (قَوْلُهُ وَهَلْ يَنْكِحُ إلَى أَنْ تَبْقَى وَاحِدَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ حِلِّ الْوَطْءِ فِي صُورَةِ الْعَقْدِ عَلَى الْمُشْتَبِهَةِ حَيْثُ صَحَّ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مَعَ الشَّكِّ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا طَرَحْنَا الشَّكَّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَقْدِ طَرَحْنَاهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى ثَمَرَتِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ. (قَوْلُهُ أَوْ إلَى أَنْ يَبْقَى جُمْلَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ يُؤْخَذُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) فَلَوْ كَانَتْ أَمَةً جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا. (قَوْلُهُ وَالذَّوْقُ) وَمِمَّنْ ذَكَرَ الذَّوْقَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ مَنْ مَنَعَ الذَّوْقَ لِاحْتِمَالِ النَّجَاسَةِ مَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِتَصْرِيحِ الْجُمْهُورِ بِخِلَافِهِ أَمَّا النَّجَاسَةُ الْمُحَقَّقَةُ فَيَحْرُمُ ذَوْقُهَا ش. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَصِيرَةِ فِيهِمَا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 تَيَمُّمُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ وَمِنْ قَوْلِهِ (بَلْ تَجِبُ الْإِعَادَةُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ يَفْعَلَا أَيْ شَيْئًا مِنْهُمَا لَكِنَّ كَلَامَهُ هَذَا قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ لَا لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ زِيَادَتِهِ. . (فَرْعٌ) إذَا (ظَنَّ طَهَارَةَ أَحَدِهِمَا اُسْتُحِبَّ) لَهُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ (أَنْ يُرِيقَ الْآخَرَ) لِئَلَّا يَغْلَطَ فَيَسْتَعْمِلَهُ أَوْ يَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَيَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ لَمْ يُرِقْهُ، وَصَلَّى بِالْأَوَّلِ الصُّبْحَ مَثَلًا فَحَضَرَتْ الظُّهْرُ وَهُوَ مُحْدِثٌ (وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ لَمْ يَجِبْ الِاجْتِهَادُ) لِعَدَمِ التَّعَدُّدِ، وَأَمَّا جَوَازُهُ فَثَابِتٌ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ دُونَ النَّوَوِيُّ فَلَوْ اجْتَهَدَ فَظَنَّ طَهَارَةَ الثَّانِي تَيَمَّمَ وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ (وَإِنْ بَقِيَ) مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ، وَأَحْدَثَ (لَزِمَهُ) الِاجْتِهَادُ لِلصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكْفِ الْبَاقِي طَهَارَتُهُ (فَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ اجْتَنَبَهُمَا) أَيْ الْمَاءَيْنِ (وَتَيَمَّمَ) لِمَا مَرَّ (وَأَعَادَ) مَا صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ (لِبَقَائِهِمَا) مُنْفَرِدَيْنِ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ بِحَضْرَةِ مَاءٍ طَاهِرٍ بِيَقِينٍ لَهُ طَرِيقٌ إلَى إعْدَامِهِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ مَنْعِ الْعَمَلِ بِالثَّانِي هُنَا، وَتَجْوِيزِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الثَّوْبِ، وَالْقِبْلَةِ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِهِ هُنَا يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ غَسَلَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ، وَإِلَى الصَّلَاةِ بِنَجَاسَةٍ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ، وَهُنَاكَ لَا يُؤَدِّي إلَى صَلَاةٍ بِنَجَاسَةٍ، وَلَا إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَمَنَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ لَوْ أَبْطَلْنَا مَا مَضَى مِنْ طُهْرِهِ وَصَلَاتِهِ، وَلَمْ نُبْطِلْهُ بَلْ أَمَرْنَاهُ بِغَسْلِ مَا ظَنَّ نَجَاسَتَهُ كَمَا أَمَرْنَاهُ بِاجْتِنَابِ بَقِيَّةِ الْمَاءِ الْأَوَّلِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَكْفِي فِي النَّقْضِ وُجُوبُ غَسْلِ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ، وَاجْتِنَابُ الْبَقِيَّةِ. (وَإِنْ اخْتَلَفَ خَبَرُ عَدْلَيْنِ فَصَاعِدًا) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي هَذَا دُونَ ذَاكَ، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ فِي ذَاكَ دُونَ هَذَا (صُدِّقَا إنْ أَمْكَنَ) صِدْقُهُمَا فَيُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءَيْنِ لِاحْتِمَالِ الْوُلُوغِ فِي وَقْتَيْنِ (فَلَوْ تَعَارَضَا) فِي الْوَقْتُ أَيْضًا بِأَنْ عَيَّنَاهُ (صُدِّقَ أَوْثَقُهُمَا أَوْ الْأَكْثَرُ) عَدَدًا كَمَا فِي الرِّوَايَةِ، وَذِكْرُ الْأَكْثَرِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَغَيْرِهِ فَإِنْ تَعَارَضَ الْأَوْثَقُ، وَالْأَكْثَرُ فَيَظْهَرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اسْتَوَيَا سَقَطَا) أَيْ سَقَطَ خَبَرُهُمَا لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ (وَحُكِمَ بِطَهَارَتِهِمَا) أَيْ الْمَاءَيْنِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ (وَكَذَا لَوْ عَيَّنَ أَحَدُهُمَا كَلْبًا) كَأَنْ قَالَ وَلَغَ هَذَا الْكَلْبُ فِي هَذَا الْمَاءِ وَقْتَ كَذَا (وَقَالَ الْآخَرُ كَانَ حِينَئِذٍ بِبَلَدٍ آخَرَ) فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ لِذَلِكَ (وَإِنْ رَفَعَ كَلْبٌ) أَوْ نَحْوَهُ (رَأْسَهُ مِنْ إنَاءٍ) فِيهِ مَاءٌ (وَفَمُهُ رَطْبٌ لَمْ يَضُرَّ) بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ احْتَمَلَ تَرَطُّبُهُ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْمَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، وَإِلَّا ضَرَّ (وَإِنْ تَحَرَّيَا فِي إنَاءَيْنِ، وَأَخَذَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (وَاحِدًا فَلَا قُدْوَةَ) لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ (وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً) ، وَالْآنِيَةُ كَذَلِكَ (وَالنَّجَسُ) مِنْهَا (وَاحِدٌ) ، وَظَنَّ كُلَّ طَهَارَةِ إنَائِهِ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمْ (الِاقْتِدَاءُ بِوَاحِدٍ فَقَطْ) لِتَعَيُّنِ الْإِنَاءِ الثَّالِثِ لِلنَّجَاسَةِ فِي حَقِّهِ (أَوْ) كَانُوا (أَرْبَعَةً) ، وَالْآنِيَةُ كَذَلِكَ، وَالنَّجَسُ مِنْهَا وَاحِدٌ (فَبِاثْنَيْنِ) فَقَطْ (أَوْ) كَانُوا (خَمْسَةً) ، وَالْآنِيَةُ كَذَلِكَ وَالنَّجَسُ مِنْهَا وَاحِدٌ (فَبِثَلَاثَةٍ) فَقَطْ (وَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً) ، وَالْآنِيَةُ كَذَلِكَ (وَالنَّجَسُ) مِنْهَا (اثْنَانِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْهُمْ (بِرَجُلَيْنِ) فَقَطْ (أَوْ) النَّجَسُ مِنْهَا (ثَلَاثَةٌ فَبِوَاحِدٍ) فَقَطْ (وَ) بِذَلِكَ عُلِمَ (أَنَّ مَنْ تَأَخَّرَ) مِنْهُمْ (تَعَيَّنَ) الِاقْتِدَاءُ بِهِ (لِلْبُطْلَانِ) وَلَوْ كَانَ النَّجَسُ أَرْبَعَةً امْتَنَعَ الِاقْتِدَاءُ بَيْنَهُمْ، وَبَعْضُ هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ (وَكَذَا إذَا سَمِعَ) كُلٌّ مِنْهُمْ (صَوْتًا مِنْ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (وَأَنْكَرُوا) أَيْ أَنْكَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ وُقُوعَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِغَيْرِ الْأَخِيرِ (وَإِنْ بَانَ) لِمَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ ظَنَّ طَهَارَتَهُ (مَا تَوَضَّأَ بِهِ نَجِسًا) وَلَوْ (بِخَبَرِ عَدْلٍ أَعَادَ) مَا صَلَّاهُ بِهِ (وَغَسَلَ مَوْضِعَهُ) مِنْ بَدَنِهِ وَمَلْبُوسِهِ (وَإِنْ رَأَى ظَبْيَةً تَبُولُ فِي مَاءٍ)   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ شَيْخُنَا شَمِلَ الْبَصِيرُ أَعْمَى الْبَصِيرَةِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ. (قَوْلُهُ بَلْ تَجِبُ الْإِعَادَةُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ صِحَّةُ تَيَمُّمِهِ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا جَوَازُهُ فَثَابِتٌ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ دُونَ النَّوَوِيُّ) الِاجْتِهَادُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُمْتَنِعٌ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ إنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِيمَا إذَا انْصَبَّ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الِاجْتِهَادِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ) لِأَنَّهُ لَوْ نُقِضَ لَنُقِضَ النَّقْضُ أَيْضًا لِأَنَّهُ مَا مِنْ اجْتِهَادٍ إلَّا وَيَجُوزُ أَنْ يَتَغَيَّرَ وَيَتَسَلْسَلَ فَيُؤَدِّيَ إلَى أَنَّهُ لَا تَسْتَقِرُّ الْأَحْكَامُ وَمِنْ ثَمَّ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ حُكْمُ الْحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا وَإِنْ قُلْنَا الْمُصِيبُ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ. (قَوْلُهُ لَزِمَ الِاجْتِهَادُ لِلصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ) ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بِخِلَافِ الِاجْتِهَادِ فِي الثَّوْبِ لَا يَجِبُ إعَادَتُهُ لِفَرْضٍ آخَرَ. اهـ. وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَتِرُ بِجَمِيعِ الثَّوْبِ فَإِنْ كَانَ يَسْتَتِرُ بِبَعْضِهِ كَثَوْبٍ كَبِيرٍ ظَنَّ طَهَارَتَهُ بِالِاجْتِهَادِ فَقَطَعَ مِنْهُ قِطْعَةً وَاسْتَتَرَ بِهَا وَصَلَّى ثُمَّ احْتَاجَ إلَى السَّتْرِ لِتَلَفِ مَا اسْتَتَرَ بِهِ أَوَّلًا لَزِمَهُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمَاءِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ فَإِنَّ الثَّوْبَيْنِ كَالْمَاءَيْنِ وَالْحَاجَةُ لِلسَّتْرِ كَالْحَاجَةِ لِلتَّطَهُّرِ وَالسَّاتِرُ لِلْعَوْرَةِ كَالْمَاءِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ فَلَا إعَادَةَ ش كَلَامُ الْمَجْمُوعِ بَاقٍ عَلَى عُمُومِهِ وَبَقَاءُ الثَّوْبِ الَّذِي ظَنَّ طَهَارَتَهُ بِالِاجْتِهَادِ كَبَقَائِهِ مُتَطَهِّرًا ثُمَّ رَأَيْت الْغَزِّيِّ قَالَ إنَّ الثَّوْبَ الْوَاحِدَ صَالِحٌ لِأَدَاءِ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ مَا بَقِيَ فَإِنَّ الَّذِي صَلَّى فِيهِ أَوَّلًا صَالِحٌ لِلصَّلَاةِ فِيهِ ثَانِيًا وَثَالِثًا بِخِلَافِ مَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءَيْنِ أَوَّلًا وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُمْ أَنَّهُ إذَا اجْتَهَدَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ وَلَا يَجِبُ أَنْ يَجْتَهِدَ. (قَوْلُهُ وَإِلَى الصَّلَاةِ بِنَجَاسَةٍ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ) اسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ بَعْدَ الْأَوَّلِ مَاءً طَهُورًا بِيَقِينٍ أَوْ بِاجْتِهَادٍ غَيْرِ ذَلِكَ الِاجْتِهَادِ لِانْتِفَاءِ التَّعْلِيلِ الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي هَذَا التَّصْوِيرِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ . (قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَرَّ) كَأَنْ رَأَيْنَا فَمَه يَابِسًا قَبْلَ إدْخَالِهِ أَوْ سَمِعْنَاهُ يَلَغُ فِي الْإِنَاءِ (قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ الِاقْتِدَاءُ بِوَاحِدٍ فَقَطْ) وَقَطُّ هَذِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ بِمَعْنَى انْتَهِ وَكَثِيرًا مَا تُصَدَّرُ بِالْفَاءِ تَزْيِينًا لِلَّفْظِ وَكَأَنَّهُ كَمَا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ جَزَاءُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ ش. (قَوْلُهُ وَغَسْلُ مَوْضِعِهِ مِنْ بَدَنِهِ إلَخْ) وَتَكْفِيهِ الْغَسْلَةُ الْوَاحِدَةُ عَنْ النَّجَسِ وَالْحَدَثِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَأَى ظَبْيَةً تَبُولُ فِي مَاءٍ إلَخْ) قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 كَثِيرٍ (فَوَجَدَهُ) عَقِبَ الْبَوْلِ (مُتَغَيِّرًا أَوْ شَكَّ) فِي أَنَّ تَغَيُّرَهُ بِهِ أَوْ بِنَحْوِ طُولِ مُكْثٍ (لِاحْتِمَالِ) أَيْ عِنْدَ احْتِمَالِ (تَغَيُّرِهِ بِهِ فَنَجِسٌ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى سَبَبٍ مُعَيَّنٍ كَخَبَرِ الْعَدْلِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَيْرِهِ أَمَّا لَوْ غَابَ عَنْهُ زَمَنًا ثُمَّ، وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا أَوْ، وَجَدَهُ عَقِبَ الْبَوْلِ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ ثُمَّ تَغَيَّرَ أَوْ مُتَغَيِّرًا لَكِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ تَغَيُّرُهُ بِهِ لِقِلَّتِهِ مَثَلًا فَطَاهِرٌ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِهِ بِالْبَوْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ بِالشَّكِّ هُنَا، وَفِي مُعْظَمِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ التَّرَدُّدُ سَوَاءٌ الْمُسْتَوَى وَالرَّاجِحُ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ التَّرَدُّدُ إنْ كَانَ عَلَى السَّوَاءِ فَشَكٌّ، وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ ظَنٌّ، وَالْمَرْجُوحُ وَهْمٌ (وَإِنْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ فِي إنَاءٍ) أَوْ خِرْقَةٍ (بِبَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ فَطَاهِرَةٌ أَوْ) ، وَجَدَهَا (مَرْمِيَّةً) مَكْشُوفَةً (أَوْ) فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ (، وَالْمَجُوسِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَنَجِسَةٌ) نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبُ كَبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَطَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ، وَغَيْرُهُمْ (فَرْعٌ) لَوْ (اغْتَرَفَ) مَاءً أَوْ مَائِعًا غَيْرَهُ (مِنْ دَنَّيْنِ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ مَائِعٌ (فِي إنَاءٍ فَوَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً) مَيِّتَةً لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هِيَ (اجْتَهَدَ فَإِنْ ظَنَّهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَاتَّحَدَتْ الْمِغْرَفَةُ) وَلَمْ تُغْسَلْ بَيْنَ الِاغْتِرَافَيْنِ (حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِمَا) ، وَإِنْ ظَنَّهَا مِنْ الثَّانِي أَوْ مِنْ الْأَوَّلِ، وَاخْتَلَفَتْ الْمِغْرَفَةُ أَوْ اتَّحَدَتْ، وَغُسِلَتْ بَيْنَ الِاغْتِرَافَيْنِ حُكِمَ بِنَجَاسَةِ مَا ظَنَّهَا فِيهِ فَقَطْ (فَرْعٌ) لَوْ (اشْتَبَهَ) عَلَيْهِ (إنَاءُ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ أَوْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاتِهِ أَخَذَ) مِنْهَا (مَا شَاءَ) بِلَا اجْتِهَادٍ (إلَّا وَاحِدًا) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ثَمَرَةً بِعَيْنِهَا فَاخْتَلَطَتْ بِثَمَرٍ فَأَكَلَ كُلَّ الْجَمِيعِ إلَّا ثَمَرَةً لَمْ يَحْنَثْ (فَرْعٌ إذَا غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ) فِي شَيْءٍ (وَالْأَصْلُ) فِيهِ أَنَّهُ (طَاهِرٌ كَثِيَابِ مُدْمِنِي الْخَمْرِ وَ) ثِيَابِ (مُتَدَيِّنَيْنِ بِالنَّجَاسَةِ) كَالْمَجُوسِ (وَ) ثِيَابِ (صِبْيَانِ) بِكَسْرِ الصَّادِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا (وَمَجَانِينَ وَقَصَّابِينَ) أَيْ جَزَّارِينَ (حُكِمَ) لَهُ (بِالطَّهَارَةِ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَمَحَلُّ الْعَمَلِ بِهِ إذَا اسْتَنَدَ ظَنَّ النَّجَاسَةِ إلَى غَلَبَتِهَا، وَإِلَّا عَمِلَ بِالْغَالِبِ كَمَا مَرَّ فِي بَوْلِ الظَّبْيَةِ، وَذِكْرُ الْمَجَانِينِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَمَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ ذَلِكَ كَعُرْفِ الدَّوَابِّ، وَلُعَابِهَا، وَلُعَابِ الصَّبِيِّ، وَالْحِنْطَةِ) الَّتِي (تُدَاسُ، وَالثَّوْرُ يَبُولُ) عَلَيْهَا جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (وَالْجُوخُ، وَقَدْ اُشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهُ بِشَحْمِ الْخِنْزِيرِ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ) ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ قَالَ، وَكَذَا مَا عَمَّتْ إلَخْ، وَحَذَفَ قَوْلِهِ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ كَانَ أَوْضَحَ، وَأَخْصَرَ. (، وَالْبَقْلُ النَّابِتُ فِي نَجَاسَةِ مُتَنَجِّسٍ لَا مَا ارْتَفَعَ عَنْ مَنْبِتِهِ) فَإِنَّهُ طَاهِرٌ، وَتَعْبِيرُهُ بِالنَّجَاسَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الشَّيْخَيْنِ بِالسَّرْجَيْنِ لَكِنْ فِي كَلَامِهِ إيهَامٌ سَلِمَ مِنْهُ قَوْلُهُمَا، وَأَمَّا الزَّرْعُ النَّابِتُ فِي السَّرْجَيْنِ فَقَالَ الْأَصْحَابُ لَيْسَ نَجِسَ الْعَيْنِ لَكِنْ يَنْجُسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ فَإِذَا غُسِلَ طَهُرَ، وَإِذَا سَنْبَلَ فَحَبَّاتُهُ الْخَارِجَةُ طَاهِرَةٌ [بَابُ الْآنِيَةِ] (بَابُ الْآنِيَةِ) جَمْعُ إنَاءٍ كَسِقَاءٍ، وَأَسْقِيَةٍ، وَجَمْعُ الْآنِيَةِ أَوَانٍ، وَهِيَ ظُرُوفُ الْمِيَاهِ فَلِذَا عَقِبَهَا بِهَا (يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ طَاهِرٌ فَلَا يَرِدُ تَحْرِيمُ اسْتِعْمَالِ جِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ آدَمِيٍّ، وَلَا مَغْصُوبٍ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُمَا   [حاشية الرملي الكبير] فِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رَأَى الْمَاءَ قَبْلَ الْبَوْلِ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ رَآهُ هَكَذَا أَطْلَقَ الْمَسْأَلَةَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَكَذَا أَطْلَقَهَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَقَالَ الْبَغَوِيّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَاءَ يَنْجُسُ فَقَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ رَآهُ قَبْلَ الْبَوْلِ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ ثُمَّ رَآهُ عَقِبَهُ مُتَغَيِّرًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَآهُ قَبْلَ الْبَوْلِ أَوْ رَآهُ وَطَالَ عَهْدُهُ فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ اهـ. وَعِبَارَةُ التَّلْخِيصِ كُلُّ مَا تَيَقَّنَ طَهَارَتَهُ ثُمَّ شَكَّ فِي وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ فَالْأَصْلُ أَنَّهُ طَاهِرٌ لَا يَتْرُكُ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ نَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ قَالَ لَوْ أَنَّ ظَبْيًا بَالَ فِي قُلَّتَيْنِ مِنْ مَاءٍ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فَهُوَ نَجِسٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِهِ أَجْرَى الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَقَالَ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِنَجَاسَتِهِ لِلشَّكِّ وَأَصْحَابُنَا قَالُوا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ قَدْ رَأَى الْمَاءَ قَبْلَ بَوْلِ الظَّبْيِ فِيهِ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ ثُمَّ تَنَحَّى عَنْهُ فَبَال الظَّبْيُ فِيهِ فَرَآهُ عَقِبَهُ مُتَغَيِّرًا فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ رَآهُ قَبْلَ بَوْلِ الظَّبْيِ فِيهِ أَوْ كَانَ بَعْدَ عَهْدِهِ بِهِ أَوْ كَانَ قَدْ رَآهُ قَبْلَهُ وَطَالَ الْعَهْدُ بَيْنَ رُؤْيَتِهِ وَبَيْنَ بَوْلِهِ فِيهِ فَالْأَصْلُ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ غَابَ عَنْهُ زَمَنًا إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ أَنَّهُ لَوْ رَأَى نَجَاسَةً حَلَّتْ فِي مَاءٍ فَلَمْ تُغَيِّرْهُ فَمَضَى عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا لَمْ يَتَطَهَّرْ بِهِ، وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ اهـ وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الدَّارِمِيِّ عَلَى نَجِسٍ جَامِدٍ لَا يَتَحَلَّلُ قَرِيبًا ش قَالَ شَيْخُنَا الْحَمْلُ وَاضِحٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَكِنَّهُ لَا يُلَاقِي كَلَامَ الدَّارِمِيِّ لِأَنَّهُ فَرَضَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَوْلِ. (قَوْلُهُ أَوْ وَجَدَهَا مَرْمِيَّةً، وَفِي إنَاءٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَتْ مَشْوِيَّةً أَوْ مَطْبُوخَةً فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى طَهَارَتِهَا. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبَ كَبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَطَاهِرَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ رَأَى حَيَوَانًا مَذْبُوحًا وَلَمْ يَدْرِ إذْ ذَبَحَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ رَأَى قِطْعَةَ لَحْمٍ وَشَكَّ هَلْ هِيَ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ تَحِلَّ لِأَنَّهَا لَا تُبَاحُ إلَّا بِذَكَاةِ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَشَكَكْنَا فِي ذَلِكَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ اهـ. وَفِي اشْتِبَاهِ الْمُحَرَّمِ بِالْحَلَالِ غَالِبٌ مُحَقَّقٌ وَهُوَ الْأَجْنَبِيَّاتُ وَالْحَرَامُ أَيْضًا مُحَقَّقٌ لَكِنَّهُ مَغْمُورٌ فِي الْحَلَالِ فَقُدِّمَ الْغَالِبُ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِينَ إذَا غَلَبَ وُجُودُهُمْ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُمْ فِعْلٌ فَلَيْسَ هَذَا نَظِيرَ ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِعْلٌ رَجَعْنَا إلَى الْأَصْلِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ صِحَّةُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَضَعَّفَ مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمِمَّا يُضَعِّفُهُ أَيْضًا مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا الْأَصْحَابُ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي لَحْمٍ فَجَاءَ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ بِاللَّحْمِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ هَذَا لَحْمُ مَيْتَةٍ وَقَالَ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ بَلْ لَحْمُ مُذَكَّاةٍ صَدَقَ الْمُسْلِمُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي اللَّحْمِ التَّحْرِيمُ إلَّا بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ. (قَوْلُهُ بِلَا اجْتِهَادٍ) إذْ مِنْ شَرْطِ الِاجْتِهَادِ الْحَصْرُ (قَوْلُهُ وَمَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى إلَخْ) سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْأَوْرَاقِ الَّتِي تُعْمَلُ وَتُبْسَطُ وَهِيَ رَطْبَةٌ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِرَمَادٍ نَجِسٍ فَقَالَ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا وَسُئِلَ عَنْ قَلِيلِ قَمْحٍ فِي سُفْلٍ وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِزِبْلِ الْفَأْرِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ فَقَالَ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ إلَّا أَنْ تُعْلَمَ نَجَاسَةً فِي هَذَا الْحَبِّ الْمُعَيَّنِ (بَابُ الْآنِيَةِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 لَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ بَلْ مِنْ حَيْثُ حُرْمَةُ الْآدَمِيِّ، وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ، وَخَرَجَ بِالطَّاهِرِ النَّجَسُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا فِي جَافٍّ أَوْ مَاءٍ كَثِيرٍ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (إلَّا) إنَاءً وَلَوْ مِلْعَقَةً (مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ) فِي الطَّهَارَةِ، وَغَيْرِهَا لِخَبَرِ «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقِيسَ غَيْرُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِهِمَا، وَلِأَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ وُجُودُ عَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُرَاعًى فِيهَا الْخُيَلَاءُ، وَقَدْ يُعَلِّلُونَهُ بِالْخُيَلَاءِ مُرَاعِينَ فِيهِ الْعَيْنَ، وَلَا فَرْقَ فِي التَّحْرِيمِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالْخَنَاثَى وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَنَحْوِهِمْ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَى الْوَلِيِّ سَقْيُ الصَّبِيِّ، وَنَحْوِهِ بِمِسْعَطٍ الْفِضَّةِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَلَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ (وَلِوُضُوءٍ) مِنْهُ (صَحِيحٌ) لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِلِاسْتِعْمَالِ لَا لِخُصُوصِ الْوُضُوءِ (وَالْمَأْكُولُ) كَالْمَشْرُوبِ (حَلَالٌ) إذْ لَا مُقْتَضَى لِلتَّحْرِيمِ. وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْفِعْلُ لِمَا مَرَّ (فَيَحْرُمُ الِاكْتِحَالُ وَالتَّجَمُّرُ) أَيْ التَّبَخُّرُ (بِالِاحْتِوَاءِ) عَلَى الْمِجْمَرَةِ أَوْ بِإِتْيَانِ رَائِحَتِهَا مِنْ قُرْبٍ كَمَا فَهِمَ مِنْ الْأَصْلِ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُتَطَيِّبًا بِهَا (وَالتَّطَيُّبُ) بِمَاءِ الْوَرْدِ أَوْ غَيْرِهِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ إنَاءَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهَا أَيْ مِنْ آنِيَتِهِمَا وَلَوْ قَالَ مِنْهُ أَيْ مِنْ إنَاءِ أَحَدِهِمَا كَانَ أَوْلَى لِعِطْفِهِ بِأَوْ وَلِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ (فَلْيُفَرِّغْهُ) أَيْ الْإِنَاءَ بِأَنْ يَصُبَّ مَا فِيهِ وَلَوْ (فِي يَدِهِ) الَّتِي لَا يَسْتَعْمِلُهُ بِهَا فَيَصُبُّهُ أَوَّلًا فِي يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ فِي الْيُمْنَى (ثُمَّ يَسْتَعْمِلُهُ) لِيَنْدَفِعَ عَنْهُ ارْتِكَابُ الْمَعْصِيَةِ. (وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ) بِغَيْرِ اسْتِعْمَالِ أَيْضًا لِأَنَّ اتِّخَاذَهُ يَجُرُّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ كَآلَةِ اللَّهْوِ (وَ) يَحْرُمُ (تَزْيِينٌ بِهِ) لِوُجُودِ الْعَيْنِ، وَالْخُيَلَاءِ (فَلَا أُجْرَةَ لِصَنْعَتِهِ، وَلَا أَرْشَ لِكَسْرِهِ) كَآلَةِ اللَّهْوِ (وَيُكْرَهُ إنَاءٌ مِنْ جَوْهَرٍ نَفِيسٍ) كَفَيْرُوزَجَ، وَيَاقُوتٍ، وَبِلَّوْرٍ، وَزَبَرْجَدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُيَلَاءِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَمِثْلُهُ الْإِنَاءُ الْمُتَّخَذُ مِنْ طِيبٍ مُرْتَفِعٍ كَمِسْكٍ، وَعَنْبَرٍ، وَعُودٍ، وَكَافُورٍ فَلَوْ حَذَفَ الْجَوْهَرَ كَانَ أَوْلَى لِيَكُونَ الْمَعْنَى مِنْ نَفِيسٍ بِالذَّاتِ (لَا نَفِيسِ صَنْعَةٍ) كَزُجَاجٍ وَخَشَبٍ مُحْكَمِ الْخَرْطِ فَلَا يُكْرَهُ كَنَفِيسِ الْكَتَّانِ وَأَلْحَقَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَصًّا اتَّخَذَهُ مِنْ جَوْهَرٍ نَفِيسٍ لِخَاتَمِهِ (وَإِنْ مُوِّهَ) أَيْ طُلِيَ (إنَاءُ نُحَاسٍ) بِضَمِّ النُّونِ أَوْ غَيْرَهُ (بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَتَحَصَّلُ) مِنْهُ شَيْءٌ بِالنَّارِ (حَرُمَ) لِمَا مَرَّ (أَوْ لَا يَتَحَصَّلُ) مِنْهُ شَيْءٌ بِهَا (فَلَا) يَحْرُمُ لِقِلَّةِ الْمُمَوَّهِ بِهِ فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ (وَحُكْمُ عَكْسِهِ) بِأَنْ مَوَّهَ إنَاءَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِنُحَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ (عُكِسَ حُكْمُهُ) فَلَا يَحْرُمُ إنْ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بِالنَّارِ، وَإِلَّا حَرُمَ لِأَنَّ الْمُمَوَّهَ بِهِ لِقِلَّتِهِ كَالْمَعْدُومِ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ، وَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنْ خَالَفَ مُقْتَضَى مَا فِي الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا، وَذَكَرَا مَعَ التَّمْوِيهِ فِي الثَّانِيَةِ التَّغْشِيَةَ. وَاكْتَفَى الْمُصَنِّفُ عَنْهَا بِالتَّمْوِيهِ (، وَتَضْبِيبُ الْإِنَاءِ بِذَهَبٍ حَرَامٍ) مُطْلَقًا لِأَنَّ الْخُيَلَاءَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْ الْفِضَّةِ (وَكَذَا كَبِيرَةٌ) أَيْ، وَكَذَا تَضْبِيبُهُ بِضَبَّةٍ كَبِيرَةٍ (فِي الْعُرْفِ بِفِضَّةٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) بِأَنْ كَانَتْ لِزِينَةٍ أَوْ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ، وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ (فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لِحَاجَةِ الْإِنَاءِ) إلَى الْإِصْلَاحِ (لَمْ تُكْرَهْ) لِصِغَرِهَا مَعَ الْحَاجَةِ، وَلِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَانَ يَشْرَبُ فِيهِ كَانَ مُسَلْسَلًا بِفِضَّةٍ» لِانْصِدَاعِهِ أَيْ مُشَبَّعًا بِخَيْطِ فِضَّةٍ لِانْشِقَاقِهِ (أَوْ) صَغِيرَةٌ (فَوْقَ حَاجَتِهِ) بِأَنْ كَانَتْ لِزِينَتِهِ أَوْ بَعْضُهَا لِزِينَتِهِ، وَبَعْضُهَا لِحَاجَتِهِ (أَوْ كَبِيرَةٌ لِحَاجَتِهِ كُرِهَتْ) ، وَلَمْ تَحْرُمْ لِصِغَرِهَا فِي الْأَوَّلِ، وَلِلْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي الثَّانِي فَإِنْ شَكَّ فِي كِبَرِهَا فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَصْلُ ضَبَّةِ الْإِنَاءِ مَا يَصْلُحُ بِهِ خَلَلُهُ مِنْ صَفِيحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِطْلَاقُهَا عَلَى مَا هُوَ لِلزِّينَةِ تَوَسُّعٌ. وَمَعْنَى الْحَاجَةِ غَرَضُ إصْلَاحِ مَوْضِعِ الْكَسْرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِحَاجَةِ الْإِنَاءِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْعَجْزُ عَنْ غَيْرِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ مَاءٌ كَثِيرٌ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ) أَوْ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ لِمَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ فِيهِ كَطَفْيِ النَّارِ وَالْبِنَاءِ غ وَسَقْيِ الْكَلْبِ وَتَكْمِيلِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ. (قَوْلُهُ وَقَدْ يُعَلِّلُونَهُ بِالْخُيَلَاءِ مُرَاعِينَ فِيهِ الْعَيْنَ) الْفَرْقُ بَيْنَ شَطْرِ الْعِلَّةِ وَشَرْطِهَا أَنْ شَطْرَ الْعِلَّةِ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ أَوْ الْمُتَضَمِّنُ لِمَعْنًى مُنَاسِبٍ وَمَا يَقِفُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَلَا يُنَاسِبُ هُوَ الشَّرْطَ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي شِفَاءِ الْعَلِيلِ. (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهُمَا أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ الْفِضَّةَ لَا الذَّهَبَ وَيَقْرَبُ ذَلِكَ مِنْ مَيْتَةِ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَالتَّجَمُّرُ بِالِاحْتِوَاءِ إلَخْ) لَوْ نَصَبَ فَاهُ لِمِيزَابِ الْكَعْبَةِ مَثَلًا فَهَلْ يَحْرُمُ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ كَمَا فِي التَّجَمُّرِ فِيهِ نَظَرٌ وَاحْتِمَالٌ وَقَوْلُهُ أَوْ يُفَرَّقُ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ بِشَرْطِ أَنْ يُعَدَّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ عُرْفًا. (قَوْلُهُ أَوْ بِإِتْيَانِ رَائِحَتِهَا مِنْ قُرْبٍ إلَخْ) وَلَا حَرَجَ فِي إتْيَانِ الرَّائِحَةِ مِنْ بَعْدُ قُلْت الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِمُجَرَّدِ إتْيَانِ الرَّائِحَةِ مِنْ بُعْدٍ أَمَّا لَوْ وَضَعَ هُوَ الْبَخُورَ فِيهَا أَوْ وُضِعَ بِأَمْرِهِ فَهُوَ آثِمٌ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ تَبَاعَدَ وَلَمْ يَشْتَمِلْ عَلَيْهَا ت وَقَوْلُهُ فَهُوَ آثِمٌ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا بِالْوَضْعِ أَوْ قَصَدَ مُحَرَّمًا وَقَصْدُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمٌ. [حُكْم اسْتِعْمَال آنِيَة الذَّهَب وَالْفِضَّة] (قَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ) لِقِلَّةِ الْمُمَوَّهِ فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ أَمَّا الْفِعْلُ فَحَرَامٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ لَوْ مَوَّهَ خَاتَمًا أَوْ آلَةَ حَرْبٍ أَوْ غَيْرَهَا بِذَهَبٍ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالنَّارِ حَرُمَ وَإِلَّا فَكَذَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا يَحْرُمُ تَمْوِيهُ سَقْفِ الْبَيْتِ وَجُدْرَانِهِ بِالْإِجْمَاعِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ثُمَّ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالنَّارِ حَرُمَتْ اسْتَدِامَتُهُ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ) وَهُوَ حَسَنٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ الْجَزْمُ بِهِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْإِنَاءَ مِنْ رَصَاصٍ أُدْرِجَ فِيهِ ذَهَبٌ مَسْتُورٌ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُفْصَلَ، فَإِنْ كَانَ لِلرَّصَاصِ جُرْمٌ يُمْكِنُ أَنْ يَنْفَصِلَ فَلَا يَحْرُمُ وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَنَّهُ إنَاءُ رَصَاصٍ أُدْرِجَ فِيهِ ذَهَبٌ انْتَهَى وَكَانَ الْمُصَنِّفُ أَخَذَهُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي فِي الْعَزِيزِ لَوْ اتَّخَذَ إنَاءً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَمَوَّهَهُ بِنُحَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ قُلْنَا التَّحْرِيمُ لِعَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَرُمَ وَإِنْ قُلْنَا لِمَعْنَى الْخُيَلَاءِ فَلَا فَتَرْجِيحُ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِانْتِفَاءِ ظُهُورِ الْخُيَلَاءِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِلتَّعْلِيلِ بِالْعَيْنِ، وَفِي ضَبْطِ انْتِفَاءِ ظُهُورِ الْخُيَلَاءِ بِالتَّحَصُّلِ نَظَرٌ إذْ التَّمْوِيهُ بِنُحَاسٍ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ قَدْرٌ يَسِيرٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ قَدْ لَا يَمْنَعُ ظُهُورَ الْخُيَلَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 غَيْرِهِمَا يُبِيحُ اسْتِعْمَالَ الْإِنَاءِ الَّذِي كُلُّهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ فَضْلًا عَنْ الْمُضَبَّبِ بِهِ، وَفِي مَعْنَى الْإِنَاءِ فِيمَا ذُكِرَ الْبَابُ، وَالْخِلَالُ، وَنَحْوُهُمَا، وَاسْتَشْكَلَ حُرْمَةُ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ فِيمَا ذُكِرَ بِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِمَا الْآتِي فِي بَابِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ ثُمَّ فِي قِطْعَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا فِيمَا هُيِّئَ مِنْهُمَا لِذَلِكَ كَالْإِنَاءِ الْمُهَيَّأِ مِنْهُمَا لِلْبَوْلِ فِيهِ (وَسَمْرُ الدَّرَاهِمِ) فِي الْإِنَاءِ (لَا طَرْحُهَا فِيهِ كَالتَّضْبِيبِ) فَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ بِخِلَافِ طَرْحِهَا فِيهِ لَا يَحْرُمُ بِهِ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ مُطْلَقًا، وَلَا يُكْرَهُ، وَكَذَا لَوْ شَرِبَ بِكَفِّهِ، وَفِي أُصْبُعِهِ خَاتَمٌ أَوْ فِي فَمِهِ دَرَاهِمُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَكَذَا لَوْ شَرِبَ بِكَفِّهِ وَفِيهَا دَرَاهِمُ (فَإِنْ جَعَلَ لَهُ) أَيْ لِلْإِنَاءِ (حَلْقَةً) مِنْ فِضَّةٍ بِإِسْكَانِ اللَّامِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا (أَوْ سِلْسِلَةً فِضَّةً أَوْ رَأْسًا) مِنْهَا (جَازَ) لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْإِنَاءِ لَا يُسْتَعْمَلُ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَلَك مَنْعُهُ بِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ بِحَسَبِهِ، وَإِنْ سَلِمَ فَلْيَكُنْ فِيهِ خِلَافُ الِاتِّخَاذِ، وَخَرَجَ بِالْفِضَّةِ، وَالذَّهَبِ فَلَا يَجُوزُ مِنْهُ ذَلِكَ. (بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ) أَيْ كَيْفِيَّتُهُ، وَهُوَ مِنْ الْوَضَاءَةِ، وَهِيَ الْحُسْنُ، وَفِي الشَّرْعِ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ مُفْتَتَحًا بِنِيَّةٍ، وَهُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ الْفِعْلُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَبِفَتْحِهَا مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا وَقِيلَ بِضَمِّهَا كَذَلِكَ، وَلَهُ فُرُوضٌ، وَسُنَنٌ، وَشُرُوطٌ فَشُرُوطُهُ مَاءٌ مُطْلَقٌ، وَالْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ، وَإِسْلَامٌ، وَتَمْيِيزٌ، وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ الْوُضُوءِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الصَّلَاةِ، وَعَدَمُ الْحَائِلِ، وَجَرْيُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ، وَدُخُولُ الْوَقْتِ فِي وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ، وَالْعِلْمُ بِدُخُولِهِ، وَعَدَمُ الْمُنَافِي مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ، وَنِفَاسٍ، وَمَسِّ ذَكَرٍ، وَعَدَمُ الصَّارِفِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِدَوَامِ النِّيَّةِ لَوْ قَطَعَهَا فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ احْتَاجَ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ إلَى نِيَّةٍ جَدِيدَةٍ (، وَفُرُوضُهُ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ النِّيَّةُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَيْ الْأَعْمَالُ الْمُعْتَدُّ بِهَا شَرْعًا وَحَقِيقَتُهَا لُغَةً الْقَصْدُ، وَشَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ، وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ كَمَا عُلِمَ، وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَالْمَقْصُودُ بِهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ أَوْ تَمْيِيزُ رُتَبِهَا، وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي، وَتَمْيِيزُهُ، وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ، وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِمَا يُنَافِيهَا بِأَنْ يَسْتَصْحِبَهَا حُكْمًا، وَوَقْتُهَا أَوَّلُ الْفُرُوضِ كَأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ هُنَا كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الْمُقَارَنَةَ فِي الصَّوْمِ لِعُسْرِ مُرَاقَبَةِ الْفَجْرِ، وَتَطْبِيقِ النِّيَّةِ عَلَيْهِ، وَكَيْفِيَّتُهَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَبْوَابِ كَأَنْ يَنْوِيَ هُنَا رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ التَّطَهُّرَ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي (، وَتَجِبُ عِنْدَ غَسْلِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ) قِيلَ تَبِعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ أَوَّلَ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَهِيَ أَصَحُّ لِإِيهَامِ تِلْكَ اشْتِرَاطُ غَسْلِ الْوَجْهِ مِنْ أَوَّلِهِ لِمُقَارَنَةِ النِّيَّةِ أَوْ جَوَازِ خُلُوِّ غَسْلِ آخِرِهِ عَنْ النِّيَّةِ إنْ غَسَلَ آخِرَهُ أَوَّلًا، وَكِلَاهُمَا فَاسِدٌ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَرِدُ عَلَى التَّعْبِيرِ بِغَسْلِ أَوَّلِ الْوَجْهِ لَا عَلَى التَّعْبِيرِ بِغَسْلِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ كَمَا عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّوْضِ لِمُسَاوَاتِهِ فِي الْمَعْنَى لِعِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ فَالْعِبْرَةُ بِأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْهُ فَلَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِمَا بَعْدَهُ لِخُلُوِّ أَوَّلِ الْمَغْسُولَاتِ وُجُوبًا عَنْهَا، وَلَا بِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ تَابِعَةٌ لِلْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ، وَلَوْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي أَثْنَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ كَفَتْ، وَوَجَبَ إعَادَةُ الْمَغْسُولِ مِنْهُ قَبْلَهَا (وَتُجْزِئُ) عِنْدَ غَسْلِ ذَلِكَ (وَلَوْ مَعَ مَضْمَضَةٍ) ، وَإِنْ عَزَبَتْ النِّيَّةُ بَعْدَهُ سَوَاءٌ أَغَسَلَهُ بِنِيَّةِ الْوَجْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ لَا لِوُجُودِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ مَقْرُونًا بِالنِّيَّةِ لَكِنْ تَجِبُ إعَادَةُ غَسْلِ الْجُزْءِ مَعَ الْوَجْهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ، وَلَا تُجْزِئُ الْمَضْمَضَةُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِهَا عَلَى غَسْلٍ لِوَجْهٍ قَالَهُ الْقَاضِي مُجَلِّيٌّ فَالنِّيَّةُ لَمْ تَقْتَرِنْ فِيهِ بِمَضْمَضَةٍ حَقِيقِيَّةٍ. (وَلَا تَصِحُّ نِيَّةٌ مِنْ كَافِرٍ) ، وَلَوْ أَصْلِيًّا لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا فَلَا يَصِحُّ تَطَهُّرُهُ (فَغُسْلُ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ) أَوْ النِّفَاسِ (وَالْمَجْنُونَةِ، وَالْمُسْلِمَةِ الْمُكْرَهَةِ) ، وَلَوْ بِغُسْلِ حَلِيلِهِنَّ لَهُنَّ عِنْدَ امْتِنَاعِهِنَّ مِنْهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِنَّمَا (يُبِيحُهُنَّ لِلزَّوْجِ) ، وَلِلسَّيِّدِ لِضَرُورَةِ حَقِّهِمَا (فَعَلَيْهَا) أَيْ الْأَخِيرَةِ الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ الْأَوَّلِيَّيْنِ (الْإِعَادَةُ عِنْدَ الْكَمَالِ) بِالْإِسْلَامِ، وَالْإِفَاقَةِ، وَلَوْ أَخَّرَ مِنْ الْحَيْضِ عَنْ الْمَجْنُونَةِ، وَالْمُكْرَهَةِ كَانَ أَوْلَى، وَيُشْتَرَطُ أَنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَالْإِنَاءِ الْمُهَيَّأِ مِنْهُمَا لِلْبَوْلِ فِيهِ) فَإِنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِأَحْجَارِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَوَانِي وَلَا فِي اللُّبْسِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الْبَوْلِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهَا بَلْ الْخُيَلَاءُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلَوْ مَسَحَ الْإِنْسَانُ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ بِسَبِيكَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَالِاسْتِنْجَاءُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ أَوْ رَأْسٌ مِنْهَا جَازَ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ الصَّفْحَةُ مِنْ الْفِضَّةِ فَلَوْ كَانَ عَلَى هَيْئَةِ الْإِنَاءِ حَرُمَ قَطْعًا وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالضَّبَّةِ أَوْ يَبْنِي عَلَى الِاتِّخَاذِ ع قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ يَلْحَقُ بِجَوَازِ تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ بِفِضَّةٍ جَوَازُ تَغْطِيَةِ الْعِمَامَةِ بِحَرِيرٍ بِجَامِعِ أَنَّ اسْتِعْمَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُحَرَّمٌ لِأَنَّا نَقُولُ تَغْطِيَةُ الْإِنَاءِ مُسْتَحَبٌّ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْعِمَامَةِ [بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ] قَالَ الْإِمَامُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ لِأَنَّ فِيهِ مَسْحًا وَلَا تَنْظِيفَ فِيهِ وَكَانَ فَرْضُهُ مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَقِيلَ بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ش وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَإِنَّمَا الَّذِي يَخْتَصُّ بِهَا الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ فِي الْآخِرَةِ. (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ» إلَخْ) وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ مَحْضَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهِ النِّيَّةُ كَالصَّلَاةِ فَخَرَجَ بِالْعِبَادَةِ الْأَكْلُ وَنَحْوُهُ وَبِالْفِعْلِيَّةِ الْآذَانُ وَالْخُطْبَةُ وَنَحْوُهُمَا وَبِالْمَحْضَةِ الْعِدَّةُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَنَحْوُهُمَا ش وَلِأَنَّهُ طَهَارَةٌ مُوجِبُهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ مُوجِبِهَا فَأَشْبَهَتْ التَّيَمُّمَ وَبِهِ خَرَجَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ وَحَقِيقَتُهَا لُغَةً إلَخْ) جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ حَقِيقَةُ حُكْمٍ مَحَلٌّ وَزَمَنٌ كَيْفِيَّةُ شَرْطٍ وَمَقْصُودٌ حَسَنٌ (قَوْلُهُ وَوَقْتُهَا أَوَّلُ الْفُرُوضِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ كُلُّ عِبَادَةٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِأَوَّلِهَا إلَّا الصَّوْمَ وَالزَّكَاةَ وَالْكَفَّارَةَ انْتَهَى أَيْ وَالْأُضْحِيَّةُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ مَضْمَضَةٍ) أَيْ أَوْ اسْتِنْشَاقٍ. (قَوْلُهُ وَلَا تُجْزِئُ الْمَضْمَضَةُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا فِي الثَّانِي أَيْضًا. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَاضِي مُجَلِّيٌّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمَا الْإِعَادَةُ عِنْدَ الْكَمَالِ) وَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ حِلِّ وَطْئِهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا قَبْلَ إعَادَتِهَا الْغُسْلَ ضَعِيفٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا أَسْلَمَتْ بِالتَّبَعِيَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 تَنْوِيَ الذِّمِّيَّةُ، وَمَنْ يَغْسِلُ الْمَجْنُونَةَ، وَالْمُمْتَنِعَةَ اسْتِبَاحَةَ التَّمَتُّعِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِيهِ مَعَ مَجْمُوعِهِ فِي الثَّالِثَةِ، وَمَا فِي تَحْقِيقِهِ فِي الذِّمِّيَّةِ مَحِلَّهُ فِي الْمُطَاوِعَةِ فَلَا يُنَافِي مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّتِهَا لِأَنَّهُ فِي الْمُمْتَنِعَةِ الْمُغْتَسِلَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ اغْتِسَالَ الْمَجْنُونَةِ، وَالْمُسْلِمَةِ الْمُكْرَهَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ نِيَّةٌ لِلضَّرُورَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ فِيهِمَا، وَكَلَامُ أَصْلِهِ ثُمَّ فِي الْأُولَى، وَذَكَرَ الْمَجْنُونَةَ الَّتِي غَسَلَهَا زَوْجُهَا مَعَ ذِكْرِ الْمُسْلِمَةِ الْمُكْرَهَةِ، وَالْإِعَادَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَدْ أَعَادَ إبَاحَةَ الذِّمِّيَّةِ، وَتَالِيَتَيْهَا فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ. (وَيَبْطُلُ بِرِدَّةٍ تَيَمُّمُ وَوُضُوءُ نَحْوِ مُسْتَحَاضَةٍ) لِأَنَّهُمَا لِإِبَاحَةِ مَا امْتَنَعَ بِالْحَدَثِ، وَلَا إبَاحَةَ مَعَ الرِّدَّةِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهَا بَحْثَ الْإِسْنَوِيِّ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الْأُولَى بِمَا ذُكِرَ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَاءَ الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَرْفَعَ الْحَدَثَ فَكَانَ أَقْوَى مِنْ التُّرَابِ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ أَصْلًا، وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ (وَ) يَبْطُلُ بِهَا (نِيَّةُ وُضُوءٍ) ، وَغُسْلٍ فَلَوْ ارْتَدَّ فِي أَثْنَائِهِمَا لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا أَتَى بِهِ فِي الرِّدَّةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ (لَا وُضُوءَ، وَغُسْلَ) فَلَا يَبْطُلَانِ بِهَا حَتَّى لَا تَجِبَ إعَادَتُهُمَا بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ كَالصَّوْمِ، وَغَيْرِهِ (وَهَلْ يَقْطَعُ النِّيَّةَ نَوْمُ مُمَكِّنٍ) مَقْعَدَتَهُ (وَجْهَانِ) كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا فَرَّقَ تَفْرِيقًا كَثِيرًا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ مُقَيَّدًا بِالنَّوْمِ الْيَسِيرِ، وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ قَطْعِهَا فِي الْيَسِيرِ، وَأَنَّ الْكَثِيرَ يَقْطَعُهَا (وَلَوْ تَيَمَّمَ صَبِيٌّ فَبَلَغَ صَلَّى بِهِ) مَعَ النَّفْلِ (الْفَرْضَ) كَالْوُضُوءِ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ تَصْحِيحِ صَاحِبَيْ التَّهْذِيبِ وَالْعُدَّةِ ثُمَّ نُقِلَ فِيهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَفْلٌ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ (، وَالْحَدَثُ الْأَصْغَرُ لَا يَحِلُّ كُلُّ الْبَدَنِ) بَلْ أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ خَاصَّةً كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْغَسْلِ مُخْتَصٌّ بِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِهَا لِأَنَّ شَرْطَ الْمَاسِّ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا، وَلَا تَكْفِيهِ طَهَارَةُ مَحَلِّ الْمَسِّ، وَحْدَهُ، وَلِهَذَا لَوْ غَسَلَ، وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ لَمْ يَجُزْ مَسُّهُ بِهِمَا مَعَ قَوْلِنَا بِالْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ الْعُضْوِ بِمُجَرَّدِ غَسْلِهِ، وَقَوْلُهُ وَهَلْ يَقْطَعُ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ. ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ وُضُوءُ رَفَاهِيَةٍ، وَوُضُوءُ ضَرُورَةٍ، وَهُوَ وُضُوءُ دَائِمٌ الْحَدَثِ فَقَالَ (وَلْيَنْوِ الْمُتَوَضِّئُ) غَيْرُ دَائِمِ الْحَدَثِ (أَحَدَ) أُمُورٍ (ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ رَفْعُ الْحَدَثِ) أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ، وَلَوْ لِمَاسِحِ الْخُفِّ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْوُضُوءِ رَفْعُ الْمَانِعِ فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَقْصُودِ (أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ) أَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا لَا يُبَاحُ إلَّا بِالْوُضُوءِ (لَا مُطْلَقًا) بِأَنْ نَوَى الطَّهَارَةَ فَقَطْ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ تَكُونُ عَنْ حَدَثٍ، وَعَنْ خَبَثٍ فَاعْتُبِرَ التَّمْيِيزُ، وَقِيلَ تَصِحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ نِيَّةَ الطَّهَارَةِ لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الْوَجْهِ الْخَاصِّ لَا يَكُونُ عَنْ خَبَثٍ قَالَ، وَهَذَا ظَاهِرُ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ لَكِنْ حَمَلَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى إرَادَةِ نِيَّةِ الْحَدَثِ (فَإِنْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى أَعْضَائِهِ) كَأَنْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ، وَهَكَذَا جَازَ، وَإِنْ نَفَى غَيْرَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ كَمَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ (أَوْ نَوَى غَيْرَ حَدَثِهِ) كَأَنْ نَوَى رَفْعَ حَدَثِ الْمَسِّ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا حَدَثُ الْبَوْلِ (غَالَطَا) جَازَ، وَإِنْ نَفَى غَيْرَهُ الصَّادِقُ بِمَا عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِسَبَبِ الْحَدَثِ لَا يَجِبُ فَلَا يَضُرُّ الْغَلَطُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ لِتَلَاعُبِهِ (أَوْ) نَوَى (بَعْضَ أَحْدَاثِهِ) الَّتِي عَلَيْهِ (جَازَ، وَإِنْ نَفَى غَيْرَهُ) لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا ارْتَفَعَ بَعْضُهُ ارْتَفَعَ كُلُّهُ، وَعُورِضَ بِمِثْلِهِ، وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَسْبَابَ لَا تَرْتَفِعُ، وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهَا، وَهُوَ، وَاحِدٌ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ، وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا فَيَلْغُو ذِكْرُهَا. (الثَّانِي اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ) إذْ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ إنَّمَا تُطْلَبُ لِذَلِكَ فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ نَوَى غَايَةَ الْقَصْدِ (فَإِنْ عَيَّنَ) بِنِيَّتِهِ (صَلَاةً جَازَ) أَيْ صَحَّ الْوُضُوءُ لَهَا، وَلِغَيْرِهَا (وَلَوْ نَفَى غَيْرَهَا) كَأَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الظُّهْرِ، وَنَفَى غَيْرَهَا لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ كَمَا مَرَّ، وَالتَّعَرُّضُ لِمَا عَيَّنَهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فَيَلْغُو ذِكْرُهُ، وَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى رَفْعَ حَدَثِهِ فِي حَقِّ صَلَاةٍ، وَاحِدَةٍ لَا فِي حَقِّ   [حاشية الرملي الكبير] وَهِيَ مَجْنُونَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا بِذَلِكَ الْغُسْلِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهَا انْتَقَلَتْ مِنْ ضَرُورَةٍ إلَى ضَرُورَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ كَوْنَ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ مُسْلِمًا لَيْسَ بِقَيْدٍ لِلصِّحَّةِ بَلْ الْخَلِيَّةُ إذْ نَوَتْ الْغُسْلَ مِنْ الْحَيْضِ صَحَّ فِي حَقِّ مَا يَطْرَأُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهَا بَحْثَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَاءَ الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَرْفَعَ الْحَدَثَ) الْمُعْتَمَدُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالْجَوَابُ لَا يُجْدِي شَيْئًا (قَوْلُهُ مُقَيَّدًا بِالنَّوْمِ الْيَسِيرِ) جَرَى فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ قَالَ شَيْخُنَا فَالْأَصَحُّ عَدَمُ قَطْعِهَا بِالْكَثِيرِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ تَيَمَّمَ صَبِيٌّ فَبَلَغَ صَلَّى بِهِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يُصَلِّ بِهِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ أَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهِمَا إلَخْ) أَوْ أَدَاءُ فَرْضِ الطَّهَارَةِ أَوْ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَوَى غَيْرَ حَدَثِهِ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ كَأَنْ نَوَى الرَّجُلُ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ جَدِّهِ لَوْ أَجْنَبَتْ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ فَنَوَتْ بِغُسْلِهَا رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ صَحَّ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا غَلِطَتْ، فَإِنْ تَعَمَّدَتْ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ. (قَوْلُهُ غَالِطًا جَازَ) وَضَابِطُ مَا يَضُرُّ فِيهِ الْخَطَأُ وَمَا لَا يَضُرُّ أَنَّ مَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَالْخَطَأِ هُنَا، وَفِي تَعْيِينِ الْمَأْمُومِ وَمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ تَفْصِيلًا أَوْ جُمْلَةً يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَالْخَطَأِ مِنْ الصَّوْمِ لِلصَّلَاةِ وَعَكْسُهُ وَكَالْخَطَأِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ وَالْمَيِّتِ وَالْكَفَّارَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ نَوَى بَعْضَ أَحْدَاثِهِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ نَوَى ذَلِكَ فِي وُقُوعِهَا مَعًا أَوْ غَيْرَ الْأَوَّلِ فِي التَّرْتِيبِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِلْحَدَثِ بِمَعْنَى أَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ مُنْفَرِدَةً ثَبَتَ الْحَدَثُ بِهَا لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ حَدَثُ الْبَوْلِ مَثَلًا حَنِثَ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ يَلْغُو ذِكْرُ السَّبَبِ فَيَبْقَى الْمُطْلَقُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ وَاحِدٌ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ مِنْهُ حَدَثًا وَاحِدًا فَقَالَ نَوَيْت رَفْعَ بَعْضِ الْحَدَثِ أَنْ إلَّا يَصِحَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا ز. وَقَوْلُهُ قَضِيَّتُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّعَرُّضُ لِمَا عَيَّنَهُ غَيْرُ وَاجِبٍ) فَيَلْغُو ذِكْرُهُ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ فِي هَذِهِ، وَفِيمَا قَبْلَهَا مَا لَوْ نَفَى نَفْسَ الْمَنْوِيِّ كَمَا لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ رَفْعَ حَدَثٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 غَيْرِهَا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ قَوْلًا، وَاحِدًا لِأَنَّ ارْتِفَاعَ حَدَثِهِ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ مَرْدُودًا مَعَ أَنِّي لَمْ أَرَهُ فِيهَا (وَكَذَا كُلٌّ) أَيْ اسْتِبَاحَةُ كُلٍّ (مَا لِوُضُوءٍ شَرْطٌ لَا مُسْتَحَبٌّ فِيهِ، وَلَوْ طَوَافًا لِبَعِيدٍ ظَنَّ أَنَّهُ بِمَكَّةَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْوُضُوءُ، وَلَوْ مُسْتَحَبًّا كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ، وَحَدِيثٍ، وَرِوَايَتِهِ، وَدَرْسِ عِلْمٍ، وَدُخُولِ مَسْجِدٍ، وَأَذَانٍ، وَإِقَامَةٍ لِأَنَّهُ يَسْتَبِيحُهُ بِلَا وُضُوءٍ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ظَنَّ أَنَّهُ بِمَكَّةَ مُضِرٌّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ بِهَا فَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً لَا يُدْرِكُهَا بِأَنْ تَوَضَّأَ فِي رَجَبٍ، وَنَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْعِيدَ قَالَ الرُّويَانِيُّ قَالَ وَالِدِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ وُضُوءُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا يُسْتَبَاحُ إلَّا بِالْوُضُوءِ. (الثَّالِثُ أَدَاءُ الْوُضُوءِ أَوْ فَرْضِ الْوُضُوءِ، وَإِنْ كَانَ) الْمُتَوَضِّئُ (صَبِيًّا، وَكَذَا الْوُضُوءُ فَقَطْ) لِتَعَرُّضِهِ لِلْمَقْصُودِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَالْأَوْلَى اعْتِبَارُ كَوْنِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلْقُرْبَةِ، وَإِلَّا لَمَا اكْتَفَى بِنِيَّةِ أَدَاءِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ اعْتِبَارُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ، وَمِثْلُ نِيَّةِ الْوُضُوءِ فِيمَا قَالَهُ نِيَّةُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَغَيْرُهُ قَالَ أَعْنِي الرَّافِعِيَّ، وَإِنَّمَا صَحَّ الْوُضُوءُ بِنِيَّةِ فَرْضِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّ مُوجِبَهُ الْحَدَثُ أَوْ يُقَالُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ هُنَا لُزُومُ الْإِتْيَانِ بِهِ، وَإِلَّا لَامْتَنَعَ وُضُوءُ الصَّبِيِّ بِهَذِهِ النِّيَّةِ بَلْ الْمُرَادُ فِعْلُ طَهَارَةِ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطِ لِلصَّلَاةِ، وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا (وَلَوْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى اللَّهِ) تَعَالَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَغَيْرِهَا. (وَلَوْ تَوَضَّأَ الشَّاكُّ) بَعْدَ وُضُوئِهِ فِي حَدَثِهِ (احْتِيَاطًا فَبَانَ مُحْدِثًا لَمْ يُجْزِهِ) لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ بِلَا ضَرُورَةٍ كَمَا لَوْ قَضَى فَائِتَةَ الظُّهْرِ مَثَلًا شَاكًّا فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا عَلَيْهِ لَا يَكْفِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبِنْ مُحْدِثًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ لِلضَّرُورَةِ (أَوْ) تَوَضَّأَ الشَّاكُّ (وُجُوبًا) بِأَنْ شَكَّ بَعْدَ حَدَثِهِ فِي وُضُوئِهِ فَتَوَضَّأَ (أَجْزَأَهُ) ، وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ بَلْ لَوْ نَوَى فِي هَذِهِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا فَعَنْ حَدَثِهِ، وَإِلَّا فَتَجْدِيدٌ صَحَّ أَيْضًا، وَإِنْ تَذَكَّرَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَأَقَرَّهُ (وَدَائِمُ الْحَدَثِ تُجْزِئُهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ) ، وَنِيَّةُ أَدَاءِ الْوُضُوءِ، وَنَحْوُهُمَا، وَإِنْ فَرَّقَ النِّيَّةَ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (لَا) نِيَّةَ (رَفْعِ الْحَدَثِ) لِبَقَائِهِ عَلَيْهِ (كَالْمُتَيَمِّمِ) فِي أَنَّهُ يُجْزِئُهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ لَا نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ لِذَلِكَ بَلْ، وَفِي أَنَّهُ إنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الْفَرْضِ اسْتِبَاحَةً، وَإِلَّا فَلَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَغَيْرِهِ، وَتَنْظِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُتَيَمِّمِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَنُدِبَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لِتَكُونَ نِيَّةُ الرَّفْعِ لِلْحَدَثِ السَّابِقِ، وَنِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ أَوْ نَحْوِهَا لِلْأَحَقِّ فَإِنْ قُلْت نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ، وَنَحْوِهَا تُفِيدُ الرَّفْعَ كَنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ فَالْفَرْضُ يَحْصُلُ بِهَا، وَحْدَهَا قُلْت لَا إذْ الْغَرَضِ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمَا يُؤَدِّي الْمَعْنَى مُطَابَقَةً لَا الْتِزَامًا، وَذَلِكَ بِجَمْعِ النِّيَّتَيْنِ. (تَنْبِيهٌ) مَا تَقَرَّرَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْأُمُورِ السَّابِقَةِ مَحَلُّهُ فِي الْوُضُوءِ غَيْرِ الْمُجَدَّدِ أَمَّا الْمُجَدَّدُ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ، وَقَدْ يُقَالُ يُكْتَفَى بِهَا كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ غَيْرَ أَنَّ ذَاكَ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَتَخْرِيجُهُ عَلَى الصَّلَاةِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّجْدِيدِ أَنْ يُعِيدَ الشَّيْءَ بِصِفَتِهِ الْأُولَى، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ تَجْدِيدًا. (فَرْعٌ) (لَوْ نَوَى التَّبَرُّدَ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُسْتَحْضِرًا) عِنْدَ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ (نِيَّةَ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ) لِحُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ (كَمُصَلٍّ نَوَاهَا) أَيْ نَوَى الصَّلَاةَ (وَدَفَعَ غَرِيمٌ) فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ عَنْ الْغَرِيمِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحْضِرًا فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ نِيَّتَهُ (تَبَعَّضَ الْوُضُوءُ) فَيَصِحُّ مِنْهُ مَا قَبْلَ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ دُونَ مَا بَعْدَهَا لِوُجُودِ الصَّارِفِ، وَمِثْلُهَا نِيَّةُ التَّنْظِيفِ. (فَرْعٌ) (لَوْ نَسِيَ لُمْعَةً)   [حاشية الرملي الكبير] النَّوْمِ وَأَنْ لَا يَرْفَعَهُ أَوْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ صَلَاةً وَأَنْ لَا يُصَلِّيَهَا فَلَا يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ وَتَنَاقُضِهِ وَشَرْطُ نِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ قَصْدُ فِعْلِهَا بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ فِعْلَ الصَّلَاةِ بِوُضُوئِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَهُوَ تَلَاعُبٌ لَا يُصَارُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ قَوْلًا وَاحِدًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ مَرْدُودٌ) يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ بَقِيَ بَعْضُ حَدَثِهِ الَّذِي نَوَى رَفْعَهُ وَهُنَاكَ الْبَاقِي غَيْرُ الْحَدَثِ الْمَرْفُوعِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ إذَا رَفَعَ غَيْرَهُ غ. (قَوْلُهُ وَلَوْ طَوَافًا لِبَعِيدٍ ظَنَّ أَنَّهُ بِمَكَّةَ) الْفَاءُ لِلصِّفَةِ الَّتِي لَا تَتَأَتَّى مِنْهُ وَإِبْقَاءً لِنِيَّةِ الْعِبَادَةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى الْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مُسْتَحَبًّا كَقِرَاءَةٍ إلَخْ) هُوَ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ نَوْعًا وَأَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى أَرْبَعِينَ. (قَوْلُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ قَالَ وَالِدِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَدَاءُ الْوُضُوءِ إلَخْ) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَلَا يَكْفِي إحْضَارُ نَفْسِ الصَّلَاةِ غَافِلًا عَنْ الْفِعْلِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ يُتَّجَهُ مِثْلُهُ هُنَا عِنْدَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَالطَّهَارَةِ وَنَحْوِهَا ح. (قَوْلُهُ أَوْ فَرْضُ الْوُضُوءِ) وَكَذَا أَدَاءُ فَرْضِ الطَّهَارَةِ كَمَا ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ ج (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُجَدِّدُ إلَخْ) مِثْلُهُ وُضُوءُ الْجُنُبِ إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ لِمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ نَحْوِهِ وَبِهَذَا أَفْتَيْت (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَرْعٌ لَوْ نَوَى التَّبَرُّدَ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ إلَخْ) سُئِلَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ هَلْ تَكُونُ كَنِيَّةِ التَّبَرُّدِ حَتَّى إذَا نَوَاهَا بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَكَانَ غَافِلًا لَمْ يَصِحَّ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّ نِيَّةَ التَّبَرُّدِ فِيهَا صَرْفٌ لِغَرَضٍ آخَرَ وَأَمَّا نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ فَلَيْسَ فِيهَا صَرْفٌ لِغَرَضٍ آخَرَ وَإِنَّمَا يَنْوِي الِاغْتِرَافَ لِيَمْنَعَ حُكْمَ الِاسْتِعْمَالِ فَهَذَا وَلَا بُدَّ ذَاكِرٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَقَوْلُهُ فَأَجَابَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمُصَلٍّ نَوَاهَا وَدَفَعَ غَرِيمٌ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كُلِّ مَا شَرَكَ فِيهِ بَيْنَ دِينِيٍّ وَدُنْيَوِيٍّ وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ اعْتِبَارَ الْبَاعِثِ عَلَى الْعَمَلِ، فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ قَصْدَ الدِّينِيِّ فَلَهُ أَجْرٌ بِقَدْرِهِ أَوْ الدُّنْيَوِيِّ فَلَا أَجْرَ لَهُ أَوْ تَسَاوَيَا تَسَاقَطَا ش قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 بِضَمِّ اللَّامِ فِي وُضُوئِهِ أَوْ غُسْلِهِ (فَانْغَسَلَتْ فِي تَثْلِيثٍ) يَعْنِي فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ بِنِيَّةِ التَّنَقُّلِ (أَوْ) فِي (إعَادَةِ وُضُوءٍ) أَوْ غُسْلٍ (لِنِسْيَانٍ) لَهُ (لَا تَجْدِيدَ و) لَا (احْتِيَاطَ أَجْزَأَهُ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ قَضِيَّةَ نِيَّتِهِ الْأُولَى كَمَالُ الْغَسْلَةِ الْأُولَى قَبْلَ غَيْرِهَا، وَتَوَهُّمُهُ الْغُسْلَ عَنْ غَيْرِهَا لَا يَمْنَعُ الْوُقُوعَ عَنْهَا كَمَا لَوْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ ظَانًّا أَنَّهُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ يَكْفِي، وَإِنْ تَوَهَّمَهُ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ أَتَى بِذَلِكَ بِنِيَّةِ الْوُجُوبِ، وَأَمَّا عَدَمُ إجْزَائِهِ فِي التَّجْدِيدِ فَلِأَنَّهُ طُهْرٌ مُسْتَقِلٌّ بِنِيَّةٍ لَمْ تَتَوَجَّهْ لِرَفْعِ الْحَدَثِ أَصْلًا، وَأَمَّا فِي الِاحْتِيَاطِ فَلِمَا مَرَّ فِيهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ انْغَسَلَ بَعْضُ أَعْضَاءِ مَنْ نَوَى) الطُّهْرَ (بِسَقْطَةٍ) حَصَلَتْ (فِي مَاءٍ أَوْ غَسَلَهَا فُضُولِيٌّ، وَنِيَّتُهُ) فِيهِمَا (عَازِبَةٌ لَمْ يُجْزِهِ) لِانْتِفَاءِ فِعْلِهِ مَعَ النِّيَّةِ فَقَوْلُهُمْ لَا يُشْتَرَطُ فِعْلُهُ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ مُتَذَكِّرًا لِلنِّيَّةِ. وَعَلَّلَ الرُّويَانِيُّ الثَّانِيَةَ بِأَنَّ النِّيَّةَ تَنَاوَلَتْ فِعْلَهُ لَا فِعْلَ غَيْرِهِ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ مَعَ أَشْيَاءَ ثُمَّ قَالَ، وَفِي بَعْضِ مَا قَالَهُ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا مِمَّا أَرَادَهُ بِالنَّظَرِ (أَوْ) غَسَلَهَا (مِنْ أَمْرِهِ) هُوَ بِغُسْلِهَا (جَازَ، وَإِنْ كَرِهَهُ لِشِدَّةِ بَرْدٍ) مَثَلًا كَمَا لَوْ غَسَلَهَا هُوَ (لَا إنْ نَهَاهُ) فَغَسَلَهَا فَلَا يُجْزِئُهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ غَسَلَهَا فُضُولِيٌّ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ نَوَى قَطْعَ الْوُضُوءِ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لَمْ يَبْطُلْ، وَكَذَا فِي أَثْنَائِهِ لَكِنْ (انْقَطَعَتْ النِّيَّةُ فَيُعِيدَهَا لِلْبَاقِي أَوْ) نَوَى (أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ، وَلَا يُصَلِّيَ) بِهِ (لَغَتْ) نِيَّتُهُ فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ لِتَلَاعُبِهِ، وَتَنَاقُضِهِ، وَلَوْ أَلْقَاهُ غَيْرُهُ فِي نَهْرٍ مُكْرَهًا فَنَوَى فِيهِ رَفْعَ الْحَدَثِ صَحَّ وُضُوءُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ لَوْ نَوَى بِهِ الصَّلَاةَ بِمَكَانٍ نَجِسٍ يَنْبَغِي الْمَنْعُ، وَإِذَا بَطَلَ وُضُوءُهُ فِي أَثْنَائِهِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُثَابَ عَلَى الْمَاضِي كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْ يُقَالَ إنْ بَطَلَ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا أَوْ بِغَيْرِهِ فَنَعَمْ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَا ثَوَابَ لَهُ بِحَالٍ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ اهـ الْفَرْضِ. (الثَّانِي غَسْلُ الْوَجْهِ) قَالَ تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] ، وَالْمُرَادُ انْغِسَالُهُ عَلَى مَا مَرَّ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ (وَهُوَ) أَيْ الْوَجْهُ طُولًا ظَاهِرٌ (مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ غَالِبًا، وَأَسْفَلِ) طَرَفِ (الْمُقْبِلِ مِنْ الذَّقَنِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْقَافِ مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ (وَ) مِنْ (اللَّحْيَيْنِ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْعَظَمَتَانِ اللَّذَانِ تَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى (وَ) عَرْضًا ظَاهِرُ (مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْوَجْهُ تَقَعُ بِذَلِكَ (شَعْرًا، وَبَشَرًا كَظَاهِرِ حُمْرَةِ شَفَتَيْهِ، وَمَا ظَهَرَ) مِنْ الْوَجْهِ (بِقَطْعٍ، وَمَوْضِعِ غَمَمٍ) ، وَهُوَ مَا نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ مِنْ الْجَبْهَةِ لِأَنَّهُ فِي تَسْطِيحِ الْجَبْهَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِنَبَاتِ الشَّعْرِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِانْحِسَارِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا) مَوْضِعَ (صَلَعٍ) ، وَهُوَ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ مِنْ مُقَدِّمِ الرَّأْسِ. وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ تَصْرِيحٌ بِمَا احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ غَالِبًا مَعَ أَنَّهُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ مَوْضِعَ الصَّلَعِ مَنْبِتُ شَعْرِ الرَّأْسِ، وَإِنْ انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ بِسَبَبٍ، وَالْجَبْهَةُ لَيْسَتْ مَنْبِتُهُ، وَإِنْ نَبَتَ الشَّعْرُ عَلَيْهَا، وَحَدُّ الْأَصْلِ الْوَجْهُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ مِنْ مُبْتَدَأِ تَسْطِيحِ الْجَبْهَةِ إلَى مُنْتَهَى الذَّقَنِ طُولًا، وَمِنْ الْأُذُنِ إلَى الْأُذُنِ عَرْضًا، وَبَيْنَ عَقِبِهِ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَيَدْخُلُ الْغَايَتَانِ فِي حَدِّ الطُّولِ، وَلَا تَدْخُلَانِ فِي الْعَرْضِ فَعَدَلَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا قَالَهُ عَلَى مَا فِيهِ كَمَا عُرِفَ لِيَسْلَمَ مِنْ إيهَامِ مُبْتَدَأِ التَّسْطِيحِ وَلِيُفِيدَ بِذِكْرِ اللَّحْيَيْنِ شُمُولَ حَدِّ الْوَجْهِ لِجَوَانِبِهَا (وَلَا بَاطِنُ لِحْيَةِ رَجُلٍ كَثَّةٍ) أَيْ كَثِيفَةٍ بِالْمُثَلَّثَةِ فِيهِمَا لِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ مَعَ الْكَثَافَةِ الْغَيْرِ النَّادِرَةِ (فَإِنْ خَفَّ بَعْضُهَا) ، وَكَثُفَ بَعْضُهَا (فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) بِتَفْصِيلٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ بِقَوْلِهِ (إنْ تَمَيَّزَ، وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ بِأَنْ كَانَ الْكَثِيفُ مُتَفَرِّقًا بَيْنَ أَثْنَاءِ الْخَفِيفِ (غَسَلَ الْكُلَّ) وُجُوبًا، وَعَلَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ إفْرَادَ الْكَثِيفِ بِالْغَسْلِ يَشُقُّ، وَإِمْرَارُ الْمَاءَ عَلَى الْخَفِيفِ لَا يُجْزِئُ، وَنُقِلَ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَلَيْسَ فِيمَا قَالَهُ دَلَالَةٌ اهـ. (وَالْكَثَّةُ مَا سَتَرَتْ الْبَشَرَةَ عَنْ الْمُخَاطَبِ) بِخِلَافِ الْخَفِيفَةِ (وَلَيْسَ النَّزَعَتَانِ) بِفَتْحِ الزَّايِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا، وَهُمَا بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ (وَمَوْضِعُ التَّحْذِيفِ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ، وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ الْخَفِيفُ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعَذَارِ، وَالنَّزَعَةِ، وَرُبَّمَا يُقَالُ بَيْنَ الصُّدْغِ، وَالنَّزَعَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَالْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ لِأَنَّ الصُّدْغَ، وَالْعَذَارَ مُتَلَاصِقَانِ (وَالصُّدْغَانِ) ، وَهُمَا فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ مُتَّصِلَانِ بِالْعِذَارَيْنِ (مِنْ الْوَجْهِ) أَمَّا مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ فَلِاتِّصَالِ شَعْرِهِ بِشَعْرِ الرَّأْسِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِاعْتِيَادِ النِّسَاءِ إزَالَةَ شَعْرِهِ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ، وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَلِأَنَّهُمَا فِي تَدْوِيرِ الرَّأْسِ، وَيُسَنُّ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ غَسْلُ الثَّلَاثَةِ، وَمَوْضِعِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَكْفِي وَإِنْ تَوَهَّمَهُ الْأَوَّلُ) وَكَمَا لَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى نَاسِيًا فَإِنَّهَا تَتِمُّ بِسَجْدَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِنْ تَوَهَّمَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَقُمْ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ أَوْ السَّهْوِ مَقَامَ سَجْدَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْهَا. (قَوْلُهُ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ لَوْ نَوَى بِهِ الصَّلَاةَ إلَخْ) ، وَفِيهِ لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ الْقِرَاءَةَ إنْ كَفَتْ وَإِلَّا فَالصَّلَاةُ فَفِي الْبَحْرِ تَحْتَمِلُ صِحَّتَهُ كَمَا لَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا فَعَنْ الْحَاضِرِ اهـ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَالزَّكَاةَ مَالِيَّةٌ وَالْبَدَنِيَّةُ أَضْيَقُ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ بِخِلَافِ الْمَالِيَّةِ ش وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي الْمَنْعُ) أَيْ وَبِهِ أَفْتَيْت وَإِنْ قَالَ فِي الْعُبَابِ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَا ثَوَابَ لَهُ) وَيَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْبُطْلَانَ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ بِلَا عُذْرٍ فَلَا ثَوَابَ فِي الْمَقِيسِ وَلَا الْمَقِيسِ عَلَيْهِ ش مَا تَفَقَّهَهُ ظَاهِرٌ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ وَلَا بَاطِنُ لِحْيَةِ رَجُلٍ كَثَّةٍ) تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَشَرَةٍ لِلِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ لَا يُجْزِئُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ غَسَلَ بَشَرَةَ الْوَجْهِ وَتَرَكَ الشَّعْرَ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِأَنَّ اسْمَ الْوَجْهِ لِمَا يُوَاجِهُ بِهِ الْإِنْسَانُ غَيْرَهُ وَذَلِكَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى ظَاهِرِ الشَّعْرِ ج. (قَوْلُهُ لِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ مَعَ الْكَثَافَةِ إلَخْ) وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا أَصَالَةً لَا بَدَلًا عَنْ الْبَشَرَةِ (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْمُرَادُ بِعَدَمِ التَّمَيُّزِ عَدَمُ إمْكَانِ إفْرَادِهِ بِالْغَسْلِ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَمَيِّزٌ فِي نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ وَالصُّدْغَانِ) الصُّدْغُ مَا بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 الصَّلَعِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي النَّزَعَتَيْنِ (وَيَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الْعِذَارَيْنِ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (وَإِنْ كَثُفَا، وَهُمَا حِذَاءُ الْأُذُنَيْنِ) أَيْ مُحَاذِيَانِ لَهُمَا بَيْنَ الصُّدْغِ، وَالْعَارِضِ، وَقِيلَ هُمَا الْعَظَمَتَانِ النَّاتِئَانِ بِإِزَاءِ الْأُذُنَيْنِ (وَ) يَجِبُ غَسْلُ (بَاطِنِ سَائِرِ) أَيْ بَاقِي (شُعُورِ الْوَجْهِ) الَّتِي لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ، وَإِنْ كَثُفَتْ لِأَنَّ كَثَافَتَهَا نَادِرَةٌ فَأُلْحِقَتْ بِالْغَالِبَةِ (لَا الْعَارِضَيْنِ الْكَثِيفَيْنِ) ، وَهُمَا الْمُنْحَطَّانِ عَنْ الْقَدْرِ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنَيْنِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهِمَا لِمَا مَرَّ فِي اللِّحْيَةِ، وَلَوْ ذَكَرَهُمَا مَعَهَا كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَنْسَبَ. وَإِنَّمَا، وَجَبَ غَسْلُ بَاطِنِ الْكَثِيفِ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ لِقِلَّةِ وُقُوعِهِ (وَ) يَجِبُ (غَسْلُ بَاطِنِ لِحْيَةِ امْرَأَةٍ، وَخُنْثَى) مُشْكِلٍ، وَإِنْ كَثُفَتْ لِنُدْرَتِهَا، وَنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا، وَلِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ إزَالَتُهَا لِأَنَّهَا مِثْلُهُ فِي حَقِّهَا، وَالْأَصْلُ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ (وَ) يَجِبُ (غَسْلُ سِلْعَةٍ، وَظَاهِرِ شَعْرٍ مِنْ الْوَجْهِ) كَلِحْيَةٍ، وَعَذَارٍ، وَسِبَالٍ إذَا كَانَا (خَارِجَيْنِ عَنْ حَدِّهِ) تَبَعًا لَهُ لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِمَا أَيْضًا، وَأَطْلَقَ كَالْأَصْلِ الِاكْتِفَاءَ بِغَسْلِ ظَاهِرِ الشَّعْرِ الْمَذْكُورِ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ كَثِيفًا، وَإِلَّا، وَجَبَ غَسْلُ بَاطِنِهِ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَصَوَّبَهُ قَالَ، وَكَلَامُ الْمُطْلِقِينَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَمُرَادُهُمْ الْكَثِيفُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ. وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ الْحُكْمَ فِي السِّلْعَةِ، وَالشَّعْرِ بِالْخَارِجَيْنِ لِأَنَّ الدَّاخِلَيْنِ تَقَدَّمَ حُكْمُهُمَا، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّ الْخِلَافِ (وَ) يَجِبُ (غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ و) سَائِرِ (الْجَوَانِبِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْوَجْهِ احْتِيَاطًا) لِيَتَحَقَّقَ اسْتِيعَابُهُ (، وَمَنْ لَهُ، وَجْهَانِ غَسَلَهُمَا) وُجُوبًا كَالْيَدَيْنِ عَلَى عَضُدٍ، وَاحِدٍ أَوْ رَأْسَانِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْوَجْهِ غَسْلُ جَمِيعِهِ فَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ مَا يُسَمَّى وَجْهًا، وَفِي الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِ مَا يُسَمَّى رَأْسًا، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِبَعْضِ أَحَدِهِمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُسَنُّ غَرْفُ مَاءِ الْوَجْهِ بِالْكَفَّيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ، وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ، وَلَوْ أَخَّرَ هَذِهِ إلَى السُّنَنِ كَانَ أَنْسَبَ الْفَرْضِ. (الثَّالِثُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الْفَاءِ، وَعَكْسِهِ قَالَ تَعَالَى {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] وَدَلَّ عَلَى دُخُولِهَا الْآيَةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُبَيِّنُ لِلْوُضُوءِ الْمَأْمُورِ بِهِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَوَجْهُ دَلَالَةِ الْآيَةِ أَنْ تُجْعَلَ الْيَدُ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةٌ إلَى الْمَنْكِبِ عَلَى الْأَصَحِّ مَجَازًا إلَى الْمِرْفَقِ مَعَ جَعْلِ إلَى لِلْغَايَةِ الدَّاخِلَةِ هُنَا فِي الْمُغَيَّا بِمَا يَأْتِي أَوْ لِلْمَعِيَّةِ كَمَا فِي {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: 52] أَوْ تُجْعَلَ بَاقِيَةً عَلَى حَقِيقَتِهَا إلَى الْمَنْكِبِ مَعَ جَعْلِ إلَى غَايَةً لِلْغَسْلِ أَوْ لِلتَّرْكِ الْمُقَدَّرِ كَمَا قَالَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا جَمَاعَةٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا تَدْخُلُ الْغَايَةُ بِقَرِينَتَيْ الْإِجْمَاعِ، وَالِاحْتِيَاطِ لِلْعِبَادَةِ، وَالْمَعْنَى اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِهَا إلَى الْمَرَافِقِ، وَعَلَى الثَّانِي تَخْرُجُ الْغَايَةُ. وَالْمَعْنَى اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ، وَاتْرُكُوا مِنْهَا إلَى الْمَرَافِقِ (فَإِنْ قُطِعَتْ) يَدُهُ (مِنْ الْمِرْفَقِ) بِأَنْ سُلَّ عَظْمُ الذِّرَاعِ، وَبَقِيَ الْعَظْمَتَانِ الْمُسَمَّيَانِ بِرَأْسِ الْعَضُدِ (وَجَبَ غَسْلُ رَأْسِ الْعَضُدِ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمِرْفَقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَجْمُوعُ الْعَظْمَاتِ، وَالْإِبْرَةُ الدَّاخِلَةُ بَيْنَهُمَا لَا الْإِبْرَةُ، وَحْدَهَا (وَنُدِبَ غَسْلُ بَاقِيهِ) أَيْ الْعَضُدِ فَلَوْ قُطِعَتْ مِنْ تَحْتِ الْمِرْفَقِ، وَجَبَ غَسْلُ الْبَاقِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَنُدِبَ غَسْلُ الْعَضُدِ كَمَا فُهِمَا مَعًا بِالْأَوْلَى مِنْ الصُّورَةِ السَّابِقَةِ، وَالتَّصْرِيحُ يُنْدَبُ غَسْلُ الْبَاقِي فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (كَأَنْ قُطِعَ مِنْ فَوْقِهِ) فَإِنَّهُ يُنْدَبُ غَسْلُ بَاقِي عَضُدِهِ لِئَلَّا يَخْلُو الْعُضْوُ عَنْ طَهَارَةٍ، وَلِتَطْوِيلِ التَّحْجِيلِ كَالسَّلِيمِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ التَّابِعُ بِسُقُوطِ الْمَتْبُوعِ كَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ أَيَّامَ الْجُنُونِ لِأَنَّ سُقُوطَ الْمَتْبُوعِ ثَمَّ رُخْصَةٌ فَالتَّابِعُ أَوْلَى بِهِ، وَسُقُوطُهُ هُنَا لَيْسَ رُخْصَةً بَلْ لِتَعَذُّرِهِ فَحُسْنُ الْإِتْيَانِ بِالتَّابِعِ مُحَافَظَةٌ عَلَى الْعِبَادَةِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَإِمْرَارِ الْمُحْرِمِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ عِنْدَ عَدَمِ شَعْرِهِ، وَلِأَنَّ التَّابِعَ ثَمَّ شُرِعَ تَكْمِلَةً لِنَقْصِ الْمَتْبُوعِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَلِحْيَةٍ وَعَذَارٍ وَسِبَالٍ إلَخْ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَخُنْثَى. (قَوْلُهُ خَارِجَيْنِ عَنْ حَدِّهِ) اسْتَشْكَلَهُ صَاحِبُ الْوَافِي وَقَالَ أَرَى كُلَّ لِحْيَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ طُولًا وَعَرْضًا طَالَتْ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْخَارِجِ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ قَالَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا تَدَلَّى وَانْعَطَفَ وَخَرَجَ عَنْ الِانْتِصَابِ إلَى الِاسْتِرْسَالِ وَالنُّزُولِ فَإِنَّ أَوَّلَ خُرُوجِ الشَّعْرِ يَخْرُجُ مُنْتَصِبًا فَهُوَ عَلَى حَدِّ الْوَجْهِ وَمَا زَادَ عَنْ الِانْتِصَابِ إلَى الِاسْتِرْسَالِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ حَدِّهِ، وَفِي الذَّخَائِرِ الْمُسْتَرْسِلُ هُوَ الشَّعْرُ الَّذِي يَسْتُرُ الْبَشَرَةَ وَيَنْتَشِرُ مِنْ مَنْبِتِهِ حَتَّى يُجَاوِزَ عَرْضَ الْوَجْهِ فِي اسْتِدَارَةِ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَى الْوَجْهِ وَالِاعْتِبَارُ بِعَرْضِ الْوَجْهِ وَإِلَّا فَأَيُّ شَعْرٍ نَبَتَ عَلَى الذَّقَنِ وَلَوْ قَدْرَ نِصْفِ شَعْرَةٍ فَهُوَ زَائِدٌ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ طُولًا فَيُعْتَبَرُ الشَّعْرُ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَنْ يَكُونَ طُولُهُ قَدْرَ مِسَاحَةِ مَا بَيْنَ الْعِذَارَيْنِ وَالْعَارِضَيْنِ مَعَهُمَا وَأَصْلِ الْأُذُنِ لِأَنَّ أَصْلَ الْأُذُنِ آخِرُ الْوَجْهِ عَرْضًا، فَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ فَهُوَ الْمُسْتَرْسِلُ. (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ) وَفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ عَكْسِهِ ش (قَوْلُهُ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ) ذَكَرَ الْمَرَافِقَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَالْكَعْبَيْنِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ لِأَنَّ مُقَابَلَةَ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تَقْتَضِي انْقِسَامَ الْآحَادِ عَلَى الْآحَادِ وَلِكُلِّ يَدٍ مِرْفَقٌ فَصَحَّتْ الْمُقَابَلَةُ وَلَوْ قِيلَ إلَى الْكِعَابِ لَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ لِكُلِّ رِجْلٍ كَعْبٌ وَاحِدٌ فَذَكَرَ الْكَعْبَيْنِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ لِيَتَنَاوَلَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ كُلِّ رِجْلٍ، فَإِنْ قِيلَ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجِبُ إلَّا غَسْلُ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَرِجْلٍ وَاحِدَةٍ قُلْنَا صَدَّنَا عَنْهُ فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ بِقَرِينَتَيْ الْإِجْمَاعِ وَالِاحْتِيَاطِ) أَيْ لَا لِكَوْنِهَا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا تَدْخُلُ كَمَا قِيلَ لِعَدَمِ اطِّرَادِهِ كَمَا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَغَيْرُهُ، فَإِنَّهَا قَدْ تَدْخُلُ كَمَا فِي نَحْوِ قَرَأْت الْقُرْآنَ إلَى آخِرِهِ وَقَدْ لَا تَدْخُلُ كَمَا فِي نَحْوِ قَرَأْت الْقُرْآنَ إلَى سُورَةِ كَذَا ش. (قَوْلُهُ وَعَلَى الثَّانِي تَخْرُجُ الْغَايَةُ إلَخْ) ، وَلِلِاسْتِدْلَالِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْمُتَوَلِّي وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ {وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6] لَوَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ فَلَمَّا قَالَ {إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] أَخْرَجَ الْبَعْضَ عَنْ الْوُجُوبِ فَمَا تَحَقَّقْنَا خُرُوجَهُ تَرَكْنَاهُ وَمَا شَكَكْنَا فِيهِ أَوْجَبْنَاهُ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ) أَنَّثَهَا لِأَنَّ مَا ثُنِّيَ فِي الْإِنْسَانِ مِنْ الْأَعْضَاءِ كَالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالْأُذُنِ فَهُوَ مُؤَنَّثٌ بِخِلَافِ الْأَنْفِ وَالْقَلْبِ وَنَحْوِهِمَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 مَتْبُوعٌ فَلَا تَكْمِلَةَ بِخِلَافِهِ هُنَا لَيْسَ تَكْمِلَةً لِلْمَتْبُوعِ لِأَنَّهُ كَامِلٌ بِالْمُشَاهَدَةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ قُطِعَ مِنْ مَنْكِبِهِ نُدِبَ غَسْلُ مَحَلِّ الْقَطْعِ بِالْمَاءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَغَيْرُهُ. (وَيَجِبُ غَسْلُ شَعْرٍ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا (وَإِنْ كَثُفَ) لِنُدْرَتِهِ (وَ) غَسْلُ (ظُفْرٍ، وَإِنْ طَالَ و) غَسْلُ (يَدٍ زَائِدَةٍ إنْ نَبَتَتْ بِمَحَلِّ الْفَرْضِ) ، وَلَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ، وَسِلْعَةٍ سَوَاءٌ أَجَاوَزَتْ الْأَصْلِيَّةَ أَمْ لَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ نَبَتَتْ بِغَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ (غَسَلَ) وُجُوبًا (مَا حَاذَى) مِنْهَا (مَحَلَّهُ) لِوُقُوعِ اسْمِ الْيَدِ عَلَيْهِ مَعَ مُحَاذَاتِهِ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُحَاذِهِ إلَّا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ الزَّائِدَةُ كَمَا سَيَأْتِي. (وَ) تَجْرِي هَذِهِ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا (فِي الرِّجْلَيْنِ كَذَلِكَ) أَيْ كَجَرَيَانِهَا فِي الْيَدَيْنِ، وَلَوْ أَخَّرَ هَذَا عَمَّا يَأْتِي مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُشْتَرَكِ فِيهَا الْيَدَانِ، وَالرِّجْلَانِ كَانَ أَوْلَى (فَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ النَّاقِصَةُ) يَعْنِي الزَّائِدَةَ عَنْ الْأَصْلِيَّةِ بِأَنْ كَانَتَا أَصْلِيَّتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا زَائِدَةٌ، وَلَمْ تَتَمَيَّزْ (بِفُحْشِ قِصَرٍ، وَنَقْصِ أَصَابِعَ، وَضَعْفِ بَطْشٍ، وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ كُلٍّ مِنْهَا (غَسَلَهُمَا) وُجُوبًا سَوَاءٌ أَخَرَجَتَا مِنْ الْمَنْكِبِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِيَتَحَقَّقَ إتْيَانُهُ بِالْفَرْضِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ السَّرِقَةِ بِقَطْعِ إحْدَاهُمَا فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا لِأَنَّ الْوُضُوءَ مَبْنَاهُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَالْحَدُّ عَلَى الدَّرْءِ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ (وَإِنْ تَدَلَّتْ جِلْدَةُ الْعَضُدِ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا) أَيْ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْهَا لَا الْمُحَاذِي، وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْيَدِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا مَعَ خُرُوجِهَا عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ (أَوْ) تَقَلَّصَتْ (جِلْدَةُ الذِّرَاعِ مِنْهُ، وَجَبَ) غَسْلُهَا لِأَنَّهَا مِنْهُ (أَوْ) تَدَلَّتْ (جِلْدَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ) بِأَنْ تَقَلَّعَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَبَلَغَ التَّقَلُّعُ إلَى الْآخَرِ ثُمَّ تَدَلَّتْ مِنْهُ (فَالِاعْتِبَارُ بِمَا تَدَلَّتْ مِنْهُ) أَيْ بِمَا انْتَهَى إلَيْهِ تَقَلُّعُهَا لَا بِمَأْمَنِهِ تَقَلُّعَهَا فَيَجِبُ غَسْلُهَا فِيمَا إذَا بَلَغَ تَقَلُّعُهَا مِنْ الْعَضُدِ إلَى الذِّرَاعِ دُونَ مَا إذَا بَلَغَ مِنْ الذِّرَاعِ إلَى الْعَضُدِ لِأَنَّهَا صَارَتْ جُزْءًا مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (فَإِنْ الْتَصَقَتْ) بَعْدَ تَقَلُّعِهَا مِنْ أَحَدِهِمَا (بِالْآخَرِ، وَجَبَ غَسْلُ مُحَاذِي الْفَرْضِ) مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ ثُمَّ إنْ تَجَافَتْ عَنْهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا أَيْضًا لِنُدْرَتِهِ بِخِلَافِ مَا تَحْتَ كَثِيفِ لِحْيَةِ الرَّجُلِ، وَإِنْ سَتَرَتْهُ اكْتَفَى بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ فَتْقُهَا فَلَوْ غَسَلَهُ ثُمَّ زَالَتْ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا طَهُرَ مِنْ تَحْتِهَا لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى ظَاهِرِهَا كَانَ لِلضَّرُورَةِ، وَقَدْ زَالَتْ بِخِلَافِ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ إذَا حُلِقَتْ لِأَنَّ غَسْلَ بَاطِنِهَا كَانَ مُمْكِنًا، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ غَسْلُ الظَّاهِرِ، وَقَدْ فَعَلَهُ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَإِنْ تَدَلَّتْ جِلْدَةٌ إلَخْ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ. (وَإِنْ تَوَضَّأَ فَقُطِعَتْ) يَدُهُ (أَوْ تَثَقَّبَتْ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَا ظَهَرَ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَمَّا تَحْتَهُ بِخِلَافِ الْخُفِّ (إلَّا لِحَدَثٍ) فَيَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ كَالظَّاهِرِ أَصَالَةً، وَخَرَجَ بِمَا ظَهَرَ مَا لَوْ كَانَ لِلثَّقْبِ غَوْرٌ فِي اللَّحْمِ فَلَا يَلْزَمهُ غَسْلُ بَاطِنِهِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ إلَّا غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا بِالِاقْتِضَاضِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي صِفَةِ الْغُسْلِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ، وَأَقَرَّهُ (، وَالْعَاجِزُ) عَنْ الْوُضُوءِ لِقَطْعِ يَدِهِ أَوْ نَحْوِهِ (يَسْتَأْجِرُ) وُجُوبًا (مُوَضِّئًا) أَيْ مِنْ يُوَضِّئُهُ (بِأُجْرَةِ مِثْلٍ) فَاضِلَةٍ عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، وَكِفَايَتِهِ، وَكِفَايَةِ مُؤْنَةِ يَوْمِهِ، وَلَيْلَتِهِ كَمَا يَلْزَمُ فَاقِدِ الْمَاءِ شِرَاؤُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَالْمُرَادُ كَمَا فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُ مَنْ يُوَضِّئُهُ مُتَبَرِّعًا أَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ كَمَا ذُكِرَ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَيْهِ ذَلِكَ (تَيَمَّمَ) لِعَجْزِهِ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (وَأَعَادَ) مَا صَلَّاهُ بِهِ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ الْفَرْضِ (الرَّابِعُ مَسْحُ الرَّأْسِ) قَالَ تَعَالَى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] ، وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى عِمَامَتِهِ» (وَيُجْزِئُهُ) الْمَسْحُ (وَلَوْ بَعْضَ شَعْرَةٍ) ، وَاحِدَةٍ، وَلَوْ (بِعُودٍ لَا مَا خَرَجَ) مِنْ الشَّعْرِ، وَلَوْ (بِالْمَدِّ) إلَى جِهَةِ سُفْلِهِ (عَنْ الْحَدِّ) أَيْ حَدِّ الرَّأْسِ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَيَكْفِي تَقْصِيرُهُ فِي الْحَجِّ لِتَعَلُّقِ فَرْضِهِ بِشَعْرِ الرَّأْسِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِالْخَارِجِ، وَفَرْضُ الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ، وَهُوَ مَا تَرَأَّسَ، وَعَلَا، وَالْخَارِجُ لَا يُسَمَّى رَأْسًا (أَوْ قَدْرُهُ) أَيْ قَدْرُ بَعْضِ شَعْرِهِ (مِنْ الْبَشَرَةِ، وَلَوْ مِنْ ذِي رَأْسَيْنِ) فَيَكْفِي مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا، وَاكْتَفَى بِمَسْحِ الْبَعْضِ فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَسْحِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا لِنَفْسِهِ) لَوْ امْتَنَعَ غَسْلُ الْوَجْهِ لِعِلَّةٍ بِهِ، وَمَا جَاوَرَهُ صَحِيحٌ لَمْ يُسْتَحَبَّ غَسْلُهُ لِلْغُرَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَأَقَرَّهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِغَسْلِ الْوَجْهِ فَسَقَطَ لِسُقُوطِهِ، وَفُرِّقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْيَدِ وَالْوَجْهِ بِأَنَّ فَرْضَ الرَّأْسِ الْمَسْحُ وَهُوَ بَاقٍ عِنْدَ تَعَذُّرِ غَسْلِ الْوَجْهِ وَاسْتِحْبَابِ مَسْحِ الْعُنُقِ وَالْأُذُنَيْنِ بَاقٍ بِحَالِهِ، فَإِذَا لَمْ يُسْتَحَبَّ غَسْلُ ذَلِكَ لَمْ يَخْلُ الْمَحَلُّ الْمَطْلُوبُ عَنْ الطَّهَارَةِ وَلَا كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْيَدِ. اهـ. وَيَأْتِي مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِيمَا لَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ إلَى الْمِرْفَقِ وَالْكَعْبِ لِعِلَّةٍ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ سُقُوطَ وُجُوبِ الْغُسْلِ حِينَئِذٍ رُخْصَةٌ فَسَقَطَ تَابِعُهُ مِثْلُ مَا مَرَّ قَالَ شَيْخُنَا هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ السُّقُوطِ فِيهِمَا (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لَوْ دَخَلَتْ أُصْبُعَهُ شَوْكَةٌ يَصِحُّ وُضُوءُهُ وَإِنْ كَانَ رَأْسُهَا ظَاهِرًا لِأَنَّ مَا حَوَالَيْهَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا سَتَرَتْهُ الشَّوْكَةُ بَاطِنٌ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ نَزَعَ الشَّوْكَةَ تَبْقَى ثُقْبَةٌ فَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ حَتَّى يَنْزِعَهَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا) مُرَكَّبَةٌ مِنْ إنْ الشَّرْطِيَّةِ وَلَا النَّافِيَةِ الْمَحْذُوفِ مَدْخُولُهُمَا وَلَيْسَتْ حَرْفَ اسْتِثْنَاءٍ كَمَا قِيلَ وَإِلَّا لَمْ تَجْتَمِعْ مَعَ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْفَاءِ بَعْدَهَا مَسَاغٌ. (قَوْلُهُ: مَعَ مُحَاذَاتِهِ لِمَحِلِّ الْفَرْضِ) لَوْ أُبِينَ سَاعِدُ الْيَدِ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ الْمِرْفَقِ أَوْ مِنْ فَوْقِهِ فَظَاهِرٌ وُجُوبُ غَسْلِ الْمُحَاذِي لِمَحِلِّ الْفَرْضِ قَبْلَ الْإِبَانَةِ مِنْ الزَّائِدَةِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبُهُ فِي الثَّانِيَةِ ك (قَوْلُهُ مِنْ يُوَضِّئُهُ مُتَبَرِّعًا أَوْ بِأُجْرَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَالنِّيَّةُ تَكُونُ مِنْ الْآذِنِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فِي التَّيَمُّمِ وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالتَّرْغِيبِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَبِّدُ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِنِيَّةِ الْمَأْذُونِ لَهُ ح (قَوْلُهُ إلَى جِهَةِ سُفْلِهِ) أَيْ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَالْوَجْهِ، وَهِيَ جِهَةُ النُّزُولِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّعْرَ الْكَائِنَ فِي حَدِّ الرَّأْسِ الَّذِي لَوْ مُدَّ لَخَرَجَ عَنْ حَدِّهِ إنَّمَا لَا يُجْزِئُ مَسْحُهُ إذَا كَانَ فِي جِهَةِ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْكِبَيْنِ فَإِنْ كَانَ فِي مُقَدِّمِ الرَّأْسِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ مُدَّ لَخَرَجَ عَنْ الرَّأْسِ لِأَنَّ تِلْكَ الْجِهَةَ لَيْسَتْ مَحِلًّا لِاسْتِرْسَالِ الشَّعْرِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا ذَلِكَ وَقَوْلُهُ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ ضَعِيفٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 بِوُجُوبِ خُصُوصِ النَّاصِيَةِ، وَهِيَ الشَّعْرُ الَّذِي بَيْنَ النَّزْعَتَيْنِ، وَالِاكْتِفَاءُ بِهَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الِاسْتِيعَابِ، وَيَمْنَعُ وُجُوبَ التَّقْدِيرِ بِالرُّبْعِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهَا دُونَهُ، وَالْبَاءُ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُتَعَدِّدٍ كَمَا فِي الْآيَةِ تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ} [الحج: 29] تَكُونُ لِلْإِلْصَاقِ. وَإِنَّمَا، وَجَبَ التَّعْمِيمُ فِي التَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّ آيَاتِهِ كَالْآيَةِ هُنَا لِثُبُوتِ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ، وَلِأَنَّهُ بَدَلٌ فَاعْتُبِرَ مُبْدَلُهُ، وَمَسْحُ الرَّأْسِ أَصْلٌ فَاعْتُبِرَ لَفْظُهُ، وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِهِ فِي الْخُفِّ فَلِلْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ التَّعْمِيمَ يُفْسِدُهُ مَعَ أَنَّ مَسْحَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ لِجَوَازِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْغُسْلِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ، وَالرَّأْسُ مُذَكَّرٌ (وَلَوْ قَطَّرَ الْمَاءَ) عَلَى رَأْسِهِ (أَوْ، وَضَعَ يَدَهُ) الْمُبْتَلَّةَ عَلَيْهِ (أَوْ تَعَرَّضَ لِلْمَطَرِ نَاوِيًا) الْمَسْحَ (وَلَمْ يَمْسَحْ) بِالْمَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (أَجْزَأَهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ إلَيْهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّالِثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَاعْتِبَارُهُ النِّيَّةَ فِيهَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ، وَغَيْرَهُ، وَقَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ (وَلَوْ غَسَلَهُ لَمْ يُكْرَهْ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ إذْ بِهِ تَحْصُلُ النَّظَافَةُ (وَلَمْ يُسْتَحَبَّ) لِأَنَّهُ تَرْكُ مَا يُشْبِهُ الرُّخْصَةَ بِخِلَافِ الْخُفِّ يُكْرَهُ غَسْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ يَعِيبُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْغَسْلَ كَافٍ لِأَنَّهُ مَسْحٌ، وَزِيَادَةٌ فَالْوَاجِبُ مَسْحُهُ أَوْ غَسْلُهُ عَلَى نَظِيرِ مَا يَأْتِي فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، (وَيُجْزِئُ مَسْحٌ بِبَرَدٍ، وَثَلْجٍ لَا يَذُوبَانِ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ (وَ) يُجْزِئُ (غَسْلٌ) بِهِمَا (إنْ ذَابَا، وَجَرَيَا عَلَى الْعُضْوِ) لِذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَاتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ حَلَقَ) رَأْسَهُ بَعْدَ مَسْحِهِ (لِمَ بَعْدَهُ) أَيْ الْمَسْحُ لِمَا مَرَّ فِي قَطْعِ يَدِهِ (الْفَرْضُ الْخَامِسُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ) مِنْ كُلِّ رِجْلٍ، وَهُمَا الْعَظْمَتَانِ النَّاتِئَانِ عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ، وَالْقَدَمِ قَالَ تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] قُرِئَ بِالنَّصْبِ، وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْوُجُوهِ لَفْظًا فِي الْأَوَّلِ، وَمَعْنًى فِي الثَّانِي لِجَرِّهِ عَلَى الْجِوَارِ، وَدَلَّ عَلَى دُخُولِ الْكَعْبَيْنِ فِي الْغَسْلِ مَا دَلَّ عَلَى دُخُولِ الْمِرْفَقَيْنِ فِيهِ، وَقَدْ مَرَّ، وَعَلَى أَنَّهُمَا الْعَظْمَتَانِ الْمَذْكُورُ أَنَّ قَوْلَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ «لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِقَامَةِ الصُّفُوفِ فَرَأَيْت الرَّجُلَ يُلْصِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ أَخِيهِ، وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ» رَوَاهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ، وَحِبَّانَ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ عَيْنًا فِي حَقِّ لَابِسِ الْخُفِّ بَلْ إمَّا هُوَ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ لِأَصَالَتِهِ، وَلِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَالِبًا (أَوْ مَسْحُ الْخُفِّ) ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ (السَّادِسُ التَّرْتِيبُ) فِي أَفْعَالِهِ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُبَيِّنِ لِلْوُضُوءِ الْمَأْمُورِ بِهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّتِهِ «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مَمْسُوحًا بَيْنَ مَغْسُولَاتٍ وَتَفْرِيقُ الْمُتَجَانِسِ لَا تَرْتَكِبُهُ الْعَرَبُ إلَّا لِفَائِدَةِ، وَهِيَ هُنَا وُجُوبُ التَّرْتِيبِ لَا نَدْبُهُ بِقَرِينَةِ الْأَمْرِ فِي الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ الْآيَةَ بَيَانٌ لِلْوُضُوءِ الْوَاجِبِ، وَقَدَّمَ الْوَجْهَ لِشَرَفِهِ ثُمَّ الْيَدَانِ لِأَنَّهُمَا بَارِزَتَانِ، وَيَعْمَلُ بِهِمَا غَالِبًا بِخِلَافِ الرَّأْسِ، وَالرِّجْلَيْنِ ثُمَّ الرَّأْسُ لِشَرَفِهِ قَالَهُ الْقَفَّالُ (فَلَوْ عَكَسَ) بِأَنْ تَرَكَهُ، وَلَوْ (سَاهِيًا أَوْ، وَضَّأَهُ أَرْبَعَةً بِأَمْرِهِ دَفْعَةً حَصَلَ الْوَجْهُ) أَيْ غَسْلُهُ (فَقَطْ) بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (إنْ نَوَى عِنْدَهُ) فَلَا يَحْصُلُ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَهُ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ، وَلَا يُعْذَرُ بِالسَّهْوِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَرْكَانِ، وَقَوْلُهُ بِأَمْرِهِ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْأَصْلِ بِإِذْنِهِ قَيْدٌ مُضِرٌّ فَإِنْ غَسَلَ الْوَجْهَ يَحْصُلُ إذَا نَوَى عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ، وَلَمْ يَأْذَنْ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ فِيمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ غُسْلِ الْفُضُولِيِّ (وَلَوْ نَكَّسَ وُضُوءَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَجْزَأَهُ) لِحُصُولِ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ فِي مَرَّةٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَوْ اغْتَسَلَ مُحْدِثٌ بِنِيَّةِ) رَفْعِ (الْحَدَثِ) أَوْ نَحْوِهِ، وَلَوْ مُتَعَمِّدًا (أَوْ) بِنِيَّةِ رَفْعِ (الْجَنَابَةِ) أَوْ نَحْوِهَا (غَالَطَا، وَرَتَّبَ) فِيهِمَا (أَوْ انْغَمَسَ) بِنِيَّةِ مَا ذُكِرَ، وَلَوْ مُبْتَدِئًا بِأَسَافِلِهِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ) نَقَلَ ابْنُ هِشَامٍ التَّبْعِيضَ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ وَالْفَارِسِيِّ وَالْقُتَيْبِيِّ وَابْنُ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ وَجَعَلُوا مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ اعْتِبَارُهَا إذْ هُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ انْغَسَلَ بَعْضُ أَعْضَاءِ مَنْ نَوَى بِسَقْطَةٍ فِي مَاءٍ أَوْ غَسَلَهَا فُضُولِيٌّ وَنِيَّتُهُ عَازِبَةٌ لَمْ يَجْزِهِ. (قَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى الْوُجُوهِ إلَخْ) وَيَجُوزُ عَطْفُ قِرَاءَةِ الْجَرِّ عَلَى الرُّءُوسِ وَبِحَمْلِ الْمَسْحِ عَلَى مَسْحِ الْخُفِّ أَوْ عَلَى الْغَسْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ مَسْحًا وَعَبَّرَ بِهِ فِي الْأَرْجُلِ طَلَبًا لِلِاقْتِصَارِ وَلِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْإِسْرَافِ لِغَسْلِهَا بِالصَّبِّ عَلَيْهَا وَتُجْعَلُ الْبَاءُ الْمُقَدَّرَةُ عَلَى هَذَا لِلْإِلْصَاقِ وَالْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الظَّاهِرَةِ فِي إيجَابِ الْغُسْلِ. (قَوْلُهُ أَوْ مَسْحُ الْخُفِّ) يَجِبُ مَسْحُ الْخُفِّ إذَا كَانَ لَابِسًا فِي سِتِّ مَسَائِلَ، الْأُولَى وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ إنْ غَسَلَ وَيَكْفِيهِ إنْ مَسَحَ، الثَّانِيَةُ انْصَبَّ مَاؤُهُ عِنْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَوَجَدَ بَرْدًا لَا يَذُوبُ يَمْسَحُ بِهِ، الثَّالِثَةُ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْغُسْلِ لَخَرَجَ الْوَقْتُ الرَّابِعَةُ خَشِيَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ لَوْ غَسَلَ الْخَامِسَةُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ وَخِيفَ انْفِجَارُهُ لَوْ غَسَلَ السَّادِسَةُ خَشِيَ فَوَاتَ وُقُوفِ عَرَفَةَ لَوْ غَسَلَ. (قَوْلُهُ وَهِيَ هُنَا وُجُوبُ التَّرْتِيبِ) قَالَ شَيْخُنَا وَأَيْضًا فَعَادَةُ الْعَرَبِ ذِكْرُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ فَاللَّائِقُ بِعَادَتِهِمْ ذِكْرُ الرَّأْسِ بَعْدَ الْوَجْهِ لِقُرْبِهِ الْيَدَيْنِ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ فَتَقْدِيمُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرَّأْسِ إشَارَةٌ لِلتَّرْتِيبِ، (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْآيَةَ إلَخْ) «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ مُرَتِّبًا هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ» أَيْ بِمِثْلِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ تَرْجِعُ فِي حَالِ الْعُذْرِ إلَى نِصْفِهَا فَوَجَبَ فِيهَا التَّرْتِيبُ كَالصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ قَيْدٌ مُضِرٌّ) لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُفْهِمُ عَدَمَ حُصُولِ مَا عَدَا الْوَجْهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَقَطْ وَيَقُولُ أَصْلُهُ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا الْوَجْهُ عِنْدَ عَدَمِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْقَائِلِ بِحُصُولِ الْجَمِيعِ ك (قَوْلُهُ وَلَوْ اغْتَسَلَ مُحْدِثٌ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَوْ نَوَى الْوُضُوءَ بِغُسْلِهِ لَمْ أَجِدْهُ مَنْقُولًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِئَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ الْغُسْلُ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً ش قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرٌ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى عُمُومِ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ إنْ قِيلَ بِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ انْغَمَسَ بِنِيَّةِ مَا ذُكِرَ إلَخْ) وَلَوْ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَكُتِبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ مَحِلُّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا وَإِلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 (أَجْزَأَهُ) عَنْ الْوُضُوءِ (وَلَوْ لَمْ يَمْكُثْ) فِي الِانْغِمَاسِ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ التَّرْتِيبُ لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْأَكْبَرِ فَلِلْأَصْغَرِ أَوْلَى، وَلِتَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ إنَّمَا يُجْزِئُهُ إنْ مَكَثَ، وَلَوْ أَغْفَلَ لُمْعَةً مِنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ قَطَعَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَهُوَ عَلَى الرَّاجِحِ مَمْنُوعٌ، وَعَلَى غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَمْكُثْ فَإِنْ مَكَثَ أَجْزَأَهُ، وَاكْتَفَى بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ، وَنَحْوِهَا مَعَ أَنَّ الْمَنْوِيَّ طُهْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ التَّرْتِيبِ نَفْيًا، وَإِثْبَاتًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ غَالِطًا مَا لَوْ تَعَمَّدَ فَلَا يُجْزِئُهُ لِتَلَاعُبِهِ بِاعْتِبَارِهِ التَّرْتِيبَ أَوْ الِانْغِمَاسَ مَا لَوْ غَسَلَ الْأَسَافِلَ قَبْلَ الْأَعَالِي فَلَا يُجْزِئُهُ (وَلَوْ أَحْدَثَ، وَأَجْنَبَ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (أَجْزَأَهُ الْغُسْلُ عَنْهُمَا) لِانْدِرَاجِ الْأَصْغَرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فِي الْأَكْبَرِ لِظَوَاهِرِ الْأَخْبَارِ كَخَبَرِ «أَمَّا أَنَا فَيَكْفِينِي أَنْ أَصُبَّ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا ثُمَّ أُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ، وَلِأَنَّ وَضْعَ الطَّهَارَاتِ عَلَى التَّدَاخُلِ فِعْلًا وَنِيَّةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَحْدَاثٌ كَفَى فِعْلٌ وَاحِدٌ وَنِيَّةٌ وَاحِدَةٌ (فَلَوْ اغْتَسَلَ إلَّا رِجْلَيْهِ أَوْ إلَّا يَدَيْهِ) مَثَلًا (ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ غَسَلَهُمَا) عَنْ الْجَنَابَةِ (تَوَضَّأَ، وَلَمْ يَجِبْ إعَادَةُ غَسْلِهِمَا) لِارْتِفَاعِ حَدَثِهِمَا بِغُسْلِهِمَا عَنْ الْجَنَابَةِ، وَهَذَا وُضُوءٌ خَالٍ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ الْيَدَيْنِ، وَهُمَا مَكْشُوفَتَانِ بِلَا عِلَّةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ، وَعَنْ التَّرْتِيبِ وَغَلَّطَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ غَيْرُ خَالٍ عَنْهُ بَلْ لَمْ يَجِبْ فِيهِ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ إنْكَارٌ صَحِيحٌ، وَلَوْ غَسَلَ بَدَنَهُ إلَّا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ لَمْ يَجِبْ تَرْتِيبَهَا (فَصْلٌ) فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ (وَمِنْ سُنَنِهِ السِّوَاكُ) ، وَهُوَ لُغَةً الدَّلْكُ، وَآلَتُهُ، وَشَرْعًا اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ كَأُشْنَانٍ فِي الْأَسْنَانِ، وَمَا حَوْلَهَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَأَحْسَنُ بِزِيَادَتِهِ مِنْ لِأَنَّ السُّنَنَ لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ (وَهُوَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا) لِخَبَرِ «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ» رَوَاهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ، وَحِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَالْمَطْهَرَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِهَا كُلُّ إنَاءٍ يُتَطَهَّرُ بِهِ فَشُبِّهَ السِّوَاكُ بِهِ لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ الْفَمَ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمَطْهَرَةُ، وَالْمِطْهَرَةُ الْإِدَاوَةُ، وَالْفَتْحُ أَعْلَى، وَيُقَالُ السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ اهـ. قَالَ أَبُو الْخَيْرِ الْقَزْوِينِيُّ فِي كِتَابِ خَصَائِصِ السِّوَاكِ، وَيَجِبُ السِّوَاكُ عَلَى مَنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ لِإِزَالَةِ الدُّسُومَةِ النَّجِسَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ إزَالَتُهَا بِسِوَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ السِّوَاكُ عَيْنًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلَا يُكْرَهُ) السِّوَاكُ (إلَّا لِصَائِمٍ بَعْدَ الزَّوَالِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» ، وَالْخُلُوفُ بِضَمِّ الْخَاءِ تَغَيُّرُ رَائِحَةِ الْفَمِ، وَالْمُرَادُ الْخُلُوفُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِخَبَرِ «أُعْطِيت أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا ثُمَّ قَالَ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُمْ يُمْسُونَ، وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» رَوَاهُ السَّمْعَانِيُّ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَالْمَسَاءُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَأَطْيَبِيَّةُ الْخُلُوفِ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ إبْقَائِهِ فَكُرِهَتْ إزَالَتُهُ فِيمَا ذُكِرَ، وَقِيلَ لَا تُكْرَهُ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا، وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ، وَصُحِّحَ فِيهِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَزُولُ بِالْغُرُوبِ، وَالْمَعْنَى فِي اخْتِصَاصِهَا بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ إنْ تَغَيَّرَ الْفَمُ بِالصَّوْمِ إنَّمَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ قَالَهُ   [حاشية الرملي الكبير] لَكَانَ بِارْتِفَاعِ الْحَدَثِ عَنْ وَجْهِهِ مُسْتَعْمِلًا لِكُلِّهِ فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ عَلَى الرَّاجِحِ مَمْنُوعٌ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ. (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ غَالِطًا إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ نَوَى الْمُحْدِثُ غَسْلَ أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ الْجَنَابَةِ غَالَطَا ظَانًّا أَنَّهُ جُنُبٌ صَحَّ وُضُوءُهُ. (قَوْلُهُ فَلَا يُجْزِئُهُ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ التَّعْلِيلِ بِكَوْنِ الْغُسْلِ أَكْمَلَ مِنْ الْوُضُوءِ [فَصْلٌ فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ] (فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ وَمِنْ سُنَنِهِ السِّوَاكُ) قَالَ فِي الطِّرَازِ هِيَ نَحْوُ خَمْسِينَ (فَائِدَةٌ) السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مُبَيِّضٌ لِلْأَسْنَانِ مُطَيِّبٌ لِلنَّكْهَةِ يَشُدُّ اللِّثَةَ وَيُصَفِّي الْحَلْقَ وَيُفْصِحُ وَيُفَطِّنُ وَيَقْطَعُ الرُّطُوبَةَ وَيَحُدُّ الْبَصَرَ وَيُبْطِئُ بِالشَّيْبِ وَيُسَوِّي الظَّهْرَ وَيُرْهِبُ الْعَدُوَّ وَيَهْضِمُ الطَّعَامَ وَيُغَذِّي الْجَائِعَ وَيُضَاعِفُ الْأَجْرَ وَيُرْضِي الرَّبَّ وَيُذَكِّرُ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ وَيُنَمِّي الْأَمْوَالَ وَيُخَفِّفُ الصُّدَاعَ وَيُقَوِّي الْقَلْبَ وَالْمَعِدَةَ وَعَصَبَ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ إلَّا لِلصَّائِمِ إلَخْ) إنَّمَا كُرِهَ إزَالَةُ الْخُلُوفِ وَجَزَمَ إزَالَةَ دَمِ الشَّهِيدِ لِأَنَّ فِيهَا تَفْوِيتُ فَضِيلَةٍ عَلَيْهِ لَمْ يَأْذَنْ فِيهَا فَلَيْسَ هُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا، وَإِنَّمَا نَظِيرُ إزَالَةِ دَمِ الشَّهِيدِ أَنْ يُسَوَّكَ إنْسَانٌ صَائِمًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَنَظِيرُ مَسْأَلَةِ السِّوَاكِ فِي الشَّهِيدِ أَنْ يُزِيلَ الدَّمَ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَرَضٍ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتَ فِيهِ بِسَبَبِ الْقِتَالِ فَتَفْوِيتُ الْمُكَلَّفِ الْفَضِيلَةَ عَنْ نَفْسِهِ جَائِزٌ وَتَفْوِيتُ غَيْرِهِ لَهَا عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ فِي دَمِ الشَّهِيدِ شَيْءٌ عَارَضَهُ فِي الصَّوْمِ تَأَذِّيه هُوَ وَغَيْرُهُ بِرَائِحَتِهِ فَلَهُ إزَالَتُهُ لِمُعَارَضَةِ هَذَا الْمَعْنَى وَيُكْرَهُ السِّوَاكُ أَيْضًا لِمَنْ يَخْشَى مِنْهُ أَنْ يُدْمِيَ لِثَتَهُ وَقَدْ أَقْبَلَ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَا مَاءَ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ لِلصَّائِمِ قَبْلَ الزَّوَالِ إذَا كَانَ يُدْمِي فَمَه لِمَرَضٍ فِي لِثَتِهِ وَيَخْشَى لِفَاطِرٍ مِنْهُ وَلِغَيْرِهِ حَيْثُ لَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ فَمَه بَلْ لَا يَجُوزُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَا مَاءَ عِنْدَهُ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ. (فَائِدَةٌ) وَقَعَ خِلَافٌ بَيْنَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ الصَّلَاحِ وَالشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَنَّ رَائِحَةَ الْمِسْكِ لِلْخُلُوفِ هَلْ هِيَ فِي الْآخِرَةِ فَقَطْ أَمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَصَنَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ تَصْنِيفًا فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْأَوَّلِ لِمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِالثَّانِي لِحَدِيثِ السَّمْعَانِيِّ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ حِينَ يَخْلُفُ» رَوَى هَذِهِ الرِّوَايَةَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَيَخْلُفُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ اللَّامِ ج، وَفِي الْإِعْجَازِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ الْفِطْرُ فَأَصْبَحَ صَائِمًا كُرِهَ لَهُ السِّوَاكُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَقَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْأَوَّلِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ فَيَكُونُ ثَوَابُ رِيحِ الْخُلُوفِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ رِيحِ دَمِ الشَّهَادَةِ أَمَّا نَفْسُ زَهُوقِ الرُّوحِ بِالشَّهَادَةِ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَإِنَّمَا كَانَ أَكْثَرَ ثَوَابًا لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْ عِبَادَةٍ يَبْعُدُ فِيهَا الرِّيَاءُ بِخِلَافِ الْقِتَالِ فَيَشُوبُهُ أُمُورٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِي اخْتِصَاصِهَا بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ إلَخْ) التَّقْيِيدُ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِحَدِيثِ السَّمْعَانِيِّ وَلِأَنَّ التَّغَيُّرَ إذْ ذَاكَ يَكُونُ مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ وَبَعْدَ الزَّوَالِ يَكُونُ بِسَبَبِ الصِّيَامِ فَهُوَ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالطِّيبِ هَكَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 الرَّافِعِيُّ (وَيَتَأَكَّدُ) السِّوَاكُ (لِكُلِّ وُضُوءٍ) ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ لِخَبَرِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ، وَفِي رِوَايَةٍ «لَفَرَضْت عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ» رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَاهُ (وَ) لِكُلِّ (صَلَاةٍ) ، وَلَوْ نَفْلًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ، وَلِخَبَرِ «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةٍ بِلَا سِوَاكٍ» رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ فَإِنْ قُلْت حَاصِلُهُ أَنَّ صَلَاةً بِهِ أَفْضَلُ مِنْ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِدُونِهِ، وَقَضِيَّتُهُ مَعَ خَبَرِ «صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَضْعُفُ عَلَى صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا خَمْسًا، وَعِشْرِينَ ضِعْفًا» أَنَّ السِّوَاكَ لِلصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ لَهَا فَتَكُونُ السُّنَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْفَرْضِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ قُلْت هَذَا الْخَبَرُ لَا يُقَاوِمُ خَبَرَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الصِّحَّةِ، وَلَوْ سَلِمَ فَيُجَابُ بِأَنَّ السِّوَاكَ أَفْضَلُ لِكَثْرَةِ آثَارِهِ، وَمِنْهَا تَعَدِّي نَفْعِهِ مِنْ طِيبِ الرَّائِحَةِ إلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ نَفْعِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ تَفْضُلُ السُّنَّةُ الْفَرْضَ كَمَا فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ مَعَ رَدِّهِ، وَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ مَعَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ إلَى الْيَسَارِ أَوْ يُحْمَلُ خَبَرُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهَا، وَصَلَاةُ الِانْفِرَادِ بِسِوَاكٍ أَوْ بِدُونِهِ. وَالْخَبَرُ الْآخَرُ مَا إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ، وَالْأُخْرَى بِدُونِهِ فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ بِعَشْرٍ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ بَخَمْسَةَ عَشَرَ (و) لِكُلِّ (طَوَافٍ، وَسُجُودِ شُكْرٍ) أَوْ تِلَاوَةٍ كَالصَّلَاةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَدْ يُقَالُ لَعَلَّ الْأَصْحَابَ أَدْرَجُوا الِاسْتِيَاكَ لِذَلِكَ فِي الِاسْتِيَاكِ لِلصَّلَاةِ تَسْمِيَةَ الشَّارِعِ لِلطَّوَافِ صَلَاةً، وَلِصِدْقِ ضَابِطِ الصَّلَاةِ فِي الْأَخِيرَيْنِ بِأَنَّهَا أَفْعَالٌ، وَأَقْوَالٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِمَا فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ مَا قِيلَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ يَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّهُ فِي غَيْرِ الْقَارِئِ الَّذِي اسْتَاكَ لِقِرَاءَتِهِ أَمَّا فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِي بِاسْتِيَاكِهِ لِلْقِرَاءَةِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْغُسْلِ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مَعَ الْغُسْلِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ فَلْيُسْتَحَبَّ لِقِرَاءَتِهِ أَيْضًا بَعْدَ السُّجُودِ (، وَقِرَاءَةٍ) لِقُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ بَلْ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ تَعْظِيمًا لَهُ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (وَصُفْرَةِ أَسْنَانٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْفَمُ، وَلَوْ قَالَ وَتَغَيُّرِ أَسْنَانٍ كَانَ أَعَمَّ (وَتَغَيُّرُ فَمٍ) بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَعِنْدَ يَقِظَةٍ) مِنْ نَوْمٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ أَيْ يُدَلِّكُهُ بِهِ» ، وَقِيسَ بِالنَّوْمِ غَيْرُهُ بِجَامِعِ التَّغَيُّرِ (وَ) عِنْدَ (دُخُولِ مَنْزِلٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ» قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَعِنْدَ الْأَكْلِ، وَعِنْدَ إرَادَةِ النَّوْمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَبَعْدَ الْوِتْرِ، وَفِي السَّحَرِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَلِلصَّائِمِ قَبْلَ أَوَانِ الْخُلُوفِ كَمَا يُسَنُّ التَّطَيُّبُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، وَعِنْدَ الِاحْتِضَارِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ، وَيُقَالُ إنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ. اهـ. وَيُسَنُّ لَهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَاكَ ثَانِيًا أَنْ يَغْسِلَ سِوَاكَهُ إنْ حَصَلَ عَلَيْهِ، وَسَخٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ نَحْوُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلْيَنْوِ بِهِ) أَيْ بِالسِّوَاكِ (السُّنَّةَ) لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» نَعَمْ الِاسْتِيَاكُ لِلْوُضُوءِ إذَا وَقَعَ بَعْدَ نِيَّتِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِشُمُولِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ لَهُ كَسَائِرِ سُنَنِهِ (وَيُعَوِّدَهُ) نَدْبًا (الصَّبِيَّ) لِيَأْلَفَهُ (وَيَحْصُلُ) السِّوَاكُ (بِكُلِّ مُزِيلٍ) لِلْوَسَخِ (كَخِرْقَةٍ، وَأُصْبُعٍ خَشِنَيْنِ لَا أُصْبُعِهِ) الْمُتَّصِلَةِ بِهِ، وَلَوْ خَشِنَةً قَالُوا لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى سِوَاكًا لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ، وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ، وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخَشِنَةَ تَكْفِي لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِأُصْبُعٍ فَإِنْ انْفَصَلَتْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا اتَّجَهَ الْإِجْزَاءُ، وَإِنْ كَانَ دَفْنُهَا، وَاجِبًا فَوْرًا، وَإِنْ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهَا فَفِي الْإِجْزَاءِ نَظَرٌ يَجْرِي فِي كُلِّ آلَةٍ نَجِسَةٍ، وَلَا يَبْعُدُ الْإِجْزَاءُ، وَوُجُوبُ غَسْلِ الْفَمِ لِلنَّجَاسَةِ، وَإِنْ عَصَى بِاسْتِعْمَالِهَا، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهَا كَمَا لَا تُجْزِئُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ لَا تُجْزِئُ هُنَا بِجَامِعِ الْإِزَالَةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَنْ يَتَسَحَّرُ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَتَسَحَّرْ وَبَيْنَ مَنْ يَتَنَاوَلُ بِاللَّيْلِ شَيْئًا وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَلِهَذَا قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لَوْ تَغَيَّرَ فَمُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ بِسَبَبٍ آخَرَ كَنَوْمٍ أَوْ وُصُولِ شَيْءٍ كَرِيهِ الرِّيحِ إلَى فَمِهِ فَاسْتَاكَ لِذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ ج (قَوْلُهُ وَلِكُلِّ صَلَاةٍ) لَا فَرْقَ فِي هَذَا الِاسْتِحْبَابِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْوُضُوءِ أَوْ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ بِلَا طَهَارَةٍ بِالْكُلِّيَّةِ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ أَوْ النَّفَلَ حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً ذَاتَ تَسْلِيمَاتٍ كَالضُّحَى وَالتَّرَاوِيحِ وَالتَّهَجُّدِ وَنَحْوِهَا اُسْتُحِبَّ أَنْ يَسْتَاكَ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَغَيْرِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ أَوْ بِحَمْلِ خَبَرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) مَعْنَى قَوْلِ شَيْخِنَا بِحَمْلِ خَبَرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إلَخْ أَنَّ صَلَاةً الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا حَيْثُ اتَّفَقَتَا فِي وُجُودِ السِّوَاكِ فِيهِمَا أَوْ انْتِفَائِهِ فِيهِمَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَالْخَبَرُ الْآخَرُ إلَخْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بِسِوَاكٍ فِي جَمَاعَةٍ فُضِّلَتَا عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بِلَا جَمَاعَةٍ وَلَا سِوَاكٍ فَلَلْجَمَاعَة مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلِلسِّوَاكِ عَشْرَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ بِعَشْرٍ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِلَا سِوَاكٍ بِعَشْرٍ وَهِيَ الْبَاقِيَةُ فِي مُقَابَلَةِ السِّوَاكِ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي فِي مُقَابَلَةِ الْجَمَاعَةِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ بَخَمْسَةَ عَشَرَ أَنَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ هِيَ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي لِلْجَمَاعَةِ بَعْدَ إسْقَاطِ عَشَرَ مِنْهَا لِلسِّوَاكِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْجَوَابُ الْمُعْتَمَدُ تَفْضِيلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِسُنِّيَّتِهَا عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا إذْ هِيَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ فَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْغُسْلِ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ فَلْيُسْتَحَبَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِقِرَاءَةٍ) أَوْ حَدِيثٍ أَوْ ذِكْرٍ (قَوْلُهُ وَلْيَنْوِ بِهِ السُّنَّةَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَمِّيَ قَبْلَ السِّوَاكِ إذَا بَدَأَ بِهِ وَحَسُنَ أَنْ يُسَمِّيَ ثَانِيًا عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ ع. (قَوْلُهُ بِكُلِّ مُزِيلٍ) أَيْ طَاهِرٍ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ) وَاعْلَمْ أَنَّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ مِنْهَا مَا لَوْ اسْتَنْجَى بِيَدِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ سَتَرَ عَوْرَتَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ أَوْ سَتَرَ رَأْسَهُ فِي الْإِحْرَامِ بِالْيَدِ جَازَ وَكَذَا لَوْ سَجَدَ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ لَا عَلَى يَدِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ لَا تُجْزِئُ هُنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْإِزَالَةِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ رُخْصَةٌ، وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي مَعَ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الْإِبَاحَةُ، وَهِيَ لَا تَحْصُلُ بِالنَّجَاسَةِ بِخِلَافِ الِاسْتِيَاكِ فَإِنَّهُ عَزِيمَةٌ مَعَ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ إزَالَةُ الرِّيحِ الْكَرِيهَةِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ. وَالْأُصْبُعُ تُذَكَّرُ، وَيُؤَنَّثُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَهُوَ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ، وَيُقَالُ فِيهِ الْأُصْبُوعُ (وَعُودٍ و) كَوْنِهِ (مِنْ أَرَاكٍ، وَنَحْوِهِ) مِمَّا لَهُ رِيحٌ طَيِّبٌ (وَيَابِسٍ مُنَدَّى بِمَاءٍ أَوْلَى) فَالْعُودُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَالْأَرَاكُ، وَنَحْوُهُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْعِيدَانِ، وَالْيَابِسُ الْمُنَدَّى بِالْمَاءِ أَوْلَى مِنْ الرَّطْبِ، وَمِنْ الْيَابِسِ الَّذِي لَمْ يُنَدَّ، وَمِنْ الْيَابِسِ الْمُنَدَّى بِغَيْرِ الْمَاءِ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَالرِّيقِ، وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِيهِ مُسَاوَاتُهُ لِلْأَرَاكِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْأَرَاكُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ، وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ «كُنْت أَجْتَنِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ أَوْلَاهُ الْعُودُ وَأَوْلَاهُ ذُو الرِّيحِ وَأَوْلَاهُ الْأَرَاكُ اتِّبَاعًا ثُمَّ بَعْدَهُ النَّخْلُ فَالنَّخْلُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِ الْأَرَاكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُسْتَحَبُّ) الِاسْتِيَاكُ (عَرْضًا) لِخَبَرِ «إذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ، وَالْمُرَادُ عَرْضُ الْأَسْنَانِ ظَاهِرُهَا، وَبَاطِنُهَا (وَيُجْزِئُ طُولًا) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا لِأَنَّهُ قَدْ يُدْمِي اللِّثَةَ، وَيُفْسِدُ لَحْمَ الْأَسْنَانِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَنَقَلَ الْكَرَاهَةَ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا عَنْ جَمَاعَاتٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْإِجْزَاءِ مَزِيدٌ عَلَيْهَا أَمَّا اللِّسَانُ فَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَاكَ فِيهِ طُولًا ذَكَرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِخَبَرٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد (وَيَتَيَامَنُ) بِهِ نَدْبًا فِي الْيَدِ، وَالْفَمِ لِشَرَفِ الْأَيْمَنِ، «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ فِي طَهُورِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَتَنَعُّلِهِ، وَسِوَاكِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَذِكْرُ التَّيَامُنِ فِي الْيَدِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ (وَيُمِرُّهُ عَلَى) كَرَاسِيَّ (أَضْرَاسِهِ) ، وَأَطْرَافِ أَسْنَانِهِ لِيَجْلُوَهَا مِنْ التَّغَيُّرِ بِصُفْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَ) عَلَى (سَقْفِ حَلْقِهِ بِلُطْفٍ) لِيُزِيلَ الْخُلُوفَ عَنْهُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَمَّا جَلَاءُ أَسْنَانِهِ، وَبَرْدِهَا بِالْمِبْرَدِ فَمَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ يُذِيبُ الْأَسْنَانَ، وَيُفْضِي إلَى تَكْسِيرِهَا، وَلِأَنَّهَا تَخْشُنُ فَتَتَرَاكَمُ الصُّفْرَةُ عَلَيْهَا، وَلِذَلِكَ «لَعَنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَاشِرَةَ، وَالْمُسْتَوْشِرَة» ، وَالْوَاشِرَةُ هِيَ الَّتِي تَبْرُدُ أَسْنَانَهَا بِالْمِبْرَدِ، وَالْمُسْتَوْشِرَة هِيَ الَّتِي تَسْأَلُ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا ذَلِكَ (وَبِسِوَاكِ غَيْرٍ) بِإِذْنٍ (كُرِهَ) الِاسْتِيَاكُ، وَهَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَغَيْرُهَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَاكَ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ بَلْ زَادَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَالْكَرَاهَةُ لَا أَصْلَ لَهَا (وَبِلَا إذْنٍ حَرُمَ) الِاسْتِيَاكُ لِاسْتِعْمَالِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَيَقُولُ عِنْدَ الِاسْتِيَاكِ اللَّهُمَّ بَيِّضْ بِهِ أَسْنَانِي، وَشُدَّ بِهِ لِثَاتِي، وَثَبِّتْ بِهِ لَهَاتِي، وَبَارِكْ لِي فِيهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهَذَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ لَا بَأْسَ بِهِ (وَ) مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ (التَّسْمِيَةُ) أَوَّلَهُ لِخَبَرِ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضُوءًا فَلَمْ يَجِدُوا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ قَالَ تَوَضَّئُوا بِسْمِ اللَّهِ فَرَأَيْت الْمَاءَ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا نَحْوُ سَبْعِينَ رَجُلًا» ، وَقَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ أَيْ قَائِلِينَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لِآيَةِ الْوُضُوءِ الْمُبَيِّنَةِ لِوَاجِبَاتِهِ، «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَعْرَابِيِّ تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَك اللَّهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَلَيْسَ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ تَسْمِيَةٌ، وَأَمَّا خَبَرُ «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ عَلَيْهِ» فَضَعِيفٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَامِلِ، وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ، وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ زَادَ الْغَزَالِيُّ بَعْدَهَا فِي بِدَايَةِ الْهِدَايَةِ رَبِّ أَعُوذُ بِك مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وَأَعُوذُ بِك رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ، وَحَكَى الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ التَّعَوُّذَ قَبْلَهَا (وَتُسْتَحَبُّ لِكُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ) أَيْ حَالَ يَهْتَمُّ بِهِ مِنْ عِبَادَةٍ، وَغَيْرِهَا حَتَّى الْجِمَاعَ لِلتَّبَرُّكِ بِهَا، وَلِعُمُومِ خَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَال» ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإِنَّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَدًا» (فَإِنْ تَرَكَهَا أَوَّلَ طَعَامٍ أَوْ وُضُوءٍ) عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (تَدَارَكَهَا) فِي الْأَثْنَاءِ فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ، وَآخِرَهُ لِخَبَرِ «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ، وَآخِرَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَيُقَاسُ بِالْأَكْلِ الْوُضُوءُ، وَبِالنِّسْيَانِ الْعَمْدُ، وَلَا يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْوُضُوءِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ لِيَقِيءَ الشَّيْطَانُ مَا أَكَلَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَرَكَ السِّوَاكَ فِي أَوَّلِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي أَثْنَائِهِ كَالتَّسْمِيَةِ   [حاشية الرملي الكبير] لِأَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ وَالِاسْتِيَاكُ عِنْدِي فِي مَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا بِنَجَاسَتِهَا فَلِأَنَّهَا تُنَجِّسُ الْفَمَ وَتَعَاطِي تَنَجُّسِ الْبَدَنِ لَا لِضَرُورَةٍ حَرَامٌ وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ وَهَذَا مُنَجِّسَةٌ لِلْفَمِ (قَوْلُهُ بَلْ الْأَرَاكُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ) أَيْ فِي بَابِ اللِّبَاسِ وَعَدَّهَا مَعَ مَا يُفْعَلُ بِالْيَدِ الْيُمْنَى وَبِمِثْلِهِ أَجَابَ فِي الْمَطْلَبِ ج. (قَوْلُهُ وَالْوَاشِرَةُ إلَخْ) قَالَهُ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ. (قَوْلُهُ وَبِسِوَاكِ غَيْرِهِ بِإِذْنٍ كُرِهَ وَبِلَا إذْنٍ حَرُمَ) وَيُجْزِئُهُ فِي الْحَالَيْنِ (قَوْلُهُ وَمِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ التَّسْمِيَةُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَاصِيًا بِالْفِعْلِ كَالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ التَّسْمِيَةُ وَرَأَيْت عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ تَحْرُمُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ أَكْلِ الْحَرَامِ أَوْ شُرْبِهِ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ كَلَامًا وَيَظْهَرُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ كُلِّ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ مُحَرَّمٍ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ انْتَهَى، وَقَالَ فِي الْعُبَابِ وَتُكْرَهُ لِمُحْرِمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ التَّحْرِيمُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى تَوَضَّأَ نَحْوُ سَبْعِينَ رَجُلًا) أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ نَفْسِ أَصَابِعِهِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْقَبَسِ وَنَبْعُ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصِيصَةٌ لَهُ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ انْتَهَى وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَالْكَوْثَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 وَأَوْلَى. (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (غَسْلُ الْكَعْبَيْنِ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ) ، وَإِنْ لَمْ يَشُكَّ فِي طَهَارَةِ يَدِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَ) لَكِنْ (كُرِهَ لِقَائِمٍ مِنْ نَوْمٍ) إنْ شَكَّ فِي طَهَارَةِ يَدِهِ (وَشَاكٍّ فِي طَهَارَةِ يَدِهِ) ، وَلَوْ بِغَيْرِ نَوْمٍ (غَمَسَهَا فِي) مَاءٍ (قَلِيلٍ) ، وَفِي سَائِرِ الْمَائِعَاتِ، وَإِنْ كَثُرَتْ (قَبْلَ غَسْلِهَا ثَلَاثًا) لِخَبَرِ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ» السَّابِقِ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ أَشَارَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ فِيهِ إلَى احْتِمَالِ نَجَاسَةِ الْيَدِ فِي النَّوْمِ كَأَنْ تَقَعَ عَلَى مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِهِ فَيَحْصُلُ لَهُمْ التَّرَدُّدُ، وَيَلْحَقُ بِالتَّرَدُّدِ بِالنَّوْمِ التَّرَدُّدُ بِغَيْرِهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَ هِيَ الثَّلَاثُ الْمَنْدُوبَةُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ لَكِنْ نُدِبَ تَقْدِيمُهَا عِنْدَ الشَّكِّ عَلَى غَمْسِ يَدِهِ، وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَزُولُ إلَّا بِغَسْلِهَا ثَلَاثًا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِلْخَبَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَحِكْمَتُهُ أَنَّ الشَّارِعَ إذَا غَيَّا حُكْمًا بِغَايَةٍ فَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِاسْتِيعَابِهَا فَسَقَطَ مَا قِيلَ يَنْبَغِي زَوَالُ الْكَرَاهَةِ بِوَاحِدَةٍ لِتَيَقُّنِ الطُّهْرِ بِهَا كَمَا لَا كَرَاهَةَ إذَا تَيَقَّنَ طُهْرَهَا ابْتِدَاءً. وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ تَيَقُّنِ طُهْرِهَا إذَا كَانَ مُسْتَنِدَ الْيَقِينِ غَسَلَهَا ثَلَاثًا فَلَوْ غَسَلَهَا فِيمَا مَضَى مِنْ نَجَاسَةٍ مُتَيَقِّنَةٍ أَوْ مَشْكُوكَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كُرِهَ غَمْسُهَا قَبْلَ إكْمَالِ الثَّلَاثِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِعَدَمِ تَيَقُّنِهَا لِسَلَامَتِهِ مِنْ تَنَاوُلِهِ مَا لَيْسَ مُرَادًا، وَهُوَ تَيَقُّنُ النَّجَاسَةِ لَكِنَّهُ لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لِقَائِمٍ مِنْ نَوْمٍ، وَقَالَ لِشَاكٍّ إلَى آخِرِهِ كَانَ أَوْلَى، وَأَخْصَرَ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَلِيلٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ) كَانَ الْإِنَاءُ كَبِيرًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَصُبَّ مِنْهُ عَلَى يَدِهِ الَّتِي شَكَّ فِي طَهَارَتِهَا (وَلَمْ يَجِدْ مَا يَغْرِفُ بِهِ) الْمَاءَ لِيَغْسِلَهَا بِهِ (فَبِثَوْبِهِ أَوْ فِيهِ) يَغْرِفُ أَوْ يَسْتَعِينُ بِغَيْرِهِ (وَلَا يُكْرَهُ لِمَنْ تَيَقَّنَ طُهْرَ يَدِهِ) غَمْسُهَا بَلْ، وَلَا يُسَنُّ غَسْلُهَا قَبْلَهُ فَتَتَأَدَّى السُّنَّةُ بِغَسْلِهَا فِي الْإِنَاءِ، وَخَارِجِهِ. (و) مِنْ سُنَنِهِ (مَضْمَضَةٌ ثُمَّ اسْتِنْشَاقٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُمَضْمِضُ، وَيَسْتَنْشِقُ فَيَسْتَنْثِرُ إلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ» ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبَا لِمَا مَرَّ فِي التَّسْمِيَةِ، وَأَمَّا خَبَرُ «تَمَضْمَضُوا، وَاسْتَنْشِقُوا» فَضَعِيفٌ (وَحَصَلَا بِوُصُولِ الْمَاءِ إلَى الْفَمِ، وَالْأَنْفِ إنْ قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ) عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ (وَلَوْ ابْتَلَعَهُ) أَيْ الْمَاءَ أَوْ لَمْ يُدِرْهُ فَلَوْ أَتَى بِالِاسْتِنْشَاقِ مَعَ الْمَضْمَضَةِ أَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهَا أَوْ أَتَى بِهِ فَقَطْ لَمْ يُحْسَبْ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ شَرْطٌ كَتَرْتِيبِ الْأَرْكَانِ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ، وَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ، وَقَدْ فَوَّتَهُ فَفَائِدَةُ ذِكْرِ الشَّرْطِ مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ الْعَطْفِ بِثُمَّ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ مُسْتَحَقٌّ لَا مُسْتَحَبٌّ عَكْسَ تَقْدِيمِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّ الْيَدَيْنِ مَثَلًا عُضْوَانِ مُتَّفِقَانِ اسْمًا، وَصُورَةً بِخِلَافِ الْفَمِ، وَالْأَنْفِ فَوَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا كَالْيَدِ، وَالْوَجْهِ (وَكَذَا مَا تَرَتَّبَ) عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْقَاقِ (مِنْ السُّنَنِ) أَيْ مِنْ سَائِرِهَا كَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ، وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُحْسَبُ مِنْهَا مَا وَقَعَ مُرَتَّبًا، وَهَذَا مَعَ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ ابْتَلَعَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمُؤَخَّرَ يُحْسَبُ، وَهُوَ الْوَجْهُ كَنَظَائِرِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْوُضُوءِ فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ لَوْ قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ عَلَى غَسْلِ الْكَفِّ لَمْ يُحْسَبْ الْكَفُّ عَلَى الْأَصَحِّ مَعْكُوسٌ، وَصَوَابُهُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَمْ تُحْسَبْ الْمَضْمَضَةُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ أَمَّا غَسْلُ الْكَفِّ فَيُحْسَبُ لِفِعْلِهِ فِي مَحِلِّهِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الِابْتِدَاءَ بِهِمَا كَالِابْتِدَاءِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ فَيُحْسَبَانِ دُونَ الْكَفِّ لِأَنَّ تَقَدُّمَهُ شَرْطٌ لِلْحُكْمِ بِحُسْبَانِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظَائِرِهِ مِنْ التَّرْتِيبَاتِ الْمُسْتَحَقَّةِ، وَلِكَلَامِ الْمَجْمُوعِ الْمُشَارِ إلَيْهِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَشَاكٌّ فِي طَهَارَةِ يَدِهِ إلَخْ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ شَاكٌّ فِي طَهَارَةِ يَدِهِ مَنْ تَيَقَّنَ نَجَاسَتَهُمَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ غَمْسُهُمَا قَبْلَ غَسْلِهِمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ كَرَاهَةِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ حُصُولُ تَنَجُّسِ مَا كَانَ طَاهِرًا مِنْ يَدَيْهِ بِإِدْخَالِهِمَا الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ قَبْلَ غَسْلِهِمَا ثَلَاثًا) وَهُنَا شَيْءٌ لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الشَّكُّ فِي نَجَاسَةٍ كَلْبِيَّةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَزُولُ كَرَاهَةُ الْغَمْسِ إلَّا بِغَسْلِ الْيَدِ سَبْعًا بِالتُّرَابِ قَبْلَ إدْخَالِهَا الْإِنَاءَ وَالْحَدِيثُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ خَرَجَ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ ت (قَوْلُهُ فَسَقَطَ مَا قِيلَ يَنْبَغِي زَوَالُ الْكَرَاهَةِ إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ فِيمَا ذُكِرَ يَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِنْبَاطُ مَعْنًى مِنْ النَّصِّ يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَبِأَنَّ النَّجَاسَةَ قَدْ تَكُونُ عَيْنِيَّةً فَأَرْشَدَ الشَّارِعُ إلَى التَّثْلِيثِ احْتِيَاطًا فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ إذَا تَيَقَّنَ طُهْرَهَا ابْتِدَاءً) الْمَذْكُورُ هُنَا إذَا تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ إذَا شَكَّ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا تَزُولُ تِلْكَ الْكَرَاهَةُ الثَّابِتَةُ إلَّا بِالْغَسْلِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَهِيَ التَّثْلِيثُ غ. (قَوْلُهُ وَمِنْ سُنَنِهِ مَضْمَضَةٌ ثُمَّ اسْتِنْشَاقٌ) قَالَ أَصْحَابُنَا شَرَعَ تَقْدِيمَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لِيَعْرِفَ طَعْمَ الْمَاءِ وَرَائِحَتَهُ انْتَهَى وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ فِيهِ طَعْمَ بَوْلٍ أَوْ رَائِحَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِلنَّجَاسَةِ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ لَا يُحَدُّ بِرِيحِ الْخَمْرِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَكُونَ بِقُرْبِهِ جِيفَةٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهَا وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ مَنِيًّا لَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي كِتَابِهِ التَّعْلِيقِ وَلَوْ وَجَدَ مَاءً مُتَغَيِّرًا وَشَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ فَالْأَصْلُ طَهَارَتُهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ بِهِ وَوَجَدَ فِيهِ طَعْمَ بَوْلٍ أَوْ رَوْثٍ أَوْ رَائِحَةً لَا تَكُونُ إلَّا لِلنَّجَاسَةِ فَهُوَ نَجِسٌ (قَوْلُهُ كَنَظَائِرِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ فِي تَرْتِيبِ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ لَمْ يُحْسَبْ الْكَفُّ عَلَى الْأَصَحِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحْسَبْ الْكَفَّانِ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَ مَحِلُّهُمَا بِالشُّرُوعِ فِي الْوَجْهِ لِأَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فِي الْوَجْهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يَفُوتُ دُعَاءُ الِاسْتِفْتَاحِ وَوَجْهُ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبِنَاءُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً ثُمَّ أَعَادَ الْوُضُوءَ ثَانِيًا وَثَالِثًا هَلْ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ إنْ قُلْنَا نَعَمْ لَمْ يَفُتْ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ وَإِلَّا فَيَفُوتُ لِأَنَّ كُلَّ عُضْوٍ يَفُوتُ غَسْلُهُ بِالشُّرُوعِ فِي آخَرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْوَجْهَانِ فِي غَسْلِ الْكَفَّيْنِ هُمَا الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُغَلِّطَ هُوَ الْغَالِطُ انْتَهَى قَالَ فِي التَّعَقُّبَاتِ وَالصَّوَابُ مَا فِي الرَّوْضَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظَائِرِهِ مِنْ التَّرْتِيبَاتِ الْمُسْتَحَقَّةِ إلَخْ) اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الْمَضْمَضَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 الِابْتِدَاءَ بِمَا ذُكِرَ كَالِابْتِدَاءِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ (وَجَمَعَهُمَا) أَيْ الْمَضْمَضَةَ، وَالِاسْتِنْشَاقَ (بِثَلَاثٍ) يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ (أَفْضَلُ) مِنْ الْفَصْلِ بِسِتِّ غَرْفَاتٍ أَوْ بِغَرْفَتَيْنِ يَتَمَضْمَضُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْ الْأُخْرَى ثَلَاثًا، وَمِنْ الْجَمْعِ بِغَرْفَةٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا أَوْ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مَرَّةً ثُمَّ كَذَلِكَ ثَانِيَةٌ، وَثَالِثَةٌ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ السُّنَّةَ تَتَأَدَّى بِالْجَمِيعِ، وَأَنَّ الْأُولَى أَوْلَى، وَلَوْ قَالَ، وَبِثَلَاثٍ بِالْوَاوِ لَأَفَادَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ مُطْلَقًا أَفْضَلُ مِنْ الْفَصْلِ كَذَلِكَ (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (الْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا لِمُفْطِرٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ «أَسْبِغْ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدُّولَابِيِّ فِي جَمْعِهِ لِحَدِيثِ الثَّوْرِيِّ صَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادَهَا «إذَا تَوَضَّأْتَ فَأَبْلِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ، وَالِاسْتِنْشَاقِ مَا لَمْ تَكُنْ صَائِمًا» أَمَّا الصَّائِمُ فَلَا تُسَنُّ لَهُ الْمُبَالَغَةُ بَلْ تُكْرَهُ لِخَوْفِ الْإِفْطَارِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَاسْتَشْكَلَ بِتَحْرِيمِ الْقُبْلَةِ إذَا خَشِيَ الْإِنْزَالَ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا خَوْفُ الْفَسَادِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقُبْلَةَ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ بَلْ دَاعِيَةٌ لِمَا يُضَادُّ الصَّوْمَ مِنْ الْإِنْزَالِ بِخِلَافِ الْمُبَالَغَةِ فِيمَا ذُكِرَ، وَبِأَنَّهُ هُنَا يُمْكِنُهُ إطْبَاقُ الْحَلْقِ، وَمَجُّ الْمَاءِ، وَهُنَاكَ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْمَنِيِّ إذَا خَرَجَ لِأَنَّهُ مَاءٌ دَافِقٌ، وَبِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِي الْقُبْلَةِ إفْسَادٌ لِعِبَادَةِ اثْنَيْنِ. وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ أَنْ يَبْلُغَ بِالْمَاءِ أَقْصَى الْحَنَكِ، وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ، وَاللِّثَاتِ، وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَصْعَدَ الْمَاءُ بِالنَّفَسِ إلَى الْخَيْشُومِ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ قَوْلِهِ (فَيُمِرُّ أُصْبُعَهُ) أَيْ الْيُسْرَى كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّ الْيُمْنَى يَكُونُ فِيهَا بَقِيَّةُ الْمَاءِ إذَا جُمِعَ (عَلَى وَجْهَيْ أَسْنَانِهِ، وَيُوصِلُ الْمَاءَ إلَى أَقْصَى الْحَنَكِ وَ) إلَى (خَيْشُومِ الْأَنْفِ) أَيْ أَقْصَاهُ، وَلَوْ أَخَّرَ الْجُمْلَةَ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ كَانَ أَوْلَى (وَيُخْرِجُ أَذَاهَا) الْأَوْلَى أَذَاهُ أَيْ الْأَنْفِ (بِإِصْبَعِ الْيُسْرَى) أَيْ الْخِنْصَرِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ، وَهَذَا يُسَمَّى الِاسْتِنْثَارُ، وَدَلِيلُهُ خَبَرُ مُسْلِمٌ السَّابِقِ، وَيُسَنُّ إدَارَةُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ، وَمَجُّهُ، وَإِذَا بَالَغَ غَيْرُ الصَّائِمِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ فَلَا يَسْتَقْصِي فَيَصِيرُ سَعُوطًا لَا اسْتِنْشَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (و) مِنْ سُنَنِهِ (تَثْلِيثُ مَغْسُولٍ، وَمَمْسُوحٍ) مَفْرُوضٍ، وَمَسْنُونٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ» ، وَلَوْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ التَّثْلِيثَ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ التَّخْلِيلَ، وَالْقَوْلُ كَالتَّسْمِيَةِ، وَالتَّشَهُّدُ آخِرَهُ، وَتَثْلِيثُ التَّخْلِيلِ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَتَثْلِيثُ الْقَوْلِ فِي التَّشَهُّدِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ، وَزَادَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ (وَيَقْتَصِرُ) وُجُوبًا (عَلَى الْفَرْضِ لِضِيقِ وَقْتٍ) عَنْ إدْرَاكِ الصَّلَاةِ (وَقِلَّةِ مَاءٍ) بِحَيْثُ لَا يَكْفِيهِ إلَّا لِلْفَرْضِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَاضِلِ عَنْهُ لِعَطَشٍ، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ ذَلِكَ عَنْ الْجِيلِيُّ إلَّا حَالَةَ كَوْنِ الْمَاءِ لَا يَكْفِيهِ إلَّا لِلْفَرْضِ فَأَلْحَقَهَا بِغَيْرِهَا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَسَيَأْتِي فِي مَسْحِ الْخُفِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَكْرِيرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ. وَالظَّاهِرُ الْتِحَاقُ الْجَبِيرَةِ، وَالْعِمَامَةِ إذَا كَمُلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهِمَا بِالْخُفِّ (وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ) ، وَالنَّقْصُ عَنْهَا «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ هَكَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ، وَظَلَمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ صَحِيحٌ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَغَيْرِهِمْ، وَالْمَعْنَى فَمَنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ أَوْ نَقَصَ مِنْهَا فَقَدْ أَسَاءَ، وَظَلَمَ فِي كُلٍّ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، وَقِيلَ أَسَاءَ فِي النَّقْصِ وَظَلَمَ فِي الزِّيَادَةِ، وَقِيلَ عَكْسُهُ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ النَّقْصُ عَنْ الثَّلَاثِ إسَاءَةً وَظُلْمًا وَمَكْرُوهًا وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ فَإِنَّهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ قُلْنَا ذَلِكَ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ أَفْضَلُ لِأَنَّ الْبَيَانَ، وَاجِبٌ.   [حاشية الرملي الكبير] سَوَاءٌ جَمَعَ أَوْ فَصَلَ بِغَرْفَةٍ أَوْ غَرْفَاتٍ، وَفِي هَذَا التَّقْدِيمِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ وَوَلَدُهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ شَرْطٌ وَلَا يُحْسَبُ الِاسْتِنْشَاقُ إلَّا بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ لِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ مُخْتَلِفَانِ فَاشْتُرِطَ فِيهِمَا التَّرْتِيبُ كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالثَّانِي أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَيَحْصُلُ الِاسْتِنْشَاقُ وَإِنْ قَدَّمَهُ عَلَى الْمَضْمَضَةِ كَتَقْدِيمِ الْيَسَارِ عَلَى الْيَمِينِ م وَكَتَبَ أَيْضًا قُدِّمَتْ الْمَضْمَضَةُ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ لِعِظَمِ مَنَافِعِ الْفَمِ عَلَى مَنَافِعِ الْأَنْفِ فَإِنَّهُ مَدْخَلُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ اللَّذَيْنِ هُمَا قِوَامُ الْحَيَاةِ وَمَحَلُّ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِي الْقِبْلَةِ إفْسَادٌ لِعِبَادَةِ اثْنَيْنِ) وَبِأَنَّ قَلِيلَ الْقُبْلَةِ يَدْعُو إلَى كَثِيرِهَا بِخِلَافِ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ (قَوْلُهُ وَمِنْ سُنَنِهِ تَثْلِيثُ مَغْسُولٍ إلَخْ) فَلَوْ غَسَلَ يَدَهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ رَاكِدٍ وَحَرَّكَهَا حَصَلَ التَّثْلِيثُ عِنْدَ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْبَغَوِيِّ وَأَفْتَى الشَّيْخُ بِمُخَالَفَتِهِمَا رِعَايَةً لِصُورَةِ الْعَدَدِ وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَبْلَ الِانْفِصَالِ عَنْ الْمَحَلِّ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمٌ فَلَا يَحْصُلُ الْعَدَدُ بِهِ د وَقَوْلُهُ وَأَفْتَ الشَّيْخِ أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ. (قَوْلُهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ) أَيْ وَالدَّارَقُطْنِيّ ج. (قَوْلُهُ وَيَقْتَصِرُ وُجُوبًا عَلَى الْفَرْضِ لِضِيقِ الْوَقْتِ) يَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى وَاجِبِ الْوُضُوءِ لِيُدْرِكَ الْجُمُعَةَ. (قَوْلُهُ فَأَلْحَقَهَا بِغَيْرِهَا) قَالَ الْبَغَوِيّ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَكْفِيهِ مَرَّةً مَرَّةً وَلَوْ ثَلَّثَ أَوْ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ لَمْ يَكْفِهِ وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَرَّةٍ ت وَقَوْلُهُ قَالَ الْبَغَوِيّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلْحَاقُ الْجَبِيرَةِ وَالْعِمَامَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا كُرِهَ تَكْرَارُهُ فِي الْخُفِّ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ وَلَا كَذَلِكَ الْعِمَامَةُ وَالْجَبِيرَةُ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْتِحَاقُ الْجَبِيرَةِ إلَخْ) اُعْتُرِضَ مَنْ لَمْ يَرَ سُنِّيَّةَ تَكْرَارَ مَسْحِ الرَّأْسِ بِأَنَّهُ مَسْحٌ وَاجِبٌ فَلَا يُسَنُّ تَكْرَارُهُ كَالتَّيَمُّمِ وَالْخُفَّيْنِ وَأَجَابَ عَنْهُ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِمَسْحِ الْجَبِيرَةِ فَإِنَّهُ مَسْحٌ وَاجِبٌ وَيُسَنُّ تَكْرَارُهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ مَا إذَا تَوَضَّأَ بِمَاءٍ مُبَاحٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ مَوْقُوفٍ عَلَى مَنْ يَتَطَهَّرُ أَوْ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ كَالدَّارِسِ وَالرَّبْطِ حَرُمَتْ الزِّيَادَةُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا قَالَ شَيْخُنَا هُوَ ظَاهِرٌ مُتَعَيِّنٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 (وَلَوْ شَكَّ) فِي الْعَدَدِ (أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) عَمَلًا بِالْيَقِينِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا يَزِيدُ رَابِعَةً، وَهِيَ بِدْعَةٌ، وَتَرْكُ سُنَّةٍ أَسْهَلُ مِنْ اقْتِحَامِ بِدْعَةٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بِدْعَةً إذَا عَلِمَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ (وَلَا يُجْزِئُ تَعَدُّدٌ قَبْلَ تَمَامِ عُضْوٍ) فَلَا تُحْسَبُ الْغَسْلَةُ مَرَّةً إلَّا إذَا اسْتَوْعَبَتْهُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (وَلَا) يُجْزِئُ تَعَدُّدٌ (بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ) فَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَانِيًا، وَثَالِثًا كَذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ التَّثْلِيثُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنَّ الْوَجْهَ، وَالْيَدَ مُتَبَاعِدَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْرُغَ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْآخَرِ، وَأَمَّا الْفَمُ، وَالْأَنْفُ فَكَعُضْوٍ فَجَازَ تَطْهِيرُهُمَا مَعًا كَالْيَدَيْنِ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ، وَأَقَرَّهُ، وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ لَكِنْ خَالَفَ الرُّويَانِيُّ وَالْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَقَالُوا بِحُصُولِ ذَلِكَ. (و) مِنْ سُنَنِهِ (التَّخْلِيلُ لِمَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ شَعْرِ الْوَجْهِ بِالْأَصَابِعِ مِنْ أَسْفَلِهِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ، وَقَالَ هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي» أَمَّا مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ ذَلِكَ كَالْخَفِيفِ، وَالْكَثِيفِ مِنْ لِحْيَةِ غَيْرِ الرَّجُلِ فَيَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى ظَاهِرِهِ، وَبَاطِنِهِ، وَمَنَابِتِهِ بِتَخْلِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَقَوْلُهُ مِنْ أَسْفَلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ (لَا) إنْ كَانَ مَا ذُكِرَ (لِمُحْرِمٍ) فَلَا يُسَنُّ تَخْلِيلُهُ لِئَلَّا يَتَسَاقَطَ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحْرِمَ كَغَيْرِهِ، وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي فَقَالَ بَلْ السُّنَّةُ تَخْلِيلُهَا أَيْ اللِّحْيَةِ بِرِفْقٍ كَمَا قَالُوهُ فِي تَخْلِيلِ شَعْرِ الْمَيِّتِ، وَكَالْمَضْمَضَةِ لِلصَّائِمِ فَإِنَّهَا سُنَّةٌ مَعَ خَوْفِ الْمُفْسِدِ، وَلِهَذَا لَا يُبَالِغُ، وَقَدْ قَالَ فِي التَّهْذِيبِ، وَيُدَلِّكُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِي الْغُسْلِ بِرِفْقٍ حَتَّى لَا يُنْتَتَفَ شَعْرُهُ (وَ) مِنْهَا (تَقْدِيمُ الْيُمْنَى) عَلَى الْيَسَارِ لِخَبَرِ «إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ» رَوَاهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ، وَحِبَّانُ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ، وَتَرَجُّلِهِ أَيْ تَسْرِيحِ شَعْرِهِ، وَطَهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ» أَيْ مِمَّا هُوَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ كَاكْتِحَالٍ، وَنَتْفِ إبِطٍ، وَحَلْقِ رَأْسٍ، وَالْأَيْسَرُ لِضِدِّ ذَلِكَ كَامْتِخَاطٍ، وَدُخُولِ خَلَاءٍ، وَنَزْعِ مَلْبُوسٍ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ صَحِيحٌ «كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيُمْنَى لِطَهُورِهِ، وَطَعَامِهِ، وَالْيُسْرَى لِخَلَائِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى» (لَا) الْيَمِينُ (مِنْ الْأُذُنَيْنِ، وَالْخَدَّيْنِ، وَالْكَفَّيْنِ) فَلَا يُسَنُّ تَقْدِيمُهَا بَلْ يُسَنُّ غَسْلُهُمَا مَعًا (إلَّا لِأَقْطَعَ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ بِهِ عِلَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ مَعَهَا ذَلِكَ فَيُسَنُّ لَهُ تَقْدِيمُ الْيَمِينِ (وَلَوْ عَكَسَ) فَقَدَّمَ الْيَسَارَ فِيمَا سُنَّ فِيهِ تَأْخِيرُهَا (كُرِهَ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيمَهَا فِي كُلِّ مَا فِيهِ تَكْرِيمٌ وَتَقْدِيمُ الْيَمِينِ فِي ضِدِّهِ مَكْرُوهٌ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَقْدِيمُ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ أَوْ الْخَدَّيْنِ أَوْ الْكَفَّيْنِ لِغَيْرِ أَقْطَعَ بِحَمْلِ الْعَكْسِ عَلَى مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ إذْ عَكَسَ الْمَعِيَّةَ التَّرْتِيبُ (وَ) مِنْهَا (تَطْوِيلُ الْغُرَّةِ بِغَسْلِ زَائِدٍ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْ الْوَجْهِ) مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ (و) تَطْوِيلُ (التَّحْجِيلِ) بِغَسْلِ زَائِدٍ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْ الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» ، وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنْتُمْ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ، وَتَحْجِيلَهُ» ، وَمَعْنَى غُرًّا مُحَجَّلِينَ بِيضَ الْوُجُوهِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ كَالْفَرَسِ الْأَغَرِّ وَهُوَ الَّذِي فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ، وَالْمُحَجَّلِ، وَهُوَ الَّذِي قَوَائِمُهُ بِيضٌ (وَغَايَتُهُ) أَيْ تَطْوِيلِ التَّحْجِيلِ (الْمَنْكِبُ، وَالرُّكْبَةُ) لِلِاتِّبَاعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ خَبَرٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَ) مِنْهَا (اسْتِيعَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَخُرُوجًا مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ عَمَلًا بِالْيَقِينِ) فِي الْمَفْرُوضِ وُجُوبًا، وَفِي الْمَنْدُوبِ نَدْبًا (قَوْلُهُ وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً ثُمَّ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» قَالَ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا كَانَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْعَالًا مُخْتَلِفَةً فِي أَحْوَالٍ شَتَّى هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى طَرِيقِ التَّعْلِيمِ لِأَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ فَإِنَّ مَنْ تَوَضَّأَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِوُضُوئِهِ صَلَاةً. (قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَيُدَلِّكُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِي الْغُسْلِ بِرِفْقٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ إيصَالَ الْمَاءِ إلَى مَنَابِتِهِ وَاجِبٌ فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْمَضْمَضَةِ وَاضِحٌ إذْ الِانْتِتَافُ بِالتَّخْلِيلِ أَقْرَبُ مِنْ سَبْقِ الْمَاءِ فِي الْمَضْمَضَةِ بِلَا مُبَالَغَةٍ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا تَقْدِيمُ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ) إنَّمَا لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ عُضْوَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَإِنْ كَانَا فِي حُكْمِ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ لَمْ يَجِبْ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى فِي الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ فِي الْحُكْمِ أَنَّ مَاسِحَ الْخُفِّ لَوْ نَزَعَ أَحَدَهُمَا بَطَلَتْ طَهَارَةُ قَدَمَيْهِ جَمِيعًا وَصَارَ كَأَنَّهُ نَزَعَهُمَا وَلَوْ غَسَلَ إحْدَاهُمَا وَمَسَحَ عَلَى خُفِّ الْأُخْرَى لَمْ يَجُزْ لَهُ تَبْعِيضُهُمَا كَمَا لَا يُبَعِّضُ الْقَدَمَ الْوَاحِدَ. (قَوْلُهُ وَحَلْقُ رَأْسٍ) أَيْ وَقَصُّ شَارِبٍ وَلُبْسٌ وَأَخْذٌ وَعَطَاءٌ ش (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيمَهَا فِي كُلِّ مَا فِيهِ تَكْرِيمٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا تَطْوِيلُ الْغُرَّةِ وَتَطْوِيلُ التَّحْجِيلِ) وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إيصَالُهُمَا بِالْوَاجِبِ وَأَنَّهُ إنْ شَاءَ قَدَّمَهُمَا وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَهُ ح. (قَوْلُهُ بِغُسْلٍ زَائِدٍ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْ الْوَجْهِ) قَالَ الْإِمَامُ لَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُ الْوَجْهِ لِعِلَّةٍ لَمْ يُسْتَحَبَّ غَسْلُ مَا جَاوَرَهُ مِنْ الرَّأْسِ وَصَفْحَةِ الْعُنُقِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّحْجِيلِ حَيْثُ تَعَذَّرَ غَسْلُهُمَا إلَى الْمَنْكِبِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ شَامِلٌ لِمَحَلِّ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ (قَوْلُهُ بِيضُ الْوُجُوهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ) وَغَايَةُ الْغُرَّةِ أَنْ يَغْسِلَ صَفْحَةَ الْعُنُقِ مَعَ مُقَدِّمَاتِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا اسْتِيعَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ) قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَإِذَا مَسَحَهُ فَالْفَرْضُ أَقَلُّ جُزْءٍ وَقِيلَ كُلُّهُ وَقِيلَ إنْ تَعَاقَبَ فَالْأَقَلُّ وَمِثْلُهُ تَطْوِيلُ قِيَامٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالسُّنِّيَّةِ لَا يُنَافِي وُقُوعَهُ فَرْضًا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَ) أَنْ يَبْدَأَ فِي مَسْحِهِ (مِنْ مُقَدِّمِهِ فَلْيُلْصِقْ بَيْنَ سَبَّابَتَيْهِ) أَيْ طَرَفَيْهِمَا (وَإِبْهَامَاهُ فِي صُدْغَيْهِ) لَوْ قَالَ كَالرَّوْضَةِ، وَإِبْهَامَيْهِ كَانَتْ إفَادَتُهُ لِسُنِّيَّتِهِ إلْصَاقَهُمَا بِالصُّدْغِ أَظْهَرُ (ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمَا) أَيْ بِسَبَّابَتَيْهِ (إلَى قَفَاهُ، وَذُو الْوَفْرَةِ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَنْقَلِبُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ، وَهِيَ الشَّعْرُ إلَى شَحْمَةِ الْأُذُنِ (بِرَدِّهِمَا) أَيْ السَّبَّابَتَيْنِ إلَى مَا بَدَأَ مِنْهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَيَصِلُ الْمَاءُ بِالذَّهَابِ إلَى بَاطِنِ الْقَدَمِ، وَظَاهِرِ الْمُؤَخَّرِ، وَبِالرَّدِّ إلَى عَكْسِ ذَلِكَ (وَلَا يُحْسَبُ الرَّدُّ مَرَّةً) لِعَدَمِ تَمَامِ الْمَرَّةِ الْأُولَى (فَإِنْ لَمْ يَنْقَلِبْ) شَعْرُهُ (لِظُفْرِهِ أَوْ طُولِهِ) أَوْ قِصَرِهِ أَوْ عَدَمِهِ كَمَا فُهِمَا بِالْأَوْلَى (لَمْ يَرُدَّ) هُمَا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فَإِنْ رَدَّهُمَا لَمْ تُحْسَبْ ثَانِيَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا. وَالضَّفْرُ بِالضَّادِ لَا بِالظَّاءِ، وَإِنْ عَبَّرَ بِهَا الْمُصَنِّفُ فِي مَوَاضِعَ كَمَا هُنَا (وَيَمْسَحُ) نَدْبًا (النَّاصِيَةَ) ، وَهِيَ الشَّعْرُ الَّذِي بَيْنَ النَّزْعَتَيْنِ (وَيُتَمِّمُ عَلَى الْعِمَامَةِ) أَوْ نَحْوِهَا، وَإِنْ لَبِسَهَا عَلَى حَدَثٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى عِمَامَتِهِ» سَوَاءٌ عَسُرَ عَلَيْهِ تَنْحِيَتُهَا أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ، وَالتَّحْقِيقِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَالشَّرْحَيْنِ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالْعُسْرِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ، وَيُتَمِّمُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى مَسْحِ الْعِمَامَةِ (وَ) مِنْهَا (مَسْحُ، وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ فِي وُضُوئِهِ بِرَأْسِهِ، وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا، وَبَاطِنَهُمَا، وَأَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَوْ صَحِيحٍ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ (لَا) مَسْحُ (الرَّقَبَةِ) فَلَا يُسَنُّ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ قَالَ النَّوَوِيُّ بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ قَالَ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغُلِّ» فَمَوْضُوعٌ، وَأَثَرُ ابْنِ عُمَرَ مَنْ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عُنُقَهُ وُقِيَ الْغُلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ (بِمَاءٍ) أَيْ، وَمَسْحُ وَجْهَيْ الْأُذُنَيْنِ بِمَاءٍ (جَدِيدٍ) أَيْ غَيْرِ مَاءِ الرَّأْسِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فَلَوْ أَخَذَ بِأَصَابِعِهِ مَاءً لِرَأْسِهِ فَلَمْ يَمْسَحْهُ بِمَاءِ بَعْضِهَا بَلْ مَسَحَ بِهِ الْأُذُنَيْنِ كَفَى لِأَنَّهُ مَاءٌ جَدِيدٌ (وَغَسْلُهُمَا أَيْضًا مَعَ الْوَجْهِ، وَمَسْحُهُمَا مَعَ الرَّأْسِ حَسَنٌ) لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِمَا فَقَدْ قِيلَ إنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ، وَقِيلَ مِنْ الْوَجْهِ، وَالْمَشْهُورُ لَا، وَلَا. وَأَمَّا خَبَرُ «الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» فَضَعِيفٌ، وَكَانَ ابْنُ سُرَيْجٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَا قُلْنَاهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِعْلُهُ هَذَا حَسَنٌ، وَقَدْ غَلِطَ مَنْ غَلَّطَهُ فِيهِ زَاعِمًا أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَدَلِيلُ ابْنِ سُرَيْجٍ نَصَّ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابُ عَلَى اسْتِحْبَابِ غَسْلِ النَّزَعَتَيْنِ مَعَ الْوَجْهِ مَعَ أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ فِي الرَّأْسِ أَيْ، وَلَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ (ثُمَّ يَأْخُذُ) الْأَوْلَى لِيُوَافِقَ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَغَيْرِهَا، وَيَأْخُذُ (لِصِمَاخَيْهِ) ، وَهُمَا خَرْقَا الْأُذُنَيْنِ (مَاءً) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ (جَدِيدًا) أَيْ غَيْرَ مَاءِ الرَّأْسِ، وَالْأُذُنَيْنِ لِظَاهِرِ خَبَرِ الْبَيْهَقِيّ، وَلِأَنَّهُمَا مِنْ الْأُذُنَيْنِ كَالْفَمِ، وَالْأَنْفِ مِنْ الْوَجْهِ (ثَلَاثًا) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَتَثْلِيثُ مَغْسُولٍ، وَمَمْسُوحٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَالْأَحَبُّ فِي كَيْفِيَّةِ مَسْحِهِمَا مَعَ الْأُذُنَيْنِ أَنْ يُدْخِلَ مِسْبَحَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْهِ، وَيُدِيرَهُمَا عَلَى الْمَعَاطِفِ، وَيُمِرَّ إبْهَامَيْهِ عَلَى ظُهُورِهِمَا ثُمَّ يُلْصِقُ كَفَّيْهِ مَبْلُولَتَيْنِ بِالْأُذُنَيْنِ اسْتِظْهَارًا، وَنَقَلَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَاتٍ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ آخَرِينَ أَنْ يَمْسَحَ بِالْإِبْهَامَيْنِ ظَاهِرَ الْأُذُنَيْنِ بِالْمُسْبَحَتَيْنِ بَاطِنَهُمَا، وَيُمِرَّ رَأْسَ الْأُصْبُعِ فِي الْمَعَاطِفِ، وَيُدْخِلَ الْخِنْصَرَ فِي صِمَاخَيْهِ، وَكَلَامُهُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ يَقْتَضِي اخْتِيَارَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ. وَالْمُرَادُ مِنْ الْأُولَى أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِ مُسَبِّحَتَيْهِ صِمَاخَيْهِ، وَبِبَاطِنِ أُنْمُلَتَيْهِمَا بَاطِنَ الْأُذُنَيْنِ، وَمَعَاطِفَهُمَا فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ أَنَّهَا لَا تُنَاسِبُ سُنِّيَّةَ مَسْحِ الصِّمَاخَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ، وَاسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ امْتِنَاعَ مَسْحِهِمَا بِبَلَلِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ، وَبِبَلَلِ الرَّأْسِ فِي الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ مَعَ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي ذَلِكَ طَهُورٌ ثُمَّ قَالَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَكْمَلُ لَا أَصْلُ السُّنَّةِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ، وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ (وَمِنْهَا تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ) لِخَبَرِ لَقِيطٍ السَّابِقِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ بَيْنَ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ، وَقَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ كَمَا فَعَلْت» فَيُخَلِّلُهَا (مِنْ أَسْفَلَ بِخِنْصِرِ يَدِهِ الْيُسْرَى) بِكَسْرِ الصَّادِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا (يَبْدَأُ بِخِنْصِرِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى، وَيَخْتِمُ بِخِنْصِرِ) الرِّجْلِ   [حاشية الرملي الكبير] وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَبَعِيرٌ عَنْ خَمْسٍ وَبَدَنَةٌ عَنْ دَمِ شَاةٍ وَفَائِدَتُهُ فِي الثَّوَابِ وَرُجُوعُ مُعَجَّلِ زَكَاةٍ وَأَكْلِ نَاذِرٍ شَاةٍ انْتَهَى صُحِّحَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ، وَفِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْجَمِيعَ فَرْضٌ وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الدِّمَاءِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ فِي النَّذْرِ فِي الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ شَاةٍ أَنَّ الْفَرْضَ سَبْعُهَا وَصُحِّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الزَّكَاةِ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَاكَ أَنَّ الزَّائِدَ فِي بَعِيرِ الزَّكَاةِ فَرْضٌ، وَفِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ نَفْلٌ وَادَّعَى اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى تَصْحِيحِهِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَعْضِ الْبَعِيرِ لَا يُجْزِئُ بِخِلَافِ بَعْضِ الْبَقِيَّةِ اهـ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا) أَيْ لِأَنَّهُ تَافِهٌ فَلَيْسَ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهُ تَفْوِيتُ مَالِيَّةٍ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ انْغَمَسَ ذُو الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَنَوَى فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْهُ. (قَوْلُهُ بِالضَّادِ لَا بِالظَّاءِ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ وَيُتَمِّمُ عَلَى الْعِمَامَةِ) سُنِّيَّةُ التَّتْمِيمِ بِالْعِمَامَةِ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ الْمُتَعَدِّي بِلُبْسِهَا أَمَّا هُوَ فَعَاصٍ فَلَا يُتَمِّمُ بِهَا إذْ الرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَبْنٍ فِي نُكَتِهِ وَذَكَرَهُ النَّاشِرِيُّ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ أت عُلِمَ مِنْهُ حُكْمُ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمَسْرُوقَةِ بِالْأَوْلَى قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمُحْرِمُ مَنْهِيٌّ عَنْ اللُّبْسِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لُبْسٌ وَلَا كَذَلِكَ لِغَاصِبٍ وَالسَّارِقُ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي مَسْحِ الْخُفِّ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالْعُسْرِ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مِثَالٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَكْمَلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ) ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 (الْيُسْرَى) هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَصَحَّحَهُ الْأَصْلُ، وَخَالَفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَحَكَى فِيهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا هَذَا، وَالثَّانِي بِخِنْصِرِ الْيَدِ الْيُمْنَى، وَالثَّالِثُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ ثُمَّ قَالَ، وَهُوَ الرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ، وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ (وَإِيصَالُ الْمَاءِ) إلَى مَا بَيْنَهُمَا (وَاجِبٌ) إذَا كَانَتْ مُلْتَفَّةً لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهِ إلَّا بِالتَّخْلِيلِ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مُلْتَحِمَةً لَمْ يَجُزْ فَتْقُهَا، وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ (وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ) بَيْنَهَا لِخَبَرِ لَقِيطٍ (وَمِنْهَا تَرْكُ الِاسْتِعَانَةِ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ، وَتَكَبُّرٌ لَا يَلِيقُ بِالْمُتَعَبِّدِ فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى حَيْثُ لَا عُذْرَ، وَإِنَّمَا لَمْ تُكْرَهْ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبَّ عَلَيْهِ أُسَامَةُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالْمُغِيرَةُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ» (لَا تَرْكُ) الِاسْتِعَانَةِ فِي (إحْضَارِهِ) أَيْ الْمَاءِ فَلَيْسَ بِسُنَّةٍ فَلَا تَكُونُ هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى لِثُبُوتِهَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرًا، وَكُرِهَ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِعَانَةِ (فِي غَسْلِ الْعُضْوِ بِلَا عُذْرٍ) لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ زَائِدٌ لَا يَلِيقُ بِالْمُتَعَبِّدِ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لَمْ تُكْرَهْ بَلْ قَدْ تَجِبُ، وَلَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْبَغِي أَيْ فِي عَدَمِ كَرَاهَتِهَا أَنْ يَكُونَ الْمُعِينُ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لِيَخْرُجَ الْكَافِرُ، وَنَحْوُهُ، وَتَعْبِيرُهُمْ بِلَفْظِ الِاسْتِعَانَةِ الْمُقْتَضِي طَلَبَهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُهُ فَخَدَمَهُ سَاكِتًا لَمْ يَحْنَثْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَلَبِهَا، وَعَدَمِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ (، وَيَضَعُ) نَدْبًا الْمُتَوَضِّئُ (الْمَاءَ عَنْ يَمِينِهِ) إنْ كَانَ يَغْتَرِفُ مِنْهُ، وَعَنْ يَسَارِهِ إنْ كَانَ يَصُبُّ مِنْهُ عَلَى يَدِهِ كَإِبْرِيقٍ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْكَنُ فِيمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ. وَاسْتَثْنَى السَّرَخْسِيُّ مَا إذَا فَرَغَ مِنْ غَسْلِ وَجْهِهِ، وَيَمِينِهِ فَيُحَوِّلُ الْإِنَاءَ إلَى يَمِينِهِ، وَيَصُبُّ عَلَى يَسَارِهِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي غَسْلِ الْيَدَانِ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى كَفِّهِ فَيَغْسِلُهَا ثُمَّ يَغْسِلُ سَاعِدَهُ ثُمَّ مِرْفَقَهُ قَالَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْجُمْهُورُ هَذَا التَّحْوِيلَ (وَيَقِفُ الْمُعِينُ) لَهُ (بِالصَّبِّ عَلَى يَسَارِهِ) لِأَنَّهُ أَعْوَنُ وَأَمْكَنُ، وَأَحْسَنُ أَدَبًا، وَقَوْلُهُ وَيَضَعُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (وَ) مِنْهَا (تَرْكُ التَّنْشِيفِ) مِنْ بَلَلِ مَاءِ الْوُضُوءِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ اغْتِسَالِهِ بِمِنْدِيلٍ فَرَدَّهُ، وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ» ، وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ فَكَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى، وَاخْتَارَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ مُبَاحٌ تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ هَذَا إذَا لَمْ يَحْتَجَّ إلَيْهِ لِخَوْفِ بَرْدٍ، وَالْتِصَاقِ نَجَاسَةٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُسَنُّ تَرْكُهُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ يَتَأَكَّدُ سُنَّةً إذَا خَرَجَ عَقِبَ الْوُضُوءِ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَاتِ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيحِ، وَكَذَا لَوْ آلَمَهُ شِدَّةُ بَرْدِ الْمَاءِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ الْجُرْحِ أَوْ كَانَ يَتَيَمَّمُ أَثَرَهُ أَوْ نَحْوَهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يَحْمِلُ الثَّوْبَ الَّذِي يَتَنَشَّفُ بِهِ، وَقَفَ عَنْ يَمِينِهِ انْتَهَى، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمُعِينِ أَنْ يَقِفَ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ، وَإِذَا تَنَشَّفَ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ بِذَيْلِهِ، وَطَرَفِ ثَوْبِهِ، وَنَحْوِهِمَا (وَأَمَّا النَّفْضُ لِلْمَاءِ فَمُبَاحٌ) تَرْكُهُ، وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ لَا مَكْرُوهٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي النَّهْيِ شَيْءٌ وَثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا خَبَرُ «إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَلَا تَنْفُضُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّهَا مَرَاوِحُ الشَّيْطَانِ» فَضَعِيفٌ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ، وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِأَنَّ تَرْكَهُ سُنَّةٌ، وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ لِأَنَّهُ كَالتَّبَرِّي مِنْ الْعِبَادَةِ، وَقَالَ فِي شَرْحَيْ مُسْلِمٍ، وَالْوَسِيطِ أَنَّهُ الْأَشْهَرُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَبِهِ الْفَتْوَى فَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ (وَمِنْهَا مَنْدُوبَاتٌ أُخَرُ) ، وَهِيَ (أَنْ يَقُولَ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ) ، وَهِيَ أَوَّلُ السُّنَنِ غَيْرُ النِّيَّةِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا) لِمُنَاسَبَتِهِ الْمَقَامَ لَكِنَّهُ جَعَلَ فِي الْأَذْكَارِ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ دُعَاءِ الْأَعْضَاءِ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ (وَاسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ) فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ ذِكْرًا كَالصَّلَاةِ، وَلِئَلَّا يَخْلُوَ عَمَلُهُ عَنْهَا حَقِيقَةً أَمَّا اسْتِصْحَابُهَا حُكْمًا بِأَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا يُنَافِيهَا فَوَاجِبٌ كَمَا مَرَّ (وَالتَّلَفُّظُ بِهَا) لِيُسَاعِدَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (سِرًّا) مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتَقْدِيمُهَا مَعَ أَوَّلِ السُّنَنِ) عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ (لِتَحْصُلَ) أَيْ السُّنَنُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ) أَيْ وَشَرْحِ التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَيْ فِي عَدَمِ كَرَاهَتِهَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى السَّرَخْسِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا تَرْكُ التَّنْشِيفِ) يُسْتَحَبُّ التَّنْشِيفُ فِي طَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا خِلَافٍ وَهِيَ غُسْلُ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَمِنْهَا تَرْكُ التَّنْشِيفِ) وَالتَّنْشِيفُ أَخْذُ الْمَاءِ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ هُوَ الْمُنَاسِبُ وَأَمَّا النَّشْفُ بِمَعْنَى الشُّرْبِ فَلَا يَظْهَرُ هُنَا إلَّا بِنَوْعِ تَكَلُّفٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَبَّانِيُّ ش. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ يَتَأَكَّدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا بَلْ قَدْ يَصِلُ لِلْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ) أَيْ وَنُكَتِ التَّنْبِيهِ ح (قَوْلُهُ وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِأَنَّ تَرْكَهُ سُنَّةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبِهِ الْفَتْوَى) ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ مَذْهَبًا وَبِهِ جَزَمَ خَلَائِقُ مِنْ الْأَصْحَابِ أَيْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْعَلْهُ فِي وُضُوئِهِ وَفَعَلَهُ فِي غُسْلِهِ قَلِيلًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ نَفْضَ الْيَدِ عِنْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنِ، وَقَالَ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إرْسَالُهُمَا لَا نَفْضُهُمَا. (قَوْلُهُ فَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ) وَادَّعَى النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّهُ لَا نَصَّ لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا ش (قَوْلُهُ أَيْ السُّنَنُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ) أَيْ ثَوَابُهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ الْمَنْوِيَّةُ انْتَهَى، وَفِيهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا إذَا تَعَرَّضَ فِي نِيَّتِهِ لَهَا، وَفِي مَعْنَاهُ مَا يَشْمَلُ فَرْضَ الْوُضُوءِ وَنَفْلَهُ كَنِيَّةِ الْوُضُوءِ أَوْ الطَّهَارَةِ أَمَّا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ لَا غَيْرَ فَفِي حُصُولِ ثَوَابِ السُّنَنِ نَظَرًا لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَمْ تَشْمَلْهَا وَلَا تُرَدُّ السُّنَنُ الْمُتَأَخِّرَةُ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ظَاهِرَةٌ فِي الْحُصُولِ مُطْلَقًا وَلَكِنْ فِي عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرْته وَلَفْظُهُ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ نَظَرٌ إنْ اسْتَصْحَبَهَا إلَى ابْتِدَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ صَحَّ الْوُضُوءُ وَثَوَابُ السُّنَنِ الْمَنْوِيَّةِ قَبْلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ أَيْ ثَوَابِهَا فَيَنْوِيَ مَعَ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْفِرْكَاحِ بِأَنْ يَقْرِنَهَا بِهَا عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِهِمَا كَمَا يَقْرِنُهَا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ أَنَّ قَرْنَهَا بِهَا مُسْتَحِيلٌ لِأَنَّهُ يُسَنُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ، وَلَا يُعْقَلْ التَّلَفُّظُ مَعَهُ بِالتَّسْمِيَةِ. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَنْوِي عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ فَالْمُرَادُ بِتَقْدِيمِ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْفَرَاغِ مِنْهُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ مَحِلُّ النِّيَّةِ الْمَسْنُونَةِ لَكِنْ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ جَعَلَ مَحِلَّهَا بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ، وَجَعَلَ كَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَفَّالِ مَحِلَّ السِّوَاكِ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ فَعَلَى قَوْلِهِ يَلْزَمُ خُلُوُّهُ عَنْهَا، وَتَحْتَاجُ الثَّلَاثَةُ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ خُلُوُّهَا عَنْ النِّيَّةِ، وَجَعَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ النَّقِيبِ فِي عُمْدَتِهِ بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ بَنَيْت كَلَامِي أَوَّلًا وَخَالَفَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي نُكَتِهِ فَقَالَ مَحِلُّهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ أَوْ مَعَهَا أَمَّا إذَا تَرَكَ النِّيَّةَ أَوَّلًا فَلَا يُثَابُ عَلَى مَا قَبْلَهَا بِخِلَافِ نَاوِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ ضَحْوَةً لِأَنَّ الصَّوْمَ خُصْلَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا صَحَّ بَعْضُهَا صَحَّ كُلُّهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، وَلِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ بِسُنَنِهِ بِخِلَافِ إمْسَاكِ بَقِيَّةِ النَّهَارِ (وَتَعَهُّدِ الْغُضُونِ) أَيْ مَكَاسِرِ الْجِلْدِ احْتِيَاطًا (وَكَذَا الْمُوقُ) بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ، وَهُوَ طَرَفُ الْعَيْنِ الَّذِي يَلِي الْأَنْفَ يَتَعَهَّدُهُ (بِالسَّبَّابَةِ) الْأَيْمَنُ بِالْيُمْنَى، وَالْأَيْسَرُ بِالْيُسْرَى، وَمِثْلُهُ اللِّحَاظُ، وَهُوَ الطَّرَفُ الْآخَرُ وَمَحِلُّ سَنِّ غَسْلِهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا رَمْصٌ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى مَحِلِّهِ، وَإِلَّا فَغَسْلُهُمَا، وَاجِبٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (لَا غَسْلُ بَاطِنِ الْعَيْنِ) فَلَا يَجِبُ، وَلَا يُسَنُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَمِنْهَا إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْأَعْضَاءِ) بَعْدَ إفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَيْهَا اسْتِظْهَارًا وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَكَرَّرَ مِنْهَا لِرَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ مَا بَعْدَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ قَبْلَهَا (وَتَحْرِيكُ الْخَاتَمِ) إلَّا إذَا لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ إلَّا بِهِ فَيَجِبُ (وَالْبُدَاءَةُ بِأَعْلَى، وَجْهِهِ) لِأَنَّهُ أَشْرَفُ لِكَوْنِهِ مَحَلُّ السُّجُودِ (وَبِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ) إنْ صَبَّ عَلَى نَفْسِهِ (فَإِنْ صَبَّ عَلَيْهِ فَبِالْمِرْفَقِ، وَالْكَعْبِ) تَبِعَ كَالْأَصْلِ فِي هَذَا الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْبُدَاءَةِ بِالْأَصَابِعِ مُطْلَقًا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَاخْتَارَهُ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَيُجْرِي الْمَاءَ عَلَى يَدِهِ، وَيُدِيرُ كَفَّهُ الْأُخْرَى عَلَيْهَا مُجْرِيًا لِلْمَاءِ بِهَا إلَى مِرْفَقِهِ، وَيُجْرِيهِ عَلَى رِجْلِهِ، وَيُدِيرُ كَفَّهُ عَلَيْهَا مُجْرِيًا لِلْمَاءِ بِهَا إلَى كَعْبِهِ، وَلَا يَكْتَفِي بِجَرَيَانِهِ بِطَبْعِهِ (و) أَنْ (يَقْتَصِدَ فِي الْمَاءِ) فَلَا يُسْرِفُ فِيهِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ (و) أَنْ (لَا يَنْقُصَ) الْمَاءُ (فِي الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ، وَالْغُسْلِ عَنْ صَاعٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا فِي بَابِ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُمَا ثُمَّ أَيْضًا مَعَ زِيَادَةٍ، وَذِكْرُ حُكْمِ الصَّاعِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْمُنَاسِبُ تَرْكُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ (وَ) أَنْ (يَسْتَقْبِلَ) الْقِبْلَةَ فِي وُضُوئِهِ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) أَنْ (لَا يَلْطِمَ) بِكَسْرِ الطَّاءِ (وَجْهَهُ بِالْمَاءِ، وَلَا يَتَكَلَّمُ) فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (وَ) أَنْ (يَتَوَقَّى الرَّشَاشَ) فَلَا يَتَوَضَّأُ فِي مَوْضِعٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ رَشَاشُ الْمَاءِ (وَ) أَنْ (يَقُولَ بَعْدَهُ) أَيْ الْوُضُوءِ، وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ (أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ، وَرَسُولُهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَى آخِرِهِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ» (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ) زَادَهُ التِّرْمِذِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ (سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك، وَأَتُوبُ إلَيْك) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ، وَصَحَّحَهُ «مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ، وَبِحَمْدِك إلَى آخِرِهِ كُتِبَ فِي رَقٍّ ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ فَلَمْ يُكْسَرْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ، وَالطَّابَعُ بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَكَسْرِهَا الْخَاتَمُ، وَمَعْنَى لَمْ يُكْسَرْ لَمْ يَتَطَرَّقْ إلَيْهِ إبْطَالٌ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ مَعَهُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَدُعَاءُ الْأَعْضَاءِ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ اللَّهُمَّ احْفَظْ يَدِي مِنْ مَعَاصِيك كُلِّهَا، وَعِنْدَ الْمَضْمَضَةِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك، وَعِنْدَ الِاسْتِنْشَاقِ اللَّهُمَّ أَرِحْنِي رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَعِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُمْنَى اللَّهُمَّ اعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا، وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُسْرَى اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي وَلَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي، وَعِنْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ اللَّهُمَّ حَرِّمْ شَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ، وَعِنْدَ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْفِرْكَاحِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْغُسْلِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالنِّيَّةِ مَعَ التَّسْمِيَةِ. (قَوْلُهُ كَالْمَاوَرْدِيِّ) وَالْقَفَّالِ وَالْعِمْرَانِيُّ (قَوْلُهُ وَخَالَفَ ابْنُ النَّقِيبِ إلَخْ) ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْمَنْقُولُ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ الْحَدِيثُ وَالنَّصُّ. (قَوْلُهُ فَقَالَ مَحَلُّهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ الْأَيْمَنُ بِالْيُمْنَى وَالْأَيْسَرُ بِالْيُسْرَى) لِأَنَّهُ قَدْ يَجْتَمِعُ فِيهِمَا كُحْلٌ أَوْ رَمْصٌ فَيَزُولَ بِذَلِكَ وَيَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهِمَا (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ فِي الْكَلَامِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَقَالَ إنَّهُ الْمُخْتَارُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي تَنْقِيحِهِ، وَقَالَ أَنَّهُ الصَّوَابُ ش، وَقَالَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ الْمُسَمَّى بِالتُّحْفَةِ إنَّهُ الصَّوَابُ ش. (قَوْلُهُ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ) رَافِعًا يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الظَّاهِرُ مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِيهَا وَمِنْ كَلَامِ مَنْ أَخَذَ بِهِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ أَوَّلِ مَرَّةٍ وَلَوْ كَرَّرَهُ فَحَسَنٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، وَعِنْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ (لَا أَصْلَ لَهُ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ، وَإِلَّا فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ فِي تَارِيخِ ابْنِ حِبَّانَ، وَغَيْرِهِ، وَمِثْلُهُ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ (فَرْعٌ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ) فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ (لَا يَضُرُّ، وَالْكَثِيرُ وَلَوْ فِي الْغُسْلِ بِلَا عُذْرٍ كَالنِّسْيَانِ مَكْرُوهٌ) فَلَا يُبْطِلُ الطَّهَارَةَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يُبْطِلُهَا التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ فَلَا يُبْطِلُهَا الْكَثِيرُ كَالْحَجِّ لَكِنَّهُ نُقِضَ بِالْأَذَانِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فِيهَا عَلَى أَبْعَاضِهَا فَجَازَ فِيهَا التَّفْرِيقُ الْكَثِيرُ كَالزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ كَالنِّسْيَانِ مِثَالٌ لِلْعُذْرِ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مَكْرُوهٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ (لَا) ، وَفِي نُسْخَةٍ وَلَا (يُوجِبُ) التَّفْرِيقَ الْكَثِيرَ (تَجْدِيدُ النِّيَّةِ) عِنْدَ عُزُوبِهَا لِأَنَّ حُكْمَهَا بَاقٍ (وَهُوَ) أَيْ التَّفْرِيقُ الْكَثِيرُ (مَا) أَيْ تَفْرِيقٌ (يَجِفُّ الْمَغْسُولُ) آخِرًا (فِيهِ) أَيْ فِي زَمَنِهِ (حَالَ الِاعْتِدَالِ) أَيْ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَالزَّمَانِ وَالْمِزَاجِ فَإِذَا غَسَلَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيُقَدَّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا، وَسَيَأْتِي فِي التَّيَمُّمِ أَنَّ جَوَازَ التَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ مَحَلُّهُ فِي وُضُوءِ الرَّفَاهِيَةِ (فَصْلٌ) ، وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (مَنْ لَا كَعْبَ لَهُ وَلَا مِرْفَقَ يُقَدِّرُ قَدْرَهُ) مِنْ الْعُضْوِ (وَيُشْتَرَطُ جَرَيَانُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ) فِي غَسْلِهِ فَلَا يَكْفِي أَنْ يَمَسَّهُ الْمَاءُ بِلَا جَرَيَانٍ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى غُسْلًا (فَيَجِبُ قَلْعُ، وَسَخِ ظُفْرٍ، وَشُقُوقٍ يَمْنَعُ) وُصُولَ الْمَاءِ (وَ) قَلْعُ (دُهْنٍ جَامِدٍ كَالشَّمْعِ) لَا قَلْعُ دُهْنٍ (جَارٍ) أَيْ مَانِعًا (وَلَا) قَلْعُ (لَوْنِ حِنَّاءٍ، وَلَوْ شَكَّ) فِي طَهَارَةِ (عُضْوٍ بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ لَمْ يُؤَثِّرْ) كَنَظِيرِهِ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي أَثْنَائِهِ، وَبِمَا قَالَهُ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فَأَلْزَمَ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِطُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ فَالْتَزَمَهُ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي حَدَثِهِ، وَقِيلَ يُؤَثِّرُ لِأَنَّ الطُّهْرَ يُرَادُ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَالشَّكُّ فِي حَدَثِهِ، وُجِدَ فِيهِ يَقِينُ الطُّهْرِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ بِخِلَافِ هَذَا، وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّرْعَ كَثِيرًا مَا يُقِيمُ الظَّنَّ الْقَوِيَّ مَقَامَ الْيَقِينِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ (وَيَرْتَفِعُ حَدَثُ الْعُضْوِ بِغَسْلِهِ) فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَرَاغِ الْأَعْضَاءِ (وَنُدِبَ) لِمَنْ تَوَضَّأَ (أَنْ يُصَلِّيَ عَقِيبَ وُضُوئِهِ رَكْعَتَيْنِ) فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . (فَرْعٌ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ لَوْ (صَلَّى فَرِيضَتَيْنِ بِوُضُوءَيْنِ) عَنْ حَدَثَيْنِ أَوْ كَانَ الثَّانِي مُجَدِّدًا، وَقَدْ (نَسِيَ الْمَسْحَ) لِلرَّأْسِ (فِي أَحَدِهِمَا، وَأَشْكَلَ) عَلَيْهِ الْحَالُ (مَسَحَ) رَأْسَهُ (وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ) فَقَطْ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ (وَأَعَادَهُمَا) أَيْ الْفَرِيضَتَيْنِ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا بَاطِلَةٌ، وَقَدْ جَهِلَهَا فَهُوَ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتَيْنِ (وَلَوْ تَوَضَّأَ مُحْدِثٌ وَصَلَّى) فَرِيضَةً (ثُمَّ نَسِيَ) الْوُضُوءَ، وَالصَّلَاةَ (فَتَوَضَّأَ أَوْ أَعَادَ) هَا (ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ الْمَسْحَ فِي أَحَدِ وُضُوءَيْهِ، وَسَجْدَةً فِي إحْدَى صَلَاتَيْهِ) وَجَهِلَ مَحَلَّهُمَا (أَعَادَ الصَّلَاةَ) لِاحْتِمَالِ تَرْكِ الْمَسْحِ مِنْ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ وَالسَّجْدَةِ مِنْ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ (لَا الْوُضُوءِ لِصِحَّتِهِ) بِكُلِّ تَقْدِيرٍ، وَذِكْرُ الْمَسْحِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِثَالٌ فَبَقِيَّةُ الْفُرُوضِ كَذَلِكَ (وَلَا يَصِحُّ وُضُوءُ مَنْ خَفِيَ) عَلَيْهِ (مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنِهِ إنْ لَمْ يَكْتَفِ بِغَسْلَةٍ) ، وَاحِدَةٍ لِلْحَدَثِ، وَالْخَبَثِ لِاحْتِمَالِ اتِّصَالِ النَّجَاسَةِ بِمَحَلِّ وُضُوئِهِ فَإِنْ اكْتَفَى بِهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ صَحَّ وُضُوءُهُ [بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ وَآدَابِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ] (بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ، وَآدَابِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ نَجَوْت الشَّجَرَةَ، وَأَنْجَيْتهَا إذَا قَطَعْتهَا كَأَنَّهُ يَقْطَعُ الْأَذَى عَنْهُ، وَقِيلَ مِنْ النَّجْوَةِ، وَهِيَ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ عَنْ النَّاسِ بِهَا، وَهُوَ وَالِاسْتِطَابَةُ وَالِاسْتِجْمَارُ بِمَعْنَى إزَالَةِ الْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ عَنْهُ لَكِنَّ الثَّالِثَ مُخْتَصٌّ بِالْحَجَرِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْجِمَارِ وَهِيَ الْحَصَى الصِّغَارُ وَإِلَّا قَوْلَانِ يَعُمَّانِ الْمَاءَ وَالْحَجَرَ ، وَقَدْ بَدَأَ بِالْآدَابِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَكِنَّهُ نُقِضَ بِالْأَذَانِ) هُوَ مَمْنُوعٌ إذْ الْأَذَانُ قُرْبَةٌ لَا عِبَادَةٌ وَالْعِبَادَةُ أَخَصُّ لِأَنَّهَا مَا تُعُبِّدَ بِهِ بِشَرْطِ النِّيَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ وَالْقُرْبَةُ مَا تُقُرِّبَ بِهِ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ فَالْقُرْبَةُ تُوجَدُ بِدُونِ الْعِبَادَةِ فِي الْقُرَبِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَالْعِتْقِ وَالْأَذَانِ وَالْوَقْفِ فَلَا نَقْضَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) خِلَافُ السُّنَّةِ قَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا وَهُوَ مُرَادُهُمْ هُنَا فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ يُبْطِلُ الْوُضُوءُ وَقِيلَ إنَّهُ يُوجِبُ تَجْدِيدَ النِّيَّةِ وَيَجْرِي فِيهِ خِلَافُ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ [فَصْلٌ مَنْ لَا كَعْبَ لَهُ وَلَا مِرْفَقَ فِي الْوُضُوء] (قَوْلُهُ فَيَجِبُ قَلْعُ وَسَخِ ظُفْرٍ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ الْوَسَخُ الَّذِي يَنْشَأُ مِنْ بَدَنِهِ وَهُوَ الْعَرَقُ الَّذِي يَتَجَمَّدُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ مُتَّجَهٌ. (قَوْلُهُ وَشُقُوقٌ تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ) كَأَنْ جَعَلَ بِالشَّقِّ شَحْمًا أَوْ غَيْرَهُ وَقَيَّدَهُ الْجُوَيْنِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى اللَّحْمِ فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ لَمْ تَلْزَمْ إزَالَةُ مَا عَلَيْهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ كَمَا مَرَّ وَلَوْ أَحَسَّ شَيْئًا فِي بَدَنِهِ مِثْلَ الشَّوْكَةِ وَلَمْ يَرَهُ لِقِصَرِهِ وَخَفْيِهِ عُفِيَ عَنْهُ وَيَكْفِي إجْرَاءُ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَلَا تَجِبُ إزَالَةُ الْجِلْدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ فِي طَهَارَةِ عُضْوٍ بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ لَمْ يُؤَثِّرْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ عَنْ الثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنِ هَلْ اسْتَوْعَبَهُ أَوْ اسْتَجْمَرَ وَصَلَّى وَشَكَّ هَلْ اسْتَعْمَلَ حَجَرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَعُلِمَ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ النِّيَّةَ أَوْ فِي مُقَارَنَتِهَا لِلْوَاجِبِ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَ وُضُوئِهِ رَكْعَتَيْنِ) يَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [النساء: 64] إلَى {رَحِيمًا} [النساء: 64] ، وَفِي الثَّانِيَةِ {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} [النساء: 110] إلَى {رَحِيمًا} [النساء: 110] ش. (قَوْلُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُمَا كَالْمُحْرِمِ يَخَافُ فَوْتَ الْوُقُوفِ أَوْ الْمُصَلِّي يَخَافُ فَوْتَ الْوَقْتِ أَوْ فَوْتَ الْجُمُعَةِ لَوْ أَتَى بِهِمَا وَكَذَلِكَ إنْقَاذُ الْغَرِيقِ وَالدَّفْعُ عَمَّا يَجِبُ أَوْ يُسْتَحَبُّ الدَّفْعُ عَنْهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَتُسْتَحَبُّ عَقِبَ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَهَلْ يَجْرِي فِي الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْقِيَاسُ الِاسْتِحْبَابُ (بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 فَقَالَ (قَاضِي الْحَاجَةِ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَيْ مَنْ أَرَادَ قَضَاءَهَا (يَبْعُدُ) عَنْ النَّاسِ (فِي الصَّحْرَاءِ) إلَى حَيْثُ لَا يُسْمَعُ لِلْخَارِجِ مِنْهُ صَوْتٌ، وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ، وَذِكْرُ الصَّحْرَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَتَرْكُهَا أَوْلَى فَإِنَّ غَيْرَهَا مِمَّا لَمْ يُهَيَّأْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مِثْلُهَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْحَلِيمِيِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْإِبْعَادُ عَنْهُمْ اُسْتُحِبَّ لَهُمْ الْإِبْعَادُ عَنْهُ إلَى مَكَان لَا يَسْمَعُونَ. (وَيَسْتَتِرُ) عَنْ أَعْيُنِهِمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَتِرْ بِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ حَسَنٌ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ (، وَلَوْ بِقَدْرِ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ) ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ (وَيَدْنُو مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ) بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ الْمُعْتَدِلِ هَذَا إنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ أَوْ بِبِنَاءٍ لَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ كَأَنْ جَلَسَ فِي وَسَطِ مَكَان، وَاسِعٍ كَبُسْتَانٍ فَإِنْ كَانَ بِبِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ كَفَى كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَوْ تَسَتَّرَ) فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ نَحْوِهَا (بِرَاحِلَتِهِ أَوْ بِوَهْدَةٍ أَوْ إرْخَاءِ ذَيْلِهِ) أَوْ نَحْوِهَا (كَفَى) ، وَلَوْ تَعَارَضَ التَّسَتُّرُ، وَالْإِبْعَادُ فَالظَّاهِرُ رِعَايَةُ التَّسَتُّرِ (وَيُعَدُّ النُّبَلُ) بِضَمِّ النُّونِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهِمَا، وَقِيلَ بِضَمِّهِمَا أَيْ أَحْجَارُ الِاسْتِنْجَاءِ إنْ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ بِهَا لِخَبَرِ «إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ إسْنَادُهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَحَذَرًا مِنْ الِانْتِشَارِ إذَا طَلَبَهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ (أَوْ الْمَاءُ) إنْ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (و) يُقَدِّمُ (رِجْلَهُ الْيُسْرَى دُخُولًا) لِمَحِلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (و) لَوْ (لِلْجُلُوسِ بِصَحْرَاءَ) أَوْ نَحْوِهَا، وَلَوْ تَرَكَ الْجُلُوسَ كَمَا تَرَكَهُ فِيمَا يَأْتِي عَقِبَهُ كَانَ أَوْلَى لَكِنَّهُ جَرَى كَغَيْرِهِ فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ (وَيَعْتَمِدُهَا) ، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى بِأَنْ يَضَعَ أَصَابِعَهَا عَلَى الْأَرْضِ، وَيَرْفَعَ بَاقِيَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ، وَلِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ هُنَا سَوَاءٌ أَقَضَى حَاجَتَهُ قَائِمًا أَمْ قَاعِدًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ، وَأَنْ يَعْتَمِدْ فِي جُلُوسِهِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى (و) يُقَدِّمَ (الْيُمْنَى خُرُوجًا) مِنْ الْمَحَلِّ (كَالْحَمَّامِ) فِي تَقْدِيمِ الْيُسْرَى دُخُولًا، وَالْيُمْنَى خُرُوجًا لِأَنَّ الْيُسْرَى لِلْأَذَى، وَالْيُمْنَى لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَفِي مَعْنَى الرِّجْلِ بَدَلُهَا فِي أَقْطَعْهَا (وَيَضُمُّ) كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ (فَخْذَيْهِ) لِأَنَّهُ أَسْتَرُ وَأَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ، وَهَذَا وَذِكْرُ الْحَمَّامِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَدْخُلُ الْمَحِلَّ حَافِيًا وَلَا حَاسِرًا) أَيْ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ، وَالضَّعِيفَ، وَالْمَوْقُوفَ يُتَسَامَحُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ، وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ (وَيَكْفِي فِي كَوْنِهِ غَيْرَ حَاسِرٍ تَقَنُّعٌ بِكُمِّهِ) ، وَفِي نُسْخَةٍ بِكُمٍّ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُكْرَهُ) عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (حَمْلُ مَكْتُوبِ قُرْآنٍ، وَاسْمٍ لِلَّهِ) تَعَالَى (وَ) اسْمٍ (لِنَبِيٍّ) ، وَكُلِّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ تَعْظِيمًا لِذَلِكَ «، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ، وَضَعَ خَاتَمَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ «، وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ وَرَسُولُ سَطْرٌ وَاَللَّهِ سَطْرٌ» ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَسْمَاءُ الْمُخْتَصَّةُ بِاَللَّهِ، وَبِنَبِيِّهِ مَثَلًا دُونَ مَا لَا يَخْتَصُّ كَعَزِيزٍ، وَكَرِيمٍ، وَمُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدَ إذَا لَمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ) وَيَتَوَارَى عَنْ الْعُيُونِ إنْ أَمْكَنَ كَمَا فِي التَّوَسُّطِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ «كُنْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَقَالَ يَا مُغِيرَةُ خُذْ الْإِدَاوَةَ فَأَخَذْتهَا فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فَقَضَى حَاجَتَهُ» ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ الْبِرَازَ انْطَلَقَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ» اش. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بِبِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ الْعَادَةُ فِي أَمْثَالِهِ ع. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ رِعَايَةُ التَّسَتُّرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ عَدِّ السَّتْرِ مِنْ الْآدَابِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَرَى عَوْرَتَهُ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا أَمَّا بِحَضْرَتِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ بِحَضْرَتِهِ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّوَسُّطِ وَالْخَادِمِ وَالْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ اث قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا الضَّابِطُ لِلسَّتْرِ عَنْ الْعُيُونِ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ لِلْحَاجَةِ فِيمَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فِي مُقَابَلَةِ شَخْصٍ يَنْظُرُ إلَيْهِ لَمْ يَحْرُمْ وَهُوَ خَطَأٌ صَرِيحٌ بَلْ الصَّوَابُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الضَّابِطِ فِي السُّتْرَةِ عَنْ الْعُيُونِ فَمَتَى كَانَ هُنَاكَ مَنْ لَا يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ النَّظَرِ إلَيْهِ وَجَبَ السَّتْرُ عَنْهُ بِذَيْلِهِ وَنَحْوُهُ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْجِدَارِ أَوْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِلْجُلُوسِ بِصَحْرَاءَ أَوْ نَحْوِهَا) لِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ انْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ فَصَارَ دَنِيًّا كَالْخَلَاءِ الْجَدِيدِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ أَحَدٌ فِيهِ حَاجَتَهُ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الصَّلَاةِ فِي الصَّحْرَاءِ هَكَذَا أَيْضًا أَيْ يُقَدِّمُ الْيُمْنَى فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اخْتَارَهُ لِلصَّلَاةِ كَمَا يُقَدِّمُهَا فِي الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ وَيَعْتَمِدُهَا) قَالَ النَّاشِرِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْبَوْلِ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى الْبَوْلُ قَائِمًا فَإِنَّهُ يُفَرِّجُ رِجْلَيْهِ فَفِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ إذْ هُوَ أَحْرَى أَنْ لَا يَنْتَشِرَ الْبَوْلُ عَلَى الْفَخْذَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَأَنْ يَعْتَمِدَ فِي جُلُوسِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَوْ بَالَ قَائِمًا فَرَّجَ بَيْنَهُمَا وَيَعْتَمِدُهُمَا (قَوْلُهُ كَالْحَمَّامِ) أَيْ وَمَكَانِ الظُّلْمِ وَالصَّاغَةِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ حَمْلُ مَكْتُوبِ قُرْآنٍ إلَخْ) قُلْت الْوَجْهُ تَحْرِيمُ اسْتِصْحَابِ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِأَنَّهُ يَحْمِلُهُ مَعَ الْحَدَثِ وَيُعَرِّضُهُ لِلْأَذَى وَلِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ تَوْقِيرِ الْقُرْآنِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ حَمْلُهُ كَالدَّرَاهِمِ وَالْخَاتَمِ وَمَا تَعُمُّ الْبَلْوَى بِحَمْلِهِ ت قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا حَمْلُهُ مَعَ الْحَدَثِ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ إذْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا الْكَلَامُ فِي حَمْلِهِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لِذَاتِهِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ وَاسْمٌ لِنَبِيٍّ) أَيْ أَوْ مَلِكٍ. (قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ إلَخْ) وَكَانَتْ تُقْرَأُ مِنْ أَسْفَلِهَا لِيَكُونَ اسْمُ اللَّهِ فَوْقَ الْجَمِيعِ د وَقِيلَ كَانَ النَّقْشُ مَعْكُوسًا لِيُقْرَأَ مُسْتَقِيمًا (تَنْبِيهٌ) هَلْ هَذِهِ الْآدَابُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ تَنْجِيَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى رَسُولَهُ وَمِنْ قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 يَكُنْ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ الْمُرَادُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ، وَمِثْلُ مَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ مَا إذَا قَصَدَهُ بِهِ (حَتَّى) حَمْلُ مَا كُتِبَ مِنْ ذَلِكَ (فِي دِرْهَمٍ) أَوْ نَحْوِهِ لَا حَمْلُ تَوْرَاةٍ، وَإِنْجِيلٍ، وَنَحْوِهِمَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِكَرَاهَةِ حَمْلِ اسْمِ النَّبِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِنَبِيٍّ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَإِنْ نَسِيَ) ذَلِكَ أَيْ تَرَكَهُ، وَلَوْ عَمْدًا حَتَّى قَعَدَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ (ضَمَّ كَفَّهُ عَلَيْهِ) أَوْ، وَضَعَهُ فِي عِمَامَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا (وَلَا يَتَكَلَّمُ) بِذِكْرٍ، وَلَا غَيْرِهِ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ لِخَبَرِ «لَا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «أَنْ يَتَحَدَّثَا فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ» . وَمَعْنَى يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ يَأْتِيَانِهِ، وَالْمَقْتُ الْبُغْضُ وَقِيلَ أَشَدُّهُ وَالْمَقْتُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَجْمُوعِ فَبَعْضُ مُوجِبَاتِهِ مَكْرُوهٌ، وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَأَنْ رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ أَوْ حَيَّةً أَوْ غَيْرَهَا تَقْصِدُ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ التَّكَلُّمُ بَلْ قَدْ يَجِبُ (كَالْمُجَامِعِ) يُكْرَهُ لَهُ التَّكَلُّمُ إلَّا لِضَرُورَةٍ (فَإِنْ عَطَسَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ الْجِمَاعِ (حَمِدَ) اللَّهَ (بِقَلْبِهِ) وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ (وَلَا يَنْظُرُ) بِلَا حَاجَةٍ (إلَى الْفَرْجِ و) لَا إلَى (الْخَارِجِ) مِنْهُ (وَ) لَا إلَى (السَّمَاءِ، وَلَا يَعْبَثُ بِيَدِهِ وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا، وَشِمَالًا) ، (وَيُكْرَهُ لَهُ اسْتِقْبَالُ الْقَمَرَيْنِ) الشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ (وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاسْتِدْبَارُهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ (بِبَوْلٍ وَغَائِطٍ) فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبُنْيَانِ إكْرَامًا لَهَا وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَغَائِطٍ بِمَعْنَى أَوْ، وَتَسْوِيَتُهُ فِي الْكَرَاهَةِ بَيْنَ اسْتِقْبَالِ الْقَمَرَيْنِ، وَاسْتِدْبَارِهِمَا هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي تَذْنِيبِهِ، وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ بِمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَنَقَلَهُ هُوَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالِاسْتِقْبَالِ فَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ فِي نُكَتِهِ إنَّهُ الْمَذْهَبَ وَقَوْلَ الْجُمْهُورِ وَالصَّوَابُ، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ عَنْهُ وَالرَّافِعِيُّ بَرِيءٌ مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْجُمْهُورِ فِي كُتُبِهِ الْمَبْسُوطَةِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الِاسْتِقْبَالُ أَيْضًا فَقَالَ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ لَمْ يَذْكُرْ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَكْثَرُونَ تَرْكَهُ فَالْمُخْتَارُ إبَاحَتُهُ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَحْوُهُ، وَفِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لِلْكَرَاهَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ لَيْسَ مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فَهْمِهِ فَالصَّوَابُ عَدَمُ اجْتِنَابِهِمَا عَلَى خِلَافِ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَكْثَرِ الْمُخْتَصَرَاتِ (و) يُكْرَهُ (طُولٌ) بِمَعْنَى إطَالَةِ (مُكْثٍ) فِي الْمَحَلِّ لِمَا رُوِيَ عَنْ لُقْمَانَ أَنَّهُ يُورِثُ وَجَعًا فِي الْكَبِدِ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُكْثِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالْقُعُودِ (أَمَّا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا بِلَا حَائِلٍ قَرِيبٍ) مُرْتَفِعٍ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ بِأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ حَائِلٌ أَوْ يَكُونَ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ بِأَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ أَوْ قَرِيبٌ لَكِنَّهُ دُونَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ (أَوْ بِلَا بُنْيَانٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ) بِأَنْ لَا يَكُونَ بُنْيَانٌ أَوْ يَكُونَ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ (فَحَرَامٌ، وَمَعَهُ) أَيْ، وَمَعَ حَائِلٍ قَرِيبٍ مُرْتَفِعٍ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ أَوْ بُنْيَانٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ (خِلَافَ الْأُولَى) «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ، وَلَا غَائِطٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَيَا أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى حَاجَتَهُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ» ، وَقَالَ جَابِرٌ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةُ بِبَوْلٍ فَرَأَيْته قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِعَامٍ يَسْتَقْبِلُهَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ فَحَمَلُوا الْخَبَرَ الْأَوَّلَ الْمُفِيدَ لِلْحُرْمَةِ عَلَى الْفَضَاءِ لِسُهُولَةِ اجْتِنَابِ الْمُحَاذَاةِ فِيهِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ فَيَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانًا لِلْجَوَازِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَنَا تَرْكُهُ، وَقَدْ أَنَاخَ ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إلَيْهَا فَقِيلَ لَهُ   [حاشية الرملي الكبير] مِنْ الْخَبَثِ وَالْخَبَائِثِ وَتَقْدِيمُ الرِّجْلِ الْيُسْرَى فِي الدُّخُولِ وَالْيُمْنَى فِي الْخُرُوجِ وَتَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَلُبْسِ الْحِذَاءِ وَتَرْكِ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ وَتَرْكِ التَّكَلُّمِ لِكُلِّ دَاخِلٍ الْخَلَاءَ وَلَوْ لِأَخْذِ شَيْءٍ أَمْ يَخْتَصُّ بِقَاضِي الْحَاجَةِ قَالَ بِالْأَوَّلِ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ الذَّهَبِيُّ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَبِالثَّانِي الْفَقِيهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النَّاشِرِيُّ. (قَوْلُهُ أَيْ تَرَكَهُ) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} [طه: 126] ش. (قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ شَمِلَ كَلَامُهُ جَوَازَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ كَجٍّ نَعَمْ تُكْرَهُ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَلَوْ تَخَتَّمَ فِي يُسْرَاهُ بِمَا عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ اسْمُ الرَّسُولِ حَوَّلَهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ تَنْجِيسِهِ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ، وَفِي كَلَامِهِ إشْعَارٌ بِتَحْرِيمِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَفْضَى ذَلِكَ إلَى تَنْجِيسِهِ (قَوْلُهُ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ ضَرَبْت الْأَرْضَ إذَا أَتَيْت الْخَلَاءَ وَضَرَبْت فِي الْأَرْضِ إذَا سَافَرْت ش. (قَوْلُهُ وَلَا إلَى الْخَارِجِ مِنْهُ) وَأَنْ لَا يَبْصُقَ عَلَى الْخَارِجِ مِنْهُ د (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقَمَرَيْنِ) ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُذَاكَرَةِ عَنْ الْفَقِيهِ إسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَعَلَّ اسْتِقْبَالَ الْقَمَرِ لَا يُكْرَهُ إلَّا فِي وَقْتِ سَلْطَنَتِهِ وَهُوَ اللَّيْلُ أَمَّا بِالنَّهَارِ فَلَا ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ يُكْرَهُ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ فِي حَافِيَتِهِ مَلِكًا فَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُ قُلْنَا لَوْ نَظَرَ إلَى هَذَا لَكُرِهَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ زَوْجَتَهُ فَإِنَّ مَعَهَا الْحَفَظَةُ (قَوْلُهُ وَاسْتِدْبَارُهَا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَاسْتِدْبَارُهُ أَيْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالِاسْتِقْبَالِ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ أَمَّا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ عَيْنُ الْقِبْلَةِ أَوْ جِهَتُهَا فِيهِ احْتِمَالَانِ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِي قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلَكِنْ شَرَّقُوا أَوْ غَرَّبُوا» فَسُنَّ (قَوْلُهُ مُرْتَفِعٌ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) لِأَنَّهُ يَسْتُرُ سُرَّتَهُ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ (تَنْبِيهٌ) إذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ فِي الصَّحْرَاءِ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَ الْقِبْلَةِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْتَهِدَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي وُجُوبِهِ لِكُلِّ مَرَّةٍ، وَفِي جَوَازِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى بَيْتٍ مُهَيِّئٍ لِذَلِكَ، وَفِي التَّقْلِيدِ عِنْدَ الْعَجْزِ وَالتَّخَيُّرِ عِنْدَ التَّحَيُّرِ ج. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ) فَيَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ الْمُرَادُ بِالْبُنْيَانِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ مَا سُقِّفَ أَوْ أَمْكَنَ تَسْقِيفُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 أَلَيْسَ قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ هَذَا قَالَ بَلَى إنَّمَا نَهَى عَنْهُ فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَك، وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بَأْسَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلِأَنَّ الْفَضَاءَ لَا يَخْلُوَ غَالِبًا مِنْ مُصَلٍّ إنْسِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ يَرَى دُبُرَهُ إنْ اسْتَقْبَلَهَا أَوْ قُبُلَهُ إنْ اسْتَدْبَرَهَا. وَفِي هَذَا كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوْ بِلَا بُنْيَانٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ أَوَّلَهُ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ، وَآخِرُهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِعَدَمِ الْحُرْمَةِ قُرْبَ السَّاتِرِ، وَإِنْ كَانَ بِبِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِنَاءً مُهَيَّأً لِذَلِكَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي السُّتْرَةِ عَنْ الْعُيُونِ لَا يُعْتَبَرُ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ بِبِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ، وَالْمُوقِعُ لَهُ فِي ذَلِكَ تَوَهُّمُهُ اتِّحَادَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ، وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ فَعَلَى الْمَنْقُولِ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ حَائِطِ هَذَا الْبِنَاءِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كَفَى فِي السَّتْرِ عَنْ الْعُيُونِ كَمَا مَرَّ لَا فِي السَّتْرِ عَنْ الْقِبْلَةِ إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ التَّحَوُّلُ، وَلَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ، وَشِمَالِهَا جَازَ اسْتِقْبَالُهَا، وَاسْتِدْبَارُهَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ فَلَوْ تَعَارَضَ الِاسْتِقْبَالُ، وَالِاسْتِدْبَارُ فَالظَّاهِرُ رِعَايَةُ الِاسْتِقْبَالِ كَمَا يُرَاعَى الْقُبُلُ فِي السَّتْرِ، وَإِذَا لَمْ يَحْرُمَا فَقِيلَ يُكْرَهَانِ، وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي تَذْنِيبِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي ثُمَّ قَالَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْجُمْهُورُ لِلْكَرَاهَةِ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُهَا لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَرْكُ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ بِلَا مَشَقَّةٍ (وَلَا يُكْرَهُ) شَيْءٌ مِنْ اسْتِقْبَالِهَا، وَاسْتِدْبَارِهَا (حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ، وَالْجِمَاعِ، وَإِخْرَاجِ الرِّيحِ) إذْ النَّهْيُ عَنْ اسْتِقْبَالِهَا، وَاسْتِدْبَارِهَا مُقَيَّدٌ بِحَالَةِ الْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي الثَّلَاثَةِ، وَالْأُولَى، وَالْأَخِيرَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ. (وَيُكْرَهُ) قَضَاءُ الْحَاجَةِ (فِي طَرِيقٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» ، وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَ الْبِرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّلِّ» ، وَالْمَلَاعِنُ مَوَاضِعُ اللَّعْنِ، وَالْمَوَارِدُ طُرُقُ الْمَاءِ، وَالتَّخَلِّي التَّغَوُّطُ، وَكَذَا الْبِرَازُ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَقِيسَ بِالْغَائِطِ الْبَوْلُ وَصَرَّحَ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ. وَفِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَرَاهَتُهُ، وَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَلِإِيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَنَقَلَ الْأَصْلُ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّ التَّغَوُّطَ فِي الطَّرِيقِ حَرَامٌ وَأَقَرَّهُ وَفِي مَعْنَى الطَّرِيقِ بَقِيَّةُ الْمَلَاعِنِ وَقَارِعَةُ الطَّرِيقِ أَعْلَاهُ وَقِيلَ صَدْرُهُ، وَقِيلَ مَا بَرَزَ مِنْهُ (وَ) فِي (مُسْتَحَمٍّ) ، وَهُوَ الْمُغْتَسَلُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَمِيمِ، وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ أَوْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ» ، وَقَالَ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فِيهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ لِلْأَوَّلِ وَحَسَنٍ لِلثَّانِي، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْفَذٌ يَنْفُذُ فِيهِ الْبَوْلُ وَالْمَاءُ (و) فِي (مُتَحَدِّثٍ) لِلنَّاسِ لِلنَّهْيِ عَنْ التَّخَلِّي فِي ظِلِّهِمْ كَمَا مَرَّ، وَأُلْحِقَ بِظِلِّهِمْ أَيْ صَيْفًا مَوْضِعُ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الشَّمْسِ شِتَاءً، وَشَمِلَهُمَا قَوْلُهُ مُتَحَدِّثٌ (وَعِنْدَ قَبْرٍ) مُحْتَرَمٍ احْتِرَامًا لَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَجِبُ أَنْ يُحَرَّمَ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ. وَتَشْتَدُّ الْكَرَاهَةُ عِنْدَ قُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ، وَالشُّهَدَاءِ قَالَ، وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهُ بَيْنَ الْقُبُورِ الْمُتَكَرِّرِ نَبْشُهَا لِاخْتِلَاطِ تُرْبَتِهَا بِأَجْزَاءِ الْمَيِّتِ (وَتَحْتَ شَجَرٍ يُثْمِرُ) ، وَلَوْ مُبَاحًا، وَفِي غَيْرِ وَقْتِ الثَّمَرَةِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ التَّلْوِيثِ عِنْدَ الْوُقُوعِ فَتَعَافُهَا الْأَنْفُسُ، وَلَمْ يُحَرِّمُوهُ لِأَنَّ التَّنَجُّسَ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ النَّهْيُ فِي الْبَوْلِ آكَدُ مِنْهُ فِي الْغَائِطِ لِأَنَّ لَوْنَ الْغَائِطِ يَظْهَرُ فَتَطْهُرُ الثَّمَرَةُ عَنْهُ أَوْ يُحْتَرَزُ عَنْهُ، وَالْبَوْلُ قَدْ يَجِفُّ، وَقَدْ يَخْفَى، وَالتَّصْرِيحُ بِكَرَاهَةِ قَضَائِهَا فِي الْمُتَحَدِّثِ، وَتَحْتَ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ، وَبِحُكْمِ الْمُسْتَحِمِّ مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ ذَكَرْته فِي جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا اعْتَمَدَ الْأَصْحَابُ هَذَا التَّعْلِيلَ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّهُ لَوْ قَعَدَ قَرِيبًا مِنْ غَائِطٍ وَاسْتَقْبَلَهُ وَوَرَاءَهُ فَضَاءٌ وَاسِعٌ جَازَ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ وَلَوْ صَحَّ هَذَا التَّعْلِيلُ لَحَرُمَ هَذَا لِاسْتِدْبَارِهِ الْفَضَاءَ الَّذِي فِيهِ الْمُصَلِّي وَالتَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ مَا اعْتَمَدَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مُعَظَّمَةٌ فَصِينَتْ فِي الْفَضَاءِ وَرُخِّصَ فِيهَا فِي الْبِنَاءُ لِلْمَشَقَّةِ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ مَا قَالَاهُ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَ سَتْرِ الدُّبُرِ فَمُسَلَّمٌ وَالتَّعْلِيلُ صَحِيحٌ أَوْ مَعَ كَشْفِهِ فَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ لَمْ يُصَرِّحَا بِهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمَا بَلْ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ بِوُجُوبِ سَتْرِ الدُّبُرِ حِينَئِذٍ فَيَمْتَنِعُ الِاسْتِقْبَالُ بِدُونِهِ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الْأَصْحَابُ لَا مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُمَا وَأَمَّا الرُّويَانِيُّ فَاعْتَمَدَ التَّعْلِيلَيْنِ مَعًا لَا الثَّانِي فَقَطْ وَكَذَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ هَذَا وَلَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَعْنَى جَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِأَحَدِ فَرْجَيْهِ مُنْتَفٍ بِقُرْبِهِ مِنْ الْحَائِطِ ش وَقَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ وَقَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْأَوْجَهَ جَوَازُ الِاسْتِقْبَالِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا. (قَوْلُهُ تَوَهُّمُهُ اتِّحَادُ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ) تَبِعَ فِيهِ جَمَاعَةً مِنْهُمْ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرْته فِي التَّقْرِيرِ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ رِعَايَةُ الِاسْتِقْبَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ) تَسَبُّبًا بِذَلِكَ فِي لَعْنِ النَّاسِ لَهُمَا كَثِيرًا عَادَةً فَنُسِبَ إلَيْهِمَا بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى احْذَرُوا نَسَبَ اللَّعْنِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ وَصُرِّحَ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ، وَفِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَرَاهَةُ إلَخْ) فِي نُكَتِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذَا كُلِّهِ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ. (قَوْلُهُ وَمُتَحَدِّثُ النَّاسِ) إلَّا أَمْكِنَةُ الْمَكْسِ فَإِنَّهَا أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْأَخْلِيَةِ د. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يُحَرَّمَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْبَوْلُ قَدْ يَجِفُّ وَقَدْ يَخْفَى) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْغَائِطُ أَشَدُّ لِأَنَّ الْبَوْلَ يَطْهُرُ بِالْمَاءِ وَبِجَفَافِهِ بِالشَّمْسِ وَالرِّيحِ عَلَى قَوْلٍ بِخِلَافِ الْغَائِطِ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ مَكَانه إلَّا بِالنَّقْلِ وَلَا يَطْهُرُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 زِيَادَتِهِ (وَفِي مَاءٍ رَاكِدٍ) ، وَلَوْ كَثِيرًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ» ، وَالْكَرَاهَةُ فِي الْقَلِيلِ أَشَدُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِتَنْجِيسِهِ وَفِي جَارٍ قَلِيلٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَالَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ فِي الْقَلِيلِ مُطْلَقًا لِإِتْلَافِهِ، وَأُجِيبَ بِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْكَثْرَةِ أَمَّا الْجَارِي الْكَثِيرُ فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ ذَلِكَ لَكِنَّ الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ، وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ يُكْرَهُ بِاللَّيْلِ لِأَنَّ الْمَاءَ بِاللَّيْلِ مَأْوَى الْجِنِّ (وَكَذَا يُكْرَهُ) قَضَاؤُهَا (بِقُرْبِهِ) أَيْ الْمَاءِ الَّذِي يُكْرَهُ ذَلِكَ فِيهِ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَوْلُهُ، وَجَارٍ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) قَضَاؤُهَا فِيهِ (بِاللَّيْلِ أَشَدُّ) كَرَاهَةً لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَيَحْرُمُ تَنْجِيسُهُ) أَيْ الْمَاءِ بِأَنْ يَكُونَ قَلِيلًا (وَلَوْ بِانْغِمَاسِ مُسْتَجْمَرٍ) فِيهِ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ لَا يُجَامِعُ مَا قَدَّمَهُ آنِفًا مِنْ الْكَرَاهَةِ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَحْثٌ لِلنَّوَوِيِّ كَمَا قَدَّمْته لَكِنَّهُ قَوِيٌّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى (وَيَحْرُمُ قَضَاؤُهَا عَلَى قَبْرٍ) مُحْتَرَمٍ (وَبِمَسْجِدٍ، وَلَوْ فِي إنَاءٍ) تَنْزِيهًا لَهُمَا عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ الثَّانِيَةَ فِي الِاعْتِكَافِ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي فِيهَا ثَمَّ مَزِيدُ بَيَانٍ، وَيَحْرُمُ أَيْضًا عَلَى مَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ كَعَظْمٍ. (وَيُرْفَعُ) نَدْبًا (لِلْقُعُودِ) لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (ثَوْبَهُ) عَنْ عَوْرَتِهِ (شَيْئًا فَشَيْئًا) نَعَمْ إنْ خَافَ تَنَجُّسَ ثَوْبِهِ رَفَعَ قَدْرَ حَاجَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُسْبِلُهُ) نَدْبًا (كَذَلِكَ) أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا (إنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ الرَّوْضَةِ إذَا (قَامَ قَبْلَ انْتِصَابِهِ) ، وَيَجُوزُ فَتْحُ هَمْزَةِ إنَّ لِتَكُونَ مَصْدَرِيَّةً (وَيَقُولُ) نَدْبًا (عِنْدَ) إرَادَةِ (الدُّخُولِ) لِذَلِكَ (بِسْمِ اللَّهِ) رَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفَارَقَ تَأْخِيرُ التَّعَوُّذِ عَنْ الْبَسْمَلَةِ هُنَا تَعَوُّذُ الْقِرَاءَةِ حَيْثُ قَدَّمُوهُ عَلَيْهَا بِأَنَّهُ ثَمَّ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالْبَسْمَلَةُ مِنْهُ فَقُدِّمَ عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ نَسِيَ تَعَوَّذَ بِقَلْبِهِ كَمَا يَحْمَدُ الْعَاطِسُ، وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ مَعَ ضَمِّ الْبَاءِ وَإِسْكَانِهَا جَمْعُ خَبِيثِ، وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينَ وَإِنَاثِهِمْ، وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْهُمْ فِي الْبِنَاءِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ مَأْوَاهُمْ، وَفِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَأْوًى لَهُمْ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ (وَ) يَقُولُ نَدْبًا (عِنْدَ الْخُرُوجِ) أَيْ عَقِبَهُ (غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى، وَعَافَانِي) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَاقْتَصَرَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ عَلَى غُفْرَانَك لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحُوهُ قَالَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ وَغَيْرُهُ وَيُكَرِّرُ غُفْرَانَك مَرَّتَيْنِ وَالْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ ثَلَاثًا قِيلَ، وَسَبَبُ سُؤَالِهِ تَرْكُهُ ذِكْرَ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ خَوْفُهُ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي شُكْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ فَأَطْعَمَهُ ثُمَّ هَضَمَهُ ثُمَّ سَهَّلَ خُرُوجَهُ فَرَأَى شُكْرَهُ قَاصِرًا عَنْ بُلُوغِ حَقِّ هَذِهِ النِّعَمِ فَتَدَارَكَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ (وَلَا يَبُولُ فِي) مَكَان (صَلْبٍ) لِئَلَّا يَتَرَشَّشَ بِالْبَوْلِ، وَلِخَبَرِ «اسْتَنْزِهُوا مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ دَقَّهُ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ لِذَلِكَ (وَ) لَا فِي (ثَقْبٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا، وَهُوَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَرَّمَ فِي الْقَلِيلِ مُطْلَقًا) لِإِتْلَافِهِ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ عَجِيبٌ وَمُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ الْأَصْحَابِ وَالتَّعْلِيلُ مَدْفُوعٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِبُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ وَهُوَ كَالِاسْتِنْجَاءِ بِالْخِرْقَةِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِتَحْرِيمِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ غ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ وَتَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَلَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا فَحَرُمَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ نُظِرَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِأَنْ كَانَ فِي غَدِيرٍ وَنَحْوِهِ فَيَحْرُمُ أَيْضًا لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا عَلَى غَيْرِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ هُنَاكَ مَاءٌ يَبْلُغُ بِهِ قُلَّتَيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ التَّحْرِيمُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْلِيفِ الْغَيْرِ ذَلِكَ وَلِاحْتِمَالِ تَلَفِ مَا يَكْمُلُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَأَمْكَنَ التَّكْمِيلُ كُرِهَ وَإِلَّا فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ الْوَقْتِ وَخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ أَمَّا الْجَارِي الْكَثِيرُ فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ ذَلِكَ) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا يَحْرُمُ الْبَوْلُ فِي الْجَارِي الْكَثِيرِ وَالْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا قَالَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ وَالْمُخْتَارُ تَحْرِيمُهُ وَإِنْ كَانَ الرَّاكِدُ كَثِيرًا قَالَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالصَّوَابُ الْمُخْتَارُ تَحْرِيمُ الْبَوْلِ فِيهِ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُهُ وَيُتْلِفُ مَالِيَّتَهُ وَيُغْرِ غَيْرَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ، وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ يُكْرَهُ بِاللَّيْلِ إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ أَيْضًا أَبُو الْفَتْحِ الْعِجْلِيّ فِي نُكَتِهِ عَلَى الْوَسِيطِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِانْغِمَاسِ مُسْتَجْمِرٍ فِيهِ) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ انْغِمَاسُ مَنْ لَمْ يَسْتَنْجِ فِي الْمَاءِ لِيَسْتَنْجِيَ فِيهِ إنْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا حَرُمَ لِمَا فِيهِ تَلَطُّخُهُ بِالنَّجَاسَةِ وَتَنْجِيسُ الْمَاءِ انْتَهَى جَعْلُ تَنْجِيسِ الْمَاءِ وَالْبَدَنِ جَمِيعًا كَالتَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ، وَقَالَ شَيْخُنَا مَعْنَى الْغَايَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بِانْغِمَاسِ مُسْتَجْمِرٍ مَا يُعْلَمُ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ مِنْ حُرْمَةِ التَّضَمُّخِ وَلَوْ بِجُزْءِ بَدَنِهِ وَمَا بَعْدُ لَوْ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَلَمَّا كَانَ غُسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَحَلُّ حَاجَةٍ لِرَفْعِ نَحْوِ جَنَابَةٍ رُبَّمَا تَوَهَّمَ الْعَفْوَ عَنْهُ بِدَلِيلِ الْمُسَامَحَةِ فِي الْمُسْتَجْمَرِ فِي صُوَرٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَنَاسَبَ الْإِتْيَانَ بِالْغَايَةِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ قَوِيٌّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ أَوْ تَضَمَّنَ تَنْجِيسُهُ تَنْجِيسَ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ كَمَا فِي انْغِمَاسِ الْمُسْتَجْمِرِ أَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، وَفِي الْوَقْتِ وَلَا مَاءَ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى قَبْرٍ مُحْتَرَمٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَوْلَ إلَى جِدَارِهِ كَالْبَوْلِ عَلَيْهِ إنْ مَاسَّتِهِ الْفَضْلَةُ ت (قَوْلُهُ وَيَرْفَعُ نَدْبًا لِلْقُعُودِ ثَوْبَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ لَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَقَبْلَ دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى الْكَشْفِ انْتَهَى وَيُمْنَعُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى الْكَشْفِ بَلْ حَاجَتُهُ فَوْقَ حَاجَةِ الْغُسْلِ عَارِيًّا فِي الْخَلْوَةِ مَعَ إمْكَانِ السَّتْرِ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ السَّتْرُ وَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَرْكُ التَّكَشُّفِ إلَى أَنْ يَدْنُوَ مِنْ الْأَرْضِ اتِّفَاقًا بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ. (قَوْلُهُ وَيَقُولُ نَدْبًا عِنْدَ إرَادَةِ الدُّخُولِ) أَيْ أَوْ قُرْبَ جُلُوسِهِ بِالصَّحْرَاءِ. (قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ) وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْقُرْآنَ، وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ يَحْرُمُ حِينَئِذٍ وَلَا يَزِيدُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ الْبَزْرِيِّ. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ نَسِيَ تَعَوَّذَ بِقَلْبِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ نَسِيَ) أَيْ تَرَكَ وَلَوْ عَمْدًا. (قَوْلُهُ وَالْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ ثَلَاثًا) قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكَرِّرَ هَذَا الذِّكْرَ أَيْ بِجُمْلَتِهِ ثَلَاثًا وَهُوَ غَرِيبٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 مَا اسْتَدَارَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد، وَغَيْرِهِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي الْحِجْرِ» قَالُوا لِقَتَادَةَ مَا يُكْرَهُ مِنْهُ فِي الْجُحْرَةِ فَقَالَ كَانَ يُقَالُ أَنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ (وَ) لَا فِي (سَرَبٍ) بِفَتْحِ السِّينِ، وَالرَّاءِ مَا اسْتَطَالَ، وَيُقَالُ لَهُ الشَّقُّ إلْحَاقًا لَهُ بِالثَّقْبِ، وَالنَّهْيُ فِيهِمَا لِلْكَرَاهَةِ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي تَحْرِيمُ ذَلِكَ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ يُعَدَّ لِذَلِكَ فَلَا تَحْرِيمَ، وَلَا كَرَاهَةَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالسَّرَبِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَ) لَا فِي (مَهَبِّ رِيحٍ) لِمَا مَرَّ فِي الْبَوْلِ بِمَكَانٍ صَلْبٍ، وَمِنْهُ الْمَرَاحِيضُ الْمُشْتَرَكَةُ. (وَلَا) يَبُولُ (قَائِمًا) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ، وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُولُ إلَّا قَاعِدًا» (إلَّا لِعُذْرٍ) فَلَهُ أَنْ يَبُولَ قَائِمًا بِلَا كَرَاهَةٍ بَلْ، وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا» ، وَسَبَبُ بَوْلِهِ قَائِمًا مَا قِيلَ إنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْتَشْفِي بِهِ لِوَجَعِ الصُّلْبِ فَلَعَلَّهُ كَانَ بِهِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَصْلُحُ لِلْقُعُودِ أَوْ أَنَّهُ لِعِلَّةٍ بِمَأْبِضَيْهِ أَيْ بَاطِنَيْ رُكْبَتَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْغَائِطَ كَالْبَوْلِ فِيمَا ذُكِرَ إلَّا فِي الْمَكَانِ الصَّلْبِ، وَمَهَبِّ الرِّيحِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمَائِعِ، وَالْجَامِدِ. (وَيَسْتَبْرِئُ) نَدْبًا (مِنْ الْبَوْلِ) عِنْدَ انْقِطَاعِهِ، وَقَبْلَ قِيَامِهِ إنْ كَانَ قَاعِدًا لِئَلَّا يَقْطُرَ عَلَيْهِ، وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ السَّابِقِ، وَيَحْصُلُ (بِتَنَحْنُحٍ، وَنَتْرٍ) لِلذَّكَرِ ثَلَاثًا (وَمَشْيٍ) وَأَكْثَرُهُ فِيمَا قِيلَ سَبْعُونَ خُطْوَةً، وَذِكْرُ الْمَشْيِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ، وَكَيْفِيَّةُ النَّتْرِ أَنْ يَمْسَحَ بِيَسَارِهِ مِنْ دُبُرِهِ إلَى رَأْسِ ذَكَرِهِ، وَيَنْثُرُهُ بِلُطْفٍ لِيَخْرُجَ مَا بَقِيَ إنْ كَانَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالْإِبْهَامِ، وَالْمُسَبِّحَةِ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ بِهِمَا مِنْ الْإِحَاطَةِ بِالذَّكَرِ، وَتَضَعُ الْمَرْأَةُ أَطْرَافَ أَصَابِعِ يَدِهَا الْيُسْرَى عَلَى عَانَتِهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، وَالْقَصْدُ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بِمَجْرَى الْبَوْلِ شَيْءٌ يَخَافُ خُرُوجَهُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ هَذَا بِأَدْنَى عَصْرٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَكَرُّرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَنَحْنُحٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى مَشْيِ خُطُوَاتٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى صَبْرٍ لَحْظَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا، وَيَنْبَغِي لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ لَا يَنْتَهِيَ إلَى حَدِّ الْوَسْوَسَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الِاسْتِبْرَاءُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ انْقِطَاعِ الْبَوْلِ عَدَمُ عَوْدِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ بِوُجُوبِهِ بِهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِصِحَّةِ التَّحْذِيرِ مِنْ عَدَمِ التَّنَزُّهِ مِنْ الْبَوْلِ (وَكُرِهَ) بِغَيْرِ حَاجَةٍ (حَشْوُ إحْلِيلٍ) ، وَهُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ مِنْ الذَّكَرِ بِقُطْنٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَا يَنْتَقِلُ مُسْتَنْجٍ بِحَجَرٍ) عَنْ مَحَلِّ قَضَاءِ حَاجَتِهِ لِئَلَّا تَنْتَشِرَ النَّجَاسَةُ، وَلَا مُسْتَنْجٍ بِمَاءٍ، وَهُوَ (آمِنٌ مِنْ رَشَاشٍ) يُنَجِّسُهُ كَأَنْ كَانَ فِي الْأَخْلِيَةِ الْمُتَّخَذَةِ لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْمَنْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ، وَمِنْ الْآدَابِ مَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ تَفَقُّهًا أَنْ لَا يَأْكُلَ، وَلَا يَشْرَبَ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَسْتَاكَ لِأَنَّهُ يُورِثُ النِّسْيَانَ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الِاسْتِنْجَاءِ (يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ) لَا عَلَى الْفَوْرِ بِالْمَاءِ عَلَى الْأَصْلِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ بِالْحَجَرِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَّزَهُ بِهِ حَيْثُ فَعَلَهُ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَمَرَ بِفِعْلِهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُ «، وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» ، وَفِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ كَمَا مَرَّ «إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ» الْحَدِيثَ (مِنْ خَارِجٍ مِنْ) مَخْرَجٍ (مُعْتَادٍ) فَلَا يَجِبُ مِنْ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِهِ كَالْخَارِجِ بِالْفَصْدِ، وَالْحِجَامَةِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ إزَالَتُهُ بِالْمَاءِ (وَيُجْزِئُ الْحَجَرُ) فِي الْخَارِجِ مِنْ الْمُعْتَادِ لِمَا مَرَّ (لَا مِنْ مُنْفَتِحٍ) آخَرَ (وَلَوْ انْسَدَّ الْمُعْتَادُ) لِنُدْرَتِهِ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ عَلَى الْأَصْلِ (وَإِنَّمَا) يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ إذَا كَانَ الْخَارِجُ (مُلَوَّثًا، وَلَوْ نَادِرًا كَدَمٍ، وَمَذْيٍ) ، وَوَدْيٍ (لَا) نَحْوِ (دُودٍ، وَبَعْرٍ جَافَّيْنِ) فَلَا يَجِبُ بِهِمَا الِاسْتِنْجَاءُ لِفَوَاتِ مَقْصُودِهِ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ تَخْفِيفِهَا لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ ذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (وَيُجْزِئُ الْحَجَرُ) فِيمَا ذُكِرَ (لَا فِي بَوْلِ خُنْثَى) مُشْكِلٍ. وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِ قُبُلَيْهِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ آلَتَا الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى بَلْ آلَةٌ لَا تُشْبِهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا يَخْرُجُ مِنْهَا الْبَوْلُ فَالظَّاهِرُ فِيهِ الْإِجْزَاءُ بِالْحَجَرِ (وَ) لَا فِي بَوْلِ (ثَيِّبٍ تَيَقَّنَتْهُ دَخَلَ مَدْخَلَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَأَنْ يُقَالَ أَنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ) وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ حَيَوَانٌ ضَعِيفٌ فَيَتَأَذَّى أَوْ قَوِيٌّ فَيُؤْذِيهِ أَوْ يُنَجِّسُهُ. (قَوْلُهُ وَلَا فِي مَهَبِّ رِيحٍ) أَيْ مَوْضِعِ هُبُوبِهَا فَشَمِلَ حَالَ سُكُونِهَا إذْ قَدْ تَهُبُّ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْبَوْلِ فَتَرُدُّ الرَّشَّاشَ عَلَيْهِ فس (قَوْلُهُ وَلَا يَبُولُ قَائِمًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ التَّحْرِيمُ إذَا عَلِمَ التَّلْوِيثَ وَلَا مَاءَ أَوْ وَجَدَهُ وَلَكِنْ ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَضِقْ وَقُلْنَا يَحْرُمُ التَّضَمُّخُ بِالنَّجَاسَةِ عَبَثًا وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ) كَعِلَّةٍ أَوْ ضِيقِ مَكَان. (قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ) قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَقَدْ بَيَّنَّا الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ مِنْ عَشْرَةِ أَوْجُهٍ فِي شَرْحِ أَبِي دَاوُد (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمَائِعِ وَالْجَامِدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنَتْرٌ لِلذَّكَرِ) بِالْمُثَنَّاةِ. (قَوْلُهُ لِصِحَّةِ التَّحْذِيرِ مِنْ عَدَمِ التَّنَزُّهِ مِنْ الْبَوْلِ) لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَبْرِئْ لَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ لِئَلَّا يَخْرُجَ فِي حَالِ غَفْلَتِهِ عَنْهُ فَيَتَنَجَّسُ وَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْبَزْرِيِّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ وَقَوْلُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ غ (قَوْلُهُ عَنْ مَحَلِّ قَضَاءِ حَاجَتِهِ إلَخْ) بَلْ يُسْتَحَبُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ فِي مَجْلِسِهِ وَقَدْ يَجِبُ حَيْثُ لَا مَاءَ وَلَوْ انْتَقَلَ لَتَضَمَّخَ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ بِالْوُضُوءِ وَالْمَاءُ لَا يَكْفِي لَهُمَا (قَوْلُهُ كَأَنْ كَانَ فِي الْأَخْلِيَةِ الْمُتَّخَذَةِ لِذَلِكَ) وَلَيْسَ فِيهَا هَوَاءٌ مَعْكُوسٌ فَإِنْ كَانَ يُكْرَهُ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاسْتِنْجَاءِ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ لَا عَلَى الْفَوْرِ) لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ الْحَجَرُ) شَمِلَ الْمَغْصُوبَ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ) وَلْيُنْظَرْ فِيمَنْ لَهُ ذَكَرَانِ هَلْ يَلْحَقُ بِهِ فَإِنَّ الْأَصْلِيَّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَاحِدٌ وَالظَّاهِرُ الْإِلْحَاقُ غ. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ فِيهِ الْإِجْزَاءُ بِالْحَجَرِ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا احْتِمَالَ هُنَا لِلزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ أَصْلِيٌّ بِلَا كَلَامٍ فَإِنَّهُ إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَإِنْ قُلْنَا بِإِشْكَالِهِ فِي ذَاتِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 الذَّكَرِ) لِانْتِشَارِهِ عَنْ مَخْرَجِهِ بِخِلَافِ مَا لَمْ تَتَيَقَّنْ دُخُولَهُ ذَلِكَ، وَبِخِلَافِ الْبِكْرِ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ تَمْنَعُ نُزُولَ الْبَوْلِ إلَى مَدْخَلِ الذَّكَرِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (وَيُجْزِئُ) الْحَجَرُ (فِي دَمِ حَائِضٍ) أَوْ نُفَسَاءَ، وَفَائِدَتُهُ فِيمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا، وَعَجَزَتْ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَاسْتَنْجَتْ بِالْحَجَرِ ثُمَّ (تَيَمَّمَتْ) لِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهَا تُصَلِّي، وَلَا إعَادَةَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَمَحِلُّهُ فِي الْبِكْرِ دُونَ الثَّيِّبِ كَمَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ، وَوَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ مَدْخَلَ الذَّكَرِ قَدْ تَنَجَّسَ بِالدَّمِ، وَالْحَجَرُ لَا يَصِلُهُ كَمَا قَالُوهُ فِيمَنْ تَحَقَّقَ وُصُولُ بَوْلِهَا إلَيْهِ انْتَهَى، وَرُدَّ بِمَنْعِ أَنَّ الْحَجَرَ لَا يَصِلُهُ لَا سِيَّمَا، وَالْخِرْقَةُ مَثَلًا تَقُومُ مَقَامُهُ. وَالْأَصْحَابُ إنَّمَا مَنَعُوا ذَلِكَ فِي الْبَوْلِ لِانْتِشَارِهِ عَنْ مَخْرَجِهِ بِخِلَافِ دَمِ الْحَيْضِ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ إجْزَاءُ الْحَجَرِ كَمَا فِي الْبِكْرِ، وَالنَّصُّ إنْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى دَمِ حَيْضٍ انْتَشَرَ إلَى ظَاهِرِ الْفَرْجِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَلَا يُجْزِئُ الْحَجَرُ فِي بَوْلِ الْأَقْلَفِ قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا، وَصَلَ الْبَوْلُ إلَى الْجِلْدَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ (وَ) يُجْزِئُ فِي خَارِجٍ (مُنْتَشِرٍ) حَوْلَ الْمَخْرَجِ فَوْقَ عَادَةِ النَّاسِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (مُتَّصِلٍ) بَعْضُهُ بِبَعْضٍ (لَمْ يُجَاوِزْ الْحَشَفَةَ) فِي الْبَوْلِ، وَهِيَ مَا فَوْقَ الْخِتَانِ (، وَالصَّفْحَتَيْنِ) فِي الْغَائِطِ، وَهُمَا مَا يَنْضَمُّ مِنْ الْأَلْيَتَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ لِمَا صَحَّ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ أَكَلُوا التَّمْرَ لَمَّا هَاجَرُوا، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَادَتُهُمْ وَهُوَ مِمَّا يُرِقُّ الْبُطُونَ، وَمَنْ رَقَّ بَطْنُهُ انْتَشَرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ ضَبْطُهُ فَنِيطَ الْحُكْمُ بِالْحَشَفَةِ، وَالصَّفْحَةِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالصَّفْحَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْأَلْيَتَيْنِ إذْ الْحُكْمُ دَائِرٌ مَعَهُمَا لَا مَعَ الْأَلْيَتَيْنِ. وَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ مَقْطُوعَ الْحَشَفَةِ يَقُومُ قَدْرُهَا مَقَامَهَا (فَإِنْ تَقَطَّعَ) الْخَارِجُ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مُتَّصِلٌ (أَوْ انْتَقَلَ عَنْ الْمَحَلِّ) الَّذِي أَصَابَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ، وَاسْتَقَرَّ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ فِيهِمَا مَا ذُكِرَ (أَوْ) لَمْ يَتَقَطَّعْ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ لَكِنْ (جَاوَزَ) ذَلِكَ (أَوْ جَفَّ تَعَيَّنَ الْمَاءُ) فِي ذَلِكَ حَتَّى فِي الدَّاخِلِ فِي الثَّالِثَةِ لِخُرُوجِهِ عَمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَإِنْ تَقَطَّعَ فِيهَا كَفَى فِي الدَّاخِلِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَخْرَجِ الْحَجَرُ، وَمِثْلُهُ الْمُتَّصِلُ بِهِ فِي الْأُولَى، وَيُسْتَثْنَى مِمَّا إذَا جَفَّ مَا لَوْ جَفَّ بَوْلُهُ ثُمَّ بَالَ ثَانِيًا فَوَصَلَ بَوْلُهُ إلَى مَا، وَصَلَ إلَيْهِ بَوْلُهُ الْأَوَّلُ فَيَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْقَفَّالُ قَالَ، وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ مَائِعًا، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ مُقَيَّدٌ بِمَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ (وَكَذَا يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ إنْ لَاقَى) الْخَارِجُ (نَجَسًا، وَلَوْ رَشَاشَهُ) أَيْ الْخَارِجُ (أَوْ) لَاقَى (بَلَلًا. وَلَوْ) كَانَ الْبَلَلُ (بِالْحَجَرِ) لِخُرُوجِ ذَلِكَ عَمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَقَوْلُهُ أَوْ بَلَلًا، وَلَوْ بِالْحَجَرِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَيُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ بِالْحَجَرِ قَوْلُهُ الْآتِي لَا رَطْبٌ، (وَكُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٌ قَالِعٌ) غَيْرُ مُحْتَرَمٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي كَخَشَبٍ، وَخَزَفٍ، وَحَشِيشٍ (كَالْحَجَرِ) فِي أَنَّهُ يُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ، وَالتَّنْصِيصُ عَلَى الْحَجَرِ فِي الْأَخْبَارِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ بِدَلِيلِ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «أَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَوَجَدْت حَجَرَيْنِ، وَالْتَمَسْت الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ فَأَخَذْت رَوْثَةً فَأَتَيْته بِهَا فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ، وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ هَذَا رِكْسٌ» فَتَعْلِيلُهُ مَنَعَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالرَّوْثَةِ بِكَوْنِهَا رِكْسًا لَا بِكَوْنِهَا غَيْرَ حَجَرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا فِي مَعْنَى الْحَجَرِ كَالْحَجَرِ فِيمَا ذُكِرَ، وَفَارَقَ تَعَيُّنَهُ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ، وَتَعَيُّنِ التُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ بِأَنَّ الرَّمْيَ لَا يَعْقِلُ مَعْنَاهُ بِخِلَافِ الِاسْتِنْجَاءِ، وَالتُّرَابُ فِيهِ الطَّاهِرِيَّةُ، وَالطَّهُورِيَّةُ، وَهُمَا مَفْقُودَتَانِ فِي غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْإِنْقَاءِ يُوجَدُ فِي غَيْرِ الْحَجَرِ ثُمَّ بَيَّنَ مَا احْتَرَزَ عَنْهُ بِمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ (لَا رَطْبَ) لِأَنَّ رُطُوبَتَهُ تَنْجُسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ، وَيَعُودُ شَيْءٌ مِنْهَا إلَى مَحَلِّ الْخَارِجِ فَتَصِيرُ كَنَجَاسَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ (وَ) لَا (مُتَنَجِّسَ) كَمَا فِي الطُّهْرِ بِالْمَاءِ، وَلِلنَّهْيِ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالرَّوْثِ. وَإِنَّمَا جَازَ الدَّبْغُ بِالنَّجَسِ لِأَنَّهُ عِوَضُ الذَّكَاةِ الْجَائِزَةِ بِالْمُدْيَةِ النَّجِسَةِ بِخِلَافِ الْحَجَرِ (وَ) لَا (أَمْلَسَ كَزُجَاجٍ، وَتُرَابٍ، وَفَحْمٍ رِخْوَيْنِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ قَالِعٍ بِخِلَافِ التُّرَابِ وَالْفَحْمِ الصُّلْبَيْنِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْفَحْمِ ضَعِيفٌ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى الرِّخْوِ. (وَيَجُوزُ) الِاسْتِنْجَاءُ (بِذَهَبٍ، وَفِضَّةٍ، وَجَوْهَرٍ) ، وَبِقِطْعَةِ دِيبَاجٍ نَعَمْ حِجَارَةُ الْحَرَمِ، وَالْمَطْبُوعُ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِمَا لِحُرْمَتِهِمَا فَإِنْ اسْتَنْجَى بِهِمَا أَسَاءَ، وَأَجْزَأَهُ (لَا بِمُحْتَرَمٍ كَمَطْعُومٍ) لِلْآدَمِيِّ كَالْخُبْزِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ لِانْتِشَارِهِ عَنْ مَخْرَجِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَظْهَرُ اسْتِثْنَاءُ الْمُفْضَاةِ إذَا اخْتَلَطَ بِهِ مَخْرَجُ الْبَوْلِ بِمَدْخَلِ الذَّكَرِ وَوَجْهُهُ بَيِّنٌ. (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ الْحَجَرُ فِي دَمِ حَائِضٍ إلَخْ) لَوْ خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ عَلَى أَثَرِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ أَوْ عَقِبَ الْبَوْلِ فَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْهُ بِالِاسْتِنْجَاءِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ لِكَوْنِهِ خَارِجًا مُوجِبًا لِلْغُسْلِ ت (قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ الْحَجَرُ فِي بَوْلِ الْأَقْلَفِ) لِأَنَّ بَاطِنَ الْقُلْفَةِ لَا يُمْكِنُ مَسْحُهُ بِالْحَجَرِ وَدَاخِلُ الْجِلْدِ يَتَنَجَّسُ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِقَطْعِهَا فَهِيَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ فَوْقَ عَادَةِ النَّاسِ) أَيْ عَادَةِ غَالِبٍ. (قَوْلُهُ وَهِيَ مَا فَوْقَ الْخِتَانِ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُهِمَّاتِ مَحِلُّهُ فِي الرَّجُلِ السَّلِيمِ الذَّكَرُ أَمَّا الْمَرْأَةُ وَالْمَجْبُوبُ فَلَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ وَلَمْ يَتَحَرَّرْ لِي ضَابِطُ الِانْتِشَارِ الْمَانِعُ مِنْ الْحَجَرِ فِيهِمَا وَيُتَّجَهُ فِي مَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ الْجَزْمُ بِأَنَّ مِقْدَارَهَا يَقُومُ مَقَامَهَا. (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَقُومُ قَدْرُهَا مَقَامَهَا) جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جَازَ الدَّبْغُ بِالنَّجِسِ إلَخْ) قَدْ يَجِبُ اسْتِعْمَالُ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لَوْ أَزَالَ الْعَيْنَ أَوَّلًا وَلَمْ يَجِدْ إلَّا الْعَيْنَ النَّجِسَةَ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْبَدَنِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالِاسْتِنْجَاءِ. (قَوْلُهُ وَبِقِطْعَةِ دِيبَاجٍ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ فِيهِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهُ فِي الْعُرْفِ وَإِلَّا لَمَا جَازَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَنْجَى بِهِمَا أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ) قَوْلُهُ أَجْزَأَهُ بِالنِّسْبَةِ لِحِجَارَةِ الْحَرَمِ هُوَ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَا مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ الْجَوَازِ وَكَأَنَّهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْإِجْزَاءُ بِالْجَوَازِ مِنْهُ، وَقَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ الْحَجَرَ حِجَارَةُ الْحَرَمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَوْلُهُ مِنْ الْجَوَازِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا بِمُحْتَرَمٍ كَمَطْعُومٍ) يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ مُحْتَرَمُ الْجِلْدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِهِ إذَا دُبِغَ وَإِنْ قِيلَ يَحِلُّ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ عَادَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 أَوْ لِلْجِنِّ كَالْعَظْمِ كَمَا سَيَأْتِي لِمَا رَوَى مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ، وَقَالَ إنَّهُ زَادُ إخْوَانِكُمْ يَعْنِي مِنْ الْجِنِّ» فَمَطْعُومُ الْآدَمِيِّ أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْمَسْحَ بِالْحَجَرِ رُخْصَةٌ، وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي (فَيَجُوزُ بِرُمَّانَةِ قَالِعَةِ لَمْ تُكْسَرْ و) لَكِنَّهُ (يُكْرَهُ) فَإِنْ كُسِرَتْ، وَانْفَصَلَ حَبُّهَا فَلَا كَرَاهَةَ (وَيَجُوزُ بِقِشْرِ مَوْزٍ يَبِسَ) ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ فَيَجُوزُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. وَصَرَّحَ بِجَوَازِهِ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كَلَامٍ اسْتَحْسَنَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَقَالَ، وَأَمَّا الثِّمَارُ، وَالْفَوَاكِهُ فَمِنْهَا مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا لَا يَابِسًا كَالْيَقْطِينِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ رَطْبًا، وَيَجُوزُ يَابِسًا إذَا كَانَ مُزِيلًا، وَمِنْهَا مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا، وَيَابِسًا، وَهُوَ أَقْسَامٌ أَحَدُهُمَا مَأْكُولُ الظَّاهِرِ، وَالْبَاطِنِ كَالتِّينِ، وَالتُّفَّاحِ، وَالسَّفَرْجَلِ فَلَا يَجُوزُ بِرَطِبِهِ، وَلَا بِيَابِسِهِ، وَالثَّانِي مَا يُؤْكَلُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ كَالْخَوْخِ، وَالْمِشْمِشِ، وَكُلُّ ذِي نَوًى فَلَا يَجُوزُ بِظَاهِرِهِ، وَيَجُوزُ بِنَوَاهُ الْمُنْفَصِلُ، وَالثَّالِثُ مَا لَهُ قِشْرٌ، وَمَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ فَلَا يَجُوزُ بِلُبِّهِ، وَأَمَّا قِشْرُهُ فَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ رَطْبًا، وَلَا يَابِسًا كَالرُّمَّانِ جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ فِيهِ الْحَبُّ أَمْ لَا، وَإِنْ أُكِلَ رَطْبًا وَيَابِسًا كَالْبِطِّيخِ لَمْ يَجُزْ فِي الْحَالَيْنِ، وَإِنْ أُكِلَ رَطْبًا فَقَطْ كَاللَّوْزِ، وَالْبَاقِلَا جَازَ يَابِسًا لَا رَطْبًا انْتَهَى، وَأَمَّا مَطْعُومُ الْبَهَائِمِ فَيَجُوزُ، وَالْمَطْعُومُ لَهَا، وَلِلْآدَمِيِّ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَغْلَبُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الرِّبَا فِيهِ، وَالْأَصَحُّ الثُّبُوتُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَإِنَّمَا جَازَ بِالْمَاءِ مَعَ أَنَّهُ مَطْعُومٌ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ النَّجَسَ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ اسْتِعْمَالِ الْمَطْعُومِ لَا يَتَعَدَّى الِاسْتِنْجَاءَ إلَى سَائِرِ النَّجَاسَاتِ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْمِلْحِ مَعَ الْمَاءِ فِي غَسْلِ الدَّمِ. وَظَاهِرُهُ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْخُبْزِ وَنَحْوُهُ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَجِلْدٍ) أَيْ وَبِجِلْدِ (مُذَكًّى) أَوْ غَيْرِهِ دُبِغَ لِأَنَّ الدِّبَاغَ يُزِيلُ مَا فِيهِ مِنْ الدُّسُومَةِ، وَيُقَلِّبُهُ عَنْ طَبْعِ اللُّحُومِ إلَى طَبْعِ الثِّيَابِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُدْبَغْ لِلدُّسُومَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ التَّنْشِيفِ، وَلِنَجَاسَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا، وَلِاحْتِرَامِهِ إنْ كَانَ مَأْكُولًا لِأَنَّهُ يُعَدُّ حِينَئِذٍ مِنْ الْمَطْعُومَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ عَلَى الرُّءُوسِ، وَغَيْرِهَا، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا اسْتَنْجَى بِهِ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي لَا شَعْرَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا جَازَ إذْ لَا دُسُومَةَ فِيهِ، وَلَيْسَ بِطَعَامٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَالَ كَالْأَذْرَعِيِّ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ بِجِلْدِ الْحُوتِ الْكَبِيرِ الْجَافِّ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مَأْكُولًا لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَدْبُوغِ. وَمَا قَالَاهُ بَعِيدٌ (لَا عَظْمَ) ، وَإِنْ أُحْرِقَ حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَالِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ إذَا أُحْرِقَ كَالْجِلْدِ إذَا دُبِغَ لِأَنَّهُ بِالْإِحْرَاقِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مَطْعُومًا لِلْجِنِّ بِخِلَافِ الْجِلْدِ بِالدَّبْغِ (وَلَا جُزْءُ حَيَوَانٍ مُتَّصِلٍ) كَيَدِهِ وَعَقِبِهِ وَصُوفِهِ وَوَبَرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ، وَهَذَا فِي حَيَوَانٍ لَا تَبْقَى حُرْمَتُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ بَقِيَتْ كَالْآدَمِيِّ امْتَنَعَ الِاسْتِنْجَاءُ بِجُزْئِهِ مُطْلَقًا، وَهَذَا بَحْثٌ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ، وَدَخَلَ فِي إطْلَاقِهِمْ مَا يَجُوزُ قَتْلُهُ كَفَأْرَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْفُورَانِيُّ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ الْمَنْعِ بِجُزْءِ الْحَيَوَانِ جُزْءَ الْحَرْبِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ مَأْخَذُهُ كَلَامُ الْفُورَانِيِّ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ. (وَيُجْزِئُ الْحَجَرُ بَعْدَ) الِاسْتِنْجَاءِ بِشَيْءٍ (مُحْتَرَمٍ، وَزُجَاجٍ لَمْ يَنْقُلَا) النَّجَاسَةَ فَإِنْ نَقْلَاهَا تَعَيَّنَ الْمَاءُ كَمَا مَرَّ، وَزَادَ الْمُحْتَرَمَ بِالْإِثْمِ، وَذُكِرَ لِزُجَاجٍ مِثَالٌ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْقَالِعِ، وَمِنْ الْمُحْتَرَمِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ عِلْمٌ كَحَدِيثٍ، وَفِقْهٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْعِلْمِ بِالْمُحْتَرَمِ سَوَاءٌ أَكَانَ شَرْعِيًّا كَمَا مَرَّ أَمْ لَا كَحِسَابٍ، وَطِبٍّ، وَنَحْوٍ، وَعَرُوضٍ لِأَنَّهَا تَنْفَعُ فِي الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ. أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَمَنْطِقٍ، وَفَلْسَفَةٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ، وَفِي إطْلَاقِهِ فِي الْمَنْطِقِ نَظَرٌ، وَأُلْحِقَ بِمَا فِيهِ عِلْمٌ مُحْتَرَمٌ جِلْدُهُ الْمُتَّصِلُ بِهِ دُونَ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ بِخِلَافِ جِلْدِ الْمُصْحَفِ يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ مُطْلَقًا كَمَا فِي عُقُودِ الْمُخْتَصَرِ لِلْغَزَالِيِّ، وَجَوَّزَهُ الْقَاضِي بِوَرِقِ التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ، وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا عُلِمَ تَبَدُّلُهُ مِنْهُمَا، وَخَلَا عَنْ اسْمِ اللَّهِ، وَنَحْوِهِ (وَيُشْتَرَطُ إنْقَاءً) لِلْمَحَلِّ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى إلَّا أَثَرٌ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَزَفِ (و) يُشْتَرَطُ (ثَلَاثُ مَسْحَاتٍ، وَلَوْ) كَانَتْ (بِجَوَانِبِ حَجَرٍ) لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ سَلْمَانَ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ الثُّبُوتُ) قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مُقْتَضَاهُ تَصْحِيحُ مَنْعِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ) قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي إلْحَاقُهُ بِالْمِلْحِ إنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَإِلَّا امْتَنَعَ. (قَوْلُهُ وَجِلْدُ مُذَكًّى دُبِغَ) قَالَ الْأَصْحَابُ وَإِنَّمَا جَازَ بِالْجِلْدِ الْمَأْكُولِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ عَادَةً وَلَا مَقْصُودًا وَلِهَذَا هُوَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ. (قَوْلُهُ وَمَا قَالَاهُ بَعِيدٌ) قَالَ شَيْخُنَا إذْ هُوَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يَبُلَّهُ وَيَأْكُلَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِالْإِحْرَاقِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مَطْعُومًا لِلْجِنِّ) بَلْ قِيلَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ عَلَيْهِ لَحْمًا بَعْدَ حَرْقِهِ وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ مَطْعُومِ الْآدَمِيِّ إذَا خَرَجَ بِحُرْقَةٍ عَنْ كَوْنِهِ مَطْعُومًا. (قَوْلُهُ كَبِدُهُ وَعَقِبُهُ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ شَعْرُ الْمَأْكُولِ وَصُوفُهُ وَوَبَرُهُ وَرِيشُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ مُنْفَصِلًا لَا مُتَّصِلًا. (قَوْلُهُ قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ) مَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ، وَفِي إطْلَاقِهِ فِي الْمَنْطِقِ نَظَرٌ) ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ الْمَنْطِقَ مُبَاحٌ، وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ. (قَوْلُهُ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا عُلِمَ تَبَدُّلُهُ مِنْهُمَا) كَمَا يَجِبُ حَمْلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِكُتُبِهِمَا لِتَبَدُّلِهِمَا عَلَى مَا عَلِمَ تَبَدُّلَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَمَا فِيهِمَا فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ لَا يَحْنَثُ بِقِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ لِلشَّكِّ فِي تَبَدُّلِهَا عَلَى مَا شَكَّ فِي تَبَدُّلِهِ فَيَحْنَثُ بِقِرَاءَةِ مَا عُلِمَ تَبَدُّلُهُ وَلَوْ بِقِرَاءَةِ الْجُمْلَةِ لِأَنَّ فِيهَا مُبَدَّلًا قَطْعًا. (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ ثَلَاثُ مَسْحَاتٍ) وَلِكَوْنِ دَلَالَةِ الْحَجَرِ ظَاهِرَةٌ لِعَدَمِ إزَالَةِ الْأَثَرِ اُحْتِيجَ إلَى الِاسْتِظْهَارِ بِالْعَدَدِ كَالْعِدَّةِ بِالْإِقْرَاءِ وَإِنْ حَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ بِقُرْءٍ كَمَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ الْمَاءِ دَلَالَتُهُ قَطْعِيَّةٌ لِإِزَالَتِهِ الْعَيْنَ وَالْأَثَرَ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى الْعَدَدِ كَالْعِدَّةِ بِالْحَمْلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ قِيلَ التَّقْيِيدُ فِي الْخَبَرِ بِالثَّلَاثَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لِأَنَّ النَّقَاءَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِهَا غَالِبًا قُلْنَا النَّقَاءُ شَرْطٌ اتِّفَاقًا فَكَيْفَ يُخِلُّ بِهِ وَيَذْكُرُ مَا لَيْسَ بِشَرْطٍ مَعَ إيهَامِهِ لِلشَّرْطِيَّةِ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ تَرَكَ النَّقَاءَ قُلْنَا ذَاكَ مَعْلُومٌ بِخِلَافِ الْعَدَدِ فَنَصَّ عَلَى مَا يَخْفَى وَتَرْكُ مَا لَا يَخْفَى وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ لَأَخَلَّ بِالشَّرْطَيْنِ مَعًا وَتَعَرَّضَ لِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَلْ فِيهِ إيهَامٌ انْتَهَى ش إنَّمَا وَجَبَتْ ثَلَاثُ مَسْحَاتٍ لِأَنَّ الشَّارِعَ إذَا نَصَّ عَلَى عَدَدٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ فَائِدَةٍ وَهِيَ إمَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» ، وَفِي مَعْنَاهَا ثَلَاثَةُ أَطْرَافِ حَجَرٍ بِخِلَافِ رَمْيِ الْجِمَارِ لَا يَكْفِي حَجَرٌ لَهُ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ عَنْ ثَلَاثِ رَمْيَاتٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ عَدَدُ الرَّمْيِ، وَهُنَا عَدَدُ الْمَسْحَاتِ (أَوْ غُسِلَ) الْحَجَرَ (وَجَفَّ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ ثَانِيًا كَدَوَاءٍ دُبِغَ بِهِ، وَتُرَابٍ اُسْتُعْمِلَ فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ. وَلَوْ لَمْ يَتَلَوَّثْ الْحَجَرُ فِي غَيْرِ الْأُولَى جَازَ اسْتِعْمَالُهُ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَفَارَقَ الْمَاءَ بِأَنَّهُ لَمْ يُزِلْ حُكْمَ النَّجَاسَةِ بَلْ خَفَّفَهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَنَجَّسَ مَا لَاقَاهَا مَعَ رُطُوبَةٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ أَزَالَ حُكْمَ الْحَدَثِ، وَيُفَارِقُ تُرَابَ التَّيَمُّمِ أَيْضًا بِأَنَّ التُّرَابَ طَهُورٌ كَالْمَاءِ، وَبُدِّلَ عَنْهُ فَأُعْطِيَ حُكْمُهُ بِخِلَافِ الْحَجَرِ، وَمَعَ جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ لَا يُكْرَهُ بِخِلَافِ رَمْيِ الْجِمَارِ إذْ جَاءَ أَنَّ مَا تُقُبِّلَ مِنْ الْحَصَيَاتِ رُفِعَ، وَمَا لَا تُرِكَ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعَدُّدُ الْمُرْمَى بِهِ (فَإِنْ لَمْ يَنْقَ) الْمَحَلُّ بِالثَّلَاثِ (زَادَ) عَلَيْهَا إلَى أَنْ يَحْصُلَ الْإِنْقَاءُ. (وَسُنَّ) بَعْدُهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِوِتْرَانِ يَمْسَحُ (وِتْرًا) بِالْمُثَنَّاةِ كَأَنْ حَصَلَ بِرَابِعَةٍ فَيَأْتِي بِخَامِسَةٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (و) سُنَّ فِي الِاسْتِنْجَاءِ (تَقْدِيمُ قُبُلٍ) عَلَى دُبُرٍ، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِلِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ، وَبِالْحَجَرِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْحَلِيمِيِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ يَبْدَأُ بِدُبُرِهِ ثُمَّ يُثَنِّي بِقُبُلِهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّهُ سُنَّةٌ فَيُحْتَمَلُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَغْلَظَ أَهَمُّ، وَالْبُدَاءَةُ بِالْأَهَمِّ أَوْلَى أَوْ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَنْجَى مِنْ الْغَائِطِ أَوَّلًا قَدَرَ عَلَى التَّمَكُّنِ مِنْ الْجُلُوسِ فَاسْتَنْجَى مِنْ الْبَوْلِ أَوْ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْزِلُ مِنْهُ بَوْلٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْهُ إذَا بَدَأَ بِالدُّبُرِ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَأَقَرَّهُ، وَيُسَنُّ النَّظَرُ إلَى الْحَجَرِ الْمُسْتَنْجَى بِهِ قَبْلَ رَمْيِهِ لِيَعْلَمَ هَلْ قَلَعَ أَمْ لَا ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ (وَ) سُنَّ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الدُّبُرِ (وَضْعُ الْحَجَرِ أَوَّلًا عَلَى مُقَدَّمِ الصَّفْحَةِ الْيُمْنَى عَلَى) مَحَلٍّ (طَاهِرٍ قُرْبَ النَّجَاسَةِ) ثُمَّ يُمِرُّهُ عَلَى الْمَحَلِّ (وَ) أَنْ (يُدِيرَهُ بِرِفْقٍ) أَيْ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى يَرْفَعَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ جُزْءًا مِنْهَا (إلَى) أَنْ يَصِلَ إلَى (الْمَبْدَأِ و) أَنْ (يَعْكِسَ الثَّانِيَ كَذَلِكَ و) أَنْ يُمِرَّ (الثَّالِثَ عَلَى الصَّفْحَتَيْنِ، وَالْمُسْرَبَةَ) بِضَمِّ الرَّاءِ، وَفَتْحِهَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، وَبِضَمِّ الْمِيمِ مَجْرَى الْغَائِطِ وَقِيلَ وَاحِدٌ لِلْيُمْنَى وَآخَرُ لِلْيُسْرَى وَالثَّالِثُ لِلْوَسَطِ، وَقِيلَ وَاحِدٌ لِلْوَسَطِ مُقْبِلًا، وَآخَرُ لَهُ مُدْبِرًا وَيَحْلِقَ بِالثَّالِثِ، وَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ لَا فِي الْوُجُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْأَصْلِ، وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ قَوْلٍ أَنْ يَعُمَّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ جَمِيعَ الْمَحَلِّ لِيَصْدُقَ أَنَّهُ مَسَحَهُ ثَلَاثَ مَسْحَاتٍ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعُمَّ بِالْمَسْحَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَحَلَّ، وَإِنْ كَانَ أَوْلَى بَلْ يَكْفِي مَسْحَةٌ لِصَفْحَةٍ، وَأُخْرَى لِلْأُخْرَى، وَالثَّالِثَةُ لِلْمُسْرَبَةِ مَرْدُودٌ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ ذَلِكَ غَلَطُ الْأَصْحَابِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ قَائِلُهُ مِنْ حَيْثُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا لَا يَعُمُّ الْمَحَلَّ بِكُلِّ حَجَرٍ لَا مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةُ قَالَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ احْتَاجَ إلَى زَائِدٍ عَلَى الثَّلَاثِ فَصِفَةُ اسْتِعْمَالِهِ كَصِفَةِ الثَّالِثِ (وَإِنْ أَمَرَّ) الْحَجَرَ، (وَلَمْ يُدِرْهُ، وَلَمْ يَنْقُلْ) شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ (أَجْزَأَهُ) فَإِنْ نَقَلَ تَعَيَّنَ الْمَاءُ كَمَا مَرَّ، وَمَحَلُّهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِيمَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ أَمَّا الْقَدْرُ الْمَضْرُورُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَيُعْفَى عَنْهُ إذْ لَوْ كُلِّفَ أَنْ لَا يَنْقُلَ النَّجَاسَةَ فِي مُحَاوَلَةِ رَفْعِهَا أَصْلًا لَكَانَ ذَلِكَ تَكْلِيفُ أَمْرٍ يَتَعَذَّرُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الرُّخَصِ فَكَيْفَ بِهَا قَالَ، وَهُوَ كَإِلْقَاءِ الْجَبِيرَةِ عَلَى مَحَلِّ الْخَلْعِ فَإِنَّهَا تَأْخُذُ أَطْرَافًا مِنْ الْمَوَاضِعِ الصَّحِيحَةِ لِتَسْتَمْسِكَ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ وَضْعَ الْحَجَرِ عَلَى طَاهِرٍ سُنَّةٌ. وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ، وَاجِبٌ لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَجْمُوعِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا فِي الْأَصْلِ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعِرَاقِيُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّ اشْتِرَاطُهُ تَضْيِيقٌ لِلرُّخْصَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْوَضْعُ عَلَى طَاهِرٍ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ النَّقْلُ الْحَاصِلُ مِنْ عَدَمِ الْإِدَارَةِ (وَ) أَنْ (يَمْسَحَ) فِي اسْتِنْجَائِهِ بِالْحَجَرِ (وَيَغْسِلَ) فِي اسْتِنْجَائِهِ بِالْمَاءِ (بِيَسَارِهِ) لِأَنَّهَا الْأَلْيَقُ بِذَلِكَ، وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ «كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيُمْنَى لِطَهُورِهِ، وَطَعَامِهِ، وَكَانَتْ الْيُسْرَى لِخَلَائِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى» (وَ) أَنْ (يَحْمِلَ بِهَا) فِي اسْتِنْجَائِهِ (الْحَجَرَ لَا الْمَاءَ) بَلْ يَصُبُّهُ بِالْيُمْنَى، وَيَغْسِلُ بِالْيُسْرَى كَمَا مَرَّ (وَ) أَنْ (يَأْخُذَ بِهَا ذَكَرَهُ إنْ مَسَحَ الْبَوْلَ عَلَى جِدَارٍ أَوْ حَجَرٍ) عَظِيمٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (وَ) أَنْ (يَضَعَهُ) أَيْ الْحَجَرَ (لِصِغَرٍ) فِيهِ (تَحْتَ عَقِبَيْهِ) يَعْنِي بَيْنَهُمَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ بَيْنَ إبْهَامَيْ رِجْلَيْهِ) أَوْ يَتَحَامَلُ عَلَيْهِ إنْ أَمْكَنَهُ، وَالذَّكَرَ بِيَسَارِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) يَضَعَهُ (فِي يَمِينِهِ) إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ وَضْعِهِ بَيْنَ عَقِبَيْهِ أَوْ إبْهَامَيْ رِجْلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَ) أَنْ (يَضَعَهُ) أَيْ الذَّكَرَ (فِي مَوْضِعَيْنِ   [حاشية الرملي الكبير] مَنْعُ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ أَوْ مَنْعُ أَحَدِهِمَا وَالزِّيَادَةُ غَيْرُ مُمْتَنِعَةٍ هُنَا فَتَعَيَّنَتْ فِي عَدَمِ النَّقْصِ وَلِأَنَّهَا نَجَاسَةٌ شُرِعَ فِي إزَالَتِهَا عَدَدٌ فَوَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهِ كَغَسْلِ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَلِأَنَّ الْإِنْقَاءَ الْحَاصِلَ بِالثَّلَاثِ لَا يُوجَدُ فِي الْمَرَّةِ خُصُوصًا وَالْمَحَلُّ غَيْرُ مُشَاهَدٍ لِلْمَاسِحِ. (قَوْلُهُ وَتُرَابُ اُسْتُعْمِلَ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ) قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ تُرَابٍ اُسْتُعْمِلَ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ مَرَّةً ثَانِيَةً بَعْدَ غَسْلِهِ مَمْنُوعٌ لِكَوْنِهِ طَاهِرًا غَيْرَ طَهُورٍ (قَوْلُهُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ قَوْلٍ أَنْ يَعُمَّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ إلَخْ) وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَعِبَارَةُ الرُّويَانِيِّ اعْلَمْ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَعُمُّ بِكُلِّ حَجَرٍ مِنْهَا الْمَحَلَّ لِأَنَّ الْعَدَدَ الْمُعْتَبَرَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَعُمَّ الْمَكَانَ بِكُلِّ مَرَّةٍ كَمَا قُلْنَا فِي عَدَدِ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ، وَقَالَ فِي الْخَادِمِ لَك أَنْ تَسْأَلَ إذَا كَانَتْ الْكَيْفِيَّةُ عَلَى الْأَصَحِّ مُسْتَحَبَّةً فَمَا هُوَ الْوَاجِبُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَاجِبَ إمْرَارُ كُلِّ حَجَرٍ عَلَى كُلِّ الْمَحَلِّ سَوَاءٌ بَدَأَ بِالْمُقَدَّمِ أَوْ بِالْوَسَطِ أَوْ بِالْمُؤَخَّرِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَيَجِبُ أَنْ يَمْسَحَ ثَلَاثَ مَسْحَاتٍ إمَّا بِأَحْجَارٍ أَوْ بِأَطْرَافِ حَجَرٍ وَأَنْ يَمْسَحَ فِي كُلِّ مَسْحَةٍ جَمِيعَ الْمَوْضِعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 وَضْعًا) لِيَنْتَقِلَ الْبَلَّةُ (وَفِي) الْمَوْضِعِ (الثَّالِثِ مَسْحًا بِيَسَارِهِ) ، وَيُحَرِّكُهَا، وَحْدَهَا فَإِنْ حَرَّكَ الْيُمْنَى أَوْ حَرَّكَهُمَا جَمِيعًا كَانَ مُسْتَنْجِيًا بِالْيَمِينِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. وَإِنَّمَا لَمْ يَضَعْ الْحَجَرَ فِي يَسَارِهِ، وَالذَّكَرَ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ مَسَّ الذَّكَرِ بِهَا مَكْرُوهٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا بَال أَحَدُكُمْ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ» ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَضِ النَّهْيُ الْحُرْمَةَ، وَالْفَسَادَ فِي الْيَمِينِ كَمَا اقْتَضَاهُمَا فِي الْعَظْمِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْإِزَالَةَ هُنَا بِغَيْرِ الْيَمِينِ، وَثَمَّ بِالْعَظْمِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ النَّهْيَ هُنَا لِمَعْنًى فِي الْفَاعِلِ فَلَمْ يَقْتَضِ الْفَسَادَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ، وَثَمَّ لِمَعْنًى فِي الْعَظْمِ فَاقْتَضَاهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ بِالنَّجِسِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الذَّكَرِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَغَيْرُهُ لَكِنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَصْلِ بَلْ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ يَمْسَحُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، وَزَادَ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ (وَشَرَطَ الْقَاضِي) حُسَيْنٌ (أَنْ لَا يَمْسَحَهُ فِي الْجِدَارِ صُعُودًا) ، وَجَوَّزَ مَسْحَهُ فِيهِ نُزُولًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَفِي هَذَا التَّفْصِيلِ نَظَرٌ، وَأَمَّا قُبُلُ الْمَرْأَةِ فَظَاهِرٌ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ أَنَّهَا تَأْخُذُ الْحَجَرَ بِيَسَارِهَا، وَتَمْسَحُهُ ثَلَاثًا (وَالْأَفْضَلُ إتْبَاعُهُ) أَيْ الْحَجَرَ (بِالْمَاءِ) أَيْ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُقَدِّمَ الْحَجَرَ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْعَيْنَ تَزُولُ بِالْحَجَرِ، وَالْأَثَرَ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى مُخَامَرَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ. وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْحَجَرِ حِينَئِذٍ، وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِدُونِ الثَّلَاثِ مَعَ الْإِنْقَاءِ، وَبِالْأَوَّلِ صَرَّحَ الْجِيلِيُّ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الثَّانِي الْمَعْنَى، وَسِيَاقُ كَلَامِهِمْ يَدُلَّانِ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْجَمْعِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ، وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ الْقَفَّالُ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْغَائِطِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ (فَإِنْ اقْتَصَرَ) عَلَى أَحَدِهِمَا (فَالْمَاءُ أَفْضَلُ) لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْعَيْنَ، وَالْأَثَرَ، (وَيَكْفِي الْمَرْأَةَ) بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فِي اسْتِنْجَائِهَا بِالْمَاءِ (غَسْلُ مَا يَظْهَرُ) مِنْهَا (بِجُلُوسٍ عَلَى الْقَدَمَيْنِ) ، وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ (وَصَحَّ وُضُوءٌ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ (لَا تَيَمُّمٌ) لِأَنَّ الْوُضُوءَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَارْتِفَاعُهُ يَحْصُلُ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ وَالتَّيَمُّمُ لَا يَرْفَعُهُ، وَإِنَّمَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ، وَلَا اسْتِبَاحَةَ مَعَ الْمَانِعِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ صِحَّةِ وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ لِكَوْنِهِ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَاءَ الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَرْفَعَ الْحَدَثَ فَكَانَ أَقْوَى مِنْ التُّرَابِ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ أَصْلًا. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ لَمَّا تَعَرَّضُوا الْوُجُوبَ تَقْدِيمُ غَسْلِ فَرْجٍ دَائِمِ الْحَدَثِ عَلَى الْوُضُوءِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِتَقْدِيمِ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الدُّبُرِ، (وَسُنَّ لِلْمُسْتَنْجِي بِمَاءٍ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ) بِالْأَرْضِ أَوْ نَحْوَهَا ثُمَّ يَغْسِلَهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (و) أَنْ (يَنْضَحَ) بَعْدَهُ أَيْضًا (فَرْجَهُ، وَإِزَارَهُ) مِنْ دَاخِلِهِ دَفْعًا لِلْوَسْوَاسِ، وَلَوْ أَخَّرَ كَالرَّوْضَةِ بَعْدَهُ عَنْ نَضْحِ مَا ذُكِرَ كَانَ أَوْلَى (وَأَنْ يَعْتَمِدَ فِي الْغَسْلِ) لِلدُّبُرِ (عَلَى أُصْبُعِهِ الْوُسْطَى) لِأَنَّهُ أَمْكَنُ (وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْبَاطِنِ) فَإِنَّهُ مَنْبَعُ الْوَسْوَاسِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِلْبِكْرِ أَنْ تُدْخِلَ أُصْبُعَهَا فِي الثُّقْبِ الَّذِي فِي الْفَرْجِ فَتَغْسِلَهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَأَقَرَّهُ، وَكُلُّ مَا لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهِ فَبَاطِنٌ (فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ زَوَالُهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (كَفَى) ذَلِكَ فِي إزَالَتِهَا (وَلَا يَضُرُّ شَمُّ رِيحٍ) لَهَا (بِيَدِهِ) فَلَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهَا عَلَى الْمَحَلِّ، وَإِنْ حَكَمْنَا عَلَى يَدِهِ بِالنَّجَاسَةِ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ أَنَّ مَحَلَّ الرِّيحِ بَاطِنُ الْإِصْبَعِ الَّذِي كَانَ مُلَاصِقًا لِلْمَحَلِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ جَوَانِبُهُ فَلَا تَنْجُسُ بِالشَّكِّ أَوْ بِأَنَّ الْمَحَلَّ قَدْ خَفَّفَ فِيهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فَخَفَّفَ فِيهِ هُنَا فَاكْتَفَى بِغَلَبَةِ ظَنِّ زَوَالِ النَّجَاسَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ، وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ النِّفَاقِ، وَحَصِّنْ فَرْجِي مِنْ الْفَوَاحِشِ (بَابُ الْأَحْدَاثِ)   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ، وَفِي هَذَا التَّفْصِيلِ نَظَرٌ) لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ إذَا مَسَحَ مِنْ الْأَعْلَى لَا تَنْتَقِلُ النَّجَاسَةُ إلَى شَيْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ ق ع (قَوْلُهُ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الثَّانِي إلَخْ) لَا تَحْصُلُ الْأَفْضَلِيَّةُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ الشَّرْعِيِّ وَالْمَاءِ وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ النَّجِسِ لَا يُسَمَّى اسْتِنْجَاءً شَرْعِيًّا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ تَخْفِيفِ النَّجَاسَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا عِبَارَةَ الشَّامِلِ وَالنِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمَا الْأَحْجَارُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي يَبْدَأُ بِالْأَحْجَارِ الثَّلَاثِ حَتَّى تَزُولَ بِهَا الْعَيْنُ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَاءِ وَالْأَحْجَارِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا يَسْتَعْمِلُ الْأَحْجَارَ لِتَقِلَّ مُبَاشَرَةُ النَّجَاسَةِ ثُمَّ يَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ لِتَطْهِيرِ الْمَحِلِّ طَهَارَةً كَامِلَةً انْتَهَى. ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا حَيْثُ كَانَ الْحَجَرُ مُجْزِيًا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يُسْتَحَبُّ جَمْعُهُمَا لِأَجْلِ الِاسْتِنْجَاءِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ وَاضِحٌ غ. (قَوْلُهُ إنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْجَمْعِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ وَغَيْرُهُ) أَيْ الْغَزَالِيُّ فِي عُقُودِ الْمُخْتَصَرِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ وَابْنُ سُرَاقَةَ ش (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالرِّيمِيُّ) وَخَالَفَهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِهِ أَكْثَرُ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ تَقْلِيلُ النَّجَاسَةِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ فَالْمَاءُ أَفْضَلُ إلَخْ) قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا شَكَّ فِي جَوَازِ الْحَجَرِ أَوْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ لَوْ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي لِلِاسْتِنْجَاءِ أَوْ الْوُضُوءِ فَيَظْهَرُ تَعَيَّنَ الْوُضُوءُ بِهِ وَيَسْتَنْجِي بِالْأَحْجَارِ وَظَنِّي أَنَّهُ مَنْقُولٌ كَذَلِكَ ق. (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَوْله مُقْتَضَاهُ عَدَمُ صِحَّةِ وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِتَقْدِيمِ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الدُّبُرِ) قَالَ شَيْخُنَا يُقَالُ عَلَيْهِ بَلْ تَعَرَّضُوا لَهُ فَقَدْ قَالَ الْغَزِّيِّ فِي قَوْلِهِ فُرُوضُ الْوُضُوءِ سِتَّةٌ يُزَادُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا الْمُوَالَاةُ فِي حَقِّ دَائِمٍ الْحَدَثِ، ثَانِيهُمَا تَقْدِيمُ اسْتِنْجَائِهِ. (قَوْلُهُ وَأَنْ يَعْتَمِدَ فِي الْغَسْلِ لِلدُّبُرِ عَلَى أُصْبُعِهِ الْوُسْطَى) وَيُدَلِّكَ دُبُرَهُ بِيَدِهِ مَعَ الْمَاءِ حَتَّى لَا يَبْقَى أَثَرٌ يُدْرِكُهُ الْكَفُّ بِالْمَسِّ ش (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ شَمُّ رِيحٍ) أَيْ تَسْهُلُ إزَالَتُهُ. (قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ إلَخْ) لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْ الْيَدِ الْإِزَالَةُ وَالْوَاجِبُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ التَّخْفِيفُ. (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ [بَابُ الْأَحْدَاثِ] (بَابُ الْأَحْدَاثِ) قَدَّمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ هَذَا الْبَابَ عَلَى الْوُضُوءِ كَمَا قَدَّمَ مُوجِبَ الْغُسْلِ عَلَى الْغُسْلِ وَهُوَ تَرْتِيبٌ طَبِيعِيٌّ فَإِنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ وُجُودِهِ وَعَكْسَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 جَمْعُ حَدَثٍ، وَيُطْلَقُ كَمَا فِي الْأَصْلِ عَلَى مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَعَلَى مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ فَيُقَالُ: حَدَثٌ أَصْغَرُ وَحَدَثٌ أَكْبَرُ، وَإِذَا أُطْلِقَ فَالْمُرَادُ بِهِ الْأَصْغَرُ غَالِبًا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (نَوَاقِضُ الْوُضُوءِ) يَعْنِي مَا يَنْتَهِي بِهِ الْوُضُوءُ (أَرْبَعَةٌ) ثَابِتَةٌ بِالْأَدِلَّةِ الْآتِيَةِ وَعِلَّةُ النَّقْضِ بِهَا غَيْرُ مَعْقُولَةٍ فَلَا يُقَاسُ بِهَا، وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ فَنَادِرٌ وَقَدْ ذَكَرُوهُ فِي بَابِهِ وَنَزْعُ الْخُفِّ يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي (الْأَوَّلُ الْخَارِجُ) الْأَوْلَى مَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ خُرُوجُ الْخَارِجِ (مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ) الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ (وَلَوْ رِيحًا مِنْ قُبُلٍ) قَالَ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] الْآيَةَ وَالْغَائِطُ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ تُقْضَى فِيهِ الْحَاجَةُ سُمِّيَ بِاسْمِهِ الْخَارِجُ لِلْمُجَاوَرَةِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَفِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ تَقْدِيرُهَا {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] مِنْ النَّوْمِ {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] إلَى قَوْلِهِ {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: 43] فَيُقَالُ عَقِبَهُ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [النساء: 43] قَالَ وَزَيْدٌ مِنْ الْعَالِمِينَ بِالْقُرْآنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَرَّرَهَا تَوْقِيفًا مَعَ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ نَظْمَهَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَرَضَ وَالسَّفَرَ حَدَثَانِ وَلَا قَائِلَ بِهِ انْتَهَى. وَذَكَرْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْمَذْيِ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ» وَفِيهِمَا «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَالْمُرَادُ الْعِلْمُ بِخُرُوجِهِ لَا سَمْعِهِ وَلَا شَمِّهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرُ النَّاقِضِ فِي الصَّوْتِ وَالرِّيحِ بَلْ نَفْيُ وُجُوبِ الْوُضُوءِ بِالشَّكِّ فِي خُرُوجِ الرِّيحِ، وَيُقَاسُ بِمَا فِي الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ كُلُّ خَارِجٍ مِمَّا ذَكَرَ وَإِنْ لَمْ تَدْفَعْهُ الطَّبِيعَةُ كَعُودٍ أُخْرِجَ مِنْ الْفَرْجِ بَعْدَ أَنْ أُدْخِلَ فِيهِ وَخَرَجَ بِالسَّبِيلَيْنِ غَيْرُهُمَا فَلَا نَقْضَ بِالْخَارِجِ مِنْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا نَقْضَ حَتَّى يَثْبُتَ بِالشَّرْعِ، وَلَمْ يَثْبُتْ وَالْقِيَاسُ مُمْتَنِعٌ هُنَا لِأَنَّ عِلَّةَ النَّقْضِ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ كَمَا مَرَّ نَعَمْ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الْمُنْفَتِحَ تَحْتَ الْمَعِدَةِ الْآتِيَ بَيَانُهُ (أَوْ الْمَنِيَّ) أَيْ مَنِيَّهُ كَانَ أَمْنَى بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ أَوْ احْتِلَامٍ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ فَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الْغُسْلُ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا بِعُمُومِهِ كَزِنَا الْمُحْصَنِ لَمَّا أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْحَدَّيْنِ لِكَوْنِهِ زِنَا الْمُحْصَنِ فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا لِكَوْنِهِ زِنًا وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ مَعَ إيجَابِهِمَا الْغُسْلَ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ فَلَا يُجَامِعَانِهِ بِخِلَافِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ يَصِحُّ مَعَهُ الْوُضُوءُ وَفِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ فَيُجَامِعُهُ (وَ) الْخَارِجُ (مِنْ قَبْلِي الْمُشْكِلِ) فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ (أَمَّا) الْخَارِجُ (مِنْ أَحَدِهِمَا فَكَمُنْفَتِحٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَهُوَ) أَيْ الْمُنْفَتِحُ تَحْتَهَا (لَا يَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْفَرْجِ) لَا (بِمَسٍّ وَلَا إيلَاجٍ وَ) لَا (غَيْرُهُ) كَالْخَارِجِ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ وَلِخُرُوجِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ عَنْ الْقِيَاسِ فَلَا يَتَعَدَّى الْأَصْلِيَّ (إلَّا أَنْ خَرَجَ مِنْهُ خَارِجٌ وَالْمُعْتَادُ مُنْسَدٌّ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ) إذْ لَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ مَخْرَجٍ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا تَدْفَعُهُ الطَّبِيعَةُ فَإِذَا انْسَدَّ بِأَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ أُقِيمَ هَذَا مَقَامَهُ (فَإِنْ لَمْ يَنْسَدَّ الْمُعْتَادُ أَوْ انْسَدَّ وَانْفَتَحَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ عَلَيْهَا) أَوْ بِجَنْبِهَا (لَمْ يَنْقُضْ) إذْ لَا ضَرُورَةَ لَهُ فِي الْأَوَّلِ، وَالْخَارِجُ مِنْهُ بِالْقَيْءِ أَشْبَهُ فِي الثَّانِي لِأَنَّهُ مِمَّا لَا تُحِيلُهُ الطَّبِيعَةُ إذْ مَا تُحِيلُهُ تُلْقِيهِ إلَى أَسْفَلَ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ أَمَّا الْخِلْقِيُّ فَيَنْقُضُ مَعَهُ الْخَارِجُ مِنْ الْمُنْفَتِحِ مُطْلَقًا وَالْمُنْسَدُّ حِينَئِذٍ كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى لَا وُضُوءَ بِمَسِّهِ وَلَا غُسْلَ بِإِيلَاجِهِ   [حاشية الرملي الكبير] الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ مُحْدِثًا وَلَا يُولَدُ جُنُبًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ فَنَادِرٌ) لَك أَنْ تُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْحَدَثَ لَمْ يَرْتَفِعْ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ عَادَ قَبْلَ الشِّفَاءِ وَإِنَّمَا صَحَّحْنَا الصَّلَاةَ لِلضَّرُورَةِ ح. (قَوْلُهُ: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَأَوْ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الْوَاوِ الْحَالِيَّةِ لِيُوَافِقَ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَيْ مِنْ أَنَّ الْمَرَضَ وَالسَّفَرَ لَيْسَا حَدَثَيْنِ ش (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهَا لَا بُدَّ مِنْهُ) وَيُغْنِي عَنْ تَكَلُّفِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ أَنْ يُقَدِّرَ " جُنُبًا " فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ش (قَوْلُهُ: أَيْ مَنِيُّهُ) فَلَوْ خَرَجَ مَنِيُّ غَيْرِهِ مِنْ قُبُلِ نَفْسِهِ أَوْ دُبُرِهِ انْتَقَضَ جَزْمًا د (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ) وَنَقَلَ الْجِيلِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي: أَنَّ مِنْ فَوَائِدِ عَدَمِ النَّقْضِ بِهِ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ صَلَّى بِهَذَا التَّيَمُّمِ مَا شَاءَ مِنْ الْفَرَائِضِ لِأَنَّهُ يُصَلِّي بِالْوُضُوءِ وَتَيَمُّمُهُ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْجَنَابَةِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَيْضًا صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ غَيْرُ مَرَضِيٍّ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ مَانِعَةٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ ش (قَوْلُهُ: فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا لِكَوْنِهِ زِنًا) وَكَمُوجِبِ الْحَدِّ لَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِبَقَاءِ الْوُضُوءِ مَعَهُمَا وَلِأَنَّهُمَا نَجِسَانِ وَالْمَنِيُّ طَاهِرٌ فَلَا يَصِحُّ إيرَادُهُمَا نَقْضًا لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَقِيَامِ الْفَارِقِ وَلِأَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ الْمَقِيسُ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ فِي التَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ وَحُكْمُهُمَا مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْمَنِيِّ فِي التَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ فَلَا يَصِحُّ إيرَادُهُمَا نَقْضًا لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْعِلَّةِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: لَا يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَنِيِّ بَلْ كُلُّ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ كَذَلِكَ كَخُرُوجِ الْوَلَدِ وَإِلْقَاءِ الْعَلَقَةِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الشَّيْخِ نَصْرٍ فِي التَّهْذِيبِ: أَنَّ خُرُوجَ الْخَارِجِ مُوجِبٌ لِلْوُضُوءِ مَا لَمْ يُوجِبْ الْغُسْلَ، وَقَالَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ: وَلَوْ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ جَافًّا فَإِنْ لَمْ نُوجِبْ الْغُسْلَ وَجَبَ الْوُضُوءُ وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَكَالْمَنِيِّ وَقَالَ النَّاشِرِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَادُ مُنْسَدٌّ مِنْ الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ) وَمَا قَرَّرْته مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِانْسِدَادِ أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَلَكِنْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ بِاشْتِرَاطِ انْسِدَادِهِمَا وَأَنَّهُ لَوْ انْسَدَّ أَحَدُهُمَا فَالْحُكْمُ لِلْبَاقِي لَا غَيْرُ وَقَدْ تَرَدَّدَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعِهِ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَكْفِي انْسِدَادُ أَحَدِهِمَا إذَا كَانَ الْخَارِجُ مِنْ الثُّقْبَةِ مُنَاسِبًا كَأَنْ انْسَدَّ الْقُبُلُ فَخَرَجَ مِنْهَا بَوْلٌ أَوْ انْسَدَّ الدُّبُرُ فَخَرَجَ مِنْهَا غَائِطٌ لَكِنْ يُشْكِلُ بِمَا إذَا كَانَ الْخَارِجُ لَيْسَ مُعْتَادَ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا كَالْقَيْحِ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ النَّقْضُ بِهِ أَيْضًا كَمَا عُرِفَ ش وَقَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ لِلْبَاقِي لَا غَيْرُ وَلِهَذَا صَوَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا انْسَدَّ السَّبِيلَانِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ غَيْرُ هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 وَالْإِيلَاجِ فِيهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ تَصْرِيحًا بِمُوَافَقَتِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُنْسَدُّ إلَى آخِرِهِ الْمُنْسَدُّ بِالِالْتِحَامِ وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ لِلْمُنْفَتِحِ مُطْلَقًا حَتَّى يَجِبَ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ وَالْغُسْلُ بِإِيلَاجِهِ وَبِالْإِيلَاجِ فِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالْمَعِدَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ بِكَسْرِهِمَا وَبِفَتْحِ الْمِيمِ أَوْ كَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْعَيْنِ فِيهِمَا (وَهِيَ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الصَّدْرِ) كَمَا قَالَهُ الْأَطِبَّاءُ وَالْفُقَهَاءُ وَاللُّغَوِيُّونَ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الرَّوْضَةِ وَمُرَادُهُمْ بِتَحْتِ الْمَعِدَةِ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ وَبِفَوْقِهَا السُّرَّةُ وَمُحَاذِيهَا وَمَا فَوْقَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ تَفْسِيرٌ لِمُرَادِهِمْ بِهَا بِالنَّظَرِ إلَى الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ حَقِيقَتُهَا مَا ذَكَرَ (وَلَوْ أَخْرَجَتْ دُودَةٌ رَأْسَهَا انْتَقَضَ) الْوُضُوءُ (وَإِنْ رَجَعَتْ) لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الْفَرْجِ (وَيَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِ ذَكَرَيْنِ) بِقَيْدٍ ذَكَرَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ بِقَوْلِهِ (يَبُولَانِ) فَإِنْ كَانَ يَبُولُ بِأَحَدِهِمَا فَالْحُكْمُ لَهُ وَالْآخَرُ زَائِدٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَقْضٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْحَقِيقَةِ مَنُوطٌ بِالْأَصَالَةِ لَا بِالْبَوْلِ حَتَّى لَوْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ وَيَبُولُ بِأَحَدِهِمَا وَيَطَأُ بِالْآخَرِ نَقَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا نَقَضَ الْأَصْلِيُّ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ يَبُولُ بِهِمَا، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ النَّقْضِ بِمَسِّ الزَّائِدِ إذَا كَانَ عَلَى سُنَنِ الْأَصْلِيِّ أَنْ يَنْقُضَ بِالْبَوْلِ مِنْهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ وَإِنْ الْتَبَسَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّقْضَ مَنُوطٌ بِهِمَا مَعًا لَا بِأَحَدِهِمَا، وَلَوْ خُلِقَ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ فَبَالَتْ وَحَاضَتْ بِهِمَا انْتَقَضَ الْوُضُوءُ بِالْخَارِجِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ بَالَتْ وَحَاضَتْ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ اخْتَصَّ الْحُكْمُ بِهِ وَلَوْ بَالَتْ بِأَحَدِهِمَا وَحَاضَتْ بِالْآخَرِ فَالْوَجْهُ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (وَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِقَهْقَهَةِ مُصَلٍّ) إذْ لَوْ انْتَقَضَ بِهَا لَمْ يَخْتَصَّ بِالصَّلَاةِ كَسَائِرِ النَّوَاقِضِ وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهَا تَنْقُضُ ضَعِيفٌ (وَ) لَا (أَكْلٍ مُطْلَقًا) وَلَوْ لِمَا مَسَّتْهُ النَّارُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» فَمَنْسُوخٌ بِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي أَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرٍ «كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ» ، وَفِي الْقَدِيمِ يَنْقُضُ لَحْمُ الْجَزُورِ وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُ رُجْحَانَهُ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ قَالَ إنْ شِئْت فَتَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْت فَلَا تَتَوَضَّأْ قَالَ أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ: نَعَمْ فَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ» وَعَنْ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَأَمَرَ بِهِ» قَالَ وَجَوَابُ الْأَصْحَابِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ جَابِرٍ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ لِأَنَّ حَدِيثَ «تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» عَامٌّ وَحَدِيثَ «الْوُضُوءِ مِنْ لَحْمِ الْجَزُورِ» خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ قَالَ وَأَقْرَبُ مَا يُسَتَرْوَحُ إلَيْهِ أَيْ فِيمَا رَجَّحُوهُ قَوْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَجَمَاهِيرِ الصَّحَابَةِ (الثَّانِي زَوَالُ الْعَقْلِ) وَهُوَ غَرِيزَةٌ مَنْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ سَوَاءٌ أَزَالَ بِجُنُونٍ وَهُوَ زَوَالُ الشُّعُورِ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ حَرَكَةِ الْأَعْضَاءِ وَقُوَّتِهَا أَمْ بِإِغْمَاءٍ وَهُوَ زَوَالُهُ مِنْهُ مَعَ فُتُورِهَا أَمْ بِسُكْرٍ وَهُوَ زَوَالُهُ مِنْهُ مَعَ طَرَبٍ وَاخْتِلَاطِ نُطْقٍ أَمْ بِنَوْمٍ وَهُوَ زَوَالُهُ مِنْهُ مَعَ اسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ أَمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِخَبَرِ «الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ. وَغَيْرُ النَّوْمِ مِمَّا ذَكَرَ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي الذُّهُولِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ دُبُرِهِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ الْخَبَرُ إذْ السَّهُ الدُّبُرُ وَوِكَاؤُهُ حِفَاظُهُ عَنْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَشْعُرُ بِهِ وَالْعَيْنَانِ كِنَايَةٌ عَنْ الْيَقِظَةِ وَلَا يَضُرُّ فِي النَّقْضِ بِزَوَالِ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ كَوْنَ الْأَصْلِ عَدَمَ   [حاشية الرملي الكبير] وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ الْحُكْمَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا لَا غَيْرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ خَاصَّةً حَالَ السَّلَامَةِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقًا فَبَعِيدٌ ن (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ تَصْرِيحًا بِمُوَافَقَتِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ انْتَهَى) وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ تَعْبِيرِهِمْ بِالِانْسِدَادِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفَزَارِيّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ أَفْتَى الشَّارِحُ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ مِنْ أَحَدِ ذَكَرَيْنِ يَبُولَانِ) وَعِبَارَةُ الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ لَوْ كَانَ لَهُ ذَكَرَانِ يَبُولُ مِنْهُمَا فَمَسَّ أَحَدَهُمَا انْتَقَضَ وَإِيلَاجُهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا بَلَلٌ نَقَضَ وَلَوْ كَانَ يَبُولُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَالْحُكْمُ لَهُ وَالْآخَرُ زَائِدٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَقْضٌ وَفِي الذَّخَائِرِ إذَا كَانَ يَبُولُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ الْأَصْلِيُّ وَالثَّانِي خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ ت (قَوْلُهُ أَيْضًا مِنْ أَحَدِ ذَكَرَيْنِ يَبُولَانِ) وَكَذَا لَوْ خُلِقَ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ وَيَبُولُ بِأَحَدِهِمَا وَيَطَأُ بِالْآخَرِ نَقَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا إلَخْ) الْأَصَحُّ أَنَّ أَصَالَةَ الذَّكَرِ مَنُوطَةٌ بِالْبَوْلِ مِنْهُ لَا بِالْوَطْءِ فَالْأَصْلِيُّ فِي الْأُولَى هُوَ الَّذِي يَبُولُ بِهِ وَالثَّانِي زَائِدٌ وَفِي الثَّانِيَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلِيٌّ (قَوْلُهُ فِي أَبِي دَاوُد) وَالنَّسَائِيُّ وَابْنَيْ خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ إلَخْ) لَيْسَ الْحَدِيثَانِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَإِنَّ الْأَصْحَابَ إنَّمَا حَكَمُوا بِكَوْنِ خَبَرِ جَابِرٍ نَاسِخًا أَخْذًا مِنْ مَدْلُولِهِ فَجَوَابُ الْأَصْحَابِ صَحِيحٌ وَالِاعْتِرَاضُ سَاقِطٌ وَمِمَّا يُضَعِّفُ النَّقْضَ بِهِ أَنَّ الْقَائِلَ بِهِ لَا يُعَدِّيهِ إلَى شَحْمِهِ وَسَنَامِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ قَالَ شَيْخُنَا: قَدْ يُفَرِّقُ الْمُخَالِفُ الْقَائِلُ بِذَلِكَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُسَمَّى لَحْمًا وَالنَّقْضُ مَنُوطٌ بِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَأَقْرَبُ مَا يُسَتَرْوَحُ إلَيْهِ إلَخْ) جَمَعَ الْخَطَّابِيِّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَحَادِيثَ الْأَمْرِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: زَوَالُ الْعَقْلِ) اخْتَلَفُوا فِي النَّوْمِ وَالْإِغْمَاءِ وَنَحْوِهِمَا هَلْ هِيَ مُزِيلَةٌ لَهُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: الْجُنُونُ يُزِيلُهُ وَالْإِغْمَاءُ يَغْمُرُهُ وَالنَّوْمُ يَسْتُرُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَرِيزَةٌ إلَخْ) مَحِلُّهُ الْقَلْبُ (تَنْبِيهٌ) لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي التَّشَهُّدِ مُتَمَكِّنًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِانْتِقَاضِ وُضُوئِهِ صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْفُتُوحِ الْعِجْلِيّ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَامَ فِي الصَّلَاةِ مُمَكِّنَ الْمَقْعَدَةِ فَإِنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ قَصَرَ زَمَنُ النَّوْمِ فَإِنْ طَالَ وَكَانَ فِي رُكْنٍ قَصِيرٍ بَطَلَتْ لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بِتَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ أَوْ فِي رُكْنٍ طَوِيلٍ كَالتَّشَهُّدِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ هَذَا مُقْتَضَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 خُرُوجِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمَّا جُعِلَ مَظِنَّةً لِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ بِهِ أُقِيمَ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا أُقِيمَتْ الشَّهَادَةُ الْمُفِيدَةُ لِلظَّنِّ مَقَامَ الْيَقِينِ فِي شَغْلِ الذِّمَّةِ (لَا بِنَوْمِ مُمَكِّنِ مَقْعَدَهُ) مِنْ مَقَرِّهِ فَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ (وَلَوْ) مُسْتَنِدًا إلَى مَا لَوْ زَالَ لَسَقَطَ، أَوْ (مُحْتَبِيًا) بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى أَلْيَيْهِ رَافِعًا رُكْبَتَيْهِ مُحْتَوِيًا عَلَيْهِمَا بِيَدَيْهِ أَوْ غَيْرِهِمَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنَامُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّؤُنَّ وَحُمِلَ عَلَى نَوْمِ الْمُمَكِّنِ مَقْعَدَهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَلَا مِنْهُ حِينَئِذٍ خُرُوجُ الْخَارِجِ. وَلَا عِبْرَةَ بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ رِيحٍ مِنْ الْقُبُلِ لِنُدْرَتِهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلَوْ مُحْتَبِيًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّحِيفِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ لَكِنْ نَقَلَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّ النَّحِيفَ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ وَخَرَجَ بِزَوَالِ الْعَقْلِ النُّعَاسُ وَحَدِيثُ النَّفْسِ، وَأَوَائِلُ نَشْوَةِ الشُّكْرِ فَلَا نَقْضَ بِهَا وَيُقَالُ لِلنُّعَاسِ سِنَةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّوْمِ أَنَّ النَّوْمَ فِيهِ غَلَبَةٌ عَلَى الْعَقْلِ وَسُقُوطُ الْحَوَاسِّ وَالنُّعَاسُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا فِيهِ فُتُورُ الْحَوَاسِّ لِأَنَّهُ رِيحٌ لَطِيفٌ يَأْتِي مِنْ قِبَلِ الدِّمَاغِ يُغَطِّي الْعَيْنَ وَلَا يَصِلُ إلَى الْقَلْبِ فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ كَانَ نَوْمًا وَمِنْ عَلَامَتِهِ سَمَاعُ كَلَامِ الْحَاضِرِينَ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ وَمِنْ عَلَامَةِ النَّوْمِ الرُّؤْيَا وَلَا تَمْكِينَ لِمَنْ نَامَ عَلَى قَفَاهُ مُلْصِقًا لِمَقْعَدِهِ بِمَقَرِّهِ وَلَوْ مُسْتَثْفِرًا (وَلَوْ زَالَتْ إحْدَى أَلْيَتَيْهِ) أَيْ النَّائِمِ الْمُمَكِّنِ (قَبْلَ انْتِبَاهِهِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَثْفِرًا نَقَضَ) وُضُوءَهُ وَإِنْ لَمْ تَقَعْ يَدُهُ عَلَى الْأَرْضِ لِمُضِيِّ لَحْظَةٍ وَهُوَ نَائِمٌ غَيْرُ مُمَكِّنٍ (أَوْ) زَالَتْ (مَعَ انْتِبَاهِهِ) أَوْ بَعْدَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ مَعَ انْتِبَاهِهِ مَعَهُ (أَوْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ فِي أَنَّ زَوَالَهَا قَبْلَ انْتِبَاهِهِ أَوْ لَا (أَوْ فِي أَنَّهُ مُمَكِّنٌ) مَقْعَدَهُ أَوْ لَا (أَوْ) فِي أَنَّهُ (نَامَ أَوْ نَعَسَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَلَا نَقْضَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ نَعَمْ لَوْ رَأَى رُؤْيَا وَشَكَّ أَنَامَ أَمْ لَا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِأَنَّ الرُّؤْيَا لَا تَكُونُ إلَّا بِنَوْمٍ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ ثُمَّ قَالَ فِيهِ وَلَوْ تَيَقَّنَ النَّوْمَ وَشَكَّ هَلْ كَانَ مُمَكِّنًا أَوْ لَا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ قَالَ وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ لَوْ تَيَقَّنَ رُؤْيَا وَلَا تَذَكَّرَ نَوْمًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّوْمِ مُتَمَكِّنًا لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ مُؤَوَّلٌ أَوْ ضَعِيفٌ انْتَهَى. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّصِّ أَنَّ الرُّؤْيَا فِي تِلْكَ اعْتَضَدَتْ بِأَحَدِ طَرَفَيْ الشَّكِّ الْمُوَافِقِ لَهَا بِخِلَافِهَا فِي هَذِهِ أَوْ أَنَّهُ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ أَنَّ مُرَادَهُ بِعَدَمِ التَّذَكُّرِ أَنَّهُ شَكَّ هَلْ نَامَ مُتَمَكِّنًا أَمْ لَا؟ وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي أَلْغَازِهِ وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ عَلَى الْأَوَّلِ بِتَحَقُّقِ الرُّؤْيَا مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ النَّوْمِ مَعَ أَنَّهَا مِنْ عَلَامَتِهِ كَمَا مَرَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ عَلَامَةَ الشَّيْءِ ظَنِّيَّةٌ لَا تَسْتَلْزِمُ وُجُودَهُ وَلَوْ سُلِّمَ اسْتِلْزَامُهَا لَهُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّيْءِ الْعِلْمُ بِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ مِنْ النَّوْمِ مُمَكِّنًا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَلْيَتَيْهِ لُغَةٌ غَيْرُ فَصَيْحَةٍ وَالْفَصِيحَةُ أَلْيَيْهِ بِلَا تَاءٍ كَمَا عَبَّرَ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: الْأَلْيَةُ بِالْفَتْحِ وَلَا تَقُلْ إلْيَةٌ وَلَا لِيَّةٌ فَإِذَا ثُنِّيَتْ قُلْت أَلْيَانِ فَلَا تَلْحَقُهُ التَّاءُ (الثَّالِثُ الْتِقَاءُ بَشَرَتِهِ) أَيْ الذَّكَرِ (وَبَشَرَتِهَا) أَيْ الْأُنْثَى (وَلَوْ) كَانَ الذَّكَرُ (مَمْسُوحًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] أَيْ لَمَسْتُمْ كَمَا قُرِئَ بِهِ لَا جَامَعْتُمْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَاللَّمْسُ الْجَسُّ بِالْيَدِ وَبِغَيْرِهَا أَوْ بِالْيَدِ فَقَطْ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ وَأُلْحِقَ بِالْيَدِ غَيْرُهَا وَالْمَعْنَى فِي النَّقْضِ بِهِ أَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّلَذُّذِ الْمُثِيرِ لِلشَّهْوَةِ (لَا) إنْ كَانَ (مُحَرَّمًا لَهَا) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ فَلَا يَنْقُضُ الِالْتِقَاءُ (وَلَا بِشَهْوَةٍ) لِانْتِفَاءِ مَظِنَّتِهَا بَيْنَهُمَا (وَ) لَا أَنْ   [حاشية الرملي الكبير] الْقَوَاعِدِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: لَا بِنَوْمٍ مُمَكِّنٍ مَقْعَدَهُ) لَمْ يَلْحَقْ الْإِغْمَاءُ وَنَحْوُهُ مَعَ تَمْكِينِ الْمَقْعَدَةِ بِالنَّوْمِ لِأَنَّ عَدَمَ الشُّعُورِ مَعَهَا أَبْلَغُ كَمَا مَرَّ وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُهِمَّاتِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ النَّقْضَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ عَجِيبٌ فَإِنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يُطْلِقُوا بَلْ قَيَّدُوا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنَّهُ يَنْبَغِي التَّقْيِيدُ بِهِ كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ، وَشَرَحَهُ الْمَجْمُوعُ وَعِبَارَةُ شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْجُنُونَ وَالْإِغْمَاءَ وَالسُّكْرَ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا فَرْقَ فِي كُلِّ ذَلِكَ بَيْنَ الْقَاعِدِ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أب (قَوْلُهُ: مِنْ مَقَرِّهِ) وَلَوْ دَابَّةً سَائِرَةً. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّحِيفِ) أَيْ الَّذِي لَيْسَ بَيْنَ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ نِحَافٌ (قَوْلُهُ: إنَّ النَّحِيفَ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ) أَيْ الَّذِي بَيْنَ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ نِحَافٌ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا فِيهِ فُتُورُ الْحَوَاسِّ) لِأَنَّهُ رِيحٌ لَطِيفَةٌ تَأْتِي مِنْ قِبَلِ الدِّمَاغِ تُغَطِّي الْعَيْنَ وَلَا تَصِلُ إلَى الْقَلْبِ فَإِنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ كَانَ نَوْمًا (قَوْلُهُ: إنَّ الرُّؤْيَا فِي تِلْكَ اُعْتُضِدَتْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: الْتِقَاءُ بَشَرَتِهِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ الْمُرَادُ بِالْبَشَرَةِ هُنَا غَيْرُ الشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالظُّفْرِ انْتَهَى. وَلَوْ كَثُرَ الْوَسَخُ عَلَى الْبَشَرَةِ مِنْ الْعَرَقِ فَإِنَّ لَمْسَهُ يَنْقُضُ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْ الْبَدَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غُبَارٍ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ مَحْرَمًا إلَخْ) الْمَحْرَمُ مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ لِحُرْمَتِهَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ وَخَرَجَ بِالتَّأْبِيدِ: الْمُرْتَدَّةُ وَالْمَجُوسِيَّةُ وَأُخْتُ الزَّوْجَةِ وَنَحْوُهَا مِمَّنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا، وَقَدْ يُقَالُ: أُخْتُ الزَّوْجَةِ وَنَحْوُهَا حَلَالٌ نَظَرًا إلَيْهَا بِخُصُوصِهَا وَإِنَّمَا الْحَرَامُ جَمْعُهَا مَعَهَا وَبِقَوْلِهِ: بِسَبَبٍ مُبَاحٍ أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَنَحْوُهَا إذْ السَّبَبُ إمَّا حَرَامٌ إنْ كَانَتْ الشُّبْهَةُ شُبْهَةَ مَحَلٍّ كَوَطْءِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ شُبْهَةَ طَرِيقٍ كَالْوَطْءِ بِالنِّكَاحِ وَالشِّرَاءِ الْفَاسِدَيْنِ أَوْ لَا يُوصَفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا تَحْرِيمَ إنْ كَانَتْ الشُّبْهَةُ شُبْهَةَ فَاعِلٍ كَوَطْءِ مَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِعْلَ مُكَلَّفٍ لِكَوْنِهِ غَافِلًا، وَبِقَوْلِهِ لِحُرْمَتِهَا الْمُلَاعَنَةُ فَإِنَّ تَأْبِيدَ تَحْرِيمِهَا لَا لِحُرْمَتِهَا بَلْ لِلتَّغْلِيظِ عَلَيْهَا وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَنْ وَطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا إذْ الْمُتَّجَهُ الْحُكْمُ عَلَى أُمَّهَاتِهَا وَبَنَاتِهَا بِالْمَحْرَمِيَّةِ وَلَمْ يَشْمَلْهُنَّ التَّعْرِيفُ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ كَانَ قَبْلَ السَّبَبِ الْمُبَاحِ وَيَسْتَحِيلُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَبِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ التَّعْرِيفَ يَشْمَلُهُنَّ وَلَسْنَ بِمَحَارِمَ وَبِالْمَوْطُوءَةِ فِي الْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ وَنَحْوِهِمَا وَبِالْمَعْقُودِ عَلَى أُمِّهَا عَقْدًا حَرَامًا كَأَنْ وَقَعَ بَعْدَ الْخِطْبَةِ. وَأَجَابَ الْقَايَاتِيُّ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ ثَبَتَتْ بِالسَّبَبِ الْمُبَاحِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ وَهَذِهِ الْأُمُورُ مُعَرَّفَاتٌ فَحَصَلَ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ الْحُرْمَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 كَانَتْ الْأُنْثَى (صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى) عُرْفًا فَلَا تَنْقُضُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحِلًّا لِلشَّهْوَةِ وَمِثْلُهَا الذَّكَرُ الصَّغِيرُ كَمَا فُهِمَ مِنْهَا بِالْأَوْلَى (وَتَنْقُضُ) أُنْثَى (مَيِّتَةٌ) وَذَكَرٌ مَيِّتٌ (وَعَجُوزٌ) وَهَرَمٌ (وَعُضْوٌ أَشَلُّ) أَوْ زَائِدٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِقَبُولِ الْمَحِلِّ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ (وَلَوْ) كَانَ أَحَدُهُمَا (مَلْمُوسًا) فَإِنَّ وُضُوءَ كُلٍّ مِنْهُمَا يَنْتَقِضُ بِالِالْتِقَاءِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي لَذَّةِ اللَّمْسِ كَالْمُشْتَرَكِينَ فِي لَذَّةِ الْجِمَاعِ سَوَاءٌ أَكَانَ الِالْتِقَاءُ عَمْدًا أَمْ سَهْوًا بِشَهْوَةٍ أَمْ بِدُونِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَوْ بِغَيْرِ الْيَدِ بِخِلَافِ النَّقْضِ بِمَسِّ الْفَرْجِ يَخْتَصُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ الْمَسَّ إنَّمَا يُثِيرُ الشَّهْوَةَ بِبَطْنِ الْكَفِّ بِخِلَافِ اللَّمْسِ يُثِيرُهَا بِهِ وَبِغَيْرِهِ. (لَا) عُضْوٌ (مَقْطُوعٌ وَشَعْرٌ وَسِنٌّ وَظُفْرٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ إسْكَانِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا وَبِكَسْرِهِ مَعَ إسْكَانِهَا وَكَسْرِهَا وَيُقَالُ فِيهِ أُظْفُورٌ فَلَا نَقْضَ بِلَمْسِ شَيْءٍ مِنْهَا لِانْتِفَاءِ الْمَظِنَّةِ إذْ لَا يُلْتَذُّ بِلَمْسِهَا بَلْ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَلِأَنَّ لَامِسَهَا لَمْ يَلْمِسْ امْرَأَةً وَلَا رَجُلًا (وَلَا) يَنْقُضُ (أَمْرَدُ) وُضُوءَ الذَّكَرِ وَلَوْ حَسَنَ الصُّورَةِ أَوْ كَانَ الِالْتِقَاءُ بِشَهْوَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْآيَةِ وَهَذَا فُهِمَ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ، كَمَا فُهِمَ مِنْهُ عَدَمُ النَّقْضِ بِالْتِقَاءِ بَشَرَتَيْ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ خُنْثَيَيْنِ أَوْ خُنْثَى وَذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى بِحَائِلٍ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّتِهَا وَلِاحْتِمَالِ التَّوَافُقِ فِي صُوَرِ الْخُنْثَى (وَلَا إنْ شَكَّ فِي مَحْرَمِيَّةِ الْمَلْمُوسِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمَةٌ بِأَجْنَبِيَّاتٍ غَيْرِ مَحْصُورَاتٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الِالْتِقَاءَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَنْقُضُ لِأَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا جَازَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الطُّهْرَ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ وَلَا بِالظَّنِّ كَمَا سَيَأْتِي وَالنِّكَاحُ لَوْ مُنِعَ مِنْهُ الشَّاكُّ فِيمَا ذَكَرَ لَانْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ كَمَا سَيَأْتِي (وَاللِّسَانُ وَلَحْمُ الْأَسْنَانِ كَالْبَشَرَةِ) فِيمَا ذَكَرَ (الرَّابِعُ مَسُّ فَرْجِ آدَمِيٍّ) قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَاضِحًا كَانَ الْمَاسُّ أَوْ خُنْثَى عَلَى مَا سَيَأْتِي لِخَبَرِ «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرًا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ وَلَا حِجَابٌ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَمَسُّ فَرْجِ غَيْرِهِ أَفْحَشُ مِنْ مَسِّ فَرْجِهِ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ أَشْهَى لَهُ وَالْمُرَادُ بِمَسِّ قُبُلِ الْمَرْأَةِ وَالدُّبُرِ مَسُّ مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ فَلَا نَقْضَ بِمَسِّ غَيْرِهِ وَغَيْرِ الذَّكَرِ كَالْأُنْثَيَيْنِ وَبَاطِنِ الْأَلْيَيْنِ وَالْعَانَةِ وَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ أَنَّ مَسَّ شَعْرِ الْفَرْجِ يَنْقُضُ جَرَى فِيهِ عَلَى طَرِيقِ الْمَرَاوِزَةِ مِنْ أَنَّ لَمْسَ الشَّعْرِ يَنْقُضُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (لَا) فَرْجُ (بَهِيمَةٍ) فَلَا نَقْضَ بِمَسِّهِ كَمَا لَا يَجِبُ سِتْرُهُ وَلَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ خِتَانٌ وَلَا اسْتِنْجَاءٌ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى لَمْسِهَا (وَلَوْ) كَانَ الْآدَمِيُّ (مَيِّتًا وَصَغِيرًا وَ) الْمَمْسُوسُ (ذَكَرًا مَقْطُوعًا) أَوْ أَشَلَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَمَحِلَّهُ) بَعْدَ قَطْعِهِ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ لِأَنَّ مَحِلَّهُ فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ وَلِشُمُولِ الِاسْمِ فِي غَيْرِهِ مِمَّا ذَكَرَ وَمَسُّ بَعْضِهِ الْمَقْطُوعِ كَذَلِكَ إلَّا مَا قُطِعَ فِي الْخِتَانِ إذْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الذَّكَرِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَأَمَّا قُبُلُ الْمَرْأَةِ وَالدُّبُرُ فَالْمُتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ اسْمُهُمَا بَعْدَ قَطْعِهِمَا نَقَضَ مَسُّهُمَا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِالِاسْمِ كَمَا أَنَّهُ مَنُوطٌ بِالْمَسِّ (بِبَطْنِ كَفٍّ وَلَوْ) كَانَتْ (شَلَّاءَ) لِأَنَّ التَّلَذُّذَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ وَلِخَبَرِ الْإِفْضَاءِ بِالْيَدِ السَّابِقِ إذْ الْإِفْضَاءُ بِهَا لُغَةً الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُ الْمَسِّ فِي بَقِيَّةِ الْإِخْبَارِ، وَاعْتَرَضَ الْقُونَوِيُّ بِأَنَّ الْمَسَّ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّهُ هُنَا عَامٌّ لِأَنَّهُ صِلَةُ الْمَوْصُولِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَالْإِفْضَاءُ فَرْدٌ مِنْ الْعَامِّ وَإِفْرَادُ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ، وَالْأَقْرَبُ ادِّعَاءُ تَخْصِيصِ عُمُومِ الْمَسِّ بِمَفْهُومِ خَبَرِ الْإِفْضَاءِ، وَقَوْلُهُ (وَهُوَ) أَيْ بَطْنُ الْكَفِّ (مَا انْطَبَقَ عَلَيْهِ الْكَفَّانِ بِتَحَامُلٍ يَسِيرٍ) فِيهِ قُصُورٌ بِالنَّظَرِ إلَى بَطْنِ الْإِبْهَامِ وَقَيَّدَ بِالْيَسِيرِ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْمُنْحَرِفُ الَّذِي يَلِي الْكَفَّ (لَا رُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَ) لَا (مَا بَيْنَهَا وَلَا حَرْفُ الْكَفِّ) فَلَا يَنْقُضُ الْمَسُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ سَمْتِ الْكَفِّ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَجْرُورَةٌ عَطْفًا عَلَى بَطْنِ كَفٍّ أَوْ مَرْفُوعَةٌ عَطْفًا عَلَى مَا انْطَبَقَ وَشَمَلَ حَرْفُ الْكَفِّ بِحَسَبِ مَا اقْتَضَاهُ تَفْسِيرُ بَاطِنِهَا السَّابِقِ حَرْفَ الْأَصَابِعِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ وَأُلْحِقَ الْحَرْفُ هُنَا بِالظَّاهِرِ وَفِي الْخُفِّ بِالْبَاطِنِ رُجُوعًا لِلْأَصْلِ فِيهِمَا (وَمَنْ لَهُ كَفَّانِ نَقَضَتَا) بِالْمَسِّ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتَا عَامِلَتَيْنِ أَمْ غَيْرَ عَامِلَتَيْنِ فَقَوْلُهُ مَنْ زِيَادَتُهُ مُطْلَقًا تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الرَّوْضَةِ بِالْعَامِلَتَيْنِ (لَا زَائِدَةٌ مَعَ عَامِلَةٍ) فَلَا تَنْقُضُ بَلْ الْحُكْمُ لِلْعَامِلَةِ فَقَطْ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ النَّقْضَ بِالزَّائِدَةِ أَيْضًا وَعَزَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِإِطْلَاقِ   [حاشية الرملي الكبير] الْمُؤَبَّدَةُ لَا عَلَى جِهَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَبِالسَّبَبِ الْحُرْمَةُ الْمُؤَبَّدَةُ عَلَى جِهَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ فَلِلْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ جِهَتَانِ وَاعْتِبَارَانِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُرْمَةِ الْحُرْمَةُ الْأَوَّلِيَّةُ وَالِاحْتِرَامُ الْأَوَّلِيُّ فِي زَوْجَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالثَّانِي لَهُنَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - وَعَنْ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ بِأَنَّ الْمُرَادَ إبَاحَةُ السَّبَبِ نَظَرًا لِذَاتِهِ وَهُوَ فِي الْمَذْكُورَاتِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا حَرُمَ فِيهِنَّ نَظَرًا لِعَارِضِهِ (قَوْلُهُ: وَصَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى عُرْفًا) وَقِيلَ بِسَبْعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمَةٌ بِأَجْنَبِيَّاتٍ غَيْرِ مَحْصُورَاتٍ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ لَمَسَهَا بَعْدَ تَزَوُّجِهِ بِهَا وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: وَاللِّسَانُ وَلَحْمُ الْأَسْنَانِ كَالْبَشَرَةِ) أَيْ وَنَحْوِهِمَا كَدَاخِلِ الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِمَسِّ قُبُلِ الْمَرْأَةِ. إلَخْ) الْمُرَادُ بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ الشُّفْرَانِ عَلَى الْمَنْفَذِ مِنْ أَوَّلِهِمَا إلَى آخِرِهِمَا لَا مَا هُوَ عَلَى الْمَنْفَذِ مِنْهُمَا فَقَطْ كَمَا وَهَمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ يَنْقُضُ مَسُّ مَوْضِعِ خِتَانِهَا ع (قَوْلُهُ: وَالْمَمْسُوسُ ذَكَرًا مَقْطُوعًا. إلَخْ) دُونَ مُبَان قُبُلِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْحَدَثِ مِنْهُ قَبْلَ الْإِبَانَةِ مُلْتَقَى الشُّفْرَيْنِ وَلَا يُسَمَّى بَعْدَ الْإِبَانَةِ فَرْجًا وَمَا أَفَادَهُ الْمَفْهُومُ مِنْ أَنَّهُ لَا حَدَثَ بِمَسِّ قُبُلِ الْمَرْأَةِ الْمُبَانِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّرْحِ وَلَمْ أَرَ الْجَزْمَ بِهِ لِغَيْرِهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: أَنَّهُ الظَّاهِرُ وَوَجْهُهُ بِمَا سَبَقَ وَالدُّبُرُ الْمُبَانُ يَتَّجِهُ أَنْ يَكُونَ كَقُبُلِ الْمَرْأَةِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْعَزِيزِ (قَوْلُهُ: وَمَسُّ بَعْضِهِ الْمَقْطُوعِ كَذَلِكَ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: لَمْ يَتَعَرَّضْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 الْجُمْهُورِ ثُمَّ نُقِلَ الْأَوَّلُ عَنْ الْبَغَوِيّ فَقَطْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَيُؤَيِّدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ ذَكَرَانِ أَحَدُهُمَا عَامِلٌ فَمَسَّ الْآخَرَ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي بَابِ الْغُسْلِ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي غَيْرِهَا وَجَمَعَ ابْنُ الْعِمَادِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَقَالَ: كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْكَفَّانِ عَلَى مِعْصَمَيْنِ وَكَلَامُ التَّحْقِيقِ فِيمَا إذَا كَانَتَا عَلَى مِعْصَمٍ وَاحِدٍ فَتَنْقُضُ الزَّائِدَةُ سَوَاءٌ أَعَمِلَتْ أَمْ لَا كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهَا بِمَا إذَا كَانَتْ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيَّةِ كَنَظِيرَةِ فِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَحِلُّ عَدَمِ النَّقْضِ بِمَسِّ غَيْرِ الْعَامِلِ مِنْ الذَّكَرَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَامِتًا لِلْعَامِلِ وَإِلَّا فَهُوَ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ مُسَامِتَةٍ لِلْبَقِيَّةِ فَيَنْقُضُ قَالَهُ الْفُورَانِيُّ (وَلَا يَنْتَقِضُ مَمْسُوسُ فَرْجٍ) بِخِلَافِ الْمَلْمُوسِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالْمَسِّ وَالْمَمْسُوسُ لَمْ يُمَسَّ وَوَرَدَ بِالْمُلَامَسَةِ وَهِيَ تَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ إلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ (وَكَالْأَصَابِعِ) فِي النَّقْضِ بِهَا أُصْبُعٌ (زَائِدَةٌ سَامَتَتْهَا) بِأَنْ تَكُونَ عَلَى سُنَنِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسَامِتَةِ لَهَا خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ مِنْ إطْلَاقِ النَّقْضِ بِالزَّائِدَةِ وَقَالَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ (وَإِنْ مَسَّ مُشْكِلٌ فَرْجَيْ مُشْكِلٍ أَوْ) فَرْجَيْ (مُشْكِلَيْنِ) أَيْ آلَةَ الرِّجَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَآلَةَ النِّسَاءِ مِنْ الْآخَرِ (أَوْ) فَرْجَيْنِ (مِنْ نَفْسِهِ انْتَقَضَ) وُضُوءُهُ لِأَنَّهُ مَسَّ فِي غَيْرِ الثَّانِيَةِ وَمَسَّ أَوْ لَمَسَ فِي الثَّانِيَةِ الصَّادِقَةِ بِمُشْكِلَيْنِ غَيْرِهِ وَبِنَفْسِهِ وَمُشْكِلٍ آخَرَ فَعِبَارَتُهُ فِيهَا كَالرَّافِعِيِّ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِ الرَّوْضَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَمُشْكِلٍ آخَرَ لَكِنْ يُعْتَبَرُ فِيهَا أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ النَّقْضِ مَانِعٌ مِنْ مَحْرَمِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ (لَا بِمَسِّ أَحَدِهِمَا) فَقَطْ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ مَسَّ أَحَدَهُمَا وَصَلَّى) صَلَاةً كَصُبْحٍ (ثُمَّ) مَسَّ (الْآخَرَ ثُمَّ صَلَّى) صَلَاةً أُخْرَى كَظُهْرٍ (أَعَادَ الْأُخْرَى إنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمَسَّيْنِ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ عِنْدَهَا قَطْعًا بِخِلَافِ الصُّبْحِ إذْ لَمْ يُعَارِضْهَا شَيْءٌ، وَقَوْلُ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ وُجُوبُ إعَادَتِهِمَا مَعًا كَمَا لَوْ صَلَّى صَلَاتَيْنِ بِوُضُوءَيْنِ عَنْ حَدَثَيْنِ ثُمَّ تَيَقَّنَ نِسْيَانَ عُضْوٍ فِي أَحَدِهِمَا رُدَّ بِأَنَّهُ لَمْ يُتَيَقَّنْ هُنَاكَ الْحَدَثُ فِي إحْدَاهُمَا عَيْنًا بَلْ الشَّكُّ فِيهِمَا عَلَى السَّوَاءِ فَوَجَبَ إعَادَتُهُمَا مَعًا، وَأَمَّا هُنَا فَالصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ حَصَلَ تَيَقُّنُ الْحَدَثِ فِيهَا لِاجْتِمَاعِ مَسِّ الْفَرْجَيْنِ فِيهَا بِخِلَافِ الْأُولَى، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَدَّ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ لَمْ يَتَيَقَّنْ رَفْعَ حَدَثٍ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ تَيَقَّنَ رَفْعَهُ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ أَمَّا إذَا تَوَضَّأَ بَيْنَهُمَا فَلَا تَجِبُ إعَادَةُ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ وَإِنْ وَقَعَتْ إحْدَاهُمَا مَعَ الْحَدَثِ قَطْعًا لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ مُفْرَدَةٌ بِحُكْمِهَا وَقَدْ بَنَى كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى ظَنٍّ صَحِيحٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ صَلَّى صَلَاتَيْنِ لِجِهَتَيْنِ بِاجْتِهَادَيْنِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ عَنْ حَدَثٍ آخَرَ أَوْ عَنْ الْمَسِّ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَبِنْ الْحَالُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ (وَإِنْ مَسَّ رَجُلٌ ذَكَرَ خُنْثَى أَوْ) مَسَّتْ (امْرَأَةٌ فَرْجَهُ لَا عَكْسُهُ انْتَقَضَ الْمَاسُّ) أَيْ وُضُوءُهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِثْلُهُ فَقَدْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بِالْمَسِّ وَإِلَّا فَبِاللَّمْسِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ بِأَنْ مَسَّ الرَّجُلُ فَرْجَ الْخُنْثَى، وَالْمَرْأَةُ ذَكَرَهُ لَا نَقْضَ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ وَمَحِلُّ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا مِمَّا يَمْنَعُ النَّقْضَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (وَلَوْ مَسَّ أَحَدُ مُشْكِلَيْنِ ذَكَرَ صَاحِبِهِ وَالْآخَرُ فَرْجَهُ أَوْ فَرْجَ نَفْسِهِ انْتَقَضَ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا لَا بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا رَجُلَيْنِ فَقَدْ انْتَقَضَ لِمَاسِّ الذَّكَرِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ فَلِمَاسِّ الْفَرْجِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَلِكِلَيْهِمَا بِاللَّمْسِ إلَّا أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْحَدَثُ فِيهِمَا، وَقَوْلُهُ أَوْ فَرْجَ نَفْسِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلِكُلٍّ أَنْ يُصَلِّيَ) وَفَائِدَةُ الِانْتِقَاضِ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ أَنَّهُ إذَا اقْتَدَتْ بِهِ امْرَأَةٌ فِي صَلَاةٍ لَا تَقْتَدِي بِالْآخَرِ (وَلَا يَرْتَفِعُ تَعَيُّنُ حَدَثٍ أَوْ طُهْرٍ بِظَنٍّ) لِضِدِّهِ وَلَا بِالشَّكِّ فِيهِ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى فَيَأْخُذُ بِالْيَقِينِ اسْتِصْحَابًا لَهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّسَاوِي وَالرُّجْحَانِ، وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ وَغَيْرِهَا فَقَالَ: الشَّكُّ هُنَا وَفِي مُعْظَمِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ هُوَ التَّرَدُّدُ سَوَاءٌ الْمُسْتَوِي وَالرَّاجِحُ انْتَهَى. وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَقِيلَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَاءَ الْمَظْنُونَ طَهَارَتُهُ بِالِاجْتِهَادِ مَثَلًا يَرْفَعُ يَقِينَ الْحَدَثِ (وَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] تَعَذُّرُ الْبَعْضِ وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ الْحَشَفَةِ كَالْغُسْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا فَرْقَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى سُنَنِهَا) أَيْ عَلَى وَفْقِهَا فَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ لَمْ يَنْقُضْ الْمَسُّ بِبَطْنِهَا م (قَوْلُهُ: أَيْ بَيْنَ الْمَسَّيْنِ) أَيْ وَلَا بَعْدَهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي مُعْظَمِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ هُوَ التَّرَدُّدُ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ: مُعْظَمُ أَبْوَابِ الْفِقْهِ إلَى أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي أَبْوَابٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا بَابُ الْإِيلَاءِ وَحَيَاةُ الْحَيَوَانِ الْمُسْتَقِرَّةُ وَالْقَضَاءُ بِالْعِلْمِ وَالْأَكْلُ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ وَفِي وُجُوبِ رُكُوبِ الْبَحْرِ لِلْحَجِّ وَفِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ) قَالَ فِي الذَّخَائِرِ فَأَمَّا إذَا تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَظَنَّ الْحَدَثَ أَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَظَنَّ الطَّهَارَةَ فَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ الرُّجُوعُ إلَى الْيَقِينِ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي إجْرَاءُ الْقَوْلَيْنِ فِي تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ فِي النَّجَاسَاتِ هَاهُنَا فَإِنَّ الْحَدَثَ لَهُ أَمَارَاتٌ انْتَهَى. وَفِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ طَهَارَةً أَوْ حَدَثًا لَا يَعْمَلُ بِهِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الرَّافِعِيُّ مَا إذَا شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ فِي تَرْكِ عُضْوٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْأَصَحِّ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ هَذَا إعْمَالٌ لِظَنِّ الطَّهَارَةِ بَعْدَ يَقِينِ الْحَدَثِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ غَيْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّهَا جَارِيَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اغْتَسَلَتْ مِنْ جِمَاعٍ فِي قُبُلِهَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا الْمَنِيُّ فَتَغْتَسِلُ لِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُ مَنِيِّهَا بِمَنِيِّهِ. وَمَا لَوْ رَأَى ظَبْيَةً تَبُولُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا وَشَكَّ فِي سَبَبِ تَغَيُّرِهِ فَيَنْجُسُ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى سَبَبٍ مُعَيَّنٍ (تَنْبِيهٌ) قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ: لَا يُرْفَعُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا إذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي انْقِضَاءِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا أَوْ فِيهَا فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ وَمِنْهَا إذَا شَكَّ فِي أَنَّهُ نَوَى الْإِتْمَامَ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَمِنْهَا إذَا شَكَّ فِي أَنَّهُ بَلَغَ وَطَنَهُ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَمِنْهَا مَا إذَا شَكَّ فِي انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ يَبْنِي الْأَمْرَ عَلَى مَا يُوجِبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 تَيَقَّنَ حَدَثًا وَطُهْرًا) كَأَنْ وُجِدَا مِنْهُ بَعْدَ الْفَجْرِ (وَجَهِلَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (نَظَرَ فِيمَا قَبْلُ فَإِنْ كَانَ) فِيهِ (مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ) لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي تَأَخُّرِ الْحَدَثِ عَنْهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (أَوْ) كَانَ فِيهِ (مُتَطَهِّرًا فَهُوَ) الْآنَ مُحْدِثٌ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي تَأَخُّرِ الطَّهَارَةِ عَنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ هَذَا (إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ) لَهَا وَإِنْ لَمْ تَطَّرِدْ عَادَتُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ تَجْدِيدَهَا (فَمُتَطَهِّرٌ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأَخُّرُهَا عَنْ الْحَدَثِ وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا أَوْ مُحْدِثًا أَخَذَ بِمَا قَبْلَ الْأَوَّلَيْنِ عَكْسُ مَا مَرَّ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ وَهُمَا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الِاشْتِبَاه وِتْرًا أَخَذَ بِالضِّدِّ أَوْ شَفْعًا فَبِالْمِثْلِ بَعْدَ اعْتِبَارِ اعْتِيَادِ التَّجْدِيدِ وَعَدَمِهِ (وَإِنْ جَهِلَ مَا قَبْلَهُمَا وَجَبَ الْوُضُوءُ) لِتَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ بِلَا مُرَجِّحٍ وَلَا سَبِيلَ إلَى الصَّلَاةِ مَعَ التَّرَدُّدِ الْمَحْضِ فِي الطَّهَارَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَإِنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُ بِالطَّهَارَةِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فَلَا أَثَرَ لِتَذَكُّرِهِ ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ التَّذَكُّرِ وَعَدَمِهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَالنَّوَوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ وَتَحْقِيقُهُ وَصَحَّحَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ وُجُوبَ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ بَطَلَ يَقِينًا وَمَا بَعْدَهُ مُتَعَارِضٌ وَلَا بُدَّ مِنْ طُهْرٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَظْنُونٍ وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ عِنْدَ جَمَاعَاتٍ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ لِذَهَابِ الْأَكْثَرِينَ إلَيْهِ (وَمُوجِبُ الطَّهَارَةِ) وُضُوءً وَغُسْلًا (الْحَدَثُ أَوْ الْوَقْتُ أَوْ هُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَتَعْبِيرُهُ بِالْوَقْتِ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَهُمَا مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَعَ مَا يَأْتِي فِي الْغُسْلِ أَنَّ مُوجِبَهَا الْحَدَثُ عِنْدَ الِانْقِطَاعِ وَالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لَكِنَّ النَّوَوِيَّ خَالَفَ فِي مَجْمُوعِهِ فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَصَحَّحَ أَنَّهُ الِانْقِطَاعُ (فَرْعٌ) فِيمَا يَتَّضِحُ بِهِ الْخُنْثَى وَهُوَ مَنْ لَهُ آلَتَا الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَوْ لَيْسَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا بَلْ لَهُ ثُقْبَةٌ يَبُولُ مِنْهَا وَالثَّانِي لَا دَلَالَةَ لِلْبَوْلِ فِيهِ بَلْ يُوقَفُ أَمْرُهُ حَتَّى يَصِيرَ مُكَلَّفًا فَيُخْبِرُ بِمَيْلِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَأَقَرَّهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يَنْحَصِرُ ذَلِكَ فِي الْمَيْلِ بَلْ يُعْرَفُ أَيْضًا بِالْحَيْضِ وَالْمَنِيِّ الْمُتَّصِفِ بِصِفَةِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ اتِّضَاحَهُ بِقَوْلِهِ (يَتَّضِحُ الْخُنْثَى بِالْبَوْلِ مِنْ فَرْجٍ فَإِنْ بَالَ) مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ فَرَجُلٌ أَوْ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ فَامْرَأَةٌ أَوْ (مِنْهُمَا فَبِالسَّبْقِ) لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ تَأَخَّرَ انْقِطَاعُ الْآخَرِ (ثُمَّ) إنْ اتَّفَقَا ابْتِدَاءً اتَّضَحَ (بِالتَّأَخُّرِ لَا الْكَثْرَةِ وَتَزْرِيقٌ وَتَرْشِيشٌ) فَلَا يَتَّضِحُ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَلَوْ اتَّفَقَا ابْتِدَاءً وَانْقِطَاعًا وَزَادَ أَحَدُهُمَا أَوْ زَرِقَ أَوْ رَشَشَ بِهِ فَلَا اتِّضَاحَ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ آلَةَ الرِّجَالِ إذَا نَقَضَ مِنْهَا الْأُنْثَيَانِ كَانَ الْخُنْثَى مُشْكِلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُسْتَدَلُّ بِنَقْصِهِمَا عَلَى الْأُنُوثَةِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْن الْمُسْلِم وَجَعَلَ الضَّابِطَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْعُضْوَانِ تَامَّيْنِ عَلَى الْعَادَةِ وَأَقُولُ بَلْ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هَذَا إلَّا ذَاكَ إذْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَهُ آلَتَا الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ إذَا نَقَصَ مِنْهَا الْأُنْثَيَانِ فَجَعَلَهُمَا مِنْ جُمْلَةِ آلَةِ الرَّجُلِ (وَيَتَّضِحُ) أَيْضًا (بِحَيْضٍ أَوْ إمْنَاءٍ إنْ لَاقَ بِوَاحِدٍ) مِنْ الْفَرْجَيْنِ. (وَ) سَوَاءٌ (خَرَجَ مِنْهُ أَوْ مِنْهُمَا بِشَرْطِ التَّكَرُّرِ) لِيَتَأَكَّدَ الظَّنُّ وَلَا يُتَوَهَّمُ كَوْنُهُ اتِّفَاقِيًّا، وَقَوْلُهُ إنْ لَاقَ بِوَاحِدٍ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْأُولَى وَفِي نُسْخَةٍ إنْ لَاقَ بِوَاحِدٍ وَتَكَرَّرَ وَخَرَجَ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَبِالْجُمْلَةِ فِي عِبَارَتِهِ قَلَاقَةٌ وَتَرَكَ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ اعْتِبَارِ خُرُوجِ الْحَيْضِ أَوْ الْمَنِيِّ فِي وَقْتِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ قَبْلَهُ لَا يُسَمَّى حَيْضًا وَلَا مَنِيًّا، وَقَوْلُهُ بِشَرْطِ التَّكَرُّرِ أَيْ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ حَتَّى فِي الْبَوْلِ عَلَى الْمُتَّجَهِ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ: حَتَّى لَوْ بَالَ بِفَرْجِ الرِّجَالِ مَرَّةً ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَرِثْ إرْثَ الذُّكُورِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اتَّفَقَا ابْتِدَاءً وَانْقِطَاعًا فِي الْبَوْلِ أَوْ خَرَجَ الْحَيْضُ أَوْ الْمَنِيُّ مِنْ غَيْرِ لَائِقٍ بِهِ كَأَنْ خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ الذَّكَرِ بِصِفَةِ مَنِيِّ النِّسَاءِ أَوْ مِنْ الْفَرْجِ بِصِفَةِ مَنِيِّ الرِّجَالِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بِصِفَةٍ وَمِنْ الْآخَرِ بِأُخْرَى أَوْ خَرَجَ مِنْ لَائِقٍ بِهِ لَكِنْ بِلَا تَكَرُّرٍ (فَمُشْكِلٌ) وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنِيَّ الرِّجَالِ يُخَالِفُ مَنِيَّ النِّسَاءِ فِي الصِّفَاتِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا سَيَأْتِي، قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ فِيمَا إذَا اتَّفَقَا فِي الْبَوْلِ ابْتِدَاءً وَانْقِطَاعًا اعْتِبَارُ أَكْثَرِ الْمَرَّاتِ فِي الْخُرُوجِ وَالسَّبْقِ وَالِانْقِطَاعِ حَتَّى لَوْ بَالَ بِفَرْجٍ مَرَّتَيْنِ وَبِالْآخَرِ ثَلَاثًا   [حاشية الرملي الكبير] الْغُسْلَ وَمِنْهُمَا إذَا شَكَّ هَلْ مَسَحَ فِي السَّفَرِ أَوْ فِي الْحَضَرِ بَنِي الْأَمْرَ عَلَى مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَمِنْهَا إذَا أَحْرَمَ الْمُسَافِرُ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ خَلْفَ مَنْ لَا يَدْرِي أَمُسَافِرٌ هُوَ أَوْ مُقِيمٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ وَمِنْهَا مَا إذَا رَأَى حَيَوَانًا يَبُولُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ ثُمَّ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا وَلَمْ يَدْرِ أَتَغَيَّرَ بِالْبَوْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَهُوَ نَجِسٌ وَمِنْهَا الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُتَحَيِّرَةُ يَلْزَمُهَا الْغُسْلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَمِنْهَا مَا إذَا أَصَابَ بَعْضَ بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ أَوْ بَعْضَ ثَوْبِهِ وَجَهِلَ مَوْضِعَهَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ كُلِّهِ وَمِنْهَا مَا إذَا شَكَّ مُسَافِرٌ هَلْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَوْ لَا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّرَخُّصُ وَمِنْهَا مَا إذَا تَوَضَّأَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ أَوْ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ ثُمَّ شَكَّا هَلْ انْقَطَعَ حَدَثُهُمَا أَمْ لَا وَصَلَّيَا بِطَهَارَتِهِمَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُمَا وَمِنْهَا مَا إذَا تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ رَأَى شَيْئًا لَمْ يَدْرِ أَسْرَابٌ أَمْ لَا فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ وَإِنْ كَانَ سَرَابًا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَعْتَدْ التَّجْدِيدَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ هُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ) الْمُرَادُ: أَنَّهَا تَجِبُ بِالْحَدَثِ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا وَبِإِرَادَةِ الْقِيَامِ إلَى الْعِبَادَةِ وُجُوبًا مُضَيَّقًا [فَرْعٌ فِيمَا يَتَّضِحُ بِهِ الْخُنْثَى] (قَوْلُهُ: بَلْ لَهُ ثُقْبَةٌ يَبُولُ مِنْهَا) فَإِنْ فَقَدَ الْأُنْثَيَيْنِ خِلْقَةً قَالَ: بَعْضُهُمْ فَهُوَ أُنْثَى وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: فَبِالسَّبَقِ لِأَحَدِهِمَا) وَإِنْ تَأَخَّرَ انْقِطَاعُ الْآخَرِ فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا تَارَةً وَالْآخَرُ أُخْرَى أَوْ بَالَ تَارَةً بِوَاحِدٍ وَأُخْرَى بِالْآخِرِ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُ الْحَالَيْنِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَهُوَ مُشْكِلٌ (قَوْلُهُ: فَلَا اتِّضَاحَ) لَكِنْ إذَا اجْتَمَعَتْ الْكَثْرَةُ مَعَ التَّزْرِيقِ أَوْ التَّرْشِيشِ رَجَّحْنَا بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ التَّزْرِيقُ مَعَ الْكَثْرَةِ فِي الذَّكَرِ فَرَجُلٌ أَوْ فِي الْفَرْجِ فَامْرَأَةٌ أث. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) هُوَ مَمْنُوعٌ إذَا الْكَلَامُ فِي صِفَاتِهِ كَالثَّخَانَةِ وَالْبَيَاضِ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالرِّقَّةِ وَالِاصْفِرَارِ فِي مَنِيِّ الْمَرْأَةِ فِي خَوَاصِّهِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ. إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 أَخَذْنَا بِذِي الثَّلَاثِ، وَكَذَا فِي السَّبْقِ وَالِانْقِطَاعِ وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الْمُسْلِمِ (وَكَذَا إنْ بَالَ أَوْ أَمْنَى بِذَكَرِهِ وَحَاضَ بِفَرْجِهِ) أَوْ بَالَ بِأَحَدِهِمَا وَأَمْنَى بِالْآخَرِ فَمُشْكِلٌ وَذَكَرَ الثَّانِيَةَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجْرِ وَلَا أَثَرَ لِتَقَدُّمِ الْبَوْلِ وَتَكَرُّرِهِ الْمُقْتَضَيَيْنِ لِلِاتِّضَاحِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ فَإِنْ قُلْت فِيهِ نَقْضُ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحُكْمِ بِالْإِشْكَالِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالِاتِّضَاحِ قُلْنَا لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّا لَمْ نَتَعَرَّضْ لِلْأَحْكَامِ الْمَاضِيَةِ وَإِنَّمَا غَيَّرْنَا الْحُكْمَ لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ الْآنَ وَصَارَ كَالْمُجْتَهِدِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ دَلِيلٌ أَخَذَ بِهِ ثُمَّ إذَا عَارَضَهُ دَلِيلٌ يَتَوَقَّفُ عَنْ الْأَخْذِ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَنْقُضُ مَا مَضَى نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ (وَلَا أَثَرَ لِلِحْيَةٍ و) لَا لِنُهُودِ (ثَدْيٍ وَ) لَا لِتَفَاوُتِ (أَضْلَاعٍ) وَإِنْ غَلَبَتْ اللِّحْيَةُ وَنُقْصَانُ ضِلْعٍ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ لِلذَّكَرِ وَالنُّهُودِ وَتَسَاوِي الْأَضْلَاعِ لِلْأُنْثَى وَعَدَّ الْأَصْلُ خُرُوجَ الْوَلَدِ عَلَامَةً مُفِيدَةً لِلْقَطْعِ بِالْأُنُوثَةِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِالْمَنِيِّ أَوْ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْآتِي إلَّا إنْ حَبِلَ (وَإِنْ عُدِمَ الدَّالُّ) السَّابِقُ (اُخْتُبِرَ) وَفِي نُسْخَةٍ أُخْبِرَ وَفِي أُخْرَى سُئِلَ (بَعْدَ بُلُوغٍ وَعَقْلٍ فَإِنْ مَالَ) بِإِخْبَارِهِ (إلَى النِّسَاءِ فَرَجُلٌ أَوْ إلَى الرِّجَالِ فَامْرَأَةٌ) فَلَا يَكْفِي إخْبَارُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ كَسَائِرِ الْأَخْبَارِ وَلَا بَعْدَهُمَا مَعَ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ الْعَلَامَاتِ السَّابِقَةِ لِأَنَّهَا مَحْسُوسَةٌ مَعْلُومَةُ الْوُجُودِ وَقِيَامُ الْمَيْلِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَكْذِبُ فِي إخْبَارِهِ (وَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ بَعْدَهُمَا (أَنْ يَكْتُمَ مَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ) بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ حَالًا فَإِنْ أَخَّرَهُ أَثِمَ وَفَسَقَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْإِخْبَارِ الِاكْتِفَاءُ بِذِكْرِهِ لِوَاحِدٍ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ شَاهِدَيْنِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا كَإِخْبَارِ الْحَاكِمِ كَمَا فِي بُلُوغِهِ وأصلامه وَغَيْرِهِمَا (وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ (أَنْ يُخْبِرَ بِلَا مَيْلٍ) فَلَا يُخْبِرُ بِالتَّشَهِّي (فَإِنْ قَالَ لَا أَمِيلُ) إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (أَوْ أَمِيلُ إلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (فَمُشْكِلٌ وَلَوْ حَكَمَ بِذُكُورَتِهِ أَوْ أُنُوثَتِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَنْقُضْ بِرُجُوعِهِ) عَنْهُ لِاعْتِرَافِهِ بِمُوجِبِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَحِلُّهُ فِيمَا عَلَيْهِ أَمَّا فِيمَا لَهُ فَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ قَطْعًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ (وَلَا بِظُهُورِ عَلَامَةٍ إلَّا إنْ حَبِلَ) فَيُنْقَضُ بِهِ الْحُكْمُ السَّابِقُ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا خِلَافَ مَا ظَنَنَّاهُ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَ بِمَيْلِهِ إلَى النِّسَاءِ وَتَزَوَّجَ وَأَتَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ ثُمَّ حَبِلَ حُكِمَ بِأَنَّهُ امْرَأَةٌ وَبِأَنَّ حَبَلَ امْرَأَتِهِ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَا نِكَاحَ وَعَلِمَ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ حَبَلَهُ فَقَطْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِمَيْلِهِ إلَى الرِّجَالِ ثُمَّ جَامَعَ فَأَتَتْ مَوْطُوءَتُهُ بِوَلَدٍ لَا يُحْكَمُ بِذُكُورَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْحِسَّ لَا يُكَذِّبُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ احْتِيَاطًا حَكَى ذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ جَدِّهِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالدِّقَّةِ انْتَهَى. لَكِنَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ قَوْلُهُ بِظُهُورِ عَلَامَةٍ غَيْرِ الْحَبَلِ إنَّمَا هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلرَّافِعِيِّ وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ فِيهَا كَالْمَجْمُوعِ إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَتَعَقَّبَهُمَا فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُمَا لَمْ يَظْفَرَا فِيهَا بِنَقْلٍ وَهُوَ غَرِيبٌ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِالْعَمَلِ بِالْعَلَامَةِ وَفِي الرَّافِعِيِّ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ مَا يَقْتَضِيهِ وَهُوَ الصَّوَابُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ (وَيُحْكَمُ بِمِيلِهِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ) وَلَا يُرَدُّ قَوْلُهُ لِتُهْمَةٍ كَمَا لَوْ أَخْبَرَ صَبِيٌّ بِبُلُوغِهِ لِلْإِمْكَانِ (فَصْلٌ يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ) صَلَاةٌ وَلَوْ نَافِلَةً وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ وَطَوَافٌ وَهُوَ هُنَا الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (صَلَاةٌ) وَلَوْ نَافِلَةً وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ إجْمَاعًا، وَلِآيَةِ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] أَيْ قُمْتُمْ مُحْدِثِينَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» وَالْقَبُولُ يُقَالُ لِحُصُولِ الثَّوَابِ وَلِوُقُوعِ الْفِعْلِ صَحِيحًا وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي بِقَرِينَةِ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ نَفْيَ الصِّحَّةِ فَالْمَعْنَى لَا تَصِحُّ صَلَاةٌ إلَّا بِوُضُوءٍ وَفِي مَعْنَاهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ (وَطَوَافٌ) وَلَوْ نَفْلًا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ لَهُ وَقَالَ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِخَبَرِ: «الطَّوَافِ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إلَّا بِخَيْرٍ» ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (وَسُجُودٌ) لِتِلَاوَةِ أَوْ شُكْرٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ. أَمَّا سُجُودُ عَوَامِّ الْفُقَرَاءِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ فَحَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ بِالطُّهْرِ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَيُخْشَى أَنْ يَكُونَ كُفْرًا وقَوْله تَعَالَى {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: 100] مَنْسُوخٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ (وَمَسُّ مُصْحَفٍ) بِتَثْلِيثِ مِيمِهِ لَكِنَّ الْفَتْحَ غَرِيبٌ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] بِمَعْنَى الْمُتَطَهِّرِينَ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى أَصْلِهِ لَزِمَ الْخُلْفُ فِي كَلَامِهِ تَعَالَى لِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَطَهِّرِ يَمَسُّهُ وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ خَبَرَ   [حاشية الرملي الكبير] أَثَرُ تَصْمِيمِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الْمُسْلِمِ) وَتَعَقَّبَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى اعْتِبَارِ كَثْرَةِ الْمَرَّاتِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْكَثْرَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْأَدِلَّةِ بَلْ يَسْتَمِرُّ الْإِشْكَالُ مَعَهَا. اهـ (قَوْلُهُ: وَعَدَّ الْأَصْلُ خُرُوجَ الْوَلَدِ. إلَخْ) وَيَكْفِي بَعْضُ وَلَدٍ وَمُضْغَةٍ قَالَ الْقَوَابِلُ هِيَ مَبْدَأُ آدَمِيٍّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَالَ إلَى النِّسَاءِ فَرَجُلٌ أَوْ إلَى الرِّجَالِ فَامْرَأَةٌ. إلَخْ) لَا مَنْ لَهُ ثُقْبَةٌ تُشْبِهُ الْفَرْجَ يَبُولُ بِهَا إنَّمَا يَتَّضِحُ بِمَيْلِهِ أَوْ بِحَيْضِهِ أَوْ مَنِيِّهِ الْمُتَّصِفِ بِصِفَةِ مَنِيِّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ شَاهِدَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَخْبَرَ صَبِيٌّ بِبُلُوغِهِ) لِلْإِمْكَانِ إلَّا فِي ثُبُوتِ حَقٍّ لَهُ سَابِقٍ بِجِنَايَةٍ وَنَحْوِهَا فِي الْأَصَحِّ [فَصْلٌ مَا يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ] (فَصْلٌ) يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ (قَوْلُهُ: صَلَاةٌ وَلَوْ نَافِلَةً إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَدَائِمِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ) قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ الذِّكْرُ أَوْ الْقِرَاءَةُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ خُطْبَتَا الْجُمُعَةِ لِاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) تَحِيَّةً وَتَكْرِمَةً فَإِنَّ السُّجُودَ عِنْدَهُمْ كَانَ يَجْرِي مَجْرَاهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ خَرُّوا لِأَجْلِهِ سُجَّدًا لِلَّهِ شُكْرًا، وَقِيلَ الضَّمِيرُ لِلَّهِ وَالْوَاوُ لِأَبَوَيْهِ وَإِخْوَتِهِ وَالرَّفْعُ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْخُرُورِ وَإِنْ قُدِّمَ لَفْظًا لِلِاهْتِمَامِ بِتَعْظِيمِهِ لَهُمَا ب (قَوْلُهُ: وَمَسُّ مُصْحَفٍ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقِيَامُ لِلْمُصْحَفِ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ وَالتِّبْيَانِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِلْفُضَلَاءِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْأَخْيَارِ فَالْمُصْحَفُ أَوْلَى وَقَالَ بَعْضُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 «لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إلَّا طَاهِرٌ» فَإِنْ قُلْت لَا يَمَسَّهُ فِي الْآيَةِ نَهْيٌ لَا خَبَرٌ بِمَعْنَاهُ قُلْت يَلْزَمُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الطَّلَبِ صِفَةً وَهُوَ مُمْتَنِعٌ (وَ) مَسُّ (وَرَقِهِ) حَتَّى حَوَاشِيهِ وَمَا بَيْنَ سُطُورِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْمُصْحَفِ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ وُقُوعًا وَاحِدًا (وَ) مَسُّ (جِلْدِهِ) الْمُتَّصِلِ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَلِهَذَا يَتْبَعُهُ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَيَانِ حِلُّ مَسِّهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُرْمَةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ أَفْحَشُ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهُ أَيْضًا وَلَمْ يُنْقَلْ مَا يُخَالِفُهُ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُ الْأَصَحُّ إبْقَاءً لِحُرْمَتِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عَنْ الْمُصْحَفِ فَإِنْ انْقَطَعَتْ كَأَنْ جُعِلَ جِلْدَ كِتَابٍ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُ قَطْعًا (وَ) مَسُّ (ظَرْفٍ) فِيهِ الْمُصْحَفُ كَصُنْدُوقٍ وَخَرِيطَةٍ وَعِلَاقَةٍ (مَنْسُوبٌ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ مُتَّخَذٌ وَمُعَدٌّ لَهُ كَالْجِلْدِ وَإِنْ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي بَيْعِهِ وَقَوْلُهُ: مَنْسُوبٌ إلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ أَسْقَطَ قَيْدَ كَوْنِهِ فِيهِ (وَلَوْ مَسَّ مِنْ وَرَاءِ ثَوْبِهِ) أَوْ ثَوْبِ غَيْرِهِ (أَوْ فَقَدَ) الْمَاسُّ (الطَّهُورَيْنِ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ (كَحَمْلِهِ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ مَسِّهِ (لَا حَمْلِهِ) فِي (أَمْتِعَةٍ) إذَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِتَعْظِيمِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ وَلَوْ مَعَ الْأَمْتِعَةِ وَفَارَقَتْ الظَّرْفَ فِي الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْمُصْحَفِ بِخِلَافِهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَتَاعَ الْوَاحِدَ كَالْأَمْتِعَةِ وَبِهِ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَا) يَحْرُمُ (كَتْبُهُ) أَيْ الْقُرْآنَ (بِلَا مَسٍّ وَ) حَمْلٍ لَا (قَلْبِ وَرَقِهِ بِعُودِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَمْلٍ وَلَا مَسٍّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ تَحْرِيمَهُ قَالَ: لِأَنَّهُ حَمْلُ بَعْضِ الْمُصْحَفِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْوَرَقَةُ قَائِمَةً فَمَيَّلَهَا بِالْعُودِ أَوْ وَضَعَ طَرَفَهُ عَلَيْهَا لَمْ يَحْرُمْ وَإِلَّا حَرُمَ لِأَنَّهُ حَامِلٌ وَيَنْزِلُ الْكَلَامَانِ عَلَى هَذَا، وَكَذَا فَعَلَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وَفِيهِ إحَالَةٌ لِلْخِلَافِيَّةِ لِعَدَمِ التَّوَارُدِ عَلَى مَحِلٍّ وَاحِدٍ (وَيَجُوزُ مَسُّ) وَحَمْلُ (تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ وَمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ) وَإِنْ لَمْ يُنْسَخْ حُكْمُهُ لِزَوَالِ حُرْمَتِهَا بِالنَّسْخِ بَلْ وَبِالتَّبْدِيلِ فِي الْأَوَّلَيْنِ بِخِلَافِ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ فَقَطْ قَالَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ ظَنَّ أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ وَنَحْوِهَا غَيْرَ مُبَدَّلٍ كُرِهَ مَسُّهُ (وَ) يَجُوزُ مَسُّ وَحَمْلُ (مَا كُتِبَ) مِنْ الْقُرْآنِ (لِغَيْرِ دِرَاسَةٍ كَالتَّمَائِمِ) جَمْعِ تَمِيمَةٍ أَيْ عَوْذَةٍ وَهِيَ مَا يُعَلَّقُ عَلَى الصَّغِيرِ (وَمَا) كُتِبَ مِنْهُ (عَلَى الدَّرَاهِمِ) وَالدَّنَانِيرِ (وَالثِّيَابِ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ كِتَابًا إلَى هِرَقْلَ وَفِيهِ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64] الْآيَةَ وَلَمْ يَأْمُرْ حَامِلَهَا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ» وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تُقْصَدُ بِإِثْبَاتِ الْقُرْآنِ فِيهَا قِرَاءَتُهُ فَلَا يَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الْقُرْآنِ وَالتَّمْثِيلُ بِالتَّمَائِمِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتْوَى كِتَابِهِ الْحُرُوزِ مَكْرُوهَةٌ وَالْمُخْتَارُ تَرْكُ تَعْلِيقِهَا وَقَالَ فِي أُخْرَى الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَعْلِيقُهَا إذَا جُعِلَ عَلَيْهَا شَمْعٌ أَوْ نَحْوُهُ (وَ) يَجُوزُ مَسُّ وَحَمْلُ (كُتُبِ التَّفْسِيرِ) لِمَا مَرَّ وَلَيْسَ هُوَ فِي مَعْنَى الْمُصْحَفِ (لَا) كُتُبُ تَفْسِيرٍ (وَالْقُرْآنُ أَكْثَرُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُصْحَفِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا اسْتَوَيَا وَهُوَ قِيَاسُ اسْتِوَاءِ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ قَوْلَ التَّحْقِيقِ وَالْأَصَحَّ حِلُّ حَمْلِهِ فِي تَفْسِيرٍ هُوَ أَكْثَرُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فِيهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْتِوَاءِ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ لَائِحٌ، وَإِذَا لَمْ يَحْرُمْ مَسُّ التَّفْسِيرِ وَلَا حَمْلُهُ كُرِهَا (وَ) يَجُوزُ مَسُّ وَحَمْلُ (كُتُبِ الْحَدِيثِ) وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَغَيْرِهَا لِمَا مَرَّ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ كُتُبَ التَّفْسِيرِ وَكُتُبَ الْحَدِيثِ مَعْطُوفَانِ عَلَى تَوْرَاةٍ وَيَجُوزُ عَطْفُهُمَا عَلَى التَّمَائِمِ (وَيُسْتَحَبُّ التَّطَهُّرُ لَهُ) أَيْ لِكُلِّ مَنْ مَسَّ وَحَمَلَ كُتُبَ الْحَدِيثِ.   [حاشية الرملي الكبير] الْمُتَأَخِّرِينَ صَحَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَامَ لِلتَّوْرَاةِ» فَالْمُصْحَفُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْكُتُبِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ شَرْحُ الْإِسْنَوِيِّ) أَيْ فِي مَطَالِعِ الدَّقَائِقِ ش (قَوْلُهُ: عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهُ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَأَمَّا أَخْذُ الْفَالِ مِنْهُ فَجَزَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالطُّرْطُوشِيُّ وَالْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّونَ بِتَحْرِيمِهِ وَأَبَاحَهُ ابْنُ بَطَّةَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ كَصُنْدُوقٍ) أَيْ عُمِلَ عَلَى قَدْرِ الْمُصْحَفِ وَلَفْظُ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي فُرُوقِهِ يَحْرُمُ حَمْلُ الْمُصْحَفِ فِي صُنْدُوقٍ مَصْنُوعٍ لَهُ مُخْتَصٍّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ) حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُصْحَفُ فِي جِرَابٍ أَوْ كِيسٍ مَثَلًا لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِيسِ وَالْجِرَابِ يُحْمَلُ عَلَى كَبِيرَيْنِ لَا يُعَدُّ مِثْلُهُمَا وِعَاءً لِلْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: كَحَمْلِهِ) وَقَعَ بَحْثٌ فِيمَا لَوْ حَمَلَ الْمُحْدِثُ مُتَطَهِّرًا أَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا مَعَهُ مُصْحَفٌ إذَا مَكَّنَاهُ مِنْهُ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ غ (قَوْلُهُ: لَا حَمْلُهُ فِي أَمْتِعَةٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَصُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَحَذَفَتْهُ الرَّوْضَةُ وَتَبِعَهُمْ فِي التَّنْقِيحِ وَغَيْرِهِ وَعَلَّلُوا الْجَوَازَ بِأَنَّ الْمُصْحَفَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَحْدَهُ لَا أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ أَصْلًا، وَفِي الْمُجَرَّدِ لِسُلَيْمٍ الرَّازِيّ وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَقْصِدَ نَقْلَ الْمَتَاعِ لَا غَيْرُ وَمُرَادُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَصْدِهِ نَقْلُ مَتَاعِهِ مِنْ غَيْرِ تَجْرِيدِ الْقَصْدِ إلَى نَقْلِ الْمُصْحَفِ كَمَا يَصْنَعُهُ الْمُنْتَقِلُ مِنْ مَنْزِلٍ إلَى غَيْرِهِ وَالْمُسَافِرُ بِأَمْتِعَتِهِ قَالَ شَيْخُنَا: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا حَمَلَهُ فِي أَمْتِعَةٍ لَا يَمَسُّهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: لَوْ مَسَّهُ وَلَوْ بِحَائِلٍ حَرُمَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْأَمْتِعَةِ) تَبِعَ فِيهِ مُقْتَضَى عِبَارَةِ سُلَيْمٍ لَكِنَّ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ فِي عَزِيزِهِ وَالنَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ حِلُّهُ حِينَئِذٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ فَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَجُزْ وَشَمَلَ تَحْرِيمُ حَمْلِهِ مَا لَوْ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَمْ يَخْرُجْ بِقَصْدِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ كَوْنِهِ مُصْحَفًا وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَالتَّمَائِمِ (تَنْبِيهٌ) مِنْ هُنَا يُؤْخَذُ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا حَمَلَ مَنْ حَمَلَ الْمُصْحَفَ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَحْسَنُ. إلَخْ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّوَارُدِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ) وَتَعْلِيلُهُمْ يَرُدُّهُ إذْ الْوَجْهُ الْقَائِلُ بِالتَّحْرِيمِ عَلَّلَهُ بِالْحَمْلِ وَلَا حَمْلَ فِي الْحَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَالْقَائِلُ بِالْحِلِّ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَمْلٍ وَلَا مَسٍّ أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي أُخْرَى الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ مَسُّ وَحَمْلُ كُتُبِ التَّفْسِيرِ لَا وَالْقُرْآنُ أَكْثَرُ) قَالَ شَيْخُنَا: الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِيَّةِ مَجْمُوعُ الْحُرُوفِ حَتَّى لَوْ كَانَ ثَمَّ وَرَقَةٌ كُلُّهَا تَفْسِيرٌ وَهُوَ مِمَّا قُرْآنُهُ أَكْثَرُ أَوْ اسْتَوَيَا حَرُمَ مَسُّهَا وَإِنْ خَلَتْ عَنْ الْقُرْآنِ بَلْ الْحُرْمَةُ فِيهَا أَوْلَى مِنْ جِلْدٍ انْفَصَلَ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ) فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 (وَيَحْرُمُ) مَسُّ وَحَمْلُ (مَا كُتِبَ بِلَوْحٍ) أَيْ فِيهِ (لِدِرَاسَةٍ عَلَى بَالِغٍ) كَالْمُصْحَفِ (وَلَا يُمْنَعُ صَبِيٌّ) مُمَيِّزٌ (مِنْ) مَسَّ وَحَمْلِ (مُصْحَفٍ أَوْ) لَوْحٍ (يَتَعَلَّمُ مِنْهُ) لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ وَمَشَقَّةِ اسْتِمْرَارِهِ مُتَطَهِّرًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ فِي الْحَمْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِالدِّرَاسَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَرَضٍ أَوْ كَانَ الْغَرَضُ آخَرَ مُنِعَ مِنْهُ جَزْمًا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ مَسَّهُ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ حَرُمَ وَهُوَ بَاطِلٌ بَلْ إذَا أَبَحْنَا مَسَّهُ لَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَمْلِهِ لِلدِّرَاسَةِ وَلِلتَّبَرُّكِ وَلِنَقْلِهِ إلَى مَكَان آخَرَ، قَالَ وَهَذَا مَا يَقْتَضِيهِ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ لِئَلَّا يَنْتَهِكَهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُمَيِّزِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ، وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ مَنْعِ الْمُمَيِّزِ بَيْنَ الْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي مُعِيدِ النِّعَمِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَقَالَ: وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِتَمْكِينِهِ مِنْ ذَلِكَ حَالَ جَنَابَتِهِ، وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ لِأَنَّهَا نَادِرَةٌ وَحُكْمُهَا أَغْلَطُ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُمْنَعُ صَبِيٌّ أَيْ لَا يَجِبُ مَنْعُهُ لِيُوَافِقَ قَوْلَ الْأَصْلِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمُعَلِّمِ مَنْعُ الصَّبِيِّ إلَى آخِرِهِ فَيُفِيدُ جَوَازَ مَنْعِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ يُنْدَبُ مَنْعُهُ (وَيُكْرَهُ كَتْبُهُ) أَيْ الْقُرْآنِ (عَلَى حَائِطٍ) وَلَوْ لِمَسْجِدٍ (وَعِمَامَةٍ) لَوْ قَالَ وَثِيَابٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى (وَطَعَامٌ) وَنَحْوُهَا وَمَسْأَلَةُ الطَّعَامِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) يُكْرَهُ (إحْرَاقُ خَشَبٍ نُقِشَ بِهِ) أَيْ بِالْقُرْآنِ نَعَمْ إنْ قُصِدَ بِهِ صِيَانَةُ الْقُرْآنِ فَلَا كَرَاهَةَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ تَحْرِيقُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمَصَاحِفَ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَنْ وَجَدَ وَرَقَةً فِيهَا الْبَسْمَلَةُ وَنَحْوُهَا لَا يَجْعَلْهَا فِي شِقٍّ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْقُطُ فَتُوطَأُ وَطَرِيقُهُ أَنْ يَغْسِلَهَا بِالْمَاءِ أَوْ يَحْرِقَهَا بِالنَّارِ صِيَانَةً لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ تَعَرُّضِهِ لِلِامْتِهَانِ (وَيَجُوزُ هَدْمُهُ) أَيْ الْحَائِطِ (وَلُبْسُهَا) أَيْ الْعِمَامَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَأَكْلُهُ) أَيْ الطَّعَامِ وَلَا تَضُرُّ مُلَاقَاتُهُ مَا فِي الْمَعِدَةِ بِخِلَافِ ابْتِلَاعِ قِرْطَاسٍ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُكْرَهُ كَتْبُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فِي إنَاءٍ لِيُسْقَى مَاؤُهُ لِلشِّفَاءِ فِيمَا يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ انْتَهَى. وَوَقَعَ فِي فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَحْرِيمُهُ لِمَا يُلَاقِي مِنْ النَّجَاسَةِ الَّتِي فِي الْمَعِدَةِ، وَأَمَّا أَكْلُ الطَّعَامِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ كَشُرْبِ مَا ذَكَرَ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَكْتُوبَ فِي الشُّرْبِ يُمْحَى قَبْلَ وَضْعِهِ فِي الْفَمِ بِخِلَافِهِ فِي الطَّعَامِ (وَحَرُمَ كَتْبُهُ) أَيْ الْقُرْآنِ (بِنَجِسٍ) وَعَلَى نَجِسٍ (وَ) كَذَا (مَسُّهُ بِهِ لَا بِطَاهِرٍ مِنْ بَدَنٍ تَنَجَّسَ) فَلَوْ كَانَ عَلَى بَعْضِ بَدَنِ الْمُتَطَهِّرِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فَمَسَّ الْمُصْحَفَ بِمَوْضِعِهَا حَرُمَ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَكِنْ يُكْرَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَالتَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (فَإِنْ خِيفَ عَلَى مُصْحَفٍ تَنَجُّسٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ تَلَفٌ) بِحَرْقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (أَوْ ضَيَاعٌ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَطَهُّرٍ حَمَلَهُ) مَعَ الْحَدَثِ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ بَلْ وُجُوبًا فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ صِيَانَةً لَهُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَحْرُمَ السَّفَرُ بِهِ إلَى أَرْضِ الْكُفَّارِ إذَا خِيفَ وُقُوعُهُ فِي أَيْدِيهِمْ وَيَجُوزُ كَتْبُ آيَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا إلَيْهِمْ فِي أَثْنَاءِ كِتَابٍ أَيْ لِمَا مَرَّ وَيُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ مَسِّهِ لِإِسْمَاعِهِ وَإِنْ كَانَ مُعَانِدًا لَمْ يَجُزْ تَعْلِيمُهُ وَيُمْنَعُ تَعَلُّمَهُ فِي الْأَصَحِّ وَغَيْرُ الْمُعَانِدِ إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ جَازَ تَعْلِيمُهُ فِي الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوْ ضَيَاعٌ أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَطَهُّرٍ شَامِلٌ لِلتَّطَهُّرِ بِالتُّرَابِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ وَبَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ فِي التِّبْيَانِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّيَمُّمُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ (وَكُرِهَ دَرْسُهُ) أَيْ الْقُرْآنِ أَيْ قِرَاءَتُهُ (بِفَمٍ نَجِسٍ) احْتِرَامًا لَهُ (وَجَازَ) بِلَا كَرَاهَةٍ قِرَاءَتُهُ (بِحَمَّامٍ) وَبِطَرِيقٍ إنْ لَمْ يَلْتَهِ عَنْهَا وَإِلَّا كُرِهَتْ (وَحَرُمَ تَوَسُّدُ مُصْحَفٍ وَإِنْ خَافَ سَرِقَتَهُ، وَكَذَا عِلْمٍ) أَيْ تَوَسَّدَ كِتَابَ عِلْمٍ (إلَّا لِخَوْفٍ) مِنْ سَرِقَتِهِ أَوْ نَحْوِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ فِي تَوَسُّدِ الْمُصْحَفِ حَالَةَ الْخَوْفِ هُوَ مَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ كَمَا فِي تَوَسُّدِ الْعِلْمِ حِينَئِذٍ وَيَنْبَغِي جَوْزُ تَوَسُّدِهِ بَلْ وُجُوبُهُ إذَا خَافَ عَلَيْهِ مِنْ تَلَفٍ أَوْ تَنَجُّسٍ أَوْ كَافِرٍ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الْعِلْمُ الْمُحْتَرَمُ (وَيُسْتَحَبُّ كَتْبُهُ وَإِيضَاحُهُ) إكْرَامًا لَهُ (وَنَقْطُهُ وَشَكْلُهُ) صِيَانَةً لَهُ مِنْ اللَّحْنِ وَالتَّحْرِيفِ (وَقِرَاءَتُهُ نَظَرًا) فِي الْمُصْحَفِ (أَفْضَلُ) مِنْهَا عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ الْقِرَاءَةَ وَالنَّظَرَ فِي الْمُصْحَفِ وَهُوَ عِبَادَةٌ أُخْرَى نَعَمْ إنْ زَادَ خُشُوعُهُ وَحُضُورُ قَلْبِهِ فِي الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ فَهِيَ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ تَفَقُّهًا وَهُوَ حَسَنٌ، (وَهِيَ) أَيْ الْقِرَاءَةُ (أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرٍ لَمْ يُخَصَّ) بِمَحِلٍّ أَمَّا ذِكْرُ خُصَّ بِمَحِلٍّ بِأَنْ وَرَدَ الشَّرْعُ.   [حاشية الرملي الكبير] أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ. إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: صِيَانَةً لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ تَعَرُّضِهِ لِلِامْتِهَانِ) ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْإِحْرَاقَ أَوْلَى مِنْ الْغُسْلِ لِأَنَّ الْغُسَالَةَ قَدْ تَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ. وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ: لَا يَجُوزُ تَمْزِيقُ الْوَرَقَةِ الَّتِي فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ اسْمُ رَسُولِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْطِيعِ الْحُرُوفِ وَتَفْرِيقِ الْكَلِمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إزْرَاءِ الْمَكْتُوبِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ابْتِلَاعِ قِرْطَاسٍ. إلَخْ) لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِ أَكْلِهِ إذَا كَانَ عَلَى طَعَامٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ إلَّا وَقَدْ زَالَتْ صُورَةُ الْكِتَابَةِ قَالَ: وَيَحْرُمُ أَنْ يَطَأَ عَلَى فِرَاشٍ أَوْ خَشَبٍ نُقِشَ بِالْقُرْآنِ وَفِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ لَا يَجُوزُ جَعْلُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي كَاغَدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ أَثِمَ (سُؤَالٌ) قَالُوا تَحْرُمُ كِتَابَةُ اسْمِ اللَّهِ أَوْ الْقُرْآنِ بِنَجِسٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَفَمُهُ نَجِسٌ وَفَرَّقَ بِفُحْشِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ بِحَرْقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِمَا) كَأَنْ رَآهُ فِي يَدِ كَافِرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَطَهُّرٍ) وَلَا مِنْ إيدَاعِهِ مُسْلِمًا ثِقَةً (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ فِي التِّبْيَانِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ ت (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ) يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُبِيحَ لِذِي الْحَدَثِ الدَّائِمِ حَمْلَهُ مَعَ الْوُضُوءِ وَهُوَ بَعِيدٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 بِهِ فِيهِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا لِتَنْصِيصِ الشَّارِعِ عَلَيْهِ (وَنُدِبَ تَعَوُّذٌ لَهَا) أَيْ لِلْقِرَاءَةِ (جَهْرًا) لِآيَةِ فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ أَيْ أَرَدْت قِرَاءَتَهُ فَقُلْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ يَقُولُونَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا بَأْسَ بِهِ لَكِنَّ الِاخْتِيَارَ الْأَوَّلُ. قَالَ وَيَحْصُلُ بِكُلِّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى تَعَوُّذٍ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِالتَّعَوُّذِ وَإِنْ أَسَرَّ بِالْقِرَاءَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ عَلَى سُنَنِهَا إنْ جَهْرًا فَجَهْرٌ وَإِنْ سِرًّا فَسِرٌّ إلَّا فِي الصَّلَاةِ فَيُسِرُّ بِهِ مُطْلَقًا عَلَى الْأَصَحِّ (وَ) نُدِبَ (إعَادَتُهُ لِفَصْلٍ) طَوِيلٍ كَالْفَصْلِ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ (لَا) يَسِيرٍ كَالْفَصْلِ بِنَحْوِ (سُجُودِ تِلَاوَةٍ) وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ فِي ذَلِكَ وَيَكْفِيهِ تَعَوُّذٌ وَاحِدٌ مَا لَمْ يَقْطَعْ قِرَاءَتَهُ بِكَلَامٍ أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ فَإِنْ قَطَعَهَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتَأْنَفَ التَّعَوُّذَ ، وَلَوْ سَجَدَ لِتِلَاوَةٍ ثُمَّ عَادَ لَمْ يَتَعَوَّذْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَصْلٍ أَوْ فَصْلٍ يَسِيرٍ وَمَعَ ذَلِكَ قَالَ لَوْ مَرَّ الْقَارِئُ عَلَى قَوْمٍ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَعَادَ إلَى الْقِرَاءَةِ فَإِنْ أَعَادَ التَّعَوُّذَ كَانَ حَسَنًا (وَ) نُدِبَ (أَنْ يَجْلِسَ) لِلْقِرَاءَةِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوْقِيرِ (وَ) أَنْ (يَسْتَقْبِلَ) الْقِبْلَةَ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ (وَ) أَنْ (يَقْرَأَ بِتَدَبُّرٍ وَتَخَشُّعٍ) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَبِهِ تَنْشَرِحُ الصُّدُورُ وَتَسْتَنِيرُ الْقُلُوبُ قَالَ تَعَالَى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29] وَقَالَ {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء: 82] وَالْأَخْبَارُ فِيهِ كَثِيرَةٌ (وَ) نُدِبَ (تَحْسِينُ صَوْتٍ) بِالْقُرْآنِ وَرَفْعُهُ بِهِ لِخَبَرِ «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِنَبِيٍّ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمَعْنَى أَذِنَ اسْتَمَعَ وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى الرِّضَا وَالْقَبُولِ، وَلِخَبَرِ «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» وَخَبَرِ «مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَمَحِلُّ أَفْضَلِيَّةِ رَفْعِ الصَّوْتِ إذَا لَمْ يَخَفْ رِيَاءً وَلَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ وَإِلَّا فَالْإِسْرَارُ أَفْضَلُ وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الْمُقْتَضِيَةِ لِأَفْضَلِيَّةِ الرَّفْعِ وَالْأَخْبَارِ الْمُقْتَضِيَةِ لِأَفْضَلِيَّةِ الْإِسْرَارِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ فِيهِ: وَاسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ افْتِتَاحَ مَجْلِسِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِرَاءَةِ قَارِئٍ حَسَنِ الصَّوْتِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ (وَ) نُدِبَ (تَرْتِيلٌ) لَهُ قَالَ تَعَالَى {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا} [المزمل: 4] وَلِأَنَّ قِرَاءَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ مُرَتَّلَةً وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوْقِيرِ وَأَشَدُّ تَأْثِيرًا فِي الْقَلْبِ وَلِهَذَا يُنْدَبُ التَّرْتِيلُ لِلْأَعْجَمِيِّ الَّذِي لَا يَفْهَمُ مَعْنَاهُ (وَ) نُدِبَ (إصْغَاءٌ إلَيْهِ) لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ لِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْرَأُ عَلَيْك وَعَلَيْك أُنْزِلَ قَالَ: إنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي فَقَرَأْت عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى جِئْت إلَى هَذِهِ الْآيَةِ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] قَالَ حَسْبُك الْآنَ فَالْتَفَتُّ إلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ» (وَ) نُدِبَ (بُكَاءٌ) عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ مِنْ صِفَةِ الْعَارِفِينَ قَالَ تَعَالَى {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 109] وَلِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ مِنْهَا: خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقُ وَطَرِيقُهُ فِي تَحْصِيلِهِ أَنْ يَتَأَمَّلَ مَا يَقْرَأُ مِنْ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ وَالْمَوَاثِيقِ وَالْعُهُودِ ثُمَّ يُفَكِّرَ فِي تَقْصِيرِهِ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ حُزْنٌ وَبُكَاءٌ فَلْيَبْكِ عَلَى فَقْدِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ الْمَصَائِبِ، قَالَ فِي الْأَذْكَارِ: وَيُنْدَبُ التَّبَاكِي لِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْبُكَاءِ (وَحَرُمَ) أَنْ يَقْرَأَ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا (بِالشَّوَاذِّ) وَهِيَ مَا نُقِلَ آحَادًا قُرْآنًا كَأَيْمَانِهِمَا فِي قِرَاءَةٍ: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ قُرْآنًا لِأَنَّ الْقُرْآنَ لِإِعْجَازِهِ النَّاسَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ أَقْصَرِ سُورَةٍ تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ تَوَاتُرًا، وَالشَّاذُّ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ مَا وَرَاءَ السَّبْعَةِ أَبِي عَمْرٍو وَنَافِعٍ وَابْنِ كَثِيرٍ وَعَامِرٍ وَعَاصِمٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيُّ وَعِنْدَ آخَرِينَ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ مَا وَرَاءَ الْعَشَرَةِ السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبَ وَخَلَفٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِذَا قَرَأَ بِقِرَاءَةٍ مِنْ السَّبْعِ اسْتَحَبَّ أَنْ يُتِمَّ الْقِرَاءَةَ بِهَا فَلَوْ قَرَأَ بَعْضَ الْآيَاتِ بِهَا وَبَعْضَهَا بِغَيْرِهَا مِنْ السَّبْعِ جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَا قَرَأَهُ بِالثَّانِيَةِ مُرْتَبِطًا بِالْأَوَّلِ (وَ) حَرُمَ أَنْ يَقْرَأَ (بِعَكْسِ الْآيِ) لِأَنَّهُ يُذْهِبُ إعْجَازَهُ وَيُزِيلُ حِكْمَةَ التَّرْتِيبِ (وَكُرِهَ) الْعَكْسُ (فِي السُّوَرِ) لِفَوَاتِ التَّرْتِيبِ إلَّا فِي تَعْلِيمٍ فَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ يَقَعُ مُتَفَرِّقًا وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِلتَّعْلِيمِ (وَنُدِبَ خَتْمُهُ) أَيْ الْقُرْآنِ (أَوَّلَ نَهَارٍ أَوْ) .   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَعَوُّذٌ. إلَخْ) اسْتِحْبَابُ التَّعَوُّذِ وَالتَّسْمِيَةِ لِمَنْ يَسْتَفْتِحُ الْقِرَاءَةَ خَارِجَ الصَّلَاةِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْتَاحُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةٍ أَوْ مِنْ أَثْنَائِهَا كَذَا رَأَيْته فِي زِيَادَاتِ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالنَّقْلُ فِي التَّسْمِيَةِ غَرِيبٌ تُحْسَبُ لَهُ ح (قَوْلُهُ: أَيْ أَرَدْت قِرَاءَتَهُ. إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَعَلَيْهِ سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِرَادَةَ إنْ أُخِذَتْ مُطْلَقًا لَزِمَ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِعَاذَةِ بِمُجَرَّدِ إرَادَةِ الْقِرَاءَةِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَقْرَأَ تُسْتَحَبُّ لَهُ الِاسْتِعَاذَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ أُخِذَتْ الْإِرَادَةُ بِشَرْطِ اتِّصَالِهَا بِالْقِرَاءَةِ اسْتَحَالَ الْعِلْمُ بِوُقُوعِهَا وَيَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِعَاذَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَالَ الدَّمَامِينِيُّ بَقِيَ عَلَيْهِ قِسْمٌ آخَرُ بِاخْتِيَارِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ وَذَلِكَ أَنَّا إنَّمَا نَأْخُذُهَا مُقَيَّدَةً بِأَنْ لَا يَعِنَّ لَهُ صَارِفٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ (فَرْعٌ) لَوْ عَرَضَ لَهُ صَوْتُ حَدَثٍ أَوْ رِيحُهُ سَكَتَ إلَى انْتِهَائِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَصْلٍ) أَوْ فَصْلٍ يَسِيرٍ لِأَنَّهُ مِنْ تَعَلُّقَاتِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ فِيهِ كَغَيْرِهِ) ابْتِدَاءً وَرَدًّا خِلَافًا لِلْوَاحِدِيِّ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَحْسِينُ صَوْتٍ بِالْقِرَاءَةِ) وَطَلَبُهَا مِنْ حَسَنِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْإِسْرَارُ أَفْضَلُ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ تُوَسْوَس الْمَأْمُومُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَنْ قَعَدَ يَتَكَلَّمُ بِجِوَارِ الْمُصَلِّي وَكَذَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ جَهْرًا عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي بِجِوَارِهِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَرْتِيلُهُ) فَإِفْرَاطُ الْإِسْرَاعِ مَكْرُوهٌ وَحَرْفُ التَّرْتِيلِ أَفْضَلُ مِنْ حَرْفَيْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ بِالشَّوَاذِّ) نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهَا وَأَنَّهُ لَا يُصَلِّي خَلْفَ مَنْ قَرَأَ بِهَا وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الْجُمَّيْزِيِّ الْمَصْرِيِّ أَنَّهُ تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِالشَّاذَّةِ الْمَرْوِيَّةِ بِالْآحَادِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَإِقْرَاؤُهَا وَأَفْتَى صَدْرُ الدِّينِ مَوْهُوبٌ الْجَزَرِيُّ بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالشَّوَاذِّ جَائِزَةٌ مُطْلَقًا إلَّا فِي الْفَاتِحَةِ لِلْمُصَلِّي (قَوْلُهُ: مَا وَرَاءَ السَّبْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ آخَرِينَ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ. . . إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 أَوَّلُ (لَيْلٍ) رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ التَّابِعِيِّ قَالَ كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يُخْتَمَ الْقُرْآنُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ أَوْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَخَتْمُهُ أَوَّلَ النَّهَارِ أَفْضَلُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ خَتَمَ وَحْدَهُ فَالْخَتْمُ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ، وَنُدِبَ صِيَامٌ يَوْمَ الْخَتْمِ إلَّا أَنْ يُصَادِفَ يَوْمًا نَهَى الشَّرْعُ عَنْ صِيَامِهِ (وَ) نُدِبَ (الدُّعَاءُ بَعْدَهُ وَحُضُورُهُ) لِآثَارٍ وَرَدَتْ فِيهِمَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْحُيَّضَ بِالْخُرُوجِ يَوْمَ الْعِيدِ فَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ» (وَ) نُدِبَ (الشُّرُوعُ بَعْدَهُ) فِي خَتْمَةٍ أُخْرَى لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ خَيْرُ الْأَعْمَالِ الْحِلُّ وَالرِّحْلَةُ قِيلَ وَمَا هُمَا قَالَ افْتِتَاحُ الْقُرْآنِ وَخَتْمُهُ» وَعَنْ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ كَانَ إذَا انْتَهَى فِي آخِرِ الْخَتْمَةِ إلَى سُورَةِ النَّاسِ قَرَأَ بِالْفَاتِحَةِ وَإِلَى الْمُفْلِحُونَ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ (وَ) نُدِبَ (كَثْرَةُ تِلَاوَتِهِ) قَالَ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} [فاطر: 29] الْآيَةَ وَالْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ. (وَنِسْيَانُهُ كَبِيرَةٌ) ، وَكَذَا نِسْيَانُ شَيْءٍ مِنْهُ لِخَبَرِ «عُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا» وَخَبَرُ «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْذَمَ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد (وَلْيَقُلْ نَدْبًا أُنْسِيت) كَذَا أَوْ أَسْقَطَتْهُ (لَا نَسِيته) لِخَبَرِ «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ نَسِيت آيَةَ كَذَا، وَكَذَا بَلْ هُوَ نُسِّيَ» وَخَبَرِ «بِئْسَمَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيت آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ هُوَ نُسِّيَ» وَخَبَرِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ فَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَقَدْ ذَكَّرَنِي آيَةً كُنْت أُسْقِطْتُهَا» وَفِي رِوَايَةٍ «كُنْت أُنْسِيتهَا» رَوَاهَا كُلَّهَا الشَّيْخَانِ (وَحَرُمَ تَفْسِيرُهُ بِلَا عِلْمٍ) أَيْ الْكَلَامُ فِي مَعَانِيه لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَالْإِجْمَاعِ فَكُلُّ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَدَوَاتِهِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَفْسِيرُهُ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَنْقُلَهُ عَنْ الْمُعْتَمَدِينَ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ أَوْ الْعَنْكَبُوتِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَيُحَافِظَ عَلَى قِرَاءَةِ يس وَالْوَاقِعَةِ وَتَبَارَكَ الْمُلْكِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ كُلَّ وَقْتٍ وَكُلَّ لَيْلَةٍ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ وَالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ الْبَقَرَةِ {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة: 285] إلَى آخِرِهَا كُلَّ لَيْلَةٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَكُرِهَ دَرْسُهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ مَذْكُورٌ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ وَغَيْرِهَا بَلْ هُوَ نَفْسُهُ أَعَادَ بَعْضَهُ ثَمَّ (بَابُ الْغُسْلِ.) هُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ مَصْدَرُ غَسَلَ الشَّيْءَ، وَبِمَعْنَى الِاغْتِسَالِ كَقَوْلِهِ «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ» وَبِضَمِّهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَاءِ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ فَفِيهِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ لُغَتَانِ الْفَتْحُ وَهُوَ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ لُغَةً وَالضَّمُّ وَهُوَ مَا يَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ أَوْ أَكْثَرُهُمْ، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَاسْمٌ لِمَا يُغْتَسَلُ بِهِ مِنْ سِدْرٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ بِالْمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لُغَةً سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ وَشَرْعًا سَيَلَانُهُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ (مُوجِبُهُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمُوجِبُهُ خَمْسَةٌ وَعَدَّهُ الْأَصْلُ أَرْبَعَةً لِجَعْلِهِ النِّفَاسَ مُلْحَقًا بِالْحَيْضِ وَيَصِحُّ تَنْزِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ (مَوْتٌ) لِمُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ وَالْمَوْتُ عَدَمُ الْحَيَاةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ وَقِيلَ: عَرَضٌ يُضَادُّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2] وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى قَدَّرَ، وَالْعَدَمُ مُقَدَّرٌ (وَخُرُوجُ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ بِانْقِطَاعِهِ) أَيْ مَعَهُ لِآيَةِ {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] أَيْ الْحَيْضِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» وَقِيسَ بِالْحَيْضِ النِّفَاسُ بَلْ هُوَ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٌ وَيُعْتَبَرُ مَعَ خُرُوجِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَانْقِطَاعِهِ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ وَالتَّحْقِيقِ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُوجِبَهُ الِانْقِطَاعُ فَقَطْ كَمَا قَدَّمْت ذَلِكَ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ (وَ) خُرُوجُ (وَلَدٍ وَلَوْ عَلَقَةً وَمُضْغَةً) وَ (بِلَا بَلَلٍ) لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بَلَلٍ غَالِبًا فَأُقِيمَ مَقَامَهُ كَالنَّوْمِ مَعَ الْخَارِجِ وَتُفْطِرُ بِهِ الْمَرْأَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (وَجَنَابَةٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وَيَحْصُلُ (بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ بِإِدْخَالِ حَشَفَةٍ وَلَوْ مِنْ) ذَكَرٍ (أَشَلَّ) أَوْ بِلَا قَصْدٍ أَوْ غَيْرِ مُنْتَشِرٍ (أَوْ) بِإِدْخَالِ (قَدْرِهَا) مِنْ فَاقِدِهَا (فِي فَرْجٍ وَلَوْ) مِنْ غَيْرِ مُشْتَهًى أَوْ (دُبُرٍ أَوْ بِحَائِلٍ) كَخِرْقَةٍ لَفَّهَا عَلَى ذَكَرِهِ وَلَوْ غَلِيظَةً لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» ، وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ كَخَبَرِ «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» فَمَنْسُوخَةٌ وَأَجَابَ ابْنُ عَبَّاسٍ   [حاشية الرملي الكبير] وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَالْخَتْمُ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ) وَأَنْ يَخْتِمَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَهُ إنْ أَمْكَنَ وَوَرَدَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ يُعْطُوا فَضْلَهُ فَهُمْ حَرِيصُونَ عَلَى اسْتِمَاعِهِ، وَيُقَالُ إنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ يَقْرَؤُنَهُ (قَوْلُهُ: وَنِسْيَانُهُ كَبِيرَةٌ) مَوْضِعُهُ إذَا كَانَ نِسْيَانُهُ تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا غ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ. إلَخْ) وَلَا قِرَاءَةُ فُلَانٍ وَلَا يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى بِغَيْرِ صِيغَةِ الْمَاضِي وَلَا النَّفْثُ مَعَ الْقُرْآنِ لِلرُّقْيَةِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِعْلُهُ [بَابُ الْغُسْلِ] (بَابُ الْغُسْلِ) (قَوْلُهُ لِمُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ) يَرُدُّ عَلَى مَفْهُومِهِ السَّقْطُ إذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَلَمْ تَظْهَرْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ غُسْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمِنْ مُوجِبَاتِهِ تَحَيُّرُ الْمُسْتَحَاضَةِ فَإِنَّهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ ع (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مَنْ شَأْنُهُ الْحَيَاةُ) الْأَظْهَرُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ أَنْ يُقَالَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا اتَّصَفَ بِهَا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ) هَذِهِ الْعِلَّةُ تُنْتَقَضُ بِخُرُوجِ بَعْضِ الْوَلَدِ ح يُجَابُ بِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ خُرُوجَ مَنِيِّهَا إلَّا بِخُرُوجِ الْوَلَدِ كُلِّهِ لَا بِخُرُوجِ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ بِإِدْخَالِ حَشَفَةٍ) لَوْ عَبَّرَ بِدُخُولِ حَشَفَةٍ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: مِنْ فَاقِدِهَا) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ حَشَفَةُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دُبُرًا وَبِحَائِلٍ) أَيْ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 عَنْ هَذَا الْخَبَرِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالِاحْتِلَامِ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ وَذِكْرُ الْخِتَانِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ بِدَلِيلِ إيجَابِ الْغُسْلِ بِإِيلَاجِ ذَكَرٍ لَا حَشَفَةَ لَهُ فِي دُبُرٍ أَوْ فَرْجِ بَهِيمَةٍ لِأَنَّهُ جِمَاعٌ فِي فَرْجٍ فَكَانَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ انْضِمَامَهُمَا لِعَدَمِ إيجَابِهِ الْغُسْلَ بِالْإِجْمَاعِ بَلْ تَحَاذِيهِمَا يُقَالُ الْتَقَى الْفَارِسَانِ إذَا تَحَاذَيَا وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّا وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ إذْ الْخِتَانُ مَحِلُّ الْقَطْعِ فِي الْخِتَانِ وَخِتَانُ الْمَرْأَةِ فَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ، وَمَخْرَجُ الْبَوْلِ فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ (وَهَذَا أَعْنِي) أَثَرَ الْإِدْخَالِ (بِالْحَائِلِ جَارٍ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ) كَإِفْسَادِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (وَ) لَوْ كَانَ الْفَرْجُ (مِنْ بَهِيمَةٍ وَمَيِّتٍ) فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَى الْمُولِجِ (وَلَا يُعَادُ غُسْلُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ غُسْلُهُ بِالْمَوْتِ تَنْظِيفًا وَإِكْرَامًا وَلَا يَجِبُ بِوَطْئِهِ حَدٌّ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) يَجِبُ الْغُسْلُ (بِاسْتِدْخَالِ امْرَأَةٍ) حَشَفَةً أَوْ قَدْرَهَا فِي فَرْجِهَا (وَلَوْ مِنْ ذَكَرٍ مَقْطُوعٍ) كَالنَّقْضِ بِمَسِّهِ (وَمِنْ بَهِيمَةٍ) مِنْ قِرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْآدَمِيِّ وَأَوْلَى تَغْلِيظًا (وَيَجْنُبُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ أَوْلَجَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (أَوْ أُولِجَ فِيهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ مُشْتَهًى أَمْ لَا (وَبِكَمَالٍ) لَهُ بِبُلُوغٍ وَإِفَاقَةٍ (يَجِبُ) عَلَيْهِ (غُسْلٌ وَصَحَّ) الْغُسْلُ (مِنْ مُمَيِّزٍ وَيُجْزِئُهُ) فَلَا يَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا بَلَغَ، وَقَوْلُهُ وَصَحَّ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ وَيُجْزِئُهُ (وَيُؤْمَرُ بِهِ) بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ الْوَلِيُّ وُجُوبًا (كَالْوُضُوءِ وَ) إدْخَالُ (دُونَ الْحَشَفَةِ مُلْغًى) فَلَا يُوجِبُ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الْجِمَاعِ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَإِيلَاجُ الْخُنْثَى) ذَكَرَهُ فِي أَيْ فَرْجٍ كَانَ (لَا أَثَرَ لَهُ) لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ (إلَّا نَقَضَ وُضُوءَ غَيْرِهِ) وَهُوَ الْمُولَجُ فِيهِ (بِنَزْعٍ مِنْ دُبُرٍ) مُطْلَقًا (أَوْ قُبُلٍ وَاضِحٍ) أَيْ أُنْثَى (أَوْ يُخَيَّرُ الْخُنْثَى بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بِإِيلَاجِهِ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ) لَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ بِلَمْسِهِ (أَوْ) فِي (دُبُرِ خُنْثَى أَوْلَجَ) ذَكَرَهُ (فِي قُبُلِهِ) أَيْ الْمُولِجِ لِأَنَّهُ إمَّا جُنُبٌ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ فِيهِمَا وَأُنُوثَته وَذُكُورَةِ الْآخَرِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ مُحْدِثٌ بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ فِيهِمَا مَعَ أُنُوثَةِ الْآخَرِ فِي الثَّانِيَةِ فَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا لِمَا سَيَأْتِي أَمَّا إيلَاجُهُ فِي قُبُلِ خُنْثَى أَوْ فِي دُبُرِهِ وَلَمْ يُولِجْ الْآخَرَ فِي قُبُلِهِ فَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي دُبُرِ خُنْثَى أُولِجَ فِي قُبُلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا التَّخْيِيرُ فِي الْأُولَى وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ (كَمَنْ شَكَّ هَلْ الْخَارِجُ مِنْ ذَكَرِهِ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ) فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا (وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى اخْتِيَارِهِ) فَإِنْ جَعَلَهُ مَنِيًّا اغْتَسَلَ أَوْ مَذْيًا تَوَضَّأَ وَغَسَلَ مَا أَصَابَهُ لِأَنَّهُ إذَا أَتَى بِمُقْتَضَى أَحَدِهِمَا بَرِئَ مِنْهُ يَقِينًا وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْآخَرِ وَلَا مُعَارِضَ لَهُ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتَيْنِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ فِعْلُهُمَا لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِهِمَا جَمِيعًا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا سَيَأْتِي فِي الزَّكَاةِ مِنْ وُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ بِتَزْكِيَةِ الْأَكْثَرِ ذَهَبًا وَفِضَّةً فِي الْإِنَاءِ الْمُخْتَلَطِ لِأَنَّ الْيَقِينَ ثَمَّ مُمْكِنٌ بِسَبْكِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِذَلِكَ هُنَا أَيْضًا، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا الَّذِي يَظْهَرُ رُجْحَانُهُ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِطُهْرٍ وَلَا يَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ إلَّا بِطُهْرٍ مُتَيَقَّنٍ أَوْ مَظْنُونٍ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِفِعْلِ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ غُسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِأَحَدِهِمَا وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ أَتَى بِهِ إلَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَحَدُهُمَا) فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ حُكْمَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ فِي أَبْوَابِ الطَّهَارَةِ وَاحِدٌ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ أَوْلَجَ رَجُلٌ فِي قُبُلِ خُنْثَى فَلَا شَيْءَ) عَلَيْهِمَا مِنْ غُسْلٍ وَلَا وُضُوءٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ (فَإِنْ أَوْلَجَ ذَلِكَ الْخُنْثَى فِي وَاضِحٍ آخَرَ أَجْنَبَ يَقِينًا وَحْدَهُ) لِأَنَّهُ جَامَعَ أَوْ جُومِعَ بِخِلَافِ الْآخَرِينَ لَا جَنَابَةَ عَلَيْهِمَا (وَأَحْدَثَ) الْوَاضِحُ (الْآخَرُ) بِالنَّزْعِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: فِي وَاضِحٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: آخَرَ مَا لَوْ أَوْلَجَ الْخُنْثَى فِي الرَّجُلِ الْمُولِجِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجْنُبُ (وَمَنْ أَوْلَجَ أَحَدَ ذَكَرَيْهِ أَجْنَبَ إنْ كَانَ يَبُولُ بِهِ) وَحْدَهُ (وَلَا أَثَرَ لِلْآخَرِ فِي نَقْضِ الطَّهَارَةِ) نَعَمْ إنْ كَانَا عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ أَجْنَبَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ، وَكَذَا إنْ كَانَ يَبُولُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ لَا يَبُولُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا الْأَمْرُ (الثَّانِي خُرُوجُ الْمَنِيِّ) أَيْ مَنِيِّ الشَّخْصِ نَفْسِهِ الْخَارِجِ أَوَّلَ مَرَّةٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (وَلَوْ بَعْدَ غُسْلٍ) مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ لَمْ يُجَاوِزْ فَرْجَ الثَّيِّبِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيَجِبُ بِاسْتِدْخَالِ امْرَأَةٍ إلَخْ) لَوْ خُلِقَ الْأَصْلِيُّ مُنْسَدًّا فَقَدْ سَبَقَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِيلَاجِ بِهِ وَلَا فِيهِ حُكْمٌ بِلَا خِلَافٍ وَإِنَّ الْأَحْكَامَ مَنُوطَةٌ بِالْمُنْفَتِحِ تَحْتَ الْمَعِدَةِ ع ن وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ تَحْتَ الْمَعِدَةِ مِثَالٌ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ فَالْأَحْكَامُ مَنُوطَةٌ بِالْمُنْفَتِحِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ بَهِيمَةٍ) هَلْ يُعْتَبَرُ إيلَاجُ كُلِّ ذَكَرِهِ أَوْ إيلَاجُ قَدْرِ حَشَفَةٍ مُعْتَدِلَةٍ قَالَ الْإِمَامُ فِيهِ نَظَرٌ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْفَقِيهِ انْتَهَى قَالَ شَيْخُنَا: الثَّانِي أَوْجُهُ (قَوْلُهُ وَإِيلَاجُ الْخُنْثَى لَا أَثَرَ لَهُ) فَلَا يَجِبُ بِإِيلَاجِهِ أَوْ الْإِيلَاجِ فِي قُبُلِهِ غُسْلٌ إلَّا إذَا اجْتَمَعَا أَمَّا لَوْ وَضَحَ بِعَلَامَةٍ ظَاهِرَةٍ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهَا تَعْطِفُ الْحُكْمَ عَلَى مَا مَضَى فَتُوجِبُ الْغُسْلَ وَغَيْرَهُ، وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَلْزَمُهُ فِعْلُهُمَا لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِهِمَا جَمِيعًا. إلَخْ) مِثْلُهُ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لَا يَدْرِي هَلْ هِيَ بَقَرَةٌ أَوْ بَعِيرٌ أَوْ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْكُلِّ وَكَذَا مَنْ عَلَيْهِ نَذْرٌ وَشَكَّ هَلْ هُوَ صَوْمٌ أَوْ صَلَاةٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ عِتْقٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِذَلِكَ هُنَا أَيْضًا) وَصَحَّحَهُ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ (قَوْلُهُ أَيْ مَنِيِّ الشَّخْصِ نَفْسِهِ) خَرَجَ بِهِ خُرُوجَهُ مِنْ دُبُرِ مَنْ جُومِعَ أَوْ قُبُلِ طِفْلَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ لَمْ تَقْضِ وَطَرَهَا وَالْمُرَادُ الْخُرُوجُ الْكُلِّيُّ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْبِكْرِ أَمَّا الثَّيِّبُ فَيَكْفِي خُرُوجُهُ إلَى بَاطِنِ فَرْجِهَا الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهَا إذَا قَعَدَتْ مُتَقَرْفِصَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ غُسْلٍ مِنْ جَنَابَةٍ) شَمِلَ خُرُوجَهُ بَعْدَ غُسْلِهَا حَيْثُ قَضَتْ شَهْوَتَهَا وَمَا لَوْ رَآهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ فِرَاشٍ لَا يَنَامُ فِيهِ غَيْرُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ احْتِلَامًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» سَوَاءٌ أَخَرَجَ (مِنْ) الْمَخْرَجِ (الْمُعْتَادِ) مُطْلَقًا (أَوْ) مِنْ (تَحْتِ الصُّلْبِ) مُسْتَحْكِمًا مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ فَإِنْ لَمْ يَسْتَحْكِمْ بِأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْخَارِجَ مِنْ الدُّبُرِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْأَصْلِ أَوْ ثُقْبَةٍ فِي الصُّلْبِ أَوْ الْخُصْيَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ بِمَا ضَعَّفَهُ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّ لِلْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ حُكْمَ الْمُنْفَتِحِ فِي بَابِ الْحَدَثِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصُّلْبُ هُنَا عَلَى هَذَا كَالْمَعِدَةِ هُنَاكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ تَحْتَ الصُّلْبِ لَعَلَّهُ لِاخْتِيَارِهِ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ: مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ كَمَا تَقَرَّرَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصُّلْبُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِلرَّجُلِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَمَا بَيْنَ تَرَائِبِهَا وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ (وَيُعْرَفُ) الْمَنِيُّ (بِتَدَفُّقٍ) بِأَنْ يَخْرُجَ بِدَفَعَاتٍ قَالَ تَعَالَى {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6] (أَوْ تَلَذُّذٍ) بِخُرُوجِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ مَعَ فُتُورِ الذَّكَرِ عَقِبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَأَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ لِاسْتِلْزَامِ التَّلَذُّذِ لَهُ (أَوْ رِيحٍ طَلَعَ أَوْ عَجِينٍ رَطْبًا وَ) رِيحِ (بَيَاضِ بَيْضٍ يَابِسًا) وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ وَلَمْ يَتَلَذَّذْ بِهِ كَالْخَارِجِ مِنْهُ بَعْدَ الْغُسْلِ فَإِنْ فُقِدَتْ هَذِهِ الْخَوَاصُّ فَلَا غُسْلَ وَرَطْبًا وَيَابِسًا حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي أَنَّ مَنِيَّهَا يُعْرَفُ بِالْخَوَاصِّ الْمَذْكُورَةِ، وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَنَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ (وَلَا أَثَرَ لِثَخَانَةٍ وَلَوْنٍ) وَغَيْرِهِمَا مِنْ صِفَاتِ الْمَنِيِّ فَالثَّخَانَةُ وَالْبَيَاضُ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالرِّقَّةُ وَالِاصْفِرَارُ فِي مَنِيِّ الْمَرْأَةِ فِي حَالِ اعْتِدَالِ الطَّبْعِ فَعَدَمُهَا لَا يَنْفِيهِ وَوُجُودُهَا لَا يَقْتَضِيهِ (وَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (مَنِيُّهُ) أَيْ الرَّجُلِ بَعْدَ غُسْلِهَا مِنْ جِمَاعٍ (وَقَدْ قَضَتْ وَطَرَهَا) أَيْ شَهْوَتَهَا بِهِ (اغْتَسَلَتْ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُ مَنِيِّهَا بِمَنِيِّهِ، وَإِذَا خَرَجَ مِنْهَا الْمُخْتَلَطُ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّهَا وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ قَضَتْ وَطَرَهَا بِمَنِيٍّ اسْتَدْخَلَتْهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَجَبَ الْغُسْلُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ لَكِنَّ تَصْوِيرَهُمْ ذَلِكَ بِالْجِمَاعِ كَمَا صَوَّرَتْهُ بِهِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَلَعَلَّهُمْ جَرَوْا فِي ذَلِكَ عَلَى الْغَالِبِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْضِ وَطَرَهَا كَصَغِيرَةٍ وَنَائِمَةٍ وَمُكْرَهَةٍ (فَلَا) غُسْلَ عَلَيْهَا (كَمَنْ اسْتَدْخَلَتْهُ) أَيْ الْمَنِيَّ فِي قُبُلِهَا أَوْ دُبُرِهَا فَإِنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الِاسْتِدْخَالَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ النُّصُوصُ الْوَارِدَةُ فِي الْبَابِ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ (وَلَا يَجِبُ) الْغُسْلُ (بِغُسْلِ مَيِّتٍ و) لَا بِسَبَبِ (جُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ) وَغَيْرِهَا مِمَّا سِوَى الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُخَالِفُهُ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْحَصْرِ فِي الْخَمْسَةِ بِتَنَجُّسِ جَمِيعِ الْبَدَنِ أَوْ بَعْضِهِ مَعَ الِاشْتِبَاهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ بَلْ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ كَشْطُ جِلْدِهِ حَصَلَ الْغَرَضُ (وَإِنْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ) مَنِيًّا وَلَوْ بِظَاهِرِهِ (لَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ وَأَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ لَا يُحْتَمَلُ خُلُوُّهَا عَنْهُ وَيُسْتَحَبُّ) الْغُسْلُ وَ (إعَادَةُ مَا) أَيْ صَلَاةٍ (اُحْتُمِلَ) خُلُوُّهَا عَنْهُ (كَمَا إذَا اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ آخَرَ) نَامَ مَعَهُ فِي فِرَاشٍ مَثَلًا (فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْغُسْلُ) فَيُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْإِعَادَةُ وَلَوْ أَحَسَّ بِنُزُولِ الْمَنِيِّ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا غُسْلَ عِنْدَنَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ [فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْجُنُبِ] (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ (يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ وَشَيْئَانِ أَحَدُهُمَا الْقِرَاءَةُ) لِلْقُرْآنِ (بِقَصْدِهَا وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ) كَحَرْفٍ لِلْإِخْلَالِ بِالتَّعْظِيمِ سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرَهَا أَمْ لَا (فَلَا يَضُرُّ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ. . . إلَخْ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْ الْمُشْكِلِ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ) وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ لَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ دَمًا عَبِيطًا وَجَبَ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ ق (قَوْلُهُ: وَمَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ. . . إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ وَالتُّحْفَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هُوَ الْمَاشِي عَلَى الْقَوَاعِدِ فَلْيُعْمَلْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالصُّلْبُ هُنَا عَلَى هَذَا كَالْمَعِدَةِ هُنَاكَ. . . إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ لَا يَنْقُضُ كَمَا لَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ نَفْسِ الْمَعِدَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ يُوجِبُ الْغُسْلَ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَنَفْسُ الصُّلْبِ هُنَا كَتَحْتِ الْمَعِدَةِ هُنَاكَ، وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ الثَّانِي خُرُوجُ مَنِيِّهِ وَمَنِيِّهَا مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِالْمُنْفَتِحِ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهِيَ عِبَارَةٌ مُحَرَّرَةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ) جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا ع (قَوْلُهُ: بِدُفُعَاتٍ) بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا وَإِسْكَانِهَا جَمْعُ دُفْعَةٍ بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّ مَنِيَّهَا يُعْرَفُ بِالْخَوَاصِّ الْمَذْكُورَةِ) نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ تَسْمِيَةَ مَنِيِّهَا بِالْمَاءِ الدَّافِقِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْهَا يَتَدَفَّقُ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ فِي الْأَصْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ) وَأَنْكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ التَّدَفُّقَ فِي مَنِيِّهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّلَذُّذِ وَالرِّيحِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْحَقُّ ش (قَوْلُهُ: بَعْدَ غُسْلِهَا مِنْ جِمَاعٍ) أَيْ فِي قُبُلِهَا (قَوْلُهُ: وَإِذَا خَرَجَ مِنْهَا الْمُخْتَلَطُ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّهَا) وَالشَّارِعُ قَدْ يُقِيمُ الظَّاهِرَ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا فِي تَنْجِيسِ الْمَاءِ الَّذِي بَالَتْ فِيهِ الظَّبْيَةُ اعْتِمَادًا عَلَى الظَّاهِرِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ وُجُوبِ اغْتِسَالِهَا بِأَنَّ يَقِينَ الطَّهَارَةِ لَا يُدْفَعُ بِظَنِّ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْغُسْلِ عَنْ الْأَحْدَاثِ وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ مِنْ الْأَحْدَاثِ (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْجُنُبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ كَحَرْفٍ) صُورَةُ النُّطْقِ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْقُرْآنَ فَيَأْثَمَ وَإِنْ اقْتَصَرَ لِأَنَّهُ نَوَى مَعْصِيَةً وَشَرَعَ فِيهَا فَالتَّحْرِيمُ مِنْ حَيْثُ هَذِهِ الْجِهَةُ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُسَمَّى قَارِئًا فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ ر (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرَهَا أَمْ لَا) لِخَبَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 قِرَاءَةٌ بِنِيَّةِ الذِّكْرِ) أَيْ ذِكْرِ الْقُرْآنِ أَوْ نَحْوِهِ كَمَوْعِظَةٍ وَحِكْمَةٍ (كَ {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} [الزخرف: 13] . الْآيَةَ لِلرُّكُوبِ و) لَا (مَا جَرَى بِهِ لِسَانُهُ بِلَا قَصْدٍ) لِشَيْءٍ مِنْ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ وَمَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِيهِ لَكِنَّ أَمْثِلَتَهُمْ تُشْعِرُ بِأَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ كَالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدِ لَهُ وَإِنَّ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِي الْقُرْآنِ كَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ يُمْنَعُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْقِرَاءَةُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرٍ وَالْإِمَامُ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِهِ (وَكَفَاقِدٍ) لَا حَاجَةَ لِلْكَافِ بَلْ لَا وَجْهَ لَهَا إلَّا بِتَعَسُّفٍ وَالْمَعْنَى وَفَاقِدُ (الطَّهُورَيْنِ يَقْرَأُ) أَيْ وُجُوبًا (الْفَاتِحَةَ فَقَطْ لِلصَّلَاةِ) لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَيْهَا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ: لَا يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَتُهَا كَغَيْرِهَا وَأَفَادَ قَوْلُهُ فَقَطْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَلَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَلَا وَطْءُ الْحَائِضِ وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ فِي كِتَابِ التَّيَمُّمِ (وَلَهُ) أَيْ الْجُنُبِ (إجْرَاؤُهُ) أَيْ الْقُرْآنِ (عَلَى قَلْبِهِ وَنَظَرٌ فِي الْمُصْحَفِ) ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَقِرَاءَةُ مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ) وَتَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَهَمْسُهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ نَفْسَهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ بِخِلَافِ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ (وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ) فِي تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ (كَالْجُنُبِ) ، وَكَذَا فِي الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِيهِ زِيَادَةٌ أَخَّرَهُ إلَى كِتَابِ الْحَيْضِ (الثَّانِي الْمُكْثُ وَالتَّرَدُّدُ فِي الْمَسْجِدِ) لَا عُبُورُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} [النساء: 43] الْآيَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ أَيْ لَا تَقْرَبُوا مَوْضِعَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا عُبُورُ سَبِيلٍ بَلْ فِي مَوْضِعِهَا وَهُوَ الْمَسْجِدُ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} [الحج: 40] (وَيُعْذَرُ) فِيهِمَا لِلضَّرُورَةِ (مَنْ) ذَكَرَ أَنْ (أُغْلِقَ عَلَيْهِ) بَابُ الْمَسْجِدِ (أَوْ خَافَ) مِنْ خُرُوجِهِ (وَلَوْ عَلَى مَالٍ) أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعٌ آخَرُ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ (فَيَتَيَمَّمُ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أَصْلِهَا وَلْيَتَيَمَّمْ فَاللَّامُ الْأَمْرِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَيَحْسُنُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ حَسَنٌ (إنْ وَجَدَ غَيْرَ تُرَابِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابَهُ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابًا مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ فَإِنْ خَالَفَ وَتَيَمَّمَ بِهِ صَحَّ (وَيُكْرَهُ) لَهُ (عُبُورٌ فِيهِ) وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (لَا) إنْ كَانَ الْعُبُورُ (لِغَرَضٍ كَقُرْبِ طَرِيقٍ) فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى وَخَالَفَ الْمُكْثَ لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَفِي الْمُكْثِ قُرْبَةُ الِاعْتِكَافِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ وَالْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ مَحِلُّهُ فِي الْمُسْلِمِ أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ لَكِنْ لِقِرَاءَتِهِ شَرْطٌ قَدَّمْته وَلَيْسَ لِلْكَافِرِ وَلَوْ غَيْرَ جُنُبٍ دُخُولُ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِحَاجَةٍ كَإِسْلَامٍ وَسَمَاعِ قُرْآنٍ وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي دُخُولِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ خُصُومَةٌ وَقَدْ قَعَدَ الْحَاكِمُ فِيهِ لِلْحُكْمِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَلَا بَأْسَ بِنَوْمٍ فِيهِ) وَلَوْ لِغَيْرِ أَعْزَبَ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ وَغَيْرَهُمْ كَانُوا يَنَامُونَ فِيهِ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَمْ إنْ ضَيَّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ أَوْ شَوَّشَ عَلَيْهِمْ حَرُمَ النَّوْمُ فِيهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ: وَلَا يَحْرُمُ إخْرَاجُ الرِّيحِ فِيهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» .   [حاشية الرملي الكبير] «لَا يَقْرَأْ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ ضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَذَكَرَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي تَخْرِيجِهِ لِأَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ لَهُ مُتَابَعَاتٌ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ قَوِيَ الْحَدِيثُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُتَابَعَاتِ، وَارْتَفَعَ عَنْ التَّضْعِيفِ (فَرْعٌ) سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ إبْلِيسَ وَجُنُودِهِ هَلْ يُصَلُّونَ وَيَقْرَؤُنَّ الْقُرْآنَ لِيُغَرَّ الْعَالِمُ الزَّاهِدُ مِنْ الطَّرِيقِ الَّتِي يَسْلُكُهَا فَأَجَابَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمَنْقُولِ يَنْفِي قِرَاءَتَهُمْ الْقُرْآنَ وُقُوعًا وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ الصَّلَاةِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا الْفَاتِحَةَ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ يُعْطُوا فَضِيلَةَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَهِيَ حَرِيصَةٌ لِذَلِكَ عَلَى اسْتِمَاعِهِ مِنْ الْإِنْسِ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ كَرَامَةٌ أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا الْإِنْسَ غَيْرَ أَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْجِنِّ يَقْرَؤُنَهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَازَ فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ. . . إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يُوجَدُ. . . إلَخْ) كَأَنْ كَرَّرَ فَقِيهٌ آيَةً لِلِاسْتِدْلَالِ أَوْ أَقَلَّ كَكَلِمَةٍ أَوْ أَشَارَ بِهَا أَخْرَسُ قَالَهُ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ لِلْكَافِ بَلْ لَا وَجْهَ لَهَا إلَّا بِتَعَسُّفٍ) زَادَهَا تَبَعًا لِرَأْيٍ مَرْجُوحٍ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْتَحِقُ بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْمُتَيَمِّمِ فِي الْحَضَرِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَفِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ لِلنَّوَوِيِّ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ الْجُنُبُ أَوْ الْحَائِضُ الْمَاءَ تَيَمَّمَا وَجَازَ لَهُمَا الْقِرَاءَةُ فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَيَمُّمُهُ لِعَدَمِ الْمَاءِ فِي الْحَضَرِ أَوْ فِي السَّفَرِ فَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ بَعْدَهُ وَإِنْ أَحْدَثَ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ كَانَ فِي الْحَضَرِ صَلَّى بِهِ وَقَرَأَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ قَامَ مَقَامَ الْغُسْلِ وَلَوْ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ وَصَلَّى وَقَرَأَ ثُمَّ أَرَادَ التَّيَمُّمَ لِحَدَثٍ أَوْ فَرِيضَةٍ أُخْرَى أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَحْرُمُ انْتَهَى وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ مَفْهُومِ قَوْلِ الْإِرْشَادِ وَمُنِعَ نَفْلُ قِرَاءَةِ آيَةِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ لِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَمَا لَوْ نَذَرَ قِرَاءَةَ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ كُلَّ يَوْمٍ ثُمَّ فَقَدَ الطَّهُورَيْنِ يَوْمًا كَامِلًا فَمُقْتَضَاهُ جَوَازُهَا فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ) أَمَّا إذَا وَجَدَهُ كَأَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ بِئْرٌ وَأَمْكَنَ الِاسْتِقَاءُ مِنْهَا أَوْ النُّزُولُ إلَيْهَا لِلْغُسْلِ وَجَبَ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي الْخَادِمِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أَصْلِهَا وَلْيَتَيَمَّمْ فَاللَّامُ الْأَمْرِ) وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ الْفِقْهُ كَمَا قَالَ فِي التَّوْشِيحِ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ نَائِبٌ عَنْ الْغُسْلِ وَالْغُسْلَ وَاجِبٌ فَيَكُونُ النَّائِبُ عَنْهُ وَاجِبًا لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لَا يَنُوبُ عَنْ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسِّ الْمُصْحَفِ أَنَّهُ يَتَوَسَّعُ فِي الْقِرَاءَةِ مَا لَا يَتَوَسَّعُ فِي مَسِّ الْمُصْحَفِ بِدَلِيلِ جَوَازِ قِرَاءَةِ الْمُحْدِثِ بِخِلَافِ مَسِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 (فَإِنْ احْتَلَمَ فِيهِ خَرَجَ) مِنْهُ وُجُوبًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا (وَ) خُرُوجُهُ (مِنْ أَقْرَبِ بَابٍ أَوْلَى) فَإِنْ عَدَلَ إلَى الْأَبْعَدِ وَلَوْ لِغَيْرِ عَرَضٍ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَفَضْلُ مَاءِ جُنُبٍ وَحَائِضٍ طَهُورٌ) خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ و (لَا يُكْرَهُ) اسْتِعْمَالُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُرَاعَ خِلَافُ الْمُخَالِفِ فِيهِ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِ وَثُبُوتِ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ كَخَبَرِ عَائِشَةَ «كُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْجَنَابَةِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَسُنَّ) لِلْجُنُبِ (غَسْلُ فَرْجٍ وَوُضُوءٌ لِجِمَاعٍ وَلِأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ كَحَائِضٍ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ) أَيْ الْحَيْضِ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» وَقِيسَ بِالْجُنُبِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إذَا انْقَطَعَ دَمُهُمَا وَبِالْأَكْلِ الشُّرْبُ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ غَالِبًا وَالتَّنْظِيفُ وَقِيلَ لَعَلَّهُ يُنَشِّطُ لِلْغُسْلِ فَلَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِلَا وُضُوءٍ كُرِهَ لَهُ، نَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ: وَأَمَّا طَوَافُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ تَوَضَّأَ بَيْنَهُمَا أَوْ تَرَكَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ (وَأَقَلُّ الْغُسْلِ) شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا (نِيَّةُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ) أَوْ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ وَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهَا مِنْ قَوْلِهِ (أَوْ) نِيَّةُ رَفْعِ (الْحَدَثِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْجَنَابَةِ وَغَيْرِهَا أَمَّا الِاكْتِفَاءُ بِغَيْرِ الْأَخِيرَةِ فَلِتَعَرُّضِهِ لِلْمَقْصُودِ، وَأَمَّا بِالْأَخِيرَةِ فَلِاسْتِلْزَامِ رَفْعِ الْمُطْلَقِ رَفْعُ الْمُقَيَّدِ وَلِأَنَّهَا تَنْصَرِفُ إلَى حَدَثِهِ فَلَوْ نَوَى الْحَدَثَ الْأَكْبَرَ كَانَ تَأْكِيدًا وَهُوَ أَفْضَلُ وَلَوْ نَوَى جَنَابَةَ الْجِمَاعِ وَجَنَابَتَهُ بِاحْتِلَامٍ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ الْجَنَابَةَ وَحَدَثَهُ الْحَيْضُ أَوْ عَكْسُهُ صَحَّ مَعَ الْغَلَطِ دُونَ الْعَمْدِ كَنَظِيرِهِ فِي الْوُضُوءِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالظَّاهِرُ ارْتِفَاعُ النِّفَاسِ بِنِيَّةِ الْحَيْضِ وَعَكْسِهِ مَعَ الْعَمْدِ كَمَا اعْتَمَدَهُ ابْنُ الْعِمَادِ قَالَ: لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْبَيَانِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَوْلَى فِي بَابِ صِفَةِ الْغُسْلِ (فَلَوْ نَوَى) الْحَدَثَ (الْأَصْغَرَ) أَيْ رَفْعَهُ (عَمْدًا فَلَا) تَرْتَفِعُ جَنَابَتُهُ لِتَلَاعُبِهِ (أَوْ غَلَطًا ارْتَفَعَتْ عَنْ أَعْضَائِهِ) أَيْ الْأَصْغَرُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُحِلُّهَا كَمَا مَرَّ لِأَنَّ غُسْلَهَا وَاجِبٌ فِي الْحَدَثَيْنِ وَقَدْ غَسَلَهَا بِنِيَّتِهِ (لَا الرَّأْسُ) فَلَا تَرْتَفِعُ عَنْهُ لِأَنَّ غُسْلَهُ وَقَعَ بَدَلًا عَنْ مَسْحِهِ الَّذِي هُوَ فَرْضُهُ فِي الْأَصْغَرِ وَهُوَ إنَّمَا نَوَى الْمَسْحَ وَالْمَسْحُ لَا يُغْنِي عَنْ الْغَسْلِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ بَاطِنُ لِحْيَةِ الرَّجُلِ الْكَثِيفَةِ لِكَوْنِ إيصَالِ الْمَاءِ غَيْرِ وَاجِبٍ فِي الْوُضُوءِ فَلَمْ تَتَضَمَّنْهُ نِيَّتُهُ رُدَّ بِأَنَّ غَسْلَ الْوَجْهِ هُوَ الْأَصْلُ فَإِذَا غَسَلَهُ فَقَدْ أَتَى بِالْأَصْلِ، وَأَمَّا الرَّأْسُ فَالْأَصْلُ فِيهِ الْمَسْحُ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْغَسْلُ، وَالْمَسْحُ رُخْصَةً فَغَسْلُهُ غَيْرُ مَنْدُوبٍ بِخِلَافِ بَاطِنِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ غُسْلُهُ وَالْمَنْدُوبُ يَقَعُ عَنْ الْوَاجِبِ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ فِي انْغِسَالِ اللَّمْعَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ وَخَرَجَ بِأَعْضَاءِ الْأَصْغَرِ غَيْرُهَا فَلَا تَرْتَفِعُ عَنْهُ الْجَنَابَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ (أَوْ نَوَتْ الْحَائِضُ الْغُسْلَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَيْضِ (أَوْ مِنْ حَدَثِهِ أَوْ لِتُوطَأَ صَحَّ) الْغُسْلُ التَّصْرِيحُ بِالْأَوْلَى مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ هُنَا أَنَّهَا لَوْ اغْتَسَلَتْ لِوَطْءِ مُحْرِمٍ صَحَّ لَكِنَّهُ قَيَّدَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ بِالزَّوْجِ فَقَالَ: لَوْ نَوَتْ تَمْكِينَ الزَّوْجِ مِنْ وَطْءٍ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيمَا قُلْنَا، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْخُوَارِزْمِيِّ فَإِنَّهُ قَيْدٌ بِمَا إذَا نَوَتْ الْوَطْءَ الْحَلَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى (وَيُجْزِئُ فَرِيضَةُ الْغُسْلِ) أَوْ الْغُسْلُ الْمَفْرُوضُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَوْلُهُ: (لَا الْغُسْل) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ لَا نِيَّةَ الْغُسْلِ فَلَا تُجْزِئُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فَارِقًا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَكُونُ إلَّا عِبَادَةً بِخِلَافِ الْغُسْلِ وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الِاكْتِفَاءَ بِنِيَّةِ أَدَاءِ.   [حاشية الرملي الكبير] الْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: الْحَائِضُ) أَيْ وَنُفَسَاءُ (قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ غَالِبًا) بِأَنْ نَوَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَكَذَا الْجُنُبُ إذَا لَمْ تَتَجَرَّدْ جَنَابَتُهُ [فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ] (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا) مَنْ بِهِ سَلَسُ الْمَنِيِّ الْقِيَاسُ إنَّهُ لَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الرَّفْعِ بَلْ يَنْوِي الِاسْتِبَاحَةَ أَوْ أَدَاءَ الْغُسْلِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْمُتَحَيِّرَةُ كَذَلِكَ إذَا اغْتَسَلَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا تَنْصَرِفُ إلَى حَدَثِهِ) لِأَنَّ الْحَالَةَ وَالْهَيْئَةَ يُقَيِّدَانِ هَذَا بِالْمُطْلَقِ فَنَزَلَ عَلَى الْحَدَثِ الْقَائِمِ بِالنَّاوِي وَهُوَ الْجَنَابَةُ أَوْ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ دَفْعًا لِلْمَجَازِ، وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ هُوَ الْمَانِعُ لِصِحَّةِ النِّيَّةِ هُنَا وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ إطْلَاقُهُ حَقِيقَةً فِي الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ ارْتِفَاعُ النِّفَاسِ بِنِيَّةِ الْحَيْضِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْعَمَلِ) قَالَ: شَيْخُنَا مَحِلُّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِنِيَّتِهِ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْحَاصِلِ بَعْدَ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْوَلَدِ فَلَا يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ (قَوْلُهُ: لَا الرَّأْسَ فَلَا تَرْتَفِعُ عَنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ الْأَصْغَرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْوُضُوءُ وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْغُسْلِ وَيَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَيَرْتَفِعُ عَنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ مَعَ بَقَاءِ جَنَابَتِهَا (قَوْلُهُ: بَاطِنُ لِحْيَةِ الرَّجُلِ الْكَثِيفَةِ) وَعَارِضِيهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَوْ اغْتَسَلَتْ لِوَطْءٍ مُحَرَّمٍ صَحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ قَيَّدَ بِمَا إذَا نَوَتْ الْوَطْءَ الْحَلَالَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ وَفِي كَلَامِهِمْ فِي بَابِ النِّيَّةِ إشَارَةٌ إلَيْهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ نَوَتْ الْغُسْلَ لِأَجْلِ وَطْءٍ حَرَامٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ اطَّرَدَ فِيمَا لَوْ تَوَضَّأَ لِيُصَلِّيَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْغُسْلُ الْمَفْرُوضُ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ الطَّهَارَةُ لِأَمْرٍ لَا يُبَاحُ إلَّا بِالْغُسْلِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَكُونُ إلَّا عِبَادَةً. إلَخْ) وَفَرَّقَ غَيْرُهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْغُسْلَ قَدْ يَكُونُ عَنْ خُبْثٍ كَمَا يَكُونُ عَنْ حَدَثٍ فَاحْتِيجَ إلَى نِيَّةِ التَّمْيِيزِ وَبِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْمَنْدُوبُ يُزَاحِمُ الْوَاجِبَ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ عَلَى الرَّجُلُ أَغْسَالٌ وَاجِبَةٌ وَمَنْدُوبَةٌ، وَأَمَّا الْمُحْدِثُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّهِ وُضُوءُ التَّحْدِيدِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ فَإِذَا نَوَى الْمُحْدِثُ الْوُضُوءَ انْصَرَفَ إلَى مَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُ الْمُصَنِّف الِاكْتِفَاءَ. . . إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 الْغُسْلِ وَبِهِ صَرَّحَ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَمَنْ تَبِعَهُ (وَلَا) الْغُسْلُ (لِمَا يُسَنُّ) هُوَ (لَهُ) كَعُبُورِ مَسْجِدٍ وَأَذَانٍ مِنْ جُنُبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَكَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ فَلَا تُجْزِئُ، وَكَذَا لَوْ نَوَاهُ لِمَا لَا يُسَنُّ لَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَيَجِبُ قَرْنُهَا) أَيْ النِّيَّةِ (بِأَوَّلِ فَرْضٍ) وَهُوَ أَوَّلُ مَا يُغْسَلُ مِنْ الْبَدَنِ (وَفِي تَقْدِيمِهَا عَلَى السُّنَنِ وَعُزُوبِهَا) قَبْلَ غُسْلِ شَيْءٍ مِنْ الْمَفْرُوضِ (مَا) مَرَّ (فِي الْوُضُوءِ) فَلَوْ خَلَا عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ السُّنَنِ لَمْ يُثَبْ عَلَيْهِ وَلَوْ أَتَى بِهَا مِنْ أَوَّلِ السُّنَنِ لَكِنَّهَا غَرَبَتْ قَبْلَ أَوَّلِ الْمَفْرُوضِ لَمْ يَجُزْ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالنِّيَّةِ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا قَالَ: وَإِذَا اغْتَسَلَ مِنْ إنَاءٍ كَإِبْرِيقٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غُسْلِ مَحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَغْفُلُ عَنْهُ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْمَسِّ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ أَوْ إلَى كُلْفَةٍ فِي لَفِّ خِرْقَةِ عَلَى يَدِهِ (وَ) الشَّيْءُ الثَّانِي (تَعْمِيمُ الْبَدَنِ بِالْمَاءِ شَعْرًا) وَإِنْ كَثُفَ (وَبَشَرًا) وَظُفْرًا (وَمَا ظَهَرَ مِنْ صِمَاخٍ وَأَنْفٍ مَجْدُوعٍ) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ مَقْطُوعٍ وَغَيْرِهِمَا (وَمِنْ ثَيِّبٍ قَعَدَتْ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِعْلُهُ مُبَيِّنٌ لِلتَّطَهُّرِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وَإِنَّمَا وَجَبَ غُسْلُ الْكَثِيفِ هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ هُنَا وَكَثْرَتِهَا فِي الْوُضُوءِ لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَعَطَفَ عَلَى " شَعْرًا " قَوْلَهُ (وَمَا تَحْتَ قُلْفَةٍ) مِنْ الْأَقْلَفِ فَيَجِبُ غَسْلُهُ لِأَنَّهَا مُسْتَحِقَّةُ الْإِزَالَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَزَالَهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهَا فَمَا تَحْتَهَا كَالظَّاهِرِ وَهِيَ بِضَمِّ الْقَافِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَبِفَتْحِهِمَا مَا يَقْطَعُهُ الْخِتَانُ مِنْ ذَكَرِ الْغُلَامِ، وَيُقَالُ لَهَا غُرْلَةٌ بِمُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ (وَلَا تَجِبُ مَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ) فِي الْغُسْلِ وَإِنَّمَا يُنْدَبَانِ فِيهِ كَمَا فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ (فَإِنْ تَرَكَهُمَا) جَمِيعَهُمَا أَوْ مَجْمُوعَهُمَا (أَسَاءَ) أَيْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا (كَالْوُضُوءِ) لِتَرْكِهِ سُنَّةً أَوْ سُنَنًا مُؤَكَّدَةً (وَأَعَادَهُمَا) أَيْ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ (لَا هُوَ) أَيْ الْوُضُوءَ هَذَا تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ فَإِنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى نَقْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ أَوْ الِاسْتِنْشَاقَ أَوْ الْوُضُوءَ فَقَدْ أَسَاءَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَدَارَكَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ اسْتِحْبَابِ إعَادَةِ الْوُضُوءِ سَهْوٌ بَلْ حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الرَّوْضَةِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَدَارَكَ ذَلِكَ لَيْسَ صَرِيحًا فِي نَقْلِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَلَوْ سُلِّمَ فَلَيْسَ حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالْوُضُوءِ كَمَا زَعَمَهُ الْمُعْتَرِضُ بَلْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ سَاكِتٌ عَنْهُ لِنُكْتَةٍ تُعْرَفُ مِمَّا يَأْتِي وَعِبَارَتُهُ كَمَا نَقَلَهَا هُوَ كَالنَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْهُ فَإِنْ تَرَكَ الْوُضُوءَ لِلْجَنَابَةِ أَوْ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فَقَدْ أَسَاءَ وَيَسْتَأْنِفُ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَأَمَرَهُ بِاسْتِئْنَافِهِمَا دُونَ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِهِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ فَأُحِبُّ الْخُرُوجَ مِنْهُ بِخِلَافِ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ وَصَلَ مَوْضِعَ الْوُضُوءِ دُونَ مَوْضِعِهِمْ فَأَمَرَهُ بِإِيصَالِهِ إلَيْهِمَا انْتَهَى. وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَمَرَ بِاسْتِئْنَافِهِمَا دُونَهُ لِأَنَّهُمَا آكَدُ مِنْهُ وَلِاسْتِبْعَادِ اسْتِئْنَافِهِمَا دُونَهُ إذْ قَدْ عُهِدَ أَنَّهُمَا إذَا فَاتَا فِي الْوُضُوءِ لَمْ يَتَدَارَكَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَعْرُوفُ سَنُّ تَدَارُكِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ أَيْضًا فَقَالَ بَعْدَمَا قَدَّمْته عَنْهُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْنَافُ الْوُضُوءِ لَكِنَّ اسْتِحْبَابَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ آكَدُ (وَلَا يَجِبُ غَسْلُ شَعْرِ بَاطِنِ الْعَيْنِ بَلْ لَا يُسَنُّ) كَمَا لَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ غَسْلُ بَاطِنِهَا (وَلَا) غَسْلُ (بَاطِنِ عُقَدِ شَعْرٍ) بَلْ يُسَامَحُ بِهِ (وَلَا) يَجِبُ (نَقْضُ ضَفْر) أَيْ شَعْرٍ مَضْفُورٍ (يَصِلُهُ الْمَاءُ) أَيْ يَصِلُ بَاطِنَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَصِلْهُ وَقَدَّمْت أَنَّ الضَّفْرَ بِالضَّادِ لَا بِالظَّاءِ (وَأَكْمَلُهُ) أَيْ الْغُسْلِ (إزَالَةُ قَذَرٍ) ظَاهِرٍ كَبُصَاقٍ وَمَنِيٍّ (وَنَجَسٍ أَوْ لَا) أَيْ قَبْلَ الْغُسْلِ اسْتِظْهَارًا (وَإِنْ كَفَى لَهُمَا غَسْلَةٌ) وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا بِانْفِصَالِهِ عَنْ الْعُضْوِ كَمَا مَرَّ (ثُمَّ) بَعْدَ إزَالَةِ ذَلِكَ (الْوُضُوءُ كَامِلًا) .   [حاشية الرملي الكبير] أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) سَأَلَ ابْنُ ظَهِيرَةَ الْبُلْقِينِيُّ مَا الْحُكْمُ فِي خِضَابِ الْمَرْأَةِ بِالْعَفْصِ هَلْ يُبَاحُ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُكَلَّفَةِ بِالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَمَا مُرَادُ الْأَصْحَابِ بِالسَّوَادِ الَّذِي أَبَاحُوا الْخِضَابَ بِهِ لِلْمَرْأَةِ بِشَرْطِهِ فَأَجَابَ الْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ الْخِضَابَ الْمَذْكُورَ الَّذِي يُغَطِّي جُرْمَ الْبَشَرَةِ إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ بِالْمَاءِ عِنْدَ الطَّهَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فِعْلُهُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ مِنْ تَعَمُّدِ تَنْجِيسِ الْبَدَنِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ الَّذِي يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ وَمُرَادُ الْأَصْحَابِ بِالْخِضَابِ الَّذِي أَبَاحُوهُ الْخِضَابَ الَّذِي لَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ أَوْ يَمْنَعُهُ وَتُمْكِنُ إزَالَتُهُ عِنْدَ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ انْتَهَى. قَالَ النَّاشِرِيُّ وَمِمَّا سَمِعْته مِنْ وَالِدِي فِي الْمُذَاكَرَةِ أَنَّ خِضَابَ الْمَرْأَةِ بِالْعَفْصِ يُبَاحُ فِعْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْمَاءَ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْبَشَرَةِ لِكَوْنِهِ يُغْسَلُ بَعْدَ فِعْلِهِ بِقَلِيلٍ، وَيُزَالُ جُرْمُهُ ثُمَّ يَتَنَفَّطُ الْجِسْمُ لِحَرَارَتِهِ وَيَحْصُلُ مِنْ الْمُتَنَفِّطِ جُرْمٌ وَذَلِكَ الْجُرْمُ مِنْ نَفْسِ الْبَدَنِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ رَفْعِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُنْدَبَانِ فِيهِ كَمَا فِي غَسْلِ الْمَيِّتِ) لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُجَرَّدَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ إلَّا إذَا كَانَ بَيَانًا لِمَحَلٍّ تَعَلَّقَ بِهِ الْوُجُوبُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَعَادَهُمَا لَا هُوَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلَ قَوْلِهِ: وَأَعَادَهُمَا لَا هُوَ وَأَعَادَهَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ وَصَلَ مَوْضِعَ الْوُضُوءِ دُونَ مَوْضِعِهِمَا إلَخْ) وَلِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ يَتَغَيَّرَانِ عِنْدَ طُولِ الْعَهْدِ بِالْمَاءِ فَأَمَرَ بِاسْتِئْنَافِهِمَا لِهَذَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ غَسْلُ شَعْرِ بَاطِنِ الْعَيْنِ) أَوْ الْأَنْفِ أَوْ الْفَمِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يُسَنُّ) وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَسْتَرْسِلْ مِنْهَا فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا وَجَبَ غَسْلُ مَا خَرَجَ ت (قَوْلُهُ: وَقَدَّمْت أَنَّ الضَّفْرَ بِالضَّادِ لَا بِالظَّاءِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ ضَفْرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَفَى لَهُمَا غَسْلُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ لَهُ قُوَّتَانِ قُوَّةٌ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَقُوَّةٌ لِرَفْعِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَإِنْ كَفَى لَهُمَا غَسْلَةٌ. . . إلَخْ) قَيَّدَهَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِالنَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَأَطْلَقَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ وَهُوَ أَوْجَهُ فَتَكْفِي الْغَسْلَةُ لَهُمَا إذَا زَالَ النَّجَسُ بِهَا وَإِنْ كَانَ عَيْنِيًّا س وَجَزَمَتْهُ التَّتِمَّةُ بِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ عَلَى عُضْوِ الْمُحْدِثِ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ سَبْعًا وَتَعْفِيرِهِ ثُمَّ يَغْسِلُهُ لِلْحَدَثِ لِاخْتِلَافِ الطَّهَارَتَيْنِ فَلَمْ تَتَدَاخَلَا وَبِهَذَا يُلْغَزُ فَيُقَالُ: رَجُلٌ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ أَلْفَ غَمْسَةٍ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ وَلَمْ تَرْتَفِعْ جَنَابَتُهُ أَيْ لِعَدَمِ التَّعْفِيرِ فِيهِ، وَقَوْلُهُ فَلَمْ تَتَدَاخَلَا هَذَا بِنَاءٌ عَلَى مُعْتَقِدِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِ قَدَمَيْهِ عَنْ الْغُسْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ ثَبَتَ تَأْخِيرُهُمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ: وَسَوَاءٌ أَقَدَّمَ الْوُضُوءَ كُلَّهُ أَمْ بَعْضَهُ أَمْ أَخَّرَهُ أَمْ فَعَلَهُ فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ فَهُوَ مُحَصِّلٌ لِلسُّنَّةِ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُهُ (يَنْوِي بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ إنْ تَجَرَّدَتْ الْجَنَابَةُ) عَنْ الْحَدَثِ (وَإِلَّا) نَوَى بِهِ (رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَإِنْ قُلْنَا يَنْدَرِجُ) فِي الْغُسْلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَا حَاجَةَ إلَى إفْرَادِهِ بِنِيَّةٍ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ أَوْ كَانَ وَقُلْنَا بِانْدِرَاجِهِ لَمْ يَكُنْ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً بَلْ مِنْ كَمَالِ الْغُسْلِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ تَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الْغُسْلِ كَمَا يَكْفِي فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو خَلَفٍ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا يُنَافِي ارْتِفَاعَ الْجَنَابَةِ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فِيمَا إذَا قَدَّمَهُ عَلَى الْغُسْلِ حُصُولُ صُورَةِ الْوُضُوءِ قَالَ النَّسَائِيّ وَلَعَلَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ بِمَا قَالَهُ الْإِشَارَةُ إلَى مَا صَحَّحَهُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّتِهِ مَعَ نِيَّةِ الْغُسْلِ لَا نَفْيُ الِاسْتِحْبَابِ أَيْ فَيُرْجَعُ إلَى مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَائِلًا بِاسْتِحْبَابِ النِّيَّةِ لَا بِوُجُوبِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِحُكْمِ كُلِّ مَا هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ عِبَادَةٍ كَالطَّوَافِ لِلْحَجِّ وَالسِّوَاكِ لِلْوُضُوءِ فَلَمْ يَزِدْ النَّوَوِيُّ عَلَى الرَّافِعِيِّ إلَّا التَّفْصِيلَ فِي كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ (وَتَجَرُّدُهَا) أَيْ الْجَنَابَةِ عَنْ الْحَدَثِ أَيْ حُصُولُهَا مَعَ بَقَاءِ الْوُضُوءِ يَكُونُ (بِنَحْوِ لِوَاطٍ) كَوَطْءِ بَهِيمَةٍ (وَ) إنْزَالٍ بِنَحْوِ (ضَمٍّ بِحَائِلٍ) لِامْرَأَةٍ (وَفِكْرٍ وَنَظَرٍ) وَنَوْمٍ مُمَكِّنٍ (ثُمَّ) بَعْدَ الْوُضُوءِ (تَعَهَّدَ مَعَاطِفَهُ) كَالْأُذُنِ وَغُضُونِ الْبَطْنِ (وَ) تَعَهَّدَ (أُصُولَ شَعْرٍ) لَهُ بِالْمَاءِ اسْتِظْهَارًا (ثُمَّ يُفِيضُ) الْمَاءَ (عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ بِتَثْلِيثٍ) لِغُسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ (وَذَلِكَ) فِي كُلِّ مَرَّةٍ لِمَا تَصِلُهُ يَدُهُ كَالْوُضُوءِ وَتَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَتَعَهَّدُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَيُدَلِّكُهُ ثَلَاثًا ثُمَّ بَاقِيَ جَسَدِهِ كَذَلِكَ بِأَنْ يَغْسِلَ وَيُدَلِّكَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ الْمُقَدِّمَ ثُمَّ الْمُؤَخِّرَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ مَرَّةً ثُمَّ ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً كَذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْمُتَّجِهَ إلْحَاقُهُ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْمُؤَخَّرِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُقَدَّمِ رُدَّ بِسُهُولَةِ مَا ذُكِرَ هُنَا عَلَى الْحَيِّ بِخِلَافِهِ فِي الْمَيِّتِ لِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ تَقْلِيبِ الْمَيِّتِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْسَرِ وَأُخِّرَتْ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَمَّا قَبْلَهَا لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْرَافِ فِيهِ، وَأَقْرَبُ إلَى الثِّقَةِ بِوُصُولِهِ فَإِنْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ فَإِنْ كَانَ فِي جَارٍ كَفَى فِي التَّثْلِيثِ أَنْ يُمِرَّ عَلَيْهِ مِنْهُ ثَلَاثَ جَرْيَاتٍ لَكِنْ قَدْ يَفُوتُهُ الدَّلْكُ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ غَالِبًا تَحْتَ الْمَاءِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُضَيِّقُ نَفَسَهُ (وَ) إنْ كَانَ (فِي رَاكِدٍ) لَمْ يَكْفِ مُكْثُهُ بَلْ (يَنْغَمِسُ) فِيهِ (ثَلَاثًا) بِأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْهُ وَيَنْقُلَ قَدَمَيْهِ وَاعْتِبَارُ انْفِصَالِهِ بِجُمْلَتِهِ بَعِيدٌ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّحَرُّكُ فِيهِ مِنْ مَقَامِهِ إلَى آخَرَ ثَلَاثًا وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِ كَمَا فِي التَّسْبِيعِ مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ فَإِنَّ حَرَكَتَهُ تَحْتَ الْمَاءِ كَجَرْيِ الْمَاءِ عَلَيْهِ، وَكَانَ الرَّافِعِيُّ إنَّمَا اعْتَبَرَ الْغَمْسَ ثَلَاثًا لِيَأْتِيَ بِالدَّلْكِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ خَارِجَ الْمَاءِ، وَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى تَعْبِيرِهِ بِرَاكِدٍ عَنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِنَهْرٍ لِيَسْلَمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّ النَّهْرَ لَا يَكُونُ إلَّا جَارِيًا (وَأَتْبَعَتْ) أَيْ وَأَكْمَلَهُ مَا مَرَّ، وَأَنْ تُتْبِعَ ذَاتُ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ وَلَوْ بِكْرًا وَخَلِيَّةً بَعْدَ غُسْلِهَا (أَثَرَ الدَّمِ مِسْكًا) بِأَنْ تَجْعَلَهُ عَلَى قُطْنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَتُدْخِلَهَا فِي قُبُلِهَا إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يَجِبُ غُسْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ تَطْيِيبًا لِلْمَحِلِّ «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَائِلَتِهِ عَنْ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرِي بِهَا فَلَمْ تَعْرِفْ مُرَادَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْت تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْفِرْصَةُ: قِطْعَةُ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ وَالْأَوْلَى الْمِسْكُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ (فَطِيبًا) آخَرَ (وَإِلَّا فَطِينًا) بِالنُّونِ (وَالْمَاءُ كَافٍ) وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَالْمَاءُ كَافٍ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَالْمَاءُ كَافٍ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ لَكِنَّ الثَّانِيَ أَحْسَنُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ: وَمُرَادُ الْمُعَبِّرِينَ بِالْأَوَّلِ أَنَّ هَذِهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ يُكْرَهُ تَرْكُهَا بِلَا عُذْرٍ وَبِهَذَا بَطَلَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ لَيْسَتْ صَحِيحَةً وَمَعْنَاهَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَالْمَاءُ كَافٍ عَنْ الْحَدَثِ مَعَ الْخُلُوِّ عَنْ سُنَّةِ الِاتِّبَاعِ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَافٍ عَنْ السُّنَّةِ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذَكَرَ الْمُحِدَّةُ فَلَا تُطَيِّبُ الْمَحِلَّ إلَّا بِقَلِيلِ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ لِقَطْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَدَدِ وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ الْمُسْتَحَاضَةَ أَيْضًا فَقَالَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تَسْتَعْمِلَهُ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِخُرُوجِ الدَّمِ فَيَجِبُ غُسْلُهُ.   [حاشية الرملي الكبير] مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ لَهُمَا بِوَاحِدَةٍ أَمَّا الْقَائِلُ بِالِاكْتِفَاءِ فَالْحُكْمُ عِنْدَهُ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ السَّابِعَةِ وَأَمَّا السَّابِعَةُ فَتَكْفِي لَهُمَا عِنْدَهُ إذَا عَفَّرَ فِيمَا عَدَاهَا أَوْ كَانَتْ كُدْرَةً (قَوْلُهُ: قَالَ النَّسَائِيّ وَلَعَلَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ. إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا حَمْلُهُ لَيْسَ بِمَرْضِيٍّ (فَرْعٌ) قَالَ الْغَزَالِيُّ لَا يَنْبَغِي لِلْجُنُبِ أَنْ يُزِيلَ شَيْئًا مِنْ أَجْزَائِهِ أَوْ دَمِهِ قَبْلَ غُسْلِهِ إذْ يُرَدُّ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ جُنُبًا وَيُقَالُ إنَّ كُلَّ شَعَرَةٍ تُطَالِبُهُ بِجَنَابَتِهَا (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأَتْبَعَتْ أَثَرَ الدَّمِ مِسْكًا) شَمَلَ تَعْبِيرُهُ بِأَثَرِ الدَّمِ الْمُسْتَحَاضَةَ إذَا شُفِيَتْ وَهُوَ مَا تَفَقَّهَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ) فَيَخْتَلِفُ حُكْمُ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ أَمَّا الصَّائِمَةُ فَلَا تَسْتَعْمِلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَطِينًا) أَيْ أَوْ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمَاءُ كَافٍ) أَيْ فِي دَفْعِ الْعَتَبِ الْمُتَوَجِّهِ بِسَبَبِ الْإِخْلَالِ بِالنِّسْبَةِ لِمَكَانِ الْعُذْرِ بِعَدَمِ الْوُجْدَانِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَا فِي حُصُولِ ثَوَابِ السُّنَّةِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَائِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَلَمْ أَرَهُ فِي الْعَزِيزِ هُنَا آتٍ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذَكَرَ الْمُحِدَّةُ. . . إلَخْ) وَالظَّاهِرُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا أَنَّ الْمُحْرِمَةَ كَالْمُحِدَّةِ وَأَوْلَى لِقِصَرِ زَمَنِ الْإِحْرَامِ غَالِبًا وَلِغِلَظِ تَحْرِيمِ الطِّيبِ فِيهِ ت وَيُحْتَمَلُ مَنْعُهَا مِنْ الطِّيبِ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ، وَهُوَ الْحَقُّ كَمَا قَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَايَاتِيُّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 فَلَا يَبْقَى فِيهِ فَائِدَةٌ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ (وَأَنْ) لَا (يَنْقُصَ فِيهِ) أَيْ فِي الْغُسْلِ (عَنْ صَاعٍ) أَيْ (أَرْبَعَةِ أَمْدَادٍ وَفِي الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ) أَيْ (رَطْلٍ وَثُلُثٍ) بَغْدَادِيٍّ تَقْرِيبًا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» فَعُلِمَ أَنَّ مَاءَهُمَا لَا يَجِبُ تَقْدِيرُهُ فَلَوْ نَقَصَ وَأَسْبَغَ كَفَى فَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ بِإِنَاءٍ فِيهِ قَدْرُ ثُلُثَيْ مُدٍّ» قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ يُرْفَقُ بِالْقَلِيلِ فَيَكْفِي وَيُخْرَقُ بِالْكَثِيرِ فَلَا يَكْفِي وَمَحِلُّ سَنِّ الْمُدِّ وَالصَّاعِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ حَجْمُهُ كَحَجْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ بِالنِّسْبَةِ زِيَادَةً وَنَقْصًا وَالتَّعْبِيرُ بِأَنْ لَا يَنْقُصَ مَاءُ الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ وَالْغُسْلِ عَنْ صَاعٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَكَثِيرٌ وَعَبَّرَ آخَرُونَ بِأَنَّهُ يُنْدَبُ الْمُدُّ وَالصَّاعُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَدُلُّ لَهُ الْخَبَرُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ الرِّفْقَ مَحْبُوبٌ لَكِنْ نَازَعَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا نَسَبَهُ لِلْأَصْحَابِ (وَ) أَنْ يَسْتَصْحِبَ النِّيَّةَ ذِكْرًا فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ (وَ) أَنْ (لَا يَغْتَسِلَ فِي) مَاءٍ (رَاكِدٍ) وَلَوْ كَثِيرًا أَوْ بِئْرٍ مُعَيَّنَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ فَقِيلَ كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَالْوُضُوءُ فِيهِ كَالْغُسْلِ انْتَهَى. وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى وُضُوءِ الْجُنُبِ وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي طَهُورِيَّةِ ذَلِكَ الْمَاءِ أَوْ لِشَبَهِهِ بِالْمَاءِ الْمُضَافِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِضَافَةُ لَا تُغَيِّرُهُ إذْ الْأَعْضَاءُ فِي الْأَغْلَبِ لَا تَخْلُو عَنْ الْأَعْرَاقِ وَالْأَوْسَاخِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُسْتَبْحِرِ (وَأَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْغُسْلِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا مَعَ مَا بَعْدَهُمَا (كَمَا فِي الْوُضُوءِ) فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِي آخِرِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْغُسْلَ يُخَالِفُ الْوُضُوءَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِيهِ وَتَقَدَّمَ فِي صِفَةٍ لِوُضُوءِ سُنَنِ كَثِيرَةٍ تَدْخُلُ هُنَا (وَجَازَ تَكَشُّفٌ لَهُ) أَيْ لِلْغُسْلِ (فِي خَلْوَةٍ) أَوْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَجُوزُ نَظَرُهُ إلَى عَوْرَتِهِ (وَالسِّتْرُ أَفْضَلُ) لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا مِنْ زَوْجَتِك أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُك، قُلْت: أَرَأَيْت إذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ» أَمَّا غُسْلُهُ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَى عَوْرَتِهِ فَلَا يَجُوزُ مَعَ كَشْفِهَا كَمَا لَا يَجُوزُ كَشْفُهَا فِي الْخَلْوَةِ بِلَا حَاجَةٍ (وَيُسَنُّ تَرْتِيبٌ) لِلْغُسْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي (لَا تَجْدِيدٌ) لَهُ فَلَا يُسَنُّ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ إذَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ صَلَاةً مَا لِأَنَّ مُوجِبَ الْوُضُوءِ أَغْلَبُ وُقُوعًا وَاحْتِمَالُ عَدَمِ الشُّعُورِ بِهِ أَقْرَبُ فَيَكُونُ الِاحْتِيَاطُ فِيهِ أَهَمَّ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ خَبَرَ «مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ» ثُمَّ بَيَّنَ تَرْتِيبَ الْغُسْلِ بِقَوْلِهِ (فَيَبْدَأُ بَعْدَ الْوُضُوءِ) بِأَعْضَائِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لِشَرَفِهَا ثُمَّ (بِالرَّأْسِ ثُمَّ أَعْلَى الْبَدَنِ) بِأَنْ يُفِيضَ الْمَاءَ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا مُبْتَدِئًا بِالْأَيْمَنِ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا كَمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَ ثُمَّ الْبَدَنِ مُبْتَدِئًا بِأَعْلَى ذَلِكَ كَانَ أَوْلَى مَعَ أَنَّ التَّرْتِيبَ قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَلَوْ قَالَ ثُمَّ بَعْدَ قَوْلِهِ وَذَلِكَ مُبْتَدِئًا بِالْأَعْلَى كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى (وَإِنْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْغُسْلِ (أَتَمَّ وَتَوَضَّأَ) إنْ أَحْدَثَ بَعْدَ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَإِلَّا غَسَلَ مِنْهَا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ مَا أَحْدَثَ بَعْدَهُ مِنْهَا كَمَا مَرَّ (وَنُدِبَ) لِمَنْ يَغْتَسِلُ مِنْ إنْزَالِ الْمَنِيِّ (الْبَوْلُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْغُسْلِ وَمُرَادُهُ لِيُوَافِقَ أَصْلَهُ وَغَيْرَهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْغُسْلُ بَعْدَ الْبَوْلِ لِئَلَّا يَخْرُجَ بَعْدَهُ مَنِيٌّ وَعُلِمَ بِنَدْبِ ذَلِكَ جَوَازُ عَكْسِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ بَقِيَتْ شَعْرَةٌ) لَمْ تُغْسَلْ (فَنَتَفَهَا) يَعْنِي أَزَالَهَا بِنَتْفٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَجَبَ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا) وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ وَصَلَ إلَى أَصْلِهَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْغَسْلُ (وَالْقَطْعُ) لَيْسَ بِغَسْلٍ (وَإِنْ اغْتَسَلَ جُنُبٌ) يَوْمَ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ مَثَلًا (لِلْفَرْضِ لَمْ يَحْصُلْ النَّفَلُ) وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْفَرْضُ فَقَطْ (كَعَكْسِهِ) عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْدَرِجْ النَّفَلُ فِي الْفَرْضِ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فَأَشْبَهَ سُنَّةَ الظُّهْرِ مَعَ فَرْضِهِ وَفَارَقَ مَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ دُونَ التَّحِيَّةِ حَيْثُ تَحْصُلُ التَّحِيَّةُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ وَقَدْ حَصَلَ وَلَيْسَ الْقَصْدُ هُنَا النَّظَافَةَ فَقَطْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ (وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فَرْضَانِ) كَغُسْلَيْ جَنَابَةٍ وَحَيْضٍ (كَفَاهُ الْغُسْلُ لِأَحَدِهِمَا كَنَفْلَيْنِ) نَحْوُ غُسْلَيْ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَلَا يَضُرُّ التَّشْرِيكُ بِخِلَافِ نَحْوِ الظُّهْرِ مَعَ سُنَّتِهِ لِأَنَّ مَبْنَى الطَّهَارَةِ عَلَى التَّدَاخُلِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ. . . إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ شَيْخُنَا: فَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَسْتَعْمِلُهُ تَطْيِيبًا لِلْمَحَلِّ وَلِاحْتِمَالِ الشِّفَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ زِيَادَةً وَنَقْصًا) وَذَكَرَ فِي الْإِقْلِيدِ نَحْوَهُ، وَقَالَ: فَلَوْ قِيلَ يَتَطَهَّرُ غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلَا مُقْتِرٍ كَانَ أَضْبَطَ (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَازَعَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا نَسَبَهُ لِلْأَصْحَابِ) فَإِنَّ كَلَامَهُمْ يُشْعِرُ بِنَدْبِ زِيَادَةٍ لَا سَرَفَ فِيهَا لِأَنَّ الْمَنْدُوبَاتِ الْمَطْلُوبَةَ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ لَا تَتَأَتَّى إلَّا بِالزِّيَادَةِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْبَيَانِ وَالْوُضُوءُ فِيهِ كَالْغُسْلِ) شَمَلَ الْوُضُوءُ وُضُوءَ الْمُحْدِثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا (قَوْلُهُ: يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ إذَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ صَلَاةً مَا) الْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ لِدَائِمِ الْحَدَثِ كَالْمُتَيَمِّمِ غ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا غَسَلَ مِنْهَا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ مَا أَحْدَثَ بَعْدَهُ مِنْهَا. إلَخْ) أَمَّا مَا لَمْ يَغْسِلْهُ مِنْهَا فَإِنَّ جَنَابَتَهُ بَاقِيَةٌ يَرْتَفِعُ بِإِتْمَامِ غُسْلِهِ حَدَثَاهَا (قَوْلُهُ: فَنَتَفَهَا وَجَبَ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا) وَلَوْ بَقِيَ طَرَفُهَا لَمْ يُغْسَلْ فَقُطِعَ وَجَبَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 [فَصْلٌ دُخُولُ الْحَمَّامُ لِلْغُسْلِ فِيهِ] (فَصْلٌ) (الْحَمَّامُ) أَيْ دُخُولُهُ لِلْغُسْلِ فِيهِ (مُبَاحٌ وَ) لَكِنْ (يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ بِلَا عُذْرٍ) لِخَبَرِ «مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إلَّا هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَلِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لَهَا الْحَمَّامَاتُ فَلَا يَدْخُلَنَّهَا الرِّجَالُ إلَّا بِالْأُزُرِ وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ إلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ» وَلِأَنَّ أَمْرَهُنَّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي التَّسَتُّرِ وَلِمَا فِي خُرُوجِهِنَّ وَاجْتِمَاعِهِنَّ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَجِبُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمَاءِ عَلَى الْحَاجَةِ (وَآدَابُهُ) أَيْ دَاخِلُ الْحَمَّامِ (قَصْدُ التَّنْظِيفِ) وَالتَّطْهِيرِ الدَّاخِلِ فِي التَّنْظِيفِ أَوْ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى (لَا التَّرَفُّهُ) وَالتَّنَعُّمُ (وَتَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ دُخُولِهِ (وَالتَّسْمِيَةُ لِلدُّخُولِ ثُمَّ التَّعَوُّذُ) كَانَ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الرِّجْسِ النَّجِسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَيُقَدِّمُ فِي دُخُولِهِ يَسَارَهُ وَفِي خُرُوجِهِ يَمِينَهُ كَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِنْجَاءِ (وَيَذْكُرُ) بِحَرِّهِ (النَّارَ وَالْجَنَّةَ) وَاقْتَصَرَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى ذِكْرِ النَّارِ فَقَالَ: وَأَنْ يَذْكُرَ بِحَرَارَتِهِ حَرَارَةَ نَارِ جَهَنَّمَ لِشَبَهِهِ بِهَا (وَرُجُوعُهُ) أَيْ آدَابُهُ مَا ذَكَرَ وَرُجُوعُهُ (عَنْ عُرْيَانَ) فِيهِ فَإِذَا رَأَى فِيهِ عُرْيَانَا لَا يَدْخُلُهُ بَلْ يَرْجِعُ (وَتَرْكُ الْمَاءِ الْحَارِّ إلَى أَنْ يَعْرَقَ وَالصَّمْتُ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ: وَأَنْ لَا يُعَجِّلَ بِدُخُولِ الْبَيْتِ الْحَارِّ حَتَّى يَعْرَقَ فِي الْأَوَّلِ وَأَنْ لَا يُكْثِرَ الْكَلَامَ وَأَنْ يَدْخُلَ وَقْتَ الْخَلْوَةِ أَوْ يَتَكَلَّفَ إخْلَاءَ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا أَهْلُ الدِّينِ فَالنَّظَرُ إلَى الْأَبْدَانِ مَكْشُوفَةً فِيهِ شَوْبٌ مِنْ قِلَّةِ الْحَيَاءِ، وَهُوَ مُذَكِّرٌ لِلْفِكْرِ فِي الْعَوْرَاتِ ثُمَّ لَا يَخْلُو النَّاسُ فِي الْحَرَكَاتِ عَنْ انْكِشَافِ الْعَوْرَاتِ فَيَقَعُ عَلَيْهَا الْبَصَرُ (وَإِذَا خَرَجَ) مِنْهُ (اسْتَغْفَرَ) اللَّهَ تَعَالَى (وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) فَقَدْ كَانُوا يَقُولُونَ: يَوْمُ الْحَمَّامِ يَوْمُ إثْمٍ وَيَشْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى إذَا فَرَغَ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ (وَكُرِهَ دُخُولُهُ قُبَيْلَ الْمَغْرِبِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ) وَدُخُولُهُ لِلصَّائِمِ ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ (وَ) كُرِهَ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ (صَبُّ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الرَّأْسِ وَشُرْبُهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ) مِنْهُ فِيهِمَا (لَا دَلْكُ غَيْرِهِ لِمُبَاحٍ) عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَأْسَ بِدَلْكِ غَيْرِهِ إلَّا عَوْرَةً أَوْ مَظِنَّةَ شَهْوَةٍ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ: عَافَاك اللَّهُ وَلَا بِالْمُصَافَحَةِ وَهَذَا الْفَصْلُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ مَا عَدَا إبَاحَةَ دُخُولِ الْحَمَّامِ لِلنِّسَاءِ وَكَرَاهَتَهُ لَهُنَّ بِلَا عُذْرٍ فَقَدْ ذَكَرَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الْجِزْيَةِ [كِتَابُ التَّيَمُّمِ وَفِيهِ ثَلَاثَة أَبْوَاب] [الْبَاب الْأَوَّل فِيمَا يُبِيح التَّيَمُّم] (كِتَابُ التَّيَمُّمِ) هُوَ لُغَةً الْقَصْدُ يُقَالُ: تَيَمَّمْت فُلَانًا وَيَمَّمْته وَتَأَمَّمْته وَأَمَّمْته أَيْ قَصَدْته وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وَشَرْعًا إيصَالُ التُّرَابِ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ وَخُصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ وَهُوَ رُخْصَةٌ وَقِيلَ: عَزِيمَةٌ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْحَدَثُ أَكْبَرَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: 43] إلَى قَوْلِهِ {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا وَقِيلَ تُرَابًا حَلَالًا وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَخْبَارِ الْآتِي بَعْضُهَا (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِيمَا يُبِيحُهُ) وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِتَعَذُّرِهِ أَوْ تَعَسُّرِهِ لِخَوْفِ ضَرَرٍ ظَاهِرٍ وَأَسْبَابُ الْعَجْزِ سَبْعَةٌ هَذَا مَا فِي الْأَصْلِ وَالْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ جَعَلَ الْمُبِيحَ السَّبْعَةَ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ فَقَالَ (وَهُوَ سَبْعَةٌ: الْأَوَّلُ فَقْدُ الْمَاءِ فَإِنْ تَيَقَّنَ فَقْدَهُ) حَوْلَهُ (فَلَا طَلَبَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ عَبَثٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ جَوَّزَ وُجُودَهُ (وَجَبَ عَلَيْهِ طَلَبُهُ فِي الْوَقْتِ أَوْ) طَلَبُ (مَأْذُونِهِ) كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَلَا يُقَالُ لَمْ يَجِدْ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ إمْكَانِهَا بِالْمَاءِ وَلَا قَبْلَ الْوَقْتِ (لَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَأْذُونِهِ فَلَا يَكْفِي طَلَبُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ أَوْ طَلَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ شَاكًّا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ وَبِهِ صَرَّحَ بَعْدُ نَعَمْ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُشْعِرُ بِجَوَازِ تَقْدِيمِ الْإِذْنِ فِي الطَّلَبِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ انْتَهَى. وَصُورَتُهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لِيَطْلُبَ لَهُ فِيهِ أَوْ يُطْلَقُ لَا لِيَطْلُبَ لَهُ قَبْلَهُ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: الْحَمَّامُ مُبَاحٌ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ الْغُسْلُ بِدُونِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَعُّمِ وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمَاءِ عَلَى الْحَاجَةِ) وَصَوْنُ عَوْرَتِهِ عَنْ نَظَرِ غَيْرِهِ وَمَسِّهِ، وَغَضُّ بَصَرِهِ عَنْ عَوْرَةِ غَيْرِهِ وَنَهْيُهُ عَنْ كَشْفِهَا وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَنْتَهِي، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ أَكْثَرَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ لَفْظًا وَعُرْفًا (كِتَابُ التَّيَمُّمِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ رُخْصَةٌ) وَقِيلَ: عَزِيمَةٌ وَيَصِحُّ بِتُرَابِ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ وَالتُّرَابُ الْمَغْصُوبُ وَإِنْ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ وَنَزَلَ فَرْضُهُ سُنَّةٌ أَرْبَعٌ أَوْ سِتٌّ أَوْ خَمْسٌ الصَّحِيحُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَبْعَةٌ) قَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: يَا سَائِلِي أَسْبَابَ حِلِّ تَيَمُّمِ ... هِيَ سَبْعَةٌ لِسَمَاعِهَا تَرْتَاحُ فَقْدٌ وَخَوْفٌ حَاجَةٌ إضْلَالُهُ ... مَرَضٌ يَشُقُّ جَبِيرَةً وَجِرَاحُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ طَلَبُهُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّتِي يَطْلُبُ الْمَاءَ لِطَهَارَتِهَا فَلَوْ طَلَبَهُ لِفَائِتِهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الطَّلَبِ دَخَلَ الْوَقْتُ فَتَيَمَّمَ لِصَلَاةِ الْوَقْتِ بِذَلِكَ الطَّلَبِ جَازَ، ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الطَّلَبُ لِلتَّطَوُّعِ قَالَ وَحَقِيقَةُ الْفَرْقِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الطَّلَبُ لِمَا يَجِبُ الطَّلَبُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ جَازَ التَّيَمُّمُ بِذَلِكَ الطَّلَبِ اهـ وَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ لِضَرُورَةِ عَطَشِهِ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ مَعَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا ذَكَرَهُ قَالَ فِي الْخَادِمِ: قَدْ يَجِبُ الطَّلَبُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْقَافِلَةُ عَظِيمَةً لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهَا إلَّا بِالْمُبَادَرَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ تَعْجِيلُ الطَّلَبُ فِي أَظْهَرِ الِاحْتِمَالَيْنِ لِابْنِ الْأُسْتَاذِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ طَلَبَ مَعَ الشَّكِّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ صَادَفَ الْوَقْتَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ التَّرَدُّدُ الْمُسْتَوِي أَمَّا لَوْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى دُخُولِ الْوَقْتِ ثُمَّ طَلَبَ صَحَّ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَبَ مَأْذُونَهُ) شَرْطُ الِاكْتِفَاءِ بِطَلَبِ مَأْذُونِهِ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولَ الْخَبَرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْفِيَ اعْتِقَادُهُ صِدْقَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُولَ الرِّوَايَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ت (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ) قُلْت اتِّجَاهُهُ ظَاهِرٌ ت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 كَنَظِيرِهِ فِي الْمُحْرِمِ يُوَكِّلُ رَجُلًا لِيَعْقِدَ لَهُ النِّكَاحَ، وَإِذَا طَلَبَ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ عَقِبَ الطَّلَبِ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَبَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ مُفَرِّطٌ بِالطَّلَبِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ (فَيَطْلُبُهُ بِأَنْ) يُفَتِّشَ رَحْلَهُ (ثُمَّ يَنْظُرَ حَوَالَيْهِ) يَمِينًا وَشِمَالًا وَأَمَامًا وَخَلْفًا إنْ كَانَ (فِي مُسْتَوٍ) مِنْ الْأَرْضِ (وَيَتَأَمَّلَ مَوْضِعَ الْخُضْرَةِ وَالطَّيْرِ) بِأَنْ يَخُصَّهُ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ (وَ) إنْ كَانَ (فِي غَيْرِ مُسْتَوٍ) كَأَنْ كَانَ فِي وَهْدَةٍ أَوْ جَبَلٍ (تَرَدَّدَ إنْ أَمِنَ) نَفْسًا وَمَالًا وَعُضْوًا وَاخْتِصَاصًا مُحْتَرَمَاتٍ وَانْقِطَاعَاتٍ عَنْ الرُّفْقَةِ (وَلَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) عَنْ تِلْكَ الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ مَا ذَكَرَهُ أَوْ ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا مَا يَسَعُهَا لَمْ يَجِبْ التَّرَدُّدُ لِلضَّرَرِ وَلِلْوَحْشَةِ فِي انْقِطَاعِهِ، وَإِخْرَاجُ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا سَوَاءٌ كَثُرَ الْمَالُ أَمْ قَلَّ وَحَذْفُ مَعْمُولِ " أَمِنَ " لِيَشْمَلَ مَا قُلْنَاهُ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَقَوْلِهِ وَلَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَارِزِيُّ، وَحَيْثُ طَلَبَ الْمَاءَ فَإِنَّمَا يَطْلُبُهُ مِنْ مَحِلٍّ يُتَوَهَّمُ وُجُودُهُ فِيهِ، وَإِذَا وَجَبَ تَرَدُّدُهُ فِيمَا ذَكَرَ تَرَدَّدَ (إلَى حَدٍّ تُسْمَعُ اسْتِغَاثَتُهُ) بِأَنْ يَسْمَعَهَا رُفْقَتُهُ (مَعَ مَا الرُّفْقَةُ فِيهِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا مِنْ تَشَاغُلِهِمْ بِأَشْغَالِهِمْ وَتَفَاوُضِهِمْ فِي أَقْوَالِهِمْ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاسْتِوَاءِ الْأَرْضِ وَاخْتِلَافِهَا صُعُودًا وَهُبُوطًا وَيُسَمَّى ذَلِكَ حَدَّ الْغَوْثِ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَدُورَ الْحَدُّ الْمَذْكُورُ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ ضَرَرًا عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِ الْمَاءِ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَصْعَدَ جَبَلًا أَوْ نَحْوَهُ بِقُرْبِهِ ثُمَّ يَنْظُرَ حَوَالَيْهِ انْتَهَى، فَإِنْ كَانَ هَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ (بِخِلَافِ وَاجِدِ الْمَاءِ لَوْ خَافَ الْفَوَاتَ) أَيْ فَوَاتِ الْوَقْتِ (إنْ تَوَضَّأَ فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَاقِدٍ لِلْمَاءِ (ثُمَّ) إذَا تَيَمَّمَ (لَا يُجَدِّدُ طَلَبًا) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدُهُ (لِتَيَمُّمٍ آخَرَ إلَّا إنْ تَوَهَّمَ) وُجُودَ الْمَاءِ وَلَمْ يَجْرِ أَمْرٌ يُحْتَمَلُ بِسَبَبِهِ وُجُودُهُ فَيَلْزَمُهُ التَّجْدِيدُ (وَ) لَكِنْ (يَكُونُ طَلَبُهُ) الْمُجَدَّدُ (أَخَفَّ) مِنْ طَلَبِهِ الْأَوَّلِ (وَإِنْ) جَرَى أَمْرٌ يُحْتَمَلُ بِسَبَبِهِ وُجُودُ الْمَاءِ كَأَنْ (انْتَقَلَ) مِنْ مَكَانِهِ (أَوْ طَلَعَ رَكْبٌ أَوْ سَحَابَةٌ أَعَادَ الطَّلَبَ) أَيْضًا لَكِنْ لَا يَكُونُ الثَّانِي أَخَفَّ مِنْ الْأَوَّلِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ تَخَلَّلَ بَيْنَ التَّيَمُّمَيْنِ زَمَنٌ أَمْ لَا (وَيُنَادِي فِي الرُّفْقَةِ) أَيْ رُفْقَةِ مَنْزِلِهِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ بِحَيْثُ يَعُمُّهُمْ إلَّا أَنْ يَضِيقَ وَقْتُ تِلْكَ الصَّلَاةِ (مِنْ مَعَهُ مَاءٌ) أَوْ مَنْ يَجُودُ بِالْمَاءِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ (وَيَكْفِي أَنْ تَأْذَنَ الرُّفْقَةُ لِوَاحِدٍ ثِقَةٍ يَطْلُبُ) لَهُمْ وَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بَدَلَ قَوْلِهِ: لِوَاحِدٍ بِثِقَةٍ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (فَإِنْ تَيَقَّنَهُ) أَيْ وُجُودَ الْمَاءِ (بِحَدِّ الْقُرْبِ وَهُوَ مَا يَقْصِدُهُ الرُّفْقَةُ لِلِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ) كَالِاحْتِشَاشِ وَهُوَ فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ الَّذِي يَقْصِدُهُ عِنْدَ التَّوَهُّمِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى لَعَلَّهُ يَقْرَبُ مِنْ نِصْفِ فَرْسَخٍ (وَجَبَ الطَّالِبُ) مِنْهُ (إنْ أَمِنَ) مَعَ مَا مَرَّ (الْفَوَاتَ) أَيْ فَوَاتَ الْوَقْتِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ تَيَقَّنَ وُجُودَهُ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ أَوْ بِحَدِّهِ لَكِنْ لَمْ يَأْمَنْ مَا ذَكَرَ (فَلَا) يَجِبُ الطَّلَبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالضَّرَرِ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ قَدْرًا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي تَحْصِيلِ الْمَاءِ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً أَيْ فَيَجِبُ الطَّلَبُ مَعَ خَوْفِ ضَرَرِهِ وَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ الْمُصَنِّفُ وَإِلَّا فَلَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ انْتَهَى إلَى الْمَنْزِلِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَلَوْ طَلَبَ الْمَاءَ خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يَجِبْ طَلَبُهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يَجِبُ طَلَبُهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي رَحْلِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا نَقَلَ مَا قَالَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ، وَزَادَ النَّوَوِيُّ نَقْلَهُ عَنْ ظَاهِرِ نَصِّ الْأُمِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ (وَمَنْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ) أَيْ وُجُودَهُ (آخِرَ الْوَقْتِ فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) مِنْ تَعْجِيلِ التَّيَمُّمِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْأَكْمَلُ وَلِأَنَّ فَضِيلَةَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مُسْتَوٍ) هُوَ مَوْضِعُ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّرَدُّدِ غَالِبًا تَوْشِيحٌ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الرَّاءِ) وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بَيْنَ الْمُرَادَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَاقِدٍ لِلْمَاءِ) وَلَا مَانِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ وَشَمَلَتْ عِبَارَتُهُ مَا لَوْ أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ وَخَافَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْتِهَا لَوْ تَوَضَّأَ وَالْمَاءُ حَاضِرٌ عِنْدَهُ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَوْ تَيَمَّمَ لَأَدْرَكَهَا فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَيُنَادِي فِي الرُّفْقَةِ. إلَخْ) قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي نِدَائِهِ مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى الْمَاءِ مَنْ يَجُودُ بِهِ مَنْ يَبِيعُهُ إذَا كَانَ وَاجِدًا لِثَمَنِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي التَّهْذِيبِ يُنَادِي مَنْ يَجُودُ بِالْمَاءِ مَنْ يَبِيعُ مَاءً إنْ كَانَ مَعَهُ ثَمَنٌ اهـ فَيَجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يَدُلُّهُ عَلَيْهِ وَلَا يَهَبُهُ وَلَا يَبِيعُهُ وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: مَنْ يَجُودُ بِالْمَاءِ وَنَحْوِهِ سَكَتَ مَنْ لَا يَبْذُلُهُ مَجَّانًا وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ النِّدَاءَ لِأَنَّ الْبَيَّاعَ قَدْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَسْتَوْهِبُهُ فَلَا يُجِيبُهُ ت (قَوْلُهُ: مَنْ مَعَهُ مَاءٌ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَلَوْ بِثَمَنِهِ فَقَدْ يَسْمَحُ بِالْبَيْعِ لَا بِالْهِبَةِ ش وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ فَوَاتِ الْوَقْتِ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَسْعَى إلَى هَذَا الْحَدِّ لِأَشْغَالِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ فَلِلْعِبَادَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَيْ فَيَجِبُ الطَّلَبُ مَعَ خَوْفِ ضَرَرِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا إذَا كَانَ الْمَالُ حَيَوَانًا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ افْتِرَاسِ السَّبُعِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الطَّلَبُ مُرَاعَاةً لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَحْرُسُهُ بِأُجْرَةٍ لَا تَزِيدُ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ وَجَبَ عِلْمٌ مِنْ كَوْنِ مَا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي ثَمَنِ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُ الطَّلَبَ أَنْ يَكُونَ السِّرْجِينُ وَنَحْوُهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ دُونَ الْمَالِ وَإِنْ قَلَّ كَمَا قَالُوا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْكَلْبِ وَنَحْوِهِ: إنَّهَا تَصِحُّ حَيْثُ خَلَّفَ مَالًا وَإِنْ قَلَّ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا غَفْلَةٌ عَنْ الْمَنْقُول فَإِنَّهُ يَجِبُ سَقْيُ الْمَاءِ لِلْكِلَابِ فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِتَحْصِيلِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ وَتَضْيِيعِ الْكِلَابِ أَصْلًا، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَا قَاسَ عَلَيْهِ فِي الْخَوْفِ عَلَى هَلَاكِ الْكِلَابِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ خَوْفٌ عَلَى أَخْذِ الْغَيْرِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ. إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى مَاءٍ وَلَمْ يَخَافُ فَوْتَ الْوَقْتِ وَلَا انْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَةٍ وَلَا ضَرَرًا فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ لَزِمَهُ طَلَبُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ: هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ بِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَكَثِيرٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ أَوْ أَكْثَرُهُمْ (قَوْلُهُ: فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) ثُمَّ إنَّمَا يَكُونُ التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ أَنْ لَوْ كَانَ يُصَلِّيهَا مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ فِي الْحَالَيْنِ أَمَّا لَوْ كَانَ لَوْ قَدَّمَهَا بِالتَّيَمُّمِ لَصَلَّاهَا جَمَاعَةً وَلَوْ أَخَّرَهَا لَانْفَرَدَ فَالْوَجْهُ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 الصَّلَاةِ وَلَوْ آخِرَ الْوَقْتِ أَبْلَغُ مِنْهَا بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ جَائِزٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَدَائِهَا أَوَّلَهُ، وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوُضُوءِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَمَحِلُّهُ إذَا تَيَقَّنَهُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّأْخِيرُ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ كُلَّهُ مَحِلُّ الطَّلَبِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْ أَطْلَقَ اسْتِحْبَابَ التَّأْخِيرِ مِنْ أَصْحَابِنَا (وَإِلَّا) بِأَنْ تَيَقَّنَ عَدَمَهُ آخِرَ الْوَقْتِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَوَهَّمَهُ (فَالتَّعْجِيلُ) أَفْضَلُ لِتَحَقُّقِ فَضِيلَتِهِ دُونَ فَضِيلَةِ الْوُضُوءِ وَفَارَقَ نَدْبَ التَّأْخِيرِ فِيمَنْ رَجَا زَوَالَ عُذْرِهِ الْمُسْقِطِ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ فَوَاتِهَا بِأَنَّ الْجُمُعَةَ تُفْعَلُ أَوَّلَ الْوَقْتِ غَالِبًا وَتَأْخِيرُ الظُّهْرِ إلَى فَوَاتِهَا لَيْسَ بِفَاحِشٍ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّ رَاجِيَ الْمَاءِ لَا حَدَّ لِتَأْخِيرِهِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ التَّأْخِيرُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ وَيَخَافُ مَعَهُ فَوَاتَ الصَّلَاةِ (كَمَرِيضٍ) عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ مَثَلًا (وَعَارٍ) عَجَزَ عَنْ السُّتْرَةِ فَإِنَّهُمَا إنْ تَيَقَّنَّا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِمَا آخِرَ الْوَقْتِ فَالْأَفْضَلُ أَنَّهُمَا (يَنْتَظِرَانِ الْقُدْرَةَ وَالسُّتْرَةَ آخِرَهُ) وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ التَّعْجِيلُ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مَعَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقُدْرَةِ كَفَى وَإِدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الْمَرِيضِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَيَشْمَلُ كَلَامُهُ مَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ أَوْ نَحْوُهُ فَيَنْظُرُ فِيهِ هَلْ يَرْجُو الِانْقِطَاعَ أَوْ لَا، وَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ مَحِلُّهُ فِي الْمُسَافِرِ (أَمَّا الْمُقِيمُ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى) إلَى الْمَاء (وَإِنْ فَاتَ بِهِ الْوَقْتُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ أَيْ لِتَيَمُّمِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَلَا يُرَدُّ جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِلْبَرْدِ مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ فِيمَا إذَا خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ لَوْ سَعَى إلَى الْمَاءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِمَنْ هُوَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ (وَالْأَفْضَلُ لِلْمُنْفَرِدِ الرَّاجِي) يَقِينًا (لِلْجَمَاعَةِ) آخِرَ الْوَقْتِ (التَّأْخِيرُ إنْ لَمْ يُفْحَشْ) عُرْفًا فَإِنْ لَمْ يَرْجُهَا أَوْ رَجَاهَا مَعَ فُحْشِ التَّأْخِيرِ فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ، وَقَوْلُهُ: " إنْ لَمْ يُفْحَشْ " بَحْثٌ لِلنَّوَوِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: قَطَعَ مُعْظَمُ الْعِرَاقِيِّينَ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ وَمُعْظَمُ الْخُرَاسَانِيِّينَ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: هُوَ كَالتَّيَمُّمِ فَإِنْ تَيَقَّنَ الْجَمَاعَةَ آخِرَ الْوَقْتِ، فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَسَّطَ، فَيُقَالُ: إنْ فَحُشَ التَّأْخِيرُ فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ وَإِنْ خَفَّ فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ، وَهَذَا جَعَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ احْتِمَالًا فَإِنَّهُ نَقَلَ أَوَّلًا الْكَلَامَ السَّابِقَ ثُمَّ اخْتَارَ أَنَّهُ إنْ تَيَقَّنَ حُصُولَ الْجَمَاعَةِ فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ لِتَحْصِيلِ شِعَارِهَا الظَّاهِرِ وَلِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى وَجْهٍ ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ فَحُشَ التَّأْخِيرُ فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ وَإِنْ خَفَّ فَالِانْتِظَارُ أَفْضَلُ، ثُمَّ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ وَفِي نَظِيرَتِهَا السَّابِقَةِ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا (فَإِنْ صَلَّاهَا الْمُتَيَمِّمُ أَوْ الْمُنْفَرِدُ أَوَّلَ الْوَقْتِ ثُمَّ أَعَادَهَا) آخِرَهُ (بِالْوُضُوءِ وَالْجَمَاعَةِ فَهُوَ النِّهَايَةُ) فِي إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ، وَاعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي صُورَةِ التَّيَمُّمِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ بِهِ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بِالْوُضُوءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْمَاءَ بَعْدُ بِقَرِينَةِ سِيَاقِ الْكَلَامِ (وَلِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ وَإِنْ تَيَقَّنَ الْإِقَامَةَ آخِرَهُ) أَيْ آخِرَ الْوَقْتِ لِوُجُودِ السَّبَبِ حِينَ الْفِعْلِ (وَإِدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى مِنْ تَثْلِيثِ الْوُضُوءِ) وَسَائِرِ آدَابِهِ فَلَوْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ لَوْ أَكْمَلَ الْوُضُوءَ بِآدَابِهِ فَإِدْرَاكُهَا أَوْلَى مِنْ إكْمَالِهِ كَذَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْفُرُوعِ ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَرُدَّ النَّظَرُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ بَلْ قِيلَ فَرْضُ عَيْنٍ وَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ النَّفْلِ (وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا غَيْرِهَا) مِنْ الرَّكَعَاتِ (أَوْلَى) مِنْ إدْرَاكِ (الصَّفِّ الْأَوَّلِ) لِيُدْرِكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّ إدْرَاكَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْلَى مِنْ إدْرَاكِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي الْأَمْرِ بِإِتْمَامِهِ وَفَضْلِهِ وَالِازْدِحَامِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِهَامِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ تَفَقُّهًا، وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بَعْضَهَا وَفِي بَعْضِ مَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (وَلَا يَلْزَمُ الْبَدْوِيَّ النَّقْلَةُ لِلْمَاءِ) أَيْ لِلتَّطَهُّرِ بِهِ (عَنْ التَّيَمُّمِ) وَقَوْلُهُ: وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَنْتَظِرُ مُزَاحِمٌ عَلَى بِئْرٍ) لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْهَا إلَّا وَاحِدٌ وَاحِدٌ وَقَدْ تَنَاوَبَهَا جَمْعٌ (أَوْ ثَوْبٌ) لَا يُمْكِنُ أَنْ يَلْبَسَهُ إلَّا وَاحِدٌ وَاحِدٌ وَقَدْ تَنَاوَبَهُ عُرَاةٌ (أَوْ مَقَامٌ) لَا يَسَعُ إلَّا قَائِمًا وَاحِدًا وَقَدْ تَنَاوَبَهُ جَمْعٌ لِلصَّلَاةِ فِيهِ (نَوْبَةً) لَهُ إنْ عَلِمَ انْتِهَاءَهَا إلَيْهِ (بَعْدَ الْوَقْتِ بَلْ يُصَلِّي) فِيهِ بِتَيَمُّمٍ (أَوْ عَارِيًّا أَوْ قَاعِدًا وَلَا إعَادَةَ) .   [حاشية الرملي الكبير] مِنْ مُفَضَّلِي التَّأْخِيرِ غ وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ هُنَا الْوُثُوقُ بِحُصُولِ الْمَاءِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ عَادَةً لَا مَا يَنْتَفِي مَعَهُ احْتِمَالُ عَدَمِ الْحُصُولِ عَقْلًا ات. (قَوْلُهُ: فَلَا وَجْهَ لِمَنْ أَطْلَقَ اسْتِحْبَابَ التَّأْخِيرِ مِنْ أَصْحَابِنَا) الْأَصَحُّ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ) عُلِمَ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ كَالْمُقِيمِ إذْ الضَّابِطُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ وَعَدَمُهُ فَحَيْثُ وَجَبَ كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ جَازَ (قَوْلُهُ: وَقَالَ جَمَاعَةٌ هُوَ كَالتَّيَمُّمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ النَّظَرُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ. إلَخْ) يَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى وَاجِبِ الْوُضُوءِ لِيُدْرِكَ الْجُمُعَةَ غ (قَوْلُهُ: وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا غَيْرِهَا أَوْلَى. إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَيَنْبَغِي إذَا خَافَ فَوْتَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ ن يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُقُوفُ مُتَأَخِّرًا أَوْ مُنْفَرِدًا لِيُدْرِكَ الْجُمُعَةَ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ قِيَامِ الثَّانِيَةِ وَقِرَاءَتَهَا الْوَاجِبَةَ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ وَيَقِفَ فِي الصَّفِّ الْمُتَأَخِّرِ لِتَصِحَّ جُمُعَتُهُ إجْمَاعًا غ. (قَوْلُهُ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بَعْضَهَا. إلَخْ) مِنْهَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَتَى بِجَمِيعِ السُّنَنِ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبِ لَوَقَعَ الْجَمِيعُ فِي الْوَقْتِ فَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْأَبْعَاضِ بِلَا إشْكَالٍ وَبِغَيْرِهَا عَلَى الظَّاهِرِ لِأَنَّ الصِّدِّيقَ كَانَ يُطَوِّلُ الْقِرَاءَةَ فِي الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَأْتِي بِهَا إلَّا إذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ السُّنَنِ إذَا مَنَعْنَا إخْرَاجَ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تِلْكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ هَاهُنَا فِي إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ بِمَدِّهَا وَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ شَرْعٌ وَفِي الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُهَا وَصُورَةُ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ أَنْ يُؤَخِّرَ الْإِحْرَامَ بِهَا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُهَا وَقَوْلُهُ: وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوَقْتِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ فِي الْحَالِ، وَجِنْسُ عُذْرِهِمْ غَيْرُ نَادِرٍ وَالْقُدْرَةُ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا تُؤَثِّرُ كَمَا فِي الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ، وَعَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ مَعَ غَلَبَةِ ظَنِّ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ، وَكَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَوْ اشْتَغَلَ بِغُسْلِهِ بِهِ خَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَجِبُ انْتِظَارُهُ لِأَنَّ الْبِئْرَ وَالثَّوْبَ وَالْمَقَامَ هُنَا لَيْسَتْ فِي قَبْضَتِهِ وَالثَّوْبُ ثَمَّ فِي قَبْضَتِهِ فَيَنْتَظِرُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَتَوَضَّأُ بِهِ أَوْ يَغْتَرِفُهُ مِنْ بِئْرٍ وَلَا مُزَاحِمَ لَهُ، وَضَاقَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ وَلَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ (وَيَنْتَظِرُهَا) أَيْ نَوْبَتَهُ إذَا تَوَقَّعَ انْتِهَاءَهَا إلَيْهِ (فِي الْوَقْتِ) لِيُصَلِّيَ مُتَوَضِّئًا وَمَسْتُورًا وَقَائِمًا (وَعَلَيْهِ شِرَاءُ مَاءٍ لَا يَكْفِيهِ) لِطَهَارَتِهِ (لِيَسْتَعْمِلَ) هـ (وَلَوْ) كَانَ اسْتِعْمَالُهُ (لِمَيِّتٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ تُرَابًا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَمَرَتْكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ بِالْغَايَةِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ وَجَدَ تُرَابًا وَقَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَيِّتٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُقَدِّمُ الْمَاءَ) عَلَى التُّرَابِ وُجُوبًا فِي الِاسْتِعْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَهَذَا وَاجِدٌ لِلْمَاءِ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلضَّرُورَةِ فَيَخْتَصُّ بِمَحِلِّهَا كَمَسْحِ الْجَبِيرَةِ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمَ وُجُوبِ إعْتَاقِ بَعْضِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ بِالنَّصِّ حَيْثُ قَالَ ثَمَّ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] {لَمْ يَجِدْ} [المجادلة: 4] أَيْ لِرَقَبَةٍ {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ} [المجادلة: 4] وَهَذَا لَمْ يَجِدْهَا، وَقَالَ هُنَا {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَهَذَا وَاجِدُهُ وَبِأَنَّ فِي وُجُوبِ بَعْضِ الرَّقَبَةِ مَعَ الشَّهْرَيْنِ جَمْعًا بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ، وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ وَالتَّيَمُّمُ يَقَعُ عَنْ غَيْرِ الْمَغْسُولِ خَاصَّةً وَبِأَنَّ عِتْقَ بَعْضِ الرَّقَبَةِ لَا يُفِيدُ غَيْرَ مَا أَفَادَهُ الصَّوْمُ وَغُسْلُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ يُفِيدُ مَا لَا يُفِيدُهُ التَّيَمُّمُ وَهُوَ رَفْعُ حَدَثِ الْعُضْوِ الْمَغْسُولِ (وَالْمُحْدِثُ) الْوَاجِدُ لِمَاءٍ لَا يَكْفِيهِ (يُرَتِّبُ) كَمَا لَوْ وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ (لَا الْجُنُبُ) الْوَاجِدُ لِذَلِكَ فَلَا تَرْتِيبَ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا) كَمَا لَوْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِيهِ لِانْدِرَاجِ الْحَدَثِ فِي الْجَنَابَةِ (وَ) لَكِنَّ (أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ أَوْلَى) بِالْغُسْلِ لِشَرَفِهَا، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِمَوَاضِع الْوُضُوءِ وَرَأْسِهِ وَأَعَالِي بَدَنِهِ وَأَيُّهُمَا أَوْلَى فِيهِ خِلَافٌ نَقَلَ صَاحِبَا الْبَحْرِ وَالْبَيَانِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِرَأْسِهِ وَأَعَالِيهِ، وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِاسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَالرَّأْسِ وَالْمُخْتَارُ تَقْدِيمُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ الرَّأْسِ ثُمَّ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ يَغْسِلُ كُلَّ بَدَنِهِ (ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لِلْبَاقِي) وَكَالْجُنُبِ فِيمَا ذَكَرَ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ (وَيَجِبُ اسْتِعْمَالُ) وَشِرَاءُ (تُرَابٍ نَاقِصٍ) فِي التَّيَمُّمِ (وَ) اسْتِعْمَالُ وَشِرَاءُ (مَاءٍ) نَاقِصٍ (فِي بَعْضِ النَّجَاسَةِ) لِمَا مَرَّ فِي مَاءِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ (لَا ثَلْجَ) أَوْ بَرَدَ (لَا يَذُوبُ) فَلَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ لِعَدَمِ صُلُوحِهِ لِلْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُحْدِثَ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَأْسِهِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَلَا يَصِحُّ مَسْحُ الرَّأْسِ مَعَ بَقَاءِ فَرْضِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ مَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْمَسْحُ بِهِ فِي الرَّأْسِ فَيَتَيَمَّمُ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِ الرَّأْسَ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يُؤَثِّرُ هَذَا الْمَاءُ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا أَقْوَى فِي الدَّلِيلِ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ وَالْمَحْذُورُ يَزُولُ بِمَا ذَكَرَ (وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ النَّاقِصِ) عَنْ تَكْمِيلِ الطُّهْرِ وَبِتَوَهُّمِهِ كَمَا فِي الْكَامِلِ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي الْبَابِ الثَّالِثِ (وَتَعَيَّنَ لِلنَّجَاسَةِ مَاءٌ قَلِيلٌ) لَا يَكْفِي إلَّا لَهَا أَوْ لِلْحَدَثِ فِيمَا إذَا (وَجَدَهُ مُحْدِثٌ) حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ (مُتَنَجِّس) لِأَنَّ إزَالَتَهَا لَا بَدَلَ لَهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَلِيلَ يَتَعَيَّنُ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكْفِهَا سَوَاءٌ أَكَفَى الْحَدَثَ أَمْ لَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ وَمَحِلُّ تَعَيُّنِهِ لَهَا فِي الْمُسَافِرِ أَمَّا الْحَاضِرُ فَلَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ نَعَمْ النَّجَاسَةُ أَوْلَى ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَجَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ وَمَجْمُوعِهِ لَكِنْ أَفْتَى الْبَغَوِيّ بِوُجُوبِ اسْتِعْمَالِهِ فِي النَّجَاسَةِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ (وَيَجِبُ غَسْلُهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (قَبْلَ التَّيَمُّمِ) فَلَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ إزَالَتِهَا لَمْ يَجُزْ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْإِبَاحَةِ وَلَا إبَاحَةَ مَعَ الْمَانِعِ فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ مِنْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا الْجَوَازَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ فَإِنَّهُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَالذَّخَائِرِ وَإِلَّا قِيسَ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.   [حاشية الرملي الكبير] ضَيَّقَ الْوَقْتَ بِحَيْثُ تَصِيرُ الصَّلَاةُ قَضَاءً حُكْمُهُ حُكْمُ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ فَلَا يَنْتَظِرُ (قَوْلُهُ: وَيَنْتَظِرُهَا فِي الْوَقْتِ. إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ حَاضِرًا بِأَنْ يَزْدَحِمَ مُسَافِرُونَ عَلَى بِئْرٍ وَيَتَيَقَّنَ حُضُورَ نَوْبَتِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ اهـ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الْمَقَامِ وَالسُّتْرَةِ قَالَ فِي الْخَادِمِ هَكَذَا قَطْعًا بِهِ وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْوُصُولَ إلَى الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَلَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَأَنْ يُصَلِّيَ عَارِيًّا وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ وَالتَّأْخِيرُ أَوْلَى فَكَيْفَ يَجْعَلُونَ التَّأْخِيرَ هُنَا وَاجِبًا وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ هُنَا يَتَوَقَّعُ قُدْرَتَهُ عَلَى الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ سَاعَةً فَسَاعَةً بِمُسَامَحَةِ النَّوْبَةِ لَهُ فَلَمْ يَحْصُلْ فِي الْحَالِ الْجَزْمُ بِعَدَمِ قُدْرَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَإِنَّهُ جَازِمٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ) لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى غَسْلِ بَعْضِ أَعْضَائِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ وُجُوبُهُ بِالْعَجْزِ عَنْ الْبَاقِي كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ جَرِيحًا أَوْ مَعْدُومًا وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ لَزِمَهُ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْأَنْسَبُ بِالْغَايَةِ أَنْ يَقُولَ. . . إلَخْ) يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ شِرَاؤُهُ عِنْدَ عَدَمِ كَمَالِ طَهَارَتِهِ فَيَجِبُ عِنْدَ كَمَالِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] فَشَرَطَ لِلتَّيَمُّمِ عَدَمَ الْمَاءِ وَنَكَّرَ الْمَاءَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَا يُسَمَّى مَاءً (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْكِنُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ مَاءٍ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لَوْ قِيلَ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ لَازِمٌ (قَوْلُهُ: فَتَيَمَّمَ) عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ تَيَمُّمًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: وَالْمَحْذُورُ يَزُولُ بِمَا ذَكَرَ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ حَفِظَ آيَةً مِنْ وَسَطِ الْفَاتِحَةِ وَعَجَزَ عَنْ بَاقِيهَا فَإِنَّهُ يَأْتِي بِبَدَلِ مَا قَبْلَهَا ثُمَّ يَأْتِي بِهَا ثُمَّ يَأْتِي بِبَدَلِ مَا بَعْدَهَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ بِكَمَالِهِ وَفِي التَّكْلِيفِ بِالْإِتْيَانِ بِهِ هَاهُنَا عَنْ الْبَعْضِ تَكْلِيفٌ بِبَدَلَيْنِ كَامِلَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ عَنْ الْبَعْضِ الْمُبْدَلِ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ ج (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَلِيلَ يَتَعَيَّنُ لَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ النَّجَاسَةِ أَشَدُّ مُنَافَاةً مِنْهَا بِالتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ أَفْتَى الْبَغَوِيّ. إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا الْجَوَازَ) فَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْنَ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ فِي هَذِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ بِفُرُوقٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 هُنَاكَ عَنْ تَصْحِيحِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالشَّيْخِ نَصْرٍ وَالشَّاشِيُّ وَغَيْرِهِمْ، وَنَقَلَ فِيهِ تَصْحِيحَ الْجَوَازِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ كَمَنْ تَيَمَّمَ عُرْيَانَا وَعِنْدَهُ سُتْرَةٌ قَالَ: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ أَخَفُّ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلِهَذَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ الْعُرْيِ بِلَا إعَادَةٍ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ مَحِلُّهُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِي السَّفَرِ (وَإِنْ أَتْلَفَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ وَتَنَظُّفٍ وَتَحَيُّرِ مُجْتَهِدٍ لَمْ يَعْصِ) لِلْعُذْرِ (أَوْ) أَتْلَفَهُ (عَبَثًا لَا قَبْلَ الْوَقْتِ) بَلْ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ (عَصَى) لِتَفْرِيطِهِ بِإِتْلَافِ مَا تَعَيَّنَ لِلطَّهَارَةِ (وَلَا إعَادَةَ) عَلَيْهِ إذَا تَيَمَّمَ فِي الْحَالَيْنِ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ وَهُوَ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ وَلَهُ عَبْدٌ فَقَتَلَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ وَكَفَّرَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ أَمَّا إذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا إعَادَةَ أَيْضًا وَلَا عِصْيَانَ أَيْ مِنْ حَيْثُ إتْلَافُ مَاءِ الطَّهَارَةِ وَإِلَّا فَالْعِصْيَانُ ثَابِتٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ مَعَ أَنَّ عَدَمَ الْعِصْيَانِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ نَعَمْ هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَرَّرْته قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَوْ أَحْدَثَ عَمْدًا بِلَا حَاجَةٍ فَيَتَّجِهُ إلْحَاقُهُ بِالْإِتْلَافِ بِلَا سَبَبٍ (وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ فِي الْوَقْتِ بِلَا حَاجَةٍ لَهُ وَلَا لِلْمُشْتَرِي) أَوْ الْمُتَّهِبِ (كَعَطَشٍ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ) لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا لِتَعَيُّنِهِ لِلطُّهْرِ وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ هِبَةِ مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ أَوْ دُيُونٌ فَوَهَبَ مَا يَمْلِكُهُ (وَلَا تَيَمُّمُهُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ) لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ تَيَمَّمَ) وَصَلَّى (وَقَضَى تِلْكَ الصَّلَاةَ) الَّتِي فَوَّتَ الْمَاءَ فِي وَقْتِهَا التَّقْصِيرُ دُونَ مَا سِوَاهَا لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْمَاءَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا (وَلَا يَقْضِيهَا) أَيْ تِلْكَ الصَّلَاةَ (بِتَيَمُّمٍ فِي الْوَقْتِ) بَلْ يُؤَخِّرُ الْقَضَاءَ إلَى وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ حَالَةَ يَسْقُطُ الْفَرْضُ فِيهَا بِالتَّيَمُّمِ (وَإِنْ تَلِفَ) الْمَاءُ (فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ) أَوْ الْمُشْتَرِي (فَكَالْإِرَاقَةِ) فِي أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لَا إذَا أَتْلَفَ صَارَ فَاقِدًا لَهُ عِنْدَ التَّيَمُّمِ (وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُتَّهِبُ) بِتَلَفِهِ فِي يَدِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْهِبَةَ الصَّحِيحَةَ لَا ضَمَانَ فِيهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، وَفَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ كَمَا سَيَأْتِي نَعَمْ لَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَيْنًا لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُتَّهِبِ لِأَنَّ الْحَجْرَ فِيهِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ (وَلَوْ مَرَّ بِمَاءٍ فِي الْوَقْتِ وَأَبْعَدَ) الْأَوْلَى مَا فِي الْأَصْلِ وَبَعُدَ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ (ثُمَّ تَيَمَّمَ فَلَا إعَادَةَ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ فَاقِدًا لِلْمَاءِ عِنْدَ التَّيَمُّمِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُوهِمُ عَدَمَ وُجُوبِ الْوُضُوءِ، وَالْقِيَاسُ وُجُوبُهُ وَيَدُلُّ لَهُ وُجُوبُ قَبُولِ الْهِبَةِ وَعَلَى مَا قَالَهُ يَتَقَيَّدُ الْوُجُوبُ بِمَا سَيَأْتِي فِي وُجُوبِ قَبُولِ الْهِبَةِ الْمُبِيحِ (الثَّانِي الْخَوْفُ فَإِنْ خَافَ) مَنْ بِقُرْبِهِ مَاءٌ (عَلَى) مُحْتَرَمٍ مِنْ (نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَالٍ) وَلَوْ قَلِيلًا عَلَى مَا مَرَّ (يَصْحَبُهُ) مَعَهُ (أَوْ يُفَارِقُهُ) أَيْ يَخْلُفُهُ فِي رَحْلِهِ (أَوْ) خَافَ (مِنْ انْقِطَاعِ رُفْقَةٍ) أَيْ انْقِطَاعِهِ عَنْهَا وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ (إنْ طَلَبَهُ) شَرْطٌ لِلْخَوْفِ أَيْ فَإِنْ خَافَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ إنْ طَلَبَ الْمَاءَ (تَيَمَّمَ) لِفَقْدِهِ شَرْعًا، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَجَعَلُوا الْوَحْشَةَ بِانْقِطَاعِ الرُّفْقَةِ هُنَا مُرَخَّصَةً بِخِلَافِهَا فِي الْجُمُعَةِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الطُّهْرَ وَسِيلَةٌ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَالْوَسَائِلُ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأُصُولِ، وَبِأَنَّ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِنَفْسٍ وَعُضْوٍ وَمَالٍ شَامِلٌ لِلطَّالِبِ وَلِغَيْرِهِ فَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِنَفْسِهِ وَعُضْوِهِ وَمَالِهِ (وَكَذَا) يَتَيَمَّمُ (مَنْ فِي سَفِينَةٍ وَخَافَ مِنْ الْبَحْرِ لَوْ اسْتَقَى) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَخَافَ لَوْ اسْتَقَى مِنْ الْبَحْرِ وَبَيْنَهُمَا تَسَاوٍ إنْ قُدِّرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ اسْتَقَى مِنْ الْبَحْرِ وَجَعَلَ مِنْ الْبَحْرِ فِي كَلَامِ أَصْلِهِ مُتَنَازَعًا فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُقَدَّرْ ذَلِكَ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ مُطْلَقٌ إنْ لُوحِظَ التَّنَازُعُ وَإِلَّا فَعُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ (وَيَجِبُ اتِّهَابُ الْمَاءِ) عَلَى عَادِمِهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ بِقَوْلِهِ (فِي الْوَقْتِ) إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ الْوَاهِبُ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ طَلَبِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُعَدُّ وَاجِدًا لِلْمَاءِ وَلَا تَعْظُمُ فِيهِ الْمِنَّةُ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ وُجُوبِ اتِّهَابِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِعَطَشٍ وَلَوْ مَآلًا أَوْ لِغَيْرِهِ حَالًا أَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَمْ يَجِبْ اتِّهَابُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَأَقَرَّهُ (وَ) يَجِبُ (اقْتِرَاضُهُ وَاسْتِعَارَةُ الْآلَةِ) أَيْ.   [حاشية الرملي الكبير] مِنْهَا أَنَّ نَجَاسَةَ مَحَلِّ النَّجْوِ نَاقِضَةٌ لِلطَّهَارَةِ مُوجِبَةٌ لِلتَّيَمُّمِ فَلَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَذَا فَرَّقَ الدَّارَكِيُّ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ وَمِنْهَا أَنَّ نَجَاسَةَ غَيْرِ الِاسْتِنْجَاءِ لَا تَزُولُ إلَّا بِالْمَاءِ فَلَوْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يُزِيلَهَا لَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ بِخِلَافِ الِاسْتِنْجَاءِ لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ حُكْمُهُ بِالْحَجْرِ فَيُمْكِنُهُ تَقْدِيمُ الْحَجْرِ حَتَّى يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ فَلَزِمَهُ كَذَا فَرَّقَ الْمُتَوَلِّي فِي التَّتِمَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْوَافِي: وَهُوَ فَرْقٌ دَقِيقٌ نَفِيسٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ) بَلْ هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْصِ لِلْعُذْرِ) جَعَلَ فِي التَّتِمَّةِ الضَّابِطَ فِي مَوْضِعِ الْجَزْمِ مَا إذَا صَرَفَهُ إلَى مُبَاحٍ (قَوْلُهُ: فَيَتَّجِهُ إلْحَاقُهُ بِالْإِتْلَافِ بِلَا سَبَبٍ) هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا فَارَقَ. . . إلَخْ) إذَا مُتَعَلِّقُ الدَّيْنِ الذِّمَّةُ، وَقَدْ رَضِيَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ بِهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَجْرٌ فِي الْعَيْنِ وَالْكَفَّارَةُ لَيْسَتْ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ الْمَالَ بَعْدَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ فَرْضُ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَلَا تَيَمُّمُهُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لَوْ خَرَقَ السُّتْرَةَ وَصَلَّى عَارِيًّا فَكَمَا لَوْ أَرَاقَ الْمَاءَ سَوَاءً بِسَوَاءٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ كَمَا ذَكَرُوا فِي الْمَاءِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لِلسُّتْرَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِالْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ مَضْمُونٌ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُتَّهِبِ) لِأَنَّ الْوَاهِبَ لَا يَصِحُّ تَسَلُّطُهُ عَلَى الْهِبَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ وُجُوبُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ) سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ فَرْقٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُعَدُّ وَاجِدًا لِلْمَاءِ) وَلَا تَعْظُمُ الْمِنَّةُ فِيهِ فَإِنْ وَهَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ وَتَيَمَّمَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ مِنْ تَفْوِيتِ التَّحْصِيلِ لَا الْحَاصِلِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَ الْمَاءُ الْمَوْهُوبُ بَاقِيًا وَلَمْ يَرْجِعْ الْبَاذِلُ عَنْ بَذْلِهِ فَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 آلَةِ السَّقْيِ مِنْ دَلْوٍ وَحَبْلٍ وَغَيْرِهِمَا فِي الْوَقْتِ بِالشَّرْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ لِخِفَّةِ الْمِنَّةِ فِيهِمَا سَوَاءٌ أَجَاوَزَتْ قِيمَةُ الْآلَةِ ثَمَنَ الْمَاءِ أَمْ لَا إذْ الظَّاهِرُ السَّلَامَةُ (لَا اتِّهَابُهَا) أَيْ الْآلَةِ فَلَا يَجِبُ لِثِقَلِ الْمِنَّةِ وَالْمُرَادُ بِالِاتِّهَابِ وَالِاقْتِرَاضِ وَالِاسْتِعَارَةِ مَا يَعُمُّ الْقَبُولَ وَالسُّؤَالَ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْقَبُولِ (وَإِنْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبٌ إنْ شَقَّهُ) وَشَدَّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ (كَفَاهُ وَلَوْ بِعَصْرِ مَاؤُهُ لَزِمَهُ) ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَنْقُصْ بِشِقِّهِ أَكْثَرَ مِنْ الْأَكْثَرِ مِنْ أُجْرَةِ الْآلَةِ وَثَمَنِ الْمَاءِ) وَذَكَرَ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبٌ يَصِلُ إلَى الْمَاءِ بِلَا شِقٍّ لَزِمَهُ إدْلَاؤُهُ لِيَبْتَلَّ وَيَعْصِرَ مَاءَهُ لِيَتَوَضَّأَ بِهِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَ، وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ أَوْ لِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ إلَى ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ فَقَطْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الشِّقِّ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْأَكْثَرِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ النَّظَرِ إلَى الْأَكْثَرِ هُوَ احْتِمَالٌ لِلشَّاشِيِّ وَادَّعَى أَنَّهُ الصَّوَابُ وَالْمَنْقُولُ النَّظَرُ إلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ عَدِمَ الْمَاءَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ مَحِلَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ بِحَفْرٍ قَرِيبٍ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ وَجَبَ الْحَفْرُ وَإِلَّا فَلَا (وَلَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَةِ الثَّمَنِ) أَيْ ثَمَنِ الْمَاءِ أَوْ الْآلَةِ (وَ) لَا قَبُولُ (قَرْضِهِ وَلَوْ) كَانَ قَبُولُهُمَا (مِنْ أَبٍ) أَوْ ابْنٍ (وَلَوْ كَانَ) قَابِلُ الْقَرْضِ (مُوسِرًا بِمَالٍ غَائِبٍ) لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ ثِقَلِ الْمِنَّةِ، وَفِي الثَّانِي مِنْ الْحَرَجِ إنْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَعَدِمَ أَمْنَ مُطَالَبَتِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ إذْ لَا يَدْخُلُهُ أَجَلٌ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ وَالِاسْتِئْجَارِ كَمَا سَيَأْتِيَانِ وَإِنَّمَا وَجَبَ قَبُولُ قَرْضِ الْمَاءِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ أَغْلَبُ مِنْهَا عَلَى الثَّمَنِ (وَيَجِبُ شِرَاءُ الْمَاءِ وَآلَةِ السَّقْيِ وَاسْتِئْجَارُهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ وَسِيلَةٌ لِتَحْصِيلِ الْمَاءِ (بِعِوَضِ الْمِثْلِ) مِنْ ثَمَنٍ وَأُجْرَةٍ (هُنَاكَ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَكَان (فِي تِلْكَ الْحَالِ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ التَّقْوِيمِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ: (إنْ لَمْ يَكُنْ حَالَ عَطَشٍ) يَعْنِي إنْ لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ إلَى سَدِّ الرَّمَقِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ حِينَئِذٍ وَرُبَّمَا يَرْغَبُ فِي الشَّرْبَةِ حِينَئِذٍ بِدَنَانِيرَ وَيَبْعُدُ فِي الرُّخْصِ إيجَابُ ذَلِكَ وَهَذَا مَا قَيَّدَ بِهِ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ (لَا) إنْ بِيعَ أَوْ أُوجِرَ (بِزِيَادَةٍ) عَلَى عِوَضِ الْمِثْلِ فَلَا يَجِبُ شِرَاءٌ وَلَا اسْتِئْجَارٌ (وَإِنْ تُغُوبِنَ بِمِثْلِهَا) لِأَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ، قَالَ فِي الْأَصْلِ: كَذَا قَالُوهُ وَلَوْ قِيلَ يَجِبُ التَّحْصِيلُ مَا لَمْ تُجَاوِزْ الزِّيَادَةُ ثَمَنَ مِثْلِ الْمَاءِ لَكَانَ حَسَنًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ الْآلَةَ الْمُشْتَرَاةَ تَبْقَى لَهُ وَقَدْرُ ثَمَنِ الْمَاءِ يَحْتَمِلُ التَّلَفَ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ وَرَدَّ الْبُلْقِينِيُّ الْبَحْثَ بِأَنَّهُ يَصِيرُ اللَّازِمُ لِلْمُكَلَّفِ أَمْرَيْنِ ثَمَنُ الْآلَةِ وَثَمَنُ الْمَاءِ وَرُبَّمَا تَقَعُ الْآلَةُ فِي الْبِئْرِ فَتُفَوِّتُ عَلَيْهِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَنُ الْمَاءِ قَالَ: وَلَوْ قِيلَ فِي صُورَةِ الْإِجَارَةِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا لَمْ تَزِدْ الْأُجْرَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ لَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا كَلَّفَ بِالْمَاءِ فَلَا يُزَادُ عَلَى ثَمَنِهِ (فَإِنْ بِيعَ) مَا ذَكَرَ مِنْ الْمَاءِ وَالْآلَةِ (نَسِيئَةً) بِزِيَادَتِهَا بِأَنْ زِيدَ بِسَبَبِهَا مَا يَلِيقُ بِهَا (وَجَبَ) قَبُولُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ ثَمَنُ مِثْلِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ نَقْدًا وَمِثْلُهُ الِاسْتِئْجَارُ نَسِيئَةً هَذَا (إنْ كَانَ مُوسِرًا وَالْأَجَلُ يُوصِلُهُ) أَيْ مُمْتَدًّا إلَى أَنْ يَصِلَ (مَوْضِعُ مَالِهِ إنْ فَضَلَ) الْأَحْسَنُ وَفَضَلَ أَيْ الثَّمَنُ (عَنْ دَيْنِهِ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا (وَ) عَنْ (مُؤْنَتِهِ) مِنْ مَطْعُومٍ وَمَلْبُوسٍ وَمَرْكُوبٍ بَلْ وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الْمُتَّجِهُ (ذَهَابًا وَإِيَابًا) إنْ كَانَ مُسَافِرًا (وَ) عَنْ (نَفَقَةِ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمٍ) مَعَهُ (وَكِسْوَةِ عَبْدِهِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا بَدَلَ لَهَا بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ الْقَبُولُ وَخَرَجَ بِمَعَهُ مَا لَيْسَ مَعَهُ كَأَنْ يَكُونَ مَعَ رُفْقَتِهِ وَلَمْ يَعْدَمُوا نَفَقَتَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا يَكُونُ لَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا مَعَهُ، وَقَوْلُهُ وَكِسْوَةُ عَبْدِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ قَالَ: وَكِسْوَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَانَ أَوْلَى وَيُفَارِقُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى شِرَاءِ الْمَاءِ بِمُؤَجَّلٍ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْبَدَلِ جَوَازُ الِانْتِقَالِ إلَيْهِ لِلْقَادِرِ عَلَى حُرَّةٍ بِمُؤَجَّلٍ بِأَنَّ مَا حَصَّلَهُ هُنَا بِالْمُؤَجَّلِ مَالٌ يَصْلُحُ لِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ إنَّمَا هُوَ ضَرْبٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ (وَالْمُحْتَرَمُ) مِنْ الْحَيَوَانِ (مَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ) وَغَيْرُهُ بِخِلَافِهِ كَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَخِنْزِيرٍ وَكَلْبٍ لَا يَنْفَعُ وَوَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَقُورًا تَنَاقُضٌ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِخِفَّةِ الْمِنَّةِ فِيهِمَا) قَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ بِمَا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ يُعْطَاهُ قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ (فَرْعٌ) لَوْ وَجَدَ مَنْ يَنْزِلُ الْبِئْرَ لِلِاسْتِقَاءِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَوَجَدَهَا أَوْ عَلِمَ وُصُولَ الْمَاءِ بِحَفْرٍ قَرِيبٍ لَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ مُؤْنَةٍ وَمَشَقَّةٍ لَزِمَهُ وَمَنْ مَعَهُ مَاءُ أَمَانَةٍ أَوْ غَيْرِهَا تَيَمَّمَ وَلَا يُعِيدُ، قَالَ شَيْخُنَا: سَيَأْتِي عَنْ قَرِيبٍ جِدًّا (قَوْلُهُ: وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ. إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ النَّظَرِ. إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ ثَمَنِ الْمَاءِ أَوْ الْآلَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيَاسُ قَوْلِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فِي بَابِ الْهِبَةِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ ثَمَنَ الْمَاءِ أَوْ الْآلَةِ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ الْقَبُولُ (فَرْعٌ) لَوْ وَجَدَ خَابِيَةً وَنَحْوَهَا مُسَبَّلَةً فَلَيْسَ لَهُ التَّوَضُّؤُ مِنْهَا لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلشُّرْبِ فَقَطْ وَأَمَّا الصَّهَارِيجُ فَإِنْ وُقِفَتْ لِلشُّرْبِ فَكَالْخَابِيَةِ أَوْ لِلِانْتِفَاعِ جَازَ الْوُضُوءُ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ شَكَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَنَّبَ الْوُضُوءَ مِنْهَا وَقَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَابِيَةِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ الِاقْتِصَارُ فِيهَا عَلَى الشُّرْبِ أَيْ بِخِلَافِ الصِّهْرِيجِ قُلْت وَالْفَرْقُ حَسَنٌ يَحْتَمِلُ غ. (قَوْلُهُ: بِعِوَضِ الْمِثْلِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْمُرَادُ ثَمَنُ مِثْلِ الْمَاءِ الَّذِي يَكْفِي لِوَاجِبِ الطَّهَارَةِ أَمَّا الزَّائِدُ لِلسُّنَنِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَيَحْتَمِلُ اعْتِبَارُهُ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ) أَيْ وَهُوَ الْحَقُّ غ قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا أَثَرَ لَهَا فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ شَرْعًا عَامًّا كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: إنْ فَضَلَ عَنْ دَيْنِهِ) لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَهَلْ يَجِبُ إعْطَاؤُهُ لِخَلَاصِهِ مِنْ عُقُوبَةِ الْحَبْسِ فِيهِ نَظَرٌ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إيجَابُ إعْطَائِهِ لِلْمُعْسِرِ الَّذِي لَا بَيِّنَةَ لَهُ بَعِيدٌ أَوْ غَلَطٌ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: لَا وَجْهَ لِلنَّظَرِ بَلْ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِالْوُجُوبِ فَكَمَا يَجِبُ فِدَاءُ الْأَسِيرِ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ يَجِبُ فِدَاءُ هَذَا مِنْ عُقُوبَةِ الْحَبْسِ (قَوْلُهُ: وَكَلْبٌ لَا يَنْفَعُ) قَالَ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَمَدُ كَوْنَهُ مُحْتَرَمًا لِأَنَّ النَّوَوِيَّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ قَتْلِهِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَطْعِمَةِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ فِي بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ الْمُبِيحِ (الثَّالِثُ الْعَطَشُ فَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ (وَهُوَ يَخَافُ عَطَشَ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمٍ) مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ (فِي الْحَالِ أَوْ الْمَآلِ وَإِنْ رَجَا) أَيْ ظَنَّ (وُجُودَهُ) بَلْ يَتَيَمَّمُ دَفْعًا لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ وَضَبْطُ الْعَطَشِ الْمُبِيحِ كَضَبْطِ الْمَرَضِ وَسَيَأْتِي (وَلَا) يَتَوَضَّأُ بِهِ (إنْ احْتَاجَ بَيْعُهُ لِشِرَاءِ طَعَامٍ) لِأَكْلِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ أَوْ لِدَيْنٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ لِمَا قُلْنَاهُ (وَلَا يَدَّخِرُهُ) أَيْ الْمَاءَ (لِطَبْخٍ بَلْ كَعْكٍ وَفَتِيتٍ) بَلْ يَتَوَضَّأُ وَيَأْكُلُ ذَلِكَ يَابِسًا وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَزَمَ بِالْأُولَى صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ وَبِهِمَا مَعًا الْقَمُولِيُّ وَلَمْ يُعَبِّرْ فِي الثَّانِيَةِ بِالِادِّخَارِ بَلْ بِمَا يَشْمَلُ الْحَالَ وَالْمَآلَ وَالْأَوْجَهُ فِيهَا أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَيَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ فِي ذَلِكَ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ فِي الْمَأْكَلِ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: قَوْلُ الْفُقَهَاءِ إنَّ حَاجَةَ الْعَطَشِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوُضُوءِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثَالًا وَيَلْحَقُ بِهِ حَاجَةُ الْبَدَنِ بِغَيْرِ الشُّرْبِ كَالِاحْتِيَاجِ لِلْمَاءِ لِعَجْنِ دَقِيقٍ وَلَتِّ سَوِيقٍ وَطَبْخِ طَعَامٍ بِلَحْمٍ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى غَيْرِهِ وَإِلَّا لَنَبَّهَ عَلَيْهِ (وَيُقَدَّمُ) وُجُوبًا (شِرَاءُ الْمَاءِ لِعَطَشِ بَهِيمَتِهِ وَكَلْبِ صَيْدِهِ) وَنَحْوِهِ عَلَى شِرَائِهِ لِطُهْرِهِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِبَهِيمَتِهِ وَكَلْبِ صَيْدِهِ بَلْ يَجْرِي فِي كُلِّ مَا مَعَهُ مِنْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَبِيعُهُ الْمَاءَ لِحَاجَةِ الْعَطَشِ بِقِيمَتِهِ لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ (فَلَوْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ) مِنْ بَيْعِهِ (إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى الْقِيمَةِ فَاشْتَرَاهُ الْعَطْشَانُ كَارِهًا لَزِمَهُ الزَّائِدُ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ غَيْرَ الْمَاءِ بِأَضْعَافِ ثَمَنِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الشِّرَاءِ عَلَيْهِ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ يُرَجِّحْ مِنْهُمَا شَيْئًا (وَلَهُ) أَيْ لِلْعَطْشَانِ (أَخْذُهُ) أَيْ الْمَاءِ مِنْ مَالِكِهِ (قَهْرًا) إذَا امْتَنَعَ مِنْ بَذْلِهِ بَيْعًا وَغَيْرَهُ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ حَتَّى لَوْ أَدَّى إلَى هَلَاكِهِ كَانَ هَدَرًا لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِمَنْعِهِ أَوْ إلَى هَلَاكِ الظَّامِئِ مَضْمُونًا لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ وَكَالْعَطْشَانِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَنْ مَعَهُ مُحْتَرَمٌ عَطْشَانُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (لَا) أَخْذُهُ (مِنْ) مَالِكٍ (عَطْشَانَ) لِأَنَّ الْمَالِكَ أَحَقُّ بِبَقَاءِ مُهْجَتِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ كَانَ مَالِكُهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمَنْزِل الثَّانِي وَثَمَّ مَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ أَوْ الثَّانِي لِتَحَقُّقِ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ وَجْهَانِ وَالرَّاجِحِ الثَّانِي كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ قَالَ: وَإِذَا عَطِشَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ وَمَعَهُ مَاءٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ حَتَّى يَتُوبَ اهـ فَلَوْ خَالَفَ وَشَرِبَهُ قَبْلَ التَّوْبَةِ وَتَيَمَّمَ بَعْدَهَا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يَعْصِي كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ عَبَثًا (وَهَلْ يَذْبَحُ) قَهْرًا (شَاةَ الْغَيْرِ) الَّذِي لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا (لِكَلْبِهِ) الْمُحْتَرَمِ الْمُحْتَاجِ إلَى طَعَامٍ؟ وَجْهَانِ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي هُنَا أَحَدُهُمَا وَعَلَى نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي اقْتَصَرَ فِي الْأَطْعِمَةِ نَعَمْ كَالْمَاءِ فَيَلْزَمُ مَالِكَهَا بَذْلُهَا لَهُ. وَالثَّانِي: لَا لِأَنَّ لِلشَّاةِ حُرْمَةٌ أَيْضًا لِأَنَّهَا ذَاتُ رُوحٍ وَقَوْلُهُ: " لَا مِنْ عَطْشَانَ. إلَخْ " مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ) أَيْ الْمَاءَ فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ (ثُمَّ يُشْرِبُهُ) لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِعْمَالِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالتَّوَضُّؤِ (وَلَا أَنْ يَشْرَبَ النَّجِسَ مِنْ الْمَاءَيْنِ) وَيَتَطَهَّرَ بِالطَّاهِرِ (بِخِلَافِ الدَّابَّةِ) فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَعَافُهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِأَنَّهُ لَا يُكَلِّفُ شُرْبُ مَا ذَكَرَ جَوَازَ شُرْبِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ فِي النَّجِسِ فَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شُرْبُهُ بِنَاءً عَلَى مَا صَوَّبَهُ فِيهِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِاخْتِيَارِ الشَّاشِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَشْرَبُ الطَّاهِرَ وَيَتَيَمَّمُ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ هُوَ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ عَنْ الزُّجَاجِيِّ بِضَمِّ الزَّايِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَآخَرِينَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّطَهُّرُ بِالطَّاهِرِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحِقًّا لِلتَّطَهُّرِ وَيَشْرَبُ النَّجِسَ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ فِي حَرْمَلَةَ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَلِقَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي تَحْقِيقِهِ: الْمُخْتَارُ شُرْبُ الطَّاهِرِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْهُورَ مُقَابِلُهُ لِاصْطِلَاحِهِ عَلَى أَنَّ الْمُخْتَارَ مَا رَجَّحَ دَلِيلًا وَكَانَ الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ اهـ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطَشِ الْحَالِيِّ وَالْمَآلِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ بَلْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَعِبَارَتُهُ فِي الْمَآلِيِّ: وَإِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فِي السَّفَرِ مَاءٌ طَاهِرٌ وَنَجِسٌ   [حاشية الرملي الكبير] كِتَابَيْ الْحَجِّ وَالْبَيْعِ قَالَ: إنَّهُ مُحْتَرَمٌ يَمْتَنِعُ قَتْلُهُ خِلَافَ مَا قَدَّمَهُ فِي التَّيَمُّمِ وَزَادَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الْمُنَاوِيُّ: فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَخَّرَ كَلَامَهُ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ هُوَ مُسْتَقِلٌّ لَا تَابِعَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي التَّيَمُّمِ وَالْأَطْعِمَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ قَتْلِهِ. . . إلَخْ) الْأَصَحُّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَخَافُ عَطَشَ حَيَوَانٍ) هَلْ يَقْتَصِرُ فِي الشُّرْبِ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ أَوْ يَبْلُغُ الشِّبَعَ أَوْ يَبْلُغُ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَالْجُوعِ كَالْعَطَشِ (قَوْلُهُ: مُحْتَرَمٌ) قَالَ شَيْخُنَا لَوْ كَانَ غَيْرَ الْمُحْتَرَمِ هُوَ الَّذِي مَعَهُ الْمَاءُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى شُرْبِهِ فَهَلْ يَكُونُ كَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَإِنْ مَاتَ عَطَشًا أَوْ يَشْرَبُهُ وَيَتَيَمَّمُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِمُبَاشَرَتِهِ قَتْلَ نَفْسِهِ الْمُتَّجِهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بَلْ بِمَا يَشْمَلُ الْحَالَ) وَالْمَآلَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِعَجْنِ دَقِيقٍ وَلَتِّ سَوِيقٍ. إلَخْ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ إذَا حُمِلَ هَذَا عَلَى الِاحْتِيَاجِ الْحَالِيِّ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا وَعَلَى نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي اقْتَصَرَ فِي الْأَطْعِمَةِ نَعَمْ. إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ) لِأَنَّهُ مُسْتَقْدَرٌ، وَلِأَنَّ شُرْبَهُ مَكْرُوهٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ غ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ غُسَالَةُ الذُّنُوبِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَنْ يَشْرَبَ النَّجِسَ. إلَخْ) لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا يُضَيَّقُ فِيهَا هَذَا التَّضْيِيقُ وَيَبْعُدُ مِنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ إلْزَامُهُ التَّوَضُّؤِ بِالطَّهُورِ وَشُرْبِ النَّجِسِ مَعَ عِيَافَةِ النَّفْسِ وَالتَّأَذِّي بِهِ وَإِذَا كَانَ الْمَذْهَبُ الْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ جَمْعَ الْمُسْتَعْمَلِ لِيَشْرَبَ لِلْعِيَافَةِ فَكَيْفَ يُكَلَّفُ شُرْبَ النَّجِسِ وَهُوَ أَشَقُّ عَلَى النَّفْسِ مِنْ شُرْبِ الْمُسْتَعْمَلِ وَأَغْلَظُ وَإِذَا كَانَ يَجُوزُ صَرْفُ الْمَاءِ لِغَرَضِ التَّبَرُّدِ وَغَسْلِ الثَّوْبِ لِلتَّنَظُّفِ فَلَأَنْ يَجُوزَ شُرْبُهُ لِأَجْلِ التَّحَرُّزِ مِنْ النَّجَاسَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شُرْبُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ يَشْرَبُ الطَّاهِرَ وَيَتَيَمَّمُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وَاشْتَبَهَا عَلَيْهِ وَكَانَ يَخَافُ الْعَطَشَ فِيمَا بَعْدُ إنْ تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى وَيَتَوَضَّأُ بِالطَّاهِرِ فِي ظَنِّهِ وَيُمْسِكُ الْآخَرَ حَتَّى إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِعَطَشِهِ شَرِبَهُ (وَلَوْ عَطِشُوا وَلِمَيِّتٍ مَاءٌ شَرِبُوهُ) وَضَمِنُوهُ لِلْوَارِثِ (بِقِيمَتِهِ هُنَاكَ) أَيْ بِمَكَانِ الشُّرْبِ بَلْ وَبِبَرِّيَّةٍ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ (لَا مِثْلُهُ) أَيْ بِقِيمَةِ الْمَاءِ لَا بِمِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانُوا بِبَرِّيَّةٍ لِلْمَاءِ فِيهَا قِيمَةٌ ثُمَّ رَجَعُوا إلَى وَطَنِهِمْ وَلَا قِيمَةَ لَهُ فِيهِ وَأَرَادَ الْوَارِثُ تَغْرِيمَهُمْ فَلَوْ رَدُّوا الْمَاءَ لَكَانَ إسْقَاطًا لِلضَّمَانِ فَإِنْ فَرَضَ الْغُرْمَ بِمَكَانِ الشُّرْبِ أَوْ مَكَان آخَرَ لِلْمَاءِ فِيهِ قِيمَةٌ وَلَوْ دُونَ قِيمَتِهِ بِمَكَانِ الشُّرْبِ وَزَمَانِهِ غَرِمَ مِثْلَهُ كَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ (وَلَوْ اجْتَمَعَا) أَيْ الشَّارِبُ وَالْوَارِثُ (فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ) أَيْ تَسْلِيمِ الْقِيمَةِ فِي الْوَطَنِ فَإِنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ الْحَالُ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ رَدُّ الْقِيمَةِ وَالْمُطَالَبَةُ بِالْمِثْلِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا وَتَعَذَّرَ الْمِثْلُ فَغَرِمَ الْقِيمَةَ ثُمَّ وَجَدَ الْمِثْلَ لَيْسَ لِلْمَالِكِ رَدُّ الْقِيمَةِ وَطَلَبُ الْمِثْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ اجْتَمَعَا. . . إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَمَّمُوهُ) أَيْ شَرِبُوا مَاءَ الْمَيِّتِ وَيَمَّمُوهُ حِفْظًا لَمُهَجِهِمْ وَلِأَنَّ الشُّرْبَ لَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِ الْغُسْلِ، وَخَرَجَ بِعَطَشِهِمْ مَا لَوْ احْتَاجُوا لَهُ لِلطَّهَارَةِ فَإِنَّهُمْ يَغْسِلُونَ الْمَيِّتَ مِنْهُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَمَا بَقِيَ حَفِظُوهُ لِلْوَارِثِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الطَّهَارَةُ بِهِ بَلْ يَتَيَمَّمُونَ فَإِنْ تَطَهَّرُوا بِهِ أَثِمُوا وَضَمِنُوهُ (فَإِنْ أَوْصَى) مَثَلًا (بِمَاءٍ) أَيْ بِصَرْفِهِ (لِلْأَوْلَى) بِهِ وَقَدْ حَضَرَ مُحْتَاجُونَ إلَيْهِ (قُدِّمَ) بِهِ وُجُوبًا عِنْدَ ضِيقِهِ وَنَدْبًا عِنْدَ اتِّسَاعِهِ (الْعَطْشَانُ) الْمُحْتَرَمُ حِفْظًا لِمُهْجَتِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَطْشَانَ أَوْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ قُدِّمَ (الْمَيِّت) وَلَوْ غَيْرَ مُتَنَجِّسٍ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاتِمَةُ أَمْرِهِ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ غُسْلِهِ تَنْظِيفُهُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالتُّرَابِ وَمِنْ طُهْرِ الْحَيِّ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَهِيَ تَحْصُلُ بِالتَّيَمُّمِ فَإِنْ مَاتَ اثْنَانِ وَوُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ مَوْتِهِمَا قُدِّمَ (الْأَوَّلُ) لِسَبْقِهِ (فَإِنْ مَاتَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ تَرْتِيبٌ وَلَا مَعِيَّةٌ أَوْ عُلِمَ التَّرْتِيبُ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ أَوْ عُلِمَ وَنُسِيَ (أَوْ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَهُمَا قُدِّمَ الْأَفْضَلُ) لِأَفْضَلِيَّتِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ الشَّامِلُ لِنِسْيَانِهِ كَمَا تَقَرَّرَ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ: وَالْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْأَفْضَلِيَّةِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى الرَّحْمَةِ فَلَا يُقَدَّمُ بِالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ مِنْ الْجَنَائِزِ لِلْإِمَامِ قَالَ وَيَتَّجِهُ تَقْدِيمُ الصَّبِيِّ عَلَى الْبَالِغِ وَفِي التَّقْدِيمِ بِالْأُبُوَّةِ عَلَى الْبُنُوَّةِ وَبِالذُّكُورَةِ عَلَى الْأُنُوثَةِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُهُ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْوَضْعِ فِي اللَّحْدِ: يُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَالْأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ هُوَ الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ وَيُفَارِقُ مَا قَالُوهُ فِي اللَّحْدِ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ فِيهِ دَائِمٌ وَلَا بَدَلَ بِخِلَافِهِ هُنَا وَالْمُتَّجِهُ أَيْضًا فِي الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ اعْتِبَارُ الْأَفْضَلِيَّةِ (فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْقُرْعَةُ) يُقَدَّمُ بِهَا لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ وَظَاهِرٌ لَهُ إذَا تَعَدَّدَ الْعَطْشَانُ أَوْ مَنْ سَيَأْتِي فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَيِّتِينَ فِيمَا ذَكَرَ (وَلَا يُشْتَرَطُ) لِاسْتِحْقَاقِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ (قَبُولُ الْوَارِثِ لَهُ كَالْكَفَنِ) الْمُتَطَوَّعِ بِهِ عَلَيْهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَيِّتٌ أَوْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ قُدِّمَ (الْمُتَنَجِّسُ) لِأَنَّ طُهْرَهُ لَا بَدَلَ لَهُ فَإِنْ قُلْت قِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ فِي مُحْدِثٍ مُتَنَجِّسٍ حَاضِرٍ مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ صَرْفِ الْمَاءِ لِلنَّجَاسَةِ وَالْحَدَثِ لِلُّزُومِ الْإِعَادَةِ مَجِيئُهُ هُنَا فِي حَاضِرَيْنِ لِذَلِكَ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا قُلْت: الْعِبْرَةُ هُنَا بِالْأَوْلَى لِتَنْصِيصِ الْمَالِكِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ثَمَّ أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ وَإِنْ تَخَيَّرَ فَالنَّجِسُ أَوْلَى لَكِنْ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْقَاقِ (ثُمَّ الْحَائِضُ) أَوْ النُّفَسَاءُ لِعَدَمِ خُلُوِّهَا عَنْ النَّجِسِ غَالِبًا وَلِغِلَظِ حَدَثِهَا فَإِنْ اجْتَمَعَتَا قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا (ثُمَّ الْجُنُبُ) لِأَنَّ حَدَثَهُ أَغْلَظُ مِنْ حَدَثِ الْمُحْدِثِ وَهَذَا عَلَى تَفْصِيلِ ذِكْرِهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ اجْتَمَعَ جُنُبٌ وَمُحْدِثٌ فَالْجُنُبُ أَوْلَى) لِغِلَظِ حَدَثِهِ (إلَّا) إنْ كَفَى الْمَاءُ (الْمُحْدِثَ دُونَهُ) أَيْ الْجُنُبِ فَالْمُحْدِثُ أَوْلَى سَوَاءٌ فَضَلَ عَنْ وُضُوئِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ بِهِ حَدَثُهُ بِكَمَالِهِ دُونَ الْجُنُبِ فَقَوْلُهُ فِي نُسْخَةٍ وَلَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ قَيْدٌ مُضِرٌّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقِيَاسُ هَذَا التَّفْصِيلِ يَأْتِي فِي الْمَيِّتِ مَعَ الْمُتَنَجِّسِ وَفِي الْجُنُبِ مَعَ الْحَائِضِ قُلْت: بَلْ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَمِمَّنْ ذَكَرَ مَعَهُمَا مَعَ مِثْلِهِ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عُيِّنَ الْمَكَانُ فَقَالَ:   [حاشية الرملي الكبير] وَهُوَ ظَاهِرُ الرُّجْحَانِ (قَوْلُهُ: غَرِمَ مِثْلَهُ كَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ) ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ الصَّحِيحَةِ فِي سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ لِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَإِنَّ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا لِنَقْلِهِ مُؤْنَةً إذَا ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ لَا يُطَالَبُ بِالْمِثْلِ بَلْ بِقِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ وَلَا يُكَلَّفُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَبُولُ الْمِثْلِ أَيْضًا ثُمَّ بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ لَوْ اجْتَمَعَا فِي بَلَدِ التَّلَفِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ وَاسْتِرْدَادُ الْقِيمَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ ذِكْرِ وُجُوبِ قِيمَةِ الْمَاءِ الْمُتْلَفِ فِي الْمَفَازَةِ أَنَّهُمَا لَوْ اجْتَمَعَا فِي الْبَلَدِ هَلْ يَثْبُتُ التَّرَادُّ فِيهِ وَجْهَانِ (قَوْلُهُ قُدِّمَ الْعَطْشَانُ الْمُحْتَرَمُ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ تَقْدِيمُ الْعَطْشَانِ الْمُحْتَرَمِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ آدَمِيٍّ أث وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ اجْتَمَعَ عَطْشَانَانِ قُدِّمَ الْأَفْضَلُ فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ (قَوْلُهُ وَهِيَ تَحْصُلُ بِالتَّيَمُّمِ) وَقِيلَ الْحَيُّ الْمُتَنَجِّسُ أَوْلَى لِأَنَّ لِغَسْلِ الْمَيِّتِ بَدَلًا وَيَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ إذَا تَعَيَّنَ لِلْإِمَامَةِ قَالَ شَيْخُنَا نُقِلَ عَنْ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَانَ يَرُدُّ هَذَا الْبَحْثَ وَيَعْتَمِدُ الْإِطْلَاقَ وَيُوَجِّهُهُ بِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى قَبْرِهِ فَغُسْلُهُ يُفَوِّتُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ لَا تُفَوِّتُ (قَوْلُهُ قَالَ وَالْأَقْرَبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى الرَّحْمَةِ) مَشَى صَاحِبُ حِلِّ الْحَاوِي عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَفْضَلُ فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَيَتَّجِهُ تَقْدِيمُ الصَّبِيِّ عَلَى الْبَالِغِ) قَالَ شَيْخنَا فِي إطْلَاقِ تَقْدِيمِ الصَّبِيِّ عَلَى الْبَالِغِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْمُتَنَجِّسُ) أَيْ وَلَوْ فِي الْحَضَرِ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْقَاقِ) وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِشَخْصٍ: اسْتَعْمِلْ هَذَا الْمَاءَ فِي أَوْلَى الطَّهَارَتَيْنِ تَعَيَّنَ اسْتِعْمَالُهُ فِي النَّجِسِ (قَوْلُهُ: لِغِلَظِ حَدَثِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ مَنْ فِيهِ نَجَاسَةٌ مُغَلَّظَةٌ، وَمَنْ فِيهِ مُتَوَسِّطَةٌ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ هُوَ الْقِيَاسُ يُرَدُّ بِأَنَّ مَعْنَى غِلَظِ وَالْجَنَابَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِهَا مَا لَمْ يَحْرُمْ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَأَنَّ النَّجَاسَةَ الْمُغَلَّظَةَ وَالْمُتَوَسِّطَةَ مُسْتَوِيَانِ فِيمَا يَحْرُمُ بِهِمَا (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقِيَاسُ هَذَا التَّفْصِيلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قُلْت بَلْ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا. إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 اصْرِفُوهُ لِلْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَفَازَةِ فَإِنْ أَطْلَقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْحَثَ عَنْ مُحْتَاجِي غَيْرِهَا كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ إلَّا أَنَّ حِفْظَ الْمَاءِ وَنَقْلَهُ إلَى مَفَازَةٍ أُخْرَى كَالْمُسْتَبْعَدِ وَهَذَا حَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ، وَخَرَجَ بِالْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا مَا لَوْ صَرَفَ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ التَّرْتِيبُ بَلْ يَصْرِفُهُ لِمَنْ شَاءَ إلَّا لِعَطْشَانَ فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي غَيْرِهِ مَنْدُوبٌ (وَلَوْ اغْتَسَلَ) الْجُنُبُ (إلَّا عُضْوًا وَتَيَمَّمَ لَهُ ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَيَمَّمَ) لِلْحَدَثِ (ثُمَّ وَجَدَ مَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ الْعُضْوِ تَعَيَّنَ لَهُ وَلَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ) الثَّانِي لِأَنَّهُ وَقَعَ عَنْ الْحَدَثِ وَلَمْ يَقْدِرْ بَعْدَهُ عَلَى مَا يَرْفَعُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ انْتَهَوْا) أَيْ الْمُحْتَاجُونَ (إلَى مَا يُبَاحُ) وَلَمْ يُحْرِزُوهُ (اُسْتُحِبَّ) لِغَيْرِ الْأَحْوَجِ (إيثَارُ الْأَحْوَجِ بِإِحْرَازِهِ فَإِنْ أَحْرَزُوهُ لَمْ يَجُزْ الْإِيثَارُ) لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهُ مَعَ حَاجَتِهِمْ إلَيْهِ وَهَذَا مَا جَمَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ مَا أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُونَ مِنْ طَلَبِ الْإِيثَارِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمِلْكِهِمْ لَهُ وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ تَحْرِيمِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ مَلَكُوهُ لِفَرْضِهِ أَنَّهُمْ اسْتَوَوْا فِي إحْرَازِهِ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ لَا يَفِي بِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُمْ الْإِمَامُ فِي الِاسْتِحْبَابِ، وَيَقُولُ: لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَمَّا يُتَمَكَّنُ مِنْهُ لِلطَّهَارَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا الْإِشْكَالُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ إطْلَاقَهُمْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ وَهَبَ لِغَيْرِهِ الْأَحْوَجِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ فَكَذَا مَا نَحْنُ فِيهِ أَيْ فَيَلْزَمُهُ تَحْصِيلُ الطُّهْرِ وَمِنْ ثَمَّ ضَعَّفَ الزَّرْكَشِيُّ الْجَمْعَ بِمَا ذَكَرَ ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ أَيْ الْمُحْوِجِ إلَى الْجَمْعِ بِحَمْلِ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُحْتَاجِينَ لَا يَمْلِكُونَ الْمَاءَ بِالِاسْتِيلَاءِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ الْأَحْوَجُ فَالْأَحْوَجُ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ لِأَوْلَى النَّاسِ فَحُمِلَ كَلَامُهُمْ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَرْكِ الِاسْتِيلَاءِ لِلْإِيثَارِ لِلْأَحْوَجِ لَا يَصِحُّ بَلْ لَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ غَيْرُ الْأَحْوَجِ وَأَحْرَزَهُ لَزِمَهُ دَفْعُهُ لِلْأَحْوَجِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْوَارِدِينَ عَلَى مَاءٍ مُبَاحٍ يَمْلِكُونَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ تَعَلُّقُ الْأَحْوَجِ بِهِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ دَفْعُ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ رُبَّمَا جَمَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَيُدْفَعُ إشْكَالُهُ بِأَنْ يُقَالَ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَحْوَجِ الْعُدُولُ عَمَّا يُتَمَكَّنُ مِنْهُ لِلطَّهَارَةِ فِي الْمَاءِ الْمُبَاحِ مَعَ وُجُودِ أَحْوَجَ مِنْهُ وَيَلْتَزِمُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ أَيْضًا الْمُبِيحُ (الرَّابِعُ الْجَهْلُ) بِالْمَاءِ وَأَرَادَ بِالْجَهْلِ مَا يَشْمَلُ النِّسْيَانَ بِقَرِينَةٍ قَوْلِهِ (فَإِذَا نَسِيَ بِئْرًا هُنَاكَ) أَيْ بِمَحَلِّ نُزُولِهِ (أَوْ مَاءٍ فِي رَحْلِهِ أَوْ ثَمَنِهِ أَوْ أَضَلَّهُمَا فِيهِ وَتَيَمَّمَ) وَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَهُ وَوَجَدَهُ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ (وَإِنْ أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ) لِوُجُودِ الْمَاءِ مَعَهُ وَنِسْبَتُهُ فِي إهْمَالِهِ حَتَّى نَسِيَهُ أَوْ أَضَلَّهُ إلَى تَقْصِيرٍ وَالتَّصْرِيحُ بِإِضْلَالِ الثَّمَنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ أَضَلَّ رَحْلَهُ) فِي رِحَالٍ وَأَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (أَوْ أُدْرِجَ فِيهِ) أَيْ فِي رَحْلِهِ (مَاءٌ وَلَمْ يَشْعُرْ) بِهِ (أَوْ لَمْ يُعْلَمْ بِئْرٌ خَفِيَّةٌ هُنَاكَ) فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى (فَلَا إعَادَةَ) وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِخِلَافِهِ فِي النِّسْيَانِ وَالْإِضْلَالُ فِي رَحْلِهِ وَتَحْرِيرُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْإِضْلَالِ بِأَنَّ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ فَكَانَ أَبْعَدَ عَنْ التَّقْصِيرِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ خَفِيَّةٌ مَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً فَيَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمُبِيحِ (الْخَامِسُ الْمَرَضُ) وَلَوْ فِي الْحَضَرِ لِآيَةِ {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 43] أَيْ وَخِفْتُمْ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَحْذُورًا فَتَيَمَّمُوا بِقَرِينَةِ تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَرَضَ بِالْجُرْحِ وَالْجُدَرِيِّ وَنَحْوِهِمَا وَلِمَا فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ (فَيَتَيَمَّمُ مَرِيضٌ خَافَ تَلَفِ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ الْعُضْوِ وَلَوْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ تَلَفٍ بِعَلَى كَمَا فَعَلَ فِيمَا مَرَّ فِي الْمُبِيحِ الثَّانِي لَكَانَ أَوْلَى وَأَغْنَاهُ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ (وَكَذَا) يُبِيحُ التَّيَمُّمَ لِمُرِيدِهِ (خَوْفَ مَرَضٍ مَخُوفٍ أَوْ) خَوْفَ (زِيَادَةٍ فِيهِ) بِأَنْ خَافَ زِيَادَةَ الْأَلَمِ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ مُدَّتُهُ (أَوْ) خَوْفَ زِيَادَةٍ (فِي مُدَّتِهِ) وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْأَلَمُ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا شِدَّةُ الضَّنَا وَهُوَ الْمَرَضُ الْمُدْنِفُ أَيْ اللَّازِمُ (أَوْ) خَوْفَ (حُصُولِ شَيْنٍ قَبِيحٍ) أَيْ فَاحِشٍ (فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ) لِأَنَّهُ يُشَوِّهُ الْخِلْقَةَ وَيَدُومُ ضَرَرُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَا وَالظَّاهِرُ مَا يَبْدُو فِي حَالِ الْمِهْنَةِ غَالِبًا كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَفِيهِ فِي الْجِنَايَاتِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ مَا لَا يُعَدُّ كَشْفُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ وَقِيلَ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا يُوَافِقُ مَا هُنَا وَالشَّيْنُ الْأَثَرُ الْمُسْتَكْرَهُ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنٍ وَتَحَوُّلٍ وَاسْتِحْشَافٍ وَثُغْرَةٍ تَبْقَى وَلُحْمَةٍ تَزِيدُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي أَثْنَاءِ الدِّيَاتِ وَإِنَّمَا يَتَيَمَّمُ بِمَا ذَكَرَ (إنْ أَخْبَرَهُ) بِكَوْنِهِ مَخُوفًا (طَبِيبٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَهَذَا حَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ) إنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي بَلَدِ الْإِيصَاءِ مُحْتَاجٌ أَوْ وُجِدَ وَأَمْكَنَ أَنْ يُوجَدَ فِي غَيْرِهِ أَحْوَجَ مِنْهُ أَمَّا إذَا اجْتَمَعَ فِي بَلَدِ الْإِيصَاءِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْمُحْتَاجِينَ مِنْ الْعَطْشَانِ وَالْمَيِّتِ وَمَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَالْحَائِضِ وَالْجُنُبِ كَمَا فَرَضَهُ الْأَصْحَابُ فَلَا مَعْنَى لِلْبَحْثِ عَنْ الْمُحْتَاجِ فِي بَلَدٍ آخَرَ لَا سِيَّمَا وَالصَّرْفُ إلَى غَيْرِ بَلَدِ الْإِيصَاءِ خِلَافُ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا جَمَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ. إلَخْ) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ كَلَامُ الْحَاوِي يُشِيرُ إلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْجَمْعِ وَمِمَّنْ أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ (قَوْلُهُ: وَيَلْتَزِمُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ أَيْضًا) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْأَحْوَجَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَمَلُّكِ الْمَاءِ الْمُبَاحِ بِإِحْرَازِهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ الْمَمْلُوكِ فَإِنَّ مَالِكَهُ قَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِبَتِهِ لَهُ، وَإِنْ سَمَحَ بِهَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِئْرٍ خَفِيَّةٍ هُنَاكَ) أَيْ فِي مَكَان يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ أَوْسَعَ مِنْ مُخَيَّمِهِ. إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مُخَيَّمَهُ إنْ اتَّسَعَ كَمَا فِي مُخَيَّمِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ يَكُونُ كَمُخَيَّمِ الرُّفْقَةِ س (قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ. إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «إنَّ رَجُلًا أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي رَأْسِهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَصَابَهُ احْتِلَامٌ فَأُمِرَ بِالِاغْتِسَالِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ أَوَ لَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ لَمْ يُضَعِّفْهُ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَوْلَى) فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَوَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَبَيْنَ نُقْصَانِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ ج (قَوْلُهُ: الْمُدْنِفُ) بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً (أَوْ عَرَفَ) هُوَ (ذَلِكَ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُخْبِرْهُ مَنْ ذَكَرَ وَلَا كَانَ عَارِفًا بِذَلِكَ (فَلَا) يَتَيَمَّمُ هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ أَرَ مَنْ وَافَقَهُ وَلَا مَنْ خَالَفَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَكِنْ جَزَمَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ فَتَعَارَضَ الْجَوَابَانِ وَإِيجَابُ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ مَعَ الْجَهْلِ بِحَالِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةٌ لِلْهَلَاكِ بَعِيدٌ عَنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ فَنَسْتَخِيرُ اللَّهَ تَعَالَى وَنُفْتِي بِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الْأَطْعِمَةِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ إنْ الْمُضْطَرَّ إذَا خَافَ مِنْ الطَّعَامِ الْمُحْضَرِ إلَيْهِ أَنَّهُ مَسْمُومٌ جَازَ لَهُ تَرْكُهُ وَالِانْتِقَالُ إلَى الْمَيِّتَةِ اهـ. قَالَ الْبَغَوِيّ وَإِذَا صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ أَعَادَ إذَا وَجَدَ الْمُخْبِرَ كَمِنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَدُلُّهُ وَقَوْلُهُ: إذَا وَجَدَ الْمُخْبِرَ أَيْ وَأَخْبَرَهُ بِجَوَازِ التَّيَمُّمِ أَوْ بِعَدَمِهِ قَيْدٌ لِلْإِعَادَةِ لَا لِوُجُوبِهَا لِأَنَّهَا وَجَبَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَيَّدَهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهَا قَبْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُخْبِرَ وَاسْتَمَرَّ يَتَيَمَّمُ لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ إذَا بَرِئَ وَاكْتَفَى بِطَبِيبٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ طَرِيقَ ذَلِكَ الرِّوَايَةُ وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِخْبَارِ بِكَوْنِ الْمَرَضِ مَخُوفًا فِي الْوَصِيَّةِ يُشْتَرَطُ فِيهِ اثْنَانِ لِلِاحْتِيَاطِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ؛ وَلِأَنَّ لِلطُّهْرِ بِالْمَاءِ بَدَلًا لَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ (وَلَا يُبِيحُهُ) أَيْ التَّيَمُّمَ (شَيْنٌ يَسِيرٌ كَأَثَرِ جُدَرِيٍّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِفَتْحِهِمَا وَكَقَلِيلِ سَوَادٍ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ (وَلَا) شَيْنٌ (قَبِيحٌ فِي) عُضْوٍ (مَسْتُورٍ) لِسَتْرِهِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ غَالِبًا، قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْمُتَطَهِّرَ قَدْ يَكُونُ رَقِيقًا فَتَنْقُصُ قِيمَتُهُ نَقْصًا فَاحِشًا فَكَيْفَ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ مَعَ إبَاحَتِهِ فِيمَا لَوْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ بَيْعِ الْمَاءِ إلَّا بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا جَوَابَ عَنْهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمُوهُ فَيَلْزَمَهُمْ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ أَحَدٌ بَلْ الْمَنْعُ مِنْ التَّيَمُّمِ مُشْكِلٌ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا فَإِنَّ الْفَلَسَ مَثَلًا أَهْوَنُ عَلَى النُّفُوسِ مِنْ آثَارِ الْجُدَرِيِّ عَلَى الْوَجْهِ وَمِنْ الشَّيْنِ الْفَاحِشِ فِي الْبَاطِنِ لَا سِيَّمَا الشَّابَّةَ الْمَقْصُودَةَ لِلِاسْتِمْتَاعِ. اهـ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخُسْرَانَ فِي الزِّيَادَةِ مُحَقَّقٌ بِخِلَافِهِ فِي نَقْصِ الرَّقِيقِ وَبِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَ الرَّقِيقَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ مَعَ نَقْصِ الْمَالِيَّةِ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ قُتِلَ وَإِنْ فَاتَتْ الْمَالِيَّةُ عَلَى السَّيِّدِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تَفْوِيتَ الْمَالِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ سَبَبُهُ تَحْصِيلَ الْمَاءِ لَا اسْتِعْمَالَهُ وَإِلَّا لَأَثَّرَ نَقْصُ الثَّوْبِ بِبَلِّهِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَأَمَّا الشَّيْنُ فَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ سَبَبُهُ الِاسْتِعْمَالَ وَالضَّرَرُ الْمُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ فَوْقَ الضَّرَرِ الْمُعْتَبَرِ فِي التَّحْصِيلِ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ بِطَلَبِ الْمَاءِ تَيَمَّمَ وَلَوْ خَافَ خُرُوجَهُ بِالِاسْتِعْمَالِ لَا يَتَيَمَّمُ فَاعْتُبِرَ فِي الشَّيْنِ مَا يُشَوِّهُ الْخِلْقَةَ وَهُوَ الْفَاحِشُ فِي الْعُضْوِ الظَّاهِرِ دُونَ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشُ فِي الْبَاطِنِ لِمَا مَرَّ (وَلَا) يُبِيحُهُ (التَّأَلُّمُ) بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (بِقَرْحٍ) أَيْ جُرْحٍ (أَوْ بَرْدٍ) أَوْ حَرٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَصُدَاعٍ وَوَجَعِ ضِرْسِ وَحُمَّى (لَا يَخَافُ) مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (مَعَهُ) مَحْذُورًا فِي الْعَاقِبَةِ (أَوْ يَخَافُ) مَعَ الْبَرْدِ مَحْذُورًا (وَوَجَدَ نَارًا يُسَخِّنُ بِهَا) الْمَاءَ أَوْ مَا يُدَثِّرُ بِهِ أَعْضَاءَهُ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بِلَا ضَرَرٍ شَدِيدٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَجِدَ مَعَ النَّارِ قِيمَةَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي التَّسْخِينِ كَقِدْرٍ وَحَطَبٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَخَافُ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ الْمُبِيحُ (السَّادِسُ وَالسَّابِعُ الْجَبِيرَةُ) وَهِيَ أَخْشَابٌ وَنَحْوُهَا تُرْبَطُ عَلَى الْكَسْرِ وَالِانْخِلَاعِ (وَاللَّصُوقُ) بِفَتْحِ اللَّام وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى جُرْحٍ مِنْ قُطْنَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (فَإِنْ) (احْتَاجَ إلَى وَضْعِهَا) أَيْ الْجَبِيرَةِ (لِكَسْرٍ) أَوْ انْخِلَاعٍ (أَوْ إلَى) وَضْعِ (لَصُوقٍ لِجِرَاحَةٍ) بِأَنْ خَافَ شَيْئًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمَرَضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلْيَضَعْهُمَا عَلَى طُهْرٍ) كَالْخُفِّ (وَيَسْتُرُ) مِنْ الصَّحِيحِ تَحْتَهُمَا (قَدْرَ الْحَاجَةِ) لِلِاسْتِمْسَاكِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (فَإِنْ خَافَ مِنْ نَزْعِهِمَا مَا ذَكَرْنَاهُ) مِنْ الْخَوْفِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ (غَسَلَ وُجُوبًا مَا يُمْكِنُ) غَسْلُهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَاضِلَةٍ عَمَّا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ مَنْ وَافَقَهُ) قَالَ: الزَّرْكَشِيُّ قَدْ وَافَقَهُ الرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ: إنَّ الْمُضْطَرَّ إذَا خَافَ مِنْ الطَّعَامِ الْمُحْضَرِ إلَيْهِ. إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْوُضُوءَ لَازِمٌ لَهُ لِإِسْقَاطِ الصَّلَاةِ عَنْهُ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى بَدَلِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ بِخِلَافِ الطَّعَامِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْعِمَادِ فَرَّقَ بِمَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ فَقَالَ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَشَكَكْنَا فِي الْمُبِيحِ فَلَا يَسْقُطُ الْوَاجِبُ بِتَوَهُّمِ حُصُولِ الضَّرَرِ كَمَا لَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ الْوَاجِبُ بِتَوَهُّمِ حُصُولِ الْبُرْءِ بِالدَّوَاءِ إذَا تَرَكَهُ الْمَجْرُوحُ وَكَمَا لَا يَسْقُطُ الْحَجُّ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى رُكُوبِ الْبَحْرِ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ بِتَوَهُّمِ الْعَضَبِ وَهَكَذَا شَأْنُ الْوَاجِبَاتِ كُلِّهَا إذَا شَكَكْنَا فِي وُجُودِ الْمُسْقِطِ لَا تَسْقُطُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ يَقِينًا أَوْ ظَنَّا بِعَلَامَةٍ شَرْعِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا وَجَبَتْ قَبْلَ ذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا: لَكِنَّهُ لَوْ أَعَادَ قَبْلَ وُجُودِ الْمُخْبِرِ لَمْ تَصِحَّ إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخُسْرَانَ فِي الزِّيَادَةِ مُحَقَّقٌ) بِخِلَافِهِ فِي نَقْصِ الرَّقِيقِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِهِ الْوُجُوبُ قَالَ وَهَذَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ يَخْشَى مِنْهُ الْبَرَصَ لِأَنَّ حُصُولَهُ مَظْنُونٌ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ يَقْطَعُ بِحُصُولِ الشَّيْنِ عَلَى الْعُضْوِ الْبَاطِنِ لَمْ يَجِبْ الِاسْتِعْمَالُ وَجَازَ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَ الرَّقِيقَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ. . . إلَخْ) وَبِأَنَّ الْخُسْرَانَ فِي شِرَاءِ الْمَاءِ رَاجِعٌ إلَى الْمُسْتَعْمَلُ وَهُوَ الْمَاءُ بِخِلَافِهِ فِي اسْتِعْمَالِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ قُتِلَ. إلَخْ) فَإِذَا قُدِّمَ حَقُّ اللَّهِ مَعَ فَوَاتِ الْمَالِيَّةِ يَقِينًا فَلَأَنْ يُقَدَّمَ مَعَ فَوَاتِ الْمَالِيَّةِ ظَنًّا مِنْ بَابِ أَوْلَى وَفِي كِلَا الْجَوَابَيْنِ نَظَرٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ عَدَمَ التَّحَقُّقِ جَازَ فِي الشَّيْنِ الظَّاهِرِ أَيْضًا وَقَدْ جَوَّزُوا لَهُ تَرْكَ الْغُسْلِ وَالْعُدُولَ إلَى التَّيَمُّمِ عِنْدَ خَوْفِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَأَمَّا الثَّانِي فَفِي مَسْأَلَةِ قَتْلِ الْعَبْدِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَوْ لَمْ تَقْتُلْهُ لَفَاتَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِمَا) أَيْ كَقِشْرِ الْبَاقِلَاءِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْخَدْشِ وَالطِّلَاءِ عَلَيْهِ وَعَلَى شِقِّ الرِّجْلِ إذَا جَمَدَ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 عِلَّةَ بَعْضِ الْعُضْوِ لَا تَزِيدُ عَلَى فَقْدِهِ وَلَوْ فُقِدَ وَجَبَ غَسْلُ الْبَاقِي فَكَذَا غَسْلُ مَا ذَكَرَ هُنَا (وَ) لَوْ (مَا تَحْتَ أَطْرَافِ الْجَبِيرَةِ مِنْ صَحِيحٍ بِبَلِّ خِرْقَةٍ وَعَصْرِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِمَّا فِيهِ رِفْقُ لِتَغْسِل تِلْكَ الْمَحَالِّ بِالْمُتَقَاطَرِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمُوا بِهِ ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَمَا قِيلَ أَنَّهُ قَالَ مَسَحَهُ بِمَاءٍ سَهْوٌ، وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمَا) أَيْ الْجَبِيرَةِ وَاللَّصُوقِ إذَا كَانَا بِأَعْضَاءِ الطُّهْرِ (مَسْحًا بِالْمَاءِ حِينَ يَغْسِلُ الْمُحْدِثُ الْعُضْوَ) الْعَلِيلَ لِلتَّرْتِيبِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ يَمْسَحُ مَتَى شَاءَ أَمَّا الْمَسْحُ «فَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَشْجُوجٍ احْتَلَمَ وَاغْتَسَلَ فَدَخَلَ الْمَاءُ شَجَّتَهُ وَمَاتَ إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا اسْتِيعَابُهُ فَلِأَنَّهُ مَسْحٌ أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ كَالتَّيَمُّمِ وَخَرَجَ بِالْمَاءِ التُّرَابُ فَلَا يَجِبُ الْمَسْحُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَتَقَدَّرُ الْمَسْحُ) بِمُدَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيفٌ وَلِأَنَّ السَّاتِرَ لَا يُنْزَعُ لِلْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ فِيهِمَا (ثُمَّ) بَعْدَمَا تَقَرَّرَ نَقُولُ: (يَجِبُ التَّيَمُّمُ) لِخَبَرِ الْمَشْجُوجِ السَّابِقِ وَهَذَا التَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْعُضْوِ الْعَلِيلِ وَمَسْحِ السَّاتِرِ لَهُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَ أَطْرَافِهِ مِنْ الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ بَدَلٌ عَمَّا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّاتِرُ بِقَدْرِ الْعِلَّةِ فَقَطْ أَوْ بِأَزْيَدَ وَغَسَلَ الزَّائِدِ كُلَّهُ لَا يَجِبُ الْمَسْحُ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِطْلَاقُهُمْ وُجُوبُ الْمَسْحِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ السَّاتِرَ يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى مَحِلِّ الْعِلَّةِ وَلَا يُغْسَلُ (فَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْجَبِيرَةُ مَثَلًا (بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ) وَهُوَ الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ كَمَا سَيَأْتِي (لَمْ يُمْسَحْ عَلَيْهَا بِالتُّرَابِ) لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فَوْقَ حَائِلٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّ تَأْثِيرَهُ فَوْقَ مَعْهُودٍ فِي الْخُفِّ لَكِنَّهُ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ خَافَ. إلَخْ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ فَيَجِبُ النَّزْعُ وَغَسْلُ مَوْضِعِ الْعِلَّةِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَمَسْحُهُ بِالتُّرَابِ إنْ كَانَ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ (وَإِنْ وَضَعَ الْجَبِيرَةَ) مَثَلًا عَلَى عَلِيلٍ وَهُوَ (عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ (أَوْ عَلَى صَحِيحٍ) لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلِاسْتِمْسَاكِ وَإِنْ كَانَ عَلَى طُهْرٍ (نَزَعَهَا) لِيَفْعَلَ مَا مَرَّ هَذَا إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ نَزْعِهَا (فَإِنْ خَافَ) مِنْهُ (تَرَكَ) هَا لِلضَّرُورَةِ وَصَلَّى لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَقَضَى) لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَضْعِ عَلَى الطُّهْرِ وَبِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَسَيَأْتِي هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَى صَحِيحٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُسْتَحَبُّ لِلْجُنُبِ) وَنَحْوِهِ (تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ) عَلَى الْغُسْلِ لِيُزِيلَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ وَذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ مَا نُدِبَ تَقْدِيمُهُ فِي الْغُسْلِ فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحَتُهُ فِي رَأْسِهِ غَسَلَ مَا صَحَّ مِنْهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ جَرِيحِهِ ثُمَّ غَسَلَ بَاقِيَ جَسَدِهِ وَفِي الْبَيَانِ فِيمَا إذَا كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ مِثْل ذَلِكَ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ ثُمَّ قَالَ إنَّهُ حَسَنٌ. اهـ. (وَالْمُحْدِثُ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ عُضْوٍ) بِهِ عِلَّةٌ (حَتَّى يُكْمِلَهُ غُسْلًا) وَمَسْحًا عَلَى السَّاتِرِ (وَتَيَمُّمًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْعُضْوِ لِأَنَّ الْمَسْحَ وَالتَّيَمُّمَ بَدَلَانِ عَنْ غُسْلِهِ عَلَى مَا مَرَّ (مُقَدِّمًا مَا شَاءَ) مِنْهَا عَلَى الْبَاقِي لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فِي ذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ هُنَا أَيْضًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَجَازَ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ لِلْعِلَّةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فِي اسْتِعْمَالِ النَّاقِضِ فَإِنَّهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَقْدِهِ بَلْ الْأَوْلَى هُنَا تَقْدِيمُهُ كَمَا مَرَّ آنِفًا (وَالْيَدَانِ كَعُضْوٍ) فَيَتَيَمَّمُ لَهُمَا تَيَمُّمًا وَاحِدًا (وَيُسْتَحَبُّ جَعْلُهُمَا كَعُضْوَيْنِ) فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ ثُمَّ صَحِيحُ الْيُمْنَى ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ عَلِيلِهَا أَوْ يُقَدِّمُ التَّيَمُّمُ عَلَى غَسْلِ صَحِيحِهَا ثُمَّ يَغْسِلُ صَحِيحَ الْيُسْرَى ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ عَلِيلِهَا أَوْ بِعَكْسٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَكَذَا الرِّجْلَانِ (فَإِنْ كَانَ فِي أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَةِ جِرَاحَةٌ وَلَمْ تَعُمَّهَا وَجَبَ ثَلَاثُ تَيَمُّمَاتٍ) تَيَمُّمٌ لِلْوَجْهِ وَتَيَمُّمٌ لِلْيَدَيْنِ وَتَيَمُّمٌ لِلرِّجْلَيْنِ وَالرَّأْسُ يَكْفِي فِيهِ مَسْحُ مَا قَلَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ عَمَّتْ الرَّأْسَ فَأَرْبَعَةٌ) مِنْ التَّيَمُّمَاتِ (وَإِنْ عَمَّتْ الْجَمِيعَ فَتَيَمُّمٌ وَاحِدٌ) عَنْ الْجَمِيعِ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغُسْلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدِهِ وَغَسَلَ صَحِيحَ الْوَجْهِ أَوَّلًا جَازَ تَوَالِي تَيَمُّمَيْهَا فَلِمَ لَا يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ كَمَنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ أَعْضَاءَهُ؟ فَالْجَوَابُ إنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا فِي طُهْرٍ تَحَتَّمَ فِيهِ التَّرْتِيبُ فَلَوْ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ حَصَلَ تَطْهِيرُ الْوَجْهِ وَالْيَدِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمَا مَسْحًا. إلَخْ) لِأَنَّهُ مَسْحٌ أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ وَالْعَجْزِ عَنْ الْأَصْلِ فَوَجَبَ فِيهِ التَّعْمِيمُ كَالْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّأْسِ أَنَّ فِي تَتْمِيمِهِ مَشَقَّةَ النَّزْعِ وَبَيْنَ الْخُفِّ أَنَّ فِيهِ ضَرَرًا فَإِنَّ الِاسْتِيعَابَ يُبْلِيهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّاتِرُ بِقَدْرِ الْعِلَّةِ فَقَطْ. إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ غ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعُضْوُ جَرِيحًا وَوَاجِبُهُ التَّيَمُّمُ عَنْهُ وَغَسْلُ الْبَاقِي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْتُرَ أَوْ لَا يَسْتُرَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَضَعَ الْجَبِيرَةَ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: يَنْبَغِي أَنْ يَبْحَثَ عَنْ الْمُرَادِ بِالطُّهْرِ هَلْ هُوَ طُهْرٌ كَامِلٌ وَهُوَ مَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ كَالْخُفِّ أَوْ الْمُرَادُ طَهَارَةُ الْمَحَلِّ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ، وَصَرَّحَ الْإِمَامُ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاء بِالْأَوَّلِ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي وَقَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ يَنْبَغِي أَنْ يَضَعَهَا عَلَى وُضُوءٍ كَامِلٍ كَمَا فِي لُبْسِ الْخُفِّ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: هَلْ هُوَ طُهْرٌ كَامِلٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَضْعِ عَلَى الطُّهْرِ. إلَخْ) أَمَّا إذَا وَضَعَهَا عَلَى طُهْرٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّيَمُّمِ فَلَا يَقْضِي لِأَنَّهُ عُذْرٌ عَامٌّ فَيَشُقُّ مَعَهُ الْقَضَاءُ فَلَمْ يَجِبْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَسَوَاءٌ فِيهِ الْمُقِيمُ وَالْمُسَافِرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجُرْحِهِ دَمٌ كَثِيرٌ بِحَيْثُ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَيَخَافُ مِنْ غَسْلِهِ مَحْذُورًا مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ مَا نُدِبَ. إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَمَّتْ الْجَمِيعَ إلَخْ) لَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ وَعَلَى كُلِّ عُضْوٍ سَاتِرٌ عَمَّهُ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ رَفْعِ السَّاتِرِ عَنْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ تَيَمُّمِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ وَيُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ ثُمَّ يَقْضِي لَكِنَّهُ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (قَوْلُهُ: فَالْجَوَابُ أَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا فِي طُهْرٍ تَحَتَّمَ فِيهِ التَّرْتِيبُ) أَيْ بَيْنَ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ عَمَّتْ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغُسْلِ وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْجَبِيرَةِ وَ) إلَى (السَّتْرِ) بِاللَّصُوقِ (فِي الْكَسْرِ) وَالِانْخِلَاعِ (وَ) فِي (الْجُرْحِ وَخَافَ مِنْ الْغُسْلِ) شَيْئًا مِمَّا مَرَّ (غَسَلَ) وُجُوبًا (الصَّحِيحَ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ) فَاضِلَةٍ عَمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ احْتَاجَ إلَيْهِمَا (كَالْأَقْطَعِ) الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يُطَهِّرُهُ (ثُمَّ تَيَمَّمَ) وُجُوبًا (كَمَا سَبَقَ) فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْجُنُبِ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ وَإِنَّ الْمُحْدِثَ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ عُضْوٍ حَتَّى يُكْمِلَهُ غَسْلًا وَتَيَمُّمًا عَنْهُ مُقَدِّمًا مَا شَاءَ (وَيُمِرُّ) وُجُوبًا (تُرَابُ تَيَمُّمِهِ عَلَى مَوْضِعِ الْعِلَّةِ) بِمَحِلِّ التَّيَمُّمِ (إنْ أَمْكَنَ) وَلَوْ عَلَى أَفْوَاهِ الْجُرْحِ إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ (وَلَا يَجِبُ مَسْحُ الْعَلِيلِ بِالْمَاءِ) وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بِلَا حَائِلٍ بِخِلَافِ مَسْحِ السَّاتِرِ فَإِنَّهُ مَسْحٌ عَلَى حَائِلٍ كَالْخُفِّ وَقَدْ وَرَدَ الْخَبَرُ بِهِ (وَلَا) يَجِبُ (إلْقَاءُ) أَيْ وَضْعُ (الْجَبِيرَةِ) أَوْ اللَّصُوقِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَلِيلِ (لِمَسْحٍ) أَيْ لِيَسْمَحَ عَلَيْهَا بِالْمَاءِ (وَلَا لُبْسِ الْخُفِّ لِحَدَثٍ أَرْهَقَهُ لِيَكْفِيَ الْمَاءُ) الَّذِي مَعَهُ لِوُضُوئِهِ لِأَنَّ الْمَسْحَ فِيهِمَا رُخْصَةٌ فَلَا يَلِيقُ بِهَا وُجُوبُ ذَلِكَ وَلَوْ أَحْدَثَ وَهُوَ لَابِسُهُ وَمَعَهُ مَا يَكْفِيهِ لِغَيْرِ رِجْلَيْهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَبَ الْمَسْحُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَلْزَمُهُ حِفْظُ الْمَاءِ وَشِرَاؤُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَحَكَى فِيهِ الِاتِّفَاقَ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ خُصُوصًا إنْ لَزِمَ مِنْ تَرْكِهِ إخْرَاجُ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْضِهَا عَنْ وَقْتِهَا أَوْ قَضَاؤُهَا لِكَوْنِهِ فَقَدَ التُّرَابَ أَوْ وَجَدَهُ بِمَحِلٍّ لَا يَسْقُطُ فِيهِ فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ وَلَوْ لَبِسَهُ وَهُوَ يُدَافِعُ الْحَدَثَ فَفِي الْمَجْمُوعِ لَمْ يُكْرَهْ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِأَنَّ مُدَافَعَتَهُ فِيهَا تُذْهِبُ الْخُشُوعَ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُهَا بِخِلَافِ لُبْسِ الْخُفِّ (وَالْفَصْدُ كَالْجُرْحِ) الَّذِي يَخَافُ مِنْ غُسْلِهِ مَا مَرَّ فَيَتَيَمَّمُ لَهُ (إنْ خَافَ الْمَاءَ) أَيْ اسْتِعْمَالَهُ (وَعِصَابَتُهُ كَالْجَبِيرَةِ) فِي حُكْمِهَا السَّابِقِ وَالْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ كَاللَّصُوقِ (وَلِمَا بَيْنَ حَبَّاتِ الْجُدَرِيِّ حُكْمُ) الْعُضْوِ (الْجَرِيحِ إنْ خَافَ مِنْ غَسْلِهِ) مَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَالْفَصْدُ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ فِي بَحْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي جَوَاهِرِهِ (فَرْعٌ) لَوْ (غَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ عَنْ غَيْرِهِ) مَعَ مَسْحِ السَّاتِرِ إنْ كَانَ (ثُمَّ صَلَّى فَرِيضَةً وَلَمْ يُحْدِثْ أَعَادَ التَّيَمُّمَ وَحْدَهُ لِلْفَرِيضَةِ الْأُخْرَى) لَا لِلنَّفْلِ وَإِنْ كَثُرَ (إنْ كَانَ جُنُبًا) إذْ لَا تَرْتِيبَ فِي غُسْلِهِ (وَكَذَا الْمُحْدِثُ) يُعِيدُ التَّيَمُّمَ وَحْدَهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ هُنَا حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ فِي الْأَوَّلِ أَرْبَعَ تَيَمُّمَاتٍ أَعَادَهَا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي أَنَّهُ لَا يُعِيدُهُ وَحْدَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوُضُوءَ الْكَامِلَ لَا يُعَادُ فَكَذَا بَعْضُهُ وَلِأَنَّ مَا غَسَلَهُ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ وَنَابَ التَّيَمُّمُ عَنْ غَيْرِهِ فَتَمَّ طُهْرُهُ وَإِنَّمَا أُعِيدَ التَّيَمُّمُ لِضَعْفِهِ عَنْ أَدَاءِ الْفَرْضِ لَا لِبُطْلَانِهِ وَإِلَّا لَمْ يَتَنَفَّلْ بِهِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ أَمَّا إذَا أَحْدَثَ فَيُعِيدُ مَعَ التَّيَمُّمِ الْوُضُوءَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يَلْزَمُهُ النَّزْعُ لَوْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ بِخِلَافِ الْخُفِّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ هُنَا (وَإِنْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ وَتَيَمَّمَ عَنْ جِرَاحِهِ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ بَعْدَ) أَدَاءِ (فَرِيضَةٍ) مِنْ صَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ (لَمْ يَبْطُلْ حُكْمُ تَيَمُّمِهِ) لِأَنَّهُ وَقَعَ عَنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْحَدَثُ (فَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي بِوُضُوئِهِ مَا شَاءَ مِنْ النَّوَافِلِ) وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ حُكْمٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَإِنْ بَرِئَ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ (وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ) لِزَوْلِ عِلَّتِهِ (وَوَجَبَ غَسْلُ مَوْضِعِ الْجَبِيرَةِ) لَوْ قَالَ كَأَصْلِهِ مَوْضِعُ الْعُذْرِ كَانَ أَعَمَّ (جُنُبًا كَانَ أَوْ مُحْدِثًا وَ) وَجَبَ غَسْلُ (مَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْضِعِ الْعُذْرِ (إنْ كَانَ مُحْدِثًا) رِعَايَةً لِلتَّرْتِيبِ فَإِنَّهُ لَمَّا وَجَبَ إعَادَةُ تَطْهِيرِ عُضْوٍ لِبُطْلَانِهِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ تَامَّ الطُّهْرِ فَإِذَا أَتَمَّهُ وَجَبَ إعَادَةُ مَا بَعْدَهُ كَمَا لَوْ أَغْفَلَ لَمْعَةً بِخِلَافِ الْجُنُبِ (وَلَا يَسْتَأْنِفَانِ) أَيْ (الْجُنُبُ وَالْمُحْدِثُ) (الطَّهَارَةَ) وَبُطْلَانُ بَعْضِهَا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ كُلِّهَا (وَلَوْ تَوَهَّمَ الْبُرْءَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا فَرَفَعَ السَّاتِرَ (فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ) بِخِلَافِ تَوَهُّمِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُ وَإِنْ بَانَ أَنْ لَا مَاءَ لِأَنَّ تَوَهُّمَهُ يُوجِبُ الطَّلَبَ وَتَوَهُّمَ الْبُرْءِ لَا يُوجِبُ الْبَحْثَ عَنْهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ وَيُرَدُّ تَوَقُّفُهُ بِأَنَّ طَلَبَ الْمَاءِ سَبَبٌ لِتَحْصِيلِهِ بِخِلَافِ طَلَبِ الْبُرْءِ لَيْسَ سَبَبًا لِتَحْصِيلِهِ وَلَا يُشْكِلُ عَدَمُ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِقَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ وَتَحْقِيقُهُ لَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ عَنْ عُضْوِهِ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ كَانْخِلَاعِ الْخُفِّ لِأَنَّ بُطْلَانَهَا لَيْسَ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ بَلْ لِلتَّرَدُّدِ فِي بُطْلَانِهِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي تَقْيِيدُ بُطْلَانِهَا بِمَا إذَا طَالَ التَّرَدُّدَ أَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ التَّرَدُّدِ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَجَابَ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطْهُرْ مِنْ الصَّحِيحِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَمَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ ذَلِكَ وَهُوَ أَوْلَى وَلَوْ انْدَمَلَ مَا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَصَلَّى بَعْدَهُ صَلَوَاتٍ وَجَبَ قَضَاؤُهَا وَلَوْ كَانَ عَلَى عُضْوِهِ جَبِيرَتَانِ فَرَفَعَ إحْدَاهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ رَفْعُ الْأُخْرَى بِخِلَافِ الْخُفَّيْنِ لِأَنَّ لُبْسَهُمَا جَمِيعًا.   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: ذَكَرْتُهُ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) عِبَارَتُهُ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ حُكْمَ التَّرْتِيبِ بَاقٍ فِيمَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ سَاقِطٌ فِي غَيْرِهِ فَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الطُّهْرَ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ لَا يَتَجَزَّأُ تَرْتِيبًا وَعَدَمُهُ ش (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بِلَا حَائِلٍ) لِأَنَّهُ لِعَارِضٍ بِخِلَافِ مَسْحِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ مُتَأَصِّلٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّدَ هُنَا حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ تَعَدُّدِ التَّيَمُّمِ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ وَتَيَمَّمَ عَنْ جِرَاحَةٍ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ بِرَأْسِهِ فَخَافَ إنْ غَسَلَ رَأْسَهُ نَزَلَ الْمَاءُ إلَيْهِ لَزِمَهُ غَسْلُ الرَّأْسِ بِأَنْ يَسْتَلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ أَوْ يَخْفِضَ رَأْسَهُ فَإِنْ خَافَ انْتِشَارَ الْمَاءِ وَضَعَ بِقُرْبِ الْجُرْحِ خِرْقَةً مَبْلُولَةً وَتَحَامَلَ عَلَيْهَا لِيُقَطِّرَ مِنْهَا مَا يَغْسِلُ بِهِ الصَّحِيحَ الْمُلَاصِقَ لَهَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ أَمَسَّ مَا حَوَالَيْ الْجِرَاحَةِ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ غَسْلُ الرَّأْسِ دُونَ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهَا سَقَطَ غَسْلُ الرَّأْسِ وَإِنْ كَانَتْ بِظَهْرِهِ أَوْ كَانَ أَعْمَى اسْتَعَانَ بِغَيْرِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إنْ وَجَدَهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَسَلَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِيَّ وَأَعَادَ لِنُدْرَتِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيُّ أَجَابَ بِحَمْلِ مَا هُنَا. إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَا أَجَابَ بِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ تَشْبِيهِ النَّوَوِيِّ لَهُ بِانْخِلَاعِ الْخُفِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 شَرْطٌ بِخِلَافِ الْجَبِيرَتَيْنِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ (الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَلَهُ سَبْعَةُ أَرْكَانٍ) عَلَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَسِتَّةٌ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ بِإِسْقَاطِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ وَخَمْسَةٌ عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِإِسْقَاطِ الْقَصْدِ أَيْضًا لِذَلِكَ، وَكَذَا صَنَعَ الرَّافِعِيُّ فَقَالَ: وَحَذَفَهُمَا جَمَاعَةٌ وَهُوَ أَوْلَى إذْ لَوْ حَسُنَ عَدُّ التُّرَابِ رُكْنًا لَحَسُنَ عَدُّ الْمَاءِ رُكْنًا فِي الطُّهْرِ بِهِ فَأَمَّا الْقَصْدُ فَدَاخِلٌ فِي النَّقْلِ الْوَاجِبِ قَرْنَ النِّيَّةُ بِهِ (الْأَوَّلُ) مِنْ السَّبْعَةِ (التُّرَابُ الطَّاهِرُ الْخَالِصُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِخُلُوصِهِ (غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ) كَمَا فِي الْمَاءِ فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ الْمَذْكُورِ (بِأَيِّ لَوْنٍ كَانَ) كَمَا فِي الْمَاءِ (فَيَصِحُّ بِبَطْحَاءَ) وَهُوَ تُرَابٌ بِمَسِيلِ الْمَاءِ فِيهِ دِقَاقُ حَصًى (وَسَبِخٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ مَا لَا يُنْبِتُ هَذَا إذَا (لَمْ يَعْلُهُ الْمِلْحُ) فَإِنْ عَلَاهُ لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ بِهِ لِأَنَّ الْمِلْحَ لَيْسَ بِتُرَابٍ (وَتُرَابِ أَرَضِهِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (خَرَجَتْ) بِهِ (مِنْ مَدَرٍ) لِأَنَّهُ تُرَابٌ (لَا) مِنْ (خَشَبٍ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تُرَابًا وَإِنْ أَشْبَهَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَلَا أَثَرَ لِلُعَابِهَا) الْمُخْتَلِطِ بِالتُّرَابِ كَتُرَابٍ مَعْجُونٍ بِخَلٍّ كَمَا سَيَأْتِي (وَتَغَيَّرَ) أَيْ وَلَا أَثَرَ لِتَغَيُّرِ (حَمْأَةٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَسْكِينِ ثَانِيهِ أَيْ طِينٍ أَسْوَدَ (وَ) لَا تَغَيُّرِ (طِينٍ) هَذَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَالتَّصْرِيحُ بِهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْعَامِّ كَفَى وَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ (وَلَوْ شُوِيَ) الطِّينُ (وَتَسَوَّدَ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ إذَا سُحِقَ لِأَنَّهُ تُرَابٌ (لَا مَا صَارَ رَمَادًا أَوْ خَرِفًا أَوْ آجُرًّا) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تُرَابًا وَفِي نُسْخَةٍ وَآجُرٌّ بِالْوَاوِ (وَلَا) يَصِحُّ التَّيَمُّمُ (بِرَمْلٍ) وَلَوْ نَاعِمًا (بِلَا غُبَارٍ) أَوْ بِغُبَارٍ لَكِنَّ الرَّمْلَ يَلْصَقُ بِالْعُضْوِ بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يَلْصَقْ بِهِ فَإِطْلَاقُهُ الرَّمْلِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ لَهُ بِالْخَشِنِ (وَلَا بِمَعْدِنٍ كَنَوْرَةٍ وَزِرْنِيخٍ) وَجَصٍّ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تُرَابًا وَلَوْ جَازَ التَّيَمُّمُ بِجَمِيعِ الْأَرْضِ لَمَا عَدَلَ عَنْهَا إلَى التُّرَابِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» وَطَهَارَةُ التَّيَمُّمِ تَعَبُّدِيَّةٌ فَاخْتُصَّتْ بِمَا وَرَدَ كَالْوُضُوءِ بِخِلَافِ الدِّبَاغِ فَإِنَّهُ نَزْعُ الْفُضُولِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَنْوَاعٍ (وَإِنْ انْتَفَضَ مِنْ كَلْبٍ تُرَابٌ) أَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ فَتَيَمَّمَ بِهِ (وَلَمْ يَعْلَمْ تَرَطُّبَهُ) عِنْدَ الْتِصَاقِهِ بِهِ بِمَاءٍ أَوْ عَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَجْزَأَهُ) لِأَنَّهُ طَاهِرٌ حَقِيقَةً أَوْ أَصَالَةً بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ (وَلَا بِمُتَنَجِّسٍ كَمَقْبَرَةٍ تَيَقَّنَ نَبْشَهَا) لِاخْتِلَاطِهَا بِصَدِيدِ الْمَوْتَى سَوَاءٌ أَوَقَعَ الْمَطَرُ عَلَيْهَا أَمْ لَا لِأَنَّ الصَّدِيدَ لَا يُذْهِبُهُ الْمَطَرُ كَمَا لَا يُذْهِبُ التُّرَابُ، وَكَذَا كُلُّ مَا اخْتَلَطَ مِنْ الْأَنْجَاسِ بِالتُّرَابِ مِمَّا يَصِيرُ كَالتُّرَابِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ نَبْشَهَا فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِتُرَابِهَا بِلَا كَرَاهَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ. (وَلَا بِمُخْتَلِطٍ بِدَقِيقٍ وَزَعْفَرَانٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَرَمْلٍ نَاعِمٍ يَلْصَقُ بِالْعُضْوِ (وَلَوْ قَلَّ) الْخَلِيطُ بِأَنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي التُّرَابِ لِمَنْعِهِ وُصُولَهُ إلَى الْعُضْوِ لِكَثَافَتِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَاءِ (فَلَوْ عَجَنَ التُّرَابَ بِخَلٍّ فَتَغَيَّرَ) بِهِ (ثُمَّ جَفَّ لَمْ يَضُرَّ) فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ (وَلَا بِمُسْتَعْمَلٍ وَلَوْ مُتَنَاثِرًا) مِنْ الْعُضْوِ بَعْدَ مَسِّهِ كَالْمَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ تَأَدَّى بِهِ فَرْضٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمُتَنَاثِرِ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ (الرُّكْنُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ: النَّقْلُ) أَيْ نَقْلُ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ (وَالْقَصْدُ) إلَيْهِ لِلْآيَةِ فَإِنَّهَا آمِرَةٌ بِالتَّيَمُّمِ وَهُوَ الْقَصْدُ وَالنَّقْلُ طَرِيقُهُ (فَإِنْ مَسَحَ بِمَا) أَيْ تُرَابٍ (سَفَتْهُ عَلَيْهِ الرِّيحُ أَوْ يَمَّمَهُ رَجُلٌ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (لَمْ يُجْزِهِ وَلَوْ صَمَدَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (لِذَلِكَ وَقَصَدَهُ) لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ مِنْ جِهَتِهِ بِانْتِفَاءِ النَّقْلِ الْمُحَقِّقِ لَهُ وَمُجَرَّدًا لِقَصْدِ الْمَذْكُورِ لَا يَكْفِي وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرَزَ لِلْمَطَرِ فِي الطُّهْرِ بِالْمَاءِ فَانْغَسَلَتْ أَعْضَاؤُهُ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِيهِ الْغُسْلُ، وَاسْمُهُ يُطْلَقُ وَلَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ أَمَّا إذَا يَمَّمَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ، فَيَجُوزُ وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ صَمَدَ حَشْوٌ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى قَصَدَ (فَلَوْ تَلَقَّاهُ) أَيْ التُّرَابَ (مِنْ الرِّيح بِكُمِّهِ أَوْ يَدِهِ وَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ أَوْ تَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ) وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ (أَجْزَأَهُ) لِأَنَّ قَصْدَهُ التُّرَابَ قَدْ تَحَقَّقَ بِذَلِكَ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحَدَثَ بَعْدَ الضَّرْبِ وَقَبْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَلَهُ سَبْعَة أَرْكَان] [الرُّكْن الْأَوَّل التُّرَاب الطَّاهِر] ٍ) اعْتَذَرَ عَنْ عَدِّ التُّرَابِ رُكْنًا فِي التَّيَمُّمِ دُونَ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ بِأَنَّ الْمَاءَ الْمَشْرُوطَ إطْلَاقُهُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْوُضُوءِ بَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ وَفِي الْغُسْلِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالتَّيَمُّمِ وَالْمُطَهِّرِ فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ الْمَاءُ بِشَرْطِ امْتِزَاجِهِ بِهِ فِي غَسْلَةٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ التُّرَابُ. إلَخْ) كَمَا ثَبَتَ أَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَائِعَاتِ تَخْتَصُّ بِأَعَمِّهَا وُجُودًا وَهُوَ الْمَاءُ وَجَبَ أَنْ تَخْتَصَّ الطَّهَارَةُ بِالْجَامِدَاتِ بِأَعَمِّهَا وُجُودًا وَهُوَ التُّرَابُ وَفِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ فِي تَخْصِيصِ التَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ إظْهَارًا لِكَرَامَةِ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ التُّرَابِ وَالْمَاءِ فَخُصَّا بِكَوْنِهِمَا مُطَّهِّرَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا) لِأَنَّ الطِّيبَ يُطْلَقُ عَلَى مَا تَسْتَطِيبُهُ النَّفْسُ وَعَلَى الْحَلَالِ وَعَلَى الطَّاهِرِ وَإِلَّا وَلَأَنْ لَا يَحْسُنَ وَصْفُ التُّرَابِ بِهِمَا فَتَعَيَّنَ الثَّالِثُ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الطَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شُوِيَ الطِّينُ وَتَسَوَّدَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَبْطُلْ مِنْهُ قُوَّةُ الْإِنْبَاتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تُرَابًا) أَيْ وَصَارَ حَقِيقَةً أُخْرَى (قَوْلُهُ: فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ. إلَخْ) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ بِلَفْظِ: «جُعِلَتْ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَنَا مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا لَنَا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدْ الْمَاءَ» (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْتَفَضَ مِنْ كَلْبٍ تُرَابٌ) أَيْ أَوْ خِنْزِيرٍ (قَوْلُهُ: إذَا انْفَصَلَ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ) وَعَلَى هَذَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْهَوَاءِ وَتَيَمَّمَ جَازَ ج هَذَا مَمْنُوعٌ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا رَفَعَ يَدَهُ ثُمَّ أَعَادَهَا وَكَمَّلَ بِهَا مَسْحَ الْعُضْوِ، فَقَوْلُهُ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ أَيْ انْفَصَلَ عَنْ الْيَدِ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحِ جَمِيعًا وَعِبَارَتُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْمُتَنَاثِرَ مُسْتَعْمَلٌ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ لِأَنَّ فِي إيصَالِ التُّرَابِ إلَى الْأَعْضَاءِ عُسْرًا لَا سِيَّمَا مَعَ رِعَايَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ فَيُعْذَرُ فِي رَفْعِ الْيَدِ وَرَدِّهَا كَمَا يُعْذَرُ فِي التَّقَاذُفِ الَّذِي يَغْلِبُ فِي الْمَاءِ وَلَا يُحْكَمُ بِاسْتِعْمَالِ الْمُتَقَاذِفِ ش [الرُّكْنُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ نَقْلُ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ وَالْقَصْدُ إلَيْهِ] (قَوْلُهُ فَانْغَسَلَتْ أَعْضَاؤُهُ) وَنَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا يَمَّمَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ. إلَخْ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَأْذُونُ كَافِرًا أَمْ مَجْنُونًا أَمْ حَائِضًا أَمْ نُفَسَاءَ حَيْثُ لَا نَقْضَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 يَضُرُّ، وَكَذَا الضَّرْبُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ مَعَ الشَّكِّ فِي دُخُولِهِ مَعَ أَنَّ الْمَسْحَ بِالضَّرْبِ الْمَذْكُورِ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ التَّمَعُّكِ وَالضَّرْبُ بِمَا عَلَى الْكُمّ أَوْ الْيَدِ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ فِي ذَلِكَ وَيُجَابُ بِأَنَّا نَقُولُ بِجَوَازِهِ عِنْدَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ التُّرَابُ عَلَى يَدَيْهِ ابْتِدَاءً وَالْمَنْعُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ تَجْدِيدِهَا لِبُطْلَانِهَا وَبُطْلَانِ النَّقْلِ الَّذِي قَارَنَتْهُ (وَإِنْ نَقَلَهُ) مِنْ عُضْوٍ (وَلَوْ مِنْ عُضْوٍ تَيَمَّمَ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ جَازَ) لِتَحَقُّقِ النَّقْلِ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: رَدَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى نَقَلَهُ الْمُقَدَّرِ بَعْدَ لَوْ (الرُّكْنُ الرَّابِعُ النِّيَّةُ) لِخَبَرِ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَيَجِبُ قَرْنُهَا بِالنَّقْلِ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَرْكَانِ (وَ) يَجِبُ (اسْتِصْحَابُهَا) ذِكْرًا (إلَى مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ) فَلَوْ غَرَبَتْ قَبْلَ الْمَسْحِ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّ النَّقْلَ وَإِنْ كَانَ رُكْنًا غَيْرَ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْمُتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِاسْتِحْضَارِهَا عِنْدَهُمَا وَإِنْ غَرَبَتْ بَيْنَهُمَا وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِكَلَامٍ لِأَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ (وَلَا تُجْزِيهِ إلَّا نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ) لِمُفْتَقِرٍ إلَى طُهْرٍ كَصَلَاةٍ لِأَنَّهُ نَوَى مُقْتَضَاهُ (لَا) نِيَّةَ (التَّيَمُّمِ وَ) لَا نِيَّةَ (فَرْضِهِ) أَوْ نِيَّةَ فَرْضِ الطُّهْرِ أَوْ التَّيَمُّمِ الْمَفْرُوضِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ عَنْ ضَرُورَةٍ فَلَا يَصْلُحُ مَقْصِدًا وَلِهَذَا لَا يُنْدَبُ تَجْدِيدُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ نَعَمْ إنْ تَيَمَّمَ نَدْبًا كَأَنْ تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ غُسْلِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ تُجْزِيهِ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ بَدَلَ الْغُسْلِ (وَلَا) نِيَّةُ (رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ الْجَنَابَةِ أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ لِبُطْلَانِهِ بِزَوَالِ مُقْتَضَيْهِ، «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَدْ تَيَمَّمَ عَنْ الْجَنَابَةِ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ يَا عَمْرُو وَصَلَّيْت بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ فَقَالَ: إنِّي سَمِعْت اللَّهَ يَقُولُ {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فَضَحِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَقَوْلُهُ: " أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَإِنْ نَوَى) بِتَيَمُّمِهِ (فَرْضًا وَنَفْلًا أَوْ فَرْضًا صَحَّ) وَكَانَ مُسْتَبِيحًا (لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ) عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ فِي الْأُولَى وَاسْتِتْبَاعًا لِلنَّفْلِ فِي الْبَاقِي وَصَحَّ التَّيَمُّمُ فِي الْأَخِيرَةِ مَعَ أَنَّهُ نَوَى مَا لَا يُبَاحُ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ نَوَى فَرْضًا وَزَادَ فَلَغَتْ الزِّيَادَةُ (وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ) لِلْفَرْضِ الَّذِي يَنْوِي اسْتِبَاحَتَهُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوُضُوءِ تَعْيِينُ الْحَدَثِ الَّذِي يَنْوِي رَفْعَهُ (فَإِنْ عَيَّنَ فَرْضًا) وَلَوْ نَذْرًا (وَصَلَّى بِهِ غَيْرَهُ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فِي الْوَقْتِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) صَلَّى بِهِ الْفَرْضَ الْمَنْوِيَّ (فِي غَيْرِ وَقْتِهِ جَازَ) ، وَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ التَّعْيِينُ (فَإِنْ عَيَّنَ) فَرْضًا (وَأَخْطَأَ) فِي التَّعْيِينِ (كَمَنْ نَوَى فَائِتَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ ظُهْرًا أَوْ) إنَّمَا (عَلَيْهِ عَصْرٌ لَمْ يَصِحَّ) تَيَمُّمُهُ لِأَنَّ نِيَّةَ الِاسْتِبَاحَةِ وَاجِبَةٌ فِي التَّيَمُّمِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ التَّعْيِينُ فَإِذَا عَيَّنَ وَأَخْطَأَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ وَالْمَيِّتِ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مِثْلِهِ فِي الْوُضُوءِ لِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهَا كَمَا لَوْ عَيَّنَ الْمُصَلِّي الْيَوْمَ وَأَخْطَأَ وَلِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَيَسْتَبِيحُ مَا شَاءَ وَالتَّيَمُّمُ يُبِيحُ وَلَا يَرْفَعُ فَنِيَّتُهُ صَادَفَتْ اسْتِبَاحَةَ مَا لَا يُسْتَبَاحُ (وَكَذَا) لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُ (مَنْ شَكَّ) أَوْ ظَنَّ (هَلْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَتَيَمَّمَ) لَهَا (ثُمَّ ذَكَرَهَا) لِأَنَّ وَقْتَ الْفَائِتَةِ بِالتَّذَكُّرِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّيَمُّمِ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَمَا لَمْ يَتَحَقَّقْهَا لَا يُبَاحُ لَهُ فِعْلُهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ فَاسِدٌ فَإِنَّ فِعْلَهَا مُبَاحٌ بَلْ مُسْتَحَبٌّ قُلْت لَيْسَ بِفَاسِدٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ هُنَا اسْتِبَاحَتُهَا بِالتَّيَمُّمِ الْمَذْكُورِ لَا اسْتِبَاحَتُهَا مُطْلَقًا. (وَيَتَنَفَّلُ مَنْ نَوَى) بِتَيَمُّمِهِ (فَرْضًا) مَا شَاءَ مِنْ النَّوَافِلِ (قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ) اسْتِتْبَاعًا وَلَوْ ذَكَرَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ: وَنَفْلٌ كَانَ أَخْصَرَ مِنْ ذَلِكَ (أَوْ) نَوَى (نَفْلًا اسْتَبَاحَهُ) مَعَ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ نَحْوِ مَسِّ مُصْحَفٍ وَسُجُودِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ وَقِرَاءَةِ جُنُبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَمُكْثِهِ بِمَسْجِدٍ وَحِلِّ وَطْءٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ (فَقَطْ) أَيْ لَا الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ ضَرُورَةً.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّا نَقُولُ بِجَوَازِهِ عِنْدَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ إلَخْ) قَالَ الْفَتَى وَالْمُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْوَاجِبَ تَحْدِيدُ إعَادَةِ النِّيَّةِ فَقَطْ وَجَوَازُ الْمَسْحِ بِذَلِكَ التُّرَابِ وَإِنَّ الْحَدَثَ إنَّمَا أَبْطَلَ النِّيَّةَ فَقَطْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَلَهُ وَلَوْ مِنْ عُضْوٍ تَيَمَّمَ. إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ التُّرَابَ لِيَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ مَسَحَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَ بِذَلِكَ التُّرَابِ يَدَيْهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَى التُّرَابِ لِعُضْوٍ يَمْسَحُهُ بِهِ شَرْطٌ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْوُضُوءِ وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ لِيَدَيْهِ وَظَنَّ أَنَّهُ مَسَحَ الْوَجْهَ فَتَذَكَّرَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ اهـ وَمَا قَالَهُ ضَعِيفٌ [الرُّكْنُ الرَّابِعُ النِّيَّةُ] (قَوْلُهُ: الرَّابِعُ النِّيَّةُ) لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ طَرِيقُهَا الْفِعْلُ فَافْتَقَرَتْ إلَى النِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ وَاحْتَرَزْنَا بِالْمَحْضَةِ عَنْ الْعِدَّةِ وَبِطَرِيقِهَا الْفِعْلُ عَنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَرَدِّ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّ طَرِيقَهُمَا التَّرْكُ وَكَتَبَ أَيْضًا عُلِمَ مِنْهُ اشْتِرَاطُ إسْلَامِ الْمُتَيَمِّمِ لَا فِي كِتَابِيَّةٍ انْقَطَعَ حَيْضُهَا أَوْ نِفَاسُهَا لِتَحَلَّ لِمُسْلِمٍ وَتَمْيِيزُهُ لَا فِي مَجْنُونَةٍ لِتَحِلَّ لِوَاطِئٍ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ قَرْنُهَا بِالنَّقْلِ) أَيْ الضَّرْبِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْكِفَايَةِ وَعَبَّرَ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ قَبْلَ رَفْعِ يَدَيْهِ مِنْ التُّرَابِ (قَوْلُهُ: وَلَا نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ. . . . إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ غَسْلُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَرْفَعُهُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ) فَإِنْ قِيلَ الْحَدَثُ الَّذِي يَنْوِي رَفْعَهُ هُوَ الْمَنْعُ وَالْمَنْعُ يَرْتَفِعُ بِالتَّيَمُّمِ قُلْنَا الْحَدَثُ مَنَعَ مُتَعَلِّقُهُ كُلَّ صَلَاةٍ فَرِيضَةً كَانَتْ أَوْ نَافِلَةً وَكُلَّ طَوَافٍ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَ مَعَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدِ الْأَسْبَابِ وَهَذَا الْمَنْعُ الْعَامُّ الْمُتَعَلِّقُ لَا يَرْتَفِعُ بِالتَّيَمُّمِ إنَّمَا يَرْتَفِعُ بِهِ مَنْعُ خَاصِّ الْمُتَعَلِّقِ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ النَّوَافِلِ فَقَطْ أَوْ مِنْ فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَا يُسْتَبَاحُ مَعَهَا وَالْخَاصُّ غَيْرُ الْعَامِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ) (مَسْأَلَةٌ) لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ فَرَضَ الظُّهْرَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ أَوْ ثَلَاثَةً قَالَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ أَدَاءَ الظُّهْرِ خَمْسَ رَكَعَاتٍ غَيْرُ مُبَاحٍ وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانَا مَعَ وُجُودِ الثِّيَابِ أَمَّا إذَا نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ مَقْصُورًا صَحَّ تَيَمُّمُهُ ثُمَّ لَهُ أَنْ يُتِمَّ كَمَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الصُّبْحَ فَلَمْ يَفْعَلْ بَلْ قَضَى الظُّهْرَ جَازَ مِنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ قَالَ شَيْخُنَا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ صَلَاةَ عِيدٍ مُسْتَقْبَلٍ قَبْلَ مَجِيئِهِ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُقُوعُهُ فِي وَقْتِهِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَلَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ طَوَافًا عَلَيْهِ وَهُوَ بِمِصْرَ مَثَلًا صَحَّ لِدُخُولِ وَقْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِهِ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ فَرْضًا وَصَلَّى بِهِ غَيْرَ إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 وَالنَّفَلُ تَابِعٌ فَلَا يُجْعَلُ مَتْبُوعًا (وَإِنْ تَيَمَّمَ لِصَلَاةٍ) أَيْ لِمُطْلَقِهَا (أَوْ مَسُّ مُصْحَفٍ) أَوْ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ (أَوْ) تَيَمَّمَتْ (حَائِضٌ) انْقَطَعَ حَيْضُهَا (لِوَطْءٍ) أَيْ لِحِلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ (أَوْ) تَيَمَّمَ (جُنُبٌ لِاعْتِكَافٍ) أَوْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ (فَكَنَفَلٍ) تَيَمَّمَ لَهُ فِي أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ مَا نَوَاهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لَا الْفَرْضُ فِي الْأُولَى وَلَا الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ فِيمَا عَدَاهَا وَوُجِّهَ فِي النَّفْلِ بِأَنَّهُ آكَدُ وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَبِحْ الْفَرْضَ فِي الْأُولَى لِأَنَّ مُطْلَقَ الصَّلَاةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّفْلِ كَمَا فِي التَّحَرُّمِ (وَكَذَا) لَوْ تَيَمَّمَ (لِجِنَازَةٍ) أَيْ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَإِنْ تَعَيَّنَتْ فَإِنَّهُ كَتَيَمُّمِهِ لِلنَّفْلِ فِي أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ مَا نَوَاهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لَا الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ (وَإِنْ غَلِطَ) فِي تَيَمُّمِهِ (مِنْ) الْحَدَثِ (الْأَصْغَرِ إلَى الْأَكْبَرِ أَوْ عَكَسَ نَاوِيًا) بِهِ (الِاسْتِبَاحَةَ) لِلصَّلَاةِ (صَحَّ) لِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا وَاحِدٌ وَلِأَنَّ الْجُنُبَ وَالْمُحْدِثَ يَنْوِيَانِ بِتَيَمُّمِهِمَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ فَلَا فَرْقَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْيِينُهَا فِي نِيَّتِهَا فَإِذَا نَوَى الظُّهْرَ فَقَدْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَأَقَرَّهُ أَمَّا إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ لِتَلَاعُبِهِ (فَلَوْ نَسِيَ) مَنْ أَجْنَبَ فِي سَفَرِهِ (الْجَنَابَةَ وَكَانَ يَتَيَمَّمُ فِيهِ يَوْمًا وَيَتَوَضَّأُ يَوْمًا) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَقْتًا بَدَلَ يَوْمًا وَالْمُرَادُ مِنْهَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ وَيَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَدَمِهِ (أَعَادَ صَلَوَاتِ الْوُضُوءِ) دُونَ صَلَوَاتِ التَّيَمُّمِ لِاسْتِبَاحَةِ مَا صَلَّاهُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى [الرُّكْنُ الْخَامِسُ مَسْحُ الْوَجْهِ وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ] (الرُّكْنُ الْخَامِسُ مَسْحُ الْوَجْهِ وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ) وَلَوْ بِغَيْرِ يَدِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] (لَا) مَسْحُ (مَنْبَتِ شَعْرٍ وَإِنْ خَفَّ) أَوْ نَدَرَ فَلَا يَجِبُ وَلَا يُنْدَبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ الْمَاءِ (السَّادِسُ مَسْحُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ) لِلْآيَةِ لَا مَسْحُ مَنْبَتِ شَعْرٍ وَإِنْ خَفَّ أَوْ نَدَرَ فَلَوْ قَالَ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ مَسْحُ الْوَجْهِ وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ وَالْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ لَا مَنْبَتِ شَعْرٍ وَإِنْ خَفَّ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى (السَّابِعُ التَّرْتِيبُ بِتَقْدِيمِ) مَسْحِ (الْوَجْهِ) عَلَى مَسْحِ الْيَدَيْنِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ بِخِلَافِ الْغُسْلِ مِنْهُ لِأَنَّ الْبَدَنَ فِيهِ وَاحِدٌ فَهُوَ كَعُضْوٍ فِي الْوُضُوءِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ فِي التَّيَمُّمِ فَمُخْتَلِفَانِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّمَعُّكَ يَجِبُ فِيهِ التَّرْتِيبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ لَا يَجِبُ فِي حَالَةٍ حَتَّى يَكُونَ كَالْغُسْلِ (فَقَطْ) أَيْ لَا تَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَلَا) يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِالنِّسْيَانِ كَسَائِرِ الْأَرْكَانِ (وَيَجِبُ النَّقْلُ مَرَّتَيْنِ) وَإِنْ أَمْكَنَ بِمَرَّةٍ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا. لِخَبَرِ الْحَاكِمِ «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ مَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى ذِرَاعَيْهِ» لَكِنَّ الْأَوَّلَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَالثَّانِي فِيهِ رَاوٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَعَ هَذَا صَحَّحَ وُجُوبَ الضَّرْبَتَيْنِ وَقَالَ: إنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لِعَمَّارٍ لَمَّا أَجْنَبَ وَتَمَرَّغَ فِي التُّرَابِ لِعَدَمِ الْمَاءِ: إنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْك هَكَذَا ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ نَفَّضَهُمَا ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ، وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَجَابَ عَنْهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَيَانُ صُورَةِ الضَّرْبِ لِلتَّعْلِيمِ لَا بَيَانُ جَمِيعِ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّيَمُّمُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ (وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ) عَلَى مَرَّتَيْنِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِيعَابُ بِهِمَا لَمْ تُكْرَهْ الزِّيَادَةُ بَلْ تَجِبُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ فَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ وَالرُّويَانِيُّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْعِبَارَةَ الْأُولَى وَعِبَارَتُهُ السَّادِسَةُ أَيْ مِنْ السُّنَنِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ: الزِّيَادَةُ عَلَى مَسْحَةٍ لِلْوَجْهِ وَمَسْحِهِ لِلْيَدَيْنِ مَكْرُوهَةٌ (وَلَا تَرْتِيبَ) وَاجِبٌ (فِيهِ) أَيْ فِي النَّفْلِ (فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا وَمَسَحَ بِوَاحِدَةٍ الْوَجْهَ وَبِالْأُخْرَى الْيَدَ جَازَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ شَيْخُنَا شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ تَيَمَّمَ لِطَوَافِ فَرْضٍ فَلَمْ يَطُفْ وَصَلَّى بِهِ مَكْتُوبَةً وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالنَّفَلُ تَابِعٌ فَلَا يُجْعَلُ مَتْبُوعًا) قِيلَ فَلَا يُفْرِدْ قُلْنَا الْحَاجَةُ قَدْ تَمَسُّ إلَيْهِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَسُّ مُصْحَفٍ) أَوْ حَمْلُهُ وَلَوْ عِنْدَ خَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ غَرَقٍ أَوْ حَرَقٍ أَوْ نَجَاسَةٍ أَوْ كَافِرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ قِرَاءَةُ قُرْآنٍ) وَلَوْ كَانَتْ فَرْضًا عَيْنِيًّا كَتَعَلُّمِ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: نَاوِيًا لِاسْتِبَاحَةِ. إلَخْ) عَنْ ذَلِكَ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَلِطَ مِنْ الْأَصْغَرِ إلَى الْأَكْبَرِ. إلَخْ) ضَابِطُ مَا يَغْلَطُ فِي نِيَّتِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ التَّعْيِينَ كَمَوْضِعِ الصَّلَاةِ وَزَمَانِهَا لَمْ يَضُرَّ الْغَلَطُ وَإِنْ اشْتَرَطَ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ أَوْ اشْتَرَطَ النِّيَّةَ دُونَ التَّعْيِينِ كَالِاقْتِدَاءِ وَتَعْيِينِ الْمَيِّتِ وَالْمَالِ الزَّكَوَيِّ ضَرَّ (قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ) وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: مَسْحُ الْوَجْهِ) أَوْ الْوَجْهَيْنِ [الرُّكْن السَّادِس مسح الْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ] (قَوْلُهُ: مَسْحُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمَرْفِقَيْنِ) مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ فِي غَسْلِ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ بَعْضُهَا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا يَأْتِي هُنَا وَكَذَا زِيَادَةُ يَدٍ وَأُصْبُعٍ وَتَدَلِّي جِلْدَةٍ (قَوْلُهُ: لِلْآيَةِ) وَلِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلذِّرَاعَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ» وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوُضُوءِ وَلِأَنَّهُ مَمْسُوحٌ فِي التَّيَمُّمِ فَكَانَ كَغَسْلِهِ كَالْوَجْهِ [الرُّكْن السَّابِع التَّرْتِيب] (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ بِمَرَّةٍ بِخِرْقَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا: بِأَنْ يَمْسَحَ بِبَعْضِهَا وَجْهَهُ وَبِبَاقِيهَا يَدَيْهِ مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْحَاكِمِ «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ» إلَخْ) وَلِأَنَّ الِاسْتِيعَابَ غَالِبًا لَا يَتَأَتَّى بِدُونِهِمَا فَأَشْبَهَ الْأَحْجَارَ الثَّلَاثَةَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ جَائِزَةٌ بِاتِّفَاقٍ فَلَوْ جَازَ أَيْضًا النُّقْصَانُ لَمْ يَبْقَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْعَدَدِ فَائِدَةٌ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِمْ وَاسْتِدْلَالِهِمْ بِحَدِيثِ عَمَّارٍ وَنَحْوِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّرْبَ بِالْيَدَيْنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً بِحَسَبِ ضَرْبَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا ضَرَبَ يَدًا ثُمَّ يَدًا (فَرْعٌ) . قَالَ فِي الْعُبَابِ فَلَوْ نَقَلَ لِوَجْهِهِ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ قَدْ مَسَحَهُ أَوْ لِيَدَيْهِ ظَانًّا مَسْحَ وَجْهِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ بَطَلَ نَقْلُهُ اهـ قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ تَبِعَ فِيهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا. إلَخْ) وَلَوْ ضَرَبَ الْيَمِينَ قَبْلَ الْيَسَارِ ثُمَّ مَسَحَ بِيَسَارِهِ وَجْهَهُ وَبِيَمِينِهِ يَسَارَهُ جَازَ أَيْضًا وَلَوْ مَثَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ أَوْلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 وَفَارَقَ الْمَسْحَ بِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَالْمَسْحَ أَصْلٌ (وَلَا يَتَعَيَّنُ الضَّرْبُ) فَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى تُرَابٍ نَاعِمٍ وَعَلِقَ بِهَا غُبَارٌ كَفَى (وَإِنْ نَقَلَ) هُوَ (أَوْ مَأْذُونُهُ فَأَحْدَثَ الْآمِرُ) الْأُولَى لِيَشْمَلَ الصُّورَتَيْنِ فَأَحْدَثَ الْمُتَيَمِّمُ (بَطَلَ) نَفْلُهُ أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَمَا لَوْ غَسَلَ فِي الْوُضُوءِ وَجْهَهُ ثُمَّ أَحْدَثَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ أَخْذِ الْمَاءِ وَقَبْلَ غَسْلِ وَجْهِهِ لَا يَبْطُلُ لِعَدَمِ وُجُوبِ نَقْلِ الْمَاءِ وَقَصْدِهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَقِيَاسًا عَلَى الْأُولَى كَذَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ فِيهَا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي عَدَمَ الْبُطْلَانِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْقَصْدِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ الْآمِرِ فَصَارَ كَمَا لَوْ اكْتَرَاهُ لِيَحُجَّ عَنْهُ ثُمَّ جَامَعَ فِي زَمَنِ إحْرَامِ الْأَجِيرِ لَا يَبْطُلُ حَجُّهُ وَعَلَى هَذَا يُجَابُ عَنْ قِيَاسِ الْأَصْلِ بِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهَا بَاشَرَ النَّقْلَ بِنَفْسِهِ فَبَطَلَ بِحَدَثِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَقِيسَةِ هَذَا وَلَكِنَّ الْقَاضِي فَرَّعَ مَا قَالَهُ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْآمِرِ عِنْدَ الْمَسْحِ لَا عِنْدَ النَّقْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي تَعْلِيقِهِ بِأَنَّ نِيَّتَهُ تَجِبُ عِنْدَ النَّقْلِ فَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْكِفَايَةِ فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ مَا فِيهِمَا غَلِطَ عَلَيْهِ غَلَطٌ اسْتَنَدَ فِيهِ لِرُؤْيَتِهِ الْفَتَاوَى فَقَطْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ أَفْتَى بِخِلَافِ مَا فِي مُصَنَّفِهِ وَالْأَخْذُ بِمَا فِي الْمُصَنِّفِ أَوْلَى أَمَّا حَدَثُ الْمَأْمُورِ فَلَا يُؤَثِّرُ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ كَنَظِيرِهِ فِي حَجِّ الْأَجِيرِ لِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا مِنْ الْآمِرِ وَثَمَّ مِنْ الْمَأْمُورِ (كَنَقْلٍ) لِتُرَابٍ (بِمَسٍّ مِنْ بَشَرَةِ امْرَأَةٍ) تَنْقُضُ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ لِمُقَارَنَةِ الْحَدَثِ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَمَسَّهَا كَأَنْ كَثُرَ التُّرَابُ (فَرْعٌ وَسُنَنُهُ) أَيْ التَّيَمُّمِ (التَّسْمِيَةُ) وَلَوْ جُنُبًا وَنَحْوَهُ (وَالْبُدَاءَةُ بِالْيُمْنَى وَأَعْلَى الْوَجْهِ) كَالْوُضُوءِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا اسْتِحْبَابَ فِي الْبُدَاءَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ دُونَ شَيْءٍ (وَ) الْإِتْيَانُ فِي مَسْحِ الْيَدَيْنِ (بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ) فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ أَنْ يَضَعَ بُطُونَ أَصَابِعِ الْيُسْرَى سِوَى الْإِبْهَامِ عَلَى ظُهُورِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى سِوَى الْإِبْهَامِ بِحَيْثُ لَا يُخْرِجُ أَنَامِلَ الْيُمْنَى عَنْ مَسْبَحَةِ الْيُسْرَى وَلَا مَسْبَحَةَ الْيُمْنَى عَنْ أَنَامِلِ الْيُسْرَى وَيُمِرُّهَا عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُمْنَى فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ ضَمَّ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ إلَى حَرْفِ الذِّرَاعِ وَيُمِرُّهَا إلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ يُدِيرُ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى بَطْنِ الذِّرَاعِ فَيُمِرُّهَا عَلَيْهِ رَافِعًا إبْهَامَهُ فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ أَمَرَّ إبْهَامَ الْيُسْرَى عَلَى إبْهَامِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَفْعَلُ بِالْيُسْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ يَمْسَحُ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بِالْأُخْرَى كَمَا سَيَأْتِي (وَإِمْرَارُ التُّرَابِ عَلَى كُلِّ الْعَضُدِ) كَالْوُضُوءِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَزَادَ قَوْلَهُ كُلٌّ تَأْكِيدًا (وَكَذَا الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ الْمَسْحَيْنِ بِتَقْدِيرِ التُّرَابِ مَاءً (وَبَيْنَهُ) أَيْ التَّيَمُّمَ (وَبَيْنَ الصَّلَاةِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا (وَتَجِبُ) الْمُوَالَاةُ بِقِسْمَيْهَا (فِي تَيَمُّمِ دَائِمِ الْحَدَثِ وَوُضُوئِهِ) تَخْفِيفًا لِلْمَانِعِ لِأَنَّ الْحَدَثَ يَتَكَرَّرُ وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ بِالْمُوَالَاةِ وَقَوْلُهُ: وَبَيْنَهُ. إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْحَيْضِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ فِي دَائِمِ الْحَدَثِ (وَ) يُسَنُّ (أَنْ لَا يَرْفَعَ الْيَدَ عَنْ عُضْوٍ قَبْلَ تَمَامِهِ) مَسْحًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بِالْمَاسِحَةِ يَصِيرُ بِالْفَصْلِ مُسْتَعْمَلًا وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ هُوَ الْبَاقِي بِالْمَمْسُوحَةِ، وَأَمَّا الْبَاقِي بِالْمَاسِحَةِ فَفِي حُكْمِ التُّرَابِ الَّذِي تَضْرِبُ عَلَيْهِ الْيَدُ مَرَّتَيْنِ (وَتَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ فِي الضَّرْبَتَيْنِ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِزِيَادَةِ آثَارِ الْغُبَارِ بِاخْتِلَافِ مَوَاقِعِ الْأَصَابِعِ إذَا تَفَرَّقَتْ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِيُسْتَغْنَى بِالْوَاصِلِ عَنْ الْمَسْحِ بِمَا عَلَى الْكَفِّ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى التَّفْرِيقِ فِي الْأُولَى عَدَمُ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ لِمَنْعِ الْغُبَارِ الْحَاصِلِ فِيهَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَوُصُولِ الْغُبَارِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّفْرِيقِ فِي الْأُولَى أَجْزَأَهُ لِعَدَمِ وُجُوبِ تَرْتِيبِ النَّقْلِ كَمَا مَرَّ فَحُصُولُ التُّرَابِ الثَّانِي إنْ لَمْ يَزِدْ الْأَوَّلَ قُوَّةً لَمْ يَنْقُصْهُ وَأَيْضًا الْغُبَارُ عَلَى الْمَحَلِّ لَا يَمْنَعُ الْمَسْحَ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ غَشِيَهُ غُبَارُ السَّفَرِ لَا يُكَلَّفُ نَفْضُهُ لِلتَّيَمُّمِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ يُكَلَّفُ نَفْضُ التُّرَابِ مَحْمُولٌ عَلَى تُرَابٍ يَمْنَعُ وُصُولَ التُّرَابِ إلَى الْمَحَلِّ (وَالتَّخْلِيل) لِلْأَصَابِعِ بَعْدَ مَسْحِ الْيَدَيْنِ احْتِيَاطًا (وَيَجِبُ) التَّخْلِيلُ (إنْ لَمْ يُفَرِّقْ) أَصَابِعَهُ (فِي الثَّانِيَةِ) لِأَنَّ مَا وَصَلَ إلَيْهِ قَبْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فِي حُصُولِ الْمَسْحِ (وَمَسْحُ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بِالْأُخْرَى عِنْدَ الْفَرَاغِ) مِنْ مَسْحِ الذِّرَاعَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ فَرْضَهُمَا تَأَدَّى بِضَرْبِهِمَا بَعْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ وَإِنَّمَا جَازَ مَسْحُ الذِّرَاعَيْنِ بِتُرَابِهِمَا لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ وَلِلْحَاجَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ مَسْحُ الذِّرَاعُ بِكَفِّهَا فَصَارَ كَنَقْلِ الْمَاءِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِنَقْلِ الْمَاءِ تَقَاذُفَهُ الَّذِي يَغْلِبُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَيَّنُ الضَّرْبُ) إلَّا فِي مَوْضِعِ صُلْبٍ (قَوْلُهُ: فَأَحْدَثَ الْآمِرُ) فِي نُسْخَةٍ لَا الْآمِرُ وَفِي أُخْرَى أَوْ الْآمِرُ وَاقْتَصَرَ الْأَصْفُونِيُّ عَلَى أَنَّ حَدَثَ أَحَدِهِمَا لَا يَضُرُّ لِكَوْنِهِ الْمَنْقُولَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي عَدَمَ الْبُطْلَانِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَنْ يَضَعَ بُطُونَ أَصَابِعِ الْيُسْرَى إلَخْ) طَاهِرُ الْكَيْفِيَّةِ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ جَعْلِ الْمَاسِحَةِ فَوْقَ الْمَمْسُوحَةِ لِلتَّعْبِيرِ بِعَلَى، وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ نَصِّهِ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ يُعْكَسُ بِأَنْ يَجْعَلَ بَطْنَ رَاحَتَيْهِ مَعًا إلَى فَوْقَ ثُمَّ يُمِرُّ الْمَاسِحَةَ وَهِيَ مِنْ تَحْتَ لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لِلتُّرَابِ ح قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِأَنَّ الْيُسْرَى هِيَ الْمَاسِحَةُ فَكَانَتْ بِالْوَضْعِ أَوْلَى ثُمَّ لَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا أَنَّ ذِكْرَ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى لَيْسَ شَرْطًا فِي الْإِتْيَانِ بَمَطْلُوبِيَّةِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَلَوْ عَكَسَ حَصَلَ وَفَاتَتْ سُنَّةُ تَقْدِيمِ الْيُمْنَى (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ فِي تَيَمُّمِ دَائِمِ الْحَدَثِ. إلَخْ) تَجِبُ أَيْضًا فِي وُضُوءِ السَّلِيمِ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 (وَتَخْفِيفُ التُّرَابِ) مِنْ كَفَّيْهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا إنْ كَانَ كَثِيرًا بِالنَّفْضِ أَوْ النَّفْخِ بِحَيْثُ يَبْقَى قَدْرُ الْحَاجَةِ لِخَبَرِ عَمَّارٍ وَغَيْرِهِ وَلِئَلَّا تَتَشَوَّهَ بِهِ الْخِلْقَةُ أَمَّا مَسْحُ التُّرَابِ مِنْ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ فَالْأَحَبُّ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَنَزْعُ الْخَاتَمِ فِي الْأُولَى) لِيَكُونَ الْمَسْحُ بِجَمِيعِ الْيَدِ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ (وَيَجِبُ) نَزْعُهُ (فِي الثَّانِيَةِ) لِيَصِلَ التُّرَابُ إلَى مَحَلِّهِ وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ بِالْمَاءِ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَإِيجَابُ نَزْعِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمَسْحِ لَا عِنْدَ الضَّرْبِ وَإِيجَابُهُ لَيْسَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِإِيصَالِ التُّرَابِ لِمَا تَحْتَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى غَالِبًا إلَّا بِالنَّزْعِ (وَعَدَمِ التَّكْرَارِ) لِلْمَسْحِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِ تَخْفِيفُ التُّرَابِ (وَأَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَهُ) كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ (وَنُدِبَ الِاسْتِقْبَالُ) بِهِ لِلْقِبْلَةِ كَالْوُضُوءِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: نُدِبَ (وَلَوْ مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدِهِ النَّجِسَةِ لَمْ يَجُزْ كَالْمَسْحِ عَلَيْهَا) كَمَا لَا يَصِحُّ غُسْلُهَا عَنْ الْحَدَثِ مَعَ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَلَا إبَاحَةَ مَعَ الْمَانِعِ فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي تَنَجُّسِ سَائِرِ الْبَدَنِ، وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَمَا قَالَهُ فِي الْمَقِيس عَكْسُ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِيهَا كَالتَّحْقِيقِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ الْمَنْعَ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ فَإِنَّهُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ كَمَا مَرَّ بَسْطُهُ فِي الْبَابِ السَّابِقِ (وَيَصِحُّ تَيَمُّمُ الْعُرْيَانِ) وَعِنْدَهُ سُتْرَةٌ وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ (وَلَوْ تَنَجَّسَ) بَعْدَ أَنْ تَيَمَّمَ (لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ) وَالتَّيَمُّمُ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ كَتَيَمُّمِ مَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّحَّةِ مَعَ الْعُرْيِ بِنَحْوِ مَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ بِأَنْ يُقَالَ: السِّتْرُ أَخَفُّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْعُرْي بِلَا إعَادَةٍ بِخِلَافِهَا مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ التَّيَمُّمِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ) (الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يُبْطِلُهُ غَيْرُ الْحَدَثِ) الْمُبْطِلُ كَالْوُضُوءِ أُمُورٌ (رُؤْيَةُ الْمَاءِ) قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ (إنْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِهِ) لِخَبَرِ أَبِي ذَرٍّ «التُّرَابُ كَافِيك وَلَوْ لَمْ تَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ حِجَجٍ فَإِذَا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَك» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْمَقْصُودِ فَصَارَ كَمَا لَوْ رَآهُ فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ (وَكَذَا تَوَهَّمَهُ) وَإِنْ زَالَ سَرِيعًا لِوُجُوبِ طَلَبِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْمَقْصُودِ بِخِلَافِ تَوَهُّمِهِ السُّتْرَةَ لِعَدَمِ وُجُوبِ طَلَبِهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ وُجْدَانِهَا بِالطَّلَبِ لِلضِّنَةِ بِهَا وَيُبْطِلُهُ أَيْضًا الرِّدَّةُ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَتَوَهُّمِ الْمَاءِ يَكُونُ (بِرُؤْيَةِ سَرَابٍ) وَهُوَ مَا يُرَى نِصْفَ النَّهَارِ كَأَنَّهُ مَاءٌ (أَوْ) بِرُؤْيَةِ (غَمَامَةٍ مُطْبَقَةٍ) بِقُرْبِهِ (أَوْ) بِرُؤْيَةِ (رَكْبٍ طَلَعَ) أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا يُتَوَهَّمُ مَعَهُ مَاءٌ (لَا بِرُؤْيَةِ مَاءٍ دُونَهُ مَانِعٌ كَسَبُعٍ وَحَاجَةِ عَطَشٍ) لِأَنَّ وُجُودَهُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ (فَلَوْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: عِنْدِي مَاءٌ لِغَائِبٍ بَطَلَ) تَيَمُّمُهُ لِعِلْمِهِ بِالْمَاءِ قَبْلَ الْمَانِعِ (أَوْ) يَقُولُ (عِنْدِي لِغَائِبٍ مَاءٌ فَلَا) يَبْطُلُ لِمُقَارَنَةِ الْمَانِعِ وُجُودَ الْمَاءِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ مِنْ زِيَادَته وَصَرَّحَ بِهَا الرَّافِعِيُّ فِي الْكَفَّارَاتِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ فِيهِمَا بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ غَيْرَهُ فِي الْأُولَى بِقَوْلِهِ عِنْدِي مَاءٌ أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ وَفِي الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ: أَوْدَعَنِي فُلَانٌ مَاءً وَهُوَ يَعْلَمُ غَيْبَتَهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِغَائِبٍ مَا لَوْ قَالَ: عِنْدِي لِحَاضِرٍ مَاءٌ فَيَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ وَمَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ مَاءٌ وَلَمْ يَعْلَمْ السَّامِعُ غَيْبَتَهُ وَلَا حُضُورَهُ فَيَجِبُ السُّؤَالُ عَنْهُ (وَإِذَا أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا كَصَلَاةِ جِنَازَةٍ أَوْ عِيدٍ (وَصَلَاتُهُ تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ كَالْمُسَافِرِ) إذَا تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ (ثُمَّ رَآهُ فَلَهُ إتْمَامُهَا) لِتَلَبُّسِهِ بِالْمَقْصُودِ بِلَا مَانِعٍ مِنْ اسْتِمْرَارِهِ فِيهِ كَوُجُودِ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةَ فِي الصَّوْمِ وَلِأَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ لَيْسَ حَدَثًا لَكِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ ابْتِدَاءِ التَّيَمُّمِ وَلَيْسَ كَالْمُصَلِّي بِالْخُفِّ فَيَتَخَرَّقُ فِيهَا إذْ لَا يَجُوزُ افْتِتَاحُهَا مَعَ تَخَرُّقِهِ بِحَالٍ وَلِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَعَهُّدِهِ وَلَا كَالْمُعْتَدَّةِ بِالْأَشْهُرِ فَتَحِيضُ فِيهَا لِقُدْرَتِهَا عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَدَلِ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ فِيهِمَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ رَآهُ فِي أَثْنَاءِ تَحَرُّمِهِ لَا يُتِمُّهَا وَهُوَ كَذَلِكَ (وَقَطَعَهَا لِيَتَوَضَّأَ) وَيُصَلِّي بَدَلَهَا (أَفْضَلَ) مِنْ إتْمَامِهَا (فَرْضَا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا) كَوُجُودِ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ وَلْيَخْرُجْ مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرُمَ إتْمَامُهَا (وَحَرُمَ) قَطْعُهَا إنْ كَانَتْ فَرْضَا (لِضِيقِ وَقْتٍ) لَهَا لِئَلَّا يُخْرِجَهَا عَنْ وَقْتِهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَدَائِهَا فِيهِ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ: إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا يُخَالِفُهُ لَكِنْ جَعَلَهُ الْأَصْلُ ضَعِيفًا وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِهَا مَا لَا يَسَعُ إلَّا رَكْعَةً مُغْتَفَرٌ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْكِفَايَةِ فِيمَا إذَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْأَوْجَهَ صِحَّتُهُ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ التَّيَمُّمِ وَهِيَ ثَلَاثَة] [الْحُكْمِ الْأَوَّل مُبْطِلَات التَّيَمُّم] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ التَّيَمُّمِ) (قَوْلُهُ: قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ) وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِهِ فِي كَلَامِهِ عَلَى نِيَّةِ التَّحَرُّمِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَوَهَّمَهُ) إنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَوْ سَعَى إلَى ذَلِكَ أَمْكَنَهُ التَّطَهُّرُ بِهِ وَالصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَرَى نِصْفَ النَّهَارِ. إلَخْ) أَوْ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ (قَوْلُهُ: عِنْدِي مَاءٌ لِغَائِبٍ أَوْ مَاءٌ نَجِسٌ أَوْ مُسْتَعْمَلٌ) أَوْ مَاءُ وَرْدٍ (تَنْبِيهٌ) لَوْ رَعَفَ فِي الصَّلَاةِ وَوَجَدَ مَا يَكْفِي الدَّمَ فَقَطْ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ قَالَ شَيْخُنَا: كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْعُبَابِ قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَا وَجْهَ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَافِيًا لِلدَّمِ فَقَطْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَتَرَدَّدَ هُوَ فِي كَوْنِهِ فَاضِلًا عَنْهُ أَوْ لَا فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَصَلَاتُهُ تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ) بِأَنْ كَانَتْ بِمَكَانٍ لَا يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: لِتَلَبُّسِهِ بِالْمَقْصُودِ. إلَخْ) وَلِأَنَّ إحْبَاطَهَا أَشَدُّ مِنْ يَسِيرِ غَبْنِ شِرَائِهِ وَيُخَالِفُ السَّتْرَ فَإِنَّهُ يَجِبُ قَطْعًا إذْ لَمْ يَأْتِ بِبَدَلٍ (قَوْلُهُ: وَقَطَعَهَا لِيَتَوَضَّأَ أَفْضَلُ) قَالَ فِي التَّنْقِيحِ أَوْ قَلَبَهَا نَفْلًا وَقَدْ يُقَالُ الْأَفْضَلُ قَلْبُهَا نَفْلًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالْأَفْضَلُ الْخُرُوجُ مِنْهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ أَصَحَّ الْأَوْجَهِ إمَّا هَذَا أَوْ هَذَا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ مَقَالَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَ قَلْبَهَا نَفْلًا وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِأَنَّ قَطْعَهَا أَفْضَلُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ ابْتَدَأَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ وَأَرَادَ قَضَاءَهَا قَبْلَ الْمُؤَدَّاةِ فَإِنَّهُ يُغْتَفَرُ لَهُ ذَلِكَ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ، قَالَ الشَّاشِيُّ: وَإِنَّمَا لَمْ يُفِيدُوا أَفْضَلِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنْهَا هُنَا بِقَلْبِهَا نَفْلًا وَالتَّسْلِيمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا قَيَّدُوهَا بِهِ فِيمَا لَوْ قَدَرَ الْمُنْفَرِدُ فِي صَلَاتِهِ عَلَى جَمَاعَةٍ لِأَنَّ تَأْثِيرَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ فِي النَّفْلِ كَمَا هُوَ فِي الْفَرْضِ وَاسْتَشْكَلَ عَدَمُ الْبُطْلَانِ فِيمَا ذَكَرَ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ قَلَّدَ الْأَعْمَى غَيْرَهُ فِي الْقِبْلَةِ ثُمَّ أَبْصَرَ فِي الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ الضَّرُورَةَ زَالَتْ فِيهِمَا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ هُنَا قَدْ فَرَغَ مِنْ الْبَدَلِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّهُ مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ مُقَلِّدٌ. فَرْعٌ لَوْ يَمَّمَ مَيِّتًا وَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ وَجَبَ غَسْلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَمْ بَعْدَهَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ وَمَا قَالَهُ مَحَلُّهُ فِي الْحَضَرِ أَمَّا فِي السَّفَرِ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَالْحَيِّ جَزَمَ بِهِ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي تَلْقِينِهِ لَكِنَّهُ فَرَضَهُ فِي الْوُجْدَانِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَعُلِمَ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَغَيْرِهَا وَأَنَّ تَيَمُّمَ الْمَيِّتِ كَتَيَمُّمِ الْحَيِّ (وَلَوْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا) فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ ثُمَّ رَأَى الْمَاءَ قَبْلَ تَمَامِ رَكْعَتَيْنِ (وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ) لِأَنَّهُ الْأَحَبُّ وَالْمَعْهُودُ فِي النَّفْلِ فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ لِافْتِقَارِهَا إلَى قَصْدٍ جَدِيدٍ نَعَمْ إنْ وَجَدَهُ فِي ثَالِثَةٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ يُتِمُّهَا لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذِكْرَ الثَّالِثَةِ مِثَالٌ فَمَا فَوْقَهَا كَذَلِكَ وَإِنْ نَوَى عَدَدًا أَتَمَّهُ وَإِنْ جَاوَزَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لِانْعِقَادِ نِيَّتِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمَنْوِيُّ رَكْعَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا (وَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بِسَلَامِهِ) مِنْ صَلَاتِهِ الَّتِي رَأَى الْمَاءَ فِيهَا وَكَانَتْ تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ (وَلَوْ عُلِمَ تَلَفُهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ سَلَامِهِ لِأَنَّهُ ضَعُفَ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَكَانَ مُقْتَضَاهُ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا لَكِنْ خَالَفْنَاهُ لِحُرْمَتِهَا (وَيُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ) لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ كَمَا بَحَثَهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ فَإِنَّهُ بَحَثَهُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُهَا لِعَوْدِ حُكْمِ الْحَدَثِ بِالْأُولَى كَمَا لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَهَا وَقَطَعَ فِي حِلْيَتِهِ بِمَا قَالَهُ وَالِدُهُ وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ الْبَحْثَ (وَلَوْ رَأَتْ حَائِضٌ تَيَمَّمَتْ) لِفَقْدِ الْمَاءِ (الْمَاءَ وَهُوَ يُجَامِعُهَا نَزَعَ) وُجُوبًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ لِبُطْلَانِ طُهْرِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ (لَا إنْ رَآهُ) هُوَ فَلَا يَجِبُ نَزْعُهُ لِبَقَاءِ طُهْرِهَا كَمَا قَدْ يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ لَكِنْ فِيهِ فِي طَبَقَاتِ الْعَبَّادِيِّ وَجْهَانِ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالْوُجُوبِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَلَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةٍ وَقَدْ تَيَمَّمَ لَهَا بَطَلَ تَيَمُّمُهُ بِالرُّؤْيَةِ سَوَاءٌ أَنَوَى قِرَاءَةَ قَدْرٍ مَعْلُومٍ أَمْ لَا لِعَدَمِ ارْتِبَاطِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ رَأَتْ إلَى آخِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ كَانَتْ) صَلَاتُهُ (لَا تَسْقُطُ) بِالتَّيَمُّمِ (كَصَلَاةِ الْمُقِيمِ أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَوْ الْإِتْمَامَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ (وَهُوَ) فِي الْأَخِيرَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ (قَاصِرٌ بَطَلَتْ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِي اسْتِمْرَارِهِ فِي الْأُولَى وَتَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِقَامَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِحُدُوثِ مَا لَمْ يَسْتَبِحْهُ فِيهَا وَفِي الثَّالِثَةِ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى وَبِتَصْوِيرِهِ الثَّانِيَةَ بِالْقَصْرِ كَالثَّالِثَةِ انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ مَا ذَكَرَ فِيهَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ إنْ تَيَمَّمَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ أَوْ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ عَدَمُهُ فَلَا، وَإِنْ نَوَاهَا فَلَا تَأْثِيرَ لِنِيَّتِهَا وَخَرَجَ بِبَعْدَ رُؤْيَتِهِ مَا لَوْ تَأَخَّرَتْ الرُّؤْيَةُ عَنْ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ أَوْ الْإِتْمَامِ أَوْ قَارَنَتْهَا فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ وَغَيْرُهُ فِي التَّأَخُّرِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ نَوَى إتْمَامَهَا ثُمَّ رَآهُ فَلَا تَبْطُلُ، وَكَذَا لَوْ اتَّصَلَتْ سَفِينَتُهُ بِوَطَنِهِ أَوْ نَوَى مَقْصُورَةً ثُمَّ نَوَى إقَامَةً وَلَمْ يَرَ مَاءً فِي الْأَصَحِّ أَيْ وَلَمْ يَرَ مَاءً حَالَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ ثُمَّ رَآهُ بَعْدُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ فَإِنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُمَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِيهِ   [حاشية الرملي الكبير] فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ قَطَعَهَا وَتَوَضَّأَ لِانْفِرَادٍ فَالْمُضِيُّ فِيهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ وَإِنْ ابْتَدَأَهَا مُنْفَرِدًا وَلَوْ قَطَعَهَا وَتَوَضَّأَ لَصَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ أَوْ ابْتَدَأَهَا فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ قَطَعَهَا وَتَوَضَّأَ لَصَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ أَوْ ابْتَدَأَهَا مُنْفَرِدًا وَلَوْ قَطَعَهَا وَتَوَضَّأَ لَصَلَّاهَا مُنْفَرِدًا فَقَطْعُهَا أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَة وَأَرَادَ قَضَاءَهَا. . . إلَخْ) الْفَرْق بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ هُنَا قَدْ فَرَغَ مِنْ الْبَدَل. . . إلَخْ) وَبِأَنَّ صَلَاةَ الْأَعْمَى مُسْتَنِدَةٌ إلَى غَيْرِهِ فَإِذَا أَبْصَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ اجْتِهَادِهِ عَلَى اجْتِهَادِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَغَيْرِهَا) كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ مُصَرِّحٌ بِنَقْلِ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ حُكْمُ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بَلْ أَشَارَ إلَى نَقْلِ الْإِجْمَاعِ فِيهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ: وَإِنْ رَأَى يَعْنِي الْمُسَافِرَ الْمَاءَ فِي أَثْنَائِهَا أَتَمَّهَا إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ مِمَّا يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا فَوَجَبَ أَنْ لَا تَبْطُلَ بِرُؤْيَتِهِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدَيْنِ قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ مَذْهَبَنَا جَرَيَانُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِنَازَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوَابِ) وَلَيْسَتْ مِنْهَا عِنْدَ عُرُوضِ الْمُنَافِي (قَوْلُهُ: نَزَعَ وُجُوبًا) لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا رَأَتْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ لَا تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ) بِأَنْ كَانَتْ بِمَكَانٍ يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَاصِرٌ بَطَلَتْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ الْمَقْصُورَةِ ثُمَّ نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ الْمَقَامَ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: لَا تَبْطُلُ وَلَوْ نَوَى الْمَقَامَ فِيهَا أَوْ الْإِتْمَامَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ أَتَمَّهَا بِلَا خِلَافٍ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ يُتِمُّهَا وَيُعِيدُ انْتَهَى. وَوُجُودُ ثَمَنِ الْمَاءِ عِنْدَ إمْكَانِ شِرَائِهِ كَوُجُودِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَارَنَتْهَا فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ. . . إلَخْ) كَمَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ الْمَقْصُورَةُ بِتَأَخُّرِ تِلْكَ النِّيَّةِ عَنْ الرُّؤْيَةِ تَبْطُلُ بِمُقَارَنَتِهَا لَهَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِحُدُوثِ زِيَادَةٍ أُوجِدَ سَبَبُهَا بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ أَوْ عِنْدَهَا وَحِينَئِذٍ يُؤْخَذُ حُكْمُ مَا ذَكَرَهُ أَصْلُهُ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى فَعِبَارَتُهُ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ، وَهُوَ مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي تَحْقِيقِهِ: وَلَوْ نَوَى إتْمَامَهَا ثُمَّ رَآهُ فَلَا تَبْطُلُ، وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ فِي بَحْرِهِ وَلَوْ نَوَى الْمَقَامَ فِيهَا أَوْ الْإِتْمَامَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ مَضَى فِي صَلَاتِهِ وَأَتَمَّهَا بِلَا خِلَافٍ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: إذَا افْتَتَحَهَا بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ وَيُعِيدُ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ لَوْ قَارَنَتْ ابْتِدَاءَ الصَّلَاةِ مَنَعَتْ الِاحْتِسَابَ بِهَا فِي حَقِّ الْمُتَيَمِّمِ فَكَذَلِكَ إذَا طَرَأَتْ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَتَبَعَّضُ حُكْمُهَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ اتَّصَلَتْ سَفِينَتُهُ بِوَطَنِهِ) بِأَنْ تَيَمَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 آخِرًا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ فِيهَا أَصْلًا وَالْحُكْمُ صَحِيحٌ كَمَا لَا يَخْفَى (وَشِفَاءُ الْمَرِيضِ) مِنْ مَرَضِهِ (فِي الصَّلَاةِ كَوُجْدَانِ الْمُسَافِرِ الْمَاءَ) فِيهَا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ كَانَتْ مِمَّا تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ وَإِلَّا كَأَنْ تَيَمَّمَ وَقَدْ وَضَعَ الْجَبِيرَةَ عَلَى حَدَثٍ فَتَبْطُلُ [الْحُكْمِ الثَّانِي لَا يَسْتَبِيحُ بِالتَّيَمُّمِ لِلْفَرِيضَةِ إلَّا فَرِيضَةً وَاحِدَةً مَكْتُوبَةً] الْحُكْمُ (الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ بِالتَّيَمُّمِ) لِلْفَرِيضَةِ (إلَّا فَرِيضَةً وَاحِدَةً مَكْتُوبَةً أَوْ طَوَافًا أَوْ مَنْذُورَةً) فَلَا يَسْتَبِيحُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] إلَى قَوْلِهِ {فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] فَاقْتَضَى وُجُوبَ الطُّهْرِ لِكُلِّ صَلَاةٍ خَرَجَ الْوُضُوءُ بِالسُّنَّةِ فَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى مُقْتَضَاهُ وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ» وَلِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَرُورَةٌ فَتَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَخَرَجَ بِتَقْيِيدِهِ الْفَرِيضَةَ بِمَا ذَكَرَ تَمْكِينُ الْحَائِضِ مِنْ الْوَطْءِ مِرَارًا وَجَمْعُهُ مَعَ فَرْضٍ آخَرَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُمَا جَائِزَانِ، وَأَمَّا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي كَلَامِهِ (وَيَتَنَفَّلُ) مَعَ الْفَرِيضَةِ وَبِدُونِهَا بِتَيَمُّمِ (مَا شَاءَ) لِأَنَّ النَّوَافِلَ تَكْثُرُ فَتَشْتَدُّ الْمَشَقَّةُ بِإِعَادَةِ التَّيَمُّمِ لَهَا فَخَفَّفَ أَمْرَهَا كَمَا خَفَّفَ بِتَرْكِ الْقِيَام فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَبِتَرْكِ الْقِبْلَةِ فِي السَّفَرِ وَلِأَنَّهَا وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فِي حُكْمِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ لَهُ إذَا أَحْرَمَ بِرَكْعَةٍ أَنْ يَجْعَلَهَا مِائَةً وَبِالْعَكْسِ وَلَوْ نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ صَلَاةٍ دَخَلَ فِيهَا فَلَهُ جَمْعُهَا مَعَ فَرْضٍ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا نَفْلٌ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ نَفْلٌ وَالْفَرْضُ إنَّمَا هُوَ إتْمَامُهَا كَمَا فِي حَجِّ النَّفْلِ (وَالصَّبِيُّ كَالْبَالِغِ) فِي أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي بِتَيَمُّمٍ إلَّا فَرِيضَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ مَا يُؤَدِّيهِ كَالْفَرْضِ فِي النِّيَّةِ وَغَيْرِهَا نَعَمْ لَوْ تَيَمَّمَ لِلْفَرْضِ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ يَصِلْ بِهِ الْفَرْضُ لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَفْلٌ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ (وَيَجْمَعُ) الْمُتَيَمِّمُ (الطَّوَافَ) الْوَاجِبَ (وَرَكْعَتَيْهِ بِتَيَمُّمٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا سُنَّةٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ (لَا الْجُمُعَةُ وَالْخُطْبَةُ) أَيْ خُطْبَتُهَا إنْ تَيَمَّمَ لِلْخُطْبَةِ فَقَطْ لِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَلَا يُؤَدِّي بِالتَّيَمُّمِ لَهَا فَرْضَ عَيْنٍ (ثُمَّ) نَقُولُ (الْجِنَازَةُ كَالنَّافِلَةِ) فِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ وَأَنْ يَجْمَعَهَا مَعَ مَكْتُوبِهِ بِتَيَمُّمٍ (وَإِنْ تَعَيَّنَتْ) عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ لِأَنَّهَا كَالنَّفْلِ فِي جَوَازِ التَّرْكِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْقِيَامُ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ لِأَنَّ الْقِيَامَ قِوَامُهَا لِعَدَمِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهَا فَتَرَكَهُ بِحَقِّ صُورَتِهَا (فَرْعٌ) لَوْ (نَسِيَ صَلَاةً) مِنْ صَلَوَاتٍ مُتَّفِقَةٍ كَظُهْرٍ مِنْ أُسْبُوعٍ لَزِمَهُ ظُهْرٌ وَاحِدٌ بِتَيَمُّمٍ وَلَا أَثَرَ لِلتَّرَدُّدِ فِي يَوْمِهِ أَوْ (مِنْ الْخَمْسِ لَزِمَهُ الْخَمْسُ) لِيَبْرَأَ بِيَقِينٍ (وَكَفَاهُ) لَهُنَّ (تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ) لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ وَمَا عَدَاهُ وَسِيلَةٌ (وَلَوْ نَسِيَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ تَيَمَّمَ بِعَدَدِ مَا نَسِيَ) لِأَنَّهُ الْفَرْضُ وَمَا عَدَاهُ وَسِيلَةٌ (فَإِنْ اتَّفَقَتْ) مَنْسِيَّاتُهُ كَصُبْحَيْنِ أَوْ ظُهْرَيْنِ (أَوْ شَكَّ فِي اخْتِلَافِهَا صَلَّى بِكُلِّ) مِنْ تَيَمُّمَاتِهِ (الْخَمْسَ) لِيَبْرَأَ بِيَقِينٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) كَصُبْحٍ وَظُهْرٍ (صَلَّى الْخَمْسَ بِخَمْسَةٍ) مِنْ التَّيَمُّمَاتِ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاصِّ (وَإِنْ شَاءَ) تَيَمَّمَ بِعَدَدِ الْمَنْسِيِّ كَمَا مَرَّ وَ (صَلَّى) بِكُلِّ تَيَمُّمٍ (بِعَدَدِ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ وَزِيَادَةِ صَلَاةٍ لَكِنَّهُ يَتْرُكُ الْمَبْدُوءَ بِهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ) وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ الْحَدَّادِ الْمَشْهُورَةُ الْمُسْتَحْسَنَةُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ (فَلَوْ نَسِيَ صَلَاتَيْنِ) مُخْتَلِفَتَيْنِ تَيَمَّمَ مَرَّتَيْنِ وَ (صَلَّى بِالْأَوَّلِ) أَرْبَعًا (الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ) مَثَلًا (وَ) بِالتَّيَمُّمِ (الثَّانِيَ) أَرْبَعًا (يَبْدَأُ) فِيهَا (مِنْ الْعَصْرِ وَيَخْتِمُ بِالصُّبْحِ) فَيَبْرَأُ بِيَقِينٍ لِأَنَّ الْمَنْسِيَّتَيْنِ إمَّا الظُّهْرُ وَالصُّبْحُ أَوْ إحْدَاهُمَا مَعَ إحْدَى الثَّلَاثِ الْأُخَرِ أَوْ هُمَا مِنْ الثَّلَاثِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ صَلَّى كُلًّا مِنْهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَفِي ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ يَتَيَمَّمُ ثَلَاثَ تَيَمُّمَاتٍ وَيُصَلِّي بِكُلٍّ مِنْهَا ثَلَاثًا لِأَنَّهَا عَدَدٌ غَيْرُ الْمَنْسِيِّ وَزِيَادَةُ صَلَاةٍ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي الثَّانِي الْبُدَاءَةُ بِالْعَصْرِ وَالْخَتْمُ بِالصُّبْحِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الشَّرْطُ تَرْكُ الْأُولَى فَلَوْ قَالَ: وَبِالثَّانِي أَرْبَعٌ لَيْسَ مِنْهَا الْأُولَى لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْهَا الْأُولَى كَأَنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالصُّبْحَ فَلَا يَبْرَأُ بِيَقِينٍ لِجَوَازِ كَوْنِ الْمَنْسِيَّتَيْنِ الْعِشَاءَ وَوَاحِدَةً غَيْرَ الصُّبْحِ فَبِالتَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ تَصِحُّ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ دُونَ الْعِشَاءِ وَبِالثَّانِي لَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ وَلِضَبْطِ مَا يُصَلِّيهِ ثَلَاثُ عِبَارَاتٍ: الْأُولَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَلَيْسَتْ فِي الْأَصْلِ.   [حاشية الرملي الكبير] خَارِجَ السَّفِينَةِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. إلَخْ) وَلِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ «مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً ثُمَّ يُحْدِثُ لِلثَّانِيَةِ تَيَمُّمًا» وَالسُّنَّةُ فِي كَلَامِ الصَّحَابِيِّ تَنْصَرِفُ إلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ تَيَمَّمْت وَصَلَّيْت» يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ: إنْ تَيَمَّمَ لِلْخُطْبَةِ فَقَطْ. إلَخْ) لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْجُمُعَةَ وَخُطْبَتِهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَإِنْ تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ وَفَارَقَتْ الْخُطْبَةُ غَيْرَهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ بِتَأَكُّدِ أَمْرِهَا وَلِهَذَا قِيلَ: إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ وَبِانْحِصَارِهَا وَامْتِيَازِهَا بِوَقْتٍ وَجَمْعٍ مَخْصُوصَيْنِ فَأُلْحِقَتْ بِفُرُوضِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ تَيَمَّمَ لَهَا فَفَعَلَهَا غَيْرُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْجُمُعَةَ وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَ خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ بِتَيَمُّمٍ لِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ إلَخْ) وَفِي أَنَّهُ يَسْتَبِيحُهَا بِتَيَمُّمِهِ لِلنَّافِلَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لَوْ نَسِيَ صَلَاةً. إلَخْ) نَذَرَ شَيْئًا إنْ رَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى سَالِمًا ثُمَّ شَكَّ أَنَذَرَ صَدَقَةً أَمْ عِتْقًا أَمْ صَلَاةً أَمْ صَوْمًا. قَالَ الْبَغَوِيّ: فِي فَتَاوِيهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِهَا كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ يَجْتَهِدُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا هُنَاكَ وُجُوبَ الْكُلِّ عَلَيْهِ فَلَا تَسْقُطُ إلَّا بِيَقِينٍ وَهَاهُنَا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْكُلَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إنَّمَا وَجَبَتْ وَاحِدَةٌ وَاشْتَبَهَ فَيَجْتَهِدُ كَالْقِبْلَةِ وَالْأَوَانِي انْتَهَى. وَالرَّاجِحُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْخَمْسُ) نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الصَّوْمِ أَنْ يَنْسَى صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ قَضَاءَ رَمَضَانَ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِثَلَاثِ نِيَّاتٍ (قَوْلُهُ: تَيَمَّمَ بِعَدَدِ مَا نَسِيَ) لَوْ جَهِلَ عَدَدَهُنَّ وَقَالَ: لَا يَنْقُصْنَ عَنْ عَشْرٍ وَلَا يَزِدْنَ عَلَى عِشْرِينَ لَزِمَهُ عِشْرُونَ وَلَوْ نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مِنْ يَوْمَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَكُلُّهَا مُخْتَلِفَةٌ أَوْ ثِنْتَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَيَجِبُ عَشْرٌ أَيْضًا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ: وَإِنْ نَسِيَ أَرْبَعًا مِنْ يَوْمَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ خَمْسًا أَوْ سِتًّا لَزِمَهُ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ وَكَذَا فِي السَّبْعِ وَالثَّمَانِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 الثَّانِيَةِ مَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنْ تَضْرِبَ الْمَنْسِيَّ فِي الْمَنْسِيِّ فِيهِ وَتَزِيدَ عَلَى الْحَاصِلِ قَدْرَ الْمَنْسِيِّ ثُمَّ تَضْرِبَ الْمَنْسِيَّ فِي نَفْسِهِ وَتُسْقِطَ الْحَاصِلَ مِنْ الْجُمْلَةِ فَالْبَاقِي عَدَدُ الصَّلَوَاتِ فَفِي الْمِثَالِ تَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ يَحْصُلُ عَشَرَةٌ تَزِيدُ عَلَيْهِ اثْنَيْنِ ثُمَّ تَضْرِبُهُمَا فِيهِمَا وَتُسْقِطُ الْحَاصِلَ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْجُمْلَةِ تَبْقَى ثَمَانِيَةٌ الثَّالِثَةُ مَا فِي الْأَصْلِ أَنْ تَزِيدَ فِي عَدَدِ الْمَنْسِيِّ فِيهِ مَا لَا يَنْقُصُ عَمَّا يَبْقَى مِنْ الْمَنْسِيِّ فِيهِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْمَنْسِيِّ وَيَنْقَسِمُ الْمَجْمُوع صَحِيحًا عَلَيْهِ فَفِي الْمِثَال الْمَنْسِيِّ اثْنَانِ يُزَادُ عَلَى الْمَنْسِيِّ فِيهِ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ أَوَّلُ عَدَدٍ يُوجَدُ فِيهِ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ وَالْمَجْمُوعُ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ يَنْقَسِمُ عَلَى الِاثْنَيْنِ صَحِيحًا وَعَلَى الْعِبَارَاتِ كُلِّهَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتْرُكَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مَا بَدَأَ بِهِ فِي الْمَرَّةِ قَبْلَهَا كَمَا عُرِفَ (فَائِدَةٌ) لَوْ تَذَكَّرَ الْمَنْسِيَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَرَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ احْتِمَالَيْنِ ثَانِيهِمَا تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا لَوْ ظَنَّ حَدَثًا فَتَوَضَّأَ لَهُ ثُمَّ تَيَقَّنَهُ وَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ (فَعَلَى هَذَا) وَهُوَ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ بِعَدَدِ الْمَنْسِيِّ (لَوْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ) مَثَلًا (أَوْ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ صَلَّى الْخَمْسَ وَطَافَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ) لِمَا مَرَّ (وَلَوْ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ فَرْضَا وَأَعَادَهُ بِهِ اسْتِحْبَابًا) كَأَنْ صَلَّاهُ بِهِ مُنْفَرِدًا وَأَعَادَهُ بِهِ مَعَ جَمَاعَةٍ (لَا وُجُوبًا) بِأَنْ صَلَّاهُ بِهِ عَلَى وَجْهٍ تَجِبُ مَعَهُ إعَادَتُهُ كَمَرْبُوطٍ عَلَى خَشَبَةٍ وَأَرَادَ إعَادَتَهُ بِهِ (جَازَ) لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَافِلَةٍ وَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ الثَّانِيَةُ أَوْ كِلَاهُمَا وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي إذَا قُلْنَا الثَّانِيَةُ فَرْضٌ أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنْ يَجُوزَ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَافِلَةٍ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ: وَإِنْ صَلَّى فَرِيضَةً بِتَيَمُّمٍ ثُمَّ أَعَادَهَا جَمَاعَةً بِهِ أَوْ صَلَّاهَا عَلَى وَجْهٍ تَجِبُ إعَادَتُهَا فَأَعَادَهَا بِهِ جَازَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا جَازَ جَمْعُهُمَا بِالتَّيَمُّمِ لِلْأُولَى مَعَ وُقُوعِهَا نَفْلًا لِأَنَّهَا وَإِنْ وَقَعَتْ نَفْلًا فَالْإِتْيَانُ بِهَا فَرْضٌ فَإِنْ قُلْت فَكَيْفَ جَمَعَهُمَا بِتَيَمُّمٍ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضٌ قُلْت هَذَا كَالْمَنْسِيَّةِ مِنْ خَمْسٍ يَجُوزُ جَمْعُهَا بِتَيَمُّمٍ وَإِنْ كَانَتْ فُرُوضًا لِأَنَّ الْفَرْضَ بِالذَّاتِ وَاحِدَةٌ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ وَقْتِ التَّيَمُّم (وَالتَّيَمُّمُ لِلصَّلَاةِ) وَلَوْ نَافِلَةً (قَبْلَ وَقْتِهَا بَاطِلٌ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (وَفِيهِ) أَيْ التَّيَمُّمِ فِي الْوَقْتِ (قَبْلَ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ خِلَافٌ) حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَشَبَّهَهُ بِمَا لَوْ تَيَمَّمَ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الصِّحَّةِ كَمَا قَدَّمْته فِي الْبَابِ السَّابِقِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا جَزَمُوا بِهِ مِنْ الصِّحَّةِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ طُهْرِ الْمُسْتَحَاضَةِ الصِّحَّةُ هُنَا وَيُجَابُ بِأَنَّ طُهْرَ الْمُسْتَحَاضَةِ أَقْوَى مِنْ طُهْرِ الْمُتَيَمِّمِ لِأَنَّ الْمَاءَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِخِلَافِ التُّرَابِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ كَصِحَّتِهِ قَبْلَ السِّتْرِ وَيُفَارِقُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْهَا وَلِهَذَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِالِاجْتِهَادِ بِلَا إعَادَةٍ بِخِلَافِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَالتَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ لَا يَسْتَلْزِمُ اتِّحَادَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ فِي التَّرْجِيحِ (وَتَيَمَّمَ لِجَمْعِ الْعَصْرِ) أَيْ لِلْعَصْرِ لِيَجْمَعَهَا مَعَ الظُّهْرِ (تَقْدِيمًا عَقِيبَ الظُّهْرِ فِي وَقْتِهَا) بِحُكْمِ التَّبَعِيَّةِ (فَإِنْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا بَطَلَ التَّيَمُّمُ) لِوُقُوعِهِ قَبْلَ وَقْتِهَا وَزَوَالِ التَّبَعِيَّةِ بِانْحِلَالِ رَابِطَةِ الْجَمْعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَائِتَةٍ قَبْلَ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ فَإِنَّهَا تُبَاحُ بِهِ وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ ثَمَّ اسْتَبَاحَ مَا نَوَى فَاسْتَبَاحَ غَيْرَهُ بَدَلًا وَهُنَا لَمْ يَسْتَبِحْ مَا نَوَى بِالصِّفَةِ الَّتِي نَوَى فَلَمْ يَسْتَبِحْ غَيْرَهُ وَابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ فِي الْفَائِتَةِ تَيَمَّمَ لَهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا الْحَقِيقِيِّ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (وَلَا جَمْعَ) لِمَا مَرَّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْعَصْرِ لَكِنْ بَطَلَ الْجَمْعُ لِطُولِ الْفَصْلِ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِ فَرِيضَةً غَيْرَهَا وَنَافِلَةً وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ تَأْبَاهُ هَذَا وَلَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ بَلْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي بَقَاءَهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ حَتَّى لَوْ صَلَّى بِهِ مَا ذَكَرَ صَحَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا صَحَّ تَبَعًا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ بِالتَّيَمُّمِ غَيْرَ مَا نَوَاهُ دُونَ مَا نَوَاهُ (وَيَدْخُلُ وَقْتُ فَائِتَةٍ بِتَذَكُّرِهَا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا» (وَلَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً) فَتَيَمَّمَ لَهَا (ثُمَّ صَلَّى بِهِ حَاضِرَةً) أَوْ عَكْسُهُ (أَجْزَأَهُ) لِأَنَّ التَّيَمُّمَ قَدْ صَحَّ لِمَا قَصَدَهُ فَصَحَّ أَنْ يُؤَدِّيَ بِهِ غَيْرَهُ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِإِحْدَى فَائِتَتَيْنِ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْأُخْرَى دُونَ الَّتِي تَيَمَّمَ لَهَا وَلَوْ تَيَمَّمَ لِمُؤَدَّاةٍ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَصَلَّاهَا بِهِ فِي آخِرِهِ أَوْ بَعْدَهُ جَازَ (وَأَوْقَاتُ الرَّوَاتِبِ)   [حاشية الرملي الكبير] يَوْمَيْنِ وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَدْرِي أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ أَوْ مُتَّفِقَةٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَكَذَا أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: لَا وُجُوبًا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ وُجُوبًا [فَصْلٌ فِي بَيَانِ وَقْتِ التَّيَمُّم] (فَصْلٌ فِي بَيَانِ وَقْتِ التَّيَمُّمِ) (قَوْلُهُ: وَالتَّيَمُّمُ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا بَاطِلٌ) لِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَمَسْحِ الْخُفِّ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ وَمَسْحَ الْخُفِّ رُخْصَةٌ لِلتَّخْفِيفِ لِجَوَازِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلِ فَلَا يَضِيقُ بِاشْتِرَاطِ الْوَقْتِ، وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ طَهَارَةُ رَفَاهِيَةٍ فَالْتَحَقَتْ بِالْوُضُوءِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ ضَرُورَةٌ فَاخْتَصَّ بِحَالِهَا كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَلِأَنَّهُ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ تُبَحْ قَبْلَ الْوَقْتِ فَإِنْ قُلْت التَّيَمُّمُ بَدَلٌ وَمَا صَلَحَ لِلْمُبْدَلِ صَلَحَ لِلْبَدَلِ قُلْنَا مُنْتَقَضٌ بِاللَّيْلِ وَبِيَوْمِ الْعِيدِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَصْلُحُ لِعِتْقِ الْكَفَّارَةِ وَالثَّانِي لِنَحْوِ هَدْيِ التَّمَتُّعِ دُونَ بَدَلِهِمَا وَهُوَ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ وَالْقِيَامُ إلَيْهَا إنَّمَا هُوَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا فَخَرَجَ الْوُضُوءُ بِالدَّلِيلِ وَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ تَيَمَّمْت وَصَلَّيْت» وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فَلَمْ يَصِحَّ كَحَالِ وُجُودِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ تَأْبَاهُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْح إرْشَادِهِ اقْتَصَرُوا عَلَى بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ أَنَّ التَّأْخِيرَ الْمُبْطِلَ لِلتَّبَعِيَّةِ الْمَانِعَ مِنْ الْجَمْعِ يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ أَيْضًا لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 وَسَائِرُ الْمُؤَقَّتَاتِ كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ (مَعْرُوفَةٌ) فِي مَحَالِّهَا وَمِنْ الْمُؤَقَّتَاتِ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْجِنَازَةِ وَقَدْ بَيَّنَ وَقْتَهُمَا بِقَوْلِهِ (وَوَقْتُ) صَلَاةِ (الِاسْتِسْقَاءِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ) لَهَا (بِالصَّحْرَاءِ) أَوْ نَحْوِهَا إذَا أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوهَا جَمَاعَةً إذْ لَوْ أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوهَا فُرَادَى صَحَّ التَّيَمُّمُ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا (وَ) وَقْتُ صَلَاةِ (الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْغُسْلِ) أَوْ التَّيَمُّمِ لِلْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يُكَفَّنْ وَهَذَا شَخْصٌ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يُيَمِّمْ غَيْرَهُ (وَلَا يَصِحُّ) التَّيَمُّمُ (فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِغَيْرِ الْمُؤَقَّتَةِ وَذَاتِ السَّبَبِ) غَيْرِ الْمُتَأَخِّرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا تَيَمَّمَ فِي وَقْتِهَا لِيُصَلِّيَ فِي وَقْتِهَا فَلَوْ تَيَمَّمَ فِيهِ لِيُصَلِّيَ مُطْلَقًا أَوْ فِي غَيْرِهِ فَلَا يَنْبَغِي مَنْعُهُ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا لِيُصَلِّيَ فِيهِ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَيْرِ الْمُؤَقَّتَةِ كَالْأَصْلِ كَفَى وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَقُولُونَ الصَّلَاةُ إمَّا ذَاتُ وَقْتٍ أَوْ ذَاتُ سَبَبٍ أَوْ مُطْلَقَةٌ (وَلَا يَبْطُلُ) التَّيَمُّمُ لِنَافِلَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَبَبٌ (بِدُخُولِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ) قَطْعًا (وَلَوْ طَلَبَ) الْمَاءَ (أَوْ أَخَذَ التُّرَابَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ شَاكًّا فِيهِ لَمْ يُجْزِهِ) وَإِنْ صَادَفَهُ فِي الشَّكِّ لِانْتِفَاءِ مَعْرِفَتِهِ حَالَ الْفِعْلِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَمَسْحِ الْخُفِّ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا بِرَفْعِ الْحَدَثِ، وَمَسْحُ الْخُفِّ رُخْصَةٌ لِلتَّخْفِيفِ لِلْجَوَازِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غُسْلِ الرِّجْلِ فَلَا يَضِيقُ بِاشْتِرَاطِ الْوَقْتِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ طَهَارَةُ رَفَاهِيَةٍ فَالْتَحَقَتْ بِالْوُضُوءِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ ضَرُورَةٌ فَاخْتَصَّ بِحَالِهَا كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَلِأَنَّهُ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ تُبِحْ قَبْلَ الْوَقْتِ الْحُكْمَ (الثَّالِثُ الْقَضَاءُ وَلَا قَضَاءَ) عَلَى الْمُصَلِّي (مَعَ الْعُذْرِ الْعَامِّ) وَإِنْ لَمْ يَدُمْ لِلْحَرَجِ وَلِهَذَا يَسْقُطُ بِالْحَيْضِ وَذَلِكَ (كَالتَّيَمُّمِ) أَيْ كَالصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ (لِعَدَمِ الْمَاءِ فِي الْكَرَوَانِ كَانَ قَصِيرًا) أَوْ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ لِعُمُومِ فَقْدِهِ فِي السَّفَرِ وَلِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ «أَنَّ رَجُلَيْنِ تَيَمَّمَا فِي سَفَرٍ وَصَلَّيَا ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا بِالْوُضُوءِ دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لِلَّذِي أَعَادَ: لَك الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ وَلِلْآخَرِ: أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْك صَلَاتُك» (لَا) فِي (سَفَرِ مَعْصِيَةٍ) كَعَبْدٍ آبِقٍ وَامْرَأَةٍ نَاشِزَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ بِهِ الْقَضَاءُ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ فَلَا يُنَاطُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَصَى فِي سَفَرٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ كَأَنْ زِنَا أَوْ سَرَقَ فِيهِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُرَخَّصَ غَيْرُ مَا بِهِ الْمَعْصِيَةُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ التَّيَمُّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَالْمُتَيَمِّمَ لِمَرَضٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ نَحْوِهِ وَالْحُكْمُ صَحِيحٌ بَلْ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُ الثَّانِي لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّوْبَةِ وَوَاجِدٌ لِلْمَاءِ حِينَئِذٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ وَنَقَلَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ (وَكَصَلَاةِ الْمَرِيضِ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ قَاعِدًا) أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا (أَوْ) صَلَاةِ (الْخَائِفِ بِالْإِيمَاءِ) وَالْمُرَادُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ (وَأَمَّا) الْعُذْرُ (النَّادِرُ فَمِنْهُ مَا يَدُومُ) غَالِبًا (كَالِاسْتِحَاضَةِ وَسَلَسِ الْبَوْلِ وَالْجُرْحِ السَّائِلِ وَ) اسْتِمْرَارِ (الرِّيحِ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ مَا يُوجِبُ الْحَدَثَ (فَكَالْعَامِّ) فَلَا يَجِبُ بِهِ الْقَضَاءُ لِلْحَرَجِ (وَإِنْ زَالَ سَرِيعًا) إذْ الْعِبْرَةُ بِالْجِنْسِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ ذَلِكَ بَدَلٌ أَمْ لَا (وَمِنْهُ مَا لَا يَدُومُ) غَالِبًا (وَلَا بَدَلَ مَعَهُ فَهَذَا قَدْ يَجِبُ مَعَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ دَامَ) لِنُدْرَتِهِ مَعَ فَوَاتِ الْبَدَلِ وَعَدَمِ غَلَبَةِ الدَّوَامِ (كَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا) وَصَلَّى (فَتَبْطُلُ) صَلَاتُهُ (بِرُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا) فِيهَا لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي التُّرَابِ إذَا رَآهُ بِمَحَلٍّ يُغْنِي التَّيَمُّمُ فِيهِ عَنْ الْقَضَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْهُ وَلَمْ أَرَهُ فِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يُفْهِمُ أَنَّ صَلَاتَهُ بِلَا رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا صَحِيحَةٌ وَإِنْ وَجَبَ قَضَاؤُهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ فَتَبْطُلُ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ مَا لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا وَمَحِلُّ شُرُوعِ قَضَائِهَا إذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ أَوْ عَلَى التُّرَابِ بِمَحَلٍّ يُغْنِي التَّيَمُّمُ فِيهِ عَنْ الْقَضَاءِ وَإِلَّا فَلَا يُشْرَعُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ وَفَتَاوِيهِ وَمَجْمُوعِهِ وَنَقَلَهُ فِيهِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا وَقَعَ لَهُ فِي نُكَتِهِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ لَهَا) اعْتَرَضَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ يَدْخُلُ وَقْتُهَا إذَا انْقَطَعَ الْمَطَرُ وَتَصِحُّ فُرَادَى وَقَدْ قَالُوا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِلْجُمُعَةِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْجَمَاعَةُ مَعَ أَنَّهَا شَرْطٌ فَهُنَا أَوْلَى انْتَهَى. قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ الْحَقُّ انْتَهَى وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إذَا أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوهَا جَمَاعَةً (قَوْلُهُ: وَالْجِنَازَةُ بَعْدَ الْغُسْلِ) هَلْ الْمُرَادُ الْغَسْلَةُ الْوَاجِبَةُ وَإِنْ أُرِيدَ غُسْلُهُ ثَلَاثًا أَوْ تَمَامَ الثَّلَاثِ الظَّاهِرُ الثَّانِي، وَعِبَارَةُ مُخْتَصَرِ الْحِجَازِيِّ وَقْتَ الْجِنَازَةِ تَمَامُ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ مَعْرِفَتِهِ حَالَ الْفِعْلِ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا عَرَفَهُ، وَلَوْ بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضِيقُ بِاشْتِرَاطِ الْوَقْتِ) فَإِنْ قُلْت التَّيَمُّمُ بَدَلٌ وَمَا صَلَحَ لِلْمُبْدَلِ صَلَحَ لِلْبَدَلِ قُلْت يُنْتَقَضُ بِاللَّيْلِ وَبِيَوْمِ الْعِيدِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَصْلُحُ لِعِتْقِ الْكَفَّارَةِ وَالثَّانِي لِنَحْوِ هَدْيِ التَّمَتُّعِ دُونَ بَدَلِهِمَا وَهُوَ الصَّوْمُ ش [الْحُكْمِ الثَّالِث الْقَضَاء] (قَوْلُهُ: لَا فِي سَفَرِ مَعْصِيَةٍ كَعَبْدٍ آبِقٍ. إلَخْ) وَكَذَا حُكْمُ الْعَاصِي بِإِقَامَتِهِ فِي مَوْضِعٍ يَنْدُرُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ غ (قَوْلُهُ: كَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا وَصَلَّى) الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ مَا دَامَ يَرْجُو أَحَدَ الطَّهُورَيْنِ حَتَّى يَضِيقَ الْوَقْتُ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا اجْتَهَدَ أَوَّلَ الْوَقْتِ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَيَمَّمَ أَوْ يَجِبُ تَكْرِيرُ الِاجْتِهَادِ حَتَّى يَضِيقَ الْوَقْتُ وَحِينَئِذٍ فَالرَّاجِحُ هُنَا أَنَّهُ يُصَلِّي فِي الْحَالِ قِيَاسًا عَلَى الرَّاجِحِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هُنَاكَ بَدَلًا بِخِلَافِهِ هُنَا وَالْفَرْقُ هُوَ الظَّاهِرُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ مَنْ تَحَيَّرَ فِي مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ لَا يُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ إلَّا إذَا خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْقَفَّالِ لِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَيُعِيدَ غ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ أَفْتَيْت. (قَوْلُهُ: وَصَلَّى) أَيْ وُجُوبًا لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: كَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْهُ. . . إلَخْ) لَعَلَّهُ انْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْقَضَاءِ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ خِلَافُهُ قَالَ شَيْخُنَا: الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ مَا لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ أَحْدَثَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ أَوْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَيْفَ يُصَلِّي مُحْدِثًا صَلَاةً لَا تَنْفَعُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 (كَمَنْ) الْمُنَاسِبِ لِكَلَامِ الْأَصْلِ وَمَنْ (عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ يَخَافُ مِنْ غَسْلِهَا) شَيْئًا مِمَّا مَرَّ فِي مُبِيحَاتِ التَّيَمُّمِ (أَوْ حُبِسَ عَلَيْهَا) فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ (وَيُصَلِّي) وُجُوبًا (إيمَاءً) بِالسُّجُودِ فِيمَا إذَا حُبِسَ عَلَى نَجَاسَةٍ بِحَيْثُ لَوْ سَجَدَ لَسَجَدَ عَلَيْهَا وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْحَنِيَ لَهُ بِحَيْثُ لَوْ زَادَ أَصَابَهَا وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَضْعُ جَبْهَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لَازِمًا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ تَرْجِيحُهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَتَحْقِيقِهِ فِي بَابِ طَهَارَةِ الْبَدَنِ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ بَدَلُ السُّجُودِ وَلَيْسَ لِطَهَارَةِ النَّجَاسَةِ بَدَلٌ وَلِأَنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ آكَدُ مِنْ اسْتِيفَاءِ السُّجُودِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ سُقُوطُ الْقَضَاءِ مَعَ الْإِيمَاءِ بِخِلَافِهِ مَعَ النَّجَاسَةِ (وَهَؤُلَاءِ) الثَّلَاثَةُ وَهُمْ مَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا وَمَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ يَخَافُ مِنْ غَسْلِهَا وَمَنْ حُبِسَ عَلَيْهِمَا (يُصَلُّونَ) وُجُوبًا (الْفَرِيضَةَ) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ كَالْعَاجِزِ عَنْ السُّتْرَةِ (فَقَطْ) أَيْ لَا النَّافِلَةَ فَلَا يُصَلُّونَهَا إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَالنَّفْلِ فِي أَنَّهَا تُؤَدَّى مَعَ مَكْتُوبَةٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَقِيَاسُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يُصَلُّونَهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَنَقَلَهُ فِي بَابِهَا عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَفَّالِ وَعَطَفَ عَلَى كَمَنْ لَمْ يَجِدْ قَوْلَهُ (وَكَالْغَرِيقِ وَالْمَصْلُوبِ) حَيْثُ يُصَلِّيَانِ (وَيُومِئَانِ) وُجُوبًا (وَكَالْمَرِيضِ) إذَا (لَمْ يَجِدْ مَنْ يُحَوِّلُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَقَدْ لَا يَجِبُ مَعَهُ الْقَضَاءُ كَالْمُصَلِّي عُرْيَانَا لِفَقْدِ السُّتْرَةِ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا بِأَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا نَجِسًا أَوْ وَجَدَ ثَوْبًا طَاهِرًا لَوْ فَرَشَهُ عَلَى النَّجِسِ بَقِيَ عُرْيَانَا وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ الْعُرْيَ لِأَنَّ وُجُوبَ السَّتْرِ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ فَاخْتِلَالُهُ لَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَلِأَنَّ الْعُرْيَ عُذْرٌ نَادِرٌ أَوْ عَامٌّ يَدُومُ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي حَضَرٍ أَمْ سَفَرٍ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ لِأَنَّ السُّتْرَةَ فِي مَظِنَّةِ الضِّنَةِ بِهَا وَلَوْ فِي الْحَضَرِ بِخِلَافِ الْمَاءِ. (وَيُتِمُّ) الْعَارِي (الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ) فَلَا يُومِئُ بِهِمَا لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَكَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْعُرْيَ عُذْرٌ عَامٌّ أَوْ نَادِرٌ يَدُومُ وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَهُ مِنْ قِسْمِ النَّادِرِ الَّذِي لَا يَدُومُ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ بِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ لَا يَدُومُ مَعَ اسْتِشْكَالِهِ التَّعْلِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِيهِ بِأَنَّ مَسَاقَ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْ السُّتْرَةِ كَالِاحْتِرَازِ عَنْ الْكَوْنِ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ وَبِأَنَّ الطَّبْعَ فِي الثَّانِي لَا يَنْقَادُ لِكَوْنِ الْعُرْيِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ (أَوْ مَعَهُ) أَيْ النَّادِرِ الَّذِي لَا يَدُومُ (بَدَلٌ وَهَذَا أَيْضًا قَدْ يَجِبُ مَعَهُ الْقَضَاءُ كَالتَّيَمُّمِ لِلْبَرْدِ) وَلَوْ فِي سَفَرٍ لِأَنَّ الْبَرْدَ وَإِنْ لَمْ يَنْدُرْ فَالْعَجْزُ عَمَّا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ وَيَتَدَفَّأُ بِهِ نَادِرٌ لَا يَدُومُ، وَأَمَّا عَدَمُ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِالْقَضَاءِ فِي خَبَرِهِ السَّابِقِ فَلَا يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ وَلِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِهِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَدْ قَضَى (وَ) كَتَيَمُّمِ (الْمُقِيم) لِفَقْدِ الْمَاءِ لِأَنَّ فَقْدَهُ فِي الْإِقَامَةِ نَادِرٌ بِخِلَافِهِ فِي السَّفَرِ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ فِي الْقَضَاءِ بِنُدْرَةِ فَقْدِ الْمَاءِ لَا بِالْإِقَامَةِ وَفِي عَدَمِهِ بِغَلَبَةِ فَقْدِ الْمَاءِ لَا بِالسَّفَرِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ أَقَامَ) أَيْ الْمُتَيَمِّمُ (فِي مَفَازَةٍ فَكَالْمُسَافِرِ) فِي أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ (أَوْ تَيَمَّمَ الْمُسَافِرُ لِعَدَمِ الْمَاءِ فِي مَوْضِعٍ يَنْدُرُ فِيهِ عَدَمُهُ كَقَرْيَةٍ) فِي طَرِيقِهِ (فَكَالْحَاضِرِ) فِي أَنَّهُ (يَقْضِي وَقَدْ لَا يَجِبُ) مَعَهُ الْقَضَاءُ (كَمَنْ وَضَعَ الْجَبِيرَةَ عَلَى طُهْرٍ وَتَيَمَّمَ) وَصَلَّى لِعَدَمِ أَمْرِ الْمَشْجُوجِ بِهِ فِي خَبَرِهِ السَّابِقِ (إلَّا) إذَا وَضَعَهَا عَلَيْهِ (فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ) لِنُقْصَانِ الْبَدَلِ وَالْمَبْدُولِ جَمِيعًا (وَمَنْ) أَيْ وَكَمَنْ (تَيَمَّمَ لِجِرَاحَةٍ) وَلَيْسَ بِهَا دَمٌ كَثِيرٌ (وَكُلٌّ) مِنْ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ (مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ وَفَرْضُ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ) هُوَ (الثَّانِيَةُ) لِأَنَّهَا الْمُسْقِطَةُ لَهُ (مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ لَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ لِلنَّافِلَةِ) بِخِلَافِ التَّجْدِيدِ فِي الْمَغْسُولِ مَعَهُ فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ كَمَا جَزَمَ بِهِ   [حاشية الرملي الكبير] وَلَا حُرْمَةِ وَقْتٍ وَإِنَّمَا جَازَتْ صَلَاتُهُ فِي الْوَقْتِ فِي هَذَا الْحَالِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: كَمَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ يَخَافُ مِنْ غَسْلِهَا إلَخْ) لِحَمْلِهِ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا وَلِكَوْنِ التَّيَمُّمِ طَهَارَةً ضَعِيفَةً لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهَا الدَّمُ الْكَثِيرُ كَمَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ جَوَازُ تَأْخِيرِ الِاسْتِنْجَاءِ عَنْهُ بِخِلَافِ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ وَيُمْكِنُ أَيْضًا حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى كَثِيرٍ جَاوَزَ مَحَلَّهُ أَوْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ لَا يُخَالِفُ مَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ ك (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ زَادَ أَصَابَهَا) شَمَلَ مَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ وَجُلُوسِهِ نَجِسَيْنِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَتَحْقِيقِهِ. . . إلَخْ) وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: قَالَ أَصْحَابُنَا الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُومِئُ وَيَحْرُمُ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَيْهَا وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (قَوْلُهُ: وَهَؤُلَاءِ يُصَلُّونَ الْفَرِيضَةَ فَقَطْ) حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْجُرْجَانِيِّ أَوْ سُتْرَةً طَاهِرَةً لِأَنَّهُ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ إذْ صَلَاةُ فَاقِدِ السُّتْرَةِ مُسْقِطَةٌ لِلْفَرْضِ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ فَيُبَاحُ لَهُ فِعْلُ النَّوَافِلِ كَدَائِمِ الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يُصَلُّونَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا إذَا حَصَلَ فَرْضُهَا بِغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: فِي مَوْضِعٍ يَنْدُرُ فِيهِ عَدَمُهُ. إلَخْ) عَبَّرُوا بِمَكَانِ التَّيَمُّمِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ اخْتِلَافِ مَكَانِ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ بِهِ فِي نُدْرَةِ فَقْدِ الْمَاءِ وَعَدَمِ نُدْرَتِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالِاعْتِبَارُ حِينَئِذٍ بِمَكَانِ الصَّلَاةِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِهَا دَمٌ كَثِيرٌ) أَمَّا إذَا كَانَ بِهَا دَمٌ كَثِيرٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي لِحَمْلِهِ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا وَلِكَوْنِ التَّيَمُّمِ طَهَارَةً ضَعِيفَةً لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهِ الدَّمُ الْكَثِيرُ كَمَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ جَوَازُ تَأْخِيرِ الِاسْتِنْجَاءِ عَنْهُ بِخِلَافِ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ وَيُمْكِنُ أَيْضًا حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى كَثِيرٍ جَاوَزَ مَحَلَّهُ أَوْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَ الْجُرْحُ فِي عُضْوِ التَّيَمُّمِ وَعَلَيْهِ دَمٌ يَسِيرٌ جَافٌّ يَمْنَعُ الْمَاءَ وَإِيصَالَ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ وَالتَّفْرِيعُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرٌ إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّ مَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فَصَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَاطِلَةٌ وَالْقَضَاءُ بِالتَّفْوِيتِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا طَرَأَتْ النَّجَاسَةُ بَعْدَ التَّيَمُّمِ [مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي التَّيَمُّم] (قَوْلُهُ: لَا يُسْتَحَبُّ تَحْدِيدُ التَّيَمُّمِ لِلنَّافِلَةِ) لِتَيَمُّمِ يُخَالِفُ الْوُضُوءَ فِي سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً لَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ وَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُهُ بَلْ يُكْرَهُ وَلَا يَجِبُ الْإِيصَالُ إلَى أُصُولِ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ وَلَا يَصِحُّ إلَّا لِمُحْتَاجٍ وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَلَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَا لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَلَا لِمَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ إلَّا بَعْدَ إزَالَتِهَا عَلَى النَّصِّ وَلَا يَرْفَعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 الْقَفَّالُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِبَعْضِ الطَّهَارَةِ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا تَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي الْبَاقِي وَالتَّيَمُّمُ عَنْهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ صَارَ ذَلِكَ الْبَعْضُ كَالْمَفْقُودِ (وَلَوْ وَجَدَ مَاءً مُسَبَّلًا لِلشُّرْبِ تَيَمَّمَ) لَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لِلشُّرْبِ بَلْ قَالَ خَابِيَةُ مَاءٍ مُسَبَّلٍ تَيَمَّمَ وَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تُوضَعُ لِلشُّرْبِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُسَبَّلٌ لِلشُّرْبِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ (وَلَمْ يَقْضِ) صَلَاتَهُ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ بِحَضْرَةِ مَاءٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِعَطَشٍ وَصَلَّى بِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ تَيَمَّمَ عَنْ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ ثُمَّ أَحْدَثَ انْتَقَضَ) طُهْرُهُ (الْأَصْغَرُ لَا الْأَكْبَرُ) كَمَا لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ غُسْلِهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ وَيَسْتَمِرُّ تَيَمُّمُهُ عَنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ (حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ) بِلَا مَانِعٍ (وَإِنْ مَنَعَ) شَخْصٌ (تَرْتِيبَ الْوُضُوءِ عَكَسَ) التَّرْتِيبَ وُجُوبًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ بَعْضِ الْوُضُوءِ فَيَحْصُلُ لَهُ غَسْلُ الْوَجْهِ (وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي) لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ (وَلَا إعَادَةَ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَنْ غُصِبَ مَاؤُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الصَّلَاةِ مُحْدِثًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْ وُضُوئِهِ ثُمَّ يُبَدِّلُ بِخِلَافِهِ هُنَا فَهُوَ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِحَيْلُولَةِ سَبُعٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَ تَرْتِيبَ الْوُضُوءِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ: وَلَوْ مُنِعَ مِنْ الْوُضُوءِ إلَّا مَنْكُوسًا وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ عَكْسٍ بِغَسْلِ وَجْهِهِ كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَقَ بِكَلَامِ الرَّوْضَةِ (بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ) هُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ " بِمَسْحِ الْخُفِّ " وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ وَأَخْبَارُهُ كَثِيرَةٌ كَخَبَرِ ابْنَيْ خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي بَكْرَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا» ، وَخَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ صَفْوَانَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ يَعْنِي أَرْخَصَ لَنَا فِي الْمَسْحِ عَلَى خِفَافِنَا» مَعَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَيْ وَنَحْوِهَا وَلَمْ نُؤْمَرْ بِنَزْعِهَا إلَّا فِي حَالِ الْجَنَابَةِ أَيْ وَنَحْوِهَا وَالْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ لِأَفْضَلِيَّةِ الْغُسْلِ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَكَمَا سَيَأْتِي فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَلِمَجِيئِهِ فِي النَّسَائِيّ بِلَفْظِ «أَرْخَصَ لَنَا» نَعَمْ الْمَسْحُ أَفْضَلُ إذَا تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ أَوْ شَكًّا فِي جَوَازِهِ أَوْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ أَوْ عَرَفَةَ أَوْ إنْقَاذَ أَسِيرٍ أَوْ نَحْوَهَا بَلْ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْجَمْعِ أَيْضًا كَرَاهَةَ عَدَمِ التَّرَخُّصِ فِي الْأُولَى بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُ الْمَسْحِ فِي خَوْفِ فَوَاتِ عَرَفَةَ أَوْ نَحْوِهَا كَمَا أَخَذَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ وُجُوبِهِ فِيمَا لَوْ أَحْدَثَ وَهُوَ لَابِسُ الْخُفِّ وَمَعَهُ مَاءٌ يَكْفِي الْمَسْحَ فَقَطْ كَمَا قَدَّمْته فِي التَّيَمُّمِ، وَمَسْحُ الْخُفِّ خَاصٌّ بِالْوُضُوءِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ثَمَّ وَالنَّظَرُ فِي شَرْطِهِ وَكَيْفِيَّته وَحُكْمِهِ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (يُجْزِئُ مَسْحُهُمَا عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَيَرْفَعُ حَدَثَهُمَا بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ لُبْسُهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ) مِنْ الْحَدَثَيْنِ لِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ السَّابِقِ.   [حاشية الرملي الكبير] الْحَدَثَ وَيَخْتَصُّ بِالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَا يَجْمَعُ بِهِ بَيْنَ فَرْضَيْنِ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاتِهَا وَالْجِنَازَةُ كَالنَّفْلِ وَلَا يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ بِتَيَمُّمِ النَّافِلَةِ وَيُعِيدُ الْمُصَلِّي بِهِ فِي الْحَضَرِ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَقَدْ يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ سَفَرًا وَحَضَرًا فَلَا يُعِيدُ فِي الْحَضَرِ إذَا كَانَ مُقِيمًا بِمَفَازَةٍ وَيُعِيدُ فِي السَّفَرِ إذَا كَانَ مُقِيمًا بِقَرْيَةٍ وَإِذَا صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ صَلَاةً فَرَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ إنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ وَيُعِيدُ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ إذَا كَانَتْ مَعَهُ مَاءٌ يَحْتَاجُهُ لِلْعَطَشِ وَيُقَالُ لَهُ إنْ تُبْت اسْتَبَحْت وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ وَلَا يَمْسَحُ بِطَهَارَتِهِ عَلَى الْخُفَّيْنِ إذَا كَانَ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَيَجِبُ فِيهِ تَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ إنْ لَمْ يُفَرِّقْهَا حَالَ الضَّرْبِ وَيَجِبُ تَعْدَادُهُ بِحَسَبِ تَعْدَادِ الْأَعْضَاءِ الْمَفْرُوضَةِ الْمَجْرُوحَةِ فِي الْوُضُوءِ إذَا بَقِيَ مِنْهَا مَا يُغْسَلُ وَيُسَنُّ تَعْدَادُهُ بِحَسَبِ تَعْدَادِ الْأَعْضَاءِ الْمَسْنُونَةِ أَيْضًا كَالْكَفَّيْنِ وَيَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ وَبِرُؤْيَةِ الْمَاءِ بِلَا حَائِلٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَبِتَوَهُّمِ الْمَاءِ وَبِوُجْدَانِ ثَمَنِهِ وَبِزَوَالِ الْمَرَضِ وَبِأَنْ يَسْمَعَ شَخْصًا يَقُولُ: عِنْدِي مَاءٌ (قَوْلُهُ: وَيَتَيَمَّمُ لِلْبَاقِي وَلَا إعَادَةَ. إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَانَ الصُّورَةُ فِيمَا إذَا كَانَ بِمَوْضِعٍ لَا يَلْزَمُ الْمُتَيَمِّمَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ وُجُوبُهُ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ [بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ] قَالَ شَيْخُنَا: ذَكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَقِبَ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُمَا مَسْحَانِ يُجَوِّزَانِ الْإِقْدَامَ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: هُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ. إلَخْ) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مَسْحُهُ مِنْ رِجْلٍ وَغَسْلُ أُخْرَى كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ ابْنَيْ خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ. . . إلَخْ) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ حَدِيثُ جَرِيرٍ لِأَنَّ إسْلَامَهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ أَيْ فَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ الْوَارِدُ فِيهَا بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ نَاسِخًا لِلْمَسْحِ كَمَا صَارَ إلَيْهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ. (قَوْلُهُ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. . . إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رَوَيْنَا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّا فِي جَوَازِهِ) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرِهِ وَفِي تَصْوِيرِ جَوَازِهِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي جَوَازِهِ نَظَرٌ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَفْضَلَ انْتَهَى، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا الشَّكَّ لَمْ يَنْشَأْ مِنْ عَدَمِ الْعِلْمِ بِجَوَازِهِ بَلْ مِنْ نَحْوِ مُعَارِضٍ كَدَلِيلٍ ش وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُقَلِّدَ لَا وَجْهَ لِلنَّظَرِ فِيهِ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ أَرْجَحِيَّةِ مُقَلِّدِهِ وَأَمَّا الْمُجْتَهِدُ فَيُحْمَلُ الشَّكُّ فِيهِ عَلَى الطَّرَفِ الْمَرْجُوحِ لَا الْمُسَاوِي (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهَا) كَكُلِّ مَوْضِعٍ لَا يُسَنُّ فِيهِ تَثْلِيثُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُ الْمَسْحِ إلَخْ) يَجِبُ الْمَسْحُ إذَا كَانَ لَابِسًا فِي سِتِّ مَسَائِلَ: الْأُولَى: وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ إنْ غَسَلَ وَيَكْفِيهِ إنْ مَسَحَ. الثَّانِيَةُ: انْصَبَّ مَاؤُهُ عِنْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَوَجَدَ بَرَدًا لَا يَذُوبُ يَمْسَحُ بِهِ. الثَّالِثَةَ: ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْغُسْلِ لَخَرَجَ الْوَقْتُ. الرَّابِعَةُ: خَشِيَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَوْ غَسَلَ. الْخَامِسَةُ: تَعَيُّنُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى مَيِّتٍ وَخِيفَ انْفِجَارُهُ لَوْ غَسَلَ. السَّادِسَةُ: خَشِيَ فَوْتَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَيُقَاس عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مَا فِي مَعْنَاهُ كَضِيقِ وَقْتِ الرَّمْيِ، وَخَوْفِ الرَّحِيلِ قَبْلَ طَوَافِ الْوَدَاعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ الْمُغِيرَةُ: «سَكَبْت الْوُضُوءَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا انْتَهَيْت إلَى رِجْلَيْهِ أَهْوَيْت لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا» فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لُبْسِهِمَا عَلَى طَهَارَةٍ (كَامِلَةٍ بِحَيْثُ لَا يُقِرُّ قَدَمَهُ فِي قَدَمِ الْخُفِّ قَبْلَ غَسْلِ الْأُخْرَى) لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا لِشَيْءٍ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ بِكَمَالِهِ كَشُرُوطِ الصَّلَاةِ وَخَرَجَ بِكَامِلَةِ مَا لَوْ غَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ وَمَا لَوْ أَدْخَلَهُمَا ثُمَّ غَسَلَهُمَا فِيهِ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّ مَا يَخْرُجُ بِهِ يَخْرُجُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي كَلَامِ الْوَجِيزِ (وَإِنْ قَرَّتْ) قَدَمُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ غَسْلِ الْأُخْرَى (وَنَزَعَهَا وَحْدَهَا) وَلَوْ (بَعْدَ لُبْسِهِمَا) جَمِيعًا (وَأَعَادَهَا) إلَى الْخُفِّ (أَجْزَأَهُ) لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْزِعْهَا (وَلَوْ غَسَلَهُمَا فِيهِ) أَيْ الْخُفِّ (لَمْ يَجُزْ) وَإِنْ تَمَّ وُضُوءُهُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ (إلَّا) إذَا غَسَلَهُمَا فِيهِ (قَبْلَ قَرَارِهِمَا) فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمَقَرِّ كَمَا عَرَفَ فَإِنْ قُلْت هَلَّا اكْتَفَى بِاسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ لِأَنَّهَا كَالِابْتِدَاءِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ قُلْنَا: إنَّمَا تَكُونُ كَالِابْتِدَاءِ إذَا كَانَ الِابْتِدَاءُ صَحِيحًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَيْضًا الْحُكْمُ هُنَا إنَّمَا هُوَ مَنُوطٌ بِالِابْتِدَاءِ كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ «إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ» وَفِي خَبَرِ الْمُغِيرَةِ «دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» حَيْثُ عَلَّقَ الْحُكْمَ بِإِدْخَالِهِمَا طَاهِرَتَيْنِ وَنَظِيرُهُ مِنْ الْأَيْمَان أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ الدُّخُولِ (وَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ اللُّبْسِ) مُتَطَهِّرًا (وَقَبْلَ قَرَارِهِمَا) فِي الْخُفِّ (لَمْ يَمْسَحْ) عَلَيْهِ لِعَدَمِ إدْخَالِهِمَا طَاهِرَتَيْنِ (وَلَوْ أَخْرَجَهُمَا بَعْدَ اللُّبْسِ مِنْ مَقَرِّهِمَا وَمَحِلُّ الْفَرْضِ مَسْتُورٌ وَالْخُفُّ مُعْتَدِلٌ لَمْ يَضُرَّ) وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِالْعَمَلِ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا وَبِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ كَالْإِحْرَامِ وَالْعِدَّةِ يَمْنَعَانِ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ دُونَ دَوَامِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ مُعْتَدِلٌ مَا لَوْ جَاوَزَ طُولُ الْخُفِّ الْعَادَةَ وَبَلَغَتْ رِجْلُهُ حَدًّا لَوْ كَانَ الْخُفُّ مُعْتَادًا لَظَهَرَ شَيْءٌ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ وَأَقَرَّهُ (وَإِنْ أَحْدَثَ دَائِمُ الْحَدَثِ) كَمُسْتَحَاضَةٍ وَسَلَسِ بَوْلٍ (غَيْرِ حَدَثِهِ) جَازَ لَهُ الْمَسْحُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى اللُّبْسِ وَالِاتِّفَاق بِهِ كَغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ الصَّلَاةَ بِطَهَارَتِهِ فَيَسْتَفِيدُ الْمَسْحَ أَيْضًا ثُمَّ إنْ أَحْدَثَ (قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِوُضُوءِ اللُّبْسِ فَرْضًا مَسَحَ لِفَرِيضَةٍ وَنَوَافِلَ وَإِنْ أَحْدَثَ وَقَدْ صَلَّى بِوُضُوءِ اللُّبْسِ فَرْضًا لَمْ يَمْسَحْ إلَّا لِلنَّفْلِ) لِأَنَّ مَسْحَهُ مُرَتَّبٌ عَلَى طُهْرِهِ وَهُوَ لَا يُفِيدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ أَرَادَ فَرِيضَةً أُخْرَى وَجَبَ نَزْعُ الْخُفِّ وَالطُّهْرِ الْكَامِلِ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا زَادَ عَلَى فَرِيضَةٍ وَنَوَافِلَ فَكَأَنَّهُ لَبِسَ عَلَى حَدَثٍ حَقِيقَةً فَإِنَّ طُهْرَهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ حَدَثِهِ حَدَثُهُ فَلَا يَضُرُّ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى اسْتِئْنَافِ طُهْرٍ إلَّا إذَا أَخَّرَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الطُّهْرِ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا وَحَدَثُهُ يَجْرِي فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ حَدَثِهِ (وَكَذَا لَابِسُهُ) مُتَلَبِّسًا (بِوُضُوءٍ وَتَيَمُّمٍ لِجِرَاحَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَمْسَحُ لِفَرِيضَةٍ وَنَوَافِلَ أَوْ لِنَوَافِلَ عَلَى مَا تَقَرَّرَ (وَكَذَا لَوْ لَبِسَهُ لِمَحْضِ التَّيَمُّمِ لِمَرَضٍ) أَوْ نَحْوِهِ (لَا لِفَقْدِ مَاءٍ فَأَحْدَثَ ثُمَّ تَكَلَّفَ الْوُضُوءَ لِيَمْسَحَ) فَإِنَّهُ إنَّمَا يَمْسَحُ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ ثُمَّ تَكَلَّفَ الْوُضُوءَ لِيَمْسَحَ جَوَابٌ لِمَا يُقَالُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْمَسْحُ فِي التَّيَمُّمِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ لِعُذْرِهِ وَلَبِسَ الْخُفَّ وَأَحْدَثَ وَأَرَادَ الصَّلَاةَ فَإِنْ زَالَ الْعُذْرُ وَجَبَ نَزْعُ الْخُفِّ كَدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا شُفِيَ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ فَلَا مَسْحَ لِأَنَّهُ يَمْحَضُ التَّيَمُّمَ كَمَا كَانَ يَمْحَضُهُ قَبْلَ اللُّبْسِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ ذَلِكَ يُتَصَوَّرُ بِمَا إذَا لَمْ يَزُلْ عُذْرُهُ لَكِنَّهُ تَكَلَّفَ الْغُسْلَ وَأَرَادَ الْمَسْحَ غَيْرَ أَنَّهُ يَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ جَائِزٌ أَوْ لَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَمَّا لُبْسُهُ بِمَحْضِ التَّيَمُّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَلَا مَسْحَ فِيهِ لِأَنَّهُ لِضَرُورَةٍ، وَقَدْ زَالَ بِزَوَالِهَا (فَإِنْ شُفِيَ) دَائِمُ الْحَدَثِ أَوْ الْمُتَيَمِّمُ لَا لِفَقْدِ الْمَاءِ (فَلَا مَسْحَ) لِبُطْلَانِ الطَّهَارَةِ الْمُرَتَّبِ هُوَ عَلَيْهَا الشَّرْطُ [الشَّرْط الثَّانِي صَلَاحِيَّة الْخَفّ لِلْمَسْحِ] (الثَّانِي صَلَاحِيَّتُهُ) أَيْ الْخُفِّ لِلْمَسْحِ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ (بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَاتِرًا مَحَلَّ الْفَرْضِ) وَهُوَ الْقَدَمُ بِكَعْبَيْهِ فَلَا يَكْفِي مَا لَا يَسْتُرُهُ وَلَوْ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْغُسْلُ، وَقَوْلُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا إيضَاحٌ وَالْمُرَادُ بِالسَّاتِرِ الْحَائِلُ لَا مَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ فَيَكْفِي الشَّفَّافُ عَكْسُ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا عَدَمُ نُفُوذِ الْمَاءِ وَثَمَّ مَنْعُ الرُّؤْيَةِ (وَلَوْ مَشْقُوقًا وَقَالَ إنْ شُدَّ) فِي أَزْرَارِهِ (شَرَجُهُ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ أَيْ عُرَاهُ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ لِحُصُولِ السِّتْرِ وَسُهُولَةِ   [حاشية الرملي الكبير] [لِلْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ شَرْطَانِ] [الشَّرْط الْأَوَّل لُبْسُهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ] قَوْلُهُ: وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ) ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ش (قَوْلُهُ: بِالْعَمَلِ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا) وَهُوَ فِي الْأُولَى عَدَمُ الْمَسْحِ فَلَا يُبَاحُ إلَّا بِاللُّبْسِ التَّامِّ وَإِذَا مَسَحَ فَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُ الْجَوَازِ فَلَا يَبْطُلُ إلَّا بِالنَّزْعِ التَّامِّ (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْدَثَ دَائِمُ الْحَدَثِ. إلَخْ) اسْتَشْكَلَ مَسْحُ دَائِمِ الْحَدَثِ مِنْ جِهَةِ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ إلَى الصَّلَاةِ عَقِبَ الطُّهْرِ إذَا لَبِسَ الْخُفَّ بِمَنْعِ الْمُبَادَرَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ زَمَنَ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ زَمَنٌ يَسِيرٌ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَا يُعَدُّ تَأْخِيرُ الْقَبُولِ فِي الْعُقُودِ عَنْ الْإِيجَابِ بِقَدْرِهِ مُبْطِلًا لَهُ وَبِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي زَمَنِ الِاشْتِغَالِ بِأَسْبَابِ الصَّلَاةِ كَتَأْخِيرِهَا إلَى فَرَاغِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَانْتِظَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: كَمُسْتَحَاضَةٍ) أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا نَقْلَ فِيهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَمْسَحَ لِأَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنْ اغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ الْخُفَّ فَهِيَ كَغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ لَابِسَةً قَبْلَ الْغُسْلِ لَمْ تَمْسَحْ غ د وَقَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ. إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَابِسُهُ بِوُضُوءٍ وَتَيَمَّمَ لِجِرَاحَةٍ إلَخْ) لَمْ يُصَرِّحْ بِالْوُضُوءِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِلْإِعْوَازِ لَكِنَّ كَلَامَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ يَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ جَائِزٌ أَوْ لَا) قَالَ شَيْخُنَا: إنْ خَشِيَ مَحْذُورًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَانَ حَرَامًا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) هُوَ مَسْبُوقٌ مِنْ الْبَارِزِيِّ بِهَذَا التَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: سَاتِرًا مَحَلَّ الْفَرْضِ) الْمُرَادُ بِالسَّتْرِ هُنَا الْحَيْلُولَةُ وَفِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ مَنْعُ إدْرَاكِ الْبَشَرَةِ فَيَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى خُفٍّ مِنْ زُجَاجٍ إنْ أَمْكَنَتْ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ، وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْخُفِّ عُسْرُ غَسْلِ الرِّجْلِ وَقَدْ حَصَلَ، وَالْمَقْصُودُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ سَتْرُهَا مِنْ الْعُيُونِ وَلَمْ يَحْصُلْ وَمِنْ نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ رُؤْيَةُ الْمَبِيعِ مِنْ وَرَاءِ الزُّجَاجِ وَهِيَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 الِارْتِفَاقِ بِهِ فِي الْإِزَالَةِ وَالْإِعَادَةِ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِقِطْعَةِ أَدَمٍ لَفَّهَا عَلَى قَدَمَيْهِ وَأَحْكَمَهَا بِالشَّدِّ فَإِنْ لَمْ يَشُدَّ شَرَجَهُ لَمْ يَكْفِ لِظُهُورِ مَحِلِّ الْفَرْضِ إذَا مَشَى وَفِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّرَجَ هُوَ الْأَزْرَارُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ هُنَا يَصْلُحُ لَهُ أَيْضًا وَكَالْمَشْقُوقِ الزَّرْيُونُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ نَصْرٌ (وَ) لَوْ (مُحَرَّمًا كَمَغْصُوبٍ و) مُتَّخَذٍ (مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ) كَالتَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَلِأَنَّ اللُّبْسَ مُسْتَوْفَى بِهِ مَا شَرَعَ لِلَّابِسِ لَا أَنَّهُ الْمُجَوِّزُ لِلرُّخْصَةِ قَالَ: وَبِهِ فَارَقَ مَنْعَ الْقَصْرِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ إذَا الْمُجَوِّزُ لَهُ السَّفَرَ وَمَا قَالَهُ قَدْ يُقَالُ يُشْكِلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِجْمَارِ بِالْمُحْتَرَمِ كَمَا مَرَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ ثَمَّ لِمَعْنًى قَائِمٍ بِالْآلَةِ بِخِلَافِهَا هُنَا (لَا مَخْرَقًا يَصِفُ الْبَشَرَةَ) بِأَنْ يَظْهَرَ مِنْهَا شَيْءٌ وَإِنْ قَلَّ فَلَا يَكْفِي لِظُهُورِ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَمَا أَفَادَهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: سَاتِرًا مَحَلَّ الْفَرْضِ وَإِنَّمَا لَمْ يُلْحِقُوهُ بِالصَّحِيحِ كَمَا فِي فِدْيَةِ الْمُحْرِمِ لِأَنَّ الْمَسْحَ نِيطَ بِالسِّتْرِ وَلَمْ يَحْصُلْ بِالْمَخْرَقِ وَالْفِدْيَةِ بِالتِّرْفَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِهِ (وَلَا لَفَائِفَ) لِأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ غَالِبًا وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْمَشْيُ عَلَيْهَا مَعَ سُهُولَةِ نَزْعِهَا وَلُبْسِهَا (وَ) لَا (جِلْدًا) لَفَّهُ عَلَى رِجْلِهِ وَشَدَّهُ لِأَنَّهُ (لَا يُسَمَّى خُفًّا) وَلَا مَا فِي مَعْنَاهُ (وَ) لَا (جَوْرَبُ صُوفِيَّةٍ) وَهُوَ الَّذِي يُلْبَسُ مَعَ الْمُكَعَّبِ وَمِنْهُ خِفَافُ الْفُقَهَاءِ وَالْقُضَاةِ كَمَا ذَكَرَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّرَدُّدُ فِيهَا لِلْحَوَائِجِ الْآتِي بَيَانُهَا أَوْ لَمْ يَمْنَعْ نُفُوذَ الْمَاءِ وَهَذِهِ وَاللَّتَانِ قَبْلَهَا ذَكَرَهَا الْأَصْلُ ثُمَّ وَهُوَ الْأَنْسَبُ (فَإِنْ تَخَرَّقَتْ ظِهَارَةُ الْخُفِّ أَوْ بِطَانَتُهُ أَوْ هُمَا وَلَمْ يَتَحَاذَيَا) بِخَرْقَيْهِمَا (وَالْبَاقِي) فِي الثَّلَاثَةِ (صَفِيقٌ) أَيْ مَتِينٌ (أَجْزَأَهُ) وَإِنْ نَفَذَ الْمَاءُ مِنْهُ إلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي صَفِيقًا أَوْ تَحَاذَى الْخَرْقَانِ فِي الثَّالِثَةِ (فَلَا يُجْزِئُهُ) وَلَوْ تَخَرَّقَ وَتَحْتَهُ جَوْرَبٌ يَسْتُرُ مَحَلَّ الْفَرْضِ لَمْ يَكْفِ بِخِلَافِ الْبِطَانَةِ لِأَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِالْخُفِّ وَلِهَذَا تَتَبَّعَهُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْجَوْرَبِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَأَقَرَّهُ (وَبِأَنْ) يَكُونَ قَوِيًّا بِأَنْ (يُمْكِنَ التَّرَدُّدُ فِيهِ) لَا فَرْسَخًا وَلَا مَرْحَلَةً بَلْ قَدْرُ مَا يَحْتَاجُهُ الْمُسَافِرُ مِنْ ذَلِكَ (لِلْحَوَائِجِ) عِنْدَ الْحَطِّ وَالتِّرْحَالِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَوْ كَانَ لَابِسُهُ مُقْعَدًا وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِحَوَائِجِ سَفَرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ وَسَفَرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا لِلْمُسَافِرِ لِأَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ يَجِبُ نَزْعُهُ فَقُوَّتُهُ تُعْتَبَرُ بِأَنْ يُمْكِنَ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِذَلِكَ (وَ) بِأَنْ (يَمْنَعَ نُفُوذَ الْمَاءِ وَالْمَطَرِ) إلَى الرِّجْلِ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ (وَإِنْ كَانَ مَنْسُوجًا فَلَوْ تَعَذَّرَ الْمَشْيُ فِيهِ لِضِيقٍ أَوْ سَعَةٍ أَوْ ثِقَلٍ) أَوْ لِضَعْفٍ كَلَفَائِفَ وَجَوْرَبِ صُوفِيَّةٍ بِشَرْطٍ قَدَّمْته (لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّهَا خِلَافُ الْغَالِبِ مِنْ الْخِفَافِ الْمُنْصَرِفِ إلَيْهَا نُصُوصُ الْمَسْحِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَاءِ مَاءُ الْغُسْلِ لَا مَاءُ الْمَسْحِ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَبِتَقْدِيرِ نُفُوذِهِ فَالْعِبْرَةُ بِهِمَا مَعًا لَا بِمَاءِ الْمَسْحِ فَقَطْ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى اعْتِبَارُ مَاءِ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِخِلَافِ مَاءِ الْمَسْحِ وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْمَطَرُ إشَارَةٌ إلَيْهِ (وَإِنْ تَأَتَّى الْمَشْيُ فِي خُفٍّ حَدِيدٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ زُجَاجٍ) أَوْ نَحْوِهَا (جَازَ) كَسَائِرِ الْخِفَافِ (وَبِأَنْ يَكُونَ طَاهِرًا لَا نَجِسًا) لِعَدَمِ إمْكَانِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَفَائِدَةُ الْمَسْحِ وَإِنْ لَمْ تَنْحَصِرْ فِيهَا فَالْقَصْدُ الْأَصْلِيُّ مِنْهُ الصَّلَاةُ وَغَيْرُهَا تَبَعٌ لَهَا وَلِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلٌ عَنْ الرِّجْلِ وَهِيَ لَا تَطْهُرُ عَنْ الْحَدَثِ مَا لَمْ تَزُلْ نَجَاسَتُهَا فَكَيْفَ يَمْسَحُ عَلَى الْبَدَلِ وَهُوَ نَجِسُ الْعَيْنِ (فَإِنْ تَنَجَّسَ) الْخُفُّ (وَمَسَحَ جُزْءًا مِنْهُ طَاهِرًا جَازَ وَاسْتَفَادَ) بِهِ (مَسَّ الْمُصْحَفِ قَبْلَ غُسْلِهِ) وَالصَّلَاةَ بَعْدَهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى كَيْفِيَّةِ الْمَسْحِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ كَصَاحِبَيْ الِاسْتِقْصَاءِ وَالذَّخَائِرِ أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ كَالنَّجَسِ ثُمَّ قَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى كَيْفِيَّةِ الْمَسْحِ   [حاشية الرملي الكبير] لَا تَكْفِي لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ نَفْيُ الْغَرَرِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ لِأَنَّ الشَّيْءَ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ يُرَى غَالِبًا عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْرِمًا كَمَغْصُوبٍ. إلَخْ) وَأَمَّا لُبْسُ الْمُحْرِمِ الْخُفَّ فَفِي الْخَادِمِ أَنَّ أَصْحَابَنَا لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِحُكْمِ مَسْحِهِ وَفِي كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ فِيهِ قَوْلَانِ وَالْأَرْجَحُ عِنْدَهُمْ الْمَنْعُ قَالَ: وَأَغْرَبَ شَارِحُ الْهَادِي فَصَرَّحَ بِطَرْدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ انْتَهَى. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَحَلِّ الْوَجْهَيْنِ ظَاهِرٌ إذْ الْمُحْرِمُ مَنْهِيٌّ عَنْ اللُّبْسِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لُبْسٌ وَالنَّهْيُ عَنْ لُبْسِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَعَدٍّ بِاسْتِعْمَالِ مَالِ الْغَيْرِ وَعَنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِخُصُوصِهِمَا وَفِي نُكَتِ النَّاشِرِيِّ الْجَزْمَ بَعْدَ صِحَّةِ مَسْحِ الْمُحْرِمِ وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الْبَغَوِيّ قَطَعَ بِالْمَنْعِ فِي الْخُفِّ الْمُتَّخَذِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مُخَالِفًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ أَجْرَى فِيهِ الْخِلَافَ فِي الْمَغْصُوبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ تَحْرِيمَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمَعْنًى فِي نَفْسِ الْخُفِّ فَصَارَ كَاَلَّذِي لَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ انْتَهَى. أت وَقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْبَغَوِيّ. إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: كَالتَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ) إذْ الْمَعْصِيَةُ فِي الْغَصْبِ وَاللُّبْسِ لَا فِي الْمَسْحِ وَلَيْسَتْ مُخْتَصَّةً بِاللُّبْسِ وَلِهَذَا لَوْ تَرَكَ لُبْسَهُ لَمْ تَزُلْ الْمَعْصِيَةُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي. إلَخْ) دُونَ الْمُكَعَّبِ أَوْ أَلْصَقَ بِالْمُكَعَّبِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ التَّرَدُّدُ فِيهِ) الْمُرَادُ الْمَشْيُ بِلَا نَعْلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَأَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْكَافِي نَقَلَهُ عَنْهُمَا فِي الْخَادِمِ (قَوْلُهُ: فَقُوَّتُهُ تُعْتَبَرُ بِأَنْ يُمْكِنَ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِذَلِكَ) وَضَبَطَهُ أَبُو حَامِد فِي الرَّوْنَقِ وَالْمَحَامِلِيُّ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَصَاعِدًا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ وَضَبَطَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي التَّبْصِرَةِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي مُهِمَّاتِهِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الثَّانِي عَلَى مَسَافَةِ السَّفَرِ الَّذِي يُعْتَبَرُ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِحَاجَاتِهِ وَالْأَوَّلُ عَلَى مَسَافَةِ التَّرَدُّدِ لِحَاجَاتِهِ وَيَرُدُّ كَلَامُ ابْنِ الْعِمَادِ اعْتِبَارَهُمْ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ لَابِسُهُ مُقْعِدًا فَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ أَوْ صَرِيحٌ فِي شُمُولِ الِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ لِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنْ يَمْنَعَ نُفُوذَ الْمَاءِ وَالْمَطَرِ إلَخْ) لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ كَالْغَايَةِ وَالتَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَعَذَّرَ الْمَشْيُ فِيهِ لِضِيقِ. إلَخْ) إلَّا أَنْ يَتَّسِعَ بِالْمَشْيِ فِيهِ عَنْ قُرْبٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ. إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهًا قَائِلًا بِأَنَّ مَا لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ يَكْفِي وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ فِي مَاءِ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ مَجْزُومٌ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي (قَوْلُهُ: أَوْ زُجَاجٌ) يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَقْطَعَ خُفًّا مِنْ فَوْقِ الْكَعْبَيْنِ وَيُرَكِّبَ عَلَى قَدَمِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 لَوْ تَنَجَّسَ أَسْفَلَ الْخُفِّ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ لَا يَمْسَحُ عَلَى أَسْفَلِهِ لِأَنَّهُ لَوْ مَسَحَهُ زَادَ التَّلْوِيثُ وَلَزِمَهُ حِينَئِذٍ غَسْلُهُ وَغَسْلُ الْيَدِ فَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْمَسْحُ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ كَشَيْخِي شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْقَايَاتِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ النَّجِسُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ فِي الْمَسْحِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ فَيَكُونُ النَّجِسُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ مُسْتَثْنًى هُنَا كَمَا هُوَ مُسْتَثْنًى ثَمَّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كَلَامَ التَّبْصِرَةِ ضَعِيفٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ وَقَدْ أَوَّلَهُ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَذْكُورُ آنِفًا بِأَنَّ كَلَامَهَا مُحْتَمَلٌ بَلْ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ طَرَأَتْ النَّجَاسَةُ بَعْدَ الْمَسْحِ وَمَا أَوَّلَ بِهِ لَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهَا فَضْلًا عَنْ ظُهُورِهِ فِيهِ كَمَا يُعْرَفُ بِمُرَاجَعَتِهَا (وَلَوْ رَأَى الْقَدَمَ مِنْ رَأْسِهِ) أَيْ الْخُفِّ (لِسَعَتِهِ لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّهُ سَاتِرٌ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ. (فَرْعٌ لَوْ وَضَعَ الْخُفَّ عَلَى الْجَبِيرَةِ) أَوْ نَحْوِهَا (لَمْ يَجُزْ) الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ فَوْقَ مَمْسُوحٍ فَأَشْبَهَ الْعِمَامَةَ (أَمَّا الْجُرْمُوقُ وَهُوَ) فِي الْأَصْلِ شَيْءٌ كَالْخُفِّ فِيهِ وُسْعٌ يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ لِلْبَرْدِ وَأَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ (خُفٌّ فَوْقَ خُفٍّ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاسِعًا لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهِ (فَإِنْ لَمْ يَصْلُحَا) لِلْمَسْحِ (مُفْرَدَيْنِ لَمْ يَجُزْ) الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِضَعْفِهِمَا (وَإِنْ صَلَحَ أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (مَسَحَ عَلَيْهِ) دُونَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَسْفَلَ فَظَاهِرٌ أَوْ الْأَعْلَى فَالْأَسْفَلُ كَاللِّفَافَةِ (فَإِنْ صَلَحَ الْأَسْفَلُ) فَقَطْ (فَمَسَحَ الْأَعْلَى وَوَصَلَ الْبَلَلُ الْأَسْفَلَ بِقَصْدِ مَسْحِهِ أَجْزَأَهُ، وَكَذَا لَوْ قَصَدَهُمَا) إلْغَاءٌ لِقَصْدِ الْأَعْلَى كَمَا فِي اجْتِمَاعِ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ وَالْوُضُوءِ (أَوْ لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ قَصَدَ إسْقَاطَ الْفَرْضِ بِالْمَسْحِ وَقَدْ وَصَلَ الْمَاءُ إلَيْهِ (لَا إنْ قَصَدَ الْأَعْلَى فَقَطْ) لِقَصْدِهِ مَا لَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ (وَإِنْ صَلُحَا جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ) أَيْ الْمَسْحُ (عَلَى الْجُرْمُوقِ) لِوُرُودِ الرُّخْصَةِ فِي الْخُفِّ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَالْجُرْمُوقُ لَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ نَعَمْ إنْ وَصَلَ الْبَلَلُ إلَى الْأَسْفَلِ بِأَنْ وَصَلَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَانَ كَمَا لَوْ صَلَحَ الْأَسْفَلُ فَقَطْ (فَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ) مَثَلًا (فَمَسَحَ الْأَسْفَلَ جَازَ) كَغَسْلِ الرِّجْلِ فِي الْخُفِّ (فَإِنْ تَخَرَّقَ الْأَسْفَلُ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ لَبِسَهُمَا مَسَحَ الْأَعْلَى) لِأَنَّهُ صَارَ أَصْلًا لِخُرُوجِ الْأَسْفَلِ عَنْ صَلَاحِيَّته لِلْمَسْحِ (أَوْ) وَهُوَ (مُحْدِثٌ فَلَا) مَسْحَ كَاللُّبْسِ عَلَى حَدَثٍ (أَوْ) وَهُوَ (عَلَى طَهَارَةِ الْمَسْحِ فَوَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي التَّفْرِيعِ عَلَى الْقَدِيمِ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ فِيمَا لَوْ لَبِسَ الْأَسْفَلَ بِطَهَارَةٍ ثُمَّ أَحْدَثَ وَمَسَحَهُ ثُمَّ لَبِسَ الْجُرْمُوقَ فَهَلْ يَجُوزُ مَسْحُهُ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ إلَى آخِرِهِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْمَسْحِ هُنَا وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَالْخُفُّ ذُو الطَّاقَيْنِ غَيْرُ الْمُلْتَصِقَيْنِ كَالْجُرْمُوقَيْنِ قَالَ: وَعِنْدِي يَجُوزُ مَسْحُ الْأَعْلَى فَقَطْ لِأَنَّ الْجَمِيعَ خُفٌّ وَاحِدٌ فَمَسْحُ الْأَسْفَلِ كَمَسْحِ بَاطِنِ الْخُفِّ (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْمَسْحِ (وَيَكْفِي أَدْنَى مَسْحٍ بِأَعْلَى الْخُفِّ) مِنْ ظَاهِرِهِ لِتَعَرُّضِ النُّصُوصِ لِمُطْلَقِهِ كَمَا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ (فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ) لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْغُسْلِ (لَا أَسْفَلَهُ وَعَقِبَهُ) وَهُوَ مُؤَخِّرُ الْقَدَمِ (وَحُرُوفُهُ) لِأَنَّ اعْتِمَادَ الرُّخْصَةِ الِاتِّبَاعُ وَلَمْ يَرِدْ الِاقْتِصَارُ عَلَى غَيْرِ الْأَعْلَى وَيَكْفِي الْمَسْحُ (بِيَدٍ أَوْ عُودٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْهَا مُبْتَلًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَكَذَا غَسْلُهُ وَتَعْرِيضُهُ لِلْمَطَرِ) مَثَلًا حَتَّى قَطَرَ عَلَيْهِ (وَيُسْتَحَبُّ مَسْحُ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ وَعَقِبِهِ خُطُوطًا) لِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ خُطُوطًا مِنْ الْمَاءِ» وَالْأَوْلَى فِي كَيْفِيَّتِهِ أَنْ يَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى تَحْتَ عَقِبِهِ وَالْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ أَصَابِعِهِ وَيُمِرَّ الْيُسْرَى إلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ مِنْ أَسْفَلَ وَالْيُمْنَى إلَى السَّاقِ مُفَرِّجًا بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْهِ لِأَثَرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ وَأَلْيَقُ بِالْيُمْنَى وَالْيُسْرَى وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ: خُطُوطًا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَا يُنْدَبُ اسْتِيعَابُهُ (وَيُكْرَهُ غَسْلُهُ) لِأَنَّهُ يَعِيبُهُ بِلَا فَائِدَةٍ (وَ) يُكْرَهُ (تَكْرِيرُ مَسْحِهِ) لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلتَّعَيُّبِ وَلِأَنَّهُ بَدَلٌ كَالتَّيَمُّمِ بِخِلَافِ مَسْحِ الرَّأْسِ (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْمِسْحِ (وَيَسْتَبِيحُ الْمُقِيمُ بِمَسْحِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً مَا يَسْتَبِيحُ بِالْوُضُوءِ وَ) يَسْتَبِيحُ (الْمُسَافِرُ) بِهِ ذَلِكَ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا إنْ طَالَ السَّفَرُ وَأُبِيحَ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ وَالْمُرَادُ بِلَيَالِيِهَا ثَلَاثُ لَيَالٍ مُتَّصِلَةٍ.   [حاشية الرملي الكبير] زُجَاجٌ غَلِيظٌ (قَوْلُهُ: فَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْمَسْحُ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ) وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَأَى الْقَدَمَ مِنْ رَأْسِهِ لِسَعَتِهِ لَمْ يَضُرَّ) قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا عَلَى الْعَكْسِ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَمِيصَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ يُتَّخَذُ لِسَتْرِ أَعْلَى الْبَدَنِ، وَالْخُفُّ يُتَّخَذُ لِسَتْرِ أَسْفَلِ الرِّجْلِ (قَوْلُهُ: لِوُرُودِ الرُّخْصَةِ فِي الْخُفِّ إلَخْ) وَلِأَنَّ مَا كَانَ بَدَلًا فِي الطَّهَارَةِ لَمْ يُجْعَلْ لَهُ بَدَلٌ آخَرُ كَالتَّيَمُّمِ وَلِأَنَّهُ سَاتِرٌ لِلْمَمْسُوحِ فَلَمْ يَقُمْ فِي اسْتِبَاحَةِ الْفَرْضِ مَقَامَ الْمَمْسُوحِ كَالْعِمَامَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْمَسْحِ هُنَا) وَهُوَ الْأَصَحُّ [فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ] (قَوْلُهُ: مِنْ ظَاهِرِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الْخُفِّ شَعْرٌ لَمْ يَكْفِ مَسْحُهُ قَطْعًا بِخِلَافِ الرَّأْسِ ش (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ غَسْلُهُ وَتَكْرِيرُ مَسْحِهِ) قَالَ النَّاشِرِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْخُفُّ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ خَشَبٍ فَإِنْ كَانَ وَجَوَّزْنَاهُ بِأَنْ أَمْكَنَ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ فَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَرَاهَةِ الْغُسْلِ أَنَّ الْغُسْلَ يَعِيبُ الْخُفَّ وَأَنَّ التَّكْرَارَ يُضَعِّفُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي عَدَمَ كَرَاهَةِ ذَلِكَ فِي خُفٍّ حَدِيدٍ أَوْ خَشَبٍ وَلَوْ لَبِسَ الْخُفَّ عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ هَلْ تُحْسَبُ عَلَيْهِ الْمُدَّةُ السَّفَرِيَّةُ أَوْ الْحَضَرِيَّةُ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فَلَمْ يَسْتَبِحْ بِهَذَا الْمَسْحِ الصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَفِي النَّائِمِ تَرَدُّدٌ مِنْ جِهَةِ الْقَضَاءِ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ وَيُقَيَّدُ الْمَجْنُونُ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُرْتَدًّا لِمُدْرَكِ إيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَعِيبُهُ بِلَا فَائِدَةٍ) وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِتَعَيُّبِ تَعْلِيلِ كَرَاهَةِ غَسْلِهِ وَتَكْرِيرِ مَسْحِهِ بِمَا ذَكَرَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي خُفِّ الْحَدِيدِ وَالْخَشَبِ إذَا أَمْكَنَ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِمَا [فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمِسْحِ الْخُفَّيْنِ] (قَوْلُهُ: إنْ طَالَ السَّفَرُ) لِمَقْصِدٍ مُعَيَّنٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 بِهَا سَوَاءٌ أَسَبَقَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ لَيْلَتَهُ أَمْ لَا فَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ أَوْ النَّوْمِ اُعْتُبِرَ قَدْرُ الْمَاضِي مِنْهُ مِنْ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ أَوْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ يُقَالُ فِي مُدَّةِ الْمُقِيمِ (فَلَوْ عَصَى بِهِ) أَيْ بِالسَّفَرِ (أَوْ بِالْإِقَامَةِ كَعَبْدٍ خَالَفَ سَيِّدَهُ فِيهِمَا تَرَخَّصَ يَوْمًا وَلَيْلَةً) إذْ غَايَتُهُ فِي الْأَوَّلِ إلْحَاقُ سَفَرِهِ بِالْعَدَمِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ لَيْسَتْ سَبَبَ الرُّخْصَةِ (وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةَ) أَيْ مُدَّةَ الْمَسْحِ (مِنْ حِينِ يُحْدِثُ) أَيْ يَنْتَهِي حَدَثُهُ (بَعْدَ لُبْسِ الْخُفِّ) لِأَنَّ وَقْتَ جَوَازِ الْمَسْحِ أَيْ الرَّافِعِ لِلْحَدَثِ يَدْخُلُ بِهِ فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ إذْ لَا مَعْنَى لِوَقْتِ الْعِبَادَةِ غَيْرُ الزَّمَنِ الَّذِي يَجُوزُ فِعْلُهَا فِيهِ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ وَغَايَةُ مَا يُصَلِّي الْمُقِيمُ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمُؤَدَّاةِ سِتٌّ إنْ لَمْ يَجْمَعْ بِأَنْ يُحْدِثَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ مَثَلًا مَا يَسَعُهَا، وَقَدْ بَقِيَ مِثْلُهُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ فَيَمْسَحُ وَيُصَلِّيهَا وَمِنْ الْغَدِ يُصَلِّيهَا قَبْلَ وَقْتِ الْحَدَثِ وَإِلَّا فَسَبْعٌ وَغَايَةُ مَا يُصَلِّي الْمُسَافِرُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّ عَشَرَةَ إنْ لَمْ يَجْمَعْ وَإِلَّا فَسَبْعَ عَشْرَةَ، وَأَمَّا الْمَقْضِيَّاتُ فَلَا يَنْحَصِرُ وَأَفْهَمْ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ بَعْدَ حَدَثِهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ ثُمَّ أَحْدَثَ كَانَ ابْتِدَاءُ مُدَّتِهِ مِنْ حَدَثِهِ الْأَوَّلِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ (فَرْعٌ مَنْ ابْتَدَأَ بِالْمَسْحِ فِي السَّفَرِ أَتَمَّ مَسْحَ مُسَافِرٍ سَوَاءٌ أَلْبَسَ فِي الْحَضَرِ وَأَحْدَثَ فِيهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ سَافَرَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ) لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَسْحِ بِالتَّلَبُّسِ بِهِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعِبَادَةِ فَلَا يَضُرُّ اللُّبْسُ وَالْحَدَثُ فِي الْحَضَرِ وَلَا خُرُوجُ الْوَقْتِ فِيهِ وَعِصْيَانُهُ إنَّمَا هُوَ بِالتَّأْخِيرِ لَا بِالسَّفَرِ الَّذِي بِهِ الرُّخْصَةُ كَمَا لَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا حَضَرًا لَهُ أَنْ يَقْضِيَهَا بِالتَّيَمُّمِ سَفَرًا (فَإِنْ مَسَحَ فِي حَضَرٍ ثُمَّ سَافَرَ أَوْ عَكَسَ) أَيْ مَسَحَ فِي سَفَرٍ ثُمَّ أَقَامَ (أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ) تَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ لِأَصَالَتِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مُدَّتِهِ فِي الْأَوَّلِ، وَكَذَا فِي الثَّانِي إنْ أَقَامَ قَبْلَ مُضِيِّهَا فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَهُ لَمْ يَمْسَحْ وَيُجْزِئُهُ مَا مَضَى وَإِنْ زَادَ عَلَى مُدَّةِ الْمُقِيمِ (وَكَذَا) يُتِمُّ مَسْحَ مُقِيمٍ (لَوْ مَسَحَ أَحَدَ الْخُفَّيْنِ فِي الْحَضَرِ) وَالْآخَرَ فِي السَّفَرِ لِمَا قُلْنَاهُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يُتِمُّ مَسْحَ مُسَافِرٍ اعْتِبَارًا بِتَمَامِ الْمَسْحِ (وَلَوْ شَكَّ) الْمَاسِحُ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ (هَلْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ) أَوْ لَا (أَوْ) شَكَّ الْمُسَافِرُ (هَلْ ابْتَدَأَ) الْمَسْحَ (فِي السَّفَرِ أَوْ فِي الْحَضَرِ أَخَذَ بِمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَإِنْ شَكَّ مَنْ مَسَحَ بَعْدَ الْحَدَثِ هَلْ صَلَاتُهُ الرَّابِعَةُ أَمْ الثَّالِثَةُ لَمْ يَثْبُتْ الرَّابِعَةُ) أَيْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهَا (وَحُسِبَ عَلَيْهِ وَقْتُهَا) فَلَوْ أَحْدَثَ وَمَسَحَ وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَشَكَّ أَتَقَدَّمَ حَدَثُهُ وَمَسْحُهُ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَصَلَّاهَا بِهِ أَمْ تَأَخَّرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ وَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ فَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا عَلَيْهِ وَتُجْعَلُ الْمُدَّةُ مِنْ أَوَّلِ الزَّوَالِ لِأَنَّ الْأَصْلَ غَسْلُ الرِّجْلِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ (وَلَوْ مَسَحَ شَاكًّا) فِيمَا ذَكَرَ (وَصَلَّى) بِهِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ كَمَسْحِهِ لِتَأْدِيَتِهِمَا عَلَى الشَّكِّ (فَإِنْ بَانَ بَقَاءُ الْمُدَّةِ أَعَادَ الْمَسْحَ) مَعَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَسَحَ غَيْرَ شَاكٍّ كَأَنْ مَسَحَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى طَهَارَتِهِ إلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ لَكِنْ يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ بِهِ عَلَى الشَّكِّ (فَصْلٌ فَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَوْ ظَهَرَتْ الرِّجْلُ) أَوْ بَعْضُهَا أَوْ الْخَرْقُ الَّتِي عَلَيْهَا (أَوْ فَسَدَ الْخُفُّ) بِأَنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْمَسْحِ (أَوْ انْفَتَحَ شَرَجُهُ وَهُوَ مُصَلٍّ بِطَهَارَةِ الْمَسْحِ) فِي الْجَمِيعِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِبُطْلَانِ طُهْرِ رِجْلَيْهِ وَإِنْ غَسَلَهُمَا بَعْدَ الْمَسْحِ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْهُمَا بِاعْتِقَادِ الْفَرْضِ لِسُقُوطِهِ عَنْهُ بِالْمَسْحِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ (وَكَفَى غَسْلُ رِجْلَيْهِ) لِبُطْلَانِ بَدَلِهِ وَخَرَجَ بِطَهَارَةِ الْمَسْحِ طَهَارَةُ الْغَسْلِ بِأَنْ لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ اللُّبْسِ أَوْ أَحْدَثَ لَكِنْ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ فَطَهَارَتُهُ كَامِلَةٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ لُبْسَ الْخُفِّ فِي الثَّانِيَةِ بِهَذِهِ الطَّهَارَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَلَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ إلَى وُجُوبِ النَّزْعِ إذَا أَرَادَ الْمَسْحَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَقْلُوعُ وَاحِدَةً فَقَطْ فَلَا بُدَّ مِنْ نَزْعِ الْأُخْرَى وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّة مَا يَسَعُ رَكْعَةً أَوْ اعْتَقَدَ طَرَيَانَ حَدَثٍ غَالِبٍ فَأَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ) فَأَكْثَرَ (انْعَقَدَتْ) صَلَاتُهُ وَفِي نُسْخَةٍ انْعَقَدَ أَيْ إحْرَامُهُ لِأَنَّهُ عَلَى طَهَارَةٍ فِي الْحَالِ (وَصَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ) وَلَوْ مَعَ عِلْمِ الْمُقْتَدِي بِحَالِهِ (وَيُفَارِقُ) إمَامَهُ عِنْدَ عُرُوضِ الْمُبْطِلِ (وَلَهُ) فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ (الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةٍ) وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ اعْتِقَادِ طَرَيَان الْحَدَثِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ وَجَبَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ يُحْدِثُ إلَخْ) لَمَّا كَانَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ هِيَ مُدَّةُ جَوَازِ الصَّلَاةِ بِهِ وَقَبْلَ الْحَدَثِ لَا يُتَصَوَّرُ اسْتِنَادُ جَوَازِ الصَّلَاةِ إلَى الْمَسْحِ كَانَ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَدَثِ وَلَا يُنْتَقَضُ هَذَا بِالْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ قَبْلَ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ وَإِنْ جَازَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّنْقِيحِ فَلَيْسَ مَحْسُوبًا مِنْ الْمُدَّةِ لِأَنَّ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لَيْسَ مُسْتَنِدٌ إلَيْهِ ات (قَوْلُهُ: فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ إلَخْ) فَإِنْ أَحْدَثَ وَلَمْ يَمْسَحْ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ لُبْسًا عَلَى طَهَارَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ اللُّبْسُ وَالْحَدَثُ فِي الْحَضَرِ إلَخْ) لِعَدَمِ مُضِيِّ مُدَّةِ مَسْحِ الْمُقِيمِ فِي الْحَضَرِ (قَوْلُهُ: أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ) لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِالْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَإِذَا اجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ غَلَبَ الْحَضَرُ كَمَا لَوْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَحَدِ طَرَفَيْ صَلَاتِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُهُ مَا مَضَى) وَإِنْ زَادَ عَلَى مُدَّةِ الْمُقِيمِ فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَسْتَوْفِ مُدَّةَ سَفَرٍ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسَحَ شَاكًّا وَصَلَّى بِهِ بَطَلَتْ. إلَخْ) إذْ مِنْ شُرُوطِهِ عَدَمُ الشَّكِّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ وَعَدَمُ الْإِحْرَامِ [فَصْلٌ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَوْ ظَهَرَتْ الرِّجْلُ أَوْ بَعْضُهَا أَوْ الْخَرْقُ الَّتِي عَلَيْهَا أَوْ فَسَدَ الْخُفُّ] (قَوْلُهُ: أَوْ ظَهَرَتْ الرِّجْلُ أَوْ بَعْضُهَا) لِأَنَّ فَرْضَ الظَّاهِرِ الْغَسْلُ، وَفَرْضَ الْمَسْتُورِ الْمَسْحُ فَإِذَا اجْتَمَعَا غَلَبَ حُكْمُ الْأَصْلِ وَهُوَ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِمَنْ تَرَكَ الرُّخْصَةَ لَمْ يُؤَدِّ الْفَرْضَ كَالْمُسَافِرِ إذَا أَتَمَّ أَوْ صَامَ اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ هُنَا قَدْ أَتَى بِالرُّخْصَةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ ش (قَوْلُهُ: وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا: عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَأَنَّهُ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَةٍ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَإِنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ وَقَدْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ رَكْعَةٍ لَمْ يَصِحَّ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 الْغُسْلُ لِجَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ) أَوْ نَحْوِهِ (وَجَبَ النَّزْعُ) إنْ أَرَادَ الْمَسْحَ لِخَبَرِ صَفْوَانَ السَّابِقِ فِي الْجَنَابَةِ وَقِيسَ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَكَرَّرُ تَكَرُّرَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلَا يَشُقُّ النَّزْعُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالِاسْتِقْصَاءِ وَغَيْرُهُمَا وَمَا قَالَهُ سَهْوٌ فَإِنَّ مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ إنَّمَا هُوَ أَنَّ الْمَسْحَ لَا يَكْفِي عَنْ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ كَمَا لَا يَكْفِي عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ لِنُدْرَتِهَا (لَا لِنَجَاسَةٍ أَمْكَنَ إزَالَتُهَا) فِي الْخُفِّ أَيْ لَا يَجِبُ النَّزْعُ لَهَا فَلَوْ أَزَالَهَا فِيهِ فَلَهُ إتْمَامُ الْمُدَّةِ لِعَمْدِ الْأَمْرِ بِالنَّزْعِ لَهَا بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ وَلَيْسَتْ فِي مَعْنَاهَا أَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ إزَالَتُهَا فِيهِ فَيَجِبُ النَّزْعُ لَهَا (وَلِلْأَقْطَعِ لُبْسٌ فِي السَّالِمَةِ) بِلَا خِلَافٍ (إلَّا) وَفِي نُسْخَةٍ لَا (إنْ بَقِيَ بَعْضُ الْمَقْطُوعَةِ) فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ (حَتَّى يَلْبَسَهُ) أَيْ بَعْضَ الْمَقْطُوعَةِ (خُفًّا وَلَوْ كَانَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلِيلَةً) بِحَيْثُ (لَا يَجِبُ غَسْلُهَا لَمْ يَجُزْ إلْبَاسُ الْأُخْرَى الْخُفَّ) لِيَمْسَحَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَجِبُ التَّيَمُّمُ عَنْ الْعَلِيلَةِ فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ وَهُوَ لَوْ لَبِسَ الْخُفَّ عَلَى إحْدَى الصَّحِيحَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَعْهُودِ فِي مَقْصُودِ الِارْتِفَاعِ بِاللُّبْسِ وَلِأَنَّهُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ خُيِّرَ فِيهِ بَيْنَ خَصْلَتَيْنِ فَلَا يُوَزَّعُ كَالْكَفَّارَةِ (كِتَابُ الْحَيْضِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ وَتَرْجَمَ الْكِتَابُ بِالْحَيْضِ لِأَنَّهُ مَعَ أَحْكَامِهِ أَغْلِبُ وَلَهُ عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ حَيْضٌ وَطَمْثٌ وَإِكْبَارٌ وَإِعْصَارٌ وَضِحْكٌ وَدِرَاسٌ وَعِرَاكٌ وَفِرَاكٌ بِالْفَاءِ وَطَمْسٌ وَنِفَاسٌ وَهُوَ لُغَةً السَّيَلَانُ يُقَالُ حَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ وَشَرْعًا دَمُ جِبِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ وَالِاسْتِحَاضَةُ دَمُ عِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ عِرْقِ فَمِهِ فِي أَدْنَى الرَّحِمِ يُسَمَّى الْعَاذِلُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ إهْمَالَهَا وَالْجَوْهَرِيُّ مَعَ إعْجَامِهَا بَدَلَ اللَّامِ رَاءٌ سَوَاءٌ خَرَجَ أَثَرُ الْحَيْضِ أَمْ لَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَالنِّفَاسُ الدَّمُ الْخَارِجُ بَعْدَ فَرَاغِ رَحِمِ الْمَرْأَةِ مِنْ الْحَمْلِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِي الْحَيْضِ آيَةُ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] أَيْ الْحَيْضِ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي الْحَيْضِ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» وَقِيلَ إنَّ أُمَّنَا حَوَّاءَ لَمَّا أَكَلَتْ مِنْ الشَّجَرَةِ وَأَدْمَتْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَأَدْمَيْنَك كَمَا أَدْمَيْتِيهَا وَابْتَلَاهَا بِالْحَيْضِ (وَفِيهِ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِهِ) وَبَعْضِ أَحْكَامِ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ وَقَدَّمَ عَلَيْهِمَا مَعْرِفَةَ سِنِّهِ وَقَدْرِهِ وَقَدْرِ الطُّهْرِ فَقَالَ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ أَقَلَّ سِنِّهِ تِسْعُ سِنِينَ قَمَرِيَّةً) وَلَوْ بِالْبِلَادِ الْبَارِدَةِ لِلْوُجُودِ لِأَنَّ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ وَلَا ضَابِطَ لَهُ شَرْعِيٌّ وَلَا لُغَوِيٌّ يُتَّبَعُ فِيهِ الْوُجُودُ كَالْقَبْضِ وَالْحِرْزِ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَعْجَلُ مَنْ سَمِعْت مِنْ النِّسَاءِ يَحِيضُ نِسَاءُ تِهَامَةَ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ وَقِيلَ أَقَلُّهُ أَوَّلُ التَّاسِعَةِ وَقِيلَ مُضِيُّ نِصْفِهَا (تَقْرِيبًا) لَا تَحْدِيدًا (فَيُسَامَحُ) قَبْلَ تَمَامِهَا (بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا) دُونَ مَا يَسَعُهُمَا (وَأَقَلُّهُ) أَيْ زَمَنًا (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ قَدْرُهُمَا وَهُوَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً (وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ) يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا (كَأَقَلِّ طُهْرٍ بَعْدَهُ حَيْضٌ) لِلْوُجُودِ فِي الثَّلَاثَةِ أَيْضًا وَلِأَنَّ الشَّهْرَ لَا يَخْلُو غَالِبًا عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ فَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ الطُّهْرِ كَذَلِكَ وَأَمَّا خَبَرُ «أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ» فَضَعِيفٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ انْقَطَعَ نِفَاسُهَا دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ أَكْثَرِ النِّفَاسِ لَا يَكُونُ زَمَنُ الِانْقِطَاعِ طُهْرًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ طُهْرٌ وَالدَّمُ بَعْدَهُ حَيْضٌ فَلَوْ عَبَّرَ كَالْأَصْلِ بِقَوْلِهِ أَقَلُّ طُهْرٍ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ إذْ ذَكَرَ الْحَيْضَتَيْنِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ تَقَدَّمَ الْحَيْضُ   [حاشية الرملي الكبير] لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي إحْرَامِ بِصَلَاةٍ لَا تَقْبَلُ زِيَادَةً وَلَا نَقْصًا (قَوْلُهُ: وَجَبَ النَّزْعُ) يُقَرِّبُ أَنَّ مَحَلَّ إيجَابِ النَّزْعِ وَتَحْدِيدِ اللُّبْسِ مَا إذَا كَانَ مَعَ الْجَنَابَةِ حَدَثٌ وَإِلَّا فَإِذَا اغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ وَغَسَلَ الرِّجْلَيْنِ عَنْهَا فِي الْخُفِّ ثُمَّ أَحْدَثَ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدٍ لَيْسَ لِأَنَّ تِلْكَ الطَّهَارَةَ السَّابِقَةَ بَاقِيَةٌ بَعْدَ الْجَنَابَةِ فَلَمْ تُؤَثِّرُ الْجَنَابَةُ فِيهَا شَيْئًا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا (قَوْلُهُ: إنْ أَرَادَ الْمَسْحَ وَلَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ عَنْهُمَا) وَلَا يَمْسَحُ حَتَّى يَنْزِعَهُمَا فَوُجُوبُ النَّزْعِ إنَّمَا هُوَ لِصِحَّةِ الْمَسْحِ لَا لِارْتِفَاعِ الْحَدَثِ ش (تَنْبِيهٌ) يَحْرُمُ النَّزْعُ فِي الْمُدَّةِ عَلَى مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَكْفِيهِ لَوْ مَسَحَ وَلَا يَكْفِيهِ لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَقَدْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَعَلَى مَنْ انْصَبَّ مَاؤُهُ عِنْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَوَجَدَ بَرَدًا لَا يَذُوبُ يَمْسَحُ بِهِ وَمَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ وَلَوْ غَسَلَ لَخَرَجَ وَمَنْ خَشِيَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الْجُمُعَةِ لَوْ غَسَلَ وَمَنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْوُقُوفِ لَوْ غَسَلَ، وَمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ وَخِيفَ انْفِجَارُهُ لَوْ غَسَلَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمِنْهَا وَلَمْ أَرَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الِاكْتِفَاءُ بِغَسْلِ الْقَدَمَيْنِ بَعْدَ النَّزْعِ وَنَحْوِهِ فِي وُضُوءِ الرَّفَاهِيَةِ أَمَّا دَائِمُ الْحَدَثِ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ لَا مَحَالَةَ، أَمَّا لِلْفَرِيضَةِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا لِلنَّافِلَةِ فَلِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرِّجْلَيْنِ ارْتَفَعَتْ مُطْلَقًا كَذَا ظَنَنْته فَتَأَمَّلْهُ. قَالَ شَيْخُنَا مَا بَعَثَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفهُ كَاتِبُهُ [كِتَابُ الْحَيْضِ وَفِيهِ خَمْسَة أَبْوَاب] (كِتَابُ الْحَيْضِ) (قَوْلُهُ وَالِاسْتِحَاضَةُ دَمُ عِلَّةٍ إلَخْ) وَمِنْ أَغْرَبِ مَا فُرِّقَ بِهِ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ مَا حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ نَاصِرٍ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّهَا تُدْخِلُ قَصَبَةً فِي الْفَرْجِ فَدَمُ الْحَيْضِ يَدْخُلُ فِيهَا وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ يُلَوِّثُ جَوَانِبَهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ) قَالَ الْجَاحِظُ فِي كِتَابِ الْحَيَوَانِ وَاَلَّذِي يَحِيضُ مِنْ الْحَيَوَانِ أَرْبَعٌ الْمَرْأَةُ وَالْأَرْنَبُ وَالضَّبُعُ وَالْخُفَّاشُ وَزَادَ غَيْرُهُ الْحِجْرَ وَالنَّاقَةَ وَالْكَلْبَةَ وَالْوَزَغَةَ ش وَالْحِجْرُ الْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ صِحَاحٌ [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي أَحْكَام الْحَيْض] (قَوْلُ الْأَوَّلِ فِي أَحْكَامِهِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ حُكْمًا يُسْتَبَاحُ بَعْضُهَا بِانْقِطَاعِهِ وَبَعْضُهَا بِالْغُسْلِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ أَقَلَّ سِنِّهِ إلَخْ) لَا حَدَّ لِآخِرِ سِنِّهِ بَلْ هُوَ مُمْكِنٌ مَا دَامَتْ الْمَرْأَةُ حَيَّةً قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الشَّهْرَ لَا يَخْلُو غَالِبًا إلَخْ) وَلِأَنَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فِي عِدَّةِ الْآيِسَةِ فِي مُقَابَلَةِ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّهْرَ إمَّا أَنْ يَجْمَعَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَأَقَلَّ الطُّهْرِ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ أَقَلَّهُمَا أَوْ أَكْثَرَهُمَا لَا سَبِيلَ إلَى الثَّانِي وَالرَّابِعِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الطُّهْرِ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَلَا إلَى الثَّالِثِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ شَهْرٍ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ فَثَبَتَ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 عَنْ النِّفَاسِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الطُّهْرِ بَيْنَهُمَا أَنْ يَكُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ (وَغَالِبُهُ) أَيْ الْحَيْضِ (سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ وَبَاقِي الشَّهْرِ غَالِبُ الطُّهْرِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَيَطْهُرْنَ مِيقَاتُ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ» أَيْ الْتَزِمِي الْحَيْضَ وَأَحْكَامَهُ فِيمَا أَعْلَمَكِ اللَّهُ مِنْ عَادَةِ النِّسَاءِ مِنْ سِتَّةٍ أَوْ سَبْعَةٍ وَالْمُرَادُ غَالِبُهُنَّ لِاسْتِحَالَةِ اتِّفَاقِ الْكُلِّ عَادَةً (وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيْ الطُّهْرِ بِالْإِجْمَاعِ فَقَدْ لَا تَحِيضُ الْمَرْأَةُ فِي عُمْرِهَا إلَّا مَرَّةً وَقَدْ لَا تَحِيضُ أَصْلًا (وَلَوْ اسْتَمَرَّتْ عَادَةٌ) لِامْرَأَةٍ أَوْ أَكْثَرَ (تُخَالِفُ الْأَقَلَّ) مِنْ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ (وَالْأَكْثَرَ) أَيْ أَوْ الْأَكْثَرَ مِنْ الْحَيْضِ (لَمْ تُعْتَبَرْ) تِلْكَ الْعَادَةُ لِأَنَّ بَحْثَ الْأَوَّلِينَ أَتَمُّ وَإِحَالَةَ مَا وَقَعَ عَلَى عِلَّةٍ أَقْرَبَ مِنْ خَرْقِ مَا مَضَتْ عَلَيْهِ الْعُصُورُ [فَصْلٌ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِالْحَيْضِ وَبِالنِّفَاسِ] (فَصْلٌ يَحْرُمُ) عَلَى الْمَرْأَةِ (بِهِ) أَيْ بِالْحَيْضِ (وَبِالنِّفَاسِ مَا يَحْرُمُ بِالْجَنَابَةِ) مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا (مَعَ زِيَادَةِ تَحْرِيمِ الصَّوْمِ) وَعَدَمِ صِحَّتِهِ لِلْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَلَيْسَ إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» (وَتَقْضِيهِ) وُجُوبًا (لَا الصَّلَاةَ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» وَلِأَنَّهَا تَكْثُرُ فَتَشُقُّ بِخِلَافِهِ وَلِأَنَّ أَمْرَهَا لَمْ يُبْنَ عَلَى أَنْ تُؤَخَّرَ وَلَوْ بِعُذْرٍ ثُمَّ تُقْضَى، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ قَدْ يُؤَخَّرُ بِعُذْرِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ ثُمَّ يُقْضَى وَهَلْ يَحْرُمُ قَضَاؤُهَا أَوْ يُكْرَهُ فِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ فَنَقَلَ فِيهَا عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيِّ عَنْ الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - نَهَتْ السَّائِلَةَ عَنْ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا أَمَرَ بِفِعْلِهِ وَعَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيِّ وَالْعِجْلِيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فَيُسَنُّ لَهُمَا الْقَضَاءُ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ نَهْيُ عَائِشَةَ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ مُنْتَقِضٌ بِقَضَاءِ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ (وَذَلِكَ) أَيْ وُجُوبُ قَضَاءِ الصَّوْمِ (بِأَمْرٍ جَدِيدٍ) مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا حَالَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ وَالْمَنْعُ وَالْوُجُوبُ لَا يَجْتَمِعَانِ (وَيَحْرُمُ) عَلَى زَوْجِهَا (الطَّلَاقُ) فِي ذَلِكَ وَفِي نُسْخَةٍ وَتَحْرِيمُ الطَّلَاقِ أَيْ وَمَعَ زِيَادَةِ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ وَبَقِيَّةُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا لِأَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ الْحَمْلِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (وَطْءٌ) فِي فَرْجِهَا وَلَوْ بِحَائِلٍ (وَمَا) أَيْ وَاسْتِمْتَاعٌ (بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) أَيْ بِمَا بَيْنَهُمَا لِآيَةِ {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» وَخَصَّ بِمَفْهُومِهِ عُمُومَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» وَلِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ يَدْعُو إلَى الْجِمَاعِ فَحَرُمَ لِأَنَّ «مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ فَقَطْ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ بِجَعْلِهِ مُخَصِّصًا لِمَفْهُومِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَوْجَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ رِعَايَةِ الْأَحْوَطِ لِخَبَرِ «مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحَمْيِ يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» أَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَلَوْ بِوَطْءٍ فَجَائِزٌ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَسَكَتُوا عَنْ مُبَاشَرَةِ الْمَرْأَةِ لِلزَّوْجِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ مَسَّهَا لِلذَّكَرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ تَمَتُّعَاتِهِ بِهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الرَّجُلِ دَمٌ حَتَّى يَكُونَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ كَمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا فَمَسُّهَا لِذَكَرِهِ غَايَتُهُ أَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ بِكَفِّهَا وَهُوَ جَائِزٌ قَطْعًا وَبِأَنَّهَا إذَا لَمَسَتْ ذَكَرَهُ بِيَدِهَا فَقَدْ اسْتَمْتَعَ هُوَ بِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَهُوَ جَائِزٌ وَبِأَنَّهُ كَانَ الصَّوَابُ فِي نَظْمِ الْقِيَاسِ أَنْ يَقُولَ كُلُّ مَا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ نَمْنَعُهَا أَنْ تَلْمِسَهُ بِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَلْمِسَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ سَائِرَ بَدَنِهَا إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا مِنْ لَمْسِهِ بِمَا بَيْنَهُمَا وَفِيمَا اعْتَرَضَ بِهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى. (تَنْبِيهٌ) لَفْظُ الِاسْتِمْتَاعِ هُوَ مَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ يَشْمَلُ النَّظَرَ وَاللَّمْسَ بِشَهْوَةٍ وَعَبَّرَ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ بِالْمُبَاشَرَةِ وَمُقْتَضَاهُ تَحْرِيمُ اللَّمْسِ بِلَا شَهْوَةٍ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ مَنُوطٌ بِالْمُبَاشَرَةِ وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ بِخِلَافِ النَّظَرِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ وَلَيْسَ هُوَ أَعْظَمَ مِنْ تَقْبِيلِهَا فِي وَجْهِهَا بِشَهْوَةٍ (وَوَطْؤُهَا فِي الْفَرْجِ) عَالِمًا عَامِدًا مُخْتَارًا (كَبِيرَةٌ) كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا وَالرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ الشَّافِعِيِّ (يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ مَعَ زِيَادَةِ تَحْرِيمِ الصَّوْمِ) هَلْ تُثَابُ عَلَى هَذَا التَّرْكِ لِكَوْنِهَا مُكَلَّفَةً بِهِ كَمَا يُثَابُ الْمَرِيضُ عَلَى النَّوَافِلِ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا فِي صِحَّتِهِ وَشُغِلَ عَنْهَا بِمَرَضِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ الظَّاهِرُ لَا فَإِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ أَنَّهَا لَا تُثَابُ لِأَنَّ الْمَرِيضَ يَنْوِي أَنَّهُ يَفْعَلُ لَوْ كَانَ سَالِمًا مَعَ أَهْلِيَّتِهِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِأَهْلٍ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَنْوِيَ أَنَّهَا تَفْعَلُ لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهُ يُضْعِفُهَا (قَوْلُهُ وَلَا تُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ) تَرْكُ الصَّلَاةِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ قَضَائِهَا لِأَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِالتَّرْكِ وَمَتْرُوكُهُ لَا يَجِبُ فِعْلُهُ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ أَوْ يُكْرَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْمَشْهُورُ أَنَّ قَضَاءَ الصَّلَاةِ يُكْرَهُ ع وَهُوَ الْمَعْرُوفُ ح (قَوْلُهُ فِي الْمَحِيضِ) الْمَحِيضُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ هُوَ الْحَيْضُ وَقِيلَ زَمَانُهُ وَقِيلَ مَكَانُهُ (قَوْلُهُ لَا النِّكَاحِ) يُشْبِهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمُضَاجَعَةُ وَالْقُبْلَةُ وَنَحْوُهُمَا جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رَدِّ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إلَيْهِ وَيُعَضِّدُهُ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الرَّجُلِ دَمٌ إلَخْ) غَلَطٌ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ (قَوْلُهُ وَفِيمَا اعْتَرَضَ بِهِ نَظَرٌ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ حُكْمِهَا لَهُ جَوَازًا وَعَدَمَهُ وَأَمَّا التَّفْرِيعُ فِي الِاعْتِرَاضِ مِنْ قَوْلِهِ فَيَجُوزُ لَهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَ ذَلِكَ لَهُ وَمَسْكُوتٌ عَنْ جِهَتِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ النَّظَرِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ) قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ بِجِوَارِ نَظَرِهِ لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْحَائِضِ هَكَذَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ (لَا جَاهِلًا) وَلَا نَاسِيًا وَلَا مُكْرَهًا فَلَا يَحْرُمُ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَهُوَ حَسَنٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَيُسْتَحَبُّ لِلْوَاطِئِ عَمْدًا) أَيْ مُتَعَمِّدًا (عَالِمًا) بِالتَّحْرِيمِ وَالْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ مُخْتَارًا (فِي أَوَّلِ الدَّمِ وَقُوَّتِهِ التَّصَدُّقُ وَيُجْزِئُ) وَلَوْ (عَلَى فَقِيرٍ) وَاحِدٍ (بِمِثْقَالٍ إسْلَامِيٍّ) مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ (وَفِي آخِرِهِ) أَيْ الدَّمِ (وَضَعْفِهِ بِنِصْفِهِ) أَيْ بِنِصْفِ مِثْقَالٍ كَذَلِكَ لِخَبَرِ «إذَا وَقَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وَهِيَ حَائِضٌ إنْ كَانَ دَمًا أَحْمَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ وَإِنْ كَانَ أَصْفَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَقِيسَ بِالْحَيْضِ النِّفَاسُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْوَاطِئُ زَوْجًا أَمْ غَيْرَهُ وَكَالْوَطْءِ فِي آخِرِ الدَّمِ الْوَطْءُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ إلَى الطُّهْرِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لِلْأَذَى فَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ كَوَطْءِ الْمَجُوسِيَّةِ وَاللِّوَاطِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا كَفَّارَةَ بِوَطْئِهَا وَإِنْ حَرُمَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَوَّلِ وَقُوَّتِهِ وَفِي الثَّانِي وَضَعْفِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِمِثْقَالٍ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّصَدُّقِ، وَقَوْلُهُ وَيُجْزِئُ عَلَى فَقِيرٍ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ وَالْفَقِيرُ عِنْدَ انْفِرَادِهِ يَشْمَلُ الْمِسْكِينَ كَعَكْسِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ الدِّينَارِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ قَدْرُهُ (فَلَوْ أَخْبَرَتْهُ بِالْحَيْضِ) وَلَمْ يُمْكِنْ صِدْقُهَا لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهَا وَإِنْ أَمْكَنَ (فَكَذَّبَهَا لَمْ يَحْرُمْ) وَطْؤُهَا لِأَنَّهَا رُبَّمَا عَانَدَتْهُ وَمَنَعَتْ حَقَّهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَلَمْ يَثْبُتْ سَبَبُهُ (بِخِلَافِ مَنْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقَهَا) فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَإِنْ كَذَّبَهَا (لِتَقْصِيرِهِ) فِي تَعْلِيقِهِ بِمَا لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا أَمَّا إذَا صَدَّقَهَا فَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا وَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْهَا وَلَمْ يُصَدِّقْهَا فَظَاهِرُ كَلَامِهِ حُرْمَةُ وَطْئِهَا وَظَاهِرُ التَّعْلِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ حِلُّهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِلشَّكِّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ لَوْ شَكَّ هَلْ حَاضَتْ الْمَجْنُونَةُ أَوْ الْعَاقِلَةُ أَوْ لَا لَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَعَدَمُ الْحَيْضِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْحَيْضِ وَادَّعَى انْقِطَاعَهُ وَادَّعَتْ بَقَاءَهُ فِي مُدَّةِ الْإِمْكَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِلَا خِلَافٍ لِلْأَصْلِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَصْرِيحُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ أَخْبَرَتْهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَلَا يُكْرَهُ طَبْخُهَا وَ) لَا اسْتِعْمَالُ (مَا مَسَّتْهُ) مِنْ عَجِينٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ (وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِبَاقِيهَا) أَيْ بِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِلَا حَائِلٍ وَكَذَا بِمَا بَيْنَهُمَا بِحَائِلٍ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِي الْفَرْجِ (وَلَوْ تَلَطَّخَ) ذَلِكَ (دَمًا) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرُهَا» وَتَعْبِيرُهُ بِبَاقِيهَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ لِشُمُولِهِ السُّرَّةَ وَالرُّكْبَةَ (وَيُكْرَهُ لَهَا عُبُورُ الْمَسْجِدِ) إنْ لَمْ تَخْشَ تَلْوِيثَهُ بِالدَّمِ وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ وَمَحَلُّهَا إذَا عَبَرَتْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (فَإِنْ خَشِيَتْ هِيَ أَوْ ذُو نَجَاسَةٍ) كَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ أَوْ مَذْيٌ أَوْ اسْتِحَاضَةٌ (تَلْوِيثَهُ حَرُمَ) عُبُورُهُ صِيَانَةً لَهُ عَنْ تَلْوِيثِهِ بِالنَّجَسِ وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ غَيْرُهُ كَمُصَلَّى الْعِيدِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ فَلَا يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ عُبُورُهُ عَلَى مَنْ ذَكَرَ (وَلَا تَصِحُّ طَهَارَتُهَا) بِنِيَّةِ التَّعَبُّدِ بَلْ وَتَحْرُمُ لِتَلَاعُبِهَا (فَإِنْ اغْتَسَلَتْ لِمَا لَا يُفْتَقَرُ إلَى الطَّهَارَةِ كَالْإِحْرَامِ وَالْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ (حَصَلَتْ السُّنَّةُ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ التَّنْظِيفُ «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ وَكَانَتْ نُفَسَاءَ بِالِاغْتِسَالِ لِلْإِحْرَامِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَحْكَامٌ أُخَرُ تُذْكَرُ فِي مَحَالِّهَا وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا بَعْضَهَا (وَيَرْتَفِعُ بِانْقِطَاعِهِ تَحْرِيمُ الصَّوْمِ) وَالطَّهَارَةِ (وَالطَّلَاقِ وَسُقُوطِ الصَّلَاةِ) لِأَنَّ تَحْرِيمَ مَا عَدَا الطَّلَاقَ لِلْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ وَتَحْرِيمَ الطَّلَاقِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِالِانْقِطَاعِ وَبَقَاءُ الْغُسْلِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَالْجَنَابَةِ وَيَرْتَفِعُ أَيْضًا عَدَمُ صِحَّةِ طَهَارَتِهَا وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِظُهُورِهِ (لَا الْبَاقِي) مِنْ تَمَتُّعٍ وَغَيْرِهِ كَمَسِّ مُصْحَفٍ وَحَمْلِهِ فَلَا يَرْتَفِعُ (حَتَّى تَغْتَسِلَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الدَّمِ وَقُوَّتِهِ إلَخْ) أَبْدَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَعْنَى لَطِيفًا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ فَقَالَ إنَّمَا كَانَ هَذَا لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِهِ قَرِيبُ عَهْدٍ بِالْجِمَاعِ فَلَا يَعْذُرُ وَفِي آخِرِهِ قَدْ بَعُدَ عَهْدُهُ فَخَفَّتْ (قَوْلُهُ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ) كَتَارِكِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عُدْوَانًا (قَوْلُهُ وَفِي آخِرِهِ إلَخْ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ عَمَّا إذَا وَطِئَ فِي وَسَطِهِ وَقَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الرِّيَاضِ إنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ دِينَارٍ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ وَهَذَا الْكَلَامُ مِنْ النَّاقِلِ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ غَيْرُ وَاضِحٍ لِأَنَّ لَنَا وَجْهَيْنِ فِي الْمُرَادِ بِإِقْبَالِ الدَّمِ وَإِدْبَارِهِ اللَّذَيْنِ هُمَا الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ يَقُولُ الْمُرَادُ بِإِقْبَالِهِ زَمَنُ قُوَّتِهِ وَاشْتِدَادِهِ وَبِإِدْبَارِهِ ضَعْفُهُ وَقُرْبُهُ مِنْ الِانْقِطَاعِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ إقْبَالَهُ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ وَإِدْبَارَهُ مَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ فَلَا يَتَحَقَّقُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَاسِطَةٌ أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ زَمَنَ الْقُوَّةِ مُسْتَمِرٌّ إلَى أَنْ يَأْخُذَ فِي النَّقْصِ فَيَدْخُلُ زَمَنُ الضَّعْفِ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَمَا دَامَ مَوْجُودًا فَهُوَ زَمَنُ قُوَّتِهِ فَإِذَا انْقَطَعَ فَهُوَ زَمَنُ ضَعْفِهِ. (قَوْلُهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ) هُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِقْبَالِ الدَّمِ الَّذِي هُوَ أَوَّلُهُ زَمَنُ قُوَّتِهِ وَاشْتِدَادِهِ وَبِإِدْبَارِهِ الَّذِي هُوَ آخِرُهُ ضَعْفُهُ وَقُرْبُهُ مِنْ الِانْقِطَاعِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ إقْبَالُ الدَّمِ شَامِلٌ لِلدَّمِ الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي الْمَجْمُوعِ الْمُرَادُ بِإِقْبَالِ الدَّمِ زَمَنُ قُوَّتِهِ وَاشْتِدَادِهِ وَبِإِدْبَارِهِ ضَعْفُهُ وَقُرْبُهُ مِنْ الِانْقِطَاعِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ حِلُّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) أَيْ بِيَمِينِهَا (قَوْلُهُ وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِبَاقِيهَا إلَخْ) مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ بَاشَرَهَا لَوَطِئَ لِمَا عَرَفَهُ مِنْ عَادَتِهِ وَقُوَّةِ شَبَقِهِ وَقِلَّةِ تَقْوَاهُ وَهُوَ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِمَّنْ حَرَّكَتْ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ (قَوْلُهُ لِشُمُولِهِ السُّرَّةَ وَالرُّكْبَةَ) فَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّنْقِيحِ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِالسُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَالْمُخْتَارُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْأُمِّ وَالسُّرَّةُ فَوْقَ الْإِزَارِ (قَوْلُهُ لَا الْبَاقِي مِنْ تَمَتُّعٍ وَغَيْرِهِ إلَخْ) يَقْتَضِي تَحْرِيمَ التَّمَتُّعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 أَوْ تَتَيَمَّمَ) أَمَّا غَيْرُ التَّمَتُّعِ فَلِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لِلْحَدَثِ وَهُوَ بَاقٍ إلَى الطُّهْرِ وَأَمَّا التَّمَتُّعُ فَلِآيَةِ {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] (فَلَوْ عَدِمَتْهُمَا) أَيْ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ (صَلَّتْ) فَرِيضَتَهَا لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَلَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا) وَلَا غَيْرُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ الْمُحَرَّمِ وَالْقِرَاءَةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهَا (فَصْلٌ) فِي الِاسْتِحَاضَةِ (كُلُّ مَا لَا يُعَدُّ حَيْضًا وَنِفَاسًا) مِنْ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ (فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ) سَوَاءٌ اتَّصَلَ بِالْحَيْضِ أَمْ لَا كَالْمَرْئِيِّ لِسَبْعِ سِنِينَ مَثَلًا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيلَ هِيَ الْمُتَّصِلُ خَاصَّةً وَيُسَمَّى غَيْرُهُ دَمَ فَسَادٍ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ الِاسْتِحَاضَةُ قَدْ تُطْلَقُ عَلَى كُلِّ دَمٍ تَرَاهُ الْمَرْأَةُ غَيْرَ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ بِالْحَيْضِ كَالْمُجَاوِزِ أَكْثَرَهُ أَمْ لَا كَاَلَّذِي تَرَاهُ لِسَبْعِ سِنِينَ مَثَلًا وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْمُتَّصِلِ خَاصَّةً وَيُسَمَّى غَيْرُهُ دَمَ فَسَادٍ وَلَا تَخْتَلِفُ الْأَحْكَامُ فِي ذَلِكَ (وَهِيَ حَدَثٌ دَائِمٌ) كَسَلَسِ بَوْلٍ وَمَذْيٍ (تُصَلِّي مَعَهُ) الْمُسْتَحَاضَةُ (وَتَصُومُ وَتُوطَأُ وَالدَّمُ يَجْرِي) كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ الدَّائِمَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ يَنْبَغِي مَنْعُهَا مِنْ صَوْمِ النَّفْلِ لِأَنَّهَا إنْ حَشَتْ فَرْجَهَا أَفْطَرَتْ وَإِلَّا فَقَدْ ضَيَّعَتْ فَرْضَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ صَوْمِ الْفَرْضِ لِأَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ إلَيْهِ وَمَا قَالَهُ قَوِيٌّ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (وَتَسْتَبِيحُ بِالْوُضُوءِ فَرْضًا) وَاحِدًا (وَنَوَافِلَ كَالتَّيَمُّمِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا تَسْتَبِيحُ النَّوَافِلَ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ وَالصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ أَنَّهَا تَسْتَبِيحُ النَّوَافِلَ مُسْتَقِلَّةً وَتَبَعًا لِلْفَرِيضَةِ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَبَعْدَهُ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنَّهُ خَالَفَ ذَلِكَ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ فَصَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ أَنَّهَا لَا تَسْتَبِيحُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ بِأَنَّ حَدَثَهَا مُتَجَدِّدٌ وَنَجَاسَتَهَا مُتَزَايِدَةٌ وَإِنَّمَا تَسْتَبِيحُ مَا ذَكَرَ (إنْ احْتَاطَتْ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوُضُوءِ أَوْ بَدَلَهُ (بِغُسْلِ الدَّمِ وَالشَّدِّ وَالتَّلَجُّمِ) بِأَنْ تَشُدَّ بِوَسَطِهَا خِرْقَةً أَوْ نَحْوَهَا كَالتِّكَّةِ وَتَتَلَجَّمَ بِأُخْرَى مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ تَجْعَلُ أَحَدَهُمَا قُدَّامَهَا وَالْآخَرَ وَرَاءَهَا وَتَشُدُّهُمَا بِتِلْكَ الْخِرْقَةِ (فَإِنْ احْتَاجَتْ) فِي دَفْعِ الدَّمِ أَوْ تَقْلِيلِهِ (حَشْوَهُ بِقُطْنٍ) أَوْ نَحْوِهِ (وَهِيَ مُفْطِرَةٌ وَلَمْ تَتَأَذَّ بِهِ وَجَبَ) عَلَيْهَا الْحَشْوُ قَبْلَ الشَّدِّ وَالتَّلَجُّمِ وَتَكْتَفِي بِهِ إنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَيْهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَإِنْ كَانَتْ صَائِمَةً أَوْ تَأَذَّتْ بِاجْتِمَاعِ الدَّمِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْحَشْوُ بَلْ يَلْزَمُ الصَّائِمَةَ تَرْكُهُ وَإِنَّمَا حَافَظُوا عَلَى صِحَّةِ الصَّوْمِ هُنَا لَا عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَكْسُ مَا فَعَلُوهُ فِيمَنْ ابْتَلَعَ بَعْضَ خَيْطٍ قَبْلَ الْفَجْرِ وَطَلَعَ الْفَجْرُ وَطَرَفُهُ خَارِجٌ لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ فَالظَّاهِرُ دَوَامُهَا فَلَوْ رَاعَيْنَا الصَّلَاةَ هُنَا لِتَعَذُّرِ قَضَاءِ الصَّوْمِ لِلْحَشْوِ وَلِأَنَّ الْمَحْذُورَ هُنَا لَا يَنْتَفِي بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّ الْحَشْوَ يَتَنَجَّسُ وَهِيَ حَامِلَتُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِالْوُضُوءِ أَوْ بَدَلِهِ عَقِبَ الِاحْتِيَاطِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ قَبْلَهُ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْغَرَضِ مِنْ عَطْفِ الْأَصْلِ لَهُ بِثُمَّ الْمُفِيدَةِ لِلتَّرَاخِي (وَذُو السَّلَسِ يَحْتَاطُ مِثْلَهَا) أَيْ مِثْلَ الْمُسْتَحَاضَةِ بِأَنْ يُدْخِلَ قُطْنَةً فِي إحْلِيلِهِ فَإِنْ انْقَطَعَ وَإِلَّا عَصَبَ مَعَ ذَلِكَ رَأْسَ الذَّكَرِ (فَإِنْ كَانَ) السَّلَسُ (مَنِيًّا فَبِالْغُسْلِ) لِكُلِّ فَرْضٍ يَحْتَاطُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ حَذَفَ يَحْتَاطُ وَأَخَّرَ قَوْلَهُ: وَذُو السَّلَسِ مِثْلُهَا إلَى آخِرِهِ إلَى فَرَاغِهِ مِنْ أَحْكَامِ الْمُسْتَحَاضَةِ كَانَ أَخَصْرَ وَأَفْيَدَ (وَتَتَوَضَّأُ) الْمُسْتَحَاضَةُ (بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ الصَّلَاةِ   [حاشية الرملي الكبير] بِغَيْرِ الْوَطْءِ قَبْلَ الْغُسْلِ لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ ثُمَّ وَالِاسْتِبْرَاءُ بَقِيَ تَحْرِيمُ الْوَطْءِ حَتَّى تَغْتَسِلَ وَيَحِلُّ الِاسْتِمْتَاعُ قَبْلَ الْغُسْلِ عَلَى الصَّحِيحِ وَمَعْنَاهُ انْقِطَاعُ التَّحْرِيمِ بِسَبَبِ الِاسْتِبْرَاءِ عَمَّا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُهُ مَعْنًى وَأَمَّا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَهَلْ يَبْقَى لِأَجْلِ الْحَيْضِ أَمْ لَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ لِأَنَّ الْبَابَ لَيْسَ مَعْقُودًا لَهُ. (قَوْلُهُ فَلِآيَةِ {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] فَإِنَّهُ قَدْ قُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْقِرَاءَتَانِ فِي السَّبْعِ فَأَمَّا قِرَاءَةُ التَّشْدِيدِ فَصَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَاهُ وَأَمَّا التَّخْفِيفُ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَيْضًا الِاغْتِسَالُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ انْقِطَاعُ الْحَيْضِ فَقَدْ ذُكِرَ بَعْدَهُ شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ قَوْلُهُ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا مَعًا [فَصْلٌ فِي الِاسْتِحَاضَةِ] (قَوْلُهُ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ) لِلِاسْتِحَاضَةِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ حُكْمًا (قَوْلُهُ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ بَلْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُتَحَيِّرَةِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ خَالَفَ ذَلِكَ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ وَالثَّانِي عَلَى غَيْرِهَا (قَوْلُهُ إنْ احْتَاطَتْ قَبْلَهُ لِغَسْلِ الدَّمِ إلَخْ) وَيُجْزِئُهَا اسْتِنْجَاؤُهَا بِالْحَجَرِ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي وُضُوءِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَتَغْسِلُ فَرْجَهَا قَبْلَ الْوُضُوءِ أَوْ التَّيَمُّمِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الِاسْتِجْمَارُ وَعَلَّلُوهُ بِتَقْلِيلِ النَّجَاسَةِ مَا أَمْكَنَ لَكِنْ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُجْزِئُ فِيهِ الْحَجَرُ عَلَى الْأَظْهَرِ كَغَيْرِهِ مِنْ النَّادِرَاتِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّنْقِيحِ هُنَاكَ وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِتَعَيُّنِ الْمَاءِ فِي النَّادِرِ أَوْ فِيمَا إذَا كَثُرَ وَتَفَاحَشَ بِحَيْثُ لَا يُجْزِئُ الْحَجَرُ فِي مِثْلِهِ مِنْ الْمُعْتَادِ وَقَدْ يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فَتَغْسِلُ وُجُوبًا إذَا كَانَ الدَّمُ كَثِيرًا انْتَهَى وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا الِاسْتِنْجَاءُ لَا تَعَيُّنُ الْغُسْلِ بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ احْتَاجَتْ حَشْوَهُ بِقُطْنٍ إلَخْ) وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْحَشْوَ بِالْحَاجَةِ كَالْكِفَايَةِ عَكْسُ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهَا تَحْشُو فَإِنْ انْدَفَعَ بِهِ الدَّمُ وَإِلَّا شَدَّتْ وَتَلَجَّمَتْ وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ مَا فِي الْأَصْلِ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالسُّبْكِيِّ حَيْثُ قَالَا إنَّهُ الصَّوَابُ نَقْلًا وَمَعْنًى (قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ مُزْمِنَةٌ إلَخْ) وَلِأَنَّهَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا تَقْصِيرٌ فَخَفَّفَ عَنْهَا أَمْرَهَا وَصَحَّتْ مِنْهَا الْعِبَادَتَانِ قَطْعًا كَمَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا مَعَ النَّجَاسَةِ وَالْحَدَثِ الدَّائِمِ لِلضَّرُورَةِ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ فَيَشُقُّ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا نَادِرًا (قَوْلُهُ وَتَتَوَضَّأُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ) لَوْ تَوَضَّأَتْ قَبْلَ الزَّوَالِ لِفَائِتَةٍ فَزَالَتْ الشَّمْسُ هَلْ لَهَا أَنْ تُصَلِّي بِهِ بَعْدَ الظُّهْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي نَظِيرِهَا مِنْ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ نَقْلٌ (قَوْلُهُ لِكُلِّ فَرْضٍ وَلَوْ مَنْذُورَةً) وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وَلَوْ نَافِلَةً لَا قَبْلَهُ كَالْمُتَيَمِّمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَطْلَقُوا الْوُضُوءَ وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَرَّةٍ وَامْتِنَاعُ التَّثْلِيثِ مُبَادَرَةٌ لِلصَّلَاةِ قَالَ وَيَشْهَدُ لَهُ مَسْأَلَةُ اسْتِمْسَاكِ الْبَوْلِ بِالْقُعُودِ وَسَتَأْتِي فَإِذَا سَامَحُوا فِي فَرْضِ الْقِيَامِ لِحِفْظِ الطَّهَارَةِ فَفِي التَّثْلِيثِ الْمَنْدُوبِ أَوْلَى وَمَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ يَدْفَعُ الْخُبْثَ أَصْلًا وَمَا هُنَا يُقَلِّلُهُ (وَتُجَدِّدُ) وُجُوبًا (الِاحْتِيَاطَ لِكُلِّ فَرْضٍ وَلَوْ لَمْ تُزِلْ الْعِصَابَةَ) تَقْلِيلًا لِلنَّجَسِ كَالْوُضُوءِ تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ (كَمَا لَوْ انْتَقَضَ طُهْرُهَا) بِخُرُوجِ بَوْلٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهَا تُجَدِّدُ الِاحْتِيَاطَ قَبْلَ الْوُضُوءِ (وَتُبَادِرُ) وُجُوبًا بَعْدَهُ (بِالصَّلَاةِ) تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ (وَتُمْهَلُ لِأَذَانٍ وَسِتْرٍ وَسَائِرِ أَسْبَابِ الصَّلَاةِ) أَيْ مَصَالِحِهَا (كَانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ) وَالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقَصِّرَةٍ بِذَلِكَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَحَيْثُ وَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ قَالَ الْإِمَامُ ذَهَبَ ذَاهِبُونَ مِنْ أَئِمَّتِنَا إلَى الْمُبَالَغَةِ وَاغْتَفَرَ آخَرُونَ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ وَضَبَطَهُ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ وَقَدْ اسْتَشْكَلَ التَّمْثِيلُ بِأَذَانِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ لَهَا وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى الْإِجَابَةِ وَبِأَنَّ تَأْخِيرَهَا لِلْأَذَانِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَذَانَهَا (فَلَوْ أَخَّرَتْ) صَلَاتَهَا عَنْ الْوُضُوءِ (بِلَا سَبَبٍ) مِنْ أَسْبَابِ الصَّلَاةِ كَأَكْلٍ وَغَزْلٍ (بَطَلَ) وُضُوءُهَا فَتَجِبُ إعَادَتُهُ وَإِعَادَةُ الِاحْتِيَاطِ لِتَكَرُّرِ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ مَعَ اسْتِغْنَائِهَا عَنْ احْتِمَالِ ذَلِكَ بِقُدْرَتِهَا عَلَى الْمُبَادَرَةِ (وَخُرُوجُ الدَّمِ بِلَا تَقْصِيرٍ) مِنْهَا (لَا يَضُرُّ فَإِنْ كَانَ) خُرُوجُهُ (بِتَقْصِيرٍ فِي الشَّدِّ وَنَحْوِهِ) كَالْحَشْوِ (بَطَلَ وُضُوءُهَا وَ) كَذَا (صَلَاتُهَا) إنْ كَانَتْ فِي صَلَاةٍ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَبْطُلُ) وُضُوءُهَا أَيْضًا (بِالشِّفَاءِ) وَإِنْ اتَّصَلَ بِآخِرِهِ (وَبِانْقِطَاعٍ يَسَعُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ) لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عَوْدِ الدَّمِ وَالْمُرَادُ بِبُطْلَانِهِ بِذَلِكَ إذَا خَرَجَ مِنْهَا دَمٌ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ (فَإِنْ انْقَطَعَ) عَنْهَا (وَعَادَتُهُ الْعَوْدُ قَبْلَ إمْكَانِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ) أَوْ أَخْبَرَهَا بِعَوْدِهِ كَذَلِكَ ثِقَةٌ (صَلَّتْ) اعْتِمَادًا عَلَى الْعَادَةِ أَوْ الْإِخْبَارِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مَا لَوْ كَانَ عَادَتْهُ الْعَوْدُ عَلَى نُدُورٍ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تُلْحَقَ هَذِهِ النَّادِرَةُ بِالْمَعْدُومَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ (فَإِنْ امْتَدَّ) الِانْقِطَاعُ زَمَنًا يَسَعُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ (أَعَادَتْ) هُمَا لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْوُضُوءِ (أَوْ) انْقَطَعَ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ وَ (عَادَتْهُ الْعَوْدُ بَعْدَ إمْكَانِهِمَا أَوْ لَمْ تَعْتَدْ انْقِطَاعَهُ) وَعَوْدَهُ (وَلَمْ يُخْبِرْهَا ثِقَةٌ بِعَوْدِهِ كَذَلِكَ أُمِرَتْ بِالْوُضُوءِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عَوْدِهِ (فَلَوْ خَالَفَتْ وَصَلَّتْ) بِلَا وُضُوءٍ (لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهَا سَوَاءٌ امْتَدَّ) الِانْقِطَاعُ (أَمْ لَا) لِشُرُوعِهَا مُتَرَدِّدَةً فِي طُهْرِهَا (فَلَوْ عَادَ) الدَّمُ (فَوْرًا لَمْ يَبْطُلْ وُضُوءُهَا) إذْ لَمْ يُوجَدْ الِانْقِطَاعُ الْمُغْنِي عَنْ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ وَالنَّجَسِ (وَمَنْ اعْتَادَتْ انْقِطَاعَهُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ وَوَثِقَتْ) بِانْقِطَاعِهِ فِيهِ بِحَيْثُ تَأْمَنُ الْفَوَاتَ (لَزِمَهَا انْتِظَارُهُ) لِاسْتِغْنَائِهَا حِينَئِذٍ عَنْ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ وَالنَّجَسِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَثِقْ بِانْقِطَاعِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ (قَدَّمَتْ) جَوَازًا صَلَاتَهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ كَانَتْ تَرْجُو انْقِطَاعَهُ آخِرَ الْوَقْتِ فَهَلْ الْأَفْضَلُ أَنْ تُعَجِّلَهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ أَمْ تُؤَخِّرَهَا إلَى آخِرِهِ وَجْهَانِ فِي التَّتِمَّةِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي مِثْلِهِ فِي التَّيَمُّمِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِمَا قَدَّمَهُ ثَمَّ لَكِنْ صَاحِبُ الشَّامِلِ جَزَمَ بِوُجُوبِ التَّأْخِيرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْوَجْهُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَرَجَا الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّأْخِيرُ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَكَذَا هُنَا (وَطَهَارَتُهَا مُبِيحَةٌ) لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا (لَا تَرْفَعُ حَدَثًا) وَقِيلَ تَرْفَعُهُ وَقِيلَ تَرْفَعُ الْمَاضِيَ دُونَ غَيْرِهِ وَالْمَذْهَبُ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلُ لَكِنْ الْأَكْثَرُونَ عَلَى الثَّالِثِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ حَيْثُ قَالَ الْأَشْهَرُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمَاضِي وَغَيْرِهِ وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ لَكِنَّهُ قَالَ الْأَصَحُّ دَلِيلًا الْأَوَّلُ وَفِي الْمَجْمُوعِ هُنَا مِثْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ ثُمَّ قَالَ فَظَهَرَ خَطَأُ تَعْبِيرِهِ بِالْمَذْهَبِ (وَلَوْ اسْتَمْسَكَ السَّلَسُ بِالْعُقُودِ) دُونَ الْقِيَامِ (صَلَّى قَاعِدًا) حِفْظًا لِلطَّهَارَةِ (وَلَا إعَادَةَ) عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَذُو الْجُرْحِ السَّائِلِ كَالْمُسْتَحَاضَةِ فِي الشَّدِّ وَغُسْلِ الدَّمِ لِكُلِّ فَرْضٍ (الْبَابُ الثَّانِي فِي) بَيَانِ (الْمُسْتَحَاضَاتِ) غَيْرَ النَّاسِيَةِ الْمَعْقُودِ لَهَا بَابٌ فِيمَا يَأْتِي (وَهُنَّ أَرْبَعٌ) لِأَنَّ الَّتِي جَاوَزَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ إمَّا مُبْتَدَأَةً أَوْ مُعْتَادَةً وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا مُمَيِّزَةً أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ فَهُنَّ أَرْبَعٌ (الْأُولَى مُبْتَدَأَةٌ مُمَيِّزَةٌ وَهِيَ ذَاتُ قَوِيٍّ وَضَعِيفٍ) لَمْ يُسْبَقْ لَهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ) قَالَ شَيْخُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ فَقَطْ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ شَرْطٌ وَأَفَادَ بِهِ أَنَّ تَأْخِيرَهَا لَا يُبْطِلُ طُهْرَهَا وَإِنْ أَفْضَى إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ بِلَا صَلَاةٍ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى الْإِجَابَةِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي حَمْلُ الْأَذَانِ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَسِ دُونَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَقَالَ الْغَزِّيِّ مُرَادُهُمْ الرَّجُلُ إذَا كَانَ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ أَوْ الرِّيحِ أَوْ الْمَذْيِ (قَوْلُهُ يَسَعُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ) هَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ يَسَعُ: الطَّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ بِسُنَنِهِمَا أَوْ يَسَعُ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ الْأَقْرَبُ الثَّانِي وَيَشْهَدُ لَهُ مَا سَنَحْكِيهِ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةِ السَّلَسِ فِي صَلَاتِهِ قَاعِدًا ر (قَوْلُهُ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ) الَّتِي تَوَضَّأَتْ لَهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ أَوْ نَحْوُهُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِحَاضَةِ (قَوْلُهُ فَكَذَا هُنَا) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ صَلَّى قَاعِدًا) وُجُوبًا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَأَمَّا فَهْمُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ يُبَيِّنْ يَعْنِي النَّوَوِيَّ هَلْ الْوَجْهَانِ فِي الْوُجُوبِ أَوْ الْأَفْضَلِيَّةِ وَالْمُتَبَادَرُ الْأَوَّلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا فِي الْأَفْضَلِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ صَاحِبِ الْكِتَابِ أَصَحُّهُمَا قَاعِدًا حِفْظًا لِلطَّهَارَةِ وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ صَلَّى لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ انْتَهَى وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ كَلَامِ الْأَنْوَارِ [الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْمُسْتَحَاضَاتِ] (الْبَابُ الثَّانِي) فِي الْمُسْتَحَاضَاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 حَيْضٌ وَطُهْرٌ (فَالْحَيْضُ) فِي حَقِّهَا (الْقَوِيُّ) وَغَيْرُهُ اسْتِحَاضَةٌ تَقَدَّمَ الْقَوِيُّ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ تَوَسَّطَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنِّي أُسْتَحَاضُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَا إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحُوهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا إنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» هَذَا (إنْ لَمْ يَنْقُصْ) أَيْ الْقَوِيُّ (عَنْ أَقَلِّهِ) أَيْ الْحَيْضِ (وَلَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَهُ) لِيُمْكِنَ جَعْلُهُ حَيْضًا (وَلَمْ يَنْقُصْ الضَّعِيفُ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَاءً) لِيُمْكِنَ جَعْلُهُ طُهْرًا فَلَوْ رَأَتْ الْأَسْوَدَ يَوْمًا فَقَطْ أَوْ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ الضَّعِيفَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَوْ رَأَتْ أَبَدًا يَوْمًا أَسْوَدَ وَيَوْمَيْنِ أَحْمَرَ فَكَغَيْرِ الْمُمَيِّزَةِ وَإِنَّمَا تَفْتَقِرُ إلَى الْقَيْدِ الثَّالِثِ إذَا اسْتَمَرَّ الدَّمُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ رَأَتْ عَشَرَةً سَوَادًا ثُمَّ رَأَتْ عَشَرَةً حُمْرَةً أَوْ نَحْوَهَا وَانْقَطَعَ الدَّمُ فَإِنَّهَا تَعْمَلُ بِتَمْيِيزِهَا مَعَ أَنَّ الضَّعِيفَ نَقَصَ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهَذَا مَعْلُومٌ. (وَالْقُوَّةُ) لَوْنٌ وَثَخَانَةٌ وَنَتِنٌ وَسَبْقٌ كَمَا بَيَّنَهَا مَعَ بَيَانِ الْأَقْوَى لَوْنًا بِقَوْلِهِ (سَوَادٌ ثُمَّ حُمْرَةٌ ثُمَّ شُقْرَةٌ ثُمَّ صُفْرَةٌ وَالثَّخَانَةُ وَالنَّتِنُ) أَيْ الرَّائِحَةُ (فَمَا جُمِعَ مِنْ هَذِهِ الْقُوَى) الثَّلَاثِ (أَكْثَرُ فَهُوَ الْقَوِيُّ فَإِنْ اسْتَوَيَا) فِي الصِّفَاتِ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَسْوَدَ بِلَا ثِخَنٍ وَنَتَنٍ وَالْآخَرُ أَحْمَرَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ كَانَ الْأَسْوَدُ بِأَحَدِهِمَا وَالْأَحْمَرُ بِهِمَا (اعْتَبَرَ السَّبَقُ) لِقُوَّتِهِ (وَإِنْ اجْتَمَعَ قَوِيٌّ وَضَعِيفٌ وَأَضْعَفُ فَالْقَوِيُّ مَعَ مَا يُنَاسِبُهُ) فِي الْقُوَّةِ (مِنْهُمَا) الْأَخْصَرُ وَالْأَوْضَحُ مَعَ الضَّعِيفِ لَكِنْ فِيمَا عَبَّرَ بِهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْمَأْخَذِ (حَيْضٌ بِشُرُوطٍ) ثَلَاثَةٍ (وَهِيَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْقَوِيُّ وَأَنْ يَتَّصِلَ بِهِ الْمُنَاسِبُ) أَيْ الضَّعِيفُ (وَأَنْ يَصْلُحَا مَعًا) لِلْحَيْضِ بِأَنْ لَا يَزِيدَ مَجْمُوعُهُمَا عَلَى أَكْثَرِهِ (كَخَمْسَةٍ سَوَادًا ثُمَّ خَمْسَةٍ حُمْرَةً ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ فَالْأَوَّلَانِ حَيْضٌ) وَتَرْجِيحُ كَوْنِ الثَّانِي مِنْهُمَا حَيْضًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالنَّوَوِيُّ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَحَكَى فِيهِ الْأَصْلُ طَرِيقَيْنِ بِلَا تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا مَا ذُكِرَ إلْحَاقًا لَهُ بِالْقَوِيِّ لِأَنَّهُمَا قَوِيَّانِ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَا بَعْدَهُمَا وَالثَّانِي وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرَ وَالثَّانِي إلْحَاقُهُ بِالضَّعِيفِ بَعْدَهُ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَاتِ (وَإِنْ لَمْ يَصْلُحَا مَعًا) لِلْحَيْضِ (كَعَشَرَةٍ سَوَادًا وَسِتَّةٍ حُمْرَةً) ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ أَوْ صَلُحَا لَكِنْ تَقَدَّمَ الضَّعِيفُ كَخَمْسَةٍ حُمْرَةً ثُمَّ خَمْسَةٍ سَوَادًا ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ أَوْ تَأَخَّرَ لَكِنْ لَمْ يَتَّصِلْ الضَّعِيفُ بِالْقَوِيِّ كَخَمْسَةٍ سَوَادًا ثُمَّ خَمْسَةٍ صُفْرَةً ثُمَّ أَطْبَقَتْ الْحُمْرَةُ (فَالْحَيْضُ السَّوَادُ فَقَطْ) وَالثَّلَاثُ مَفْهُومَةٌ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ فَتَصْرِيحُهُ بِالْأُولَى مِنْهَا إيضَاحٌ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّصْرِيحَ بِالثَّلَاثِ أَوْ تَرْكَ التَّصْرِيحِ أَصْلًا لِئَلَّا يَقَعَ إيهَامٌ وَمَا ذَكَرْتُهُ فِي الثَّالِثَةِ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ وَشُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ لَكِنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ كَالْأَصْلِ جَعَلَهَا كَتَوَسُّطِ الْحُمْرَةِ بَيْنَ سِوَادَيْنِ وَقَالَ فِي تِلْكَ لَوْ رَأَتْ سَوَادًا ثُمَّ حُمْرَةً ثُمَّ سَوَادًا كُلَّ وَاحِدٍ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَحَيْضُهَا السَّوَادُ الْأَوَّلُ مَعَ الْحُمْرَةِ (فَإِنْ رَأَتْ) مُبْتَدَأَةٌ (خَمْسَةَ عَشَرَ حُمْرَةً ثُمَّ مِثْلَهَا سَوَادًا تَرَكَتْ الصَّلَاةَ) وَغَيْرَهَا مِمَّا تَتْرُكُهُ الْحَائِضُ كَالصَّوْمِ (شَهْرًا ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ الْأَسْوَدُ فَلَا تَمْيِيزَ لَهَا وَحَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ وَقَضَتْ الصَّلَاةَ) وَالصَّوْمَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا تُتَصَوَّرُ مُسْتَحَاضَةٌ تُؤْمَرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ أَحَدًا وَثَلَاثِينَ يَوْمًا إلَّا هَذِهِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ إنَّهَا قَدْ تُؤْمَرُ بِالتَّرْكِ أَضْعَافَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ رَأَتْ كُدْرَةً ثُمَّ صُفْرَةً ثُمَّ شُقْرَةً ثُمَّ حُمْرَةً ثُمَّ سَوَادًا مِنْ كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ فَتُؤْمَرُ بِالتَّرْكِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الثَّلَاثِينَ وَهِيَ قُوَّةُ الْمُتَأَخِّرِ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ مَعَ رَجَاءِ انْقِطَاعِهِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ دَوْرَ الْمَرْأَةِ غَالِبًا شَهْرٌ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ الْأُولَى ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْحَيْضِ بِالظُّهُورِ فَإِذَا جَاءَ بَعْدَهَا مَا يَنْسَخُهَا لِلْقُوَّةِ رَتَّبْنَا الْحُكْمَ عَلَيْهِ فَلَمَّا جَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَلِمْنَا أَنَّهَا غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ أَمَّا الْمُعْتَادَةُ فَيُتَصَوَّرُ كَمَا قَالَ الْبَارِزِيُّ أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا بِأَنْ تَكُونَ عَادَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ فَرَأَتْ مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ حُمْرَةً ثُمَّ أَطْبَقَ السَّوَادَ فَتُؤْمَرُ بِالتَّرْكِ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْأُولَى أَيَّامَ عَادَتِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ لِقُوَّتِهَا رَجَاءَ اسْتِقْرَارِ التَّمْيِيزِ وَفِي الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَمَرَّ السَّوَادُ تَبَيَّنَ أَنَّ مَرَدَّهَا الْعَادَةُ (فَرْعٌ الْمُبْتَدَأَةُ الْمُمَيِّزَةُ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ وَالْمُعْتَادَةُ) كَذَلِكَ (يَتْرُكْنَ الصَّلَاةَ) وَغَيْرَهَا مِمَّا تَتْرُكُهُ الْحَائِضُ (بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ حَيْضٌ فَيَتَرَبَّصْنَ (فَإِنْ انْقَطَعَ لِدُونِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَيْسَ بِحَيْضٍ فِي حَقِّهِنَّ) لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ دَمُ فَسَادٍ فَيَقْضِينَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فَإِنْ كُنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحُوهُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ يُوجِبُ الْغُسْلَ فَجَازَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى صِفَتِهِ عِنْدَ الْإِشْكَالِ كَالْمَنِيِّ (قَوْلُهُ وَالْقُوَّةُ لَوْنٌ وَثَخَانَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمَالَهُ رَائِحَةٌ أَقْوَى مِمَّا لَا رَائِحَةَ لَهُ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَمَالَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ أَقْوَى فَأَفَادَتْ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ لِبَعْضِهِ رَائِحَةً كَرِيهَةً وَلِبَعْضِهِ رَائِحَةً غَيْرَ كَرِيهَةٍ أَنَّ الْأَوَّلَ أَقْوَى وَلَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ نَعَمْ عِبَارَتُهَا تُفِيدُ أَنَّ مَالَهُ رَائِحَةٌ أَقْوَى مِمَّا لَا رَائِحَةَ لَهُ أَصْلًا وَقَدْ تُشْعِرُ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ غَيْرَ ذِي الرِّيحِ الْكَرِيهَةِ كَاَلَّذِي لَا رَائِحَةَ لَهُ وَقَدْ يُظَنُّ التَّلَازُمُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ كَرِيهَةً لَيْسَ بِقَيْدٍ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ صُفْرَةً) وَالْأَصْفَرُ أَقْوَى مِنْ الْأَكْدَرِ ن (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ كَالْأَصْلِ جَعَلَهَا إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْحُمْرَةَ إنَّمَا جُعِلَتْ حَيْضًا تَبَعًا لِلسَّوَادِ لِقُرْبِهَا مِنْهَا لِكَوْنِهَا تَلِيهَا فِي الْقُوَّةِ بِخِلَافِ الصُّفْرَةِ مَعَ السَّوَادِ قَالَ شَيْخُنَا وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا فِي التَّحْقِيقِ مُعْتَمَدٌ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ كَذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا الْجَعْلُ الَّذِي ذَكَرِهِ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ (قَوْلُهُ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ إلَخْ) أَوْ رَدَّهُ السُّبْكِيُّ وَالْقُونَوِيُّ وَتَبِعَهُمَا فِي الْمُهِمَّاتِ (قَوْلُهُ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ) الْأُولَى ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْحَيْضِ بِالظُّهُورِ وَفِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ الثَّانِيَةِ ثَبَتَ لَهَا بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّهُ نَسْخٌ فَلَوْ نَسَخْنَا الْخَمْسَةَ عَشَرَ الثَّانِيَةَ بِقَوِيٍّ يَجِيءُ بَعْدَهَا لَلَزِمَ نَقْضُ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ [فَرْعٌ الْمُبْتَدَأَةُ الْمُمَيِّزَةُ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ] (قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ حَيْضٌ) فَلَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 صَائِمَاتٍ بِأَنْ نَوَيْنَ قَبْلَ وُجُودِ الدَّمِ أَوْ عِلْمِهِنَّ بِهِ أَوْ لِظَنِّهِنَّ أَنَّهُ دَمُ فَسَادٍ أَوْ لِجَهْلِهِنَّ بِالْحُكْمِ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَيْنَ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحُكْمِ لِتَلَاعُبِهِنَّ (أَوْ انْقَطَعَ) لِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَأَكْثَرَ لَكِنْ (لِدُونِ) أَكْثَرَ مِنْ (خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَالْكُلُّ حَيْضٌ وَلَوْ) كَانَ (قَوِيًّا وَضَعِيفًا) وَإِنْ تَقَدَّمَ الضَّعِيفُ عَلَى الْقَوِيِّ (فَإِنْ جَاوَزَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ رُدَّتْ كُلٌّ) مِنْهُنَّ (إلَى مَرَدِّهَا) وَهُوَ لِلْأُولَى الدَّمُ الْقَوِيُّ وَلِلثَّانِيَةِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلِلثَّالِثَةِ دَمُهَا الْقَوِيُّ أَوْ عَادَتُهَا (وَقَضَتْ) كُلٌّ مِنْهُنَّ صَلَاةَ وَصَوْمَ (مَا زَادَ) عَلَى مَرَدِّهَا (ثُمَّ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي) وَمَا بَعْدَهُ (يَتْرُكْنَ التَّرَبُّصَ وَيُصَلِّينَ) وَيَفْعَلْنَ مَا تَفْعَلُهُ الطَّاهِرَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَرَدِّهِنَّ لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ فَالظَّاهِرُ دَوَامُهَا (فَإِنْ شُفِينَ فِي دَوْرٍ قَبْلَ) مُجَاوَزَةِ (الْأَكْثَرِ) مِنْ الْحَيْضِ (كَانَ الْجَمِيعُ حَيْضًا) كَمَا فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ (فَيُعِدْنَ الْغُسْلَ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ صِحَّتِهِ لِوُقُوعِهِ فِي الْحَيْضِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ يَتْرُكْنَ التَّرَبُّصَ وَيُصَلِّينَ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ أَنَّهُنَّ لَا يَأْثَمْنَ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْوَطْءِ فِيمَا وَرَاءَ الْمَرَدِّ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ فِي الْحَيْضِ لِجَهْلِهِنَّ وَالْمُرَادُ بِالضَّعِيفِ الضَّعِيفُ الْمَحْضُ فَلَوْ بَقِيَ خُطُوطُ قُوًى فَقَوِيَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمَا فِيهِ خُطُوطٌ سَوَادٌ عُدَّ سَوَادًا) الْمُسْتَحَاضَةُ (الثَّانِيَةُ مُبْتَدَأَةٌ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ لِفَقْدِ شَرْطِهِ) أَيْ حُكْمِ التَّمْيِيزِ (أَوْ اتِّحَادِ صِفَتِهِ) أَيْ الدَّمِ (فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ ابْتِدَاءَهُ فَكَمُتَحَيِّرَةِ) وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا (وَإِنْ عَرَفَتْ) هـ (فَحَيْضُهَا) فِي كُلِّ شَهْرٍ (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ) أَيْ الدَّمِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُحْكَمُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ وَأَمَّا خَبَرُ حَمْنَةَ «تَحِيضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً» فَذَاكَ لِكَوْنِهَا كَانَتْ مُعْتَادَةً عَلَى الرَّاجِحِ وَمَعْنَاهُ سِتَّةً إنْ اعْتَدْتهَا أَوْ سَبْعَةً كَذَلِكَ أَوْ لَعَلَّهَا شَكَّتْ هَلْ عَادَتُهَا سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ فَقَالَ سِتَّةً إنْ لَمْ تَذْكُرِي عَادَتَك أَوْ سَبْعَةً إنْ ذَكَرْت أَنَّهَا عَادَتُكِ أَوْ لَعَلَّ عَادَتَهَا كَانَتْ تَخْتَلِفُ فِيهِمَا فَقَالَ سِتَّةً فِي شَهْرِ السِّتَّةِ وَسَبْعَةً فِي شَهْرِ السَّبْعَةِ (وَطُهْرُهَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ) تَتِمَّةُ الشَّهْرِ لِيَتِمَّ الدَّوْرُ ثَلَاثِينَ مُرَاعَاةً لِغَالِبِهِ وَإِنَّمَا لَمْ نُحَيِّضْهَا الْغَالِبَ احْتِيَاطًا لِلْعَادَةِ وَنَصَّ عَلَى أَنَّ طُهْرَهَا ذَلِكَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ أَقَلُّ الطُّهْرِ أَوْ غَالِبُهُ وَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا الِاحْتِيَاطُ فِيمَا عَدَا أَقَلِّ الْحَيْضِ إلَى أَكْثَرِهِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ لِأَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ نَاقِصًا فَنَصَّ عَلَى الْمُرَادِ (إلَّا إنْ طَرَأَ) لَهَا فِي أَثْنَاءِ الدَّمِ (تَمْيِيزٌ فَإِنَّهَا تَعُودُ إلَيْهِ) نَسْخًا لِمَا مَضَى بِالتَّنْجِيزِ الْمُسْتَحَاضَةُ (الثَّالِثَةُ مُعْتَادَةٌ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ فَتُرَدُّ إلَيْهَا) أَيْ إلَى عَادَتِهَا (قَدْرًا وَوَقْتًا) لِأَنَّ «امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدَّمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَفْتَتْهُ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَ لِتَنْظُرْ عَدَدَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِيِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنْ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا فَلْتَدَعْ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنْ الشَّهْرِ فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ لِتُصَلِّ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَتُهْرَاقُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ تَصُبُّ وَالدَّمَ مَنْصُوبٌ بِالتَّشْبِيهِ بِالْمَفْعُولِ بِهِ أَوْ بِالتَّمْيِيزِ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّكَلُّفِ وَإِنَّمَا هُوَ مَفْعُولٌ بِهِ وَالْمَعْنَى تَهْرِيقُ الدَّمِ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا لَكِنَّ الْعَرَبَ تَعْدِلُ بِالْكَلِمَةِ إلَى وَزْنِ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهَا وَهِيَ فِي مَعْنَى تُسْتَحَاضُ وَتُسْتَحَاضُ عَلَى وَزْنِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. (وَتَثْبُتُ) الْعَادَةُ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ (بِمَرَّةٍ) فَلَوْ حَاضَتْ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَيْهَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ) فِي كُلِّ شَهْرٍ (خَمْسَةً فَحَاضَتْ فِي شَهْرٍ سِتَّةً ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي فَحَيْضُهَا السِّتُّ) لِلْخَبَرِ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا فِيهِ كَاَلَّذِي يَلِيهِ لِقُرْبِهِ إلَيْهَا فَهُوَ أَوْلَى مِمَّا انْقَضَى (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهَا وَانْتَظَمَتْ بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَةً مَثَلًا وَ) فِي (الثَّانِي خَمْسَةً) مَثَلًا (وَ) فِي (الثَّالِثِ سَبْعَةً) مَثَلًا (وَ) فِي (الرَّابِعِ ثَلَاثَةً وَ) فِي (الْخَامِسِ خَمْسَةً وَ) فِي (السَّادِسِ سَبْعَةً فَهَذَا الدَّوَرَانُ يَثْبُتُ بِمَرَّةٍ) نَشَأَ مِنْ عَادَةٍ تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْنِ وَالْعَادَةُ الْمُخْتَلِفَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْنِ سَوَاءٌ انْتَظَمَتْ عَادَتُهَا كَمَا ذَكَرَ أَمْ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ كَأَنْ تَرَى خَمْسَةً ثُمَّ ثَلَاثَةً ثُمَّ سَبْعَةً ثُمَّ تَعُودُ الْخَمْسَةُ وَسَوَاءٌ أَرَأَتْ كُلَّ قَدْرٍ مَرَّةً كَمَا ذَكَرَ أَمْ أَكْثَرَ كَأَنْ تَرَى فِي شَهْرَيْنِ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً ثُمَّ فِي شَهْرَيْنِ خَمْسَةً خَمْسَةً ثُمَّ فِي شَهْرَيْنِ سَبْعَةً سَبْعَةً. (وَيَتَّفِقُ) أَيْ وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ (مَا ذَكَرْنَاهُ) مِنْ الْمِثَالِ (فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ اُسْتُحِيضَتْ) بَعْدَ الدَّوَرَانِ الْمَذْكُورِ (فِي شَهْرٍ بَنَتْ) أَمْرَهَا (عَلَيْهِ) فَلَوْ اُسْتُحِيضَتْ فِي السَّابِعِ رُدَّتْ إلَى الثَّلَاثَةِ أَوْ فِي الثَّامِنِ فَإِلَى الْخَمْسَةِ أَوْ فِي التَّاسِعِ فَإِلَى السَّبْعَةِ (فَإِنْ لَمْ تَدُرْ) بِضَمِّ الدَّالِ دَوْرًا ثَانِيًا عَلَى النَّظْمِ السَّابِقِ (بِأَنْ اُسْتُحِيضَتْ فِي الدَّوْرِ الرَّابِعِ) مَثَلًا (رُدَّتْ إلَى   [حاشية الرملي الكبير] حُكْمُ الْحَائِضِ لِيَدْخُلَ فِيهِ تَحْرِيمُ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ لِدُونِ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ لِخَمْسَةَ عَشَرَ وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ فَلَا نَحْكُمُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ) أَيْ لِأَنَّ سُقُوطَ الصَّلَاةِ عَنْهَا فِي هَذَا الْقَدْرِ مُتَيَقِّنٌ وَفِيمَا عَدَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُتْرَكُ الْيَقِينُ إلَّا بِيَقِينٍ أَوْ أَمَارَةٍ ظَاهِرَةٍ كَالتَّمْيِيزِ وَالْعَادَةِ (قَوْلُهُ وَمَعْنَاهُ سِتَّةٌ إنْ اعْتَادَتْهَا أَوْ سَبْعَةٌ كَذَلِكَ أَوْ لَعَلَّهَا إلَخْ) حُكِيَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ ش (قَوْلُهُ فَإِذَا خَلَفَتْ ذَلِكَ) أَيْ فَرَغَتْ مِنْهُ وَتَرَكَتْهُ وَرَاءَ ظَهْرِهَا قَالَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ ز (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَةً مَثَلًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي انْتِظَامِ عَادَتِهَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَمْ عَلَى تَرْتِيبٍ آخَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 السَّبْعِ) لَا إلَى الْعَادَاتِ السَّابِقَةِ (فَلَوْ نَسِيَتْ كَيْفِيَّةَ الدَّوَرَانِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْعَادَاتِ (حَيَّضْنَاهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةً) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ (وَتَحْتَاطُ إلَى آخِرِ أَكْثَرِهَا) أَيْ أَكْثَرِ الْعَادَاتِ (وَتَغْتَسِلُ آخِرَ كُلِّ نَوْبَةٍ) لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ عِنْدَهُ. (فَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ) لِلْعَادَاتِ (غَيْرَ مُنْتَظِمٍ) بِأَنْ تَتَقَدَّمَ هَذِهِ مَرَّةً وَهَذِهِ مَرَّةً (رُدَّتْ إلَى مَا قَبْلَ شَهْرِ الِاسْتِحَاضَةِ إنْ ذَكَرَتْهُ) بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْعَادَةِ بِمَرَّةٍ (ثُمَّ) بَعْدَ رَدِّهَا إلَى ذَلِكَ (تَحْتَاطُ إلَى آخِرِ أَكْثَرِهَا) أَيْ أَكْثَرِ الْعَادَاتِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الَّذِي قَبْلَ شَهْرِ الِاسْتِحَاضَةِ (وَإِنْ نَسِيَتْهُ) أَيْ مَا قَبْلَ الشَّهْرِ (فَكَالْأُولَى) أَيْ فَكَالنَّاسِيَةِ لِكَيْفِيَّةِ الدَّوَرَانِ فَقَطْ فَتَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةً وَتَحْتَاطُ إلَى آخِرِ أَكْثَرِ الْعَادَاتِ. (وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ خَمْسَةً أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ فَحَاضَتْ فِي شَهْرٍ أَرْبَعَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ خَمْسَةٍ (ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ فِيمَا بَعْدَهُ رُدَّتْ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ نَاسِخٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ خَمْسَةً إلَى آخِرِهِ وَلَوْ قَالَ هُنَا فَحَاضَتْ فِي شَهْرٍ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَهَذِهِ تُسَمَّى الْمُنْتَقِلَةَ (وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) عَلَيْهَا (إلَّا الْوَقْتُ) وَتُسَمَّى الْمُنْتَقِلَةَ أَيْضًا (فَحَاضَتْ) فِي دَوْرِ (الْخَمْسَةِ الثَّانِيَةِ رُدَّتْ إلَيْهَا وَكَانَ) أَيْ وَصَارَ (دَوْرُهَا) بِتَأَخُّرِ الْحَيْضِ (خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ إنْ تَنَقَّلَتْ) عَنْ الدَّوْرِ الثَّانِي بِأَنْ حَاضَتْ فِي الدَّوْرِ الثَّالِثِ الْخَمْسَةَ الثَّالِثَةَ وَهَكَذَا (أَوْ اُسْتُحِيضَتْ) فِي الثَّانِي سَوَاءٌ تَكَرَّرَ ذَلِكَ أَمْ لَا وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ إنَّهَا لَوْ لَمْ تَنْتَقِلْ وَلَا اُسْتُحِيضَتْ فِي الثَّانِي بِأَنْ اُسْتُحِيضَتْ فِي الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ دَوْرُهَا خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ بَلْ ثَلَاثِينَ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا تَغَيَّرَ عَلَيْهَا الْوَقْتُ فَلَوْ قَالَ بَدَلَ ذَلِكَ سَوَاءٌ انْتَقَلَتْ أَمْ اُسْتُحِيضَتْ فِي الثَّانِي لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ إنْ تَنَقَّلَتْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ فَإِنْ تَكَرَّرَ هَذَا ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ بِأَنْ حَاضَتْ فِي الدَّوْرِ الْآخَرِ الْخَمْسَةَ الثَّالِثَةَ وَهَكَذَا رُدَّتْ إلَيْهِ فَتَحِيضُ أَوَّلَ الدَّمِ خَمْسَةً وَتَطْهُرُ ثَلَاثِينَ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الْمُوَافِقَةُ لِكَلَامِ الْأَصْلِ لَكِنَّهَا تُوهِمُ أَنَّ عَدَمَ التَّكَرُّرِ يُخَالِفُ ذَلِكَ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَلَوْ قَالَ وَهَكَذَا إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَوَفَّى بِكَلَامِ أَصْلِهِ (وَإِنْ حَاضَتْ الْخَمْسَةَ الْأُولَى) وَطَهُرَتْ عِشْرِينَ (ثُمَّ) حَاضَتْ (الْخَمْسَةَ الْأَخِيرَةَ ثُمَّ طَهُرَتْ عِشْرِينَ ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ حَيَّضْنَاهَا خَمْسَةً) مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ الْمُسْتَمِرِّ (وَطُهْرُهَا عِشْرُونَ بَعْدَهُ وَهَكَذَا) وَصَارَ دَوْرُهَا بِالتَّقَدُّمِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ (وَإِنْ لَمْ تَطْهُرْ) بَعْدَ الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ (بَلْ اسْتَمَرَّ الدَّمُ حَيَّضْنَاهَا أَيْضًا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِهِ وَصَارَ دَوْرُهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ بَلْ لَوْ لَمْ تَطْهُرْ) بَعْدَ الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ (إلَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ كَمَّلْنَا الطُّهْرَ بِيَوْمٍ وَصَارَ دَوْرُهَا عِشْرِينَ وَحَيْثُ أَطْلَقَ شَهْرَ الِاسْتِحَاضَةِ فَهُوَ ثَلَاثُونَ) يَوْمًا الْمُسْتَحَاضَةُ (الرَّابِعَةُ الْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ) الْأَنْسَبُ بِبَقِيَّةِ الْأَقْسَامِ مُعْتَادَةٌ مُمَيِّزَةٌ (فَيُقَدَّمُ التَّمْيِيزُ عَلَى الْعَادَةِ) إنْ لَمْ يَتَوَافَقَا وَلَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ الطُّهْرِ كَأَنْ رَأَتْ ذَاتُ تَمْيِيزٍ عَشَرَةً سَوَادًا ثُمَّ حُمْرَةً مُسْتَمِرَّةً فَحَيْضُهَا الْعَشَرَةُ لِخَبَرِ دَمُ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ وَلِأَنَّ التَّمْيِيزَ عَلَامَةٌ فِي الدَّمِ وَالْعَادَةُ عَلَامَةٌ فِي صَاحِبَتِهِ وَلِأَنَّهُ عَلَامَةٌ حَاضِرَةٌ وَالْعَادَةُ عَلَامَةٌ انْقَضَتْ وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ الطُّهْرِ كَأَنْ رَأَتْ بَعْدَ خَمْسَتِهَا عِشْرِينَ ضَعِيفًا ثُمَّ خَمْسَةً قَوِيًّا ثُمَّ ضَعِيفًا فَقَدْرُ الْعَادَةِ حَيْضٌ لِلْعَادَةِ وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ آخَرُ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا طُهْرًا كَامِلًا (وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِالتَّمْيِيزِ حَالَ الِاسْتِحَاضَةِ كَمُبْتَدَأَةٍ اُسْتُحِيضَتْ مُمَيِّزَةً ثُمَّ زَالَ التَّمْيِيزُ) كَأَنْ رَأَتْ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ خَمْسَةً سَوَادًا ثُمَّ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ حُمْرَةً ثُمَّ اسْتَمَرَّ أَحَدُهُمَا فَعَادَتُهَا بِالتَّمْيِيزِ خَمْسَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ فَتُرَدُّ إلَيْهَا عِنْدَ زَوَالِهِ فَإِنْ لَمْ تَرَ ذَلِكَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَأَنْ رَأَتْ خَمْسَةً سَوَادًا ثُمَّ ضَعِيفًا وَاحِدًا كَحُمْرَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ فَمَا بَعْدَ الْقَوِيِّ طُهْرٌ وَاحِدٌ وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ لَهَا بِذَلِكَ مَعَ الْحَيْضِ طُهْرٌ مُمَيَّزٌ عَنْ الدَّمِ الْمُسْتَمِرِّ وَإِنْ انْقَطَعَ الضَّعِيفُ آخِرَ الشَّهْرِ مَثَلًا ثُمَّ أَطْبَقَ السَّوَادَ رُدَّتْ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى الْخَمْسَةِ. وَبِذَلِكَ مَعَ مَا مَرَّ قَرِيبًا عُلِمَ أَنَّ عَادَةَ التَّمْيِيزِ تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ فِي الْمُعْتَادَةِ وَالْمُبْتَدَأَةِ (وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (حَيْضٌ وَنِفَاسٌ) وَلَوْ فِي غَيْرِ عَادَتِهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَذًى فَشَمِلَتْهُ الْآيَةُ وَلِأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ فِيمَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَقَوْلُ أُمِّ عَطِيَّةَ كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ شَيْئًا مُعَارَضٌ بِقَوْلِ عَائِشَةَ لَمَّا كَانَتْ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إلَيْهَا بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ تَقُولُ لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ رَوَاهُ مَالِكٌ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَالدُّرْجَةُ بِضَمِّ الدَّالِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْجِيمِ وَرُوِيَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَهِيَ خِرْقَةٌ أَوْ قُطْنَةٌ أَوْ نَحْوُهُمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ عَلَامَةٌ حَاضِرَةٌ) وَالْعَادَةُ عَلَامَةٌ انْقَضَتْ وَلِأَنَّهُ عَلَامَةٌ فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ وَالْعَادَةُ عَلَامَةٌ فِي نَظِيرِهِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ فِيمَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ إلَخْ) وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ دَمُ الْجِبِلَّةِ دُونَ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ وَبِقَوْلِ عَائِشَةَ لَمَّا كَانَتْ النِّسَاءُ إلَخْ) وَهُوَ أَقْوَى لِكَثْرَةِ مُلَازَمَتِهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 تُدْخِلُهَا الْمَرْأَةُ فَرْجَهَا ثُمَّ تُخْرِجُهَا لِتَنْظُرَ هَلْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ أَثَرِ الدَّمِ أَمْ لَا وَالْكُرْسُفُ الْقُطْنُ فَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهَا تَضَعُ قِطْعَةً فِي أُخْرَى أَكْبَرَ مِنْهَا أَوْ فِي خِرْقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَتُدْخِلُهَا فَرْجَهَا وَكَأَنَّهَا تَفْعَلُ ذَلِكَ لِئَلَّا تَتَلَوَّثَ يَدُهَا بِالْقُطْنَةِ الصُّغْرَى وَالْقَصَّةُ بِفَتْحِ الْقَافِ الْجِصُّ شُبِّهَتْ الرُّطُوبَةُ النَّقِيَّةُ الصَّافِيَةُ بِالْجِصِّ فِي الصَّفَاءِ وَالصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ هُمَا مَاءٌ أَصْفَرُ وَمَاءٌ كَدِرٌ وَلَيْسَا بِدَمٍ وَالْإِمَامُ هُمَا شَيْءٌ كَالصَّدِيدِ تَعْلُوهُ صُفْرَةٌ وَكُدْرَةٌ لَيْسَتَا عَلَى لَوْنِ الدِّمَاءِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَجَزَمَ الْأَصْلُ بِالثَّانِي (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ) سُمِّيَتْ بِهِ لِتَحَيُّرِهَا فِي أَمْرِهَا وَتُسَمَّى بِالْمُحَيِّرَةِ أَيْضًا كَمَا فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهَا حَيَّرَتْ الْفَقِيهَ فِي أَمْرِهَا (وَهِيَ) الْمُسْتَحَاضَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ (النَّاسِيَةُ لِلْعَادَةِ وَلَهَا أَحْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ (أَحَدُهَا أَنْ تَنْسَاهَا) أَيْ عَادَتَهَا (قَدْرًا وَوَقْتًا) وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ الْمُطَلَّقَةُ فَعَلَيْهَا الِاحْتِيَاطُ لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ (فَيَلْزَمُهَا مَا يَلْزَمُ الطَّاهِرَةَ) مِنْ صَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَغَيْرِهِمَا أَصْلِيٌّ أَوْ عَارِضٌ كَمَنْذُورِ فَرْضِ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ كَمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ (وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَائِضِ) مِنْ تَمَتُّعٍ وَمَسَّ مُصْحَفٍ وَغَيْرِهِمَا (إلَّا الْقِرَاءَةَ) لِلْفَاتِحَةِ وَلِلسُّورَةِ بَعْدَهَا (فِي الصَّلَاةِ) فَتُبَاحُ فِيهَا تَبَعًا لَهَا (وَلَهَا أَنْ تَصُومَ وَتُصَلِّي النَّوَافِلَ وَتَطُوفَ) هَا اهْتِمَامًا بِهَا فَلَوْ أَخَّرَهَا عَنْ الْأَفْعَالِ الثَّلَاثَةِ كَانَ أَوْلَى وَأَمَّا طَوَافُ الْفَرْضِ فَدَخَلَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ تَحْرِيمَ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيْهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إذَا كَانَ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ أَيْ أَوْ لَا لِغَرَضٍ فَإِنْ كَانَ لِلصَّلَاةِ فَكَقِرَاءَةِ السُّورَةِ فِيهَا أَوْ لِاعْتِكَافٍ أَوْ طَوَافٍ فَكَالصَّلَاةِ فَرْضًا وَنَفْلًا قَالَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ (وَيَجِبُ أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ) لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الِانْقِطَاعِ نَعَمْ إنْ عَلِمَتْ وَقْتَهُ كَعِنْدِ الصُّبْحِ دَائِمًا لَمْ تَغْتَسِلْ إلَّا لَهُ (فِي الْوَقْتِ) لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَرُورَةً كَالتَّيَمُّمِ وَتَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ بِالْفَرِيضَةِ يُخْرِجُ النَّفَلَ وَهُوَ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي النَّفْلِ بَعْدَهَا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ قُلْنَا عَلَيْهَا الْوُضُوءُ لِكُلِّ فَرْضٍ فَلَهَا صَلَاةُ النَّفْلِ وَكُلَّ مَوْضِعٍ قُلْنَا عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرْضٍ لَمْ يَجُزْ النَّفَلُ إلَّا بِالْغُسْلِ أَيْضًا اهـ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ التَّقْيِيدُ بِالْفَرْضِ وَهُوَ أَيْسَرُ وَكَلَامُ الْقَاضِي أَحْوَطُ (وَلَا يَبْطُلُ الْغُسْلُ بِتَأْخِيرٍ) لِلصَّلَاةِ عَنْهُ (كَمَا يَبْطُلُ الْوُضُوءُ) بِذَلِكَ إذْ لَا يَلْزَمُهَا الْمُبَادَرَةُ إلَيْهَا بَعْدَهُ بِخِلَافِهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَعْلِيلِ الْحَدَثِ وَالْغُسْلُ إنَّمَا وَجَبَ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ وَلَا يُمْكِنُ تَكَرُّرُهُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَأَمَّا احْتِمَالُ وُقُوعِ الْغُسْلِ فِي الْحَيْضِ وَالِانْقِطَاعِ بَعْدَهُ فَلَا حِيلَةَ فِي دَفْعِهِ بَادَرَتْ أَمْ لَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ نَعَمْ دَفْعُ أَصْلِ الِاحْتِمَالِ لَا يُمْكِنُ لَكِنْ الِاحْتِمَالُ فِي الزَّمَنِ الطَّوِيلِ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْقَصِيرِ فَالْمُبَادَرَةُ تُقَلِّلُ الِاحْتِمَالَ (فَإِنْ كَانَتْ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي أَوَّلَ الْوَقْتِ لَزِمَهَا الْقَضَاءُ) كَمَا لَوْ صَلَّتْ مَتَى اتَّفَقَ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الْأَدَاءِ أَوْ الْغُسْلِ فِي الْحَيْضِ مَعَ إدْرَاكِ مَا يَسَعُ تَكْبِيرَةً مِنْ الْوَقْتِ وَلَوْ مِنْ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ قَالَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَجُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَائِضًا فَلَا صَلَاةَ عَلَيْهَا أَوْ طَاهِرًا فَقَدْ صَلَّتْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الْمُفْتِي بِهِ قُلْت لَكِنْ الْأَوَّلُ أَفْقَهُ وَأَحْوَطُ وَمَا قِيلَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ هُمَا مَاءٌ أَصْفَرُ إلَخْ) وَلَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ غ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ] (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا حَيَّرَتْ الْفَقِيهَ فِي أَمْرِهَا) وَلِهَذَا صَنَّفَ الدَّارِمِيُّ فِيهَا مُجَلَّدًا ضَخْمًا لَخَّصَ النَّوَوِيُّ مَقَاصِدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ إنْ تَنْسَاهَا قَدْرًا وَوَقْتًا) وَقَدْ يَعْرِضُ لِغَفْلَةٍ أَوْ عِلَّةٍ عَارِضَةٍ وَقَدْ تُجَنُّ صَغِيرَةً وَيَدُومُ لَهَا عَادَةُ حَيْضٍ ثُمَّ تُفِيقُ مُسْتَحَاضَةً فَلَا تَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا سَبَقَ فَلَوْ قَالَ الْجَاهِلَةُ بَدَلَ النَّاسِيَةِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ النِّسْيَانَ يَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ الْعِرْفَانِ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهَا الِاحْتِيَاطُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَفَادَ النَّاشِرِيُّ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ جَمِيعِ مَا ذَكَرَ عَلَيْهَا مَا لَمْ تَصِلْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ فَإِنْ وَصَلَتْهُ فَلَا وَهُوَ وَاضِحٌ جَلِيٌّ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ فَلَا احْتِيَاطَ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَائِضِ) إذْ مَا مِنْ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا إلَّا وَيَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وَالِانْقِطَاعَ وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا حَائِضًا دَائِمًا لِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَى بُطْلَانِهِ وَلَا طَاهِرًا دَائِمًا لِأَنَّ الدَّمَ قَائِمٌ وَلَا التَّبْعِيضَ لِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ فَاحْتَاطَتْ لِلضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ تَحْرِيمَ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيْهَا) إلَّا فِي طَوَافِ الْفَرْضِ وَكَذَا نَفْلِهِ فِي الْأَصَحِّ قَوْلُهُ هَذَا حَاصِلُ الرَّوْضَةِ وَهُوَ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا دُخُولُ الْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَا لِلنَّفْلِ لِصِحَّتِهِمَا خَارِجَهُ بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَقَوْلُهُ إلَّا فِي طَوَافِ الْفَرْضِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ) وَلَا يَكْفِيهَا الْغُسْلُ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ أَوْ إمْكَانِهِ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إذْ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ الْعُهْدَةِ قَالَهُ الْبَارِزِيُّ وَالْقُونَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) جَزَمَ فِي الْكِفَايَةِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ لِلنَّفْلِ ز (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ التَّقْيِيدُ بِالْفَرْضِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِلنَّوَافِلِ بَلْ تُصَلِّيهَا بَعْدَ الْفَرْضِ فَإِنْ صَادَفَتْ حَيْضًا فَلَا حَرَجَ أَوْ طُهْرًا حَصَلَتْ انْتَهَى وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ حَيْثُ جَازَ نَفْلُ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ لَا يَلْزَمُهَا الِاغْتِسَالُ لَهُ وَكَذَلِكَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إذَا قُلْنَا هُمَا سُنَّةٌ وَقَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِلنَّوَافِلِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْمُبَادَرَةُ تُقَلِّلُ الِاحْتِمَالَ) يُجَابُ بِأَنَّ وُجُوبَ الْمُبَادَرَةِ إنَّمَا يَكُونُ لِدَفْعِ احْتِمَالِ الْمُفْسِدِ أَوْ لِتَقْلِيلِ مُفْسِدٍ مَوْجُودٍ (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى النَّصِّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ وَجَبَ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ مَعَ خَلَلٍ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا وَهُوَ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ قُلْت لَكِنْ الْأَوَّلُ أَفْقَهُ وَأَحْوَطُ) وَجَّهَهُ الشَّاشِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَقَعُ نَادِرًا وَلَعَلَّهُ لَمْ يَقَعْ قَطُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 فِي التَّعْلِيلِ مِنْ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَائِضًا فَلَا صَلَاةَ عَلَيْهَا مَمْنُوعٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَطْهُرُ بَعْدَ صَلَاتِهَا فَتَجِبُ عَلَيْهَا (وَكَفَاهَا) الْقَضَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ وَقَدْ صَلَّتْ أَوَّلَ الْوَقْتِ (مَرَّةً تَأْتِي بِهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الضَّرُورَةِ فَلَوْ فَرَضَ إمْكَانَ غُسْلٍ وَابْتِدَاءَ إحْرَامٍ) بِالْمَقْضِيَّةِ (فِيمَا لَا يَسَعُ تَكْبِيرَةً مِنْ آخِرِهِ) أَيْ الْوَقْتِ (جَازَ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَاقِعِ بَعْدَهُ لِأَنَّ زَمَنَهُ لَا يُدْرَكُ بِهِ الْوُجُوبُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي قَضَاءُ أُولَى صَلَاتَيْ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ وَقْتَ لُزُومِهَا. (وَيَمْتَدُّ) الْقَضَاءُ (إلَى) انْتِهَاءِ (خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْأُولَى فَتَقْضِي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءَيْنِ) أَيْ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ (بَعْدَ الْفَجْرِ وَالصُّبْحَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) فَتَبْرَأُ لِأَنَّ الْحَيْضَ إنْ انْقَطَعَ فِي الْوَقْتِ لَمْ يَعُدْ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا (وَالْأُولَى) فِي الْقَضَاءِ (أَنْ تَبْدَأَ بِالْحَاضِرَةِ لِيَكْفِيَهَا الْوُضُوءُ بَعْدَهَا لِلْقَضَاءِ) فَتَقْضِي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بَعْدَ أَدَاءِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءَيْنِ بَعْدَ أَدَاءِ الصُّبْحِ وَالصُّبْحَ بَعْدَ أَدَاءِ الظُّهْرِ فَتَبْرَأُ لِأَنَّ أَدَاءَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مَثَلًا إنْ وَقَعَ فِي طُهْرِهَا فَذَاكَ وَإِلَّا فَإِنْ اسْتَمَرَّ حَيْضُهَا إلَى الْغُرُوبِ فَلَا وُجُوبَ أَوْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ وَقَعَ الْقَضَاءُ فِي طُهْرِهَا لَا مَحَالَةَ. وَالْغُسْلُ لِلْمَغْرِبِ كَافٍ لَهُمَا لِأَنَّهُ إنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ فَلَا يَعُودُ إلَى تَمَامِ مُدَّةِ الطُّهْرِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْهُمَا لَكِنْ تَتَوَضَّأُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَسَائِرِ الْمُسْتَحَاضَاتِ فَمَجْمُوعُ مَا تَأْتِي بِهِ فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ خَمْسَةُ أَغْسَالٍ وَخَمْسُ وُضُوءَاتٍ فَإِنْ قَضَتْ الصُّبْحَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَجَبَ الْغُسْلُ لَهَا فَمَجْمُوعُ مَا تَأْتِي بِهِ سِتَّةُ أَغْسَالٍ وَأَرْبَعُ وُضُوءَاتٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ ابْتَدَأَتْ بِغَيْرِ الْحَاضِرَةِ كَأَنْ قَضَتْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ قَبْلَ أَدَاءِ الْمَغْرِبِ (أَعَادَتْ الْغُسْلَ لَهَا) بَعْدَ اغْتِسَالِهَا لِلْأُولَى مِنْ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَوُضُوئِهَا لِلثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا أَعَادَتْ الْغُسْلَ لِلْمَغْرِبِ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ قَبْلَ أَدَائِهَا وَاكْتَفَى بِغُسْلٍ وَاحِدٍ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِأَنَّهُ إنْ انْقَطَعَ الْحَيْضُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَقَدْ اغْتَسَلَتْ بَعْدَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَمَجْمُوعُ مَا تَأْتِي بِهِ عَلَى هَذَا ثَمَانِيَةُ أَغْسَالٍ وَوُضُوءَانِ (وَكَانَتْ) بِمَا ذَكَرَ (مُؤَخِّرَةً لَهَا) أَيْ لِلْحَاضِرَةِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا فَتَكُونُ مِنْ قَبِيلِ مَا إذَا صَلَّتْ مَتَى اتَّفَقَ وَسَيَأْتِي. وَالتَّصْرِيحُ بِأَوْلَوِيَّةِ الِابْتِدَاءِ بِالْحَاضِرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِنَّمَا كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَمَلًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَوَّلًا وَلِأَنَّهُ مُخْرَجٌ عَنْ عُهْدَةِ الْوَظَائِفِ الْخَمْسِ بِخِلَافِ مَا إذَا ابْتَدَأَتْ بِغَيْرِهَا لِاسْتِلْزَامِهِ تَأْخِيرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا فَلَا تَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهَا بِقَضَائِهَا بِذَلِكَ لِجَوَازِ كَوْنِهَا طَاهِرًا أَوَّلَ الْوَقْتِ ثُمَّ يَطْرَأُ الْحَيْضُ فَتَلْزَمُهَا الصَّلَاةُ وَتَكُونُ الْمَرَّتَانِ فِي الْحَيْضِ (وَإِنْ كَانَتْ تُصَلِّي مَتَى اتَّفَقَ) أَيْ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ أَوْ آخِرِهِ (لَزِمَهَا الْقَضَاءُ) أَيْضًا لِمَا مَرَّ (مَرَّتَيْنِ بِغُسْلَيْنِ الثَّانِيَةُ) مِنْهُمَا (مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ بَعْدَ قَدْرِ مَا أَمْهَلَتْ وَصَلَّتْ فِي) الْمَرَّةِ (الْأُولَى) كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (فَإِنْ لَمْ تَقْضِ) بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ (وَاقْتَصَرَتْ عَلَى أَدَاءِ الْفَرَائِضِ كَفَاهَا لِكُلِّ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا قَضَاءُ الْخَمْسِ إنْ كَانَتْ تُصَلِّي أَوَّلَ الْوَقْتِ) إذْ وُجُوبُ الْقَضَاءِ إنَّمَا هُوَ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ كَمَا مَرَّ وَلَا يُمْكِنُ فِي سِتَّةَ عَشَرَ إلَّا مَرَّةً ضَرُورَةَ تَخَلُّلِ أَقَلَّيْ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ بَيْنَ كُلِّ انْقِطَاعَيْنِ فَيَجُوزُ أَنْ تَجِبَ بِهِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ صَلَاتَا جَمْعٍ لِوُقُوعِ الِانْقِطَاعِ فِي الْأَخِيرَةِ فَتَكُونُ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ صَلَاتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ صَلَّتْ مَتَى اتَّفَقَ (فَقَضَاءُ الْعَشْرِ) لِكُلِّ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا لَازِمٌ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ الْحَيْضِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاةٍ فَتَبْطُلُ وَانْقِطَاعُهُ فِي أَثْنَاءِ أُخْرَى أَوْ بَعْدَهَا فِي الْوَقْتِ فَتَجِبُ وَقَدْ تَكُونَانِ مُتَمَاثِلَيْنِ فَتَكُونُ كَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاتَانِ لَا يَعْلَمُ اخْتِلَافَهُمَا وَيُخَالِفُ مَا لَوْ صَلَّتْ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَوْ فَرَضَ الطُّرُوَّ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَجِبْ لِعَدَمِ إدْرَاكِ مَا يَسَعُهَا وَفَرَضَ الشَّيْخَانِ مَا ذَكَرَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَصَوَّبَ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ فَرْضَهُ فِي سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ وَفِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ رَمْزٌ إلَيْهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا عَرَفْت (وَتَصُومُ رَمَضَانَ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا طَاهِرَةً جَمِيعَهُ (وَ) بَعْدَهُ (ثَلَاثِينَ يَوْمًا) مُتَوَالِيَةً فَيَحْصُلُ لَهَا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَحِيضَ فِيهِمَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَيَطْرَأَ الدَّمُ فِي يَوْمٍ وَيَنْقَطِعَ فِي آخَرَ فَيَفْسُدَ سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ نَقَصَ رَمَضَانُ حَصَلَ لَهَا مِنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ (فَيَبْقَى عَلَيْهَا يَوْمَانِ وَإِنْ نَقَصَ لَا إنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ) أَيْ دَمُهَا (كَانَ يَنْقَطِعُ لَيْلًا) فَلَا يَبْقَى عَلَيْهَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ إنْ تَمَّ رَمَضَانُ فَقَدْ حَصَلَ مِنْ كُلٍّ خَمْسَةَ عَشَرَ وَإِلَّا فَأَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْهُ وَخَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الثَّلَاثِينَ (وَالضَّابِطُ) فِي الْقَضَاءِ (أَنَّ مَنْ عَلَيْهَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا فَصَوْمُهَا بِزِيَادَةِ يَوْمٍ مُتَفَرِّقَةٌ) بِأَيِّ وَجْهٍ شَاءَتْ (فِي   [حاشية الرملي الكبير] وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ لِلتَّفْرِيعِ. (قَوْلُهُ وَيَمْتَدُّ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا إلَخْ) فَمَتَى قَضَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْأُولَى أَجْزَأَهَا (قَوْلُهُ مَتَى اتَّفَقَ) بِأَنْ صَلَّتْ بَعْدَ أَنْ مَضَى مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الْغُسْلَ وَتِلْكَ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ الثَّانِيَةُ مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ إلَخْ) فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ خَرَجَتْ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْمُتَخَلِّلَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا طُهْرًا فَتَصِحُّ الْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ أَوْ كُلُّهَا حَيْضًا فَتَصِحُّ الْمَرَّةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ أَوْ يَكُونَ آخِرُهَا طُهْرًا فَيَكُونُ قَدْرٌ مِمَّا بَعْدَهَا طُهْرًا أَيْضًا فَإِنْ انْتَهَى إلَى آخِرِ الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ فَهِيَ وَاقِعَةٌ فِي الطُّهْرِ وَإِلَّا فَالثَّانِيَةُ وَاقِعَةٌ فِيهِ أَوْ يَكُونَ أَوَّلُهَا طُهْرًا فَيَكُونُ شَيْءٌ مِمَّا قَبْلَهَا طُهْرًا أَيْضًا فَإِنْ كَانَ افْتِتَاحُهُ قَبْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى فَهِيَ فِي الطُّهْرِ وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى كَانَتْ الثَّانِيَةُ فِي الطُّهْرِ (قَوْلُهُ وَفَرَضَ الشَّيْخَانِ مَا ذَكَرَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) وَصَوَّبَهُ فِي الْخَادِمِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ فَرْضَهُ فِي سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا) وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ ت لِأَنَّهَا لَا تَقْضِي مَا وَقَعَ فِي الْحَيْضِ وَلَا مَا وَقَعَ فِي الطُّهْرِ وَلَا مَا سَبَقَ الِانْقِطَاعُ عَلَى غُسْلِهِ وَلَا يَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ فِي سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَيَحْتَمِلُ تَأْخِيرَ الِانْقِطَاعِ عَنْ الْغُسْلِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا وَلَمْ تَدْرِ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَيَكُونُ كَمِنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا عَرَفْت) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا مِنْ الْأَغَالِيطِ الْفَاحِشَةِ فَإِنَّ السِّتَّةَ عَشَرَ يُحْتَمَلُ فِيهَا الطُّرُوُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ تُعِيدُ صَوْمَ كُلِّ يَوْمٍ غَيْرَ الزِّيَادَةِ يَوْمَ سَابِعَ عَشَرَةَ وَ) لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ (لَهَا تَأْخِيرُهُ إلَى خَامِسَ عَشَرَ ثَانِيهِ) أَيْ ثَانِي كُلِّ صَوْمٍ مِنْ صَوْمِهَا الْأَوَّلِ وَسَابِعَ عَشَرَ كُلٍّ وَخَامِسَ عَشَرَ ثَانِيهِ وَاحِدٌ إنْ فَرَّقَتْ صَوْمَهَا بِيَوْمٍ فَإِنْ فَرَّقَتْهُ بِأَكْثَرَ تَغَايَرَا. وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا الضَّابِطِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلِقَضَاءِ الْيَوْمَيْنِ تَصُومُ يَوْمًا وَثَالِثَةً وَخَامِسَةً وَسَابِعَ عَشَرَةَ وَتَاسِعَ عَشَرَةَ) لِأَنَّهُ إنْ اُبْتُدِئَ الْحَيْضُ فِي الْأَوَّلِ فَغَايَةُ امْتِدَادِهِ إلَى السَّادِسَ عَشَرَ فَيَحْصُلُ السَّابِعَ عَشَرَ وَالتَّاسِعَ عَشَرَ أَوْ فِي الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ حَصَلَ الْأَوَّلُ وَالتَّاسِعَ عَشَرَ أَوْ فِي الرَّابِعِ أَوْ مَا بَعْدَهُ إلَى الْخَامِسَ عَشَرَ حَصَلَ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ أَوْ فِي السَّادِسَ عَشَرَ أَوْ ثَانِيهِ حَصَلَ الثَّالِثُ وَالْخَامِسُ أَوْ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ أَوْ ثَانِيهِ حَصَلَ الْخَامِسُ وَالسَّابِعَ عَشَرَ أَوْ فِي الْعِشْرِينَ حَصَلَ السَّابِعَ عَشَرَ وَثَالِثِهِ (فَإِنْ صَامَتْ مَثَلًا) لِقَضَاءِ الْيَوْمَيْنِ (يَوْمًا وَرَابِعَةً وَسَادِسَةً صَامَتْ السَّابِعَ عَشَرَ وَالْعِشْرِينَ وَلَهَا تَأْخِيرُ السَّابِعَ عَشَرَ إلَى الثَّامِنَ عَشَرَ لِأَنَّهُ خَامِسَ عَشَرَ الثَّانِي) وَلَوْ قَالَ بَدَلَ وَسَادِسَةٍ وَسَابِعَةٍ كَانَ أَنْسَبَ بِقَدْرِ مَا فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ وَبَيْنَ الْآخَرَيْنِ وَتَكُونُ الْأُولَى حِينَئِذٍ زِيَادَةً وَلَهَا تَأْخِيرُ الْعِشْرِينَ إلَى الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ وَمَتَى أَخَلَّتْ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ لَمْ تَبْرَأْ فَلَوْ أَخَلَّتْ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ بِزِيَادَةِ يَوْمٍ بِأَنْ صَامَتْ الْأَوَّلَ وَثَالِثَهُ وَسَابِعَ عَشَرَةَ وَتَاسِعَ عَشَرَةَ احْتَمَلَ فَسَادُ الْأَوَّلَيْنِ بِالْحَيْضِ وَانْقِطَاعِهِ فِي الثَّالِثِ وَعَوْدِهِ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ فَلَا يَصِحُّ إلَّا لِسَابِعَ عَشَرَ أَوْ بِزِيَادَتِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى بِأَنْ زَادَتْهُ فِي الثَّانِيَةِ فَصَامَتْ الْأَوَّلَ وَثَالِثَهُ وَسَابِعَ عَشَرَةَ وَتَاسِعَ عَشَرَةَ وَحَادِيَ عَشَرَيْهِ احْتَمَلَ الِانْقِطَاعُ فِي الثَّانِي وَالْعَوْدُ فِي السَّابِعِ عَشَرَ فَلَا يَصِحُّ إلَّا الثَّالِثُ أَوْ بِتَوْزِيعِ الْخَمْسَةِ عَلَى نِصْفَيْ الشَّهْرِ فَصَامَتْ جَمِيعَهَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ احْتَمَلَ وُقُوعُ كُلِّهَا فِي الْحَيْضِ أَوْ بِالتَّفْرِيقِ. فَإِنْ جَمَعَتْ فِي النِّصْفَيْنِ بِأَنْ صَامَتْ الْأَوَّلَ وَثَانِيَهُ وَثَالِثَهُ وَسَابِعَ عَشَرَةَ وَثَامِنَ عَشَرَةَ أَوْ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ بِأَنْ صَامَتْ التَّاسِعَ عَشَرَ بَدَلَ الثَّامِنَ عَشَرَ احْتَمَلَ الِانْقِطَاعُ فِي الثَّالِثِ وَالْعَوْدُ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ فَلَا يَصِحُّ إلَّا السَّابِعَ عَشَرَ أَوْ فِي الثَّانِي فَقَطْ بِأَنْ صَامَتْ الْأَوَّلَ وَثَالِثَهُ وَخَامِسَهُ وَسَابِعَ عَشَرَةَ وَثَامِنَ عَشَرَةَ احْتَمَلَ الطُّرُوُّ فِي الثَّالِثِ وَالِانْقِطَاعُ فِي الثَّامِنِ عَشَرَ فَلَا يَصِحُّ إلَّا الْأَوَّلُ وَأَمَّا جَوَازُ التَّأْخِيرِ عَنْ سَابِعَ عَشَرَ كُلٌّ إلَى خَامِسَ عَشَرَ ثَانِيهِ فِيمَا إذَا فَرَّقَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ كَأَنْ صَامَتْ لِقَضَاءِ يَوْمَيْنِ الْأَوَّلَ وَخَامِسَهُ وَعَاشِرَهُ وَسَابِعَ عَشَرَةَ وَحَادِيَ عَشَرَيْهِ فَلِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ إنْ كَانَا طُهْرًا فَذَاكَ أَوْ حَيْضًا فَغَايَةُ امْتِدَادِهِ إلَى السَّادِسَ عَشَرَ ثُمَّ لَا يَعُودُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ أَوْ الْأَوَّلُ حَيْضًا دُونَ الْخَامِسِ صَحَّ الْخَامِسُ وَالْعَاشِرُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَغَايَةُ امْتِدَادِهِ إلَى الْعِشْرِينَ فَيَصِحُّ الْأَوَّلُ وَمَا بَعْدَ الْعِشْرِينَ (وَمَنْ عَلَيْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَمَا دُونَهَا تَصُومُهُ) أَيْ مَا عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ (وَلَاءُ مَرَّتَيْنِ الثَّانِيَةُ) مِنْهُمَا (مِنْ السَّابِعَ عَشَرَ وَتَزِيدُ يَوْمَيْنِ بَيْنُهُمَا) تَوَالَيَا أَوْ تَفَرَّقَا اتَّصَلَا بِالصَّوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي أَوْ أَحَدُهُمَا بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرُ بِالثَّانِي أَوْ لَمْ يَتَّصِلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا حَيْثُ يَتَأَتَّى ذَلِكَ فَلِقَضَاءِ يَوْمَيْنِ تَصُومُ يَوْمًا وَثَانِيهِ وَسَابِعَ عَشَرَةَ وَثَامِنَ عَشَرَةَ وَيَوْمَيْنِ بَيْنَهُمَا كَيْفَ شَاءَتْ فَتَبْرَأُ لِأَنَّ الْأَوْلَيْنَ إنْ فُقِدَ الْحَيْضُ فِيهِمَا فَقَدْ صَحَّ صَوْمُهُمَا أَوْ وُجِدَ فِيهِمَا صَحَّ صَوْمُ الْأَخِيرَيْنِ إنْ لَمْ يَعُدَّ فِيهِمَا وَإِلَّا فَالْمُتَوَسِّطَانِ أَوْ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي صَحَّ الثَّانِي وَالْمُتَوَسِّطَانِ أَوْ أَوَّلُهُمَا أَوْ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ صَحَّ الْأَوَّلُ وَالثَّامِنَ عَشَرَ فَظَهَرَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْ يَوْمَيْنِ تَحْصُلُ بِالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ فِي تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَبِهَذَا الطَّرِيقِ بِسِتَّةٍ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَذَاكَ لِتَقْلِيلِ الْعَمَلِ وَهَذَا لِتَعْجِيلِ الْبَرَاءَةِ. وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّوْزِيعُ فِي هَذَا أَيْضًا عَلَى نِصْفَيْ الشَّهْرِ لِأَنَّهَا لَوْ صَامَتْ الْجَمِيعَ فِي أَحَدِهِمَا احْتَمَلَ وُقُوعُهُ فِي الْحَيْضِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْوَلَاءُ فِي الطَّرَفِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا لَوْ فَرَّقَتْ فِيهِ كَأَنْ صَامَتْ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ الْأَوَّلَ وَثَالِثَهُ احْتَمَلَ الطُّرُوُّ فِي الثَّالِثِ وَالِانْقِطَاعُ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ فَلَا يَصِحُّ إلَّا الْأَوَّلُ وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي الطَّرَفِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهَا لَوْ فَرَّقَتْ فِيهِ كَأَنْ صَامَتْ السَّابِعَ عَشَرَ وَالتَّاسِعَ عَشَرَ وَقَدْ صَامَتْ الْأَوَّلَ وَثَانِيَهُ وَثَالِثَهُ وَرَابِعَهُ احْتَمَلَ الِانْقِطَاعُ فِي الرَّابِعِ وَالْعَوْدُ فِي التَّاسِعَ عَشَرَ فَلَا يَصِحُّ إلَّا السَّابِعَ عَشَرَ. وَإِنَّمَا جَازَ فِي الْمُتَوَسِّطِ وُقُوعُهُ كَيْفَ شَاءَتْ لِأَنَّهُ إنْ صَحَّ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَالْمُتَوَسِّطُ طَهُرَ بِيَقِينٍ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُتَتَابِعِ (وَأَمَّا الْمُتَتَابِعُ) بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ كَانَ سَبْعًا فَمَا دُونَهَا صَامَتْهُ وَلَاءً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الثَّالِثَةُ) مِنْهَا (مِنْ سَابِعَ عَشَرَ شُرُوعُهَا) فِي الصَّوْمِ (بِشَرْطِ أَنْ تُفَرِّقَ) بَيْنَ كُلِّ مَرَّتَيْنِ مِنْ الثَّلَاثِ (بِيَوْمٍ فَأَكْثَرَ) حَيْثُ يَتَأَتَّى الْأَكْثَرُ وَذَلِكَ فِيمَا دُونَ   [حاشية الرملي الكبير] وَالِانْقِطَاعُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَطْرَأَ الدَّمُ فِي أَثْنَاءِ طُهْرٍ وَيَنْقَطِعَ فِي أُخْرَى فَيَلْزَمُهَا عَشْرُ صَلَوَاتٍ بِخِلَافِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهَا لَا تَسَعُ طُرُوًّا ثُمَّ انْقِطَاعًا (قَوْلُهُ وَسَابِعَ عَشَرَ كُلٌّ) قَالَ شَيْخُنَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ (قَوْلُهُ وَاحِدٌ إنْ فَرَّقَتْ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا إذْ هُوَ سَابِعَ عَشَرَةَ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ خَامِسَ عَشَرَ بِاعْتِبَارِ الثَّالِثِ فَإِنْ فَرَّقَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ كَانَ مُغَايِرًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُتَتَابِعُ فَإِنْ كَانَ سَبْعًا فَمَا دُونَهَا إلَخْ) اعْتَرَضَ الْجِيلِيُّ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الضَّابِطِ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَ بَلْ إنَّمَا تَخْرُجُ عَنْهَا بِأَنْ تَصُومَ الْمُتَتَابِعَ إنْ كَانَ خَمْسَةً وَدُونَهَا مِثْلُهُ مَرَّتَيْنِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَتَخَلَّلُ زَمَانٌ يَسَعُهُ وَمَرَّةً مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ بِقَدْرِ زَمَنٍ يَسَعُهُ وَلِسِتَّةٍ وَسَبْعَةٍ مَرَّتَيْنِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِتَخَلُّلِ زَمَنٍ أَمْكَنَهُ ثُمَّ تَصُومُ تِسْعَةً لِسِتَّةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ لِسَبْعَةٍ تَبْتَدِئُ التِّسْعَةَ مِنْ التَّاسِعَ عَشَرَ وَتَبْتَدِئُ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ مِنْ السَّابِعَ عَشَرَ وَتَصُومُ لِلزَّائِدِ ضِعْفَهُ وَخَمْسَةَ عَشَرَ وَلَاءً إلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلِمَا زَادَ تَصُومُ قَدْرَهُ وَتَزِيدُ عَلَيْهِ لِكُلِّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَمَا دُونَهُ سِتَّةَ عَشَرَ لِأَنَّ الْحَيْضَ حِينَئِذٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ لِعَدَمِ إمْكَانِ خُلُوِّهِ عَنْهُ لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِالصَّوْمِ الْوَاقِعِ فِي الْحَيْضِ هَذَا كَلَامُهُ مُسْتَدْرِكًا عَلَى الْأَصْحَابِ وَعَلَى صَاحِبِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَوَابُهُ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إنَّ تَخَلُّلَ الْحَيْضِ لَا يَقْطَعُ الْوَلَاءَ وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ الَّذِي تَخَلَّلَهُ قَدْرًا يَسَعُهُ وَقْتَ الطُّهْرِ لِضَرُورَةِ تَحَيُّرِ الْمُسْتَحَاضَةِ. وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي إرْشَادِهِ ضَابِطَ الْجِيلِيِّ فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 السَّبْعِ فَلِقَضَاءِ يَوْمَيْنِ وَلَاءً تَصُومُ يَوْمًا وَثَانِيَهُ وَسَابِعَ عَشَرَةَ وَثَامِنَ عَشَرَةَ وَيَوْمَيْنِ بَيْنَهُمَا وَلَاءٌ غَيْرُ مُتَّصِلَيْنِ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّوْمَيْنِ فَتَبْرَأُ لِأَنَّهُ إنْ فُقِدَ الْحَيْضُ فِي الْأَوَّلَيْنِ صَحَّ صَوْمُهُمَا وَإِنْ وُجِدَ فِيهِمَا صَحَّ الْأَخِيرَانِ إنْ لَمْ يَعُدَّ فِيهِمَا وَإِلَّا فَالْمُتَوَسِّطَانِ وَإِنْ وُجِدَ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي صَحَّا أَيْضًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ السَّابِعَ عَشَرَ صَحَّ مَعَ مَا بَعْدَهُ وَإِنْ انْقَطَعَ فِيهِ صَحَّ الْأَوَّلُ وَالثَّامِنَ عَشَرَ وَتَخَلُّلُ الْحَيْضِ لَا يَقْطَعُ الْوَلَاءَ. وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ الَّذِي تَخَلَّلَهُ قَدْرًا يَسَعُهُ وَقْتَ الطُّهْرِ لِضَرُورَةِ تَحَيُّرِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَلَوْ أَخَلَّتْ بِالْوَلَاءِ فِي مَرَّةٍ مِنْ الْمَرَّاتِ الثَّلَاثِ لَمْ تَبْرَأْ أَمَّا فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ فَلِمَا مَرَّ فِي غَيْرِ الْمُتَتَابِعِ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِي وَأَمَّا فِي الْمُتَوَسِّطَةِ فَلِأَنَّهَا لَوْ صَامَتْ الرَّابِعَ وَالسَّادِسَ مَثَلًا احْتَمَلَ الِانْقِطَاعُ فِي الثَّالِثِ وَالْعَوْدُ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ فَيَقَعُ مُتَفَرِّقًا بِغَيْرِ حَيْضٍ لِأَنَّ الَّذِي يَصِحُّ لَهَا حِينَئِذٍ الرَّابِعُ وَالسَّادِسُ وَالسَّابِعَ عَشَرَ وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمَرَّاتِ أَمَّا بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ فَلِأَنَّهَا لَوْ وَالَتْ بَيْنَهُمَا كَأَنْ صَامَتْ الْأَوَّلَ وَثَانِيَهُ وَثَالِثَهُ وَرَابِعَهُ احْتَمَلَ الِانْقِطَاعُ فِي الثَّالِثِ وَالْعَوْدُ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ فَلَا يَصِحُّ إلَّا الرَّابِعُ وَالسَّابِعَ عَشَرَ وَيَقَعُ التَّفْرِيقُ بِغَيْرِ حَيْضٍ وَأَمَّا بَيْنَ الْأَخِيرَتَيْنِ فَلِأَنَّهَا لَوْ صَامَتْ الْخَامِسَ عَشَرَ وَثَانِيَهُ وَثَالِثَهُ وَرَابِعَهُ احْتَمَلَ الِانْقِطَاعُ فِي الْأَوَّلِ وَالْعَوْدُ فِي السَّادِسَ عَشَرَ فَلَا يَصِحُّ إلَّا الثَّانِي وَالْخَامِسَ عَشَرَ وَيَقَعُ التَّفْرِيقُ بِغَيْرِ حَيْضٍ أَيْضًا وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ ذَلِكَ فِي الزَّائِدِ عَلَى السَّبْعِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَوْمُ أَكْثَرَ مِنْهَا مَرَّتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ. وَتَقْيِيدُهُ مَا ذَكَرَ بِالسَّبْعِ فَمَا دُونَهَا مَعَ شَرْطِ التَّفْرِيقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ زَادَ) الْمُتَتَابِعُ (عَلَى السَّبْعِ وَنَقَصَ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ) الْأَوْلَى فَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَمَا دُونَهَا لِيَشْمَلَ مَا دُونَ السَّبْعِ (صَامَتْ لَهُ سِتَّةَ عَشَرَ وَلَاءً ثُمَّ تَصُومُ قَدْرَ الْمُتَتَابِعِ أَيْضًا وَلَاءً) بَيْنَ أَفْرَادِهِ وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ السِّتَّةَ عَشَرَ فَلِقَضَاءِ ثَمَانِيَةٍ مُتَتَابِعَةٍ تَصُومُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَلَاءً فَتَبْرَأُ إذْ الْغَايَةُ بُطْلَانُ سِتَّةَ عَشَرَ فَتَبْقَى ثَمَانِيَةٌ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الْآخِرِ أَوْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ الْوَسَطِ وَلِقَضَاءِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ تَصُومُ ثَلَاثِينَ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْوَلَاءُ فِي مَجْمُوعِ الْمُدَّةِ لِأَنَّهَا لَوْ صَامَتْ ثَمَانِيَةً مِنْ الْأَوَّلِ وَأَفْطَرَتْ التَّاسِعَ ثُمَّ صَامَتْ سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ الْعَاشِرِ إلَى الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ احْتَمَلَ الِانْقِطَاعُ فِي الْأَوَّلِ وَالْعَوْدُ فِي السَّادِسَ عَشَرَ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الثَّمَانِيَةِ إلَّا سَبْعَةٌ وَمِنْ السِّتَّةَ عَشَرَ إلَّا سِتَّةٌ مَعَ تَخَلُّلِ إفْطَارِ يَوْمٍ فِي الطُّهْرِ وَذَلِكَ يَقْطَعُ الْوَلَاءَ فَلَا يَحْصُلُ الثَّمَانِيَةُ الْمُتَتَابِعَةُ وَكَذَا لَوْ صَامَتْ سِتَّةَ عَشَرَ أَوَّلًا وَلَاءً ثُمَّ أَفْطَرَتْ السَّابِعَ عَشَرَ وَصَامَتْ بَعْدَهُ ثَمَانِيَةً احْتَمَلَ الِانْقِطَاعُ فِي التَّاسِعِ وَالْعَوْدُ فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ فَلَا يَصِحُّ مِنْ السِّتَّةَ عَشَرَ إلَّا سَبْعَةٌ وَمِنْ الثَّمَانِيَةِ إلَّا سِتَّةٌ مَعَ تَخَلُّلِ الْقَاطِعِ. وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ ذَلِكَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الشَّهْرَ لَا يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْهَا وَمِنْ سِتَّةَ عَشَرَ وَقَوْلُهُ فَإِنْ زَادَ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ كَانَ) مَا عَلَيْهَا شَهْرَيْنِ (مُتَتَابِعَيْنِ صَامَتْ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَاءً) فَتَبْرَأُ إذْ يَحْصُلُ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيَحْصُلُ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ وَمِنْ عِشْرِينَ الْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْوَلَاءُ لِأَنَّهَا لَوْ فَرَّقَتْ احْتَمَلَ وُقُوعُ الْفِطْرِ فِي الطُّهْرِ فَيَقْطَعُ الْوَلَاءَ (فَإِنْ أَرَادَتْ قَضَاءَ) صَلَاةٍ (فَائِتَةٍ أَوْ مَنْذُورَةٍ) (اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْهَا) مَتَى شَاءَتْ (وَأَمْهَلَتْ قَدْرَ مَا اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ ثُمَّ تُصَلِّيهَا بِغُسْلٍ) آخَرَ (بِحَيْثُ تَقَعُ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ أَوَّلِ) غُسْلِ (الصَّلَاةِ الْأُولَى ثُمَّ تُمْهِلُ مِنْ) أَوَّلِ لَيْلَةِ (السَّادِسَ عَشَرَ قَدْرَ الْإِمْهَالِ الْأَوَّلِ ثُمَّ تُعِيدُهَا بِغُسْلٍ) آخَرَ (قَبْلَ تَمَامِ شَهْرٍ مِنْ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا تُؤَخِّرَ الثَّالِثَةَ عَنْ) أَوَّلِ لَيْلَةِ (السَّادِسَ عَشَرَ أَكْثَرَ مِنْ الزَّمَنِ الْمُتَخَلَّلِ بَيْنَ آخِرِ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَأَوَّلِ الثَّانِيَةِ) كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ. (وَكَذَلِكَ) الْحُكْمُ (فِي صَلَوَاتٍ) كَخَمْسٍ (إلَّا أَنَّهُ) وَفِي نُسْخَةٍ أَنَّهَا (يَكْفِيهَا الْوُضُوءُ لِمَا بَعْدَ الْأُولَى) بِأَنْ تَتَوَضَّأَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَعْدَهَا. (وَالطَّوَافُ) بِرَكْعَتَيْهِ (كَالصَّلَاةِ) فِيمَا ذَكَرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالطَّوَافِ وَإِنْ تَعَدَّدَ كَصَوْمِ يَوْمٍ وَالْإِمْهَالُ الْأَوَّلُ كَإِفْطَارِ الْيَوْمِ الثَّانِي وَالْإِمْهَالُ الثَّانِي كَإِفْطَارِ السَّادِسَ عَشَرَ وَأَمَّا الْعَشَرُ فَكَصَوْمِ يَوْمَيْنِ (وَلَهَا فِي قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ طَرِيقٌ آخَرُ أَنْ تُصَلِّيَهَا إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ) كَخَمْسَةِ أَصْبَاحٍ (مَرَّةً بِالِاغْتِسَالِ بِزِيَادَةِ صَلَاةٍ ثُمَّ مَرَّةً بِالزِّيَادَةِ فِي أَوَّلِ) لَيْلَةِ (السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ شُرُوعِهَا الْأَوَّلِ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إيقَاعُ الصَّلَاتَيْنِ الزَّائِدَتَيْنِ مَعَ الْمَرَّتَيْنِ بَلْ الشَّرْطُ أَنَّ تُوقِعَهُمَا بَيْنَهُمَا كَيْفَ شَاءَتْ إنْ أَخَّرَتْ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ عَنْ أَوَّلِ اللَّيْلَةِ بِزَمَنٍ يَسَعُ صَلَاةً بِشَرْطِهَا (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ صَلَّتْهَا وَلَاءً مَرَّتَيْنِ الثَّانِيَةُ) مِنْهُمَا (بِتَرْتِيبِ الْأُولَى حِينَ يَمْضِي مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ   [حاشية الرملي الكبير] وَتَصُومُ الْمُتَتَابِعَ مَرَّتَيْنِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَمَرَّةً بَعْدَهَا بِتَخَلُّلِ قَدْرِهِ فِيهِمَا إلَى خَمْسَةٍ وَبِتَخَلُّلِ ثَلَاثَةٍ لِسِتَّةٍ وَيَوْمٍ لِسَبْعَةٍ وَلِكُلٍّ مِثْلَهُ فِي الثَّالِثَةِ لَكِنْ تَصُومُ فِيهَا تِسْعَةً لِسِتَّةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ لِتِسْعَةٍ وَلِثَمَانِيَةٍ إلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ تَصُومُ ضِعْفَهُ وَخَمْسَةَ عَشَرَ وَلَاءً وَلِمَا زَادَ تَصُومُهُ وَسِتَّةَ عَشَرَ لِكُلِّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَمَا دُونَهَا وَفِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا مَحِيصَ عَمَّا قَالَ الْجَيْلَوِيُّ انْتَهَى وَهُوَ كَمَا قَالَ وَأَمَّا مَا مَرَّ عَنْ الْقُونَوِيِّ فَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّحَيُّرَ عُذْرٌ فِي اغْتِفَارِ زَمَنِ الْحَيْضِ فِي الصَّوْمِ الْمُتَتَابِعِ قِيَاسًا عَلَى اغْتِفَارِهِ إذَا لَمْ يَتَّسِعْ زَمَنُ الطُّهْرِ لِلِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ وَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ قِيَامِ الْفَارِقِ إذْ يُمْكِنُ مَعَ التَّحَيُّرِ الْخُرُوجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِدُونِ تَخَلُّلِ حَيْضٍ بِخِلَافِ ضِيقِ زَمَانِ الطُّهْرِ اب (قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَتْ قَضَاءَ فَائِتَةٍ أَوْ مَنْذُورَةٍ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْهَا إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَقْضِي لِكُلِّ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا خَمْسَ صَلَوَاتٍ إنْ أَدَّتْ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَعَشْرًا إنْ أَدَّتْ مَتَى اتَّفَقَ فَتَغْتَسِلُ لِلْأُولَى وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ بَعْدَهَا فَفِي قَضَاءِ الْخَمْسِ تُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِشَرْطِ أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا زَمَنٌ يَسَعُ مَا فَعَلَ مِنْ الْخَمْسِ وَالْغُسْلِ وَالْوُضُوءَاتِ الْأَرْبَعِ ثُمَّ تُصَلِّيهَا مَرَّةً ثَالِثَةً مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ الزَّمَنِ الْمُتَخَلِّلِ بَيْنَ الْأَوْلَيَيْنِ وَفِي قَضَاءِ الْعَشْرِ تُصَلِّي الْخَمْسَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتُمْهِلُ بَيْنَ كُلِّ مَرَّتَيْنِ قَدْرَ الْمَفْعُولِ ثُمَّ تُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ الْمَفْعُولِ وَتُمْهِلُ بَيْنَهُمَا قَدْرَ الْمَفْعُولِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 الْمُسْتَفْتَحَ بِهَا مِنْهُنَّ وَتَزِيدُ بَيْنَهُمَا صَلَاتَيْنِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ) تُوقِعُهُمَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ أَوَّلِ الشُّرُوعِ (مِثَالُهُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَصْبَاحٍ وَظُهْرَانِ تُصَلِّي الْكُلَّ وَلَاءً ثُمَّ تَزِيدُ صُبْحَيْنِ وَظُهْرَيْنِ فِيمَا دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ) لَفَظَّةُ دُونَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا بَلْ قَدْ تُوهِمُ مَحْذُورًا (ثُمَّ تُمْهِلُ مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ مَا يَسَعُ صُبْحًا بِشُرُوطِهَا) مِنْ غُسْلٍ وَغَيْرِهِ ثُمَّ تُعِيدُ الْخَمْسَ كَمَا فَعَلَتْ أَوَّلًا وَقَوْلُهُ بِشُرُوطِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَفِي) الْأُولَى وَالْأَوْفَقُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ وَفِي (هَذِهِ الطَّرِيقِ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ) بِخِلَافِ الطَّرِيقِ الْأُولَى وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْإِمْهَالَ فِي السَّادِسَ عَشَرَ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ الْمُفْتَتَحَ بِهَا تَبِعَ فِيهِ أَصْلَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ عَبَّرَ كَثِيرٌ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا لِأَنَّ الدَّمَ إنْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاةٍ مِنْهُنَّ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى انْقَطَعَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ (فَرْعٌ الْمُتَحَيِّرَةُ يُنْفِقُهَا) أَيْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا (الزَّوْجُ) كَغَيْرِهَا (وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْفَسْخِ) لِلنِّكَاحِ لِأَنَّ جِمَاعَهَا مُتَوَقَّعٌ بِخِلَافِ الرَّتْقَاءِ (وَعِدَّتِهَا) لِفُرْقَةِ الْحَيَاةِ إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا (ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ) لِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الِانْتِظَارِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ وَتُعْتَبَرُ الْأَشْهُرُ بِالْأَهِلَّةِ مَا أَمْكَنَ فَإِنْ انْطَبَقَ الْفِرَاقُ عَلَى أَوَّلِ الْهِلَالِ فَذَاكَ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ بَعْدَهُ شَهْرَانِ بِالْهِلَالِ ثُمَّ تُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفِرَاقُ حَصَلَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَكْمِلَةٍ بَلْ يُحْسَبُ ذَلِكَ قُرْءً كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ غَيْرُ مُتَأَصِّلَةٍ فِي حَقِّهَا بَلْ يُحْسَبُ كُلُّ شَهْرٍ فِي حَقِّهَا قُرْءً لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ غَالِبًا (وَإِنْ ذَكَرَتْ الْأَدْوَارَ فَثَلَاثَةٌ) أَيْ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةٌ (مِنْهَا) سَوَاءٌ أَكَانَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ أَمْ أَكْثَرَ أَمْ أَقَلَّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فَلَوْ شَكَّتْ فِي قَدْرِهَا أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا مَا إذَا حَصَلَ الْفِرَاقُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الدَّوْرِ زِيَادَةٌ عَلَى أَكْثَرِ مَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ حَيْضًا كَأَنْ كَانَ دَوْرُهَا عِشْرِينَ وَفَارَقَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ (وَلَا تُقَدِّمُ الْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ) أَيْ لَا تَجْمَعُهُمَا تَقْدِيمًا (لِسَفَرٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ مَطَرٍ لِأَنَّ شَرْطَهُ تَقَدُّمُ الْأُولَى صَحِيحَةً يَقِينًا أَوْ بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا وَلَيْسَ كَمَنْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَمْ لَا فَصَلَّى الظُّهْرَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ مَعَهَا الْعَصْرَ لِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ السَّابِقَةِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَالرَّوْضَةِ جَوَازَ الْجَمْعِ تَأْخِيرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ احْتِمَالُ طُرُوُّ الْحَيْضِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَفْوِيتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يُجْبِرُ ذَلِكَ نَعَمْ قَدْ يَشْكُلُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ (وَلَا تَؤُمُّ) فِي صَلَاتِهَا بِطَاهِرَةٍ وَلَا مُتَحَيِّرَةٍ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا فِي الْأُولَى وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَائِضٌ دُونَ الْمُؤْتَمَّةِ بِهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَلَا تَفْدِي) أَيْ لَا يَلْزَمُهَا الْفِدَاءُ عَنْ صَوْمِهَا (إنْ أَفْطَرَتْ لِلرَّضَاعِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا حَائِضًا وَظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا أَفْطَرَتْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ أَمَّا إذَا زَادَتْ عَلَيْهَا فَيَلْزَمُهَا الْفِدَاءُ عَنْ الزَّائِدِ لِأَنَّ الْمُتَيَقَّنَ فِيهِ طُهْرُهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لَهَا مِنْ رَمَضَانَ التَّامِّ إلَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا مَرَّ (وَشَكُّهَا فِي نِيَّةِ صَوْمِ يَوْمٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَا يَضُرُّ كَغَيْرِهَا) لِأَنَّ الشَّكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا يُؤَثِّرُ وَقِيلَ يَضُرُّ لِأَنَّ هَذَا الصَّوْمَ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ فَصَارَ كَالشَّكِّ فِي أَثْنَائِهِ (الْحَالُ الثَّانِي لِلنَّاسِيَةِ أَنْ تَذْكُرَ الْوَقْتَ) أَيْ وَقْتَ الْحَيْضِ دُونَ قَدْرِهِ (فَهَذِهِ تَكُونُ حَائِضًا حِينَ لَا يَحْتَمِلُ) زَمَنُهَا (الطُّهْرَ وَطَاهِرًا حِينَ لَا يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَإِنْ احْتَمَلَهُمَا احْتَاطَتْ لِلشَّكِّ كَمَا تَقَدَّمَ) فِي الْمُتَحَيِّرَةِ الْمُطَلَّقَةِ (وَلَا يَلْزَمُهَا الْغُسْلُ إلَّا لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ فَإِنْ قَالَتْ كُنْت أَحِيضُ أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ وَعَيَّنَتْهَا) أَيْ الثَّلَاثِينَ (فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِهَا حَيْضٌ) بِيَقِينٍ (ثُمَّ هِيَ) بَعْدَهُمَا (إلَى) آخِرِ (خَمْسَةَ عَشَرَ فِي شَكٍّ يَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ) وَالْحَيْضَ وَالطُّهْرَ (وَالْبَاقِي طُهْرٌ) بِيَقِينٍ (فَإِنْ قَالَتْ كَانَ انْقِطَاعُهُ آخِرَهَا) أَيْ الثَّلَاثِينَ (فَالنِّصْفُ الْأَوَّلُ طُهْرٌ) بِيَقِينٍ (وَالْيَوْمُ الْأَخِيرُ وَلَيْلَتُهُ حَيْضٌ) بِيَقِينٍ (وَمَا بَيْنَهُمَا شَكٌّ يَحْتَمِلُ الِابْتِدَاءَ) وَالطُّهْرَ دُونَ الِانْقِطَاعِ (وَإِنْ قَالَتْ كُنْت أَخْلِطُ شَهْرًا بِشَهْرٍ حَيْضًا) أَيْ يُوجَدُ آخَرُ كُلِّ شَهْرٍ وَأَوَّلُ تَالِيهِ (فَلَحْظَتَانِ مِنْ مُلْتَقَى الشَّهْرَيْنِ حَيْضٌ) بِيَقِينٍ (وَلَحْظَتَانِ مِنْ مُلْتَقَى النِّصْفَيْنِ طُهْرٌ) بِيَقِينٍ (وَالنِّصْفُ الْأَوَّلُ) أَيْ بَاقِيهِ (يَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ) وَالْحَيْضَ وَالطُّهْرَ (وَ) النِّصْفُ (الْأَخِيرُ) أَيْ بَاقِيهِ (يَحْتَمِلُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ الْمُتَحَيِّرَةُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا الزَّوْجُ كَغَيْرِهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ] قَوْلُهُ لِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الِانْتِظَارِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ) وَاعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ) ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلدَّارِمِيِّ (قَوْلُهُ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَهُ تَقَدُّمُ الْأُولَى صَحِيحَةً إلَخْ) وَلِأَنَّ إيجَابَ الصَّلَاتَيْنِ إنَّمَا هُوَ لِلِاحْتِيَاطِ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ إيجَابَ الصَّلَاةِ الَّتِي تُجْمَعُ الْأُخْرَى مَعَهَا (قَوْلُهُ إنْ أَفْطَرَتْ لِلرَّضَاعِ) أَيْ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَتْ كُنْت أَحِيضُ أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ وَعَيَّنَتْهَا إلَخْ) لَوْ قَالَتْ كَانَ لِي فِي الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ حَيْضَتَانِ لَا أَعْلَمُ مَحَلَّهُمَا وَلَا قَدْرَهُمَا فَأَقَلُّ مَا يَحْتَمِلُ حَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ آخِرِهِ وَأَكْثَرُ مَا يَحْتَمِلُهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ وَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ وَيُحْتَمَلُ مَا بَيْنَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ حَيْضٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ ثُمَّ إلَى آخِرِ الرَّابِعَ عَشَرَ يَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ وَالْيَوْمَانِ بَعْدَهُ طُهْرٌ يَقِينًا لِأَنَّهُ إنْ ابْتَدَأَ الطُّهْرُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَالسَّادِسَ عَشَرَ آخِرُهُ أَوْ فِي الْخَامِسَ عَشَرَ فَهُوَ مَعَ السَّادِسَ عَشَرَ دَاخِلٌ فِي الطُّهْرِ ثُمَّ مِنْ السَّابِعَ عَشَرَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ يُحْتَمَلُ الطُّهْرُ وَلَوْ قَالَتْ لِي فِيهِ حَيْضَتَانِ وَطُهْرٌ وَاحِدٌ مُتَّصِلٌ فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ حَيْضٌ يَقِينًا إذْ لَوْ كَانَ مَشْكُوكًا فِيهِ لَصَارَ لَهَا طُهْرَانِ ثُمَّ إلَى آخِرِ الرَّابِعَ عَشَرَ يَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ وَالْيَوْمَانِ بَعْدَهُ طُهْرٌ يَقِينًا ثُمَّ إلَى آخِرِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالْيَوْمُ الْأَخِيرُ حَيْضٌ يَقِينًا وَلَا يَلْزَمُهَا هُنَا الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرْضٍ بَعْدَ السَّادِسَ عَشَرَ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الِانْقِطَاعُ قَبْلَ آخِرِ الشَّهْرِ لِأَنَّهُ لَوْ انْقَطَعَ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ طُهْرٌ كَامِلٌ وَلَصَارَ لَهَا فِي الشَّهْرِ أَكْثَرُ مِنْ طُهْرٍ وَاحِدٍ مُتَّصِلٍ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قَالَ لَصَارَ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ طُهْرٍ بَدَلَ قَوْلِهِ لَصَارَ لَهَا طُهْرَانِ كَانَ أَوْلَى ش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 الِابْتِدَاءَ) وَالطُّهْرَ دُونَ الِانْقِطَاعِ (فَإِنْ قَالَتْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ كُنْت أَخْلِطُ شَهْرًا بِشَهْرٍ حَيْضًا (وَكُنْت فِي) الْيَوْمِ (الْخَامِسِ حَائِضًا فَلَحْظَةٌ مِنْ آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ إلَى آخِرِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مِنْ الَّذِي بَعْدَهُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ وَلَحْظَةٌ بِيَقِينٍ وَلَحْظَةٌ مِنْ آخِرِ الْخَامِسَ عَشَرَ إلَى آخِرِ الْعِشْرِينَ طُهْرٌ) بِيَقِينٍ (ثُمَّ) بَعْدَهَا إلَى آخِرِ الشَّهْرِ (يَحْتَمِلُ الِابْتِدَاءَ) وَالطُّهْرَ دُونَ الِانْقِطَاعِ وَمَا بَيْنَ الْخَامِسِ وَآخِرِ الْخَامِسَ عَشَرَ يَحْتَمِلُ الثَّلَاثَةَ (وَإِنْ قَالَتْ كُنْت أَخْلِطُهُمَا طُهْرًا فَلَا حَيْضَ لَهَا مُتَيَقَّنٌ وَاللَّحْظَتَانِ مِنْ مُلْتَقَى الشَّهْرَيْنِ طُهْرٌ) بِيَقِينٍ (وَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ بَعْدَهُمَا لَا يَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ وَالْبَاقِي مُحْتَمِلٌ) لَهُ وَلِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ (الْحَالُ الثَّالِثُ) لِلنَّاسِيَةِ (أَنْ تَحْفَظَ قَدْرَ عَادَتِهَا) دُونَ وَقْتِهَا كَأَنْ قَالَتْ كَانَ حَيْضِي خَمْسَةً أَضْلَلْتهَا فِي دَوْرِي أَوْ حَيْضِي خَمْسَةً وَدَوْرِي ثَلَاثِينَ (وَهَذَا لَا يُفِيدُ) خُرُوجَهَا عَنْ التَّحَيُّرِ الْمُطْلَقِ لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وَالِانْقِطَاعَ (إلَّا إنْ حَفِظَتْ مَعَهُ) أَيْ مِنْ حِفْظِ الْقَدْرِ (قَدْرَ الدَّوْرِ مَعَ ابْتِدَائِهِ كَأَنْ قَالَتْ كَانَ حَيْضِي عَشَرَةً مِنْ الثَّلَاثِينَ الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ الَّتِي عَيَّنْتهَا (فَزَمَانُهَا) أَيْ الثَّلَاثِينَ (شَكٌّ) يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ (وَبَعْدَ مُضِيِّ عَشَرٍ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ أَيْضًا بِخِلَافِ الْعَشَرِ الْأُوَلِ لَا يَحْتَمِلُهُ (فَإِنْ قَالَتْ) كَانَ حَيْضِي (إحْدَى الْعَشَرَاتِ اغْتَسَلَتْ آخِرَ كُلِّ عَشَرَةٍ) لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ (فَإِنْ قَالَتْ كَانَ حَيْضِي عَشَرَةً مِنْ الْعِشْرِينَ الْأَوَّلَةِ) الْأَفْصَحُ الْأُولَى (فَالْعَشَرَةُ الْأَخِيرَةُ طُهْرٌ) بِيَقِينٍ (وَالْبَاقِي مَشْكُوكٌ فِيهِ) يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَغَيْرَهُ (لَكِنْ) الْعَشَرَةُ (الثَّانِيَةُ تَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ) دُونَ الْأُولَى (وَإِنْ قَالَتْ كَانَ حَيْضِي خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْعِشْرِينَ الْأُولَى فَالْخَمْسَةُ الْأُولَى شَكٌّ لَا تَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ) وَتَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ (وَ) الْخَمْسَةُ (الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ حَيْضٌ) بِيَقِينٍ (وَالرَّابِعَةُ تَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ) وَالْحَيْضَ وَالطُّهْرَ (وَ) مَا بَعْدَ هُمَا (إلَى آخِرِ الشَّهْرِ طُهْرٌ بِيَقِينٍ وَلَوْ قَالَتْ كَانَ حَيْضِي خَمْسَةً مِنْ الشَّهْرِ) أَيْ مِنْ أَحَدِ نِصْفَيْهِ (وَكُنْت طَاهِرًا فِي الثَّالِثَ عَشَرَ فَالْخَمْسَةُ الْأُولَى تَحْتَمِلُ الِابْتِدَاءَ) وَالطُّهْرَ دُونَ الِانْقِطَاعِ (وَمِنْهَا إلَى آخِرِ الثَّانِيَ عَشَرَ تَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ) وَالْحَيْضَ وَالطُّهْرَ (وَالثَّالِثَ عَشَرَ وَالْيَوْمَانِ بَعْدَهُ طُهْرٌ) بِيَقِينٍ (وَالْخَمْسَةُ بَعْدَهَا لَا تَحْتَمِلُ انْقِطَاعًا) وَتَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ (وَالْبَاقِي مُحْتَمِلٌ) لِلْجَمِيعِ (وَحَيْثُ زَادَ الْمَنْسِيُّ عَلَى نِصْفِ الْمَنْسِيِّ فِيهِ فَالزَّائِدُ وَمِثْلُهُ) أَيْ فَضِعْفُ الزَّائِدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَإِنْ شِئْت قُلْت فَالزَّائِدُ مِنْ ضِعْفِ الْمَنْسِيِّ عَلَى الْمَنْسِيِّ فِيهِ (حَيْضٌ فِي الْوَسَطِ) فَفِي مِثَالِ نِسْيَانِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فِي الْعِشْرِينَ الْأُولَى الزَّائِدُ مِنْ الْمَنْسِيِّ عَلَى نِصْفِ الْمَنْسِيِّ فِيهِ خَمْسَةٌ وَضِعْفُهَا عَشَرَةٌ وَبِالْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ ضِعْفُ الْمَنْسِيِّ ثَلَاثُونَ وَالْمَنْسِيُّ فِيهِ عِشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ تَزِيدُ عَلَيْهَا بِعَشَرَةٍ (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي التَّلْفِيقِ) لَوْ قَالَ فِي التَّقَطُّعِ أَوْ فِي السَّحْبِ كَانَ أَوْلَى وَإِنَّمَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ بِالتَّلْفِيقِ لِأَنَّهُمَا حَكَيَا الْخِلَافَ فِي مَسْأَلَةِ التَّقَطُّعِ هَلْ يُؤْخَذُ بِالسَّحْبِ أَوْ بِالتَّلْفِيقِ وَالْمُصَنِّفُ جَازِمٌ بِالْأَوَّلِ إذَا (رَأَتْ وَقْتًا دَمًا وَوَقْتًا نَقَاءً بِحَيْثُ تَخْرُجُ الْقُطْنَةُ) الَّتِي أَدْخَلْتهَا فِي فَرْجِهَا (بَيْضَاءَ وَلَمْ يُجَاوِزْ) ذَلِكَ (الْأَكْثَرَ) أَيْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ (وَلَا نَقَصَ مَجْمُوعُ الدَّمِ عَنْ الْأَقَلِّ فَكُلُّ) نَقَاءٍ (مُحْتَوَشٍ بِدَمٍ) أَيْ دَمَيْنِ (حَيْضٌ) تَبَعًا لَهُمَا وَقَوْلُهُ بِحَيْثُ تَخْرُجُ الْقُطْنَةُ بَيْضَاءَ تَعْرِيفٌ لِلنَّقَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِي كَوْنِهِ حَيْضًا أَوْ طُهْرًا فَإِنْ قُلْت فَلَا حَاجَةَ بِالْمُصَنِّفِ إلَى ذِكْرِهِ لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِأَنَّ النَّقَاءَ حَيْضٌ سَوَاءٌ أَكَانَ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا قُلْت بَلْ لَهُ بِهِ حَاجَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَلْزَمُهَا فِيهِ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتَسْتَبِيحَ فِيهِ الصَّلَاةَ وَالْوَطْءَ وَنَحْوَهُمَا كَمَا سَيَأْتِي (فَرْعٌ الْمُبْتَدَأَةُ وَغَيْرُهَا بَعْدَ) رُؤْيَةِ الدَّمِ قَدْرَ (يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ تَغْتَسِلُ) وُجُوبًا (لِكُلِّ انْقِطَاعٍ وَتَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ وَالْوَطْءَ وَنَحْوَهُمَا) مِمَّا يَمْتَنِعُ بِالْحَيْضِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ عَوْدِ الدَّمِ (فَإِذَا انْقَطَعَ) الدَّمُ (قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ) يَوْمًا (فَالْكُلُّ) أَيْ فَكُلٌّ مِنْ الدَّمِ وَالنَّقَاءِ الْمُحْتَوَشِ (حَيْضٌ فَلَا تُصَلِّي) وَلَا تَفْعَلُ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَ (فِي الشَّهْرِ الثَّانِي لِلِانْقِطَاعِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا فِيهِ كَالشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الرَّافِعِيِّ لَكِنَّهُ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا فِيمَا عَدَا الشَّهْرَ الْأَوَّلَ كَهِيَ فِيهِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ (وَإِنْ جَاوَزَهَا) أَيْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ (وَرَدَدْنَاهَا إلَى مَرَدٍّ) مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُبْتَدَأَةِ وَعَادَةٍ لِلْمُعْتَادَةِ وَتَمْيِيزٍ لِلْمُمَيِّزَةِ (أَجْزَأَهَا فِي الشَّهْرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وَالِانْقِطَاعَ) قَالَ لَكِنْ لَهَا مِنْ رَمَضَانَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَتَحْصُلُ الْخَمْسَةُ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَلِقَضَاءِ دُونَهَا تَصُومُ الْفَائِتَ وَتُمْهِلُ قَدْرَ بَقِيَّةِ الْحَيْضِ وَزِيَادَةَ يَوْمٍ ثُمَّ تَصُومُهُ ثَانِيًا فَفِي يَوْمَيْنِ الْإِمْهَالُ بِأَرْبَعَةٍ وَفِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْبَاقِي مُحْتَمِلٌ لِلْجَمِيعِ) قَالَ الْفَتَى هَكَذَا هُوَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَيْسَ جَمِيعُ مَا قَالَاهُ صَحِيحًا لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَا تَخْلِطُ شَهْرًا بِشَهْرٍ وَإِنْ حَيَّضَهَا خَمْسَةً مِنْ جُمْلَةِ الدَّوْرِ فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ احْتِمَالُ الِانْقِطَاعِ فِي آخِرِ الثَّامِنَ عَشَرَ وَالتَّاسِعَ عَشَرَ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي قَالَ إنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ فِيهَا وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ لَوْ كَانَ حَيْضُهَا إحْدَى خَمْسَاتِ الدَّوْرِ السِّتِّ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا لَزِمَ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالثَّالِثَ عَشَرَ وَالْيَوْمَانِ بَعْدَهُ طُهْرٌ غَيْرُ صَحِيحٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الثَّالِثَ عَشَرَ آخِرُ طُهْرِهَا فَلَا يَكُونُ الطُّهْرُ إلَّا هُوَ وَحْدَهُ انْتَهَى وَالِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ سَاقِطٌ [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي التَّلْفِيقِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي التَّلْفِيقِ) (قَوْلُهُ فَكُلُّ مُحْتَوَشٍ بِدَمٍ حَيْضٌ إلَخْ) لِأَنَّ زَمَانَ النَّقَاءِ نَاقِصٌ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ فَيَكُونُ حَيْضًا كَسَاعَاتِ الْفَتْرَةِ بَيْنَ دَفَعَاتِ الدَّمِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ طُهْرًا لَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِثَلَاثَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنْ الْحَيْضِ كَمَا أَنَّ الْعَلَفَ الْمُضِرَّ تَرْكُهُ إذَا تَخَلَّلَ السَّوْمَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ الدَّمَ ثَبَتَ كَوْنُهُ حَيْضًا فَاسْتَتْبَعَ وَالْقَصْدُ مِنْ السَّوْمِ تَكَامُلُ النَّمَاءِ مَعَ خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ وَلَمْ يُوجَدْ فِيمَا ذَكَرَ [فَرْعٌ الْمُبْتَدَأَةُ وَغَيْرُهَا بَعْدَ رُؤْيَة الدَّمِ قَدْرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ] (قَوْلُهُ فَإِذَا انْقَطَعَ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ) أَيْ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهَا (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 الْأَوَّلِ مَا صَلَّتْ) وَصَامَتْ (فِي) أَيَّامِ (النَّقَاءِ) الْوَاقِعَةِ فِيمَا وَرَاءَ الْمَرَدِّ (وَقَضَتْ مِنْهُ أَيَّامَ الدَّمِ) الْوَاقِعَةَ فِي ذَلِكَ (فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ) مُتَوَالِيَةً (وَتَقَطَّعَ) الدَّمُ (يَوْمًا يَوْمًا حَيَّضْنَاهَا خَمْسَةً لِأَنَّ السَّادِسَ نَقَاءٌ لَمْ يَحْتَوِشْهُ حَيْضٌ وَلَا بُدَّ مِنْ احْتِوَاشِهِ) بِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَأَيَّامُ الْعَادَةِ كَالْخَمْسَةَ عَشَرَ بِلَا مُجَاوَزَةٍ (وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الثَّلَاثِينَ فَرَأَتْ الدَّمَ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ وَتَقَطَّعَ حَيَّضْنَاهَا خَمْسَةً مُتَوَالِيَةً أَوَّلُهَا الثَّلَاثُونَ وَلَوْ رَأَتْهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَتَقَطَّعَ أَيْضًا حَيَّضْنَاهَا مِنْ) أَوَّلِ (الثَّانِي خَمْسَةً مُتَوَالِيَةً وَيَثْبُتُ انْتِقَالُ الْعَادَةِ بِمَرَّةٍ وَ) حِينَئِذٍ (إذَا انْطَبَقَ الدَّمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى أَوَّلِ الدَّوْرِ فَلَا إشْكَالَ) فِي أَنَّهُ ابْتِدَاءُ الْحَيْضِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ) بِتَقَدُّمٍ أَوْ تَأَخُّرٍ (جَعَلْنَا أَوَّلَ الدَّوْرِ أَقْرَبَ النَّوْبِ) أَيْ نَوْبِ الدَّمِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى أَوَّلِ دَوْرِهَا (فَإِنْ اسْتَوَيَا) تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا (فَالْمُتَأَخِّرَةُ) هِيَ أَوَّلُ الدَّوْرِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ نَوْبَةَ دَمٍ وَنَوْبَةَ نَقَاءٍ وَتَطْلُبَ عَدَدًا صَحِيحًا يَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِ مَجْمُوعِ النَّوْبَتَيْنِ فِيهِ مِقْدَارُ دَوْرِهَا فَإِنْ وَجَدْته عُلِمَ الِانْطِبَاقُ وَإِلَّا فَاضْرِبْهُ فِي عَدَدٍ يَكُونُ الْحَاصِلُ مِنْهُ أَقْرَبَ إلَى دَوْرِهَا أَيْ أَوَّلِهِ زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا وَاجْعَلْ حَيْضَهَا الثَّانِيَ أَقْرَبَ الدِّمَاءِ إلَى أَوَّلِ الدَّوْرِ فَإِنْ اسْتَوَى طَرَفَا الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فَالْعِبْرَةُ بِالزَّائِدِ (مِثَالُ ذَلِكَ) فِي الِانْطِبَاقِ عَادَتُهَا خَمْسَةٌ مِنْ ثَلَاثِينَ وَالتَّقَطُّعُ يَوْمٌ يَوْمٌ فَنَوْبَتَا الدَّمِ وَالنَّقَاءِ يَوْمَانِ وَتَجِدُ عَدَدًا إذَا ضَرَبَتْهُمَا فِيهِ يَبْلُغُ ثَلَاثِينَ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيُعْلَمُ انْطِبَاقُ الدَّمِ عَلَى أَوَّلِ دَوْرِهَا أَبَدًا مَا دَامَ التَّقَطُّعُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَدَوْرُهَا أَبَدًا ثَلَاثُونَ وَمِثَالُهُ فِي غَيْرِ الِانْطِبَاقِ مَعَ التَّسَاوِي (عَادَتُهَا الْعَشَرَةُ الْأُولَى مِنْ الشَّهْرِ فَرَأَتْهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَتَقَطَّعَ يَوْمَيْنِ يَوْمَيْنِ فَيَكُونُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي مِنْ الدَّوْرِ الثَّانِي نَقَاءً فَيَسْتَوِي ابْتِدَاءُ النَّوْبَتَيْنِ) أَيْ نَوْبَتَيْ الدَّمِ (فِي الْقُرْبِ مِنْ أَوَّلِ الدَّوْرِ وَقَدْ قُلْنَا أَنَّ) النَّوْبَةَ (الْمُتَأَخِّرَةَ أَوْلَى فَتَحَيُّضُهَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا مِنْ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ) لِأَنَّك لَمْ تَجِدْ عَدَدًا يَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِيهِ مِقْدَارُ الدَّوْرِ بَلْ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ وَهُوَ سَبْعَةٌ وَثَمَانِيَةٌ فَيَحْصُلُ بِالْأَوَّلِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَبِالثَّانِي اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ فَاسْتَوَى الطَّرَفَانِ فَخُذْ بِالزِّيَادَةِ (ثُمَّ فِي الدَّوْرِ الَّذِي يَلِيهِ تَحَيُّضُهَا مِنْ أَوَّلِ الثَّلَاثِينَ) لِانْطِبَاقِ الدَّمِ عَلَيْهِ لِأَنَّك إذَا ضَرَبْت الْأَرْبَعَةَ فِي سَبْعَةٍ حَصَلَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ آخِرُهَا الثَّلَاثُونَ (ثُمَّ) تَحَيُّضُهَا فِي (الَّذِي يَلِيهِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّهْرِ) فَدَوْرُ أَوَّلِ شَهْرِ الِاسْتِحَاضَةِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وَاَلَّذِي يَلِيهِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَاَلَّذِي يَلِيهِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ (وَهَكَذَا) وَمِثَالُهُ فِي غَيْرِ الِانْطِبَاقِ مَعَ عَدَمِ التَّسَاوِي مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ تَقَطَّعَ ثَلَاثَةً دَمًا وَأَرْبَعَةً نَقَاءً حَيَّضْنَاهَا مِنْ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الدَّوْرِ) لِأَنَّك إذَا ضَرَبْت مَجْمُوعَ النَّوْبَتَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ حَصَلَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَفِي خَمْسَةٍ حَصَلَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الدَّوْرِ فَخُذْ بِهِ (وَفِي) الدَّوْرِ (الَّذِي يَلِيهِ نُحَيِّضُهَا مِنْ الرَّابِعِ لَا مِنْ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى الدَّوْرِ لِأَنَّك إذَا ضَرَبْت مَجْمُوعَ النَّوْبَتَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ حَصَلَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ آخِرُهَا السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ وَفِي خَمْسَةٍ حَصَلَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ آخِرُهَا الثَّالِثُ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الدَّوْرِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَةَ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ أَوْلَى) لَا يَصْلُحُ تَعْلِيلًا لِجَمِيعِ ذَلِكَ بَلْ لِلْأُولَى مِنْهُ خَاصَّةً مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ فِيهِ وَقَدْ قُلْنَا أَنَّ الْمُتَأَخِّرَةَ أَوْلَى يُغْنِي عَنْهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِلْأَخِيرِ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُتَأَخِّرَةَ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ أَوْلَى فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ أَقْرَبَ (وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا سِتَّةً وَالتَّقَطُّعُ سِتَّةً سِتَّةً كَانَ حَيْضُهَا فِي الدَّوْرِ الثَّانِي السِّتَّةَ الثَّانِيَةَ) لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَةَ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ أَوْلَى كَمَا مَرَّ (ثُمَّ فِي الَّذِي يَلِيهِ السِّتَّةُ الْأُولَى) لِانْطِبَاقِهَا عَلَى أَوَّلِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً فَرَأَتْ فِي شَهْرٍ يَوْمًا دَمًا وَلَيْلَةً نَقَاءً وَاسْتَمَرَّ هَكَذَا فَلَا حَيْضَ لَهَا إذْ لَمْ يَكُنْ مَجْمُوعُ دَمِ الْعَادَةِ) أَيْ الدَّمِ الْوَاقِعِ فِيهَا (حَيْضًا) وَالتَّعْلِيلُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْأَوْلَى مَا عَلَّلَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا حَيْضٌ لَزِمَ كَوْنُ حَيْضِهَا أَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَدِّهَا أَوْ كَوْنُ النَّقَاءِ الَّذِي لَمْ يَحْتَوِشْ بِدَمَيْ الْحَيْضِ حَيْضًا وَكُلٌّ مُمْتَنِعٌ (وَلَوْ رَأَتْ يَوْمًا سَوَادًا وَيَوْمًا حُمْرَةً فَإِنْ انْقَطَعَ الْأَسْوَدُ لِخَمْسَةَ عَشَرَ فَكُلُّهَا حَيْضٌ) كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْجَمِيعُ فِيهَا (وَإِنْ اسْتَمَرَّ الْجَمِيعُ فَمُسْتَحَاضَةٌ) فَيَأْتِي فِيهَا أَحْوَالُهَا السَّابِقَةُ مِنْ أَنَّهَا مُبْتَدَأَةٌ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ أَوْ مُعْتَادَةٌ كَذَلِكَ مُتَحَيِّرَةٌ مُطْلَقَةٌ أَوْ مِنْ وَجْهٍ وَأَحْكَامُهَا كُلُّهَا عُرِفَتْ مِمَّا مَرَّ [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي النِّفَاسِ]   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَضَتْ مِنْهُ أَيَّامَ الدَّمِ) فَتَقْضِي مَنْ رُدَّتْ إلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ صَلَوَاتِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَهِيَ أَيَّامُ الدَّمِ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ الْمَرَدِّ وَصِيَامِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ وَهِيَ أَيَّامُ الدَّمِ كُلُّهَا (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي النِّفَاسِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 يُقَالُ فِي فِعْلِهِ نُفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَبِكَسْرِ الْفَاءِ فِيهِمَا وَالضَّمُّ أَفْصَحُ (وَهُوَ) لُغَةً الْوِلَادَةُ وَشَرْعًا (دَمُ الْوِلَادَةِ) (وَأَوَّلُ وَقْتِهِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ) وَقِيلَ أَقَلُّ الطُّهْرِ فَأَوَّلُهُ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ خُرُوجُهُ عَنْ الْوِلَادَةِ مِنْ الْخُرُوجِ لَا مِنْهَا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَمَوْضِعٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ عَكْسُ مَا صَحَّحَهُ فِي الْأَصْلِ وَمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنَّهُ إلَى الثَّانِي أَقْرَبُ وَقَضِيَّةُ الْأَخْذِ بِالْأَوَّلِ أَنَّ زَمَنَ النَّقَاءِ لَا يُحْسَبُ مِنْ السِّتِّينَ لَكِنْ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِهِ فَقَالَ ابْتِدَاءُ السِّتِّينَ مِنْ الْوِلَادَةِ وَزَمَنُ النَّقَاءِ لَا نِفَاسَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَحْسُوبًا مِنْ السِّتِّينَ وَلَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَ هَذَا انْتَهَى (وَإِنْ كَانَ) الْوَلَدُ (عَلَقَةً) أَوْ مُضْغَةً فَإِنَّ الدَّمَ الْخَارِجَ بَعْدَهُ نِفَاسٌ (وَأَقَلُّهُ لَحْظَةٌ وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا وَغَالِبُهُ أَرْبَعُونَ) يَوْمًا اعْتِبَارًا بِالْوُجُودِ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «كَانَتْ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ يَوْمًا» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ أَوْ عَلَى نِسْوَةٍ مَخْصُوصَاتٍ فَفِي رِوَايَةٍ «كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقْعُدُ فِي النِّفَاسِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» وَعَبَّرَ بَدَلَ اللَّحْظَةِ فِي التَّحْقِيقِ كَالتَّنْبِيهِ بِالْمَجَّةِ أَيْ الدَّفْعَةِ وَفِي الْأَصْلِ بِأَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ أَيْ لَا يَتَقَدَّرُ بَلْ مَا وُجِدَ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ يَكُونُ نِفَاسًا وَلَا يُوجَدُ أَقَلُّ مِنْ مَجَّةٍ وَيُعَبِّرُ عَنْ زَمَنِهَا بِاللَّحْظَةِ فَالْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَاتِ وَاحِدٌ (وَدَمُ الْحَامِلِ حَيْضٌ) إذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهُ (وَلَوْ تَعَقَّبَهُ الطَّلْقُ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ فَتَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُهُ (لَكِنْ لَا يُحَرِّمُ الطَّلَاقَ) لِانْتِفَاءِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ بِهِ (وَلَا تَقْضِي الْعِدَّةَ إنْ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْحَمْلِ) فِي انْقِضَائِهَا بِالْحَمْلِ بِأَنْ كَانَتْ لِصَاحِبِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بِأَنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًا كَأَنْ فَسَخَ نِكَاحَ صَبِيٍّ بِعَيْبِهِ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زِنًا أَوْ تَزَوَّجَ الرَّجُلُ حَامِلًا مِنْ زِنًا وَطَلَّقَهَا أَوْ فَسَخَ نِكَاحَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْحَيْضِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ زِنًا كَأَنْ طَلَّقَهَا حَامِلًا مِنْهُ فَوَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ خِلَافًا لِلْقَاضِي (وَ) الدَّمُ (الْخَارِجُ مَعَ الْوَلَدِ وَدَمُ الطَّلْقِ لَيْسَ) شَيْءٌ مِنْهُمَا (بِحَيْضٍ) لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ الْوِلَادَةِ (وَلَا نِفَاسَ) لِتَقَدُّمِهِ عَلَى خُرُوجِ الْوَلَدِ بَلْ دَمُ فَسَادٍ نَعَمْ الْمُتَّصِلُ مِنْ ذَلِكَ بِحَيْضِهَا الْمُتَقَدِّمِ حَيْضٌ (وَالدَّمُ) الْخَارِجُ (بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ حَيْضٌ كَمَا) أَيْ كَالْخَارِجِ (بَعْدَ عُضْوٍ انْفَصَلَ) مِنْ الْوَلَدِ الْمُجْتَنِّ لِخُرُوجِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الرَّحِمِ [فَصْل جَاوَزَ دَمُ النُّفَسَاءِ السِّتِّينَ] (فَصْلٌ فَإِنْ جَاوَزَ) دَمُ النُّفَسَاءِ (السِّتِّينَ جَرَتْ عَلَى عَادَتِهَا فِي النِّفَاسِ) إنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً فِيهِ (وَيُفْرَضُ ذَلِكَ) أَيْ الْخَارِجُ فِي عَادَتِهَا (حَيْضَةٌ ثُمَّ تَمْكُثُ) بَعْدَهُ إنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً فِي الْحَيْضِ (قَدْرَ طُهْرِهَا مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْحَيْضَةِ (فِي الْعَادَةِ) فِي الطُّهْرِ (ثُمَّ تَحَيُّضُهَا كَالْعَادَةِ) فِي الْحَيْضِ (فَإِذَا تَعَوَّدَتْ النِّفَاسَ) بِأَنْ سَبَقَ لَهَا فِيهِ عَادَةٌ (دُونَ الْحَيْضِ) بِأَنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً فِيهِ (جَعَلْنَا طُهْرَهَا بَعْدَ عَادَةِ النِّفَاسِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَحَيَّضْنَاهَا) بَعْدَهُ (يَوْمًا وَلَيْلَةً وَاسْتَمَرَّتْ وَهَكَذَا مُبْتَدَأَةٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ (إلَّا أَنَّ هَذِهِ) أَيْ الْمُبْتَدَأَةَ فِيهِمَا (نِفَاسُهَا لَحْظَةٌ) وَهُوَ الْأَقَلُّ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (وَكَذَا مَنْ وَلَدَتْ مِرَارًا وَلَمْ تَرَ نِفَاسًا) نِفَاسُهَا فِيمَا ذَكَرَ لَحْظَةٌ (إلَّا أَنَّهَا تُرَدُّ إلَى عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ) إنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً فِيهِمَا (وَالْمُمَيِّزَةُ فِي النِّفَاسِ تُرَدُّ إلَى) الدَّمِ (الْقَوِيِّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى سِتِّينَ) وَأَمَّا أَقَلُّهُ وَأَقَلُّ الضَّعِيفِ فَلَا ضَبْطَ لَهُمَا (وَلَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا وَلَمْ) تَرَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ دَمًا وَلَبِثَتْ طَاهِرَةً خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ بِمَعْنَى أَوْ لَمْ (تَرَ) بَعْدَ الْوِلَادَةِ (دَمًا وَلَبِثَتْ طَاهِرَةً خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) فَأَكْثَرَ (ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ حَكَمْنَا بِهِ حَيْضًا وَلَوْ كَانَ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ) لِتَخَلُّلِ طُهْرٍ صَحِيحٍ وَلَوْ حَكَمْنَا بِهِ نِفَاسًا لَكَانَ الْمُتَخَلِّلُ نِفَاسًا بِالسَّحْبِ بِلَا ضَرُورَةٍ (وَإِنْ لَبِثَتْ طَاهِرَةً أَقَلَّ) مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ (فَهُوَ نِفَاسٌ) كَمَا فِي الْحَيْضِ (وَإِنْ نَقَصَ) الدَّمُ الْعَائِدُ فِي الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ (عَنْ) أَقَلِّ (الْحَيْضِ فَدَمٌ فَسَادٌ) لَا حَيْضٌ لِنَقْصِهِ عَنْ أَقَلِّهِ وَلَا نِفَاسٌ لِقَطْعِ الطُّهْرِ حُكْمَهُ (أَوْ جَاوَزَ) الْعَائِدُ (الْأَكْثَرَ) أَيْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ (فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تُرَدُّ إلَى مَرَدِّهَا) مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ عَادَةٍ أَوْ تَمْيِيزٍ (وَلَوْ نَسِيَتْ الْعَادَةَ مِنْ النِّفَاسِ احْتَاطَتْ) أَبَدًا (سَوَاءٌ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً فِي الْحَيْضِ أَوْ مُعْتَادَةً) فِيهِ (فَإِنْ ذَكَرَتْ عَادَةَ الْحَيْضِ) قَدْرًا فَقَطْ (فَكَالنَّاسِيَةِ لِوَقْتِهِ)   [حاشية الرملي الكبير] [أَوَّل وَقْت النِّفَاس] قَوْلُهُ مِنْ الْخُرُوجِ لَا مِنْهَا) فَالْأَرْجَحُ الْأَوَّلُ إذْ يَلْزَمُ عَلَى الثَّانِي جَعْلُ النَّقَاءِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْهُ دَمٌ نِفَاسًا قَالَ شَيْخُنَا وَفَائِدَةُ ذَلِكَ تَظْهَرُ فَفِي النَّقَاءِ السَّابِقِ يَجِبُ قَضَاءُ صَلَوَاتِهِ عَلَى هَذَا وَعَلَى مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ رَأَتْ عَشَرَةً نَقَاءً وَوَاحِدًا وَخَمْسِينَ دَمًا فَالْيَوْمُ الزَّائِدُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ لَيْسَ بِنِفَاسٍ (قَوْلُهُ إنَّ زَمَنَ النَّقَاءِ لَا يُحْسَبُ مِنْ السِّتِّينَ) لَوْ لَمْ تَرَ نِفَاسًا فَهَلْ يُبَاحُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ بِشَرْطِهِ احْتَمَلَ أَنْ يُبْنَى عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ أَوَّلًا إنْ قِيلَ لَا حِلَّ وَإِلَّا بَنَى عَلَى مَا عَلَّلَ بِهِ وُجُوبَ الْغُسْلِ إنْ قِيلَ وَجَبَ لِأَنَّهُ مِنِّي مُنْعَقِدٌ وَهُوَ الْأَشْهَرُ حَلَّ أَيْضًا وَإِنْ قِيلَ لَا يَخْلُو عَنْ دَمٍ وَإِنْ قَلَّ فَلَا يَحِلُّ ع (قَوْلُهُ أَوْ مُضْغَةً) قَالَ الْقَوَابِلُ إنَّهَا مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ [مُدَّة النِّفَاس] (قَوْلُهُ وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا) أَبْدَى الْأُسْتَاذُ أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ لِذَلِكَ مَعْنًى لَطِيفًا دَقِيقًا وَهُوَ أَنَّ الْمَنِيَّ يَمْكُثُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَى حَالَتِهِ مَنِيًّا ثُمَّ مِثْلَهَا عَلَقَةً ثُمَّ مِثْلَهَا مُضْغَةً ثُمَّ تُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَالْوَلَدُ يَتَغَذَّى بِدَمِ الْحَيْضِ حِينَئِذٍ فَلَا يَجْتَمِعُ مِنْ حِينِ النَّفْخِ لِكَوْنِهِ غِذَاءً لِلْوَلَدِ وَإِنَّمَا يَجْتَمِعُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَهُ وَمَجْمُوعُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَأَكْثَرُهَا الْحَيْضُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ أَكْثَرُ النِّفَاسِ سِتِّينَ (قَوْلُهُ وَدَمُ الْحَامِلِ حَيْضٌ) وَإِنَّمَا حَكَمَ الشَّارِعُ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ فَإِنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ نَادِرٌ فَإِذَا حَاضَتْ حَصَلَ ظَنُّ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَاكْتَفَيْنَا بِهِ فَإِنْ بَانَ خِلَافُهُ عَلَى النُّدُورِ عَمِلْنَا بِمَا بَانَ (قَوْلُهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ) كَخَبَرِ دَمُ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ وَلِأَنَّهُ دَمٌ لَا يَمْنَعُهُ الرَّضَاعُ بَلْ إذَا وُجِدَ مَعَهُ حُكِمَ بِكَوْنِهِ حَيْضًا وَإِنْ نَدَرَ فَكَذَا لَا يَمْنَعُهُ الْحَمْلُ وَإِنَّمَا حَكَمَ الشَّرْعُ إبْرَاءَةِ الرَّحِمِ بِهِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ نَعَمْ الْمُتَّصِلُ مِنْ ذَلِكَ بِحَيْضِهَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَعَلَى غَيْرِ هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ كَثِيرٍ إنَّ الدَّمَ الْخَارِجَ عِنْدَ الطَّلْقِ لَيْسَ بِحَيْضٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 دُونَ قَدْرِهِ (وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ) (وَإِنْ تَطَهَّرَتْ) بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا (وَلَمْ تَأْمَنْ الْعَوْدَ سُنَّ) لِلزَّوْجِ (أَنْ لَا يَطَأَهَا) احْتِيَاطًا فَإِنْ وَطِئَهَا لَمْ يُكْرَهْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ [كِتَابُ الصَّلَاةِ وَفِيهِ سَبْعَة أَبْوَاب] (كِتَابُ الصَّلَاةِ) هِيَ لُغَةً الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ قَالَ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أَيْ اُدْعُ لَهُمْ وَشَرْعًا أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة: 43] أَيْ حَافِظُوا عَلَيْهَا دَائِمًا بِإِكْمَالِ وَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا، وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ خَمْسِينَ صَلَاةً فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ وَأَسْأَلُهُ التَّخْفِيفَ حَتَّى جَعَلَهَا خَمْسًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» (وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي الْمَوَاقِيتِ) صَدَّرَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ كِتَابَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ أَهَمَّهَا الْخَمْسُ وَأَهَمُّ شُرُوطِهَا مَوَاقِيتُهَا إذْ بِدُخُولِهَا تَجِبُ وَبِخُرُوجِهَا تَفُوتُ وَالْأَصْلُ فِيهَا آيَةُ {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: 17] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَرَادَ بِحِينِ تُمْسُونَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَبِحِينِ تُصْبِحُونَ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَبِعَشِيًّا صَلَاةَ الْعَصْرِ وَبِحِينِ تُظْهِرُونَ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَخَبَرُ «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَكَانَ الْفَيْءُ قَدْرَ الشِّرَاكِ وَالْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ أَيْ الشَّيْءِ مِثْلَهُ وَالْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ أَيْ دَخَلَ وَقْتُ إفْطَارِهِ وَالْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ وَالْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ وَالْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ وَالْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَالْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَالْفَجْرَ فَأَسْفَرَ وَقَالَ هَذَا وَقْتُك وَوَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِك وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ «صَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ» أَيْ فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ كَمَا شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَئِذٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَافِيًا بِهِ اشْتِرَاكَهُمَا فِي وَقْتٍ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ «وَقْتُ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ» (وَأَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ زَوَالُ الظِّلِّ) يَعْنِي زِيَادَتَهُ بَعْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ أَيْ انْتِهَائِهَا إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ (أَوْ حُدُوثُهُ) بَعْدَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ ظِلٌّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ كَمَكَّةَ وَصَنْعَاءِ الْيَمَنِ فِي أَطْوَلِ أَيَّامِ السَّنَةِ وَحُكِيَ مَعَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّاسِبِيِّ   [حاشية الرملي الكبير] (كِتَابُ الصَّلَاةِ) . (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ) أَيْ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ وَكَتَبَ أَيْضًا اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَنْوَاعِ الصَّلَاةِ وَغَيْرُ جَامِعٍ أَيْضًا لِخُرُوجِ صَلَاةِ الْأَخْرَسِ فَإِنَّهَا صَلَاةٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَا أَقْوَالَ فِيهَا فس قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْإِيرَادَ الْأَوَّلَ هَذَا اعْتِرَاضٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِالْأَفْعَالِ مُخْرِجٌ لِذَلِكَ فَإِنَّ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ فِعْلٌ وَاحِدٌ مُفْتَتَحٌ بِتَكْبِيرٍ مُخْتَتَمٌ بِتَسْلِيمٍ وَغَيْرُهُمَا أَفْعَالٌ وَأَيْضًا فَالتَّعْبِيرُ بِالْأَقْوَالِ مُخْرِجٌ لَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ قَالَ «فَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي» إلَخْ) وَكَانَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ الَّتِي فُرِضَ فِيهَا الْخَمْسُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ كَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَقِيلَ بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ ج وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ وَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ أَوْ وَثَلَاثَةٍ أَوْ قَبْلَهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ وَقَالَ الْحَرْبِيُّ فِي سَابِعَ عَشَرَيْ رَبِيعٍ الْآخَرِ وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ رَبِيعَ الْأَوَّلَ وَقِيلَ سَابِعَ عَشَرَيْ رَجَبٍ وَاخْتَارَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سُرُورٍ الْمَقْدِسِيَّ (فَرْعٌ) سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ إبْلِيسَ وَجُنُودِهِ هَلْ يُصَلُّوا وَيَقْرَؤُنَّ الْقُرْآنَ لِيَغُرَّ الْعَالِمَ الزَّاهِدَ مِنْ الطَّرِيقِ الَّذِي يَسْلُكُهَا فَأَجَابَ بِأَنَّ ظَاهِرَ النُّقُولِ يَنْفِي قِرَاءَتَهُمْ الْقُرْآنَ وُقُوعًا وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ الصَّلَاةِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا الْفَاتِحَةُ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ يُعْطُوا فَضِيلَةَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَهِيَ حَرِيصَةٌ لِذَلِكَ عَلَى اسْتِمَاعِهِ مِنْ الْإِنْسِ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ كَرَامَةٌ أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا الْأُنْسَ غَيْرَ أَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْجِنِّ يَقْرَؤُنَهُ انْتَهَى رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا «أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَامَ يُصَلِّي أَتَى بِذُنُوبِهِ فَوَضَعَتْ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَاتِقِهِ فَكُلَّمَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ تَسَاقَطَتْ عَنْهُ» [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ] إذْ بِدُخُولِهَا (قَوْلُهُ آيَةُ {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: 17] إلَخْ) وَقَوْلُهُ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} [ق: 40] أَرَادَ بِالْأَوَّلِ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَبِالثَّانِي صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبِالثَّالِثِ صَلَاتَيْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَفِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ لِلرَّافِعِيِّ أَنَّ الصُّبْحَ صَلَاةُ آدَمَ وَالظُّهْرَ لِدَاوُدَ وَالْعَصْرَ لِسُلَيْمَانَ وَالْمَغْرِبَ لِيَعْقُوبَ وَالْعِشَاءَ لِيُونُسَ وَأَوْرَدَ فِيهِ خَبَرًا (قَوْلُهُ قَدْرَ الشِّرَاكِ) الشِّرَاكُ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ وَالظِّلُّ فِي اللُّغَةِ هُوَ السِّتْرُ تَقُولُ أَنَا فِي ظِلِّك وَفِي ظِلِّ اللَّيْلِ وَالشَّاخِصُ قَدْ سَتَرَ شَيْئًا مِنْ الشَّمْسِ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ ظِلًّا وَهُوَ يَكُونُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَخْ وَالْفَيْءُ يَخْتَصُّ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ ج [أَوَّل وَقْت الظُّهْر] (قَوْلُهُ وَأَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ) بَدَأَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَدَأَ فِي الْقَدِيمِ بِالصُّبْحِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ الْيَوْمِ فَإِنْ قِيلَ إيجَابُ الْخَمْسِ كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أَسْرَى فِيهَا وَأَوَّلُ صَلَاةٍ تَحْضُرُ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ الصُّبْحُ فَلِمَ لَمْ يَبْدَأْ بِهَا جِبْرِيلُ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حَصَلَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ أَوَّلَ وُجُوبِ الْخَمْسِ مِنْ الظُّهْرِ كَذَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى بَيَانِهَا وَلَمْ يَتَبَيَّنْ إلَّا عِنْدَ الظُّهْرِ ح (قَوْلُهُ زَوَالُ الظِّلِّ) وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ فِعْلِ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا مَصِيرَ الْفَيْءِ مِثْلَ الشِّرَاكِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّتُنَا وَدَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ وَأَمَّا خَبَرُ جِبْرِيلَ السَّابِقُ فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ كَانَ الْفَيْءُ حِينَئِذٍ مِثْلَ الشِّرَاكِ لَا أَنَّهُ أَخَّرَ إلَى أَنْ صَارَ مِثْلَ الشِّرَاكِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ش وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُرَادُ بِالزَّوَالِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُوَ مَا يَظْهَرُ لَنَا لَا الزَّوَالُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَوْ شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ قَبْلَ ظُهُورِ الزَّوَالِ ثُمَّ ظَهَرَ أَيْ الزَّوَالُ عَقِبَ التَّكْبِيرِ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَصِحَّ الظُّهْرُ وَإِنْ كَانَ التَّكْبِيرُ حَاصِلًا بَعْدَ الزَّوَالِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الصُّبْحِ أَيْضًا ج (قَوْلُهُ زَوَالُ الظِّلِّ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ زِيَادَةٌ (قَوْلُهُ فِي أَطْوَلِ أَيَّامِ السَّنَةِ) هُوَ سَابِعَ عَشَرَ حُزَيْرَانَ س الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 أَنَّهُ يَكُونُ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَطْوَلِ يَوْمٍ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْدَهُ كَذَلِكَ وَاعْتَرَضَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الْمَحْكِيَّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ يَكُونُ فِي يَوْمَيْنِ قَبْلَ أَطْوَلِ يَوْمٍ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَبَعْدَهُ كَذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَكُونُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّهُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ (وَسَائِرُ) أَيْ جَمِيعُ (وَقْتِهِ) أَيْ الظُّهْرِ (اخْتِيَارٌ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ غَيْرَ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ) أَيْ الظِّلِّ الْمَوْجُودِ عِنْدَهُ ن كَانَ ظِلٌّ وَاعْتَبِرْ الْمِثْلَ بِقَامَتِك أَوْ غَيْرِهَا قَالَ الْعُلَمَاءُ وَقَامَةُ الْإِنْسَانِ سِتَّةُ أَقْدَامٍ وَنِصْفٌ بِقَدَمِ نَفْسِهِ وَمَا ذَكَرَهُ كَالرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الْجَمِيعَ وَقْتُ اخْتِيَارٍ صَحِيحٌ وَتَحْرِيرُهُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ حَيْثُ قَالَ قَالَ الْأَكْثَرُونَ وَلِلظُّهْرِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُهُ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى آخِرِهِ وَوَقْتُ عُذْرِ وَقْتِ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَقَالَ الْقَاضِي لَهَا أَرْبَعَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُهُ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَ رُبُعِهِ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِهِ وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَى آخِرِهِ وَوَقْتُ عُذْرِ وَقْتِ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَلَهَا أَيْضًا وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَسَيَأْتِي وَوَقْتُ حُرْمَةٍ وَهُوَ آخِرُ وَقْتِهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا وَلَا عُذْرَ وَيَجْرِيَانِ فِي سَائِرِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ (ثُمَّ) بَعْدَ مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ غَيْرَ مَا ذَكَرَ (يَدْخُلُ الْعَصْرُ) أَيْ وَقْتُهُ (لَا بِحُدُوثِ زِيَادَةٍ) فَاصِلَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَإِذَا جَاوَزَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ بِأَقَلِّ زِيَادَةٍ فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِذَلِكَ بَلْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ لَا يَكَادُ يُعْرَفُ إلَّا بِهَا وَهِيَ مِنْهُ (وَيَمْتَدُّ إلَى الْغُرُوبِ) لِخَبَرِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ مَعَ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» وَقَوْلُهُ فِي خَبَرِ جِبْرِيلَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَإِلَى الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ وَالْوَقْتِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَقَوْلُهُ لَا بِحُدُوثِ زِيَادَةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَالِاخْتِيَارُ) أَيْ وَقْتُهُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ يَمْتَدُّ (إلَى مَصِيرِ الظِّلِّ) لِلشَّيْءِ (مِثْلَيْهِ) غَيْرَ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ [أَوَّل وَقْت الْمَغْرِب] (وَالْمَغْرِبُ) أَيْ وَقْتُهُ (بِسُقُوطِ قُرْصِ الشَّمْسِ وَإِنْ بَقِيَ الشُّعَاعُ) فِي الصَّحَارِي وَهُوَ الضَّوْءُ الْمُسْتَعْلَى كَالْمُتَّصِلِ بِالْقُرْصِ (وَذَهَابُهُ) عَنْ أَعْلَى الْحِيطَانِ وَالْجِبَالِ (دَلِيلٌ) لِسُقُوطِ الْقُرْصِ (فِي الْعُمْرَانِ) وَالْجِبَالِ (وَيَبْقَى) وَقْتُ الْمَغْرِبِ (قَدْرَ) زَمَنِ (أَذَانَيْنِ) أَيْ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ (وَخَمْسِ رَكَعَاتٍ وَسَطًا) كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ وَاعْتَبَرَ الْقَفَّالُ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ الْوَسَطَ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْحَرَكَاتِ وَالْجِسْمِ وَالْقِرَاءَةِ خِفَّةً وَثِقَلًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ حَسَنٌ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ شَرْحًا لِكَلَامِ غَيْرِهِ فَلْيُحْمَلْ عَلَيْهِ (بِشُرُوطِهَا) أَيْ مَعَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ (كَالطَّلَبِ الْخَفِيفِ) فِي التَّيَمُّمِ (وَالْوُضُوءِ) وَالْغُسْلِ (وَ) مَعَ (السُّنَنِ) الْمَطْلُوبَةِ لَهَا وَلِشُرُوطِهَا كَتَعَمُّمٍ وَتَقَمُّصٍ وَتَثْلِيثٍ (بِلَا إزْعَاجٍ) أَيْ إسْرَاعٍ (وَبِكَسْرٍ) أَيْ وَمَعَ كَسْرِ حِدَّةِ (جُوعٍ بِلُقَمٍ) وَصَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الشِّبَعُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا قَدِمَ الْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا الْمَغْرِبَ وَلَا تُعَجِّلُوا عَنْ عِشَائِكُمْ» . وَإِنَّمَا كَانَ وَقْتُهَا مَا ذَكَرَ لِأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّاهَا فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَلِلْحَاجَةِ إلَى فِعْلِ مَا ذَكَرَ مَعَهَا اعْتَبَرَ قَدْرَ زَمَنِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقِيَاسُ اسْتِحْبَابِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَهَا اعْتِبَارُ سَبْعِ رَكَعَاتٍ وَقَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ اسْتِحْبَابَهُمَا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالطَّلَبِ الْخَفِيفِ مَعَ قَوْلِهِ وَالسُّنَنِ بِلَا إزْعَاجٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا فَلَهُ مَدُّهَا) بِالتَّطْوِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهَا (إلَى) دُخُولِ وَقْتِ (الْعِشَاءِ) كَغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا ضَيِّقًا «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِيهَا بِالْأَعْرَافِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَفِي الْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ وَقِرَاءَتُهُ لَهَا تَقْرُبُ مِنْ مَغِيبِ الشَّفَقِ لِتَدَبُّرِهِ لَهَا (وَالْقَدِيمُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ) فِي   [حاشية الرملي الكبير] [أَوَّل وَقْت الْعَصْر] قَوْلُهُ وَيَبْقَى قَدْرُ أَذَانَيْنِ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ تَقْدِيمًا جَائِزٌ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْجَمْعِ أَنْ يَقَعَ أَدَاءُ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرْتُمْ قُلْنَا لَا يَلْزَمُ فَإِنَّ الْوَقْتَ الْمَذْكُورَ يَسَعُ الصَّلَاتَيْنِ خُصُوصًا إذَا كَانَتْ الشَّرَائِطُ عِنْدَ الْوَقْتِ مُجْتَمِعَةً فَإِنْ فَرَضْنَا ضِيقَهُ عَنْهُمَا لِأَجْلِ اشْتِغَالِهِ بِالْأَسْبَابِ امْتَنَعَ الْجَمْعُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَهُوَ وُقُوعُ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا وَأَجَابَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْجَمْعِ مَا ذَكَرْتُمْ بَلْ شَرْطُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِهَا ثُمَّ تُوجَدُ الْأُخْرَى عَقِبَهَا وَهَذَا الْجَوَابُ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنَّهُ نَظِيرُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ بِحَيْثُ وَقَعَتْ الظُّهْرُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَالْعَصْرُ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَأَجَابَ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ الصَّلَاتَيْنِ حَالَةُ الْجَمْعِ كَالصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ وَسَيَأْتِيك أَنَّ الْمَغْرِبَ يَجُوزُ اسْتِدَامَتُهَا فَكَذَلِكَ مَا جُعِلَ فِي مَعْنَاهَا وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ مَنْقُوضٌ بِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ ح. (قَوْلُهُ وَاعْتَبَرَ الْقَفَّالُ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ الْوَسَطَ إلَخْ) مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ حَسَنٌ إلَّا أَنَّهُ يَعْسُرُ ضَبْطُهُ ت (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ حَسَنٌ إلَخْ) تَعَجَّبَ مِنْهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ إنَّهُ وَجْهٌ آخَرُ مُغَايِرٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَالْغُسْلِ) أَيْ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَتَحَفُّظِ دَائِمِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الشِّبَعُ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ إذْ لَيْسَ لَنَا وَجْهٌ يُوَافِقُهُ وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ مِنْ الدَّلِيلِ لَا يَدُلُّ لَهُ بَلْ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى امْتِدَادِ الْوَقْتِ وَهُوَ إنَّمَا يُفَرَّعُ عَلَى قَوْلِ التَّضْيِيقِ وَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ عَشَاءَهُمْ كَانَ شُرْبَ اللَّبَنِ أَوْ التَّمَرَاتِ الْيَسِيرَةَ وَذَلِكَ فِي مَعْنَى اللُّقَمِ لِغَيْرِهِمْ وَهُوَ حَسَنٌ وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ يَسْتَوْفِي الْعَشَاءَ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى قَوْمٍ يَقْتَصِرُونَ فِي الْعَشَاءِ عَلَى التَّمَرَاتِ أَوْ شَرْبَةِ سَوِيقٍ فَأَمَّا مَنْ خَالَفَهُمْ فِي الْمَأْكَلِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ وَتَقْدِيمُ الْعَشَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَهِمًا شَرِهًا فَلْيَتَنَاوَلْ الْيَسِيرَ مِنْ السَّوِيقِ وَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ قَدْرَ مَا يُسَكِّنُ النَّفْسَ لَا أَنْ تُوضَعَ الْأَلْوَانُ الْكَثِيرَةُ حَتَّى يَتَضَلَّعَ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ إنَّهُ يَأْكُلُ إلَى أَنْ يَشْبَعَ مُرَادُهُ الشِّبَعُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ وَعَلَيْهِ حَمَلَ الْأَصْحَابُ الْحَدِيثَ. (قَوْلُهُ فَلَهُ مَدُّهَا إلَى الْعِشَاءِ) وَلَوْ مَدَّهَا إلَى مَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ كَانَ كَمَا لَوْ مَدَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَالصَّوَابُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَظْهَرُ فِي الْمِنْهَاجِ وَالصَّحِيحُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ (امْتِدَادُهُ) أَيْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ (إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَلْ هُوَ الْجَدِيدُ أَيْضًا لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ فِي الْإِمْلَاءِ وَهُوَ مِنْ الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ عَلَى ثُبُوتِ الْحَدِيثِ فِيهِ وَقَدْ ثَبَتَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ فِي مُسْلِمٍ مِنْهَا حَدِيثُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ وَأَمَّا حَدِيثُ صَلَاةِ جِبْرِيلَ فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَأَيْضًا أَحَادِيثُ مُسْلِمٍ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ بِمَكَّةَ وَلِأَنَّهَا أَكْثَرُ رُوَاةً وَأَصَحُّ إسْنَادًا مِنْهُ قَالَ وَعَلَى هَذَا لِلْمَغْرِبِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ أَوَّلُ الْوَقْتِ وَوَقْتُ جَوَازٍ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ وَوَقْتُ عُذْرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَهَا وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ وَوَقْتُ عُذْرٍ (وَذَلِكَ) أَيْ مَغِيبُ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ لَا مَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَصْفَرِ ثُمَّ الْأَبْيَضِ (أَوَّلُ) وَقْتِ (الْعِشَاءِ وَمَنْ لَا عِشَاءَ لَهُمْ) بِأَنْ يَكُونَ بِنَوَاحٍ لَا يَغِيبُ فِيهَا شَفَقُهُمْ (يُقَدِّرُونَ) قَدْرَ مَا يَغِيبُ فِيهِ الشَّفَقُ (بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ) إلَيْهِمْ كَعَادِمِ الْقُوتِ الْمُجْزِئِ فِي الْفِطْرَةِ بِبَلَدِهِ (وَالِاخْتِيَارُ) أَيْ وَقْتُهُ يَمْتَدُّ (إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ) لِخَبَرِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ (وَالْجَوَازُ) أَيْ وَقْتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ يَمْتَدُّ (إلَى الْفَجْرِ الصَّادِقِ) لِخَبَرِ جِبْرِيلَ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الْأُخْرَى» ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي امْتِدَادَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْأُخْرَى مِنْ الْخَمْسِ أَيْ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ لِمَا سَيَجِيءُ فِي وَقْتِهَا وَخَرَجَ بِالصَّادِقِ الْكَاذِبُ وَهُوَ مَا يَطْلُعُ مُسْتَطِيلًا بِأَعْلَاهُ ضَوْءٌ كَذَنَبِ السِّرْحَانِ وَهُوَ الذَّنَبُ ثُمَّ يَذْهَبُ وَتَعْقُبُهُ ظُلْمَةٌ ثُمَّ يَطْلُعُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ مُسْتَطِيرًا بِالرَّاءِ أَيْ مُنْتَشِرًا وَسُمِّيَ الْأَوَّلُ كَاذِبًا لِأَنَّهُ يُضِيءُ ثُمَّ يَسْوَدُّ وَيَذْهَبُ وَالثَّانِي صَادِقًا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَنْ الصُّبْحِ وَيُبَيِّنُهُ وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ لِلْعِشَاءِ أَرْبَعَةَ أَوْقَاتٍ الْوَقْتَانِ الْمَذْكُورَانِ وَوَقْتُ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَوَقْتِ عُذْرِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ لِمَنْ يَجْمَعُ (وَهُوَ) أَيْ الْفَجْرُ الصَّادِقُ (أَوَّلُ) وَقْتِ (الصُّبْحِ) وَيَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ» (وَالِاخْتِيَارُ) أَيْ وَقْتُهُ يَمْتَدُّ (إلَى الْأَسْفَارِ) أَيْ الْإِضَاءَةِ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ (فَلَهُ) الْأُولَى وَلَهُ (وَلِلْعَصْرِ أَرْبَعَةُ أَوْقَاتٍ الْفَضِيلَةُ وَهِيَ أَوَّلُهُ ثُمَّ الِاخْتِيَارُ) إلَى الْأَسْفَارِ فِي الصُّبْحِ وَإِلَى مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ فِي الْعَصْرِ كَمَا مَرَّ (ثُمَّ الْجَوَازُ) بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى الْحُمْرَةِ الَّتِي قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالصُّفْرَةِ الَّتِي قَبْلَ غُرُوبِهَا (ثُمَّ الْكَرَاهَةُ) أَيْ ثُمَّ الْجَوَازُ بِالْكَرَاهَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلَّا قَلِيلًا» . (وَهِيَ) أَيْ الْكَرَاهَةُ أَيْ وَقْتُهَا (وَقْتُ الِاصْفِرَارِ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ وَقْتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِالِاصْفِرَارِ تَغْلِيبٌ فَإِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصُّبْحِ احْمِرَارٌ لَا اصْفِرَارٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدَّجَّالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَيَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا اُقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» فَيُسْتَثْنَى هَذَا الْيَوْمُ مِمَّا ذَكَرَ فِي الْمَوَاقِيتِ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُقَاسُ بِهِ الْيَوْمَانِ التَّالِيَانِ لَهُ وَلِلْعَصْرِ وَقْتُ عُذْرٍ وَهُوَ وَقْتُ الظُّهْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ (وَصَلَاةُ الصُّبْحِ نَهَارِيَّةٌ) لِآيَةِ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ} [البقرة: 187] وَلِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ (وَهِيَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ) وَالْأَصْحَابِ الصَّلَاةُ (الْوُسْطَى) لِآيَةِ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] إذْ لَا قُنُوتَ إلَّا فِي الصُّبْحِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «قَالَتْ عَائِشَةُ لِمَنْ يَكْتُبُ لَهَا مُصْحَفًا   [حاشية الرملي الكبير] غَيْرَهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَهَا وَقْتُ فَضِيلَةٍ إلَخْ) قَالَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَاحِدٌ هُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُحَقِّقُونَ ش [أَوَّل وَقْت الْعِشَاء] (قَوْلُهُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ) وَفِي قَوْلٍ إلَى نِصْفِهِ قُلْت وَأَغْرَبُ فَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَنَسَبَهُ الْعِرَاقِيُّونَ إلَى الْقَدِيمِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ انْتَهَى ت (قَوْلُهُ أَيْ وَقْتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ إلَخْ) وَقْتُ الْكَرَاهَةِ مَا بَيْنَ الْفَجْرَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ ج (قَوْلُهُ وَسُمِّيَ الْأَوَّلُ كَاذِبًا إلَخْ) قَدْ يُطْلَقُ الْكَذِبُ عَلَى مَا لَا يَعْقِلُ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيك لِمَا أَوْهَمَهُ مِنْ عَدَمِ حُصُولِ الشِّفَاءِ بِشُرْبِ الْعَسَلِ [أَوَّل وَقْت الْفَجْر] (قَوْلُهُ وَيَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ) قَدْ اعْتَبَرَ الْأَصْحَابُ فِي هَذَا الْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالطُّلُوعِ بَعْضَ الشَّمْسِ وَفِي الْمُتَعَلِّقِ بِالْغُرُوبِ جَمِيعَهَا حَتَّى يَحْكُمَ بِخُرُوجِ وَقْتِ الصُّبْحِ بِطُلُوعِ الْبَعْضِ وَلَا يَحْكُمَ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْعَصْرِ بِغَيْبُوبَةِ الْبَعْضِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ غَيْبُوبَةِ الْجَمِيعِ وَالْفَرْقُ تَنْزِيلُ رُؤْيَةِ الْبَعْضِ مَنْزِلَةَ رَوِيَّةِ الْجَمِيعِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَإِنْ شِئْت قُلْ رَاعَيْنَا اسْمَ النَّهَارِ بِوُجُودِ الْبَعْضِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ كَثِيرُونَ مِنْ اللُّغَوِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ إنَّ النَّهَارَ أَوَّلُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ ج (قَوْلُهُ إلَى الْأَسْفَارِ) قَالَ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى حَدُّ الْأَسْفَارِ هُوَ أَنْ يَرَى شَخْصًا مِنْ مَوْضِعٍ كَانَ لَا يَرَاهُ مِنْهُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي (قَوْلُهُ الْفَضِيلَةُ وَهِيَ أَوَّلُهُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَقْتُ فَضِيلَةِ الْعَصْرِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ وَنِصْفَ مِثْلِهِ ش (قَوْلُهُ قَالَ لَا أَقْدِرُوا لَهُ قَدْرَهُ) هَذَا الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ لَا يَخْفَى مَجِيئُهُ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَيَّامِ كَإِقَامَةِ الْأَعْيَادِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَمَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَأَيَّامِ مِنًى وَمُدَّةِ الْآجَالِ كَالسَّلَمِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِيلَاءِ وَالْعُنَّةِ وَالْعِدَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَيَّامَ مُخْتَلِفَةٌ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ بِاعْتِبَارِ الْفُصُولِ فَيُنْظَرُ إلَى الْفَصْلِ الَّذِي وَقَعَ ذَلِكَ عَقِبَهُ ثُمَّ تُوَزَّعُ الْأَوْقَاتُ عَلَى نِسْبَةِ الْأَيَّامِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ وَلِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ) وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ تَنَاوُلِ الْمُفْطِرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ ش. (قَوْلُهُ إذْ لَا قُنُوتَ إلَّا فِي الصُّبْحِ) أَوْ إنَّ الْقُنُوتَ طُولُ الْقِيَامِ وَهِيَ أَطْوَلُ الصَّلَوَاتِ قِيَامًا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] فَبَيَّنَ فَضْلَهَا وَلِأَنَّهَا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ لَيْلِيَّتَيْنِ وَصَلَاتَيْنِ نَهَارِيَّتَيْنِ تُجْمَعَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 اُكْتُبْ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ قَالَتْ سَمِعْتهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» إذْ الْعَطْفُ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ (قَالَ النَّوَوِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي) الْكَبِيرِ (صَحَّتْ الْأَحَادِيثُ أَنَّهَا الْعَصْرُ) كَخَبَرِ «شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ» (وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْحَدِيثُ) أَيْ اتِّبَاعُهُ (فَصَارَ هَذَا مَذْهَبُهُ وَلَا يُقَالُ فِيهِ قَوْلَانِ) كَمَا وَهَمَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْأَصَحُّ أَنَّهَا الْعَصْرُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَالْأَوْلَى أَنْ تُسَمَّى) الصُّبْحُ (صُبْحًا وَفَجْرًا) لِأَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ بِالثَّانِي وَالسُّنَّةَ بِهِمَا مَعًا (لَا غَدَاةً) وَلَا يُقَالُ تَسْمِيَتُهَا غَدَاةً مَكْرُوهَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَتُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ عِشَاءً وَالْعِشَاءِ عَتَمَةً) لِلنَّهْيِ عَنْ الْأَوَّلِ فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ الْمَغْرِبِ وَتَقُولُ الْأَعْرَابُ هِيَ الْعِشَاءُ» وَعَنْ الثَّانِي فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ أَلَا إنَّهَا الْعِشَاءُ وَهُمْ يَعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ» بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ وَفِي رِوَايَةٍ «بِحِلَابِ الْإِبِلِ» قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ إنَّهُمْ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ لِكَوْنِهِمْ يُعْتِمُونَ بِحِلَابِ الْإِبِلِ أَيْ يُؤَخِّرُونَهُ إلَى شِدَّةِ الظَّلَامِ وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا سَمَّاهَا فِي كِتَابِهِ الْعِشَاءَ فَإِنْ قُلْت قَدْ سُمِّيَتْ فِي الْحَدِيثِ عَتَمَةً كَقَوْلِهِ «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي الصُّبْحِ وَالْعَتَمَةِ» قُلْنَا اسْتَعْمَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ أَوْ أَنَّهُ خَاطَبَ بِالْعَتَمَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعِشَاءَ وَمَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا عَتَمَةً هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ وَالْمِنْهَاجِ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُسَمَّى بِذَلِكَ وَذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ تُكْرَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَظَهَرَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ (وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْرَهُهُمَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ وَعَلَّلَ فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِيَ بِأَنَّ نَوْمَهُ يَتَأَخَّرُ فَيُخَافُ مَعَهُ فَوَاتُ الصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ عَنْ أَوَّلِهِ أَوْ فَوَاتُ صَلَاةِ اللَّيْلِ إنْ اعْتَادَهَا وَعَلَّلَهُ غَيْرُهُ بِوُقُوعِ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ خَاتِمَةَ عَمَلِهِ وَرُبَّمَا مَاتَ فِي نَوْمِهِ وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَهَذَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ (لَا فِي خَيْرٍ أَوْ لِعُذْرٍ) كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَحَدِيثٍ وَمُذَاكَرَةِ فِقْهٍ وَإِينَاسِ ضَيْفٍ وَتَكَلُّمٍ بِمَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ كَحِسَابٍ فَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ نَاجِزٌ فَلَا يُتْرَكُ لِمَفْسَدَةٍ مُتَوَهَّمَةٍ وَكَرَاهَةُ النَّوْمِ قَبْلَهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ تَعُمُّ سَائِرَ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَالَ وَإِطْلَاقُ الرَّافِعِيِّ كَرَاهَةَ الْحَدِيثِ بَعْدَهَا يَشْمَلُ مَا إذَا جَمَعَهَا تَقْدِيمًا وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ النَّوْمِ قَبْلَهَا إذَا ظَنَّ تَيَقُّظَهُ فِي الْوَقْتِ وَالْإِحْرَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ (فَصْلٌ تَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا وَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ (لَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهَا) إلَى آخِرِهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (إنْ عَزَمَ فِي أَوَّلِهِ) عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ (وَ) لَوْ (مَاتَ قَبْلَ فَوَاتِهَا) بِأَنْ مَاتَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا (وَالْحَجُّ مُوَسَّعٌ وَ) لَكِنَّهُ (يَأْثَمُ بِالْمَوْتِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ لِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَأُبِيحَ لَهُ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُبَادِرَ الْمَوْتَ فَإِذَا لَمْ يُبَادِرْهُ كَانَ مُقَصِّرًا بِخِلَافِ آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ (فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَمُوتُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ) كَأَنْ لَزِمَهُ قَوْدٌ فَطَالَبَهُ وَلِيُّ الدَّمِ بِاسْتِيفَائِهِ فَأَمَرَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ (تَعَيَّنَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ (فِيهِ) أَيْ فِي أَوَّلِهِ فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِهِ عَنْهُ لِأَنَّ الْوَقْتَ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ بِظَنِّهِ   [حاشية الرملي الكبير] وَتُقْصَرَانِ وَهِيَ لَا تُجْمَعُ وَلَا تُقْصَرُ (قَوْلُهُ اُكْتُبْ وَالصَّلَاةَ الْوُسْطَى إلَخْ) اخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ أَوَّلِهَا أَنَّهَا الصُّبْحُ ثَانِيهَا أَنَّهَا الظُّهْرُ ثَالِثِهَا أَنَّهَا الْعَصْرُ رَابِعِهَا أَنَّهَا الْمَغْرِبُ خَامِسِهَا أَنَّهَا الْعِشَاءُ سَادِسِهَا أَنَّهَا إحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لَا بِعَيْنِهَا وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِيهَا أَنَّهَا الْعَصْرُ انْتَهَى أَوْ أَنَّهَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَوْ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَإِعَادَةُ الْأَمْرِ تَأْكِيدًا أَوْ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ أَوْ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ أَوْ صَلَاةُ الْخَوْفِ أَوْ الْجُمُعَةُ أَوْ الْعِيدِ أَوْ الضُّحَى أَوْ التَّرَاوِيحِ (قَوْلُهُ كَخَبَرِ «شَغَلُونَا» إلَخْ) وَخَبَرِ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِأَنَّهَا تَوَسَّطَتْ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ نَهَارِيَّتَيْنِ وَصَلَاتَيْنِ لَيْلِيَّتَيْنِ. (قَوْلُهُ عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ) فَإِنْ قِيلَ الْعَصْرُ يُطْلَقُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى الصُّبْحِ فَتُحْمَلُ فِي الْحَدِيثِ عَلَيْهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ شُغْلُهُمْ إيَّاهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَأَنَّ إطْلَاقَ الْعَصْرِ عَلَى الصُّبْحِ مَجَازٌ (قَوْلُهُ أَيْ اتِّبَاعَهُ) قَالَ قُولُوا بِالسُّنَّةِ وَدَعُوا قَوْلِي انْتَهَى وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِوَصِيَّتِهِ إذَا عُرِفَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا عُرِفَ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ أَوْ تَأَوَّلَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ خَاطَبَ بِالْعَتَمَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعِشَاءَ) أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ إلَخْ) وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ت (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ نَصَّ فِي الْأُمِّ إلَخْ) لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ إذْ لَيْسَ فِي النَّصِّ حُكْمُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ وَقَدْ سَكَتَ عَنْهُ الْمُحَقِّقُونَ وَصَرَّحَتْ الطَّائِفَةُ بِكَرَاهَتِهَا وَهِيَ الْوَجْهُ لِوُرُودِ النَّهْيِ الْخَاصِّ فِيهَا (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا) وَالْمَعْنَى فِيهِ مَخَافَةِ اسْتِمْرَارِهِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ. (تَنْبِيهٌ) سِيَاقُ كَلَامِهِمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ أَيْضًا قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ ج (قَوْلُهُ وَهَذَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَأَظْهَرُ الْمَعَانِي الْأَوَّلُ (قَبْلَهُ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ [فَصْلٌ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ] (فَصْلٌ) تَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ إلَخْ (قَوْلُهُ إنْ عَزَمَ فِي أَوَّلِهِ عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ) يَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا التَّأْخِيرُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا لَا يُنَافِي اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ مَحَلَّ الِاتِّفَاقِ فِي الْعَزْمِ الْعَامِّ فِي جَمِيعِ التَّكَالِيفِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْخَاصِّ بِالْفَرْضِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ فَمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ اكْتَفَى بِالْعَامِّ وَمَنْ أَوْجَبَ فَلِتَعَلُّقِ الْفَرْضِ بِالْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَيَكُونُ وُجُوبُهُ رَاجِعًا إلَى إيقَاعِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ إلَخْ) وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نَحْكُمْ بِعِصْيَانِهِ فِيهِ لَأَدَّى إلَى فَوَاتِ مَعْنَى الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ لَهَا حَالَةً أُخْرَى يَعْصِي فِيهَا وَهُوَ إخْرَاجُهَا عَنْ الْوَقْتِ ح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّكَّ كَالظَّنِّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (ثُمَّ) لَوْ لَمْ يَمُتْ فِي أَثْنَائِهِ كَأَنْ عَفَا عَنْهُ وَلِيُّ الدَّمِ (لَا تَصِيرُ) بِفِعْلِهَا (فِي بَاقِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ (قَضَاءً) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ فَعَلَهَا فِي الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا (وَإِنْ عَزَمَ) عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ (ثُمَّ نَامَ) مَعَ ظَنِّهِ فَوَاتَهَا أَوْ شَكِّهِ فِيهِ (حَتَّى فَاتَتْ) بَلْ أَوْ لَمْ تَفُتْ (عَصَى) لِتَقْصِيرِهِ بِذَلِكَ (لَا إنْ غَلَبَهُ النَّوْمُ) فَلَا يَعْصِي بَلْ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِعُذْرِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ غَلَبَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ أَدْرَكَ فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً لَا دُونَهَا فَالْكُلُّ أَدَاءٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» أَيْ مُؤَدَّاةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَدُونَهَا أَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إذْ مُعْظَمُ الْبَاقِي كَالتَّكْرِيرِ لَهَا فَجَعَلَ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَابِعًا لَهَا بِخِلَافِ مَا دُونَهَا (وَبِإِخْرَاجِ بَعْضِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (عَنْ الْوَقْتِ يَأْثَمُ) لِحُرْمَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَدَاءً فِيمَا ذَكَرَ (لَا إنْ اتَّسَعَ) وَقْتُهَا وَلَمْ تَكُنْ جُمُعَةً (فَطَوَّلَ) هَا بِقِرَاءَةٍ وَنَحْوِهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ (وَأَتَى بِرَكْعَةٍ فِيهِ) فَلَا يَأْثَمُ (وَلَا يُكْرَهُ) لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ فِيهِ هُوَ مَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَحَمَلَ إطْلَاقَهُمْ عَلَيْهِ وَقَالَ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ لِأَنَّهُمْ قَرَّرُوا أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَكُونُ أَدَاءً إلَّا بِفِعْلِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ لِأَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي جَعَلُوهَا فِيهِ قَضَاءً بِفِعْلِ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَأَمَّا مَسْأَلَتُنَا فَالْوَقْتُ يَسَعُهَا وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ قُلْت لَا فَرْقَ بَيْنَ إيقَاعِ رَكْعَةٍ وَدُونَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِ الصِّدِّيقِ حِينَ طَوَّلَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ بِالْعِبَادَةِ وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ لَا يَمْنَعُ الْإِثْمَ كَمَا مَرَّ وَذَلِكَ غَيْرُ مَلْحُوظٍ هُنَا لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ غَيْرُ مُقَصِّرٍ. اهـ. وَمَا عَزَاهُ لِفَتَاوَى الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ صَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ لَمْ أَرَهُ فِيهَا نَعَمْ فِيهَا الِاحْتِجَاجُ الْمَذْكُورُ لِأَمْرٍ آخَرَ (فَصْلٌ وَتَعْجِيلُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ (أَفْضَلُ وَلَوْ عِشَاءً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] وَمِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا تَعْجِيلُهَا وَلِخَبَرِ «ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَأَلْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِخَبَرِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الْعِشَاءَ لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلزَّجْرِ» فَمُعَارَضٌ بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْفَارِ ظُهُورُ الْفَجْرِ الَّذِي بِهِ يُعْلَمُ طُلُوعُهُ فَالتَّأْخِيرُ إلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ تَعْجِيلِهِ عِنْدَ ظَنِّ طُلُوعِهِ قَالَ وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ» فَجَوَابُهُ أَنَّ تَعْجِيلَهَا هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنْ الْأَقْوَى دَلِيلًا تَأْخِيرُهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ (فَلَوْ اشْتَغَلَ بِالتَّهَيُّؤِ لَهَا) أَيْ لِلصَّلَاةِ (أَوَّلَ الْوَقْتِ وَالدُّخُولِ فِيهَا) بِأَنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِهَا كَطُهْرٍ وَأَذَانٍ وَسِتْرٍ ثُمَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّكَّ كَالظَّنِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا تَصِيرُ فِي بَاقِيهِ قَضَاءً إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَفْسَدَهَا ثُمَّ فَعَلَهَا فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَامَ مَعَ ظَنِّهِ فَوْتَهَا إلَخْ) فَإِنْ ظَنَّ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَنَّهُ إنْ نَامَ اسْتَغْرَقَهُ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ قَالَ وَلَدُهُ تَاجُ الدِّينِ وَفِيهِ نَظَرٌ الْمَنْقُولُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ ع (قَوْلُهُ وَلَوْ أَدْرَكَ فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً إلَخْ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ رَكْعَةٌ مُكَرَّرَةٌ فَاعْتُبِرَتْ (قَوْلُهُ إنَّمَا تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إلَخْ) وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجُمُعَةَ تُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ لَا بِمَا دُونَهَا قَالَ الكوهكيلوني وَالْمُرَادُ بِالرَّكْعَةِ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ فَقَطْ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى وُقُوعِ الِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ انْتَهَى. مَا قَالَهُ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ وَبِإِخْرَاجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ يَأْثَمُ) لَا تَخْرُجُ الصَّلَاةُ عَنْ وَقْتِهَا وُجُوبًا إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْوُقُوفِ وَخَافَ فَوْتَ الْحَجِّ إنْ صَلَّى الْعِشَاءَ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَكُنْ جُمُعَةً) أَمَّا الْجُمُعَةُ فَيَمْتَنِعُ تَطْوِيلُهَا إلَى مَا بَعْدَ وَقْتِهَا بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي بَابِ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا أَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ فِيهَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْفَرْضُ الْجُمُعَةُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فِي (قَوْلُهُ فَلَا يَأْثَمُ وَلَا يُكْرَهُ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كِدْت لَا تُسَلِّمُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَالَ لَهُ لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ (قَوْلُهُ هُوَ مَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ قَالَ وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ قُلْت لَا فَرْقَ بَيْنَ إيقَاعِ رَكْعَةٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ إلَخْ) وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ حَيْثُ قَالَ إنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ التَّأْخِيرِ إلَى إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ هُوَ التَّقْصِيرُ وَعَدَمُهُ لَا إيقَاعُ الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى اعْتِبَارِ إيقَاعِ الرَّكْعَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِكَوْنِهَا أَدَاءً قَالُوا بِالتَّحْرِيمِ وَإِيقَاعُ الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ شَرْطٌ لِكَوْنِهَا أَدَاءً لَا لِلْحِلِّ وَعَدَمِهِ وَالتَّقْصِيرُ وَعَدَمُهُ عِلَّةٌ لِلْمَنْعِ وَعَدَمِهِ انْتَهَى وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِأَنَّهُ إنْ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً فِي الْوَقْتِ كَانَ مُؤَدِّيًا لِلْجَمِيعِ وَإِنْ صَلَّى أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ كَانَ قَاضِيًا لِلْجَمِيعِ. (فُرُوعٌ) يُسْتَحَبُّ إيقَاظُ النَّائِمِ لِلصَّلَاةِ لَا سِيَّمَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَكَذَلِكَ إذَا رَأَى نَائِمًا أَمَامَ الْمُصَلِّينَ أَوْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ فِي مِحْرَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى سَطْحٍ لَا إجَارَ لَهُ أَوْ نَامَ وَبَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ وَبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ نَامَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَوْ خَالِيًا فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ أَوْ نَامَتْ الْمَرْأَةُ مُسْتَلْقِيَةً وَوَجْهُهَا إلَى السَّمَاءِ أَوْ نَامَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ مُنْبَطِحًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ عَصَى النَّائِمُ بِالنَّوْمِ كَمَا إذَا نَامَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَبِّهَهُ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ [فَصْلٌ أَفْضَلِيَّة تَعْجِيل الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] وقَوْله تَعَالَى {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] وَالصَّلَاةُ مِنْ الْخَيْرَاتِ وَسَبَبُ الْمَغْفِرَةِ (قَوْلُهُ لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ) أَيْ لِلَيْلَةٍ ثَالِثَةٍ ح (قَوْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ ح (قَوْلُهُ لَكِنْ الْأَقْوَى دَلِيلًا إلَخْ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 أَحْرَمَ بِهَا (حَصَلَتْ) فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ بَلْ لَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَسْبَابِهَا وَأَخَّرَ بِقَدْرِهَا حَصَلَتْ الْفَضِيلَةُ ذَكَرَهُ فِي الذَّخَائِرِ (وَلَا يُكَلَّفُ عَجَلَةَ غَيْرِ الْعَادَةِ وَلَا يَضُرُّ التَّأْخِيرُ لِأَكْلِ لُقَمٍ وَكَلَامٍ قَصِيرٍ وَ) لَا (لِتَحَقُّقِ) دُخُولِ (الْوَقْتِ وَتَحْصِيلِ الْمَاءِ وَإِخْرَاجِ خُبْثٍ يُدَافِعُهُ) وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ تَحَقُّقِ الْوَقْتِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُسْتَحَبُّ فِي شِدَّةِ حَرٍّ بِقُطْرٍ حَارٍّ إبْرَادٌ بِظُهْرٍ) أَيْ تَأْخِيرُهُ (لِجَمَاعَةٍ تَقْصِدُ) الْمَسْجِدَ أَوْ نَحْوَهُ (مِنْ بُعْدٍ فِي غَيْرِ ظِلٍّ حَتَّى يَمْتَدَّ ظِلُّ الْحِيطَانِ) بِحَيْثُ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» أَيْ هَيَجَانِهَا وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ فِي التَّعْجِيلِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مَشَقَّةً تَسْلُبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ فَسُنَّ لَهُ التَّأْخِيرُ كَمَنْ حَضَرَهُ طَعَامٌ يَتَوَقَّ إلَيْهِ أَوْ دَافَعَهُ الْخَبَثُ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَمَنْسُوخٌ فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ وَلَوْ بِقُطْرٍ حَارٍّ وَلَا فِي قُطْرٍ بَارِدٍ أَوْ مُعْتَدِلٍ وَإِنْ اتَّفَقَ فِيهِ شِدَّةُ الْحَرِّ وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً بِبَيْتِهِ أَوْ بِمَحَلٍّ حَضَرَهُ جَمَاعَةٌ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ أَوْ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ مِنْ قُرْبٍ أَوْ مِنْ بُعْدٍ لَكِنْ يَجِدُ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ كَبِيرُ مَشَقَّةٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لِمُنْفَرِدٍ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشْعَارٌ بِسَنِّهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُعْدِ مَا يَذْهَبُ مَعَهُ الْخُشُوعُ أَوْ كَمَالُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ نَدْبِ التَّعْجِيلِ أَيْضًا أَشْيَاءُ مِنْهَا أَنَّهُ يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ لِمَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ وَلِمُسَافِرٍ سَائِرُ وَقْتَ الْأُولَى وَلِلْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ فَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَإِنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ وَلِمَنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ آخِرَ الْوَقْتِ وَلِدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا رَجَا الِانْقِطَاعَ آخِرَهُ وَلِمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ أَوْ يَظُنَّ فَوَاتَهُ لَوْ أَخَّرَهُ (لَا بِالْجُمُعَةِ) أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِبْرَادُ بِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَلَمَةَ «كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ» وَلِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي فَوَاتِهَا الْمُؤَدِّي إلَيْهِ تَأْخِيرُهَا بِالتَّكَاسُلِ وَلِأَنَّ النَّاسَ مَأْمُورُونَ بِالتَّبْكِيرِ إلَيْهَا فَلَا يَتَأَذَّوْنَ بِالْحَرِّ وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُبْرِدُ بِهَا» بَيَانٌ لِلْجَوَازِ فِيهَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ مَعَ أَنَّ الْخَبَرَ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي الظُّهْرِ فَتَعَارَضَتْ الرِّوَايَتَانِ فَيُعْمَلُ بِخَبَرِ سَلَمَةَ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ. وَلَا يُسْتَحَبُّ الْإِبْرَادُ بِالْأَذَانِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ وَحَمَلَ أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِبْرَادِ بِهِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ مِنْ حَالِ السَّامِعِينَ حُضُورَهُمْ عَقِبَ الْأَذَانِ لِتَنْدَفِعَ عَنْهُمْ الْمَشَقَّةُ ثُمَّ قَالَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْإِقَامَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ بَعِيدًا فَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ التَّصْرِيحُ بِهِ (وَلَا تَأْخِيرَ) بِالْإِبْرَادِ (فَوْقَ نِصْفِ الْوَقْتِ) لِذَهَابِ مُعْظَمِهِ. (فَصْلٌ وَلِلْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى وَإِنْ قَدَرَا عَلَى الْيَقِينِ بِالصَّبْرِ) أَوْ بِغَيْرِهِ (الِاجْتِهَادُ لِلْوَقْتِ فِي الْغَيْمِ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الِاشْتِبَاهُ فِي الْوَقْتِ (بِمُغَلِّبٍ ظَنًّا) بِدُخُولِهِ (كَالْأَوْرَادِ وَصَوْتِ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ) إصَابَتُهُ الْوَقْتَ هَذَا (إنْ لَمْ يُخْبِرْهُمَا ثِقَةٌ عَنْ عِلْمٍ) أَيْ مُشَاهَدَةٍ وَإِنْ أَخْبَرَهُمَا عَنْ عِلْمٍ امْتَنَعَ عَلَيْهِمَا الِاجْتِهَادُ كَوُجُودِ النَّصِّ (وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الِاجْتِهَادِ لَمْ يُقَلِّدْ مُجْتَهِدًا) لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا (نَعَمْ لِلْأَعْمَى) أَيْ أَعْمَى الْبَصَرِ (وَأَعْمَى الْبَصِيرَةِ تَقْلِيدُ بَصِيرٍ) ثِقَةٍ عَارِفٍ لِعَجْزِهِمَا وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ أَنَّ الْأَعْمَى يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَانِي لَا يُقَلِّدُ إلَّا إذَا تَحَيَّرَ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الِاجْتِهَادَ هُنَا إنَّمَا يَتَأَتَّى بِتَعَاطِي أَعْمَالٍ مُسْتَغْرِقَةٍ لِلْوَقْتِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَقَوْلُهُ وَأَعْمَى الْبَصِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ (وَأَذَانُ الْعَدْلِ الْعَارِفِ بِالْمَوَاقِيتِ) فِي الصَّحْوِ (كَالْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ) فَيُقَلِّدُهُ الْقَادِرُ وَلَا يَجْتَهِدُ (وَلَهُ تَقْلِيدُهُ أَيْضًا) إذَا أَذَّنَ (فِي الْغَيْمِ) لِأَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ عَادَةً إلَّا فِي الْوَقْتِ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يُقَلِّدُهُ فِي الصَّحْوِ دُونَ الْغَيْمِ لِأَنَّهُ فِيهِ مُجْتَهِدٌ وَهُوَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَفِي الصَّحْوِ مُخْبَرٌ عَنْ عِيَانٍ (وَإِنْ صَلَّى) مَنْ لَزِمَهُ الِاجْتِهَادُ (بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ أَعَادَ) وَإِنْ وَافَقَ الْوَقْتَ وَظَنَّ دُخُولَهُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الِاجْتِهَادِ (وَعَلَى الْمُجْتَهِدِ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُ الْوَقْتِ وَ) تَأْخِيرُهُ (إلَى خَوْفِ الْفَوَاتِ) أَيْ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ فَاتَتْ الصَّلَاةُ (أَفْضَلُ وَيَعْمَلُ الْمُنَجِّمُ بِحِسَابِهِ) جَوَازًا لَا وُجُوبًا (وَلَا يُقَلِّدُهُ غَيْرُهُ) كَنَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ (فَرْعٌ وَإِنْ صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ) لَهُ كَوْنُ الصَّلَاةِ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا (أَوْ تَبَيَّنَ كَوْنُهَا) وَقَعَتْ (فِي الْوَقْتِ أَجْزَأَهُ) مَا صَلَّاهُ (وَكَذَا) إذَا تَبَيَّنَ وُقُوعُهَا (بَعْدَهُ وَ) لَكِنَّهَا (تَكُونُ قَضَاءً لَا) إنْ تَبَيَّنَ وُقُوعُهَا (قَبْلَهُ) فَلَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِهَا   [حاشية الرملي الكبير] وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ د (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ فِي شِدَّةِ حَرٍّ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ «عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا» قَالَ زُهَيْرٌ قُلْت لِأَبِي إِسْحَاقَ أَفِي الظُّهْرِ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَفِي تَعْجِيلِهَا قَالَ نَعَمْ فَمَنْسُوخٌ ش (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشْعَارٌ بِسَنِّهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ نَدْبِ التَّعْجِيلِ أَيْضًا أَشْيَاءُ) يَبْلُغُ مَجْمُوعُهَا نَحْوَ أَرْبَعِينَ صُورَةً (قَوْلُهُ فَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ التَّصْرِيحُ بِهِ) بِلَفْظِ فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ أَبْرِدْ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ أَبْرِدْ [فَصْلٌ وَلِلْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى إِن قَدَرَا عَلَى الْيَقِينِ بِالصَّبْرِ أَوْ بِغَيْرِهِ الِاجْتِهَادُ لِلْوَقْتِ فِي الْغَيْمِ] (قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِهِ) كَالْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ لِرُؤْيَةِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ وَصَوْتُ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ إلَخْ) وَكَذَا أَذَانُ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْغَيْمِ إذَا كَثُرُوا وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ لَا يُخَطَّؤُنَّ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ كَثُرَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي يَوْمِ صَحْوٍ أَوْ غَيْمٍ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ لَا يُخْطِؤُنَ لِكَثْرَتِهِمْ جَازَ اعْتِمَادُهُمْ بِلَا خِلَافٍ انْتَهَى فَإِنْ كَانُوا عَدَدًا أَفَادَ أَذَانُهُمْ الْعِلْمَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُخْبِرْهُمَا ثِقَةٌ عَنْ عِلْمٍ) مُقْتَضَى كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَلَوْ أَمْكَنَهُ هُوَ الْعِلْمُ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِتَكَرُّرِ الْأَوْقَاتِ فَيَعْسُرُ الْعِلْمُ كُلَّ وَقْتٍ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ عَيْنَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً اكْتَفَى بِهِ بَقِيَّةَ عُمْرِهِ مَا دَامَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ فَلَا عُسْرَ (قَوْلُهُ كَوُجُودِ النَّصِّ) لِأَنَّهُ خَبَرٌ مِنْ أَخْبَارِ الدِّينِ فَرَجَعَ فِيهِ الْمُجْتَهِدُ إلَى قَوْلِ الثِّقَةِ كَخَبَرِ الرَّسُولِ (قَوْلُهُ فِي الصَّحْوِ) الصَّحْوُ ذَهَابُ الْبَرْدِ وَتَفَرُّقُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 فَتَجِبُ إعَادَتُهَا وَيَقَعُ مَا أَعَادَهُ فِي الْوَقْتِ أَدَاءً وَمَا أَعَادَهُ بَعْدَهُ قَضَاءً (وَيَحْصُلُ التَّبَيُّنُ بِخَبَرِ عَدْلٍ عَنْ عِلْمٍ) أَيْ مُشَاهَدَةٍ كَمَا يَحْصُلُ بِعِلْمِهِ أَيْ عِلْمِ الْمُصَلِّي نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ عَنْ اجْتِهَادٍ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ صَلَاتَهُ وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهَا [فَصْلٌ فِيمَنْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ] (فَصْلٌ فِيمَنْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا) (وَلَا تَصِحُّ) الصَّلَاةُ (إلَّا مِنْ مُسْلِمٍ) فَلَا تَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ (وَتَجِبُ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ عَاقِلٍ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى (طَاهِرٍ) بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا وَبِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِالْإِجْمَاعِ (فَالْكَافِرُ) الْأَصْلِيُّ (مُخَاطَبٌ بِهَا) خِطَابَ عِقَابٍ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهَا بِالْإِسْلَامِ لَا خِطَابَ مُطَالَبَةٍ بِهَا فِي الدُّنْيَا لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُ (وَتَسْقُطُ) عَنْهُ (بِإِسْلَامِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] (لَا عَنْ الْمُرْتَدِّ) فَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا بِالْإِسْلَامِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِالْجُحُودِ كَحَقِّ الْآدَمِيِّ (وَلَا صَلَاةَ عَلَى صَبِيٍّ) لِمَا مَرَّ (وَعَلَى أَبَوَيْهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ عَلَا (أَوْ الْقَيِّمِ) مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ أَوْ الْوَصِيِّ (أَمْرُهُ بِهَا) وَذِكْرُ الْقَيِّمِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُلْتَقِطُ وَمَالِكُ الرَّقِيقِ فِي مَعْنَى الْأَبِ وَكَذَا الْمُودِعُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَنَحْوُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَلَا يَقْتَصِرُ فِي الْأَمْرِ عَلَى مُجَرَّدِ صِيغَتِهِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّهْدِيدِ (وَكَذَا) عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ (بِالصَّوْمِ) وَمَحَلُّ أَمْرِهِ بِهِ وَبِالصَّلَاةِ (إنْ مَيَّزَ) بِأَنْ انْفَرَدَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالِاسْتِنْجَاءِ (وَأَطَاقَ) فِعْلَهُمَا (لِسَبْعٍ) مِنْ السِّنِينَ أَيْ بَعْدَ تَمَامِهَا (وَ) عَلَيْهِمْ (ضَرْبُهُ عَلَيْهِمَا لِعَشْرٍ) كَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ بِدُونِ «وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» وَقِيسَ بِالصَّلَاةِ الصَّوْمُ وَذَكَرُوا لِاخْتِصَاصِ الضَّرْبِ بِالْعَشْرِ مَعْنَيَيْنِ أَنَّهُ زَمَنُ احْتِمَالِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ وَأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَحْتَمِلُ الضَّرْبَ (وَكَذَا) يُضْرَبُ (فِي أَثْنَاءِ الْعَاشِرَةِ) وَلَوْ عَقِبَ اسْتِكْمَالِ التِّسْعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ السَّبْعَ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي وُجُوبِ الْأَمْرِ وَإِنْ وُجِدَ التَّمْيِيزُ قَبْلَهَا. وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَحَكَى مَعَهُ وَجْهًا أَنَّهُ يَكْفِي التَّمْيِيزُ وَحْدَهُ كَمَا فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْإِقْلِيدِ (وَهَلْ يُضْرَبُ عَلَى الْقَضَاءِ) وَيُؤْمَرُ بِهِ (أَوْ تَصِحُّ مِنْهُ) الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ عَلَى الْمُكَلَّفِ (قَاعِدًا وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ يُضْرَبُ وَيُؤْمَرُ بِهِ كَمَا فِي الْأَدَاءِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَمْرِ وَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ قَاعِدًا وَإِنْ كَانَتْ نَفْلًا فِي حَقِّهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَجَرَيَانُهُمَا فِي الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ مُحْتَمَلٌ وَكَلَامُ الْأَكْثَرِينَ مُشْعِرٌ بِالْمَنْعِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا فِي أَثْنَاءِ الْعَاشِرَةِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْأُولَى (وَعَلَيْهِمْ نَهْيُهُ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَعْلِيمُهُ الْوَاجِبَاتِ وَ) سَائِرَ (الشَّرَائِعِ) كَالسِّوَاكِ وَحُضُورِ الْجَمَاعَاتِ وَتَبِعَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ الْقَمُولِيَّ وَهُوَ حَسَنٌ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ يَجِبُ تَعْلِيمُ الْأَوْلَادِ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ وَالشَّرَائِعَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْمُرَادُ بِالشَّرَائِعِ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ كَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ الْمَضْرُوبُ عَلَى تَرْكِهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ انْتِفَاءُ ذَلِكَ بِالْبُلُوغِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا فَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَوِلَايَةُ الْأَبِ مُسْتَمِرَّةٌ فَيَكُونُ   [حاشية الرملي الكبير] الْغَيْمِ [فَرْعٌ صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ كَوْنُ الصَّلَاةِ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا] (فَصْلٌ) وَلَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ وَتَجِبُ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ عَاقِلٍ إلَخْ) لَا يُقَرُّ مُسْلِمٌ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ عَمْدًا مَعَ الْقُدْرَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَبَهَ صَغِيرٌ مُسْلِمٌ بِصَغِيرٍ كَافِرٍ ثُمَّ بَلَغَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُسْلِمَ مِنْهُمَا وَلَا قَافَةَ وَلَا انْتِسَابَ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا) لَوْ خُلِقَ أَخْرَسَ أَصَمَّ أَعْمَى فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ (قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ بِإِسْلَامِهِ) كَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ إذْ لَوْ طُلِبَ مِنْهُ قَضَاءُ عِبَادَاتِ زَمَنِ كُفْرِهِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا لَكَانَ سَبَبًا لِتَنْفِيرِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ لِكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ خُصُوصًا إذَا مَضَى غَالِبُ عُمْرِهِ فِي الْكُفْرِ فَلَوْ قَضَاهَا لَمْ تَنْعَقِدْ (قَوْلُهُ {يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] إذَا أَسْلَمَ أُثِيبَ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْقُرَبِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ كَصَدَقَةٍ وَصِلَةٍ وَعِتْقٍ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ح (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا بِالْإِسْلَامِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ اعْتَقَدَ وُجُوبَهَا وَقَدَرَ عَلَى التَّسَبُّبِ إلَى أَدَائِهَا فَهُوَ كَالْمُحْدِثِ (قَوْلُهُ وَعَلَى أَبَوَيْهِ أَوْ الْمُقِيمِ أَمْرُهُ بِهَا) يُسْتَثْنَى مَنْ لَا يَعْرِفْ دِينَهُ وَهُوَ مُمَيِّزٌ يَصِفُ الْإِسْلَامَ فَلَا يُؤْمَرُ بِهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ كَافِرًا وَلَا يُنْهِي عَنْهَا لِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ كُفْرَهُ وَهَذَا كَصِغَارِ الْمَمَالِيكِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَفَقُّهًا وَهُوَ صَحِيحٌ غ (قَوْلُهُ وَالْمُلْتَقِطُ وَمَالُك الرَّقِيقِ فِي مَعْنَى الْأَبِ) قَالَهُ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُودِعُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) كَالْإِمَامِ وَكَذَا الْمُسْلِمُونَ فِيمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ (قَوْلُهُ وَذَكَرُوا لِاخْتِصَاصِ الضَّرْبِ بِالْعَشْرِ مَعْنَيَيْنِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ دَائِرًا مَعَ إمْكَانِ الْبُلُوغِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ حَتَّى يُضْرَبَ بِاسْتِكْمَالِ التِّسْعِ عَلَى الصَّحِيحِ. (تَنْبِيهٌ) هَلْ لِلزَّوْجِ ضَرْبُ زَوْجَتِهِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ مِنْ الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ فَإِنَّهُ قَالَ يُعَزِّرُهَا فِي النُّشُوزِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَا يُعَزِّرُهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ الدَّارِمِيُّ فِي بَابِ النُّشُوزِ لَيْسَ لَهُ ضَرْبُهَا فِي غَيْرِ مَنْعِ حُقُوقِهِ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى جَمَالِ الْإِسْلَامِ ابْنِ الْبَزَرِيِّ أَحَدَ أَئِمَّتِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَمْرُهَا بِالصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا وَضَرْبُهَا عَلَيْهَا وَقَدْ سَبَقَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَضْرِبُ الِابْنَ الْبَالِغَ عَلَى تَرْكِهَا غ وَقَوْلُهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ السَّبْعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجْهَانِ) ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ أَصَحَّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ جَالِسًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ ت (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَمْرِ) فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ قَاعِدًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْأُولَى) وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْفُورَانِيُّ فِي الْعَمْدِ فِي الصَّبِيَّةِ لِتِسْعٍ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ ز. (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ انْتِفَاءُ ذَلِكَ بِالْبُلُوغِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 كَالصَّبِيِّ (وَالْأُجْرَةُ) أَيْ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ الْوَاجِبَاتِ (مِنْ مَالِهِ ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَتَجِبُ (عَلَى الْأَبِ) وَإِنْ عَلَا (ثُمَّ) عَلَى (الْأُمِّ) وَإِنْ عَلَتْ (وَ) يَخْرُجُ (مِنْ مَالِهِ) أَيْضًا (تَعْلِيمُ) أَيْ أُجْرَةُ تَعْلِيمِ (الْقُرْآنِ وَالْآدَابِ) لِأَنَّهُ يَسْتَمِرُّ مَعَهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ بِخِلَافِ حَجِّهِ وَالصَّبِيَّةُ كَالصَّبِيِّ فِيمَا ذَكَرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَمَّا زَوَالُ الْعَقْلِ فَإِنْ كَانَ بِمُحَرَّمٍ كَخَمْرٍ وَحَشِيشَةٍ وَوَثْبَةٍ عَبَثًا وَدَوَاءٍ بِلَا حَاجَةٍ فَلَا يُسْقِطُهَا) أَيْ الصَّلَاةَ (إلَّا إنْ جَهِلَ كَوْنَهُ مُحَرَّمًا) أَوْ فَعَلَهُ مُكْرَهًا (أَوْ أَكَلَهُ لِيَقْطَعَ) غَيْرَهُ بَعْدَ زَوَالِ عَقْلِهِ (يَدًا لَهُ مُتَأَكِّلَةً) فَيُسْقِطُهَا لِلْعُذْرِ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْأَكْلِ لِلْقَطْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ تَحْرِيمُ الْوَثْبَةِ عَبَثًا بِخِلَافِ كَلَامِ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ عَلِمَ) أَنَّ جِنْسَهُ مُزِيلٌ لِلْعَقْلِ (وَظَنَّهُ) أَيْ مَا تَنَاوَلَهُ مِنْهُ (لَا يُزِيلُ) الْعَقْلَ (لِقِلَّتِهِ وَجَبَتْ) فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا لِتَقْصِيرِهِ (وَعَلَى النَّاسِي) لِلصَّلَاةِ (وَالنَّائِمِ) عَنْهَا (وَالْجَاهِلِ) لِوُجُوبِهَا (الْقَضَاءُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَيُقَاسُ بِالنَّاسِي وَالنَّائِمِ الْجَاهِلُ (لَا الْأَدَاءُ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَتِهِمْ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ مَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ قَضَى أَيَّامَ الْجُنُونِ) مَعَ مَا قَبْلَهَا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ كَسَرَ رِجْلَيْهِ تَعَدِّيًا وَصَلَّى قَاعِدًا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِانْتِهَاءِ مَعْصِيَتِهِ بِانْتِهَاءِ كَسْرِهِ وَلِإِتْيَانِهِ بِالْبَدَلِ حَالَةَ الْعَجْزِ (أَوْ سَكِرَ ثُمَّ جُنَّ قَضَى مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَيَّامِ (مُدَّةَ السُّكْرِ) أَيْ الْمُدَّةَ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا السُّكْرُ لَا مُدَّةَ جُنُونِهِ بَعْدَهَا بِخِلَافِ مُدَّةِ جُنُونِ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّ مَنْ جُنَّ فِي رِدَّتِهِ مُرْتَدٌّ فِي جُنُونِهِ حُكْمًا وَمَنْ جُنَّ فِي سُكْرِهِ لَيْسَ بِسَكْرَانَ فِي دَوَامِ جُنُونِهِ قَطْعًا (لَا) مُدَّةَ (الْحَيْضِ) فَلَا تَقْضِي (فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَتَيْ الرِّدَّةِ وَالسُّكْرِ بِأَنْ ارْتَدَّتْ أَوْ سَكِرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ وَفَارَقَتْ الْمَجْنُونَ لِأَنَّ إسْقَاطَ الصَّلَاةِ عَنْهَا عَزِيمَةٌ لِأَنَّهَا مُكَلَّفَةٌ بِالتَّرْكِ وَعَنْهُ رُخْصَةٌ وَالْمُرْتَدُّ وَالسَّكْرَانُ لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا وَالنُّفَسَاءُ كَالْحَائِضِ فِي ذَلِكَ وَيُوَضِّحُ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ اسْتَخْرَجَتْ) بِدَوَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ (جَنِينًا فَنَفِسَتْ لَمْ تَقْضِ) صَلَاتَهَا (كَمُسْتَعْجِلَةِ الْحَيْضِ) بِدَوَاءٍ ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ وَقْتُ زَوَالِ مَوَانِعِ الْوُجُوبِ وَهِيَ الصِّبَا وَالْكُفْرُ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَقَالَ (وَإِذَا زَالَتْ الْأَعْذَارُ الْمَانِعَةُ) مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ (وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ فَأَكْثَرُ لَزِمَتْ الصَّلَاةُ) أَيْ صَلَاةُ الْوَقْتِ كَمَا تَلْزَمُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ قَدْرُ رَكْعَةٍ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً» بِجَامِعِ إدْرَاكِ مَا يَسَعُ رُكْنًا وَلِأَنَّ الْإِدْرَاكَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ اللُّزُومُ يَسْتَوِي فِيهِ الرَّكْعَةُ وَدُونَهَا كَاقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُتِمِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِإِدْرَاكٍ دُونَ تَكْبِيرَةٍ وَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْجُوَيْنِيِّ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الْوَقْتِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسَعُ رُكْنًا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ لُزُومِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَمَتَى لَزِمَتْ بِمَا ذَكَرَ لَزِمَتْ (مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا إنْ صَلَحَتَا لِجَمْعٍ) بِأَنْ صَلَحَتْ لِجَمْعِهَا مَعَهَا لِأَنَّ وَقْتَهَا وَقْتٌ لَهَا حَالَةَ الْعُذْرِ فَحَالَةُ الضَّرُورَةِ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا لَا تُجْمَعُ مَعَهَا فَلَا تَلْزَمُ الْعِشَاءُ مَعَ الصُّبْحِ وَالصُّبْحُ مَعَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرُ مَعَ الْمَغْرِبِ وَتُلْزَمُ الظُّهْرُ مَعَ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبُ مَعَ الْعِشَاءِ (بِشَرْطِ أَنْ يَخْلُوَ) الشَّخْصُ (مِنْ الْمَوَانِعِ قَدْرًا يَسَعُ الطَّهَارَةَ وَقَضَاءَ مَا لَزِمَهُ) مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَلَاتَيْنِ (مَعَ مُؤَدَّاةٍ وَجَبَتْ) عَلَيْهِ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ (أَخَفَّ مَا يُجْزِئُ) كَرَكْعَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَدْخُلُ فِي الطَّهَارَةِ طَهَارَةُ الْخُبْثِ وَالْحَدَثِ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَالَ وَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ وَقْتِ السَّتْرِ وَالتَّحَرِّي فِي الْقِبْلَةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَلَوْ بَلَغَ ثُمَّ جُنَّ بَعْدَمَا لَا يَسَعُ ذَلِكَ فَلَا لُزُومَ نَعَمْ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً آخِرَ الْعَصْرِ مَثَلًا وَخَلَا مِنْ الْمَوَانِعِ مَا يَسَعُهَا وَطُهْرَهَا فَعَادَ الْمَانِعُ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا يَسَعُهَا   [حاشية الرملي الكبير] صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ ح (قَوْلُهُ وَيُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ) قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ فِي كِتَابِهِ أَدَبِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ إنَّ الصَّبِيَّ إذَا كَانَ بَلِيدًا وَجَبَ أَنْ يُعَلِّمَهُ مِقْدَارَ مَا يُصَلِّيَ بِهِ خَاصَّةً وَيُسَلِّمُهُ لِحِرْفَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ وَإِنْ كَانَ ذَكِيًّا فَطِنًا وَجَبَ أَنْ يُعَلِّمَهُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ وَأَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا لِتَقْصِيرِهِ) وَإِنْ جَزَمَ الْغَزِّيِّ بِخِلَافِهِ [فَرْعٌ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ هَلْ يَقْضِي مَا فَاتَهُ مِنْ صَلَاة] (قَوْلُهُ فَرْعٌ مَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ قَضَى أَيَّامَ الْجُنُونِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ كَذَا أَطْلَقُوا وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا أَسْلَمَ أَبُوهُ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لَهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مِنْ حِينِ أَسْلَمَ أَبُوهُ إذْ الْمُسْلِمُ لَا يَغْلُظُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِإِتْيَانِهِ بِالْبَدَلِ حَالَةَ الْعَجْزِ) قَالَ فِي التَّهْذِيبِ لِأَنَّ سُقُوطَ الْقِيَامِ عَنْ الْعَاجِزِ وَعَمَّنْ زَالَ عَقْلُهُ رُخْصَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُدَّةُ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا السُّكْرُ) فَإِنْ الْتَبَسَ زَمَنُ السُّكْرِ بِزَمَنِ الْجُنُونِ قَضَى مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ السُّكْرُ غَالِبًا [بَيَانِ وَقْتِ الضَّرُورَةِ] (قَوْلُهُ كَاقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُتِمِّ) وَبِهَذَا خَالَفَ الْجُمُعَةَ لِأَنَّ ذَاكَ إدْرَاكُ إسْقَاطٍ فَاحْتِيطَ فِيهِ وَهَذَا إدْرَاكُ إيجَابٍ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَحَالَةُ الضَّرُورَةِ أَوْلَى) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الظُّهْرَ الْمُدْرَكَةَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَدَاءٌ كَمَا قَالُوهُ فِي الْمُسَافِرِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَدْرًا يَسَعُ الطَّهَارَةَ) قَالَ شَيْخُنَا إذَا اعْتَبِرْنَا الطَّهَارَةَ فَفِي شَرْحِ التَّعْجِيزِ لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهُ بَعْدَ الْغُسْلِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الصَّيْدَلَانِيِّ اعْتِبَارُ الْوُضُوءِ فَقَطْ وَهُوَ لَفْظُ الْوَجِيزِ وَإِذَا اعْتَبِرْنَا الطَّهَارَةَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ طَهَارَتَانِ أَوْ وَاحِدَةٌ أَعْنِي فِي إدْرَاكِ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ الطَّهَارَتَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ شَرْطُهَا الطَّهَارَةُ وَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا بِالطَّهَارَةِ الْأُولَى خَادِمُ الْأَوْجَهِ مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مِنْ اعْتِبَارِ طَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ نَعَمْ إنْ كَانَتْ طَهَارَةً ضَرُورَةً اُعْتُبِرَ زَمَنُ طَهَارَتَيْنِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ وَقْتِ السَّتْرِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ اعْتِبَارِ زَمَنِ الطَّهَارَةِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِ زَمَنِ السَّتْرِ أَنَّ الطَّهَارَةَ تَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ بِخِلَافِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى هَذَا الْفَرْقِ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِيمَا إذَا طَرَأَ الْعُذْرُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مُضِيُّ قَدْرِ السُّتْرَةِ لِتَقَدُّمِ إيجَابِهَا عَلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ فس (وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ نَقَلَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ لِقَوْلِهِ فَلَوْ بَلَغَ ثُمَّ جُنَّ إلَخْ) وَأَفَاقَ ثُمَّ عَادَ جُنُونُهُ أَوْ طَهُرَتْ ثُمَّ جُنَّتْ أَوْ أَفَاقَتْ ثُمَّ حَاضَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 تَعَيَّنَ صَرْفُهُ إلَى الْمَغْرِبِ وَمَا فَضَلَ لَا يَكْفِي لِلْعَصْرِ فَلَا تَلْزَمُ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَغْرِبِ لِاشْتِغَالِهِ بِالْعَصْرِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا وُجُوبًا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَوْ أَدْرَكَ مَا يَسَعُ الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ مَعَ الطَّهَارَةِ دُونَ الظُّهْرِ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ لِلْمَغْرِبِ وَالْعَصْرِ وَزَادَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ مَعَ مُؤَدَّاةٍ وَجَبَتْ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا قَالَهُ الْبَغَوِيّ (وَإِنْ طَرَأَ الْمَانِعُ) فِي الْوَقْتِ بَعْدَ أَنْ خَلَا عَنْهُ الشَّخْصُ (أَوَّلَ الْوَقْتِ قَدْرَ مَا يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةِ دُونَ طَهَارَةٍ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا) عَلَيْهِ حَالَةَ كَوْنِ تِلْكَ الصَّلَاةِ (مُخَفَّفَةً وَ) لَوْ (مَقْصُورَةً لِلْمُسَافِرِ لَزِمَتْ وَحْدَهَا) لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يُمْكِنُ فِيهِ فِعْلُهَا وَكَذَا لَوْ خَلَا عَنْهُ الْمَانِعُ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ لَكِنْ لَا يَتَأَتَّى اسْتِثْنَاءُ الطَّهَارَةِ الَّتِي يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا فِي غَيْرِ الصَّبِيِّ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَدْرَ " وَقَدْرَ " بِالْوَاوِ وَهِيَ أَوْضَحُ (وَلَوْ اتَّسَعَ) زَمَنُ الْخُلُوِّ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى (لِلثَّانِيَةِ) فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ مَعَ الْأُولَى وَفَارَقَ الْعَكْسَ بِأَنَّ وَقْتَ الْأُولَى لَا يَصْلُحُ لِلثَّانِيَةِ إلَّا إذَا صَلَّاهُمَا جَمْعًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَبِأَنَّ وَقْتَ الْأُولَى فِي الْجَمْعِ وَقْتٌ لِلثَّانِيَةِ تَبَعًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ بِدَلِيلِ عَدَمِ جَوَازِ تَقْدِيمِ الثَّانِيَةِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَجَوَازِ تَقْدِيمِ الْأُولَى بَلْ وُجُوبُهُ عَلَى وَجْهٍ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ وَاعْتُبِرَ الْأَخَفُّ لِحُصُولِ التَّمَكُّنِ بِفِعْلِهِ فَلَوْ طَوَّلَتْ صَلَاتَهَا فَحَاضَتْ فِيهَا وَقَدْ مَضَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا لَوْ خَفَّفَتْ أَوْ مَضَى لِلْمُسَافِرِ مِنْ وَقْتِ الْمَقْصُورَةِ مَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ لَزِمَهُمَا الْقَضَاءُ وَخَرَجَ بِمَا يَسَعُ الصَّلَاةَ مَا لَا يَسَعُهَا فَلَا وُجُوبَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ آخِرَ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ لِإِمْكَانِ الْبِنَاءِ عَلَى مَا أَوْقَعَهُ فِيهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَبِقَوْلِهِ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا مَا لَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ كَتَيَمُّمٍ وَطُهْرِ سَلَسٍ فَلَا بُدَّ فِي وُجُوبِ تِلْكَ الصَّلَاةِ مِنْ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ فِعْلُ ذَلِكَ (وَإِنْ صَلَّى) صَبِيٌّ وَظِيفَةَ الْوَقْتِ (ثُمَّ بَلَغَ) أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَلَوْ عَنْ الْجُمُعَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ إدْرَاكُهَا لِأَنَّهُ أَدَّاهَا صَحِيحَةً فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا كَأَمَةٍ صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ وَعَتَقَتْ فِي الْوَقْتِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ فَاعْتُبِرَ وُقُوعُهُ حَالَ الْكَمَالِ (أَوْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا لَزِمَهُ إتْمَامُهَا) لِأَنَّهُ أَدْرَكَ الْوُجُوبَ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَلَزِمَهُ إتْمَامُهَا (وَأَجْزَأَتْهُ وَلَوْ عَنْ الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهُ صَلَّى الْوَاجِبَ بِشَرْطِهِ وَقَدْ تَجِبُ إتْمَامُ الْعِبَادَةِ وَإِنْ كَانَ أَوَّلُهَا تَطَوُّعًا كَحَجِّ تَطَوُّعٍ وَصَوْمِ مَرِيضٍ شُفِيَ فِي أَثْنَائِهِ (وَتُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ) فِي الصُّورَتَيْنِ لِيُؤَدِّيَهَا حَالَةَ الْكَمَالِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ لَزِمَهُ إتْمَامُهَا إنَّمَا هُوَ جَوَابٌ لِلثَّانِيَةِ وَأَنَّ مَا بَعْدَهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُولَى وَأَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الصَّلَاةِ بِزَوَالِ الْمَانِعِ فِي الْوَقْتِ إذَا لَمْ تُؤَدَّ حَالَةَ الْمَانِعِ وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الصَّبِيِّ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْمَوَانِعِ كَمَا تَمْنَعُ الْوُجُوبَ تَمْنَعُ الصِّحَّةَ (وَلَوْ زَالَتْ) أَيْ الْمَوَانِعُ (فِي وَقْتِ الْعَصْرِ) أَوَّلَهُ أَوْ وَسَطَهُ (وَلَبِثَ) الشَّخْصُ بِلَا مَانِعٍ (مَا يَسَعُ الطَّهَارَةَ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَقْدِيمُهَا (وَ) مَا يَسَعُ (أَدَاءُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ جُنَّ) (لَزِمَتَاهُ) كَمَا تَلْزَمُهُ بِآخِرِهِ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَمِثْلُهُ الْمَغْرِبُ مَعَ الْعِشَاءِ (فَصْلٌ) فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ (وَتُكْرَهُ تَحْرِيمًا الصَّلَاةُ فِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَرْتَفِعَ رُمْحًا) أَيْ قَدْرَهُ تَقْرِيبًا (وَ) عِنْدَ (اسْتِوَائِهَا حَتَّى تَزُولَ وَ) عِنْدَ (اصْفِرَارِهَا حَتَّى تَغْرُبَ) لِلنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الرُّمْحِ (وَبَعْدَ فِعْلَيْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ) أَدَاءً لِمَنْ صَلَّاهَا (وَلَوْ قَدَّمَهَا) مَجْمُوعَةً فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَسْتَمِرُّ الْكَرَاهَةُ (إلَى الْغُرُوبِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ) أَدَاءً (إلَى الطُّلُوعِ) لِمَنْ صَلَّاهَا لِلنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ خَمْسَةٌ هِيَ عِبَارَةُ الْجُمْهُورِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ هِيَ ثَلَاثَةٌ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَمِنْ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ وَحَالَةَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْعَصْرِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْبَغَوِيّ وَيَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ وَطَهَارَةٌ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ) خَرَجَ طَهَارَةٌ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا كَمُتَيَمِّمٍ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَدَائِمِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَدْرِ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ قَدْرٍ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ا (قَوْلُهُ مِنْ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ فِعْلُ ذَلِكَ) لَا شَكَّ أَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَالْإِغْمَاءَ وَنَحْوَهَا لَا يُمْكِنُ مَعَهَا فِعْلُ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا صَحِيحَةً) هَذَا التَّعْلِيلُ جَارٍ عَلَى غَيْرِ الْأَصَحِّ فِي تَعْرِيفِ الصِّحَّةِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عَلَى الرَّاجِحِ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ الْفَرْضِيَّةَ وَأَنْ لَا يَنْوِيَهَا (قَوْلُهُ أَوْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا بِالسِّنِّ) وَلَا يُتَصَوَّرُ بِالِاحْتِلَامِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا نَزَلَ إلَى ذَكَرِهِ فَأَمْسَكَهُ حَتَّى رَجَعَ الْمَنِيُّ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ مِنْهُ إلَى خَارِجٍ (قَوْلُهُ وَصَوْمُ مَرِيضٍ شُفِيَ فِي أَثْنَائِهَا) وَكَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ تَطَوُّعٍ ثُمَّ نَذَرَ إتْمَامَهُ (قَوْلُهُ وَلَبِثَ مَا يَسَعُ الطَّهَارَةَ إلَخْ) أَمَّا إذَا لَبِثَ مَا لَا يَسَعُ ذَلِكَ فَلَا لُزُومَ إلَّا أَنْ يَسَعَ الْفَرْضَ الثَّانِيَ فَيَجِبُ فَقَطْ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهُ أَوْ الْأَوَّلَ بِأَنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ وَأَدْرَكَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ أَنْ يَجِبَ الْمَغْرِبُ وَكَانَ الْقَاضِي يَتَوَقَّفُ فِيهِ لِسُقُوطِ التَّابِعِ بِسُقُوطِ مَتْبُوعِهِ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ وُجُوبِهِ ش وَقَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ) لَيْسَ كَذَلِكَ [فَصْلٌ فِي أَوْقَاتِ كَرَاهَةِ الصَّلَاةُ] (فَصْلٌ) فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ أَيْ قَدْرَهُ) تَقْرِيبًا فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَإِلَّا فَالْمَسَافَةُ طَوِيلَةٌ جِدًّا د (قَوْلُهُ وَعِنْدَ اسْتِوَائِهَا) اعْلَمْ أَنَّ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ وَقْتٌ لَطِيفٌ لَا يَتَّسِعُ لِصَلَاةٍ وَلَا يَكَادُ يَشْعُرُ بِهِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ إلَّا أَنَّ التَّحَرُّمَ قَدْ يُمْكِنُ إيقَاعُهُ فِيهِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ ح (قَوْلُهُ وَبَعْدَ فِعْلَيْنِ إلَخْ) الْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفِعْلِ الْفِعْلُ الْمُغْنِي عَنْ الْقَضَاءِ بَلْ مُطْلَقُ الْفِعْلِ حَتَّى يَدْخُلَ فِيهِ صَلَاةُ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَصَلَاةُ الْمُتَيَمِّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ س الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِي التَّعَقُّبَاتِ أَنَّ الْمُتَّجَهَ الْأَوَّلُ وَعِبَارَتُهَا وَهَلْ الْمُرَادُ بِفِعْلِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ الْفِعْلُ الْمُغْنِي عَنْ الْقَضَاءِ أَمْ مُطْلَقُ الْفِعْلِ حَتَّى يَدْخُلَ فِيهِ صَلَاةُ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَالصَّلَاةُ لِفَقْدِ الْمَاءِ فِي مَوْضِعٍ لَا تَسْقُطُ الْفَرْضُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ هُمَا النَّافِلَةَ الْمُطْلَقَةَ الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ) وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ ع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 الِاسْتِوَاءِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهِيَ تَشْمَلُ الْخَمْسَةَ وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى أَجْوَدُ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ الْعَصْرَ حَتَّى اصْفَرَّتْ يُكْرَهُ لَهُ التَّنَفُّلُ حَتَّى تَرْتَفِعَ أَوْ تَغْرُبَ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ الْعِبَارَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَلِأَنَّ حَالَ الِاصْفِرَارِ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فِيهِ عَلَى الْعِبَارَةِ الْأُولَى بِسَبَبَيْنِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُرَادُ بِحَصْرِ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَوْقَاتِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوْقَاتِ الْأَصْلِيَّةِ فَسَتَأْتِي كَرَاهَةُ التَّنَفُّلِ فِي وَقْتِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ وَوَقْتِ صُعُودِ الْإِمَامِ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَفِي إيرَادِهِ الْأُولَى نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا لِلتَّنْزِيهِ وَالْكَلَامُ فِي كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ (وَلَا تُكْرَهُ) الصَّلَاةُ (فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ (بِمَكَّةَ وَسَائِرِ الْحَرَمِ) لِخَبَرِ «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ فَضْلِ الصَّلَاةِ فَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ نَعَمْ هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي مُقْنِعِ الْمَحَامِلِيِّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَلَا) تُكْرَهُ (عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) لِأَحَدٍ (وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مُرْسَلًا لِاعْتِضَادِهِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَحَبَّ التَّبْكِيرَ إلَيْهَا ثُمَّ رَغَّبَ فِي الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ (وَلَا) تُكْرَهُ (مَا) أَيْ صَلَاةٌ (لَهَا سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُقَارِنٌ كَالْجِنَازَةِ وَالْمَنْذُورَةِ) وَالْمُعَادَةِ كَصَلَاةِ مُنْفَرِدٍ وَمُتَيَمِّمٍ (وَالْقَضَاءِ) بِمَعْنَى الْمَقْضِيَّةِ (حَتَّى) مَقْضِيَّةَ النَّوَافِلِ (الَّتِي اتَّخَذَهَا وِرْدًا) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهَا سَبَبًا مُتَقَدِّمًا أَوْ مُقَارِنًا عَلَى مَا يَأْتِي وَلِخَبَرِ «فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ هُمَا اللَّتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ» وَفِي مُسْلِمٍ «لَمْ يَزَلْ يُصَلِّيهِمَا حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» (وَكَذَا رَكْعَتَا الْوُضُوءِ وَالِاسْتِسْقَاءِ) وَالْكُسُوفِ وَالطَّوَافِ وَنَحْوِهَا كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ لِأَنَّ بَعْضَهَا لَهُ سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ كَرَكْعَتَيْ الْوُضُوءِ وَبَعْضَهَا لَهُ سَبَبٌ مُقَارِنٌ كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ بِخِلَافِ مَا لَهَا سَبَبٌ مُتَأَخِّرٌ كَصَلَاةِ الْإِحْرَامِ وَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُرَادُ بِالتَّقَدُّمِ وَقَسِيمَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِلَى الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلَةٌ لَهُمَا وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ سَبَبُهَا مُتَقَدِّمٌ وَعَلَى الثَّانِي قَدْ يَكُونُ مُتَقَدِّمًا وَقَدْ يَكُونُ مُقَارِنًا بِحَسَبِ وُقُوعِهِ فِي الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ (وَلَيْسَ لِمَنْ قَضَى فِيهَا) أَيْ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ (فَائِتَةً الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا وَجَعْلُهَا وِرْدًا) وَأَمَّا «مُدَاوَمَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ» كَمَا مَرَّ فَمِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَتُكْرَهُ رَكْعَتَا الِاسْتِخَارَةِ وَالْإِحْرَامِ فِيهَا) أَيْ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّ سَبَبَهُمَا وَهُوَ الِاسْتِخَارَةُ وَالْإِحْرَامُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُمَا (وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ) فِيهَا (لَا لِغَرَضٍ سِوَى اسْتِحْبَابِهَا) أَيْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ (لَمْ تَصِحَّ كَمَنْ أَخَّرَ فَائِتَةً) عَلَيْهِ (لِيَقْضِيَهَا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ) فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا» وَلِلسُّبْكِيِّ هُنَا بَحْثٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ أَمَّا إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لَا لِغَرَضٍ أَوْ لِغَرَضٍ غَيْرِ التَّحِيَّةِ أَوْ لِغَرَضِهِمَا فَلَا تُكْرَهُ بَلْ تُسَنُّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِخَبَرِ النَّهْيِ فَإِنْ قُلْتُ خَبَرُ النَّهْيِ عَامٌّ فِي الصَّلَوَاتِ خَاصٌّ فِي الْأَوْقَاتِ وَخَبَرُ التَّحِيَّةِ بِالْعَكْسِ فَلِمَ رَجَّحْتُمْ تَخْصِيصَ خَبَرِ النَّهْيِ قُلْنَا لِأَنَّ التَّخْصِيصَ دَخَلَهُ بِمَا مَرَّ مِنْ الْأَخْبَارِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ وَبِالْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَعْدَهُمَا وَأَمَّا خَبَرُ التَّحِيَّةِ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ وَلِهَذَا أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدَّاخِلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ بِالتَّحِيَّةِ بَعْدَ أَنْ قَعَدَ وَلَوْ كَانَتْ تُتْرَكُ فِي وَقْتٍ لَكَانَ هَذَا الْوَقْتَ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ حَالَ الْخُطْبَةِ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا التَّحِيَّةَ وَلِأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي الْخُطْبَةِ وَبَعْدَ أَنَّ قَعَدَ الدَّاخِلُ وَكُلُّ هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي تَعْمِيمِ التَّحِيَّةِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ أَوْ نَذَرَهَا فِيهِ) أَيْ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ (لَمْ يَنْعَقِدْ) كُلٌّ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالنَّذْرِ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْقَضَاءُ) قَالَ شَيْخُنَا نَقْلُ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْفَائِتَةَ تُفْعَلُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ (قَوْلُهُ وَصَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ) وَالصَّلَاةُ عِنْدَ السَّفَرِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ د (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ) وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَقْسِيمِ الرَّافِعِيِّ ز (قَوْلُهُ وَلِلسُّبْكِيِّ هُنَا بَحْثٌ ذَكَرْته إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَكْرُوهُ الدُّخُولَ لِغَرَضِ التَّحِيَّةِ وَتَأْخِيرَ الْفَائِتَةِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ أَمَّا فِعْلُهَا فِيهِ فَكَيْفَ يَكُونُ مَكْرُوهًا وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا بِأَنَّ فَاتَتْهُ عَمْدًا بَلْ الْعَصْرُ الْمُؤَدَّاةُ تَأْخِيرُهَا لِتُفْعَلَ وَقْتَ الِاصْفِرَارِ مَكْرُوهٌ وَلَا نَقُولُ بَعْدَ التَّأْخِيرِ أَنَّ إيقَاعَهَا فِيهِ مَكْرُوهٌ بَلْ وَاجِبٌ وَأَقُولُ بَلْ فِعْلُ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَ مَكْرُوهٌ أَيْضًا لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا» لَكِنْ الْمُؤَدَّاةُ مُنْعَقِدَةٌ لِوُقُوعِهَا فِي وَقْتِهَا بِخِلَافِ التَّحِيَّةِ وَالْفَائِتَةِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَكَوْنُهَا قَدْ تَجِبُ لَا يَقْتَضِي صِحَّتَهَا فِيمَا ذَكَرَ لَكِنَّهُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى ذَلِكَ مُرَاغِمٍ لِلشَّرْعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلِأَنَّ الْمَانِعَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُقْتَضَى عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا ش. (قَوْلُهُ وَبِالْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ) أَيْ وَالْفَائِتَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ أَوْ نَذَرَهَا فِيهِ لَمْ تَنْعَقِدْ) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الْأَمْكِنَةِ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفِعْلَ فِي الزَّمَانِ يُذْهِبُ جُزْءًا مِنْهُ فَكَانَ النَّهْيُ فِيهِ مُنْصَرِفًا لِإِذْهَابِ هَذَا الْجُزْءِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَهُوَ وَصْفٌ لَازِمٌ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ فِعْلِهِ إلَّا بِإِذْهَابِ جُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ وَأَمَّا الْمَكَانُ فَلَا يَذْهَبُ جُزْءٌ مِنْهُ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِالْفِعْلِ فَالنَّهْيُ فِيهِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ مُجَاوِرٍ لَا لَازِمٍ فَحَقِّقْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ قُلْت الْفَرْقُ اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ وَتَحْقِيقُ هَذَا أَنَّ الْأَفْعَالَ الِاخْتِيَارِيَّةَ لِلْعِبَادِ تَقْتَضِي زَمَانًا وَمَكَانًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَازِمٌ لِوُجُودِ الْفِعْلِ لَكِنْ الزَّمَانُ كَمَا يَلْزَمُ الْوُجُودَ يَلْزَمُ الْمَاهِيَّةَ دُونَ الْمَكَانِ وَلِهَذَا يَنْقَسِمُ الْفِعْلُ بِحَسَبِ انْقِسَامِ الزَّمَانِ إلَى الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وَالْحَالِ فَكَانَ أَشَدَّ ارْتِبَاطًا بِالْفِعْلِ مِنْ الْمَكَانِ فَافْتَرَقَا كَ (قَوْلِهِ: كُلٌّ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالنَّذْرِ) وَإِنْ قُلْنَا إنَّ كَرَاهَتَهَا لِلتَّنْزِيهِ لِأَنَّ نَهْيَ التَّنْزِيهِ إذَا رَجَعَ إلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ الْوَقْتِ ثُمَّ جَاءَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِيهَا لَمْ تَبْطُلْ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَحَرَّ دُخُولَ بَعْضِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي وَقْتِ جَوَازِ الصَّلَاةِ ثُمَّ سَجَدَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَحَرَّى السُّجُودَ فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِمَّا إذَا قَرَأَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) الْأَذَانُ وَالْأَذِينُ وَالتَّأْذِينُ بِالْمُعْجَمَةِ لُغَةً الْإِعْلَامُ قَالَ تَعَالَى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] وَشَرْعًا قَوْلٌ مَخْصُوصٌ يُعْلَمُ بِهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] وَقَوْلُهُ {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 58] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ «لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيَضْرِبَ بِهِ النَّاسُ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ فَقُلْت يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ فَقَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِهِ فَقُلْت نَدْعُو بِهِ إلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَوَلَا أَدُلُّك عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ فَقُلْت بَلَى فَقَالَ تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ وَتَقُولُ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى آخِرِ الْإِقَامَةِ فَلَمَّا أَصْبَحْت أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْت فَقَالَ إنَّهَا رُؤْيَا حَقٍّ إنْ شَاءَ اللَّهُ قُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْت فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْك فَقُمْت مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ فَيُؤَذِّنُ بِهِ فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ يَقُولُ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ مَا رَأَى فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلِلَّهِ الْحَمْدُ» (هُوَ) أَيْ الْأَذَانُ (وَالْإِقَامَةُ سُنَّتَانِ) عَلَى الْكِفَايَةِ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ قَالُوا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبَا لِأَنَّهُمَا إعْلَامٌ بِالصَّلَاةِ وَدُعَاءٌ إلَيْهَا كَقَوْلِهِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَاكَ شِعَارٌ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَفِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ ذَاكَ دُعَاءٌ إلَى مُسْتَحَبٍّ وَهَذَا دُعَاءٌ إلَى وَاجِبٍ وَإِنَّمَا يُسَنَّانِ (فِي الْمَكْتُوبَاتِ) الْخَمْسِ (فَقَطْ) أَيْ لَا فِي غَيْرِهَا كَالسُّنَنِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْمَنْذُورَةِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِيهِ بَلْ يُكْرَهَانِ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ (فَلْيُظْهِرْ الْأَذَانَ) أَيْ يُسَنُّ إظْهَارُهُ (فِي الْبَلَدِ) مَثَلًا (بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ كُلُّ مُصْغٍ إلَيْهِ) مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَفِي بَلْدَةٍ صَغِيرَةٍ يَكْفِي فِي مَحَلٍّ وَفِي كَبِيرَةٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي مَحَالٍّ لِيَنْتَشِرَ فِي جَمِيعِ أَهْلِهَا فَلَوْ أَذَّنَ وَاحِدٌ فِي جَانِبٍ فَقَطْ حَصَلَتْ السُّنَّةُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ (فَلَوْ تَرَكُوهُ) وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ (لَمْ يُقَاتَلُوا) كَسَائِرِ السُّنَنِ (وَيُسَنُّ) الْأَذَانُ (لِلْمُنْفَرِدِ) بِالصَّلَاةِ (وَلَوْ سَمِعَهُ) مِنْ غَيْرِهِ وَيَكْفِي فِي أَذَانِهِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ بِخِلَافِ أَذَانِ الْإِعْلَامِ كَمَا سَيَأْتِي وَالتَّرْجِيحُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ سَمِعَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (وَيُعْلِنُ) أَيْ يَرْفَعُ بِهِ صَوْتَهُ نَدْبًا رَوَى الْبُخَارِيُّ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ إنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فَإِذَا كُنْت فِي غَنَمِك أَوْ بَادِيَتِك فَأَذَّنْت لِلصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (لَا) إنْ صَلَّى (فِي مَسْجِدٍ أَذَّنَ) وَصَلَّى (فِيهِ) وَإِنْ لَمْ تُقَمْ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً بِأَنْ أُقِيمَتْ فُرَادَى (أَوْ) فِي مَسْجِدٍ أَذَّنَ وَ (أُقِيمَتْ) فِيهِ (جَمَاعَةً) فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِيهِمَا وَالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ قَالَ فِيهَا وَفِي الثَّانِيَةِ مَا قَدَّرْته كَانَ أَوْلَى وَاعْتَبَرَ الْأَصْلَ مَعَ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ انْصِرَافَهُمْ حَيْثُ قَالَ مَا حَاصِلُهُ لَا إنْ صَلَّى فِي مَسْجِدٍ أُقِيمَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَانْصَرَفُوا فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ لِئَلَّا يُوهِمُ السَّامِعِينَ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى لَا سِيَّمَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ وَذَكَرَ أَيْضًا مَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالْأُولَى أَنَّهُ لَوْ أُقِيمَتْ جَمَاعَةٌ ثَانِيَةٌ فِي الْمَسْجِدِ سُنَّ لَهُمْ   [حاشية الرملي الكبير] الصَّلَاةِ يُضَادُّ الصِّحَّةَ كَنَهْيِ التَّحْرِيمِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْأَمْرِ وَلَا يَلْزَمُ كَوْنُ الشَّيْءِ مَطْلُوبًا مَنْهِيًّا وَلَا يَصِحُّ إلَّا مَا كَانَ مَطْلُوبًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي وَقْتِ جَوَازِ الصَّلَاةِ إلَخْ) لَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِيَسْجُدَهَا لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَحَرَّى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ) (قَوْلُهُ سُنَّتَانِ عَلَى الْكِفَايَةِ) شَمِلَ أَذَانَ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا إعْلَامٌ بِالصَّلَاةِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَهُ فِي ثَانِيَةِ الْجَمْعِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا تَرَكَهُ لِلْجَمْعِ الَّذِي لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلِذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ كَمَا ذَكَرَ الْوُضُوءَ وَالِاسْتِقْبَالَ وَأَرْكَانَ الصَّلَاةِ ش (قَوْلُهُ وَضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَيْ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ إيجَابُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ح (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُسَنَّانِ فِي الْمَكْتُوبَاتِ فَقَطْ) يُؤَذِّنُ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ الْيُمْنَى وَيُقِيمُ فِي الْيُسْرَى وَيُشْرَعُ الْأَذَانُ أَيْضًا إذَا تَغَوَّلَتْ الْغِيلَانُ أَيْ تَمَرَّدَتْ الْجَانُّ لِحَدِيثٍ صَحِيحٍ وَرَدَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُقَالُ لَا تَرِدُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْأَذَانِ مَعَ الْإِقَامَةِ وَهَذَا أَذَانٌ بِلَا إقَامَةٍ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ) فِي التَّتِمَّةِ وَنَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِيدِ ز (قَوْلُهُ فَلَوْ تَرَكُوهُ لَمْ يُقَاتَلُوا) وَإِنْ تَرَكُوهُ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ) وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ش وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ ح (قَوْلُهُ لَا فِي مَسْجِدٍ أُذِّنَ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّامِلِ الصَّغِيرِ حَيْثُ لَمْ يُؤَذِّنْ أَوَّلًا وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ فَإِنْ أَذَّنَ بِمَسْجِدٍ صَلَّيْنَا فِيهِ جَمَاعَةً لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ وَإِلَّا رَفَعَ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ لَوْ حَضَرَ وَقَدْ صَلَّتْ الْجَمَاعَةُ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِخَفْضِ الصَّوْتِ سَوَاءٌ رَجَا جَمَاعَةً أَمْ لَا وَيُكْرَهُ رَفْعُهُ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْجِيرَانَ وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الْوَقْتِ وَهَذَا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ مُطْلَقًا وَقَالَ الْقَمُولِيُّ وَهَلْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّيَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ يَرْفَعْهُ سَوَاءٌ رَجَا حُضُورَ جَمَاعَةٍ أَمْ لَا وَقَالَ الْأَصْفُونِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ الْحِجَازِيُّ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ. (قَوْلُهُ فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِيهِمَا) أَيْ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْفَعَ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُوهِمَ السَّامِعِينَ إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 الْأَذَانُ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَإِنَّمَا سُنَّ الْأَذَانُ ثَانِيًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ انْتَهَى حُكْمُهُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى وَالتَّقْيِيدُ بِانْصِرَافِهِمْ يَقْتَضِي سَنَّ الرَّفْعِ قَبْلَهُ لِعَدَمِ خَفَاءِ الْحَالِ عَلَيْهِمْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ لِهَذَا لِنَظَرٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا قَيَّدُوا بِوُقُوعِ جَمَاعَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ الْأَذَانُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مَدْعُوٌّ بِالْأَوَّلِ وَلَمْ يَنْتَهِ حُكْمُهُ وَذِكْرُ الْمَسْجِدِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَمِثْلُهُ الرِّبَاطُ وَنَحْوُهُ مِنْ أَمْكِنَةِ الْجَمَاعَةِ (وَتُقِيمُ الْمَرْأَةُ) لَهَا وَلِلنِّسَاءِ نَدْبًا (وَلَا تُؤَذِّنُ) أَيْ لَا يُنْدَبُ أَذَانُهَا لَهَا وَلَا لَهُنَّ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْ رَفْعِهَا الصَّوْتَ بِهِ الْفِتْنَةُ (فَإِنْ أَذَّنَتْ) لَهَا أَوْ لَهُنَّ (سِرًّا لَمْ يُكْرَهْ) وَكَانَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ جَهْرًا) بِأَنْ رَفَعَتْ صَوْتَهَا فَوْقَ مَا تُسْمِعُ صَوَاحِبَهَا وَثَمَّ أَجْنَبِيٌّ (حَرُمَ) كَمَا يَحْرُمُ تَكَشُّفُهَا بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ لِأَنَّهُ يُفْتَتَنُ بِصَوْتِهَا كَمَا يُفْتَتَنُ بِوَجْهِهَا أَوْ اسْتَشْكَلَ بِجَوَازِ غِنَائِهَا عِنْدَ اسْتِمَاعٍ لِرَجُلٍ لَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغِنَاءَ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ اسْتِمَاعُهُ وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ وَالْأَذَانُ يُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِمَاعُهُ فَلَوْ جَوَّزْنَا لِلْمَرْأَةِ لَأَدَّى إلَى أَنْ يُؤْمَرَ الرَّجُلُ بِاسْتِمَاعِ مَا يَخْشَى مِنْهُ الْفِتْنَةَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ أَمَّا أَذَانُهَا لِلرِّجَالِ أَوْ لِلْخَنَاثَى فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُنَادَى لِجَمَاعَةِ) صَلَاةِ (الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالتَّرَاوِيحِ) وَالْوِتْرِ حَيْثُ يُسَنُّ جَمَاعَةً فِيمَا يَظْهَرُ (الصَّلَاةَ جَامِعَةً) لِوُرُودِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِي وَالْجُزْءَانِ مَنْصُوبَانِ الْأَوَّلُ بِالْإِغْرَاءِ وَالثَّانِي بِالْحَالِيَّةِ أَيْ اُحْضُرُوا الصَّلَاةَ أَوْ الْزَمُوهَا حَالَةَ كَوْنِهَا جَامِعَةً وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ وَرَفْعُ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَوْ عَكْسُهُ وَنَصْبُ الْآخِرِ عَلَى الْإِغْرَاءِ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْحَالِيَّةِ فِي الثَّانِي وَكَالصَّلَاةَ جَامِعَةً الصَّلَاةَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (لَا لِجِنَازَةٍ) وَمَنْذُورَةٍ وَنَافِلَةٍ لَا تُسَنُّ جَمَاعَةً كَالضُّحَى أَوْ صُلِّيَتْ فُرَادَى فَلَا يُسَنُّ لَهَا ذَلِكَ أَمَّا غَيْرُ الْجِنَازَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْجِنَازَةُ فَلِأَنَّ الْمُشَيِّعِينَ لَهَا حَاضِرُونَ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِعْلَامِ (وَإِنْ وَالَى بَيْنَ فَوَائِتَ أَذَّنَ لِلْأُولَى) فَقَطْ (وَأَقَامَ لِلْكُلِّ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهَا كَمَا جَاءَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَكَانَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا مُعْتَضِدٌ بِخَبَرٍ فِي مُسْلِمٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لِلْفَائِتَةِ فَإِنْ لَمْ يُوَالِ بَيْنَهَا أَذَّنَ وَأَقَامَ لِكُلٍّ (وَلَوْ أَتْبَعَهَا) أَيْ الْفَائِتَةَ (بِحَاضِرَةٍ بِلَا فَصْلٍ) طَوِيلٍ (لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ الْأَذَانَ لِلْحَاضِرَةِ (إلَّا إنْ دَخَلَ وَقْتُهَا) فَيُعِيدُهُ لِلْإِعْلَامِ بِوَقْتِهَا (وَيُؤَذَّنُ لِلْأُولَى فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِيَةِ (فِي جَمْعِ تَقْدِيمٍ أَوْ) جَمْعِ (تَأْخِيرٍ) وَالَى فِيهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ وَرَوَيَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِإِقَامَتَيْنِ» وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا حَفِظَ الْإِقَامَةَ وَقَدْ حَفِظَ جَابِرٌ الْأَذَانَ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَبِأَنَّ جَابِرًا اسْتَوْفَى أُمُورَ حَجَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَتْقَنَهَا فَهُوَ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ (فَصْلٌ) فِي صِفَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. (وَكَلِمَاتُهُ) مَعَ كَلِمَاتِهَا (مَشْهُورَةٌ) وَعِدَّةُ كَلِمَاتِهِ بِالتَّرْجِيعِ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَعِدَّةُ كَلِمَاتِهَا إحْدَى عَشْرَةَ (فَإِنْ زَادَ) الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِهِ شَيْئًا (مِنْهُ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهَا (أَوْ مِنْ ذِكْرٍ آخَرَ لَا يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهٍ) بِغَيْرِ الْأَذَانِ (أَوْ قَالَ اللَّهُ الْأَكْبَرُ أَوْ لُقِّنَ الْأَذَانَ لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ وَقَوْلُهُ لَا يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ (وَيَفْتَحُ) أَيْ الْمُؤَذِّنُ (الرَّاءَ فِي الْأُولَى) مِنْ لَفَظَّتَيْ التَّكْبِيرِ (وَيُسَكِّنُ) هَا (فِي الثَّانِيَةِ) لِلْوَقْفِ وَفَتْحُهَا فِي الْأُولَى هُوَ قَوْلُ الْمُبَرِّدِ قَالَ لِأَنَّ الْأَذَانَ سُمِعَ مَوْقُوفًا فَكَانَ الْأَصْلُ إسْكَانَهَا لَكِنْ لَمَّا وَقَعَتْ قَبْلَ فَتْحَةِ هَمْزَةِ اللَّهِ الثَّانِيَةِ فُتِحَتْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {الم - اللَّهُ} [آل عمران: 1 - 2] وَقَالَ الْهَرَوِيُّ عَوَامُّ النَّاسِ عَلَى رَفْعِهَا وَمَا قَالَهُ هُوَ الْقِيَاسُ وَمَا عَلَّلَ بِهِ الْمُبَرِّدُ مَمْنُوعٌ إذْ الْوَقْفُ لَيْسَ عَلَى أَكْبَرِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ مِيمٍ مِنْ الم كَمَا لَا يَخْفَى (قَارِنًا) فِي الْأَذَانِ (بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ) بِصَوْتٍ لِخِفَّتِهِمَا (وَيُفْرِدُ بَاقِيَ الْكَلِمَاتِ) أَيْ كُلًّا مِنْهُ   [حاشية الرملي الكبير] أَوْ يُوهِمَ الْجِيرَانَ وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا قَيَّدُوا بِوُقُوعِ جَمَاعَةٍ إلَخْ) هَذَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ وَثَمَّ أَجْنَبِيٌّ حَرُمَ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَجْنَبِيٌّ وَأَنْ لَا يَكُونَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُفْتَتَنُ بِصَوْتِهَا إلَخْ) وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ بِخِلَافِ الْغِنَاءِ فَإِنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ النِّسَاءِ وَفَارَقَ الرَّفْعُ هُنَا الرَّفْعَ فِي التَّلْبِيَةِ بِأَنَّ الْإِصْغَاءَ إلَيْهِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ ز (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغِنَاءَ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ اسْتِمَاعُهُ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْغِنَاءَ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَالْأَذَانَ عِبَادَةٌ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهَا وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا حَرُمَ عَلَيْهَا تَعَاطِيهَا كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَعَاطِي الْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ وَبِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ النَّظَرُ إلَى الْمُؤَذِّنِ حَالَةَ الْأَذَانِ فَلَوْ اسْتَحْبَبْنَاهُ لِلْمَرْأَةِ لَأُمِرَ السَّامِعُ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَقْصُودِ الشَّارِعِ وَلِأَنَّ الْغِنَاءَ مِنْهَا إنَّمَا يُبَاحُ لِلْأَجَانِبِ الَّذِينَ يُؤْمَنُ افْتِنَانُهُمْ بِصَوْتِهَا وَالْأَذَانُ مَشْرُوعٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا يُحْكَمُ بِالْأَمْنِ مِنْ الِافْتِتَانِ فَمُنِعَتْ مِنْهُ وَبِأَنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ يُنَاسِبُ الْغِنَاءَ دُونَ الْعِبَادَاتِ كَمَا أَنَّ الدُّفَّ يُنَاسِبُ الْغِنَاءَ دُونَ ذِكْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (قَوْلُهُ الصَّلَاةَ جَامِعَةً) يَنُوبُ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَالصَّلَاةَ وَهَلُمُّوا إلَى الصَّلَاةِ وَالصَّلَاةَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ أَوْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ شَيْخُنَا فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ تَبَعًا لِلدَّارِمِيِّ (قَوْلُهُ لَمْ يُعِدْهُ إلَّا أَنْ دَخَلَ وَقْتُهَا) لَا سَبِيلَ إلَى تَوَالِي أَذَانَيْنِ إلَّا فِي هَذِهِ وَفِيمَا لَوْ أَخَّرَ الْمُؤَدَّاةَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ فَأَذَّنَ لَهَا وَصَلَّاهَا ثُمَّ دَخَلَتْ فَرِيضَةٌ أُخْرَى [فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ تِسْعَ عَشَرَةَ كَلِمَةً) رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْأَذَانُ تِسْعَ عَشَرَةَ كَلِمَةً (قَوْلُهُ بِغَيْرِ الْأَذَانِ) كَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ (قَوْلُهُ أَوْ لُقِّنَ الْأَذَانَ لَمْ يَضُرَّ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي الْأَذَانِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَإِنْ قُلْنَا تُشْتَرَطُ كَمَا حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ وَجْهًا فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ قَصْدُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ فَقَالَ وَإِذَا عَلَّمَ رَجُلٌ رَجُلًا الْأَذَانَ فَفَعَلَ وَهُوَ لَا يَقْصِدُ الْأَذَانَ الْمَسْنُونَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ ز (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لَا يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهٍ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ز (قَوْلُهُ وَيُسَكِّنُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْوَقْفِ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ غَيْرُ مُعْرَبٍ إذَا وُصِلَ بِمَا بَعْدَهُ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّهُ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ إلَى الرَّاءِ فَفُتِحَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 بِصَوْتٍ وَصَرَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْإِقَامَةِ يَجْمَعُ كُلَّ كَلِمَتَيْنِ) مِنْهَا بِصَوْتٍ وَالْكَلِمَةَ الْأَخِيرَةَ بِصَوْتٍ (قَوْلُهُمْ الْأَذَانُ مَثْنَى وَالْإِقَامَةُ فُرَادَى يُرِيدُونَ بِهِ مُعْظَمَهُمَا) فَإِنَّ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ فِي آخِرِ الْأَذَانِ مُفْرَدَةٌ وَالتَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِهِ أَرْبَعٌ وَلَفْظُ الْإِقَامَةِ وَالتَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا مَثْنَى لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي خَبَرَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَبِلَالٍ (وَيُسْتَحَبُّ تَرْتِيلُ الْأَذَانِ) أَيْ التَّأَنِّي فِيهِ (وَإِدْرَاجُ الْإِقَامَةِ) أَيْ الْإِسْرَاعُ بِهَا لِلْأَمْرِ بِهِمَا فِيمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ لِلْغَائِبِينَ فَالتَّرْتِيلُ فِيهِ أَبْلَغُ وَالْإِقَامَةُ لِلْحَاضِرِينَ فَالْإِدْرَاجُ فِيهَا أَشْبَهُ (وَ) يُسْتَحَبُّ (الْخَفْضُ بِهَا) لِذَلِكَ (وَالتَّرْجِيعُ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَذَانِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ وَحِكْمَتُهُ تَدَبُّرُ كَلِمَتَيْ الْإِخْلَاصِ لِكَوْنِهِمَا الْمُنْجِيَتَيْنِ مِنْ الْكُفْرِ الْمُدْخَلَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ وَتَذَكُّرُ خَفَائِهِمَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ظُهُورِهِمَا (وَهُوَ الْإِسْرَارُ بِكَلِمَاتِ الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ وَهُنَّ أَرْبَعٌ ثُمَّ) بَعْدَ ذِكْرِهَا سِرًّا (يُعِيدُهَا جَهْرًا) وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَى الرَّفْعِ بَعْدَ أَنْ تَرَكَهُ أَوْ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَجْمُوعِ لَكِنْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَتَحْقِيقِهِ وَدَقَائِقِهِ وَتَحْرِيرِهِ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلثَّانِي وَالْمُرَادُ بِالْإِسْرَارِ بِهِمَا أَنْ يُسْمِعَ مَنْ بِقُرْبِهِ أَوْ أَهْلَ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ وَاقِفًا عَلَيْهِمْ وَالْمَسْجِدُ مُتَوَسِّطُ الْخُطَّةِ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَغَيْرِهِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (التَّثْوِيبُ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَيُقَالُ التَّثْوِيبُ (فِي أَذَانَيْ الصُّبْحِ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَعَا إلَى الصَّلَاةِ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ ثُمَّ عَادَ فَدَعَا إلَيْهَا بِذَلِكَ وَخُصَّ بِالصُّبْحِ لِمَا يَعْرِضُ لِلنَّائِمِ مِنْ التَّكَاسُلِ بِسَبَبِ النَّوْمِ وَيُثَوِّبُ فِي أَذَانِ الْفَائِتِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ نَظَرًا إلَى أَصْلِهِ (وَيُكْرَهُ) أَنْ يُثَوِّبَ (لِغَيْرِهَا) أَيْ لِغَيْرِ الصُّبْحِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» (وَ) يُسْتَحَبُّ (الْقِيَامُ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ» وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ (وَالِاسْتِقْبَالُ) فِيهِمَا لِلْقِبْلَةِ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ وَلِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ سَلَفًا وَخَلَفًا (فَلَوْ تَرَكَهُمَا) مَعَ الْقُدْرَةِ (كُرِهَ) لِمُخَالِفَتِهِ السَّلَفَ وَالْخَلَفَ (وَأَجْزَأَهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (وَالِاضْطِجَاعُ) فِيمَا ذَكَرَ (أَشَدُّ كَرَاهَةً) مِنْ الْقُعُودِ فِيهِ (وَيُسْتَحَبُّ الِالْتِفَاتُ) فِي الشِّعَارِ الْمَذْكُورِ (وَلَوْ فِي الْإِقَامَةِ) بِوَجْهِهِ (لَا بِصَدْرِهِ مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ) عَنْ مَحَلِّهِ (وَلَوْ بِمَنَارَةٍ) أَيْ عَلَيْهَا مُحَافَظَةً عَلَى الِاسْتِقْبَالِ (يَمِينًا) مَرَّةً (فِي) قَوْلِهِ (حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) مَرَّتَيْنِ (وَيَسَارًا) مَرَّةً (فِي) قَوْلِهِ (حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ) مَرَّتَيْنِ (حَتَّى يُتِمَّهُمَا) فِي الِالْتِفَاتَتَيْنِ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ رَأَيْت بِلَالًا يُؤَذِّنُ فَجَعَلْت أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا يَقُولُ يَمِينًا وَشِمَالًا حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَاخْتَصَّتْ الْحَيْعَلَتَانِ بِالِالْتِفَاتِ لِأَنَّ غَيْرَهُمَا ذِكْرُ اللَّهِ وَهُمَا خِطَابُ الْآدَمِيِّ كَالسَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ يَلْتَفِتُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ وَفَارَقَ كَرَاهَةَ الِالْتِفَاتِ فِي الْخُطْبَةِ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَاعٍ لِلْغَائِبِينَ وَالِالْتِفَاتُ أَبْلَغُ فِي إعْلَامِهِمْ وَالْخَطِيبُ وَاعِظٌ لِلْحَاضِرِينَ فَالْأَدَبُ أَنْ لَا يُعْرِضَ عَنْهُمْ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ فِي الْإِقَامَةِ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا الْإِعْلَامُ فَلَيْسَ فِيهِ تَرْكُ أَدَبٍ وَلَا يَلْتَفِتُ فِي قَوْلِهِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ (وَ) يُسْتَحَبُّ (الْمُبَالَغَةُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ) بِالْأَذَانِ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ أَوَائِلَ الْبَابِ (بِلَا إجْهَادٍ) لِلنَّفْسِ لِئَلَّا يَضُرَّ بِهَا (وَلَوْ أَسَرَّ) بِأَذَانِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ مَا عَدَا التَّرْجِيعَ (غَيْرَ الْمُنْفَرِدِ) يَعْنِي الْمُؤَذِّنَ لِجَمَاعَةٍ (لَمْ يُجْزِهِ) لِفَوَاتِ الْإِعْلَامِ فَيَجِبُ الْإِسْمَاعُ وَلَوْ لِوَاحِدٍ (وَإِسْمَاعُ النَّفْسِ) لَا مَا دُونَهُ (يُجْزِئُ الْمُنْفَرِدَ) أَيْ الْمُؤَذِّنَ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الذِّكْرُ لَا الْإِعْلَامُ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ مَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَسَرَّ بِبَعْضِهِ صَحَّ (وَلَا يُجْزِئُ) إسْمَاعُ نَفْسِهِ (الْمُقِيمَ لِلْجَمَاعَةِ) كَمَا فِي الْأَذَانِ لَكِنْ الرَّفْعُ بِهَا أَخْفَضُ كَمَا مَرَّ (وَيَجِبُ   [حاشية الرملي الكبير] كَقَوْلِهِ {الم - اللَّهُ} [آل عمران: 1 - 2] ز (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ) أَيْ كَالْمَجْمُوعِ ز (قَوْلُهُ لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي خَبَرَيْ عَبْدِ اللَّهِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ أَمْرَانِ يَتَقَدَّمَانِ الصَّلَاةَ لِأَجْلِهَا فَكَانَ الثَّانِي مِنْهُمَا أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ كَخُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ وَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ ثَانٍ لِأَوَّلٍ يُفْتَتَحُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِتَكْبِيرَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ فَكَانَ الثَّانِي أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ كَتَكْبِيرَاتِ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ أَوْفَى صِفَةً مِنْ الْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ يُؤْتَى بِهِ مُرَتَّلًا وَيَرْفَعُ بِهِ الصَّوْتَ وَبِالْإِقَامَةِ مُدْرَجَةً وَيَخْفِضُ بِهَا الصَّوْتَ فَكَانَ أَوْفَى قَدْرًا مِنْهَا كَالرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لَمَّا كَانَتَا أَوْفَى صِفَةً بِالْجَهْرِ كَانَتَا أَوْفَى قَدْرًا بِالسُّورَةِ (قَوْلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) أَيْ وَأَبُو دَاوُد د (قَوْلُهُ ثُمَّ يُعِيدُهَا جَهْرًا) فَإِنْ جَهَرَ بِالْأَوْلَيَيْنِ أُمِرَ بِالْأُخْرَيَيْنِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ) وَهُوَ الصَّوَابُ د (قَوْلُهُ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) أَيْ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ د (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلثَّانِي) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ ت (قَوْلُهُ فِي أَذَانَيْ الصُّبْحِ) هُوَ مَا ذَكَرَ الْأَصْلُ أَنَّهُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ التَّهْذِيبِ أَنَّهُ إذَا ثَوَّبَ فِي الْأَوَّلِ لَا يُثَوَّبُ فِي الثَّانِي عَلَى الْأَصَحِّ وَأَطْلَقَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحَهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ (قَوْلُهُ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) أَيْ الْيَقِظَةُ لِلصَّلَاةِ خَيْرٌ مِنْ الرَّاحَةِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ النَّوْمِ (قَوْلُهُ لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) قُلْت وَالظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ مِنْ فِعْلِ بِلَالٍ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ يَقُولُ ت (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَرَكَهُمَا كُرِهَ) نَعَمْ لَا بَأْسَ بِأَذَانِ الْمُسَافِرِ رَاكِبًا قَاعِدًا إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الِالْتِفَاتُ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ قَدْرِ الِالْتِفَاتِ وَقَالَ الْإِمَامُ هُوَ بِقَدْرِ الْتِفَاتِ الْمُصَلِّي فِي السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ ز (قَوْلُهُ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّ أَبَا جُحَيْفَةَ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ لَوِيَ عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ ش (قَوْلُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ فِي قَوْلِهِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ إلَخْ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَلْتَفِتُ كَمَا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ ش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 التَّرْتِيبُ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِلِاتِّبَاعِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ يُوهِمُ اللَّعِبَ وَيُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ (فَإِنْ نَكَسَ) وَفِي نُسْخَةٍ عَكَسَ لَمْ يَصِحَّ لِذَلِكَ وَ (بَنَى عَلَى الْمُنْتَظِمِ) مِنْهُ وَالِاسْتِئْنَافُ أَوْلَى قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ تَرَكَ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ فِي خِلَالِهِ أَتَى بِالْمَتْرُوكِ وَأَعَادَ مَا بَعْدَهُ (وَ) تَجِبُ (الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ كَلِمَاتِهِ لِأَنَّ تَرْكَهَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ (وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُ سُكُوتٍ وَكَلَامٍ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ كَلَامٍ (وَنَوْمٍ وَإِغْمَاءٍ) لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ فِي الْأَخِيرَيْنِ) دُونَ الْأَوَّلَيْنِ (فَإِذَا كَثُرَ شَيْءٌ) مِنْ ذَلِكَ (أَوْ بَنَى غَيْرُ) أَيْ غَيْرُ الْمُؤَذِّنِ عَلَى مَا أَتَى بِهِ (بَطَلَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ صُدُورَهُ مِنْ شَخْصَيْنِ يُورِثُ اللُّبْسَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الْبِنَاءِ إذَا اشْتَبَهَا صَوْتًا وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَحْمَدَ) اللَّهَ (فِي نَفْسِهِ إذَا عَطَسَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ (وَ) أَنْ (يُؤَخِّرَ رَدَّ السَّلَامِ) إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ (وَ) أَنْ يُؤَخِّرَ (التَّشْمِيتَ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ إذَا عَطَسَ غَيْرُهُ وَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى (إلَى الْفَرَاغِ) مِنْ الْأَذَانِ فَيَرُدُّ السَّلَامَ وَيُشَمِّتُ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طُولِ الْفَصْلِ وَقِصَرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ رَدَّ أَوْ شَمَّتَ أَوْ تَكَلَّمَ بِمَصْلَحَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَكَانَ تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ وَلَوْ رَأَى أَعْمَى يَخَافُ وُقُوعَهُ فِي بِئْرٍ وَجَبَ إنْذَارُهُ (فَصْلٌ) فِي صِفَةِ الْمُؤَذِّنِ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ مَضْمُونَهُ وَلَا الصَّلَاةَ الَّتِي هُوَ دُعَاءٌ إلَيْهَا فَإِتْيَانُهُ بِهِ ضَرْبٌ مِنْ الِاسْتِهْزَاءِ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِهِ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي (عَاقِلًا) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ (ذَكَرًا) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ غَيْرِهِ لِلرِّجَالِ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَوْ أَذَّنَ كَافِرٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِيسَوِيًّا) بِخِلَافِ الْعِيسَوِيِّ وَالْعِيسَوِيَّةُ فِرْقَةٌ مِنْ الْيَهُودِ تُنْسَبُ إلَى أَبِي عِيسَى إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصْبَهَانِيِّ كَانَ فِي خِلَافَةِ الْمَنْصُورِ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً وَخَالَفَ الْيَهُودَ فِي أَشْيَاءَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْهَا أَنَّهُ حَرَّمَ الذَّبَائِحَ (وَيُعْتَدُّ بِأَذَانِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعِيسَوِيِّ (إنْ أَعَادَهُ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعِدْهُ وَبِخِلَافِ الْعِيسَوِيِّ وَإِنْ أَعَادَهُ لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ يُعْتَدُّ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مَعَ أَنَّ فِي عِبَارَتِهِ إيهَامًا أَنَّ أَذَانَهُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَدُّ بِهِ إذَا أُعِيدَ (وَإِنْ ارْتَدَّ) الْمُؤَذِّنُ (ثُمَّ أَسْلَمَ قَرِيبًا بَنَى) عَلَى أَذَانِهِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تَمْنَعُ الْعِبَادَةَ فِي الْحَالِ وَلَا تُبْطِلُ مَا مَضَى إلَّا إذَا اقْتَرَنَ بِهَا الْمَوْتُ أَمَّا إذَا طَالَ الْفَصْلُ فَلَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ (أَوْ ارْتَدَّ بَعْدَهُ) أَيْ الْأَذَانِ (ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَقَامَ جَازَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُعِيدَهُمَا) أَيْ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ (غَيْرُهُ) حَتَّى لَا يُصَلَّى بِأَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ لِأَنَّ رِدَّتَهُ تُورِثُ شُبْهَةً فِي حَالِهِ (وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْأَوْقَاتِ فِي النَّصْبِ لِذَلِكَ) أَيْ نَصْبِ الْمُؤَذِّنِ لِلْأَذَانِ بِخِلَافِ مَنْ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ أَوْ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ مَرَّةً فَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِهَا بَلْ إذَا عَلِمَ دُخُولَ الْوَقْتِ صَحَّ أَذَانُهُ بِدَلِيلِ أَذَانِ الْأَعْمَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ النَّوَوِيَّ فِي مَجْمُوعِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَرْطَ أَذَانِ الرَّاتِبِ مَعْرِفَتُهُ الْأَوْقَاتَ بِالْأَمَارَةِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ صِحَّةِ أَذَانِهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَصِحُّ إذَا عَرَفَهَا بِخَبَرِ ثِقَةٍ كَغَيْرِ الرَّاتِبِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا فَشَرْطُ أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ رَاتِبًا أَوْ غَيْرِهِ مَعْرِفَتُهُ الْأَوْقَاتَ بِأَمَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ الْوَجْهُ فَإِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ رَاتِبًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا بِالْأَمَارَةِ فَإِنَّهُ كَانَ لَا يُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْت أَصْبَحْت كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ يُوهِمُ اللَّعِبَ إلَخْ) لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فَيَتَّبِعُ فِيهِ مَا وَرَدَ (قَوْلُهُ وَكَلَامٍ) بَلْ يُكْرَهُ وَفِي الْإِقَامَةِ أَشَدُّ وَلَوْ خَافَ وُقُوعَ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ فِي نَحْوِ بِئْرٍ أَوْ يَلْدَغُهُ نَحْوُ حَيَّةٍ لَزِمَهُ إنْذَارُهُ (قَوْلُهُ وَإِغْمَاءٌ) أَوْ جُنُونٌ (قَوْلُهُ إذَا اشْتَبَهَا صَوْتًا) بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُ غَالِبًا ت (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) هُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُطِلْ الْفَصْلُ رَدَّ وَشَمَّتَ وَإِلَّا فَلَا [فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْمُؤَذِّنِ] (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عِيسَوِيًّا) قَوْلُهُمْ أَذَانُ الْعِيسَوِيِّ لَا يَكُونُ إسْلَامًا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَخْصُوصٌ بِرِسَالَةِ الْعَرَبِ كَلَامٌ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَتَى اعْتَقَدَ نُبُوَّتَهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ لِعِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْكَذِبِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ أُرْسِلَ إلَى النَّاسِ كَافَّةً الْعَجَمِ وَالْعَرَبِ ز (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعِيسَوِيِّ) هَذَا لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْعِيسَوِيِّ بَلْ بَعْضُ النَّصَارَى يَزْعُمُ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَعَلَى هَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْعِيسَوِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ مِنْ التَّنْقِيحِ ز وَقَوْلُهُ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَيْ إلَى الْعَرَبِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ قَرِيبًا بَنَى) قَدْ قَالَا فِي الرِّدَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ تُفْسِدُهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ طَالَ زَمَنُهُمَا أَمْ قَصُرَ فَلَا يَبْنِي عَلَى الْأَصَحِّ إذَا أَسْلَمَ لِأَنَّهَا مُحْبِطَةٌ لِلْعِبَادَاتِ وَاسْتَشْكَلَ هَذَا عَلَى مَسْأَلَتِنَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَذَانَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ مَا مَضَى بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِيهِ فَكَانَتْ الرِّدَّةُ قَطْعًا لِاسْتِصْحَابِ النِّيَّةِ فَيَبْطُلُ الْمَاضِي ز (قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ النَّوَوِيَّ فِي مَجْمُوعِهِ) حَيْثُ قَالَ وَتُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمُؤَذِّنِ بِالْمَوَاقِيتِ هَكَذَا صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِهِ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَطَعَ بِهِ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَارِفًا بِهَا فَمُؤَوَّلٌ قَالَ وَنَعْنِي بِالِاشْتِرَاطِ فِي الرَّاتِبِ لِلْأَذَانِ أَمَّا مَنْ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ أَوْ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ مَرَّةً فَلَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِهَا بَلْ إذَا عَلِمَ دُخُولَ الْوَقْتِ صَحَّ أَذَانُهُ بِدَلِيلِ أَذَانِ الْأَعْمَى (قَوْلُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا) حَتَّى الْمُتَوَلِّي فِي تَتِمَّتِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) قَالَ فِيهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْأَوْقَاتِ مَعْنَاهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَارِفًا بِهَا بِالْإِمَارَةِ لِأَنَّ غَيْرَهُ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ بِاشْتِغَالِهِ بِمَعْرِفَتِهَا. اهـ. وَالْمُصَنِّفُ حَمَلَ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ نَصْبِ الشَّخْصِ مُؤَذِّنًا مَعْرِفَتُهُ بِالْأَوْقَاتِ لَا أَنَّهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ أَذَانِهِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ نَصْبُ غَيْرِ الْعَارِفِ مُؤَذِّنًا رَاتِبًا لَيْسَ مَعَهُ عَارِفٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالْمَصْلَحَةِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلِطَ فِي الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِاشْتِغَالِهِ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَأَمَّا نَصْبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 نَعَمْ لَوْ أَذَّنَ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَصَادَفَهُ اعْتَدَّ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَفَارَقَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَا يَصِحُّ أَذَانُ سَكْرَانَ) لِمَا مَرَّ (إلَّا فِي أَوَّلِ نَشْوَتِهِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا فَيَصِحُّ أَذَانُهُ لِانْتِظَامِ قَصْدِهِ وَفِعْلِهِ (وَلَا) يَصِحُّ أَذَانُ (امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِرِجَالٍ) وَخَنَاثَى كَمَا لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُمَا لَهُمْ وَتَقَدَّمَ أَذَانُهُمَا لِغَيْرِ الرِّجَالِ وَالْخَنَاثَى وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرِّجَالِ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِمْ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (وَيُكْرَهُ أَذَانُ صَبِيٍّ) كَفَاسِقٍ (وَ) أَذَانُ (أَعْمَى وَحْدَهُ) أَيْ لَيْسَ مَعَهُ بَصِيرٌ يَعْرِفُ الْوَقْتَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلِطَ فِي الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِاشْتِغَالِهِ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَالتَّحَرِّي فِيهِ (وَ) أَذَانُ (فَاسِقٍ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ وَلَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْعَوْرَاتِ لَكِنْ يَحْصُلُ بِأَذَانِهِ السُّنَّةُ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْوَقْتِ (وَ) أَذَانُ (مُحْدِثٍ) وَلَوْ حَدَثًا أَصْغَرَ لِخَبَرِ «كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» أَوْ قَالَ «عَلَى طَهَارَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ صَحِيحٌ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الصَّلَاةِ فَلْيَكُنْ بِصِفَةِ مَنْ يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا وَإِلَّا فَهُوَ وَاعِظٌ غَيْرُ مُتَّعِظٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ التَّطَهُّرُ مِنْ الْخُبْثِ أَيْضًا (وَالْكَرَاهَةُ فِي) الْأَذَانِ مِنْ (الْجُنُبِ) أَشَدُّ فِيهِ مِنْ الْمُحْدِثِ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ (ثُمَّ) الْكَرَاهَةُ (فِي الْإِقَامَةِ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (أَشَدُّ) مِنْهَا فِي الْأَذَانِ مِنْهُ لِذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَ سَبَبُهَا وَإِلَّا فَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ تَعْقُبُهَا الصَّلَاةُ فَإِنْ انْتَظَرَهُ الْقَوْمُ لِيَتَطَهَّرَ شَقَّ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا سَاءَتْ بِهِ الظُّنُونُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ كَرَاهَةَ إقَامَةِ الْمُحْدِثِ أَشَدُّ مِنْ كَرَاهَةِ أَذَانِ الْجُنُبِ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُتَّجَهُ مُسَاوَاتُهُمَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ أَغْلَظُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ مَعَهُمَا أَشَدَّ مِنْهَا مَعَهَا (وَيُجْزِئُ الْجُنُبَ) أَذَانُهُ وَإِقَامَتُهُ (وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ) وَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِجْزَاءِ ارْتِكَابُهُ الْمُحَرَّمَ لِأَنَّ الْمُرَادَ حُصُولُ الْإِعْلَامِ وَقَدْ حَصَلَ وَالتَّحْرِيمُ لِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ (فَإِنْ أَحْدَثَ) وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ (فِي أَذَانِهِ اُسْتُحِبَّ إتْمَامُهُ) وَلَا يُسْتَحَبُّ قَطْعُهُ لِيَتَوَضَّأَ لِئَلَّا يُوهِمَ التَّلَاعُبَ (فَإِنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَبْطُلْ) زَمَنُهُ (بَنَى) عَلَى أَذَانِهِ وَالِاسْتِئْنَافُ أَوْلَى كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ (وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ) أَيْ الْمُؤَذِّنُ (حُرًّا) لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَيُجْزِئُ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (عَدْلًا) لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ يُؤَذِّنُ بِعُلْوٍ وَالْفَاسِقُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْعَوْرَاتِ كَمَا مَرَّ (صَيِّتًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ «أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْكَ صَوْتًا» أَيْ أَبْعَدُ لِزِيَادَةِ الْإِبْلَاغِ (حَسَنَ الصَّوْتِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَارَ أَبَا مَحْذُورَةَ لِحُسْنِ صَوْتِهِ وَلِأَنَّهُ أَرَقُّ لِسَامِعِيهِ فَيَكُونُ مَيْلُهُمْ إلَى الْإِجَابَةِ أَكْثَرَ (وَأَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى) شَيْءٍ (عَالٍ) كَمَنَارَةٍ وَسَطْحٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤَذِّنَانِ بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا» وَلِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا تُسَنُّ عَلَى عَالٍ إلَّا فِي مَسْجِدٍ كَبِيرٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عُلْوٍ لِلْإِعْلَامِ بِهَا (وَأُصْبُعَاهُ فِي صِمَاخَيْهِ) لِأَنَّهُ رُوِيَ فِي خَبَرِ أَبِي جُحَيْفَةَ «وَأُصْبُعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ» وَالْمُرَادُ أُنْمُلَتَا سَبَّابَتَيْهِ وَلِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلصَّوْتِ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ صُمَّ أَوْ بَعُدَ عَلَى الْأَذَانِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسَنُّ فِيهَا ذَلِكَ (وَأَنْ يَكُونَ) الْمُؤَذِّنُ (مِنْ وَلَدِ مُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَبِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَبِي مَحْذُورَةَ وَسَعْدٍ الْقَرَظِ (وَ) مِنْ وَلَدِ مُؤَذِّنِي (أَصْحَابِهِ) بَعْدَ فَقْدِ وَلَدِ مُؤَذِّنَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَمِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُكْرَهُ تَمْطِيطُهُ) أَيْ تَمْدِيدُهُ (وَالتَّغَنِّي) أَيْ التَّطْرِيبُ (لَهُ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِمَا فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ (وَالرُّكُوبُ   [حاشية الرملي الكبير] النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ مُؤَذِّنًا رَاتِبًا فَلِكَوْنِهِ كَانَ مَعَ غَيْرِهِ وَلِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ تَرْتِيبِهِ ذَلِكَ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ تَرْتِيبِهِ التَّكْلِيفُ وَالْأَمَانَةُ إذَا رَتَّبَهُ الْإِمَامُ وَنَحْوُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ أَذَّنَ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ إلَخْ) (فَرْعٌ) لَوْ أَذَّنَ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَصَادَفَهُ فَفِي الِاعْتِدَادِ بِهِ احْتِمَالَانِ لِصَاحِبِ الْوَافِي وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الِاعْتِدَادِ وَيُخَالِفُ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ وَنَظِيرَهُمَا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى النِّيَّةِ وَالْأَذَانُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ ز (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ أَذَانُ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِرِجَالٍ) مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ صِحَّةُ إقَامَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى لِلرِّجَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَكَوْنُ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ مُسْلِمًا عَاقِلًا ذَكَرًا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِلرِّجَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ وَأَذَانُ فَاسِقٍ) أَمَّا نَصْبُ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ مِنْ الْقَاضِي وَنَحْوِهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي نَصْبِ الصَّبِيِّ إمَامًا وَيَظْهَرُ الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ بِنَصْبِ الْفَاسِقِ مُؤَذِّنًا لِلْبَلَدِ وَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ وَهُوَ وَاضِحٌ ت وَقَدْ يُحْمَلُ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ عَلَى تَوْلِيَتِهِ الْحَاصِلَةِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْمِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي عَلَى تَوْلِيَةِ الْإِمَامِ لَهُ ش (قَوْلُهُ وَأَذَانُ مُحْدِثٍ إلَخْ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ الْكَرَاهَةُ لِلْمُتَيَمِّمِ وَإِنْ أَبَاحَ تَيَمُّمُهُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَكَذَلِكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَالسَّلَسُ لَكِنْ تَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِي عَدَمَ الْكَرَاهَةِ لَهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ د وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُرَادُ بِالْمُحْدِثِ مَنْ لَا تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ يُكْرَهُ أَذَانُ مُحْدِثٍ غَيْرِ مُتَيَمِّمٍ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ التَّطَهُّرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ) وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجُنُبُ لِيُمْكِنَهُ الصَّلَاةَ فَوْقَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُحْدِثُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ أَنْ يَكُونَ أَذَانُ الْمُحْدِثِ الْجُنُبِ أَشَدَّ مِنْ الْجُنُبِ ح (قَوْلُهُ ثُمَّ الْكَرَاهَةُ فِي الْإِقَامَةِ أَشَدُّ إلَخْ) قَالَ الكوهكيلوني الْكُرْهُ فِي أَذَانِ الْجُنُبِ أَشَدُّ مِنْ أَذَانِ الْمُحْدِثِ وَمِنْ إقَامَتِهِ وَالْكُرْهُ فِي إقَامَةِ الْجُنُبِ أَشَدُّ مِنْ أَذَانِهِ وَمِنْ أَذَانِ الْمُحْدِثِ وَمِنْ إقَامَتِهِ وَالْكُرْهُ فِي إقَامَةِ الْمُحْدِثِ أَشَدُّ مِنْ أَذَانِهِ فَهَذِهِ سِتٌّ (قَوْلُهُ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ صُمَّ أَوْ بَعُدَ عَلَى الْأَذَانِ) فَيُجِيبُ إلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ لَا أَنَّهُ تُسَنُّ لَهُ إجَابَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 فِيهِ لِمُقِيمٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْقِيَامِ الْمَأْمُورِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ لَا يُكْرَهُ أَذَانُهُ رَاكِبًا لِلْحَاجَةِ إلَى الرُّكُوبِ فِي السَّفَرِ (فَإِنْ أَذَّنَ مَاشِيًا أَجْزَأَهُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ) عَنْ مَكَانِ ابْتِدَاءِ أَذَانِهِ (بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ) وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْزِئَهُ فِي الْحَالَيْنِ (وَيَتَحَوَّلُ) نَدْبًا مِنْ مَكَانِ الْأَذَانِ (لِلْإِقَامَةِ وَلَا يُقِيمُ وَهُوَ يَمْشِي) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَدَبِ (وَيَفْصِلُ) الْمُؤَذِّنُ مَعَ الْإِمَامِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (بِقَدْرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ) فِي مَكَانِ الصَّلَاةِ (وَ) بِقَدْرِ (أَدَاءِ السُّنَّةِ) الَّتِي قَبْلَ الْفَرِيضَةِ إنْ كَانَ قَبْلَهَا سُنَّةٌ (وَ) يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا (فِي الْمَغْرِبِ بِسَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا كَقُعُودٍ لَطِيفٍ لِضِيقِ وَقْتِهَا وَلِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا عَادَةً وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّ لِلْمَغْرِبِ سُنَّةً قَبْلَهَا يَفْصِلُ بِقَدْرِ أَدَائِهَا أَيْضًا (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ وَفِي أُخْرَى فَإِذَا (دَخَلَ) غَيْرُهُ الْمَسْجِدَ مَثَلًا (وَهُوَ يُقِيمُ) الصَّلَاةَ (فَهَلْ يَقْعُدُ لِيَقُومَ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا لَا ثُمَّ رَأَيْت النَّوَوِيَّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ نَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرٌ قَالَ وَقَوْلُ أَبِي عَاصِمٍ إنَّهُ يَقْعُدُ غَلَطٌ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيَفْصِلُ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ) السَّامِعُ (الْمُؤَذِّنَ) وَالْمُقِيمَ (وَإِنْ كَانَ جُنُبًا) أَوْ حَائِضًا (بِمِثْلِ قَوْلِهِ عَقِيبَهُ) بِأَنْ يُجِيبَهُ عَقِبَ كُلِّ كَلِمَةٍ لِخَبَرِ «إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ مُبَيِّنٌ لِخَبَرِهِ الْآتِي (إلَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُحَوْلِقُ) بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَهُمَا فِي الْأَذَانِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَرْبَعًا وَفِي الْإِقَامَةِ مَرَّتَيْنِ أَيْ لَا حَوْلَ لِي عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَلَا قُوَّةَ لِي عَلَى مَا دَعَوْتنِي إلَيْهِ إلَّا بِك وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِأَنَّ الْحَيْعَلَتَيْنِ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُؤَذِّنِ فَسُنَّ لِلْمُجِيبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ مَحْضٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْبِيرُهُ بِالْحَوْلَقَةِ جَائِزٌ وَبِهِ عَبَّرَ الْجَوْهَرِيُّ بِتَرْكِيبِهِ مِنْ حَوْلِ وَقَافِ قُوَّةِ وَعَبَّرَ عَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ بِالْحَوْقَلَةِ بِأَخْذِ الْحَاءِ وَالْوَاوِ مِنْ حَوْلَ وَالْقَافِ مِنْ قُوَّةَ وَاللَّامِ مِنْ اسْمِ اللَّهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا حَسَنٌ لِتَضَمُّنِهِ جَمِيعَ الْأَلْفَاظِ (وَفِي التَّثْوِيبِ يَقُولُ صَدَقْت وَبَرِرْت) مَرَّتَيْنِ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْ صِرْت ذَا بِرٍّ أَيْ خَيْرٍ كَثِيرٍ (وَيُصَلِّي) وَيُسَلِّمُ (كُلٌّ مِنْ الْمُؤَذِّنِ وَالسَّامِعِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ) أَيْ الْأَذَانِ (فَيَقُولُ) أَيْ ثُمَّ يَقُولُ عَقِبَ ذَلِكَ «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ» إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ «وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته» لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» (وَيَقُولُ فِي كَلِمَتَيْ الْإِقَامَةِ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَجَعَلَنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ وَذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ أَقِمْهَا بِالْأَمْرِ إلَى آخِرِهِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ فِي أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ الْآتِي ذِكْرُهُ مَا يَقُولُهُ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ (فَإِنْ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ) فِي أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ حَتَّى فَرَغَ (تَدَارَكَ إنْ قَرُبَ) الْفَصْلُ وَفَارَقَ هَذَا تَكْبِيرَ الْعِيدِ الْمَشْرُوعَ عَقِبَ الصَّلَاةِ حَيْثُ يَتَدَارَكُهُ النَّاسُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بِوُجُودِ مَا دَلَّ عَلَى التَّعْقِيبِ وَهُوَ الْفَاءُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ   [حاشية الرملي الكبير] الْمُؤَذِّنِ بِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ وَلِجَمْعٍ يَمْشُونَ مَعَهُ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ ت (قَوْلُهُ وَيَفْصِلُ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ إلَخْ) يُشْتَرَطُ فِي الْإِقَامَةِ أَنْ لَا يُطَوِّلَ الْفَصْلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا) وَخَالَفَ السُّبْكِيُّ لِخَبَرِ «كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» قَالَ وَالتَّوَسُّطُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُحْدِثِ لَا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ إلَّا الْجَنَابَةَ وَقَالَ ابْنُهُ فِي التَّوْشِيحِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَوَسَّطَ فَيُقَالُ تُجِيبُ الْحَائِضُ لِطُولِ أَمَدِهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَالْخَبَرَانِ لَا يَدُلَّانِ عَلَى غَيْرِ الْجَنَابَةِ وَلَيْسَ الْحَيْضُ فِي مَعْنَاهَا لِمَا ذَكَرْت. اهـ. وَفِي دَعْوَاهُ أَنَّ الْخَبَرَيْنِ لَا يَدُلَّانِ عَلَى غَيْرِ الْجَنَابَةِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ الْأَوَّلِ الْكَرَاهَةُ لِلثَّلَاثَةِ وَقَدْ يُقَالُ يُؤَيِّدُهَا كَرَاهَةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَهُمْ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَالْمُقِيمَ مُقَصِّرَانِ حَيْثُ لَمْ يَتَطَهَّرَا عِنْدَ مُرَاقَبَتِهِمَا الْوَقْتَ وَالْمُجِيبُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ لِأَنَّ إجَابَتَهُ تَابِعَةٌ لِأَذَانِ غَيْرِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ غَالِبًا وَقْتَ أَذَانِهِ ش وَقَوْلُهُ قَالَ وَالتَّوَسُّطُ إلَخْ ضَعِيفٌ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَوَسَّطَ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ السَّامِعُ الْمُؤَذِّنَ وَالْمُقِيمَ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُثَنِّي الْإِقَامَةَ فَهَلْ يُثَنِّي السَّامِعُ يَحْتَمِلُ أَنْ نَعَمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَخْرُجَ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُورِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ وَجَزَمَ فِيهَا بِالْأَوَّلِ ز عِبَارَتُهُ وَإِذَا ثَنَّى الْمُؤَذِّنُ الْإِقَامَةَ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُؤَذِّنِ) إذْ لَوْ قَالَهُ السَّامِعُ لَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ دُعَاةً فَمَنْ الْمُجِيبُ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ) وَحَكَى الْبَطَلْيُوسِيُّ فِي شَرْحِ أَدِبَ الْكَاتِبِ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ جَوَازَ الْفَتْحِ أَيْضًا ح (قَوْلُهُ «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ» إلَخْ) الدَّعْوَةُ بِفَتْحِ الدَّالِ هِيَ دَعْوَةُ الْأَذَانِ سُمِّيَتْ تَامَّةً لِكَمَالِهَا وَسَلَامَتِهَا مِنْ نَقْصٍ يَتَطَرَّقُ إلَيْهَا وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ أَيْ الَّتِي سَتَقُومُ وَقَوْلُهُ مَقَامًا مَحْمُودًا هُوَ الْمَقَامُ الَّذِي يَحْمَدُهُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ وَهُوَ مَقَامُ الشَّفَاعَةِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهِيَ الشَّفَاعَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ وَالْحِكْمَةُ فِي سُؤَالِ ذَلِكَ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ وَاجِبَ الْوُقُوعِ بِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى إظْهَارُ شَرَفِهِ وَعِظَمُ مَنْزِلَتِهِ ح (قَوْلُهُ وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ) أَنْكَرَ فِي الْإِقْلِيدِ زِيَادَةَ الدَّرَجَةِ لِعَدَمِ وُرُودِهَا فِي الْحَدِيثِ وَلِذَلِكَ أَسْقَطَهَا الْمِنْهَاجُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ فِي أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 وَبِأَنَّ الْإِجَابَةَ تَنْقَطِعُ مَعَ الطُّولِ بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ فِيهِمَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَإِنْ ابْتَدَأَ مَعَ ابْتِدَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ فَرَغَ مِنْ الْكَلِمَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ فَالْمُتَّجَهُ الِاعْتِدَادُ بِهِ وَإِنْ قَارَنَهُ فِي اللَّفْظِ بِكَمَالِهِ اعْتَدَّ بِهِ (وَلَا تُشْرَعُ) الْإِجَابَةُ (لِلْأَصَمِّ) وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَا يَسْمَعُ الْأَذَانَ (وَإِنْ عَلِمَ) بِهِ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِالسَّمَاعِ فِي خَبَرِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ» وَكَمَا فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ (وَ) يَقُولُ (غَيْرُ الْمُؤَذِّنِ فِي التَّرْجِيعِ مِثْلَهُ) وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ «مِثْلَ مَا يَقُولُ» وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا تَسْمَعُونَ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ التَّوْشِيحِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ بَعْضَ الْأَذَانِ فَقَطْ سُنَّ لَهُ أَنْ يُجِيبَ فِي الْجَمِيعِ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ تَعَدَّدُوا) أَيْ الْمُؤَذِّنُونَ (وَتَرَتَّبُوا) فِي أَذَانِهِمْ (أَجَابَ) السَّامِعُ (لِكُلٍّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى) بِالْإِجَابَةِ لِتَأَكُّدِهِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَرْكُهُ (إلَّا فِي أَذَانَيْ الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ فَهُمَا سَوَاءٌ) لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَوُقُوعِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ فِي الْأُولَى وَمَشْرُوعِيَّتِهِ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى فَفِي فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (وَيَقْطَعُ الْقِرَاءَةَ) وَالذِّكْرَ نَدْبًا (لِلْجَوَابِ) وَأَمَّا الْمُجَامِعُ وَقَاضِي الْحَاجَةِ فَلَا يُجِيبَانِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا قَرُبَ الْفَصْلُ (وَيُكْرَهُ) الْجَوَابُ (فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ أَجَابَ بِالْمُسْتَحَبِّ) مِنْ أَلْفَاظِ مَا ذَكَرَ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ (إلَّا) إنْ أَجَابَ (بِصَدَقْت وَبَرِرْت) فَتَبْطُلُ لِأَنَّهُ كَلَامُ آدَمِيٍّ بِخِلَافِ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (وَإِنْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) أَوْ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ أَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ (بَطَلَتْ) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ أَجَابَهُ فِي) أَثْنَاءِ (الْفَاتِحَةِ أَعَادَهَا) وُجُوبًا لِأَنَّ الْإِجَابَةَ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مَنْدُوبَةٍ (وَنُدِبَ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) لِخَبَرِ «الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَادْعُوا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَأَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ وَمَنْ سَمِعَهُ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ «اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ لَيْلِك» إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ «وَإِدْبَارُ نَهَارِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِك اغْفِرْ لِي» (وَ) يَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ أَذَانِ (الصُّبْحِ) اللَّهُمَّ هَذَا (إقْبَالُ نَهَارِك) وَإِدْبَارُ لَيْلِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِك اغْفِرْ لِي وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُؤَذِّنِ فِي الْأُولَى وَذِكْرُ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ الْأَذَانُ) مَعَ الْإِقَامَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ (أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ) وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} [فصلت: 33] قَالَتْ عَائِشَةُ نَزَلَتْ فِي الْمُؤَذِّنِينَ وَبِخَبَرِ «إنَّ خِيَارَكُمْ عِبَادُ اللَّهِ الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْأَظِلَّةَ لِذِكْرِ اللَّهِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَبِخَبَرِ «لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَبِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَيْ أَكْثَرُ رَجَاءً لِأَنَّ رَاجِيَ الشَّيْءِ يَمُدُّ عُنُقَهُ إلَيْهِ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ الْإِمَامَةَ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا أَشَقُّ وَلِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ عَلَيْهَا دُونَ الْأَذَانِ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلشَّخْصِ (الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا إنْ تَأَهَّلَ) لَهُمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ حَدِيثٌ حَسَنٌ فِي التِّرْمِذِيِّ (فَرْعٌ وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمُؤَذِّنِ (أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهِ) أَيْ بِالْأَذَانِ لِخَبَرِ «مَنْ أَذَّنَ   [حاشية الرملي الكبير] أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَإِنْ ابْتَدَأَ مَعَ ابْتِدَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ وَنَصِّ الْخَبَرِ أَنَّهُ مَتَى تَقَدَّمَ عَلَيْهِ أَوْ قَارَنَهُ لَمْ تَحْصُلْ سُنَّةُ الْإِجَابَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَكَذَلِكَ حَدِيثُ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» وَالتَّرْتِيبُ بِالْفَاءِ يَدُلُّ عَلَى تَأَخُّرِ الْجَوَابِ وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِمَامِ «فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ لَوْ قَارَنَ الْإِمَامَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا نَظِيرُهُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ جَوَابٌ وَالْجَوَابُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الْكَلَامِ فَالْمُقَارِنُ لَا يُعَدُّ كَلَامُهُ جَوَابًا وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَمِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى وَهِيَ مَا إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ وَاخْتَلَطَتْ أَصْوَاتُهُمْ عَلَى السَّامِعِ وَصَارَ بَعْضُهُمْ يَسْبِقُ بَعْضًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ هَؤُلَاءِ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَذَكَرَهُ فِي قَوَاعِدِهِ أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُمْ وَقَوْلُهُ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ سُنَّةُ الْإِجَابَةِ قَالَ شَيْخُنَا يُحْمَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُقَارَنَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ وَلَا تُشْرَعُ الْإِجَابَةُ لِلْأَصَمِّ) وَمِمَّا يَظْهَرُ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا مَا إذَا شَرَعَ خَطِيبُ الْجُمُعَةِ عَقِبَ الْأَذَانِ فِي الْخُطْبَةِ قَبْلَ إجَابَةِ الْحَاضِرِينَ الْمُؤَذِّنَ فَإِنَّ الْإِنْصَاتَ آكَدُ وَكَذَا أَقُولُ يَدْعُ قَوْلُهُ «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ» بِلِسَانِهِ وَيُقْبِلُ عَلَى الِاسْتِمَاعِ وَيُنْصِتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ وَيُجِيبَ بِقَلْبِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ سِرًّا وَأَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ السَّامِعِ لِلْخُطْبَةِ وَالْبَعِيدِ وَالْأَصَمِّ ت. (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا قَرُبَ الْفَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ أَجَابَهُ بِصَدَقْتَ وَبَرِرْت فَتَبْطُلُ) إنَّمَا تَبْطُلُ بِمَا ذَكَرَ إذَا أَتَى بِهِ عَالِمًا بِالصَّلَاةِ وَبِأَنَّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَاقَى الْأَصَحَّ د (قَوْلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) وَأَبُو دَاوُد ح (قَوْلُهُ وَحَسَّنَهُ) وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ [فَرْعٌ الآذان وَالْإِقَامَة أَفْضَل مِنْ الْإِمَامَة] (قَوْلُهُ فَرْعٌ الْأَذَانُ مَعَ الْإِقَامَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ وَإِنْ لَمْ تَنْضَمَّ لَهُ الْإِقَامَةُ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَطْلَبِ ز (قَوْلُهُ قَالَتْ عَائِشَةُ نَزَلَتْ فِي الْمُؤَذِّنِينَ) لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ} [الأحقاف: 31] قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَكَأَنَّهُ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ وَالْأَذَانُ إنَّمَا تَرَتَّبَ بِالْمَدِينَةِ د وَلَا مَانِعَ مِنْ تَفْضِيلِ سُنَّةٍ عَلَى فَرْضٍ بِدَلِيلِ تَفْضِيلِ السَّلَامِ عَلَى جَوَابِهِ وَإِبْرَاءِ الْمَدِينِ الْمُعْسِرَ عَلَى إنْظَارِهِ (قَوْلُهُ أَيْ أَكْثَرُ رَجَاءٍ إلَخْ) وَقِيلَ لَا يَلْحَقُهُمْ الْعَرَقُ فَإِنَّ الْعَرَقَ يَأْخُذُ النَّاسَ بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ وَرَوَى أَعْنَاقًا بِالْكَسْرِ أَيْ هُمْ أَكْثَرُ إسْرَاعًا إلَى الْجَنَّةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُنُقِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ السَّيْرِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَمَّا عَدَمُ مُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءُ عَلَيْهِ فَلِاحْتِيَاجِ ذَلِكَ إلَى فَرَاغٍ لِمُرَاعَاةِ الْأَوْقَاتِ وَكَانُوا مَشْغُولِينَ بِمَصَالِحِ الْأُمَّةِ خُصُوصًا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُحِبُّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ ح. (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ الْإِمَامَةَ أَفْضَلُ) وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 سَبْعَ سِنِينَ مُحْتَسِبًا كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنْ أَبِي رَزَقَهُ الْإِمَامُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْزُقَ مُؤَذِّنًا وَهُوَ يَجِدُ مُتَبَرِّعًا عَدْلًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَالْوَصِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَصِيُّ لَوْ وَجَدَ مَنْ يَعْمَلُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَكَذَا الْإِمَامُ (فَإِنْ تَطَوَّعَ بِهِ فَاسِقٌ) وَثَمَّ أَمِينٌ أَوْ أَمِينٌ وَثَمَّ أَمِينٌ أَحْسَنُ صَوْتًا مِنْهُ (وَأَبَى الْأَمِينُ) فِي الْأُولَى (وَكَذَا الْأَحْسَنُ صَوْتًا) فِي الثَّانِيَةِ (إلَّا بِالرِّزْقِ رَزَقَهُ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ) عِنْدَ حَاجَتِهِ بِقَدْرِهَا (أَوْ مِنْ مَالِهِ) مَا شَاءَ (إنْ شَاءَ) فَقَوْلُهُ (قَدْرَ حَاجَتِهِ) كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَ سَهْمِ الْمَصَالِحِ كَمَا قَرَّرْته أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ. وَقَيَّدَ فِي الرَّوْضَةِ مَسْأَلَةَ الْأَحْسَنِ صَوْتًا بِقَوْلِهِ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً (وَإِنْ تَعَدَّدُوا) أَيْ الْمُؤَذِّنُونَ (بِعَدَدِ الْمَسَاجِدِ) فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرْزُقَهُمْ (وَإِنْ تَقَارَبَتْ) وَأَمْكَنَ جَمْعُ النَّاسِ بِأَحَدِهَا لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ (وَيَبْدَأُ) وُجُوبًا إنْ ضَاقَ بَيْتُ الْمَالِ وَنَدْبًا إنْ اتَّسَعَ (بِالْأَهَمِّ كَمُؤَذِّنِ الْجَامِعِ) وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَهُوَ رِزْقُ مُؤَذِّنِ الْجَامِعِ (وَأَذَانُ الْخُطْبَةِ) الْأُولَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَأَذَانُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (أَهَمُّ) مِنْ غَيْرِهِ لِكَثْرَةِ جَمَاعَتِهَا وَقَصْدِ النَّاسِ لَهَا (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ (اسْتِئْجَارُهُ) عَلَى الْأَذَانِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ مَعْلُومٌ يُرْزَقُ عَلَيْهِ كَكِتَابَةِ الصَّكِّ وَلِرُجُوعِ نَفْعِهِ إلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَأَمَّا خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ «اتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا» فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَإِنَّمَا يَسْتَأْجِرُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الرِّزْقُ مِنْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ غَيْرِ الْإِمَامِ بِالْمُسْلِمِ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَيَكْفِي الْإِمَامَ لَا غَيْرَهُ إنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَنْ يَقُولَ (اسْتَأْجَرْتُك كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا) فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ كَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ مَالِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرُهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهَا عَلَى الْأَصْلِ فِي الْإِجَارَةِ (وَتَدْخُلُ الْإِقَامَةُ) فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْأَذَانِ (ضِمْنًا فَيَبْطُلُ إفْرَادُهَا بِإِجَارَةٍ) إذْ لَا كُلْفَةَ فِيهَا وَفِي الْأَذَانِ كُلْفَةٌ لِرِعَايَةِ الْوَقْتِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ بِصَافِيَةٍ عَنْ الْإِشْكَالِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالْمَجْمُوعِ يُفِيدُ جَوَازَ جَمْعِ الْإِقَامَةِ وَالْأَذَانِ فِي الْإِجَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْإِقَامَةِ (فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ مُؤَذِّنَانِ لِلْمَسْجِدِ) تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنْ يُؤَذِّنَ أَحَدُهُمَا لِلصُّبْحِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَالْآخَرُ بَعْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي (وَيُزَادُ) عَلَيْهِمَا نَدْبًا مِنْ الْمُؤَذِّنَيْنِ (قَدْرُ الْحَاجَةِ) وَالْمَصْلَحَةِ (وَيَتَرَتَّبُونَ) فِي أَذَانِهِمْ (إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ) لَهُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ (وَيَقْتَرِعُونَ لِلْبُدَاءَةِ) إنْ تَنَازَعُوا (فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَالْمَسْجِدُ كَبِيرٌ تَفَرَّقُوا) فِي أَقْطَارِهِ كُلُّ وَاحِدٍ فِي قُطْرٍ لِيُسْمِعَ أَهْلَ تِلْكَ النَّاحِيَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ صَغُرَ (اجْتَمَعُوا) عَلَى الْأَذَانِ إنْ لَمْ يُؤَدِّ اجْتِمَاعُهُمْ إلَى تَهْوِيشٍ أَيْ اضْطِرَابٍ وَاخْتِلَاطٍ وَيَقِفُونَ عَلَيْهِ كَلِمَةً كَلِمَةً (فَإِنْ أَدَّى إلَى تَهْوِيشٍ أَذَّنَ بَعْضُهُمْ بِالْقُرْعَةِ) عِنْدَ التَّنَازُعِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا وَتَعْبِيرُهُ بِبَعْضِهِمْ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِوَاحِدٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَعِنْدَ التَّرْتِيبِ لَا يَتَأَخَّرُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ لِئَلَّا يَذْهَبَ أَوَّلُ الْوَقْتِ وَلِئَلَّا يَظُنَّ مَنْ سَمِعَ الْأَخِيرَ أَنَّ هَذَا أَوَّلُ الْوَقْتِ قَالَ فِي الْأُمِّ وَلَا أُحِبُّ لِلْإِمَامِ إذَا أَذَّنَ الْأَوَّلُ أَنْ يُبْطِئَ بِالصَّلَاةِ لِيَفْرُغَ مَنْ بَعْدَهُ بَلْ يَخْرُجُ وَيَقْطَعُ مَنْ بَعْدَهُ الْأَذَانَ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ (وَيُقِيمُ) الْمُؤَذِّنُ (الرَّاتِبُ) وَإِنْ تَأَخَّرَ أَذَانُهُ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَقَدْ أَذَّنَ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ رَاتِبٌ أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ رَاتِبِينَ فَلْيُقِمْ (الْأَوَّلُ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ تطوع الْمُؤَذِّنِ بِالْأَذَانِ] قَوْلُهُ أَوْ مِنْ مَالِهِ إنْ شَاءَ) وَيَجُوزُ لِلْوَاحِدِ مِنْ الرَّعِيَّةِ أَنْ يَرْزُقَهُ مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ اسْتِئْجَارُهُ) اخْتَلَفُوا فِي أُجْرَةِ الْأَذَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا عَلَى جَمِيعِهِ وَقِيلَ عَلَى مُرَاعَاةِ الْوَقْتِ وَقِيلَ عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ وَقِيلَ عَلَى كَلِمَتَيْ الْحَيْعَلَتَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَائِلَهُ يُجَوِّزُ الِاسْتِئْجَارَ لِلْإِقَامَةِ وَتَعْلِيلُ الْمَنْعِ بِأَنَّهُ لَا كُلْفَةَ فِي الْإِقَامَةِ ضَعِيفٌ أَلَيْسَ أَنَّهُ يَلْتَزِمُ حُضُورَ مَكَانِ الْجَمَاعَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ لَهَا وَلَوْلَا الْإِجَارَةُ لَمَا الْتَزَمَهُ وَقَدْ يَكُونُ مَكَانُهُ بَعِيدًا عَنْ مَوْضِعِهَا فَالْمُخْتَارُ الصِّحَّةُ لَا يُقَالُ قَدْ يَكُونُ قَاطِنًا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ جَارُهُ لِأَنَّا نَقُولُ وَإِنْ كَانَ فَإِنَّهُ يَلْتَزِمُ حُضُورَهُ لَهَا وَلَا يَدَعُهُ إلَى غَيْرِهِ ت. (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ بِصَافِيَةٍ عَنْ الْإِشْكَالِ) لَكِنْ الْجَوَابُ يَمْنَعُ الْإِشْكَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَذَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الْأَذَانَ فِيهِ مَشَقَّةُ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ وَمُرَاعَاةُ الْوَقْتِ وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ وَالثَّانِي أَنَّ الْأَذَانَ يَرْجِعُ لِلْمُؤَذِّنِ وَالْإِقَامَةَ لَا تَرْجِعُ لِلْمُقِيمِ بَلْ تَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ بَلْ فِي صِحَّتِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ خِلَافٌ وَشَرْطُ الْإِجَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مُفَوَّضًا لِلْأَجِيرِ وَلَا يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْإِتْيَانِ بِالْإِقَامَةِ لِتَعَلُّقِ أَمْرِهَا بِالْإِمَامِ فَكَيْفَ يُسْتَأْجَرُ عَلَى شَيْءِ لَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهِ وَكَيْفَ تَصِحُّ إجَارَةُ عَيْنِهِ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ ز [فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ مُؤَذِّنَانِ لِلْمَسْجِدِ] (قَوْلُهُ وَيَتَرَتَّبُونَ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ) إذْ شَرْطُهُ أَنْ يَقَعَ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ فِي آخِرِهِ فَلَا يَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَأَشَارَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ وَقْتَ الْأَذَانِ يَمْتَدُّ إلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ إنْ أَرَادَ أَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ لَهُ كَذَلِكَ فَقَرِيبٌ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ وَقْتَهُ يَخْرُجُ بِذَلِكَ فَهُوَ غَرِيبٌ مَمْنُوعٌ غ (قَوْلُهُ وَإِلَّا اجْتَمَعُوا) لَنَا صُورَةٌ وَاحِدَةٌ يُسْتَحَبُّ فِيهَا اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْأَذَانِ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَهِيَ أَذَانُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَسَبَبُهُ التَّطْوِيلُ عَلَى الْحَاضِرِينَ فَإِنَّهُمْ مُجْتَمَعُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَالِبًا سِيَّمَا مَنْ امْتَثَلَ السُّنَّةَ وَبَكَّرَ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ إنَّ السُّنَّةَ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدًا. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَدَّى إلَى تَهْوِيشٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ بِالتَّشْوِيشِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالتَّهْوِيشِ فَإِنَّ التَّشْوِيشَ التَّخْلِيطُ وَالتَّهْوِيشُ الْفِتْنَةُ وَالْهَيْجُ وَالِاضْطِرَابُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (قَوْلُهُ بَلْ يَخْرُجُ وَيَقْطَعُ مَنْ بَعْدَهُ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي قَوْلِنَا يَتَرَتَّبُونَ إذَا كَانَ الْإِمَامُ يَقْطَعُ عَلَى الْبَاقِينَ وَقَدْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 لِتَقَدُّمِهِ وَذِكْرُ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ أَقَامَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ كُلٍّ مِنْ الرَّاتِبِ وَالْأَوَّلِ (اُعْتُدَّ بِهِ) لِأَنَّهُ جَاءَ فِي خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَى الرُّؤْيَا وَيُؤَذِّنُ بِلَالٌ قَالَ فَأَقِمْ أَنْتَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقِيلَ مَكْرُوهٌ (وَإِنْ أَذَّنَا مَعًا) وَتَنَازَعَا فِيمَنْ يُقِيمُ (فَالْقُرْعَةُ) يَرْجِعُ إلَيْهَا (وَلَا يُقِيمُ) فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ أَوْ نَحْوِهِ (إلَّا وَاحِدٌ) كَمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ (إلَّا أَنْ لَا يَكْفِيَ) فَيُزَادَ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (فُرُوعٌ الْأَذَانُ) أَيْ وَقْتُهُ مُفَوَّضٌ (إلَى) نَظَرِ (الْمُؤَذِّنِ) لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مُرَاجَعَةِ الْإِمَامِ لِخَبَرِ «الْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ» رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ لِبَيَانِ الْوَقْتِ فَيَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الرَّاصِدِ لَهُ وَهُوَ الْمُؤَذِّنُ (وَالْإِقَامَةُ) أَيْ وَقْتُهَا مُفَوَّضٌ (إلَى) نَظَرِ (الْإِمَامِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِأَنَّهَا لِلْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا تُقَامُ إلَّا بِإِشَارَتِهِ فَإِنْ أُقِيمَتْ بِدُونِهَا اُعْتُدَّ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (وَيُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ) وَاحْتُجَّ لَهُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ مَكْتُومٍ» وَجَعَلَ وَقْتَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى وَقْتِ الصُّبْحِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي كَلَامِهِ عَلَى إنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَيَتَرَبَّصُ بَعْدَ أَذَانِهِ لِلدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ يَرْقُبُ الْفَجْرَ فَإِذَا قَارَبَ طُلُوعُهُ نَزَلَ فَأَخْبَرَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ فَيَتَأَهَّبُ ثُمَّ يَرْقَى وَيَشْرَعُ فِي الْأَذَانِ مَعَ أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ لِلصُّبْحِ (أَذَانَانِ) وَلَوْ مِنْ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ أَذَانٌ (قَبْلَ الْفَجْرِ وَ) آخَرُ (بَعْدَهُ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ) عَلَى أَحَدِهِمَا (فَبَعْدَهُ) أَيْ فَإِيقَاعُهُ بَعْدَ الْوَقْتِ (أَوْلَى) مِنْ إيقَاعِهِ قَبْلَهُ أَوْ فِيهِمَا مَعَ صِحَّتِهِ فِي الْجَمِيعِ (وَلَا يَصِحُّ) الْأَذَانُ (بِالْعَجَمِيَّةِ وَهُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُهَا كَأَذْكَارِ الصَّلَاةِ هَذَا إذَا أَذَّنَ لِجَمَاعَةٍ فَإِنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ وَكَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ صَحَّ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ (وَتَرْكُ الْمُسَافِرِ الْأَذَانَ وَالْمَرْأَةِ الْإِقَامَةَ أَخَفُّ كَرَاهَةً مِنْ) تَرْكِ (الْمُقِيمِ) الْأَذَانَ (وَالرَّجُلِ) الْإِقَامَةَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ السَّفَرَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَفِعْلِ الرُّخَصِ وَلِأَنَّ أَصْلَ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ بِالْوَقْتِ وَالْمُسَافِرُونَ لَا يَتَفَرَّقُونَ غَالِبًا وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ مَطْلُوبِيَّةَ الْإِقَامَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ آكَدُ مِنْهَا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَكَالْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ الْخُنْثَى (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمُؤَذِّنِ (أَنْ يَقُولَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ رِيحٍ (أَوْ الْمُظْلِمَةِ ذَاتِ الرِّيحِ بَعْدَ الْأَذَانِ أَوْ بَعْدَ الْحَيْعَلَةِ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلَفْظُهُ «عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ إذَا قُلْت أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ بَلْ قُلْ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا قَدْ فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُهُ عِوَضًا عَنْ الْحَيْعَلَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ يَعْنِي النَّوَوِيَّ مِنْ كَوْنِهِ يَقُولُهُ بَعْدَهَا انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى فَلَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ (وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ) لِخَبَرِ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمَرْنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ وَمُقْتَضَى الْكَرَاهَةِ الصِّحَّةُ وَنَازَعَ فِيهَا ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ أَبْدَلَ الْحَيْعَلَتَيْنِ بِغَيْرِهِمَا وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ بَدَلَهُمَا كَمَا فَهِمَهُ لَا بَعْدَهُمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي) بَيَانِ (اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي) صِحَّةِ (الصَّلَاةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] أَيْ جِهَتَهُ وَالِاسْتِقْبَالُ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ قُبُلَ الْكَعْبَةِ وَقَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ» مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَقُبُلُ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْبَاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ مُقَابِلُهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَا اسْتَقْبَلَك مِنْهَا أَيْ وَجْهَهَا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ «وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ» وَأَمَّا خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ دَانَاهُمْ وَسُمِّيَتْ قِبْلَةً لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ   [حاشية الرملي الكبير] يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ الْإِمَامُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لِعُذْرٍ أَوْ لِلْإِبْرَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ت [فُرُوعٌ وَقْت الْأَذَانُ مُفَوِّض إلَى نَظَرٌ الْمُؤَذِّن] (قَوْلُهُ الْأَذَانُ إلَى الْمُؤَذِّنِ) فَيُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا وَهُوَ مَشْرُوعٌ لَهَا إلَى خُرُوجِهِ (قَوْلُهُ وَجَعَلَ وَقْتَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي إلَخْ) وَاخْتِصَاصُهُ بِمَا بَعْدَ النِّصْفِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى وَقْتِ الصُّبْحِ) وَلِأَنَّ وَقْتَهَا يَدْخُلُ عَلَى النَّاسِ وَفِيهِمْ الْجُنُبُ وَالنَّائِمُ فَاسْتُحِبَّ تَقْدِيمُ أَذَانِهَا لِيَنْتَبِهُوا وَيَتَهَيَّئُوا وَيُدْرِكُوا فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلِهَذَا اخْتَصَّتْ بِالتَّثْوِيبِ أَيْضًا ح [الآذان بِالْعَجَمِيَّةِ] (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ) يُكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا لِعُذْرٍ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ) (قَوْلُهُ وَهُوَ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ) لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى الْقِبْلَةِ قَاعِدًا وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ قَائِمًا وَجَبَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ فَرْضَ الْقِبْلَةِ آكَدُ مِنْ فَرْضِ الْقِيَامِ بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ فِي النَّفْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَاسَ بِهِ مَا لَوْ تَعَارَضَ فِي حَقِّهِ الْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ وَالْقِيَامُ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يُفَوِّتُ الْآخَرَ أَنْ يُرَاعِيَ الْقِرَاءَةَ وَيُصَلِّيَ قَاعِدًا بَلْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ فِي رُكْنِ الْقِيَامِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ جَوَازُ تَرْكِ الْقِيَامِ لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ» إلَخْ) رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْبَيْتَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُصَلِّ ثُمَّ دَخَلَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَصَلَّى» وَفِي هَذَا جَوَابٌ عَنْ نَفْيِ أُسَامَةَ الصَّلَاةَ وَالْأَصْحَابِ وَمِنْهُمْ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَدْ أَجَابُوا بِاحْتِمَالِ الدُّخُولِ مَرَّتَيْنِ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّقْلِ لَا بِالِاحْتِمَالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 يُقَابِلُهَا وَكَعْبَةً لِارْتِفَاعِهَا وَقِيلَ لِاسْتِدَارَتِهَا وَارْتِفَاعِهَا (إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ صَلَاةِ) شِدَّةِ (الْخَوْفِ) مِنْ قِتَالٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَنَحْوِهَا) كَصَلَاةِ الْمَصْلُوبِ وَالْغَرِيقِ كَمَا سَيَأْتِي (وَنَفْلُ السَّفَرِ الْمُبَاحِ) فَلَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِقْبَالُ فِيهَا وَإِنْ وَجَبَ قَضَاءُ صَلَاةِ الْمَصْلُوبِ وَنَحْوِهِ وَالرَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ لَمْ يَسْتَثْنُوا صَلَاةَ الْمَصْلُوبِ وَنَحْوِهِ وَفَرَضُوا الْكَلَامَ فِي الْقَادِرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْعَاجِزَ لَا يُكَلَّفُ بِمَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ (فَلَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ (أَنْ يُصَلِّيَ غَيْرَ الْفَرَائِضِ وَلَوْ عِيدًا وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِي السَّفَرِ وَإِنْ قَصُرَ) السَّفَرُ (لَا) فِي (الْحَضَرِ) وَإِنْ اُحْتِيجَ فِيهِ لِلتَّرَدُّدِ كَمَا فِي السَّفَرِ (صَوْبَ) بِنَصَبِهِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ (مَقْصِدَهُ) بِكَسْرِ الصَّادِ أَيْ يُصَلِّي إلَى صَوْبِ مَقْصِدِهِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ طَرِيقَهُ (رَاكِبًا وَمَاشِيًا) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ أَيْ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ» وَقِيسَ بِالرَّاكِبِ الْمَاشِي وَالسَّفَرُ الْقَصِيرُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ مِثْلُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى ضَيْعَةٍ مَسِيرَتُهَا مِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ وَالْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَان لَا تَلْزَمُهُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ (إلَّا رَاكِبَ سَفِينَةٍ أَوْ هَوْدَجٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا (فَعَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ (وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْبَالُ رُبَّانِ السَّفِينَةِ) بِرَاءٍ مَضْمُومَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُثَقَّلَةٍ وَهُوَ رَئِيسُ الْمَلَّاحِينَ قَالَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ وَالْمُرَادُ مَلَّاحُ السَّفِينَةِ الَّذِي يَسِيرُهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ الِاسْتِقْبَالَ يَقْطَعُهُ عَنْ النَّفْلِ أَوْ عَمَلِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ مَنْ فِي السَّفِينَةِ وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الِاشْتِرَاطَ [فَرْعٌ ركب سُرُجًا أَوْ نَحْوه مِمَّا يصعب مَعَهُ اسْتِقْبَال الْقِبْلَة] (فَرْعٌ لَوْ رَكِبَ سَرْجًا وَنَحْوَهُ) مِمَّا لَا يَسْهُلُ مَعَهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَإِتْمَامِ الْأَرْكَانِ (لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَقَطْ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا سَافَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلِيَكُونَ ابْتِدَاءُ صَلَاتِهِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ ثُمَّ يُخَفِّفُ دَوَامًا لِلْمَشَقَّةِ كَمَا فِي النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَةِ هَذَا (إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ سَهْلَةً غَيْرَ مَقْطُورَةٍ) بِأَنْ كَانَتْ وَاقِفَةً أَوْ سَائِرَةً وَزِمَامُهَا بِيَدِهِ (أَوْ يَسْتَطِيعُ) رَاكِبُهَا (الِانْحِرَافَ) إلَى الْقِبْلَةِ (بِنَفْسِهِ) فَإِنْ كَانَتْ عَسِرَةً أَوْ مَقْطُورَةً أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ الِانْحِرَافَ لِعَجْزِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي التَّحْرِيمِ أَيْضًا لِلْمَشَقَّةِ وَاخْتِلَالِ أَمْرِ السَّيْرِ عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ سَهْلَةً أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ مَهْمَا دَامَ وَاقِفًا لَا يُصَلِّي إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ انْتِظَارِ رُفْقَةٍ لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ مَا دَامَ وَاقِفًا فَإِنْ سَارَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ إلَى جِهَةِ سَفَرِهِ إنْ كَانَ سَيْرُهُ لِأَجْلِ سَيْرِ الرُّفْقَةِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا لَهُ بِلَا ضَرُورَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسِيرَ حَتَّى تَنْتَهِيَ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ بِالْوُقُوفِ لَزِمَهُ فَرْضُ التَّوَجُّهِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْحَاوِي نَحْوُهُ. اهـ. وَلَهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُتِمَّهَا بِالْإِيمَاءِ أَمَّا الرَّاكِبُ فِي مَرْقَدٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَسْهُلُ فِيهِ الِاسْتِقْبَالُ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ فَعَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ كَمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ (فَلَوْ انْحَرَفَ) وَلَوْ بِرُكُوبِهِ مَقْلُوبًا (عَنْ مَقْصِدِهِ إلَى الْقِبْلَةِ لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ (أَوْ) انْحَرَفَ (إلَى غَيْرِهَا عَمْدًا) وَلَوْ قَهْرًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ مُطْلَقًا كَالْمُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ. (وَكَذَا النِّسْيَانُ أَوْ ضَلَالُهُ) الطَّرِيقَ أَيْ خَطَؤُهُ لَهُ (أَوْ جِمَاحٌ) مِنْ الدَّابَّةِ أَيْ غَلَبَتُهَا فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِانْحِرَافِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا (إنْ طَالَ) الزَّمَنُ كَالْكَلَامِ الْكَثِيرِ وَإِلَّا فَلَا   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ مِنْ صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ) مِنْ الْخَوْفِ الْمُجَوِّزِ لِتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَخَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ وَيَتَوَجَّهَ لِلْخُرُوجِ وَيُصَلِّيَ بِالْإِيمَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَبَ قَضَاءُ صَلَاةِ الْمَصْلُوبِ وَنَحْوِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ دَلِيلُ الِاشْتِرَاطِ أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْقَادِرِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْحَاوِي لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ لَا دَلِيلَ فِيهِ ع قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَخْدِشُ ذَلِكَ حُكْمُنَا بِصِحَّةِ صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ (قَوْلُهُ فِي السَّفَرِ) أَيْ الْمُبَاحِ (قَوْلُهُ صَوَّبَ مَقْصِدَهُ إلَخْ) وَقَدْ فُسِّرَ بِهِ قَوْله تَعَالَى {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِالرَّاكِبِ الْمَاشِي) لِأَنَّ الْمَشْيَ أَحَدُ السَّفَرَيْنِ وَأَيْضًا اسْتَوَيَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَكَذَا فِي النَّافِلَةِ (قَوْلُهُ وَالْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَان إلَخْ) قَالَ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ فَارَقَ حُكْمَ الْمُقِيمِينَ فِي الْبَلَدِ أَيْ وَلَعَلَّ كَلَامَ غَيْرِهِ رَاجِعٌ إلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْبَغَوِيّ اعْتَبَرَ الْحِكْمَةَ وَغَيْرُهُ اعْتَبَرَ الْمَظِنَّةَ انْتَهَى (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَقَطْ) اعْلَمْ أَنَّهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ إذَا تَحَرَّمَ بِعَدَدٍ ثُمَّ نَوَى الزِّيَادَةَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ النِّيَّةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا إنْشَاءٌ وَلِهَذَا لَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ النَّافِلَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي النِّيَّةِ أَمْ لَا يَجِبُ نَظَرًا لِلدَّوَامِ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْطُوهَا حُكْمَ الِابْتِدَاءِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ دُعَاءُ الِاسْتِفْتَاحِ بَعْدَ النِّيَّةِ هَذَا مِمَّا تَرَدَّدَ فِيهِ النَّظَرُ ز وَقَوْلُهُ أَمْ لَا يَجِبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ سَهْلَةً إلَخْ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ مَغْصُوبَةً (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ مَهْمَا دَامَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا لَهُ بِلَا ضَرُورَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسِيرَ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَالْخُرُوجُ مِنْ النَّافِلَةِ لَا يَحْرُمُ. (قَوْلُهُ فَلَوْ انْحَرَفَ عَنْ مَقْصِدِهِ إلَى الْقِبْلَةِ لَمْ يَضُرَّ) وَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى مَقْصِدِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا إذَا كَانَتْ الْقِبْلَةُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ فَإِنْ كَانَتْ خَلْفَهُ فَانْحَرَفَ إلَيْهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِلتَّخَلُّلِ الْمُنَافِي وَهَذِهِ لَا تَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الِانْحِرَافَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ عُرْفًا عَنْ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ أَمَّا إلَى وَرَائِهِ فَيُقَالُ لَهُ الْتِفَاتٌ د تَبِعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيَّ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي غَنِيَّتِهِ وَبَحْثِهِ فِي قُوَّتِهِ وَتَوَسُّطِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ التَّخَلُّلَ وَصْلَةٌ لِلرُّجُوعِ إلَى الْأَصْلِ إذْ لَا يَتَأَتَّى الرُّجُوعُ إلَيْهِ إلَّا بِهِ فَيَكُونُ مُغْتَفَرًا كَمَا لَوْ تَغَيَّرَتْ نِيَّتُهُ عَنْ مَقْصِدِهِ الَّذِي صَلَّى إلَيْهِ وَعَزَمَ أَنْ يُسَافِرَ إلَى غَيْرِهِ أَوْ الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ وَجْهَهُ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ وَيَمْضِي فِي صَلَاتِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَتَكُونُ هِيَ قِبْلَتَهُ وَإِنَّمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 تَبْطُلُ كَالْيَسِيرِ نِسْيَانًا (وَ) لَكِنْ (يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) لِأَنَّ عَمْدَ ذَلِكَ مُبْطِلٌ وَفِعْلَ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْجِمَاحِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِي النِّسْيَانِ وَنَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ فِيهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ لَكِنَّهُمَا أَعْنِي الشَّيْخَيْنِ نَقَلَا عَنْ الشَّافِعِيِّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَسَكَتَا عَنْ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ فَذِكْرُهُ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا التَّرْجِيحُ فِي النِّسْيَانِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَلِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ تَرْجِيحِ عَدَمِ السُّجُودِ وَلَوْ انْحَرَفَتْ بِنَفْسِهَا بِغَيْرِ جِمَاحٍ وَهُوَ غَافِلٌ عَنْهَا ذَاكِرٌ لِلصَّلَاةِ فَفِي الْوَسِيطِ إنْ قَصُرَ الزَّمَانُ لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ اهـ وَأَوْجَهُهُمَا الْبُطْلَانُ (وَلَوْ خَرَجَ) الرَّاكِبُ (فِي مَعَاطِفِ الطَّرِيقِ أَوْ عَدَلَ لِزَحْمَةٍ وَغُبَارٍ) وَنَحْوِهِمَا (لَمْ يَضُرَّ) لِحَاجَةِ السَّيْرِ إلَى ذَلِكَ فَالشَّرْطُ سُلُوكُ صَوْبِ الطَّرِيقِ لَا سُلُوكُهَا نَفْسُهَا كَمَا أَفْهَمَهُ أَيْضًا قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ صَوَّبَ مَقْصِدَهُ (وَلَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (وَنَحْوِهِ بَلْ يَكْفِيهِ انْحِنَاءٌ أَخْفَضُ مِنْ انْحِنَاءِ رُكُوعِهِ) وَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُمَا لِتَعَذُّرِهِ أَوْ تَعَسُّرِهِ وَالنُّزُولُ لَهُمَا أَعْسَرُ قَالَ الْإِمَامُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ وُسْعِهِ فِي الِانْحِنَاءِ (وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ) مِنْ سَفَرِهِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى وَطَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فَلْيَنْحَرِفْ) إلَيْهَا (فَوْرًا) وَيَسْتَمِرُّ عَلَى صَلَاتِهِ وَتَصِيرُ الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ قِبْلَتَهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (فَرْعٌ وَمَنْ لَا مَقْصِدَ لَهُ) مُعَيَّنٌ كَهَائِمٍ (أَوْ لَهُ مَقْصِدٌ) مُعَيَّنٌ (غَيْرُ مُبَاحٍ) كَآبِقٍ وَنَاشِزَةٍ (لَا رُخْصَةَ لَهُ) فِي تَنَفُّلٍ عَلَى الدَّابَّةِ وَلَا غَيْرِهِ كَالْمُقِيمِ وَذِكْرُ الثَّانِيَةِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهَا فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ كَأَصْلِهِ (وَإِنْ كَانَ) السَّفَرُ (مُبَاحًا وَتَوَجَّهَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَقْصِدِهِ (فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ لَمْ يَضُرَّ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سُلُوكُ نَفْسِ الطَّرِيقِ (أَمَّا الْمَاشِي فَيَسْتَقْبِلُ) الْقِبْلَةَ (فِي الْإِحْرَامِ) كَالرَّاكِبِ فِيمَا مَرَّ (وَ) فِي (الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا مَاكِثًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ (وَيَمْشِي) جَوَازًا (فِي الْقِيَامِ وَالتَّشَهُّدِ) لِطُولِ زَمَنِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا نَعَمْ السَّلَامُ كَالتَّشَهُّدِ وَالِاعْتِدَالُ كَالْقِيَامِ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِأَنَّ مَشْيَ الْقَائِمِ سَهْلٌ فَسَقَطَ عَنْهُ التَّوَجُّهُ فِيهِ لِيَمْشِيَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ سَفَرِهِ قَدْرَ مَا يَأْتِي بِالذِّكْرِ الْمُسِنُّونَ فِيهِ وَمَشْيُ الْجَالِسِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْقِيَامِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فَلَزِمَهُ التَّوَجُّهُ فِيهِ (فَإِنْ بَلَغَ الْمُسَافِرُ الْمَحَطَّ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ السَّيْرُ أَوْ) بَلَغَ (طَرَفَ بُنْيَانِ بَلَدِ الْإِقَامَةِ) أَوْ نَوَى وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ بِمَحَلِّ الْإِقَامَةِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهَا (لَزِمَهُ أَنْ يَنْزِلَ) عَنْ دَابَّتِهِ (إنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ وَ) لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ (يُتِمَّهَا مُسْتَقْبِلًا وَهِيَ وَاقِفَةٌ) لِانْقِطَاعِ سَفَرِهِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ وَعَطَفَ عَلَى ضَمِيرِ لَزِمَهُ قَوْلَهُ (إلَّا الْمَارَّ) بِذَلِكَ (وَلَوْ بِقَرْيَةٍ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ) فَلَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ. فَالشَّرْطُ فِي جَوَازِ التَّنَفُّلِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا دَوَامُ السَّفَرِ وَالسَّيْرِ فَلَوْ نَزَلَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّهَا لِلْقِبْلَةِ قَبْلَ رُكُوبِهِ وَلَوْ نَزَلَ وَبَنَى أَوْ ابْتَدَأَهَا لِلْقِبْلَةِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّكُوبَ وَالسَّيْرَ فَلْيُتِمَّهَا وَيُسَلِّمْ مِنْهَا ثُمَّ يَرْكَبُ فَإِنْ رَكِبَ بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَى الرُّكُوبِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إلَّا الْمُسْتَثْنَى فَالْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مُرَادُ النَّوَوِيِّ أَمَّا إذَا اسْتَقَرَّ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ وَأَمْكَنَهُ إتْمَامُهَا مُسْتَقْبِلًا فَلَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ (وَلَهُ الرَّكْضُ) لِلدَّابَّةِ وَالْعَدْوُ (لِحَاجَةٍ فَلَوْ أَجْرَى الدَّابَّةَ أَوْ عَدَا الْمَاشِي) فِي صَلَاتِهِ (بِلَا حَاجَةٍ بَطَلَتْ) لِوُجُوبِ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَوَازِ الرَّكْضِ وَالْعَدْوِ لِحَاجَةٍ بَيْنَ تَعَلُّقِهَا بِسَفَرِهِ كَخَوْفِ تَخَلُّفِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ وَعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِهِ كَصَيْدٍ يُرِيدُ إمْسَاكَهُ وَلَهُ وَجْهٌ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْوَجْهُ الْبُطْلَانُ فِي الثَّانِي (وَلَوْ أَوَطِئَهَا نَجَاسَةً) أَوْ وَطِئَتْهَا أَوْ بَالَتْ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّهُ لَمْ يُلَاقِهَا (لَا إنْ وَطِئَهَا الْمَاشِي نَاسِيًا وَهِيَ رَطْبَةٌ لَا يُعْفَى عَمَّا يَعْلَقُ بِهِ مِنْهَا) فَتَبْطُلُ لِمُلَاقَاتِهِ لَهَا مَعَ عَدَمِ مُفَارَقَتِهِ لَهَا حَالًا بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ لِلْجَهْلِ بِهَا مَعَ مُفَارَقَتِهِ لَهَا حَالًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ فَنَحَّاهَا فِي الْحَالِ وَبِخِلَافِ   [حاشية الرملي الكبير] تَكُونُ الْأُولَى قِبْلَتَهُ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الْعَزِيمَةُ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ) لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ. اهـ. وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ) التَّنْقِيحِ وَالتَّحْقِيقِ ز (قَوْلُهُ وَأَوْجَهُهُمَا الْبُطْلَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَصِيرُ الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ قِبْلَتَهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا أَطْلَقَ وَفِيمَا إذَا كَانَتْ وَرَاءَهُ وَقْفَةٌ اهـ وَصَرَّحَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَتْ نِيَّتُهُ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ صَرَفَ وَجْهَ دَابَّتِهِ وَمَضَى عَلَى صَلَاتِهِ قِيَاسًا عَلَى أَهْلِ قُبَاءَ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ ق [فَرْعٌ مِنْ لَا يَصِحّ لَهُ التَّنَفُّلِ عَلَى الدَّابَّةِ] (قَوْلُهُ كَالْمُقِيمِ فَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي جَمِيعِ نَافِلَتِهِ) لَا عَلَى الدَّابَّةِ لِأَنَّ صَوْبَ الْمَقْصِدِ جُعِلَ قِبْلَةً وَهَذَا لَا مَقْصِدَ لَهُ فَلَا يَتَرَخَّصُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا وَتَوَجَّهَ إلَيْهِ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ لَمْ يَضُرَّ) (فَرْعٌ) لِمَقْصِدِهِ طَرِيقَانِ يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَسَلَكَ الْآخَرُ لَا لِغَرَضٍ فَهَلْ لَهُ التَّنَفُّلُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْقَصْرِ وَيُحْتَمَلُ تَجْوِيزُهُ لَهُ قَطْعًا تَوْسِعَةً فِي النَّوَافِلِ وَتَكْثِيرِهَا وَلِهَذَا جَازَتْ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَهَذَا أَصَحُّ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا ت (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ تَجْوِيزُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا مَاكِثًا) لَوْ كَانَ يَمْشِي فِي وَحْلٍ وَنَحْوِهِ أَوْ مَاءٍ أَوْ ثَلْجٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إكْمَالُ السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ لُزُومُهُ وَاشْتِرَاطُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يَكْفِيهِ الْإِيمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ وَمِنْ تَلْوِيثِ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ بِالطِّينِ وَقَدْ وَجَّهُوا وُجُوبَ إكْمَالِهِ بِالتَّيَسُّرِ وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا وَإِلْزَامُهُ بِالْكَمَالِ مُؤَدٍّ إلَى التَّرْكِ جُمْلَةً ت وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْطَأَهَا نَجَاسَةً يَضُرُّ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ دَمِيَ فَمُ الدَّابَّةِ وَفِي يَدِهِ لِجَامُهَا لِعُذْرِهِ بِإِمْسَاكِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى وَفِي يَدِهِ حَبْلٌ طَاهِرٌ عَلَى نَجَاسَةٍ قَالَ شَيْخُنَا فِي خَطِّ الْوَالِدِ فِي هَذِهِ الْوَرَقَةِ الْمُلْصَقَةِ خِلَافَهُ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 الْمَعْفُوِّ عَنْهَا كَذَرْقِ طُيُورٍ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ وَطْئِهَا نِسْيَانًا وَبِالتَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَمَّا ذَكَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) وَطِئَهَا (عَامِدًا) وَلَوْ يَابِسَةً فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَصْرِفًا) أَيْ مَعْدِلًا عَنْ النَّجَاسَةِ وَالتَّرْجِيحُ فِي الْيَابِسَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ عَنْهَا مَصْرِفًا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يُكَلَّفُ التَّحَفُّظُ) عَنْهَا (فِي الْمَشْيِ) لِأَنَّهَا تَكْثُرُ فِي الطُّرُقِ وَتَكْلِيفُهُ ذَلِكَ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ غَرَضَ السَّيْرِ (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي) صِحَّةِ صَلَاةِ (الْفَرِيضَةِ الِاسْتِقْرَارُ وَالِاسْتِقْبَالُ وَتَمَامُ الْأَرْكَانِ) احْتِيَاطًا لَهَا وَلِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ أَوَائِلَ الْبَابِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَخَوْفِ فَوْتِ رُفْقَةٍ) وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ هُنَا وَصَرَّحُوا بِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ التَّيَمُّمِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْوَحْشَةِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا عَلَى الدَّابَّةِ سَائِرَةً إلَى مَقْصِدِهِ (وَيُعِيدَ) هَا وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ ضَابِطُ مَا تَجِبُ إعَادَتُهُ وَمَا لَا تَجِبُ (فَلَوْ صَلَّاهَا فِي هَوْدَجٍ عَلَى دَابَّةٍ وَاقِفَةٍ أَوْ سَرِيرٍ يَحْمِلُهُ رِجَالٌ) وَإِنْ مَشَوْا بِهِ (أَوْ فِي الْأُرْجُوحَةِ أَوْ الزَّوْرَقِ الْجَارِي صَحَّتْ) بِخِلَافِهَا عَلَى الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ لِأَنَّ سَيْرَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الطَّوَافِ عَلَيْهَا وَفَرَّقَ الْمُتَوَلِّي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ السَّائِرِينَ بِالسَّرِيرِ بِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا تَكَادُ تَثْبُتُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُرَاعِي الْجِهَةَ بِخِلَافِ الرِّجَالِ قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلدَّابَّةِ مَنْ يَلْزَمُ لِجَامَهَا وَيَسِيرُهَا بِحَيْثُ لَا تَخْتَلِفُ الْجِهَةُ جَازَ ذَلِكَ وَالزَّوْرَقُ نَوْعٌ مِنْ السُّفُنِ (وَلَوْ صَلَّى مَنْذُورَةً أَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ عَلَى الرَّاحِلَةِ لَمْ يَجُزْ) لِسُلُوكِهِمْ بِالْأُولَى مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَلِأَنَّ الرُّكْنَ الْأَعْظَمَ فِي الثَّانِيَةِ الْقِيَامُ وَفِعْلُهَا عَلَى الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ يَمْحُو صُورَتَهُ وَإِنْ فَرَضَ إتْمَامَهُ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَالْقُونَوِيِّ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِي النَّفْلِ إنَّمَا كَانَتْ لِكَثْرَتِهِ وَتَكَرُّرِهِ وَهَذِهِ نَادِرَةٌ وَصَرَّحَ الْإِمَامُ بِالْجَوَازِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِيهِ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَلَوْ صَلَّى إلَى آخِرِهِ لَأَغْنَى عَنْهُ كَلَامُهُ أَوَّلَ الْفَرْعِ (وَالْمَصْلُوبُ وَالْغَرِيقُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (يُصَلِّيَ حَيْثُ تَوَجَّهَ) لِلضَّرُورَةِ (وَيُعِيدُ) صَلَاتَهُ وَالتَّصْرِيحُ هُنَا بِالْإِعَادَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَصْلٌ النَّافِلَةُ وَصَلَاةُ مَنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً دَاخِلَ الْكَعْبَةِ أَفْضَلُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ مِنْ الرِّيَاءِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً أَيْ خَارِجَ الْكَعْبَةِ فَقَطْ بِأَنْ لَمْ يَرْجُهَا أَصْلًا أَوْ يَرْجُوهَا دَاخِلَهَا أَوْ دَاخِلَهَا وَخَارِجَهَا فَإِنْ رَجَاهَا خَارِجَهَا فَقَطْ فَخَارِجُهَا أَفْضَلُ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَكَانِهَا كَالْجَمَاعَةِ بِبَيْتِهِ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَالنَّافِلَةِ بِبَيْتِهِ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ أَفْضَلَ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُرَاعِ خِلَافَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ «فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهَا» وَقَوْلُهُ وَصَلَاةُ مَنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً أَيْ فِيمَا تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالْفَرْضِ (وَيَكْفِي اسْتِقْبَالُ بَابِهَا الْمَرْدُودِ) أَوْ الْمَفْتُوحِ وَعَتَبَتُهُ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَجْزَائِهَا وَالْعِبْرَةُ فِي الِاسْتِقْبَالِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ (وَمَنْ وَقَفَ عَلَى سَطْحِهَا أَوْ عَرْصَتِهَا وَهِيَ غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ) بِأَنْ انْهَدَمَتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ (وَبَيْنَ يَدَيْهِ) شَاخِصٌ (قَدْرُ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) فَأَكْثَرَ (تَقْرِيبًا) بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ (مُتَّصِلٌ) أَيْ الشَّاخِصُ (بِهَا) أَيْ بِالْكَعْبَةِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْهَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْرَ قَامَتِهِ طُولًا وَعَرْضًا (كَشَجَرَةٍ نَابِتَةٍ وَعَصًا مُسَمَّرَةٍ) أَوْ مُثَبَّتَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ (وَبَقِيَّةِ جِدَارٍ أَجْزَأَهُ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّاخِصُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي فَاعْتُبِرَ فِيهِ قَدْرُهَا وَقَدْ «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا فَقَالَ كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ كَذَرْقِ طُيُورٍ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى) قَالَ شَيْخُنَا جَفَّ [فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ الِاسْتِقْرَارُ وَالِاسْتِقْبَالُ وَتَمَامُ الْأَرْكَانِ إلَّا لِضَرُورَةٍ] (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِي الْفَرِيضَةِ الِاسْتِقْرَارُ) فَلَوْ حَمَلَهُ رَجُلَانِ وَوَقَفَا فِي الْهَوَاءِ أَوْ صَلَّى عَلَى دَابَّةٍ سَائِرَةٍ فِي هَوْدَجٍ لَمْ تَصِحَّ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ الزَّوْرَقِ الْجَارِي صَحَّتْ) قَالَ شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ قَضِيَّةُ هَذَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ فِي الْمِحَفَّةِ السَّائِرَةِ لِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ زِمَامُ الدَّابَّةِ يُرَاعِي الْقِبْلَةَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ يُحْتَاجُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ سَيْرَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ إلَخْ) وَسَيْرُ السَّفِينَةِ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهَا بِمَثَابَةِ الدَّارِ فِي الْبَرِّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ طَافَ عَلَى لَوْحٍ أَوْ سَفِينَةٍ فِي سَيْلٍ حَوْلَ الْكَعْبَةِ لَمْ يَصِحَّ وَالْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ عم قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا لَا اتِّجَاهَ فِيهِ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ الطَّوَافَ عِنْدَ الْأَصْحَابِ عَلَى عَكْسِ الْفَرِيضَةِ فَكُلُّ مَوْضِعٍ صَحَّحْنَا فِيهِ الْفَرِيضَةَ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الطَّوَافُ وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَمْ تَصِحَّ فِيهِ الْفَرِيضَةُ صَحَّ فِيهِ الطَّوَافُ فَفِي الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ يَصِحُّ الطَّوَافُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ وَكَيْفَ تُعْقَلُ صِحَّةُ الطَّوَافِ مِمَّنْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْتَقِرِّ عَلَى الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ جَرَى عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي الْحَجِّ فَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلدَّابَّةِ) أَيْ الَّتِي عَلَيْهَا الْمِحَفَّةُ (قَوْلُهُ جَازَ ذَلِكَ) وَحَكَاهُ فِي الْحِيلَةِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ ح (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى مَنْذُورَةً إلَخْ) ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي بَابِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ مِنْ تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى ظَهْرِ الرَّاحِلَةِ جَازَ فِعْلُهُمَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ لِسُلُوكِهِمْ بِالْأُولَى مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَلِأَنَّ الرُّكْنَ الْأَعْظَمَ فِي الثَّانِيَةِ الْقِيَامُ إلَخْ) وَلِنَدُورَ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَلِاحْتِرَامِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَرَضَ إتْمَامَهُ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِيهِ) وَقِيَاسُهُ جَوَازُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَاشِي إذَا صَلَّى عَلَى غَائِبٍ مَثَلًا لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُنَا قَدْ صَرَّحَ بِامْتِنَاعِ الْمَشْيِ وَقَالَ كَمَا سَبَقَ فِي التَّيَمُّمِ وَاَلَّذِي قَالَهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ هُنَاكَ ح وَقَوْلُهُ قَدْ صَرَّحَ بِامْتِنَاعِ الْمَشْيِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَصْلُوبُ وَالْغَرِيقُ وَنَحْوُهُ يُصَلِّي إلَخْ) لَوْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَخَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ وَيَتَوَجَّهَ لِلْخُرُوجِ وَيُصَلِّيَ بِالْإِيمَاءِ [فَصْلٌ النَّافِلَةُ وَصَلَاةُ مَنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً دَاخِلَ الْكَعْبَة أَفْضَل] (قَوْلُهُ وَصَلَاةُ مَنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً إلَخْ) وَالنَّذْرُ وَالْقَضَاءُ (قَوْلُهُ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ انْخَفَضَ مَوْضِعُ مَوْقِفِهِ وَارْتَفَعَتْ أَرْضُ الْجَانِبِ الْآخَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 الْإِمَامُ وَكَأَنَّهُمْ رَاعُوا فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ أَنْ يُسَامِتَ فِي سُجُودِهِ الشَّاخِصِ بِمُعْظَمِ بَدَنِهِ (لَا) نَحْوَ (حَشِيشٍ) نَابِتٍ (وَعَصًا مَغْرُوزَةٍ) لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ أَجْزَائِهَا وَتُخَالِفُ الْعَصَا لِأَوْتَادِ الْغَرُوزَةِ فِي الدَّارِ حَيْثُ تُعَدُّ مِنْهَا بِدَلِيلِ دُخُولِهَا فِي بَيْعِهَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِغَرْزِهَا لِلْمَصْلَحَةِ فَعُدَّتْ مِنْ الدَّارِ لِذَلِكَ (وَإِنْ جَمَعَ تُرَابَهَا أَمَامَهُ أَوْ نَزَلَ فِي مُنْخَفَضٍ مِنْهَا) كَحُفْرَةٍ (كَفَى) لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْ أَجْزَائِهَا (وَإِنْ وَقَفَ خَارِجَ الْعَرْصَةِ أَوْ عَلَى جَبَلٍ) كَجَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ (أَجْزَأَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ شَاخِصٍ) لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا بِخِلَافِ مَنْ وَقَفَ فِيهَا وَتَوَجَّهَ إلَى هَوَائِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ أَوْ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ خَرَجَ عَنْ مُحَاذَاةِ الْكَعْبَةِ بِبَعْضِ بَدَنِهِ) بِأَنْ وَقَفَ بِطَرَفِهَا وَخَرَجَ عَنْهُ بَعْضُهُ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ إذْ يُقَالُ مَا اسْتَقْبَلَهَا إنَّمَا اسْتَقْبَلَهَا بَعْضُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ كَالْحَجَرِ فِيمَا يَأْتِي فِيهِ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الرُّكْنَ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ لِلْبِنَاءِ الْمُجَاوِرِ لِلرُّكْنِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ بَدَنِهِ خَارِجًا عَنْ الرُّكْنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَإِنْ امْتَدَّ صَفٌّ طَوِيلٌ بِقُرْبِ الْكَعْبَةِ وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُحَاذَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ) أَيْ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِينَ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُسْتَقْبِلِينَ لَهَا (وَلَا شَكَّ إنَّهُمْ إذَا بَعُدُوا) عَنْهَا (حَاذَوْهَا وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ) وَإِنْ طَالَ الصَّفُّ لِأَنَّ صَغِيرَ الْجِرْمِ كُلَّمَا زَادَ بُعْدُهُ زَادَتْ مُحَاذَاتُهُ كَغَرَضِ الرُّمَاةِ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ مَعَ الِانْحِرَافِ (وَلَوْ اسْتَدْبَرَ) هَا (نَاسِيًا وَطَالَ) الزَّمَنُ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ لَهَا (لَا إنْ قَصُرَ) كَيَسِيرِ الْكَلَامِ (وَإِنْ أُمِيلَ) عَنْهَا (قَهْرًا بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (وَلَوْ قَلَّ) الزَّمَنُ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ بُطْلَانِهَا فِيمَا لَوْ حَوَّلَتْ الرِّيحُ السَّفِينَةَ فَتَحَوَّلَ وَجْهُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ وَرَدَّهُ إلَيْهَا حَالًا (وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ دُونَ الْكَعْبَةِ (لَمْ يُجْزِهِ) لِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ الْبَيْتِ مَظْنُونٌ لَا مَقْطُوعٌ بِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ بِالْآحَادِ (وَالْفَرْضُ فِي الْقِبْلَةِ إصَابَةُ الْعَيْنِ) فِي الْقُرْبِ يَقِينًا وَفِي الْبُعْدِ ظَنَّا فَلَا يَكْفِي إصَابَةُ الْجِهَةِ لِلْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ (وَلَا يَسْتَيْقِنُ الْخَطَأَ بِالِانْحِرَافِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً مَعَ الْبُعْدِ عَنْ مَكَّةَ) وَإِنَّمَا يُظَنُّ وَمَعَ الْقُرْبِ يُمْكِنُ الْيَقِينُ وَالظَّنُّ (وَمَنْ دَارُهُ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ الْإِصَابَةَ) لَعَيْنِ الْقِبْلَةِ (لِحَائِلٍ وَلَوْ طَارِئًا) كَبِنَاءٍ (اجْتَهَدَ) جَوَازًا لِلْمَشَقَّةِ فِي تَكْلِيفِهِ الْمُعَايَنَةَ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ إنَّهُ لَوْ بَنَى حَائِلًا مَنَعَ الْمُشَاهَدَةَ بِلَا حَاجَةٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ بِالِاجْتِهَادِ لِتَفْرِيطِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ صَلَّى بِالْمُعَايَنَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ وَفِي مَعْنَى الْمُعَايِنِ مَنْ نَشَأَ بِمَكَّةَ وَتَيَقَّنَ إصَابَةَ الْقِبْلَةِ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْهَا حِينَ يُصَلِّي فَيَمْتَنِعُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى يَقِينِ الْقِبْلَةِ (وَلَا اجْتِهَادَ فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَارِيبِ جَادَّتِهِمْ) بِالْجِيمِ أَيْ مُعْظَمِ طَرِيقِهِمْ (وَقُرَاهُمْ الْقَدِيمَةِ) بِأَنْ نَشَأَ بِهَا قُرُونٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ صَغُرَتْ وَخَرِبَتْ) إنْ سَلِمَتْ مِنْ الطَّعْنِ لِأَنَّهَا لَمْ تُنْصَبْ إلَّا بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِسَمْتِ الْكَوَاكِبِ وَالْأَدِلَّةِ فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى الْخَبَرِ (لَا) فِي (خَرِبَةٍ أَمْكَنَ أَنَّ بَانِيَهَا الْكُفَّارُ) فَيَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهَا وَكَذَا فِي طَرِيقٍ يَنْدُرُ مُرُورُ الْمُسْلِمِينَ بِهَا أَوْ يَسْتَوِي مُرُورُ الْفَرِيقَيْنِ بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَبَانِيهَا اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ الْبِنَاءِ (إلَّا) أَيْ لَا اجْتِهَادَ فِي الْمَحَارِيبِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا (تَيَامُنًا وَتَيَاسُرًا) فَيَجُوزُ إذْ لَا يَبْعُدُ الْخَطَأُ فِيهِمَا بِخِلَافِهِ فِي الْجِهَةِ وَهَذَا (فِي غَيْرِ مِحْرَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَسَاجِدِهِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا إنْ ضُبِطَتْ) أَيْ عُلِمَتْ أَمَّا فِيهَا فَيَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ فَلَوْ تَخَيَّلَ حَاذِقٌ فِيهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً فَخَيَالُهُ بَاطِلٌ وَمَحَارِيبُهُ كُلُّ مَا ثَبَتَتْ صَلَاتُهُ فِيهِ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ مَحَارِيبُ وَالْمِحْرَابُ لُغَةً صَدْرُ الْمَجْلِسِ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُحَارِبُ فِيهِ الشَّيْطَانَ (وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْيَقِينِ) فِي الْقِبْلَةِ أَوْ نَالَهُ مَشَقَّةٌ فِي تَحْصِيلِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الِاجْتِهَادِ (فَأَخْبَرَهُ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً (عَنْ عِلْمٍ بِالْقِبْلَةِ أَوْ الْمِحْرَابِ) الْمُعْتَمَدِ (لَمْ يَجْتَهِدْ) بَلْ يَعْتَمِدُ الْخَبَرَ كَمَا فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِأَنَّ وُجُودَ مَنْ يُخْبِرُهُ يَمْنَعُ جَوَازَ الِاجْتِهَادِ وَقَدْ يَفْهَمُ مِنْهُ وُجُوبَ السُّؤَالِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَشْكُلُ بِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ حَائِلٌ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِأَنَّ السُّؤَالَ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ بِخِلَافِ الطُّلُوعِ نَعَمْ إنْ فَرَضَ أَنَّ عَلَيْهِ فِي السُّؤَالِ مَشَقَّةً لِبُعْدِ الْمَكَانِ أَوْ نَحْوِهِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا فِي تِلْكَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَخَرَجَ بِمَقْبُولِ الرِّوَايَةِ غَيْرُهُ كَصَبِيٍّ وَكَافِرٍ فَلَا يُقْبَلُ إخْبَارُهُ بِمَا ذَكَرَ كَغَيْرِهِ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ اسْتَعْلَمَ مُسْلِمٌ مِنْ مُشْرِكٍ دَلَائِلَ الْقِبْلَةِ وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُ وَاجْتَهَدَ لِنَفْسِهِ فِي جِهَاتِ الْقِبْلَةِ جَازَ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي الْقِبْلَةِ عَلَى اجْتِهَادِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا قُبِلَ خَبَرُ الْمُشْرِكِ فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ نَزَلَ فِي مُنْخَفَضٍ مِنْهَا كَفَى) أَقُولُ بِشَرْطِ أَنْ لَا تُجَاوِزَ الْحُفْرَةَ قَوَاعِدُ الْبَيْتِ قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْحِجْرِ لَمْ يُجْزِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا خِلَافَ أَنَّ بَعْضَهُ مِنْ الْبَيْتِ فَلِمَ لَا يَصِحُّ تَوَجَّهَ مَا اتَّفَقَ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْبَيْتَ لَوْ أُعِيدَ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوَجُّهُ الْمَتْرُوكِ مِنْهُ اهـ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ كَوْنَ بَعْضِ الْحَجَرِ مِنْ الْبَيْتِ مَظْنُونٌ لَا مَقْطُوعٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ بِالْآحَادِ وَهُوَ لَا يَكْفِي فِي مِثْلِ ذَلِكَ ش (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ الْإِصَابَةَ لِحَائِلٍ) وَلَمْ يَجِدْ ثِقَةً يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ (قَوْلُهُ وَلَا اجْتِهَادَ فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ إلَخْ) فِي مَعْنَاهَا خَبَرُ عَدْلٍ بِاتِّفَاقِ جَمْعٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جِهَةٍ وَخَبَرُ صَاحِبِ الدَّارِ (قَوْلُهُ وَمَسَاجِدِهِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا) أَلْحَقَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قِبْلَةَ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ بِمَوْضِعٍ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَصْبِ الصَّحَابَةِ لَهُمَا (قَوْلُهُ إنْ ضُبِطَتْ) قُلْت وَفِي ضَبْطِ ذَلِكَ عُسْرٌ أَوْ هُوَ مُتَعَذِّرٌ ت (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ وُجُوبُ السُّؤَالِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا فِي تِلْكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَافِرٍ) فَلَا يُقْبَلُ إخْبَارُهُ بِمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي خَبَرِ الدِّينِ (قَوْلُهُ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) وَمَا أَظُنُّهُمْ يُوَافِقُونَهُ عَلَيْهِ غ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 غَيْرِهَا قَالَ الشَّاشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْقِبْلَةِ لَا يُقْبَلُ فِي أَدِلَّتِهَا إلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ وَسُكُونُ نَفْسِهِ إلَى خَبَرِهِ لَا يُوجِبُ أَنْ يَقُولَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخَبَرِ عَدَمُ جَوَازِ الْأَخْذِ بِالْخَبَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِلْأَعْمَى وَلَا لِمَنْ هُوَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ الْأَخْذُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ بِالْمَسِّ (وَيَعْتَمِدُ الْأَعْمَى) وَكَذَا مَنْ فِي ظُلْمَةٍ (الْمِحْرَابَ بِالْمَسِّ وَلَوْ لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْعَمَى) كَمَا يَعْتَمِدُهُ الْبَصِيرُ الَّذِي لَيْسَ فِي ظُلْمَةٍ بِالْمُشَاهَدَةِ فَالْمِحْرَابُ الْمُعْتَمَدُ كَصَرِيحِ الْخَبَرِ فَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَوَاضِعُ لَمَسَهَا صَبَرَ فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ صَلَّى كَيْفَ اتَّفَقَ وَأَعَادَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَا يَجْتَهِدُ فِي الْقِبْلَةِ إلَّا بَصِيرٌ عَارِفٌ بِالْأَدِلَّةِ) لَهَا (كَالنُّجُومِ وَالْقَمَرَيْنِ) تَثْنِيَةُ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَغَلَّبَ الْقَمَرَ لِكَوْنِهِ مُذَكَّرًا (وَأَضْعَفُهَا الرِّيَاحُ) لِاخْتِلَافِهَا (وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ) قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ فِي بَنَاتِ نَعْشٍ الصُّغْرَى بَيْنَ الْفَرْقَدَيْنِ وَالْجَدْيِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَقَالِيمِ فَفِي الْعِرَاقِ يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَفِي مِصْرَ خَلْفَ الْيُسْرَى وَفِي الْيَمَنِ قُبَالَتَهُ مِمَّا يَلِي جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ وَفِي كَوْنِ الْقُطْبِ نَجْمًا كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَلَيْسَ لَهُ اعْتِمَادُ ظَنٍّ بِلَا عَلَامَةٍ) كَمَا فِي الِاشْتِبَاهِ فِي الْمَاءِ (فَالْقَادِرُ عَلَى الِاجْتِهَادِ لَا يُقَلِّدُ) غَيْرَهُ (وَإِنْ حَصَلَ غَيْمٌ وَظُلْمَةٌ وَتَعَارُضُ أَدِلَّةٍ) لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَالْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ عَارِضَةٌ لَا تَطُولُ (بَلْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ) عَنْ الِاجْتِهَادِ (أَوْ قَلَّدَ غَيْرَهُ صَلَّى) كَيْفَ اتَّفَقَ فِي الْأُولَى (وَأَعَادَ) فِيهِمَا وُجُوبًا (وَالْأَعْمَى وَمَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ وَيَعْجِزُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (عَنْ تَعَلُّمِهَا الْبَلَادَةَ يُقَلِّدُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (عَارِفًا ثِقَةً يَجْتَهِدُ لَهُ) أَوْ لِغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] وَلِعَجْزِهِمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ مُعْظَمَ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَاهَدَةِ كَالْقَمَرَيْنِ وَالرِّيحُ ضَعِيفَةٌ كَمَا مَرَّ وَالِاشْتِبَاهُ عَلَيْهِ فِيهَا أَكْثَرُ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ فَاقِدِ الْبَصَرِ (وَيُجْزِئُ) أَيْ يَكْفِي فِيمَنْ يُقَلِّدُ أَنَّهُ (عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ لَا صَبِيٌّ) وَالتَّقْلِيدُ قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ الْمُسْتَنِدِ لِلِاجْتِهَادِ (فَإِنْ قَالَ الْمُخْبِرُ رَأَيْت الْقُطْبَ أَوْ الْجَمُّ الْغَفِيرُ) أَيْ جَمَاعَةُ النَّاسِ وَالْمُرَادُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (يُصَلُّونَ هَكَذَا فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ عِلْمٍ) فَالْأَخْذُ بِهِ قَبُولُ خَبَرٍ لَا تَقْلِيدٌ (فَلَوْ اخْتَلَفَ) عَلَيْهِ فِي الِاجْتِهَادِ (اثْنَانِ قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (لَكِنْ الْأَكْمَلُ) أَيْ الْأَوْثَقُ وَالْأَعْلَمُ عِنْدَهُ (أَوْلَى) وَقِيلَ وَاجِبٌ وَهُوَ الْأَشْبَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبَ حَكَاهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَإِنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى التَّخْيِيرِ (فَرْعٌ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ) أَيْ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ (عِنْدَ) إرَادَةِ (السَّفَرِ فَرْضُ عَيْنٍ) لِعُمُومِ حَاجَةِ الْمُسَافِرِ إلَيْهَا وَكَثْرَةِ الِاشْتِبَاهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَرِ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ السَّلَفُ بَعْدَهُ أَلْزَمُوا آحَادَ النَّاسِ تَعَلُّمَهَا بِخِلَافِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي غَيْرِ الْمِنْهَاجِ وَأَطْلَقَ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ تَصْحِيحَ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ كَتَعَلُّمِ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ فِي السَّفَرِ عَلَى سَفَرٍ يَقِلُّ فِيهِ الْعَارِفُونَ بِأَدِلَّتِهَا دُونَ مَا يَكْثُرُ فِيهِ كَرَكْبِ الْحَاجِّ فَهُوَ كَالْحَضَرِ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ السَّفَرَ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى أُخْرَى قَرِيبَةٍ بِحَيْثُ يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ كَالْحَضَرِ (فَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّعَلُّمِ) لَهَا وَقُلْنَا إنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ (لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّقْلِيدُ) فَإِنْ قَلَّدَ قَضَى لِتَقْصِيرِهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ جَازَ لَهُ التَّقْلِيدُ كَالْأَعْمَى (فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ) عَنْ التَّعَلُّمِ (فَحُكْمُهُ حُكْمُ مُجْتَهِدٍ تَحَيَّرَ) فَيُصَلِّي كَيْفَ اتَّفَقَ وَيُعِيدُ (وَلَوْ صَلَّى فَرِيضَةً بِالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ الثَّوْبِ لَزِمَهُ إعَادَتُهُ) أَيْ الِاجْتِهَادِ (لِلْأُخْرَى) أَيْ لِلْفَرِيضَةِ الْأُخْرَى (فِي الْقِبْلَةِ) إنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ سَعْيًا فِي إصَابَةِ الْحَقِّ لِتَأَكُّدِ الظَّنِّ عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ وَقُوَّةِ الثَّانِي عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ أَمَارَةٍ أَقْوَى وَالْأَقْوَى أَقْرَبُ إلَى الْيَقِينِ (لَا) إعَادَتُهُ (لِلنَّافِلَةِ) وَمِثْلُهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَمَا فِي   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ قَالَ الشَّاشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) وَقَالَ فِي الذَّخَائِرِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ وَلَا يَتَّبِعُ بَصِيرٌ وَلَا ضَرِيرٌ دَلَالَةَ مُشْرِكٍ بِحَالٍ إلَّا أَنْ يَطَّلِعَ الْبَصِيرُ عَلَيْهَا فَيَجْتَهِدُ بِهَا لِنَفْسِهِ. اهـ. وَهَذَا مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ت (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْقِبْلَةِ لَا يُقْبَلُ فِي أَدِلَّتِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ) مُثَلَّثُ الْقَافِ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ إلَخْ) وَكَأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ نَجْمًا لِمُجَاوَرَتِهِ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ نَجْمًا بَلْ نُقْطَةٌ تَدُورُ عَلَيْهَا هَذِهِ الْكَوَاكِبُ بِقُرْبِ النَّجْمِ ش (قَوْلُهُ وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ) وَبَحْرَانِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَلِذَلِكَ قِيلَ إنَّ قِبْلَتَهَا أَعْدَلُ الْقِبَلِ د (قَوْلُهُ بَلْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ إلَخْ) لَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ لَا يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ لِحَقِّ الْوَقْتِ إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ أَمْرَ الطَّهَارَةِ أَقْوَى وَمُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّ أَمْرَهَا أَخَفُّ فَإِنَّهُ مَا مِنْ جِهَةٍ إلَّا وَهِيَ قِبْلَةُ قَوْمٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي حَالِ الْمُسَايَفَةِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَا يُصَلِّي بِلَا طَهَارَةٍ وَمَنْ رَجَا وُجُودَ الْمَاءِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ يُؤَخِّرُ فِي قَوْلٍ وَفِي الْقِبْلَةِ يَجْتَهِدُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَا يُؤَخِّرُ وَلِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ إلَى يَقِينِ الطَّهَارَةِ بِالْوُضُوءِ وَبِالِاجْتِهَادِ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى يَقِينِ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ صَلَّى كَيْفَ اتَّفَقَ) لِإِخْفَاءِ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَلِّي كَيْفَ كَانَ إذَا تَسَاوَتْ الْجِهَاتُ عِنْدَهُ فَلَوْ اجْتَهَدَ فَتَسَاوَى عِنْدَهُ جِهَتَانِ فَلَيْسَ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُمَا فَيَتَخَيَّرُ فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ ت [فَرْعٌ تَعَلُّمُ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ إرَادَةِ السَّفَرِ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ عِنْدَ السَّفَرِ فَرْضُ عَيْنٍ) الْمُرَادُ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ دُونَ دَقَائِقِ الْأَدِلَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ والأرغياني فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْتَحَقَ بِالْمُسَافِرِ أَصْحَابُ الْخِيَامِ وَالنُّجْعَةِ إذَا قَلُّوا وَكَذَا مَنْ قَطَنَ بِمَوْضِعٍ بَعِيدٍ مِنْ بَادِيَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ت (قَوْلُهُ وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ إعَادَتُهُ لِلْأُخْرَى) وَالْمَنْذُورَةِ وَالْفَرِيضَةِ الْمُعَادَةِ فِي جَمَاعَةٍ يُتَّجَهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِمَا مَا سَبَقَ فِي التَّيَمُّمِ ح وَقَوْلُهُ يُتَّجَهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِمَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي التَّوَسُّطِ وَكَذَا الْمَنْذُورَةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 التَّيَمُّمِ وَخَرَجَ بِالْقِبْلَةِ الثَّوْبُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فِيهِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِبْلَةَ مَبْنِيَّةٌ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْيَقِينِ وَمُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَكَمَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ يَلْزَمُ الْأَعْمَى إعَادَةُ التَّقْلِيدِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ (فَإِنْ تَغَيَّرَ) اجْتِهَادُهُ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ الثَّوْبِ (عَمِلَ بِالثَّانِي) وُجُوبًا (إنْ تَرَجَّحَ وَلَوْ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَعَمِلَ بِالْأَوَّلِ إنْ تَرَجَّحَ وَفَرَّقَ بَيْنَ عَمَلِهِ بِالثَّانِي وَعَدَمِ عَمَلِهِ بِهِ فِي الْمِيَاهِ بِلُزُومِ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ غَسَلَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَالصَّلَاةُ بِنَجَاسَةٍ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ وَهُنَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الصَّلَاةُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَا بِنَجَاسَةٍ وَمَنَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ النَّقْضُ لَوْ أَبْطَلْنَا مَا مَضَى مِنْ طُهْرِهِ وَصَلَاتِهِ وَلَمْ نُبْطِلْهُ بَلْ أَمَرْنَاهُ بِغُسْلِ مَا ظَنَّ نَجَاسَتَهُ كَمَا أَمَرْنَاهُ بِاجْتِنَابِ بَقِيَّةِ الْمَاءِ الْأَوَّلِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَكْفِي فِي النَّقْضِ وُجُوبُ غُسْلِ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَاجْتِنَابُ الْبَقِيَّةِ. (فَإِنْ اسْتَوَيَا فَلَهُ الْخِيَارُ) بَيْنَهُمَا (لَا) إنْ كَانَ (فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ فَلَا خِيَارَ لَهُ بَلْ يَعْمَلُ بِالْأَوَّلِ وَالتَّفْصِيلُ فِيهَا بَيْنَ التَّسَاوِي وَعَدَمِهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ تَصْحِيحُ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالثَّانِي وَلَوْ مَعَ التَّسَاوِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ. اهـ. وَفَارَقَ حُكْمَ التَّسَاوِي قَبْلَهَا بِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِدُخُولِهِ فِيهَا جِهَةً فَلَا يَتَحَوَّلُ إلَّا بِأَرْجَحَ مَعَ أَنَّ التَّحَوُّلَ فِعْلٌ أَجْنَبِيٌّ لَا يُنَاسِبُ الصَّلَاةَ فَاحْتِيطَ لَهَا (وَلَا يُنْقَضُ) الِاجْتِهَادُ (الْأَوَّلُ) بِالثَّانِي لِامْتِنَاعِ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِمِثْلِهِ (وَلَوْ اتَّحَدَتْ الصَّلَاةُ وَأَدَّى) ذَلِكَ (إلَى اسْتِقْبَالِ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ) لِأَنَّهُ وَإِنْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي ثَلَاثٍ قَدْ أَدَّى كُلًّا مِنْهَا بِاجْتِهَادٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهِ الْخَطَأُ (وَهَذَا) أَيْ الْعَمَلُ بِالثَّانِي فِي الصَّلَاةِ (إذَا ظَنَّ الصَّوَابَ مُقَارِنًا) لِظُهُورِ الْخَطَأِ فَلَا تَبْطُلُ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِمِثْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَظُنَّهُ مُقَارِنًا (بَطَلَتْ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوَابِ عَلَى قُرْبٍ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ مَحْسُوبَةٍ (وَإِنْ طَرَأَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ شَكٌّ) فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْجِهَاتِ (لَمْ يُؤَثِّرْ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ (وَإِذَا عَلِمَ) الْمُجْتَهِدُ (خَطَأَهُ أَوْ خَطَأَ مَنْ قَلَّدَهُ الْأَعْمَى) أَيْ أَوْ عَلِمَ الْأَعْمَى وَلَوْ أَعْمَى الْبَصِيرَةِ خَطَأَ مَنْ قَلَّدَهُ (بَعْدَ الصَّلَاةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ إنْ تَعَيَّنَ الْخَطَأُ وَأَعَادَ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الصَّوَابُ) لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْإِعَادَةِ كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ يَجِدُ النَّصَّ بِخِلَافِهِ وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْإِعَادَةِ عَنْ الْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا وَالْخَطَأِ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ حَيْثُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِثْلُهُ فِيهَا وَخَرَجَ بِعِلْمِ الْخَطَأِ ظَنُّهُ وَبِتَعَيُّنِ الْخَطَأِ إبْهَامُهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ إلَى جِهَاتٍ بِاجْتِهَادَاتٍ فَلَا إعَادَةَ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ فَيَدْخُلُ فِيهِ خَبَرُ الْعَدْلِ عَنْ عِيَانٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي (وَإِنْ اجْتَهَدَ اثْنَانِ) فِي الْقِبْلَةِ وَاتَّفَقَ اجْتِهَادُهُمَا (وَصَلَّى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَزِمَهُ الِانْحِرَافُ) إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ (وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ وَذَلِكَ) أَيْ تَغَيُّرُ اجْتِهَادِ أَحَدِهِمَا (عُذْرٌ) فِي مُفَارَقَةِ الْمَأْمُومِ وَلَوْ أَخَّرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ. (وَإِنْ اخْتَلَفَا تَيَامُنًا وَتَيَاسُرًا) كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ قَالَ مُجْتَهِدٌ لِلْمُقَلِّدِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَخْطَأَ بِك فُلَانٌ وَهُوَ) أَيْ الْمُجْتَهِدُ الثَّانِي (أَعْرَفُ عِنْدَهُ) مِنْ الْأَوَّلِ (أَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ عَلَى الْخَطَأِ قَطْعًا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْرَفَ عِنْدَهُ مِنْ الْأَوَّلِ (تَحَوَّلَ إنْ بَانَ) لَهُ (الصَّوَابُ مُقَارِنًا) لِلْقَوْلِ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهِ وَبِالْخَطَأِ مَعًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ فِي الْأُولَى وَبِقَطْعِ الْقَاطِعِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فِي الثَّانِيَةِ قَطَعَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا ذَكَرَهُ وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَعْلَمَ لَمْ يُؤَثِّرْ قَوْلُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَبْنِ الصَّوَابُ مُقَارِنًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ وَإِنْ بَانَ الصَّوَابُ عَنْ قُرْبٍ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ مَحْسُوبَةٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَهَا فَلَا تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْبَصِيرِ بَعْدَهَا صَرَّحَ بِهِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِبْلَةَ مَبْنِيَّةٌ إلَخْ) فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ ثَوْبٍ الطَّهَارَةُ فَاكْتَفَى فِيهِمَا بِاجْتِهَادٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ وَالْحُكْمِ لَا يُقَالُ يُنْتَقَضُ بِالْمَاءِ إذَا اشْتَبَهَ فَإِنَّهُ إذَا اجْتَهَدَ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ وَبَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ الِاجْتِهَادُ لِصَلَاةٍ تَحْضُرُ لِأَنَّا نَقُولُ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ صَالِحٌ لِأَدَاءِ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ مَا بَقِيَ فَإِنَّ الَّذِي صَلَّى فِيهِ أَوَّلًا صَالِحٌ لِلصَّلَاةِ فِيهِ ثَانِيًا وَثَالِثًا بِخِلَافِ مَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءِ أَوَّلًا وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ إذَا اجْتَهَدَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَلَا يَجْتَهِدَ ق (قَوْلُهُ فَإِنْ تَغَيَّرَ عَمَلٌ بِالثَّانِي إلَخْ) (فَرْعٌ) لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ فَعُمِيَ فِيهَا أَتَمَّهَا وَلَا إعَادَةَ فَإِنْ دَارَ أَوْ أَدَارَهُ غَيْرُهُ عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ اسْتَأْنَفَ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ وُجُوبُ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ لِلْفَرْضِ الْوَاحِدِ إذَا فَسَدَ ش (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَلَهُ الْخِيَارُ) سَكَتَ عَنْ الْإِعَادَةِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِمَا سَبَقَ فِي الْمُتَحَيِّرِ أَنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ شَاءَ وَيَقْضِي وَكَذَا صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ هُنَا بِالْإِعَادَةِ لِتَرَدُّدِهِ حَالَةَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَكَذَا صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ مُحِبُّ الدِّينِ الطَّبَرِيُّ وَلَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ د (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ) وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ ت وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ وُجُوبَ التَّحَوُّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ دَلِيلُ الثَّانِي أَوْضَحَ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِمْ لَهُ بِاقْتِرَانِ ظُهُورِ الصَّوَابِ بِظُهُورِ الْخَطَأِ إذْ كَيْفَ يَظْهَرُ لَهُ الصَّوَابُ مَعَ التَّسَاوِي الْمُقْتَضِي لِلشَّكِّ وَوُجُوبُ بَقَائِهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ شَكَّ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ لَهُ جِهَةٌ أَتَمَّهَا إلَى جِهَتِهِ وَلَا إعَادَةَ بَلْ هُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ فَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ التَّحَوُّلِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ مَرْدُودٌ بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ بَاطِلٌ وَمُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ ش (قَوْلُهُ كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ يَجِدُ النَّصَّ بِخِلَافِهِ) وَلِأَنَّ مَا لَا يَسْقُطُ مِنْ الشُّرُوطِ بِالنِّسْيَانِ لَا يَسْقُطُ بِالْخَطَأِ كَالطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَعْرَفُ عِنْدَهُ مِنْ الْأَوَّلِ) أَوْ أَكْثَرُ عَدَالَةً كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 الْأَصْلُ فِي الْأُولَى وَيُقَاسُ بِهَا الثَّانِيَةُ وَمَا لَوْ قَالَهُ قَبْلَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ مَا مَرَّ قَبِيلَ الْفَرْعِ لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ يَعْمَلُ بِقَوْلِ الْأَوْثَقِ عِنْدَهُ فَإِنْ تَسَاوَيَا اسْتَخْبَرَ ثَالِثًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَكَمُتَحَيَّرِ فَيُصَلِّي كَيْفَ اتَّفَقَ وَيُعِيدُ وَبِقَوْلِهِ مُجْتَهِدٌ مَا لَوْ قَالَ مُعَايِنٌ فَيَتَحَوَّلُ مُطْلَقًا وَبِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى وَهُوَ أَعْرَفُ مَا لَوْ كَانَ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ مِثْلُهُ أَوْ لَا فَلَا يَتَحَوَّلُ وَمِنْ قَبِيلِ قَوْلِ الْمُعَايِنِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ قِيلَ لِلْأَعْمَى) وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ (صَلَاتُك إلَى الشَّمْسِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ قِبْلَتَهُ غَيْرُهَا اسْتَأْنَفَ) لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ (وَإِنْ أَبْصَرَ) وَهُوَ (فِي أَثْنَائِهَا وَعَلِمَ أَنَّهُ عَلَى الْإِصَابَةِ) لِلْقِبْلَةِ بِمِحْرَابٍ أَوْ نَجْمٍ أَوْ خَبَرِ ثِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَتَمَّهَا أَوْ عَلَى الْخَطَأِ أَوْ تَرَدَّدَ بَطَلَتْ) لِانْتِفَاءِ ظَنِّ الْإِصَابَةِ (وَإِنْ ظَنَّ الصَّوَابَ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ جِهَتِهِ (انْحَرَفَ) إلَى مَا ظَنَّهُ كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْبَصِيرِ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَبْصَرَ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ كَيْفِيَّتِهَا (وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانٍ) تُسَمَّى فُرُوضًا (وَ) عَلَى (سُنَنٍ) وَالرُّكْنُ كَالشَّرْطِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَيُفَارِقُهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يُقَارِنُ كُلَّ مُعْتَبَرٍ سِوَاهُ كَالطُّهْرِ، وَالسَّتْرِ تُعْتَبَرُ مُقَارَنَتُهُمَا لِلرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ، وَالرُّكْنُ مَا اُعْتُبِرَ فِيهَا لَا بِهَذَا الْوَجْهِ فَشَمِلَ تَعْرِيفَ الشَّرْطِ الْمَتْرُوكِ كَتَرْكِ الْكَلَامِ فَهِيَ شُرُوطٌ كَمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ وَوَافَقَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي. وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ الصَّوَابُ أَنَّهَا لَيْسَتْ شُرُوطًا بَلْ مُبْطِلَةٌ لِلصَّلَاةِ كَقَطْعِ النِّيَّةِ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، لَكِنْ يَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْكَلَامَ نَاسِيًا لَا يَضُرُّ وَلَوْ كَانَ تَرْكُهُ مِنْ الشُّرُوطِ لَضَرَّ (فَمِنْهَا) أَيْ السُّنَنِ (الْأَبْعَاضُ) وَهِيَ مَا (تُجْبَرُ) مِنْ حَيْثُ تَرْكُهَا عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا، وَالْمُرَادُ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَتْرُوكَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تُجْبَرُ (بِالسُّجُودِ) وَسُمِّيَتْ أَبْعَاضًا لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا بِالْجَبْرِ تَشْبِيهًا بِالْبَعْضِ حَقِيقَةً (وَهِيَ سِتَّةٌ الْقُنُوتُ الرَّاتِبُ) وَهُوَ قُنُوتُ الصُّبْحِ وَقُنُوتُ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ دُونَ قُنُوتِ النَّازِلَةِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا مِنْهَا أَيْ لَا بَعْضِهَا وَالْكَلَامُ فِيمَا هُوَ بَعْضٌ مِنْهَا. وَتَرْكُ بَعْضِ الْقُنُوتِ كَتَرْكِ كُلِّهِ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِتَعَيُّنِ كَلِمَاتِهِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي قُنُوتٍ تَعَيَّنَ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ مَا لَمْ يَعُدْ إلَى بَدَلِهِ (وَقِيَامُهُ) أَيْ الْقُنُوتِ الرَّاتِبِ قِيَاسًا لَهُ وَلِلْقُنُوتِ عَلَى مَا يَأْتِي وَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ تَبَعًا لِإِمَامِهِ الْحَنَفِيِّ الْقُنُوتَ لَمْ يَسْجُدْ كَإِمَامِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ سَهْوًا مِنْ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ، لَكِنْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَمَا سَيَأْتِي فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ (وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَهُ نَاسِيًا وَسَجَدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيسَ بِالنِّسْيَانِ الْعَمْدُ بِجَامِعِ الْخَلَلِ بَلْ خَلَلُ الْعَمْدِ أَكْثَرُ فَكَانَ لِلْجَبْرِ أَحْوَجُ، وَالْمُرَادُ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ اللَّفْظُ الْوَاجِبُ فِي الْأَخِيرِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ آنِفًا أَنَّ تَرْكَ بَعْضِهِ كَتَرْكِ كُلِّهِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَأَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ أَنْ يَتَشَهَّدَ تَشَهُّدَيْنِ فَلَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ أَوَّلِهِمَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخَائِرِ، وَكَذَا ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْإِمَامِ، لَكِنْ فَصَّلَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ إنْ كَانَ عَلَى عَزْمِ الْإِتْيَانِ بِهِ فَنَسِيَهُ وَإِلَّا فَلَا (وَجُلُوسُهُ) أَيْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ إذَا شُرِعَ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ شُرِعَ لِتَرْكِ جُلُوسِهِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لَهُ وَصُورَةُ تَرْكِهِ وَتَرْكِ قِيَامِ الْقُنُوتِ أَنْ لَا يُحْسِنَ التَّشَهُّدَ، أَوْ الْقُنُوتَ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ، أَوْ يَقِفَ بِقَدْرِهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ (، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَرْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ] (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانٍ وَسُنَنٍ) قَدْ شُبِّهَتْ الصَّلَاةُ بِالْإِنْسَانِ، فَالرُّكْنُ كَرَأْسِهِ وَالشَّرْطُ كَحَيَاتِهِ، وَالْبَعْضُ كَأَعْضَائِهِ، وَالسُّنَنُ كَشَعْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا يُخْرِجُ التَّوَجُّهَ لِلْقِبْلَةِ عَنْ كَوْنِهِ شَرْطًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِيَامِ، وَالْقُعُودِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ شَرْطٌ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا حَاصِلٌ فِي غَيْرِهِمَا أَيْضًا عُرْفًا إذْ يُقَالُ عَلَى الْمُصَلِّي حِينَئِذٍ أَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إلَيْهَا لَا مُنْحَرِفٌ عَنْهَا مَعَ أَنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا بِبَعْضِ مُقَدَّمِ بَدَنِهِ حَاصِلٌ حَقِيقَةً أَيْضًا وَذَلِكَ كَافٍ ش (قَوْلُهُ: أَيْ لَا بَعْضِهَا) وَإِلَّا لَمَا تُرِكَ عِنْدَ غَيْرِ النَّازِلَةِ (قَوْلُهُ، وَالْكَلَامُ فِيمَا هُوَ بَعْضٌ مِنْهَا) لَعَلَّ الْفَرْقَ تَأَكَّدَ أَمْرُهُ بِدَلِيلِ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ لِلنَّازِلَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ قُنُوتَ الصُّبْحِ وَقُنُوتَ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ مُسْتَحَبٌّ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ فَاسْتُحِبَّ السُّجُودُ لِتَرْكِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعُدْ إلَى بَدَلِهِ) قَالَ شَيْخُنَا رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ مَا لَوْ عَدَلَ إلَى بَدَلِهِ ابْتِدَاءً مَا لَوْ شَرَعَ فِي قُنُوتٍ وَقَطَعَهُ وَكَمَّلَ بِبَدَلِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ نَعَمْ يُمْكِنُ اسْتِثْنَاءُ مَا إذَا صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي سُنَّتَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّ إمَامَهُ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى رَبَطَ صَلَاتَهُ بِصَلَاةٍ نَاقِصَةٍ فَشُرِعَ لَهُ السُّجُودُ بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ، وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَةِ تَغْلِيبًا لَهَا عَلَى بَقِيَّةِ أَذْكَارِهِ لِشَرَفِهَا وَهُوَ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ اسْمِ الْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْخَلَلِ) ؛ وَلِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ الْجُبْرَانُ بِسَهْوِهِ وَتَعَلَّقَ بِعَمْدِهِ كَمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَإِضَافَةُ السُّجُودِ إلَى السَّهْوِ لَا تُنَافِي مَشْرُوعِيَّتَهُ فِي الْعَمْدِ كَفِدْيَةِ الْأَذَى فَإِنَّهَا تَجِبُ بِحَلْقِ الشَّعْرِ مِنْ غَيْرِ أَذًى (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ آنِفًا أَنَّ تَرْكَ بَعْضِهِ كَتَرْكِ كُلِّهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الذَّخَائِرِ) ، وَكَذَا ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ ابْنُ النَّحْوِيِّ الْأَصَحُّ إلْحَاقُ النَّفْلِ بِالْفَرْضِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى وَجْهٍ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فَصَّلَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَنَسِيَهُ) أَيْ، أَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا وَهُوَ اعْتِرَاضٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ مُسْتَقْبِلٌ قَطْعًا، لَكِنَّهُ بِجُمْلَةٍ، وَلَيْسَ الْمُعْتَبَرُ وَجْهَهُ وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مُسْتَقْبِلًا قَطْعًا بِدَلِيلِ مَا لَوْ الْتَفَتَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ تَحْوِيلٍ لِصَدْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ:. اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 فِيهِ) لِأَنَّهُ ذِكْرٌ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهِ فِي الْأَوَّلِ كَالتَّشَهُّدِ (وَ) الصَّلَاةُ (عَلَى الْآلِ فِي) التَّشَهُّدِ (الْأَخِيرِ) كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَتَيَقَّنَ تَرْكَ إمَامِهِ لَهَا بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ إمَامُهُ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ هُوَ، أَوْ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ وَقَصُرَ الْفَصْلُ وَبَقِيَ سَابِعٌ وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقُنُوتِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْفِرْكَاحِ وَمَا عَدَا الْمَذْكُورَاتِ مِنْ السُّنَنِ لَا سُجُودَ لِتَرْكِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ السَّادِسِ. (وَأَرْكَانُهَا سَبْعَةَ عَشَرَ) بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا الْأَرْبَعَةِ مِنْ الرُّكُوعِ وَمَا بَعْدَهُ أَرْكَانًا وَعَدَّهَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِإِسْقَاطِ الطُّمَأْنِينَةِ لِجَعْلِهَا كَالْهَيْئَةِ التَّابِعَةِ وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُهُمْ فِي التَّقَدُّمِ، وَالتَّأَخُّرِ بِرُكْنٍ، أَوْ أَكْثَرَ وَبِهِ يُشْعِرُ خَبَرُ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ الْآتِي وَالْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (الْأَوَّلُ النِّيَّةُ) لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَجَعَلَهَا الْغَزَالِيُّ شَرْطًا قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ فَتَكُونُ خَارِجَةً عَنْهَا وَإِلَّا لَتَعَلَّقَتْ بِنَفْسِهَا، أَوْ افْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى قَالَ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ رُكْنِيَّتُهَا وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّلَاةِ وَتَتَعَلَّقُ بِمَا عَدَاهَا مِنْ الْأَرْكَانِ أَيْ لَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ وَلَك أَنْ تَقُولَ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا كَمَا قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ كُلُّ صِفَةٍ تَتَعَلَّقُ وَلَا تُؤَثِّرُ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا وَبِغَيْرِهَا كَالْعِلْمِ، وَالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ فَتُحَصِّلُ نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا. (وَتَجِبُ مُقَارَنَتُهَا لِلتَّكْبِيرَةِ) أَيْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ الْأَرْكَانِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ أَوَّلِهَا وَيَسْتَمِرَّ ذَاكِرًا لَهَا إلَى آخِرِهَا كَمَا يَجِبُ حُضُورُ شُهُودِ النِّكَاحِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهُ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ، وَالْوَسِيطِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الِاكْتِفَاءَ بِالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ عِنْدَ الْعَوَامّ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَحْضِرًا لِلصَّلَاةِ اقْتِدَاءً بِالْأَوَّلَيْنِ فِي تَسَامُحِهِمْ بِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الْحَقُّ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ (فَلَوْ عَزَبَتْ) أَيْ النِّيَّةُ (قَبْلَ تَمَامِهَا) أَيْ التَّكْبِيرَةِ (لَمْ تَصِحَّ) الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الِانْعِقَادِ. وَالِانْعِقَادُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَمَامِ التَّكْبِيرَةِ بِدَلِيلِ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ قَبْلَ تَمَامِهَا (وَلَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُهَا) أَيْ النِّيَّةَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ لِلْعُسْرِ، لَكِنَّهُ يُسَنُّ كَمَا فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَيُعْتَبَرُ عَدَمُ الْمُنَافِي كَمَا فِي عَقْدِ الْإِيمَانِ (فَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ تَرَدَّدَ فِي أَنْ يَخْرُجَ، أَوْ يَسْتَمِرَّ بَطَلَتْ بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَالْحَجِّ) ، وَالْوُضُوءِ وَالِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّهَا أَضْيَقُ بَابًا مِنْ الْأَرْبَعَةِ فَكَانَ تَأَثُّرُهَا بِاخْتِلَالِ النِّيَّةِ أَشَدَّ (وَلَا أَثَرَ لِلْوَسَاوِسِ الطَّارِقَةِ لِلْفِكْرِ بِلَا اخْتِيَارٍ) بِأَنْ وَقَعَ فِي الْفِكْرِ أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ فِي الصَّلَاةِ كَيْفَ يَكُونُ الْحَالُ (فَقَدْ يَقَعُ مِثْلُهَا فِي الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَا مُبَالَاةَ بِهِ) ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ الْمُوَسْوِسُ (فَإِنْ عَلَّقَ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِحُصُولِ شَيْءٍ بَطَلَتْ فِي الْحَالِ وَلَوْ لَمْ يَقْطَعْ بِحُصُولِهِ) كَتَعْلِيقِهِ بِدُخُولِ شَخْصٍ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ فِي الْحَالِ قَطْعًا وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَنْ يَفْعَلَ فِي الثَّانِيَةِ فِعْلًا مُبْطِلًا لِلصَّلَاةِ كَتَكَلُّمٍ وَأَكْلٍ حَيْثُ لَا تَبْطُلُ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ هُنَا لَيْسَ بِجَزْمٍ، وَهُنَاكَ جَازِمٌ، وَالْمُحَرَّمُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِعْلُ الْمُنَافِي لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ (وَلَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِتَمَامِ النِّيَّةِ) ، أَوْ لَا (أَوْ هَلْ نَوَى ظُهْرًا، أَوْ عَصْرًا، فَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ، أَوْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِرُكْنٍ وَلَوْ قَوْلِيًّا كَالْقِرَاءَةِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِانْقِطَاعِ نَظْمِهَا وَنُدْرَةِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْأُولَى وَلِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّوَقُّفِ إلَى التَّذَكُّرِ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِخِلَافِ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ رُكْنًا نَاسِيًا إذْ لَا حِيلَةَ فِي النِّسْيَانِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَبَعْضُ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ فِيمَا ذَكَرَ كَكُلِّهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَحَلُّهُ إذَا طَالَ زَمَنُ الشَّكِّ أَوْ لَمْ يَعُدْ مَا قَرَأَهُ فِيهِ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الْقَاضِي وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قِرَاءَةَ السُّورَةِ فِيمَا ذَكَرَ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَفِيهَا عَنْ الْأَصْحَابِ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى فَأَتَمَّ عَلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا خَارِجٌ بِتَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ مَا ذُكِرَ بِالشَّكِّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ (أَوْ) تَذَكَّرَ (قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ طُولِ الزَّمَانِ وَإِتْيَانِهِ بِرُكْنٍ (فَلَا) تَبْطُلُ لِكَثْرَةِ عُرُوضِ مِثْلِ ذَلِكَ (وَإِنْ قَنَتَ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ ظَانًّا أَنَّهَا الصُّبْحُ وَأَطَالَ) الزَّمَانَ (، أَوْ أَتَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَيَقَّنَ تَرْكَ إمَامِهِ لَهَا إلَخْ) أَوْ يُخْبِرَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّلَامِ أَنَّهُ تَرَكَهَا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ سَلَّمَ جَاهِلًا بِتَرْكِ الْإِمَامِ السُّجُودَ فَيَسْجُدُ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ ز (قَوْلُهُ وَبَقِيَ سَابِعٌ إلَخْ) وَثَامِنٌ، وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى آلِهِ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْقُعُودَ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَلِلصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ بَعْدَ الْأَخِيرِ كَالْقُعُودِ لِلْأَوَّلِ، وَأَنَّ الْقِيَامَ لَهُمَا بَعْدَ الْقُنُوتِ كَالْقِيَامِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا عَدَا الْمَذْكُورَاتِ مِنْ السُّنَنِ) وَهِيَ نَحْوُ مِائَةٍ وَثَمَانِينَ. [أَرْكَان الصَّلَاة] [الرُّكْن الْأَوَّل النِّيَّة] (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهَا سَبْعَةَ عَشَرَ) أَرْكَانُ الشَّيْءِ أَجْزَاؤُهُ فِي الْوُجُودِ الَّتِي لَا يَحْصُلُ إلَّا بِحُصُولِهَا دَاخِلَةً فِي حَقِيقَتِهِ مُحَقِّقَةً لِهُوِيَّتِه (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ) ؛ وَلِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَوَّلُهَا لَا فِي جَمِيعِهَا فَكَانَتْ رُكْنًا كَالتَّكْبِيرِ، وَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِمَا إذْ الرُّكْنُ مَا كَانَ دَاخِلَ الْمَاهِيَّةِ وَبِفَرَاغِ النِّيَّةِ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَجَوَابُهُ إنَّا نَتَبَيَّنُ بِفَرَاغِهَا دُخُولَهُ فِيهَا بِأَوَّلِهَا وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ افْتَتَحَ النِّيَّةَ بِمَانِعٍ مِنْ الصَّلَاةِ مِنْ نَجَاسَةٍ، أَوْ اسْتِدْبَارٍ مَثَلًا وَتَمَّتْ وَلَا مَانِعَ، فَإِنْ قِيلَ هِيَ شَرْطٌ صَحَّتْ أَوْ رُكْنٌ فَلَا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ أَوَّلِهَا وَيَسْتَمِرَّ ذَاكِرًا لَهَا إلَى آخِرِهَا) إنْ قِيلَ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا نَوَى مَعَ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ وَجْهِهِ بِأَنَّهُ يُجْزِئُهُ، فَالْجَوَابُ أَنَّ طَهَارَةَ كُلِّ جُزْءٍ يَسْقُطُ بِهَا الْفَرْضُ عَنْ مَحَلِّهِ فَإِذَا نَوَى مَعَ أَوَّلِ جُزْئِهَا أَجْزَأَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَقْدٌ يَنْعَقِدُ بِجَمِيعِ لَفْظِ التَّكْبِيرِ فَإِذَا أَتَمَّهُ دَخَلَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ فَانْعَقَدَتْ بِهِ فَافْتَرَقَا (قَوْلُهُ: وَالْحَجِّ) أَيْ وَالْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى إلَخْ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ مُنَافِيَ النِّيَّةِ يُؤَثِّرُ فِي الْحَالِ وَمُنَافِيَ الصَّلَاةِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ عِنْدَ وُجُودِهِ بِأَنْ يَشْرَعَ فِيهِ فَلَوْ نَوَى فِعْلَاتٍ وَفَعَلَ وَاحِدَةً بَطَلَتْ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ ش (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِرُكْنٍ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّ مُضِيَّ بَعْضِ الرُّكْنِ لَا يَبْطُلُ مَعَ قِصَرِ زَمَنِ الشَّكِّ وَمَحَلُّهُ فِي الْقَوْلِيِّ إذَا أَعَادَ مَا قَرَأَهُ فِي الشَّكِّ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ ش (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قِرَاءَةَ السُّورَةِ إلَخْ) وَالتَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ ش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 بِرُكْنٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَطَلَتْ) لِمَا مَرَّ (وَكَذَا) تَبْطُلُ (لَوْ شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ وَهُوَ جَالِسٌ) لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (فَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ ثُمَّ تَذَّكَّرَهَا) أَيْ الطَّهَارَةَ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ إحْدَاثِ فِعْلٍ (لَا إنْ قَامَ لِيَتَوَضَّأَ) فَتَذَكَّرَهَا فَلَا تَبْطُلُ بَلْ يَعُودُ وَيَبْنِي وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَنَتَ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْقَاضِي (فَرْعٌ تَجِبُ نِيَّةُ فِعْلِ الصَّلَاةِ) لِتَمْتَازَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ وَتَقَدَّمَ دَلِيلُهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ (وَ) يَجِبُ (تَعْيِينُهَا كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ) لِتَمْتَازَ عَنْ غَيْرِهَا (فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى فَرْضِ الْوَقْتِ، أَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ، أَوْ) الظُّهْرَ (الْمَقْصُورَةَ أَوْ عَكَسَهُ) بِأَنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ (لَمْ يُجْزِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَيِّزْ فِي الْأُولَى لِصِدْقِهَا بِفَائِتَةٍ تَذَكَّرَهَا وَنَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ فِي غَيْرِهَا (وَتُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ) فِي الْفَرْضِ وَلَوْ كِفَايَةً أَوْ نَذْرًا (وَإِنْ كَانَ) النَّاوِي (صَبِيًّا) لِيَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ (فَيُحْضِرُ الْمُصَلِّي ذَلِكَ فِي ذِهْنِهِ وَيَقْصِدُهُ) وَمَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ، لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فَضَعَّفَهُ وَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ وَكَيْفَ يَنْوِيهَا وَصَلَاتُهُ لَا تَقَعُ فَرْضًا وَبِهَذَا صَرَّحَ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ وَفِي التَّحْقِيقِ نَحْوُهُ. وَأَمَّا الْمُعَادَةُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (وَلْيَنْوِ) نَدْبًا (إضَافَتَهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى) كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ، أَوْ فَرِيضَةً لِلَّهِ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الْإِخْلَاصِ (وَكَوْنَهَا أَدَاءً، أَوْ قَضَاءً وَعَدَدُ الرَّكَعَاتِ) لِتَمْتَازَ عَنْ غَيْرِهَا وَالتَّصْرِيحُ بِطَلَبِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ صَحَّتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَاتِ كُلَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ تَعَالَى وَكُلٌّ مِنْ الْأَدَاءِ، وَالْقَضَاءِ يَأْتِي بِمَعْنَى الْآخَرِ وَالْعَدَدُ مَحْصُورٌ بِالشَّرْعِ (لَكِنْ لَوْ عَيَّنَ عَدَدًا وَأَخْطَأَ الْعَدَدَ) وَفِي نُسْخَةٍ لَوْ غَيَّرَ الْعَدَدَ (بَطَلَتْ) لِأَنَّهُ نَوَى غَيْرَ الْوَاقِعِ وَفَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَالِمِ وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي الْغَلَطِ وَأَيَّدَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا ذَكَرَ وَفِي نِيَّةِ الْخُرُوجِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ الْخَطَأَ فِي التَّعْيِينِ لَا يَضُرُّ (وَلَوْ ظَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَصَلَّاهَا قَضَاءً) فَبَانَ بَقَاؤُهُ (أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ ظَنَّ بَقَاءَ الْوَقْتِ فَصَلَّاهَا أَدَاءً فَبَانَ خُرُوجُهُ (أَجْزَأَهُ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عَالِمًا لِتَلَاعُبِهِ وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلِاسْتِقْبَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا لِلْوَقْتِ كَالْيَوْمِ إذْ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلشُّرُوطِ فَلَوْ عَيَّنَ الْيَوْمَ وَأَخْطَأَ. قَالَ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي صَحَّ فِي الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ بِالْوَقْتِ الْمُتَعَيَّنِ لِلْفِعْلِ بِالشَّرْعِ تُلْغِي خَطَأَهُ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْفِعْلِ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لَهُ بِالشَّرْعِ وَلَمْ يَنْوِ قَضَاءَ مَا عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ فِي التَّيَمُّمِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا (وَيَجِبُ تَعْيِينُ الرَّوَاتِبِ وَ) سَائِرُ (السُّنَنِ) الْمُؤَقَّتَةِ، أَوْ ذَاتِ السَّبَبِ (بِالْإِضَافَةِ) إلَى مَا يُعَيِّنُهَا كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَسُنَّةِ الْعِشَاءِ، أَوْ رَاتِبَتِهَا وَكَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، أَوْ الْكُسُوفِ، أَوْ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ النَّحْرِ، أَوْ الضُّحَى قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَسُنَّةِ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا، أَوْ الَّتِي بَعْدَهَا وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ وَوَجْهُهُ أَنَّ تَعْيِينَهُمَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمِ وَالْوَقْتِ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْ الْمُؤَخَّرَةَ كَمَا يَجِبُ تَعْيِينُ الظُّهْرِ لِئَلَّا تَلْتَبِسَ بِالْعَصْرِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا أَخَّرَ الْمُقَدَّمَةَ عَنْ الْفَرْضِ وَتُسْتَثْنَى تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَا الْإِحْرَامِ، وَالْوُضُوءِ، وَالِاسْتِخَارَةِ فَيَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ فِعْلِهَا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ فِي الْأُولَى، وَالْإِحْيَاءِ فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بَطَلَتْ لِمَا مَرَّ) قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ أَلْحَقَ الظَّنَّ بِالشَّكِّ، وَالشَّكُّ يَقْتَضِي التَّرَدُّدَ وَإِتْيَانُ شَيْء مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ، وَالظَّنُّ لَا يَقْتَضِي التَّرَدُّدَ بَلْ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ خَطَأً وَسَهْوًا، وَالْخَطَأُ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُهَا. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ، وَالصَّلَاةُ تَمَيَّزَتْ بِالنِّيَّةِ وَلَمْ يَصْرِفْهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَالظَّنُّ الْحَادِثُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْقُنُوتِ لِتَعَمُّدِهِ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْقَاضِي) قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُ الْقَاضِي فَرَّعَهُ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّ الشَّكَّ فِي فَرْضٍ بَعْدَ السَّلَامِ مُؤَثِّرٌ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ) فِي إجْزَاءِ نِيَّةِ صَلَاةٍ يُشْرَعُ التَّثْوِيبُ فِي أَذَانِهَا، أَوْ الْقُنُوتُ فِيهَا أَبَدًا عَنْ نِيَّةِ الصُّبْحِ تَرَدُّدٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَذْرًا) هَلْ هَذَا فِي كُلِّ مَنْذُورَةٍ، أَوْ يَخْتَصُّ بِاَلَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا وَلَا وَقْتَ فَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْفَرِيضَةِ فِيمَا لَوْ نَذَرَ الْمُحَافَظَةَ عَلَى رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ، وَالضُّحَى وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَعِنْدِي فِيهِ وَقْفَةٌ. ت وَقَوْلُهُ هَلْ هَذَا فِي كُلِّ مَنْذُورَةٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مِنْ كَوْنِ الصَّبِيِّ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ ظَاهِرٌ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ وَالتَّعْلِيلُ يُوَافِقُهُ ت وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ (قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ لَوْ غَيَّرَ الْعَدَدَ بَطَلَتْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي الْغَلَطِ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّهُ يَضُرُّ فِي الْغَلَطِ أَيْضًا إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ تَفْصِيلًا، أَوْ جُمْلَةً يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ فَقَالَ لَوْ غَلِطَ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَنَوَى الظُّهْرَ ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا. قَالَ أَصْحَابُنَا لَا يَصِحُّ ظُهْرُهُ سُئِلَ الْبَارِزِيُّ عَنْ رَجُلٍ كَانَ فِي مَوْضِعٍ عِشْرِينَ سَنَةً يَتَرَاءَى لَهُ الْفَجْرُ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ خَطَأٌ فَمَاذَا يَقْضِي فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا قَضَاءُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ كُلِّ يَوْمٍ تَكُونُ قَضَاءً عَنْ صَلَاةِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ عَيَّنَ الْيَوْمَ وَأَخْطَأَ قَالَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) وَفِيهِ نَظَرٌ ت (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ فِي التَّيَمُّمِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عِيدِ الْفِطْرِ) ، أَوْ النَّحْرِ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي فِي صَلَاةِ الْعِيدِ أَنْ لَا يَجِبَ التَّعَرُّضُ لِكَوْنِهِ فِطْرًا، أَوْ نَحْرًا؛ لِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ فَيَلْتَحِقُ بِالْكَفَّارَاتِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ آكَدُ فَإِنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ ش (قَوْلُهُ: وَرَكْعَتَا الْوُضُوءِ) أَيْ، وَالطَّوَافِ (قَوْلُهُ: وَالْإِحْرَامِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَالِاسْتِخَارَةِ) وَصَلَاةِ الْحَاجَةِ وَسُنَّةِ الزَّوَالِ وَصَلَاةِ الْغَفْلَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ، وَالصَّلَاةِ فِي بَيْتِهِ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلسَّفَرِ، وَالْمُسَافِرُ إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا وَأَرَادَ مُفَارَقَتَهُ، وَالتَّحْقِيقُ عَدَمُ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَفْعُولَ لَيْسَ عَيْنَ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ وَإِنَّمَا هُوَ نَفْلٌ مُطْلَقٌ حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 الثَّانِيَةِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِمَا فِي الثَّالِثَةِ، وَالرَّابِعَةِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلِّ صَلَاةٍ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهَا ذَلِكَ (إلَّا الْوِتْرَ فَلَا يُضَافُ إلَى الْعِشَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بَلْ يَنْوِي سُنَّةَ الْوِتْرِ (وَيَنْوِي بِجَمِيعِهِ) إنْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ (الْوِتْرَ) أَيْضًا، وَإِنْ فَصَلَهُ كَمَا يَنْوِي التَّرَاوِيحَ بِجَمِيعِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَنْوِي فِي الْأَخِيرَةِ مِنْهُ وَفِيمَا سِوَاهَا الْوِتْرَ أَوْ سُنَّتَهُ (أَوْ يَتَخَيَّرُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَتَخَيَّرُ (فِيمَا سِوَى الْأَخِيرَةِ) مِنْهُ إذَا فَصَلَهُ (بَيْنَ) نِيَّةِ (صَلَاةِ اللَّيْلِ وَمُقَدَّمَةِ الْوِتْرِ وَسُنَّتِهِ) ، وَهِيَ أَوْلَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا نَوَى عَدَدًا، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَهَلْ يَلْغُو لِإِبْهَامِهِ أَوْ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ أَوْ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ رَكْعَتَيْنِ مَعَ صِحَّةِ الرَّكْعَةِ، أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ لَهُ غَايَةٌ هِيَ أَفْضَلُ فَحَمَلْنَا الْإِطْلَاقَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا يُرِيدُهُ مِنْ رَكْعَةٍ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ خَمْسٍ، أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ، أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ (وَتَكْفِي نِيَّةُ الصَّلَاةِ فِي النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ) وَهِيَ مَا لَا وَقْتَ لَهَا وَلَا سَبَبَ؛ لِأَنَّهَا أَدْنَى دَرَجَاتِ الصَّلَاةِ فَإِذَا نَوَاهَا وَجَبَ أَنْ تَحْصُلَ لَهُ (وَالصَّوَابُ أَنَّ نِيَّةَ النَّفْلِ لَا تَجِبُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَغَيْرِهَا لِمُلَازَمَتِهِ لَهَا، وَالِاعْتِبَارُ فِي النِّيَّةِ بِالْقَلْبِ كَمَا مَرَّ (وَيُسْتَحَبُّ النُّطْقُ مَعَ النِّيَّةِ) بِهَا قُبَيْلَ التَّكْبِيرِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَإِنْ نَوَى الظُّهْرَ) بِقَلْبِهِ (وَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ الْعَصْرُ لَمْ يَضُرَّ) إذْ الْعِبْرَةُ بِمَا فِي الْقَلْبِ (وَإِنْ عَقَبَ النِّيَّةَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) بِأَنْ لَفَظَ بِهَا (أَوْ نَوَاهَا وَقَصَدَ) بِهَا فِيهِمَا (التَّبَرُّكَ، أَوْ أَنَّهُ) أَيْ الْفِعْلَ (وَاقِعٌ بِالْمَشِيئَةِ لَمْ يَضُرَّ، أَوْ) نَوَى بِهَا (التَّعْلِيقَ) ، أَوْ أَطْلَقَ (بَطَلَتْ) لِلْمُنَافَاةِ (وَإِذَا) أَتَى بِمَا يُنَافِي الْفَرْضَ دُونَ النَّفْلِ كَأَنْ (قَلَبَ الصَّلَاةَ) الَّتِي هُوَ فِيهَا (صَلَاةً أُخْرَى، أَوْ أَحْرَمَ الْقَادِرُ بِالْفَرْضِ قَاعِدًا، أَوْ) أَحْرَمَ بِهِ الشَّخْصُ (قَبْلَ الْوَقْتِ عَالِمًا) بِذَلِكَ (بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ وَلَمْ تَنْقَلِبْ نَفْلًا) لِتَلَاعُبِهِ. وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِلَا عُذْرٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا كَمَنْ) قَلَبَ صَلَاتَهُ الْفَرْضَ نَافِلَةً جَاهِلًا، أَوْ أَحْرَمَ بِهَا الْقَادِرُ قَاعِدًا كَذَلِكَ، أَوْ (ظَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ فَأَحْرَمَ) بِالْفَرْضِ فَبَانَ خِلَافُهُ (أَوْ قَلَبَهُ) نَفْلًا مُطْلَقًا (لِيُدْرِكَ جَمَاعَةً) مَشْرُوعَةً (وَهُوَ مُنْفَرِدٌ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ) لِيُدْرِكَهَا (أَوْ رَكَعَ الْمَسْبُوقُ قَبْلَ إتْمَامِ التَّكْبِيرِ جَاهِلًا انْقَلَبَتْ نَفْلًا) لِلْعُذْرِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْخُصُوصِ بُطْلَانُ الْعُمُومِ أَمَّا لَوْ قَلَبَهُ نَفْلًا مُعَيَّنًا كَرَكْعَتَيْ الضُّحَى فَلَا يَصِحُّ لِافْتِقَارِهِ إلَى التَّعْيِينِ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُشْرَعْ الْجَمَاعَةُ كَمَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ فَوَجَدَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ فَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِهَا (وَإِنْ قَالَ لِإِنْسَانٍ صَلِّ فَرْضَك وَلَك عَلَيَّ دِينَارٌ فَصَلَّى) بِهَذِهِ النِّيَّةِ (أَجْزَأَتْهُ) صَلَاتُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الدِّينَارَ وَهَذِهِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ (وَكَذَا) يُجْزِئُهُ (لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ وَدَفْعَ الْغَرِيمِ) ؛ لِأَنَّ دَفْعَهُ حَاصِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فَأَشْبَهَ التَّبَرُّدَ مَعَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ (لَا) إنْ نَوَى بِصَلَاتِهِ (الْفَرْضَ، وَالنَّفَلَ) غَيْرَ التَّحِيَّةِ أَوْ نَحْوَهَا فَلَا تَنْعَقِدُ لِتَشْرِيكِهِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ لَا تَنْدَرِجُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى بِخِلَافِ الْفَرْضِ وَالتَّحِيَّةِ، أَوْ نَحْوِهَا، وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْأُولَى كَأَصْلِهِ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ، وَالثَّانِيَةُ مَعْلُومَةٌ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ. ثُمَّ الرُّكْنُ (الثَّانِي تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) فِي الْقِيَامِ، أَوْ بَدَلِهِ لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ بَدَلَ قَوْلِهِ «حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا» «حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا» (وَلَفْظُهَا) أَيْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَيْ مَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا (مُتَعَيِّنٌ) عَلَى الْقَادِرِ فَلَا يُجْزِئُ: اللَّهُ كَبِيرٌ، وَلَا الرَّحْمَنُ، أَوْ الرَّحِيمُ أَكْبَرُ وَلَا اللَّهُ أَعْظَمُ، أَوْ أَجَلُّ لِمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَقَالَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِفَوَاتِ مَعْنَى افْعَلْ فِي الْأُولَى. (فَإِنْ عَكَسَهَا) بِأَنْ قَالَ أَكْبَرُ اللَّهُ، أَوْ الْأَكْبَرُ اللَّهُ (بَطَلَتْ) أَيْ لَمْ تَنْعَقِدْ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا بِخِلَافِ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ (وَلَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَوْ أَلْحَقَهَا بِأَوْصَافٍ) لِلَّهِ تَعَالَى كَاللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ وَأَعْظَمُ لَمْ يَضُرَّ كَمَا لَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (وَكَذَا إنْ تَخَلَّلَتْ) صِفَاتُهُ تَعَالَى بَيْنَ كَلِمَتَيْ التَّكْبِيرِ (وَقُصِرَتْ كَقَوْلِهِ: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَكْبَرُ) ، أَوْ اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَكْبَرُ   [حاشية الرملي الكبير] الْمُقَيَّدِ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْوِتْرَ فَلَا يُضَافُ إلَى الْعِشَاءِ) أَيْ لَا تَجِبُ إضَافَتُهُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَصَلَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَإِنْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ نَوَى بِالْجَمِيعِ الْوِتْرَ إنْ كَانَ بِتَسْلِيمَةٍ وَإِنْ كَانَ بِتَسْلِيمَاتٍ نَوَى بِكُلِّ تَسْلِيمَةٍ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْوِتْرِ ت (قَوْلُهُ فَهَلْ يَلْغُو لِإِبْهَامِهِ أَوْ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذِهِ التَّرْدِيدَاتُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ جَعَلُوا لِلْوَتْرِ أَقَلَّ وَأَكْمَلَ وَأَدْنَى كَمَالٍ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ إطْلَاقَ النِّيَّةِ إنَّمَا يَصِحُّ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ إنْ كَانَ فِيمَا إذَا نَوَى مُقَدَّمَةَ الْوِتْرِ، أَوْ مِنْ الْوِتْرِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا أَطْلَقَ وَقَالَ أُصَلِّي الْوِتْرَ فَالْوِتْرُ أَقَلُّهُ رَكْعَةٌ فَيَنْزِلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهَا حَمْلًا عَلَى أَدْنَى الْمَرَاتِبِ. (قَوْلُهُ، أَوْ ثَلَاثٍ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ أَقَلِّهِ؛ لِأَنَّ الصَّارِفَ عَنْ حَمْلِهِ عَلَى رَكْعَةٍ كَرَاهَةُ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا فَصَارَتْ كَالْعَدَمِ وَانْتَقَلْنَا إلَى مَرْتَبَةٍ تَلِيهَا مَطْلُوبَةٍ شَرْعًا وَعَلَى مَا قُلْنَاهُ لَوْ نَوَى الضُّحَى وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ. [الرُّكْن الثَّانِي تَكْبِيرَة الْإِحْرَام] (قَوْلُهُ: «كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ) أَيْ كَمَا عَلِمْتُمُونِي لِيَشْمَلَ الْأَقْوَالَ (قَوْلُهُ: أَوْ اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَكْبَرُ لَمْ يَضُرَّ) قَدْ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ بِأَنَّ تَخَلُّلَ مَا ذَكَرَ يَضُرُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَمْشِيَتِهِ وَلَكِنْ مَثَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ الْيَسِيرَ بِقَوْلِهِ اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَكْبَرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 لَمْ يَضُرَّ لِبَقَاءِ النَّظْمِ وَالْمَعْنَى بِخِلَافِ مَا لَوْ تَخَلَّلَ غَيْرُ صِفَاتِهِ تَعَالَى فَلَا يَكْفِي اللَّهُ هُوَ أَكْبَرُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ (لَا إنْ طَالَتْ) صِفَاتُهُ تَعَالَى كَاللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ أَكْبَرُ (أَوْ طَالَ سَكْتُهُ) بِالْإِضَافَةِ إلَى هَاءِ الضَّمِيرِ مِنْ سَكَتَ سَكْتًا وَسُكُوتًا وَسُكَاتًا وَفِي نُسْخَةٍ سُكُوتُهُ (بَيْنَ كَلِمَتَيْ التَّكْبِيرِ، أَوْ زَادَ حَرْفًا فِيهِ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) كَمَدِّ هَمْزَةِ اللَّهِ وَأَلِفٍ بَعْدَ الْبَاءِ (أَوْ) زَادَ (وَاوًا) سَاكِنَةً أَوْ مُتَحَرِّكَةً (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ تَكْبِيرًا، وَالْعِبْرَةُ فِي الطُّولِ، وَالْقِصَرِ بِالْعُرْفِ. وَتَقْيِيدُهُ السُّكُوتَ بِالطُّولِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ رَزِينٍ أَنَّهُ لَوْ شَدَّدَ الرَّاءَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ (وَيَجِبُ أَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا) حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَ) أَنْ (يُسْمِعَ نَفْسَهُ) إذَا كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ لَا عَارِضَ عِنْدَهُ مِنْ لَغَطٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُقَصِّرَهُ) أَيْ التَّكْبِيرَ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ (وَ) أَنْ (لَا يَمْطُطُهُ) بِأَنْ يُبَالِغَ فِي مَدِّهِ بَلْ يَأْتِي بِهِ مُبَيَّنًا (وَقَصْرُهُ) أَيْ الْإِسْرَاعَ بِهِ (أَوْلَى) مِنْ مَدِّهِ لِئَلَّا تَزُولَ النِّيَّةُ وَيُخَالِفَ تَكْبِيرَ الِانْتِقَالَاتِ لِئَلَّا يَخْلُوَ بَاقِيهَا عَنْ الذِّكْرِ (وَ) أَنْ (يَجْهَرَ بِالتَّكْبِيرَاتِ) أَيْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ (الْإِمَامُ) لِيَسْمَعَ الْمَأْمُومُونَ فَيَعْلَمُوا صَلَاتَهُ (لَا غَيْرُهُ) مِنْ مَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ فَلَا يَجْهَرُ بَلْ يُسِرُّ إلَّا أَنْ لَا يَبْلُغَ صَوْتُ الْإِمَامِ جَمِيعَ الْمَأْمُومِينَ فَيَجْهَرُ بَعْضُهُمْ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِيُبَلِّغَ عَنْهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَرَضِهِ بِالنَّاسِ وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُسْمِعُهُمْ التَّكْبِيرَ» . (وَلَا يُجْزِئُهُ) يَعْنِي الْقَادِرَ عَلَى تَعَلُّمِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ التَّكْبِيرُ (بِالْعَجَمِيَّةِ) لِتَقْصِيرِهِ (وَعَلَيْهِ التَّعَلُّمُ وَلَوْ بِالرِّحْلَةِ) إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لِدَوَامِ نَفْعِهِ بِخِلَافِ مَاءٍ لِطُهْرٍ وَلِهَذَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ آخِرَهُ بِخِلَافِ التَّرْجَمَةِ إذْ لَوْ جَوَّزْنَاهَا لَمْ يَلْزَمْهُ التَّعَلُّمُ أَصْلًا لِعَدَمِ لُزُومِهِ لَهُ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَفَارَقَ الْمَاءَ بِأَنَّ وُجُودَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ (فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ التَّعَلُّمِ (بِلَا تَفْرِيطٍ تَرْجَمَ بِأَيِّ لُغَةٍ) كَانَتْ مِنْ فَارِسِيَّةٍ وَسُرْيَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ وَغَيْرِهَا (وَلَا إعَادَةَ) لِعُذْرِهِ (وَإِنْ فَرَّطَ) تَرْجَمَ، ثُمَّ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ (، وَالْأَخْرَسُ يُحَرِّكُ) وُجُوبًا (لِسَانَهُ وَفَمَهُ) بِأَنْ يُحَرِّكَ شَفَتَيْهِ وَلَهَاتَهُ (قَدْرَ إمْكَانِهِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ كَمَا فِي الْمَرِيضِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِي الْقِرَاءَةِ، وَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَسَائِرٍ الْأَذْكَارِ. وَغَيْرُ الْأَخْرَسِ إذَا لَمْ يُطَاوِعْهُ لِسَانُهُ يُتَرْجِمُ التَّكْبِيرَ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ عَجَزَ عَنْهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ بَدَلٍ وَتَرْجَمَتُهُ أَوْلَى مَا يُجْعَلُ بَدَلًا عَنْهُ لِأَدَائِهَا مَعْنَاهُ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزٌ وَتَرْجَمَتُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: خداي بَرَزَ كتر فَلَا يَكْفِي برزك؛ لِتَرْكِهِ التَّفْضِيلَ كَاللَّهُ كَبِيرٌ (وَإِنْ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ تَكْبِيرَاتٍ نَاوِيًا بِهِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا (الِافْتِتَاحَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِالْأَوْتَارِ وَخَرَجَ) مِنْهَا (بِالْأَشْفَاعِ) ؛ لِأَنَّ مَنْ افْتَتَحَ صَلَاةً، ثُمَّ نَوَى افْتِتَاحَ صَلَاةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ هَذَا (إنْ لَمْ يَنْوِ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ (خُرُوجًا وَافْتِتَاحًا) وَإِلَّا فَيَخْرُجُ بِالنِّيَّةِ وَيَدْخُلُ بِالتَّكْبِيرِ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، فَإِنْ (لَمْ يَنْوِ بِغَيْرِ) التَّكْبِيرَةِ (الْأُولَى شَيْئًا) مِنْ خُرُوجٍ وَافْتِتَاحٍ (لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّهُ ذِكْرٌ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ هَذَا كُلُّهُ مَعَ الْعَمْدِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَمَّا مَعَ السَّهْوِ فَلَا بُطْلَانَ. (فَرْعٌ وَيُسَنُّ) لِلْمُصَلِّي (رَفْعُ يَدَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي اللَّهُ هُوَ أَكْبَرُ إلَخْ) ، أَوْ اللَّهُ يَا رَحْمَنُ أَكْبَرُ (قَوْلُهُ، أَوْ طَالَ سَكْتُهُ بَيْنَ كَلِمَتَيْ التَّكْبِيرِ) قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَزِيدَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يَتَنَفَّسُ فِيهِ. اهـ. وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَضُرَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِعَيٍّ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعَجْزِ ت (قَوْلُهُ كَمَدِّ هَمْزَةِ اللَّهِ) لَوْ وَصَلَ هَمْزَةَ الْجَلَالَةِ فَقَالَ أُصَلِّي إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا اللَّهُ أَكْبَرُ صَحَّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ هَمْزَةَ الْوَصْلِ تَسْقُطُ فِي الدَّرْجِ ز (قَوْلُهُ وَأَلِفٌ بَعْدَ الْبَاءِ) وَإِشْبَاعُ ضَمَّةِ الْهَاءِ مِنْ اللَّهِ ز قَوْلُهُ أَوْ زَادَ وَاوًا سَاكِنَةً إلَخْ لَوْ ضَمَّ الرَّاءَ مِنْ أَكْبَرَ انْعَقَدَتْ خِلَافًا لِابْنِ يُونُسَ وَمَنْ تَبِعَهُ وَلَوْ أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ مِنْ أَكْبَرَ وَاوًا فَقَالَ اللَّهُ وَكْبَرُ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ الْمَالِكِيِّ أَنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ تُبْدَلُ وَاوًا كَمَا تُبْدَلُ الْوَاوُ هَمْزَةً فِي نَحْوِ وِشَاحٍ وَأَشَاح قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمَا قَالَهُ غَيْرُ بَعِيدٍ وَلَوْ أَتَى بِالْهَمْزَةِ بَدَلًا مِنْ الْكَافِ لَمْ تَنْعَقِدْ. اهـ. وَالرَّاجِحُ عَدَمُ انْعِقَادِهَا إذَا أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ وَاوًا وَبِهِ أَفْتَى الْقَفَّالُ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الرَّاءِ بِالتَّضْعِيفِ لُغَةٌ وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى ابْنِ رَزِينٍ أَنَّهُ لَوْ شَدَّدَ الْبَاءَ مِنْ أَكْبَرَ لَمْ تَنْعَقِدْ وَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَالْأَخْرَسُ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَفَمَهُ) إنْ كَانَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ بِذَلِكَ مَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ، أَوْ خُبِلَ لِسَانُهُ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ الْقِرَاءَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ فَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ وَلَهَوَاتِهِ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى مَخَارِجِ الْحُرُوفِ وَيَكُونُ كَنَاطِقٍ انْقَطَعَ صَوْتُهُ فَيَتَكَلَّمُ بِالْقُوَّةِ وَلَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ، وَإِنْ أَرَادُوا أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَعِيدٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْأَوَّلُ وَإِلَّا لَأَوْجَبُوا تَحْرِيكَهُ عَلَى النَّاطِقِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ شَيْئًا إذْ لَا يَتَقَاعَدُ حَالُهُ عَنْ الْأَخْرَسِ خِلْقَةً وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يُرِيدَ الْأَئِمَّةُ مَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ فَأَقَلُّ الدَّرَجَاتِ أَنْ يُقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَسْمَعَ الْأَخْرَسُ الْقِرَاءَةَ، وَالذِّكْرَ الْوَاجِبَيْنِ بِحَيْثُ يَحْفَظُهُمَا بِقَلْبِهِ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ بِذَلِكَ مَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْإِشْفَاعِ) إذَا صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ فَكَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ هَلْ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ قَطَعَ النِّيَّةَ وَنَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الْأُولَى أَمْ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَطْعِهِ لِلنِّيَّةِ الْأُولَى يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ تَنَحْنَحَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى السَّهْوِ وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ فِي الْأَصَحِّ. وَالْمُتَّجَهُ هُنَا الِامْتِنَاعُ؛ لِأَنَّ إفْسَادَ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ صِحَّتُهُ لَا يُتَابِعُهُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا يَعْرِضُ فِي الْأَثْنَاءِ بَعْدَ عَقْدِ الصِّحَّةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ز لَوْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ، ثُمَّ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ ثَانِيًا بِنِيَّةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَهَذَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ النِّيَّةَ الْأُولَى بَلْ زَادَ عَلَيْهَا فَتَبْطُلُ وَلَا تَنْعَقِدُ الثَّانِيَةُ وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ لِأَنَّ نِيَّةَ الزِّيَادَةِ كَنِيَّةِ صَلَاةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ مَعَ الْعَمْدِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قُبَيْلَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ فَرْعٌ وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 وَلَوْ مُضْطَجِعًا مَعَ التَّكْبِيرِ) لِلْإِحْرَامِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (مُسْتَقْبِلًا بِكَفَّيْهِ) الْقِبْلَةَ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ مُمِيلًا أَطْرَافَ أَصَابِعِهِمَا نَحْوَهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ غَرِيبٌ (كَاشِفًا لَهُمَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِكَرَاهَةِ خِلَافِهِ (مُفَرِّقًا أَصَابِعَهُ) تَفْرِيقًا (وَسَطًا) وَخَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فَقَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ وَالْمَشْهُورُ اسْتِحْبَابُ التَّفْرِيقِ أَيْ بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ بِوَسَطٍ وَفُهِمَ عَنْهُ فِي الْمُهِمَّاتِ اسْتِحْبَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّفْرِيقِ فَصَرَّحَ بِهَا قَالَ الْمُتَوَلِّي وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ قَبْلَ الرَّفِعِ وَالتَّكْبِيرِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَيَطْرُقَ رَأْسَهُ قَلِيلًا انْتَهَى وَيَرْفَعَ يَدَيْهِ (حَتَّى يُحَاذِيَ) أَيْ يُقَابِلَ (بِأَطْرَافِهِمَا) أَيْ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِمَا (أَعْلَى أُذُنَيْهِ وَبِإِبْهَامَيْهِ شَحْمَتَيْهِمَا) أَيْ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ (وَبِكَفَّيْهِ مَنْكِبَيْهِ) وَالْمَنْكِبُ مَجْمَعُ عَظْمِ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ (فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ الرَّفْعُ إلَّا بِزِيَادَةٍ) عَلَى الْمَشْرُوعِ (أَوْ نَقْصٍ) عَنْهُ (أَتَى بِالْمُمْكِنِ) مِنْهُمَا وَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ بِهِمَا أَتَى بِالزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَبِزِيَادَةٍ هُوَ مَغْلُوبٌ عَلَيْهَا. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُ إحْدَى يَدَيْهِ رَفَعَ الْأُخْرَى (وَأَقْطَعُ الْكَفَّيْنِ يَرْفَعُ سَاعِدَيْهِ وَ) أَقْطَعُ (الْمِرْفَقَيْنِ) يَرْفَعُ (عَضُدَيْهِ) تَشْبِيهًا بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ وَأَقْطَعُ أَحَدِهِمَا كَذَلِكَ (وَإِنْ قَرَنَ الرَّفْعَ بِالتَّكْبِيرِ فِي الِابْتِدَاءِ كَفَى) فِي الْإِتْيَانِ بِالسُّنَّةِ (وَلَوْ لَمْ يَنْتَهِيَا مَعًا) فَالسَّنَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ الْمَعِيَّةُ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الِانْتِهَاءِ فَإِنْ فَرَغَ مِنْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ تَمَامِ الْآخَرِ أَتَمَّ الْآخَرَ لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ، وَالْوَسِيطِ أَنَّهَا تُسَنُّ فِي الِانْتِهَاءِ أَيْضًا وَنَقَلَهُ فِي الْأَخِيرَيْنِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ وَاسْتَشَكَلَ ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ» وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ (فَإِنْ تَرَكَهُ) أَيْ رَفَعَهُمَا وَلَوْ عَمْدًا حَتَّى شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ (أَتَى بِهِ فِي أَثْنَائِهِ لَا بَعْدَهُ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا يَحُطُّ يَدَيْهِ وَلَا يَسْتَدِيمُ الرَّفْعَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (وَرَدَّهُمَا) مِنْ الرَّفْعِ (إلَى تَحْتِ الصَّدْرِ أَوْلَى مِنْ الْإِرْسَالِ) لَهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ اسْتِئْنَافُ رَفْعِهِمَا إلَى تَحْتَ الصَّدْرِ بَلْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِكَرَاهَةِ الْإِرْسَالِ لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْمَنْ الْعَبَثَ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْقَصْدُ مِنْ وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى تَسْكِينُ يَدَيْهِ فَإِنْ أَرْسَلَهُمَا بِلَا عَبَثٍ فِلَا بَأْسَ. وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ فَصَرَّحَ بِهَا وَهُوَ قَرِيبٌ (وَيَقْبِضُ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى كُوعَ الْيُسْرَى وَبَعْضَ السَّاعِدِ) ، وَالرُّسْغَ الْمَعْلُومَ مِنْ قَوْلِهِ (بَاسِطًا أَصَابِعَهَا فِي عَرْضِ الْمَفْصِلِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ (أَوْ نَاشِرًا لَهَا صَوْبَ السَّاعِدِ) ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ بِهَا عَلَى الْيُسْرَى حَاصِلٌ بِهِمَا (وَيَضَعُهُمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ (بَيْنَ السُّرَّةِ، وَالصَّدْرِ) رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ «وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ» أَيْ آخِرِهِ فَتَكُونُ الْيَدُ تَحْتَهُ بِقَرِينَةِ رِوَايَةِ تَحْتَ صَدْرِهِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى، وَالرُّسْغِ، وَالسَّاعِدِ» وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِهِمَا تَحْتَ الصَّدْرِ أَنْ يَكُونَا فَوْقَ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ فَإِنَّهُ تَحْتَ الصَّدْرِ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْقَلْبَ مَحَلُّ النِّيَّةِ، وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِأَنَّ مَنْ احْتَفَظَ عَلَى شَيْءٍ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَلِهَذَا يُقَالُ فِي الْمُبَالَغَةِ أَخَذَهُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ، وَالْكُوعُ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ وَالرُّسْغُ بِالسِّينِ أَفْصَحُ مِنْ الصَّادِ وَهُوَ الْمِفْصَلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ، وَالتَّخْيِيرُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ بَاسِطًا إلَى آخِرِهِ ظَاهِرُهُ، أَوْ صَرِيحُهُ: أَنَّهُ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ؛ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَبْضِ قَالَ الْقَفَّالُ بِحَذْفِ الْوَاوِ قَبْلَ قَالَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ قَوْلٌ لِلْقَفَّالِ مُقَابِلٌ لِلْقَوْلِ بِالْقَبْضِ الْمَذْكُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَ التَّخْيِيرَ شَيْخُنَا الشَّمْسُ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ. الرُّكْنُ (الثَّالِثُ الْقِيَامُ، أَوْ بَدَلُهُ) الْآتِي بَيَانُهُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ زَادَ النَّسَائِيّ، «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا» وَإِنَّمَا أَخَّرُوا الْقِيَامَ عَنْ النِّيَّةِ، وَالتَّكْبِيرِ مَعَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا رُكْنَانِ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَهُوَ رُكْنٌ فِي الْفَرِيضَةِ فَقَطْ (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْقِيَامِ (نَصْبُ فَقَارِ الظَّهْرِ) وَهُوَ عِظَامُهُ (لَا) نَصْبُ (الرَّقَبَةِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إطْرَاقُ الرَّأْسِ (فَلَوْ اسْتَنَدَ إلَى شَيْءٍ) كَجِدَارٍ (أَجْزَأَهُ وَلَوْ تَحَامَلَ عَلَيْهِ) وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَ السِّنَادُ لَسَقَطَ؛ لِوُجُودِ اسْمِ الْقِيَامِ (وَكُرِهَ) أَيْ اسْتِنَادُهُ. (وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَرْفَعُ قَدَمَيْهِ إنْ شَاءَ) وَهُوَ مُسْتَنِدٌ (أَوْ انْحَنَى   [حاشية الرملي الكبير] الْحِكْمَةُ فِي الرَّفْعِ أَنْ يَرَاهُ الْأَصَمُّ فَيَعْلَمَ دُخُولَهُ فِي الصَّلَاةِ كَالْأَعْمَى يَعْلَمُ بِسَمَاعِ التَّكْبِيرِ أَوْ إشَارَةٌ إلَى رَفْعِ الْحِجَابِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَعْبُودِ، أَوْ لِيَسْتَقْبِلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ تَعْظِيمٌ لِلَّهِ وَاتِّبَاعٌ لِسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِكَرَاهَةِ خِلَافِهِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي تَنْقِيحِ اللُّبَابِ كَأَصْلِهِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ، وَالْوَسِيطِ أَنَّهَا تُسَنُّ فِي الِانْتِهَاءِ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الرُّكْن الثَّالِث الْقِيَام أَوْ بَدَّلَهُ] (قَوْلُهُ: الثَّالِثُ الْقِيَامُ، أَوْ بَدَلُهُ فِي فَرْضِ الْقَادِرِ) شَمِلَ فَرْضَ الصَّبِيِّ، وَالْعَارِي وَالْفَرِيضَةَ الْمُعَادَةَ وَكَتَبَ أَيْضًا إنَّمَا وَجَبَ الذِّكْرُ فِي قِيَامِ الصَّلَاةِ، وَالتَّشَهُّدِ وَلَمْ يَجِبْ فِي الرُّكُوعِ وَلَا فِي السُّجُودِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ يَقَعَانِ لِلْعَادَةِ وَلِلْعِبَادَةِ فَاحْتِيجَ إلَى ذِكْرٍ يُخَلِّصهُمَا لِلْعِبَادَةِ، وَالرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ يَقَعَانِ خَالِصَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ هُمَا لَا يَقَعَانِ إلَّا لِلْعِبَادَةِ فَلَمْ يَجِبْ الذِّكْرُ فِيهِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 قَرِيبًا مِنْ حَدِّ الرُّكُوعِ، أَوْ) انْحَنَى (عَلَى أَحَدِ جَنْبَيْهِ لَمْ يَصِحَّ) فِي الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِيهَا قَائِمًا بَلْ مَائِلًا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَمُعَلِّقًا نَفْسَهُ فِي الْأُولَى وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فِيهَا إنْ شَاءَ وَعَبَّرَ فِي الْأَصْلِ، وَالْمَجْمُوعِ فِي الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ أَقْرَبُ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ. وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْقِيَامِ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ صَحَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ مَتَى وُجِدَ الِانْحِنَاءُ زَالَ بِهِ اسْمُ الْقِيَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ مُطْلَقًا وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَكَلَامُ الْكِفَايَةِ دَالٌّ عَلَيْهِ (وَلَوْ قَدَرَ الْعَاجِزُ) عَنْ الْقِيَامِ مُسْتَقِلًّا (عَلَى الْقِيَامِ مُتَّكِئًا) عَلَى شَيْءٍ (أَوْ) عَلَى الْقِيَامِ (عَلَى رُكْبَتَيْهِ، أَوْ) قَدَرَ (عَلَى النُّهُوضِ) بِمُعِينٍ وَلَوْ (بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَجَدَهَا) فَاضِلَةً عَنْ مُؤْنَةٍ مُمَوَّنِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَيْسُورَةٌ، وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنُقِلَتْ عَنْ الْإِمَامِ (وَلَوْ تَقَوَّسَ ظَهْرُهُ كَالرَّاكِعِ أَجْزَأَهُ) بَلْ يَلْزَمُهُ (قِيَامُهُ) كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِهِ (وَيَزِيدُ لِلرُّكُوعِ انْحِنَاءً إنْ قَدَرَ) لِيَتَمَيَّزَ الرُّكْنَانِ (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) فَقَطْ (فَعَلَ الْمُمْكِنَ) فَيَقُومَ، ثُمَّ يَأْتِي بِهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَيَحْنِي صُلْبَهُ طَاقَتَهُ، ثُمَّ رَقَبَتَهُ وَلَوْ بِاعْتِمَادٍ، أَوْ مَيْلٍ وَفِي نُسْخَةٍ قَامَ وَفَعَلَ الْمُمْكِنَ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُطِقْ انْحِنَاءً (أَوْمَأَ بِهِمَا قَائِمًا) قَدْرَ إمْكَانِهِ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ (وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ، وَالِاضْطِجَاعِ فَقَطْ قَامَ) بَدَلَ الْقُعُودِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ (وَأَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَكَانَهُ وَتَشَهَّدَ قَائِمًا وَلَا يَضْطَجِعُ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ إيضَاحٌ (وَيُكْرَهُ لِلصَّحِيحِ الْقِيَامُ عَلَى رِجْلٍ وَإِلْصَاقُ الْقَدَمَيْنِ وَتَقْدِيمُ إحْدَاهُمَا) عَلَى الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ يُنَافِي هَيْئَةَ الْخُشُوعِ بِخِلَافِ الْمَعْذُورِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ الْأَخِيرَةَ فَإِنَّهُ ذَكَرَهَا تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ فِي بَحْثِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ ثَمَّ بِالْكَرَاهَةِ وَعَبَّرَ بِالنُّهُوضِ بَدَلَ الْقِيَامِ فَلَعَلَّهُ لَحَظَ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ (وَنُدِبَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ عَلَى مَا فِي الْأَنْوَارِ، أَوْ بِشِبْرٍ قِيَاسًا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِي السُّجُودِ بِشِبْرٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَنُدِبَ أَنْ يُوَجِّهَ أَصَابِعَهُمَا إلَى الْقِبْلَةِ (وَالتَّطْوِيلُ فِي الْقِيَامِ، ثُمَّ فِي السُّجُودِ ثُمَّ فِي الرُّكُوعِ أَفْضَلُ) أَمَّا أَفْضَلِيَّةُ الْأَوَّلِ فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» أَيْ الْقِيَامُ وَلِأَنَّ الْمَنْقُولَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يُطَوِّلُ الْقِيَامَ أَكْثَرَ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» ؛ وَلِأَنَّ ذِكْرَهُ الْقِرَاءَةَ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ وَأَمَّا أَفْضَلِيَّةُ الثَّانِي فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ» خَرَجَ مِنْهُ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ لِلْخَبَرِ وَالْمَعْنَى السَّابِقَيْنِ. (وَلَوْ طَوَّلَ) الرُّكْنَ عَلَى مَا يَتَأَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ (، فَالْكُلُّ فَرْضٌ) أَيْ يَقَعُ فَرْضًا (وَكَذَا مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ) ، وَإِنْ وَقَعَ مُرَتَّبًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَإِخْرَاجُ بَعِيرٍ فِي الْخُمُسِ) وَبَدَنَةٍ مُضَحًّى بِهَا بَدَلًا عَنْ شَاةٍ مَنْذُورَةٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَيْضًا هُنَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ، لَكِنْ صَحَّحَ فِيهِمَا فِي بَابِ الْوُضُوءِ وَفِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّ الزَّائِدَ يَقَعُ نَفْلًا وَكَذَا صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الدِّمَاءِ وَفِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ النَّذْرِ فِي الْبَدَنَةِ، أَوْ الْبَقَرَةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ شَاةٍ أَنَّ الْفَرْضَ سُبْعُهَا وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الزَّكَاةِ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ هُنَاكَ أَنَّ الزَّائِدَ فِي بَعِيرِ الزَّكَاةِ فَرْضٌ وَفِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ نَفْلٌ وَادَّعَى اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى تَصْحِيحِهِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَعْضِ الْبَعِيرِ لَا يُجْزِئُ بِخِلَافِ بَعْضِ الْبَقِيَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ طَوَّلَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ طَوَّلَ الثَّالِثَةَ. (فَرْعٌ لَوْ شَقَّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ) فِي الْفَرِيضَةِ (مَشَقَّةً شَدِيدَةً) كَخَوْفِ غَرَقٍ وَدَوْرَانِ رَأْسٍ لِرَاكِبِ سَفِينَةٍ (قَعَدَ كَيْفَ شَاءَ) لِخَبَرِ عِمْرَانَ السَّابِقِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْقِيَامِ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ صَحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَرَ الْعَاجِزُ عَنْ الْقِيَامِ مُتَّكِئًا إلَخْ) فِي الْكِفَايَةِ لَوْ قَدَرَ أَنْ يَقُومَ بِعُكَّازٍ، أَوْ يَعْتَمِدَ عَلَى شَيْءٍ، فَالْأَصَحُّ لَا يَلْزَمُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ الْأُولَى الْوُجُوبُ وَقَالَ الْغَزِّيِّ هُمَا صُورَتَانِ الْأُولَى إذَا عَجَزَ عَنْ النُّهُوضِ فَإِذَا قَامَ اسْتَقَلَّ وَمَسْأَلَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ مُلَازَمَةُ الْعُكَّازِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الْقِيَامِ قَالَ شَيْخُنَا هَذَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَحَيْثُ أَطَاقَ أَصْلَ الْقِيَامِ، أَوْ دَاوَمَهُ بِالْمُعِينِ لَزِمَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَفِيهَا فِي الْمَجْمُوعِ وَجْهَانِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَوْمَأَ بِهِمَا قَائِمًا) هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمَا وَنَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ عَنْ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَاعِدًا. اهـ. وَعِبَارَةُ الْكَافِي وَلَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ، وَالْقُعُودُ وَلَا يُمْكِنُهُ الرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ يَقُومُ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ وَيَقْعُدُ فِي مَوْضِعِ الْقُعُودِ وَيُومِئُ بِرَأْسِهِ وَرَقَبَتِهِ بِالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ مَا أَمْكَنَهُ وَيَرْكَعُ قَائِمًا وَيَسْجُدُ قَاعِدًا. اهـ. ، وَهِيَ عِبَارَةٌ حَسَنَةٌ مُفْصِحَةٌ عَنْ الْغَرَضِ مُتَعَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ إلَى السُّجُودِ مِنْ قُعُودٍ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْإِيمَاءِ إلَيْهِ مِنْ قِيَامٍ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ ت (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّهُ لَحَظَ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَادَّعَى اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى تَصْحِيحِهِ) هُوَ الْأَصَحُّ [فَرْعٌ شق عَلَيْهِ الْقِيَام فِي الْفَرِيضَة مَشَقَّة شَدِيدَة] (قَوْلُهُ: مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) كَأَنْ يَذْهَبَ خُشُوعُهُ بِسَبَبِ مَرَضِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ سُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ عَنْ رَجُلٍ يَتَّقِي الشُّبُهَاتِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَأْكُولٍ يَسُدُّ الرَّمَقَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ وَنَحْوِهِ فَضَعُفَ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ، وَالْقِيَامِ فِي الْفَرَائِضِ هَلْ هُوَ مُصِيبٌ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي وَرَعٍ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى د (قَوْلُهُ: قَعَدَ كَيْفَ شَاءَ) هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا بِالِانْحِنَاءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الرُّكُوعِ إلَى حَدِّ رُكُوعِهِ أَمْ لَا قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ لَا تَبْطُلُ إنْ كَانَ جَاهِلًا وَإِلَّا فَتَبْطُلُ وَإِذَا وَقَعَ الْمَطَرُ وَهُوَ فِي بَيْتٍ لَا يَسَعُ قَامَتَهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ مُكْتَنٌّ غَيْرُهُ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ مَكْتُوبَةً بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلَوْ قُعُودًا أَمْ لَا إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ كَمَا فُهِمَ مِنْ الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَقَامِ أَمْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ وَيُصَلِّيَ قَائِمًا فِي مَوْضِعٍ يُصِيبُهُ الْمَطَرُ. فَإِنْ قِيلَ بِالتَّرَخُّصِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ إنْ كَانَتْ الْمَشَقَّةُ الَّتِي تَحْصُلُ عَلَيْهِ لَوْ صَلَّى فِي الْمَطَرِ دُونَ الْمَشَقَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ عَلَى الْمَرِيضِ لَوْ صَلَّى قَائِمًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، وَإِنْ كَانَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 (وَ) قُعُودُهُ (مُفْتَرِشًا أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّهُ قُعُودٌ لَا يَعْقُبُهُ سَلَامٌ كَالْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (وَالْإِقْعَاءُ) فِي قُعُودِهِ هَذَا وَسَائِرِ قَعَدَاتِ الصَّلَاةِ وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ: أَنْ يَجْلِسَ عَلَى وَرِكَيْهِ وَيَنْصِبَ فَخِذَيْهِ وَزَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ (مَكْرُوهٌ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَتَفْسِيرُ الْإِقْعَاءِ الْمَكْرُوهِ بِأَنْ يَفْرِشَ رِجْلَيْهِ يَعْنِي أَصَابِعَهُمَا وَيَضَعُ أَلْيَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ غَلَطٌ. فَفِي مُسْلِمٍ «الْإِقْعَاءُ سُنَّةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَفَسَّرَهُ الْعُلَمَاءُ بِهَذَا قَالُوا فَالْإِقْعَاءُ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الْأَوَّلُ وَمُسْتَحَبٌّ وَهُوَ الثَّانِي وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. اهـ. وَاسْتِحْبَابُ ذَلِكَ فِيهِ لَا يُنَافِي تَصْحِيحَ اسْتِحْبَابِ الِافْتِرَاشِ فِيهِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ جَوَابَهُ فَقَالَ وَكِلَاهُمَا سُنَّةٌ، لَكِنْ أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ فَكَانَتْ أَفْضَلَ. (وَحَاذَى) الْمُصَلِّي قَاعِدًا (فِي رُكُوعِهِ بِجَبْهَتِهِ قُدَّامَ رُكْبَتَيْهِ) فَهَذَا أَقَلُّ رُكُوعِهِ (، وَالْأَكْمَلُ) أَنْ يُحَاذِيَ (مَوْضِعَ سُجُودِهِ) ، وَهُمَا عَلَى وِزَانِ رُكُوعِ الْقَائِمِ فِي الْمُحَاذَاةِ وَسَيَأْتِي كَذَا قِيلَ وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى وِزَانِهِ وَإِنْ كُنْت مَشَيْت عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الرَّاكِعَ مِنْ قِيَامٍ لَا يُحَاذِي مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَإِنَّمَا يُحَاذِي مَا دُونَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْجُدُ فَوْقَ مَا يُحَاذِيه وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِمُحَاذَاتِهِ ذَلِكَ مُحَاذَاتُهُ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّظَرِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ النَّظَرُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ) عَنْ ثَوَابِ الْمُصَلِّي قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. (وَإِنْ خَافَ رَقِيبُ الْغُزَاةِ، أَوْ الْكَمِينُ) مِنْهُمْ إنْ صَلَّوْا قِيَامًا (رُؤْيَةَ عَدُوٍّ) لَهُمْ (صَلُّوا قُعُودًا، ثُمَّ أَعَادُوا) لِنُدْرَةِ الْعُذْرِ (لَا) وَفِي نُسْخَةٍ إلَّا (إنْ خَافُوا قَصْدَهُمْ) أَيْ قَصْدَ الْعَدُوِّ لَهُمْ فَلَا تَلْزَمُهُمْ الْإِعَادَةُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْمُتَوَلِّي، لَكِنْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ لُزُومَهَا أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ. نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الْمَذْهَبُ. اهـ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الثَّانِيَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَعْظَمُ مِنْهُ ثَمَّ. (وَإِنْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ عَجَزَ) فِي أَثْنَائِهَا (قَعَدَ) لِيُكْمِلَهَا (وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهَا لِيَرْكَعَ وَلَا) يُكَلَّفُ (تَرْكَ جَمَاعَةٍ) يُصَلِّي مَعَهَا قَاعِدًا لِيُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا قَائِمًا (وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ) لِلْقِرَاءَةِ وَلِلْجَمَاعَةِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (أَحَبُّ) وَإِنَّمَا كَانَ أَحَبَّ؛ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْقِيَامِ أَوْلَى لِكَوْنِهِ رُكْنًا. وَذِكْرُ أَحَبِّيَّةِ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفِي نُسْخَةٍ فِيهَا فَلَا زِيَادَةَ وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ، وَإِنْ زَادَ عَجَزَ صَلَّى بِالْفَاتِحَةِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَضِيَّتُهُ: لُزُومُ ذَلِكَ، لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ بِأَفْضَلِيَّتِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَيُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى. (فَرْعٌ لَوْ نَالَهُ مِنْ الْقُعُودِ تِلْكَ الْمَشَقَّةَ) الْحَاصِلَةَ مِنْ الْقِيَامِ (اضْطَجَعَ) وُجُوبًا عَلَى جَنْبِهِ (مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ (وَ) اضْطِجَاعُهُ (عَلَى الْأَيْمَنِ أَفْضَلُ) وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَيْسَرِ بِلَا عُذْرٍ جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (ثُمَّ) إنْ تَعَذَّرَ الِاضْطِجَاعُ صَلَّى (مُسْتَلْقِيًا) وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ (كَالْمُحْتَضَرِ) فِي تَأَخُّرِ اسْتِلْقَائِهِ عَنْ اضْطِجَاعِهِ عَلَى جَنْبِهِ (وَرَأْسُهُ أَرْفَعُ) بِأَنْ يَرْفَعَ وِسَادَتَهُ لِيَتَوَجَّهَ بِوَجْهِهِ لِلْقِبْلَةِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هَذَا فِي غَيْرِ الْكَعْبَةِ أَمَّا فِيهَا، فَالْمُتَّجَهُ جَوَازُ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى ظَهْرِهِ وَعَلَى وَجْهِهِ؛ لِأَنَّهُ كَيْفَمَا تَوَجَّهَ فَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِجُزْءٍ مِنْهَا نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَقْفٌ اتَّجَهَ مَنْعُ الِاسْتِلْقَاءِ أَيْ عَلَى ظَهْرِهِ وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمَلَةٌ وَلَعَلَّنَا نَزْدَادُ فِيهَا عِلْمًا، أَوْ نَشْهَدُ فِيهَا نَقْلًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُخْتَصَرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْلَى. (وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ) بِقَدْرِ إمْكَانِهِ (فَإِنْ قَدَرَ الْمُصَلِّي عَلَى الرُّكُوعِ فَقَطْ كَرَّرَهُ لِلسُّجُودِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى زِيَادَةٍ عَلَى أَكْمَلِ الرُّكُوعِ تَعَيَّنَتْ) تِلْكَ الزِّيَادَةُ (لِلسُّجُودِ) ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاجِبٌ عَلَى الْمُتَمَكِّنِ. (وَلَوْ عَجَزَ) عَنْ السُّجُودِ (إلَّا أَنْ يَسْجُدَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، أَوْ صُدْغِهِ وَكَانَ   [حاشية الرملي الكبير] مِثْلَهَا، أَوْ أَشَقَّ مِنْهَا جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ قَاعِدًا نَعَمْ هَلْ الْأَفْضَلُ لَهُ التَّقْدِيمُ، أَوْ التَّأْخِيرُ إنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسَعًا فِيهِ مَا فِي التَّيَمُّمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إذَا كَانَ يَرْجُو الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَطَرَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بِهِ وَلَا يَجِبُ الْإِعَادَةُ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَّافِ لَا رُخْصَةَ فِي ذَلِكَ بَلْ الْقِيَامُ شَرْطٌ فَعَلَيْهِ فِعْلُ الصَّلَاةِ قَائِمًا (فَرْعٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَاعِدًا لِعَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ، ثُمَّ أَطَاقَهُ فَأَبْطَأَ حَتَّى عَادَ الْعَجْزُ فَمَنَعَهُ الْقِيَامُ نَظَرَ فِي حَالِهِ حِين أَطَاقَ الْقِيَامَ، فَإِنْ كَانَ قَاعِدًا فِي مَوْضِعِ جُلُوسٍ مِنْ صَلَاةِ الْمُطِيقِ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَاعِدًا فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَزِمَهُ الْإِعَادَةُ ت (قَوْلُهُ: وَمُفْتَرِشًا أَفْضَلُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَصَّهُ فِي الْحَاوِي بِالرَّجُلِ وَهُوَ شَاذٌّ (قَوْلُهُ، وَالْإِقْعَاءُ مَكْرُوهٌ) يُكْرَهُ أَيْضًا أَنْ يَقْعُدَ مَادًّا رِجْلَيْهِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ح. (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْكُ جَمَاعَةٍ إلَخْ) اغْتَفَرُوا تَرْكَ الْقِيَامِ لِأَجْلِ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَغْتَفِرُوا الْكَلَامَ النَّاشِئَ عَنْ التَّنَحْنُحِ لِسُنَّةِ الْجَهْرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيَامَ مِنْ بَابِ الْمَأْمُورَاتِ، وَقَدْ أُتِيَ بِبَدَلٍ عَنْهُ، وَالْكَلَامَ مِنْ بَابِ الْمَنْهِيَّاتِ وَاعْتِنَاءُ الشَّارِحِ بِدَفْعِهِ أَهَمُّ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْكَلَامَ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْقُعُودِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَرْكَانِهَا ح. [فَرْعٌ نَالَهُ مِنْ الْقُعُود فِي الصَّلَاة مَشَقَّة شَدِيدَة] (قَوْلُهُ: اضْطَجَعَ مُسْتَقْبِلًا) لَمْ أَرَ تَصْرِيحًا بِأَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ الْمَرِيضَ الْمُضْطَجِعَ الْقُعُودُ مُسْتَنِدًا إلَى مِخَدَّةٍ، أَوْ جِدَارٍ، أَوْ آدَمِيٍّ، أَوْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِمُعِينٍ يُقْعِدُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ فِي الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ وَلَعَلَّ الْوُجُوبَ هُنَا أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ أَشَقُّ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا أَشَرْت إلَيْهِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَالْعَجْزُ عَنْ الْقُعُودِ يَحْصُلُ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَجْزُ عَنْ الْقِيَامِ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقُعُودُ مُسْتَنِدًا بَلْ جِلْسَةً بَيْنَ الْقَاعِدِ، وَالْمُسْتَلْقِي مَعَ اسْتِنَادٍ إلَى شَيْءٍ وَغَالِبُ أَسَافِلِهِ مُمْتَدَّةٌ إلَى نَحْوِ الْقِبْلَةِ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ هَذِهِ الْهَيْئَةُ حَتَّى لَا يَجُوزَ الْعُدُولُ عَنْهَا إلَى الِاضْطِجَاعِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْقُعُودِ، أَوْ يُقَالُ لَا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُمَا رُتْبَةً فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إنْ كَانَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ ت وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، فَالْمُتَّجَهُ جَوَازُ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى ظَهْرِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ مَنْعُ الِاسْتِلْقَاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا زَعَمَ أَنَّهُ مُتَّجَهٌ لِأَنَّ أَرْضَ الْكَعْبَةِ وَظَهْرَهَا لَيْسَا بِالْقِبْلَةِ فِيمَا يَظْهَرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 بِذَلِكَ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ وَجَبَ) ؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا (أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ) مِنْ الرُّكُوعِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ إيمَائِهِ بِرَأْسِهِ (فَبِطَرْفِهِ) أَيْ بَصَرِهِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْإِيمَاءِ بِطَرْفِهِ إلَى أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (أَجْرَاهَا عَلَى قَلْبِهِ بِسُنَنِهَا) وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ (وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ) الصَّلَاةُ (وَعَقْلُهُ ثَابِتٌ) لِوُجُودِ مَنَاطِ التَّكْلِيفِ. [فَرْعٌ خَافَ مِنْ بِعَيْنِهِ وَجَع الْعَمَى إلَّا إذَا صَلَّى مُسْتَلْقِيًا] (فَرْعٌ لَوْ خَافَ) مَنْ بِعَيْنِهِ وَجَعٌ (الْعَمَى) ، أَوْ بُطْءَ الْبُرْءِ، أَوْ نَحْوَهُ (إلَّا) إذَا صَلَّى (مُسْتَلْقِيًا) بِإِخْبَارِ طَبِيبٍ ثِقَةٍ، أَوْ بِمَعْرِفَتِهِ (صَلَّى كَذَلِكَ) أَيْ مُسْتَلْقِيًا كَمَا فِي التَّيَمُّمِ، وَالْإِفْطَارِ وَأَمَّا نَهْيُ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْهُ لَمَّا اسْتَفْتَاهُمْ فَلَمْ يَصِحَّ، نَعَمْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ افْعَلْ ذَلِكَ فَكَرِهَهُ، وَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ وَكَالِاسْتِلْقَاءِ الِاضْطِجَاعُ، وَالْقُعُودُ كَمَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَنْ أَصَابَهُ رَمَدٌ إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ غَيْرَ الرَّمَدِ وَلِأَنَّ نُزُولَ الْمَاءِ فِي الْعَيْنِ الَّذِي هَذَا عِلَاجُهُ لَا يُسَمَّى رَمَدًا. (وَمَنْ قَدَرَ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (عَلَى الْقِيَامِ، أَوْ الْقُعُودِ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ أَتَى بِالْمَقْدُورِ) لَهُ (وَبَنَى عَلَى قِرَاءَتِهِ وَتُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا) فِي الْأُولَيَيْنِ لِتَقَعَ حَالَ الْكَمَالِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ، أَوْ الْقُعُودِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَرَأَ قَائِمًا، أَوْ قَاعِدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى (وَلَا تُجْزِئُ) قِرَاءَتُهُ (فِي نُهُوضِهِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا فِيمَا هُوَ أَكْمَلُ مِنْهُ فَلَوْ قَرَأَ فِيهِ شَيْئًا أَعَادَهُ (وَتَجِبُ) الْقِرَاءَةُ (فِي هُوِيِّ الْعَاجِزِ) ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِمَّا بَعْدَهُ وَالْهُوِيُّ بِضَمِّ الْهَاءِ السُّقُوطُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَآخَرُونَ بِفَتْحِهَا وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ بِفَتْحِهَا السُّقُوطُ وَبِضَمِّهَا الصُّعُودُ، وَالْخَلِيلُ هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى (وَإِنْ قَدَرَ) عَلَى الْقِيَامِ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ (وَجَبَ قِيَامٌ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ لِيَرْكَعَ مِنْهُ) لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِنَفْسِهِ (أَوْ) قَدَرَ عَلَيْهِ (فِي الرُّكُوعِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ ارْتَفَعَ لَهَا إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ) عَنْ قِيَامٍ (فَإِنْ انْتَصَبَ) ثُمَّ رَكَعَ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ رُكُوعٍ، أَوْ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا انْتَقَلَ مُنْحَنِيًا وَمَنَعَهُ فِيمَا إذَا انْتَقَلَ مُنْتَصِبًا وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الرَّوْضَةِ الْجَوَازَ، وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَجْمُوعِ الْمَنْعَ (أَوْ) قَدَرَ عَلَيْهِ (فِي الِاعْتِدَالِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ قَامَ وَاطْمَأَنَّ، وَكَذَا بَعْدَهَا إنْ أَرَادَ قُنُوتًا) فِي مَحَلِّهِ (وَإِلَّا فَلَا) يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ قَصِيرٌ فَلَا يَطُولُ وَقَضِيَّةُ الْمُعَلَّلِ جَوَازُ الْقِيَامِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ مَنْعُهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (فَإِنْ قَنَتَ قَاعِدًا بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ. (فَرْعٌ لِلْقَادِرِ) عَلَى الْقِيَامِ (فِعْلُ غَيْرِ الْفَرَائِضِ) أَيْ النَّوَافِلِ (قَاعِدًا وَلَوْ عِيدًا بِنِصْفِ ثَوَابِ الْقَائِمِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ» وَهُوَ وَارِدٌ فِيمَنْ صَلَّى النَّفَلَ كَذَلِكَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ، أَوْ الْقُعُودِ وَهَذَا فِي حَقِّنَا أَمَّا فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَثَوَابُ نَفْلِهِ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ كَثَوَابِهِ قَائِمًا وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِيهَا. (وَلَوْ اضْطَجَعَ) فِي النَّافِلَةِ (وَرَكَعَ وَسَجَدَ) بَعْدَ جُلُوسِهِ لَهُمَا (جَازَ) بِنِصْفِ ثَوَابِ الْقَاعِدِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (لَا إنْ أَوْمَأَ) أَوْ اسْتَلْقَى، وَإِنْ أَتَمَّ الرُّكُوعَ، وَالسُّجُودَ فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ. [فَصْلٌ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ فِي الصَّلَاة] (فَصْلٌ وَلْيَأْتِ) نَدْبًا (عَقِبَ التَّكْبِيرِ) لِلْإِحْرَامِ وَلَوْ لِلنَّفْلِ (بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ) سِرًّا (لَا مَنْ خَافَ فَوْتَ الْقِرَاءَةِ) خَلْفَ الْإِمَامِ (أَوْ فَوْتَ الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، أَوْ وَقْتِ الْأَدَاءِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا إلَّا مَا يَسَعُ رَكْعَةً فَلَا يُنْدَبُ لَهُ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ بَلْ يَأْتِي بِالْقِرَاءَةِ لِأَنَّهَا فَرْضٌ فَلَا يَشْتَغِلُ عَنْهُ بِالنَّفْلِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ أَدْرَكَ إمَامَهُ قَاعِدًا) فَلَا يُنْدَبُ لَهُ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ (إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ) إمَامُهُ أَوْ يَقُومَ (قَبْلَ قُعُودِهِ) مَعَهُ فِيهِمَا فَمَحَلُّ عَدَمِ نَدْبِهِ إذَا قَعَدَ مَعَهُ لِفَوْتِ وَقْتِهِ بِالْقُعُودِ. (وَلَا) يَأْتِي بِهِ كَالسُّورَةِ (فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ) طَلَبًا لِلتَّخْفِيفِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيُتَّجَهُ فِيمَا لَوْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ، أَوْ قَبْرٍ أَنْ يَأْتِيَ بِالِافْتِتَاحِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ لَهُ التَّخْفِيفُ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالسُّورَةِ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فِيهِمَا نَظَرًا لِلْأَصْلِ (وَهُوَ) أَيْ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ (وَجَّهْت وَجْهِي إلَى آخِرِهِ) وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلْيَقُلْ آخِرَهُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) . وَإِنْ كَانَ   [حاشية الرملي الكبير] وَيَجِبُ الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ فِي الْمُنْكَبِّ عَلَى وَجْهِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا نَهْيُ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا اسْتَفْتَاهُمْ فَلَمْ يَصِحَّ) قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَكَأَنَّ مُرَاجَعَتَهُ اسْتِشَارَةٌ وَإِلَّا، فَالْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُجْزِئُ فِي نُهُوضِهِ) وَهُنَا فَرْعٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قَامَ هَلْ يَقُومُ مُكَبِّرًا قَالَ بَعْضُهُمْ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ شَرْطٌ فِي الْفَاتِحَةِ بَلْ يَقُومُ سَاكِتًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَ فِيهَا سُكُوتٌ حَقِيقِيٌّ فِي حَقِّ الْإِمَامِ ز (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ) وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْقِيَامِ لِلِاعْتِدَالِ إمَّا مُسْتَوِيًا، أَوْ مُنْحَنِيًا فَإِذَا ارْتَفَعَ مُنْحَنِيًا فَقَدْ أَتَى بِصُورَةِ رُكُوعِ الْقَائِمِينَ فِي ارْتِفَاعِهِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَصَبَ قَائِمًا ثُمَّ رَكَعَ فَإِنَّهُ زَادَ مَا هُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فَقُلْنَا بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ مَنْعُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَام أَنْ يُصَلِّي النَّوَافِل قَاعِدًا] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لِلْقَادِرِ فِعْلُ غَيْرِ الْفَرَائِضِ قَاعِدًا إلَخْ) أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ عِشْرِينَ رَكْعَةً مِنْ قُعُودٍ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرٍ مِنْ قِيَامٍ لِمَا فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَةِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ قِيَامٍ أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ قُعُودٍ وَقَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا إلَّا مَا يَسَعُ رَكْعَةً) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا بَيَانٌ لِوَقْتِ الْأَدَاءِ وَقَوْلُهُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ صَادِقٌ بِوُجُوبِ تَرْكِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنْدَبُ لَهُ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ إلَخْ) وَهَلْ يُقَالُ يَجِبُ التَّرْكُ لِذَلِكَ، أَوْ إنَّهُ أَفْضَلُ فِيهِ نَظَرٌ ت (قَوْلُهُ: أَوْ أَدْرَكَ إمَامَهُ قَاعِدًا) ضَابِطُهُ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَلَوْ فِي الِاعْتِدَالِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فِيهِمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 الَّذِي فِي الْآيَةِ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَّا كَلِمَةَ مُسْلِمًا فَابْنُ حِبَّانَ وَفِي رِوَايَةٍ «وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ» وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ بِمَا فِيهَا لِأَنَّهُ أَوَّلُ مُسْلِمِي هَذِهِ الْأُمَّةِ (وَيُبَادِرُ) أَيْ يُسْرِعُ (بِهِ الْمَأْمُومُ) وَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ (لِيَسْتَمِعَ الْقِرَاءَةَ) أَيْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ (وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ وَمَنْ) أَيْ وَإِمَامٌ (عَلِمَ رِضَا مُقْتَدِيهِ بِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ إلَى آخِرِهِ كَمَا فِي الْأَصْلِ) أَيْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك ظَلَمْت نَفْسِي وَاعْتَرَفْت بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك، وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك أَيْ لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَيْك وَقِيلَ لَا يُفْرِدُ بِالْإِضَافَةِ إلَيْك وَقِيلَ لَا يَصْعَدُ إلَيْك وَإِنَّمَا يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ وَقِيلَ لَيْسَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْك فَإِنَّك خَلَقْته لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَرٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَخْلُوقِينَ أَنَا بِك وَإِلَيْك تَبَارَكْت وَتَعَالَيْت أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَيُقَدَّمُ عَلَى وَجَّهْت وَجْهِي إلَى آخِرِهِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك تَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّك وَلَا إلَهَ غَيْرُك ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ وَزَادَ الرَّافِعِيُّ قَبْلَ قَوْلِهِ أَنَا بِك وَإِلَيْك، وَالْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْت، وَقَدْ صَحَّ فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ أَخْبَارٌ أُخَرُ مِنْهَا «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ، وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ، وَالثَّلْجِ، وَالْبَرَدِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمِنْهَا «الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ» وَمِنْهَا «اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ قَالَ النَّوَوِيُّ وَبِأَيِّهِمَا افْتَتَحَ أَتَى بِأَصْلِ السُّنَّةِ، لَكِنْ أَفْضَلُهَا الْأَوَّلُ. (ثُمَّ) بَعْدَ الِافْتِتَاحِ (يَتَعَوَّذُ سِرًّا) وَلَوْ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ وَيَحْصُلُ بِكُلِّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى التَّعَوُّذِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَأَفْضَلُهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) قَبْلَ الْقِرَاءَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل: 98] أَيْ أَرَدْت قِرَاءَتَهُ {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] وَلِحُصُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ بِالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ (وَ) لَكِنْ (الْأُولَى آكَدُ) بِهِ؛ لِأَنَّ افْتِتَاحَ قِرَاءَتِهِ فِي الصَّلَاةِ إنَّمَا يَكُونُ فِيهَا وَيُسْتَثْنَى خَوْفُ فَوْتِ الْقِرَاءَةِ وَفَوْتِ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِيمَا قَبْلَهُ وَلَوْ فَصَلَ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا يُسَنُّ إعَادَةُ التَّعَوُّذِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ (وَإِنْ تَعَوَّذَ) وَلَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهِ (قَبْلَ اسْتِفْتَاحٍ لَمْ يَتَدَارَكْ) أَيْ الِاسْتِفْتَاحَ سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا فَلَا يَتَدَارَكْهُ بِالْعَوْدِ إلَيْهِ وَلَا فِي بَاقِي الرَّكَعَاتِ لِفَوْتِ مَحَلِّهِ (فَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ تَدَارَكَهُ (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ (، أَوْ أَمَّنَّ) مَسْبُوقٌ (مَعَ) تَأْمِينِ (إمَامِهِ) قَبْلَ اسْتِفْتَاحِهِ (تَدَارَكَ) ؛ لِأَنَّ التَّأْمِينَ يَسِيرٌ وَعُلِمَ أَنَّ التَّعَوُّذَ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ مَنْ يُرِيدُ الشُّرُوعَ فِي قِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَيَجْهَرُ بِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَيَكْفِيهِ التَّعَوُّذُ الْوَاحِدُ مَا لَمْ يَقْطَعْ قِرَاءَتَهُ بِكَلَامٍ أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ. الرُّكْنُ (الرَّابِعُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي قِيَامِ كُلِّ رَكْعَةٍ، أَوْ بَدَلِهِ) لِلْمُنْفَرِدِ وَغَيْرِهِ فِي السِّرِّيَّةِ، وَالْجَهْرِيَّةِ حِفْظًا أَوْ تَلْقِينًا، أَوْ نَظَرًا فِي مُصْحَفٍ، أَوْ نَحْوِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» ، وَلِخَبَرِ «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» رَوَاهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا «وَلِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» كَمَا فِي مُسْلِمٍ مَعَ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» . وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] فَوَارِدٌ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ لَا فِي قَدْرِ الْقِرَاءَةِ، أَوْ مَحْمُولٌ مَعَ خَبَرِ «اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ عَلَى الْفَاتِحَةِ، أَوْ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْهَا» جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ (يَجْهَرُ بِهَا) نَدْبًا الْإِمَامُ. وَالْمُنْفَرِدُ (فِي الصُّبْحِ وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَالْإِجْمَاعِ   [حاشية الرملي الكبير] الْمُشْرِكِينَ وَبِقَوْلِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى إرَادَةِ الْأَشْخَاصِ وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ مِنْ رِوَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفَاطِمَةَ قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَّتَك وَقُولِي إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي» إلَى قَوْلِهِ «مِنْ الْمُسْلِمِينَ» فَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ح وَأَمَّا حَنِيفًا مُسْلِمًا فَتَأْتِي بِهِمَا الْمَرْأَةُ أَيْضًا كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا حَالَانِ مِنْ الْوَجْهِ أَيْ الذَّاتِ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُمَا حَالَيْنِ مِنْ تَاءِ الضَّمِيرِ فِي وَجَّهْت؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُ التَّأْنِيثُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَعَوَّذُ سِرًّا إلَخْ) لَوْ أَمْكَنَهُ بَعْضُ الِافْتِتَاحِ، أَوْ التَّعَوُّذُ أَتَى بِهِ وَكُتِبَ أَيْضًا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابُ التَّعَوُّذِ لِمَنْ أَتَى بِالذِّكْرِ لِلْعَجْزِ عَنْ الْفَاتِحَةِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ بَيْنَ التَّكْبِيرِ، وَالْقِرَاءَةِ كَالِافْتِتَاحِ (قَوْلُهُ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الرُّكْنُ الرَّابِعُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي قِيَامِ كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ بَدَلِهِ] (قَوْلُهُ: الرَّابِعُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ إلَخْ) مُصَلٍّ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مَرَّتَيْنِ وَآخَرُ يُسْتَحَبُّ لَهُ ثَلَاثًا وَآخَرُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَرْبَعًا لَا لِخَلَلٍ فِي الصِّحَّةِ بَلْ لِحِيَازَةِ فَضِيلَةٍ وَصُورَتُهُ فِيمَا إذَا صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا، ثُمَّ وَجَدَ خِفَّةً بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ لِيَرْكَعَ وَإِذَا قَامَ اُسْتُحِبَّتْ لَهُ إعَادَةُ الْفَاتِحَةِ لِتَقَعَ فِي حَالِ الْكَمَالِ كَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ وَهَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ انْتَقَلَ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى كَمَا لَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا قَرَأَهَا ثَانِيًا قَاعِدًا، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لِدُخُولِ مَنْ يُمْسِكُهُ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَقُومَ وَتُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا، وَإِنْ ضَمَمْت إلَى ذَلِكَ قُدْرَتَهُ عَلَى الْقِيَامِ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ فَيَزِيدُ أَيْضًا اسْتِحْبَابُهَا وَيَنْتَظِمُ عَنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَأَبْلَغُ مِمَّا سَبَقَ شَخْصٌ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَأَكْثَرَ وَصُورَتُهُ إذَا نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ كُلَّمَا عَطَسَ فَعَطَسَ فِي صَلَاتِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ تَكْرِيرَ الْفَاتِحَةِ لَا يَضُرُّ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 فِي الْإِمَامِ وَلِلْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الْمُنْفَرِدِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحَاجَةِ إلَى الْجَهْرِ لِتَدَبُّرِ الْقِرَاءَةِ بَلْ الْمُنْفَرِدُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ تَدَبُّرًا لَهَا لِعَدَمِ ارْتِبَاطِ غَيْرِهِ بِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى إطَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَتَرْدِيدِهَا لِلتَّدَبُّرِ وَيُسِرُّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، لَكِنَّهُ يَجْهَرُ فِي الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ وَخُسُوفِ الْقَمَرِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَالتَّرَاوِيحِ، وَالْوِتْرِ عَقِبَهَا وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَقْتَ الْجَهْرِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي مَحَالِّهَا (وَ) لَوْ تَرَكَ الْجَهْرَ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ (لَا يَتَدَارَكُ) فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِ الْإِسْرَارُ فَلَا يُفَوَّتُ بِالْجَهْرِ. وَقَوْلُهُ: يَجْهَرُ بِهَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (وَالْمَسْبُوقُ) بِالْفَاتِحَةِ (يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْإِمَامُ) فَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ بِإِدْرَاكِهِ مَعَهُ رُكُوعَهُ الْمَحْسُوبَ لَهُ (وَيُسِرُّ بِهَا الْمَأْمُومُ) نَدْبًا مُطْلَقًا (بِحَيْثُ يُسْمِعُ السَّمِيعُ نَفْسَهُ) إذَا خَلَا عَنْ شَاغِلٍ. عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ سَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاسْتِمَاعِ وَلِئَلَّا يُشَوِّشَ عَلَى الْإِمَامِ بَلْ يُكْرَهُ لَهُ الْجَهْرُ (وَيَسْكُتُ لَهُ الْإِمَامُ) نَدْبًا (بَعْدَ التَّأْمِينِ قَدْرَ قِرَاءَتِهَا) أَيْ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ حِينَئِذٍ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالذِّكْرِ، أَوْ الدُّعَاءِ، أَوْ الْقِرَاءَةِ سِرًّا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَ فِيهَا سُكُوتٌ حَقِيقِيٌّ فِي حَقِّ الْإِمَامِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْفَتَاوَى وَغَيْرِهِمَا وَنَقَلَ هُوَ عَنْ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ إلَى آخِرِهِ، ثُمَّ قَالَ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ، لَكِنْ الْمُخْتَارُ الْقِرَاءَةُ لِأَنَّ هَذَا مَوْضِعُهَا (، وَالْبَسْمَلَةُ آيَةٌ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْفَاتِحَةِ لِعَدِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاهَا آيَةً مِنْهَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ (وَ) آيَةً (مِنْ كُلِّ سُورَةٍ إلَّا بَرَاءَةً) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ «بَيْنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إذْ أَغْفَى إغْفَاءَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا فَقُلْنَا مَا أَضْحَكَك يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنَّا أَعْطَيْنَاك الْكَوْثَرَ إلَى آخِرِهَا» وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى إثْبَاتِهَا فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّهِ أَوَائِلَ السُّوَرِ سِوَى بَرَاءَةٍ دُونَ الْأَعْشَارِ وَتَرَاجِمِ السُّوَرِ، وَالتَّعَوُّذِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَمَا أَجَازُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُحْمِلُ عَلَى اعْتِقَادِ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ قُرْآنًا، فَإِنْ قُلْت الْقُرْآنُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ قُلْنَا هَذَا فِيمَا يَثْبُتُ قُرْآنًا قَطْعًا أَمَّا مَا يَثْبُتُ قُرْآنًا حُكْمًا فَيَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ كَمَا يَكْفِي فِي كُلِّ ظَنِّيٍّ وَأَيْضًا إثْبَاتُهَا فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فِي مَعْنَى التَّوَاتُرِ، فَإِنْ قُلْت لَوْ كَانَتْ قُرْآنًا لَكَفَرَ جَاحِدُهَا قُلْنَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَكَفَرَ مُثْبِتُهَا وَأَيْضًا التَّكْفِيرُ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّيَّاتِ وَلَا يُشْكِلُ وُجُوبُهَا فِي الصَّلَاةِ بِقَوْلِ «أَنَسٍ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَا بِقَوْلِهِ «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بِكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَوَّلِ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِسُورَةِ الْحَمْدُ يُبَيِّنُهُ مَا صَحَّ عَنْ أَنَسٍ كَمَا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِالْبَسْمَلَةِ وَقَالَ لَا آلُو أَنْ أَقْتَدِيَ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ أَئِمَّتُنَا إنَّهُ رِوَايَةُ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ بِالْمَعْنَى الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الرَّاوِي بِمَا ذَكَرَ بِحَسَبِ فَهْمِهِ وَلَوْ بَلَّغَ الْخَبَرَ بِلَفْظِهِ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ لَأَصَابَ إذْ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْحُفَّاظُ. (فَرْعٌ لَوْ خَفَّفَ) مَعَ سَلَامَةِ لِسَانِهِ (حَرْفًا مُشَدَّدًا مِنْ الْفَاتِحَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَالْمَسْبُوقُ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْإِمَامُ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا ذَكَرَاهُ مِنْ حَصْرِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْمَسْبُوقِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَسْقُطُ أَيْضًا الْفَاتِحَةُ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا حَيْثُ حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ تَخَلَّفَ بِسَبَبِهِ عَنْ الْإِمَامِ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَزَالَ عُذْرُهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ، وَذَلِكَ فِي صُوَرٍ مِنْهَا مَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ، أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ امْتَنَعَ مِنْ السُّجُودِ بِسَبَبِ الزَّحْمَةِ أَوْ شَكَّ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَقَدْ أَوْضَحُوا ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُتَصَوَّرُ خُلُوُّ الصَّلَاةِ كُلِّهَا عَنْ الْقِرَاءَةِ. اهـ. ، وَكَذَا لَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ إمَامَهُ رَاكِعًا فَرَكَعَ مَعَهُ، ثُمَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ إمَامِهِ بَعْدَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ قَامَ الْمَسْبُوقُ فَاقْتَدَى بِإِمَامٍ رَاكِعًا، وَكَذَا إذَا اقْتَدَى بِثَالِثٍ وَرَابِعٍ وَلَوْ نَوَى مُفَارَقَةَ إمَامِهِ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ اقْتَدَى بِإِمَامٍ رَاكِعٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْقُدْوَةُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِقَصْدِ إسْقَاطِ الْفَاتِحَةِ كَمَا لَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ بِقَصْدِ السُّجُودِ، أَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِ التَّحِيَّةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ لِغَرَضٍ آخَرَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ هَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ وَبِهِ أَفْتَيْت قَالَ شَيْخُنَا بَلْ الَّذِي فِي فَتَاوِيهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الصِّحَّةُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا إسْقَاطَهَا (قَوْلُهُ: بِإِدْرَاكِهِ مَعَهُ رُكُوعَهُ الْمَحْسُوبَ لَهُ) وَلِهَذَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا، أَوْ فِي رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ لَمْ تُحْسَبْ لَهُ الرَّكْعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ) ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ ج (قَوْلُهُ إلَّا بَرَاءَةٌ) لِنُزُولِهَا بِالْقِتَالِ الَّذِي لَا تُنَاسِبُهُ الْبَسْمَلَةُ الْمُنَاسِبَةُ لِلرِّفْقِ وَالرَّحْمَةِ قَالَ شَيْخُنَا فَيُكْرَهُ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي أَوَّلِهَا وَتُسَنُّ فِي أَثْنَائِهَا كَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَمَا أَجَازُوا ذَلِكَ إلَخْ) ، فَإِنْ قُلْت لَعَلَّهَا ثَبَتَتْ لِلْفَصْلِ قُلْت يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَأَنْ تُكْتَبَ أَوَّلَ بَرَاءَةٍ وَأَنْ لَا تُكْتَبَ أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ، وَالْفَصْلُ كَانَ مُمْكِنًا بِتَرَاجِمِ السُّوَرِ كَأَوَّلِ بَرَاءَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا إثْبَاتُهَا فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّهِ إلَخْ) عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَتَوَاتَرُ عِنْدَ قَوْمٍ دُونَ آخَرِينَ. [فَرْعٌ خَفَّفَ مَعَ سَلَامَةِ لِسَانِهِ حَرْفًا مُشَدَّدًا مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ أَبْدَلَ بِهِ حَرْفًا آخَرَ] (قَوْلُهُ: لَوْ خَفَّفَ حَرْفًا مُشَدَّدًا مِنْ الْفَاتِحَةِ إلَخْ) فِي الْحَاوِي، وَالْبَحْرِ لَوْ تَرَكَ الشَّدَّةَ مِنْ إيَّاكَ، فَإِنْ تَعَمَّدَ وَعَرَفَ مَعْنَاهُ كَفَرَ؛ لِأَنَّ إيَّاكَ ضَوْءُ الشَّمْسِ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ وُجُودِ تَشْدِيدَاتٍ بِعَدَدِ تَشْدِيدَاتِ الْفَاتِحَةِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ جَعَلَ بَدَلَ كُلِّ تَشْدِيدَةٍ حَرْفًا لَا يُقَالُ إنَّ خَبَرَ «أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» صَرِيحٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَرْكِ الْبَسْمَلَةِ أَوَّلَهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الِافْتِتَاحُ بِالْفَاتِحَةِ فَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِكَوْنِ الْبَسْمَلَةِ مِنْهَا أَوَّلًا وَلِمُسْلِمٍ «لَمْ يَكُونُوا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ سَمَاعِهَا فَيُحْتَمَلُ إسْرَارُهُمْ بِهَا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ النَّسَائِيّ وَابْنِ حِبَّانَ «فَلَمْ يَكُونُوا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» ، وَقَدْ قَامَتْ الْأَدِلَّةُ، وَالْبَرَاهِينُ لِلشَّافِعِيِّ عَلَى إثْبَاتِهَا وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ الْمَرْوِيُّ فِي الْبَيْهَقِيّ وَصَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ وَعَدَّهَا آيَةً» . وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْفَاتِحَةَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَهِيَ سَبْعُ آيَاتٍ، وَأَنَّ الْبَسْمَلَةَ هِيَ السَّابِعَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 أَوْ أَبْدَلَ بِهِ) أَيْ بِحَرْفٍ حَرْفًا آخَرَ (كَظَاءٍ بِضَادٍ بَطَلَتْ قِرَاءَتُهُ) لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ لِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ وَكَإِبْدَالِ ذَالِ الَّذِينَ الْمُعْجَمَةِ بِالْمُهْمَلَةِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ نَعَمْ لَوْ نَطَقَ بِالْقَافِ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَافِ كَمَا تَنْطِقُ بِهَا الْعَرَبُ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَخَرَجَ بِتَخْفِيفِ الْمُشَدَّدِ عَكْسُهُ. فَيَجُوزُ وَإِنْ أَسَاءَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالْبَاءُ مَعَ كَلِمَةِ الْإِبْدَالِ الْمُقْتَصَرِ فِيهِ عَلَى الْمُتَقَابِلَيْنِ إنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَأْخُوذِ كَمَا اسْتَعْمَلَهَا الْأَصْلُ لَا عَلَى الْمَتْرُوكِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَاسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الثَّانِيَ فَاسِدٌ حَقٌّ إلَّا أَنْ يُضَمَّنَ الْإِبْدَالُ مَعْنَى التَّبَدُّلِ. (وَإِنْ لَحَنَ) فِيهَا (فَغَيَّرَ الْمَعْنَى كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت، أَوْ كَسْرِهَا) وَأَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ وَلَمْ يَتَعَلَّمْ (فَإِنْ تَعَمَّدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَقِرَاءَتُهُ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَبَدَلُ الْفَاتِحَةِ كَالْفَاتِحَةِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى كَفَتْحِ دَالِ نَعْبُدُ لَمْ يَضُرَّ، لَكِنَّهُ إنْ تَعَمَّدَهُ حَرُمَ وَإِلَّا كُرِهَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَعَدَّ الْقَاضِي مِنْ اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى الْهَمْدُ لِلَّهِ بِالْهَاءِ وَأَقَرَّهُ فِي الْكِفَايَةِ، لَكِنْ عَدَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ كَجٍّ مِنْ الْمُغَيِّرِ لِلْمَعْنَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ أَصَحُّ (وَلِغَيْرِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ) مِنْ الْقِرَاءَةِ الزَّائِدَةِ عَلَيْهَا (حُكْمُ اللَّحْنِ) فَإِنْ غَيَّرَ مَعْنَى وَتَعَمَّدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ فَقِرَاءَتُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَتَصِحُّ بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَغْيِيرُ مَعْنَى وَلَا زِيَادَةُ حَرْفٍ وَلَا نُقْصَانُهُ فَفِيهَا زِيَادَةٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَعَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَحْدَاثِ تَحْرِيمُ الْقِرَاءَةِ بِهَا مُطْلَقًا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ وَتَقَدَّمَ فِي الْأَحْدَاثِ بَيَانُ الشَّاذَّةِ مَعَ زِيَادَةٍ. (وَيَجِبُ تَرْتِيبُ الْفَاتِحَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ، وَالْإِعْجَازِ (فَإِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا وَلَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ) ، وَإِنْ غَيَّرَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَاسْتَشْكَلَ وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ بِالْوُضُوءِ، وَالْأَذَانِ وَالطَّوَافِ، وَالسَّعْيِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا لَمَّا كَانَ مَنَاطُ الْإِعْجَازِ كَمَا مَرَّ كَانَ الِاعْتِنَاءُ بِهِ أَكْثَرَ فَجُعِلَ قَصْدُ التَّكْمِيلِ بِالْمُرَتَّبِ صَارِفًا عَنْ صِحَّةِ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ تِلْكَ الصُّوَرِ، وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَبْنِي فِي ذَلِكَ مُرَادُهُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّكْمِيلَ بِالْمُرَتَّبِ (أَوْ) تَرَكَهُ (سَاهِيًا وَلَمْ يَطُلْ) غَيْرُ الْمُرَتِّبِ (بَنَى) ، وَإِنْ طَالَ اسْتَأْنَفَ (وَلَا يَجِبُ تَرْتِيبُ التَّشَهُّدِ) إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِ كَالسَّلَامِ (فَإِنْ أَخَلَّ) تَرَكَ تَرْتِيبَهُ (بِمَعْنَاهُ لَمْ يُجْزِهِ وَبَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (إنْ تَعَمَّدَ) ذَلِكَ وَعَلِمَ بِتَحْرِيمِهِ (فُرُوعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (تَجِبُ مُوَالَاةُ الْفَاتِحَةِ) لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَكَذَا التَّشَهُّدُ (وَلَا تَضُرُّ نِيَّةُ قَطْعِ الْقِرَاءَةِ) بِلَا سُكُوتٍ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِاللِّسَانِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا، وَكَمَا لَوْ نَوَى التَّعَدِّيَ فِي الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ نَقْلٍ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ نِيَّةُ قَطْعِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ فِيهَا تَجِبُ إدَامَتُهَا حُكْمًا وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَ نِيَّةِ الْقَطْعِ وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ خَاصَّةٍ فَلَا تَتَأَثَّرُ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ نِيَّةَ قَطْعِ الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ لَا تُؤَثِّرُ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَمَا رُدَّ عَلَيْهِ بِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِلْمُتَأَمِّلِ (فَإِنْ سَكَتَ يَسِيرًا مَعَ نِيَّةِ قَطْعِهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ (أَوْ طَوِيلًا)   [حاشية الرملي الكبير] وَأَحَادِيثُ الْجَهْرِ بِهَا كَثِيرَةٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ نَحْوَ الْعِشْرِينَ صَحَابِيًّا كَأَبِي بِكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْدَلَ بِهِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ قَصَدَ الْقَادِرُ إحَالَةَ الْمَعْنَى مَعَ مَعْرِفَتِهِ الصَّوَابَ فَفَاسِقٌ، وَإِنْ فَعَلَهُ عِنَادًا كَفَرَ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِيهِمَا، وَإِنْ فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِإِحَالَةِ الْمَعْنَى، فَإِنْ وَقَعَ سَهْوًا، أَوْ نِسْيَانًا فَكَمَنْ تَرَكَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ نَاسِيًا فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِهِ أَعَادَ قِرَاءَةَ مَا أَحَالَ مَعْنَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الصَّوَابُ فَصَلَاتُهُ لِنَفْسِهِ جَائِزَةٌ وَهُوَ أُمِّيٌّ. اهـ. ت (قَوْلُهُ: جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالْبَاءُ مَعَ كَلِمَةِ الْإِبْدَالِ إلَخْ) نَقَلَ الْوَاحِدِيُّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56] عَنْ ثَعْلَبٍ عَنْ الْفَرَّاءِ أَبْدَلْت الْخَاتَمَ بِالْحَلْقَةِ إذَا أَذَبْته وَسَوَّيْته حَلْقَةً وَأَبْدَلْت الْحَلْقَةَ بِالْخَاتَمِ إذَا أَذَبْتهَا وَجَعَلْتهَا خَاتَمًا وَإِذًا لَا تَصْوِيبَ، وَاللُّغَوِيُّونَ يَقُولُونَ الْإِبْدَالُ الْإِزَالَةُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى إبْدَالَ الضَّادِ بِالظَّاءِ وَفِي شِعْرِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ لَمَّا أَسْلَمَ فِي وَصْفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَلْهَمَنِي هُدَايَ اللَّهُ عَنْهُ ... وَأَبْدَلَ طَالِعَيْ نَحْسِي بِسَعْدِي وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ ت. (قَوْلُهُ: لَكِنْ عَدَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ أَصَحُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ قَالَ فَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ اللَّحْنِ الْمُبْطِلِ لِلْمَعْنَى كَالْمُسْتَقِينَ، وَلَيْسَ بِلَحْنٍ بَلْ إبْدَالُ حَرْفٍ بِحَرْفٍ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَرْفًا مِنْ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الْمِيمُ. اهـ. وَقَدْ أَسْقَطَ الْقَارِئُ فِي مَسْأَلَتِنَا حَرْفًا مِنْ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الْحَاءُ وَلَوْ أَتَى بِالْوَاوِ بَدَلَ الْيَاءِ مِنْ الْعَالَمِينَ كَانَ مُضِرًّا، وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِبْدَالِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْحَرْفَ هَاهُنَا لَيْسَ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ بَلْ هُوَ حَرْفُ إعْرَابٍ يَنُوبُ عَنْ الْحَرَكَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ إلْحَاقُهُ بِاللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ تَغْيِيرُ الْحَرَكَةِ لَا يَضُرُّ إذَا لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى فَتَغْيِيرُ الْحَرْفِ النَّائِبِ عَنْ الْحَرَكَةِ أَوْلَى وَهَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْهُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ) وَالتَّحْقِيقِ، وَالْفَتَاوَى، وَالتِّبْيَانِ غ. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا إلَخْ) وَقَضِيَّتُهُ إلْحَاقُ التَّكْبِيرِ بِالْأَذَانِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ ش. [فُرُوعٌ مُوَالَاةُ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ] (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي) ، وَكَذَا التَّشَهُّدُ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يَجِبُ التَّتَابُعُ فِي كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ خَاصَّةٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُمَا يَحْتَاجَانِ إلَى نِيَّةٍ خَاصَّةٍ وَهِيَ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الشَّامِلَةُ لَهُمَا وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عِبَادَةٌ فِي نَفْسِهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ تَصِحُّ بِلَا نِيَّةٍ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى شُمُولِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ لَهَا بِخِلَافِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ عِبَادَةً بِدُونِ نِيَّةٍ وَظَهَرَ بِهَذَا غَلَطُ مَنْ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ خِلَافَ مُرَادِهِ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ حُكْمًا فَاسِدًا وَهُوَ اعْتِقَادُ أَنَّ نِيَّةَ قَطْعِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ لَا تُؤَثِّرُ كَالْقِرَاءَةِ فَلْيَجْتَنِبْ ذَلِكَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ نِيَّةَ قَطْعِ الرُّكُوعِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ لَا تُؤَثِّرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 عَمْدًا بِحَيْثُ (يَزِيدُ عَلَى سَكْتَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْقَطْعَ (اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ) لِإِشْعَارِ الطُّولِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا فِي الثَّانِيَةِ وَلِاقْتِرَانِ الْفِعْلِ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ فِي الْأُولَى كَنَقْلِ الْوَدِيعَةِ بِنِيَّةِ التَّعَدِّي. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْقَطْعَ وَلَمْ يُطِلْ السُّكُوتَ لَمْ يَضُرَّ كَنَقْلِ الْوَدِيعَةِ بِلَا نِيَّةِ تَعَدٍّ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ لِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ، أَوْ نَحْوِهِ وَمَا ضَبَطَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الطُّولَ أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَعَدَلَ إلَيْهِ عَنْ ضَبْطِ الْأَصْلِ لَهُ بِمَا أَشْعَرَ بِقَطْعِ الْقِرَاءَةِ، أَوْ إعْرَاضِهِ عَنْهَا مُخْتَارًا أَوْ لِعَائِقٍ لِيُفِيدَانِ السُّكُوتَ لِلْإِعْيَاءِ لَا يُؤَثِّرُ، وَإِنْ طَالَ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كُلٍّ مِنْ الضَّابِطَيْنِ مَا لَوْ نَسِيَ آيَةً فَسَكَتَ طَوِيلًا لِتَذَكُّرِهَا فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ (وَكَذَا) يَسْتَأْنِفُهَا (إنْ أَتَى فِي أَثْنَائِهَا بِذِكْرٍ وَإِنْ قَلَّ، أَوْ آيَةٍ أُخْرَى) مِنْ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ (عَامِدًا) لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ وَلِتَغْيِيرِ النَّظْمِ بِلَا عُذْرٍ بِخِلَافِهِ مَعَ النِّسْيَانِ وَلَوْ كَرَّرَ آيَةً مِنْهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ بَنَى وَابْنُ سُرَيْجٍ اسْتَأْنَفَ وَالْمُتَوَلِّي إنْ كَرَّرَ مَا هُوَ فِيهِ، أَوْ مَا قَبْلَهُ وَاسْتَصْحَبَ بَنَى وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ فِي التِّلَاوَةِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْأَوْجَهُ الثَّالِثُ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَلَا يَقْطَعُهَا) أَيْ الْقِرَاءَةَ شَيْءٌ (مُسْتَحَبٌّ فِيهَا) ، وَإِنْ كَانَ الِاحْتِيَاطُ اسْتِئْنَافَهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَذَلِكَ (كَالتَّأْمِينِ) لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ (وَالْفَتْحُ) أَيْ الرَّدُّ (عَلَى الْإِمَامِ) إذَا تَوَقَّفَ فِيهَا وَمَحَلُّهُ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ إذَا سَكَتَ فَلَا يُفْتَحُ عَلَيْهِ مَا دَامَ يُرَدِّدُ التِّلَاوَةَ (وَالسُّجُودُ لِتِلَاوَتِهِ) أَيْ تِلَاوَةِ إمَامِهِ (وَسُؤَالُ الرَّحْمَةِ وَالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الْعَذَابِ بِقِرَاءَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ لِقِرَاءَةِ (آيَتِهِمَا) الْكَائِنَةِ مِنْهُ، أَوْ مِنْ إمَامِهِ وَسَأُبَيِّنُ كَيْفِيَّتَهُمَا قُبَيْلَ الرُّكْنِ الْخَامِسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِمَا أَيْ فِي الْجَهْرِيَّةِ بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ، وَالْمُنْفَرِدِ، فَإِنْ أَهْمَلَهُ الْإِمَامُ فَيَنْبَغِي لِلْمَأْمُومِ الْجَهْرُ بِهِمَا لِيُنَبِّهَ الْإِمَامَ عَلَى قِيَاسِ التَّأْمِينِ. (فَإِنْ عَطَسَ) فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ (فَحَمِدَ) اللَّهَ (اسْتَأْنَفَ) الْقِرَاءَةَ، وَإِنْ كَانَ الْحَمْدُ عِنْدَ الْعُطَاسِ مَنْدُوبًا فِي الصَّلَاةِ كَخَارِجَهَا لِاخْتِصَاصِ الْحُكْمِ السَّابِقِ بِمَنْدُوبٍ مُخْتَصٍّ بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا فَلَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (وَنِسْيَانُ مُوَالَاةِ الْفَاتِحَةِ لَا) نِسْيَانُ (الْفَاتِحَةِ عُذْرٌ) كَتَرْكِهِ الْمُوَالَاةَ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ طَوَّلَ رُكْنًا قَصِيرًا نَاسِيًا وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِسْيَانِ الْفَاتِحَةِ بِأَنَّ الْمُوَالَاةَ صِفَةٌ وَالْقِرَاءَةَ أَصْلٌ وَاسْتُشْكِلَ بِنِسْيَانِ التَّرْتِيبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَمْرَ الْمُوَالَاةِ أَسْهَلُ مِنْ التَّرْتِيبِ بِدَلِيلِ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ نَاسِيًا كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ التَّرْتِيبِ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِالْمُقَدَّمِ مِنْ سُجُودٍ عَلَى رُكُوعٍ مَثَلًا. (وَإِنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ حَرْفًا) فَأَكْثَرَ مِنْ الْفَاتِحَةِ (بَعْدَ تَمَامِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِينَئِذٍ مُضِيُّهَا تَامَّةً (أَوْ) شَكَّ فِي ذَلِكَ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا (أَوْ) شَكَّ (هَلْ قَرَأَهَا) ، أَوْ لَا (اسْتَأْنَفَ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قِرَاءَتِهَا وَقَوْلُهُ، وَإِنْ شَكَّ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَمُولِيُّ. (وَيَجِبُ) عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ قِرَاءَتِهَا (التَّوَصُّلُ إلَى تَعَلُّمِهَا) الْأَوْلَى إلَى قِرَاءَتِهَا بِتَعَلُّمٍ، أَوْ غَيْرِهِ (حَتَّى بِشِرَاءِ مُصْحَفٍ، أَوْ اسْتِعَارَتِهِ، أَوْ سِرَاجٍ فِي ظُلْمَةٍ، فَإِنْ تَرَكَ) التَّوَصُّلَ إلَى ذَلِكَ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ (أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِلَا قِرَاءَةٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهَا لِتَقْصِيرِهِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْقُدْرَةِ ظَرْفٌ لِأَعَادَ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ إلَّا مُصْحَفٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّعَلُّمُ إلَّا مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْ مَالِكَهُ إعَارَتُهُ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُعَلِّمٌ وَاحِدٌ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّعْلِيمُ أَيْ بِلَا أُجْرَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا لَوْ احْتَاجَ إلَى السُّتْرَةِ أَوْ الْوُضُوءِ وَمَعَ غَيْرِهِ ثَوْبٌ، أَوْ مَاءٌ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَدَلِ (وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ) التَّوَصُّلُ إلَى الْقِرَاءَةِ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ بَلَادَتِهِ، أَوْ عَدَمِ مُعَلِّمٍ، أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَرَأَ قَدْرَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ سَبْعَ آيَاتٍ فَأَكْثَرَ) مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِهَا فَلَا يُجْزِئُ دُونَ عَدَدِ آيِهَا، وَإِنْ طَالَ لِرِعَايَتِهِ فِيهَا وَلَا دُونَ حُرُوفِهَا كَالْآيِ بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمٍ قَصِيرٍ عَنْ طَوِيلٍ لِعُسْرِ رِعَايَةِ السَّاعَاتِ وَلَا التَّرْجَمَةُ؛ لِأَنَّ نَظْمَ الْقُرْآنِ مُعْجِزٌ كَمَا مَرَّ. (وَلَوْ تَفَرَّقَتْ) أَيْ الْآيَاتُ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ حِفْظِهِ الْمُتَوَالِيَةَ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهَا إنَّمَا تُجْزِئُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمُتَوَالِيَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ) قَالَ شَيْخُنَا كَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَذَكُّرُهَا مِنْ مَصَالِحِهَا لَمْ يَضُرَّ السُّكُوتُ الطَّوِيلُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ بَنَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ فِي التَّحْقِيقِ) ، وَالْأَقْرَبُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ مَا اخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَلَى تَفْصِيلِ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ، وَالْأَوْجَهُ الثَّالِثُ إلَخْ) نَقَلَ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَارْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ آيَةً مِنْ وَسَطِهَا حَتَّى طَالَ الْفَصْلُ فَإِنَّهُ يَضُرُّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ اسْتَأْنَفَ) مَنْ عَطَسَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَتَمَّ عَلَيْهِ بَقِيَّةَ أَلْفَاظِ الْفَاتِحَةِ لَمْ يُجْزِهِ، وَكَذَا لَوْ ذَكَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ حِينَئِذٍ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَاوِيًا الشُّكْرَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِينَئِذٍ مُضِيُّهَا تَامَّةً) ؛ وَلِأَنَّ الشَّكَّ فِي حُرُوفِهَا يَكْثُرُ لِكَثْرَتِهَا فَعُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ إلَخْ) قِيَاسُ التَّشَهُّدِ الْتِحَاقُهُ بِالْفَاتِحَةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ مَالِكَهُ إعَارَتُهُ) قَالَ شَيْخُنَا شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ مَالِكُهُ غَائِبًا فَلَيْسَ لِلْعَاجِزِ عَنْ الْقِرَاءَةِ إلَّا بِهِ فِعْلُ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ رِضَا مَالِكِهِ بِمَا ذُكِرَ وَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ كَانَ ضَامِنًا لِلْعَيْنِ، وَالْمَنْفَعَةِ، وَقَدْ حَكَى صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ عَنْ وَالِدِ الرُّويَانِيِّ فِي ذَلِكَ احْتِمَالَيْنِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّ الْمُحْتَاجَ لِلطَّهَارَةِ إذَا وَجَدَ مَاءً لِغَائِبٍ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ؛ لِأَنَّ لِلْمَاءِ بَدَلًا وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ: قَرَأَ قَدْرَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ إلَخْ) أَغْرَبَ الْجِيلِيُّ كَعَادَاتِهِ فَقَالَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَدَلِ الْفَاتِحَةِ مِنْ الْقُرْآنِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَمِلًا عَلَى الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ، وَالِاسْتِعَانَةِ مِثْلَ الْفَاتِحَةِ فِيهِ وَجْهَانِ اهـ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَعِيدٍ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ ت (قَوْلُهُ: لِأَنَّ نَظْمَ الْقُرْآنِ مُعْجِزٌ) كَمَا مَرَّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَجَمِيَّ لَيْسَ بِقُرْآنٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 وَاعْتَرَضَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ ذَلِكَ جَوَازُ كَوْنِهَا مِنْ سُورَةٍ أَوْ سُوَرٍ فَيُحْمَلُ عَلَى حَالَةِ الْعَجْزِ عَنْ الْمُتَوَالِيَةِ كَمَا فَصَّلَهُ غَيْرُهُمْ. قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَالرَّافِعِيُّ لَا سِيَّمَا أَنَّ الْمَعَانِيَ الْحَاصِلَةَ مِنْ اتِّصَالِ الْآيَاتِ تَفُوتُ فَقَدْ لَا يُفْهَمُ أَنَّ الْمُتَفَرِّقَةَ قُرْآنٌ ثُمَّ إنَّمَا تُجْزِئُ الْمُتَفَرِّقَةُ (إنْ أَفَادَتْ مَعْنًى مَنْظُومًا) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُفِدْهُ كَثَمَّ نَظَرٌ كَذَا شَرَطَهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ: وَالْمُخْتَارُ مَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ (وَلَوْ عَجَزَ) عَنْ السَّبْعِ (أَتَى بِقَدْرِهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ (ذِكْرًا كَتَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَنَحْوِهِ) لِخَبَرِ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَك اللَّهُ ثُمَّ تَشَهَّدْ وَأَقِمْ، ثُمَّ كَبِّرْ، فَإِنْ كَانَ مَعَك قُرْآنٌ فَاقْرَأْ بِهِ وَإِلَّا فَاحْمَدْ اللَّهَ وَهَلِّلْهُ وَكَبِّرْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يُرَاعِي عَدَدَ أَنْوَاعِهِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ تَجِبُ رِعَايَتُهُ لِيَكُونَ كُلُّ نَوْعٍ مَكَانَ آيَةٍ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ أَقْرَبُ تَشْبِيهًا لِمَقَاطِعِ الْأَنْوَاعِ بِغَايَاتِ الْآيِ وَخَالَفَهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ، لَكِنْ قَوْلُ الْإِمَامِ أَقْرَبُ لِلْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ التِّرْمِذِيِّ السَّابِقِ فَإِنَّهُ كَالنَّصِّ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ سَبْعَةِ أَنْوَاعٍ (وَفِي الدُّعَاءِ الْمَحْضِ تَرَدُّدٌ) لِلْجُوَيْنِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ، وَالْأَشْبَهُ إجْزَاءُ دُعَاءٍ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا وَرَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ قَالَ الْإِمَامُ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا أَتَى بِهِ وَأَجْزَأَهُ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجَزِّئُ غَيْرُ الذِّكْرِ، وَالدُّعَاءُ لَيْسَ بِذِكْرٍ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي» وَيُجَابُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا قَدَرَ عَلَى الذِّكْرِ وَعَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِغَيْرِ الذِّكْرِ الدُّعَاءُ الْمَحْضُ الدُّنْيَوِيُّ إذْ الْفَاتِحَةُ نَفْسُهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الدُّعَاءِ، وَالدُّعَاءُ الْأُخْرَوِيُّ كَافٍ كَمَا مَرَّ. (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ حَتَّى عَنْ تَرْجَمَتِهِمَا (فَسُكُوتًا) يَسْكُتُ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ فِي مَحَلِّهَا، فَالْوَاجِبُ الْإِتْيَانُ بِمَحَلِّهَا؛ لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ وَهُوَ مَقْصُودٌ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَمِثْلُهُ التَّشَهُّدُ، وَالْقُنُوتُ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْبَدَلِ (قَصْدُ الْبَدَلِيَّةِ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُقْصَدَ) بِهِ (غَيْرُهَا فَلَوْ أَتَى بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ) ، أَوْ التَّعَوُّذِ (وَلَمْ يَقْصِدْهُ اُعْتُدَّ بِهِ بَدَلًا) لِعَدَمِ الصَّارِفِ. (وَلَوْ عَرَفَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ) فَقَطْ وَعَرَفَ لِبَعْضِهَا الْآخَرِ بَدَلًا (أَتَى بِبَدَلِ الْبَعْضِ) الْآخَرِ (مَوْضِعَهُ) فَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ مَا يَعْرِفُهُ مِنْهَا وَالْبَدَلِ حَتَّى يُقَدِّمَ بَدَلَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي (أَوْ) عَرَفَ مَعَ الذِّكْرِ (آيَةً مِنْ غَيْرِهَا) وَلَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا مِنْهَا (أَتَى بِهَا، ثُمَّ بِالذِّكْرِ) تَقْدِيمًا لِلْجِنْسِ عَلَى غَيْرِهِ وَتَقْيِيدُهُ كَأَصْلِهِ فِي هَذِهِ دُونَ مَا قَبْلَهَا بِالْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ بَعْضَ آيَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي تِلْكَ دُونَ هَذِهِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمُ لُزُومِ الْإِتْيَانِ بِهَا فِيهِمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا إعْجَازَ فِيهِ أَيْ مَعَ كَوْنِهِ بَعْضَ آيَةٍ وَإِلَّا، فَالْآيَةُ، وَالْآيَتَانِ بَلْ، وَالثَّلَاثُ الْمُتَفَرِّقَةُ لَا إعْجَازَ فِيهَا مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ بِهَا هَذَا وَلَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا زَعَمَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مَنْ أَحْسَنَ مُعْظَمَ آيَةِ الدَّيْنِ، أَوْ آيَةَ {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213] أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِرَاءَتُهُ وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْآيَاتِ الْقِصَارِ (فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بَدَلَهُ) أَيْ بَدَلَ بَعْضِهَا الْآخَرِ (كَرَّرَهُ) أَيْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: كَذَا شَرَطَهُ الْإِمَامُ) وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ الْأَرْغِيَانِيُّ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ، ثُمَّ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ إنَّمَا يُتَخَيَّلُ إذَا لَمْ يُحْسِنْ غَيْرَ ذَلِكَ أَمَّا مَعَ مَعْرِفَتِهِ آيَاتٍ مُتَوَالِيَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً مُنْتَظِمَةَ الْمَعْنَى فَلَا وَجْهَ لَهُ وَإِنْ شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ ت (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ) أَيْ التَّنْقِيحِ ج (قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ مَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا تَحْرُمُ قِرَاءَتُهَا عَلَى الْجُنُبِ فَكَذَلِكَ يُعْتَدُّ بِقِرَاءَتِهَا هَاهُنَا وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَحْفَظُ أَوَائِلَ السُّوَرِ خَاصَّةً كَ " الم " وَ " الر " وَ " المر " وَ " طس " لَا تَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُهَا أَسْمَاءً لِلسُّوَرِ وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّا مُتَعَبِّدُونَ بِقِرَاءَتِهَا وَهِيَ قُرْآنٌ مُتَوَاتِرٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبَغَوِيّ تَجِبُ رِعَايَتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَخْ) سَكَتَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْكَبِيرِ، وَهَذَا أَقْرَبُ وَنِعْمَ مَا فَعَلَ وَإِطْلَاقُ الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْإِمَامِ وَكَانَ قَضِيَّةُ الْوَفَاءِ أَنْ يَقُولَ مَا سَبَقَ عَنْ الْجِيلِيِّ فِي الْبَدَلِ مِنْ الْقُرْآنِ وَهُوَ شَاذٌّ لَا جَرَمَ أَنَّ صَاحِبَ الْكَافِي أَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّهُ لَوْ كَرَّرَ ذِكْرًا وَاحِدًا سَبْعَ مَرَّاتٍ أَجْزَأَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَفَرَّقَ بَيْنَ الذِّكْرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَلَّ أَنْ يُخَالِفَ التَّهْذِيبَ فَإِنَّهُ لَخَصَّ الْكَافِيَ مِنْهُ وَضَمَّ إلَيْهِ أَشْيَاءَ حَسَنَةً ت (قَوْلُهُ:، وَالْأَشْبَهُ إجْزَاءُ دُعَاءٍ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) ، وَالتَّنْقِيحِ ت (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ غَيْرُ الذِّكْرِ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ قُلْت لَا وَجْهَ لِإِقَامَةِ الدُّعَاءِ مَقَامَ الثَّنَاءِ، وَالِاخْتِيَارُ تَعَيُّنُ مَا عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَعْرَابِيِّ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ فَسُكُوتًا) هَلْ يُنْدَبُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْقِيَامِ قَدْرَ سُورَةٍ؟ لَا نَقْلَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِهِ د قَدْ قَالُوا إنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقُنُوتِ يَقُومُ بِقَدْرِهِ وَمَنْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ يَقْعُدُ بِقَدْرِهِ وَقَوْلُهُ هَلْ يُنْدَبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: أَتَى بِبَدَلِ الْبَعْضِ الْآخَرِ مَوْضِعَهُ) وَلَا يَكْفِيه أَنْ يُكَرِّرَ مَا يُحْسِنُهُ مِنْهَا بِقَدْرِهَا إذْ لَا يَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ أَصْلًا وَبَدَلًا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَجِبُ تَرْتِيبُ ذَلِكَ، وَقَدْ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ وَهُوَ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَقْدِيمِ قَدْرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ قُدْرَةُ حِفْظِ هَذِهِ الْأَذْكَارِ لَهُ قُدْرَةُ حِفْظِ الْبَسْمَلَةِ بَلْ الْغَالِبُ حِفْظُهُ لَهَا وَلَمْ يُؤْمَرْ بِهَا فَضْلًا عَنْ تَقْدِيمِهَا قُلْت الْخَبَرُ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَأْمُورَ كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ عَلَى أَنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَعْضُ آيَةٍ وَفِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهُ فَلَا يَجِبُ تَقْدِيمُ قَدْرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَيْهِ ش (قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ بَعْضَ آيَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي تِلْكَ دُونَ هَذِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) وَالدَّمِيرِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بَدَلَهُ كَرَّرَهُ) وَيُلْحِقُ بِهِ مَا يُحْسِنُهُ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ إذْ هُوَ الْمَيْسُورُ قَوْلُهُ وَلَوْ صَحَّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ د مِنْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 كَرَّرَ مَا يَعْرِفُهُ مِنْهَا لِيَبْلُغَ سَبْعًا. (وَلَوْ قَدَرَ عَلَى) قِرَاءَةِ (الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَاءِ الْبَدَلِ) ، أَوْ قَبْلَهُ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَمْ يُجْزِهِ الْبَدَلُ وَأَتَى بِهَا) كَنَظِيرِهِ فِي رُؤْيَةٍ لِمَاءٍ فِي التَّيَمُّمِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُجُودِ الْمُتَمَتِّعِ الْهَدْيَ، وَالْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةَ فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِمَا بِأَنَّ الْبَدَلَ هُنَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَالصَّوْمَ بَدَلٌ مُعَيَّنٌ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِ وَهُوَ مُنْتَقِضٌ بِالتَّيَمُّمِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الصَّوْمَ عُهِدَ وُجُوبُهُ أَصَالَةً فِي الْكَفَّارَةِ، وَالذِّكْرَ فِي مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ لَا يَجِبُ إلَّا بَدَلًا فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ (أَوْ) قَدَرَ عَلَيْهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبَدَلِ (وَ) لَوْ قَبْلَ الرُّكُوعِ (أَجْزَأَهُ) الْبَدَلُ لِتَأَدِّي الْفَرْضِ كَقُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ وَعَلَى الْإِعْتَاقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّوْمِ وَفَارَقَ وُجُوبَ الْوُضُوءِ بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ التَّيَمُّمِ بِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْمَقْصُودِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (وَيُسْتَحَبُّ لِقَارِئِهَا) وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ (أَنْ يَقُولَ) بَعْدَ فَرَاغِهَا (آمِينَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَقِيسَ بِالصَّلَاةِ خَارِجَهَا (وَحَسُنَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا رَبَّ الْعَالَمِينَ) وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ لَوْ قَالَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَغَيْرَهُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ حَسَنًا (بِمَدٍّ، أَوْ قَصْرٍ) لَهَا (بِلَا تَشْدِيدٍ) فِيهِمَا، وَالْمَدُّ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ وَحَكَى الْوَاحِدِيُّ الْمَدَّ مَعَ الْإِمَالَةِ وَالتَّخْفِيفِ، وَالْمَدَّ مَعَ التَّشْدِيدِ، وَزَيَّفَ الْأَخِيرَةَ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهَا شَاذَّةٌ مُنْكَرَةٌ وَحَكَى ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ الْقَصْرَ مَعَ التَّشْدِيدِ وَهِيَ شَاذَّةٌ أَيْضًا وَكُلُّهَا إلَّا الرَّابِعَةَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ، وَمَعْنَى الرَّابِعَةِ قَاصِدِينَ إلَيْك (فَلَوْ شَدَّدَ لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ لِقَصْدِهِ الدُّعَاءَ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَا الضَّالِّينَ) بِسَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ لِيُمَيِّزَهَا عَنْ الْقُرْآنِ (فَيَجْهَرَ) الْأَوْلَى وَيَجْهَرَ أَيْ وَأَنْ يَجْهَرَ (بِهَا) الْمُصَلِّي (فِي الْجَهْرِيَّةِ حَتَّى الْمَأْمُومُ) لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَجَهْرُ الْأُنْثَى، وَالْخُنْثَى بِهَا كَهُوَ بِالْقِرَاءَةِ وَسَيَأْتِي (وَ) أَنْ (يُقَارِنَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينُ الْإِمَامِ) لِخَبَرِ «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَخَبَرِ «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ فَوَافَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فِي الثَّانِي «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ آمِينَ» فَظَاهِرُهُمَا الْأَمْرُ بِالْمُقَارَنَةِ بِأَنْ يَقَعَ تَأْمِينُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَالْمَلَائِكَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ لِتَأْمِينِ إمَامِهِ بَلْ لِقِرَاءَتِهِ، وَقَدْ فَرَغَتْ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ إذَا أَرَادَ التَّأْمِينَ وَيُوَضِّحُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ» قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَعْنَى مُوَافَقَتِهِ الْمَلَائِكَةَ أَنَّهُ وَافَقَهُمْ فِي الزَّمَنِ وَقِيلَ فِي الصِّفَاتِ مِنْ الْإِخْلَاصِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةُ قِيلَ هُمْ الْحَفَظَةُ وَقِيلَ غَيْرُهُمْ لِخَبَرِ «فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ» ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ إذَا قَالَهَا الْحَفَظَةُ قَالَهَا مَنْ فَوْقَهُمْ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُمْ الْحَفَظَةُ وَسَائِرُ الْمَلَائِكَةِ لَكَانَ أَقْرَبَ. (فَإِنْ فَاتَهُ) قَرْنُ تَأْمِينَهُ بِتَأْمِينِ إمَامِهِ (أَتَى بِهِ) أَيْ بِتَأْمِينِهِ (عَقِبَهُ) أَيْ عَقِبَ تَأْمِينِ إمَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَأْمِينَهُ، أَوْ أَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِهِ الْمَنْدُوبِ أَمَّنَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قَرَأَ مَعَهُ وَفَرَغَا مَعًا كَفَى تَأْمِينُ وَاحِدٍ، أَوْ فَرَغَ قَبْلَهُ قَالَ الْبَغَوِيّ يَنْتَظِرُهُ، وَالْمُخْتَارُ أَوْ الصَّوَابُ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِلْمُتَابَعَةِ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ تَأْمِينِ الْقَارِئِ (مَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِهِ) وَإِلَّا فَاتَ، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ. [فَرْعٌ أَتَى بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا] (فَرْعٌ) قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ أَتَى بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا فَعِنْدِي أَنَّهُ يُؤَمِّنُ عَقِيبَهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَمِثْلُهُ بَلْ أَوْلَى مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ مِنْ أَوَّلِهَا وَأَتَى بِبَدَلِهِ أَوْ عَنْهُ مِنْ آخِرِهَا وَأَتَى بِمَا يَتَضَمَّنُهُ. (فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ) لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ (قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ) غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ آيَةً، وَالْأَوْلَى ثَلَاثُ آيَاتٍ (بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي) رَكْعَتَيْ (الصُّبْحِ وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا) دُونَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَاءِ الْبَدَلِ إلَخْ) لَوْ قَدَرَ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ الْقُرْآنِ قَبْلَ فَرَاغِ الذِّكْرِ، أَوْ عَلَى الذِّكْرِ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ وَقْفَةٌ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ غَيْرُ خَاصٍّ بِالْفَاتِحَةِ بَلْ يَطَّرِدُ فِي التَّكْبِيرِ، وَالتَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدَرَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ إلَخْ) وَاَلَّذِي نَجْزِمُ بِهِ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالِاسْتِفْتَاحِ، وَالتَّعَوُّذِ هُنَا وَأَطْلَقَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِرَاءَتُهَا ت (قَوْلُهُ: اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ) وَقِيلَ لَا تُخَيِّبْ رَجَاءَنَا وَقِيلَ لَا يَقْدِرُ عَلَى هَذَا أَحَدٌ سِوَاك وَقِيلَ جِئْنَاك قَاصِدِينَ وَدَعَوْنَاك رَاغِبِينَ فَلَا تَرُدَّنَا وَقِيلَ إنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ كَأَنَّ الْمُصَلِّيَ قَالَ اهْدِنَا يَا اللَّهُ وَقِيلَ إنَّهُ طَابَعُ الدُّعَاءِ وَخَاتَمٌ عَلَيْهِ وَقِيلَ إنَّهُ كَنْزٌ يُعْطَاهُ قَائِلُهُ وَقِيلَ إنَّهُ اسْمٌ تَنْزِلُ بِهِ الرَّحْمَةُ (قَوْلُهُ: فَيَجْهَرُ بِهَا فِي الْجَهْرِيَّةِ إلَخْ) وَإِطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ سُنَّةَ الْجَهْرِ بِالْفَاتِحَةِ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ جَهْرًا وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ ت وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُقَارِنَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْإِمَامِ) شَمِلَ مَا لَوْ وَصَلَ التَّأْمِينَ بِالْفَاتِحَةِ بِلَا فَصْلٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ مَا تُسَنُّ مُقَارَنَتُهُ فِيهِ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) الْمُرَادُ الصَّغَائِرُ فَقَطْ وَإِنْ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ إنَّهُ يَشْمَلُ الصَّغَائِرَ، وَالْكَبَائِرَ. (قَوْلُهُ: فَعِنْدِي أَنَّهُ يُؤَمِّنُ عَقِبَهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) قُلْت يُعَضِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ مُعَاذًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ إذَا قَرَأَ آخِرَ الْبَقَرَةِ قَالَ آمِينَ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ إنْ كَانَ عَنْ تَوْقِيفٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فَهُوَ حَسَنٌ ت. [فَرْعٌ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ] (قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ شَيْءٍ إلَخْ) يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ بَعْضَ آيَةٍ حَصَّلَ أَصْلُ السُّنَّةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إذَا كَانَ مُفِيدًا كَالْآيَةِ الْقَصِيرَةِ الْمُفِيدَةِ مَعْنَى مَنْظُومًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِدُونِ آيَةٍ كَامِلَةٍ مُفِيدَةٍ ت (قَوْلُهُ، وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا) (فَائِدَةٌ) لَوْ كَانَ الْإِمَامُ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ وَالْمَأْمُومُ عَكْسَهُ فَفَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ، وَالْإِمَامُ بَعْدُ فِيهِمَا فَهَلْ يَشْتَغِلُ الْمَأْمُومُ إلَى أَنْ يَرْكَعَ إمَامُهُ بِذِكْرٍ، أَوْ يَقْرَأُ السُّورَةَ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْرَأُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهَا ت وَقَوْلُهُ: أَوْ يَقْرَأُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 مَا عَدَاهُمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَالنَّسَائِيُّ فِيهَا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ إذَا كَانَ جُنُبًا لَا يَقْرَأُ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ مَنْ سُبِقَ بِأَخِيرَتَيْهِ قَرَأَهَا فِيهِمَا إذَا تَدَارَكَهُمَا وَكَالصُّبْحِ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ وَنَحْوُهُمَا (فَلَوْ أَعَادَ الْفَاتِحَةَ أَوْ قَدَّمَ) عَلَيْهَا (السُّورَةَ لَمْ يُجْزِهِ) عَنْ السُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ؛ وَلِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ لَا يُؤَدِّي بِهِ فَرْضٌ وَنَفْلٌ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ وَيُتَّجَهُ فِيهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَأَعَادَهَا تُجْزِئُهُ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ (وَسُورَةٌ كَامِلَةٌ أَفْضَلُ مِنْ قَدْرِهَا) مِنْ طَوِيلَةٍ؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ بِهَا، وَالْوَقْفَ عَلَى آخِرِهَا صَحِيحَانِ بِالْقَطْعِ بِخِلَافِهِمَا فِي بَعْضِ السُّوَرِ فَإِنَّهُمَا قَدْ يَخْفَيَانِ كَذَا عَلَّلَ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الِابْتِدَاءَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِنْ شَرْحَيْ الرَّافِعِيِّ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِ طَوِيلَةٍ، وَإِنْ طَالَ كَالتَّضْحِيَةِ بِشَاةٍ أَفْضَلُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ فِي بَدَنَةٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالنَّوَوِيِّ مِنْ قَدْرِهَا غَيْرُ وَافٍ بِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ، ثُمَّ مَحَلُّ أَفْضَلِيَّتِهَا فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ أَمَّا فِيهَا فَقِرَاءَةُ بَعْضِ الطَّوِيلَةِ أَفْضَلُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ وَعَلَيْهِ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالتَّرَاوِيحِ بَلْ كُلُّ مَحَلٍّ وَرَدَ فِيهِ الْأَمْرُ بِالْبَعْضِ، فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ كَقِرَاءَةِ آيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ فِي الْفَجْرِ. (وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ (تَكُونَ) قِرَاءَةُ الرَّكْعَةِ (الْأُولَى أَطْوَلَ) لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّ النَّشَاطَ فِيهَا أَكْثَرُ فَخُفِّفَ فِي غَيْرِهَا حَذَرًا مِنْ الْمَلَلِ نَعَمْ مَا وَرَدَ مِنْ تَطْوِيلِ قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ يُتَّبَعُ كَسَبِّحْ وَهَلْ أَتَاك فِي الْعِيدِ (وَ) أَنْ تَكُونَ قِرَاءَةُ الْأُولَى (أَسْبَقَ) فِي التِّلَاوَةِ بِأَنْ يَقْرَأَ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ أَوَّلَ الْبَقَرَةِ فَلَوْ خَالَفَ فَخِلَافُ الْأَوْلَى وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَ) أَنْ (يَقْرَأَ فِي الصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا (وَفِي الظُّهْرِ قَرِيبًا مِنْهُ) أَيْ مِمَّا يُقْرَأُ فِي الصُّبْحِ (وَفِي الْعَصْرِ، وَالْعِشَاءِ مِنْ أَوْسَاطِهِ وَفِي الْمَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَأَوَّلُ الْمُفَصَّلِ الْحُجُرَاتُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ وَتَحْرِيرِهِ وَسُمِّيَ مُفَصَّلًا لِكَثْرَةِ الْفُصُولِ فِيهِ بَيْنَ سُوَرِهِ وَقِيلَ لِقِلَّةِ الْمَنْسُوخِ فِيهِ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الطِّوَالِ، وَالْأَوْسَاطِ إذَا انْفَرَدَ الْمُصَلِّي، أَوْ آثَرَ الْمَحْصُورُونَ التَّطْوِيلَ وَإِلَّا خَفَّفَ جُزِمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ وَيُسَنُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْرَأَ فِي أُولَى الصُّبْحِ سُورَةَ الْكَافِرِينَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ وَعُقُودِ الْمُخْتَصَرِ لَلْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا (وَ) أَنْ (يَقْرَأَ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ) فِي الْأُولَى {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] وَفِي الثَّانِيَةِ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] بِكَمَالِهِمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. قَالَ الْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ قِرَاءَةِ جَمِيعِهَا قَرَأَ بِمَا أَمْكَنَ مِنْهَا وَلَوْ لِآيَةِ السَّجْدَةِ، وَكَذَا فِي الْأُخْرَى يَقْرَأُ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] فَإِنْ قَرَأَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ (وَ) أَنْ (يَسْتَمِعَ الْمَأْمُومُ) فِي الْجَهْرِيَّةِ قِرَاءَةَ إمَامِهِ السُّورَةَ فَلَا يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204] وَلِلنَّهْيِ عَنْ قِرَاءَتِهَا خَلْفَهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ (وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ) لِصَمَمٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ سَمِعَ صَوْتًا لَا يَفْهَمُهُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ (قَرَأَهَا) إذْ لَا مَعْنَى لِسُكُوتِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ جَهَرَ الْإِمَامُ فِي السِّرِّيَّةِ، أَوْ عَكَسَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ مَأْمُومًا لَا يَسْمَعُ، أَوْ فِي صَلَاةٍ سِرِّيَّةٍ، فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِالذِّكْرِ وَلَا يَسْكُت؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي الصَّلَاةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ح وَقَوْلُهُ، فَالْقِيَاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ الْفَاتِحَةَ رُكْنٌ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَالرُّكْنُ لَا يُشْرَعُ تَكْرَارُهُ عَلَى الِاتِّصَالِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَأَعَادَهَا يُجْزِئُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِنْ شَرْحَيْ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَا يَعْرِفُ الْوُقُوفَ التَّامَّةَ، وَالِابْتِدَاءَ أَمَّا الْعَالِمُ بِهِمَا فَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا شَكَّ فِي اسْتِبْعَادِ قَوْلِنَا إنَّ قِرَاءَةَ سُورَتَيْ الْفِيلِ وَقُرَيْشٍ أَفْضَلُ لِلْمُقْرِئِ الْمُجِيدِ مِنْ قِرَاءَةِ الْبَقَرَةِ مَثَلًا فِي رَكْعَتَيْنِ، لَكِنْ قَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَأْخَذَ التَّأَسِّي، وَالْغَالِبُ مِنْ قِرَاءَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّورَةُ التَّامَّةُ ت (قَوْلُهُ: إنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِ طَوِيلَةٍ، وَإِنْ طَالَ) وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ صَرِيحًا عَنْ الْبَغَوِيّ د وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْأَطْوَلُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ الطُّولُ، وَالسُّورَةُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا سُورَةٌ كَامِلَةٌ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا تَرْجِيحٌ مِنْ وَجْهٍ ع (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالنَّوَوِيِّ مِنْ قَدْرِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ الْأُولَى أَطْوَلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُنَا إذَا فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَفِّفَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا حَالَةَ خَوْفٍ وَشُغْلٍ وَمُخَاطَرَةٍ مِنْ خِدَاعِ الْعَدُوِّ وَقَالُوا إذَا أَغْفَلَ قِرَاءَةَ الْجُمُعَةِ فِي الْأُولَى قَرَأَهَا فِي الثَّانِيَةِ مَعَ الْمُنَافِقِينَ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ السُّورَةَ فِي الْأُولَى عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا قَرَأَهَا فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ تَرَكَهَا فِي الْأُولَيَيْنِ إنْ قُلْنَا يَقْرَأُ فِي الْأَرْبَعِ قَرَأَهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَإِلَّا فَلَا ت. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْرَأَ فِي أُولَى الصُّبْحِ سُورَةَ الْكَافِرِينَ إلَخْ) رَأَيْت فِي بَابِ طُولِ الْقِرَاءَةِ وَقِصَرِهَا فِي مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ وَعَلَيْهِ جَرَى الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْإِحْيَاءِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَقْرَأَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي السَّفَرِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَسُورَةَ الْإِخْلَاصِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ التَّخْفِيفَ فِي السَّفَرِ لَا يَخْتَصُّ بِالصُّبْحِ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُنْفَرِدِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ حَالَةِ السَّيْرِ وَغَيْرِهَا وَبَيْنَ سَفَرٍ وَسَفَرٍ وَقَوْلُهُ، وَالْأَشْبَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَقْرَأَ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] إلَخْ) ، وَإِنْ كَانَ إمَامًا لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسْتَمِعَ الْمَأْمُومُ إلَخْ) (تَنْبِيهٌ) الْمَشْهُورُ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُؤَخِّرَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ إلَى بَعْدِ فَاتِحَةِ إمَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسْمَعُ لِبُعْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي يُقَدِّرُ ذَلِكَ بِالظَّنِّ وَلَمْ يَذْكُرُوا مَا يَقُولُهُ غَيْرُ السَّامِعِ فِي زَمَنِ سُكُوتِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يُطِيلُ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ الْوَارِدِ فِي الْأَحَادِيثِ، أَوْ يَأْتِيَ بِذِكْرٍ آخَرَ أَمَّا السُّكُوتُ الْمَحْضُ فَبَعِيدٌ، وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ فَيَتَعَيَّنُ اسْتِحْبَابُ أَحَدِ هَذَيْنِ ت وَقَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 اُعْتُبِرَ فِعْلُهُ. وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَصَحَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ اعْتِبَارَ الْمَشْرُوعِ فِي الْفَاتِحَةِ (وَ) أَنْ (تَجْهَرَ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى حَيْثُ لَا يَسْمَعُ أَجْنَبِيٌّ) وَيَكُونُ جَهْرُهُمَا دُونَ جَهْرِ الرَّجُلِ فَإِنْ كَانَا بِحَيْثُ يَسْمَعُهُمَا أَجْنَبِيٌّ أَسَرَّا، وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ فِي الْخُنْثَى مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَهُوَ مَرْدُودٌ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ (وَفِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ الْمُطْلَقَةِ يَتَوَسَّطُ بَيْنَ الْإِسْرَارِ، وَالْجَهْرِ إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ، أَوْ مُصَلٍّ) ، أَوْ نَحْوِهِمَا وَإِلَّا أَسَرَّ وَخَرَجَ بِالْمُطْلَقَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ غَيْرُهَا كَسُنَّةِ الْعِشَاءَيْنِ فَيُسِرُّ فِيهَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ يُتَوَسَّطُ فِيهَا بَيْنَ الْإِسْرَارِ، وَالْجَهْرِ. وَكَالتَّرَاوِيحِ فَيَجْهَرُ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيَجْهَرُ بِالتَّرَاوِيحِ) أَيْ فِيهَا، وَكَذَا فِي الْوِتْرِ عَقِبَهَا، وَالْجَهْرُ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَخَافَ مَفْسَدَةً مِنْ إعْجَابٍ، أَوْ رِيَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَحَدُّ الْجَهْرِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ يَلِيه، وَالْإِسْرَارُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ حَيْثُ لَا مَانِعَ كَمَا مَرَّ، وَالتَّوَسُّطُ بَيْنَهُمَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَعْرِفُ بِالْمُقَايَسَةِ بِهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} [الإسراء: 110] الْآيَةَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْأَحْسَنُ فِي تَفْسِيرِهِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنْ يَجْهَرَ تَارَةً وَيُسِرَّ أُخْرَى كَمَا وَرَدَ فِي فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ. (فَرْعٌ، فَإِنْ قَرَأَ) فِي الصَّلَاةِ (آيَةَ رَحْمَةٍ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: 70] (سَأَلَهَا) كَأَنْ يَقُولَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (أَوْ) آيَةَ (عَذَابٍ) كَقَوْلِهِ {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الزمر: 71] (اسْتَعَاذَ) مِنْهُ كَأَنْ يَقُولَ رَبِّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْعَذَابِ (أَوْ) آيَةَ (تَسْبِيحٍ) كَقَوْلِهِ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] (سَبِّحْ) كَأَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ (، أَوْ) آيَةَ (مَثَلٍ) كَقَوْلِهِ {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا} [النحل: 75] الْآيَةَ (تَفَكَّرَ) فِيهَا (أَوْ) قَرَأَ (كَآخِرِ) أَيْ مِثْلَ آخِرِ {وَالتِّينِ} [التين: 1] قَالَ بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ، وَكَقَوْلِهِ) أَيْ أَوْ قَرَأَ مِثْلَ قَوْله تَعَالَى {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 185] قَالَ (آمَنَّا بِاَللَّهِ) وَكَآخِرِ، وَكَقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَكَذَا) يَفْعَلُ (الْمَأْمُومُ) ذَلِكَ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ (وَ) كَذَا (غَيْرُ الْمُصَلِّي) يَفْعَلُهُ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ وَقِرَاءَةِ غَيْرِهِ. (وَيَفْصِلُ) الْمُصَلِّي (الْقِرَاءَةَ) لِلْفَاتِحَةِ وَحْدَهَا، أَوْ مَعَ السُّورَةِ (عَنْ تَكْبِيرِهِ) الْوَاقِعِ (قَبْلَهَا) وَهُوَ تَكْبِيرُ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) الْوَاقِعُ (بَعْدَهَا) وَهُوَ تَكْبِيرُ الرُّكُوعِ (بِسَكْتَةٍ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي بِدَايَةِ الْهِدَايَةِ فِي الثَّانِيَةِ بِقَدْرِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِهَذَا مَعَ مَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ السَّكَتَاتِ الْمَنْدُوبَةَ فِي الصَّلَاةِ أَرْبَعٌ سَكْتَةٌ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ يُفْتَتَحُ فِيهَا وَسَكْتَةٌ بَيْنَ وَلَا الضَّالِّينَ وَآمِينَ وَسَكْتَةٌ لِلْإِمَامِ بَعْدَ التَّأْمِينِ فِي الْجَهْرِيَّةِ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ وَسَكْتَةٌ قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ، وَكَذَا قَرَّرَهَا فِي الْمَجْمُوعِ، ثُمَّ قَالَ وَتَسْمِيَةُ كُلٍّ مِنْ الْأُولَى، وَالثَّالِثَةِ سَكْتَةً مَجَازٌ فَإِنَّهُ لَا يُسْكَتُ حَقِيقَةً لِمَا تَقَرَّرَ فِيهِمَا وَالزَّرْكَشِيُّ عَدَّ السَّكَتَاتِ خَمْسَةً الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ وَسَكْتَةٌ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالِافْتِتَاحِ وَسَكْتَةٌ بَيْنَ الِافْتِتَاحِ، وَالْقِرَاءَةِ وَعَلَيْهِ لَا مَجَازَ إلَّا فِي سَكْتَةِ الْإِمَامِ بَعْدَ التَّأْمِينِ. [الرُّكْنُ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ الرُّكُوعُ وَطُمَأْنِينَتُهُ] ُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ارْكَعُوا} [الحج: 77] وَلِخَبَرِ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ» (وَأَقَلُّهُ) أَيْ الرُّكُوعِ لِلْقَائِمِ (انْحِنَاءٌ خَالِصٌ لَا انْخِنَاسَ فِيهِ) بِحَيْثُ (يُوَصِّلُ) الِانْحِنَاءُ الْمَذْكُورُ (يَدَيْ) أَيْ رَاحَتَيْ (الْمُعْتَدِلِ) خِلْقَةً (رُكْبَتَيْهِ) فَلَا يَحْصُلُ بِانْخِنَاسٍ وَلَا بِهِ مَعَ انْحِنَاءٍ أَمَّا رُكُوعُ الْقَاعِدِ فَتَقَدَّمَ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ ذَلِكَ (إلَّا بِمُعِينٍ) وَلَوْ بِاعْتِمَادٍ عَلَى شَيْءٍ (أَوْ انْحِنَاءٍ عَلَى الشِّقِّ) أَيْ شِقِّهِ (لَزِمَهُ، وَالْعَاجِزُ) عَنْ الِانْحِنَاءِ الْمَذْكُورِ (يَنْحَنِي قَدْرَ إمْكَانِهِ، فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الِانْحِنَاءِ أَصْلًا (أَوْمَأَ) بِرَأْسِهِ، ثُمَّ بِطَرْفِهِ فَتَعْبِيرُهُ بِأَوْمَأَ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأَوْمَأَ بِطَرْفِهِ (ثُمَّ يَطْمَئِنُّ) فِي رُكُوعِهِ. (وَأَقَلُّهُ) أَيْ اطْمِئْنَانِهِ فِيهِ (أَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ رَاكِعًا بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ هُوِيُّهُ عَنْ ارْتِفَاعِهِ) مِنْ رُكُوعِهِ (وَلَا تَقُومُ زِيَادَةُ الْهُوِيِّ مَقَامَهَا) أَيْ مَقَامَ الطُّمَأْنِينَةِ لِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَلَوْ قَالَ فَلَا بِالْفَاءِ كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ هَوَى بِسُجُودِ تِلَاوَةٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ) أَنْ يَجْعَلَهُ رُكُوعًا (فَجَعَلَهُ رُكُوعًا لَمْ يُجْزِهِ بَلْ يَنْتَصِبُ لِيَرْكَعَ) إذْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ فِعْلُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَجْهَرُ الْمَرْأَةُ، وَالْخُنْثَى إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ الْأُنْثَى تُسِرُّ بِحَضْرَةِ الْخُنْثَى، وَأَنَّ الْخُنْثَى يُسِرُّ بِحَضْرَةِ الْخُنْثَى ش (قَوْلُهُ: كَمَا بَيَّنَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَأَمَّا الْخُنْثَى فَيُسِرُّ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ، وَالرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَيَجْهَرُ إنْ كَانَ خَالِيًا، أَوْ بِحَضْرَةِ مَحَارِمِهِ فَقَطْ وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْتُهُ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَمُقْتَضَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ إسْرَارُ الرِّجَالِ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ مُتَمَحِّضَاتٍ، أَوْ مَعَ رِجَالٍ خَشْيَةَ افْتِتَانِ النِّسَاءِ وَهُوَ مَرْدُودٌ فَقَدْ «جَهَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ إلَى زَمَانِنَا مَعَ اقْتِدَاءِ النِّسَاءِ بِهِمْ وَلَمْ يَسْتَثْنِ أَحَدٌ هَذِهِ الْحَالَ بَلْ كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي دَفْعِهَا. اهـ. وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسِرُّ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ فَلَيْسَتْ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. اهـ. وَهُوَ غَيْرُ مُتَأَتٍّ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الْجَمَاعَةِ، ثُمَّ صَوَّبَ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: يُعْرَفُ بِالْمُقَايَسَةِ إلَخْ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلْيُحْمَلْ عَلَى أَدْنَى دَرَجَاتِ الْجَهْرِ. [فَرْعٌ قَرَأَ فِي الصَّلَاة آيَة رَحْمَة] (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَفْعَلُ الْمَأْمُومُ ذَلِكَ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ) كَأَنْ قَرَأَ إمَامُهُ {وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الحج: 7] فَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلَ النَّوَوِيُّ هَلْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا مَرَّ بِذِكْرِهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَفْعَلُهَا اهـ. إذْ لَا أَصْلَ لِذَلِكَ هُنَا وَقَالَ الْعِجْلِيّ فِي شَرْحِهِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَوْلُهُ فَلَا يَفْعَلُهَا أَيْ مَعَ إتْيَانِهِ بِالظَّاهِرِ كَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَمَّا مَعَ الضَّمِيرِ فَسُنَّةٌ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إفْتَاءُ النَّوَوِيِّ وَتَرْجِيحُ الْأَنْوَارِ وَتَبِعَهُ الْغَزِّيِّ قَوْلُ الْعِجْلِيّ يُسَنُّ. اهـ. . (وَقَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ انْحِنَاءٌ إلَخْ) يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ: أَيْ رَاحَتَيْ الْمُعْتَدِلِ) تَعْبِيرُهُمْ بِالرَّاحَةِ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَصَابِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ هَوَى لِسُجُودِ تِلَاوَةٍ إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 بِهُوِيِّهِ غَيْرَ الرُّكُوعِ كَنَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ وَلَوْ رَكَعَ إمَامُهُ فَظَنَّ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ فَهَوَى لِذَلِكَ فَرَآهُ لَمْ يَسْجُدْ فَوَقَفَ عَنْ السُّجُودِ هَلْ يُحْسَبُ لَهُ هَذَا عَنْ الرُّكُوعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ نَظَرٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ عَمَلًا بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلْمُتَابَعَةِ. وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَعُودُ لِلْقِيَامِ ثُمَّ يَرْكَعُ (وَأَكْمَلُهُ) أَيْ الرُّكُوعِ (أَنْ يَنْحَنِي حَتَّى يَسْتَوِي ظَهْرُهُ وَعُنُقُهُ كَالصَّفِيحَةِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَإِنْ تَرَكَهُ كُرِهَ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَا يَثْنِي رُكْبَتَيْهِ) بَلْ يَنْصَبُ سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ (وَيَأْخُذُهُمَا بِكَفَّيْهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَهُ لِلْقِبْلَةِ) ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ (مُتَفَرِّقَةً) تَفْرِيقًا وَسَطًا لِلِاتِّبَاعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوَسَطِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ (وَيُجَافِي الرَّجُلُ مِرْفَقَيْهِ) عَنْ جَنْبَيْهِ وَبَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ كُرِهَ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ، وَالْخُنْثَى) بَعْضَهُمَا إلَى بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا وَأَحْوَطُ لَهُ (فَيَبْتَدِئُ بِالتَّكْبِيرِ) لِرُكُوعِهِ (أَوَّلَ هُوِيِّهِ رَافِعًا يَدَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ) فِي رَفْعِهِمَا لِلتَّكْبِيرِ لِلْإِحْرَامِ (وَهُوَ قَائِمٌ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الرَّفْعَ هُنَا كَالرَّفْعِ لِلْإِحْرَامِ، وَأَنَّ الْهُوِيَّ مُقَارِنٌ لِلرَّفْعِ، وَالْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ، وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ لِقَوْلِ الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ قَائِمًا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ رَفْعِهِ وَهُوَ قَائِمٌ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ فَإِذَا حَاذَى كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ انْحَنَى وَفِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ نَحْوُهُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ قَالَ فِي الْإِقْلِيدِ؛ لِأَنَّ الرَّفْعَ حَالَ الِانْحِنَاءِ مُتَعَذِّرٌ، أَوْ مُتَعَسِّرٌ وَدَلِيلُ التَّكْبِيرِ، وَالرَّفْعِ فِيمَا ذُكِرَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَيَمُدُّهُ) أَيْ التَّكْبِيرَ جَهْرًا (إلَى الِانْتِهَاءِ) أَيْ انْتِهَاءِ هُوِيِّهِ وَهَذَا يَجْرِي (فِيهِ وَفِي سَائِرِ) أَذْكَارِ (الِانْتِقَالَاتِ) فَيَمُدُّهَا إلَى الرُّكْنِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ وَلَوْ فَصَلَ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ (لِئَلَّا يَخْلُوَ جُزْءٌ مِنْ) الصَّلَاةِ عَنْ (الذِّكْرِ) وَلَا نَظَرَ إلَى طُولِ الْمَدِّ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ يُنْدَبُ الْإِسْرَاعُ بِهِ لِئَلَّا تَزُولَ النِّيَّةُ كَمَا مَرَّ (وَيَقْتَصِرُ الْإِمَامُ) فِي الرُّكُوعِ (عَلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَتَخْفِيفًا عَنْ الْمَأْمُومِينَ وَهَذَا أَدْنَى الْكَمَالِ (وَيَأْتِي الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ مَنْ رَضِيَ) بِالتَّطْوِيلِ (بِبَاقِي الذِّكْرِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ) فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ «اللَّهُمَّ لَك رَكَعْتُ وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت خَشَعَ لَك سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَأْتِي قَبْلَهُ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ بِالتَّسْبِيحِ السَّابِقِ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ تِسْعًا أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ وَهُوَ أَكْمَلُ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي» أَيْ قَامَتْ بِهِ وَحَمَلَتْهُ وَمَعْنَاهُ جَمِيعُ جَسَدِي، وَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَقَوْلُهُ «لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» بَعْدَ قَوْلِهِ لَك تَأْكِيدٌ. (وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ (وَفِي السُّجُودِ) بَلْ وَفِي سَائِرِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ غَيْرَ الْقِيَامِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلَّ الْقِرَاءَةِ، وَقَدْ قَالَ «عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ كَرَاهَتِهَا إذَا قَصَدَ بِهَا الْقِرَاءَةَ، فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الدُّعَاءَ، وَالثَّنَاءَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ قَنَتَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ. (وَالذِّكْرُ فِي مَوْضِعِهِ أَفْضَلُ) مِنْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ صَلَاةً كَانَ، أَوْ طَوَافًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ هُنَا كَبِيرُ جَدْوًى (وَإِلَّا قُطِعَ وَنَحْوُهُ) كَقَصِيرِ الْيَدَيْنِ (لَا يُوصِلُ يَدَيْهِ) فِي الرُّكُوعِ (رُكْبَتَيْهِ حِفْظًا لِهَيْئَةِ الرُّكُوعِ بَلْ يُرْسِلُهُمَا) إنْ لَمْ تَسْلَمَا مَعًا (أَوْ) يُرْسِلُ (وَاحِدَةً إنْ سَلِمَتْ الْأُخْرَى وَيَحْصُلُ الذِّكْرُ) فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ (بِتَسْبِيحَةٍ) وَاحِدَةٍ. [الرُّكْنُ السَّابِعُ وَالثَّامِنُ الِاعْتِدَالُ وَطُمَأْنِينَتُهُ] ُ) لِخَبَرِ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ» (وَلَيْسَ) الِاعْتِدَالُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ (بَلْ لِلْعَوْدِ إلَى مَا كَانَ) عَلَيْهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَإِنْ صَلَّى غَيْرَ قَائِمٍ وَلِهَذَا عُدَّ رُكْنًا قَصِيرًا (فَلَا يُطِيلُهُ) ، فَإِنْ أَطَالَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا يَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ مَعَ زِيَادَةٍ (وَيَطْمَئِنُّ) فِيهِ (كَمَا سَبَقَ) فِي الرُّكُوعِ بِأَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ رُكُوعِهِ بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ ارْتِفَاعُهُ عَنْ عَوْدِهِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ. (وَلَوْ رَكَعَ) عَنْ قِيَامٍ (فَسَقَطَ) عَنْ رُكُوعِهِ (قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ) فِيهِ (عَادَ)   [حاشية الرملي الكبير] لَوْ قَرَأَ السَّجْدَةَ وَوَقَعَ لَهُ أَنْ لَا يَسْجُدَ وَيَرْكَعَ فَلَمَّا هَوَى عَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ مَا يَشْهَدُ لَهُ فَقَالَ لَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ سَهْوًا وَكَانَ قَدْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى نِيَّةِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَتْ السُّنَّةُ مَقَامَ الْوَاجِبِ فَلَأَنْ يَقُومَ الْوَاجِبُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْلَى ر (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي إلَخْ) لَا وَجْهَ لَهُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ فَاَلَّذِي يَأْتِي حِينَئِذٍ عَدَمُ عَوْدِهِ لِلْقِيَامِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ (قَوْلُهُ وَيَقْتَصِرُ الْإِمَامُ عَلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ) لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي رُكُوعِهِ وَقَالَ فِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى» ، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ «لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ وَلَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] قَالَ اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَالْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الْأَعْلَى بِالسُّجُودِ أَنَّ الْأَعْلَى أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ بِخِلَافِ الْعَظِيمِ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى رُجْحَانِ مَعْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالسُّجُودُ فِي غَايَةِ التَّوَاضُعِ فَجُعِلَ الْأَبْلَغُ مَعَ الْأَبْلَغِ، وَالْمُطْلَقُ مَعَ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ وَهُوَ «اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت» إلَخْ) إنَّمَا وَجَبَ الذِّكْرُ فِي قِيَامِ الصَّلَاةِ، وَالتَّشَهُّدِ، وَلَمْ يَجِبْ فِي الرُّكُوعِ وَلَا فِي السُّجُودِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ يَقَعَانِ لِلْعِبَادَةِ وَلِلْعَادَةِ فَاحْتِيجَ إلَى ذِكْرٍ يُخَلِّصُهُمَا لِلْعِبَادَةِ، وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ يَقَعَانِ خَالِصَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ هُمَا لَا يَقَعَانِ لِلْعَادَةِ فَلَمْ يَجِبْ الذِّكْرُ فِيهِمَا قَالَ شَيْخُنَا قَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ قَنَتَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 وُجُوبًا (إلَيْهِ وَاطْمَأَنَّ) ، ثُمَّ اعْتَدَلَ (، أَوْ) سَقَطَ عَنْهُ (بَعْدَهَا نَهَضَ مُعْتَدِلًا) ، ثُمَّ سَجَدَ. (وَإِنْ سَجَدَ وَشَكَّ هَلْ تَمَّ اعْتِدَالُهُ اعْتَدَلَ) وُجُوبًا (ثُمَّ يَسْجُدُ وَلَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ خَوْفًا مِنْ حَيَّةٍ) مَثَلًا (لَمْ يُحْسَبْ) رَفْعُهُ (اعْتِدَالًا) لِوُجُودِ الصَّارِفِ، فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِرَفْعِهِ شَيْئًا آخَرَ. (وَيُسْتَحَبُّ) لَهُ (أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ كَمَا سَبَقَ) فِي تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ (حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ) مِنْ الرُّكُوعِ بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ رَفْعِهِمَا مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِهِ (قَائِلًا) فِي ارْتِفَاعِهِ لِلِاعْتِدَالِ (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا خَبَرُ «إذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ» فَمَعْنَاهُ قُولُوا ذَلِكَ مَعَ مَا عَلِمْتُمُوهُ مِنْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِعِلْمِهِمْ بِقَوْلِهِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» مَعَ قَاعِدَةِ التَّأَسِّي بِهِ مُطْلَقًا. وَإِنَّمَا خَصَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَسْمَعُونَهُ غَالِبًا وَيَسْمَعُونَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ (وَ) أَنْ (يَجْهَرَ بِهَا) أَيْ بِكَلِمَةِ التَّسْمِيعِ (الْإِمَامُ، وَالْمُبَلِّغُ) إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِلْإِعْلَامِ بِانْتِقَالِ الْإِمَامِ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْمُبَلِّغِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (فَإِنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَإِذَا (اسْتَوَى) الْمُصَلِّي (قَائِمًا أَرْسَلَهُمَا) أَيْ يَدَيْهِ (وَقَالَ كُلٌّ) مِنْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَالْمُنْفَرِدِ (سِرًّا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ، أَوْ) رَبَّنَا (وَلَك الْحَمْدُ أَوْ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك) ، أَوْ وَلَك (الْحَمْدُ أَوْ لَك الْحَمْدُ رَبَّنَا) ، أَوْ الْحَمْدُ لِرَبِّنَا. (وَالْأَوَّلُ أَوْلَى) لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْأُمِّ الثَّانِي أَحَبُّ إلَيَّ وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ يَجْمَعُ مَعْنَيَيْنِ الدُّعَاءَ وَالِاعْتِرَافَ أَيْ رَبَّنَا اسْتَجِبْ لَنَا وَلَك الْحَمْدُ عَلَى هِدَايَتِك إيَّانَا (إلَى قَوْلِهِ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) فَيَقُولُ بَعْدَ مَا ذُكِرَ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ (وَغَيْرُ الْإِمَامِ يَزِيدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ، وَالْمَجْدِ إلَى آخِرِهِ) فَيَقُولُ بَعْدَمَا ذُكِرَ أُحِقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ (وَكَذَا الْإِمَامُ) يَزِيدُ ذَلِكَ (إنْ رَضُوا) أَيْ الْمَأْمُومُونَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِهِ (كُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ إذَا لَمْ يَرْضَوْا اقْتَصَرَ عَلَى رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وَفِي التَّحْقِيقِ مِثْلُ مَا فِي الْأَصْلِ وَزَادَ عَلَيْهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ عَقِبَ لَك الْحَمْدُ وَهُوَ غَرِيبٌ (وَلَوْ قَالَ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ سَمِعَ لَهُ) أَوْ حَمِدَ اللَّهُ مَنْ سَمِعَهُ (أَجْزَأَهُ) فِي تَأْدِيَةِ أَصْلِ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى بِخِلَافِ أَكْبَرُ اللَّهُ، لَكِنْ مَا مَرَّ أَوْلَى كَمَا لَوَّحَ لَهُ بِقَوْلِهِ أَجْزَأَهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِهِ. (وَلَوْ عَجَزَ الرَّاكِعُ عَنْ الِاعْتِدَالِ سَجَدَ مِنْ رُكُوعِهِ) وَسَقَطَ الِاعْتِدَالُ لِتَعَذُّرِهِ (فَلَوْ زَالَ الْعُذْرُ قَبْلَ وَضْعِ جَبْهَتِهِ) عَلَى مَسْجِدِهِ (رَجَعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الِاعْتِدَالِ (أَوْ) زَالَ (بَعْدَهُ فَلَا) يَرْجِعُ إلَيْهِ بَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ (فَإِنْ عَادَ) إلَيْهِ (جَاهِلًا) بِالتَّحْرِيمِ وَلَوْ عَامِدًا (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُصَلِّي (تَرْكُ الِاعْتِدَالِ مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ فِي نَافِلَةٍ) هَذَا أَخَذَهُ مِنْ ظَاهِرِ مَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّ فِي صِحَّتِهَا بِتَرْكِ ذَلِكَ وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى صَلَاتِهَا مُضْطَجِعًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ لَكِنْ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَدَمُ صِحَّتِهَا. (فَصْلٌ الْقُنُوتُ مُسْتَحَبٌّ بَعْدَ) التَّحْمِيدِ فِي (اعْتِدَالِ ثَانِيَةِ الصُّبْحِ وَأَخِيرَةِ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ) لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الثَّانِيَةِ «وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي إلَى آخِرِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ «عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ لِيَقْنُتَ بِهَا فِي الصُّبْحِ، وَالْوِتْرِ قَالَ» ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ» أَيْضًا، لَكِنْ رُوَاةُ الْقُنُوتِ بَعْدَهُ أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ فَهُوَ أَوْلَى وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُمْ وَأَكْثَرِهَا (وَكَذَا سَائِرُ الْفَرَائِضِ) أَيْ الْمَكْتُوبَاتِ يُسْتَحَبُّ الْقُنُوتُ بَعْدَ التَّحْمِيدِ فِي اعْتِدَالِ الْأَخِيرَةِ مِنْهَا (عِنْدَ النَّازِلَةِ) لَوْ نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ خَوْفٍ، أَوْ قَحْطٍ، أَوْ وَبَاءٍ، أَوْ جَرَادٍ، أَوْ نَحْوِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» بِخِلَافِ النَّفْلِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَالَ كُلٌّ سِرًّا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ ادَّعَى ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ فِي جَمْعِ الْمَأْمُومِ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا لَك الْحَمْدُ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ قَالَ بِقَوْلِهِ عَطَاءٌ وَابْنُ سِيرِينَ وَإِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمْ. اهـ. قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ مِنْهُمْ أَبُو بُرْدَةَ وَدَاوُد (قَوْلُهُ: إلَى قَوْلِهِ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) عِبَارَةُ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ وَفَرَغَ مِنْ قَوْلِهِ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ إلَخْ وَالشَّاشِيُّ فِي الْعَمْدِ بِتَمَامِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ إذَا لَمْ يَرْضَوْا إلَخْ) أَغْرَبَ فِيهِ، وَقَدْ تَتَبَّعْت هَذَا النَّقْلَ سِنِينَ فَلَمْ أَرَهُ إلَّا فِي النِّهَايَةِ احْتِمَالًا لِنَفْسِهِ، وَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ احْتِمَالًا لِلْإِمَامِ وَكَانَ الشَّيْخُ رَآهُ فِي كَلَامِ بَعْضِ أَتْبَاعِ الْإِمَامِ مَجْزُومًا بِهِ فَنَقَلَهُ، وَالْمَعْرُوفُ خِلَافُهُ ت بَقِيَ لَوْ قَنَتَ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ عَلَى الْمُخْتَارِ وَعِبَارَةُ الطِّرَازِ لَا فِي الِاعْتِدَالِ يَقْنُت فِيهِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَرِيبٌ) ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ ح (قَوْلُهُ، أَوْ حَمِدَ اللَّهُ مَنْ سَمِعَهُ) ذَكَرَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَرْكُ اعْتِدَالٍ مِنْ رُكُوعٍ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَيْسَ لَهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَدَمُ صِحَّتِهَا) هُوَ الْمَذْهَبُ. [فَصْلٌ الْقُنُوتُ بَعْدَ التَّحْمِيدِ فِي ثَانِيَةِ الصُّبْح وَأَخِيرَةِ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: الْقُنُوتُ مُسْتَحَبٌّ بَعْدَ التَّحْمِيدِ) قَالَ فِي الْإِقْلِيدِ الذِّكْرُ الْوَارِدُ فِي الِاعْتِدَالِ لَا يُقَالُ مَعَ الْقُنُوتِ لِأَنَّهُ يَطُولُ وَهُوَ رُكْنٌ قَصِيرٌ. وَعَمِلَ الْأَئِمَّةُ بِخِلَافِهِ لِجَهْلِهِمْ بِفِقْهِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْجَمْعَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُبْطِلًا فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ مَكْرُوهًا. اهـ. وَالصَّوَابُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَفِي الْعَمْدِ نَحْوُهُ د (قَوْلُهُ: فِي اعْتِدَالِ ثَانِيَةٍ لِصُبْحٍ) خَالَفَتْ الصُّبْحُ غَيْرَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِشَرَفِهَا وَلِأَنَّهُ يُؤَذَّنُ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَبِالتَّثْوِيبِ وَهِيَ أَخْصَرُ الْفَرَائِضِ فَكَانَتْ بِالزِّيَادَةِ أَلْيَقَ (قَوْلُهُ: وَأَخِيرَةُ الْوِتْرِ إلَخْ) أَدَاءٌ وَقَضَاءٌ (قَوْلُهُ: أَوْ وَبَاءٌ) التَّعْبِيرُ بِالْوَبَاءِ يَقْتَضِي إلْحَاقَ الطَّاعُونِ بِهِ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ بِالْقُنُوتِ لِلطَّاعُونِ وَمِنْ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ مَنْ أَجَابَ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَقْنُتُوا لَهُ وَيُحْتَمَلُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 وَالْمَنْذُورِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَلَا يُسَنُّ فِيهَا الْقُنُوتُ فَفِي الْأُمِّ وَلَا قُنُوتَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ، فَإِنْ قَنَتَ لِنَازِلَةٍ لَمْ أَكْرَهْهُ وَإِلَّا كَرِهْته قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ فِي النَّفْلِ وَفِي كَرَاهَتِهِ التَّفْصِيلُ انْتَهَى وَيُقَاسُ بِالنَّفْلِ فِي ذَلِكَ الْمَنْذُورُ. وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ مُطْلَقًا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ (وَهُوَ) أَيْ الْقُنُوتُ (اللَّهُمَّ اهْدِنِي إلَى آخِرِهِ) أَيْ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْت وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْت وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْت وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْت فَإِنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت تَبَارَكَتْ رَبَّنَا وَتَعَالَيْت قَالَ الرَّافِعِيُّ وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت قَبْلَ تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت وَبَعْدَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا لَا بَأْسَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَآخَرُونَ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي تَحْقِيقِهِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ (وَيُسَنُّ بَعْدَهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَجُزِمَ فِي الْأَذْكَارِ بِسَنِّ السَّلَامِ وَبِسَنِّ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْفِرْكَاحِ فَقَالَ لَا أَصْلَ لِزِيَادَةِ وَسَلِّمْ وَلَا لِمَا اُعْتِيدَ مِنْ ذِكْرِ الْآلِ، وَالْأَصْحَابِ وَالْأَزْوَاجِ وَاسْتَشْهَدَ الْإِسْنَوِيُّ لِسَنِّ السَّلَامِ بِالْآيَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ لِسَنِّ الْآلِ بِخَبَرِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك (وَيَقُولُ الْإِمَامُ اهْدِنَا) وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (بِلَفْظِ الْجَمْعِ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَاهُ فِي إحْدَى رِوَايَتَيْهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَحُمِلَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَّلَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ تَخْصِيصُ نَفْسِهِ بِالدُّعَاءِ لِخَبَرِ «لَا يَؤُمُّ عَبْدٌ قَوْمًا فَيَخُصَّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ» ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ كَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ يَقُولُ اللَّهُمَّ نَقِّنِي اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي» الدُّعَاءَ الْمَعْرُوفَ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَتُكْرَهُ إطَالَةُ الْقُنُوتِ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِيهِ وَفِي تَحْقِيقِهِ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ أَنَّ إطَالَةَ الِاعْتِدَالِ لَا تَضُرُّ أَمَّا عَلَى الْمَنْقُولِ مِنْ أَنَّ الِاعْتِدَالَ قَصِيرٌ فَقَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ عَمْدًا مُبْطِلٌ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ وَيُجَابُ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ مَحَلِّ الْقُنُوتِ مِمَّا لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَطْوِيلِهِ إذْ الْبَغَوِيّ نَفْسُهُ الْقَائِلُ بِكَرَاهَةِ الْإِطَالَةِ قَائِلٌ بِأَنَّ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ يُبْطِلُ عَمْدُهُ (وَلَا تَتَعَيَّنُ كَلِمَاتُهُ) بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ، أَوْ مِنْ جِنْسِهِ (فَلَوْ قَنَتَ بِقُنُوتِ عُمَرَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْآتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ (فَحَسُنَ) ، لَكِنْ الْأَوَّلُ أَحْسَنُ (وَيُؤَخِّرُهُ) عَنْ الْأَوَّلِ (لَوْ جَمَعَهُمَا) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ بِالنِّسْبَةِ لِقُنُوتِ الْوِتْرِ وَجَمْعُهُمَا لِلْمُنْفَرِدِ وَلِلْإِمَامِ بِرِضَا الْمَحْصُورِينَ مُسْتَحَبٌّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَتُحْمَلُ كَرَاهَةُ إطَالَةِ الْقُنُوتِ عَلَى إطَالَتِهِ بِغَيْرِ قُنُوتِ عُمَرَ (وَفِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ ذَوَاتِ الْقُنُوتِ حَتَّى السِّرِّيَّةِ (يَجْهَرُ بِهِ الْإِمَامُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلْيَكُنْ جَهْرُهُ بِهِ دُونَ جَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ (لَا الْمُنْفَرِدُ) فَلَا يَجْهَرُ بِهِ (وَيُؤَمِّنُ الْمَأْمُومُ) لِلدُّعَاءِ كَمَا «كَانَتْ الصَّحَابَةُ يُؤَمِّنُونَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فِي ذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، أَوْ صَحِيحٍ وَيَجْهَرُ بِهِ كَمَا فِي تَأْمِينِ الْقِرَاءَةِ (وَفِي الثَّنَاءِ يُشَارِكُ) الْإِمَامَ (سِرًّا، أَوْ يَسْتَمِعُ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ وَذِكْرٌ لَا يَلِيقُ بِهِ التَّأْمِينُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ   [حاشية الرملي الكبير] النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعَا بِصَرْفِ الطَّاعُونِ عَنْ الْمَدِينَةِ وَنَقْلِ وَبَائِهَا إلَى الْجُحْفَةِ» قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَعْبِيرُهُ بِالْمُسْلِمِينَ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ عُمُومِ النَّازِلَةِ وَأَنَّ الْخَاصَّةَ بِالْإِنْسَانِ كَالْأَسْرِ مَثَلًا لَا يُقْنَتُ لَهَا قُلْت، وَالظَّاهِرُ التَّعْمِيمُ حَتَّى يُسْتَحَبَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهِ مَا قَالُوهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالتَّهْذِيبِ لَوْ حَدَثَ لَهُ أَمْرٌ يَخَافُهُ كَانَ لَهُ الزِّيَادَةُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ وَكَانَ مُرَادُهُ إذَا حَدَثَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ وَإِذَا جَازَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقُنُوتِ لِذَلِكَ فَأَوْلَى جَوَازُ أَصْلِ الْقُنُوتِ ر وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْجَوَابُ إلَخْ قَالَ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَقَوْلُهُ قُلْت وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ اللَّهُمَّ اهْدِنِي إلَخْ كَانَ) كَانَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يَقُولُ فِي دُعَاءِ قُنُوتِ الصُّبْحِ اللَّهُمَّ لَا تَعُقْنَا عَنْ الْعِلْمِ بِعَائِقٍ وَلَا تَمْنَعْنَا مِنْهُ بِمَانِعٍ د (قَوْلُهُ وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ وَلَا يَعِزُّ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ فِي الْأَذْكَارِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَفِي الْحِلْيَةِ نَحْوُهُ (قَوْلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ ح (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ إلَخْ) قَدْ ثَبَتَ أَنَّ «دُعَاءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي التَّشَهُّدِ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ» وَلَمْ يَذْكُرْ الْجُمْهُورُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْإِمَامِ إلَّا فِي الْقُنُوتِ فَلْيَكُنْ الصَّحِيحُ اخْتِصَاصَ التَّفْرِقَةِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ إنَّ أَدْعِيَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّهَا بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ. اهـ فَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْعُوَ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ كَمَا يُسْتَحَبُّ فِي الْقُنُوتِ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وُجِّهَ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَتَعَيَّنُ كَلِمَاتُهُ) يُشْتَرَطُ فِي بَدَلِ الْقُنُوتِ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً وَثَنَاءً كَمَا قَالَهُ الْبُرْهَانُ الْبَيْجُورِيُّ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَنَتَ بِقُنُوتِ عُمَرَ إلَخْ) كَأَنْ يَقْنُتَ بِهِ فِي الصُّبْحِ (قَوْلُهُ: فَتُحْمَلُ كَرَاهَةُ إطَالَةِ الْقُنُوتِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: بَلْ لَوْ أَطَالَ مَحَلَّهُ وَلَوْ بِسُكُوتٍ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كُرِهَ وَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ أَخِيرَةُ الْمَكْتُوبَةِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ مَحَلَّ الْقُنُوتِ لِنَحْوِ نَازِلَةٍ لَمْ تَقَعْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلْيَكُنْ جَهْرُهُ بِهِ دُونَ جَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ) فَيَجُوزُ تَنْزِيلُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْجَهْرَ بِهِ وَبِالْقِرَاءَةِ يَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْجَمْعِ وَكَثْرَتِهِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ ن (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّنَاءِ يُشَارِكُ إلَخْ) إذَا قُلْنَا إنَّ الثَّنَاءَ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْمَأْمُومُ فَفِي جَهْرِ الْإِمَامِ بِهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُسِرُّ كَمَا فِي غَيْرِهِ مِمَّا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ الْجَهْرُ كَمَا إذَا سَأَلَ الرَّحْمَةَ، أَوْ اسْتَعَاذَ مِنْ النَّارِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ وَيُوَافِقُهُ فِيهِ الْمَأْمُومُ وَلَا يُؤَمِّنُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْجَهْرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ إذَا قَنَتَ الْإِمَامُ وَانْتَهَى إلَى قَوْلِهِ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك فَقَالَ الْمَأْمُومُ صَدَقْت وَيَرَوْنَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 وَغَيْرِهِ. وَالْمُشَارَكَةُ أَوْلَى، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُعَاءٌ فَيُؤَمِّنُ لَهَا صَرَّحَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ (فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ) قُنُوتَ إمَامِهِ (قَنَتَ) مَعَهُ سِرًّا كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ الَّتِي لَا يَسْمَعُهَا (وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِيهِ) وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِيهِ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَيَجْعَلُ ظَهْرَهُمَا لِلسَّمَاءِ إنْ دَعَا لِرَفْعِ بَلَاءٍ وَعَكْسَهُ إنْ دَعَا لِتَحْصِيلِ شَيْءٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِسْقَاءِ (دُونَ مَسْحِ الْوَجْهِ) بِالْيَدَيْنِ (بَعْدَهُ) فَلَا يُسْتَحَبُّ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَرُوِيَ فِيهِ خَبَرٌ ضَعِيفٌ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَبِاسْتِحْبَابِهِ خَارِجَهَا جُزِمَ فِي التَّحْقِيقِ وَأَمَّا مَسْحُ غَيْرِ الْوَجْهِ كَالصَّدْرِ فَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَا يُسْتَحَبُّ قَطْعًا بَلْ نَصَّ جَمَاعَةٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ (وَيُجْزِئُهُ) لِلْقُنُوتِ (آيَةٌ فِيهَا مَعْنَى الدُّعَاءِ) كَآخِرِ الْبَقَرَةِ (إنْ قَصَدَهُ بِهَا) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَعْنَى الدُّعَاءِ كَآيَةِ الدَّيْنِ، وَ {تَبَّتْ} [المسد: 1] أَوْ فِيهَا مَعْنَاهُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْقُنُوتَ لَمْ تُجْزِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ مَكْرُوهَةٌ. (وَلَوْ قَنَتَ شَافِعِيٌّ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَمْ يُجْزِهِ) لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (وَيُعِيدُهُ) بَعْدَهُ (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) قَالَ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْقُنُوتَ عَمَلٌ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ فَإِذَا عَمِلَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ أُوجِبَ سُجُودُ السَّهْوِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ بِنِيَّةِ الْقُنُوتِ وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدْ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَخَرَجَ بِالشَّافِعِيِّ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَرَى الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ كَالْمَالِكِيِّ فَيُجْزِئُهُ عِنْدَهُ. الرُّكْنُ (التَّاسِعُ، وَالْعَاشِرُ السُّجُودُ) مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ (وَطُمَأْنِينَتُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] وَلِخَبَرِ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ» (وَأَقَلُّهُ وَضْعُ شَيْءٍ مَكْشُوفٍ مِنْ الْجَبْهَةِ) لِخَبَرِ «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك وَلَا تَنْقُرُ نَقْرًا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَلِخَبَرِ «خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا» أَيْ لَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا وَلَا يَضُرُّ نَسْخُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ. وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ كَشْفُ الْجَبْهَةِ لَأَرْشَدَهُمْ إلَى سَتْرِهَا وَاعْتُبِرَ كَشْفُهَا دُونَ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ لِسُهُولَتِهِ فِيهَا دُونَ الْبَقِيَّةِ وَلِحُصُولِ مَقْصُودِ السُّجُودِ وَهُوَ غَايَةُ التَّوَاضُعِ بِكَشْفِهَا (لَا) وَضْعُ (الْجَبِينِ) ، وَالْأَنْفِ فَلَا يَكْفِي وَلَا يَجِبُ لِمَا سَيَأْتِي وَاكْتُفِيَ بِبَعْضِ الْجَبْهَةِ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِصِدْقِ اسْمِ السُّجُودِ عَلَيْهَا بِذَلِكَ فَيَضَعُهُ (عَلَى الْمَوْضِعِ) الْمَسْجُودِ عَلَيْهِ (بِتَحَامُلٍ) عَلَيْهِ بِثِقَلِ رَأْسِهِ وَعُنُقِهِ بِحَيْثُ لَوْ سَجَدَ عَلَى قُطْنٍ، أَوْ نَحْوِهِ لَانْدَكَّ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَمْرِ بِتَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَاكْتَفَى الْإِمَامُ بِإِرْخَاءِ رَأْسِهِ قَالَ بَلْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى هَيْئَةِ التَّوَاضُعِ مِنْ تَكَلُّفِ التَّحَامُلِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَوْضِعِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَرْضِ (وَتَنْكِيسٍ بِارْتِفَاعِ أَسَافِلِهِ) أَيْ عَجِيزَتِهِ وَمَا حَوْلَهَا (عَلَى أَعَالِيهِ حَتَّى يَطْمَئِنَّ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَلَا يَكْتَفِي بِرَفْعِ أَعَالِيهِ عَلَى أَسَافِلِهِ وَلَا بِتَسَاوِيهِمَا لِعَدَمِ اسْمِ السُّجُودِ كَمَا لَوْ أَكَبَّ وَمَدَّ رِجْلَيْهِ. (فَلَوْ أَمْكَنَ الْعَاجِزَ) عَنْ وَضْعِ جَبْهَتِهِ عَلَى الْمَوْضِعِ (السُّجُودُ عَلَى وِسَادَةٍ بِلَا تَنْكِيسٍ لَمْ يَلْزَمْهُ) السُّجُودُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِفَوَاتِ هَيْئَةِ السُّجُودِ بَلْ يَكْفِيهِ الِانْحِنَاءُ الْمُمْكِنُ وَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الِانْتِصَابُ إلَّا بِاعْتِمَادِهِ عَلَى شَيْءٍ لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ إذَا اعْتَمَدَ عَلَى شَيْءٍ أَتَى بِهَيْئَةِ الْقِيَامِ وَهُنَا إذَا وَضَعَ الْوِسَادَةَ لَا يَأْتِي بِهَيْئَةِ السُّجُودِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْوَضْعِ (أَوْ بِتَنْكِيسٍ لَزِمَهُ) ذَلِكَ قَطْعًا لِحُصُولِ هَيْئَةِ السُّجُودِ بِذَلِكَ (وَيَجِبُ) خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ (وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ وَمِنْ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ) سَوَاءٌ الْأَصَابِعُ، وَالرَّاحَةُ (وَ) مِنْ بَاطِنِ (أَصَابِعِ الْقَدَمَيْنِ) عَلَى مُصَلَّاهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ» وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْإِيمَاءُ بِهَا عِنْدَ الْعَجْزِ وَتَقْرِيبُهَا مِنْ الْأَرْضِ كَالْجَبْهَةِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ السُّجُودِ وَغَايَةَ الْخُضُوعِ بِالْجَبْهَةِ دُونَهَا وَاكْتُفِيَ بِوَضْعِ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا لِمَا مَرَّ فِي الْجَبْهَةِ (وَلَوْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُعَاءٌ فَيُؤَمِّنُ لَهَا) قَالَ الْغَزِّيِّ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُشَارِكُهُ وَإِنْ قِيلَ هُوَ دُعَاءٌ لِحَدِيثِ رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ قُنُوتَ إمَامِهِ) ، أَوْ سَمِعَ صَوْتًا لَا يَفْهَمُهُ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ) وَالْمُعَافَى الْمَوْصِلِيُّ. [الرُّكْنُ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ السُّجُودُ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَطُمَأْنِينَتُهُ] (قَوْلُهُ: مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) عَدَّ الشَّيْخَانِ السَّجْدَتَيْنِ رُكْنًا وَهُوَ وَجْهٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الثَّانِيَةَ رُكْنٌ مُسْتَقِلٌّ وَالْخِلَافَ فِي الْعِبَارَةِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا لَوْ سَبَقَ الْمَأْمُومُ بِهِمَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمَسْجُودِ عَلَيْهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ لَوْ أُعِينَ لَأَمْكَنَهُ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَنَحْوِهَا هَلْ يَجِيءُ مَا سَبَقَ فِي إعَانَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا، وَالظَّاهِرُ مَجِيئُهُ (قَوْلُهُ يَتَحَامَلُ عَلَيْهِ بِثِقْلِ رَأْسِهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ أَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ إذَا أَوْجَبْنَا وَضْعَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّحَامُلُ، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا بَعْدُ عَنْ الْأَئِمَّةِ فِي وَضْعِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ أَنَّ تَوْجِيهَهَا إلَى الْقِبْلَةِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّحَامُلِ عَلَيْهَا وَحَكَى عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَئِمَّةُ أَنْ يَضَعَ أَطْرَافَ الْأَصَابِعِ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَحَامُلٍ عَلَيْهَا انْتَهَى، وَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّحْقِيقِ بِنَدْبِ التَّحَامُلِ فِي الْكَفَّيْنِ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِنَدْبِهِ فِي الْقَدَمَيْنِ وَقَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَلَا يَجِبُ التَّحَامُلُ فِي رُكْبَتَيْهِ وَبَطْنِ كَفَّيْهِ وَقَدَمَيْهِ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ إنَّهُ لَا يَجِبُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ إلَخْ) فَلَا يَكْفِي وَضْعُ إحْدَى الْيَدَيْنِ، أَوْ إحْدَى الرُّكْبَتَيْنِ، أَوْ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ وَزَعَمَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ أَنَّ فِي الْبَحْرِ، وَالذَّخَائِرِ أَنَّهُ يَكْفِي وَضْعُ شَيْءٍ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ مِنْهُ وَلَمْ أَرَهُ فِي الذَّخَائِرِ ت (قَوْلُهُ: عَلَى مُصَلَّاهُ) بِحَيْثُ تَكُونُ رُءُوسُهَا إلَى الْقِبْلَةِ مَعَ نَدْبِ التَّحَامُلِ عَلَيْهَا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَاكْتُفِيَ بِوَضْعِ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا كَمَا فِي الْجَبْهَةِ) إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ وَضْعِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَلَا بُدَّ مِنْ الطُّمَأْنِينَةِ بِهَا كَالْجَبْهَةِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَضَعَهَا حَالَةَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ حَتَّى لَوْ وَضَعَهَا، ثُمَّ رَفَعَهَا، ثُمَّ وَضَعَ الْجَبْهَةَ، أَوْ عَكَسَ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّهَا أَعْضَاءٌ تَابِعَةٌ لِلْجَبْهَةِ وَإِذَا رَفَعَ الْجَبْهَةَ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 مَسْتُورًا) فَلَا يَجِبُ كَشْفُهُ بَلْ يُكْرَهُ كَشْفُ الرُّكْبَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَقِيلَ يَجِبُ كَشْفُ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ أَخْذًا بِظَاهِرِ خَبَرِ خَبَّابُ السَّابِقِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهِ فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ فِي مَجْمُوعِ الْجَبْهَةِ، وَالْكَفَّيْنِ وَأُيِّدَ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى فِي مَسْجِدِ بَنِي الْأَشْهَلِ وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ مُلَفَّعٌ بِهِ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهِ يَقِيهِ الْحَصَى» ، ثُمَّ مَحَلُّ وُجُوبِ الْوَضْعِ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْهَا وَإِلَّا فَيَسْقُطُ الْفَرْضُ فَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الزَّنْدِ لَمْ يَجِبْ وَضْعُهُ لِفَوْتِ مَحَلِّ الْفَرْضِ. (وَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَى مُتَحَرِّكٍ مِنْ مَلْبُوسِهِ) بِحَرَكَتِهِ (لِقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ) لِظَاهِرِ خَبَرِ خَبَّابُ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ فَلَوْ سَجَدَ عَلَيْهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيكِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَتَجِبُ إعَادَةُ السُّجُودِ وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى ثَوْبٍ مُنْفَصِلٍ، أَوْ عَلَى مُتَّصِلٍ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ كَطَرْفِ كُمِّهِ الطَّوِيلِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ وَمِنْ هُنَا عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ عَلَى مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ وَكَانَ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ كَعُودٍ بِيَدِهِ كَفَى كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَلْبُوسِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَفَرَّقَ بَيْنَ صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِيمَا إذَا سَجَدَ عَلَى طَرْفِ مَلْبُوسِهِ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا فِيمَا إذَا كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا وَضْعُ جَبْهَتِهِ عَلَى قَرَارٍ لِلْأَمْرِ بِتَمْكِينِهَا كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ الْقَرَارُ بِالْحَرَكَةِ، وَالْمُعْتَبَرُ ثَمَّ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا يُنْسَبُ إلَيْهِ مُلَاقِيًا لَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] ، وَالطَّرْفُ الْمَذْكُورُ مِنْ ثِيَابِهِ وَمَنْسُوبٌ إلَيْهِ (وَإِذَا سَجَدَ عَلَى عِصَابَةِ جُرْحٍ) ، أَوْ نَحْوِهِ (بِجَبْهَتِهِ) بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (لِلضَّرُورَةِ) بِأَنْ شَقَّ عَلَيْهِ إزَالَتُهَا (لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ مَعَ الْإِيمَاءِ لِلْعُذْرِ فَهُنَا أَوْلَى، وَكَذَا لَوْ سَجَدَ عَلَى شَعْرٍ نَبَتَ عَلَى جَبْهَتِهِ؛ لِأَنَّ مَا نَبَتَ عَلَيْهَا مِثْلُ بَشَرَتِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ يُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُتَيَمِّمَ نَزْعُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ ثُمَّ قَالَ وَأَوْجَهُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ اسْتَوْعَبَ الْجَبْهَةَ كَفَى وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى الْخَالِي مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ. (وَيَجِبُ أَنْ لَا يَهْوِيَ لِغَيْرِ السُّجُودِ) بِأَنْ يَهْوِيَ لَهُ، أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ (فَلَوْ سَقَطَ) عَلَى جَبْهَتِهِ (مِنْ الِاعْتِدَالِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ) إلَيْهِ لِيَهْوِيَ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الْهُوِيِّ فِي السُّقُوطِ (لَا) إنْ سَقَطَ (مِنْ الْهُوِيِّ) فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ بَلْ يُحْسَبُ ذَلِكَ سُجُودًا (نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ الِاعْتِمَادَ) عَلَيْهَا (أَعَادَ السُّجُودَ) لِوُجُودِ الصَّارِفِ (وَلَوْ سَقَطَ مِنْ الْهُوِيٍّ لِجَنْبِهِ) أَيْ عَلَيْهِ (فَانْقَلَبَ بِنِيَّةِ السُّجُودِ، أَوْ بِلَا نِيَّةٍ) أَصْلًا (أَوْ بِنِيَّتِهِ وَ) نِيَّةِ (الِاسْتِقَامَةِ) وَسَجَدَ (أَجْزَأَهُ) ، وَالْأَخِيرَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهَا صَرَّحَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. وَكَلَامُ الْمُهَذَّبِ يَقْتَضِيهِ (لَا بِنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَطْ) فَلَا يُجْزِئُهُ السُّجُودُ لِوُجُودِ الصَّارِفِ (بَلْ يَجْلِسُ) وَلَا يَقُومُ، فَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] الْكَفَّيْنِ أَيْضًا وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ فَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ يَكْفِي السُّجُودُ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ يَكْفِي السُّجُودُ عَلَى بَعْضِ الْجَبْهَةِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ يَكْفِيهِ فِي الْوُضُوءِ مَسْحُ أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُهُمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ غَسْلَ بَعْضِ الْوَجْهِ لَا يَكْفِي بِخِلَافِ الرَّأْسِ، وَكَذَلِكَ لَوْ خُلِقَ لَهُ كَفَّانِ قَالَ شَيْخُنَا، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا سُئِلَ عَمَّنْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ وَأَرْبَعُ أَيْدٍ وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْجَبْهَتَيْنِ وَمَا بَعْدَهُمَا مُطْلَقًا، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ زَائِدًا، أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ عَرَفَ الزَّائِدَ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ وَإِلَّا كَفَى فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ سَبْعَةُ أَعْضَاءٍ مِنْهَا لِلْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجِبُ كَشْفُ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ إلَخْ) وَجْهُ عَدَمِ وُجُوبِهِ أَنَّهُ لَا يُكْشَفُ إلَّا لِحَاجَةٍ فَلَمْ يَجِبْ فِي حَالِ السُّجُودِ كَالْقَدَمِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَى مُتَحَرِّكٍ مِنْ مَلْبُوسِهِ إلَخْ) لَوْ قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَوَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ خِرْقَةً، أَوْ وَرَقًا مُسْتَوْعِبًا قَدْ سَجَدَ عَلَيْهَا، فَإِنْ عَلِمَ الْتِصَاقَهَا فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَتَيَقَّنَ عَدَمَهَا حَالَةَ الشُّرُوعِ، أَوْ بَعْدَهُ حَصَلَتْ لَهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ أَخْذًا بِأَنَّهَا الْتَصَقَتْ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ وَشَكَّ فِي أَنَّهَا الْتَصَقَتْ قَبْلَ الشُّرُوعِ، أَوْ بَعْدَهُ حَصَلَ لَهُ قِيَامٌ وَرُكُوعٌ بِاعْتِدَالِهِ فَعَلَيْهِ سَجْدَتَانِ وَثَلَاثُ رَكَعَاتٍ، وَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ السَّلَامِ وَقَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَةً وَيَطُولَ الْفَصْلُ بَنَى وَيَكُونُ كَمَا لَوْ وَجَدَ فِي التَّشَهُّدِ، وَإِنْ طَالَ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، ثُمَّ رَأَى لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ ز قَالَ شَيْخُنَا لَوْ صَلَّى قَاعِدًا وَسَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ لَا يَتَحَرَّك بِحَرَكَتِهِ إلَّا إذَا صَلَّى قَائِمًا هَلْ يُجْزِئُهُ السُّجُودُ عَلَيْهِ، أَوْ لَا فَأَجَابَ الْوَالِدُ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ سُجُودُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا وَتَجِبُ إعَادَةُ السُّجُودِ) قَالَ شَيْخُنَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سُجُودًا عُرْفًا، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا» فَاعْتُبِرَ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: كَعُودٍ بِيَدِهِ كَفَى) أَوْ مِنْدِيلٍ ر وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلْت عَمَّا لَوْ أَلْقَى عَلَى عَاتِقِهِ مِنْدِيلًا وَنَحْوَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ فَهَلْ هُوَ كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ، أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ لَا؛ لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ لَهُ بِخِلَافِ مَا فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ ع (قَوْلُهُ: لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ) حَيْثُ لَا نَجَاسَةَ تَحْتَ الْعِصَابَةِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا أَعَادَ د (قَوْلُهُ: فَقَالَ يُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا ذَكَرَهُ لَا وَجْهَ لَهُ وَتَعْلِيلُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى الْعُضْوِ لَيْسَ بَدَلًا بَلْ هُوَ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ حَتَّى يَكْفِيَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَسْحِ الْبَشَرَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى الْعَوْرَةِ عَوْرَةٌ حَتَّى يَجِبَ سَتْرُهُ وَيَحْرُمَ النَّظَرُ إلَيْهِ وَلَا يُعَدُّ سَاتِرًا لَوْ كُشِفَ وَغَطَّى بَشَرَةَ الْعَوْرَةِ بَلْ هُوَ نَفْسُهُ عَوْرَةٌ فَكَذَا لَا يُعَدُّ حَائِلًا فِي الْجَبْهَةِ وَيَكْفِي السُّجُودُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَنْ لَا يَهْوِيَ لِغَيْرِ السُّجُودِ) تَبِعَ فِي تَعْبِيرِهِ هَذَا الْمُحَرَّرَ، وَالْمِنْهَاجَ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ وَيَجِبُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهُوِيِّهِ غَيْرَ السُّجُودِ؛ لِأَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ، وَهُوَ السُّقُوطُ لَا يَخْرُجُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَقَطَ مِنْ الِاعْتِدَالِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ) أَيْ سَقَطَ قَبْلَ قَصْدِهِ الْهُوِيَّ إلَى السُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُهَذَّبِ يَقْتَضِيه) فَإِنَّهُ قَالَ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ لِلتَّبَرُّدِ وَنَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ ححا (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ حَالَةُ الِاشْتِبَاهِ وَفِي شَرْحِهِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. كَاتِبُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 قَامَ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا (ثُمَّ يَسْجُدُ، وَإِنْ نَوَى) مَعَ ذَلِكَ (صَرْفَهُ عَنْ السُّجُودِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ زَادَ فِعْلًا لَا يُزَادُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ عَامِدًا (وَإِلَّا كَمَّلَ) فِي السُّجُودِ (أَنْ يَضَعَ رُكْبَتَيْهِ) وَقَدَمَيْهِ (ثُمَّ يَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَصَحَّحَاهُ (، ثُمَّ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ) مَكْشُوفًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَلَوْ خَالَفَ التَّرْتِيبَ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَبْهَةِ كُرِهَ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَيَضَعُ الْجَبْهَةَ، وَالْأَنْفَ مَعًا كَمَا جُزِمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْأَصْلِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ هُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ يُقَدِّمُ أَيَّهمَا شَاءَ. وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ وَضْعُ الْأَنْفِ كَالْجَبْهَةِ مَعَ أَنَّ خَبَرَ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمُقْتَصِرَةِ عَلَى الْجَبْهَةِ قَالُوا وَتُحْمَلُ أَخْبَارُ الْأَنْفِ عَلَى النَّدْبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ ضَعْفٌ؛ لِأَنَّ رِوَايَاتِ الْأَنْفِ زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا (مُكَبِّرًا) أَيْ مُبْتَدِئًا بِالتَّكْبِيرِ (مِنْ) ابْتِدَاءِ (الْهُوِيِّ كَمَا سَبَقَ) فِي تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ بِأَنْ يَمُدَّهُ إلَى انْتِهَاءِ الْهُوِيِّ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْهُوِيِّ، أَوْ كَبَّرَ مُعْتَدِلًا، أَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ كُرِهَ كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَا يَرْفَعُ الْيَدَ) مَعَ التَّكْبِيرِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْهُوِيِّ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَ) أَنْ (يَقُولَ الْإِمَامُ) وَغَيْرُهُ فِي سُجُودِهِ (سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ بِغَيْرِ تَثْلِيثٍ مُسْلِمٌ وَبِهِ أَبُو دَاوُد وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ وَبِحَمْدِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الرُّكُوعِ (وَ) أَنْ (يَزِيدَ الْمُنْفَرِدُ، وَالْإِمَامُ) لِقَوْمٍ (إنْ رَضُوا) بِالتَّطْوِيلِ (اللَّهُمَّ لَك سَجَدْتُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَبْلَ تَبَارَكَ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ قَالَ فِيهَا وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ، وَالرُّوحِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَكَذَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجُلَّهُ وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِك وَأَعُوذُ بِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك (وَ) أَنْ (يُكْثِرَ) كُلٌّ مِنْ الْمُنْفَرِدِ، وَالْإِمَامِ بِرِضَا الْمَأْمُومِينَ (الدُّعَاءَ فِيهِ) وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا فِيهِ الدِّعَاءَ» . وَذِكْرُ هَذَا فِي الْإِمَامِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) أَنْ (يُفَرِّقَ) الْمُصَلِّي (بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ) وَفَخِذَيْهِ بِقَدْرِ شِبْرٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْقَدَمَيْنِ (وَ) أَنْ (يُجَافِيَ الرَّجُلُ بَطْنَهُ وَمِرْفَقَيْهِ عَنْ فَخِذَيْهِ وَجَنْبَيْهِ وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ، وَالْخُنْثَى) بَعْضَهُمَا إلَى بَعْضٍ لِمَا مَرَّ فِي الرُّكُوعِ وَذِكْرُ الْخُنْثَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمَجْمُوعِ وَفِيهِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَضُمُّ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَيْ الْمِرْفَقَيْنِ إلَى الْجَنْبَيْنِ (وَ) أَنْ (يَضَعَ كُلَّ يَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ (عَلَى الْأَرْضِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ (رَافِعًا ذِرَاعَيْهِ) عَنْ الْأَرْضِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ (وَيُكْرَه بَسْطُهُمَا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «وَلَا يَبْسُطُ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ» ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ طَوَّلَ الْمُنْفَرِدُ السُّجُودَ فَلَحِقَهُ مَشَقَّةٌ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى كَفَّيْهِ وَضَعَ سَاعِدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ (وَيُلْصِقُ أَصَابِعَهُ) أَيْ يَضُمُّهَا وَلَا يُفَرِّقُهَا (وَيَنْشُرُهَا قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ فِيهِ) أَيْ فِي السُّجُودِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الضَّمِّ وَالنَّشْرِ الْبُخَارِيُّ وَفِي الْبَاقِي الْبَيْهَقِيُّ (وَفِي الْجِلْسَاتِ) قِيَاسًا عَلَى السُّجُودِ (وَيُفَرِّجُهَا قَصْدًا) أَيْ وَسَطًا (فِي بَاقِي الصَّلَاةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ فِيهِ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ لَا يُفَرِّجُهَا حَالَةَ الْقِيَامِ، وَالِاعْتِدَالِ مِنْ الرُّكُوعِ فَيُسْتَثْنَيَانِ مِنْ ذَلِكَ (وَيُفَرِّقُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِشِبْرٍ وَيَنْصِبُهُمَا مُوَجِّهًا أَصَابِعَهُمَا إلَى الْقِبْلَةِ وَيُخْرِجُهُمَا عَنْ ذَيْلِهِ مَكْشُوفَيْنِ حَيْثُ لَا خُفَّ) وَيُحَصَّلُ تَوْجِيهُ أَصَابِعِهِمَا الْقِبْلَةَ بِأَنْ يَكُونَ (مُعْتَمِدًا عَلَى بُطُونِهَا) وَفِي نُسْخَةٍ بُطُونِهِمَا وَلَوْ ذَكَرَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ إلَى الْقِبْلَةِ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَرْفَعُ ظَهْرَهُ وَلَا يَحْدَوْدِبُ. (وَيُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي ضَمُّ شَعْرِهِ وَثِيَابِهِ) فِي سُجُودِهِ، أَوْ غَيْرِهِ (لِغَيْرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا) يُجَابُ بِمَنْعِ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ إذْ لَوْ وَجَبَ وَضْعُهُ لَكَانَتْ الْأَعْظُمُ ثَمَانِيَةً فَيُنَافِي تَفْصِيلُ الْعَدَدِ مُجْمَلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ سَبْعَةِ أَعْظُمٍ (قَوْلُهُ: سَجَدَ وَجْهِي إلَخْ) خَصَّ الْوَجْهَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَكْرَمُ جَوَارِحِ الْإِنْسَانِ وَفِيهِ بَهَاؤُهُ وَتَعْظِيمُهُ فَإِذَا خَضَعَ وَجْهُهُ لِشَيْءٍ فَقَدْ خَضَعَ لَهُ سَائِرُ جَوَارِحِهِ د وَلَوْ قَالَ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكْثِرَ كُلٌّ مِنْ الْمُنْفَرِدِ، وَالْإِمَامِ بِرِضَا الْمَأْمُومِينَ الدُّعَاءَ فِيهِ إلَخْ) ، وَكَذَا الْمَأْمُومُ إذَا أَطَالَ الْإِمَامُ سُجُودَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ تَخْصِيصَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ الدُّعَاءَ بِالسُّجُودِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي الرُّكُوعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي السُّجُودِ آكَدُ وَرَأَيْت فِي تَجْرِيدِ التَّجْرِيدِ بَعْدَ ذِكْرِ أَدْنَى الْكَمَالِ فِي تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَيَسْتَكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ لَا سِيَّمَا فِي السُّجُودِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» ت (قَوْلُهُ وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ، وَالْخُنْثَى) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ يُقَالُ لِمَ لَا إذَا كَانَتْ خَالِيَةً آمِنَةً مِنْ دُخُولِ أَحَدٍ عَلَيْهَا إنَّ الْأَفْضَلَ لَهَا التَّخْوِيَةُ كَالرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي التَّوَاضُعِ إلَّا أَنْ يَرِدَ تَوْقِيفٌ أَنَّهُ الْمَشْرُوعُ لَهَا، وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ تَشَبُّهٌ بِالرِّجَالِ ت، وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مَنْعَهَا مِنْ ذَلِكَ، لَكِنْ سَنَدُهُ ضَعِيفٌ ر قُلْت وَيَظْهَرُ أَنَّ الْأَفْضَلَ لِلْعُرَاةِ الضَّمُّ وَعَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الْقِيَامِ وَالسُّجُودِ، وَإِنْ كَانَ خَالِيًا ت (قَوْلُهُ: وَيُلْصِقُ أَصَابِعَهُ) ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَوْ فَرَّقَهَا عَدَلَ بِالْإِبْهَامِ عَنْ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ حَالَةِ التَّكْبِيرِ فَإِنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ بِبُطُونِهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي تَفْرِيقِهَا عُدُولٌ بِبُطُونِهَا عَنْ الْقِبْلَةِ ر (قَوْلُهُ: وَيُفَرِّجُهَا قَصْدًا فِي بَاقِي الصَّلَاةِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي حَالِ وَضْعِهِ يَدَيْهِ تَحْتَ صَدْرِهِ حَالَةَ الْقِيَامِ يُفَرِّجُ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ التَّفْرِيجَ الْمُقْتَصِدَ وَلَمْ أَرَ لِأَحَدٍ فِيهِ كَلَامًا، وَقَدْ يُقَالُ بِالضَّمِّ، أَوْ لَا يَتَكَلَّفُ ضَمَّا وَلَا غَيْرَهُ ت. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي ضَمُّ شَعْرِهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ جَازَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ اقْتَضَى تَعْلِيلُهُمْ خِلَافَهُ س الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 حَاجَةٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلَا أَكُفَّ ثَوْبًا وَلَا شَعْرًا» أَيْ لَا أَضُمُّهُمَا فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَعْقِصَ شَعْرَهُ، أَوْ يَرُدَّهُ تَحْتَ عِمَامَتِهِ أَوْ يُشَمِّرَ ثَوْبَهُ، أَوْ كُمَّهُ، أَوْ يَشُدَّ وَسَطَهُ أَوْ يَغْرِزَ عَذْبَتَهُ، وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْي عَنْهُ أَنْ يَسْجُدَ مَعَهُ سَوَاءٌ أَتَعَمَّدَهُ لِلصَّلَاةِ أَمْ كَانَ قَبْلَهَا لِمَعْنَى وَصَلَّى عَلَى حَالِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ فِي الشَّعْرِ بِالرَّجُلِ أَمَّا فِي الْمَرْأَةِ فَفِي الْأَمْرِ بِنَقْضِهَا الضَّفَائِرَ مَشَقَّةٌ وَتَغْيِيرٌ لِهَيْئَتِهَا الْمُنَافِيَةِ لِلتَّجْمِيلِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْإِحْيَاءِ وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِهَا. اهـ. . الرُّكْنُ (الْحَادِي عَشَرَ وَالثَّانِي عَشَرَ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ) وَلَوْ فِي نَفْلٍ لِخَبَرِ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ» (فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ) مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى (مُكَبِّرًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (لَا بِقَصْدِ غَيْرِهِ) أَيْ الْجُلُوسِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَيَجْلِسُ) فِيهِ (مُفْتَرِشًا) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ (وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ مُسْتَقْبِلًا بِأَصَابِعِهِ) الْقِبْلَةَ. وَالتَّصْرِيحُ بِاسْتِقْبَالِهَا الْقِبْلَةَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَضُرُّ انْعِطَافُ رُءُوسِهَا عَلَى الرُّكْبَةِ) قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ يَنْبَغِي تَرْكُهُ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِتَوْجِيهِهَا الْقِبْلَةَ (وَتَرْكُهُمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ (عَلَى الْأَرْضِ حَوَالَيْهِ كَإِرْسَالِهِمَا فِي الْقِيَامِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثُمَّ (وَيَقُولُ) فِيهِ (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْفَعْنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي لِلِاتِّبَاعِ رَوَى بَعْضَهُ أَبُو دَاوُد وَبَاقِيَهُ ابْنُ مَاجَهْ (ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى) فِي الْأَقَلِّ، وَالْأَكْمَلِ (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا) بِلَا رَفْعٍ لِعُمُومِ خَبَرِ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَيَجْلِسُ) قَبْلَ قِيَامِهِ (لَحْظَةً لِلِاسْتِرَاحَةِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَمَّا خَبَرُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ اسْتَوَى قَائِمًا» فَغَرِيبٌ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ فَلَوْ تَرَكَهَا الْإِمَامُ وَأَتَى بِهَا الْمَأْمُومُ وَلَمْ يَضُرَّ تَخَلُّفُهُ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَلَا تُسَنُّ بَعْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا وَلَا لِلْمُصَلِّي قَاعِدًا. قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِتَشَهُّدٍ جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا إذَا ثَبَتَتْ فِي الْأَوْتَارِ فَمَحَلُّ التَّشَهُّدِ أَوْلَى وَيُكْرَهُ تَطْوِيلُهَا عَلَى الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ذَكَرَهُ فِي التَّتِمَّةِ (مُفْتَرِشًا) فِيهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (ثُمَّ يَنْهَضُ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدَيْهِ) مَبْسُوطَتَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ خُشُوعًا وَتَوَاضُعًا وَأَعْوَنُ لِلْمُصَلِّي وَمَا رُوِيَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فَضَعِيفٌ (وَلَا يُقَدِّمُ نَاهِضًا إحْدَى رِجْلَيْهِ) عَلَى الْأُخْرَى (مُعْتَمِدًا عَلَيْهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيُكْرَه أَنْ يُقَدِّمَ إحْدَى رِجْلَيْهِ حَالَ الْقِيَامِ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهَا وَتَقَدَّمَتْ مَسْأَلَةُ كَرَاهَةِ تَقْدِيمِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى مَعَ زِيَادَةٍ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ. (وَجِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ لَيْسَتْ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا مِنْ الْأُولَى بَلْ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجُلُوسِهِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى رَكْعَةٍ. الرُّكْنُ (الثَّالِثَ عَشَرَ، وَالرَّابِعَ عَشَرَ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ وَالْجُلُوسُ لَهُ) أَمَّا التَّشَهُّدُ فَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهِ» . وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ فِي جُلُوسِ آخِرِ الصَّلَاةِ لِمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا الْجُلُوسُ لَهُ فَلِأَنَّهُ مَحَلُّهُ فَيَتْبَعُهُ وَيَجِبُ الْجُلُوسُ أَيْضًا لِلصَّلَاةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ فِي الشَّعْرِ بِالرَّجُلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الرُّكْنُ الْحَادِي عَشَرَ وَالثَّانِي عَشَرَ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ] (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إلَخْ) وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ رَبِّ هَبْ لِي قَلْبًا تَقِيًّا مِنْ الشِّرْكِ بَرِيًّا لَا كَافِرًا وَلَا شَقِيًّا د (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَهَا الْإِمَامُ فَأَتَى بِهَا الْمَأْمُومُ لَمْ يَضُرَّ إلَخْ) بَلْ إتْيَانُهُ بِهَا حِينَئِذٍ سُنَّةٌ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ، أَوْ لَا يَجُوزَ لِمَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَيَتَعَيَّنُ الْجَزْمُ بِالْمَنْعِ إذَا كَانَ بَطِيءَ النَّهْضَةِ، وَالْإِمَامُ سَرِيعَهَا سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ بِحَيْثُ يَفُوتُهُ بَعْضُ الْفَاتِحَةِ لَوْ تَأَخَّرَ لَهَا ت (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَطْوِيلُهَا عَلَى الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إلَخْ) فَلَوْ طَوَّلَهَا عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ كَمَا أَوْضَحْته فِي الْفَتَاوَى فَقُلْت الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ قُعُودُهُ فِيهَا بِقَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا فِي الْبَحْرِ، وَالرَّوْنَقِ أَنَّهَا بِقَدْرِ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. اهـ. إذْ لَوْ اقْتَضَى تَطْوِيلُهَا بُطْلَانَ الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ إلَّا حَرَامًا وَلِقَوْلِهِمْ وَتَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ يُبْطِلُ عَمْدُهُ فِي الْأَصَحِّ فَإِنَّهُ مُخْرِجٌ لِتَطْوِيلِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَتَطْوِيلِ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَيْ فَلَا يُبْطِلُ عَمْدُهُمَا الصَّلَاةَ وَإِنَّمَا أَبْطَلَهَا تَعَمُّدُ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِمَوْضُوعِ جُزْئِهَا الْحَقِيقِيِّ الَّذِي تَنْتَفِي مَاهِيَّتُهَا بِانْتِفَائِهِ فَأَشْبَهَ نَقْصَ الْأَرْكَانِ الطَّوِيلَةِ بِنُقْصَانِ بَعْضِهَا؛ وَلِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ؛ وَلِأَنَّ. (قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى رَكْعَةٍ) كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي الْمَسْبُوقِ إذَا أَحْرَمَ، وَالْإِمَامُ فِيهَا فَيَجْلِسُ مَعَهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي لَهُ انْتِظَارُهُ إلَى الْقِيَامِ ذَكَرَهُ الْبَارِزِيُّ ع قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَخْلُو مِنْ نِزَاعٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَنْتَظِرُهُ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَنْ يَجْلِسَ مَعَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ تَظْهَرَ لَهُ فَائِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ مُفَارَقَةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ تَمْتَنِعُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهَا إنْ جَعَلْنَاهَا مِنْ الْأُولَى، وَإِنْ قُلْنَا مِنْ الثَّانِيَةِ، أَوْ فَاصِلَةٌ جَازَ لَهُمْ الْمُفَارَقَةُ ز. [الرُّكْنُ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ وَالْجُلُوسُ لَهُ] (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ فِي جُلُوسِ آخِرِ الصَّلَاةِ) لِمَا سَيَأْتِي؛ وَلِأَنَّ مَحَلَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ كَوْنُهُ عِبَادَةً عَنْ الْعَادَةِ فَوَجَبَ فِيهِ ذِكْرٌ لِيَتَمَيَّزَ كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْجُلُوسُ أَيْضًا) لِلصَّلَاةِ هَكَذَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ (وَهُوَ) أَيْ التَّشَهُّدُ (مَعْرُوفٌ) وَهُوَ «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ بِلَفْظِ» التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْك إلَى آخِرِهِ «إلَّا أَنَّهُ قَالَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» وَفِيهِ أَخْبَارٌ أُخَرُ بِنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ وَكُلُّهَا مُجْزِئَةٌ يَتَأَدَّى بِهَا الْكَمَالُ وَأَصَحُّهَا خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنْ الْأَفْضَلُ تَشَهُّدُ ابْنُ عَبَّاسٍ لِزِيَادَةِ لَفْظِ الْمُبَارَكَاتِ فِيهِ وَلِمُوَافَقَتِهِ قَوْله تَعَالَى {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61] وَلِتَأَخُّرِهِ عَنْ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ (وَالسُّنَنُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّشَهُّدِ (الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ وَأَشْهَدُ الثَّانِي) فَأَقَلُّهُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ التَّحِيَّاتِ مِنْ الْكَلِمَاتِ الثَّلَاثِ تَابِعٌ لَهَا وَلَا يَكْفِي، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرُهُ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَكْفِي، وَالْمَنْقُولُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي تَشَهُّدِهِ وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ» ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَذَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ الْمَنْقُولُ أَنَّ تَشَهُّدَهُ كَتَشَهُّدِنَا، وَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ (وَتَعْرِيفُ السَّلَامِ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ (فِيهِ) أَيْ فِي التَّشَهُّدِ (أَوْلَى) مِنْ تَنْكِيرِهِ لِكَثْرَتِهِ فِي الْأَخْبَارِ وَكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَلِزِيَادَتِهِ وَمُوَافَقَتِهِ سَلَامَ التَّحَلُّلِ (وَلَا تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ قَبْلَهُ) لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا. (وَأَمَّا) التَّشَهُّدُ (الْأَوَّلُ وَجُلُوسُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (فَسُنَّةٌ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَصَرَفَنَا عَنْ وُجُوبِهِمَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَلَمْ يَجْلِسْ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ، ثُمَّ سَلَّمَ» دَلَّ عَدَمُ تَدَارُكِهِمَا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِمَا. (وَكَيْفَ جَلَسَ) فِي جِلْسَاتِ الصَّلَاةِ (أَجْزَأَهُ) ، لَكِنْ (الْأَفْضَلُ أَنْ يَتَوَرَّكَ فِي) جُلُوسِهِ (الْأَخِيرِ لَا مَسْبُوقٌ حَالَ الْمُتَابَعَةِ) لِإِمَامِهِ (وَ) لَا (مَنْ يُرِيدُ سُجُودَ سَهْوٍ) فَلَا يَتَوَرَّكُ بَلْ يَفْتَرِشُ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ (وَيَفْتَرِشُ فِي سَائِرِ الْجِلْسَاتِ) الْوَاجِبَةِ، وَالْمَنْدُوبَةِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الِاتِّبَاعُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْحِكْمَةُ فِي الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْأَخِيرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا أَقْرَبُ لِعَدَمِ اشْتِبَاهِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَفِي تَخْصِيصِ الِافْتِرَاشِ بِغَيْرِ الْأَخِيرِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مُسْتَوْفِزٌ فِيهِ لِلْحَرَكَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَخِيرِ، وَالْحَرَكَةُ عَنْ الِافْتِرَاشِ أَهْوَنُ وَتَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ بِالْإِرَادَةِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ السُّجُودَ يَتَوَرَّكُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ عَدَمَهُ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا، فَالْأَوْجَهُ أَنْ يَفْتَرِشَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ مِنْ السُّجُودِ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهِ (وَالِافْتِرَاشُ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَيَنْصِبَ الْيُمْنَى وَيَضَعَ أَصَابِعَهَا عَلَى الْأَرْضِ مُوَجِّهًا لَهَا إلَى الْقِبْلَةِ، وَالتَّوَرُّكُ أَنْ يُخْرِجَ يُسْرَاهُ) وَهُوَ (بِهَيْئَةِ) أَيْ بَاقِي هَيْئَةِ (الِافْتِرَاشِ عَنْ يَمِينِهِ وَيُمَكِّنَ وَرِكَهُ مِنْ الْأَرْضِ) لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. (وَ) الْأَفْضَلُ فِي التَّشَهُّدَيْنِ أَنْ (يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ، وَالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّحِيَّاتُ إلَخْ) رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الْأَخْذِ بِالْيَدِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بَعْدَ قَوْلِهِ «وَرَسُولُهُ وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانِينَا فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْخِطَابَ الْآنَ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَقَدْ رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ فِي كِتَابِ تَذْكِرَةِ الْعَالِمِ لِأَبِي حَفْصٍ عُمَرَ وَلَدِ الْإِمَامِ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَهُوَ غَرِيبٌ د، لَكِنْ تَشَهُّدُ عُمَرَ وَتَعْلِيمُهُ إيَّاهُ لِلنَّاسِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِلَفْظِ الْخِطَابِ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ وَيَقْتَضِي أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَهُ كَذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَكُونُ مَسْأَلَةً خِلَافِيَّةً لِلصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ت قُلْت وَاَلَّذِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ وَهُوَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا سَلَامٌ» يَعْنِي عَلَى النَّبِيِّ هَذَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِيهِ، وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي عَنْهُ أَعْنِي قَوْلَهُ يَعْنِي، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَكَرْنَا السَّلَامَ كَمَا كُنَّا نَذْكُرُهُ فِي حَيَاتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَعْرَضْنَا بَعْدَ مَا قُبِضَ عَنْ كَافِ الْخِطَابِ وَاقْتَصَرْنَا عَلَى قَوْلِنَا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ لَمْ تَبْقَ فِيهِ دَلَالَةٌ، لَكِنْ يَشْهَدُ لِلثَّانِي مَا فِي مُسْنَدِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ، وَهَذَا أَصْرَحُ فِي الْمَقْصُودِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَقَلُّهُ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ بَلْ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى إيجَابِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ، فَإِنْ قِيلَ مَا الْحِكْمَةُ فِي إثْبَاتِهِ هُنَا وَإِسْقَاطِهِ مِنْ الْأَذَانِ قُلْنَا؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ يُطْلَبُ فِيهِ إفْرَادُ كُلِّ كَلِمَةٍ بِنَفَسٍ وَذَلِكَ يُنَاسِبُ تَرْكَ الْعَطْفِ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الْإِقَامَةِ قُلْنَا نَعَمْ وَلَكِنْ سُلِكَ بِهِ مَسْلَكُ الْأَصْلِ ح (قَوْلُهُ: فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ) التَّحْقِيقِ وَالتَّنْقِيحِ د (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَكْفِي) فَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ش وَكَتَبَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فِي تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِلَفْظِ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى، وَقَدْ حَكَوْا الْإِجْمَاعَ عَلَى إجْزَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَكْفِي، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ لَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمَا وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَأَمَّا أَقَلُّهُ فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ كَذَا إلَى قَوْلِهِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ هَكَذَا نَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالرُّويَانِيُّ. اهـ. ، وَالصَّوَابُ فِي نَقْلِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ إجْزَاءَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ إذْ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا اشْتَرَطَ لَفْظَةَ عَبْدُهُ (قَوْلُهُ: بَلْ الْمَنْقُولُ أَنَّ تَشَهُّدَهُ كَتَشَهُّدِنَا إلَخْ) يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ قَالَ كُلًّا مِنْهُمَا وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهَا أَقْرَبُ لِعَدَمِ اشْتِبَاهِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ) ؛ وَلِأَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا رَآهُ عَلِمَ فِي أَيْ التَّشَهُّدَيْنِ هُوَ (قَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ) وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْحَاجِّ إذَا طَافَ لِلْقُدُومِ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ السَّعْيَ بَعْدَهُ اضْطَبَعَ وَرَمَلَ وَإِلَّا فَلَا ج (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَفْتَرِشُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 وَيَبْسُطَ الْيُسْرَى كَمَا سَبَقَ) أَيْ مُسْتَقْبِلًا بِأَصَابِعِهَا الْقِبْلَةَ قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى بِحَيْثُ تُسَاوِي رُءُوسُهُمَا الرُّكْبَةَ (وَيَقْبِضَ أَصَابِعَ الْيُمْنَى) وَيَضَعُهَا عَلَى طَرَفِ رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى (إلَّا الْمُسَبِّحَةَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ فَيُرْسِلُهَا (وَيَقْبِضُ الْإِبْهَامَ بِجَنْبِهَا) بِأَنْ يَضَعَ الْإِبْهَامَ تَحْتَهَا عَلَى حَرْفِ رَاحَتِهِ (كَالْعَاقِدِ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَاعْتَرَضَ فِي الْمَجْمُوعِ ذَلِكَ بِأَنَّ شَرْطَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ أَنْ يَضَعَ الْخِنْصَرَ عَلَى الْبِنْصِرِ، وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا بَلْ مُرَادُهُمْ أَنْ يَضَعَهَا عَلَى الرَّاحَةِ كَالْبِنْصِرِ، وَالْوُسْطَى وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا تِسْعَةً وَخَمْسِينَ وَلَمْ يَنْطِقُوا بِهَا تَبَعًا لِلْخَبَرِ وَأَفَادَ ابْنُ الْفِرْكَاحِ وَغَيْرُهُ أَنَّ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الْحِسَابِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ لِتِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ هَيْئَةٌ أُخْرَى، أَوْ تَكُونُ الْهَيْئَةُ الْوَاحِدَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ فَيُحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَمَا ذُكِرَ فِي الْوُسْطَى، وَالْإِبْهَامِ هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ يُحَلِّقُ بَيْنَهُمَا وَفِي كَيْفِيَّتِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يُحَلِّقُ بَيْنَهُمَا بِرَأْسَيْهِمَا وَثَانِيهمَا يَضَعُ أُنْمُلَةَ الْوُسْطَى بَيْنَ عُقْدَتَيْ الْإِبْهَامِ وَقِيلَ يَضَعُ الْإِبْهَامَ عَلَى الْوُسْطَى كَأَنَّهُ عَاقِدٌ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ وَقِيلَ يُرْسِلُهُمَا مَعَ الْمُسَبِّحَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَيْفَ فَعَلَ مِنْ هَذِهِ الْهَيْئَاتِ فَقَدْ أَتَى بِالسُّنَّةِ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ قَدْ وَرَدَتْ بِهَا جَمِيعًا وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَصْنَعُ مَرَّةً هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا انْتَهَى فَالْخِلَافُ فِي الْأَصْلِ وَصَحَّحُوا الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ رُوَاتَهُ أَفْقَهُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَيَرْفَعُ الْمُسَبِّحَةَ فِي أَثْنَاءِ كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ) فِي التَّشَهُّدِ عِنْدَ بُلُوغِ هَمْزَةِ إلَّا اللَّهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رَوْنَقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَلُبَابِ الْمَحَامِلِيِّ يَرْفَعُهَا مُنْحَنِيَةً قَلِيلًا وَفِيهِ خَبَرٌ صَحِيحٌ فِي أَبِي دَاوُد وَخُصَّتْ الْمُسَبِّحَةُ بِذَلِكَ بِأَنَّ لَهَا اتِّصَالًا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ فَكَأَنَّهَا سَبَبٌ لِحُضُورِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ رَفْعُهَا إلَى الْقِبْلَةِ وَأَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْإِخْلَاصَ بِالتَّوْحِيدِ قَالَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ وَأَنْ يُقِيمَهَا وَلَا يَضَعَهَا (وَلَا يُحَرِّكَهَا) أَيْ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَحْرِيكُهَا بَلْ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ (فَإِنْ حَرَّكَ لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةَ لَا تُؤَثِّرُ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ (فَإِنْ قُطِعَتْ) يُمْنَاهُ (لَمْ يُشِرْ بِالْيُسْرَى بَلْ يُكْرَهُ) لِفَوْتِ سُنَّةِ بَسْطِهَا الرُّكْنُ (الْخَامِسَ عَشَرَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي) التَّشَهُّدِ (الْأَخِيرِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّلَاةِ تَشَهُّدٌ أَوَّلُ كَمَا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَالْجُمُعَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56] قَالُوا، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ وُجُوبُهَا فِيهَا، وَالْقَائِلُ بِوُجُوبِهَا مَرَّةً فِي غَيْرِهَا مَحْجُوجٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ «وَلِخَبَرِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْك فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك إذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْك فِي صَلَاتِنَا قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ» إلَى آخِرِهِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَالْمُنَاسِبُ لَهَا مِنْ الصَّلَاةِ التَّشَهُّدُ آخِرَهَا فَتَجِبُ فِيهِ أَيْ بَعْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَدْ «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَفْسِهِ فِي الْوِتْر» كَمَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ وَقَالَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَمْ يُخْرِجْهَا شَيْءٌ عَنْ الْوُجُوبِ بِخِلَافِهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لِمَا مَرَّ فِيهِ وَأَمَّا عَدَمُ ذِكْرِهَا فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً لَهُ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ لَهُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ، وَالْجُلُوسَ لَهُ وَالنِّيَّةَ، وَالسَّلَامَ. (وَهِيَ) أَيْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِي) التَّشَهُّدِ (الْأَوَّلِ) سُنَّةٌ تَبَعًا لَهُ (وَعَلَى الْآلِ الْأَخِيرِ سُنَّةٌ) لِخَبَرِ كَعْبٍ السَّابِقِ حَمْلًا لَهُ عَلَى النَّدْبِ كَالْبَاقِي بَعْدَهَا بِخِلَافِهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ (وَأَقَلُّهَا) فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَنَحْوُهُ) كَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، أَوْ عَلَى رَسُولِهِ، أَوْ عَلَى النَّبِيِّ دُونَ أَحْمَدَ أَوْ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (وَ) أَقَلُّهَا (فِي) الصَّلَاةِ عَلَى (الْآلِ) مَعَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ (وَآلِهِ، وَالْأَكْمَلُ) فِيهِمَا (مَعْرُوفٌ) وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَفِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكَتْ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ   [حاشية الرملي الكبير] وَرَدَ فِي حَدِيثِ وَائِلٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ مِرْفَقَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى» كَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَمُقْتَضَاهُ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ وَقِيَاسُ الْيُسْرَى مِثْلُهُ أَيْضًا ح (قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُ الْمُسَبِّحَةَ إلَخْ) الْحِكْمَةُ فِي هَذَا هِيَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمَعْبُودَ سُبْحَانَهُ وَاحِدٌ لِيَجْمَعَ فِي تَوْحِيدِهِ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَالِاعْتِقَادِ ح (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ وَأَنْ يُقِيمَهَا وَلَا يَضَعَهَا) وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: لِفَوْتِ سُنَّةِ بَسْطِهَا) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ سُنَّةٍ فِي مَحَلِّهَا لِأَجْلِ سُنَّةٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا كَمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ لَا يَأْتِي بِهِ فِي الْأَخِيرَةِ. [الرُّكْنُ الْخَامِسَ عَشَرَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ] (قَوْلُهُ: الْخَامِسَ عَشَرَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) قَالَ الْقَمُولِيُّ، وَقَدْ أَوْجَبَهَا فِي الصَّلَاةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ إِسْحَاقَ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْأَوَّلِ سُنَّةٌ) لِأَنَّهَا ذِكْرٌ يَجِبُ فِي الْأَخِيرِ فَيُسَنُّ فِي الْأَوَّلِ كَالتَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ إلَخْ) لَا خَفَاءَ أَنَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ لِلِاتِّبَاعِ ت (قَوْلُهُ، أَوْ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْقُنُوتِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْمَلُ فِيهِمَا مَعْرُوفٌ) لَوْ كَانَ يُخْرِجُ وَقْتَ الْجُمُعَةِ بِالزِّيَادَةِ فَيَظْهَرُ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُمْ الْإِتْيَانُ بِهَا وَفِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ احْتِمَالٌ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ) آلُ إبْرَاهِيمَ إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَخُصَّ إبْرَاهِيمُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّهِ هِيَ الرَّحْمَةُ وَلَمْ تُجْمَعْ الرَّحْمَةُ، وَالْبَرَكَةُ لِنَبِيٍّ غَيْرِهِ «قَالَ تَعَالَى {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73] فَسَأَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إعْطَاءَ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا سَبَقَ إعْطَاؤُهُ لِإِبْرَاهِيمَ» ح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَكَذَا فِي التَّحْقِيقِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاشْتُهِرَ زِيَادَةُ سَيِّدِنَا قَبْلَ مُحَمَّدٍ وَفِي كَوْنِهِ أَفْضَلَ نَظَرٌ وَفِي حِفْظِي أَنَّ الشَّيْخَ عِزَّ الدِّينِ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ سُلُوكُ الْأَدَبِ أَمْ امْتِثَالُ الْأَمْرِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ دُونَ الثَّانِي انْتَهَى. (وَإِنْ تَشَهَّدَ الْمُصَلِّي بِمَا رَوَاهُ عُمَرُ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك إلَى قَوْلِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (أَوْ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ قَدَّمْته (فَحَسَنٌ) وَأَحْسَنُ مِنْهُ التَّشَهُّدُ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقَدْ قَدَّمْته أَيْضًا وَلَوْ ذُكِرَ هَذَا فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّشَهُّدِ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى. (وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ (بِمَا شَاءَ) مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا نَحْوَ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ لِخَبَرِ «إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقْرَأْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهَا ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ، أَوْ أَحَبَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ» إلَيْهِ فَيَدْعُوَ بِهِ (وَ) الدُّعَاءُ (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ أَفْضَلُ) مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ (وَالدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ الْمَنْقُولُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت وَمَا أَسْرَرْت وَمَا أَعْلَنْت وَمَا أَسْرَفْت وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا، وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ وَمِنْهُ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك وَارْحَمْنِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (وَلْيَكُنْ) دُعَاؤُهُ (أَقَلَّ مِنْ التَّشَهُّدِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا وَاَلَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ يُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ زَادَ لَمْ يَضُرَّ (وَ) ، لَكِنْ (يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ تَطْوِيلُهُ) بِغَيْرِ رِضَا الْمَأْمُومِينَ وَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ أَقَلَّ مِنْ التَّشَهُّدِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافُ مَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الَّذِي فِيهَا أَنَّهُ يُطِيلُ مَا أَرَادَ مَا لَمْ يَخَفْ وُقُوعَهُ بِهِ فِي سَهْوٍ جَزَمَ بِهِ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَالَ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى التَّشَهُّدِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرِهْت ذَلِكَ، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ النَّصَّ وَلَمْ يُخَالِفْهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ (وَ) يُكْرَهُ (أَنْ يُزَادَ فِي) التَّشَهُّدِ (الْأَوَّلِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ (فَإِنْ طَوَّلَهُ لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ (وَلَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ) سَوَاءٌ أَطَوَّلَهُ عَمْدًا أُمّ سَهْوًا. (فَرْعٌ الْعَاجِزُ عَنْ التَّشَهُّدِ، وَالتَّصْلِيَةِ) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآلِهِ بَعْدَهُ (وَكَذَا سَائِرُ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ وَأَدْعِيَتِهَا الْمَأْثُورَةِ يُتَرْجِمُ عَنْهَا بِالْعَجَمِيَّةِ) وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ (فَإِنْ تَرْجَمَ بِهَا قَادِرًا) عَلَى الْعَرَبِيَّةِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِتَقْصِيرِهِ (وَتَبْطُلُ بِدُعَاءٍ مُخْتَرَعٍ بِالْعَجَمِيَّةِ) وَمِثْلُهُ الذِّكْرُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ. (فَإِنْ فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ قَامَ مُكَبِّرًا وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ) أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ رَفْعُهُمَا فِي قِيَامِهِ (وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ اسْتِحْبَابَهُ) فَقَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ، أَوْ الصَّوَابُ لِثُبُوتِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً وَفِي الثُّلَاثِيَّةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَفِي الثُّنَائِيَّةِ إحْدَى عَشْرَةَ. [الرُّكْنُ السَّادِسَ عَشَرَ السَّلَامُ] ُ) لِخَبَرِ «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا عَنْ النَّاسِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ (وَأَقَلُّهُ أَنْ يَقُولَ قَاعِدًا بَعْدَ التَّشَهُّدِ) الْأَخِيرِ بِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، وَالتَّصْرِيحُ بِبَعْدِ التَّشَهُّدِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَوْهَرِيَّ قَالَ إنَّ السِّلْمَ بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ دُونَ الثَّانِي) قَالَ ابْنُ ظَهِيرَةَ الْأَفْضَلُ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ السِّيَادَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَبِهِ أَفْتَى الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ جَازِمًا بِهِ قَالَ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْإِتْيَانَ بِمَا أُمِرْنَا بِهِ وَزِيَادَةَ الْإِخْبَارِ بِالْوَاقِعِ الَّذِي هُوَ أَدَبٌ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِي أَفْضَلِيَّتِهِ الْإِسْنَوِيُّ. اهـ. وَحَدِيثُ «لَا تُسَيِّدُونِي فِي الصَّلَاةِ» بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْحُفَّاظِ وَقَوْلُهُ الْأَفْضَلُ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ السِّيَادَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ إلَخْ) رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي تَشَهُّدِ عُمَرَ وَبَرَكَاتُهُ. (قَوْلُهُ: نَحْوَ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ) لَوْ دَعَا بِالدُّعَاءِ الْمَحْظُورِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت) الْمُرَادُ بِالْمُتَأَخِّرِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا وَقَعَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ قَبْلَ الذَّنْبِ مُحَالٌ كَذَا رَأَيْته فِي شَرْحِ خُطْبَةِ رِسَالَةِ الشَّافِعِيِّ لِأَبِي الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيِّ أَحَدِ أَصْحَابِ ابْن سُرَيْجٍ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْمُحَالُ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ مَغْفِرَتِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَأَمَّا الطَّلَبُ قَبْلَ الْوُقُوعِ أَنْ يَغْفِرَ إذَا وَقَعَ فَلَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ ح (قَوْلُهُ: الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ ح (قَوْلُهُ: وَلْيَكُنْ أَقَلَّ مِنْ التَّشَهُّدِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ هَلْ الْمُرَادُ قَدْرُ أَقَلِّ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ أَكْمَلُهُمَا قُلْت لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُعْظَمُ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَقَلُّ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْهُمَا فَإِنْ أَطَالَهُمَا أَطَالَهُ، وَإِنْ خَفَّفَهُمَا خَفَّفَهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا ت وَقَالَ الْعِمْرَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ أَقَلُّ التَّشَهُّدِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ يُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهِمَا) مُرَادُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى قَدْرِ أَقَلِّهِمَا كَمَا نَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُزَادَ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ) قُلْت هَذَا فِي الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ ظَاهِرٌ أَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ مَعَ الْإِمَامِ تَشَهُّدَهُ الْأَخِيرَ وَهُوَ أَوَّلُ لِلْمَأْمُومِ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ الدُّعَاءُ فِيهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَلْيُنْظَرْ فِي الْمُوَافِقِ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطِيلُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ إمَّا لِثِقَلِ لِسَانِهِ، أَوْ غَيْرِهِ وَأَتَمَّهُ الْمَأْمُومُ سَرِيعًا فَيُشْبِهُ أَنْ لَا يُكْرَهُ لَهُ الدُّعَاءُ بَلْ يُسْتَحَبُّ إلَى أَنْ يَقُومَ إمَامُهُ ت. [فَرْعٌ الْعَاجِزُ عَنْ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ بَعْدَهُ] (قَوْلُهُ: يُتَرْجِمُ عَنْهَا بِالْعَجَمِيَّةِ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ التَّعَلُّمُ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 اللَّامِ: هُوَ السَّلَامُ وَحِينَئِذٍ فَيُتَّجَهُ جَوَازُهُ اهـ. وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ وُرُودِهِ يُطْلَقُ عَلَى الصُّلْحِ أَيْضًا. (فَلَوْ نَكَّرَهُ) فَقَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ (لَمْ يُجْزِهِ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ فِي التَّشَهُّدِ لِوُرُودِهِ فِيهِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ التَّنْوِينَ يَقُومُ مَقَامَ أَلْ مَرْدُودٌ، وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَسُدُّ مَسَدَّهُ فِي الْعُمُومِ وَالتَّعْرِيفِ وَغَيْرِهِمَا. (وَلَوْ عَكَسَ) بِأَنْ قَالَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ (أَجْزَأَهُ) لِتَأْدِيَتِهِ مَعْنَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ (وَكُرِهَ) ؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِلْوَارِدِ بِلَا فَائِدَةٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ كَالرَّافِعِيِّ. (فَإِنْ قَالَ سَلَامِي، أَوْ سَلَامٌ عَلَيْك) ، أَوْ عَلَيْكُمْ (أَوْ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) ، أَوْ السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ سَلَامُ عَلَيْكُمْ بِلَا تَنْوِينٍ، أَوْ سَلَّمَ عَلَيْكُمْ (عَمْدًا بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِلْخِطَابِ بِغَيْرِ مَا وَرَدَ (أَوْ) السَّلَامُ، أَوْ سَلَامُ اللَّهِ، أَوْ سَلَامٌ (أَوْ عَلَيْهِمْ) ، أَوْ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَيْهِمَا (لَمْ تَبْطُلْ) ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَا خِطَابَ فِيهِ (وَلَمْ يُجْزِهِ) وَفِي عَلَيْكُمَا السَّلَامُ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ، وَالْأَوْجَهُ فِيهِ وَفِي عَكْسِهِ أَنَّهُ كَالسَّلَامُ عَلَيْك. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ بِالسَّلَامِ) الْأَوَّلِ (الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا كَنِيَّةِ التَّحَرُّمِ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ ذِكْرٌ وَاجِبٌ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ الصَّلَاةِ كَالتَّكْبِيرِ وَأَجَابَ مَنْ لَمْ يُوجِبْهَا بِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ تَلِيقُ بِالْإِقْدَامِ دُونَ التَّرْكِ وَإِذَا نَوَى (فَلَا يَضُرُّ تَعْيِينُ غَيْرِ صَلَاتِهِ) خَطَأً كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي ظُهْرٍ وَظَنَّهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَصْرًا، ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي الثَّالِثَةِ لَا يَضُرُّ؛ وَلِأَنَّ مَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَتَعْيِينِ الْيَوْمِ لِلصَّلَاةِ وَتَبِعْت فِي تَقْيِيدِي بِالْخَطَإِ الْأَصْلَ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْمُهِمَّاتِ الْمُرَادُ بِذَلِكَ تَعْيِينُ خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، فَإِنَّ الْأَكْثَرِينَ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ مِنْهُمْ الْقَفَّالُ وَالْبَغَوِيُّ وَالطَّبَرِيُّ فِي الْعُدَّةِ وَالْعِمْرَانِيُّ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ وَمَا قَالَهُ، وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا فَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ بَلْ بَعْضُهُمْ أَطْلَقَ وَبَعْضُهُمْ قَيَّدَ بِالْخَطَإِ وَعِبَارَةُ الْمُطْلِقِ تُفْهِمُ التَّقْيِيدَ بِالْخَطَإِ. (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَزِيدَ) فِي سَلَامِهِ (وَرَحْمَةُ اللَّهِ) دُونَ وَبَرَكَاتِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَصَوَّبَهُ (وَأَنْ يُسَلِّمَ ثَانِيَةً) إلَّا أَنْ يَعْرِضَ لَهُ عَقِبَ الْأُولَى مَا يُنَافِي صَلَاتَهُ فَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ كَأَنْ خَرَجَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْأُولَى، أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ أَوْ شَكَّ فِيهَا، أَوْ تَخَرَّقَ الْخُفُّ، أَوْ نَوَى الْقَاصِرُ الْإِقَامَةَ وَيُسْتَحَبُّ إذَا أَتَى بِهِمَا أَنْ يَفْصِلَ بَيْنهمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعَبَّادِيِّ فِي طَبَقَاتِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَصَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَأَنْ تَكُونَ (الْأُولَى يَمِينًا، وَالْأُخْرَى يَسَارًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ (يَبْتَدِئُ بِالسَّلَامِ مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ (ثُمَّ يَلْتَفِتُ) مَرَّةً عَنْ يَمِينِهِ وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِهِ (حَتَّى يُرَى) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (خَدُّهُ الْوَاحِدُ) لَا خَدَّاهُ (وَيُتِمُّهُ) أَيْ السَّلَامَ (بِتَمَامِ الِالْتِفَاتِ وَيَنْوِي) الْمُصَلِّي (السَّلَامَ عَلَى مَنْ الْتَفَتَ) هُوَ (إلَيْهِ مِنْ مَلَائِكَةٍ وَمُسْلِمِي إنْسٍ وَجِنٍّ وَ) يَنْوِي الْمَأْمُومُ (الرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْإِمَامِ حِينَ يَلْتَفِتُ) هُوَ (جِهَتَهُ) أَيْ جِهَةَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْإِمَامِ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ هَذَا إنْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ، أَوْ يَسَارِهِ (وَإِنْ كَانَ خَلْفَهُ) سَلَّمَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَرَدَّ هُوَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ الْأَوْلَى بِقَوْلِهِ (فَبِالْأُولَى أَوْلَى) ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا وَقَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالنَّبِيِّينَ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَخَبَرُ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   [حاشية الرملي الكبير] التَّشَهُّدِ وَأَحْسَنَ ذِكْرًا آخَرَ أَتَى بِهِ وَإِلَّا تَرْجَمَهُ. (قَوْلُهُ:، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ سَلَامِي إلَخْ) عَالِمًا ذَاكِرًا لِلصَّلَاةِ ت (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ فِيهِ وَفِي عَكْسِهِ أَنَّهُ كَالسَّلَامُ عَلَيْك) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ بِالسَّلَامِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ) يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ ذَكَرَهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فَقَالَ وَهُنَا دَقِيقَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَنْ سَلَّمَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ نِيَّةَ الْخُرُوجِ وَإِذَا سَلَّمَ الْمُتَطَوِّعُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ قَصْدًا، فَإِنْ قَصْدَ التَّحَلُّلَ فَقَدْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَعْضِ مَا نَوَى وَإِنْ سَلَّمَ عَمْدًا وَلَمْ يَقْصِدْ التَّحَلُّلَ فَقَدْ حَمَلَهُ الْأَئِمَّةُ عَلَى كَلَامٍ عَمْدٍ يُبْطِلُ فَكَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّحَلُّلِ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ الَّذِي يُرِيدُ الِاقْتِصَارَ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْمُتَنَفِّلَ الْمُسَلِّمَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ يَأْتِي بِمَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهِ نِيَّةُ عَقْدِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ نِيَّةٍ فَافْهَمْهُ ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّلَامَ ذِكْرٌ وَاجِبٌ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ الصَّلَاةِ) كَالتَّكْبِيرِ وَلِمُنَافَاةِ السَّلَامِ وَضْعَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ صَارِفٍ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ النِّيَّةَ تَلِيقُ بِالْإِقْدَامِ دُونَ التَّرْكِ) ؛ وَلِأَنَّ السَّلَامَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ غَيْرُ أَوَّلِهَا فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهُ كَسَائِرِ الْأَجْزَاءِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ إلَخْ) أَمَّا عَمْدُهُ فَمُبْطِلٌ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِإِبْطَالِ مَا هُوَ فِيهِ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ عَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا) وَلِهَذَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: دُونَ وَبَرَكَاتُهُ) كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَصَوَّبَهُ؛ لِأَنَّهَا وَظِيفَةُ الرَّادِّ تُتْرَكُ لَهُ لِيَأْتِيَ بِأَكْمَلَ مِمَّا يَأْتِي بِهِ الْمُسَلِّمُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى الْقَاصِرُ الْإِقَامَةَ) أَوْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ نَجَسٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ، أَوْ تَبَيَّنَّ لَهُ خَطَؤُهُ فِي الِاجْتِهَادِ، أَوْ عَتَقَتْ أَمَةٌ مَكْشُوفَةُ الرَّأْسِ، أَوْ نَحْوُهُ، أَوْ وَجَدَ الْعَارِي السُّتْرَةَ ت (قَوْلُهُ: وَيَنْوِي السَّلَامَ عَلَى مَنْ الْتَفَتَ إلَيْهِ إلَخْ) وَعَلَى الْمَأْمُومِ الْمُحَاذِي بِإِحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ: وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الرَّدَّ إلَخْ) ، فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ نَوَى الرَّدَّ عَلَيْهِ بِالثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَانَ عَنْ يَسَارِهِ فَبِالْأُولَى وَإِنْ حَاذَاهُ فَبِالْأُولَى أَحَبُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ هَلْ هِيَ مِنْ صَلَاةٍ أَمْ لَا وَاسْتَشْكَلَ كَوْنُ الَّذِي عَنْ يَسَارِهِ يَنْوِي الرَّدَّ عَلَيْهِ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَالْإِمَامُ إنَّمَا يَنْوِي السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِالثَّانِيَةِ فَكَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ إنَّمَا يُسَلِّمُ الْأُولَى مَعَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالتَّحْقِيقِ قَالَ شَيْخُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَنْ قُعُودٍ إذْ السَّلَامُ لَا يَكُونُ مِنْ قِيَامٍ إلَّا فِي الْعَاجِزِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ. اهـ. مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ وَأَنْ نَتَحَابَّ وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْ الْإِمَامِ وَلَا يَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ وَفَارَقَ تَكْبِيرَةَ التَّحَرُّمِ بِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا فَلَا يَرْبُطُ صَلَاتَهُ بِمَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَمُدَّ لَفْظَ السَّلَامِ لِخَبَرِ «جَزْمُ السَّلَامِ سُنَّةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. الرُّكْنُ (السَّابِعَ عَشَرَ التَّرْتِيبُ) بَيْنَ الْأَرْكَانِ (كَمَا ذَكَرْنَاهُ) فِي عَدِّهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى قَرْنِ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ وَجَعْلِهِمَا مَعَ الْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ وَجَعْلِ التَّشَهُّدِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقُعُودِ فَالتَّرْتِيبُ عِنْدَ مَنْ أَطْلَقَهُ مُرَادٌ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا مِنْ التَّشَهُّدِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَهِيَ مُرَتَّبَةٌ وَغَيْرُ مُرَتَّبَةٍ بِاعْتِبَارَيْنِ وَدَلِيلُ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ الِاتِّبَاعُ كَمَا فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَعَدُّهُ مِنْ الْأَرْكَانِ بِمَعْنَى الْفُرُوضِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ صَحِيحٌ وَبِمَعْنَى الْإِجْزَاءِ فِيهِ تَغْلِيبٌ وَسَكَتَ عَنْ عَدِّ الْوِلَاءِ رُكْنًا وَحَكَى الْأَصْلُ أَنَّهُ رُكْنٌ وَصَوَّرَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ بِعَدَمِ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ وَابْنُ الصَّلَاحِ بِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ سَلَامِهِ نَاسِيًا وَلَمْ يَعُدَّهُ الْأَكْثَرُونَ رُكْنًا لِكَوْنِهِ كَالْجُزْءِ مِنْ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ، أَوْ لِكَوْنِهِ أَشْبَهَ بِالْمَتْرُوكِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ الْوِلَاءُ، وَالتَّرْتِيبُ شَرْطَانِ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ عَدِّهِمَا رُكْنَيْنِ. اهـ. وَالْمَشْهُورُ عَدُّ التَّرْتِيبِ رُكْنًا، وَالْوِلَاءِ شَرْطًا. (وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَنْ يُكْثِرَ ذِكْرَ اللَّهِ (بَعْدَ السَّلَامِ وَ) أَنْ (يَدْعُوَ) بَعْدَهُ لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ أَوْضَحَهَا النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَهَذَا ذَكَرَهُ أَيْضًا فِي الْمَجْمُوعِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا سَلَّمَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ عَقِبَ سَلَامِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ نِسَاءٌ قَالَ الْأَصْحَابُ لِئَلَّا يَشُكَّ هُوَ أَوْ مَنْ خَلْفَهُ هَلْ سَلَّمَ، أَوْ لَا وَلِئَلَّا يَدْخُلَ غَرِيبٌ فَيَظُنَّهُ بَعْدُ فِي صَلَاتِهِ فَيَقْتَدِيَ بِهِ. اهـ. وَهَذَا لَا يُنَافِي الْأَوَّلَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْقِيَامِ عَقِبَ السَّلَامِ تَرْكُ الذِّكْرِ عَقِبَهُ وَلَا مِنْ الذِّكْرِ عَقِبَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ عَقِبَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ، وَالْعِلَّتَانِ تَنْتَفِيَانِ إذَا حَوَّلَ وَجْهَهُ إلَيْهِمْ أَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ وَعِبَارَةُ الْكَافِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ نِسَاءٌ تَحَوَّلَ عَنْ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ لِيَعْلَمَ الدَّاخِلُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ انْقَضَتْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَيَّدَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتِحْبَابَ إكْثَارِ الذِّكْرِ، وَالدُّعَاءِ بِالْمُنْفَرِدِ، وَالْمَأْمُومِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْتَصِرَ فِيهِمَا بِحَضْرَةِ الْمَأْمُومِينَ فَإِذَا انْصَرَفُوا طَوَّلَ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ. اهـ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا (سِرًّا) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ (وَ) ، لَكِنْ (يَجْهَرُ) بِهِمَا (إمَامٌ يُرِيدُ تَعْلِيمَ مَأْمُومِينَ) فَإِذَا تَعَلَّمُوا أَسَرَّ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ تُفْهِمُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي الذِّكْرِ الْجَهْرُ لَا الْإِسْرَارُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحَادِيثَ الْجَهْرِ عَلَى مَنْ يُرِيدُ التَّعْلِيمَ قَالَ وَفِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ مَا يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ رَفْعِ الْجَمَاعَةِ الصَّوْتَ بِالذِّكْرِ دَائِمًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَفِي النَّفْسِ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَيْءٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ فِي الذِّكْرِ، وَالدُّعَاءِ. وَالْأَفْضَلُ جَعْلُ يَمِينِهِ إلَيْهِمْ وَيَسَارِهِ إلَى الْمِحْرَابِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ يَسْتَقْبِلُهُمْ بِوَجْهِهِ فِي الدُّعَاءِ وَقَوْلُهُمْ مِنْ أَدَبِ الدُّعَاءِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ مُرَادُهُمْ غَالِبًا لَا دَائِمًا (وَ) أَنْ (يَفْصِلَ) الْمُصَلِّي (النَّافِلَةَ) الَّتِي بَعْدَ الْفَرِيضَةِ (بِانْتِقَالٍ إلَى بَيْتِهِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْ الْإِمَامِ) كَقِيَامِ الْمَسْبُوقِ. [الرُّكْنُ السَّابِعَ عَشَرَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْأَرْكَانِ] (قَوْلُهُ: السَّابِعَ عَشَرَ التَّرْتِيبُ) دَلِيلُ التَّرْتِيبِ الْإِجْمَاعُ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ» ، ثُمَّ كَذَا فَذَكَرَهَا بِالْفَاءِ أَوَّلًا ثُمَّ بِثُمَّ وَهُمَا لِلتَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَرْكَانِ) خَرَجَ بِذَلِكَ تَرْتِيبُ السُّنَنِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ كَالِاسْتِفْتَاحِ، وَالتَّعَوُّذِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ وَتَرْتِيبُهَا عَلَى الْفَرَائِضِ كَالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ، وَالدُّعَاءِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي الِاعْتِدَادِ بِهَا سُنَّةً لَا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ، فَالتَّرْتِيبُ عِنْدَ مَنْ أَطْلَقَهُ مُرَادٌ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بَيْنَ النِّيَّةِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالْقِيَامِ، وَالْقِرَاءَةِ وَالْجُلُوسِ، وَالتَّشَهُّدِ تَرْتِيبٌ، لَكِنْ بِاعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ لَا بِاعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْقِيَامِ عَلَى الْقِرَاءَةِ، وَالْجُلُوسِ عَلَى التَّشَهُّدِ وَاسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ (قَوْلُهُ: وَحَكَى الْأَصْلُ أَنَّهُ رُكْنٌ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ سَهْوًا لَا يَقْدَحُ، وَالرُّكْنُ لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ السَّهْوُ، نَعَمْ التَّفْرِيقُ مِنْ بَابِ الْمَنَاهِي فَيَخْتَصُّ بِحَالِ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ وَابْنُ الصَّلَاحِ بِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ إلَخْ) وَبَعْضُهُمْ بِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ شَكِّهِ فِي نِيَّةِ صَلَاتِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَدْعُوَ بَعْدَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ هَلْ يَجُوزُ رَفْعُ الْيَدِ الْمُتَنَجِّسَةِ فِي الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلَاةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَلَا يُكْرَهُ فِي حَائِلٍ فَإِنَّ الْمُتَطَهِّرَ لَمْسُهُ لِلْمُصْحَفِ بِيَدِهِ الْمُتَنَجِّسَةِ يَحْرُمُ وَيَزُولُ التَّحْرِيمُ بِكَوْنِهَا فِي حَائِلٍ وَإِذَا كَانَ هَذَا الْفَرْقُ فِيمَا طَرِيقُهُ التَّحْرِيمُ جَازَ أَيْضًا فِيمَا طَرِيقُهُ الْكَرَاهَةُ وَيُحْتَمَلُ الْكَرَاهَةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَفْعُ الْيَدِ دُونَ الْحَائِلِ، وَالتَّعَبُّدَ بِهَا وَرَدَ وَيُخَالِفُ مَسَّ الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ فِي جِهَةِ التَّعَبُّدِ كَالْحَائِلِ وَلَا يَجِيءُ الْقَوْلُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ بِالتَّحْرِيمِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيمَا إذَا دَعَا وَفَمُهُ نَجِسٌ بِدَمٍ، أَوْ خَمْرٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَكْسُهُ) يَنْبَغِي تَرْجِيحُ هَذَا فِي مِحْرَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ الصِّفَةَ الْأُولَى يَصِيرُ مُسْتَدْبِرًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قِبْلَةُ آدَمَ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ د (قَوْلُهُ: بِانْتِقَالٍ إلَى بَيْتِهِ إلَخْ) النَّافِلَةُ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ فِي صُوَرٍ كَنَافِلَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِلتَّبْكِيرِ وَرَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ بِمِيقَاتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَكُلُّ مَا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّوَافِلِ وَمَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ خَشِيَ مِنْ التَّكَاسُلِ، أَوْ كَانَ مُعْتَكِفًا، أَوْ كَانَ يَمْكُثُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِتَعَلُّمٍ، أَوْ تَعْلِيمٍ وَلَوْ ذَهَبَ إلَى بَيْتِهِ لَفَاتَ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّافِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالْمُتَأَخِّرَةِ وَبَيْنَ النَّافِلَةِ مَعَ الْفَرِيضَةِ وَمَعَ نَافِلَةٍ أُخْرَى، لَكِنْ الْمُتَّجَهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا قَضَى أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا» (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى بَيْتِهِ انْتَقَلَ (إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ) لِتَشْهَدَ لَهُ الْمَوَاضِعُ. وَظَاهِرُ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ أَنَّ صَلَاةَ سَائِرٍ النَّوَافِلِ فِي بَيْتِهِ حَتَّى الرَّوَاتِبِ مَعَ الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا أَفْضَلُ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَسَيَأْتِي، ثَمَّ مَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَصَلَ بِكَلَامِ إنْسَانٍ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ الَّذِي لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الِانْصِرَافُ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ أَنْ يَمْكُثَ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ (ثُمَّ يَنْصَرِفُ) الْإِمَامُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الرِّجَالِ (بَعْدَ انْصِرَافِ النِّسَاءِ) فَيُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يَمْكُثُوا فِي مُصَلَّاهُمْ يَذْكُرُونَ اللَّهَ حَتَّى يَنْصَرِفْنَ وَيُسْتَحَبُّ لَهُنَّ أَنْ يَنْصَرِفْنَ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْخَنَاثَى مِثْلُهُنَّ وَأَنَّهُمْ يَنْصَرِفُونَ بَعْدَهُنَّ مُتَفَرِّقِينَ وَيَنْصَرِفُ الْمُصَلِّي (صَوْبَ حَاجَتِهِ) إنْ كَانَتْ (وَإِلَّا فَيَمِينًا) ؛ لِأَنَّ جِهَتَهَا أَفْضَلُ (وَلِلْمَأْمُومِ) الْمُوَافِقِ (تَأْخِيرُ السَّلَامِ وَتَطْوِيلُ الدُّعَاءِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِسَلَامِهِ أَمَّا الْمَسْبُوقُ، فَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ مَعَ الْإِمَامِ فِي مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ، لَكِنْ مَعَ كَرَاهَةِ تَطْوِيلِهِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَيَقُومُ عَلَى الْفَوْرِ، فَإِنْ قَعَدَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، أَوْ سَهْوًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي مَحَلِّهِ (وَ) يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ (الْإِتْيَانُ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ تَرَكَهَا إمَامُهُ) لِخُرُوجِهِ عَنْ مُتَابَعَتِهِ بِالْأُولَى بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَوْ تَرَكَهُ إمَامُهُ لَا يَأْتِي بِهِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ قَبْلَ السَّلَامِ وَعِبَارَتُهُ تُفْهِمُ أَنَّ مَا قَالَهُ جَائِزٌ لَا مُسْتَحَبٌّ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا قَرَّرْته تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمُصَلِّي (الْخُشُوعُ) قَالَ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] (وَنَظَرُ مَوْضِعِ سُجُودِهِ فِي) جَمِيعِ (الصَّلَاةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ فِي التَّشَهُّدِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَصَرُهُ إشَارَتَهُ لِحَدِيثٍ فِيهِ (وَالدُّخُولُ فِيهَا بِنَشَاطٍ) لِلذَّمِّ عَلَى ضِدِّهِ قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: 142] (وَفَرَاغُ قَلْبٍ) مِنْ الشَّوَاغِلِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ (وَلَا يُكْرَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا) كَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ وَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فِيهِ نَظَرٌ. (فَرْعٌ لَوْ قَضَى) فَرِيضَةً (جَهْرِيَّةً) أَوْ سِرِّيَّةً كَمَا فُهِمْت بِالْأَوْلَى (مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا أَسَرَّ وَبِعَكْسِهِ) بِأَنْ قَضَى سِرِّيَّةً، أَوْ جَهْرِيَّةً كَمَا فُهِمَتْ بِالْأَوْلَى مَا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِهَا (يَجْهَرُ) ، فَالْعِبْرَةُ فِي الْإِسْرَارِ، وَالْجَهْرِ بِوَقْتِ الْقَضَاءِ لَا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ. (وَيَجِبُ قَضَاءُ فَوَائِتِ الْفَرَائِضِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ، أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» ، ثُمَّ إنْ فَاتَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَإِلَّا نُدِبَ (وَيُسْتَحَبُّ تَرْتِيبُهَا) «لِتَرْتِيبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَائِتَ الْخَنْدَقِ» وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَالتَّرْتِيبُ فِيهَا مِنْ تَوَابِعِ الْوَقْتِ وَضَرُورَاتِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَضَاءِ كَصَوْمِ أَيَّامِ رَمَضَانَ (وَ) يُسْتَحَبُّ (تَقْدِيمُهَا عَلَى حَاضِرَةٍ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَهَا) لِمَا مَرَّ، فَإِنْ خَافَ فَوَاتَهَا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْفَائِتَةِ لِئَلَّا تَصِيرَ الْأُخْرَى فَائِتَةً وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ بَعْدَ فِعْلِ الْفَائِتَةِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ جَازَ تَقْدِيمُهَا وَيُحْمَلُ تَحْرِيمُ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا وَلِإِفَادَةِ ذَلِكَ عَدَلَ إلَى مَا قَالَهُ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ، وَالْمِنْهَاجِ، وَالتَّحْقِيقِ، وَالتَّنْبِيهِ عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ عَلَى حَاضِرَةٍ اتَّسَعَ وَقْتُهَا (لَا) إنْ خَافَ (فَوَاتَ   [حاشية الرملي الكبير] مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُمْ مِنْ عَدَمِ الِانْتِقَالِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ مَأْمُورٌ بِالْمُبَادَرَةِ، وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَفِي الِانْتِقَالِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الصُّفُوفِ مَشَقَّةٌ خُصُوصًا مَعَ كَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ كَالْجُمُعَةِ قُلْت يُسْتَحَبُّ الِانْتِقَالُ إلَّا أَنْ يُعَارِضَهُ شَيْءٌ آخَرُ. اهـ. ع وَقَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ إلَخْ هَذَا الِاتِّجَاهُ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إلَى بَعْدِ الْفَرِيضَةِ كَمَا لَا يَخْفَى ع (قَوْلُهُ: لِتَشْهَدَ لَهُ الْمَوَاضِعُ) وَلِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ الْبِقَاعِ بِالْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَعَدَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ قُعُودًا زَائِدًا عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ الْخُشُوعُ) اخْتَلَفُوا هَلْ الْخُشُوعُ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ كَالْخَوْفِ، أَوْ مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ كَالسُّكُونِ أَوْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَجْمُوعِ فِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إلَّا وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (قَوْلُهُ: وَنَظَرُ مَوْضِعِ سُجُودِهِ) اسْتَثْنَى جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ الْمُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْكَعْبَةِ لَا إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، لَكِنْ صَوَّبَ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ اسْتِحْبَابَ نَظَرِهِ إلَى الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ ضَعِيفٌ، فَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَا إذَا كَانَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَالْعَدُوُّ أَمَامَهُ فَنَظَرُهُ إلَى جِهَةِ الْعَدُوِّ أَوْلَى مِنْ نَظَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ لِئَلَّا يَغْتَالَهُ الْعَدُوُّ وَمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي إلَى ظَهْرِ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَنَظَرُهُ إلَى ظَهْرِهِ أَوْلَى مِنْ نَظَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي عَلَى بِسَاطٍ مُصَوَّرٍ، فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْظُرَ إلَيْهِ، وَالْمُرَادُ إذَا عَمَّ التَّصْوِيرُ مَكَانَ السُّجُودِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسْتَحَبُّ فِي التَّشَهُّدِ إلَخْ) أَيْ إذَا رَفَعَ مُسَبِّحَتَهُ قَالَهُ الْغَزِّيِّ. (قَوْلُهُ: لَوْ قَضَى جَهْرِيَّةً مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا أَسَرَّ) شَمِلَ مَا لَوْ قَضَى الْجَهْرِيَّةَ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ تَرْتِيبُهَا) ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى صَلَوَاتِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَحْمَدَ، وَإِنْ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ حِينَئِذٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَفُوتَ كُلُّهَا بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَفُوتَ بَعْضُهَا بِعُذْرٍ وَبَعْضُهَا بِغَيْرِهِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى قَضَاءِ مَا أَخَّرَهُ عَاصِيًا أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ مِنْ التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ مُسْتَقِلَّةٌ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهَا دُيُونٌ عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ تَرْتِيبُهَا إلَّا بِدَلِيلٍ، وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُجَرَّدُ إنَّمَا يَدُلُّ عِنْدَنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ بَعْدَ فِعْلِ الْفَائِتَةِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ جَازَ تَقْدِيمُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يَعْنِي يُسْتَحَبُّ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ عَلَى حَاضِرَةٍ اتَّسَعَ وَقْتُهَا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 جَمَاعَتِهَا) أَيْ الْحَاضِرَةِ فَلَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهَا (بَلْ يُصَلِّي) الْفَائِتَةَ نَدْبًا أَوَّلًا (مُنْفَرِدًا) ، أَوْ جَمَاعَةً؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ، وَالْقَضَاءُ خَلْفَ الْأَدَاءِ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهِ فَاسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ وَاعْتَرَضَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَبَحْثًا أَمَّا النَّقْلُ، فَالنُّقُولُ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْحَاضِرَةِ بِالْجَمَاعَةِ وَأَمَّا الْبَحْثُ؛ فَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ الْجَمَاعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ قَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَهَذَا كَمَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا لِلِاشْتِغَالِ بِالْفَائِتَةِ (وَتُقْطَعُ) وُجُوبًا (فَائِتَةٌ) شَرَعَ فِيهَا (لِحَاضِرَةٍ ضَاقَ وَقْتُهَا) لِئَلَّا تَصِيرَ فَائِتَةً (لَا حَاضِرَةٌ) أَيْ لَا يَقْطَعُهَا (لِفَائِتَةٍ بَلْ يُتِمُّهَا) ، وَإِنْ اتَّسَعَ وَقْتُهَا، ثُمَّ (يُصَلِّي الْفَائِتَةَ وَيُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ) بَعْدَهَا بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ اتَّسَعَ) أَيْ وَقْتُهَا. (وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ فَوَائِتَهُ لَا تَنْقُصُ عَنْ عَشْرٍ وَلَا تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ لَزِمَهُ الْعِشْرُونَ) لِيَبْرَأَ يَقِينًا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا عَرَفَ نَوْعَهَا وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ مِائَةٌ كُلُّ عِشْرِينَ مِنْ نَوْعٍ؛ لِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ صَلَاةٌ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهَا لَزِمَهُ الْخَمْسُ. (وَلَوْ جَهِلَ كَوْنَ) أَصْلِ (الصَّلَاةِ، أَوْ صَلَاتِهِ) الَّتِي شَرَعَ فِيهَا (أَوْ الْوُضُوءِ فَرْضًا، أَوْ عَلِمَ أَنَّ فِيهَا فَرَائِضَ وَسُنَنًا وَلَمْ يُمَيِّزْ) بَيْنَهُمَا (لَمْ يَصِحَّ) مَا فَعَلَهُ لِتَرْكِهِ مَعْرِفَةَ التَّمْيِيزِ الْوَاجِبَةَ (وَنُقِلَ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ) مِنْ الْعَامَّةِ (فَرْضَ الصَّلَاةِ مِنْ سُنَنِهَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ النَّفَلَ بِالْفَرْضِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ) بَلْ صَحَّحَهُ فِي مَجْمُوعِهِ (وَلَوْ اعْتَقَدَ) عَامِّيٌّ، أَوْ غَيْرُهُ (أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِهَا فَرْضٌ صَحَّتْ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّهُ أَدَّى سُنَّةً بِاعْتِقَادِ الْفَرْضِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا) الشَّرْطُ بِالسُّكُونِ لُغَةً إلْزَامُ الشَّيْءِ، وَالْتِزَامُهُ لَا الْعَلَامَةُ وَإِنْ عَبَّرَ بِهَا بَعْضُهُمْ فَإِنَّهَا إنَّمَا هِيَ مَعْنَى الشَّرَطِ بِالْفَتْحِ وَاصْطِلَاحًا مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ، وَالْمَانِعُ لُغَةً الْحَائِلُ وَاصْطِلَاحًا مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ كَالْكَلَامِ فِيهَا عَمْدًا وَلَمَّا كَانَ انْتِفَاءُ الْمَانِعِ مُعْتَبَرًا كَالشَّرْطِ أَدْخَلَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ فِيهِ فَقَالَ (وَهِيَ) أَيْ شُرُوطُهَا مَا عَدَا تَمْيِيزَ فَرَائِضِهَا مِنْ سُنَنِهَا عَلَى مَا مَرَّ (ثَمَانِيَةٌ) الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي (الِاسْتِقْبَالُ، وَالْوَقْتُ) وَتَقَدَّمَا. (وَ) الثَّالِثُ (طَهَارَةُ الْحَدَثِ) الْأَصْغَرِ، وَالْأَكْبَرِ (فَتَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِغَيْرِ) أَيْ بِحَدَثٍ غَيْرِ الْحَدَثِ (الدَّائِمِ وَإِنْ سَبَقَهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ» وَخَبَرِ «إذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَوْلُهُ (بِلَا اخْتِيَارٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ سَبَقَهُ وَلَوْ قَالَ وَلَوْ بِلَا اخْتِيَارٍ بِأَنْ سَبَقَهُ كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَقَ بِعِبَارَةِ الْأَصْلِ أَمَّا الْحَدَثُ الدَّائِمُ فَلَا يَضُرُّ عَلَى تَفْصِيلٍ مَرَّ فِي الْحَيْضِ (كَمَنْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ، أَوْ تَخَرَّقَ خُفُّهُ، أَوْ أَبْعَدَتْ الرِّيحُ ثَوْبَهُ) وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ، وَإِنْ حَصَلَ (بِلَا تَقْصِيرٍ، فَإِنْ نَحَّى النَّجَاسَةَ) وَلَوْ رَطْبَةً بِأَنْ نَحَّى مَحَلَّهَا (أَوْ رَدَّ الثَّوْبَ) عَلَى عَوْرَتِهِ (فَوْرًا لَمْ يَضُرَّ) وَيُغْتَفَرُ هَذَا الْعَارِضُ (وَإِنْ نَحَّاهَا بِكُمِّهِ) ، أَوْ غَيْرِهِ كَيَدِهِ (بَطَلَتْ) ؛ لِأَنَّهُ لَاقَاهَا قَصْدًا (أَوْ بِعُودٍ فَوَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا بُطْلَانُهَا. (وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَحْدَثَ) فِي صَلَاتِهِ (أَنْ يَأْخُذَ بِأَنْفِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفَ) لِيُوهِمَ أَنَّهُ رَعَفَ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ فُصِدَ) مَثَلًا بِمَعْنَى اُفْتُصِدَ (فَنَزَلَ الدَّمُ) أَيْ خَرَجَ (وَلَمْ يُلَوِّثْ بَشَرَتَهُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ أَوْ لَوَّثَهَا قَلِيلًا (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ، أَوْ مُغْتَفَرٌ. الشَّرْطُ [الشَّرْط الرَّابِعُ طَهَارَةُ النَّجَسِ] (الرَّابِعُ طَهَارَةُ النَّجَسِ) الْمُتَّصِلِ بِبَدَنِهِ، أَوْ مَحْمُولِهِ أَوْ مُلَاقِيهِمَا فَتَبْطُلُ بِهِ وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِ بِوُجُودِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُحْمَلُ عَلَى فَائِتَةٍ مُتَرَاخِيَةٍ لَمْ يَعْصِ بِتَأْخِيرِهَا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي إلَخْ) وَبِأَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّرْتِيبِ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ فَرِعَايَتُهُ أَوْلَى مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ التَّكْمِلَاتِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْحَاضِرَةُ غَيْرَ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الْبُدَاءَةُ بِهَا جَزْمًا وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِهَا فَرْضٌ صَحَّتْ) قَالَ الْقَفَّالُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْفَاتِحَةَ، أَوْ الرُّكُوعَ مَثَلًا فَرْضٌ وَقَالَ أَنَا أَفْعَلُهُ أَوَّلًا تَطَوُّعًا، ثُمَّ أَفْعَلُهُ ثَانِيًا فَرْضًا فَفَعَلَهُ أَوَّلًا بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا] [شُرُوط الصَّلَاة ثَمَانِيَة الْأَوَّل وَالثَّانِي اسْتِقْبَال الْقِبْلَة وَالْوَقْت] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ) (قَوْلُهُ: لَا الْعَلَامَةُ إلَخْ) قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ الشَّرْطُ فِي اللُّغَةِ مُخَفَّفُ الشَّرَطِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ الْعَلَامَةُ وَجَمْعُهُ أَشْرَاطٌ وَجَمْعُ الشَّرْطِ بِالسُّكُونِ شُرُوطٌ وَيُقَالُ لَهُ شَرِيطَةٌ وَجَمْعُهُ شَرَائِطُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ انْتِفَاءُ الْمَانِعِ إلَخْ) قَدْ أَنْكَرَ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْغَزَالِيِّ تَسْمِيَتَهَا شُرُوطًا فِي كَلَامِهِ عَلَى النَّجَاسَاتِ فَقَالَ عَدَّ تَرْكَ الْكَلَامِ مِنْ الشُّرُوطِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ نَاسِيًا لَا يَضُرُّ، وَالشَّرْطُ لَا يَتَأَثَّرُ بِالنِّسْيَانِ وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ غَلِطَ مَنْ عَدَّهَا مِنْ الشَّرَائِطِ وَإِنَّمَا هِيَ مَنَاهٍ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَضَمَّ الْغَزَالِيُّ وَالْفُورَانِيُّ إلَى الشُّرُوطِ تَرْكَ الْأَفْعَالِ فِي الصَّلَاةِ وَتَرْكَ الْكَلَامِ وَتَرْكَ الْأَكْلِ، وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِشُرُوطٍ إنَّمَا هِيَ مُبْطِلَةٌ لِلصَّلَاةِ كَقَطْعِ النِّيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا تُسَمَّى شُرُوطًا لَا فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ وَلَا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ أَطْلَقُوا فِي مَوَاضِعَ عَلَيْهَا اسْمَ الشَّرْطِ كَانَ مَجَازًا لِمُشَارَكَتِهَا الشَّرْطَ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ عِنْدَ اخْتِلَالِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الشَّرْط الثَّالِث طَهَارَةُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ] (قَوْلُهُ: وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ إلَخْ) فَلَوْ صَلَّى بِدُونِهَا نَاسِيًا أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ دُونَ فِعْلِهِ إلَّا الْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ أَيْضًا وَفِي إثَابَتِهِ عَلَى الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَ جُنُبًا نَظَرٌ قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ خ إنَّمَا يُثَابُ عَلَى الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي أَلْغَازِهِ لَوْ سَبَقَ الْحَدَثُ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ، فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ شَيْئًا لِانْتِفَاءِ التَّلَاعُبِ وَانْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا بُطْلَانُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: الرَّابِعُ طَهَارَةُ النَّجَسِ) يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَكَانِ مَا لَوْ كَثُرَ ذَرْقُ الطَّيْرِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ فِي الِاحْتِرَازِ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي التَّذْكِرَةِ فِي الْخِلَافِ، وَعَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَيَّدَ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 أَوْ بِكَوْنِهِ مُبْطِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» ثَبُتَ الْأَمْرُ بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ وَهُوَ لَا يَجِبُ بِغَيْرِ تَضَمُّخٍ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَيَجِبُ فِيهَا، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي فَسَادَهَا. (فَإِنْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ) مِنْ النَّجَاسَةِ (وَلَمْ يَجِدْ مَاءً وَجَبَ قَطْعُ مَوْضِعِهَا إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ) بِالْقَطْعِ (أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَتِهِ) أَيْ أُجْرَةِ ثَوْبٍ يُصَلِّي فِيهِ لَوْ اكْتَرَاهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْمُتَوَلِّيَ، وَالصَّوَابُ اعْتِبَارُ أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ أُجْرَةِ غَسْلِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ وَقَيَّدَ الشَّيْخَانِ وُجُوبَ الْقَطْعِ بِحُصُولِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِالطَّاهِرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُتَوَلِّي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بِهِ الْعَوْرَةَ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِذَلِكَ (وَإِنْ جَهِلَ مَكَانَهَا فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ، أَوْ الثَّوْبِ غَسَلَ الْجَمِيعَ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا مَا بَقِيَ مِنْهُ جُزْءٌ بِلَا غَسْلٍ (أَوْ) فِي (مَا يَرَاهُ مِنْ بَدَنِهِ) أَوْ ثَوْبِهِ وَجَبَ غَسْلُهُ فَقَطْ (إنْ عَلِمَ) النَّجَاسَةَ (بِرُؤْيَتِهِ) ؛ لِأَنَّ تَيَقُّنَ الطَّهَارَةِ يَحْصُلُ بِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيَجُوزُ عَطْفُ مَا يَرَاهُ عَلَى الْجَمِيعِ أَيْ أَوْ غَسَلَ مَا يَرَاهُ عَلَى إلَى آخِرِهِ (وَمَنْ مَسَّ) بِشَيْءٍ (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ مَا جَهِلَ مَكَانَ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا (رَطْبًا لَمْ يَنْجُسْ) لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ نَجَاسَةَ مَحَلِّ الْإِصَابَةِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ طَاهِرٌ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي النَّجَاسَةِ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ دُونَ الطَّهَارَةِ (وَلَوْ شَقَّ الثَّوْبَ) الْمَذْكُورَ (نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ التَّحَرِّي) فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ الشَّقُّ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَيَكُونَانِ نَجِسَيْنِ (وَإِنْ غَسَلَ نِصْفَهُ، أَوْ نِصْفَ ثَوْبٍ نَجِسٍ) كُلُّهُ (، ثُمَّ) غَسَلَ (النِّصْفَ الثَّانِيَ بِمَا) أَيْ مَعَ مَا (جَاوَرَهُ) مِنْ الْأَوَّلِ (طَهُرَ) كُلُّهُ سَوَاءٌ أَغَسَلَهُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ جَفْنَةٍ أَمْ فِيهَا وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَوَّلِ مَرْدُودٌ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي (دُونَ الْمُجَاوِرِ) لَهُ (فَالْمُنْتَصَفُ) بِفَتْحِ الصَّادِ (نَجِسٌ مِنْ) الثَّوْبِ (النَّجِسِ) كُلُّهُ (مُجْتَنَبٌ مِنْ) الثَّوْبِ (الْمُتَنَجِّسِ) بَعْضُهُ الَّذِي جُهِلَ مَكَانُ النَّجَاسَةِ فِيهِ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مَعْكُوسٌ (وَإِنْ وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي مَوْضِعٍ ضَيِّقٍ كَالْبِسَاطِ، وَالْبَيْتِ) الصَّغِيرَيْنِ (وَأَشْكَلَ) مَحَلُّهَا مِنْهُ (وَجَبَ غَسْلُهُ) فَلَا يَجْتَهِدُ كَمَا فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ (أَوْ) فِي مَوْضِعٍ (وَاسِعٍ كَالصَّحْرَاءِ اجْتَهَدَ) أَيْ نَدْبًا كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ بِلَا اجْتِهَادٍ وَسَكَتُوا عَنْ ضَبْطِ الْوَاسِعِ، وَالضَّيِّقِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَالْمُتَّجَهُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ إنْ بَلَغَتْ بِقَاعُ الْمَوْضِعِ لَوْ فُرِّقَتْ حَدَّ الْعَدَدِ غَيْرِ الْمَحْصُورِ فَوَاسِعٌ وَإِلَّا فَضَيِّقٌ وَيُقَدِّرُ كُلَّ بُقْعَةٍ بِمَا يَسَعُ الْمُصَلِّيَ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ ضَبْطُهُمَا بِالْعُرْفِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَإِذَا جَوَّزْنَا الصَّلَاةَ فِي الْمُتَّسِعِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ إلَى أَنْ يَبْقَى مَوْضِعٌ قَدْرَ النَّجَاسَةِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الْأَوَانِي وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ. (وَلَوْ تَنَجَّسَ أَحَدُ كُمَّيْ الْقَمِيصِ، أَوْ إحْدَى يَدَيْهِ) مَثَلًا (وَأَشْكَلَ) النَّجَسُ مِنْهُمَا (فَغَسَلَ أَحَدَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ) فِيهِمَا (وَصَلَّى) بَعْدَ غَسْلِهِ (لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ ثَوْبٌ، أَوْ بَدَنٌ وَاحِدٌ تُيُقِّنَ نَجَاسَتُهُ فَيُسْتَصْحَبُ الْيَقِينُ كَمَا لَوْ خَفِيَ مَحَلُّهَا فِيهِ وَلَمْ يَنْحَصِرْ فِي مَحَلٍّ مِنْهُ (إلَّا إنْ فَصَلَهُ قَبْلَ التَّحَرِّي) ، ثُمَّ غَسَلَ النَّجِسَ مِنْهُمَا بِالتَّحَرِّي فَإِنَّ صَلَاتَهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا تَصِحُّ كَمَا فِي الثَّوْبَيْنِ (وَإِنْ اشْتَبَهَ) عَلَيْهِ (ثَوْبَانِ فَغَسَلَ أَحَدَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ فَلَهُ الصَّلَاةُ فِيهِمَا وَلَوْ جَمَعَهُمَا عَلَيْهِ) بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْكُمَّيْنِ قَبْلَ الْفَصْلِ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ مَحَلَّ الِاجْتِهَادِ الِاشْتِبَاهُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَتَأْثِيرُهُ فِي إجْزَاءِ الْوَاحِدِ ضَعِيفٌ (وَلَوْ تَحَيَّرَ) فِي اجْتِهَادِهِ فِيهِمَا (اجْتَنَبَهُمَا) وُجُوبًا كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا نَجِسًا وَلَا يَكْفِي أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً (فَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا وَلَا مَاءَ) يَغْسِلُهُمَا، أَوْ أَحَدَهُمَا بِهِ (صَلَّى عُرْيَانًا) لِلضَّرُورَةِ (وَأَعَادَ) لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ إدْرَاكِ الْعَلَامَةِ؛ وَلِأَنَّ مَعَهُ ثَوْبًا طَاهِرًا بِيَقِينٍ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ كَانَ الِاشْتِبَاهُ فِي ثَوْبٍ   [حاشية الرملي الكبير] الْمَطْلَبِ الْعَفْوَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَشْيَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قَيْدٌ مُتَعَيِّنٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْمُتَوَلِّيَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ الشَّاشِيُّ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الْوَجْهُ أَنْ يُعْتَبَرَ ثَمَنُ الثَّوْبِ لَا أُجْرَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ. وَاَلَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الشِّرَاءَ لِبَقَاءِ الْعَيْنِ وَفِي الْأُجْرَةِ بِخُرُوجِ الْمَالِيَّةِ كَمَا فِي الْقَطْعِ قُلْت هَذَا التَّوْجِيهُ يُبْطِلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الصَّوَابِ فَإِنَّهُ إذَا أَوْجَبَ ثَمَنَ الْمَاءِ وَأُجْرَةَ الْغَسْلِ فَقَدْ أَوْجَبَ غَرَامَتَيْنِ وَالْمُتَوَلِّي أَوْجَبَ غَرَامَةً وَاحِدَةً فَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي أَوْلَى بِالْوُجُوبِ مِمَّا ذَكَرَهُ هُوَ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْغَسْلُ لِعَدَمِ الْمَاءِ وَالْمَاءُ لَا يَتَأَتَّى اعْتِبَارُ تَقْدِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى قُدِّرَ وُجُودُهُ لَزِمَ أَنْ لَا يَجُوزَ قَطْعُ الثَّوْبِ لِأَنَّ الثَّوْبَ إنَّمَا يَجُوزُ قَطْعُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ فَلَا يُقَدَّرُ وُجُودُهُ وَهَذَا كَمَا أَنَّ مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاءُ التُّرَابِ إذَا وَجَدَهُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِزِيَادَةٍ تُسَاوِي قِيمَةَ الْمَاءِ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ وُجُودُ الْمَاءِ لَعَكَرَ عَلَى أَصْلِهِ وَهُوَ وُجُوبُ شِرَاءِ التُّرَابِ فَفَسَدَ مَا ذَكَرَهُ ت (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَوَّلِ مَرْدُودٌ) الْأَصَحُّ مَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالرَّدُّ مَرْدُودٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْإِنَاءِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) ، فَإِنْ غَسَلَهُ بِهِ فِي جَفْنَةٍ لَمْ يَطْهُرْ إلَّا بِغَسْلِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ إذَا وَضَعَ بَعْضَهُ فِيهَا وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ لَاقَى الْمَاءُ جُزْءًا مِمَّا لَمْ يُغْسَلْ وَهُوَ نَجَسٌ وَارِدٌ عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ فَيُنَجِّسُهُ فَيَتَنَجَّسُ الْمَوْضُوعُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَطْهُرُ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ، وَالْقَوْلُ بِتَنَجُّسِ الْمَاءِ بِمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ قَالُوا إنَّهُ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي إنَاءٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ طَهُورٌ حَتَّى لَوْ أَدَارَهُ عَلَى جَوَانِبِهِ طَهُرَتْ س. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ فَصَلَهُ قَبْلَ التَّحَرِّي، ثُمَّ غَسَلَ إلَخْ) وَلَوْ غَسَلَ كُمًّا بِاجْتِهَادٍ وَفَصَلَهُ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ فِيمَا لَمْ يَغْسِلْهُ حَجًّا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وَاحِدٍ حَيْثُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ ظَنَّ طَهَارَةَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ وَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عَمِلَ بِالثَّانِي كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ زِيَادَةٍ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ. (فَرْعٌ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ لَاقَى ثَوْبَهُ، أَوْ بَدَنَهُ نَجَسًا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَتَحَرَّكَ ثَوْبُهُ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا (وَكَذَا) تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ لَاقَى (مَحْمُولُهُ) نَجَاسَةً (وَلَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ كَمَنْ قَبَضَ عَلَى حَبْلٍ مُتَّصِلٍ بِمَيْتَةٍ، أَوْ مَشْدُودٍ بِكَلْبٍ وَلَوْ بِسَاجُورِهِ) وَهُوَ مَا يُجْعَلُ فِي عُنُقِهِ (أَوْ) مَشْدُودٍ (بِدَابَّةٍ، أَوْ سَفِينَةٍ) صَغِيرَةٍ بِحَيْثُ (تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ) أَيْ الْحَبْلِ، أَوْ قَابِضِهِ (يَحْمِلَانِ نَجَسًا) أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ بِخِلَافِ سَفِينَةٍ كَبِيرَةٍ بِحَيْثُ لَا تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ فَإِنَّهَا كَالدَّارِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مَشْدُودٍ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ أَنْ تَكُونَ فِي الْبَحْرِ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَرِّ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا أَمْكَنَ جَرُّهَا فِي الْبَرِّ تَبْطُلُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ (لَا إنْ وَضَعَ الْحَبْلَ) الْمَذْكُورَ (تَحْتَ قَدَمِهِ) فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَامِلًا لِنَجَاسَةٍ وَلَا لِمُتَّصِلٍ بِهَا كَبِسَاطٍ صَلَّى عَلَيْهِ وَطَرْفُهُ نَجِسٌ. (فَرْعٌ لَوْ جُبِّرَ) مَنْ انْكَسَرَ عَظْمُهُ وَخَافَ الضَّرَرَ بِتَرْكِ الْجَبْرِ (عَظْمُهُ بِعَظْمٍ نَجِسٍ لَا يُصْلَح) لِلْجَبْرِ (غَيْره) مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ (جَازَ) فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمَا إلَّا إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ النَّزْعِ ضَرَرًا (وَإِنْ جَبَّرَهُ) بِهِ (وَثَمَّ طَاهِرٌ يَصْلُحُ) لِلْجَبْرِ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ (حُرِّمَ) لِتَعَدِّيهِ (وَأُجْبِرَ عَلَى نَزْعِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَلَوْ اكْتَسَى لَحْمًا) لِحَمْلِهِ نَجَاسَةً تَعَدَّى بِحَمْلِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَتِهَا كَوَصْلِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ نَجِسٍ فَإِنْ امْتَنَعَ لَزِمَ الْحَاكِمَ نَزْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَرَدِّ الْمَغْصُوبِ (وَلَا مُبَالَاةَ بِأَلَمِهِ) فِي الْحَالِ إذَا لَمْ يُخَفْ مِنْهُ فِي الْمَآلِ (وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ مَعَهُ) لِحَمْلِهِ نَجَاسَةً فِي غَيْرِ مَعْدِنِهَا لَا ضَرُورَةَ إلَى تَبْقِيَتِهَا بِخِلَافِ شَارِبِ الْخَمْرِ لِحُصُولِهِ فِي مَعْدِنِ النَّجَاسَةِ (وَإِنْ مَاتَ لَمْ يُنْزَعْ) وَإِنْ لَزِمَهُ النَّزْعُ قَبْلَ مَوْتِهِ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ وَلِسُقُوطِ التَّعَبُّدِ عَنْهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ تَحْرِيمُ النَّزْعِ وَالثَّانِي حِلُّهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ تَحْرِيمُهُ مَعَ تَعْلِيلِهِمْ بِالثَّانِي (وَإِنْ خَافَ الضَّرَرَ) الْمُبِيحَ لِلتَّيَمُّمِ (صَحَّتْ صَلَاتُهُ) وَلَا يَلْزَمُهُ النَّزْعُ لِلضَّرَرِ الظَّاهِرِ (وَفِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ وَجْهَانِ) فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِاحْتِيَاجِ النَّاسِ إلَى الْجَمَاعَةِ وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ، وَقَدْ يُقَالُ الْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الطَّاهِرِ خَلْفَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ خَاطَ جُرْحَهُ، أَوْ دَاوَاهُ بِنَجَسٍ فَكَالْجَبْرِ بِعَظْمٍ نَجِسٍ) فِيمَا مَرَّ (وَكَذَا الْوَشْمُ) وَهُوَ غَرْزُ الْجِلْدِ بِالْإِبْرَةِ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ، ثُمَّ يُذَرُّ عَلَيْهِ الصَّدَأُ الْآتِي بَيَانُهُ (وَهُوَ حَرَامٌ مُطْلَقًا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ، وَالْمُسْتَوْشِمَة وَالْوَاشِرَةَ، وَالْمُسْتَوْشِرَة، وَالنَّامِصَةَ وَالْمُتَنَمِّصَةَ» أَيْ فَاعِلَةَ ذَلِكَ وَسَائِلَتَهُ وَلِأَنَّهُ (يَتَنَجَّسُ فِيهِ الصَّدَأُ) ، وَهُوَ مَا يُحْشَى بِهِ الْمَحَلُّ مِنْ نِيلَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا لِيَزْرَقَّ بِهِ، أَوْ يَخْضَرَّ (بِالْغَرْزِ) أَيْ بِسَبَبِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ لَاقَى ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ نَجَسًا] قَوْلُهُ: تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ لَاقَى ثَوْبُهُ، أَوْ بَدَنُهُ نَجَسًا مُطْلَقًا) لَوْ رَأَى شَخْصًا يُصَلِّيَ وَعَلَى ثَوْبِهِ، أَوْ بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَآهُ نَائِمًا، وَقَدْ ضَاقَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْبِيهُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّائِمَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ نَعَمْ لَوْ عَصَى بِالنَّوْمِ كَأَنْ نَامَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَبِّهَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا مَنْ رَأَى بِثَوْبِ مُصَلٍّ نَجَاسَةً مُؤَثِّرَةً لَزِمَهُ إعْلَامُهُ كَأَنْ رَآهُ أَخَلَّ بِرُكْنٍ، أَوْ تَوَضَّأَ بِنَجَسٍ، أَوْ اقْتَدَى بِمَنْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا اقْتَدَى فِيهِ، أَوْ رَأَى صَبِيًّا يَزْنِي بِصَبِيَّةٍ (قَوْلُهُ أَوْ بَدَنَهُ نَجَسًا، أَوْ لَسَعَتْهُ حَيَّةٌ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ لَسَعَتْهُ عَقْرَبٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ سُمَّ الْحَيَّةِ يَظْهَرُ عَلَى مَوْضِعِ اللَّسْعَةِ وَهُوَ نَجَسٌ، وَكَذَلِكَ سُمُّ الْعَقْرَبِ إلَّا أَنَّهَا تُغَوِّصُ إبْرَتَهَا فِي بَاطِنِ اللَّحْمِ وَتَمُجُّ السُّمَّ فِيهِ وَبَاطِنُ اللَّحْمِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْبُطْلَانُ فِي الْعَقْرَبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا إذَا نَزَعَتْ إبْرَتَهَا مِنْ اللَّحْمِ لَاقَتْ الظَّاهِرَ بِطَرْفِ الْإِبْرَةِ قَدْ تُنَجِّسُ بِمُلَاقَاةِ السُّمِّ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ بَاطِنَ إبْرَتِهَا يَنْعَكِسُ إلَى خَارِجٍ عِنْدَ مَجِّ السُّمِّ كَمَا يَنْعَكِسُ مَخْرَجُ سَائِرِ الدَّوَابِّ عِنْدَ الرَّوْثِ لَمْ يُنَجِّسْ. وَأَمَّا الْحَيَّةُ فَلُعَابُهَا وَرُطُوبَةُ فَمِهَا إذَا خَالَطَ السُّمَّ فَتُنَجِّسُ فَيَجِبُ غَسْلُ مَوْضِعِ لَسْعَتِهَا وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِنَجَاسَةِ سُمِّ الْحَيَّاتِ الْعِجْلِيّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) لِحَمْلِهِ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِنَجَسٍ وَكَتَبَ أَيْضًا خَالَفَ مَا لَوْ سَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ حَيْثُ يَصِحُّ إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ؛ لِأَنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ شُرِعَ لِلتَّعْظِيمِ وَهَذَا يُنَافِيهِ، وَالْمَطْلُوبُ فِي السُّجُودِ كَوْنُهُ مُسْتَقِرًّا عَلَى غَيْرِهِ لِحَدِيثِ «مَكِّنْ جَبْهَتَك» فَإِذَا سَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا أَمْكَنَ جَرُّهَا فِي الْبَرِّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تُشْبِهُ الْخَشَبَةَ الصَّغِيرَةَ إذَا اتَّصَلَ بِهَا وَهِيَ نَجِسَةٌ [فَرْعٌ حُكْم صَلَاة مِنْ جُبِّرَ عَظْمُهُ بِعَظْمٍ نَجِسٍ] (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ) . أَمَّا عَظْمُ الْحَرْبِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ فَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قف د وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَفْظُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَلَا يُصَلِّ إلَى مَا انْكَسَرَ مِنْ عَظْمِهِ إلَّا بِعَظْمِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ذَكِيًّا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَبْرُ بِعَظْمِ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّ لَحْمَ الْآدَمِيِّ لَا يَنْجَبِرُ سَرِيعًا إلَّا بِعَظْمِ الْكَلْبِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ عُذْرٌ وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي التَّيَمُّمِ فِي بُطْءِ الْبُرْءِ. اهـ. مَا تَفَقَّهَهُ مَرْدُودٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ عَلَى نَزْعِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ إذَا كَانَ الْمَقْلُوعُ مِنْهُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ كَمَا لَوْ وَصَلَهُ ثُمَّ جُنَّ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ إلَّا إذَا أَفَاقَ أَوْ حَاضَتْ لَمْ تُجْبَرْ إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي عَدَمِ النَّزْعِ إذَا مَاتَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ ر (وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الْمُحْتَرَمِ كَالْمُرْتَدِّ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ يُنْزَعُ مِنْهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا ش (قَوْلُهُ: لَكِنْ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِاحْتِيَاجِ النَّاسِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 الدَّمِ الْحَاصِلِ بِغَرْزِ الْجِلْدِ بِالْإِبْرَةِ (فَتَجِبُ إزَالَتُهُ مَا لَمْ يَخَفْ) ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، فَإِنْ خَافَهُ لَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا كُلُّهُ إذَا فَعَلَ بِرِضَاهُ وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ إزَالَتُهُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الذَّخَائِرِ فِي نَزْعِ الْعَظْمِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ. (وَإِنْ غَسَلَ شَارِبُ الْخَمْرِ) ، أَوْ نَجَسٍ آخَرَ (فَمَهُ) وَصَلَّى (صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَيَجِبُ) عَلَيْهِ (أَنْ يَتَقَيَّأَهُ) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَرِبَهُ لِعُذْرٍ وَأَلْحَقُوا بَاطِنَ الْفَمِ بِالظَّاهِرِ فِي تَطْهِيرِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ دُونَ الْجَنَابَةِ، وَالْفَرْقُ غِلَظُ النَّجَاسَةِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ غَسَلَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيَطْهُرُ بِالتَّطْهِيرِ) الْمَعْرُوفِ فِي النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ (ظَاهِرُ خُفٍّ خُرِّزَ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ وَيُعْفَى عَنْ بَاطِنِهِ) وَهُوَ مَوْضِعُ الْخَرْزِ (لِعُمُومِ الْبَلْوَى) بِهِ (فَتَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ) وَلَوْ فَرْضًا وَإِنَّمَا كَانَ أَبُو زَيْدٍ يُصَلِّي فِيهِ الْفَرْضَ احْتِيَاطًا لَهُ وَإِلَّا فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الْعَفْوُ مُطْلَقًا عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ، وَالنَّفَلِ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَطْعِمَةِ كَمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ وَلَوْ خُرِّزَ خُفٌّ بِشَعْرٍ نَجَسٍ رَطْبٍ طَهُرَ ظَاهِرُهُ بِالْغَسْلِ عَلَى الصَّحِيحِ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ لَا فِيهِ وَلَوْ أَدْخَلَ رِجْلَهُ رَطْبَةً فِيهِ لَمْ تَنْجُسْ. (فَرْعٌ وَصْلُ الشَّعْرِ) مِنْ الْآدَمِيِّ (بِشَعْرٍ نَجِسٍ، أَوْ شَعْرِ آدَمِيٍّ حَرَامٌ) مُطْلَقًا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِلتَّغْرِيرِ وَلِلتَّعَرُّضِ لِلتُّهْمَةِ؛ وَلِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مُسْتَعْمَلٌ لِلنَّجَسِ الْعَيْنِيِّ فِي بَدَنِهِ كَالْإِدْهَانِ بِنَجَسٍ وَالِامْتِشَاطِ بِعَاجٍ مَعَ رُطُوبَةٍ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَبِسَائِرِ أَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ لِكَرَامَتِهِ (وَكَذَا شَعْرُ غَيْرِهِمَا) يَحْرُمُ وَصْلُ الشَّعْرِ بِهِ لِمَا مَرَّ مَا عَدَا الْأَخِيرَ وَكَالشَّعْرِ الصُّوفُ، وَالْخِرَقُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ وَأَمَّا رَبْطُ الشَّعْرِ بِخُيُوطِ الْحَرِيرِ الْمُلَوَّنَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ فَلَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ. (وَ) يَحْرُمُ (تَجْعِيدُهُ) أَيْ الشَّعْرِ (وَوَشْرُ الْأَسْنَانِ) أَيْ تَحْدِيدُهَا وَتَرْقِيقُهَا لِلتَّغْرِيرِ وَلِلتَّعَرُّضِ لِلتُّهْمَةِ فِيهِمَا وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الثَّانِي (، وَالْخِضَابُ بِالسَّوَادِ) لِخَبَرِ «يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخَرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (وَتَحْمِيرُ الْوَجْنَةِ) بِالْحِنَّاءِ، أَوْ نَحْوِهِ (وَتَطْرِيفُ الْأَصَابِعِ) بِهِ مَعَ السَّوَادِ لِلتَّعَرُّضِ لِلتُّهْمَةِ (إلَّا بِإِذْنِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ) لَهَا فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ بَعْدَ قَوْلِهِ حَرَامٌ فَيَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَزَيُّنِهَا لَهُ، وَقَدْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ وَخَالَفَ فِي التَّحْقِيقِ فِي الْوَصْلِ، وَالْوَشْرِ فَأَلْحَقَهُمَا بِالْوَشْمِ فِي الْمَنْعِ مُطْلَقًا. (وَيَحْرُمُ) عَلَى الْمَرْأَةِ (التَّنْمِيصُ) فِعْلًا وَسُؤَالًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجٍ، أَوْ سَيِّدٍ (وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ شَعْرِ الْوَجْهِ، وَالْحَاجِبِ) لِلْحُسْنِ وَتَحْرِيمُ ذَلِكَ مَعَ التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ زَادَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجٍ، أَوْ سَيِّدٍ كَانَ أَوْلَى وَعَطْفُ الْحَاجِبِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ مَا ذُكِرَ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي اللِّحْيَةُ، وَالشَّارِبُ. (وَالنَّتْفُ لِلشَّيْبِ) مِنْ الرَّأْسِ، وَاللِّحْيَةِ (مَكْرُوهٌ) لِخَبَرِ «لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهِ لَمْ يَبْعُدْ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَحْرِيمَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ (وَ) النَّتْفُ (لِلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَشَارِبِهَا مُسْتَحَبٌّ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِثْلُهُ فِي حَقِّهَا وَذِكْرُ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ الْأَوَّلَ تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْعَقِيقَةِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ الثَّانِيَ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ، لَكِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى اللِّحْيَةِ وَمِثْلُهَا الشَّارِبُ (كَخَضْبِ الشَّيْبِ بِالْحِنَّاءِ) ، أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِلْمَرْأَةِ، أَوْ غَيْرِهَا لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ (وَ) كَذَا يُسْتَحَبُّ خَضْبُ (كَفَى الْمَرْأَةِ) الْمُزَوَّجَةِ، وَالْمَمْلُوكَةِ (وَقَدَمَيْهَا) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مِنْهَا لِزَوْجِهَا، أَوْ سَيِّدِهَا (تَعْمِيمًا) لَا تَطْرِيقًا وَلَا نَقْشًا فَلَا يُسْتَحَبُّ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِحْرَامِ وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ، وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْخِضَابُ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْعَقِيقَةِ مَعَ زِيَادَةٍ (وَلَا بَأْسَ بِتَصْفِيفِ شَعْرِهَا) كَشَعْرِ النَّاصِيَةِ، وَالْأَصْدَاغِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْعَقِيقَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَيُكْرَهُ رَدُّ رَيْحَانٍ وَطِيبٍ [فَرْعٌ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ أَوْ سَرِيرٍ فِي طَرْفِهِ أَوْ تَحْتَ قَوَائِمِهِ نَجَاسَةٌ] (فَرْعٌ، وَإِنْ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ أَوْ سَرِيرٍ فِي طَرْفِهِ، أَوْ تَحْتَ قَوَائِمِهِ) أَيْ السَّرِيرِ (نَجَاسَةٌ لَمْ يَضُرَّ) وَإِنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ لِعَدَمِ مُلَاقَاتِهَا لَهُ (وَلَوْ سَجَدَ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَلَوْ صَلَّى (عَلَى طَاهِرٍ) كَبِسَاطٍ (وَصَدْرُهُ) أَوْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْأَصْلِ (مُحَاذٍ) فِي سُجُودِهِ أَوْ غَيْرِهِ (لِلنَّجَاسَةِ لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ لِمَا مَرَّ (وَكُرِهَ) لِمُحَاذَاتِهِ النَّجَاسَةَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ (وَإِنْ فَرَشَ ثَوْبًا مُهَلْهَلًا عَلَى نَجَاسَةٍ وَمَاسَّتْهُ) مِنْ الْفُرَجِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ إذَا فَعَلَ بِرِضَاهُ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُخْتَارًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ إزَالَتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرِبَهُ لِعُذْرٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا كَدَوَاءٍ أَوْ إكْرَاهٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَطْعِمَةِ إلَخْ) مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْأَطْعِمَةِ هُوَ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَمَا زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ تَأْوِيلٌ لِصَلَاةِ الشَّيْخِ أَبِي زَيْدٍ فِيهِ النَّوَافِلُ دُونَ الْفَرَائِضِ عَلَى خِلَافِ تَأْوِيلِ الرَّافِعِيِّ لَهَا فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْعَفْوِ كَمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَدْ حَكَى الْقَمُولِيُّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا عَدَمُ الْعَفْوِ وَنَقَلَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَاب الْإِجْمَاعِ الْمَنْعَ عَنْ الشَّافِعِيِّ. [فَرْعٌ وَصْلُ الشَّعْرِ مِنْ الْآدَمِيِّ بِشَعْرٍ نَجِسٍ أَوْ شَعْرِ آدَمِيٍّ وَالصَّلَاة بِهِ] (قَوْلُهُ: وَوَشْرُ الْأَسْنَانِ) يُسْتَثْنَى الْوَاشِرُ لِإِزَالَةِ الشَّيْنِ كَوَشْرِ السِّنِّ الزَّائِدَةِ وَالنَّازِلَةِ عَنْ أَخَوَاتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ (قَوْلُهُ وَالْخِضَابُ بِالسَّوَادِ) أَمَّا بِالْحِنَّاءِ وَحْدَهُ فَجَائِزٌ. وَلَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَرِجْلُهُ فِي مَدَاسِهِ النَّجِسِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ جَعَلَهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ جَازَ وَلَوْ نَزَعَ أَصَابِعَهُ مِنْهُ إنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ رِجْلِهِ بِحِذَاءِ ظَهْرِ الْمَدَاسِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي د. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 (أَوْ) فَرَشَهُ (عَلَى ثَوْبٍ حَرِيرٍ) وَمَاسَّهُ (فَفِي بَقَاءِ التَّحْرِيمِ وَجْهَانِ) فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ بَقَائِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْمَزْبَلَةِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مَوْضِعُ الزِّبْلِ (، وَالْمَجْزَرَةِ) بِفَتْحِ الزَّاي مَوْضِعُ جَزْرِ الْحَيَوَانِ أَيْ ذَبْحِهِ (وَالطَّرِيقِ) فِي الْبُنْيَانِ دُونَ الْبَرِّيَّةِ (وَالْحَمَّامِ وَكَذَا مَسْلَخَةٌ) الْأَوْلَى وَلَوْ بِمَسْلَخَةٍ (وَظَهْرُ الْكَعْبَةِ وَأَعْطَانُ الْإِبِلِ) أَيْ الْمَوَاضِعُ الَّتِي تُنَحَّى إلَيْهَا الْإِبِلُ الشَّارِبَةُ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ لِتَشْرَبَ هِيَ عَلَلًا بَعْدَ نَهَلٍ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ (وَمُرَاحُهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَهُوَ مَأْوَاهَا لَيْلًا (لَا مُرَاحُ الْغَنَمِ) فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ (وَ) تُكْرَهُ (فِي الْمَقْبَرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ خَلَا مُرَاحِ الْإِبِلِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْمَعْنَى فِي الْكَرَاهَةِ فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ، وَالْمَقْبَرَةِ نَجَاسَتُهَا فِيمَا يُحَاذِي الْمُصَلِّيَ وَفِي الطَّرِيقِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ فِيهَا وَقَطْعُ الْخُشُوعِ وَفِي الْحَمَّامِ أَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَفِي ظَهْرِ الْكَعْبَةِ اسْتِعْلَاؤُهُ عَلَيْهَا وَفِي عَطَنِ الْإِبِلِ وَمُرَاحِهَا نِفَارُهَا الْمُشَوِّشُ لِلْخُشُوعِ وَلِهَذَا لَمْ تُكْرَهْ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ وَلَا فِيمَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا مِنْ مِثْلِ عَطَنِ الْإِبِلِ، وَالْكَرَاهَةُ فِي عَطَنِ الْإِبِلِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي مُرَاحِهَا إذْ نِفَارُهَا عِنْدَ الصُّدُورِ مِنْ الْمَنْهَلِ أَقْرَبُ لِاجْتِمَاعِهَا وَازْدِحَامِهَا وَالْبَقَرُ كَالْغَنَمِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاسْتَثْنَى الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مِنْ الْمَقَابِرِ مَقْبَرَةَ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَهُمْ وَلِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا بَاطِلٌ بَلْ الْكَرَاهَةُ فِيهَا أَشَدُّ قُلْت الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِيهَا النَّجَاسَةُ كَمَا مَرَّ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا بِمَا ذُكِرَ (ثُمَّ مَا كَانَ نَجِسًا مِنْ ذَلِكَ كَالْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ بَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (فِيهِ) مَا لَمْ يَحُلْ طَاهِرٌ (وَإِذَا شَكَّ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي نَبْشِهَا، أَوْ فِي النَّجَسِ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ. (فَإِنْ بَسَطَ) شَيْئًا (عَلَى نَجَسٍ وَصَلَّى) عَلَيْهِ (كُرِهَ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَقْبَرَةِ. (وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْكَنَائِسِ، وَالْبِيَعِ، وَالْحُشُوشِ) أَيْ الْأَخْلِيَةِ (وَمَوْضِعِ الْخَمْرِ) شُرْبًا وَغَيْرَهُ (وَالْمُكُوسِ وَنَحْوِهَا مِنْ) مَوَاضِعِ (الْمَعَاصِي) كَالْقِمَارِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْحَمَّامِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَفِي الْوَادِي الَّذِي نَامَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَمَنْ مَعَهُ (عَنْ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقَالَ اُخْرُجُوا بِنَا مِنْ هَذَا الْوَادِي فَإِنَّ فِيهِ شَيْطَانًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَكَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيْطَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ فَوَاتَهَا بِلَا كَرَاهَةٍ. (وَ) يُكْرَهُ (اسْتِقْبَالُ الْقَبْرِ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» وَيُسْتَثْنَى قَبْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَحْرُمُ اسْتِقْبَالُهُ فِيهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي غَيْرِهِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَيُقَاسُ بِهِ سَائِرُ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَقْبِلَ آدَمِيٍّ. (فَصْلٌ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ اسْتِنْجَاءٍ) لِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَجَرِ (وَلَوْ عَرِقَ) مَحَلُّ الْأَثَرِ وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ بِخِلَافِ حَمْلِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَا فِي الْأَصْلِ، وَالْمَجْمُوعِ هُنَا وَقَالَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ إذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ وَعَرِقَ مَحَلُّهُ وَسَالَ الْعَرَقُ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ وَجَبَ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ، وَالثَّانِي فِيمَا جَاوَزَهُمَا (لَا إنْ لَاقَى) الْأَثَرُ (رَطْبًا آخَرَ) فَلَا يُعْفَى عَنْهُ لِنُدْرَةِ الْحَاجَةِ إلَى مُلَاقَاتِهِ ذَلِكَ وَتَعْبِيرُهُ بِرَطْبًا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَاءٍ. (وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي مُسْتَجْمَرًا، أَوْ مَا عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ) أُخْرَى (مَعْفُوٌّ عَنْهَا) كَثَوْبٍ فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عَلَى مَا يَأْتِي (أَوْ حَيَوَانًا مُتَنَجِّسَ الْمَنْفَذِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَبِالْمُعْجَمَةِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) إذْ الْعَفْوُ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِهِ فِيهَا (، لَكِنْ لَوْ دَخَلَ هَذَا الْحَيَوَانُ) أَيْ الَّذِي عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ (مَاءً) قَلِيلًا، أَوْ مَائِعًا آخَرَ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَخَرَجَ حَيًّا (عُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ) فِي تَجَنُّبِهِ وَلَوْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ بَقَائِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْع الصَّلَاةُ فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالطَّرِيقِ وَالْحَمَّامِ وَظَهْرُ الْكَعْبَةِ وَأَعْطَانُ الْإِبِلِ] (قَوْلُهُ: تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْمَزْبَلَةِ إلَخْ) ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا تُكْرَهُ تَنْزِيهًا فِي ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا وَأَنَّ الَّذِي يُكْرَهُ فِيهَا ثَلَاثُونَ (قَوْلُهُ: وَالْحَمَّامِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْمَكْتُوبَةِ فَعَلَهَا فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيمَا يَظْهَرُ وَهَلْ تَجِبُ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَقْرَبُ الْوُجُودُ وَيَطَّرِدُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كُلِّ مَكَان تُكْرَهُ فِيهِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَمُرَاحُهَا) أَيْ وَمَوَاضِعُهَا كُلُّهَا (قَوْلُهُ: وَفِي الطَّرِيقِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ إلَخْ) وَقِيلَ لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْكِفَايَةِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ بِانْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا ع الصَّوَابُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِفَايَةِ كَرَاهَتُهَا حَيْثُ وُجِدَ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَمَّا فِي الشُّغْلِ وَحْدَهُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ هُنَا وَأَمَّا فِي غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَقْبَرَةِ ح قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي طُرُقِ الْبَوَادِي النَّائِيَةِ الَّتِي يَنْدُرُ فِيهَا الْمُرُورُ لِفَقْدِ الْمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَمْ تُكْرَهْ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ) ، وَالْخَيْلُ، وَالْبِغَالُ، وَالْحَمِيرُ كَالْغَنَمِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ) ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ إلَخْ) وَعُرِضَ عَلَى وَالِدِهِ فَصَوَّبَهُ. اهـ وَلَا يُشْكِلُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَهَا مَسَاجِدَ أَخَصُّ مِنْ مُجَرَّدِ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَالنَّهْيُ عَنْ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنْ الْأَعَمِّ ش (قَوْلُهُ: قُلْت الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا بِمَا ذُكِرَ) يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا مَقْبَرَةُ الشُّهَدَاءِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ اسْتِقْبَالُهُ فِيهَا) أَيْ يَحْرُمُ التَّوَجُّهُ إلَى رَأْسِهِ. [فَصْلٌ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ اسْتِنْجَاءٍ فِي الصَّلَاة] (قَوْلُهُ: يُعْفَى عَنْ أَثَرِ اسْتِنْجَاءٍ) ذَكَرَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ يُعْفَى حَالَ الصَّلَاةِ عَنْ نَجَاسَةِ سِتَّةٍ وَسِتِّينَ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي مُسْتَجْمَرًا إلَخْ) وَقِيَاسُهُ الْبُطْلَانُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ حَمَلَ مَاءً قَلِيلًا، أَوْ مَائِعًا فِيهِ مَيْتَةٌ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ وَقُلْنَا لَا تُنَجِّسُ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ ع (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ) فِي التَّقْيِيدِ بِمُتَنَجِّسٍ مَنْفَذُهُ بِالْخَارِجِ مِنْهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّ مَنَافِذَ الثَّلَاثَةِ نَجِسَةٌ قَبْلَ خُرُوجِ الْخَارِجِ وَعَمَّا لَوْ طَرَأَ عَلَى الْمَحَلِّ نَجَسٌ أَجْنَبِيٌّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْعَفْوِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 حَمَلَ حَيَوَانًا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَا نَظَرَ لِمَا فِي بَاطِنِهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِهِ الْخِلْقِيِّ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَلَ أُمَامَةَ بِنْتَ بِنْتِهِ زَيْنَبَ فِي صَلَاتِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَتَبْطُلُ إنْ حَمَلَ حَيَوَانًا مَذْبُوحًا وَإِنْ غَسَلَ) الدَّمَ عَنْ الْمَذْبَحِ لِلنَّجَاسَةِ الَّتِي بِبَاطِنِهِ؛ لِأَنَّهَا كَالظَّاهِرَةِ (وَ) تَبْطُلُ أَيْضًا إنْ حَمَلَ (آدَمِيًّا) ، أَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا (مَيِّتًا وَبَيْضَةً) مَذِرَةً (وَعِنَبًا فِي بَاطِنِهِمَا دَمٌ وَخَمْرٌ) لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ لِلْحَيَاةِ أَثَرًا فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ (كَقَارُورَةٍ خُتِمَتْ عَلَى دَمٍ) ، أَوْ نَحْوِهِ (وَلَوْ بِرَصَاصٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ فَإِنَّ حَمْلَهَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ اسْتِتَارَ ذَلِكَ عَارِضٌ. (وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ طِينِ الشَّوَارِعِ النَّجَسِ) لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ كَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الْعَفْوَ عَنْهُ وَلَوْ اخْتَلَطَ بِنَجَاسَةِ كَلْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لَا سِيَّمَا فِي مَوْضِعٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْكِلَابُ؛ لِأَنَّ الشَّوَارِعَ مَعْدِنُ النَّجَاسَاتِ (، وَالْقَلِيلُ مَا لَا يُنْسَبُ صَاحِبُهُ إلَى سَقْطَةٍ) أَيْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ (أَوْ كَبْوَةٍ) عَلَى وَجْهِهِ (أَوْ قِلَّةِ تَحَفُّظٍ) وَهُوَ مَا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا وَيَخْتَلِفُ بِالْوَقْتِ وَبِمَوْضِعِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَخَرَجَ بِالنَّجَسِ غَيْرُهُ فَطَاهِرٌ، وَإِنْ ظُنَّ نَجَاسَتُهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ. (وَلَا يُجْزِئُ) فِي الطَّهَارَةِ (دَلْكُ خُفٍّ) ، أَوْ نَعْلٍ (تَنَجَّسَ بِأَرْضٍ) أَوْ نَحْوِهَا كَالثَّوْبِ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «إذَا أَصَابَ خُفَّ أَحَدِكُمْ أَذًى فَلْيَدْلُكْهُ فِي الْأَرْضِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَقْذَرِ الظَّاهِرِ وَقَوْلُهُ بِأَرْضٍ مُتَعَلِّقٌ بِدَلْكِ خُفٍّ. (وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَنَحْوِهَا) مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى كَبَقٍّ وَقَمْلٍ (وَ) قَلِيلِ (وَنِيمُ الذُّبَابِ) أَيْ رَوْثِهِ (وَ) قَلِيلِ (بَوْلِ الْخُفَّاشِ) ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ رَوْثَهُ وَبَوْلَ الذُّبَابِ كَذَلِكَ. (وَ) قَلِيلِ (دَمِ بَثَرَاتِ الْمَرْءِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَهِيَ خُرَّاجٌ صَغِيرٌ (وَإِنْ عَصَرَهَا وَ) دَمِ (دَمَامِلِهِ وَقَيْحِهَا وَصَدِيدَهَا) وَهُمَا دَمَانِ مُسْتَحِيلَانِ إلَى نَتْنٍ وَفَسَادٍ، وَذَلِكَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِمَا ذُكِرَ. (وَكَذَا لَوْ كَثُرَتْ وَلَوْ بِعَرَقِهِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يُتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَأُلْحِقَ نَادِرُهَا بِغَالِبِهَا كَالتَّرَخُّصِ فِي السَّفَرِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلِلْحَرَجِ فِي تَمْيِيزِ الْكَثِيرِ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (فِي مَلْبُوسِهِ) أَيْ وَلَمْ يَتَعَمَّدْهُ فَلَوْ حَمَلَ ثَوْبَ بَرَاغِيثَ فِي كُمِّهِ، أَوْ فَرَشَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ، أَوْ لَبِسَهُ وَكَانَتْ الْإِصَابَةُ بِفِعْلِهِ قَصْدًا كَأَنْ قَتَلَهَا فِي ثَوْبِهِ، أَوْ بَدَنِهِ لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ الْقَلِيلِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّوْمِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْكَثِيرِ الْعَصْرُ قَصْدًا فَلَا يُعْفَى عَنْهُ كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَالْمَجْمُوعِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فَلَوْ وَقَعَ الثَّوْبُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ. قَالَ الْمُتَوَلِّي حُكِمَ بِتَنَجُّسِهِ قَالَ وَالْعَفْوُ جَارٍ وَلَوْ كَانَ الْبَدَنُ رَطْبًا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَافًّا فَلَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ وَبَدَنُهُ رَطْبٌ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَلْوِيثِ بَدَنِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ تَفَقُّهًا وَبِالْأَوَّلِ أَفْتَيْت فِيمَا إذَا كَانَتْ الرُّطُوبَةُ بِمَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِالْعَرَقِ (وَ) عَنْ (دَمِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ) مِنْ نَفْسِهِ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ، وَالْعَفْوُ عَنْ الْكَثِيرِ فِيهِمَا وَفِي الدَّمَامِيلِ، وَالْجُرُوحِ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمِنْهَاجِ، لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ فَصَحَّحَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ كَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى طُهْرِ التَّيَمُّمِ لِمَا مَرَّ فِيهِ (وَ) عَنْ (قَلِيلِ دَمِ) الْأَجْنَبِيِّ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ) وَفَرْعِ أَحَدِهِمَا (وَ) عَنْ قَلِيلِ (قَيْحِهِ) ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الدَّمِ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الْعَفْوُ فَيَقَعُ الْقَلِيلُ مِنْ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ الْمُسَامَحَةِ (لَا) عَنْ (الْكَثِيرِ) مِنْهُ (فِي الْعُرْفِ) أَمَّا دَمُ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِغِلَظِ حُكْمِهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ وَأَقَرَّهُ، فَإِنْ زَادَ الدَّمُ الْكَائِنُ بِجُرْحِهِ (عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَخَشِيَ مِنْ غَسْلِ الزَّائِدِ) وَفِي نُسْخَةٍ عَنْهَا وَخَشِيَ مِنْ غَسْلِهَا (صَلَّى) فَرْضَهُ لِلضَّرُورَةِ (وَأَعَادَ) وُجُوبًا (وَالْقَلِيلُ) فِيمَا ذُكِرَ (مَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ) بِخِلَافِ الْكَثِيرِ فَالرُّجُوعُ فِيهِمَا إلَى الْعُرْفِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ ذَاكَ فِي الْكَثِيرِ، وَهَذَا فِي الْقَلِيلِ وَذَكَرُوا لِذَلِكَ تَقْرِيبًا فِي طِينِ الشَّارِعِ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ، وَالْبِلَادِ) وَنَحْوِهَا فَقَدْ يَكْثُرُ دَمُ الْبَرَاغِيثِ مَثَلًا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ وَمَكَانٍ دُونَ مَكَان فَيَجْتَهِدُ الْمُصَلِّي فِيهِ (وَلِلْمَشْكُوكِ فِي كَثْرَتِهِ حُكْمُ الْقَلِيلِ) فَيُعْفَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ النَّجَاسَةِ الْعَفْوُ إلَّا إذَا تَيَقَّنَّا الْكَثْرَةَ. (وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ مَعَ جُدَرِيٍّ وَلَوْ يَبِسَتْ عَلَى مِدَّتِهِ (جِلْدَتُهُ) بِكَسْرِ الْمِيم مَا يَجْتَمِعُ فِي الْجُرْحِ مِنْ الْقَيْحِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِذَا عَلِمَ بَعْدَ الْفَرَاغِ) مِنْ الصَّلَاةِ (بِنَجَاسَةٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي بَدَنِهِ، أَوْ ثَوْبِهِ، أَوْ مَكَانِهِ (أَوْ خَرْقٍ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ) بَعْدَهَا (فِي ثَوْبِهِ) السَّاتِرِ لِعَوْرَتِهِ (أَعَادَ صَلَاتَهُ) وُجُوبًا. (وَمَاءُ الْقُرُوحِ طَاهِرٌ) كَالْعَرَقِ   [حاشية الرملي الكبير] بِعَدَمِ التَّغْيِيرِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَتْ نَجَاسَةُ الشَّارِعِ كَلْبِيَّةً فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا قَطْعًا كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ رَوْثَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا دَمَانِ مُسْتَحِيلَانِ إلَخْ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الصَّدِيدُ مَاءٌ رَقِيقٌ مُخْتَلِطٌ بِدَمٍ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ دَمٌ مُخْتَلِطٌ بِقَيْحٍ د (قَوْلُهُ فِي مَلْبُوسِهِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ نَامَ فِي ثِيَابِهِ وَكَثُرَ فِيهَا دَمُ الْبَرَاغِيثِ الْتَحَقَ بِمَا يَقْتُلُ فِي ثِيَابِهِ مُتَعَمِّدًا؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ فِي نَوْمِهِ فِي ثِيَابِهِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ التَّعَرِّي عِنْدَ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: قَالَ: وَالْعَفْوُ وَلَوْ كَانَ الْبَدَنُ رَطْبًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْأَوْرَاقِ الَّتِي تُعْمَلُ وَتُبْسَطُ، وَهِيَ رَطْبَةٌ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِرَمَادٍ نَجَسٍ فَقَالَ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ) مَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ الْكَثِيرِ مِنْ دَمِ الْفَصْدِ، وَالْحِجَامَةِ وَالدَّمَامِيلِ، وَالْقُرُوحِ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ أَوْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَعَنْ قَلِيلِ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْقَلِيلُ مُتَفَرِّقًا وَلَوْ جُمِعَ لَكَثُرَ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ) وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ د وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتَدْرَكَهُ وَقَالَ إنَّهُ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ جُدَرِيٍّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ) قَالَهُ الْقَاضِي د. (قَوْلُهُ: أَوْ خَرْقٌ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 (إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) وَإِلَّا فَنَجَسٌ (كَالنَّفَّاطَاتِ) فَإِنَّ مَاءَهَا طَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ. (وَيُعْفَى عَنْ دَمِ اسْتِحَاضَةٍ وَسَلَسِ بَوْلٍ) ، أَوْ نَحْوِهِ أَيْ يُعْفَى عَمَّا يُسْتَصْحَبُ مِنْهُ بَعْدَ الِاحْتِيَاطِ (وَ) عَنْ (سِلَاحٍ دَمِيَ بِحَرْبٍ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِيهَا وَسَيَأْتِي فِيهِ كَلَامٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ. [الشَّرْطُ الْخَامِسُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ] ِ) عَنْ الْعُيُونِ، فَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَعْنِي الثِّيَابَ فِيهَا وَلِخَبَرِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ أَيْ بَالِغَةٍ إلَّا بِخِمَارٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغَةِ كَالْبَالِغَةِ، لَكِنَّهُ قُيِّدَ بِهَا جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ (وَيَجِبُ) سَتْرُهَا (مُطْلَقًا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا (وَلَوْ) كَانَ (فِي خَلْوَةٍ) لِخَبَرِ «لَا تَمْشُوا عُرَاةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجَرْهَدٍ غَطِّ فَخِذَك فَإِنَّ الْفَخِذَ مِنْ الْعَوْرَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ وَلِيَسْتَتِرَ عَنْ الْجِنِّ، وَالْمَلَكِ (لَا) سَتْرُهَا (عَنْ نَفْسِهِ) فَلَا يَجِبُ (وَيُكْرَهُ نَظَرُهُ سَوْأَتَيْهِ) أَيْ قُبُلَهُ وَدُبُرَهُ بِلَا حَاجَةٍ وَسُمِّيَا سَوْأَتَيْنِ؛ لِأَنَّ انْكِشَافَهُمَا يَسُوءُ صَاحِبَهُمَا وَحُكْمُهُمَا الْمَذْكُورُ مَعَ مَا قَبْلَهُ مُكَرَّرٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي النِّكَاحِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ ثَمَّ (وَيُبَاحُ كَشْفُهَا لِغَسْلِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُحْوِجُ إلَى الْكَشْفِ كَالِاسْتِحْدَادِ (خَالِيًا) عَنْ النَّاسِ وَمَسْأَلَةُ الْغُسْلِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِهِ. (وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ، وَالْأَمَةِ) وَلَوْ مُبَعَّضَةً (وَكَذَا الْحُرَّةُ عِنْدَ الْمَحَارِمِ) وَفِي الْخَلْوَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ (مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) لِخَبَرِ «عَوْرَةُ الْمُؤْمِنِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ» رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ فِيهِ رَجُلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، لَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ تَجْبُرُهُ وَقِيسَ بِالرَّجُلِ الْبَقِيَّةُ بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسَ كُلٍّ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَرَوَى أَبُو دَاوُد «إذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ أَمَتَهُ عَبْدَهُ، أَوْ أَجِيرَهُ فَلَا يَنْظُرْ إلَى مَا تَحْتَ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ» (لَا هُمَا) أَيْ السُّرَّةُ، وَالرُّكْبَةُ فَلَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ، لَكِنْ يَجِبُ سَتْرُ بَعْضِهِمَا لِيَحْصُلَ سَتْرُهَا. (وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَعِنْدَ الْأَجْنَبِيِّ) وَلَوْ خَارِجَهَا (جَمِيعُ بَدَنِهَا إلَّا الْوَجْهَ، وَالْكَفَّيْنِ) ظَهْرًا وَبَطْنًا إلَى الْكُوعَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَجْهُهَا وَكَفَّاهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَكُونَا عَوْرَةً؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى إبْرَازِهِمَا وَإِنَّمَا حُرِّمَ النَّظَرُ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَمِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّةِ وَرُكْبَةِ مَنْ فِيهَا رِقٌّ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ النِّكَاحِ وَتَقْيِيدُ عَوْرَةِ الْحُرَّةِ فِيمَا ذُكِرَ بِمَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَسَوَاءٌ فِي عَوْرَةِ مَنْ ذُكِرَ الْبَالِغُ وَغَيْرُهُ نَعَمْ يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَةِ غَيْرِ الْبَالِغِ إذَا لَمْ يُشْتَهَ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي النِّكَاحِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ هُنَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، ثُمَّ إنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَسَيَأْتِي ثَمَّ حُكْمُ الْإِصْغَاءِ لَهُ (وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى) أَيْ الْخُنْثَى الرَّقِيقُ كَالْأَمَةِ، وَالْحُرُّ كَالْحُرَّةِ (فَلَوْ اسْتَتَرَ كَالرَّجُلِ) بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى سَتْرِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ (وَصَلَّى لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْأَفْقَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِلشَّكِّ فِي السَّتْرِ وَصَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ صِحَّتَهَا وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَكَثِيرٍ الْقَطْعَ بِهِ لِلشَّكِّ فِي عَوْرَتِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا لِلشَّكِّ حَالَ الصَّلَاةِ. (فَرْعٌ لَا يَكْفِي سُتْرَةٌ تَحْكِي اللَّوْنَ) أَيْ لَوْنَ الْبَشَرَةِ أَيْ تَصِفُهُ بِمَعْنَى يَصِفُهُ النَّاظِرُ مِنْ وَرَائِهَا كَمُهَلْهَلٍ لَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ اللَّوْنِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ السَّتْرِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ (وَلَا يَضُرُّ) هَا بَعْدَ سَتْرِهَا اللَّوْنَ (أَنْ تَحْكِيَ الْحَجْمَ) لَكِنَّهُ لِلْمَرْأَةِ مَكْرُوهٌ وَلِلرَّجُلِ خِلَافُ الْأَوْلَى قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَلَوْ طَيَّنَ نَفْسَهُ) أَيْ عَوْرَتَهُ (أَوْ اسْتَتَرَ بِمَاءٍ كَدِرٍ جَازَ وَلَوْ وَجَدَ ثَوْبًا) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَتُفْرَضُ الصَّلَاةُ فِي الْمَاءِ فِيمَنْ يُمْكِنُهُ الرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ وَفِي صَلَاةِ الْعَاجِزِ عَنْهُمَا لِعِلَّةٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَفِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَيَسْجُدَ عَلَى الشَّطِّ لَمْ يَلْزَمْهُ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ وَخَرَجَ بِالْكَدِرِ الصَّافِي فَلَا يَكْفِي إلَّا إذَا تَرَاكَمَ بِالْخَضِرَةِ بِحَيْثُ مَنَعَتْ الرُّؤْيَةَ (وَيَلْزَمُهُ التَّطْيِينُ لَوْ عَدِمَهُ) أَيْ الثَّوْبَ أَيْ وَنَحْوَهُ لِقُدْرَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ لَوْ عَلِمَ بِهِ لَأَمْكَنَهُ سَتْرُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ فَكَمَا لَوْ صَلَّى عُرْيَانًا عِنْدَ فَقَدْ السُّتْرَةِ بَلْ أَوْلَى د وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ التَّغَيُّرَ كَالْمَجْمُوعِ إنَّ تَغَيُّرَ اللَّوْنِ كَتَغَيُّرِ الرِّيحِ هُوَ الْقِيَاسُ إلَّا أَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِتَغَيُّرِ الرِّيحِ كَمَا فِي الْعَزِيزِ، وَالرَّوْضَةِ اب. (قَوْلُهُ: الْخَامِسُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ) أَجْمَعُوا عَلَى كَوْنِهِ مَأْمُورًا بِالسَّتْرِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ (قَوْلُهُ: عَنْ الْعُيُونِ) الْمُرَادُ بِالْعُيُونِ عُيُونُ الْإِنْسِ، وَالْجِنِّ، وَالْمَلَائِكَةِ (قَوْلُهُ {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] فِي الْأَوَّلِ إطْلَاقُ اسْمِ الْحَالِّ عَلَى الْمَحَلِّ وَفِي الثَّانِي إطْلَاقُ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ لِوُجُودِ الِاتِّصَالِ الذَّاتِيِّ بَيْنَ الْحَالِّ، وَالْمَحَلِّ وَهَذَا لِأَنَّ أَخْذَ الزِّينَةِ وَهِيَ عَرْضٌ مُحَالٌ فَأُرِيدَ مَحَلُّهَا وَهُوَ الثَّوْبُ مَجَازًا (قَوْلُهُ: وَحَسَّنَهُ) وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ د (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ اللَّهَ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ) ، فَإِنْ قِيلَ السِّتْرُ لَا يَحْجُبُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ يَرَى الْمَسْتُورَ كَمَا يَرَى الْمَكْشُوفَ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَرَى الْمَكْشُوفَ تَارِكًا لِلْأَدَبِ، وَالْمَسْتُورَ مُتَأَدِّبًا د (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ نَظَرُ سَوْأَتِهِ) فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ الْغَرِيبَةِ أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا رَأَى فَرْجَ نَفْسِهِ فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النَّظَرُ ثَمَّ حَرَامًا ر وَقَوْلُهُ فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ كَشْفُهَا لِغُسْلٍ وَنَحْوِهِ خَالِيًا) قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ لِأَدْنَى غَرَضٍ وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُ الْحَاجَةِ قَالَ وَمِنْ الْأَغْرَاضِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ لِلتَّبْرِيدِ وَصِيَانَةِ الثَّوْبِ مِنْ الْأَدْنَاسِ وَالْغُبَارِ عِنْدَ كَنْسِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِ، وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ نَقَلَهَا ابْنُ الْعِمَادِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْظُرُ) أَيْ الْأَمَةُ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ) وَعَوْرَتُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى نَظَرِ الْكَافِرِ غَيْرُ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ) ؛ وَلِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا عَوْرَةً لَمَا وَجَبَ كَشْفُهُمَا فِي الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الرَّاجِحُ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ شَغْلُ ذِمَّتَهِ فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ. [فَرْعٌ لَا يَكْفِي سُتْرَةٌ تَحْكِي لَوْن الْبَشَرَةِ لِسِتْرِ الْعَوْرَة فِي الصَّلَاة] (قَوْلُهُ: أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ لَزِمَهُ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فِي الْمَاءِ، فَإِنْ شَقَّ تَخَيَّرَ بَيْنَ فِعْلِهِ فِي الْمَاءِ، وَالصَّلَاةِ خَارِجَ الْمَاءِ عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ التَّطْيِينُ) وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 عَلَى الْمَقْصُودِ وَكَالطِّينِ الْمَاءُ الْكَدِرُ وَنَحْوُهُ وَيَكْفِي السَّتْرُ بِلِحَافٍ الْتَحَفَ بِهِ امْرَأَتَانِ، وَبِإِزَارٍ ائْتَزَرَ بِهِ رَجُلَانِ قَالَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ. (وَلَا يَجِبُ) عَلَيْهِ (السِّتْرُ) (إلَّا مِنْ أَعْلَاهُ وَجَوَانِبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ السِّتْرُ الْمُعْتَادُ بِخِلَافِهِ مِنْ أَسْفَلَ فَلَوْ رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ مِنْ أَسْفَلَ بِأَنْ صَلَّى بِمَكَانٍ عَالٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ (فَلْيُزِرَّ قَمِيصَهُ) أَيْ جَيْبَهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ، أَوْ يَسْتُرْ مَوْضِعَهُ بِشَيْءٍ، أَوْ يَشُدَّ وَسَطَهُ (إنْ اتَّسَعَ) جَيْبُ الْقَمِيصِ (وَلَوْ سَتَرَهُ) أَيْ جَيْبَهُ (بِلِحْيَتِهِ) ، أَوْ بِشَعْرِ رَأْسِهِ (أَوْ) سَتَرَ (خَرْقًا) فِي قَمِيصِهِ (بِكَفِّهِ كَفَى) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ. (وَلَوْ كَانَتْ) عَوْرَتُهُ (لَا تَنْكَشِفُ إلَّا عِنْدَ الرُّكُوعِ) ، أَوْ نَحْوِهِ (صَحَّ إحْرَامُهُ، ثُمَّ يَسْتُرُهُ) أَيْ مَا انْكَشَفَ مِنْهُ إنْ قَدَرَ وَفَائِدَتُهُ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، أَوْ غَيْرِهِ وَصِحَّةُ صَلَاتِهِ لَوْ أَلْقَى ثَوْبًا عَلَى عَاتِقِهِ قَبْلَ ذَلِكَ. (وَلَوْ وَقَفَ) فِي حَبٍّ مَثَلًا (فِي حَبٍّ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ أَيْ خَابِيَةٍ (أَوْ حُفْرَةٍ ضَيِّقَيْ الرَّأْسِ بِحَيْثُ يَسْتُرَانِ) الْوَاقِفَ فِيهِمَا (جَازَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ وَهُوَ كَثَوْبٍ وَاسِعِ الذَّيْلِ (لَا) إنْ وَقَفَ (فِي زُجَاجٍ يَحْكِي) اللَّوْنَ فَلَا يَكْفِي لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَلَا تَكْفِي الظُّلْمَةُ وَإِنْ سَتَرَتْ اللَّوْنَ. وَشَرْطُ السَّاتِرِ أَنْ يَشْمَلَ الْمَسْتُورَ لُبْسًا وَنَحْوَهُ فَلَا يَكْفِي الْخَيْمَةُ الضَّيِّقَةُ وَنَحْوُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِمَا يَسْتُرُ اللَّوْنَ الِاكْتِفَاءُ بِالْأَصْبَاغِ الَّتِي لَا جِرْمَ لَهَا مِنْ حُمْرَةٍ وَصُفْرَةٍ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ مُشْكِلٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ الْجَزْمُ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ فَلْيُحْمَلْ كَلَامُ أُولَئِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِلسَّاتِرِ جِرْمٌ قُلْت لَكِنْ يُوَافِقُ إطْلَاقُهُمْ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَخْضِبَ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا بِالْحِنَّاءِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا. (فَرْعٌ) لَوْ (عَدِمَ السُّتْرَةَ) فَلَمْ يَجِدْهَا بِمِلْكٍ وَلَا إجَارَةٍ وَلَا غَيْرِهِمَا مِمَّا يُبِيحُ الِانْتِفَاعَ (، أَوْ وَجَدَهَا نَجِسَةً وَلَا مَاءَ) يَغْسِلُهَا بِهِ أَوْ وَجَدَ الْمَاءَ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَغْسِلُهَا وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ غَسْلِهَا أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِأُجْرَةٍ وَلَمْ يَجِدْهَا أَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (أَوْ حُبِسَ عَلَى نَجَاسَةٍ وَاحْتَاجَ فَرْشَ) أَيْ إلَى فَرْشِ (السُّتْرَةِ عَلَيْهَا صَلَّى عُرْيَانًا وَأَتَمَّ الْأَرْكَانَ وَلَا إعَادَةَ) عَلَيْهِ لِلْعُذْرِ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ. (، وَالْعُرَاةُ إنْ كَانُوا عُمْيًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ، أَوْ) فِي ضَوْءٍ، لَكِنْ (إمَامُهُمْ مُكْتَسٍ اُسْتُحِبَّ لَهُمْ الْجَمَاعَةُ) لِإِدْرَاكِ فَضِيلَتِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ شُرِعَ لَهُمْ الْجَمَاعَةُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِحْبَابِ صَادِرٌ مِمَّنْ يَرَى الْجَمَاعَةَ سُنَّةً أَمَّا مَنْ يَرَاهَا فَرْضًا فَقِيَاسُهُ تَوَجُّهُ الْفَرْضِ عَلَيْهِمْ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانُوا بُصَرَاءَ بِحَيْثُ يَتَأَتَّى نَظَرُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا (فَهِيَ) أَيْ الْجَمَاعَةُ فِي حَقِّهِمْ (وَانْفِرَادُهُمْ سَوَاءٌ) ؛ لِأَنَّ فِي الْجَمَاعَةِ إدْرَاكَ فَضِيلَتِهَا وَفَوَاتَ فَضِيلَةِ سُنَّةِ الْمَوْقِفِ وَفِي الِانْفِرَادِ إدْرَاكَ فَضِيلَةِ الْمَوْقِفِ وَفَوَاتَ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَاسْتَوَيَا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ أَيْضًا. (وَلِمُكْتَسٍ اقْتِدَاءٌ بِعَارٍ) كَمَا يَقْتَدِي الْمُتَوَضِّئُ بِالْمُتَيَمِّمِ، وَالْقَائِمُ بِالْمُضْطَجِعِ (وَيَقِفُ إمَامُهُمْ) الْعَارِي (وَسْطَهُمْ) بِسُكُونِ السِّينِ إذَا كَانُوا بِحَيْثُ يَتَأَتَّى نَظَرُ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ (كَجَمَاعَةِ النِّسَاءِ) فَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ثَمَّ مَا ذُكِرَ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي مَحَلُّهُ إذَا أَمْكَنَ وُقُوفُهُمْ صَفًّا وَإِلَّا وَقَفُوا صُفُوفًا مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ وَمَا نَقَلَهُ جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ. (وَالنِّسَاءُ) إذَا اجْتَمَعْنَ مَعَ الرِّجَالِ، وَالْجَمِيعُ عُرَاةٌ لَا يُصَلِّينَ مَعَهُمْ لَا فِي صَفٍّ وَلَا صَفَّيْنِ بَلْ (يَتَنَحَّيْنَ) وَيَجْلِسْنَ خَلْفَهُمْ (وَيَسْتَدْبِرْنَ) الْقِبْلَةَ (حَتَّى يُصَلِّيَ الرِّجَالُ، وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ يَجْلِسُ خَلْفَهُنَّ الرِّجَالُ مَسْتَدْبِرِينَ حَتَّى يُصَلِّينَ وَكُلُّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لَا تُبْطِلُ مُخَالَفَتُهُ الصَّلَاةَ فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَتَوَارَى كُلُّ طَائِفَةٍ بِمَكَانٍ آخَرَ حَتَّى تُصَلِّيَ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَهُوَ أَفْضَلُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهُ. [فَرْعٌ وَجَدَ بَعْضَ سُتْرَةٍ] (فَرْعٌ) لَوْ (وَجَدَ بَعْضَ سُتْرَةٍ لَزِمَهُ) التَّسَتُّرُ بِهِ، فَإِنْ كَفَى سَوْأَتَيْهِ وَلَوْ مَعَ زِيَادَةٍ لَزِمَهُ (الْبُدَاءَةُ بِالسَّوْأَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ) حَتَّى لَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ) أَيْ وَغَيْرِهِمَا الْجَزْمُ بِخِلَافِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلْيُحْمَلْ كَلَامُ أُولَئِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِلسَّاتِرِ جِرْمٌ) ، أَوْ يُقَالُ الْكَلَامُ فِي السَّاتِرِ وَهَذَا لَا يُعَدُّ سَاتِرًا بَلْ مُغَيِّرًا قَالُوا فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ فِي سَتْرِ الرَّأْسِ بِطِينٍ وَحِنَّاءٍ ثَخِينٍ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَضُرُّ وَهُمَا الْوَجْهَانِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ كَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ. [فَرْعٌ عَدِمَ السُّتْرَةَ فَلَمْ يَجِدْهَا بِمِلْكٍ وَلَا إجَارَةٍ وَلَا غَيْرِهِمَا فِي الصَّلَاة] (قَوْلُهُ: لِلْعُذْرِ) ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ عَامٌّ رُبَّمَا اتَّصَلَ وَدَامَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَضَعَ ظَهْرَ كَفِّهِ عَلَى قُبُلِهِ، وَالْآخَرَ عَلَى دُبُرِهِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ يَرَاهَا فَرْضًا إلَخْ) عُذْرُ الْعُرْيِ أَسْقَطَ عَنْهُمْ الْفَرْضَ. (قَوْلُهُ: بِسُكُونِ السِّينِ) تَقُولُ جَلَسْت وَسْطَ الْقَوْمِ بِالتَّسْكِينِ وَجَلَسْت وَسَطَ الدَّارِ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ صَلَحَ فِيهِ بَيْنَ فَهُوَ بِالتَّسْكِينِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فَهُوَ بِالْفَتْحِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ، وَقَدْ أَجَازُوا فِي الْمَفْتُوحِ الْإِسْكَانَ وَلَمْ يُجِيزُوا فِي السَّاكِنِ الْفَتْحَ. (قَوْلُهُ: لَوْ وَجَدَ بَعْضَ سُتْرَةٍ لَزِمَهُ الْبَعْضُ) الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مَا يَجِبُ قَطْعًا كَمَا لَوْ وَجَدَ بَعْضَ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ الثَّانِي: مَا يَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ وَجَدَ بَعْضَ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ مِنْ مَاءٍ، أَوْ تُرَابٍ إذَا قَدَرَ عَلَى الْبَدَلِ وَهُوَ التُّرَابُ. الثَّالِثُ: مَا لَا يَجِبُ قَطْعًا كَمَا إذَا وَجَدَ فِي الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ بَعْضَ الرَّقَبَةِ. الرَّابِعُ: مَا لَا يَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُحْدِثُ الْفَاقِدُ لِلْمَاءِ مِلْحًا أَوْ بَرَدًا وَتَعَذَّرَتْ إذَابَتُهُ فَلَا يَجِبُ مَسْحُ الرَّأْسِ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ وَلَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ هُنَا فِي الرَّأْسِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ فِي بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ ضَابِطًا لِبَعْضِ هَذِهِ الصُّوَرِ فَقَالَ كُلُّ أَصْلٍ ذِي بَدَلٍ، فَالْقُدْرَةُ عَلَى بَعْضِ الْأَصْلِ لَا حُكْمَ لَهَا وَسَبِيلُ الْقَادِرِ عَلَى الْبَعْضِ كَسَبِيلِ الْعَاجِزِ عَنْ الْكُلِّ إلَّا فِي الْقَادِرِ عَلَى بَعْضِ الْمَاءِ، أَوْ الْقَادِرِ عَلَى إطْعَامِ بَعْضِ الْمَسَاكِينِ إذَا انْتَهَى الْأَمْرُ إلَى الطَّعَامِ، وَإِنْ كَانَ لَا بَدَلَ لَهُ كَالْفِطْرَةِ لَزِمَهُ الْمَيْسُورُ مِنْهَا وَكَسَتْرِ الْعَوْرَةِ إذَا وَجَدَ بَعْضَ السَّاتِرِ مِنْهَا وَكَذَلِكَ إذَا انْتَقَضَتْ الطَّهَارَةُ بِانْتِقَاضِ بَعْضِ الْمَحَلِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَيَرُدُّ عَلَى الْحَصْرِ الْقَادِرُ عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ يَجِبُ وَإِنْ كَانَ لَهَا بَدَلٌ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْأَحْسَنُ فِي الضَّبْطِ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ مَقْصُودًا مِنْ الْعِبَادَةِ بَلْ هُوَ وَسِيلَةٌ لَا يَجِبُ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا وَلَا بَدَلَ لَهُ وَجَبَ، أَوْ لَهُ بَدَلٌ فَإِنْ صَدَقَ اسْمُ الْمَأْمُورِ بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 أَغْلَظُ مِنْ غَيْرِهِمَا؛ وَلِأَنَّ غَيْرَهُمَا كَالتَّابِعِ، وَإِنْ كَفَى أَحَدُهُمَا لَزِمَهُ الْبُدَاءَةُ بِسَتْرِ (الْقُبُلِ) ذَكَرًا، أَوْ غَيْرَهُ (ثُمَّ الدُّبُرِ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَجَّهُ بِالْقُبُلِ الْقِبْلَةَ فَسَتْرُهُ أَهَمُّ تَعْظِيمًا لَهَا؛ وَلِأَنَّ الدُّبُرَ مَسْتُورٌ غَالِبًا بِالْأَلْيَتَيْنِ بِخِلَافِ الْقُبُلِ (وَالْخُنْثَى) الْمُشْكِلُ (يَبْدَأُ) وُجُوبًا (بِمَا شَاءَ مِنْ قُبُلَيْهِ) إذَا وَجَدَ كَافِيَ أَحَدِهِمَا (، وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتُرَ ذَكَرَهُ عِنْدَ النِّسَاءِ) وَلَوْ امْرَأَةً (وَفَرْجَهُ عِنْدَ الرِّجَالِ) وَلَوْ رَجُلًا وَأَيَّهُمَا شَاءَ عِنْدَ الْخُنْثَى قِيَاسًا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. (فَرْعٌ) لَوْ (صَلَّتْ أَمَةٌ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ) وَتَرَكَتْ السُّنَّةَ وَهِيَ أَنْ تَسْتَتِرَ فِي صَلَاتِهَا كَالْحُرَّةِ (فَعَتَقَتْ) فِي صَلَاتِهَا (وَوَجَدَتْ خِمَارًا) بَعِيدًا بِحَيْثُ (إنْ مَضَتْ إلَيْهِ احْتَاجَتْ أَفْعَالًا) أَيْ إلَى أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ كَثَلَاثِ خُطُوَاتٍ، وَقَدْ مَضَتْ إلَيْهِ (أَوْ انْتَظَرَتْ مَنْ يُلْقِيه) عَلَيْهَا (وَمَضَتْ مُدَّةٌ) فِي التَّكَشُّفِ يُحْتَاجُ فِي تَنَاوُلِ ذَلِكَ فِيهَا إلَى أَفْعَالٍ تُبْطِلُ الصَّلَاةَ (بَطَلَتْ صَلَاتُهَا) لِكَثْرَةِ الْأَفْعَالِ فِي الْأُولَى وَطُولِ الْمُدَّةِ فِي الثَّانِيَةِ (، فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ) أَيْ الْخِمَارَ (بَنَتْ) عَلَى صَلَاتِهَا لِعَجْزِهَا عَنْ السَّتْرِ (وَكَذَا إنْ وَجَدَتْهُ قَرِيبًا) مِنْهَا (فَتَنَاوَلَتْهُ وَلَمْ تَسْتَدْبِرْ) قِبْلَتَهَا (وَسَتَرَتْ) بِهِ رَأْسَهَا (فَوْرًا) كَرَدِّ مَا كَشَفَتْهُ الرِّيحُ فَوْرًا، وَتَنَاوُلُ غَيْرِهَا فِيمَا ذُكِرَ كَتَنَاوُلِهَا (كَعَارٍ وَجَدَ سُتْرَةً) فِي صَلَاتِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَمَةِ فِيمَا ذُكِرَ (وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِالسُّتْرَةِ) الَّتِي يُمْكِنُهَا السَّتْرُ بِهَا (أَوْ بِالْعِتْقِ) حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُهَا التَّسَتُّرُ فِيهَا لَوْ عَلِمَتْ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهَا كَمَنْ صَلَّى جَاهِلًا بِالنَّجَسِ. (فَإِنْ قَالَ) شَخْصٌ (لِأَمَتِهِ إنْ صَلَّيْت صَلَاةً صَحِيحَةً فَأَنْت حُرَّةٌ قَبْلَهَا فَصَلَّتْ بِلَا خِمَارٍ عَاجِزَةً) عَنْ سَتْرِ رَأْسِهَا (عَتَقَتْ) وَصَحَّتْ صَلَاتُهَا (أَوْ قَادِرَةً) عَلَيْهِ (صَحَّتْ صَلَاتُهَا وَلَمْ تَعْتِقْ لِلدَّوْرِ) إذْ لَوْ عَتَقَتْ بَطَلَتْ صَلَاتُهَا وَإِذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهَا لَا تَعْتِقُ فَإِثْبَاتُ الْعِتْقِ يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِهِ وَبُطْلَانِ الصَّلَاةِ فَبَطَلَ وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ وَلَوْ عَبَّرَ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِالسُّتْرَةِ بَدَلَ الْخِمَارِ كَانَ أَوْلَى وَالْخِمَارُ ثَوْبٌ يَسْتُرُ الرَّأْسَ، وَالْعُنُقَ وَيُقَالُ لَهُ الْمِقْنَعَةُ. [فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَارِي غَصْبُ الثَّوْبِ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ] (فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَارِي غَصْبُ الثَّوْبِ) مِنْ مُسْتَحِقِّهِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ فِي الْمَخْمَصَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ نَعَمْ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِدَفْعِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا جَازَ ذَلِكَ كَالْمُضْطَرِّ إلَى الطَّعَامِ (وَيَجِبُ) عَلَيْهِ (قَبُولُ عَارِيَّةٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعِيرِ غَيْرُهُ (وَ) قَبُولُ (هِبَةِ الطِّينِ) وَنَحْوِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) قَبُولُ هِبَةِ (الثَّوْبِ) فَلَا يَجِبُ لِثِقَلِ الْمِنَّةِ (وَاقْتِرَاضُهُ كَاقْتِرَاضِ ثَمَنِ الْمَاءِ) فَلَا يَجِبُ (وَاسْتِئْجَارُهُ وَاشْتِرَاؤُهُ كَشِرَاءِ الْمَاءِ) فَيَجِبَانِ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَثَمَنُهُ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فِي التَّيَمُّمِ فَلَوْ تَرَكَ الْوَاجِبَ مِمَّا ذُكِرَ وَصَلَّى عَارِيًّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى السَّتْرِ. (وَإِنْ وَجَدَ ثَمَنَ الثَّوْبِ، أَوْ الْمَاءِ) أَيْ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِمَا (قُدِّمَ الثَّوْبُ) وُجُوبًا لِدَوَامِ النَّفْعِ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ لِلصَّلَاةِ وَلِلصَّوْنِ عَنْ الْعُيُونِ وَلِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِ مَاءِ الطَّهَارَةِ. (وَإِنْ أَوْصَى بِهِ) أَيْ بِالثَّوْبِ أَيْ بِصَرْفِهِ (لِلْأَوْلَى) بِهِ (قُدِّمَتْ الْمَرْأَةُ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّ عَوْرَتَهَا أَعْظَمُ (ثُمَّ الْخُنْثَى) لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ (ثُمَّ الرَّجُلُ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِمَاءٍ لِلْأَوْلَى بِهِ أَنَّهُ لَوْ كَفَى الثَّوْبُ لِلْمُؤَخَّرِ دُونَ الْمُقَدَّمِ قُدِّمَ الْمُؤَخَّرُ وَكَالْوَصِيَّةِ فِي ذَلِكَ التَّوْكِيلُ وَالْوَقْفُ أَمَّا لَوْ كَانَ الثَّوْبُ لِوَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ لِغَيْرِهِ وَيُصَلِّي عُرْيَانًا لَكِنْ يُصَلِّي فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعِيرَهُ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ سَوَاءٌ فِيهِ الرَّجُلُ وَغَيْرُهُ ثُمَّ إنْ أَعَارَهُ لِوَاحِدٍ، أَوْ لِجَمَاعَةٍ وَرَتَّبَهُمْ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُرَتِّبْهُمْ صَلُّوا فِيهِ بِالتَّرَاضِي فَإِنْ تَشَاحُّوا أُقْرِعَ. (وَإِذَا صَلَّى) الشَّخْصُ (فِي ثَوْبِ الْجِمَاعِ) الشَّامِلِ لِثَوْبِ الْفَاعِلِ، وَالْمَفْعُولِ (وَالْحَائِضِ، وَالصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ مَنْ ذُكِرَ كَالنُّفَسَاءِ، وَالْمَجْنُونِ (جَازَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ. (وَلَوْ وَجَدَ ثَوْبًا حَرِيرًا) فَقَطْ (صَلَّى فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لِلْحَاجَةِ (بَلْ يَلْزَمُ السَّتْرُ بِهِ) وَلَوْ فِي خَلْوَةٍ، فَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْعَوْرَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَيُتَّجَهُ لُزُومُ قَطْعِهِ إذَا لَمْ يَنْقُصْ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الثَّوْبِ وَرُدَّ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَهِيَ حَرَامٌ وَيُمْنَعُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُفْعَلُ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ (كَالْمُتَنَجِّسِ) إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ يَلْزَمُهُ السَّتْرُ بِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ (وَلَوْ فِي خَلْوَةٍ) وَيُقَدَّمُ عَلَى الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ السَّاتِرِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لَا الْعِبَادَةِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ. (وَيُسْتَحَبُّ) لِلرَّجُلِ (أَنْ يَلْبَسَ لِلصَّلَاةِ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَيَتَقَمَّصَ وَيَتَعَمَّمَ) وَيَتَطَيْلَسَ (وَيَرْتَدِيَ وَيَتَّزِرَ، أَوْ يَتَسَرْوَلَ) ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ التَّمَثُّلَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ فَيَتَجَمَّلُ بِذَلِكَ وَالْأَخِيرَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ) عَلَى ثَوْبَيْنِ (فَقَمِيصٌ مَعَ رِدَاءٍ) ، أَوْ إزَارٍ (أَوْ سَرَاوِيلَ) أَوْلَى مِنْ رِدَاءٍ مَعَ إزَارٍ أَوْ سَرَاوِيلَ وَمِنْ إزَارٍ مَعَ سَرَاوِيلَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبَيْنِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] ، وَالثَّوْبَانِ أَهَمُّ الزِّينَةِ وَلِخَبَرِ   [حاشية الرملي الكبير] عَلَى بَعْضِهِ وَجَبَ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ، وَأَيْضًا فَإِنْ كَانَ عَلَى التَّرَاخِي وَلَا يُخَافُ فَوْتُهُ لَمْ يَجِبْ وَإِلَّا وَجَبَ. [فَرْعٌ صَلَّتْ أَمَةٌ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ وَتَرَكَتْ السُّنَّةَ] (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ قَبُولُ عَارِيَّتِهِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُ الْعَارِيَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْمَاءِ الْكَدِرِ، وَالْأَخْضَرِ (قَوْلُهُ: لَا قَبُولُ هِبَةِ الثَّوْبِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْعَارِيَ لَوْ خَشِيَ الْهَلَاكَ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ لَزِمَهُ قَبُولُ الْهِبَةِ قَطْعًا وَهُوَ كَمَا قَالَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ ثَمَنَ الْمَاءِ، وَالثَّوْبِ قُدِّمَ الثَّوْبُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَوَجَدَ تُرَابًا أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَقْدِيمِ الثَّوْبِ أَنَّهُ يَبْقَى زَمَانًا لَا أَنَّ لِلْمَاءِ بَدَلًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الثَّوْبِ بَيْنَ الْكَافِي لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُ الْمُعَلِّقِينَ عَلَى الْحَاوِي بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَافِيًا، أَوْ غَيْرَ كَافٍ، أَوْ الثَّوْبُ وَحْدَهُ كَافٍ. (قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ الْمَرْأَةُ) قَالَ النَّاشِرِيُّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَمَةً قَالَ جَدِّي يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ الْخُنْثَى الْحُرُّ عَلَى الْمَرْأَةِ الْأَمَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَمْرَدَ الْبَالِغَ لَيْسَ أَوْلَى مِنْ الرَّجُلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْهُ قَالَهُ الشَّرِيفُ فِي شَرْحِهِ لِلْكِتَابِ الْمُسَمَّى بِالْوَافِي وَهَلْ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ، أَوْ الْمُصَلِّي عَلَيْهِ؟ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى لِلْمُصَلِّي عَلَيْهِ، فَإِذَا صَلَّى عَلَيْهِ أُعْطِيَ لِلْمَيِّتِ وَيَأْتِي التَّفْصِيلُ الَّذِي فِي التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: التَّوْكِيلُ، وَالْوَقْفُ) وَنَحْوُهُمَا ش. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَيُتَّجَهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاتِّجَاهِ لَا وَجْهَ لَهُ بَلْ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّ إضَاعَةَ الْمَالِ حَرَامٌ انْتَهَى. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الثَّوْبِ النَّجِسِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِالْمَنْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَمَّمُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَلْبَسْ ثَوْبَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ أَنْ يَزَّيَّنَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوْبَانِ فَلْيَتَّزِرْ إذَا صَلَّى وَلَا يَشْتَمِلْ اشْتِمَالَ الْيَهُودِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (ثُمَّ) إنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ، فَالْأَوْلَى (قَمِيصٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لِلْبَدَنِ، ثُمَّ رِدَاءٌ (ثُمَّ إزَارٌ، ثُمَّ سَرَاوِيلُ) وَإِنَّمَا كَانَ الْإِزَارُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَتَجَافَى عَنْهُ وَلَا يُبَيِّنُ مِنْهُ حَجْمَ أَعْضَائِهِ بِخِلَافِ السَّرَاوِيلِ وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ عَكْسَهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ عَنْ النَّصِّ؛ لِأَنَّ السَّرَاوِيلَ أَجْمَعُ فِي السَّتْرِ (وَيَلْتَحِفُ بِإِزَارِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ: ثُمَّ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ يَلْتَحِفُ بِهِ (إنْ اتَّسَعَ وَيُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ) كَمَا يَفْعَلُهُ الْقَصَّارُ فِي الْمَاءِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ ضَاقَ (اتَّزَرَ بِهِ وَجَعَلَ شَيْئًا مِنْهُ) عَلَى (عَاتِقِهِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا صَلَّيْت وَعَلَيْك ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا، فَالْتَحِفْ بِهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ» وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «، فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حِقْوَيْك» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ خَبَرُ «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا يَجْعَلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ جَعَلَ حَبْلًا حَتَّى لَا يَخْلُوَ مِنْ شَيْءٍ وَيُكْرَهُ تَرْكُ ذَلِكَ. (وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ) فِي الصَّلَاةِ (قَمِيصٌ سَابِغٌ) لِجَمِيعِ بَدَنِهَا (وَخِمَارٌ وَجِلْبَابٌ كَثِيفٌ) فَوْقَ ثِيَابِهَا لِيَتَجَافَى عَنْهَا وَلَا يُبَيِّنَ حَجْمَ أَعْضَائِهَا، وَالْجِلْبَابُ الْمِلْحَفَةُ، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ (وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِ) إذَا لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً (عَمَلُ سُتْرَةٍ) يَسْتَتِرُ بِهَا (حَتَّى مِنْ حَشِيشٍ) وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً وَوَجَدَ حَشِيشًا يُمْكِنُهُ عَمَلُ سُتْرَةٍ مِنْهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ. (وَإِتْلَافُ الثَّوْبِ وَبَيْعُهُ) الْمَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ (فِي الْوَقْتِ كَالْمَاءِ) إذَا أَتْلَفَهُ، أَوْ بَاعَهُ فِيهِ فَيَعْصِي بِذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ وَيُصَلِّي عُرْيَانًا فِي الْأُولَى وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ فِي الثَّانِيَةِ مَا قَدَرَ عَلَى الثَّوْبِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا (وَلَا يُبَاعُ لَهُ) أَيْ لِلسِّتْرِ (مَسْكَنٌ) وَلَا خَادِمٌ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ فِي الْكَفَّارَاتِ وَأَقَرَّهُ وَغَلِطَ مَنْ خَالَفَهُ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الرَّوْضَةِ. (وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ) الرَّجُلُ (مُتَلَثِّمًا وَالْمَرْأَةُ مُتَنَقِّبَةً، أَوْ مُغَطِّيًا) الْمُصَلِّي (فَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ فِي الصَّلَاةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقِيسَ بِالرَّجُلِ غَيْرُهُ (فَإِنْ تَثَاءَبَ) الْمُصَلِّي (سُنَّ) لَهُ أَنْ يُغَطِّيَ فَاهُ وَفِي نُسْخَةٍ سَدَّ أَيْ فَاهُ (بِيَدِهِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِك بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ» وَهَذِهِ أَعَادَهَا فِي السِّيَرِ (وَيُكْرَه) أَنْ يُصَلِّيَ (فِي ثَوْبٍ فِيهِ تَصْوِيرٌ) أَيْ صُورَةٌ وَأَنْ يُصَلِّيَ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي الشَّرْطِ السَّابِعِ (وَ) أَنْ يُصَلِّيَ (بِالِاضْطِبَاعِ) بِأَنْ يَجْعَلَ وَسَطَ رِدَائِهِ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى الْأَيْسَرِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ) بِأَنْ يُخَلِّلَ بَدَنَهُ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ يَرْفَعُ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ (وَ) اشْتِمَالُ (الْيَهُودِ) بِأَنْ يُخَلِّلَ بَدَنَهُ بِالثَّوْبِ بِدُونِ رَفْعِ طَرَفَيْهِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ؛ وَلِأَنَّهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ إذَا أَتَاهُ مَا يَتَوَفَّاهُ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُ يَدِهِ بِسُرْعَةٍ وَإِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ رُبَّمَا انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ. الشَّرْطُ (السَّادِسُ تَرْكُ الْكَلَامِ) أَيْ كَلَامِ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ خِطَابَهُمْ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ» «، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْت يَرْحَمُك اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْت وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي سَكَتُّ فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» (فَإِنْ نَطَقَ) فِيهَا (بِحَرْفَيْنِ) فَأَكْثَرَ وَلَوْ بِغَيْرِ إفْهَامٍ (أَوْ حَرْفٍ يُفْهَمُ) نَحْوَ قِ مِنْ الْوِقَايَةِ وَعِ مِنْ الْوَعْيِ (أَوْ) حَرْفٍ (مَمْدُودٍ) ، وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ نَحْوَ (آ) وَالْمَدُّ أَلِفٌ، أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ، فَالْمَمْدُودُ فِي الْحَقِيقَةِ حَرْفَانِ (وَلَوْ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ) كَقَوْلِهِ لِإِمَامِهِ قُمْ أَوْ اُقْعُدْ (بَطَلَتْ) ؛ لِأَنَّ الْحَرْفَيْنِ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ، وَالْكَلَامُ يَقَعُ عَلَى الْمُفْهِمِ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ اصْطِلَاحٌ لِلنُّحَاةِ، وَالْحَرْفُ الْمُفْهِمُ مُتَضَمِّنٌ لِمَقْصُودِ الْكَلَامِ، وَإِنْ أَخْطَأَ بِحَذْفِ هَاءِ السَّكْتِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُفْهِمِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ أَقَلُّ مَا يُبْنَى عَلَيْهِ الْكَلَامُ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ حَرْفَانِ. (وَلَوْ تَنَحْنَحَ مَغْلُوبًا) عَلَيْهِ (أَوْ لِلْعَجْزِ عَنْ الْقِرَاءَةِ لَا) عَنْ (الْجَهْرِ فَمَعْذُورٌ) فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْذَرْ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْجَهْرِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ لَا ضَرُورَةَ إلَى التَّنَحْنُحِ لَهُ، وَالْمُرَادُ بِالْقِرَاءَةِ الْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ وَفِي مَعْنَاهَا بَدَلُهَا وَكُلُّ وَاجِبٍ قَوْلِيٍّ كَالتَّشَهُّدِ وَفِي مَعْنَى الْجَهْرِ سَائِرُ السُّنَنِ كَقِرَاءَةِ السُّورَةِ، وَالْقُنُوتِ لَكِنْ الْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ جَوَازُ التَّنَحْنُحِ   [حاشية الرملي الكبير] عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «صَلَاةٌ بِعِمَامَةٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةً بِلَا عِمَامَةٍ» . (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَثَاءَبَ سُنَّ لَهُ أَنْ يُغَطِّيَ فَاهُ بِيَدِهِ) قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهَا لِتَنْحِيَةِ الْأَذَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ التَّجَشُّؤُ، وَهَلْ يُلْحَقُ الْأَبْخَرُ فِي الْجَمَاعَةِ بِذَلِكَ لِئَلَّا يُؤْذِيَ بِرِيحِ فَمِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا. [الشَّرْطُ السَّادِسُ تَرْكُ الْكَلَامِ] (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَطَقَ فِيهَا بِحَرْفَيْنِ إلَخْ) لَوْ قَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ فِي صَلَاتِهِ بِكَلَامٍ مُبْطِلٍ لَهَا ثُمَّ نَطَقَ مِنْهُ بِحَرْفٍ وَلَوْ غَيْرَ مُفْهِمٍ بَطَلَتْ وَسُئِلَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ عَنْ مُصَلٍّ قَالَ بَعْدَ قِرَاءَةِ إمَامِهِ صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ لَيْسَ فِيهِ خِطَابُ آدَمِيٍّ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْعَجْزِ عَنْ الْقِرَاءَةِ) قَالَ فِي رِسَالَةِ النُّورِ وَلَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ مِنْ دِمَاغِهِ إلَى ظَاهِرِ الْفَمِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَابْتَلَعَهَا بَطَلَتْ، فَلَوْ تَشَعَّبَتْ فِي حَلْقِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِالتَّنَحْنُحِ وَظُهُورِ حَرْفَيْنِ وَمَتَى تَرَكَهَا نَزَلَتْ إلَى بَاطِنِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَنَحْنَحَ وَيُخْرِجَهَا وَإِنْ ظَهَرَ حَرْفَانِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ الْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) ضَعِيفٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ لَحَنَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 لِلْجَهْرِ بِأَذْكَارِ الِانْتِقَالِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى إسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَنَحْنَحَ بِلَا عُذْرٍ (فَإِنْ بَانَ مِنْهُ حَرْفَانِ بَطَلَتْ) وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ تَنَحْنَحَ إمَامُهُ) فَبَانَ مِنْهُ حَرْفَانِ (لَمْ يُفَارِقْهُ حَمْلًا عَلَى الْعُذْرِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَحَرُّزُهُ عَنْ الْمُبْطِلِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِبَادَةِ، وَقَدْ تَدُلُّ قَرِينَةُ الْإِمَامِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَتَجِبُ الْمُفَارَقَةُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَجَبَتْ مُفَارَقَتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ وَاجِبًا، لَكِنْ هَلْ يُفَارِقُهُ فِي الْحَالِ، أَوْ حَتَّى يَرْكَعَ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَحَنَ سَاهِيًا، وَقَدْ يَتَذَكَّرُ فَيُعِيدُ الْفَاتِحَةَ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ مُتَابَعَتُهُ فِي فِعْلِ السَّهْوِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ إذْ لَوْ سَجَدَ إمَامُهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ لَمْ تَجِبْ مُفَارَقَتُهُ فِي الْحَالِ. (وَتَبْطُلُ بِبُكَاءٍ وَأَنِينٍ وَتَأَوُّهٍ وَإِنْ كَانَ لِلْآخِرَةِ وَبِضَحِكٍ وَسُعَالٍ وَنَفْخٍ إنْ بَانَ مَعَ كُلٍّ) مِنْهَا (حَرْفَانِ) وَإِلَّا فَلَا. (فَلَوْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا) أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ (أَوْ جَاهِلًا) تَحْرِيمَهُ فِيهَا (أَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ) إلَيْهِ (أَوْ غَلَبَهُ الضَّحِكُ، وَالسُّعَالُ) ، وَالْعُطَاسُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَنَحْوِهَا مِمَّا مَرَّ (وَكَانَ) كُلٌّ مِنْهَا (كَثِيرًا) فِي الْعُرْفِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ نَظْمَهَا (أَوْ يَسِيرًا فِي الْعُرْفِ لَمْ تَبْطُلْ) لِلْعُذْرِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَى خَشَبَةً بِالْمَسْجِدِ وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا نَعَمْ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ وَهُمْ تَكَلَّمُوا مُجَوِّزِينَ النَّسْخَ ثُمَّ بَنَى هُوَ وَهُمْ عَلَيْهَا وَفِي مَعْنَى الْمَذْكُورَاتِ التَّنَحْنُحُ لِلْغَلَبَةِ كَمَا أَشَرْتُ إلَيْهِ آنِفًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ وَفِي السُّعَالِ، وَالْعُطَاسِ لِلْغَلَبَةِ الصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ وَإِنْ كَثُرَتْ إذْ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا. (وَلَوْ جَهِلَ بُطْلَانَهَا بِالتَّنَحْنُحِ) مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ (فَمَعْذُورٌ) لِخَفَاءِ حُكْمِهِ عَلَى الْعَوَامّ (، وَكَذَا تَحْرِيمُ الْكَلَامِ) أَيْ جَهْلُهُ بِهِ وَهُوَ يَسِيرٌ يُعْذَرُ بِهِ (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ) بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ كَنَظَائِرِهِ وَلِخَبَرِ مُعَاوِيَةَ السَّابِقِ وَلَوْ جَمَعَ مَسْأَلَةَ الْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْكَافِي وَلَوْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا لِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ كَنِسْيَانِ النَّجَاسَةِ عَلَى ثَوْبِهِ صَرَّحَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ وَجَهِلَ كَوْنَهُ مُبْطِلًا لَمْ يُعْذَرْ) كَمَا لَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ شُرْبِ الْخَمْرِ دُونَ إيجَابِهِ الْحَدَّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ إذْ حَقُّهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ الْكَفُّ وَلَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ مَا أَتَى بِهِ مِنْهُ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ جِنْسِ الْكَلَامِ فَمَعْذُورٌ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ السَّابِقُ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَامِدًا أَيْ يَسِيرًا كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّوْمِ. (وَإِجَابَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مِمَّنْ دَعَاهُ فِي عَصْرِهِ فِي الصَّلَاةِ (وَإِنْذَارُ الْهَالِكِ) أَيْ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَاكِ كَأَعْمَى أَشْرَفَ عَلَى وُقُوعِهِ فِي بِئْرٍ (فِي الصَّلَاةِ وَاجِبَانِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] وَلِإِنْقَاذِ الرُّوحِ (لَكِنْ تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالْإِنْذَارِ) خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ دُونَ الْإِجَابَةِ لِشَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِهَذَا أُمِرَ الْمُصَلِّي بِأَنْ يَقُولَ سَلَامٌ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَيَمْتَنِعَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالظَّاهِرُ إلْحَاقُ إجَابَةِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقْتَ نُزُولِهِ بِإِجَابَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَبْطُلُ بِإِجَابَةِ أَبَوَيْهِ وَإِنْ أَوْجَبْنَاهَا. (وَ) تَبْطُلُ (بِكَلَامِ الْمُكْرَهِ كَمَا) تَبْطُلُ (لَوْ أُكْرِهَ) عَلَى (أَنْ يُصَلِّيَ بِلَا وُضُوءٍ) لِنُدْرَةِ ذَلِكَ. [فَرْعٌ يُسَبِّحُ الرَّجُلُ وَتُصَفِّقُ الْمَرْأَةُ إنْ نَابَهُمَا شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِمَا] (فَرْعٌ يُسَبِّحُ الرَّجُلُ وَتُصَفِّقُ الْمَرْأَةُ) بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ شَاءَتْ غَيْرَ مَا يَأْتِي (وَ) لَكِنْ (الْأَوْلَى) لَهَا أَنْ تُصَفِّقَ (بِبَطْنِ كَفٍّ عَلَى ظَهْرِ) الْكَفِّ (الْآخَرِ) هَذَا أَوْلَى وَأَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ، وَالتَّصْفِيقُ أَنْ تَضْرِبَ بَطْنَ كَفِّهَا الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ حَتَّى يَرْكَعَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَنَفَخَ) لَا فَرْقَ فِي النَّفْخِ بَيْنَ الْفَمِ، وَالْأَنْفِ ح د. (قَوْلُهُ: أَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ النَّاسِيَ مَعَ قَصْدِهِ الْكَلَامَ مَعْذُورٌ فَهَذَا أَوْلَى لِعَدَمِ قَصْدِهِ (قَوْلُهُ: وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ مُعْتَقِدًا إلَخْ) ، أَوْ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ كَانَ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ، أَوْ أَنَّ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَ عَلَى حُكْمِ الْغَلَبَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْإِجَابَةُ (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى الْمَذْكُورَاتِ التَّنَحْنُحُ لِلْغَلَبَةِ إلَخْ) أَمَّا التَّنَحْنُحُ لِلْعَجْزِ عَنْ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ فَلَا يُبْطِلُ، وَإِنْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: الصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى مَا إذَا صَارَ غَالِبًا عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ مُضِيُّ قَدْرِ صَلَاةٍ تَخْلُو عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّوْمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِجَابَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ النَّاشِرِيُّ دُونَ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا تَجِبُ إجَابَتُهُمْ وَقَوْلُهُ قَالَ النَّاشِرِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ دَعَاهُ فِي عَصْرِهِ فِي الصَّلَاةِ) الْمُتَّجَهُ أَنَّ إجَابَتَهُ بِالْفِعْلِ الْكَثِيرِ كَالْقَوْلِ ج وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ شَيْخُنَا، لَكِنْ لَا يَعُودُ إلَى مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ أَفْعَالٌ مُتَوَالِيَةٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ) وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ج (قَوْلُهُ وَإِنْذَارُ الْهَالِكِ وَلَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِالْكَلَامِ) وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِالْفِعْلِ الْكَثِيرِ، فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ شَارِحُ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَوْلِ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا لَمْ يُحْكَمْ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ فَيُتِمَّ صَلَاتَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي انْتَهَى إلَيْهِ وَلَا يَعُودُ إلَى الْأَوَّلِ إلَّا حَيْثُ جَوَّزْنَاهُ فِي سَبْقِ الْحَدَثِ قُلْت وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ مُتَّجَهٌ بِدَلِيلِ اغْتِفَارِ الْيَسِيرِ مِنْ الْأَفْعَالِ دُونَ الْأَقْوَالِ وَلَوْ أَمْكَنَ حُصُولُهُ بِهِمَا، فَإِنْ قُلْنَا بِالْإِبْطَالِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا، فَالْمُتَّجَهُ تَعَيُّنُ الْفِعْلِ لِمَا سَبَقَ مِنْ الْأَوْلَوِيَّةِ وَيُحْتَمَلُ عَكْسُهُ لِأَنَّ الْفِعْلَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ وَلِهَذَا نَفَّذْنَا إحْبَالَ السَّفِيهِ دُونَ إعْتَاقِهِ وَيُحْتَمَلُ التَّخْيِيرُ لِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ ج سَوَّى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ فِي الْإِنْذَارِ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَتَصْفِيقُ الْمَرْأَةِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَلَوْ تَكَرَّرَ تَصْفِيقُ الْمَرْأَةِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهَا وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّهُ خَفِيفٌ كَتَحْرِيكِ الْأَصَابِعِ فِي سُبْحَةٍ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ إبَاحَةُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى مَرَّتَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَجَاوَزُ حَدَّ الْإِعْلَامِ عَادَةً بِخِلَافِ الرَّجُلِ لِمُخَالَفَتِهِ فِيهِ لِلسُّنَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 الْيُسْرَى وَذَكَّرَ الْكَفَّ مَعَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ تَأْنِيثُهَا وَإِنَّمَا يُسَبِّحُ الرَّجُلُ وَتُصَفِّقُ الْمَرْأَةُ (إنْ نَابَهُمَا شَيْءٌ) فِي صَلَاتِهِمَا كَتَنْبِيهِ إمَامِهِمَا وَإِذْنِهِمَا لِدَاخِلٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ» فَإِنَّهُ إذَا سَبَّحَ اُلْتُفِتَ إلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ فَلَوْ صَفَّقَ الرَّجُلُ وَسَبَّحَتْ الْمَرْأَةُ جَازَ، لَكِنْ خَالَفَا السُّنَّةَ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَجْهَرُ إذَا خَلَتْ عَنْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا تُسَبِّحُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ التَّسْبِيحَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَلِأَنَّهَا إنَّمَا أُمِرَتْ بِالْعُدُولِ عَنْهُ إلَى التَّصْفِيقِ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيمَا قُلْنَا وَالْخُنْثَى مِثْلُهَا فِيمَا ذُكِرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ التَّنْبِيهَ بِمَا ذُكِرَ مَنْدُوبٌ أَوْ مُبَاحٌ، أَوْ وَاجِبٌ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ لِمَنْدُوبٍ وَمُبَاحٌ لِمُبَاحٍ كَإِذْنِهِ لِدَاخِلٍ وَوَاجِبٌ لِوَاجِبٍ كَإِنْذَارِهِ أَعْمَى وَيُعْتَبَرُ فِي التَّسْبِيحِ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الذِّكْرَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ التَّنْبِيهِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْقِرَاءَةِ. (، وَالتَّصْفِيقَةُ، وَالْخُطْوَةُ بِقَصْدِ اللَّعِبِ) مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فِيهِمَا (مُبْطِلَانِ) لِلصَّلَاةِ لِمُنَافَاتِهِمَا لَهَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِمَا بِغَيْرِ قَصْدِ اللَّعِبِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُهُ أَوَّلًا بِالْأَوْلَى بِالنِّسْبَةِ لِلتَّصْفِيقَةِ وَذِكْرُ حُكْمِ الْخُطْوَةِ مَعَ تَرْكِ تَقْيِيدِ التَّصْفِيقَةِ بِبَطْنِ كَفٍّ عَلَى بَطْنِ أُخْرَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَحُسْنِ تَصَرُّفِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ فَقَالَ شَرْطُ عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْقَلِيلِ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ مُنَافَاتَهَا، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ مُنَافَاتَهَا كَمَا لَوْ خَطَا خُطْوَةً، أَوْ اسْتَنَدَ إلَى جِدَارٍ، أَوْ الْتَفَتَ بِوَجْهِهِ قَاصِدًا بِهِ مُنَافَاتَهَا. (فَإِنْ عَدَلَ عَنْ الْكَلَامِ) أَيْ التَّسْبِيحِ (إلَى الْقُرْآنِ) الْأَوْلَى فَإِنْ أَتَى بِشَيْءٍ مِنْ نَظْمِ الْقُرْآنِ (فَنَبَّهَ بِهِ، أَوْ أَذِنَ) بِهِ لِدَاخِلٍ، أَوْ نَحْوِهِ كَأَنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ اسْتَأْذَنُوا فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] وَقَصَدَ بِهِ الْقُرْآنَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ التَّنْبِيهِ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ سَوَاءٌ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَيْهِ أَمْ أَنْشَأَهَا حِينَئِذٍ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَأَذِنَ لِانْدِرَاجِهِ فِيمَا قَبْلَهُ (فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَعَهُ) أَيْ مَعَ التَّنْبِيهِ (الْعُدُولَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْقُرْآنِ بِأَنْ قَصَدَ التَّنْبِيهَ وَحْدَهُ، أَوْ أَطْلَقَ (بَطَلَتْ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ وَلَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ وَمَسْأَلَةُ الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهَا جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ غَيَّرَ نَظْمَهُ) بِأَنْ أَتَى بِكَلِمَاتٍ مِنْهُ عَلَى غَيْرِ نَظْمِهِ كَيَا إبْرَاهِيمُ سَلَامٌ كُنْ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ نَعَمْ إنْ فَرَّقَهَا، أَوْ قَصَدَ بِهَا الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ بَطَلَتْ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، ثُمَّ قَالَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ ظَاهِرٌ وَقَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ إنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا مُعْتَقِدًا كَفَرَ وَلَوْ قَالَ قَالَ اللَّهُ، أَوْ النَّبِيُّ كَذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَرَأَ إمَامُهُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فَقَالَهَا بَطَلَتْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تِلَاوَةً، أَوْ دُعَاءً، لَكِنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ نَقَلَهُ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ أَيْ كَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ بَطَلَتْ الْأُولَى وَعَبَّرَ فِيمَا بَعْدَهَا بِقَوْلِهِ أَوْ غَيَّرَ نَظْمَهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ. (وَإِنْ فَتَحَ عَلَى إمَامِهِ بِالْقُرْآنِ أَوْ جَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ) ، أَوْ التَّسْمِيعِ (بِالْإِعْلَامِ) أَيْ مَعَ قَصْدِهِ الْإِعْلَامَ بِذَلِكَ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ يُوهِمُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ مَعَ قَصْدِ الْإِعْلَامِ فَقَطْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَعَمْ بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا لَا يَصْلُحُ لِكَلَامِ الْآدَمِيِّينَ قَالَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ. (وَلَا تَبْطُلُ بِذِكْرٍ وَدُعَاءٍ) ، وَإِنْ لَمْ يُنْدَبَا (وَكَذَا نَذْرُ قُرْبَةٍ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ مُنَاجَاةٌ لِلَّهِ تَعَالَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ:، فَالْأَوْجَهُ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيمَا قُلْنَا) الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمُبَاحٌ لِمُبَاحٍ) قَالَ شَيْخُنَا مُرَادُهُ بِالْمُبَاحِ جَائِزُ الْفِعْلِ فَيَشْمَلُ الْمَكْرُوهَ وَهُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمْ الْمَنْدُوبَ وَالْوَاجِبَ، وَالْمُبَاحَ وَسُكُوتِهِمْ عَنْ الْمَكْرُوهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مُرَادُهُمْ بِهِ وَإِلَّا، فَالصَّلَاةُ لَيْسَ فِيهَا مُبَاحٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ شَرْطُ عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ رَأَيْت فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنْ الشَّامِلِ، وَالْبَيَانِ، وَالذَّخَائِرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَإِنْ كَانُوا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَحَمَلُوا عَلَى الْعَدُوِّ مُوَاجِهِينَ لِلْقِبْلَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ، وَإِنْ حَمَلُوا عَلَيْهِ قَدْرَ خُطْوَةٍ قَالُوا وَإِنَّمَا أَبْطَلَهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَصَدُوا عَمَلًا كَثِيرًا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَعَمِلُوا شَيْئًا مِنْهُ وَلَوْ نَوَوْا الْقِتَالَ فِي الْحَالِ وَعَمِلُوا مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ قَلَّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ نَوَوْا أَنَّ الْعَدُوَّ إذَا أَظَلَّهُمْ قَاتَلُوهُ لَمْ تَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُمْ فِي الْحَالِ لَمْ يُغَيِّرُوا نِيَّةَ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ فَرَّقَهَا وَقَصَدَ بِهَا الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ بِهَا الْقِرَاءَةَ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ بَطَلَتْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْقِرَاءَةَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ عَلَى انْفِرَادِهَا ش (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ نَقَلَ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ إلَخْ) الَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ التِّلَاوَةَ وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ بَطَلَتْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً فَقَوْلُهُ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى إطْلَاقِهِ لِاقْتِضَائِهِ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ إذَا قَصَدَ بِهِ الدُّعَاءَ، وَالرَّاجِحُ كَلَامُ التَّحْقِيقِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ لَوْ قَالَ فِي حَالِ قِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ السَّلَامُ، فَإِنْ قَصَدَ اسْمَ اللَّهِ، أَوْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ أَحَدًا مِنْ هَذَيْنِ، لَكِنَّهُ قَالَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ فِي صَلَاتِهِ الْعَافِي أَوْ الْعَافِيَةُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ عَلَى مَعْنَى اسْمِ اللَّهِ يَا عَافِي، أَوْ لَمْ يُرِدْ الْعَافِيَةَ مِنْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ فِي حَالِ صَلَاتِهِ النِّعْمَةُ إنْ أَرَادَ سُؤَالَهَا، أَوْ أَنَّهَا مِنْ اللَّهِ لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ كَلَامًا عَمْدًا فِي صَلَاتِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَلَوْ قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ اللَّهُ إنْ قَصَدَ قِرَاءَةً لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا نَذْرُ قُرْبَةٍ) وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَقِيَاسُهُ التَّعَدِّي إلَى الْإِعْتَاقِ، وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَسَائِرِ الْقُرَبِ الْمُنَجَّزَةِ. فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا مُنَاجَاةَ فِيهِ حَتَّى يُقَاسَ بِالنَّذْرِ ش وَقَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلِ: أَنَّهُ أَطْلَقَ النَّذْرَ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِطَابٌ لِآدَمِيٍّ، فَإِنْ كَانَ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَك فَلَا يُتَّجَهُ إلَّا الْبُطْلَانُ. الثَّانِي: نُوزِعَ فِي إلْحَاقِهِ الْإِعْتَاقَ بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ الْتِزَامٌ وَالْعِتْقَ إزَالَةٌ فَأَشْبَهَ التَّلَفُّظَ بِالطَّلَاقِ الْمُسْتَحَبِّ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ قَطْعًا، فَكَذَا الْعِتْقُ وَالْوَصِيَّةُ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ مِنْ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا إزَالَةٌ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَتْ عَقْدَ الْهِبَةِ. الثَّالِثِ: أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظٍ بِالْكُلِّيَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ وَهَذَا قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ النَّذْرَ قُرْبَةٌ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِهِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، لَكِنَّهُ أَعْنِي النَّوَوِيَّ جَزَمَ فِي مَجْمُوعِهِ ثَمَّ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ ثَمَّ (إلَّا مَا عَلَّقَ) مِنْ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ أَرَدْت أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَعَلَيَّ كَذَا فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَفَقُّهًا، لَكِنَّهُ فَرَضَهُ فِي النَّذْرِ فَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ وَأَضَافَ إلَيْهِ مَا فِي مَعْنَاهُ. وَقَوْلُهُ: وَكَذَا نَذْرُ قُرْبَةٍ إلَّا مَا عَلَّقَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ قُرْبَةٍ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَكُونُ فِي قُرْبَةٍ (أَوْ) إلَّا مَا (تَضَمَّنَ) مِنْ ذَلِكَ (خِطَابَ مَخْلُوقٍ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلَكٍ وَغَيْرِهِمْ كَقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ سُبْحَانَ رَبِّي وَرَبِّك، أَوْ لِعَاطِسٍ رَحِمَك اللَّهُ أَوْ لِعَبْدِهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَك فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا دُعَاءٌ فِيهِ خِطَابٌ لِمَا لَا يَعْقِلُ كَقَوْلِهِ يَا أَرْضَ رَبِّي وَرَبِّك اللَّهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّك وَشَرِّ مَا فِيك وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْك وَكَقَوْلِهِ إذَا رَأَى الْهِلَالَ آمَنْت بِاَلَّذِي خَلَقَك رَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ ثَانِيَتُهَا إذَا أَحَسَّ بِالشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَاطِبَهُ بِقَوْلِهِ أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ» . ثَالِثَتُهَا: لَوْ خَاطَبَ الْمَيِّتَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ رَحِمَك اللَّهُ عَافَاك اللَّهُ غَفَرَ اللَّهُ لَك؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ خِطَابًا وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ مَيِّتًا لَمْ تَطْلُقْ أَمَّا خِطَابُ الْخَالِقِ كَإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَخِطَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالسَّلَامِ عَلَيْك فِي التَّشَهُّدِ فَلَا يُبْطِلَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ بِذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك، أَوْ الصَّلَاةُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ نَحْوَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَرْجَحُ بُطْلَانَهَا مِنْ الْعَالِمِ لِمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ وَفِي إلْحَاقِهِ بِمَا فِي التَّشَهُّدِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ انْتَهَى وَفِي قَوْلِهِ وَيُشْبِهُ إلَى آخِرِهِ وَقْفَةٌ (وَيَرُدُّ السَّلَامَ بِالْإِشَارَةِ) بِيَدِهِ، أَوْ رَأْسِهِ نَدْبًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ بِاللَّفْظِ إنْ كَانَ فِيهِ خِطَابٌ (فَلَوْ قَالَ) لِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ (وَعَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ لِعَاطِسٍ يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَمْ تَبْطُلْ) لِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ. (فَرْعٌ لَا تَبْطُلُ بِسُكُوتٍ وَلَوْ طَالَ بِلَا عُذْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِهَيْئَتِهَا (وَلَا) تَبْطُلُ (بِإِشَارَةٍ) وَلَوْ بِغَيْرِ رَدِّ السَّلَامِ (فَإِنْ بَاعَ بِهَا الْأَخْرَسُ فِي الصَّلَاةِ صَحَّ) كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ، وَالصَّلَاةِ بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِهِ إذْ لَا نُطْقَ مِنْهُ. (الشَّرْطُ السَّابِعُ تَرْكُ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَأْتِي (فَتَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِتَعَمُّدِ زِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ) لِغَيْرِ الْمُتَابَعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ فِيهِ لِتَلَاعُبِهِ بِهَا، لَكِنْ لَوْ جَلَسَ مِنْ اعْتِدَالِهِ قَدْرَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، ثُمَّ سَجَدَ أَوْ جَلَسَ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِلِاسْتِرَاحَةِ قَبْلَ قِيَامِهِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجِلْسَةَ مَعْهُودَةٌ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ رُكْنٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِيهَا إلَّا رُكْنًا فَكَانَ تَأْثِيرُهُ فِي تَغْيِيرِ نَظْمِهَا أَشَدَّ نَعَمْ لَوْ انْتَهَى مِنْ قِيَامِهِ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لِقَتْلِ حَيَّةٍ، أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ (لَا) بِزِيَادَةِ رُكْنٍ (قَوْلِيٍّ) كَالْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُغَيِّرُ نَظْمَ الصَّلَاةِ (وَلَا بِزِيَادَةِ شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِهَا نَاسِيًا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يُعِدْهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَالْكَثِيرُ مِنْ غَيْرِ أَفْعَالِهَا) كَالْمَشْيِ وَالضَّرْبِ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ (لَا الْقَلِيلُ مُبْطِلٌ) لَهَا (وَلَوْ سَهْوًا) لِمُنَافَاتِهِ لَهَا بِخِلَافِ الْقَلِيلِ وَلَوْ عَمْدًا   [حاشية الرملي الكبير] بَلْ يَكْفِي فِيهَا الْفِعْلُ فَاللَّفْظُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بَلْ وَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ لِمَا فِيهِ مِنْ ارْتِكَابِ الرِّيَاءِ، وَالسُّمْعَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا مَا تَضَمَّنَ خِطَابَ مَخْلُوقٍ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِخِطَابِ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَلَائِكَةِ، وَالْأَنْبِيَاءِ ج د (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاة بِسُكُوتٍ وَلَوْ طَالَ بِلَا عُذْرٍ] (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ بِإِشَارَةٍ) إشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَالْعِبَارَةِ إلَّا فِي صَلَاتِهِ فَلَا تَبْطُلُ بِهَا وَإِلَّا فِي شَهَادَتِهِ فَلَا تَصِحُّ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا وَإِلَّا عُدِمَ الْحِنْثُ بِهَا عِنْدَ الْحَلْفِ عَلَى الْكَلَامِ عَلَى الْأَصَحِّ. [الشَّرْطُ السَّابِعُ تَرْكُ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ] (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ زِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ) يَخْرُجُ مِنْ كَلَامِهِ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ وَهِيَ مَسْبُوقٌ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ صُلْبِ صَلَاتِهِ فَسَجَدَ مَعَهُ، ثُمَّ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَأَحْدَثَ وَانْصَرَفَ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنُ كَجٍّ عَلَى الْمَسْبُوقِ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ مَنْ لَزِمَهُ السَّجْدَتَانِ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ بِحَدَثِ الْإِمَامِ انْفَرَدَ فَهِيَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ بِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ فَكَانَتْ مُبْطِلَةً. اهـ. فَهُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ فِيهِ) إذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ د (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ جَلَسَ مِنْ اعْتِدَالِهِ إلَخْ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَكَجُلُوسِهِ بَعْدَ الْهُوِيِّ مِنْ الِاعْتِدَالِ جُلُوسُ الْمَسْبُوقِ بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ جُلُوسِهِ جِلْسَةً خَفِيفَةً فَإِنَّهَا لَا تُبْطِلُ بِخِلَافِ الطَّوِيلَةِ (قَوْلُهُ: نَاسِيًا) وَسَكَتَ عَنْ الْجَاهِلِ وَلَا شَكَّ فِي عُذْرِ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِ قو د. (قَوْلُهُ: وَالْكَثِيرُ مِنْ غَيْرِ أَفْعَالِهَا) لَوْ تَرَدَّدَ فِي فِعْلٍ هَلْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الْكَثْرَةِ أَمْ لَا قَالَ الْإِمَامُ فَيَنْقَدِحُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ وَثَالِثُهَا يَتْبَعُ ظَنَّهُ، فَإِنْ اسْتَوَى الظَّنَّانِ اسْتَمَرَّ فِي الصَّلَاةِ ح (قَوْلُهُ: يُبْطِلُ وَلَوْ سَهْوًا) وَصَحِيحُ الْمُتَوَلِّي عَدَمُ الْبُطْلَانِ حَالَةَ السَّهْوِ مَعَ تَصْحِيحِ الْبُطْلَانِ بِالْكَلَامِ الْكَثِيرِ وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ إنَّهُ الْمُخْتَارُ لِمَا تَضَمَّنَهُ حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ مِنْ اشْتِمَالِهِ عَلَى أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ لِدُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ وَخُرُوجِ سِرْعَانِ النَّاسِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَالنَّاسُ مَعَهُ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا اُحْتُمِلَ قَلِيلُ الْفِعْلِ عَمْدًا لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ اُحْتُمِلَ كَثِيرُهُ سَهْوًا وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ وَأَتْبَاعُهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ قَالُوا وَفِي الْجَوَابِ عَنْ الْحَدِيثِ تَكَلُّفٌ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا فَجَوَابُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ اعْتَقَدَ فَرَاغَ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ اعْتَقَدَ مَنْ مَعَهُ، وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ إذَا سَلَّمَ نَاسِيًا وَعَمِلَ أَعْمَالًا كَثِيرَةً عَمْدًا، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ يَبْنِي وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الصَّوْمِ ع مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَرْدُودٌ بِتَسْوِيَتِهِمْ بَيْنَهُمَا فَقَدْ قَالُوا، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَيْ كَوْنَهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ كَوْنَهُ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ نَاسِيًا فَظَنَّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَمَا عَزَاهُ لِلرَّافِعِيِّ فِي الصَّوْمِ وَهْمٌ فَإِنَّ الَّذِي فِيهِ إنَّمَا هُوَ اغْتِفَارُ الْكَلَامِ الْعَمْدِ أَيْ الْيَسِيرِ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ ثَانِيًا وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِيًا فَظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ فَجَامَعَ فَهَلْ يُفْطِرُ فِيهِ وَجْهَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 وَفَارَقَ الْفِعْلُ الْقَوْلَ حَيْثُ اسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ فِي الْإِبْطَالِ بِأَنَّ الْفِعْلَ يَتَعَذَّرُ، أَوْ يَتَعَسَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَعُفِيَ عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يُخِلُّ بِالصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ (وَالرُّجُوعُ) فِي الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ (إلَى الْعُرْفِ، فَالْإِشَارَةُ بِرَدِّ السَّلَامِ، وَاللُّبْسُ الْخَفِيفُ) كَلُبْسِ خَاتَمٍ، أَوْ نَعْلٍ (وَقَتْلُ قَمْلَةٍ وَدَمُهَا عَفْوٌ، وَالْخُطْوَتَانِ، وَالضَّرْبَتَانِ قَلِيلٌ) فَلَا يُبْطِلُ شَيْءٌ مِنْهَا الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَدَّ السَّلَامَ فِيهَا بِالْإِشَارَةِ» كَمَا مَرَّ «وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فِيهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ «وَأَخَذَ بِأُذُنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ فِيهَا فَأَدَارَهُ مِنْ يَسَارِهِ إلَى يَمِينِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ الْحَيَّةِ، وَالْعَقْرَبِ فِيهَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَلِيلٌ خَبَرُ الْإِشَارَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَدَمُهَا عَفْوٌ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ فِي مَحَلِّ الْحَالِ، وَالْمُرَادُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَخَرَجَ بِدَمِهَا جِلْدُهَا فَلَا يُعْفَى عَنْهُ، وَالْخَطْوَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَهِيَ الْمُرَادَةُ هُنَا وَبِضَمِّهَا مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَقِيلَ لُغَتَانِ فِيهِمَا (وَتَبْطُلُ بِثَلَاثٍ) مُتَوَالِيَةٍ (وَبِوَاحِدَةٍ مَعَ نِيَّتِهِنَّ) بِأَنْ نَوَى فِعْلَ الثَّلَاثِ، ثُمَّ أَتَى بِوَاحِدَةٍ وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا الْعِمْرَانِيُّ (وَلَوْ فَرَّقَ الْفِعْلَ) بِأَنْ أَتَى بِالثَّلَاثِ مُتَفَرِّقَةً (بِحَيْثُ تُعَدُّ الثَّانِيَةُ مُنْقَطِعَةً عَنْ الْأُولَى) ، أَوْ الثَّالِثَةُ مُنْقَطِعَةً عَنْ الثَّانِيَةِ (لَمْ يَضُرَّ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَمَلَ أُمَامَةَ وَوَضَعَهَا فِي الصَّلَاةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ بِجَعْلِ الْخُطْوَةِ الْمُغْتَفَرَةِ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ قَالَ وَلَا أُنْكِرُ الْبُطْلَانَ بِتَوَالِي خُطْوَتَيْنِ وَاسِعَتَيْنِ جِدًّا فَإِنَّهُمَا قَدْ تُوَازِيَانِ الثَّلَاثَ عُرْفًا. (وَلَوْ فَحُشَتْ الْفِعْلَةُ كَوَثْبَةٍ بَطَلَتْ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْكَثِيرِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ كَالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ إذْ التَّقْيِيدُ بِالْفَاحِشَةِ يُفْهِمُ أَنَّ لَنَا وَثْبَةً غَيْرَ فَاحِشَةٍ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (أَوْ خَفَّتْ الْفِعْلَاتُ كَعَدِّ سُبْحَةٍ) وَآيَاتٍ (وَعَقْدٍ وَحَلٍّ وَحَكِّهِ) بَدَنَهُ لِجَرَبٍ، أَوْ نَحْوِهِ (بِأَصَابِعَ) فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ (لَمْ يَضُرَّ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُخِلُّ بِالصَّلَاةِ (وَ) ، لَكِنْ (الْأَوْلَى تَرْكُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفِعْلَاتِ الْخَفِيفَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُقَالُ مَكْرُوهٌ، لَكِنْ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ بِكَرَاهَتِهِ وَهُوَ غَرِيبٌ أَمَّا تَحْرِيكُ الْيَدِ بِذَلِكَ ثَلَاثًا فَمُبْطِلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ جَرَبٌ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى عَدَمِ الْحَكِّ فَلَا تَبْطُلُ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ قَالَ وَرَفْعُ الْيَدِ عَنْ الصَّدْرِ وَوَضْعُهَا فِي مَحَلِّ الْحَكِّ مَرَّةً وَاحِدَةً. (وَلَوْ فَضَّ كِتَابًا) أَيْ فَتَحَهُ (وَفَهِمَ مَا فِيهِ، أَوْ قَرَأَ فِي مُصْحَفٍ وَ) لَوْ (قَلَبَ أَوْرَاقَهُ أَحْيَانًا لَمْ تَبْطُلْ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ، أَوْ غَيْرُ مُتَوَالٍ لَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ (وَالْقَلِيلُ) مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي يُبْطِلُ كَثِيرُهُ إذَا تَعَمَّدَهُ بِلَا حَاجَةٍ (مَكْرُوهٌ لَا فِي) فِعْلٍ (مَنْدُوبٍ كَقَتْلِ حَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ) وَنَحْوِهِمَا فَلَا يُكْرَهُ بَلْ يُنْدَبُ لِلْأَمْرِ بِهِ كَمَا مَرَّ. (وَيُكْرَهُ الِالْتِفَاتُ) بِوَجْهِهِ فِي الصَّلَاةِ بِلَا حَاجَةٍ لِخَبَرِ عَائِشَةَ «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَكَى فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَالْتَفَتَ إلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا فَأَشَارَ إلَيْنَا» الْحَدِيثَ (وَنَظَرُ السَّمَاءِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ لَتُخَطَّفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» (وَ) نَظَرُ (مَا يُلْهِي) عَنْ الصَّلَاةِ كَثَوْبٍ لَهُ أَعْلَامٌ وَرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ يَسْتَقْبِلَانِ الْمُصَلِّي لِخَبَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ ذَاتُ أَعْلَامٍ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ أَلْهَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ اذْهَبُوا بِهَا إلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (، وَالتَّثَاؤُبُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا قَالَ هَا هَا ضَحِكَ الشَّيْطَانُ مِنْهُ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ التَّثَاؤُبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَيْضًا (وَالنَّفْخُ) ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ (وَمَسْحُ الْحَصَى) وَنَحْوُهُ حَيْثُ يَسْجُدُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ «لَا تَمْسَحْ الْحَصَى وَأَنْتَ تُصَلِّي، فَإِنْ كُنْت لَا بُدَّ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً تَسْوِيَةً لِلْحَصَى» ؛ وَلِأَنَّهُ يُخَالِفُ التَّوَاضُعَ، وَالْخُشُوعَ (، وَالِاخْتِصَارُ) بِأَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّهُ يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ (وَتَفْقِيعُ الْأَصَابِعِ وَتَشْبِيكُهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ عَبَثٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُرَوِّحَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنْ يَمْسَحَ وَجْهَهُ فِيهَا وَقَبْلَ الِانْصِرَافِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ   [حاشية الرملي الكبير] أَحَدُهُمَا لَا كَمَا لَوْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ نَاسِيًا وَتَكَلَّمَ عَامِدًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. اهـ. وَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ عَنْ خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ بِأَنَّهَا غَيْرُ كَثِيرَةٍ وَحَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: وَالْخَطْوَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ إلَخْ) هَلْ الْخَطْوَةُ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ حَتَّى يَكُونَ نَقْلُ الْأُخْرَى إلَى مُحَاذَاتِهَا خَطْوَةً أُخْرَى، أَوْ نَقْلُ الْأُخْرَى إلَى مُحَاذَاتِهَا دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الْخَطْوَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُحْتَمَلٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ، أَمَّا نَقْلُ كُلٍّ مِنْ الرِّجْلَيْنِ عَلَى التَّعَاقُبِ إلَى جِهَةِ التَّقَدُّمِ عَلَى الْأُخْرَى أَوْ جِهَةِ التَّأَخُّرِ عَنْهَا فَخُطْوَتَانِ بِلَا شَكٍّ اب وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَلَا أُنْكِرُ الْبُطْلَانَ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَوْ أَكْثَرَ مِنْ حَكِّ جَسَدِهِ مِرَارًا مُتَوَالِيَةً مُخْتَارًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، فَإِنْ كَانَ لِجَرَبٍ لَا يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ عَنْهُ لَمْ تَبْطُلْ اهـ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْبَغَوِيّ أَنَّ الْحَكَّ ثَلَاثًا مُبْطِلٌ د (تَنْبِيهٌ) لَا تَبْطُلُ بِتَحْرِيكِ جُفُونِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ وَلَا بِإِخْرَاجِ لِسَانِهِ مِنْ فَمِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الِالْتِفَاتُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا الْتَفَتَ وَلَمْ يُحَوِّلْ قَدَمَيْهِ، فَإِنْ قَصَدَ مُنَافَاةَ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ مَا لَمْ يَتَطَاوَلْ الزَّمَانُ وَيَمْنَعْهُ مِنْ مُتَابَعَةِ الْأَرْكَانِ قُلْت، وَالْأَشْبَهُ إذَا كَرَّرَهُ ثَلَاثًا عَامِدًا ذَاكِرًا مُتَوَالِيًا الْبُطْلَانُ لِمَا سَبَقَ فِي تَحْرِيكِ الْكَفِّ ضَرُورَةً؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ، أَوْ يُخَرَّجُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي تَحْرِيكِ الْأَصَابِعِ قو (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ عَائِشَةَ إلَخْ) وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 مِنْ غُبَارٍ وَنَحْوِهِ وَأَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْقَلِيلُ مَكْرُوهٌ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ إلَّا كَرَاهَةَ تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ فَمَذْكُورَةٌ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْجُمُعَةِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهَا ثَمَّ أَيْضًا. (فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى سُتْرَةٍ) كَجِدَارٍ وَعَمُودٍ لِخَبَرِ «اسْتَتِرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَخَبَرِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلِخَبَرِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لَا يَقْطَعْ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ (وَ) أَنْ (يُمِيلَهَا) أَيْ السُّتْرَةَ (عَنْ وَجْهِهِ) يَمْنَةً، أَوْ يَسْرَةً لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ مَنْ ضُعِّفَ (وَلَا يُبْعِدُهَا) مِنْ قَدَمَيْهِ (عَنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ) لِخَبَرِ بِلَالٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَائِطِ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ» ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ قَدْرُ مَكَانِ السُّجُودِ وَلِذَلِكَ اُسْتُحِبَّ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ بِقَدْرِ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) سُتْرَةً مِنْ جِدَارٍ، أَوْ نَحْوِهِ (فَعَصًا) مَثَلًا (يَغْرِزُهَا، أَوْ مَتَاعٌ) يَجْمَعُهُ وَلْيَكُنْ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَدْرَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ) ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُبَالِي بِمَا مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ» (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ شَاخِصًا (افْتَرَشَ مُصَلَّى) كَسَجَّادَةٍ بِفَتْحِ السِّينِ (أَوْ خَطَّ خَطًّا) وَكَلَامُهُ كَالْأَصْلِ وَالْمِنْهَاجِ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ بَيْنَهُمَا وَاَلَّذِي فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ مُسَلَّمٌ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ سُتْرَةٍ بَسَطَ مُصَلًّى، فَإِنْ عَجَزَ خَطَّ خَطًّا مِنْ قَدَمَيْهِ (نَحْوَ الْقِبْلَةِ طُولًا) لَا عَرْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْإِقْلِيدِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلَّى لَمْ يَرِدْ فِيهِ خَبَرٌ وَلَا أَثَرٌ وَإِنَّمَا قَاسُوهُ عَلَى الْخَطِّ فَكَيْفَ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ قَالَ وَسَكَتُوا عَنْ قَدْرِهِمَا وَالْقِيَاسُ أَنَّهُمَا كَالشَّاخِصِ. اهـ. وَيُجَابُ عَنْ اسْتِبْعَادِهِ بِأَنَّ الْمَقِيسَ قَدْ يَكُونُ أَوْلَى نَظَرًا لِلْمَقْصُودِ كَمَا فِي الْخَطِّ مَعَ الْإِيتَاءِ فِي الْكِتَابَةِ وَإِذَا اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ (فَيَحْرُمُ الْمُرُورُ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ اسْتِتَارِهِ (وَلَوْ لِضَرُورَةٍ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ سَبِيلًا غَيْرَهُ عَلَى مَا صَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ لِخَبَرِ «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ إلَّا مِنْ الْإِثْمِ، فَالْبُخَارِيُّ وَإِلَّا خَرِيفًا، فَالْبَزَّارُ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالِاسْتِتَارِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ الْمُصَلِّي بِصَلَاتِهِ فِي الْمَكَانِ. فَإِنْ قَصَّرَ كَأَنْ وَقَفَ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَلَا حُرْمَةَ بَلْ وَلَا كَرَاهَةَ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ (وَلِلْمُصَلِّي حِينَئِذٍ) الْأَوْلَى وَلِلْمُصَلِّي (وَغَيْرِهِ) حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ حُرْمَةِ الْمُرُورِ (الدَّفْعُ) لِلْمَارِّ (بَلْ يُنْدَبُ، وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ أَيْ مَعَهُ شَيْطَانٌ، أَوْ هُوَ شَيْطَانُ الْإِنْسِ» وَقَضِيَّتُهُ: وُجُوبُ الدَّفْعِ. وَقَدْ بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِحُرْمَةِ الْمُرُورِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إزَالَتِهَا، وَلَيْسَ كَدَفْعِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ يُسْتَحَبّ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى سُتْرَةٍ] قَوْلُهُ: فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى سُتْرَةٍ) شَمِلَ مَا لَوْ تَسَتَّرَ بِامْرَأَةٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ قَالَ فِي الْخَادِمِ، لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَتِرُ بِهِمَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي التَّتِمَّةِ فَقَالَ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْتَتِرَ بِآدَمِيٍّ أَوْ حَيَوَانٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَةَ مَنْ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَشْتَغِلَ فَيَتَغَافَلَ عَنْ صَلَاتِهِ، لَكِنْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي إلَى رَاحِلَتِهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَظَاهِرٌ إذْ رُبَّمَا شَغَلَتْ ذِهْنَهُ وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُهُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ الشَّافِعِيَّ وَيَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهِ وَأَمَّا ابْنُ الرِّفْعَةِ فَلَمْ يَجْعَلْهُمَا مُتَعَارِضَيْنِ وَقَالَ تُحْمَلُ الْمَرْأَةُ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مُسْتَيْقِظَةً، وَالدَّابَّةُ عَلَى غَيْرِ الْبَعِيرِ الْمَعْقُولِ فِي غَيْرِ الْمَعَاطِنِ وَلَعَلَّ الشَّافِعِيَّ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ لِأَنَّهُ رَآهُ مُعَارِضًا لِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ أَعْطَانِ الْإِبِلِ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ ذِكْرَ النَّهْيِ مَخْصُوصٌ بِالْمَعَاطِنِ مَمْنُوعٌ؛ فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَخْتَصُّ بِهَا بِنَاءً عَلَى الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ فِيهَا نَعَمْ هِيَ أَشَدُّ كَرَاهَةً. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَصًا) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَإِلَّا فَهُوَ وَمَا قَبْلَهُ فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ وَضَعَ سُتْرَةً فَأَزَالَتْهَا الرِّيحُ، أَوْ غَيْرُهَا فَمَنْ عَلِمَ فَمُرُورُهُ كَهُوَ مَعَ وُجُودِ السُّتْرَةِ دُونَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ صَلَّى بِلَا سُتْرَةٍ فَوَضَعَهَا شَخْصٌ آخَرُ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ، فَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ حِينَئِذٍ نَظَرًا لِوُجُودِهَا لَا لِتَقْصِيرِ الْمُصَلِّي قش ع (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ فَلَوْ عَدَلَ عَنْ رُتْبَةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا إلَى مَا دُونَهَا لَمْ يَكْفِ ع. وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا تَرْتِيبٌ فِي الْأَحَقِّيَّةِ حَتَّى لَوْ صَلَّى إلَى الْخَطِّ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ حَرُمَ الْمُرُورُ وَهَذَا نَظِيرُ مَا سَبَقَ فِي أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْمِسْكِ، وَالطِّيبِ، وَالطِّينِ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ تَرْتِيبُ أَوْلَوِيَّةٍ لَا تَرْتِيبُ أَحَقِّيَّةٍ (قَوْلُهُ: طُولًا) وَقِيلَ يُجْعَلُ مِثْلَ الْهِلَالِ وَقِيلَ يَمُدُّ يَمِينًا وَشِمَالًا قَالَ الْفَتَى: وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِجَمِيعِ تِلْكَ الصِّفَاتِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُخْتَصَرَاتِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ وَهُوَ امْتِنَاعُ مَنْ يَنْظُرُهُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي حَاصِلٌ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، وَإِنْ مَدَّهُ طُولًا أَوْلَى. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ) ، وَهُوَ حَسَنٌ غ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُصَلِّي حِينَئِذٍ الدَّفْعُ) يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَثُرَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ ع قَالَ الْأَصْحَابُ وَيَدْفَعُهُ بِيَدِهِ وَهُوَ مُسْتَقِرٌّ فِي مَكَانِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْمَشْيُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ الْمَشْيِ أَشَدُّ مِنْ الْمُرُورِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ وُجُوبِ الدَّفْعِ إلَخْ) جَوَابُهُ أَنَّ الْمُرُورَ مُخْتَلَفٌ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا يُنْكَرُ إلَّا الْمُجْمَعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْإِنْكَارُ حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ إلَى فَوَاتِ مَصْلَحَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ أَدَّى إلَى فَوَاتِ مَصْلَحَةٍ، أَوْ الْوُقُوعِ فِي مَفْسَدَةٍ أُخْرَى لَمْ يَجِبْ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي مَوْضِعِهِ وَهَاهُنَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالدَّفْعِ لَفَاتَتْ مَصْلَحَةٌ أُخْرَى وَهِيَ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ وَتَرْكُ الْعَبَثِ فِيهَا وَأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ بِالْأَسْهَلِ، فَالْأَسْهَلِ، وَالْأَسْهَلُ هُوَ الْكَلَامُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فَلَمَّا انْتَفَى سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ بِالْفِعْلِ، وَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ إنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 الصَّائِلِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ احْتَجَّ بِخَبَرِ «كُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَظْلُومَ وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الظَّالِمَ» انْتَهَى، وَالْمَنْقُولُ عَدَمُ وُجُوبِهِ وَكَانَ الصَّارِفُ عَنْ وُجُوبِهِ شِدَّةَ مُنَافَاتِهِ لِمَقْصُودِ الصَّلَاةِ مِنْ الْخُشُوعِ، وَالتَّدَبُّرِ وَذِكْرُ النَّدْبِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَقَدْ قَالَ وَالْمُتَّجَهُ أَنْ يُلْحَقَ بِالْمُصَلِّي غَيْرُهُ فِي الدَّفْعِ وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِهِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ وَفُهِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ سُتْرَةٌ، أَوْ تَبَاعَدَ عَنْهَا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، أَوْ كَانَتْ دُونَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ لَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ وَلَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ لِتَقْصِيرِهِ نَعَمْ الْمُرُورُ حِينَئِذٍ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، أَوْ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ، وَالتَّحْقِيقِ وَلَك أَنْ تَحْمِلَ الْكَرَاهَةَ عَلَى الْكَرَاهَةِ غَيْرِ الشَّدِيدَةِ فَلَا تَنَافِيَ وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ إنَّهُ حَرَامٌ فِي حَرِيمِ الْمُصَلَّى وَهُوَ قَدْرُ إمْكَانِ سُجُودِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقِيَاسُهُ جَوَازُ الدَّفْعِ (بِالتَّدْرِيجِ) كَدَفْعِ الصَّائِلِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يَزِيدُ فِي الدَّفْعِ عَلَى مَرَّتَيْنِ إلَّا مُتَفَرِّقًا كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ (نَعَمْ لِدَاخِلٍ وَجَدَ فُرْجَةً قِبَلَهُ) أَيْ أَمَامَهُ (تَخَطَّى صَفَّيْنِ) لِيُصَلِّيَ فِيهَا (لِتَقْصِيرِهِمْ) بِتَرْكِهَا وَالْمُصَنِّفُ تَوَهَّمَ أَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ هُنَا هُوَ مَسْأَلَةُ التَّخَطِّي فَعَبَّرَ بِهِ وَقَيَّدَهُ بِصَفَّيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتِلْكَ ذَكَرَهَا تَبَعًا لَهُ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَمَا هُنَا مَسْأَلَةُ خَرْقِ الصُّفُوفِ، وَالْمُرُورِ أَمَامَهَا الْمُنَاسِبُ لَهَا التَّعْبِيرُ بِنَعَمْ فَلِلدَّاخِلِ أَنْ يَخْرِقَهَا، وَإِنْ كَثُرَتْ وَيَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهَا وَيَقِفَ فِي الْفُرْجَةِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَالْإِمَامِ، أَوْ بَيْنَ صَفَّيْنِ مَا يَسَعُ صَفًّا آخَرَ فَلِلدَّاخِلِينَ أَنْ يُصَفُّوا فِيهِ وَلَوْ كَانَ الدَّاخِلُ وَاحِدًا وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَقِفَ بِيَمِينِ الْإِمَامِ وَحْدَهُ لَمْ يَخْرِقْ الصَّفَّ، وَالْفُرْجَةُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا وَيُقَالُ وَكَسْرِهَا الْخَلَلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ (وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ) أَيْ الْمُصَلِّي (بِمُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ) كَامْرَأَةٍ وَكَلْبٍ وَحِمَارٍ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «تَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ، وَالْكَلْبُ، وَالْحِمَارُ» ، فَالْمُرَادُ مِنْهُ قَطْعُ الْخُشُوعِ لِلشُّغْلِ بِهَا. الشَّرْطُ (الثَّامِنُ الْإِمْسَاكُ) عَنْ الْمُفْطِرِ، وَإِنْ قَلَّ لِأَنَّ تَرْكَهُ مُشْعِرٌ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الصَّلَاةِ (فَتَبْطُلُ بِإِدْخَالِ مُفْطِرٍ) جَوْفَهُ (وَلَوْ بِلَا مَضْغٍ كَسُكَّرَةٍ تَذُوبُ وَابْتِلَاعِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَا إنْ جَرَى) مَا بَيْنَهُمَا فَابْتَلَعَهُ (بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ) لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (وَلَوْ أَكَلَ كَثِيرًا) عُرْفًا (نَاسِيًا) أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ (أَوْ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ) وَقَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ ذَاتُ أَفْعَالٍ مَنْظُومَةٍ، وَالْفِعْلُ الْكَثِيرُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ كَفٌّ؛ وَلِأَنَّ الْمُصَلِّيَ مُتَلَبِّسٌ بِهَيْئَةٍ يَبْعُدُ مَعَهَا النِّسْيَانُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ أَمَّا الْقَلِيلُ فَلَا يُبْطِلُهَا (وَالْمَضْغُ وَحْدَهُ) فِي الصَّلَاةِ (فِعْلٌ يُبْطِلُهَا كَثِيرُهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ شَيْءٌ الْجَوْفَ. (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ (يُعَزَّرُ كَافِرٌ دَخَلَ مَسْجِدًا) بِغَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ (لَا مُصَلًّى) غَيْرَ مَسْجِدٍ وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ بِذَلِكَ إنْ دَخَلَهُ (بِغَيْرِ إذْنِ مُسْلِمٍ) إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدْخُلَهُ عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيُلَوِّثَهُ وَيَسْتَهِينَ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ مَا بُنِيَ لَهُ فَصَارَ مُخْتَصًّا بِالْمُسْلِمِينَ. أَمَّا إذَا دَخَلَهُ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ ثَقِيفٍ فَأَنْزَلَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ إسْلَامِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد يُعْتَبَرُ فِي الْمُسْلِمِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا كَمَا أَفَادَهُ الْجُوَيْنِيُّ فِي فُرُوقِهِ بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي الْكَافِرِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ فِي عَهْدِهِ عَدَمَ الدُّخُولِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَسَيَجِيءُ) فِي الْجِزْيَةِ (الْكَلَامُ) عَلَى دُخُولِهِ (فِي الْحَرَمِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ الشَّامِلِ لِمَسَاجِدِهَا (، فَإِنْ قَعَدَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ (قَاضٍ لِلْحُكْمِ فَلِلذِّمِّيِّ) وَنَحْوِهِ (دُخُولُهُ لِلْمُحَاكَمَةِ) بِغَيْرِ إذْنٍ وَيَنْزِلُ قُعُودُهُ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ لَهُ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَكُونَ قُعُودُ الْمُفْتَى فِيهِ لِلِاسْتِفْتَاءِ كَذَلِكَ. (وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (جُنُبًا) فَإِنَّ لَهُ بِمَا ذُكِرَ أَنْ يَدْخُلَهُ وَيَمْكُثَ فِيهِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يَدْخُلُونَ مَسْجِدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَمْكُثُونَ فِيهِ» وَلَا شَكَّ أَنَّ فِيهِمْ الْجُنُبَ وَيُخَالِفُ الْمُسْلِمَ لِاعْتِقَادِهِ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ (وَيُسْتَحَبُّ الْإِذْنُ لَهُ فِيهِ لِسَمَاعِ قُرْآنٍ) وَنَحْوِهِ كَفِقْهٍ وَحَدِيثٍ رَجَاءَ إسْلَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ بِأَنْ كَانَ حَالُهُ يُشْعِرُ بِالِاسْتِهْزَاءِ، أَوْ الْعِنَادِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي   [حاشية الرملي الكبير] ارْتِكَابِ الْمُنْكَرِ عَلَيْهِ لِلْإِثْمِ وَهَاهُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا أَوْ غَافِلًا، أَوْ أَعْمَى، وَإِنَّ إزَالَةَ الْمُنْكَرِ إنَّمَا تَجِبُ إذَا كَانَ لَا يَزُولُ إلَّا بِالنَّهْيِ، وَالْمُنْكَرُ هُنَا يَزُولُ بِانْقِضَاءِ مُرُورِهِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّ الصَّارِفَ عَنْ وُجُوبِهِ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ إنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ تَحَقُّقِ ارْتِكَابِ الْمُنْكَرِ عَلَيْهِ لِلْإِثْمِ وَهَاهُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا أَوْ غَافِلًا، أَوْ أَعْمَى قش (قَوْلُهُ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ: إنَّهُ حَرَامٌ إلَخْ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ ش (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ تَقْيِيدًا وَكَوْنُهُ وَجْهًا قَالَ شَيْخُنَا وَالثَّانِي أَوْجَهُ (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا) مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ تَقْصِيرٌ بِأَنْ جَاءَ وَاحِدٌ بَعْدَ تَكْمِلَةِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَجَذَبَ وَاحِدًا لِيَصْطَفَّ مَعَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِمَا إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُمَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ ع (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الشَّرْطُ الثَّامِنُ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرِ وَإِنْ قَلَّ] (قَوْلُهُ: وَالْمَضْغُ وَحْدَهُ فِعْلٌ يُبْطِلُهَا كَثِيرُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يُبْطِلَ عَمْدُهُ، وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَعِبٌ، وَاللَّعِبُ يُبْطِلُ قَلِيلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. [فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ] (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: يُعَزَّرُ كَافِرٌ إلَخْ) إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ فَيُعْذَرُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا دَخَلَهُ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَيْ لِسَمَاعِ الْقُرْآنِ، أَوْ الْحَدِيثِ، أَوْ الْعِلْمِ قَالَ الرُّويَانِيُّ، وَكَذَا لِحَاجَتِهِ إلَى مُسْلِمٍ أَوْ حَاجَةِ مُسْلِمٍ إلَيْهِ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُ لَا لِأَكْلٍ وَلَا نَوْمٍ (قَوْلُهُ: رَجَاءَ إسْلَامِهِ) أَيْ لَا لِتَعَلُّمِ حِسَابٍ وَلُغَةٍ وَنَحْوِهِمَا (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَالْكَافِرَةُ الْحَائِضُ تُمْنَعُ حَيْثُ تُمْنَعُ الْمُسْلِمَةُ. اهـ. هُوَ الْمَعْرُوفُ وَفِي أَوَائِلِ الْحَيْضِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي اللِّعَانِ خِلَافُهُ. اهـ. لَا تَخَالُفَ بَيْنَهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 الْمَطْلَبِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ لِسَمَاعِ قُرْآنٍ، أَوْ عِلْمٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِحْبَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالظَّاهِرُ جَوَازُ الدُّخُولِ لِذَلِكَ بِلَا إذْنٍ (لَا أَكْلٍ وَنَوْمٍ) فِيهِ فَلَا يُسْتَحَبُّ الْإِذْنُ لَهُ فِي دُخُولِهِ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا بَلْ يُسْتَحَبُّ عَدَمُ الْإِذْنِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ الْأَصْلِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤْذَنَ لَهُ بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ قَالَ وَأَلْحَقَ بِذَلِكَ الْفَارِقِيُّ مَا إذَا دَخَلَ لِتَعَلُّمِ الْحِسَابِ وَاللُّغَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ (وَيُمْنَعُ الصِّبْيَانُ) غَيْرُ الْمُمَيِّزِينَ، وَالْبَهَائِمُ (وَالْمَجَانِينُ، وَالسَّكْرَانُ دُخُولَهُ) لِخَوْفِ تَلْوِيثِهِ، وَكَذَا الْحَائِضُ وَنَحْوُهَا عِنْدَ خَوْفِ ذَلِكَ، وَالْمَنْعُ كَمَا يَكُونُ عَنْ الْمُحَرَّمِ يَكُونُ عَنْ الْمَكْرُوهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ وَاجِبًا وَفِي الثَّانِي مَنْدُوبًا، وَالْمَذْكُورُونَ إنْ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ لِلْمَسْجِدِ حَرُمَ تَمْكِينُهُمْ مِنْ دُخُولِهِ وَإِلَّا كُرِهَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ وَذِكْرُ السَّكْرَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَيُكْرَهُ نَقْشُ الْمَسْجِدِ وَاِتِّخَاذُ الشُّرَافَاتِ لَهُ) لِلْأَخْبَارِ الْمَشْهُورَةِ فِي ذَلِكَ وَلِئَلَّا يَشْغَلَ قَلْبَ الْمُصَلِّي بَلْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَيْعِ مَا وُقِفَ عَلَى عِمَارَتِهِ فَحَرَامٌ (وَ) يُكْرَهُ (دُخُولُهُ) بِلَا ضَرُورَةٍ (لِمَنْ أَكَلَ ثُومًا) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ (وَنَحْوَهُ) مِمَّا لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ وَبَقِيَ رِيحُهُ لِخَبَرِ «مَنْ أَكَلَ ثُومًا، أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا وَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «مَنْ أَكَلَ الثُّومَ، وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا تَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» (وَ) يُكْرَهُ (حَفْرُ بِئْرٍ وَغَرْسُ شَجَرٍ فِيهِ) بَلْ إنْ حَصَلَ بِذَلِكَ ضَرَرٌ حَرُمَ (فَيُزِيلُهُ الْإِمَامُ) لِئَلَّا يُضَيِّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ هَذَا، وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي غَرْسِ الشَّجَرَةِ فِي الْمَسْجِدِ الصَّحِيحُ تَحْرِيمُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْجِيرِ مَوْضِعِ الصَّلَاةِ، وَالتَّضْيِيقِ وَجَلْبِ النَّجَاسَاتِ مِنْ ذَرْقِ الطُّيُورِ، وَنُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ قَطْعُ الْعِرَاقِيِّينَ بِمَنْعِ الزَّرْعِ، وَالْغَرْسِ فِيهِ وَقَالَ فِي الْحَفْرِ فِيهِ الْوَجْهُ تَحْرِيمُهُ وَلَعَلَّ مَنْ ذَكَرَ الْكَرَاهَةَ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ انْتَهَى وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِغَرْسِ الشَّجَرَةِ (وَكَذَا) يُكْرَهُ (عَمَلُ صِنَاعَةٍ فِيهِ) إنْ كَثُرَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الِاعْتِكَافِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ خَسِيسَةً تُزْرِي بِالْمَسْجِدِ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ حَانُوتًا يَقْصِدُ فِيهِ بِالْعَمَلِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ. (وَبُصَاقٌ فِيهِ خَطِيئَةٌ) أَيْ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ (كَفَّارَتُهَا دَفْنُهُ) وَلَوْ فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ لِظَاهِرِ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» (وَالْأَوْلَى مَسْحُهُ بِيَدٍ وَنَحْوِهَا) ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ يُذْهِبُهُ، وَالدَّفْنَ يُبْقِيه، وَإِنْ بَدَرَهُ الْبُصَاقُ فِيهِ بَصَقَ فِي جَانِبِ ثَوْبِهِ الْأَيْسَرِ أَوْ خَارِجَهُ بَصَقَ عَنْ يَسَارِهِ فِي ثَوْبِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، أَوْ بِجَنْبِهِ وَأَوْلَاهُ فِي ثَوْبِهِ وَيَدْلُكُهُ أَوْ يَتْرُكُهُ وَيُكْرَهُ عَنْ يَمِينِهِ وَأَمَامِهِ وَمَنْ رَأَى بُصَاقًا، أَوْ نَحْوَهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يُزِيلَهُ بِدَفْنِهِ، أَوْ رَفْعِهِ، أَوْ إخْرَاجِهِ وَأَنْ يُطَيِّبَ مَحَلَّهُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. (وَلَا بَأْسَ بِإِغْلَاقِهِ فِي غَيْرِ الْأَوْقَاتِ) أَيْ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ صِيَانَةً لَهُ وَحِفْظًا لِمَا فِيهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ هَذَا إذَا خِيفَ امْتِهَانُهُ وَضَيَاعُ مَا فِيهِ وَلَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى فَتْحِهِ وَإِلَّا، فَالسُّنَّةُ عَدَمُ إغْلَاقِهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ مُسَبَّلٌ لِلشُّرْبِ لَمْ يَجُزْ غَلْقُهُ وَمَنْعُ النَّاسِ مِنْ الشُّرْبِ (وَلَا) بَأْسَ (بِالنَّوْمِ، وَالْوُضُوءِ، وَالْأَكْلِ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا (النَّاسُ) وَتَقْيِيدُ مَسْأَلَةِ النَّوْمِ بِمَا ذَكَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهِيَ مُكَرَّرَةٌ فَإِنَّهُ قَدَّمَهَا فِي بَابِ الْغُسْلِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَلَا يُخَالِفُ حُكْمُ الْوُضُوءِ فِيهِ عَدَمَ جَوَازِ نَضْحِهِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَسَيَأْتِي فِي الِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ النَّضْحِ بِالْمُسْتَعْمَلِ؛ وَلِأَنَّ تَلْوِيثَهُ يَحْصُلُ فِي الْوُضُوءِ ضِمْنًا بِخِلَافِهِ فِي النَّضْحِ، وَالشَّيْءُ يُغْتَفَرُ ضِمْنًا مَا لَا يُغْتَفَرُ مَقْصُودًا وَلَا يَجُوزُ قَصْدُ الْمَسْجِدِ بِالْأَشْيَاءِ الْمُسْتَقْذَرَةِ فَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ ضَعِيفٌ وَالْمُخْتَارُ الْجَوَازُ كَمَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ فِيهِ مَعَ أَنَّ مَاءَهُ مُسْتَعْمَلٌ مَمْنُوعٌ. (وَيُقَدِّمُ) رِجْلَهُ (الْيُمْنَى دُخُولًا   [حاشية الرملي الكبير] لِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ عِنْدَ عَدَمِ حَاجَتِهَا إلَى مُكْثِهَا فِيهِ وَمَحَلَّ تَمْكِينِهَا مِنْهُ عِنْدَ حَاجَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ إلَيْهِ كَلِعَانِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ الصِّبْيَانُ إلَخْ) أَفْتَى وَالِدُ النَّاشِرِيِّ بِأَنَّ تَعْلِيمَ الصِّبْيَانِ فِي الْمَسْجِدِ أَمْرٌ حَسَنٌ، وَالصِّبْيَانُ يَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ مِنْ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْآنَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَالْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ دُخُولِ الصِّبْيَانِ الْمَسْجِدَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مُخْتَصٌّ بِمَنْ لَا يُمَيِّزُ لَا طَاعَةَ فِيهَا وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا وَإِلَّا فَأَجْرُ التَّعْلِيمِ قَدْ يَزِيدُ عَلَى نُقْصَانِ الْأَجْرِ بِكَرَاهَةِ الدُّخُولِ، وَالْحَاجَةُ قَدْ تَدْفَعُ الْكَرَاهَةَ كَالضَّبَّةِ الصَّغِيرَةِ لِلْحَاجَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ حَفْرُ بِئْرٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا حُفِرَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ أَمَّا لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ الْخَاصَّةِ فَيَحْرُمُ قَطْعًا وَفِي إطْلَاقِهِ حَفْرَ الْبِئْرِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ أَنْ يَكُونَ الْحَفْرُ لَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ إمَّا لَسَعَةِ الْمَسْجِدِ، أَوْ نَحْوِهَا وَأَنْ لَا يُشَوِّشَ الدَّاخِلُونَ إلَى الْمَسْجِدِ بِسَبَبِ الِاسْتِقَاءِ عَلَى الْمُصَلِّي وَنَحْوِهِ وَأَنْ لَا يَحْصُلَ لِلْمَسْجِدِ ضَرَرٌ قش (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْعَصْرِيِّينَ تَضْعِيفُهُ وَظُهُورُهُ مِنْ حَيْثُ الْإِزْرَاءُ أَمَّا مِنْ حَيْثُ اتِّخَاذُهُ حَانُوتًا فَهُوَ رَأْيٌ لِلْغَزَالِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا مُنِعَ مِنْهُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ شَرْطُ إبَاحَتِهِ الْقِلَّةُ فَإِنْ كَثُرَ صَارَ صَغِيرَةً وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِهِ، وَالْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَتِنَا الْكَرَاهَةُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَبُصَاقٌ فِيهِ خَطِيئَةٌ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْفَاعِلُ خَارِجَهُ (قَوْلُهُ:، وَالْأَوْلَى مَسْحُهُ بِيَدٍ وَنَحْوِهَا) وَيَجِبُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْنُهُ لِتَرْخِيمِ أَرْضِهِ، أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ عَنْ يَمِينِهِ) يُسْتَثْنَى مِنْ كَرَاهَةِ الْبُصَاقِ عَنْ يَمِينِهِ مَا إذَا كَانَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ بُصَاقَهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ يَسَارِهِ د (تَنْبِيهٌ) وَلَوْ بَصَقَ فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ مِنْ تُرَابِهِ فَهُوَ خَطِيئَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْقُمَامَاتِ الْمُجْتَمِعَةِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ بَلْ لَوْ افْتَصَدَ عَلَى تِلْكَ الْقُمَامَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْتَنِعَ إذَا كَانَتْ كَثِيفَةً بِحَيْثُ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْمَسْجِدِ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْفَصْدِ أَنَّهُ تَبْقَى إزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةً وَلَا يُسَامَحُ بِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْقُمَامَاتِ بَلْ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ الْمَسْجِدِ إزَالَةً لِعَيْنِ النَّجَاسَةِ مِنْهُ وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَجَّ مَاءٍ الْمَضْمَضَةِ مُخْتَلِطًا بِبُصَاقٍ لَا يَظْهَرُ أَنَّهُ خَطِيئَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلَكٌ فَلَيْسَ فِيهِ تَنْقِيصٌ لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ، وَقَدْ يُضْطَرُّ إلَى هَذَا الْمَجِّ لِكَوْنِهِ صَائِمًا وَلَا يُمْكِنُهُ ابْتِلَاعُهُ وَلَا يَجِدُ إنَاءً يَمُجُّهُ فِيهِ فَلَا مُضَايَقَةَ فِي ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ:، وَالْمُخْتَارُ الْجَوَازُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وَالْيُسْرَى خُرُوجًا) لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّ فِي الدُّخُولِ شَرَفًا وَفِي الْخُرُوجِ خِسَّةً (وَيَأْتِي) فِيهِمَا (بِالدَّعَوَاتِ الْمَشْهُورَةِ) ، وَهِيَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك، ثُمَّ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَيَدْخُلُ، وَكَذَا يَقُولُ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ أَبْوَابَ فَضْلِك قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، فَإِنْ طَالَ عَلَيْهِ هَذَا فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك» (وَلِحَائِطِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ مِنْ خَارِجِهِ (مِثْلُ حُرْمَتِهِ) فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ بُصَاقٍ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتُكْرَهُ الْخُصُومَةُ وَرَفْعُ الصَّوْتِ وَنَشْدُ الضَّالَّةِ فِيهِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعْطِي السَّائِلُ فِيهِ شَيْئًا وَلَا بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ فِيهِ إذَا كَانَ مَدْحًا لِلنُّبُوَّةِ، أَوْ لِلْإِسْلَامِ، أَوْ كَانَ حِكْمَةً أَوْ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، أَوْ الزُّهْدِ وَنَحْوِهَا [الْبَابُ السَّادِسُ فِي السَّجَدَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ وَهِيَ ثَلَاث] [الْأُولَى سَجْدَة السَّهْو] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي السَّجَدَاتِ) الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ (وَهِيَ ثَلَاثٌ الْأُولَى سُجُودُ السَّهْوِ) قَدَّمَهُ عَلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِكَوْنِهِ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ وَقَدَّمَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ عَلَى سُجُودِ الشُّكْرِ لِكَوْنِهِ يُفْعَلُ فِيهَا وَخَارِجَهَا وَسُجُودُ الشُّكْرِ لَا يُفْعَلُ إلَّا خَارِجَهَا (وَهُوَ) أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ لَيْسَ وَاجِبًا كَمُبْدَلِهِ؛ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ بَلْ (سُنَّةٌ) فِي الْفَرْضِ، وَالنَّفَلِ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُلْقِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ، فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً كَانَتْ الرَّكْعَةُ، وَالسَّجْدَتَانِ نَافِلَةً لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً كَانَتْ الرَّكْعَةُ تَمَامًا لِلصَّلَاةِ، وَالسَّجْدَتَانِ يُرْغِمَانِ أَنْفَ الشَّيْطَانِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ فَثَبَتَ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ سُنَّةٌ (يَقْتَضِيهِ شَيْئَانِ الْأَوَّلُ تَرْكُ مَأْمُورٍ بِهِ) مِنْ الْأَبْعَاضِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ فَمَنْ تَرَكَ أَحَدَهَا (وَلَوْ عَمْدًا جَبَرَهُ بِالسُّجُودِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ ثَمَّ (وَلَا يَسْجُدُ لِبَاقِي السُّنَنِ) أَيْ لِتَرْكِهِ كَتَرْكِ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَا نُقِلَ إذْ الْقُنُوتُ مَثَلًا ذِكْرٌ مَقْصُودٌ إذْ شُرِعَ لَهُ مَحَلٌّ خَاصٌّ بِخِلَافِ السُّنَنِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا كَالْمُقَدِّمَةِ لِبَعْضِ الْأَرْكَانِ كَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ، أَوْ التَّابِعِ كَالسُّورَةِ، فَإِنْ سَجَدَ لِشَيْءٍ مِنْهَا ظَانًّا جَوَازَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا لِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ (أَمَّا الْأَرْكَانُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَدَارُكِهَا) ، وَقَدْ يُشْرَعُ مَعَ تَدَارُكِهَا السُّجُودُ كَزِيَادَةٍ حَصَلَتْ بِتَدَارُكِ رُكْنٍ، وَقَدْ لَا يُشْرَعُ بِأَنْ لَا تَحْصُلَ زِيَادَةٌ كَمَا لَوْ تَرَكَ السَّلَامَ، ثُمَّ تَذَكَّرَهُ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ (الثَّانِي فِعْلُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ) فِيهَا وَلَوْ بِالشَّكِّ كَمَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ شَكَّ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا (فَكُلُّ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ إنْ لَمْ يُبْطِلْهَا) سَهْوُهُ (فَيَسْجُدُ السَّاهِي بِزِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ وَكَلَامٍ قَلِيلٍ وَنَحْوِهِ) كَأَكْلٍ قَلِيلٍ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيسَ غَيْرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا يُبْطِلُ سَهْوُهُ أَيْضًا كَكَلَامٍ كَثِيرٍ وَحَدَثٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ وَبِخِلَافِ سَهْوِ مَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ كَالِالْتِفَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ (إلَّا بِخُطْوَةٍ وَخُطْوَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ الْفِعْلَ الْقَلِيلَ فِي الصَّلَاةِ وَرَخَّصَ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَلَمْ يَسْجُدْ وَلَا أَمَرَ بِهِ، وَكَمَا لَا يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ لَا يُسْجَدُ لِعَمْدِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ (فَرْعٌ الِاعْتِدَالُ رُكْنٌ قَصِيرٌ، وَكَذَا الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ فِي أَنْفُسِهِمَا بَلْ لِلْفَصْلِ وَإِلَّا لَشُرِعَ فِيهِمَا ذِكْرٌ وَاجِبٌ لِيَتَمَيَّزَا بِهِ عَنْ الْعَادَةِ كَالْقِيَامِ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا، لَكِنَّهُمَا قَالَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الرُّكْنَ الْقَصِيرَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ وَمَالَ الْإِمَامُ إلَى الْجَزْمِ بِهِ وَصَحَّحَهُ، ثَمَّ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ إنَّهُ مَقْصُودٌ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ وَوُجُودِ صُورَتِهِ وَحَيْثُ قِيلَ إنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُطَوَّلُ (وَتَطْوِيلُهُمَا عَمْدًا) بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِمَا (يُبْطِلُ الصَّلَاةَ) كَمَا لَوْ قَصَّرَ الطَّوِيلَ فَلَمْ يُتِمَّ الْوَاجِبَ قَالَ الْإِمَامُ؛ وَلِأَنَّ تَطْوِيلَهُ يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ (لَا تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ بِقُنُوتٍ فِي مَوْضِعِهِ وَتَسْبِيحٍ) أَيْ وَلَا بِتَسْبِيحٍ (فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ) الْآتِي بَيَانُهَا فِي الْبَابِ   [حاشية الرملي الكبير] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي السَّجَدَاتِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ سُنَّةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْمَسْنُونِ دُونَ الْمَفْرُوضِ، وَالْبَدَلُ إمَّا كَمُبْدَلِهِ، أَوْ أَخَفَّ، فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَيُعَضِّدُهُ جُبْرَانُ الْحَجِّ قِيلَ: صَرَفَنَا عَنْ ظَاهِرِ الْخَبَرِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْخَبَرِ وَإِنَّمَا وَجَبَ جُبْرَانُ الْحَجِّ لِكَوْنِهِ بَدَلًا عَنْ وَاجِبٍ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) مِثْلُهُ النَّاسِي (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِفُ مَشْرُوعِيَّةَ سُجُودِ السَّهْوِ وَلَا يَعْرِفُ مُقْتَضِيَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالشَّكِّ إلَخْ) فَإِنَّ سَبَبَ سُجُودِهِ تَرَدُّدُهُ فِي أَنَّ الرَّكْعَةَ الْمَفْعُولَةَ زَائِدَةٌ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى ارْتِكَابِ الْمَنْهِيِّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ جَوَابُ مَا أَوْرَدَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ سُجُودُ السَّهْوِ سُنَّةٌ عِنْدَ تَرْكِ مَأْمُورٍ أَوْ ارْتِكَابِ مَنْهِيٍّ بِقَوْلِهِ أَهْمَلَا سَبَبًا ثَالِثًا وَهُوَ إيقَاعُ بَعْضِ الْفُرُوضِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي وُجُوبِهِ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا شَكَّ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا (قَوْلُهُ: فَكَانَ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ) كَأَنْ زَادَ الْقَاصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ سَهْوًا وَكَتَبَ أَيْضًا وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ يَظُنُّ أَنَّهُ الثَّانِي فَقَالَ نَاسِيًا السَّلَامُ فَقَبْلَ أَنْ يَقُولَ عَلَيْكُمْ تَنَبَّهَ فَقَامَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ وَنَوَى بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ، لَكِنَّ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لَهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ خِطَابٌ، وَالسَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى فَلَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَيَظْهَرُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَفَّالِ عَلَى مَا إذَا نَوَى بِذَلِكَ حَالَ السَّهْوِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ ذَلِكَ ش (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ حَيْثُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أُرِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ فِيهِ بِصَارِفٍ يَصْرِفُهُ عَمَّا أَتَى بِهِ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 الْآتِي فَلَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِوُرُودِهِ (وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ) مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ (جَوَازَ تَطْوِيلِ كُلِّ اعْتِدَالٍ بِذِكْرٍ غَيْرِ رُكْنٍ) بِخِلَافِ تَطْوِيلِهِ بِرُكْنٍ كَالْفَاتِحَةِ، وَالتَّشَهُّدِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَانَ يَنْبَغِي طَرْدُ اخْتِيَارِهِ فِي الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَيْضًا فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَا يَقْتَضِي جَوَازَ إطَالَتِهِ بِالذِّكْرِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْهُ عَلَى أَنَّهُ فِي التَّحْقِيقِ هُنَا صَحَّ أَنَّهُ رُكْنٌ طَوِيلٌ وَعَزَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ إلَى الْأَكْثَرِينَ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَوَافَقَ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّهُ قَصِيرٌ وَمِقْدَارُ التَّطْوِيلِ كَمَا نَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنْ يُلْحَقَ الِاعْتِدَالُ بِالْقِيَامِ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِالْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ، وَالْمُرَادُ قِرَاءَةُ الْوَاجِبِ فَقَطْ لَا قِرَاءَتُهُ مَعَ الْمَنْدُوبِ، ثُمَّ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ جَوَازِ تَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرِهِ (وَيَسْجُدُ السَّاهِي بِتَطْوِيلِهِمَا) أَيْ الِاعْتِدَالِ، وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ أَمْ لَا؟ فَهِيَ عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ مَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ (وَلَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا) كَفَاتِحَةٍ وَتَشَهُّدٍ، أَوْ بَعْضِهِمَا إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ (سَجَدَ لِلسَّهْوِ) وَلِلْعَمْدِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِتَرْكِهِ التَّحَفُّظَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ مُؤَكَّدًا كَتَأْكِيدِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ أَيْضًا مِمَّا قُلْنَا آنِفًا وَيُضَمُّ إلَيْهَا مَا تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ بِنِيَّةِ الْقُنُوتِ لَمْ يُحْسَبْ بَلْ يُعِيدُهُ فِي اعْتِدَالِهِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَمَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَبِأُخْرَى ثَلَاثًا، أَوْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ وَصَلَّى بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً سَجَدَ بِالْأَخِيرَةِ سُجُودَ السَّهْوِ لِلْمُخَالَفَةِ بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَمَا لَوْ قَرَأَ سُورَةً غَيْرَ الْفَاتِحَةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُهُ السُّجُودُ لِلتَّسْبِيحِ فِي الْقِيَامِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَبْدَانَ نَعَم لَوْ قَرَأَ السُّورَةَ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ لَمْ يَسْجُدْ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ وَمَا اسْتَثْنَاهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ قُعُودًا قَصِيرًا بِأَنْ هَوَى لِلسُّجُودِ فَقَعَدَ قَبْلَهُ سَجَدَ لِلسَّهْوِ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ الْآتِي فِي فَرْعِ لَوْ تَشَهَّدَ (وَلَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ بِنَقْلِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ بِخِلَافِ نَقْلِ الْفِعْلِيِّ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْفِعْلِيِّ يُغَيِّرُ هَيْئَتَهَا بِخِلَافِ نَقْلِ الْقَوْلِيِّ (إلَّا بِنَقْلِ السَّلَامِ عَامِدًا) فَتَبْطُلُ، وَكَذَا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي مَحَلِّهَا وَذَكَرَ مَا اسْتَثْنَاهُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا. (فَصْلٌ) تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ وَاجِبٌ فَلَوْ (تَرَكَ رُكْنًا) عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، أَوْ (سَاهِيًا) وَكَانَ غَيْرَ مَأْمُومٍ (عَادَ إلَيْهِ إنْ تَذَكَّرَ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْمَتْرُوكِ فَتَتِمَّ بِهِ الرَّكْعَةُ الْمُخْتَلَّةُ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ) لَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِهِ مَعَ إيهَامِهِ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ مُخْتَصٌّ بِغَيْرِ مَا يَأْتِي فَكَانَ الْأَوْجَهُ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي الْأَصْلِ لَوْ تَرَكَهُ سَاهِيًا لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِمَا تَرَكَهُ، فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ بُلُوغِ مِثْلِهِ فَعَلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ تَمَّتْ بِهِ رَكْعَتُهُ هَذَا إنْ عَلِمَ عَيْنَهُ وَمَكَانَهُ وَإِلَّا أَخَذَ بِالْأَسْوَإِ وَبَنَى وَفِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إلَّا إذَا وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ أَحْوَالِ الْجَهْلِ فَقَالَ (وَإِنْ جَهِلَ عَيْنَهُ وَأَمْكَنَ) بِأَنْ جَوَّزَ (أَنَّهُ النِّيَّةُ، أَوْ التَّكْبِيرُ) لِلْإِحْرَامِ (أَعَادَ) أَيْ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ لِشَكِّهِ فِي انْعِقَادِهَا (وَإِنْ كَانَ هُوَ) أَيْ الْمَتْرُوكُ سَهْوًا (السَّلَامَ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ سَلَّمَ وَلَمْ يَسْجُدْ) لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ بِالسَّلَامِ، وَكَذَا إنْ طَالَ الْفَصْلُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ سُكُوتٌ طَوِيلٌ وَتَعَمُّدُ طُولِ السُّكُوتِ لَا يَضُرُّ كَمَا مَرَّ فَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ أَمَّا لَوْ سَلَّمَ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهُ سَلَّمَ الْأُولَى، ثُمَّ شَكَّ فِي الْأُولَى أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهَا لَمْ يُحْسَبْ سَلَامُهُ عَنْ فَرْضِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ عَلَى اعْتِقَادِ النَّفْلِ فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْنِ كَذَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ وَجْهُهُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا (أَوْ لَمْ يُمْكِنْ) بِأَنْ لَمْ يُجَوِّزْ (أَنَّهُ النِّيَّةُ) ، أَوْ تَكْبِيرُ الْإِحْرَامِ (وَجَهِلَ) مَكَانَهُ (أَخَذَ بِالْأَسْوَإِ وَبَنَى) عَلَى مَا فَعَلَهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَقَوْلُهُ وَجَهِلَ إنْ أَرَادَ بِهِ جَهِلَ عَيْنَهُ فَتَكْرَارٌ أَوْ جَهِلَ مَكَانَهُ كَمَا قُلْنَا فَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ مَعَ جَهْلِ عَيْنِهِ أَيْضًا، وَلَيْسَ مُرَادًا وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ (وَلَوْ ذَكَرَ بَعْدَ الْقِيَامِ) مِنْ رَكْعَةٍ (أَنَّهُ تَرَكَ) مِنْهَا (السَّجْدَةَ مَعَ الْجُلُوسِ) ، أَوْ شَكَّ فِيهِمَا (لَزِمَهُ أَنْ يَجْلِسَ مُطْمَئِنًّا، ثُمَّ يَسْجُدَ) تَدَارُكًا لِمَا فَاتَهُ وَلَا يُجْزِئُ قِيَامُهُ عَنْ الْجُلُوسِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِهَيْئَةِ الْجُلُوسِ (فَإِنْ كَانَ قَدْ أَتَى بِهِ) أَيْ بِالْجُلُوسِ (وَلَوْ لِلِاسْتِرَاحَةِ سَجَدَ مِنْ قِيَامٍ وَإِجْزَاءُ) الْجُلُوسِ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الِاسْتِرَاحَةَ (كَتَشَهُّدٍ أَخِيرٍ ظَنَّهُ الْأَوَّلَ) وَكَغَسْلِ اللُّمْعَةِ الْمَتْرُوكَةِ مِنْ الْمَرَّةِ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ الثَّالِثَةِ، وَذَلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: كَفَاتِحَةٍ وَتَشَهُّدٍ، أَوْ بَعْضِهِمَا إلَخْ) لَوْ قَنَتَ فِي وِتْرِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ رَمَضَانَ سَجَدَ (فَرْعٌ) لَوْ قَنَتَ فِي غَيْرِ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَوْ تَعَمَّدَهُ لَمْ يَبْطُلْ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَرَأَ السُّورَةَ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ إلَخْ) ، وَكَذَا لَوْ كَرَّرَ التَّشَهُّدَ نَاسِيًا أَوْ شَكَّ فِيهِ فَأَعَادَهُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ. [فَصْلٌ تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ فِي الصَّلَاة] (قَوْلُهُ: عَادَ إلَيْهِ) لَوْ تَرَكَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فِي السُّجُودِ وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْقِيَامِ لِيَرْكَعَ مِنْهُ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَقُومَ رَاكِعًا عَلَى الْأَصَحِّ ع (قَوْلُهُ لَا يَخْفَى) مَا فِي كَلَامِهِ هُوَ شُمُولُ قَوْلِهِ أَوْ سَاهِيًا عَادَ إلَيْهِ إنْ تَذَكَّرَ لِمَا إذَا تَذَكَّرَ مَا بَعْدَ فِعْلِهِ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مَا يَأْتِي) هُوَ قَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يُمْكِنْ أَنَّهُ النِّيَّةُ وَجَهِلَ أَخَذَ بِالْأَسْوَإِ وَبَنَى (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ طَالَ الْفَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَذَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) يُعْلَمُ وَجْهُهُ مِمَّا يَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا يَأْتِي وَاضِحٌ وَهُوَ عَدَمُ شُمُولِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ لِلتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فَإِنَّ لِتَأَدِّي الْفَرْضِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ ضَابِطًا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ وَابْنُ الصَّلَاحِ فِي مُشْكِلِهِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ قَدْ سَبَقَتْ نِيَّةٌ تَشْمَلُ الْفَرْضَ، وَالنَّفَلَ مَعًا ثُمَّ يَأْتِي بِفَرْضٍ مِنْ تِلْكَ الْعِبَادَةِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَيُصَادِفُ بَقَاءَ الْفَرْضِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُرَادًا) حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلِاسْتِرَاحَةِ) لَوْ كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا فَجَلَسَ بِقَصْدِ الْقِيَامِ، ثُمَّ تَذَكَّر، فَالْقِيَاسُ أَنَّ هَذَا الْجُلُوسَ يُجْزِئُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 لِأَنَّ قَضِيَّةَ نِيَّتِهِ السَّابِقَةِ أَنْ لَا تَكُونَ جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ إلَّا بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ. (وَلَا تَقُومُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَنَحْوِهَا) كَسَجْدَةِ سَهْوٍ أَوْ سَجْدَةِ شُكْرٍ فَعَلَهَا نَاسِيًا (مَقَامَ السُّجُودِ) ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْهَا بِخِلَافِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فِيمَا مَرَّ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ. (وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) تَرْكَ سَجْدَةٍ مِنْ الْأُولَى (فَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ لَهُ جُلُوسٌ) وَلَوْ بِنِيَّةِ الِاسْتِرَاحَةِ (تَمَّتْ بِهَا) أَيْ بِالسَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الثَّانِيَةِ (رَكْعَتُهُ) الْأُولَى (وَلَغَا مَا بَيْنَهُمَا) لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ جُلُوسٌ (فَتَمَامُهَا) أَيْ رَكْعَتِهِ الْأُولَى (بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَذَا) الْحُكْمُ (فِي) تَرْكِ (سَجْدَتَيْنِ فَأَكْثَرَ تَذَكَّرَ مَكَانَهُمَا أَوْ مَكَانَهَا) ، (فَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ لَهُ جُلُوسٌ) فِيمَا سَبَقَ لَهُ مِنْ الرَّكَعَاتِ تَمَّتْ رَكْعَتُهُ السَّابِقَةُ بِالسَّجْدَةِ الْأُولَى وَإِلَّا فَبِالثَّانِيَةِ (فَإِنْ جَهِلَهُ) أَيْ مَكَانَ الْمَتْرُوكِ (أَوْ شَكَّ فِيهِ لَزِمَهُ لِتَرْكِ سَجْدَةِ رَكْعَةٍ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ (وَلِسَجْدَتَيْنِ) أَيْ لِتَرْكِهِمَا (وَ) لِتَرْكِ (ثَلَاثٍ) مِنْ رُبَاعِيَّةٍ (رَكْعَتَانِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ السَّجْدَتَانِ وَاحِدَةٌ مِنْ الْأُولَى وَوَاحِدَةٌ مِنْ الثَّالِثَةِ وَأَنْ تَكُونَ الثَّلَاثُ مِنْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ، أَوْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْأُولَى وَثِنْتَانِ مِنْ الثَّالِثَةِ (وَلِتَرْكِ أَرْبَعٍ) مِنْ رُبَاعِيَّةٍ (سَجْدَةٌ وَرَكْعَتَانِ) لِاحْتِمَالِ تَرْكِ ثِنْتَيْنِ مِنْ رَكْعَةٍ وَثِنْتَيْنِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ غَيْرِ مُتَوَالِيَتَيْنِ لَمْ يَتَّصِلَا بِهَا كَتَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُولَى وَثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَوَاحِدَةٍ مِنْ الرَّابِعَةِ، فَالْحَاصِلُ رَكْعَتَانِ إلَّا سَجْدَةً إذْ الْأُولَى تَتِمُّ بِالثَّالِثَةِ، وَالرَّابِعَةُ نَاقِصَةٌ سَجْدَةً فَيُتِمُّهَا وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّصَلَتَا بِهَا كَتَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُولَى وَثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَوَاحِدَةٍ مِنْ الثَّالِثَةِ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِ إلَّا رَكْعَتَانِ (وَلِخَمْسٍ) أَيْ لِتَرْكِهَا (وَ) لِتَرْكِ (سِتٍّ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ) إذْ الْحَاصِلُ لَهُ فِي تَرْكِ السِّتِّ رَكْعَةٌ وَأَمَّا فِي تَرْكِ الْخَمْسِ فَلِاحْتِمَالِ تَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُولَى وَثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ (وَلِسَبْعٍ) أَيْ لِتَرْكِهَا (سَجْدَةٌ وَثَلَاثٌ) مِنْ الرَّكَعَاتِ إذْ الْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً (وَلِثَمَانٍ) أَيْ لِتَرْكِهَا (سَجْدَتَانِ وَثَلَاثُ رَكَعَاتٍ) وَيُتَصَوَّرُ تَرْكُ ذَلِكَ بِمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا، وَالتَّذَكُّرُ بَعْدَ السَّلَامِ كَقَبْلِهِ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ كَمَا سَيَأْتِي (قُلْت ذَكَرَ بَعْضُهُمْ) كَالْأُصْفُونِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ (اعْتِرَاضًا عَلَى الْجُمْهُورِ فَقَالَ يَلْزَمُ بِتَرْكِ ثَلَاثٍ) مِنْ السَّجَدَاتِ (سَجْدَةٌ وَرَكْعَتَانِ؛ لِأَنَّ أَسْوَأَ الْأَحْوَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ فَيَحْصُلُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الثَّانِيَةِ (جَبْرُ الْجُلُوسِ) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (لَا) جَبْرُ (السُّجُودِ) إذْ لَا جُلُوسَ مَحْسُوبٌ فِي الْأُولَى (فَتَكْمُلُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الثَّالِثَةِ وَتَفْسُدُ الثَّانِيَةُ وَتُجْعَلُ السَّجْدَةُ الثَّالِثَةُ) مَتْرُوكَةً (مِنْ الرَّابِعَةِ فَيَلْزَمُهُ سَجْدَةٌ وَرَكْعَتَانِ، وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِيمَنْ سَجَدَ) نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا (عَلَى طَرَفِ ثَوْبِهِ أَوْ كَوْرِ عِمَامَتِهِ، أَوْ لَمْ يَطْمَئِنَّ) أَوْ الْتَصَقَتْ وَرَقَةٌ بِجَبْهَتِهِ وَعَلَّلَ لُزُومَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَإِنَّهُ قَدْ أَتَى) فِي الْأُولَى (بِجُلُوسٍ غَيْرِ مَحْسُوبٍ وَلَا مَحِيصَ عَنْ هَذَا) الِاعْتِرَاضِ (وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ بِتَرْكِ أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ وَخَمْسٍ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ) يُحْتَمَلُ (أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ فَتَحْصُلُ مِنْهَا رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً وَ) أَنَّهُ تَرَكَ (ثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ فَلَا تَتِمُّ الرَّكْعَةُ إلَّا بِسَجْدَةٍ مِنْ الرَّابِعَةِ وَيَلْغُو مَا بَعْدَهَا) أَيْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَا سِوَاهَا (وَ) يَلْزَمُهُ (فِي) تَرْكِ (السِّتِّ، وَالسَّبْعِ ثَلَاثٌ وَسَجْدَةٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ) يُحْتَمَلُ (أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ الرَّابِعَةِ) وَأُجِيبَ عَنْ الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِيهِ خِلَافُ فَرْضِ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ فَرَضُوا ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَتَى بِالْجَلَسَاتِ أَيْ الْمَحْسُوبَاتِ وَحَكَى ابْنُ السُّبْكِيّ فِي التَّوْشِيحِ أَنَّ لَهُ رَجَزًا فِي الْفِقْهِ وَفِيهِ اعْتِمَادُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ، وَأَنَّ وَالِدَهُ وَقَفَ عَلَيْهِ فَكَتَبَ عَلَى الْحَاشِيَةِ مِنْ رَأْسِ الْقَلَمِ لَكِنَّهُ مَعْ حُسْنِهِ لَا يَرِدُ ... إذْ الْكَلَامُ فِي الَّذِي لَا يُفْقَدُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْهَا) ؛ لِأَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ، أَوْ السَّهْوِ وَنَحْوَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ سُجُودِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ رَاتِبًا فِيهَا فَلَمْ يَنُبْ عَمَّا هُوَ رَاتِبٌ فِيهَا بِخِلَافِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ؛ وَلِأَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَقَعَ فِي مَوْضِعِهِ فَلَا يَقَعُ عَنْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَإِنَّهَا لَمْ تَقَعْ فِي مَوْضِعِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا يُعْتَدُّ بِهَا قَبْلَ تَمَامِ الْمَتْرُوكِ فَوَقَعَتْ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَلِسَبْعٍ سَجْدَةٌ وَثَلَاثٌ مِنْ الرَّكَعَاتِ) ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَجُلُوسَيْنِ؛ لِأَنَّ أَسْوَأَ الْأَحْوَالِ أَنْ تَكُونَ السَّجَدَاتُ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَالْجِلْسَتَانِ مِنْ الْأُخْرَيَيْنِ، أَوْ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ: وَحَكَى ابْنُ السُّبْكِيّ فِي التَّوْشِيحِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ، وَقَدْ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ مُصَرَّحًا بِهَا فِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارِمِيِّ فَقَالَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتْرُكْ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ إلَّا سَجْدَةً، فَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ كَمَا مَضَى وَهُوَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقُولُ لَيْسَ الْجُلُوسُ مَقْصُودًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَجْدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْلِسْ فِي شَيْءٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ انْتَهَى وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالرَّكْعَتَيْنِ، وَإِنْ تَرَكَ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ انْتَهَى قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ إنَّمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ الَّذِي يَكْتَفِي بِالْقِيَامِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ عَنْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَقَدْ قَالَ عَلَى مُقَابِلِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ إنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا الرَّكْعَةُ الْأُولَى وَهَذَا عَيْنُ مَا اسْتَدْرَكَهُ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ وَغَيْرُهُ فَظَهَرَ صِحَّةُ الِاسْتِدْرَاكِ وَأَنَّهُ مَنْقُولٌ انْتَهَى قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ كَلَامَ الدَّارِمِيِّ غَيْرُ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الدَّارِمِيِّ فِيمَا إذَا تَرَكَ بَعْضَ السَّجَدَاتِ، وَالْجُلُوسَ بَيْنَ بَعْضِ السَّجَدَاتِ أَيْضًا وَهَذَا التَّصْوِيرُ قَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ كَمَا ذَكَرَهُ النَّسَائِيّ بِقَوْلِهِ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ تَصْوِيرُهُمْ تَرْكَ الْجِلْسَاتِ مَعَ بَعْضِ السَّجَدَاتِ وَكَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ فِيمَا إذَا أَتَى بِالْجُلُوسِ فِي الْبَعْضِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 إلَّا السُّجُودَ فَإِذَا مَا انْضَمَّ لَهْ ... تَرْكُ الْجُلُوسِ فَلْيُعَامَلْ عَمَلَهْ وَإِنَّمَا السَّجْدَةُ لِلْجُلُوسِ ... وَذَاكَ مِثْلُ الْوَاضِحِ الْمَحْسُوسِ وَذِكْرُ الْمُصَنِّفِ الْخَمْسَ سَجَدَاتٍ، وَالسَّبْعَ فِيمَا فَرَّعَهُ عَلَى الِاعْتِرَاضِ غَيْرُ حَسَنٍ؛ فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ فِيهِمَا لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَرِضَ لَمْ يَذْكُرْهُمَا. (فَرْعٌ) لَوْ (قَامَ قَبْلَ التَّشَهُّدِ) الْأَوَّلِ (نَاسِيًا فَلَهُ الْعَوْدُ) إلَيْهِ. عِبَارَةُ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ تَقْتَضِي طَلَبَ الْعَوْدِ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ يَرْجِعُ إلَيْهِ (مَا لَمْ يَنْتَصِبْ قَائِمًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِفَرْضٍ (فَإِنْ عَادَ) إلَيْهِ (وَهُوَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ) مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ (سَجَدَ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ النُّهُوضَ مَعَ الْعَوْدِ (عَامِدًا) عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) ، فَالسُّجُودُ لِلنُّهُوضِ مَعَ الْعَوْدِ لَا لِلنُّهُوضِ فَقَطْ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ لِلنُّهُوضِ لَا لِلْعَوْدِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ مَرْدُودٌ. وَشُمُولُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَامِدًا لِلْعَوْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ، أَوْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، فَلَا يَسْجُدُ؛ لِقِلَّةِ مَا فَعَلَهُ حِينَئِذٍ، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ مُطْلَقًا وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَأَطْلَقَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ تَصْحِيحَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَبِهِ الْفَتْوَى (وَإِنْ انْتَصَبَ) قَائِمًا (لَمْ يَعُدْ) لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ فَلَا يَقْطَعُهُ لِسُنَّةٍ (فَإِنْ عَادَ عَالِمًا) بِالتَّحْرِيمِ (عَامِدًا بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِزِيَادَتِهِ رُكْنًا عَمْدًا (لَا) إنْ عَادَ (جَاهِلًا) فَلَا تَبْطُلُ، لَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ عِنْدَ تَعَلُّمِهِ (وَ) لَا إنْ عَادَ (نَاسِيًا) فَلَا تَبْطُلُ (لَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ إنْ ذَكَرَ) أَيْ عِنْدَ تَذَكُّرِهِ وَيَسْجُدَ فِيهِمَا لِلسَّهْوِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ وَتَخَلَّفَ الْمَأْمُومُ لِلتَّشَهُّدِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ وَفَارَقَ مَا لَوْ قَامَ هُوَ وَحْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ اشْتَغَلَ بِفَرْضٍ وَفِي هَذِهِ بِسُنَّةٍ، فَإِنْ قُلْت سَيَأْتِي فِي الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْقُنُوتَ فَلَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ لِيَقْنُتَ إذَا لَحِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى قُلْت فِي تِلْكَ لَمْ يُحْدِثْ فِي تَخَلُّفِهِ وُقُوفًا، وَهُنَا أَحْدَثَ فِيهِ جُلُوسًا نَعَمْ إنْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ التَّخَلُّفَ لِيَتَشَهَّدَ إذَا لَحِقَهُ فِي قِيَامِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُحْدِثْ جُلُوسًا، فَمَحَلُّ بُطْلَانِهَا إذَا لَمْ يَجْلِسْ إمَامُهُ (وَإِنْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ) لِيَتَشَهَّدَ فَلَا تَبْطُلُ (وَذَلِكَ) أَيْ التَّخَلُّفُ لِلتَّشَهُّدِ (عُذْرٌ) فِي عَدَمِ بُطْلَانِهَا وَفِي الْمُفَارَقَةِ (فَإِنْ انْتَصَبَا مَعًا، أَوْ انْتَصَبَ الْإِمَامُ) وَحْدَهُ (ثُمَّ عَادَ) فِيهِمَا (لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْقِيَامُ) بِأَنْ يَسْتَمِرَّ فِي الْأُولَى قَائِمًا وَيَقُومَ فِي الثَّانِيَةِ لِوُجُوبِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ فِيهَا بِانْتِصَابِ الْإِمَامِ وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَإِمَامُهُ إمَّا مُخْطِئٌ بِالْعَوْدِ فَلَا يُوَافِقُهُ فِي الْخَطَإِ، أَوْ عَامِدٌ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ (وَلَهُ) فِيهِمَا (مُفَارَقَتُهُ وَلَوْ انْتَظَرَهُ قَائِمًا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ عَادَ نَاسِيًا جَازَ) ، لَكِنَّ الْمُفَارَقَةَ أَوْلَى كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ وَلَوْ قَالَ وَانْتِظَارُهُ بَدَلَ وَلَوْ انْتَظَرَهُ وَحَذَفَ جَازَ كَفَى، لَكِنْ تَفُوتُهُ هَذِهِ الْإِشَارَةُ، وَهَذَانِ الْحُكْمَانِ مَعَ الْحُكْمِ الَّذِي عَقَبَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ عَادَ مَعَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَوْ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا فَلَا (وَلَوْ انْتَصَبَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ نَاسِيًا لَزِمَهُ الْعَوْدُ) لِوُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ (وَإِنْ) الْأَوْلَى: فَإِنْ (لَمْ يَعُدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِمُخَالَفَةِ الْوَاجِبِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى قَامَ إمَامُهُ لَمْ يَعُدْ وَلَمْ تُحْسَبْ قِرَاءَتُهُ كَمَسْبُوقٍ سَمِعَ حِسًّا ظَنَّهُ سَلَامَ إمَامِهِ فَقَامَ وَأَتَى بِمَا فَاتَهُ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَا يُحْسَبُ لَهُ مَا أَتَى بِهِ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ (أَوْ) انْتَصَبَ وَحْدَهُ (عَامِدًا، فَالْعَوْدُ حَرَامٌ) كَمَا لَوْ رَكَعَ قَبْلَ إمَامِهِ (مُبْطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ زَادَ رُكْنًا عَمْدًا كَذَا (قَالَهُ الْإِمَامُ وَخُولِفَ) بِكَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ فَإِنَّهُمْ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ اسْتَحَبُّوا الْعَوْدَ فَضْلًا عَنْ الْجَوَازِ فَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْمَقِيسِ وَرَجَّحَهُ فِيهِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ فَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا لَوْ قَامَ نَاسِيًا حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الْعَامِدَ انْتَقَلَ إلَى وَاجِبٍ، وَهُوَ الْقِيَامُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْعَوْدِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ تَخْيِيرٌ بَيْنَ وَاجِبَيْنِ بِخِلَافِ النَّاسِي، فَإِنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعْذُورًا كَانَ قِيَامُهُ كَالْعَدَمِ فَتَلْزَمُهُ الْمُتَابَعَةُ كَمَا لَوْ لَمْ يَقُمْ لِيَعْظُمَ أَجْرُهُ، وَالْعَامِدُ كَالْمُفَوِّتِ لِتِلْكَ السُّنَّةِ بِتَعَمُّدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا (وَإِنْ رَكَعَ قَبْلَهُ نَاسِيًا تَخَيَّرَ بَيْنَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَامَ قَبْلَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ نَاسِيًا] قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَنْتَصِبْ قَائِمًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قَامَ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، وَإِنْ اسْتَوَى قَائِمًا فَلَا يَجْلِسْ وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ) ؛ لِأَنَّ التَّخَلُّفَ لِلتَّشَهُّدِ تَخَلُّفٌ عَنْ وَاجِبَيْنِ أَحَدُهُمَا فَرْضُ الْقِيَامِ، وَالْآخَرُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ وَأَيْضًا الْمُبَادَرَةُ إلَى فِعْلِ الْوَاجِبِ لَيْسَتْ مُخَالَفَتُهَا فَاحِشَةً كَفُحْشِ التَّخَلُّفِ (قَوْلُهُ قُلْت فِي تِلْكَ لَمْ يَحْدُثْ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا انْتَهَضَ عَنْ السُّجُودِ قَائِمًا، وَالْمَأْمُومُ رَفَعَ رَأْسَهُ وَجَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ فَكَأَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ مُتَابَعَتِهِ وَأَخَذَ فِي عَمَلٍ آخَرَ فَلِهَذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ صُورَةِ الْقُنُوتِ؛ وَلِأَنَّ التَّشَهُّدَ انْضَمَّ إلَيْهِ الْقُعُودُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِهَيْئَةِ الْإِمَامِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْقُنُوتِ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ مَدُّ الِاعْتِدَالِ وَهُوَ رُكْنٌ كَانَ مَعَهُ فِيهِ فَلَمْ يَبْطُلْ إذَا أَدْرَكَهُ سَاجِدًا. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ جَلَسَ إمَامُهُ) لِلِاسْتِرَاحَةِ فِي ظَنِّهِ (قَوْلُهُ:، فَالْأَوْجَهُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي فُرُوقِهِ لَا نُسَلِّمُ اسْتِحْبَابَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ لِمَنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ انْتَهَى. وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ أَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ فِيهِ قِرَاءَةٌ وَجُلُوسٌ، وَالْجُلُوسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ لَا قِرَاءَةَ فِيهِ قَالَ شَيْخُنَا فَمَا بَحَثَهُ الشَّارِحُ مُوَافِقٌ لِرَأْيِهِ الْآتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ مَرْدُودٌ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُفَارَقَتَهُ (قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَتِهِ الْوَاجِبَ) ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ يُتْرَكُ لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ كَمَا لَوْ اعْتَدَلَ قَبْلَ إمَامِهِ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى الرُّكُوعِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْمَقِيسِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أُجِيبَ بِأَنَّ تَرْكَ الْقُعُودِ مَعَ الْإِمَامِ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا الْفَرْقُ لَا يَقْوَى فَإِنَّهُ لَوْ سَجَدَ قَبْلَهُ وَتَرَكَهُ فِي الْقِيَامِ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ الْفَاحِشَةُ أَيْضًا حَاصِلَةً، وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِطُولِ الِانْتِظَارِ فِي الْقِيَامِ عَنْ التَّشَهُّدِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ سَبَقَهُ بِالسُّجُودِ فِي ثَانِيَةِ الصُّبْحِ وَجَبَ الْعَوْدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 الْعَوْدِ، وَالِانْتِظَارِ) وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ فِيمَا لَوْ قَامَ نَاسِيًا بِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ ثَمَّ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ فَرْقِ الزَّرْكَشِيّ السَّابِقِ ثَمَّ عَكْسُ مَا هُنَا. مَعَ أَنَّ فَرْقَهُ لَا يَخْتَصُّ بِالتَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ (وَلَوْ ظَنَّ الْمُصَلِّي قَاعِدًا أَنَّهُ تَشَهَّدَ) التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ (فَقَرَأَ) أَيْ افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ (لِلثَّالِثَةِ لَمْ يَعُدْ) إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ (وَإِنْ سَبَقَهُ لِسَانُهُ بِالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ) أَنَّهُ لَمْ يَتَشَهَّدْ (عَادَ) جَوَازًا إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ تَعَمُّدَ الْقِرَاءَةِ كَتَعَمُّدِ الْقِيَامِ وَسَبْقُ اللِّسَانِ إلَيْهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ. (وَإِنْ نَسِيَ الْقُنُوتَ فَعَادَ) إلَيْهِ (قَبْلَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ) عَلَى مُصَلَّاهُ (جَازَ) أَوْ بَعْدَهُ فَلَا، لَكِنْ إنْ وَضَعَ شَيْئًا مِنْ يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَقُلْنَا بِوُجُوبِ وَضْعِهَا كَانَ كَوَضْعِ الْجَبْهَةِ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ وَاسْتَحْسَنَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَسَأَلَهُ وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْوَضْعِ هُوَ الْوَضْعُ الْمُقَارِنُ لِلسُّجُودِ خَاصَّةً، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَسَجَدَ) لِلسَّهْوِ (إنْ بَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِينَ) لِزِيَادَتِهِ رُكُوعًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ فَلَا يَسْجُدُ، وَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا فَكَتَرْكِهِ التَّشَهُّدَ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُ الْأَصْلِ قَبْلَ ذِكْرِ صُورَةِ النِّسْيَانِ، وَتَرْكُ الْقُنُوتِ يُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّشَهُّدِ. (فَرْعٌ لَوْ تَشَهَّدَ) سَهْوًا (بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى) ، أَوْ ثَالِثَةٍ لِرُبَاعِيَّةٍ (أَوْ قَعَدَ سَهْوًا بَعْدَ اعْتِدَالٍ) مِنْ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا (فَتَشَهَّدَ) ، وَالْمُرَادُ فِيهَا وَفِيمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ أَوْ بَعْضِهِ (أَوْ جَلَسَ) لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ بَعْدَ اعْتِدَالٍ سَهْوًا بِلَا تَشَهُّدٍ (فَوْقَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ تَدَارَكَ) مَا عَلَيْهِ (وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) أَمَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَلِزِيَادَةِ قُعُودٍ طَوِيلٍ وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلِذَلِكَ، أَوْ لِنَقْلِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ فَإِنْ كَانَتْ الْجِلْسَةُ فِي الْأَخِيرَةِ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَلَا سُجُودَ؛ لِأَنَّ عَمْدَهَا مَطْلُوبٌ، أَوْ مُغْتَفَرٌ (كَمُطِيلِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) بِأَنْ أَلْحَقَهُ بِجُلُوسِ التَّشَهُّدِ (وَمَنْ مَكَثَ فِي السُّجُودِ يَتَذَكَّرُ هَلْ رَكَعَ) أَوْ لَا (وَأَطَالَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، أَوْ هَلْ سَجَدَ) السَّجْدَةَ (الْأُولَى فَلَا) تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ أَطَالَ إذْ لَا يَلْزَمُهُ تَرْكُ السُّجُودِ فِي هَذِهِ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ، وَالْمَسْأَلَتَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ ذَكَرَهُمَا الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ فَلَوْ قَعَدَ فِي هَذِهِ مِنْ سَجْدَتِهِ وَتَذَكَّرَهَا أَنَّهَا الثَّانِيَةُ وَكَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَتَشَهَّدَ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ إنْ كَانَ قُعُودُهُ عَلَى الشَّكِّ فَوْقَ الْقُعُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى السُّجُودِ وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. [فَرْعٌ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ فِي رُبَاعِيَّةٍ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ السَّلَامِ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَامَ إلَى خَامِسَةٍ) فِي رُبَاعِيَّةٍ (نَاسِيًا، ثُمَّ تَذَكَّرَ) قَبْلَ السَّلَامِ (عَادَ) إلَى الْجُلُوسِ (فَإِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ) فِي الرَّابِعَةِ أَوْ الْخَامِسَةِ (أَجْزَأَهُ وَلَوْ ظَنَّهُ) التَّشَهُّدَ (الْأَوَّلَ) كَمَا مَرَّ (ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَيُسَلِّمُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَشَهَّدْ أَتَى بِهِ) أَيْ بِالتَّشَهُّدِ ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ (وَلَوْ سَجَدَ ثُمَّ تَذَكَّرَ) فِي سُجُودِهِ (أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ لَزِمَهُ أَنْ يَقُومَ، ثُمَّ يَرْكَعَ) وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَقُومَ رَاكِعًا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِالرُّكُوعِ غَيْرَهُ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ مَرْدُودٌ. [فَصْلٌ فِي قَاعِدَةٍ مُكَرَّرَةٍ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ] (فَصْلٌ فِي قَاعِدَةٍ مُكَرَّرَةٍ) فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ (مَا كَانَ الْأَصْلُ وُجُودَهُ، أَوْ عَدَمَهُ، وَشَكَكْنَا فِي تَغْيِيرِهِ رَجَعْنَا إلَى الْأَصْلِ وَاطَّرَحْنَا الشَّكَّ) كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِ الْإِحْدَاثِ. عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَطَرَحْنَا الشَّكَّ يُقَالُ طَرَحْت الشَّيْءَ أَيْ رَمَيْته وَاطَّرَحْته أَيْ أَبْعَدْته وَكُلٌّ صَحِيحٌ هُنَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَقْرَبَ (فَإِنْ صَلَّى وَشَكَّ هَلْ تَرَكَ مَأْمُورًا) بِهِ (مُعَيَّنًا) يَنْجَبِرُ بِالسُّجُودِ (كَالْقُنُوتِ سَجَدَ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، أَوْ شَكَّ فِي فِعْلِ مَنْهِيٍّ) عَنْهُ (كَالْكَلَامِ) نَاسِيًا (لَمْ يَسْجُدْ) كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا أَمْ لَا؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (وَإِنْ تَيَقَّنَ سَهْوًا وَنَسِيَ عَيْنَهُ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَشَكَّ هَلْ هُوَ تَرْكُ مَأْمُورٍ، أَوْ ارْتِكَابُ مَنْهِيٍّ (أَوْ شَكَّ هَلْ سَجَدَ لَهُ) ، أَوْ لَا (سَجَدَ) لِتَحَقُّقِ الْمُقْتَضِي، وَالْأَصْلُ عَدَمُ السُّجُودِ فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ هَلْ سَجَدَ) لَهُ (سَجْدَتَيْنِ) ، أَوْ وَاحِدَةً (زَادَ) وَفِي نُسْخَةٍ سَجَدَ (وَاحِدَةً) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (أَوْ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) وَسَجَدَ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ (وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَثُرُوا) وَرَاقَبُوهُ لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ «وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ» ؛ وَلِأَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يَأْخُذُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ فِيهِ كَالْحَاكِمِ إذَا نَسِيَ حُكْمَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: عَادَ جَوَازًا إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ) أَيْ؛ لِأَنَّ قِرَاءَتَهُ حِينَئِذٍ لَمْ تُعَيِّنْ جُلُوسَهُ لِلْبَدَلِيَّةِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَوْ تَعَمَّدَ الشُّرُوعَ فِي الْقِرَاءَةِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَشَهَّدْ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَتَشَهَّدَ فَلَا وَجْهَ إلَّا الْمَنْعُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا يَعُودُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقُعُودَ بَدَلٌ عَنْ الْقِيَامِ كَمَا لَوْ قَامَ وَتَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ ثُمَّ تَذَكَّرَ لَا يَعُودُ، وَالثَّانِي يَعُودُ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الْفَرْضِ إلَى النَّفْلِ إنَّمَا لَا يَجُوزُ فِي الْأَفْعَالِ دُونَ الْأَذْكَارِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ مِنْ الْفَاتِحَةِ إلَى دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ يَجُوزُ وَهَاهُنَا فِعْلُ الْقَعُودِ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا أَبْدَلَ الذِّكْرَ فَلَا بَأْسَ بِالرُّجُوعِ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا اشْتَرَى عَيْنًا مِنْ إنْسَانٍ وَبَاعَ نِصْفَهَا مِنْهُ، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِهِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقُ الْمِلْكِ عَلَيْهِ مَعْنًى، وَالثَّانِي: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَفْرِيقَ فِي الصُّورَةِ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَا يَعُودُ؛ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مَعْنًى، وَالثَّانِي يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا انْتِقَالَ صُورَةً انْتَهَى. فَلَوْ عَادَ لِلتَّشَهُّدِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَلَوْ تَرَكَ الْقُنُوتَ نَاسِيًا، أَوْ عَامِدًا وَهَوَى كَانَ الْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ إنْ تَذَكَّرَ هُنَا قَبْلَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ وَعَادَ سَجَدَ إنْ بَلَغَ حَدَّ الرُّكُوعِ انْتَهَى وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَأْمُومَ إنْ تَرَكَ الْقُنُوتَ نَاسِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَيْهِ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ، أَوْ عَامِدًا نُدِبَ. [فَرْعٌ تَشَهَّدَ سَهْوًا بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ ثَالِثَةٍ لِرُبَاعِيَّةٍ أَوْ قَعَدَ سَهْوًا بَعْدَ اعْتِدَالٍ مِنْ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا فَتَشَهَّدَ] (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى وَشَكَّ هَلْ تَرَكَ مَأْمُورًا بِهِ مُعَيَّنًا إلَخْ) عَدَلَ عَنْ التَّعْبِيرِ بِبَعْضِ مُعَيَّنٍ لِمَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ فَإِنَّ الْمُجْمَلَ هُنَا كَالْمُفَصَّلِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ إتْيَانِهِ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ) بِأَنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ مَأْمُورًا يَقْتَضِي السُّجُودَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ، أَوْ الْقُنُوتَ مَثَلًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 لَا يَأْخُذُ بِقَوْلِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ وَأَمَّا مُرَاجَعَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلصَّحَابَةِ، ثُمَّ عَوْدُهُ لِلصَّلَاةِ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ فَمَحْمُولٌ عَلَى تَذَكُّرِهِ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ (وَلَا يَنْفَعُهُ) فِي ذَلِكَ (ظَنٌّ وَلَا اجْتِهَادٌ) لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ (ثُمَّ إنْ فَعَلَ) مَعَ شَكِّهِ (مَا يَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ سَجَدَ) لِلسَّهْوِ (وَلَوْ تَذَكَّرَ قَبْلَ السَّلَامِ) ، وَإِنْ فَعَلَ مَعَهُ مَا لَا يَحْتَمِلُهَا فَلَا يَسْجُدُ (مِثَالُهُ شَكَّ هَلْ هَذِهِ) الرَّكْعَةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا (ثَالِثَةٌ أَوْ رَابِعَةٌ فَتَذَكَّرَ قَبْلَ الْقِيَامِ إلَى مَا بَعْدَهَا) أَنَّهَا ثَالِثَةٌ، أَوْ رَابِعَةٌ (لَمْ يَسْجُدْ) ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ مَعَ التَّرَدُّدِ لَا بُدَّ مِنْهُ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ قَبْلَ الْقِيَامِ سَوَاءٌ أَتَذَكَّرَ بَعْدَهُ أَمْ لَا (سَجَدَ جَبْرًا لِتَرَدُّدِهِ فِي زِيَادَتِهَا) يَعْنِي الَّتِي قَامَ إلَيْهَا أَيْ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْهَا مَعَ التَّرَدُّدِ مُحْتَمِلٌ لِلزِّيَادَةِ وَإِنَّمَا اقْتَضَى التَّرَدُّدُ فِي زِيَادَتِهَا السُّجُودَ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ زَائِدَةً فَظَاهِرٌ وَإِلَّا، فَالتَّرَدُّدُ يُضْعِفُ النِّيَّةَ وَيُحْوِجُ إلَى الْجَبْرِ وَاعْتَرَضَهُ الْإِمَامُ بِمَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ قَضَى الْفَائِتَةَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَإِنَّا نَأْمُرُهُ بِالْقَضَاءِ بِلَا سُجُودٍ، وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ أَمْ لَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّرَدُّدَ ثَمَّ لَمْ يَقَعْ فِي بَاطِلٍ بِخِلَافِهِ هُنَا وَبِأَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا يَكُونُ لِلتَّرَدُّدِ الطَّارِئِ فِي الصَّلَاةِ لَا لِلسَّابِقِ عَلَيْهَا وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِقَبْلَ الْقِيَامِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ تَرَدُّدُهُ بَعْدَ نُهُوضِهِ وَقَبْلَ انْتِصَابِهِ لَمْ يَسْجُدْ إذْ حَقِيقَةُ الْقِيَامِ الِانْتِصَابُ وَمَا قَبْلَهُ انْتِقَالٌ لَا قِيَامٌ فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُمْ أَهْمَلُوهُ مَرْدُودٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ إلَى مَا ذَكَرَ لَا تَقْتَضِي السُّجُودَ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ لَا يُبْطِلُ وَإِنَّمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ مَعَ عَوْدِهِ كَمَا مَرَّ. نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ. (وَلَوْ شَكَّ) الْمَسْبُوقُ (هَلْ أَدْرَكَ رُكُوعَ الْإِمَامِ) ، أَوْ لَا (قَامَ) بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ (وَأَتَى بِرَكْعَةٍ) بَدَلَ الرَّكْعَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا (وَسَجَدَ لِتَرَدُّدِهِ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ وَلَوْ تَذَكَّرَ) بَعْدَ الْقِيَامِ لَهَا (أَنَّهُ أَدْرَكَهُ) أَيْ الرُّكُوعَ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ مَعَ تَرَدُّدِهِ فِيمَا ذَكَرَ مُحْتَمِلٌ لِلزِّيَادَةِ وَمِثْلُهُ لَوْ شَكَّ مَأْمُومٌ فِي تَرْكِ فَرْضٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ. [فَرْعٌ لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ فِي الصَّلَاة بَعْدَ السَّلَامِ] (فَرْعٌ لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ بَعْدَ السَّلَامِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُهُ عَنْ تَمَامٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ اعْتَبَرَ الشَّكَّ بَعْدَهُ لَعَسُرَ الْأَمْرُ لِكَثْرَةِ عُرُوضِهِ نَعَمْ إنْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ، أَوْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ نَوَى الْفَرْضَ، أَوْ النَّفَلَ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى أَمْ لَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ وَلَوْ شَكَّ أَنَّ مَا أَدَّاهُ ظُهْرٌ، أَوْ عَصْرٌ، وَقَدْ فَاتَتَاهُ لَزِمَهُ إعَادَتُهُمَا جَمِيعًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِالنِّسْبَةِ لِلطُّهْرِ فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ عَنْ جَمْعٍ، لَكِنَّهُ جَزَمَ قَبْلَ حِكَايَتِهِ لَهُ وَفِي مَحَلٍّ آخَرَ بِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فَارِقًا بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الرُّكْنِ يَكْثُرُ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ وَبِأَنَّ الشَّكَّ فِي الرُّكْنِ حَصَلَ بَعْدَ تَيَقُّنِ الِانْعِقَادِ، وَالْأَصْلُ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى الصِّحَّةِ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ فَإِنَّهُ شَكٌّ فِي الِانْعِقَادِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَنْقُولُ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْ الْقَائِلِينَ بِهِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ طَوَافِ نُسُكِهِ هَلْ طَافَ مُتَطَهِّرًا أَوْ لَا لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الطَّوَافِ، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالسَّلَامِ الَّذِي لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ بَعْدَهُ سَلَامٌ لَمْ يَحْصُلْ بَعْدَهُ عَوْدٌ إلَى الصَّلَاةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا لِسُجُودِ السَّهْوِ، ثُمَّ عَادَ وَشَكَّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ لَزِمَهُ تَدَارُكُهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ وَخَرَجَ بِالشَّكِّ الْعِلْمُ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَهُ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا بَنَى) عَلَى مَا فَعَلَهُ (إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) وَلَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً (وَإِنْ تَكَلَّمَ) قَلِيلًا (وَاسْتَدْبَرَ) الْقِبْلَةَ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ. وَتُفَارِقُ هَذِهِ الْأُمُورُ وَطْءَ النَّجَاسَةِ بِاحْتِمَالِهَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ (وَالْمَرْجِعُ فِي طُولِهِ) وَقِصَرِهِ (إلَى الْعُرْفِ) وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ الْقِصَرُ بِالْقَدْرِ الَّذِي نُقِلَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَالطُّولُ بِمَا زَادَ عَلَيْهِ، وَالْمَنْقُولُ فِي الْخَبَرِ «أَنَّهُ قَامَ وَمَضَى إلَى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ وَرَاجَعَ ذَا الْيَدَيْنِ وَسَأَلَ الصَّحَابَةَ فَأَجَابُوهُ» . (فَصْلٌ لَا يَتَعَدَّدُ السُّجُودُ) لِلسَّهْوِ (لِتَعَدُّدِ السَّهْوِ) لِخَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ «فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَّمَ وَتَكَلَّمَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَمَحْمُولٌ عَلَى تَذَكُّرِهِ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ قَدْ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ حَتَّى يَقَّنَهُ اللَّهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ وَاضِحٌ وَهُوَ مُرَادُهُمْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ، وَالْقِيَاسُ إلَخْ) مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ نَاسِيًا فَفَارَقَهُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ بُلُوغِهِ حَدَّ الرَّاكِعِينَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ صَرِيحٌ، أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ فِي الْقِيَامِ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ بَعْدَ السَّلَامِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ السَّلَامِ لِشَكِّهِ فِي تَرْكِ رُكْنٍ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ كَتَيَقُّنِ تَرْكِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْعِبَادَةَ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ الطَّارِئُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَفِي مَحَلٍّ آخَرَ) أَيْ فِي آخِرِ بَابِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فَارِقًا إلَخْ) قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ بِمَعْنَى مَا قُلْته فَقَالُوا إذَا جَدَّدَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ نَسِيَ مَسَحَ رَأْسَهُ مِنْ أَحَدِ الْوُضُوءَيْنِ لَزِمَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ تَرَكَ الْمَسْحَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ شَكَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ انْتَهَى وَمَا فَرَّقَ بِهِ مُنْقَدِحٌ ش (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَنْقُولُ إلَخْ) وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي شَكٍّ اسْتَنَدَ إلَى تَيَقُّنِ تَرْكٍ فَأَثَّرَ فِي الصَّلَاةِ لِتَأْثِيرِهِ فِي الْمُطَهِّرِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلِهَذَا بَقِيَ طُهْرُهُ فَكَلَامُهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ يُؤَثِّرُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ وَإِنْ صَرَّحَ بِأَنَّ كَلَامَهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ أَنَّهُ تَطَهَّرَ قَبْلَ شَكِّهِ وَحَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى خِلَافِهِ، وَقَدْ نَقَلَ هُوَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ جَوَازَ دُخُولِ الصَّلَاةِ بِطُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ تَطَهَّرَ قَبْلَ شَكِّهِ وَإِلَّا فَلَا ش وَقَوْلُهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) لَوْ شَكَّ الْمُقْتَدِي بَعْدَ السَّلَامِ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَقُبِلَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ اب. [فَصْلٌ لَا يَتَعَدَّدُ السُّجُودُ لِلسَّهْوِ لِتَعَدُّدِ السَّهْوِ] (قَوْلُهُ: لِتَعَدُّدِ السَّهْوِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 وَاسْتَدْبَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَزِدْ عَلَى سَجْدَتَيْنِ» ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ لِذَلِكَ لَأَمَرَ بِهِ عِنْدَ السَّهْوِ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَأَمَّا خَبَرُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ فَضَعِيفٌ (لَكِنَّهُ) قَدْ يَتَعَدَّدُ صُورَةً كَمَا (لَوْ سَجَدَ فِي) صَلَاةٍ (مَقْصُورَةٍ، أَوْ جُمُعَةٍ، ثُمَّ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا) لِوُجُودِ مُسَوِّغِ الْإِتْمَامِ (أَعَادَ) السُّجُودَ (آخِرَهَا) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ (وَلَوْ سَهَا) كَأَنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا (فِي سُجُودِهِ لِلسَّهْوِ) وَلَوْ فِي جُلُوسِهِ فِي أَثْنَائِهِ (أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَسْجُدْ) إذْ لَا يُؤْمَنُ وُقُوعُ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ فَيَتَسَلْسَلُ (وَلَوْ ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ، ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ، أَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ مَثَلًا فَسَجَدَ جَاهِلًا) بِأَنْ تَرْكَ ذَلِكَ لَا سُجُودَ لَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، أَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا، أَوْ لَا فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ جَاهِلًا (سَجَدَ) لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ بِزِيَادَةِ السُّجُودِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ ذَكَرَهَا بَدَلَ مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ فِيهَا أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ بِسُجُودِ السَّهْوِ لِتَرْكِ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَنَحْوِهَا جَاهِلًا، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ أَوَّلَ الْبَابِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّوْضَةِ مُقَيَّدَةٌ بِذَلِكَ أَيْضًا وَلَوْ سَهَا إمَامٌ فَاسْتَخْلَفَ مَسْبُوقًا جَرَى عَلَى تَرْتِيبِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَسَجَدَ آخِرَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَآخِرَ صَلَاةِ نَفْسِهِ (وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ تَرَكَ الْقُنُوتَ) مَثَلًا (فَسَجَدَ) لَهُ (فَبَانَ أَنَّهُ التَّشَهُّدُ) الْأَوَّلُ، أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ (أَجْزَأَهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ جَبْرَ الْخَلَلِ، وَهُوَ يَجْبُرُ كُلَّ خَلَلٍ. (فَرْعٌ يَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ حَالَ قُدْوَتِهِ) وَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ حَالَ سَهْوِهِ بِعُذْرٍ كَزِحَامٍ كَمَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْقُنُوتَ، وَالْجَهْرَ، وَالسُّورَةَ وَغَيْرَهَا؛ وَلِأَنَّ مُعَاوِيَةَ شَمَّتَ الْعَاطِسَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ وَلَمْ يَسْجُدْ وَلَا أَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسُّجُودِ وَلِخَبَرِ «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ فَيَتَحَمَّلُ عَمَّنْ سَهَا خَلْفَهُ (لَا عَمَّنْ سَهَا مُنْفَرِدًا، ثُمَّ تَابَعَهُ) لِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بِهِ حَالَ سَهْوِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَحَمَّلْهُ عَنْهُ كَمَا أَنَّهُ يَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ الْوَاقِعِ قَبْلَ الْقُدْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُهِدَ تَعَدِّي الْخَلَلِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِ دُونَ عَكْسِهِ (فَإِنْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ رُكْنًا نَاسِيًا) غَيْرَ النِّيَّةِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالسَّلَامِ (أَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَلَا يَسْجُدُ) ؛ لِأَنَّهُ سَهَا حَالَ الْقُدْوَةِ، وَقَدْ لَا تَلْزَمُهُ رَكْعَةٌ بِأَنْ تَرَكَ مِنْ الْأَخِيرَةِ سُجُودًا وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِتَرْكِ الرُّكُوعِ، أَوْ الْفَاتِحَةِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَعَمَّ (وَيَسْجُدُ مَسْبُوقٌ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ سَهْوًا) ؛ لِأَنَّ سَهْوَهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ (فَإِنْ ظَنَّهُ) الْمَسْبُوقُ بِرَكْعَةٍ مَثَلًا (سَلَّمَ فَقَامَ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ قَبْلَ سَلَامِهِ لَمْ تُحْسَبْ) لِفِعْلِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا (فَإِذَا سَلَّمَ) إمَامُهُ (أَعَادَهَا وَلَمْ يَسْجُدْ) لِلسَّهْوِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْقُدْوَةِ (وَلَوْ عَلِمَ فِي الْقِيَامِ) أَنَّهُ قَامَ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ (وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَجْلِسَ وَلَوْ جَوَّزْنَا مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ) ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهِ فَإِذَا جَلَسَ وَوَجَدَهُ لَمْ يُسَلِّمْ إنْ شَاءَ فَارَقَهُ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ سَلَامَهُ (فَلَوْ أَتَمَّهَا جَاهِلًا) بِالْحَالِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ (لَمْ تُحْسَبْ فَيُعِيدَهَا) لِمَا قُلْنَاهُ (وَيَسْجُدُ) لِلسَّهْوِ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ. (فَصْلٌ سَهْوُ الْإِمَامِ غَيْرِ الْمُحْدِثِ يَلْحَقُ الْمَأْمُومَ، وَإِنْ أَحْدَثَ) الْإِمَامُ (بَعْدَ ذَلِكَ) لِتَطَرُّقِ الْخَلَلِ لِصَلَاتِهِ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ وَلِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنْهُ السَّهْوَ (فَيَسْجُدُ لَهُ، وَإِنْ فَارَقَهُ) أَمَّا إذَا بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا فَلَا يَلْحَقُهُ سَهْوُهُ وَلَا يَتَحَمَّلُ هُوَ عَنْهُ إذْ لَا قُدْوَةَ حَقِيقَةً حَالَ السَّهْوِ وَكَوْنُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُحْدِثِ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ لَا يَقْتَضِي لُحُوقَ السَّهْوِ؛ لِأَنَّ لُحُوقَهُ تَابِعٌ لِمَطْلُوبِيَّتِهِ مِنْ الْإِمَامِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُحْدِثِ لِبُطْلَانِهَا لَا يُطْلَبُ مِنْهُ جَبْرُهَا فَكَذَا صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّ بِهِ (وَإِذَا سَجَدَ مَعَهُ الْمَسْبُوقُ) لِلسَّهْوِ (أَعَادَهُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ كَمَا مَرَّ (وَيَلْحَقُهُ) سَهْوُ إمَامِهِ (وَلَوْ كَانَ) السَّهْوُ (قَبْلَ اقْتِدَائِهِ) بِهِ لِدُخُولِهِ فِي صَلَاةٍ نَاقِصَةٍ (وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ) بَعْدَ انْفِرَادِهِ (فَاقْتَدَى بِهِ) مَسْبُوقٌ (آخَرُ وَبِالْآخَرِ آخَرُ) ، وَهَكَذَا (لَحِقَ الْجَمِيعَ سَهْوُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَيَسْجُدُ كُلٌّ) مِنْهُمْ (مَعَ إمَامِهِ وَفِي آخِرِ صَلَاتِهِ وَعَلَى الْمَأْمُومِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِي السُّجُودِ) لِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ»   [حاشية الرملي الكبير] السَّجْدَتَانِ لِلْكُلِّ إلَّا إنْ نَوَاهُمَا الْمُعَيِّنُ فَلَهُ (قَوْلُهُ: فَبَانَ أَنَّهُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ) بِأَنْ صَلَّى وَتَرَكَ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ مَوْصُولًا عَلَى قَصْدِ إتْيَانِهِ بِتَشَهُّدَيْنِ فَنَسِيَ أَوَّلَهُمَا [فَرْعٌ يَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ حَالَ قُدْوَتِهِ] (قَوْلُهُ: يَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ حَالَ قُدْوَتِهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُرِيدُ بِالضَّمَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ كَمَا يَتَحَمَّلُ الْجَهْرَ، وَالسُّورَةَ، وَالْفَاتِحَةَ، وَالْقُنُوتَ، وَالتَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَغَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَغَيْرَهَا) أَيْ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَدُعَاءَ الْقُنُوتِ، وَالْقِرَاءَةَ عَنْ الْمَسْبُوقِ، وَالْقِيَامَ عَنْهُ، وَالتَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ عَنْ الَّذِي أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَقِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ عَلَى الْقَدِيمِ فَهَذِهِ عَشْرَةُ أَشْيَاءَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ سَهْوَهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ مَعَهُ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ سَهْوَهُ حَالَ قُدْوَتِهِ لَا بَعْدَ انْقِطَاعِهَا وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِابْنِ الْأُسْتَاذِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَسْجُدُ لِانْقِطَاعِ قُدْوَتِهِ بِشُرُوعِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ إذْ الْقُدْوَةُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَطِعُ حَقِيقَتُهَا إلَّا بِتَمَامِ السَّلَامِ، لَكِنَّهَا ضَعُفَتْ بِالشُّرُوعِ. [فَصْلٌ سَهْوُ الْإِمَامِ غَيْرِ الْمُحْدِثِ] (قَوْلُهُ: سَهْوُ الْإِمَامِ غَيْرِ الْمُحْدِثِ إلَخْ) صَلَّى خَلْفَ إمَامِهِ الْمَغْرِبَ فَسَهَا إمَامُهُ فَصَلَّاهَا أَرْبَعًا وَتَرَكَ مِنْهَا أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مُخْتَلِفَاتٍ نُظِرَ إنْ سَهَا الْآخَرُ مَعَهُ، أَوْ تَبِعَهُ جَاهِلًا بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ لَزِمَهُمَا جَمِيعًا أَنْ يَأْتِيَا بِسَجْدَةٍ وَرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ وَعَلَيْهِمَا سُجُودُ السَّهْوِ، وَذَلِكَ أَنَّا نَجْعَلُ مِنْ الْأُولَى سَجْدَةً وَمِنْ الثَّانِيَةِ سَجْدَتَيْنِ وَتَتِمُّ لَهُ الرَّكْعَةُ الثَّالِثَةُ وَنَجْعَلُ مِنْ الرَّابِعَةِ وَاحِدَةً فَتَكْمُلُ الْأُولَى بِسَجْدَةٍ مِنْ الثَّالِثَةِ فَيَصِيرُ مَعَهُ رَكْعَتَانِ إلَّا سَجْدَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُحْدِثِ لِبُطْلَانِهَا إلَخْ) وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى مُسَافِرٌ بِمَنْ ظَنَّهُ مُسَافِرًا فَبَانَ مُحْدِثًا مُقِيمًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ وَلَوْ كَانَتْ جَمَاعَةً بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا لَوَجَبَ الْإِتْمَامُ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْمُحْدِثِ جَمَاعَةٌ يَعْنُونَ بِهِ حُصُولَ ثَوَابِهَا لِلْمَأْمُومِ بِقَصْدِهِ الْجَمَاعَةَ وَلَا حِيلَةَ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى حَدَثِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَأْمُومِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِي السُّجُودِ) لَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ فِي تَشَهُّدِ الْمَأْمُومِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَقَلِّهِ تَابَعَهُ فِي السُّجُودِ، وَالسَّلَامِ وَتَرَكَ بَاقِيَ التَّشَهُّدِ أَوْ قَبْلَ أَقَلِّهِ تَابَعَهُ فِي الْأَوْجَهِ ثُمَّ أَتَمَّ تَشَهُّدَهُ وَهَلْ يُعِيدُ السُّجُودَ قَوْلَانِ عَبَّرَ عَنْهُمَا وَلَدُهُ فِي الشَّرْحِ بِاحْتِمَالَيْنِ وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ فِي أُولَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَهْوَهُ) فَإِنَّهُ يُوَافِقُهُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ سَهَا (فَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لَا إنْ تَيَقَّنَ غَلَطَهُ فِي سُجُودِهِ كَمَنْ عَلِمَهُ سَجَدَ لِنُهُوضٍ قَلِيلٍ) مَثَلًا فَلَا يُوَافِقُهُ إذَا سَجَدَ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَتِهِ كَمَا لَوْ فَعَلَ إمَامُهُ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَرَهُ هُوَ كَفِعْلِ الْجَهْرِ فِي مَحَلِّ السِّرِّ، أَوْ عَكْسُهُ لَا يَلْحَقُهُ ذَلِكَ نَعَمْ يَلْحَقُهُ فِي مَسْأَلَتِنَا سَهْوُ إمَامِهِ بِسُجُودِهِ لِذَلِكَ فَيَسْجُدُ لَهُ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ فَبَانَ عَدَمُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَإِنْ قَامَ) الْإِمَامُ (إلَى خَامِسَةٍ نَاسِيًا لَمْ يَجُزْ لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ) حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ رَكْعَةٍ (وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا) وَيُفَارِقُ وُجُوبَ مُتَابَعَتِهِ لَهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ سَهْوَهُ بِأَنَّ قِيَامَهُ لِخَامِسَةٍ لَمْ يُعْهَدْ بِخِلَافِ سُجُودِهِ فَإِنَّهُ مَعْهُودٌ لِسَهْوِ إمَامِهِ وَأَمَّا مُتَابَعَةُ الْمَأْمُومِينَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِيَامِهِ لِلْخَامِسَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَحَقَّقُوا زِيَادَتَهَا؛ لِأَنَّ الزَّمَنَ كَانَ زَمَنَ الْوَحْيِ وَإِمْكَانِ الزِّيَادَةِ، وَالنُّقْصَانِ وَلِهَذَا قَالُوا أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ . (فَإِنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ، أَوْ سَجَدَ) لَهُ (وَاحِدَةً سَجَدَ الْمَأْمُومُ) مُطْلَقًا (أَوْ تَمَّمَ) السُّجُودَ إنْ كَانَ مُوَافِقًا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ نَسِيَ بِخِلَافِ تَرْكِهِ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَسَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَا يَأْتِي الْمَأْمُومُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ خِلَالَ الصَّلَاةِ فَلَوْ انْفَرَدَ بِهِمَا لَخَالَفَ الْإِمَامَ (فَلَوْ تَخَلَّفَ) بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِيَسْجُدَ) لِلسَّهْوِ (فَعَادَ الْإِمَامُ إلَى السُّجُودِ لَمْ يُتَابِعْهُ) سَوَاءٌ سَجَدَ قَبْلَ عَوْدِ إمَامِهِ أَمْ لَا لِقَطْعِهِ الْقُدْرَةَ بِسُجُودِهِ فِي الْأُولَى وَبِاسْتِمْرَارِهِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ فِي الثَّانِيَةِ (بَلْ يَسْجُدُ) فِيهَا (مُنْفَرِدًا) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ لِيَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ، فَالْقِيَاسُ لُزُومُ الْعَوْدِ لِلْمُتَابَعَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ قِيَامَهُ لِذَلِكَ وَاجِبٌ وَتَخَلُّفُهُ لِيَسْجُدَ مُخَيَّرٌ فِيهِ، وَقَدْ اخْتَارَهُ فَانْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ وَذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ (فَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ مَعَهُ نَاسِيًا فَعَادَ الْإِمَامُ إلَى السُّجُودِ لَزِمَتْهُ مُوَافَقَتُهُ) فِيهِ لِمُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي السَّلَامِ نَاسِيًا (فَإِنْ تَخَلَّفَ) عَنْهُ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ مَنْ سَلَّمَ نَاسِيًا، ثُمَّ عَادَ إلَى السُّجُودِ عَادَ إلَى الصَّلَاةِ (وَإِنْ سَلَّمَ عَامِدًا) فَعَادَ الْإِمَامُ (لَمْ يُوَافِقْهُ) لِقَطْعِهِ الْقُدْوَةَ لِسَلَامِهِ عَمْدًا وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ مُتَابَعَتُهُ (وَإِنْ قَامَ) الْإِمَامُ (لِخَامِسَةٍ) نَاسِيًا (فَفَارَقَهُ بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الرَّاكِعِينَ لَا قَبْلَهُ سَجَدَ) لِلسَّهْوِ كَالْإِمَامِ (وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ حَنَفِيًّا فَسَلَّمَ) قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ (سَجَدَ الْمَأْمُومُ) قَبْلَ سَلَامِهِ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَتِهِ (وَلَا يَنْتَظِرُهُ لِيَسْجُدَ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ فَارَقَهُ بِسَلَامِهِ. (وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا فَسَهَا فِي رَكْعَةٍ) مِنْ رُبَاعِيَّةٍ (ثُمَّ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ يَقْصُرُ فَسَهَا إمَامُهُ وَلَمْ يَسْجُدْ، ثُمَّ أَتَى) هُوَ (بِالرَّابِعَةِ بَعْدَ سَلَامِهِ فَسَهَا فِيهَا كَفَاهُ لِلْجَمِيعِ سَجْدَتَانِ) كَمَا عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ السَّابِقِ (وَهُمَا لِلْجَمِيعِ، أَوْ لِمَا نَوَاهُ) مِنْهُ وَيَكُونُ تَارِكًا لِسُجُودِ الْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ. (فَصْلٌ، وَهُوَ) أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ (سَجْدَتَانِ مَحَلُّهُمَا قُبَيْلَ السَّلَامِ) بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا أَفَادَهُ تَصْغِيرُهُ قَبْلُ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ؛ «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ فَقَامَ مِنْ الْأُولَيَيْنِ وَلَمْ يَجْلِسْ فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إذَا قَضَى الصَّلَاةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ، وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ   [حاشية الرملي الكبير] فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ قَبْلَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَسْجُدْهَا الْمَأْمُومُ بَلْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ، ثُمَّ يَسْجُدْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى سَجَدَ الْأُولَى وَرَفَعَ وَجَلَسَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ كَفِعْلِ الْجَهْرِ فِي مَحَلِّ الْإِسْرَارِ إلَخْ) وَأَحْسَنُ مِنْهُ إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ لِلتِّلَاوَةِ فَاقْتَدَى بِهِ مُسْتَمِعٌ وَسَجَدَ مَعَهُ فَسَهَا الْإِمَامُ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ الْمَأْمُومَ سَهْوُهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نَفْسِ الصَّلَاةِ ع قَالَ الْغَزِّيِّ وَعِبَارَتُهُمْ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ فِي هَذَا السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ غَلَطٌ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَأَمَّا كَوْنُهُ يَقْتَضِي سُجُودَ السَّهْوِ فَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَهَذَا وَاضِحٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ إمَامَهُ غَالِطٌ فِيمَا أَتَى بِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا بَلْ يُفَارِقُهُ، أَوْ يَنْتَظِرُهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ انْتِظَارُهُ إذَا تَرَكَ فَرْضًا، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الِانْتِظَارِ هُنَا بِكَوْنِهِ لَا يُفْضِي إلَى تَطْوِيلِ رُكْنٍ قَصِيرٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ سَجَدَ إمَامُهُ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ سَجْدَةً ثَالِثَةً، فَإِنْ سَجَدَهَا بَعْدَ مُضِيِّ مِقْدَارِ التَّشَهُّدِ وَجَبَ عَلَيْهِ مُتَابَعَتُهُ فِيهَا وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ لَهُ مُتَابَعَتُهُ فِيهَا وَيُحْمَلُ فِعْلُهُ عَلَى السَّهْوِ لَا عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ وَلَهُ انْتِظَارُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَخَلَّفَ لِيَسْجُدَ إلَخْ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ لِيَسْجُدَ مَا لَوْ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ، أَوْ لِلسَّهْوِ عَنْ سَلَامِ إمَامِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مُوَافَقَتُهُ فِي سُجُودِهِ وَلَوْ رَفَعَ الْمَأْمُومُ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ رَفَعَ وَأَتَى بِالثَّانِيَةِ ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ فِيهَا، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمْ يُحْسَبْ لَهُ جُلُوسُهُ وَلَا سَجْدَتُهُ الثَّانِيَةُ وَيُتَابِعُ الْإِمَامَ (قَوْلُهُ: لِقَطْعِهِ الْقُدْوَةَ بِسُجُودِهِ فِي الْأُولَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا سَلَّمَ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ سَلَامَهُ عَامِدًا يَتَضَمَّنُ قَطْعَ الْقُدْوَةِ فَقَامَ مَقَامَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَاكَ يَقْطَعُ الْقُدْوَةَ الْمُتَوَهَّمَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَلَّمَ قَبْلَ سُجُودِ السَّهْوِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَلَامُهُ عَامِدًا وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَاهِيًا فَبَقَاءُ الْقُدْوَةِ وَهْمِيٌّ لَا قَطْعِيٌّ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمَأْمُومِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا قَامَ لِإِتْمَامِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ سَلَامُهُ مُتَضَمِّنًا لِقَطْعِ الْقُدْوَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ لُزُومُ الْعَوْدِ لِلْمُتَابَعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا فَسَهَا فِي رَكْعَةٍ، ثُمَّ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ إلَخْ) يُتَصَوَّرُ أَنْ يَسْجُدَ فِي الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ بِسَبَبِ السَّهْوِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَجْدَةً وَذَلِكَ فِيمَنْ اقْتَدَى فِي رُبَاعِيَّةٍ بِأَرْبَعَةٍ اقْتَدَى بِالْأَوَّلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، ثُمَّ بِكُلٍّ مِنْ الْبَاقِينَ فِي رَكْعَتِهِ الْأَخِيرَةِ، ثُمَّ صَلَّى الرَّابِعَةَ وَحْدَهُ وَسَهَا كُلُّ إمَامٍ مِنْهُمْ فَيَسْجُدُ مَعَهُ لِسَهْوِهِ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُ سَهَا فِي رَكْعَتِهِ فَيَسْجُدُ لِسَهْوِ نَفْسِهِ فَهَذِهِ عَشْرُ سَجَدَاتٍ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فَيَسْجُدَ فَهَذِهِ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَجْدَةً. [فَصْلٌ سُجُودُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَجْدَتَانِ مَحَلُّهُمَا قُبَيْلَ السَّلَامِ) يُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُ السَّجْدَتَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ سُجُودِ الصَّلَاةِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ سَهَا فِي سُجُودِهِ لِلتِّلَاوَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَوْ سَهَا فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ لَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَالشَّيْءُ الَّذِي لَا يُزَادُ عَلَيْهِ لَا يَكْمُلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَفِعْلُهُ قَبْلَ السَّلَامِ هُوَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ كَمَا لَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْهَا وَأَجَابُوا عَنْ سُجُودِهِ بَعْدَهُ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ لِبَيَانِ حُكْمِ سُجُودِ السَّهْوِ سَوَاءٌ أَكَانَ السَّهْوُ بِزِيَادَةٍ أَمْ نَقْصٍ أَمْ بِهِمَا وَقَضِيَّةُ كَوْنِهِ سَجْدَتَيْنِ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَهُوَ مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ، لَكِنْ جَزَمَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ، وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ الْآتِي فِيمَا إذَا هَوَى لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَتَرَكَ، وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ سَجْدَةً ابْتِدَاءً وَكَلَامُ الْقَفَّالِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا بَعْدَ فِعْلِهَا بِقَرِينَةِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَكَيْفِيَّتُهَا كَسَجْدَتَيْ الصَّلَاةِ (يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا بَيْنَهُمَا) كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَيَأْتِي بِذِكْرِ السُّجُودِ) لِلصَّلَاةِ (فِيهِمَا) وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ فِيهِمَا سُبْحَانَ مَنْ لَا يَنَامُ وَلَا يَسْهُو قَالَ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ لَائِقٌ بِالْحَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّمَا يُتِمُّ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ فَإِنْ تَعَمَّدَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَائِقًا، اللَّائِقُ الِاسْتِغْفَارُ (ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ السُّجُودِ (يَتَوَرَّكُ وَيُسَلِّمُ وَلَا يَتَشَهَّدُ) بَعْدَ السُّجُودِ (فَلَوْ سَلَّمَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ السُّجُودِ (عَامِدًا) أَيْ ذَاكِرًا لِلسَّهْوِ (فَقَدْ فَوَّتَهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ الصَّلَاةَ بِالسَّلَامِ (أَوْ نَاسِيًا) لِذَلِكَ وَأَرَادَ السُّجُودَ (سَجَدَ) ، وَإِنْ فَارَقَ الْمَجْلِسَ وَاسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ (إذَا لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ) عُرْفًا بَيْنَ السَّلَامِ وَتَيَقَّنَ التَّرْكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَلَمَّا انْفَتَلَ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ» (وَيَكُونُ بِسُجُودِهِ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ بِلَا إحْرَامٍ) كَمَا لَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ سَلَامِهِ رُكْنًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْمُتَّجَهُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يَعُودُ إلَيْهَا بِالْهُوِيِّ بَلْ بِإِرَادَةِ السُّجُودِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَجَمَاعَةٌ (فَلَوْ أَحْدَثَ فِيهِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ وَسَائِرُ مُفْسِدَاتِهَا كَالْحَدَثِ (وَلَوْ خَرَجَ فِيهِ وَقْتُ الْجُمُعَةِ فَاتَتْ) وَأَتَمَّهَا ظُهْرًا (وَلَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ فِيهِ الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ) ، لَكِنْ يَحْرُمُ الْعَوْدُ إلَيْهِ إنْ عَلِمَ ضِيقَ وَقْتِ الصَّلَاةِ لِإِخْرَاجِهِ بَعْضَهَا عَنْ وَقْتِهَا كَذَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّا نَتَبَيَّنُ بِعَوْدِهِ إلَى السُّجُودِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الصَّلَاةِ لِاسْتِحَالَةِ الْخُرُوجِ مِنْهَا، ثُمَّ الْعُودِ إلَيْهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِيهِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا تَتَقَيَّدُ بِهِ أَحْكَامُهَا بَلْ يَجْرِي فِيمَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّلَامِ (فَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ، أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَبْلَ السُّجُودِ) فِيهِمَا (فَاتَ) السُّجُودُ فَلَا يَأْتِي بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ فِي الْأُولَى وَفِعْلِ بَعْضِ الصَّلَاةِ بِدُونِ سَبَبِهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَصَحَّتْ جُمُعَتُهُ) وَصَلَاتُهُ الْمَقْصُورَةُ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ خَرَجَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ وَظَاهِرٌ أَنَّ السُّجُودَ يَفُوتُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ رَأَى الْمُتَيَمِّمُ الْمَاءَ عَقِبَ السَّلَامِ، أَوْ انْتَهَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ، أَوْ تَخَرَّقَ الْخُفُّ، أَوْ شُفِيَ دَائِمُ الْحَدَثِ وَنَحْوِهَا، أَمَّا إذَا طَالَ الْفَصْلُ، أَوْ لَمْ يَطُلْ، لَكِنْ لَمْ يُرِدْ السُّجُودَ فَلَا سُجُودَ لِفَوْتِ مَحَلِّهِ وَتَعَذُّرِ الْبِنَاءِ بِطُولِ الْفَصْلِ فِي الْأُولَى وَلِعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهِ فِي الثَّانِيَةِ فَصَارَ كَالْمُسَلِّمِ عَمْدًا فِي أَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالسَّلَامِ، وَكَنِيَّةِ الْإِتْمَامِ، وَالْإِقَامَةِ فِيمَا ذُكِرَ وُصُولُ سَفِينَتِهِ دَارَ إقَامَتِهِ. (وَمَنْ نَسِيَ مِنْ صَلَاةٍ رُكْنًا وَفَرَغَ مِنْهَا) بِأَنْ سَلَّمَ مِنْهَا (ثُمَّ أَحْرَمَ عَقِبَهَا بِأُخْرَى لَمْ تَنْعَقِدْ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ بِالْأُولَى (فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ) بَيْنَ السَّلَامِ وَتَيَقَّنَ التَّرْكَ (بَنَى عَلَى الْأُولَى) وَإِنْ تَخَلَّلَ كَلَامٌ يَسِيرٌ، أَوْ بَعْدَ طُولِهِ اسْتَأْنَفَهَا لِبُطْلَانِهَا بِطُولِ الْفَصْلِ مَعَ السَّلَامِ مِنْهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَقِبَهَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِأُخْرَى بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ (لَا إنْ تَخَلَّلَ حَدَثٌ) هُنَا وَفِيمَا مَرَّ فَلَا يَبْنِي هُنَا وَلَا يَعُودُ إلَى السُّجُودِ، ثُمَّ، وَإِنْ تَوَضَّأَ عَنْ قُرْبٍ. (وَلَوْ تَشَهَّدَ) فِي رُبَاعِيَّةٍ، أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ (شَاكًّا فِي كَوْنِهِ) التَّشَهُّدَ (الْأَوَّلَ، أَوْ الثَّانِيَ فَتَبَيَّنَ بَعْدَ الْقِيَامِ أَنَّهُ الْأَوَّلُ سَجَدَ لِتَرَدُّدِهِ فِي زِيَادَةِ هَذَا الْقِيَامِ) وَإِنْ تَبَيَّنَ، وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ فَلَا سُجُودَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ قَرَأَ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِهِ سَجَدَ لِإِيقَاعِهِ إيَّاهُ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي وُجُوبِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلسُّجُودِ التَّرَدُّدُ فِيمَا يَفْعَلُهُ زَائِدًا بِاحْتِمَالٍ، وَهُوَ هُنَا جَازِمٌ بِأَنَّ مَا فَعَلَهُ لَيْسَ بِزَائِدٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ فِي أَنَّهُ وَاجِبٌ، أَوْ سُنَّةٌ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي السُّجُودَ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا مِنْ التَّشَهُّدِ لَتَرَدُّدِهِ بِمُجَرَّدِ الْقُعُودِ فِي وُجُوبِهِ. (وَلَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ   [حاشية الرملي الكبير] بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَمِثَالُ الَّذِي يُزَادُ عَلَيْهِ صَلَاةُ النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ سُجُودٌ وَقَعَ سَبَبُهُ فِي الصَّلَاةِ فَكَانَ فِيهَا كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي بِذِكْرِ السُّجُودِ فِيهِمَا) وَبِالذِّكْرِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَاسِيًا لِذَلِكَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ جَاهِلًا أَنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ) ، فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّهُ جُبْرَانٌ لِلصَّلَاةِ وَمَا كَانَ مِنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ لَا يَصِحُّ فِعْلُهُ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ بِسُجُودِهِ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ) ؛ لِأَنَّ نِسْيَانَهُ يُخْرِجُ سَلَامَهُ عَنْ كَوْنِهِ مُحَلِّلًا (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَجَمَاعَةٍ) لَفْظُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ عَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الصَّلَاةِ. اهـ. فَلَوْ شَكَّ بَعْدَ سَلَامِهِ سَاهِيًا فِي تَرْكِ رُكْنٍ وَاسْتَمَرَّ شَكُّهُ إلَى أَنْ عَادَ إلَى السُّجُودِ لَزِمَهُ تَدَارُكُهُ وَعَلَيْهِ يُقَالُ شَخْصٌ خُوطِبَ بِسُنَّةٍ مَتَى فَعَلَهَا لَزِمَهُ فَرِيضَةٌ (قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَةِ الْخُرُوجِ مِنْهَا، ثُمَّ الْعَوْدِ إلَيْهَا) بِلَا نِيَّةٍ وَلَا تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) كَأَنْ أَحْدَثَ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّطَهُّرُ فِي الْحَالِ بِأَنْ كَانَ وَاقِعًا فِي مَاءٍ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ السَّلَامِ وَتَيَقُّنِ التَّرْكِ) كَذَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ هُنَا عَلَى مَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّلَامِ، وَالتَّحَرُّمِ بِالثَّانِيَةِ، فَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ الْأُولَى لِخُرُوجِهِ مِنْهَا وَانْعَقَدَتْ الثَّانِيَةُ، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّلَامِ، وَالتَّحَرُّمِ بِالثَّانِيَةِ لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّمَ بِصَلَاةٍ فِي أَثْنَاءِ أُخْرَى لَا يَصِحُّ. اهـ. لَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُ الْمُهِمَّاتِ وَكَلَامُ الْمُعْتَرِضِ عَلَيْهَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْأَوَّلَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبِنَاءِ عَلَى الْأُولَى، وَالثَّانِي بِالنِّسْبَةِ إلَى انْعِقَادِ الثَّانِيَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 أَرْبَعًا نَاسِيًا، أَوْ أَحْرَمَ بِمَقْصُورَةٍ فَأَتَمَّهَا نَاسِيًا وَنَسِيَ مِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فِي (كُلِّ رَكْعَةٍ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (سَجْدَةً حَصَلَتْ لَهُ الرَّكْعَتَانِ) ؛ لِأَنَّ الْأُولَى تَتِمُّ بِالثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةَ بِالرَّابِعَةِ (فَيَسْجُدُ) الْأُولَى وَيَسْجُدُ (لِلسَّهْوِ وَيُسَلِّمُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ) فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ (قُلْت) إنَّمَا (تَحْصُلُ الرَّكْعَتَانِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ) السَّجْدَةَ (الْأُولَى مِنْ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى وَلَا الثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَلَا الْأُولَى مِنْ الثَّالِثَةِ وَلَا الثَّانِيَةَ مِنْ الرَّابِعَةِ) ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ حَصَلَ لَهُ رَكْعَةٌ وَسَجْدَةٌ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي تَرْكِ السَّجَدَاتِ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ جَوَابُهُ وَلَوْ رُبُعَ الْمَغْرِبِ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَةً حُسِبَ لَهُ رَكْعَتَانِ. (وَلَوْ أَرَادَ الْقُنُوتَ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ) ، وَالْوِتْرِ (لِنَازِلَةٍ فَنَسِيَهُ لَمْ يَسْجُدْ) ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا مِنْهَا وَلِعَدَمِ تَأَكُّدِهِ بِخِلَافِ قُنُوتِ الصُّبْحِ، وَالْوِتْرِ. (وَإِنْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُكَبِّرْ لِلْإِحْرَامِ فَاسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ، فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ فَرَاغِ الثَّانِيَةِ) أَنَّهُ كَانَ كَبَّرَ (تَمَّتْ بِهَا الْأُولَى، أَوْ) عَلِمَ (قَبْلَهُ بَنَى عَلَى الْأُولَى وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ فِي الْحَالَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى نَاسِيًا بِمَا لَوْ أَتَى بِهِ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَهُوَ الْإِحْرَامُ الثَّانِي. [فَرْعٌ شَرَعَ فِي الظُّهْرِ ثُمَّ ظَنَّ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ ثُمَّ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ] (فَرْعٌ) لَوْ شَرَعَ فِي الظُّهْرِ، ثُمَّ ظَنَّ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ، ثُمَّ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالْعِمْرَانِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالْعِشَاءِ قَضَاءً، ثُمَّ ظَنَّ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَنَّهُ فِي الصُّبْحِ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ وَفِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ وَفِي الرَّابِعَةِ أَنَّهُ فِي الْمَغْرِبِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ السَّلَامِ أَنَّهُ فِي الْعِشَاءِ لَمْ يَضُرَّهُ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ نَوَى أَنْ يَصُومَ غَدًا يَظُنُّهُ أَنَّهُ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ فَكَانَ السَّبْتَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَصَوْمُهُ اهـ. وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ قَضَاءً. [الثَّانِيَة سَجْدَة التِّلَاوَة] (الثَّانِيَةُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، وَهِيَ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ فَإِذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا مَعَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ؛ «لِأَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِقَوْلِ عُمَرَ أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ يَعْنِي لِلتِّلَاوَةِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَهِيَ (فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا مِنْهَا سَجْدَتَا الْحَجِّ) وَاثْنَتَا عَشْرَةَ فِي الْأَعْرَافِ، وَالرَّعْدِ، وَالنَّحْلِ، وَالْإِسْرَاءِ وَمَرْيَمَ، وَالْفُرْقَانِ، وَالنَّمْلِ، وَالَمْ تَنْزِيلُ، وَحُمَّ السَّجْدَةِ، وَالنَّجْمِ، وَالِانْشِقَاقِ، وَالْعَلَقِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَالسَّجْدَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْهُ سَجْدَةُ ص وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا وَأَمَّا خَبَرُ «لَمْ يَسْجُدْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ لِلْمَدِينَةِ» فَضَعِيفٌ وَنَافٍ وَغَيْرُهُ صَحِيحٌ وَمُثْبَتٌ وَأَيْضًا التَّرْكُ إنَّمَا يُنَافِي فِي الْوُجُوبِ دُونَ النَّدْبِ وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «سَجَدْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] » وَكَانَ إسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ بِسَجْدَتَيْ الْحَجِّ لِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الثَّانِيَةِ (لَا سَجْدَةِ ص) أَيْ لَيْسَتْ مِنْ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ (فَإِنَّمَا هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ) لِمَا زَادَهُ عَلَى الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ (لِتَوْبَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى دَاوُد) - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَيْ لِقَبُولِهَا، وَالتِّلَاوَةُ سَبَبٌ لِتَذَكُّرِ ذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا فَقَرَأَ ص فَلَمَّا مَرَّ بِالسُّجُودِ نَشَزْنَا لِلسُّجُودِ أَيْ تَهَيَّأْنَا لَهُ فَلَمَّا رَآنَا قَالَ إنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ وَلَكِنْ قَدْ اسْتَعْدَدْتُمْ لِلسُّجُودِ فَنَزَلَ وَسَجَدَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَيَجُوزُ قِرَاءَةُ ص بِالْإِسْكَانِ وَبِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ بِلَا تَنْوِينٍ وَبِهِ مَعَ التَّنْوِينِ وَإِذَا كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ كُتِبَتْ حَرْفًا وَاحِدًا وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا كَذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا بِاعْتِبَارِ اسْمِهَا ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ (فَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ تَمَامِ الْآيَةِ) وَلَوْ بِحَرْفٍ (لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ إنَّمَا يَدْخُلُ بِتَمَامِهَا (وَتَمَامُهَا فِي حم) السَّجْدَةِ (يَسْأَمُونَ) لِتَمَامِ الْكَلَامِ عِنْدَهُ وَفِي النَّحْلِ يُؤْمَرُونَ وَفِي النَّمْلِ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَفِي الِانْشِقَاقِ لَا يَسْجُدُونَ وَمَوَاضِعُ بَقِيَّةِ السَّجَدَاتِ بَيِّنَةٌ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ لِاقْتِصَارِ أَصْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهَا وَنَفْيِهِ عَنْ غَيْرِهَا، لَكِنْ ذَكَرَ غَيْرُهُ الْخِلَافَ فِيمَا بَيَّنْته أَيْضًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا قَوْلُهُ (وَتُسْتَحَبُّ) يَعْنِي سَجْدَةَ ص (فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) لِلِاتِّبَاعِ كَمَا مَرَّ وَتَحْرُمُ فِيهَا (فَلَوْ سَجَدَ لَهَا) أَيْ لِسَجْدَةِ ص (عَامِدًا عَالِمًا) بِالتَّحْرِيمِ (فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ) ، أَوْ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا فَلَا، لَكِنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَسَجْدَةِ الشُّكْرِ (وَإِنْ سَجَدَهَا إمَامُهُ بِاعْتِقَادٍ) مِنْهُ لَهَا كَحَنَفِيٍّ (فَلَهُ مُفَارَقَتُهُ وَانْتِظَارُهُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَمَا لَوْ قَامَ إمَامُهُ إلَى خَامِسَةٍ وَيَنْتَظِرُهُ هُنَا (قَائِمًا وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) إذَا انْتَظَرَهُ قَالَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (الثَّانِيَةُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ) (قَوْلُهُ: هِيَ سُنَّةٌ) رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ يَا وَيْلَتَا أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْت بِالسُّجُودِ فَعَصَيْت فَلِيَ النَّارُ» (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِ عُمَرَ أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ إلَخْ) وَهَذَا مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذَا الْمَوْطِنِ الْعَظِيمِ مَعَ سُكُوتِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - دَلِيلُ إجْمَاعِهِمْ (قَوْلُهُ وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَخْ) ، وَعَنْ «عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] عَشْرَ مَرَّاتٍ» رَوَاهُ الْبَزَّارُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ) شَمِلَ اسْتِحْبَابُ السُّجُودِ لَهَا قَارِئَهَا وَمُسْتَمِعَهَا وَسَامِعَهَا وَكَتَبَ أَيْضًا فَيَنْوِي بِهَا سُجُودَ الشُّكْرِ (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ قِرَاءَةُ ص بِالْإِسْكَانِ إلَخْ) قَالَ الْعُلَمَاءُ مَنْ قَرَأَ ص بِالْإِسْكَانِ فَمَعْنَاهُ الْقَسَمُ، وَالْمَعْنَى صَدَقَ مُحَمَّدٌ، وَالْقُرْآنُ. أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقُرْآنِ أَنَّ مُحَمَّدًا صَدَقَ فِيمَا جَاءَ بِهِ وَمَنْ قَرَأَ بِالْفَتْحِ كَانَ فِعْلًا مَاضِيًا أَيْ مَنْقُولًا مِنْهُ وَمَعْنَاهُ صَادَ مُحَمَّدٌ قُلُوبَ النَّاسِ حَتَّى دَخَلُوا فِي الدِّينِ، وَالْقُرْآنُ مَجْرُورٌ عَلَى الْقَسَمِ أَيْضًا وَمَنْ قَرَأَ بِالْكَسْرِ فَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ فِعْلِ الْأَمْرِ أَيْ صَادِ بِعَمَلِك الْقُرْآنَ وَحُذِفَتْ الْيَاءُ لِلْأَمْرِ، وَالْمُصَادَاةُ الْمُقَابَلَةُ الْمَعْنَى اعْرِضْ عَمَلَك عَلَى الْقُرْآنِ فَائْتَمِرْ بِأَوَامِرِهِ وَانْزَجِرْ بِزَوَاجِرِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُلُقُهُ الْقُرْآنُ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ أَيْ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي فِعْلٍ يَقْتَضِي سُجُودَ السَّهْوِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُهُ عَنْهُ فَلَا يَسْجُدُ لِانْتِظَارِهِ، وَإِنْ سَجَدَ لِسَجْدَةِ إمَامِهِ. (فَرْعٌ يُسَنُّ لِلْقَارِئِ، وَالْمُسْتَمِعِ) أَيْ قَاصِدِ السَّمَاعِ (وَالسَّامِعِ) أَيْ غَيْرِ قَاصِدِهِ (هَذِهِ السَّجْدَةُ) أَيْ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ (وَلَوْ لِقِرَاءَةِ مُحْدِثٍ وَصَبِيٍّ وَكَافِرٍ) وَامْرَأَةٍ (وَمُصَلٍّ وَتَارِكٍ لَهَا، لَكِنَّهَا) مِنْ الْمُسْتَمِعِ، وَالسَّامِعِ (عِنْدَ سُجُودِ الْقَارِئِ آكَدُ) مِنْهَا عِنْدَ عَدَمِ سُجُودِهِ لِمَا قِيلَ إنَّ سُجُودَهُمَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى سُجُودِهِ قَالَ الْقَاضِي وَلَا سُجُودَ لِقِرَاءَةِ جُنُبٍ وَسَكْرَانَ أَيْ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ لَهُمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا سَاهٍ وَنَائِمٍ لِعَدَمِ قَصْدِهِمَا التِّلَاوَةَ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي السُّجُودُ لِقِرَاءَةِ مَلَكٍ، أَوْ جِنِّيٍّ لَا لِقِرَاءَةِ دُرَّةٍ وَنَحْوِهَا لِعَدَمِ الْقَصْدِ قَالَ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَلَوْ قَرَأَ، أَوْ سَمِعَ أَوَّلَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ آيَةَ سَجْدَةٍ، فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَسْجُدُ، لَكِنْ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ فَوَاتِ التَّحِيَّةِ، أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ اهـ. (وَهِيَ لِلْمُسْتَمِعِ آكَدُ مِنْ السَّامِعِ) أَيْ مِنْهَا لِلسَّامِعِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّجْدَةُ لِمَنْ جَلَسَ لَهَا وَعُثْمَانُ السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ اسْتَمَعَ رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ قَرَأَهَا الْمُصَلِّي فَرَكَعَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ مِنْ فَرْضٍ إلَى سُنَّةٍ فَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الرَّاكِعِ جَازَ (أَوْ هَوَى لِيَسْجُدَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَتَرَكَ) بِأَنْ عَادَ إلَى الْقِيَامِ (جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ مَسْنُونٌ فَلَهُ أَنْ لَا يُتِمَّهُ كَمَا لَهُ أَنْ لَا يَشْرَعَ فِيهِ وَكَمَالُهُ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (وَلَوْ سَجَدَ الْمُصَلِّي الْمُسْتَقِلُّ) لِكَوْنِهِ إمَامًا، أَوْ مُنْفَرِدًا (لِقِرَاءَةِ غَيْرِ نَفْسِهِ) الْأَوْلَى لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ (أَوْ) سَجَدَ (الْمَأْمُومُ لِقِرَاءَةِ غَيْرِ إمَامِهِ) مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ لِقِرَاءَتِهِ دُونَهُ، أَوْ تَخَلَّفَ عَنْ سُجُودٍ مَعَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) عِنْدَ التَّعَمُّدِ، وَالْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ (وَإِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ نُدِبَ لِلْمَأْمُومِ قَضَاؤُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ) مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا يُنْدَبُ لِسَامِعِ الْمُؤَذِّنِ، وَهُوَ فِيهَا إجَابَتُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْأَدَاءَ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْقَضَاءُ طَرِيقَةُ الْبَغَوِيّ وَحَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي صُورَةٍ أُخْرَى وَحُكِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مَا يُخَالِفُهُ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَكَذَا الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الرَّاجِحَ فِي مَسْأَلَتِنَا عَدَمُ الْقَضَاءِ اهـ. (وَلَا يَتَأَكَّدُ) قَضَاؤُهُ (فَإِنْ نَسِيَ) أَنْ يَسْجُدَ مَعَهُ، وَهَوَى أَوْ لَمْ يَهْوِ (أَوْ هَوَى مَعَهُ فَضَعُفَ) مَثَلًا (فَرَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ رَجَعَ مَعَهُ) فِي إطْلَاقِ الرُّجُوعِ مَعَهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَهْوِ فِي صُورَةِ النِّسْيَانِ تَجَوُّزٌ. (وَيُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ قِرَاءَةُ آيَةِ سَجْدَةٍ وَإِصْغَاءٌ لِقِرَاءَةِ غَيْرِ إمَامِهِ) لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ السُّجُودِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ لِأَحَدِهِمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيُكْرَهُ أَيْضًا لِلْمُنْفَرِدِ، وَالْإِمَامِ الْإِصْغَاءُ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا يُكْرَهُ لَهُمَا قِرَاءَةُ آيَةِ سَجْدَةٍ حَتَّى فِي السِّرِّيَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْإِمَامِ. الْمَفْهُومُ مِنْهُ الْمُنْفَرِدُ بِالْأَوْلَى (فَرْعٌ لَوْ سَجَدَ لِآيَةٍ، ثُمَّ أَعَادَهَا) وَلَوْ مِرَارًا (فَوْرًا سَجَدَ، وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ) لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ بَعْدَ تَوْفِيَةِ حُكْمِ الْأَوَّلِ (فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ كَفَاهُ لَهُمَا) أَوْ لَهَا سَجْدَةٌ (وَاحِدَةٌ) وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِكَفَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَدُّدُهَا وَفِيهِ نَظَرٌ. (فَصْلٌ، وَهِيَ) أَيْ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَلِكَوْنِهَا صَلَاةً أَوْ فِي مَعْنَاهَا (تَفْتَقِرُ إلَى شَرَائِطِ الصَّلَاةِ) كَطَهَارَةٍ وَسِتْرٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَتَرْكِ كَلَامٍ وَإِلَى دُخُولِ وَقْتِهَا مِنْ قِرَاءَةٍ أَوْ سَمَاعِ آيَةِ السَّجْدَةِ جَمِيعِهَا (وَلَوْ سَجَدَ غَيْرُ الْمُصَلِّي وَجَبَ أَنْ يُكَبِّرَ لِلْإِحْرَامِ نَاوِيًا) السُّجُودَ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ (وَنُدِبَ رَفْعُ يَدَيْهِ) مَعَ التَّكْبِيرِ (كَإِحْرَامِ الصَّلَاةِ) فَيَرْفَعُهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ (وَلَا يُحْدِثُ) مَنْ قَرَأَ قَاعِدًا (قِيَامًا) لِيَسْجُدَ مِنْهُ أَيْ لَا يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ، وَالْمُخْتَارُ تَرْكُهُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْإِحْرَامِ (يَهْوِي مُكَبِّرًا بِلَا رَفْعٍ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ (وَيَأْتِي) نَدْبًا (بِالذِّكْرِ الْمَنْدُوبِ فِيهِ) أَيْ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا بِأَنْ يَقُولَ فِيهِ «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ يَسُنّ لِلْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِع سَجْدَة التِّلَاوَة] قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ لِقِرَاءَةِ جُنُبٍ وَسَكْرَانَ) أَيْ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْجُنُبُ الْعَادِمُ لِلْمَاءِ، وَالتُّرَابِ إذَا قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ بَدَلَ الْفَاتِحَةِ لِعَجْزِهِ عَنْهَا سَبْعَ آيَاتٍ فِيهِنَّ سَجْدَةٌ لَا يَسْجُدُ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ جِنِّيٌّ) كَمَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ آكَامِ الْمَرْجَانِ فِي أَحْكَامِ الْجَانِّ (قَوْلُهُ:، لَكِنْ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ فَوَاتِ التَّحِيَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ السُّجُودِ س (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَرَأَهَا الْمُصَلِّي فَرَكَعَ إلَخْ) لَوْ قَرَأَ السَّجْدَةَ وَوَقَعَ لَهُ أَنْ لَا يَسْجُدَ وَيَرْكَعَ فَلَمَّا هَوَى عَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَأْمُومُ لِقِرَاءَةِ غَيْرِ إمَامِهِ) شَمِلَ مَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُ إمَامِهِ عَقِبَ قِرَاءَتِهِ لَهَا قَالَ شَيْخُنَا بِأَنْ كَانَ أَحْدَثَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَخَلَّفَ عَنْ سُجُودٍ مَعَهُ إلَخْ) مَنْ سَجَدَ إمَامُهُ فِي السِّرِّيَّةِ مِنْ قِيَامٍ سَجَدَ مَعَهُ فَلَعَلَّهُ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ، فَإِنْ سَجَدَ ثَانِيَةً لَمْ يُتَابِعْهُ بَلْ يَقُومُ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الرَّاجِحَ فِي مَسْأَلَتِنَا عَدَمُ الْقَضَاءِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الَّذِي يَتَرَجَّحُ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ الِاسْتِحْبَابِ وَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِيهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْمَأْمُومَ قَدْ خُوطِبَ هُوَ وَالْإِمَامُ بِالسَّجْدَةِ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ فَأَشْبَهَ سُجُودَ السَّهْوِ إذَا تَرَكَهُ الْإِمَامُ أَتَى بِهِ الْمَأْمُومُ وَكَمَا يُخَاطَبُ سَامِعُ الْمُؤَذِّنِ وَهُوَ فِي بَيْتِ الْخَلَاءِ بِالْإِجَابَةِ إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَقْصِيرٌ مِنْ جِهَتِهِ وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْغَيْرِ فَلَمْ يُخَاطَبْ الْمَأْمُومُ وَلَا الْإِمَامُ بِهَا حَالَةَ الصَّلَاةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُسْتَحَبَّ قَضَاؤُهُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: رَجَعَ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ يُفْعَلُ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، وَقَدْ زَالَتْ بِرَفْعِ رَأْسِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَدُّدُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ شُرُوط سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ] (قَوْلُهُ، أَوْ فِي مَعْنَاهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ سَمَاعُ آيَةِ السَّجْدَةِ) جَمِيعِهَا قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ سَمَاعَ الْآيَةِ بِكَمَالِهَا شَرْطٌ كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ حَتَّى لَا يَكْفِيَ سَمَاعُ كَلِمَةِ السَّجْدَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ) ، وَالْمَجْمُوعِ ج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 عِنْدَك أَجْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَك ذُخْرًا وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاقْبَلْهَا مِنِّي كَمَا قَبِلْتهَا مِنْ عَبْدِك دَاوُد» رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُمَا وَيُنْدَبُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ مَا يَقُولُهُ فِي سُجُودِ صَلَاتِهِ جَازَ وَلَوْ أَبْدَلَ جَازَ بِكَفَى كَانَ أَحْسَنَ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَيُسَنُّ أَنْ يَدْعُوَ بَعْدَ التَّسْبِيحِ وَفِي الْإِحْيَاءِ يَدْعُو فِي سُجُودِهِ بِمَا يَلِيقُ بِالْآيَةِ فَيَقُولُ فِي سَجْدَةِ الْإِسْرَاءِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الْبَاكِينَ إلَيْك، وَالْخَاشِعِينَ لَك وَفِي سَجْدَةِ الم السَّجْدَةِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ السَّاجِدِينَ لِوَجْهِك الْمُسَبِّحِينَ بِحَمْدِك وَأَعُوذُ بِك أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْتَكْبِرِينَ عَنْ أَمْرِك وَعَلَى أَوْلِيَائِك (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا) وَيَجْلِسُ (وَيُشْتَرَطُ) لَهُ (السَّلَامُ) ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى الْإِحْرَامِ فَافْتَقَرَ إلَى التَّحَلُّلِ كَالصَّلَاةِ (لَا التَّشَهُّدِ) فَلَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْقِيَامِ وَلَا قِيَامَ فِيهِ وَكَمَا لَا يُشْتَرَطُ لَا يُسَنُّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ (فَإِنْ كَانَ) السُّجُودُ (فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ لِلْهُوِيِّ وَلِلرَّفْعِ) مِنْ السَّجْدَةِ نَدْبًا كَمَا فِي سَجَدَاتِ الصَّلَاةِ لِلْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ (وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ) فِي الْهُوِيِّ إلَيْهَا وَلَا فِي الرَّفْعِ مِنْهَا كَمَا فِي سَجَدَاتِ الصَّلَاةِ (وَلَا يَجْلِسُ) أَيْ وَلَا يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ (لِلِاسْتِرَاحَةِ) بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَمْ تَرِدْ (وَيَجِبُ أَنْ يَقُومَ) مِنْهَا (ثُمَّ يَرْكَعَ) فَلَوْ قَامَ رَاكِعًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْهُوِيَّ مِنْ الْقِيَامِ وَاجِبٌ كَمَا مَرَّ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ) قَبْلَ رُكُوعِهِ (فِي قِيَامِهِ) مِنْ سُجُودِهِ (شَيْئًا) مِنْ الْقُرْآنِ. (فَصْلٌ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ عَقِيبَ) قِرَاءَةِ، أَوْ سَمَاعِ (الْآيَةِ) وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْآيَةِ كَانَ أَنْسَبَ بِقَوْلِهِ (مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) عُرْفًا (فَإِنْ طَالَ) وَلَوْ بِعُذْرٍ (لَمْ يَقْضِ) ؛ لِأَنَّهُ لِعَارِضٍ فَأَشْبَهَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَاعْتِبَارُ السَّمَاعِ مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِيًا بِالْقَارِئِ فِي صَلَاةٍ وَإِلَّا فَلْيُتَابِعْهُ (وَإِنْ كَانَ) الْقَارِئُ أَوْ السَّامِعُ (مُحْدِثًا فَتَطَهَّرَ عَلَى قُرْبٍ سَجَدَ) وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ قَرَأَهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ سَجَدَ) ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ (لَا) إنْ قَرَأَهَا (فِي رُكُوعٍ وَسُجُودٍ) وَاعْتِدَالٍ وَجُلُوسٍ (وَلَا إنْ قَرَأَ بِالْفَارِسِيَّةِ) لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ (وَلَا يَقْتَدِي) السَّامِعُ بِالْقَارِئِ (فِي سُجُودِهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) وَلَا يَرْتَبِطُ بِهِ فَلَهُ الرَّفْعُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ مَنْعُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ جَوَازُهُ (وَلَا تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ) لِآيَةِ سَجْدَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ (لِقَصْدِ السُّجُودِ بَلْ تُكْرَهُ) الْقِرَاءَةُ (لِقَصْدِهِ فِي الصَّلَاةِ وَ) فِي (الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ) كَمَا لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِيُصَلِّيَ التَّحِيَّةَ، فَالْكَرَاهَةُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالسُّجُودِ لِذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَعُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَتِهِ لِذَلِكَ إذَا كَانَ خَارِجًا عَنْ الصَّلَاةِ، وَعَنْ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَهَلْ يَسْجُدُ لَهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ لَا لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا كَالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِقَصْدِ السُّجُودِ مَا لَوْ قَصَدَهُ مَعَ غَيْرِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاءَةِ فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ بِعَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ وَبِالْكَرَاهَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِقْهٌ حَسَنٌ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ عَلَى السُّجُودِ؛ لِأَنَّ لِوَسِيلَةِ الشَّيْءِ حُكْمَهُ. (وَإِنْ سَلَّمَ الْمُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ) سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ (أَوْ قَرَأَ بَعْدَ آيَتِهَا آيَاتٍ وَلَمْ يَطُلْ فَصْلٌ سَجَدَ) ، وَإِنْ طَالَ فَلَا (وَلَا يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِقِرَاءَةِ أَجْنَبِيٍّ) سَمِعَهَا مِنْهُ فِي صَلَاتِهِ وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ غَيْرِ إمَامِهِ لَا تَقْتَضِي سُجُودَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْإِصْغَاءُ لَهَا (وَيُسْتَحَبُّ تَرْكُهَا لِلْخَطِيبِ) إذَا قَرَأَ آيَتَهَا عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ مَكَانَهُ لِكُلْفَةِ النُّزُولِ، وَالصُّعُودِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ سَجَدَ مَكَانَهُ إنْ خَشِيَ طُولَ الْفَصْلِ وَإِلَّا نَزَلَ وَسَجَدَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كُلْفَةٌ كَمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ (وَ) يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ (تَأْخِيرُهَا فِي) الصَّلَاةِ (السِّرِّيَّةِ إلَى الْفَرَاغِ) مِنْهَا لِئَلَّا يُشَوِّشَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَمَحَلُّهُ إذَا قَصُرَ الْفَصْلُ (وَلَا سُجُودَ لِقِرَاءَةٍ فِي) صَلَاةِ (جِنَازَةٍ) لَا فِيهَا وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ مَا عَدَا الْفَاتِحَةَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِيهَا. (الثَّالِثَةُ سَجْدَةُ الشُّكْرِ وَتُسْتَحَبُّ عِنْدَ هُجُومِ نِعْمَةٍ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا وَيَجْلِسُ) قَالَ شَيْخُنَا لَمْ يُبَيِّنْ هَلْ الْجُلُوسُ قَبْلَ السَّلَامِ وَاجِبٌ، أَوْ مَنْدُوبٌ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إذْ لَمْ يُعْهَدْ لَنَا سَلَامٌ مُحَلِّلٌ مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ إلَّا فِي الْجِنَازَةِ وَفِي حَقِّ الْعَاجِزِ (قَوْلُهُ: لَا لِلْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى نِيَّةٍ اتِّفَاقًا. اهـ. وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَا تَشْمَلُهَا إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالنِّيَّةِ فِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَمَنْ تَبِعَهُ التَّحَرُّمُ. [فَصْلٌ سُجُود التِّلَاوَة تَكُون عَقِيب قِرَاءَةِ أَوْ سَمَاعِ الْآيَةِ] (قَوْلُهُ: لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ جَوَازُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ يَجُوزُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَ الْقَارِئُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمُسْتَمِعُ خَارِجَهَا فَسَجَدَ فِيهَا الْقَارِئُ فِي سُجُودِهِ لَا يُتَابِعُهُ الْمُسْتَمِعُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقْتَدٍ بِهِ وَلَوْ كَانَ قَدْ عَقَدَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَهُوَ لَمْ يَعْقِدْهُ إلَّا بِسَجْدَةٍ فَلَا يَتْبَعْهُ فِي غَيْرِهَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ نُهِيَ عَنْ زِيَادَةِ سُجُودٍ فِيهَا إلَّا لِسَبَبٍ كَمَا أَنَّ الْأَوْقَاتَ الْمَكْرُوهَةَ مَنْهِيٌّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا إلَّا لِسَبَبٍ، فَالْقِرَاءَةُ بِقَصْدِ السُّجُودِ كَتَعَاطِي السَّبَبِ بِاخْتِيَارِهِ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لِيَفْعَلَ الصَّلَاةَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ قِرَاءَةِ الم تَنْزِيلُ فِي أُولَى صُبْحِ الْجُمُعَةِ فَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ فِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الصُّبْحِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى الم تَنْزِيلُ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ عَنْ قَصْدٍ وَلِذَلِكَ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ السُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ النِّيَّةِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ لِيَسْجُدَ فِيهَا مَرْدُودٌ مِمَّا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ إذْ لَيْسَ الْقَصْدُ فِي قِرَاءَةِ الم تَنْزِيلُ السُّجُودَ فِيهَا فَقَطْ بَلْ اتِّبَاعَ السُّنَّةِ فِي قِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ الْمَخْصُوصَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُشَوِّشَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْجَهْرِيَّةَ كَذَلِكَ إذَا بَعُدَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ عَنْ الْإِمَامِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ وَلَا يُشَاهِدُ أَفْعَالَهُ، أَوْ أَخْفَى جَهْرَهُ، أَوْ وُجِدَ حَائِلٌ أَوْ صَمَمٌ، أَوْ نَحْوُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى. [الثَّالِثَةُ سَجْدَة الشُّكْر] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 كَحُدُوثِ وَلَدٍ أَوْ جَاهٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ قُدُومِ غَائِبٍ، أَوْ نَصْرٍ عَلَى عَدُوٍّ (أَوْ) عِنْدَ (انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) كَنَجَاةٍ مِنْ غَرَقٍ، أَوْ حَرِيقٍ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «سَأَلْت رَبِّي وَشَفَعْت لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَسَجَدْت شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْت رَأْسِي فَسَأَلْت رَبِّي لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَسَجَدْت شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْت رَأْسِي فَسَأَلْت رَبِّي لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخَرَ فَسَجَدْت شُكْرًا لِرَبِّي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَجَدَ لَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ عَلِيٍّ مِنْ الْيَمَنِ بِإِسْلَامِ هَمْدَانَ» (لَا لِاسْتِمْرَارِهِمَا) أَيْ النِّعْمَةِ وَانْدِفَاعِ النِّقْمَةِ وَفِي نُسْخَةٍ لَا لِاسْتِمْرَارِهَا أَيْ النِّعْمَةِ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا فِي الْأَصْلِ كَالْعَافِيَةِ، وَالْإِسْلَامِ، وَالْغِنَى عَنْ النَّاسِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى اسْتِغْرَاقِ الْعُمُرِ فِي السُّجُودِ وَقَيَّدَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ النِّعْمَةَ، وَالنِّقْمَةَ بِكَوْنِهِمَا ظَاهِرَتَيْنِ لِيُخْرِجَ الْبَاطِنَتَيْنِ كَالْمَعْرِفَةِ وَسَتْرِ الْمَسَاوِئِ وَقَيَّدَهُمَا الْأَصْلُ، وَالْمُحَرَّرُ بِقَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يُحْتَسَبُ أَيْ يُدْرَى وَحَذَفَهُ الْمُخْتَصَرُ لِقَوْلِ صَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِيهِ، أَوْ لَا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَتُسْتَحَبُّ لِرُؤْيَةِ مُبْتَلًى بِبَلِيَّةٍ) مِنْ زَمَانَةٍ وَنَحْوِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَشُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى السَّلَامَةِ (أَوْ) لِرُؤْيَةِ مُبْتَلًى (بِمَعْصِيَةٍ) مُجَاهِرٍ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمُصِيبَةَ فِي الدِّينِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا، وَلَوْ حَضَرَ الْمُبْتَلَى، أَوْ الْعَاصِي فِي ظُلْمَةٍ، أَوْ عِنْدَ أَعْمَى، أَوْ سَمِعَ صَوْتَهُمَا سَامِعٌ وَلَمْ يَحْضُرَا، فَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ اسْتِحْبَابُهَا أَيْضًا (وَيُظْهِرُهَا لِلْعَاصِي) بِكُفْرٍ أَوْ غَيْرِهِ تَعْبِيرًا لَهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ لَا لِلْمُبْتَلَى؛ لِئَلَّا يَتَأَذَّى، نَعَمْ إنْ كَانَ غَيْرَ مَعْذُورٍ كَمَقْطُوعٍ فِي سَرِقَةٍ أَظْهَرَهَا لَهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَيَّدَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ تَوْبَتَهُ وَإِلَّا فَلْيُسِرَّهَا، وَيُظْهِرُهَا أَيْضًا لِحُصُولِ نِعْمَةٍ، أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَفِي الْمَجْمُوعِ، فَإِنْ خَافَ مِنْ إظْهَارِهَا لِلْفَاسِقِ مَفْسَدَةً، أَوْ ضَرَرًا أَخْفَاهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعِنْدِي: أَنَّهُ لَا يُظْهِرُهَا لِتَجَدُّدِ ثَرْوَةٍ بِحَضْرَةِ فَقِيرٍ؛ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ قَلْبُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ حَسَنٌ (وَفِي قَضَائِهَا وَجْهَانِ) كَالْوَجْهَيْنِ فِي قَضَاءِ النَّوَافِلِ كَذَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ ثُمَّ قَالَ وَقَطَعَ غَيْرُهُ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ. وَذِكْرُهُ هَذَا فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ عَجِيبٌ، فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فِي مَحَلِّهَا وَتَبِعَهُ هُوَ أَيْضًا ثَمَّ مَعَ أَنَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ قَضَائِهَا كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ (وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا) أَيْ مَعَ سَجْدَةِ الشُّكْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (الصَّدَقَةُ، وَالصَّلَاةُ لِلشُّكْرِ) وَزَادَ لَفْظَةَ أَيْضًا لِيُفِيدَ مَا نَقَلْته عَنْ الْمَجْمُوعِ، لَكِنَّ الْخُوَارِزْمِيَّ تِلْمِيذَ الْبَغَوِيّ الذَّاكِرَ لِاسْتِحْبَابِ مَا ذُكِرَ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ شَيْخِهِ خِلَافَهُ، فَقَالَ: لَوْ أَقَامَ التَّصَدُّقَ، أَوْ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ مَقَامَ السُّجُودِ كَانَ حَسَنًا. (وَهِيَ) أَيْ سَجْدَةُ الشُّكْرِ (كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) الْمَفْعُولَةِ (خَارِجَ الصَّلَاةِ) شَرْطًا وَكَيْفِيَّةً وَلَا تَدْخُلُ الصَّلَاةَ إذْ لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا (فَإِنْ سَجَدَهَا فِي الصَّلَاةِ) عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي الصَّلَاةِ لِيَسْجُدَ بِهَا لِلشُّكْرِ لَمْ يَجُزْ) وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِسُجُودِهِ كَمَا لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِيُصَلِّيَ التَّحِيَّةَ (فَرْعٌ لَوْ سَجَدَ لَهُ) أَيْ لِلشُّكْرِ (وَلِلتِّلَاوَةِ بِالْإِيمَاءِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي سَفَرٍ) وَلَوْ قَصِيرًا (جَازَ) بِخِلَافِ الْمَاشِي فِيهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ عَلَى الْأَرْضِ كَالْمُتَنَفِّلِ فِيهِمَا (وَلَوْ تَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ) تَعَالَى (بِسَجْدَةٍ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ حَرُمَ) وَلَوْ بَعْدَ صَلَاةٍ كَمَا يَحْرُمُ بِرُكُوعٍ مُفْرَدٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ حُرْمَةُ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ وَلَوْ إلَى الْقِبْلَةِ، أَوْ قَصَدَهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَفِي بَعْضِ صُوَرِهِ مَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ عَافَانَا اللَّهُ تَعَالَى وقَوْله تَعَالَى {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: 100] مَنْسُوخٌ، أَوْ مُؤَوَّلٌ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ نَصْرٍ عَلَى عَدُوٍّ) أَوْ حُدُوثِ مَطَرٍ عِنْدَ الْقَحْطِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَجَدَ لَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ عَلِيٍّ» إلَخْ) وَسَجَدَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ فَتْحِ الْيَمَامَةِ وَقَتْلِ مُسَيْلِمَةَ وَسَجَدَ عُمَرُ عِنْدَ فَتْحِ الْيَرْمُوكِ وَسَجَدَ عَلِيٌّ عِنْدَ رُؤْيَةِ ذِي الثَّدْيَيْنِ قَتِيلًا بِالنَّهْرَوَانِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُمَا الْأَصْلُ، وَالْمُحَرَّرُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَيُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ قَبْضِ رَيْعِ الْأَمْلَاكِ وَجِذَاذِ الثِّمَارِ وَحَصْدِ الزُّرُوعِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا نِعَمٌ، لَكِنْ مِنْ حَيْثُ يَحْتَسِبُ الْعَبْدُ، وَكَذَلِكَ حُصُولُ الْأَرْبَاحِ بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَسْجُدُ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَلِرُؤْيَةِ مُبْتَلًى بِبَلِيَّةٍ، أَوْ بِمَعْصِيَةٍ) لَوْ شَارَكَهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَاءِ، أَوْ الْعِصْيَانِ فَهَلْ يَسْجُدُ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ يَقْتَضِي السُّجُودَ، وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي عَدَمَهُ ع وَهُوَ الظَّاهِرُ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ:، فَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ اسْتِحْبَابُهَا أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُظْهِرُهَا لِلْعَاصِي) قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ بِالْمُتَظَاهِرِ بِفِسْقِهِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَقْيِيدِ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِالْمُجَاهِرِ: وَقْفَةٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُظْهِرَهَا مَنْ اطَّلَعَ عَلَى حَالِ الْمُسْتَتِرِ الْمُصِرِّ فَهُوَ إلَى الِانْزِجَارِ أَقْرَبُ مِنْ الْمُجَاهِرِ. وَقَوْلُهُ قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَقْطُوعٍ فِي سَرِقَةٍ أَظْهَرَهَا لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُظْهِرُهَا أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ مِنْ إظْهَارِهَا لِلْفَاسِقِ مَفْسَدَةً إلَخْ) هَلْ يُظْهِرُهَا لِلْفَاسِقِ الْمُتَجَاهِرِ الْمُبْتَلَى فِي بَدَنِهِ بِمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ؟ يَحْتَمِلُ الْإِظْهَارَ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالزَّجْرِ، وَالْإِخْفَاءَ لِئَلَّا يَفْهَمَ أَنَّهُ عَلَى الِابْتِلَاءِ فَيَنْكَسِرَ قَلْبُهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُظْهِرَ وَيُبَيِّنَ لَهُ السَّبَبَ وَهُوَ الْفِسْقُ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا ع الِاحْتِمَالَانِ الْأَوَّلَانِ مَنْقُولَانِ عَنْ ابْنِ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ رَأَى فَاسِقًا مُجَاهِرًا مُبْتَلًى فِي بَدَنِهِ فَهَلْ يُظْهِرُهَا أَوْ يُخْفِيهَا فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ. وَقَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُظْهِرَ وَيُبَيِّنَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ حَسَنٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ قَضَائِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَا نَقَلْته عَنْ الْمَجْمُوعِ) عِبَارَتُهُ يَعْنِي مَعَ فِعْلِ سُجُودِ الشُّكْرِ. (قَوْلُهُ: عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) ، فَإِنْ نَسِيَ، أَوْ جَهِلَ لَمْ تَبْطُلْ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 (الْبَابُ السَّابِعُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ) هُوَ، وَالنَّفَلُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْمَنْدُوبُ، وَالْمُسْتَحَبُّ، وَالْمُرَغَّبُ فِيهِ، وَالْحَسَنُ بِمَعْنًى، وَهُوَ مَا رَجَّحَ الشَّرْعُ فِعْلَهُ عَلَى تَرْكِهِ وَجَازَ تَرْكُهُ وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: غَيْرُ الْفَرْضِ ثَلَاثَةٌ: تَطَوُّعٌ، وَهُوَ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَقْلٌ بِخُصُوصِهِ بَلْ يُنْشِئُهُ الْإِنْسَانُ ابْتِدَاءً، وَسُنَّةٌ، وَهِيَ مَا وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ مَا فَعَلَهُ أَحْيَانًا، أَوْ أَمَرَ بِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْبَقِيَّةِ؛ لِعُمُومِهَا لِلثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى فَإِنَّ بَعْضَ الْمَسْنُونَاتِ آكَدُ مِنْ بَعْضٍ قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِاسْمِ (أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ) بَعْدَ الْإِسْلَامِ (الصَّلَاةُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ فَقَالَ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا» وَقِيلَ الصَّوْمُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» وَقِيلَ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ، فَالصَّلَاةُ، أَوْ بِالْمَدِينَةِ، فَالصَّوْمُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْخِلَافُ فِي الْإِكْثَارِ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْآكَدِ مِنْ الْآخَرِ وَإِلَّا فَصَوْمُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِلَا شَكٍّ وَإِذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ كَمَا تَقَرَّرَ فَفَرْضُهَا أَفْضَلُ الْفُرُوضِ (وَتَطَوُّعُهَا أَفْضَلُ التَّطَوُّعِ) وَلَا يَرِدُ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ وَحِفْظُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ مِنْ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُمَا فَرْضَا كِفَايَةٍ، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِمَا صَرَّحَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (وَهُوَ) أَيْ التَّطَوُّعُ (قِسْمَانِ قِسْمٌ تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ أَفْضَلُ) مِمَّا لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ لِتَأَكُّدِهِ بِسَنِّهَا لَهُ وَلَهُ مَرَاتِبُ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (وَأَفْضَلُهُ الْعِيدَانِ) لِشَبَهِهِمَا الْفَرْضَ فِي الْجَمَاعَةِ وَتَعَيُّنِ الْوَقْتِ وَلِلْخِلَافِ فِي أَنَّهُمَا فَرْضَا كِفَايَةٍ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَسَاوِي الْعِيدَيْنِ فِي الْفَضِيلَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ، وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ عِيدَ الْفِطْرِ أَفْضَلُ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَفْضِيلِهِمْ تَكْبِيرَهُ عَلَى تَكْبِيرِ الْأَضْحَى؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، لَكِنَّ الْأَرْجَحَ فِي النَّظَرِ تَرْجِيحُ عِيدِ الْأَضْحَى؛ لِأَنَّهُ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ وَفِيهِ نُسُكَانِ الْحَجُّ، وَالْأُضْحِيَّةُ. وَقِيلَ: إنَّ عَشْرَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ (ثُمَّ الْكُسُوفُ) لِلشَّمْسِ (ثُمَّ الْخُسُوفُ) لِلْقَمَرِ لِخَوْفِ فَوْتِهِمَا بِالِانْجِلَاءِ كَالْمُؤَقَّتِ بِالزَّمَانِ وَلِدَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِمَا قَالَ تَعَالَى {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ} [فصلت: 37] الْآيَةَ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتْرُكْ الصَّلَاةَ لَهُمَا بِخِلَافِ الِاسْتِسْقَاءِ فَإِنَّهُ تَرَكَهُ أَحْيَانًا وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْكُسُوفِ عَلَى الْخُسُوفِ فَلِتَقَدُّمِ الشَّمْسِ عَلَى الْقَمَرِ فِي الْقُرْآنِ، وَالْأَخْبَارِ؛ وَلِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَخَصَّ الْكُسُوفَ بِالشَّمْسِ، وَالْخُسُوفَ بِالْقَمَرِ بِنَاءً عَلَى مَا اُشْتُهِرَ مِنْ الِاخْتِصَاصِ وَعَلَى قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّهُ الْأَجْوَدُ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى (ثُمَّ الِاسْتِسْقَاءُ) لِتَأَكُّدِ طَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا (ثُمَّ التَّرَاوِيحُ وَغَيْرُ الضُّحَى مِنْ الرَّوَاتِبِ) ، وَهِيَ التَّابِعَةُ لِلْفَرَائِضِ (أَفْضَلُ مِنْ التَّرَاوِيحِ) ، وَإِنْ سُنَّ لَهَا الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاظَبَ عَلَى الرَّوَاتِبِ دُونَ التَّرَاوِيحِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ الْإِمَامَ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ أَنَّ التَّرَاوِيحَ أَفْضَلُ مِنْ الرَّوَاتِبِ مَا عَدَا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَالْوِتْرِ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ وَلَفْظُ غَيْرُ الضُّحَى مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ قَدْ يُوهِمُ أَنَّ الضُّحَى مِنْ الرَّوَاتِبِ فَلَوْ قَالَ كَأَصْلِهِ، وَالرَّوَاتِبُ أَفْضَلُ مِنْ التَّرَاوِيحِ كَانَ أَوْلَى وَسَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِ الضُّحَى (وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً) بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّاهَا لَيَالِيَ فَصَلَّوْهَا مَعَهُ، ثُمَّ تَأَخَّرَ وَصَلَّى فِي بَيْتِهِ بَاقِيَ الشَّهْرِ وَقَالَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ الصَّلَاةُ) خَرَجَ بِعِبَادَاتِ الْبَدَنِ عِبَادَاتُ الْقَلْبِ كَالْإِيمَانِ، وَالْمَعْرِفَةِ، وَالتَّفَكُّرِ، وَالتَّوَكُّلِ، وَالصَّبْرِ، وَالرِّضَا، وَالْخَوْفِ، وَالرَّجَاءِ وَمَحَبَّةِ اللَّهِ وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ، وَالتَّوْبَةِ، وَالتَّطْهِيرِ مِنْ الرَّذَائِلِ. وَأَفْضَلُهَا الْإِيمَانُ وَلَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا، وَقَدْ يَكُونُ تَطَوُّعًا بِالتَّجْدِيدِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ» إلَخْ) وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتَقِيمُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّهَا تِلْوُ الْإِيمَانِ وَأَشْبَهُ بِهِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى نُطْقٍ وَعَمَلٍ وَاعْتِقَادٍ، وَسَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى إيمَانًا فَقَالَ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] أَيْ صَلَاتَكُمْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؛ وَلِأَنَّهَا تَجْمَعُ مِنْ الْقُرَبِ مَا تَفَرَّقَ فِي غَيْرِهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ، وَالْقِرَاءَةِ، وَالتَّسْبِيحِ، وَاللُّبْثِ، وَالِاسْتِقْبَالِ، وَالطَّهَارَةِ، وَالسِّتَارَةِ وَتَرْكِ الْأَكْلِ، وَالْكَلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَعَ اخْتِصَاصِهَا بِالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ وَغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَقَالَ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا) ؛ لِأَنَّهَا تِلْوُ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْقُرَبِ، وَأَشْبَهُ بِهِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى نُطْقٍ بِاللِّسَانِ وَعَمَلٍ بِالْأَرْكَانِ وَاعْتِقَادٍ بِالْجَنَانِ (قَوْلُهُ: إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَقَرَّبْ إلَى أَحَدٍ بِالْجُوعِ، وَالْعَطَشِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى فَحَسُنَتْ هَذِهِ الْإِضَافَةُ لِلِاخْتِصَاصِ؛ وَلِأَنَّ خُلُوَّ الْجَوْفِ مِنْ الطَّعَامِ، وَالشَّرَابِ يَرْجِعُ إلَى الصَّمَدِيَّةِ؛ لِأَنَّ الصَّمَدَ هُوَ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ، وَالصَّمَدِيَّةُ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَحَسُنَتْ الْإِضَافَةُ لِاخْتِصَاصِ الصَّوْمِ بِصِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَلِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِخْلَاصِ لِخَفَائِهِ دُونَ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّهَا أَعْمَالٌ ظَاهِرَةٌ يُطَّلَعُ عَلَيْهَا فَيَكُونُ الرِّيَاءُ فِيهَا أَغْلَبَ فَحَسُنَتْ الْإِضَافَةُ لِلشَّرَفِ الَّذِي حَصَلَ لِلصَّوْمِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ، فَالصَّلَاةُ إلَخْ) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَفْضَلُهَا الطَّوَافُ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَقَالَ الْقَاضِي الْحَجُّ أَفْضَلُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ الْجِهَادُ أَفْضَلُ وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ الْعِبَادَاتُ تَخْتَلِفُ أَفْضَلِيَّتُهَا بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا وَفَاعِلِيهَا فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَفْضَلِيَّةِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ كَمَا لَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْخُبْزَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْجَائِعِ، وَالْمَاءُ أَفْضَلُ لِلْعَطْشَانِ، فَإِنْ اجْتَمَعَا نُظِرَ إلَى الْأَغْلَبِ فَتَصَدُّقُ الْغَنِيِّ الشَّدِيدِ الْبُخْلِ بِدِرْهَمٍ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ حُبِّ الدُّنْيَا. وَالصَّوْمُ لِمَنْ اسْتَحْوَذَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ مِنْ الْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، لَكِنَّ الْأَرْجَحَ فِي النَّظَرِ تَرْجِيحُ عِيدِ الْأَضْحَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنَّ عَشْرَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ) وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيُّ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ أَبِي دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ» وَبِهِ أَفْتَى وَالِدُ النَّاشِرِيِّ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: ثُمَّ التَّرَاوِيحُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ لَا تَطَوُّعَ غَيْرَ مَا ذُكِرَ تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ حَتَّى تَكُونَ التَّرَاوِيحُ مُقَدَّمَةً عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ الْإِمَامَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا» ؛ وَلِأَنَّ عُمَرَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ الرِّجَالَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَالنِّسَاءَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَى أَيْضًا هُوَ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَجَمَعَ الْبَيْهَقِيّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ وَسُمِّيَتْ كُلُّ أَرْبَعٍ مِنْهَا تَرْوِيحَةً؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَرَوَّحُونَ عَقِبَهَا أَيْ يَسْتَرِيحُونَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ، وَالسِّيرَافِيُّ: كَوْنُهَا عِشْرِينَ أَنَّ الرَّوَاتِبَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ فَضُوعِفَتْ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ جِدٍّ وَتَشْمِيرٍ، وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِعْلُهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ فَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ فَجَعَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَدَلَ كُلِّ أُسْبُوعٍ تَرْوِيحَةً؛ لِيُسَاوُوهُمْ. قَالَ الشَّيْخَانِ: وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ لِأَهْلِهَا شَرَفًا بِهِجْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَدْفِنِهِ وَهَذَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْحَلِيمِيِّ وَمَنْ اقْتَدَى بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَامَ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَحَسَنٌ أَيْضًا لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَرَادُوا بِمَا صَنَعُوا الِاقْتِدَاءَ بِأَهْلِ مَكَّةَ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنْ الْفَضْلِ لَا الْمُنَافَسَةِ كَمَا ظَنَّ بَعْضُهُمْ قَالَ: وَالِاقْتِصَارُ عَلَى عِشْرِينَ مَعَ الْقِرَاءَةِ فِيهَا بِمَا يَقْرَؤُهُ غَيْرُهُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ أَفْضَلُ لِفَضْلِ طُولِ الْقِيَامِ عَلَى كَثْرَةِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ أَمْيَلُ وَغَيْرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ سَائِرِ الْبِلَادِ أَحْوَجُ إلَى الِازْدِيَادِ فِي الْفَضْلِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ فَزَادَ عَلَى عِشْرِينَ رَكْعَةً بِنِيَّةِ التَّرَاوِيحِ، أَوْ قِيَامِ رَمَضَانَ هَلْ يَكُونُ كَمَا لَوْ زَادَ فِي الْوِتْرِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مِثْلُهُ وَقِيَاسُ كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ وَجَمَاعَةٍ الصِّحَّةُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَلَا يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ بَلْ (يَنْوِي بِإِحْرَامٍ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ التَّرَاوِيحَ، أَوْ قِيَامَ رَمَضَانَ) لِيَتَمَيَّزَ بِذَلِكَ عَنْ غَيْرِهَا وَأَفَادَ كَلَامُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ (فَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَمْ يَصِحَّ) لِشَبَهِهَا بِالْفَرْضِ فِي طَلَبِ الْجَمَاعَةِ فَلَا تَغَيُّرَ عَمَّا وَرَدَ (بِخِلَافِ سُنَّةِ الظُّهْرِ) ، وَالْعَصْرِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ أَفْتَى النَّوَوِيُّ (ثُمَّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا) أَيْ فِي التَّرَاوِيحِ (أَفْضَلُ) مِنْ فِعْلِهَا فُرَادَى لِمَا مَرَّ وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ عَنْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ كَمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ (وَ) فِعْلُهَا (بِالْقُرْآنِ) فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ (أَفْضَلُ مِنْ تَكْرِيرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ) فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَثَلًا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالسُّنَّةِ (وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ بِالْأَنْعَامِ فِي رَكْعَةٍ مِنْهَا) لِاعْتِقَادِ أَنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ إنَّهُ بِدْعَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَفَاسِدَ وَصَوَّرَهَا فِي التِّبْيَانِ بِأَنْ يَقْرَأَهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ، وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ أَخْذًا مِنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ. (وَقِسْمٌ لَا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ الرَّوَاتِبُ) التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ (وَغَيْرِهَا) كَالضُّحَى (وَأَفْضَلُهَا الْوِتْرُ) لِخَبَرِ «أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلِخَبَرِ «الْوِتْرِ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، أَوْ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، أَوْ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَلِوُجُوبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالصَّارِفُ عَنْ وُجُوبِهِ عِنْدَنَا قَوْله تَعَالَى {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] إذْ لَوْ وَجَبَ لَمْ يَكُنْ لِلصَّلَوَاتِ وُسْطَى «وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» ، وَالْمُرَادُ مِنْ التَّفْضِيلِ مُقَابَلَةُ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ وَلَا بُعْدَ أَنْ يَجْعَلَ الشَّرْعُ الْعَدَدَ الْقَلِيلَ أَفْضَلَ مِنْ الْكَثِيرِ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ دَلِيلُهُ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ فَمَعَ اخْتِلَافِهِ أَوْلَى. ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (ثُمَّ رَكْعَتَا الْفَجْرِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى شَيْءٍ مِنْ النَّوَافِلِ أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» (وَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي جَوْفِ   [حاشية الرملي الكبير] خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ مَعَ قَوْلِهِ فِي خَبَرِ الْإِسْرَاءِ «هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ» إذْ كَيْفَ يَخَافُ الزِّيَادَةَ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَخُوفُ افْتِرَاضَ قِيَامِ اللَّيْلِ جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ يَكُونَ الْمَخُوفُ افْتِرَاضَ قِيَامِ اللَّيْلِ عَلَى الْكِفَايَةِ لَا عَلَى الْأَعْيَانِ فَلَا يَكُونَ ذَلِكَ زَائِدًا عَلَى الْخَمْسِ، أَوْ يَكُونَ الْمَخُوفُ افْتِرَاضَ قِيَامِ رَمَضَانَ خَاصَّةً لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي رَمَضَانَ س (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: هَلْ يَكُونُ كَمَا لَوْ زَادَ فِي الْوِتْرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مِثْلُهُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سُنَّةِ الظُّهْرِ إذَا أَحْرَمَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ) سُنَّةِ الظُّهْرِ، أَوْ الْعَصْرِ وَنَوَى أَنْ يُصَلِّيَهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ كَالنَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ، أَوْ لَا؟ فَإِنْ قِيلَ نَعَمْ فَإِذَا أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ مِنْهَا، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَزِيدَ فَيُصَلِّي أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: الَّذِي تَبَيَّنَ لِي وَيُفْهَمُ مِنْ نُصُوصِهِمْ نَصًّا وَتَعْلِيلًا أَنَّ ذَلِكَ لَا تَتَأَدَّى بِهِ السُّنَّةُ الرَّاتِبَةُ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ نَعَمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَقِسْمٌ لَا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ) لِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى فِعْلِهِ فُرَادَى (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ «الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» ) وَلِخَبَرِ «مَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَلِوُجُوبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ عَلَى وُجُوبِهِ حَتَّى صَاحِبَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّاسَ عِنْدَ قِيَامِهِمْ مِنْ نَوْمِهِمْ يَبْتَدِرُونَ إلَى مَعَاشِهِمْ وَكَسْبِهِمْ فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فَضْلًا عَمَّا عَسَاهُ يَحْصُلُ لَكُمْ مِنْهَا فَلَا تَتْرُكُوهُمَا وَتَشْتَغِلُوا بِهِ؛ وَلِأَنَّ عَدَدَهُمَا لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ فَأَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ، بَلْ قِيلَ: إنَّهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّهُمَا يَتَقَدَّمَانِ عَلَى مَتْبُوعِهِمَا، وَالْوِتْرُ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ وَمَا يَتَقَدَّمُ عَلَى مَتْبُوعِهِ أَوْلَى. قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ نَعَمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ هُنَا وَجَزَمَ فِي كِتَابَتِهِ فِي بَابِ الْكُسُوفَيْنِ بِالْمَنْعِ وَأَنَّ جَوَازَ التَّغْيِيرِ بِالنِّيَّةِ خَاصٌّ بِالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. كَاتِبُهُ. قَوْلُهُ: وَمَا يَتَقَدَّمُ عَلَى مَتْبُوعِهِ أَوْلَى قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الرَّاتِبَةَ الْقَبْلِيَّةَ أَفْضَلُ مِنْ الْبَعْدِيَّةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا اشْتَهَرَ عَنْ تَقْرِيرِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ مِنْ اسْتِوَائِهِمَا فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. كَاتِبُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 اللَّيْلِ) لِمَا ذُكِرَ وَقِيلَ عَكْسُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ قَوِيٌّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» وَفِي رِوَايَةٍ «الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ» ، وَالْأَوَّلُ حَمَلَ هَذَا عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ كَمَا مَرَّ (ثُمَّ بَاقِي رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ) الْآتِي بَيَانُهَا لِتَأَكُّدِهَا بِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا (ثُمَّ الضُّحَى) ؛ لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ بِزَمَانٍ (ثُمَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَالْإِحْرَامِ، وَالتَّحِيَّةِ) لِاسْتِنَادِهَا إلَى أَسْبَابٍ فَفُضِّلَتْ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَلَا تَرْتِيبَ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْمُتَّجَهُ تَقْدِيمُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِمَا عِنْدَنَا، ثُمَّ رَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُمَا وَقَعَ، ثُمَّ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَقَعَ سَبَبُهُمَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ وَخَالَفَ فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ وَبَعْدَ الرَّوَاتِبِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ، وَالضُّحَى، وَالتَّرَاوِيحُ، وَالتَّحِيَّةُ وَسُنَّةُ الْوُضُوءِ وَسَائِرُ مَا لَهَا سَبَبٌ، ثُمَّ غَيْرُهَا. (وَرَوَاتِبُ الْفَرَائِضِ) الْمُؤَكَّدَةِ (عَشْرٌ) ، وَالْحِكْمَةُ فِيهَا تَكْمِيلُ مَا نَقَصَ مِنْ الْفَرَائِضِ فَضْلًا مِنْ اللَّه وَنِعْمَةً، وَهِيَ (رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَ) رَكْعَتَانِ قَبْلَ (الظُّهْرِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَ) رَكْعَتَانِ بَعْدَ (الْمَغْرِبِ وَ) رَكْعَتَانِ بَعْدَ (الْعِشَاءِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَتُسَنُّ زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِمَا سَيَأْتِي (وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا) لِخَبَرِ «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ (وَ) تُسَنُّ (أَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ) لِلِاتِّبَاعِ وَلِخَبَرِ «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُمَا (وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» ، وَالْمُرَادُ الْأَذَانُ، وَالْإِقَامَةُ وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ» أَيْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُمَا كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتُسَنُّ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْعِشَاءِ لِخَبَرِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ (وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ) فِي الرَّوَاتِبِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا مِنْ الْمُؤَكَّدِ وَغَيْرِهِ قِيَاسًا عَلَى الظُّهْرِ وَلِلْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ» وَخَبَرِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا» وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِتَوْقِيفٍ (وَلَا تُقَدَّمُ الرَّوَاتِبُ اللَّاحِقَةُ) لِلْفَرَائِضِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا إنَّمَا يَدْخُلُ بِفِعْلِهَا (وَتُؤَخَّرُ) عَنْهَا (السَّابِقَةُ) عَلَيْهَا (جَوَازًا لَا اخْتِيَارًا) لِامْتِدَادِ وَقْتِهَا بِامْتِدَادِ وَقْتِ الْفَرَائِضِ، وَقَدْ يَخْتَارُ تَأْخِيرَهَا كَمَنْ حَضَرَ، وَالصَّلَاةُ تُقَامُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ. (فَصْلٌ يَحْصُلُ الْوِتْرُ بِرَكْعَةٍ وَبِالْأَوْتَارِ إلَى إحْدَى عَشْرَةَ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ فَأَقَلُّهُ وَاحِدَةٌ وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ وَأَكْمَلُ مِنْهُ خَمْسٌ، ثُمَّ سَبْعٌ، ثُمَّ تِسْعٌ ثُمَّ إحْدَى عَشْرَةَ، وَهِيَ أَكْثَرُهُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ عَائِشَةَ «مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» (وَلَا تَصِحُّ زِيَادَةٌ) عَلَيْهَا كَسَائِرِ الرَّوَاتِبِ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَصِحَّ وِتْرُهُ بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ صَحَّ إلَّا الْإِحْرَامَ السَّادِسَ فَلَا يَصِحُّ وِتْرًا، ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَ، فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا كَإِحْرَامِهِ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ غَالِطًا وَقِيلَ أَكْثَرُ الْوِتْرِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَفِيهِ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ تَأَوَّلَهَا الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ مُبَاعِدٌ لِلْأَخْبَارِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَأَنَا أَقْطَعُ بِحِلِّ الْإِيتَارِ بِذَلِكَ وَصِحَّتِهِ، لَكِنِّي أُحِبُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ غَالِبُ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَلَوْ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ مَوْصُولَةٍ فَأَكْثَرَ وَتَشَهَّدَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، أَوْ) فِي (الْأَخِيرَةِ جَازَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (لَا) إنْ تَشَهَّدَ (فِي غَيْرِهِمَا) فَقَطْ أَوْ مَعَهُمَا، أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَصْرَ لِرَكَعَاتِهِ وَتَشَهُّدَاتِهِ (وَالْفَصْلُ) وَلَوْ (بِوَاحِدَةٍ) أَفْضَلُ   [حاشية الرملي الكبير] وَلِأَنَّهُمَا تَبَعٌ لِلصُّبْحِ، وَالْوِتْرَ تَبَعٌ لِلْعِشَاءِ. وَالصُّبْحُ آكَدُ مِنْ الْعِشَاءِ. (قَوْلُهُ: رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ) لَهُ فِي نِيَّتِهِمَا عَشْرُ كَيْفِيَّاتٍ: سُنَّةَ الصُّبْحِ، سُنَّةَ الْفَجْرِ، سُنَّةَ الْبَرْدِ، سُنَّةَ الْوُسْطَى، سُنَّةَ الْغَدَاةِ، وَلَهُ أَنْ يَحْذِفَ لَفْظَ السُّنَّةِ وَيُضِيفَهُ؛ فَيَقُولَ: رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ، رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، رَكْعَتَيْ الْبَرْدِ، رَكْعَتَيْ الْوُسْطَى، رَكْعَتَيْ الْغَدَاةِ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ» إلَخْ) فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ أَنَّ كِبَارَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ لَهُمَا إذَا أُذِّنَ لِلْمَغْرِبِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَحْسِبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ لِكَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا. نَعَمْ إنْ أَدَّى الِاشْتِغَالُ بِهِمَا إلَى عَدَمِ إدْرَاكِ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ، فَالْقِيَاسُ تَأْخِيرُهُمَا إلَى مَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ) وَيَنْوِي بِمَا قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَمَا بَعْدَهَا سُنَّةَ الْجُمُعَةِ، وَعَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ أَنَّهُ يَنْوِي بِاَلَّتِي قَبْلَهَا سُنَّةَ الظُّهْرِ وَبِاَلَّتِي بَعْدَهَا سُنَّةَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ مِنْ اسْتِكْمَالِ شُرُوطِهَا (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» ) وَخَبَرُ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «مَا مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ إلَّا وَبَيْنَ يَدَيْهَا رَكْعَتَانِ» (قَوْلُهُ: وَلَا تُقَدَّمُ الرَّوَاتِبُ اللَّاحِقَةُ مِنْ فَائِتَةِ الْعِشَاءِ) هَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ قَبْلَ قَضَائِهَا؟ حَكَى الْقَمُولِيِّ فِيهِ وَجْهَيْنِ وَهُمَا غَرِيبَانِ د هَلْ يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ فِي الْفَرَائِضِ، وَالسُّنَنِ الَّتِي تُؤَخَّرُ عَنْهَا فِي الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْأَدَاءِ، أَوْ لَا؟ قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ: الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ فِي الْقَضَاءِ كَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْأَدَاءِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ حَكَى الْقَمُولِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ قَالَ شَيْخُنَا: أَصَحُّهُمَا لَا. [فَصْلٌ صَلَاة الْوِتْرُ] (قَوْلُهُ وَبِالْأَوْتَارِ إلَى إحْدَى عَشْرَةَ) شَمِلَ مَا لَوْ أَتَى بِبَعْضِ الْوِتْرِ، ثُمَّ تَنَفَّلَ، ثُمَّ أَتَى بِبَاقِيهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَتَى بِبَعْضِ الْوِتْرِ، ثُمَّ تَنَفَّلَ، ثُمَّ أَكْمَلَهُ أَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ، فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْفَصْلُ وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ أَفْضَلُ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَهُوَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَكَتَبَ أَيْضًا بِالسَّلَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا أَوْتَرَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ فَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 مِنْ الْوَصْلِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ إخْبَارًا وَعَمَلًا (ثُمَّ الْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ أَفْضَلُ) مِنْهُ بِتَشَهُّدَيْنِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَوَرَدَ «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ وَلَا تُشَبِّهُوا الْوِتْرَ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ (وَثَلَاثٌ مَوْصُولَةٌ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَةٍ) لِزِيَادَةِ الْعِبَادَةِ بَلْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إنَّ الْإِيتَارَ بِرَكْعَةٍ مَكْرُوهٌ. (فَرْعٌ وَوَقْتُ الْوِتْرِ، وَالتَّرَاوِيحِ مِنْ بَعْدِ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ) وَإِنْ جَمَعَهَا تَقْدِيمًا (إلَى الْفَجْرِ الثَّانِي) لِنَقْلِ الْخَلْفِ عَنْ السَّلَفِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ خَبَرَ «إنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، وَهِيَ الْوِتْرُ فَجَعَلَهَا لَكُمْ مِنْ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ» قَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَوَقْتُهُ الْمُخْتَارُ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ إلَى نِصْفِهِ، أَوْ ثُلُثِهِ، وَالْأَقْرَبُ مِنْهُمَا أَنْ يُقَالَ إلَى بُعَيْدِ ذَلِكَ لِيُجَامِعَ وَقْتَ الْعِشَاءِ الْمُخْتَارَ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِمْ يُسَنُّ جَعْلُهُ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ التَّهَجُّدَ فِي النِّصْفِ الثَّانِي أَفْضَلُ فَكَيْفَ يَكُونُ تَأْخِيرُهُ مُسْتَحَبًّا وَوَقْتُهُ الْمُخْتَارُ إلَى مَا ذُكِرَ، وَحَمَلَ الْبُلْقِينِيُّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا يُرِيدُ التَّهَجُّدَ وَأَمَّا وَقْتُ التَّرَاوِيحِ الْمُخْتَارُ، فَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا (وَإِنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَأَوْتَرَ فَبَانَ بُطْلَانُ عِشَائِهِ لَمْ يَصِحَّ وِتْرُهُ) تَبَعًا لِلْعِشَاءِ (وَكَانَ نَافِلَةً) كَمَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ غَالِطًا (وَلَوْ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا نَفْلٌ) مِنْ سُنَّةِ الْعِشَاءِ وَغَيْرِهَا (صَحَّ) وَيَكْفِي كَوْنُهُ فِي نَفْسِهِ وِتْرًا، أَوْ مُوتِرًا لِمَا قَبْلَهُ فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا (وَالْمُسْتَحَبُّ) جَعْلُهُ (آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَلَوْ نَامَ قَبْلَهُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» هَذَا (إنْ اعْتَادَ الْقِيَامَ) أَيْ التَّهَجُّدَ، وَهُوَ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْهُجُودِ أَيْ النَّوْمِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (وَإِلَّا فَبُعَيْدَ سُنَّةِ الْعِشَاءِ) يَجْعَلُهُ وَقَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا إذَا لَمْ يَثِقْ بِتَيَقُّظِهِ آخِرَ اللَّيْلِ وَإِلَّا فَتَأْخِيرُهُ أَفْضَلُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ آخِرَ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ» ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُهُ أَيْضًا «بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالْوِتْرِ» وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَوْصَانِي خَلِيلِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلَاثٍ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَثِقْ بِتَيَقُّظِهِ آخِرَ اللَّيْلِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ (وَلَوْ أَوْتَرَ ثُمَّ قَامَ) أَيْ تَهَجَّدَ (لَمْ يُعِدْهُ) لِخَبَرِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَالْوِتْرُ نَفْسُهُ تَهَجُّدٌ) إنْ فَعَلَهُ بَعْدَ النَّوْمِ، فَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَهُ كَانَ وِتْرًا لَا تَهَجُّدًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا سَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ مِنْ تَغَايُرِهِمَا (وَلَا تُسْتَحَبُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ) كَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ (إلَّا تَبَعًا لِلتَّرَاوِيحِ) أَيْ لِاسْتِحْبَابِهَا فِيهَا فَتُسْتَحَبُّ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ صُلِّيَتْ التَّرَاوِيحُ فُرَادَى، أَوْ لَمْ تُصَلَّ، فَإِنْ أَرَادَ تَهَجُّدًا بَعْدَهَا أَخَّرَ الْوِتْرَ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ صَلَّى نَافِلَةً مُطْلَقَةً وَأَوْتَرَ آخِرَ اللَّيْلِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ قَنَتَ فِيهِ فِي غَيْرِ النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، أَوْ تَرَكَهُ فِيهِ) أَيْ فِي النِّصْفِ الْمَذْكُورِ (كُرِهَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) كَقُنُوتِ الصُّبْحِ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ فِي الْأُولَى إذَا لَمْ يَطُلْ بِهِ الِاعْتِدَالُ، أَوْ كَانَ سَهْوًا وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَقُنُوتُهُ) أَيْ الْوِتْرِ (كَالصُّبْحِ) أَيْ كَقُنُوتِهِ لَفْظًا وَمَحَلًّا وَجَهْرًا وَإِسْرَارًا وَغَيْرَهَا وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ مَعَ زِيَادَةٍ (وَيُتْبِعُهُ) اسْتِحْبَابًا (بِقُنُوتِ عُمَرَ) ، وَهُوَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك وَنَسْتَهْدِيك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ نُسْرِعُ نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخْشَى عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الْحَقَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ لَاحِقٌ بِهِمْ فَهُوَ كَأَنْبَتَ الزَّرْعُ بِمَعْنَى نَبَتَ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْحَقَهُ بِهِمْ اللَّهُمَّ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ أَيْ يَمْنَعُونَ عَنْ سَبِيلِك وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَك وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَك أَيْ أَنْصَارَك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ، وَالْمُسْلِمَاتِ وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ أَيْ أُمُورَهُمْ وَمُوَاصَلَاتِهِمْ وَأَلِّفْ أَيْ اجْمَعْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِمْ الْإِيمَانَ، وَالْحِكْمَةَ، وَهِيَ كُلُّ مَا مَنَعَ الْقَبِيحَ وَثَبِّتْهُمْ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِك وَأَوْزِعْهُمْ أَيْ أَلْهِمْهُمْ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِك الَّذِي عَاهَدْتهمْ عَلَيْهِ وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّك وَعَدُوِّهِمْ إلَهَ الْحَقِّ وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ قَالَ الرُّويَانِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَيَزِيدُ فِيهِ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إلَى آخِرِ السُّورَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ وَتَعَقَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَقَالَ وَمَا قَالَهُ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ، وَالْمَشْهُورُ كَرَاهَةُ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قُلْت إنَّمَا يَأْتِي بِهِ عَلَى قَصْدِ الدُّعَاءِ لَا عَلَى قَصْدِ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَحْسُنُ مَا ذَكَرَهُ وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْقُنُوتِ لَفْظٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَحَسَنٌ أَنْ يَدْعُوَ بِأَدْعِيَةِ الْقُرْآنِ   [حاشية الرملي الكبير] دُونَهَا، فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْفَصْلَ أَفْضَلُ مِنْ الْوَصْلِ وَأَنَّ التَّسْلِيمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْفَصْلِ بِأَكْثَرَ مِنْهُمَا وَحَكَى فِي الْبَيَانِ وَجْهًا أَنَّ الْأَفْضَلَ الْوَصْلُ إلَّا أَنْ تَكُونَ رَكْعَتَانِ لِصَلَاةٍ وَرَكْعَةٌ لِلْوِتْرِ، فَالْأَفْضَلُ الْفَصْلُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ غَرِيبٌ يُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْوِتْرِ وَغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْوِتْرِ وَغَيْرِهِ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي النِّيَّةِ الْوَاحِدَةِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ لَا تَتَأَدَّى إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ حُجَّةٌ لَهُ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا نَوَى بِاثْنَتَيْنِ مُقَدِّمَةَ الْوِتْرِ وَبِالثَّالِثَةِ الْوِتْرَ وَوَقْتُ الْوِتْرِ، وَالتَّرَاوِيحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ) بِأَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَأَوْتَرَ بَعْدَهُمَا بِرَكْعَةٍ، أَوْ وَصْلٍ مَا عَدَا الْأَخِيرَةَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَكْثَرُ أَخْبَارًا وَعَمَلًا) وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ، وَالْوِتْرِ بِالتَّسْلِيمِ» (قَوْلُهُ: وَثَلَاثَةٌ مَوْصُولَةٌ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَةٍ) وَكَثِيرُ عَدَدِهِ مَوْصُولًا أَفْضَلُ مِنْ قَلِيلِهِ مَفْصُولًا [فَرْعٌ وَوَقْتُ الْوِتْرِ وَالتَّرَاوِيحِ] (قَوْلُهُ:، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ) وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (قَوْلُهُ: إنْ فَعَلَهُ بَعْدَ نَوْمٍ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وُقُوعُهُ بَعْدَ وَقْتِ الْعِشَاءِ. اهـ. يَعْنِي بَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ فِي الْأُولَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُتْبِعُهُ بِقُنُوتِ عُمَرَ مُنْفَرِدٌ) وَإِمَامُ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ (قَوْلُهُ: الْجِدَّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ، أَمَّا بِفَتْحِهَا، فَالْعَظَمَةُ، وَالْحَظُّ، وَبِضَمِّهَا الرَّجُلُ الْعَظِيمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 قَاصِدًا الدُّعَاءَ وَقَدَّمَ قُنُوتَ الصُّبْحِ عَلَى قُنُوتِ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْوِتْرِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ) بَدَلَ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ (عَذِّبْ الْكَفَرَةَ لِيَعُمَّ) كُلَّ كَافِرٍ (وَأَنْ يَقْرَأَ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (فِي) الرَّكَعَاتِ (الثَّلَاثِ) إذَا أَوْتَرَ بِهَا (سَبِّحْ) اسْمَ رَبِّك فِي الْأُولَى (ثُمَّ) قُلْ يَا أَيُّهَا (الْكَافِرُونَ) فِي الثَّانِيَةِ (ثُمَّ الْإِخْلَاصُ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ) فِي الثَّالِثَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْوِتْرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ وَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِمُعَافَاتِك مِنْ عُقُوبَتِك وَأَعُوذُ بِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك. (وَأَقَلُّ الضُّحَى رَكْعَتَانِ) لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يُصَلِّيهِمَا مِنْ الضُّحَى» وَأَدْنَى الْكَمَالِ أَرْبَعٌ وَأَكْمَلُ مِنْهُ سِتٌّ (وَأَكْثَرُهُ) الْأَنْسَبُ بِمَا يَأْتِي وَأَكْثَرُهَا (ثَمَانٌ يُسَلِّمُ) نَدْبًا كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ (مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا هَذَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَفْضَلُهَا ثَمَانٌ وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ وَاقْتَصَرَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ مِنْ أَنَّ أَكْثَرَهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ لِخَبَرِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنْ صَلَّيْت الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ لَمْ تُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ، أَوْ أَرْبَعًا كُتِبْت مِنْ الْمُحْسِنِينَ، أَوْ سِتًّا كُتِبْت مِنْ الْقَانِتِينَ، أَوْ ثَمَانِيًا كُتِبْت مِنْ الْفَائِزِينَ، أَوْ عَشْرًا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْك ذَلِكَ الْيَوْمَ ذَنْبٌ، أَوْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ بَنَى اللَّهُ لَك بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ فِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا قَدَّمْته فَظَهَرَ أَنْ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمِنْهَاجِ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ اهـ. فَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَنْ كَلَامِ الْأَصْلِ لِذَلِكَ (وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى الِاسْتِوَاءِ) كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ، وَالْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ وَخَالَفَ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَقْتُ الضُّحَى مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ارْتِفَاعِهَا أَيْ كَالْعِيدِ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي مُرَّةَ الطَّائِفِيِّ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «قَالَ اللَّهُ ابْنَ آدَمَ صَلِّ لِي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ نَهَارِك أَكْفِك آخِرَهُ» ، لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَقْلُ ذَلِكَ عَنْ الْأَصْحَابِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ. قَالَ: وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ خَبَرُ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ (وَالِاخْتِيَارُ) فِعْلُهَا (عِنْدَ مُضِيِّ رُبْعِ النَّهَارِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ تَبْرُكُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي أَخْفَافِهَا؛ وَلِئَلَّا يَخْلُوَ كُلُّ رُبْعٍ مِنْ النَّهَارِ عَنْ عِبَادَةٍ. (وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ رَكْعَتَانِ لِكُلِّ دُخُولٍ لَهُ وَلَوْ تَقَارَبَ) مَا بَيْنَ الدُّخُولَيْنِ؛ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» وَمِنْ ثَمَّ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ مِنْ غَيْرِ تَحِيَّةٍ بِلَا عُذْرٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي سَنِّهَا بَيْنَ مُرِيدِ الْجُلُوسِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ الشَّيْخُ نَصْرٌ لِمُرِيدِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ مُعَلَّقٌ عَلَى مُطْلَقِ الدُّخُولِ تَعْظِيمًا لِلْبُقْعَةِ وَإِقَامَةً لِلشَّعَائِرِ كَمَا يُسَنُّ لِدَاخِلِ مَكَّةَ الْإِحْرَامُ سَوَاءٌ أَرَادَ الْإِقَامَةَ بِهَا أَمْ لَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ إذَا أَتَى بِسَلَامٍ وَاحِدٍ وَتَكُونُ كُلُّهَا تَحِيَّةً لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَتَحْصُلُ التَّحِيَّةُ بِفَرِيضَةٍ (وَوَرَدَ وَسُنَّةٍ) ، وَإِنْ لَمْ تُنْوَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا أَنْ لَا يُنْتَهَكَ الْمَسْجِدُ بِلَا صَلَاةٍ بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدِ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ، نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنْ لَا يَحْصُلَ فَضْلُهَا إلَّا إذَا نُوِيَتْ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: إنَّهُ الْقِيَاسُ (لَا بِرَكْعَةٍ) وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ، أَوْ شُكْرٍ (وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَيُكْرَهُ الِاشْتِغَالُ بِهَا عَنْ الْجَمَاعَةِ) كَأَنْ قَرُبَتْ إقَامَتُهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا بِقَوْلِهِ وَتُكْرَهُ التَّحِيَّةُ إذَا دَخَلَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إذَا أَوْتَرَ بِهَا) ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} [الأعلى: 1] فِي الْأُولَى) قَالَ فِي الْأَذْكَارِ، فَإِنْ نَسِيَ سَبِّحْ فِي الْأُولَى أَتَى بِهَا مَعَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] فِي الثَّانِيَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ نَسِيَ فِي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ أَتَى بِهَا فِي الثَّالِثَةِ مَعَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ، وَالْمَجْمُوعِ) وَالتَّحْقِيقِ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقُ إلَى الزَّوَالِ (قَوْلُهُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَقْتُ الضُّحَى مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ) لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فَهُوَ وَجْهٌ غَرِيبٌ، أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ غ وَكَتَبَ أَيْضًا وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْقَلَمِ لَفْظَةُ " بَعْضُ " قَبْلَ أَصْحَابِنَا وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ حِكَايَةَ وَجْهٍ بِذَلِكَ كَالْأَصَحِّ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَإِنْ لَمْ يَحْكِهِ فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ، وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ لِمَعْنَى الضُّحَى وَهُوَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ حِينَ تُشْرِقُ الشَّمْسُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَمِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ وَوَقْتُهَا إذَا أَشْرَقَتْ الشَّمْسُ إلَى الزَّوَالِ أَيْ أَضَاءَتْ وَارْتَفَعَتْ بِخِلَافِ شَرَقَتْ فَمَعْنَاهُ طَلَعَتْ (قَوْلُهُ: وَالِاخْتِيَارُ عِنْدَ مُضِيِّ رُبُعِ النَّهَارِ) قَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَهَا وَبِهِ أَفْتَيْت. (قَوْلُهُ: وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) شَمِلَ ذَلِكَ الْمَسَاجِدَ الْمُتَلَاصِقَةَ قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ مَسْجِدًا وَبَعْضُهُ غَيْرَ مَسْجِدٍ وَهُوَ مَشَاعٌ فَتُسَنُّ فِيهِ التَّحِيَّةُ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي بَابِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي سَنِّهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ رَأَيْت فِي تَصَانِيفِ بَعْضِ الْأَقْدَمِينَ الْجَزْمَ بِاسْتِحْبَابِ التَّحِيَّةِ لِمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِ الْمُرُورِ انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ) أَيْ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ قَالَ إنَّهُ الْقِيَاسُ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِحُصُولِ فَضْلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَنْوِ وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ، أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيهِ قَالَ فِي الشَّامِلِ الصَّغِيرِ وَتُنْدَبُ رَكْعَتَانِ بَعْدَ وُضُوءٍ وَطَوَافٍ وَدُخُولِ مَنْزِلٍ وَتَوْبَةٍ وَقَبْلَهَا وَقَبْلَ خُرُوجٍ وَإِحْرَامٍ وَاسْتِخَارَةٌ وَتَحْصُلُ الثَّمَانِيَةُ بِكُلِّ صَلَاةٍ زَادَتْ عَلَى رَكْعَةٍ انْتَهَى قَالَ الكوهيكلوني وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِهِمْ، وَكَذَا يَحْصُلُ كُلُّ الْأَجْرِ (هـ) (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الِاشْتِغَالُ بِهَا عَنْ الْجَمَاعَةِ) لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَالْإِمَامُ يُصَلِّيَ جَمَاعَةً فِي نَافِلَةٍ كَالْعِيدِ فَفِي اسْتِحْبَابِ التَّحِيَّةِ وَجْهَانِ فِي الْفُرُوقِ لِابْنِ جَمَاعَةَ الْمَقْدِسِيَّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ مَنْ دَخَلَ، وَالْإِمَامُ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ بِأَنَّ فَضْلَ الْفَرِيضَةِ فِي الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ انْتَهَى فَيُصَلِّي تِلْكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ، أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ. اهـ. مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 وَالْإِمَامُ فِي الْمَكْتُوبَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّاخِلُ قَدْ صَلَّى، فَإِنْ صَلَّى جَمَاعَةً لَمْ تُكْرَهْ التَّحِيَّةُ، أَوْ فُرَادَى، فَالْمُتَّجَهُ الْكَرَاهَةُ (وَ) يُكْرَهُ الِاشْتِغَالُ بِهَا (عَنْ الطَّوَافِ لِدَاخِلِ الْحَرَمِ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَهَمُّ حِينَئِذٍ مَعَ انْدِرَاجِهَا تَحْتَ رَكْعَتَيْهِ، وَكَذَا إذَا خَافَ فَوَاتَ رَاتِبِهِ (وَتَفُوتُ بِجُلُوسِهِ) قَبْلَ فِعْلِهَا، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ إلَّا إذَا جَلَسَ سَهْوًا وَقَصُرَ الْفَصْلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدَانَ وَاسْتَغْرَبَهُ، لَكِنَّهُ أَيَّدَهُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِسُلَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ لَمَّا قَعَدَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ» إذْ مُقْتَضَاهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا جَهْلًا أَوْ سَهْوًا شُرِعَ لَهُ فِعْلُهَا إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ فِي الْإِحْيَاءِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَإِنْ دَخَلَ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ رَكْعَتَيْنِ فِي الْفَضْلِ وَفِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ صَلَاةِ التَّحِيَّةِ لِحَدَثٍ، أَوْ شُغْلٍ وَنَحْوِهِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِهِ زَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. (وَتُسَنُّ رَكْعَتَانِ لِلْإِحْرَامِ) بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ مُطْلَقًا (وَ) رَكْعَتَانِ (بَعْدَ الطَّوَافِ) لِمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِمَا (وَ) رَكْعَتَانِ بَعْدَ (الْوُضُوءِ) كَمَا مَرَّ مَعَ دَلِيلِهِ فِي بَابِهِ (يَنْوِي بِكُلٍّ) مِنْ الثَّلَاثَةِ (سُنَّتَهُ) نَدْبًا عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَيَحْصُلُ كُلٌّ مِنْهَا بِمَا تَحْصُلُ بِهِ التَّحِيَّةُ (وَرَكْعَتَا الِاسْتِخَارَةِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُك بِعِلْمِك وَأَسْتَقْدِرُك بِقُدْرَتِك وَأَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك الْعَظِيمِ فَإِنَّك تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ وَفِي رِوَايَةٍ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ.» قَالَ النَّوَوِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَبِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ وَلَوْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ اسْتَخَارَ بِالدُّعَاءِ وَإِذَا اسْتَخَارَ مَضَى بَعْدَهَا لِمَا يَنْشَرِحُ لَهُ صَدْرُهُ (وَ) رَكْعَتَا (الْحَاجَةِ) لِخَبَرِ «مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إلَى اللَّهِ، أَوْ أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُحْسِنْ الْوُضُوءَ، ثُمَّ لِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لِيُثْنِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لْيَقُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَسْأَلُك مُوجِبَاتِ رَحْمَتِك وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِك، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إثْمٍ لَا تَدَعْ لِي ذَنْبًا إلَّا غَفَرْته وَلَا هَمًّا إلَّا فَرَّجْته وَلَا حَاجَةً هِيَ لَك رِضًا إلَّا قَضَيْتهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ وَاقْتَصَرَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى حَدِيثِهَا وَتَضْعِيفِهِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِحُكْمِهَا وَفِي التَّحْقِيقِ لَا تُكْرَهُ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُهَا ضَعِيفًا إذْ لَا تَغْيِيرَ فِيهَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَنُقِلَ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ وَسَكَتَ عَلَيْهِ (وَ) رَكْعَتَانِ (عِنْدَ الْقَتْلِ) إنْ أَمْكَنَ لِقِصَّةِ خُبَيْبِ الْمَشْهُورَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ (وَ) رَكْعَتَانِ عِنْدَ (التَّوْبَةِ) لِخَبَرِ «لَيْسَ عَبْدٌ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَقُومُ فَيَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَّا غَفَرَ لَهُ.» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَ) رَكْعَتَانِ عِنْدَ (الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ وَ) عِنْدَ (دُخُولِهِ) لَهُ قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ قَالَ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عِنْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ قَالَ: وَهِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ} [ص: 18] أَيْ يُصَلِّينَ وَجَعَلَهَا غَيْرَ الضُّحَى، لَكِنْ ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ صَلَاةً الْإِشْرَاقِ هِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ، وَهِيَ صَلَاةُ الضُّحَى وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِخَبَرِ «لَا يُحَافِظُ عَلَى صَلَاةِ الضُّحَى إلَّا أَوَّابٌ، وَهِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَرَكْعَتَانِ عَقِبَ الْأَذَانِ (وَ) رَكْعَتَانِ (فِي الْمَسْجِدِ لِلْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ يَبْدَأُ بِهِمَا) قَبْلَ دُخُولِهِ مَنْزِلَهُ وَيَكْتَفِي بِهِمَا عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ دُخُولِهِ مَنْزِلَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِحْيَاءِ (وَصَلَاةُ التَّسْبِيحِ، وَهِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ) يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً وَفِي كُلٍّ مِنْ الرُّكُوعِ، وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَكُلٍّ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ، وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا، وَالْجُلُوسِ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ السَّجْدَةِ.   [حاشية الرملي الكبير] النَّافِلَةُ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَتَحْصُلُ بِهَا التَّحِيَّةُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إلَخْ) الْمُتَّجَهُ الْكَرَاهَةُ لَهُ إذَا أَرَادَ إعَادَتَهَا فِي الْجَمَاعَةِ وَقَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ فِيمَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الثَّانِيَةَ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا بِخِلَافِ التَّحِيَّةِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلرَّجُلَيْنِ «إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَدْرَكْتُمَا جَمَاعَةً فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» وَهُوَ يَدُلُّ بِالْعُمُومِ وَتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَفِي جَمَاعَةٍ وَأَيْضًا إذَا تَرَكَ الْجَمَاعَةَ وَصَلَّى التَّحِيَّةَ رُبَّمَا يُسَاءُ بِهِ الظُّنُونُ وَرُبَّمَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الصُّفُوفِ، وَقَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ الْكَرَاهَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَتَفُوتُ بِجُلُوسِهِ) سُئِلْت عَمَّنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَصَلَّى تَحِيَّتَهُ جَالِسًا هَلْ تَحْصُلُ لَهُ أَمْ لَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ إنْ شَرَعَ فِيهَا قَائِمًا، ثُمَّ جَلَسَ حَصَلَتْ، وَإِنْ جَلَسَ مُتَعَمِّدًا، ثُمَّ شَرَعَ فِيهَا لَمْ تَحْصُلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ ع إذَا جَلَسَ لِيَأْتِيَ بِهَا جَالِسًا فَأَتَى بِهَا حَصَلَتْ إذْ لَيْسَ لَنَا نَافِلَةٌ يَجِبُ التَّحَرُّمُ بِهَا قَائِمًا وَحَدِيثُهَا خُرِّجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَلِهَذَا لَا تَفُوتُ بِجُلُوسٍ قَصِيرٍ نِسْيَانًا، أَوْ جَهْلًا (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدَانَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ انْتَهَى وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَاسْتَمَرَّ قَائِمًا حَتَّى طَالَ الْفَصْلُ فَاتَتْهُ أَيْضًا وَذِكْرُهُمْ الْجُلُوسَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَهَا غَيْرَ الضُّحَى) وَلِهَذَا قَالَ فِي الْعُبَابِ وَرَكْعَتَا الْإِشْرَاقِ غَيْرُ الضُّحَى (قَوْلُهُ وَهِيَ صَلَاةُ الضُّحَى إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 الثَّانِيَةِ عَشْرَ مَرَّاتٍ فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ مَرَّةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَّمَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَصَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَفِيهِ «إنْ اسْتَطَعْت أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً فَافْعَلْ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي عُمُرِك مَرَّةً» وَفِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ «فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُك مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ، أَوْ رَمْلِ عَالِجٍ غَفَرَ اللَّهُ لَك» وَصَلَاةُ التَّسْبِيحِ أَشَارَ إلَيْهَا الْأَصْلُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَهُوَ مَا أَفْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَرَى عَلَيْهِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ إنَّهَا سُنَّةٌ، وَإِنَّ حَدِيثَهَا حَسَنٌ وَلَهُ طُرُقٌ يُعَضِّدُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيُعْمَلُ بِهِ وَلَا سِيَّمَا فِي الْعِبَادَاتِ، وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ اللُّغَاتِ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ نَقْلِ اسْتِحْبَابِهَا عَنْ جَمْعٍ وَفِي هَذَا الِاسْتِحْبَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حَدِيثَهَا ضَعِيفٌ وَفِيهَا تَغْيِيرٌ لِنَظْمِ الصَّلَاةِ الْمَعْرُوفِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُفْعَلَ، وَكَذَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ حَدِيثُهَا ضَعِيفٌ وَقَالَ فِي أَذْكَارِهِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَإِنْ صَلَّاهَا لَيْلًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ صَلَّى نَهَارًا، فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُسَلِّمْ. (وَصَلَاةُ الْأَوَّابِينَ) وَتُسَمَّى صَلَاةُ الْغَفْلَةِ لِغَفْلَةِ النَّاسِ عَنْهَا وَاشْتِغَالِهِمْ بِغَيْرِهَا مِنْ عِشَاءٍ وَنَوْمٍ وَغَيْرِهِمَا (وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ) قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ كُتِبَتْ لَهُ عِبَادَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً» وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّيهَا وَيَقُولُ هَذِهِ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ» وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِنْ خَبَرِ الْحَاكِمِ السَّابِقِ أَنَّ صَلَاةَ الْأَوَّابِينَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ هَذِهِ وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَهَذِهِ، وَالصَّلَاةِ عِنْدَ الْقَتْلِ مَعَ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهَا، وَبَيَانُ عَدَدِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ أَنَّهُ تُسَنُّ رَكْعَتَانِ عَقِبَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ، وَتُسَنُّ أَيْضًا صَلَوَاتٌ أُخَرُ مِنْهَا إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُوَدِّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَمِنْهَا إذَا دَخَلَ أَرْضًا لَا يُعْبَدُ اللَّهُ فِيهَا كَدَارِ الشِّرْكِ يُسَنُّ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهَا إذَا مَرَّ بِأَرْضٍ لَمْ يَمُرَّ بِهَا قَطُّ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهَا إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَزُفَّتْ إلَيْهِ يُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ الْوِقَاعِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمِنْ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ صَلَاةُ الرَّغَائِبِ ثِنْتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ لَيْلَةَ أَوَّلِ جُمُعَةِ رَجَبٍ وَصَلَاةُ لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ مِائَةُ رَكْعَةٍ وَلَا يُغْتَرُّ بِمَنْ ذَكَرَهُمَا. (فَصْلٌ لَا حَصْرَ فِي التَّطَوُّعَاتِ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا) مِنْ وَقْتٍ وَغَيْرِهِ أَيْ لَا حَصْرَ لِأَعْدَادِهَا وَلَا لِرَكَعَاتِ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي ذَرٍّ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مَوْضُوعٌ اسْتَكْثِرْ مِنْهَا، أَوْ أَقِلَّ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا (فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِرَكْعَةٍ وَبِمِائَةٍ) مَثَلًا (وَفِي كَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى رَكْعَةٍ) فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إذَا نَذَرَ صَلَاةً لَا يَكْفِيهِ رَكْعَةٌ، وَالثَّانِي لَا بَلْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ الَّذِي يَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالشُّرُوعِ رَكْعَتَانِ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا) وَعَلِمَ، أَوْ (جَهِلَ كَمْ صَلَّى جَازَ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِمَا رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ صَلَّى عَدَدًا كَثِيرًا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لَهُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ هَلْ تَدْرِي انْصَرَفْت عَلَى شَفْعٍ، أَوْ عَلَى وِتْرٍ فَقَالَ إنْ لَا أَكُنْ أَدْرِي فَإِنَّ اللَّهَ يَدْرِي (فَإِنْ نَوَى عَدَدًا فَلَهُ أَنْ يَنْوِيَ الزِّيَادَةَ) عَلَيْهِ (وَالنُّقْصَانَ) عَنْهُ، وَالْعَدَدُ عِنْدَ النُّحَاةِ مَا وُضِعَ لِكَمِّيَّةِ الشَّيْءِ، فَالْوَاحِدُ عَدَدٌ فَتَدْخُلُ فِيهِ الرَّكْعَةُ، وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْحُسَّابِ: مَا سَاوَى نِصْفَ مَجْمُوعِ حَاشِيَتَيْهِ الْقَرِيبَتَيْنِ، أَوْ الْبَعِيدَتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، فَالْوَاحِدُ لَيْسَ بِعَدَدٍ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الرَّكْعَةُ، لَكِنَّهَا تَدْخُلُ فِي حُكْمِهِ هُنَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ التَّغْيِيرُ بِالزِّيَادَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَفِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قِيلَ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ أَوْلَى وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَغْيِيرَهَا بِالنَّقْصِ مُمْتَنِعٌ (فَإِنْ نَوَى أَرْبَعًا وَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، أَوْ) مِنْ (رَكْعَةٍ، أَوْ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ عَامِدًا قَبْلَ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ مَا نَوَاهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَةَ صَلَاةٌ ثَانِيَةٌ فَتَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْمُصَلِّي مُتَيَمِّمًا وَرَأَى الْمَاءَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الزِّيَادَةُ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ (وَلَوْ قَامَ) إلَيْهَا (نَاسِيًا) فَتَذَكَّرَ (وَأَرَادَ الزِّيَادَةَ) ، أَوْ لَمْ يُرِدْهَا (لَزِمَهُ الْعَوْدُ) إلَى الْقُعُودِ؛ لِأَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ سَهْوًا لَغْوٌ، ثُمَّ أَتَى إنْ شَاءَ بِمُرَادِهِ بَعْدَ نِيَّتِهِ لَهُ فِي الْأُولَى وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْبَعِ فِي الثَّانِيَةِ (وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) فِيهِمَا آخِرَ صَلَاتِهِ لِزِيَادَةِ الْقِيَامِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُتِمَّ الْقِيَامَ، لَكِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ صَارَ   [حاشية الرملي الكبير] وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً إلَخْ) وَرُوِيَتْ سِتًّا وَأَرْبَعًا وَرَكْعَتَيْنِ وَهُمَا الْأَقَلُّ [فَصْلٌ التَّطَوُّعَاتِ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا] (قَوْلُهُ: مِنْ وَقْتٍ وَغَيْرِهِ) خَرَجَ بِهِ الْوِتْرُ وَسَائِرُ النَّوَافِلِ كَالرَّوَاتِبِ مَعَ الْفَرَائِضِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِوَقْتٍ، أَوْ سَبَبٍ؛ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا الزِّيَادَةُ، وَالنَّقْصُ الْمَذْكُورَانِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا بَلْ قَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْحُسَّابِ مَا سَاوَى إلَخْ) بِمَعْنَى أَنْ تَأْخُذَ مَا قَبْلَهُ فَتُضِيفَهُ إلَى مَا بَعْدَهُ فَمَا اجْتَمَعَ فَاَلَّذِي بَيْنَهُمَا نِصْفُ مَا اجْتَمَعَ وَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الْوَاحِدِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَإِنْ زَادَ رَكْعَتَيْنِ سَهْوًا ثُمَّ نَوَى زِيَادَةَ عَدَدٍ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ إكْمَالَ أَرْبَعٍ (لَمْ تُحْسَبَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَدَدِ لِمَا مَرَّ فَيَأْتِي بِمَا نَوَاهُ إنْ شَاءَ (وَمَنْ نَوَى عَدَدًا فَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَشَهُّدٍ آخِرَ صَلَاتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفَرِيضَةِ جَازَ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا التَّشَهُّدُ (رُكْنٌ) كَسَائِرِ التَّشَهُّدَاتِ الْأَخِيرَةِ (وَلَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ) بِلَا سَلَامٍ (بَيْنَ) يَعْنِي فِي (كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) كَمَا فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَفِي كُلِّ ثَلَاثٍ، أَوْ أَكْثَرَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ فِي الْفَرَائِضِ فِي الْجُمْلَةِ (لَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ اخْتِرَاعُ صُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تُعْهَدْ (وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ لِخَبَرِ «صَلَاةُ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» صَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْخَطَّابِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ (وَأَنْ يَقْرَأَ السُّورَةَ فِيمَا) أَيْ فِي الرَّكَعَاتِ الَّتِي (قَبْلَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ) إذَا صَلَّى بِتَشَهُّدَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا فِي الْفَرِيضَةِ، فَإِنْ صَلَّى بِتَشَهُّدٍ قَرَأَهَا فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ يَقْضِي) نَدْبًا (مِنْ النَّوَافِلِ مَا لَهُ وَقْتٌ) مَخْصُوصٌ، وَإِنْ لَمْ يُشْرَعْ لَهُ جَمَاعَةٌ (كَالْعِيدِ، وَالضُّحَى وَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ) طَالَ الزَّمَانُ، أَوْ قَصُرَ لِعُمُومِ خَبَرِ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ، أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى بَعْدَ الشَّمْسِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ سُنَّتِهِ فَلْيُصَلِّهِ إذَا ذَكَرَهُ» ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مُؤَقَّتٌ كَالْفَرْضِ (لَا مَا يُفْعَلُ لِعَارِضٍ كَالْكُسُوفَيْنِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَالتَّحِيَّةِ) فَلَا يَقْضِي إذَا فَعَلَهُ لِعَارِضٍ، وَقَدْ زَالَ، وَكَذَا النَّفَلُ الْمُطْلَقُ، وَإِنْ تَدَافَعَ فِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ نَعَمْ إنْ شَرَعَ فِيهِ، ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَضَاهُ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَدَاؤُهُ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْفَرْضِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْأَدَاءُ اللُّغَوِيُّ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَيَنْبَغِي لِمَنْ فَاتَهُ وِرْدٌ أَنْ يَتَدَارَكَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِئَلَّا تَمِيلَ نَفْسُهُ إلَى الدَّعَةِ، وَالرَّفَاهِيَةِ (وَيُسْتَحَبُّ قَضَاءُ النَّوَافِلِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فِعْلُ الرَّوَاتِبِ (فِي السَّفَرِ كَالْحَضَرِ) ، لَكِنَّهَا لَا تَتَأَكَّدُ فِيهِ كَالْحَضَرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَة فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ قِيلَ يُسَبِّحُونَ فَقَالَ لَوْ كُنْت مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْت صَلَاتِي يَا ابْنَ أَخِي إنِّي صَحِبْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] قَالَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ مَعَ الْفَرَائِضِ وَفِي الْجَوَابِ عَنْهُ عُسْرٌ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ صَحَابِيٍّ خُولِفَ فِيهِ وَبِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ أَيْ فِي الْفَرْضِ مَا عَدَا الْمَغْرِبَ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ رِوَايَتِهِ هَذِهِ بِرِوَايَتِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَتَنَفَّلُ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ» كَمَا انْدَفَعَ أَيْضًا بِحَمْلِ قَوْلِهِ السَّابِقِ عَلَى غَيْرِ الرَّوَاتِبِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ سُنَّةِ الْفَجْرِ، وَالْفَرِيضَةِ بِاضْطِجَاعٍ) عَلَى يَمِينِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِخَبَرِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ» فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَمَا يُجْزِئُ أَحَدَنَا مَمْشَاهُ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يَضْطَجِعَ عَلَى يَمِينِهِ قَالَ لَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَالتِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ بِاضْطِجَاعٍ (فَبِحَدِيثٍ) ، أَوْ تَحَوُّلٍ مِنْ مَكَانِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا وَاسْتَحَبَّ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ الِاضْطِجَاعَ بِخُصُوصِهِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَقَالَ: فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ فَصَلَ بِكَلَامٍ (وَأَنْ يَقْرَأَ فِي) أُولَى (رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَالْمَغْرِبِ، وَالِاسْتِخَارَةِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ) قُلْ يَا أَيُّهَا (الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ، أَوْ) فِي الْأُولَى (قُولُوا آمَنَّا بِاَللَّهِ، ثُمَّ) فِي الثَّانِيَةِ (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا الْآيَتَيْنِ فِي سُنَّةِ الصُّبْحِ خَاصَّةً) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَكِلَاهُمَا سُنَّةٌ وَاسْتَحْسَنَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ وَسَائِلِ الْحَاجَاتِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى مِنْهَا أَلَمْ نَشْرَحْ وَفِي الثَّانِيَةِ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى مِنْ رَكْعَتَيْ الِاسْتِخَارَةِ {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68] الْآيَاتِ الثَّلَاثَ وَفِي الثَّانِيَةِ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ الْآيَتَيْنِ، وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِمَعْنَى الِاسْتِخَارَةِ. (وَتَطَوُّعُ اللَّيْلِ) أَيْ، وَالتَّطَوُّعُ فِيهِ (وَفِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي النَّهَارِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ الْآتِي (وَ) فِي (الْمَسْجِدِ) لِمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ «فَضْلُ صَلَاةِ النَّفْلِ فِي الْبَيْتِ عَلَى مِثْلِهَا فِي الْمَسْجِدِ كَفَضْلِ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى فَضْلِهَا فِي الْبَيْتِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَلِبُعْدِهِ عَنْ الرِّيَاءِ، وَهَذَا مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّهُ إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ وَفَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَكَانِهَا أَوْ زَمَانِهَا، فَالْمُتَعَلِّقُ بِنَفْسِهَا أَوْلَى وَمُرَادُهُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَضَاء نَوَافِلِ مَا لَهُ وَقْتٌ مَخْصُوصٌ] قَوْلُهُ: فَرْعٌ يَقْضِي مِنْ النَّوَافِلِ مَا لَهُ وَقْتٌ) إنَّمَا يُنْدَبُ قَضَاءُ النَّفْلِ لِغَيْرِ مَنْ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ بِعُذْرٍ كَجُنُونٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِشَاءِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ قَبْلَ قَضَائِهَا فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى، وَالرَّاجِحُ فِيهِ وَفِي التَّرَاوِيحِ وَفِي الرَّاتِبَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ الْفَرْضِ مَنْعُ تَقْدِيمِهَا إذْ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا إلَّا بِفِعْلِ الْفَرْضِ وَمُحَاكَاةً لِلْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: وَرَوَاتِبُ الْفَرَائِضِ) قَالَ النَّاشِرِيُّ قَالَ ابْنُ الْخَيَّاطِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْكِتَابِ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ رَوَاتِبَ الصَّوْمِ لَا تُقْضَى وَهُوَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ، أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى الصَّوْمِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (سُئِلْت) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ بَعْدَ قَوْلِ النَّوَوِيِّ (وَسِتَّةً مِنْ شَوَّالٍ) يَبْقَى النَّظَرُ فِيمَنْ أَفْطَرَ جَمِيعَ رَمَضَانَ، أَوْ بَعْضَهُ وَقَضَاهُ هَلْ يَتَأَتَّى لَهُ تَدَارُكُ ذَلِكَ أَمْ لَا مَا الْمُعْتَمَدُ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ بَعْدَ قَضَائِهِ مَا فَاتَهُ مِنْ رَمَضَانَ أَنْ يَصُومَ سِتَّةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الرَّاتِبِ (قَوْلُهُ:، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فِعْلُ الرَّوَاتِبِ) ، فَالْقَضَاءُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ بِاضْطِجَاعٍ عَلَى يَمِينِهِ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَكْمَلُ وَإِلَّا فَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِالْأَيْسَرِ (قَوْلُهُ فِي سُنَّةِ الصُّبْحِ خَاصَّةً) ، وَالسُّنَّةُ تَخْفِيفُ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ وَفِي الْمَسْجِدِ) وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، أَوْ أَمْكَنَ إخْفَاؤُهُ فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 بِالتَّطَوُّعِ فِي الْأُولَى النَّفَلُ الْمُطْلَقُ وَفِي الثَّانِيَةِ النَّفَلُ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ رَكْعَتَا الْإِحْرَامِ إذَا كَانَ بِالْمِيقَاتِ مَسْجِدٌ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ كَمَا هُمَا مَعْرُوفَانِ فِي مَحَلِّهِمَا، وَالنَّافِلَةُ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَفِعْلُهُمَا فِي الْجَامِعِ أَفْضَلُ لِفَضِيلَةِ الْبُكُورِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَنَقَلَهُ الْجُرْجَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَصَلَاةُ الضُّحَى لِخَبَرٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ وَصَلَاةُ مُنْشِئِ السَّفَرِ وَالْقَادِمِ مِنْهُ وَالْمَاكِثِ بِالْمَسْجِدِ لِاعْتِكَافٍ وَتَعَلُّمٍ أَوْ تَعْلِيمٍ وَالْخَائِفِ فَوْتَ الرَّاتِبَةِ قَالَ وَاسْتَثْنَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ السَّاكِنَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْ يُخْفِي صَلَاتَهُ فِيهِ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا يُفْهِمُهُ قَوْلُ الْمُهَذَّبِ وَأَفْضَلُ التَّطَوُّعِ بِالنَّهَارِ مَا كَانَ فِي الْبَيْتِ وَلَمَّا كَانَ بَعْضُ اللَّيْلِ أَفْضَلَ لِلتَّطَوُّعِ فِيهِ مِنْ بَعْضٍ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَنِصْفُهُ الْأَخِيرُ) إنْ قَسَمَهُ نِصْفَيْنِ (أَوْ ثُلُثُهُ الْأَوْسَطُ) إنْ قَسَمَهُ أَثْلَاثًا (أَفْضَلُ) مِنْ نِصْفِهِ الْأَوَّلِ وَمِنْ ثُلُثَيْهِ الْأَخِيرَيْنِ (وَأَفْضَلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ثُلُثِهِ الْأَوْسَطِ (السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ) «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ فَقَالَ جَوْفُ اللَّيْلِ» وَقَالَ «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُد كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ» وَقَالَ «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» رَوَى الْأَوَّلَ مُسْلِمٌ وَالثَّانِيَتَيْنِ الشَّيْخَانِ وَمَعْنَى يَنْزِلُ رَبُّنَا يَنْزِلُ أَمْرُهُ (وَيُكْرَهُ تَرْكُ تَهَجُّدٍ اعْتَادَهُ) وَنَقْصُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ ثُمَّ تَرَكَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَ) يُكْرَهُ (تَخْصِيصُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي» وَاسْتَحَبَّ فِي الْإِحْيَاءِ قِيَامَهَا. وَحُمِلَ عَلَى إحْيَائِهَا مُضَافًا إلَى أُخْرَى قَبْلَهَا، أَوْ بَعْدَهَا كَمَا فِي الصَّوْمِ وَقَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمِنْهَاجُ وَغَيْرُهُ (وَ) يُكْرَهُ (قِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا) «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّك تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ فَقُلْت: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ فَإِنَّ لِجَسَدِك عَلَيْك حَقًّا» إلَى آخِرِهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّهُ يَضُرُّ الْبَدَنَ إذْ لَا يُمْكِنُهُ نَوْمُ النَّهَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَصَالِحِهِ الدِّينِيَّةِ، وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَلِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ كَرَاهَةِ صَوْمِ الدَّهْرِ غَيْرَ أَيَّامِ النَّهْيِ إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ فِي اللَّيْلِ مَا فَاتَهُ مِنْ أَكْلِ النَّهَارِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالتَّقْيِيدُ بِكُلِّ اللَّيْلِ ظَاهِرُهُ انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ بِتَرْكِ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ تَعَلُّقُهَا بِالْقَدْرِ الْمُضِرِّ وَلَوْ بَعْضَ اللَّيْلِ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِيهِ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ قَرِيبًا مِنْهُ فَقَالَ إنْ لَمْ يَجِدْ بِذَلِكَ مَشَقَّةً اُسْتُحِبَّ لَا سِيَّمَا الْمُتَلَذِّذِ بِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ وَجَدَ نَظَرَ إنْ خَشِيَ مِنْهَا مَحْذُورًا كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا، وَرِفْقُهُ بِنَفْسِهِ أَوْلَى وَاحْتَرَزُوا بِدَائِمًا عَنْ إحْيَاءِ لَيَالٍ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَحْيَا اللَّيْلَ» (وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْلِيَهُ مِنْ صَلَاةٍ) وَإِنْ قُلْت (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُوقِظَ مَنْ يَطْمَعُ فِي تَهَجُّدِهِ) لِيَتَهَجَّدَ فَاسْتِحْبَابُ إيقَاظِ النَّائِمِ لِلرَّاتِبَةِ أَوْلَى لَا سِيَّمَا إنْ ضَاقَ وَقْتُهَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي صَلَاتَهُ مِنْ اللَّيْلِ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا بَقِيَ الْوِتْرُ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْت» هَذَا (إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا) وَإِلَّا فَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ بَلْ يَحْرُمُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ الشَّخْصُ الْقِيَامَ عِنْدَ النَّوْمِ وَأَنْ يَمْسَحَ الْمُسْتَيْقِظُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يَقْرَأَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [البقرة: 164] إلَى آخِرِهَا وَأَنْ يَفْتَتِحَ تَهَجُّدَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. وَإِطَالَةُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَكْثِيرِ الرَّكَعَاتِ وَأَنْ يَنَامَ مَنْ نَعَسَ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يَذْهَبَ نَوْمُهُ، وَلَا يَعْتَادُ مِنْهُ غَيْرَ مَا يَظُنُّ إدَامَتَهُ عَلَيْهِ. وَيَتَأَكَّدُ إكْثَارُ الدُّعَاءِ، وَالِاسْتِغْفَارِ فِي جَمِيعِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَفِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ آكَدُ وَعِنْدَ السَّحَرِ أَفْضَلُ (كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) الْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: 102] الْآيَةَ أَمَرَ بِهَا فِي الْخَوْفِ فَفِي الْأَمْنِ أَوْلَى، وَالْأَخْبَارُ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَفِي رِوَايَةٍ «بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ، أَوْ أَنَّهُ أُخْبِرَ أَوَّلًا بِالْقَلِيلِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِزِيَادَةِ الْفَضْلِ فَأَخْبَرَ   [حاشية الرملي الكبير] بِالتَّطَوُّعِ إلَخْ) أَمَّا الْمَنْذُورَةُ فَهَلْ الْأَفْضَلُ فِعْلُهَا فِي الْبَيْتِ، أَوْ الْمَسْجِدِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَسْجِدَ فِي نَذْرِهِ، فَإِنْ عَيَّنَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ قَطْعًا وَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ ثَانِيهمَا؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ السَّاكِنَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْ يُخْفِي صَلَاتَهُ فِيهِ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ صَلَاتِهَا فِي الْبَيْتِ الْإِخْفَاءُ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الرَّوَاتِبِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ نَظَرٌ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ «أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَأَيْضًا «اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَجْعَلُوهَا قُبُورًا» وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ غَيْرُ الْإِخْفَاءِ وَلَهُ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ غَيْرُ غَرَضِ الْإِخْفَاءِ (قَوْلُهُ: وَنِصْفُهُ الْأَخِيرُ، أَوْ ثُلُثُهُ الْأَوْسَطُ أَفْضَلُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْغَفْلَةَ فِيهِ أَكْثَرُ، وَالْعِبَادَةَ فِيهِ أَثْقَلُ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ذَاكِرُ اللَّهِ فِي الْغَافِلِينَ كَشَجَرَةِ خَضْرَاءَ بَيْنَ أَوْرَاقٍ يَابِسَةٍ» (قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ) قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَخْصِيصُ لَيْلَةِ غَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكْرَهَ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ (قَوْلُهُ وَقِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا) قَيَّدَهُ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ بِمَنْ يُضْعِفُهُ ذَلِكَ عَنْ الْفَرَائِضِ وَهُوَ حَسَنٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ تَعَلُّقُهَا بِالْقَدَرِ الْمُضِرِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 بِهَا، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ، وَالصَّلَاةُ (هِيَ) أَيْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي بَابِهَا (فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي أَدَاءِ مَكْتُوبَاتِ الْمُقِيمِينَ) مِنْ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الْجَمَاعَةُ إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ» أَيْ غَلَبَ وَلَيْسَتْ فَرْضَ عَيْنٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ فَإِنَّ الْمُفَاضَلَةَ تَقْتَضِي جَوَازَ الِانْفِرَادِ وَأَمَّا خَبَرُهُمَا «أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ.» فَوَارِدٌ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَلَا يُصَلُّونَ فُرَادَى، وَالسِّيَاقُ يُؤَيِّدُهُ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُحَرِّقْهُمْ وَإِنَّمَا هَمَّ بِتَحْرِيقِهِمْ، فَإِنْ قُلْت لَوْ لَمْ يَجُزْ تَحْرِيقُهُمْ لَمَا هَمَّ بِهِ قُلْنَا لَعَلَّهُ هَمَّ بِالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ نَزَلَ وَحْيٌ بِالْمَنْعِ، أَوْ تَغَيَّرَ الِاجْتِهَادُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَرَجَ بِالْأَدَاءِ الْقَضَاءُ وَبِالْمَكْتُوبَاتِ الْمَنْذُورَةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَالنَّوَافِلُ وَسَتَأْتِي إلَّا النَّوَافِلَ فَتَقَدَّمَ بَيَانُ حُكْمِهَا وَبِالْمُقِيمِينَ الْمُسَافِرُونَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ، لَكِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَبِالرِّجَالِ النِّسَاءُ، وَالْخَنَاثَى، وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا وَبِالْأَحْرَارِ الْأَرِقَّاءُ فَلَيْسَتْ فَرْضًا فِي حَقِّهِمْ قَطْعًا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِاشْتِغَالِهِمْ بِخِدْمَةِ السَّادَةِ وَزَادَ الْمُصَنِّفُ هُنَا قَوْلَهُ (لَا الْعُرَاةِ) فَلَيْسَتْ فَرْضًا عَلَيْهِمْ بَلْ هِيَ وَالِانْفِرَادُ فِي حَقِّهِمْ سَوَاءٌ عِنْدَ النَّوَوِيِّ عَلَى تَفْصِيلٍ مَرَّ بَيَانُهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (سُنَّةٌ) أَيْ هِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْمُؤَدَّاةِ سُنَّةٌ (فِي الْمَقْضِيَّةِ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الصُّبْحَ جَمَاعَةً حِينَ فَاتَتْهُمْ فِي الْوَادِي» وَبَيَّنَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ سُنِّيَّتَهَا فِي ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِيمَا يَتَّفِقُ فِيهِ الْإِمَامُ، وَالْمَأْمُومُ كَأَنْ يَفُوتَهُمَا ظُهْرٌ، أَوْ عَصْرٌ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ (لَا الْمَنْذُورَةِ) فَلَا تَجِبُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَلَا تُسَنُّ وَإِذَا كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِيمَا تَقَدَّمَ (فَيُقَاتَلُ الْمُمْتَنِعُونَ) أَيْ يُقَاتِلُهُمْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (عَلَيْهَا) كَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ (حَتَّى يَظْهَرَ الشِّعَارُ) أَيْ شِعَارُ الْجَمَاعَةِ (بِإِقَامَتِهَا بِمَكَانٍ فِي قَرْيَةٍ، أَوْ أَمْكِنَةٍ فِي الْبَلَدِ الْكَبِيرِ) وَتَعْبِيرُهُ بِالْقَرْيَةِ يَشْمَلُ الصَّغِيرَةَ، وَالْكَبِيرَةَ وَتَقْيِيدُهُ الْبَلَدَ بِالْكَبِيرِ يُخْرِجُ الصَّغِيرَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا. وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَفِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ يَكْفِي إقَامَتُهَا فِي مَحَلٍّ وَفِي الْكَبِيرَةِ، وَالْبِلَادِ تُقَامُ فِي مَحَالَّ أَيْ يَظْهَرُ بِهَا الشِّعَارُ (لَا) فِي (وَسَطِ الْبُيُوتِ) ، وَإِنْ ظَهَرَتْ فِي الْأَسْوَاقِ فَلَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ الشِّعَارَ لَا يَظْهَرُ بِهَا وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بِهَا الشِّعَارُ يَكْفِي، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْقَائِلِ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ أَبُو إِسْحَاقَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ " وَسَطِ " لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ (وَلَا تُشْتَرَطُ) الْجَمَاعَةُ أَيْ إقَامَتُهَا (بِجُمْهُورِهِمْ) أَيْ الْمُقِيمِينَ (بَلْ تَسْقُطُ بِطَائِفَةٍ قَلِيلَةٍ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا (وَتَلْزَمُ أَهْلَ الْبَوَادِي السَّاكِنِينَ) بِهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ بِخِلَافِ النَّاجِعِينَ لِلرَّعْيِ وَنَحْوِهِ. (وَلَا فَرْضَ فِيهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ (عَلَى النِّسَاءِ بَلْ تُسْتَحَبُّ) فِي حَقِّهِنَّ وَلَا يَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهَا لَهُمْ تَأَكُّدَهُ لِلرِّجَالِ لِمَزِيَّتِهِمْ عَلَيْهِنَّ قَالَ تَعَالَى {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] (وَ) هِيَ (فِي الْبُيُوتِ لَهُنَّ أَفْضَلُ) مِنْهَا فِي الْمَسَاجِدِ لِخَبَرِ «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ؛ وَلِأَنَّهَا أَسْتَرُ لَهُنَّ (وَلَوْ تَرَكْنَهَا) أَيْ الْجَمَاعَةَ (لَمْ يُكْرَهْ) لِعَدَمِ تَأَكُّدِهَا لَهُنَّ وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى فِيمَا ذُكِرَ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ (وَتَقِفُ) نَدْبًا (إمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ) لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ   [حاشية الرملي الكبير] [كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ] (كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ، وَالصَّلَاةِ) ، أَوْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِحَسَبِ قُرْبِ الْمَسْجِدِ وَبُعْدِهِ، أَوْ أَنَّ الْأُولَى فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ، وَالثَّانِيَةَ فِي السِّرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ عَنْ الْجَهْرِيَّةِ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ، وَالتَّأْمِينِ لِتَأْمِينِهِ (قَوْلُهُ فِي أَدَاءِ مَكْتُوبَاتِ الْمُقِيمِينَ) الْمَسْتُورِينَ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ) ؛ وَلِأَنَّهَا فَضِيلَةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا فَلَمْ تَجِبْ كَالتَّكْبِيرَاتِ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فَرْضَ عَيْنٍ كَانَتْ شَرْطًا فِيهَا كَالْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَبِالْمُقِيمِينَ الْمُسَافِرُونَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ) وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُسَافِرِينَ لَوْ أَقَامُوا بِبَلْدَةٍ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِمْ فَرْضُ الْجُمُعَةِ وَمَتَى كَانَ السَّفَرُ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤَوَّلَ النَّصُّ وَيُحْمَلَ عَلَى عَاصٍ بِسَفَرِهِ، أَوْ مُسَافِرٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ قس (قَوْلُهُ: وَبِالْأَحْرَارِ الْأَرِقَّاءُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَتَوَجَّهُ فَرْضُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ إذَا تُمْحَضُوا فِي قَرْيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَيَطْرُقُهُ احْتِمَالَانِ، وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ) وَلَا تُسَنُّ وَلَا تُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَفِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ إلَخْ) ضَبَطَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْقَرْيَةَ الصَّغِيرَةَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهَا عِشْرُونَ، أَوْ ثَلَاثُونَ رَجُلًا (قَوْلُهُ: لَا فِي وَسْطِ الْبُيُوتِ) الْمُرَادُ بِوَسْطِ الْبُيُوتِ مَا تَظْهَرُ فِيهِ إقَامَتُهَا بِالْأَسْوَاقِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِغَيْرِ وَسْطِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بِهَا الشِّعَارُ يَكْفِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ تَسْقُطُ بِطَائِفَةٍ قَلِيلَةٍ) فِي تَأْدِيَةِ الْفَرْضِ بِالصِّبْيَانِ احْتِمَالَانِ حَكَاهُمَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ كَرَدِّ السَّلَامِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا الدُّعَاءُ وَهُوَ مِنْ الصَّغِيرِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ د. (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْضَ فِيهَا عَلَى النِّسَاءِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَأَتَّى غَالِبًا إلَّا بِالْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ، وَقَدْ تَكُونُ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِنَّ وَمَفْسَدَةٌ لَهُنَّ (قَوْلُهُ: وَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ) بِإِسْكَانِ السِّينِ تَقُولُ جَلَسْت وَسْطَ الْقَوْمِ بِالتَّسْكِينِ وَجَلَسْت وَسَطَ الدَّارِ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ صَلَحَ فِيهِ بَيْنَ فَهُوَ بِالتَّسْكِينِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فَهُوَ بِالْفَتْحِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ، وَقَدْ أَجَازُوا فِي الْمَفْتُوحِ الْإِسْكَانَ وَلَمْ يُجِيزُوا فِي السَّاكِنِ الْفَتْحَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 صَحِيحَيْنِ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَمَّتَا نِسَاءً فَقَامَتَا وَسْطَهُنَّ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ، وَالْخُنْثَى يَقِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَمَامَهُنَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَاقْتِدَاؤُهُنَّ بِرَجُلٍ، ثُمَّ خُنْثَى أَفْضَلُ) مِنْ اقْتِدَائِهِنَّ بِالْمَرْأَةِ لِمَزِيَّتِهِمَا عَلَيْهَا وَذِكْرُ الْخُنْثَى مِنْ زِيَادَتِهِ (لَكِنَّ خَلْوَةَ الْأَجْنَبِيِّ) ، وَإِنْ تَعَدَّدَ مِنْ رَجُلٍ، أَوْ خُنْثَى (بِهَا) أَيْ بِالْمَرْأَةِ (حَرَامٌ) لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ نَعَمْ إنْ وَجَدَهَا مُنْقَطِعَةً بِبَرِّيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا جَازَ لَهُ لِلضَّرُورَةِ اسْتِصْحَابُهَا بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ إذَا خَافَ عَلَيْهَا لَوْ تَرَكَهَا لِخَبَرِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ " بِهَا " خَلْوَتُهُ بِهِنَّ فَجَائِزٌ إذَا كُنَّ ثِقَاتٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ فَعُدُولُهُ عَنْ قَوْلِ الْأَصْلِ بِهِنَّ إلَى بِهَا حَسَنٌ (وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْعَجَائِزِ) الْأَوْلَى لِذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ (حُضُورُ الْمَسْجِدِ مَعَ الرِّجَالِ) وَيُكْرَهُ لِلزَّوْجِ، وَالسَّيِّدِ، وَالْوَلِيِّ تَمْكِينُهُنَّ مِنْهُ؛ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَالنَّهْيِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ لِلتَّنْزِيهِ» ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاجِبَ لَا يُتْرَكُ لِلْفَضِيلَةِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا تُشْتَهَى فَإِنَّهُ كَمَا يُنْدَبُ لَهَا الْحُضُورُ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ كَلَامُهُ يُنْدَبُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا إذَا اسْتَأْذَنَتْهُ وَأَمِنَ الْمَفْسَدَةَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إلَى الْمَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا» فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ، أَوْ وَلِيٌّ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْحُضُورِ حَرُمَ الْمَنْعُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ وَيُؤْمَرُ الصَّبِيُّ بِحُضُورِ الْمَسَاجِدِ وَجَمَاعَاتِ الصَّلَاةِ لِيَعْتَادَهَا (وَتَصِحُّ نَافِلَةٌ وَمَنْذُورَةٌ فِي جَمَاعَةٍ بِلَا كَرَاهَةٍ) وَإِنْ لَمْ تُسَنَّ فِيهِمَا الْجَمَاعَةُ. (فَرْعٌ وَيَحُوزُ فَضِيلَتَهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ (بِصَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ) ، أَوْ نَحْوِهِ (بِزَوْجَةٍ، أَوْ وَلَدٍ أَوْ رَقِيقٍ) ، أَوْ غَيْرِهِمْ إذْ أَقَلُّهَا اثْنَانِ (وَهِيَ) فِي الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ (أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ بِمَسْجِدٍ) لِخَبَرِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا، أَوْ زَمَانِهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ مَعَ مَا يَأْتِي أَنَّ قَلِيلَ الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي الْبَيْتِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَكَسَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ النَّصِّ يُومِئُ إلَيْهِ وَتُعَضِّدُهُ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا قَالَ وَيَتَعَيَّنُ الْجَزْمُ بِهِ لَوْ كَانَ إذَا ذَهَبَ إلَى الْمَسْجِدِ وَتَرَكَ أَهْلَ بَيْتِهِ لَصَلَّوْا فُرَادَى، أَوْ لَتَهَاوَنُوا، أَوْ بَعْضُهُمْ فِي الصَّلَاةِ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ لَا تَتَعَطَّلُ جَمَاعَةُ الْمَسْجِدِ لِغَيْبَتِهِ. اهـ. (وَالْمَسَاجِدُ) أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا لِلْأَخْبَارِ الْمَشْهُورَةِ فِي فَضْلِ الْمَشْيِ إلَيْهَا؛ وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا إظْهَارَ شِعَارِ الْجَمَاعَةِ، فَالصَّلَاةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ (وَأَكْثَرُهَا) أَيْ الْمَسَاجِدِ (جَمَاعَةً أَفْضَلُ) لِلْمُصَلِّي (وَإِنْ بَعُدَ) عَنْهُ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ السَّابِقِ «نَعَمْ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا» ، وَإِنْ قَلَّتْ، بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: الِانْفِرَادُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا وَيُنَازِعُ فِيهِ الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ وَلَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يَخْشَعْ فَالِانْفِرَادُ أَفْضَلُ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ (إلَّا إنْ تَعَطَّلَ الْمَسْجِدُ الْقَرِيبُ مِنْهُ لِغَيْبَتِهِ) عَنْهُ لِكَوْنِهِ إمَامَهُ، أَوْ يَحْضُرُ النَّاسُ بِحُضُورِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، أَوْ كَانَ الْبَعِيدُ بُنِيَ مِنْ أَمْوَالٍ خَبِيثَةٍ (أَوْ كَانَ إمَامُ الْأَكْثَرِينَ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ) ، أَوْ الشُّرُوطِ مِنْ حَنَفِيٍّ وَغَيْرِهِ (أَوْ) كَانَ (مُبْتَدِعًا) كَمُعْتَزِلِيٍّ وَقَدَرِيٍّ وَرَافِضِيٍّ (أَوْ فَاسِقًا) فَقَلِيلُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فِي الْأُولَى وَيُؤْمَنُ النَّقْصُ فِي الْبَقِيَّةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَعْبِيرُهُ فِي الْأُولَى بِالْقَرِيبِ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَعِيدَ بِخِلَافِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ وَتَعْبِيرُهُ فِي الثَّانِيَةِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ حَنَفِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِخَبَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ فِيهِ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِي الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ كَلَامًا وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ الْخَلْوَةِ بِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ تَحْرِيمُ النَّظَرِ إلَيْهِ [فَرْعٌ صَلَاة الْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْت] (قَوْلُهُ إذْ أَقَلُّهَا اثْنَانِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، فَإِنْ قِيلَ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قِيلَ ذَلِكَ بَحْثٌ لُغَوِيٌّ وَهَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مَأْخَذُهُ التَّوْقِيفُ الشَّرْعِيُّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ بِمَسْجِدٍ) أَيْ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ) أَيْ كَأَصْلِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» (قَوْلُهُ: وَتُعَضِّدُهُ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ إلَخْ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنَّمَا يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْجَمَاعَةُ خَارِجَ الْكَعْبَةِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ فِيهَا (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي الِانْفِرَادُ فِيهَا أَفْضَلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ إلَخْ) أَيْ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ تَعَطَّلَ الْقَرِيبُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى أَيْضًا صُوَرٌ مِنْهَا مَا لَوْ كَانَ قَلِيلُ الْجَمْعِ يُبَادِرُ إمَامُهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ الْمَحْبُوبِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَعَهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ إمَامُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ، وَالْمَأْمُومُ بَطِيئَهَا لَا يُدْرِكُ مَعَهُ الْفَاتِحَةَ وَيُدْرِكُهَا مَعَ إمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ قَالَهُ الْفُورَانِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ فَاسِقًا) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، أَوْ مُتَّهَمًا بِهِ (قَوْلُهُ: فَقَلِيلُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ تَعَارَضَ فَضِيلَةُ سَمَاعِ الْقُرْآنِ مَعَ الْإِمَامِ مَعَ قِلَّةِ الْجَمَاعَةِ، وَعَدَمُ سَمَاعِهِ مَعَ كَثْرَتِهَا، فَالظَّاهِرُ تَفْضِيلُ الْأَوَّلِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ أَنَّ مُرَاعَاةَ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى سَمَاعِ الْقُرْآنِ كا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 وَتَعْبِيرُهُ فِيهَا وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْأَكْثَرِينَ الشَّامِلِ لِلْقَرِيبِ مَعَ تَعْبِيرِهِ قَبْلَ بِمَا يَشْمَلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْبَعِيدِ إذْ لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ مَنْ ذُكِرَ مَكْرُوهَةٌ مُطْلَقًا (بَلْ الِانْفِرَادُ هُنَا أَفْضَلُ) مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ هَؤُلَاءِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ فَقَطْ وَمِثْلُهَا الْبَقِيَّةُ بَلْ أَوْلَى، لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ كَلَامُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الْمَسْجِدَانِ (فِي الْجَمَاعَةِ) قَدَّمَ مَا يَسْمَعُ نِدَاءَهُ وَإِلَّا (، فَالْأَقْرَبُ) مَسَافَةً لِحُرْمَةِ الْجِوَارِ (ثُمَّ مَا انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ) عَنْ مَالِ بَانِيهِ وَوَافَقَهُ م يَتَخَيَّرُ نَعَمْ إنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مُتَرَتِّبًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَهَابُهُ إلَى الْأَوَّلِ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ مُؤَذِّنَهُ دَعَاهُ أَوَّلًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ اسْتَوَيَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ. (فَرْعٌ يُدْرِكُ) الْمَسْبُوقُ (فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ) مِنْ الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ بِأَنْ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ لِإِدْرَاكِهِ رُكْنًا مَعَهُ، لَكِنَّهُ دُونَ فَضْلِ مَنْ يُدْرِكُهَا مِنْ أَوَّلِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْرِكْ فَضْلَهَا بِذَلِكَ لَمُنِعَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ زِيَادَةً بِلَا فَائِدَةٍ وَمُقْتَضَاهُ إدْرَاكُ فَضْلِهَا، وَإِنْ فَارَقَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ وَلَا يَخْفَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهَا لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ سُبِقَ) شَخْصٌ (فِي الْجَمَاعَةِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ وَرَجَا جَمَاعَةً) وَلَوْ بِمَسْجِدٍ آخَرَ (أَخَّرَ) نَدْبًا (لِيُدْرِكَ الْكُلَّ) أَيْ كُلَّ الصَّلَاةِ (مَعَ) الْجَمَاعَةِ (الْأُخْرَى) ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ جَمَاعَةً، وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ نُدِبَ لَهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا لِيُصَلُّوا جَمَاعَةً، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي نُسْخَةٍ قَبْلَ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَتُسَنُّ الْمُحَافَظَةُ عَلَى إدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (وَيُدْرِكُ فَضْلَ التَّكْبِيرَةِ بِشُهُودِهَا، وَالِاشْتِغَالِ بِالْمُتَابَعَةِ) عَقِبَهَا بِعَقْدِ صَلَاتِهِ لِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَخَبَرِ «مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُنْقَطِعًا (فَلَوْ أَبْطَأَ) بِالْمُتَابَعَةِ (لِوَسْوَسَةٍ) غَيْرِ ظَاهِرَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (عُذِرَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْطَأَ لِغَيْرِ وَسْوَسَةٍ وَلَوْ بِسَبَبٍ لِلصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ، أَوْ لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَسْوَسَةَ فِي الْقِرَاءَةِ غَيْرُ عُذْرٍ فِي التَّخَلُّفِ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ لِطُولِ زَمَنِهَا، وَالتَّقْيِيدُ بِهَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَهَا) أَيْ التَّكْبِيرَةِ (لَمْ يَسْعَ) أَيْ لَمْ يُسْرِعْ نَدْبًا لِيُدْرِكَهَا بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ، وَالْوَقَارُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ، أَوْ يَفْحُشْ التَّأْخِيرُ وَيَخْرُجْ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ. اهـ. أَمَّا لَوْ خَافَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُسْرِعُ وَبِهِ صَرَّحَ الْفَارِقِيُّ بَحْثًا وَتَبِعَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُ الشَّامِلِ، وَالتَّتِمَّةِ، وَالْبَحْرِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ نَعَمْ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَخَشِيَ فَوَاتَهُ فَيُسْرِعُ كَمَا لَوْ خَشِيَ فَوَاتَ الْجُمُعَةِ، وَكَذَا لَوْ امْتَدَّ الْوَقْتُ وَكَانَتْ لَا تَقُومُ إلَّا بِهِ وَلَوْ لَمْ يُسْرِعْ لَتَعَطَّلَتْ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ التَّخْفِيفُ) لِلصَّلَاةِ (لَا بِتَرْكِ الْأَبْعَاضِ، وَالْهَيْئَاتِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ، وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا جَمَاعَةً، فَالْأَقْرَبُ إلَخْ) فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ يَسْمَعُ نِدَاءَ الْأَبْعَدِ دُونَ الْأَقْرَبِ لِحَيْلُولَةِ مَا يَمْنَعُ السَّمَاعَ أَوْ نَحْوِهَا، فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ ش. [فَرْعٌ يُدْرِكُ الْمَسْبُوقُ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ مِنْ الْإِمَامِ] (قَوْلُهُ: تُدْرَكُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ) لَوْ أَتَى بِالنِّيَّةِ، وَالتَّحَرُّمِ عَقِبَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ تَمَامِهَا فَهَلْ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْجَمَاعَةِ نَظَرًا إلَى إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ النِّيَّةَ، وَالْإِمَامُ فِي التَّحَلُّلِ احْتِمَالَانِ جَزَمَ الْإِسْنَوِيُّ بِالْأَوَّلِ وَقَالَ إنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ وَأَبُو زُرْعَةَ فِي تَحْرِيرِهِ بِالثَّانِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَيُفْهِمُ قَوْلُ ابْنِ النَّقِيبِ فِي التَّهْذِيبِ أَخْذًا مِنْ التَّنْبِيهِ وَتُدْرَكُ بِمَا قَبْلَ السَّلَامِ أت وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِوَسْوَسَةٍ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ تُوَسْوَسُ الْمَأْمُومُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَنْ قَعَدَ يَتَكَلَّمُ بِجِوَارِ الْمُصَلِّي، وَكَذَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ جَهْرًا عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي بِجِوَارِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ ظَاهِرَةٍ) ؛ لِأَنَّ زَمَنَهَا قَصِيرٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَسْوَسَةَ فِي الْقِرَاءَةِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بِغَلَبَةِ الْوَسْوَسَةِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَنُدُورِهَا فِي غَيْرِهَا. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي الْأَفْعَالِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْأَقْوَالِ وَأَيْضًا قَدْ يُنْسَبُ هَذَا إلَى تَقْصِيرٍ حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْوَسْوَسَةَ وَلَمْ يَقْتَدِ بِمَنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ، أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ هُوَ إمَامًا وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ لَعَلَّ الْمَذْكُورَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ فِي الْوَسْوَسَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ غَيْرِ وَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ وَيَكُونُ طُولُ الزَّمَنِ هُوَ الْمُرَادُ بِالظُّهُورِ. وَالتَّخَلُّفُ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ طَوِيلٌ فَاسْتَوَيَا (قَوْلُهُ: لِطُولِ زَمَنِهَا) إذْ هُوَ الْمُرَادُ بِالظُّهُورِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَشِيَ فَوْتَهَا لَمْ يَسْعَ) لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ السَّعْيِ مَنْعُ الْإِسْرَاعِ إذْ السَّعْيُ الْجَرْيُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ تَخْفِيف الْإِمَامِ فِي الصَّلَاة] (قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ التَّخْفِيفُ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ التَّطْوِيلُ، وَالتَّخْفِيفُ مِنْ الْأُمُورِ الْإِضَافِيَّةِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ خَفِيفًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَادَةِ قَوْمٍ طَوِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِعَادَةِ آخَرِينَ قَالَ وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ لَا يَزِيدُ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ عَلَى ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ لَا يُخَالِفُ مَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَغْبَةَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ تَطْوِيلًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 بِأَنْ يُخَفِّفَ الْقِرَاءَةَ، وَالْأَذْكَارَ بِحَيْثُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ الْمُسْتَحَبَّ لِلْمُنْفَرِدِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوْسَاطِهِ وَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ (فَإِنْ رَضِيَ) الْمَأْمُومُونَ (الْمَحْصُورُونَ) بِالتَّطْوِيلِ (وَهُمْ أَحْرَارٌ غَيْرُ أُجَرَاءَ طَوَّلَ بِهِمْ) نَدْبًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا وَقَعَ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمْ، أَوْ اخْتَلَفُوا لَمْ يُطَوِّلْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَّا إنْ قَلَّ مَنْ لَمْ يَرْضَ كَوَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ وَنَحْوِهِمَا لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَرَّةً، أَوْ نَحْوَهَا خَفَّفَ وَإِنْ كَثُرَ حُضُورُهُ طَوَّلَ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الرَّاضِينَ وَلَا يُفَوِّتُ حَقَّهُمْ؛ لِهَذَا الْفَرْدِ الْمُلَازِمِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ لِإِنْكَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُعَاذٍ التَّطْوِيلَ لَمَّا شَكَاهُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ: وَهُمْ أَحْرَارٌ غَيْرُ أُجَرَاءَ: الْأَرِقَّاءُ، وَالْأُجَرَاءُ أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ إذَا أَذِنَ لَهُمْ السَّادَةُ، وَالْمُسْتَأْجَرُونَ فِي حُضُورِ الْجَمَاعَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ بِالتَّطْوِيلِ بِغَيْرِ إذْنٍ فِيهِ مِنْ أَرْبَابِ الْحُقُوقِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ (وَإِنْ طَوَّلَ الْإِمَامُ لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ بِمَنْ يَلْحَقُهُ أَوْ لِانْتِظَارِ شَرِيفٍ كُرِهَ) لِإِضْرَارِ الْحَاضِرِينَ وَلِمُخَالَفَةِ الْخَبَرِ السَّابِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا أَطْلَقُوهُ فِي الْأُولَى نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إطَالَةُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ يُدْرِكُهَا قَاصِدُ الْجَمَاعَةِ وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُطِيلُ فِي الْأُولَى مِنْ الظُّهْرِ كَيْ يُدْرِكَهَا النَّاسُ» ، فَالْمُخْتَارُ دَلِيلًا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى تَطْوِيلٍ يَضُرُّ الْحَاضِرِينَ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْحَمْلِ أَنَّهُمْ لَوْ رَضُوا بِهِ فِيمَا ذُكِرَ لَا يُكْرَهُ مَعَ أَنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى تَطْوِيلٍ زَائِدٍ عَلَى هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَطْوِيلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ هَيْئَاتِهَا فَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْقَوْمِ وَرَجَوْا زِيَادَةً نُدِبَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ وَلَا يَنْتَظِرَهُمْ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِجَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ أَفْضَلُ مِنْهَا آخِرَهُ بِجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَحِلَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْتَظِرَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ (وَإِذَا أَحَسَّ) ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ (بِدَاخِلٍ فِي الْمَسْجِدِ) ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أُقِيمَتْ فِيهَا الصَّلَاةُ (اُسْتُحِبَّ) لَهُ (أَنْ يَنْتَظِرَهُ إنْ كَانَ فِي الرُّكُوعِ) غَيْرِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ (أَوْ) فِي (التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَلَمْ يُفْحِشْ) فِي الِانْتِظَارِ (وَلَمْ يُمَيِّزْ) بَيْنَ الدَّاخِلِينَ لِمُلَازَمَةٍ، أَوْ دَيْنٍ، أَوْ صَدَاقَةٍ، أَوْ اسْتِمَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ لِلْإِعَانَةِ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْأُولَى إذَا كَانَ الدَّاخِلُ يَعْتَادُ الْبُطْءَ وَتَأْخِيرَ الْإِحْرَامِ إلَى الرُّكُوعِ فَلَا يَنْتَظِرْهُ زَجْرًا لَهُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَخْشَى خُرُوجَ الْوَقْتِ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ الدَّاخِلُ مِمَّنْ لَا يَعْتَقِدُ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ، أَوْ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ بِإِدْرَاكِ مَا ذُكِرَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الِانْتِظَارِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَحَسَّ بِهِ خَارِجَ مَوْضِعِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ، أَوْ دَاخِلَهُ وَكَانَ الِانْتِظَارُ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ، وَالتَّشَهُّدِ، أَوْ فِيهِمَا وَأَفْحَشَ فِيهِ، أَوْ مَيَّزَ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ (كُرِهَ) لِتَقْصِيرِ الْمُتَأَخِّرِ وَضَرَرِ الْحَاضِرِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ إنْ انْتَظَرَ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ، وَالتَّشَهُّدِ بَلْ إنْ انْتَظَرَ لِلتَّرَدُّدِ حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ (وَصَحَّتْ) صَلَاتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، لَكِنْ نُقِلَ فِي الْكِفَايَةِ الِاتِّفَاقُ عَلَى بُطْلَانِهَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ وَعَلَّلَهُ بِالتَّشْرِيكِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ، وَفُحْشُ الِانْتِظَارِ بِأَنْ يُطَوِّلَ تَطْوِيلًا لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ أَثَرُهُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ (فَصْلٌ مَنْ صَلَّى مَكْتُوبَةً) مُؤَدَّاةً (وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً، أَوْ وَجَدَ مُنْفَرِدًا اُسْتُحِبَّ أَنْ يُعِيدَهَا) مَعَهُمْ، أَوْ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ كَانَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ، أَوْ كَانَ إمَامُ الثَّانِيَةِ مَفْضُولًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى الصُّبْحَ فَرَأَى رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ فَقَالَ مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا قَالَا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» وَقَالَ «وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ صَلَاتِهِ الْعَصْرَ رَجُلٌ إلَى الْمَسْجِدِ مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُمَا وَخَرَجَ بِالْمَكْتُوبَةِ أَيْ عَلَى الْأَعْيَانِ الْمَنْذُورَةُ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ حَسَنٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ) كَالسُّبْكِيِّ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَحِلَّ لِلْإِمَامِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا يُفْهِمُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَنْزِيهٌ ع (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفْحِشْ فِي الِانْتِظَارِ) لَوْ لَحِقَ آخَرُ وَكَانَ انْتِظَارُهُ وَحْدَهُ لَا يُؤَدِّي إلَى الْمُبَالَغَةِ وَلَكِنْ يُؤَدِّي إلَيْهَا مَعَ ضَمِيمَتِهِ إلَى الْأَوَّلِ كَانَ مَكْرُوهًا بِلَا شَكٍّ قَالَهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ:، وَذَلِكَ لِلْإِعَانَةِ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ إلَخْ) ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الدَّاخِلِ غَيْرَ مُغْنِيَةٍ عَنْ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَحَسَّ بِهِ إلَخْ) قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عِلَّةُ مَا قَالُوهُ التَّطْوِيلُ قَالَ: لَكِنَّهُ مُنْتَقَضٌ بِالْخَارِجِ الْقَرِيبِ لِصِغَرِ الْمَسْجِدِ، وَالْبَعِيدِ لِسَعَتِهِ، وَالْوَجْهُ مُرَاعَاةُ هَذَا التَّفْصِيلِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ الْكَرَاهَةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ) عِبَارَةُ الْكِفَايَةِ لَمْ تَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَتَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ لَمْ تَصِحَّ سَبْقُ قَلَمٍ وَصَوَابُهُ لَمْ تُسْتَحَبَّ. [فَصْلٌ مَنْ صَلَّى مَكْتُوبَةً مُؤَدَّاةً وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً أَوْ وَجَدَ مُنْفَرِدًا] (فَصْلٌ مَنْ صَلَّى مَكْتُوبَةً إلَخْ) (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الصُّبْحَ إلَخْ) وَهُوَ يَدُلُّ بِعُمُومِهِ وَعَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا، وَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً (قَوْلُهُ: وَقَالَ: وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ صَلَاتِهِ الْعَصْرَ إلَخْ أَيْضًا) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِيهِ اسْتِحْبَابُ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ إنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَقَلَّ مِنْ الْأُولَى وَأَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الشَّفَاعَةُ إلَى مَنْ يُصَلِّي مَعَ الْحَاضِرِ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ مَعَهُ، وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ، وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ لَا تُكْرَهُ فِيهِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ انْتَهَى وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي صَلَّى مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 إذْ لَا تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ كَمَا مَرَّ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ إذْ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَالنَّافِلَةُ، لَكِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ مَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْهَا كَالْفَرْضِ فِي سَنِّ الْإِعَادَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ بَعْدَ أُخْرَى، فَإِنْ فُرِضَ الْجَوَازُ لِعُسْرِ الِاجْتِمَاعِ، فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ لِعُسْرِ الِاجْتِمَاعِ مِثَالٌ فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّى بِقَرْيَةٍ، ثُمَّ سَافَرَ لِأُخْرَى قَرِيبَةٍ فَوَجَدَهَا تُصَلِّي كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لَأَجْزَأَتْهُ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ لِبَرْدٍ أَوْ لِفَقْدِ الْمَاءِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ لَا يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَا يُسْتَحَبُّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَقُوَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ تُرْشِدُ إلَيْهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَصْوِيرُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ إذَا حَضَرَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي الْأُولَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاقُ ذَلِكَ لِلْوَقْتِ (وَالْفَرْضُ مِنْهُمَا الْأُولَى) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِسُقُوطِ الْخِطَابِ بِهَا (وَلْيَنْوِ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلْيَنْوِ (بِالثَّانِيَةِ الْوَقْتَ) أَيْ ذَاتَ الْوَقْتِ مِنْ كَوْنِهَا ظُهْرًا، أَوْ عَصْرًا مَثَلًا (لَا الْفَرْضَ) إذْ كَيْفَ يَنْوِي فَرْضَ مَا لَا يَقَعُ فَرْضًا، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ مَعَ كَوْنِهَا نَفْلًا وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ عَنْ تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ يَنْوِي إعَادَةَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً لَا إعَادَتُهَا فَرْضًا وَالْعَلَّامَةُ الرَّازِيّ بِأَنَّهُ يَنْوِي مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ لَا الْفَرْضَ عَلَيْهِ كَمَا فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ. (فَصْلٌ يُرَخَّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ بِعُذْرٍ) . فَلَا رُخْصَةَ بِدُونِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمِ فِي صَحِيحَيْهِمَا «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ» أَيْ كَامِلَةً إلَّا مِنْ عُذْرٍ (عَامٍّ كَمَطَرٍ وَثَلْجٍ يَبُلُّ) كُلٌّ مِنْهُمَا (الثَّوْبَ) لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمُطِرْنَا فَقَالَ لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ فِي رَحْلِهِ» ، فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا، أَوْ وَجَدَ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ (وَبِالرِّيحِ) الْأَوْلَى: وَالرِّيحِ (الْعَاصِفَةِ) أَيْ الشَّدِيدَةِ (لَيْلًا) لِلْمَشَقَّةِ «لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَادِيَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَذَاتِ الرِّيحِ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالظُّلْمَةُ الشَّدِيدَةُ لَيْلًا كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِذَلِكَ الرِّيحُ الْخَفِيفَةُ لَيْلًا، وَالشَّدِيدَةُ نَهَارًا إلَّا الصُّبْحَ، فَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ كَاللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ (وَالْوَحَلِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (الشَّدِيدِ) لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا كَالْمَطَرِ بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ، لَكِنْ تَرَكَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ التَّقْيِيدَ بِالشَّدِيدِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَفِيفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ (، وَالسَّمُومِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ الرِّيحِ الْحَارَّةِ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا لِمَشَقَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهَا (وَشِدَّةِ الْحَرِّ ظُهْرًا) بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ وَتَبِعَ فِي تَقْيِيدِهِ بِالظُّهْرِ الرَّوْضَةَ، وَكَذَا   [حاشية الرملي الكبير] الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ. (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) وَنَقَلَ ابْنُ الْعِمَادِ عَنْ الْأَرْمِنْتِيِّ فِي كِتَابِ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ التَّصْرِيحَ بِاسْتِحْبَابِ إعَادَةِ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، لَكِنْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ (قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ) عِبَارَتُهُ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ قَدْ صَلَّى مَرَّةً مَعَ الْجَمَاعَةِ كُلَّ صَلَاةٍ فَقَوْلُهُ مَرَّةً ظَاهِرُهُ الِاحْتِرَازُ عَمَّنْ صَلَّى مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ حَيْثُ لَا يُعَارِضُهَا مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهَا أَمَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ تَحْرُمُ الْإِعَادَةُ، وَقَدْ تُكْرَهُ، وَقَدْ تَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى لِتَفْوِيتِ الْأَهَمِّ فَمِنْ الْأَوَّلِ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْإِعَادَةِ لَفَاتَتْهُ عَرَفَةُ وَمِنْهُ الدَّافِعُ عَنْ بُضْعٍ، أَوْ نَفْسٍ حَيْثُ نُوجِبُ الدَّفْعَ، وَكَذَا مَنْ عَرَضَ لَهُ إنْقَاذُ غَرِيقٍ وَإِطْفَاءُ حَرِيقٍ نُوجِبُهُ. وَكَذَا التَّخَلُّفُ عَنْ النَّفِيرِ الْعَامِّ إذَا تَعَيَّنَتْ الْفَوْرِيَّةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ فَوَائِتُ عَصَى بِتَأْخِيرِهَا وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ، أَوْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ أَجِيرًا، وَالْإِعَادَةُ تَشْغَلُهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْخِدْمَةِ أَوْ الْعَمَلِ الْفَوْرِيِّ وَأَمْثِلَةُ الضَّرْبَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ كَثِيرَةٌ لَا تَخْفَى، وَالضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى رَجَحَتْ مَصْلَحَةُ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَصْلَحَتِهَا كَانَ تَرْكُهَا أَفْضَلَ، وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا كَمَا سَبَقَ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَصْوِيرُهُمْ يُشْعِرُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ قس قَالَ شَيْخُنَا: بَلْ الْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ لَا الْفَرْضَ) إنَّمَا أَعَادَهَا لِيَنَالَ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضٍ وَإِنَّمَا يَنَالُ ذَلِكَ إذَا نَوَى الْفَرْضَ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ إلَخْ) وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ مَنْ لَحِقَ الْإِمَامَ فِي الْجُمُعَةِ بَعْدَ رُكُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ يَنْوِي الْجُمُعَةَ لَا الظُّهْرَ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ (قَوْلُهُ: وَالْعَلَّامَةُ الرَّازِيّ بِأَنَّهُ يَنْوِي إلَخْ) قَالَ وَلَعَلَّ الْفَائِدَةَ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ خَلَلًا فِي الْأُولَى كَفَتْ الثَّانِيَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ كَمَا أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ لَمْ يُؤَدِّ وَظِيفَةَ الْوَقْتِ إذَا بَلَغَ فِيهِ وَبِمَا تَرَجَّاهُ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ وَلَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ لَيْسَ الْأُولَى بِعَيْنِهَا وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَطَوُّعٌ مَحْضٌ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ أَفْتَيْت. [فَصْلٌ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ بِعُذْرٍ] (قَوْلُهُ: فَلَا رُخْصَةَ بِدُونِهِ) فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ بِخِلَافِ الْمُدَاوِمِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ النَّاسَ بِالْجَمَاعَةِ وَجَبَتْ إلَّا عِنْدَ قِيَامِ الرُّخْصَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ كَانَ يَقْطُرُ عَلَيْهِ الْمَطَرُ مِنْهُ كَسُقُوفِ الْأَسْوَاقِ كَانَ عُذْرًا لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ فِيهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِالرِّيحِ الْعَاصِفَةِ لَيْلًا) ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَارِدَةً (قَوْلُهُ:، فَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ كَاللَّيْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْوَحَلُ الشَّدِيدُ) الْمُرَادُ بِالْوَحَلِ الشَّدِيدِ هُوَ الَّذِي لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَحَلُ مُتَفَاحِشًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ ح. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) وَهُوَ الصَّحِيحُ الْوَجْهُ قو (قَوْلُهُ: وَشِدَّةُ الْحَرِّ ظُهْرًا إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَشِدَّةُ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ لَيْلًا وَنَهَارًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 أَصْلُهَا فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ، لَكِنَّ كَلَامَهُ بَعْدُ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا (وَ) شِدَّةِ (الْبَرْدِ لَيْلًا وَنَهَارًا) بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ (وَزَلْزَلَةٍ) بِفَتْحِ الزَّايِ، وَهِيَ تَحَرُّكُ الْأَرْضِ لِلْمَشَقَّةِ (أَوْ) عُذْرٍ (خَاصٍّ كَشِدَّةِ نُعَاسٍ) وَلَوْ فِي انْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ هَذَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالنَّوْمِ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى (وَمَرَضٍ) يَشُقُّ (كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ) ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الْفَرِيضَةِ لِلْحَرَجِ قَالَ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا كَوَجَعِ ضِرْسٍ وَصُدَاعٍ يَسِيرٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ (وَ) يُرَخَّصُ (بِتَمْرِيضِ قَرِيبٍ) لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى الْمَوْتِ وَتَمْرِيضُهُ لَهُ بِأَنْ يُطْعِمَهُ وَيَسْقِيَهُ وَيَتَعَاطَى مَا يَحْتَاجُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ مُطْلَقُ الْقَرَابَاتِ (أَوْ يَسْتَأْنِسُ) أَيْ، أَوْ بِاسْتِئْنَاسِهِ (بِهِ، أَوْ إشْرَافِهِ عَلَى الْمَوْتِ) ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ فِيهِمَا لِتَضَرُّرِهِ بِغَيْبَتِهِ عَنْهُ فَحِفْظُهُ، أَوْ تَأْنِيسُهُ أَفْضَلُ مِنْ حِفْظِ الْجَمَاعَةِ (ثُمَّ الزَّوْجَةُ، وَالصِّهْرُ، وَالْمَمْلُوكُ، وَالصِّدِّيقُ كَالْقَرِيبِ) فِيمَا ذُكِرَ، وَتَعْبِيرُهُ بِثُمَّ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ مَعْنًى (لَا بِتَمْرِيضِ أَجْنَبِيٍّ) فَلَا يُرَخَّصُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْقَرِيبِ فِي الشَّفَقَةِ وَلَا بِحُضُورِهِ عِنْدَهُ لِلِاسْتِئْنَاسِ، أَوْ الْإِشْرَافِ عَلَى الْمَوْتِ كَمَا فُهِمَ ذَلِكَ مِمَّا قَالَهُ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ قَوْلَهُ (إلَّا إنْ خَشِيَ) عَلَيْهِ (ضَيَاعًا يَتَضَرَّرُ بِهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ، أَوْ كَانَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَفْرُغْ لِخِدْمَتِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِشِرَاءِ الْأَدْوِيَةِ، أَوْ الْكَفَنِ وَحَفْرِ الْقَبْرِ إذَا كَانَ مَنْزُولًا بِهِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْآدَمِيِّ مِنْ الْمُهِمَّاتِ وَلَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الضَّيَاعِ، وَالتَّضَرُّرِ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ (وَ) يُرَخَّصُ أَيْضًا (بِالْخَوْفِ) عَلَى كُلِّ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (حَتَّى عَلَى خُبْزِهِ فِي التَّنُّورِ) وَطَبِيخِهِ فِي الْقِدْرِ عَلَى النَّارِ وَلَا مُتَعَهِّدَ يَخْلُفُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِعُذْرٍ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ كَالسَّفَرِ يَوْمَهَا إذَا قَصَدَ إسْقَاطَهَا وَلَمْ تُمْكِنْهُ فِي طَرِيقِهِ وَكَالتَّحِيَّةِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ أَوْ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ (وَ) بِالْخَوْفِ (مِنْ) حَبْسٍ، أَوْ مُلَازَمَةِ (غَرِيمٍ وَبِهِ) أَيْ بِالْخَائِفِ (إعْسَارٌ يَعْسُرُ) عَلَيْهِ (إثْبَاتُهُ) بِخِلَافِ الْمُوسِرِ بِمَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ، وَالْمُعْسِرُ الْقَادِرُ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ حَلِفٍ، وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ، وَالدَّائِنِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَقَوْلُهُ يَعْسُرُ إثْبَاتُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ (وَ) بِالْخَوْفِ (مِنْ قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ يَرْجُو) بِغَيْبَتِهِ (الْعَفْوَ عَنْهُمَا) مَجَّانًا، أَوْ عَلَى مَالٍ وَيُلْحَقُ بِهِمَا التَّعْزِيرُ لِآدَمِيٍّ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ لِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَنْهُ (لَا) بِالْخَوْفِ مِنْ (حَدِّ زِنًا وَنَحْوِهِ) كَحَدِّ سَرِقَةٍ وَشُرْبٍ إذَا بَلَغَتْ الْإِمَامَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجُو الْعَفْوَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُرَخَّصُ بِهِ بَلْ يَحْرُمُ التَّغَيُّبُ عَنْهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَاسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ جَوَازَ التَّغْيِيبِ لِمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ فَإِنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرَةٌ، وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيهِ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَالتَّغَيُّبُ طَرِيقُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْإِشْكَالُ أَقْوَى وَقَيَّدَ الشَّيْخَانِ رَجَاءَ الْعَفْوِ بِتَغْيِيبِهِ أَيَّامًا قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْقِصَاصَ لَوْ كَانَ لِصَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ التَّغْيِيبُ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَتْرُكَ الْجَمَاعَةَ سِنِينَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلُهُمَا أَيَّامًا لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي كَلَامِهِمَا وَالشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ أَطْلَقُوا وَيَظْهَرُ الضَّبْطُ بِأَنَّهُ مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ يَجُوزُ لَهُ التَّغْيِيبُ، وَإِنْ يَئِسَ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْعَفْوِ حَرُمَ التَّغْيِيبُ فَالْمُصَنِّفُ تَرَكَ التَّقْيِيدَ لِذَلِكَ (وَبِمُدَافَعَةِ) أَحَدِ (الْأَخْبَثَيْنِ) بِالْمُثَلَّثَةِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ (أَوْ) مُدَافَعَةِ (الرِّيحِ بَلْ يُكْرَهُ) الصَّلَاةُ مَعَهَا (أَوْ الْجُوعِ) الْأَوْلَى، وَالْجُوعِ (وَالْعَطَشِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ الشَّدِيدَيْنِ (وَالْمَطْعُومُ حَاضِرٌ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ، أَوْ لَيْسَ بِحَاضِرٍ أَيْ وَقَرُبَ حُضُورُهُ (وَنَفْسُهُ تَتُوقُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ تَشْتَاقُ إلَيْهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذْ وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ وَلَا يَعْجَلَنَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ» وَقَوْلُ الْمُهِمَّاتِ الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّوَقَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَلَا عَطَشٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ، وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا عِنْدَ حُضُورِهَا بِلَا جُوعٍ وَعَطَشٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ مُفَارَقَتُهُمَا لِلتَّوَقَانِ إذْ التَّوَقَانُ إلَى الشَّيْءِ الِاشْتِيَاقُ إلَيْهِ لَا الشَّوْقُ، فَشَهْوَةُ النَّفْسِ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِدُونِهِمَا لَا تُسَمَّى تَوَقَانًا وَإِنَّمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْخَفِيفِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا خَفَاءَ أَنَّ الْبِلَادَ الْمُفْرِطَةَ الْبَرْدِ، أَوْ الْحَرِّ لَا تَخْلُو مِنْهُمَا غَالِبًا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّهِمْ إلَّا مَا خَرَجَ عَمَّا أَلِفُوهُ أَمَّا مَا لَا يَمْنَعُهُمْ التَّصَرُّفَ فَلَا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الزَّوْجَةُ، وَالصِّهْرُ إلَخْ) وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْعَتِيقِ، وَالْمُعْتِقِ بِهِمْ أَيْضًا ج (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الثَّانِيَ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: يَعْسُرُ إثْبَاتُهُ) بِأَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِيهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ، أَوْ يَشُقُّ إحْضَارُهَا، أَوْ لَا يَنْدَفِعُ الْغَرِيمُ بِهَا، أَوْ كَانَ الْحَاكِمُ حَنَفِيًّا لَا يَسْمَعُهَا إلَّا بَعْدَ حَبْسِهِ مُدَّةً وَمَحَلُّ كَوْنِهِ عُذْرًا إذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْإِعْسَارِ أَمَّا إذَا كَانَ مَقْبُولًا كَمَا إذَا لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ كَصَدَاقِ الزَّوْجَةِ وَكَمَا إذَا ادَّعَى الْإِعْسَارَ وَعَلِمَ الْمُدَّعِي بِإِعْسَارِهِ وَطَلَبَ يَمِينَهُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عُذْرًا (قَوْلُهُ، أَوْ حَلِفٍ) ، أَوْ عَلِمَ مِنْ وَرَعِ خَصْمِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ حَلِفَهُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِإِعْسَارِهِ لَمْ يَحْلِفْ (قَوْلُهُ: وَالْغَرِيمُ) يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ ح. (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ) وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: وَبِمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ إلَخْ) إنَّمَا تَكُونُ مُدَافَعَةُ الْحَدَثِ عُذْرًا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بَعْدَهُ مِنْ الطَّهَارَةِ وَإِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَقَرُبَ حُضُورُهُ) فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ حُضُورُ الطَّعَامِ عَنْ قُرْبٍ لَا يَكُونُ كَالْحَاضِرِ، وَإِنْ كَانَ يَتُوقُ إلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 تُسَمَّاهُ إذَا كَانَتْ بِهِمَا بَلْ بِشِدَّتِهِمَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ وَصْفَهُمَا بِهَا لِلْعِلْمِ بِهَا مِنْ التَّوَقَانِ، وَقَضِيَّتُهُ حَذْفُهُمَا أَيْضًا لِذَلِكَ (فَيَتَخَلَّفُ) عَنْ الْجَمَاعَةِ نَدْبًا (لِيَتَفَرَّغَ) عَنْ الْحَدَثَيْنِ وَالرِّيحِ (وَيَكْسِرَ شَهْوَتَهُ فَقَطْ) فِي الْجُوعِ بِأَنْ يَأْكُلَ لُقَيْمَاتٍ تَكْسِرُ سَوْرَتَهُ. وَخَالَفَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَصَوَّبَ إكْمَالَ حَاجَتِهِ مِنْ الْأَكْلِ قَالَ: وَمَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ يَأْكُلُ لُقَمًا تَكْسِرُ سَوْرَةَ الْجُوعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ (وَيَأْتِيَ عَلَى الْمَشْرُوبِ) كَاللَّبَنِ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً (فَلَوْ خَشِيَ) بِتَخَلُّفِهِ (فَوَاتَ الْوَقْتِ صَلَّى) وُجُوبًا (مُدَافِعًا وَجَائِعًا) وَعَطْشَانَ وَلَا كَرَاهَةَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَبِعَجْزِهِ عَنْ لِبَاسٍ لَائِقٍ) بِهِ وَإِنْ وَجَدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي خُرُوجِهِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَلِيقَ بِهِ بِأَنْ يَعْتَادَهُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ الْمَجْمُوعِ " لَائِقٍ " (وَخُرُوجِ الرُّفْقَةِ لِمُرِيدِ السَّفَرِ) الْمُبَاحِ لِمَشَقَّةِ تَخَلُّفِهِ (وَبِالْبَحْثِ عَنْ ضَالَّةٍ يَرْجُوهَا) بِتَخَلُّفِهِ عَنْ الْجَمَاعَةِ (وَبِالسَّعْيِ فِي اسْتِرْدَادِ مَغْصُوبٍ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَخْصِيصِ أَصْلِهِ ذَلِكَ بِغَصْبِ مَالِهِ (وَبِأَكْلِ نِيءِ) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ (بَصَلٍ وَنَحْوِهِ) كَثُومٍ وَكُرَّاثٍ وَفُجْلٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَكَلَ بَصَلًا أَوْ ثُومًا أَوْ كُرَّاثًا فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» وَفِي رِوَايَةٍ «الْمَسَاجِدَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» زَادَ الْبُخَارِيُّ قَالَ جَابِرٌ مَا أَرَاهُ يَعْنِي إلَّا نِيئَهُ وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ أَوْ فُجْلًا هَذَا إنْ (تَعَذَّرَ) أَيْ تَعَسَّرَ (زَوَالُ رِيحِهِ) بِغَسْلٍ وَمُعَالَجَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَسَّرْ وَخَرَجَ بِالنِّيءِ الْمَطْبُوخُ لِزَوَالِ رِيحِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالْبَخَرِ وَالصُّنَانِ الْمُسْتَحْكِمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَوَقَّفَ فِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِهِمَا لِأَنَّ التَّأَذِّي بِهِمَا أَشَدُّ مِنْهُ بِأَكْلِ الثُّومِ قَالَ وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَجْذُومَ وَالْأَبْرَصَ يُمْنَعَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَمِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَمِنْ اخْتِلَاطِهِمَا بِالنَّاسِ وَمِنْ الْأَعْذَارِ السِّمَنُ الْمُفْرِطُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَى فِيهِ خَبَرًا وَكَوْنُهُ مُتَّهَمًا كَمَا نُقِلَ عَنْ الذَّخَائِرِ وَزِفَافُ زَوْجَةٍ فِي الصَّلَوَاتِ اللَّيْلِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَسَمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ جَعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْذَارًا لِمَنْ لَا تَتَأَتَّى لَهُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِي بَيْتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُهَا لِكَرَاهَةِ الِانْفِرَادِ لِلرَّجُلِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا سُنَّةٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا أَعْذَارًا سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى قَوْلِ الْفَرْضِ وَالْكَرَاهَةِ عَلَى قَوْلِ السُّنَّةِ لَا حُصُولُ فَضْلِهَا وَيُوَافِقُهُ جَوَابُ الْجُمْهُورِ عَنْ خَبَرِ مُسْلِمٍ «سَأَلَ أَعْمَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ لِكَوْنِهِ لَا قَائِدَ لَهُ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَجِبْ» بِأَنَّهُ سَأَلَ هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا تُلْحِقُهُ بِفَضِيلَةِ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً فَقِيلَ: لَا. هَذَا كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ يُلَازِمُهَا وَإِلَّا فَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا» ، وَقَدْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ تَلْخِيصِ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ حُصُولَهُ إذَا كَانَ نَاوِيًا الْجَمَاعَةَ لَوْلَا الْعُذْرُ وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَفَّالِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَغَيْرُهُمَا وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ كَآكِلِ بَصَلٍ وَثُومٍ وَكَوْنِ خُبْزِهِ فِي التَّنُّورِ. وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَطَرٍ وَمَرَضٍ وَجَعْلِ حُصُولِهَا لَهُ كَحُصُولِهَا لِمَنْ حَضَرَهَا لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِي أَصْلِهَا لِئَلَّا يُنَافِيَهُ خَبَرُ الْأَعْمَى (بَابُ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ فِي الصَّلَاةِ) (لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ كَافِرٍ) وَلَوْ مُخْفِيًا كُفْرَهُ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِصَلَاتِهِ (وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ (مَا لَمْ تُسْمَعْ مِنْهُ الشَّهَادَتَانِ) ، فَإِنْ سُمِعَتَا مِنْهُ، وَلَيْسَ بِعِيسَوِيٍّ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِهِمَا وَإِذَا لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ، وَالْأَصْحَابُ لِإِفْسَادِهِ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ وَاسْتِهْزَائِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْإِسْلَامَ كَمَا قَالَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ أَيْ فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ يُعَزَّرْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدُ أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ (وَلَا) تَصِحُّ (خَلْفَ مَنْ عَلِمَهُ ارْتَكَبَ مُبْطِلًا) لَهَا (فِي اعْتِقَادِهِمَا كَمُحْدِثٍ وَمُتَنَجِّسٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الِارْتِبَاطِ بِالْبَاطِلِ مَعَ التَّقْصِيرِ (وَكَذَا فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَبِالسَّعْيِ فِي اسْتِرْدَادِ مَغْصُوبٍ) ، أَوْ فِي رَدِّ زَوْجَةٍ لَهُ نَشَزَتْ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةِ الْمَسَاجِدِ) وَيُكْرَهُ حُضُورُهُ عِنْدَ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالْبَخَرِ إلَخْ) قَدْ اُسْتُحْسِنَ تَعْبِيرُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ فِي التَّنْبِيهِ بِقَوْلِهِ، أَوْ خَافَ تَأَذِّي الْجَمَاعَةِ بِرَائِحَتِهِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الْبَخَرَ، وَالصُّنَانَ الشَّدِيدَ، وَالْجِرَاحَاتِ الْمُنْتِنَةَ وَمَنْ دَاوَى جَسَدَهُ بِثُومٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ جَمِيعَهُمْ أَكَلُوا بَصَلًا وَنَحْوَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتَعَذَّرَ زَوَالُ رَائِحَتِهِ فَهَلْ يُكْرَهُ حُضُورُهُمْ فَتَسْقُطُ عَنْهُمْ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا؟ يَجِبُ حُضُورُهُمْ وَصَلَاتُهُمْ الْجُمُعَةَ (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ فِي الْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ) ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ السُّقُوطِ ح (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِهِمَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الصَّوَابُ السُّقُوطُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ جَعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْذَارًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُهَا) ، وَإِنْ حَصَلَ الشِّعَارُ بِغَيْرِهِ ح (قَوْلُهُ: لَا حُصُولُ فَضْلِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ مِنْهُ عَجِيبٌ، وَقَدْ قَالَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يُنْتَقَصُ ثَوَابُهُ عَنْ ثَوَابِهِ فِي حَالِ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ لِلْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا) ز أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَغَيْرُهُمَا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الْحَقُّ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ بَعْدَ كَلَامٍ بَسَطَهُ، وَالْحَقُّ أَنَّ مَعَ الْعُذْرِ الْمُسَوِّغِ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ أَصْلِ الْجَمَاعَةِ لَا الْمُضَاعَفَةُ وَيَنْبَغِي تَنْزِيلُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى الْمُضَاعَفَةِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ عَلَى أَصْلِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَبْقَى خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [بَابُ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ فِي الصَّلَاةِ] (بَابُ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْإِسْلَامَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صِحَّةِ الِارْتِبَاطِ بِالْبَاطِلِ) مَنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ صِحَّةً مُغْنِيَةً عَنْ الْقَضَاءِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إلَّا الْمُقْتَدِيَ وَمَنْ لَا فَلَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 لَا الْإِمَامِ) لِذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ اخْتِلَافُ اعْتِقَادِهِمَا لَا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْفُرُوعِ الِاجْتِهَادِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي أَمْ لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا كَحَنَفِيٍّ أَمَّ شَافِعِيًّا عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا عِنْدَهُ كَتَرْكِهِ الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ فَرْجِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ وَاجِبًا عِنْدَ الْحَنَفِيِّ (فَتَصِحُّ) صَلَاةُ الشَّافِعِيِّ (خَلْفَ حَنَفِيٍّ احْتَجَمَ) ، أَوْ افْتَصَدَ (لَا) خَلْفَ (مَاسِّ فَرْجِهِ) اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْمَسَّ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ دُونَ الْحَجْمِ، وَالْفَصْدِ وَاسْتَشْكَلَ هَذَا التَّعْلِيلُ بِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى مُسَافِرَانِ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ انْقَطَعَ بِوُصُولِهِمَا سَفَرُ الشَّافِعِيِّ دُونَ الْحَنَفِيِّ وَجَازَ لَهُ بِكُرْهٍ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ مَعَ اعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْقَاصِرِ فِي الْإِقَامَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا فِي تَرْكِ وَاجِبٍ لَا يُجَوِّزُهُ الشَّافِعِيُّ مُطْلَقًا بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ الْقَصْرَ فِي الْجُمْلَةِ وَسَتَأْتِي فِيهِ زِيَادَةٌ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ. (وَكَذَا) حَنَفِيٌّ (تَارِكٌ الْبَسْمَلَةَ) لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الشَّافِعِيِّ خَلْفَهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَنَفِيُّ كَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ) أَيْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، أَوْ نَائِبِهِ فَتَصِحُّ صَلَاةُ الشَّافِعِيِّ خَلْفَهُ عَالِمًا كَانَ، أَوْ عَامِّيًّا وَلَا يُفَارِقُهُ خَوْفَ الْفِتْنَةِ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَوْدَنِيِّ وَالْحَلِيمِيِّ وَاسْتَحْسَنَاهُ، لَكِنْ بَعْدَ نَقْلِهِمَا عَنْ تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ. وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ عَدَمَ الصِّحَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا اسْتَحْسَنَاهُ مُخَالِفٌ لِنَظَائِرِهِ كَصِحَّةِ الْجُمُعَةِ السَّابِقَةِ وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَ الْأُخْرَى (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ تَرَكَ وَاجِبًا صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَوْ شَكَّ) فِي أَنَّهُ تَرَكَ الْوَاجِبَاتِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَتَى بِهَا فَذَاكَ وَإِلَّا، فَالظَّاهِرُ إتْيَانُهُ بِهَا مُحَافَظَةً عَلَى الْكَمَالِ عِنْدَهُ وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اعْتِقَادِهِ الْوُجُوبَ وَإِنَّمَا ضَرَّ فِي الْإِمَامِ الْمُوَافِقِ لِعِلْمِ الْمَأْمُومِ بِبُطْلَانِهَا عِنْدَهُمَا (فَإِنْ تَرَكَ) إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ (الْقُنُوتَ) فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ لِاعْتِقَادِهِ عَدَمَ سُنِّيَّتِهِ (وَأَمْكَنَهُ) هُوَ أَنْ يَقْنُتَ وَيُدْرِكُهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى (قَنَتَ) نَدْبًا (وَإِلَّا تَابَعَهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ وَلَهُ فِرَاقُهُ لِيَقْنُتَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ إذَا قَنَتَ لَا يَسْجُدُ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْإِمَامِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْجُدُ كَمَا لَوْ كَانَ إمَامُهُ شَافِعِيًّا فَتَرَكَهُ (وَلَوْ تَرَكَ شَافِعِيٌّ الْقُنُوتَ وَخَلَفَهُ حَنَفِيٌّ فَسَجَدَ) الشَّافِعِيُّ (لِلسَّهْوِ تَابَعَهُ) الْحَنَفِيُّ (وَلَوْ تَرَكَ) السُّجُودَ (لَمْ يَسْجُدْ) اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ وَلَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِمَنْ يَرَى تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ فَطَوَّلَهُ لَمْ يُوَافِقْهُ بَلْ يَسْجُدْ وَيَنْتَظِرْهُ سَاجِدًا كَمَا يَنْتَظِرُهُ قَائِمًا إذَا سَجَدَ فِي سَجْدَةِ " ص " وَكَمَا لَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِمِثْلِهِ فَقَرَأَ إمَامُهُ الْفَاتِحَةَ وَرَكَعَ وَاعْتَدَلَ، ثُمَّ شَرَعَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ بَلْ يَسْجُدُ وَيَنْتَظِرُهُ سَاجِدًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ يَقْتَضِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ وَاضِحٌ قُلْت وَكَلَامُ الْقَفَّالِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُ فِي الِاعْتِدَالِ وَيُحْتَمَلُ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ فِي ذَلِكَ، وَالْمُخْتَارُ جَوَازُ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ، وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (وَلَا قُدْوَةَ بَيْنَ مَنْ اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُمَا فِي الْقِبْلَةِ، أَوْ فِي إنَاءَيْنِ) طَاهِرٍ وَنَجِسٍ (كَمَا سَبَقَ) بَيَانُهُ مَعَ بَيَانِ حُكْمِ مَا لَوْ كَثُرَتْ الْآنِيَةُ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ. (فَصْلٌ لَا قُدْوَةَ) صَحِيحَةَ (بِمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ كَمُقِيمٍ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَمُحْدِثٍ صَلَّى) عَلَى (حَسَبِ حَالِهِ) لِإِكْرَاهٍ أَوْ لِفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ (وَلَوْ كَانَ الْمُقْتَدِي مِثْلَهُ) لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِ كَالْفَاسِدَةِ وَأَمَّا عَدَمُ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ صَلَّى خَلْفَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالْإِعَادَةِ حَيْثُ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ لِلْبَرْدِ؛ فَلِمَا مَرَّ أَوَاخِرَ التَّيَمُّمِ. (وَلَا بِمَأْمُومٍ) إذْ لَا يَجْتَمِعُ وَصْفَا الِاسْتِقْلَالِ وَالتَّبَعِيَّةِ وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّ النَّاسَ اقْتَدَوْا بِأَبِي بَكْرٍ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُقْتَدِينَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُمْ التَّكْبِيرَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَرَضِ وَفَاتِهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنْ صَحَّ هَذَا كَانَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ كَمَا أَجَابَ بِهِ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ (وَ) لَا (مَنْ تَوَهَّمَهُ مَأْمُومًا) كَأَنْ وَجَدَ رَجُلَيْنِ يُصَلِّيَانِ جَمَاعَةً وَتَرَدَّدَ فِي أَيِّهِمَا الْإِمَامُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى، حُكْمُ الظَّنِّ، وَالشَّكِّ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا هَجَمَ، فَإِنْ اجْتَهَدَ فِي أَيِّهِمَا الْإِمَامُ وَاقْتَدَى بِمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ الْإِمَامُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَمَا يُصَلِّي بِالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ، وَالثَّوْبِ، وَالْأَوَانِي (وَإِنْ اعْتَقَدَ كُلٌّ) مِنْ مُصَلِّيَيْنِ (أَنَّهُ إمَامٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُمَا) إذْ لَا مُقْتَضَى لِلْبُطْلَانِ (لَا عَكْسَهُ) بِأَنْ اعْتَقَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَأْمُومٌ فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مُقْتَدٍ بِمَنْ يَقْصِدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ (فَمَنْ شَكَّ) وَلَوْ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (أَنَّهُ إمَامٌ، أَوْ مَأْمُومٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِشَكِّهِ فِي أَنَّهُ تَابِعٌ، أَوْ مَتْبُوعٌ فَلَوْ شَكَّ أَحَدُهُمَا وَظَنَّ الْآخَرُ صَحَّتْ لِلظَّانِّ أَنَّهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ خَلْفَ حَنَفِيٍّ إنْ احْتَجَمَ) صَوَّرَهَا صَاحِبُ الْخَوَاطِرِ الشَّرِيفَةِ بِمَا إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ قِيلَ وَيَرُدُّهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِاعْتِبَارِ عَقِيدَةِ الْإِمَامِ بِأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ فِي الْقَصْدِ وَنَحْوِهِ فَلَا تَقَعُ مِنْهُ نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ وَقَوْلُهُ بِمَا إذَا نَسِيَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ قِيلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُفَارِقُهُ خَوْفَ الْفِتْنَةِ) فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ يَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ فَقَدْ لَا يَعْلَمُ الْإِمَامُ بِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ، أَوْ مُفَارَقَتِهِ كَأَنْ يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ مَثَلًا فَيَنْتَفِي خَوْفُ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ) أَيْ، أَوْ الْحَنْبَلِيُّ (قَوْلُهُ: وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) رَاجِعٌ إلَى مَا قَبْلَ إلَّا أَيْضًا فَيُوَافِقُ الْأَصَحَّ (قَوْلُهُ: بَلْ يَسْجُدُ وَيَنْتَظِرُهُ سَاجِدًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. [فَصْلٌ لَا قُدْوَةَ صَحِيحَةَ بِمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ كَمُقِيمٍ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَمُحْدِثٍ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ] (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 إمَامٌ دُونَ الْآخَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الظَّنِّ، وَالشَّكِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَالْبُطْلَانُ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ بِنَاءً عَلَى طَرِيقِ الْعِرَاقِيِّينَ أَمَّا عَلَى طَرِيقِ الْمَرَاوِزَةِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ فِي الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَلَا) قُدْوَةَ (بِمَنْ يَعْجِزُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (عَنْ الْفَاتِحَةِ، أَوْ عَنْ إخْرَاجِ حَرْفٍ) مِنْهَا (مِنْ مَخْرَجِهِ، أَوْ عَنْ تَشْدِيدٍ) مِنْهَا (لِرَخَاوَةِ لِسَانِهِ) وَلَوْ فِي السِّرِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ، وَهَذَا لَا يَصْلُحُ لِلتَّحَمُّلِ، وَكَذَا مَنْ يُصَلِّي بِسَبْعِ آيَاتٍ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لَا يَقْتَدِي بِمَنْ يُصَلِّي بِالذِّكْرِ فَلَوْ عَجَزَ إمَامُهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ لِخَرَسٍ فَارَقَهُ بِخِلَافِ عَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ بِخِلَافِ اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأَخْرَسِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِحُدُوثِ الْخَرَسِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ أَعَادَ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ الْخَرَسِ نَادِرٌ بِخِلَافِ حُدُوثِ الْحَدَثِ (وَلَا بِمَنْ بَانَ أَنَّهُ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَا النِّيَّةَ، وَإِنْ سَهَا) بِتَرْكِ التَّكْبِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْفَى فَيُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ النِّيَّةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَاتَيْنِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ عَاجِزٍ) عَنْ الْفَاتِحَةِ، أَوْ بَعْضِهَا وَيُسَمَّى أُمِّيًّا (بِمِثْلِهِ إنْ اتَّفَقَا) عَجْزًا لِاسْتِوَائِهِمَا نُقْصَانًا كَالْمَرْأَتَيْنِ وَلَا يُشْكِلُ بِمَنْعِ اقْتِدَاءِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوِهِ بِمِثْلِهِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا (لَا) اقْتِدَاءُ (قَارِئِ أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ) دُونَ آخِرِهَا (بِقَارِئِ آخِرِهَا) دُونَ أَوَّلِهَا (وَإِنْ كَثُرَ) الْآخِرُ، وَلَا عَكْسُهُ، وَلَا اقْتِدَاءُ قَارِئِ أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا بِقَارِئِ وَسَطِهَا، وَلَا عَكْسُهُ الشَّامِلُ لَهَا كَلَامُ أَصْلِهِ (وَلَا أَلْثَغَ الرَّاءِ) مَثَلًا (بِأَلْثَغِ السِّينِ) كَذَلِكَ لِاخْتِلَافِهِمَا وَلَا أَرَتَّ بِأَرَتَّ إنْ اخْتَلَفَتْ رَتَّتُهُمَا. الْأَلْثَغُ بِالْمُثَلَّثَةِ مَنْ فِي لِسَانِهِ لُثْغَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ، وَهُوَ مَنْ يُبْدِلُ حَرْفًا بِآخَرَ كَأَنْ يُبْدِلَ السِّينَ بِالْمُثَلَّثَةِ، أَوْ الرَّاءَ بِالْغَيْنِ فَيَقُولُ: " الْمُثْتَقِيمَ " " غَيْغِ الْمَغْضُوبِ "، وَالْأَرَتُّ بِالْمُثَنَّاةِ مَنْ فِي لِسَانِهِ رُتَّةٌ بِضَمِّ الرَّاءِ، وَهُوَ مَنْ يُدْغِمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْإِدْغَامِ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الِاتِّفَاقِ، وَالِاخْتِلَافِ بِالْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ فَلَوْ أَبْدَلَ أَحَدُهُمَا السِّينَ تَاءً، وَالْآخَرُ زَايًا كَانَا مُتَّفِقَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ لُثْغَتُهُ يَسِيرَةً بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَرْفِ غَيْرَ صَافٍ لَمْ يُؤَثِّرْ. (وَتُكْرَهُ) الصَّلَاةُ (خَلْفَ التِّمْتَام، وَالْفَأْفَاءِ) هَذَا مُسَاوٍ لِكَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَالْمُحَرَّرِ وَتُكْرَهُ إمَامَةُ التَّمْتَامِ، وَالْفَأْفَاءِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ (وَهُمَا الْمُكَرِّرَانِ الْفَاءَ، وَالتَّاءَ) وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهِمَا بَلْ يَجْرِي فِي الْوَأْوَاءِ، وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ الْوَاوَ وَفِي غَيْرِهِ مِمَّنْ يُكَرِّرُ شَيْئًا مِنْ سَائِرِ الْحُرُوفِ؛ لِلزِّيَادَةِ وَلِتَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ بِتَكْرَارِ الْحَرْفِ وَلِنَفْرَةِ الطِّبَاعِ مِنْ سَمَاعِ كَلَامِهِمْ وَصَحَّتْ إمَامَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَنْقُصُونَ شَيْئًا بَلْ يَزِيدُونَ زِيَادَةً هُمْ مَعْذُورُونَ فِيهَا، وَالْفُقَهَاءُ يُعَبِّرُونَ بِالتَّمْتَامِ وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ التَّأْتَاءُ (وَ) تُكْرَهُ (خَلْفَ لَحَّانٍ) كَثْرَةُ اللَّحْنِ الْمُفَادَةُ بِلَحَّانٍ لَيْسَتْ مُرَادَةً وَفِي نُسْخَةٍ لَاحِنٍ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِتَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَنْ يَلْحَنُ لَحْنًا (لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) كَرَفْعِ هَاءِ لِلَّهِ وَنَصْبِهِ وَيَحْرُمُ تَعَمُّدُهُ (فَإِنْ غَيَّرَهُ) كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْتَ أَوْ كَسْرِهَا، فَإِنْ كَانَ (لِعَجْزٍ فَكَالْأَلْثَغِ) فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَقُدْوَةُ مِثْلِهِ بِهِ (أَوْ لِتَقْصِيرٍ فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ) فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهِ (وَهَذَا) إنَّمَا يَأْتِي (فِي الْفَاتِحَةِ) ، أَوْ بَدَلِهَا (فَقَطْ) كَمَا مَرَّ، فَإِنْ لَحَنَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3] بِجَرِّ اللَّامِ فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَالِمًا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَتَصِحُّ وَتَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ السُّورَةِ جَائِزٌ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ قِيلَ لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ مِمَّا يَلْحَنُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ بِلَا ضَرُورَةٍ وَقَوَّاهُ السُّبْكِيُّ قَالَ: وَمُقْتَضَاهُ الْبُطْلَانُ فِي الْقَادِرِ، وَالْعَاجِزِ. (وَلَا يَقْتَدِي رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» مَعَ خَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا» (وَلَا بِخُنْثَى) مُشْكِلٍ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ (وَلَا خُنْثَى) مُشْكِلٌ (بِهِمَا) أَيْ بِامْرَأَةٍ وَبِخُنْثَى مُشْكِلٍ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ مَعَ تَحَقُّقِ أُنُوثَةِ الْإِمَامِ فِي الْأُولَى مَعَ احْتِمَالِهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَلَا تَتَبَيَّنُ الصِّحَّةُ إذَا) خَالَفَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مَا ذُكِرَ، ثُمَّ (بَانَ الْإِمَامُ رَجُلًا، وَالْمَأْمُومُ امْرَأَةً) أَوْ بَانَا رَجُلَيْنِ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ فِي الظَّاهِرِ لِلتَّرَدُّدِ عِنْدَهَا، وَيُكْرَهُ اقْتِدَاءُ خُنْثَى بَانَتْ أُنُوثَتُهُ بِامْرَأَةٍ، وَرَجُلٍ بِخُنْثَى بَانَتْ ذُكُورَتُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَفِيهِ التَّفْصِيلُ فِي الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ عَاجِزٍ بِمِثْلِهِ إلَخْ) قَوْلُهُمْ بِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْأُمِّيِّ بِمِثْلِهِ يَتَنَاوَلُ الْجُمُعَةَ فِيمَا لَوْ أَمَّ فِيهَا أُمِّيٌّ بِأَرْبَعِينَ أُمِّيِّينَ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ وَحَكَى مَعَهُ وَجْهًا بِالْمَنْعِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهَا فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَلَا تُفْعَلُ مَرَّتَيْنِ فَاعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ إمَامُهَا كَامِلًا وَهُوَ فَرْعٌ غَرِيبٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا صَحَّحَهُ فِي الْبَحْرِ هُوَ الْوَجْهُ وَقَوْلُهُ يَتَنَاوَلُ الْجُمُعَةَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِاسْتِوَائِهِمَا نَقْصًا) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ خَرِسَ إمَامُهُ الْقَارِئُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَارَقَهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى سَلَّمَ أَعَادَ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الِاتِّفَاقِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الصَّلَاةُ خَلْفَ التَّمْتَامِ وَالْفَأْفَاءِ] (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ خَلْفَ التِّمْتَام، وَالْفَأْفَاءِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذْ وُجِدَ هُنَاكَ غَيْرُهُ صَالِحٌ لِلْإِمَامَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، أَوْ تَمَيَّزَ بِالْفِقْهِ فَهُوَ أَوْلَى وَلَا كَرَاهَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ قس (قَوْلُهُ وَخَلْفَ لَحَّانٍ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْقَاضِي إنَّهُ عُدَّ مِمَّا لَا يُخِلُّ الْمَعْنَى الْهَمْدُ لِلَّهِ، وَأَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ، وَكَذَا الرُّويَانِيُّ جَعَلَهُ مِمَّا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى قُلْت وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا سَيَأْتِي اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِهِ بَيْنَ الْحَاءِ، وَالْهَاءِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا لَيْسَ بِلَحْنٍ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ فِي الظَّاهِرِ لِلتَّرَدُّدِ عِنْدَهَا) ؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى بِخُنْثَى فِي ظَنِّهِ كَمَا صَوَّرَهَا النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ أَبَانَ فِي الصَّلَاةِ أَمْ بَعْدَهَا وَصَوَّرَهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُنُوثَتَهُ، ثُمَّ بَانَ رَجُلًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا أَصَحُّ، وَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْعَالِمِ بِخُنُوثَتِهِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الصَّلَاةِ ظَاهِرًا وَاسْتِحَالَةِ جَزْمِ النِّيَّةِ وَأَنَّهُ لَوْ ظَنَّهُ رَجُلًا، ثُمَّ بَانَ فِي أَثْنَائِهَا خُنُوثَتُهُ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ وَهَلْ يَبْنِي، أَوْ يَسْتَأْنِفُ فِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ لَوْ ظَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ رَجُلًا، ثُمَّ لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ حَتَّى بَانَ رَجُلًا فَلَا قَضَاءَ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي لَوْ ائْتَمَّ رَجُلٌ بِخُنْثَى وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِحَالِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ عَلِمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَتَقْتَدِي الْمَرْأَةُ بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِالرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالْخُنْثَى. (فَرْعٌ) لَوْ (اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَقْضِي كَمُسْتَحَاضَةٍ غَيْرِ مُتَحَيِّرَةٍ وَمُسْتَجْمِرٍ وَمُتَيَمِّمٍ وَعَارٍ وَمُضْطَجِعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَمَاسِحِ خُفٍّ وَقَاعِدٍ وَمُسْتَلْقٍ وَمُومٍ بِشُرُوطِهَا الْمَعْرُوفَةِ فِي مَحَالِّهَا (صَحَّ) لِصِحَّةِ صَلَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا تَصِحُّ قُدْوَةَ غَيْرِهَا وَلَوْ مُتَحَيِّرَةً بِهَا؛ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْعَارِي مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْكَافِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ. (فَرْعٌ إذَا بَانَ) لِلْمَأْمُومِ (فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ) عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ (حَدَثُ إمَامِهِ، أَوْ تَنَجُّسُهُ) وَلَوْ بِنَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ (فَارَقَهُ) وُجُوبًا لِعِلْمِهِ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُغْنِي عَنْ الْمُفَارَقَةِ تَرْكُ الْمُتَابَعَةِ قَطْعًا بَلْ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ خَلْفَ مَنْ عَلِمَ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ (أَوْ) بِأَنَّ ذَلِكَ (بَعْدَ غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَقْضِ) صَلَاتَهُ لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ مِنْهُ؛ وَلِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرَةَ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَحْرَمَ وَأَحْرَمَ النَّاسُ خَلْفَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَأَشَارَ إلَيْهِمْ كَمَا أَنْتُمْ، ثُمَّ خَرَجَ وَاغْتَسَلَ وَرَجَعَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ» وَلَا يُنَافِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ» ؛ لِأَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْخَبَرَانِ صَحِيحَانِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي النَّجَاسَةِ بَيْنَ الْخَفِيَّةِ، وَالظَّاهِرَةِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ جِنْسِ الْخَفِيَّةِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي الظَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّهُ يُنْسَبُ فِيهَا إلَى تَقْصِيرٍ وَجَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ أَقْوَى، وَحَمَلَ فِيهِ وَفِي تَصْحِيحِهِ كَلَامَ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَبِهِ أَفْتَيْت، وَالْخَفِيَّةُ مَا تَكُونُ بِبَاطِنِ الثَّوْبِ، وَالظَّاهِرَةُ مَا تَكُونُ بِظَاهِرِهِ فَيَجِبُ فِيهَا الْقَضَاءُ عَلَى الثَّانِي نَعَمْ لَوْ كَانَتْ بِعِمَامَتِهِ وَأَمْكَنَهُ رُؤْيَتُهَا إذَا قَامَ، لَكِنَّهُ صَلَّى جَالِسًا لِعَجْزِهِ فَلَمْ تُمْكِنْهُ رُؤْيَتُهَا لَمْ يَقْضِ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الْجُلُوسُ فَلَا تَفْرِيطَ مِنْهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُقْتَدِي الْأَعْمَى، وَالْبَصِيرِ أَيْ حَتَّى لَا يَجِبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْأَعْمَى مُطْلَقًا انْتَهَى، فَالْأَوْلَى الضَّبْطُ بِمَا فِي الْأَنْوَارِ أَنَّ الظَّاهِرَ مَا تَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمَأْمُومُ رَآهَا، وَالْخَفِيَّةُ بِخِلَافِهَا (إلَّا إنْ عَلِمَهُ) مُحْدِثًا، أَوْ مُتَنَجِّسًا (وَنَسِيَ وَلَمْ يَحْتَمِلْ أَنَّهُ تَوَضَّأَ) الْأَوْلَى تَطَهَّرَ بِأَنْ لَمْ يَفْتَرِقَا فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِتَقْصِيرِهِ (وَفِي الْجُمُعَةِ تَفْصِيلٌ سَيَأْتِي) بَيَانُهُ فِيهَا مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ، أَوْ لَا (وَيَقْضِي إنْ بَانَ) إمَامُهُ (امْرَأَةً، أَوْ خُنْثَى أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ أُمِّيًّا، أَوْ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ، أَوْ كَافِرًا وَلَوْ زِنْدِيقًا وَمُرْتَدًّا) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْفَوْنَ غَالِبًا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا كَمَا مَرَّ وَلِنَقْصِ مَا عَدَا الْقَادِرَ عَلَى الْقِيَامِ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْقَادِرِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ، وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَأَصْلِهِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ لَوْ خَطَبَ جَالِسًا فَبَانَ قَادِرًا فَكَمَنْ بَانَ جُنُبًا (إلَّا إنْ اقْتَدَى بِمَنْ أَسْلَمَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْفَرَاغِ كُنْت غَيْرَ مُسْلِمٍ) أَيْ لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت حَقِيقَةً، أَوْ أَسْلَمْت، ثُمَّ ارْتَدَدْت فَلَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ إمَامَهُ كَافِرٌ بِذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ، وَهَذَا قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ جَهِلَ إسْلَامَهُ، أَوْ شَكَّ فِيهِ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِكُفْرِهِ. (فَرْعٌ تَصِحُّ) الصَّلَاةُ (خَلْفَ مَجْهُولٍ) إسْلَامُهُ، أَوْ قِرَاءَتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِسْلَامُ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الْمُصَلِّي أَنَّهُ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ (فَإِنْ أَسَرَّ) هَذَا (فِي جَهْرِيَّةٍ أَعَادَ) الْمَأْمُومُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا لَجَهَرَ وَيَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ أَئِمَّتِنَا؛ لِأَنَّ إسْرَارَ الْقِرَاءَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ يُخَيِّلُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُحْسِنُهَا لَجَهَرَ بِهَا أَمَّا فِي السِّرِّيَّةِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ طَهَارَةِ الْإِمَامِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ   [حاشية الرملي الكبير] فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فَلَوْ لَمْ يُعِدْ حَتَّى بَانَ رَجُلًا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ اهـ. ، وَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ إذَا بَانَ رَجُلًا فِي تَصْوِيرِ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ ح. [فَرْعٌ اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَقْضِي كَمُسْتَحَاضَةٍ غَيْرِ مُتَحَيِّرَةٍ وَمُسْتَجْمِرٍ وَمُتَيَمِّمٍ وَعَارٍ وَمُضْطَجِعٍ] (قَوْلُهُ: وَيُومِئُ بِالْأَرْكَانِ إيمَاءً ظَاهِرًا) أَمَّا مَنْ يُشِيرُ إلَيْهَا بِجُفُونِهِ، أَوْ بِرَأْسِهِ إشَارَةً خَفِيَّةً، أَوْ يُجْرِي الْأَرْكَانَ عَلَى قَلْبِهِ لِعَجْزٍ فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَشْعُرُ بِانْتِقَالَاتِهِ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا وَلَكِنَّهُ وَاضِحٌ قف (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ بَانَتْ الْمَرْأَةُ مُتَحَيِّرَةً فَهُوَ كَظُهُورِ حَدَثِ الْإِمَامِ فَلَا إعَادَةَ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا تَخْفَى وَقَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ بَانَ لِلْمَأْمُومِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ حَدَثُ إمَامِهِ أَوْ تَنَجُّسُهُ] (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُهُ أَنَّ النَّجَاسَةَ الظَّاهِرَةَ كَذَلِكَ فَيُفَارِقُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا بِخِلَافِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَسْتَأْنِفُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي الظَّاهِرَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فَرْضَهُ الْجُلُوسُ) فَلَا تَفْرِيطَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً وَاشْتَغَلَ عَنْهَا بِالصَّلَاةِ، أَوْ لَمْ يَرَهَا لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ تَجِبُ الْإِعَادَةُ اهـ. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَجِبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْأَعْمَى مُطْلَقًا) ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ الْمُشَاهَدَةِ (قَوْلُهُ، فَالْأَوْلَى الضَّبْطُ بِمَا فِي الْأَنْوَارِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَأَصْلِهِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ لَوْ خَطَبَ جَالِسًا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيَامَ هُنَا رُكْنٌ وَفِي الْخُطْبَةِ شَرْطٌ وَيُغْتَفَرُ فِي الشُّرُوطِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَرْكَانِ وَلَوْ أَحْرَمَ خَلْفَ شَاخِصٍ يَظُنُّهُ رَجُلًا فَبَانَ أُسْطُوَانَةً عَلَيْهَا ثِيَابُ الرِّجَالِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ خَلْفَ شَخْصٍ يَظُنُّهُ رَجُلًا فَبَانَ امْرَأَةً أَمْ لَا؟ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَذَا كَعَدَمِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ الْبُطْلَانُ لِعَدَمِ الصَّلَاحِيَّةِ لِلْإِمَامَةِ؛ وَلِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَخْفَى غَالِبًا. [الصَّلَاةُ خَلْفَ مَجْهُولٍ إسْلَامُهُ أَوْ قِرَاءَتُهُ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِسْلَامُ) ؛ وَلِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الصَّلَاةِ يُكَذِّبُ قَوْلَهُ ظَاهِرًا فَأَشْبَهَ مَنْ بَاعَ عَيْنًا، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ وَقَفَهَا، أَوْ بَاعَ عَبْدًا، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَعْتَقَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الْإِعَادَةُ إنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي بِلَادِ الْكُفْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَجِبَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي دَارِ الْكُفْرِ إلَّا مَنْ أَخْلَصَ إيمَانَهُ بِخِلَافِ دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ قَدْ يُصَلِّي فِيهَا تَقِيَّةً مِنْ الْكُفْرِ وَهُوَ مُنَافِقٌ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُ الْبَحْثُ عَنْ طَهَارَةِ الْإِمَامِ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 (لَا إنْ قَالَ) بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ الْجَهْرِيَّةِ (نَسِيت) الْجَهْرَ وَصَدَّقَهُ الْمَأْمُومُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ (بَلْ تُسْتَحَبُّ كَمَنْ جَهِلَ) مِنْ إمَامِهِ الَّذِي لَهُ حَالَتَا جُنُونٍ وَإِفَاقَةٍ، أَوْ إسْلَامٍ وَرِدَّةٍ (وَقْتَ جُنُونِهِ أَوْ رِدَّتِهِ) فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ بَلْ تُسْتَحَبُّ (وَتَصِحُّ خَلْفَ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَعَبْدٍ) وَلَوْ فِي نَفْلٍ لِلِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِمَا وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ سِتِّ، أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَأَنَّ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ (وَ) ، لَكِنَّ (الْبَالِغَ، وَالْحُرَّ أَوْلَى) مِنْهُمَا، وَإِنْ اخْتَصَّا بِفَضْلٍ مِنْ وَرَعٍ، أَوْ نَحْوِهِ؛ لِكَمَالِهِمَا وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ الِاقْتِدَاءَ بِالصَّبِيِّ وَمَنْ كَرِهَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَبِالْعَبْدِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، فَالْعَبْدُ الْبَالِغُ أَوْلَى مِنْ الْحُرِّ الصَّبِيِّ وَلَوْ اجْتَمَعَ عَبْدٌ وَحُرٌّ وَزَادَ بِالْفِقْهِ فَهُمَا سَوَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ حَيْثُ صَحَّحُوا فِيهَا أَوْلَوِيَّةَ صَلَاةِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا الدُّعَاءُ، وَالشَّفَاعَةُ، وَالْحُرُّ بِهِمَا أَلْيَقُ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُبَعَّضَ أَوْلَى مِنْ كَامِلِ الرِّقِّ. (فَصْلٌ يُقَدَّمُ) فِي الْإِمَامَةِ (الْعَدْلُ عَلَى الْفَاسِقِ وَإِنْ كَانَ أَفْقَهَ وَأَقْرَأَ) . لِأَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِهِ (بَلْ تُكْرَهُ) الصَّلَاةُ (خَلْفَ الْفَاسِقِ) لِذَلِكَ وَإِنَّمَا صَحَّتْ لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَفَى بِهِ فَاسِقًا (وَ) خَلْفَ (الْمُبْتَدِعِ) الَّذِي لَا يُكَفَّرُ بِبِدْعَتِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي كَالْفَاسِقِ بَلْ أَوْلَى لِمُلَازَمَةِ اعْتِقَادِهِ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ (، وَالْأَعْمَى كَالْبَصِيرِ) فِي الْإِمَامَةِ لِتَعَارُضِ فَضِيلَتَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَنْظُرُ مَا يَشْغَلُهُ فَهُوَ أَخْشَعُ، وَالْبَصِيرُ يَنْظُرُ الْخَبَثَ فَهُوَ أَحْفَظُ لِتَجَنُّبِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (إنْ لَمْ يَبْتَذِلْ) بِالْمُعْجَمَةِ مَا إذَا تَبَذَّلَ أَيْ تَرَكَ الصِّيَانَةَ مِنْ الْمُسْتَقْذَرَاتِ كَأَنْ لَبِسَ ثِيَابَ الْبِذْلَةِ، فَإِنَّ الْبَصِيرَ أَوْلَى مِنْهُ نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ بِصِيغَةِ " قِيلَ " عَنْ النَّصِّ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ ذِكْرُهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي فِي نَظَافَةِ الثَّوْبِ، وَالْبَدَنِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِتَبَذُّلِ الْأَعْمَى بَلْ لَوْ تَبَذَّلَ الْبَصِيرُ كَانَ الْأَعْمَى أَوْلَى مِنْهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِمَامُهُ الْحُرُّ الْأَعْمَى أَفْضَلُ مِنْ إمَامِهِ الْعَبْدِ الْبَصِيرِ (وَتَصِحُّ خَلْفَ مُبْتَدِعٍ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ) أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْبِدَعِ (وَلَا يُكَفَّرُ) بِهِ كَذَا أَطْلَقَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الصَّحِيحُ، أَوْ الصَّوَابُ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَقْبَلُ شَهَادَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَّا الْخَطَّابِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ لِمُوَافِقِيهِمْ وَلَمْ يَزَلْ السَّلَفُ، وَالْخَلَفُ عَلَى الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ وَإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ تَأَوَّلَ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مَا جَاءَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ تَكْفِيرِ الْقَائِلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ عَلَى كُفْرَانِ النِّعَمِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ مِنْ تَكْفِيرِ مُنْكِرِي الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَبِالْمَعْدُومِ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَكْفِيرِ مَنْ يُصَرِّحُ بِالتَّجْسِيمِ فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَتُكْرَهُ خَلْفَ الْمُبْتَدِعِ وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، أَوْ ذَكَرَ مَعَهُ مَا ذَكَرْته كَانَ أَوْلَى (وَالْأَفْقَهُ) فِي بَابِ الصَّلَاةِ (الْأَقْرَأُ) أَيْ الْأَكْثَرُ قُرْآنًا (أَوْلَى) مِنْ غَيْرِهِ لِفَضْلِهِ بِزِيَادَةِ الْفِقْهِ، وَالْقِرَاءَةِ (ثُمَّ الْأَفْقَهُ) أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَإِ؛ لِأَنَّ افْتِقَارَ الصَّلَاةِ لِلْفِقْهِ لَا يَنْحَصِرُ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ وَلِتَقْدِيمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَّ عَلَى أَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] وَتَوَضَّأَ الْإِمَامُ وَأَغْفَلَ لُمْعَةً مِنْ عَقِبِهِ يُشَاهِدُهَا الْمَأْمُومُ فَهَلْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وُضُوءُهُ عَنْ تَجْدِيدٍ أَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَحْثُ وَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ حَدَثٍ الْمُتَّجَهُ الثَّانِي وَلَوْ أَخْبَرَ الْإِمَامُ الْمَسْبُوقَ بِأَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ فِي رَكْعَتِهِ الَّتِي أَدْرَكَ رُكُوعَهَا لَزِمَهُ التَّدَارُكُ بِرَكْعَةٍ، فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ اسْتَأْنَفَ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَالَ نَسِيت الْجَهْرَ) ، أَوْ أَسْرَرْت لِكَوْنِهِ جَائِزًا (قَوْلُهُ: فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ) بَلْ تُسْتَحَبُّ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّهُ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ نَصَّ عَلَيْهِ الْبُوَيْطِيُّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا جَهِلَ الْمَأْمُومُ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ حَتَّى سَلَّمَ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَتَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الصَّلَاةِ عَمَلًا عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ أُمِّيٌّ فَمُتَابَعَتُهُ لَهُ مَعَ الِاعْتِقَادِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُبْطِلَةً. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ فَمُتَابَعَةُ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ بَعْدَ إسْرَارِهِ لَا تُبْطِلُ عَمَلًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ الْإِسْلَامُ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الْمُصَلِّي أَنَّهُ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ وَهَذَا وَإِنْ عَارَضَهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا بِالْجَهْرِ تَرَجَّحَ عَلَيْهِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يُخْبِرَ إمَامَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ بِأَنَّهُ أَسَرَّ لِلنِّسْيَانِ، أَوْ لِكَوْنِهِ جَائِزًا فَسَوَّغَ بَقَاءَ الْمُتَابَعَةِ، ثُمَّ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ وُجِدَ الْإِخْبَارُ الْمَذْكُورُ عَمِلَ بِالْأَوَّلِ وَإِلَّا فَبِالثَّانِي وَيَحْمِلُ سُكُوتَهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ جَهْرًا عَلَى الْقِرَاءَةِ سِرًّا حَتَّى تَجُوزَ لَهُ مُتَابَعَتُهُ، وَجَوَازُ الِاقْتِدَاءِ لَا يُنَافِي وُجُوبَ الْقَضَاءِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ اجْتَهَدَ فِي الْقِبْلَةِ، ثُمَّ ظَهَرَ الْخَطَأُ فَإِنَّهُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ مُتَرَدِّدٌ فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ. [فَصْلٌ مِنْ يُقَدَّمُ فِي الْإِمَامَةِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: يُقَدَّمُ الْعَدْلُ عَلَى الْفَاسِقِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ أَنْ يَنْصِبَ إمَامًا فَاسِقًا لِلصَّلَوَاتِ، وَإِنْ صَحَّحْنَا الصَّلَاةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ أَيْ؛ لِأَنَّ إمَامَةَ الْفَاسِقِ مَكْرُوهَةٌ وَوَلِيُّ الْأَمْرِ مَأْمُورٌ بِمُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ، وَلَيْسَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ أَنْ يُوقِعَ النَّاسَ فِي صَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَنْزِلَةُ الْوَالِي مِنْ الرَّعِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلِيِّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَصُّ الْأَصْحَابِ تَبَعًا لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ تُكْرَهُ الْقُدْوَةُ بِمَنْ بِدْعَتُهُ ظَاهِرَةٌ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَصْبُهُ إمَامًا لِلْمُصَلِّينَ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ بِصِيغَةِ قِيلَ عَنْ النَّصِّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَكْفِيرِ مَنْ يُصَرِّحُ بِالتَّجْسِيمِ) أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِالتَّصْرِيحِ عَمَّنْ يُثْبِتُ الْجِهَةَ فَإِنَّهُ لَا يُكَفَّرُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ، وَالزَّنْدَقَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ إنَّهُ الْأَصَحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ ر وَكَتَبَ أَيْضًا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّحِيحُ، أَوْ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ فِي الْمُرْشِدِ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَانْتَحَلَ شَيْئًا مِنْ الْبِدَعِ كَالْمُجَسِّمَةِ، وَالْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ هَلْ يُكَفَّرُ لِلْأَصْحَابِ فِيهِ طَرِيقَانِ وَكَلَامُ الْأَشْعَرِيِّ يُشْعِرُ بِهِمَا وَأَظْهَرُ مَذْهَبَيْهِ تَرْكُ الْكُفْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 غَيْرَهُ أَقْرَأُ مِنْهُ (ثُمَّ الْأَقْرَأُ) عَلَى الْأَوْرَعِ؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ احْتِيَاجًا إلَيْهِ مِنْ الْوَرَعِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا» وَفِي رِوَايَةِ سَلْمَانَ «وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ» وَظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَإِ عَلَى الْأَفْقَهِ كَمَا هُوَ وَجْهٌ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الصَّدْرَ الْأَوَّلَ كَانُوا يَتَفَقَّهُونَ مَعَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يُوجَدُ قَارِئٌ إلَّا، وَهُوَ فَقِيهٌ قَالَ النَّوَوِيُّ، لَكِنْ فِي قَوْلِهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَإِ مُطْلَقًا انْتَهَى، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَإِ فِي الْخَبَرِ الْأَفْقَهُ فِي الْقُرْآنِ فَإِذَا اسْتَوَوْا فِي الْقُرْآنِ فَقَدْ اسْتَوَوْا فِي فِقْهِهِ فَإِذَا زَادَ أَحَدُهُمْ بِفِقْهِ السُّنَّةِ فَهُوَ أَحَقُّ فَلَا دَلَالَةَ فِي الْخَبَرِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَإِ مُطْلَقًا بَلْ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَإِ الْأَفْقَهِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى مَنْ دُونَهُ وَلَا نِزَاعَ فِيهِ (ثُمَّ الْأَوْرَعُ) ، وَهُوَ (مُتَّقِي) أَيْ مُجْتَنِبُ (الشُّبُهَاتِ) خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الْأَفْقَهِ، وَالْأَقْرَإِ وَلَا حَاجَةَ بِهِ لِهَذَا بَعْدَ تَعْبِيرِهِ بِثُمَّ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّقِي الشُّبُهَاتِ أَخَذَهُ مِنْ تَفْسِيرِ التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ الْوَرَعَ بِأَنَّهُ اجْتِنَابُ الشُّبُهَاتِ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَفَسَّرَهُ الْأَصْلُ بِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَدَالَةِ مِنْ حُسْنِ السِّيرَةِ، وَالْعِفَّةِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْأَوْرَعِ (يُقَدَّمُ الْأَسَنُّ) عَلَى الْأَنْسَبِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ «لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» ؛ وَلِأَنَّ فَضِيلَةَ الْأَسَنِّ فِي ذَاتِهِ، وَالْأَنْسَبِ فِي آبَائِهِ، وَفَضِيلَةُ الذَّاتِ أَوْلَى، وَالْعِبْرَةُ بِالْأَسَنِّ (فِي الْإِسْلَامِ) لَا بِكِبَرِ السِّنِّ (فَيُقَدَّمُ شَابٌّ أَسْلَمَ أَمْسِ عَلَى شَيْخٍ أَسْلَمَ الْيَوْمَ) لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ السَّابِقَةِ فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا بَدَلَ سِنًّا (فَإِنْ أَسْلَمَا مَعًا، فَالشَّيْخُ) مُقَدَّمٌ عَلَى الشَّابِّ لِعُمُومِ خَبَرِ مَالِكٍ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ قَالَ الْبَغَوِيّ وَيُقَدَّمُ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ اكْتَسَبَ الْفَضْلَ لِنَفْسِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ إسْلَامُهُ قَبْلَ بُلُوغِ مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا أَمَّا بَعْدَهُ فَيَظْهَرُ تَقْدِيمُ التَّابِعِ وَلَوْ قِيلَ بِتَسَاوِيهِمَا حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ (ثُمَّ) بَعْدَ الْأَسَنِّ (الْأَنْسَبُ فَيُقَدَّمُ الْقُرَشِيُّ) عَلَى غَيْرِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ» ، وَالْمُرَادُ بِهَذَا الشَّأْنِ الْإِمَامَةُ الْكُبْرَى فَقِسْنَا عَلَيْهَا الصُّغْرَى. وَعَلَى قُرَيْشٍ كُلَّ مَنْ فِي نَسَبِهِ شَرَفٌ. وَيُعْتَبَرُ بِمَا تُعْتَبَرُ بِهِ الْكَفَاءَةُ كَالْعُلَمَاءِ، وَالصُّلَحَاءِ؛ فَيُقَدَّمُ الْهَاشِمِيُّ، وَالْمُطَّلِبِيُّ، ثُمَّ سَائِرُ قُرَيْشٍ (ثُمَّ الْعَرَبِيُّ ثُمَّ الْعَجَمِيُّ) وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْعَالِمِ أَوْ الصَّالِحِ عَلَى ابْنِ غَيْرِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْأَنْسَبِ (الْأَقْدَمُ هُوَ أَوْ أَبُوهُ) ، وَإِنْ عَلَا (هِجْرَةً) إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ تَقْدِيمِ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا تَقْدِيمُ مَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ هَاجَرَ أَحَدُ آبَائِهِ، وَإِنْ تَأَخَّرَتْ هِجْرَتُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الْوَرَعِ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ هُوَ مَا أَشْعَرَ بِتَصْحِيحِهِ كَلَامُ الْأَصْلِ، وَهُوَ مَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمُتَابِعِيهِ، لَكِنْ أَخَّرَهُ فِي التَّنْبِيهِ عَنْهَا وَارْتَضَاهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا مِنْ تَأْخِيرِ الْهِجْرَةِ عَنْ السِّنِّ، وَالنَّسَبِ هُوَ مَا أَشْعَرَ بِتَصْحِيحِهِ كَلَامُ الْأَصْلِ أَيْضًا، وَاَلَّذِي فِي التَّحْقِيقِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِمَا لِخَبَرِ أَبِي مَسْعُودٍ السَّابِقِ. قَالَ وَأَمَّا خَبَرُ مَالِكٍ فَإِنَّمَا كَانَ خِطَابًا لَهُ وَلِرُفْقَتِهِ وَكَانُوا مُتَسَاوِينَ نَسَبًا، وَهِجْرَةً وَإِسْلَامًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا مُتَسَاوِينَ أَيْضًا فِي الْفِقْهِ، وَالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُمْ هَاجَرُوا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقَامُوا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَالظَّاهِرُ تَسَاوِيهِمْ فِي جَمِيعِ الْخِصَالِ إلَّا السِّنَّ فَلِهَذَا قَدَّمَهُ (ثُمَّ الْأَنْظَفُ ثَوْبًا وَبَدَنًا وَصَنْعَةً) عَنْ الْأَوْسَاخِ لِإِفْضَاءِ النَّظَافَةِ إلَى اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ وَكَثْرَةِ الْجَمْعِ (ثُمَّ الْأَحْسَنُ صَوْتًا) لِمَيْلِ الْقَلْبِ إلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَاسْتِمَاعِ كَلَامِهِ (ثُمَّ) الْأَحْسَنُ (صُورَةً) لِمَيْلِ الْقَلْبِ إلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ كَذَا رَتَّبَ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاَلَّذِي فِي التَّحْقِيقِ فَإِنْ اسْتَوَيَا قُدِّمَ بِحُسْنِ الذِّكْرِ، ثُمَّ بِنَظَافَةِ الثَّوْبِ، وَالْبَدَنِ وَطِيبِ الصَّنْعَةِ وَحُسْنِ الصَّوْتِ، ثُمَّ الْوَجْهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ الْمُخْتَارُ تَقْدِيمُ أَحْسَنِهِمْ ذِكْرًا ثُمَّ صَوْتًا ثُمَّ هَيْئَةً، فَإِنْ تَسَاوَيَا وَتَشَاحَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِحُسْنِ الْهَيْئَةِ حُسْنُ الْوَجْهِ لِيُوَافِقَ مَا فِي التَّحْقِيقِ (وَالْمُقِيمُ أَوْلَى مِنْ الْمُسَافِرِ) الَّذِي يَقْصُرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمَّ أَتَمُّوا كُلُّهُمْ فَلَا يَخْتَلِفُونَ وَإِذَا أَمَّ الْقَاصِرُ اخْتَلَفُوا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ مَعَ مَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ السُّلْطَانُ، أَوْ نَائِبُهُ، فَإِنْ كَانَ فَهُوَ أَحَقُّ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا. قَالَ: وَمَعْرُوفُ   [حاشية الرملي الكبير] وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي فَمَنْ قَالَ قَوْلًا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَكْفِيرِ قَائِلِهِ كَفَّرْنَاهُ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يُوجَدُ قَارِئٌ إلَّا وَهُوَ فَقِيهٌ) وَكَانَ يُوجَدُ الْفَقِيهُ وَلَيْسَ بِقَارِئٍ فَإِنَّهُ قِيلَ لَمْ يَحْفَظْ الْقُرْآنَ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَّا أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَأُبَيُّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قِيلَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَا كُنَّا نُجَاوِزُ عَشْرَ آيَاتٍ حَتَّى نَعْرِفَ أَمْرَهَا وَنَهْيَهَا وَأَحْكَامَهَا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ إنَّ أَقْرَأَهُمْ كَانَ أَعْلَمَ أَشَارَ الْإِمَامُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ الْأَغْلَبُ، فَإِنَّ عُمَرَ لَمْ يَحْفَظْهُ وَهُوَ يُفَضَّلُ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ مَعَ حِفْظِهِمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَامٌّ إذَا قُلْنَا الْمُرَادُ الْأَصَحُّ قِرَاءَةً فَيُحْتَمَلُ أَنَّ عُمَرَ أَصَحُّ قِرَاءَةً. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُقَدَّمُ الْأَسَنُّ) فَيُقَدَّمُ الْبَالِغُ عَلَى الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ أَقْرَأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ وَأَكْثَرُ احْتِرَازًا؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ الْعِقَابَ (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ مَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ) ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ ح (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ تَقْدِيمَهَا عَلَيْهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ بِحُسْنِ الذِّكْرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ بِنَظَافَةِ الثَّوْبِ إلَخْ) قَدَّمَ فِي الْأَنْوَارِ نَظَافَةَ الثَّوْبِ، وَالْبَدَنِ عَلَى طِيبِ الصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ الْمُخْتَارُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 الْأَبِ أَوْلَى مِنْ غَيْره؛ لِأَنَّ إمَامَةَ غَيْرِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى (فَرْعٌ السَّاكِنُ بِحَقٍّ) وَلَوْ مُسْتَعِيرًا (مُقَدَّمٌ عَلَى هَؤُلَاءِ) أَيْ الْأَفْقَهِ، وَالْأَقْرَإِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ (وَإِنْ كَانَ) السَّاكِنُ (عَبْدًا) ؛ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَنْفَعَةَ وَلِخَبَرِ «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد «فِي بَيْتِهِ وَلَا سُلْطَانِهِ» بِخِلَافِ السَّاكِنِ بِلَا حَقٍّ كَالْغَاصِبِ (وَالْمَالِكُ) لِلْمَنْفَعَةِ وَلَوْ بِدُونِ الرَّقَبَةِ (أَوْلَى مِنْ الْمُسْتَعِيرِ) لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ، وَالرُّجُوعَ فِيهَا (لَا) الْمَالِكُ لِلرَّقَبَةِ فَقَطْ فَلَيْسَ أَوْلَى (مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) بَلْ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْلَى مِنْهُ لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ وَمَا صَدَقَ بِهِ كَلَامُهُ مِنْ تَسَاوِيهِمَا غَيْرُ مُرَادٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ لَا مِنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ غَيْرَ الْمُسْتَأْجِرِ كَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (وَالْمُكَاتَبِ) كِتَابَةً صَحِيحَةً، وَالْمُبَعَّضِ (لَا الْقِنِّ أَوْلَى مِنْ السَّيِّدِ فِيمَا سَكَنَهُ بِحَقٍّ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ بِخِلَافِ الْقِنِّ فَسَيِّدُهُ أَوْلَى مِنْهُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، أَوْ مَلَّكَهُ الْمَسْكَنَ لِرُجُوعِ فَائِدَةِ السُّكْنَى إلَيْهِ دُونَ الْقِنِّ (وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الشَّرِيكَيْنِ) لِغَيْرِهِمَا فِي تَقَدُّمِهِ (وَ) مِنْ إذْنِ (أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ) فِي ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ حَضَرَ الشَّرِيكَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْآخَرِ فَلَا يَتَقَدَّمُ غَيْرُهُمَا إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَلَا أَحَدُهُمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ (وَالْحَاضِرُ مِنْهُمَا أَحَقُّ) مِنْ غَيْرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ انْتِفَاعُهُ بِالْجَمِيعِ. وَعُلِمَ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَيْنِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ كَالشَّرِيكَيْنِ، فَإِنْ حَضَرَ الْأَرْبَعَةُ كَفَى إذْنُ الشَّرِيكَيْنِ (وَإِمَامُ الْمَسْجِدِ) الرَّاتِبِ (أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ) ، وَإِنْ اخْتَصَّ غَيْرُهُ بِفَضِيلَةٍ لِخَبَرِ «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» (وَيُبْعَثُ لَهُ) نَدْبًا إذَا أَبْطَأَ لِيَحْضُرَ، أَوْ يَأْذَنَ فِي الْإِمَامَةِ (فَإِنْ خِيفَ فَوَاتُ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأُمِنَتْ الْفِتْنَةُ) بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ (أَمَّ غَيْرُهُ) بِالْقَوْمِ نَدْبًا لِيَحُوزُوا فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ (وَإِلَّا) بِأَنْ خِيفَ الْفِتْنَةُ (صَلَّوْا فُرَادَى وَنُدِبَ لَهُمْ إعَادَةٌ مَعَهُ) إنْ حَضَرَ تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهِ وَتَحْصِيلًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ إذَا خَافُوا الْفِتْنَةَ انْتَظَرُوهُ، فَإِنْ خَافُوا فَوْتَ الْوَقْتِ كُلِّهِ صَلَّوْا جَمَاعَةً؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِيمَا إذَا خَافُوا فَوْتَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَرَادُوا فَضِيلَتَهُ. وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِيمَا إذَا خَافُوا فَوْتَ كُلِّهِ وَلَمْ يُرِيدُوا ذَلِكَ، ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلُّوا أَوَّلَ الْوَقْتِ جَمَاعَةً كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ (وَالْوَالِي) فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (أَوْلَى مِنْ الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ مَنْ تَقَدَّمَ، وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَضِيلَةٍ، أَوْ كَانَ مَالِكًا إذَا رَضِيَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِي مِلْكِهِ لِخَبَرِ «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» وَلِعُمُومِ سَلْطَنَتِهِ مَعَ أَنَّ تَقَدُّمَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَلِيقُ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ وَقَوْلِي إذَا رَضِيَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ هُوَ مَا عَبَّرَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَتَعْبِيرِي فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ يُحْمَلُ عَلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ إذْ اعْتِبَارُ ذَلِكَ بِلَا حَمْلٍ إنَّمَا هُوَ طَرِيقَةٌ لِلْمَاوَرْدِيِّ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ حَيْثُ قَالَ: وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ، فَإِنْ أَذِنَ لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَحَقُّ وَإِلَّا صَلَّوْا فُرَادَى وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ امْرَأَةً فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْإِقَامَةِ إلَّا بِالنِّسَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا، أَوْ صَبِيًّا اُسْتُؤْذِنَ وَلِيُّهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُمْ جَمَعُوا وَإِلَّا صَلَّوْا فُرَادَى قَالَ الْقَمُولِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ الْوَالِي فِي غَيْرِ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، أَوْ نَائِبُهُ. أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ أَحَدُهُمَا فِي مَسْجِدٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ بِلَا شَكٍّ، وَيُرَاعَى فِي الْوُلَاةِ إذَا اجْتَمَعُوا تَفَاوُتَ الدَّرَجَةِ فَيُقَدَّمُ (الْأَعْلَى، فَالْأَعْلَى) مِنْهُمْ رِعَايَةً لِمَنْصِبِ الْوِلَايَةِ (وَمَنْ قَدَّمَهُ الْمُقَدَّمُ بِالْمَكَانِ) وَكَانَ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فَهُوَ (أَوْلَى) مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا لَهُ فَاخْتَصَّ بِالتَّقَدُّمِ، وَالتَّقْدِيمِ أَمَّا الْمُقَدَّمُ بِغَيْرِ الْمَكَانِ كَالْأَفْقَهِ، وَالْأَقْرَإِ فَلَا يُقَدَّمُ مُقَدَّمُهُ (فَصْلٌ لِلْقُدْوَةِ شُرُوطٌ) سَبْعَةٌ (الْأَوَّلُ لَا يَتَقَدَّمُ الْمَأْمُومُ) عَلَى إمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَالِائْتِمَامُ الِاتِّبَاعُ، وَالْمُتَقَدِّمُ غَيْرُ تَابِعٍ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِذَا (تَقَدَّمَ) وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ كَالتَّقَدُّمِ بِالتَّحَرُّمِ قِيَاسًا لِلْمَكَانِ عَلَى الزَّمَانِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَفْحَشُ مِنْ الْمُخَالِفِ فِي الْأَفْعَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فَقَالَ: وَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، لَكِنَّ كَلَامَ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُهُ انْتَهَى. وَلَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فَفِي الْمَجْمُوعِ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ وَقِيلَ: إنْ جَاءَ مِنْ خَلْفِ الْإِمَامِ صَحَّتْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِهِ، أَوْ مِنْ قُدَّامِهِ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَكَانَ يَصْلُحُ) أَيْ مَنْ قَدَّمَهُ الْمُقَدِّمُ إلَخْ. [فَصْلٌ شُرُوط الِاقْتِدَاء فِي الصَّلَاة سَبْعَة] [الشَّرْط الْأَوَّل لَا يَتَقَدَّم الْمَأْمُومُ عَلَى إمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ] (فَصْلٌ لِلْقُدْوَةِ شُرُوطٌ) . (قَوْلُهُ: أَفْحَشُ مِنْ الْمُخَالَفَةِ فِي الْأَفْعَالِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْمُرَادُ الْمُخَالَفَةُ فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا يَفْعَلُهَا الْإِمَامُ كَالتَّخَلُّفِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالتَّقَدُّمِ بِسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَلَمْ يَسْجُدْهَا الْإِمَامُ، وَالتَّخَلُّفِ عَنْهَا عِنْدَ سُجُودِ الْإِمَامِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا عَدَمُ فِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ فِي الْمَوْضُوعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَفْعَلْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ (قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ اسْتَشْكَلَ بِمَا لَوْ صَلَّى وَشَكَّ هَلْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ فِي التَّكْبِيرِ أَمْ لَا؟ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصِّحَّةَ فِي الْمَوْقِفِ أَكْثَرُ وُقُوعًا فَإِنَّهَا تَصِحُّ فِي صُورَتَيْنِ وَتَبْطُلُ فِي وَاحِدَةٍ فَتَصِحُّ مَعَ التَّأَخُّرِ، وَالْمُسَاوَاةِ وَتَبْطُلُ مَعَ التَّقَدُّمِ خَاصَّةً، وَالصِّحَّةُ فِي التَّكْبِيرِ أَقَلُّ وُقُوعًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِالْمُقَارَنَةِ، وَالتَّقَدُّمِ وَتَصِحُّ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ التَّأَخُّرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 تَقَدُّمِهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، وَهَذَا أَوْجَهُ وَلَا تَضُرُّ مُسَاوَاتُهُ لَهُ (وَالِاعْتِبَارُ) فِي التَّقَدُّمِ وَغَيْرِهِ لِلْقَائِمِ (بِالْعَقِبِ) ، وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ (لَا الْكَعْبِ) فَلَوْ تَسَاوَيَا فِي الْعَقِبِ وَتَقَدَّمَتْ أَصَابِعُ الْمَأْمُومِ لَمْ يَضُرَّ وَلَوْ تَقَدَّمَتْ عَقِبُهُ وَتَأَخَّرَتْ أَصَابِعُهُ ضَرَّ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ الْعَقِبِ يَسْتَلْزِمُ تَقَدُّمَ الْمَنْكِبِ، وَالْمُرَادُ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا فَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ وَقَدَّمَ الْأُخْرَى عَلَى رِجْلِ الْإِمَامِ لَمْ يَضُرَّ. (وَ) الِاعْتِبَارُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ (بِالْأَلْيَةِ لِلْقَاعِدِ، وَالْجَنْبِ لِلْمُضْطَجِعِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ وَبِالْأَلْيَةِ لِلْقَاعِدِ يَشْمَلُ الرَّاكِبَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا قِيلَ: مِنْ أَنَّ الْأَقْرَبَ فِيهِ الِاعْتِبَارُ بِمَا اعْتَبَرُوا بِهِ فِي الْمُسَابَقَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَقَدُّمِ إحْدَى الدَّابَّتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى تَقَدُّمُ رَاكِبِهَا عَلَى رَاكِبِ الْأُخْرَى (وَنُدِبَ) لِلْجَمَاعَةِ (أَنْ يَسْتَدِيرُوا حَوْلَ الْكَعْبَةِ) إنْ صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِيَحْصُلَ الِاسْتِقْبَالُ لِلْجَمِيعِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَلَا دَلِيلَ لَهُ مِنْ السُّنَّةِ، فَالصَّوَابُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ لِكَثْرَةِ الْجَمْعِ كَأَيَّامِ الْحَجِيجِ، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَالْوُقُوفُ خَلْفَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ (وَ) أَنْ (يَقِفَ الْإِمَامُ خَلْفَ الْمَقَامِ) أَيْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اقْتِدَاءً بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ (وَإِنْ قَرُبُوا) أَيْ الْمُؤْتَمُّونَ بِهِ (مِنْ الْكَعْبَةِ) بِأَنْ كَانُوا أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْهُ (لَا مِنْ جِهَتِهِ جَازَ) إذْ لَا يَظْهَرُ بِذَلِكَ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ؛ وَلِأَنَّ رِعَايَةَ الْقُرْبِ، وَالْبُعْدِ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ مِمَّا يَشُقُّ بِخِلَافِ جِهَتِهِ فَلَوْ تَوَجَّهَ لِلرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ مَثَلًا فَجِهَتُهُ مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمَأْمُومُ الْمُتَوَجِّهُ لَهُ وَلَا لِإِحْدَى جِهَتَيْهِ (وَلَوْ وَقَفَا) أَيْ الْإِمَامُ، وَالْمَأْمُومُ (فِي الْكَعْبَةِ مُتَقَابِلَيْنِ، أَوْ مُتَدَابِرَيْنِ) أَوْ لَا، وَلَا كَأَنْ تَوَجَّهَا إلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ إلَى سَقْفِ الْكَعْبَةِ كَمَا فِي صَلَاةِ الْمُسْتَلْقِي (جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ أَقْرَبَ إلَى الْجِدَارِ) الَّذِي اسْتَقْبَلَهُ مِنْ الْإِمَامِ إلَى مَا اسْتَقْبَلَهُ لِمَا مَرَّ (لَا إنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِهِ) فَلَا يَجُوزُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فِي جِهَتِهِ وَلَوْ كَانَ حِينَئِذٍ بَعْضُهُ إلَى جِهَةِ الْإِمَامِ وَبَعْضُهُ إلَى غَيْرِهَا فَمَا الْمُغَلَّبُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي الْإِبْطَالُ تَغْلِيبًا لِلْمُبْطِلِ (وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ خَارِجًا) عَنْ الْكَعْبَةِ، وَالْمَأْمُومُ دَاخِلَهَا (لَا يُوَلِّيهِ ظَهْرَهُ) لِمَا مَرَّ (أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ خَارِجَهَا (اسْتَقْبَلَ مِنْهَا مَا شَاءَ) وَلَوْ تَرَكَ لَفْظَةَ كَذَا كَانَ أَوْضَحَ (فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ الذَّكَرُ) وَلَوْ صَبِيًّا إذَا لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ (عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَقُمْت عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِرَأْسِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ» (وَ) أَنْ (يَتَأَخَّرَ) عَنْهُ (قَلِيلًا) اسْتِعْمَالًا لِلْأَدَبِ وَإِظْهَارًا لِرُتْبَةِ الْإِمَامِ عَلَى رُتْبَةِ الْمَأْمُومِ، فَإِنْ سَاوَاهُ، أَوْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ خَلْفَهُ كُرِهَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (فَإِنْ جَاءَ ذَكَرٌ آخَرُ أَحْرَمَ عَنْ يَسَارِهِ) نَدْبًا (ثُمَّ يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ أَوْ يَتَأَخَّرَانِ حَالَةَ الْقِيَامِ) لَا حَالَةَ غَيْرِهِ كَالْقُعُودِ، وَالسُّجُودِ إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّقَدُّمُ، وَالتَّأَخُّرُ فِيهَا إلَّا بِعَمَلِ كَثِيرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّكُوعَ كَالْقِيَامِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْدَبُ لِلْعَاجِزِينَ عَنْ الْقِيَامِ وَأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِ الثَّانِي. وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ لِئَلَّا يَصِيرَ مُنْفَرِدًا (وَهُمَا أَوْلَى) بِالتَّأَخُّرِ مِنْ الْإِمَامِ بِالتَّقَدُّمِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «قُمْت عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ» ؛ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ مَتْبُوعٌ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْ مَكَانِهِ هَذَا (إنْ أَمْكَنَ) التَّقَدُّمُ، وَالتَّأَخُّرُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا أَحَدُهُمَا لِضِيقِ الْمَكَانِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَعَلَ الْمُمْكِنَ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَسَارِ الْإِمَامِ مَا يَسَعُ الْجَائِي الثَّانِيَ يُحْرِمُ خَلْفَهُ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَيْهِ الْأَوَّلُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي (وَ) أَنْ (يَصْطَفَّ الذَّكَرَانِ) وَلَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ سَوَاءٌ أَتَأَخَّرَا عَنْهُ فِيمَا مَرَّ أَمْ حَضَرَا مَعَهُ ابْتِدَاءً (خَلْفَهُ) بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ،. وَكَذَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ فَلَوْ وَقَفَا عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ يَسَارِهِ، أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ أَحَدُهُمَا خَلْفَهُ، وَالْآخَرُ بِجَنْبِهِ، أَوْ خَلْفَ الْأَوَّلِ كُرِهَ كَمَا فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ) وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِبَارُ بِالْعَقِبِ لَا الْمَنْكِبِ) لَوْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ رِجْلَيْهِ بَلْ جَعَلَ تَحْتَ إبْطَيْهِ خَشَبَتَيْنِ أَوْ تَعَلَّقَ بِحَبْلٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْأُولَى بِالْجَنْبِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْمَنْكِبِ؛ لِأَنَّهُ فِي الِاعْتِمَادِ لِهَذَا الشَّخْصِ كَالْجَنْبِ لِلْمُضْطَجِعِ وَلَوْ وَضَعَ رِجْلَيْهِ مَعًا عَلَى الْأَرْضِ وَتَأَخَّرَ الْعَقِبُ وَتَقَدَّمَتْ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ، فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْعَقِبِ صَحَّ أَوْ عَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ فَلَا وَقَوْلُهُ إنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْأُولَى بِالْجَنْبِ وَفِي الثَّانِيَةِ إلَخْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْطَأَ فِي الصُّورَتَيْنِ جَمِيعًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ قَائِمًا بَلْ مَحْمُولًا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَكَذَا لَوْ حَمَلَهُ شَخْصَانِ بِمَنْكِبَيْهِ وَوَقَفَاهُ عَلَى الْأَرْضِ وَصَلَّى مُنْتَصِبًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ قَالَ شَيْخُنَا الْأَمْرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، لَكِنْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ وُقُوفُهُ عَلَى الْخَشَبَتَيْنِ، أَوْ تَدَلِّيهِ بِحَبْلٍ طَرِيقًا لِفِعْلِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ وَقَدَّمَ الْأُخْرَى إلَخْ) فَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا وَإِحْدَاهُمَا مُتَقَدِّمَةٌ، وَالْأُخْرَى مُتَأَخِّرَةٌ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ شَيْخُنَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الِاعْتِكَافِ لَا يُقَالُ اجْتَمَعَ مَانِعٌ وَمُقْتَضٍ فَيُقَدَّمُ الْمَانِعُ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ اعْتِمَادَهُ عَلَيْهِمَا مَانِعٌ إنَّمَا الْمَانِعُ تَقَدُّمُ إحْدَاهُمَا وَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهِمَا فَقَطْ (قَوْلُهُ، وَالْجَنْبُ لِلْمُضْطَجِعِ) وَأَمَّا الْمُسْتَلْقِي فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِرَأْسِهِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمُسْتَلْقِي بِرَأْسِهِ د. وَالْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْعَقِبِ ع وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي غُنْيَتِهِ الْأَقْرَبُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِرَأْسِهِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: كَذَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِهِ) فَهِيَ سِتَّةُ أَحْوَالٍ (قَوْلُهُ: وَيَتَأَخَّرُ قَلِيلًا) وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ (قَوْلُهُ: كُرِهَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّ مُسَاوَاتِهِ لَمْ تُحَصِّلْ لَهُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ (وَإِنْ صَلَّى بِامْرَأَةٍ) وَلَوْ مَحْرَمًا (وَقَفَتْ خَلْفَهُ) ، وَكَذَا النِّسَاءُ، أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَقَفَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الرَّجُلِ، أَوْ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ وَقَفَا خَلْفَهُ، وَهِيَ خَلْفَهُمَا. صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى اصْطَفَّا) أَيْ هُوَ، وَالرَّجُلُ صَفًّا (وَتَخَلَّفَ) أَيْ الرَّجُلُ عَنْهُ (قَلِيلًا وَ) وَقَفَ (الْخُنْثَى خَلْفَهُمَا، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ) أَيْ الْخُنْثَى (فَإِنْ كَثُرُوا) بِأَنْ كَانَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ جَمَاعَةٌ (فَالرِّجَالُ) يُقَدَّمُونَ لِفَضْلِهِمْ (ثُمَّ الصِّبْيَانُ) ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسِ الرِّجَالِ، (ثُمَّ الْخَنَاثَى) لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِمْ، وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِهِمْ مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ النِّسَاءُ) ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ، وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلِيهِ فِي الصَّلَاةِ الرِّجَالُ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ، ثُمَّ النِّسَاءُ» ، لَكِنَّهُ ضَعَّفَهُ وَقَوْلُهُ لِيَلِيَنِّي بِيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَبِحَذْفِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ رِوَايَتَانِ، وَالْأَحْلَامُ جَمْعُ حِلْمٍ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ التَّأَنِّي فِي الْأَمْرِ، وَالنُّهَى جَمْعُ نُهْيَةٍ بِالضَّمِّ، وَهُوَ الْعَقْلُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ النُّهَى الْعُقُولُ وَأُولُو الْأَحْلَامِ الْعُقَلَاءُ وَقِيلَ الْبَالِغُونَ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ اللَّفْظَانِ بِمَعْنًى وَلِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ عَطَفَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ تَأْكِيدًا وَعَلَى الثَّانِي مَعْنَاهُ الْبَالِغُونَ الْعُقَلَاءُ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا تُؤَخَّرُ الصِّبْيَانُ عَنْ الرِّجَالِ إذَا لَمْ يَسَعْهُمْ صَفُّ الرِّجَالِ، وَإِلَّا كُمِّلَ بِهِمْ لَا مَحَالَةَ (وَهَذَا) كُلُّهُ (مُسْتَحَبٌّ لَا شَرْطٌ) فَلَوْ خَالَفُوا صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْعُرَاةِ الْبُصَرَاءِ بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَعَ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا هُنَا (وَلَا يُحَوَّلُ صِبْيَانٌ) حَضَرُوا أَوَّلًا (لِرِجَالٍ) حَضَرُوا ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ بِخِلَافِ الْخَنَاثَى، وَالنِّسَاءِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي (فَصْلٌ يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الِانْفِرَادُ) عَنْ الصَّفِّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ «أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ دَخَلَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: زَادَك اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِأَبِي دَاوُد وَصَحَّحَهَا ابْنُ حِبَّانَ «فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، ثُمَّ مَشَى إلَيْهِ» وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ لُزُومِ الْإِعَادَةِ لِعَدَمِ أَمْرِهِ بِهَا وَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ» حَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ ضَعَّفَهُ وَكَانَ يَقُولُ فِي الْقَدِيمِ لَوْ ثَبَتَ قُلْت بِهِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ كَامْرَأَةٍ وَلَا نِسَاءَ، أَوْ خُنْثَى وَلَا خَنَاثَى فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ وَجَدَ) فِي صَفٍّ (سَعَةً) وَلَوْ بِأَنْ لَا يَكُونَ خَلَاءٌ بَلْ يَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ دَخَلَ بَيْنَهُمْ لَوَسِعَهُمْ (اخْتَرَقَ الصَّفَّ) الَّذِي يَلِيهِ فَمَا فَوْقَهُ (إلَيْهَا) لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا وَلَا يَتَقَيَّدُ خَرْقُ الصُّفُوفِ بِصَفَّيْنِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِهِ تَخَطِّي الرِّقَابِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْجُمُعَةِ كَمَا نَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَعَةً (أَحْرَمَ، ثُمَّ جَرَّ) فِي الْقِيَامِ (وَاحِدًا) مِنْ الصَّفِّ (إلَيْهِ) لِيَصْطَفَّ مَعَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا جَوَّزَ أَنْ يُوَافِقَهُ وَإِلَّا فَلَا جَرَّ بَلْ يَمْتَنِعُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ (وَنُدِبَ) لِمَجْرُورِهِ (مُسَاعَدَتُهُ) بِمُوَافَقَتِهِ لِيَنَالَ فَضْلَ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ، وَالتَّقْوَى وَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد «إنْ جَاءَ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا فَلْيَخْتَلِجْ إلَيْهِ رَجُلًا مِنْ الصَّفِّ فَلْيَقُمْ مَعَهُ فَمَا أَعْظَمَ أَجْرَ الْمُخْتَلَجِ» وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجُرُّ أَحَدًا مِنْ الصَّفِّ إذَا كَانَا اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا وَلِهَذَا كَانَ الْجَرُّ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ لِيَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ، أَوْ كَانَ مَكَانُهُ يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأُولَى وَيَجُرُّهُمَا مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ الشَّرْطُ (الثَّانِي أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْمُومُ أَفْعَالَ الْإِمَامِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ بِمُشَاهَدَتِهِ أَوْ (بِمُشَاهَدَةِ بَعْضِ الصُّفُوفِ) لِمَنْ يَرَى (أَوْ سَمَاعِ صَوْتِهِ، أَوْ) صَوْتِ (الْمُبَلِّغِ لِمَنْ لَا يَرَى) وَلَوْ لِبُعْدِهِ عَنْ النَّاسِ، أَوْ لِظُلْمَةٍ (أَوْ) بِهِدَايَةِ (ثِقَةٍ بِجَنْبِ أَعْمَى أَصَمَّ) ، أَوْ بَصِيرٍ أَصَمَّ فِي ظُلْمَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَفِي نُسْخَةٍ أَعْمَى أَوْ أَصَمَّ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِلْأَصْلِ أَيْ أَعْمَى لَا يَسْمَعُ، أَوْ أَصَمَّ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَوَصْفُهُ الْأَخِيرَ بِالثِّقَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ الْمُبَلِّغُ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ الْجُوَيْنِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، فَالرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ) قَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ إنَّمَا تُقَدَّمُ الرِّجَالُ عَلَى الصِّبْيَانِ إذَا كَانُوا أَفْضَلَ، أَوْ تَسَاوَوْا، فَإِنْ كَانَ الصِّبْيَانُ أَفْضَلَ قُدِّمُوا وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا وَجْهٌ لَا قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَالرَّاجِحُ مَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ ع (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا تُؤَخَّرُ الصِّبْيَانُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ قَالَ شَيْخُنَا إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ صَفَّ الرِّجَالِ تَامٌّ غَيْرَ أَنَّ الصِّبْيَانَ لَوْ دَخَلُوا فِيهِ وَسِعَهُمْ (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الِانْفِرَادُ) أَيْ إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُؤْخَذُ مِنْ الْكَرَاهَةِ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُقَارَنَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَقَدَّرُ خَرْقُ الصُّفُوفِ بِصَفَّيْنِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي كِتَابِهِ نِهَايَةِ الْبَيَانِ وَلَا يَقِفُ مُنْفَرِدًا بَلْ إنْ وَجَدَ سَعَةً فِي أَيِّ صَفٍّ كَانَ دَخَلَ فِيهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا أَطْلَقُوهُ بَلْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ التَّخَطِّي لِلْفُرْجَةِ بِصَفٍّ، أَوْ صَفَّيْنِ، فَإِنْ انْتَهَى إلَى ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا، فَالْمَنْعُ بَاقٍ كَذَا رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ فِي التَّهْذِيبِ لِأَبِي عَلِيٍّ الزُّجَاجِيِّ بِضَمِّ الزَّايِ، وَالتَّعْلِيقِ لِأَبِي حَامِدٍ، وَالْفُرُوقِ لِأَبِي مُحَمَّدٍ، وَالْمُحَرَّرِ لِسُلَيْمٍ وَقَيَّدَهُ بِذَلِكَ فِي الْمُهَذَّبِ، وَالتَّتِمَّةِ، وَالْحِلْيَةِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ. اهـ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِصَفٍّ، أَوْ صَفَّيْنِ وَهْمٌ حَصَلَ مِنْ الْتِبَاسِ مَسْأَلَةٍ بِمَسْأَلَةٍ، فَإِنَّ التَّخَطِّيَ هُوَ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقَاعِدِينَ، وَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ نَقَلَ عَنْهُمْ فَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ فِي التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعِبَارَةُ النَّصِّ الَّذِي نَقَلَهُ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَهِيَ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَدْخَلِ رَجُلٍ زِحَامٌ وَأَمَامَهُ فُرْجَةٌ وَكَانَ بِتَخَطِّيهِ إلَى الْفُرْجَةِ بِرَاحِلَةٍ، أَوْ اثْنَيْنِ رَجَوْت أَنْ يَسَعَهُ التَّخَطِّي، فَإِنْ كَثُرَ كَرِهْت لَهُ (قَوْلُهُ: أَحْرَمَ، ثُمَّ جَرَّهُ) فَيُكْرَهُ لَهُ جَرُّهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ (قَوْلُهُ لِيَصْطَفَّ مَعَهُ) لَوْ كَانَ الْمَجْرُورُ عَبْدًا فَأَبَقَ ضَمِنَهُ الْجَارُّ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 عَنْ النَّصِّ. [الشَّرْط الثَّالِث أَنْ يَجْمَعَهُمَا أَيْ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ مَوْقِفٌ] ٌ) إذْ مِنْ مَقَاصِدِ الِاقْتِدَاءِ اجْتِمَاعُ جَمْعٍ فِي مَكَان كَمَا عُهِدَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَاتُ فِي الْعُصُرِ الْخَالِيَةِ. وَمَبْنَى الْعِبَادَاتِ عَلَى رِعَايَةِ الِاتِّبَاعِ، وَلِاجْتِمَاعِهِمَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَا بِمَسْجِدٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فِي فَضَاءٍ، أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِمَسْجِدٍ، وَالْآخَرُ بِغَيْرِهِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (فَإِنْ كَانَا فِي مَسْجِدٍ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ، وَإِنْ بَعُدَتْ مَسَافَتُهُ وَاخْتَلَفَتْ أَبْنِيَةٌ) مِنْهُ كَبِئْرٍ وَسَطْحٍ وَمَنَارَةٍ (تَنْفُذُ أَبْوَابُهَا إلَيْهِ وَإِنْ أُغْلِقَتْ) ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ، فَالْمُجْتَمِعُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ مُؤَدُّونَ لِشِعَارِهَا أَمَّا إذَا لَمْ تَنْفُذْ أَبْوَابُهَا إلَيْهِ فَلَا يُعَدُّ الْجَامِعُ لَهَا مَسْجِدًا وَاحِدًا. وَخَالَفَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَضُرُّ الشُّبَّاكُ فَلَوْ وَقَفَ مِنْ وَرَائِهِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ ضَرَّ وَوَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَالَ الْحِصْنِيُّ، وَهُوَ سَهْوٌ، وَالْمَنْقُولُ فِي الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَضُرُّ أَيْ أَخْذًا مِنْ شَرْطِهِ تَنَافُذَ أَبْنِيَةِ الْمَسْجِدِ (وَالْمَسَاجِدُ) الْمُتَلَاصِقَةُ (الَّتِي) تَنْفُذُ (أَبْوَابُ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ كَالْمَسْجِدِ) الْوَاحِدِ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ، وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَاخْتَلَفَتْ الْأَبْنِيَةُ وَانْفَرَدَ كُلُّ مَسْجِدٍ بِإِمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ وَجَمَاعَةٍ (إلَّا إنْ حَالَ) بَيْنَهُمَا (نَهْرٌ قَدِيمٌ) بِأَنْ حُفِرَ قَبْلَ حُدُوثِهَا، فَلَا تَكُونُ كَالْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ بَلْ كَمَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي (لَا) نَهْرٌ (طَارِئٌ) بِأَنْ حُفِرَ بَعْدَ حُدُوثِهَا فَتَكُونُ كَالْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ فَيُعْتَبَرُ قُرْبُ الْمَسَافَةِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَهَذَانِ إنَّمَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ وَلَا مُنَافَاةَ بَلْ مَا سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ مَأْخُوذٌ مِمَّا فِي الْأَصْلِ وَكَالنَّهْرِ الطَّرِيقُ. (وَعُلْوُ الْمَسْجِدِ كَسُفْلِهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِ فَهُمَا مَسْجِدٌ وَاحِدٌ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ (وَكَذَا رَحَبَتُهُ) مَعَهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَهِيَ مَا كَانَ خَارِجَهُ مُحَجَّرًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ، فَإِنْ انْفَصَلَتْ فَكَمَسْجِدٍ آخَرَ وَمَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ اسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ فِي حَيْلُولَةِ النَّهْرِ الْقَدِيمِ بَيْنَ جَانِبَيْ الْمَسْجِدِ وَحَيْلُولَةِ الطَّرِيقِ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ: الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فِيهَا لَا حُجَّةَ فِيهِ إذْ لَا نِزَاعَ فِي صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فِيهَا وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ طَرِيقٌ يَكُونَانِ كَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا. وَالْأَشْبَهُ لَا، كَمَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ غَيْرِهِ وَتَوَقَّفَ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ نَدْرِ أَوُقِفَتْ مَسْجِدًا أَمْ لَا هَلْ تَكُونُ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ لَهَا حُكْمَ مَتْبُوعِهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَقْفِ، وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ الْأَوَّلُ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَخَرَجَ بِرَحَبَتِهِ حَرِيمُهُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُتَّصِلُ بِهِ الْمُهَيَّأُ لِمَصْلَحَتِهِ كَانْصِبَابِ الْمَاءِ وَطَرْحِ الْقُمَامَاتِ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَلْزَمُ الْوَاقِفَ تَمْيِيزُ الرَّحَبَةِ مِنْ الْحَرِيمِ بِعَلَامَةٍ لِتُعْطَى حُكْمَ الْمَسْجِدِ (وَإِنْ كَانَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ اُشْتُرِطَ فِي الْفَضَاءِ) وَلَوْ مُحَوَّطًا، أَوْ مُسْقَفًا مَمْلُوكًا، أَوْ مَوَاتًا، أَوْ وَقْفًا، أَوْ مُخْتَلِفًا مِنْهَا (أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ، أَوْ) مَنْ (عَلَى) أَحَدِ (جَانِبَيْهِ وَلَا مَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ) ، أَوْ شَخْصَيْنِ مِمَّنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ، أَوْ بِجَانِبِهِ (عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ) بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ. وَهُوَ شِبْرَانِ (تَقْرِيبًا) فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ وَلَا بُلُوغُ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ، وَالْأَخِيرِ مِنْ صَفٍّ، أَوْ شَخْصِ فَرَاسِخَ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُرْفِ وَقِيلَ مَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إذْ سِهَامُ الْعَرَبِ لَا تُجَاوِزُ ذَلِكَ (وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ فِي الْبِنَاءِ) بِأَنْ كَانَا فِي بِنَاءَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا فِي بِنَاءٍ، وَالْآخَرُ فِي فَضَاءٍ (وَلَوْ) كَانَ الْبِنَاءُ (مَدْرَسَةً وَرِبَاطًا أَنْ لَا يَحُولَ) بَيْنَهُمَا (حَائِلٌ يَمْنَعُ الِاسْتِطْرَاقَ أَوْ الْمُشَاهَدَةَ لِلْإِمَامِ، أَوْ لِمَنْ خَلْفَهُ كَمُشَبَّكٍ، أَوْ بَابٍ مَرْدُودٍ) ، أَوْ جِدَارِ صُفَّةٍ شَرْقِيَّةً، أَوْ غَرْبِيَّةً لِمَدْرَسَةٍ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ فِيهَا لَا يَرَى الْإِمَامَ وَلَا مَنْ خَلْفَهُ إذْ الْحَيْلُولَةُ بِذَلِكَ تَمْنَعُ الِاجْتِمَاعَ   [حاشية الرملي الكبير] [الشَّرْط الثَّانِي أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْمُومُ أَفْعَالَ الْإِمَامِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ] قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ تَنْفُذْ أَبْوَابُهَا إلَخْ) فَلَوْ اتَّخَذَ فِيهِ حُجْرَةً وَسَدَّ مَنَافِذَهَا بِالْبِنَاءِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا بَابًا، أَوْ اتَّخَذَ سِرْدَابًا وَسَدَّ بَابَهُ بِالطِّينِ وَصَلَّى دَاخِلَهُ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ) أَيْ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا رَحَبَتُهُ) اخْتَلَفَ الشَّيْخَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ الصَّلَاحِ فِي حَقِيقَةِ الرَّحَبَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هِيَ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْ الْمَسْجِدِ مُحَجَّرًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ رَحَبَةُ الْمَسْجِدِ صَحْنُ الْمَسْجِدِ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا شَاهَدْنَاهُ وَلَمْ نَدْرِ، فَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ وُقِفَ مَسْجِدًا فَلَا إشْكَالَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ شَارِعًا مُحَجَّرًا عَلَيْهِ صِيَانَةً لَهُ بِكَوْنِهِ أَحَاطَ بِهِ بُنْيَانٌ مِنْ جَانِبَيْهِ كَرَحَبَةِ بَابِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ الَّتِي بَيْنَ الطَّيْبَرِسِيَّةِ والابتغاوية فَلَيْسَ مَسْجِدًا قَطْعًا. (قَوْلُهُ: عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى صُعُودٍ، وَالْإِمَامُ عَلَى هُبُوطٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ) وَيَضُرُّ مَا زَادَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا بُلُوغُ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ، وَالْأَخِيرِ مِنْ صَفٍّ إلَخْ) ، لَكِنَّ شَرْطَهُ أَنْ يُطَوِّلَ الْإِمَامُ الرُّكُوعَ وَنَحْوَهُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يُتَابِعَهُ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ لِمَنْ لَا تُمْكِنُهُ الْمُتَابَعَةُ قَالَهُ فِي الْكَافِي ع. (قَوْلُهُ: أَوْ جِدَارِ صُفَّةٍ شَرْقِيَّةٍ، أَوْ غَرْبِيَّةٍ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَصُفَفُ الْمَدَارِسِ الْغَرْبِيَّةِ، وَالشَّرْقِيَّةِ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ فِيهَا لَا يَرَى الْإِمَامَ وَلَا مَنْ خَلْفَهُ الظَّاهِرُ امْتِنَاعُ الْقُدْوَةِ فِيهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ لِامْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ دُونَ الْمُرُورِ وَإِنَّمَا يَجِيءُ اخْتِلَافُهُمَا إذَا حَصَلَ إمْكَانُ الرُّؤْيَةِ، وَالْمُرُورِ جَمِيعًا فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا بِأَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ مِنْ الصَّحْنِ بِهَا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحًا. اهـ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ عِنْدَ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ بِالْمُرُورِ وَلَوْ بِانْعِطَافٍ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ لَوْ أَمْكَنَ الْمُرُورُ، لَكِنْ بِانْعِطَافٍ كَالْمُصَلِّي بِبُيُوتِ الْمَدَارِسِ الَّتِي بِيَمِينِ الْإِيوَانِ أَوْ يَسَارِهِ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ، فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ كَالْجِدَارِ، وَقَدْ صَحَّحُوا بُطْلَانَ صَلَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْمُسَامِتِ لِجِدَارِهِ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبَابِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الصَّفُّ لِحَيْلُولَةِ الْجِدَارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اتِّصَالِ الصَّفِّ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تُمْكِنْ الرُّؤْيَةُ بِقَرِينَةِ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُمْكِنُ الْمُرُورُ إلَيْهِ بِالِانْعِطَافِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 بِخِلَافِ حَيْلُولَةِ الشَّارِعِ، وَالنَّهْرِ كَمَا سَيَأْتِي وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ كَالْعِرَاقِيِّينَ. وَخَالَفَ الرَّافِعِيُّ كَالْمَرَاوِزَةِ فَشَرَطَ فِيمَا إذَا صَلَّى بِجَنْبِهِ اتِّصَالَ الْمَنَاكِبِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ تَسَعُ وَاقِفًا وَفِيمَا إذَا صَلَّى خَلْفَهُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ تَقْرِيبًا، فَالْعِبْرَةُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ بِالِاتِّصَالِ وَعِنْدَ الْأَوَّلَيْنِ بِقُرْبِ الْمَسَافَةِ (وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ) ، وَالْأُخَرُ دَاخِلَهُ (وَبَيْنَهُمَا بَابٌ) أَيْ مَنْفَذٌ (أَوْ كَانَا فِي بَيْتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ) وَبَيْنَهُمَا مَنْفَذٌ (اُشْتُرِطَ) مَعَ مَا مَرَّ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ مَنْ لَيْسَ فِي بِنَاءِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُشَاهِدْهُ وَلَا مَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُ فِي بِنَائِهِ (أَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ (بِحِذَاءِ الْمَنْفَذِ) أَيْ مُقَابِلَهُ (يُشَاهِدُ) الْإِمَامَ، أَوْ مَنْ مَعَهُ فِي بِنَائِهِ (فَتَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ فِي الْبَيْتِ) الْأَوْلَى مَنْ فِي الْمَكَانِ (الْآخَرِ تَبَعًا لَهُ) أَيْ لِمَنْ يُشَاهِدُ وَلَا يَضُرُّ الْحَائِلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ (وَيَصِيرُ) الْمُشَاهِدُ (فِي حَقِّهِمْ كَالْإِمَامِ لَا يُحْرِمُونَ قَبْلَهُ، لَكِنْ لَوْ فَارَقَهُمْ بَعْدُ) ، أَوْ زَالَ عَنْ مَوْقِفِهِ (لَمْ يَضُرَّ) صَلَاتَهُمْ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَفِيهَا وَلَوْ رَدَّ الرِّيحُ الْبَابَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَتْحُهُ حَالًا فَتَحَهُ وَدَامَ عَلَى الْمُتَابَعَةِ وَإِلَّا فَارَقَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ إمَامُهُ، وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ هَذَا بِعَدَمِ وُجُوبِ مُفَارَقَةِ الْبَقِيَّةِ وَيُجَابُ بِحَمْلِ الْكَلَامِ فِيهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ هُوَ وَحْدَهُ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ بَعْدَ رَدِّ الْبَابِ وَبِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ إحْكَامِهِ فَتْحَهُ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ (وَمَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ (وَلَا يَضُرُّ) فِي الِاقْتِدَاءِ (حَيْلُولَةُ الشَّارِعِ) ، وَإِنْ كَثُرَ طُرُوقُهُ (وَ) لَا (الْمَاءُ، وَإِنْ احْتَاجَ) عَابِرُهُ (إلَى سِبَاحَةٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُعَدَّا لِلْحَيْلُولَةِ. وَلَوْ صَلَّى فَوْقَ سَطْحِ مَسْجِدٍ وَإِمَامُهُ فَوْقَ سَطْحِ بَيْتٍ، أَوْ مَسْجِدٍ آخَرَ مُنْفَصِلٍ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ فَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لِاخْتِلَافِ الْأَبْنِيَةِ وَعَدَمِ الِاتِّصَالِ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا قَرَارَ لَهُ، وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ وَقَفَا فِي بِنَاءَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ وَحَالَ بَيْنَهُمَا شَارِعٌ، أَوْ نَهْرٌ (وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ، أَوْ مَنْ عَلَى الْمَنْفَذِ أَوْ الْمَأْمُومُ) الْمُحَاذِي لَهُ (فِي عُلْوٍ، وَالْآخَرُ فِي سُفْلٍ وَقَدَمُ الْأَعْلَى مُحَاذٍ لِرَأْسِ الْأَسْفَلِ) ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ تَسَعُ وَاقِفًا إنْ صَلَّى بِجَنْبِهِ وَلَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إنْ صَلَّى خَلْفَهُ (لَمْ يَضُرَّ، فَإِنْ لَمْ يُحَاذِهِ) عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (بَطَلَتْ) صَلَاةُ الْمُقْتَدِي؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ لَا يُعَدَّانِ مُجْتَمِعَيْنِ فِي مَكَان وَاحِدٍ (بِخِلَافِ) مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي (الْمَسْجِدِ) لِمَا مَرَّ. (وَالِاعْتِبَارُ) فِي الْمُحَاذَاةِ (بِمُعْتَدِلِ الْقَامَةِ وَيُفْرَضُ الْقَاعِدُ) الْمُعْتَدِلُ (قَائِمًا) ، وَالْقَصِيرُ، وَالطَّوِيلُ مُعْتَدِلَيْنِ وَكَلَامُهُ فِي الْعُلْوِ، وَالسُّفْلِ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَرَاوِزَةِ، وَالْجَارِي عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ اشْتِرَاطُ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ، وَالْمَجْمُوعِ دَالٌّ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ، وَكَذَا الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبِنَاءَيْنِ كَالْفَضَاءِ يُفْهِمُ الصِّحَّةَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُحَاذَاةً عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الشَّاشِيِّ وَغَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْعُلْوِ الْبِنَاءُ وَنَحْوُهُ أَمَّا الْجَبَلُ الَّذِي يُمْكِنُ صُعُودُهُ فَدَاخِلٌ فِي الْفَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ فِيهَا عَالٍ وَمُسْتَوٍ، فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُرْبُ عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ، فَالصَّلَاةُ عَلَى الصَّفَا، أَوْ الْمَرْوَةِ، أَوْ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَلَهُ نَصٌّ آخَرُ فِي أَبِي قُبَيْسٍ بِالْمَنْعِ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْمُرُورُ إلَى الْإِمَامِ إلَّا بِانْعِطَافٍ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ، أَوْ عَلَى مَا إذَا بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ أَوْ حَالَتْ أَبْنِيَةٌ هُنَاكَ مَنَعَتْ الرُّؤْيَةَ (وَلَوْ كَانَا فِي سَفِينَتَيْنِ) مَكْشُوفَتَيْنِ (فِي الْبَحْرِ فَكَالْفَضَاءِ) فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ (وَإِنْ لَمْ تُشَدَّ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى) وَتَكُونَانِ كَدُكَّتَيْنِ فِي الْفَضَاءِ (وَإِنْ كَانَتَا مُسْقَفَتَيْنِ) ، أَوْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ (فَكَالْبَيْتَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ) قَدْرِ (الْمَسَافَةِ وَعَدَمِ الْحَائِلِ وَ) وُجُودِ (الْوَاقِفِ بِالْمَنْفَذِ) إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَنْفَذٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَالسَّفِينَةُ الَّتِي فِيهَا بُيُوتٌ كَالدَّارِ الَّتِي فِيهَا بُيُوتٌ، وَالسُّرَادِقَاتُ فِي الصَّحْرَاءِ كَسَفِينَةٍ مَكْشُوفَةٍ، وَالْخِيَامُ كَالْبُيُوتِ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ، أَوْ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ كَلَامِهِ. وَالسُّرَادِقُ يُقَالُ لِمَا يُمَدُّ فَوْقَ صَحْنِ الدَّارِ وَلِلْخِبَاءِ وَنَحْوِهِ وَلِمَا يُدَارُ حَوْلَ الْخِبَاءِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ (وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْمَأْمُومُ خَارِجَهُ اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ آخِرِ الْمَسْجِدِ) لَا مِنْ آخِرِ مُصَلٍّ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ فَلَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْإِمَامُ خَارِجَهُ اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ طَرَفِهِ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ. الشَّرْطُ (الرَّابِعُ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ) ، أَوْ الِائْتِمَامِ (أَوْ الْجَمَاعَةِ) بِالْإِمَامِ؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ عَمَلٌ فَافْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ إذْ لَيْسَ لِلْمَرْءِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا يُحْرِمُونَ قَبْلَهُ وَلَا يَرْكَعُونَ قَبْلَ رُكُوعِهِ) وَلَا يُسَلِّمُونَ قَبْلَ سَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ بُنِيَ بَيْنَهُمَا شُبَّاكٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَمْ يُؤَثِّرْ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ إحْكَامِهِ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْحَائِلَ أَشَدُّ تَأْثِيرًا فِي مَنْعِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ بُعْدِ الْمَسَافَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَائِلَ غَيْرُ النَّافِذِ فِي الْمَسْجِدِ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ دُونَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ ش (قَوْلُهُ: وَالْجَارِي عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ اشْتِرَاطُ قُرْبِ الْمَسَافَةِ إلَخْ) ، ثُمَّ هَذَا الشَّرْطُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى لَيْسَ كَافِيًا وَحْدَهُ بَلْ يُضَمُّ إلَى مَا تَقَدَّمَ حَتَّى لَوْ وَقَفَ الْمَأْمُومُ عَلَى صُفَّةٍ مُرْتَفِعَةٍ، وَالْإِمَامُ فِي الصَّحْنِ فَلَا بُدَّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ وُقُوفِ رَجُلٍ عَلَى طَرَفِ الصُّفَّةِ وَوُقُوفِ آخَرَ فِي الصَّحْنِ مُتَّصِلًا بِهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ [الشَّرْط الرَّابِع نِيَّة الِاقْتِدَاء أَوْ الِائْتِمَام بِالْإِمَامِ] (قَوْلُهُ: بِالْإِمَامِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا يَكْفِي إطْلَاقُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ ضَعِيفٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 إلَّا مَا نَوَى (وَيَنْبَغِي) أَيْ يَجِبُ إنْ أَرَادَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ ابْتِدَاءً (أَنْ يَقْرِنَهَا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) كَسَائِرِ مَا يَنْوِيهِ مِنْ صِفَاتِ الصَّلَاةِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ (انْعَقَدَتْ) صَلَاتُهُ (مُنْفَرِدًا) إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَلَا تَنْعَقِدُ أَصْلًا لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا (فَإِنْ تَابَعَهُ بِلَا نِيَّةٍ، أَوْ وَهُوَ شَاكٌّ فِي النِّيَّةِ) الْمَذْكُورَةِ (نَظَرْت، فَإِنْ رَكَعَ مَعَهُ أَوْ سَجَدَ) مَثَلًا (بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ) عُرْفًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ حَتَّى لَوْ عَرَضَ لَهُ الشَّكُّ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقِفَ سَلَامَهُ عَلَى سَلَامِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ وَقَفَ صَلَاتَهُ عَلَى صَلَاةِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ رَابِطٍ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ وَقَعَ) مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُتَابَعَةِ (اتِّفَاقًا أَوْ بِانْتِظَارٍ يَسِيرٍ) عُرْفًا (لَمْ يَضُرَّ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَا يُسَمَّى مُتَابَعَةً وَفِي الثَّانِيَةِ مُغْتَفَرٌ لِقِلَّتِهِ وَلَا يُؤَثِّرُ شَكُّهُ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ فِي الِانْعِقَادِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَيُسْتَثْنَى مِمَّا عُلِمَ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ مَا لَوْ عَرَضَ فِي الْجُمُعَةِ فَيُبْطِلُهَا إذَا طَالَ زَمَنُهُ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمَاعَةِ فِيهَا شَرْطٌ (وَتَجِبُ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ فِي الْجُمُعَةِ) ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ إلَّا بِجَمَاعَةٍ لِمَا مَرَّ (فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ (تَعْيِينُ الْإِمَامِ، فَإِنْ الْتَبَسَ) عَلَيْهِ (بِوُقُوفِهِ فِي الصَّفِّ) مَثَلًا (فَقَالَ صَلَّيْت خَلْفَ الْإِمَامِ مِنْهُمْ) ، أَوْ الْإِمَامِ الْحَاضِرِ (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ إذْ مَقْصُودُ الْجَمَاعَةِ لَا يَخْتَلِفُ بِالتَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ بَلْ قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُعَيِّنَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا إذَا عَيَّنَهُ بَانَ خِلَافُهُ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَتَصْوِيرُ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ بِالِالْتِبَاسِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ يُوهِمُ التَّقْيِيدَ، وَلَيْسَ مُرَادًا (وَإِنْ عَيَّنَ رَجُلًا) كَزَيْدٍ (وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ الْإِمَامُ فَبَانَ مَأْمُومًا) ، أَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ زَيْدٌ فَبَانَ عَمْرًا، أَوْ هُوَ الَّذِي فِي الْأَصْلِ (لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ لِرَبْطِهِ صَلَاتَهُ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، وَهُوَ كَمَنْ عَيَّنَ الْمَيِّتَ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهِ، أَوْ نَوَى الْعِتْقَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ فَأَخْطَأَ فِيهَا وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بُطْلَانُهَا بِمُجَرَّدِ الِاقْتِدَاءِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ بَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّهُ لَا إمَامَ لَهُ، ثُمَّ إنْ تَابَعَهُ الْمُتَابَعَةَ الْمُبْطِلَةَ بَطَلَتْ رُدَّ بِأَنَّ فَسَادَ النِّيَّةِ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مَأْمُومٌ وَبِأَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ فِيهَا إذَا عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ بَطَلَتْ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ عَيَّنَ مَنْ فِي الْمِحْرَابِ) بِأَنْ عَلَّقَ الْقُدْوَةَ بِشَخْصِهِ سَوَاءٌ أَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَنْ فِي الْمِحْرَابِ أَمْ بِزَيْدٍ هَذَا أَمْ بِهَذَا الْحَاضِرِ أَمْ بِهَذَا أَمْ بِالْحَاضِرِ (وَظَنَّهُ زَيْدًا فَبَانَ عَمْرًا صَحَّتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ لَمْ يَقَعْ فِي الشَّخْصَيْنِ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ فِيهِ بَلْ فِي الظَّنِّ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْقُدْوَةَ بِالْحَاضِرِ مَثَلًا وَلَمْ يُعَلِّقْهَا بِشَخْصِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ صِفَةٌ لِزَيْدٍ الَّذِي ظَنَّهُ وَأَخْطَأَ فِيهِ، وَالْخَطَأُ فِي الْمَوْصُوفِ يَسْتَلْزِمُ الْخَطَأَ فِي الصِّفَةِ فَبَانَ أَنَّهُ اقْتَدَى بِغَيْرِ الْحَاضِرِ (فَرْعٌ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُؤَدٍّ بِقَاضٍ وَمُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ) وَبِالْعَكْسِ إذْ لَا يَتَغَيَّرُ نَظْمُ الصَّلَاةِ بِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِخَبَرِ جَابِرٍ وَقَالَ إنَّهُ ثَابِتٌ كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّيهَا بِهِمْ، هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ، وَلَهُمْ مَكْتُوبَةٌ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِدُونِ هِيَ إلَخْ وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِالْجَوَازِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالصِّحَّةِ لِاسْتِلْزَامِهِ لَهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَمَعَ جَوَازِ ذَلِكَ يُسَنُّ تَرْكُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ (نِيَّةُ الْإِمَامَةِ) ، أَوْ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْإِمَامِ، وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ النِّسَاءُ فَعَنْ أَنَسٍ «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي فَوَقَفْت خَلْفَهُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ حَتَّى صِرْنَا رَهْطًا كَثِيرًا فَلَمَّا أَحَسَّ بِنَا أَوْجَزَ فِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ قَالَ إنَّمَا فَعَلْت هَذَا لَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّ أَفْعَالَهُ غَيْرُ مَرْبُوطَةٍ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ أَفْعَالِ الْمَأْمُومِ فَإِذَا لَمْ يَرْبِطْهَا بِصَلَاةِ إمَامِهِ كَانَ مُوقِفًا صَلَاتَهُ عَلَى صَلَاةِ مَنْ لَيْسَ إمَامًا لَهُ، وَهَذَا (فِي غَيْرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ وَهُوَ شَاكٌّ فِي النِّيَّةِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ هُوَ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ إنَّهُ فِي حَالِ شَكِّهِ كَالْمُنْفَرِدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ اقْتَضَى قَوْلُ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّكَّ فِيهَا كَالشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِالِانْتِظَارِ الطَّوِيلِ، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ وَبِالْيَسِيرِ مَعَ الْمُتَابَعَةِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَامِدِ، وَالنَّاسِي، وَالْجَاهِلِ بِاشْتِرَاطِهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. وَالْأَشْبَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ فِي التَّوَسُّطِ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) هَلْ الْبُطْلَانُ عَامٌّ فِي الْعَالِمِ بِالْمَنْعِ أَوْ الْجَاهِلِ أَمْ مُخْتَصٌّ بِالْعَالِمِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُعْذَرُ الْجَاهِلُ غ وَقَوْلُهُ هَلْ الْبُطْلَانُ عَامٌّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ فِي الْجُمُعَةِ) فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُ، وَكَذَا جُمُعَتُهُمْ إنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ وَتَصْوِيرُ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ بِالِالْتِبَاسِ مِنْ زِيَادَتِهِ) يُفْهَمُ مِنْهُ الصِّحَّةُ عِنْدَ عَدَمِ الِالْتِبَاسِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، أَوْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا بِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ حَيْثُ قَالَ وَلَمَّا ذَكَرَ الْإِمَامُ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ اسْتَبْعَدَ أَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ بِمَنْ فِي الْمِحْرَابِ مَعَ الْعِلْمِ بِعَيْنِ مَنْ سَيَرْكَعُ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُ بِسُجُودِهِ وَقَوْلُ الْإِمَامِ هُوَ الْحَقُّ فَإِنَّ التَّعْيِينَ وَعَدَمَهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّعَدُّدِ. فَأَمَّا إمَامٌ حَاضِرٌ فِي الْمِحْرَابِ يَرْكَعُ الْمَأْمُومُ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُ بِسُجُودِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ وَلَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ هَذَا الَّذِي فِي الْمِحْرَابِ هَذَا كَالْمُسْتَحِيلِ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي فِيهَا تَصْوِيرٌ وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنْهُمْ أَتَى بِهِ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ سُنَّةَ الْمَوْقِفِ وَوَقَفَ وَسَطَ الصَّفِّ، أَوْ اصْطَفَّ إمَامٌ وَمَأْمُومٌ، أَوْ كَانُوا عُرَاةً، أَوْ نِسَاءً فَتَوَسَّطَ الْإِمَامُ وَصَلَّى بِهِمْ وَأَشْكَلَ عَلَى الْمَأْمُومِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْحَاضِرِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَعْيِينُهُ، فَإِنْ عَيَّنَ شَخْصًا مِنْهُمْ وَصَلَّى خَلْفَهُ نَظَرْت، فَإِنْ شَكَّ هَلْ هُوَ إمَامٌ، أَوْ مَأْمُومٌ لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ اعْتَقَدَهُ الْإِمَامَ نَظَرْت، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ صَحَّتْ، وَإِنْ بَانَ الْإِمَامُ غَيْرَهُ بَطَلَتْ، ثُمَّ أَطَالَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ (قَوْلُهُ: وَمُفْتَرِضٌ بِمُتَنَفِّلٍ) وَفِي صِحَّةِ الْفَرْضِ خَلْفَ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ، أَوْ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْإِمَامِ) فَنِيَّةُ الْجَمَاعَةِ صَالِحَةٌ لِلْإِمَامِ أَيْضًا وَتَتَعَيَّنُ بِالْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ لِلِاقْتِدَاءِ، أَوْ الْإِمَامَةِ قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ الثَّانِي وَفِي الثَّانِيَةِ فِي الْقِيَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 الْجُمُعَةِ) لِاسْتِقْلَالِهِ (لَكِنْ لَوْ تَرَكَهَا) أَيْ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ (لَمْ يَحُزْ الْفَضِيلَةَ) أَيْ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ إذْ لَيْسَ لِلْمَرْءِ مِنْ عَمَلِهِ إلَّا مَا نَوَى كَمَا مَرَّ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا لِيَحُوزَ الْفَضِيلَةَ وَتَصِحُّ نِيَّتُهُ لَهَا مَعَ تَحَرُّمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ إمَامًا وَبِالصِّحَّةِ حِينَئِذٍ صَرَّحَ الْجُوَيْنِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْوَجْهُ وَقَوْلُ الْعِمْرَانِيِّ هُنَا إنَّهَا لَا تَصِحُّ حِينَئِذٍ غَرِيبٌ وَإِذَا نَوَى فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ حَازَ الْفَضِيلَةَ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ وَلَا تَنْعَطِفُ نِيَّتُهُ عَلَى مَا قَبْلَهَا (وَ) أَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فَلَوْ تَرَكَهَا (بَطَلَتْ جُمُعَتُهُ) لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ فِيهَا سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَمْ زَائِدًا عَلَيْهِمْ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وَنَوَى غَيْرَ الْجُمُعَةِ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ (فَإِنْ نَوَى) فِي غَيْرِهَا (وَعَيَّنَ الْمُؤْتَمَّ بِهِ فَأَخْطَأَ لَمْ يَضُرَّ) ؛ لِأَنَّ غَلَطَهُ فِي النِّيَّةِ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهَا، وَإِنْ نَوَى فِيهَا كَذَلِكَ فَأَخْطَأَ ضَرَّ؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَمَا مَرَّ. الشَّرْطُ (الْخَامِسُ تَوَافُقُ) نَظْمِ (الصَّلَاتَيْنِ فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ) كَالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتَا فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ (فَلَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ مَثَلًا بِمَنْ يُصَلِّيَ الْجِنَازَةَ، أَوْ الْكُسُوفَ لَمْ تَصِحَّ) الْقُدْوَةُ لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ بِاخْتِلَافِ فِعْلِهِمَا (إلَّا فِي ثَانِي قِيَامِ ثَانِيَةِ الْكُسُوفِ) فَتَصِحُّ لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ بَعْدَهَا، وَهَذَا الْمُسْتَثْنَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ إيَّاهُ عَنْهُ وَلَا إشْكَالَ فِي الصِّحَّةِ إذَا اقْتَدَى بِهِ فِي التَّشَهُّدِ. قَالَ وَمَنْعُ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ يُصَلِّيَ جِنَازَةً، أَوْ كُسُوفًا مُشْكِلٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فِي الْقِيَامِ لَا مُخَالَفَةَ فِيهِ، ثُمَّ إذَا انْتَهَى إلَى الْأَفْعَالِ الْمُخَالِفَةِ، فَإِنْ فَارَقَهُ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَمَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ تُرَى عَوْرَتُهُ مِنْهُ إذَا رَكَعَ بَلْ أَوْلَى فَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُبْطِلَ ثَمَّ يَعْرِضُ بَعْدَ الِانْعِقَادِ، وَهُنَا مَوْجُودٌ عِنْدَهُ، وَهُوَ اخْتِلَافُ فِعْلِ الصَّلَاتَيْنِ الَّذِي يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْمُتَابَعَةُ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَالْكُسُوفِ (وَتَصِحُّ الظُّهْرُ) مَثَلًا (خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ، أَوْ الْمَغْرِبَ وَيَتَخَيَّرُ) الْمُصَلِّي خَلْفَهُ (فِي مُفَارَقَتِهِ) لَهُ (عِنْدَ الْقُنُوتِ) فِي الصُّبْحِ (وَالتَّشَهُّدِ) فِي الْمَغْرِبِ فَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ عِنْدَ اشْتِغَالِهِ بِهِمَا وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَمَرَّ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ. وَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يَضُرُّ تَطْوِيلُهُ الِاعْتِدَالَ بِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي الْقُنُوتِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَسْبُوقِ (وَكَذَا) تَصِحُّ (الصُّبْحُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ) ، أَوْ نَحْوَهَا كَعَكْسِهِ بِجَامِعِ أَنَّهُمَا صَلَاتَانِ مُتَّفِقَانِ فِي النَّظْمِ (ثُمَّ الْأَفْضَلُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ) عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ (لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يُفَارِقَهُ وَيُسَلِّمَ لِغَرَضِ أَدَاءِ السَّلَامِ فِي الْجَمَاعَةِ وَلِوُرُودِهِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْقُنُوتُ فِي الثَّانِيَةِ قَنَتَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ فِرَاقُهُ لِيَقْنُتَ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِمَّا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ التَّارِكِ لِلْقُنُوتِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ هُنَا (فَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ) ، أَوْ نَحْوَهَا (لَزِمَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ فِي) الرَّكْعَةِ (الرَّابِعَةِ) أَيْ عِنْدَ قِيَامِهِ لَهَا وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ فَلَيْسَ لَهُ انْتِظَارُهُ بِخِلَافِ الْمُقْتَدِي فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ كَمَا مَرَّ (لِأَنَّهُ يُحْدِثُ) هُنَا (جُلُوسًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ) بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّهُ وَافَقَهُ فِيهِ، ثُمَّ اسْتَدَامَهُ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالتَّشَهُّدِ إلَى تَعْبِيرِهِ بِالْجُلُوسِ تَنْبِيهًا عَلَى مَا الْكَلَامُ فِيهِ مِنْ أَنَّ الْمُضِرَّ إنَّمَا هُوَ الْمُخَالَفَةُ فِي الْأَفْعَالِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فِي هَذِهِ، أَوْ لِلتَّشَهُّدِ فِي تِلْكَ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ لَا يَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ عَكْسُهُ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرَيْنِ مَعًا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْجُلُوسَ، وَالتَّشَهُّدَ فِي تِلْكَ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ لُزُومِهَا تَنْزِيلًا لِمَحَلِّ جُلُوسِهِ وَتَشَهُّدِهِ مَنْزِلَتَهُمَا وَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِهِمَا جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ (وَتَصِحُّ الْعِشَاءُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَحُزْ الْفَضِيلَةَ) ، وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (قَوْلُهُ: فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا لِيَحُوزَ الْفَضِيلَةَ) وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فَإِنَّ أَحْمَدَ يُوجِبُهَا وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ صَرَّحَ لَهُ الْجُوَيْنِيُّ) وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى فِيهَا كَذَلِكَ) ، فَإِنْ أَخْطَأَ ضَرَّ مَا لَمْ يُشِرْ إلَيْهِ. [الشَّرْط الْخَامِس تَوَافُقُ نَظْمِ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ] (قَوْلُهُ: الْخَامِسُ تَوَافُقُ نَظْمِ الصَّلَاتَيْنِ) وَجَدَ مُصَلِّيًا جَالِسًا وَشَكَّ أَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ الْقِيَامِ لِعَجْزِهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ رَآهُ فِي وَقْتِ الْكُسُوفِ وَشَكَّ فِي أَنَّهُ كُسُوفٌ، أَوْ غَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَعْلَمُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ هَلْ وَاجِبُهُ الْجُلُوسُ، أَوْ الْقِيَامُ " "، فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ كَأَنْ رَآهُ يُصَلِّي مُفْتَرِشًا، أَوْ مُتَوَرِّكًا فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مَعَهُ وَيَجْلِسُ هَذَا إنْ كَانَ فِيهِ فَقِيهًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا لَا يَعْرِفُ هَيْئَاتِ الْجَلَسَاتِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا) ، ثُمَّ الرِّيمِيُّ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي شَرْحِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُبْطِلَ ثَمَّ يَعْرِضُ بَعْدَ الِانْعِقَادِ إلَخْ) فَأَشْبَهَ التَّلَاعُبَ قَالَ فِي الْعُبَابِ، فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ جَاهِلًا وَفَارَقَهُ فَوْرًا لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرَيْنِ مَعًا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامَهُ إلَخْ) يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ مُفَارَقَةُ إمَامِهِ فِي هَذِهِ، وَإِنْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَكَذَا تَلْزَمُهُ فِي تِلْكَ إنْ لَمْ يَجْلِسْ لِلتَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ يُحْدِثُهُ لِلتَّشَهُّدِ وَقَوْلُ أَصْلِهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ تَشَهُّدًا أَيْ جُلُوسَهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ بِخِلَافِ الصُّورَةِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهُ وَافَقَ الْإِمَامَ فِي تَشَهُّدِهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ انْتَهَى. وَمُصَلِّي الظُّهْرِ لَا يَفْعَلُهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ ثَالِثَتِهِ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّهُ إنْ فَعَلَهُ، فَالْحُكْمُ، فَالتَّعْلِيلُ فِي كَلَامِهِ وَكَلَامِ أَصْلِهِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ الْعِشَاءُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ إلَخْ) تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِصَلَاتِهِ الْعِشَاءَ، أَوْ نَحْوَهَا خَلْفَ التَّرَاوِيحِ وَعَكْسُهُ وَبِصَلَاةِ الصُّبْحِ، أَوْ نَحْوِهَا خَلْفَ " " قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ إلَخْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ جَوَّزَ كَوْنَهُ مَأْمُومًا، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ إمَامٌ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّجْوِيزَ ثَمَّ اقْتَضَى قِيَامَ الْمَانِعِ حَالَ الِاقْتِدَاءِ، وَهُنَا لَا مَانِعَ حِينَئِذٍ. اهـ. إيعَابُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ بِالصُّبْحِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إلَى بَاقِي صَلَاتِهِ (وَالْأَوْلَى أَنْ يُتِمَّ) هَا (مُنْفَرِدًا، فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا) فِي رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ (جَازَ) كَمُنْفَرِدٍ اقْتَدَى فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بِغَيْرِهِ (وَتَصِحُّ الصُّبْحُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ، أَوْ الِاسْتِسْقَاءَ وَعَكْسُهُ) لِتَوَافُقِهِمَا فِي نَظْمِ أَفْعَالِهِمَا (وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُوَافِقَهُ فِي التَّكْبِيرِ) الزَّائِدِ إنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ الْعِيدِ، أَوْ الِاسْتِسْقَاءِ (أَوْ) فِي (تَرْكِهِ) إنْ عَكَسَ اعْتِبَارًا بِصَلَاتِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُوَافَقَتُهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَذْكَارَ لَا يَضُرُّ فِعْلُهَا، وَإِنْ لَمْ تُنْدَبْ وَلَا تَرْكُهَا، وَإِنْ نُدِبَتْ. الشَّرْطُ (السَّادِسُ الْمُوَافَقَةُ) لِلْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (فَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ فَرْضًا لَمْ يُتَابِعْهُ) فِي تَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ وَإِلَّا فَفِعْلُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ (أَوْ) تَرَكَ (سُنَّةً أَتَى) هُوَ (بِهَا إنْ لَمْ يَفْحُشْ) تَخَلُّفُهُ لَهَا (كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَقُنُوتٍ يُدْرِكُ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْإِتْيَانِ بِهِ (السَّجْدَةَ الْأُولَى) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَخَلُّفٌ يَسِيرٌ أَمَّا إذَا فَحُشَ التَّخَلُّفُ لَهَا كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَلَا يَأْتِي بِهَا لِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» فَلَوْ اشْتَغَلَ بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعُدُولِهِ عَنْ فَرْضِ الْمُتَابَعَةِ إلَى سُنَّةٍ وَيُخَالِفُ سُجُودَ السَّهْوِ، وَالتَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَاسْتَشْكَلَ مَا قَالَهُ بِشَيْءٍ مَرَّ مَعَ جَوَابِهِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ. الشَّرْطُ (السَّابِعُ الْمُتَابَعَةُ) فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَا فِي أَقْوَالِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي (فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْبِقَهُ بِالْفِعْلِ وَلَا يُقَارِنَهُ) فِيهِ (وَلَا يَتَأَخَّرَ) عَنْهُ (إلَى فَرَاغِهِ) مِنْهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تُبَادِرُوا الْإِمَامَ، إذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» (فَإِنْ فَعَلَ) شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ فَأَقَلَّ أَوْ قَارَنَهُ، أَوْ تَأَخَّرَ إلَى فَرَاغِهِ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ (وَكُرِهَ) كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ فِي سَبْقِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ» وَكَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ فِي الْآخَرَيْنِ لِمُخَالَفَةِ الْأَخْبَارِ الْآمِرَةِ بِالْمُتَابَعَةِ، وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مَعَ مَا يَأْتِي عَقِبَهَا فِي غَيْرِ الْمُقَارَنَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَإِنْ قَارَنَهُ كُرِهَ فَعَلَيْهَا لَا زِيَادَةَ (وَفَاتَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ) لِارْتِكَابِهِ الْمَكْرُوهَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَكْرُوهَاتِ وَضَابِطُهُ أَنَّهُ حَيْثُ فَعَلَ مَكْرُوهًا مَعَ الْجَمَاعَةِ مِنْ مُخَالَفَةِ مَأْمُورٍ بِهِ فِي الْمُوَافَقَةِ، وَالْمُتَابَعَةِ كَالِانْفِرَادِ عَنْهُمْ فَاتَهُ فَضْلُهَا إذْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ مَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ جَمَاعَةٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ فَضْلِهَا انْتِفَاؤُهَا، وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْمُقَارَنَةِ الْمُفَوِّتَةِ لِذَلِكَ الْمُقَارَنَةُ فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ، أَوْ يُكْتَفَى بِمُقَارَنَةِ الْبَعْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ فِي رُكْنٍ وَاحِدٍ لَا تُفَوِّتُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّقَدُّمُ بِرُكْنٍ وَفِي تَعْلِيلِهِ نَظَرٌ (إلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ) أَيْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (فَإِنَّهُ إنْ قَارَنَهُ فِيهَا، أَوْ) فِي (بَعْضِهَا، أَوْ شَكَّ) فِي أَثْنَائِهَا، أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ عَنْ قُرْبٍ (هَلْ قَارَنَهُ) فِيهَا أَمْ لَا، أَوْ ظَنَّ التَّأَخُّرَ فَبَانَ خِلَافُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَمْ تَنْعَقِدْ) صَلَاتُهُ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ؛ وَلِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِ مُصَلٍّ فَيُشْتَرَطُ تَأَخُّرُ جَمِيعِ تَكْبِيرَتِهِ عَنْ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ، وَفَارَقَ ذَلِكَ الْمُقَارَنَةُ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ بِانْتِظَامِ الْقُدْوَةِ فِيهَا لِكَوْنِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ. وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ انْعِقَادِهَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ كَبَّرَ وَإِلَّا فَتَنْعَقِدُ فُرَادَى وَجْهٌ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ حُكْمِ الظَّنِّ؛ إذْ مِثْلُهُ حُكْمُ الِاعْتِقَادِ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ فِي فَرْعِ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْإِمَامِ (وَيُسْتَحَبُّ قَبْلَ التَّكْبِيرِ) لِلْإِحْرَامِ (أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ) كَأَنْ يَقُولَ اسْتَوُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ، أَوْ سَوُّوا صُفُوفَكُمْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «اعْتَدِلُوا فِي صُفُوفِكُمْ وَتَرَاصُّوا فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَائِي» قَالَ أَنَسٌ رَاوِيهِ «فَلَقَدْ رَأَيْت أَحَدَنَا يُلْصِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «كَانَ يُسَوِّي صُفُوفَنَا كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ» (وَ) أَنْ (يَلْتَفِتَ) لِذَلِكَ (يَمِينًا وَشِمَالًا) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ (وَأَنْ يَقُومُوا بَعْدَ فَرَاغِ) الْمُقِيمِ مِنْ (الْإِقَامَةِ) فَيَشْتَغِلُوا بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ. وَيُسَنُّ   [حاشية الرملي الكبير] الْعِيدِ أَوْ الِاسْتِسْقَاءَ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي كَوْنِ الْجَمَاعَةِ مَطْلُوبَةً فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْعِيدِ مُؤَدَّاةً. [الشَّرْط السَّادِس الْمُوَافَقَةُ لِلْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ] (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ فَرْضًا لَمْ يُتَابِعْهُ) بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُفَارِقَهُ وَيُتِمَّ لِنَفْسِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْتَظِرَهُ إلَى أَنْ تَنْتَظِمَ صَلَاتُهُ فَيَتْبَعَهُ فِي الْمُنْتَظِمِ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُفْضِيَ انْتِظَارُهُ إلَى تَطْوِيلِ رُكْنٍ قَصِيرٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْيَمَانِيِّينَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ جِدًّا أَنْ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ اعْتَدَلَ مَعَ الْإِمَامِ فَشَرَعَ الْإِمَامُ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَنَّهُ لَا يَنْتَظِرُهُ فِي الِاعْتِدَالِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ قَصِيرٌ وَيَنْتَظِرُهُ فِي السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ طَوِيلٌ (قَوْلُهُ: أَتَى بِهَا) إنْ لَمْ يَفْحُشْ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ كَمَا لَا بَأْسَ بِزِيَادَتِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا. [الشَّرْط السَّابِع الْمُتَابَعَةُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ] (قَوْلُهُ: بِأَنْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ فَأَقَلَّ) قَالَ شَيْخُنَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَأَقَلَّ أَنَّهُ لَوْ سَبَقَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَاسْتَمَرَّ فِيهِ إلَى أَنْ لَحِقَهُ يَكُونُ حَرَامًا كَمَا لَوْ اسْتَمَرَّ فِيهِ، ثُمَّ رَفَعَ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُ الْإِمَامُ وَعِبَارَةُ ابْنِ قَاضِي شُهْبَةَ وَشَمِلَ مَا إذَا سَبَقَهُ بِرُكْنٍ تَامٍّ بِأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ، ثُمَّ لَحِقَهُ أَوْ بِدُونِهِ بِأَنْ رَكَعَ وَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى لَحِقَهُ فِيهِ وَيَحْرُمُ فِعْلُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ لَا تَبْطُلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَالِانْفِرَادِ عَنْهُمْ) وَمُسَاوَاتِهِ لِإِمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ فَضْلِهَا انْتِفَاؤُهَا) كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ حُصُولُ الثَّوَابِ كَمَا لَوْ صَلَّى جَمَاعَةً فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَإِنَّ الِاقْتِدَاءَ صَحِيحٌ وَهُوَ فِي جَمَاعَةٍ وَلَا ثَوَابَ فِيهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ صَلَاةُ الْغُزَاةِ جَمَاعَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ثَوَابَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ، فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ صِحَّتِهَا مَعَ انْتِفَاءِ الثَّوَابِ فِيهَا أُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا إمَّا عَلَى الْعَيْنِ، أَوْ الْكِفَايَةِ، أَوْ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِقِيَامِ الشِّعَارِ ظَاهِرًا. (قَوْلُهُ: أَوْ يُكْتَفَى بِمُقَارَنَةِ الْبَعْضِ) فَتَفُوتُ فَضِيلَتُهَا فِيمَا قَارَنَهُ فِيهِ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الظَّاهِرُ سُقُوطُ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ فِي الْجَمِيعِ لِحُصُولِ الْمُخَالَفَةِ قَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِفَوَاتِ الْفَضِيلَةِ فِيمَا قَارَنَهُ (قَوْلُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبِنْ خِلَافُهُ صَحَّ وَهُوَ كَذَلِكَ وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الشَّكِّ، وَالظَّنِّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْعَامِدِ الْعَالِمِ دُونَ الْجَاهِلِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 إذَا كَبُرَ الْمَسْجِدُ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ رَجُلًا يَأْمُرُهُمْ بِتَسْوِيَتِهَا وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ أَوْ يُنَادِي فِيهِمْ وَيُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ أَنْ يَأْمُرَ بِذَلِكَ مَنْ يَرَى مِنْهُ خَلَلًا فِي تَسْوِيَةِ الصَّفِّ فَإِنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ، وَالتَّقْوَى، وَالْمُرَادُ بِتَسْوِيَتِهَا إتْمَامُ الْأَوَّلِ، فَالْأَوَّلِ وَسَدُّ الْفُرَجِ وَتَحَاذِي الْقَائِمِينَ فِيهَا بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ صَدْرُ وَاحِدٍ وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى مَنْ هُوَ بِجَنْبِهِ وَلَا يُشْرَعُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ وَلَا يَقِفُ فِي صَفٍّ حَتَّى يَتِمَّ مَا قَبْلَهُ قَالَ وَخَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ اسْتِحْبَابَ الْقِيَامِ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ الْإِقَامَةِ بِالشَّابِّ أَمَّا الشَّيْخُ الْبَطِيءُ فَعِنْدَ لَفْظِ الْإِقَامَةِ، وَلَيْسَ دَوَامُ قِيَامِهِ قِيَامًا قَبْلَ فَرَاغِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْهُ (وَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْ الْمُتَابَعَةِ بِلَا عُذْرٍ كَالِاشْتِغَالِ بِالسُّورَةِ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (أَوْ التَّسْبِيحَاتِ) فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ (بِرُكْنَيْنِ) فِعْلِيَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا طَوِيلَيْنِ (لَا بِرُكْنٍ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ بِلَا عُذْرٍ بِخِلَافِ التَّخَلُّفِ بِرُكْنٍ وَلَوْ طَوِيلًا، وَهُوَ الْمَقْصُودُ فِي نَفْسِهِ لَا يُؤَثِّرُ فَفِي خَبَرِ مُعَاوِيَةَ «لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ فَمَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إذَا رَكَعْت تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْت» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ (وَالتَّخَلُّفُ بِرُكْنَيْنِ أَنْ يُتِمَّهُمَا الْإِمَامُ، وَالْمَأْمُومُ فِيمَا قَبْلَهُمَا كَمَا لَوْ رَكَعَ وَاعْتَدَلَ، ثُمَّ هَوَى لِلسُّجُودِ، وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ) وَقِيلَ يُعْتَبَرُ مُلَابَسَةُ الْإِمَامِ رُكْنًا ثَالِثًا. وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّحْقِيقِ (فَإِنْ كَانَ) تَخَلُّفُهُ (لِعُذْرٍ كَإِبْطَاءِ قِرَاءَةٍ) لِعَجْزٍ لَا لِوَسْوَسَةٍ (وَاشْتِغَالٍ بِاسْتِفْتَاحٍ لَزِمَهُ إتْمَامُ الْفَاتِحَةِ) إنْ كَانَ مُوَافِقًا (أَوْ) شَيْءٍ مِنْهَا (قَدْرَ مَا اشْتَغَلَ بِهِ مِنْ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ) إنْ كَانَ مَسْبُوقًا، وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْمُوَافِقِ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيَسْعَى خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ) أَيْ صَلَاةِ نَفْسِهِ (مَا لَمْ يَسْبِقْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ) فِي نَفْسِهَا أَيْ (طَوِيلَةٍ) أَخْذًا مِنْ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُسْفَانَ فَلَا يُعَدُّ مِنْهَا الْقَصِيرُ، وَهُوَ الِاعْتِدَالُ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فَيَسْعَى خَلْفَهُ إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ مَا لَزِمَهُ قِرَاءَتُهُ قَبْلَ انْتِصَابِ الْإِمَامِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ (فَإِنْ سَبَقَهُ بِهَا) الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ بِهِ أَيْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنْ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ قِرَاءَتِهِ إلَّا وَالْإِمَامُ قَائِمٌ عَنْ السُّجُودِ، أَوْ جَالِسٌ لِلتَّشَهُّدِ (وَافَقَهُ فِي) الرُّكْنِ (الرَّابِعِ وَقَضَى) أَيْ أَدَّى (مَا فَاتَهُ بِتَخَلُّفِهِ بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ كَالْمَسْبُوقِ. وَهَذِهِ (كَمَسْأَلَةِ الزِّحَامِ) الْآتِي بَيَانُهَا فِي الْجُمُعَة (هَذَا) كُلُّهُ (فِي) الْمَأْمُومِ (الْمُوَافِقِ) ، وَهُوَ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَحَلَّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَمَّا الْمَسْبُوقُ، وَهُوَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ رَكَعَ) الْإِمَامُ (وَالْمَسْبُوقُ) الَّذِي لَمْ يَشْتَغِلْ بِافْتِتَاحٍ وَتَعَوُّذٍ (فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ تَابَعَهُ) فِي الرُّكُوعِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ بَقِيَّتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ غَيْرَ مَا قَرَأَهُ (وَأَجْزَأَهُ) كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ تَسْقُطُ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ وَيَرْكَعُ مَعَهُ وَيُجْزِئُهُ (فَإِنْ تَخَلَّفَ) الْمَسْبُوقُ بَعْدَ قِرَاءَةِ مَا أَدْرَكَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ (لِإِتْمَامِهَا وَفَاتَهُ الرُّكُوعُ) مَعَهُ وَأَدْرَكَهُ فِي الِاعْتِدَالِ (بَطَلَتْ رَكْعَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ فِي مُعْظَمِهَا وَفِي نُسْخَةٍ لِاشْتِغَالِهِ بِالسُّورَةِ، أَوْ التَّسْبِيحَاتِ فَفَاتَهُ الرُّكُوعُ لَغَتْ رَكْعَتُهُ (وَتَخَلَّفَ بِلَا عُذْرٍ) فَقَدْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ، أَمَّا مَسْبُوقٌ اشْتَغَلَ بِافْتِتَاحٍ، أَوْ تَعَوُّذٍ فَيَلْزَمُهُ قِرَاءَةٌ بِقَدْرِهِمَا مِنْ الْفَاتِحَةِ كَمَا مَرَّ لِتَقْصِيرِهِ بِعُدُولِهِ عَنْ فَرْضٍ إلَى نَفْلٍ قَالَ الشَّيْخَانِ كَالْبَغَوِيِّ. وَهُوَ بِتَخَلُّفِهِ مَعْذُورٌ لِإِلْزَامِهِ بِالْقِرَاءَةِ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي غَيْرُ مَعْذُورٍ لِتَقْصِيرِهِ بِمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَلَا يَرْكَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ بَلْ يُتَابِعُهُ فِي هُوِيِّهِ لِلسُّجُودِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ الْفَارِقِيُّ وَصُورَتُهَا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْإِمَامَ قَبْلَ سُجُودِهِ وَإِلَّا فَيُتَابِعُهُ قَطْعًا وَلَا يَقْرَأُ وَذَكَرَ مِثْلَهُ الرُّويَانِيُّ فِي حِلْيَتِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي إحْيَائِهِ، لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُهُ فِي رُكُوعِهِ وَإِلَّا فَيُفَارِقُهُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مَعْذُورًا أَنَّهُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا بَلْ إنَّهُ لَا كَرَاهَةَ وَلَا بُطْلَانَ بِتَخَلُّفِهِ قَطْعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِتَقْصِيرِهِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ إدْرَاكَهُ فِي الرُّكُوعِ فَأَتَى بِالِافْتِتَاحِ، وَالتَّعَوُّذِ فَرَكَعَ الْإِمَامُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بِأَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَأَعْرَضَ عَنْ السُّنَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَاَلَّتِي بَعْدَهَا يَرْكَعُ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ مِنْ الْفَاتِحَةِ شَيْئًا وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ انْتَهَى. وَهَذَا الْمُقْتَضَى هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِبَقَاءِ مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ تَقْصِيرَهُ بِمَا ذُكِرَ مُنْتَفٍ فِي ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ (وَلَوْ نَسِيَ) الْمَأْمُومُ (الْفَاتِحَةَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ دَوَامُ قِيَامِهِ قِيَامًا إلَخْ) هَذَا وَجْهٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ: بِرُكْنَيْنِ لَا بِرُكْنٍ بَطَلَتْ) كَأَنْ اشْتَغَلَ بِقِرَاءَةِ السُّورَةِ حَتَّى هَوَى الْإِمَامُ إلَى السَّجْدَةِ الْأُولَى، أَوْ بِالْقُنُوتِ حَتَّى هَوَى إلَى الثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ مُوَسْوِسًا يُرَدِّدُ الْكَلِمَاتِ فَرَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ هُوَ الْفَاتِحَةَ وَجَبَ الْإِتْمَامُ وَتَخَلُّفُهُ كَالتَّخَلُّفِ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: كَإِبْطَاءِ قِرَاءَةٍ) لِعَجْزٍ، أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لَا لِوَسْوَسَةٍ) فَلَوْ رَدَّدَ الْمُوَسْوِسُ الْقِرَاءَةَ فَرَكَعَ الْإِمَامُ وَجَبَ أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ تَخَلُّفٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي الْقَوْلِ التَّمَامِ: قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ: وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ لِشُغْلِهِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فَمَعْذُورٌ وَلَكِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ إدْرَاكُ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَإِلَّا فَهُوَ مُقَصِّرٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُوَافِقًا) ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْفَاتِحَةِ إنَّمَا اغْتَفَرْنَاهُ لِلْمَأْمُومِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاتِهِ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الْحُضُورِ غَالِبًا وَالْإِحْرَامِ، بِخِلَافِ الْإِسْرَاعِ فِي الْقِرَاءَةِ فَإِنَّ النَّاسَ غَالِبًا لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَحَلَّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ) بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ التَّحَرُّمِ زَمَنًا يَسَعُ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَالْعِبْرَةُ بِحَالِ الشَّخْصِ فِي السُّرْعَةِ، وَالْبُطْءِ قَالَهُ فِي الْخَادِمِ، لَكِنْ مُقْتَضَى مَا صَحَّحُوهُ فِي الْمُوَافِقِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ، وَالْإِمَامُ سَرِيعَهَا فَرَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ إتْمَامِهِ الْفَاتِحَةَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ لِإِتْمَامِهَا وَيَكُونُ مَعْذُورًا تَرْجِيحَ أَنَّ الْمُرَادَ بِزَمَانِ إمْكَانِ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ مِنْ سَرِيعِ الْقِرَاءَةِ. اهـ. هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَظُنَّ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 أَوْ شَكَّ فِي قِرَاءَتِهَا، فَإِنْ ذَكَرَ) النِّسْيَانَ، الْأَوْلَى وَلَوْ نَسِيَ الْفَاتِحَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَوْ شَكَّ فِي قِرَاءَتِهَا، فَإِنْ كَانَ (قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ) مَعَ الْإِمَامِ (تَخَلَّفَ لِقِرَاءَتِهَا) لِبَقَاءِ مَحَلِّهَا (وَلَهُ حُكْمُ بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ) مَعَ سَرِيعِهَا فِي أَنَّهُ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ، وَالْقِيَاسُ فِي الْمُنْتَظِرِ سَكْتَةَ الْإِمَامِ لِيَقْرَأَ فِيهَا الْفَاتِحَةَ فَرَكَعَ إمَامُهُ عَقِبَهَا أَنَّهُ كَالنَّاسِي خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي قَوْلِهِ بِسُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ التَّذَكُّرُ أَوْ الشَّكُّ بَعْدَ رُكُوعِهِ مَعَهُ (تَابَعَهُ) وَلَا يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا (وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ السَّلَامِ) مِنْ الْإِمَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ تَذَكَّرَ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ قَرَأَهَا حُسِبَتْ لَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا، أَوْ إمَامًا فَشَكَّ فِي رُكُوعِهِ فِي الْقِرَاءَةِ فَمَضَى، ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ أَيْ مَثَلًا أَنَّهُ كَانَ قَدْ قَرَأَهَا فِي الْأُولَى فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ إذْ لَا اعْتِدَادَ بِفِعْلِهِ مَعَ الشَّكِّ انْتَهَى. وَلَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الْفَاتِحَةِ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْقَاضِي، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُخْرِجُ نَفْسَهُ مِنْ مُتَابَعَتِهِ انْتَهَى، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِقِرَاءَتِهَا إلَى أَنْ يَخَافَ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ فَيُخْرِجَ نَفْسَهُ، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ قِيَامِ إمَامِهِ فِي أَنَّهُ سَجَدَ مَعَهُ أَمْ لَا سَجَدَ، ثُمَّ تَابَعَهُ فَلَوْ قَامَ مَعَهُ، ثُمَّ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَمْ يَعُدْ لِلسُّجُودِ كَمَا أَفْتَى بِهِمَا الْقَاضِي وَلَوْ سَجَدَ مَعَهُ، ثُمَّ شَكَّ فِي أَنَّهُ رَكَعَ مَعَهُ أَمْ لَا لَمْ يَعُدْ لِلرُّكُوعِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَخْرِيجًا عَلَى الثَّانِيَةِ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ فَرَاغِ إمَامِهِ مِنْ الرُّكُوعِ فِي أَنَّهُ رَكَعَ مَعَهُ أَمْ لَا عَادَ لِلرُّكُوعِ قُلْته تَخْرِيجًا عَلَى الْأُولَى وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ تَيَقَّنَ فَوْتَ مَحَلِّ الْمَتْرُوكِ لِتَلَبُّسِهِ مَعَ الْإِمَامِ بِرُكْنٍ لَمْ يَعُدْ لَهُ وَإِلَّا عَادَ (وَمِنْ الْأَعْذَارِ التَّخَلُّفُ لِزِحَامٍ وَخَوْفٍ وَسَيَأْتِي) كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَحَلِّهِ وَأَوَّلُهُمَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ كَمَسْأَلَةِ الزِّحَامِ. (وَإِنْ) سَبَقَ إمَامَهُ بِدُونِ رُكْنٍ كَأَنْ (رَكَعَ، وَالْإِمَامُ قَائِمٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَوْ تَعَمَّدَ) سَبْقَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرُ كَعَكْسِهِ (وَلَهُ انْتِظَارُهُ) فِيمَا سَبَقَهُ بِهِ (وَالرُّجُوعُ إلَيْهِ أَفْضَلُ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ لِيَرْكَعَ مَعَهُ (إنْ تَعَمَّدَ السَّبْقَ) جَبْرًا لِمَا أَخَلَّ بِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ سَهَا بِهِ (تَخَيَّرَ) بَيْنَ الِانْتِظَارِ، وَالْعَوْدِ (فَلَوْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ بِأَنَّ) الْأُولَى كَأَنْ (رَكَعَ وَرَفَعَ، وَالْإِمَامُ قَائِمٌ وَوَقَفَ يَنْتَظِرُهُ) حَتَّى رَفَعَ وَاجْتَمَعَا فِي الِاعْتِدَالِ (لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) ، وَإِنْ حَرُمَ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ كَعَكْسِهِ (أَوْ) سَبَقَهُ (بِرُكْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا) بِالتَّحْرِيمِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا (فَالرَّكْعَةُ) وَحْدَهَا تَبْطُلُ فَيَأْتِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَخْفَى بَيَانُ السَّبْقِ بِرُكْنَيْنِ مِنْ قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّخَلُّفِ (وَ) ، لَكِنْ (مَثَّلَهُ الْعِرَاقِيُّونَ بِأَنْ رَكَعَ قَبْلَهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ سَجَدَ) فَلَمْ يَجْتَمِعَا فِي الرُّكُوعِ وَلَا فِي الِاعْتِدَالِ (وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ) فِي التَّخَلُّفِ (فَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَوِيَا) بِأَنْ يُقَدِّرَ مِثْلَ ذَاكَ هُنَا، أَوْ بِالْعَكْسِ (وَأَنْ يَخْتَصَّ هَذَا بِالتَّقَدُّمِ لِفُحْشِهِ) ، وَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ (وَلَوْ سَبَقَهُ بِالْقِرَاءَةِ، وَالتَّشَهُّدِ لَمْ يَضُرَّ) وَلَوْ فِي الْجَهْرِيَّةِ إذْ لَا تَظْهَرُ بِهِ مُخَالَفَةٌ بِخِلَافِ سَبْقِهِ بِالسَّلَامِ لِارْتِكَابِهِ حَرَامَيْنِ: التَّقَدُّمَ بِرُكْنٍ وَقَطْعَ الْقُدْوَةِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ (فَرْعٌ، وَإِنْ أَدْرَكَ) الْمَسْبُوقُ (الْإِمَامَ رَاكِعًا) وَفِي آخِرِ مَحَلِّ قِرَاءَتِهِ (كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ) تَكْبِيرَةً (ثُمَّ) كَبَّرَ (لِلْهُوِيِّ) لِلرُّكُوعِ أُخْرَى كَالْمُوَافِقِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ) فِيهِمَا (عَلَى تَكْبِيرَةٍ فَإِنْ نَوَى بِهَا الْإِحْرَامَ فَقَطْ وَأَتَمَّهَا قَبْلَ هُوِيِّهِ انْعَقَدَتْ) صَلَاتُهُ وَلَا يَضُرُّ تَرْكُ تَكْبِيرَةِ الْهُوِيِّ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَقَوْلُهُ وَأَتَمَّهَا قَبْلَ هُوِيِّهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَأَتَى بِهَا مِنْ قِيَامٍ (أَوْ) نَوَى بِهَا (الرُّكُوعَ) فَقَطْ (فَلَا) تَنْعَقِدُ لِخُلُوِّهَا عَنْ التَّحَرُّمِ (وَلَوْ نَوَاهُمَا) بِهَا (أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا) بِهَا بِأَنْ نَوَى بِهَا أَحَدَهُمَا بِلَا تَعْيِينٍ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا مِنْهُمَا (لَمْ تَنْعَقِدْ) أَيْضًا لِلتَّشْرِيكِ فِي الْأُولَى بَيْنَ التَّحَرُّمِ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَعَهُ بِقَصْدِهِ كَمَا لَوْ تَحَرَّمَ بِفَرْضٍ وَنَفْلٍ بِخِلَافِ غُسْلِهِ لِلْجَنَابَةِ، وَالْجُمُعَةِ وَنَحْوِهِ وَلِتَعَارُضِ قَرِينَتَيْ الِافْتِتَاحِ، وَالْهُوِيِّ فِي الثَّانِيَةِ بِشِقَّيْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ مُعَيَّنٍ لِوُجُودِ الصَّارِفِ (وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ) ، وَهِيَ مَا إذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا (وَجَبَتْ نِيَّةُ التَّكْبِيرِ) لِلتَّحَرُّمِ لِيَمْتَازَ عَمَّا عَارَضَهُ مِنْ تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ تُكْرَهُ مُفَارَقَةُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ عُذْرٍ) لِمُفَارَقَتِهِ لِلْجَمَاعَةِ الْمَطْلُوبَةِ وُجُوبًا، أَوْ نَدْبًا مُؤَكَّدًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا فَارَقَهُ لِعُذْرٍ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ (فَإِنْ فَارَقَهُ) وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ (صَحَّتْ صَلَاتُهُ) ؛ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا الْجَمَاعَةُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ) فَلَوْ أَتَمَّ رَكْعَتَهُ فَوَجَدَ إمَامَهُ رَاكِعًا رَكَعَ مَعَهُ وَهُوَ كَالْمَسْبُوقِ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ فِي الْمُنْتَظِرِ سَكْتَةَ الْإِمَامِ إلَخْ) وَبِهِ أَفْتَيْت وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا هُمَا احْتِمَالَانِ لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ الَّذِي يَتَّجِهُ الْجَزْمُ بِهِ أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ ع (فَرْعٌ) لَوْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأُولَى، فَإِنْ قَامَ مَعَهُ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ، وَإِنْ انْتَظَرَهُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَقَدْ طَوَّلَ الرُّكْنَ الْقَصِيرَ وَإِنْ سَجَدَ وَقَامَ مَعَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إذْ لَا تَجُوزُ مُتَابَعَتُهُ فِي زِيَادَةِ السَّهْوِ، وَإِنْ سَجَدَ وَانْتَظَرَهُ قَاعِدًا فَقَدْ قَعَدَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقُعُودِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ سَجَدَ وَقَامَ وَانْتَظَرَهُ فِي الْقِيَامِ فَقَدْ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ بِرُكْنَيْنِ، وَذَلِكَ أَيْضًا مُبْطِلٌ فَيَتَعَيَّنُ مُفَارَقَتُهُ، أَوْ سُجُودُهُ وَانْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَمْ تَجُزْ لَهُمْ الْمُفَارَقَةُ بِعُذْرٍ وَلَا غَيْرِهِ فَيَسْجُدُونَ وَيَنْتَظِرُونَهُ فِي السُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا إلَخْ) فَيَحْرُمُ عَوْدُهُ إلَيْهَا، فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ إنْ تَعَمَّدَ السَّبْقَ) عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَخْفَى إلَخْ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ حَضَرَ عِنْدَهُ رُكْنَانِ أَحَدُهُمَا يَسْتَحِقُّ التَّكْبِيرَ وُجُوبًا وَهُوَ النِّيَّةُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالتَّكْبِيرِ وَرُكْنُ الرُّكُوعِ يَسْتَحِقُّ التَّكْبِيرَ اسْتِحْبَابًا فَلَا بُدَّ مِنْ فَصْلِ الْوَاجِبِ بِالتَّمْيِيزِ. [فَرْعٌ مُفَارَقَةُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ عُذْرٍ] (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَارَقَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ) أَمَّا ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ لِمَا سَبَقَ فَيَسْقُطُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَوْ سَلَّمَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَنْوِ مُفَارَقَتَهُ عَالِمًا ذَاكِرًا لِلْقُدْوَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ حَرَامَيْنِ التَّقَدُّمَ بِرُكْنٍ وَقَطْعَ الْقُدْوَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ مُعِيدًا لِصَلَاةِ الصُّبْحِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِهَا صَحِيحٌ وَهِيَ صَلَاةٌ ذَاتُ سَبَبٍ فَلَا يُؤَثِّرُ الِانْفِرَادُ فِي إبْطَالِهَا؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي الدَّوَامِ، وَلَيْسَ هَذَا كَمَا لَوْ قَرَأَ آيَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 سُنَّةٌ، فَالسُّنَنُ لَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ إلَّا فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَكَذَلِكَ إلَّا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ؛ وَلِأَنَّ الْفِرْقَةَ الْأُولَى فَارَقَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ كَمَا سَيَأْتِي وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْعِشَاءَ فَطَوَّلَ بِهِمْ فَتَنَحَّى مِنْ خَلْفِهِ رَجُلٌ وَصَلَّى وَحْدَهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَغَضِبَ وَأَنْكَرَ عَلَى مُعَاذٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى الرَّجُلِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ» . قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ، وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ ضَعِيفٌ إذْ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ فَارَقَهُ وَبَنَى بَلْ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ سَلَّمَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَهَا فَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِبْطَالِ لِعُذْرٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ شَاذَّةٌ وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ شُذُوذِهَا يُجَابُ بِأَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى الْمُدَّعَى أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا دَلَّ عَلَى جَوَازِ إبْطَالِ أَصْلِ الْعِبَادَةِ فَعَلَى إبْطَالِ صِفَتِهَا أَوْلَى، وَالتَّطْوِيلُ وَحْدَهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ لِمَا يَأْتِي، فَالْخَبَرُ صَادِقٌ بِالْعُذْرِ وَبِغَيْرِهِ، لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ الرَّجُلَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ مُعَاذًا افْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَنَحْنُ أَصْحَابُ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا فَتَأَخَّرْت وَصَلَّيْت» وَاعْلَمْ أَنَّ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ جَاءَتْ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْمَغْرِبِ وَفِي رِوَايَاتِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ مُعَاذًا افْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْعِشَاءِ فَقَرَأَ اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنْ تُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ لِشَخْصَيْنِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ مُعَاذًا لَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ النَّهْيِ وَيَبْعُدُ أَنَّهُ نَسِيَهُ وَرَجَّحَ الْبَيْهَقِيُّ رِوَايَةَ الْعِشَاءِ بِأَنَّهَا أَصَحُّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ: لَكِنَّ الْجَمْعَ أَوْلَى وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ رِوَايَةِ الْقِرَاءَةِ بِالْبَقَرَةِ، وَالْقِرَاءَةِ بِاقْتَرَبَتْ بِأَنَّهُ قَرَأَ بِهَذِهِ فِي رَكْعَةٍ، وَهَذِهِ فِي رَكْعَةٍ (وَيُعْذَرُ) فِي الْمُفَارَقَةِ (بِمَا يُعْذَرُ بِهِ فِي الْجَمَاعَةِ وَبِتَرْكِ الْإِمَامِ سُنَّةً مَقْصُودَةً كَالْقُنُوتِ) ، وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (وَكَذَا لَوْ طَوَّلَ الْقِرَاءَةَ وَبِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ (ضَعْفٌ، أَوْ شُغْلٌ) ، وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ كَأَنْ رَأَى عَلَى ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَسًا لَا يُعْفَى عَنْهُ أَوْ رَأَى خُفَّهُ تَخَرَّقَ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ مُدَّتَهُ انْقَضَتْ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. (فَرْعٌ) لَوْ (أُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ) أَيْ: وَالْمُنْفَرِدُ (يُصَلِّيَ) حَاضِرَةً (صُبْحًا، أَوْ رُبَاعِيَّةً) ، أَوْ ثُلَاثِيَّةً كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي الْأَصْلِ (وَقَدْ قَامَ) فِي غَيْرِ الصُّبْحِ (إلَى) الرَّكْعَةِ (الثَّالِثَةِ أَتَمَّهَا) أَيْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ نَدْبًا (وَدَخَلَ فِي الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ الصُّبْحِ وَلَمْ يَقُمْ إلَى الثَّالِثَةِ (قَلَبَهَا نَفْلًا وَاقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ) ، ثُمَّ دَخَلَ فِي الْجَمَاعَةِ بَلْ إنْ خَشِيَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ لَوْ تَمَّمَ رَكْعَتَيْنِ اُسْتُحِبَّ لَهُ قَطْعُ صَلَاتِهِ وَاسْتِئْنَافُهَا جَمَاعَةً ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا إذَا تَحَقَّقَ إتْمَامَهَا فِي الْوَقْتِ لَوْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَإِلَّا حَرُمَ السَّلَامُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْوَقْتِ فَرْضٌ، وَالْجَمَاعَةَ سُنَّةٌ؛ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْفَرْضِ لِمُرَاعَاةِ السُّنَّةِ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي التَّحْقِيقِ. وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ سُنَّةٌ جَارٍ عَلَى طَرِيقِهِ وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَأَى الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ، فَالْأَفْضَلُ قَطْعُهَا لِيَتَوَضَّأَ مِنْ غَيْرِ قَلْبِهَا نَافِلَةً بِأَنَّ الْمُنَافِيَ حَصَلَ ثَمَّ فِي الْجُمْلَةِ، وَلِهَذَا حَرَّمَ جَمَاعَةٌ إتْمَامَهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَلَا تُقْلَبُ الْفَائِتَةُ) أَيْ لَا يَجُوزُ قَلْبُهَا نَفْلًا (لِيُصَلِّيَهَا جَمَاعَةً) فِي فَائِتَةٍ أُخْرَى، أَوْ حَاضِرَةٍ إذْ لَا تُشْرَعُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ حِينَئِذٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِي تِلْكَ الْفَائِتَةِ بِعَيْنِهَا جَازَ ذَلِكَ، لَكِنَّهُ لَا يُنْدَبُ نَعَمْ إنْ كَانَ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ فَوْرِيًّا، فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (وَيَقْلِبُهَا) أَيْ الْفَائِتَةَ نَفْلًا وُجُوبًا (إنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْحَاضِرَةِ) وَيَشْتَغِلُ بِهَا كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَيَقْطَعُ النَّافِلَةَ) نَدْبًا (إنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ) وَفَوَاتُهَا بِسَلَامِ الْإِمَامِ نَعَمْ إنْ رَجَا جَمَاعَةً تُقَامُ عَنْ قُرْبٍ، وَالْوَقْتُ مُتَّسِعٌ، فَالْأَوْلَى إتْمَامُ نَافِلَتِهِ، ثُمَّ يَفْعَلُ الْفَرِيضَةَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَوَّلِهَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَوَائِلَ كِتَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (وَإِنْ نَوَى الْمُنْفَرِدُ الِاقْتِدَاءَ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ صَلَاتِهِ (جَازَ) ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ رَكْعَتُهُمَا لِقِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ الْمَشْهُورَةِ لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ الْإِمَامُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَرِدِ «؛ وَلِأَنَّهُ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ جُنُبٌ فَأَشَارَ إلَيْهِمْ كَمَا أَنْتُمْ وَخَرَجَ وَاغْتَسَلَ وَعَادَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ وَتَحَرَّمَ بِهِمْ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُمْ أَنْشَئُوا اقْتِدَاءً جَدِيدًا لِانْفِرَادِهِمْ بَعْدَ خُرُوجِهِ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي بَعْدَ انْفِرَادِهِ إمَامًا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ مَأْمُومًا، لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ (وَيُوَافِقُهُ) بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ (فِي جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ) وَغَيْرِهِمَا (حَتَّى تَتِمَّ صَلَاتُهُ، ثُمَّ يُفَارِقُهُ وَيُتِمُّ لِنَفْسِهِ، أَوْ يَنْتَظِرُهُ) عِبَارَتُهُ قَاصِرَةٌ عَنْ الْمُرَادِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ بَدَلَ حَتَّى إلَى آخِرِهِ، فَإِنْ فَرَغَ الْإِمَامُ أَوَّلًا أَتَمَّ لِنَفْسِهِ كَمَسْبُوقٍ   [حاشية الرملي الكبير] سَجْدَةٍ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، ثُمَّ دَخَلَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ شُرُوعَهُ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ قَالَ شَيْخُنَا، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْمُعِيدَ لَوْ نَوَى قَطْعَ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ إذْ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا الْجَمَاعَةُ إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا مُسَوِّغَ لِإِعَادَتِهَا إلَّا هِيَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا كَتَبَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُنَا عَلَى مَا إذَا وُجِدَ مُسَوِّغٌ لِإِعَادَتِهَا غَيْرُ الْجَمَاعَةِ كَأَنْ كَانَتْ الْأُولَى. قِيلَ: بِوُجُوبِ إعَادَتِهَا (قَوْلُهُ: وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) الْغُسْلُ وَسَائِرُ التَّجْهِيزِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ، وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ) كَأَنْ رَأَى عَلَى ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَسًا قَالَ شَيْخُنَا صُورَتُهُ أَنَّهَا نَجَاسَةٌ خَفِيَّةٌ وَرَآهَا الْمَأْمُومُ بِسَبَبِ كَشْفِ الرِّيحِ مَثَلًا عَنْهَا. [فَرْعٌ أُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ وَالْمُنْفَرِدُ يُصَلِّي حَاضِرَةً] (قَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلرَّكْعَةِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ لِلْمُتَنَفِّلِ الِاقْتِصَارَ عَلَى رَكْعَةٍ فَهَلْ تَكُونُ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ كَالرَّكْعَتَيْنِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَيَظْهَرُ الْجَوَازُ إذْ لَا فَرْقَ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْأَفْضَلَ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي التَّحْقِيقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إنْ خَشِيَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ) فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ إلَخْ) فَتَفُوتُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 أَوْ فَرَغَ هُوَ أَوْ لَا فَارَقَهُ وَسَلَّمَ، أَوْ انْتَظَرَهُ (فِي التَّشَهُّدِ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) وَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الِاقْتِدَاءِ فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ. (فَرْعٌ تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْمَحْسُوبِ) لِلْإِمَامِ، وَإِنْ قَصَّرَ الْمَأْمُومُ فَلَمْ يُحْرِمْ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ لِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ السَّابِقِ فِي فَصْلِ يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الِانْفِرَادُ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَلَا تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِإِدْرَاكِهِ الرُّكُوعَ مَعَهُ إلَّا إذَا أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهَا (وَلَوْ) الْأَوْلَى فَلَوْ (أَدْرَكَهُ فِيهِ، وَالْإِمَامُ مُحْدِثٌ، أَوْ فِي رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ) قَامَ إلَيْهَا (سَهْوًا) ، أَوْ نَسِيَ تَسْبِيحَ الرُّكُوعِ وَاعْتَدَلَ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ ظَانًّا جَوَازَهُ فَأَدْرَكَهُ فِيهِ (لَمْ يُجْزِهِ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْإِمَامِ لِتَحَمُّلِ الْقِيَامِ، وَالْقِرَاءَةِ (فَإِنْ أَتَى مَعَهُ) أَيْ مَعَ مَنْ لَمْ يُحْسَبْ رُكُوعُهُ (بِالرَّكْعَةِ كَامِلَةً) بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ (أَجْزَأَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ شَيْئًا (لَا إنْ عَلِمَ بِحَدَثِهِ، أَوْ سَهْوِهِ وَنَسِيَ) فَلَا يُجْزِئُهُ بَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِتَقْصِيرِهِ (وَإِنْ هَوَى الْمَسْبُوقُ لِلرُّكُوعِ فَرَفَعَ الْإِمَامُ وَلَاقَاهُ فِي حَدِّ أَقَلِّ الرُّكُوعِ) ، وَهُوَ بُلُوغُ رَاحَتَيْهِ رُكْبَتَيْهِ (مُطْمَئِنًّا) أَيْ الْمَسْبُوقُ (أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ شَكَّ فِي الِاكْتِفَاءِ) أَيْ فِي إدْرَاكِ الْحَدِّ الْمُعْتَبَرِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ (لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا) لِلرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إدْرَاكِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ أَيْضًا بَقَاءُ الْإِمَامِ فِيهِ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ بِهِ رُخْصَةٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِيَقِينٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِغَلَبَةِ الظَّنِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّا لَا نَشْتَرِطُ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ التَّيَقُّنَ بَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا فِي طَهَارَةِ الْإِمَامِ، وَقَدْ قَالَ الْفَارِقِيُّ إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ بِحَيْثُ لَا يَرَى الْإِمَامَ، فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقَدْرِ الْمُجْزِئِ (كَمَنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ (وَعَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَهُ فِي الْفِعْلِ الَّذِي أَدْرَكَهُ فِيهِ) ، وَإِنْ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَيُوَافِقُهُ فِي جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ مَعَ زِيَادَةٍ. (فَرْعٌ لَوْ أَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ) الْأَوَّلِ، أَوْ الثَّانِي أَوْ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا (أَوْ التَّشَهُّدِ) الْأَوَّلِ، أَوْ الْأَخِيرِ (لَمْ يُكَبِّرْ لِلْهُوِيِّ) إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ فِيهِ وَلَا هُوَ مَحْسُوبٌ لَهُ بِخِلَافِ انْتِقَالِهِ مَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رُكْنٍ إلَى آخَرَ وَبِخِلَافِ الرُّكُوعِ كَمَا يُعْلَمُ الثَّانِي مِمَّا مَرَّ، وَالْأَوَّلُ مِنْ قَوْلِهِ (وَإِنْ أَدْرَكَهُ مُعْتَدِلًا فَهَوَى مَعَهُ كَبَّرَ) لِلْهُوِيِّ وَلِلِانْتِقَالِ بَعْدَهُ مِنْ رُكْنٍ إلَى آخَرَ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ (وَيُسْتَحَبُّ مُوَافَقَتُهُ فِي قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ، وَالتَّسْبِيحَاتِ) لِلْمُتَابَعَةِ (وَتَنْتَهِي الْقُدْوَةُ) الْكَامِلَةُ (بِالسَّلَامِ) الثَّانِي مِنْ الْإِمَامِ لِزَوَالِ الرَّابِطَةِ (فَيَلْزَمُ الْمَسْبُوقَ الْمُبَادَرَةُ بِالْقِيَامِ) إذَا لَمْ يَكُنْ جُلُوسُهُ مَوْضِعَ تَشَهُّدِهِ وَأَكَّدَ لُزُومَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَيَحْرُمُ مُكْثُهُ) فَإِنْ خَالَفَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرَ قَدْرُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ أَشَارَ إلَيْهِ. (وَلَا يُكَبِّرُ) لِقِيَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ تَكْبِيرِهِ وَلَا مُتَابَعَتِهِ (فَإِنْ كَانَ) جُلُوسُهُ مَعَهُ (مَوْضِعَ تَشَهُّدٍ) لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي ثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ، أَوْ ثَانِيَةِ الْمَغْرِبِ (كَبَّرَ وَمَكَثَ إنْ شَاءَ) كَمَا لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا (وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَسْبُوقِ) الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ: " لَهُ "؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَسْبُوقِ (انْتِظَارُ التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ) فَإِنَّهَا مِنْ الصَّلَاةِ بِمَعْنَى أَنَّهَا مِنْ لَوَاحِقِهَا لَا مِنْ نَفْسِهَا وَلِهَذَا لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهَا الْحَدَثَ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْجُمُعَةِ فَلَا يُنَافِي مَا وَقَعَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي مَوَاضِعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ عَقِبَ الْأُولَى (فَإِنْ قَامَ) بِلَا نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ (عَامِدًا) عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) وَمَا يَأْتِي بِهِ مَعَ الْإِمَامِ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ (وَمَا يَأْتِي بِهِ) بَعْدَهُ (فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ يُعِيدُ فِيهِ الْقُنُوتَ) وَسُجُودَا السَّهْوِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» . وَإِتْمَامُ الشَّيْءِ إنَّمَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْمَحْسُوبِ لِلْإِمَامِ] قَوْلُهُ: تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْمَحْسُوبِ) قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَاطْمَأَنَّ مَعَهُ فَلَمَّا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ نَوَى مُفَارَقَتَهُ جَازَ وَحُسِبَتْ لَهُ الرَّكْعَةُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ فَقَرَأَ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَرَكَعَ وَجَبَ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ الْحَنَفِيَّ رَاكِعًا وَشَكَّ هَلْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ، أَوْ غَيْرَهَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، أَوْ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهِ قِرَاءَتَهَا كَانَ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ إلَخْ) لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الْمَكْتُوبَةِ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَجَوَّزْنَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْسَبَ لَهُ الرُّكُوعُ، وَقَدْ شَمِلَهُ قَوْلُهُمْ رُكُوعٌ مَحْسُوبٌ لِلْإِمَامِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ مُحْدِثٌ) ، أَوْ نَسِيَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَنٍّ لَا يُجَامِعُهُ شَكٌّ إذْ الظَّنُّ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ تَرَدُّدٍ بِالْقُوَّةِ، أَوْ تَرَدُّدٍ بِالْفِعْلِ، وَالْمَحْذُورُ هُنَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرُ قَدْرُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) قَدْ تَقَدَّمَ جَزْمُ الْمُصَنِّفِ بِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ) أَشَارَ إلَيْهِ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّرْطِ السَّادِسِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِزِيَادَةِ جِلْسَةٍ يَسِيرَةٍ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا (قَوْلُهُ:، فَإِنْ قَامَ عَامِدًا قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَصِيرِهِ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ فَإِنَّ بِهِ تَبْطُلُ الْقُدْوَةُ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا عَلَى اخْتِيَارِ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ فَإِنَّ التَّقَدُّمَ بِرُكْنٍ تَامٍّ مُبْطِلٌ عِنْدَهُ وَأَمَّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ التَّقَدُّمَ بِرُكْنٍ تَامٍّ غَيْرُ مُبْطِلٍ عِنْدَهُمْ. اهـ. ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي هَذِهِ قَطَعَ بِمَا فَعَلَهُ الْقُدْوَةَ بِلَا نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ فَفَعَلَ حَرَامَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّقَدُّمُ بِرُكْنٍ، وَالثَّانِي قَطْعُ الْقُدْوَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَفِي تِلْكَ لَمْ يَقْطَعْهَا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ رُكْنًا يَفْعَلُهُ إمَامُهُ بَعْدَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَقِيمُ عَلَى اخْتِيَارِ الْجُمْهُورِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَتْ مِنْ التَّقَدُّمِ بِرُكْنٍ بَلْ مِنْ صُوَرِ الْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ عَمْدًا حَالَ الِاقْتِدَاءِ وَهُوَ مُبْطِلٌ قَطْعًا، وَالتَّقَدُّمُ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِأَنْ يَأْتِيَ الْمَأْمُومُ بِفِعْلٍ قَبْلَ إتْيَانِ الْإِمَامِ بِهِ وَهَاهُنَا لَا يَقُومُ الْإِمَامُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَإِتْمَامُ الشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَوَّلِهِ) ؛ وَلِأَنَّا أَجْمَعْنَا مَعَ الْخَصْمِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ أَتَى بِأُخْرَى وَتَشَهَّدَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 يَكُونُ بَعْدَ أَوَّلِهِ. وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «صَلِّ مَا أَدْرَكْت وَاقْضِ مَا سَبَقَك» ، فَالْقَضَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى الْأَدَاءِ لِبَقَاءِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ وَأَيْضًا رُوَاةُ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ حَتَّى قَالَ أَبُو دَاوُد إنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ انْفَرَدَ بِهَا ابْنُ عُيَيْنَةَ (وَلَوْ أَدْرَكَ) مَعَهُ (رَكْعَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ، ثُمَّ قَامَ لِلرَّكْعَتَيْنِ) الْأَخِيرَتَيْنِ (قَرَأَ السُّورَةَ فِيهِمَا لِئَلَّا تَخْلُوَ مِنْهَا صَلَاتُهُ) ؛ وَلِأَنَّ إمَامَهُ لَمْ يَقْرَأْهَا فِيهِمَا وَفَاتَهُ فَضْلُهَا فَيَتَدَارَكُهَا فِي الْبَاقِيَتَيْنِ كَسُورَةِ الْجُمُعَةِ الْمَتْرُوكَةِ فِي أُولَى الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَقْرَؤُهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ إذَا كَانَ الْمَأْمُومُونَ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمُ سُنِّيَّةِ الْجَهْرِ فِيهِمَا بِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِمَا الْإِسْرَارُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ لَا نَقُولُ أَنَّهُ يُسَنُّ تَرْكُهَا بَلْ لَا يُسَنُّ فِعْلُهَا وَبِهِ فَارَقَ نَظِيرَهُ أَيْضًا مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَهُوَ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِيهَا فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ خَمْسًا وَإِذَا قَامَ لِثَانِيَتِهِ كَبَّرَ خَمْسًا أَيْضًا، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْلِيلُهُ إذَا لَمْ يَقْرَأْ السُّورَةَ فِي أُولَيَيْهِ فَإِنْ قَرَأَهَا فِيهِمَا لِسُرْعَةِ قِرَاءَتِهِ وَبُطْءِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ، أَوْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ قَرَأَهَا فِيهِمَا لَمْ يَقْرَأْهَا فِي الْآخِرَتَيْنِ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي ثَانِيَةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَتَمَكَّنَ مِنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي أُولَيَيْهِ لَا يَقْرَأْهَا فِي الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهَا فِي ثَانِيَتِهِ وَتَمَكَّنَ مِنْهَا فِي ثَالِثَتِهِ قَرَأَهَا فِيهَا، ثُمَّ لَا يَقْرَؤُهَا فِي رَابِعَتِهِ قَالَ وَلَوْ فَرَّطَ إمَامُهُ فَلَمْ يَقْرَأْ السُّورَةَ، فَإِنْ قَرَأَهَا هُوَ حَصَلَ لَهُ فَضْلُهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا وَوَدَّ لَوْ كَانَ مُتَمَكِّنًا لَقَرَأَهَا فَلَمْ يَتَمَكَّنْ فَلَهُ ثَوَابُ قِرَاءَتِهَا (وَالْجَمَاعَةُ فِي الصُّبْحِ) أَيْ صُبْحِ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ صُبْحِ غَيْرِهَا (ثُمَّ الْعِشَاءِ، ثُمَّ الْعَصْرِ أَفْضَلُ) رَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ، وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ» ، لَكِنْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ، وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ» وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ خَبَرَ «مَا مِنْ صَلَاةٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ وَمَا أَحْسَبُ مَنْ شَهِدَهَا مِنْكُمْ إلَّا مَغْفُورًا لَهُ» وَفِي فَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ لِلْبَيْهَقِيِّ خَبَرُ «إنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى صَلَاةُ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا ذُكِرَ ظَاهِرٌ عَلَى الْمَنْصُوصِ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ الصُّبْحُ أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا الْعَصْرُ، وَهُوَ الْحَقُّ فَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْجَمَاعَةُ فِيهَا أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهَا لِتَأَكُّدِهَا وَعِظَمِ خَطَرِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتُوا عَنْ الْجَمَاعَةِ فِي الظُّهْرِ، وَالْمَغْرِبِ فَيُحْتَمَلُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَيُحْتَمَلُ تَفْضِيلُ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا اُخْتُصَّتْ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ بِبَدَلٍ، وَهُوَ الْجُمُعَةُ وَبِالْإِبْرَادِ وَيُحْتَمَلُ تَفْضِيلُ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُخَفِّفْ فِيهَا بِالْقَصْرِ. (وَيُكْرَهُ أَنْ تُقَامَ جَمَاعَةٌ فِي مَسْجِدٍ بِغَيْرِ إذْنِ إمَامِهِ) الرَّاتِبِ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ مَعَهُ خَوْفَ الْفِتْنَةِ (إلَّا إنْ كَانَ) الْمَسْجِدُ (مَطْرُوقًا) فَلَا تُكْرَهُ إقَامَتُهَا فِيهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَطْرُوقًا، وَلَيْسَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ، أَوْ لَهُ رَاتِبٌ وَأَذِنَ فِي إقَامَتِهَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ، أَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَضَاقَ الْمَسْجِدُ عَنْ الْجَمِيعِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ يُخَفْ فَوْتُ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي فَرْعِ السَّاكِنُ بِحَقٍّ مُقَدَّمٌ (وَإِنْ كَرِهَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْقَوْمِ لِخُلُقٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ لِأَمْرٍ (مَذْمُومٍ شَرْعًا) كَوَالٍ ظَالِمٍ وَكَمُتَغَلِّبٍ عَلَى إمَامَةِ الصَّلَاةِ وَلَا يَسْتَحِقُّهَا، أَوْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ النَّجَاسَةِ أَوْ يَمْحُو هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ، أَوْ يَتَعَاطَى مَعِيشَةً مَذْمُومَةً، أَوْ يُعَاشِرُ الْفَسَقَةَ، أَوْ نَحْوَهُمْ (كُرِهَتْ لَهُ الْإِمَامَةُ) . وَإِنْ نَصَبَهُ لَهَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «ثَلَاثَةٌ لَا تُرْفَعُ صَلَاتُهُمْ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ شِبْرًا رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَأَخَوَانِ مُتَصَارِمَانِ» وَالْأَكْثَرُ فِي حُكْمِ الْكُلِّ (لَا الِاقْتِدَاءُ) مِنْهُمْ (بِهِ) فَلَا يُكْرَهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا إذَا كَرِهَهُ دُونَ الْأَكْثَرِ، أَوْ الْأَكْثَرُ لَا لِأَمْرٍ مَذْمُومٍ شَرْعًا فَلَا تُكْرَهُ لَهُ الْإِمَامَةُ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِأَمْرٍ مَذْمُومٍ شَرْعًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَرَاهَةِ الْأَكْثَرِ وَغَيْرِهِمْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ بِصِفَةِ الْكَرَاهَةِ أَمْ لَا فَيُعْتَبَرُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِمَعْنًى يُفَسَّقُ بِهِ كَزِنًا أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ كُرِهَ لَهُ الْإِمَامَةُ وَكُرِهَ لِغَيْرِهِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْأَكْثَرِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَخْشَى مِنْ التَّرْكِ فِتْنَةً، أَوْ ضَرَرًا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الِاقْتِدَاءُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ اقْتِدَاءُ السَّلَفِ بِالْحَجَّاجِ وَأَمْثَالِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُوَلِّيَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ عَلَى قَوْمٍ رَجُلًا يَكْرَهُهُ أَكْثَرُهُمْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ، وَالتَّتِمَّةِ (فَإِنْ كَرِهُوا حُضُورَهُ الْمَسْجِدَ) الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَالْقَضَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى الْأَدَاءِ إلَخْ) فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْمَأْمُومُونَ مَحْصُورِينَ) ، وَكَذَا إنْ كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَمَا سَيَأْتِي ثَمَّ (قَوْلُهُ: فَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْجَمَاعَةُ فِيهَا أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهَا إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْمَفْضُولَةَ إذَا زَادَتْ مَشَقَّتُهَا عَلَى مَشَقَّةِ الْفَاضِلَةِ كَانَ ثَوَابُهَا أَكْثَرَ وَلَيْسَتْ الْمَشَقَّةُ فِي الْعَصْرِ كَالْمَشَقَّةِ فِي الصُّبْحِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ تَفْضِيلُ الظُّهْرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ تَفْضِيلُ الْمَغْرِبِ إلَخْ) الظَّاهِرُ مِنْ احْتِمَالَاتِهِ ثَانِيهَا. (قَوْلُهُ كَرِهْت لَهُ الْإِمَامَةَ) وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَرِهَهُ كُلُّهُمْ فَإِنَّهَا لِلتَّحْرِيمِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ يَكْرَهُونَهُ وَالْإِسْنَوِيُّ ظَنَّ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدَةٌ فَقَالَ وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَنَقَلَهُ فِي الْحَاوِي عَنْ الشَّافِعِيِّ وَذَكَرَ لَفْظَهُ الْمُتَقَدِّمَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ س الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 وَغَيْرِهَا، فَإِنْ كَرِهَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ حُضُورَ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ (لَمْ يُكْرَهْ لَهُ الْحُضُورُ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَرْتَبِطُ بِهِ. (وَيُكْرَهُ أَنْ يَرْتَفِعَ أَحَدُ مَوْقِفَيْ الْإِمَامِ، وَالْمَأْمُومِ عَلَى الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّ حُذَيْفَةَ أَمَّ النَّاسَ عَلَى دُكَّانٍ فِي الْمَدَائِنِ فَأَخَذَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِقَمِيصِهِ فَجَذَبَهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ بَلَى قَدْ ذَكَرْت حِينَ جَذَبْتنِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَقِيسَ بِذَلِكَ عَكْسُهُ (فَإِنْ احْتَاجَهُ) أَيْ الِارْتِفَاعَ (الْإِمَامُ لِتَعْلِيمِ الصَّلَاةِ) ، أَوْ لِغَيْرِهِ (أَوْ الْمَأْمُومُ لِتَبْلِيغِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ) ، أَوْ لِغَيْرِهِ (اُسْتُحِبَّ) لِتَحْصِيلِ هَذَا الْمَقْصُودِ. (وَأَفْضَلُ الصُّفُوفِ) لِلرِّجَالِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِمْ وَلِلْخَنَاثَى الْخُلَّصِ وَلِلنِّسَاءِ كَذَلِكَ (أَوَّلُهَا) ، وَهُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ وَإِنْ تَخَلَّلَهُ مِنْبَرٌ، أَوْ نَحْوُهُ (ثُمَّ الْأَقْرَبُ) ، فَالْأَقْرَبُ إلَيْهِ (وَ) أَفْضَلُهَا (لِلنِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ) أَوْ الْخَنَاثَى وَلِلْخَنَاثَى مَعَ الرِّجَالِ (آخِرُهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَلْيَقُ وَأَسْتَرُ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْتَمِدُوا يَمِينَ الْإِمَامِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ الْبَرَاءِ «كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، وَأَنْ يُوَسِّطُوا الْإِمَامَ وَيَكْتَنِفُوهُ مِنْ جَانِبَيْهِ» لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «وَسِّطُوا الْإِمَامَ وَسُدُّوا الْخَلَلَ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ قَاعِدَةِ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِمَكَانِهَا أَنَّ الْوَاقِفَ فِي الصَّفِّ الثَّانِي بِقُرْبِ الْإِمَامِ يُشَاهِدُ أَفْعَالَهُ وَيَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ وَيَقْفُو أَثَرَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ أَفْضَلُ حَالًا مِنْ الْوَاقِفِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ بَعِيدًا عَنْهُ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَقْتَدِي بِصَوْتِ الْمُبَلِّغِ قَالَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ صَفٌّ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ بِأَرْضِهِ لَكَانَ هُوَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ وَوَقَفَ صَفٌّ ثَانٍ وَثَالِثٌ وَرَاءَ مَوْقِفِهِ، لَكِنْ بِأَرْضِ الْمَسْجِدِ كَانَا أَفْضَلَ مِنْهُ وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَوْقِفِ، وَالْأَحَادِيثُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْغَالِبِ. (كِتَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ) شُرِعَتْ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ تَعَبِ السَّفَرِ، وَهِيَ نَوْعَانِ الْقَصْرُ، وَالْجَمْعُ وَذَكَرَ فِيهِ الْجَمْعَ بِالْمَطَرِ لِلْمُقِيمِ وَأَهَمُّهَا الْقَصْرُ وَلِهَذَا بَدَأَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ بِهِ فَقَالَ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسَافِرِ (الْقَصْرُ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ الْمُبَاحِ) طَاعَةً كَانَ كَسَفَرِ حَجٍّ أَوْ غَيْرَهَا وَلَوْ مَكْرُوهًا كَسَفَرِ تِجَارَةٍ وَسَفَرِ مُنْفَرِدٍ، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: 101] الْآيَةَ قَالَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ قُلْت لِعُمَرَ إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إنْ خِفْتُمْ، وَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ فَقَالَ عَجِبْت مِمَّا عَجِبْت مِنْهُ فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْإِتْمَامُ جَائِزٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّه قَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ وَأَفْطَرْتَ وَصُمْتُ قَالَ أَحْسَنْت يَا عَائِشَةُ» . وَأَمَّا خَبَرُ «فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ» أَيْ فِي السَّفَرِ فَمَعْنَاهُ لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِمَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ (لَا) بِالسَّفَرِ (الْقَصِيرِ) ، أَوْ الْمَشْكُوكِ فِي طُولِهِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ (وَلَوْ فِي الْخَوْفِ) لِمَا سَيَأْتِي فِي بَيَانِ السَّفَرِ الطَّوِيلِ وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْقَصْرِ فِي الْخَوْفِ بَيْنَ الصُّبْحِ وَغَيْرِهَا وَلَا فِي جَوَازِهِ إلَى رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْخَوْفِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُصَلِّي فِي الْخَوْفِ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ وَيَنْفَرِدُ بِأُخْرَى وَمَحَلُّ الْقَصْرِ (إذَا كَانَ) السَّفَرُ (إلَى مَقْصِدٍ مَعْلُومٍ) فَلَا قَصْرَ لِلْهَائِمِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ، وَإِنْ سَلَكَ طَرِيقًا وَلَا لِرَاكِبِ التَّعَاسِيفِ. وَهُوَ الَّذِي لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ وَلَا يَسْلُكُ طَرِيقًا سَوَاءٌ أَطَالَ سَفَرُهُمَا أَمْ لَا، وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ أَنَّ الْهَائِمَ عَاصٍ، أَيْ: لِأَنَّ إتْعَابَ النَّفْسِ بِالسَّفَرِ بِلَا غَرَضٍ حَرَامٌ كَمَا سَيَأْتِي وَمِثْلُهُ رَاكِبُ التَّعَاسِيفِ بَلْ أَوْلَى وَيَحْصُلُ ابْتِدَاءُ السَّفَرِ مِنْ بَلَدٍ لَهُ سُورٌ (بِمُفَارَقَةِ سُورِ الْبَلَدِ الْمُخْتَصِّ بِهِ) ، وَإِنْ تَعَدَّدَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ دُونَ السُّورِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَرْتَفِعَ أَحَدُ مَوْقِفَيْ الْإِمَامِ إلَخْ) لَوْ حَضَرَ مَأْمُومٌ فَلَمْ يَجِدْ إلَّا مُرْتَفَعًا لَمْ يُكْرَهْ لَهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَمْكَنَ وُقُوفُهُمْ عَلَى مُسْتَوٍ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوفِ أَحَدِهِمَا أَعْلَى مِنْ الْآخَرِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ عَلَى الْعَالِي إذَا أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِذَلِكَ عَكْسُهُ) قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ، وَالْآخَرُ فِي سَطْحِهِ وَأَوْلَى هُنَا بِالْكَرَاهَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ الصُّفُوفِ أَوَّلُهَا) لِمَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا اسْتِمَاعُ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ الثَّانِي أَنَّهُ أَخْشَعُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِهِ عَنْ إمَامِهِ وَجِهَةُ الْيَمِينِ أَفْضَلُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ «أَنَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ عَلَى الْإِمَامِ أَوَّلًا، ثُمَّ عَلَى مَنْ عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ» [كِتَابُ كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ] (كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ) (قَوْلُهُ وَلَهُ الْقَصْرُ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَنَا حَالَةٌ يَجِبُ فِيهَا قَصْرُ الصَّلَاةِ وَصُورَتُهُ إذَا نَوَى الْمُسَافِرُ تَأْخِيرَ الظُّهْرِ مَثَلًا إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ لِيَجْمَعَهَا مَعَهَا وَقَصَدَ أَيْضًا قَصْرَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ بِهَا إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ مِقْدَارٌ يَسَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يُوقِعُ فِيهِ الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ مَقْصُورَتَيْنِ فَإِذَا انْتَهَى إلَى هَذَا الْمِقْدَارِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَصْرُ الظُّهْرِ بِلَا شَكٍّ إذْ لَوْ أَتَمَّهَا لَأَخْرَجَ الْعَصْرَ عَنْ وَقْتِهَا مَعَ إمْكَانِ فِعْلِهَا فِيهِ وَإِذَا قَصَرَ الظُّهْرَ وَأَرَادَ إتْمَامَ الْعَصْرِ، فَالْمُتَّجَهُ مَنْعُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إخْرَاجِ بَعْضِهَا، وَالصَّحِيحُ مَنْعُهُ، وَالْمَسْأَلَةُ لَمْ أَرَهَا مَسْطُورَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي نَظِيرٍ لَهَا مَا يُقَوِّي ذَلِكَ، وَيَأْتِي مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْعِشَاءِ أَيْضًا إذَا أَخَّرَ الْمَغْرِبَ لِيَجْمَعَهَا مَعَهَا وَلَوْ أَرْهَقَهُ حَدَثٌ وَعَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ أَتَمَّ أَحْدَثَ، وَإِنْ قَصَرَ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ، فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ الْقَصْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَسَفَرِ تِجَارَةٍ) مِثَالٌ لِغَيْرِ الطَّاعَةِ وَقَوْلُهُ وَسَفَرِ مُنْفَرِدٍ مِثَالٌ لِلْمَكْرُوهِ (قَوْلُهُ: قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: 101] الْآيَةَ) ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْجُنَاحِ فِيهَا لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَزِيمَةِ، وَالْقَصْرُ يُنْبِئُ عَنْ تَمَامٍ سَابِقٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 الْجَامِعِ لِبِلَادٍ مُتَفَرِّقَةٍ كَمَا سَيَأْتِي وَمِنْ بَلَدٍ لَهُ بَعْضُ سُورٍ، وَهُوَ صَوْبُ سَفَرِهِ بِمُفَارَقَتِهِ (وَلَوْ لَاصَقَهُ) مِنْ خَارِجِهِ (بُنْيَانٌ) أَيْ عُمْرَانٌ (أَوْ مَقَابِرُ، أَوْ احْتَوَى عَلَى خَرَابٍ وَمَزَارِعَ) فَتَكْفِي مُفَارَقَةُ مَا ذُكِرَ وَلَا تُشْتَرَطُ مُفَارَقَةُ هَذِهِ الْأُمُورِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ خَارِجَهُ كَالْأَوَّلَيْنِ لَا يُعَدُّ مِنْ الْبَلَدِ بِخِلَافِ مَا كَانَ دَاخِلَهُ كَالْأَخِيرَيْنِ. وَإِطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ فِي الصَّوْمِ اشْتِرَاطَ مُفَارَقَةِ الْعُمْرَانِ حَيْثُ قَالَا وَإِذَا نَوَى لَيْلًا ثُمَّ سَافَرَ فَلَهُ الْفِطْرُ إنْ فَارَقَ الْعُمْرَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَإِلَّا فَلَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا سَافَرَ مِنْ بَلَدٍ لَا سُورَ لَهَا لِيُوَافِقَ مَا هُنَا وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَأْتِ لِلْعِبَادَةِ بِبَدَلٍ بِخِلَافِهِ هُنَا وَكَالسُّورِ فِيمَا ذُكِرَ الْخَنْدَقُ قَالَهُ الْجِيلِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَلْ لِلسُّورِ، الْمُنْهَدِمِ حُكْمُ الْعَامِرِ فِيهِ نَظَرٌ قُلْت الْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ حُكْمَهُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُهُ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَلَدِ فِي صَوْبِ سَفَرِهِ سُورٌ) بِأَنْ سَافَرَ مِنْ بَلَدٍ لَا سُورَ لَهُ، أَوْ لَهُ بَعْضُ سُورٍ وَلَمْ يَكُنْ صَوْبَ سَفَرِهِ (اُشْتُرِطَ مُفَارَقَةُ الْعُمْرَانِ) ، وَإِنْ تَخَلَّلَهُ خَرَابٌ، أَوْ نَهْرٌ، أَوْ مَيْدَانٌ لِيُفَارِقَ مَوْضِعَ الْإِقَامَةِ (لَا) مُفَارَقَةُ (خَرَابٍ انْدَرَسَ فِي طَرَفِ الْبَلَدِ) ، أَوْ بَقِيَتْ بَقَايَا حِيطَانِهِ قَائِمَةً وَاِتَّخَذُوهُ مَزَارِعَ أَوْ هَجَرُوهُ بِالتَّحْوِيطِ عَلَى الْعَامِرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ إقَامَةٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَفِي الْأَصْلِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَالْبَغَوِيِّ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لِمَا ذُكِرَ، وَعَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْجُوَيْنِيِّ اشْتِرَاطُ مُفَارَقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْ الْبَلَدِ، وَهُوَ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْأَوَّلُ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلنَّصِّ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصَّحِيحُ الْأَقْرَبُ إلَى النُّصُوصِ الِاشْتِرَاطُ (وَلَا تُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْمَزَارِعِ، وَالْبَسَاتِينِ الْمُحَوَّطَةِ) وَغَيْرِ الْمُحَوَّطَةِ الْمَفْهُومَةِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا لَا تُتَّخَذُ لِلْإِقَامَةِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَا تُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ، وَالْمَزَارِعِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْبَلَدِ، وَإِنْ كَانَتْ مُحَوَّطَةً (وَلَوْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْبَلَدِ وَفِيهَا دُورٌ يَسْكُنُهَا مُلَّاكُهَا) وَلَوْ (أَحْيَانًا) أَيْ فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ (اُشْتُرِطَ) مُجَاوَزَتُهَا هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ. وَأَطْلَقَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ نَقْلِهِ الْأَوَّلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْجُمْهُورُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْعَلُهَا مِنْ الْبَلَدِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبِهِ الْفَتْوَى (وَالْقَرْيَةُ) فِيمَا ذُكِرَ (كَالْبَلَدِ، وَالْقَرْيَتَانِ الْمُتَّصِلَتَانِ) فِيهِ (كَالْقَرْيَةِ، وَإِنْ انْفَصَلَتَا وَلَوْ يَسِيرًا فَبِمُجَاوَزَةِ قَرْيَتِهِ) فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ الْأُخْرَى (وَإِنْ جَمَعَ السُّورُ بَلَدَيْنِ مُتَقَارِبَتَيْنِ فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (حُكْمُهُ) فَلَا تُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ السُّورِ كَمَا فُهِمَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ سُورِ الْبَلَدِ الْمُخْتَصِّ بِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَالْقَرْيَتَانِ فِي ذَلِكَ كَالْبَلَدَيْنِ (وَمَنْ كَانَ فِي بَرِّيَّةٍ فَبِأَنْ يُفَارِقَ بُقْعَةَ رَحْلِهِ) الَّتِي هُوَ فِيهَا وَتُنْسَبُ إلَيْهِ (، أَوْ) فِي (رَبْوَةٍ، أَوْ وَهْدَةٍ، أَوْ وَادٍ) وَسَافَرَ عَرْضَهُ (فَبِأَنْ يَهْبِطَ) مِنْ الرَّبْوَةِ (أَوْ يَصْعَدَ) مِنْ الْوَهْدَةِ (أَوْ يُفَارِقَ عَرْضَ الْوَادِي إنْ اعْتَدَلَتْ) أَيْ الثَّلَاثَةُ، فَإِنْ أَفْرَطَتْ سِعَتُهَا فَبِأَنْ يُفَارِقَ مِنْهَا مَا يُعَدُّ مِنْ مَنْزِلِهِ، أَوْ مِنْ حِلَّةٍ هُوَ مِنْهَا كَمَا لَوْ سَافَرَ فِي طُولِ الْوَادِي وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ عَرْضِهِ مُفَارَقَةُ عَرْضِهِ فِيمَا إذَا اعْتَدَلَ إذَا كَانَتْ الْبُيُوتُ فِي جَمِيعِ عَرْضِهِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي بَعْضِهِ فَبِأَنْ يُفَارِقَهَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ أَصْحَابِنَا (وَ) مَنْ كَانَ فِي خِيَامِ حَيٍّ فَبِأَنْ (يُفَارِقَ خِيَامَ الْحَيِّ وَمَرَافِقَهُمْ) الشَّامِلَةَ لِقَوْلِهِ (وَمَعَاطِنَ إبِلِهِمْ) وَلِمَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ، وَالنَّادِي وَنَحْوِهَا كَالْمَاءِ، وَالْمُحْتَطَبِ إلَّا أَنْ يَتَّسِعَا بِحَيْثُ لَا يَخْتَصَّانِ بِالنَّازِلِينَ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ فَتُعْتَبَرُ مُفَارَقَتُهَا (وَإِنْ تَفَرَّقَتْ الْخِيَامُ) فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ ذَلِكَ (إنْ اتَّحَدَتْ الْمَحَلَّةُ) ، وَهِيَ مَنْزِلُ الْقَوْمِ وَعَبَّرَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِالْحِلَّةِ بِتَرْكِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، وَهِيَ بُيُوتٌ مُجْتَمِعَةٌ قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ إذْ مَعْنَاهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدٌ وَاتِّحَادُهَا (بِاتِّحَادِ النَّادِي) الَّذِي يَجْتَمِعُونَ فِيهِ لِلسَّمَرِ (وَاسْتِعَارَةِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ) ، وَالْحِلَّتَانِ كَالْقَرْيَتَيْنِ وَيُعْتَبَرُ فِي سَفَرِ الْبَحْرِ الْمُتَّصِلِ سَاحِلُهُ بِالْبَلَدِ جَرْيُ السَّفِينَةِ، أَوْ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ إذَا صَارَ خَارِجَ الْبَلَدِ تُرُخِّصَ، وَإِنْ كَانَ ظَهْرُهُ مُلْصَقًا بِالسُّورِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ آخِرَ عُمْرَانِ مَا لَا سُورَ لَهُ كَالسُّورِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ سَيْرُ الْبَحْرِ يُخَالِفُ سَيْرَ الْبَرِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَا مَا كَانَ خَارِجَهُ كَالْأَوَّلَيْنِ إلَخْ) أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ سَكَنَ فُلَانٌ خَارِجَ الْبَلَدِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لَا يَجُوزُ لِمَنْ فِي الْبَلَدِ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ لِمَنْ هُوَ خَارِجَ السُّورِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِلزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَلْ لِلسُّورِ الْمُتَهَدِّمِ إلَخْ) قَالَ فِي غُنْيَتِهِ قُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُفْهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ سُورٌ عَامِرٌ أَمَّا الْمُتَهَدِّمُ كَسُورِ حَلَبَ فَكَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ: قُلْت الْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ حُكْمَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا إلَخْ) جَزَمَ الدَّمِيرِيِّ بِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ وَلَوْ كَانَ لِلْبَلَدِ سُورَانِ اُعْتُبِرَ مُجَاوَزَتُهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَقَدْ يُدَّعَى دُخُولُ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْجِيلِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ خَنْدَقٌ فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَتِهِ قَالَ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِبَابِ الْبَلَدِ قَنْطَرَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَتِهَا اهـ. وَعِبَارَةُ الْجِيلِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ مُسَوَّرًا بِسُورٍ، أَوْ خَنْدَقٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ وَإِنْ كَانَ لِلْبَلَدِ سُورَانِ، أَوْ خَنْدَقَانِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَتِهِمَا اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ أُنْشِئَتْ إلَى جَانِبِ جَبَلٍ لِيَكُونَ كَالسُّورِ لَهَا اُشْتُرِطَ فِي حَقِّ مَنْ يُسَافِرُ إلَى جِهَتِهِ أَنْ يَقْطَعَهُ إذَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ مُقْتَصِدًا كَمَا قَالُوا فِي النَّازِلِ فِي وَهْدَةٍ إنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَصْعَدَ عِنْدَ الِاعْتِدَالِ وَلَا نَقْلَ عِنْدِي (قَوْلُهُ: أَوْ بَقِيَتْ بَقَايَا حِيطَانِهِ قَائِمَةً إلَخْ) يَصِحُّ إدْخَالُ كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ فِي قَوْلِهِ انْدَرَسَ وَلَعَلَّهُ أَرَادَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْجُوَيْنِيُّ وَلَوْ سَوَّرُوا عَلَى الْعَامِرِ سُورًا وَعَلَى الْخَرَابِ سُورًا فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ السُّورَيْنِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ أَصْحَابِنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: جَرْيُ السَّفِينَةِ أَوْ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا) حَتَّى لَوْ كَانَتْ السَّفِينَةُ كَبِيرَةً لَا تَتَّصِلُ بِالسَّاحِلِ وَيَنْقُلُ الْمَتَاعَ إلَيْهَا بِالزَّوْرَقِ قَصَرَ فِي الزَّوْرَقِ (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ سَيْرُ الْبَحْرِ يُخَالِفُ سَيْرَ الْبَرِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا فَعَلَى هَذَا لَوْ سَافَرَ مِنْ بَلْدَةٍ لَهَا سُورٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 أَوْ يُمْنَعُ أَنَّ آخِرَ الْعُمْرَانِ كَالسُّورِ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ عَلَى مَا لَا سُورَ لَهُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ اتَّصَلَتْ قَرْيَةٌ لَا سُورَ لَهَا بِأُخْرَى كَذَلِكَ كَانَتَا كَقَرْيَةٍ بِخِلَافِ اتِّصَالِ قَرْيَةٍ لَهَا سُورٌ بِأُخْرَى وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ نِيَّةِ السَّفَرِ لِتَعْلِيقِ الْقَصْرِ فِي الْآيَةِ بِالضَّرْبِ وَيُخَالِفُ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ كَالْقِنْيَةِ فِي مَالِ التِّجَارَةِ كَذَا فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِبَعْضِ الْمَرَاوِزَةِ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْمُكْثُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، فَالْمَسْأَلَتَانِ كَمَا قَالَ الْجُمْهُورُ مُسْتَوِيَتَانِ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يَكْفِي فَلَا حَاجَةَ لِفَارِقٍ (فَرْعٌ) لَوْ (فَارَقَ الْبُنْيَانَ) ، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي شُرِطَ مُفَارَقَتُهُ لَهَا (ثُمَّ رَجَعَ) إلَيْهَا (مِنْ قَرِيبٍ) أَيْ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (لِحَاجَةٍ) كَتَطَهُّرٍ (أَوْ نَوَاهُ) أَيْ الرُّجُوعَ لَهَا، وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ وَلَوْ بِمَكَانٍ لَا يَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ (فَإِنْ كَانَتْ وَطَنَهُ صَارَ مُقِيمًا) بِابْتِدَاءِ رُجُوعِهِ، أَوْ بِنِيَّتِهِ فَلَا يَتَرَخَّصُ فِي إقَامَتِهِ وَلَا رُجُوعِهِ إلَى أَنْ يُفَارِقَ وَطَنَهُ تَغْلِيبًا لِلْوَطَنِ وَحَكَى فِيهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَجْهًا شَاذًّا أَنَّهُ يَتَرَخَّصُ إلَى أَنْ يَصِلَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَيْسَ شَاذًّا بَلْ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ صَرِيحًا فِي الْبُوَيْطِيِّ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ، وَالْأَوَّلُ إنَّمَا هُوَ طَرِيقَةُ الْقَفَّالِ وَأَتْبَاعِهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ لَيْسَ شَاذًّا بَلْ هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ، وَالْأَوَّلُ إنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَرَاوِزَةِ كَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْبَغَوِيِّ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطَنَهُ (تَرَخَّصَ وَإِنْ دَخَلَهَا وَلَوْ كَانَ قَدْ أَقَامَ بِهَا) لِانْتِفَاءِ الْوَطَنِ فَكَانَتْ كَسَائِرِ الْمَنَازِلِ أَمَّا إذَا رَجَعَ، أَوْ نَوَى الرُّجُوعَ مِنْ بَعِيدٍ لِحَاجَةٍ فَيَتَرَخَّصُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ سَفَرُهُ. (فَصْلٌ) فِيمَا يَنْتَهِي بِهِ سَفَرُ الْمُسَافِرِ وَيَنْقَطِعُ بِهِ تَرَخُّصُهُ (يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَبْدَأَ سَفَرِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ بِمُجَاوَزَةِ مَبْدَإِ سَفَرِهِ أَخْذًا بِمَا قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْتَهِيَ إلَّا بِدُخُولِهِ الْعُمْرَانَ كَمَا لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا إلَّا بِخُرُوجِهِ مِنْهُ، وَالْمَنْقُولُ الْأَوَّلُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَصْلَ الْإِقَامَةُ فَلَا تَنْقَطِعُ إلَّا بِتَحْقِيقِ السَّفَرِ وَتَحَقُّقُهُ بِخُرُوجِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَالسَّفَرُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَانْقَطَعَ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ مَبْدَأَ سَفَرِهِ (مِنْ وَطَنِهِ، وَإِنْ كَانَ مَارًّا) بِهِ (فِي سَفَرِهِ) كَأَنْ خَرَجَ مِنْهُ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ بَعِيدٍ قَاصِدًا الْمُرُورَ بِهِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةٍ (لَا بَلَدَ مَقْصِدِهِ وَلَا بَلَدَ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ) وَعَشِيرَةٌ (لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ بِهَا) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِوُصُولِهِ إلَيْهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ بِهِمَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِذَلِكَ (وَيَنْتَهِي) سَفَرُهُ أَيْضًا (بِإِقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) بِلَيَالِيِهَا (صِحَاحٍ) أَيْ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ، وَالْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ الْحَطَّ وَفِي الثَّانِي التَّرْحَالَ. وَهُمَا مِنْ أَشْغَالِ السَّفَرِ (أَوْ نِيَّتِهَا) أَيْ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ مُطْلَقًا، أَوْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ مِنْ مُسْتَقِلٍّ مَاكِثٍ فَيَنْتَهِي سَفَرُهُ بِهَا إنْ كَانَ بِمَحَلِّ الْإِقَامَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى إقَامَةَ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَأَصْلُ ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا» وَكَانَ يُحَرِّمُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ وَمُسَاكَنَةَ الْكُفَّارِ، فَالتَّرْخِيصُ فِي الثَّلَاثَةِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ حُكْمِ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْأَرْبَعَةِ وَمَنَعَ عُمَرُ أَهْلَ الذِّمَّةِ الْإِقَامَةَ فِي الْحِجَازِ، ثُمَّ أَذِنَ لِلتَّاجِرِ مِنْهُمْ أَنْ يُقِيمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ رَوَاهُ مَالِكٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي مَعْنَى الثَّلَاثَةِ مَا فَوْقَهَا وَدُونَ الْأَرْبَعَةِ، وَأُلْحِقَ بِإِقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ نِيَّةُ إقَامَتِهَا أَمَّا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ، وَهُوَ سَائِرٌ فَلَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْقَصْرِ السَّفَرُ. وَهُوَ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً، وَكَذَا لَوْ نَوَاهَا غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ كَالْعَبْدِ وَلَوْ مَاكِثًا كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ) بِالْإِقَامَةِ (لِمَا) أَيْ لِأَمْرٍ (لَا يَتَنَجَّزُ) وَفِي نُسْخَةٍ يُنَجَّزُ (دُونَهَا) أَيْ دُونَ الْأَرْبَعَةِ فَيَنْتَهِي سَفَرُهُ بِهَا إنْ كَانَ بِمَحَلِّ الْإِقَامَةِ مِثْلُ مَا مَرَّ (وَإِنْ كَانَ) النَّاوِي، أَوْ الْمُقِيمُ (مَاكِثًا فِي مَفَازَةٍ) لَا تَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ (أَوْ مُحَارِبًا) ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَضْطَرُّ لِلِارْتِحَالِ وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ مِنْ قَوْلِهِ «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَصَرَ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَأَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا فَلَمْ يَزَلْ يَقْصُرُ حَتَّى رَجَعْنَا فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا بِهَا عَشْرًا فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ مَكَّةَ لِأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَأَقَامَ بِهَا غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ، وَالْخُرُوجِ إلَى مِنًى، ثُمَّ بَاتَ بِمِنًى، ثُمَّ سَارَ إلَى عَرَفَاتٍ وَرَجَعَ فَبَاتَ بِمُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ سَارَ إلَى مِنًى فَقَضَى نُسُكَهُ، ثُمَّ إلَى مَكَّةَ فَطَافَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِنًى فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا يَقْصُرُ، ثُمَّ نَفَرَ مِنْهَا بَعْدَ الزَّوَالِ فِي ثَالِثِ أَيَّامِ   [حاشية الرملي الكبير] وَأَرَادَ السَّفَرَ فِي الْبَحْرِ لَمْ يَتَرَخَّصْ بِمُفَارَقَةِ السُّورِ بَلْ حَتَّى تَسِيرَ السَّفِينَةُ وَمِثْلُ السُّورِ فِيمَا لَا سُورَ لَهَا مَا قَامَ مَقَامَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ ذَلِكَ وَجَرْيِ السَّفِينَةِ، أَوْ الزَّوْرَقِ وَلَا يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَهَذَا مَعْنَى أَنَّ سَيْرَ الْبَحْرِ يُخَالِفُ الْبَرَّ (قَوْلُهُ أَوْ يُمْنَعُ أَنَّ آخِرَ الْعُمْرَانِ كَالسُّورِ) قَالَ النَّاشِرِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ السُّورَ أَنَّ الْبَلَدَ لَوْ كَانَ لَهَا سُورٌ وَرَاءَهٌ بَحْرٌ يُسَافِرُ فِيهِ أَنَّهُ يَتَرَخَّصُ قَبْلَ النُّزُولِ فِي الْبَحْرِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا سُورٌ فَلَا يَتَرَخَّصُ إلَّا إذَا نَزَلَ فِي الْبَحْرِ وَصَارَ فِي الْمَرْكَبِ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَلَا يَتَرَخَّصُ فِي إقَامَتِهِ وَلَا رُجُوعِهِ إلَخْ) أَمَّا إذَا نَوَى الرُّجُوعَ لِحَاجَةٍ وَهُوَ سَائِرٌ لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ فَلَا أَثَرَ لِهَذِهِ النِّيَّةِ. [فَصْلٌ فِيمَا يَنْتَهِي بِهِ سَفَرُ الْمُسَافِرِ وَيَنْقَطِعُ بِهِ] (قَوْلُهُ: يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَبْدَأَ سَفَرِهِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ؛ لِأَنَّ مَبْدَأَ سَفَرِهِ يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ فِي الِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ سَفَرِهِ فَهُوَ بِبُلُوغِهِ فِي الرُّجُوعِ مُسَافِرٌ لَا مُقِيمٌ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا لَهُ سُورٌ خَارِجَ السُّورِ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَلَا يَكْفِي الِانْتِهَاءُ بِبُلُوغِهِ بَلْ بِبُلُوغِ نَفْسِ السُّورِ بِأَنْ لَا يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَالْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يُقَالَ يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِمُجَاوَزَتِهِ مَبْدَأَ سَفَرِهِ وَهِيَ مُجَاوَزَةُ الْمَبْدَإِ الَّذِي حَقَّقْنَاهُ آنِفًا بِأَنْ بَلَغَ نَفْسَ السُّورِ قِسْ عَلَيْهِ مَا لَا سُورَ لَهَا وَمَا قُلْته ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا بَسَطْت فِيهِ الْقَوْلَ؛ لِأَنَّهُ خَفِيٌّ عَلَى بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ صَحِيحَةٌ فَإِنَّهُ قَالَ أَنْ يَعُودَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي شَرَطْنَا مُفَارَقَتَهُ فِي إنْشَاءِ السَّفَرِ اهـ. وَاَلَّذِي شَرَطْنَا مُفَارَقَتَهُ هُوَ السُّورُ أَوْ الْعُمْرَانُ، وَلَيْسَ هُوَ مَبْدَأُ سَفَرِهِ وَإِنَّمَا مَبْدَؤُهُ وَرَاءَهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ وَهِيَ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ صَحِيحَةٌ فَإِنَّهُ قَالَ بِبُلُوغِهِ مَا شُرِطَ مُجَاوَزَتُهُ ابْتِدَاءً، وَقَدْ صَيَّرْت النُّسْخَةَ: يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِمُجَاوَزَتِهِ مَبْدَأَ سَفَرِهِ. فَلْيَصِرْ التَّمَتُّعُ هَكَذَا (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ) بِالْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 التَّشْرِيقِ فَنَزَلَ بِالْمُحَصَّبِ وَطَافَ فِي لَيْلَتِهِ لِلْوَدَاعِ، ثُمَّ رَحَلَ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمْ يُقِمْ أَرْبَعًا فِي مَكَان وَاحِدٍ» (فَلَوْ نَوَى الْعَبْدُ، وَالزَّوْجَةُ، وَالْجُنْدِيُّ الْمُثْبَتُ) فِي الدِّيوَانِ (لَا غَيْرُهُ) مِنْ الْمُتَطَوِّعَةِ (الْإِقَامَةَ وَلَمْ يَنْوِ) هَا (الْمُطَاعُ) وَهُوَ السَّيِّدُ، وَالزَّوْجُ، وَالْأَمِيرُ (فَلَهُمْ الْقَصْرُ) لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِمْ فَنِيَّتُهُمْ كَالْعَدَمِ وَقَوْلُهُ مُثْبَتٌ لَا غَيْرُهُ زَادَهُ دَفْعًا لِاسْتِشْكَالِ حُكْمِهِ الْمَذْكُورِ هُنَا بِحُكْمِهِ الْمَذْكُورِ فِيمَا يَأْتِي وَفَارَقَ الْمُثْبَتُ غَيْرَهُ بِأَنَّهُ تَحْتَ قَهْرِ الْأَمِيرِ كَالزَّوْجَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْمُسَافِرُ بِمَوْضِعٍ (يَتَوَقَّعُ الْخُرُوجَ) مِنْهُ (يَوْمًا فَيَوْمًا) إنْ حَصَلَتْ حَاجَتُهُ (أَوْ حَبَسَهُ الرِّيحُ فِي الْبَحْرِ) فِي مَوْضِعٍ (قَصَرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا) غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ، وَالْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقَامَهَا بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ لِحَرْبِ هَوَازِنَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي سَنَدِهِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ لَهُ شَوَاهِدَ تَجْبُرُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ وَرُوِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسَبْعَةَ عَشَرَ وَتِسْعَةَ عَشَرَ وَعِشْرِينَ رَوَاهَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ إلَّا تِسْعَةَ عَشَرَ. فَالْبُخَارِيُّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَهَا ابْنُ الصَّلَاحِ، وَالسُّبْكِيُّ، وَقَدْ جَمَعَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ مَا عَدَا رِوَايَتَيْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَعِشْرِينَ بِأَنَّ رَاوِيَ تِسْعَةَ عَشَرَ عَدَّ يَوْمَيْ الدُّخُولِ، وَالْخُرُوجِ وَرَاوِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ لَمْ يَعُدَّهُمَا وَرَاوِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَدَّ أَحَدَهُمَا فَقَطْ وَأَمَّا رِوَايَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَضَعِيفَةٌ، وَرِوَايَةُ عِشْرِينَ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَشَاذَّةٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ آنِفًا، وَهَذَا الْجَمْعُ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ يَقْصُرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ، وَالْخُرُوجِ، وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا مَا عَدَا رِوَايَتَيْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسَبْعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ رَاوِيَ عِشْرِينَ عَدَّ الْيَوْمَيْنِ وَرَاوِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لَمْ يَعُدَّهُمَا وَرَاوِيَ تِسْعَةَ عَشَرَ عَدَّ أَحَدَهُمَا وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ وَيُجَابُ عَنْ تَقْدِيمِهِمْ رِوَايَةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَلَى رِوَايَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ بِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ مِنْ الشَّوَاهِدِ الْجَابِرَةِ وَغَيْرِهَا. (وَإِنْ كَانَ) الْمُتَوَقِّعُ، أَوْ مَنْ حَبَسَهُ الرِّيحُ فِي الْبَحْرِ (غَيْرَ مُحَارِبٍ) كَالْمُتَفَقِّهِ، وَالتَّاجِرِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ كَالْمُحَارِبِ وَلَا يُؤَثِّرُ الْفَرْقُ؛ لِأَنَّ لِلْحَرْبِ أَثَرًا فِي تَغْيِيرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْحَرْبَ لَيْسَتْ هِيَ الْمُرَخِّصَةَ وَإِنَّمَا الْمُرَخِّصُ السَّفَرُ وَكِلَاهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ (وَمَتَى فَارَقَ مَكَانَهُ، ثُمَّ رَدَّتْهُ الرِّيحُ) إلَيْهِ فَأَقَامَ فِيهِ (اسْتَأْنَفَ الْمُدَّةَ) ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهُ فِيهِ إقَامَةٌ جَدِيدَةٌ فَلَا تُضَمُّ إلَى الْأُولَى بَلْ تُعْتَبَرُ مُدَّتُهَا وَحْدَهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ فِيهِ لَوْ خَرَجُوا وَأَقَامُوا بِمَكَانٍ يَنْتَظِرُونَ رُفْقَتَهُمْ، فَإِنْ نَوَوْا أَنَّهُمْ إنْ أَتَوْا سَافَرُوا أَجْمَعِينَ وَإِلَّا رَجَعُوا لَمْ يَقْصُرُوا لِعَدَمِ جَزْمِهِمْ بِالسَّفَرِ، وَإِنْ نَوَوْا أَنَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَأْتُوا سَافَرُوا قَصَرُوا لِجَزْمِهِمْ بِالسَّفَرِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا رَجَّحُوهُ مِنْ أَنَّ الْقَصْرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يُحْتَمَلُ اطِّرَادُهُ فِي بَاقِي الرُّخَصِ كَالْجَمْعِ، وَالْفِطْرِ وَيَدُلُّ لَهُ تَعْبِيرُ الْوَجِيزِ بِالتَّرَخُّصِ وَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِالْقَصْرِ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا مَنَعُوهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ مَعَ أَنَّ أَصْلَهُ قَدْ وَرَدَ، فَالْمَنْعُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ بِالْكُلِّيَّةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَهَذَا أَقْوَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ فِيهَا نَقْلًا وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مَا حَاصِلُهُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ قَالَ: فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ سَائِرُ الرُّخَصِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ مُنْسَحِبٌ عَلَيْهِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِالتَّيَمُّمِ وَتَوَجُّهُ الْقِبْلَةِ فِي النَّافِلَةِ لِمَا عُرِفَ فِي بَابَيْهِمَا. (فَصْلٌ السَّفَرُ الطَّوِيلُ) بِالْأَمْيَالِ (ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً) ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَأَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَمِثْلُهُ إنَّمَا يُفْعَلُ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَالْجُنْدِيُّ الْمُثْبَتُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ الْجَيْشُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْفِقْهُ أَنَّ الْجُنْدِيَّ إنْ تَبِعَ الْأَمِيرَ فِي سَفَرٍ تَجِبُ طَاعَتُهُ فِيهِ كَالْقِتَالِ، فَكَالْعَبْدِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَقِلٌّ وَرَفِيقُ طَرِيقٍ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُمَا قَصَرَ الْجُنْدِيُّ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي وَقَوْلُهُمَا أَنَّهُ لَوْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَنْوِ الْأَمِيرُ أَنَّ الْأَقْوَى لَهُ الْقَصْرُ عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَهَا بِمَكَّةَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَمَنْ أَقَامَ ذَلِكَ قَصَرَ وَمَنْ زَادَ عَلَيْهِ أَتَمَّ (قَوْلُهُ، وَقَدْ جَمَعَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا مَا جَمَعَ بِهِ الْإِمَامُ لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْمُرَجَّحِ عِنْدَنَا وَهُوَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ وَإِنَّمَا يَنْحَلُّ إلَى اخْتِيَارِ سَبْعَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا رِوَايَةُ خَمْسَةَ عَشْرَةَ فَضَعِيفَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ رِوَايَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسَبْعَةَ عَشَرَ بِأَنَّ الرَّاوِيَ نَقَلَ بَعْضَ الْمُدَّةِ الَّتِي تَرَخَّصَ فِيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَذْكُرْ زِيَادَةً وَذِكْرُ الْبَعْضِ لَا يُنَافِي أَكْثَرَ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ إلَّا تِلْكَ الْمُدَّةَ وَغَيْرُهُ حَفِظَ الزَّائِدَ (قَوْلُهُ يُحْتَمَلُ طَرْدُهُ فِي بَاقِي الرُّخَصِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَقْوَى) مَا ذَكَرَ أَنَّهُ أَقْوَى مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ، وَالْقِيَاسِ أَمَّا الْمَنْقُولُ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ قَدِمَ مِصْرًا وَهُوَ مُسَافِرٌ مُفْطِرٌ فَإِنَّهُ يَسَعُهُ مِنْ الْفِطْرِ بِهِ مَا لَمْ يَجْمَعْ مُقَامَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ قُبَيْلَ بَابِ الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ: فَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا قَدْ جَمَعَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَمِثْلُ الْمُقِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَجْمَعْ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَلَا حَرَجَ بِالتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةِ. اهـ. وَجَعَلَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ قَاعِدَةً عَامَّةً فَقَالَ كُلُّ مَنْ لَهُ الْقَصْرُ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ فِي أَيَّامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَصَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ بِأَنَّهُ لَا يُفْطِرُ إلَّا مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَرَخَّصَ فَجَعَلَ الْقَصْرَ، وَالتَّرَخُّصَ مُتَلَازِمَيْنِ فَقَالَ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْفِطْرُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إلَى آخِرِهِ فَاسْتَفَدْنَا مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَرَخَّصَ قَصَرَ، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ قَصَرَ تَرَخَّصَ وَصَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنَّهُ إذَا سَافَرَ بِالزَّوْجَةِ بِقُرْعَةٍ وَأَقَامَ بِبَلَدٍ لِتَوَقُّعِ حَاجَتِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَمْ يَقْضِ لِلْبَاقِيَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ وَهَذَا أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ التَّرَخُّصِ وَنَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنَّ الْمُقِيمَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ يَتَوَقَّعُهَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَيُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ لَوْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ بَلَدًا وَهُوَ عَلَى عَزْمِ الظَّعْنِ، أَوْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى حَرْبٍ وَجَاوَزَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ هَلْ يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ إنْ قُلْنَا لَهُ الْقَصْرُ فَلَهُ تَرْكُهَا وَإِلَّا فَلَا وَحَكَى مِنْ كَلَامِ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ مَا يُؤَيِّدُهُ، ثُمَّ قَالَ: فَالصَّوَابُ إلَخْ وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَإِنَّ الَّذِي يَتَّضِحُ بِطَرِيقِ قِيَاسِ النَّظِيرِ عَلَى النَّظِيرِ أَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ، وَالْفِطْرُ وَسَائِرُ الرُّخَصِ كَتَرْكِ الْجُمُعَةِ. [فَصْلٌ السَّفَرُ الَّذِي تقصر فِيهِ الصَّلَاة] (فَصْلٌ) السَّفَرُ الطَّوِيلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ إنَّمَا يُفْعَلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 عَنْ تَوْقِيفٍ (غَيْرَ الْإِيَابِ) فَلَوْ قَصَدَ مَكَانًا عَلَى مَرْحَلَةٍ بِنِيَّةِ أَنْ لَا يُقِيمَ فِيهِ فَلَا قَصْرَ لَهُ ذَهَابًا وَلَا إيَابًا وَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّةُ مَرْحَلَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ أَنَقْصُرُ الصَّلَاةَ إلَى عَرَفَةَ فَقَالَ لَا وَلَكِنْ إلَى عُسْفَانَ وَإِلَى جُدَّةَ وَإِلَى الطَّائِفِ فَقَدَّرَهُ بِالذَّهَابِ وَحْدَهُ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى سَفَرًا طَوِيلًا، وَالْغَالِبُ فِي الرُّخَصِ الِاتِّبَاعُ (تَحْدِيدًا) لَا تَقْرِيبًا لِثُبُوتِ التَّقْدِيرِ بِالْأَمْيَالِ عَنْ الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْرَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَيُحْتَاطُ فِيهِ بِتَحْقِيقِ تَقْدِيرِ الْمَسَافَةِ (وَلَوْ ظَنًّا) بِخِلَافِ تَقْدِيرَيْ الْقُلَّتَيْنِ وَمَسَافَةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ ظَنًّا مِنْ زِيَادَتِهِ. وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَإِنْ شَكَّ فِيهِ اجْتَهَدَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ تَقْرِيبٌ لَا تَحْدِيدٌ وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ تَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ لَهُ فِي مَوَاضِعَ بَعْدَ أَنْ صَوَّبَ الْأَوَّلَ، وَهَاشِمِيَّةً نِسْبَةٌ إلَى بَنِي هَاشِمٍ لِتَقْدِيرِهِمْ لَهَا وَقْتَ خِلَافَتِهِمْ بَعْدَ تَقْدِيرِ بَنِي أُمَيَّةَ لَهَا لَا إلَى هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهَا ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هُوَ الشَّائِعُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَصَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ وَعَلَى أَنَّهَا أَرْبَعُونَ وَلَا مُنَافَاةَ فَإِنَّهُ أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الْجَمِيعَ وَبِالثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ وَالْآخَرِ، وَبِالثَّالِثِ الْأَمْيَالَ الْأُمَوِيَّةَ (وَهُوَ) أَيْ السَّفَرُ الطَّوِيلُ بِالْفَرَاسِخِ (سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، وَهِيَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ، وَهِيَ سَيْرُ يَوْمَيْنِ) ، أَوْ لَيْلَتَيْنِ، أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (مُعْتَدِلَيْنِ) مَعَ الْمُعْتَادِ مِنْ النُّزُولِ، وَالِاسْتِرَاحَةِ، وَالْأَكْلِ، وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا. وَذَلِكَ مَرْحَلَتَانِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ وَدَبِيبِ الْأَقْدَامِ فَعُلِمَ أَنَّ الْبَرِيدَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ، وَأَنَّ الْفَرْسَخَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ (وَالْمِيلُ أَرْبَعَةُ آلَافِ خُطْوَةٍ، وَالْخُطْوَةُ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ) فَهُوَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ وَبِالذِّرَاعِ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ، وَالذِّرَاعُ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا مُعْتَرِضَاتٍ، وَالْأُصْبُعُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ مُعْتَدِلَاتٍ مُعْتَرِضَاتٍ، وَالشُّعَيْرَةُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ فَمَسَافَةُ الْقَصْرِ بِالْأَقْدَامِ خَمْسُمِائَةِ أَلْفٍ وَسِتَّةٌ وَسَبْعُونَ أَلْفًا، وَبِالْأَذْرُعِ مِائَتَا أَلْفٍ وَثَمَانِيَةٌ وَثَمَانُونَ أَلْفًا، وَبِالْأَصَابِعِ سِتَّةُ آلَافِ أَلْفٍ وَتِسْعُمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، وَبِالشُّعَيْرَاتِ أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَأَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَانِ وَسَبْعُونَ أَلْفًا، وَبِالشَّعَرَاتِ مِائَتَا أَلْفِ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَثَمَانُمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا (وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْصُرَ لِدُونِ الثَّلَاثِ) مِنْ الْأَيَّامِ، فَالْإِتْمَامُ فِيهِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ كَأَبِي حَنِيفَةَ بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الرَّضَاعِ إنَّهُ يَكْرَهُ الْقَصْرَ، وَنَقَلَهُ فِي النِّكَاحِ عَنْ الشَّافِعِيِّ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ أَمَّا إذَا كَانَ سَفَرُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَالْقَصْرُ أَفْضَلُ كَمَا سَيَأْتِي (وَيُعْتَبَرُ الْبَحْرُ) فِي الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ (بِالْبَرِّ) فَيَقْصُرُ فِيهِ (وَإِنْ قَطَعَهُ فِي سَاعَةٍ) لِشِدَّةِ جَرْيِ السَّفِينَةِ بِالْهَوَاءِ كَمَا يَقْصُرُ لَوْ قَطَعَ الْمَسَافَةَ فِي الْبَرِّ فِي نِصْفِ يَوْمٍ مَثَلًا بِالسَّعْيِ (وَإِنْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ فِي طُولِ سَفَرِهِ (اجْتَهَدَ) ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُعْتَبَرُ قَصَرَ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ حُمِلَ إطْلَاقُ الشَّافِعِيِّ عَدَمَ الْقَصْرِ. (فَرْعٌ) لَوْ (سَلَكَ) فِي سَفَرِهِ (أَبْعَدَ الطَّرِيقَيْنِ) لِمَقْصِدِهِ (لِيُبِيحَ لَهُ) سُلُوكُهُ (الْقَصْرَ فَقَطْ) بَلْ أَوْ لِغَيْرِ غَرَضٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (لَمْ يَقْصُرْ) كَمَا لَوْ سَلَكَ الْأَقْرَبَ الَّذِي هُوَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَطَوَّلَهُ بِالذَّهَابِ يَمِينًا وَشِمَالًا (وَيَقْصُرُ إنْ كَانَ لَهُ) فِي سُلُوكِهِ (غَرَضٌ) آخَرُ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ إبَاحَتِهِ لِقَصْرٍ كَأَمْنٍ وَسُهُولَةٍ وَزِيَارَةٍ وَعِبَادَةٍ (وَلَوْ) كَانَ الْغَرَضُ (تَنَزُّهًا) بِخِلَافِ سَفَرِهِ لِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ كَمَا سَيَأْتِي، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْقَصْدَ فِي هَذَا غَيْرُ جَازِمٍ بِمَقْصِدٍ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّ الْقَاصِدَ فِيهِ كَالْهَائِمِ بِخِلَافِهِ فِي التَّنَزُّهِ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّنَزُّهَ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ بَلْ الْحَامِلُ عَلَيْهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَسَفَرِ التِّجَارَةِ وَلَكِنَّهُ سَلَكَ أَبْعَدَ الطَّرِيقَيْنِ لِلتَّنَزُّهِ فِيهِ بِخِلَافِهِ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْحَامِلَ عَلَيْهِ كَانَ كَالتَّنَزُّهِ هُنَا، أَوْ كَانَ التَّنَزُّهُ هُوَ الْحَامِلُ عَلَيْهِ كَانَ كَمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِي تِلْكَ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ لِيُبِيحَ لَهُ الْقَصْرَ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ سُلُوكُهُ الْأَقْرَبَ لَا يُبِيحُ لَهُ الْقَصْرَ فَلَوْ كَانَ يُبِيحُهُ لَهُ أَيْضًا فَسَلَكَ الْأَطْوَلَ وَلَوْ لِغَرَضِ الْقَصْرِ قَصَرَ فِي جَمِيعِهِ، وَعَبَّرَ بِالْقَصْرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ تَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِالتَّرَخُّصِ أَعَمَّ وَوَقَعَ لَهُ نَظِيرُهُ أَيْضًا فِيمَا يَأْتِي (فَرْعٌ) لَوْ (نَوَى) فِي سَفَرِهِ (ذُو السَّفَرِ الطَّوِيلِ الرُّجُوعَ وَذُو السَّفَرِ الْقَصِيرِ الزِّيَادَةَ فِي.   [حاشية الرملي الكبير] عَنْ تَوْقِيفٍ) ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَنَّ ابْنَ خُزَيْمَةَ رَوَاهُ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا (قَوْلُهُ كَمَا وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ) اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ لَيْسَ بِغَلَطٍ بَلْ غَلِطَ مُغَلِّطُهُ، وَأَخْطَأَ مُخَطِّئُهُ فَالرَّافِعِيُّ أَخَذَهُ مِنْ الْبَحْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَعَقَدَ بِيَدِهِ قَدْرَهَا وَلَمْ يُدْرِكْ خِلَافَهُ أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ غَيْرُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَوَلَدُهُ الْحَسَنُ، وَالْأَمْيَالُ كَانَتْ قَبْلَ بَعْثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَا الْبُرُدُ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ فِي النِّكَاحِ عَنْ الشَّافِعِيِّ) أَرَادَ: مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً غَيْرَ شَدِيدَةٍ، وَهُوَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ فِيهِ اجْتَهَدَ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَلَك أَوَّلًا أَنْ تَسْأَلَ عَنْ صُورَةِ الشَّكِّ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ السَّفَرِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ إذْ لَا بُدَّ مِنْ رَبْطِ قَصْدِهِ بِمَعْلُومِ الْمَسَافَةِ، وَالْجَوَابُ تَصَوُّرُهُ بِمَا لَوْ سَافَرَ وَقَطَعَ أَكْثَرَ الْمَسَافَةِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي قَطَعَهَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ بِالِاجْتِهَادِ فِي الِانْتِهَاءِ؛ لِأَنَّ اعْتِمَادَهُ هُنَا عَلَى مَا قَطَعَ بِهِ مِنْ الْمَسَافَةِ فَيَجُوزُ كَمَا يَجْتَهِدُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ بِالْأَوْرَادِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَيَجِبُ حَمْلُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَا إذَا سَافَرَ وَشَكَّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقْصِدُهُ مَسَافَةَ الْقَصْرِ أَمْ لَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ ابْتِدَاءً أَمَّا لَوْ سَافَرَ وَقَطَعَ أَكْثَرَ الْمَسَافَةِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ قَطَعَهَا فَهُنَا يَجْتَهِدُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَلَا تَعَارُضَ وَلَا اخْتِلَافَ فَظَهَرَ بِذَلِكَ ضَعْفُ حَمْلِ النَّوَوِيِّ النَّصَّ عَلَى الْمُتَحَيِّرِ. [فَرْعٌ سَلَكَ فِي سَفَرِهِ أَبْعَدَ الطَّرِيقَيْنِ لِمَقْصِدِهِ لِيُبِيحَ لَهُ الْقَصْرَ] (قَوْلُهُ: سَلَكَ أَبْعَدَ الطَّرِيقَيْنِ لِيُبِيحَ لَهُ الْقَصْرَ فَقَطْ لَمْ يَقْصُرْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ سَلَكَ غَلَطًا لَا عَنْ قَصْدٍ، أَوْ جَهْلٍ الْأَقْرَبُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْصُرُ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَاصِدَ فِيهِ كَالْهَائِمِ) إذْ الْهَائِمُ لَا يَقْصُرُ، وَإِنْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ الْحَامِلُ) أَيْ مُجَرَّدُ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ (حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَامِلُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 الْمَسَافَةِ) بِحَيْثُ يَحْصُلُ بِهَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ (لَيْسَ لَهُمَا التَّرَخُّصُ حَتَّى يَكُونَ مِنْ حَيْثُ نَوَيَا) أَيْ مِنْ مَكَانِ نِيَّتِهِمَا (إلَى مَقْصِدِهِمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَيُفَارِقَا مَكَانَهُمَا) لِانْقِطَاعِ سَفَرِهِمَا بِالنِّيَّةِ وَيَصِيرَا بِالْمُفَارَقَةِ مُسَافِرَيْنِ سَفَرًا جَدِيدًا فَلَا يَتَرَخَّصُ الْأَوَّلُ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ كَمَا جَزَمُوا بِهِ، لَكِنَّ مَفْهُومَ كَلَامِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهُ يَقْصُرُ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْقُولِ، وَالتَّصْرِيحُ بِاشْتِرَاطِ الْمُفَارَقَةِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصُورَةُ الْأُولَى أَنْ يَنْوِيَ الرُّجُوعَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، أَمَّا لَهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ تَقَدَّمَ، وَكَنِيَّةِ الرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ التَّرَدُّدُ فِيهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ (وَلَوْ نَوَى) قَبْلَ خُرُوجِهِ إلَى سَفَرٍ طَوِيلٍ (إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي كُلٍّ مَرْحَلَةٍ لَمْ يَقْصُرْ) لِانْقِطَاعِ كُلِّ سَفْرَةٍ عَنْ الْأُخْرَى. (فَصْلٌ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَقْصِدَهُ كَمُسَافِرٍ لِغَرَضٍ) مِنْ طَلَبِ غَرِيمٍ، أَوْ آبِقٍ، أَوْ نَحْوِهِ (إنْ وَجَدَهُ رَجَعَ لَمْ يَقْصُرْ، وَإِنْ طَالَ سَفَرُهُ) كَمَا فِي الْهَائِمِ إذْ شَرْطُ الْقَصْرِ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى قَطْعِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (وَيَقْصُرُ بِشَرْطِهِ) أَيْ الْقَصْرِ أَيْ مَسَافَتِهِ (إنْ ابْتَدَأَ الرُّجُوعَ) سَوَاءٌ أَوَجَدَ غَرَضَهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ مَقْصِدًا مَعْلُومًا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُهُ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ تَرَخَّصَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ مُوهِمٌ أَنَّهُ يَتَرَخَّصُ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِي مَرْحَلَتَيْنِ لَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَقْصِدٌ مَعْلُومٌ (فَلَوْ نَوَى) الْمُسَافِرُ (الْمَسَافَةَ) أَيْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ (وَفَارَقَ الْبَلَدَ، ثُمَّ عَرَضَتْ هَذِهِ النِّيَّةُ) أَيْ نِيَّتُهُ أَنَّهُ إنْ وَجَدَ غَرَضَهُ رَجَعَ (أَوْ نِيَّةُ أَنْ يُقِيمَ) فِي طَرِيقِهِ وَلَوْ (بِبَلَدٍ قَرِيبٍ) مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ تَرَخَّصَ مَا لَمْ يَجِدْهُ) أَيْ غَرَضَهُ فِي الْأُولَى (أَوْ يَدْخُلَ الْبَلَدَ) فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ قَدْ انْعَقَدَ فَيَسْتَمِرُّ حُكْمُهُ إلَى أَنْ يُوجَدَ مَا غَيَّرَ النِّيَّةَ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَرَضَ ذَلِكَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْبَلَدِ. لَا يُقَالُ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ مِنْ مَنْعِ التَّرَخُّصِ فِيمَا لَوْ نَقَلَ سَفَرَهُ الْمُبَاحَ إلَى مَعْصِيَةٍ مَنْعُهُ فِيمَا لَوْ نَوَى أَنْ يُقِيمَ بِبَلَدٍ قَرِيبٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: نَقْلُهُ إلَى مَعْصِيَةٍ مُنَافٍ لِلتَّرَخُّصِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْعَبْدُ، وَالْجُنْدِيُّ، وَالزَّوْجَةُ، وَالْأَسِيرُ مَقْصِدَ الْمُطَاعِ) فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ (وَ) مَقْصِدَ (الْكُفَّارِ) فِي الْأَخِيرَةِ (لَمْ يَقْصُرُوا) لِانْتِفَاءِ عِلْمِهِمْ بِطُولِ السَّفَرِ (فَإِنْ نَوَوْا مَسَافَةَ الْقَصْرِ قَصَرَ) مِنْهُمْ (جُنْدِيٌّ تَجُوزُ لَهُ الْمُفَارَقَةُ) لِمُطَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَ قَهْرِهِ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ فَنِيَّتُهُمْ كَالْعَدَمِ وَزَادَ هُنَا لِدَفْعِ الْإِشْكَالِ الَّذِي أَشَرْت إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ التَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ تَجُوزُ لَهُ الْمُفَارَقَةُ كَمَا زَادَ لِدَفْعِهِ ثَمَّ قَوْلَهُ الْمُثْبَتُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (فَإِنْ سَارُوا مَعَهُمْ يَوْمَيْنِ قَصَرُوا) ، وَإِنْ لَمْ يَقْصُرْ الْمَتْبُوعُونَ لِتَبَيُّنِ طُولِ سَفَرِهِمْ. وَذِكْرُ الْقَصْرِ لِغَيْرِ الْأَسِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ طَالِبَ الْغَرِيمِ، أَوْ نَحْوِهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَكَانَهُ لَا يَقْصُرُ، وَإِنْ طَالَ سَفَرُهُ؛ لِأَنَّ الْمَسَافَةَ هُنَا مَعْلُومَةٌ فِي الْجُمْلَةِ إذْ الْمَتْبُوعُ يَعْلَمُهَا بِخِلَافِهَا ثَمَّ. أَمَّا إذَا عَرَفُوا الْمَقْصِدَ وَكَانَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ فَلَهُمْ الْقَصْرُ (وَلَوْ عَلِمَ الْأَسِيرُ أَنَّ سَفَرَهُ طَوِيلٌ وَنَوَى الْهَرَبَ إنْ وَجَدَ فُرْصَةً) ، وَهِيَ بِضَمِّ الْفَاءِ النُّهْزَةُ بِضَمِّ النُّونِ يُقَالُ انْتَهَزَ فُلَانٌ الْفُرْصَةَ أَيْ اغْتَنَمَهَا وَفَازَ بِهَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (لَمْ يَقْصُرْ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ) أَمَّا بَعْدَهُمَا فَيَقْصُرُ وَلَا أَثَرَ لِلنِّيَّةِ لِقَطْعِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الزَّوْجَةِ، وَالْعَبْدِ إذَا عَلِمَا أَنَّ السَّفَرَ طَوِيلٌ وَنَوَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا مَتَى تَخَلَّصَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِفِرَاقٍ رَجَعَتْ، وَالْعَبْدُ أَنَّهُ مَتَى عَتَقَ رَجَعَ فَلَا يَتَرَخَّصَانِ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي، لَكِنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْقَبْلِيَّةِ بَلْ قَالَ لَا يَتَرَخَّصَانِ كَالْعَبْدِ الْآبِقِ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ التَّقْيِيدَ بِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَأُلْحِقَ بِالزَّوْجَةِ، وَالْعَبْدِ الْجُنْدِيُّ، وَبِالْفِرَاقِ النُّشُوزُ، وَبِالْعِتْقِ الْإِبَاقُ بِأَنْ نَوَى أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَهُ الْإِبَاقُ أَبَقَ. (فَصْلٌ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ إلَّا فِي سَفَرٍ مُبَاحٍ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ مُقَابِلِهِ فَقَالَ (الْمَعْصِيَةُ بِالسَّفَرِ) كَهَرَبِ عَبْدٍ مِنْ سَيِّدِهِ (لَا فِيهِ) كَشُرْبِ خَمْرٍ فِي سَفَرِ حَجٍّ (تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ) ؛ لِأَنَّهُ لِلْإِعَانَةِ فَلَا يُعَالَجُ بِالْمَعَاصِي (فَإِنْ سَافَرَ) أَحَدٌ (بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ) كَمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ (أَوْ) سَافَرَ (لِيَسْرِقَ) أَوْ يَزْنِيَ، أَوْ يَقْتُلَ بَرِيئًا، أَوْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ أَوْ دَابَّتَهُ بِالرَّكْضِ بِلَا غَرَضٍ (أَوْ هَرَبَ عَبْدٌ) مِنْ سَيِّدِهِ (أَوْ زَوْجَةٌ) مِنْ زَوْجِهَا (أَوْ غَرِيمٌ مُوسِرٌ) مِنْ غَرِيمِهِ، أَوْ نَحْوُهَا (لَمْ يَتَرَخَّصْ بِقَصْرٍ وَ) لَا (جَمْعٍ وَ) (إفْطَارٍ وَ) لَا   [حاشية الرملي الكبير] أَيْ مُجَرَّدُ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ. [فَصْلٌ لَمْ يَعْلَمْ مَقْصِدَهُ كَمُسَافِرٍ لِغَرَضٍ مِنْ طَلَبِ غَرِيمٍ أَوْ آبِقٍ] (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُوهِمُ أَنَّهُ يَتَرَخَّصُ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِمَا إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ فَنِيَّتُهُمْ كَالْعَدَمِ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَمِثْلُهُمْ الْجَيْشُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَ قَهْرِ الْأَمِيرِ كَالْآحَادِ لِعِظَمِ الْفَسَادِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. اهـ. ذَكَرَهُ ابْنُ النَّقِيبِ (قَوْلُهُ: وَزَادَ هُنَا لِدَفْعِ الْإِشْكَالِ إلَخْ) لَا تَنَاقُضَ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا فِيمَا إذَا كَانَ الْجَيْشُ تَحْتَ أَمْرِ الْأَمِيرِ وَطَاعَتِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْجَيْشَ إذَا بَعَثَهُ الْإِمَامُ وَأَمَّرَ عَلَيْهِ أَمِيرًا وَجَبَتْ طَاعَتُهُ شَرْعًا كَمَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ طَاعَةُ سَيِّدِهِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجُنْدِيِّ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَأْجَرًا وَلَا مُؤَمَّرًا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَأْجَرًا فَلَهُ حُكْمُ الْعَبْدِ وَلَا يَسْتَقِيمُ حَمْلُهُ عَلَى مُسْتَأْجَرٍ، أَوْ مُؤَمَّرٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا خَالَفَ أَمْرَ الْأَمِيرِ وَسَافَرَ يَكُونُ سَفَرُهُ مَعْصِيَةً فَلَا يَقْصُرُ أَصْلًا، أَوْ يُقَالُ الْكَلَامُ فِي مَسْأَلَتِنَا فِيمَا إذَا نَوَى جَمِيعَ الْجَيْشِ فَنِيَّتُهُمْ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُمْكِنُهُمْ التَّخَلُّفُ عَنْ الْأَمِيرِ، وَالْكَلَامُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْجُنْدِيِّ الْوَاحِدِ مِنْ الْجَيْشِ؛ لِأَنَّ مُفَارَقَتَهُ الْجَيْشَ مُمَكِّنَةٌ فَاعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ هُنَا بِالْجَيْشِ. [فَصْلٌ الْقَصْرُ فِي سَفَر الْمَعْصِيَةُ] (قَوْلُهُ: كَهَرَبِ عَبْدٍ مِنْ سَيِّدِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْآبِقَ وَنَحْوَهُ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ كَالْبَالِغِ، وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ الْإِثْمُ غ (قَوْلُهُ: فَلَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي) مَعْنَى قَوْلِهِمْ الرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي إنَّ فِعْلَ الرُّخْصَةِ مَتَى تَوَقَّفَ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ فَإِنْ كَانَ تَعَاطِيهِ فِي نَفْسِهِ حَرَامًا امْتَنَعَ مَعَهُ فِعْلُ الرُّخْصَةِ وَإِلَّا فَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 رَاحِلَةٍ وَ) لَا (مَسْحِ ثَلَاثٍ) عَلَى خُفٍّ (وَ) لَا (سُقُوطِ جُمُعَةٍ وَ) لَا (أَكْلِ مَيْتَةٍ) لِلِاضْطِرَارِ؛ لِأَنَّهُ تَخْفِيفٌ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِ الْهَلَاكِ بِالتَّوْبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ وَمَاتَ كَانَ عَاصِيًا بِتَرْكِهِ التَّوْبَةَ وَبِقَتْلِهِ نَفْسَهُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِنَّمَا يُجْعَلُ أَكْلُهَا مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ حَيْثُ يَنْشَأُ الِاضْطِرَارُ مِنْهُ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَقَامَ لَمْ يَضْطَرَّ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَقَرَّهُ أَمَّا الْمُقِيمُ فَيَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا وَلَوْ عَاصِيًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ بِأَنَّ أَكْلَهَا فِي السَّفَرِ سَبَبُهُ سَفَرُهُ، وَهُوَ مَعْصِيَةٌ فَكَانَ كَمَا لَوْ جُرِحَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ لِذَلِكَ الْجُرْحِ مَعَ أَنَّ الْجَرِيحَ الْحَاضِرَ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ أَكْلَهَا إذَا كَانَ سَبَبُهُ الْإِقَامَةَ. وَهِيَ مَعْصِيَةٌ كَإِقَامَةِ الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ بِالسَّفَرِ لَا تَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَبَبُهُ إعْوَازَ الْحَلَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ مَعْصِيَةً، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَتَقَدَّمَ فِي مَسْحِ الْخُفِّ أَنَّ الْمُقِيمَ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا بِإِقَامَتِهِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْدَادِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ يَتَرَخَّصُ بِالتَّيَمُّمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ فَيَلْزَمُهُ التَّيَمُّمُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، وَالْإِعَادَةُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّوْبَةِ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْأَصْلِ فِي بَابِهِ (وَإِنْ أَنْشَأَ مُسَافِرٌ) فِي سَفَرِهِ الْمُبَاحِ (قَصْدَ مَعْصِيَةٍ بِهِ أَتَمَّ) صَلَاتَهُ فَلَا يَقْصُرُهَا كَمَا لَوْ أَنْشَأَ السَّفَرَ بِهَذَا الْقَصْدِ، فَإِنْ تَابَ تَرَخَّصَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ اللُّقَطَةِ (أَوْ) (أَنْشَأَ) عَاصٍ بِهِ قَصْدَ مُبَاحٍ اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ حِينَئِذٍ أَيْ مِنْ حِينِ قَصْدِ الْإِبَاحَةِ فَإِنْ قَصَدَ مَرْحَلَتَيْنِ تَرَخَّصَ وَإِلَّا فَلَا. (فَصْلٌ إنَّمَا يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي رُبَاعِيَّةٍ مَكْتُوبَةٍ، أَمَّا مُؤَدَّاةٌ، أَوْ فَائِتَةُ سَفَرٍ بِسَفَرٍ) أَيْ فِيهِ وَلَوْ فِي سَفَرٍ آخَرَ فَلَا تُقْصَرُ صُبْحٌ وَمَغْرِبٌ وَمَنْذُورَةٌ وَنَافِلَةٌ وَلَا فَائِتَةُ حَضَرٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ فِعْلُهَا أَرْبَعًا فَلَمْ يَجُزْ نَقْصُهَا كَمَا فِي الْحَضَرِ، وَلَا فَائِتَةُ سَفَرٍ فِي حَضَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلُّ قَصْرٍ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ فَائِتَةُ الصِّحَّةِ حَيْثُ تُقْضَى فِي الْمَرَضِ مِنْ قُعُودٍ بِأَنَّهُ حَالَةُ ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ السَّفَرِ وَلِهَذَا يَقْعُدُ لِطُرُوِّ الْمَرَضِ وَلَا يَقْصُرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْحَضَرِ بِطُرُوِّ السَّفَرِ، وَالتَّصْرِيحُ بِمَكْتُوبَةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ شَكَّ هَلْ فَاتَتْ فِي السَّفَرِ) أَوْ الْحَضَرِ (أَتَمَّ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِتْمَامُ (وَلَوْ سَافَرَ، وَالْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ رَكْعَةٌ) أَيْ قَدْرُهَا (قَصَرَ) الصَّلَاةَ لِكَوْنِهَا أَدَاءً (أَوْ دُونَهَا فَلَا) لِكَوْنِهَا فَائِتَةَ حَضَرٍ، فَعُلِمَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ مَضَى مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ الْفَرْضِ، ثُمَّ سَافَرَ قَصَرَ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَصَّ فِيمَا لَوْ مَضَى مِنْهُ قَدْرُ الْفَرْضِ فَحَاضَتْ أَنَّهَا تَقْضِي. وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْحَيْضَ مَانِعٌ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِذَا طَرَأَ انْحَصَرَ وَقْتُ الْإِمْكَانِ فِي حَقِّهَا فِيمَا أَدْرَكَتْهُ فَكَأَنَّهَا أَدْرَكَتْ كُلَّ الْوَقْتِ وَبِأَنَّ تَأْثِيرَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِسْقَاطِ الْكُلِّيِّ، وَهُوَ مَعَ إدْرَاكِ وَقْتِ الْوُجُوبِ بَعِيدٌ بِخِلَافِ السَّفَرِ فِيهِمَا. (فَرْعٌ لِلْقَصْرِ شُرُوطٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ لَا يَقْتَدِي بِمُقِيمٍ، أَوْ مُتِمٍّ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ) كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَوْ أَحْدَثَ هُوَ عَقِبَ اقْتِدَائِهِ بِهِ لِخَبَرِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ سُئِلَ مَا بَالُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إذَا انْفَرَدَ وَأَرْبَعًا إذَا ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ فَقَالَ تِلْكَ السُّنَّةُ وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ كَالرَّوْضَةِ عَلَى مُتِمٍّ أَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْمُقِيمِ لِشُمُولِهِ لَهُ (فَإِنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَلْفَ مُسَافِرٍ يُصَلِّيَ صُبْحًا أَتَمَّ) ؛ لِأَنَّهَا تَامَّةٌ فِي نَفْسِهَا وَمِثْلُهَا الْمَغْرِبُ، وَالْجُمُعَةُ، وَالنَّافِلَةُ (وَيَقْصُرُ الظُّهْرَ) مَثَلًا (خَلْفَ مَنْ يَقْصُرُ الْعَصْرَ) ، أَوْ غَيْرَهَا (وَإِنْ شَكَّ فِي سَفَرِ إمَامِهِ أَتَمَّ، وَإِنْ بَانَ مُسَافِرًا قَاصِرًا) ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ مُتَرَدِّدًا فِيمَا يَسْهُلُ كَشْفُهُ لِظُهُورِ شِعَارِ الْمُسَافِرِ، وَالْمُقِيمِ (فَإِنْ عَلِمَ، أَوْ ظَنَّ سَفَرَهُ لَا قَصْرَهُ فَعَلَّقَ صَلَاتَهُ بِصَلَاتِهِ) بِأَنْ قَالَ إنْ قَصَرَ قَصَرْت وَإِلَّا أَتْمَمْت (صَحَّ) إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسَافِرِ الْقَصْرُ وَلَا يَضُرُّ التَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِصَلَاةِ إمَامِهِ، وَإِنْ جَزَمَ (وَلَهُ حُكْمُهُ) فَإِنْ أَتَمَّ أَتَمَّ، وَإِنْ قَصَرَ قَصَرَ عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَا نَوَاهُ أَتَمَّ احْتِيَاطًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ أَفْسَدَ) أَيْ إمَامُهُ (صَلَاتَهُ) ، أَوْ فَسَدَتْ (أَتَمَّ إلَّا إنْ عَلِمَ بِنِيَّتِهِ) الْقَصْرَ فَلَهُ الْقَصْرُ (فَرْعٌ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِأَنَّ أَكْلَهَا فِي السَّفَرِ سَبَبُهُ سَفَرُهُ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْإِقَامَةَ نَفْسَهَا لَيْسَتْ مَعْصِيَةً؛ لِأَنَّهَا كَفٌّ وَإِنَّمَا الْفِعْلُ الَّذِي يُوقِعُهُ فِي الْإِقَامَةِ مَعْصِيَةٌ، وَالسَّفَرُ فِي نَفْسِهِ مَعْصِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ أَكْلَهَا إلَخْ) لَيْسَ ذَلِكَ قَضِيَّتَهُ وَإِنَّمَا قَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ فِي الْإِقَامَةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ فِيهَا إعْوَازُ الْحَلَالِ لَا هِيَ بِدَلِيلِ التَّنْظِيرِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْجَوَازُ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ الْقَصْرُ فِي رُبَاعِيَّةٍ مَكْتُوبَةٍ] (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي رُبَاعِيَّةٍ) إنَّمَا قُصِرَتْ الرُّبَاعِيَّةُ؛ لِأَنَّ عَدَدَ رَكَعَاتِهَا يَتَشَطَّرُ وَإِذَا تَشَطَّرَ بَقِيَ أَقَلُّ الْعَدَدِ وَهُوَ رَكْعَتَانِ وَهُمَا أَقَلُّ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الصُّبْحُ بِخِلَافِ الْمَغْرِبِ، وَالصُّبْحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ فِعْلُهَا أَرْبَعًا إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ رُدَّتْ إلَى رَكْعَتَيْنِ فَكَانَ مِنْ شَرْطِهَا الْوَقْتُ كَالْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ حَالَةُ ضَرُورَةِ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْمَرَضَ لَيْسَ إلَيْهِ فَلَوْ كَلَّفْنَاهُ التَّأْخِيرَ لِيُصَلِّيَ قَائِمًا رُبَّمَا اخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ بِخِلَافِ السَّفَرِ، فَإِنْ قِيلَ لَوْ أَفْطَرَ فِي الْحَضَرِ وَقَضَاهُ فِي السَّفَرِ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ فَهَلَّا كَانَ هُنَا مِثْلَهُ قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ الْقَصْرَ لَا يُضْمَنُ بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْفِطْرِ [فَرْعٌ شُرُوطٌ الْقَصْرِ فِي السَّفَر] (قَوْلُهُ: إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسَافِرِ الْقَصْرُ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَمَلًا وَأَكْثَرُ أَجْرًا، وَلَيْسَ لِلنِّيَّةِ شِعَارٌ تُعْرَفُ بِهِ فَهُوَ غَيْرُ مُقَصِّرٍ فِي الِاقْتِدَاءِ عَلَى التَّرَدُّدِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ التَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالْمُقْتَضَى (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ عَلِمَ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ إلَخْ) كَأَنْ قَالَ لَهُ كُنْت نَوَيْت الْقَصْرَ أَوْ أَعَادَهَا رَكْعَتَيْنِ وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَخَبَرُ الْفَاسِقِ مَقْبُولٌ فِي مَوَاضِعَ أَحَدُهَا هَذَا ثَانِيهَا إذَا كَانَ مُؤَذِّنًا فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِأَذَانِهِ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ ثَالِثُهَا الْمُعْتَدَّةُ يُقْبَلُ إخْبَارُهَا فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْأَقْرَاءِ وَوَضْعِ الْحَمْلِ إلَّا أَنْ يُعَلَّقَ الطَّلَاقُ عَلَى وِلَادَتِهَا فَتَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ رَابِعُهَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَغَابَتْ مُدَّةً وَجَاءَتْ وَأَخْبَرَتْ الزَّوْجَ بِأَنَّهَا اسْتَحَلَّتْ جَازَ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ وَسَوَاءٌ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهَا أَمْ لَمْ يَقَعْ، وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ. خَامِسُهَا إذَا أَخْبَرَ فَاسِقٌ بِأَنَّهُ ذَكَّى هَذِهِ الْبَهِيمَةَ سَادِسُهَا إذَا أَخْبَرَ فَاسِقٌ بِإِسْلَامِ مَيِّتٍ مَجْهُولِ الْحَالِ، فَالِاحْتِيَاطُ قَبُولُ قَوْلِهِ وَوُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ سَابِعُهَا إذَا كَانَ الْفَاسِقُ أَبًا، أَوْ جَدًّا وَأَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِالتَّوَقَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 لَوْ (اقْتَدَى) مُسَافِرٌ (بِمُتِمٍّ) وَلَوْ مُسَافِرًا (أَتَمَّ، وَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ إتْمَامَهَا بِالِاقْتِدَاءِ فَلَا تُقْصَرُ بَعْدَهُ كَفَائِتَةِ الْحَضَرِ (أَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا) أَتَمَّ لِذَلِكَ (وَتَنْعَقِدُ) صَلَاتُهُ خَلْفَ الْمُتِمِّ وَتَلْغُو نِيَّةُ الْقَصْرِ (بِخِلَافِ مُقِيمٍ نَوَى الْقَصْرَ) لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ، وَالْمُسَافِرُ مِنْ أَهْلِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ، ثُمَّ نَوَى الْإِتْمَامَ، أَوْ صَارَ مُقِيمًا (وَإِنْ أَفْسَدَهَا) ، أَوْ فَسَدَتْ بَعْدَ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمُتِمٍّ (وَأَعَادَ) هَا (أَتَمَّ) لِمَا مَرَّ وَلَوْ أَدْخَلَ هَذِهِ فِي الْأُولَى كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ كَأَنْ قَالَ أَتَمَّ وَإِنْ فَسَدَتْ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ كَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ (وَإِنْ اقْتَدَى بِمَنْ ظَنَّهُ مُسَافِرًا فَبَانَ مُقِيمًا مُحْدِثًا، وَبَانَ الْحَدَثُ أَوْ لَا، أَوْ بَانَا مَعًا قَصَرَ) إذْ لَا قُدْوَةَ فِي الْحَقِيقَةِ وَفِي الظَّاهِرِ ظَنَّهُ مُسَافِرًا وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ ظَنَّهُ مُسَافِرًا، ثُمَّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بِحَدَثٍ ثُمَّ بَانَ مُقِيمًا حَيْثُ يُتِمُّ، وَإِنْ عَلِمَ حَدَثَهُ أَوْ لَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَرَضَتْ الْإِقَامَةُ، أَوْ الْحَدَثُ وَلَمْ يَظُنَّ مَعَ عُرُوضِهِ أَنَّ الْإِمَامَ نَوَى الْقَصْرَ أَوْ بَانَتْ الْإِقَامَةُ، أَوْ لَا (فَلَا) يَقْصُرُ لِالْتِزَامِهِ الْإِتْمَامَ بِالِاقْتِدَاءِ. وَهُوَ فِي الْأَخِيرَةِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ عَلِمَهُ مُقِيمًا، ثُمَّ بَانَ حَدَثُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ فَقَدَ الطَّهُورَيْنِ فَشَرَعَ فِيهَا بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الطَّهَارَةِ قَصَرَ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ لَيْسَ بِحَقِيقَةِ صَلَاةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ مَا قَالُوهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ شَرْعِيَّةٍ تُشْبِهُهَا، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ وَكَالْمُقِيمِ فِيمَا ذُكِرَ الْمُسَافِرُ الْمُتِمُّ فَلَوْ عَبَّرَ بِمُتِمِّ لَشَمِلَهُمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا وَلَمْ يَنْوِ الْقَصْرَ، ثُمَّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ (وَإِنْ تَبَيَّنَّ حَدَثَ نَفْسِهِ) سَوَاءٌ أَصَلَّى مُنْفَرِدًا أَمْ لَا (أَوْ أَحْرَمَ) مُؤْتَمًّا (وَقَدْ عَلِمَ حَدَثَ إمَامِهِ اسْتَأْنَفَ وَقَصَرَ) لِعَدَمِ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ (وَإِنْ قَضَى فِي السَّفَرِ صَلَاةَ حَضَرٍ سَافَرَ فِي وَقْتِهَا) بَعْدَمَا شَرَعَ فِيهَا، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا. (فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا لِتَذَكُّرِ حَدَثٍ قَصَرَ) لِعَدَمِ انْعِقَادِهَا (لَا إنْ خَرَجَ) مِنْهَا (لِحَدَثٍ حَدَثَ) فِيهَا فَلَا يَقْصُرُ لِالْتِزَامِهِ إتْمَامَهَا بِانْعِقَادِهَا (فَرْعٌ إذَا) فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَأَنْ (أَحْدَثَ الْإِمَامُ) الْقَاصِرُ (أَوْ رَعَفَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا وَكَسْرِهَا (فَاسْتَخْلَفَ مُقِيمًا) ، أَوْ مُسَافِرًا مُتِمًّا مِنْ الْمُقْتَدِينَ، أَوْ غَيْرِهِمْ (لَزِمَهُمْ الْإِتْمَامُ) ؛ لِأَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ بِالْخَلِيفَةِ حُكْمًا بِدَلِيلِ لُحُوقِهِمْ سَهْوَهُ (دُونَهُ) أَيْ الْمُسْتَخْلِفِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ (إلَّا إنْ تَطَهَّرَ وَاقْتَدَى بِهِ) أَيْ بِالْخَلِيفَةِ فَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ لِذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ) هُوَ وَلَا الْمَأْمُومُونَ (أَوْ اسْتَخْلَفَ مُسَافِرًا) قَاصِرًا (أَوْ اسْتَخْلَفُوهُ) وَكَانُوا قَاصِرِينَ (قَصَرُوا) وَقَصَرَ الْمُسْتَخْلِفُ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْمُتِمُّونَ مُتِمًّا، وَالْقَاصِرُونَ قَاصِرًا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَلَوْ أَمَّ قَاصِرٌ بِالنَّوْعَيْنِ أَوْ بِالْمُتِمِّينَ سُنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَتِمُّوا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ الشَّرْطُ (الثَّانِي نِيَّةُ الْقَصْرِ) وَجَعَلَ مِنْهَا الْإِمَامُ مَا لَوْ نَوَى الظُّهْرَ مَثَلًا رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا وَالْمُتَوَلِّي مَا لَوْ قَالَ أُؤَدِّي صَلَاةَ السَّفَرِ فَلَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْقَصْرِ (عِنْدَ الْإِحْرَامِ) كَأَصْلِ النِّيَّةِ وَلَا يَجِبُ اسْتِدَامَتُهَا بَلْ الِانْفِكَاكُ عَمَّا يُخَالِفُ الْجَزْمَ بِهَا (فَإِنْ نَوَى بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ إحْرَامِهِ قَاصِرًا (الْإِتْمَامَ أَوْ تَرَدَّدَ) فِي أَنَّهُ يَقْطَعُ نِيَّةَ الْقَصْرِ (أَوْ شَكَّ هَلْ نَوَى الْقَصْرَ) ، أَوْ لَا (أَتَمَّ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْوِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] إلَى النِّكَاحِ وَجَبَ عَلَى فَرْعِهِ إعْفَافُهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ النَّفَقَةِ لَا يُشْبِعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ ثَامِنُهَا الْخُنْثَى إذَا كَانَ فَاسِقًا وَأَخْبَرَ بِمَيْلِ طَبْعِهِ إلَى أَحَدِ الْوَظَائِفِ قَبِلْنَاهُ وَرُتِّبَتْ الْأَحْكَامُ عَلَيْهِ تَاسِعُهَا إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْجِنَايَةِ أَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ قَبِلْنَاهُ لِتَعَلُّقِهِ بِالْغَيْرِ عَاشِرُهَا إذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا قُبِلَ وَجُلِدَ وَغُرِّبَ إنْ كَانَ بِكْرًا وَرُجِمَ إنْ كَانَ مُحْصَنًا وَخَبَرُ الْكَافِرِ مَقْبُولٌ فِي غَالِبِ هَذِهِ الصُّوَرِ وَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ قَبِلْنَاهُ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ شَهَادَةٌ كَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ (قَوْلُهُ: اقْتَدَى بِمُتِمٍّ أَتَمَّ إلَخْ) تَضَمَّنَ كَلَامُهُ مَسْأَلَةً غَرِيبَةً وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى قَاصِرٌ بِمِثْلِهِ فَسَهَا الْإِمَامُ، ثُمَّ سَلَّمَا نَاسِيَانِ لِلسَّهْوِ ثُمَّ عَادَ الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ بَعْدَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ، أَوْ وُصُولِ السَّفِينَةِ مَقْصِدَهُ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ يَعُودُ إلَى حُكْمِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ الْإِتْمَامُ، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْآخِرَةِ أَنَّهُ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ وَفِيهِ إلْزَامُهُ الْإِتْمَامَ إذَا لَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ بَعْدُ، لَكِنَّهُمْ قَالُوا لَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ عَادَ الْإِمَامُ لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِمُتَابَعَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ غ (قَوْلُهُ: وَتَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ) عُلِمَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ أَتَمَّ وَإِنَّمَا ذَكَرَاهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مُقِيمٍ نَوَى الْقَصْرَ (قَوْلُهُ: وَالْمُسَافِرُ مِنْ أَهْلِهِ إلَخْ) لَوْ نَوَى الْقَصْرَ خَلْفَ مُسَافِرٍ عَلِمَهُ مُتِمًّا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى غَيْرَ الْوَاقِعِ حِينَئِذٍ، وَقَدْ شَمِلَهُ قَوْلُهُمْ لَوْ غَيَّرَ عَدَدَ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ فِي نِيَّتِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَالتَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ فِي الْجُمْلَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ نِيَّةَ إمَامِهِ الْإِتْمَامَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْسَدَهَا وَأَعَادَ أَتَمَّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يَصِحُّ شُرُوعُهُ فِيهِ ثُمَّ يَعْرِضُ الْفَسَادُ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ وَحَيْثُ لَا يَصِحُّ الشُّرُوعُ لَا يَكُونُ مُلْتَزِمًا لِلْإِتْمَامِ بِذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ صَلَّى فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ تَامَّةً ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الطَّهَارَةِ قَصَرَ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ) قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ الْأَصَحُّ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَعَلَهَا تَامَّةً مَعَ لُزُومِ الْإِعَادَةِ ثُمَّ أَعَادَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ رَعَفَ فَاسْتَخْلَفَ مُقِيمًا لَزِمَهُمْ الْإِتْمَامُ) لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ. وَأَطْلَقَ الشَّيْخَانِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِالرُّعَافِ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ إذَا قُلْنَا الْكَثِيرُ مُبْطِلٌ دُونَ الْقَلِيلِ وَقَالَ الْقَمُولِيُّ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيِّ رَدًّا عَلَى أَبِي غَانِمٍ صَاحِبِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي تَأْوِيلِ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِخْلَافِ بِعُذْرٍ وَهَذَا اسْتِخْلَافٌ قَبْلَ وُجُودِ الدَّمِ الْكَثِيرِ الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الرُّعَافِ لَا يُبْطِلُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَرْجِيحِ الرَّافِعِيِّ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ رَجَّحَ الْعَفْوَ عَنْ الْكَثِيرِ أَيْضًا وَفِي الْمَجْمُوعِ مَا ذَكَرَهُ الْقَمُولِيُّ. قَالَ الْبَكْرِيُّ وَمَا يُتَخَيَّلُ أَنَّ فِي دَمِ الرُّعَافِ غَيْرُهُ مِنْ الْفَضَلَاتِ خَيَالٌ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالْحَاصِلُ الْمُعْتَمَدُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ وَلَوْ مَعَ الْقِلَّةِ فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَمَا نَسَبَهُ بَعْضُهُمْ لِشَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِهِ غَلَطٌ. بَلْ ذُكِرَ قَوْلُهُ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ سَوَاءٌ أَكَانَ كَثِيرًا أَمْ قَلِيلًا لِاخْتِلَاطِهِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْفَضَلَاتِ مَعَ نُدْرَتِهِ فَلَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ اهـ. مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 فِي الْأُولَى، وَالْأَصْلُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ (وَإِنْ تَذَكَّرَ) فِي الشَّكِّ (فِي الْحَالِ) فَإِنَّهُ يُتِمُّ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ إذْ تَذَكَّرَ حَالًا لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ مَا تَأَدَّى هُنَا مَحْسُوبٌ لِبَقَاءِ أَصْلِ النِّيَّةِ فَتَأَدَّى جُزْءٌ عَلَى التَّمَامِ فَلَزِمَهُ بِهِ الْإِتْمَامُ تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ، لَكِنَّهُ عُفِيَ عَنْهُ لِقِلَّتِهِ (وَإِنْ أَحْرَمَ) قَاصِرًا (خَلْفَ مَنْ عَلِمَهُ) ، أَوْ ظَنَّهُ (قَاصِرًا فَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ فَشَكَّ فِي قِيَامِهِ) هَلْ هُوَ مُتِمٌّ، أَوْ سَاهٍ (لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) . وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ سَاهٍ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ نَفْسِهِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ إمَامِهِ ابْتِدَاءً حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا، وَلَا أَمَارَةَ تُشْعِرُ بِالْإِتْمَامِ، وَهُنَا الْقِيَامُ مُشْعِرٌ بِهِ (فَإِنْ عَلِمَهُ سَاهِيًا لِكَوْنِهِ حَنَفِيًّا لَا يَرَى الْإِتْمَامَ) أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ (لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ وَلَهُ) بَعْدَ عِلْمِهِ (انْتِظَارُهُ وَمُفَارَقَتُهُ وَيَسْجُدُ) فِيهِمَا (لِلسَّهْوِ) اللَّاحِقِ لَهُ بِسَهْوِ إمَامِهِ (فَإِنْ نَوَى الْإِتْمَامَ لَمْ يَجُزْ) لَهُ (أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ) أَيْ بِالْإِمَامِ فِي سَهْوِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ لَهُ (كَالْمَسْبُوقِ لَا يَأْتَمُّ بِمَنْ عَلِمَهُ سَاهِيًا بِالْقِيَامِ إلَى خَامِسَةٍ، وَإِنْ قَامَ الْمُسَافِرُ) الْقَاصِرُ وَلَوْ مُنْفَرِدًا (إلَى ثَالِثَةٍ بِغَيْرِ مُوجِبٍ لِلْإِتْمَامِ) مِنْ نِيَّتِهِ أَوْ نِيَّةِ إقَامَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (عَامِدًا) عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) كَمَا لَوْ قَامَ الْمُتِمُّ إلَى رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ (أَوْ) قَامَ إلَيْهَا (سَاهِيًا) أَوْ جَاهِلًا (لَزِمَهُ الْعَوْدُ) حِينَ ذَكَرَهُ أَوْ عَلِمَهُ (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) وَيُسَلِّمُ (فَلَوْ بَدَا لَهُ) حِينَ ذَكَرَهُ، أَوْ عَلِمَهُ (أَنْ يُتِمَّ قَعَدَ، ثُمَّ قَامَ) نَاوِيًا الْإِتْمَامَ؛ لِأَنَّ النُّهُوضَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَنُهُوضُهُ كَانَ لَغْوًا. (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) ذَلِكَ (حَتَّى أَتَمَّ أَرْبَعًا، ثُمَّ نَوَى الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِرَكْعَتَيْنِ) وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِتْمَامَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَهُوَ قَاصِرٌ وَرَكْعَتَاهُ الزَّائِدَتَانِ لَغْوٌ. الشَّرْطِ (الثَّالِثُ دَوَامُ السَّفَرِ) فِي الصَّلَاةِ (فَإِنْ انْتَهَتْ بِهِ السَّفِينَةُ إلَى الْبَلَدِ) الَّتِي يُقِيمُ بِهَا (أَوْ سَارَتْ بِهِ مِنْهَا، أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ، أَوْ شَكَّ هَلْ نَوَاهَا) ، أَوْ لَا (أَوْ هَلْ هَذِهِ) الْبَلْدَةُ الَّتِي انْتَهَى إلَيْهَا (بَلَدُهُ) ، أَوْ لَا، وَهُوَ (فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ) فِي الْجَمِيعِ (أَتَمَّ) لِلشَّكِّ فِي سَبَبِ الرُّخْصَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلِزَوَالِهِ فِي الْأُولَى، وَالثَّالِثَةِ وَتَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ فِيهِمَا أَيْضًا وَفِي الثَّانِيَةِ وَاسْتَشْكَلَ تَصْوِيرُ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ إنْ نَوَى الْقَصْرَ لَمْ تَنْعَقِدْ لِتَلَاعُبِهِ أَوَّلًا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ لَا لِتَغْلِيبِ الْحَضَرِ بَلْ لِفَوْتِ شَرْطِ الْقَصْرِ، وَهُوَ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ جَاهِلًا بِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ سَيْرَ السَّفِينَةِ وَبِأَنَّ مُرَادَهُمْ مَا إذَا أَطْلَقَ فِي نِيَّتِهِ فَلَمْ يَنْوِ الْقَصْرَ وَلَا الْإِتْمَامَ فَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ لِعِلَّتَيْنِ: فَقْدِ نِيَّةِ الْقَصْرِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَتَغْلِيبِ الْحَضَرِ. وَيُسْتَدَلُّ بِهِ حِينَئِذٍ فِي نَظِيرِهِ مَعَ مَسْحِ الْخُفِّ عَلَى أَنَّهُ يَمْسَحُ مَسْحَ مُقِيمٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ مَعَ مُوَافَقَتِهِ لَنَا عَلَى مَا هُنَا. الشَّرْطُ (الرَّابِعُ الْعِلْمُ بِجَوَازِهِ) أَيْ الْقَصْرِ (فَلَوْ قَصَرَ جَاهِلًا بِجَوَازِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) لِتَلَاعُبِهِ، وَكَذَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ الظُّهْرَ مَثَلًا رَكْعَتَانِ فَنَوَاهَا رَكْعَتَيْنِ (بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) (يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ) لِلْأَخْبَارِ الْآتِيَةِ (لَا) فِي السَّفَرِ (الْقَصِيرِ) فَلَا يَجُوزُ (وَلَوْ لِلْمَكِّيِّ) ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ، وَالْجَمْعُ يَكُونُ (بَيْنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ وَ) بَيْنَ (الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا وَتَكُونُ) الْمَجْمُوعَةُ فِي وَقْتِ الْأُخْرَى (أَدَاءً) كَالْأُخْرَى؛ لِأَنَّ وَقْتَيْهِمَا صَارَا وَاحِدًا وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الصُّبْحُ مَعَ غَيْرِهَا، وَالْعَصْرُ مَعَ الْمَغْرِبِ فَلَا جَمَعَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ وَيَجُوزُ جَمْعُ الْجُمُعَةِ، وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاعْتَمَدَهُ كَجَمْعِهِمَا بِالْمَطَرِ بَلْ أَوْلَى وَيَمْتَنِعُ تَأْخِيرًا؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا يَتَأَتَّى تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا وَتَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ أَنَّ الْمُتَحَيِّرَةَ لَا تَجْمَعُ تَقْدِيمًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَكُلُّ مَنْ لَمْ تَسْقُطْ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ وَلَوْ حَذَفَ بِالتَّيَمُّمِ كَانَ أَوْلَى. (وَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ) أَيْ تَأْخِيرُ الْأُولَى (إلَى الثَّانِيَةِ لِلسَّائِرِ) وَقْتَ الْأُولَى (وَلِمَنْ بَاتَ بِمُزْدَلِفَةُ وَ) الْأَفْضَلُ (التَّقْدِيمُ) أَيْ تَقْدِيمُ الثَّانِيَةِ (إلَى الْأُولَى لِلنَّازِلِ) فِي وَقْتِهَا (وَالْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتْ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ، ثُمَّ رَكِبَ» ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا   [حاشية الرملي الكبير] فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَصَدَّرَ بِأَوَّلِهَا الْمُقْتَضِي لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْقَلِيلِ وَذَكَرَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، ثُمَّ حَكَى بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَ الْمُسَافِرُ إلَى ثَالِثَةٍ إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ، أَوْ بَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ هُنَا وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِتْمَامَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ مُبْطِلٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَهَتْ بِهِ السَّفِينَةُ إلَى الْبَلَدِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِالْحَضَرِ، وَالسَّفَرِ، وَقَدْ اجْتَمَعَا فِيهَا فَقَدَّمَ حُكْمَ الْحَضَرِ كَمَنْ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَكَمَا لَوْ قَدِمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ يَرَى الْمَاءَ فِي أَثْنَائِهَا أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ لَزِمَهُ الدُّخُولُ فِيهَا بِالتَّيَمُّمِ، وَالْقَصْرُ رُخْصَةٌ لَمْ تَجِبْ فَإِذَا زَالَ سَبَبُهَا انْقَطَعَتْ وَأَيْضًا لَوْ وَجَبَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ لَبَطَلَ مَا فَعَلَهُ وَهُنَا يَبْنِي (قَوْلُهُ أَتَمَّ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ إذْ الْإِتْمَامُ مُنْدَرِجٌ فِي نِيَّةِ الْقَصْرِ فَكَأَنَّهُ نَوَاهُ مَا لَمْ يَعْرِضْ مُوجِبُ إتْمَامٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا يُتِمُّ؛ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ لَمْ يُسَافِرْ (قَوْلُهُ: لِعِلَّتَيْنِ إلَخْ) وَيَجُوزُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَصَرَ جَاهِلًا إلَخْ) لَوْ أَتَمَّ جَاهِلًا بِجَوَازِ الْإِتْمَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. [بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ] (بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُتَحَيِّرَةَ لَا تَجْمَعُ تَقْدِيمًا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَوَجْهُ امْتِنَاعِهِ أَنَّ الْجَمْعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى شَرْطُهُ تَقَدُّمُ الْأُولَى صَحِيحَةً يَقِينًا، أَوْ ظَنًّا وَهُوَ مُنْتَفٍ بِخِلَافِ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ إلَخْ) سَكَتُوا عَمَّا إذَا كَانَ سَائِرًا فِيهِمَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ رِعَايَةً لِفَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ عَكْسُهُ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَلِانْتِفَاءِ سُهُولَةِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ مَعَ الْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ س وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ نَازِلًا فِيهِمَا وَقَوْلُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ» يَعْنِي فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَعَنْ أُسَامَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ» وَرَوَى مُعَاذٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعِشَاءِ وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَجَّلَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا مَعَ الْمَغْرِبِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ» وَرَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ «جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ» ، وَالْمُرَادُ بِالسَّفَرِ فِيهَا الطَّوِيلُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ بَعْضُهَا؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ إخْرَاجُ عِبَادَةٍ عَنْ وَقْتِهَا فَاخْتَصَّ بِالطَّوِيلِ كَالْفِطْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَاسْتُثْنِيَ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِيمَا ذُكِرَ مَا لَوْ خَشِيَ مِنْ التَّأْخِيرِ الْفَوَاتَ لِبُعْدِ الْمَنْزِلِ، أَوْ خَوْفِ عَدُوٍّ، أَوْ غَيْرِهِ، فَالْجَمْعُ تَقْدِيمًا أَفْضَلُ، وَمَا لَوْ كَانَ إذَا جَمَعَ تَقْدِيمًا صَلَّى جَمَاعَةً، أَوْ خَلَا عَنْ حَدَثِهِ الدَّائِمِ، أَوْ عَنْ كَشْفِ عَوْرَتِهِ وَإِذَا جَمَعَ تَأْخِيرًا كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، أَوْ بِالْعَكْسِ، فَالْجَمْعُ بِالْجَمَاعَةِ وَبِالْخُلُوِّ عَمَّا ذُكِرَ أَفْضَلُ (فَرْعٌ: وَإِذَا جَمَعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى اُشْتُرِطَ) ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ (تَقْدِيمُهَا) عَلَى الثَّانِيَةِ لِلِاتِّبَاعِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ؛ وَلِأَنَّ الْوَقْتَ لَهَا، وَالثَّانِيَةَ تَبَعٌ فَلَا تَتَقَدَّمُ عَلَى مَتْبُوعِهَا فَلَوْ قَدَّمَهَا لَمْ تَصِحَّ، أَوْ الْأُولَى وَبَانَ فَسَادُهَا فَسَدَتْ الثَّانِيَةُ أَيْضًا لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ (وَأَنْ يَنْوِيَ الْجَمْعَ فِيهَا) أَيْ الْأُولَى تَمْيِيزًا لِلتَّقْدِيمِ الْمَشْرُوعِ عَنْ التَّقْدِيمِ سَهْوًا، أَوْ عَبَثًا (وَلَوْ) نَوَاهُ (مَعَ السَّلَامِ وَبَعْدَ نِيَّةِ التَّرْكِ) كَأَنْ نَوَى الْجَمْعَ، ثُمَّ نَوَى تَرْكَهُ ثُمَّ نَوَاهُ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ ضَمُّ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى فَيَكْفِي سَبْقُ النِّيَّةِ حَالَةَ الْجَمْعِ وَيُفَارِقُ الْقَصْرَ بِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَتْ نِيَّتُهُ عَنْ الْإِحْرَامِ لَتَأَدَّى جُزْءٌ عَلَى التَّمَامِ فَيَمْتَنِعُ الْقَصْرُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ شَرَعَ فِي الظُّهْرِ بِالْبَلَدِ فِي سَفِينَةٍ فَسَارَتْ فَنَوَى الْجَمْعَ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ النِّيَّةَ مَعَ التَّحَرُّمِ صَحَّ لِوُجُودِ السَّفَرِ وَقْتَهَا وَإِلَّا فَلَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حُدُوثِ الْمَطَرِ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى حَيْثُ لَا يُجْمَعُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ السَّفَرَ بِاخْتِيَارِهِ فَنَزَلَ اخْتِيَارُهُ لَهُ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَتَهُ بِخِلَافِ الْمَطَرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ اخْتَارَهُ، فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ الْجَمْعِ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي هُنَا ذُكِرَ مِثْلُهُ ثَمَّ، فَعَلَيْهِ لَا فَرْقَ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بِجَعْلِهِمَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَوَجَبَ الْوِلَاءُ كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِنَمِرَةَ، وَالَى بَيْنَهُمَا وَتَرَكَ الرَّوَاتِبَ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ بَيْنَهُمَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلَوْلَا اشْتِرَاطُ الْوِلَاءِ لَمَا تَرَكَ الرَّوَاتِبَ. وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ تَرَكَهَا لِكَوْنِهَا سُنَّةً لَا شَرْطًا وَلَوْ تَرَكَ لَفْظَ يُشْتَرَطُ كَانَ أَخْصَرَ (وَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ فِي الْعُرْفِ فَلِلْمُتَيَمِّمِ الْفَصْلُ) بَيْنَهُمَا (بِهِ) أَيْ بِالتَّيَمُّمِ (وَبِالطَّلَبِ الْخَفِيفِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ) لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَخِيرَةِ كَمَا مَرَّ وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الْأُولَيَيْنِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهَا فَصْلٌ يَسِيرٌ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ لِمَصْلَحَتِهَا لَمْ يَضُرَّ أَمَّا الطَّوِيلُ فَيَضُرُّ وَلَوْ بِعُذْرٍ كَسَهْوٍ وَإِغْمَاءٍ (وَإِنْ جَمَعَ وَتَذَكَّرَ) بَعْدَ فَرَاغِهِ، أَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ وَطَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ سَلَامِ الْأُولَى، وَالتَّذَكُّرِ (تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى أَعَادَهُمَا) الْأُولَى لِتَرْكِ الرُّكْنِ وَتَعَذُّرِ التَّدَارُكِ بِطُولِ الْفَصْلِ، وَالثَّانِيَةَ لِفَقْدِ التَّرْتِيبِ (وَلَهُ الْجَمْعُ) تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا لِوُجُودِ الْمُرَخِّصِ (أَوْ) تَذَكَّرَ تَرْكَهُ (مِنْ الثَّانِيَةِ) . فَإِنْ كَانَ (قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ تَدَارَكَهُ وَصَحَّتَا وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ طُولِهِ (تَعَذَّرَ الْجَمْعُ) لِفَقْدِ الْوِلَاءِ بِتَخَلُّلِ الْبَاطِلَةِ فَيَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا فِي وَقْتِهَا (وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ) أَيْ الرُّكْنُ الْمَتْرُوكُ (لَزِمَهُ إعَادَتُهُمَا) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الْأُولَى (وَامْتَنَعَ الْجَمْعُ تَقْدِيمًا) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الثَّانِيَةِ   [حاشية الرملي الكبير] وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يُصَرِّحُوا بِمَا إذَا خَرَجَ وَقْتُ الْأُولَى وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْطُلُ الْجَمْعُ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَتَنْقَلِبُ نَفْلًا عَلَى الْخِلَافِ فِي نَظَائِرِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَكَّ فِي أَثْنَاءِ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي بَقَاءِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْجَمْعُ وَصَلَاةُ الْعَصْرِ وَيُعِيدُهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: تَمْيِيزًا لِلتَّقْدِيمِ الْمَشْرُوعِ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الْأُولَى إلَّا بِالنِّيَّةِ مَعَ صِحَّتِهَا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَاشْتِرَاطُهَا فِي تَقْدِيمِ الثَّانِيَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي وَقْتِ الْأُولَى أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجَمْعَ ضَمُّ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى) وَهُوَ وَقْتُ السَّلَامِ فَإِذَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الضَّمِّ وَهُوَ حَالُ الْإِحْرَامِ فَفِي وَقْتِهِ وَهُوَ وَقْتُ السَّلَامِ أَوْ مَا قَارَبَهُ أَوْلَى (قَوْلُهُ بِأَنَّ السَّفَرَ بِاخْتِيَارِهِ) قَالَ شَيْخُنَا يُحْمَلُ الْقَوْلُ بِأَنَّ السَّفَرَ بِاخْتِيَارِهِ أَنَّهُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ الْمَطَرِ فَلَا إيرَادَ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ اعْتِمَادُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ السَّفَرِ، وَالْمَطَرِ بِأَنَّ الْجَمْعَ بِالْمَطَرِ أَضْعَفُ لِلْخِلَافِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ طَرِيقًا بِاشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْجَمْعِ فِي الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْمَطَرِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِلْجَمْعِ فَلَمْ تَكُنْ مَحَلًّا لِلنِّيَّةِ وَفِي السَّفَرِ تَجُوزُ النِّيَّةُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأُولَى؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ شَرْطٌ فَكَانَتْ مَحَلًّا لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْلَا اشْتِرَاطُ الْوِلَاءِ لَمَا تَرَكَ الرَّوَاتِبَ) ؛ لِأَنَّهَا تُفْعَلُ تَبَعًا فَلَوْ فُرِّقَتْ لَمْ تَكُنْ تَبَعًا؛ وَلِأَنَّ الْجَمْعَ يَكُونُ بِالْمُقَارَنَةِ، أَوْ بِالْمُتَابَعَةِ، وَالْمُقَارَنَةُ مُتَعَذِّرَةٌ فَتَعَيَّنَتْ الْمُتَابَعَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ) لَوْ جَمَعَ تَقْدِيمًا وَارْتَدَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأُولَى فَفِي بُطْلَانِ الْجَمْعِ احْتِمَالَانِ لِوَالِدِ الرُّويَانِيِّ انْتَهَى. إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ عُرْفًا بَيْنَ سَلَامِهِ مِنْ الْأُولَى وَتَحَرُّمِهِ بِالثَّانِيَةِ جَازَ لَهُ الْجَمْعُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَطَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ سَلَامِ الْأُولَى إلَخْ) ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ بِالثَّانِيَةِ وَيَبْنِي عَلَى الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةَ لِفَقْدِ التَّرْتِيبِ) وَتَقَعُ نَافِلَةً كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْفَرْضِ قَبْلَ وَقْتِهِ جَاهِلًا بِالْحَالِ وُجِدَ بِهَامِشِ الْأَصْلِ بِخَطِّهِ مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ) فِي التَّجْرِيدِ عَنْ حِكَايَةِ الرُّويَانِيِّ عَنْ وَالِدِهِ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامٍ طَوِيلٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ أَيْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا يَسَعُ الْمَغْرِبَ وَدُونَ رَكْعَةٍ مِنْ الْعِشَاءِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا يُصَلِّي الْعِشَاءَ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ رَكْعَةٍ يَجْعَلُهَا قَضَاءً قَالَ الرُّويَانِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ يَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ عِنْدَ الْعُذْرِ إلَخْ. اهـ. وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي جَوَازُ الْجَمْعِ أَيْضًا اهـ. ابْنُ قَاسِمٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 فَيَطُولُ الْفَصْلُ بِهَا وَبِالْأَوْلَى الْمُعَادَةِ بَعْدَهَا فَيُعِيدُ كُلًّا مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا أَخْذًا بِالْأَسْوَإِ فِي الطَّرَفَيْنِ وَلَوْ شَكَّ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي نِيَّةِ الْجَمْعِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَوَاهُ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْجَمْعُ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ لَهُ الْجَمْعَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْوَجْهُ إنْ تَذَكَّرَهُ عَنْ قُرْبٍ (وَأَمَّا إنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَلَا تُشْتَرَطُ إلَّا نِيَّةُ التَّأْخِيرِ لِلْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى) مَا بَقِيَ قَدْرُ رَكْعَةٍ (فَإِنْ أَخَّرَ) هَا (حَتَّى فَاتَ الْأَدَاءُ) أَيْ وَقْتُهُ (بِلَا نِيَّةٍ) لِلْجَمْعِ (عَصَى وَقَضَى) هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْأَصْحَابِ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَنْهُمْ وَتُشْتَرَطُ هَذِهِ النِّيَّةُ فِي وَقْتِ الْأُولَى بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا، أَوْ أَكْثَرُ، فَإِنْ ضَاقَ وَقْتُهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً وَجَزَمَ الْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْأَوَّلِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ قَصْرِ صَلَاةِ مَنْ سَافَرَ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً وَلَا يَضُرُّ فِيهِ تَحْرِيمُ تَأْخِيرِهَا بِحَيْثُ يَخْرُجُ جُزْءٌ مِنْهَا عَنْ وَقْتِهَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ عَلَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَى مَا يَسَعُهَا أَيْ يَسَعُهَا أَدَاءً، فَإِنْ قُلْت بَلْ كَلَامُهَا مَحْمُولٌ عَلَى كَلَامِهِ وَيَكُونُ مُرَادُهَا الْأَدَاءَ الْحَقِيقِيَّ، وَهُوَ الْإِتْيَانَ بِجَمِيعِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا لَا الْأَدَاءَ الْمَجَازِيَّ الْحَاصِلَ بِتَبَعِيَّةِ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا فِيهِ قُلْت يُنَافِيهِ قَوْلُهُ إنَّهَا صَارَتْ قَضَاءً وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ وَلَا الْوِلَاءُ وَلَا نِيَّةُ الْجَمْعِ فِي الْأُولَى، وَهُوَ كَذَلِكَ وَفَارَقَ جَمْعَ التَّقْدِيمِ أَمَّا فِي الْأُولَى؛ فَلِأَنَّ الْوَقْتَ هُنَا لِلثَّانِيَةِ، وَالْأُولَى تَبَعٌ لَهَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّ الْأُولَى شَبِيهَةٌ بِالْفَائِتَةِ لِخُرُوجِ وَقْتِهَا؛ «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الْمَغْرِبَ بِمُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِمَا مَرَّ فِي الْأُولَى؛ وَلِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ هُنَا تَقَدَّمَتْ فِي وَقْتِ الْأُولَى فَاكْتُفِيَ بِهَا بِخِلَافِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ. (فَرْعٌ) لَوْ (جَمَعَ تَقْدِيمًا وَنَوَى الْإِقَامَةَ) ، أَوْ وَصَلَتْ سَفِينَتُهُ دَارَ إقَامَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، أَوْ شَكَّ فِي صَيْرُورَتِهِ مُقِيمًا (قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالثَّانِيَةِ بَطَلَ الْجَمْعُ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ فَيُؤَخِّرُهَا لِوَقْتِهَا، وَالْأُولَى صَحِيحَةٌ (أَوْ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ الثَّانِيَةِ (لَمْ يَبْطُلْ) جَمْعُهُ صِيَانَةً لِصَلَاتِهِ عَنْ الْبُطْلَانِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ بِخِلَافِ الْقَصْرِ فَإِنَّ وُجُوبَ الْإِتْمَامِ لَا يُبْطِلُ مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ (وَإِنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَقَامَ فِي أَثْنَائِهَا) ، أَوْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى (صَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً) ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلثَّانِيَةِ فِي الْأَدَاءِ لِلْعُذْرِ، وَقَدْ زَالَ قَبْلَ تَمَامِهَا وَفِي الْمَجْمُوعِ إذَا أَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأُولَى أَدَاءً بِلَا خِلَافٍ وَمَا بَحَثَهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِمْ قَالَ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَتَعْلِيلُهُمْ مُنْطَبِقٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأُولَى فَلَوْ عَكَسَ وَأَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الظُّهْرِ فَقَدْ وُجِدَ الْعُذْرُ فِي جَمِيعِ الْمَتْبُوعَةِ وَأَوَّلِ التَّابِعَةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَنَّهَا أَدَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْلِيلُهُمْ وَأَجْرَى الطَّاوُوسِيُّ الْكَلَامَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَقَالَ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بِدَوَامِ السَّفَرِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُكْتَفَ بِهِ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ بَلْ شُرِطَ دَوَامُهُ إلَى تَمَامِهِمَا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ لَيْسَ وَقْتَ الْعَصْرِ إلَّا فِي السَّفَرِ، وَقَدْ وُجِدَ عِنْدَ عَقْدِ الثَّانِيَةِ فَيَحْصُلُ الْجَمْعُ وَأَمَّا وَقْتُ الْعَصْرِ فَيَجُوزُ فِيهِ الظُّهْرُ بِعُذْرِ السَّفَرِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ فِيهِ الظُّهْرُ إلَى السَّفَرِ إلَّا إذَا وُجِدَ السَّفَرُ فِيهِمَا وَإِلَّا جَازَ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَيْهِ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا فِيهِ وَأَنْ يَنْصَرِفَ إلَى غَيْرِهِ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا فِي غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ. (فَصْلٌ: الْمَطَرُ) وَلَوْ ضَعِيفًا إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَبُلُّ الثِّيَابَ (يُبِيحُ الْجَمْعَ) لِمَا يُجْمَعُ بِالسَّفَرِ (فِي وَقْتِ الْأُولَى) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا» زَادَ مُسْلِمٌ «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ» قَالَ الشَّافِعِيُّ كَمَالِكٍ أَرَى ذَلِكَ فِي الْمَطَرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ مَرْدُودٌ بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ» قَالَ وَأَجَابَ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ الْأُولَى رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ فَهِيَ أَوْلَى قَالَ يَعْنِي.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَعِنْدِي أَنَّ لَهُ الْجَمْعَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ) إذَا جَمَعَ تَأْخِيرًا ثُمَّ تَيَقَّنَ فِي تَشَهُّدِ الْعَصْرِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ الظُّهْرِ، أَوْ الْعَصْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً أُخْرَى وَعَلَيْهِ إعَادَةُ الظُّهْرِ وَيَكُونُ جَامِعًا، فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعَصْرِ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الظُّهْرِ فَلَا تَجُوزُ النِّيَابَةُ بَلْ يُعِيدُ الصَّلَاتَيْنِ؛ لِأَنَّ السَّجْدَةَ قَدْ تَكُونُ مَتْرُوكَةً مِنْ الظُّهْرِ فَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِالْعَصْرِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ قَدَّمَ الظُّهْرَ قَبْلَ الْعَصْرِ فِي الشِّقَّيْنِ وَأَنَّ مَحَلَّ التَّفْصِيلِ فِي الْمُبَادَرَةِ فِي الْعَصْرِ بَعْدَ الْأُولَى، فَإِنْ بَادَرَ بِهَا اسْتَأْنَفَهُمَا وَإِلَّا بَنَى عَلَى مَا هُوَ فِيهِ وَاسْتَأْنَفَ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ إلَّا نِيَّةُ التَّأْخِيرِ) لَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يَبْطُلْ الْجَمْعُ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَقٌّ، وَكَذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت بَلْ كَلَامُهَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا السُّؤَالُ هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: قُلْت يُنَافِيهِ إلَخْ) قَدْ مَرَّ أَنَّ كِلَا التَّعْبِيرَيْنِ مَنْقُولٌ عَنْ الْأَصْحَابِ، فَالْمُرَادُ بِهِمَا وَاحِدٌ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا هُوَ مَا أَوْرَدَهُ الشَّارِحُ سُؤَالًا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَازِ الْقَصْرِ لِمَنْ سَافَرَ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً وَاضِحٌ، فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ كَوْنُهَا مُؤَدَّاةً، وَالْمُعْتَبَرَ هُنَا أَنْ تُمَيِّزَ النِّيَّةُ هَذَا التَّأْخِيرَ عَنْ التَّأْخِيرِ تَعَدِّيًا، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ: إنَّهَا صَارَتْ قَضَاءً؛ لِأَنَّهَا فُعِلَتْ خَارِجَ وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ، وَقَدْ انْتَهَى شَرْطُ التَّبَعِيَّةِ فِي الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) قَوْلُ الرَّافِعِيِّ وَتَعْلِيلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الظُّهْرَ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَانَ لَهُ تَقْدِيمُ الْعَصْرِ عَلَيْهَا، فَإِذًا لَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ أَوْلَى مُخَالِفٌ لِمَا قَرَّرَهُ فِي الْحَجِّ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَتْرُوكَةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَجِبُ فِعْلُهَا عَلَى الْفَوْرِ عَلَى الْأَصَحِّ [فَرْعٌ جَمَعَ تَقْدِيمًا وَنَوَى الْإِقَامَةَ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلثَّانِيَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ الْأُولَى تَبَعٌ لِلثَّانِيَةِ عِنْدَ التَّأْخِيرِ فَاعْتُبِرَ وُجُودُ سَبَبِ الْجَمْعِ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَأَجْرَى الطَّاوُوسِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ لَيْسَ وَقْتَ الْعَصْرِ إلَّا فِي السَّفَرِ) قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُهُ فِيمَا يَجُوزُ جَمْعُهُ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بِالْمَطَرِ كَاتِبُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 الْبَيْهَقِيَّ ، وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ الْجَمْعَ بِالْمَطَرِ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ، وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ وَلَا مَطَرٍ كَثِيرٍ، أَوْ لَا مَطَرٍ مُسْتَدَامٍ، فَلَعَلَّهُ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ (لَا) فِي وَقْتِ (الثَّانِيَةِ) ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْمَطَرِ لَيْسَتْ إلَى الْجَامِعِ بِخِلَافِ السَّفَرِ وَإِنَّمَا يُبَاحُ الْجَمْعُ بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ فِي جَمْعِهِ بِالسَّفَرِ (لِمَنْ صَلَّى) أَيْ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ (جَمَاعَةً فِي مَكَان) مَقْصُودٍ لَهَا مِنْ مَسْجِدٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَتَعْبِيرُهُ بِمَكَانٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَسْجِدٍ (يَتَأَذَّى فِي طَرِيقِهِ) إلَيْهِ (بِالْمَطَرِ) لِبُعْدِهِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ كَغَيْرِهِ (فَلَوْ صَلَّى) وَلَوْ (جَمَاعَةً فِي بَيْتِهِ) ، أَوْ فِي مَكَان لِلْجَمَاعَةِ قَرِيبٍ (أَوْ مَشَى فِي كِنٍّ، أَوْ صَلَّوْا فُرَادَى فِي الْمَسْجِدِ) أَوْ نَحْوِهِ (فَلَا جَمْعَ) لِانْتِفَاءِ التَّأَذِّي. وَأَمَّا جَمْعُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَطَرِ مَعَ أَنَّ بُيُوتَ أَزْوَاجِهِ كَانَتْ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ فَأَجَابُوا عَنْهُ أَنَّ بُيُوتَهُنَّ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً وَأَكْثَرُهَا كَانَ بَعِيدًا فَلَعَلَّهُ حِينَ جَمَعَ لَمْ يَكُنْ بِالْقَرِيبِ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ بِالْمَأْمُومِينَ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِالْمَطَرِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنْكَرُوا اشْتِرَاطَ الْبُعْدِ وَنَقَلُوا عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقُرْبِ، وَالْبُعْدِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُهُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَلِمَنْ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ قَبْلَ وُجُودِ الْمَطَرِ فَاتَّفَقَ وُجُودُهُ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَجْمَعَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْمَعْ لَاحْتَاجَ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ أَيْضًا، أَيْ: أَوْ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ فِي رُجُوعِهِ إلَى بَيْتِهِ ثُمَّ عَوْدِهِ، أَوْ فِي إقَامَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ. (وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ) فِي إبَاحَةِ الْمَطَرِ الْجَمْعَ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ (وُجُودُ الْمَطَرِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاتَيْنِ) لِيُقَارِنَ الْجَمْعَ (وَعِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْأُولَى) لِيَتَّصِلَ بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ اعْتِبَارُ امْتِدَادِهِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَضُرُّ انْقِطَاعُهُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ لِعُسْرِ انْضِبَاطِهِ (وَالشَّفَّانُ كَالْمَطَرِ) فِيمَا ذُكِرَ لِتَضَمُّنِهِ الْقَدْرَ الْمُبِيحَ (وَهُوَ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ لَا بِضَمِّهَا كَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ وَلَا بِكَسْرِهَا كَمَا وَقَعَ لِلْقَمُولِيِّ وَبِتَشْدِيدِ الْفَاءِ (بَرْدُ رِيحٍ فِيهِ نُدُوَّةٌ) أَيْ بَلَلٌ (وَكَذَا ثَلْجٌ وَبَرَدٌ يَذُوبَانِ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذُوبَا لِانْتِفَاءِ التَّأَذِّي نَعَمْ إنْ كَانَ الثَّلْجُ قِطَعًا كِبَارًا جَازَ الْجَمْعُ بِهِ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ وَفِي مَعْنَاهُ الْبَرَدُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخَائِرِ (فَرْعٌ: يُجْمَعُ الْعَصْرُ مَعَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَطَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) مَوْجُودًا (حَالَ الْخُطْبَةِ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الصَّلَاةِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا جَمْعَ بِغَيْرِ السَّفَرِ وَالْمَطَرِ؛ كَمَرَضٍ وَرِيحٍ وَظُلْمَةٍ وَخَوْفٍ وَوَحَلٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ وَلِخَبَرِ الْمَوَاقِيتِ فَلَا يُخَالَفُ إلَّا بِصَرِيحٍ وَحَكَى فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا جَوَازَهُ بِالْمَذْكُورَاتِ قَالَ: وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا فِي الْمَرَضِ، وَالْوَحَلِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ» وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ، لَكِنَّهُ فَرَضَهُ فِي الْمَرَضِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (فَرْعٌ) مِنْ (الْمُخْتَارِ جَوَازُ الْجَمْعِ بِالْمَرَضِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَدْ ظَفِرْت بِنَقْلِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَعَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا لَمْ يُلْحِقُوا الْوَحَلَ بِالْمَطَرِ كَمَا فِي عُذْرِ الْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ تَارِكَهُمَا يَأْتِي بِبَدَلِهِمَا، وَالْجَامِعُ يَتْرُكُ الْوَقْتَ بِلَا بَدَلٍ؛ وَلِأَنَّ الْعُذْرَ فِيهِمَا لَيْسَ مَخْصُوصًا بَلْ كُلُّ مَا تَلْحَقُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ، وَالْوَحَلُ مِنْهُ، وَعُذْرُ الْجَمْعِ مَضْبُوطٌ بِمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَلَمْ تَجِئْ بِالْوَحَلِ وَعَلَى الْمُخْتَارِ فِي الْمَرَضِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَاعِيَ الْأَرْفَقَ بِنَفْسِهِ (فَمَنْ يُحَمُّ) مَثَلًا (فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ قَدَّمَهَا) إلَى الْأُولَى (بِشَرَائِطِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ، أَوْ فِي) وَقْتِ (الْأُولَى أَخَّرَهَا) إلَى الثَّانِيَةِ، وَأَسْقَطَ فِي نُسْخَةٍ قَوْلَهُ بِشَرَائِطِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَأَثْبَتَ فِيهَا بَعْدَ قَوْلِهِ أَخَّرَهَا وَيُشْتَرَطُ فِي التَّقْدِيمِ وُجُودُ الْحُمَّى كَالْمَطَرِ أَيْ فَيُشْتَرَطُ وُجُودُهَا فِي أَوَّلِ الصَّلَاتَيْنِ وَعِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْأُولَى وَتِلْكَ النُّسْخَةُ أَكْثَرُ فَائِدَةً (وَإِنْ جَمَعَ تَقْدِيمًا) بَلْ أَوْ تَأْخِيرًا فِي الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ (صَلَّى سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا، ثُمَّ الْفَرِيضَتَيْنِ) الظُّهْرَ، ثُمَّ الْعَصْرَ (ثُمَّ بَاقِيَ السُّنَنِ مُرَتَّبَةً) أَيْ سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي بَعْدَهَا، ثُمَّ سُنَّةَ الْعَصْرِ (وَفِي الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ يُصَلِّي الْفَرِيضَتَيْنِ، ثُمَّ السُّنَنَ مُرَتَّبَةً) سُنَّةَ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ سُنَّةَ الْعِشَاءِ (ثُمَّ الْوِتْرَ) وَتَحْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ قَدَّمَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا وَلَهُ تَأْخِيرُهَا سَوَاءٌ أَجَمَعَ تَقْدِيمًا أَمْ تَأْخِيرًا وَتَوْسِيطُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا سَوَاءٌ أَقَدَّمَ الظُّهْرَ أَمْ الْعَصْرَ وَأَخَّرَ سُنَّتَهَا الَّتِي بَعْدَهَا وَلَهُ تَوْسِيطُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا وَقَدَّمَ الظُّهْرَ وَأَخَّرَ عَنْهُمَا سُنَّةَ الْعَصْرِ وَلَهُ تَوْسِيطُهَا وَتَقْدِيمُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا سَوَاءٌ أَقَدَّمَ الظُّهْرَ أَمْ الْعَصْرَ وَإِذَا جَمَعَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ أَخَّرَ سُنَّتَيْهِمَا، وَلَهُ تَوْسِيطُ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا أَوْ قَدَّمَ الْمَغْرِبَ، وَتَوْسِيطُ سُنَّةِ الْعِشَاءِ إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا وَقَدَّمَ الْعِشَاءَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مَمْنُوعٌ. وَعَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِلْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ سُنَّةً مُقَدَّمَةً فَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْمَطَرُ يُبِيحُ الْجَمْعَ لِمَا يُجْمَعُ بِالسَّفَرِ] قَوْلُهُ: وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ وَلَا مَطَرَ إلَخْ) ، أَوْ أَرَادَ بِالْجَمْعِ التَّأْخِيرَ بِأَنْ أَخَّرَ الْأُولَى إلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَأَوْقَعَ الثَّانِيَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ بِالْمَأْمُومِينَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ إمَامًا رَاتِبًا، أَوْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ إمَامَتِهِ تَعْطِيلُ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَطَرِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ افْتَتَحَ الْأُولَى، وَالْمَطَرُ قَائِمٌ، ثُمَّ انْقَطَعَ فِي خِلَالِهَا، ثُمَّ اتَّصَلَ إلَى أَنْ دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ صَحَّ لَهُ الْجَمْعُ لِوُجُودِ الْعُذْرِ فِي الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: الْمُخْتَارِ جَوَازُ الْجَمْعِ بِالْمَرَضِ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 مِمَّا تَقَرَّرَ فِي جَمْعَيْ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالْأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا تَقَرَّرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (فَرْعٌ) قَدْ جَمَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مَا يَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ وَمَا لَا يَخْتَصُّ فَقَالَ: الرُّخَصُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ أَرْبَعٌ: الْقَصْرُ، وَالْفِطْرُ، وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالْجَمْعُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَاَلَّذِي يَجُوزُ فِي الْقَصِيرِ أَيْضًا أَرْبَعٌ: تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ وَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِالسَّفَرِ، وَالتَّنَفُّلُ عَلَى الرَّاحِلَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالتَّيَمُّمُ وَإِسْقَاطُ الْفَرْضِ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا. وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالسَّفَرِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ صُوَرٌ مِنْهَا مَا لَوْ سَافَرَ الْمُودَعُ وَلَمْ يَجِدْ الْمَالِكَ وَلَا وَكِيلَهُ وَلَا الْحَاكِمَ وَلَا الْأَمِينَ فَلَهُ أَخْذُهَا مَعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَمِنْهَا مَا لَوْ اسْتَصْحَبَ مَعَهُ ضَرَّةَ زَوْجَتِهِ بِقُرْعَةٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِالطَّوِيلِ عَلَى الصَّحِيحِ وَوَقَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَصْحِيحُ عَكْسِهِ، وَهُوَ سَهْوٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ. (فَصْلٌ إذَا بَلَغَ السَّفَرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَالْقَصْرُ أَفْضَلُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَيُخَالِفُ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ، وَإِنْ مَنَعَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ مُحَقِّقِي الْعُلَمَاءِ لَا يُقِيمُونَ لِمَذْهَبِهِمْ وَزْنًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَلِبَقَاءِ شُغْلِ الذِّمَّةِ إذَا أَفْطَرَ (إلَّا لِمَلَّاحٍ يُسَافِرُ) فِي الْبَحْرِ (بِأَهْلِهِ وَمَنْ لَا يَزَالُ مُسَافِرًا بِلَا وَطَنٍ) ، فَالْإِتْمَامُ لَهُمَا أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمَا كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَرُوعِيَ فِيهِمَا خِلَافُهُ دُونَ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ (وَالْغَسْلُ) لِلرَّجُلِ (وَتَرْكُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ مَسْحِ الْخُفِّ وَ) مِنْ (الْجَمْعِ) لِأَصَالَتِهِمَا وَفَارَقَا الْقَصْرَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُؤْتَ فِيهِ بِجِنْسِ الْوَاجِبِ، وَالثَّانِي فِيهِ إخْلَاءُ أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ عَنْ وَظِيفَتِهِ بِخِلَافِ الْقَصْرِ فِيهِمَا نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُمَا مَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ كَرَاهَةَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي. وَمِنْ الثَّانِيَةِ الْحَاجُّ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ أَرْفَقُ لَهُ فِي الدُّعَاءِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي السَّيْرِ فِي الثَّانِي وَمَنْ إذَا جَمَعَ صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ خَلَا عَنْ حَدَثِهِ الدَّائِمِ، أَوْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ (وَكُرِهَ تَرْكُ التَّرَخُّصِ) بِالْقَصْرِ، وَالْجَمْعِ وَسَائِرُ الرُّخَصِ (لِمَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ كَرَاهَتَهُ) أَيْ كَرَاهَةَ التَّرَخُّصِ فَيَكَادُ يَكُونُ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ إلَى أَنْ تَزُولَ عَنْهُ الْكَرَاهَةُ وَمِثْلُهَا مَا لَوْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ، أَوْ تَرَكَهُ شَكًّا فِي جَوَازِهِ، وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ ذَكَرَهَا فِي الرَّوْضَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَسْحِ الْخُفِّ. (وَإِنْ نَوَى الْكَافِرُ، أَوْ الصَّبِيُّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ، ثُمَّ أَسْلَمَ) الْكَافِرُ (أَوْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ الْمَسَافَةِ (قَصَرَ فِي الْبَقِيَّةِ مِنْهَا) وَمَا ذَكَرَهُ كَالرَّوْضَةِ فِي الصَّبِيِّ نَقْلٌ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَصْرُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ. وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَالصَّوَابُ صِحَّتُهُ مِنْهُ، وَقَدْ قَالُوا لَوْ جَمَعَ تَقْدِيمًا، ثُمَّ بَلَغَ، وَالْوَقْتُ بَاقٍ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ نَبَّهَ عَلَى غَيْرِهِ فَقَالَ مَا ذُكِرَ فِي الصَّبِيِّ مُتَّجَهٌ إنْ بَعَثَهُ وَلِيُّهُ، فَإِنْ سَافَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا أَثَرَ لِمَا قَطَعَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَإِنْ سَافَرَ مَعَهُ فَيُتَّجَهُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ مَا مَرَّ فِي غَيْرِهِ مِنْ التَّابِعِينَ (وَإِنْ نَوَى اثْنَانِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَأَحَدُهُمَا حَنَفِيٌّ يَعْتَقِدُ الْقَصْرَ فَاقْتَدَى بِهِ الْآخَرُ) ، وَهُوَ لَا يَعْتَقِدُهُ كَشَافِعِيٍّ (كُرِهَ وَيُتِمُّ) صَلَاتَهُ (بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ الْحَنَفِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ فَعُلِمَ صِحَّةُ صَلَاتِهِ. وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ لِاعْتِقَادِهِ فَسَادَ صَلَاةِ إمَامِهِ. وَقَدَّمْت فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ إذَا بَلَغَ السَّفَرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَصْرُ الصَّلَاة أَفْضَلُ] قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَ السَّفَرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَخْ) ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا، فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ إلَّا لِمَنْ إذَا أَتَمَّ جَرَى حَدَثُهُ الدَّائِمُ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ، أَوْ فَاتَهُ خَلَاصُ أَسِيرٍ، أَوْ خَافَ فَوْتَ عَرَفَةَ أَوْ لِمَاسِحِ خُفٍّ لَا مَاءَ مَعَهُ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ مُدَّتِهِ مَا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ إلَّا مَقْصُورَةً أَوْ لِعَبْدٍ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِعَمَلِ شَيْءٍ فِي يَوْمٍ لَا يُكْمِلُهُ فِيهِ إلَّا إنْ صَلَّى قَاصِرًا، أَوْ لِجَمْعٍ تَنَاوَبُوا مَكَانًا طَاهِرًا لِلصَّلَاةِ فِيهِ وَلَوْ أَتَمُّوا لَوَقَعَتْ صَلَاةُ بَعْضِهِمْ بَعْدَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُحَقِّقِي الْعُلَمَاءِ لَا يُقِيمُونَ لِمَذْهَبِهِمْ وَزْنًا إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ: مَحْمَلُهُ عِنْدِي ابْنُ حَزْمٍ وَأَمْثَالُهُ. وَأَمَّا دَاوُد فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَقُولَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَوْ غَيْرُهُ إنَّ خِلَافَهُ لَا يُعْتَبَرُ فَلَقَدْ كَانَ جَبَلًا مِنْ جِبَالِ الْعِلْمِ، وَالدِّينِ لَهُ مِنْ سَدَادِ النَّظَرِ وَسَعَةِ الْعِلْمِ وَنُورِ الْبَصِيرَةِ، وَالْإِحَاطَةِ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَالْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ مَا يَعْظُمُ وَقْعُهُ، وَقَدْ دُوِّنَتْ كُتُبُهُ وَكَثُرَتْ أَتْبَاعُهُ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ فِي الْفُرُوعِ، وَقَدْ كَانَ مَشْهُورًا فِي زَمَنِ الشَّيْخِ وَبَعْدَهُ بِكَثِيرٍ لَا سِيَّمَا فِي بِلَادِ فَارِسَ شِيرَازَ وَمَا وَالَاهَا إلَى نَاحِيَةِ الْعِرَاقِ وَفِي بِلَادِ الْمَغْرِبِ ر (قَوْلُهُ: وَلِبَقَاءِ شُغْلِ الذِّمَّةِ إذَا أَفْطَرَ) وَفِيهِ تَغْرِيرٌ بِالْعِبَادَةِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَعِيشُ حَتَّى يَقْضِيَهُ أَمْ لَا؟ وَأَيْضًا الْمُفْطِرُ لَمْ يَأْتِ فِي مَحَلِّ الرُّخْصَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَصْلِ، وَكَذَا مَاسِحُ الْخُفِّ بِخِلَافِ الْقَاصِرِ. (قَوْلُهُ: وَرُوعِيَ فِيهِمَا خِلَافُهُ دُونَ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ) ذَكَرَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ أَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ أَيْضًا فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ فِي حُرْمَةِ الْقَصْرِ الثَّانِي إذَا قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ الطَّوِيلِ وَبَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَقْصِدِهِ دُونَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ «لَمَّا خَرَجَ إلَى حِجَّةِ الْوَدَاعِ لَمْ يَزَلْ يَقْصُرُ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْقَصْرَ أَفْضَلُ مُطْلَقًا فِي دَائِمِ الْحَدَثِ إذَا كَانَ لَوْ قَصَرَ لَخَلَا زَمَنُ صَلَاتِهِ عَنْ جَرَيَانِ حَدَثِهِ وَلَوْ أَتَمَّ لَجَرَى فِيهَا قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي الثَّانِي غَلَطٌ فَاحِشٌ. وَلَوْ رَأَى جَمَاعَةً يُصَلُّونَ إتْمَامًا فَهَلْ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ أَنْ يُصَلِّيَ قَصْرًا أَوْ يُصَلِّيَ جَمَاعَةً إتْمَامًا؟ قَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ جَمَاعَةً إتْمَامًا فَإِنَّ النَّوَوِيَّ نَقَلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ إنَّمَا يُوجِبُ الْقَصْرَ إذَا لَمْ يَقْتَدِ بِمُتِمٍّ فَأَمَّا إذَا اقْتَدَى بِهِ فَيَجُوزُ لَهُ الْإِتْمَامُ، وَالْقَصْرُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ، أَوْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ) بَلْ قَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِهِ، وَقَدْ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي بَعْضِ صُوَرِ مُلَاقَاةِ الْغُزَاةِ، وَالْمُجَاهِدِينَ وَمُسْتَنْقِذِي الْأَسْرَى مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ مَنْ لَوْ جَمَعَ تَأْخِيرًا صَارَ مُقِيمًا قَبْلَ فَرَاغِهِمَا فَيَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ جَمْعُ التَّأْخِيرِ، أَوْ صَلَّى بِطَهَارَةِ الْمَاءِ كُلًّا مِنْ الصَّلَاتَيْنِ، أَوْ أَتَى بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا، أَوْ صَلَّى قَائِمًا (قَوْلُهُ:، وَالصَّوَابُ صِحَّتُهُ مِنْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 جَوَابُهُ، ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الِاسْتِقْصَاءِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ صَوَّرُوا ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ نَوَاهُ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ خَلْفَهُ كَمُجْتَهِدَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الْقِبْلَةِ فَصَلَّى أَحَدُهُمَا خَلْفَ الْآخَرِ (وَلَا قَصْرَ) تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ. (كِتَابُ) صَلَاةِ (الْجُمُعَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا أَوْ فَتْحِهَا وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَكَانَ يَوْمُهَا يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ الْعُرُوبَةِ أَيْ الْبَيِّنِ الْمُعَظَّمِ (وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ بِشُرُوطِهَا (فَرْضُ عَيْنٍ) قَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] أَيْ فِيهِ {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ» «وَقَالَ رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» «وَقَالَ الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَرْبَعَةً عَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ مَرِيضٌ» رَوَى الْأَوَّلَ مُسْلِمٌ وَالثَّانِيَ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالثَّالِثَ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا رَكْعَتَانِ وَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْخَمْسِ فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ وَالْآدَابِ وَتَخْتَصُّ بِشُرُوطٍ لِصِحَّتِهَا وَشُرُوطٍ لِلُزُومِهَا وَبِآدَابٍ وَسَتَأْتِي كُلُّهَا (فِيهِ) أَيْ كِتَابِ الْجُمُعَةِ (ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِ صِحَّتِهَا، وَهِيَ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ وَقْتُ الظُّهْرِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمَا رَوَيَاهُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ مِنْ قَوْلِهِ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ بِهِ» مَحْمُولٌ عَلَى شِدَّةِ التَّعْجِيلِ بَعْدَ الزَّوَالِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ إنَّمَا يَنْفِي ظِلًّا يُسْتَظَلُّ بِهِ لَا أَصْلَ الظِّلِّ (فَلَا تُصَلَّى) الْجُمُعَةُ وَلَا يُفْعَلُ شَيْءٌ مِنْهَا وَلَا مِنْ خُطْبَتَيْهَا (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ وَقْتِ ظُهْرِ يَوْمِهَا وَلَوْ جَازَ تَقْدِيمُ الْخُطْبَةِ لَقَدَّمَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَقَعَ الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ (بَلْ إنْ لَمْ يَسَعْ) الْوَقْتُ (الْوَاجِبَ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ وَالرَّكْعَتَيْنِ أَوْ شَكُّوا فِي بَقَائِهِ) قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا (تَعَيَّنَ الْإِحْرَامُ بِالظُّهْرِ) لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ مَدَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى حَتَّى تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَا يَسَعُ الثَّانِيَةَ هَلْ تَنْقَلِبُ ظُهْرًا الْآنَ أَوْ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَرُجِّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَنَظَائِرُهُ مِمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ وَكَانَتْ مُدَّةَ الْخَوْفِ تَنْقَضِي فِيهَا أَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا فَأَكَلَهُ فِي الْيَوْمِ هَلْ يَحْنَثُ؟ وَنَحْوُهُمَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّانِيَ لَكِنْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ بَابَ الْجُمُعَةِ أَحْوَطُ مِنْ ذَلِكَ. (وَإِنْ شَرَعُوا) فِيهَا (فِي الْوَقْتِ وَخَرَجَ) وَهُمْ فِيهَا فَاتَتْ إذْ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِهَا بَعْدَهُ فَتَنْقَطِعُ بِخُرُوجِهِ كَالْحَجِّ وَإِلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ كَدَارِ الْإِقَامَةِ وَ (أَتَمُّوهَا ظُهْرًا) وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ وَمَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى أَنَّهُمْ إنْ شَاءُوا أَتَمُّوهَا ظُهْرًا أَوْ إنْ شَاءُوا قَلَبُوهَا نَفْلًا وَاسْتَأْنَفُوا الظُّهْرَ (وَلَوْ لَمْ يَجِدْهُ وَالنِّيَّةُ) لِلظُّهْرِ؛ لِأَنَّهُمَا صَلَاتَا وَقْتٍ وَاحِدٍ فَجَازَ بِنَاءُ أَطْوَلِهِمَا عَلَى أَقْصَرِهِمَا كَصَلَاةِ الْحَضَرِ مَعَ السَّفَرِ (وَيُسِرُّ الْإِمَامُ) بِالْقِرَاءَةِ مِنْ حِينَئِذٍ (وَلَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِهِ) فِي أَثْنَائِهَا (لَمْ يُؤَثِّرْ) فَيُتِمُّونَهَا جُمُعَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَلَوْ أَخْبَرَهُمْ عَدْلٌ بِخُرُوجِهِ. قَالَ الدَّارِمِيُّ قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ يُحْتَمَلُ فَوْتُهَا قَالَ وَعِنْدِي خِلَافُهُ إلَّا أَنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: صَوَّرُوا ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [كِتَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ] (كِتَابُ الْجُمُعَةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا وَقِيلَ؛ لِأَنَّ آدَمَ جُمِعَ فِيهَا خَلْقُهُ وَقِيلَ لِاجْتِمَاعِهِ فِيهَا مَعَ حَوَّاءَ فِي الْأَرْضِ وَقِيلَ لِمَا جُمِعَ فِيهَا مِنْ الْخَيْرِ وَفِي فَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ لِلْبَيْهَقِيِّ مَرْفُوعًا يَوْمُ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الْأَيَّامِ وَأَعْظَمُهَا وَأَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى (قَوْلُهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا إلَخْ) الضَّمُّ أَشْهَرُ وَكَتَبَ أَيْضًا فَالْمُتَحَرِّكُ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ كَضَحِكَةٍ بِمَعْنَى ضَاحِكَةٍ وَالْمَسْكَنُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَضَحِكَةٍ أَيْ مَضْحُوكٍ عَلَيْهِ فَالْمَعْنَى إمَّا جَامِعٌ أَوْ مَجْمُوعٌ بِهِمْ (قَوْلُهُ {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] ، وَهُوَ الصَّلَاةُ وَقِيلَ الْخُطْبَةُ فَأَمَرَ بِالسَّعْيِ وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَإِذَا وَجَبَ السَّعْيُ وَجَبَ مَا يُسْعَى إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبَيْعِ، وَهُوَ مُبَاحٌ وَلَا يُنْهَى عَنْ فِعْلِ الْمُبَاحِ إلَّا لِفِعْلٍ وَاجِبٍ [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِ صِحَّة صَلَاة الْجُمُعَةَ وَهِيَ سِتَّة] [الشَّرْط الْأَوَّل وَقْتُ الظُّهْرِ] (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ وَقْتُ الظُّهْرِ) لِأَنَّ الْوَقْتَ شَرْطٌ لِافْتِتَاحِهَا فَكَانَ شَرْطًا لِدَوَامِهَا كَالطَّهَارَةِ فَلَا تُقْضَى (قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّهُمَا فَرْضَا وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ وَقْتُهُمَا كَصَلَاةِ الْحَضَرِ وَصَلَاةِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ أَوْ شَكُّوا فِي بَقَائِهِ) لَوْ قَالَ إنْ كَانَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ بَاقِيًا فَجُمُعَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَظُهْرٌ ثُمَّ بَانَ بَقَاؤُهُ فَوَجْهَانِ وَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَقْتِ وَبِهِ أَفْتَيْت؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالْمُقْتَضِي (قَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَتَنْقَطِعُ بِخُرُوجِهِ) كَالْحَجِّ يَتَحَلَّلُ فِيهِ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ وَإِلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ إلَخْ) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ كُلُّ شَرْطٍ اخْتَصَّ بِالْجُمُعَةِ فِي افْتِتَاحِهَا فَإِنَّهُ تَجِبُ اسْتِدَامَتُهُ إلَى تَمَامِهَا (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ الْبِنَاءِ وَعَدَمِهِ لَا أَنَّ الْمَذْهَبَ تَحَتَّمَ الْبِنَاءُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ وَهَلْ نَقُولُ الْبِنَاءُ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ إبْطَالِهَا أَوْ الِاسْتِئْنَافِ لِتَصِحَّ ظُهْرُهُ وِفَاقًا الْأَقْرَبُ الثَّانِي إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَحِينَئِذٍ يُقَلِّبُهَا نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الظُّهْرَ. اهـ. وَقَوْلُهُمْ فِي تَعْلِيلِ الْبِنَاءِ أَنَّهُمَا صَلَاتَا وَقْتٍ فَجَازَ بِنَاءُ أَطْوَلِهِمَا عَلَى أَقْصَرِهِمَا كَصَلَاةِ الْحَضَرِ مَعَ السَّفَرِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ نَعَمْ يَجِبُ الْبِنَاءُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الظُّهْرِ لَوْ اُسْتُؤْنِفَ عَلَى كُلٍّ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَكَلَامِ الْغَزَالِيِّ لَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَتِنَا إذْ صُورَتُهَا أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ خَرَجَ وَهُمْ فِيهَا (قَوْلُهُ لَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِهِ إلَخْ) أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ آخِرَ وَقْتِ الْجُمُعَةِ وَنَوَى الْجُمُعَةَ إنْ كَانَ وَقْتُهَا بَاقِيًا وَإِلَّا فَالظُّهْرُ فَبَانَ بَقَاءُ الْوَقْتِ فَفِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ وَجْهَانِ. وَوَجْهُ الْجَوَازِ اعْتِضَادُ نِيَّتِهِ بِالِاسْتِصْحَابِ لِلْوَقْتِ وَمِثْلُهُ نِيَّةُ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ إذَا اعْتَقَدَ كَوْنَهُ مِنْهُ انْتَهَى وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهَا وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهَا قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا يُنَافِي قَوْلِ الرَّوْضِ أَوْ شَكُّوا فِي بَقَائِهِ تَعَيَّنَ الْإِحْرَامُ بِالظُّهْرِ. اهـ. إلَّا أَنْ يُخَصِّصَ قَائِلُ هَذَا كَلَامَ الرَّوْضِ بِغَيْرِ التَّعْلِيقِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ نَعَمْ إنْ صَوَّرْت الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا لَمْ يَشُكَّ لِنَحْوِ اعْتِقَادِهِ تَبْقِيَةَ الْوَقْتِ فَعُلِّقَ كَمَا ذُكِرَ كَانَتْ الصِّحَّةُ ظَاهِرَةً. اهـ. (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ يُحْتَمَلُ فَوْتُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 يَعْلَمُوا نَقْلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْأَوْجَهُ فَوْتُهَا عَمَلًا بِخَبَرِ الْعَدْلِ كَمَا فِي غَالِبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَمِنْهُ مَا يَأْتِي فِي هَذَا الْبَابِ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ (وَإِنْ سَلَّمُوا) مِنْهَا (هُمْ أَوْ الْمَسْبُوقُ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى خَارِجَ الْوَقْتِ عَالِمِينَ) بِخُرُوجِهِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُمْ وَتَعَذَّرَ بِنَاءُ الظُّهْرِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُمْ بِخُرُوجِهِ لَزِمَهُمْ الْإِتْمَامُ فَسَلَامُهُمْ كَالسَّلَامِ فِي أَثْنَاءِ الظُّهْرِ عَمْدًا (وَلَوْ قَلَبُوهَا) قَبْلَ السَّلَامِ (نَفْلًا) فَإِنَّهَا تَبْطُلُ كَمَا لَوْ قَلَبْت الظُّهْرَ نَفْلًا (أَوْ) سَلَّمُوا (جَاهِلِينَ) بِخُرُوجِهِ (أَتَمُّوهَا ظُهْرًا) لِعُذْرِهِمْ فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَحُطَّ عَنْ الْمَسْبُوقِ الْوَقْتُ فِيمَا يَتَدَارَكُهُ لِكَوْنِهِ تَابِعًا لِلْقَوْمِ كَمَا حُطَّ عَنْهُ الْقُدْوَةُ وَالْعَدَدُ لِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي قُلْنَا؛ لِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّرْعِ بِرِعَايَتِهِ أَكْثَرُ بِدَلِيلِ اخْتِلَافِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الِانْفِضَاضِ الْمُخِلِّ بِالْجَمَاعَةِ وَعَدَمِ اخْتِلَافِهِ فِي فَوَاتِ الْجُمُعَةِ بِوُقُوعِ شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ خَارِجَ الْوَقْتِ. (وَإِنْ سَلَّمَ) الْأَوْلَى (الْإِمَامُ وَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فِي الْوَقْتِ وَ) سَلَّمَهَا (الْبَاقُونَ خَارِجَهُ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُسَلِّمِينَ خَارِجَهُ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ وَكَذَا جُمُعَةُ الْمُسَلِّمِينَ فِيهِ لَوْ نَقَصُوا عَنْ أَرْبَعِينَ كَأَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فِيهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَعَهُ أَوْ بَعْضُهُمْ خَارِجَهُ وَاسْتُشْكِلَ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِي هَذِهِ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ فِي حَقِّهِ بِمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا مُحْدِثِينَ دُونَهُ صَحَّتْ لَهُ وَحْدَهُ مَعَ عَدَمِ انْعِقَادِ صَلَاتِهِمْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ سَلَامَ الْمُحْدِثِينَ وَقَعَ فِي الْوَقْتِ فَتَمَّتْ فِيهِ صُورَةُ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ فِي هَذِهِ مُقَصِّرٌ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ سَلَّمَ فِي الْوَقْتِ فَأَخَّرُوا إلَى أَنْ خَرَجَ الْوَقْتُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إلْحَاقًا لِلْفَرْدِ النَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَلْتَزِمَ فِيهَا صِحَّةَ جُمُعَتِهِ، وَهُوَ أَوْجَهُ وَبِأَنَّ الْمُحْدِثَ تَصِحُّ جُمُعَتُهُ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا بِخِلَافِهَا خَارِجَ الْوَقْتِ (الشَّرْطُ الثَّانِي دَارُ الْإِقَامَةِ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُقَمْ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ إلَّا فِيهَا (فَلَا تَصِحُّ) الْجُمُعَةُ (إلَّا فِي أَبْنِيَةٍ مُجْتَمِعَةٍ) فِي الْعُرْفِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي مَسْجِدٍ وَالتَّصْرِيحُ بِمُجْتَمِعَةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ (فَإِنْ انْهَدَمَتْ وَأَقَامُوا لِعِمَارَتِهَا لَمْ يَضُرَّ) انْهِدَامُهَا فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي مَظَالِّ؛ لِأَنَّهَا وَطَنُهُمْ وَلَا تَنْعَقِدُ فِي غَيْرِ بِنَاءٍ إلَّا فِي هَذِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَزَلُوا مَكَانًا وَأَقَامُوا فِيهِ لِيَعْمُرُوهُ قَرْيَةً لَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ فِي الْحَالَيْنِ (وَسَوَاءٌ) فِي الْأَبْنِيَةِ (الْبِلَادُ وَالْقُرَى وَالْأَسْرَابُ الَّتِي تُتَوَطَّنُ وَالْبِنَاءُ بِالْخَشَبِ وَغَيْرِهِ) كَطِينٍ وَقَصَبٍ وَسَعَفٍ وَالْأَسْرَابُ جَمْعُ سَرَبٍ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ بَيْتٌ فِي الْأَرْضِ (لَا) فِي (خِيَامٍ يَنْتَقِلُ أَهْلُهَا) مِنْ مَحَالِّهَا شِتَاءً أَوْ غَيْرَهُ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ فِيهَا (وَكَذَا إذَا لَمْ يَنْتَقِلُوا) بَلْ اسْتَوْطَنُوهَا دَائِمًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ الْمُقِيمِينَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ بِهَا فَإِنَّهُمْ عَلَى أُهْبَةِ الْمُسْتَوْفِزِينَ (وَيَجُوزُ إقَامَتُهَا فِي فَضَاءٍ) مَعْدُودٍ مِنْ الْأَبْنِيَةِ الْمُجْتَمِعَةِ بِحَيْثُ (لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ) كَمَا فِي السَّكَنِ الْخَارِجِ عَنْهَا الْمَعْدُودِ مِنْهَا الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ بِالْأَوْلَى بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَعْدُودِ مِنْهَا فَمَنْ أَطْلَقَ الْمَنْعَ فِي السَّكَنِ الْخَارِجِ عَنْهَا أَرَادَ بِهِ هَذَا وَالسُّبْكِيُّ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّ كَلَامَهُمْ يُفْهِمُ ذَلِكَ قَالَ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَمَعْنَاهُ إذَا لَمْ يُعَدَّ السَّكَنُ مِنْ الْقَرْيَةِ فَإِنْ عُدَّ مِنْهَا وَلَوْ مُنْفَصِلًا عَنْهَا فَيَنْبَغِي صِحَّتُهَا فِيهِ فَفِي الْأُمِّ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ بُيُوتَهَا وَلَا يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْهِ بَيْتٌ مُنْفَرِدٌ وَلَا مُتَّصِلٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ حَسَنٌ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْقُرَى يُؤَخِّرُونَ الْمَسْجِدَ عَنْ جِدَارِ الْقَرْيَةِ قَلِيلًا صِيَانَةً لَهُ عَنْ نَجَاسَةِ الْبَهَائِمِ وَعَدَمُ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ فِيهِ بَعِيدٌ وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ بَنَى أَهْلُ الْبَلْدَةِ مَسْجِدَهُمْ خَارِجَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ لِانْفِصَالِهِ عَنْ الْبُنْيَانِ مَحْمُولٌ عَلَى انْفِصَالٍ لَا يُعَدُّ بِهِ مِنْ الْقَرْيَةِ. اهـ. (الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَهَا وَلَا يُقَارِنَهَا جُمُعَةٌ فِي الْبَلَدِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ لَمْ يُقِيمُوا سِوَى جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَلِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَفْضَى إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ إظْهَارِ شِعَارِ الِاجْتِمَاعِ وَاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ (نَعَمْ إذَا كَثُرَ النَّاسُ وَعَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَسْجِدٍ) أَوْ نَحْوِهِ (فَالتَّعَدُّدُ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ) بِحَسَبِهَا؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِدَلِيلِ اخْتِلَافِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) وَبِدَلِيلِ تَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَوَاتِ عَلَى دُخُولِ وَقْتِهَا وَحُرْمَةِ تَأْخِيرِهَا عَنْهُ بِخِلَافِ الْقُدْوَةِ وَالْعَدَدِ (قَوْلُهُ إلْحَاقًا لِلْفَرْدِ النَّادِرِ إلَخْ) فَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ [الشَّرْط الثَّانِي دَارُ الْإِقَامَةِ] (قَوْلُهُ الثَّانِي دَارُ الْإِقَامَةِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ فَإِنْ تَفَرَّقَتْ لَمْ تَجِبْ الْجُمُعَةُ وَإِنْ تَقَارَبَتْ وَجَبَتْ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَحَدُّ الْقُرْبِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مَنْزِلٍ وَمَنْزِلٍ دُونَ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ. اهـ. وَجَزَمَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالرُّجُوعِ فِي الِاجْتِمَاعِ وَالتَّفَرُّقِ إلَى الْعُرْفِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً بِأَنْ كَانَ بَعْضُهَا نَائِيًا عَنْ بَعْضٍ بِحَيْثُ يَقْصُرُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ مِنْ بَعْضِهَا وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْ الثَّانِي فَهَذِهِ مُتَفَرِّقَةٌ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ فَإِنْ انْهَدَمَتْ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَقِيَ مَا لَوْ جَلَا أَهْلُهَا وَحَضَرَ قَوْمٌ أَرْبَعُونَ عَلَى اسْتِيطَانِهَا وَأَخَذُوا فِي عِمَارَتِهَا هَلْ يَكُونُ كَأَهْلِهَا فِيمَا سَبَقَ أَمْ لَا حَتَّى يَرْفَعُوا الْبِنَاءَ فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ وَإِذَا أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ فِي أَبْنِيَةِ الْقَرْيَةِ وَامْتَدَّتْ الصُّفُوفُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَوَرَاءَ مَعَ الِاتِّصَالِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْمَوَاقِفِ حَتَّى خَرَجَتْ إلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ فَهَلْ نَقُولُ تَصِحُّ جُمُعَةُ الْخَارِجِينَ عَنْ الْأَبْنِيَةِ فِي الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ تَبَعًا لِمَنْ فِي الْأَبْنِيَةِ أَوْ لَا لِمَا سَبَقَ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَالثَّانِي مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَإِنَّهَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْخَارِجِينَ تَبَعًا لِمَنْ فِي الْأَبْنِيَةِ كَمَا سَبَقَ نَظِيرُهُ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ نَرَ فِيهَا تَصْرِيحًا. اهـ. وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي رَدِّ مَا تَفَقَّهَاهُ إنْ كَانُوا فِي مَكَان تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَإِلَّا فَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْتَقِلُوا إلَخْ) إلَّا إنْ بَلَغَ أَهْلُ دَارٍ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ فَتَلْزَمُهُمْ وَهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ كَبَلَدِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى انْفِصَالٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ إذَا كَانَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَبَيْنَ آخِرِ بَيْتٍ مِنْ الْقَرْيَةِ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ فَمَا دُونَهَا انْعَقَدَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ [الشَّرْط الثَّالِث أَنْ لَا يَتَقَدَّمَهَا وَلَا يُقَارِنَهَا جُمُعَةٌ فِي الْبَلَدِ] (قَوْلُهُ وَعَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ إلَخْ) لِوُقُوعِ الزَّحْمَةِ أَوْ لِبُعْدِ أَطْرَافِ الْبَلْدَةِ أَوْ لِوُقُوعِ الْمُقَاتَلَةِ بَيْنَ أَهْلِهَا وَحَدُّ الْبُعْدِ كَمَا فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ فَالتَّعَدُّدُ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ) أَيْ لِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 دَخَلَ بَغْدَادَ وَأَهْلُهَا يُقِيمُونَ بِهَا جُمُعَتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ فَحَمَلَهُ الْأَكْثَرُ عَلَى عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَا يَحْتَمِلُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ غَيْرَهُ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَبِهِ أَفْتَى الْمُزَنِيّ بِمِصْرَ وَظَاهِرُ النَّصِّ مَنْعُ التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَمُتَابِعُوهُ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ بَعِيدٌ ثُمَّ انْتَصَرَ لَهُ وَصَنَّفَ فِيهِ وَقَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا وَنَقَلَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَأَنْكَرَ نِسْبَةَ الْأَوَّلِ لِلْأَكْثَرِ وَأَطْنَبَ فِي ذَلِكَ فَالِاحْتِيَاطُ إذَا صَلَّى جُمُعَةً بِبَلَدٍ تَعَدَّدَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبْقُ جُمُعَتِهِ أَنْ يُعِيدَهَا ظُهْرًا. (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (إذَا لَمْ يَعْسُرْ) اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَكَان (وَصَلَّوْا جُمُعَتَيْنِ فَالصَّحِيحَةُ هِيَ السَّابِقَةُ) لِلْأُخْرَى بِالْإِحْرَامِ (وَدَلْوَ بِانْتِهَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ) لَهُ؛ لِأَنَّ بِهِ يُتَبَيَّنُ الِانْعِقَادُ (لَا ابْتِدَائِهَا) فَلَا عِبْرَةَ بِالسَّبْقِ بِهِ وَلَا بِالْخُطْبَةِ وَلَا بِالسَّلَامِ بَلْ بِمَا قُلْنَا (وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَ الْأُخْرَى وَإِذَا) دَخَلَتْ طَائِفَةٌ فِي الْجُمُعَةِ ثُمَّ (أُخْبِرُوا بِأَنَّهُمْ مَسْبُوقُونَ) بِغَيْرِهِمْ (أَتَمُّوهَا ظُهْرًا) كَمَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهِ لَوْ اسْتَأْنَفُوا الظُّهْرَ (وَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ) لِيَصِحَّ ظُهْرُهُمْ بِالِاتِّفَاقِ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ تَكْبِيرَةُ الْإِمَامِ عَلَى أَنَّهَا الْمُعْتَبَرَةُ دُونَ تَكْبِيرَةِ مَنْ خَلْفَهُ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ إمَامُ الْجُمُعَةِ ثُمَّ إمَامٌ آخَرُ بِهَا ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ ثُمَّ بِالْأَوَّلِ مِثْلُهُمْ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْأَوَّلِ إذْ بِإِحْرَامِهِ تَعَيَّنَتْ جُمُعَتُهُ لِلسَّبْقِ وَامْتَنَعَ عَلَى غَيْرِهِ افْتِتَاحُ جُمُعَةٍ أُخْرَى وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ (، وَإِنْ اقْتَرَنَتَا) بِأَنْ أَحْرَمَا مَعًا (بَطَلَتَا) لِتَدَافُعِهِمَا وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى (وَتُسْتَأْنَفُ الْجُمُعَةُ) إنْ وَسِعَ الْوَقْتُ (وَكَذَا) تُسْتَأْنَفُ لَوْ لَمْ يُعْلَمْ السَّبْقُ لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّهُمْ إذَا أَعَادُوا الْجُمُعَةَ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُمْ مُشْكِلٌ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ إحْدَاهُمَا فَلَا تَصِحُّ أُخْرَى فَالْيَقِينُ أَنْ يُقِيمُوا جُمُعَةً ثُمَّ ظُهْرًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ مُسْتَحَبٌّ وَإِلَّا فَالْجُمُعَةُ كَافِيَةٌ فِي الْبَرَاءَةِ كَمَا قَالُوهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ غَيْرُهُ؛ وَلِأَنَّ السَّبْقَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَوْ يُظَنَّ لَمْ يُؤَثِّرْ احْتِمَالُهُ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى عِلْمِ الْمُكَلَّفِ أَوْ ظَنِّهِ لَا إلَى نَفْسِ الْأَمْرِ (فَإِنْ عُلِمَ) السَّبْقُ مُعَيَّنًا (ثُمَّ نَسِيَ لَزِمَهُمْ الظُّهْرُ) لِالْتِبَاسِ الصَّحِيحَةِ بِالْفَاسِدَةِ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُمْ الظُّهْرُ لِذَلِكَ (إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) سَبْقٌ كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضَانِ أَوْ مُسَافِرَانِ خَارِجَا الْمَسْجِدَيْنِ تَكْبِيرَتَيْنِ مُتَلَاحِقَتَيْنِ وَجَهِلَا السَّابِقَةَ فَأَخْبَرَاهُمْ بِالْحَالِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعَدْلَ الْوَاحِدَ كَافٍ فِي ذَلِكَ (الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْعَدَدُ فَلَا تَنْعَقِدُ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ) مِنْهُمْ الْإِمَامُ لِخَبَرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِنَا فِي الْمَدِينَةِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ قَبْلَ مَقْدِمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَقِيعِ الْخَضِمَاتِ وَكُنَّا أَرْبَعِينَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعُوا عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَالْأَصْلُ الظُّهْرُ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إلَّا بِعَدَدٍ ثَبَتَ فِيهِ تَوْقِيفٌ وَقَدْ ثَبَتَ جَوَازُهَا بِأَرْبَعِينَ وَثَبَتَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَمْ تَثْبُتْ صَلَاتُهُ لَهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَجُوزُ بِأَقَلَّ مِنْهُ، وَأَمَّا خَبَرُ انْفِضَاضِهِمْ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا اثْنَا عَشْرَ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ ابْتَدَأَهَا بِاثْنَيْ عَشْرَ بَلْ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُمْ أَوْ عَوْدُ غَيْرِهِمْ مَعَ سَمَاعِهِمْ أَرْكَانَ الْخُطْبَةِ وَفِي مُسْلِمٍ انْفَضُّوا فِي الْخُطْبَةِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ انْفَضُّوا فِي الصَّلَاةِ، وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْخُطْبَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ فَلَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِأَرْبَعِينَ وَلَوْ أُمِّيِّينَ فِي دَرَجَةٍ (لَا) بِأَرْبَعِينَ (وَفِيهِمْ أُمِّيٌّ) وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ (لِارْتِبَاطِ) صِحَّةِ (صَلَاةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ) فَصَارَ كَاقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ (نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ) فَتَاوَى (الْبَغَوِيّ) ، وَهُوَ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا قَصَّرَ الْأُمِّيُّ فِي التَّعَلُّمِ وَإِلَّا فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ قَارِئًا وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْأُمِّيِّينَ إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ جَهِلُوا كُلُّهُمْ الْخُطْبَةَ لَمْ تَجُزْ الْجُمُعَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَهَا بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّهَا تُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ حُضُورُ أَرْبَعِينَ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ (ذُكُورًا مُكَلَّفِينَ أَحْرَارًا مُتَوَطِّنِينَ) بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ أَيْ (لَا يَظْعَنُونَ   [حاشية الرملي الكبير] مَنَعَ ذَلِكَ لَوَجَبَ التَّكْبِيرُ قَبْلَ الْفَجْرِ لِبُعْدِ الْجَامِعِ وَلَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ انْتَصَرَ لَهُ) وَصَنَّفَ فِيهِ أَرْبَعَ مُصَنَّفَاتٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِانْتِهَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ لَهُ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَ الْأُخْرَى) لِأَنَّ حُضُورَ الْإِمَامِ وَإِذْنَهُ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا [الشَّرْط الرَّابِع الْعَدَد] (قَوْلُهُ الرَّابِعُ الْعَدَدُ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ لِمَ اخْتَصَّتْ الْجُمُعَةُ بِأَرْبَعِينَ رَجُلًا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَلِمَ اخْتَصَّتْ الْأَرْبَعُونَ بِذَلِكَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْدَادِ قَالَ الْأَصْبَحِيُّ إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِمُبَاهَاةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِعَدَدٍ وَالْأُولَى مِنْ الْأَعْدَادِ مَا أَظْهَرَ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ فَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي النُّكَتِ قَالَ شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا اخْتَصَّتْ بِهَذَا الْعَدَدِ؛ لِأَنَّ خَيْرَ الطَّلَائِعِ أَرْبَعُونَ (قَوْلُهُ فَلَا تَنْعَقِدُ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ) سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ الْإِنْسِ أَوْ مِنْ الْجِنِّ أَوْ مِنْهُمَا قَالَ الْقَمُولِيُّ قَالَ الدَّمِيرِيِّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ إنَّ كَلَامَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَصَوَّرُوا فِي صُورَةِ بَنِي آدَمَ وَكَتَبَ أَيْضًا يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِيُحْرِمَ الْإِمَامُ بِأَرْبَعِينَ وَيَقِفَ الزَّائِدُ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمْ أَرْبَعِينَ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لِلْأَوَّلِينَ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ إلَخْ) وَلِقَوْلِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ «فِي كُلِّ ثَلَاثَةٍ إمَامًا وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ جُمُعَةً» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ مَضَتْ السُّنَّةُ كَقَوْلِهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا اجْتَمَعَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَعَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي أَرْبَعِينَ» . [فَرْعٌ يُشْتَرَطُ حُضُورُ أَرْبَعِينَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ذُكُورًا مُكَلَّفِينَ أَحْرَارًا مُتَوَطِّنِينَ بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ] (قَوْله مُسْتَوْطِنِينَ بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ) مَنْ لَهُ مَسْكَنٌ فِي بَلْدَةٍ وَمَسْكَنٌ فِي أُخْرَى هَلْ تَنْعَقِدُ بِهِ جُمُعَةُ الْبَلْدَتَيْنِ إنْ قَلَّ سُكُونُهُ فِي إحْدَاهُمَا أَمْ لَا أَمْ تَنْعَقِدُ بِهِ جُمُعَةٌ لِبَلَدِ الَّتِي سُكُونُهُ فِيهَا أَكْثَرُ دُونَ الْأُخْرَى قَالَ الْأَصْبَحِيُّ الْحُكْمُ لِلْبَلْدَةِ الَّتِي سُكُونُهُ فِيهَا أَكْثَرُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ نُظِرَ إلَى مَا لَهُ فِي أَيِّ الْمَنْزِلَيْنِ أَكْثَرُ فَيَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ نُظِرَ إلَى نِيَّتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نِيَّةٌ نُظِرَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي حَضَرَ فِيهِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ لَا تَنْعَقِدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا لِحَاجَةٍ) كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ فَلَا تَنْعَقِدُ بِالْكُفَّارِ وَالنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ وَمَنْ فِيهِمْ رِقٌّ لِنَقْصِهِمْ وَلَا بِغَيْرِ الْمُتَوَطِّنِينَ كَمَنْ أَقَامَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ إلَى بَلَدِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ وَلَوْ طَوِيلَةً كَالْمُتَفَقِّهَةِ وَالتُّجَّارِ لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ وَلَا بِالْمُتَوَطَّنِينَ خَارِجَ بَلَدِ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ سَمِعُوا النِّدَاءَ لِعَدَمِ الْإِقَامَةِ بِبَلَدِهَا وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ تَقَدُّمُ إحْرَامِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ لِتَصِحَّ لِغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي وَلَا يُنَافِيهِ صِحَّتُهَا لَهُ إذَا كَانَ إمَامًا فِيهَا مَعَ تَقَدُّمِ إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ إحْرَامِ الْإِمَامِ ضَرُورِيٌّ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْأَصْحَابُ النَّاسُ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ مَنْ تَلْزَمُهُ وَتَنْعَقِدُ بِهِ، وَهُوَ مَنْ ذُكِرَ وَلَا عُذْرَ لَهُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ، وَهُوَ مَنْ بِهِ جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ أَوْ كُفْرٌ أَصْلِيٌّ أَيْ وَمَنْ بِهِ سُكْرٌ، وَإِنْ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ وَتَصِحُّ مِنْهُ. وَهُوَ مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَالْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ خَارِجَ الْبَلَدِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ وَالصَّبِيُّ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَتَنْعَقِدُ بِهِ، وَهُوَ مَنْ لَهُ عُذْرٌ مِنْ أَعْذَارِهَا غَيْرِ السَّفَرِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ، وَهُوَ الْمُرْتَدُّ وَمَنْ تَلْزَمُهُ وَتَصِحُّ مِنْهُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ، وَهُوَ الْمُقِيمُ غَيْرُ الْمُتَوَطِّنِ وَالْمُتَوَطِّنُ خَارِجَ بَلَدِهَا إذَا سَمِعَ نِدَاءَهَا وَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الْأَرْبَعِينَ (فِي أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ وَ) فِي (الْجُمُعَةِ) لِلِاتِّبَاعِ وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204] فَسَّرَهُ كَثِيرٌ بِالْخُطْبَةِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهَا ذِكْرٌ وَاجِبٌ فِي الْجُمُعَةِ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَسْمَعُوهَا) أَيْ أَرْكَانَ الْخُطْبَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمُوهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَهَذَا الشَّرْطُ مَعْلُومٌ مِمَّا سَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الْخُطْبَةِ (وَإِنْ انْفَضُّوا) كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ (فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ أَوْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ أَوْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى ثُمَّ عَادُوا وَلَمْ يَطُلْ فَصْلٌ) فِي الْعُرْفِ (بُنِيَ) عَلَى فِعْلِهِ كَمَا لَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ السَّلَامِ قَرِيبًا تَرْكَ رُكْنٍ وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ فَاتَهُمْ رُكْنٌ قَبْلَ الْعَوْدِ لَزِمَ إعَادَتُهُ لَهُمْ بَعْدَهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ فُقِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (اسْتَأْنَفَ) لِعَدَمِ سَمَاعِهِمْ الْخُطْبَةَ أَوْ لِتَبَيُّنِ انْفِرَادِ الْإِمَامِ فِي الْأُولَى بِانْفِضَاضِهِمْ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ قَصَرَ الْفَصْلُ فِيهَا أَوْ لِتَرْكِ الْوَلَاءِ الَّذِي فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى وَبِقَصْرِ الْفَصْلِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى انْفِضَاضِهِمْ مَعَ عَوْدِهِمْ قَبْلَ الرُّكُوعِ فِيهَا مَعَ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُضِرٌّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ مُعْتَبَرٌ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ لَكِنْ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ طُولَ الْفَصْلِ حِينَئِذٍ مُضِرٌّ لَيْسَ كَذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ (وَلَوْ تَبَطَّأَ الْمَأْمُومُونَ) بِالْإِحْرَامِ عَقِبَ إحْرَامِ الْإِمَامِ (وَأَدْرَكُوا رُكُوعَ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى مَعَ الْفَاتِحَةِ صَحَّتْ) جُمُعَتُهُمْ (وَإِلَّا فَلَا) لِإِدْرَاكِهِمْ الرُّكُوعَ وَالْفَاتِحَةَ مَعَهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَسَبَقَهُ فِي الْأَوَّلِ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِيَامِ كَمَا لَوْ يَمْنَعُ إدْرَاكُهُمْ الرَّكْعَةَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْجُمُعَةِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ كَمَا سَيَأْتِي وَبِهِ جَزَمَ الْقَفَّالُ مَرَّةً وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ قَالَ الْقَفَّالُ تَصِحُّ وَالْجُوَيْنِيُّ يُشْتَرَطُ قَصْرُ الْفَصْلِ بَيْنَ تَحَرُّمِهِ   [حاشية الرملي الكبير] بِهِ الْجُمُعَةُ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سُكُونُهُ فِيهَا أَقَلُّ وَفِي انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِهِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي إقَامَتُهُ فِيهَا أَكْثَرُ احْتِمَالٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي الْمُتَمَتِّعِ فِي الْحَجِّ إذَا كَانَ لَهُ مَسْكَنَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ مَكَّةَ وَالْآخَرُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَكَانَ يَسْكُنُ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِهِ حَتَّى يُجْعَلَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَطَعَ الْأَصْفُونِيُّ بِمَا أَجَابَ بِهِ أَبُو شُكَيْلٍ وَكَذَلِكَ ابْنُ الْعَرَّافِ (قَوْلُهُ كَمَنْ أَقَامَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ إلَخْ) إذَا أَكْرَهَ الْإِمَامُ أَهْلَ قَرْيَةٍ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْهَا وَتَعْطِيلِهَا بِالْبِنَاءِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَسَكَنُوا فِيهِ وَهُمْ مُكْرَهُونَ وَقَصْدُهُمْ الْعَوْدُ إذَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ الْمَنْقُولِ إلَيْهَا أَجَابَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّهُمْ لَا تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ بَلْ لَا تَصِحُّ مِنْهُمْ لَوْ فَعَلُوهَا لِفَقْدِ الِاسْتِيطَانِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ مُتَوَطِّنِينَ بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ مَا إذَا تَقَارَبَتْ قَرْيَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دُونَ الْأَرْبَعِينَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَبَلَغُوا أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ وَإِنْ سَمِعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِدَاءَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ غَيْرُ مُتَوَطِّنِينَ فِي مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ إحْرَامُ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ إلَخْ) كَمَا لَا يَصِحُّ تَقَدُّمُ إحْرَامِ الصَّفِّ الْخَارِجِ مِنْ الْمَسْجِدِ عَلَى الصَّفِّ الَّذِي يُشَاهِدُ الْإِمَامَ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ غَيْرِ الْقَاضِي عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ وَأَيَّدَهُ صَاحِبُ الْخَادِمِ كَالْبُلْقِينِيِّ قَالَ لَعَلَّ مَا قَالَهُ الْقَاضِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَالَ إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ خَلْفَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ ثُمَّ ذَكَرَ صَاحِبُ الْخَادِمِ أَنَّ الصَّوَابَ خِلَافُهُ أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ صِحَّةُ إمَامَةِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ إذَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَأَجَابَ عَنْ تَوْجِيهِ الْقَاضِي بِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ ثَبَتَ لِلتَّابِعِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ لِلْمَتْبُوعِ وَبَعْدَ فَقْدِهِ فَالْأَوَّلُ كَالصَّبِيِّ فِي إمَامَةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ انْعِقَادِهَا لَهُمْ وَكَإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْعَامِ الثَّانِي فِي التَّعْجِيلِ قَبْلَ زَكَاةِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي كَإِطَالَةِ التَّعْجِيلِ بِنِيَّةِ اسْتِحْبَابِهَا بَعْدَ قَطْعِ الْيَدِ فَوْقَ الْمِرْفَقِ. اهـ. بِمَعْنَاهُ، وَهُوَ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَقَدْ أَجَابَ أَيْضًا عَنْ تَوْجِيهِ الْقَاضِي بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الصَّفَّ الَّذِي يُشَاهِدُ الْإِمَامَ دَلِيلٌ لِلصَّفِّ الْخَارِجِ عَلَى انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ وَالدَّلِيلُ مِنْ حَيْثُ هُوَ دَلِيلٌ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ قَبْلَ مَدْلُولِهِ إنْ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ) وَشُرَّاحُ الْحَاوِي (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ إلَخْ) فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ إدْرَاكَهُمْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَقَدْ ادَّعَى الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى ذَلِكَ تَقْيِيدُ لُحُوقِ اللَّاحِقِينَ بِكَوْنِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَلَوْ تَحَرَّمَ أَرْبَعُونَ لَاحِقُونَ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى ثُمَّ انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ الَّذِينَ أَحْرَمَ بِهِمْ أَوْ انْفَضُّوا فَلَا جُمُعَةَ بَلْ يُتِمُّهَا الْإِمَامُ وَمَنْ بَقِيَ مَعَهُ ظُهْرًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْأَرْبَعِينَ أَوْ مَنْ نَقَصَ مِنْهُمْ أَنَّهُ قَدْ مَضَى لِلْإِمَامِ رَكْعَةٌ فَقَدَ فِيهَا الْجَمَاعَةَ أَوْ الْعَدَدَ إذْ الْمُقْتَدُونَ الَّذِينَ تَصِحُّ بِهِمْ الْجُمُعَةُ هُمْ اللَّاحِقُونَ وَلَمْ يُحْرِمُوا إلَّا بَعْدَ رُكُوعِهِ هَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ مَعَ تَنْقِيحٍ لَهُ وَتَوْشِيحٍ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ إذَا تَحَرَّمُوا وَالْعَدَدُ تَامٌّ صَارَ حُكْمُهُمْ وَاحِدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُمْ فِي التَّعْلِيلِ الْآتِي فَكَمَا لَا يُؤَثِّرُ انْفِضَاضُ الْأَوَّلِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ سَمَاعِ اللَّاحِقِينَ الْخُطْبَةَ كَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 وَتَحَرُّمِهِمْ وَالْإِمَامُ يُمَكِّنُهُمْ مِنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ انْتَهَى وَإِنْ (أَتَمَّ بِهِمْ الْجُمُعَةَ) ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا لَحِقُوا وَالْعَدَدُ تَامٌّ صَارَ حُكْمُهُمْ وَاحِدًا فَسَقَطَ عَنْهُمْ سَمَاعُ الْخُطْبَةِ (أَوْ) انْفَضُّوا (قَبْلَ إحْرَامِهِمْ) بِهِ (اسْتَأْنَفَ الْخُطْبَةَ بِهِمْ) فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِدُونِهَا، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ لِانْتِفَاءِ سَمَاعِهِمْ وَلُحُوقِهِمْ (وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِمْ فَانْفَضُّوا إلَّا تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ) بِهِ (فَكَمُلُوا) أَرْبَعِينَ (بِخُنْثَى فَإِنْ أَحْرَمَ) بِهِ (بَعْدَ انْفِضَاضِهِمْ لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ) لِلشَّكِّ فِي تَمَامِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ (وَإِلَّا صَحَّتْ) ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْعِقَادِهَا وَصِحَّتِهَا وَشَكَّكْنَا فِي نَقْصِ الْعَدَدِ بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ وَالْأَصْلُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فَلَا نُبْطِلُهَا بِالشَّكِّ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ هَلْ كَانَ مَسَحَ رَأْسَهُ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ السُّلَمِيُّ فِي كِتَابِ الْخَنَاثَى، وَهُوَ مُقَيِّدٌ لِقَوْلِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَمُلَ بِهِ الْعَدَدُ ثُمَّ بَانَ رَجُلًا لَزِمَهُمْ الْإِعَادَةُ فِي الْأَصَحِّ (الشَّرْطُ الْخَامِسُ الْجَمَاعَةُ وَلَا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَلَا (تَصِحُّ) الْجُمُعَةُ (بِالْعَدَدِ فُرَادَى) إذْ لَمْ يُنْقَلْ فِعْلُهَا كَذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ كُلٍّ مِنْ الْعَدَدِ وَالْجَمَاعَةِ اشْتِرَاطُ الْآخَرِ لِانْفِكَاكِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ أَمَّا الْعَدَدُ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْضُرُ أَرْبَعُونَ مِنْ غَيْرِ جَمَاعَةٍ، وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ فَلِأَنَّهَا الِارْتِبَاطُ الْحَاصِلُ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَهُوَ لَا يَسْتَدْعِي عَدَدَ الْأَرْبَعِينَ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ السُّلْطَانِ) الْجُمُعَةَ وَلَا إذْنُهُ فِيهَا كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهُ فِيهَا (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَطُولَ فَصْلٌ بَيْنَ إحْرَامِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ وَبَيْن إحْرَامِ الْإِمَامِ) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ السَّابِقِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ جَازَ أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا وَعَبْدًا مُحْرِمًا بِصُبْحٍ وَمَقْصُورَةٍ) وَرَبَاعِيَةٍ تَامَّةٍ لِتَمَامِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ (وَكَذَا) يَجُوزُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ (صَبِيًّا وَمُتَنَفِّلًا وَمَجْهُولَ الْحَدَثِ) بِأَنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الصَّلَاةِ حَدَثُهُ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْأَخِيرَةِ حَدَثُهُ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ لَا يَمْنَعُ الْجَمَاعَةَ وَلَا نَيْلَ فَضْلِهَا (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ (فَلَا) يَجُوزُ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ تَمَامِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ (وَلَوْ بَانَ الْأَرْبَعُونَ) الَّذِينَ اقْتَدُوا بِهِ (أَوْ بَعْضُهُمْ) وَذَكَرَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (مُحْدِثِينَ فَلَا جُمُعَةَ لِأَحَدٍ) مِمَّنْ أَحْدَثَ مِنْهُمْ لِذَلِكَ وَتَصِحُّ جُمُعَةُ الْإِمَامِ فِيهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَالْقَمُولِيُّ وَنَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَأَقَرَّاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلَّفْ الْعِلْمَ بِطَهَارَتِهِمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانُوا عَبِيدًا أَوْ نِسَاءً لِسُهُولَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى حَالِهِمْ أَمَّا الْمُتَطَهِّرُ مِنْهُمْ فِي الثَّانِيَةِ فَتَصِحُّ جُمُعَتُهُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالْقَمُولِيُّ وَصَرَّحَ الْمُتَوَلِّي أَيْضًا بِأَنَّ صِحَّةَ صَلَاتِهِمَا لَا تَخْتَصُّ بِمَا إذَا زَادَ الْإِمَامُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ وَاسْتِشْكَالُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِأَنَّ الْعَدَدَ شَرْطٌ وَلِهَذَا شَرَطْنَاهُ فِي عَكْسِهِ فَكَيْفَ تَصِحُّ لِلْإِمَامِ مَعَ فَوَاتِ الشَّرْطِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ بَلْ وُجِدَ فِي حَقِّهِ وَاحْتُمِلَ فِيهِ حَدَثُهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ وَيَصِحُّ إحْرَامُهُ مُنْفَرِدًا فَاغْتُفِرَ لَهُ مَعَ عُذْرِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ لِلْمُتَطَهِّرِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ تَبَعًا لَهُ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِي أَنَّهُ لَا جُمُعَةَ لِأَحَدٍ الْإِسْنَوِيُّ التَّابِعُ لِابْنِ الرِّفْعَةِ (فَرْعٌ، وَإِنْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ رُكُوعَ الْإِمَامِ فِي ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ) وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ سَلَّمَ (أَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ جَهْرًا) كَالْإِمَامِ وَذِكْرُ الْجَهْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ (وَتَمَّتْ جُمُعَتُهُ) «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» «وَقَالَ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى» رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ وَقَالَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُ فَلْيُصَلِّ هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَتَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْهَا قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا جُمُعَةَ لِلْمَأْمُومِ وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ قَوْلُ الشَّيْخِ يَعْنِي النَّوَوِيَّ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ بَلْ إذَا أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً وَأَتَى بِأُخْرَى أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا الْإِمَامُ كَمَا أَنَّ حَدَثَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا   [حاشية الرملي الكبير] حُضُورِهِمْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى أَنَّ انْفَضُّوا أَيْ السَّامِعُونَ لِلْخُطْبَةِ مِنْ الصَّلَاةِ (بَعْدَ إحْرَامِ أَرْبَعِينَ) الْأَوْلَى تِسْعَةٌ وَثَلَاثِينَ (لَمْ يَسْمَعُوا) الْخُطْبَةَ (قَوْلَهُ: لِأَنَّهُمْ إذَا لَحِقُوا وَالْعَدَدُ تَامٌّ إلَخْ) مُقْتَضَى إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اللَّاحِقُونَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ أَمْ لَا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ ح [الشَّرْط الْخَامِس الْجَمَاعَة] (قَوْلُهُ الْخَامِسُ الْجَمَاعَةُ) وَشَرْطُ جَمَاعَتِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْجَمَاعَاتِ إلَّا فِي نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فَتَجِبُ هُنَا عَلَى الْأَصَحِّ لِتَحْصُلَ لَهُ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ لِتَمَامِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ) ؛ وَلِأَنَّهُ ذَكَرٌ تَصِحُّ جُمُعَتُهُ مَأْمُومًا فَصَحَّتْ إمَامًا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَانَ الْأَرْبَعُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ مُحْدِثِينَ) أَوْ مُصَلُّونَ بِنَجَاسَةٍ لَا يُعْفَى عَنْهَا (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِي أَنَّهُ لَا جُمُعَةَ لِأَحَدٍ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرَهُ [فَرْعٌ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ رُكُوعَ الْإِمَامِ فِي ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ سَلَّمَ] (قَوْلُهُ وَإِنْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقَ إلَخْ) لَوْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ إمَامُهُ سَجَدَهَا وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً وَإِلَّا سَجَدَهَا وَأَتَمَّ الظُّهْرَ وَإِذَا قَامَ لِإِتْمَامِ الْجُمُعَةِ وَأَتَى بِالثَّانِيَةِ وَذَكَرَ فِي تَشَهُّدِهِ تَرْكَ سَجْدَةٍ مِنْهَا سَجَدَهَا وَتَشَهَّدَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ أَوْ مِنْ الْأُولَى أَوْ شَكَّ فَاتَتْ جُمُعَتُهُ وَحَصَلَ لَهُ رَكْعَةٌ مِنْ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ وَتَمَّتْ جُمُعَتُهُ) فَلَا تُدْرَكُ الْجُمُعَةُ بِمَا دُونَ الرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّ إدْرَاكَهَا يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ رَكْعَتَيْنِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا الْجُمُعَةُ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ أَمْ صَلَاةٌ بِحِيَالِهَا وَالْإِدْرَاكُ لَا يُفِيدُ إلَّا بِشَرْطِ كَمَالِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ سَاجِدًا لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ؛ لِأَنَّهُ إدْرَاكٌ نَاقِصٌ (قَوْلُهُ إنْ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ مَا لَوْ تَبَيَّنَ عَدَمَ صِحَّتِهَا لِانْتِفَاءِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا أَوْ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مُحْدِثًا فَإِنَّ رَكْعَةَ الْمَسْبُوقِ حِينَئِذٍ لَمْ تُحْسَبْ؛ لِأَنَّ الْمُحْدِثَ لِعَدَمِ حُسْبَانِ صَلَاتِهِ لَا يَتَحَمَّلُ عَنْ الْمَسْبُوقِ الْفَاتِحَةَ إذْ الْحُكْمُ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ خِلَافُ الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ إذَا كَانَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِيَتَحَمَّلَ بِهِ عَنْ الْغَيْرِ وَالْمُحْدِثُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ وَإِنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ وَقَدْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 لِمَنْ خَلْفَهُ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُمْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لَا يُقَالُ الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالسَّلَامِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُهُ فَقَدْ قَالَ فِي الْأُمِّ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ بَنَى عَلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَأَجْزَأَتْهُ الْجُمُعَةُ وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ أَنْ يُدْرِكَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ فَيَرْكَعَ مَعَهُ وَيَسْجُدَ انْتَهَى (وَمَنْ فَارَقَ الْإِمَامَ) وَقَدْ أَدْرَكَ مَعَهُ الْأُولَى (فِي الثَّانِيَةِ وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً أَجْزَأَهُ) ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْ) أَدْرَكَ (الرَّكْعَةَ كَامِلَةً) مَعَ الْإِمَامِ (فِي) رَكْعَةٍ (زَائِدَةٍ سَهْوًا فَكَمُصَلٍّ) صَلَاةً (أَصْلِيَّةً) مِنْ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (خَلْفَ مُحْدِثٍ) فَتَصِحُّ إنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِزِيَادَتِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ كَافِرًا أَوْ امْرَأَةً؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ بِحَالٍ (وَلَوْ أَدْرَكَهُ) الْمَسْبُوقُ (بَعْدَ الرُّكُوعِ) لِلثَّانِيَةِ (أَحْرَمَ بِجُمُعَةٍ) مُوَافِقَةً لِلْإِمَامِ؛ وَلِأَنَّ الْيَأْسَ مِنْهَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالسَّلَامِ إذْ قَدْ يَتَذَكَّرُ إمَامُهُ تَرْكَ رُكْنٍ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ فَيُدْرِكُ الْجُمُعَةَ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ فَقَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ لَا تَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَتُهُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ تَذَكَّرَ تَرْكَ رُكْنٍ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا فَقَامَ لِيَأْتِيَ بِهِ فَيُتَابِعَهُ وَقَوْلُهُ (نَدْبًا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ أَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ نَدْبًا وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ جَوَازًا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ وَآخَرُ الْبَابِ الثَّانِي (وَأَتَمَّهَا ظُهْرًا) سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ أَمْ لَا (وَإِنْ شَكَّ مُدْرِكُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) مَعَ الْإِمَامِ (قَبْلَ السَّلَامِ) أَيْ سَلَامِ الْإِمَامِ (هَلْ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ) أَمْ لَا (سَجَدَ وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً) لِإِدْرَاكِهِ مَعَهُ رَكْعَةً (أَوْ) شَكَّ فِي ذَلِكَ (بَعْدَ السَّلَامِ أَتَمَّهَا ظُهْرًا) وَفَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِرَكْعَتِهِ الثَّانِيَةِ وَعَلِمَ فِي تَشَهُّدِهِ تَرْكَ سَجْدَةٍ مِنْهَا سَجَدَهَا ثُمَّ تَشَهَّدَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَهُوَ مُدْرِكٌ لِلْجُمُعَةِ، وَإِنْ عَلِمَهَا مِنْ الْأُولَى أَوْ شَكَّ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ وَحَصَلَتْ رَكْعَةٌ مِنْ الظُّهْرِ. (فَصْلٌ، وَإِنْ بَطَلَتْ) صَلَاةٌ (لِلْإِمَامِ أَوْ أَبْطَلَهَا عَمْدًا جُمُعَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَاسْتَخْلَفَ هُوَ أَوْ الْمَأْمُومُونَ قَبْلَ إتْيَانِهِمْ بِرُكْنٍ) شَخْصًا (صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ) بِهِمْ (مُقْتَدِيًا بِهِ قَبْلَ حَدَثِهِ) وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مُتَنَفِّلًا (جَازَ) ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِإِمَامَيْنِ بِالتَّعَاقُبِ جَائِزَةٌ كَمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ إمَامًا فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاقْتَدَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ وَإِذَا جَازَ هَذَا فِيمَنْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فَفِيمَنْ بَطَلَتْ بِالْأَوْلَى لِضَرُورَتِهِ إلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا وَاحْتِيَاجِهِمْ إلَى إمَامٍ وَصَرَّحَ بِقَوْلِهِ أَوْ أَبْطَلَهَا عَمْدًا مَعَ دُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ إشَارَةٌ لِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ إذْ عِنْدَهُ أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ الْحَدَثَ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ أَيْضًا وَخَرَجَ بِالصَّالِحِ غَيْرُهُ كَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى لِغَيْرِ النِّسَاءِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي الْجَمَاعَةِ (، وَإِنْ كَانَ) الصَّالِحُ (مَسْبُوقًا) فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ (إنْ عَرَفَ نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِيَجْرِيَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى نَظْمِهَا فَيَفْعَلَ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ الْتَزَمَ تَرْتِيبَ صَلَاتِهِ (فَيَقْنُتُ لَهُمْ الْخَلِيفَةُ الْمَسْبُوقُ فِي الصُّبْحِ) . وَلَوْ كَانَ هُوَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَيَتْرُكُ الْقُنُوتَ فِي الظُّهْرِ وَلَوْ كَانَ هُوَ يُصَلِّي الصُّبْحَ (وَيَتَشَهَّدُ وَيَسْجُدُ بِهِمْ لِسَهْوِ الْإِمَامِ) الْحَاصِلِ (قَبْلَ اقْتِدَائِهِ) بِهِ (وَبَعْدَهُ) أَمَّا إذَا لَمْ يَعْرِفْ نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْقَاضِي وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ دَلِيلًا وَفِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ أَقْيَسُهُمَا لَكِنَّهُ نَقَلَ فِيهِمَا الْجَوَازَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَنَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ جَزْمِ الصَّيْمَرِيُّ أَيْضًا وَقَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ فَيُرَاقِبُ الْقَوْمَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ فَإِنْ هَمُّوا بِالْقِيَامِ قَامَ وَإِلَّا قَعَدَ (ثُمَّ حِينَ يَقُومُ) لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ (لَهُمْ مُفَارَقَتُهُ) وَيُسَلِّمُونَ أَوْ يَسْتَخْلِفُونَ مَنْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ لِيُسَلِّمَ بِهِمْ (وَ) لَهُمْ (انْتِظَارُهُ لِيُسَلِّمَ بِهِمْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ أَفْضَلُ وَلَهُمْ ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ (لَا فِي جُمُعَةٍ خَشَوْا) بِانْتِظَارِهِمْ (فَوَاتَ وَقْتِهَا) فَلَا يَنْتَظِرُونَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَقْنُتُ لِنَفْسِهِ) فِي ثَانِيَتِهِ (وَيُعِيدُ السُّجُودَ) فِي آخِرِ صَلَاتِهِ (لِسَهْوِ إمَامِهِ وَيَسْجُدُونَ   [حاشية الرملي الكبير] تَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْته صِحَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَحْرَمَ بِجُمُعَةٍ نَدْبًا) أَيْ إنْ كَانَ مِمَّنْ تُسَنُّ لَهُ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَالْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ فَإِحْرَامُهُ بِهَا وَاجِبٌ، وَهُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ أَصْلِهِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَنَّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ لَا تَصِحُّ ظُهْرُهُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ اهـ وَلَوْ أَدْرَكَ هَذَا الْمَسْبُوقُ بَعْدَ صَلَاتِهِ الظُّهْرَ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ نَدْبًا مِنْ زِيَادَتِهِ) لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ ع [فَصَلِّ اسْتِخْلَاف الْإِمَام] (قَوْلُهُ فَاقْتَدَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ) وَقَدْ اسْتَخْلَفَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ طُعِنَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إذَا قَدَّمَ الْإِمَامُ وَاحِدًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْتَثِلَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَرَتُّبُ ضَرَرٍ لِلْمُقَدَّمِ بِسَبَبِ عَدَمِ تَقَدُّمِهِ كَانَ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ نُقِلَ فِيهِمَا الْجَوَازُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ إنَّهُ لَصَحِيحٌ) وَبِهِ أَفْتَيْت وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ إنَّ الصَّحِيحَ الْجَوَازُ مَمْنُوعٌ بَلْ الْأَصَحُّ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ فِي عِبَادَةٍ لَا يَدْرِي مَاذَا يَصْنَعُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ وُجُوبِ تَرْتِيبِ إمَامِهِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ مُخَالِفٌ لِقَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَتَجْوِيزِهِ عَلَى ظُهُورِ إمَارَةٍ مِنْ الْمَأْمُومِينَ بِهَمِّهِمْ بِالْقِيَامِ لَا يَسُوغُ لِجَوَازِ أَنَّهُمْ لَمْ يُهِمُّوا أَوْ يُهِمُّوا سَهْوًا وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ لِقِيَامِ الْإِمَامِ، وَهُوَ مَوْضِعُ قُعُودِ الْخَلِيفَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَيُخَالِفُ تَرْتِيبَ صَلَاةِ نَفْسِهِ بِمُجَرَّدِ تَوَهُّمِ هَذَا مِمَّا لَا يُسَوَّغُ وَلَا يَصِحُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْمَصِيرُ إلَى جَوَازِهِ ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ وَإِنْ ذَكَرُوهُ بَلْ الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ وَإِذَا كَانَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَى إخْبَارِ الْمَأْمُومِينَ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِظَاهِرِ حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ فَلَأَنْ لَا يَرْجِعَ إلَى حَرَكَةٍ ضَعِيفَةِ الدَّلَالَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ فَإِنْ هَمُّوا بِالْقِيَامِ قَامَ وَإِلَّا قَعَدَ) هَذَا وَاضِحٌ فِي الْجُمُعَةِ أَمَّا الرُّبَاعِيَّةُ فَفِيهَا قَعُودَانِ فَإِذَا لَمْ يُهِمُّوا بِقِيَامٍ وَقَعَدَ تَشَهَّدَ ثُمَّ قَامَ فَإِنْ قَامُوا مَعَهُ عَلِمَ أَنَّهَا ثَانِيَتُهُمْ اب ع (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 لِسَهْوِهِ) الْحَاصِلِ (بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ) بَلْ بَعْدَ الْبُطْلَانِ (لَا قَبْلَهُ) تَبَعًا لَهُ فِيهِمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَسْجُدْ هُوَ لِسَهْوِهِ قَبْلَهُ لِتَحَمُّلِ إمَامِهِ لَهُ (وَسَهْوُهُمْ بَيْنَ) اسْتِخْلَافِ (الْخَلِيفَةِ وَ) بُطْلَانِ صَلَاةِ (الْإِمَامِ غَيْرُ مَحْمُولٍ عَنْهُمْ) بَلْ يَسْجُدُ لَهُ السَّاهِي آخِرَ صَلَاتِهِ (وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ اسْتِخْلَافُ غَيْرِ الْمُقْتَدِي فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ مِنْ الرَّبَاعِيَةِ) لِمُوَافَقَةِ نَظْمِ صَلَاتِهِ نَظْمَ صَلَاتِهِمْ (لَا) فِي (غَيْرِهِمَا) مِنْ الثَّانِيَةِ وَالْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْقِيَامِ وَيَحْتَاجُونَ إلَى الْقُعُودِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُمْ كَأَنْ حَضَرَ جَمَاعَةً فِي ثَانِيَةٍ مُنْفَرِدًا أَوْ أَخِيرَتِهِ فَاقْتَدَوْا بِهِ فِيهَا ثُمَّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَاسْتَخْلَفَ مُوَافِقًا لَهُمْ جَازَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِطْلَاقُهُمْ الْمَنْعَ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيَجُوزُ اسْتِخْلَافُ اثْنَيْنِ وَأَكْثَرَ يُصَلِّي كُلٌّ بِطَائِفَةٍ وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ وَلَوْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْخَلِيفَةِ جَازَ اسْتِخْلَافُ ثَالِثٍ وَهَكَذَا وَعَلَى الْجَمِيعِ مُرَاعَاةُ تَرْتِيبِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ (وَخَلِيفَةِ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ الْمُقْتَدِي) بِإِمَامِهَا قَبْلَ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ (إنْ اُسْتُخْلِفَ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى أَتَمَّهَا جُمُعَةً وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْخُطْبَةَ) ؛ لِأَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ صَارَ فِي حُكْمِ حَاضِرِهَا؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ سَمِعَهَا أَرْبَعُونَ غَيْرُهُ وَسَمَاعُهُمْ كَسَمَاعِهِ (أَوْ) اسْتَخْلَفَ (فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الْأُولَى أَتَمَّهَا وَحْدَهُ ظُهْرًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً. وَإِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ وَيُخَالِفُ الْمَأْمُومَ؛ لِأَنَّهُ إمَامٌ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ تَابِعًا وَفَارَقَ إتْمَامُهَا جُمُعَةً فِي الْأُولَى مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهَا كُلَّهَا مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ أَدْرَكَهُ فِي وَقْتٍ كَانَتْ جُمُعَةُ الْقَوْمِ مَوْقُوفَةً عَلَى الْإِمَامِ فَكَانَ أَقْوَى مِنْ الْإِدْرَاكِ فِي الثَّانِيَةِ وَجَازَ لَهُ فِيهَا الِاسْتِخْلَافُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فِعْلُ الظُّهْرِ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ لِعُذْرِهِ بِالِاسْتِخْلَافِ بِإِشَارَةِ الْإِمَامِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَخْلَفَهُ الْقَوْمُ أَوْ تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّقَدُّمَ مَطْلُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ فَيُعْذَرُ بِهِ أَمَّا إذَا أَدْرَكَ مَعَهُ الْأُولَى فَيُتِمُّهَا جُمُعَةً وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ اسْتِخْلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي الْأُولَى، وَهُوَ كَذَلِكَ (فَلَوْ دَخَلَ مَسْبُوقٌ) فِي الْجُمُعَةِ (وَاقْتَدَى بِهِ) أَيْ بِالْخَلِيفَةِ (فِيهَا) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (مَعَهُمْ أَتَمَّ الْجُمُعَةَ) ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ مَنْ يُرَاعِي نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْخَلِيفَةِ. (فَإِنْ اسْتَخْلَفَ فِي الْجُمُعَةِ غَيْرَ الْمُقْتَدِي) بِإِمَامِهَا (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) إذْ لَا يَجُوزُ إنْشَاءُ جُمُعَةٍ بَعْدَ أُخْرَى وَلَا فِعْلُ الظُّهْرِ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ وَلَا يُرَدُّ الْمَسْبُوقُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَا مُنْشِئٌ وَإِذَا بَطَلَتْ جُمُعَةً وَظُهْرًا بَقِيَتْ نَفْلًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ (وَ) بَطَلَتْ (صَلَاتُهُمْ إنْ اقْتَدُوا بِهِ) مَعَ عِلْمِهِمْ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَنَوَى غَيْرَهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَحَيْثُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ نَفْلًا وَاقْتَدُوا بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى لَمْ تَصِحَّ ظُهْرًا لِعَدَمِ فَوْتِ الْجُمُعَةِ وَلَا جُمُعَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا مِنْهَا رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ مَعَ اسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ بِتَقْدِيمِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ أَتَمُّوهَا جُمُعَةً (فَرْعٌ لَوْ اسْتَخْلَفَ) الْإِمَامُ وَاحِدًا (وَاسْتَخْلَفُوا) أَيْ الْمَأْمُومُونَ آخَرَ (فَمَنْ عَيَّنُوهُ) لِلِاسْتِخْلَافِ (أَوْلَى) مِمَّنْ عَيَّنَهُ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي ذَلِكَ لَهُمْ (وَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ بِنَفْسِهِ جَازَ) وَمُقَدَّمُهُمْ أَوْلَى مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ مُقَدَّمِهِمْ وَمِنْ مُقَدَّمِ الْإِمَامِ وَلَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ وَاحِدًا وَتَقَدَّمَ آخَرُ كَانَ مُقَدَّمُ الْإِمَامِ أَوْلَى (فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ وَهُمْ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ لَزِمَهُمْ أَنْ يَسْتَخْلِفُوا) فِيهَا وَاحِدًا مِنْهُمْ لِتُدْرَكَ بِهَا الْجُمُعَةُ (أَوْ) وَهُمْ (فِي الثَّانِيَةِ وَأَتَمُّوهَا جُمُعَةً فُرَادَى جَازَ) فَلَا يَلْزَمُهُمْ الِاسْتِخْلَافُ لِإِدْرَاكِهِمْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً كَالْمَسْبُوقِ وَلَا يُشْكَلُ بِالِانْفِضَاضِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ بِهِ لِنَقْصِ الْعَدَدِ لَا لِفَقْدِ الْجَمَاعَةِ فَلَوْ اُسْتُخْلِفَ فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ فَلَهُمْ أَنْ يُتَابِعُوهُ وَلَهُمْ أَنْ يَنْفَرِدُوا وَلَوْ اقْتَدَى بَعْضُهُمْ وَانْفَرَدَ بَعْضُهُمْ جَازَ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ نَحْوَهُ (وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ) مِنْ الْقَوْمِ (بِالْخَلِيفَةِ) لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْأَوَّلِ فِي دَوَامِ الْجَمَاعَةِ وَكَلَامُهُ كَالْحَاوِي وَمَنْ تَبِعَهُ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ جَازَ فِيمَنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ وَمَنْ قَدَّمَهُ الْقَوْمُ وَمَنْ تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ وَكَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِالْأَوَّلِ وَبِهِ أَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ فِي الثَّانِي إنَّهُ يَلْزَمُهُمْ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَفِي الثَّالِثِ الْوَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ تَجْدِيدُهَا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا (فَرْعٌ) لَوْ (أَحْدَثَ بَعْدَ   [حاشية الرملي الكبير] وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَهَا مِنْ الْفَرَائِضِ يَحْرُمُ فِيهِ ذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ) مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ لَا فِي غَيْرِهِمَا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَّا إنْشَاءً وَكَتَبَ أَيْضًا إلَّا بِنِيَّةٍ مُجَرَّدَةٍ (قَوْلُهُ فَاسْتَخْلَفَ مُوَافِقًا لَهُ جَازَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ اسْتِخْلَافُ اثْنَيْنِ وَأَكْثَرَ إلَخْ) وَكَذَا فِي الْجُمُعَةِ إنْ كَانُوا قَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً وَإِلَّا فَإِنْ تَابَعَ كُلُّ فِرْقَةٍ خَلِيفَةً عَلَى التَّعَاقُبِ أَوْ مَعًا وَأَحَدُهُمَا فَقَطْ أَرْبَعُونَ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ وَيُتِمُّ الْآخَرُونَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا أَوْ مَعًا وَكُلُّ فِرْقَةٍ أَرْبَعُونَ لَمْ تَصِحَّ لِلْكُلِّ جُمُعَةً وَلَا ظُهْرًا وَكَذَا إنْ شَكَّ فِي الْمَعِيَّةِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُقْتَدِي بِإِمَامِهَا إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ قَبْلَ تَذَكُّرِ حَدَثِهِ (قَوْلُهُ إنْ اسْتَخْلَفَ فِي الْأُولَى) بِأَنْ أَدْرَكَ رُكُوعَهَا وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ ثُمَّ إنْ كَانَ أَدْرَكَ الْأُولَى تَمَّتْ جُمُعَتُهُمْ وَإِلَّا فَتَتِمُّ لَهُمْ دُونَهُ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ أَتَمَّهَا وَحْدَهُ ظُهْرًا) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً) فَلَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ وَسُجُودَهَا أَتَمَّهَا جُمُعَةً؛ لِأَنَّهُ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَقَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهَا مَعَهُ كُلَّهَا إلَخْ) كَأَنْ اسْتَخْلَفَهُ فِي رُكُوعِهَا (قَوْلُهُ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا فِعْلُ الظُّهْرِ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ) أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرُ الْمُقْتَدِي لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَتَقَدَّمَ نَاوِيًا غَيْرَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي أَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْمُسْتَخْلِفِ إذَا كَانَ مُقْتَدِيًا بِهِ قَبْلَ حَدَثِهِ [فَرْعٌ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ وَاحِدًا وَاسْتَخْلَفُوا أَيْ الْمَأْمُومُونَ آخَرَ] (قَوْلُهُ لَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ وَاحِدًا إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَإِذَا قَدَّمَ الْإِمَامُ وَاحِدًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْتَثِلَ وَيُحْتَمَلَ أَنْ يَجِبَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ جَازَ فِيمَنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 الْخُطْبَةِ أَوْ فِيهَا فَاسْتَخْلَفَ مَنْ سَمِعَهَا) أَيْ وَاحِدًا مِمَّنْ سَمِعَ أَرْكَانَهَا (لَا غَيْرَهُ جَازَ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ فِي غَيْرِ السَّامِعِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ وَالسَّمَاعُ هُنَا كَالِاقْتِدَاءِ ثُمَّ وَفِي قَوْلِهِ مَنْ سَمِعَهَا تَغْلِيبٌ؛ لِأَنَّ مَنْ اُسْتُخْلِفَ فِيهَا لَمْ يَسْمَعْهَا بَلْ سَمِعَ بَعْضَهَا وَبِالسَّمَاعِ عَبَّرَ الْأَصْحَابُ وَقَضِيَّتُهُ حَقِيقَةُ السَّمَاعِ وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ حَضَرَ وَسَمِعَ الْخُطْبَةَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَهُمْ وَمَا احْتَجُّوا بِهِ وَإِذَا تَأَمَّلْت هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ الشَّرْطَ هُنَا حَقِيقَةُ السَّمَاعِ وَلَا يَكْفِي الْحُضُورُ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَعْنِي مَسْأَلَةَ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ مَنْ اقْتَدَى بِهِ قَبْلَ حَدَثِهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْعِمْرَانِيِّ مُرَادُ الْأَصْحَابِ هُنَا بِالسَّمَاعِ الْحُضُورُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبَارِزِيُّ وَابْنُ الْوَرْدِيِّ وَأَلْحَقَا بِهِ مَسْأَلَةَ الْمُبَادَرَةِ الْآتِيَةِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْحَدَثِ فِي الْخُطْبَةِ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي لَهُ تَبَعًا لِاخْتِيَارِ الرَّوْضَةِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِغْمَاءِ فِيهَا مِنْ مَنْعِ الِاسْتِخْلَافِ بَلْ صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْمَحَلِّ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي الْإِغْمَاءِ وَفِي الْحَدَثِ نَفْسِهِ لِاخْتِلَالِ الْوَعْظِ بِذَلِكَ، وَهُوَ، وَإِنْ أَشْبَهَ مَا مَرَّ مِنْ مَنْعِ الْبِنَاءِ عَلَى أَذَانِ غَيْرِهِ فَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ إلْحَاقًا لِلْخُطْبَةِ بِالصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدُ إيضَاحٍ (وَكُرِهَ) الِاسْتِخْلَافُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ أَوْ فِيهَا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ فَيَتَطَهَّرُ وَيَسْتَأْنِفُ أَوْ يَبْنِيَ بِشَرْطِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْعِ الِاسْتِخْلَافِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ أَرَادَ الْمَسْبُوقُونَ) أَوْ مِنْ صَلَاتِهِ أَطْوَلَ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ (أَنْ يَسْتَخْلِفُوا) مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ (لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) إذْ لَا مَانِعَ فِي غَيْرِهَا بِخِلَافِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا تَنْشَأُ جُمُعَةٌ بَعْدَ أُخْرَى وَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْإِنْشَاءِ مَا يَعُمُّ الْحَقِيقِيَّ وَالْمَجَازِيَّ إذْ لَيْسَ فِيمَا إذَا كَانَ الْخَلِيفَةُ مِنْهُمْ إنْشَاءَ جُمُعَةٍ وَإِنَّمَا فِيهِ مَا يُشْبِهُهُ صُورَةً عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ بِالْجَوَازِ فِي هَذِهِ لِذَلِكَ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَازِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الْجَمَاعَةِ لَكِنَّهُمَا صَحَّحَا هُنَا الْمَنْعَ وَعَلَّلَاهُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ حَصَلَتْ وَهُمْ إذَا أَتَمُّوهَا فُرَادَى نَالُوا فَضْلَهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ هُنَاكَ وَكَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ فِيهِ اعْتَمَدَهُ وَلَا نَغْتَرُّ بِمَا فِي الِانْتِصَارِ مِنْ تَصْحِيحِ الْمَنْعِ عَلَى أَنَّ تَعْلِيلَ الْمَنْعِ بِمَا ذُكِرَ لَا يُنَافِي الْجَوَازَ إذْ لِلِاقْتِدَاءِ فَوَائِدُ أُخَرُ كَتَحَمُّلِ السَّهْوِ وَتَحَمُّلِ السُّورَةِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَنَيْلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ الْكَامِلِ (وَلَوْ بَادَرَ أَرْبَعُونَ سَمِعُوا الْخُطْبَةَ) أَيْ أَرْكَانَهَا (وَأَحْرَمُوا بِهَا) أَيْ بِالْجُمُعَةِ (انْعَقَدَتْ بِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ (فَصْلٌ وَإِذَا زَحَمَ) الْمَأْمُومُ (عَنْ السُّجُودِ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَسْجُدَ بِهَيْئَةِ التَّنْكِيسِ عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ) أَوْ قَدَمِهِ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَعَلَ) ذَلِكَ لُزُومًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ سُجُودٍ يُجْزِئُهُ وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ إذَا اشْتَدَّ الزِّحَامُ فَلْيَسْجُدْ أَحَدُكُمْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِلْحَاجَةِ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ يَسِيرٌ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ (فَلَوْ امْتَنَعَ) مِنْ ذَلِكَ (فَمُتَخَلِّفٌ بِلَا عُذْرٍ) وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ (وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ) ذَلِكَ (لَمْ تَجُزْ لَهُ الْمُفَارَقَةُ) ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْجُمُعَةِ قَصْدًا مَعَ تَوَقُّعِ إدْرَاكِهَا لَا وَجْهَ لَهُ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ، وَهُوَ بَحْثٌ لَهُ حَكَى وَجْهًا، وَأَمَّا مَنْقُولُهُ وَمَنْقُولُ غَيْرِهِ كَالصَّيْدَلَانِيِّ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَالْخُوَارِزْمِيّ فَالْجَوَازُ لِلْعُذْرِ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ (وَلَا الْإِيمَاءُ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى السُّجُودِ وَنُدْرَةِ هَذَا الْعُذْرِ وَعَدَمِ دَوَامِهِ. وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ لِيَلْحَقَهُ (فَإِنْ وَجَدَ فُرْجَةً) يَتَمَكَّنُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَحْدَثَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ أَوْ فِيهَا فَاسْتَخْلَفَ مَنْ سَمِعَ خِطْبَة الْجُمُعَة] قَوْلُهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ هُنَا بِالسَّمَاعِ الْحُضُورُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي لَهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ خُطْبَةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ مِنْهُ (قَوْلُهُ إلَّا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْجُمُعَةِ غَيْرُ مُوَافِقٍ عَلَيْهِ إذَا قَدَّمُوا مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ فَإِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ جَازَ حَتَّى لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ بِهَذَا الْمُقَدَّمِ وَصَلَّى مَعَهُمْ رَكْعَةً وَسَلَّمُوا فَلَهُ أَنْ يُتِمَّهَا جُمُعَةً؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ اسْتَفْتَحَ الْجُمُعَةَ فَهُوَ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ وَالْإِمَامُ مُسْتَدِيمٌ لَهَا لَا مُسْتَفْتِحٌ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّهُ وَكَذَلِكَ الرِّيمِيُّ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الرِّيمِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا فِي الِانْتِصَارِ مِنْ تَصْحِيحِ الْمَنْعِ) وَلَعَلَّهُ اغْتَرَّ بِقَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لَعَلَّ الْأَصَحَّ الْمَنْعُ. اهـ. وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ ذَاكَ مِنْ حَيْثُ حُصُولِ الْفَضِيلَةُ، وَهَذَا مِنْ حَيْثُ جَوَازُ اقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ جَوَازَ اقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ قَالَ وَاقْتِدَاءُ الْمَسْبُوقِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَغَيْرِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَيُوَافِقُ الْجَوَازَ مَا فِي الرَّافِعِيِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ خَلْفَ التَّرَاوِيحِ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ أَحْرَمَ فَاقْتَدَى بِهِ فَهُوَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ أَحْرَمَ ثُمَّ اقْتَدَى وَمُقْتَضَاهُ تَصْحِيحُ الْجَوَازِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْكَلَامُ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَفَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَقْعُدُ وَالْآخَرُ يَقُومُ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّفَقَ نَظْمُ الصَّلَاتَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ جَمْعٌ لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا الْمَنْعُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ حَصَلَتْ لَهُ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَادَرَ أَرْبَعُونَ سَمِعُوا الْخُطْبَةَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمُرَادُ بِالسَّمَاعِ حُضُورُهَا خَاصَّةً [فَصْلٌ زَحَمَ الْمَأْمُومُ عَنْ السُّجُودِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَسْجُدَ بِهَيْئَةِ التَّنْكِيسِ عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ أَوْ قَدَمِهِ أَوْ بَهِيمَةٍ] (قَوْلُهُ لَمْ تَجُزْ الْمُفَارَقَةُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إذَا انْتَظَرَهُ قَائِمًا لَزِمَ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ أَوْ قَاعِدًا لَزِمَ زِيَادَةُ قُعُودٍ طَوِيلٍ وَكِلَاهُمَا مُبْطِلٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا الِاعْتِرَاضُ سَاقِطٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الرُّكْنَ الْقَصِيرَ يَجُوزُ تَطْوِيلُهُ لِلْحَاجَةِ وَالْعُذْرِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَقَدْ رَأَيْت الطُّرُقَ مُتَّفِقَةَ عَلَى أَنَّ التَّخَلُّفَ بِعُذْرِ الزَّحْمَةِ لَا يَقْطَعُ حُكْمَ الْقُدْوَةِ عَلَى إطْلَاقٍ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ الْإِمَامِ بِالسَّجْدَتَيْنِ لَا يَضُرُّ هَاهُنَا قَطْعًا كَمَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِانْفِكَاكُ بِالْمُفَارَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَارَقَ الْإِمَامَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُمْكِنُهُ السُّجُودُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَزْحُومٌ (قَوْلُهُ فَلْيَسْجُدْ أَحَدُكُمْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ إلَخْ) صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ السَّاجِدُ عَلَى شَاخِصٍ أَوْ الْمَسْجُودِ عَلَيْهِ فِي وَهْدَةٍ (قَوْلُهُ، وَهُوَ بَحْثٌ لَهُ) صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِحِكَايَةِ نَصٍّ مُوَافِقٍ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 مِنْ السُّجُودِ فِيهَا (فَسَجَدَ وَأَدْرَكَهُ قَائِمًا قَرَأَ قِرَاءَةَ الْمَسْبُوقِ) إنْ كَانَ مِثْلُهُ وَإِلَّا فَقِرَاءَةُ الْمُوَافِقِ (أَوْ) أَدْرَكَهُ (رَاكِعًا تَابَعَهُ) فِي الرُّكُوعِ (وَسَقَطَتْ) عَنْهُ (الْقِرَاءَةُ) كَالْمَسْبُوقِ (أَوْ بَعْدَ الرُّكُوعِ تَابَعَهُ) فِيمَا هُوَ فِيهِ (وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ) لِفَوَاتِهَا كَالْمَسْبُوقِ (فَإِنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ تَمَامِ سُجُودِهِ فَاتَتْهُ) الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَتِمَّ لَهُ رَكْعَةٌ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَيُتِمُّهَا ظُهْرًا بِخِلَافِ مَا إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ فَيُتِمُّهَا جُمُعَةً (وَإِنْ رَكَعَ الْإِمَامُ) فِي الثَّانِيَةِ (قَبْلَ سُجُودِهِ فَلَا يَسْجُدُ بَلْ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ مَعَهُ) لِخَبَرِ «وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» (وَفَرْضُهُ الرُّكُوعُ الْأَوَّلُ) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ وَقْتَ الِاعْتِدَادِ بِالرُّكُوعِ وَالثَّانِي لِلْمُتَابَعَةِ (فَتَكُونُ الرَّكْعَةُ مُلَفَّقَةً) مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى وَسُجُودِ الثَّانِيَةِ (وَتُجْزِئُ) فِي إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً» السَّابِقِ وَالتَّلْفِيقُ لَيْسَ بِنَقْصٍ فِي الْمَعْذُورِ. (فَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ) مَعَهُ (وَاشْتَغَلَ بِتَرْتِيبِ) صَلَاةِ (نَفْسِهِ عَامِدًا) عَالِمًا بِأَنَّ وَاجِبَهُ الْمُتَابَعَةُ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِتَلَاعُبِهِ (فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْإِحْرَامُ بِالْجُمُعَةِ لَزِمَهُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِهَا إنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَعَدَلَ عَنْهَا الْمُصَنِّفُ إلَى مَا قَالَهُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ بَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ مَثَلًا فَيَعُودُ إلَيْهَا (أَوْ) اشْتَغَلَ بِذَلِكَ (جَاهِلًا) أَوْ نَاسِيًا (لَمْ يُعْتَدَّ بِسُجُودِهِ) لِمُخَالَفَتِهِ بِهِ الْإِمَامَ وَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ لِعُذْرِهِ (فَإِنْ أَدْرَكَهُ) بَعْدَ سُجُودِهِ (فِي الرُّكُوعِ لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ) فَإِنْ تَابَعَ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَسْجُدْ (وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ سَجَدَ مَعَهُ) وَحُسِبَ وَتَكُونُ رَكْعَتُهُ مُلَفَّقَةً وَيُدْرَكُ بِهَا الْجُمُعَةُ (أَوْ فِي التَّشَهُّدِ تَابَعَهُ وَسَجَدَ بَعْدَ سَلَامِهِ وَلَا جُمُعَةَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فَيُتِمُّهَا ظُهْرًا كَمَا لَوْ وَجَدَهُ قَدْ سَلَّمَ. (وَإِنْ) لَمْ يُتَابِعْهُ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ (مَضَى عَلَى تَرْتِيبِ) صَلَاةِ (نَفْسِهِ) بِأَنْ قَامَ بَعْدَ السُّجُودِ وَقَرَأَ وَرَكَعَ وَرَفَعَ وَسَجَدَ (لَغَا) وَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ لِمَا مَرَّ (وَعَلَيْهِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَنْ يُتِمَّ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَتَيْنِ وَيُتِمَّهَا ظُهْرًا) لِمَا مَرَّ، وَهَذَا مَا قَالَ فِي الْأَصْلِ إنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ وَنَقَلَ الْأَصْلُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ إنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ السُّجُودُ الثَّانِي فَتَكْمُلُ بِهِ الرَّكْعَةُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ إنَّهُ الْمَنْقُولُ وَبَحَثَ فِيهِ فِي شَرْحَيْهِ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُحْسَبْ سُجُودُهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ لِكَوْنِ فَرْضِهِ الْمُتَابَعَةَ وَجَبَ أَنْ لَا يُحْسَبَ وَالْإِمَامُ فِي رُكْنٍ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّا إنَّمَا لَمْ نَحْسِبْ لَهُ سُجُودَهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ لِإِمْكَانِ مُتَابَعَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ فَلَوْ لَمْ نَحْسِبْهُ لَهُ لَفَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْمُتَابَعَةِ وَفِي كَلَامِهِمْ شَوَاهِدُ لِذَلِكَ وَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ لَا أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ فَثَبَتَ أَنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ قَالَا وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَسْتَمِرَّ سَهْوُهُ أَوْ جَهْلُهُ إلَى إتْيَانِهِ بِالسُّجُودِ الثَّانِي وَإِلَّا فَعَلَى الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِيمَا هُوَ فِيهِ أَيْ فَإِنْ أَدْرَكَ مَعَهُ السُّجُودَ تَمَّتْ رَكْعَتُهُ (فَرْعٌ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ) أَيْ الْمَزْحُومُ مِنْ السُّجُودِ (حَتَّى سَجَدَ الْإِمَامُ فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ سَجَدَ مَعَهُ وَحَصَلَتْ لَهُ رَكْعَةٌ مُلَفَّقَةٌ) مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى وَسُجُودِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ إلَّا فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ سَجَدَ مَعَهُ فِيهَا ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَسْجُدَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُمَا كَرُكْنٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يَجْلِسَ مَعَهُ فَإِذَا سَلَّمَ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ ذَكَرَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُ سَاجِدًا حَتَّى يُسَلِّمَ فَيَبْنِيَ عَلَى صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ يُؤَدِّي إلَى الْمُخَالَفَةِ وَالثَّانِي إلَى تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ وَأَيَّدَهُ بِمَا قَدَّمْته عَنْ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ أَوَائِلَ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَقَدَّمْت ثُمَّ إنَّ الْمُخْتَارَ جَوَازُ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَقَدْ جَوَّزَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَقْتَدِيَ فِي اعْتِدَالِهِ بِغَيْرِهِ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَيُتَابِعَهُ (فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ) مِنْ السُّجُودِ (حَتَّى تَشَهَّدَ الْإِمَامُ) سَجَدَ (فَإِنْ فَرَغَ مِنْ السُّجُودِ وَلَوْ بِالرَّفْعِ) مِنْهُ (قَبْلَ سَلَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلْ حَصَلَتْ لَهُ رَكْعَةٌ وَأَدْرَكَ الْجُمُعَةَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَالْمَسْبُوقِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ اطْمَأَنَّ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بِهَذَا الرُّكُوعِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ، فَإِنَّهَا مُتَابَعَةٌ فِي حَالِ الْقُدْوَةِ فَلَا يَضُرُّ سَبْقُ الْإِمَامِ الْمَأْمُومَ بِالطُّمَأْنِينَةِ (قَوْلُهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَيَلْزَمُهُ إلَخْ) إنَّمَا سَكَتَ هُنَا عَنْ حُكْمِ مَا إذَا أَدْرَكَهُ بَعْدَهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ لُزُومُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ إنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ السُّجُودُ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ) وَالْأَنْوَارِ. (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ) وَالْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ بِأَنَّا إنَّمَا لَمْ نَحْسِبْ لَهُ سُجُودَهُ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِمَا إذَا ظَنَّ الْمَسْبُوقُ سَلَامَ الْإِمَامِ فَقَامَ وَأَتَى بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يُسَلِّمْ فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ إلَّا مَا أَتَى بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْمُتَابَعَةُ بَعْدَ السَّلَامِ. اهـ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَوْنُ الْمُتَّجَهِ مَا فِي الْمِنْهَاجِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَ عَلَى تَرْتِيبِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا لَا يُعْتَدُّ بِمَا أَتَى بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَيْفَ نَجْعَلُهُ بِمَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ مُدْرِكًا وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ إمْكَانِ الْمُتَابَعَةِ لَا يَحْصُلُ لَهُ مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ عَدَمُ إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِهِمْ شَوَاهِدُ لِذَلِكَ) قَالَ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّا إذَا فَرَّغْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَجْرِي عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ فَفَرَغَ مِنْ السُّجُودِ وَوَجَدَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ أَوْ التَّشَهُّدِ لَزِمَهُ الْمُتَابَعَةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يَجْرِي عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الرَّكْعَةَ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا شَيْئًا يُحْسَبُ لَهُ فَهُوَ كَالْمَسْبُوقِ بِخِلَافِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ أَدْرَكَ مِنْهَا الرُّكُوعَ وَمَا قَبْلَهُ فَلَزِمَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا بَعْدَهُ مِنْ السُّجُودِ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ يُوَافِقُونَ عَلَى تَصْحِيحِ ذَلِكَ فَكَمَا خَالَفْنَا تَفْرِيعَ هَذَا الْقَوْلِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَجَعَلْنَاهُ مَخْصُوصًا بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى كَذَلِكَ نَقُولُ فِي تَفْرِيعِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ [فَرْعٌ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْمَزْحُومُ مِنْ السُّجُودِ حَتَّى سَجَدَ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ] (قَوْلُهُ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَسْجُدَ الْأُخْرَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قِيَاسُ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ تَرْجِيحُ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَقَدَّمْت ثَمَّ إنَّ الْمُخْتَارَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ مَنْعُ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَصَحُّ فَإِنَّهُ بِاقْتِدَائِهِ صَارَ اللَّازِمُ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وَإِنْ رَفَعَ) مِنْهُ (بَعْدَ سَلَامِهِ فَاتَتْهُ) الْجُمُعَةُ (فَيُتِمُّهَا ظُهْرًا) كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّتِمَّةِ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي التَّتِمَّةِ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَجْرِي عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُتَابِعُهُ فَلَا يَسْجُدُ بَلْ يَجْلِسُ مَعَهُ ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِهِ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَيُتِمُّهَا ظُهْرًا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (أَمَّا مَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَزَحَمَ عَنْ السُّجُودِ فِي الثَّانِيَةِ فَيَتَدَارَكُ) مَا فَاتَهُ (قَبْلَ السَّلَامِ وَبَعْدَهُ) بِحَسَبِ إمْكَانِهِ وَتَتِمُّ جُمُعَتُهُ (فَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا بِالْأُولَى) بِأَنْ لَحِقَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَزَحَمَ فِيهَا (وَلَمْ يَتَدَارَكْ) السُّجُودَ (قَبْلَ السَّلَامِ) مِنْ الْإِمَامِ (فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً (وَسَهْوُهُ فِي) حَالِ (التَّخَلُّفِ) عَنْهُ لِلزَّحْمَةِ (مَحْمُولٌ) عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ بِهِ حُكْمًا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ زَحَمَ عَنْ الرُّكُوعِ) فِي الْأُولَى (وَلَمْ يَتَمَكَّنْ) مِنْهُ (إلَّا حَالَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ) رَكَعَ مَعَهُ وَ (حُسِبَتْ) أَيْ الثَّانِيَةُ (لَهُ غَيْرَ مُلَفَّقَةٍ) لِسُقُوطِ الْأُولَى (فَرْعٌ لَيْسَتْ الْجُمُعَةُ ظُهْرًا مَقْصُورًا) ، وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا وَتُتَدَارَكُ بِهِ (بَلْ صَلَاةٌ عَلَى حِيَالِهَا) أَيْ مُسْتَقِلَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهَا وَلِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ حَسَنٌ (فَإِنْ عَرَضَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ وُقُوعَهَا جُمُعَةً انْقَلَبَتْ ظُهْرًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَلْبَهَا) ؛ لِأَنَّهُمَا فَرْضُ وَقْتٍ وَاحِدٍ فَتَصِحُّ الظُّهْرُ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ [فَرْع التَّخَلُّفُ عَنْ صَلَاة الْجُمُعَة لِنِسْيَانٍ وَمَرَضٍ كَالزِّحَامِ] (فَرْعٌ التَّخَلُّفُ لِنِسْيَانٍ وَمَرَضٍ كَالزِّحَامِ) أَيْ كَالتَّخَلُّفِ لِلْعُذْرِ (وَغَيْرِ الْجُمُعَةِ فِي الزِّحَامِ) وَنَحْوِهِ (كَالْجُمُعَةِ) وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ فِيهَا أَكْثَرُ وَلِاخْتِصَاصِهَا بِأُمُورٍ أُخَرَ كَالتَّرَدُّدِ فِي حُصُولِهَا بِالرَّكْعَةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْقُدْوَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَفِي بِنَاءِ الظُّهْرِ عَلَيْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ إقَامَتِهَا (الشَّرْطُ السَّادِسُ تَقْدِيمُ خُطْبَتَيْنِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ) لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّ خُطْبَتَيْهِ مُؤَخَّرَتَانِ لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ شَرْطٌ وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَشْرُوطِهِ؛ وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا تُؤَدَّى جَمَاعَةً فَأُخِّرَتْ لِيُدْرِكَهَا الْمُتَأَخِّرُ، وَهَذَا الشَّرْطُ ذَكَرَهُ أَيْضًا كَأَصْلِهِ بَعْدُ مِنْ شُرُوطِ الْخُطْبَةِ وَمَا هُنَا أَوْلَى وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ (وَأَرْكَانُ الْخُطْبَةِ) الشَّامِلَةِ لِلْخُطْبَتَيْنِ (خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ حَمْدُ اللَّهِ) تَعَالَى لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ " اللَّهُ " " وَحَمْدُهُ ") لِلِاتِّبَاعِ وَكَكَلِمَتَيْ التَّكْبِيرِ كَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ أَحْمَدُ اللَّهَ أَوْ نَحْمَدُ اللَّهَ أَوْ حُمِدَ اللَّهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَخَرَجَ الْحَمْدُ لِلرَّحْمَنِ وَالشُّكْرُ لِلَّهِ وَنَحْوُهُمَا (الثَّانِي الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ؛ لِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ افْتَقَرَتْ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى افْتَقَرَتْ إلَى ذِكْرِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ (وَيَتَعَيَّنُ صِيغَةُ صَلَاةٍ) عَلَيْهِ كَاَللَّهُمِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ أُصَلِّي أَوْ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ أَحْمَدَ أَوْ الرَّسُولِ أَوْ النَّبِيِّ أَوْ الْمَاحِي أَوْ الْعَاقِبِ أَوْ الْحَاشِرِ أَوْ الْمُبَشِّرِ أَوْ النَّذِيرِ فَخَرَجَ رَحِمَ اللَّهُ مُحَمَّدًا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى جِبْرِيلَ وَنَحْوُهَا (الثَّالِثُ الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّ مُعْظَمَ مَقْصُودِ الْخُطْبَةِ الْوَصِيَّةُ (وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى؛ لِأَنَّ غَرَضَهَا الْوَعْظُ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا كَأَطِيعُوا اللَّهَ كَمَا سَيَأْتِي (وَكُلٌّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ (وَاجِبٌ فِي الْخُطْبَتَيْنِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. (وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ) فِي الْوَصِيَّةِ (عَلَى تَحْذِيرٍ مِنْ غُرُورِ الدُّنْيَا) وَزُخْرُفِهَا فَقَدْ يَتَوَاصَى بِهِ مُنْكِرُو الْمَعَادِ (إلَّا بِالْحَمْلِ) الْأَوْلَى بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ (عَلَى الطَّاعَةِ) ، وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّصْرِيحِ بِهِ (وَلَوْ قَالَ أَطِيعُوا اللَّهَ أَوْ اتَّقُوا اللَّهَ كَفَى) لِحُصُولِ الْغَرَضِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ اتَّقُوا اللَّهَ مِنْ زِيَادَتِهِ (الرَّابِعُ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِأُخْرَوِيٍّ فِي) الْخُطْبَةِ (الثَّانِيَةِ) لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ؛ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلِيقُ بِالْخَوَاتِمِ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ وَفِي التَّنْزِيلِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ (وَإِنْ خَصَّ) بِالدُّعَاءِ (السَّامِعِينَ فَقَالَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ) أَوْ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ (كَفَى) فَيَكْفِي فِيهِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الدُّعَاءِ (الْخَامِسُ قِرَاءَةُ آيَةٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ وَعْدًا لَهُمْ أَمْ وَعِيدًا أَمْ حُكْمًا أَمْ قِصَّةً. قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِشَطْرِ آيَةٍ طَوِيلَةٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَشْهُورُ الْجَزْمُ بِاشْتِرَاطِ آيَةٍ، وَهُوَ مَا أَفْهَمَهُ -   [حاشية الرملي الكبير] مُرَاعَاةَ تَرْتِيبِ صَلَاةِ إمَامِهِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) يُرَدُّ بِأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُتَابِعُهُ وَيُوَجَّهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّبْكِيّ وَالْإِسْنَوِيِّ فِي نَظِيرِهَا، وَهُوَ أَنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْ لَهُ السُّجُودَ حِينَئِذٍ لَفَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْمُتَابَعَةِ بَلْ هَذِهِ أَوْلَى بِالْعُذْرِ مِنْ تِلْكَ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مُقَصِّرٌ بِخِلَافِ هَذَا [فَرْعٌ لَيْسَتْ الْجُمُعَةُ ظُهْرًا مَقْصُورًا] (قَوْلُهُ وَلِاخْتِصَاصِهَا بِأُمُورٍ أُخَرَ) وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ لَيْسَ فِي الزَّمَانِ مَنْ يُحِيطُ بِأَطْرَافِهَا (قَوْلُهُ فَأُخِّرَتْ لِيُدْرِكَهَا الْمُتَأَخِّرُ) وَلِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا} [الجمعة: 10] فَأَبَاحَ الِانْتِشَارَ بَعْدَهَا فَلَوْ جَازَ تَأْخِيرُهُمَا لَمَا جَازَ الِانْتِشَارُ (قَوْلُهُ الثَّانِي الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ) سُئِلَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ هَلْ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَى نَفْسِهِ» فَقَالَ نَعَمْ وَكَتَبَ أَيْضًا وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى آلِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ) وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْفُورَانِيُّ وَعِبَارَةُ الِانْتِصَارِ وَيَجِبُ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَمَالِي وَالْغَزَالِيُّ بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ الذُّنُوبِ وَبِعَدَمِ دُخُولِهِمْ النَّارَ؛ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِخَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَبَرِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ، وَأَمَّا الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نُوحٍ {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: 28] وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ؛ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ نَكِرَاتٌ وَلِجَوَازِ قَصْدِ مَعْهُودٍ خَاصٍّ، وَهُوَ أَهْلُ زَمَانِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِشَطْرِ آيَةٍ طَوِيلَةٍ) جَزَمَ بِهِ الْأَرْغِيَانِيُّ فَقَالَ لَوْ قَرَأَ شَطْرَ آيَةٍ طَوِيلَةٍ جَازَ أَوْ آيَةً قَصِيرَةً كَقَوْلِهِ يس لَمْ يَكْفِ أَوْ آيَةً لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى وَعْدٍ أَوْ وَعِيدٍ أَوْ حُكْمٍ أَوْ مَعْنًى مَقْصُودٍ فِي قِصَّةٍ لَمْ يَكْفِهِ. اهـ. وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِمَنْسُوخِ الْحُكْمِ وَعَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِمَنْسُوخِ التِّلَاوَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (مُفْهِمَةٍ) لَا كَثُمَّ نَظَرَ أَوْ ثُمَّ عَبَسَ (وَلَوْ فِي أَحَدَيْهِمَا) ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ الْقِرَاءَةُ فِي الْخُطْبَةِ دُونَ تَعْيِينٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسَنُّ جَعْلُهَا فِي الْأُولَى (وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ قِ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَنْوَاعِ الْمَوَاعِظِ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فَإِنْ أَبَى قَرَأَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] الْآيَةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَكُونُ الْقِرَاءَةُ بَعْدَ فَرَاغِ الْأُولَى قَالَ وَفِي اسْتِحْبَابِ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى قِرَاءَةِ ق شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَرَأَهَا أَحْيَانًا لِاقْتِضَاءِ الْحَالِ ذَلِكَ أَوْ لِعِلْمِهِ بِرِضَا الْحَاضِرِينَ أَوْ لِعَدَمِ اشْتِغَالِهِمْ وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي خُطْبَتِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ ق أَوْ بَعْضِهَا فِي خُطْبَتِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ رِضَا الْحَاضِرِينَ فَلَا وَجْهَ لَهُ كَمَا لَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ التَّخْفِيفَ (وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ نَزَلَ وَسَجَدَ) إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ كُلْفَةٌ (فَإِنْ خَشِيَ مِنْ ذَلِكَ طُولَ فَصْلٍ سَجَدَ مَكَانَهُ إنْ أَمْكَنَ) وَإِلَّا تَرَكَهُ (وَلَا يُجْزِئُ آيَاتٌ تَشْتَمِلُ عَلَى الْأَرْكَانِ كُلِّهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى خُطْبَةً وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا آيَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى الصَّلَاةِ مِنَّا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَإِنْ أَتَى بِبَعْضِهَا ضَمِنَ آيَةً) كَقَوْلِهِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ - وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} [النساء: 1] (لَمْ يَمْتَنِعْ وَأَجْزَأَهُ) ذَلِكَ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْبَعْضِ دُونَ الْقِرَاءَةِ لِئَلَّا يَتَدَاخَلَا (، وَإِنْ قَصَدَهُمَا) بِآيَةٍ (لَمْ يُجْزِهِ) ذَلِكَ (عَنْهُمَا) بَلْ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَأَجْزَأَهُ عَنْهُ وَبِقَوْلِهِ عَنْهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَائِدَةٌ) ذَكَرَهَا الْقَمُولِيُّ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي جَوَازِ تَضْمِينِ شَيْءٍ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْخُطَبِ وَالرَّسَائِلِ وَنَحْوِهِمَا فَكَرِهَهُ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ كَقَوْلِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ وَقَدْ أَهْدَى لَهُ بَعْضُ الْمُلُوكِ هَدِيَّةً {بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} [النمل: 36] فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ} [النمل: 37] الْآيَةَ وَرَخَّصَ بَعْضُهُمْ فِيهِ فِي الْخُطَبِ وَالْمَوَاعِظِ وَقَدْ أَكْثَرَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ نَبَاتَةَ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ أَيْ أَرْكَانِهَا (بِالْعَرَبِيَّةِ) لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ (فَإِنْ أَمْكَنَ تَعَلُّمُهَا وَجَبَ) عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى سَبِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَكَفَى) أَيْ فِي تَعَلُّمِهَا (وَاحِدٌ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّمُوا (عَصَوْا وَلَا جُمُعَةَ) لَهُمْ بَلْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنْ سُؤَالِ مَا فَائِدَةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا الْعِلْمُ بِالْوَعْظِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَيُوَافِقُهُ مَا سَيَأْتِي فِيمَا إذَا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ وَلَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَاهَا أَنَّهَا تَصِحُّ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) تَعَلُّمُهَا (تَرْجَمَ) أَيْ خَطَبَ بِلُغَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (لَمْ يُحْسِنْ) أَنْ يُتَرْجِمَ (فَلَا جُمُعَةَ) لَهُمْ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ شُرُوطُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ تِسْعَةٌ) الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ (وَقْتُ الظُّهْرِ وَالتَّقْدِيمُ) لَهَا (عَلَى الصَّلَاةِ وَالْقِيَامُ) فِيهَا (لِلْقَادِرِ) لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي الثَّلَاثَةِ؛ وَلِأَنَّهَا ذِكْرٌ يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ الْقُعُودُ كَالْقِرَاءَةِ وَالتَّكْبِيرِ فِي الثُّلُثِ (وَتَصِحُّ خُطْبَةُ الْعَاجِزِ) عَنْ الْقِيَامِ (قَاعِدًا ثُمَّ مُضْطَجِعًا) كَالصَّلَاةِ وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ سَوَاءٌ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ أَمْ سَكَتَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا قَعَدَ أَوْ اضْطَجَعَ لِعَجْزِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِثُمَّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأَوْ (فَإِنْ بَانَ) أَنَّهُ كَانَ (قَادِرًا فَكَمَنْ) أَيْ فَكَإِمَامٍ (بَانَ) أَنَّهُ كَانَ (جُنُبًا) وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ (وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَنِيبَ الْعَاجِزُ) قَادِرًا كَمَا فِي الصَّلَاةِ (وَ) الرَّابِعُ (الْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِالطُّمَأْنِينَةِ) فِيهِ كَمَا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (فَلَوْ خَطَبَ جَالِسًا) لِعَجْزِهِ (وَجَبَ الْفَصْلُ) بَيْنَهُمَا (بِسَكْتَةٍ لَا اضْطِجَاعَ) فَلَا يَجِبُ الْفَصْلُ بِهِ بَلْ لَا يَكْفِي. وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ هُنَا شَرْطَيْنِ وَفِي الصَّلَاةِ رُكْنَيْنِ أَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ إلَّا الذِّكْرُ وَالْوَعْظُ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْقِيَامَ وَالْجُلُوسَ لَيْسَا بِجُزْأَيْنِ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا جُمْلَةُ أَعْمَالٍ، وَهِيَ كَمَا تَكُونُ أَذْكَارًا تَكُونُ غَيْرَ أَذْكَارٍ (وَ) الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ (الطَّهَارَةُ) عَنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ (وَالسَّتْرُ) لِلِاتِّبَاعِ وَكَمَا فِي الصَّلَاةِ (فَلَوْ أَحْدَثَ) فِي الْخُطْبَةِ (اسْتَأْنَفَ) هَا (وَلَوْ سَبَقَهُ) الْحَدَثُ وَقَصُرَ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تُؤَدَّى بِطَهَارَتَيْنِ كَالصَّلَاةِ فَلَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ وَتَطْهُرَ عَنْ قُرْبٍ فَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَأَمَّا السَّامِعُونَ لِلْخُطْبَةِ فَلَا تُشْتَرَطُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَوْ فِي أَحَدَيْهِمَا) وَتُجْزِئُ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَبَيْنَهُمَا (فَرْعٌ) لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ فِي تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِهِمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ لَيْسَ لَهُ الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ إعَادَةُ خُطْبَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا كَانَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ فَرْضًا وَاحِدًا وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُهُ اهـ قَالَ شَيْخُنَا قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي شَكِّهِ فِي تَرْكِ رُكْنٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ إنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ هُنَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ} [فاطر: 1] إلَخْ) وَمَثَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَوَائِلِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ (قَوْلُهُ لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ) ؛ وَلِأَنَّهَا ذِكْرٌ مَفْرُوضٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ [فَرْع شُرُوطُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ] (قَوْلُهُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا) هَلْ يَسْكُتُ فِيهِ أَوْ يَقْرَأُ أَوْ يَذْكُرُ سَكَتُوا عَنْهُ وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِيهِ» قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) لَا يَلْزَمُ مِنْ اغْتِفَارِ الطَّهَارَةِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ اغْتِفَارُهَا بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ صِحَّةَ الصَّلَاةِ الْأُولَى فِي الْجَمْعِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلِ الثَّانِيَةِ وَصِحَّةُ الْخُطْبَةِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ بَعْدَهَا عَلَى الْوَلَاءِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ وَجَبَ اسْتِئْنَافُ الْخُطْبَةِ كَالْجُزْءِ مِنْ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى رَأْيٍ فَالْحَدَثُ بَيْنَهُمَا كَالْحَدَثِ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ فَوَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا بَعْدَ فِيمَا لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الْخُطْبَةِ وَتَطَهَّرَ وَعَادَ اسْتَأْنَفَ وَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 طَهَارَتُهُمْ وَلَا سَتْرُهُمْ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ وَأَغْرَبَ مَنْ شَرَطَ ذَلِكَ (وَ) السَّابِعُ (الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ أَرْكَانِهَا وَبَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّ لَهَا أَثَرًا ظَاهِرًا فِي اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ وَالْخُطْبَةُ وَالصَّلَاةُ شَبِيهَتَانِ بِصَلَاةِ الْجَمْعِ. (وَ) الثَّامِنُ (رَفْعُ الصَّوْتِ) بِأَرْكَانِهَا (بِحَيْثُ يَسْمَعُ) هَا (أَرْبَعُونَ) رَجُلًا (كَامِلًا) عَدَدُ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا وَعْظُهُمْ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ (وَإِنْ لَمْ يَفْهَمُوا) مَعْنَاهَا كَالْعَامِّيِّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَفْهَمُ مَعْنَاهَا فَلَا يَكْفِي الْإِسْرَارُ كَالْأَذَانِ وَلَا إسْمَاعُ دُونَ الْأَرْبَعِينَ (وَلَوْ كَانُوا صُمًّا أَوْ بَعْضُهُمْ) كَذَلِكَ (لَمْ تَصِحَّ) كَبُعْدِهِمْ عَنْهُ وَكَشُهُودِ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ كَغَيْرِهِ أَرْبَعُونَ أَيْ بِالْإِمَامِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي مُجَلِّيٍّ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِيمَا إذَا صَلَّوْهَا جُمُعَةً وَلَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ بِأَنْ يَسْمَعَ أَرْبَعُونَ أَوْ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ سِوَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ بِهِ تَتِمَّ الْأَرْبَعُونَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخَطِيبِ إذَا كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ أَصَمَّ لَمْ يَكْفِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ لَا مَعْنَى لَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ. وَلَوْ كَانَ الْخَطِيبُ لَا يَعْرِفُ مَعْنَى أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ بَلْ الْوَجْهُ الْجَوَازُ كَمَنْ يَؤُمُّ بِالْقَوْمِ وَلَا يَعْرِفُ مَعْنَى الْفَاتِحَةِ (وَيَنْبَغِي) أَيْ يُسْتَحَبُّ لِلْقَوْمِ السَّامِعِينَ وَغَيْرِهِمْ (أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ) بِوُجُوهِهِمْ؛ لِأَنَّهُ الْأَدَبُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَوَجُّهِهِمْ الْقِبْلَةَ (وَ) أَنْ (يُنْصِتُوا وَيَسْتَمِعُوا) قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي الْخُطْبَةِ وَسُمِّيَتْ قُرْآنًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْإِنْصَاتُ السُّكُوتُ وَالِاسْتِمَاعُ شُغْلُ السَّمْعِ بِالسَّمَاعِ انْتَهَى فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ (وَيُكْرَهُ لِلْحَاضِرِينَ الْكَلَامُ) فِيهَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ وَخَبَرِ مُسْلِمٍ إذَا قُلْت لِصَاحِبِك أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْت (وَلَا يَحْرُمُ) لِلْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى جَوَازِهِ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «بَيْنَمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا» وَخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَأَوْمَأَ النَّاسُ إلَيْهِ بِالسُّكُوتِ فَلَمْ يَقْبَلْ وَأَعَادَ الْكَلَامَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّالِثَةِ مَا أَعْدَدْت لَهَا قَالَ حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ إنَّك مَعَ مَنْ أَحْبَبْت» وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الْكَلَامَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ وُجُوبَ السُّكُوتِ وَالْأَمْرُ فِي الْآيَةِ لِلنَّدْبِ وَمَعْنَى لَغَوْت تَرَكْت الْأَدَبَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَالتَّصْرِيحِ بِالْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَلَا تَخْتَصُّ بِالْأَرْبَعِينَ) بَلْ الْحَاضِرُونَ كُلُّهُمْ فِيهَا سَوَاءٌ نَعَمْ لِغَيْرِ السَّامِعِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالتِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِي أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِمَا أَوْلَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَإِنْ عَرَضَ مُهِمٌّ) نَاجِزٌ (كَتَعْلِيمِ خَبَرٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ) وَإِنْذَارِ إنْسَانٍ عَقْرَبًا أَوْ أَعْمَى بِئْرًا (لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْكَلَامِ بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْإِشَارَةِ) إنْ أَغْنَتْ (وَيُبَاحُ) لَهُمْ بِلَا كَرَاهَةٍ (الْكَلَامُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَبَعْدَهَا وَبَيْنَهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ (وَ) الْكَلَامُ (لِلدَّاخِلِ) فِي أَثْنَائِهَا (مَا لَمْ يَجْلِسْ) يَعْنِي مَا لَمْ يَتَّخِذْ لَهُ مَكَانًا وَيَسْتَقِرَّ فِيهِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْجُلُوسِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَظَاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ (وَالتَّاسِعُ) مِنْ شُرُوطِهَا (مَا سَبَقَ، وَهُوَ كَوْنُهَا بِالْعَرَبِيَّةِ) وَسَبَقَ بَيَانُهُ (فَرْعٌ لَوْ سَلَّمَ دَاخِلٌ) عَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ (وَهُوَ) أَيْ وَالْخَطِيبُ (يَخْطُبُ وَجَبَ الرَّدُّ) عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِنْصَاتَ سُنَّةٌ كَمَا مَرَّ وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ مَعَ ذَلِكَ بِكَرَاهَةِ السَّلَامِ وَنَقَلَهَا عَنْ النَّصِّ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّدِّ مِنْ قَاضِي الْحَاجَةِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ لَائِحٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَكَ أَنْ تَقُولَ إذَا لَمْ يُشْرَعْ السَّلَامُ فَكَيْفَ يَجِبُ الرَّدُّ وَقَدْ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ إنْ قُلْنَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ كُرِهَ الرَّدُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ قِيلَ إنْ عَلِمَ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ لَهُ السَّلَامُ هُنَا لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ وَالْأَوْجَبُ لَمْ يَبْعُدْ (وَيُسْتَحَبُّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ) إذَا حَمِدَ اللَّهَ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ رَحِمَك اللَّهُ أَوْ يَرْحَمُك اللَّهُ لِعُمُومِ أَدِلَّتِهِ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي السِّيَرِ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ كَسَائِرِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ قَهْرِيٌّ، وَهُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ (وَيَنْبَغِي) أَيْ   [حاشية الرملي الكبير] الْمُوَالَاةَ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تُؤَدَّى بِطَهَارَتَيْنِ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ قَالَ وَأَغْرَبَ مَنْ شَرَطَ ذَلِكَ) قَالَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ وَالْمُوَالَاةُ) حَدُّ الْمُوَالَاةِ مَا حُدَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ. (قَوْلُهُ وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ) لَوْ شَكَّ الْخَطِيبُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ فِي تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِهِمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ لَيْسَ لَهُ الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ إعَادَةُ خُطْبَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا كَانَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ فَرْضًا وَاحِدًا وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُهُ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا كَالشَّكِّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ فَيَكُونُ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ عَلَى قَوْلِنَا أَنَّهُمَا أَصْلَانِ (قَوْلُهُ بِالِاتِّفَاقِ) تَبِعَ فِي هَذَا الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ، وَهُوَ جَوَابُ الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ إسْمَاعُ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْإِمَامَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَسْمَعَ أَرْبَعُونَ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ أَصَمَّ وَعِبَارَةُ الطِّرَازِ إسْمَاعُ مَا يَجِبُ لِأَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ فَتِسْعَةً وَثَلَاثِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَصَمَّ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ بَعِيدٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ لَا مَعْنَى لَهُ) فَإِنَّهُ يُعْلَمُ مَا يَقُولُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَلَا مَعْنَى لِأَمْرِهِ بِالْإِنْصَاتِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ بَلْ الْوَجْهُ الْجَوَازُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) وَإِذَا ارْتَجَّ فِي الْخُطْبَةِ لَا يُلَقَّنُ مَا دَامَ يُرَدِّدُ فَإِذَا سَكَتَ يُلَقَّنُ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَنْصِتُوا وَيَسْتَمِعُوا) مُقْتَضَاهُ أَنَّ السَّمَاعَ الْمُحَقَّقَ لَا يُشْتَرَطُ وَإِلَّا كَانَ الْإِنْصَاتُ وَاجِبًا فَيُكْتَفَى بِالصَّوْتِ وَإِمْكَانِ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ لِلْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى جَوَازِهِ) ؛ وَلِأَنَّهَا قُرْبَةٌ لَا يُفْسِدُهَا الْكَلَامُ فَلَمْ يَحْرُمْ فِيهَا كَالطَّوَافِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 يَجِبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ (تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ) عَلَى مَنْ كَانَ فِيهَا (عِنْدَ قِيَامِ الْخَطِيبِ) أَيْ صُعُودِهِ الْمِنْبَرَ وَجُلُوسِهِ (وَلَا تُبَاحُ) لِغَيْرِ الْخَطِيبِ مِنْ الْحَاضِرِينَ (نَافِلَةٌ بَعْدَ صُعُودِهِ) الْمِنْبَرَ (وَجُلُوسِهِ) وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَنَقَلَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ وَعَنْ الزُّهْرِيِّ خُرُوجُ الْإِمَامِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَكَلَامُهُ يَقْطَعُ الْكَلَامَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَلَامِ حَيْثُ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ صَعِدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ مَا لَمْ يَبْتَدِئْ الْخُطْبَةَ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ حَيْثُ تَحْرُمُ حِينَئِذٍ أَنَّ قَطْعَ الْكَلَامِ هَيِّنٌ مَتَى ابْتَدَأَ الْخَطِيبُ الْخُطْبَةَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ قَدْ يَفُوتُهُ بِهَا سَمَاعُ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ وَإِذَا حَرُمَتْ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ انْعِقَادِهَا؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ لَهَا وَكَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ الْمَكْرُوهَةِ بَلْ أَوْلَى لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهَا هُنَا كَمَا مَرَّ بِخِلَافِهَا ثُمَّ وَلِتَفْصِيلِهِمْ ثُمَّ بَيَّنَ ذَاتَ السَّبَبِ وَغَيْرَهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا بَلْ إطْلَاقُهُمْ وَمَنْعُهُمْ مِنْ الرَّاتِبَةِ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ هُنَا فَرْضًا لَا يَأْتِي بِهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ وَتَعْبِيرُ جَمَاعَةٍ بِالنَّافِلَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَتَعْلِيلُ الْجُرْجَانِيِّ اسْتِحْبَابُ التَّحِيَّةِ بِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ فَلَمْ تَمْنَعْهَا الْخُطْبَةُ كَالْقَضَاءِ مَحْمُولٌ بَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْقَضَاءِ قَبْلَ جُلُوسِهِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجُلُوسُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ (وَالدَّاخِلُ) لِلْمَسْجِدِ وَالْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ (لَا فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ يُصَلِّيَ التَّحِيَّةَ) نَدْبًا (مُخَفَّفَةً) وُجُوبًا لِمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ فَجَلَسَ فَقَالَ يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا ثُمَّ قَالَ إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» هَذَا (إنْ صَلَّى السُّنَّةَ) أَيْ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ (وَإِلَّا صَلَّاهَا كَذَلِكَ) أَيْ مُخَفَّفَةً وَحَصَلَتْ التَّحِيَّةُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ أَمَّا إذَا دَخَلَ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ فَلَا يُصَلِّي لِئَلَّا يَفُوتَهُ أَوَّلُ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى تَفْصِيلٍ ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ صَلَّاهَا فَاتَتْهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يُصَلِّ التَّحِيَّةَ بَلْ يَقِفُ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ وَلَا يَعْقِدَ لِئَلَّا يَكُونَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ التَّحِيَّةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ صَلَّاهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اُسْتُحِبَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَزِيدَ فِي كَلَامِ الْخُطْبَةِ بِقَدْرِ مَا يُكْمِلُهَا وَمَا قَالَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الْإِمَامُ ذَلِكَ كَرِهْته لَهُ فَإِنْ صَلَّاهَا وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُرَادُ بِالتَّخْفِيفِ فِيمَا ذُكِرَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ لَا الْإِسْرَاعُ قَالَ وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَرَادَ الْوُضُوءَ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ (فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ تَرْتِيبُ) أَرْكَانِ (الْخُطْبَةِ) بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْحَمْدِ ثُمَّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ الدُّعَاءِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ (وَتَجِبُ نِيَّةُ) الْخُطْبَةِ وَ (فَرْضِيَّتُهَا) كَمَا فِي الصَّلَاةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضٌ تُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَالسَّتْرُ وَالْمُوَالَاةُ كَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ الْقَاضِي وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّهُ ظَاهِرٌ عَلَى قَوْلِ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ لَكِنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ نُقِلَ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ ذَلِكَ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ وَلَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي الْخُطَبِ؛ لِأَنَّهَا أَذْكَارٌ وَأَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ وَدُعَاءٌ وَقِرَاءَةٌ وَلَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَازٌ بِصُورَتِهِ مُنْصَرِفٌ إلَى اللَّهِ بِحَقِيقَتِهِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ تَصْرِفُهُ إلَيْهِ. اهـ. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ) الْخُطْبَةُ (عَلَى مِنْبَرٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَنْ يَكُونَ الْمِنْبَرُ (عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ) وَالْمُرَادُ بِهِ يَمِينُ مُصَلَّى الْإِمَامِ قَالَ الرَّافِعِيُّ هَكَذَا وَضْعُ مِنْبَرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى وَكَانَ يَخْطُبُ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى الْأَرْضِ وَعَنْ يَسَارِهِ جِذْعُ نَخْلَةٍ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ (فَعَلَى مُرْتَفِعٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتَنَدَ إلَى خَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ إلَى جِذْعٍ قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَ الْمِنْبَرَ وَكَانَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْع سَلَّمَ دَاخِلٌ عَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ] قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ) صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ بَعْدَ صُعُودِهِ وَجُلُوسِهِ) أَيْ الْخَطِيبِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَفُوتُ بِهَا سَمَاعُ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ) وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ أَمِنَ فَوَاتَ ذَلِكَ لَمْ تَحْرُمْ الصَّلَاةُ ش قَالَ شَيْخُنَا لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ إطْلَاقُهُمْ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ وَلَا لِلشُّكْرِ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُ جَمَاعَةٍ بِالنَّافِلَةِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَخْصِيصُهُمْ النَّافِلَةَ بِالذِّكْرِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ فِعْلَ الْفَائِتَةِ حِينَئِذٍ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ فِي الْفَوْرِيَّةِ دُونَ الْمُتَرَاخِيَةِ الْقَضَاءِ نَعَمْ تَحَرِّي الْقَضَاءِ فِي هَذَا الْوَقْتِ يُتَّجَهُ تَحْرِيمُهُ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَافِي الْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ صَلَّى التَّحِيَّةَ وَخَفَّفَهَا لِحَدِيثِ سُلَيْكٍ؛ وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَهَا سَبَبٌ فَلَمْ تَمْنَعْ الْخُطْبَةَ مِنْهَا كَالْقَضَاءِ. اهـ. وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ. اهـ. وَكَلَامُ الْجُرْجَانِيِّ فِي صَلَاتِهِ قَبْلَ جُلُوسِهِ - (قَوْلُهُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ) فَلَا يُصَلِّيهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ أَوْ تَسْلِيمَتَيْنِ وَعِبَارَةُ التَّنْبِيهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ بِرَكْعَتَيْنِ وَلَفْظَا الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالتَّخْفِيفِ فِيمَا ذُكِرَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَاضِحٌ [فَرْعٌ تَرْتِيبُ أَرْكَانِ خُطْبَة الْجُمُعَة] (قَوْلُهُ لَكِنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ يُشِيرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْمُرَادُ مِنْ يَمِينِ الْمِحْرَابِ الَّذِي يَكُونُ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ إذَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَالَ فِي الْخَادِمِ قَوْلُهُ يَمِينُ الْمِحْرَابِ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ، وَهِيَ عِبَارَةٌ غَيْرُ مُخْلَصَةٍ بَلْ تَقْتَضِي عَكْسَ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ قَابَلْته يَمِينُك يَسَارٌ لَهُ وَيَسَارُك يَمِينٌ لَهُ وَلِهَذَا احْتَاجَ الرَّافِعِيُّ إلَى تَأْوِيلِهَا بِقَوْلِهِ وَالْمُرَادُ إلَخْ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ يُلَائِمُ يَسَارَ الْمِحْرَابِ لَا يَمِينَهُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ وَالدَّارِمِيُّ فَقَالَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمِنْبَرُ عَلَى يَمِينِ الْمُصَلِّي عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ. اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 مِنْبَرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَ دَرَجٍ» غَيْرِ الدَّرَجَةِ الَّتِي تُسَمَّى الْمُسْتَرَاحَ وَكَانَ يَقِفُ عَلَى الثَّالِثَةِ فَيَنْدُبُ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَقِفُ عَلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي الْمُسْتَرَاحَ نَعَمْ إنْ طَالَ الْمِنْبَرُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَعَلَى السَّابِعَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ زَادَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ الْأَوَّلِ سِتَّ دُرَجٍ فَصَارَ عَدَدُ دَرَجِهِ تِسْعَةً فَكَانَ الْخُلَفَاءُ يَقِفُونَ عَلَى الدَّرَجَةِ السَّابِعَةِ، وَهِيَ الْأُولَى مِنْ الْأَوَّلِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْقِبْلَةِ قَدْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ (وَيُكْرَهُ) مِنْبَرٌ (كَبِيرٌ يُضَيِّقُ) عَلَى الْمُصَلِّينَ (وَ) يُسْتَحَبُّ (لِلْخَطِيبِ أَنْ يُسَلِّمَ عِنْدَ وُصُولِهِ الْمِنْبَرَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلِمُفَارَقَتِهِ إيَّاهُمْ وَعِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ عَلَى الْحَاضِرِينَ لِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ (وَ) يُسْتَحَبُّ لَهُ (بَعْدَ وُصُولِهِ الدَّرَجَةَ) الَّتِي (تَحْتَ الْمُسْتَرَاحِ) أَنْ (يُقْبِلَ عَلَى النَّاسِ) بِوَجْهِهِ (وَيُسَلِّمَ) عَلَيْهِمْ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيَّ فِي أَحْكَامِهِ وَلِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ (ثُمَّ يَجْلِسَ) عَلَى الْمُسْتَرَاحِ لِيَسْتَرِيحَ مِنْ تَعَبِ الصُّعُودِ (حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ) بَيْنَ يَدَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِي الْبُخَارِيِّ كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ فِي عَهْدِ عُثْمَانَ أَمَرَهُمْ بِأَذَانٍ آخَرَ عَلَى الزَّوْرَاءِ وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا وَقَالَ عَطَاءٌ إنَّمَا أَحْدَثَهُ مُعَاوِيَةُ قَالَ فِي الْأُمِّ وَأَيُّهُمَا كَانَ فَالْأَمْرُ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَبُّ إلَيَّ وَعَلَيْهِ يُحْتَمَلُ أَنْ تُصَلَّى سُنَّةُ الْجُمُعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَأَنْ تُصَلَّى قَبْلَ الْأَذَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ (وَنُدِبَ اتِّخَاذُهُ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَيْهِ وَعَلَى كَرَاهَةِ التَّأْذِينِ جَمَاعَةٌ (وَ) نُدِبَ أَنْ (يَخْطُبَ خُطْبَةً بَلِيغَةً) لَا مُبْتَذَلَةً رَكِيكَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ (قَرِيبَةً مِنْ الْأَفْهَامِ) لَا غَرِيبَةً وَحْشِيَّةً إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (مُتَوَسِّطَةً) بَيْنَ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا» وَلَا يُعَارِضُهُ خَبَرُهُ أَيْضًا طُولُ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقَصْرُ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ أَيْ عَلَامَةً عَلَيْهِ فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَاقْصَرُوا الْخُطْبَةَ؛ لِأَنَّ الْقَصْرَ وَالطُّولَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ فَالْمُرَادُ بِإِقْصَارِ الْخُطْبَةِ إقْصَارُهَا عَنْ الصَّلَاةِ وَبِإِطَالَةِ الصَّلَاةِ إطَالَتُهَا عَلَى الْخُطْبَةِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ أَنَّ إقْصَارَ الْخُطْبَةِ يُشْكَلُ بِقَوْلِهِمْ يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى قِ (مُقْبِلًا عَلَى النَّاسِ) بِوَجْهِهِ فِي خُطْبَتِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيَّ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ مَعَ اسْتِقْبَالِهِمْ لَهَا قَبُحَ ذَلِكَ وَخَرَجَ عَنْ عُرْفِ الْمُخَاطَبَاتِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ مَعَ اسْتِدْبَارِهِمْ لَهَا لَزِمَ اسْتِدْبَارُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ لَهَا وَاسْتِدْبَارُ وَاحِدٍ أَهْوَنُ مِنْ ذَلِكَ وَيُنْدَبُ رَفْعُ صَوْتِهِ زِيَادَةً عَلَى الْوَاجِبِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ (وَلَا يُلْتَفَتُ) فِي شَيْءٍ مِنْهَا بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِمْ إلَى فَرَاغِهَا (وَلَا يَعْبَثُ) بَلْ يَخْشَعُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ (وَلَا يُشِيرُ بِيَدِهِ) هَذَا زَادَهُ هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي بِزِيَادَةٍ (فَلَوْ اسْتَقْبَلَ) هُوَ (أَوْ اسْتَدْبَرُوا) أَيْ الْحَاضِرُونَ الْقِبْلَةَ (أَجْزَأَ) كَمَا فِي الْأَذَانِ (وَكُرِهَ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ جُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ (قَدْرَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ) تَقْرِيبًا لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَيَقْرَأُ فِيهِ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَعْتَمِدَ سَيْفًا أَوْ عَصًا) أَوْ قَوْسًا أَوْ نَحْوَهَا (بِيَدِهِ الْيُسْرَى) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ مُتَوَكِّئًا عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا» وَحِكْمَتُهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ قَامَ بِالسِّلَاحِ وَلِهَذَا قَبَضَهُ بِالْيُسْرَى كَعَادَةِ مَنْ يُرِيدُ الْجِهَادَ بِهِ (وَيَشْغَلُ الْأُخْرَى) أَيْ الْيُمْنَى (بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (سَكَنَ يَدَيْهِ خَاشِعًا) بِأَنْ يَجْعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى أَوْ يُرْسِلُهُمَا وَالْغَرَضُ أَنْ يَخْشَعَ وَلَا يَعْبَثَ بِهِمَا كَمَا مَرَّ فَلَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَشْغَلَ الْيُمْنَى بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ وَيُرْسِلَ الْأُخْرَى لَمْ يَبْعُدْ (وَيُكْرَهُ لَهُ وَلَهُمْ الشُّرْبُ) لِئَلَّا يَشْتَغِلَ فِكْرُهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ (إلَّا لِشِدَّةِ عَطَشٍ) فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ وَالتَّقْيِيدُ بِالشِّدَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَبَعْدَ الْفَرَاغِ) مِنْ الْخُطْبَةِ (يَأْخُذُ فِي النُّزُولِ وَالْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَيُبَادِرُ لِيَبْلُغَ الْمِحْرَابَ مَعَ فَرَاغِهِ) مِنْ الْإِقَامَةِ فَيَشْرَعَ فِي الصَّلَاةِ كُلُّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ مُبَالَغَةً فِي تَحْقِيقِ الْمُوَالَاةِ وَتَخْفِيفًا عَلَى الْحَاضِرِينَ (وَيُكْرَهُ) فِي الْخُطْبَةِ (مَا ابْتَدَعَهُ الْخُطَبَاءُ) الْجَهَلَةُ (مِنْ الْإِشَارَةِ بِالْيَدِ) أَوْ غَيْرِهَا (وَ) مِنْ (الِالْتِفَاتِ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَ) مِنْ (دَقِّ الدَّرَجِ فِي صُعُودِهِ) الْمِنْبَرَ بِسَيْفٍ أَوْ بِرِجْلِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا (وَالدُّعَاءِ) إذَا انْتَهَى صُعُودُهُ (قَبْلَ الْجُلُوسِ لِلْأَذَانِ) وَرُبَّمَا تَوَهَّمُوا أَنَّهَا سَاعَةُ الْإِجَابَةِ، وَهُوَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَنْ يُقْبِلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ) وَيُلْتَفَتُ عَلَى يَمِينِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ تُصَلِّيَ قَبْلَ الْأَذَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مُتَوَسِّطَةٌ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَسَنٌ أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَأَزْمَانِ الْأَسْبَابِ وَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ الْإِسْهَابَ كَالْحَثِّ عَلَى الْجِهَادِ إذَا طَرَقَ الْعَدُوُّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى الْبِلَادَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْخُمُورِ وَالْفَوَاحِشِ وَالزِّنَا وَالظُّلْمِ إذَا تَتَابَعَ النَّاسُ فِيهَا وَحَسُنَ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَيَقْصِدُ إيرَادَ الْمَعْنَى الصَّحِيحِ وَاخْتِيَارَ اللَّفْظِ الْفَصِيحِ وَلَا يُطِيلُ إطَالَةً تُمِلُّ وَلَا يُقَصِّرُ تَقْصِيرًا يُخِلُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 جَهْلٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهَا بَعْدَ جُلُوسِهِ وَأَغْرَبَ الْبَيْضَاوِيُّ فَقَالَ يَقِفُ فِي كُلِّ مِرْقَاةٍ وَقْفَةً خَفِيفَةً يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْمَعُونَةَ وَالتَّسْدِيدَ (وَمُبَالَغَةُ الْإِسْرَاعِ فِي) الْخُطْبَةِ (الثَّانِيَةِ) وَخَفْضُ الصَّوْتِ بِهَا (وَالْمُجَازَفَةُ فِي وَصْفِ الْخُلَفَاءِ) أَيْ السَّلَاطِينِ فِي الدُّعَاءِ لَهُمْ قَالَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ وَيُكْرَهُ الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَدْعُو فِي الْخُطْبَةِ لِأَحَدٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَرِهْته قَالَ النَّوَوِيُّ (وَ) الْمُخْتَارُ أَنَّهُ (لَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ) إذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ مُجَازَفَةٌ فِي وَصْفِهِ إذْ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بِصَلَاحِ وُلَاةِ الْأُمُورِ (وَيُكْرَهُ الِاحْتِبَاءُ) ، وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلُ ظَهْرَهُ وَسَاقَيْهِ بِثَوْبِهِ أَوْ يَدَيْهِ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ يَجْلِبُ النَّوْمَ فَيُعَرِّضُ طَهَارَتَهُ لِلنَّقْضِ وَيَمْنَعُهُ الِاسْتِمَاعَ (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّيَامُنُ فِي الْمِنْبَرِ الْوَاسِعِ وَأَنْ يَخْتِمَ الْخُطْبَةَ) الثَّانِيَةَ (بِقَوْلِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) فِيهَا (اُسْتُؤْنِفَتْ) وُجُوبًا، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَالرَّافِعِيِّ عَنْ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ إنَّ فِي بِنَاءِ غَيْرِهِ عَلَى خُطْبَتِهِ الْقَوْلَيْنِ فِي الِاسْتِخْلَافِ فِي الصَّلَاةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ بِنَاءِ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّهُ صَحَّحَ كَغَيْرِهِ جَوَازَ الِاسْتِخْلَافِ فِيهَا بِالْحَدَثِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بِالْإِغْمَاءِ وَكَوْنِهِ بِغَيْرِهِ وَقِيَاسُهَا بِالصَّلَاةِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْأَذَانِ بِجَامِعِ أُمُورٍ تَقَدَّمَتْ مَعَ أَنَّهَا تُفَارِقُ الْأَذَانَ بِأَنَّهَا لِلْحَاضِرِينَ فَلَا لَبْسَ وَالْأَذَانُ لِلْغَائِبِينَ فَيَحْصُلُ لَهُمْ اللَّبْسُ بِاخْتِلَافِ الْأَصْوَاتِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَذَكَرَ صَاحِبَا الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْخَطِيبِ إذَا وَصَلَ الْمِنْبَرَ أَنْ يُصَلِّيَ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَصْعَدَهُ، وَهُوَ غَرِيبٌ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَنْقُولِ عَنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ الْمَوْجُودُ لِأَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ الِاسْتِحْبَابُ وَنَقَلَ الْقَمُولِيُّ عَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا لَمَّا وُلِّيَ الْخَطَابَةَ بِمِصْرَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ حَالَ الْخُطْبَةِ لَا يُعَرِّجُ عَلَى غَيْرِهَا قَالَ وَقَدْ سَأَلَ الْإِسْنَوِيُّ قَاضِي حُمَاةَ عَنْ هَذِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِلْخُطْبَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمِنْبَرَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْوَقْتِ أَوْ لِانْتِظَارِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ صَلَّى التَّحِيَّةَ وَإِلَّا فَلَا يُصَلِّيهَا وَيَكُونُ اشْتِغَالُهُ بِالْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ يَقُومُ مَقَامَ التَّحِيَّةِ كَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا طَوَافُ الْقُدُومِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ قَالَ، وَهُوَ جَوَابٌ حَسَنٌ وَالْعَجَبُ مِنْ إهْمَالِ الْإِسْنَوِيِّ لَهُ هُنَا. اهـ. وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ النَّوَوِيِّ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ لِلْخَطِيبِ أَنْ لَا يَحْضُرَ الْجَامِعَ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِيَشْرَعَ فِي الْخُطْبَةِ أَوَّلَ وُصُولِهِ الْمِنْبَرَ فَإِذَا وَصَلَهُ صَعِدَ وَلَا يُصَلِّي التَّحِيَّةَ وَتَسْقُطُ عَنْهُ بِالِاشْتِغَالِ بِالْخُطْبَةِ كَمَا تَسْقُطُ بِالِاشْتِغَالِ بِطَوَافِ الْقُدُومِ (فَائِدَةٌ) قَالَ الْقَمُولِيُّ مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ كَتْبُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ الْأَوْرَاقَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا حَفَائِظَ فِي آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الِاشْتِغَالِ عَنْ الِاسْتِمَاعِ وَالِاتِّعَاظِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الْأَوْقَاتِ وَكِتَابَةُ كَلَامٍ لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ، وَهُوَ كعسلهون وَقَدْ يَكُونُ دَالًّا عَلَى مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ (الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ) (وَلِوُجُوبِهَا خَمْسَةُ شُرُوطٍ) الْأَوَّلُ وَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِهَا (التَّكْلِيفُ فَتَلْزَمُ السَّكْرَانَ) الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ جَرَى تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ عَلَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ هُنَا وَنَقَلَهُ فِي الطَّلَاقِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ لِانْتِفَاءِ الْفَهْمِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ، وَإِنَّمَا صَحَّ عَقْدُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْمُجَازَفَةُ فِي وَصْفِ الْخُلَفَاءِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَقَدْ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ إلَخْ) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِقِيُّ تَرْكُهُ فِي زَمَانِنَا يُفْضِي إلَى ضَرَرٍ وَفَسَادٍ فَيُسْتَحَبُّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ لَا؛ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ فِي نَفْسِهِ، وَهَذَا حَسَنٌ ع قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ التَّرَضِّي عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْهُودِ فِي زَمَانِنَا بِدْعَةٌ غَيْرُ مَحْبُوبَةٍ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ اسْتِحْبَابَهُ حَيْثُ كَانَ فِي بَلَدِ الْخُطْبَةِ مُبْتَدَعٌ لَا يُحِبُّ الصَّحَابَةَ إذَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إلَى فِتْنَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِالْإِغْمَاءِ إلَخْ) قَدَّمْت الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ قَوْلَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) النَّوَوِيُّ إنَّمَا أَنْكَرَ اسْتِحْبَابَ فِعْلِ الْإِمَامِ التَّحِيَّةَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَلَمْ يُنْكِرْ اسْتِحْبَابَهَا لِلْإِمَامِ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَا قَالَهُ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ نَقْلًا وَبَحْثًا أَمَّا بَحْثًا؛ فَلِأَنَّ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ تُسْتَحَبُّ لَهُ التَّحِيَّةُ وَقِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ أَيْضًا، وَأَمَّا نَقْلًا؛ فَلِأَنَّ الْمَوْجُودَ لِأَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ هُوَ اسْتِحْبَابُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَالْبَيَانِ وَالْعُدَّةِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ هَذِهِ النُّقُولِ إذَا حَضَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ يُصَلِّيَ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَقَالَ الْبَارِزِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْخَطِيبُ الْمَسْجِدَ لِلْخُطْبَةِ فَإِنْ لَمْ يَصْعَدْ الْمِنْبَرَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْوَقْتِ أَوْ لِانْتِظَارِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ صَلَّى التَّحِيَّةَ وَإِنْ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَقْتَ وُصُولِهِ إلَيْهِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ لَا يُصَلِّي التَّحِيَّةَ وَيَكُونُ اشْتِغَالُهُ بِالْخُطْبَتَيْنِ وَالصَّلَاةِ يَقُومُ مَقَامَ التَّحِيَّةِ كَمَا يَقُومُ طَوَافُ الْقُدُومِ مَقَامَ التَّحِيَّةِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ السُّنَّةُ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي التَّوَسُّطِ، وَهُوَ جَوَازٌ حَسَنٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ) قَالَ النَّاشِرِيُّ وَوُجِدَ بِخَطِّ الْفَقِيهِ الْإِمَامِ الْمُحَدِّثِ إبْرَاهِيمَ الْعَلَوِيِّ وَقَفْت عَلَى مَا مِثَالُهُ عَلَى نُسْخَةٍ تُنْسَبُ إلَى الْفَقِيهِ مُحَمَّدٍ الصَّفِّيِّ مَا هُوَ ذَا أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ يُكْتَبُ فِي آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْأَثَرِ لَا آلَاءَ إلَّا آلَاؤُك يَا اللَّهُ إنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ مُحِيطٌ بِهِ عِلْمُك كعسلهون وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ مَا كَانَ فِي بَيْتٍ فَاحْتَرَقَ وَوَلَا فِي مَرْكَبٍ فَغَرِقَ وَسَأَلْت عَنْ ذَلِكَ شَيْخِي الْإِمَامَ شِهَابَ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْخَيْرِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَدِيثِ شَيْءٌ فَذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّرْغِيبِ أَقُولُ هَذَا الْأَثَرُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْكُتُبَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ) (قَوْلُهُ جَرَى تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ) أَيْ وَغَيْرِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ الَّذِي هُوَ خِطَابُ الْوَضْعِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ كَغَيْرِهَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيَقْضِيهَا) وُجُوبًا بَعْدَ زَوَالِ سُكْرِهِ كَغَيْرِهَا (ظُهْرًا) فَمَنْ عَبَّرَ كَالنَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ هُنَا بِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُرَادُهُ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ (دُونَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ) وَنَحْوِهِ كَصَبِيٍّ فَلَا تَلْزَمُهُمَا الْجُمُعَةُ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلِمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْبَابِ السَّابِقِ (وَ) الثَّانِي (الْحُرِّيَّةُ فَلَا تَلْزَمُ مَنْ فِيهِ رِقٌّ، وَإِنْ كُوتِبَ) أَوْ كَانَ مُبَعَّضًا، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي نُبُوَّتِهِ حَيْثُ تَكُونُ مُهَايَأَةً لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ آنِفًا وَلِاشْتِغَالِهِ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ فَأَشْبَهَ الْمَحْبُوسَ لِحَقِّ الْغَرِيمِ (وَ) الثَّالِثُ (الذُّكُورَةُ فَلَا تَلْزَمُ الْخُنْثَى) وَلَا الْأُنْثَى لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الْأُنْثَى وَقِيَاسًا عَلَيْهَا فِي الْخُنْثَى وَلِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ أُنْثَى فَلَا تَلْزَمُهُ بِالشَّكِّ. (وَ) الرَّابِعُ (الْإِقَامَةُ فَلَا تَلْزَمُ مُسَافِرًا) سَفَرًا مُبَاحًا وَلَوْ قَصِيرًا لِاشْتِغَالِهِ بِالسَّفَرِ وَأَسْبَابِهِ نَعَمْ إنْ خَرَجَ إلَى قَرْيَةٍ يَبْلُغُ أَهْلَهَا نِدَاءُ بَلْدَتِهِ لَزِمَتْهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مَسَافَةٌ يَجِبُ قَطْعُهَا لِلْجُمُعَةِ فَلَا يُعَدُّ سَفَرًا مُسْقِطًا لَهَا كَمَا لَوْ كَانَ بِالْبَلْدَةِ وَدَارُهُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْجَامِعِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَمَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ (لَكِنْ تُسْتَحَبُّ لَهُ وَلِلْعَبْدِ) بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلِلْعَجُوزِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا وَلِلْخُنْثَى (وَالصَّبِيِّ) إنْ أَمْكَنَ (وَ) الْخَامِسُ (الصِّحَّةُ وَنَحْوُهَا) مِنْ الْخُلُوِّ مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِيَةِ (فَلَا تَلْزَمُ مَرِيضًا) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَ) لَا (ذَا عُذْرٍ يُلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِالْمَرَضِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَرِيضِ (إلَّا إنْ حَضَرُوا) أَيْ ذَوُو الْأَعْذَارِ مِنْ الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ (فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَتَضَرَّرُوا) بِأَنْ لَمْ يَزِدْ مَرَضُهُمْ (بِالِانْتِظَارِ) فَتَلْزَمُهُمْ فَلَا يَجُوزُ انْصِرَافُهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ فِي حَقِّهِمْ مَشَقَّةُ الْحُضُورِ فَإِذَا تَحَمَّلُوهَا وَحَضَرُوا فَقَدْ ارْتَفَعَ الْمَانِعُ وَتَعَبُ الْعَوْدِ لَا بُدَّ مِنْهُ سَوَاءٌ أَصَلَّوْا الْجُمُعَةَ أَمْ الظُّهْرَ (فَإِنْ تَضَرَّرُوا) بِالِانْتِظَارِ أَوْ لَمْ يَتَضَرَّرُوا لَكِنْ حَضَرُوا قَبْلَ الْوَقْتِ (فَلَهُمْ الِانْصِرَافُ) وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ جَوَازِ انْصِرَافِهِمْ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ فِيهَا عَلَى غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَعْذُورَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْجُمُعَةُ وَإِنَّمَا حَضَرَ مُتَبَرِّعًا فَجَازَ لَهُ الِانْصِرَافُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ فَلَزِمَهُ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ (كَغَيْرِهِمْ) مِنْ عَبْدٍ وَخُنْثَى وَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَمُسَافِرٍ فَإِنَّ لَهُمْ الِانْصِرَافَ إذْ الْمَانِعُ مِنْ اللُّزُومِ الصِّفَاتُ الْقَائِمَةُ بِهِمْ، وَهِيَ لَا تَرْتَفِعُ بِحُضُورِهِمْ (إلَّا إنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ) فَلَيْسَ لِلْمَعْذُورِينَ الِانْصِرَافُ (فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ) وَنَحْوُهُمَا (وَكَذَا الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ) وَالْخُنْثَى (أَجْزَأَتْهُمْ) ؛ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَتْ أَقْصَرَ فِي الصُّورَةِ (وَحَرُمَ الْخُرُوجُ مِنْهَا) وَلَوْ بِقَلْبِهَا ظُهْرًا لِتَلَبُّسِهِمْ بِالْفَرْضِ (فَرْعٌ الْأَعْذَارُ الْمُرَخِّصَةُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) مِمَّا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا فِي الْجُمُعَةِ (مُرَخَّصَةٌ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا ثُمَّ (وَتَلْزَمُ زَمِنًا وَشَيْخًا هَرِمًا) إنْ (وَجَدَا مَرْكُوبًا) وَلَوْ آدَمِيًّا (لَا يُشَقُّ) رُكُوبُهُ (بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ كَأَعْمَى وَجَدَ قَائِدًا) وَلَوْ مُتَبَرِّعًا أَوْ بِأُجْرَةٍ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَأَطْلَقَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي إنْ كَانَ يُحْسِنُ الْمَشْيَ بِالْعَصَا مِنْ غَيْرِ قَائِدٍ لَزِمَتْهُ وَضَعَّفَهُ الشَّاشِيُّ وَحَمَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ عَلَى مَنْ اعْتَادَ الْمَشْيَ إلَى مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ (فَرْعٌ) إذَا وُجِدَتْ (قَرْيَةٌ فِيهَا أَرْبَعُونَ) كَامِلُونَ (تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ صَلَّوْهَا فِي الْمِصْرِ سَقَطَتْ) عَنْهُمْ سَوَاءٌ أَسَمِعُوا النِّدَاءَ مِنْهُ أَمْ لَا (وَأَسَاءُوا) بِذَلِكَ لِتَعْطِيلِهِمْ الْجُمُعَةَ فِي قَرْيَتِهِمْ وَالْمُرَادُ بِالْإِسَاءَةِ هُنَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الْأُنْثَى) وَلِلْمُحَافَظَةِ عَلَى السَّتْرِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَتْ بِالرِّقِّ، وَهُوَ نَقْصٌ يَزُولُ فَالْأَوْلَى أَنْ تَسْقُطَ بِالْأُنُوثَةِ، وَهِيَ نَقْصٌ لَا يَزُولُ (قَوْلُهُ لِاشْتِغَالِهِ بِالسَّفَرِ وَأَسْبَابِهِ) وَلِمَا رَوَاهُ تَمِيمٌ الدَّارِيِّ قَالَ «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ إلَّا عَلَى خَمْسَةٍ وَعَدَّ مِنْهُمْ الْمُسَافِرَ» أَخْرَجَهُ رَجَاءُ بْنُ الْمَرْجِيِّ فِي سُنَنِهِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا فِي سَفَرٍ قَطُّ وَلَوْ فَعَلَهَا لَاشْتُهِرَتْ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَمَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِهَا فِي غَيْرِ هَذَا) جَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَذَا عُذْرٍ مُلْحَقٌ بِهِ) مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ تَعَطَّلَتْ الْجُمُعَةُ بِتَخَلُّفِهِ أَوْ طَرَأَ بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا سَيَأْتِي (فَرْعٌ) لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْإِعْتَاقِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّيَ خَلْفَ زَيْدٍ ثُمَّ وُلِّيَ زَيْدٌ إمَامَةَ الْجَامِعِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ شَيْخُنَا لِمَ لَا يُقَالُ إنَّهُ يَحْضُرُ وَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْزِعُ ثَوْبَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَأَجْنَبَ وَتَوَقَّفَ غُسْلُهُ عَلَى نَزْعِهِ وَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يَنْزِعُهُ وَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْجُمُعَةُ لَهَا بَدَلٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ الظُّهْرُ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ) نَعَمْ لَوْ أُقِيمَتْ وَكَانَ ثَمَّ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ كَمَنْ بِهِ إسْهَالٌ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ فَأَحَسَّ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ وَعَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ إنْ مَكَثَ سَبَقَهُ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ لَهُ الِانْصِرَافَ س وَقَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ الْأَعْذَارُ الْمُرَخِّصَةُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَة] (قَوْلُهُ الْأَعْذَارُ الْمُرَخِّصَةُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) لَوْ كَانَ بِهِ رِيحٌ كَرِيهٌ وَأَمْكَنَهُ الْوُقُوفُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِحَيْثُ لَا يُؤْذِي فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ غ وَالِاشْتِغَالُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ عُذْرٌ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَدَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَلَوْ اجْتَمَعَ فِي الْحَبْسِ أَرْبَعُونَ فَصَاعِدًا كَغَالِبِ الْأَوْقَاتِ فِي حُبُوسِ الْقَاهِرَةِ بِمِصْرَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهَا فِي الْمَسْجِدِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالتَّعَدُّدُ يَجُوزُ عِنْدَ عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ فَعِنْدَ تَعَذُّرِهِ بِالْكُلِّيَّةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَحِينَئِذٍ فَيُتَّجَهُ وُجُوبُ النَّصْبِ عَلَى الْإِمَامِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ فَهَلْ يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْ الْبَلَدِ الَّتِي لَا يَعْسُرُ فِيهَا الِاجْتِمَاعُ إقَامَةً لِلْجُمُعَةِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهَا جُمُعَةٌ صَحِيحَةٌ لَهُمْ وَمَشْرُوعَةٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّا إنَّمَا جَوَّزْنَاهَا لَهُمْ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِيهِ ح قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ مُعْتَمَدٌ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْفَلَسِ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ رَأَى مَنْعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَبْسِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى اقْتِضَاءِ الْمَصْلَحَةِ مَا ذُكِرَ وَهُنَا لَا خُرُوجَ فِيهِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهَا دَاخِلُهُ وَقَوْلُهُ فَيُتَّجَهُ وُجُوبُ النَّصْبِ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَجُوزُ لِوَاحِدٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا (قَوْلُهُ وَجَدَ مَرْكُوبًا لَا يَشُقُّ) أَيْ مَشَقَّةَ الْمَشْيِ فِي الْوَحْلِ (قَوْلُهُ وَضَعَّفَهُ الشَّاشِيُّ) وَالنَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ لَكِنْ قَوَّاهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ حَمْلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى الْغَالِبِ وَكَتَبَ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَخَافُ الضَّرَرَ مَعَ عَدَمِ الْقَائِدِ [فَرْعٌ إذَا وُجِدَتْ قَرْيَةٌ فِيهَا أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ] (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْإِسَاءَةِ هُنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 التَّحْرِيمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُفْهِمُهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْقِصَاصِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لَفْظَةَ أَسَاءَ لِلتَّحْرِيمِ لَكِنْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِالْجَوَازِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فَقَالَ: الْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلُّوا بِقَرْيَتِهِمْ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: هُمْ بِالْخِيَارِ وَتَحْرِيرُ الْقَوْلِ فِي أَسَاءَ أَنَّهَا إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ بِقَرِينَةٍ (فَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ أَوْ أَهْلَ خِيَامٍ) مَثَلًا (وَنِدَاءُ بَلَدِ الْجُمُعَةِ يَبْلُغُهُمْ لَزِمَتْهُمْ) ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُمْ فَلَا لِخَبَرٍ «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ لَكِنْ ذَكَرَ لَهُ الْبَيْهَقِيُّ شَاهِدًا بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ:. فَإِنْ حَضَرَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النِّدَاءُ فَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ فِي الْبَلَدِ يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ قَطْعًا (وَالْمُعْتَبَرُ نِدَاءُ صَيِّتٍ) أَيْ عَالِي الصَّوْتِ (يُؤَذِّنُ كَعَادَتِهِ) فِي عُلُوِّ الصَّوْتِ (وَهُوَ عَلَى الْأَرْضِ فِي طَرَفِهَا) أَيْ طَرَفِ الْبَلْدَةِ (الَّذِي يَلِيهِمْ وَالْأَصْوَاتُ هَادِئَةٌ وَالرِّيَاحُ رَاكِدَةٌ) وَاعْتُبِرَ الطَّرَفُ الَّذِي يَلِيهِمْ؛ لِأَنَّ الْبَلْدَةَ قَدْ تَكْبُرُ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ أَطْرَافَهَا النِّدَاءُ بِوَسَطِهَا فَاحْتِيطَ لِلْعِبَادَةِ وَاعْتُبِرَ هُدُوءُ الْأَصْوَاتِ وَالرِّيَاحِ لِئَلَّا يَمْنَعَا بُلُوغَ النِّدَاءِ أَوْ تُعِينُ عَلَيْهِ الرِّيَاحُ (لَا عَلَى عَالٍ) أَيْ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ عَلَى الْأَرْضِ لَا عَلَى عَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَبْطَ لِحَدِّهِ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ الْبَلْدَةُ (فِي أَرْضٍ بَيْنَ أَشْجَارٍ) كَطَبَرِسْتَانَ فَإِنَّهَا بَيْنَ أَشْجَارٍ تَمْنَعُ بُلُوغَ الصَّوْتِ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْعُلُوُّ عَلَى مَا يُسَاوِي الْأَشْجَارَ وَقَدْ يُقَالُ الْمُعْتَبَرُ السَّمَاعُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ وَفِي ذَلِكَ مَانِعٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ وَعِبَارَتُهُ أَعَمُّ مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ بِطَبَرِسْتَانَ (وَ) الْمُعْتَبَرُ (أَنْ يَكُونَ الْمُصْغِي) لِلنِّدَاءِ (مُعْتَدِلَ السَّمْعِ فَإِنْ سَمِعَهُ لَزِمَتْهُمْ) وَإِلَّا فَلَا وَخَرَجَ بِالْمُعْتَدِلِ الْأَصَمُّ وَمَنْ جَاوَزَ سَمْعُهُ حَدَّ الْعَادَةِ (وَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا النِّدَاءَ لِكَوْنِهِمْ فِي وَهْدَةٍ) مِنْ الْأَرْضِ وَلَوْ كَانُوا بِاسْتِوَاءٍ سَمِعُوا (أَوْ سَمِعَهُ الْأَبْعَدُ لِكَوْنِهِمْ عَلَى قُلَّةٍ) مِنْ جَبَلٍ وَلَوْ كَانُوا بِاسْتِوَاءٍ لَمْ يَسْمَعُوا (لَزِمَتْ مَنْ فِي الْوَهْدَةِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَنْ عَلَى قُلَّةِ الْجَبَلِ اعْتِبَارًا بِتَقْدِيرِ الِاسْتِوَاءِ وَالْخَبَرُ السَّابِقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ وَلَوْ أُخِذَ بِظَاهِرِهِ لَلَزِمَتْ الْبَعِيدَ الْمُرْتَفِعَ دُونَ الْقَرِيبِ الْمُنْخَفِضِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَإِنْ صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقُلَّةُ الْجَبَلِ بِالتَّشْدِيدِ رَأْسُهُ (فَإِنْ سَمِعَ) الْمُعْتَدِلُ النِّدَاءَ (مِنْ بَلَدَيْنِ فَحُضُورُ الْأَكْثَرِ) مِنْهُمَا (جَمَاعَةً أَوْلَى) فَإِنْ اسْتَوَيَا فَيُحْتَمَلُ مُرَاعَاةُ الْأَقْرَبِ كَنَظِيرِهِ فِي الْجَمَاعَةِ وَيُحْتَمَلُ مُرَاعَاةُ الْأَبْعَدِ لِكَثْرَةِ الْأَجْرِ (وَالْغَرِيبُ الْمُقِيمُ) بِبَلْدَةٍ (إذَا لَمْ يَسْتَوْطِنْ) بِهَا بَلْ عَزْمُهُ الرُّجُوعُ إلَى وَطَنِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ يَخْرُجُ بِهَا عَنْ كَوْنِهِ مُسَافِرًا، وَإِنْ طَالَتْ كَالْمُتَفَقِّهِ وَالتَّاجِرِ (لَزِمَتْهُ) الْجُمُعَةُ لِإِقَامَتِهِ مَعَ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ (وَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ) لِعَدَمِ اسْتِيطَانِهِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ [فَرْعٌ الْعُذْرُ الطَّارِئُ وَلَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ إلَّا السَّفَرُ] (فَرْعٌ الْعُذْرُ الطَّارِئُ) وَلَوْ (بَعْدَ الزَّوَالِ يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ إلَّا السَّفَرُ فَلَا يُنْشِئُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَلَوْ لِطَاعَةٍ) كَسَفَرِ حَجٍّ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا كَمَا لَا يُنْشِئُهُ مُبَاحًا كَسَفَرِ تِجَارَةٍ أَمَّا بَعْدَ الزَّوَالِ؛ فَلِأَنَّهَا لَزِمَتْهُ فَيَحْرُمُ اشْتِغَالُهُ بِمَا يُفَوِّتُهَا كَالتِّجَارَةِ وَاللَّهْوِ وَلَا يَقْدَحُ كَوْنُ الْوُجُوبِ مُوَسَّعًا إذْ النَّاسُ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ فِيهَا فَتَعَيَّنَ انْتِظَارُهُ، وَأَمَّا قَبْلَهُ؛ فَلِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ، وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا بِالزَّوَالِ وَلِهَذَا يُعْتَدُّ بِغُسْلِهَا وَيَلْزَمُ السَّعْيُ بَعِيدَ الدَّارِ قَبْلَهُ نَعَمْ إنْ وَجَبَ السَّفَرُ فَوْرًا كَإِنْقَاذِ نَاحِيَةٍ وَطِئَهَا الْكُفَّارُ أَوْ أَسْرَى اخْتَطَفُوهُمْ وَظُنَّ أَوْ جَوَّزَ إدْرَاكَهُمْ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ وُجُوبَ السَّفَرِ فَضْلًا عَنْ جَوَازِهِ أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ (فَإِنْ خَشِيَ) مِنْ عَدَمِ سَفَرِهِ (ضَرَرًا كَانْقِطَاعِ الرُّفْقَةِ) أَيْ انْقِطَاعِهِ عَنْهُمْ (أَوْ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُهَا) بِمَعْنَى تَمَكَّنَ مِنْ إدْرَاكِهَا (فِي طَرِيقِهِ) أَوْ مَقْصِدِهِ (لَمْ يَحْرُمْ) سَفَرُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَا بَعْدَهُ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» فِي الْأَوَّلِ وَلِحُصُولِ الْغَرَضِ فِي الثَّانِي وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ مُجَرَّدَ انْقِطَاعِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ بِلَا ضَرَرٍ وَلَيْسَ عُذْرًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ التَّيَمُّمِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْكِفَايَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي التَّيَمُّمِ بِأَنَّ الطُّهْرَ يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا وَلَا أَمْكَنَهُ إدْرَاكُهَا فِيمَا ذُكِرَ وَسَافَرَ (عَصَى بِسَفَرِهِ) لِتَفْوِيتِهَا بِلَا ضَرَرٍ (وَلَمْ يَتَرَخَّصْ) مَا لَمْ تَفُتْ الْجُمُعَةُ (وَيُحْسَبُ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِ مِنْ فَوَاتِهَا) لِانْتِهَاءِ سَبَبِ   [حاشية الرملي الكبير] التَّحْرِيمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَطَبَرِسْتَانَ) ضَبَطَهَا النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ وَالْأَذْرَعِيُّ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْبَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَفَتْحِ السِّينِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ الْمُصْغِي مُعْتَدِلَ السَّمْعِ) هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعَ سَمَاعًا يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ أَوْ يَكْتَفِي بِسَمَاعٍ لَا تَمْيِيزَ مَعَهُ نُقِلَ عَنْ أَبِي شُكَيْلٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَمَنِ الْأَوَّلُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِسَمَاعٍ يَعْرِفُ بِهِ أَنَّ مَا سَمِعَهُ نِدَاءُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ (إنْ) وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عِيدٌ فَحَضَرَ صَلَاتَهُ أَهْلُ قُرًى يَبْلُغُهُمْ النِّدَاءُ فَلَهُمْ الِانْصِرَافُ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ شَيْخُنَا مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ (قَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ مُرَاعَاةُ الْأَقْرَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَّا السَّفَرُ فَلَا يُنْشِئُهُ إلَخْ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّرَخُّصُ مَا لَمْ تَفُتْ الْجُمُعَةُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ كَإِنْقَاذِ نَاحِيَةٍ إلَخْ) وَحَجٍّ تَضَيَّقَ وَخَافَ الْفَوْتَ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَشِيَ ضَرَرَ الِانْقِطَاعِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ وَنَحْوِهِ مِنْ سَفَرِ الْبَطَّالِينَ وَإِنْ شَمِلَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيُّ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى تَمَكَّنَ مِنْ إدْرَاكِهَا) إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ مَا يُقَابِلُ الِاسْتِحَالَةَ بَلْ غَلَبَةُ ظَنِّهِ إدْرَاكُهَا (قَوْلُهُ وَلِحُصُولِ الْغَرَضِ فِي الثَّانِي) نَعَمْ شَرْطُهُ أَنْ لَا تَتَعَطَّلَ جُمُعَةُ بَلَدِهِ بِسَفَرِهِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ أَيْضًا عِ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ أَوْ مَوْتٌ فَالظَّاهِرُ سُقُوطُ الْإِثْمِ عَنْهُ كَمَا إذَا جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَأَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ أَوْ الْجُنُونُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ قَالَ شَيْخُنَا فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 الْمَعْصِيَةِ (فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ يَرْجُو زَوَالَ عُذْرِهِ) قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ (كَالْعَبْدِ) يَرْجُو الْعِتْقَ (وَالْمَرِيضِ) يَرْجُو الْخِفَّةَ (تَأْخِيرُ الظُّهْرِ إلَى أَنْ) يَيْأَسَ مِنْ إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ بِأَنْ (يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ عُذْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَأْتِي بِهَا كَامِلًا وَقِيلَ بِأَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَأُيِّدَ بِمَا سَيَأْتِي فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَصِحَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ ثَمَّ لَازِمَةٌ فَلَا تُرْفَعُ إلَّا بِيَقِينٍ بِخِلَافِهَا هُنَا (وَتُصَلِّي) اسْتِحْبَابًا (الْمَرْأَةُ وَ) سَائِرُ (مَنْ لَمْ يُرْجَ زَوَالُ عُذْرِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ) لِيَحُوزَ فَضِيلَتَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هَذَا اخْتِيَارُ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ هَذَا كَالْأَوَّلِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ حَتَّى تَفُوتَ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَطُ لَهَا؛ وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ الْكَامِلِينَ فَاسْتُحِبَّ تَقْدِيمُهَا قَالَ وَالِاخْتِيَارُ التَّوَسُّطُ فَيُقَالُ إنْ كَانَ جَازِمًا بِأَنَّهُ لَا يَحْضُرُهَا، وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ وَإِنْ كَانَ لَوْ تَمَكَّنَ أَوْ نَشِطَ حَضَرَهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّأْخِيرُ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ ثُمَّ مَحَلُّ الصَّبْرِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ إذَا لَمْ يُؤَخِّرْهَا الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَإِلَّا فَلَا يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ ذَكَرَهُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ (وَيُسْتَحَبُّ لَهُمْ) أَيْ لِلْمَعْذُورِينَ (الْجَمَاعَةُ) فِي ظُهْرِهِمْ لِعُمُومِ أَدِلَّتِهَا (وَيُخْفُونَهَا) اسْتِحْبَابًا (إنْ خَفِيَ عُذْرُهُمْ) لِئَلَّا يُتَّهَمُوا بِالرَّغْبَةِ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ الْجُمُعَةِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَيُكْرَهُ لَهُمْ إظْهَارُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا أَقَامُوهَا بِالْمَسَاجِدِ فَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ ظَاهِرًا فَلَا يُسْتَحَبُّ الْإِخْفَاءُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (فَإِنْ صَلَّوْا الظُّهْرَ لِعُذْرٍ أَوْ شَرَعُوا فِيهَا فَزَالَ الْعُذْرُ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ أَجْزَأَتْهُمْ) لِأَدَاءِ فَرْضِ وَقْتِهِمْ فَلَا تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ صَلَّوْا لِلْمَعْذُورِينَ (إلَّا الْخُنْثَى) إذَا بَانَ رَجُلًا فَتَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا حِينَ صَلَاتِهِ (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُمْ) أَيْ لِلْمَعْذُورِينَ غَيْرِ الْخُنْثَى الْمَذْكُورِ (الْجُمُعَةُ) بَعْدَ فِعْلِهِمْ الظُّهْرَ حَيْثُ لَا مَانِعَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (فَرْعٌ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ لَا يَصِحُّ ظُهْرُهُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ) مِنْ الْجُمُعَةِ لِتَوَجُّهِ فَرْضِهَا عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا الْفَرْضُ الْأَصْلِيُّ وَإِلَّا لَجَازَ تَرْكُ الْبَدَلِ إلَى الْأَصْلِ كَمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ فَوَاتُهَا لِجَوَازِ بُطْلَانِهَا (فَإِنْ صَلَّاهَا) أَيْ الظُّهْرَ حِينَئِذٍ (جَاهِلًا) بِذَلِكَ (انْقَلَبَتْ نَفْلًا) كَنَظَائِرِهَا (وَبَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (يَلْزَمُهُ) أَيْ غَيْرَ الْمَعْذُورِ (أَدَاءُ الظُّهْرِ عَلَى الْفَوْرِ) ، وَإِنْ كَانَتْ أَدَاءً (لِعِصْيَانِهِ) بِتَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ فَأَشْبَهَ عِصْيَانَهُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ تَفَقُّهًا (وَلَوْ تَرَكَهَا أَهْلُ الْبَلَدِ فَصَلَّوْا الظُّهْرَ لَمْ تَصِحَّ) لِتَوَجُّهِ فَرْضِهَا عَلَيْهِمْ كَمَا مَرَّ (مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) عَنْ خُطْبَتَيْنِ وَرَكْعَتَيْنِ وَالْأَصَحُّ لِيَأْسِهِمْ مِنْهَا حِينَئِذٍ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ بِلَا عُذْرٍ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ لِخَبَرِ «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ قَالَ وَرُوِيَ «فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِرْهَمٍ أَوْ نِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ صَاعِ حِنْطَةٍ أَوْ نِصْفِ صَاعٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «بِمُدٍّ أَوْ نِصْفِ مُدٍّ» وَاتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَقَوْلُ الْحَاكِمِ أَنَّهُ صَحِيحٌ مَرْدُودٌ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ] [مَنْدُوبَات الْجُمُعَةَ] [الْغُسْل] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ) بَعْدَ شُرُوطِهَا (وَهِيَ رَكْعَتَانِ) كَغَيْرِهَا فِي الْأَرْكَانِ (وَتَمْتَازُ) عَنْ غَيْرِهَا (بِأُمُورٍ مَنْدُوبَةٍ الْأَوَّلُ الْغُسْلُ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ يَرْجُو زَوَالَ عُذْرِهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ تَأْخِير الظُّهْرِ] قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي) لَوْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَعِيدًا فَانْتَهَى إلَى حَدٍّ لَوْ أَخَذَ فِي السَّعْيِ لَمْ يُدْرِكْ الرُّكُوعَ الثَّانِي حَصَلَ الْفَوَاتُ فِي حَقِّهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِأَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ) وَقِيلَ يُرَاعَى تَصَوُّرُ الْإِدْرَاكِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ فَمَنْ بَعُدَ مَنْزِلُهُ وَلَوْ سَعَى لَمْ يُدْرِكْهَا فَهُوَ آيِسٌ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ الْإِمَامُ رَأْسَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ شَيْخُنَا وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَالِاخْتِيَارُ التَّوَسُّطُ) أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا حِينَ صَلَاتِهِ) لِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ فِعْلِهِ الظُّهْرَ فَفَعَلَهَا جَاهِلًا بِعِتْقِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ أَوْ تَخَلَّفَ لِلْعُرْيِ ثُمَّ بَانَ أَنَّ عِنْدَهُ ثَوْبًا نَسِيَهُ أَوْ لِلْخَوْفِ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ غَرِيمٍ ثُمَّ بَانَتْ غَيْبَتُهُمَا وَمَا أَشْبَهَ هَذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ غ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ لَا يَصِحُّ ظُهْرُهُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ الْجُمُعَةِ] (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ تَفَقُّهًا) جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ [فَرْعٌ تَرَكَ الْجُمُعَةَ بِلَا عُذْرٍ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ) (قَوْلُهُ وَتَمْتَازُ عَنْ غَيْرِهَا بِأُمُورٍ إلَخْ) رَوَى الْمُنْذِرِيُّ فِي جُزْءٍ جَمَعَهُ فِيمَا جَاءَ فِي غُفْرَانِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الذُّنُوبِ وَمَا تَأَخَّرَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ «مَنْ قَرَأَ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْل أَنْ يُثْنِيَ رِجْلَيْهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ سَبْعًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ وَأُعْطِيَ مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ» وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَفَعَتْهُ «مَنْ قَرَأَ بَعْدَ صَلَاةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعَاذَهُ اللَّهُ بِهَا مِنْ السُّوءِ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» وَقَالَ الْبَارِزِيُّ فِي كِتَابِهِ فَضَائِلُ الْقُرْآنِ خَرَّجَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْحَسَنِ بِرَفْعِهِ قَالَ «مَنْ قَرَأَ عِنْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ ثَانٍ إحْدَى رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْطِفَهَا وَقَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ سَبْعًا وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ سَبْعًا حُفِظَ لَهُ دِينُهُ وَدُنْيَاهُ وَأَهْلُهُ وَوَلَدُهُ» وَخَرَّجَ أَبُو عُبَيْدٍ أَيْضًا عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ حِينَ يُسَلِّمُ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ سَبْعًا سَبْعًا كَانَ ضَامِنًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَرَادَ عَلَى اللَّهِ هُوَ وَمَالُهُ وَوَلَدُهُ مِنْ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الْغُسْلُ) ضَابِطُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَالْمُسْتَحَبِّ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّ مَا شُرِعَ بِسَبَبٍ مَاضٍ كَانَ وَاجِبًا كَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَوْتِ وَمَا شُرِعَ لِمَعْنًى فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَانَ مُسْتَحَبًّا كَإِغْسَالِ الْحَجِّ وَاسْتَثْنَى الْحَلِيمِيُّ مِنْ الْأَوَّلِ الْغُسْلَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَا الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَالْإِسْلَامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ لِأَخْبَارِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ أَيْ مُؤَكَّدٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَغْتَسِلُ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا زَادَ النَّسَائِيّ «هُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ» وَصَرَفَهَا عَنْ الْوُجُوبِ خَبَرُ «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ (عِنْدَ الرَّوَاحِ) إلَيْهَا (وَيَجُوزُ بَعْدَ الْفَجْرِ) لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ عَلَّقَتْهُ بِالْيَوْمِ وَيُفَارِقُ غُسْلَ الْعِيدِ حَيْثُ يُجْزِئُ قَبْلَ الْفَجْرِ بِبَقَاءِ أَثَرِهِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ لِقُرْبِ الزَّمَنِ وَبِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ قَبْلَ الْفَجْرِ لَضَاقَ الْوَقْتُ وَتَأَخَّرَ عَنْ التَّكْبِيرِ إلَى الصَّلَاةِ وَفِي كَلَامِهِ قُصُورٌ وَالْغَرَضُ أَنَّ الْغُسْلَ لَهَا سُنَّةٌ مِنْ بَعْدِ الْفَجْرِ إلَى الرَّوَاحِ إلَيْهَا وَأَنَّهُ يُسَنُّ تَقْرِيبُهُ مِنْ الرَّوَاحِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَى إلَى الْغَرَضِ مِنْ التَّنْظِيفِ وَلَوْ تَعَارَضَ الْغُسْلُ وَالتَّكْبِيرُ فَمُرَاعَاةُ الْغُسْلِ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ؛ وَلِأَنَّ نَفْعَهُ مُتَعَدٍّ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ وَيَخْتَصُّ (بِمَنْ يَحْضُرُهَا) ، وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ لِمَفْهُومِ خَبَرِ «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» وَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَلْيَغْتَسِلْ وَمَنْ لَمْ يَأْتِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ» وَيُفَارِقُ الْعِيدَ حَيْثُ لَا يَخْتَصُّ بِمَنْ يَحْضُرُ بِأَنَّ غُسْلَهُ لِلزِّينَةِ وَإِظْهَارِ السُّرُورِ، وَهَذَا لِلتَّنْظِيفِ وَدَفْعِ الْأَذَى عَنْ النَّاسِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي التَّزْيِينِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ يُضَايَقُ فِي هَذَا الْفَرْقِ (وَلَا يُبْطِلُهُ الْحَدَثُ) فَيَتَوَضَّأُ (وَ) لَا (الْجَنَابَةُ) فَيَغْتَسِلُ لَهَا (وَيَتَيَمَّمُ الْعَاجِزُ عَنْهُ) بِنِيَّتِهِ إحْرَازًا لِلْفَضِيلَةِ كَسَائِرِ الْأَغْسَالِ (وَيَلْزَمُ الْبَعِيدَ) عَنْ الْجَامِعِ (السَّعْيُ) إلَى الْجُمُعَةِ (قَبْلَ الزَّوَالِ) لِتَوَقُّفِ أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا عَلَى الرَّوْضَةِ (فَرْعٌ مِنْ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ أَغْسَالُ الْحَجِّ وَالْعِيدَيْنِ) وَسَتَأْتِي فِي مَحَالِّهَا (وَالْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ) مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا (سُنَّةٌ كَالْوُضُوءِ مِنْ مَسِّهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْغَاسِلُ طَاهِرًا أَمْ لَا كَحَائِضٍ لِخَبَرِ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقِيسَ بِالْحَمْلِ الْمَسُّ وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ خَبَرُ «لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غُسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إذَا غَسَّلْتُمُوهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَقِيسَ بِالْغُسْلِ الْوُضُوءُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ سُنَّةٌ إيضَاحٌ (وَكَذَا) يُسَنُّ (غُسْلُ كَافِرٍ أَسْلَمَ) وَ (لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ جَنَابَةٌ أَوْ حَيْضٌ) أَوْ نَحْوُهُ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ لَمَّا أَسْلَمَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانُ وَحَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالْغُسْلِ؛ وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ تَرْكُ مَعْصِيَةٍ فَلَمْ يَجِبْ مَعَهُ غُسْلٌ كَالتَّوْبَةِ مِنْ سَائِرِ الْمَعَاصِي وَيُسَنُّ غُسْلُهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَأَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ قَبْلَ غُسْلِهِ لَا بَعْدَهُ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ جَنَابَةٌ أَوْ نَحْوُهَا (وَجَبَ) غُسْلُهُ وَإِنْ اغْتَسَلَ فِي الْكُفْرِ كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ (وَوَقْتُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ) لَا قَبْلَهُ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى تَأْخِيرِ الْإِسْلَامِ الْوَاجِبِ وَمَا فِي خَبَرِ ثُمَامَةَ مِنْ أَنَّهُ أَسْلَمَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَسْلَمَ ثُمَّ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَظْهَرَ إسْلَامَهُ بِقَرِينَةِ رِوَايَةٍ أُخْرَى (وَ) يُسَنُّ (الْغُسْلُ لِلْإِفَاقَةِ مِنْ الْجُنُونِ وَ) مِنْ (الْإِغْمَاءِ) لِلِاتِّبَاعِ فِي الْإِغْمَاءِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي مَعْنَاهُ الْجُنُونُ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ قَلَّ مَنْ جُنَّ إلَّا وَأَنْزَلَ فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَجِبْ كَمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ قُلْت لَا عَلَامَةَ ثَمَّ عَلَى خُرُوجِ الرِّيحِ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ فَإِنَّهُ مُشَاهَدٌ (وَ) يُسَنُّ الْغُسْلُ (لِكُلِّ اجْتِمَاعٍ) كَالِاجْتِمَاعِ لِكُسُوفٍ أَوْ اسْتِسْقَاءٍ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا (وَلِتَغَيُّرِ رَائِحَةِ الْبَدَنِ) إزَالَةً لِلرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ (وَ) الْغُسْلُ (مِنْ الْحِجَامَةِ وَ) مِنْ (الْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ) عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ سَوَاءٌ أَتَنَوَّرَ أَمْ لَا لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «كُنَّا نَغْتَسِلُ مِنْ خَمْسٍ مِنْ الْحِجَامَةِ وَالْحَمَّامِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَمِنْ الْجَنَابَةِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ» وَحِكْمَتُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّ ذَلِكَ يُغَيِّرُ الْجَسَدَ وَيُضْعِفُهُ وَالْغُسْلُ يَشُدُّهُ وَيُنْعِشُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِلْفَصْدِ وَنَحْوِهِ وَمِنْ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ الْغُسْلُ لِلِاعْتِكَافِ كَمَا فِي لَطِيفِ ابْنِ خَيْرَانَ عَنْ النَّصِّ وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى مَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَنْ يَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ وَلِدُخُولِ الْحَرَمِ وَلِحَلْقِ الْعَانَةِ كَمَا فِي رَوْنَقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَلُبَابِ الْمَحَامِلِيِّ وَلِبُلُوغِ الصَّبِيِّ بِالسِّنِّ كَمَا فِي الرَّوْنَقِ وَلِدُخُولِ الْمَدِينَةِ كَمَا قَالَهُ الْخَفَّافُ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَالْغُسْلُ فِي الْوَادِي عِنْدَ سَيَلَانِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ (وَآكَدُهَا غُسْلُ الْجُمُعَةِ) لِكَثْرَةِ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ (ثُمَّ غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ) لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ (وَفَائِدَتُهُ) أَيْ وَمِنْ فَوَائِدِ كَوْنِ ذَلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْله فَمُرَاعَاةُ الْغُسْلِ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّ نَفْعَهُ مُتَعَدٍّ إلَى غَيْرِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِجَسَدِهِ عَرَقٌ كَثِيرٌ وَرِيحٌ كَرِيهٌ أَخَّرَ وَإِلَّا بَكَّرَ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ وَيَتَيَمَّمُ الْعَاجِزُ عَنْهُ بِنِيَّتِهِ) قَالَ شَيْخُنَا فَيَجُوزُ أَنْ يَنْوِيَ التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَلَيْسَ هَذَا فِي مَعْنَى أَنَّ نِيَّةَ التَّيَمُّمِ مُمْتَنِعَةٌ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ فَلَا يَكُونُ مَقْصِدًا إذْ مَحَلُّهُ إذَا تَجَرَّدَ وَحْدَهُ، وَأَمَّا هُنَا فَذَكَرَ الْبَدَلِيَّةَ أَخْرَجَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَفُوتُ غُسْلُ الْجُمُعَةِ بِالْيَأْسِ مِنْ فِعْلِهَا (قَوْلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ) وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ السَّكَنِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ خَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لِصِحَّتِهِ مِائَةً وَعِشْرِينَ طَرِيقًا لَكِنْ قَالَ الْبُخَارِيُّ الْأَشْبَهُ وَقْفُهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ [فَرْعٌ الْأَغْسَال الْمَسْنُونَة] (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِالْحَمْلِ الْمَسُّ) لَوْ لَمْ يَزِدْهُ لَمَا صَحَّ قَوْلُهُ كَالْوُضُوءِ مِنْ مَسِّهِ (قَوْلُهُ أَمَرَ بِهِ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ لَمَّا أَسْلَمَ) وَكَذَلِكَ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ (قَوْلُهُ وَالْغُسْلُ لِلْإِفَاقَةِ مِنْ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ) شَمِلَ كَلَامُهُ فِي الْغُسْلِ لِلْإِفَاقَةِ مِنْ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ غَيْرَ الْبَالِغِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 آكَدَ (التَّقْدِيمُ) لَهُ (كَمَا لَوْ أَوْصَى) أَوْ وَكَّلَ (بِمَاءٍ لِلْأَوْلَى) كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي التَّيَمُّمِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ إذَا أَرَادَ الْغُسْلَ لِلْمَسْنُونَاتِ نَوَى أَسْبَابَهَا إلَّا الْغُسْلَ مِنْ الْجُنُونِ فَإِنَّهُ يَنْوِي الْجَنَابَةَ وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ قُلْت وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي الْخَارِجِ هَلْ هُوَ مَنِيٌّ أَوْ وَدْيٌ وَاغْتَسَلَ انْتَهَى الْأَمْرُ (الثَّانِي الْبُكُورُ) إلَى الْمُصَلَّى لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ وَيَنْتَظِرُوا الصَّلَاةَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ أَيْ مِثْلَهُ ثُمَّ رَاحَ أَيْ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ «أَنَّ السَّاعَاتِ سِتٌّ» قَالَ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مَا مَرَّ وَفِي الرَّابِعَةِ بَطَّةً وَالْخَامِسَةِ دَجَاجَةً وَالسَّادِسَةِ بَيْضَةً وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا فِي الرَّابِعَةِ دَجَاجَةً وَالْخَامِسَةِ عُصْفُورًا وَالسَّادِسَةِ بَيْضَةً قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِسْنَادُ الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيحٌ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ هُمَا شَاذَّتَانِ لِمُخَالَفَتِهِمَا سَائِرَ الرِّوَايَاتِ وَقُيِّدَ مِنْ زِيَادَتِهِ سُنَّ الْبُكُورُ بِقَوْلِهِ (لِغَيْرِ الْإِمَامِ) . أَمَّا الْإِمَامُ فَيُنْدَبُ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى وَقْتِ الْخُطْبَةِ لِاتِّبَاعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَالسَّاعَاتُ (مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ) لَا الشَّمْسِ وَلَا الضُّحَى وَلَا الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْيَوْمِ شَرْعًا وَبِهِ يَتَعَلَّقُ جَوَازُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ لَفْظُ الرَّوَاحِ مَعَ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْخُرُوجِ بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِمَا يُؤْتَى بِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى أَنَّ الْأَزْهَرِيَّ مَنَعَ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْعَرَبِ فِي السَّيْرِ أَيِّ وَقْتٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ (وَالسَّاعَةُ الْأُولَى أَفْضَلُ ثُمَّ الثَّانِيَةُ ثُمَّ الثَّالِثَةُ فَمَا بَعْدَهَا) لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ. (وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ السَّاعَاتِ الْفَلَكِيَّةِ) أَيْ الْأَرْبَعَ وَالْعِشْرِينَ (بَلْ تَرْتِيبُ دَرَجَاتِ السَّابِقِينَ) عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ فِي الْفَضِيلَةِ لِئَلَّا يَسْتَوِيَ فِيهَا رَجُلَانِ جَاءَا فِي طَرَفَيْ سَاعَةٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَاخْتَلَفَ الْأَمْرُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالصَّائِفِ وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ فَقَالَ (فَكُلُّ دَاخِلٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا بَعْدَهُ كَالْمُقَرِّبِ بَدَنَةً وَ) بِالنِّسْبَةِ (إلَى مَنْ قَبْلَهُ بِدَرَجَةٍ كَالْمُقَرِّبِ بَقَرَةً وَبِدَرَجَتَيْنِ كَالْمُقَرِّبِ كَبْشًا وَبِثَلَاثٍ) مِنْ الدَّرَجَاتِ كَالْمُقَرِّبِ (دَجَاجَةً) بِتَثْلِيثِ الدَّالِ (وَبِأَرْبَعٍ) مِنْ الدَّرَجَاتِ كَالْمُقَرِّبِ (بَيْضَةً) وَقَالَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ بَلْ الْمُرَادُ الْفَلَكِيَّةُ لَكِنَّ بَدَنَةَ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ مِنْ بَدَنَةِ الْأَخِيرِ وَبَدَنَةَ الْمُتَوَسِّطِ مُتَوَسِّطَةٌ كَمَا فِي دَرَجَاتِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ وَالْقَلِيلَةِ أَيْ وَيُرَادُ بِسَاعَاتِ النَّهَارِ الْفَلَكِيَّةِ اثْنَا عَشْرَ سَاعَةً زَمَانِيَّةً صَيْفًا أَوْ شِتَاءً، وَإِنْ لَمْ تُسَاوِ الْفَلَكِيَّةَ فَالْعِبْرَةُ بِخَمْسِ سَاعَاتٍ مِنْهَا طَالَ الزَّمَانُ أَوْ قَصُرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي وَقَالَ الْغَزَالِيُّ السَّاعَةُ الْأُولَى إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالثَّانِيَةُ إلَى ارْتِفَاعِهَا وَالثَّالِثَةُ إلَى انْبِسَاطِهَا حَتَّى تَرْمَضَ الْأَقْدَامُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ إلَى الزَّوَالِ الْأَمْرُ (الثَّالِثُ) وَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْجُمُعَةِ لَكِنَّهُ فِيهَا آكَدُ (التَّزَيُّنُ بِأَخْذِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ) رَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْآبَاطِ» وَرَوَى الْبَزَّارُ خَبَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الصَّلَاةِ» وَحَدُّ قَصِّ الشَّارِبِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنْ يَقُصَّهُ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَلَا يُحْفِيَهُ مِنْ أَصْلِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَأَمَّا خَبَرُ «أَحْفُوا الشَّوَارِبَ» فَمَعْنَاهُ أَحْفُوا مَا طَالَ عَنْ الشَّفَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ السَّبَّالَيْنِ وَهُمَا طَرَفَا الشَّارِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتُرُ الْفَمَ وَلَا يَبْقَى فِيهِ غَمْرُ الطَّعَامِ إذْ لَا يَصِلُ إلَيْهِ قَالَ وَكَيْفِيَّةُ تَقْلِيمِ الظُّفْرِ أَنْ يَبْدَأَ بِمُسَبِّحَةِ يَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ بِالْبِنْصِرِ ثُمَّ بِالْخِنْصَرِ ثُمَّ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى ثُمَّ بِبِنْصِرِهَا ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ السَّبَّابَةِ ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ إبْهَامِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى وَحَكَاهَا عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ إنَّهَا حَسَنَةٌ إلَّا تَأْخِيرُ إبْهَامِ الْيُمْنَى فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَلِّمَهَا بَعْدَ خِنْصَرِهَا وَبِهِ جَزَمَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. قَالَ وَضَابِطُ أَخْذِ الظُّفْرِ وَالشَّارِبِ وَالْإِبِطِ وَالْعَانَةِ طُولُهَا وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ   [حاشية الرملي الكبير] [تَنْبِيه إذَا أَرَادَ الْغُسْلَ لِلْمَسْنُونَاتِ نَوَى أَسْبَابَهَا إلَّا الْغُسْلَ مِنْ الْجُنُونِ] قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) إذَا فَاتَتْ هَذِهِ الْأَغْسَالُ لَا تُقْضَى [الْبُكُور إلَى الْمُصَلَّى] (قَوْلُهُ الثَّانِي الْبُكُورُ) إطْلَاقُهُ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ التَّبْكِيرِ لِلْعَجُوزِ إذَا اسْتَحْبَبْنَا حُضُورَهَا وَكَذَلِكَ الْخُنْثَى الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى الْعَجُوزِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ ح (قَوْلُهُ لِغَيْرِ إمَامٍ) وَكَذَا مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَنَحْوُهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّبْكِيرُ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُرَادُ الْفَلَكِيَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْعِبْرَةُ بِخَمْسِ سَاعَاتٍ مِنْهَا) قَالَ شَيْخُنَا الْخَمْسُ سَاعَاتٍ عَلَى رِوَايَةِ الْخَمْسِ وَإِلَّا فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ أَنَّهَا سِتُّ سَاعَاتٍ وَإِنْ كَانَتْ رِوَايَتُهَا شَاذَّةً (قَوْلُهُ حَتَّى تَرْمَضَ الْأَقْدَامُ) أَيْ تَجِدَ حَرَّ الشَّمْسِ مِنْ الرَّمْضَاءِ أَيْ الرَّمَادِ إذَا اُسْتُحِرَّ بِالشَّمْسِ مِنْهُ [التَّزَيُّن بأخذ الشعر وَالظُّفُر] (قَوْلُهُ الثَّالِثُ التَّزَيُّنُ بِأَخْذِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ) مَحَلُّهُ فِي الظُّفْرِ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَنْ يُرِيدُ الْأُضْحِيَّةَ (قَوْلُهُ وَنَتْفُ الْآبَاطِ) قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ كَمَا يُسْتَحَبُّ نَتْفُ الْإِبِطِ يُسْتَحَبُّ نَتْفُ الْأَنْفِ أَيْضًا كَذَا فِي الْكِفَايَةِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ وَلَا حَدٍّ وَرَأَيْت فِي أَحْكَامِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ مَا نَصُّهُ ذُكِرَ اسْتِحْبَابُ قَصِّ شَعْرِ الْأَنْفِ وَكَرَاهَةُ نَتْفِهِ ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ الْمَازِنِيِّ مَرْفُوعًا «لَا تَنْتِفُوا الشَّعْرَ الَّذِي فِي الْأَنْفِ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْأَكَلَةَ وَلَكِنْ قُصُّوهُ قَصًّا» رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ. اهـ.، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَضَابِطُ أَخْذِ الظُّفْرِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ يُسْتَحَبُّ قَلْمُ الْأَظْفَارِ كُلَّ عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَحَلْقُ الْعَانَةِ كُلَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَوْلَى فِي الْأَظْفَارِ مُخَالَفَتُهَا رُوِيَ مَنْ قَصَّ أَظْفَارَهُ مُخَالِفًا لَمْ يَرَ فِي عَيْنَيْهِ رَمَدًا وَفَسَّرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ بِأَنْ يَبْدَأَ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ الْمُسَبِّحَةِ ثُمَّ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ السَّبَّابَةِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ إذَا مَا قَصَصْت الظُّفْرَ يَوْمًا لِسُنَّةٍ ... فَقَدِّمْ عَلَى يُسْرَاك يُمْنَاك وَابْتَدِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 (وَالسِّوَاكُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (وَالتَّنَظُّفُ) مِنْ الْأَوْسَاخِ وَالرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهَا أَحَدٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ نَظَّفَ ثَوْبَهُ قَلَّ هَمُّهُ وَمَنْ طَابَ رِيحُهُ زَادَ عَقْلُهُ (وَاسْتِعْمَالُ الْأَفْضَلِ مِنْ طِيبِهِ وَثِيَابِهِ) لِخَبَرِ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إنْ كَانَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثُمَّ أَنْصَتَ إذَا خَرَجَ إمَامُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِمَا وَسَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِ طِيبِ النِّسَاءِ وَلُبْسِ ثِيَابِهِنَّ (وَأَفْضَلُهَا) أَيْ ثِيَابِهِ أَيْ أَلْوَانِهَا (الْبَيَاضُ) لِخَبَرِ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ الْخَبَرَ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْبَيَاضِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْبِيضِ، وَهُوَ سَالِمٌ مِنْ التَّقْدِيرِ السَّابِقِ (ثُمَّ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ) قَبْلَ نَسْجِهِ كَالْبُرُدِ (لَا) مَا صُبِغَ (هُوَ) مَنْسُوجًا بَلْ يُكْرَهُ لُبْسُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَلْبَسْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَبِسَ الْبَرْدَرْوِيَّ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ بُرْدٌ يَلْبَسُهُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ (وَيَزِيدُ الْإِمَامُ) نَدْبًا (فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَالْعِمَّةِ وَالِارْتِدَاءِ) لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّهُ مَنْظُورٌ إلَيْهِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ الْإِمَامُ فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَيَتَعَمَّمَ وَيَتَرَدَّى (وَتَرْكُ) لُبْسِ (السَّوَادِ) لَهُ (أَوْلَى) مِنْ لُبْسِهِ (إلَّا إنْ خَشَى مَفْسَدَةً) تَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى لُبْسِهِ بِدْعَةٌ فَإِنْ مُنِعَ الْخَطِيبُ أَنْ يَخْطُبَ إلَّا بِهِ فَلْيَفْعَلْ (وَيُسْتَحَبُّ لِطَالِبِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (أَنْ يَمْشِيَ) لِخَبَرِ «مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَرَوَى غَسَّلَ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، وَهُوَ أَرْجَحُ وَعَلَيْهِمَا فِي مَعْنَاهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا غُسْلُ زَوْجَتِهِ بِأَنْ جَامَعَهَا فَأَلْجَأَهَا إلَى الْغُسْلِ وَاغْتَسَلَ هُوَ قَالُوا وَيُسَنُّ لَهُ الْجِمَاعُ فِي هَذَا الْيَوْمِ لِيَأْمَنَ أَنْ يَرَى فِي طَرِيقِهِ مَا يُشْغِلُ قَلْبَهُ ثَانِيهَا غَسْلُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِأَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ ثَالِثُهَا غَسْلُ ثِيَابِهِ وَرَأْسِهِ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الرَّأْسَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ فِيهِ الدُّهْنَ وَالْخِطْمِيَّ وَنَحْوَهُمَا وَكَانُوا يَغْسِلُونَهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَغْتَسِلُونَ وَرَوَى بَكَرَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ أَشْهَرُ فَعَلَى التَّخْفِيفِ مَعْنَاهُ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بَاكِرًا وَعَلَى التَّشْدِيدِ مَعْنَاهُ أَتَى بِالصَّلَاةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَابْتَكَرَ أَيْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنَى جَمَعَ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدًا وَقَوْلُهُ مَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ قِيلَ هُمَا بِمَعْنَى جَمَعَ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدًا. وَالْمُخْتَارُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَرْكَبْ أَفَادَ نَفْيَ تَوَهُّمِ حَمْلِ الْمَشْيِ عَلَى الْمُضِيِّ، وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا وَنَفَى احْتِمَالَ أَنْ يُرَادَ الْمَشْيُ وَلَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ (بِسَكِينَةٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ» ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] فَمَعْنَاهُ امْضُوا؛ لِأَنَّ السَّعْيَ يُطْلَقُ عَلَى الْمُضِيِّ وَالْعَدْوِ فَبَيَّنَتْ السُّنَّةُ الْمُرَادَ بِهِ (مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) فَإِنْ ضَاقَ فَالْأَوْلَى الْإِسْرَاعُ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يَجِبُ إذَا لَمْ يُدْرِكْ الْجُمُعَةَ إلَّا بِهِ (وَلَا يَسْعَى إلَيْهَا وَلَا إلَى غَيْرِهَا) مِنْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. (وَلَا يَرْكَبُ فِي جُمُعَةٍ وَ) لَا (عِيدٍ وَ) لَا (جِنَازَةٍ وَ) لَا (عِيَادَةِ مَرِيضٍ) لِخَبَرِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ» السَّابِقُ وَقَيَّدَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ طَلَبَ عَدَمِ الرُّكُوبِ بِالذَّهَابِ وَرَدَّهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُمْ «قَالُوا لِرَجُلٍ هَلَّا تَشْتَرِي لَك حِمَارًا تَرْكَبُهُ إذَا أَتَيْت إلَى الصَّلَاةِ فِي الرَّمْضَاءِ وَالظَّلْمَاءِ فَقَالَ إنِّي أُحِبُّ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ فِي ذَهَابِي وَعَوْدِي فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ فَعَلَ اللَّهُ لَك ذَلِكَ» أَيْ كَتَبَ لَك مَمْشَاك أَيْ أَفْضَلِيَّتَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى كَتَبَ لَك ذَلِكَ فِي مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ لَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا جَمْعًا بَيْنَ هَذَا الْخَبَرِ وَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ فِي رُجُوعِهِ مِنْ جِنَازَةِ أَبِي الدَّحْدَاحِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ (إلَّا لِعُذْرٍ) فَيَرْكَبُ (فَإِنْ رَكِبَ) لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (سَيَّرَهَا) أَيْ الدَّابَّةَ (بِسُكُونٍ) مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ كَمَا فِي الْمَاشِي الْأَمْرُ (الرَّابِعُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (الْجُمُعَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ أَوْ) فِي الْأُولَى (سَبِّحْ وَ) فِي الثَّانِيَةِ (الْغَاشِيَةَ) وَلَوْ صَلَّى بِغَيْرِ مَحْصُورِينَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِيهِمَا   [حاشية الرملي الكبير] بِخِنْصَرِهَا ثُمَّ الْوَسِيطِ وَبَعْدَهُ ... إبْهَامٌ وَبَعْدَ الْبِنْصِرِ الْمُتَشَهِّدِ وَيُسْرَاك فَهْوَ الْعَكْسُ فِيمَا ذَكَرْته ... لِتَأْمَنَ فِي الْعَيْنَيْنِ مِنْ عَيْشِ أَرْمَدِ ، وَبَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: فِي قَصِّ يُمْنَى رُتِّبَتْ خََوابِسُ ... أَوْخَسُ لِلْيُسْرَى وَبَاءٌ خَامِسٌ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ لِلْوَالِدِ (قَوْلُهُ وَأَفْضَلُهَا الْبَيَاضُ) قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الشِّتَاءِ وَالْوَحْلِ (قَوْلُهُ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضِ بِالْبِيضِ) زَادَ الصَّيْمَرِيُّ الْجُدُدَ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ) سَيَأْتِي فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لُبْسُ مَصْبُوغٍ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يَجِبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَرْكَبُ فِي جُمُعَةٍ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرُّكُوبُ أَفْضَلُ لِمَنْ يُجْهِدُهُ الْمَشْيُ لِهَرَمٍ أَوْ ضَعْفٍ أَوْ بُعْدِ مَنْزِلٍ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ التَّعَبُ بِهِ مِنْ الْخُشُوعِ وَالْحُضُورِ فِي الصَّلَاةِ [أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ الْجُمُعَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ] (قَوْلُهُ الرَّابِعُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ إلَخْ) قِرَاءَةُ الْبَعْضِ مِنْهُمَا أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ قَدْرِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُشْتَمِلًا عَلَى الثَّنَاءِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَنَحْوِهَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَانَ يَقْرَأُ هَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَهَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ فَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ لَا قَوْلَانِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الرُّبَيِّعُ قَالَ سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنَّهُ يَخْتَارُ الْجُمُعَةَ وَالْمُنَافِقِينَ وَلَوْ قَرَأَ بِسَبِّحْ وَهَلْ أَتَاك كَانَ حَسَنًا وَفِيمَا نَقَلَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْأُولَيَيْنِ أَوْلَى وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ (وَإِنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ فِي الْأُولَى) عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا (جَمَعَهُمَا) أَيْ الْجُمُعَةَ وَالْمُنَافِقِينَ (فِي الثَّانِيَةِ) كَيْ لَا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ عَنْهُمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُعَارَضُ بِتَطْوِيلِهَا عَلَى الْأَوْلَى فَإِنْ تَرَكَهُ أُدِّبَ لَا يُقَاوَمُ فَضْلُهُمَا قُلْت؛ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ مَحَلُّهُ إذْ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِخِلَافِهِ وَهُنَا وَرَدَ بِخِلَافِهِ إذْ السُّنَّةُ قِرَاءَةُ الْجُمُعَةِ أَوْ سَبِّحْ فِي الْأُولَى وَالْمُنَافِقِينَ أَوْ الْغَاشِيَةَ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا مَرَّ أَنَّ فِيهِ تَطْوِيلَهَا عَلَى الْأُولَى (وَإِنْ عَكَسَ) بِأَنْ قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِي الْأُولَى وَالْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَةِ (لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا) فِيهَا بَلْ يَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى الْجُمُعَةِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ يَأْتِي فِي سَبِّحْ وَالْغَاشِيَةِ (فَرْعٌ يُكْرَهُ) لِكُلِّ أَحَدٍ (تَخَطِّي الرِّقَابِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ فَقَالَ لَهُ اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت وَأَنَيْت أَيْ تَأَخَّرْت» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ (إلَّا لِلْإِمَامِ) إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْمِنْبَرَ أَوْ الْمِحْرَابَ إلَّا بِالتَّخَطِّي فَلَا يُكْرَهُ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْهَا (إلَّا بِتَخَطِّي صَفٍّ أَوْ صَفَّيْنِ) فَلَا يُكْرَهُ، وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا لِتَقْصِيرِ الْقَوْمِ بِإِخْلَاءِ الْفُرْجَةِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ إنْ وَجَدَ غَيْرَهَا أَنْ لَا يَتَخَطَّى وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ وَالتَّقْيِيدِ بِصَفٍّ أَوْ صَفَّيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَبَّرَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ بِرَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ فَالْمُرَادُ كَمَا فِي التَّوْشِيحِ وَغَيْرِهِ اثْنَانِ مُطْلَقًا فَقَدْ يَحْصُلُ تَخَطِّيهمَا مِنْ صَفٍّ وَاحِدٍ لِازْدِحَامٍ فَإِنْ أَرَادَ فِي التَّخَطِّي عَلَيْهِمَا وَرَجَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا إلَى الْفُرْجَةِ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كُرِهَ لِكَثْرَةِ الْأَذَى وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَيُفَارِقُ إبَاحَةَ التَّخَطِّي حَيْثُ قُيِّدْت بِمَا ذُكِرَ إبَاحَةُ خَرْقِ الصُّفُوفِ حَيْثُ لَمْ تُقَيَّدْ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَصِفَةِ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّ فِي تَرْكِ خَرْقِهَا إدْخَالًا لِلنَّقْصِ عَلَى صَلَاتِهِ وَصَلَاتِهِمْ بِخِلَافِ تَخَطِّي الرِّقَابِ فَإِنَّهُ إذَا صَبَرَ تَقَدَّمُوا عِنْدَ إقَامَةِ الصُّفُوفِ وَتَسْوِيَتِهَا لِلصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَ بِتَسْوِيَتِهَا كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ أَحَدًا) لِيَجْلِسَ مَكَانَهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ وَلَكِنْ يَقُولُ تَفَسَّحُوا أَوْ تَوَسَّعُوا فَإِنْ قَامَ الْجَالِسُ بِاخْتِيَارِهِ وَأَجْلَسَ غَيْرُهُ فَلَا كَرَاهَةَ فِي جُلُوسِ غَيْرِهِ» ، وَأَمَّا هُوَ فَإِنْ انْتَقَلَ إلَى مَكَان أَقْرَبَ إلَى الْإِمَامِ أَوْ مِثْلِهِ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ؛ لِأَنَّ الْإِيثَارَ بِالْقُرْبِ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] فَالْمُرَادُ الْإِيثَارُ فِي حُظُوظِ النُّفُوسِ (وَيَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَقْعُدُ لَهُ) فِي مَكَان (لِيَقُومَ عَنْهُ) إذَا جَاءَ هُوَ (وَإِذَا فُرِشَ لِأَحَدٍ ثَوْبٌ) أَوْ نَحْوُهُ (فَلَهُ) أَيْ فَلِغَيْرِهِ (تَنْحِيَتُهُ) وَالصَّلَاةُ مَكَانَهُ (لَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ) بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ (وَلَا يَرْفَعُهُ) بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا (فَيَضْمَنُهُ) أَيْ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي ضَمَانِهِ (وَلْيَشْتَغِلْ) نَدْبًا مَنْ حَضَرَ (قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِالذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِيَنَالَ ثَوَابَهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ الْعَظِيمِ (وَيُكْثِرُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الصَّلَاةِ (عَلَيْهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا) لِخَبَرِ «إنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَخَبَرِ «أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَأَفْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِكْثَارَ خَاصٌّ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَيْ لَا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ عَنْهُمَا) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَكَذَا صَلَاةُ الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْوِتْرِ وَسُنَّةِ الْفَجْرِ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ إذَا تَرَكَ فِي الْأُولَى مَا هُوَ مَسْنُونٌ فِيهَا أَتَى فِي الثَّانِيَةِ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ مِنْ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ [فَرْعٌ تَخَطِّي الرِّقَابِ فِي صَلَاة الْجُمُعَة] (قَوْلُهُ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يَتَخَطَّى» إلَخْ) وَلِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اتَّخِذْ جِسْرًا إلَى جَهَنَّمَ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (قَوْلُهُ إلَّا لِلْإِمَامِ إلَخْ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَرَاهَةِ التَّخَطِّي صُورَةٌ مِنْهَا الرَّجُلُ الْعَظِيمُ فِي النُّفُوسِ إذَا أَلِفَ مَوْضِعًا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ لِقِصَّةِ عُثْمَانَ الْمَشْهُورَةِ وَتَخَطِّيهِ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَالْمُتَوَلِّي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ ظَهَرَ صَلَاحُهُ وَوِلَايَتُهُ فَإِنَّ النَّاسَ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَظَّمًا فَلَا يَتَخَطَّى وَإِنْ أَلِفَ مَوْضِعًا يُصَلِّي فِيهِ قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَمِنْهَا مَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْقَوْمُ فِي التَّخَطِّي فَلَا يُكْرَهُ لَهُمْ الْإِذْنُ وَالرِّضَا بِإِدْخَالِهِمْ الضَّرَرَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ إلَّا أَنْ يُكْرَهَ لَهُمْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّ الْإِيثَارَ بِالْقُرْبِ مَكْرُوهٌ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ الْأَقْفَهْسِيُّ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ كَرَاهَةَ التَّخَطِّي لَا تَزُولُ فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَى مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ قَالَ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قُدَّامَهُ فُرْجَةٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُكْرَهُ مُطْلَقًا وَعَنْ مَالِكٍ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَا بَأْسَ بِهِ قَبْلَهُ وَعَنْ أَبِي نَصْرٍ جَوَازُ ذَلِكَ بِإِذْنِهِمْ وَحِكَايَةُ هَذَا عَنْ أَبِي نَصْرٍ تَقْتَضِي بَقَاءَ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ غَيْرِهِ مَعَ الْإِذْنِ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُسْلِمُ بِأَنْ يُعْلِيَ الْكَافِرُ بِنَاءً عَلَى بِنَائِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَمِنْهَا إذَا كَانَ الْجَالِسُونَ عَبِيدًا لَهُ أَوْ أَوْلَادًا وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ لِيَأْخُذَ لَهُ مَوْضِعًا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَإِذَا حَضَرَ السَّيِّدُ تَأَخَّرَ الْعَبْدُ قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَمِنْهَا إذَا جَلَسَ دَاخِلَ الْجَامِعِ عَلَى طَرِيقِ النَّاسِ وَمِنْهَا إذَا سَبَقَ الْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ أَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِينَ أَوْ غَيْرَ الْمُسْتَوْطِنِينَ إلَى الْجَامِعِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْكَامِلِينَ إذَا حَضَرُوا التَّخَطِّي لِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ إذَا كَانُوا لَا يَسْمَعُونَهَا مَعَ الْعَبْدِ قس وَقَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ كَمَا فِي التَّوْشِيحِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 وَغَيْرِهِمَا. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ مُحْتَمِلَةٌ لِذَلِكَ وَلِشُمُولِهِ الذِّكْرَ وَالتِّلَاوَةَ أَيْضًا (وَيَقْرَأُ فِيهِمَا) أَيْ فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا (سُورَةَ الْكَهْفِ) لِخَبَرِ «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَلِخَبَرِهِ «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْ قِرَاءَتِهَا فِيهِمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ قَالَ وَقِرَاءَتُهَا نَهَارًا آكَدُ وَالْحِكْمَةُ فِي قِرَاءَتِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ فِيهَا أَهْوَالَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْجُمُعَةُ تُشْبِهُهَا لِمَا فِيهَا مِنْ اجْتِمَاعِ الْخَلْقِ؛ وَلِأَنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (وَلْيُكْثِرْ فِي يَوْمِهَا مِنْ الدُّعَاءِ لِيُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ فِيهِ سَاعَةُ إجَابَةٍ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَسَقَطَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قَائِمٌ يُصَلِّي وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ انْتِظَارُهَا وَبِالْقِيَامِ الْمُلَازَمَةُ (وَأَرْجَاهَا مِنْ جُلُوسِ الْخَطِيبِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَمَّا خَبَرُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ مُنْتَقِلَةٌ تَكُونُ يَوْمًا فِي وَقْتٍ وَيَوْمًا فِي آخَرَ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا مُسْتَغْرِقَةٌ لِلْوَقْتِ الْمَذْكُورِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ لِمَا مَرَّ (وَلَا يَصِلُ صَلَاتَهَا بِصَلَاةٍ وَيَكْفِي فَصْلٌ) بَيْنَهُمَا (بِكَلَامٍ أَوْ تَحَوُّلٍ) أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ صَلَّى سُنَّةَ الْجُمُعَةِ فِي مَقَامِهَا وَقَالَ لَهُ إذَا صَلَّيْت الْجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَخْرُجَ أَوْ تَتَكَلَّمَ فَإِنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنَا بِذَلِكَ أَنْ لَا نُوصِلَ صَلَاةً بِصَلَاةٍ حَتَّى نَخْرُجَ أَوْ نَتَكَلَّمَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ [فَرْعٌ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ وَالصَّنَائِعِ فِي يَوْم الْجُمُعَةُ] (فَرْعٌ يُكْرَهُ لِمَنْ) تَجِبُ (عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ) وَلِمَنْ يَعْقِدُ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ) مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ وَالصَّنَائِعِ وَغَيْرِهَا مِمَّا فِيهِ تَشَاغُلٌ عَنْ السَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ (بَعْدَ الزَّوَالِ) وَقَبْلَ الْأَذَانِ الْآتِي وَالْجُلُوسِ لِلْخُطْبَةِ لِدُخُولِ وَقْتِ الْوُجُوبِ نَعَمْ يَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنْ لَا يُكْرَهَ فِي بَلَدٍ يُؤَخِّرُونَ فِيهَا تَأْخِيرًا كَثِيرًا كَمَكَّةَ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ (وَبِأَذَانِ) الْمُؤَذِّنِ أَيْ بِشُرُوعِهِ فِيهِ أَمَامَ (الْخُطْبَةِ وَقَدْ جَلَسَ) الْخَطِيبُ (لَهَا يَحْرُمُ) الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ لِآيَةِ إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقِيسَ بِالْبَيْعِ نَحْوُهُ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ نَفْيِ الْكَرَاهَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَفْيِ التَّحْرِيمِ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْأَذَانِ وَالْجُلُوسِ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ السَّعْيُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ ذَلِكَ (وَلَا يَبْطُلُ) ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّتَهُ كَالصَّلَاةِ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَتَقْيِيدُ الْأَذَانِ بِكَوْنِهِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ فَانْصَرَفَ النِّدَاءُ فِي الْآيَةِ إلَيْهِ (فَلَوْ تَبَايَعَ مُقِيمٌ وَمُسَافِرٌ) الْأَوْلَى قَوْله أَصْلُهُ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ دُونَ الْآخَرِ (أَثِمَا جَمِيعًا) لِارْتِكَابِ الْأَوَّلِ النَّهْيَ وَإِعَانَةِ الثَّانِي لَهُ عَلَيْهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا مِنْ أَنَّ الْإِثْمَ خَاصٌّ بِالْأَوَّلِ حُمِلَ عَلَى إثْمِ التَّفْوِيتِ أَمَّا إثْمُ الْمُعَاوَنَةِ فَعَلَى الثَّانِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ الْبَيْعِ مَا لَوْ احْتَاجَ إلَى مَاءِ طَهَارَتِهِ أَوْ مَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ أَوْ مَا يَقُوتُهُ عِنْدَ اضْطِرَارِهِ (وَلَوْ بَاعَ، وَهُوَ سَائِرٌ إلَيْهَا أَوْ فِي الْجَامِعِ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ عَنْ السَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ (لَكِنْ يُكْرَهُ الْبَيْعُ) وَنَحْوُهُ مِنْ الْعُقُودِ (فِي الْمَسْجِدِ) ؛ لِأَنَّهُ يُنَزَّهُ عَنْ ذَلِكَ (فَرْعٌ لَا بَأْسَ بِحُضُورِ الْعَجَائِزِ) الْجُمُعَةَ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ ذَلِكَ (بِإِذْنِ الْأَزْوَاجِ وَلْيَحْتَرِزْنَ مِنْ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ) أَيْ يُكْرَهَانِ لَهُنَّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا شَهِدَتْ إحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا» وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلَاتٌ» بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ تَارِكَاتٌ لِلطِّيبِ وَالزِّينَةِ وَلِخَوْفِ الْمَفْسَدَةِ فَإِنْ لَمْ يَحْتَرِزْنَ مِنْ الطِّيبِ أَوْ الزِّينَةِ كُرِهَ لَهُنَّ الْحُضُورُ وَخَرَجَ -   [حاشية الرملي الكبير] [يَشْتَغِلْ نَدْبًا مَنْ حَضَرَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِالذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ] قَوْلُهُ وَلِشُمُولِهِ الذِّكْرَ وَالتِّلَاوَةَ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَقْرَأُ فِيهِمَا سُورَةَ الْكَهْفِ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ أَكْثَرُ الْكُتُبِ سَاكِنَةٌ عَنْ تَعْيِينِ قِرَاءَةِ الْكَهْفِ مِنْ الْيَوْمِ وَحَكَى فِي الذَّخَائِرِ خِلَافًا أَنَّهُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِوَقْتٍ بَلْ عَامٌّ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَفِي الشَّامِلِ الصَّغِيرِ عِنْدَ الرَّوَاحِ إلَى الْجُمُعَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى قِرَاءَتِهَا أَوْلَى مُسَارَعَةً وَأَمَانًا مِنْ الْإِهْمَالِ وَقِرَاءَاتِهَا بِالنَّهَارِ آكَدُ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ (قَوْلُهُ لِيُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ) اخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ قَوْلًا ذَكَرَهَا فِي فَتْحِ الْبَارِي (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ السَّعْيُ حِينَئِذٍ) بِأَنْ أَمِنَ الْفَوَاتَ لِقُرْبِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ) مِنْ حِينِ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ السَّعْيُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ بِأَنْ بَعُدَ وَلَوْ لَمْ تَسْعِ قَبْلَ الزَّوَالِ لَفَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ إنَّمَا جَمِيعًا) قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ أَرَادَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ بَيْعَ مَالِهِ وَقْتَ النِّدَاءِ لِلضَّرُورَةِ وَهُنَاكَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَبَذَلَ دِينَارًا وَبَذَلَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ نِصْفَ دِينَارٍ فَمِنْ أَيِّهِمَا يَبِيعُ فِيهِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ الثَّانِي لِئَلَّا يُوقِعَ الْأَوَّلَ فِي مَعْصِيَةٍ وَالثَّانِي مِنْ ذَوِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ الَّذِي إلَيْهِ الْإِيجَابُ غَيْرُ عَاصٍ وَالْقَبُولُ لِلطَّالِبِ، وَهُوَ عَاصٍ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَخَّصَ لَهُ فِي الْقَبُولِ لِيَنْتَفِعَ الْيَتِيمُ إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ كَمَا رَخَّصَ لِلْوَلِيِّ فِي الْإِيجَابِ لِلْحَاجَةِ وَقَوْلُهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ) أَوْ دَعَتْ حَاجَةُ الطِّفْلِ أَوْ الْمَرِيضِ إلَى شِرَاءِ طَعَامٍ وَدَوَاءٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَا يَعْصِي الْوَلِيُّ وَلَا الْبَائِعُ إذَا كَانَا يُدْرِكَانِ الْجُمُعَةَ مَعَ ذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَإِنْ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ فِي صُوَرٍ مِنْهَا إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ وَبَيْعُهُ مَا يَأْكُلُهُ وَبَيْعُ كَفَنِ مَيِّتٍ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأْخِيرِ وَفَسَادِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ غ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُكْرَهُ الْبَيْعُ فِي الْمَسْجِدِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَنْ يُصَلِّي خَارِجَ الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ إذَا بَايَعَ مَنْ لَا يُصَلِّي بِالْمَسْجِدِ وَلَا يَسْعَى إلَيْهِ [فَرْعٌ حُضُورِ الْعَجَائِزِ الْجُمُعَةَ] (قَوْلُهُ لَا بَأْسَ بِحُضُورِ الْعَجَائِزِ) قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ وَفِي مَعْنَى الْعَجَائِزِ ذَوَاتُ الْعَاهَاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 بِالْعَجُوزِ أَيْ غَيْرِ الْمُشْتَهَاةِ الشَّابَّةُ وَالْمُشْتَهَاةُ فَيُكْرَهُ لَهُمَا الْحُضُورُ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِزِيَادَةٍ وَبِالْإِذْنِ مَا إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا فَيَحْرُمُ حُضُورُهَا مُطْلَقًا وَفِي مَعْنَى الزَّوْجِ السَّيِّدُ (وَيُكْرَهُ تَشْبِيكُ الْأَصَابِعِ وَالْعَبَثُ حَالَ الذَّهَابِ وَالِانْتِظَارِ لِلصَّلَاةِ) وَفِي نُسْخَةٍ لِلصَّلَوَاتِ وَلَوْ غَيْرَ جُمُعَةٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ يَعْمِدُ إلَى الصَّلَاةِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُخَالِفُ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ عَنْ رَكْعَتَيْنِ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَشَبَّكَ فِي غَيْرِهِ» ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ إنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ الْمُصَلِّي وَقَاصِدِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا كَانَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهَا فِي اعْتِقَادِهِ (وَمَنْ قَعَدَ فِي مَكَانِ الْإِمَامِ أَوْ) فِي (طَرِيقِ النَّاسِ أُمِرَ بِالْقِيَامِ وَكَذَا مَنْ قَعَدَ مُسْتَقْبِلًا وُجُوهَهُمْ وَالْمَكَانُ ضَيِّقٌ) عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْوَاسِعِ (وَلِلْمُسْتَمِعِ) لِلْخَطِيبِ (أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ (إنْ قَرَأَ الْخَطِيبُ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] الْآيَةَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الرَّفْعُ الْبَلِيغُ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَوَامّ فَإِنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ بَلْ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ إنَّ مَا قَالَهُ مُبَاحٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا فَالِاسْتِمَاعُ كَذَلِكَ وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ هُنَا لِمَنْعِهِ مِنْ الِاسْتِمَاعِ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ بَلْ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِكَرَاهَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الِاسْتِمَاعَ (كِتَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ) أَيْ كَيْفِيَّتُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَهُ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا عِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَقَدْ جَاءَتْ فِي الْأَخْبَارِ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ مِنْهَا الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ الْآتِيَةَ فِي الْكِتَابِ وَذَكَرَ مَعَهَا الرَّابِعَ الْآتِي وَجَاءَ بِهِ وَبِالثَّالِثِ الْقُرْآنَ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: 102] الْآيَةَ وَالْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَاسْتَمَرَّتْ الصَّحَابَةُ عَلَى فِعْلِهَا بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَادَّعَى الْمُزَنِيّ نَسْخَهَا لِتَرْكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَجَابُوا عَنْهُ بِتَأَخُّرِ نُزُولِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ سَنَةَ سِتٍّ وَالْخَنْدَقُ كَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقِيلَ خَمْسٌ وَتَجُوزُ فِي الْحَضَرِ كَالسَّفَرِ خِلَافًا لِمَالِكٍ (وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ اشْتَدَّ الْخَوْفُ فَالرَّابِعُ أَوَّلًا وَالْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَالثَّانِي أَوْ فِي غَيْرِهَا فَالْآخَرَانِ (الْأَوَّلُ صَلَاةُ بَطْنِ نَخْلٍ) مَكَانٌ مِنْ نَجْدٍ بِأَرْضِ غَطَفَانَ أَيْ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ رَوَاهَا الشَّيْخَانِ (وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ النَّاسَ فِرْقَتَيْنِ يُصَلِّي بِكُلٍّ) مِنْهُمَا (مَرَّةً تَحْرُسُ الْأُخْرَى) بِأَنْ تَقِفَ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ (وَتَكُونُ) الصَّلَاةُ (الثَّانِيَةُ لِلْإِمَامِ نَافِلَةً) لِسُقُوطِ فَرْضِهِ بِالْأُولَى (وَهَذِهِ) الصَّلَاةُ، وَإِنْ جَازَتْ فِي غَيْرِ الْمَخُوفِ فَهُنَا (إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ) أَوْ فِيهَا وَدُونَهُمْ حَائِلٌ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي (وَكَثُرَ الْمُسْلِمُونَ) وَقَلَّ عَدُوُّهُمْ (وَخَافُوا مَكْرَهُمْ) كَهُجُومِهِمْ فِي الصَّلَاةِ (اُسْتُحِبَّتْ) وَقَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِالْمُتَنَفِّلِ لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ مَحَلُّهُ فِي الْأَمْنِ أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ رَكْعَتَيْنِ أَمْ ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا (النَّوْعُ الثَّانِي صَلَاةُ عُسْفَانَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ قَرْيَةٌ بِقُرْبِ خُلَيْصٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ السُّيُولَ تَعْسِفُهَا أَيْ صَلَاتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا رَوَاهَا مُسْلِمٌ (وَهِيَ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَهُوَ (أَنْ يَصُفَّهُمْ) الْإِمَامُ (صَفَّيْنِ) وَ (يَقْرَأَ وَيَرْكَع) وَيَعْتَدِلَ (بِهِمْ) جَمِيعًا (ثُمَّ يَسْجُدَ بِإِحْدَاهُمَا وَيَحْرُسَ الْآخَرُ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ) مِنْ سُجُودِهِ (ثُمَّ يَسْجُدُونَ) أَيْ الْآخَرُونَ (وَيَلْحَقُونَهُ) فِي قِيَامِهِ (وَ) يَفْعَلَ (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ) أَيْ يَقْرَأَ وَيَرْكَعَ وَيَعْتَدِلَ بِهِمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَسْجُدَ بِإِحْدَاهُمَا وَيَحْرُسَ الْآخَرُ (لَكِنْ يَحْرُسُ) فِيهَا (مَنْ سَجَدَ مَعَهُ أَوَّلًا) إلَى أَنْ يَجْلِسَ فَيَسْجُدُونَ (وَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ بِهِمْ جَمِيعًا وَلَا حِرَاسَةَ فِي الرُّكُوعِ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لِتَمَكُّنِ الرَّاكِعِ فِيهِ مِنْهَا بِخِلَافِ السَّاجِدِ (وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا النَّوْعِ كَثْرَةُ الْمُسْلِمِينَ) لِتَسْجُدَ طَائِفَةٌ وَتَحْرُسَ أُخْرَى (وَكَوْنُ الْعَدُوِّ فِي) جِهَةِ (الْقِبْلَةِ) لِيَتَمَكَّنَ الْحَارِسُونَ مِنْ رُؤْيَتِهِمْ فَيَأْمَنُوا كَيْدَهُمْ وَكَوْنُهُمْ (غَيْرَ مُسْتَتِرِينَ) عَنْ الْمُسْلِمِينَ (بِشَيْءٍ) يَمْنَعُ رُؤْيَتَهُمْ وَعِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ فِي هَذَا صَادِقَةٌ بِأَنْ يَسْجُدَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهَا بِمَكَانِهِ أَوْ تُحَوَّلُ مَكَانَ الْآخَرِ وَبِعَكْسِ ذَلِكَ فَهِيَ أَرْبَعُ كَيْفِيَّاتٍ وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ إذَا لَمْ تَكْثُرْ أَفْعَالُهُمْ فِي التَّحَوُّلِ وَاَلَّذِي فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ سُجُودُ الْأَوَّلِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَالِاسْتِمَاعُ كَذَلِكَ) صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِاسْتِحْبَابِهِ [كِتَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهَى أَنْوَاع] [النَّوْع الْأَوَّل صَلَاةُ بَطْنِ نَخْلٍ] (كِتَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ) (قَوْلُهُ وَكَثُرَ الْمُسْلِمُونَ) قَالَ فِي الْخَادِمِ قَالَ صَاحِبُ الْوَافِي الْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهُمْ فِي الْعَدَدِ بِأَنْ يَكُونُوا مِائَتَيْنِ وَالْكُفَّارُ مِائَتَيْنِ مَثَلًا فَإِذَا صَلَّى بِطَائِفَةٍ، وَهِيَ مِائَةٌ يَبْقَى مِائَةٌ فِي مُقَابَلَةِ مِائَتَيْ الْعَدُوِّ، وَهَذَا أَقَلُّ دَرَجَاتِ الْكَثْرَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ مَحَلُّهُ فِي الْأَمْنِ) أَمَّا حَالَةُ الْخَوْفِ كَهَذِهِ الصُّورَةِ فَيُسْتَحَبُّ كَمَا ذَكَرَاهُ؛ لِأَنَّا فِي حَالَةِ الْخَوْفِ نَرْتَكِبُ أَشْيَاءَ لَا تُفْعَلُ فِي حَالَةِ الْأَمْنِ (قَوْلُهُ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَمَّا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا [النَّوْعُ الثَّانِي صَلَاةُ عُسْفَانَ] (قَوْلُهُ فَهِيَ أَرْبَعُ كَيْفِيَّاتٍ) بَلْ إنْ ثَنَّيْت ضَمِيرَ فِيهَا السَّابِقَ فَقُلْت فِيهِمَا كَانَتْ ثَمَانِيَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 فِي الْأُولَى وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ مَعَ التَّحَوُّلِ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي (وَلَهُ أَنْ يُرَتِّبَهُمْ صُفُوفًا) ثُمَّ يَحْرُسَ صَفَّانِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْرُسَ جَمِيعَ مَنْ فِي الصَّفِّ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ حَرَسَ بَعْضٌ كُلَّ صَفٍّ بِالْمُنَاوَبَةِ جَازَ وَكَذَا لَوْ حَرَسَتْ طَائِفَةٌ) وَاحِدَةٌ (فِي الرَّكْعَتَيْنِ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِكُلِّ ذَلِكَ مَعَ قِيَامِ الْعُذْرِ (وَ) لَكِنَّ (الْمُنَاوَبَةَ أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّهَا الثَّابِتَةُ فِي الْخَبَرِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ لَوْ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الثَّانِي) الَّذِي حَرَسَ أَوَّلًا (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ لِيَسْجُدَ وَتَأَخَّرَ الْأَوَّلُ) الَّذِي سَجَدَ أَوَّلًا لِيَحْرُسَ (وَلَمْ يَمْشُوا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمْ (أَكْثَرَ مِنْ خُطْوَتَيْنِ كَانَ أَفْضَلَ) ؛ لِأَنَّهُ الثَّابِتُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَلِجَمْعِهِ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْأَفْضَلِ، وَهُوَ الْأَوَّلُ بِسُجُودِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَجَبْرُ الثَّانِي بِتَحَوُّلِهِ مَكَانَ الْأَوَّلِ وَيَنْفُذُ كُلُّ وَاحِدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَإِنْ مَشَى أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ خُطْوَتَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ [النَّوْعُ الثَّالِثُ صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ] ِ) أَيْ صَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا رَوَاهَا الشَّيْخَانِ، وَهِيَ مَكَانٌ مِنْ نَجْدٍ بِأَرْضِ غَطَفَانَ سُمِّيَ بِهَا؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَفُّوا بِأَرْجُلِهِمْ الْخِرَقَ لَمَّا تَقَرَّحَتْ وَقِيلَ بِاسْمِ شَجَرَةٍ هُنَاكَ وَقِيلَ بِاسْمِ جَبَلٍ فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ وَسَوَادٌ يُقَالُ لَهُ الرِّقَاعُ وَقِيلَ لِتَرْقِيعِ صَلَاتِهِمْ فِيهَا (وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ) لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ؛ وَلِأَنَّهَا أَخَفُّ وَأَعْدَلُ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ وَالتَّعْلِيلُ بِالْأَوَّلِ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ قُبَيْلَ النَّوْعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ وَثُمَّ فِي الِاسْتِحْبَابِ (فَإِنْ كَانَتْ) صَلَاةُ الْقَوْمِ (رَكْعَتَيْنِ) كَصُبْحٍ وَمَقْصُورَةٍ (وَقَفَتْ إحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَانْحَازَ) الْإِمَامُ (بِالْأُخْرَى إلَى حَيْثُ لَا يَبْلُغُهُمْ سِهَامُ الْعَدُوِّ) فَيَفْتَتِحُ بِهِمْ الصَّلَاةَ (وَلْيُصَلِّ بِهِمْ رَكْعَةً وَيُفَارِقُونَهُ) بِالنِّيَّةِ (عِنْدَ قِيَامِهِ إلَى الثَّانِيَةِ) مُنْتَصِبًا أَوْ عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ (وَيُبْقُونَهَا لِأَنْفُسِهِمْ وَيَخْرُجُونَ) مِنْهَا بِالسَّلَامِ (إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَخْفِيفُ الْأُولَى) لِاشْتِغَالِ قُلُوبِهِمْ بِمَا هُمْ فِيهِ. (وَ) يُسْتَحَبُّ (لَهُمْ) كُلِّهِمْ (تَخْفِيفُ الثَّانِيَةِ) الَّتِي انْفَرَدُوا بِهَا لِئَلَّا يَطُولَ الِانْتِظَارُ (وَيَجِيءُ الْآخَرُونَ) بَعْدَ ذَهَابِ أُولَئِكَ إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ (وَالْإِمَامُ قَائِمٌ) فِي الثَّانِيَةِ (وَيُطِيلُ الْقِرَاءَةَ) نَدْبًا إلَى لُحُوقِهِمْ، وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ بِتَطْوِيلِ الْقِيَامِ (وَيُصَلِّي بِهِمْ الثَّانِيَةَ وَحِينَ يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ يَقُومُونَ وَيُتِمُّونَ الثَّانِيَةَ وَهُمْ غَيْرُ مُنْفَرِدِينَ) عَنْهُ بَلْ مُقْتَدُونَ بِهِ حُكْمًا (فَيَنْتَظِرُهُمْ لِيُسَلِّمَ بِهِمْ) وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ رَوَاهَا سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ (وَلَوْ لَمْ يُتِمَّهَا) أَيْ الثَّانِيَةَ (الْمُقْتَدُونَ) بِهِ (فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَلْ ذَهَبُوا وَوَقَفُوا تُجَاهَ الْعَدُوِّ سُكُوتًا فِي الصَّلَاةِ وَجَاءَتْ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَحِينَ سَلَّمَ ذَهَبُوا إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ تِلْكَ) الْفِرْقَةُ (إلَى مَكَانِهِمْ) أَيْ مَكَانِ صَلَاتِهِمْ (وَأَتَمُّوهَا لِأَنْفُسِهِمْ وَذَهَبُوا إلَى الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ تِلْكَ إلَى مَكَانِهِمْ وَأَتَمُّوهَا جَازَ) وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ رَوَاهَا ابْنُ عُمَرَ وَجَازَ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ بِلَا ضَرُورَةٍ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ؛ لِأَنَّ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَانَتْ فِي يَوْمٍ وَالْأُخْرَى فِي يَوْمٍ آخَرَ وَدَعْوَى النَّسْخِ بَاطِلَةٌ لِاحْتِيَاجِهِ لِمَعْرِفَةِ التَّارِيخِ وَتَعَذُّرِ الْجَمْعِ وَلَيْسَ هُنَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَاعْتَرَضَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ أَحَدٍ مِمَّنْ رَوَاهَا أَنَّ فِرْقَةً مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ جَاءَتْ إلَى مَكَانِهَا ثُمَّ أَتَمَّتْ صَلَاتَهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ (وَالْأُولَى) مِنْ الْكَيْفِيَّتَيْنِ هِيَ (الْمُخْتَارَةُ) لِسَلَامَتِهَا مِنْ كَثْرَةِ الْمُخَالَفَةِ؛ وَلِأَنَّهَا أَحْوَطُ لِأَمْرِ الْحَرْبِ فَإِنَّهَا أَخَفُّ عَلَى الْفِرْقَتَيْنِ (وَهَذَا النَّوْعُ) بِكَيْفِيَّتَيْهِ (حَيْثُ يَكُونُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ) فِيهَا لَكِنْ (حَالَ دُونَهُمْ حَائِلٌ) يَمْنَعُ رُؤْيَتَهُمْ لَوْ هَجَمُوا (وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ) الثَّلَاثَةُ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ وَاتِّحَادُ الْإِمَامِ (مُسْتَحَبَّةٌ لَا وَاجِبَةٌ فَلَوْ صَلَّوْا فُرَادَى أَوْ انْفَرَدَتْ طَائِفَةٌ عَنْ الْإِمَامِ) أَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِبَعْضِهِمْ كُلَّ الصَّلَاةِ وَبِالْبَاقِينَ غَيْرَهُ (جَازَ) لَكِنْ فَاتَتْ الْمُنْفَرِدَ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِاسْتِحْبَابِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَيْ فِي الثَّالِثِ بِكَيْفِيَّتَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ لَيْسَتْ عَزِيمَةً قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَلْ مَنْدُوبَةٌ لِيَحْصُلَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ حَظٌّ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَالْوُقُوفُ قُبَالَةَ الْعَدُوِّ وَتَخْتَصُّ الْأُولَى بِفَضِيلَةِ إدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالثَّانِيَةُ بِفَضِيلَةِ السَّلَامِ مَعَ الْإِمَامِ (فَرْعٌ تُفَارِقُهُ) الْفِرْقَةُ (الْأُولَى) فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ (حِينَ تَنْتَصِبُ مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَيَجُوزُ) أَنْ تُفَارِقَ (بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ) وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِيَسْتَمِرَّ عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْجَمَاعَةِ حَالَةَ النُّهُوضِ (وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ) فِي قِيَامِهِ (وَيَتَشَهَّدُ) فِي جُلُوسِهِ (فِي الِانْتِظَارِ) لِلْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي وَلِغَيْرِهَا فِيمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْرَأْ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ فَأَمَّا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ) قَالَ شَيْخُنَا قَالَ الشَّارِحُ فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ وَمِنْ صَلَاةِ عُسْفَانَ (قَوْلُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ) يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ هُنَاكَ عَلَى النَّفْلِ الْمُتَمَحِّضِ أَمَّا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا وَقِيلَ أَنَّ صَلَاةَ بَطْنِ نَخْلٍ أَوْلَى لِتَحْصُلَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ عَلَى التَّمَامِ كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ مُرَادُهُ أَنَّ إيقَاعَ الصَّلَاةِ بِكَمَالِهَا خَلْفَ الْإِمَامِ أَكْمَلُ مِنْ إيقَاعِ الْبَعْضِ وَإِنْ حَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَلَهُمْ تَخْفِيفُ الثَّانِيَةِ) يُسْتَحَبُّ التَّخْفِيفُ لِلطَّائِفَتَيْنِ فِيمَا انْفَرَدُوا بِهِ، وَهِيَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهَا تَخْفِيفُهُمْ لَوْ كَانُوا أَرْبَعَ فِرَقٍ فِيمَا انْفَرَدُوا بِهِ (قَوْلُهُ وَبَعْدَ مَجِيئِهِمْ يَقْرَأُ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ إلَخْ) هَذِهِ رَكْعَةٌ ثَانِيَةٌ يُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُهَا عَلَى الْأُولَى وَلَا يُعْرَفُ لَهَا فِي ذَلِكَ نَظِيرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 أَنْ يَسْكُتَ أَوْ يَأْتِيَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَتَشَهُّدٍ وَكُلٌّ خِلَافُ السُّنَّةِ فَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً طَوِيلَةً (وَبَعْدَ مَجِيئِهِمْ يَقْرَأُ) نَدْبًا مِنْ السُّورَةِ (قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَ) قَدْرَ (سُورَةٍ قَصِيرَةٍ) لِيَحْصُلَ لَهُمْ قِرَاءَتُهُمَا (وَيَرْكَعَ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِرْهُمْ وَأَدْرَكُوهُ فِي الرُّكُوعِ أَدْرَكُوهَا) أَيْ الرَّكْعَةَ (كَالْمَسْبُوقِ وَلَوْ صَلَّى) الْإِمَامُ الْكَيْفِيَّةَ (الْمُخْتَارَةَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ فِي الْأَمْنِ صَحَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الِانْتِظَارَ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَضُرُّ (وَ) صَلَاةُ (الطَّائِفَةِ الْأُولَى) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمُفَارَقَةَ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا تَضُرُّ (لَا) صَلَاةُ (الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ تُفَارِقْهُ حَالَ الْقِيَامِ) مِنْهُمْ لِانْفِرَادِهِمْ بِرَكْعَةٍ وَهُمْ فِي الْقُدْوَةِ وَلَا خَوْفَ بِخِلَافِ مَا إذَا فَارَقَتْهُ حَالَ الْقِيَامِ (وَلَا تَصِحُّ فِي الْأَمْنِ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُخْرَى) قَطْعًا وَتَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ (فَرْعٌ إذَا صَلَّى بِهِمْ الْمَغْرِبَ) وَفَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ، وَهُوَ أَوْلَى لِئَلَّا يَزِيدَ الِانْتِظَارُ عَلَى الْمَنْقُولِ، وَهُوَ الِانْتِظَارَانِ (فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ) وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً؛ لِأَنَّ السَّابِقَةَ أَحَقُّ بِالتَّفْضِيلِ؛ وَلِأَنَّ فِي عَكْسِهِ الْمَفْضُولَ بَلْ الْمَكْرُوهَ كَمَا فِي الْأُمِّ تَكْلِيفُ الثَّانِيَةِ تَشَهُّدًا زَائِدًا وَاللَّائِقُ بِالْحَالِ التَّخْفِيفُ (وَ) أَنْ (يَنْتَظِرَ الثَّانِيَةَ فِي الْقِيَامِ) لِلثَّالِثَةِ (لَا) فِي (التَّشَهُّدِ) الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّ التَّطْوِيلِ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ؛ وَلِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ يَنْتَظِرُ قَائِمًا فَكَذَا هُنَا وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً نَظِيرُ مَا يَأْتِي [فَرْعٌ صَلَّى بِهِمْ الْإِمَام صَلَاة الْخَوْف وَكَانَتْ الصَّلَاة رَبَاعِيَة] (فَرْعٌ، وَإِنْ كَانَتْ رَبَاعِيَةً) وَفَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ، وَهُوَ أَوْلَى لِمَا مَرَّ (صَلَّى بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَتَيْنِ) وَ (يَتَشَهَّدُ بِكُلٍّ) مِنْهُمَا وَيَنْتَظِرُ الثَّانِيَةَ فِي قِيَامِ الثَّالِثَةِ أَوْ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ (وَالِانْتِظَارُ فِي الْقِيَامِ) لِلثَّالِثَةِ (أَفْضَلُ) مِنْهُ فِي جُلُوسِ التَّشَهُّدِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ) ، وَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَالْمِنْهَاجِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (فَصَلَّى) الْأُولَى صَلَّى (بِالْأُولَى رَكْعَةً ثُمَّ فَارَقَتْهُ) عَقِبَ الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ أَوْ بَعْدَ انْتِصَابِهِ، وَهُوَ أَوْلَى كَمَا مَرَّ (وَأَتَمَّتْ وَجَاءَتْ الثَّانِيَةُ، وَهُوَ قَائِمٌ) يَنْتَظِرُهَا وَ (صَلَّى بِهَا رَكْعَةً وَأَتَمَّتْ وَانْتَظَرَ الْإِمَامُ الثَّالِثَةَ قَائِمًا، وَهُوَ أَفْضَلُ أَوْ مُتَشَهِّدًا وَهَكَذَا) يَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْأُولَيَيْنِ (إلَى الرَّابِعَةِ فَيَنْتَظِرُهَا فِي) جُلُوسِ (التَّشَهُّدِ) الْأَخِيرِ (وَيُسَلِّمُ بِهَا وَصَحَّتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى انْتِظَارَيْنِ وَالْمُفَارَقَةُ بِلَا عُذْرٍ جَائِزَانِ (فَإِنْ صَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَبِالثَّانِيَةِ ثَلَاثًا أَوْ عَكَسَ) بِأَنْ صَلَّى بِفِرْقَةٍ ثَلَاثًا وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً (كُرِهَ) قَالَ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ (وَسَجَدَ الْإِمَامُ وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ سُجُودَ السَّهْوِ) لِلْمُخَالَفَةِ بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الْأُولَى لِمُفَارَقَتِهَا قَبْلَ الِانْتِظَارِ الْمُقْتَضِي لِلسُّجُودِ (قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ سَجَدُوا) أَيْ الْإِمَامُ وَغَيْرُ الْفِرْقَةِ الْأُولَى سُجُودَ السَّهْوِ (أَيْضًا لِلْمُخَالَفَةِ) بِمَا ذُكِرَ (فَرْعٌ تُصَلَّى الْجُمُعَةُ) جَوَازًا (فِي الْخَوْفِ) حَيْثُ وَقَعَ بِبَلَدٍ (كَصَلَاةِ عُسْفَانَ وَكَذَاتِ الرِّقَاعِ) ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الِانْفِضَاضَ فِيهَا فِي غَيْرِ الْخَوْفِ مُؤَثِّرٌ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَلِارْتِقَابِ الْإِمَامِ مَجِيءَ الثَّانِيَةِ (لَا) كَصَلَاةِ (بَطْنِ نَخْلٍ) إذْ لَا تُقَامُ جُمُعَةٌ بَعْدَ أُخْرَى وَإِقَامَتُهَا هُنَا كَإِقَامَتِهَا فِي الْأَمْنِ (لَكِنْ يُشْتَرَطُ) فِي صَلَاتِهَا كَذَاتِ الرِّقَاعِ (أَنْ يَسْمَعُوا خُطْبَتَهُ وَلَوْ) سَمِعَ مِنْهُمْ (أَرْبَعُونَ) فَأَكْثَرُ (مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ) كَفَى بِخِلَافِ مَا لَوْ خَطَبَ بِفِرْقَةٍ وَصَلَّى بِأُخْرَى (فَإِنْ حَدَثَ نَقْصٌ فِي الْأَرْبَعِينَ السَّامِعِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا) لِلْحَاجَةِ مَعَ سَبْقِ انْعِقَادِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ انْتِظَارُ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ وَإِذَا سَلَّمَ فَوَّتَ عَلَيْهِمْ الْوَاجِبَ الْأَقْرَبَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ فَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَحَسَّ بِدَاخِلٍ فِي رُكُوعِ الثَّانِيَةِ فِي الْأَمْنِ يَلْزَمُهُ انْتِظَارُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الدَّاخِلَ مُقَصِّرٌ بِتَأْخِيرِهِ وَبِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْعِ الْمُصَلِّينَ كَالْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ هُنَا وَتَجْهَرُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُنْفَرِدُونَ وَلَا تَجْهَرُ الثَّانِيَةُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ (فَرْعٌ) لَوْ لَمْ تُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ ثُمَّ أَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ لَكِنْ تَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُمْ وَلَوْ أَعَادَ لَمْ أَكْرَهْهُ يُقَدَّمُ غَيْرُهُ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ حَكَاهُ الْعِمْرَانِيُّ (فَرْعٌ يَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ فِي) الْكَيْفِيَّةِ (الْمُخْتَارَةِ مِنْ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ سَهْوَ الْمَأْمُومِينَ) غَيْرَ مَنْ يَأْتِي لِوُجُودِ الْقُدْوَةِ الْحِسِّيَّةِ أَوْ الْحُكْمِيَّةِ (لَا سَهْوَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) فَلَا يَتَحَمَّلُهُ لِانْقِطَاعِ قُدْوَتِهَا بِالْمُفَارَقَةِ (وَسَهْوُهُ فِي الْأُولَى يَلْحَقُ الْكُلَّ) فَيَسْجُدُونَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ (وَ) سَهْوُهُ (فِي الثَّانِيَةِ لَا يَلْحَقُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ صَلَّى بِهِمْ الْإِمَام صَلَاة الْخَوْف فِي الْمَغْرِبَ وَفَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ] قَوْلُهُ قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ، وَهَذَا يَدُلُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ صَلَاة الْجُمُعَةُ فِي الْخَوْفِ] (قَوْلُهُ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا) أَيْ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ (أَنَّ) وَقَوْلُهُ أَيْ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا سَوَاءٌ انْفَضَّتْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ قَبْلَ اقْتِدَائِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ انْفَضَّتْ إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ لِلْحَاجَةِ مَعَ سَبْقِ انْعِقَادِهَا) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عُرُوضِ النَّقْصِ عَنْهَا بَعْدَ إحْرَامِ جَمِيعِ الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِاشْتِرَاطِ الْخُطْبَةِ بِأَرْبَعِينَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مَعْنَى وَقَوْلُهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْمُرَادُ بِهِ ثَانِيَةُ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَفْهُومٌ مِمَّا سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ قَالَ شَرْطُهَا جَمَاعَةٌ لَا فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَابْنُ الْعِمَادِ (قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ نَعَمْ إلَخْ) الْأَقْرَبُ عَدَمُ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ إلَخْ) وَلِهَذَا لَوْ تَبَايَعَ اثْنَانِ وَقْتَ النِّدَاءِ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَالْآخَرُ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ أَثِمَا جَمِيعًا أَمَّا الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ؛ فَلِأَنَّهُ فَوَّتَهَا، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلِإِعَانَتِهِ عَلَى تَفْوِيتِ الْوَاجِبِ [فَرْعٌ لَمْ تُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ ثُمَّ أَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ فِي صَلَاة الْخَوْف] (قَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ قُدْوَتِهَا بِالْمُفَارَقَةِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُ سَهْوَهَا بَعْدَ نِيَّتِهِ مُفَارَقَتَهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 الْأَوَّلَيْنِ) لِمُفَارَقَتِهِمْ لَهُ قَبْلَ سَهْوِهِ وَيَلْحَقُ الْآخَرِينَ وَسَكَتَ كَأَصْلِهِ عَنْ حُكْمِ مَا لَوْ فَرَّقَهُمْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ صَلَّى بِهِمْ الْكَيْفِيَّةَ الْأُخْرَى لِوُضُوحِهِ مِمَّا ذُكِرَ (فَرْعٌ حَمْلُ السِّلَاحِ) كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَقَوْسٍ وَنُشَّابٍ (فِي هَذِهِ الصَّلَوَاتِ) وَفِي نُسْخَةٍ الصَّلَاةِ أَيْ صَلَاةِ الْخَوْفِ (مُسْتَحَبٌّ) يُكْرَهُ تَرْكُهُ لِمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ احْتِيَاطًا (لَا وَاجِبٌ) ؛ لِأَنَّ وَضْعَهُ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ فَلَا يَجِبُ حَمْلُهُ كَسَائِرِ مَا لَا يَفْسُدُ تَرْكُهُ وَقِيَاسًا عَلَى صَلَاةِ الْأَمْنِ وَحَمَلُوا قَوْله تَعَالَى {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102] عَلَى النَّدْبِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَيَحْرُمُ مُتَنَجِّسٌ وَبَيْضَةٌ) مَثَلًا (تَمْنَعُ مُبَاشَرَةَ الْجَبْهَةِ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إبْطَالِ الصَّلَاةِ (وَيُكْرَهُ رُمْحٌ) مَثَلًا (يُؤْذِيهِمْ) بِأَنْ يَكُونَ بِوَسَطِهِمْ هَذَا إنْ خَفَّ بِهِ الْأَذَى وَإِلَّا فَيَحْرُمُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ تَعَرَّضَ) الْمُصَلِّي (لِلْهَلَاكِ) ظَاهِرًا (بِتَرْكِهِ) أَيْ بِتَرْكِ حَمْلِ السِّلَاحِ (وَجَبَ حَمْلُهُ أَوْ وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) إنْ كَانَ (بِحَيْثُ يَسْهُلُ تَنَاوُلُهُ) كَسُهُولَةِ تَنَاوُلِهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ إذْ لَوْ لَمْ يَجِبْ لَكَانَ ذَلِكَ اسْتِسْلَامًا لِلْكُفَّارِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا لَكِنْ فِي حَالَةِ الْمَنْعِ يَتَعَيَّنُ الْوَضْعُ (وَلَمْ تَبْطُلْ بِإِلْقَائِهِ) أَيْ بِتَرْكِهِ (صَلَاتَهُ) وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ حَمْلِهِ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ (وَالتُّرْسُ وَالدِّرْعُ لَيْسَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِسِلَاحٍ) يُسَنُّ حَمْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ لِكَوْنِهِ ثَقِيلًا يَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ كَالْجَعْبَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا مِنْ السِّلَاحِ إذْ لَيْسَ كُلُّ سِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ فِي الصَّلَاةِ (وَيُكْرَهُ كَوْنُ الْفِرْقَةِ) الْمُصَلِّيَةِ وَاَلَّتِي فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ (فِي) صَلَاةِ (ذَاتِ الرِّقَاعِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} [النساء: 102] مَعَ قَوْلِهِ {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102] فَذَكَرَهُمْ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ فَأَقَلُّ الطَّائِفَةِ هُنَا ثَلَاثَةٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلُّهَا لُغَةً وَشَرْعًا وَاحِدًا (وَيَجُوزُ) إيقَاعُ ذَلِكَ (بِوَاحِدٍ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَأْتِي فِي صَلَاتَيْ بَطْنِ نَخْلٍ وَعُسْفَانَ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الثَّلَاثِ لِشُمُولِ الدَّلِيلِ لَهَا وَدَعْوَى النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنَى التَّقْيِيدَ بِذَاتِ الرِّقَاعِ مَمْنُوعَةٌ يَظْهَرُ ذَلِكَ لِمَنْ رَأَى كَلَامَ الْمُخْتَصَرِ لَا جَرَمَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَجْمُوعِ حَيْثُ قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ: وَأَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِأَقَلَّ مِنْ طَائِفَةٍ وَأَنْ يَحْرُسَهُ أَقَلُّ مِنْ طَائِفَةٍ هَذَا نَصُّهُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا انْتَهَى النَّوْعُ (الرَّابِعُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَإِنْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ) وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ (أَوْ اشْتَدَّ الْخَوْفُ وَلَمْ يَأْمَنُوا أَنْ يَرْكَبُوهُمْ) لَوْ وَلَّوْا أَوْ انْقَسَمُوا (فَلَيْسَ لَهُمْ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ) عَنْ وَقْتِهَا (بَلْ يُصَلُّونَ رُكْبَانًا وَمُشَاةً) قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] (وَلَهُمْ تَرْكُ الِاسْتِقْبَالِ لِلْعَجْزِ) أَيْ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ بِسَبَبِ الْعَدُوِّ لِلضَّرُورَةِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرِ مُسْتَقْبِلِيهَا قَالَ نَافِعٌ لَا أَرَاهُ إلَّا مَرْفُوعًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بَلْ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَاشِي كَالرَّاكِبِ الِاسْتِقْبَالُ حَتَّى فِي التَّحَرُّمِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا وَضْعُ جَبْهَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ مِنْ تَعَرُّضِهِ لِلْهَلَاكِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَاشِي الْمُتَنَفِّلِ فِي السَّفَرِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِقْبَالُ بِتَرْكِ الْقِيَامِ لِرُكُوبِهِ رَكِبَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ آكَدُ بِدَلِيلِ النَّفْلِ (لَا تَرْكُهُ لِجِمَاحِ دَابَّةٍ طَالَ) زَمَنُهُ كَمَا فِي الْأَمْنِ بِخِلَافِ مَا قَصُرَ زَمَنُهُ (وَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُمْ) أَيْ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ) أَوْ تَقَدَّمُوا عَلَى الْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ لِلضَّرُورَةِ (وَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ مِنْ انْفِرَادِهِمْ) كَمَا فِي الْأَمْنِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ فِي فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ (فَإِنْ عَجَزُوا عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْمَئُوا بِهِمَا) لِلضَّرُورَةِ (وَ) أَتَوْا (بِالسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ) لِيَتَمَيَّزَا (وَيُبْطِلُهَا) أَيْ الصَّلَاةَ (الصِّيَاحُ) إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ بَلْ السُّكُوتُ أَهْيَبُ وَكَذَا يُبْطِلُهَا النُّطْقُ بِلَا صِيَاحٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَوْ احْتَاجُوا إلَى الضَّرْبِ) وَنَحْوِهِ (الْكَثِيرِ) الْمُتَوَالِي (جَازَ) وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَحْتَاجُوا إلَيْهِ أَمَّا الْقَلِيلُ أَوْ الْكَثِيرُ غَيْرُ الْمُتَوَالِي فَمُحْتَمَلٌ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ نَفْيُهُ أَوْلَى (فَرْعٌ يُلْقِي) وُجُوبًا (سِلَاحًا تَنَجَّسَ) بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ حَذَرًا مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَفِي الْأَصْلِ أَوْ يَجْعَلُهُ فِي قِرَابِهِ تَحْتَ رِكَابِهِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِقَوْلِ الرُّويَانِيِّ الظَّاهِرُ بُطْلَانُهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ طَرْحُهُ فِي الْحَالِ لَكِنَّ هَذَا مَدْفُوعٌ بِقَوْلِ الْإِمَامِ وَيُغْتَفَرُ الْحَمْلُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ؛ لِأَنَّ فِي طَرْحِهِ تَعْرِيضًا لِإِضَاعَةِ الْمَالِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ حَمْلُ السِّلَاحِ فِي الصَّلَاة] قَوْلُهُ فَرْعُ حَمْلِ السِّلَاحِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي يَقْتُلُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتُّرْسُ وَالدِّرْعُ لَيْسَ بِسِلَاحٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يُدْفَعُ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الثَّلَاثِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَدَعْوَى النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ النَّوَوِيَّ رَأَى أَنَّ سِيَاقَ كَلَامِ الْمُخْتَصَرِ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ فَلِهَذَا قَالَ عَنَى صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهَا مِثَالٌ وَأَنَّ حُكْمَهَا جَارٍ فِي بَطْنِ نَخْلٍ وَعُسْفَانَ لِوُجُودِ عِلَّتِهِ فِي الْجَمِيعِ [النَّوْع الرَّابِع صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ] (قَوْلُهُ أَوْ تَقَدَّمُوا عَلَى الْإِمَامِ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا إذَا تَخَلَّفُوا عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ (قَوْلُهُ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ بَلْ السُّكُوتُ أَهْيَبُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ زَجْرِ الْخَيْلِ كَيْفَ وَقَدْ فَسَّرَ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيّ قَوْله تَعَالَى {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا} [الصافات: 2] بِزَجْرِ الْمُقَاتِلِينَ الْخَيْلَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي مَعْنَى الْآيَةِ بَسَطَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ احْتَاجَ إلَى الضَّرْبِ الْكَثِيرِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا لَوْ نَازَعَتْهُ الدَّابَّةُ فَجَذَبَهَا ثَلَاثَ جَذَبَاتٍ لَا تَبْطُلُ قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُطُوَاتِ الثَّلَاثِ أَنَّ الْجَذَبَاتِ أَخَفُّ فَعُفِيَ عَنْهَا فِي الثَّلَاثِ فَإِنْ كَثُرَ أَبْطَلَ [فَرْعٌ يُلْقِي وُجُوبًا سِلَاحًا تَنَجَّسَ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ حَذَرًا مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ عِنْد صَلَاة الْخَوْف] (قَوْلُهُ وَفِي الْأَصْلِ أَوْ يَجْعَلَهُ فِي قِرَابِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 وَبِمَا قَالَهُ فَارَقَ ذَلِكَ بُطْلَانَهَا فِيمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى ثَوْبِ الْمُصَلِّي نَجَاسَةٌ وَلَمْ يُنَحِّهَا فِي الْحَالِ (إلَّا إنْ اُضْطُرَّ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ احْتَاجَ إلَى إمْسَاكِهِ فَيُمْسِكُهُ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ (وَيَقْضِي) لِنُدُورِ عُذْرِهِ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ مَنَعَ لَهُمْ أَعْنِي الْإِمَامَ نُدُورَهُ وَقَالَ هُوَ عَامٌّ فِي حَقِّ الْمُقَاتِلِ فَأَشْبَهَ الْمُسْتَحَاضَةَ وَخَرَّجَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ وَقَالَ هَذِهِ أَوْلَى بِنَفْيِ الْقَضَاءِ لِلْقِتَالِ الَّذِي اُحْتُمِلَ لَهُ الِاسْتِدْبَارُ وَغَيْرُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَجُعِلَ الْأَقْيَسُ عَدَمُ الْقَضَاءِ وَالْأَشْهَرُ وُجُوبُهُ وَاقْتَصَرَ فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى الْأَقْيَسِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِالْأَظْهَرِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: قَبْلَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْإِمَامِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ أَيْضًا ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي وَحِينَئِذٍ فَالْفَتْوَى عَلَيْهِ انْتَهَى (فَرْعٌ يُصَلَّى الْعِيدُ) الْأَصْغَرُ وَالْأَكْبَرُ (وَالْكُسُوفُ) لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ) صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ فَوْتُهُمَا وَيَخْطُبُ لَهُمَا إنْ أَمْكَنَ (لَا الِاسْتِسْقَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُ) وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّهَا تُشْرَعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا كَسُنَّةِ الْفَرِيضَةِ وَالتَّرَاوِيحِ وَأَنَّهَا لَا تُشْرَعُ فِي الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ (فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَاصِي بِالْقِتَالِ كَالْبُغَاةِ) وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ (صَلَاتُهَا) أَيْ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي (بَلْ) إنَّمَا تَجُوزُ صَلَاتُهَا (لِأَهْلِ الْعَدْلِ وَمَنْ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَحَرَمِهِ وَنَفْسِ غَيْرِهِ) وَمَالِهِ وَحَرَمِهِ وَضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (وَلَا يُصَلِّيهَا عَاصٍ بِفِرَارٍ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَنْ أُبِيحَ لَهُ الْفِرَارُ كَأَنْ زَادَ الْعَدُوُّ عَلَى ضَعْفِنَا وَسَيَأْتِي (وَلَا) يُصَلِّيهَا (طَالِبٌ) لِعَدُوٍّ مُنْهَزِمٍ مِنْهُ (خَافَ فَوْتَ الْعَدُوِّ) لَوْ صَلَّى مُتَمَكِّنًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ بَلْ مُحَصَّلٌ وَالرُّخَصُ لَا تَتَجَاوَزُ مَحَالّهَا (إلَّا إنْ خَشِيَ كَرَّتَهُمْ) عَلَيْهِ (أَوْ كَمِينًا) أَوْ انْقِطَاعَهُ عَنْ رُفْقَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا؛ لِأَنَّهُ خَائِفٌ (فَرْعٌ لَوْ هَرَبَ) قَدْ ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ (مِنْ نَحْوِ سَيْلٍ لَا مَحِيصَ عَنْهُ أَوْ سَبُعٍ) كَذَلِكَ أَوْ غَرِيمٍ لِإِعْسَارٍ قَامَ بِهِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُسْتَحِقُّ (أَوْ مُقْتَصٌّ يَرْجُو بِسُكُونِ غَضَبِهِ) بِالْهَرَبِ (عَفْوَهُ صَلَّاهَا) أَيْ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ (وَيُؤَخِّرُهَا) أَيْ وَيُؤَخِّرُ الْمُحْرِمُ صَلَاتَهُ وُجُوبًا (لِخَوْفِ فَوَاتِ الْوُقُوفِ) لَوْ صَلَّى مُتَمَكِّنًا وَيَقِفُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ صَعْبٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَقَدْ عَهِدْنَا تَأْخِيرَهَا بِمَا هُوَ أَسْهَلُ مِنْ مَشَقَّةِ الْحَجِّ كَتَأْخِيرِهَا لِلْجَمْعِ (وَلَا يُصَلِّيهَا) أَيْ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّهُ مُحَصِّلٌ لَا خَائِفٌ (تَنْبِيهٌ) لَوْ أَمْكَنَهُ مَعَ التَّأْخِيرِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ فَيُتَّجَهُ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ لِلضَّرُورَةِ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي (فَرْعٌ) لَوْ (رَأَوْا سَوَادًا) كَإِبِلٍ فَظَنُّوهُ عَدُوًّا أَوْ كَثِيرًا بِأَنْ ظَنُّوا أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ضِعْفِنَا فَصَلَّوْا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ (فَبَانَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ عَدُوٍّ أَوْ قَلِيلًا (أَوْ) بَانَ كَمَا ظَنُّوا وَقَدْ صَلَّوْهَا لَكِنْ بَانَ (دُونَهُ حَائِلٌ) كَخَنْدَقٍ أَوْ نَارٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ بَانَ أَنَّ بِقُرْبِهِمْ حِصْنًا يُمْكِنُهُمْ التَّحَصُّنُ بِهِ (أَوْ شَكُّوا فِي) شَيْءٍ مِنْ (ذَلِكَ) وَقَدْ صَلَّوْهَا (قَضَوْا) لِتَفْرِيطِهِمْ بِخَطَئِهِمْ أَوْ شَكِّهِمْ كَمَا لَوْ أَخْطَئُوا أَوْ شَكُّوا فِي الطَّهَارَةِ وَمَسْأَلَةُ الشَّكِّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ (وَكَذَا) يَقْضُونَ بِمَا مَرَّ (لَوْ صَلَّوْا صَلَاةَ عُسْفَانَ) أَوْ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ وَكَذَا الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ فِيهَا عَلَى رِوَايَةِ سَهْلٍ (لَا غَيْرِهَا) مِنْ صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ وَصَلَاةِ الْفِرْقَةِ الْأُولَى فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى رِوَايَةِ سَهْلٍ كَمَا فِي الْأَمْنِ (إلَّا) الْأُولَى وَلَا (إنْ بَانَ) بَعْدَ صَلَاتِهِمْ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ مَا رَأَوْهُ (عَدُوًّا) كَمَا ظَنُّوهُ وَلَا حَائِلَ وَلَا حِصْنَ (وَ) لَكِنْ (نِيَّتُهُمْ الصُّلْحُ وَنَحْوُهُ) كَالتِّجَارَةِ فَلَا قَضَاءَ إذْ لَا تَفْرِيطَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا اطِّلَاعَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْخَطَأِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهُمْ مُفَرِّطُونَ فِي تَأَمُّلِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ (وَلَوْ صَلَّى) مُتَمَكِّنًا (عَلَى الْأَرْضِ فَحَدَثَ الْخَوْفُ الْمُلْجِئُ) لِرُكُوبِهِ (رَكِبَ وَبَنَى، وَإِنْ) لَمْ يُلْجِئْهُ بَلْ (رَكِبَ احْتِيَاطًا أَعَادَ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا (وَإِنْ أَمِنَ) الْمُصَلِّي، وَهُوَ رَاكِبٌ (نَزَلَ) حَالًا وُجُوبًا (وَبَنَى) وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ النُّزُولَ أَقَلُّ عَمَلًا مِنْ الرُّكُوبِ وَاعْتَرَضَ الْمُزَنِيّ بِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِالْفُرُوسِيَّةِ وَالْخِفَّةِ وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ اعْتَبَرَ غَالِبَ عَادَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَخَرَّجَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ) قَالَ شَيْخُنَا مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ فِيهَا أَيْضًا الْقَضَاءُ [فَرْعٌ صَلَاة الْعِيدُ الْأَصْغَرُ وَالْأَكْبَرُ وَالْكُسُوفُ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ] (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّهَا تُشْرَعُ إلَخْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَا تُشْرَعُ فِي الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ) بَلْ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ مَعَ الْخَصْمِ يُفْهِمُ أَنَّ التَّجْوِيزَ فِي صَاحِبَةِ الْوَقْتِ مُحَافَظَةٌ عَلَيْهِ وَيُشْبِهُ أَنْ تَجُوزَ الْفَائِتَةُ إذَا خَافَ الْمَوْتَ قَبْلَ فِعْلِهَا لَا سِيَّمَا الْفَوْرِيَّةُ [فَرْعٌ صَلَاةُ الْخَوْفِ لِلْعَاصِي بِالْقِتَالِ] (قَوْلُهُ وَضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ لَا تُفْعَلُ إلَّا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ، وَهُوَ كَذَلِكَ مَا دَامَ يَرْجُو الْأَمْنَ وَإِلَّا فَلَهُ فِعْلُهَا وَلَوْ مَعَ سَعَتِهِ [فَرْعٌ هَرَبَ مِنْ نَحْوِ سَيْلٍ لَا مَحِيصَ عَنْهُ أَوْ سَبُعٍ صَلَّى صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ] (قَوْلُهُ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَخْ) لَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَكِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْمَعُهَا إلَّا بَعْدَ الْحَبْسِ فَهِيَ كَالْعَدَمِ (فَرْعٌ) لَوْ شَرَدَتْ فَرَسُهُ فَتَبِعَهَا إلَى صَوْبِ الْقِبْلَةِ شَيْئًا يَسِيرًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ أَوْ كَثِيرًا بَطَلَتْ وَإِنْ تَبِعَهَا إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ بَطَلَتْ مُطْلَقًا مَا ذَكَرَهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخَفْ ضَيَاعَهَا بَلْ بُعْدَهَا عَنْهُ فَيُكَلَّفُ لِلْمَشْيِ أَمَّا إذَا خَافَ ضَيَاعَهَا فَلَا بُطْلَانَ مُطْلَقًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ ش (قَوْلُهُ وَيُؤَخِّرُهَا لِخَوْفِ فَوَاتِ الْوُقُوفِ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَتَقَيَّدُ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَّا فِيمَنْ كَانَ قَرِيبًا وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِ الْوُقُوفِ إلَّا وَقْتُهَا وَإِلَّا فَيُتَصَوَّرُ فِي الْعَصْرِ مَثَلًا كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ تَرَكَهَا وَتَوَجَّهَ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ وَإِلَّا أَحْصَرَ أَوْ كَانَ فِي جُدَّةَ مُحْرِمًا وَعَلِمَ أَنَّهُ إنْ تَوَجَّهَ وَتَرَكَ مَا أَمَامَهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ كا (قَوْلُهُ كَتَأْخِيرِهَا لِلْجَمْعِ) يَجْرِي هَذَا كَمَا قَالَ صَدْرُ الدِّينِ الْجَزَرِيُّ فِي الِاشْتِغَالِ بِإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَدَفْعِ الصَّائِلِ عَنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ وَالصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ خِيفَ انْفِجَارُهُ [فَرْعٌ رَأَوْا سَوَادًا كَإِبِلٍ فَظَنُّوهُ عَدُوًّا أَوْ كَثِيرًا بِأَنْ ظَنُّوا أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ضِعْفِنَا فَصَلَّوْا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَبَانَ غَيْرَهُ] (قَوْلُهُ رَأَوْا سَوَادًا فَظَنُّوهُ عَدُوًّا إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ظَنِّهِمْ ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي دَارِنَا أَوْ دَارِ الْحَرْبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 النَّاسِ وَأُلْحِقَ بِهِ النَّادِرُ وَبِأَنَّهُ اعْتَبَرَ حَالَ كُلِّ مُنْفَرِدٍ أَوْ لَا رَيْبَ أَنَّ نُزُولَ كُلِّ فَارِسٍ أَخَفُّ مِنْ رُكُوبِهِ، وَإِنْ كَانَ أَثْقَلَ مِنْ رُكُوبٍ آخَرَ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ فِي الْأُولَى فَعَلَ شَيْئًا مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَخَرَجَ عَنْ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ الْمُعْتَادَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ فَعَلَ وَاجِبًا وَدَخَلَ فِي الْهَيْئَةِ الْمُعْتَادَةِ ثُمَّ أَنَّهُ إنَّمَا يَبْنِي فِيهَا (إنْ لَمْ يَسْتَدْبِرْ فِي نُزُولِهِ) الْقِبْلَةَ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ (وَكُرِهَ انْحِرَافُهُ) عَنْهَا فِي نُزُولِهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً وَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ (فَإِنْ أَخَّرَ النُّزُولَ) عَنْ الْأَمْنِ (بَطَلَتْ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ [بَابُ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ] (بَابُ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ) (يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ) مِنْ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى (لُبْسُ الْحَرِيرِ) وَلَوْ قَزًّا (وَمَا أَكْثَرَ مِنْهُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حُذَيْفَةَ «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ» وَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ أَيْضًا «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ» وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ فِي يَمِينِهِ قِطْعَةَ حَرِيرٍ وَفِي شِمَالِهِ قِطْعَةَ ذَهَبٍ وَقَالَ هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حَلَالٌ لِإِنَاثِهِمْ» . قَالَ الْإِمَامُ وَكَانَ فِيهِ مَعَ مَعْنَى الْخُيَلَاءِ أَنَّهُ ثَوْبُ رَفَاهِيَةٍ وَزِينَةٍ وَإِبْدَاءُ زِيٍّ يَلِيقُ بِالنِّسَاءِ دُونَ شَهَامَةِ الرِّجَالِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَفِي الْأُمِّ وَلَا أَكْرَهُ لُبْسَ اللُّؤْلُؤِ لِلرَّجُلِ إلَّا لِلْأَدَبِ فَإِنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلتَّحْرِيمِ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ مُتَعَدِّدٌ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَأَلْحَقُوا بِالرَّجُلِ الْخُنْثَى احْتِيَاطًا وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا خَرَجَ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ (لَا إنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الْحَرِيرُ وَغَيْرُهُ (وَزْنًا) فِيمَا رَكِبَ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ غَيْرُ الْحَرِيرِ أَكْثَرَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ وَالْأَصْلُ الْحِلُّ وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «إنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ الْحَرِيرِ فَأَمَّا الْعَلَمُ وَسُدَى الثَّوْبِ فَلَا بَأْسَ بِهِ» وَالْمُصْمَتُ الْخَالِصُ وَالْعَلَمُ الطِّرَازُ وَنَحْوُهُ (وَلَا أَثَرَ لِلظُّهُورِ) خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي قَوْلِهِ إنْ ظَهَرَ الْحَرِيرُ فِي الْمَرْكَبِ حَرُمَ، وَإِنْ قَلَّ وَزْنُهُ، وَإِنْ اسْتَتَرَ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ كَثُرَ وَزْنُهُ (وَيَجُوزُ) لِمَنْ ذَكَرَ لُبْسُ الْحَرِيرِ (لِحَاجَةٍ) الْأَنْسَبُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ لِضَرُورَةٍ (كَمُفَاجَأَةِ) أَيْ بَغْتَةِ (حَرْبٍ تَمْنَعُ) لِشِدَّتِهَا (الْبَحْثَ عَنْ غَيْرِهِ) يَعْنِي طَلَبَ غَيْرِ الْحَرِيرِ وَلُبْسَهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ (وَلِدَفْعِ حَرٍّ وَبَرْدٍ) شَدِيدَيْنِ الْأَنْسَبُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ حَذْفُ اللَّامِ أَوْ إبْدَالُهَا كَافًّا (وَحَكَّةٍ) إنْ آذَاهُ غَيْرُهُ كَمَا شَرَطَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَقَلَّ) لِلْحَاجَةِ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا» وَفِي رِوَايَةٍ فِي السَّفَرِ لِحَكَّةٍ أَوْ وَجَعٍ كَانَ بِهِمَا وَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي غُزَاةٍ لُبْسَهُ لِلْقَمْلِ رَوَاهَا الشَّيْخَانِ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي عَدَمَ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ وَإِنْ ذَكَرَهُ الرَّاوِي حِكَايَةً لِلْوَاقِعَةِ (وَ) يَجُوزُ (لِمُحَارِبٍ لُبْسُ دِيبَاجٍ لَا يَقِي غَيْرُهُ وِقَايَتَهُ) لِلضَّرُورَةِ وَالدِّيبَاجُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ أَصْلُهُ ديباه بِالْهَاءِ وَجَمْعُهُ دَبَايِجُ وَدَبَابِيجُ (فَرْعٌ يَجُوزُ) لِمَنْ ذُكِرَ (تَطْرِيفٌ مُعْتَادٌ بِهِ) أَيْ جَعْلُ طَرَفِ ثَوْبِهِ مُسَجَّفًا بِالْحَرِيرِ بِقَدْرِ الْعَادَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا لَهَا لِبْنَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ» وَاللِّبْنَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ رُقْعَةٌ فِي جَيْبِ الْقَمِيصِ أَيْ طَوْقِهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد -   [حاشية الرملي الكبير] بَابُ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ) (قَوْلُهُ وَمَا أَكْثَرُهُ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ خُصُوصًا إذَا اجْتَمَعَ حَلَالٌ وَحَرَامٌ وَالْحَرَامُ أَغْلَبُ وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ رَزِينٍ عَمَّنْ يُفَصِّلُ الْكُلُوثَاتِ الْحَرِيرِ وَالْأَقْبَاعَ وَيَشْتَرِي الْقُمَاشَ الْحَرِيرَ مُفَصَّلًا وَيَبِيعُهُ لِلرِّجَالِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَأْثَمُ مَنْ يُفَصِّلُ لَهُمْ الْحَرِيرَ أَوْ يَخِيطَهُ أَوْ يَبِيعَهُ أَوْ يَشْتَرِيَهُ أَوْ يَصُوغَ الذَّهَبَ لِلُبْسِهِمْ وَقَوْلُهُ فَأَجَابَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَلَّ لِإِنَاثِهِمْ) ؛ وَلِأَنَّ تَزْيِينَ الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ يَدْعُو إلَى الْمَيْلِ إلَيْهَا وَوَطْئِهَا فَيُؤَدِّي إلَى مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ كَثْرَةِ النَّسْلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ) وَالْأَصْلُ الْحِلُّ وَغَلَبَةُ الظَّنِّ كَافِيَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ الْيَقِينُ وَإِذَا شَكَّ حَرُمَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ عَدَمِ تَحْرِيمِ الْإِنَاءِ الْمُضَبَّبِ إذَا شَكَّ فِي كِبَرِ ضَبَّتِهِ الْعِلْمُ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا إذْ الْأَصْلُ حِلُّ اسْتِعْمَالِ الْإِنَاءِ قَبْلَ تَضْبِيبِهِ وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ وَاسْتِمْرَارُ مُلَابَسَةِ الْمَلْبُوسِ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِحَاجَةٍ) دَخَلَ فِيهَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ بِهِ وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَكَذَا سَتْرُ مَا زَادَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى النَّاسِ (قَوْلُهُ الْأَنْسَبُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ لِضَرُورَةٍ) عَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ لِمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي الْخَوْفُ مِمَّا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَالْخَوْفِ عَلَى الْعُضْوِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الْمَرَضِ الشَّدِيدِ وَيَشْهَدُ لَهُ جَوَازُ لِلْحَكَّةِ وَالْجَرَبِ. (قَوْلُهُ لِلْحَاجَةِ إلَخْ) وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ مِمَّا يُغْنِي عَنْهُ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ لِبَاسٍ وَإِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّ شَرْطَ الْجَوَازِ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يُغْنِي عَنْهُ أَيْ كَمَا فِي التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ قَالَ الدَّمِيرِيِّ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِالتَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْحَرِيرِ مِمَّا أُبِيحَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَكَانَ أَخَفَّ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي عَدَمَ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ) قَالَ السُّبْكِيُّ الرِّوَايَاتُ فِي الرُّخْصَةِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ يَظْهَرُ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمَا الْحَكَّةُ وَالْقَمْلُ فِي السَّفَرِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ الْمُقْتَضِي لِلتَّرَخُّصِ إنَّمَا هُوَ اجْتِمَاعُ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ أَحَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا فَيَنْبَغِي اقْتِصَارُ الرُّخْصَةِ عَلَى مَجْمُوعِهَا وَلَا تَثْبُتُ فِي بَعْضِهَا إلَّا بِدَلِيلٍ. اهـ. وَيُجَابُ بَعْدَ تَسْلِيمِ ظُهُورِ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ بِمَنْعِ كَوْنِ أَحَدِهَا لَيْسَ بِمَنْزِلَتِهَا فِي الْحَاجَةِ الَّتِي عُهِدَ إنَاطَةُ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِإِفْرَادِهَا فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ بَلْ كَثِيرًا مَا تَكُونُ الْحَاجَةُ فِي أَحَدِهَا لِبَعْضِ النَّاسِ أَقْوَى مِنْهَا فِي الثَّلَاثَةِ لِبَعْضٍ آخَرَ س (قَوْلُهُ وَلِمُحَارِبٍ لُبْسُ دِيبَاجٍ إلَخْ) جَوَّزَ ابْنُ كَجٍّ اتِّخَاذُ الْقَبَاءِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْقِتَالِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَ الْحَرِيرِ مِمَّا يَدْفَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَانْكِسَارِ قُلُوبِ الْكُفَّارِ كَتَحْلِيَةِ السَّيْفِ وَنَحْوِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «كَانَ لَهُ جُبَّةٌ مَكْفُوفَةُ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ» وَالْمَكْفُوفِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ كُفَّةٌ بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ سِجَافٌ أَمَّا مَا جَاوَزَ الْعَادَةَ فَيَحْرُمُ وَفَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ اعْتِبَارِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ فِيمَا يَأْتِي بِأَنَّ التَّطْرِيفَ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِالْأَرْبَعِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَكَالتَّطْرِيفِ طَرَفَا الْعِمَامَةِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْرَ شِبْرٍ وَفَرَّقَ بَيْنَ كُلِّ أَرْبَعِ أَصَابِعَ بِمِقْدَارِ قَلَمٍ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ قُطْنٍ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَتَبَّعْت الْعَادَةَ فِي الْعَمَائِمِ فَوُجِدَتْ كَذَلِكَ (وَ) يَجُوزُ (تَطْرِيزٌ وَتَرْقِيعٌ) بِهِ (لَا يُجَاوِزُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (أَرْبَعَ أَصَابِعَ) مَضْمُومَةٍ دُونَ مَا يُجَاوِزُهَا لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عُمَرَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ» وَظَاهِرٌ أَنَّ شَرْطَ جَوَازِهِمَا أَنْ لَا تَكْثُرَ مَحَالُّهُمَا بِحَيْثُ يَزِيدُ الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ وَزْنًا لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَلِيمِيِّ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى طِرَازَيْنِ كُلُّ طِرَازٍ عَلَى كُمٍّ وَأَنَّ كُلَّ طِرَازٍ لَا يَزِيدُ عَلَى إصْبَعَيْنِ لِيَكُونَ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالتَّطْرِيزُ جَعْلُ الطِّرَازِ مُرَكَّبًا عَلَى الثَّوْبِ أَمَّا الْمُطَرَّزُ بِالْإِبْرَةِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْمَنْسُوجِ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الثَّوْبِ كَالْمُرَكَّبِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لَا كَالطِّرَازِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالطِّرَازِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (وَ) يَجُوزُ (حَشْوُ جُبَّةٍ) أَوْ نَحْوِهَا (بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْحَشْوَ لَيْسَ ثَوْبًا مَنْسُوجًا لَا يُعَدُّ صَاحِبُهُ لَابِسَ حَرِيرٍ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا سَيَأْتِي مِنْ تَحْرِيمِ الْبِطَانَةِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ جَوَازُ لُبْسِهَا قَالَ الْإِمَامُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا ظِهَارَتُهُ وَبِطَانَتُهُ قُطْنٌ وَفِي وَسَطِهِ حَرِيرٌ مَنْسُوجٌ جَازَ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَعِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ جَازَ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ كَلَامِهِمْ وَفِيهِ احْتِمَالٌ انْتَهَى وَيُؤَيِّدُ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ حِلُّ اسْتِعْمَالِ إنَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْمَغْشِيِّ بِنُحَاسٍ وَحِلُّ الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ بِحَائِلٍ (وَ) يَجُوزُ (خِيَاطَةٌ) لِلثَّوْبِ بِهِ وَلُبْسُهُ وَلَا يَجِيءُ فِيهِ تَفْصِيلُ الْمُضَبَّبِ؛ لِأَنَّ الْحَرِيرَ أَهْوَنُ مِنْ الْأَوَانِي وَلِهَذَا حَلَّ لِلنِّسَاءِ دُونَهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَحِلُّ مِنْهُ خَيْطُ السُّبْحَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُقَاسُ بِهِ لِيقَةُ الدَّوَاةِ قَالَ الْفُورَانِيُّ وَيَجُوزُ مِنْهُ كِيسُ الْمُصْحَفِ لِلرَّجُلِ وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ كِتَابَةُ الصَّدَاقِ فِي ثَوْبِ حَرِيرٍ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ قَالَ وَلَا يُغْتَرُّ بِكَثْرَةِ مَنْ يَرَاهُ وَلَا يُنْكِرُهُ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ كَخِيَاطَةِ أَثْوَابِ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْخِيَاطَةَ لَا اسْتِعْمَالَ فِيهَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا اتِّخَاذُ أَثْوَابِ الْحَرِيرِ بِلَا لُبْسٍ فَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ حَرَامٌ لَكِنَّ إثْمَهُ دُونَ إثْمِ اللُّبْسِ (لَا تَبْطِينٌ) بِأَنْ جَعَلَ بِطَانَةَ الْجُبَّةِ أَوْ نَحْوِهَا حَرِيرًا فَيَحْرُمُ لُبْسُهَا (وَلَا نَسْجُ دِرْعٍ بِقَلِيلِ ذَهَبٍ) فَيَحْرُمُ مَا نُسِجَ بِهِ أَوْ زُرَّ بِإِزْرَارِهِ أَوْ خُيِّطَ بِهِ لِكَثْرَةِ الْخُيَلَاءِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا خُيِّطَ بِالْحَرِيرِ وَخَرَجَ بِالذَّهَبِ الْفِضَّةُ فَيَجُوزُ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الزَّكَاةِ [فَرْعٌ افْتِرَاش الْحَرِير وَالتَّسَتُّر بِهِ كَلُبْسِهِ] (فَرْعُ افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ وَالتَّسَتُّرِ بِهِ وَسَائِرِ) وُجُوهِ (الِاسْتِعْمَالِ كَلُبْسِهِ) فَتَحْرُمُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ وَالتَّقْيِيدُ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ بِاللُّبْسِ وَالْجُلُوسِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَيَحْرُمُ مَا عَدَاهُمَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَخْبَارِ (وَلِلْمَرْأَةِ افْتِرَاشُهُ) كَلُبْسِهِ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ «حَلَّ لِإِنَاثِهِمْ» (فَإِنْ فَرَشَ رَجُلٌ) أَوْ خُنْثَى (عَلَيْهِ غَيْرَهُ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَوْ خَفِيفًا مُهَلْهَلَ النَّسْجِ (جَلَسَ) عَلَيْهِ جَوَازًا كَمَا يَجُوزُ جُلُوسُهُ عَلَى مِخَدَّةٍ مَحْشُوَّةٍ بِهِ وَعَلَى نَجَاسَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ وَعَلَّلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ مُسْتَعْمِلًا لَهُ (وَلِوَلِيِّ صَبِيٍّ وَلَوْ مُمَيِّزًا إلْبَاسُهُ إيَّاهُ وَتَزْيِينُهُ بِالْحُلِيِّ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَبِالْمَصْبُوغِ وَالْحَرِيرِ وَلَوْ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْعِيدِ إذْ لَيْسَ لَهُ شَهَامَةٌ تُنَافِي خُنُوثَةَ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَأَلْحَقَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الْمَجْنُونَ (وَكَالْحَرِيرِ) فِيمَا ذُكِرَ (مُزَعْفَرٌ وَمُعَصْفَرٌ) لِلْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ الْمُزَعْفَرُ دُونَ الْمُعَصْفَرِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ الصَّوَابُ تَحْرِيمُ الْمُعَصْفَرِ عَلَيْهِ أَيْضًا لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَوْ بَلَغَتْ الشَّافِعِيُّ لَقَالَ بِهَا وَقَدْ أَوْصَانَا بِالْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهَا إلَى الْوَزْنِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ أَنَّ شَرْطَ جَوَازِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْمَنْسُوجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ جَازَ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ كَلَامِهِمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) فَإِنْ قَرُبَ بِأَنَّ الثَّوْبَ مَحْمُولٌ لِلْبَدَنِ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ وَالْفِرَاشِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَرِيرَ تَوَسَّعُوا فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَبِأَنَّ الْمَعْنَى فِي حُرْمَتِهِ الِاسْتِعْمَالُ وَالْخُيَلَاءُ لَا الْحَمْلُ وَذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَحْمُولِ وَالْمَفْرُوشِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ فَالْأَوْلَى الْأَخْذُ بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ س (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُقَاسُ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْفُورَانِيُّ وَيَجُوزُ مِنْهُ كِيسُ الْمُصْحَفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْأَزْرَارُ وَنَحْوُهَا (قَوْلُهُ وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ) كَخِيَاطَةِ أَثْوَابِ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ ابْنِ عَسَاكِرَ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا اتِّخَاذُ أَثْوَابِ الْحَرِيرِ بِلَا لُبْسٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا قِيلَ أَفْتَى الْوَالِدُ بِجَوَازِ اتِّخَاذِ ثَوْبٍ حَرِيرٍ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَلَيْسَ قَوْلُهُمْ مَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ اتِّخَاذُهُ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ نَعَمْ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرٌ حَيْثُ اتَّخَذَهُ وَعَزَمَ عَلَى لُبْسِهِ فَالْحُرْمَةُ ظَاهِرَةٌ لِعَزْمِهِ عَلَى فِعْلِ مَعْصِيَةٍ وَإِثْمِهِ دُونَ إثْمِ مَنْ فَعَلَهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ فَرَشَ رَجُلٌ عَلَيْهِ غَيْرَهُ جَلَسَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا اتَّفَقَ فِي دَعْوَةٍ وَنَحْوِهَا أَمَّا إذَا اتَّخَذَ لَهُ حَصِيرًا مِنْ حَرِيرٍ فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ وَإِنْ بَسَطَ فَوْقَهَا شَيْئًا لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ لَا مَحَالَةَ. اهـ. وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ س وَقَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى نَجَاسَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ) بِحَيْثُ لَا تَلْقَى شَيْئًا مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي وَثِيَابِهِ (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الْمَجْنُونَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ الْمُزَعْفَرُ دُونَ الْمُعَصْفَرِ) هُوَ الْمَذْهَبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْبَيْهَقِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ نَصًّا ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ نَصًّا يُوَافِقُ النَّهْيَ وَأَنَّ مَحَلَّ النَّهْيِ عَنْ الْمُعَصْفَرِ إذَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ لَا قَبْلَهُ قَالَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ اخْتِلَافُ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ (وَلَا يُكْرَهُ) لِمَنْ ذُكِرَ (مَصْبُوغٌ بِغَيْرِهِمَا) أَيْ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ سَوَاءٌ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَخْضَرُ وَغَيْرُهَا فَعُلِمَ جَوَازُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَجُوزُ لُبْسُ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ وَالْخَزِّ، وَإِنْ كَانَتْ نَفِيسَةً غَالِيَةَ الْأَثْمَانِ؛ لِأَنَّ نَفَاسَتَهَا بِالصَّنْعَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَتَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِيمَا صُبِغَ قَبْلَ النَّسْجِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ جَوَازُ الْمَصْبُوغِ بِالْوَرْسِ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ إلْحَاقَهُ بِالْمُزَعْفَرِ (وَيُكْرَهُ) لِلرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ (تَزْيِينُ الْبُيُوتِ) حَتَّى مُشَاهَدَ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ (بِالثِّيَابِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُلْبِسَ الْجُدْرَانَ وَاللَّبِنَ» (وَيَحْرُمُ) تَزْيِينُهَا (بِالْحَرِيرِ وَالْمُصَوَّرِ) لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِيهَا نَعَمْ يَجُوزُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ بِالْحَرِيرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَكَذَا الْمَسَاجِدُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ يَمِيلُ إلَيْهِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ عَدَمُ الْجَوَازِ فِيهَا، وَهُوَ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (فَرْعٌ يَحْرُمُ إلْبَاسُ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ غَيْرَهُمَا) إذْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْخِنْزِيرِ فِي حَيَاتِهِ بِحَالٍ وَكَذَا بِالْكَلْبِ إلَّا فِي أَغْرَاضٍ مَخْصُوصَةٍ فَبَعْدَ مَوْتِهِمَا أَوْلَى أَمَّا إلْبَاسُهُ لَهُمَا فَجَائِزٌ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُمَا فِي التَّغْلِيظِ وَمِثْلُهُمَا فِيمَا ذُكِرَ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ غَيْرِهِ (إلَّا لِخَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ) أَوْ عُضْوٍ (مِنْ حَرٍّ وَبَرْدٍ) شَدِيدَيْنِ (وَ) فَجْأَةِ (حَرْبٍ وَ) قَدْ (عُدِمَ غَيْرُهُ) مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِنَفْسٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ فِي نُسْخَةٍ كَأَصْلِهِ بِنَفْسِهِ (وَلَا يَحْرُمُ جِلْدُ الْمَيْتَةِ) قَبْلَ الدَّبْغِ (وَسَائِرُ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ) غَيْرِ مَا مَرَّ (إلَّا عَلَى) بِمَعْنَى فِي (بَدَنِ آدَمِيٍّ وَشَعْرِهِ) وَثَوْبِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَالْمُصَنِّفُ فِي الشَّهَادَاتِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ التَّعَبُّدِ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ لِإِقَامَةِ الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالشَّعْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ) كَانَ النَّجِسُ (مُشْطَ عَاجٍ كَافٍ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى وَصْلِ الشَّعْرِ وَمِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ هُنَا فَإِنَّهُ رَدَّ بِهِ قَوْلَ النَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ الْمَشْهُورُ لِلْأَصْحَابِ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْعَاجِ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ حَيْثُ لَا رُطُوبَةَ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ فَقَالَ وَمَا قَالَهُ غَرِيبٌ وَوَهْمٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي وَضْعِ الشَّيْءِ فِي الْإِنَاءِ مِنْهُ فَالْتَبَسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِالِاسْتِعْمَالِ فِي الْبَدَنِ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ هُوَ الْغَرِيبُ وَالْوَهْمُ الْعَجِيبُ فَقَدْ نَصَّ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُشْطِ وَالْإِنَاءِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَكَأَنَّهُمْ اسْتَثْنَوْا الْعَاجَ لِشِدَّةِ جَفَافِهِ مَعَ ظُهُورِ رَوْنَقِهِ وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ (وَلَهُ لُبْسُ) ثَوْبٍ (مُتَنَجِّسٍ) ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ عَارِضَةٌ سَهْلَةُ الْإِزَالَةِ وَلَا يَخْفَى تَقْيِيدُهُ فِي غَيْرِ الضَّرُورَةِ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ ثَمَّ رُطُوبَةٌ وَقَيَّدَهُ الْأَصْلُ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ مَا فُهِمَ مِنْهُ مِنْ تَحْرِيمِ لُبْسِهِ فِي الصَّلَاةِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ مُشْتَغِلًا بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ كَمَا لَوْ صَلَّى مُحْدِثًا فَإِنَّهُ آثِمٌ بِفِعْلِهِ الْفَاسِدَ لَا بِتَرْكِهِ الْوُضُوءَ (وَ) لَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ (تَسْمِيدُ أَرْضِهِ) بِأَنْ يَجْعَلَ فِيهَا السَّمَادَ أَيْ السِّرْجِينَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فَقَوْلُهُ (يُزِيلُ) إيضَاحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ زِبْلِ مَا نَجَاسَتُهُ مُغَلَّظَةٌ (وَ) لَهُ أَيْضًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إلْحَاقُهُ بِالْمُزَعْفَرِ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ صَارَ الْمَصْبُوغُ بِهِ كَالْمُزَعْفَرِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ عَدَمُ الْجَوَازِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ أَبَا الشَّاشِيِّ أَحَدَ الْأَئِمَّةِ فِي طَبَقَةِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ أَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَلَّقَ عَلَى حِيطَانِ الْمَسْجِدِ سُتُورٌ حَرِيرٌ وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهَا عَلَيْهَا، وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ [فَرْعٌ يَحْرُمُ إلْبَاسُ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ] (قَوْلُهُ أَمَّا إلْبَاسُهُ لَهُمَا فَجَائِزٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ كَلْبٌ يُقْتَنَى وَخِنْزِيرٌ لَا يُؤْمَرُ بِقَتْلِهِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا وَتَفْصِيلًا ذَكَرُوهُ فِي السِّيَرِ وَالْمُغْشَى مُقْنَى وَأُجِيبَ بِمَنْعِ كَوْنِهِ مُقْتَنِيًا بِذَلِكَ وَلَوْ سَلِمَ فَيَأْثَمُ بِالِاقْتِنَاءِ لَا بِالتَّغْشِيَةِ أَوْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْمُضْطَرِّ يَتَزَوَّدُ بِهِ لِيَأْكُلَهُ كَمَا يَتَزَوَّدُ بِالْمَيْتَةِ أَوْ عَلَى خَنَازِيرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَيْهَا كَمَا يُقَرُّونَ عَلَى اقْتِنَاءِ الْخَمْرِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ بِكَلَامِهِ السَّابِقِ وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ بِشِقَّيْهِ يَقْتَضِي حِلَّ التَّغْشِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الِاقْتِنَاءُ وِفَاقًا لِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ السَّابِقِ س (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى بَدَنِ آدَمِيٍّ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ فِي الْبَدَنِ قَدْ ذُكِرَ مَا يُخَالِفُهُ فِي الْعَقِيقَةِ فَذُكِرَ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَلْطِيخُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ بِالدَّمِ، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ لَطْخِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَرَامًا لَامْتَنَعَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ مَعَ الْغَيْرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا كَمَا لَا يَجُوزُ لَطْخُهُ بِالْبَوْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ جِنْسَ الدَّمِ مِمَّا يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ فَلَا يَحْسُنُ قِيَاسُ مَا دَخَلَهُ التَّخْفِيفُ عَلَى مَا لَمْ يَدْخُلْهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ فِي التَّثْقِيلِ وَالتَّخْفِيفِ وَبِأَنَّ الدَّمَ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَبِأَنَّ تَلْطِيخَ رَأْسِهِ بِالدَّمِ فِيهِ إظْهَارٌ لِشِعَارِ الْعَقِيقَةِ وَإِعْلَامٌ بِأَنَّهُ قَدْ عُقَّ عَنْهُ وَكَانَ الْقِيَاسُ اسْتِحْبَابَ فِعْلِ ذَلِكَ وَبِأَنَّ دَمَ الْأُضْحِيَّةَ وَالْعَقِيقَةِ قَدْ شَهِدَ لَهُ بِالْبَرَكَةِ «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَّتَك فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَك بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ أَسْلَفْتِيهِ» (قَوْلُهُ وَلَهُ لُبْسُ ثَوْبٍ مُتَنَجِّسٍ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ الْوَقْتُ صَائِفًا بِحَيْثُ يَعْرَقُ فَيَتَنَجَّسُ بَدَنُهُ وَيَحْتَاجُ إلَى غَسْلِهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى تَقْيِيدُهُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُ الْمُكْثِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ عَنْ النَّجَاسَةِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 مَعَ الْكَرَاهَةِ (اسْتِصْبَاحٌ بِدُهْنٍ نَجِسٍ) كَمَا لَهُ ذَلِكَ بِالْمُتَنَجِّسِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ فَارَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ أَوْ فَانْتَفِعُوا بِهِ» رَوَاهُ الطَّحْطَاوِيُّ وَقَالَ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَمَحَلُّهُ (فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ) أَمَّا فِيهِ فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِهِ كَذَا جَزَمَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ لَكِنَّ مَيْلَ الْإِسْنَوِيِّ إلَى الْجَوَازِ حَيْثُ قَالَ وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي الْجَوَازَ وَسَبَبُهُ قِلَّةُ الدُّخَانِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى الْكَثِيرِ فَيُوَافِقُ الثَّانِيَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِي تَوَسُّطِهِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُلْحَقَ بِالْمَسْجِدِ الْمَنْزِلُ الْمُؤَجَّرُ وَالْمُعَارُ وَنَحْوُهُمَا إذَا طَالَ زَمَنُ الِاسْتِصْبَاحِ فِيهِ بِحَيْثُ يَعْلَقُ الدُّخَانُ بِالسَّقْفِ أَوْ الْجِدَارِ (لَا وَدَكُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) وَفَرْعُ أَحَدِهِمَا فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْفُورَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ (وَيُعْفَى عَمَّا يُصِيبُك مِنْ دُخَانِ الْمِصْبَاحِ) لِقِلَّتِهِ فَلَا يُمْنَعُ الِاسْتِصْبَاحُ بِمَا مَرَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَجُوزُ طَلْيُ السُّفُنِ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ وَاِتِّخَاذِ صَابُونٍ مِنْ الزَّيْتِ النَّجِسِ وَإِطْعَامِ الْمَيْتَةِ لِلْكِلَابِ وَالطُّيُورِ وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ الْمُتَنَجِّسِ لِلدَّوَابِّ (فَرْعٌ يُكْرَهُ) بِغَيْرِ عُذْرٍ (الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا كَخُفٍّ وَاحِدٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَمْشِ فِي الْأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا» وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَشْيَهُ يَخْتَلُّ بِذَلِكَ وَقِيلَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْعَدْلِ بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ وَالْعَدْلُ مَأْمُورٌ بِهِ وَقِيسَ بِالنَّعْلِ نَحْوُهَا (وَإِنْ انْتَعَلَ قَائِمًا) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْمَعْنَى فِيهِ خَوْفُ انْقِلَابِهِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْيَمِينِ فِي اللُّبْسِ) لِلنَّعْلِ وَنَحْوِهِ (وَالْيَسَارِ فِي الْخَلْعِ) كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْوُضُوءِ وَيُسَنُّ لَهُ إذَا جَلَسَ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ وَنَحْوَهُمَا وَأَنْ يَجْعَلَهُمَا وَرَاءَهٌ بِجَنْبِهِ إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ عَلَيْهِمَا لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ «مِنْ السُّنَّةِ إذَا جَلَسَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ فَيَجْعَلَهُمَا بِجَنْبِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَيُبَاحُ) بِلَا كَرَاهَةٍ (خَاتَمُ حَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَا لِي أَرَى عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ» فَسَيَأْتِي أَنَّهُ ضَعِيفٌ (وَيُسَنُّ لِلرَّجُلِ خَاتَمُ الْفِضَّةِ) أَيْ لُبْسُهُ فِي خِنْصَرِ يَمِينِهِ وَفِي خِنْصَرِ يَسَارِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَ) لُبْسُهُ (فِي الْيَمِينِ أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَالْيَمِينُ أَشْرَفُ (وَيَجُوزُ) لُبْسُهُ (فِيهِمَا) مَعًا بِفَصٍّ وَبِدُونِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَعْلُ الْفَصِّ فِي بَاطِنِ الْكَفِّ أَفْضَلُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ وَيَجُوزُ نَقْشُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ الْخَاتَمُ عَنْ مِثْقَالٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ وَجَدَهُ لَابِسَ خَاتَمِ حَدِيدٍ مَا لِي أَرَى عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ فَطَرَحَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ اتَّخَذَهُ قَالَ مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُبْلِغْهُ مِثْقَالًا» انْتَهَى وَالْخَبَرُ ضَعَّفَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ فَيَنْبَغِي الضَّبْطُ بِمَا لَا يُعَدُّ إسْرَافًا فِي الْعُرْفِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَغَيْرُهُ فِي الْخَلْخَالِ وَقَالَ أَفْتَيْت بِذَلِكَ (وَيُكْرَهُ لُبْسُ الثِّيَابِ الْخَشِنَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ) نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيِّ وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِمَا مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ (وَيَحْرُمُ) عَلَى الرَّجُلِ (إطَالَةُ الْعَذَبَةِ طُولًا فَاحِشًا وَإِنْزَالُ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ عَنْ الْكَعْبَيْنِ لِلْخُيَلَاءِ وَيُكْرَهُ) ذَلِكَ (لِغَيْرِهَا) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ إزَارِي يَسْتَرْخِي إلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَهُ فَقَالَ لَهُ إنَّك لَسْت مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلَاءَ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَا اسْتَفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ» وَلِخَبَرِ «الْإِسْبَالُ فِي الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ مَنْ جَرَّ شَيْئًا خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَحُسِّنَ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالطُّولِ الْفَاحِشِ فِي الْعَذَبَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالسُّنَّةُ أَنْ تَكُونَ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَسَيَأْتِي وَيُسَنُّ تَقْصِيرُ الْكُمِّ «؛ لِأَنَّ كُمَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إلَى الرُّسْغِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَيَجُوزُ لُبْسُ الْعِمَامَةِ بِإِرْسَالِ طَرَفِهَا وَبِدُونِهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ عَنْ تَرْكِ إرْسَالِهِ شَيْءٌ وَصَحَّ فِي إرْخَائِهِ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ «كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ   [حاشية الرملي الكبير] اسْتِصْبَاحٌ بِدُهْنٍ نَجِسٍ) وَكَذَلِكَ دُهْنُ الدَّوَابِّ وَتَوْقِيحُهَا بِهِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ) اسْتَثْنَى الْإِمَامُ الْمَسَاجِدَ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ قَطْعًا، وَهُوَ وَاضِحٌ ع (قَوْلُهُ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْمَسْجِدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْفُورَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ) وَالْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ وَيُعْفَى عَمَّا يُصِيبُك مِنْ دُخَانِ الْمِصْبَاحِ) الْبُخَارُ الْخَارِجُ مِنْ النَّجَاسَةِ كَالْكَنِيفِ طَاهِرٌ وَكَذَا الرِّيحُ الْخَارِجَةُ مِنْ الدُّبُرِ كَالْجُشَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ مِنْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ الْمَوْجُودَةُ فِيهِ لِمُجَاوَرَتِهِ النَّجَاسَةَ لَا أَنَّهُ مِنْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ وَاِتِّخَاذُ صَابُونٍ مِنْ الزَّيْتِ النَّجِسِ) وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ ثُمَّ يُطَهِّرُهُمَا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْأَدْوِيَةِ النَّجِسَةِ فِي الدَّبْغِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا مِنْ الطَّاهِرَاتِ وَيُبَاشِرُهَا الدَّابِغُ بِيَدِهِ لَا بِحَالِهِ وَلَا ضَرُورَةَ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَكَذَلِكَ وَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَكَذَلِكَ الثُّقْبَةُ الْمُنْفَتِحَةُ تَحْتَ الْمَعِدَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ الْإِيلَاجُ فِيهَا - [فَرْعٌ الْمَشْي فِي نَعْل وَاحِدَة] (قَوْلُهُ وَأَنْ يَنْتَعِلَ قَائِمًا) مِثْلُهُ لُبْسُ الْخُفِّ وَالسَّرَاوِيلِ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَنْبَغِي إلَخْ) وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ وَإِنْزَالُ الثَّوْبِ وَنَحْوُهُ) كَالسَّرَاوِيلِ وَالْإِزَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 قَدْ أَرْخَى طَرَفَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ» أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجُوزُ لَهَا إرْسَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ لِخَبَرِ «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَيْفَ يَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ يُرْخِينَ شِبْرًا قَالَتْ إذَنْ تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ قَالَ فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الذِّرَاعِ مِنْ الْحَدِّ الْمُسْتَحَبِّ لِلرِّجَالِ، وَهُوَ أَنْصَافُ السَّاقَيْنِ لَا مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا مِنْ أَوَّلِ مَا يَمَسُّ الْأَرْضَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي طَيُّ الثِّيَابِ فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ ضِعَافٍ خَبَرُ «اطْوُوا ثِيَابَكُمْ تَرْجِعْ إلَيْهَا أَرْوَاحُهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ إذَا وَجَدَ الثَّوْبَ مَطْوِيًّا لَمْ يَلْبَسْهُ وَإِذَا وَجَدَهُ مَنْشُورًا لَبِسَهُ» وَخَبَرِ «إذَا طَوَيْتُمْ ثِيَابَكُمْ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ لَا يَلْبَسُهَا الْجِنُّ بِاللَّيْلِ وَأَنْتُمْ بِالنَّهَارِ فَتَبْلَى سَرِيعًا» (تَتِمَّةٌ) يَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ لُبْسُ الْقَمِيصِ وَالْقَبَاءِ وَالْفَرْجِيَّةِ وَنَحْوِهَا مَزْرُورًا وَمَحْلُولَ الْإِزْرَارِ إذَا لَمْ تَبْدُ عَوْرَتُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُ عَدَمِ كَرَاهَةِ لُبْسِ الْقَبَاءِ بِمَنْ يَعْتَادُهُ أَوْ لَا يَعْتَادُهُ لَكِنْ لَبِسَهُ تَحْتَ ثِيَابِهِ أَمَّا إذَا لَبِسَهُ ظَاهِرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ كَلُبْسِ الْفَقِيهِ الْقَبَاءَ فِي بِلَادِنَا وَقَدْ تَعَرَّضُوا لَهُ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِفْرَاطُ تَوْسِعَةِ الثِّيَابِ وَالْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ شِعَارِ الْعُلَمَاءِ لِيُعْرَفُوا بِذَلِكَ فَيُسْأَلُوا فَإِنِّي كُنْت مُحْرِمًا فَأَنْكَرْت عَلَى جَمَاعَةٍ مُحْرِمِينَ لَا يَعْرِفُونَنِي مَا أَخْلُوا بِهِ مِنْ آدَابِ الطَّوَافِ فَلَمْ يَقْبَلُوا فَلَمَّا لَبِسْت ثِيَابَ الْفُقَهَاءِ وَأَنْكَرْت عَلَيْهِمْ ذَلِكَ سَمِعُوا وَأَطَاعُوا فَإِذَا لَبِسَهَا لِمِثْلِ ذَلِكَ كَانَ فِيهِ أَجْرٌ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ [كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ] (كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ) عِيدِ الْفِطْرِ وَعِيدِ الْأَضْحَى وَالْعِيدُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَوْدِ لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ عَامٍ وَقِيلَ لِعَوْدِ السُّرُورِ بِعَوْدِهِ وَقِيلَ لِكَثْرَةِ عَوَائِدِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِيهِ وَجَمْعُهُ أَعْيَادٌ وَإِنَّمَا جُمِعَ بِالْيَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْوَاوَ لِلُزُومِهَا فِي الْوَاحِدِ وَقِيلَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْوَادِ الْخَشَبِ وَالْأَصْلُ فِي صَلَاتِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَاةُ الْأَضْحَى وَأَنَّ أَوَّلَ عِيدٍ صَلَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِيدُ الْفِطْرِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَتْرُكْهَا (وَهِيَ سُنَّةٌ) لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهَا ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَا أَذَانَ لَهَا كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَالصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَحَمَلُوا نَقْلَ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْعِيدَيْنِ عَلَى التَّأْكِيدِ فَلَا إثْمَ وَلَا قِتَالَ بِتَرْكِهَا (لَا لِلْحَاجِّ بِمِنًى) فَلَا تُسَنُّ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةَ لِلِاتِّبَاعِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ فِي صَلَاتِهَا جَمَاعَةً أَمَّا صَلَاتُهَا مُنْفَرِدِينَ فَسُنَّةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْحَجِّ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهَا إنْ صَحَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ إذْ لَوْ فَعَلَهَا جَمَاعَةً فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ لَاشْتَهَرَ (وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شُرُوطِ الْجُمُعَةِ) مِنْ اعْتِبَارِ الْجَمَاعَةِ وَالْعَدَدِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ (فَيُصَلِّيهَا) وَفِي نُسْخَةٍ فَلْيُصَلِّهَا (الْمُنْفَرِدُ) وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى وَالصَّبِيُّ (وَالْمُسَافِرُونَ وَيَخْطُبُ) بِهِمْ (إمَامُهُمْ لَا الْمُنْفَرِدُ) فَلَا يَخْطُبُ إذْ الْغَرَضُ مِنْ الْخُطْبَةِ تَذْكِيرُ الْغَيْرِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُنْفَرِدِ (وَوَقْتُهَا مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا) ، وَإِنْ كَانَ فِعْلُهَا عَقِبَ الطُّلُوعِ مَكْرُوهًا؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْمَوَاقِيتِ عَلَى أَنَّهُ إذَا خَرَجَ وَقْتُ صَلَاةٍ دَخَلَ وَقْتُ غَيْرِهَا وَبِالْعَكْسِ (وَ) لَكِنَّ (الْأَفْضَلَ) إقَامَتُهَا (مِنْ ارْتِفَاعِهَا قَدْرَ) وَفِي نُسْخَةٍ قَيْدَ (رُمْحٍ) لِلِاتِّبَاعِ وَلْيَخْرُجْ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ (فَصْلٌ وَهِيَ رَكْعَتَانِ بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْعِيدِ) أَيْ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ هَذَا أَقَلُّهَا (وَالْأَكْمَلُ أَنْ يُصَلِّيَهَا جَمَاعَةً وَأَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَالِاسْتِفْتَاحِ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ فِي الْأُولَى وَخَمْسٍ بَعْدَ اسْتِوَائِهِ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ اسْتِوَائِهِ قَائِمًا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَسْجُدُ) بِتَرْكِهَا وَلَوْ (لِسَهْوِهِ بِهَا) أَيْ بِتَرْكِهَا كَالتَّعَوُّذِ وَقِرَاءَةِ السُّورَةِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا وَتَرْكُ شَيْءٍ مِنْهَا وَالزِّيَادَةُ فِيهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ (وَيَجْهَرُ بِهَا) لِلِاتِّبَاعِ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) فِيهَا (وَيَضَعُهُمَا) بِأَنْ يَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى (تَحْتَ صَدْرِهِ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ) مِنْ السَّبْعِ وَالْخَمْسِ كَمَا فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَيَأْتِي فِي   [حاشية الرملي الكبير] [تَتِمَّة لُبْسُ الْقَمِيصِ وَالْقَبَاءِ مَزْرُورًا وَمَحْلُولَ الْإِزْرَارِ] كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ) (قَوْلُهُ عِيدُ الْفِطْرِ) الْأَصَحُّ تَفْضِيلُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ، وَهِيَ سُنَّةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ (قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) وَلِاشْتِغَالِهِ بِأَعْمَالِ التَّحَلُّلِ وَالتَّوَجُّهِ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ عَنْ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ وَالْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ أَمَّا صَلَاتُهَا مُنْفَرِدِينَ فَسُنَّةٌ) لِقِصَرِ زَمَنِهَا (قَوْلُهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي) حَيْثُ قَالَ وَلِهَذَا لَمْ تُشْرَعْ فِي حَقِّهِمْ صَلَاةُ الْعِيدِ جَمَاعَةً (قَوْلُهُ وَوَقْتُهَا مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا) ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الصَّلَوَاتِ الَّتِي تُشْرَعُ لَهَا الْجَمَاعَةُ عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَوْقَاتِ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ مَنْسُوبَةٌ إلَى الْيَوْمِ وَالْيَوْمُ يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَيْسَ فِيهِ وَقْتٌ خَالٍ عَنْ صَلَاةٍ تُشْرَعُ لَهَا الْجَمَاعَةُ إلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَمَّا كَوْنُ آخِرِهَا الزَّوَالُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِعْلُهَا عَقِبَ الطُّلُوعِ مَكْرُوهًا) أَيْ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فَفِي الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الِاسْتِسْقَاءِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَوْقَاتَ الْكَرَاهَةِ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ مِنْ ارْتِفَاعِهَا إلَخْ) وَلَوْ وَقَعَتْ الْخُطْبَةُ بَعْدَ الزَّوَالِ حُسِبَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 إرْسَالِهِمَا مَا مَرَّ ثَمَّ وَالتَّصْرِيحُ بِتَحْتَ صَدْرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَذْكُرُ اللَّهَ) تَعَالَى (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا قَبْلَ السَّبْعِ وَالْخَمْسِ وَلَا بَعْدَهُمَا (بِالْمَأْثُورِ) أَيْ الْمَنْقُولِ (سِرًّا قَدْرَ آيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) عَمَلًا بِمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ؛ وَلِأَنَّ سَائِرَ التَّكْبِيرَاتِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الصَّلَاةِ يَعْقُبُهَا ذِكْرٌ مَسْنُونٌ فَكَذَلِكَ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتُ فَيَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ لِأَثَرٍ فِيهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَوْلًا وَفِعْلًا بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَائِقٌ بِالْحَالِ؛ وَلِأَنَّهُ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ وَلَوْ زَادَ جَازَ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ يَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَوْ قَالَ مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا كَانَ حَسَنًا زَادَ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ يَقُولُ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك تَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّك وَجَلَّ ثَنَاؤُك وَلَا إلَهَ غَيْرُك (وَيَصِلُ التَّعَوُّذَ لِلْقِرَاءَةِ بِالتَّكْبِيرَةِ السَّابِعَةِ) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (أَوْ الْخَامِسَةِ) فِي الثَّانِيَةِ (ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ قِ فِي الْأُولَى وَاقْتَرَبَتْ فِي الثَّانِيَةِ جَهْرًا أَوْ سَبِّحْ) فِي الْأُولَى (وَالْغَاشِيَةَ) فِي الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ فِيهَا ذِكْرَ الْقِيَامَةِ وَالْحَالُ شَبِيهٌ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ حَشْرِ النَّاسِ كَيَوْمِ الْحَشْرِ (وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرَاتِ أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) كَمَا فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ (وَإِنْ كَبَّرَ ثَمَانِيًا وَشَكَّ هَلْ نَوَى الْإِحْرَامَ فِي وَاحِدَةٍ) مِنْهَا (اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ (أَوْ) شَكَّ (فِي أَيُّهَا أَحْرَمَ جَعَلَهَا الْأَخِيرَةَ وَأَعَادَهُنَّ) احْتِيَاطًا (وَإِذَا صَلَّى خَلْفَ مَنْ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا أَوْ سِتًّا) مَثَلًا (تَابَعَهُ وَلَمْ يَزِدْ) عَلَيْهَا نَدْبًا فِيهِمَا سَوَاءً اعْتَقَدَ إمَامُهُ ذَلِكَ أَمْ لَا لِخَبَرِ إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ التَّكْبِيرَاتِ لَمْ يَأْتِ بِهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ الْجَبَلِيُّ بَلْ كِلَاهُمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (فَرْعٌ إذَا نَسِيَ) الْمُصَلِّي يَعْنِي تَرَكَ (التَّكْبِيرَ) الْمَذْكُورَ وَلَوْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا مَحَلُّهُ (فَقَرَأَ) الْفَاتِحَةَ أَوْ شَيْئًا مِنْهَا (أَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ) ذَلِكَ (قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ) هُوَ أَوْ الْمَأْمُومُ التَّكْبِيرَ (لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ) التَّارِكُ فِي الْأُولَى (وَلَمْ يُتِمَّ) هـ الْإِمَامُ أَوْ الْمَأْمُومُ فِي الثَّانِيَةِ لِلتَّلَبُّسِ بِفَرْضٍ وَلِفَوَاتِ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَهُ وَتَعَوَّذَ وَلَمْ يَقْرَأْ فَلَوْ تَدَارَكَ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُنَّ لَهُ إعَادَتُهَا أَوْ بَعْدَ الرُّكُوعِ بِأَنْ ارْتَفَعَ لِيَأْتِيَ بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا كَمَا عُلِمَ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (وَإِذَا أَدْرَكَهُ) الْمَأْمُومُ (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ كَبَّرَ مَعَهُ خَمْسًا وَأَتَى فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ ثَانِيَتِهِ (بِخَمْسٍ) فَقَطْ؛ لِأَنَّ فِي قَضَاءِ ذَلِكَ تَرْكَ سُنَّةٍ أُخْرَى وَبِهَذَا فَارَقَ نَدْبَ قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ إذَا تَرَكَهَا فِي الْأُولَى كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَزَادَ عَلَى الْأَصْلِ قَوْلُهُ (وَلَا يُكَبِّرُ فِي قَضَاءِ صَلَاةِ الْعِيدِ) ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ شِعَارٌ لِلْوَقْتِ وَقَدْ فَاتَ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْعِجْلِيّ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي الْمَقْضِيَّةِ فِي الْوَقْتِ بَلْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُكَبِّرُ مُطْلَقًا فَيُخَالِفُ مَا ذُكِرَ (فَصْلٌ ثُمَّ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ (يَصْعَدُ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (بَعْدَ السَّلَامِ) عَلَى مَنْ عِنْدَهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ) بِوَجْهِهِ (وَيُسَلِّمُ) عَلَيْهِمْ وَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ (ثُمَّ يَجْلِسُ) لِيَسْتَرِيحَ وَيَتَأَهَّبَ النَّاسُ لِاسْتِمَاعِهِ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ يَجْلِسُ بِقَدْرِ الْأَذَانِ أَيْ فِي الْجُمُعَةِ (وَيَقُومُ) وَيَأْتِي (بِخُطْبَتَيْنِ كَالْجُمُعَةِ) أَيْ كَخُطْبَتَيْهَا فِي الْأَرْكَانِ وَالصِّفَاتِ (وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِيَامُ فِيهِمَا) بَلْ يُنْدَبُ تَبَعًا لَهُمَا وَلِلصَّلَاةِ وَقَدْ «خَطَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ الْعِيدِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَخْطُبَ قَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ يُفْهِمُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا بَقِيَّةُ شُرُوطِ خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ مِنْ طُهْرٍ وَسَتْرٍ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ لَكِنْ نَقَلَ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ النَّصِّ جَوَازَ خُطْبَتَيْ الْعِيدِ وَالْخُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ بِلَا طُهْرٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ بِنَدْبِ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَنَدْبِ الْوُضُوءِ لِخُطْبَتَيْ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَمِثْلُهُ السَّتْرُ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِمَا أَرْكَانُ خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ لَا شُرُوطُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ الْأَصْلِ وَالْمِنْهَاجِ أَرْكَانُهُمَا كَهِيَ فِي الْجُمُعَةِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَدَقَةَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ صَلَاةِ الْعِيدِ رَكْعَتَانِ] قَوْلُهُ: قَدْرَ آيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) أَيْ لَا طَوِيلَةٍ وَلَا قَصِيرَةٍ وَضَبَطَهُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ بِقَدْرِ سُورَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] (قَوْلُهُ ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ق ~ فِي الْأُولَى إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْرَؤُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمَأْمُومُونَ بِالتَّطْوِيلِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ جَهْرًا) وَلَوْ مُقْتَضِيَةً نَهَارًا (قَوْلُهُ تَابَعَهُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا إلَخْ) مَعَ أَنَّهَا سُنَّةٌ لَيْسَ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ بِخِلَافِ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ وَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ وَعَلَّلُوهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا فَكَانَتْ آكَدَ وَأَيْضًا فَإِنَّ الِاشْتِغَالَ بِالتَّكْبِيرَاتِ هُنَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ سَمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ فِي حَالِ الِانْتِقَالِ، وَأَمَّا جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ؛ فَلِأَنَّ حَدِيثَهَا ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ ح. [فَرْعٌ نَسِيَ الْمُصَلِّي التَّكْبِيرَ فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ] (قَوْلُهُ بَلْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُكَبِّرُ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةُ التَّدْرِيبِ وَتُقْضَى إذَا فَاتَ وَقْتُهَا عَلَى صُورَتِهَا اهـ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الصُّبْحِ إذَا قُضِيَتْ هَلْ يُسْتَحَبُّ الْقُنُوتُ فِيهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يُكَبِّرَ فِي الْقَضَاءِ وَذَكَرْت فِي الْأَذَانِ عَنْ الْفَقِيهِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عُجَيْلٍ أَنَّهُ قَالَ يُثَوِّبُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ الْمَقْضِيَّةِ إذَا قُلْنَا يُؤَذِّنُ لَهَا وَقِيَاسُهُ التَّكْبِيرُ هُنَا فِي الْمَقْضِيَّةِ [فَصْلٌ مَا يَفْعَلهُ الْإِمَام بَعْد صَلَاة الْعِيد] (قَوْلُهُ وَالصِّفَاتُ) أَيْ السُّنَنُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِيَامُ فِيهِمَا) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ لَا خَفَاءَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْذُرْ الصَّلَاةَ وَالْخُطْبَةَ أَمَّا لَوْ نَذَرَ وَجَبَ أَنْ يَخْطُبَهَا قَائِمًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (قَوْلُهُ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 الْفِطْرِ فِي عِيدِهِ وَالْأُضْحِيَّةَ فِي عِيدِهَا) أَيْ أَحْكَامَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ فِي بَعْضِهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَائِقٌ بِالْحَالِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِالتَّكْبِيرِ وَيُكْثِرَ مِنْهُ فِي فُصُولِ الْخُطْبَةِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَسْتَفْتِحَ الْخُطْبَةَ) الْأُولَى (بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ) أَفْرَادٍ (وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ) كَذَلِكَ لِقَوْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَمَعَ ضَعْفِهِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ تَابِعِيٌّ وَقَوْلُ التَّابِعِيِّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى الصَّحِيحِ فَهُوَ قَوْلُ صَحَابِيٍّ لَمْ يَثْبُتْ انْتِشَارُهُ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ (وَلَوْ تَخَلَّلَ ذِكْرٌ) بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ (جَازَ وَالتَّكْبِيرَاتُ) الْمَذْكُورَةُ (مُقَدِّمَةٌ لِلْخُطْبَةِ لَا مِنْهَا) وَافْتِتَاحُ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ بِبَعْضِ مُقَدِّمَاتِهِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ نَفْسِهِ وَيُنْدَبُ لِلنَّاسِ اسْتِمَاعُ الْخُطْبَتَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ (وَمَنْ دَخَلَ، وَهُوَ) أَيْ وَالْخَطِيبُ (يَخْطُبُ) فَإِنْ كَانَ (فِي الصَّحْرَاءِ جَلَسَ) نَدْبًا (لِيَسْتَمِعَ) وَلَا تَحِيَّةَ (وَأَخَّرَ الصَّلَاةَ) إذْ لَا يَخْشَى فَوْتَهَا بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ بِالصَّحْرَاءِ وَأَنْ يُصَلِّيَهُ بِبَيْتِهِ إلَّا أَنْ يَضِيقَ وَقْتُهَا فَيُسَنَّ فِعْلُهَا بِالصَّحْرَاءِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ يَخْطُبُ قُبَيْلَ الزَّوَالِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَخَشِيَ فَوْتَ الصَّلَاةِ قَدَّمَهَا عَلَى الِاسْتِمَاعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ فِي الْمَسْجِدِ بَدَأَ بِالتَّحِيَّةِ) ثُمَّ بَعْدَ اسْتِمَاعِهِ الْخُطْبَةَ يُصَلِّي فِيهِ صَلَاةَ الْعِيدِ وَيُفَارِقُ الصَّحْرَاءَ فِي التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِلصَّحْرَاءِ عَلَى بَيْتِهِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ (فَلَوْ صَلَّى) فِيهِ بَدَلَ التَّحِيَّةِ (الْعِيدَ، وَهُوَ أَوْلَى حَصَلَا) كَمَنْ دَخَلَهُ وَعَلَيْهِ مَكْتُوبَةٌ يَفْعَلُهَا وَتَحْصُلُ بِهَا التَّحِيَّةُ وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ أَنْ يُعِيدَهَا لِمَنْ فَاتَهُ سَمَاعُهَا رِجَالًا أَوْ نِسَاءً لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَيْسَ بِمُتَأَكَّدٍ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ مَرَّةً وَتَرَكَهُ أَكْثَرَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الْأُمِّ (وَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا رَأْسًا) كَالسُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ إذَا قَدَّمَهَا عَلَيْهَا وَمَا فَعَلَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ مِنْ تَقْدِيمِهِ الْخُطْبَةَ أُنْكِرَ عَلَيْهِ فِيهِ غَايَةَ الْإِنْكَارِ وَلَوْ خَطَبَ وَاحِدَةً أَوْ تَرَكَ الْخُطْبَةَ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَسَاءَ (فَرْعٌ) قَالَ أَئِمَّتُنَا الْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرٌ: خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَأَرْبَعٌ فِي الْحَجِّ وَكُلُّهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ إلَّا خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ وَعَرَفَةَ فَقَبْلَهَا وَكُلٌّ مِنْهَا ثِنْتَانِ إلَّا الثَّلَاثُ الْبَاقِيَةُ فِي الْحَجِّ فَفُرَادَى [فَصْلٌ صَلَاة الْعِيدَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَفِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ] (فَصْلٌ وَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَفِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَفْضَلُ) تَبَعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِشَرَفِهِمَا وَلِسُهُولَةِ الْحُضُورِ إلَيْهِمَا وَلِوُسْعِهِمَا (وَ) فِعْلُهَا فِي (سَائِرِ الْمَسَاجِدِ إنْ اتَّسَعَتْ أَوْ حَصَلَ مَطَرٌ وَنَحْوُهُ) كَثَلْجٍ (أَوْلَى) لِشَرَفِهَا وَلِسُهُولَةِ الْحُضُورِ إلَيْهَا مَعَ وُسْعِهَا فِي الْأَوَّلِ وَمَعَ الْعُذْرِ فِي الثَّانِي فَلَوْ صَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ كَانَ تَارِكًا لِلْأُولَى مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (وَالْحُيَّضُ) وَنَحْوُهُنَّ (يَقِفْنَ بِبَابِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِنَّ لَهُ وَلِخَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ الْآتِي (وَإِنْ ضَاقَتْ) أَيْ الْمَسَاجِدُ وَلَا عُذْرَ (كُرِهَ) فِعْلُهَا فِيهَا لِلتَّشْوِيشِ بِالزِّحَامِ (وَخَرَجَ إلَى الصَّحْرَاءِ) ؛ لِأَنَّهَا أَرْفَقُ بِالرَّاكِبِ وَغَيْرِهِ (وَاسْتَخْلَفَ فِي الْمَسْجِدِ مَنْ يُصَلِّي بِالضُّعَفَاءِ) كَالشُّيُوخِ وَالْمَرْضَى وَبِمَنْ مَعَهُمْ مِنْ الْأَقْوِيَاءِ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا اسْتَخْلَفَ أَبَا مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ حَثًّا وَإِعَانَةً عَلَى صَلَاتِهِمْ جَمَاعَةً وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ يُفْهِمُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ لَا يَخْطُبُ وَبِهِ صَرَّحَ الْجَبَلِيُّ لِكَوْنِهِ افْتِيَاتًا عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَالِي كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَيْسَ لِمَنْ وَلِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ حَقٌّ فِي إمَامَةِ الْعِيدِ وَالْخُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ إلَّا أَنْ يُقَلَّدَ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ فَيَدْخُلَ فِيهِ قَالَ وَإِذَا قُلِّدَ صَلَاةَ الْعِيدِ فِي عَامٍ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ عَامٍ وَإِذَا قُلِّدَ صَلَاةَ الْخُسُوفِ أَوْ الِاسْتِسْقَاءِ فِي عَامٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ عَامٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَقْتًا مُعَيَّنًا تَتَكَرَّرُ فِيهِ بِخِلَافِهِمَا وَظَاهِرُ أَنَّ إمَامَةَ التَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ مُسْتَحَقَّةٌ لِمَنْ وَلِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْلَى (فَصْلٌ يَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ إحْيَاءِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ بِالْعِبَادَةِ) مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ لِخَبَرِ «مَنْ أَحْيَا لَيْلَتَيْ الْعِيدِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَوْقُوفًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَسَانِيدُهُ ضَعِيفَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ اسْتَحَبُّوا الْإِحْيَاءَ؛ لِأَنَّ أَخْبَارَ الْفَضَائِلِ يُتَسَامَحُ فِيهَا وَيُعْمَلُ بِضَعِيفِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا عَدَمُ تَأَكُّدِ   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ شَيْخُنَا الْإِسْمَاعُ يَسْتَلْزِمُ هُنَا السَّمَاعَ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ لِقَوْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إلَخْ) وَتَشْبِيهًا لِلْخُطْبَتَيْنِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ فَإِنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى تَشْتَمِلُ عَلَى تِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَالرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ عَلَى سَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ [فَرْعٌ الخطب الْمَشْرُوعَة عَشْر] (قَوْلُهُ وَاسْتَخْلَفَ فِي الْمَسْجِدِ مَنْ يُصَلِّي بِالضُّعَفَاءِ) الْمُتَّجَهُ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِخْلَافِ فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ جَمِيعًا (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْجَبَلِيُّ) لِكَوْنِهِ افْتِيَاتًا عَلَى الْإِمَامِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا افْتِيَاتَ. اهـ. وَفِي النَّظَرِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَ الْجَبَلِيِّ إذَا اسْتَخْلَفَهُ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ سُنَّةَ الْعِيدِ فَقَطْ وَسَكَتَ عَنْ الْخُطْبَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ؛ لِأَنَّ الْخَطَابَةَ وِلَايَةٌ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهَا وَقَدْ نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْخُطْبَةِ لَمْ يَخْطُبْ [فَصْلٌ إحْيَاءِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ بِالْعِبَادَةِ] (قَوْلُهُ يَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ إحْيَاءِ لَيْلَةِ الْعِيدِ بِالْعِبَادَةِ) وَلَوْ كَانَتْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 الِاسْتِحْبَابِ، وَهُوَ الصَّوَابُ قِيلَ وَالْمُرَادُ بِمَوْتِ الْقُلُوبِ شَغَفُهَا بِحُبِّ الدُّنْيَا وَقِيلَ الْكُفْرُ وَقِيلَ الْفَزَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (وَيَحْصُلُ) الْإِحْيَاءُ (بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ) كَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَقِيلَ بِسَاعَةٍ مِنْهُ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ جَمَاعَةً وَالْعَزْمُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ جَمَاعَةً (وَالدُّعَاءُ فِيهِمَا وَفِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتَيْ أَوَّلِ رَجَبٍ وَنِصْفِ شَعْبَانَ مُسْتَجَابٌ) فَيُسْتَحَبُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَرْعٌ وَيَغْتَسِلُ) كُلُّ أَحَدٍ نَدْبًا (لَهَا) الْأَوْلَى لَهُ أَيْ لِلْعِيدِ أَوْ لَهُمَا أَيْ لِلْعِيدَيْنِ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَالْجُمُعَةِ وَصَحَّ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِعْلُهُ لَهُ (بَعْدَ الْفَجْرِ) كَالْجُمُعَةِ (وَيَجُوزُ بِاللَّيْلِ) ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْقُرَى الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ يُبَكِّرُونَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ قُرَاهُمْ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ الْغُسْلُ لَيْلًا لَشَقَّ عَلَيْهِمْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ تَأْخِيرُ صَلَاتِهَا وَتَقْدِيمُ صَلَاتِهِ فَعَلَّقَ غُسْلَهُ بِاللَّيْلِ (لَا قَبْلَ نِصْفِهِ) كَأَذَانِ الصُّبْحِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ تَيَمَّمَ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ (وَيَتَزَيَّنُ لَهُ) أَيْ لِلْعِيدِ نَدْبًا (كُلٌّ) مِمَّنْ يَحْضُرُ وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرَ الْحَاجِّ وَمَنْ يَأْتِي وَكَذَا الْمُسْتَسْقِي كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ (بِالطِّيبِ) أَيْ بِأَجْوَدَ مَا عِنْدَهُ مِنْهُ (وَالنَّظَافَةِ) بِإِزَالَةِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالرِّيحِ الْكَرِيهِ (وَالثِّيَابِ كَالْجُمُعَةِ) فَيَلْبَسُ أَحْسَنَ مَا يَجِدُهُ مِنْهَا وَأَفْضَلُهَا الْبِيضُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرُهَا أَحْسَنَ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا هُنَا وَالتَّنْظِيفُ بِإِزَالَةِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ فِي عِيدِ النَّحْرِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الذَّبْحِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهِ (وَذُو الثَّوْبِ) الْوَاحِدِ (يَغْسِلُهُ) نَدْبًا (لِكُلِّ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ) صَلَاةَ الْعِيد وَتَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ الْفَرْقُ بَيْنَ اخْتِصَاصِ مَا ذُكِرَ بِمَنْ يَحْضُرُ ثَمَّ وَعَدَمُ اخْتِصَاصِهِ بِهِ هُنَا وَقَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ وَقَعَ فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ كَالْجُمُعَةِ وَمَا شَرَحْنَا عَلَيْهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ عَلَى تِلْكَ النُّسْخَةِ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ كُلٌّ لَكِنَّهُ عَلَى مَا شَرَحْنَا عَلَيْهِ مُوهِمٌ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا يَلِيهِ خَاصَّةً وَأَنَّ الْحُضُورَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْجُمُعَةِ كَالْعِيدِ وَلَيْسَ مُرَادًا (وَيُسْتَحَبُّ) الْحُضُورُ (لِلْعَجَائِزِ) الْأَوْلَى لِغَيْرِ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ بِإِذْنِ أَزْوَاجِهِنَّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخْرِجُ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتَ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضَ فِي الْعِيدِ فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَكُنَّ يَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ» وَالْعَوَاتِقُ جَمْعُ عَاتِقٍ، وَهِيَ الْبِنْتُ الَّتِي بَلَغَتْ وَالْخُدُورُ جَمْعُ خِدْرٍ، وَهُوَ السُّتْرَةُ (مُبْتَذَلَاتٍ) أَيْ لَابِسَاتٍ ثِيَابَ بِذْلَةٍ، وَهِيَ مَا يُلْبَسُ حَالَ الْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّهَا اللَّائِقَةُ بِهِنَّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ (وَيَتَنَظَّفْنَ بِالْمَاءِ فَقَطْ) يَعْنِي مِنْ غَيْرِ طِيبٍ وَلَا زِينَةٍ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ (وَيُكْرَهُ لِذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ وَالْجَمَالِ) الْحُضُورُ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَيُصَلِّينَ فِي بُيُوتِهِنَّ وَلَا بَأْسَ بِجَمَاعَتِهِنَّ لَكِنْ لَا يَخْطُبْنَ فَإِنْ وَعَظَتْهُنَّ وَاحِدَةٌ فَلَا بَأْسَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْكُسُوفِ وَعَطْفُ الْجَمَالِ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَكَالنِّسَاءِ فِيمَا قَالَهُ الْخَنَاثَى [فَرْعٌ الْمَشْي إلَى صَلَاة الْعِيد سَنَةٍ] (فَرْعٌ الْمَشْيُ إلَيْهَا) أَيْ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ (سُنَّةٌ) لِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْعِيدِ مَاشِيًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَلَا بَأْسَ بِرُكُوبِهِ) إلَيْهَا (عَاجِزًا) لِلْعُذْرِ (أَوْ رَاجِعًا) مِنْهَا وَلَوْ قَادِرًا مَا لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ لِانْقِضَاءِ الْعِبَادَةِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْجُمُعَةِ (وَالْمُسْتَحَبُّ إبْكَارُهُمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ إلَى الْمُصَلَّى (بَعْدَ) صَلَاةِ (الصُّبْحِ) لِمَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ يُقَالُ أَبْكَرَ وَبَكَرَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَبَاكَرَ بِمَعْنَى قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَخُرُوجُ الْإِمَامِ عِنْدَ) إرَادَةِ (الْإِحْرَامِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّ انْتِظَارَهُمْ إيَّاهُ أَلْيَقُ فَكَمَا يَحْضُرُ لَا يَبْتَدِئُ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ (وَيُؤَخِّرُهُ) أَيْ الْخُرُوجَ (فِي) عِيدِ (الْفِطْرِ قَلِيلًا وَيُعَجِّلُهُ فِي) عِيدِ (الْأَضْحَى) لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا وَلِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ قَبْلَ صَلَاةِ الْفِطْرِ لِتَفْرِيقِ الْفِطْرَةِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْأَضْحَى لِلتَّضْحِيَةِ (وَيُكْرَهُ لَهُ) بَعْدَ حُضُورِهِ (التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا) لِاشْتِغَالِهِ بِغَيْرِ الْأَهَمِّ وَلِمُخَالَفَتِهِ فِعْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ صَلَّى عَقِبَ حُضُورِهِ وَخَطَبَ عَقِبَ صَلَاتِهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْأَخْبَارِ (لَا لِلْمَأْمُومِ) فَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَهَا مُطْلَقًا وَلَا بَعْدَهَا إنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِ الْأَهَمِّ بِخِلَافِ مَنْ يَسْمَعُهَا؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ مُعْرِضٌ عَنْ الْخَطِيبِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَيُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ قَبْلَ الْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الْفِطْرِ وَتَرْكُهُ فِي) صَلَاةِ (الْأَضْحَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ حَسَنَةٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَلِيَتَمَيَّزَ الْيَوْمَانِ عَمَّا قَبْلَهُمَا إذْ مَا قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ يَحْرُمُ فِيهِ الْأَكْلُ بِخِلَافِ مَا قِيلَ يَوْمَ النَّحْرِ وَلْيَعْلَمْ نَسْخَ تَحْرِيمِ الْفِطْرِ قَبْلَ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ كَانَ مُحَرَّمًا قَبْلَهَا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِهِ قَبْلَ صَلَاةِ النَّحْرِ وَلْيُوَافِقْ الْفُقَرَاءَ فِي الْحَالَيْنِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمْ إلَّا مِنْ الصَّدَقَةِ، وَهِيَ سُنَّةٌ فِي الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَفِي النَّحْرِ إنَّمَا يَكُونُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ شَغَفَهَا بِحُبِّ الدُّنْيَا) أَخْذًا مِنْ خَبَرِ جِبْرِيلَ «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَوْتَى قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْأَغْنِيَاءُ» (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْكُفْرُ) أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: 122] أَيْ كَافِرًا فَهَدَيْنَاهُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْفَزَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَخْذًا مِنْ خَبَرِ. «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَوْ غَيْرُهَا وَاسَوْأَتَاه أَتَنْظُرُ الرِّجَالُ إلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَالنِّسَاءُ إلَى عَوْرَاتِ الرِّجَالِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَشُغْلًا لَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ أَنَّهُ رَجُلٌ وَلَا الْمَرْأَةُ أَنَّهَا امْرَأَةٌ» (قَوْلُهُ كَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ) وَإِنْ كَانَ الرَّاجِحُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِلَحْظَةٍ فِي النِّصْفِ الثَّانِي [فَرْعٌ الِاغْتِسَال لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ الْمَشْيُ إلَيْهَا سُنَّةٌ) قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ لَوْ كَانَ الْبَلَدُ ثَغْرًا لِأَهْلِ الْجِهَادِ بِقُرْبِ عَدُوِّهِمْ فَرُكُوبُهُمْ لِصَلَاةِ الْعِيدِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِظْهَارُ السِّلَاحِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ إبْكَارُهُمْ بَعْدَ الصُّبْحِ إلَخْ) هَذَا إنْ خَرَجُوا إلَى الصَّحْرَاءِ فَإِنْ صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ مَكَثُوا فِيهِ إذَا صَلَّوْا الْفَجْرَ فِيمَا يَظْهَرُ قس وَقَالَ الْغَزِّيِّ إنَّهُ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَخُرُوجُ الْإِمَامِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالصَّلَاةِ) وَلْيَكُنْ ذَا لِفِطْرٍ كَرُبْعِ النَّهَارِ وَفِي الْأَضْحَى كَسُدُسِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 بَعْدَهَا وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ فِعْلُهُ فِي طَرِيقِهِ أَوْ الْمُصَلَّى إنْ أَمْكَنَهُ وَيُكْرَهُ لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْمَأْكُولِ (تَمْرًا وَوِتْرًا أَوْلَى) مِنْ غَيْرِهِمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيُنَادَى) لَهَا (الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ) أَوْ الصَّلَاةُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْأَذَانِ (وَيُتَوَقَّى أَلْفَاظُ الْأَذَانِ) كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَلَوْ أَذَّنَ أَوْ أَقَامَ كُرِهَ لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَيُذْهَبُ إلَيْهَا فِي طَرِيقٍ وَيُرْجَعُ فِي أُخْرَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ يَوْمُ الْعِيدِ خَالَفَ الطَّرِيقَ» (وَيُخَصُّ الذَّهَابَ بِالطَّوِيلَةِ) مِنْ الطَّرِيقَيْنِ وَالْأَرْجَحُ فِي سَبَبِ مُخَالَفَتِهِ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ فِي أَطْوَلِهِمَا تَكْثِيرًا لِلْأَجْرِ وَيَرْجِعُ فِي أَقْصَرِهِمَا وَقِيلَ خَالَفَ بَيْنَهُمَا لِيَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ وَقِيلَ لِيَتَبَرَّكَ بِهِ أَهْلُهُمَا وَقِيلَ لِيُسْتَفْتَى فِيهِمَا وَقِيلَ لِيَتَصَدَّقَ عَلَى فُقَرَائِهِمَا وَقِيلَ لِنَفَادِ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَقِيلَ لِيَزُورَ قُبُورَ أَقَارِبِهِ فِيهِمَا وَقِيلَ لِيَزْدَادَ غَيْظُ الْمُنَافِقِينَ وَقِيلَ لِلْحَذَرِ مِنْهُمْ وَقِيلَ لِلتَّفَاؤُلِ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ إلَى الْمَغْفِرَةِ وَالرِّضَا وَقِيلَ لِئَلَّا تَكْثُرَ الرَّحْمَةُ ثُمَّ مَنْ شَارَكَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَعْنَى نُدِبَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا مَنْ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي الْأَظْهَرِ تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ سَوَاءٌ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ وَاسْتَحَبَّ فِي الْأُمِّ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ فِي طَرِيقِ رُجُوعِهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَدْعُو وَرُوِيَ فِيهِ حَدِيثًا (فَائِدَةٌ) قَالَ الْقَمُولِيُّ لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي التَّهْنِئَةِ بِالْعِيدِ وَالْأَعْوَامِ وَالْأَشْهُرِ كَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ لَكِنْ نَقَلَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ عَنْ الْحَافِظِ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا مُخْتَلِفِينَ فِيهِ وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ انْتَهَى وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا حَافِظُ عَصْرِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ عَقَدَ لِذَلِكَ بَابًا فَقَالَ بَابُ مَا رُوِيَ فِي قَوْلِ النَّاسِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فِي يَوْمِ الْعِيدِ تَقَبَّلْ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك وَسَاقَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَخْبَارٍ وَآثَارٍ ضَعِيفَةٍ لَكِنَّ مَجْمُوعَهَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَجُّ لِعُمُومِ التَّهْنِئَةِ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ يَنْدَفِعُ مِنْ نِقْمَةٍ بِمَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ الشُّكْرِ وَالتَّعْزِيَةِ وَبِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنَّهُ لَمَّا بُشِّرَ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ وَمَضَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ إلَيْهِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَهَنَّأَهُ [فَصَلِّ ثَبَتَتْ الرُّؤْيَةُ لِهِلَالِ شَوَّالٍ فِي اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ] (فَصْلٌ، وَإِنْ ثَبَتَتْ الرُّؤْيَةُ لِهِلَالِ شَوَّالٍ) فِي اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ بِأَنْ شَهِدَ عَدْلَانِ (قَبْلَ الزَّوَالِ) يَوْمَ الثَّلَاثِينَ بِزَمَنٍ يَسَعُ الِاجْتِمَاعَ وَالصَّلَاةَ بَلْ أَوْ رَكْعَةً (صَلَّاهَا) بِهِمْ الْإِمَامُ وَكَانَتْ أَدَاءً وَأَفْطَرُوا (أَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمْ تُسْمَعْ) شَهَادَتُهُمْ (فِي حَقِّ الصَّلَاةِ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِي سَمَاعِهَا إلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ فَلَا يُصْغِي إلَيْهَا أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهَا كَاحْتِسَابِ الْعِدَّةِ وَحُلُولِ الْأَجَلِ وَوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ بِهِ فَتُسْمَعُ (وَصَلَّاهَا فِي الْغَدِ أَدَاءً) قَالُوا وَلَيْسَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَوَّلَ شَوَّالٍ مُطْلَقًا بَلْ يَوْمُ فِطْرِ النَّاسِ وَكَذَا يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمٌ يُضَحِّي النَّاسُ وَيَوْمُ عَرَفَةَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ سَوَاءٌ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَالْأَضْحَى يَوْمُ يُضَحِّي النَّاسُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ وَعَرَفَةَ يَوْمَ يَعْرِفُونَ (أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ) أَوْ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ رَكْعَةً مَعَ الِاجْتِمَاعِ (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمَا (وَفَاتَتْ) صَلَاةُ الْعِيدِ وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا دُونَ الِاجْتِمَاعِ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَحْدَهُ أَوْ بِمَنْ تَيَسَّرَ حُضُورُهُ لِتَقَعَ أَدَاءً ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ النَّاسِ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ. (وَالْأَفْضَلُ) فِيمَا إذَا فَاتَتْ (قَضَاؤُهَا فِي) بَقِيَّةِ (يَوْمِهِمْ إنْ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمْ) فِيهِ لِصِغَرِ الْبَلَدِ أَوْ نَحْوِهِ مُبَادَرَةً لِلْعِبَادَةِ وَتَقْرِيبًا لَهَا مِنْ وَقْتِهَا (وَإِلَّا فَفِي غَدٍ) قَضَاؤُهَا (أَفْضَلُ) لِئَلَّا يَفُوتَ عَلَى النَّاسِ الْحُضُورُ وَالْكَلَامُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ بِالنَّاسِ لَا فِي صَلَاةِ الْآحَادِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي فِعْلُهَا عَاجِلًا مَعَ مَنْ تَيَسَّرَ وَمُنْفَرِدًا إنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا ثُمَّ يَفْعَلُهَا غَدًا مَعَ الْإِمَامِ (وَالْأَثَرُ لِلتَّعْدِيلِ لَا لِلشَّهَادَةِ) فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَعَدْلًا بَعْدَهُ فَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ التَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ جَوَازِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا فَيُصَلِّي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَذْهَبُ إلَيْهَا) وَإِلَى كُلِّ طَاعَةٍ (قَوْلُهُ لِتَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ) وَقِيلَ سَاكِنُهُمَا مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَقِيلَ لِيُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي مَزِيَّةِ الْفَضْلِ بِمُرُورِهِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ إلَى الْمُصَلَّى كَانَتْ عَلَى الْيَمِينِ فَلَوْ رَجَعَ مِنْهَا لَرَجَعَ عَلَى جِهَةِ الشِّمَالِ فَرَجَعَ مِنْ غَيْرِهَا وَقِيلَ لِإِظْهَارِ شِعَارِ الْإِسْلَامِ فِيهِمَا وَقِيلَ لِإِظْهَارِ ذِكْرِ اللَّهِ وَقِيلَ لِيُرْهِبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودَ بِكَثْرَةِ مَنْ مَعَهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ بَطَّالٍ وَقِيلَ لِيَعُمَّهُمْ فِي السُّرُورِ بِهِ أَوْ التَّبَرُّكِ بِمُرُورِهِ وَبِرُؤْيَتِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ فِي الِاسْتِفْتَاءِ أَوْ التَّعَلُّمِ أَوْ الِاسْتِرْشَادِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقِيلَ لِيَصِلَ رَحِمَهُ (قَوْلُهُ لِيَزْدَادَ غَيْظُ الْمُنَافِقِينَ) أَيْ وَالْيَهُودِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لِئَلَّا تَكْثُرَ الرَّحْمَةُ) وَقِيلَ مَا مِنْ طَرِيقٍ مَرَّ بِهَا إلَّا فَاحَتْ فِيهَا رَائِحَةُ الْمِسْكِ وَقِيلَ لِيُسَاوِي بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فِي الْمُرُورِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَفَاخَرُونَ بِمُرُورِهِ عَلَيْهِمْ د [فَائِدَة التَّهْنِئَةِ بِالْعِيدِ وَالْأَعْوَامِ وَالْأَشْهُرِ] (قَوْلُهُ أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهَا كَاحْتِسَابِ الْعِدَّةِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْوَجْهُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى الْعُمُومِ فَإِنَّ الِاشْتِغَالَ بِذَلِكَ وَلَا فَائِدَةَ مُحَقِّقَةٌ فِي الْحَالِ عَبَثٌ وَالْحَاكِمُ يَشْتَغِلُ بِالْمُهِمَّاتِ نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ الْحَاكِمُ مَنْصُوبٌ لِلْمَصَالِحِ مَا وَقَعَ وَمَا سَيَقَعُ وَقَلَّ أَنْ يَخْلُوَ هِلَالٌ عَنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِعِبَادِهِ فَإِذَا سَمِعَهَا حِسْبَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْأَدَاءِ مُطَالَبٌ بِذَلِكَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إنْ دَعَتْ إلَيْهِ كَانَ مُحْسِنًا لَا عَابِثًا وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ النَّاسِ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَصِيرُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ مَحَلُّ إعَادَةِ الصَّلَاةِ حَيْثُ بَقِيَ وَقْتُهَا وَكَانَ الْعَبْدُ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهَا كَغَيْرِهَا سُومِحَ فِيهَا بِذَلِكَ كا (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 الْعِيدَ مِنْ الْغَدِ أَدَاءً وَقِيلَ بِوَقْتِ الشَّهَادَةِ إذْ الْحُكْمُ بِهَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَبِهِ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَأَيَّدُوهُ بِمَا لَوْ شَهِدَا بِحَقٍّ وَعَدَلَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمَا انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ إذْ الْحُكْمُ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ بِشَهَادَتِهِمَا بِشَرْطِ تَعْدِيلِهِمَا وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي أَثَرِ الْحُكْمِ مِنْ الصَّلَاةِ خَاصَّةً (فَرْعٌ لَوْ حَضَرَ الْبَادُّونَ) أَيْ سُكَّانُ الْبَوَادِي وَنَحْوُهُمْ (لِلْعِيدِ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَلَهُمْ الرُّجُوعُ) قَبْلَ صَلَاتِهَا (وَتَسْقُطُ عَنْهُمْ، وَإِنْ قَرُبُوا) مِنْهَا وَسَمِعُوا النِّدَاءَ وَأَمْكَنَهُمْ إدْرَاكُهَا لَوْ عَادُوا إلَيْهَا لِخَبَرِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ «اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَصَلَّى الْعِيدَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ هَذَا يَوْمٌ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَشْهَدَ مَعَنَا الْجُمُعَةَ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْصَرِفَ فَلْيَفْعَلْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ كُلِّفُوا بِعَدَمِ الرُّجُوعِ أَوْ بِالْعَوْدِ إلَى الْجُمُعَةِ لَشَقَّ عَلَيْهِمْ وَالْجُمُعَةُ تَسْقُطُ بِالْمَشَاقِّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَحْضُرُوا كَأَنْ صَلَّوْا الْعِيدَ بِمَكَانِهِمْ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ وَفِيهِ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا كَأَهْلِ الْبَلَدِ وَالثَّانِي لَا لِلْمَشَقَّةِ وَفَوَاتِ تَهْيِئَتِهِمْ لِلْعِيدِ (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ تَقَدَّمَ التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ، وَأَمَّا (التَّكْبِيرُ) فِي غَيْرِهِمَا فَضَرْبَانِ (مُرْسَلٌ) لَا يَتَقَيَّدُ بِحَالٍ (وَمُقَيَّدٌ) يُؤْتَى بِهِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ خَاصَّةً (فَالْمُرْسَلُ) وَيُسَمَّى الْمُطْلَقَ (مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ) أَيْ عِيدِ الْفِطْرِ وَعِيدِ الْأَضْحَى وَدَلِيلُهُ فِي الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} [البقرة: 185] أَيْ عِدَّةَ صَوْمِ رَمَضَانَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ أَيْ عِنْدَ إكْمَالِهَا وَفِي الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيُدِيمُهُ (إلَى) تَمَامِ (إحْرَامِ الْإِمَامِ) بِصَلَاةِ الْعِيدِ إذْ الْكَلَامُ مُبَاحٌ إلَيْهِ فَالتَّكْبِيرُ أَوْلَى مَا يَشْتَغِلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَشِعَارُ الْيَوْمِ فَإِنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَالْعِبْرَةُ بِإِحْرَامِهِ (وَيَرْفَعُ بِهِ النَّاسُ أَصْوَاتَهُمْ) نَدْبًا إظْهَارًا لِشِعَارِ الْعِيدِ (فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ) فِي الْمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَاسْتَثْنَى الرَّافِعِيُّ مِنْ طَلَبِ رَفْعِ الصَّوْتِ الْمَرْأَةَ وَظَاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا حَضَرَتْ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَكُونُوا مَحَارِمَ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (وَتَكْبِيرُ لَيْلَةِ الْفِطْرِ) آكَدُ مِنْ تَكْبِيرِ لَيْلَةِ النَّحْرِ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ (وَلَا يُكَبِّرُ الْحَاجُّ لَيْلَةَ الْأَضْحَى بَلْ يُلَبِّي) ؛ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ شِعَارُهُ وَالْمُعْتَمِرُ يُلَبِّي إلَى أَنْ يَشْرَعَ فِي الطَّوَافِ. (وَالْمُقَيَّدُ مُخْتَصٌّ بِالْأَضْحَى) لَا يَتَجَاوَزُهُ إلَى الْفِطْرِ لَكِنْ خَالَفَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا فَيُكَبِّرُ (عَقِيبَ كُلِّ صَلَاةٍ لِكُلِّ مُصَلٍّ) حَاجٍّ أَوْ غَيْرِ مُقِيمٍ أَوْ مُسَافِرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مُنْفَرِدٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَرْضًا كَانَ) الْمَأْتِيُّ بِهِ وَلَوْ جِنَازَةً أَوْ مَنْذُورَةً (أَوْ نَفْلًا أَوْ قَضَاءً فِيهَا) أَيْ فِي مُدَّةِ التَّكْبِيرِ الْآتِي بَيَانُهَا؛ لِأَنَّهُ شِعَارُهَا وَسَوَاءٌ فِي الْقَضَاءِ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ فِيهَا أَمْ فِي غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِصَلَاةٍ أَوْ بِمُصَلٍّ فَلَا يُكَبِّرُ عَقِبَ فَائِتِهَا إذَا قَضَاهُ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ شِعَارُهَا وَقَدْ فَاتَتْ وَيُكَبِّرُ غَيْرُ الْحَاجِّ (مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى عَقِيبِ عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَقِيلَ هُوَ كَالْحَاجِّ فِيمَا يَأْتِي وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِنَا لَكِنَّهُ اخْتَارَ الْأَوَّلَ وَصَحَّحَهُ فِي الْأَذْكَارِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ (فَإِنْ نَسِيَ) التَّكْبِيرَ عَقِبَ الصَّلَاةِ (وَتَذَكَّرَ كَبَّرَ وَلَوْ طَالَ الْفَصْلُ) ؛ لِأَنَّهُ شِعَارٌ لِلْأَيَّامِ لَا تَتِمَّةٌ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ (وَ) يُكَبِّرُ (الْحَاجُّ مِنْ ظُهْرِ) يَوْمِ (النَّحْرِ إلَى صُبْحِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) ؛ لِأَنَّ الظُّهْرَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ بَعْدَ انْتِهَاءِ وَقْتِ التَّلْبِيَةِ وَالصُّبْحُ آخِرُ صَلَاةٍ يُصَلِّيهَا بِمِنًى هَذَا كُلُّهُ فِي التَّكْبِيرِ الَّذِي يَرْفَعُ بِهِ صَوْتَهُ وَيَجْعَلُهُ شِعَارًا أَمَّا لَوْ اسْتَغْرَقَ عُمْرَهُ بِالتَّكْبِيرِ فِي نَفْسِهِ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ (وَصِفَتُهُ) مُرْسَلًا أَوْ مُقَيَّدًا (أَنْ يُكَبِّرَ ثَلَاثًا نَسَقًا) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَا زَادَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَحَسَنٌ وَاسْتَحْسَنَ فِي الْأُمِّ أَنْ تَكُونَ زِيَادَتُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدُهُ وَنَصَرَ عَبْدُهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ (رَافِعًا بِهِ صَوْتَهُ وَيَزِيدُ) بَعْدَ تَكْبِيرِهِ ثَلَاثًا (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) اللَّهُ أَكْبَرُ (وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَلَوْ كَبَّرَ إمَامُهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمُدَّةِ) كَأَنْ كَبَّرَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا عَلَى خِلَافِ اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ (لَمْ يُتَابِعْهُ) بِخِلَافِ تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِالسَّلَامِ (تَتِمَّةٌ) إذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ كَبَّرَ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 28]   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَلَهُمْ الرُّجُوعُ) وَتَسْقُطُ عَنْهُمْ وَإِنْ قَرُبُوا نَعَمْ لَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ كَأَنْ دَخَلَ عَقِبَ سَلَامِهِمْ مِنْ الْعِيدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ تَرْكُهَا س وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ تَقَدَّمَ التَّكْبِيرُ فِي صَلَاةِ الْعِيد وَالْخُطْبَةِ] (قَوْلُهُ لَا يَتَجَاوَزُ إلَى الْفِطْرِ) ؛ لِأَنَّ عِيدَ الْفِطْرِ تَكَرَّرَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ كَبَّرَ فِيهِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ فَسَوِّ بَيْنَهُمَا) وَنَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ قس (قَوْلُهُ عَقِيبَ كُلِّ صَلَاةٍ) مِثْلُهَا سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَاسْتَثْنَاهُمَا الْمَحَامِلِيُّ (قَوْلُهُ مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَخْ) وَقَالَ الْجُوَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي خُلَاصَتِهِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ عَقِبَ فَرْضِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى آخِرِ نَهَارِ الثَّالِثَ عَشْرَ فِي أَكْمَلِ الْأَقْوَالِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفْهِمُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ إلَى الْغُرُوبِ وَيَظْهَرُ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ فِي الْقَضَاءِ بَعْدَ فِعْلِ الْعَصْرِ وَمَا يُفْعَلُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ غ (قَوْلُهُ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ وَالْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ شِعَارُ الْأَيَّامِ لَا تَتِمَّةٌ لِلصَّلَاةِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ إنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ كَالنِّسْيَانِ قَالَ شَيْخُنَا فَيَأْتِي بِهِ مَا لَمْ تَخْرُجْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ كَمَا فِي الْبَيَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 [كِتَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ] لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَالْكُسُوفُ يُقَالُ عَلَيْهِمَا كَالْخُسُوفِ وَقِيلَ الْكُسُوفُ لِلشَّمْسِ وَالْخُسُوفُ لِلْقَمَرِ، وَهُوَ أَشْهَرُ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقِيلَ الْخُسُوفُ أَوَّلُهُ وَالْكُسُوفُ آخِرُهُ وَقَدْ اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ اللُّغَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ فِي الْبَابِ يُقَالُ كَسَفَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَخَسَفَا بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَكُسِفَا وَخُسِفَا بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَانْكَسَفَا وَانْخَسَفَا قَالَ عُلَمَاءُ الْهَيْئَةِ كُسُوفُ الشَّمْسِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ فَإِنَّهَا لَا تَتَغَيَّرُ فِي نَفْسِهَا وَإِنَّمَا الْقَمَرُ يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا وَنُورُهَا بَاقٍ، وَأَمَّا خُسُوفُ الْقَمَرِ فَحَقِيقَةٌ فَإِنَّ ضَوْءَهُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَخُسُوفُهُ بِحَيْلُولَةِ ظِلِّ الْأَرْضِ بَيْنَ الشَّمْسِ وَبَيْنَهُ بِنُقْطَةِ التَّقَاطُعِ فَلَا يَبْقَى فِيهِ ضَوْءٌ أَلْبَتَّةَ فَخُسُوفُهُ ذَهَابُ ضَوْئِهِ حَقِيقَةً وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْأَخْبَارُ كَخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ» (هِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِلْكُسُوفَيْنِ) لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهَا لِكُسُوفِ الشَّمْسِ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِخُسُوفِ الْقَمَرِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِهِ الثِّقَاتِ؛ وَلِأَنَّهَا ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَا أَذَانَ لَهَا كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَالصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ وَحَمَلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا عَلَى كَرَاهَتِهِ لِتَأَكُّدِهَا لِيُوَافِقَ كَلَامُهُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ وَالْمَكْرُوهُ قَدْ يُوصَفُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مِنْ جِهَةِ إطْلَاقِ الْجَائِزِ عَلَى مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ (وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ بِنِيَّتِهِ يَزِيدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامًا بَعْدَ الرُّكُوعِ وَرُكُوعًا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْقِيَامِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَوْلُهُمْ إنَّ هَذَا أَقَلُّهَا أَيْ إذَا شَرَعَ فِيهَا بِنِيَّةِ هَذِهِ الزِّيَادَة وَإِلَّا فَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ صَحَّتْ وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ أَخِذًا مِنْ خَبَرِ قَبِيصَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا بِالْمَدِينَةِ رَكْعَتَيْنِ» وَخَبَرِ النُّعْمَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَيَسْأَلُ عَنْهَا حَتَّى انْجَلَتْ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى احْتِمَال أَنَّهُ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ بِالزِّيَادَةِ حَمَلَا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ؛ لِأَنَّهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ لَمَّا نُقِلَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ يَحْمِلُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَقَدْ نَقَلَهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَقَالَ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا تَرْجِعُ إلَى صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ ابْنُهُ يَعْنِي فَلَمْ تَتَعَدَّدْ الْوَاقِعَةُ حَتَّى تُحْمَلَ الْأَحَادِيثُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ ثُمَّ قَالَ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ إلَى تَصْحِيحِ الرِّوَايَاتِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَحَمَلُوهَا عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا مَرَّاتٍ وَأَنَّ الْجَمِيعَ جَائِزٌ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ الْبُخَارِيُّ مِنْ تَرْجِيحِ أَخْبَارِ الرُّكُوعَيْنِ بِأَنَّهَا أَشْهَرُ وَأَصَحُّ أَوْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ. اهـ. لَكِنْ تَقَدَّمَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى لِخُسُوفِ الْقَمَرِ» فَعَلَيْهِ الْوَاقِعَةُ مُتَعَدِّدَةٌ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَسَبَقَهُمَا إلَى ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَنَقَلَ فِيهِ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ صَلَاتُهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّابِتَةِ؛ لِأَنَّهَا جَرَتْ فِي أَوْقَاتٍ وَاخْتِلَافُ صِفَاتِهَا مَحْمُولٌ عَلَى جَوَازِ الْجَمِيعِ قَالَ، وَهَذَا قَوِيٌّ (وَلَوْ انْجَلَى) الْكُسُوفُ فِي الصَّلَاةِ (أَوْ اسْتَدَامَ لَمْ يُنْقِصْ) مِنْهَا رُكُوعًا فِي الِانْجِلَاءِ (وَلَمْ يَزِدْ) فِيهَا (وَلَمْ يُكَرِّرْهَا) فِي الِاسْتِدَامَةِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَكَمَا فِي الْوِتْرِ وَالضُّحَى فِي الثَّالِثَةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ كَيْفِيَّةً مُخَالِفَةً لِلْقِيَاسِ نَعَمْ لَوْ صَلَّاهَا وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ صَلَّاهَا كَمَا فِي الْمَكْتُوبَةِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقِيلَ يَجُوزُ زِيَادَةُ رُكُوعٍ ثَالِثٍ وَرَابِعٍ وَخَامِسٍ   [حاشية الرملي الكبير] كِتَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَ يْنِ) (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ إلَخْ) قَوْله تَعَالَى {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ} [فصلت: 37] أَيْ عِنْدَ كُسُوفِهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَرْجَحُ مِنْ احْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ عِبَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ غَيْرَهُمَا أَيْضًا وَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِمَا بِالنَّهْيِ (قَوْلُهُ «لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ» ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا مَاتَ ابْنُهُ إبْرَاهِيمُ وَقَالَ النَّاسُ إنَّمَا كَسَفَتْ لِمَوْتِهِ إبْطَالًا لِمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ تَأْثِيرِ الْكَوَاكِبِ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ نَوَى صَلَاةَ الْكُسُوفَيْنِ وَأَطْلَقَ هَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَأَنْ يُصَلِّيهَا بِرُكُوعَيْنِ وَقِيَامَيْنِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ خَبَرِ قَبِيصَةَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَجَابَ عَنْهُمَا أَصْحَابُنَا بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَحَادِيثَنَا أَشْهَرُ وَأَصَحُّ وَأَكْثَرُ رُوَاةً وَالثَّانِي أَنَّا نَحْمِلُ أَحَادِيثَنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالْحَدِيثَيْنِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ قَالَ فَفِيهِ تَصْرِيحٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ. اهـ. قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ الرَّكْعَتَانِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ أَدْنَى الْكَمَالِ الْمَأْتِيِّ فِيهِ بِخَاصَّةٍ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَبِدُونِهَا يُؤَدِّي أَصْلَ سُنَّةِ الْكُسُوفِ فَقَطْ وَتَبِعَهُ الْعِرَاقِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ صَلَاةُ الْكُسُوفِ لَهَا كَيْفِيَّتَانِ مَشْرُوعَتَانِ الْأُولَى، وَهِيَ الْكَامِلَةُ، وَهِيَ ذَاتُ الرُّكُوعَيْنِ فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْكَيْفِيَّةِ الْكَامِلَةِ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَى الرُّكُوعَيْنِ وَلَا النَّقْصُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ إنَّمَا تَكُونُ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، وَهَذَا نَفْلٌ مُقَيَّدٌ فَأَشْبَهَ مَا إذَا نَوَى الْوِتْرَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً أَوْ تِسْعًا أَوْ سَبْعًا فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَلَا النَّقْصُ بِالْكَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ كَرَكْعَتَيْ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَيَنْوِيَهَا كَذَلِكَ فَيَتَأَدَّى بِهَا أَصْلُ السُّنَّةِ كَمَا يَتَأَدَّى هَلْ الْوِتْرُ بِرَكْعَةٍ وَحِينَئِذٍ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ وَكَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلُ مِنْ الْمَنْعِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ نَوَى الْأَكْمَلَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الثَّانِي مِنْ الْجَوَازِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَوَاهَا رَكْعَتَيْنِ وَقَوْلُهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ صَلَّاهَا بِالْمَدِينَةِ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَكْرِيرِ رُكُوعٍ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إدْرَاكِهِ قَبْلَ الِانْجِلَاءِ وَإِدْرَاكِهِ بَعْدَهُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْأَوَّلَ وَإِلَّا فَهُوَ افْتِتَاحُ صَلَاةِ كُسُوفٍ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ قَالَ وَهَلْ يُعِيدُ الْمُصَلِّي جَمَاعَةً مَعَ جَمَاعَةٍ يُدْرِكُهَا فِيهِ نَظَرٌ وَأَقُولُ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ يُعِيدُهَا عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 إلَى الِانْجِلَاءِ لِأَخْبَارٍ فِي مُسْلِمٍ مِنْهَا مَا فِيهِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ وَمِنْهَا مَا فِيهِ أَرْبَعَةٌ وَفِي أَبِي دَاوُد وَغَيْرُهُ خَمْسَةٌ وَأَجَابَ عَنْهَا الْجُمْهُورُ بِأَنَّ أَخْبَارَ الرُّكُوعَيْنِ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا وَعَلَى مَا مَرَّ مِنْ تَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ الْأُولَى أَنْ يُجَابَ بِحَمْلِهَا عَلَى مَا إذَا أَنْشَأَ الصَّلَاةَ بِنِيَّةِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ يُكَرِّرُهَا أَيْضًا لِظَاهِرِ خَبَرِ النُّعْمَانِ السَّابِقِ وَغَيْرِهِ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِتَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ (وَبَاقِيهَا) أَيْ بَاقِي الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قِرَاءَةٍ وَتَشَهُّدٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَغَيْرِهَا يَأْتِي بِهِ (كَغَيْرِهَا) مِنْ الصَّلَوَاتِ. (وَالْأَكْمَلُ أَنْ) يَأْتِيَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ (يَتَعَوَّذَ لِلْفَاتِحَةِ) فِي كُلِّ قِيَامٍ (وَيَقْرَأَ فِي الْقِيَامَاتِ مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْفَاتِحَةِ (كَالْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالْمَائِدَةِ) أَيْ يَقْرَأَ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ الْبَقَرَةَ أَوْ قَدْرَهَا وَفِي الثَّانِي آلَ عِمْرَانَ أَوْ قَدْرَهَا وَفِي الثَّالِثِ النِّسَاءَ أَوْ قَدْرَهَا وَفِي الرَّابِعِ الْمَائِدَةَ أَوْ قَدْرَهَا، وَهَذَا نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَفِيهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَفِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ يَقْرَأُ فِي الْأَوَّلِ الْبَقَرَةَ وَفِي الثَّانِي كَمِائَتَيْ آيَةٍ مِنْهَا وَفِي الثَّالِثِ كَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَفِي الرَّابِعِ كَمِائَةِ آيَةٍ مِنْ آيَاتِهَا الْوَسَطِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَا عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمُحَقَّقِ بَلْ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى التَّقْرِيبِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ ثَبَتَ بِالْأَخْبَارِ تَقْدِيرُ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بِنَحْوِ الْبَقَرَةِ وَتَطْوِيلُهُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثُ ثُمَّ الثَّالِثُ عَلَى الرَّابِعِ، وَأَمَّا نَقْصُ الثَّالِثِ عَنْ الثَّانِي أَوْ زِيَادَتُهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ فِيمَا أَعْلَمُ فَلِأَجْلِهِ لَا بَعْدَ فِي ذِكْرِ سُورَةِ النِّسَاءِ فِيهِ وَآلِ عِمْرَانَ فِي الثَّانِي نَعَمْ إذَا قُلْنَا بِزِيَادَةِ رُكُوعٍ ثَالِثٍ فَيَكُونُ أَقْصَرَ مِنْ الثَّانِي كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ (وَأَنْ يُسَبِّحَ فِي الرُّكُوعَاتِ وَكَذَا فِي السُّجُودَاتِ فِي الْأَوَّلِ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَدْرَ مِائَةِ آيَةٍ) مِنْ الْبَقَرَةِ. (وَ) (الثَّانِي) قَدْرَ (ثَمَانِينَ وَ) فِي (الثَّالِثِ) قَدْرَ (سَبْعِينَ وَ) فِي (الرَّابِعِ) قَدْرَ (خَمْسِينَ تَقْرِيبًا) لِثُبُوتِ التَّطْوِيلِ مِنْ الشَّارِعِ بِلَا تَقْدِيرٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اسْتِحْبَابُ هَذِهِ الْإِطَالَةِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا الْمَأْمُومُونَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ بِالنُّدْرَةِ أَوْ بِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْهَا أَوْ تَرْكَهَا إلَى خِيَرَةِ الْمُقْتَدِي بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَا يُطِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْمَحْصُورِينَ لِعُمُومِ خَبَرِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ» وَتُحْمَلُ إطَالَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ رِضَا أَصْحَابِهِ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ مُغْتَفَرٌ لِبَيَانِ تَعْلِيمِ الْأَكْمَلِ بِالْفِعْلِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُمْ لَوْ صَرَّحُوا لَهُ بِعَدَمِ الرِّضَا بِالْإِطَالَةِ لَا يُطِيلُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ. اهـ. (وَلَا يُطِيلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) مِنْ الِاعْتِدَالِ بَعْدَ الرُّكُوعِ الثَّانِي وَالتَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَكِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ قَطْعِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُطِيلُ الْجُلُوسَ وَقَدْ صَحَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ فَلَمْ يَكَدْ يَرْفَعُ ثُمَّ رَفَعَ فَلَمْ يَكَدْ يَسْجُدُ ثُمَّ سَجَدَ فَلَمْ يَكَدْ يَرْفَعُ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ» . اهـ. وَمُقْتَضَاهُ كَمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ اسْتِحْبَابُ إطَالَتِهِ وَاخْتَارَهُ فِي الْأَذْكَارِ (وَأَنْ يَأْتِيَ بِالتَّسْمِيعِ) أَيْ بِسَمْعِ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ (وَالتَّحْمِيدِ) أَيْ بِرَبَّنَا لَك الْحَمْدُ إلَى آخِرِهِ (فِي الِاعْتِدَالَاتِ) كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ (فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ لَهَا الْجَمَاعَةُ) وَكَوْنُهَا (فِي الْجَامِعِ) لَا الصَّحْرَاءِ (وَالنِّدَاءُ بِالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَالْخُطْبَةُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ إلَّا كَوْنُهَا فِي الْجَامِعِ فَالْبُخَارِيُّ وَالْمَعْنَى فِيهِ كَوْنُهَا مُعَرَّضَةً لِلْفَوَاتِ بِالِانْجِلَاءِ وَكَالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ الصَّلَاةُ وَيَخْطُبُ (كَالْجُمُعَةِ) أَيْ كَخُطْبَتِهَا فِي الْأَرْكَانِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ لَا فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَشَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلْمُصَنِّفِ لَكِنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهَا الْقِيَامَ (لَكِنْ) يَأْتِي بِهَا (بَعْدَ الصَّلَاةِ) لِلِاتِّبَاعِ وَكَمَا فِي الْعِيدِ وَإِنَّمَا تُسْتَحَبُّ لِلْجَمَاعَةِ (حَتَّى لِلْمُسَافِرِ لَا الْمُنْفَرِدِ) لِمَا مَرَّ فِي الْعِيدِ وَيَأْتِي فِي الْخُطْبَةِ هُنَا مَا مَرَّ ثُمَّ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا تَكْبِيرَ فِي الْخُطْبَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَأَنَّهُ لَا تُجْزِئُ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ وَمَا فَهِمَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ كَلَامٍ حَكَاهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مِنْ أَنَّهَا تُجْزِئُ مَرْدُودٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْبُوَيْطِيِّ لَا تُفْهِمُ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ خُطْبَتَيْنِ كَمَا فِي الْعِيدَيْنِ ثُمَّ قَالَ، وَإِنْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَعِيدٌ وَجِنَازَةٌ وَاسْتِسْقَاءٌ بَدَأَ بِالْجِنَازَةِ ثُمَّ الْكُسُوفِ ثُمَّ الْعِيدِ ثُمَّ الِاسْتِسْقَاءِ فَإِنْ خَطَبَ لِلْجَمِيعِ خُطْبَةً وَاحِدَةً أَجْزَأَهُ وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ لِلْجَمِيعِ خُطْبَتَانِ لَا أَنَّهُ يَخْطُبُ لِلْكُسُوفِ خُطْبَةً فَرْدَةً وَقَدْ قَالُوا لَوْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ كَفَاهُ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَمْ يُرِيدُوا الْفَرْدَةَ قَطْعًا (وَيَأْمُرُهُمْ) فِيهَا (بِالتَّوْبَةِ) مِنْ الْمَعَاصِي (وَفِعْلِ الْخَيْرِ) كَصَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ وَاسْتِغْفَارٍ (وَالْعِتْقِ وَيُحَذِّرُهُمْ -   [حاشية الرملي الكبير] الْأَصَحِّ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُنْفَرِدِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَجَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ ش (قَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ) ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ إنَّمَا يَكُونَانِ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، وَهَذَا نَفْلٌ مُقَيَّدٌ فَأَشْبَهَ مَا إذَا نَوَى الْوِتْرَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً أَوْ تِسْعًا أَوْ سَبْعًا فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَلَا النَّقْصُ (قَوْلُهُ لِظَاهِرِ خَبَرِ النُّعْمَانِ السَّابِقِ) وَغَيْرِهِ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ مَا صَلَّاهُ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْكُسُوفَ فَإِنَّ وَقَائِعَ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبَ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال قَالَ شَيْخُنَا قَالَهُ الْوَالِدُ (قَوْلُهُ كَالْبَقَرَةِ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُقَالَ السُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اسْتِحْبَابُ هَذِهِ الْإِطَالَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ صَلَاة الْكُسُوف جَمَاعَة فِي الْجَامِعِ] (قَوْلُهُ أَيْ كَخُطْبَتِهَا فِي الْأَرْكَانِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ إلَخْ) عَبَّرَ فِي الْوَجِيزِ بِقَوْلِهِ خُطْبَتَيْنِ كَمَا فِي الْعِيدِ وَيَأْتِي هُنَا مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْإِسْمَاعِ وَالسَّمَاعِ وَكَوْنِ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 الِاغْتِرَارَ) لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَلِعِظَمِ مَا قَبْلَ فِعْلِ الْخَيْرِ وَمَا بَعْدَهُ إفْرَادًا بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهِمَا فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا صَلَّى لِلْكُسُوفِ بِبَلَدٍ وَكَانَ بِهِ وَالٍ لَا يَخْطُبُ الْإِمَامُ إلَّا إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْوَلِيِّ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ وَذُكِرَ مِثْلُهُ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَتَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَأَمَّا التَّنَظُّفُ بِحَلْقِ الشَّعْرِ وَقَلْمِ الظُّفْرِ فَلَا يُسَنُّ لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْيَمَنِ فَإِنَّهُ يَضِيقُ الْوَقْتُ (وَإِنَّمَا يَجْهَرُ فِي) صَلَاةِ (كُسُوفِ الْقَمَرِ) لَا فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ بَلْ يُسِرُّ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا نَهَارِيَّةٌ وَالْأُولَى لَيْلِيَّةٌ وَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَهَرَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ» وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ «صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُسُوفٍ لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا» وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِسْرَارَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْجَهْرَ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ [فَرْعٌ وَتَفُوتُ الْمَسْبُوقَ الرَّكْعَةُ فِي صَلَاة الْكُسُوف بِالرُّكُوعِ] (فَرْعٌ وَتَفُوتُ) الْمَسْبُوقَ (الرَّكْعَةُ بِالرُّكُوعِ) أَيْ بِفَوَاتِ الرُّكُوعِ (الْأَوَّلِ) مَعَ الْإِمَامِ (فَلَوْ أَدْرَكَهُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي) أَوْ رُكُوعِهِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ (لَمْ يُدْرِكْهَا) أَيْ شَيْئًا مِنْهَا كَمَا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ الثَّانِيَ وَرُكُوعَهُ كَالتَّابِعِ لِلْأَوَّلِ وَرُكُوعِهِ فَلَا يُدْرِكُهَا إلَّا بِإِدْرَاكِهِ لَهُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ (وَتَفُوتُ) الصَّلَاةُ (بِالِانْجِلَاءِ التَّامِّ) يَقِينًا؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِهَا وَقَدْ حَصَلَ وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا الْوَعْظُ، وَهُوَ لَا يَفُوتُ بِذَلِكَ بَلْ فِي مُسْلِمٍ أَنَّ خُطْبَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ إنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ وَخَرَجَ بِالتَّامِّ مَا لَوْ انْجَلَى الْبَعْضُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي لِلْبَاقِي كَمَا لَوْ لَمْ يَنْخَسِفْ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرُ فَإِنْ قُلْت لِمَ فَاتَتْ صَلَاةُ الْخُسُوفِ بِالِانْجِلَاءِ وَلَمْ تَفُتْ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ بِالسُّقْيَا كَمَا سَيَأْتِي قُلْنَا لَا غِنَى بِالنَّاسِ عَنْ مَجِيءِ الْغَيْثِ بَعْدَ الْغَيْثِ فَتَكُونُ صَلَاتُهُمْ ثَمَّ لِطَلَبِ الْغَيْثِ الْمُسْتَقْبَلِ وَهُنَا لِأَجْلِ الْخُسُوفِ وَقَدْ زَالَ بِالِانْجِلَاءِ (فَإِنْ حَالَ) دُونَ الشَّمْسِ (سَحَابٌ) وَشَكَّ فِي الِانْجِلَاءِ أَوْ الْكُسُوفِ (وَقَالَ) لَهُ (مُنَجِّمٌ) وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ (انْجَلَتْ أَوْ كَسَفَتْ لَمْ يُؤَثِّرْ) فَيُصَلِّي فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُسُوفِ وَلَا يُصَلِّي فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَقَوْلُ الْمُنَجِّمِينَ تَخْمِينٌ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا ظَانًّا بَقَاءَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ انْجَلَى قَبْلَ تَحَرُّمِهِ بِهَا بَطَلَتْ وَلَا تَنْعَقِدُ نَفْلًا عَلَى قَوْلٍ إذْ لَيْسَ لَنَا نَفْلٌ عَلَى هَيْئَةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَتَنْدَرِجُ فِي نِيَّتِهِ (وَتَفُوتُ) الصَّلَاةُ أَيْضًا (فِي الْكُسُوفِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ) كَاسِفَةً (وَ) فِي (الْخُسُوفِ) لِلْقَمَرِ (بِطُلُوعِهَا) لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا حِينَئِذٍ (وَلَا تَبْطُلُ) صَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ (بِهِ) أَيْ بِطُلُوعِهَا فِي أَثْنَائِهَا كَمَا لَوْ انْجَلَى الْخُسُوفُ فِي أَثْنَائِهَا (وَلَا أَثَرَ لِحُدُوثِهِ) أَيْ خُسُوفِ الْقَمَرِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ طُلُوعِهَا فَلَا يُصَلِّي لَهُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ حِينَئِذٍ (وَلَا) تَفُوتُ (بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) لِبَقَاءِ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ (فَيُصَلِّيهَا، وَإِنْ) خَسَفَ أَوْ (غَابَ بَعْدَهُ خَاسِفًا) كَمَا لَوْ اسْتَتَرَ بِغَمَامٍ (وَإِنْ اجْتَمَعَ) عَلَيْهِ (صَلَوَاتٌ) ثِنْتَانِ فَأَكْثَرُ وَلَمْ يَأْمَنْ الْفَوَاتَ (قَدَّمَ الْأَخْوَفَ فَوْتًا ثُمَّ الْآكَدَ فَيُقَدِّمُ) فِيمَا لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ نَذْرٍ فَعَلَهَا فِي وَقْتِ الْعِيدِ وَجِنَازَةٍ وَعِيدٍ وَكُسُوفٍ (الْفَرِيضَة) لِتَعَيُّنِهَا وَضِيقِ وَقْتِهَا (ثُمَّ الْجِنَازَةِ) لِمَا يُخْشَى مِنْ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ بِتَأْخِيرِهَا؛ وَلِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقَّ الْآدَمِيِّ (ثُمَّ الْعِيدِ) ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ آكَدُ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ (ثُمَّ الْكُسُوفِ) وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ خُسُوفٌ وَوِتْرٌ قَدَّمَ الْخُسُوفَ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ آكَدُ؛ وَلِأَنَّهُ يُخَافُ فَوْتُهَا بِالِانْجِلَاءِ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ عَلَى الْوِتْرِ، وَإِنْ خِيفَ فَوْتُهُ أَيْضًا بِالْفَجْرِ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا آكَدُ وَكَوْنُ فَوْتِهَا غَيْرَ مُتَيَقَّنٍ بِخِلَافِ فَوْتِهِ لَا أَثَرَ لَهُ لِرِعَايَتِهِمْ خَوْفَ فَوْتِهَا بِالِانْجِلَاءِ فَإِنْ قِيلَ رَاعَوْهُ إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا يَتَيَقَّنُ فَوْتَهُ قُلْنَا مُعَارَضٌ بِإِمْكَانِ تَدَارُكِ الْوِتْرِ بِالْقَضَاءِ دُونَ هَذِهِ (وَعِنْدَ أَمْنِ الْفَوَاتِ) إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ جِنَازَةٌ وَكُسُوفٌ وَفَرِيضَةٌ أَوْ عِيدٌ (تُقَدَّمُ الْجِنَازَةُ) لِمَا مَرَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ يَشْتَغِلُ الْإِمَامُ بِغَيْرِهَا وَلَا يُشَيِّعُهَا فَلَوْ لَمْ تَحْضُرْ الْجِنَازَةُ أَوْ حَضَرَتْ وَلَمْ يَحْضُرْ وَلِيُّهَا أَيْ وَحُضُورُهُ مُتَوَقَّعٌ أَفْرَدَ الْإِمَامُ جَمَاعَةً يَنْتَظِرُونَهَا وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهَا (ثُمَّ الْكُسُوفُ) لِخَوْفِ الْفَوَاتِ لَكِنْ يُخَفِّفُهُ فَيَقْرَأُ فِي كُلِّ قِيَامٍ بِالْفَاتِحَةِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَنَحْوِهَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ (ثُمَّ الْفَرِيضَةُ أَوْ الْعِيدُ) لَكِنْ يُؤَخِّرُ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ عَنْ الْفَرِيضَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ فَوْتُهَا بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ قَالَهُ فِي الْمُهَذَّبِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْفَرِيضَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْجُمُعَةِ (فَرْعٌ وَيَكْفِي لِعِيدٍ وَكُسُوفٍ اجْتَمَعَا خُطْبَتَانِ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ صَلَاتَيْهِمَا (يَذْكُرُهُمَا)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيُصَلِّيهَا وَإِنْ غَابَ بَعْدَهُ كَاسِفًا) ؛ لِأَنَّ سُلْطَانَهُ، وَهُوَ اللَّيْلُ بَاقٍ (قَوْلُهُ لِتَعَيُّنِهَا وَضِيقِ وَقْتِهَا) إنْ لَمْ يَخْشَ تَغَيُّرَ الْمَيِّتِ وَالْإِقْدَامَ وَإِنْ خِيفَ فَوْتُ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ أَمْنِ الْفَوَاتِ تُقَدَّمُ الْجِنَازَةُ) قَالَ السُّبْكِيُّ قَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ تَقْدِيمَ الْجِنَازَةِ عَلَى الْجُمُعَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا هَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَقَوْلُهُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا عَمَلُ النَّاسِ فِي اجْتِمَاعِ الْفَرْضِ وَالْجِنَازَةِ عَلَى خِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ تَقْدِيمِ الْفَرْضِ مَعَ اتِّسَاعِ وَقْتِهِ، وَهُوَ خَطَأٌ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 أَيْ أَحْكَامَهُمَا (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْخُطْبَتَيْنِ فَيَقْصِدُهُمَا بِالْخُطْبَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ السُّنَّتَيْنِ إذَا لَمْ تَتَدَاخَلَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَنْوِيَهُمَا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا لَوْ نَوَى بِرَكْعَتَيْنِ صَلَاةَ الضُّحَى وَقَضَاءَ سُنَّةِ الصُّبْحِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ وَلَوْ ضَمَّ إلَى فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهَا تَحْصُلُ ضِمْنًا فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ لِحُصُولِ الْقَصْدِ بِهَا بِخِلَافِهِ فِي الصَّلَاةِ (وَإِنْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ وَصَلَّى الْكُسُوفَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ خَطَبَ لَهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا خَطَبَ لِلْجُمُعَةِ (أَوْ) صَلَاةٍ (قَبْلَهَا سَقَطَتْ خُطْبَتُهُ) مُبَادَرَةً لِأَدَاءِ الْفَرْضِ (وَقَصَدُوا بِالْخُطْبَةِ) الَّتِي يَأْتِي بِهَا عَقِبَ ذَلِكَ (الْجُمُعَةَ فَقَطْ) أَيْ لَا الْكُسُوفَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَهُمَا بِهَا؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيَك بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ (وَ) لَكِنْ (يَتَعَرَّضُ) فِيهَا (لِذِكْرِهِ) أَيْ لِذِكْرِ مَا يُنْدَبُ فِي خُطْبَتِهِ وَيُحْتَرَزُ عَنْ التَّطْوِيلِ الْمُوجِبِ لِلْفَصْلِ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ يُفْهِمُ أَنَّهُ يَجِبُ قَصْدُهَا حَتَّى لَا يَكْفِيَ الْإِطْلَاقُ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَلَيْهَا يَقْتَضِي صَرْفَهَا لَهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ سَقَطَتْ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَاعْتَرَضَتْ طَائِفَةٌ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ بِأَنَّ الْكُسُوفَ لَا يَقَعُ إلَّا فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ أَوْ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ قَوْلُ الْمُنَجِّمِينَ وَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَاَللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي أَنْسَابِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارَ أَنَّهُ مَاتَ عَاشِرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِثْلَهُ عَنْ الْوَاقِدِيِّ وَكَذَا اشْتَهَرَ أَنَّهَا كَسَفَتْ يَوْمَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ وَأَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَبِأَنَّ وُقُوعَ الْعِيدِ فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ بِنَقْصِ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَكَانَتْ فِي الْحَقِيقَةِ كَامِلَةٌ وَبِأَنَّ الْفَقِيهَ قَدْ يُصَوِّرُ مَا لَا يَقَعُ لِيَتَدَرَّبَ بِاسْتِخْرَاجِ الْفُرُوعِ الدَّقِيقَةِ (وَيَحْضُرُهَا) نَدْبًا (الْعَجَائِزُ) الْأَوْلَى قَوْلُ الرَّوْضَةِ غَيْرَ ذَاتِ الْهَيْئَاتِ وَنَظَرَ الْمُصَنِّفُ حُضُورَهُنَّ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (كَالْعِيدِ) فَيَأْتِي فِيهِنَّ مَا مَرَّ ثُمَّ وَكَذَا فِي غَيْرِهِنَّ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ (وَغَيْرُهُنَّ يُصَلِّينَ فِي الْبُيُوتِ) مُنْفَرِدَاتٍ (وَلَا بَأْسَ بِجَمَاعَتِهِنَّ وَ) لَكِنْ (لَا يَخْطُبْنَ، وَإِنْ) الْأَوْلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ (وَعَظَتْهُنَّ امْرَأَةٌ فَلَا بَأْسَ) وَكَالنِّسَاءِ فِي الْحُضُورِ وَعَدَمِهِ الْخَنَاثَى (وَيُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ) وَفِي نُسْخَةٍ لِكُلِّ أَحَدٍ (أَنْ يَتَضَرَّعَ) بِالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ (عِنْدَ الزَّلَازِلِ وَنَحْوِهَا مِنْ الصَّوَاعِقِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ) وَالْخَسْفِ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى وَنَحْوِهَا أَوْ يَقُولَ كَالصَّوَاعِقِ (وَأَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا لِئَلَّا يَكُونَ غَافِلًا) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا عَصَفَتْ الرِّيحُ قَالَ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ خَبَرَ «مَا هَبَّتْ رِيحٌ إلَّا جَثَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا» وَرَوَى أَيْضًا أَنَّ عُمَرَ حَثَّ عَلَى الصَّلَاةِ فِي زَلْزَلَةٍ وَلَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ صَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ جَمَاعَةً لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَصِفَتُهَا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُغَيَّرَ عَنْ الْمَعْهُودِ إلَّا بِتَوْقِيفٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهَذَا الِاحْتِمَالِ جَزَمَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فَقَالَ تَكُونُ كَكَيْفِيَّةِ الصَّلَوَاتِ وَلَا يُصَلِّي عَلَى هَيْئَةِ الْخُسُوفِ قَوْلًا وَاحِدًا وَيُسَنُّ الْخُرُوجُ إلَى الصَّحْرَاءِ وَقْتَ الزَّلْزَلَةِ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَيُقَاسُ بِهَا نَحْوُهَا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَيْتِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ لَكِنَّهُ قِيَاسُ النَّافِلَةِ الَّتِي لَا تُشْرَعُ لَهَا الْجَمَاعَةُ (فَائِدَةٌ) الرِّيَاحُ أَرْبَعُ الَّتِي مِنْ تُجَاهِ الْكَعْبَةِ الصَّبَا وَمِنْ وَرَائِهَا الدَّبُورُ وَمِنْ جِهَةِ يَمِينِهَا الْجَنُوبُ وَمِنْ شِمَالِهَا الشِّمَالُ وَلِكُلٍّ مِنْهَا طَبْعٌ فَالصَّبَا حَارَّةٌ يَابِسَةٌ وَالدَّبُورُ بَارِدَةٌ رَطْبَةٌ وَالْجَنُوبُ حَارَّةٌ رَطْبَةٌ وَالشِّمَالُ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ، وَهِيَ رِيحُ الْجَنَّةِ الَّتِي تَهُبُّ عَلَيْهِمْ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ (كِتَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) هُوَ لُغَةً طَلَبُ السُّقْيَا وَشَرْعًا طَلَبُ سُقْيَا الْعِبَادِ مِنْ اللَّهِ عِنْدَ حَاجَتِهِمْ إلَيْهَا يُقَالُ سَقَاهُ وَأَسْقَاهُ بِمَعْنًى قَالَ تَعَالَى {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21] وَقَالَ {لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16] وَقَدْ جَمَعَهُمَا لَبِيدٌ فِي قَوْلِهِ سَقَى قَوْمِي بَنِي مَجْدٍ وَأَسْقَى ... نُمَيْرًا وَالْقَبَائِلَ مِنْ هِلَالِ وَقِيلَ سَقَاهُ نَاوَلَهُ لِيَشْرَبَ وَأَسْقَاهُ جَعَلَ لَهُ سِقْيًا وَقِيلَ سَقَاهُ لِشَفَتِهِ وَأَسْقَاهُ لِمَاشِيَتِهِ وَأَرْضِهِ وَقِيلَ سَقَاهُ لِشَفَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ وَيَكْفِي لِعِيدٍ وَكُسُوفٍ اجْتَمَعَا خُطْبَتَانِ بَعْدَهُمَا] قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَهُمَا بِهَا إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ ضِمْنًا لَا يَضُرُّ ذِكْرُهُ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لَا تَتَضَمَّنُ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكُسُوفِ لَمْ تَكْفِ الْخُطْبَةُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ يُفْهِمُ أَنَّهُ يَجِبُ قَصْدُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ - (قَوْلُهُ وَلَا تُصَلَّى عَلَى هَيْئَةِ الْخُسُوفِ قَوْلًا وَاحِدًا) فَكَيْفِيَّتُهَا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فَقَالَ وَلَا آمُرُ بِصَلَاةِ جَمَاعَةٍ فِي زَلْزَلَةٍ وَلَا ظُلْمَةٍ وَلَا لِصَوَاعِقَ وَلَا رِيحٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ وَآمُرُ بِالصَّلَاةِ مُنْفَرِدِينَ كَمَا يُصَلُّونَ مُنْفَرِدِينَ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ قَالَ الْعَبَّادِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [كِتَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 وَأَسْقَاهُ دَلَّهُ عَلَى الْمَاءِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ وَالِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا (الِاسْتِسْقَاء) ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ ثَابِتَةٍ بِالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ أَدْنَاهَا (يَكُونُ بِالدُّعَاءِ مُطْلَقًا) عَمَّا يَأْتِي فُرَادَى أَوْ مُجْتَمِعِينَ (وَ) أَوْسَطُهَا يَكُونُ بِالدُّعَاءِ (خَلْفَ الصَّلَوَاتِ) وَلَوْ نَافِلَةً كَمَا فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْفَرَائِضِ (وَفِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ) وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بِالصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا (وَذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِسْقَاءُ (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ (لِلْمُقِيمِينَ) وَلَوْ بِقَرْيَةٍ أَوْ بَادِيَةٍ (وَالْمُسَافِرِينَ) وَلَوْ سَفَرَ قَصْرٍ لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي الْحَاجَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِمَا مَرَّ فِي الْعِيدِ هَذَا (إنْ انْقَطَعَتْ الْمِيَاهُ) أَوْ مَلَحَتْ وَاحْتَاجُوا إلَيْهَا (أَوْ احْتَاجُوا إلَى الزِّيَادَةِ) وَإِلَّا فَلَا اسْتِسْقَاءَ (وَيَسْتَسْقُونَ) يَعْنِي غَيْرُ الْمُحْتَاجِينَ بِالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا (لِغَيْرِهِمْ أَيْضًا وَيَسْأَلُونَ الزِّيَادَةَ لِأَنْفُسِهِمْ) ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ إذَا اشْتَكَى بَعْضُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ «دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَك بِمِثْلٍ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْغَيْرُ ذَا بِدْعَةٍ وَضَلَالَةٍ وَبَغْيٍ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَسْقُونَ لَهُمْ تَأْدِيبًا وَزَجْرًا؛ وَلِأَنَّ الْعَامَّةَ تَظُنُّ بِالِاسْتِسْقَاءِ لَهُمْ حُسْنَ طَرِيقَتِهِمْ وَالرِّضَا بِهِمْ وَفِيهِ مَفَاسِدُ (فَإِنْ لَمْ يُسْقَوْا) فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ (صَلَّوْا) وَخَطَبَ بِهِمْ الْإِمَامُ (الْيَوْمَ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ) هَذَا أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِ أَصْلِهِ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ؛ لِأَنَّ مَا فَوْقَهُمَا كَذَلِكَ (حَتَّى يُسْقَوْا) فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ (وَلَا يَتَوَقَّفُونَ) عَنْ الْخُرُوجِ (لِلصِّيَامِ) أَيْ لِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَهُ وَقِيلَ يَتَوَقَّفُونَ وَهُمَا نَصَّانِ لِلشَّافِعِيِّ فَقِيلَ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ كَشَيْخِنَا الْحِجَازِيِّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ أَخْذًا بِظَاهِرِ هَذَا التَّرْجِيحِ مَعَ غَفْلَةِ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مُنَزَّلَانِ عَلَى حَالَيْنِ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا اقْتَضَى الْحَالُ التَّأْخِيرَ كَانْقِطَاعِ مَصَالِحِهِمْ وَالْأَوَّلُ عَلَى خِلَافِهِ وَوَافَقَهُمْ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقِيلَ لَا خِلَافَ بَلْ الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ وَالثَّانِي عَلَى النَّدْبِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْجُمْهُورُ قَطَعُوا بِاسْتِحْبَابِ تَكْرِيرِ الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا ذَكَرُوا لِمَرَّةِ (الْأُولَى آكَدُ) فِي الِاسْتِحْبَابِ ثُمَّ إذَا عَادُوا مِنْ الْغَدِ أَوْ بَعْدَهُ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونُوا صَائِمِينَ فِيهِ (فَرْعٌ، وَإِنْ تَأَهَّبُوا لِلْخُرُوجِ) لِلصَّلَاةِ (فَسُقُوا) قَبْلَهُ خَرَجُوا لِلْوَعْظِ وَالدُّعَاءِ وَالشُّكْرِ وَ (صَلَّوْهَا شُكْرًا) لِلَّهِ تَعَالَى وَطَلَبًا لِلْمَزِيدِ قَالَ تَعَالَى {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] (وَخَطَبَ بِهِمْ) لِذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِالْخُطْبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ [فَصَلِّ يُسْتَحَبّ للإمام أَنْ يَأْمُرهُمْ بِالصِّيَامِ ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَة مَعَ يَوْم الْخُرُوج لِلصَّلَاةِ] (فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) مُتَتَابِعَةٍ مَعَ يَوْمِ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ مُعِينٌ عَلَى الرِّيَاضَةِ وَالْخُشُوعِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَبَرَ «ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ وَالْمَظْلُومُ» وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ «وَقَالَ دَعْوَةُ الصَّائِمِ وَالْوَالِدِ وَالْمُسَافِرِ» وَالصَّوْمُ لَازِمٌ بِأَمْرِ الْإِمَامِ امْتِثَالًا لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ} [النساء: 59] الْآيَةَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَلْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى كُلِّ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ مِنْ الصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا لَمْ يَخْتَصَّ بِالصَّوْمِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى وَظَاهِرُ الْآيَةِ وَكَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ يَقْتَضِي التَّعَدِّي إلَى ذَلِكَ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِهِ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ أَقَرَّهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ وَالْقَمُولِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيِّ فِي مَوْضِعٍ لَكِنَّهُ قَالَ فِي آخَرَ إنَّهُ مَرْدُودٌ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَبَلَغَنَا عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ أَمَرَ النَّاسَ فَصَامُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ وَتَقَرَّبُوا إلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ خَيْرٍ ثُمَّ خَرَجُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَاسْتَسْقَى بِهِمْ وَأَنَا أُحِبُّ ذَلِكَ لَهُمْ وَآمُرُهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ صِيَامًا مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوجِبَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى إمَامِهِمْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ إيجَابِ ذَلِكَ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ كَوْنَهُ صَرِيحًا مُجَرَّدُ دَعْوَى وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ ظَاهِرٌ وَبِتَقْدِيرِ صَرَاحَتِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِ فِي بَابِ الْبُغَاةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَأْمُرْهُمْ الْإِمَامُ بِذَلِكَ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى تَجِبُ طَاعَةُ الْإِمَامِ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ مَا لَمْ يُخَالِفْ حُكْمَ الشَّرْعِ (وَ) أَنْ يَأْمُرَهُمْ (بِالتَّوْبَةِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ) فِي الدَّمِ وَالْعِرْضِ وَالْمَالِ (وَبِفِعْلِ الْخَيْرَاتِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ مَلَحَتْ) وَاحْتَاجُوا إلَيْهَا بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا اسْتِسْقَاءَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ انْقَطَعَتْ الْمِيَاهُ وَلَمْ تَمَسَّ الْحَاجَةُ إلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مُنَزَّلَانِ عَلَى حَالَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ تَأَهَّبُوا لِلْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاء فَسُقُوا] (قَوْلُهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ) أَيْ أَوْ نَائِبُهُ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي وُجُوبِ التَّبْيِيتِ إذَا أَوْجَبْنَا الصَّوْمَ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ الْوُجُوبِ قَالَ وَيَبْعُدُ عَدَمُ صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ لَمْ يَنْوِ لَيْلًا كُلَّ الْبُعْدِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَيَحْسُنُ تَخْرِيجُ وُجُوبِ التَّبْيِيتِ عَلَى صَوْمِ الصَّبِيِّ رَمَضَانَ أَوْ عَلَى صَوْمِ النَّذْرِ. اهـ. قَالَ بَدْرُ الدَّيْنِ بْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ تَجِبُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِيهَا؛ وَلِأَنَّ وُجُوبَ الصَّوْمِ لَيْسَ هُوَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِعَارِضٍ، وَهُوَ أَمْرُ الْإِمَامِ وَلِهَذَا لَا يَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ؛ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَسْقَطَ عَنْهُمْ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ سَقَطَ وُجُوبُ صَوْمِهَا قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ التَّبْيِيتِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى كُلِّ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ التَّصَدُّقُ بِمَا عَدَا الزَّكَاةَ وَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّسْوَةَ يَوْمَ الْعِيدِ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ» وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِنَّ سُنَّةٌ غَيْرُ وَاجِبٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِهِ إنَّهُ الْقِيَاسُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ وَبِالتَّوْبَةِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَعَاصِي تُضَيِّقُ الرِّزْقَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الرَّجُلَ لَيَحْرُمُ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ» وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْله تَعَالَى {وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ} [البقرة: 159] أَيْ الدَّوَابُّ تَقُولُ مُنِعْنَا الْمَطَرَ بِخَطَايَاهُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 مِنْ عِتْقٍ وَصَدَقَةٍ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ قَالَ تَعَالَى {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [هود: 52] وَقَالَ {إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ} [يونس: 98] الْآيَةَ وَقَالَ {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا} [الأعراف: 96] الْآيَةَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَظَالِمِ دَاخِلٌ فِي التَّوْبَةِ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا دَاخِلٌ فِي فِعْلِ الْخَيْرَاتِ لَكِنْ لِعِظَمِ أَمْرِهِمَا أَوْ كَوْنِهِمَا أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ أُفْرِدَا بِالذِّكْرِ (ثُمَّ) بَعْدَ أَمْرِهِ لَهُمْ بِمَا ذُكِرَ وَصَوْمِهِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (يَخْرُجُ بِهِمْ إلَى الصَّحْرَاءِ فِي الرَّابِعِ صِيَامًا فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ وَتَخَشُّعٍ) فِي مَشْيِهِمْ وَجُلُوسِهِمْ وَغَيْرِهِمَا لِمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ وَلِلِاتِّبَاعِ فِي غَيْرِهِ وَفِي آخِرِ الْخَبَرِ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي الْعِيدَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفَارَقَ مَا هُنَا صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ حَيْثُ لَا يُسَنُّ لِلْحَاجِّ بِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ وَالسَّفَرِ وَبِأَنَّ مَحَلَّ الدُّعَاءِ ثُمَّ آخِرَ النَّهَارِ وَالْمَشَقَّةُ الْمَذْكُورَةُ مُضَعَّفَةٌ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَضِيَّةُ الْفَرْقَيْنِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا هُنَا مُسَافِرِينَ وَصَلَّوْا آخِرَ النَّهَارِ لَا صَوْمَ عَلَيْهِمْ بَلْ قَضِيَّةُ الْأَوَّلِ ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ صَلَّوْا أَوَّلَ النَّهَارِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا أَمَرَ بِهِ هُنَا صَارَ وَاجِبًا وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ وُجُوبُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْمُسَافِرُ فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَلَا وُجُوبَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِهِ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ لِكَوْنِ الْفِطْرِ أَفْضَلَ وَيَنْبَغِي لِلْخَارِجِ أَنْ يُخَفِّفَ غِذَاءَهُ وَشَرَابَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَا أَمْكَنَ وَلَوْ خَرَجُوا حُفَاةً مَكْشُوفَةً رُءُوسُهُمْ لَمْ يُكْرَهْ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ التَّوَاضُعِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَنَقَلَهُ الشَّاشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَاسْتَبْعَدَهُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ إلَى الصَّحْرَاءِ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي (بِغَيْرِ طِيبٍ) ؛ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِحَالِهِمْ وَفَارَقَ الْعَبْدَ بِأَنَّهُ يَوْمُ زِينَةٍ، وَهَذَا يَوْمُ مَسْأَلَةٍ وَاسْتِكَانَةٍ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَلَا يَلْبَسُ الْجَدِيدَ مِنْ ثِيَابِ الْبِذْلَةِ أَيْضًا (مُتَنَظِّفِينَ بِالْمَاءِ وَالسِّوَاكِ وَقَطْعِ الرَّوَائِحِ) الْكَرِيهَةِ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ (وَيُسْتَحَبُّ إخْرَاجُ الْمَشَايِخِ وَالصِّبْيَانِ) ؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ إذْ الشَّيْخُ أَرَقُّ قَلْبًا وَالصَّبِيُّ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَإِنْ اُحْتِيجَ فِي حَمْلِ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِهِمْ إلَى مُؤْنَةٍ فَهَلْ تُحْسَبُ مِنْ مَالِهِمْ فِيهِ نَظَرٌ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا إذَا سَافَرَتْ الْمَرْأَةُ بِإِذْنِ الزَّوْجِ لِحَاجَتِهَا وَحَاجَتِهِ هَلْ تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ انْتَهَى وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ أَنَّهَا تُحْسَبُ مِنْ مَالِهِمْ وَيُسْتَحَبُّ إخْرَاجُ الْأَرِقَّاءِ بِإِذْنِ سَادَتِهِمْ (وَغَيْرِ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ مِنْ النِّسَاءِ) وَالْخَنَاثَى؛ لِأَنَّ الْجَدْبَ قَدْ أَصَابَهُمْ وَلَا مَانِعَ مِنْ الْخُرُوجِ بِخِلَافِ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ (وَكَذَا) تُخْرَجُ (الْبَهَائِمُ) «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَسْتَسْقِي فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ رَافِعَةٍ بَعْضَ قَوَائِمِهَا إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ ارْجِعُوا فَقَدْ اُسْتُجِيبَ لَكُمْ مِنْ أَجْلِ شَأْنِ النَّمْلَةِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَفِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ إنَّ هَذَا النَّبِيَّ هُوَ سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَنَّ النَّمْلَةَ وَقَعَتْ عَلَى ظَهْرِهَا وَرَفَعَتْ يَدَيْهَا وَقَالَتْ اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتنَا فَإِنْ رَزَقْتنَا وَإِلَّا فَأَهْلِكْنَا قَالَ وَرُوِيَ إنَّهَا قَالَتْ اللَّهُمَّ إنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِك لَا غِنَى بِنَا عَنْ رِزْقِك فَلَا تُهْلِكْنَا بِذُنُوبِ بَنِي آدَمَ وَقِيلَ لَا يُسَنُّ إخْرَاجُهَا وَقِيلَ يُكْرَهُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ وَالثَّانِي عَنْ نَصِّ الْأُمِّ مَعَ تَصْحِيحِهِ كَالرَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ وَتُوقَفُ مَعْزُولَةً عَنْ النَّاسِ (وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ أَهْلِ الذِّمَّةِ) وَغَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْكُفَّارِ الْمَفْهُومُ بِالْأُولَى لِلِاسْتِسْقَاءِ فِي مُسْتَسْقَى الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا كَانُوا سَبَبَ الْقَحْطِ؛ لِأَنَّهُمْ مَلْعُونُونَ وَقَالَ تَعَالَى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وَقَالَ {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} [المائدة: 51] وَيُكْرَهُ أَيْضًا خُرُوجُهُمْ مَعَهُمْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ فَيُمْنَعُونَ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَلَا أَكْرَهُ مِنْ إخْرَاجِ صِبْيَانِهِمْ مَا أَكْرَهُ مِنْ خُرُوجِ كِبَارِهِمْ؛ لِأَنَّ ذُنُوبَهُمْ أَقَلُّ وَلَكِنْ يُكْرَهُ لِكُفْرِهِمْ نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ حِكَايَةِ الْبَغَوِيّ لَهُ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَيْضًا لَكِنْ عَبَّرَ بِخُرُوجِ صِبْيَانِهِمْ بَدَلَ إخْرَاجِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي رَأَيْته فِي تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ   [حاشية الرملي الكبير] وَالْإِقْلَاعُ مُوَسِّعٌ لِلرِّزْقِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَخْرُجُ بِهِمْ إلَى الصَّحْرَاءِ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الِاسْتِسْقَاءُ بِغَيْرِ مَكَّةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَفَّافُ فِي الْخِصَالِ فَيَسْتَسْقِي بِمَكَّةَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَبِبَيْتِ الْمَقْدِسِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لِجَمْعِهِمَا مَعَ شَرَفِ الْبُقْعَةِ السَّعَةِ الْكَافِيَةِ لِلْجَمْعِ وَإِنْ كَثُرَ جِدًّا قَالَ الشَّرَفُ الْغَزِّيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ هُنَا بِإِحْضَارِ الصِّبْيَانِ وَمَأْمُورُونَ بِأَنْ نُجَنِّبَهُمْ الْمَسَاجِدَ إنَّ قَوْلَهُ وَقَالَ الشَّرَفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا فَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ فِي الرَّابِعِ صِيَامًا) الْأَمْرُ بِالصَّوْمِ يَخْتَصُّ بِمَنْ حَضَرَ الصَّلَاةَ قَالَهُ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى عُجَيْلٌ أَنَّهُ يَعُمُّ مَنْ حَضَرَ وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ. وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ وَبِالتَّوْبَةِ مِنْ الْمَعَاصِي وَمُصَالَحَةِ الْأَعْدَاءِ وَالصَّدَقَةِ فَيَعُمُّ مَنْ حَضَرَ وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ وَقَوْلُهُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ) وَلَوْ كَانَ يَوْمَ عِيدٍ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ الْفَرْقَيْنِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ إلَى الْخُرُوجِ حَالًا خَرَجُوا وَإِلَّا أَخَّرُوا إلَى الْغَدِ لِيَخْرُجُوا صَائِمِينَ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِمَامَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَلَا وُجُوبَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الصَّوْمَ مَطْلُوبٌ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ دَعْوَةَ الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ قَالَ شَيْخُنَا وَمُرَادُهُمْ بِالتَّضَرُّرِ هُنَا حُصُولُ مَشَقَّةٍ بِهِ لَا خَوْفُ مَحْذُورِ تَيَمُّمٍ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الشَّاشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ) وَاسْتَبْعَدَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) ؛ وَلِأَنَّهُ مَحَلٌّ شُرِعَ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ فَأَشْبَهَ الْجُمُعَةَ (قَوْلُهُ وَهَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلَخْ) «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْلَا صِبْيَانٌ رُضَّعٌ وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ وَشُيُوخٌ رُكَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابُ صَبًّا» (قَوْلُهُ فَهَلْ تُحْسَبُ مِنْ مَالِهِمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ إلَخْ) وَفِي لَفْظِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ خَرَجَ سُلَيْمَانُ يَسْتَسْقِي (قَوْلُهُ وَتُوقَفُ مَعْزُولَةً عَنْ النَّاسِ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلَادِ حَتَّى يَكْثُرَ الصِّيَاحُ وَالضَّجَّةُ وَالرِّقَّةُ فَيَكُونَ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْمَرَاوِزَةِ (قَوْلُهُ فِي مُسْتَسْقِي الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 أَيْضًا، وَهُوَ مُؤَوَّلٌ بِإِخْرَاجِهِمْ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَهُمْ لَا تُكْرَهُ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ قَالَ أَعْنِي النَّوَوِيَّ، وَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي كُفْرَ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِمْ إذَا مَاتُوا فَقَالَ الْأَكْثَرُ: إنَّهُمْ فِي النَّارِ وَطَائِفَةٌ لَا نَعْلَمُ حُكْمَهُمْ وَالْمُحَقِّقُونَ إنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ وَوُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ وَتَحْرِيرُ هَذَا أَنَّهُمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا كُفَّارٌ، وَفِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ مُسْلِمُونَ (فَلَوْ تَمَيَّزُوا عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُمْنَعُوا) مِنْ الْخُرُوجِ فَيَخْرُجُونَ لِطَلَبِ الرِّزْقِ وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ وَقَدْ يُجِيبُهُمْ اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ قَالَ تَعَالَى {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182] (وَيُسْتَحَبُّ) لِكُلِّ أَحَدٍ مِمَّنْ يَسْتَسْقِي (أَنْ يَسْتَشْفِعَ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ خَيْرٍ) بِأَنْ يَذْكُرَهُ فِي نَفْسِهِ فَيَجْعَلَهُ شَافِعًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَائِقٌ بِالشَّدَائِدِ كَمَا فِي خَبَرِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ آوَوْا فِي الْغَارِ (وَ) أَنْ يَسْتَشْفِعَ (بِأَهْلِ الصَّلَاحِ) ؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ وَكَمَا اسْتَشْفَعَ مُعَاوِيَةُ بِيَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَسْقِي بِخَيْرِنَا وَأَفْضَلِنَا اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَسْقِي بِيَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ يَا يَزِيدُ ارْفَعْ يَدَيْك إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ فَثَارَتْ سَحَابَةٌ مِنْ الْمَغْرِبِ كَأَنَّهَا تُرْسٌ وَهَبَّ لَهَا رِيحٌ فَسُقُوا حَتَّى كَادَ النَّاسُ أَنْ لَا يَبْلُغُوا مَنَازِلَهُمْ (لَا سِيَّمَا أَقَارِبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَمَا اسْتَشْفَعَ عُمَرُ بِالْعَبَّاسِ عَمِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا قَحَطْنَا تَوَسَّلْنَا إلَيْك بِنَبِيِّينَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّينَا فَاسْقِنَا فَيُسْقَوْنَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ [فَصْلٌ صَلَاة الِاسْتِسْقَاء بِالصَّحْرَاءِ] (فَصْلٌ وَيُصَلِّيهَا) نَدْبًا (بِالصَّحْرَاءِ) لَا بِالْمَسْجِدِ حَيْثُ لَا عُذْرَ كَمَرَضٍ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّهُ يَحْضُرُهَا غَالِبُ النَّاسِ وَالصِّبْيَانِ وَالْحُيَّضِ وَالْبَهَائِمِ وَغَيْرِهِمْ فَالصَّحْرَاءُ أَوْسَعُ لَهُمْ وَأَلْيَقُ وَاسْتَثْنَى صَاحِبُ الْخِصَالِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ عَمَلُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لِفَضْلِ الْبُقْعَةِ وَاتِّسَاعِهَا كَمَا مَرَّ فِي الْعِيدِ اهـ وَعَلَى قِيَاسِهِ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ ثُمَّ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدَيْنِ لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ اسْتِحْبَابُهَا فِي الصَّحْرَاءِ مُطْلَقًا لِلِاتِّبَاعِ وَالتَّعْلِيلِ السَّابِقَيْنِ وَيَأْتِي بِهَا (كَصَلَاةِ الْعِيدِ) لِلِاتِّبَاعِ كَمَا مَرَّ فَيُنَادَى لَهَا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ وَيُكَبِّرُ فِي أَوَّلِ الْأُولَى سَبْعًا وَفِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ خَمْسًا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقِفُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مُسَبِّحًا حَامِدًا مُهَلِّلًا مُكَبِّرًا وَلَا يَخْطُبُ إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا وَيَقْرَأُ جَهْرًا فِي الْأُولَى ق وَفِي الثَّانِيَةِ اقْتَرَبَتْ أَوْ سَبِّحْ وَالْغَاشِيَةَ قِيَاسًا لَا نَصًّا وَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي الْأُولَى سَبِّحْ وَفِي الثَّانِيَةِ هَلْ أَتَاك» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ ضَعِيفٌ وَقِيلَ يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] وَرَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مَا يَقْرَأُ فِي الْعِيدِ قَالَ وَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ إنْ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] كَانَ حَسَنًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ اقْتَرَبَتْ وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا كَالْعِيدِ (إلَّا أَنَّهَا) بَعْدَ اخْتِصَاصِهَا بِالصَّحْرَاءِ كَمَا مَرَّ (لَا تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ) لَا بِوَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا بِغَيْرِهِ بَلْ جَمِيعُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَقْتٌ لَهَا كَمَا لَا تَخْتَصُّ بِيَوْمٍ؛ وَلِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ فَدَارَتْ مَعَ سَبَبِهَا كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ نَعَمْ وَقْتُهَا الْمُخْتَارُ وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ لِلِاتِّبَاعِ (فَصْلٌ وَيَخْطُبُ بَعْدَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَخْطُبَ قَبْلَهَا (كَالْعِيدِ) أَيْ كَخُطْبَتِهِ فِي الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا (مُبَدِّلًا التَّكْبِيرَ) فِيهَا (بِالِاسْتِغْفَارِ فَيَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْحَالِ وَيُبَدَّلُ فِيهَا أَيْضًا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِطْرَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِسْقَاءِ (وَيُكْثِرُ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ فِيهَا) حَتَّى يَكُونَ هُوَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ (وَمِنْ قَوْلِ {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11] {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 12] وَلَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ فِيهَا أَوْ أَخَّرَهُ كَانَ أَوْلَى وَأَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى الْمَأْخُوذِ، وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ كَمَا قَدَّمْته فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ دُعَاءِ الْكَرْبِ، وَهُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ وَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ لِحَدِيثَيْ الصَّحِيحَيْنِ فِيهِمَا (وَيَدْعُو فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى) جَهْرًا (وَيَقُولُ) هَذَا لِإِفَادَتِهِ سُنَّتَيْنِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَيَقُولُ (اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا إلَى آخِرِهِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ) فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ أَيْ مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا مُجَلَّلًا سَحًّا طَبَقًا دَائِمًا اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ اللَّهُمَّ إنَّ الْعِبَادَ وَالْبِلَادَ مِنْ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ   [حاشية الرملي الكبير] بَلْ يَكُونُونَ فِي بِيَعِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ فَإِنْ خَالَطُوهُمْ كُرِهَ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَمَيَّزُوا إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ حَدَّ الِامْتِيَازِ وَفِيهِ ثَلَاثُ احْتِمَالَاتٍ الْعُرْفُ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ وَقِيلَ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَقِيلَ بِحَيْثُ لَا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ لَمْ يُمْنَعُوا) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَيُحَرِّضُ الْإِمَامُ عَلَى أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُمْ فِي غَيْرِ يَوْمِ خُرُوجِنَا لِئَلَّا تَقَعَ الْمُسَاوَاةُ وَالْمُضَاهَاةُ فِي ذَلِكَ. اهـ. فَإِنْ قِيلَ قَدْ يَخْرُجُونَ وَحْدَهُمْ فَيُسْقَوْنَ فَتُظَنُّ ضَعَفَةُ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ خَيْرًا قُلْنَا خُرُوجُهُمْ مَعَنَا مَفْسَدَةٌ مُحَقَّقَةٌ فَقُدِّمَتْ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ كَذَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِمَنْعِهِمْ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي يَوْمٍ فَإِنَّهُ قَدْ تَصَادَفَ إجَابَتُهُمْ فَتَكُونُ فِتْنَةً لِلْعَوَامِّ قس قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا مَأْخَذٌ حَسَنٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجِيبُهُمْ اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ) قَالَ الرُّويَانِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَمِّنَ عَلَى دُعَاءِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ قَالَ تَعَالَى {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} [الرعد: 14] وَقَالَ آخَرُونَ قَدْ يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُ كَمَا اُسْتُجِيبَ لِإِبْلِيسِ دُعَاؤُهُ بِالِانْتِظَارِ (قَوْلُهُ اسْتِحْبَابُهَا فِي الصَّحْرَاءِ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) كَمَا مَرَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ الْعِيدِ» زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ كَبَّرَ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ خِطْبَة صَلَاة الِاسْتِسْقَاء] (قَوْلُهُ أَيْ كَخُطْبَتِهِ فِي الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا) فَيُنْدَبُ أَنْ يَجْلِسَ أَوَّلَ مَا يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ ثُمَّ يَقُومَ فَيَخْطُبَ (قَوْلُهُ مَرِيعًا) وَيَرْوِي مُرَبَّعًا بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَمَرْتَعًا بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُو إلَّا إلَيْك اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّك كُنْت غَفَّارًا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمِنْ الدُّعَاءِ الْمُسْتَحَبِّ مَا ثَبَتَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَك وَبَهَائِمَك وَانْشُرْ رَحْمَتَك وَأَحْيِي بَلَدَك الْمَيِّتَ اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْت لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إلَى حِينٍ» (ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ) لِلدُّعَاءِ (فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ) ، وَهُوَ نَحْوُ ثُلُثِهَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ فَإِنْ اسْتَقْبَلَ لَهُ فِي الْأُولَى لَمْ يَعُدَّهُ فِي الثَّانِيَةِ نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ (وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ وَيَنْكُسُهُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مُخَفَّفًا وَبِضَمِّهِ مُثَقَّلًا عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ (فَيُجْعَلُ مَا عَلَى كُلِّ جَانِبٍ مِنْ الْأَيْمَنِ وَالْأَيْسَرِ وَ) مِنْ (الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ عَلَى الْآخَرِ) فَالْأَوَّلُ تَحْوِيلٌ وَالثَّانِي تَنْكِيسٌ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ فِي اسْتِسْقَائِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ» زَادَ أَحْمَدُ وَحَوَّلَ النَّاسُ مَعَهُ وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ حَوَّلَ رِدَاءَهُ فَجَعَلَ عِطَافَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَجَعَلَ عِطَافَهُ الْأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ» وَرَوَى هُوَ أَيْضًا وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَسْقَى وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ» فَهِمَهُ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَتَرَكَهُ لِلسَّبَبِ الْمَذْكُورِ وَيَحْصُلُ التَّحْوِيلُ وَالتَّنْكِيسُ بِجَعْلِ الطَّرَفِ الْأَسْفَلِ الَّذِي عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَالطَّرَفِ الْأَسْفَلِ الَّذِي عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ. وَالْحِكْمَةُ فِيهِمَا التَّفَاؤُلُ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ إلَى الْخَصْبِ وَالسَّعَةِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] فَيُغَيِّرُوا بَوَاطِنَهُمْ بِالتَّوْبَةِ وَظَوَاهِرَهُمْ بِمَا ذُكِرَ فَيُغَيِّرُ اللَّهُ مَا بِهِمْ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَوَّلَ رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّلَ الْقَحْطُ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ «وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «وَأُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ» ثُمَّ كُلٌّ مِنْ التَّحْوِيلِ وَالتَّنْكِيسِ عَلَى حِدَتِهِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِقَلْبِ الظَّاهِرِ إلَى الْبَاطِنِ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَلَا يَحْصُلُ مَعَ ذَلِكَ لَا كَمَا وَقَعَ لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ فَاخْتَبِرْهُ تَجِدُهُ صَحِيحًا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ (هَذَا فِي) الرِّدَاءِ (الْمُرَبَّعِ أَمَّا الْمُقَوَّرُ) وَفِي نُسْخَةٍ الْمُدَوَّرُ (وَالْمُثَلَّثِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا التَّحْوِيلُ) بِالِاتِّفَاقِ قَالَ الْقَمُولِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَهَيَّأُ فِيهِ التَّنْكِيس وَكَذَا الرِّدَاءُ الطَّوِيلُ وَمُرَادُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ مُتَعَسِّرٌ لَا مُتَعَذِّرٌ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ تَقْتَضِي تَغَايُرَ الْمُثَلَّثِ وَمَا قَبْلَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ وَلِهَذَا عَبَّرَ جَمَاعَةٌ بِأَوْ وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَصْحَابُ إنْ كَانَ مُدَوَّرًا وَيُقَالُ لَهُ الْمُقَوَّرُ وَالْمُثَلَّثُ لَمْ يُسْتَحَبَّ التَّنْكِيسُ يَقْتَضِي اتِّحَادَهُمَا وَلَيْسَ مُرَادًا (وَيَفْعَلُونَ جُلُوسًا بِأَرْدِيَتِهِمْ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلُ مَا فَعَلَ الْخَطِيبُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ لَا يَلِيقُ بِهِمْ هُنَا وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ (تَفَاؤُلًا بِتَغَيُّرِ الْحَالِ) إلَى مَا تَقَدَّمَ وَلُمَّا مَرَّ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ جُلُوسًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ وَفِي التَّتِمَّةِ إشَارَةٌ إلَيْهِ (وَلَا يَنْزِعُهُ) أَيْ رِدَاءَهُ كُلٌّ مِنْ الْخَطِيبِ وَغَيْرُهُ (إلَّا مَعَ الثِّيَابِ) بَعْدَ وُصُولِهِ مَنْزِلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيَّرَ رِدَائَه بَعْدَ التَّحْوِيلِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَتْرُكُونَهَا أَيْ الْأَرْدِيَةَ مُحَوَّلَةً إلَى أَنْ يَنْزِعُوا الثِّيَابَ وَعِبَارَةُ الْمَطْلَبِ وَيَدَعُونَ أَرْدِيَتَهُمْ مُحَوَّلَةً حَتَّى يَرْجِعُوا إلَى مَنَازِلِهِمْ (وَيُبَالِغُ) ، وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ (فِي الدُّعَاءِ سِرًّا وَجَهْرًا) قَالَ تَعَالَى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] (وَيُسِرُّونَ) بِهِ (إنْ أَسَرَّ) وَيُؤَمِّنُونَ إنْ جَهَرَ وَمَشَى فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَلَى أَنَّهُ يُسِرُّ فَقَطْ فِي اسْتِقْبَالِهِ وَتَبِعَ فِيهِ قَوْلَ الْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ أَنَّهُ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْجُمْهُورُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَخْتَارُ أَنْ يَقْرَأَ عَقِبَ دُعَائِهِ قَوْله تَعَالَى {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} [يونس: 89] وَقَوْلُهُ {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} [الأنبياء: 84] وَقَوْلُهُ {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88] وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْآيَاتِ تَفَاؤُلًا بِالْإِجَابَةِ (وَيَرْفَعُونَ) كُلُّهُمْ (أَيْدِيَهُمْ) فِي الدُّعَاء لِمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَيُكْرَهُ رَفْعُ الْيَدِ النَّجِسَةِ فِي الدُّعَاءِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا يُكْرَهُ بِحَائِلٍ (قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالسُّنَّةُ أَنْ يُشِيرَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ فِي كُلِّ دُعَاءٍ لِرَفْعِ بَلَاءٍ وَبِبَطْنِهِمَا إنْ سَأَلَ شَيْئًا) أَيْ تَحْصِيلَهُ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَهُوَ نَحْوُ ثُلُثِهَا إلَخْ) وَفِي الْكَافِي لِلزُّبَيْرِيِّ عَنْهُ عِنْدَ بُلُوغِ النِّصْفِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ يَكُونُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ (قَوْلُهُ وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ وَيُنَكِّسُهُ) هَذَا مَخْصُوصٌ بِالذَّكَرِ أَمَّا الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَلَا (قَوْلُهُ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَكَانَ طُولُ رِدَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرًا (قَوْلُهُ إلَى الْخِصْبِ) بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ رَفْعُ الْيَدِ النَّجِسَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ هُمَا عِبَادَتَانِ) تُشْتَرَطُ فِيهِمَا النِّيَّةُ أَوْ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الثَّانِي (قَوْلُهُ فَيَكُونُ الْمَسْمُوعُ صَوْتُهُ) أَيْ صَوْتُ تَسْبِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 اسْتَسْقَى وَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقِيسَ بِالِاسْتِسْقَاءِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَالْحِكْمَةُ أَنَّ الْقَصْدَ رَفْعُ الْبَلَاءِ بِخِلَافِ الْقَاصِدِ حُصُولَ شَيْءٍ فَيَجْعَلُ بَطْنَ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ (وَلْيَكُنْ مِنْ دُعَائِهِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَلْيَكُنْ مِنْ دُعَائِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (اللَّهُمَّ أَنْتَ أَمَرْتنَا بِدُعَائِك إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَوَعَدْتنَا إجَابَتَك وَقَدْ دَعَوْنَاك كَمَا أَمَرْتنَا فَأَجِبْنَا كَمَا وَعَدْتنَا اللَّهُمَّ اُمْنُنْ عَلَيْنَا بِمَغْفِرَةِ مَا قَارَفْنَاهُ وَإِجَابَتِك فِي سُقْيَانَا وَسَعَةِ رِزْقِنَا (ثُمَّ) بَعْدَ الدُّعَاءِ (يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ) بِوَجْهِهِ (وَيَحُثُّهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَقْرَأُ مَا تَيَسَّرَ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ آيَةً وَآيَتَيْنِ (وَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَيَخْتِمُ بِالِاسْتِغْفَارِ) وَيَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ (وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ لَمْ يَتْرُكْهُ النَّاسُ) مُحَافَظَةً عَلَى السُّنَّةِ لَكِنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِالْبَلَدِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مَا يَدُلُّ لَهُ لَكِنَّهُ فِي حَقِّنَا خِلَافُ الْأَفْضَلِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ أَكْثَرُ رُوَاةً وَمُعْتَضَدٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى خُطْبَةِ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ (وَإِنْ تَضَرَّرُوا بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ) بِتَثْلِيثِ الْكَافِ أَوْ دَامَ الْغَيْمُ عَلَيْهِمْ بِلَا مَطَرٍ وَانْقَطَعَتْ الشَّمْسُ عَنْهُمْ وَتَضَرَّرُوا بِهِ (سَأَلُوا اللَّهَ) تَعَالَى نَدْبًا (رَفْعَهُ فَيَقُولُوا) مَا «قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا شُكِيَ إلَيْهِ ذَلِكَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَلَا تُشْرَعُ لِهَذَا صَلَاةٌ) لِعَدَمِ وُرُودِهَا لَهُ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَنَّهَا تُسَنُّ لِنَحْوِ الزَّلْزَلَةِ فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا نَحْوُهَا فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا تُشْرَعُ الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ (وَيُسْتَحَبُّ) لِكُلِّ أَحَدٍ (أَنْ يَبْرُزَ لِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ كَاشِفًا) الْأَوْلَى قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَيَكْشِفُ (مَا عَدَا عَوْرَتَهُ) لِيُصِيبَهُ الْمَطَرُ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ «أَنَسٍ قَالَ أَصَابَنَا مَطَرٌ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَسِرَ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ الْمَطَرُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ صَنَعْت هَذَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ أَيْ بِتَكْوِينِهِ وَتَنْزِيلِهِ» وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظٍ «كَانَ إذَا مَطَرَتْ السَّمَاءُ حَسِرَ ثَوْبَهُ عَنْ ظَهْرِهِ حَتَّى يُصِيبَهُ الْمَطَرُ» «وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ فَقَالَ أَوَمَا قَرَأْت {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} [ق: 9] فَأُحِبُّ أَنْ يَنَالَنِي مِنْ بَرَكَتِهِ» وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَطَرِ أَوَّلِ السَّنَةِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي اقْتَصَرُوا عَلَيْهِ آكَدُ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ قَالَ: وَظَاهِرُ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فَعَلَهُ عِنْدَ أَوَّلِ كُلِّ مَطَرٍ وَلَكِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ آكَدُ (وَ) أَنْ (يَغْتَسِلَ فِي) مَاءِ (الْوَادِي إذَا سَالَ أَوْ يَتَوَضَّأُ) مِنْهُ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا سَالَ السَّيْلُ قَالَ أَخَّرَ جَوَابَنَا إلَى هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا فَنَتَطَهَّر مِنْهُ وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِالْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ بِأَوْ يُفِيدُ اسْتِحْبَابَ أَحَدِهِمَا بِالْمَنْطُوقِ وَكِلَيْهِمَا بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى فَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَقَالَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُتَوَضَّأَ مِنْهُ وَيُغْتَسَلَ فَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا فَلْيَتَوَضَّأْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ الْجَمْعُ ثُمَّ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغُسْلِ ثُمَّ عَلَى الْوُضُوءِ قَالَ وَهَلْ هُمَا عِبَادَتَانِ تُشْتَرَطُ فِيهِمَا النِّيَّةُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الثَّانِي إلَّا إنْ صَادَفَ وَقْتَ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ؛ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ هِيَ الْحِكْمَةُ فِي كَشْفِ الْبَدَنِ لِيَنَالَهُ أَوَّلُ مَطَرِ السَّنَةِ وَبَرَكَتُهُ (وَ) أَنْ (يُسَبِّحَ لِلرَّعْدِ وَالْبَرْقِ) رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ إذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ وَقَالَ سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كُنَّا مَعَ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَأَصَابَنَا رَعْدٌ وَبَرْقٌ وَبَرْدٌ فَقَالَ لَنَا كَعْبٌ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الرَّعْدَ سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ثَلَاثًا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ فَقُلْنَاهُ فَعُوفِينَا وَقِيسَ بِالرَّعْدِ الْبَرْقُ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَهُ سُبْحَانَ مَنْ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَنَقَلَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ الثِّقَةِ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ الرَّعْدَ مَلَكٌ وَالْبَرْقُ أَجْنِحَتُهُ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيَكُونُ الْمَسْمُوعُ صَوْتَهُ أَوْ صَوْتَ سُوقِهِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ وَأُطْلِقَ الرَّعْدُ عَلَيْهِ مَجَازًا وَرُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بَعَثَ اللَّهُ السَّحَابَ فَنَطَقَتْ أَحْسَنَ النُّطْقِ وَضَحِكَتْ أَحْسَنَ الضَّحِكِ فَالرَّعْدُ نُطْقُهَا وَالْبَرْقُ ضَحِكُهَا» (وَ) أَنْ (لَا يَتْبَعَهُ بَصَرَهُ) رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الْبَرْقَ أَوْ الْوَدْقَ فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ وَالْوَدْقُ بِالْمُهْمَلَةِ الْمَطَرُ وَفِيهِ زِيَادَةُ الْمَطَرِ وَزَادَ الْمَاوَرْدِيُّ الرَّعْدُ فَقَالَ وَكَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَكْرَهُونَ الْإِشَارَةَ إلَى الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ وَيَقُولُونَ عِنْدَ ذَلِكَ لَا إلَهَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ) فِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «سَأَلَتْ الْيَهُودُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الرَّعْدِ مَا هُوَ قَالَ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ بِيَدِهِ مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ قَالُوا فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي نَسْمَعُ قَالَ زَجَرَهُ السَّحَابُ إذَا زَجَرَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى حَيْثُ أُمِرَ قَالُوا صَدَقْت» الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ فَالرَّعْدُ اسْمُ الصَّوْتِ الْمَسْمُوعِ وَقَالَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُوَ الْمَعْلُومُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ الرَّعْدُ رِيحٌ تَخْفِقُ بَيْنَ السَّحَابِ فَتُصَوِّتُ ذَلِكَ الصَّوْتَ وَقَالَتْ الْفَلَاسِفَةُ الرَّعْدُ صَوْتُ اصْطِكَاكِ أَجْرَامِ السَّحَابِ وَالْبَرْقِ وَمَا يَتَقَدَّحُ مِنْ اصْطِكَاكِهَا، وَهَذَا مَرْدُودٌ لَا يَصِحُّ بِهِ نَقْلٌ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْبَرْقَ مِخْرَاقٌ حَدِيدٌ بِيَدِ الْمَلَكِ يَسُوقُ بِهِ السَّحَابَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا هُوَ سَوْطٌ مِنْ نُورٍ بِيَدِ الْمَلَكِ يُزْجِي بِهِ السَّحَابَ وَعَنْهُ أَيْضًا الْبَرْقُ مَلَكٌ يَتَرَاءَى وَقَوْلُهُ قَالَ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مِخْرَاقٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ فَيَخْتَارُ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ (وَأَنْ يَقُولَ فِي) حَالَةِ نُزُولِ (الْمَطَرِ اللَّهُمَّ صَيِّبًا) أَيْ مَطَرًا (نَافِعًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَفِي رِوَايَةٍ) لِابْنِ مَاجَهْ (سَيْبًا) بِفَتْحِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ أَيْ عَطَاءً (نَافِعًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَيُسْتَحَبُّ) الْأَوْلَى مَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ فَيُسْتَحَبُّ (الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَابْنِ حِبَّانَ صَيِّبًا هَنِيئًا فَيُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ نِسْبَةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ إلَى الْبُخَارِيِّ وَلَيْسَتْ فِيهِ (وَيُكْرَهُ سَبُّ الرِّيحِ بَلْ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى خَيْرَهَا وَيَسْتَعِيذُ مِنْ شَرِّهَا كَمَا وَرَدَ) فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْبَابِ، وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ رَحْمَتِهِ أَيْ رَحْمَتِهِ لِعِبَادِهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا وَاسْأَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» (وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ) بَعْدَ الْمَطَرِ (مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا) بِفَتْحِ النُّونِ وَبِالْهَمْزِ أَيْ بِوَقْتِ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي إضَافَةِ الْأَمْطَارِ إلَى الْأَنْوَاءِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ النَّوْءَ مُمْطِرٌ حَقِيقَةً (بَلْ) يَقُولُ مُطِرْنَا (بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّ النَّوْءَ مُمْطِرٌ) حَقِيقَةً (فَمُرْتَدٌّ) رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الصُّبْحِ عَلَى أَثَرِ سَحَابٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ قَدْ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَمَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» وَأَفَادَ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْبَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مُطِرْنَا فِي نَوْءِ كَذَا لَمْ يُكْرَهْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ فِي) حَالِ (الْمَطَرِ وَالشُّكْرُ لِلَّهِ) تَعَالَى (بَعْدَهُ) رَوَى الشَّافِعِيُّ خَبَرَ اُطْلُبُوا اسْتِجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجُيُوشِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَنُزُولِ الْغَيْثِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ الْتِقَاءُ الصُّفُوفِ وَعِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ وَعِنْدَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ وَعِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ وَيَشْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ. [كِتَابُ الْجَنَائِزِ] بِفَتْحِ الْجِيمِ جَمْعُ جَنَازَةٍ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِذَلِكَ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقِيلَ هُمَا لُغَتَانِ فِيهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ فَهُوَ سَرِيرٌ وَنَعْشٌ، وَهِيَ مِنْ جَنَزَهُ يَجْنِزُهُ إذَا سَتَرَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ لَا يُسَمَّى جِنَازَةً حَتَّى يُشَدَّ الْمَيِّتُ عَلَيْهِ مُكَفَّنًا (يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ) الْمُسْتَلْزِمِ ذَلِكَ لِاسْتِحْبَابِ ذِكْرِهِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَزْجَرُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَأَدْعَى إلَى الطَّاعَةِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ قَالُوا إنَّا نَسْتَحِيُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ مَنْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظْ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَلْيَحْفَظْ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى وَلْيَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» وَرَوَى أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ خَبَرَ «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» يَعْنِي الْمَوْتَ زَادَ ابْنُ حِبَّانَ «فَإِنَّهُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ فِي ضِيقٍ إلَّا وَسِعَهُ وَلَا ذَكَرَهُ فِي سَعَةٍ إلَّا ضَيَّقَهَا» وَهَاذِمٌ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ قَاطِعٌ، وَأَمَّا بِالْمُهْمَلَةِ فَمَعْنَاهُ الْمُزِيلُ لِلشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ حَدِيثِ «اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُ الْمَوْتِ فِي بَابِ الْغُسْلِ (وَالِاسْتِعْدَادُ لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) إلَى أَهْلِهَا بِأَنْ يُبَادِرَ إلَيْهِمَا لِئَلَّا يَفْجَأَهُ الْمَوْتُ الْمُفَوِّتُ لَهُمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اسْتِحْبَابُهُمَا بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ تَبَعًا لِلْقَمُولِيِّ وَالْمَعْرُوفُ وُجُوبُهُمَا وَكَلَامُ أَصْلِهِ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَصَرَّحَ كَأَصْلِهِ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ مَعَ دُخُولِهِ فِي التَّوْبَةِ لِعِظَمِ أَمْرِهِ وَلِئَلَّا يَغْفُلَ عَنْهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا كَانَ أَوْلَى (وَ) مَا ذَكَرَ (لِلْمَرِيضِ آكَدُ) مِنْهُ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إلَى الْمَوْتِ أَقْرَبُ (وَ) يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْتَعِدَّ لِمَرَضِهِ (بِالصَّبْرِ) عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ الْبَاءَ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى وَأَوْفَقَ بِقَوْلِ أَصْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الصَّبْرُ عَلَى الْمَرَضِ أَيْ بِتَرْكِ الضَّجَرِ مِنْهُ (وَتَرْكِ الشَّكْوَى) فِيهِ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا تُشْعِرُ بِعَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِنَوْءِ كَذَا) النَّوْءُ سُقُوطُ نَجْمٍ مِنْ الْمَنَازِلِ فِي الْمَغْرِبِ مَعَ الْفَجْرِ وَطُلُوعُ رَقِيبِهِ مِنْ الْمَشْرِقِ مُقَابِلُهُ مِنْ سَاعَتِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَهَكَذَا كُلُّ نَجْمٍ إلَى انْقِضَاءِ السَّنَةِ مَا خَلَا الْجَبْهَةَ فَإِنَّ لَهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا (كِتَابُ الْجَنَائِزِ) (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ) لَوْ قَالَ أُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ صَحَّتْ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا النَّعْشَ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمَوْتُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَفِي الصَّوْمِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ كَالصَّلَاةِ وَالثَّانِي لَا كَالْإِحْرَامِ «؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لِعُثْمَانَ أَنْتَ تُفْطِرُ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ (قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ) الْمُرَادُ ذِكْرُ الْقَلْبِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمَوْتُ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْجَسَدَ وَالرُّوحُ جِسْمٌ لَطِيفٌ لَا يَفْنَى أَبَدًا (قَوْلُهُ «فِي ضِيقٍ إلَّا وَسَّعَهُ» إلَخْ) وَالنَّسَائِيُّ «فَإِنَّهُ مَا ذُكِرَ فِي كَثِيرٍ إلَّا قَلَّلَهُ وَلَا قَلِيلٍ إلَّا كَثَّرَهُ» أَيْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَمَلِ وَالدُّنْيَا وَقَلِيلٍ مِنْ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْرُوفُ وُجُوبُهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا كَانَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ رَدَّ الْعَيْنِ وَقَضَاءَ الدَّيْنِ وَالْإِبْرَاءَ مِنْهُ وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ التَّعَازِيرِ وَالْإِبْرَاءَ مِنْهُمَا ح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي الصَّبْرِ وَلَوْ تَرَكَهُ وَذَكَرَ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ كَرَاهَةِ كَثْرَةِ الشَّكْوَى كَمَا ذَكَرَهَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَانَ أَوْلَى وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ فَلَوْ سَأَلَهُ طَبِيبٌ أَوْ قَرِيبٌ لَهُ أَوْ صَدِيقٌ أَوْ نَحْوُهُ عَنْ حَالِهِ فَأَخْبَرَهُ بِالشِّدَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا لَا عَلَى صُورَةِ الْجَزَعِ فَلَا بَأْسَ (وَ) تَرْكُ (الْأَنِينِ) مِنْهُ جَهْدُهُ لِمَا مَرَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَإِنْ صَرَّحَ بِكَرَاهَتِهِ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ بَلْ فِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ وَارَأْسَاهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ» لَكِنَّ الِاشْتِغَالَ بِالتَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ أَوْلَى مِنْهُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ (وَيُسْتَحَبُّ) لَهُ (التَّدَاوِي) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّ الْأَعْرَابَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَدَاوَى فَقَالَ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ الْهَرَمِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ. فَإِنْ تَرَكَ التَّدَاوِي تَوَكُّلًا فَفَضِيلَةٌ وَيُفَارِقُ اسْتِحْبَابَهُ وُجُوبُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَإِسَاغَةُ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ بِأَنَّا لَا نَقْطَعُ بِإِفَادَتِهِ بِخِلَافِ ذَيْنِك (وَيُكْرَهُ أَنْ يُكْرَهَ) الْمَرِيضُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّدَاوِي أَيْ تَنَاوُلِهِ الدَّوَاءَ وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الطَّعَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَحَدِيثُ «لَا تُكْرِهُوا مَرَضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ» ضَعِيفٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُعَبَّرْ فِيهِ بِكَرَاهَةٍ بَلْ بِاسْتِحْبَابِ تَرْكِهِ قَالَ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَعَهُّدُ نَفْسِهِ بِتَقْلِيمِ الظُّفْرِ وَأَخْذِ شَعْرِ الشَّارِبِ وَالْإِبْطِ وَالْعَانَةِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا الِاسْتِيَاكُ وَالِاغْتِسَالُ وَالتَّطَيُّبُ وَلُبْسُ الثِّيَابِ الطَّاهِرَةِ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمُكَلَّفِ (عِيَادَةُ) مَرِيضٍ (مُسْلِمٍ وَكَذَا ذِمِّيٍّ قَرِيبٍ) لِلْعَائِدِ (أَوْ جَارٍ) لَهُ وَفَاءً بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَحَقِّ الْجِوَارِ وَالْأَصْلُ فِي اسْتِحْبَابِهَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ ثَوْبَانَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إنَّ الْمُسْلِمَ إذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ» وَأَرَادَ بِالْمُخْرِقَةِ الْبُسْتَانَ يَعْنِي يَسْتَوْجِبُ الْجَنَّةَ وَمَخَارِقَهَا وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إلَى أَبِيهِ، وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ» . (وَ) تُفْعَلُ الْعِيَادَةُ (لِغَيْرِهِمَا) أَيْ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ بِنَوْعَيْهِ (جَوَازًا) وَفِي عِبَارَتِهِ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ قُصُورٌ سَلِمَ مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهِ عِيَادَتُهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا لَهُ قَرَابَةٌ أَوْ جِوَارٌ أَوْ نَحْوُهُمَا أَيْ كَرَجَاءِ إسْلَامٍ اُسْتُحِبَّتْ وَإِلَّا جَازَتْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَسَوَاءٌ الرَّمَدُ وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ الصَّدِيقُ وَالْعَدُوُّ وَمَنْ يَعْرِفُهُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَاهِدَ وَالْمُسْتَأْمِنَ كَالذِّمِّيِّ قَالَ وَفِي اسْتِحْبَابِ عِيَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ وَأَهْلِ الْفُجُورِ وَالْمُكُوسِ إذَا لَمْ تَكُنْ قَرَابَةٌ وَلَا جِوَارٌ وَلَا رَجَاءُ تَوْبَةٍ نَظَرٌ فَإِنَّا مَأْمُورُونَ بِمُهَاجَرَتِهِمْ (وَلْتَكُنْ) الْعِيَادَةُ (غَبًّا) فَلَا يُوَاصِلُهَا كُلَّ يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَغْلُوبًا وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْقَرِيبِ وَالصَّدِيقِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ يَتَأَنَّسُ بِهِ الْمَرِيضُ أَوْ يَتَبَرَّكُ بِهِ أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ عَدَمُ رُؤْيَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَيُوَاصِلُونَهَا مَا لَمْ يُنْهَوْا أَوْ يَعْلَمُوا كَرَاهَتَهُ لِذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتُسْتَحَبُّ عِيَادَتُهُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ مَرَضِهِ وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ إنَّمَا يُعَادُ بَعْدَ ثَلَاثٍ لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ رُدَّ بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ (وَيَدْعُو لَهُ) وَيَنْصَرِفُ وَيُسْتَحَبُّ فِي دُعَائِهِ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَك سَبْعَ مَرَّاتٍ لِخَبَرِ «مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ ذَلِكَ عِنْدَهُ عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَيُخَفِّفُ الْمُكْثَ) عِنْدَهُ بَلْ تُكْرَهُ إطَالَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْجَارِهِ وَمَنْعِهِ مِنْ بَعْضِ تَصَرُّفَاتِهِ نَعَمْ إنْ فَهِمَ عَنْهُ الرَّغْبَةَ فِيهَا فَلَا كَرَاهَةَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَيُطَيِّبُ) عَائِدُهُ (نَفْسَهُ فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ) الْمَوْتَ (رَغْبَةً فِي التَّوْبَةِ وَالْوَصِيَّةِ) مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الدُّعَاءِ لَهُ (وَتُكْرَهُ) عِيَادَتُهُ (إنْ شَقَّتْ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ لِأَهْلِهِ وَخَادِمِهِ الرِّفْقُ وَاحْتِمَالُهُ وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ وَكَذَا مَنْ قَرُبَ مَوْتُهُ بِسَبَبِ حَدٍّ أَوْ نَحْوِهِ وَيُسْتَحَبُّ لَلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يُوصِيَهُمْ بِذَلِكَ وَأَنْ يُحَسِّنَ الْمَرِيضُ خُلُقَهُ وَأَنْ يَجْتَنِبَ الْمُنَازَعَةَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَنْ يَسْتَرْضِيَ مَنْ لَهُ بِهِ عَلَقَةٌ كَزَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ وَغِلْمَانِهِ وَجِيرَانِهِ وَأَصْدِقَائِهِ وَأَنْ يَتَعَهَّدَ نَفْسَهُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَأَحْوَالِهِمْ عِنْدَ الْمَوْتِ وَأَنْ يُوصِيَ أَهْلَهُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ وَبِتَرْكِ النَّوْحِ عَلَيْهِ وَإِكْثَارِ الْبُكَاءِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ الْبِدَعِ فِي الْجَنَائِزِ وَيُسْتَحَبُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ سَلِمَ مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهِ إلَخْ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ الرَّمَدُ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَادَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ مِنْ رَمَدٍ» (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ رُدَّ بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ) قَالَ الذَّهَبِيُّ: فِي الْمِيزَانِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ مَوْضُوعٌ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَاوِيُّ: تُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْمَرِيضِ فِي الشِّتَاءِ لَيْلًا وَفِي الصَّيْفِ بَاكِرًا وَوَجْهُهُ أَنَّ اللَّيْلَ يَطُولُ فِي الشِّتَاءِ وَفِي زِيَارَتِهِ تَخْفِيفٌ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَلَا كَرَاهَةَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 طَلَبُ الدُّعَاءِ مِنْهُ وَوَعْظُهُ بَعْدَ عَافِيَتِهِ وَتَذْكِيرِهِ الْوَفَاءَ بِمَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ مِنْ التَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْخَيْرِ وَيَنْبَغِي لَهُ هُوَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا} [الإسراء: 34] (فَصْلٌ وَآدَابُ الْمُحْتَضَرِ) وَهُوَ مَنْ حَضَرَتْهُ أَمَارَاتُ الْمَوْتِ أَيْ مِنْ آدَابِهِ (أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ) لِلْإِجْمَاعِ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ سَأَلَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ فَقَالُوا تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ وَأَوْصَى بِثُلُثِهِ لَك وَبِأَنْ يُوَجَّهَ لِلْقِبْلَةِ إذَا اُحْتُضِرَ فَقَالَ أَصَابَ الْفِطْرَةَ وَقَدْ رَدَدْت ثُلُثَهُ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ ذَهَبَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَأَدْخِلْهُ جَنَّتَك وَقَدْ فَعَلْت» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ (مُضْطَجِعًا عَلَى) جَنْبِهِ (الْأَيْمَنِ) كَالْمَوْضُوعِ فِي اللَّحْدِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الِاسْتِقْبَالِ مِنْ إلْقَائِهِ عَلَى قَفَاهُ وَقُدِّمَ الْأَيْمَنُ لِشَرَفِهِ وَلِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ» وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْبَلَتْ عِنْدَ مَوْتِهَا الْقِبْلَةَ ثُمَّ تَوَسَّدَتْ يَمِينَهَا (فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَضْعُهُ عَلَى جَنْبِهِ لِضِيقِ الْمَكَانِ أَوْ لِغَيْرِهِ (أُلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهِهِ وَأَخْمَصَاهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَضَمِّهَا (إلَى الْقِبْلَةِ) بِأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ قَلِيلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُمْكِنُ. وَالْأَخْمَصَانِ هُمَا أَسْفَلُ الرِّجْلَيْنِ وَحَقِيقَتُهُمَا الْمُنْخَفِضُ مِنْ أَسْفَلِهِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ (وَ) أَنْ (يُلَقِّنَهُ) الشَّهَادَةَ (غَيْرُ الْوَارِثِ) لِئَلَّا يَتَّهِمَهُ بِاسْتِعْجَالِ الْإِرْثِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَحْضُرْهُ غَيْرُهُ لَقَّنَهُ (أَشْفَقُ الْوَرَثَةِ) وَفِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ وَلَا يُلَقِّنْهُ مَنْ يَتَّهِمُهُ مُطْلَقًا لِيَعُمَّ الْوَارِثَ وَالْعَدُوَّ وَالْحَاسِدَ وَنَحْوَهُمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ حَسَنٌ إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُلَقِّنُهُ، وَإِنْ اتَّهَمَهُ وَدَلِيلُ التَّلْقِينِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَيْ مَنْ قَرُبَ مَوْتُهُ، وَهُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يَصِيرُ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ كَانَ آخِرَ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» (فَيَذْكُرُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةَ) ، وَهِيَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ بِأَنْ يَذْكُرَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَتَذَكَّرَ أَوْ يَقُولَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى مُبَارَكٌ فَنَذْكُرَ اللَّهَ جَمِيعًا سُبْحَانَ اللَّهَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ (بِلَا زِيَادَةٍ) عَلَيْهَا فَلَا تُسَنُّ زِيَادَةُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ وَقِيلَ تُسَنُّ زِيَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ التَّوْحِيدُ وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا مُوَحِّدٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَافِرًا لُقِّنَ الشَّهَادَتَيْنِ وَأُمِرَ بِهِمَا لِخَبَرِ الْيَهُودِيِّ السَّابِقِ. (وَ) أَنْ (يَذْكُرَهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ (مَنْ عِنْدَهُ) أَيْضًا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي (وَ) أَنْ (لَا يَأْمُرَهُ بِهَا) بَلْ يَذْكُرَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَدَّمْته (وَ) أَنْ (لَا يُلِحَّ) عَلَيْهِ فِيهَا لِئَلَّا يَضْجَرَ (فَإِنْ قَالَهَا لَمْ تُعَدْ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَكَلَّمَ) بِغَيْرِهَا مِنْ كَلَامِ الدُّنْيَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَلِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (لِيَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْجُمْهُورُ لَا يُزَادُ عَلَى مَرَّةٍ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ يُكَرِّرُهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَالتَّلْقِينُ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ؛ لِأَنَّهُ أَهَمُّ وَقَالَ ابْنُ الْفِرْكَاحِ إنْ أَمْكَنَ جَمْعُهُمَا فُعِلَا مَعًا وَالْإِقْدَامُ التَّلْقِينُ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ فِيهِ أَثْبَتُ وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ فَيُسْتَحَبُّ تَلْقِينُهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ فِي الْمُمَيِّزِ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا يَأْتِي فِي تَلْقِينِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا. وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ التَّلْقِينَ هُنَا لِلْمَصْلَحَةِ وَثُمَّ لِئَلَّا يُفْتَنَ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ، وَهَذَا لَا يُفْتَنُ (وَ) أَنْ (يَقْرَأَ عِنْدَهُ يس) لِخَبَرِ «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَقَالَ الْمُرَاد بِهِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ يَعْنِي مُقَدَّمَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ وَالْحِكْمَةُ فِي قِرَاءَتِهَا أَنَّ أَحْوَالَ الْقِيَامَةِ وَالْبَعْثِ مَذْكُورَةٌ فِيهَا فَإِذَا قُرِئَتْ عِنْدَهُ تَجَدَّدَ لَهُ ذِكْرُ تِلْكَ الْأَحْوَالِ وَأَخَذَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ فَصَحِيحٌ أَنَّهَا إنَّمَا تُقْرَأُ بَعْدَ مَوْتِهِ (قِيلَ وَ) يُقْرَأُ عِنْدَهُ (الرَّعْدُ) لِقَوْلِ جَابِرٍ فَإِنَّهَا تُهَوِّنُ عَلَيْهِ خُرُوجَ رُوحِهِ قَالَ الْجَبَلِيُّ وَيُسْتَحَبُّ تَجْرِيعُهُ مَاءً فَإِنَّ الْعَطَشَ يَغْلِبُ مِنْ شِدَّةِ النَّزْعِ فَيُخَافُ مِنْهُ إزْلَالُ الشَّيْطَانِ إذْ وَرَدَ أَنَّهُ يَأْتِي بِمَاءٍ زُلَالٍ وَيَقُولُ قُلْ لَا إلَهَ غَيْرِي حَتَّى أَسْقِيَك نَقَلَهُ عِنْدَ الْإِسْنَوِيِّ وَأَقَرَّهُ وَالْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ غَرِيبٌ حُكْمًا وَدَلِيلًا (وَلْيُحْسِنْ) نَدْبًا (ظَنَّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا، وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى» أَيْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَرْحَمُهُ وَيَعْفُو عَنْهُ وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» (وَيُحَسِّنُهُ لَهُ الْحَاضِرُونَ وَيُطَمِّعُوهُ فِي رَحْمَتِهِ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ آدَابُ الْمُحْتَضِرِ] قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ حَسَنٌ إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَذْكُرُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةَ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَبْكِيَ بِحَضْرَةِ الْمُحْتَضَرِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إلَخْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَالتَّلْقِينُ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ) ، وَإِنْ ظَنَّ بَقَاءَ حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ فَيُسْتَحَبُّ تَلْقِينُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ: إنَّهُ غَرِيبٌ إلَخْ) أَيْ قَالَ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلْيُحْسِنْ نَدْبًا ظَنَّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى) يَحْصُلُ ذَلِكَ بِتَدَبُّرِ الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ بِسَعَةِ الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالْأَحَادِيثِ (تَنْبِيهٌ) الظَّنُّ فِي الشَّرْعِ يَنْقَسِمُ إلَى الْوَاجِبِ وَمَنْدُوبٍ وَحَرَامٍ وَمُبَاحٍ فَالْوَاجِبُ حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْحَرَامُ سُوءُ الظَّنِّ بِهِ تَعَالَى وَبِكُلِّ مَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُبَاحُ الظَّنُّ بِمَنْ اشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِمُخَالَطَةِ الرِّيَبِ وَالْمُجَاهَرَةِ بِالْخَبَائِثِ فَلَا يَحْرُمُ ظَنُّ السَّوْءِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ دَلَّ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا أَنَّ مَنْ يَسْتُرُ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يُظَنَّ بِهِ إلَّا خَيْرًا وَمَنْ دَخَلَ مَدْخَلَ السُّوءِ اُتُّهِمَ وَمَنْ هَتَكَ نَفْسَهُ ظَنَنَّا بِهِ السُّوءَ وَمِنْ الظَّنِّ الْجَائِزِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مَا يَظُنُّ الشَّاهِدَانِ فِي التَّقْوِيمِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَمَا يَحْصُلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْأَحْكَامِ بِالْإِجْمَاعِ وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ قَطْعًا وَالْبَيِّنَاتُ عِنْدَ الْحُكَّامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 تَعَالَى لِيُحْسِنَ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ. أَمَّا الصَّحِيحُ فَقِيلَ الْأَوْلَى لَهُ تَغْلِيبُ خَوْفِهِ عَلَى رَجَائِهِ وَالْأَظْهَرُ فِي الْمَجْمُوعِ اسْتِوَاؤُهُمَا إذْ الْغَالِبُ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ مَعًا كَقَوْلِهِ {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: 13] {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 14] {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} [الحاقة: 19] " {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} [الحاقة: 25] وَفِي الْإِحْيَاءِ إنْ غَلَبَ عَلَيْهِ دَاءُ الْقُنُوطِ فَالرَّجَاءُ أَوْلَى أَوْ دَاءُ أَمْنِ الْمَكْرِ فَالْخَوْفُ أَوْلَى (فَإِنْ مَاتَ فَلْيُغْمِضْ أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ عَيْنَيْهِ) لِئَلَّا يَقْبَحَ مَنْظَرُهُ وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ فَقَالَ لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إلَّا بِخَيْرٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمُهْدِيَيْنِ وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ» وَقَوْلُهُ «تَبِعَهُ الْبَصَرُ» أَيْ ذَهَبَ أَوْ شَخَصَ نَاظِرًا إلَى الرُّوحِ أَيْنَ تَذْهَبُ وَعَلَى الثَّانِي اقْتَصَرَ النَّوَوِيُّ وَقُبِضَ أُخْرِجَ مِنْ الْجَسَدِ وَشَقَّ بَصَرُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّ الرَّاءِ شَخَصَ. وَالرُّوحُ جِسْمٌ لَطِيفٌ، وَهُوَ بَاقٍ لَا يَفْنَى عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وقَوْله تَعَالَى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] تَقْدِيرُهُ عِنْدَ مَوْتِ أَجْسَادِهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامًا فِيمَا يُقَالُ حَالَ إغْمَاضِهِ وَيُسْتَحْسَنُ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ التَّابِعِيِّ الْجَلِيلِ قَالَ إذَا أَغْمَضْت الْمَيِّتَ فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَإِذَا حَمَلْته فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثُمَّ تُسَبِّحُ مَا دُمْت تَحْمِلُهُ (وَيَشُدُّ لَحْيَيْهِ بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ يَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ) حِفْظًا لِفَمِهِ عَنْ الْهَوَامِّ وَقُبْحِ مَنْظَرِهِ (وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ بِالْمَدِّ وَالرَّدِّ) فَيَرُدُّ سَاعِدَهُ إلَى عَضُدِهِ وَسَاقِهِ إلَى فَخِذِهِ وَفَخِذَهُ إلَى بَطْنِهِ ثُمَّ يَمُدُّهَا (وَ) يُلَيِّنُ (أَصَابِعَهُ) تَسْهِيلًا لِغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ فَإِنَّ فِي الْبَدَنِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ بَقِيَّةَ حَرَارَةٍ فَإِذَا لُيِّنَتْ الْمَفَاصِلُ حِينَئِذٍ لَانَتْ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَلْيِينُهَا بَعْدُ (وَيَنْزِعُ) عَنْهُ (ثِيَابَهُ) الْمَخِيطَةَ (الَّتِي مَاتَ فِيهَا) بِحَيْثُ لَا يُرَى شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ لِئَلَّا يَسْرُعَ فَسَادُهُ (وَيَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ خَفِيفٍ لَا أَكْثَرَ) لِذَلِكَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُجِّيَ حِينَ مَاتَ بِثَوْبٍ حِبَرَةٍ» هُوَ بِالْإِضَافَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ نَوْعٌ مِنْ ثِيَابِ الْقُطْنِ تُنْسَجُ بِالْيَمَنِ «وَسُجِّيَ غُطِّيَ» (وَيَجْعَلُ طَرَفَيْهِ تَحْتَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ) بِأَنْ يَجْعَلَ أَحَدَهُمَا تَحْتَ رَأْسِهِ وَالْآخَرَ تَحْتَ رِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ وَسَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَحْرَمِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي (وَيَضَعُ عَلَى بَطْنِهِ) شَيْئًا (ثَقِيلًا كَسَيْفٍ وَمِرْآةٍ) وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِيدِ (ثُمَّ طِينٌ رَطْبٌ) ثُمَّ مَا تَيَسَّرَ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ أَنَسًا أَمَرَ بِوَضْعِ حَدِيدَةٍ عَلَى بَطْنِ مَوْلًى لَهُ مَاتَ وَقَدَّرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ذَلِكَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُوضَعُ وَإِلَّا فَالسَّيْفُ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّيْفَ وَنَحْوَهُ يُوضَعُ بِطُولِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّ الْمَوْضُوعَ يَكُونُ فَوْقَ الثَّوْبِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (وَيُصَانُ الْمُصْحَفُ عَنْهُ) نَدْبًا احْتِرَامًا لَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ الْمُحْتَرَمِ (وَيَرْفَعُهُ عَلَى سَرِيرٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا هُوَ مُرْتَفِعٌ فَلَا يُجْعَلُ عَلَى الْأَرْضِ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ بِنَدَوَاتِهَا وَلَا عَلَى فِرَاشٍ لِئَلَّا يُحْمَى فَيَتَغَيَّرَ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ صُلْبَةً جَازَ جَعْلُهُ عَلَيْهَا يَعْنِي مِنْ غَيْر ارْتِكَابِ خِلَافِ الْأَوْلَى. (وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ) الْقِبْلَةَ (كَالْمُحْتَضَرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى جَنْبِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا إلْقَاؤُهُ عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهِهِ وَأَخْمَصَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَيُومِئُ إلَيْهِ قَوْلُهُمْ وَيُوضَعُ عَلَى بَطْنِهِ شَيْءٌ ثَقِيلٌ (وَالرِّجَالُ بِالرِّجَالِ أَوْلَى) بِمَا ذَكَرَ وَكَذَا النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيَتَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ مِنْ النِّسَاءِ فَإِنْ تَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ نِسَاءِ الْمَحَارِمِ أَوْ النِّسَاءُ مِنْ رِجَالِ الْمَحَارِمِ جَازَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا بِالْعَكْسِ وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُهُ لَهُمَا مَعَ الْغَضِّ وَعَدَمِ الْمَسِّ انْتَهَى وَيُومِئُ إلَيْهِ زِيَادَةُ الْمُصَنِّفِ لَفْظَةَ أَوْلَى وَكَالْمَحْرَمِ فِيمَا ذَكَرَ الزَّوْجَانِ بَلْ أَوْلَى (وَيُبَادَرُ) بِفَتْحِ الدَّالِ نَدْبًا (بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَإِنْفَاذِ وَصِيَّتِهِ إنْ تَيَسَّرَ) حَالًّا تَعْجِيلًا لِلْخَيْرِ وَلِخَبَرِ «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ. وَالْمُرَادُ بِالنَّفْسِ هُنَا الرُّوحُ وَمُعَلَّقَةٌ مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ حَالًّا سَأَلَ وَلِيُّهُ غُرَمَاءَهُ أَنْ يُحَلِّلُوهُ وَيَحْتَالُوا بِهِ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمَجْمُوعِ الْبَرَاءَةَ بِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ مِيرَاثًا لِلْمَيِّتِ لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ تَجِبُ عِنْدَ طَلَبِ ذِي الْحَقِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِيُحْسِنْ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَظْهَرُ وُجُوبُهُ إذَا رَأَوْا مِنْهُ أَمَارَاتِ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ إذْ قَدْ يُفَارَقُ عَلَى هَذَا فَيَهْلَكُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ، وَهَذَا الْحَالُ مِنْ أَهَمِّهَا وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ وُجُوبُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَظْهَرُ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ بِالْمَدِّ وَالرَّدِّ إلَخْ) لَوْ احْتَاجَ فِي تَلْيِينِ مَفَاصِلِهِ إلَى شَيْءٍ مِنْ الدُّهْنِ فَلَا بَأْسَ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَيَنْزِعُ ثِيَابَهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا) هَذَا فِيمَنْ يُغَسَّلَ لَا فِي شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُسْرِعَ فَسَادُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى عَلَيْهِ الْقَمِيصُ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ إذَا كَانَ طَاهِرًا إذْ لَا مَعْنَى لِنَزْعِهِ ثُمَّ إعَادَتُهُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي نَزْعِهِ إنَّمَا هُوَ خَوْفُ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّهِيدِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ طَهَارَةِ الْقَمِيصِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا) أَيْ تَقْرِيبًا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّيْفَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنَّ الْمَوْضُوعَ يَكُونُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا إلْقَاؤُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُهُ لَهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُبَادِرُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ) قَالُوا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِغُسْلِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ أُمُورِهِ (قَوْلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ) وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ ح (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ تَجِبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عِنْدَ طَلَبِ ذِي الْحَقِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 حَقَّهُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّرِكَةِ (وَيُكْرَهُ تَمَّنِي الْمَوْتِ) لِضُرٍّ فِي بَدَنِهِ أَوْ ضِيقٍ فِي دُنْيَاهُ (فَإِنْ كَانَ مُتَمَنَّيَا قَالَ اللَّهُمَّ أَمِتْنِي إنْ كَانَ الْمَمَاتُ خَيْرًا لِي) وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» وَصَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ بِالشِّقِّ الْأَوَّلِ أَيْضًا (وَلَا يُكْرَهُ) تَمَنِّيه (لِمَنْ خَشِيَ فِتْنَةً فِي دِينِهِ) لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ النَّوَوِيَّ أَفْتَى بِاسْتِحْبَابِهِ لَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ طَلَبُ الْمَوْتِ بِبَلَدٍ شَرِيفٍ وَحَذَفَ الْمُصَنِّف تَقْيِيدَ الرَّوْضَةِ كَرَاهَةَ تَمَنِّي الْمَوْتِ بِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ مُقَيَّدَةً بِذَلِكَ لَا يُقَالُ الْكَرَاهَةُ بِلَا ضَرَرٍ وَمَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّمَنِّي مَعَ الضُّرِّ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِهِ بِدُونِهِ. (وَيُسْتَحَبُّ) لِكُلِّ مُكَلَّفٍ (أَنْ يَذْكُرَ الْمَيِّتَ بِخَيْرٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا حَضَرْتُمْ الْمَرِيضَ أَوْ الْمَيِّتَ» وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «الْمَيِّتُ بِلَا شَكٍّ فَقُولُوا خَيْرًا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ قَالَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبَا سَلَمَةَ قَدْ مَاتَ قَالَ قُولِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ وَاعْقُبْنِي مِنْهُ عُقْبَى حَسَنَةً فَقُلْت فَأَعْقَبَنِي اللَّهُ مَنْ هُوَ لِي خَيْرٌ مِنْهُ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَبَيْنَ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ وَقَوْلِ الرَّوْضَةِ وَيُسْتَحَبُّ لِلنَّاسِ أَنْ يَقُولُوا عِنْدَ الْمَيِّتِ خَيْرًا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ (وَيُكْرَهُ نَفْيُ الْجَاهِلِيَّةِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ، وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِ الشَّخْصِ وَذِكْرِ مَآثِرِهِ وَمَفَاخِرِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَتُكْرَهُ مَرْثِيَّةُ الْمَيِّتِ، وَهِيَ عَدُّ مَحَاسِنِهِ لِلنَّهْيِ عَنْ الْمَرَاثِي. اهـ. وَالْوَجْهُ حَمْلُ تَفْسِيرِهَا بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِ صِيغَةِ النَّدْبِ الْآتِي بَيَانُهَا وَإِلَّا فَيَلْزَمُ اتِّحَادُهَا مَعَهُ وَقَدْ أَطْلَقَهَا الْجَوْهَرِيُّ عَلَى عَدِّ مَحَاسِنِهِ مَعَ الْبُكَاءِ وَعَلَى نَظْمِ الشَّعْرِ فِيهِ فَيُكْرَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ عَلَى مَا يَظْهَرُ فِيهِ تَبَرُّمٌ أَوْ عَلَى فِعْلِهِ مَعَ الِاجْتِمَاعِ لَهُ أَوْ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْهُ أَوْ عَلَى مَا يُجَدِّدُ الْحُزْنَ دُونَ مَا عَدَا ذَلِكَ فَمَا زَالَ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ يَفْعَلُونَهُ وَقَدْ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدَ ... أَنْ لَا يَشُمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبٌ لَوْ أَنَّهَا ... صُبَّتْ عَلَى الْأَيَّامِ عُدْنَ لَيَالِيَا (وَلَا بَأْسَ بِالْإِعْلَامِ بِمَوْتِهِ) لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إذَا قُصِدَ الْإِعْلَامُ لِكَثْرَةِ الْمُصَلَّيْنَ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَى لِأَصْحَابِهِ النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَأَنَّهُ نَعَى جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ» وَلِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي إنْسَانٍ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ أَيْ يَكْنِسُهُ فَمَاتَ فَدُفِنَ لَيْلًا أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي قَالُوا كَانَ اللَّيْلُ وَالظُّلْمَةُ فَكَرِهْنَا أَنْ نَشُقَّ عَلَيْك فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ» (وَلِأَصْدِقَائِهِ) وَأَقَارِبِهِ الْمَفْهُومِينَ بِالْأَوْلَى (تَقْبِيلُ وَجْهِهِ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ بَعْدَ مَوْتِهِ» وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ بَلْ قَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لَهُمْ وَبَحَثَهُ السُّبْكِيُّ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُمْ مُسْتَحَبًّا وَلِغَيْرِهِمْ جَائِزًا، وَهُوَ حَسَنٌ مَعَ أَنَّ الْأَخْذَ بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ التَّقْبِيلِ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الْمُزَنِيّ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَسَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ وَالسِّيَرِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ فَيَحْتَمِلُ تَقْيِيدَ مَا هُنَا بِالصَّالِحِ وَيَحْتَمِلُ إطْلَاقَهُ وَتَخْصِيصَ الصَّالِحِ بِغَيْرِ الْقَرِيبِ وَالصَّدِيقِ (بَابُ) بَيَانِ (غُسْلُ الْمَيِّتِ) وَمَا مَعَهُ مِمَّا يَأْتِي (غُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ) وَحَمْلُهُ (وَدَفْنُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى مَا حَكَاهُ الْأَصْلُ وَالْأَمْرُ بِهِ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي غَيْرِ الدَّفْنِ وَقَاتِلُ نَفْسِهِ كَغَيْرِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ إلَّا فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ فَمَحَلُّهُمَا فِي الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَهَلْ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ أَقَارِبُ الْمَيِّتِ ثُمَّ عِنْدَ عَجْزِهِمْ أَوْ غِيبَتِهِمْ الْأَجَانِبُ أَوْ الْكُلُّ مُخَاطَبُونَ بِلَا تَرْتِيبٍ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْجِيلِيُّ، وَهُوَ غَرِيبٌ وَالْمَشْهُورُ عُمُومُ الْخِطَابِ لِكُلِّ مَنْ عُلِمَ بِمَوْتِهِ (فَيُبَادَرُ بِهِ) نَدْبًا إكْرَامًا لَهُ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنَّ تَكُ   [حاشية الرملي الكبير] حَقَّهُ إلَخْ) أَوْ كَانَ قَدْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ لِمَطْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِضَمَانِ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ النَّوَوِيَّ إلَخْ) وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَيْسَ بَعِيدًا إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ لَمْ يَتَمَنَّ نَبِيٌّ الْمَوْتَ غَيْرَ يُوسُفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّمَا تَمَنَّى الْمَوْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا الْمَوْتَ (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ حَمْلُ تَفْسِيرِهَا بِذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [بَابُ بَيَانِ غُسْلُ الْمَيِّتِ] (بَابُ غُسْلِ الْمَيِّتِ) (قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ) إذَا شَرَعَ فِيهَا ثُمَّ أَفْسَدَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا فَوْرًا؛ لِأَنَّ مَنْ شَرَعَ فِيهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا (قَوْلُهُ وَلِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْأَخْبَارِ) كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فُرِضَ عَلَى أُمَّتِي غُسْلُ مَوْتَاهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَدَفْنُهَا» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ عُمُومُ الْخِطَابِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا عَادَ طَلْحَةُ بْنُ الْبَرَاءِ وَانْصَرَفَ قَالَ مَا أَرَى طَلْحَةَ إلَّا قَدْ حَدَثَ فِيهِ الْمَوْتُ فَإِذَا مَاتَ فَآذَنُونِي بِهِ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَعَجِّلُوا بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ» وَالصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ الِاحْتِيَاطُ لِلرُّوحِ الشَّرِيفَةِ لِاحْتِمَالِ الْإِغْمَاءِ أَوْ نَحْوِهِ «وَقَدْ مَاتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ضَحْوَةً وَدُفِنَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مِنْ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ» (إنْ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ وَأَمَارَتُهُ) أَيْ مِنْهَا (اسْتِرْخَاءُ قَدَمٍ وَامْتِدَادُ جِلْدَةِ وَجْهٍ وَمَيْلُ أَنْفٍ وَانْخِلَاعُ كَفٍّ وَانْخِفَاضُ صُدْغٍ وَتَقَلُّصُ خُصْيَةٍ مَعَ تَدَلِّي جِلْدَتِهَا وَيُتْرَكُ) وُجُوبًا (إنْ شَكَّ) فِي مَوْتِهِ (حَتَّى يَتَيَقَّنَ بِتَغَيُّرٍ وَنَحْوِهِ) (فَصْلٌ وَأَقَلُّ الْغُسْلِ اسْتِيعَابُ الْبَدَنِ) بِالْمَاءِ (مَرَّةً بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَسِ) عَنْهُ إنْ كَانَ فَلَا تَكْفِي لَهُمَا غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَيِّ مِنْ أَنَّ الْغَسْلَةَ لَا تَكْفِي عَنْ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ ثُمَّ أَنَّهَا تَكْفِيهِ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا هُنَاكَ فَيَتَّحِدُ الْحُكْمَانِ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَلُوحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ اشْتِرَاطَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوَّلًا وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ مَا هُنَا أَوْلَى بِالِاكْتِفَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ مُجَرَّدُ النَّظَافَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ حَذْفُ الِاشْتِرَاطِ كَمَا فَعَلَ فِي الْإِرْشَادِ وَمَا فَرَّقَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى نَجَاسَةٍ تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْعُضْوِ وَمِنْ أَنَّ مَا هُنَاكَ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِهِ فَجَازَ إسْقَاطُهُ وَمَا هُنَا بِغَيْرِهِ فَامْتَنَعَ إسْقَاطُهُ لَا يُجْدِي لِخُرُوجِ الْأَوَّلِ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ وَالثَّانِي عَنْ الْمُدْرَكِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ عَلَى الْمَحَلِّ لَا يُحْكَمُ بِاسْتِعْمَالِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فَيَكْفِي غُسْلُهُ لِذَلِكَ مَرَّةً. (وَإِنْ كَانَ جُنُبًا) أَوْ حَائِضًا كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الطَّهَارَاتِ تَتَدَاخَلُ (وَلَوْ بِلَا نِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ غُسْلِهِ النَّظَافَةُ، وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ؛ وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ الْأَغْسَالِ عَلَى الْمُغْتَسِلِ لَا الْغَاسِلِ وَالْمَيِّتُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (وَ) لَوْ كَانَ الْغُسْلُ (مِنْ كَافِرٍ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ (وَيُغَسَّلُ الْغَرِيقُ) فَلَا يَكْفِي غَرَقُهُ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا إلَّا بِفِعْلِنَا حَتَّى لَوْ شَاهَدْنَا الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنَّا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْكَفَنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ السِّتْرُ وَقَدْ حَصَلَ وَمِنْ الْغُسْلِ التَّعَبُّدُ بِفِعْلِنَا لَهُ وَلِهَذَا يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ لَا لِلتَّكْفِينِ (وَأَكْمَلُهُ أَنْ يُقَمَّصَ) أَيْ يُجْعَلَ عِنْدَ إرَادَةِ غُسْلِهِ (فِي) قَمِيصٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ «وَقَدْ غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (بَالٍ) أَيْ خَلْقٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ سَخِيفٍ أَيْ حَتَّى لَا يَمْنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَوِيَّ يَحْبِسُ الْمَاءَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ بِخِرْقَةٍ مِنْ أَوَّلِ مَا يَضَعُهُ عَلَى الْمُغْتَسَلِ ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ (وَيُغَسَّلُ فِي خَلْوَةٍ) كَمَا فِي الْحَيَاةِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِبَدَنِهِ مَا يُخْفِيهِ (وَلِلْوَلِيِّ الدُّخُولُ) إلَى الْمُغْتَسَلِ (وَإِنْ لَمْ) يُغَسِّلْ وَلَمْ (يُعِنْ) لِحِرْصِهِ عَلَى مَصْلَحَتِهِ «وَقَدْ تَوَلَّى غُسْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يُنَاوِلُ الْمَاءَ وَالْعَبَّاسُ وَاقِفٌ» ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَكَالْأَجْنَبِيِّ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ سَقْفٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَيُغَسَّلُ عَلَى لَوْحٍ أَوْ سَرِيرٍ) هُيِّئَ لِذَلِكَ لِئَلَّا يُصِيبَهُ الرَّشَاشُ (مُسْتَلْقِيًا كَالْمُحْتَضَرِ) إذَا اسْتَلْقَى فِي أَنَّهُ يُسْتَقْبَلُ بِهِ الْقِبْلَةُ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ وَاسْتِلْقَاؤُهُ أَمْكَنُ لِغُسْلِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَيَرْفَعُ مِنْهُ مَا يَلِي الرَّأْسَ) لِيَنْحَدِرَ الْمَاءُ عَنْهُ وَلَا يَقِفَ تَحْتَهُ (وَيُدْخِلَ) الْغَاسِلُ (يَدَهُ فِي الْكُمِّ) إنْ كَانَ وَاسِعًا (وَإِنْ ضَاقَ فَتَحَ دَخَارِيصَهُ) لِيُدْخِلَ يَدَهُ مِنْهُ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَمِيصًا أَوْ لَمْ يَتَأَتَّ غَسَّلَهُ فِيهِ) لِضِيقِهِ (سَتَرَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ وَحَرُمَ النَّظَرُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ وَإِلَى غَيْرِهِ إنْ كَانَ بِشَهْوَةٍ إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ أَحَدِهِمَا عَوْرَةٌ فِي حَقِّ الْآخَرِ (وَكُرِهَ لِلْغَاسِلِ نَظَرُ) شَيْءٍ مِنْ (الْبَدَنِ) غَيْرِ الْعَوْرَةَ (بِغَيْرِ حَاجَةٍ) وَلَا شَهْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِبَدَنِهِ مَا يُخْفِيهِ وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقِيلَ مَكْرُوهٌ أَمَّا لِلْحَاجَةِ كَأَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ الْمَغْسُولِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى. (وَلَا يَنْظُرُ الْمُعِينُ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ النَّظَرُ إلَى شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ عَوْرَتِهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) لِمَا مَرَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ؛ وَلِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْظُرَ إلَى بَدَنِ الْحَيِّ فَالْمَيِّتُ أَوْلَى وَالْمَسُّ فِيمَا ذَكَرَ كَالنَّظَرِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأَمَارَتُهُ اسْتِرْخَاءُ قَدَمٌ وَامْتِدَادُ جِلْدَةِ وَجْهٍ إلَخْ) الْوَاوُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ بِتَغَيُّرٍ وَنَحْوِهِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُتْرَكُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ نَصَّ عَلَيْهِ [فَصْلٌ أَقَلُّ الْغُسْلِ لِلْمَيِّتِ] (قَوْلُهُ وَأَقَلُّ الْغُسْلِ إلَخْ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَحْصِيلُ مَاءٍ يُغَسَّلُ بِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَاءٌ يَمَّمَهُ الرُّفْقَةُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ شِرَاءُ الْمَاءِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ فَاضِلًا عَنْ حَاجَاتِهِمْ أَوْ كَانَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَاضِلٌ لَا يَجِبُ عَلَى الرَّفِيقِ بَذْلُهُ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا، وَهُوَ التَّيَمُّمُ كَمَا لَا يَجِبُ فِي الْحَيَاةِ لِأَجْلِ الطَّهَارَةِ وَجَزَمَ بِأَنَّهُ يَجِبُ بَذْلُ الْكَفَنِ لَوْ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا: إلَّا وَجْهَ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وَلَعَلَّ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ فَرَّعَهُ عَلَى رَأْيِهِ الَّذِي نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْهُ فِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ شِرَاءُ الْمَاءِ فِي السَّفَرِ لِرَقِيقَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ لُزُومُهُ كَالْحَضَرِ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ بِجَامِعِ الْوُجُوبِ فِي كُلٍّ مِنْ السَّيِّدِ وَمُجَهِّزِ الْمَيِّتِ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِكَوْنِهِ خَاتِمَةَ أَمْرِ كَاتِبِهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَسِ) لَوْ كَانَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ لَا تَخْرُجُ إلَّا أَنْ يُلَيِّنَهُ بِالدُّهْنِ لَيَّنَهُ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ «غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ» ) اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي غُسْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ نُجَرِّدُهُ أَوْ نُغَسِّلُهُ فِي ثِيَابِهِ فَغَشِيَهُمْ النُّعَاسُ وَسَمِعُوا هَاتِفًا يَقُولُ لَا تُجَرِّدُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي رِوَايَةٍ غَسِّلُوهُ فِي قَمِيصِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِبَدَنِهِ مَا يُخْفِيهِ فَيَظْهَرُ) أَوْ قَدْ اجْتَمَعَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ دَمٌ أَوْ الْتَوَى عُنُقُهُ لِعَارِضٍ فَيَظُنُّ مَنْ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ عُقُوبَةٌ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مُسْتَلْقِيًا كَالْمُحْتَضَرِ) وَمَوْضِعُ رَأْسِهِ أَعْلَى وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ فَيَحْرُمُ كَبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ فَكَبُّ الْحَيِّ نَفْسَهُ مَكْرُوهٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 وَكَالْمُعِينِ فِيمَا ذَكَرَ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ اللَّذَيْنِ لَا يُشْتَهَيَانِ أَمَّا فِيهِمَا فَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى جَمِيعِ بَدَنِهِمَا إلَّا الْفَرْجَ (وَيُغَسِّلُ بِبَارِدٍ) لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْبَدَنَ بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ فَإِنَّهُ يُرْخِيهِ (مَا لَمْ يُحْتَجْ الْمُسَخَّنُ) أَيْ إلَيْهِ (لِوَسَخٍ وَبَرْدٍ وَنَحْوِهِ) فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى لَكِنْ لَا يُبَالِغُ فِي تَسْخِينِهِ لِئَلَّا يُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاسْتَحَبَّ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ كَوْنَهُ مَالِحًا عَلَى كَوْنِهِ عَذْبًا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَالِحُ الْبَارِدُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْحَارِّ الْعَذْبِ قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُغَسَّلَ الْمَيِّتُ بِمَاءِ زَمْزَمَ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ (وَيُعِدُّهُ فِي إنَاءٍ كَبِيرٍ) كَالْجُبِّ. (وَيُبْعِدُهُ عَنْ الرَّشَاشِ) الْحَاصِلُ مِنْ الْغُسْلِ لِتَكُونَ النَّفْسُ أَطْيَبَ إلَيْهِ وَلِئَلَّا يَتَأَثَّرَ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَيُعِدُّ مَعَهُ إنَاءَيْنِ آخَرَيْنِ صَغِيرًا وَمُتَوَسِّطًا فَيَعْرِفُ بِالصَّغِيرِ مِنْ الْكَبِيرِ وَيَصُبُّهُ فِي الْمُتَوَسِّطِ ثُمَّ يُغَسِّلُهُ بِالْمُتَوَسِّطِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (فَرْعٌ وَيُعِدُّ) الْغَاسِلُ قَبْلَ الْغُسْلِ (خِرْقَتَيْنِ نَظِيفَتَيْنِ) إحْدَاهُمَا لِلسَّوْأَتَيْنِ وَالْأُخْرَى لِبَاقِي الْبَدَنِ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ (وَيُجْلِسُهُ) عِنْدَ وَضْعِهِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ (بِرِفْقٍ مَائِلًا إلَى وَرَائِهِ) قَلِيلًا (وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى وَيَدُهُ) الْيُمْنَى مَوْضُوعَةٌ (عَلَى كَتِفَيْهِ وَإِبْهَامُهَا فِي نَقْرَةِ قَفَاهُ كَيْلًا يَمِيلَ) رَأْسُهُ (وَيُمِرُّ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى بَطْنِهِ وَيُبَالِغُ) فِي إمْرَارِهَا (لِتَخْرُجَ) مِنْهُ (الْفَضَلَاتُ) وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ غُسْلِهِ أَوْ بَعْدَ تَكْفِينِهِ فَيُفْسِدَ بَدَنَهُ أَوْ كَفَنَهُ (وَالْمِجْمَرَةُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهَا أَيْ الْمِبْخَرَةُ مُتَّقِدَةٌ (فَائِحَةٌ) بِالطِّيبِ كَالْعُودِ (وَيُكْثِرُ الْمُعِينُ الصَّبَّ) لِلْمَاءِ (لِيُخْفِيَ الرَّائِحَةَ) مِمَّا يَخْرُجُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِي الْبَيَانِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُبَخَّرَ عِنْدَ الْمَيِّتِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ فَتَغْلِبُهُ رَائِحَةُ الْبَخُورِ (ثُمَّ يَضَعُهُ مُسْتَلْقِيًا) كَمَا كَانَ أَوَّلًا (وَيَغْسِلُ) وَفِي نُسْخَةٍ فَيَغْسِلُ (دُبُرَهُ وَمَذَاكِيرَهُ) جَمَعُوا الذَّكَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّدًا بِاعْتِبَارِهِ مَعَ مَا يَتَّصِلُ بِهِ بَعْدَ إطْلَاقِ اسْمِهِ عَلَى الْكُلِّ فَيَغْسِلُ جَمِيعَ ذَلِكَ (وَعَانَتِهِ) كَمَا يَسْتَنْجِي الْحَيَّ (بِخِرْقَةٍ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْخِرْقَتَيْنِ بَعْد لَفِّهَا عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَاللَّفُّ هُنَا وَاجِبٌ لِئَلَّا يَمَسَّ الْعَوْرَةَ (ثُمَّ يُلْقِيهَا) لِتُغْسَلَ (وَيَغْسِلُ يَدَهُ بِالْأُشْنَانِ) وَالْمَاءِ بِقَيْدٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ (إنْ تَلَوَّثَتْ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَغْسِلُ السَّوْأَتَيْنِ مَعًا بِخِرْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي النِّهَايَةِ وَالْوَسِيطِ أَنَّهُ يَغْسِلُ كُلَّ سَوْأَةٍ بِخِرْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ انْتَهَى. وَالْجُمْهُورُ رَأَوْا أَنَّ الْإِسْرَاعَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَالْبُعْدَ عَنْهُ أَوْلَى (ثُمَّ يَتَعَهَّدُ مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ قَذَرٍ) وَنَحْوِهِ فَيَغْسِلُهُ بِخِرْقَةٍ يَلُفُّهَا عَلَى يَدِهِ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا خِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ وَعَلَى مَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ تَكُونُ الثَّانِيَةُ فَعَلَيْهِ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ وَأَصْلِهِ تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ (فَرْعٌ ثُمَّ يَلُفُّ الْخِرْقَةَ الْأُخْرَى عَلَى يَدِهِ) أَيْ الْيُسْرَى كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ مُتَّجِهٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ يُزِيلُ مَا فِي أَنْفِهِ بِيَسَارِهِ قَالَ لَكِنْ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ مُعْتَبَرَةٍ مِنْ الْمُحَرَّرِ التَّعْبِيرَ بِالْيُمْنَى قَامَتْ وَبِهَا عَبَّرَ الْقَمُولِيُّ فِي بَحْرِهِ وَجَوَاهِرِهِ لَكِنْ لَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي الْمُحَرَّرِ (وَيُسَوِّكُهُ بِأُصْبُعِهِ) أَيْ السَّبَّابَةِ فِيمَا يَظْهَرُ (مَبْلُولَةً) بِمَاءٍ، وَإِنَّمَا سَوَّكَهُ بِالْيُسْرَى مَعَ أَنَّ الْحَيَّ يَتَسَوَّكُ بِالْيُمْنَى خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ؛ وَلِأَنَّ الْقَذَرَ ثَمَّ لَا يَتَّصِلُ بِالْيَدِ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَلَا يَفْتَحُ أَسْنَانَهُ) لِخَوْفِ سَبْقِ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ فَيُسْرِعَ فَسَادُهُ (ثُمَّ يُنَظِّفُ بِهَا) يَعْنِي بِإِصْبَعِهِ الْخِنْصَرِ مَبْلُولَةً بِمَاءٍ (مَنْخِرَيْهِ) بِأَنْ يُزِيلَ مَا فِيهِمَا مِنْ أَذًى (ثُمَّ يُوَضِّئَهُ كَالْحَيِّ بِمَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ) لِلْخَبَرِ الْآتِي وَلَا يَكْفِي عَنْهُمَا مَا مَرَّ آنِفًا بَلْ ذَاكَ كَالسِّوَاكِ وَزِيَادَةً فِي التَّنْظِيفِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يُبَالِغُ فِيهِمَا بِخِلَافِ الْحَيِّ (وَيُمِيلُ فِيهِمَا رَأْسَهُ لِئَلَّا يَدْخُلَ الْمَاءُ بَاطِنَهُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُتْبِعُ بِعُودٍ لَيِّنٍ مَا تَحْتَ أَظْفَارِهِ إنْ لَمْ يُقَلِّمْهَا وَظَاهِرَ أُذُنَيْهِ وَصِمَاخَيْهِ انْتَهَى وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ غَسْلَةٍ بَعْدَ تَلْيِينِهَا بِالْمَاءِ لِيَحْصُلَ لِمَا تَحْتَهَا تَكْرَارُ الْغُسْلِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَظْفَارِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ بِالْوُضُوءِ الْوُضُوءَ الْمَسْنُونَ كَمَا فِي الْغُسْلِ (ثُمَّ يَغْسِلَ رَأْسَهُ ثُمَّ لِحْيَتَهُ بِالسِّدْرِ) رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِغَاسِلَاتِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَاغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ «فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ غَسْلَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ أَوْ غَيْرِهَا فَاجْعَلِي فِيهِ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنْهُنَّ فَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَضَفَرْنَا نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا» . وَقَوْلُهُ «إنْ رَأَيْتُنَّ» أَيْ احْتَجْتُنَّ «وَمَشَطْنَا»   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ مَا لَمْ يُحْتَجْ الْمُسَخَّنُ لِوَسَخٍ وَبَرْدٍ وَنَحْوِهِ) لَوْ كَانَ وَسَخُهُ لَا يَزُولُ إلَّا بِتَلْيِينِهِ بِالدُّهْنِ لَيَّنَهُ بِهِ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيلَ لَا يُكْرَهُ غُسْلُهُ بِالشَّمْسِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْغَاسِلَ يُخَامِرُهُ وَصَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِالْكَرَاهَةِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ هُنَا وَقَوْلُهُ، وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِالْأُشْنَانِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا (قَوْلُهُ أَيْ السَّبَّابَةُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَنْخَرَيْهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْخَاءِ وَكَسْرِهِمَا وَضَمِّهِمَا وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ، وَهِيَ أَشْهَرُهَا (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ بِالْوُضُوءِ الْوُضُوءَ الْمَسْنُونَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 بِالتَّخْفِيفِ وَكَذَا «ضَفَرْنَا» أَيْ لَوَيْنَا «وَثَلَاثَةَ قُرُونٍ» أَيْ ضَفَائِرَ الْقَرْنَيْنِ وَالنَّاصِيَةِ وَقُدِّمَ غَسْلُ الرَّأْسِ عَلَى اللِّحْيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عُكِسَ نَزَلَ الْمَاءُ وَالسِّدْرُ مِنْ رَأْسِهِ إلَى لِحْيَتِهِ فَيُحْتَاجُ إلَى غَسْلِهَا ثَانِيًا فَالْأَوَّلُ أَرْفَقُ كَمَا فِي الْحَيِّ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ بِالسِّدْرِ وَالْخِطْمِيِّ وَالْوَاوُ فِيهَا بِمَعْنَى أَوْ وَالْمُرَادُ أَوْ نَحْوُهُمَا لَكِنَّ السِّدْرَ أَوْلَى لِلنَّصِّ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ أَمْسُك لِلْبَدَنِ (وَيُسَرِّحُهُمَا بِمُشْطٍ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِإِزَالَةِ مَا فِيهِمَا مِنْ سِدْرٍ وَوَسَخٍ كَمَا فِي الْحَيِّ (وَاسِعِ الْأَسْنَانِ) لِئَلَّا يَنْتَتِفَ الشَّعْرَ (بِرِفْقٍ) لِيَقِلَّ الِانْتِتَافُ أَوْ لَا يُنْتَتَفُ شَيْءٌ (إنْ تَلَبَّدَا) شَرْطٌ لِتَسْرِيحِهِمَا بِوَاسِعِ الْأَسْنَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ شَرْطٌ لِتَسْرِيحِهِمَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ تَسْرِيحِ الرَّأْسِ عَلَى اللِّحْيَةِ تَبَعًا لِلْغُسْلِ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ. (فَإِنْ سَقَطَتْ شَعْرَةٌ) مِنْ رَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ (رَدَّهَا) إلَيْهِ بِأَنْ يَضَعَهَا فِي كَفَنِهِ لِتُدْفَنَ مَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي بِزِيَادَةٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ يُرَدُّ الْمُنْتَفُ إلَى وَسَطِ شَعْرِهِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالسُّقُوطِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالِانْتِتَافِ (ثُمَّ يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ) مِنْ عُنُقِهِ إلَى قَدَمِهِ (ثُمَّ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ ثُمَّ يُحَوِّلُهُ لِجَنْبِهِ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ مِمَّا يَلِي الْقَفَا) وَالظَّهْرِ مِنْ كَتِفِهِ إلَى قَدَمِهِ (ثُمَّ) يُحَوِّلُهُ (لِلْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُ) شِقَّهُ (الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ) وَقِيلَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ مِنْ مُقَدِّمِهِ ثُمَّ مِنْ ظَهْرِهِ ثُمَّ يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ مِنْ مُقَدِّمِهِ ثُمَّ مِنْ ظَهْرِهِ وَكُلَّ سَائِغٍ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَا يُعِيدُ غَسْلَ رَأْسِهِ) الشَّامِلِ هُنَا لِلِحْيَتِهِ وَوَجْهِهِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِغُسْلِهِ أَوَّلًا بَلْ يَبْدَأُ بِصَفْحَةِ عُنُقِهِ فَمَا تَحْتَهَا (وَيَحْرُمُ كَبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ) احْتِرَامًا لَهُ بِخِلَافِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فِي الْحَيَاةِ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَهُ فِعْلُهُ هَذَا كُلُّهُ غَسْلَةٌ مِنْ غَسَلَاتِ التَّنْظِيفِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ (هَذِهِ الْغَسْلَةُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْخِطْمِيِّ أَيْ تَنْظِيفًا قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ السِّدْرِ بِالْأَوْلَى بَلْ الْوَجْهُ التَّكْرِيرُ بِهِ إلَى أَنْ يَحْصُلَ النَّقَاءُ عَلَى وَفْقِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ فَإِذَا حَصَلَ النَّقَاءُ وَجَبَ غَسْلُهُ بِالْمَاءِ الْخَالِصِ وَتُسَنُّ بَعْدَهَا ثَانِيَةً وَثَالِثَةً كَغُسْلِ الْحَيِّ فَإِنْ اسْتَعْمَلَ الْخَالِصَ بَعْدَ كُلِّ غَسْلَةٍ مِنْ غَسَلَاتِ التَّنْظِيفِ كَفَاهُ ذَلِكَ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ تَمَامِهَا وَيَكُونُ كُلَّ مَرَّةٍ مِنْ التَّنْظِيفِ وَاسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الْخَالِصِ بَعْدَهُ غَسْلَةً وَاحِدَةً وَكَلَامُهُ الْأَخِيرُ بَيَانٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ، وَأَمَّا كَلَامُهُ الْأَوَّلُ فَقَالَ ابْنُهُ فِي التَّوْشِيحِ: قَدْ لَا يُجْعَلُ ذَلِكَ خِلَافًا وَيُقَالُ إنَّمَا خَصَّصْت الْأُولَى بِالذِّكْرِ لِحُصُولِ النَّقَاءِ بِهَا غَالِبًا أَيْ فَيَكُونُ الْآخَرُ بَيَانًا لِكَلَامِهِمْ فَيَتَخَيَّرُ الْغَاسِلُ بَيْنَ الْكَيْفِيَّتَيْنِ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْغَسْلَةِ الْمَذْكُورَةِ (يَصُبُّ الْمَاءَ) الْخَالِصَ (مِنْ قَرْنِهِ) أَيْ جَانِبِ رَأْسِهِ (إلَى قَدَمِهِ وَيُسْتَحَبُّ) أَنْ يَكُونَ (غَسْلُهُ ثَلَاثًا فَإِنْ احْتَاجَ) إلَى زِيَادَةٍ (زَادَ) بِقَدْرِ الْحَاجَةِ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْحَيِّ لَا يَزِيدُ فِيهَا عَلَى الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ مَحْضُ تَعَبُّدٍ. وَالْقَصْدُ مِنْ طَهَارَةِ الْمَيِّتِ النَّظَافَةُ (وَيَكُونُ) عَدَدُ الْغَسَلَاتِ (وِتْرًا) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَمَا دَامَ السِّدْرُ) أَوْ نَحْوُهُ (عَلَيْهِ وَالْمَاءُ يَتَغَيَّرُ بِهِ فَلَا يُحْسَبُ ذَلِكَ مِنْ الثَّلَاثِ) كَمَا فِي طُهْرِ الْحَيِّ فَيُغْسَلُ بَعْدَ الْغَسْلَةِ الْمُزِيلَةِ لِلسِّدْرِ وَنَحْوِهِ ثَلَاثًا بِالْمَاءِ الْخَالِصِ مُتَوَالِيَةً فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى وَمُتَفَرِّقَةً فِي الثَّانِيَةِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَيَجْعَلُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ) هَذِهِ (الثَّلَاثِ) فِي غَسْلِ غَيْرِ الْمَحْرَمِ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي (كَافُورٌ أَوْ) هُوَ (فِي الْأَخِيرَةِ آكَدُ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِتَقْوِيَتِهِ الْبَدَنَ وَدَفْعِهِ الْهَوَامَّ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَ) لِيَكُنْ بِحَيْثُ (لَا يَفْحُشُ التَّعْبِيرُ بِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ صُلْبًا (ثُمَّ يُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ بَعْدَ الْغَسْلِ) ؛ لِأَنَّهَا لَانَتْ بِالْمَاءِ فَيَتَوَخَّى بِالتَّلْيِينِ بَقَاءَ لِينِهَا (ثُمَّ يُبَالِغُ فِي تَنْشِيطِهِ) لِئَلَّا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ فَيُسْرِعَ فَسَادُهُ وَبِهَذَا فَارَقَ غُسْلُ الْحَيِّ وَوُضُوءُهُ حَيْثُ اسْتَحْيَوْا تَرْكَ التَّنْشِيفِ فِيهِمَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَعَدَّ صَاحِبُ الْخِصَال مِنْ السُّنَنِ التَّشَهُّدَ عِنْدَ غُسْلِهِ قَالَ وَكَانَ مُرَادُهُ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ وَيَكُونُ كَالنَّائِبِ عَنْهُ قَالَ وَيَحْسُنُ أَنْ يَزِيدَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْ التَّوَّابِينَ وَمِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ أَوْ يَقُولَ اجْعَلْنِي وَإِيَّاهُ انْتَهَى وَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ فِي الْوُضُوءِ بِذَلِكَ وَبِدُعَاءِ الْأَعْضَاءِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَاسْتَحَبَّ الْمُزَنِيّ إعَادَةَ الْوُضُوءِ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ (فَرْعٌ وَلْيَتَعَهَّدْ) نَدْبًا (مَسْحَ بَطْنِهِ كُلَّ مَرَّةٍ أَرْفَقَ مِمَّا قَبْلَهَا فَلَوْ خَرَجَ) مِنْ الْمَيِّتِ (بَعْدَ الْغُسْلِ نَجَاسَةٌ) وَلَوْ مِنْ السَّبِيلَيْنِ وَقَبْلَ التَّكْفِينِ (كَفَاهُ غَسْلُهَا) مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ غَسْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِمَا جَرَى وَحُصُولِ النَّظَافَةِ بِإِزَالَةِ الْخَارِجِ كَمَا لَوْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ مِنْ غَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلَا يُنْتَقَضُ طُهْرُهُ وَغَسْلُ النَّجَاسَةِ فِيمَا ذَكَرَ وَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ شُرِطَ لِتَسْرِيحِهِمَا مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ) أَيْ وَغَيْرِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَاتٌ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ تَسْرِيحِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ الْوَجْهُ التَّكْرِيرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَحَبَّ الْمُزَنِيّ إعَادَةَ الْوُضُوءِ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْتَقَضُ غُسْلُهُ وَغَسْلُ النَّجَاسَةِ إلَخْ) شَرْطُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ إدْرَاجِهِ فِي الْكَفَنِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ كَفَى غُسْلُ النَّجَاسَةِ قَطْعًا، وَفِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا أَيْضًا إذَا كَانَ الْخُرُوجُ بَعْدَ التَّكْفِينِ اهـ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 (وَلَا يَجْنُبُ مَيِّتٌ) فَلَوْ وَطِئَ أَوْ خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ بَعْدَ غُسْلِهِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْوَطْءِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُحْدِثُ أَيْضًا بِالْمَسِّ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ مَعَ الْمَاسِّ ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ فِي الْمَيِّتَةِ (فَصْلٌ الرِّجَالُ أَوْلَى بِغَسْلِ الرَّجُلِ وَالنِّسَاءِ) أَوْلَى (بِالْمَرْأَةِ) وَسَيَأْتِي تَرْتِيبُهُمْ (وَ) لَكِنْ (لِلرَّجُلِ غَسْلُ زَوْجَتِهِ) وَلَوْ كِتَابِيَّةً (وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا) أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا؛ لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ مَا ضَرَّك لَوْ مُتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُك وَكَفَّنْتُك وَصَلَّيْت عَلَيْك وَدَفَنْتُك» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ (وَلَهَا غَسْلُهُ) بِالْإِجْمَاعِ «وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاؤُهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (بِلَا مَسٍّ) مِنْهَا لَهُ فِي هَذِهِ وَمِنْهُ لَهَا فِيمَا قَبْلَهَا كَأَنْ يَلُفَّ الْغَاسِلُ مِنْهُمَا عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً (لِئَلَّا يُنْتَقَضَ الْوُضُوءُ) يَعْنِي وُضُوءَ الْغَاسِلِ (فَقَطْ) . أَمَّا وُضُوءُ الْمَغْسُولِ طُهْرٌ مُطْلَقًا فَلَا يُنْتَقَضُ، وَإِنْ نَقَضْنَا طُهْرَ الْمَلْمُوسِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَذِنَ فِيهِ لِلْحَاجَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمَيِّتَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَهَذَا لَيْسَ تَكْرَارٌ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ لَفِّ الْخِرْقَةِ عَلَى يَدِهِ الشَّامِلِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذْ ذَاكَ بِالنَّظَرِ لِكَرَاهَةِ اللَّمْسِ، وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِانْتِقَاضِ الطُّهْرِ بِهِ (وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ) كَأَنْ وَلَدَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَلَهَا غَسْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لَهَا فَلَا يَسْقُطُ كَالْمِيرَاثِ (لَا مُطَلَّقَةٌ وَلَوْ رَجْعِيَّةً) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا غَسْلُ الْآخَرِ، وَإِنْ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ وَفِي مَعْنَى الْمُطَلَّقَةِ الْمَفْسُوخُ نِكَاحُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقِيَاسُ فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ لَا يُغَسِّلُ الْآخَرَ كَمَا لَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَرَدَّ الزَّرْكَشِيُّ لَهُ بِأَنَّهُمْ جَعَلُوهَا كَالْمُكَاتَبَةِ فِي جَوَازِ النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْهَا فَلَا مَنْعَ مِنْ الْغُسْلِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمُكَاتَبَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِأَجْنَبِيٍّ بِخِلَافِهِ فِي الْمُعْتَدَّةِ. (وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ (غَسْلُ) أَمَتِهِ حَتَّى (مُدَبَّرَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُنَّ مَمْلُوكَانِ لَهُ فَأَشْبَهْنَ الزَّوْجَةَ بَلْ أَوْلَى فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ وَالْبُضْعَ جَمِيعًا وَكِتَابَةُ الْمُكَاتَبَةِ تَرْتَفِعُ بِمَوْتِهَا (لَا) غُسْلُ (أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ) لِتَحْرِيمِ بُضْعِهِنَّ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمُشْتَرَكَةُ وَالْمُبَعَّضَةُ بِالْأَوْلَى وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ كُلَّ أَمَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ كَذَلِكَ، وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْبَارِزِيُّ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ جَوَازُ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُغَسِّلُ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ لَكِنْ لَمْ يُعَلِّلْهُ بِمَا مَرَّ بَلْ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِمَا وَلَا الْخَلْوَةُ بِهِمَا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ صَرَّحُوا فِي النِّكَاحِ بِاشْتِرَاكِهِمَا مَعَ الْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهِمَا فِي جَوَازِ النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ الْمُقْتَضِي ذَلِكَ لِجَوَازِ الْخَلْوَةِ بِهِنَّ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ قَدْ يُقَالُ لَهُ لِمَ جَوَّزْت لَهُ تَغْسِيلَ الْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ دُونَ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي هَاتَيْنِ تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيٍّ بِخِلَافٍ فِي الْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الْمُسْتَبْرَأَةِ بِأَنَّ الصَّوَابَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً بِالسَّبْيِ فَالْأَصَحُّ حِلُّ غَيْرِ الْوَطْءِ مِنْ التَّمَتُّعَاتِ فَغُسْلُهَا أَوْلَى أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا لَمْسُهَا وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا بِلَا شَهْوَةٍ كَمَا ذَكَرَ فِي بَابِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ غَسْلُهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ تَحْرِيمَ الْغُسْلِ لَيْسَ لِمَا قَالَهُ بَلْ التَّحْرِيمُ الْبُضْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَالصَّوَابُ أَنَّهَا كَالْمُعْتَدَّةِ بِجَامِعِ تَحْرِيمِ الْبُضْعِ وَتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِأَجْنَبِيٍّ (وَلَيْسَ لِأَمَتِهِ) وَلَوْ غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ وَمُعْتَدَّةٍ وَمُسْتَبْرَأَةٍ (وَنَحْوِهَا) كَمُدَبَّرَةٍ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبَتِهِ (غُسْلُهُ) لِانْتِقَالِ مِلْكِهِ عَنْهُنَّ بِإِرْثٍ أَوْ عِتْقٍ وَيُفَارِقُ النِّكَاحَ بِبَقَاءِ حُقُوقِهِ كَمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ (وَلِرِجَالِ الْمَحَارِمِ غُسْلُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ تَجْوِيزُهُ مَعَ وُجُودِ النِّسَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ جَمَاعَةَ شَارِحُ الْمِفْتَاحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي يَقْوَى عِنْدِي وَأَكَادُ أَجْزِمُ بِهِ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِأُمُورٍ ثُمَّ قَالَ وَلَا شَكَّ فِي بُعْدِ تَعْصِيَةِ الْأَبِ بِغُسْلِ ابْنَتِهِ مَعَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الرِّجَالُ أَوْلَى بِغَسْلِ الرَّجُلِ وَالنِّسَاءُ أَوْلَى بِالْمَرْأَةِ] قَوْلُهُ الرِّجَالُ أَوْلَى بِالرَّجُلِ) إذَا حَرَّمْنَا النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ إلْحَاقُهُ بِالْمَرْأَةِ فَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُ غَسْلِ الرَّجُلِ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ كِتَابِيَّةً) ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ رِجَالُ مَحَارِمِهَا مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ) ؛ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْصَى بِأَنَّ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَفَعَلَتْ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ (قَوْلُهُ كَانَ يَلُفُّ الْغَاسِلُ مِنْهُمَا) عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً اسْتِحْبَابًا (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ غَسْلُ مُدَبَّرَتِهِ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: هَذَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ قَرَابَةِ الْأَمَةِ أَحَدٌ فَإِنْ وُجِدَ فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا فَهُوَ كَالزَّوْجِ، وَإِنْ كُنَّ نِسَاءً بُنِيَ عَلَى أَنَّ الرِّقَّ هَلْ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ فَهُوَ كَالزَّوْجِ مَعَهُنَّ، وَإِنْ بَطَلَ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهُنَّ عَلَيْهِ هَذَا مَا ظَهَرَ (قَوْلُهُ وَلَا لَمْسُهَا وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا بِلَا شَهْوَةٍ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالنَّظَرِ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَى أَمَةِ الْغَيْرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَلَا يُبَاحُ لَهُ غُسْلُهَا وَالتَّعْلِيلُ بِجَوَازِ اللَّمْسِ يَنْقُضُ بِجَوَازِهِ لِلْمُدَاوَاةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْغُسْلُ فَإِذَا بَطَلَ التَّعْلِيلُ بِالنَّظَرِ وَاللَّمْسِ لَا يَبْقَى إلَّا الْمِلْكُ وَالْمِلْكُ قَدْ عَارَضَهُ مَنْعُ حِلِّ الْوَطْءِ فَأَشْبَهَ الْعِدَّةَ فَوَضَحَ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ تَحْرِيمَ الْغُسْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ تَجْوِيزُهُ مَعَ وُجُودِ النِّسَاءِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ النِّسَاءِ وَالزَّوْجِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَيَحْرُمُ تَفْوِيضُهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ كَمَا يَجِبُ تَقْدِيمُ الْمَحَارِمِ عَلَى الْأَجَانِبِ وَيَحْرُمُ تَفْوِيضُهُمْ ثُمَّ قَالَ فِي غُسْلِ الرَّجُلِ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الرِّجَالِ وَالزَّوْجَةِ وَالنِّسَاءِ الْمَحَارِمِ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ وَيَحْرُمُ التَّفْوِيضُ إلَيْهِنَّ كَمَا يَجِبُ تَقْدِيمُ النِّسَاءِ الْمَحَارِمِ عَلَى الْأَجَانِبِ (قَوْلُهُ وَأَيَّدَهُ بِأُمُورٍ) بِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُغَسِّلَ زَوْجَتَهُ، وَإِنْ نَكَحَ أُخْتَهَا وَأَنَّهُ يُكْرَهُ تَغْسِيلُ الذِّمِّيَّةِ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ وَاسْتِدْلَالُهُمْ عَلَى تَغْسِيلِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا بِتَغْسِيلِ أَسْمَاءَ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَعَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ وَعَلَى عَكْسِهِ بِتَغْسِيلِ عَلِيٍّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وُجُودِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ الْأُمِّ ابْنَهَا مَعَ وُجُودِ أَجْنَبِيٍّ وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ (فَرْعٌ لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ إلَّا أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ عَكْسُهُ يُمِّمَا) إلْحَاقًا لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ أَيْضًا إنْ كَانَتْ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ إزَالَتَهَا لَا بَدَلَ لَهَا بِخِلَافِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَبِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ إزَالَتِهَا كَمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَ يُمِّمَ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (وَلَوْ حَضَرَ الْمَيِّتَ) الذَّكَرُ (كَافِرٌ وَمُسْلِمَةٌ) أَجْنَبِيَّةٌ (غَسَلَهُ) الْكَافِرُ؛ لِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ إلَيْهِ دُونَهَا (وَصَلَّتْ عَلَيْهِ) الْمُسْلِمَةُ (وَالصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُشْتَهَى يُغَسِّلُهُ الْفَرِيقَانِ) الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ لِحِلِّ النَّظَرِ وَالْمَسِّ لَهُ (وَالْخُنْثَى) الْمُشْكِلُ (يُغَسِّلُهُ الْمَحَارِمُ مِنْ كُلٍّ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (فَلَوْ عَدِمُوا) أَيْ مَحَارِمُهُ وَكَانَ كَبِيرًا يُشْتَهَى (يُمِّمَ) كَمَا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَيِّتَةَ إلَّا أَجْنَبِيٌّ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ تَغْسِيلَهُ لِلْحَاجَةِ وَاسْتِصْحَابًا بِالْحُكْمِ الصَّغِيرِ قَالَ وَيُغَسِّلُ فَوْقَ ثَوْبٍ وَيَحْتَاطُ الْغَاسِلُ فِي غَضِّ الْبَصَرِ وَالْمَسِّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ بِأَنَّهُ هُنَا يُحْتَمَلُ الِاتِّحَادُ فِي جِنْسِ الذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ أَخْذُهُمْ فِيهِ بِالْأَحْوَطِ فِي النَّظَرِ بِأَنَّهُ هُنَا مَحَلُّ حَاجَةٍ (فَصْلٌ الرِّجَالُ يُقَدَّمُونَ) فِي غُسْلِ الرَّجُلِ (عَلَى الزَّوْجَةِ) ؛ لِأَنَّهُمْ بِهِ أَلْيَقُ وَأَقْرَبُ (وَأَوْلَاهُمْ بِغُسْلِ الرَّجُلِ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ نَعَمْ الْأَفْقَهُ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ هُنَا وَتَعْبِيرُهُ بِهَذَا مَعَ مَا يَأْتِي ثُمَّ سَالِمٌ مِنْ إيهَامِ أَنَّ الْمَوْلَى وَالْوَالِيَ كَالْأَجَانِبِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْأَصْلِ (ثُمَّ الرِّجَالُ الْأَجَانِبُ) ؛ لِأَنَّهُمْ بِهِ أَلْيَقُ (ثُمَّ الزَّوْجَةُ) ؛ لِأَنَّ مَنْظُورَهَا أَكْثَرُ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ الرِّجَالُ يُقَدَّمُونَ عَلَى الزَّوْجَةِ وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ الْأَمَةَ وَذَكَرَ فِيهَا ابْنُ الْأُسْتَاذِ احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا لَاحِقٌ لَهَا لِبُعْدِهَا عَنْ الْمَنَاصِبِ وَالْوِلَايَاتِ وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ ابْنِ كَجٍّ الْآتِي (ثُمَّ النِّسَاءُ الْمَحَارِمُ) لِوُفُورِ شَفَقَتِهِنَّ فَإِنْ اسْتَوَتْ اثْنَتَانِ مِنْهُنَّ فِي الْقُرْبِ فَكَنَظِيرِهِ فِيمَا ذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ (وَالْأَوْلَى بِغُسْلِ الْمَرْأَةِ نِسَاءُ الْقَرَابَةِ) ، وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ مَحَارِمَ كَبِنْتِ عَمٍّ؛ لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ مِنْ غَيْرِهِنَّ (وَأَوْلَاهُنَّ ذَاتُ رَحِمٍ مُحْرَمٍ) ، وَهِيَ مَنْ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا كَأُمٍّ وَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ (وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا) أَوْ نَحْوَهَا فَإِنَّهَا أَوْلَاهُنَّ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي غُسْلِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ مَعَ الِاغْتِنَاءِ بِغَيْرِهِمَا نَظَرٌ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ وَحَدَثُ الْحَيْضِ أَغْلَظُ (فَإِنْ تَسَاوَيَا) أَيْ اثْنَتَانِ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ (فَاَلَّتِي فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَة) لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا أَوْلَى (فَالْعَمَّةُ أَوْلَى مِنْ الْخَالَةِ) فَإِنْ اسْتَوَتَا قُدِّمَتْ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى فَإِنْ اسْتَوَتَا قُدِّمَ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ اسْتَوَتَا فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ تَتَشَاحَّا فَذَاكَ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا (فَإِنْ عُدِمَتْ الْمَحْرَمِيَّةُ) كَبِنْتِ عَمٍّ وَبِنْتِ عَمَّةٍ وَبِنْتِ خَالٍ وَبِنْتِ خَالَةٍ (فَالْأَقْرَبُ الْأَقْرَبُ) أَوْلَى وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَالْقُرْبَى فَالْقُرْبَى ثُمَّ ذَاتُ الْوَلَاءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (ثُمَّ الْأَجْنَبِيَّاتُ) ؛ لِأَنَّهُنَّ بِالْأُنْثَى أَلْيَقُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَذْكُرُوا مَحَارِمَ الرَّضَاعِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَدَّمْنَ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ. اهـ. وَمِثْلُهُ مَحَارِمُ الْمُصَاهَرَةِ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ بَحَثَهُمَا مَعًا قَالَ وَعَلَيْهِ تُقَدَّمُ بِنْتُ عَمٍّ بَعِيدَةٌ هِيَ مُحَرَّمٌ مِنْ الرَّضَاعِ عَلَى بِنْتِ عَمٍّ أَقْرَبَ مِنْهَا بِلَا مَحْرَمِيَّةٍ انْتَهَى. وَعَلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ عَلَى مَحَارِمِ الْمُصَاهَرَةِ (ثُمَّ الزَّوْجُ) ؛ لِأَنَّ مَنْظُورَهُ أَكْثَرُ (ثُمَّ رِجَالُ الْمَحَارِمِ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي الصَّلَاةِ) الْآتِي بَيَانُهُ إلَّا فِيمَا مَرَّ أَمَّا غَيْرُ الْمَحَارِمِ كَابْنِ الْعَمِّ فَكَالْأَجْنَبِيِّ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الصَّلَاةِ فَتَعْبِيرُهُ بِرِجَالِ الْمَحَارِمِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِرِجَالِ الْقَرَابَةِ (وَالْمُسْلِمُ الْأَجْنَبِيُّ أَوْلَى) بِالْمُسْلِمِ (مِنْ الْكَافِرِ وَالْقَاتِلِ الْقَرِيبَيْنِ) لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاة بَيْن كُلٍّ مِنْهُمَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ فَشَرْطُ كُلِّ مِنْ قُدِّمَ أَنْ يَكُون مُسْلِمًا، وَأَنَّ لَا يَكُونَ قَاتِلًا لِلْمَيِّتِ وَلَوْ بِحَقٍّ كَمَا فِي إرْثِهِ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَكَذَا الْكَافِرُ الْبَعِيدُ أَوْلَى بِالْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْقَاتِلِ الْقَرِيبَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ فِي الْأُولَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَاتِلِ بِحَقٍّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الصِّبَا وَالْفِسْقَ لَا يُؤَثِّرَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا وَقَدْ جَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمَا فِي الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُوثَقُ بِهِمَا لِلْخَلْوَةِ   [حاشية الرملي الكبير] زَوْجَتَهُ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَعَ وُجُودِ النِّسَاءِ [فَرْعٌ مَاتَ رَجُل وَلَيْسَ هُنَاكَ إلَّا أَجْنَبِيَّة أَوْ عكسه] (قَوْلُهُ يُمِّمَا) لَوْ حَضَرَ مَنْ لَهُ غُسْلُهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا وَجَبَ غُسْلُهُمَا كَمَا لَوْ يُمِّمَا لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ وُجِدَ وَتَجِبُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ قَالَهُ النَّاشِرِيُّ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ تَغْسِيلَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَحَارِمِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ هُنَا مَحَلُّ حَاجَةٍ) وَبِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ [فَصْلٌ الرِّجَالُ يُقَدَّمُونَ فِي غُسْلِ الرَّجُلِ عَلَى الزَّوْجَةِ] (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَاحِقٌ لَهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) فَإِنْ اسْتَوَتَا فِي الْقُرْبِ قُدِّمَتْ الَّتِي فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَة عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ كَبِنْتِ الْعَمَّةِ مَعَ بِنْتِ الْخَالَةِ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَدَّمْنَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مَحَارِمُ الْمُصَاهَرَةِ) ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْمُدْرَكِ الَّذِي مِنْ جِهَتِهِ اُعْتُبِرَتْ الْمَحْرَمِيَّةُ، وَهُوَ النَّظَرُ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَمْ يَذْكُرُوا مَحَارِمَ الرَّضَاعِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ اعْتِبَارَهُمْ الْمَحْرَمِيَّةَ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ يَتَنَاوَلُ الرَّضَاعَ وَالْمُصَاهَرَةَ (قَوْلُهُ، وَعَلَيْهِ تُقَدَّمُ بِنْتُ عَمٍّ بَعِيدَةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ هِيَ مُحَرَّمٌ مِنْ الرَّضَاعِ) أَيْ أَوْ الْمُصَاهَرَةِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَنْظُورَهُ أَكْثَرُ) ؛ وَلِأَنَّ عَلِيًّا غَسَّلَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ وَمَا رُوِيَ مِنْ إنْكَارِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَيْهِ لَمْ يَثْبُتْ نَقْلُهُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى عَكْسِهِ فَإِنَّهَا تُغَسِّلُ الزَّوْجَ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا) حُرًّا مُكَلَّفًا (قَوْلُهُ وَكَذَا الْكَافِرُ الْبَعِيدُ أَوْلَى إلَخْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 غَالِبًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ قَالَ وَقَضِيَّةُ إلْحَاقِ مَا نَحْنُ فِيهِ بِالْإِرْثِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْعَبْدِ هُنَا أَيْضًا. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ كَجٍّ وَالْمَمْلُوكُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا فِي غَيْرِهَا لِنَقْصِهِ بِالرِّقِّ انْتَهَى وَكَالصَّبِيِّ فِيمَا قَالَهُ الْمَجْنُونُ (وَلِلْأَقْرَبِ إيثَارُ الْأَبْعَدِ) إنْ كَانَ (مِنْ جِنْسِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ فَلَيْسَ لِلرِّجَالِ التَّفْوِيضُ لِلنِّسَاءِ وَلَا عَكْسُهُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةِ هَؤُلَاءِ أَعْنِي الْجُوَيْنِيَّ وَغَيْرَهُ مِنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَمَّا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ، وَهُوَ مَا قَدَّمْته عَنْ جَمَاعَةٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ ثُمَّ سَاقَ كَلَامَ الْجُوَيْنِيِّ مَسَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ بَلْ كَلَامُ وَلَدِهِ الْإِمَامِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ رَأْيٌ لَهُ فَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ غَايَتُهُ أَنَّ الْمُفَوَّضَ ارْتَكَبَ خِلَافَ الْأَوْلَى لِتَفْوِيتِهِ حَقَّ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ بِنَقْلِهِ إلَى غَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ تَقْرِيرُ كَلَامِ الْجُوَيْنِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ خِلَافُ الْأَوْلَى قَدْ يُوصَفُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مِنْ جِهَةِ إطْلَاقِ الْجَائِزِ عَلَى مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ فَإِنْ قُلْت كَلَامُ الْجُوَيْنِيِّ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ قُلْت لَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ التَّوْكِيلِ الْعَمَلُ عَنْ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ مَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ رَدَّ عَلَى الرُّويَانِيِّ فَقَالَ الْأَشْبَهُ جَوَازُ التَّوْكِيلِ فِيهِ لِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْقَمُولِيُّ نَحْوَهُ، وَأَمَّا مَا جَمَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا فِي التَّفْوِيضِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَلَا يُجْدِي فَتَأَمَّلْهُ (وَأَقَارِبُ الْكَافِرِ الْكُفَّارُ أَوْلَى بِهِ) أَيْ بِتَجْهِيزِهِ مِنْ غُسْلٍ وَنَحْوِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] فَإِنْ تَرَكُوهُ أَوْ لَمْ يُوجَدُوا تَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرَامِ الرَّقِيقُ فَلَعَلَّ سَيِّدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْلَى بِهِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْله بِغُسْلِهِ (وَيُجْزِئُ لِحَائِضٍ) وَنَحْوِهَا (غُسْلٌ وَاحِدٌ) ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمَا سَقَطَ بِالْمَوْتِ (فَصْلٌ وَيُكْرَهُ التَّقْلِيمُ) لِأَظْفَارِ الْمَيِّتِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ (وَإِزَالَةُ شَعْرِ الْمَيِّتِ) الْمَذْكُورِ كَشَعْرِ إبْطِهِ وَعَانَتِهِ وَرَأْسِهِ، وَإِنْ اعْتَادَ إزَالَتَهُ حَيًّا؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِالْإِسْرَاعِ الْمُنَافِي لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ مَصِيرَهُ إلَى الْبِلَى فَصَارَ (كَمَا) لَوْ كَانَ أَقْلَفَ (لَا يُخْتَنُ) ، وَإِنْ كَانَ بَالِغًا؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ فَلَا يُقْطَعُ كَيَدِهِ الْمُسْتَحِقَّةِ فِي قَطْعِ سَرِقَةٍ أَوْ قَوَدٍ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ إزَالَةِ الشَّعْرِ إذَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهَا حَاجَةٌ وَإِلَّا كَأَنْ لَبَّدَ شَعْرَ رَأْسِهِ حَيًّا بِصَمْغٍ أَوْ نَحْوِهِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى أَصْلِهِ إلَّا بِإِزَالَتِهِ وَجَبَتْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ فِي قَوْلِهِ (وَيَحْرُمُ ذَلِكَ مِنْ الْمُحْرِمِ) قَبْلَ تَحَلُّلِهِ الْأَوَّلِ إبْقَاءً لِأَثَرِ الْإِحْرَامِ إلَّا أَنْ يُحْتَاجَ إلَى إزَالَةِ الشَّعْرِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ (وَ) يَحْرُمُ (تَطْيِيبُهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَمَاتَ «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَحُرْمَةُ التَّطْيِيبِ مَعْلُومَةٌ مِمَّا سَيَأْتِي (لَا الْمُعْتَدَّةُ) الْمُحِدَّةُ فَلَا يَحْرُمُ تَطِيبُهَا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الطِّيبِ عَلَيْهَا إنَّمَا كَانَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الرِّجَالِ وَلِلتَّفَجُّعِ عَلَى الزَّوْجِ وَقَدْ زَالَا بِالْمَوْتِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ كَانَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (إلْبَاسُ مَخِيطٍ وَسَتْرُ رَأْسٍ لِرَجُلٍ) مُحْرِمٍ (وَ) سَتْرُ (وَجْهٍ) وَكَفٍّ بِقُفَّازٍ (لِامْرَأَةٍ) مُحْرِمَةٍ لِمَا مَرَّ (وَلَا بَأْسَ بِالتَّجْمِيرِ عِنْدَ غُسْلِهِ) أَيْ الْمُحْرِمِ كَمَا لَا بَأْسَ بِجُلُوسِهِ عِنْدَ الْعَطَّارِ وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ عِنْدَ الْعَطَّارِ بِقَصْدِ الرَّائِحَةِ لَا يَأْتِي هُنَا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ هُنَا بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُحْلَقْ رَأْسُهُ إذَا مَاتَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا وَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ حَلْقٌ وَلَا يَقُومُ غَيْرٌ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافٌ أَوْ سَعْيٌ (وَمَنْ طَيَّبَهُ) أَيْ الْمُحْرِمَ (أَوْ أَلْبَسهُ) أَوْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ أَوْ أَزَالَ شَعْرَهُ أَوْ نَحْوَهَا (عَصَى وَلَا فِدْيَةَ كَمَنْ قَطَعَ عُضْوَ مَيِّتٍ) ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَهُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِي حَلْقِ شَعْرِ الْمَيِّتِ الْمُحْرِمِ وَلَا فِي تَقْلِيمِ ظُفْرِهِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ إيجَابُهَا عَلَى الْفَاعِلِ كَمَا لَوْ حَلَقَ شَعْرَ نَائِمٍ وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ؛ لِأَنَّ النَّائِمَ بِصَدَدِ عَوْدِهِ إلَى الْفَهْمِ؛ وَلِهَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى تَكْلِيفِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ (وَيُصَرُّ فِي كَفَنِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ مِنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا: الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ تَفْوِيضُ ذَلِكَ مَعَ غَيْرِ الْجِنْسِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ فَقَالَ الْأَشْبَهُ جَوَازُ التَّوْكِيلِ فِيهِ لِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ اسْتِحْقَاقِ الْأَجِيرِ الْأُجْرَةَ وُقُوعُ عَمَلِهِ لِمُسْتَأْجِرِهِ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُفَوِّضَ، وَإِنْ رَضِيَ بِنَقْلِ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ لَكِنَّهُ فَوَّتَ بِهِ حَقَّ الْمَيِّتِ بِتَفْوِيضِهِ غُسْلَهُ لِغَيْرِ جِنْسِهِ مَعَ كَوْنِ مُرَاعَاةِ حَقِّ الْمَيِّتِ فِيهِ مُتَعَلِّقَةً بِهِ (قَوْلُهُ وَأَقَارِبُ الْكَافِرِ إلَخْ) [فَصْلٌ التَّقْلِيمُ لِأَظْفَارِ الْمَيِّتِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ] (قَوْلُهُ كَمَا لَا يُخْتَنُ) قَالَ شَيْخُنَا جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَالْعُبَابِ بِحُرْمَتِهِ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَأَنْ لَبَّدَ شَعْرَ رَأْسِهِ إلَخْ) أَوْ كَانَ بِهِ قُرُوحٌ مَثَلًا وَجَمَدَ دَمُهَا (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ فِي قُوتِهِ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ مِنْ الْمُحْرِمِ وَتَطْيِيبِهِ) قَالَ الْغَزِّيِّ وَلَكِنْ يَفْدِي عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَ الْمُحْرِمِ، وَهُوَ سَاكِتٌ. اهـ. لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ طَيَّبَ إنْسَانٌ الْمُحْرِمَ فَلَا فِدْيَةَ وَيَعْصِي فَقِيَاسُهُ أَنْ لَا تَجِبَ الْفِدْيَةُ هُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا أَثَرُ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ «وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» إلَخْ) نَصَّ عَلَى حُكْمَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْإِحْرَامِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الْإِحْرَامُ فَوَجَبَ اطِّرَادُ جَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا رَأْسَهُ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ ذِكْرُ الْوَجْهِ غَرِيبٌ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِهِ مِنْ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِي حَلْقِ شَعْرِ الْمَيِّتِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُصَرُّ فِي كَفَنِهِ) قَالَ شَيْخُنَا صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِاسْتِحْبَابِهِ وَلَعَلَّهُ مِنْ حَيْثُ الصَّرُّ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجِبُ دَفْنُ مَا وُجِدَ مِنْ جُزْءِ مَيِّتٍ انْفَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 (مَا يُنْتَفُ مِنْ شَعْرِهِ أَوْ قُلِمَ مِنْ ظُفْرِهِ وَيُدْفَنُ مَعَهُ) وَمِثْلُهُ السَّاقِطُ بِلَا نَتْفٍ أَوْ تَقْلِيمٍ وَقَدْ وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ بَدَلُ يُنْتَفُ يُنْتَتَفُ بِزِيَادَةِ تَاءٍ (فَرْعٌ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ غُسِّلَ تَهَرَّى) لِحَرْقٍ أَوْ نَحْوِهِ (يُمِّمَ) بَدَلَ الْغُسْلِ لِعُسْرِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ لَوْ تَحَرَّقَ مُسْلِمٌ بِحَيْثُ إلَى آخِرِهِ (وَإِنْ خِيفَ) مِنْ غُسْلِهِ (إسْرَاعُ فَسَادِ) لَهُ (بَعْدَ الدَّفْنِ) لِقُرُوحٍ كَانَتْ بِهِ أَوْ نَحْوِهَا (غُسِّلَ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ صَائِرٌ إلَى الْبِلَى وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْقُرُوحِ (وَإِنْ رَأَى الْغَاسِلُ مِنْهُ مَا يُعْجِبُهُ) مِنْ اسْتِنَارَةِ وَجْهٍ وَطِيبٍ رِيحٍ وَنَحْوِهِمَا (ذَكَرَهُ) نَدْبًا (أَوْ مَا يُكْرَهُ) مِنْ سَوَادِ وَجْهٍ وَنَتَنٍ وَنَحْوِهِمَا (سَتَرَهُ) وُجُوبًا لِخَبَرِ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَكَتَمَ عَلَيْهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً» أَيْ لَوْ أَذَنْبَهَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلِخَبَرِ «اُذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ (إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) كَأَنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُبْتَدِعًا يُظْهِرُ الْبِدْعَةَ فَلَا يَجِبُ سَتْرُهُ بَلْ يَجُوزُ التَّحَدُّثُ بِهِ لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ عَنْهَا وَالْخَبَرُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَدَّثَ بِذَلِكَ عَنْ الْمُسْتَتِرِ بِبِدْعَتِهِ عِنْدَ الْمُطَّلِعِينَ عَلَيْهَا الْمَائِلِينَ إلَيْهَا لَعَلَّهُمْ يَنْزَجِرُونَ بِذَلِكَ قَالَ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إذَا رَأَى مِنْ الْمُبْتَدَعِ أَمَارَةَ خَبَرٍ يَكْتُمُهَا وَلَا يُنْدَبُ لَهُ ذِكْرُهَا لِئَلَّا يُغْرِيَ بِبِدْعَتِهِ وَضَلَالَتِهِ بَلْ لَا يَبْعُدُ إيجَابُ الْكِتْمَانِ عِنْدَ ظَنِّ الْإِغْرَاءِ بِهَا وَالْوُقُوعِ فِيهَا بِذَلِكَ (وَيُجْعَلُ) نَدْبًا (شَعْرُ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَ ذَوَائِبَ) وَتُلْقَى (خَلْفَهَا) لِخَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ السَّابِقِ وَكَأَنَّهُمْ جَرَوْا عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ لَهُ شَعْرٌ طَوِيلٌ كَذَلِكَ. وَالذَّوَائِبُ جَمْعُ ذُؤَابَةٍ وَكَانَ أَصْلُهُ ذَآئِبَ؛ لِأَنَّ أَلْفَ ذُؤَابَةٍ كَأَلْفِ رِسَالَةٍ حَقُّهَا أَنْ تُبْدَلَ هَمْزَةً فِي الْجَمْعِ وَلَكِنَّهُمْ اسْتَثْقَلُوا أَنْ تَقَعَ أَلْفُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَمْزَتَيْنِ فَأَبْدَلُوا مِنْ الْأُولَى وَاوًا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَلِيَكُنْ الْغَاسِلُ مَأْمُونًا) أَيْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُوثَقُ بِهِ وَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةٍ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَعِبَارَةُ كَثِيرٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ وَمُعِينُهُ أَمِينَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ تَفْوِيضُهُ إلَى الْفَاسِقِ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَوِلَايَةٌ وَلَيْسَ الْفَاسِقُ مِنْ أَهْلِهِمَا، وَإِنْ صَحَّ غُسْلُهُ كَمَا يَصِحُّ أَذَانُهُ وَإِمَامَتُهُ وَلَا يَجُوزُ نَصْبُهُ لَهُمَا قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ إلَّا إنْ احْتَاجَ إلَى مُعِينٍ فَيَسْتَعِينُ بِمَنْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ (وَيُقْرِعُ) وُجُوبًا (بَيْنَ الزَّوْجَاتِ) لِتَمْيِيزِ (مَنْ يَبْدَأُ بِغُسْلِهَا) مِنْهُنَّ (إنْ مُتْنَ) مَعًا بِهَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ) لِتَمْيِيزِ (مَنْ تُغَسِّلُهُ) مِنْهُنَّ (إنْ مَاتَ) فَيُقَدَّمُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَلَوْ قِيلَ فَيُقَدَّمُ فِي الْأَوْلَى عَلَى الْقُرْعَةِ بِسُرْعَةِ الْفَسَادِ ثُمَّ بِالْفَضْلِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (وَمَنْ دُفِنَ بِلَا غَسْلٍ) وَلَا تَيَمُّم (نُبِشَ) وَغُسِّلَ أَوْ يُمِّمَ بِشَرْطِهِ وُجُوبًا تَدَارُكًا لِلْوَاجِبِ (مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: بِالنَّتِنِ وَالرَّائِحَةِ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ بِالتَّقَطُّعِ، وَهَذَا أَبْلَغُ مِمَّا قَبْلَهُ فَإِنَّ التَّأَذِّي بِرَائِحَتِهِ أَخَفُّ مِنْ تَقْطِيعِهِ فَإِنْ تَغَيَّرَ يَجُوزُ نَبْشُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ وَهَذِهِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ مَعَ أَخَوَاتِهَا فِي بَابِ الدَّفْنِ وَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ ثُمَّ لَكِنَّهُ أَعَادَ شَرْطَهَا، وَهُوَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ فَلَزِمَهُ تَكْرَارٌ (بَابُ التَّكْفِينِ) (يُكَفَّنُ) الْمَيِّتُ بَعْدَ غُسْلِهِ (فِيمَا لَهُ لُبْسُهُ) حَيًّا فَيَجُوزُ تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ بِالْحَرِيرِ وَالْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى إذَا وَجَدَ غَيْرَهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ تَكْفِينِ الصَّبِيِّ بِذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ وَفَرَضَهُ فِي الْحَرِيرِ قُلْت بِنَاءً عَلَى مَا قَوَّاهُ مِنْ تَحْرِيمِ تَكْفِينِ الْمَرْأَةِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ يُعَامَلُ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ حَيًّا وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي بَابِ اللُّبْسِ قَالَ وَالظَّاهِرُ فِي الشَّهِيدِ أَنَّهُ يُكَفَّنُ بِهِ إذَا قُتِلَ، وَهُوَ لَابِسُهُ بِشَرْطِهِ لَا سِيَّمَا إذَا تَلَطَّخَ بِدَمِهِ لَكِنَّهُ قَالَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ يَنْبَغِي نَزْعُهُ عَنْهُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا لِزَوَالِ الْحَاجَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالطِّينِ فِي الْحَيَاةِ وَالْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمَنْعُ هُنَا عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَلَوْ حَشِيشًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ ثُمَّ رَأَيْت الْجُرْجَانِيَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ (إلَّا) وَفِي نُسْخَةٍ لَا (الْمُتَنَجِّسُ) بِنَجَاسَةٍ لَا يُعْفَى عَنْهَا فَلَا يَكْفِي فِيهِ (وَهُنَاكَ طَاهِرٌ) ، وَإِنْ جَازَ لَهُ لُبْسُهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّاهِرُ حَرِيرًا فَإِنْ كَانَ حَرِيرًا قُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُتَنَجِّسُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي شُرُوطِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلِهِ وَيُدْفَنُ مَعَهُ إلَخْ) وَاخْتَارَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهَا لَا تُدْفَنُ مَعَهُ إذْ لَا أَصْلَ لَهُ [فَرْعٌ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ غُسِّلَ الْمَيِّت تَهَرَّى لِحَرْقٍ أَوْ نَحْوِهِ] (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَدَّثَ بِذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ عَائِدٌ لِلْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ بَلْ لَا يَبْعُدُ إيجَابُ الْكِتْمَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّ الرَّجُلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُوثَقُ بِهِ) أَيْ فِي تَكْمِيلِ الْغُسْلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَشْرُوعِ قَالُوا فَلَوْ غَسَّلَهُ فَاسِقٌ أَوْ كَافِرٌ وَقَعَ الْمَوْقِعُ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ نَصْبُهُ لَهُمَا) ، وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ فِيمَنْ نُصِبَ لِغَسْلِ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْغُسْلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قِيلَ يُقَدَّمُ فِي الْأَوْلَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ إلَخْ) لَوْ وَقَعَ فِي الْقَبْرِ مَالٌ فَهَلْ يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ فِيهِ وَجْهَانِ كَأَنَّهُمَا الْوَجْهَانِ فِي الْغَرِيقِ قَالَ شَيْخُنَا وَمُقْتَضَى ذَلِكَ النَّبْشُ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: بِالنَّتِنِ وَالرَّائِحَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [بَابُ التَّكْفِينِ] (بَابُ التَّكْفِينِ) (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى إلَخْ) مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ يَجُوزُ تَكْفِينُهُمَا بِالْمُعَصْفَرِ دُونَ الْمُزَعْفَرِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ تَكْفِينُ قَرِيبِهِ الذِّمِّيِّ فِي الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ تَكْفِينِ الصَّبِيِّ بِذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ فِي الشَّهِيدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْقَمُولِيُّ إلَخْ) كَلَامُ الْبَغَوِيّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ لَهُ مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 الصَّلَاةِ (وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ) أَيْ فِي الْكَفَنِ أَيْ لَوْنِهِ (الْبَيَاضُ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِخَبَرِ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ» السَّابِقِ فِي الْجُمُعَةِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» . (وَالْمَغْسُولُ أَوْلَى) لِلتَّكْفِينِ (مِنْ الْجَدِيدِ) ؛ لِأَنَّ مَآلَهُ إلَى الْبِلَى وَلِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ نَظَرَ أَبُو بَكْرٍ إلَى ثَوْبٍ كَانَ يَمْرَضُ فِيهِ فَقَالَ اغْسِلُوا هَذَا وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ وَكَفِّنُونِي فِيهَا فَقُلْت إنَّ هَذَا خَلْقٌ قَالَ الْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنْ الْمَيِّتِ إنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ أَيْ لِدَمِ الْمَيِّتِ وَصَدِيدِهِ وَنَحْوِهِ الْمُرَادُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ بِإِحْسَانِ الْكَفَنِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ بَيَاضُهُ وَنَظَافَتُهُ وَسُبُوغُهُ وَكَثَافَتُهُ وَسَتَأْتِي الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ، وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا ثُمَّ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ إنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا أَيْ قَبْلَ أَنْ يُحْشَرَ عُرْيَانًا حَافِيًا» جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَوْلَوِيَّةِ الْجَدِيدِ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَثَوْبُ الْقُطْنِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ (وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ (يُسْتَحْسَنَ) الْكَفَنُ (عَلَى قَدْرِ يَسَارِ الْمَيِّتِ) لَمْ يُعَبِّرْ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا بِالِاسْتِحْسَانِ بَلْ بِقَوْلِهِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْكَفَنِ الْمُبَاحِ حَالُ الْمَيِّتِ فَيُكَفَّنُ الْمُوسِرُ مِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ وَالْمُتَوَسِّطُ مِنْ أَوْسَطِهَا وَالْمُعْسِرُ مِنْ خَشِنِهَا أَيْ وَلَا عِبْرَةَ بِإِسْرَافِهِ وَتَقْتِيرِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَالدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ تَقْتِيرِهِ كَمَا اعْتَبَرُوهُ فِي الْفَلَسِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِتَعَذُّرِ كَسْبِ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْحَيِّ يُمْكِنُهُ كَسْبُ مَا يَلِيقُ بِهِ غَالِبًا (وَ) أَنْ (يَكُونَ سَابِغًا) لِبَدَنِهِ (صَفِيقًا نَظِيفًا) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ اللَّائِقُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَاتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الْكَفَنِ فِي الْبَيَاضِ وَالنَّظَافَةِ وَسُبُوغِهِ وَكَثَافَتِهِ لَا فِي ارْتِفَاعِهِ (وَتُكْرَهُ الْمُغَالَاةُ فِيهِ) لِخَبَرِ «لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ غَائِبًا أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مُفْلِسًا حَرُمَتْ الْمُغَالَاةُ مِنْ التَّرِكَةِ (وَيُكْرَهُ تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ فِي الْحَرِيرِ وَالْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سَرَفٌ لَا يَلِيقُ بِالْحَالِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَيَاةِ (فَصْلٌ وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْكَفَنِ (ثَوْبٌ) لِحُصُولِ السِّتْرِ بِهِ (يَعُمُّ الْبَدَنَ) إلَّا رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَوَجْهَ الْمُحْرِمَةِ تَنَكُّرًا بِمَا لَهُ وَسَتْرًا لِمَا يَعْرِضُ مِنْ التَّغَيُّرِ، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَالْأَذْرَعِيِّ تَبَعًا لِجُمْهُورِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَلِلنَّوَوِيِّ فِيمَا صَحَّحَهُ فِي مَنَاسِكِهِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ هُنَا أَنَّهُ وَاجِبٌ لِحَقِّ الْمَيِّتِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذًا مِنْ الِاتِّفَاقِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ (وَالْوَاجِبُ سِتْرُ الْعَوْرَةِ) ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي بَقِيَّةِ كُتُبِهِ وَعَزَاهُ لِلنَّصِّ وَالْجُمْهُورُ كَالْحَيِّ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ خَبَّابُ أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ كَفَّنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ بِنَمِرَةَ كَانَ إذَا غُطِّيَ بِهَا رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ وَإِذَا غُطِّيَ بِهَا رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الْإِذْخِرَ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَاحْتِمَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُ النَّمِرَةِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّهُ بَعِيدٌ مِمَّنْ خَرَجَ لِلْقِتَالِ وَبِأَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ ذَلِكَ لَوَجَبَ تَتْمِيمُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ قَدْ أَمَرَهُمْ بِتَتْمِيمِهِ بِالْإِذْخِرِ، وَهُوَ سَاتِرٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّكْفِينَ بِهِ لَا يَكْفِي إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ التَّكْفِينِ بِثَوْبٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ. وَعَلَى ذَلِكَ يَخْتَلِفُ قَدْرُ الْوَاجِبِ بِذُكُورَةِ الْمَيِّتِ وَأُنُوثَتِهِ لَا بِرِقِّهِ وَحُرِّيَّتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ   [حاشية الرملي الكبير] إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَيِّتِ نَجَاسَةٌ أَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ تَكْفِينِهِ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا لَوْ الْمَذْهَبُ وُجُوبَهُ فَالْمَذْهَبُ تَكْفِينُهُ فِي الْحَرِيرِ لَا الْمُتَنَجِّسُ وَتَعْلِيلُهُمْ اشْتِرَاطَ تَقَدُّمِ غُسْلِهِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كَصَلَاتِهِ عَلَى نَفْسِهِ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته وَالْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ جَوَازِ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي الْمُتَنَجِّسِ مَعَ وُجُودِ الْحَرِيرِ وَبَيْنَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ بِالْمُتَنَجِّسِ دُونَ الْحَرِيرِ وَاضِحٌ وَقَدْ قَالَ الْفَقِيهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ: يُشْتَرَطُ فِي الْمَيِّتِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُصَلَّى مِنْ الطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا كَذَا ضُبِطَ بِالْقَلَمِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِتَعَذُّرِ كَسْبِ الْمَيِّتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ قَالَ الْوَرَثَةُ نُكَفِّنُهُ فِي شَرب أَوْ ديبقي وَقَالَ الْغُرَمَاءُ نُكَفِّنُهُ بِغَلِيظِ الثِّيَابِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي: يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يُلْزِمَ الْفَرِيقَيْنِ الْمُتَعَارَفَ لِمِثْلِ الْمَيِّتِ فِي حَالِهِ وَيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ وَسَطًا إلَّا مَا عَادَ إلَيْهِ الْمُسْرِفُ وَلَا مَا مَنَعَ مِنْهُ الشَّحِيحُ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يُلْزِمَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِتَعَذُّرِ كَسْبِ الْمَيِّتِ إلَخْ) وَبِأَنَّ هَذَا خَاتِمَةُ أَمْرِ الْمَيِّتِ فُرُوعِي فِيهِ مَا لَمْ يُرَاعَ فِي حَقِّ الْحَيِّ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ [فَصْلٌ أَقَلُّ الْكَفَنِ] (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ هُنَا أَنَّهُ وَاجِبٌ لِحَقِّ الْمَيِّتِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا: اعْلَمْ أَنَّ الْكَفَنَ فِيهِ حُقُوقٌ فَسَتْرُ الْعَوْرَةِ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَبَقِيَّةُ الْبَدَنِ فِيهِ شَائِبَةُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ فَلَيْسَ مُتَمَحِّضًا لَهُ؛ فَلِهَذَا لَمْ يَمْلِكْ إسْقَاطَهُ وَالزَّائِدُ عَلَى الثَّوْبِ مَحْضُ حَقِّهِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ (قَوْلُهُ وَالْجُمْهُورُ كَالْحَيِّ) اسْتَشْكَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِقَوْلِهِمْ فِي النَّفَقَاتِ لَا يَحِلُّ الِاقْتِصَارُ فِي كِسْوَةِ الْعَبْدِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ؛ لِأَنَّهُ تَحْقِيرٌ وَإِذْلَالٌ فَإِذَا امْتَنَعَ ذَلِكَ فِي الْحَيِّ الرَّقِيقِ فَامْتِنَاعُهُ فِي الْمَيِّتِ الْحُرِّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَكَلَّفُونَ لِلْمَيِّتِ مَا لَا يَتَكَلَّفُونَ لِلْحَيِّ وَيَعُدُّونَ تَرْكَ ذَلِكَ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ لِكَوْنِهِ خَاتِمَةَ أَمْرِهِ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَالْفَرْقُ مِنْ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمَيِّتَ يَحْصُلُ لَهُ السِّتْرُ مَعَ ذَلِكَ بِالتُّرَابِ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ يَسْتُرُ بَقِيَّةَ بَدَنِهِ الثَّانِي أَنَّ فِي ثَوْبِ الْعَبْدِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَيْضًا، وَهُوَ التَّجَمُّلُ لِلصَّلَاةِ فَقَدْ «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» الثَّالِثُ أَنَّ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ مِنْ الْبَدَنِ يُسْتَرُ مُرُوءَةً وَلِهَذَا تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ عَمَّنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتُرُ بَقِيَّةَ بَدَنِهِ، وَإِنْ وَجَدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُخِلٌّ بِالْعَدَالَةِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْعَلَ بِالْعَبْدِ مَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَالْعَدَالَةِ وَهَذِهِ الْمَعَانِي لَا تُوجَدُ فِي الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ لَا بِرِقِّهِ وَحُرِّيَّتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 كَلَامُهُمْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي الْكِفَايَةِ فَيَجِبُ فِي الْمَرْأَةِ بِسِتْرِ بَدَنِهَا إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِزَوَالِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَلَا يُنَافِيهِ جَوَازُ تَغْسِيلِ السَّيِّدِ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِكَوْنِهَا بَاقِيَةً فِي مِلْكِهِ بَلْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ آثَارِ الْمِلْكِ كَمَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ تَغْسِيلُ زَوْجَتِهِ مَعَ أَنَّ مِلْكَهُ زَالَ عَنْهَا وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الْقَوْلِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ قَوْلُ الْمُزَنِيّ فِي نِهَايَةِ الِاخْتِصَارِ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنْ الْكَفَنِ إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ مَا يُوَارِي مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّ وُجُوبَ مَا زَادَ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ عِنْدَ وُجُودِهِ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فِي التَّكْفِينِ لِاحْتِمَالِهِ أَنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا جَمِيعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي بَيَانِ أَقَلِّ الْكَفَنِ إذَا غَطَّى مِنْ الْمَيِّتِ عَوْرَتَهُ فَقَدْ أَسْقَطَ الْفَرْضَ لَكِنَّهُ أَخَلَّ بِحَقِّهِ وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ بِمَا فِي النَّفَقَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الِاقْتِصَارُ فِي كِسْوَةِ الْعَبْدِ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ؛ لِأَنَّهُ تَحْقِيرٌ وَإِذْلَالٌ فَامْتِنَاعُهُ فِي الْمَيِّتِ الْحُرِّ أَوْلَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إذْ عَدَمُ الْجَوَازِ فِي تِلْكَ لَيْسَ لِكَوْنِ سَتْرِ مَا زَادَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْعَبْدِ حَتَّى إذَا أَسْقَطَهُ جَازَ ذَلِكَ كَنَظِيرِهِ هُنَا. وَحَاصِلُ مَا هُنَا أَنَّهُ إذَا خَلَّفَ مَالًا وَسُتِرَتْ عَوْرَتُهُ وَلَمْ يُوصِ بِتَرْكِ الزَّائِدِ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْأَمَةِ وَبَقِيَ حَرَجُ تَرْكِ الزَّائِدِ عَلَى الْوَرَثَةِ (ثُمَّ) إذَا كُفِّنَ فِيمَا لَا يَعُمُّ الرَّأْسَ وَالرِّجْلَ كَانَ (الرَّأْسُ أَوْلَى) بِالسِّتْرِ (مِنْ الرِّجْلِ) لِخَبَرِ مُصْعَبٍ السَّابِقِ (وَأَكْمَلُهُ) أَيْ الْكَفَنِ (ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لِلذَّكَرِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِيهَا كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا تَكْفِينُ الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فِي ثَوْبَيْنِ؛ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَ) أَكْمَلُهُ (خَمْسَةٌ لِلْمَرْأَةِ) مُبَالَغَةً فِي سَتْرِهَا وَقَدْ «أَعْطَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَاسِلَاتِ ابْنَتِهِ فِي تَكْفِينِهَا الْحِقَاءَ أَيْ الْإِزَارَ ثُمَّ الدِّرْعَ أَيْ الْقَمِيصَ ثُمَّ الْخِمَارَ ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ ثُمَّ أُدْرِجَتْ فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَالْخُنْثَى) كَالْمَرْأَةِ احْتِيَاطًا لِلسِّتْرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رَجُلًا وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي حَقِّهِ خِلَافُ الْأَكْمَلِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى فِي حَقِّ مَنْ تَحَقَّقَتْ رُجُولِيَّتُهُ (فَإِنْ امْتَنَعَ الْغُرَمَاءُ) وَدُيُونُهُمْ مُسْتَغْرِقَةٌ لِلتَّرِكَةِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ (أَوْ أَوْصَى) الْمَيِّتُ (بِثَوْبٍ) وَاحِدٍ (فَثَوْبٌ) وَاحِدٌ يُكَفَّنُ فِيهِ. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِحُصُولِ سِتْرِهِ، وَهُوَ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ أَحْوَجُ مِنْهُ إلَى التَّجَمُّلِ بِخِلَافِ الْحَيِّ الْمُفْلِسِ تُتْرَكُ لَهُ ثِيَابُ تَجَمُّلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى التَّجَمُّلِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّ الزَّائِدَ حَقٌّ لَهُ بِمَثَابَةِ مَا يُجَمِّلُ الْحَيَّ فَلَهُ مَنْعُهُ أَمَّا الثَّوْبُ الْوَاجِبُ فَلَا يَجُوزُ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ لَمْ يَصِحَّ وَيَجِبُ تَكْفِينُهُ بِسَاتِرِ كُلِّ بَدَنِهِ مُفَرَّعٌ عَلَى إيجَابِ سِتْرِ كُلِّ الْبَدَنِ وَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى سَاتِرِ كُلِّ بَدَنِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَرَثَةُ يُكَفَّنُ بِهِ وَالْغُرَمَاءُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا فِي التَّكْفِينِ بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَمْ يُسْقِطْهُ عَلَى أَنَّ هَذَا الِاتِّفَاقَ لَا يَسْلَمُ مِنْ نِزَاعٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَعَ حَمْلِهِ عَلَى مَا قُلْنَا مُسْتَثْنًى لِتَأَكُّدِ   [حاشية الرملي الكبير] إطْلَاقُهُمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ) وَمِمَّنْ اسْتَثْنَى الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ لَكِنَّهُ فَرَضَهُ فِي الْحُرَّةِ وَوُجُوبُ سَتْرِهِمَا فِي الْحَيَاةِ لَيْسَ لِكَوْنِهِمَا عَوْرَةً بَلْ لِكَوْنِ النَّظَرِ إلَيْهِمَا يُوقِعُ فِي الْفِتْنَةِ غَالِبًا س (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِهِ أَنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ بِمَا فِي النَّفَقَاتِ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا أَوْلَوِيَّةَ بَلْ تَسَاوِي إذْ لِلْغُرَمَاءِ مَنْعُ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَالْحَيُّ الْمُفْلِسُ يَبْقَى لَهُ مَا يَجْعَلُهُ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى التَّجَمُّلِ لِلصَّلَاةِ وَبَيْنَ النَّاسِ؛ وَلِأَنَّ الْمَيِّتَ يُسْتَرُ بِالتُّرَابِ عَاجِلًا بِخِلَافِ الْعَبْدِ س (قَوْلُهُ حَتَّى إذَا أَسْقَطَهُ جَازَ كَنَظِيرِهِ هُنَا) مَا أَفْهَمهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى فِي تَكْفِينِهِ بِسَاتِرِ عَوْرَتِهِ فَقَطْ عُمِلَ بِوَصِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِمَوْتِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: لَا يُشْكِلُ هَذَا الْكَلَامُ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِإِسْقَاطِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عُمِلَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ حَقُّهُ وَفِيهِ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ كَمَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ انْضَمَّ إلَى مَا ذَكَرَ هُنَا مُشَارَكَةُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى حَقَّ الْآدَمِيِّ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَلَا كَذَلِكَ مَا زَادَ عَلَيْهِ إذْ هُوَ مَحْضُ حَقِّهِ (قَوْلُهُ وَأَكْمَلُهُ خَمْسَةٌ لِلْمَرْأَةِ) أَمَّا لِلرَّجُلِ جُلٍّ فَجَائِزَةٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا خَفَاءَ أَنَّ مَوْضِعَ جَوَازِ الْخَمْسَةِ مِنْ التَّرِكَةِ إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَرَضُوا أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ غَائِبًا أَوْ كَانَ الْوَارِثُ بَيْتَ الْمَالِ فَلَا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُشْعِرُ بِعَدَمِ جَوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْخَمْسَةِ وَاَلَّذِي أَطْلَقُوهُ الْكَرَاهَةُ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَا يَبْعُدُ التَّحْرِيمُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَلْ هُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ وَعِبَارَةُ جَمَاعَةٍ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسِ مَمْنُوعَةٌ وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْجُرْجَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَعِبَارَةُ الْبَسِيطِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سَرَفٌ مَحْذُورٌ إلَخْ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ بِالْحُرْمَةِ وَقَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: الْمَشْهُورُ الْكَرَاهَةُ. وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا خَفَاءَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَاَلَّذِي أَطْلَقُوهُ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ فُلَانٌ الزَّائِدُ حَقٌّ لَهُ إلَخْ) وَيُقْتَصَرُ أَيْضًا عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ إذَا كَفَّنَّهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوْ كُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ يَجِبُ لِفَقْدِ التَّرِكَةِ، وَمَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ أَوْ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ فَقْدِ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ وَقْفِ الْأَكْفَانِ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ لَمْ يَصِحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى إيجَابِ سَتْرِ كُلِّ الْبَدَنِ) ، وَإِنْ أَبَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ س أَيْ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْهُمْ وَأَقَرَّهُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْرِيعِ الْمَذْكُورِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّا، وَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِالْمَكْرُوهِ قَالَ شَيْخُنَا: قَدْ يُقَالُ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَصِيَّةُ الْمَرِيضِ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ مَعَ صِحَّتِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَكْرُوهَ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّتِهَا هُوَ الَّذِي لَا تَزُولُ كَرَاهَتُهُ بِحَالٍ كَمَا هُنَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الثُّلُثِ، فَإِنَّهُ مَتَى أَجَازَ الْوَارِثَ نَفَذَتْ وَزَالَتْ الْكَرَاهَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 أَمْرِهِ وَإِلَّا فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ لِلْغُرَمَاءِ مَنْعَ مَا يُصْرَفُ فِي الْمُسْتَحَبِّ (وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ الْمَنْعُ مِنْ ثَلَاثَةٍ) تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمَالِكِ وَفَارَقَ الْغَرِيمُ بِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ وَبِأَنَّ مَنْفَعَةَ صَرْفِ الْمَالِ لَهُ تَعُودُ إلَى الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فِيهِمَا فَلَوْ أَنْفَقَ الْوَرَثَةُ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّنُ بِثَلَاثَةٍ وَبَعْضُهُمْ بِثَوْبٍ وَلَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ بِهِ فِيهِمَا كُفِّنَ بِثَلَاثَةٍ أَمَّا مَنْعُهُ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَلَوْ فِي الْمَرْأَةِ فَجَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْخَمْسَةَ لَيْسَتْ مُتَأَكِّدَةً فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ كَتَأَكُّدِ الثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ حَتَّى يُجْبَرَ الْوَارِثُ عَلَيْهَا كَمَا يُجْبَرُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ: أُكَفِّنُهُ مِنْ مَالِي وَبَعْضُهُمْ مِنْ التَّرِكَةِ أُجِيبَ الثَّانِي دَفْعًا لِلْمِنَّةِ عَنْهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِتَكْفِينِهِ وَقَبِلَ الْوَرَثَةُ جَازَ، وَإِنْ امْتَنَعُوا أَوْ بَعْضُهُمْ لَمْ يُكَفَّنْ فِيهِ لِمَا عَلَيْهِمْ فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَإِذَا قَبِلُوا قَالَ الْقَفَّالُ فَلَهُمْ إبْدَالُهُ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهُ وَرَدَّهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ لِلْمَيِّتِ فَإِنْ لَمْ يُكَفَّنْ فِيهِ وَجَبَ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مِمَّنْ يُقْصَدُ تَكْفِينُهُ لِصَلَاحِهِ أَوْ عَمَلِهِ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ إلَيْهِ فَإِنْ كَفَّنَهُ غَيْرُهُ رَدُّوهُ إلَى مَالِكِهِ وَإِلَّا كَانَ لَهُمْ أَخْذُهُ وَتَكْفِينُهُ فِي غَيْرِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَمُولِيُّ فِي الْوَصَايَا وَاقْتَصَرَ الْأَصْلُ فِي الْهِبَةِ عَلَى كَلَامِ أَبِي زَيْدٍ (فَرْعٌ الْكَفَنُ) مَعَ سَائِرِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَاجِبٌ (فِي مَالِ الْمَيِّتِ غَيْرِ الْمَرْهُونِ وَالْجَانِي) جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ قَوَدًا وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ (وَ) غَيْرُ (الْمُتَعَلِّقِ بِهِ زَكَاةٌ وَرُجُوعٌ) أَيْ أَوْ رُجُوعٌ فِيهِ (كَفَلَسٍ) بِأَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ وَمَاتَ مُفْلِسًا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَكِتَابَةٍ أَمَّا هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَنَحْوُهَا مِمَّا تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ حَقٌّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْفَرَائِضِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ثُمَّ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْكَفَنِ وَسَائِرِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ لِتَأَكُّدِ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهَا (وَهُوَ) أَيْ كَفَنُ الْمَيِّتِ مَعَ سَائِرِ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ (مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّيْنِ) الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ بَلْ أَوْلَى لِانْقِطَاعِ كَسْبِهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَهُوَ (عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) حَيًّا (مِنْ قَرِيبٍ أَوْ سَيِّدٍ وَعَلَيْهِ) أَيْضًا (تَجْهِيزُ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَمُكَاتَبِهِ) ، وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُمَا حَيَّيْنِ لِعَجْزِ الْوَلَدِ وَانْفِسَاخِ الْكِتَابَةِ بِالْمَوْتِ نَفَى عَوْدَ ضَمِيرٍ عَلَيْهِ إلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ أُعِيدَ عَلَيْهِ تَسَمَّحَ. (وَكَذَا) عَلَيْهِ تَجْهِيزُ (زَوْجَةِ نَفْسِهِ وَلَوْ أَيْسَرَتْ) أَوْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنًا حَامِلًا لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ لِنُشُوزٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَخَرَجَ بِزَوْجَةِ نَفْسِهِ زَوْجَةُ غَيْرِهِ كَزَوْجَةِ أَبِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهَا، وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا لِزَوَالِ ضَرُورَةِ الْإِعْفَافِ (وَفِي) وُجُوبِ تَجْهِيزِ (خَادِمِهَا وَجْهَانِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَأَعَادَهُ فِي النَّفَقَاتِ، وَهُوَ مَعَ ارْتِكَابِهِ التَّكْرَارَ مُفَوِّتٌ لِبَيَانِ الْمُرَجِّحِ، وَهُوَ الْوُجُوبُ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ صَحَّحَ هُنَا وُجُوبَ تَجْهِيزِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ فِي وُجُوبِ تَجْهِيزِ الزَّوْجَةِ وَجْهَانِ سَبَقَا فِي الْجَنَائِزِ وَيَجْرِيَانِ فِي تَجْهِيزِ الْخَادِمَةِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْأَقْرَبُ الْمَنْعُ ثُمَّ قَالَ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ فِي أَمَتِهَا إذَا أَخَدَمَهَا إيَّاهَا. أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُكْتَرَاةً أَوْ أَمَتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا فَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ وَمَا قَالَهُ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ خَادِمَ الزَّوْجَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهَا يَجِبُ تَكْفِينُهَا لَكِنْ لَا خَفَاءَ أَنَّ الَّتِي أَخَدَمَهَا إيَّاهَا بِالِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا كَأَمَتِهَا فَيَأْتِي فِيهَا الْوَجْهَانِ (فَإِنْ أَعْسَرَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ) أَشَارَ إلَيَّ تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ وَضَاعَ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ لَزِمَ الْوَرَثَةَ إبْدَالُهُ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَوْ قُسِمَتْ ثُمَّ سُرِقَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ إبْدَالُهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا إذَا كُفِّنَ أَوَّلًا فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ التَّكْفِينُ بِهَا عَلَى رِضَا الْوَرَثَةِ أَمَّا لَوْ كُفِّنَ مِنْهَا بِوَاحِدٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُمْ تَكْفِينُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِثَانٍ وَثَالِثٍ، وَإِنْ كَانَ الْكَفَنُ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَكَمَنْ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ الْكَفَنُ مَعَ سَائِرِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَاجِبٌ فِي مَالِ الْمَيِّتِ] (قَوْلُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَبِيهٌ بِكِسْوَتِهِ فِي حَيَاتِهِ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دُيُونِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إلَخْ) لَوْ مَاتَ مَنْ لَزِمَهُ تَجْهِيزُهُ غَيْرُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ تَجْهِيزِهِ وَتَرِكَتِهِ لَا نَفْيَ إلَّا بِتَجْهِيزِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ لِسَبْقِ تَعَلُّقِ حَقِّهِ أَوْ الثَّانِي لِتَبَيُّنِ عَجْزِهِ عَنْ تَجْهِيزِ غَيْرِهِ الظَّاهِرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبُهُ) ، وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فَالْحُكْمُ وَاضِحٌ وَإِلَّا فَمُؤَنُ تَجْهِيزِهِ عَلَى مَنْ مَاتَ فِي نَوْبَتِهِ وَلَوْ كَفَّنَ أَجْنَبِيٌّ عَبْدًا مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ الْغَائِبِ مُسْتَقِلًّا وَثَمَّ قَاضٍ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَكَذَا زَوْجَةُ نَفْسِهِ إلَخْ) لَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَجْهِيزِ زَوْجَتِهِ أَوْ كَانَ غَائِبًا فَجُهِّزَتْ مِنْ مَالِهَا أَوْ غَيْرِهِ لِلْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إنْ كَانَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ يَرَاهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ كَمَا لَوْ عَسِرَ وَجُهِّزَتْ مِنْ مَالِهَا أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى دَيْنًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّجْهِيزَ امْتِنَاعٌ إذْ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ مَاتَتْ زَوْجَاتُهُ دَفْعَةً بِهَدْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا كَفَنًا وَاحِدًا. فَالْقِيَاسُ الْإِقْرَاعُ أَوْ يُقَالُ تُقَدَّمُ الْمُعْسِرَةُ أَوْ مَنْ يُخْشَى فَسَادُهَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ مُتْنَ مُرَتَّبًا فَهَلْ تُقَدَّمُ الْأُولَى مَوْتًا أَوْ الْمُعْسِرَةُ وَيُقْرَعُ فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْبَنْدَنِيجِيُّ: لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دَفْعَةً بِهَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ قُدِّمَ فِي التَّكْفِينِ وَغَيْرِهِ مَنْ يُسْرِعُ فَسَادُهُ فَإِنْ اسْتَوَوْا قُدِّمَ الْأَقْرَبُ ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَيُقَدَّمُ مِنْ الْأَخَوَيْنِ أَسَنُّهُمَا وَيُقْرَعُ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ تُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ وَفِي تَقْدِيمِ الْأَسَنِّ مُطْلَقًا نَظَرٌ وَلَا وَجْهَ لِتَقْدِيمِ الْفَاجِرِ الشَّقِيِّ عَلَى الْبَرِّ التَّقِيِّ، وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِيَامُ بِأَمْرِ الْكُلِّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ الْفِطْرَةِ أَوْ النَّفَقَةِ. اهـ. وَلَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَخَادِمُهَا وَلَمْ يَجِدْ إلَّا تَجْهِيزَ إحْدَاهُمَا فَالْقِيَاسُ تَقْدِيمُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْمَتْبُوعَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِتَقْدِيمِ الْمُعْسِرَةِ أَوْ مَنْ يُخْشَى فَسَادُهَا وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ الْإِقْرَاعُ وَقَوْلُهُ أَوْ مَنْ يُخْشَى فَسَادُهَا وَقَوْلُهُ فَهَلْ تُقَدَّمُ الْأُولَى وَقَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ تَقْدِيمُ الزَّوْجَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَنْ يُخْشَى فَسَادُهَا فَقَدْ كَتَبَ عَلَى عَلَامَةِ التَّصْحِيحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ أَوْ صِغَرٌ أَوْ نَحْوُهُ) كَمَوْتِهَا قَبْلَ تَمْكِينِهِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْوُجُوبُ الْمَأْخُوذُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا خَفَاءَ أَنَّ الَّتِي أَخَدَمَهَا إيَّاهَا إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 الزَّوْجُ) عَنْ تَجْهِيزِ زَوْجَتِهِ (فَمِنْ مَالِهَا) جُهِّزَتْ كَغَيْرِهَا، وَإِنْ أَعْسَرَ عَنْ بَعْضِهِ كَمَّلَ مِنْ مَالِهَا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهَا مَالٌ (فَمِثْلُهَا) مِنْ قَرِيبٍ وَغَيْرِهِ (يُكَفَّنُ) يَعْنِي يُجَهَّزُ وَلَوْ ذِمِّيًّا (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) كَنَفَقَةِ الْحَيِّ فَكَذَا هِيَ (وَلَا يَلْزَمُ الْقَرِيبَ وَ) لَا (بَيْتَ الْمَالِ) فِي التَّكْفِينِ (إلَّا ثَوْبٌ) وَاحِدٌ (لِمَنْ عَدِمَهُ) لِتَأَدِّي الْوَاجِبِ بِهِ بَلْ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ وَكَذَا إنْ كُفِّنَ مِمَّا وُقِفَ لِلتَّكْفِينِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ وَيَكُونُ سَابِغًا وَلَا يُعْطَى الْقُطْنَ وَالْحَنُوطَ فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَثْوَابِ الْمُسْتَحْسَنَةِ الَّتِي لَا تُعْطَى عَلَى الْأَظْهَرِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَكُونُ سَابِغًا أَنَّهُ يُعْطَى، وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ سِتْرُ الْعَوْرَةِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَفِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْقَرِيبِ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالسَّيِّدَ كَذَلِكَ فَلَوْ عَبَّرَ كَالرَّوْضَةِ وَالْإِرْشَادِ بِمِنْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ غَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى وَأَوْلَى مِنْهُ مَنْ عَلَيْهِ تَجْهِيزُ غَيْرِهِ لِيَدْخُلَ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ وَالْمُكَاتَبُ. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) بِبَيْتِ الْمَالِ مَالٌ أَوْ تَعَذَّرَ التَّكْفِينُ مِنْهُ (فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ ثَوْبٌ) وَاحِدٌ يُكَفَّنُ بِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُشْتَرَطُ وُقُوعُ التَّكْفِينِ مِنْ مُكَلَّفٍ حَتَّى لَوْ كَفَّنَهُ غَيْرُهُ حَصَلَ التَّكْفِينُ لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ وَفِيهِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ بِهِ إلَّا ثَوْبٌ مَعَ مَالِكٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لَهُ بِالْقِيمَةِ كَالطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ زَادَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمَجَّانًا؛ لِأَنَّ تَكْفِينَهُ لَازِمٌ لِلْأَمَةِ وَلَا بَدَلَ لَهُ يُصَارُ إلَيْهِ (فَرْعٌ مَنْ كُفِّنَ) مِنْ ذَكَرٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَثْوَابِ جُعِلَتْ لَفَائِفَ) يَسْتُرُ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيعَ بَدَنِهِ (مُتَسَاوِيَةً) طُولًا وَعَرْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ زِيدَ الرَّجُلُ قَمِيصًا وَعِمَامَةً جَازَ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنًا لَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ وَثَلَاثُ لَفَائِفَ وَلَيْسَتْ زِيَادَتُهُمَا مَكْرُوهَةً لَكِنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَلَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» كَمَا مَرَّ (وَجُعِلَا تَحْتَ اللَّفَائِفِ) ؛ لِأَنَّ إظْهَارَهُمَا زِينَةٌ وَلَيْسَ الْحَالُ حَالَ زِينَةٍ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ كُفِّنَ فِي أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ (وَإِذَا كُفِّنَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (فِي خَمْسَةٍ شُدَّ عَلَيْهَا إزَارٌ) ، وَهُوَ وَالْمُتَّزِرُ مَا يُسْتَرُ بِهِ الْعَوْرَةُ (ثُمَّ قَمِيصٌ ثُمَّ خِمَارٌ) ، وَهُوَ مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ (ثُمَّ يَلُفُّهُ) الْأَوْلَى يَلُفُّهَا الْغَاسِلُ (فِي ثَوْبَيْنِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ (وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى خَمْسَةٍ) لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهَا لَمْ يَبْعُدْ وَبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ (نَعَمْ يُشَدُّ) نَدْبًا (عَلَى صَدْرِهَا) فَوْقَ الْأَكْفَانِ (ثَوْبٌ سَادِسٌ يَجْمَعُ الْأَكْفَانَ) عَنْ انْتِشَارِهَا بِاضْطِرَابِ ثَدْيَيْهَا عِنْدَ الْحَمْلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ يُخَافُ مِنْ اضْطِرَابِ ثَدْيَيْهَا لِكِبَرِهِمَا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ (وَيُحَلُّ عَنْهَا فِي الْقَبْرِ) كَبَقِيَّةِ الشَّدَّادَاتِ (فَرْعٌ تُبَخَّرُ الْأَكْفَانُ) نَدْبًا بِعُودٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بِأَنْ تُجْعَلَ عَلَى أَعْوَادٍ ثُمَّ تُبَخَّرَ كَمَا تُبَخَّرَ ثِيَابُ الْحَيِّ (وَلَوْ لِمُحِدَّةٍ) التَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْعُودِ غَيْرَ مُطَيَّبٍ بِالْمِسْكِ، وَإِنْ تَبَخَّرَ ثَلَاثًا لِخَبَرِ «إذَا جَمَّرْتُمْ الْمَيِّتَ فَجَمْرَةً وَثَلَاثًا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ قَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَلَوْ تَطَوَّعَ أَهْلُهُ فَجَعَلُوا فِيهِ الْمِسْكَ وَالْعَنْبَرَ فَلَا بَأْسَ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّ الْعُودَ أَوْلَى مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الْبَغَوِيّ إنَّهُ أَحَبُّ مِنْ الْمِسْكِ وَالْمُتَوَلِّي أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ النِّدِّ الْمَعْمُولِ (لَا مُحَرَّمٌ) فَلَا تُبَخَّرُ أَكْفَانُهُ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ (وَيُبْسَطُ) الْكَفَنُ (الْأَوْسَعُ أَوَّلًا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ ثُمَّ يُبْسَطُ أَحْسَنُ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعُهَا أَيْ كَمَا يُظْهِرُ الْحَيُّ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَأَوْسَعَهَا وَالْمُرَادُ أَوْسَعُهَا إنْ اتَّفَقَ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةً أَوْ الْمُرَادُ بِتَسَاوِيهَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ شُمُولُهَا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ بِقَرِينَةِ كَوْنِهِ فِي مُقَابَلَةِ وَجْهٍ قَائِلٍ بِأَنَّ الْأَسْفَلَ يَأْخُذُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ وَالثَّانِي مِنْ عُنُقِهِ إلَى كَعْبِهِ وَالثَّالِثُ يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ (وَيُذَرُّ) بِالْمُعْجَمَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْأَوْسَعُ (الْحَنُوطُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيُقَال لَهُ الْحِنَاطُ بِكَسْرِهَا، وَهُوَ أَنْوَاعٌ مِنْ الطِّيبِ تُجْمَعُ لِلْمَيِّتِ وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْكَافُورُ وَذَرِيرَةُ الْقَصَبِ وَالصَّنْدَلُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ (وَكَذَا) يُبْسَطُ فَوْقَهُ (الثَّانِي) وَيُذَرُّ عَلَيْهِ الْحَنُوطُ (وَ) فَوْقَ الثَّانِي (الثَّالِثُ) كَذَلِكَ لِئَلَّا يُسْرِعَ بَلَاؤُهَا مِنْ بَلَلٍ يُصِيبُهَا وَالثَّانِي بِالنِّسْبَةِ لِلثَّالِثِ كَالْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا فِي الْحُسْنِ وَالسَّعَةِ (وَيُزَادُ عَلَى مَا يَلِيهِ) أَيْ الْمَيِّتُ مِنْ الْأَكْفَانِ (كَافُورٌ) لِدَفْعِ الْهَوَامِّ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهِ فِي الْحَنُوطِ وَنَدَبَهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ أَيْضًا لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ زِيَادَتُهُ عَلَى مَا يُجْعَلُ فِي أُصُولِ الْحَنُوطِ وَنَصَّ الْإِمَامُ   [حاشية الرملي الكبير] أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا) أَوْ مُعَاهِدًا أَوْ مُسْتَأْمِنًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَكُونُ سَابِغًا أَنَّهُ يُعْطَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زِيدَ الرَّجُلُ قَمِيصًا وَعِمَامَةً جَازَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ مَوْضِعَ جَوَازِ الْخَمْسَةِ مِنْ التَّرِكَةِ إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَرَضُوا أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ غَائِبًا فَلَا وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ) وَعِبَارَةُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْجُرْجَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ مَمْنُوعَةٌ. اهـ. وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْكَرَاهَةُ [فَرْعٌ تُبَخَّرُ الْأَكْفَانُ نَدْبًا بِعُودٍ] (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ شُمُولُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 وَغَيْرُهُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْإِكْثَارِ مِنْهُ فِيهِ بَلْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَاسْتُحِبَّ أَنْ يُطَيَّبَ جَمِيعُ بَدَنِهِ بِالْكَافُورِ؛ لِأَنَّهُ يُقَوِّيهِ وَيَشُدُّهُ وَلَوْ كُفِّنَ فِي خَمْسَةٍ جُعِلَ بَيْنَ كُلٍّ ثَوْبَيْنِ حَنُوطٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُوضَعُ) الْمَيِّتُ (عَلَيْهَا) بِرِفْقٍ (مُسْتَلْقِيًا) عَلَى قَفَاهُ (وَيُدَسُّ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ) . الْأَفْصَحُ أَلْيَيْهِ قُطْنٌ (حَلِيجٌ عَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ) حَتَّى يَتَّصِلَ بِالْحَلْقَةِ (لِيَسُدَّ) أَيْ لِيَرُدَّ (الْخَارِجَ) بِتَحْرِيكِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُدْخِلُهُ بَاطِنَهُ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَّا أَنْ تَكُونَ بِهِ عِلَّةٌ يَخَافُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ بِسَبَبِهَا عِنْدَ تَحْرِيكِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَنَصُّوا عَلَى الْكَافُورِ بَعْدَ الْحَنُوطِ لِمَا مَرَّ (ثُمَّ يُوَثِّقُهُ بِخِرْقَةٍ مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ يَجْعَلُ وَسَطَهَا تَحْتَ أَلْيَتَيْهِ) وَعَانَتِهِ (وَيَشُدُّ مَا يَلِي ظَهْرَهُ عَلَى سُرَّتِهِ وَيَعْطِفُ) الشِّقَّيْنِ (الْآخَرَيْنِ عَلَيْهِ أَوْ يَرْبِطُهُمَا) أَيْ الطَّرَفَيْنِ (فِي فَخِذَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَشُدَّ شِقًّا مِنْ كُلِّ رَأْسٍ عَلَى فَخِذٍ وَمِثْلَهُ عَلَى الْآخَرِ (وَيَجْعَلُ عَلَى الْعَيْنَيْنِ وَالْمَنْخَرَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَكُلَّ مَنْفَذٍ وَجُرُوحٍ وَغَيْرِهِ) بِمَعْنَى غَائِرَةٍ أَيْ نَافِذَةٍ وَفِي نُسْخَةٍ وَجُرْحٍ وَغَيْرِهِ (قُطْنًا) وَ (عَلَيْهِ حَنُوطٌ) دَفْعًا لِلْهَوَامِّ (وَكَذَا) يَجْعَلُهُ (عَلَى مَسَاجِدِهِ) تَكْرِمَةً لَهَا (وَهِيَ الْجَبْهَةُ وَالْأَنْفُ وَبَاطِنُ الْكَفَّيْنِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالْقَدَمَانِ) يَعْنِي بَاطِنَ أَصَابِعِهِمَا. وَيُسْتَحَبُّ جَعْلُ الْحَنُوطِ فِي لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ (ثُمَّ يَلُفُّ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (الثَّوْبَ الْأَوَّلَ) ، وَهُوَ الَّذِي يَلِيهِ (فَيَضُمُّ مِنْهُ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ) عَلَى شِقِّ الْمَيِّتِ الْأَيْمَنِ (ثُمَّ الْأَيْمَنَ) عَلَى الْأَيْسَرِ (لَا عَكْسُهُ) كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ بِالْقَبَاءِ (ثُمَّ) يَلُفُّ (الثَّانِيَ ثُمَّ الثَّالِثَ كَذَلِكَ وَيَجْمَعُ الْفَاضِلَ عِنْدَ رَأْسِهِ جَمْعَ الْعِمَامَةِ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَى وَجْهِهِ وَصَدْرِهِ) إلَى حَيْثُ يَبْلُغُ (وَ) يَرُدُّ (الْفَاضِلَ مِنْ رِجْلَيْهِ عَلَى قَدَمَيْهِ وَسَاقَيْهِ وَلِيَكُنْ فَاضِلُ الرَّأْسِ أَكْثَرَ) كَالْحَيِّ وَلِخَبَرِ مُصْعَبٍ السَّابِقِ (ثُمَّ يَشُدُّ الْأَكْفَانَ عَلَيْهِ بِشِدَادٍ) لِئَلَّا تَنْتَشِرَ عِنْدَ الْحَمْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ (وَيَحِلُّ فِي الْقَبْرِ) ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ مَعْقُودٌ (وَلَا يَجِبُ الْحَنُوطُ) بَلْ يُنْدَبُ (وَيَسْتَوِي فِي الْكَفَنِ) بِصِفَتِهِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ (الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ (وَلَا يُعَدُّ) أَيْ لَا يُنْدَبُ أَنْ يَعُدَّ (لِنَفْسِهِ كَفَنًا لِئَلَّا يُحَاسَبَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى اتِّخَاذِهِ لَا عَلَى اكْتِسَابِهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْكَفَنِ بَلْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ كَذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ تَكْفِينَهُ مِنْ مَالِهِ وَاجِبٌ، وَهُوَ يُحَاسَبُ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ (مِنْ) جِهَةِ (حِلٍّ وَأَثَرِ ذِي صَلَاحٍ فَحَسُنَ) إعْدَادُهُ وَقَدْ صَحَّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فِعْلُهُ لَكِنْ لَا يَجِبُ تَكْفِينُهُ فِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ بَلْ لِلْوَارِثِ إبْدَالُهُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ بِنَاءِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ ذَلِكَ عَلَى مَا لَوْ قَالَ اقْضِ دَيْنِي مِنْ هَذَا الْمَالِ الْوُجُوبُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُومِئُ إلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمُتَّجِهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلِهَذَا لَوْ نَزَعَ الثِّيَابَ الْمُلَطَّخَةَ بِالدَّمِ عَنْ الشَّهِيدِ وَكَفَّنَهُ فِي غَيْرِهَا جَازَ مَعَ أَنَّ فِيهَا أَثَرَ الْعِبَادَةِ الشَّاهِدَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ فَهَذَا أَوْلَى قَالَ وَلَوْ أَعَدَّ لَهُ قَبْرًا يُدْفَنُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لِلِاعْتِبَارِ بِخِلَافِ الْكَفَنِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَلَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مَا دَامَ حَيًّا وَوَافَقَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ كِتَابَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ عَلَى الْكَفَنِ صِيَانَةً عَنْ صَدِيدِ الْمَوْتَى قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ نُبِشَ الْقَبْرُ وَأُخِذَ كَفَنُهُ فَفِي التَّتِمَّةِ يَجِبُ تَكْفِينُهُ ثَانِيًا سَوَاءٌ أَكَانَ كَفَنٌ مِنْ مَالِهِ أَمْ مِنْ مَالِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى الْحَاجَةُ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ وَفِي الْحَاوِي إذَا كُفِّنَ مِنْ مَالِهِ وَقُسِمَتْ التَّرِكَةُ ثُمَّ سُرِقَ كَفَنُهُ اُسْتُحِبَّ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُكَفِّنُوهُ ثَانِيًا وَلَا يَلْزَمُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُمْ ثَانِيًا لَلَزِمَهُمْ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى (بَابُ حَمْلِ الْجَنَائِزِ) (لَيْسَ فِي حَمْلِهَا دَنَاءَةٌ) وَسُقُوطُ مُرُوءَةٍ (بَلْ) هُوَ (بِرٌّ وَإِكْرَامٌ لِلْمَيِّتِ) فَقَدْ فَعَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (وَلَا يَتَوَلَّاهُ إلَّا الرِّجَالُ) ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً لِضَعْفِ النِّسَاء غَالِبًا وَقَدْ يَنْكَشِفُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ لَوْ حَمَلْنَ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهُ لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُنَّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِنَّ (وَيَحْرُمُ حَمْلُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِهَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ) كَحَمْلِهِ فِي غِرَارَةٍ أَوْ قُفَّةٍ (أَوْ) بِهَيْئَةٍ (يُخْشَى سُقُوطُهُ مِنْهَا) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُحْمَلُ عَلَى سَرِيرٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ مَحْمَلٍ وَأَيِّ شَيْءٍ حُمِلَ عَلَيْهِ أَجْزَأَ فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ وَانْفِجَارُهُ قَبْلَ أَنْ يُهَيَّأَ لَهُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَيْدِي وَالرِّقَابِ حَتَّى يُوصَلَ إلَى الْقَبْرِ (وَالْحَمْلُ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ أَفْضَلُ) مِنْ التَّرْبِيعِ لِحَمْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ «وَحَمْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ» رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ الْأَوَّلِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَالثَّانِي بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ (وَهُوَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ وَهُمَا الْخَشَبَتَانِ الشَّاخِصَتَانِ (وَاحِدٌ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بَلْ سَائِرُ أَمْوَالِهِ كَذَلِكَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُسْأَلُ عَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ فَإِنْ اكْتَسَبَ الْمَالَ وَلَمْ يُنْفِقْهُ سُئِلَ عَنْ أَمْرٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا سُئِلَ عَنْ الْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا وَذَلِكَ أَنَّ جِهَةَ الْإِنْفَاقِ قَدْ تَقَعُ عَلَى وَجْهِ الْأَمْرِ وَقَدْ تَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ وَقَدْ يَكُونُ فِيهَا سَرَفٌ وَقَدْ لَا يَكُونُ وَقَدْ يَكُونُ مُحْتَاجًا إلَيْهَا وَقَدْ لَا يَكُونُ فَإِذَا أَنْفَقَ الْمَالَ فِي جِهَةِ الْكَفَنِ سُئِلَ عَنْ الْأَمْرَيْنِ وَقَدْ يُلَامُ الْإِنْسَانُ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ الْآنَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَى لُبْسِهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا بِحَبْسِ ذَلِكَ عَنْهُمْ (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجِهُ الْأَوَّلُ إلَخْ) الْمُتَّجِهُ الْوُجُوبُ فِي الْمَبْنِيِّ كَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِيهِ لِلْوَارِثِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ثِيَابِ الشَّهِيدِ وَاضِحٌ إذَا لَيْسَ فِيهَا مُخَالَفَةُ أَمْرِ الْمُوَرِّثِ بِخِلَافِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَفِي الْحَاوِي إذَا كُفِّنَ مِنْ مَالِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سَيَأْتِي هَذَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ [بَابُ حَمْلِ الْجَنَائِزِ] (بَابُ حَمْلِ الْجَنَائِزِ) (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً) يَتَوَلَّى النِّسَاءُ حَمْلَ الْمَرْأَةِ مِنْ الْمُغْتَسَلِ إلَى الْجِنَازَةِ وَكَذَا تَسْلِيمُهَا لِمَنْ فِي الْقَبْرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَذَا حَلُّ ثِيَابِهَا فِي الْقَبْرِ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَحَكَى الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ عَنْ النَّصِّ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ لِحَمْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ إلَخْ) وَكَذَا فَعَلَهُ عُثْمَانُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي أَمْوَاتٍ حَمَلُوهُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 فَيَضَعُهُمَا عَلَى عَاتِقِيهِ وَالْمُعْتَرِضَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى كَتِفَيْهِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْحَمْلِ (أَعَانَهُ اثْنَانِ بِالْعَمُودَيْنِ) بِأَنْ يَضَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاحِدًا مِنْهُمَا عَلَى عَاتِقِهِ (وَ) يَأْخُذَ (اثْنَانِ بِالْمُؤَخِّرَيْنِ) فِي حَالَتَيْ الْعَجْزِ وَعَدَمِهِ. (وَلَا يَدْخُلُ وَاحِدٌ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِخِلَافِ الْمُقَدَّمَيْنِ فَحَامِلُهَا بِلَا عَجْزٍ ثَلَاثَةٌ وَبِهِ خَمْسَةٌ فَإِنْ عَجَزُوا فَسَبْعَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ وِتْرًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ (وَالتَّرْبِيعُ أَنْ يَحْمِلَ كُلٌّ) مِنْ بَيْنِ أَرْبَعَةٍ (بِعَمُودٍ) بِأَنْ يَضَعَ أَحَدُ الْمُتَقَدِّمَيْنِ الْعَمُودَ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْآخَرُ الْعَمُودَ الْأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَالْمُتَأَخِّرَانِ كَذَلِكَ فَإِنْ عَجَزُوا فَسِتَّةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ أَوْ أَكْثَرُ شَفْعًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالزَّائِدُ عَلَى الْأَصْلِ يَحْمِلُ مِنْ الْجَوَانِبِ أَوْ يُزَادُ عَمَدٌ مُعْتَرِضَةٌ كَمَا فُعِلَ بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِبَدَانَتِهِ، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى اثْنَيْنِ أَوْ وَاحِدٍ فَمَكْرُوهٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الطِّفْلِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِحَمْلِهِ عَلَى الْأَيْدِي (وَالْحَمْلُ تَارَةً كَذَا) أَيْ بِهَيْئَةِ الْحَمْلِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ (وَتَارَةً كَذَا) أَيْ بِهَيْئَةِ التَّرْبِيعِ (أَفْضَلُ) مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى إحْدَاهُمَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي أَيِّهِمَا أَفْضَلُ وَتَفْسِيرِ صِفَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِمَا ذَكَرَ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَصِفَةُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ. وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنْ يَحْمِلَهَا خَمْسَةٌ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْجَوَانِبِ وَوَاحِدٌ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجِنَازَةِ إذْ الْأَفْضَلُ حَمْلُهَا بِخَمْسَةٍ دَائِمًا وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلٍّ مِنْ مُشَيِّعِيهَا فَيَحْمِلُ تَارَةً كَذَا وَتَارَةً كَذَا فَيَكُونُ لِلْجَمْعِ كَيْفِيَّتَانِ كَيْفِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجِنَازَةِ وَكَيْفِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ أَحَدٍ (وَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ) الْجَوَانِبِ (الْأَرْبَعَةِ) بِهَيْئَةِ التَّرْبِيعِ (بَدَأَ بِالْعَمُودِ الْأَيْسَرِ مِنْ مُقَدِّمِهَا) بِأَنْ يَضَعَهُ (عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْبُدَاءَةَ بِيَمِينِ الْحَامِلِ وَالْمَحْمُولِ (ثُمَّ بِالْأَيْسَرِ مِنْ مُؤَخِّرِهَا كَذَلِكَ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ) بَيْنَ يَدَيْهَا (لِئَلَّا يَمْشِيَ خَلْفَهَا فَيَبْدَأُ بِالْأَيْمَنِ مِنْ مُقَدِّمِهَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ) بِالْأَيْمَنِ (مِنْ مُؤَخِّرِهَا) كَذَلِكَ وَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِحَمْلِهَا بِهَيْئَةِ الْحَمْلِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ بَدَأَ بِحَمْلِ الْمُقَدِّمِ عَلَى كَتِفَيْهِ ثُمَّ بِالْعَمُودِ الْأَيْسَرِ الْمُؤَخِّرِ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا فَيَأْخُذُ الْأَيْمَنَ الْمُؤَخِّرَ أَوْ بِحَمْلِهَا بِالْهَيْئَتَيْنِ أَتَى فِيمَا يَظْهَرُ بِمَا أَتَى بِهِ فِي الْأَوْلَى وَيَحْمِلُ الْمُقَدَّمُ عَلَى كَتِفَيْهِ مُقَدِّمًا أَوْ مُؤَخِّرًا ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ بَحَثَ ذَلِكَ لَكِنَّهُ جَعَلَ حَمْلَ الْمُقَدِّمِ عَلَى كَتِفَيْهِ مُؤَخِّرًا وَلَيْسَ بِقَيْدِ بَلْ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (فَصْلٌ وَالْمَشْيُ) لِلْمُشَيِّعِ لَهَا وَكَوْنُهُ (أَمَامَهَا أَفْضَلَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ؛ وَلِأَنَّهُ شَفِيعٌ وَحَقُّ الشَّفِيعِ أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ كَخَبَرِ «امْشُوا خَلْفَ الْجَنَائِزِ» فَضَعِيفٌ (وَ) كَوْنُهُ (قَرِيبًا) مِنْهَا (بِحَيْثُ يَرَاهَا إنْ الْتَفَتَ) إلَيْهَا أَفْضَلَ مِنْهُ بَعِيدًا بِأَنْ لَا يَرَاهَا لِكَثْرَةِ الْمَاشِينَ مَعَهَا لِلْخَبَرِ الْآتِي قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ بَعُدَ عَنْهَا فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهَا بِأَنْ يَكُونَ التَّابِعُونَ كَثِيرِينَ حَصَلَتْ الْفَضِيلَةُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ مَشَى خَلْفَهَا حَصَلَ لَهُ فَضِيلَةُ أَصْلُ الْمُتَابَعَةِ وَفَاتُهُ كَمَالُهَا وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَى الْمَقْبَرَةِ لَمْ يُكْرَهْ ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَامَ حَتَّى تُوضَعَ الْجِنَازَةُ، وَإِنْ شَاءَ قَعَدَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَكَذَا) ذَهَابُهُ أَمَامَهَا وَقَرِيبًا مِنْهَا (إنْ رَكِبَ) أَفْضَلُ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَالْمَجْمُوعِ لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ تَبَعًا لِلْخَطَّابِيِّ أَمَّا ذَهَابُ الرَّاكِبِ خَلْفَهَا فَأَفْضَلُ بِالِاتِّفَاقِ وَدَلِيلُهُ خَبَرُ «الرَّاكِبِ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا قَرِيبًا مِنْهَا. وَالسَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ الْمُغِيرَةِ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْط الْبُخَارِيِّ؛ وَلِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ يُؤْذِي الْمُشَاةَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ انْتَهَى وَدَلِيلُهُ قَوِيٌّ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ دَعْوَى الِاتِّفَاقِ خَطَأٌ إذْ لَا خِلَافَ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَكُونُ أَمَامَهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْإِمَامُ وَاَلَّذِي أَوْقَعَ الرَّافِعِيَّ فِي ذَلِكَ هُوَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ (وَيُكْرَهُ) رُكُوبُهُ فِي ذَهَابِهِ مَعَهَا لِخَبَرِ «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى نَاسًا رُكْبَانًا فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ أَلَا تَسْتَحْيُونَ أَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ رُوِيَ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْقُوفًا وَرَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِدَابَّةٍ، وَهُوَ مَعَ جِنَازَةٍ فَأَبَى أَنْ يَرْكَبَ فَلَمَّا انْصَرَفَ أُتِيَ بِدَابَّةٍ فَرَكِبَ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ إنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَمْشِي فَلَمْ أَكُنْ لِأَرْكَبَ وَهُمْ يَمْشُونَ فَلَمَّا ذَهَبُوا رَكِبْت» (بِلَا عُذْرٍ) أَمَّا رُكُوبُهُ بِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَضَعْفٍ أَوْ فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الطِّفْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَتَى فِيمَا يَظْهَرُ بِمَا أَتَى بِهِ فِي الْأَوْلَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ مَشْيُ الْمُشَيِّعِ لَلْجِنَازَة] (قَوْلُهُ ذَكَرَ الْأَصْلُ) وَنَقَلَهُ فِيهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 رُجُوعِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (ثُمَّ الْإِسْرَاعُ بِهَا بَيْنَ الْمَشْيِ) الْمُعْتَادِ (وَالْخَبَبُ أَفْضَلُ) لِخَبَرِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ» السَّابِقِ وَحُمِلَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا فَوْقَهُ يُؤَدِّي إلَى انْقِطَاعِ الضُّعَفَاءِ هَذَا (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) الْإِسْرَاعُ فَإِنْ ضَرَّهُ فَالتَّأَنِّي أَفْضَلُ (فَإِنْ خِيفَ) عَلَيْهِ (تَغَيُّرٌ أَوْ انْفِجَارٌ أَوْ انْتِفَاخٌ زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ وَتُسْتَرُ الْمَرْأَةُ بِشَيْءٍ كَالْخَيْمَةِ) مُبَالَغَةً فِي السِّتْرِ (وَتَشْيِيعُ الْجِنَازَةِ) إلَى أَنْ تُدْفَنَ (سُنَّةٌ) مُتَأَكِّدَةٌ (لِلرِّجَالِ) لِخَبَرِ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ» وَقَدْ مَرَّ (مَكْرُوهٌ لِلنِّسَاءِ) إنْ لَمْ يَتَضَمَّنْ حَرَامًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْنَا» أَيْ نَهْيًا غَيْرَ مُحَتَّمٍ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ فَضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى مَا يَتَضَمَّنُ حَرَامًا (وَلَهُ) بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (تَشْيِيعُ جِنَازَةِ كَافِرٍ قَرِيبٍ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد «عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ قَالَ انْطَلِقْ فَوَارِهِ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ بِالْقَرِيبِ وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ الْجَارُ كَمَا فِي الْعِيَادَةِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى، وَأَمَّا زِيَارَةُ قَبْرِهِ فَفِي الْمَجْمُوعِ الصَّوَابُ جَوَازُهُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اسْتَأْذَنْت رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْته أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْمَوْتَ» (وَيُكْرَهُ أَنْ تُتَّبَعَ) الْجِنَازَةُ (بِنَارٍ أَوْ مِجْمَرَةٍ) الْأَوْلَى قَوْلُ الرَّوْضَةِ أَنْ تُتَّبَعَ بِنَارٍ فِي مِجْمَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَأَنْ يُجْمَرَ عِنْدَ الْقَبْرِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا تُتْبِعُوا الْجِنَازَةَ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ» ؛ وَلِأَنَّهُ يُتَفَاءَلُ بِذَلِكَ فَأْلَ السَّوْءِ وَرَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ إذَا أَنَا مِتُّ فَلَا تَصْحَبْنِي نَارٌ وَلَا نَائِحَةٌ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ أَوْصَى لَا تُتْبِعُونِي بِصَارِخَةٍ وَلَا مِجْمَرَةٍ وَلَا تَجْعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَ الْأَرْضِ شَيْئًا (وَالنَّوْحُ) ، وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ (وَالصِّيَاحُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (حَرَامٌ) لِمَا مَرَّ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «بَرِئَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الصَّالِقَةِ وَالْحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ» السِّرْبَالِ وَالْقَمِيصِ كَالدِّرْعِ وَالْقَطِرَانِ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَسُكُونِهَا دُهْنُ شَجَرٍ تُطْلَى بِهِ الْإِبِلُ الْجُرْبُ وَيُسَرَّحُ بِهِ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي اشْتِعَالِ النَّارِ وَالصَّالِقَةُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ رَافِعَةُ الصَّوْتِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ (وَ) فِعْلُهُمَا (خَلْفَهَا أَشَدُّ تَحْرِيمًا) لِمَا مَرَّ مَعَ اشْتِغَالِ الْفِكْرِ الْمَأْمُورِ بِاشْتِغَالِهِ بِمَا يَأْتِي (وَيُكْرَهُ لِلْمَاشِي) يَعْنِي لِلذَّاهِبِ مَعَهَا (الْحَدِيثُ) فِي أُمُورِ الدُّنْيَا (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِكْرُ فِي الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ) وَفَنَاءِ الدُّنْيَا، وَإِنَّ هَذَا آخِرُهَا وَيُسْتَحَبُّ الِاشْتِغَالُ بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ سِرًّا. قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمُخْتَارُ وَالصَّوَابُ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ مِنْ السُّكُونِ فِي حَالِ السَّيْرِ مَعَهَا فَلَا يُرْفَعُ صَوْتٌ بِقِرَاءَةٍ وَلَا ذِكْرٍ وَلَا غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَسْكَنُ لِلْخَاطِرِ وَأَجْمَعُ لِلْفِكْرِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِنَازَةِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فِي هَذَا الْحَالِ (وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ) إذَا مَرَّتْ بِهِ وَلَمْ يُرِدْ الذَّهَابَ مَعَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَدْ ثَبَتَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مَنْ مَرَّتْ بِهِ بِالْقِيَامِ وَمَنْ تَبِعَهَا بِأَنْ لَا يَقْعُدَ عِنْدَ الْقَبْرِ حَتَّى تُوضَعَ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الْعُلَمَاءُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ هَذَانِ الْقِيَامَانِ مَفْسُوخَانِ فَلَا يُؤْمَرُ أَحَدٌ مِنْهُمَا بِالْقِيَامِ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا يُكْرَهُ الْقِيَامُ إذَا لَمْ يُرِدْ الْمَشْيَ مَعَهَا وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْقِيَامُ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُتَوَلِّي هُوَ الْمُخْتَارُ فَقَدْ صَحَّتْ الْأَحَادِيثُ بِالْأَمْرِ بِالْقِيَامِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْقُعُودِ شَيْءٌ إلَّا حَدِيثَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي النَّسْخِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْقُعُودَ فِيهِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَرَادَ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ مَا رَوَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ «قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْجِنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ ثُمَّ قَعَدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَهُمْ بِالْقُعُودِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِنَحْوِهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ «أَنَّ عَلِيًّا رَأَى نَاسًا قِيَامًا يَنْتَظِرُونَ الْجِنَازَةَ أَنْ تُوضَعَ فَأَشَارَ إلَيْهِمْ بِدِرَّةٍ مَعَهُ أَوْ سَوْطٍ أَنْ اجْلِسُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَلَسَ بَعْدَمَا كَانَ يَقُومُ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا اخْتَارَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي فَهِمَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - التَّرْكَ مُطْلَقًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلِهَذَا أَمَرَ بِالْقُعُودِ مَنْ رَآهُ قَائِمًا وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا وَأَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ وَأَنْ يَقُولَ مَنْ رَآهَا سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمِلْكِ الْقُدُّوسِ انْتَهَى وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا رَأَى جِنَازَةً قَالَ {هَذَا مَا وَعَدَنَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَتُسْتَرُ الْمَرْأَةُ كَالْخَيْمَةِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَوَّلُ مَنْ غُطِّيَ نَعْشُهَا فِي الْإِسْلَامِ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ بَعْدَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ (قَوْلُهُ وَلَهُ تَشْيِيعُ جِنَازَةِ كَافِرٍ قَرِيبٍ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ تَحْرِيمَ تَشْيِيعِ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ الْكَافِرِ غَيْرَ الْقَرِيبِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّاشِيُّ كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ قَالَ شَيْخُنَا: يَرُدُّهُ إلْحَاقُ الْجَارِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِمْ بِالْقَرِيبِ (قَوْلُهُ فَقُلْت «إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ الضَّالَّ» ) قَالَ شَيْخُنَا كَانَ لَهُ أَمَانٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ الزَّوْجَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَمْلُوكُ) أَيْ وَالْمَوْلَى (قَوْلُهُ وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ الْجَارُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ تُتْبَعَ بِنَارٍ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ اُحْتِيجَ إلَى الدَّفْنِ لَيْلًا فِي اللَّيَالِي الْمُظْلِمَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ حَمْلُ السِّرَاجِ وَالشَّمْعَةِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا سِيَّمَا حَالَةُ الدَّفْنِ لِأَجْلِ إحْسَانِ الدَّفْنِ وَإِحْكَامِهِ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالصِّيَاحُ حَرَامٌ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَكَذَا الْقِرَاءَةُ بِالتَّمْطِيطِ بِالْإِجْمَاعِ وَمَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْمَنْعِ وَلَمْ يَمْنَعْ فَسَقَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: 22] اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا ثُمَّ أَسْنَدَ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ رَأَى جِنَازَةً فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً» (بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ) (إنَّمَا تَصِحُّ عَلَى) مَيِّتٍ (مُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ) فَلَا تَصِحُّ عَلَى حَيٍّ وَلَا عَلَى عُضْوٍ دُونَ بَاقِيهِ وَلَا كَافِرٍ وَلَا شَهِيدٍ كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ وُجِدَ جُزْءٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ (وَتَحَقَّقَ مَوْتُهُ وَلَوْ) كَانَ الْجُزْءُ (ظُفْرًا أَوْ شَعْرًا وَجَبَ غُسْلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ) كَالْمَيِّتِ الْحَاضِرِ وَلَا يَقْدَحُ غَيْبَةُ بَاقِيهِ فَقَدْ صَلَّى الصَّحَابَةُ عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ وَقَدْ أَلْقَاهَا طَائِرُ نَسْرٍ بِمَكَّةَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ وَعَرَفُوهَا بِخَاتَمِهِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا وَكَانَتْ الْوَقْعَةُ فِي جُمَادَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَيُشْتَرَطُ انْفِصَالُهُ مِنْ مَيِّتٍ لِيَخْرُجَ الْمُنْفَصِلُ مِنْ حَيٍّ كَأُذُنِهِ الْمُلْتَصِقَةِ إذَا وُجِدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ ثُمَّ قَالَ فَلَوْ أُبِينَ عُضْوٌ مِنْ إنْسَانٍ فَمَاتَ فِي الْحَالِ فَحُكْمُ الْكُلِّ وَاحِدٌ يَجِبُ غُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ مُدَّةٍ سَوَاءٌ انْدَمَلَتْ جِرَاحَتُهُ أَمْ لَا (لَا شَعْرَةٌ وَاحِدَةٌ) فَلَا تُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهَا كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ (وَكَذَا) تَجِبُ (مُوَارَاتُهُ) أَيْ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ (بِخِرْقَةٍ) إنْ كَانَ مِنْ الْعَوْرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّكْفِينِ سِتْرُهَا فَقَطْ كَمَا مَرَّ (وَدَفْنُهُ) كَالْمَيِّتِ. (وَيُسْتَحَبُّ دَفْنُ مَا انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ) لَمْ يَمُتْ فِي الْحَالِ أَوْ مِمَّنْ شَكَكْنَا فِي مَوْتِهِ (كَيَدِ سَارِقٍ وَظُفْرٍ وَشَعْرٍ وَعَلَقَةٍ وَدَمِ فَصْدٍ وَنَحْوِهِ) إكْرَامًا لِصَاحِبِهَا وَصَرَّحَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهَا تُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ أَيْضًا بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وُجُوبُ لَفِّ الْيَدِ وَدَفْنِهَا (وَمَنْ وَجَدَ مَيِّتًا مَجْهُولًا أَوْ عُضْوَهُ) الْأَوْلَى أَوْ بَعْضَهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ (فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ صَلَّى عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا الْإِسْلَامُ، وَإِنْ وُجِدَ فِي غَيْرِهَا قَالَ الْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ اللَّقِيطِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ (وَنَوَى الصَّلَاةَ) فِي صُورَةِ الْعُضْوِ (عَلَى الْمَيِّتِ لَا الْعُضْوِ) وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ، وَإِنَّمَا أَزَدْنَا هُنَا شَرْطِيَّةَ حُضُورِ الْعُضْوِ وَغُسْلَهُ وَبَقِيَّةَ مَا يُشْتَرَطُ فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ وَيَكُونُ الْجُزْءُ الْغَائِبُ تَبَعًا لِلْحَاضِرِ قَالَ وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي وُجُوبِ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ كَمَا مَرَّ قَالَ أَعْنِي السُّبْكِيَّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَهَلْ نَقُولُ تَجِبُ حُرْمَةٌ لَهُ كَالْجُمْلَةِ أَوْ لَا فِيهِ احْتِمَالٌ يُعْرَفُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي النِّيَّةِ انْتَهَى. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ قَدْ صَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ غَسْلِ الْعُضْوِ وَإِلَّا فَتَجِبُ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ الْمُجَوِّزَةِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِدُونِ غَسْلِ الْعُضْوِ بِوُجْدَانِنَا لَهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْكَافِي لَوْ قُطِعَ رَأْسُ إنْسَانٍ بِبَلَدٍ وَحُمِلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِ حَيْثُ هُوَ وَعَلَى الْجُثَّةِ حَيْثُ هِيَ وَلَا يُكْتَفَى بِالصَّلَاةِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ صُلِّيَ عَلَى الْمَيِّت كَمَا قَالَ فِيمَا مَرَّ وَتَرْكُ مَا بَعْدَهُ كَانَ أَخْصَرَ (فَرْعٌ السِّقْطُ) بِتَثْلِيثِ سِينِهِ (إنْ اسْتَهَلَّ) أَيْ صَاحَ وَالْمُرَادُ إنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ بِصِيَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَكَالْكَبِيرِ) فَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ بَعْدَهَا (وَكَذَا أَنْ اخْتَلَجَ وَتَحَرَّكَ) بَعْدَ انْفِصَالِهِ لِظُهُورِ أَمَارَةِ الْحَيَاةِ فِيهِ وَلِخَبَرِ «الطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الِاخْتِلَاجِ وَالتَّحَرُّكِ تَأْكِيدٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَظْهَرْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ بِاخْتِلَاجٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَإِنْ بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) أَيْ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ حَدَّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ (غُسِّلَ وَكُفِّنَ) وَدُفِنَ وُجُوبًا (بِلَا صَلَاةٍ) فَلَا تَجِبُ بَلْ لَا تَجُوزُ لِعَدَمِ ظُهُورِ حَيَاتِهِ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّهُ أَوْسَعُ بَابًا مِنْهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُدْفَنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ (وَلِدُونِهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (وَرَوَى بِخِرْقَةٍ وَدُفِنَ) فَقَطْ نَدْبًا لَكِنَّ مَا نِيطَ بِهِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ   [حاشية الرملي الكبير] [بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ] ِ) قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْإِيصَاءُ بِالثُّلُثِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ وُجِدَ جُزْءٌ مِنْهُ وَتَحَقَّقَ مَوْتُهُ إلَخْ) مَنْ قُطِعَتْ أُذُنُهُ فَأَلْصَقَهَا فِي حَرَارَةِ الدَّمِ ثُمَّ افْتَرَسَهُ سَبُعٌ وَوُجِدَتْ الْأُذُنُ فَقَطْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهَا لِانْفِصَالِهَا فِي حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهَا) فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الْبَدَنُ تَابِعًا لَهَا فِي الْوُجُوبِ الْمَذْكُورِ وَمِثْلُ الشَّعْرَةِ نَحْوُهَا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّكْفِينِ سَتْرُهَا فَقَطْ إلَخْ) لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا بَاقِي الْبَدَنِ فَيَجِبُ سَتْرُهُ لِحَقِّ الْمَيِّتِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: هَذَا كُلُّهُ فَاسِدٌ حَصَلَ مِنْ التَّغَفُّلِ وَعَدَمِ الْإِحَاطَةِ بِالْمَدَارِكِ فَإِنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَسَتْرَ الزَّائِدِ مِنْ الْبَدَنِ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَيَجِبُ عَلَيْنَا اسْتِيعَابُ جَمِيعِ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ) سَكَتَ عَنْ مَيِّتٍ مَجْهُولٍ وُجِدَ بِبَلَدِنَا، وَهُوَ أَغْلَفُ وَوَسَطُ رَأْسِهِ مَحْلُوقٌ وَهَذِهِ عَادَةُ نَصَارَى الشَّامِ فَتَوَقَّفْت فِيهِ لِلْقَرِينَتَيْنِ عِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا الْإِسْلَامُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ إذَا وُجِدَ فِي مَوَاتٍ لَا يُنْسَبُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا إلَى دَارِ الْكُفْرِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَذُبُّ عَنْهُ أَحَدٌ وَفِيهِ نَظَرٌ ح (قَوْلُهُ وَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ إلَخْ) ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جُمْلَةِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ السقط إِن اسْتَهَلَّ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ] (قَوْلُهُ السَّقْطُ) بِتَثْلِيثِ سِينِهِ الْوَلَدُ النَّازِلُ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهِ وَقِيلَ مَنْ وُلِدَ مَيِّتًا (قَوْلُهُ حَدُّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَمْكُثُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَقَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا مُضْغَةً ثُمَّ يُؤْمَرُ الْمِلْكُ فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَأَثَرَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ» وَكَانَ الْأَصْحَابُ أَخَذُوا تَعَقُّبَ نَفْخِ الرُّوحِ لِلْأَرْبَعَيْنِ السَّابِقَةِ مِنْ سِيَاقِ الْخَبَرِ فَإِنَّ الْعَلَقَةَ تَتَعَقَّبُ النُّطْفَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ وَالْمُضْغَةَ تَتَعَقَّبُ الْعَلَقَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا فَثُمَّ لَا تَقْتَضِي التَّعْقِيبَ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ ظُهُورِ حَيَاتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْأَحْيَاءِ فِي الْإِرْثِ فَكَذَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْغُسْلَ آكَدُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْكَافِرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 وَمَا دُونَهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ ظُهُورِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ عِنْدَهَا وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ إنَّمَا هُوَ بِظُهُورِ خَلْقِهِ وَعَدَمِ ظُهُورِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِزَمَنِ إمْكَانِ نَفْخِ الرُّوحِ وَعَدَمِهِ وَبَعْضُهُمْ بِالتَّخْطِيطِ وَعَدَمِهِ وَكُلُّهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَارِبَةً فَالْعِبْرَةُ بِمَا قُلْنَا (فَصْلٌ يَجُوزُ غُسْلُ الْكَافِرِ) وَلَوْ حَرْبِيًّا إذْ لَا مَانِعَ وَلِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَلِيًّا بِغُسْلِ أَبِيهِ» لَكِنْ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ (لَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ) وَلَوْ ذِمِّيًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] (وَيَجِبُ تَكْفِينُ الذِّمِّيِّ وَدَفْنُهُ) عَلَيْنَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ كَمَا يَجِبُ إطْعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ حَيًّا حِينَئِذٍ وَفِي مَعْنَاهُ الْمُعَاهِدُ وَالْمُؤَمَّنُ (لَا حَرْبِيٌّ وَمُرْتَدٌّ) فَلَا يَجِبُ تَكْفِينُهُمَا وَلَا دَفْنُهُمَا (وَيُغْرِي بِهِمَا الْكِلَابَ) جَوَازًا إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُمَا وَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِإِلْقَاءِ قَتْلَى بَدْرٍ فِي الْقَلِيبِ بِهَيْئَتِهِمْ (فَإِنْ تَأَذَّى) أَحَدٌ (بِرِيحِهِمَا دُفِنَا) الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ أَصْلِهِ فَإِنْ دُفِنَا فَلِئَلَّا يَتَأَذَّى النَّاسُ بِرِيحِهِمَا (وَإِنْ اخْتَلَطَ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ بِغَيْرِهِمْ) مِنْ الْكُفَّارِ وَالشُّهَدَاءِ وَالسَّقْطِ الَّذِي لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ (غُسِّلُوا) وَكَفِّنُوا وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ (جَمِيعًا) إذْ لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِذَلِكَ وَعُورِضَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ مُحَرَّمَةٌ وَلَا يَتِمُّ تَرْكُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَحْصِيلَ مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ. (وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ وَيُصَلِّيَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرِ الشُّهَدَاءِ مِنْهُمْ) أَوْ غَيْرِ السَّقْطِ وَيَقُولُ فِي الْأُولَى اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ (وَإِنْ أَفْرَدَ كُلًّا) مِنْهُمْ بِصَلَاةٍ (وَنَوَاهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) أَوْ غَيْرَ شَهِيدٍ أَوْ غَيْرَ سَقْطٍ (جَازَ) وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ (وَيَقُولُ) فِي الْأَوْلَى (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَدْ تَتَعَيَّنُ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ كَأَنْ يُؤَدِّيَ التَّأْخِيرُ لِاجْتِمَاعِهِمْ إلَى تَغَيُّرِ أَحَدِهِمْ وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ بِإِسْلَامِهِ وَكُفْرِهِ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَيَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَشَهِدَ عَدْلٌ بِأَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ فِي تَوْرِيثِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ مِنْهُ وَلَا حِرْمَانُ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ بِلَا خِلَافٍ وَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ بِقَوْلِ عَدْلٍ وَاحِدٍ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ قَبُولِهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ خِلَافُهُ (فَصْلٌ يَحْرُمُ غُسْلُ الشَّهِيدِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ جُنُبًا) وَحَائِضًا وَنُفَسَاءَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ» وَفِي لَفْظٍ لَهُ «وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ» بِفَتْحِ اللَّام وَلِخَبَرِ أَحْمَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا تُغَسِّلُوهُمْ فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ أَوْ كَلْمٍ أَوْ دَمٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ» وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ وَالتَّعْظِيمُ لَهُمْ بِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ دُعَاءِ الْقَوْمِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَمَّا خَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ فَصَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ» فَالْمُرَادُ دَعَا لَهُمْ كَدُعَائِهِ لِلْمَيِّتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] وَالْإِجْمَاعُ يَدُلُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ لَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِنَّمَا سَقَطَ غُسْلُ الْجُنُبِ وَنَحْوُهُ بِالشَّهَادَةِ «؛ لِأَنَّ حَنْظَلَةَ بْنَ الرَّاهِبِ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ جُنُبٌ وَلَمْ يُغَسِّلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِفِعْلِنَا؛ وَلِأَنَّهُ طُهْرٌ عَنْ حَدَثٍ فَسَقَطَ بِالشَّهَادَةِ كَغُسْلِ الْمَوْتِ فَيَحْرُمُ إذْ لَا قَائِلَ بِغَيْرِ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَحْرُمُ غُسْلُهُ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةُ حَدَثٍ فَلَمْ تَجُزْ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ. (وَهُوَ) أَيْ الشَّهِيدُ (مَنْ مَاتَ) وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا (فِي حَالِ الْقِتَالِ أَوْ لَمْ تَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِسَبَبِ قِتَالِ الْكُفَّارِ) بَلْ أَوْ الْكَافِرِ الْوَاحِدِ وَلَوْ قَالَ أَوَّلًا فِي حَالِ قِتَالِ   [حاشية الرملي الكبير] يُغَسَّلَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَصْلِ) وَالْمَجْمُوعِ [فَصْلٌ غُسْلُ الْكَافِرِ] (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 84] إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] (قَوْلُهُ بِغَيْرِهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ) كَاخْتِلَاطِ مُسْلِمٍ بِأَلْفِ كَافِرٍ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَدْ تَتَعَيَّنُ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ إلَخْ) وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الْكَيْفِيَّةُ الْأُولَى كَأَنْ يُؤَدِّيَ الِانْفِرَادُ إلَى تَغَيُّرٍ أَوْ انْفِجَارٍ لِشِدَّةِ حَرٍّ وَكَثْرَةِ الْمَوْتَى (قَوْلُهُ وَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ قَبُولِهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْأَصَحُّ [فَصْلٌ غُسْلُ الشَّهِيدِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ] (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ خَبَرُ جَابِرٍ لَا يُحْتَجَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ وَشَهَادَةُ النَّفْيِ مَرْدُودَةٌ مَعَ مَا عَارَضَهَا فِي خَبَرِ الْإِثْبَاتِ فَأَجَابَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ شَهَادَةَ النَّفْيِ إنَّمَا تُرَدُّ إذَا لَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمُ الشَّاهِدِ، وَلَمْ تَكُنْ مَحْصُورَةً وَإِلَّا فَتُقْبَلُ بِالِاتِّفَاقِ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ أَحَاطَ بِهَا جَابِرٌ وَغَيْرُهُ عِلْمًا، وَأَمَّا خَبَرُ الْإِثْبَاتِ فَقَدْ أَجَبْنَا عَنْهُ ش (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ) فِي ذَلِكَ حَثٌّ عَلَى الْجِهَادِ وَلَيْسَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ حَثٌّ (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِفِعْلِنَا) اعْتَرَضَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ بِالْكَفَنِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْنَا وَمَعَ ذَلِكَ إذَا شَاهَدْنَا تَكْفِينَ الْمَلَائِكَةِ لِلْمَيِّتِ كَفَى فَمَنَعَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ ذَلِكَ قَالَ وَلَا يَكْفِي فِيهِ أَيْ فِي الْكَفَنِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا قَالَ وَسَلَّمَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ وَفَرَّقَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكَفَنِ سَتْرُهُ وَقَدْ حَصَلَ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْغُسْلِ هُوَ التَّعَبُّدُ بِفِعْلِهِ؛ وَلِهَذَا يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ لَا لِلْكَفَنِ وَقَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا شَاهَدْنَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بِسَبَبِ قِتَالِ الْكُفَّارِ) وَلَوْ فِي حَالِ انْهِزَامِهِمْ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ اسْتَعَانَ الْبُغَاةُ بِكُفَّارٍ فَقَتَلَ كَافِرٌ مُسْلِمًا فَهُوَ شَهِيدٌ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ اسْتَعَانَ الْكُفَّارُ بِالْبُغَاةِ مِنَّا فَقَتَلَ بَاغٍ عَادِلًا مِنَّا فِي الْقِتَالِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ شَهِيدٌ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قِتَالُ الْكُفَّارِ يَشْمَلُ الْحَرْبِيِّينَ وَالْمُرْتَدِّينَ وَأَهْلَ الذِّمَّةِ إذَا حَارَبُونَا فِي دَارِنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 الْكُفَّارِ وَثَانِيًا بِسَبَبِ الْقِتَالِ كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ) مَاتَ (بِدَابَّتِهِ) الْأَوْلَى بِدَابَّةٍ بِالتَّنْكِيرِ أَيْ بِسَبَبِهَا (وَ) بِسَبَبِ (سِلَاحِهِ أَوْ سِلَاحِ مُسْلِمٍ) آخَرَ (خَطَأً) أَوْ تَرَدَّى فِي وَهْدَةٍ (أَوْ) مَاتَ وَ (جُهِلَ السَّبَبُ) الَّذِي مَاتَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَثَرُ دَمٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ الْقِتَالِ وَقَوْلُهُ خَطَأً إيضَاحٌ فَإِنَّ مَا خَرَجَ بِهِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِسَبَبِ الْقِتَالِ (فَإِنْ) جُرِحَ فِي الْقِتَالِ وَقَدْ (بَقِيَتْ فِيهِ) بَعْدَ انْقِضَائِهِ (حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ بِشَهِيدٍ (وَإِنْ قُطِعَ بِمَوْتِهِ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَاشَ بَعْدَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مَاتَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ (وَلَا مَنْ مَاتَ فَجْأَةً فِيهِ) أَوْ بِمَرَضٍ (أَوْ قَتَلَهُ أَهْلُ بَغْيٍ أَوْ اُغْتِيلَ) أَيْ قَتَلَهُ غِيلَةً مُسْلِمٌ مُطْلَقًا أَوْ كَافِرٌ فِي غَيْرِ قِتَالٍ (وَاسْمُ الشَّهِيدِ فِي الْفِقْهِ مُخَصَّصٌ بِمَنْ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) مِمَّنْ مَاتَ مِنَّا بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ (وَأَمَّا فِي الْأَجْرِ) فِي الْآخِرَةِ (فَكُلُّ مَقْتُولٍ ظُلْمًا شَهِيدٌ) ذِكْرُ شَهِيدٍ تَأْكِيدٌ (وَكَذَا مَبْطُونٌ وَمَطْعُونٌ وَغَرِيقٌ وَغَرِيبٌ) أَيْ مَاتُوا بِالْبَطْنِ وَالطَّاعُونِ وَالْغَرَقِ وَالْغُرْبَةِ (وَمَنْ مَاتَ عِشْقًا أَوْ بِالطَّلْقِ) أَوْ بِدَارُ الْحَرْبِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَكُلُّهُمْ شُهَدَاءُ فِي الْأَجْرِ خَاصَّةً فَيَجِبُ غُسْلُهُمْ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُهُمَا، وَإِنَّمَا خَالَفْنَاهُ فِي الْمَيِّتِ بِسَبَبِ الْقِتَالِ تَعْظِيمًا لِأَمْرِهِ وَتَرْغِيبًا فِيهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالشُّهَدَاءُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ. شَهِيدٌ فِي حُكْمِ الدُّنْيَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَفِي حُكْمِ الْآخِرَةِ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ ثَوَابًا خَاصًّا، وَهُوَ مَنْ قُتِلَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ وَقَدْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَشَهِيدٌ فِي الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا، وَهُوَ مَنْ قُتِلَ ظُلْمًا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَالْمَبْطُونُ وَنَحْوُهُمَا وَشَهِيدٌ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ، وَهُوَ مَنْ قُتِلَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ وَقَدْ غَلَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ قُتِلَ مُدْبِرًا أَوْ قَاتَلَ رِيَاءً أَوْ نَحْوُهُ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ الْغَرِيبِ الْعَاصِيَ بِغُرْبَتِهِ كَالْآبِقِ وَالنَّاشِزَةِ وَمِنْ الْغَرِيقِ الْعَاصِيَ بِرُكُوبِهِ الْبَحْرَ كَمَنْ رَكِبَهُ لِشُرْبِ الْخَمْرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ قَالَ، وَأَمَّا الْمَيِّتُ عِشْقًا فَشَرْطُهُ الْعِفَّةُ وَالْكِتْمَانُ لِخَبَرِ «مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ وَكَتَمَ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا» وَقَدْ ضُعِّفَ إسْنَادُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ صَوَّبَ وَقْفَهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَيَجِبُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَنْ يُتَصَوَّرُ إبَاحَةُ نِكَاحِهِ لَهَا شَرْعًا وَيَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهَا كَزَوْجَةِ الْمَلِكِ وَإِلَّا فَعِشْقُ الْمُرْدِ مَعْصِيَةٌ فَكَيْفَ تَحْصُلُ بِهَا دَرَجَةُ الشَّهَادَةِ قَالَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَيِّتَةِ بِالطَّلْقِ الْحَامِلُ بِزِنَاهَا (وَأَمَّا قَاطِعُ الطَّرِيقِ) إذَا اسْتَحَقَّ الصَّلْبَ مَعَ الْقَتْلِ (فَيُقْتَلُ ثُمَّ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصْلَبُ مُكَفَّنًا وَتُغْسَلُ) وُجُوبًا (نَجَاسَةُ شَهِيدٍ) حَصَلَتْ بِغَيْرِ سَبَبِ الشَّهَادَةِ (وَلَوْ أَدَّى غُسْلُهَا إلَى غُسْلِ دَمِهِ) الْحَاصِلِ بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَثَرِ الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ مَا كَانَ بِسَبَبِهَا مِنْ الدَّمِ فَتَحْرُمُ إزَالَتُهُ لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ غُسْلِ الشَّهِيدِ؛ وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ (فَائِدَةٌ) سُمِّيَ الشَّهِيدُ الْمَذْكُورُ شَهِيدًا لَمَعَانٍ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ شَهِدَا لَهُ بِالْجَنَّةِ وَمِنْهَا أَنَّهُ يُبْعَثُ وَلَهُ شَاهِدٌ بِقَتْلِهِ، وَهُوَ دَمُهُ؛ لِأَنَّهُ يُبْعَثُ وَجُرْحُهُ يَتَفَجَّرُ دَمًا وَمِنْهَا أَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ يَشْهَدُونَهُ فَيَقْبِضُونَ رُوحَهُ (فَرْعٌ وَالْأَوْلَى) فِي تَكْفِينِ الشَّهِيدِ (تَكْفِينُهُ فِي ثِيَابِهِ الْمُلَطَّخَةِ بِالدَّمِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «عَنْ جَابِرٍ قَالَ رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ أَوْ حَلْقِهِ فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَالْمُرَادُ ثِيَابُهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَاعْتِيدَ لُبْسُهَا غَالِبًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُلَطَّخَةً بِالدَّمِ لَكِنَّ الْمُلَطَّخَةَ أَوْلَى ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَالتَّقْيِيدُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ بِالْمُلَطَّخَةِ لِبَيَانِ الْأَكْمَلِ وَعُلِمَ بِكَوْنِهَا أَوْلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَكْفِينُهُ فِيهَا كَسَائِرِ الْمَوْتَى وَفَارَقَ الْغُسْلَ بِإِبْقَاءِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَدَنِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِإِكْرَامِهِ وَالْإِشْعَارِ بِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الدُّعَاءِ (فَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ ثِيَابُهُ تُمِّمَ عَلَيْهَا) نَدْبًا إنْ سَتَرَتْ عَوْرَتَهُ وَإِلَّا فَوُجُوبًا فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا عَلَيْهِ سَابِغًا تُمِّمَ وَمِنْ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا عَلَيْهِ كَافِيًا لِلْكَفَنِ الْوَاجِبِ وَجَبَ لِتَمَامِهِ (وَلَوْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ نَزْعَهَا) وَتَكْفِينَهُ فِي غَيْرِهَا (نُزِعَتْ) أَيْ جَازَ نَزْعُهَا   [حاشية الرملي الكبير] وَتَصَدَّوْا لِقَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَيْنَا وَنَحْوَ ذَلِكَ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا وَقَوْلُهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ شَهِيدٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ قَتَلَهُ أَهْلُ بَغْيٍ) ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - غَسَّلَتْ ابْنَهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ؛ وَلِأَنَّهُ مَقْتُولٌ فِي حَرْبِ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْبَهَ الْقَتِيلَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ الْغَرِيبِ الْعَاصِيَ بِغُرْبَتِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَشَرْطُهُ الْعِفَّةُ وَالْكِتْمَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَيَجِبُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَنْ تُتَصَوَّرُ وَإِلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى الْوَالِدُ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ شَرْعًا أَوْ لَا كَالْأَمْرَدِ حَيْثُ عَفَّ وَكَتَمَ إذْ الْمَحَبَّةُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى دَفْعِهَا وَقَدْ يَكُونُ الصَّبْرُ عَلَى الثَّانِي أَشَدَّ إذْ لَا وَسِيلَةَ لَهُ لِقَضَاءِ وَطَرِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَتُغْسَلُ نَجَاسَةُ شَهِيدٍ) الظَّاهِرُ وُجُوبُ إزَالَةِ غَائِطٍ نَشَأَ خُرُوجُهُ عَنْ الْقَتْلِ، وَإِنَّ الَّذِي لَا يُزَالُ إنَّمَا هُوَ الدَّمُ فَقَطْ لِوُرُودِ الْفَضْلِ فِيهِ. اهـ. قَدْ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ قَالَ فِي الْعُبَابِ: يُكْرَهُ تَنْزِيهًا إزَالَةُ دَمِ الشَّهِيدِ بِلَا غَسْلٍ بَلْ يَحُكُّهُ بِنَحْوِ عُودٍ قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى حَكٍّ لَا تَحْصُلُ بِهِ الْإِزَالَةُ رَأْسًا وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا أَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَنِ يَشْهَدُونَهُ إلَخْ) وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ فَكَأَنَّ رُوحَهُ شَاهِدَةٌ أَيْ حَاضِرَةً وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْكَرَامَةِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالْأَمَانِ مِنْ النَّارِ، وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِإِبْلَاغِ الرُّسُلِ [فَرْعٌ تَكْفِينِ الشَّهِيدِ] (قَوْلُهُ نَدْبًا إنْ سُتِرَتْ الْعَوْرَةُ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَرَّةٍ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا زَادَ عَلَيْهَا وَاجِبٌ لِحَقِّ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَابِغًا تَمَّمَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَيْ وُجُوبًا عِنْدَ الْمُكْنَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: هَكَذَا قَالَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ يَعْنِي اللَّفْظَ الَّذِي فِي الْكِتَابِ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ السَّابِغَ مَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ نَزْعَهَا نُزِعَتْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُ الدِّيبَاجُ الْمُبَاحُ لَهُ إمَّا وُجُوبًا أَوْ اسْتِحْبَابًا بِالزَّوَالِ الْحَاجَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُحْرِمًا فَلَيْسَ مَخِيطًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْنُهُ فِيهِ لِبَقَاءِ حُكْمِ إحْرَامِهِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ ثِيَابُهُ نَفِيسَةً بِحَيْثُ يَكُونُ التَّكْفِينُ بِهَا إسْرَافًا أَوْ مُغَالَاةً وَفِي الْوَرَثَةِ مَنْ لَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ أَوْ كَانُوا غَائِبِينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْنُهُ فِيهَا وَلَمْ أَرَ فِي هَذَا كُلِّهِ شَيْئًا اهـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 وَتَكْفِينُهُ فِي غَيْرِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ عَلَيْهِ أَثَرُ الشَّهَادَةِ أَمْ لَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ أُجِيبَ الْمُمْتَنِعُونَ كَمَا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ فَكَفَّنَهُ فِي ثَوْبٍ وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ التَّكْفِينِ وَاجِبٌ بِخِلَافِ تَكْفِينِ الشَّهِيدِ فِي ثِيَابِهِ (وَتُنْزَعُ) نَدْبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (آلَةُ الْحَرْبِ عَنْهُ) كَدِرْعٍ (وَ) كَذَا (الْخُفُّ وَنَحْوُهُ) مِمَّا لَا يُعْتَادُ لُبْسُهُ غَالِبًا كَجِلْدٍ وَفَرْوَةٍ وَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ كَسَائِرِ الْمَوْتَى، وَفِي أَبِي دَاوُد فِي قَتْلَى أُحُدٍ الْأَمْرُ بِنَزْعِ الْحَدِيدِ وَالْجُلُودِ وَدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخُفَّ وَنَحْوَهُ لَيْسَا مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ، وَأَمَّا الدِّرْعُ وَالْجِلْدُ وَالْفِرَاءُ وَالْخِفَافُ فَتُنْزَعُ (فَرْعٌ وَأَوْلَى النَّاسِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ) وَلَوْ امْرَأَةً مَنْ يَأْتِي؛ لِأَنَّهَا مِنْ قَضَاءِ حَقِّ الْمَيِّت كَالتَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ (وَإِنْ أَوْصَى) بِهَا (لِغَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّهَا حَقُّهُ فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهَا كَالْإِرْثِ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَصَلَّى، وَأَنَّ عُمَرَ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ فَصَلَّى، وَأَنَّ عَائِشَةَ وَصَّتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَصَلَّى، وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَصَلَّى مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُمْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ فَيُقَدَّمُ (الْأَبُ) وَقَوْلُهُ (أَوْ نَائِبُهُ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَغَيْرِ الْأَبِ أَيْضًا نَائِبُهُ (ثُمَّ أَبُوهُ، وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ وَخَالَفَ ذَلِكَ تَرْتِيبَ الْإِرْثِ بِأَنَّ مُعْظَمَ الْغَرَضِ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فَقُدِّمَ الْأَشْفَقُ؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ (ثُمَّ الْعَصَبَاتُ) النِّسْبِيَّةُ أَيْ بَقِيَّتُهُمْ (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) فِي غَيْرِ ابْنَيْ عَمِّ أَحَدِهِمَا أَخٍ لِأُمٍّ كَمَا سَيَأْتِي فَيُقَدَّمُ الْأَخُ الشَّقِيقُ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ وَهَكَذَا وَسَيَأْتِي بَعْضُهُ. (وَيُقَدَّمُ مُرَاهِقٌ) وَالْمُرَادُ مُمَيِّزٌ (أَجْنَبِيٌّ عَلَى امْرَأَةٍ قَرِيبَةٍ وَلَوْ اجْتَمَعَ ابْنَا عَمِّ أَحَدِهِمَا أَخٌ مِنْ أُمٍّ قُدِّمَ) هُوَ لِتَرَجُّحِهِ بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ وَالْأُمِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا دَخْلٌ فِي إمَامَةِ الرِّجَالِ لَهَا مَدْخَلٌ فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهَا تُصَلِّي مَأْمُومَةً وَمُنْفَرِدَةً وَإِمَامَةً لِلنِّسَاءِ عِنْدَ فَقْدِ الرِّجَالِ فَقُدِّمَ بِهَا (كَمَا يُقَدَّمُ الْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ) عَلَى الْأَخِ مِنْ الْأَبِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْعَصَبَاتِ النِّسْبِيَّةِ (الْمَوْلَى) فَيُقَدَّمُ (الْمُعْتَقُ ثُمَّ عَصَبَاتُهُ) فَيُقَدَّمُ عَصَبَاتُهُ النِّسْبِيَّةُ ثُمَّ مُعْتِقُهُ ثُمَّ عَصَبَاتُهُ النِّسْبِيَّةُ وَهَكَذَا وَذِكْرُ لَفْظِ الْمَوْلَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا فَائِدَةَ لَهُ غَيْرُ الْإِجْمَالِ ثُمَّ التَّفْصِيلُ بِمَا بَعْدَهُ (ثُمَّ السُّلْطَانُ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمُتَوَلِّي (ثُمَّ الْأَرْحَامُ) أَيْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَيُقَدَّمُ (الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيُقَدَّمُ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ) فَالْأَخُ مِنْ الْأُمِّ هُنَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِخِلَافِهِ فِي الْإِرْثِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ تَأْخِيرُ بَنِي الْبَنَاتِ عَنْ هَؤُلَاءِ لَكِنْ قَدَّمَهُمْ فِي الذَّخَائِرِ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا حَقَّ فِي الصَّلَاةِ لِلزَّوْجِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا وُجِدَ مَعَ الزَّوْجِ غَيْرُ الْأَجَانِبِ وَمَعَ الْمَرْأَةِ ذَكَرٌ وَإِلَّا فَالزَّوْجُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَجَانِبِ وَالْمَرْأَةُ تُصَلِّي وَتُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الذَّكَرِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي تَقْدِيمِ السَّيِّدِ عَلَى أَقَارِبِ الرَّقِيقِ الْأَحْرَارِ نَظَرٌ يُلْتَفَتُ إلَى أَنَّ الرِّقَّ هَلْ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ أَمْ لَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْغُسْلِ أَنَّ شَرْطَ الْمُقَدَّمِ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا وَالْقِيَاسُ هُنَا مِثْلُهُ قُلْت وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَرْعٌ) لَوْ (اسْتَوَى اثْنَانِ فِي دَرَجَةٍ) كَابْنَيْنِ وَأَخَوَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَهْلٌ لِلْإِمَامَةِ (قُدِّمَ الْأَسَنُّ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرُ الْفَاسِقِ وَالرَّقِيقُ وَالْمُبْتَدِعُ عَلَى الْأَفْقَهِ) مِنْهُ عَكْسُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا الدُّعَاءُ وَدُعَاءُ الْأَسَنِّ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ وَسَائِرُ الصَّلَوَاتِ مُحْتَاجَةٌ إلَى الْفِقْهِ لِوُقُوعِ الْحَوَادِثِ فِيهَا أَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ فَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي الْإِمَامَةِ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَالْأَفْقَهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا فَالْأَسَنُّ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي السِّنِّ قُدِّمَ الْأَفْقَهُ وَالْأَقْرَأُ وَالْأَوْرَعُ بِالتَّرْتِيبِ السَّابِقِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ اقْتَضَتْ الْعِلَّةُ خِلَافَهُ (وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ) الْعَدْلُ (عَلَى رَقِيقٍ) وَلَوْ (أَقْرَبَ) وَأَفْقَهَ وَأَسَنَّ؛ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ (كَالْعَمِّ الْحُرِّ) فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ (عَلَى الْأَبِ الرَّقِيقِ) مُطْلَقًا (وَكَذَا) يُقَدَّمُ الْحُرُّ الْعَدْلُ (عَلَى رَقِيقٍ فَقِيهٍ) كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا قَبْلَهُ أَيْضًا وَيُقَدَّمُ الرَّقِيقُ الْقَرِيبُ عَلَى الْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ وَالرَّقِيقُ الْبَالِغُ عَلَى الْحُرِّ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَهُوَ أَحْرَصُ عَلَى تَكْمِيلِ الصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ مُجْمَعٌ عَلَى جَوَازِهَا بِخِلَافِهَا خَلْفَ الصَّبِيِّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ يُقَدَّمُ مَفْضُولُ الدَّرَجَةِ عَلَى نَائِبِ فَاضِلِهَا فِي الْأَقْيَسِ وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخُفَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ أَوْلَى النَّاسِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ] (قَوْلُهُ ثُمَّ السُّلْطَانُ) يُقَدَّمُ الْوَالِي عَلَى الْوَلِيِّ إذَا خِيفَتْ الْفِتْنَةُ مِنْ الْوَالِي كَمَا فِي الْمُعِينِ عَنْ مَفْهُومِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: الْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ ذَوِي الْأَرْحَامِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ عَلَى الْإِمَامِ وَلَوْ مَعَ الِانْتِظَامِ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ، وَهُوَ أَنَّ دُعَاءَ الْأَقْرَبِ لِلْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَدَّمَهُمْ فِي الذَّخَائِرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَفِي تَقْدِيمِ السَّيِّدِ عَلَى أَقَارِبِ الرَّقِيقِ إلَخْ) هَلْ يَكُونُ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى أَمَتِهِ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا أَوَّلًا؛ لِأَنَّ مَدَارَ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّفَقَةِ احْتِمَالَانِ لِلْقَفَّالِ نَقَلَهُمَا عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُمَا أَنَّ السَّيِّدَ أَحَقُّ بِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى رَقِيقِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ أَوْلَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَنَّ السَّيِّدَ أَحَقُّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَدُعَاءُ الْأَسَنِّ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ) وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ يَسْتَحْيِ أَنْ يَرُدَّ دَعْوَةَ ذِي الشَّيْبَةِ فِي الْإِسْلَامِ» (قَوْلُهُ، وَإِنْ اقْتَضَتْ الْعِلَّةُ خِلَافَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ) إذَا كَانَ الْأَقْرَبُ أَهْلًا لِلصَّلَاةِ فَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهَا حَضَرَ أَوْ غَابَ وَلَا اعْتِرَاضَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 (فَإِنْ اسْتَوَوْا) فِيمَا ذَكَرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ مِنْ النَّظَافَةِ وَحُسْنِ الْوَجْهِ وَغَيْرِهِمَا (وَتَشَاحُّوا أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَإِنْ تَرَاضَوْا بِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ قُدِّمَ أَوْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أُقْرِعَ كَنَظِيرِهِ فِيمَا يَأْتِي قَالَ فِي الذَّخَائِرِ فَلَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ جَازَ قَطْعًا وَفِي نَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ خِلَافٌ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْأَجْنَبِيُّ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ حَاضِرًا بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّقْدِيمُ فِي الْأَجَانِبِ مُعْتَبَرٌ بِمَا قُدِّمَ بِهِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ (فَصْلٌ يَقِفُ الْإِمَامُ) وَالْمُنْفَرِدُ نَدْبًا (عِنْدَ رَأْسِ الذَّكَرِ) وَلَوْ صَبِيًّا (وَعِنْدَ عَجِيزَةِ غَيْرِهِ) مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الْأَوَّلِ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَفِي الثَّانِي فِي الْأُنْثَى الشَّيْخَانِ وَقِيسَ بِهَا الْخُنْثَى وَالْمَعْنَى فِيهِ مُحَاوَلَةُ سِتْرِهِمَا وَتَعْبِيرُهُ بِغَيْرِهِ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِ أَصْلِهِ عَلَى الْأُنْثَى لَكِنْ فِيهِ تَغْلِيبٌ؛ لِأَنَّ الْعَجِيزَةَ إنَّمَا تُقَالُ فِي الْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا يُقَالُ فِيهِ عَجُزٌ كَمَا يُقَالُ فِيهَا أَيْضًا قَالَ بَعْضُ الْغَسِيلِيِّ الْيَمَنِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَأْتِيَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ وَاسْتَبْعَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ بَلْ هُوَ حَسَنٌ عَمَلًا بِالسُّنَّةِ فِي الْأَصْلِ (فَإِنْ تَقَدَّمَ) الْمُصَلِّي (عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْقَبْرِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) كَمَا فِي تَقَدُّمِ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ أَمَّا الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْغَائِبَةِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ لِلْحَاجَةِ (فَرْعٌ فَإِنْ اجْتَمَعَ جَنَائِزُ وَرَضِيَ الْأَوْلِيَاءُ بِوَاحِدٍ) مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ (فَلَهُ) أَيْ لِلْوَاحِدِ (جَمْعُهُمْ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ) سَوَاءٌ أَكَانُوا ذُكُورًا أَمْ إنَاثًا أَمْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَى تِسْعِ جَنَائِزَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ فَجَعَلَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِيهِ وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ صَلِّي عَلَى زَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَجَعَلَهُ مِمَّا يَلِيهِ وَجَعَلَهَا مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَفِي الْقَوْمِ نَحْوُ ثَمَانِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ فَقَالُوا هَذِهِ السُّنَّةُ» ؛ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهَا الدُّعَاءُ وَيُمْكِنُ جَمْعُهَا فِيهِ (وَ) لَهُ (إفْرَادُ كُلٍّ) بِصَلَاةٍ (وَهُوَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَرْجَى لِلْقَبُولِ، وَلَيْسَ هُوَ تَأْخِيرًا كَثِيرًا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ الْجَمْعَ وَيَتَعَذَّرُ إفْرَادُ كُلِّ جِنَازَةٍ بِصَلَاةٍ أَيْ كَمَا لَوْ خِيفَ تَغَيُّرُ بَعْضِهِمْ أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الدَّفْنِ وَهَاتَانِ الْكَيْفِيَّتَانِ تَأْتِيَانِ أَيْضًا فِيمَا إذَا لَمْ تَتَعَدَّدْ الْأَوْلِيَاءُ كَأَنْ كَانَ وَلِيُّ الْكُلِّ وَاحِدًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفَرْقٌ بَيْنَ أَوْلَوِيَّةِ الْإِفْرَادِ هُنَا وَأَوْلَوِيَّةِ الْجَمْعِ فِي اخْتِلَاطِ الْمُسْلِمِينَ بِالْكُفَّارِ بِأَنَّ الْإِفْرَادَ فِيهِ تَعْظِيمٌ، وَهُوَ لَا يُلَائِمُ حَالَ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ الْمُحَرِّمِ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِهِ هُنَا (فَإِنْ رَضُوا بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ) أَوْ تَنَازَعُوا فِي التَّقْدِيمِ وَثَمَّ جِنَازَةٌ سَابِقَةٌ (فَوَلِيُّ السَّابِقَةِ) أَوْلَى ذَكَرًا كَانَ مَيِّتُهُ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ وَلِيُّ الْمُتَأَخِّرَةِ أَفْضَلُ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ سَابِقَةٌ تُقَدَّمُ (بِالْقُرْعَةِ) لِمَا مَرَّ. وَلَك أَنْ تَقُولَ لِمَ لَمْ يُقَدِّمُوا بِالصِّفَاتِ قَبْلَ الْإِقْرَاعِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ (فَلَوْ جَمَعَهُمْ) الْإِمَامُ لِلصَّلَاةِ (وُضِعُوا بَيْن يَدَيْهِ وَاحِدًا خَلْفَ وَاحِدٍ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ) لِيُحَاذِيَ الْجَمِيعَ سَوَاءٌ أَجَاءُوا مُرَتَّبِينَ أَمْ مَعًا وَلَمْ يَخْتَلِفْ النَّوْعُ (فَإِنْ جَاءُوا مَعًا) وَاخْتَلَفَ النَّوْعُ (قُرِّبَ إلَى الْإِمَامِ الرَّجُلُ ثُمَّ الطِّفْلُ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ) لِمَا مَرَّ مِنْ الْآثَارِ وَلِئَلَّا يَتَقَدَّمَ نَاقِصٌ عَلَى كَامِلٍ وَيُحَاذِي بِرَأْسِ الرَّجُلِ عَجِيزَةَ الْمَرْأَةِ وَفَارَقَ مَا ذَكَرَهُ الدَّفْنَ حَيْثُ يُقَدَّمُ فِيهِ الرَّجُلُ إلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُ بِأَنَّ قُرْبَ الْإِمَامِ مَطْلُوبٌ، وَهُوَ مُمْكِنٌ فِي الصَّلَاةِ فَفُعِلَ بِخِلَافِهِ فِي الدَّفْنِ (وَإِنْ حَضَرَ خَنَاثَى) مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ (جُعِلُوا صَفًّا عَنْ يَمِينِهِ رَأْسًا لِرِجْلٍ) أَيْ رَأْسَ كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ لِئَلَّا تَتَقَدَّمَ أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (اتَّحَدَ النَّوْعُ) بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ خَنَاثَى (قُرِّبَ) إلَيْهِ (أَفْضَلُهُمْ وَرَعًا وَتَقْوَى) وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يُرَغِّبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا) لِزَوَالِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ اسْتَوَوْا) وَرَضِيَ الْأَوْلِيَاءُ بِتَقْدِيمِ وَاحِدٍ فَذَاكَ وَإِلَّا (أُقْرِعَ) وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْلُ بِالشِّقَّيْنِ مَعًا فَإِنْ صَلَّوْا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ وَالْإِمَامُ وَاحِدٌ قُدِّمَ مَنْ يُخَافُ فَسَادُهُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا إنْ تَرَاضَوْا وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَ الْفَاضِلِ وَغَيْرِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِالتَّقْرِيبِ إلَى الْإِمَامِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ التَّقْدِيمِ فِي الصَّلَاةِ (وَإِنْ تَعَاقَبُوا لَمْ يُنَحَّ سَابِقٌ) ، وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا (إلَّا لِأُنُوثَةِ) فِيهِ وَلَوْ مُحْتَمَلَةً فَتُنَحَّى الْأُنْثَى لِلذَّكَرِ وَلَوْ صَبِيًّا وَلِلْمُشْكِلِ   [حاشية الرملي الكبير] لِلْأَبْعَدِ صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ فَمَا وَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ مِمَّا يُخَالِفُهُ لَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ جَازَ قَطْعًا) قَالَ شَيْخُنَا: م يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ أَجْنَبِيٌّ عَلَى وَلِيِّهَا مَعَ حُضُورِهِ وَعَدَمِ إذْنِهِ جَازَ [فَصْلٌ كَيْفِيَّة وُقُوف الْإِمَامُ فِي الصَّلَاة عَلَيَّ الْمَيِّت] (قَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَأْتِيَ هَذَا لِتَفْصِيلٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ قَالَ النَّاشِرِيُّ: إذَا صَلَّى عَلَى قَبْرِ الْخُنْثَى أَوْ الْمَرْأَةِ هَلْ يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِهَا أَوْ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا قَالَ الْأَصْبَحِيُّ يَقِفُ عِنْدَ مُحَاذَاةِ الْعَجِيزَةِ نَظَرًا إلَى مَا كَانَ قَبْلُ وَوَجَدْت بِخَطِّ وَالِدِي عَنْ الْفَقِيهَيْنِ فِي كِتَابِ الْمُذَاكَرَةِ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَأْتِيَ هَذَا التَّفْصِيلُ بَعْدَ الدَّفْنِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَعِمَادُ الدِّينِ الْمُنَاوِيُّ قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ صَلَّى عَلَى ذَكَرٍ وَأُنْثَى فِي سَرِيرٍ وَاحِدٍ فَإِنْ أَخَّرَ رَأْسَ الذَّكَرِ إلَى عَجُزِ الْأُنْثَى فَظَاهِرٌ وَإِلَّا رَاعَى الْأُنْثَى لِلسِّتْرِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي تَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ عَلَى إمَامِهِ) لَكِنْ لَوْ وَضَعَ الْمَيِّتَ فِي بَيْتٍ مُقْفَلٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ جَازَ كَمَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بَعْدَ الدَّفْنِ وَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي بَابِ الْقُدْوَةِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي تَابُوتٍ مُقْفَلٍ لَكِنَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ إنَّمَا امْتَنَعَ فِي بَابِ الْقُدْوَةِ لِكَوْنِ الْمَأْمُومِ لَا يُشَاهِدُ الْإِمَامَ وَيَخْفَى عَلَيْهِ أَحْوَالُهُ وَأَحْوَالُ الْمَيِّتِ غَيْرُ مُفْتَقِرٍ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ انْتِقَالَاتٌ وَلَا حَرَكَاتٌ يُقْتَدَى بِهِ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يُحَاذِ الْمَيِّتَ بِجُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ بِأَنْ وَقَفَ الْمُصَلِّي فِي الْعُلُوِّ وَالْمَيِّتُ فِي السُّفْلِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ وَضَعَ الْمَيِّتَ فِي تَابُوتٍ وَعَلَيْهِ خَشَبَةٌ مُعْتَرِضَةٌ فَوَقَفَ الْمُصَلِّي عَلَيْهَا بِحَيْثُ صَارَ مُرْتَفِعًا عَلَى الْمَيِّتِ هَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ كَمَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِي الْقَبْرِ مَعَ انْتِفَاءِ الْمُحَاذَاةِ أَمْ لَا تَصِحُّ وَيُخَالِفُ الْقَبْرَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ وَنَبْشُ الْمَيِّتِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَتَمُّ الرِّوَايَتَيْنِ الْبُطْلَانُ [فَرْعٌ اجْتَمَعَ جَنَائِزُ وَرَضِيَ الْأَوْلِيَاءُ بِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ فَلَهُ جَمْعُهُمْ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ] (قَوْلُهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ لِمَ لَمْ يُقَدِّمُوا بِالصِّفَاتِ قَبْلَ الْإِقْرَاعِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ تَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 وَيُنَحَّى الْمُشْكِلُ لِلذَّكَرِ لِئَلَّا تَتَقَدَّمَ أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنَحَّ الصَّبِيُّ لِلرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقِفُ مَعَهُ فِي الصَّفِّ بِخِلَافِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَتَعْبِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِ أَصْلِهِ عَلَى تَنْحِيَةِ الْمَرْأَةِ لِلذَّكَرِ وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِصَلَاةِ غَيْرِهِ صَلَّى عَلَى مَيِّتِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (فَصْلٌ وَأَرْكَانُهَا سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ النِّيَّةُ) كَغَيْرِهَا وَلِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَيَجِبُ قَرْنُهَا بِالتَّكْبِيرَةِ الْأُولَى) وَالتَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ كَمَا فِي غَيْرِهَا وَوُجُوبُ التَّعَرُّضِ لَهَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَلَوْ نَوَى الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْكِفَايَةِ أَجْزَأَ وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ) وَلَا مَعْرِفَتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَيَكْفِي قَصْدُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ) فَالْعِبْرَةُ بِنَوْعِ تَمْيِيزٍ فَلَوْ صَلَّى عَلَى جَمَاعَةٍ كَفَى قَصْدُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَدَدَهُمْ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَلَوْ صَلَّى عَلَى بَعْضِهِمْ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ ثُمَّ صَلَّى عَلَى الْبَاقِي كَذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ قَالَ وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُمْ عَشْرَةٌ فَبَانُوا أَحَدَ عَشَرَ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُعَيِّنٍ قَالَ وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُمْ أَحَدَ عَشَرَ فَبَانُوا عَشْرَةً فَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ (فَإِنْ عَيَّنَ وَأَخْطَأَ) كَأَنْ صَلَّى عَلَى زَيْدٍ أَوْ عَلَى الْكَبِيرِ أَوْ الذَّكَرِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَبَانَ عَمْرًا أَوْ الصَّغِيرَ أَوْ الْأُنْثَى (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ أَيْ لَمْ تَصِحَّ إلَّا مَعَ الْإِشَارَةِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ. وَصَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا بِهَذَا الْمُسْتَثْنَى وَلَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ بِالصَّلَاةِ عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ حَضَرَتْ أُخْرَى وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ تُرِكَتْ حَتَّى يَفْرُغَ ثُمَّ يُصَلِّ عَلَى الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا أَوَّلًا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيَجِبُ) عَلَى الْمَأْمُومِ (نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ) أَوْ الِائْتِمَامِ أَوْ الْجَمَاعَةِ بِالْإِمَامِ كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ (الثَّانِي الْقِيَام) فِيهَا (وَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْعَجْزِ) عَنْهُ كَمَا فِي غَيْرِهَا (الثَّالِثُ التَّكْبِيرَاتُ الْأَرْبَعُ) مِنْهَا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَعَدَّ الْغَزَالِيُّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ رُكْنًا وَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى (فَلَوْ كَبَّرَ هُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ (أَوْ إمَامُهُ خَمْسًا) وَلَوْ عَمْدًا (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تُخِلُّ بِالصَّلَاةِ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ وَكَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْخَمْسِ لَا يُبْطِلُ أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْأَرْبَعَ أَوْلَى لِتَقَرُّرِ الْأَمْرِ عَلَيْهَا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ وَتَشْبِيهُ التَّكْبِيرَةِ بِالرَّكْعَةِ فِيمَا يَأْتِي مَحَلُّهُ بِقَرِينَةٍ الْمَقَامِ فِي الْمُتَابَعَةِ حِفْظًا لِتَأَكُّدِهَا نَعَمْ لَوْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ عَمْدًا مُعْتَقِدًا لِلْبُطْلَانِ بَطَلَتْ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (وَ) لَوْ زَادَ الْإِمَامُ عَلَيْهَا وَقُلْنَا لَا تَبْطُلُ (لَمْ يُتَابِعْهُ) الْمَأْمُومُ أَيْ لَا تُسَنُّ لَهُ مُتَابَعَتُهُ فِي الزَّائِدِ لِعَدَمِ سُنَّةٍ لِلْإِمَامِ وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ جَرَى السُّبْكِيُّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْوُجُوبِ لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الصَّوَابُ أَنَّهُ فِي الْجَوَازِ مَمْنُوعٌ (وَلَهُ انْتِظَارُهُ) لِيُسَلِّمَ مَعَهُ بَلْ هُوَ الْأَوْلَى لِتَأَكُّدِ الْمُتَابَعَةِ وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ فِي الْحَالِ (وَلَا سُجُودَ لِسَهْوِهَا) أَيْ لِلسَّهْوِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذْ لَا مَدْخَلَ لِلسُّجُودِ فِيهَا (الرَّابِعُ السَّلَامُ بَعْدَهَا) أَيْ التَّكْبِيرَاتِ (كَغَيْرِهَا) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ النَّسَائِيّ الْآتِي وَقَوْلُهُ بَعْدَهَا كَغَيْرِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَالثَّانِي مُغْنٍ عَنْ الْأَوَّلِ (الْخَامِسُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَالَ لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ» وَفِي رِوَايَةٍ «قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَجَهَرَ بِهَا وَقَالَ إنَّمَا جَهَرْت لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ» وَلِعُمُومِ خَبَرِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الْأُولَى) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ السُّنَّةُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً ثُمَّ يُكَبِّرَ ثَلَاثًا وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الْآخِرَةِ» (وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَى) التَّكْبِيرَةِ (الثَّانِيَةِ) كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ حِكَايَةِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ لَهُ عَنْ النَّصِّ بَعْدَ نَقْلِهِمَا الْمَنْعَ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجُ وَالْمَجْمُوعِ وَلَمْ يَخُصَّ الثَّانِيَةَ فَقَالَ قُلْت تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى وَعَلَيْهِ مَعَ مَا قَالُوهُ مِنْ تَعَيُّنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّانِيَةِ وَالدُّعَاءِ فِي الثَّالِثَةِ يَلْزَمُ خُلُوُّ الْأُولَى عَنْ ذِكْرٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَ رُكْنَيْنِ فِي تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ تَعَيُّنُ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ أَرْكَانُ صَلَاةُ الْجِنَازَة] قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ) اسْتَثْنَى ابْنُ عُجَيْلٍ وَإِسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ الْيُمْنَيَانِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ التَّعْيِينِ الْغَائِبِ فَقَالَا: لَا بُدَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِنْ تَعْيِينِهِ بِالْقَلْبِ وَعُزِيَ إلَى الْبَسِيطِ وَوَجَّهَهُ الْأَصْبَحِيُّ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْمَوْتِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَهُمْ غَائِبُونَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَيُّنِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ اسْتَثْنَى ابْنُ عُجَيْلٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ: فَلَوْ صَلَّى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ: وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُمْ أَحَدَ عَشْرَ إلَخْ) قَالَ وَلَوْ صَلَّى عَلَى حَيٍّ وَمَيِّتٍ صَحَّتْ عَلَى الْمَيِّتِ إنْ جُهِلَ الْحَالُ وَإِلَّا فَلَا كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ عَلَى مَيِّتَيْنِ ثُمَّ نَوَى قَطْعَهَا عَنْ أَحَدِهِمَا بَطَلَتْ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْعَجْزِ عَنْهُ كَمَا فِي غَيْرِهَا) قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَالْقِيَاسُ جَوَازُ الْقُعُودِ لِمَنْ تَقَعُ لَهُ نَافِلَةٌ كَالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ إذَا صَلَّيَا مَعَ الرِّجَالِ قَالَ شَيْخُنَا: إلَّا وَجْهَ خِلَافِهِ (قَوْلُهُ الثَّالِثُ التَّكْبِيرَاتُ الْأَرْبَعُ) لِدَوَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا مِنْ مَوْتِ النَّجَاشِيِّ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ عَمْدًا مُعْتَقِدًا لِلْبُطْلَانِ بَطَلَتْ) يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَبْطُلُ أَنْ يَبْطُلَ جَزْمًا لِاعْتِقَادِهِ ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْكَافِي قَالَ: وَيُكَبِّرُ فِيهَا أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ فَلَوْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ إنْ زَادَ خَطَأً لَا يَضُرُّهُ، وَإِنْ زَادَ عَمْدًا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ اجْتِهَادًا أَوْ تَقْلِيدًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَظِنَّةُ الِاجْتِهَادِ، وَإِنْ فَعَلَهُ جُزَافًا تَبْطُلُ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. لَفْظُهُ وَالْوَجْهُ التَّفْصِيلُ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ فَعَلَهُ اجْتِهَادًا أَوْ تَقْلِيدًا لَمْ تَبْطُلْ وَلَا بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا أَوْ غَالِطًا أَوْ شَاكًّا فِي الْعَدَدِ غ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ لَا تُسَنُّ لَهُ مُتَابَعَتُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَقَالَ قُلْت تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَمِلَ الْمُنْفَرِدَ وَالْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُومِ أَمَّا الْمَأْمُومُ الْمُوَافِقُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِيمَا يَأْتِي بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ كَرَكْعَةٍ. (قَوْلُهُ يَلْزَمُ خُلُوُّ الْأُولَى عَنْ ذِكْرٍ إلَخْ) وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَاسْتَفَدْنَا مِنْهُ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ الْقِرَاءَةَ إلَى الثَّانِيَةِ قَرَأَ ثُمَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ إلَى الثَّالِثَةِ قَرَأَ ثُمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 فِي التِّبْيَانِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصَّيْنِ نَقَلَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُ فِيهِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْأَوْلَوِيَّةُ لِيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْأُمِّ وَأُحِبُّ إذَا كَبَّرَ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى إنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ فِي الْأُمِّ وَاجِبٌ إلَى آخِرِهِ سُنَّةٌ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ تَتِمَّتُهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ يُخْلِصُ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ فَأُحِبُّ مُتَعَلِّقٌ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ الَّذِي مِنْهُ الِاسْتِغْفَارُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَهُوَ مَسْنُونٌ وَمِنْ هَذَا فِيمَا أَظُنُّ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهَا تُجْزِئُ بَعْدَ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ نَصٍّ صَرِيحٍ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي التِّبْيَانِ وِفَاقًا لِلنَّصَّيْنِ وَالْجُمْهُورِ وَلِخَبَرِ النَّسَائِيّ السَّابِقِ وَالْمُدْرَكُ هُنَا الِاتِّبَاعُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ تَعَيُّنَهَا فِي الْأُولَى أَوْلَى مِنْ تَعَيُّنِ الدُّعَاءِ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ تَعَيُّنُهَا فِي الْأُولَى، وَهُوَ الْمُخْتَارُ نَعَمْ لَوْ نَسِيَهَا فِيهَا فَهَلْ يَكْفِي تَدَارُكُهَا فِي الثَّانِيَةِ أَوْ تَلْغُو الثَّانِيَةُ فَيَقْرَؤُهَا ثُمَّ يُكَبِّرُ عَنْ الثَّانِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. وَالْقِيَاسُ الثَّانِي وَكَالْفَاتِحَةِ فِيمَا ذَكَرَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا بَدَلُهَا (السَّادِسُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ «عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرُوهُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مِنْ السُّنَّةِ» (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّانِيَةِ) لِفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ فَلَا تَجِبُ فِيهَا كَغَيْرِهَا وَأَوْلَى لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ (السَّابِعُ أَدْنَى الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ) بِخُصُوصِهِ نَحْوُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ أَوْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالْبَيْهَقِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ «إذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ» ؛ وَلِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّالِثَةِ) لِفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلَا يَجِبُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ ذَكَرَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ. (وَيُسَنُّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ لِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ) مِنْ الْأَرْبَعِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ (وَوَضْعُهُمَا بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ (تَحْتَ الصَّدْرِ) كَمَا فِي غَيْرِهَا (وَتَرْكُ الِاسْتِفْتَاحِ وَالسُّورَةِ) لِطُولِهِمَا وَالْأُولَى قَدَّمَهَا فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَقُدِّمَتْ ثُمَّ مَا لَهُ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ تَعَلُّقٌ (وَأَنْ يَتَعَوَّذَ) قَبْلَ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَنِهَا كَالتَّأْمِينِ وَلَا تَطْوِيلَ فِيهِ وَحَذَفَ سُنَّ التَّأْمِينُ، وَإِنْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا قَدَّمَهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ سُنَّةُ الْقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةُ وَذَكَرَ كَالرَّوْضَةِ ثُمَّ أَنَّهُ تَحْسُنُ زِيَادَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (وَ) أَنْ (يُسِرَّ وَلَوْ لَيْلًا) لِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ السَّابِقِ وَكَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ بِجَامِعِ عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ السُّورَةِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهُ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ خَبَرَ أَبِي أُمَامَةَ أَصَحُّ مِنْهُ وَقَوْلُهُ فِيهِ إنَّمَا جَهَرْت لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَعْنِي لِتَعْلَمُوا أَنَّ الْقِرَاءَةَ مَأْمُورٌ بِهَا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْإِسْرَارِ يَشْمَلُ التَّعَوُّذَ وَالْقِرَاءَةَ وَالْأَدْعِيَةَ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَيُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرَاتِ وَالسَّلَامِ (وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ) تَعَالَى (وَ) أَنْ (يُصَلِّيَ عَلَى الْآلِ) مَعَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَ) أَنْ (يَدْعُوَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) كُلٌّ مِنْهَا (فِي الثَّانِيَةِ وَ) أَنْ (يُرَتِّبَهَا) أَيْ الثَّالِثَةَ هَكَذَا وَذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ مِنْ زِيَادَتِهِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ (وَ) أَنْ (يُكْثِرَ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ فَيَقُولَ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَيَقُولَ (اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُك إلَى آخِرِهِ) وَبَقِيَّتُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَابْنُ عَبْدَيْك خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا أَيْ نَسِيمِ رِيحِهَا وَاتِّسَاعِهَا وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فِيهَا أَيْ مَا يُحِبُّهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ أَيْ مِنْ الْأَهْوَالِ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِك أَيْ هُوَ ضَيْفُك وَأَنْتَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ وَضَيْفُ الْكِرَامِ لَا يُضَامُ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِك وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ وَقَدْ جِئْنَاك رَاغِبِينَ إلَيْك شُفَعَاءَ لَهُ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَلَقِّهِ أَيْ أَعْطِهِ بِرَحْمَتِك رِضَاك وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَجَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِك حَتَّى تَبْعَثَهُ إلَى جَنَّتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ جَمَعَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ مِنْ الْأَخْبَارِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَصْحَابُ وَوُجِدَ فِي نُسَخٍ مِنْ الرَّوْضَةِ وَمَحْبُوبِهَا وَكَذَا هُوَ فِي الْمَجْمُوعِ. وَالْمَشْهُورُ فِي قَوْلِهِ وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ الْجَرُّ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ يَجْعَلُ الْوَاوَ لِلْحَالِ (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْجِنَازَةُ (امْرَأَةً قَالَ) (أَمَتُك وَأَنْتِ) مَا يَعُودُ إلَيْهَا (وَإِنْ ذَكَرَ بِقَصْدِ الشَّخْصِ جَازَ) أَيْ لَمْ يَضُرَّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ كَانَ خُنْثَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] دَعَا لِلْمَيِّتِ لِإِمْكَانِ التَّرْتِيبِ فَلَا يُخِلُّ بِهِ، وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ رُكْنَيْنِ فِي تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَأْتِي هُنَا فِي الْفَاتِحَةِ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ بَدَلِهَا لِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا وَبَدَلِ بَعْضِهَا وَتِلْكَ الْحَالَاتُ وَقَوْلُهُ قَالَ النَّاشِرِيُّ: أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ لِفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ) وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فِيهَا» ؛ وَلِأَنَّهُ أَرْجَى لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ بِخُصُوصِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمَا وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ يَجِبُ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَدَامَ إلَى مَوْتِهِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ. اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَشْبَهُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَ عَلَى الصَّلَاةِ التَّعَبُّدُ وَقَالَ الْغَزِّيِّ: وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ فَلَا يَجِبُ الدُّعَاءُ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ.، وَهُوَ بَاطِلٌ. (قَوْلُهُ وَتَرْكُ الِاسْتِفْتَاحِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّخْفِيفِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: هَذَا إذَا صَلَّى عَلَى حَاضِرٍ فَإِنْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ اُتُّجِهَ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانُ بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُشْرَعْ فِي الْجِنَازَةِ لِأَجْلِ التَّعْجِيلِ بِدَفْنِ الْمَيِّتِ، وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ وَكَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ وَفِي التَّفْقِيهِ اسْتِحْبَابُ قِرَاءَةِ السُّورَةِ لِمَنْ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ أَوْ صَلَّى عَلَى الْغَائِبِ لِفَقْدِ عِلَّةِ التَّعْجِيلِ بِدَفْنِ الْمَيِّتِ قَالَ شَيْخُنَا هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ مَبْنَاهَا عَلَى التَّخْفِيفِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ إمَامَ الْكُسُوفِ يُطَوِّلُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ خَلْفَهُ مَحْصُورُونَ لَمْ يَرْضَوْا بِالتَّطْوِيلِ أَوْ غَيْرَ مَحْصُورِينَ (قَوْله وَالْأَدْعِيَةُ) وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهَا مَا عَدَا التَّكْبِيرَاتِ وَالسَّلَامَ (قَوْلُهُ وَلِقِهْ) يَجُوزُ فِيهَا كَسْرُ الْهَاءِ مَعَ الْإِشْبَاعِ وَدُونَهَا وَسُكُونُهَا وَكَذَلِكَ فِي " قِهْ " أَيْضًا (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 فَالْمُتَّجِهُ التَّعْبِيرُ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ أَبٌ بِأَنْ كَانَ وَلَدَ زِنًا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ وَابْنُ أَمَتِك. اهـ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى عَلَى جَمْعٍ مَعًا يَأْتِي فِيهِ بِمَا يُنَاسِبُهُ (وَيَزِيدُ) نَدْبًا (قَبْلَ ذَلِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا» إلَى آخِرِهِ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ زَادَ غَيْرُ التِّرْمِذِيِّ «اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تُضِلّنَا بَعْدَهُ» وَنُدِبَ تَقْدِيمُ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِ لِثُبُوتِ لَفْظِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ الْتَقَطَهُ مِنْ أَخْبَارِ بَعْضِهِ بِاللَّفْظِ وَبَعْضَهُ بِالْمَعْنَى وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جِنَازَةٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزَلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْت الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ» ، وَهَذَا أَصَحُّ دُعَاءِ الْجِنَازَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْحُفَّاظِ وَفِي الْبَابِ أَخْبَارٌ أُخَرُ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ وَصَدَقَ قَوْلُهُ فِيهِ وَأَبْدِلْهُ زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ فِيمَنْ لَا زَوْجَةَ لَهُ وَفِي الْمَرْأَةِ إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا مَعَ زَوْجِهَا فِي الْآخِرَةِ بِأَنْ يُرَادَ فِي الْأَوَّلِ مَا يَعُمُّ الْفِعْلِيَّ وَالتَّقْدِيرِيَّ وَفِي الثَّانِي مَا يَعُمُّ إبْدَالَ الذَّاتِ وَإِبْدَالَ الْهَيْئَةِ (فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا) أَيْ الثَّانِي فِي كَلَامِهِ (وَزَادَ) عَلَيْهِ نَدْبًا (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ) أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا مَصَالِحَهُمَا فِي الْآخِرَةِ (وَسَلَفًا وَذُخْرًا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَعِظَةً) أَيْ مَوْعِظَةً (وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ وَلَا تَحْرِمْهُمَا) بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا (أَجْرَهُ) أَيْ أَجْرَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَوْ أَجْرَ الْمُصِيبَةِ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُنَاسِبٌ لِلْحَالِ. وَيَشْهَدُ لِلدُّعَاءِ لَهُمَا مَا فِي خَبَرِ الْمُغِيرَةِ السَّابِقِ وَالسَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا خَصَّهُ بِالدُّعَاءِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَسَوَاءٌ فِيمَا قَالُوهُ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبَوَيْهِ أَمْ لَا لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَحَلُّهُ فِي الْأَبَوَيْنِ الْحَيَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ أَتَى بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ جَهِلَ إسْلَامَهُمَا فَكَالْمُسْلِمِينَ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ وَالدَّارِ. اهـ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُؤَنَّثُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرَةً (وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الرَّابِعَةِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ) أَيْ بِالِابْتِلَاءِ بِالْمَعَاصِي وَفِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْأَوَّلَانِ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَ) أَنْ (يُطَوِّلَهَا) أَيْ الرَّابِعَةَ أَيْ بَعْدَهَا (بِالدُّعَاءِ لَهُ) لِثُبُوتِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الرَّوْضَةِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ (فَرْعٌ) لَوْ خَشِيَ تَغَيُّرَ الْمَيِّتِ أَوْ انْفِجَارَهُ لَوْ أَتَى بِالسُّنَنِ فَالْقِيَاسُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَرْكَانِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَرْعٌ) لَوْ (أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (كَبَّرَ وَأَتَى بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ بِتَرْتِيبِ نَفْسِهِ) كَغَيْرِهَا وَلِخَبَرِ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا» (فَإِنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ قِرَاءَةِ الْمَسْبُوقِ لَهَا (أَوْ فِي أَثْنَائِهَا تَابَعَهُ) فِي تَكْبِيرَةٍ (وَيَتَحَمَّلُهَا) أَيْ كُلَّهَا أَوْ بَقِيَّتِهَا (عَنْهُ) كَمَا لَوْ رَكَعَ قَبْلَ قِرَاءَتِهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَلَا يَنْتَظِرُ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ الْمُسْتَقْبِلَةَ وَتَقَدَّمَ فِي نَظِيرِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ إنَّهُ إنْ اشْتَغَلَ بِافْتِتَاحٍ أَوْ تَعَوُّذٍ تَخَلَّفَ وَقَرَأَ بِقَدْرِهِ وَإِلَّا تَابَعَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ هُنَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَا شَكَّ فِي جَرَيَانِهِ هُنَا بِنَاءً عَلَى نَدْبِ التَّعَوُّذِ وَالِافْتِتَاحِ وَبِهِ صَرَّحَ الْفُورَانِيُّ (وَيَتَدَارَكُ) وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ (مَا فَاتَهُ) مِنْهَا مَعَ الْإِمَامِ (مِنْ تَكْبِيرٍ وَذِكْرٍ بَعْدَ السَّلَامِ) لِمَا مَرَّ. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُرْفَعَ) الْجِنَازَةُ (حَتَّى يُتِمَّ الْمَسْبُوقُ) مَا فَاتَهُ (فَإِنْ رُفِعَتْ لَمْ يَضُرَّ) ، وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ عَقْدِ الصَّلَاةِ لَا يُحْتَمَلُ فِيهِ ذَلِكَ وَالْجِنَازَةُ حَاضِرَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الِابْتِدَاءِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ   [حاشية الرملي الكبير] فَالْمُتَّجِهُ التَّعْبِيرُ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِالْعَبْدِ مُطْلَقًا عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الْعُبُودِيَّةِ أَشْرَفُ (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَأْتِي فِيهِ بِمَا يُنَاسِبُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (وَقَوْلُهُ إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا مَعَ زَوْجِهَا فِي الْآخِرَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا إلَخْ) لَوْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ هَلْ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ أَوْ يَدْعُو لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِهَا وَحَسُنَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا وَقَوْلُهُ وَحَسُنَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مَحَلُّهُ فِي الْأَبَوَيْنِ الْحَيَّيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تُصَحِّحِيهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ جَهِلَ إسْلَامَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُؤَنَّثُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) «أَنَّهُ كَانَ إذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ كَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ قَامَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ يَسْتَغْفِرُ لَهَا، وَيَدْعُو» (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَرْكَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ الْإِمَام أَثْنَاء صَلَاةِ الْجِنَازَةِ] (قَوْلُهُ وَيَتَحَمَّلُهَا أَيْ كُلَّهَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا، وَإِنْ قَصَدَ تَأْخِيرَهَا لِغَيْرِهَا لِسُقُوطِهَا عَنْهُ شَرْعًا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ فَلَا يَنْتَظِرُ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ الْمُسْتَقْبَلَةَ) ؛ لِأَنَّ قِرَاءَتَهُ صَارَتْ مُنْحَصِرَةً فِيمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى نَدْبِ التَّعَوُّذِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَلَوْ اشْتَغَلَ بِهِ فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْفَاتِحَةِ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ أَوْ الثَّالِثَةَ لَزِمَهُ التَّخَلُّفُ لِلْقِرَاءَةِ بِقَدْرِ الْمُنْفَرِدِ وَيَكُونُ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْفَاتِحَةَ بَعْدَ التَّعَوُّذِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهَا فَمُتَخَلِّفٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ وَيَتَدَارَكُ مَا فَاتَهُ مِنْ تَكْبِيرٍ إلَخْ) وَخَالَفَتْ تَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ حَيْثُ لَا يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ مِنْهَا فَإِنَّ التَّكْبِيرَاتِ هُنَا بِمَنْزِلَةِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْكِنُ الْإِخْلَالُ بِهَا، وَفِي الْعِيدِ سُنَّةٌ فَسَقَطَتْ بِفَوَاتِ مَحَلِّهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُوَافِقَ كَالْمَسْبُوقِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ أَحْرَمَ عَلَى جِنَازَةٍ يَمْشِي بِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي وَأَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا لَهَا كَالْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَضُرُّ الْمَشْيُ بِهَا كَمَا لَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ فِي سَرِيرٍ وَحَمَلَهُ إنْسَانٌ وَمَشَى بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَهُوَ فِي سَفِينَةٍ سَائِرَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ (فَرْعٌ لَوْ تَخَلَّفَ الْمَأْمُومُ عَنْهُ بِتَكْبِيرَةٍ) بِأَنْ لَمْ يُكَبِّرْهَا (حَتَّى شَرَعَ) الْإِمَامُ (فِي الْأُخْرَى بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) إذْ الِاقْتِدَاءُ هُنَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي التَّكْبِيرَاتِ، وَهُوَ تَخَلُّفٌ فَاحِشٌ يُشْبِهُ التَّخَلُّفَ بِرَكْعَةٍ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ كَأَصْلِهِ بِالشُّرُوعِ فِي الْأُخْرَى عَدَمُ بُطْلَانِهَا فِيمَا لَوْ لَمْ يُكَبِّرْ الرَّابِعَةَ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَتَأَيَّدُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا ذِكْرٌ فَلَيْسَتْ كَالرَّكْعَةِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا فَإِنْ كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ كَبُطْءِ قِرَاءَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْطُلُ بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَةٍ فَقَطْ بَلْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ بِتَكْبِيرَةٍ عَمْدًا لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ نَزَّلُوهَا مَنْزِلَةَ الرَّكْعَةِ (فَصْلٌ شَرْطُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (تَقَدُّمُ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ) لَهُ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ أَصْحَابِهِ؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كَصَلَاةِ نَفْسِهِ وَقَدْ قُدِّمَ هَذَا فِي التَّيَمُّمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُسْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّيَمُّمِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فَإِنْ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ التَّيَمُّمِ وَقَبْلَ الدَّفْنِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ غُسْلُهُ كَمَا لَوْ وُجِدَ بَعْدَ الدَّفْنِ وَأَصَحُّهُمَا يَجِبُ لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَتَقَدَّمَ هَذَا عَنْ غَيْرِ الْجُرْجَانِيِّ مَعَ تَقْيِيدِهِ بِالْحَضَرِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ (فَلَوْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ انْهَدَمَ عَلَيْهِ مَكَانٌ) وَمَاتَ (وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ) وَغَسَّلَهُ (لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ وَالْمَجْمُوعُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَجَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ الْقِيَاسُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَعَنْ حِكَايَةِ الْجُوَيْنِيِّ لَهُ عَنْ النَّصِّ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ نَقْلًا وَدَلِيلًا وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (وَتُكْرَهُ) الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (قَبْلَ التَّكْفِينِ) لَكِنَّهَا تَصِحُّ وَاسْتَشْكَلَتْ صِحَّتُهَا بِعَدَمِ صِحَّتِهَا قَبْلَ التَّطَهُّرِ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ مَوْجُودَانِ هُنَا وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّكْفِينَ أَوْسَعُ بَابًا مِنْ الْغُسْلِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْقَبْرَ يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ لَا لِلتَّكْفِينِ، وَأَنَّ مَنْ صَلَّى بِلَا طُهْرٍ لِعَجْزِهِ عَمَّا يَتَطَهَّرُ بِهِ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ لِعَجْزِهِ عَمَّا يَسْتُرُهَا بِهِ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (وَبَيْنَهَا) أَيْ الْجِنَازَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ مَسَافَةٌ (فَوْقَ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا) وَأَنْ يَجْمَعَهُمَا مَكَانٌ وَاحِدٌ تَنْزِيلًا لِلْجِنَازَةِ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ، وَسَائِرُ الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ فِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ يَأْتِي هُنَا (وَتُسْتَحَبُّ) فِيهَا (الْجَمَاعَةُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ شَيْئًا إلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيهِ» وَلِخَبَرِ مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَوْجَبَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَمَعْنَى أَوْجَبَ غُفِرَ لَهُ كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا صَلَّتْ الصَّحَابَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَادًا كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ لِعِظَمِ أَمْرِهِ وَتَنَافُسِهِمْ فِي أَنْ لَا يَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَقَالَ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَعَيَّنَ إمَامٌ يَؤُمُّ الْقَوْمَ فَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ فِي الصَّلَاةِ لَصَارَ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَتَعَيَّنَ لِلْخِلَافَةِ (وَيَسْقُطُ الْفَرْضُ) فِيهَا (بِوَاحِدٍ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِصَلَاتِهِ؛ وَلِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تُشْتَرَطُ فَكَذَا الْعَدَدُ كَغَيْرِهَا وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ كَأَصْلِهِ (وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا) مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِمْ؛ وَلِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَهُمْ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمَ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ فِي رَدِّ السَّلَامِ بِأَنَّ السَّلَامَ شُرِعَ فِي الْأَصْلِ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَالِمٌ مِنْ الْآخَرِ وَآمِنٌ مِنْهُ وَأَمَانُ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ صَلَاتِهِ (لَا بِامْرَأَةٍ) مَعَ وُجُودِ رَجُلٍ وَلَوْ صَبِيًّا؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْهَا وَدُعَاؤُهُ إلَى الْإِجَابَةِ أَقْرَبُ؛ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِهَانَةٌ بِالْمَيِّتِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَرْأَةِ مَعَ وُجُودِ الصَّبِيِّ مَعَ أَنَّهَا الْمُخَاطَبَةُ بِهِ دُونَهُ قُلْت قَدْ يُخَاطَبُ الشَّخْصُ بِشَيْءٍ وَيَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ لَا سِيَّمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُوَافِقَ كَالْمَسْبُوقِ فِي ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا لَهَا) قَالَ شَيْخُنَا: احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ صَارَتْ إلَى حَالَةٍ تَمْنَعُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ لَوْ كَانَ إمَامًا كَمَا لَوْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا الْبَيِّنَةُ مَانِعَةً مِنْ الْمُشَاهَدَةِ كَمَا لَا يَخْفَى أَوْ تَكُونُ الْمُحَاذَاةُ عَلَى الرَّأْيِ الْجَارِي عَلَى اعْتِبَارِهَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ كَأَصْلِهِ بِالشُّرُوعِ فِي أُخْرَى عَدَمُ بُطْلَانِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ أُخْرَى شُرُوعُهُ فِيهَا إلَّا فِي تَكْبِيرَتَيْنِ فَإِنَّهَا لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ عَدَمُ بُطْلَانِهَا فِيمَا لَوْ لَمْ يُكَبِّرْ الرَّابِعَةَ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَالْحُكْمُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ عَنْهَا حَتَّى أَتَى الْإِمَامُ بِتَكْبِيرَةٍ أُخْرَى بَلْ هَذَا مَسْبُوقٌ بِبَعْضِ التَّكْبِيرَاتِ فَيَأْتِي بِهَا بَعْدَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَتْ كَالرَّكْعَةِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا) صَرَّحَ فِي التَّنْجِيزِ بِالْبُطْلَانِ فَقَالَ: وَلَوْ تَخَلَّفَ بِتَكْبِيرَةٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ أَوْ سَلَّمَ بَطَلَتْ انْتَهَى. (قَوْلُهُ أَوْ نِسْيَانٌ) أَوْ عَدَمُ سَمَاعِ تَكْبِيرٍ أَوْ جَهْلٌ قَالَ شَيْخُنَا: مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَوْنِ النِّسْيَانِ لَيْسَ بِعُذْرٍ حَتَّى تَبْطُلَ بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَتَيْنِ يُنَافِيهِ مَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي مِنْ أَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَضُرُّ، وَإِنْ طَالَ فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ بَلْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ حُكْمِهِمْ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالتَّخَلُّفِ بِهَا الْحُكْمُ بِبُطْلَانِهَا بِالتَّقَدُّمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ مِنْ التَّخَلُّفِ [فَصْلٌ شَرْط الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ] (قَوْلُهُ فَلَوْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ إلَخْ) أَوْ أَكَلَهُ سَبُعٌ أَوْ احْتَرَقَ حَتَّى صَارَ رَمَادًا (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْخُوَارِزْمِيّ) وَابْنُ الْأُسْتَاذِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 فِيمَا يَسْقُطُ عَنْهُ الشَّيْءُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْقُطُ بِهَا حَيْثُ قَالَ وَلَوْ صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ ذَكَرٌ وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا سَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ عَمَّنْ حَضَرَ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنَّهُ، وَإِنْ سَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ لَا يَسْقُطُ حُضُورُهُ الْفَرْضَ عَنْ النِّسَاءِ كَمَا يُسْقِطُهُ الرِّجَالَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ فَيُجْزِئُ صَلَاتُهُنَّ حِينَئِذٍ انْتَهَى، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (فَإِنْ بَانَ حَدَثُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ لَا أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (لَغَتْ) صَلَاتُهُمَا فَتَجِبُ إعَادَتُهَا بِخِلَافِهَا فِي أَحَدِهِمَا لِحُصُولِ الْغَرَضِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذِهِ عَنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) مَعَ وُجُودِ الْمَرْأَةِ (رِجَالٌ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ (لَزِمَتْهَا) أَيْ الصَّلَاةُ فَتُصَلِّي لِلضَّرُورَةِ وَيَسْقُطُ الْفَرْضُ وَلَوْ حَضَرَ الرَّجُلُ بَعْدُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ وَصَلَاتُهَا وَصَلَاةُ الصَّبِيِّ مَعَ الرَّجُلِ أَوْ بَعْدَهُ تَقَعُ نَفْلًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا وَقَدْ يُقَالُ إذَا وَقَعَتْ مِنْ الصَّبِيِّ نَفْلًا فَكَيْفَ يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي ذَلِكَ كَمَا لَوْ صَلَّى صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ ثُمَّ بَلَغَ فِي الْوَقْتِ (وَالْخُنْثَى) فِيمَا ذَكَرَ (كَالْمَرْأَةِ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا إذَا اجْتَمَعَا سَقَطَ الْفَرْضُ بِصَلَاةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي صَلَاتِهِ دُونَ صَلَاتِهَا لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَإِذَا صَلَّى سَقَطَ الْفَرْض عَنْهُ وَعَنْ النِّسَاءِ وَإِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ النِّسَاءِ، وَأَمَّا عَنْ الْخُنْثَى فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَأْبَى ذَلِكَ (وَصَلَاتُهُنَّ فُرَادَى أَفْضَلُ) مِنْهَا جَمَاعَةً، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَجُلٌ صَلَّيْنَ مُنْفَرِدَاتٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ تُسَنَّ لَهُنَّ الْجَمَاعَةُ كَمَا فِي غَيْرِهَا وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ (فَصْلٌ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ) وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَفِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَالْمُصَلِّي مُسْتَقْبِلَهَا «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ مَوْتِهِ بِالْحَبَشَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ لَكِنَّهَا لَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَوَجْهُهُ أَنَّ فِيهِ إزْرَاءً وَتَهَاوُنًا بِالْمَيِّتِ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ السُّقُوطُ لِحُصُولِ الْغَرَضِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا عَلِمَ الْحَاضِرُونَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ أَنَّهُ قَدْ غُسِّلَ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَقْدِيمُ الْغُسْلِ شَرْطٌ عِنْدَ الْإِمْكَانِ فَقَطْ عَلَى مَا مَرَّ أَوْ يُقَالَ يَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَدْ غُسِّلَ فَيُعَلِّقَ النِّيَّةَ (لَا) عَلَى الْغَائِبِ (فِيهَا) أَيْ الْبَلَدِ، وَإِنْ كَبُرَتْ لِتَيَسُّرِ الْحُضُورِ وَشَبَّهُوهُ بِالْقَضَاءِ عَلَى مَنْ بِالْبَلَدِ مَعَ إمْكَانِ إحْضَارِهِ فَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ السُّورِ قَرِيبًا مِنْهُ فَهُوَ كَدَاخِلِهِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي وَأَقَرَّهُ وَلَوْ تَعَذَّرَ عَلَى مَنْ فِي الْبَلَدِ الْحُضُورُ لِحَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ فَفِيهِ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَجَزَمَ فِي مَوْضِعٍ بِالْجَوَازِ لِلْمَحْبُوسِ. (وَ) تَجُوزُ (عَلَى قَبْرِ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الدَّفْنِ) سَوَاءٌ أَدُفِنَ قَبْلَهَا أَمْ بَعْدَهَا «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ وَعَلَى قَبْرِ مِسْكِينَةٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ مِحْجَنٍ دُفِنَتْ لَيْلًا» رَوَى الْأَوَّلَ الشَّيْخَانِ وَالثَّانِيَ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ فَلَا تَجُوزُ وَاحْتَجَّ لَهُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» وَبِأَنَّا لَمْ نَكُنْ أَهْلًا لِلْفَرْضِ وَقْتَ مَوْتِهِمْ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى قُبُورِ غَيْرِهِمْ وَعَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ (لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ يَوْمَ مَوْتِهِ) أَيْ وَقْتَهُ قَالُوا؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ مُتَنَفِّلٌ وَهَذِهِ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تُفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِصُورَتِهَا مِنْ غَيْرِ جِنَازَةٍ بِخِلَافِ صَلَاةِ الظُّهْرِ يُؤْتِي بِصُورَتِهَا ابْتِدَاءً بِلَا سَبَبٍ ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ مَا قَالُوهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ الْمُعْتَمَدُ) مَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَسْقُطُ بِالنِّسَاءِ وَهُنَاكَ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ فِي الْأَصَحِّ فَلَا يُخَاطَبْنَ بِهَا حِينَئِذٍ خِطَابَ فَرْضٍ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ أَمْرُهُ بِهَا كَمَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الطِّفْلِ أَمْرُهُ بِالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إذَا وَقَعَتْ مِنْ الصَّبِيِّ نَفْلًا إلَخْ) لَا إشْكَالَ لِاخْتِلَافِ حَالَةِ وُقُوعِهَا مِنْهُ نَفْلًا وَحَالَةِ وُقُوعِهَا فَرْضًا (قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي صَلَاتِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ] (قَوْلُهُ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ بِالْمَدِينَةِ» إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ لَعَلَّ الْأَرْضَ زُوِيَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى رَآهُ أُجِيبَ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَنُقِلَ وَكَانَ أَوْلَى بِالنَّقْلِ مِنْ نَقْلِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ مُعْجِزَةٌ وَالثَّانِي أَنَّ رُؤْيَتَهُ إنْ كَانَتْ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ تَدَاخَلَتْ حَتَّى صَارَتْ الْحَبَشَةُ بِبَابِ الْمَدِينَةِ لَوَجَبَ أَنْ تَرَاهُ الصَّحَابَةُ أَيْضًا وَلَمْ يُنْقَلْ، وَإِنْ كَانَتْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ لَهُ إدْرَاكًا فَلَا يَتِمَّ عَلَى مَذْهَبِ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْبُعْدَ عَنْ الْمَيِّتِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ، وَإِنْ رَآهُ وَأَيْضًا وَجَبَ أَنْ تَبْطُلَ صَلَاةُ الصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهَا لَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ بِمَوْضِعٍ لَا يَتَوَجَّهُ الْفَرْضُ عَلَى أَهْلِهِ لَا كَدَارِ الْحَرْبِ وَالْبَادِيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُخَاطَبُ بِهِ أَقْرَبُ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ دُونَ مَنْ بَعُدَ انْتَهَى. ش وَقَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَجَازَ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَائِبِ أَنَّهَا تُسْقِطُ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ ف (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ السُّوَرِ إلَخْ) لِيَنْظُرَ هَلْ الْقُرَى الْمُتَقَارِبَةُ جِدًّا كَالْقَرْيَةِ الْوَاحِدَةِ أَمْ لَا غ وَقَوْلُهُ كَالْقَرْيَةِ الْوَاحِدَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَالَ صَاحِبُ الْوَافِي: وَغَيْرُهُ إنَّ خَارِجَ السُّوَرِ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُهُ يَسْتَعِيرُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ هُوَ دَاخِلَ السُّوَرِ لِلْخَارِجِ وَلَا الْعَكْسُ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ فِي مَوْضِعٍ بِالْجَوَازِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَتَجُوزُ عَلَى قَبْرِ غَيْرِ النَّبِيِّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ، وَهُوَ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ (قَوْلُهُ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ يَوْمَ مَوْتِهِ) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ النِّسَاءِ إذَا كَانَ وَقْتُ الْمَوْتِ هُنَاكَ رَجُلٌ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ غ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) : أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تُفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى) وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ صَلَاةِ الظُّهْرِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ قَوْلُهُ بِخِلَافِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 يَنْتَقِضُ بِصَلَاةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فَإِنَّهَا لَهُنَّ نَافِلَةٌ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَلَوْ أُعِيدَتْ الصَّلَاةُ وَقَعَتْ نَافِلَةً. وَقَالَ الْقَاضِي فَرْضًا كَصَلَاةِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ وَقَضِيَّةُ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ يَوْمَ الْمَوْتِ مَنَعَ الْكَافِرَ وَالْحَائِضَ يَوْمئِذٍ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَرَأَى الْإِمَامُ إلْحَاقَهُمَا بِالْمُحْدِثِ وَتَبِعَهُ فِي الْوَسِيطِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاعْتِبَارُ الْمَوْتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ اتِّفَاقًا وَكَذَا لَوْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ فَتَرَكَ الْجَمِيعُ فَإِنَّهُمْ يَأْثَمُونَ بَلْ لَوْ زَالَ الْمَانِعُ بَعْدَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَأَدْرَكَ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ الصَّلَاةُ كَانَ كَذَلِكَ (وَلَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا قَطُّ) يَعْنِي أَبَدًا كَانَ الْأَوْلَى تَرْكُ قَطُّ أَوْ إبْدَالُهَا بِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ أَصَلَّى مُنْفَرِدًا أَمْ جَمَاعَةً أَعَادَهَا فِي جَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا حَضَرَتْ الْجَمَاعَةُ قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمُعَادَ نَفْلٌ وَهَذِهِ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا كَمَا مَرَّ قَالَ وَفِي الْمُهِمَّاتِ وَفِي التَّعْبِيرِ الْمَذْكُورِ قُصُورٌ فَإِنَّ الْإِعَادَةَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْبَابِ أَوْلَوِيَّةُ التَّرْكِ لِجَوَازِ التَّسَاوِي وَلِهَذَا عَبَّرَ فِي الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ لَا تُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهَا وَأُجِيبَ بِمَنْعِ عَدَمِ لُزُومِ أَوْلَوِيَّةِ التَّرْكِ بَلْ يَلْزَمُ فِي الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا عِبَادَةٌ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهَا مَطْلُوبَةً إيجَابًا أَوْ نَدْبًا. أَمَّا الْإِبَاحَةُ وَالْعِبَادَةُ فَلَا يَجْتَمِعَانِ (وَلِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ الْجَمَاعَةِ) الَّذِينَ صَلَّوْا (أَنْ يُقِيمُوا) الصَّلَاةَ (جَمَاعَةٌ أُخْرَى) وَفُرَادَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَوْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْ حَذَفَ جَمَاعَةً أُخْرَى كَانَ أَوْلَى وَبِكُلِّ حَالٍ فَالْأَوْلَى أَنْ تُؤَخَّرَ الصَّلَاةُ إلَى بَعْدِ دَفْنِهِ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ النَّصِّ (وَيَنْوُونَ الْفَرْضَ) وَتَقَعُ صَلَاتُهُمْ فَرْضًا كَالْأَوَّلِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالسَّاقِطُ بِالْأُولَى عَنْ الْبَاقِينَ خَرَجَ الْفَرْضُ لَا هُوَ وَقَدْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ غَيْرَ فَرْضٍ وَبِالدُّخُولِ فِيهِ يَصِيرُ فَرْضًا كَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَأَحَدِ خِصَالِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ وَمَا قَالَهُ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّهُ إذَا سَقَطَ الْحَرَجُ سَقَطَ الْفَرْضُ وَقَدْ أَوْضَحَهُ السُّبْكِيُّ فَقَالَ: فَرْضُ الْكِفَايَةِ إذَا لَمْ يَتِمَّ بِهِ الْمَقْصُودُ بَلْ تَتَجَدَّدُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِ الْفَاعِلِينَ كَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَحِفْظِ الْقُرْآنِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذْ مَقْصُودُهَا الشَّفَاعَةُ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَإِنْ سَقَطَ الْحَرَجُ وَلَيْسَ كُلُّ فَرْضٍ يُؤْثَمُ بِتَرْكِهِ مُطْلَقًا (وَإِنْ دُفِنَ قَبْلَ الصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (أَثِمُوا) أَيْ الدَّافِنُونَ وَالرَّاضُونَ بِدَفْنِهِ قَبْلَهَا لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ (وَصَلَّوْا عَلَى الْقَبْرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْبَشُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَلَا تُكْرَهُ) الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (فِي الْمَسْجِدِ بَلْ هِيَ) فِيهِ (أَفْضَلُ) مِنْهَا فِي غَيْرِهِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهِ عَلَى ابْنِي بَيْضَاءَ سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّ الْمَسْجِد أَشْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ» فَضَعِيفٌ وَاَلَّذِي فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ صَحَّ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ، {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] أَوْ عَلَى نُقْصَانِ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ يَنْصَرِفُ عَنْهَا غَالِبًا وَمَنْ يُصَلَّى عَلَيْهَا فِي الصَّحْرَاءِ يُحْضَرُ دَفْنُهَا غَالِبًا فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فَلَا أَجْرَ كَامِلَ لَهُ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» (وَيُسْتَحَبُّ) فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ فَأَكْثَرُ) لِخَبَرِ مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ السَّابِقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالثَّلَاثَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ مُحَافَظَةً عَلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ مِنْ الثَّلَاثَةِ (فَلَوْ) الْأَوْلَى وَلَوْ (صَلَّى) الْإِمَامُ (عَلَى حَاضِرٍ وَالْمَأْمُومُ عَلَى غَائِبٍ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ) صَلَّى إنْسَانٌ (عَلَى حَاضِرٍ وَغَائِبٍ جَازَ) ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ النِّيَّةِ فِي ذَلِكَ لَا يَضُرُّ وَالْأَخِيرُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى جَوَازَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْمُصَلَّى عَلَيْهِ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الْحَضْرَةِ وَالْغَيْبَةِ (وَإِنْ حَضَرَتْ الْجِنَازَةُ لَمْ يُنْتَظَرْ) أَحَدٌ لِخَبَرِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ» (إلَّا الْوَلِيَّ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَلَا بَأْسَ بِانْتِظَارِهِ أَيْ عَنْ قُرْبٍ (مَا لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرٌ) لِلْمَيِّتِ وَاسْتَثْنَى مَعَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا إذَا كَانُوا دُونَ أَرْبَعِينَ فَيُنْتَظَرُ تَكْمِلَتُهُمْ عَنْ قُرْبٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ مَطْلُوبٌ فِيهَا قَالَ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تُؤَخَّرُ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إذَا حَضَرَتْ وَتُؤَخَّرُ إنْ لَمْ تَحْضُرْ وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ لِلْأَرْبَعَيْنِ   [حاشية الرملي الكبير] صَلَاةِ الظُّهْرِ خَطَأٌ صَرِيحٌ فَإِنَّ الظُّهْرَ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ؛ لِأَنَّهُ تَعَاطَى عِبَادَةً لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا، وَهُوَ حَرَامٌ وَالْأَسْبَابُ الَّتِي تُؤَدَّى بِهَا الظُّهْرُ ثَلَاثَةٌ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِعَادَةُ انْتَهَى. يُجَابُ بِأَنَّ الْخَطَأَ إنَّمَا هُوَ مَا قَالَهُ لِخَطَأِ فَهْمِهِ كَلَامَ النَّوَوِيِّ، وَإِنَّمَا يُرَدُّ مَا قَالَهُ لَوْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يُؤْتَى بِهَا (قَوْلُهُ وَقَعَتْ نَافِلَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مُنِعَ الْكَافِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَانَ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا قَطُّ) قُلْت إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَاءً وَلَا تُرَابًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَيُعِيدُ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى وَقِيَاسُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْمَكْتُوبَةِ لِخَلَلٍ أَنْ يُصَلِّيَ هُنَا وَيُعِيدَ أَيْضًا لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ هَلْ مَحَلُّهُ مَا إذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ أَوْ مُطْلَقًا فِيهِ احْتِمَالٌ عِنْدِي وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ حُصُولِ فَرْضِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِهِ انْتَهَى. وَمَا تَفَقَّهَهُ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ لَا يَتَنَقَّلُ بِهَا) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهَا مَرَّةً ثَانِيَةً لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ شَرْعًا بِخِلَافِ الْفَرَائِضِ فَإِنَّهَا تُعَادُ سَوَاءٌ وَقَعَتْ أَوْ لَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا كَصَلَاةِ الصَّبِيِّ وَقَدْ أَوْضَحَهُ فِي التَّتِمَّةِ فَقَالَ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا: عَلَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلَوْ قُلْنَا يُعِيدُهَا لَمْ يَكُنْ الثَّانِي فَرْضًا بَلْ تَطَوُّعًا وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِالتَّطَوُّعِ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ؛ وَلِأَنَّ السُّنَنَ كَالْوِتْرِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا فُعِلَتْ مَرَّةً لَا تُعَادُ مَرَّةً أُخْرَى فَكَذَا هُنَا (قَوْلُهُ فَقَالَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إذَا لَمْ يَتِمَّ بِهِ الْمَقْصُودُ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا يَتِمُّ بِهِ الْمَقْصُودُ وَلَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ أَيْضًا مِنْهُ (قَوْلُهُ فَأَكْثَرُ) قَالَ شَيْخُنَا: بَيَانٌ لِمَنْعِ النَّقْصِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا غَيْرُ مَطْلُوبٍ بِالْأَصَالَةِ، وَإِنْ طَلَبَ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّابِعَ مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ وَهَكَذَا وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَقَفَ وَاحِدٌ مَعَ الْإِمَامِ وَالِاثْنَانِ صَفًّا أَوْ اثْنَانِ وَقَفَا صَفًّا أَوْ خَمْسَةً وَقَفَ وَاحِدٌ مَعَ الْإِمَامِ وَكُلُّ اثْنَيْنِ صَفًّا (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مَعَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 قِيلَ وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ أَرْبَعُونَ إلَّا كَانَ لِلَّهِ فِيهِمْ وَلِيٌّ وَلَا يُؤَخَّرُ بَعْدُ صَلَاةُ مَنْ يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِهِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ (وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (عَلَى مَنْ مَاتَ وَغُسِّلَ الْيَوْمَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ عَدَدُهُمْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ حَسَنٌ مُسْتَحَبٌّ (بَابُ الدَّفْنِ) لِلْمَيِّتِ (وَهُوَ فِي الْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ) مِنْهُ فِي غَيْرِهَا لِلِاتِّبَاعِ وَلِنَيْلِ دُعَاءِ الطَّارِقِينَ وَفِي أَفْضَلِ مَقْبَرَةٍ بِالْبَلَدِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا دُفِنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِهِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي مَدْفَنِهِ؛ وَلِأَنَّهُمْ خَافُوا مِنْ دَفْنِهِ فِي بَعْضِ الْمَقَابِرِ التَّنَازُعَ فِيهِ فَتَطْلُبُ كُلُّ قَبِيلَةٍ دَفْنَهُ عِنْدَهُمْ؛ وَلِأَنَّ مِنْ خَوَاصِّ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُمْ يُدْفَنُونَ حَيْثُ يَمُوتُونَ وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا الشَّهِيدَ فَيُسْتَحَبُّ دَفْنُهُ حَيْثُ قُتِلَ لِخَبَرٍ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ مَضْجَعَهُ يَشْهَدُ لَهُ؛ وَلِأَنَّ بَعْضَهُ، وَهُوَ مَا سَالَ مِنْ دَمِهِ قَدْ صَارَ فِيهِ قَالَ وَلَوْ كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ مَغْصُوبَةً أَوْ سَبَّلَهَا ظَالِمٌ اشْتَرَاهَا بِمَالٍ خَبِيثٍ أَوْ نَحْوِهِمَا أَوْ كَانَ أَهْلُهَا أَهْلَ بِدْعَةٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ كَانَتْ تُرْبَتُهَا فَاسِدَةً لِمُلُوحَةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ كَانَ نَقْلُ الْمَيِّتِ إلَيْهَا يُؤَدِّي لِانْفِجَارِهِ فَالْأَفْضَلُ اجْتِنَابُهَا قُلْت بَلْ يَجِبُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ الدَّفْنَ فِي الْبَيْتِ مَكْرُوهٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَوْ مَصْلَحَةٌ كَمَا مَرَّ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ فَلَوْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يُدْفَنُ فِي مِلْكِهِ وَقَالَ الْبَاقُونَ: فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ (فَيُجَابُ طَالِبُهَا) ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ وَبَعْضُهُمْ غَيْرُ رَاضٍ بِدَفْنِهِ فِيهِ فَلَوْ تَنَازَعُوا فِي مَقْبَرَتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِشَيْءٍ. قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: إنْ كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجَابَ الْمُقَدَّمُ فِي الصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ فَإِنْ اسْتَوَوْا أُقْرِعَ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً أُجِيبَ الْقَرِيبُ دُونَ الزَّوْجِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ التَّسَاوِي، وَإِلَّا فَيَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لِلْمَيِّتِ فَيُجَابُ الدَّاعِي إلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَقْرَبَ أَوْ أَصْلَحَ أَوْ مُجَاوِرَةً لَا خِيَارَ وَالْأُخْرَى بِالضِّدِّ بَلْ لَوْ اتَّفَقُوا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلَحِ يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِمْ فِيهِ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ اتَّفَقُوا عَلَى تَكْفِينِهِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ (فَإِنْ دَفَنَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ لَمْ يُنْقَلْ) لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ، وَلَيْسَ فِي إبْقَائِهِ إبْطَالُ حَقِّ غَيْرِهِ (وَقَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ دَفْنِهِ فِي أَرْضِ بَعْضِهِمْ (لَهُمْ) أَيْ لِبَقِيَّتِهِمْ (الِامْتِنَاعُ) مِنْ دَفْنِهِ فِيهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ عَلَيْهِمْ فَيُجَابُونَ لِدَفْنِهِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّنُ مِنْ مَالِي وَقَالَ الْبَاقُونَ: مِنْ الْأَكْفَانِ الْمُسَبَّلَةِ حَيْثُ يُجَابُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ عَادَةَ النَّاسِ جَرَتْ بِالدَّفْنِ فِي الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْحَقَهُمْ عَارٌ بِخِلَافِ الْأَكْفَانِ الْمُسَبَّلَةِ وَقَوْلُهُ وَقَبْلَهُ لَهُمْ الِامْتِنَاعُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فَيُجَابُ طَالِبُهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَدْفَنُ ثَمَّ مِنْ التَّرِكَةِ وَهُنَا مِنْ غَيْرِهَا (أَوْ) دَفَنَهُ بَعْضُهُمْ (فِي أَرْضِ التَّرِكَةِ فَلِلْبَاقِينَ لَا لِلْمُشْتَرِي مِنْهُمْ نَقْلُهُ وَالْأَوْلَى) لَهُمْ (تَرْكُهُ) فَنَقْلُهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ وَالْمُرَادُ كَرَاهَتُهُ كَمَا عَبَّرَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهَا عَنْ الْأَصْحَابِ أَمَّا لَوْ دَفَنُوهُ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ بَاعُوهُ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي نَقْلُهُ لِسَبْقِ حَقِّهِمْ فَقَوْلُهُ مِنْهُمْ أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ لَا مِنْ الْبَاقِينَ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ الْبَيْعِ (إنْ جَهِلَ) الْحَالَ (وَهُوَ) أَيْ الْمَدْفِنُ (لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي يَنْتَفِعُ بِهِ (إنْ بَلِيَ) الْمَيِّتُ أَوْ اتَّفَقَ نَقْلُهُ (فَرْعٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ مَاتَ رَقِيقٌ وَتَنَازَعَ قَرِيبُهُ وَسَيِّدُهُ فِي مَقْبَرَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ فَفِي الْمُجَابِ مِنْهُمَا احْتِمَالَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرِّقَّ هَلْ يَزُولُ بِالْمَوْتِ وَقَدْ مَرَّ (وَأَقَلُّ الْوَاجِبِ) فِي الْمَدْفِن (حُفْرَةٌ تَصُونُ جِسْمَهُ عَنْ السِّبَاعِ) غَالِبًا (وَرَائِحَتَهُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِهِمَا إنْ كَانَا مُتَلَازِمَيْنِ بَيَانُ فَائِدَةِ الدَّفْنِ وَإِلَّا فَبَيَانُ وُجُوبِ رِعَايَتِهِمَا فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِمُتَلَازِمَيْنِ كَالْفَسَاقِيِ الَّتِي لَا تَكْتُمُ الرَّائِحَةَ مَعَ مَنْعِهَا الْوَحْشَ فَلَا يَكْفِي الدَّفْنُ فِيهَا وَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْفَسَاقِيِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُعَدَّةً لِكَتْمِ الرَّائِحَةِ؛ وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى هَيْئَةِ الدَّفْنِ الْمَعْهُودِ شَرْعًا قَالَ وَقَدْ أَطْلَقُوا تَحْرِيمَ إدْخَالِ مَيِّتٍ عَلَى مَيِّتٍ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْأَوَّلِ وَظُهُورِ رَائِحَتِهِ فَيَجِبُ إنْكَارُ ذَلِكَ (وَالْأَكْمَلُ) فِي الدَّفْنِ (قَبْرٌ وَاسِعٌ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَتْلَى أُحُدٍ «أَسْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ارْتِفَاعُهُ (قَدْرَ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ) مِنْ رَجُلٍ مُعْتَدِلٍ لَهُمَا بِأَنْ يَقُومَ بَاسِطًا يَدَيْهِ مَرْفُوعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَوْصَى بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْمَقْصُودِ (وَهُمَا أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٍ) خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَغُسْلُ الْيَوْمِ) أَيْ أَوْ السَّنَةِ [بَابُ الدَّفْنِ لِلْمَيِّتِ] (بَابُ الدَّفْنِ) (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَجِبُ أَنْ يَنْظُرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ لَوْ اتَّفَقُوا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلَحِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ مَفْرُوضًا عِنْدَ التَّسَاوِي أَمَّا مَتَى ظَهَرَتْ مَصْلَحَةُ الْمَيِّتِ فِي إحْدَاهُمَا تَعَيَّنَ تَقْدِيمُهَا وَقَوْلُهُ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ) أَيْ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ لَا مِنْ الْبَاقِينَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ أَعَمُّ مِنْ الْبَاقِينَ فَعَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِمْ صَحِيحٌ [فَرْعٌ مَاتَ رَقِيقٌ وَتَنَازَعَ قَرِيبُهُ وَسَيِّدُهُ فِي مَقْبَرَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ] (قَوْلُهُ احْتِمَالَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرِّقَّ هَلْ يَزُولُ بِالْمَوْتِ إلَخْ) قَدْ قَدَّمْت مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُجَابَ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّ الْوَاجِبِ حُفْرَةٌ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ حُفْرَةٌ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَا يُصْنَعُ بِالشَّامِ وَغَيْرِهِ مِنْ عَقْدِ أَزَجًّ وَاسِعٍ أَوْ مُقْتَصِدٍ شِبْهِ بَيْتٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ سَبُعًا وَلَا نَبَّاشًا مَعَ مُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ، وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَحَقِيقَةِ بَيْتٍ تَحْتَ الْأَرْضِ فَهُوَ كَوَضْعِهِ فِي غَارٍ وَنَحْوِهِ وَسَدِّ بَابِهِ وَلَيْسَ هَذَا بِدَفْنٍ قَطْعًا. اهـ. وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ تَصُونُ جِسْمَهُ عَنْ السِّبَاعِ) وَرَائِحَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي وُجُوبِ الدَّفْنِ عَدَمُ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ بِانْتِشَارِ رَائِحَتِهِ وَاسْتِقْذَارِ جِيفَتِهِ وَأَخْذِ السِّبَاعِ لَهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَاسِعٍ) أَيْ مِنْ قِبَلَ رِجْلَيْهِ وَرَأْسِهِ (قَوْلُهُ «وَأَوْسَعُوا وَأَعْمَقُوا» ) التَّوْسِيعُ هُوَ الزِّيَادَةُ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالتَّعْمِيقُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَقِيلَ بِالْمُعْجَمَةِ الزِّيَادَةُ فِي النُّزُولِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ إلَخْ) يَصِحُّ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ حَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى الذِّرَاعِ الْمَعْرُوفِ وَكَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى ذِرَاعِ الْيَدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ (فَرْعٌ ثُمَّ) بَعْدَ حَفْرِ الْقَبْرِ (يَحْفِرُ) نَدْبًا (اللَّحْدَ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا يُقَالُ لَحَدْت لِلْمَيِّتِ وَأَلْحَدْت لَهُ (فِي جَانِبِهِ الْقِبْلِيِّ مَائِلًا عَنْ الِاسْتِوَاءِ إلَى) عِبَارَةِ الْأَصْلِ مِنْ (أَسْفَلِهِ) قَدْرَ مَا يُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ (وَيُوَسِّعُ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ يُوَسِّعُ اللَّحْدَ نَدْبًا بِالْعُمُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرٍ صَحِيحٍ فِي أَبِي دَاوُد (فَإِنْ كَانَتْ) أَرْضَ الْقَبْرِ (رِخْوَةً) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا وَضَمِّهَا (شَقَّ فِي وَسَطِهِ) كَالنَّهْرِ وَالْأَرْضِ الرِّخْوَةِ هِيَ الَّتِي تَنْهَارُ وَلَا تَتَمَاسَكُ (وَبَنَى) عِبَارَةَ الرَّافِعِيِّ أَوْ بَنَى (جَانِبَيْهِ وَسَقْفَهُ) بِلَبِنٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَيَرْفَعُ السَّقْفَ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ الْمَيِّتَ (وَاللَّحْدُ فِي) الْأَرْضِ (الصُّلْبَةِ أَفْضَلُ) مِنْ الشَّقِّ بِفَتْحِ الشِّينِ «لِقَوْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَلْحِدُوا لِي لَحْدًا وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنِ نَصْبًا كَمَا فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَمَّا فِي الرَّخْوَةِ فَالشَّقُّ أَفْضَلُ خَشْيَةَ الِانْهِيَارِ (فَرْعٌ يُوضَعُ الْمَيِّتُ) نَدْبًا بِحَيْثُ يَكُونُ رَأْسُهُ (عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ) أَيْ مُؤَخِّرِهِ الَّذِي سَيَصِيرُ عِنْدَ رِجْلِ الْمَيِّتِ (وَيُسَلُّ مِنْ جِهَةِ رَأْسِهِ بِرِفْقٍ) لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْخِطْمِيَّ الصَّحَابِيَّ صَلَّى عَلَى جِنَازَةِ الْحَارِثِ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ وَقَالَ هَذَا مِنْ السُّنَّةِ» وَلِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ سَلًّا» وَمَا قِيلَ أَنَّهُ أُدْخِلَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إدْخَالُهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ شَقَّ قَبْرِهِ لَاصِقٌ بِالْجِدَارِ وَلَحْدَهُ تَحْتَ الْجِدَارِ فَلَا مَوْضِعَ هُنَاكَ يُوضَعُ فِيهِ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُنْزِلُهُ اللَّحْدَ) أَوْ غَيْرَهُ (أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ) فَلَا يُنْزِلُهُ إلَّا الرِّجَالُ مَتَى وُجِدُوا، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً بِخِلَافِ النِّسَاءِ لِضَعْفِهِنَّ عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَنْزِلَ فِي قَبْرِ بِنْتٍ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْمُهَا أُمُّ كُلْثُومٍ» . وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ كَانَ لَهَا مَحَارِمُ مِنْ النِّسَاءِ كَفَاطِمَةَ وَغَيْرِهَا نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُنَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَلِينَ حَمْلَ الْمَرْأَةِ مِنْ مُغْتَسَلِهَا إلَى النَّعْشِ وَتَسْلِيمَهَا إلَى مَنْ فِي الْقَبْرِ وَحَلِّ ثِيَابِهَا فِيهِ (لَكِنَّ الزَّوْجَ أَحَقُّ) مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ مَنْظُورَهُ أَكْثَرُ (ثُمَّ الْأَفْقَهُ) بِالدَّفْنِ (الْقَرِيبِ) أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ حَتَّى مِنْ الْأَقْرَبِ وَإِلَّا سُنَّ عَكْسُ مَا مَرَّ فِيهِمَا فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ دَفَعَ بِهِ وُرُودَهُ عَلَى إطْلَاقِ قَوْلِهِمْ وَيُنْزِلُهُ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ الْقَرِيبِ عَلَى الْأَقْرَبِ أَيْ يُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ الْقَرِيبُ عَلَى الْأَقْرَبِ وَلَوْ أَسَنَّ (ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْمَحَارِمِ) فَيُقَدَّمُ الْأَبُ ثُمَّ أَبُوهُ، وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ ثُمَّ الْأَخُ الشَّقِيقُ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبِ ثُمَّ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ مِنْهَا ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ مِنْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ (ثُمَّ عَبِيدُهَا) أَيْ الْمَيِّتَةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَالْمَحَارِمِ فِي النَّظَرِ وَنَحْوِهِ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا لِانْقِطَاعِ الْمِلْكِ، وَهُوَ بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ هُنَا وَأُجِيبَ بِاخْتِلَافِ الْبَابَيْنِ إذْ الرَّجُلُ ثَمَّ يَتَأَخَّرُ. وَهُنَا يَتَقَدَّمُ حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ الْأَجْنَبِيَّ يَتَقَدَّمُ هُنَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَعَبْدُ الْمَيِّتَةِ أَوْلَى مِنْهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى عَبِيدِهَا مَحَارِمُ الرَّضَاعِ وَمَحَارِمُ الْمُصَاهَرَةِ (ثُمَّ الْخُصْيَانُ) الْأَجَانِبُ لِضَعْفِ شَهْوَتِهِمْ وَلَوْ قَالَ ثُمَّ الْمَمْسُوخُونَ ثُمَّ الْمَجْبُوبُونَ ثُمَّ الْخُصْيَانُ كَانَ أَوْلَى لِلتَّفَاوُتِ بِضَعْفِ الشَّهْوَةِ (ثُمَّ الْعَصَبَةُ) الَّذِينَ لَا مَحْرَمِّيَةَ لَهُمْ كَبَنِي الْعَمِّ بِتَرْتِيبِهِمْ فِي الصَّلَاةِ (ثُمَّ ذَوُو الرَّحِمِ) وَفِي نُسْخَةٍ ذَوُو الْأَرْحَامِ (الَّذِينَ لَا مَحْرَمِّيَةَ لَهُمْ) كَبَنِي الْخَالِ وَبَنِي الْعَمَّةِ فَقَوْلُهُ الَّذِينَ لَا مَحْرَمِّيَةَ لَهُمْ صِفَةٌ لِلْعَصَبَةِ وَلِذَوِي الرَّحِمِ وَذِكْرُ الْعَصَبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ صَالِحُ الْأَجَانِبِ) لِخَبَرِ أَبِي طَلْحَةَ السَّابِقِ إذْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَحْرَمٌ غَيْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَعَلَّهُ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فِي نُزُولِ قَبْرِهَا وَكَذَا زَوْجُهَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ النِّسَاءُ بِتَرْتِيبِهِنَّ السَّابِقِ فِي الْغُسْلِ وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا أَرَى تَقْدِيمَ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَحْتُومًا بِخِلَافِ الْمَحَارِمِ؛ لِأَنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ فِي وُجُوبِ الِاحْتِجَابِ عَنْهُمْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ لَيْسَ حَتْمًا فِي تَأْدِيَةِ السُّنَّةِ بِخِلَافِ الْجُمْهُورِ يَرَوْنَهُ حَتْمًا فِيهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِي الدَّفْنِ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ فِي الْأَمَةِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ كَالزَّوْجِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَهَلْ يَكُونُ مَعَهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَمَّا فِي الرَّخْوَةِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: اللَّحْدُ عِنْدَنَا أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً فَيُحْفَرُ قَبْرٌ وَاسِعٌ وَيُبْنَى لَحْدُهُ مِنْ حَجَرٍ أَوْ لَبِنٍ وَيُدْفَنُ الْمَيِّتُ فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ يَنْبَغِي تَنْزِيلُ كَلَامِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْبِنَاءُ أَوْ لَمْ يُفْعَلْ فَالشَّقُّ أَوْلَى مِنْ اللَّحْدِ الرَّخْوِ [فَرْعٌ كَيْفِيَّة الدَّفْن] (قَوْلُهُ وَقَالَ هَذَا مِنْ السُّنَّةِ) وَقَوْل الصَّحَابِيِّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ (قَوْلُهُ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ أَوْلَاهُمْ بِالدَّفْنِ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ أَنَّا حَيْثُ قَدَّمْنَا الْوَالِيَ فِي الصَّلَاةِ نُقَدِّمُهُ فِي الدَّفْنِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ فِيهِ. اهـ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ أَحَقُّ فَإِنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ فَيَكُونُ لَهُ التَّقْدِيمُ وَالتَّقَدُّمُ (قَوْلُهُ وَاسْمُهَا أُمُّ كُلْثُومٍ) قَالَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَوَقَعَ فِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ الْأَوْسَطِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهَا رُقَيَّةُ ثُمَّ قَالَ مَا أَدْرِي مَا هَذَا فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْهَدْ رُقَيَّةَ أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ غَائِبًا بِبَدْرٍ وَصَحَّحَ ابْنُ بَشْكُوَالَ أَنَّهَا زَيْنَبُ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَبِيدُهَا) قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ وَالْخَصِيُّ مِنْهُمْ أَوْلَى مِنْ الْفَحْلِ وَأَغْفَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ لَهُ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى عَبِيدِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَحَارِمُ الرَّضَاعِ وَمَحَارِمُ الْمُصَاهَرَةِ) وَقَدْ شَمِلَ ذَلِكَ كَلَامُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَفُرُوعَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَدْ يُقَالُ إنَّ الْعِنِّينَ وَالْهَمَّ مِنْ الْفُحُولِ أَضْعَفُ شَهْوَةً مِنْ شَبَابِ الْخُصْيَانِ فَيُقَدَّمُونَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَبُّ لَا وَاجِبٌ) نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ الْأَوْلَى كَذَا وَصَرَّحَ غَيْرُهُ بِأَنَّهَا أَوْلَوِيَّةُ اسْتِحْبَابٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 كَالْأَجْنَبِيِّ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَهُوَ أَحَقُّ بِدَفْنِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ حَتْمًا (فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عَدَدُهُمْ) أَيْ الدَّافِنِينَ (وَعَدَدُ الْغَاسِلِينَ وِتْرًا) ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَنَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِدُونِ الْعَبَّاسِ وَزِيَادَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأُسَامَةَ وَنَزَلَ مَعَهُمْ خَامِسٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَأُسَامَةَ وَفِي أُخْرَى لَهُ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَقُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَشُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَزَلَ مَعَهُمْ خَامِسٌ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ تَوَلَّى غُسْلَهُ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَأُسَامَةُ» كَمَا مَرَّ فِي بَابِ غُسْلِ الْمَيِّتِ (وَيُجْزِئُ كَافٍ) لِدَفْنِهِ وَغُسْلِهِ وَلَوْ وَاحِدًا أَوْ شَفْعًا لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ وَلَك أَنْ تُدْخِلَ الْوَاحِدَ فِي قَوْلِهِ وِتْرًا وَدَلِيلُ اسْتِحْبَابِهِ فِي الدَّفْنِ عِنْدَ الِاكْتِفَاءِ بِهِ الِاتِّبَاعُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَخَبَرُ أَبِي طَلْحَةَ السَّابِقُ (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُدْخِلَهُ) الْقَبْرَ (وَالْقَبْرُ مَسْتُورٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتُرَ الْقَبْرَ عِنْدَ الدَّفْنِ بِثَوْبٍ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لِمَا عَسَاهُ أَنْ يَنْكَشِفَ مِمَّا كَانَ يَجِبُ سَتْرُهُ (وَ) سَتْرُهُ (لِلْمَرْأَةِ آكَدُ) مِنْهُ لِغَيْرِهَا كَمَا فِي الْحَيَاةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لِلْخُنْثَى آكَدُ مِنْهُ لِلرَّجُلِ (قَائِلًا) مُدْخِلُهُ (بِسْمِ اللَّهِ) وَبِاَللَّهِ (وَعَلَى مِلَّةِ) أَوْ سُنَّةِ (رَسُولِ اللَّهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَ) أَنْ (يَدْعُوَ لَهُ بِالْمَأْثُورِ) . وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ عَنْ الشَّافِعِيِّ اللَّهُمَّ أَسْلَمَهُ إلَيْك الْأَشِحَّاءُ مِنْ وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ وَقَرَابَتِهِ وَإِخْوَانِهِ وَفَارَقَهُ مَنْ كَانَ يُحِبُّ قُرْبَهُ وَخَرَجَ مِنْ سَعَةِ الدُّنْيَا وَالْحَيَاةِ إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَضِيقِهِ وَنَزَلَ بِك وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ إنْ عَاقَبْته فَبِذَنْبِهِ، وَإِنْ عَفَوْت عَنْهُ فَأَهْلُ الْعَفْوِ أَنْتَ أَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَهُوَ فَقِيرٌ إلَى رَحْمَتِك اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ حَسَنَتَهُ وَاغْفِرْ سَيِّئَتَهُ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَاجْمَعْ لَهُ بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِك وَاكْفِهِ كُلَّ هَوْلٍ دُونَ الْجَنَّةِ اللَّهُمَّ وَاخْلُفْهُ فِي تَرِكَتِهِ فِي الْغَابِرِينَ وَارْفَعْهُ فِي عَلِيَّيْنِ وَعُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ رَحْمَتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى أَنَّثَ ضَمَائِرَهُ كَمَا عُلِمَ زِيَادَةً مِمَّا مَرَّ وَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الصَّغِيرِ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الذِّكْرِ الْمَأْثُورِ فِي غَيْرِ الصَّغِيرِ (ثُمَّ يُضْجِعُهُ) نَدْبًا (عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَكَمَا فِي الِاضْطِجَاعِ عِنْدَ النَّوْمِ (وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ بِلَبِنَةٍ) طَاهِرَةٍ (وَنَحْوِهَا) خَوْفًا (مِنْ السُّقُوطِ) أَيْ اسْتِلْقَائِهِ (وَيُدْنِي مِنْ جِدَارِ اللَّحْدِ) فَيُسْنِدُ إلَيْهِ وَجْهَهُ وَرِجْلَاهُ وَيَجْعَلُ فِي بَاقِيهِ بَعْضَ التَّجَافِي فَيَكُونُ قَرِيبًا مِنْ هَيْئَةِ الرَّاكِعِ خَوْفًا مِنْ انْكِبَابِهِ وَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ مِنْ السُّقُوطِ إلَى هُنَا كَانَ أَنْسَبَ لِيَكُونَ الْمَعْنَى خَوْفًا مِنْ اسْتِلْقَائِهِ وَانْكِبَابه. (وَالِاسْتِقْبَالُ بِهِ) الْقِبْلَةَ (وَاجِبٌ) تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُصَلِّي (فَإِنَّ دُفِنَ مُسْتَدْبِرًا) يَعْنِي غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ لَهَا فَيَشْمَلُ الِاسْتِلْقَاءَ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ (نُبِشَ) وَوُجِّهَ لِلْقِبْلَةِ وُجُوبًا (إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) وَإِلَّا فَلَا يُنْبَشُ وَمَحَلُّهُ فِي الِاسْتِلْقَاءِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إذَا جَعَلَ عَرْضَ الْقَبْرِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ كَالْعَادَةِ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ جَعْلُ عَرْضِ الْقَبْرِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ فَإِنْ جَعَلَ طُولَهُ إلَيْهَا بِحَيْثُ إذَا وَضَعَ فِيهِ الْمَيِّتَ تَكُونُ رِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ فَإِنْ فَعَلَ لِضِيقِ مَكَان لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ لَكِنْ إذَا دُفِنَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُنْبَشُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ لِلتَّنْزِيهِ وَتَعَقَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ: وَيَنْبَغِي تَحْرِيمُ جَعْلِ الْقَبْرِ كَذَلِكَ بِلَا ضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ وَسَبِّ صَاحِبِهِ لِاعْتِقَادِ أَنَّهُ مِنْ الْيَهُودِ أَوْ النَّصَارَى فَإِنَّ هَذَا شِعَارُهُمْ وَفِي كَوْنِ مَا قَالَهُ مُوجِبًا لِلتَّحْرِيمِ نَظَرٌ (لَا إنْ وُضِعَ عَلَى يَسَارِهِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِهَا فَلَا يُنْبَشُ (وَذَلِكَ) أَيْ وَضْعُهُ عَلَى يَسَارِهِ (مَكْرُوهٌ) . وَهُوَ مُرَادُ النَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ بِقَوْلِهِ إنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ كَمَا سَبَقَ فِي الْمُصَلِّي مُضْطَجِعًا فَإِنَّ الَّذِي سَبَقَ لَهُ ثُمَّ إنَّمَا هُوَ الْكَرَاهَةُ (وَلَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمُونَ بِكُفَّارٍ أَوْ مَاتَتْ كَافِرَةٌ) وَلَوْ حَرْبِيَّةً أَوْ مُرْتَدَّةً (وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ مُسْلِمٌ) مَيِّتٌ (قُبِرُوا فِيمَا بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ) وُجُوبًا لِئَلَّا يُدْفَنَ الْكُفَّارُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَعَكْسُهُ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِنَصْرَانِيَّةٍ فِي بَطْنِهَا مُسْلِمٌ وَمَا رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ بِدَفْنِهَا فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ مُعَارِضٌ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْكَافِرَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالذِّمِّيَّةِ لِمَا مَرَّ (وَاسْتَدْبَرُوا بِالْمَرْأَةِ) الْقِبْلَةَ وُجُوبًا (لِيَسْتَقْبِلَ) هَا (الْجَنِينُ) ؛ لِأَنَّ وَجْهه إلَى ظَهْرِ أُمِّهِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ دُفِنَتْ أُمُّهُ كَيْفَ شَاءَ أَهْلُهَا؛ لِأَنَّ دَفْنَهُ حِينَئِذٍ لَا يَجِبُ فَاسْتِقْبَالُهُ أَوْلَى كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ إنَّ وَقْتَ التَّخَلُّقِ هُوَ وَقْتُ نَفْخِ الرُّوحِ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ) الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي النَّظَرِ وَنَحْوِهِ كَالْمَحْرَمِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ عَبْدِ الْمَرْأَةِ إذْ الْمَالِكِيَّةُ أَقْوَى مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ [فَرْعٌ يُسْتَحَبّ أَنْ يَكُون عَدَد الدَّافِنِينَ والمغسلين وِتْرًا] (قَوْلُهُ نُبِشَ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالنَّتِنِ) أَوْ التَّقَطُّعِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ لِلتَّنْزِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 الْأَصْحَابِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَخَطَّطْ لَا يَجِبُ تَكْفِينُهُ وَلَا دَفْنُهُ. وَمَا رُدَّ بِهِ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْمُتَّجِهَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلْقَاءُ النُّطْفَةِ بِدَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَى الْحَامِلِ قَوَدٌ وَجَبَ التَّأْخِيرُ إلَى وَضْعِهِ، وَإِنْ ظَنَنَّا عَدَمَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ مَرْدُودٌ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْحُكْمِ فِي الْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي حَمْلِ الْحَيَاةِ وَفِي حَمْلِ الْمَيِّتَةِ فَلَمْ يُرَاعُوا حُرْمَتَهُ فِي الِاسْتِقْبَالِ كَمَا لَوْ يُرَاعُوهَا فِي التَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ (وَحَكَى عَنْ النَّصِّ أَنَّ أَهْلَ دِينِهَا يَتَوَلَّوْنَ غُسْلَهَا وَدَفْنَهَا) ؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ (فَرْعٌ يُرْفَعُ رَأْسُ الْمَيِّتِ) نَدْبًا (بِنَحْوِ لَبِنَةٍ) طَاهِرَةٍ كَكَوْمِ تُرَابٍ (وَيُفْضَى بِخَدِّهِ) الْأَيْمَنِ (مَكْشُوفًا إلَيْهَا) الْأَوْلَى إلَيْهِ أَيْ إلَى نَحْوِ اللَّبِنَةِ (أَوْلَى التُّرَابُ) مُبَالَغَةً فِي الِاسْتِكَانَةِ وَالِامْتِهَانِ رَجَاءَ الرَّحْمَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مَكْشُوفًا إيضَاحٌ (وَيُكْرَهُ) أَنْ يُوضَعَ تَحْتَهُ (مِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (وَفُرُشٌ) قَالُوا؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَأَجَابُوا عَمَّا فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهُ جُعِلَ فِي قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِرِضَا جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ وَلَا عِلْمِهِمْ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ شُقْرَانُ مَوْلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرَاهَةَ أَنْ تُلْبَسَ بَعْدَهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ وَضْعَ ثَوْبٍ تَحْتَ الْمَيِّتِ بِقَبْرِهِ مَعَ أَنَّ الْقَطِيفَةَ أُخْرِجَتْ قَبْلَ إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الِاسْتِيعَابِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ فَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ وَكِيعٌ هَذَا خَاصٌّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَ) يُكْرَهُ (صُنْدُوقٌ) أَيْ جَعْلُ الْمَيِّتِ فِيهِ (وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّته بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ مِنْ الْمَكْرُوهَاتِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَقَوْلُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بِهِ (فَإِنْ اُحْتِيجَ الصُّنْدُوقُ) أَيْ إلَيْهِ (لِنَدَاوَةٍ وَنَحْوِهَا) كَرَخَاوَةٍ فِي الْأَرْضِ فَلَا كَرَاهَةَ فَإِنْ وَصَّى بِهِ (نَفَذَتْ) وَصِيَّتُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ أَيْضًا مَا إذَا كَانَ فِي تَهْرِيَةٍ بِحَرِيقٍ أَوْ لَدْغٍ بِحَيْثُ لَا يَضْبِطُهُ إلَّا الصُّنْدُوقُ قَالَ وَيُسْتَثْنَى امْرَأَةٌ لَا مَحْرَمٌ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ لِئَلَّا يَمَسَّهَا الْأَجَانِبُ عِنْدَ الدَّفْنِ قُلْت فِيهِ نَظَرٌ قَالَ وَيَظْهَرُ أَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ الْأَرْضُ الْمُسَبَّعَةُ بِحَيْثُ لَا يَصُونُهُ مِنْ نَبْشِهَا إلَّا الصُّنْدُوقُ (وَهُوَ) أَيْ الصُّنْدُوقُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) كَالْكَفَنِ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ دَفْنِهِ الْوَاجِبِ (فَرْعٌ ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِمَّا مَرَّ (يُبْنَى اللَّحْدُ) نَدْبًا (بِاللَّبِنِ وَالطِّينِ) أَوْ نَحْوِهِمَا لِقَوْلِ سَعْدٍ فِيمَا مَرَّ وَانْصِبُوا عَلَى اللَّبِنِ نَصْبًا؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي صِيَانَةِ الْمَيِّتِ عَنْ النَّبْشِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ «اللَّبِنَاتِ الَّتِي وُضِعَتْ فِي قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعٌ» (وَتَسُدُّ فُرَجُهُ) أَيْ اللَّحْدِ بِكَسْرِ اللَّبِنِ مَعَ الطِّينِ أَوْ بِالْإِذْخِرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَمْنَعُ التُّرَابَ وَالْهَوَامَّ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَصْلِ بَدَلَ الْإِذْخِرِ الْآجُرُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ بَلْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ بِكَرَاهَةٍ قُلْت وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَمُولِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ وَضْعُ شَيْءٍ مَسَّتْهُ النَّارُ فِي الْقَبْرِ وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي إسْنَادِ ظَهْرِهِ وَرَفْعِ رَأْسِهِ وَبِنَاءِ لَحْدِهِ أَوْ نَحْوِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ يُنْصَبُ اللَّبِنُ عَلَى فَتْحِ اللَّحْدِ وَتُسَدُّ الْفُرَجُ بِقَطْعِ اللَّبِنِ مَعَ الطِّينِ أَوْ بِالْإِذْخِرِ وَنَحْوِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (يُحْثِي) نَدْبًا (كُلُّ مَنْ دَنَا) عِبَارَةُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ مَنْ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ (ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ) مِنْ تُرَابِهِ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا وَلِيَكُنْ قِبَلَ رَأْسِهِ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمُشَارَكَةِ فِي هَذَا الْفَرْضِ يُقَالُ حَثَى يُحْثِي حَثْيًا وَحَثَيَاتٍ وَحَتَّى يَحْثُوَ حَثْوًا وَحَثْوَاتٍ وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ (وَيَقُولُ نَدْبًا فِي الْأُولَى {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] وَفِي الثَّانِيَةِ {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] وَفِي الثَّالِثَةِ {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ فِي الْأُولَى اللَّهُمَّ لَقِّنْهُ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ حُجَّتَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ اللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ وَفِي الثَّالِثَةِ اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ (ثُمَّ يُدْفَنُ بِالْمَسَاحِي) إسْرَاعًا بِتَكْمِيلِ الدَّفْنِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَثْيِ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ وُقُوعِ اللَّبِنَاتِ وَعَنْ تَأَذِّي الْحَاضِرِينَ بِالْغُبَارِ وَالْمَسَاحِي بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعِ مِسْحَاةٍ بِكَسْرِهَا؛ لِأَنَّهَا آلَةٌ يُمْسَحُ بِهَا الْأَرْضُ وَلَا تَكُونُ إلَّا مِنْ حَدِيدٍ بِخِلَافِ الْمِجْرَفَةِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالْمُرَادُ هُنَا هِيَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا (فَرْعٌ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَادَ الْقَبْرُ عَلَى تُرَابِهِ) الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ لِئَلَّا يُعَظِّمَ شَخْصُهُ (وَأَنْ يُرْفَعَ قَدْرَ شِبْرٍ) تَقْرِيبًا لِيُعْرَفَ فَيُزَارَ وَيُحْتَرَمَ كَقَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ تُرَابُهُ شِبْرًا فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُزَادَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى الزِّيَادَةِ كَأَنْ سَفَّتْهُ الرِّيحُ قَبْلَ إتْمَامِ حَفْرِهِ أَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ قَلِيلَةَ التُّرَابِ لِكَثْرَةِ الْحِجَارَةِ (وَتَسْطِيحُهُ أَفْضَلُ مِنْ تَسْنِيمِهِ) كَقَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبْرِ صَاحِبِيهِ فَإِنَّهَا كَانَتْ كَذَلِكَ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ دَخَلْت عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْحُكْمِ فِي الْأَوْلَى مِنْ هَاتَيْنِ) أَيْ حُكْمُهَا مَمْنُوعٌ [فَرْعٌ يُرْفَعُ رَأْسُ الْمَيِّتِ نَدْبًا بِنَحْوِ لَبِنَةٍ طَاهِرَةٍ وَيُفْضَى بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ مَكْشُوفًا إلَيْهَا] (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ دَفْنِهِ الْوَاجِبِ) قَالَ شَيْخُنَا مَا لَمْ يُوصَ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ كُلُّ مَنْ دَنَا إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِمَنْ حَضَرَ الدَّفْنَ، وَهَذَا يَشْمَلُ الْبَعِيدَ وَالْقَرِيبَ وَقَوْلُهُ لِمَنْ حَضَرَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ لَا يُزَادَ الْقَبْرُ عَلَى تُرَابِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ] (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُزَادُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 عَائِشَةَ فَقُلْت لَهَا اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبِيهِ فَكَشَفَتْ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَلَا مُشْرِفَةٍ وَلَا لَاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ أَيْ لَا مُرْتَفِعَةً كَثِيرًا وَلَا لَاصِقَةً بِالْأَرْضِ كَمَا بَيَّنَهُ آخِرَ الْخَبَرِ يُقَالُ لَطِئَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَلَطَا بِفَتْحِهَا أَيْ لَصِقَ وَلَا يُؤَثِّرُ أَفْضَلِيَّةُ التَّسْطِيحِ كَوْنُهُ صَارَ شِعَارَ الرَّوَافِضِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تُتْرَكُ بِمُوَافَقَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ فِيهَا وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ «قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا تَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ» ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَسْوِيَتَهُ بِالْأَرْضِ. وَإِنَّمَا أَرَادَ تَسْطِيحَهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ دُفِنَ) مُسْلِمٌ (فِي بَلَدِ الْكُفَّارِ أُخْفِيَ قَبْرُهُ) صِيَانَةً لَهُ عَنْهُمْ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ الْأَمْكِنَةَ الَّتِي يُخَافُ نَبْشُهَا لِسَرِقَةِ كَفَنِهِ أَوْ لِعَدَاوَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُ) أَيْ تَبْيِيضُ الْقَبْرِ بِالْجَصِّ أَيْ الْجِبْسُ وَيُقَالُ هُوَ النُّورَةُ الْبَيْضَاءُ (وَكِتَابَةٌ وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ) قَالَ جَابِرٌ: «نَهَى رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَإِنْ يُبْنَى عَلَيْهِ وَأَنْ يُقْعَدَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَادَ التِّرْمِذِيُّ «وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُوطَأَ» وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَسَوَاءٌ فِي الْبِنَاءِ الْقُبَّةُ أَمْ غَيْرُهَا وَسَوَاءٌ فِي الْمَكْتُوبِ اسْمُ صَاحِبِهِ أَمْ غَيْرُهُ فِي لَوْحٍ عِنْدَ رَأْسِهِ أَمْ فِي غَيْرِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَمَا يُكْرَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ يُكْرَهُ بِنَاؤُهُ فَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ نَهَى أَنْ يُبْنَى الْقَبْرُ (بَلْ يُهْدَمَ) الْبِنَاءُ الَّذِي بُنِيَ (فِي) الْمَقْبَرَةِ (الْمُسَبَّلَةِ) بِخِلَافِ مَا إذَا بُنِيَ فِي مِلْكِهِ. وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ بِتَحْرِيمِ الْبِنَاءِ فِيهَا وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ إشَارَةٌ إلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَقْرَبُ إلْحَاقُ الْمَوَاتِ بِالْمُسَبَّلَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيقًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِمَا لَا مَصْلَحَةٍ وَلَا غَرَضٍ شَرْعِيٍّ فِيهِ بِخِلَافِ الْإِحْيَاءِ (وَلَا بَأْسَ بِتَطْيِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلزِّينَةِ بِخِلَافِ التَّجْصِيصِ وَقِيلَ لَا يُطَيَّنُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ (وَمَشْيٌ) أَيْ وَلَا بَأْسَ بِمَشْيِ (مُتَنَعِّلٍ بِمَقْبَرَةٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْعَبْدُ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ حَتَّى يَسْمَعَ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ» الْحَدِيثَ وَأَجَابُوا عَنْ خَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ: رَآهُ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ بِنَعْلَيْنِ يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ وَيْحَك أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْك فَخَلَعَهُمَا» بِأَنَّهُ كَرِهَهُمَا لِمَعْنًى فِيهِمَا؛ لِأَنَّ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ هِيَ الْمَدْبُوغَةُ بِالْقَرَظِ، وَهِيَ لِبَاسُ أَهْلِ التَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ فَنَهَى عَنْهُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْخُيَلَاءِ فَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُ الْمَقَابِرَ عَلَى زِيِّ التَّوَاضُعِ وَلِبَاسِ أَهْلِ الْخُشُوعِ وَبِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ وَالنَّهْيُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لِلتَّنْزِيهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ عِنْدَ الْقُبُورِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَشَّ) الْقَبْرُ (بِالْمَاءِ) لِئَلَّا يَنْسِفَهُ الرِّيحُ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ ابْنِهِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَسَيَأْتِي وَبِقَبْرِ سَعْدٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَمَرَ بِهِ فِي قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَسَعْدٌ هَذَا هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ طَاهِرًا طَهُورًا بَارِدًا تَفَاؤُلًا بِأَنَّ اللَّهَ يُبَرِّدُ مَضْجَعَهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَ (وَأَنْ يُوضَعَ عَلَيْهِ حَصًى) رَوَى الشَّافِعِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَشَّ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَصْبَاءَ» ، وَهِيَ بِالْمَدِّ وَبِالْمُوَحَّدَةِ الْحَصَى الصِّغَارُ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ مَرْوِيٌّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ (وَ) يُوضَعُ (عِنْدَ رَأْسِهِ صَخْرَةٌ أَوْ خَشَبَةٌ) أَوْ نَحْوِهِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ حَجَرًا أَيْ صَخْرَةً عِنْدَ رَأْسِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَقَالَ أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي وَأَدْفِنُ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي» قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُوضَعُ ذَلِكَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ أَيْضًا (وَيُكْرَهُ رَشُّهُ) أَيْ قَبْرٍ (بِمَاءِ وَرْدٍ) وَنَحْوِهِ وَأَنْ يُطْلَى بِالْخَلُوقِ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ إسْرَافٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ رَشِّهِ بِالنَّجَسِ أَوْ تَحْرِيمُهُ (وَ) يُكْرَهُ (ضَرْبُ مِظَلَّةٍ عَلَيْهِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأَى مِظَلَّةً عَلَى قَبْرٍ فَأَمَرَ بِرَفْعِهَا وَقَالَ دَعَوْهُ يُظِلُّهُ عَمَلُهُ وَيُكْرَهُ اسْتِلَامُهُ وَتَقْبِيلُهُ (فَصْلٌ يَحْصُلُ مِنْ الْأَجْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ) الْمَسْبُوقَةِ بِالْحُضُورِ مَعَهُ (قِيرَاطٌ وَ) يَحْصُلُ مِنْهُ (بِهَا وَالْحُضُورُ) مَعَهُ (إلَى تَمَامِ الدَّفْنِ لَا الْمُوَارَاةُ) فَقَطْ (قِيرَاطَانِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ شَهِدَ الْجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «حَتَّى يُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ قَالَ مِثْلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ الْأَمْكِنَةُ الَّتِي يُخَافُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبَنَى عَلَيْهِ) اسْتَثْنَى الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ وَمَنْ تَابَعَهُ مَا إذَا خَشِيَ نَبْشَهُ فَيَجُوزُ وَتَجْصِيصُهُ حَتَّى لَا يَقْدِرَ النَّبَّاشُ عَلَيْهِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا لَوْ خَشِيَ عَلَيْهِ مِنْ نَبْشِ الضَّبُعِ وَنَحْوِهِ أَوْ أَنْ يَجْرِفَهُ السَّيْلُ وَقَوْلُهُ مَا إذَا خَشِيَ نَبْشَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يُهْدَمُ فِي الْمُسَبَّلَةِ) بِأَنْ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ بِالدَّفْنِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْقُوفَةً ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ مَوْقُوفَةً عَلَى الدَّفْنِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ لَفْظِ الْمُسَبَّلَةِ وَمَا أَدْرَى مَا حَمَلَهُ عَلَى صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ وَحَمَلَهُ عَلَى تَأْوِيلٍ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ بِتَحْرِيمِ الْبِنَاءِ فِيهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ كَلَامَيْ النَّوَوِيِّ يُحْمَلُ الْكَرَاهَةُ عَلَى مَا إذَا بَنَى عَلَى الْقَبْرِ خَاصَّةً بِحَيْثُ يَكُونُ الْبِنَاءُ وَاقِعًا فِي حَرِيمِ الْقَبْرِ فَيُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَضْيِيقَ فِيهِ وَيُحْمَلُ الْحُرْمَةُ عَلَى مَا إذَا بَنَى فِي الْمَقْبَرَةِ فِيهِ أَوْ بَيْتًا يُسْكَنُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ بَنَاهُ لِيَأْوِيَ فِيهِ الزَّائِرُونَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ اهـ قَالَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ فِي الْمَوَاقِفِ وَلَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ فَمِ أَخِيك سُوءً مَا أَمْكَنَك لَهَا مَحْمَلٌ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَيْهِ) بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَيَقْرَبُ إلْحَاقُ الْمَوَاتِ بِالْمُسَبَّلَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرُشَّ الْقَبْرُ بِالْمَاءِ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ بَعْدَ الدَّفْنِ بِمُدَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْأَوْجَهُ فِعْلُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مَطَرٍ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِبَعْضِ الْعَصْرِيِّينَ (قَوْلُهُ وَيُوضَعُ ذَلِكَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ تَحْرِيمِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْله كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ عِبَارَةٌ فِي الْقُوتِ إشَارَاتٌ: حَضَرْت جِنَازَةً بِحَلَبِ فَوَقَعَ عَقِبَ دَفْنِهَا مَطَرٌ غَزِيرٌ فَقُلْتُ لَهُمْ: يَكْفِي هَذَا عَنْ الرَّشِّ اهـ مِنْ خَطِّ الْمُجَرَّدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ» وَلِمُسْلِمٍ «أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ» وَعَلَى ذَلِكَ تُحْمَلُ رِوَايَةٌ لِمُسْلِمٍ «حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ» وَهَلْ ذَلِكَ بِقِيرَاطِ الصَّلَاةِ أَوْ بِدُونِهِ فَيَكُونُ ثَلَاثَةَ قَرَارِيطَ فِيهِ احْتِمَالٌ لَكِنَّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ التَّصْرِيحَ بِالْأَوَّلِ وَيَشْهَدُ لِلثَّانِي مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مَرْفُوعًا «مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً حَتَّى يُقْضَى دَفْنُهَا كُتِبَ لَهُ ثَلَاثَةُ قَرَارِيطَ» وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ إنْ وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ ذَكَرًا فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَقَعَ ثَلَاثٌ ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِالْأَوَّلِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْجَنَائِزُ وَاتَّحَدَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً هَلْ يَتَعَدَّدُ الْقِيرَاطُ بِتَعَدُّدِهَا أَوْ لَا نَظَرًا لِاتِّحَادِ الصَّلَاةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ التَّعَدُّدُ وَبِهِ أَجَابَ قَاضِي حُمَاةَ الْبَارِزِيُّ وَبِمَا قَرَّرْته عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ وَحْدَهُ وَمَكَثَ حَتَّى دُفِنَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْقِيرَاطُ الثَّانِي، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرُهُ لَكِنْ لَهُ أَجْرٌ فِي الْجُمْلَةِ (فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ) لِمَنْ حَضَرَ دَفْنَ الْمَيِّتِ أَوْ عَقِبَهُ (أَنْ يَقِفَ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ الدَّفْنِ وَيَسْتَغْفِرَ) اللَّهَ وَيَدْعُوَ (لَهُ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الرَّجُلِ يَقِفُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا اللَّهَ لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلِأَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَعْلَمَ مَاذَا أُرْجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْلُهُ شُنُّوا رُوِيَ بِالْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُعْجَمَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ، وَإِنْ خَتَمُوا الْقُرْآنَ كَانَ أَفْضَلَ (وَأَنْ يُلَقَّنَ الْمَيْتُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] وَأَحْوَجُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إلَى التَّذْكِيرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (بَعْدَ الدَّفْنِ بِالْمَأْثُورِ) أَيْ الْمَنْقُولِ، وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ «إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إخْوَانِكُمْ فَسَوَّيْتُمْ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ لِيَقُلْ يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَسْمَعُهُ وَلَا يُجِيبُ ثُمَّ يَقُولُ يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا ثُمَّ يَقُولُ يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ أَرْشِدْنَا رَحِمَك اللَّهُ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ فَلْيَقُلْ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَيَقُولُ انْطَلَقَ بِنَا مَا يُقْعِدُنَا عِنْدَ مَنْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أُمَّهُ قَالَ فَلْيَنْسِبْهُ إلَى أُمِّهِ حَوَّاءَ يَا فُلَانُ بْنَ حَوَّاءَ» قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنَّ أَحَادِيثَ الْفَضَائِلِ يُتَسَامَحُ فِيهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ اُعْتُضِدَ هَذَا الْحَدِيثُ بِشَوَاهِدَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَحَدِيثِ «اسْأَلُوا اللَّهَ لَهُ التَّثْبِيتَ» وَوَصِيَّةُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ السَّابِقَةُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» دَلِيلٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَيِّتِ مَنْ مَاتَ أَمَّا قَبْلَ الْمَوْتِ أَيْ، وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَمَا مَرَّ فَمَجَازٌ. وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ يَا ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ النَّاسَ يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِآبَائِهِمْ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَنْفِيِّ وَوَلَدُ الزِّنَا عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ أجر الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت] قَوْلُهُ وَهَلْ ذَلِكَ بِقِيرَاطِ الصَّلَاةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ التَّعَدُّدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ أَجَابَ قَاضِي حَمَاةَ الْبَارِزِيُّ) وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ نَظَرًا إلَى تَعَدُّدِ الْجِنَازَةِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ اتِّحَادُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ رَبَطَ الْقِيرَاطَ بِوَصْفٍ، وَهُوَ حَاصِلٌ فِي كُلِّ مَيِّتٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْصُلَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَدَفَعَاتٍ قَالَ السُّبْكِيُّ: الْقِيرَاطُ مِنْ الْأَجْرِ لَيْسَ عَلَى الصَّلَاةِ فَقَطْ بَلْ هُوَ مَشْرُوطٌ بِشُهُودِهَا مِنْ مَكَانِهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَحِينَئِذٍ فَمَحَلُّ التَّعَدُّدِ لِمَنْ شَهِدَهَا مِنْ مَكَانِهَا حَتَّى صَلَّى عَلَيْهَا انْتَهَى. وَثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ اقْتَنَى كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ» الْحَدِيثَ هَلْ يَتَعَدَّدُ النَّقْصُ لَوْ تَعَدَّدَتْ الْكِلَابُ الَّتِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ لَكِنْ يَتَعَدَّدُ الْإِثْمُ فَإِنَّ اقْتِنَاءَ كُلِّ وَاحِدٍ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِالْوَاحِدِ إنَّمَا وَبِالِاثْنَيْنِ وَهَلُمَّ جَرَّا، وَلَكِنَّا لَا يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ بِعَدَدِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ الشَّارِعِ وَلَا دَلَالَةَ لِكَلَامِ الشَّارِعِ عَلَيْهِ [فَرْعٌ يُسْتَحَبّ لِمِنْ حضر دفن الْمَيِّت أَنْ يَقِف عَلَى الْقَبْر بَعْد الدّفن وَيَسْتَغْفِر اللَّه وَيَدْعُوَا لَهُ] (قَوْلُهُ وَأَنْ يُلَقِّنَ الْمَيِّتَ بَعْدَ الدَّفْنِ إلَخْ) رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أُقْبِرَ الْمَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالْآخَرِ النَّكِيرُ فَيَقُولَانِ مَا كُنْت تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُهُ فِيهِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولَانِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّك تَقُولُ هَذَا ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ ثُمَّ فَيَقُولُ أَرْجِعُ إلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ فَيُقَالُ نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ» قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِمَرَّاتٍ لِمُجَاوَبَةٍ لَهُمَا تَوَاضَعَا لَهُ (قَوْلُهُ فَسَوَّيْتُمْ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّلْقِينَ يَكُونُ بَعْدَ إهَالَةِ التُّرَابِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ نَصْرٍ الْمَقْدِسِيَّ إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِ قَبْرِهِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ وَأَقَرَّهُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ الْعَبْدَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ فَإِذَا انْصَرَفُوا أَتَاهُ مَلَكَانِ» الْحَدِيثَ فَإِذَا أُخِّرَ التَّلْقِينُ إلَى مَا بَعْدَ الْإِهَالَةِ كَانَ أَقْرَبَ إلَى حَالَةِ سُؤَالِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ إلَخْ) وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ اللَّذَيْنِ يَأْتِيَانِ الْمُؤْمِنَ فِي قَبْرٍ مُبَشِّرٌ وَبَشِيرٌ أَيْ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ لَا مُنْكِرٌ وَنَكِيرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 أَنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ خَيْرٌ فَقَالَ يُقَالُ يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَمَةِ اللَّهِ وَأُبْدِلَ مَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ بِالْعَهْدِ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ وَالشَّهَادَةُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ: وَيُسَنُّ إعَادَةُ التَّلْقِينِ ثَلَاثًا قُلْت، وَهُوَ قِيَاسُ التَّلْقِينِ عِنْدَ الْمَوْتِ. اهـ. قَالَ الْقَمُولِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يُعَارِضُ التَّلْقِينُ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] وَقَوْلُهُ {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَادَى أَهْلَ الْقَلِيبِ وَأَسْمَعَهُمْ وَقَالَ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ لَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ جَوَابًا» . «وَقَالَ فِي الْمَيِّتِ إنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِكُمْ» ، وَهَذَا يَكُونُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ (وَأَنْ يَقِفَ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَيَقْعُدُ (الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ) لِوُرُودِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى سَمَاعِ الْمَيِّتِ التَّلْقِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّى التَّلْقِينَ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ مِنْ أَقْرِبَائِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَمِنْ غَيْرِهِمْ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا يُلَقَّنُ طِفْلٌ) وَلَوْ مُرَاهِقًا (وَنَحْوُهُ) كَمَجْنُونٍ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ تَكْلِيفٌ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُفْتَنَانِ فِي قَبْرَيْهِمَا أَمَّا خَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَّنَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ» فَغَرِيبٌ (وَلَيُفْرَدُ كُلُّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ) حَالَةَ الِاخْتِيَارِ لِلِاتِّبَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ عِبَارَةُ الْأَصْلِ الْمُسْتَحَبُّ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ أَنْ يُدْفَنَ كُلُّ مَيِّتٍ فِي قَبْرٍ. اهـ. فَلَوْ جُمِعَ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ كَرَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ كُرِهَ عِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ وَحَرُمَ عِنْدَ السَّرَخْسِيِّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ وَعِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنَّ الْأَصَحَّ الْكَرَاهَةُ أَوْ نَفْيُ الِاسْتِحْبَابِ. أَمَّا التَّحْرِيمُ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. اهـ. وَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْفَقُ لِكَلَامِ الْأَصْلِ السَّابِقِ مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَمِيلُ إلَى التَّحْرِيمِ بِقَرِينَةِ تَعْبِيرِهِ بِالْجَوَازِ فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ كَثُرُوا وَعَسِرَ) إفْرَادُ كُلِّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ (جَازَ الْجَمْعُ) بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ بِحَسَبِ الضَّرُورَةِ وَكَذَا فِي ثَوْبٍ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ فِي قَتْلَى أُحُدٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ إلَى الْقِبْلَةِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْأَلُ فِي قَتْلَى أُحُدٍ عَنْ أَكْثَرِهِمْ قُرْآنًا فَيُقَدِّمُهُ إلَى اللَّحْدِ» (لَا فَرْعٌ) فَلَا يُقَدَّمُ (عَلَى أَصْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ) فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ، وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَتُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ، وَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنْهَا وَتَعْبِيرُهُ بِالْأَصْلِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ (وَلَا) يُقَدَّمُ (أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ) فَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى أُمِّهِ لِفَضِيلَةِ الذُّكُورَةِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهُ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ (وَ) يُقَدَّمُ (الرَّجُلُ عَلَى الصَّبِيِّ) وَالصَّبِيُّ عَلَى الْخُنْثَى وَالْخُنْثَى عَلَى الْمَرْأَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَيُمْكِنُ إدْخَالُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ بِأَنْ يُقَالَ وَلَوْ احْتِمَالًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا تَسَاوَوْا فِي الْفَضِيلَةِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، وَأَنَّهُمْ إذَا تَرَتَّبُوا لَا يُنَحَّى لِمَا سَبَقَ، وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ يَأْتِي هُنَا، وَأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْأَبِ وَالْأُمِّ يَأْتِي هُنَاكَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُدَّةَ هُنَا مُؤَيَّدَةٌ بِخِلَافِهَا وَبِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَالْأَفْضَلُ أَوْلَى بِهِ (وَلَا يُجْمَعُ) فِي قَبْرٍ (رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَيَحْرُمُ عِنْدَ عَدَمِهَا كَمَا فِي الْحَيَاةِ وَمَحَلِّهِ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ زَوْجِيَّةٌ وَإِلَّا فَيَجُوزُ الْجَمْعُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَقَالَ إنَّهُ حَرَامٌ حَتَّى فِي الْأُمِّ مَعَ وَلَدِهَا وَالْقِيَاسُ أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ كَالْمُحَرَّمِ بَلْ أَوْلَى، وَأَنَّ الْخُنْثَى مَعَ الْخُنْثَى أَوْ غَيْرِهِ كَالْأُنْثَى مَعَ الذَّكَرِ (وَيُحْجَزُ بَيْنَ الْمَيِّتَيْنِ بِتُرَابٍ) نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (وَلَوْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ) (فَصْلٌ يُكْرَهُ الْجُلُوسُ وَالِاسْتِنَادُ وَالْوَطْءُ لِلْقَبْرِ) أَيْ الْجُلُوسُ وَالْوَطْءُ عَلَيْهِ وَالِاسْتِنَادُ لَهُ تَوْقِيرًا لِلْمَيِّتِ، وَأَمَّا الْجُلُوسُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتَحْرِقَ ثِيَابَهُ حَتَّى تَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» فَفَسَّرَهُ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْجُلُوسِ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ أَيْضًا فِي مُسْنَدِهِ بِلَفْظِ «مَنْ جَلَسَ عَلَى قَبْرٍ يَبُولُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَغَوَّطُ» اكْتَفَى الْمُصَنِّفُ بِالْإِسْنَادِ عَنْ الِاتِّكَاءِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ (إلَّا لِحَاجَةٍ بِأَنَّ حَالَ) الْقَبْرِ (دُونَ مَنْ يَزُورُهُ) وَلَوْ أَجْنَبِيًّا بِأَنْ لَا يَصِلَ إلَيْهِ إلَّا بِوَطْئِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى عَدَمُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّى التَّلْقِينَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُلَقَّنُ طِفْلٌ وَنَحْوُهُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يُلَقَّنَ الشَّهِيدُ كَمَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الطِّفْلَ لَا يُفْتَنُ فِي قَبْرِهِ جَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُسْأَلُونَ؛ لِأَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ يُسْأَلُ عَنْ النَّبِيِّ فَكَيْفَ يُسْأَلُ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْمُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يُفْتَنُ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ كَشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ عِنْدَ السَّرَخْسِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنَّ الْأَصَحَّ الْكَرَاهَةُ إلَخْ) وَخَالَفَاهُ فِي الْقُوتِ وَالْخَادِمِ وَأَلْحَقَ السُّبْكِيُّ بَحْثًا بِالنَّوْعِ الْوَاحِدِ الْمُحَرَّمِ وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ التَّصْرِيحَ بِهِ وَبِالزَّوْجِ وَنَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ أَيْضًا ثُمَّ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّأَذِّي، وَأَمَّا مَحْذُورُ الشَّهْوَةِ وَالْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ فَزَالَ بِالْمَوْتِ وَسَيَأْتِي الْإِلْحَاقُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُدَّةَ هُنَا مُؤَبَّدَةٌ بِخِلَافِهَا ثُمَّ وَبِأَنَّ الْقَصْدَ إلَخْ) وَفِيهِمَا نَظَرٌ ش (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّ الصَّغِيرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْخُنْثَى مَعَ الْخُنْثَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِفِعْلِهِ مَنْدُوبٌ [فَصْلٌ الْجُلُوسُ وَالِاسْتِنَادُ وَالْوَطْءُ لِلْقَبْرِ] (قَوْلُهُ تَوْقِيرًا لِلْمَيِّتِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَتَيَقَّنُ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَبْقَى فِي الْقَبْرِ أَنَّهُ لَا احْتِرَامَ وَعِبَارَتُهُ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْبَلَدِ لَا تَبْقَى لَهُ حُرْمَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 كَرَاهَةِ الْوَطْءِ لِضَرُورَةِ الدَّفْنِ وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ عَنْ النَّصِّ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَنْ يَزُورُهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَبْرِ مَيِّتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْمُرَادَ قَبْرُ الْمُسْلِمِ لَا قَبْرُ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَنَحْوِهِمَا وَفِي قَبْرِ الذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ لِأَجْلِ كَفِّ الْأَذَى عَنْ أَحْيَائِهِمْ إذَا وُجِدُوا وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ الْمُكْثِ فِي مَقَابِرِهِمْ (فَرْعٌ تُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقُبُورِ) أَيْ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ (لِلرَّجُلِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ» (وَتُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ) لِجَزَعِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهَا «لِقَوْلِ عَائِشَةَ قُلْت كَيْفَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَعْنِي إذَا زُرْت الْقُبُورَ قَالَ قُولِي السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا خَبَرُ «لَعَنَ اللَّهُ زَوْرَاتِ الْقُبُورِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ زِيَارَتُهُنَّ لِلتَّعْدِيدِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ (إلَّا قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَلَا تُكْرَهُ لَهَا زِيَارَتُهُ بَلْ تُنْدَبُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْحَجّ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ أَنْ تَكُونَ قُبُورُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ كَذَلِكَ (وَيَقُولُ الزَّائِرُ) نَدْبًا (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ إلَى آخِرِهِ) ، وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ وَفِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ أَقْوَالٌ قِيلَ هُوَ عَلَى عَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ لِتَحْسِينِ الْكَلَامِ وَقِيلَ هُوَ عَلَى بَابِهِ رَاجِعٌ إلَى اللُّحُوقِ فِي هَذَا الْمَكَانِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لِلتَّبَرُّكِ وَامْتِثَالِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: 23] {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 24] وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مِنْ تَنْكِيرِ السَّلَامِ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْمَشْهُورُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ تَعْرِيفُهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ قَالَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي يَقُولُ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَلَا يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْخِطَابِ «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ قَالَ لَهُ عَلَيْك السَّلَامُ أَنَّ عَلَيْك السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى إذَا لَقِيَ الرَّجُلُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فَلْيَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالصَّحِيحُ مَا مَرَّ وَأُجِيبَ عَنْ الْخَبَرِ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ عَادَتِهِمْ لَا تَعْلِيمٌ لَهُمْ وَبِأَنَّ أَخْبَارَنَا أَصَحُّ وَأَكْثَرُ وَقَوْلُهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْخِطَابِ مَمْنُوعٌ فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُ دُنُوَّهُ مِنْهُ حَيًّا) عِنْدَ زِيَارَتِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ مَعَهُ الْبُعْدَ وَقَدْ أَوْصَى بِالْقُرْبِ مِنْهُ قَرُبَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي الْحَيَاةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَأَنْ يَقْرَأَ) عِنْدَهُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ (ثُمَّ يَدْعُوَ) لَهُ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الزِّيَارَةِ وَأَنْ يُكْثِرَ الْوُقُوفَ عِنْدَ قُبُورِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْفَضْلِ (وَالْأَجْرُ لَهُ) أَيْ لِلْقَارِئِ (وَالْمَيِّتُ كَالْحَاضِرِ تُرْجَى لَهُ الرَّحْمَةُ) وَالْبَرَكَةُ وَسَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ مَا يُوَضِّحُهُ (فَرْعٌ يَحْرُمُ نَبْشُ الْقَبْرِ قَبْلَ الْبِلَى عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) بِتِلْكَ الْأَرْضِ لِهَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ (فَإِنْ بَلِيَ الْمَيِّتُ) بِأَنْ انْمَحَقَ جِسْمُهُ وَعَظْمُهُ وَصَارَ تُرَابًا (جَازَ) نَبْشُ قَبْرِهِ وَدَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ (وَحَرُمَ) حِينَئِذٍ (تَجْدِيدُهُ) بِأَنْ يَسْتَوِيَ تُرَابُهُ عَلَيْهِ وَيُعَمَّرَ عِمَارَةَ قَبْرٍ جَدِيدٍ (فِي) مَقْبَرَةٍ (مُسَبَّلَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ النَّاسَ أَنَّهُ جَدِيدٌ فَيَمْتَنِعُونَ مِنْ الدَّفْنِ فِيهِ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَا لَوْ كَانَ الْمَدْفُونُ صَحَابِيًّا أَوْ مِمَّنْ اشْتَهَرَتْ وِلَايَتُهُ فَلَا يَجُوزُ نَبْشُهُ عِنْدَ الِانْمِحَاقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ حَسَنٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِعِمَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ وَالْمُرَادُ بِعِمَارَتِهَا حِفْظُهَا مِنْ الدِّرَاسَةِ لَا تَجْدِيدُ بِنَائِهَا لِمَا مَرَّ (وَإِنْ وَقَعَ فِي الْقَبْرِ خَاتَمٌ وَنَحْوُهُ) أَيْ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يُتَمَوَّلُ، وَإِنْ قَلَّ (نَبْشٌ) وَرُدَّ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُهَذَّبِ بِطَلَبِ مَالِكِهِ لَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ يُوَافِقْهُ وَعَلَيْهِ وَرَدَ بِمُوَافَقَةِ صَاحِبَيْ الِانْتِصَارِ وَالِاسْتِقْصَاءِ لَهُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مُوَافَقَتَهُمَا لَا تُنَافِي مَا قَالَهُ وَعَلَى الْإِطْلَاقِ يُفَارِقُ مَا يَأْتِي فِي الِابْتِلَاعِ وَفِي التَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ فِي الْمَغْصُوبِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ بَشَاعَةٌ بِشَقِّ جَوْفِ الْمَيِّتِ وَالْأَخِيرَيْنِ ضَرُورِيَّانِ لِلْمَيِّتِ فَاحْتِيطَ لَهَا بِالطَّلَبِ بِخِلَافِ هَذَا (أَوْ ابْتَلَعَ مَالَ غَيْرِهِ) وَطَلَبَهُ صَاحِبُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ (وَلَمْ يَضْمَنْهُ) أَيْ مِثْلَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ زِيَارَةُ الْقُبُورِ] (قَوْلُهُ أَيْ قُبُورُ الْمُسْلِمِينَ) فَإِنْ كَانَ كَافِرًا لَمْ تُسْتَحَبَّ بَلْ تُبَاحُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: تَحْرُمُ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مَنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ) مِثْلُهَا الْخُنْثَى (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ أَنْ تَكُونَ قُبُورُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَقُولُ الزَّائِرُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ إلَخْ) سَبَقَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ زِيَارَةُ قُبُورِ أَقَارِبِهِ الْكُفَّارِ وَالْقِيَاسُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ لَا يَجُوزَ السَّلَامُ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ بَلْ أَوْلَى ج وَقَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) قِيلَ إنْ بِمَعْنَى إذْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ عَلَى الْإِيمَانِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَدْنُوَ مِنْهُ دُنُوَّهُ مِنْهُ حَيًّا) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا يَسْتَلِمْ الْقَبْرَ وَلَا يُقَبِّلْهُ وَيَسْتَقْبِلُ وَجْهَهُ لِلسَّلَامِ وَالْقِبْلَةِ لِلدُّعَاءِ ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى الْأَصْفَهَانِيُّ قَالَ شَيْخُنَا: نَعَمْ إنْ كَانَ قَبْرَ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ عَالِمٍ وَاسْتَلَمَهُ أَوْ قَبَّلَهُ بِقَصْدِ التَّبَرُّكِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ نَبْشُ الْقَبْرِ قَبْلَ الْبِلَى] (قَوْلُهُ يَحْرُمُ نَبْشُ الْقَبْرِ قَبْلَ الْبِلَى) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَالْقَصْرِ وَبِفَتْحِهَا وَالْمَدِّ س (قَوْلُهُ فَإِنْ بَلِيَ الْمَيِّتُ جَازَ) يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) : وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ حَسَنٌ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْله وَرُدَّ بِمُوَافَقَةِ صَاحِبَيْ الِانْتِصَارِ وَالِاسْتِقْصَاءِ لَهُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي كَلَامِ الدَّارِمِيِّ إشَارَةٌ إلَى مُوَافَقَةٍ وَلَمْ أَرَ لِلْأَئِمَّةِ مَا يُخَالِفُهُ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأَرْضِ وَالثَّوْبِ الْمَغْصُوبَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي وُجُوبِ النَّبْشِ أَوْ فِي جَوَازِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُطْلِقِينَ عَلَى الْجَوَازِ وَكَلَامُ الْمُهَذَّبِ عَلَى الْوُجُوبِ عِنْدَ الطَّلَبِ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِإِطْلَاقِهِمْ اهـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 أَوْ قِيمَتَهُ (أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ) أَوْ غَيْرُهُمْ (نُبِشَ وَشُقَّ جَوْفُهُ) وَرُدَّ لِمَا مَرَّ وَتَعْبِيرُهُ بِأَحَدٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْوَرَثَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَنَقَلَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَا يُنْبَشُ بِحَالٍ وَيَجِبُ الْغُرْمُ فِي تَرِكَتِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّقْيِيدُ غَرِيبٌ وَالْمَشْهُورُ لِلْأَصْحَابِ إطْلَاقُ الشَّقِّ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَقَدْ حَكَى صَاحِبُ الْبَحْرِ الِاسْتِثْنَاءَ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ لَا خِلَافَ فِيهِ (لَا) إنْ ابْتَلَعَ مَالَ (نَفْسِهِ) فَلَا يُنْبَشُ وَلَا يُشَقُّ لِاسْتِهْلَاكِهِ مَالَهُ فِي حَيَاتِهِ (وَلَوْ كُفِّنَ فِي مَغْصُوبٍ أَوْ دُفِنَ فِيهِ وَشَحَّ مَالِكُهُ) بِهِ عَلَى الْمَيِّتِ مَعَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لَهُ أَنْ لَا يَشِحَّ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَشِحَّ بِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ (أَوْ) دُفِنَ (فِي مَسِيلٍ) أَيْ مَكَان لَحِقَهُ بَعْدَ الدَّفْنِ فِيهِ سَيْلٌ (أَوْ) فِي أَرْضٍ ذَاتِ (نَدَاوَةٍ) . وَهَذَا قَدْ يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ (نُبِشَ) لِيُؤْخَذَ الْكَفَنُ فِي الْأُولَى وَلِيُنْقَلَ فِي الْبَقِيَّةِ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ بِشُحِّ الْمَالِكِ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّبْشُ قَبْلَ طَلَبِهِ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مِمَّنْ يُحْتَاطُ لَهُ وَمَحَلُّ النَّبْشِ أَيْضًا فِي الْكَفَنِ الْمَغْصُوبِ إذَا وُجِدَ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ النَّبْشُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّا إذَا لَمْ نَجِدْ إلَّا ثَوْبًا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِكِهِ قَهْرًا وَلَا يُدْفَنُ عُرْيَانًا، وَهُوَ مَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيُنْبَشُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ وَلَمْ يَعْلَمْ كَمَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ أَوْ شَهِدَا عَلَى شَخْصِهِ ثُمَّ دُفِنَ وَاشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ صُورَتُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ أَوْ دُفِنَتْ امْرَأَةٌ وَفِي جَوْفِهَا جَنِينٌ تُرْجَى حَيَاتُهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ تَدَارَكَا لِلْوَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ شَقُّ جَوْفِهَا قَبْلَ الدَّفْنِ الْكَافِرِ بِالْحَرَمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ أَوْ تَدَاعَيَاهُ فَيُنْبَشُ لِتُلْحِقَهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ. وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ صُورَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا دُفِنَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ يُنْبَشُ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ كَفَّنَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ وَأَسْرَفَ فَعَلَيْهِ غُرْمُ حِصَّةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَلَوْ قَالَ أَخْرِجُوا الْمَيِّتَ وَخُذُوهُ لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُمْ نَبْشُ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ الْكَفَنُ مُرْتَفِعَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ زَادَ فِي الْعَدَدِ فَلَهُمْ النَّبْشُ وَإِخْرَاجُ الزَّائِدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ (لَا) إنْ دُفِنَ (بِلَا كَفَنٍ أَوْ فِي حَرِيرٍ) فَلَا يُنْبَشُ لِحُصُولِ السِّتْرِ فِي الْأُولَى بِالتُّرَابِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ بِالنَّبْشِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْحَرِيرِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى (وَشَرْطٌ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيُشْتَرَطُ (عَدَمُ التَّغَيُّرِ) لِلْمَيِّتِ (فِي النَّبْشِ لِلْغُسْلِ) أَوْ التَّيَمُّمِ فَإِنْ تَغَيَّرَ وَخَشِيَ فَسَادَهُ حَرُمَ النَّبْشُ لِتَعَذُّرِ تَظْهِيرِهِ فَسَقَطَ كَمَا يَسْقُطُ وُضُوءُ الْحَيِّ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ (فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَ فِي سَفِينَةٍ وَأَمْكَنَ) مَنْ هُنَاكَ دَفْنُهُ لِكَوْنِهِمْ قُرْبَ الْبَرِّ وَلَا مَانِعَ (لَزِمَهُمْ) التَّأْخِيرُ لِيَدْفِنُوهُ فِيهِ (وَإِلَّا جُعِلَ بَعْدَ الصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (بَيْنَ لَوْحَيْنِ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ وَأُلْقِيَ لِيَنْبِذَهُ الْبَحْرُ إلَى مَنْ) لَعَلَّهُ (يَدْفِنُهُ، وَإِنْ) لَمْ يُجْعَلْ بَيْنَ لَوْحَيْنِ بَلْ (ثُقِّلَ بِشَيْءٍ لِيَنْزِلَ) إلَى الْقَرَارِ (لَمْ يَأْثَمُوا) ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْبَرِّ مُسْلِمِينَ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ إلْقَائِهِ فِي الْبَحْرِ بَيْنَ لَوْحَيْنِ أَوْ مُثَقَّلًا بِشَيْءٍ غُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِذَا أَلْقَوْهُ بَيْن لَوْحَيْنِ أَوْ فِي الْبَحْرِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ غُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ (وَتُسْتَحَبُّ الْمُجَاوَرَةُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ) وَنَحْوِهِمْ لِخَبَرِ ابْنِ مَظْعُونٍ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الزَّائِرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدَّمَ الْأَبُ إلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ الْأَسَنُّ فَالْأَسَنُّ. اهـ. وَلَوْ قِيلَ هُنَا بِمَا قِيلَ بِهِ فِي التَّقْدِيمِ إلَى الْقِبْلَةِ فِي الْقَبْرِ كَانَ أَقْرَبَ (وَمَنْ سَبَقَ إلَى) مَحَلٍّ مِنْ (مَكَان مُسَبَّلٍ فَهُوَ أَوْلَى بِالْحَفْرِ فِيهِ) لِخَبَرِ «مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ جَيِّدَةٍ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ فَإِنْ جَاءُوا مَعًا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ نَبْشُ قَبْرِ الْمَيِّتِ وَدَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ قَبْلَ الْبِلَى (فَإِنْ حَفَرَ فَوَجَدَ عِظَامَ مَيِّتٍ) أَيْ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَفْرِ (وَجَبَ رَدُّ تُرَابِهِ عَلَيْهِ. وَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ تَمَامِ الْحَفْرِ جَعَلَهَا فِي جَانِبٍ) مِنْ الْقَبْرِ (وَجَازَ) لِمَشَقَّةِ اسْتِئْنَافِ قَبْرٍ (دَفْنُهُ) أَيْ الْآخَرِ (مَعَهُ) وَنَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ بَعْضُهُمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) : أُمِّيٌّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقَالَ لَا خِلَافَ فِيهِ) وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ مُرَاعَاةً لِلْمَيِّتِ وَحِفْظًا لِحَقِّ الْمَالِكِ وَيَقْوَى الْجَزْمُ بِهِ حَيْثُ لَا غَرَضَ إلَّا الْمَالِيَّةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ إذَا وُجِدَ مَا يُكَفَّنُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ) أَيْ وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ أَوْ تَدَاعَيَا لِتُلْحِقْهُ الْقَافَةُ إلَخْ) أَوْ اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي أَنَّ الْمَدْفُونَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى نُبِشَ لِيَعْلَمَ كُلٌّ مِنْ الْوَرَثَةِ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَتَظْهَرَ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِي الْمُنَاسَخَاتِ وَغَيْرِهَا أَوْ قَالَ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدًا غُلَامًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا فَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ حَالُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْبَشَ لِقَطْعِ النِّزَاعِ أَوْ بُشِّرَ بِمَوْلُودٍ فَقَالَ: إنْ كَانَ ذَكَرًا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ أُنْثَى فَأَمَتِي حُرَّةٌ فَمَاتَ الْمَوْلُودُ وَدُفِنَ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْبَشَ لِيُعْتَقَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ أَوْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بَعْدَمَا دُفِنَ أَنَّهُ امْرَأَتُهُ وَطَلَبَ الْإِرْثَ وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَطَلَبَتْ الْإِرْثَ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَيُنْبَشُ فَلَوْ وُجِدَ خُنْثَى تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ أَوْ زَعَمَ الْجَانِي شَلَلَ الْعُضْوِ وَلَوْ أُصْبُعًا نُبِشَ لِيُعْلَمَ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ وَلَوْ دُفِنَ فِي ثَوْبٍ مَرْهُونٍ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ إخْرَاجَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالْقِيَاسُ غُرْمُ الْقِيمَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ نُبِشَ وَأُخْرِجَ مَا لَمْ تَسْقُطْ قِيمَتُهُ وَقَوْلُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَتَغَيَّرَ صُورَتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ عَدَمِ التَّغَيُّرِ فِي النَّبْشِ لِلْغُسْلِ) قَالَ الْغَزِّيِّ: يُسْتَثْنَى مَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ وَلَا تَيَمُّمٍ لِفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ [فَرْعٌ لَوْ مَاتَ فِي سَفِينَةٍ وَأَمْكَنَ مَنْ هُنَاكَ دَفْنُهُ لِكَوْنِهِمْ قُرْبَ الْبَرِّ لَزِمَهُمْ التَّأْخِيرُ لِيَدْفِنُوهُ فِيهِ] (قَوْلُهُ وَلَوْ قِيلَ هُنَا بِمَا قِيلَ بِهِ فِي التَّقْدِيمِ إلَخْ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ حُفِرَ فَوُجِدَ عِظَامُ مَيِّتٍ) لَوْ انْهَدَمَ قَبْرُ مَيِّتٍ تَخَيَّرَ وَارِثُهُ بَيْنَ تَرْكِهِ بِحَالِهِ وَنَبْشِهِ لِإِصْلَاحِهِ وَنَقْلِهِ إلَى غَيْرِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 وَهَذَا النَّصُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فِي قَبْرٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ خِلَافًا لِلسَّرَخْسِيِّ وَقَدْ مَرَّ (وَمَنْ مَاتَ أَقَارِبُهُ) أَوْ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ (دَفْعَةً) وَأَمْكَنَهُ دَفْنُ كُلٍّ فِي قَبْرٍ (بَدَأَ بِدَفْنِ) الْأَوْلَى بِتَجْهِيزِ (مَنْ يُخْشَى تَغَيُّرُهُ ثُمَّ بِأَبِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ حُرْمَةً (ثُمَّ أُمَّةُ) ؛ لِأَنَّ لَهَا رَحِمًا (ثُمَّ الْأَقْرَبُ وَيُقَدَّمُ الْأَكْبَرُ) سِنًّا (مِنْ أَخَوَيْهِ) مَثَلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي تَقْدِيمِ الْأَكْبَرِ مُطْلَقًا نَظَرٌ إذَا كَانَ الْأَصْغَرُ أَتْقَى وَأَعْلَمَ وَأَوْرَعَ فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا (وَيُقْرَعُ بَيْنَ زَوْجِيَّتِهِ) إذْ لَا مَزِيَّةَ وَمِثْلُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ عَبْدَاهُ وَأَمَتَاهُ. (وَلَا يُدْفَنُ مُسْلِمٌ مَعَ كُفَّارٍ) أَيْ فِي مَقْبَرَتِهِمْ (وَلَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي مُجَلِّيٌّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلَعْنِ الْمُسْلِمِ وَتَأَذِّيه بِمَوَاضِعِ الْغَضَبِ وُقُوعِ الْمُسْلِمِ فِي الِاسْتِغْفَارِ لِلْكَافِرِ (وَيُسْتَحَبُّ الدَّفْنُ نَهَارًا) لِسُهُولَةِ الِاجْتِمَاعِ وَالْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ نَعَمْ إنْ خُشِيَ تَغَيُّرُهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ لِيُدْفَنَ نَهَارًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ بِهِ (وَلَا يُكْرَهُ لَيْلًا) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «وَرَأَى نَاسٌ نَارًا فِي الْمَقْبَرَةِ فَأَتَوْهَا فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَبْرِ وَإِذَا هُوَ يَقُولُ نَاوِلُونِي صَاحِبَكُمْ وَإِذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «زَجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إنْسَانٌ إلَى ذَلِكَ» فَالنَّهْيُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ عَنْ دَفْنِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ. (وَلَا) يُكْرَهُ (فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ) بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا هَذَا (إنْ لَمْ يَتَحَرَّهَا) وَإِلَّا كُرِهَ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «عَنْ عُقْبَةَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَإِنْ نَقْبُرَ فِيهَا مَوْتَانَا وَذَكَرَ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَاسْتِوَائِهَا وَغُرُوبِهَا» وَظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْأَوْقَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالزَّمَانِ دُونَ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْفِعْلِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ وَالْحَدِيثُ وَالْمَعْنَى يَدُلُّ لِذَلِكَ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الصَّوَابُ التَّعْمِيمُ وَنَقْبُرُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ بِدَفْنٍ (وَيُكْرَهُ الْمَبِيتُ فِي الْمَقْبَرَةِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ (وَيَحْرُمُ حَمْلُهُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ) آخَرَ لِيُدْفَنَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ دَفْنِهِ الْمَأْمُورِ بِتَعْجِيلِهِ وَتَعْرِيضِهِ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْبَلَدِ لَا يُمْكِنُ الْأَخْذُ بِظَاهِرِهِ، فَإِنَّ الصَّحْرَاءَ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَيَنْتَظِمُ مِنْهَا مَعَ الْبَلَدِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ، وَهِيَ النَّقْلُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَمِنْ صَحْرَاءَ إلَى صَحْرَاءَ، وَمِنْ بَلَدٍ إلَى صَحْرَاءَ وَالْعَكْسُ وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ بِالْبَلَدَيْنِ الْمُتَّصِلَيْنِ أَوْ الْمُتَقَارِبَيْنِ لَا سِيَّمَا وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِالدَّفْنِ خَارِجَ الْبَلَدِ وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِمَسَافَةِ مَقْبَرَتِهَا (إلَّا مَنْ بِقُرْبِ) مَكَان (مِنْ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ) مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيَخْتَارُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَيْهِ لِفَضْلِ الدَّفْنِ فِيهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقُرْبِ بِمَسَافَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا الْمَيِّتُ قَبْلَ وُصُولِهِ وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ جَمِيعُ الْحَرَمِ لَا نَفْسُ الْبَلَدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَا يَنْبَغِي التَّخْصِيصُ بِالثَّلَاثَةِ بَلْ لَوْ كَانَ بِقُرْبِهِ مَقَابِرُ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَقْصِدُ الْجَارَ الْحَسَنَ قَالَ وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الشَّهِيدِ لِخَبَرِ جَابِرٍ قَالَ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إلَى مَصَارِعِهِمْ وَكَانُوا نُقِلُوا إلَى الْمَدِينَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. اهـ. وَلَوْ تَعَارَضَ الْقُرْبُ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ وَدَفَنَهُ بَيْنَ أَهْلِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى (فَإِنْ وَصَّى بِهِ) أَيْ بِحَمْلِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ غَيْرَ الْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ (لَمْ تَنْفُذْ وَصِيَّتُهُ) بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ (وَإِنْ رُجِيَتْ حَيَاةُ جَنِينِ مَيِّتَةٍ شُقَّ جَوْفُهَا) وُجُوبًا (فِي الْقَبْرِ) نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ (وَأُخْرِجَ) مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَا إخْرَاجِهِ أَعْظَمُ مِنْ مَفْسَدَةِ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا وَالتَّقْيِيدُ بِالْقَبْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الشَّقَّ فِيهِ أَسْتَرُ وَأَكْثَرُ احْتِرَامًا وَأَقَلُّ كُلْفَةً قَالَ الرُّويَانِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ يُشَقُّ قَبْلَهُ أَيْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَهَذَا النَّصُّ يَدُلُّ إلَخْ) مَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ إذَا وَجَبَ رَدُّ التُّرَابِ وَحَرُمَ الدَّفْنُ فِي الشَّقِّ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا جَوَّزَهُ فِي الشَّقِّ الثَّانِي لِمَشَقَّةِ اسْتِئْنَافِ قَبْرٍ ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ أَبَاحَهُ قَالَ عَقِبَ النَّصِّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ مَنَعَ مِنْ دَفْنِ الثَّانِي مَعَهُ وَقَوْلُهُ بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الدَّفْنُ نَهَارًا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ النَّهَارِ لَا مِنْ اللَّيْلِ وَلَا شَكَّ فِي إلْحَاقِهِ بِاللَّيْلِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى، وَهُوَ مَشَقَّةُ الِاجْتِمَاعِ بَلْ هُوَ فِي الْمَشَقَّةِ أَشَدُّ مِمَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ لَا سِيَّمَا إذَا جُهِّزَ وَحُمِلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ إلَّا الدَّفْنُ. اهـ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا شَكَّ فِي إلْحَاقِهِ بِاللَّيْلِ لِمَشَقَّةِ الِاجْتِمَاعِ يُعْكَسُ عَلَيْهِ فَيُقَالُ: لَا شَكَّ فِي إلْحَاقِهِ بِالنَّهَارِ وَتَيَسُّرِ الِاجْتِمَاعِ فَإِنَّ جَمَاعَاتِ الصُّبْحِ تَكْثُرُ فِي أَوَّلِ الْفَجْرِ وَهُمْ أَكْثَرُ فَرَاغًا مِنْ وَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُمْ إذْ ذَاكَ يَنْتَشِرُونَ فِي مَعَايِشِهِمْ وَأَسْوَاقِهِمْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الشَّمْسِ. (قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ سَبَبًا مُتَقَدِّمًا أَوْ مُقَارِنًا، وَهُوَ الْمَوْتُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ) تَحَرِّيهَا مَكْرُوهٌ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَظَاهِرُهُ التَّنْزِيهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا عَلِمَ بِالنَّهْيِ وَقَوْلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا: الْأَوْجَهُ تَحْرِيمُ الدَّفْنِ عِنْدَ تَحَرِّي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فِي الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ، وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ الصَّلَاةُ فِيهِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ) : أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ التَّعْمِيمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ حَمْلُهُ مِنْ بَلَدٍ إلَى آخَرَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ النَّقْلُ إلَى بَلَدٍ إلَّا إذَا كَانَتْ مَقْبَرَتُهُ أَبْعَدَ مِنْ مَقْبَرَةِ الْبَلَدِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَى مَسَافَتِهَا أَوْ أَقْرَبَ فَلَا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْجَيْشِ مَثَلًا بِدَارٍ الْحَرْبِ وَعَلِمَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ وَعَلِمْنَا أَوْ خِفْنَا أَنَّا لَوْ دَفَنَاهُ بِهَا لَنَبَشُوهُ وَأَحْرَقُوهُ وَمَثَّلُوا بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْلُ جَزْمًا بَلْ يَتَأَكَّدُ إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى انْفِجَارِهِ وَنَحْوِهِ لِيُرَدَّ الْوَقْتُ أَوْ قُرْبِ دَارِنَا وَقَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ فِي الْبَلَدَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) وَغَيْرُهُ: (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ رُجِيَتْ حَيَاةُ جَنِينٍ مَيِّتَةٍ) بِأَنْ يَكُونَ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ إخْرَاجِهِ إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَمُوتُ بِضِيقِ النَّفَسِ (وَإِنْ لَمْ تُرْجَ) حَيَاتُهُ (لَمْ تُدْفَنْ) هِيَ (حَتَّى يَمُوتَ) هُوَ (وَلَوْ مَرَّ مُسَافِرُونَ بِمَيِّتٍ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ) وَكَانَ الْمَيِّتُ فِيهِمَا بِمَحَلٍّ لَا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ إلَّا نَادِرًا (فَتَرَكُوهُ) بِلَا تَجْهِيزٍ (أَثِمُوا) لِتَفْوِيتِهِمْ الْوَاجِبَ (وَعُوقِبُوا) أَيْ عَاقَبَهُمْ الْإِمَامُ لِذَلِكَ (إلَّا إنْ خَافُوا) عَدُوًّا أَوْ نَحْوَهُ لَوْ اشْتَغَلُوا بِتَجْهِيزِهِ فَلَا يَأْثَمُونَ بِتَرْكِهِ وَلَا يُعَاقَبُونَ لِلضَّرُورَةِ لَكِنْ يَخْتَارُ أَنْ يُوَارُوهُ مَا أَمْكَنَهُمْ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِاسْتِثْنَاءِ الْخَوْفِ وَيَذْكُرُ الْعُقُوبَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُرُورِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ خَافُوا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ خَافُوا عَدُوًّا (وَإِنْ كَانَ) الْمَيِّتُ الْمَذْكُورُ (بِجَنْبِ قَرْيَةٍ أَوْ) طَرِيقٍ (جَادَّةٍ) أَيْ تَسْلُكُهُ الْمَارَّةُ كَثِيرًا (فَمُسِيئُونَ) بِتَرْكِ تَجْهِيزِهِ وَلَا (لَا يُعَاقَبُونَ) وَعَلَى مَنْ بِقُرْبِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ دَفْنُهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ إنْ أَسَاءَ تَجِيءُ لِغَيْرِ التَّحْرِيمِ وَمِنْهُ خَبَرُ «فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ» وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَتَقَدَّمَ تَحْرِيرُهُ ثُمَّ (فَإِنْ وَجَدُوهُ مُكَفَّنًا مُحَنَّطًا دَفَنُوهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ وَمَنْ شَاءَ) الصَّلَاةَ عَلَيْهِ (صَلَّى بَعْدَ دَفْنِهِ) عَلَى قَبْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى دَفْنِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْأُولَى عَلَيْهِ أَهَمُّ (بَابُ التَّعْزِيَةِ) (وَهِيَ سُنَّةٌ) وَفِي نُسْخَةٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ تَبْكِي عَلَى صَبِيٍّ لَهَا فَقَالَ لَهَا اتَّقَى اللَّهَ وَاصْبِرِي ثُمَّ قَالَ إنَّمَا الصَّبْرُ أَيْ الْكَامِلُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا) بِأَنْ يَجْتَمِعَ أَهْلُ الْمَيِّتِ بِمَكَانٍ لِيَأْتِيَهُمْ النَّاسُ لِلتَّعْزِيَةِ؛ لِأَنَّهُ مُحْدَثٌ، وَهُوَ بِدْعَةٌ؛ وَلِأَنَّهُ يُجَدِّدُ الْحُزْنَ وَيُكَلِّفُ الْمُعَزَّى، وَأَمَّا مَا ثَبَتَ «عَنْ عَائِشَةَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَاءَهُ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ» فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ جُلُوسَهُ كَانَ لِأَجْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ النَّاسُ لِيُعَزُّوهُ (وَيُعَزَّى كُلُّ أَهْلِ الْمَيِّتِ) وَلَوْ صِبْيَانًا وَنِسَاءً (لَا أَجْنَبِيٌّ شَابَّةً) فَلَا يُعَزِّيهَا إلَّا مَحَارِمُهَا وَزَوْجُهَا وَكَذَا مِنْ أُلْحِقَ بِهِمْ فِي جَوَازِ النَّظَرِ فِيمَا يَظْهَرُ وَصَرَّحَ ابْنُ خَيْرَانَ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّعْزِيَةُ بِالْمَمْلُوكِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنَّهُ يُعَزِّي بِكُلِّ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ عَلَيْهِ وَجْدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَتَّى بِالزَّوْجَةِ وَالصَّدِيقِ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْأَهْلِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (وَتَأْخِيرُهَا) أَيْ التَّعْزِيَةِ (حَتَّى يُدْفَنَ الْمَيِّتُ أَوْلَى) مِنْهَا قَبْلَهُ لِاشْتِغَالِهِمْ قَبْلَهُ بِتَجْهِيزِهِ وَلِشِدَّةِ حُزْنِهِمْ حِينَئِذٍ بِالْمُفَارَقَةِ (إلَّا إنْ أَفْرَطَ جَزَعُهُمْ) فَيَخْتَارُ تَقْدِيمَهَا لِيُصَيِّرَهُمْ (وَلَا تَعْزِيَةَ بَعْدَ ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (تَقْرِيبًا) أَيْ تُكْرَهُ بَعْدَهَا إذْ الْغَرَضُ مِنْهَا تَسْكِينُ قَلْبِ الْمُصَابِ وَالْغَالِبُ سُكُونُهُ فِيهَا فَلَا يُجَدِّدْ حُزْنَهُ وَقَدْ جَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِهَايَةَ الْحُزْنِ بِقَوْلِهِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمِنْ هُنَا كَانَ ابْتِدَاءُ الثَّلَاثِ مِنْ الْمَوْتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ أَبِي الدَّمِ وَالْغَزَالِيُّ فِي خُلَاصَتِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مِنْ الدَّفْنِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ التَّعْزِيَةِ مِنْهُ أَيْضًا لَا مِنْ الْمَوْتِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ فَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ. قَالَ أَصْحَابُنَا وَقْتُهَا مِنْ الْمَوْتِ إلَى الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُرَادُهُ بِهِ مَا قُلْنَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا اسْتِحْبَابُهَا قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ انْتَهَى. وَاَلَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ لِلْحَنَابِلَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا تَحْدِيدًا) تَأْكِيدٌ (إلَّا لِغَيْبَةِ مُعَزٍّ أَوْ مُعَزًّى) فَتَبْقَى التَّعْزِيَةُ لَهُ إلَى قُدُومِهِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَالظَّاهِرُ امْتِدَادُهَا بَعْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَلْحَقُ بِالْغَيْبَةِ الْمَرَضُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (وَالتَّعْزِيَةُ) لُغَةً التَّصْبِيرُ لِمَنْ أُصِيبَ بِالتَّعْزِيَةِ عَلَيْهِ وَشَرْعًا (هِيَ الْحَمْلُ عَلَى الصَّبْرِ بِالْوَعْدِ بِالْأَجْرِ وَالتَّحْذِيرِ) عَنْ الْوِزْرِ بِالْجَزَعِ (وَ) أَنْ (يَدْعُوَ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَالدُّعَاءُ (لِلْمَيِّتِ وَالْمُصَابِ فَفِي تَعْزِيَةِ كَافِرٍ بِمُسْلِمٍ وَعَكْسِهِ يَخُصُّ الْمُسْلِمَ بِالدُّعَاءِ الْأُخْرَوِيَّ) فَيَقُولُ فِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْلِمِ عَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَك وَأَحْسَنَ عَزَاءَك بِالْمَدِّ أَيْ جَعَلَ صَبْرَك حَسَنًا وَغَفَرَ لِمَيِّتِك وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَهُ بِمَا وَرَدَ مِنْ تَعْزِيَةِ الْخَضِرِ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَوْتِهِ إنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ فَبِاَللَّهِ فَثِقُوا وَإِيَّاهُ فَارْجُوا فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابُ وَيَقُولَ   [حاشية الرملي الكبير] لِأَنَّ فِيهِ اسْتِبْقَاءَ حَيٍّ مُحْتَرَمٍ بِإِتْلَافِ جُزْءٍ مِنْ مَيِّتٍ فَوَجَبَ كَأَكْلِ الْمُضْطَرِّ مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ تُرْجَ حَيَاتُهُ) بِأَنْ تَمُوتَ، وَهُوَ دُونَ سِتَّةٍ أَشْهُرٍ أَوْ كَانَ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ [بَابُ التَّعْزِيَةِ] (بَابُ التَّعْزِيَةِ) (قَوْلُهُ وَيُعَزِّي كُلَّ أَهْلِ الْمَيِّتِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلِأَصْلَحِهِمْ وَأَضْعَفِهِمْ صَبْرًا آكَدُ (قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَزِّيَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ إلَخْ) ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَقَدْ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ: إنَّ أَوْلَى زَمَانِهَا مِنْ حِينِ يَمُوتُ إلَى أَنْ يُدْفَنَ وَبَعْدَ الدَّفْنِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ فِي الْكَافِي: وَوَقْتُهَا مِنْ حِينِ يَمُوتُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقِيلَ مِنْ الدَّفْنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ دَفْنِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ امْتِدَادُهَا بَعْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُمْ فِي الْبَيْعِ إنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ يَمْتَدُّ امْتِدَادَ بُلُوغِ الْخَبَرِ يُؤَيِّدُهُ (قَوْلُهُ وَيَلْحَقُ بِالْغَيْبَةِ الْمَرَضُ) أَيْ وَالْحَبْسُ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ) ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ هِيَ الْحَمْلُ عَلَى الصَّبْرِ بِالْوَعْدِ إلَخْ) تَحْصُلُ بِالْمُكَاتَبَةِ مِنْ الْغَائِبِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْحَاضِرُ الْمَعْذُورُ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ وَفْقُهُ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَدْعُوَ لِلْمَيِّتِ وَالْمُصَابِ) قِيلَ يُقَدِّمُ الدُّعَاءَ لِلْمُعَزَّى؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ وَالثَّانِي يُقَدِّمُ الْمَيِّتَ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ إلَى الدُّعَاءِ وَالثَّالِثُ يَتَخَيَّرُ فَيُقَدِّمُ مَنْ شَاءَ هَذَا فِي الْمُسْلِمِ بِالْمُسْلِمِ فَإِنْ عَزَّى ذِمِّيًّا بِمُسْلِمٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 فِي تَعْزِيَةِ الْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ غَفَرَ اللَّهُ لِمَيِّتِك وَأَحْسَنَ عَزَاءَك وَفِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك وَأَخْلَفَ عَلَيْك وَأَلْهَمَك الصَّبْرَ أَوْ جَبَرَ مُصِيبَتَك أَوْ نَحْوَهُ وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَأَخْلَفَ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ وَلَدًا أَوْ نَحْوَهُ مِمَّنْ يُخْلَفُ بَدَلُهُ فَإِنْ كَانَ أَبًا أَوْ نَحْوَهُ فَيَقُولُ خَلَفَ عَلَيْك أَيْ كَانَ اللَّهُ خَلِيفَةً عَلَيْك نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ (وَفِي) تَعْزِيَةِ (ذِمِّيٍّ بِذِمِّيٍّ) يُعَزِّي (بِنَحْوِ أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك وَلَا نَقَصَ عَدَدَك) بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُنَا فِي الدُّنْيَا بِكَثْرَةِ الْجِزْيَةِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالْفِدَاءِ مِنْ النَّارِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ بِدَوَامِ الْكُفْرِ فَالْمُخْتَارُ تَرْكُهُ مَنَعَهُ ابْنُ النَّقِيبِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْبَقَاءَ عَلَى الْكُفْرِ قَالَ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلِهِ بِتَكْثِيرِ الْجِزْيَةِ انْتَهَى. وَفَائِدَةُ التَّعْلِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ تَظْهَرُ فِي تَعْزِيَةِ الْحَرْبِيِّ بِالْحَرْبِيِّ فَيُعَزَّى عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْفِدَاءِ دُونَ التَّعْلِيلِ بِتَكْثِيرِ الْجِزْيَةِ لَكِنْ أَطْلَقَ الْجِيلِيُّ أَنَّهُ لَا يُعَزَّى، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ تُكْرَهُ تَعْزِيَتُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ إلَّا أَنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ فَيَنْبَغِي نَدْبُهَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ الْآتِي، وَعَبَّرَ الْأَصْلُ فِي تَعْزِيَةِ الذِّمِّيِّ بِالذِّمِّيِّ بِجَوَازِهَا، وَفِي الْمَجْمُوعِ بِعَدَمِ نَدْبِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَكَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ كَالصَّرِيحِ فِي نَدْبِهَا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُهُ وَذَكَرَ نَحْوًا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُنْدَبَ تَعْزِيَةُ الذِّمِّيِّ بِالذِّمِّيِّ أَوْ بِالْمُسْلِمِ إلَّا إذَا رُجِيَ إسْلَامُهُ تَأْلِيفًا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ فِي التَّعْزِيَةِ الدُّعَاءَ لِلْمُصَابِ؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ وَلِيُوَافِقَ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا» حَيْثُ بَدَأَ بِالْحَيِّ وَخُولِفَ فِي تَعْزِيَةِ الْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ تَقْدِيمًا لِلْمُسْلِمِ (فَصْلُ يُسْتَحَبُّ لِجِيرَانِ أَهْلِ الْمَيِّتِ) وَلَوْ أَجَانِبَ (وَأَقَارِبُهُ الْأَبَاعِدُ) ، وَإِنْ كَانُوا بِغَيْرِ بَلَدِ الْمَيِّتِ (أَنْ يَصْنَعُوا لِأَهْلِهِ) الْأَقَارِبِ (طَعَامًا يَكْفِيهِمْ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ) عَقِبَ مَعْرِفَتِهِمْ بِالْمَوْتِ لِخَبَرِ «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ؛ وَلِأَنَّهُ بِرٌّ وَمَعْرُوفٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالتَّعْبِيرُ بِالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَاضِحٌ إذَا مَاتَ فِي أَوَائِلِ الْيَوْمِ فَلَوْ مَاتَ فِي آخِرِهِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يُضَمَّ إلَى ذَلِكَ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ أَيْضًا لَا سِيَّمَا إذَا تَأَخَّرَ الدَّفْنُ عَنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ مَعَ جِيرَانِ أَهْلِ الْمَيِّتِ مَعَارِفَهُمْ (وَيُلِحُّونَ) الْأَوْلَى حَذْفُ النُّونِ لِيَكُونَ الْمَعْنَى وَأَنْ يُلِحُّوا (عَلَيْهِمْ فِي الْأَكْلِ) مِنْهُ لِئَلَّا يَضْعُفُوا بِتَرْكِهِ (وَيَحْرُمُ صُنْعُهُ لِمَنْ يَنُوحُ) ؛ لِأَنَّهُ أَعَانَهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ (وَيُكْرَهُ لِأَهْلِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (طَعَامٌ) أَيْ صُنْعُ طَعَامٍ (يَجْمَعُونَ عَلَيْهِ النَّاسَ) أَخَذَ كَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ الْكَرَاهَةَ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ بِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصُنْعَهُمْ الطَّعَامَ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ «بَعْدَ دَفْنِهِ» ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ فَضْلًا عَنْ الْكَرَاهَةِ وَالْبِدْعَةِ الصَّادِقَةِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَأَمَّا الذَّبْحُ وَالْعَقْرُ عِنْدَ الْقَبْرِ فَمَذْمُومٌ لِخَبَرِ «لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (فَصْلٌ الْبُكَاءُ) عَلَى الْمَيِّتِ (جَائِزٌ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ) وَلَوْ بَعْدَ الدَّفْنِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَكَى عَلَى وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَقَالَ: إنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِك يَا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ وَبَكَى عَلَى قَبْرِ بِنْتٍ لَهُ وَزَارَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ» رَوَى الْأَوَّلَ الشَّيْخَانِ وَالثَّانِيَ الْبُخَارِيُّ وَالثَّالِثَ مُسْلِمٍ (وَ) لَكِنَّهُ (قَبْلَهُ) أَيْ الْمَوْتِ (أَوْلَى) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَاهُ طَلَبُ الْبُكَاءِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَنَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَنَظَرَ فِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ يَكُونُ أَسَفًا عَلَى مَا فَاتَ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ خِلَافَ الْأَوْلَى وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ لَكِنَّهُ نَقَلَ فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِخَبَرِ «فَإِذَا وَجَبَتْ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ قَالُوا وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْمَوْتُ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْبُكَاءُ لِرِقَّةٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَأَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا يُكْرَهُ وَلَا يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَإِنْ كَانَ لِلْجَزَعِ وَعَدَمِ التَّسْلِيمِ لِلْقَضَاءِ فَيُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا كُلُّهُ فِي الْبُكَاءِ بِصَوْتٍ أَمَّا مُجَرَّدُ دَمْعِ الْعَيْنِ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ وَاسْتَثْنَى الرُّويَانِيُّ مَا إذَا غَلَبَهُ الْبُكَاءُ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَمْلِكُهُ الْبَشَرُ (وَالنَّدْبُ) ، وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ عَدُّ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ بِنَحْوِ الصِّيغَةِ   [حاشية الرملي الكبير] يَبْدَأُ بِالْمُسْلِمِ قَطْعًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك) لَيْسَ فِيهِ الدُّعَاءُ بِكَثْرَةِ مَصَائِبِهِ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5] (قَوْلُهُ وَفِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ إلَخْ) وَفِي تَعْزِيَةِ السَّيِّدِ بِرَقِيقِهِ أَعْظَمَ اللَّهُ لَك الْأَجْرَ فِي رَقِيقِك وَأَخْلَفَ عَلَيْك فِي مَالِك وَلَا أَصَابَك نَقْصٌ فِي أَهْلِك وَلَا فِي مَالِك (قَوْلُهُ وَفِي تَعْزِيَةِ ذِمِّيٍّ) أُلْحِقَ بِهِ الْمُعَاهِدُ وَالْمُسْتَأْمِنُ (قَوْلُهُ لَكِنْ أَطْلَقَ الْجِيلِيُّ أَنَّهُ لَا يُعَزَّى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي نَدْبُهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُنْدَبَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لَوْ قِيلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ مَنْ تُسْتَحَبُّ عِيَادَتُهُ وَبَيْنَ مَنْ لَا تُسْتَحَبُّ وَيُحْمَلُ النَّقْلَانِ عَلَيْهِ لَكَانَ مُتَّجِهًا ج [فَصْلُ صنع الطَّعَام لِأَهْلِ الْمَيِّتِ] (قَوْلُهُ فَقِيَاسُهُ أَنْ يُضَمَّ إلَى ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُلِحُّونَ عَلَيْهِمْ فِي الْأَكْلِ) وَلَا بَأْسَ بِالْقَسَمِ عَلَيْهِمْ إنْ عَلِمَ الْحَالِفُ إبْرَارَ قَسَمِهِ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُهُ فِي سَفَرٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ الِاسْتِحْبَابُ بِالرُّفْقَةِ (قَوْلُهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ) لَا خَفَاءَ فِي تَحْرِيمِهِ إنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَوْ غَائِبٌ وَصُنِعَ ذَلِكَ مِنْ التَّرِكَةِ [فَصْلٌ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ] (قَوْلُهُ الْبُكَاءُ جَائِزٌ قَبْلَ الْمَوْتِ) قَالَ الصَّيْمَرِيُّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَبْكِيَ بِحَضْرَةِ الْمُحْتَضَرِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْبُكَاءُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 الْآتِيَةِ وَقِيلَ عَدُّهَا مَعَ الْبُكَاءِ كَمَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي مَجْمُوعِهِ كَأَنْ يُقَالَ وَاكَهْفَاه وَاجَبَلَاه وَاسَنَدَاه وَاكَرِيمَاه (حَرَامٌ) لِمَا سَيَأْتِي وَلِلْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ قَالَ فِيهِ وَجَاءَ فِي الْإِبَاحَةِ مَا يُشْبِهُ النَّدْبَ وَلَيْسَ مِنْهُ، وَهُوَ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ «لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ الْكَرْبُ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ وَا أَبَتَاهُ فَقَالَ لَيْسَ عَلَى أَبِيك كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ يَا أَبَتَاهُ إلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ» (وَكَذَا) يَحْرُمُ (النُّوحُ) ، وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِالْكَلَامِ الْمُسَجَّعِ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ بِدَلِيلِهَا فِي جُمَلِ الْجَنَائِزِ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ (وَ) يَحْرُمُ (ضَرْبُ الْخَدِّ وَنَشْرُ الشَّعْرِ) وَنَحْوِهِمَا كَتَسْوِيدِ الْوَجْهِ وَإِلْقَاءِ الرَّمَادِ عَلَى الرَّأْسِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِإِفْرَاطٍ فِي الْبُكَاءِ لِمَا مَرَّ ثُمَّ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» (وَلَا يُعَذَّبُ بِهِ) أَيْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (مَيِّتٌ لَمْ يُوصِ بِهِ) قَالَ تَعَالَى {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِهِ كَقَوْلِ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ إذَا مِتُّ فَانْعَيْنِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ ... وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَدٍ وَعَلَيْهِ حَمَلَ الْجُمْهُورُ خَبَرَ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَا نِيحَ عَلَيْهِ» قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ ذَنْبُ الْمَيِّتِ الْأَمْرُ بِذَلِكَ فَلَا يَخْتَلِفُ عَذَابُهُ بِامْتِثَالِهِمْ وَعَدَمِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الذَّنْبَ عَلَى السَّبَبِ يَعْظُمُ بِوُجُودِ الْمُسَبَّبِ وَشَاهِدُهُ خَبَرُ «مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً» وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى تَعْذِيبِهِ بِمَا يَبْكُونَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ جَرَائِمِهِ كَالْقَتْلِ وَشَنِّ الْغَارَاتِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَنُوحُونَ عَلَى الْمَيِّتِ بِهَا وَيَعُدُّونَهَا فَخْرًا وَقَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدَّرَ الْعَفْوَ عَنْهُ إنْ لَمْ يَبْكُوا عَلَيْهِ فَإِنْ بَكَوْا وَنَدَبُوا عُذِّبَ بِذَنْبِهِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَافِرِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الذُّنُوبِ (بَابُ تَارِكِ الصَّلَاةِ) الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ أَصَالَةً جَحْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَقَدَّمَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الْجَنَائِزِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَعَلَّهُ أَلْيَقُ (فَالْجَاحِدُ لِوُجُوبِهَا) ، وَإِنْ أَتَى بِهَا (مُرْتَدٌّ) لِإِنْكَارِهِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِتَرْكِهَا جَحْدًا (إلَّا جَاهِلٌ) نَفَى ذَلِكَ (لِقُرْبِ عَهْدٍ) بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَيْسَ مُرْتَدًّا بَلْ يَعْرِفُ الْوُجُوبَ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْجَحْدِ صَارَ مُرْتَدًّا وَالْجُحُودُ إنْكَارُ مَا اعْتَرَفَ بِهِ الْمُنْكِرُ فَخَرَجَ بِهِ الْجَاهِلُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَحْوُهُ كَنَشْئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ قَاصِرٌ عَنْ تَمَامِ الْغَرَضِ وَجَاهِلٌ مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إلَّا قَلِيلٌ عَلَى قِرَاءَةِ الرَّفْعِ وَفِي نُسْخَةٍ لَا جَاهِلٌ، وَهِيَ أَحْسَنُ (وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْمُرْتَدِّ) فِي بَابِهِ (وَمَنْ تَرَكَهَا غَيْرَ جَاحِدٍ بِلَا عُذْرٍ وَلَوْ صَلَاةً وَاحِدَةً أَوْ جُمُعَةً وَلَوْ قَالَ) فِي الْجُمُعَةِ (أُصَلِّيهَا ظُهْرًا أَوْ) تَرَكَ (وُضُوءً لَهَا) أَيْ لِلصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ (قُتِلَ بِالسَّيْفِ حَدًّا) لَا كُفْرًا. قَالُوا أَمَّا فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ؛ فَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ قَالَ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ فَلَوْ كَفَرَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى تَرْكِهَا جَحْدًا أَوْ عَلَى التَّغْلِيظِ أَوْ الْمُرَادُ بَيْنَ مَا يُوجِبُهُ الْكُفْرُ مِنْ وُجُوبِ الْقَتْلِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَأَمَّا الْوُضُوءُ؛ فَلِأَنَّهُ تَرْكٌ لِلصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا قُتِلَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ قَالَ أُصَلِّيهَا ظُهْرًا لَتَرَكَهَا بِلَا قَضَاءٍ إذْ الظُّهْرُ لَيْسَ قَضَاءً عَنْهَا، وَيُقَاسُ بِالْوُضُوءِ الْأَرْكَانُ وَسَائِرُ الشُّرُوطِ وَصَرَّحَ فِي الْبَيَانِ بِبَعْضِهَا فَقَالَ لَوْ صَلَّى عُرْيَانًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى السُّتْرَةِ أَوْ الْفَرِيضَةِ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ. وَمَحَلُّهُ فِيمَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَوْ فِيهِ خِلَافٌ رَوَاهُ خِلَافَ الْقَوِيِّ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ تَرَكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا أَوْ مَسَّ شَافِعِيٌّ الذَّكَرَ أَوْ لَمَسَ الْمَرْأَةَ أَوْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَنْوِ وَصَلَّى مُتَعَمِّدًا لَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّ جَوَازَ صَلَاتِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ (إذَا أَخْرَجَهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) فِيمَا لَهُ وَقْتُ ضَرُورَةٍ بِأَنْ يَجْمَعَ مَعَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقِيلَ عَدَّهَا مَعَ الْبُكَاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ «قَالَتْ يَا أَبَتَاهُ» ) أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ يَا أَبَتَاهُ (قَوْلُهُ كَتَسْوِيدِ الْوَجْهِ إلَخْ) وَكَذَا تَغْيِيرُ الزِّيِّ وَلَيْسَ غَيْرُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَالَ الْإِمَامُ: وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُ إظْهَارَ جَزَعٍ يُنَافِي الِانْقِيَادَ وَالِاسْتِسْلَامَ لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مُحَرَّمٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ مِنْ ضَرْبِ الْخُدُودِ) خَصَّ الْخَدَّ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ فِي ذَلِكَ، وَإِلَّا فَضَرْبُ بَقِيَّةِ الْوَجْهِ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى تَعْذِيبِهِ إلَخْ) وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ [بَابُ تَارِكِ الصَّلَاةِ] (بَابُ تَارِكِ الصَّلَاةِ) (قَوْلُهُ فَالْجَاحِدُ لِوُجُوبِهَا مُرْتَدٌّ) ؛ لِأَنَّهُ جَحَدَ أَصْلًا مَقْطُوعًا بِهِ لَا عُذْرَ لَهُ فِيهِ فَتَضَمَّنَ جَحْدُهُ تَكْذِيبَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (قَوْلُهُ وَمَنْ تَرَكَ غَيْرَ جَاحِدٍ إلَخْ) لَا يُقَرُّ مُسْلِمٌ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ عَمْدًا مَعَ الْقُدْرَةِ لَا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا اشْتَبَهَ صَغِيرُ مُسْلِمٍ بِصَغِيرِ كَافِرٍ ثُمَّ بَلَغَا وَلَمْ يُعْلَمْ الْمُسْلِمُ مِنْهُمَا وَلَا قَافَةَ وَلَا انْتِسَابَ وَلَا يُؤْمَرُ أَحَدٌ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ شَهْرًا فَأَكْثَرَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُبْتَدَأَةُ إذَا ابْتَدَأَهَا الدَّمُ الضَّعِيفُ ثُمَّ أَقْوَى مِنْهُ ثُمَّ أَقْوَى مِنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ جُمُعَةً إلَخْ) ، وَهُوَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ فِعْلُهَا إجْمَاعًا قَالَ شَيْخُنَا: وَقَدْ أَفْتَى الشَّارِحُ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ بِهَا حَيْثُ أُمِرَ بِهَا وَامْتَنَعَ مِنْهَا أَوْ قَالَ أُصَلِّيهَا ظُهْرًا حَيْثُ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ إلَخْ) وَلِمَفْهُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نُهِيت عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهَا فَلَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا بِتَرْكِ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَيُقْتَلُ فِي الصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْعَصْرِ بِغُرُوبِهَا وَفِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَيُطَالَبُ بِأَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَيُتَوَعَّدُ بِالْقَتْلِ إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْتِ فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَ اسْتَوْجَبَ الْقَتْلَ فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا مَحْمُولٌ عَلَى مُقَدِّمَاتِ الْقَتْلِ بِقَرِينَةِ كَلَامِهَا بَعْدُ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ كَتَرْكِ الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَلِخَبَرِ «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الْقَضَاءِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْقِيَاسَ مَتْرُوكٌ بِالنُّصُوصِ وَالْخَبَرُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَا. وَقَتْلُهُ خَارِجَ الْوَقْتِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّرْكِ بِلَا عُذْرٍ عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ لِتَرَك الْقَضَاءِ مُطْلَقًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَإِنَّمَا يُقْتَلُ (بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ الْمُرْتَدِّ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ وَالْمَجْمُوعِ أَنَّ اسْتِتَابَتَهُ وَاجِبَةٌ كَالْمُرْتَدِّ لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ نَدْبَهَا وَعَلَيْهِ فَرَّقَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُخَلِّدُ فِي النَّارِ فَوَجَبَ إنْقَاذُهُ مِنْهَا بِخِلَافِ تَرْكِ الصَّلَاةِ تَكْفِي اسْتِتَابَتُهُ (فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا يُفَوِّتُ صَلَوَاتٍ وَقِيلَ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْقَوْلَانِ فِي النَّدْبِ وَقِيلَ فِي الْوُجُوبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (ثُمَّ) بَعْدَ قَتْلِهِ (لَهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ) فَيُجَهَّزُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ وَلَوْ قَتَلَهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ قَبْلَهَا إنْسَانٌ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَقَاتِلِ الْمُرْتَدِّ وَلَوْ جُنَّ أَوْ سَكِرَ قَبْلَ فِعْلِ الصَّلَاةِ لَمْ يُقْتَلْ فَإِنْ قُتِلَ وَجَبَ الْقَوَدُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُرْتَدِّ لَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِهِ لِقِيَامِ الْكُفْرِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فِي جُنُونِهِ أَوْ سُكْرِهِ كُلُّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَعَائِدٌ بِالتَّرْكِ اهـ. وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِتَابَةَ وَاجِبَةٌ أَمَّا تَارِكُ الْمَنْذُورَةِ الْمُؤَقَّتَةِ فَلَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ (فَرْعٌ) إذَا (قَالَ) حِينَ إرَادَةِ قَتْلِهِ (صَلَّيْت فِي بَيْتِي أَوْ تَرَكْتهَا بِعُذْرٍ إمَّا صَحِيحٍ) فِي الْوَاقِعِ (كَنِسْيَانٍ) وَنَوْمٍ وَإِغْمَاءٍ (أَوْ بَاطِلٍ كَكَانَ) أَيْ كَقَوْلِهِ كَانَ (عَلَى نَجَاسَةٍ) أَوْ تَرَكَهَا لِلْبَرْدِ أَوْ عَدَمِ الْمَاءِ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ، وَإِنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَقَالَ تَرَكْتهَا نَاسِيًا أَوْ لِلْبَرْدِ أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ لِنَجَاسَةٍ كَانَتْ عَلَيَّ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الْأَعْذَارِ صَحِيحَةً كَانَتْ أَوْ بَاطِلَةً (يُعْذَرُ) بِذَلِكَ (وَلَا نَقْتُلهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقُ) مِنْهُ (تَعَمُّدُ تَأْخِيرِهَا) عَنْ الْوَقْتِ بِغَيْرِ عُذْرٍ (وَلَا بُدَّ مِنْ أَنَّ نَأْمُرَهُ بِهَا بَعْدَ ذِكْرِ الْعُذْرِ) وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْبَاطِلِ وَنَدْبًا فِي الصَّحِيحِ فِيمَا يَظْهَرُ بِأَنْ نَقُولَ لَهُ صَلِّ فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُقْتَلْ لِذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ وَلَا أُصَلِّيهَا) بِأَنْ قَالَ ذَلِكَ أَوْ سَكَتَ لِتَحْقِيقِ جِنَايَتِهِ بِتَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ (وَمَنْ تَرَكَهَا بِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ أَوْ نَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا) بَلْ يَجُوزُ لَهُ قَضَاؤُهَا عَلَى التَّرَاخِي «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْضِ صَلَاةَ الصُّبْحِ الَّتِي فَاتَتْهُ بِالنَّوْمِ حَتَّى خَرَجُوا مِنْ الْوَادِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (أَوْ بِلَا عُذْرٍ وَلَزِمَهُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا) لِتَقْصِيرِهِ (لَكِنْ لَا يُقْتَلُ بِفَائِتَةٍ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيُطَالَبُ بِأَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا إلَخْ) الْوَقْتُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَقْتَانِ أَحَدُهُمَا وَقْتُ أَمْرٍ وَالْآخَرُ وَقْتُ قَتْلٍ فَوَقْتُ الْأَمْرِ هُوَ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ عَنْ فِعْلِهَا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَأْمُرَ التَّارِكَ فَنَقُولَ لَهُ صَلِّ فَإِنْ صَلَّيْت تَرَكْنَاك، وَإِنْ أَخْرَجْتهَا عَنْ الْوَقْتِ قَتَلْنَاك وَفِي وَقْتِ الْأَمْرِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُ مِقْدَارَ الْفَرِيضَةِ وَالطَّهَارَةِ وَالثَّانِي إذَا بَقِيَ زَمَنٌ يَسَعُ رَكْعَةً وَطَهَارَةً. (قَوْلُهُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ) اسْتَشْكَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا عَلَى التَّأْخِيرِ عَنْ الْوَقْتِ عَمْدًا أَوْ الْحُدُودُ لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْحَدَّ هُنَا لَيْسَ هُوَ عَلَى مَعْصِيَةٍ سَابِقَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ حَلَالُهُ عَلَى فِعْلِ مَا تَرَكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ بِأَنَّهُ عَلَى تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَمْدًا مَعَ تَرْكِهَا فَالْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ فَإِذَا صَلَّى زَالَتْ الْعِلَّةُ وَقَالَ الرِّيمِيُّ فِي التَّقْفِيَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّوْبَةَ هُنَا تُفِيدُ تَدَارُكَ الْفَائِتِ بِخِلَافِ التَّوْبَةِ عَنْ الزِّنَا وَشِبْهِهِ فَإِنَّ التَّوْبَةَ لَا تُفِيدُ تَدَارُكَ مَا مَضَى مِنْ الْجَرِيمَةِ بَلْ تُفِيدُ الِامْتِنَاعَ عَنْهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ تَوْبَتِهِ هُنَا فَإِنَّهَا بِفِعْلِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ يُحَقِّقُ الْمُرَادَ فِي الْمَاضِي وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَارِكُ الصَّلَاةِ يَسْقُطُ حَدُّهُ بِالتَّوْبَةِ، وَهِيَ الْعَوْدُ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ كَالْمُرْتَدِّ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ وَغَلِطَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ كَيْفَ تَنْفَعُ التَّوْبَةُ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ سَرَقَ نِصَابًا ثُمَّ رَدَّهُ لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ، وَهَذَا كَلَامُ مَنْ ظَنَّ أَنَّ التَّوْبَةَ لَا تُسْقِطُ الْحُدُودَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ نَدْبَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَرْكِ الصَّلَاةِ) بَلْ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ أَنَّ الْحُدُودَ تُسْقِطُ الْإِثْمَ أَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَيْهِ شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حُدَّ عَلَى هَذِهِ الْجَرِيمَةِ وَالْمُسْتَقْبَلُ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ: مَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى النَّوَوِيِّ مِنْ كَوْنِ التَّارِكِ لَا يَبْقَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْقَتْلِ إثْمٌ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ فِي الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَسْقُطُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ أَعْنِي الْقِصَاصَ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى أَمَّا التَّوْبَةُ مِنْ التَّرْكِ فَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِقْلَاعِ وَعَدَمِ الْإِصْرَارِ حَتَّى لَوْ قُتِلَ مِصْرًا عَلَى التَّرْكِ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى عَاصِيًا بِتَرْكِ التَّوْبَةِ وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّهُ تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْ الْقَتْلِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ حَدِّ الْقِصَاصِ، وَأَمَّا تَارِكُ الصَّلَاةِ فَقَتْلُهُ عَلَى إخْرَاجِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ ثُمَّ أَنَّهُ يَبْقَى عَاصِيًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ تَرْكُ فِعْلِ الصَّلَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ ثَانِيهَا تَرْكُ التَّوْبَةِ ثَالِثُهَا تَسَبُّبُهُ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ بِتَرْكِ التَّوْبَةِ مَعَ إمْكَانِهَا وَقَوْلُهُ مِنْ أَنَّ الْحَدَّ يُسْقِطُ الْإِثْمَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَتَلَهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ قَبْلَهَا إنْسَانٌ) أَيْ لَيْسَ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَوَجَّهَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، وَإِنْ وَجَدَ التُّرَابَ عَجَّلَ يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صَحِيحَةً كَانَتْ الْأَعْذَارُ أَوْ بَاطِلَةً وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْمَاءِ عَدَمُ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ مِنْ مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ لَكِنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمَاءِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ س وَقَوْلُهُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنَدْبًا فِي الصَّحِيحِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُقْتَلُ بِفَائِتَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا لِعَدَمِ سَبْقِ التَّهْدِيدِ بِهَا بِخِلَافِ فَائِتَةِ عَدَدٍ عَلَى فِعْلِهَا وَلَمْ يَفْعَلْهَا فَيُقْتَلُ بِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 فَاتَتْهُ بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ أَوْ بِلَا عُذْرٍ وَقَالَ أُصَلِّيهَا لِتَوْبَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ آنِفًا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَائِدَةٌ) قَالَ الْغَزَالِيُّ لَوْ زَعَمَ زَاعِمٌ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَالَةً أَسْقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَأَحَلَّتْ لَهُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَأَكْلُ مَالِ السُّلْطَانِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْمُتَصَوِّفَةِ فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ قَتْلِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي خُلُودِهِ فِي النَّارِ نَظَرٌ وَقَتْلُ مِثْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ مِائَةِ كَافِرٍ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ. (كِتَابُ الزَّكَاةِ) هِيَ لُغَةً التَّطْهِيرُ وَالْإِصْلَاحُ وَالنَّمَاءُ وَالْمَدْحُ وَمِنْهُ وَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ وَشَرْعًا اسْمٌ لِمَا يُخْرَجُ عَنْ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ سُمِّيَ بِهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ وَيُصْلِحُ وَيُنَمِّي وَيَمْدَحُ الْمُخْرَجَ عَنْهُ وَيَقِيهِ مِنْ الْآفَاتِ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَقَوْلُهُ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» (هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ) لِهَذَا الْخَبَرِ (يَكْفُرُ جَاحِدُهَا) وَإِنْ أَتَى بِهَا وَزَادَ قَوْلَهُ (كَالصَّلَاةِ) لِيَسْتَغْنِيَ عَنْ اسْتِثْنَاءِ الْجَاهِلِ الْمُتَقَدِّمِ نَظِيرُهُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَأَنْتَ تَعْلَمُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ هَذَا خَارِجٌ بِالْجُحُودِ فَلَا حَاجَةَ لِمَا زَادَهُ (وَيُقَاتَلُ الْمُمْتَنِعُونَ) مِنْ أَدَائِهَا (عَلَيْهَا وَتُؤْخَذُ) مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يُقَاتَلُوا (قَهْرًا) كَمَا فَعَلَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَتَلْزَمُ الزَّكَاةُ كُلَّ مُسْلِمٍ) وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ الْآتِي فِي زَكَاةِ الْمَوَاشِي فَرْضُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ (حُرٍّ وَلَوْ مُبَعَّضًا مُلِكَ بِحُرِّيَّتِهِ) لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَى مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ وَلِهَذَا يَكْفُرُ كَالْحُرِّ الْمُوسِرِ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَالْمُرَادُ بِلُزُومِهَا غَيْرُ الْمُكَلَّفِ أَنَّهَا تَلْزَمُ فِي مَالِهِ. (فَعَلَى الْوَلِيِّ إخْرَاجُهَا مِنْ مَالِ الطِّفْلِ) وَلَوْ مُرَاهِقًا (وَالْمَجْنُونِ) كَقِيمَةِ مَا أَتْلَفَاهُ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحُقُوقِ الْمُوَجَّهَةِ عَلَيْهِمَا كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ (لَا الْجَنِينِ) فَلَا زَكَاةَ فِي الْمَالِ الْمَوْقُوفِ لِأَنَّهُ لَا ثِقَةَ بِوُجُودِهِ وَلَا بِحَيَاتِهِ فَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيُتَّجَهُ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ لِضَعْفِ مِلْكِهِمْ وَمَحِلُّ وُجُوبِهَا عَلَى الْوَلِيِّ فِي مَالِ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَرَى وُجُوبَهَا فِي مَالِهِمَا فَإِنْ كَانَ لَا يَرَاهُ كَحَنَفِيٍّ فَلَا وُجُوبَ وَالِاحْتِيَاطُ لَهُ أَنْ تُحْسَبَ زَكَاتُهُ حَتَّى يَكْمُلَا فَيُخْبِرَهُمَا بِذَلِكَ وَلَا يُخْرِجُهَا فَيُغَرِّمُهُ الْحَاكِمُ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَفَرَضَهُ فِي الطِّفْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ مُتَمَذْهِبٍ بَلْ عَامِّيًّا صِرْفًا فَإِنْ أَلْزَمَهُ حَاكِمٌ يَرَاهَا بِإِخْرَاجِهَا فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَهَلْ نَقُولُ يَسْتَفْتِي وَيَعْمَلُ بِذَلِكَ أَوْ يُؤَخِّرُ الْأَمْرَ إلَى كَمَالِهِمَا أَوْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ عَدْلٍ مَأْمُونٍ وَيَعْمَلُ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَيِّمُ الْحَاكِمِ يُرَاجِعُهُ وَيَعْمَلُ بِقَوْلِهِ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ كَحَاكِمٍ أَنَابَهُ حَاكِمٌ آخَرُ يُخَالِفُهُ فِي مَذْهَبِهِ وَالْأَوْجَهُ فِيمَا فِيهِ التَّرْدِيدَاتُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْقَفَّالِ السَّابِقِ الِاحْتِيَاطُ بِمِثْلِ مَا مَرَّ (فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا) الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ (أَخْرَجَاهُ إنْ كَمُلَا) لِأَنَّ الْحَقَّ تَوَجَّهَ إلَى مَالِهِمَا لَكِنَّ الْوَلِيَّ عَصَى بِالتَّأْخِيرِ فَلَا يَسْقُطُ مَا تَوَجَّهَ إلَيْهِمَا وَمِثْلُهُمَا فِيمَا ذَكَرَ السَّفِيهُ (وَلَا يَلْزَمُ الْكَافِرَ إخْرَاجُهَا) لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (وَلَا تَسْقُطُ) الزَّكَاةُ الْوَاجِبَةُ فِي الْإِسْلَامِ (بِالرِّدَّةِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ (فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا) وَقَدْ مَضَى عَلَى مَالِهِ حَوْلٌ أَوْ أَكْثَرُ فِي رِدَّتِهِ (بَانَ أَنْ لَا مَالَ لَهُ) مِنْ حِينِهَا فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ أَخْرَجَ الْوَاجِبَ فِي الرِّدَّةِ وَقَبْلَهَا وَإِنْ أَخْرَجَ حَالَ رِدَّتِهِ أَجْزَأَهُ كَمَا لَوْ أَطْعَمَ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بَدَنِيٌّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَا زَكَاةَ) عَلَى السَّيِّدِ وَلَا مُكَاتَبِهِ (فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ بِحُرٍّ وَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ   [حاشية الرملي الكبير] كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَتْلِهِ بِالصَّلَوَاتِ [كِتَابُ الزَّكَاةِ] (كِتَابُ الزَّكَاةِ) فُرِضَتْ الزَّكَاةُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ زَكَاةِ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقِيلَ هِيَ عَامَّةٌ كَآيَةِ قَطْعِ السَّرِقَةِ فَتَكُونُ حُجَّةً فِي كُلِّ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ إلَّا مَا أَخْرَجَهُ الدَّلِيلُ وَقِيلَ هِيَ مُجْمَلَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ مُطْلَقَةٌ حَمْلًا لَهُ عَلَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ (قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ لِمَا زَادَهُ) أَفَادَ بِزِيَادَتِهِ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي زَكَاةٍ أُجْمِعَ عَلَيْهَا لِيَخْرُجَ مَالُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَالرِّكَازُ وَالتِّجَارَةُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ لِأَنَّ الرِّكَازَ لَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ عَلَى وَجْهٍ وَالتِّجَارَةُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ لَا تَجِبَانِ عَلَى رَأْيٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْكُمْ الشَّافِعِيُّ بِكُفْرِ مَانِعِي الزَّكَاةِ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَمْ يَكُنْ اسْتَقَرَّ عَلَى وُجُوبِهَا بَعْدُ وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ وُجُوبَهَا مُتَعَلِّقٌ بِدَفْعِهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا اسْتَقَرَّ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى وُجُوبِهَا كَفَرَ جَاحِدُهَا وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي ثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْمَالِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَوَجَبَتْ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْوَلِيِّ إخْرَاجُهَا مِنْ مَالِ الطِّفْلِ) لِخَبَرِ «ابْتَغُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَسْتَهْلِكُهَا الصَّدَقَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ الزَّكَاةُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مُرْسَلًا وَرُوِيَ مُسْنَدًا بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ وَقَدْ اعْتَضَدَ بِقَوْلِ خَمْسَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ فَإِنَّ الْخَصْمَ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ وَافَقَ عَلَيْهِمَا وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ حُجَّةً وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ وَلَا يَتْرُكُهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ» وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الزَّكَاةِ سَدُّ الْخُلَّةِ وَتَطْهِيرُ الْمَالِ وَمَا لَهُمَا قَابِلٌ لِأَدَاءِ النَّفَقَاتِ وَالْغَرَامَاتِ وَلَيْسَتْ الزَّكَاةُ مَحْضَ عِبَادَةٍ حَتَّى تَخْتَصَّ بِالْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيُتَّجَهُ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ إلَخْ) الظَّاهِرُ خِلَافُهُ ثُمَّ رَأَيْت الْإِمَامَ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِخُرُوجِ الْجَنِينِ حَيًّا وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا إذَا بَدَا الصَّلَاحُ أَوْ الِاشْتِدَادُ فِي زَمَنِ خِيَارِهِمَا أَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِ الْمِلْكِ مَوْقُوفًا (قَوْلُهُ لَا فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَتَكْلِيفُهُ بِالْفُرُوعِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الزَّكَاةُ مَعْنَاهُ إلْزَامُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِشَرْطِهَا وَهُوَ الْإِسْلَامُ (قَوْلُهُ وَلَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إلَخْ) تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ حَتَّى يَعْتِقَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَمِثْلُهُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 (فَإِنْ زَالَتْ الْكِتَابَةُ) بِعَجْزٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ (انْعَقَدَ حَوْلُهُ) مِنْ حِينِ زَوَالِهَا فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَصْلُهُ فَإِنْ عَتَقَ وَفِي يَدِهِ مَالٌ ابْتَدَأَ لَهُ حَوْلًا وَإِنْ عَجَزَ نَفْسُهُ وَصَارَ مَالُهُ لِسَيِّدِهِ ابْتَدَأَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ (وَلَا مَالَ لِلْقِنِّ) وَلَوْ مُدَبَّرًا وَأُمَّ وَلَدٍ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَا تَلْزَمُهُ) الزَّكَاةُ فَلَوْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ مَالًا لَمْ يَمْلِكْهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ سَيِّدِهِ فَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ (وَهِيَ) أَيْ الزَّكَاةُ (سِتَّةُ أَنْوَاعٍ: النَّعَمُ) وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ الْإِنْسِيَّةُ لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ لِلنَّمَاءِ غَالِبًا لِكَثْرَةِ مَنَافِعِهِ وَالنَّعَمُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَجَمْعُهُ أَنْعَامٌ وَأَنْعَامٌ جَمْعُهُ أَنَاعِمُ وَسُمِّيَتْ نَعَمًا لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ فِيهَا عَلَى خَلْقِهِ مِنْ النُّمُوِّ وَعُمُومِ الِانْتِفَاعِ بِهَا (وَالْمُعَشَّرَاتُ) أَيْ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ وَهُوَ الْقُوتُ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ فَأَوْجَبَ الشَّارِعُ فِيهِ شَيْئًا لِذَوِي الضَّرُورَاتِ (وَالنَّقْدَانِ) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَلَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَيْنِ لِالْتِحَاقِهِمَا بِالنَّامِيَاتِ بِتَهْيِئَتِهِمَا لِلْإِخْرَاجِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ الْجَوَاهِرِ غَالِبًا (وَالتِّجَارَةُ) لِمَا فِيهَا مِنْ النَّمَاءِ (وَالْمَعْدِنُ) لِأَنَّهُ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ وَالْأَكْثَرُونَ أَدْرَجُوهُ فِي النَّقْدَيْنِ كَمَا أَدْرَجَ هُوَ فِيهِمَا الرِّكَازَ وَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى (وَالْفِطْرَةُ) تَطْهِيرًا لِلنَّفْسِ وَتَنْمِيَةً لِعَمَلِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ الْفِطْرَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَهُوَ اسْمٌ مُوَلَّدٌ يُقَالُ لِلْخِلْقَةِ وَلِلْمُخْرَجِ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ أَبِي الدَّمِ بِضَمِّهَا اسْمٌ لِلْمُخْرَجِ مَرْدُودٌ. (بَابٌ) حُكْمُ (زَكَاةِ الْمَوَاشِي) وُجُوبًا وَانْتِفَاءً (وَلَهَا) أَيْ الزَّكَاةِ أَيْ وُجُوبِهَا (خَمْسَةُ شُرُوطٍ) وَذَكَرَ الْأَصْلُ سَادِسًا وَهُوَ كَمَالِ الْمِلْكِ لِيَخْرُجَ بِهِ الْمَالُ الضَّالُّ وَالْمَغْصُوبُ وَنَحْوُهُمَا وَلِكَوْنِهِ تَفْرِيعًا عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ الشَّرْطُ (الْأَوَّلُ النَّعَمُ فَلَا زَكَاةَ إلَّا فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ) لِمَا مَرَّ وَلِمَا يَأْتِي (لَا) غَيْرِهِ حَتَّى (مُتَوَلِّدٍ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَجِبُ فِيمَا تَوَلَّدَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَمِنْ آخَرَ مِنْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُهِمَّاتِ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ يُزَكِّي زَكَاةَ أَيِّهِمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُزَكِّي زَكَاةَ أَخَفِّهِمَا فَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ يُزَكَّى زَكَاةَ الْبَقَرِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ. اهـ. وَالْإِبِلُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَتُسَكَّنُ تَخْفِيفًا اسْمُ جَمْعٍ قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ وَقَالَ فِي مَجْمُوعِهِ اسْمُ جِنْسٍ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَتُجْمَعُ عَلَى آبَالٍ كَأَحْمَالٍ وَالْبَقَرُ اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ بَقَرَةٌ وَبَاقُورَةٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَبْقُرُ الْأَرْضَ أَيْ يَشُقُّهَا لِلْحِرَاثَةِ وَالْغَنَمُ أَيْضًا اسْمُ جِنْسٍ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. الشَّرْطُ (الثَّانِي النِّصَابُ) لِمَا سَيَأْتِي فَلَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَهُ (وَأَوَّلُ نِصَابِ الْإِبِلِ خَمْسٌ وَفِيهَا شَاةٌ وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ وَفِي إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَفِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَفِي إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ وَكَذَا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ لَا بَعْضُهَا) خِلَافًا لِلْإِصْطَخْرِيِّ (وَجَبَتْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ) . رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاَلَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سَأَلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سَأَلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتَّةً وَسَبْعِينَ إلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ فَإِذَا بَلَغَتْ إحْدَى وَتِسْعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِيهِ زِيَادَةٌ يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي مَجَالِهَا وَقَوْلُهُ فَرَضَ أَيْ قَدَّرَ وَقَوْلُهُ فَلَا يُعْطِ أَيْ الزَّائِدَ بَلْ يُعْطِي الْوَاجِبَ فَقَطْ وَتَقْيِيدُ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَاللَّبُونِ بِالْأُنْثَى وَابْنِ اللَّبُونِ بِالذَّكَرِ تَأْكِيدًا كَمَا يُقَالُ رَأَيْت بِعَيْنِي وَسَمِعْت بِأُذُنِي وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ بَعْضَ الْوَاحِدَةِ كَالْوَاحِدَةِ لِبِنَاءِ الزَّكَاةِ عَلَى تَغَيُّرِ وَاجِبِهَا بِالْأَشْخَاصِ دُونَ الْأَشْقَاصِ وَفِي أَبِي دَاوُد   [حاشية الرملي الكبير] مَوْقُوفًا وَلَا مُخَالِفَ لَهُ وَلِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَمَالُهُ غَيْرُ صَالِحٍ لَهَا وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ قَرِيبَةٍ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ (قَوْلُهُ وَهِيَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ النَّعَمُ إلَخْ) أَمَّا وُجُوبُهَا فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ فَلِمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا انْتِفَاؤُهُ عَمَّا عَدَاهَا فَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ نَامٍ وَلَا مُعَدٍّ لِلنَّمَاءِ فَلَمْ يَلْحَقْ بِالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ. [بَابٌ حُكْمُ زَكَاةِ الْمَوَاشِي] (بَابُ زَكَاةِ الْمَوَاشِي) (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ النَّعَمُ) النَّعَمُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ قَالَ تَعَالَى {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا} [المؤمنون: 21] وَفِي مَوْضِعٍ مِمَّا فِي بُطُونِهِ (قَوْلُهُ يُزَكَّى زَكَاةَ الْبَقَرِ إلَخْ) وَهُوَ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ أَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أَخَفَّ أَبَوَيْهِ فِي الزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ وَأَوَّلُ نِصَابِ الْإِبِلِ) إنَّمَا بَدَأَ بِالْإِبِلِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَأَ بِهَا فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ الَّتِي كَتَبَهَا لِلسُّعَاةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَعَمَّ أَمْوَالِهِمْ وَضَبْطُهَا يَصْعُبُ فَبَدَأَ بِهَا لِيَعْتَنِيَ بِهَا (قَوْلُهُ وَفِيهَا شَاةٌ إلَخْ) إيجَابُ الْغَنَمِ فِي الْإِبِلِ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ رِفْقًا بِالْفَرِيقَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ بَعِيرٌ لَأَضَرَّ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ وَلَوْ وَجَبَ جُزْءٌ لَأَضَرَّ بِالْفَرِيقَيْنِ بِالتَّشْقِيصِ وَقَوْلُهُ وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ الْمُرَادُ أَنَّ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ (قَوْلُهُ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِهِ وَغَلِطَ حَافِظُ مَكَّةَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فَعَزَاهُ إلَى مُسْلِمٍ أَيْضًا فَاجْتَنِبْهُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ زِيَادَةٌ يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي مَحَالِّهَا) إذْ الصَّحِيحُ جَوَازُ تَفْرِيقِ الْحَدِيثِ إذْ لَمْ يَخْتَلَّ بِهِ الْمَعْنَى. (قَوْلُهُ أَيْ قَدَّرَ) وَقِيلَ أَوْجَبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 التَّصْرِيحُ بِالْوَاحِدَةِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ لِخَبَرِ أَنَسٍ (وَلِتِلْكَ الْوَاحِدَةِ قِسْطٌ) مِنْ الْوَاجِبِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَغَيَّرَ بِهَا فَيَتَعَلَّقُ بِهَا كَالْعَاشِرَةِ (فَيَسْقُطُ بِمَوْتِهَا بَيْنَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ وَالتَّمَكُّنِ) مِنْ الْإِخْرَاجِ (جُزْءٌ مِنْ مِائَةٍ وَوَاحِدٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ الثَّلَاثِ) مِنْ بَنَاتِ اللَّبُونِ (ثُمَّ) يَسْتَمِرُّ ذَلِكَ (إلَى مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ فَيَتَغَيَّرُ) الْوَاجِبُ (فِي كُلِّ عَشْرٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ وَفِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ وَعَلَى هَذَا) فَقِسْ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْأُنُوثَةُ فِي الْمُخْرَجِ لِمَا فِيهَا مِنْ رِفْقِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ. (فَرْعٌ بِنْتُ الْمَخَاضِ مَا لَهَا سَنَةٌ) سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّ أُمَّهَا بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ وِلَادَتِهَا تَحْمِلُ مَرَّةً أُخْرَى فَتَصِيرُ مِنْ الْمَخَاضِ أَيْ الْحَوَامِلِ (وَبِنْتُ اللَّبُونِ) مِثْلُهَا (سَنَتَانِ) سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّ أُمَّهَا آنَ لَهَا أَنْ تَلِدَ فَتَصِيرَ لَبُونًا (وَالْحِقَّةُ) مَا لَهَا (ثَلَاثٌ) سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ أَنْ تُرْكَبَ وَيُحْمَلَ عَلَيْهَا وَلِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ أَنْ يَطْرُقَهَا الْفَحْلُ وَاسْتَحَقَّ الْفَحْلُ أَنْ يَطْرُقَ (وَالْجَذَعَةُ) مَالَهَا (أَرْبَعٌ) سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا جَذَعَتْ مُقَدَّمَ أَسْنَانِهَا أَيْ أَسْقَطَتْهُ وَقِيلَ لِتَكَامُلِ أَسْنَانِهَا (بِالْكَمَالِ) أَيْ مَعَ كَمَالِ السِّنِينَ (فِي الْجَمِيعِ) مَعَ (الطَّعْنِ فِيمَا بَعْدُ) أَيْ بَعْدَهَا وَهَذَا إيضَاحٌ لِمَا قَبْلَهُ (وَالْجَذَعَةُ آخِرُ أَسْنَانِ زَكَاةِ الْإِبِلِ) يَعْنِي أَسْنَانَ إبِلِ الزَّكَاةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَدُ النَّاقَةِ يُسَمَّى بَعْدَ الْوِلَادَةِ رُبَعًا وَالْأُنْثَى رُبَعَةَ ثُمَّ هُبَعًا وَهُبَعَةَ بِضَمِّ أَوَّلِ الْجَمِيعِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ ثُمَّ فَصِيلًا فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ سُمِّيَ ابْنَ مَخَاضٍ وَالْأُنْثَى بِنْتَ مَخَاضٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ بَلْ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الرُّبَعَ مَا يُنْتَجُ فِي أَوَّلِ زَمَنِ النِّتَاجِ وَهُوَ زَمَنُ الرَّبِيعِ وَجَمْعُهُ رِبَاعٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَأَرْبَاعٌ. وَالْهُبَعُ مَا يُنْتَجُ فِي آخِرِهِ وَهُوَ زَمَنُ الصَّيْفِ قَالَ وَسُمِّيَ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ هَبَعَ إذْ اسْتَعَانَ بِعُنُقِهِ فِي مَشْيِهِ لِأَنَّ الرُّبَعَ أَقْوَى مِنْهُ لِأَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَهُ فَإِذَا سَارَ مَعَهُ احْتَاجَ أَيْ الْهُبَعُ إلَى الِاسْتِعَانَةِ بِعُنُقِهِ فِي مِشْيَتِهِ حَتَّى لَا يَنْقَطِعَ عَنْهُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَوَلَدُ النَّاقَةِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ يُسَمَّى حُوَارًا أَيْ بِضَمِّ الْحَاءِ وَبِالرَّاءِ وَسُمِّيَ فَصِيلًا لِأَنَّهُ فُصِلَ مِنْ أُمِّهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا دَخَلَتْ الْجَذَعَةُ فِي السَّادِسَةِ فَهِيَ ثَنِيَّةٌ فَإِذَا دَخَلَتْ فِي السَّابِعَةِ فَرَبَاعٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيُقَالُ رُبَاعِي بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ فَإِذَا دَخَلَ فِي الثَّامِنَةِ فَسَدَسٌ لَهُمَا بِفَتْحِ السِّينِ وَالدَّالِ وَيُقَالُ سَدِيسٌ بِزِيَادَةِ يَاءٍ فَإِذَا دَخَلَ فِي التَّاسِعَةِ فَبَازِلٌ لَهُمَا لِأَنَّهُ بَزَلَ نَابَهُ أَيْ طَلَعَ فَإِذَا دَخَلَ فِي الْعَاشِرَةِ فَمُخْلِفٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ فِي قَوْلِ الْكِسَائِيّ وَبِالْهَاءِ فِي قَوْلِ أَبِي زَيْدٍ النَّحْوِيِّ ثُمَّ لَا يَخْتَصُّ هَذَانِ بِاسْمٍ بَلْ يُقَالُ بَازِلُ عَامٍّ وَبَازِلُ عَامَيْنِ فَأَكْثَرَ وَمُخْلِفُ عَامٍ وَمُخْلِفُ عَامَيْنِ فَأَكْثَرَ فَإِذَا كَبِرَ فَهُوَ عَوْدٌ وَعَوْدَةٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ فَإِذَا هَرَمَ فَالذَّكَرُ قَحِمٌ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْأُنْثَى نَابٌ وَشَارِفٌ. (فَصْلُ وَأَوَّلُ نِصَابِ الْبَقَرِ ثَلَاثُونَ وَفِيهَا تَبِيعٌ) وَهُوَ (مَالَهُ سَنَةٌ كَامِلَةٌ) سُمِّيَ تَبِيعًا لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ وَقِيلَ لِأَنَّ قَرْنَهُ يَتْبَعُ أُذُنَهُ وَيُجْزِئُ عَنْهُ تَبِيعَةٌ بَلْ أَوْلَى لِلْأُنُوثَةِ (وَفِي الْأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ) وَتُسَمَّى ثَنِيَّةً وَهِيَ مَا (لَهَا سَنَتَانِ كَامِلَتَانِ) رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ «عَنْ مُعَاذٍ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً وَمِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا» وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَسُمِّيَتْ مُسِنَّةً لِتَكَامُلِ أَسْنَانِهَا (وَفِي سِتِّينَ) بَقَرَةً (تَبِيعَانِ وَهَكَذَا فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَفِي سَبْعِينَ مُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ وَ) فِي (ثَمَانِينَ مُسِنَّتَانِ وَهَكَذَا) فَفِي تِسْعِينَ ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ وَفِي مِائَةٍ مُسِنَّةٌ وَتَبِيعَانِ وَفِي مِائَةٍ وَعَشْرَةٍ مُسِنَّتَانِ وَتَبِيعٌ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ السَّابِقِ. (فَائِدَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالُوا وَلَدُ الْبَقَرَةِ يُسَمَّى بَعْدَ الْوِلَادَةِ عِجْلًا وَعَجُولًا فَإِذَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَهُوَ جَذَعٌ وَجَذَعَةٌ فَإِذَا دَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ فَثَنِيٌّ وَثَنِيَّةٌ فَإِذَا دَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ فَرَبَاعٌ وَرَبَاعَةٌ فَإِذَا دَخَلَ فِي السَّادِسَةِ فَضَالِعٌ ثُمَّ لَا اسْمَ لَهُ بَعْدَ هَذَا إلَّا ضَالِعُ عَامٍ أَوْ ضَالِعُ عَامَيْنِ. [فَصْلٌ نِصَابِ الْغَنَم] (فَصْلٌ وَأَوَّلُ نِصَابِ الْغَنَمِ أَرْبَعُونَ وَفِيهَا شَاةٌ وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ وَفِي مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعُ شِيَاهٍ فِي كُلِّ مِائَةٍ مِنْ الضَّأْنِ جَذَعَةٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الضَّأْنِ وَهِيَ مَا (لَهَا سَنَةٌ) كَامِلَةٌ (أَوْ مِنْ الْغَنَمِ) وَفِي نُسْخَةٍ وَهِيَ الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ أَوْ مِنْ الْمَعْزِ (فَثَنِيَّةٌ مِنْهُ) وَهِيَ (مَالَهَا سَنَتَانِ كَامِلَتَانِ) لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ أَنَسٍ وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةِ شَاةٍ فَإِذَا زَادَتْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا فَقِسْ) فَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَفِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَسَبْعِينَ حِقَّةٌ وَثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَثَمَانِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتَا لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَتِسْعِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ امْتَنَعَ الْأَخْذُ مِنْ النَّوْعَيْنِ مَعًا وَتَعَيَّنَ مِنْ أَحَدِهِمَا لِمَا يَلْزَمُ مِنْ التَّشْقِيصِ لَكِنْ إذَا وُجِدَا تَامَّيْنِ وَجَبَ أَخْذُ الْأَغْبَطِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ يَتَغَيَّرُ بِكُلِّ عَشْرٍ كَمَا سَبَقَ وَيَسْقُطُ النَّظَرُ إلَى الْأَغْبَطِ لِلتَّشْقِيصِ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ يَتَعَيَّنُ الْأَغْبَطُ إمَّا أَرْبَعُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ أَوْ سِتُّ بَنَاتِ لَبُونٍ وَهَكَذَا كُلَّمَا وُجِدَ الْفَرْضُ بِالْحِسَابَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَشْقِيصٍ تَعَيَّنَ الْأَغْبَطُ فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ صَارَ لِكُلِّ مِائَتَيْنِ حُكْمُ نَفْسِهَا. (قَوْلُهُ أَيْ مَعَ كَمَالِ السِّنِينَ إلَخْ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إذَا نَصَّ عَلَى سِنٍّ فِي بَابِ السَّلَمِ كَانَ لِلتَّقْرِيبِ فَلِمَ لَا كَانَ هُنَا مِثْلُهُ حَتَّى يُجْزِئَ مَا نَقَصَ قَلِيلًا قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي السَّلَمِ إنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِ مَوْجُودٍ فَلَوْ كَلَّفْنَاهُ التَّحْدِيدَ لَتَعَسَّرَ وَالزَّكَاةُ تَجِبُ فِي سِنٍّ اسْتَنْتَجَهُ هُوَ غَالِبًا وَهُوَ عَارِفٌ بِسِنِّهِ فَإِذَا أَوْجَبْنَاهُ لَمْ يَشُقَّ (قَوْلُهُ فَرَبَاعٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَقَالَ ابْنُ مَعْنٍ بِكَسْرِهَا. [فَصْلُ نِصَابِ الْبَقَرِ] (قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَهِيَ الْأَوْلَى إلَخْ) لِأَنَّ الْغَنَمَ اسْمٌ لِلضَّأْنِ وَالْمَعْزِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إلَى مِائَتَيْنِ فَفِيهَا شَاتَانِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَثِمِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةٌ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا. وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ بُلُوغِ شَاةِ الضَّأْنِ سَنَةٌ إذَا لَمْ تَجْذَعْ قَبْلَ تَمَامِهَا كَالِاحْتِلَامِ مَعَ السِّنِّ وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ ضَأْنٍ مَعْزًا وَعَكْسَهُ فَيُخْرِجُ عَنْ أَرْبَعِينَ ضَائِنَةً ثَنِيَّةً مِنْ الْمَعْزِ وَعَنْ أَرْبَعِينَ مَاعِزَةً جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ (وَ) لَكِنْ (لَا تُجْزِئُ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى إلَّا بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ) بِأَنْ تَتَسَاوَيَا فِيهَا (وَكَذَا سَائِرُ أَنْوَاعِ الْغَنَمِ) لَا يُجْزِئُ نَوْعٌ عَنْ نَوْعٍ إلَّا بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ كَأَرْحَبِيَّةٍ وَمَهْرِيَّةٍ مِنْ الْإِبِلِ وَعِرَابٍ وَجَوَامِيسَ مِنْ الْبَقَرِ كَمَا سَيَأْتِي فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ نَوْعُهَا عِنْدَهُ مَعَ أَنَّ مَا هُنَا شَامِلٌ لِمَا إذَا اتَّحَدَ نَوْعُهَا عِنْدَهُ وَمَا إذَا اخْتَلَفَ (وَمَا بَيْنَ النِّصَابَيْنِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ (يُسَمَّى وَقَصًا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْفَصِيحُ فَتْحُهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَالْمَشْهُورُ فِي الْفِقْهِ إسْكَانُهَا وَالشَّنَقُ بِمُعْجَمَةٍ وَنُونٍ مَفْتُوحَتَيْنِ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْوَقَصِ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ هُوَ فِي كُتُبِ الْإِبِلِ خَاصَّةً وَالْوَقَصُ فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَيُقَالُ فِيهِ وَقَسٌ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ وَبِالْجُمْلَةِ (لَا شَيْءَ فِيهِ) وَأَكْثَرُ مَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْأَوْقَاصِ فِي الْإِبِلِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ مَا بَيْنَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَفِي الْبَقَرِ تِسْعَ عَشَرَةَ مَا بَيْنَ أَرْبَعِينَ وَسِتِّينَ وَفِي الْغَنَمِ مِائَةٌ وَثَمَانٍ وَتِسْعُونَ مَا بَيْنَ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. (فَصْلٌ شَاةُ الْإِبِلِ كَشَاةِ الْغَنَمِ) وَفِي قَدْرِ سِنِّهَا وَفِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا (مِنْ غَنَمِ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ مِثْلِهَا) فِي الْقِيمَةِ أَوْ أَعْلَى كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (مِنْ أَيِّ النَّوْعَيْنِ) أَيْ الضَّأْنِ وَالْمَاعِزِ (شَاءَ وَلَوْ) كَانَ الْمُخْرَجُ (ذَكَرًا فِي إبِلِ إنَاثٍ) فَيُجْزِئُ كَالْأُضْحِيَّةِ بِخِلَافِهِ فِي الْغَنَمِ إذَا كَانَ فِيهَا أُنْثَى لِأَنَّ الْمُخْرَجَ عَنْهَا أَصْلٌ لَا بَدَلٌ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا إلَّا أُنْثَى عَلَى الْأَصْلِ فِي الزَّكَاةِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الْمُخْرَجِ عَنْ الْإِبِلِ. (فَرْعٌ تُجْزِئُ بِنْتُ مَخَاضٍ ثُمَّ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ (بَدَلُهَا) مِنْ ابْنِ لَبُونٍ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي (فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ) مِنْهَا بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ (وَلَوْ زَادَ قِيمَةُ الشَّاةِ) الْوَاجِبَةِ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ (عَلَيْهَا) أَيْ بِنْتِ الْمَخَاضِ ثُمَّ بَدَلُهَا وَفِي نُسْخَةٍ عَلَيْهِ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا أَجْزَأَ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَعَمَّا دُونَهَا أَوْلَى وَفِي إيجَابِ عَيْنِهِ إجْحَافٌ بِالْمَالِكِ وَفِي إيجَابِ بَعْضِهِ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ فَأَوْجَبْنَا الشِّدَّةَ بَدَلًا لِخَبَرِ أَنَسٍ السَّابِقِ فَصَارَ الْوَاجِبُ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ الشَّاةَ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ حَكَى الْأَصْلُ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الشَّاةَ أَصْلٌ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ أَوْ بَدَلٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ جِنْسِ الْمَالِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِمَا أُجْبِرَ عَلَى أَدَاءِ الشَّاةِ فَإِنْ أَدَّى الْبَعِيرَ قُبِلَ مِنْهُ وَعُلِمَ مِمَّا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أُنُوثَةُ الْبَعِيرِ الْمُخْرَجِ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ فِي إبِلِهِ أُنْثَى كَمَا فِي الْمُخْرَجِ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. (فَرْعٌ لَوْ كَانَتْ الْإِبِلُ مِرَاضًا وَجَبَتْ شَاةٌ صَحِيحَةٌ بِلَا تَقْسِيطٍ) بَلْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ كَامِلَةً كَمَا فِي الصِّحَاحِ إذْ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا صِفَةُ مَالِهِ فَلَمْ تَخْتَلِفْ بِصِحَّةِ الْمَالِ وَمَرَضِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْغَنَمِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا فِي الذِّمَّةِ وَثَمَّ فِي الْمَالِ وَقِيلَ تَجِبُ فِيهَا صَحِيحَةٌ بِالتَّقْسِيطِ بِأَنْ تَكُونَ لَائِقَةً بِهَا فَيُؤْخَذُ مِنْ خُمْسِ قِيمَتِهَا بِالْمَرَضِ خَمْسُونَ وَبِدُونِهِ مِائَةٌ وَشَاتُهَا تُسَاوِي سِتَّةً صَحِيحَةً تُسَاوِي ثَلَاثَةً وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا رَجَّحَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ كَلَامُ الْأَصْلِ قَدْ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّانِي (فَإِنْ عُدِمَتْ الشَّاةُ الصَّحِيحَةُ فَدَرَاهِمُ) يُفَرِّقُهَا لِلضَّرُورَةِ. (فَصْلٌ يُؤْخَذُ ابْنُ لَبُونٍ وَلَوْ) وَلَدَ لَبُونٍ (خُنْثَى وَمُشْتَرًى) أَيْ وَلَوْ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ الْمَالِكُ (عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ لَمْ تَكُنْ فِي إبِلِهِ) يَعْنِي فِي مِلْكِهِ (وَكَذَا حِقٌّ) وَمَا فَوْقَهُ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا أَقَلَّ قِيمَةً مِنْهَا وَلَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أَمَّا إجْزَاءُ ابْنِ اللَّبُونِ فَلِلنَّصِّ عَلَيْهِ فِي خَبَرِ أَنَسٍ وَأَمَّا الْخُنْثَى وَالْحِقُّ وَمَا فَوْقَهُ فَبِالْأَوْلَى وَلَا جُبْرَانَ فِيهَا وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَعُدَّتْ الْخُنُوثَةُ عَيْبًا إذْ فَضْلُ السِّنِّ يُجْبِرُ فَضْلَ الْأُنُوثَةِ وَعَيْبَ الْخُنُوثَةِ فَكَانَتْ إبْدَالًا تَامَّةً وَبِهَذَا فَارَقَ الطَّهَارَةَ وَالْكَفَّارَةَ حَيْثُ جُعِلَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى شِرَاءِ الْمَاءِ وَالرَّقَبَةِ كَوُجُودِهِمَا بِمِلْكِهِ مَعَ أَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إذَا لَمْ تَجْذَعْ قَبْلَ تَمَامِهَا) فَإِنْ أَجْذَعَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا أَجْزَأَتْ كَمَا لَوْ تَمَّتْ السَّنَةُ قَبْلَ أَنْ تَجْذَعُ (قَوْلُهُ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ مَا بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ) قَالَ شَيْخُنَا وَجْهُهُ أَنَّ الْفَرْضَ يُطْلَقُ عَلَى الْمَدْفُوعِ مِنْ الزَّكَاةِ وَعَلَى الْمُخْرَجِ مِنْهُ وَلَا كَذَلِكَ النِّصَابُ. [فَصْلٌ شَاةُ الْإِبِلِ كَشَاةِ الْغَنَمِ] (قَوْلُهُ مِنْ أَيِّ النَّوْعَيْنِ شَاءَ) فَلَوْ كَانَتْ غَنَمُ الْبَلَدِ كُلُّهَا ضَائِنَةً وَهِيَ أَعْلَى قِيمَةً مِنْ الْمَعْزِ لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُخْرِجِ عَنْ الْإِبِلِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الشَّاةَ بَدَلٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَصْلٌ قَالَ شَيْخُنَا نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ حَيْثُ الْقِيَاسُ وَأَنَّهَا أَصْلٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ) أَيْ لِأَنَّ حُكْمَهَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَإِلَّا فَإِدْخَالُهَا صَحِيحٌ (قَوْلُهُ فِي أَنَّ الشَّاةَ أَصْلٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الصَّحِيحُ أَنَّهَا أَصْلٌ ع [فَرْعٌ كَانَتْ الْإِبِل مِرَاضًا] (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الْأَصَحُّ) عِنْدَ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْبَيَانِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَقَالَ الْقَمُولِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَنَصِّ الْمُخْتَصَرِ. [فَصَلِّ يُؤْخَذُ ابْنُ لَبُونٍ وَلَوْ وَلَدَ لَبُونٍ خُنْثَى وَمُشْتَرًى] (قَوْلُهُ يُؤْخَذُ ابْنُ لَبُونٍ وَلَوْ خُنْثَى وَمُشْتَرًى عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ مَنْ قَدَرَ عَلَى شِرَاءِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ وَالْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ لَمْ يَعْدِلْ إلَى الْبَدَلِ فَمَا الْفَرْقُ قِيلَ لِلنَّصِّ وَالْمَعْنَى أَمَّا النَّصُّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ} [البقرة: 196] {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] فَاعْتُبِرَ عَدَمُهُمَا وَهُمَا قَادِرَانِ بِالشِّرَاءِ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هُنَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي إبِلِهِ فَاعْتُبِرَ الْمَوْجُودُ فِي مَالِهِ وَأَمَّا الْمَعْنَى فَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَأَيْضًا ابْنُ اللَّبُونِ يُسَاوِي بِنْتَ الْمَخَاضِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهَا بِالسِّنِّ فَيَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ وَيَرْعَى بِنَفْسِهِ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْهُ بِالْأُنُوثَةِ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُجْزِئَ مَعَ وُجُودِهَا لَوْلَا الْخَبَرُ فَإِنَّهُ شُرِطَ فِي إجْزَائِهِ عَدَمُهَا. (قَوْلُهُ يَعْنِي فِي مِلْكِهِ) أَيْ حَالَةَ الْإِخْرَاجِ كَمَا قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ غ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 الزَّكَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ بِخِلَافِهِمَا أَمَّا إذَا مَلَكَ بِنْتَ مَخَاضٍ فَلَا يُجْزِئُهُ مَا ذُكِرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ وَفِي كَيْفِيَّةِ مُطَالَبَةِ السَّاعِي بِالْوَاجِبِ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ مَعَ ابْنِ اللَّبُونِ وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا الشَّيْخَانِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ. أَحَدُهُمَا يُخَيِّرُهُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الْإِخْرَاجِ وَالثَّانِي يُطَالِبُهُ بِبِنْتِ مَخَاضٍ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَإِنْ دَفَعَ ابْنَ لَبُونٍ قُبِلَ مِنْهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنْ يُقَالَ لِلْخُنْثَى ابْنٌ وَلَيْسَ مُرَادًا وَخَرَجَ بِابْنِ اللَّبُونِ وَنَحْوِهِ ابْنُ الْمَخَاضِ فَلَا يُجْزِئُ وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنَّهُ يُجْزِئُ وَقَالَ الْقَاضِي إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (لَا عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ) أَيْ لَا يُؤْخَذُ عَنْهَا مَا ذُكِرَ لِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ فِي ابْنِ اللَّبُونِ وَنَحْوِهِ فِيمَا مَرَّ تُوجِبُ اخْتِصَاصَهُمَا بِقُوَّةِ وُرُودِ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ وَالِامْتِنَاعَ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ بِخِلَافِهَا فِي الْحِقِّ وَنَحْوِهِ هُنَا لَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَهُمَا عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ بِهَذِهِ الْقُوَّةِ بَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا جَمِيعًا فَلَيْسَتْ الزِّيَادَةُ هُنَا فِي مَعْنَى الزِّيَادَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَبْرِهَا ثَمَّ جَبْرُهَا هَا هُنَا (وَ) بِنْتُ الْمَخَاضِ (الْمَعِيبَةُ وَالْمَغْصُوبَةُ) إذَا عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهَا (وَالْمَرْهُونَةُ بِمُؤَجَّلٍ كَالْمَعْدُومَةِ) فَيُؤْخَذُ عَنْهَا مَا ذُكِرَ لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْمَعِيبَةِ وَعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَهُمَا مَعَ مَا بَعْدَهُمَا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ مَا عَدَا مَسْأَلَةَ الْكَرِيمَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِالْمُؤَجَّلِ الْمَرْهُونَةُ بِحَالٍ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ حَلَّ أَيْ وَقَدَرَ عَلَى فَكِّهَا فَيَخْرُجُهَا (وَلَوْ مَلَكَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ بِنْتَ الْمَخَاضِ بَيْنَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ وَالْأَدَاءِ تَعَيَّنَتْ) لِلْأَدَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ خِلَافُ الْمَنْقُولِ فَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ تَلِفَتْ بِنْتُ الْمَخَاضِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهَا فَيُتَّجَهُ امْتِنَاعُ ابْنِ اللَّبُونِ لِتَقْصِيرِهِ (وَلَوْ كَانَ لَهُ كَرِيمَةٌ لَمْ يُجْزِهِ ابْنُ لَبُونٍ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى بِنْتِ الْمَخَاضِ (وَلَمْ يُكَلَّفْهَا) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ عَامِلًا إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَإِنْ تَطَوَّعَ بِهَا فَقَدْ أَحْسَنَ هَذَا إنْ كَانَتْ بَقِيَّةٌ بَلْ مَهَازِيلُ كَمَا قَيَّدَ بِهَا الْأَصْلُ فَإِنْ كَانَتْ كِرَامًا لَزِمَهُ إخْرَاجُ كَرِيمَةٍ إذْ لَا تَكْلِيفَ وَكَرَائِمُ الْأَمْوَالِ نَفَائِسُهَا الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا نَفْسُ مَالِكِهَا لِعِزَّتِهَا عَلَيْهِ بِسَبَبِ مَا جَمَعْت مِنْ جَمِيلِ الصِّفَاتِ (وَلَا يُكَلَّفُ عَنْ الْحَوَامِلِ حَامِلًا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَخْذِ الشَّافِعِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ أَخْذِ حَيَوَانَيْنِ فَلَوْ أَخْرَجَ حَامِلًا قُبِلَتْ مِنْهُ وَالْحَمْلُ لَيْسَ عَيْبًا فِي الْبَهَائِمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ. (فَرْعٌ) إذَا بَلَغَتْ إبِلُهُ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ لِأَنَّهَا أَرْبَعُ خَمْسِينَاتٍ وَخَمْسُ أَرْبَعِينَاتِ وَلَهُ فِيهَا خَمْسَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَجِدَ عِنْدَهُ كُلَّ الْوَاجِبِ بِكُلِّ الْحِسَابَيْنِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ يَجِدَ بَعْضَهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا أَوْ لَا يَجِدُ شَيْئًا مِنْهُمَا وَقَدْ بَيَّنَهَا بِهَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (صَاحِبُ الْمِائَتَيْنِ) أَيْ مِنْ الْإِبِلِ (يَلْزَمُهُ) فِيهَا (الْأَغْبَطُ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ أَرْبَعِ حِقَاقٍ وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ إنْ وُجِدَا مَعَهُ) بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ مِنْ غَيْرِ نَفَاسَةٍ عَلَى بَقِيَّةِ الْإِبِلِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرَضَهُ فَإِذَا اجْتَمَعَا رُوعِيَ مَا فِيهِ حَظُّ الْأَصْنَافِ إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي تَحْصِيلِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَسَاكِينِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالزَّكَاةِ أَحَدُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ بَلْ جَمِيعُهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي بَابِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ إنَّمَا عَبَّرُوا بِهِمْ أَوْ بِالْفُقَرَاءِ لِغَلَبَتِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ أَهَمُّ الْأَصْنَافِ وَأَشْهَرُهَا عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْمَسَاكِينِ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ. (فَلَوْ أَخَذَ غَيْرَ الْأَغْبَطِ بِلَا تَقْصِيرٍ) مِمَّنْ يَأْتِي (أَجْزَأَهُ) لِلْعُذْرِ (وَجُبِرَ) التَّفَاوُتُ لِنَقْصِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ (بِالنَّقْدِ) أَيْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ (أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَغْبَطِ) لِأَنَّهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَمَّا إذَا مَلَكَ بِنْتَ الْمَخَاضِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ النِّصَابِ بِأَنْ كَانَتْ مَعْلُوفَةً كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي يُطَالِبُهُ بِبِنْتِ مَخَاضٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهَذَا أَحْسَنُ غ (قَوْلُهُ لِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ فِي ابْنِ اللَّبُونِ إلَخْ) وَلِأَنَّ فِي بِنْتِ اللَّبُونِ خِيَارَيْنِ بِالنُّزُولِ وَالصُّعُودِ فَلَا تَثْبُتُ ثَالِثًا بِإِخْرَاجِ الْحَقِّ وَفِي بِنْتِ الْمَخَاضِ خِيَارٌ بِالصُّعُودِ فَقَطْ فَأَثْبَتْنَا لَهُ ثَانِيًا (قَوْلُهُ تَعَيَّنَتْ لِلْأَدَاءِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي عَدَمِهَا حَالَةَ الْأَدَاءِ لَا حَالَةَ الْوُجُودِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ فَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرُّويَانِيِّ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ إخْرَاجِ ابْنِ اللَّبُونِ وَعِنْدَ وَارِثِهِ بِنْتُ مَخَاضٍ أَجْزَأَهُ ابْنُ اللَّبُونِ. اهـ. فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى صَيْرُورَتِهَا بِنْتَ مَخَاضٍ فِي الْمَوْرُوثِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ الزَّكَاةُ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَيُتَّجَهُ امْتِنَاعُ ابْنِ اللَّبُونِ لِتَقْصِيرِهِ) الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْأَدَاءِ ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ قَالَ إنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ (قَوْلُهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى بِنْتِ الْمَخَاضِ) وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ وُجُودُهَا الصُّعُودَ وَالنُّزُولَ وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الذَّكَرَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ فَكَانَ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ أَغْلَظَ مِنْ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُكَلِّفُ عَنْ الْحَوَامِلِ حَامِلًا) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَلْحَقُ بِهَا مِنْ طُرُقِهَا الْفَحْلُ وَلَوْ مَرَّةً لِأَنَّ عَادَةَ الْبَهَائِمِ الْحَمْلُ مِنْ مَرَّةٍ بِخِلَافِ الْآدَمِيَّاتِ وَقَوْلُهُ عَنْ الْحَوَامِلِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكَلِّفُهَا عَنْ غَيْرِ الْحَوَامِلِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد عَنْ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ» أَيْ السِّنِينَ وُجِدَتْ أُخِذَتْ. اهـ. فَأُوفِيهِ عِنْدَ وُجُودِ السِّنِينَ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ صَاحِبُ الْمِائَتَيْنِ) أَيْ أَوْ وَلِيُّهُ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ الْأَغْبَطُ لِلْمَسَاكِينِ) لِزِيَادَةِ قِيمَةٍ أَوْ بِاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ لِحَمْلٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَا مَعَهُ) أَيْ حَالَ الْأَدَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَمَنْ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ أَحَدُ حَقَّيْنِ كَانَ مُخَيَّرًا فِي دَفْعِ أَيِّهِمَا شَاءَ بِخِلَافِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَخَيَّرْنَا مُسْتَحِقَّهَا وَفَرْقٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ لِرَبِّ الْمَالِ الْعُدُولُ عَنْ الْعِشْرِينَ وَالشَّاتَيْنِ إلَى جَوَازِ دَفْعِ الْفَرِيضَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ وَلَمَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْعُدُولُ عَنْ هَذَيْنِ إلَى غَيْرِهِمَا لَمْ يَكُنْ مُخَيَّرًا بَيْنَهُمَا وَفَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَقْدِ الْوَاجِبِ فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ بِأَنَّ الْمَالِكَ هُنَاكَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْهُمَا بِتَحْصِيلِ الْفَرْضِ وَإِنَّمَا شُرِعَا لَهُ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ فَفُوِّضَ إلَيْهِ وَهَا هُنَا بِخِلَافِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 الْوَاجِبُ لَا مِنْ الْمَأْخُوذِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ التَّفَاوُتُ بِالنَّظَرِ إلَى الْقِيمَةِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحِقَاقِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَقِيمَةُ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَقَدْ أَخَذَ الْحِقَاقَ فَالْجَبْرُ بِخَمْسِينَ أَوْ بِخَمْسَةِ أَتْسَاعِ بِنْتِ لَبُونٍ لَا بِنِصْفِ حِقَّةٍ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ خَمْسُونَ وَقِيمَةُ كُلِّ بِنْتِ لَبُونٍ تِسْعُونَ وَجَازَ دَفْعُ النَّقْدِ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْوَاجِبِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ شِرَاءِ جُزْئِهِ لِدَفْعِ ضَرَرٍ وَالْمُشَارَكَةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْدِلُ إلَى غَيْرِ الْجِنْسِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي الشَّاةِ الْوَاجِبَةِ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ قِيمَتَهَا إذَا لَمْ يُوجَدْ جِنْسُهَا كَمَا مَرَّ وَكَمَا لَوْ لَزِمَتْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ فَلَمْ يَجِدْهَا وَلَا ابْنُ لَبُونٍ لَا فِي مَالِهِ وَلَا بِالثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ قِيمَتَهَا عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ جُبْرَانُ الْوَاجِبِ كَدَرَاهِمِ الْجُبْرَانِ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ وَبِتَعْبِيرِهِمْ بِالْجَبْرِ وَنَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّ الِانْتِقَالَ حِينَئِذٍ إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الْقِيمَةَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ فِي سَائِرِ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ (أَوْ) أَخَذَهُ (بِتَقْصِيرٍ مِنْ الْمَالِكِ) بِأَنْ دَلَّسَ (أَوْ مِنْ السَّاعِي بِأَنْ لَمْ يَجْتَهِدْ) وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ الْأَغْبَطُ (لَمْ يُجْزِهِ وَعَلَيْهِ) أَيْ السَّاعِي (رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ عَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَقِيمَتِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا وَالزَّكَاةُ بَاقِيَةٌ عَلَى الْمَالِكِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ كَامِلٌ إلَّا أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ) لِلْأَدَاءِ وَلَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَ الْأَغْبَطِ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَيَمْتَنِعُ الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ بِالْجُبْرَانِ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ سَوَاءٌ أَعَدِمَ جَمِيعَ الصِّنْفِ الْآخَرِ أَمْ بَعْضَهُ أَمْ وَجَدَ مَعِيبًا فَالنَّاقِصُ وَالْمَعِيبُ كَالْمَعْدُومِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ (وَإِنْ كَانَ مَعَهُ بَعْضُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (كَثَلَاثِ حِقَاقٍ وَأَرْبَعِ بَنَاتِ لَبُونٍ جُعِلَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا فَيُسَلِّمُ الثَّلَاثَ) حِقَاقٍ (وَبِنْتَ لَبُونٍ وَيُعْطِي جُبْرَانًا أَوْ) يُسَلِّمُ (الْأَرْبَعَ) بَنَاتِ لَبُونٍ (وَحِقَّةً وَيَأْخُذُ جُبْرَانًا وَكَذَا لَوْ دَفَعَ حِقَّةً وَثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَثَلَاثَ جُبْرَانَاتٍ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِإِقَامَةِ الشَّرْعِ بِنْتُ اللَّبُونِ مَعَ الْجُبْرَانِ مَقَامَ حَقِّهِ. وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ حِقَّتَيْنِ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ وَجُبْرَانَيْنِ وَدَفْعُ بِنْتَيْ لَبُونٍ وَثَلَاثِ حِقَاقٍ وَأَخْذُ ثَلَاثِ جُبْرَانَاتٍ وَدَفْعُ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّتَيْنِ وَأَخْذُ جُبْرَانَيْنِ (فَإِنْ أَعْطَى الثَّلَاثَ) حِقَاقٍ (وَجَذَعَةً وَأَخَذَ جُبْرَانًا أَوْ) أَعْطَى (الْأَرْبَعَ) بَنَاتِ لَبُونٍ (وَبِنْتَ مَخَاضٍ مَعَ الْجُبْرَانِ جَازَ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آنِفًا (وَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَحِقَّتَيْنِ مَثَلًا) بِزِيَادَتِهِ تَأْكِيدًا وَهَذَا الْحَالُ كَالْحَالِ الَّذِي قَبْلَهُ (فَلَهُ إخْرَاجُهُمَا) أَيْ الْحِقَّتَيْنِ (مَعَ جَذَعَتَيْنِ وَيَأْخُذُ جُبْرَانَيْنِ فَلَوْ جَعَلَ بَنَاتَ اللَّبُونِ أَصْلًا وَأَعْطَى خَمْسَ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَخَمْسَ جُبْرَانَاتٍ جَازَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَوْجُودُ) عِنْدَهُ (ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ فَلَهُ تَرْكُهَا وَجَعْلُ الْحِقَاقِ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ تَرَكَهَا وَجَعَلَ الْحِقَاقَ (أَصْلًا فَيُخْرِجُ أَرْبَعَ جَذَعَاتٍ وَيَأْخُذُ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ وَلَهُ إخْرَاجُهَا) أَيْ الثَّلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ (مَعَ بِنْتَيْ مَخَاضٍ وَجُبْرَانَيْنِ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ مِنْهُمَا شَيْئًا) وَفِي مَعْنَاهُ أَنْ يَجِدَهُمَا مَعِيبَيْنِ (فَلَهُ تَحْصِيلُ أَحَدِهِمَا) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَغْبَطَ لِأَنَّهُ إذَا حَصَّلَهُ صَارَ وَاحِدًا لَهُ دُونَ الْآخَرِ وَلِمَا فِي تَعْيِينِ الْأَغْبَطِ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي تَحْصِيلِهِ (وَلَهُ جَعْلُ أَحَدِهِمَا) فِي هَذَا الْحَالِ وَاَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ (أَصْلًا فَإِنْ شَاءَ صَعِدَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ (عَنْ الْحِقَاقِ إلَى الْجِذَاعِ) بِالْجُبْرَانِ بِأَنْ يُعْطِيَ أَرْبَعًا مِنْهَا وَيَأْخُذَ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ (وَلَا يَنْزِلُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْحِقَاقِ إلَى بَنَاتِ الْمَخَاضِ بِالْجُبْرَانِ بِأَنْ يُعْطِيَ أَرْبَعًا مِنْهَا مَعَ ثَمَانِي جُبْرَانَاتٍ لِتَكْثِيرِ الْجُبْرَانِ بِالتَّخَطِّي مَعَ إمْكَانِ تَقْلِيلِهِ بِمَا مَرَّ (وَإِنْ شَاءَ نَزَلَ عَنْ بَنَاتِ اللَّبُونِ إلَى بَنَاتِ الْمَخَاضِ بِالْجُبْرَانِ) بِأَنْ يُعْطِيَ خَمْسًا مِنْهَا مَعَ خَمْسِ جُبْرَانَاتٍ (وَلَا يَصْعَدُ) مِنْ بَنَاتِ اللَّبُونِ إلَى الْجِذَاعِ بِأَنْ يُعْطِيَ خَمْسًا مِنْهَا وَيَأْخُذَ عَشْرَ جُبْرَانَاتٍ لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَ خَمْسَ جُبْرَانَاتٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْحِقَاقَ أَصْلًا وَيَنْزِلَ إلَى أَرْبَعِ بَنَاتِ لَبُونٍ يُحَصِّلُهَا أَوْ يَدْفَعُ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ بَنَاتَ اللَّبُونِ أَصْلًا وَيَصْعَدَ إلَى خَمْسِ حِقَاقٍ لِيَأْخُذَ خَمْسَ جُبْرَانَاتٍ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ قَدْ حَصَّلَ الْوَاجِبَ فَلَيْسَ لَهُ الْعُدُولُ إلَى الْجُبْرَانِ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي ذَلِكَ. (فَرْعٌ) إذَا (بَلَغَتْ الْبَقَرُ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَتْبِعَةٍ أَوْ ثَلَاثُ مُسِنَّاتٍ) لِأَنَّهَا أَرْبَعُ ثَلَاثِينَاتِ وَثَلَاثُ أَرْبَعِينَاتِ (وَحُكْمُهَا حُكْمُ بُلُوغِ الْإِبِلِ مِائَتَيْنِ) فِيمَا مَرَّ (وَ) لَكِنْ (لَا مَدْخَلَ لِلْجُبْرَانِ فِيهَا) وَلَا فِي الْغَنَمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْإِبِلِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِيهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يَتَجَاوَزُهَا وَلِأَنَّهُ عُهِدَ فِي ابْتِدَاءِ زَكَاتِهَا الِانْتِقَالُ مِنْ جِنْسِهَا إلَى غَيْرِهِ. [فَرْعٌ لَوْ أَخْرَجَ صَاحِبُ الْمِائَتَيْنِ مِنْ الْإِبِلِ حِقَّتَيْنِ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ وَنِصْفًا أَوْ أَكْثَرَ] (فَرْعٌ) لَوْ (أَخْرَجَ صَاحِبُ الْمِائَتَيْنِ) مِنْ الْإِبِلِ (حِقَّتَيْنِ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ وَنِصْفًا) أَوْ أَكْثَرَ (لَمْ يَجُزْ) حَذَرًا مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ التَّفَاوُتُ بِالنَّظَرِ إلَى الْقِيمَةِ) فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ لَا تَقْتَضِي زِيَادَةً فِي الْقِيمَةِ لِكَوْنِهَا إنَّمَا هِيَ لِاحْتِيَاجِهِمْ إلَى ذَلِكَ النَّوْعِ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ التَّفَاوُتُ يَسِيرًا لَا يُوجَدُ بِهِ نَقْصُ تَعَيُّنِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَكَمَا لَوْ لَزِمَتْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ فَلَمْ يَجِدْهَا إلَخْ) كَلَامُهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِبُ إنْ كَانَ السِّنُّ فِي مَالِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ وَأَمْكَنَ تَحْصِيلُهُ فَالْأَقْرَبُ وُجُوبُهُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ شِرَاءَ بِنْتِ الْمَخَاضِ أَوْ بَدَلَهَا وَهُوَ ابْنُ اللَّبُونِ وَالصُّعُودُ وَالنُّزُولُ بَدَلٌ فَيَجِبُ وَلَيْسَ هَذَا كَقَوْلِنَا يَجُوزُ الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ السِّنِّ بِالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ عُدُولٌ إلَى سِنٍّ فِي الزَّكَاةِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْقِيمَةِ ق (قَوْلُهُ فَالنَّاقِصُ وَالْمَعِيبُ كَالْمَعْدُومِ) وَكَذَا النَّفِيسُ كَالْحَامِلِ وَذَاتِ اللَّبَنِ إنْ لَمْ يَسْمَحْ بِهِ مَالِكُهُ (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُمَا أَنْ يَجِدَهُمَا مَعِيبَيْنِ) أَوْ نَفِيسَيْنِ وَلَمْ يَسْمَحْ بِهِمَا (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ الْحِقَاقِ إلَى بَنَاتِ اللَّبُونِ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَلَا إلَى بَنَاتٍ (قَوْلُهُ مِنْ بَنَاتِ اللَّبُونِ إلَى الْحِقَاقِ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَلَا إلَى (قَوْلِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 التَّشْقِيصِ فَإِنَّهُ عَيْبٌ (إلَّا إنْ أَخْرَجَ) مَعَ الْحِقَّتَيْنِ (ثَلَاثًا) مِنْ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَوْ أَخْرَجَ أَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةً فَيَجُوزُ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ الْفَرِيضَةُ لِعَدَمِ التَّشْقِيصِ (فَلَوْ بَلَغَتْ إبِلُهُ أَرْبَعَمِائَةٍ فَأَخْرَجَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَأَرْبَعَ حِقَاقٍ جَازَ) وَإِنْ تَفَرَّقَتْ الْفَرِيضَةُ (إذْ لَا تَشْقِيصَ) فَإِنَّ كُلَّ مِائَتَيْنِ أَصْلٌ فَيَجُوزُ إخْرَاجُ فَرْضٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَفَرْضٍ مِنْ الْآخَرِ كَالْكَفَّارَتَيْنِ وَالْجُبْرَانَيْنِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُخْرِجُ الْبَعْضَ مِنْ هَذَا وَالْبَعْضَ مِنْ ذَاكَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَغْبَطُ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا أَحَدَهُمَا قُلْنَا أَجَابَ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي اجْتِمَاعِهِمَا حَظٌّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَفِيهِ أَنَّ الْغِبْطَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِي زِيَادَةِ الْقِيمَةِ لَكِنْ إذَا كَانَ التَّفَاوُتُ لَا مِنْ جِهَةِ الْقِيمَةِ يَتَعَذَّرُ إخْرَاجُ قَدْرِهِ. اهـ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُجَابُ عَنْ اعْتِرَاضِ الرَّافِعِيِّ عَلَى ابْنِ الصَّبَّاغِ بِأَنَّ التَّفَاوُتَ غَالِبًا يَكُونُ فِي الْقِيمَةِ وَقَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِهِمَا أَيْ فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الصَّبَّاغِ عَلَى غَيْرِ الْغَالِبِ وَلَا بُعْدَ فِي تَعَذُّرِ إخْرَاجِ قَدْرِ التَّفَاوُتِ حِينَئِذٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي هَذَا تَسْلِيمَ الِاعْتِرَاضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤَيِّدُ مَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ مَا فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ بَنَاتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ وَلَا فِيمَا يَعُودُ إلَى مَصْلَحَةِ الْمَسَاكِينِ فَأَيُّ السِّنِينَ أَخَذَ جَازَ. (فَصْلٌ وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ سِنٌّ مِنْ الْإِبِلِ) كَبِنْتِ لَبُونٍ (وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَلَهُ الصُّعُودُ إلَى الْأَعْلَى بِدَرَجَةٍ وَيَأْخُذُ جَبْرَانَا وَ) لَهُ (الْهُبُوطُ) إلَى الْأَسْفَلِ بِدَرَجَةٍ (وَيُعْطِيهِ) أَيْ الْجُبْرَانَ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ فِي خَبَرِهِ السَّابِقِ سَوَاءٌ أَسَاوَى مَا عَدَلَ إلَيْهِ مَعَ الْجُبْرَانِ مَا عَدَلَ عَنْهُ أَمْ لَا لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَإِذَا صَعِدَ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ مَثَلًا إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَلْ تَقَعُ كُلُّهَا زَكَاةً أَوْ بَعْضُهَا الظَّاهِرُ الثَّانِي فَإِنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ فِيهَا قَدْ أَخَذَ الْجُبْرَانَ فِي مُقَابَلَتِهَا فَيَكُونُ قَدْرُ الزَّكَاةِ فِيهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا وَتَكُونُ أَحَدَ عَشَرَ فِي مُقَابَلَةِ الْجُبْرَانِ (وَالْجُبْرَانُ الْوَاحِدُ شَاتَانِ بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ) فِي الشَّاةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ (أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا نَقْرَةً) خَالِصَةً (إسْلَامِيَّةً) وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِالدَّرَاهِمِ الشَّرْعِيَّةِ حَيْثُ أُطْلِقَتْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ نَعَمْ إنْ لَمْ يَجِدْهَا أَوْ غَلَبَتْ الْمَغْشُوشَةُ وَقُلْنَا بِجَوَازِ التَّعَامُلِ بِهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْهَا مَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ النَّقْرَةِ قَدْرُ الْوَاجِبِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إسْلَامِيَّةً مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْخِيَرَةُ فِي الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ إلَى الْمَالِكِ) لِأَنَّهُمَا شُرِعَا تَخْفِيفًا عَلَيْهِ فَقُوِّضَ الْأَمْرُ إلَيْهِ وَمِثْلُهُ وَلِيُّ الْيَتِيمِ وَنَحْوُهُ هَذَا (إنْ أَخَذَ السَّاعِي الْجُبْرَانَ) كَذَا زَادَهُ وَلَمْ أَرَ لَهُ فِيهِ سَلَفًا بَلْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِاقْتِضَائِهِ أَنْ لَا خِيَرَةَ لِلْمَالِكِ فِي ذَلِكَ لِامْتِنَاعِ الصُّعُودِ حِينَئِذٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَبَقَ قَلَمُهُ مَنْ وَجَدَ إلَى أَخْذٍ فَيُوَافِقُ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ طَلَبَ السَّاعِي النُّزُولَ وَالْمَالِكُ الصُّعُودَ فَإِنْ عَدِمَ السَّاعِي الْجُبْرَانَ فَالْخِيَرَةُ وَإِلَّا فَفِيهِ الْوَجْهَانِ أَيْ اللَّذَانِ أَطْلَقَهُمَا بَقِيَّةُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحُوا مِنْهُمَا أَيْ الْخِيَرَةَ لِلْمَالِكِ وَمَعَ ذَلِكَ مَا قَالَهُ ضَعِيفٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ الْجُبْرَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمِنْ مَالِ الْمَسَاكِينِ وَهَلْ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْهُبُوطِ وَالصُّعُودِ كَأَنْ لَزِمَهُ بِنْتَا لَبُونٍ لِسِتٍّ وَسَبْعِينَ فَقَدَهُمَا وَأَرَادَ دَفْعَ بِنْتِ مَخَاضٍ وَحِقَّةٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيَظْهَرُ الْجَوَازُ إنْ وَافَقَهُ السَّاعِي وَإِلَّا جَاءَ الْخِلَافُ فِيمَنْ لَهُ الْخِيَرَةُ وَأَجَابَهُ الْمُمْتَنِعُ هُنَا أَظْهَرُ (لَا إنْ صَعِدَ) الْمَالِكُ (وَهِيَ) أَيْ إبِلُهُ (مِرَاضٌ أَوْ مَعِيبَةٌ) فَلَا يَجُوزُ بِالْجُبْرَانِ لِأَنَّ وَاجِبَهَا مَعِيبٌ وَالْجُبْرَانُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ السَّلِيمَيْنِ وَهُوَ فَوْقَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ وَمَقْصُودُ الزَّكَاةِ إفَادَةُ الْمُسْتَحَقِّينَ لَا الِاسْتِفَادَةُ مِنْهُمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ نَعَمْ إنْ رَأَى السَّاعِي مَصْلَحَةً فِي ذَلِكَ جَازَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَلَوْ أَرَادَ الْعُدُولَ إلَى سَلِيمَةٍ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ إذَا بَلَغَتْ الْبَقَرُ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَتْبِعَةٍ أَوْ ثَلَاثُ مُسِنَّاتٍ] قَوْلُهُ إذْ لَا تَشْقِيصَ) عُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ كُلَّ عَدَدٍ يَخْرُجُ مِنْهُ النَّوْعَانِ بِلَا تَشْقِيصٍ حُكْمُهُ كَذَلِكَ كَسِتِّمِائَةٍ وَثَمَانِمِائَةٍ (قَوْلُهُ وَفِيهِ أَنَّ الْغِبْطَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِي زِيَادَةِ الْقِيمَةِ إلَخْ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ بَاطِلٌ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ الَّذِي تَضَمَّنَّهُ صَحِيحًا فَقَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ أَرْبَعُ حِقَاقٍ هِيَ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ مِنْ بَنَاتِ اللَّبُونِ الَّتِي عِنْدَهُ وَيَكُونُ فِي بَنَاتِ اللَّبُونِ خَمْسٌ هِيَ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ أَرْبَعٍ يُخْرِجُهَا مِمَّا بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ الْحِقَاقِ ع اعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الشَّيْخَانِ صَحِيحٌ وَبَيَانُ صِحَّتِهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَقَامَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْأَرْبَعَمِائَةِ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْمَالِ الْوَاحِدِ لِاتِّحَادِ جِنْسِهَا وَمَالِكِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْأَغْبَطُ مِنْ ثَمَانِ حِقَاقٍ أَوْ عَشْرِ بَنَاتِ لَبُونٍ كَمَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ الْأَغْبَطِ فِي أَرْبَعِ حِقَاقٍ وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ الْمَقَامُ الثَّانِي أَنَّ الْأَرْبَعَمِائَةِ نَازِلَةٌ مَنْزِلَةَ نِصَابَيْنِ وَالْإِيرَادُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَقَامِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَوَهَمَ فِي الِاعْتِرَاضِ فَجَعَلَ الْمُفَاضَلَةَ فِي وَاجِبِ كُلِّ مِائَتَيْنِ وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ الشَّيْخَانِ إنَّمَا هُوَ وَاجِبُ الْأَرْبَعِمِائَةِ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْجَوَازَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مِائَتَيْنِ أَصْلٌ عَلَى الِانْفِرَادِ ثُمَّ ذَكَرَ إشْكَالًا عَلَى الْجَوَازِ وَأَجَابَ عَنْهُ فَكَيْفَ يُجْعَلُ الْإِيرَادُ وَهُوَ الْإِشْكَالُ عَلَى أَنَّ الْأَرْبَعَمِائَةِ نَازِلَةٌ مَنْزِلَةَ الْمَالِ الْوَاحِدِ. [فَصْلٌ وَجَبَ عَلَيْهِ سِنٌّ مِنْ الْإِبِلِ كَبِنْتِ لَبُونٍ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ] (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهَا الظَّاهِرُ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقُلْنَا بِجَوَازِ التَّعَامُلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ أَخَذَ السَّاعِي الْجُبْرَانَ) بِأَنْ لَا يَكُونَ مَذْهَبُهُ مَنْعَ أَخْذِهِ وَبَذْلَهُ فَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ ذَلِكَ كَالْمَالِكِيِّ امْتَنَعَ الْهُبُوطُ مُطْلَقًا وَالصُّعُودُ مَعَ الْجُبْرَانِ فَإِمَّا أَنْ يَحْصُلَ الْوَاجِبُ أَوْ يَتَبَرَّعَ بِالْأَعْلَى وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ السَّاعِيَ إنْ عَدِمَ الْجُبْرَانَ كَانَتْ الْخِيرَةُ لَهُ (قَوْلُهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي ضَعْفَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيَظْهَرُ الْجَوَازُ إلَخْ) كَلَامُهُمْ شَامِلٌ لِجَوَازِ مَا تَرَدَّدَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ) الْمُتَّجَهُ الْمَنْعُ أَخْذًا بِعُمُومِ كَلَامِهِمْ وَبِمُقْتَضَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 مَعَ أَخْذِ الْجُبْرَانِ فَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا هُبُوطُهُ مَعَ إعْطَاءِ الْجُبْرَانِ فَجَائِزٌ لِتَبَرُّعِهِ بِالزِّيَادَةِ وَلَوْ حَذَفَ الْمَرِيضَةَ أَغْنَى عَنْهَا الْمَعِيبَةُ لِأَنَّ الْمَرَضَ عَيْبٌ (وَ) الْخِيَرَةُ (فِي الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ إلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ) مِنْ الْمَالِكِ أَوْ السَّاعِي لِظَاهِرِ خَبَرِ أَنَسٍ (وَيَصْرِفُ الْإِمَامُ الْجُبْرَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَهُوَ نَاظِرٌ عَلَيْهِمْ (فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمِنْ مَالِ الْمَسَاكِينِ) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنْ احْتَاجَ الْإِمَامُ إلَى إعْطَاءِ الْجُبْرَانِ وَلَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ دَرَاهِمُ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمَسَاكِينِ وَصَرَفَهُ فِي الْجُبْرَانِ. (وَعَلَى الْعَامِلِ) أَيْ السَّاعِي (الْعَمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ) لِلْمُسْتَحِقِّينَ فِي دَفْعِهِ الْجُبْرَانَ وَأَخْذِهِ. (فَرْعٌ لَوْ لَزِمَتْهُ جَذَعَةٌ وَفَقَدَهَا) فِي إبِلِهِ (فَأَخْرَجَ ثَنِيَّةً وَطَلَبَ جَبْرَانَا جَازَ) عَلَى النَّصِّ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ تَصْحِيحِ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الثَّنِيَّةُ مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ لِزِيَادَةِ السِّنِّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ عَنْهَا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ انْتِفَاءُ نِيَابَتِهَا لَا يُقَالُ فَيَتَعَدَّدُ الْجُبْرَانُ إذَا كَانَ الْمُخْرَجُ فَوْقَ الثَّنِيَّةِ لِأَنَّا نَقُولُ الشَّارِعُ اعْتَبَرَهَا فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ دُونَ مَا فَوْقَهَا وَلِأَنَّ مَا فَوْقَهَا تَنَاهَى نُمُوُّهَا أَمَّا إذَا أَخْرَجَهَا وَلَمْ يَطْلُبْ جُبْرَانًا فَجَائِزٌ قَطْعًا لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَفَقَدَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَيَجُوزُ الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ دَرَجَتَيْنِ بِجُبْرَانَيْنِ وَثَلَاثٍ) الْأَوْلَى وَثَلَاثًا (بِثَلَاثِ جُبْرَانَاتٍ عِنْدَ الْفَقْدِ) لِلدَّرَجَةِ الْقُرْبَى فِي جِهَةِ الْمُخْرَجَةِ (فَقَطْ) أَيْ لَا عِنْدَ وُجُودِهَا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ زِيَادَةِ الْجُبْرَانِ بِدَفْعِ الْوَاجِبِ مِنْ الْقُرْبَى (فَلَوْ صَعِدَ دَرَجَتَيْنِ) لِيُخْرِجَ الثَّانِيَةَ مِنْهُمَا (مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقُرْبَى فِي جِهَتِهَا لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ قَنَعَ بِجُبْرَانٍ) وَاحِدٍ وَكَذَا يَمْتَنِعُ النُّزُولُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْقُرْبَى فِي غَيْرِ جِهَةِ الْمُخْرَجَةِ كَأَنْ لَزِمَتْهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَلَمْ يَجِدْهَا وَلَا حِقَّةَ وَوَجَدَ بِنْتَ مَخَاضٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ بِنْتِ مَخَاضٍ مَعَ جُبْرَانٍ بَلْ يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُ جَذَعَةٍ مَعَ أَخْذِ جُبْرَانَيْنِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَصْلِ تَرْجِيحٌ لِأَنَّ بِنْتَ الْمَخَاضِ وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ لَيْسَتْ فِي جِهَةِ الْجَذَعَةِ. (فَرْعٌ يُؤْخَذُ) جَوَازًا (فِي جُبْرَانَيْنِ شَاتَانِ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا) كَالْكَفَّارَتَيْنِ (لَا شَاةَ وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي جُبْرَانٍ) وَاحِدٍ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ بَيْنَ شَاتَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَلَا تَجُوزُ خَصْلَةٌ ثَالِثَةٌ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ خَمْسَةً وَيَكْسُوَ خَمْسَةً (إلَّا إنْ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ وَرَضِيَ) بِهِ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِالْكُلِّيَّةِ (وَلَوْ لَزِمَتْهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَلَمْ يَجِدْهَا) فِي إبِلِهِ (فَأَخْرَجَ ابْنَ لَبُونٍ وَجَبْرَانَا وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ) بَلْ أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ (أَوْ أَرَادَ مَنْ فَقَدَ بِنْتَ مَخَاضٍ إخْرَاجَ بِنْتِ لَبُونٍ لِيَأْخُذَ الْجُبْرَانَ وَمَعَهُ ابْنُ لَبُونٍ لَمْ يَجُزْ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْجُبْرَانَ مَعَ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ إنَّمَا عُهِدَ مَعَ الْإِنَاثِ فَلَا يَتَجَاوَزُهَا وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِإِخْرَاجِ ابْنِ اللَّبُونِ وَلِمُخَالَفَتِهِ خَبَرَ أَنَسٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ (وَلَوْ وَجَبَتْ جَذَعَةٌ فَأَخْرَجَ بَدَلَهَا) وَلَوْ مَعَ وُجُودِهَا (بِنْتَيْ لَبُونٍ جَازَ لِأَنَّهُمَا يَجْزِيَانِ عَمَّا زَادَ) عَلَى إبِلِهِ فَعَنْهَا أَوْلَى فَفُهِمَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ بَدَلُهَا حِقَّةٌ وَبِنْتُ لَبُونٍ أَوْ حِقَّتَانِ وَأَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ حِقَّةٌ فَأَخْرَجَ بَدَلَهَا بِنْتَيْ لَبُونٍ جَازَ وَبِالْأَخِيرَتَيْنِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ مَلَكَ إحْدَى وَسِتِّينَ بِنْتَ لَبُونٍ فَأَخْرَجَ وَاحِدَةً مِنْهَا) بَدَلَ الْجَذَعَةِ عِنْدَ فَقْدِهَا (لَزِمَهُ جُبْرَانَانِ) لِنُزُولِهَا عَنْهَا بِدَرَجَتَيْنِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ مَلَكَ إحْدَى وَسِتِّينَ بِنْتَ مَخَاضٍ فَأَخْرَجَ وَاحِدَةً مِنْهَا فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَجِبُ مَعَهَا ثَلَاثُ جُبْرَانَاتٍ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَالْكُلُّ صَحِيحٌ. (فَصْلٌ أَسْبَابُ النَّقْصِ) فِي الزَّكَاةِ (خَمْسَةٌ مِنْهَا الْمَرَضُ وَمِنْهَا الْعَيْبُ) الْأُولَى أَنْ يُعَبِّرَ بِأَحَدِهَا وَبِالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ كَمَا عَبَّرَ بِهَا أَصْلُهُ (فَمَنْ كَانَ نَعَمُهُ مِرَاضًا أَوْ مَعِيبَةً كُلَّهَا أَخْرَجَ مَرِيضًا أَوْ مَعِيبًا) فَلَا يُكَلَّفُ صَحِيحَةً لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالْمَالِكِ (مُتَوَسِّطًا) جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (وَإِنْ كَانَ فِيهَا صَحِيحٌ قَدْرَ الْوَاجِبِ) وَإِنْ تَعَدَّدَ (فَمَا فَوْقَهُ وَجَبَ صَحِيحٌ) فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ أَنَسٍ «وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ وَلَا تَيْسُ الْغَنَمِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصْدِقُ» بِتَخْفِيفِ الصَّادِ أَيْ السَّاعِي بِأَنْ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْكُلِّ وَقِيلَ بِتَشْدِيدِهَا أَيْ الْمَالِكِ بِأَنْ تَمَخَّضَتْ غَنَمُهُ ذُكُورًا فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرَةِ وَالْعَوَارُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا وَأَشْهَرُ وَهُوَ الْعَيْبُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ (لَائِقٌ بِمَالِهِ) بِأَنْ يَكُونَ نِسْبَةُ قِيمَتِهِ إلَى قِيمَةِ الْجَمِيعِ   [حاشية الرملي الكبير] التَّعْلِيلِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ فَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّهُ يَجُوزُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْعَامِلِ الْعَمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ) وَوَلِيُّ الْمَحْجُورِ وَنَائِبُ الْغَائِبِ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْعَمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ لِمَنْ يُخْرِجُ عَنْهُ (قَوْلُهُ بِجُبْرَانَيْنِ) أَيْ مَعَهُمَا (قَوْلُهُ وَثَلَاثٌ) أَيْ وَصُعُودُ ثَلَاثٍ أَوْ نُزُولُهَا. (قَوْلُهُ وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِالْكُلِّيَّةِ) بِخِلَافِ السَّاعِي لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْفُقَرَاءِ وَهُمْ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مَحْصُورِينَ وَرَضُوا بِذَلِكَ جَازَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَهَذَا عَارَضَ (قَوْلَهُ وَمَعَهُ ابْنُ لَبُونٍ) أَيْ أَوْ حِقٌّ. [فَصْلٌ أَسْبَابُ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ] (قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْعَيْبُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهَا مَعَ أَنَّهَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَلَا عَيْبَ فِيهَا وَلَا صِغَرَ وَلَا غَيْرَهُمَا مِنْ أَسْبَابِ النَّقْصِ فَوَجْهَانِ فِي الْبَيَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ يَخْتَارُ السَّاعِي خَيْرَهُمَا وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ مِنْ وَسَطِهِمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالْمَالِكِ) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [التوبة: 103] وَلِأَنَّ الْفُقَرَاءَ إنَّمَا مَلَكُوا مِنْهُ فَكَانُوا كَسَائِرِ الشُّرَكَاءِ (قَوْلُهُ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ) وَفَتْحِ الدَّالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 كَنِسْبَتِهِ إلَى الْجَمِيعِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ. (مِثَالُهُ أَرْبَعُونَ شَاةً نِصْفُهَا أَمْرَاضٌ أَوْ مَعِيبٌ وَقِيمَةُ الصَّحِيحَةِ) أَيْ كُلِّ صَحِيحَةٍ (دِينَارَانِ وَالْأُخْرَى) أَيْ وَكُلُّ مَرِيضَةٍ أَوْ مَعِيبَةٍ (دِينَارٌ لَزِمَهُ صَحِيحَةٌ بِدِينَارٍ وَنِصْفِ دِينَارٍ) وَذَلِكَ قِيمَةُ نِصْفِ صَحِيحَةٍ وَنِصْفِ مَرِيضَةٍ أَوْ مَعِيبَةٍ وَلَوْ كَانَ رُبْعُهَا مَرِيضًا أَوْ مَعِيبًا وَالْقِيمَةُ بِحَالِهَا لَزِمَهُ صَحِيحَةٌ بِدِينَارٍ وَنِصْفٍ وَرُبْعٍ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا صَحِيحَةٌ) وَالْقِيمَةُ بِحَالِهَا (فَعَلَيْهِ صَحِيحَةٌ بِتِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعِينَ) جُزْءًا (مِنْ قِيمَةِ مَرِيضَةٍ) أَوْ مَعِيبَةٍ (وَيُجْزِئُ مِنْ أَرْبَعِينَ) جُزْءًا (مِنْ) قِيمَةِ (صَحِيحَةٍ وَذَلِكَ دِينَارٌ وَرُبْعُ عُشْرِ دِينَارٍ) وَالْمَجْمُوعُ رُبْعُ عُشْرِ الْمَالِ إذْ قِيمَةُ الْمِرَاضِ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَقِيمَةُ الصَّحِيحَةِ دِينَارَانِ وَالْجُمْلَةُ أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ دِينَارًا فَرُبْعُ عُشْرِهَا مَا ذُكِرَ وَمَتَى قُوِّمَ جُمْلَةُ النِّصَابِ وَكَانَتْ الصَّحِيحَةُ الْمُخْرَجَةُ رُبْعَ عُشْرِ الْقِيمَةِ كَفَى (وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ) فَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ أَخْرَجَ نَاقَةً قِيمَتُهَا جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ قِيمَةِ الْكُلِّ. وَلَوْ مَلَكَ ثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ نِصْفُهَا صِحَاحٌ وَنِصْفُهَا مِرَاضٌ وَقِيمَةُ كُلِّ صَحِيحَةٍ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَكُلُّ مَرِيضَةٍ دِينَارَانِ لَزِمَهُ صَحِيحَةٌ بِقِيمَةِ نِصْفِ صَحِيحَةٍ وَنِصْفِ مَرِيضَةٍ وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا مَنَعْنَا انْبِسَاطَ الزَّكَاةِ عَلَى الْوَقْصِ أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ يُقَسَّطُ الْمَأْخُوذُ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ لَكِنْ ضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ بِنْتُ مَخَاضٍ مُوَزَّعَةً بِالْقِيمَةِ نِصْفَيْنِ فَلَا اعْتِبَارَ بِالْوَقْصِ أَيْ فَلَا تَخْتَلِفُ الْقِيمَةُ بِالتَّقْدِيرَيْنِ كَمَا يُعْرَفُ بِالنِّسْبَةِ السَّابِقَةِ (وَإِذَا) كَانَ الصَّحِيحُ مِنْ مَاشِيَتِهِ دُونَ قَدْرِ الْوَاجِبِ كَأَنْ (وَجَبَ شَاتَانِ فِي غَنَمٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا صَحِيحَةٌ) وَاحِدَةٌ (وَجَبَ صَحِيحَةٌ بِالْقِسْطِ وَمَرِيضَةٌ) فَتُجْزِئَانِهِ (وَالْعَيْبُ) هُنَا (مَا أَثَّرَ فِي الْبَيْعِ) لِأَنَّ الزَّكَاةَ يَدْخُلُهَا التَّقْوِيمُ عِنْدَ التَّقْسِيطِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا إلَّا مَا يُخِلُّ بِالْمَالِيَّةِ (لَا) فِي (الْأُضْحِيَّةِ) . قَالَ الْإِمَامُ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الشَّرْقَاءِ وَالْخَرْقَاءِ فَإِنَّ عَيْبَهُمَا لَا يُنْقِصُ الْمَالِيَّةَ وَمِثْلُهُمَا الْحَامِلُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْأُضْحِيَّةِ (وَإِذَا لَزِمَتْهُ مَعِيبَةٌ أَخْرَجَ مِنْ الْوَسَطِ) فِي الْمَعِيبِ (لَا الْخِيَارِ) فَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ بَعِيرًا مَعِيبَةً فِيهَا بِنْتَا مَخَاضٍ إحْدَاهُمَا مِنْ أَجْوَدِ الْمَالِ وَالثَّانِيَةُ دُونَهَا أَخْرَجَ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا الْوَسَطُ وَهَذَا عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ وَقِيلَ يُخْرِجُ الْأُولَى كَالْأَغْبَطِ فِي الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الْوُجُوبَ ثَمَّ تَعَلَّقَ بِأَحَدِ سِنِينَ وَهُنَا بِسِنٍّ وَاحِدٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَفْرَادُهُ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْأُسْتَاذِ فَرَّقَ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَّ أَصْلٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ لَا نَقْصَ فِيهِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْأَصْلِ مَا هُوَ الْأَجْوَدُ أَوْ الْأَرْدَأُ (وَمِنْهَا الذُّكُورَةُ فَإِنْ تَبَعَّضَتْ) إبِلُهُ مَثَلًا بِأَنْ كَانَ بَعْضُهَا ذُكُورًا وَبَعْضُهَا إنَاثًا (أَخْرَجَ أُنْثَى بِذَلِكَ التَّقْسِيطِ) السَّابِقِ بَيَانُهُ (لَا ذَكَرًا إلَّا إنْ وَجَبَ) فَيُخْرِجُهُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ كَابْنِ لَبُونٍ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بَعِيرًا عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَكَالتَّبِيعِ فِي الْبَقَرِ أَوْ لِلْقِيَاسِ كَحَقِّ بَدَلِ ابْنِ لَبُونٍ فِي الْأَوْلَى وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِبِلِ لَمْ يَجُزْ الذَّكَرُ إلَّا فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ فِيهَا ابْنُ لَبُونٍ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَعُطِفَ عَلَى تَبَعَّضَتْ. قَوْلُهُ (أَوْ تَمَخَّضَتْ) ذُكُورًا (أَخْرَجَ الذَّكَرَ كَالْمَرِيضَةِ) وَالْمَعِيبَةِ مِنْ مِثْلِهِمَا وَلِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ التَّحْصِيلَ مَشَقَّةً عَلَيْهِ وَالزَّكَاةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ وَلِهَذَا شُرِعَ الْجُبْرَانُ (لَكِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ابْنَ لَبُونٍ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ ابْنِ لَبُونٍ يُؤْخَذُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِالْقِسْطِ) لِئَلَّا يُسَوَّى بَيْنَ النِّصَابَيْنِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالتَّقْوِيمِ وَالنِّسْبَةِ فَلَوْ كَانَتْ الْخَمْسُ وَالْعِشْرُونَ إنَاثًا وَقِيمَتُهَا أَلْفٌ وَقِيمَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ مِنْهَا مِائَةٌ وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا ذُكُورًا قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَقِيمَةُ ابْنِ مَخَاضٍ مِنْهَا خَمْسُونَ فَيَجِبُ ابْنُ لَبُونٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ بِنِسْبَةِ زِيَادَةِ السِّتِّ وَثَلَاثِينَ عَلَى الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ وَهِيَ خُمُسَانِ وَخُمْسُ خُمْسٍ (وَيُجْزِئُ فِي أَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسِينَ تَبِيعَانِ) لِأَنَّهُمَا يُجْزِئَانِ عَنْ سِتِّينَ فَعَمَّا دُونَهَا أَوْلَى بِخِلَافِ بِنْتَيْ مَخَاضٍ عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ لِأَنَّهُمَا مَعَ نَقْصِهِمَا سِنًّا عَنْهَا لَيْسَا فَرْضَ نِصَابٍ (وَمِنْهَا الصِّغَرُ فَإِنْ كَانَتْ) نَعَمُهُ (فِي سِنٍّ مَفْرُوضٍ أُخِذَ فَرْضُهَا مِنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ إحْدَى وَسِتُّونَ بِنْتَ مَخَاضٍ فَأَخْرَجَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا) بَدَلَ الْجَذَعَةِ عِنْدَ فَقْدِهَا (لَزِمَهُ ثَلَاثُ جُبْرَانَاتٍ) لِنُزُولِهَا عَنْهَا بِثَلَاثِ دَرَجَاتٍ وَزَادَ هَذَا الْمِثَالَ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ مِنْ أَنَّ السِّنَّ الْمَفْرُوضَ مَا وَجَبَ فِي الزَّكَاةِ مِنْ الْأَسْنَانِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمَالِكِ لَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَقَطْ وَلِهَذَا حَذَفَ مَا لَوْ كَانَ بَعْضُ نَعَمِهِ فِي سِنٍّ مَفْرُوضٍ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا كِبَارًا فَالْقِسْطُ. وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِنْ احْتَمَلَتْ ذَلِكَ لَكِنَّهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْعَيْبُ مَا أَثَّرَ فِي الْبَيْعِ) كَذَا قَالَا هُنَا وَقَالَا قَبْلَ هَذَا إنَّ ابْنَ اللَّبُونِ الْخُنْثَى يُجْزِئُ عَنْ ابْنِ اللَّبُونِ الذَّكَرِ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّ الْخُنُوثَةَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهَا الْمَبِيعُ وَحِينَئِذٍ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ أُنْثَى بِذَلِكَ التَّقْسِيطِ) أَمَّا فِي الْإِبِلِ وَأَرْبَعِينَ مِنْ الْبَقَرِ فَلِظَاهِرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخَبَرِ وَأَمَّا فِي الْغَنَمِ فَلِحَدِيثِ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَتَعَيَّنَتْ فِيهِ الْأُنْثَى كَالْإِبِلِ (قَوْلُهُ وَزَادَ هَذَا الْمِثَالَ) وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الرَّوْضَةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ) قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ فِي سِنٍّ دُونَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ دُونَ أَيْ دُونَ الْفَرْضِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ دُونَ كُلِّ فَرْضٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْإِبِلِ بَنَاتُ مَخَاضٍ بَلْ دُونَهَا فَلَوْ كَانَتْ كُلُّهَا بَنَاتِ مَخَاضٍ أَخَذَ مِنْهَا بِنْتَ مَخَاضٍ مَعَ الْجُبْرَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ إحْدَى وَسِتِّينَ بِنْتَ مَخَاضٍ فَأَخْرَجَ وَاحِدَةً مِنْهَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ مَعَهَا ثَلَاثُ جُبْرَانَاتٍ وَفِي الْحَاوِي وَجْهُ أَنَّهَا تَكْفِيهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 ظَاهِرَةٌ فِيمَا وَجَبَ عَلَى الْمَالِكِ وَعِبَارَتُهُ مَعَ زِيَادَةِ التَّعْلِيلِ لِلرَّافِعِيِّ وَلِلْمَاشِيَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فِي سِنِّ الْفَرْضِ فَيُؤْخَذُ لِوَاجِبِهَا سِنُّ الْفَرْضِ وَلَا يُؤْخَذُ مَا دُونَهُ لِلنُّصُوصِ الْمُقْتَضِيَةِ لِوُجُوبِ الْأَسْنَانِ الْمُقَدَّرَةِ وَلَا يُكَلَّفُ مَا فَوْقَهُ لِلْإِضْرَارِ بِالْمَالِكِ (أَوْ) كَانَتْ نَعَمُهُ فِي (سِنٍّ لَا فَرْضَ فِيهِ أَخَذَ) السَّاعِي صَغِيرًا وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ تَصْوِيرُهُ فَإِنَّ مِنْ شَرْطِ الزَّكَاةِ الْحَوْلُ وَبَعْدَهُ يَبْلُغُ حَدَّ الْإِجْزَاءِ (وَيُتَصَوَّرُ بِأَنْ تَمَاوَتَتْ) وَفِي نُسْخَةٍ تَمُوتُ وَفِي نُسْخَةٍ تَتَمَاوَتُ (الْأُمَّهَاتُ) وَقَدْ تَمَّ حَوْلُهَا وَالنِّتَاجُ صِغَارًا أَوْ مَلَكَ نِصَابًا مِنْ صِغَارِ الْمَعْزِ وَتَمَّ لَهَا حَوْلٌ وَالْأَشْهَرُ فِي غَيْرِ الْآدَمِيَّاتِ الْأُمَّاتُ بِحَذْفِ الْهَاءِ وَفِي الْآدَمِيَّاتِ الْأُمَّهَاتُ بِإِثْبَاتِهَا (فَيُؤْخَذُ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ) بَعِيرًا (فَصِيلٌ فَوْقَ الْمَأْخُوذِ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَ) يُؤْخَذُ (فِي) الْأَنْسَبِ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ (سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ) بَعِيرًا فَصِيلٌ (فَوْقَ الْمَأْخُوذِ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَعَلَى هَذَا) فَقِسْ. وَمَحَلُّ إجْزَاءِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ مِنْ الْجِنْسِ فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ كَخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ صِغَارٍ وَأَخْرَجَ الشَّاةَ لَمْ يَجُزْ إلَّا مَا يُجْزِئُ فِي الْكِبَارِ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ (وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا كِبَارًا) وَبَعْضُهَا صِغَارًا (فَالْقِسْطُ مُعْتَبَرٌ) أَيْ فَيَجِبُ إخْرَاجُ كَبِيرَةٍ بِالْقِسْطِ كَمَا مَرَّ فِي نَظَائِرِهِ (وَإِنْ كَانَتْ) فِي سِنٍّ (فَوْقَ سِنِّ فَرْضِهِ لَمْ يُكَلَّفْ الْإِخْرَاجَ مِنْهَا بَلْ لَهُ تَحْصِيلُ) السِّنِّ (الْوَاجِبِ) وَلَهُ الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ فِي الْإِبِلِ كَمَا مَرَّ (وَمِنْهَا رَدَاءَةُ النَّوْعِ) بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَاشِيَةِ نَوْعَانِ مَثَلًا وَأَحَدُهُمَا رَدِيءٌ (كَالْمَعْزِ وَالضَّأْنِ مِنْ الْغَنَمِ وَالْمَهْرِيَّةِ وَالْأَرْحَبِيَّةِ مِنْ الْإِبِلِ) وَالْعِرَابِ وَالْجَوَامِيسِ مِنْ الْبَقَرِ (فَيُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ) لِلِاتِّحَادِ فِي الْجِنْسِ (وَيُؤْخَذُ الْفَرْضُ مِنْ نَوْعٍ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَالتَّقْسِيطِ) رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ (كَمَنْ لَهُ مِنْ الْإِبِلِ عَشْرٌ أَرْحَبِيَّةٌ وَعَشْرٌ مُهْرِيَّة وَخَمْسُ مُجَيْدِيَّةٍ فَتَلْزَمُهُ بِنْتُ مَخَاضٍ بِقِيمَةِ خَمْسٍ مَهْرِيَّةٍ وَخَمْسٍ أَرْحَبِيَّةٍ وَخَمْسٍ مُجَيْدِيَّةٍ) بِنِسْبَةِ كُلٍّ مِنْهَا لِلْجَمِيعِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ بِنْتِ الْمَخَاضِ مِنْ الْمَهْرِيَّةِ عَشَرَةً وَمِنْ الْأَرْحَبِيَّةِ خَمْسَةً وَمِنْ الْمُجَيْدِيَّةِ دِينَارَيْنِ وَنِصْفًا أَخَذَ بِنْتَ مَخَاضٍ مِنْ أَيِّ أَنْوَاعِهَا شَاءَ قِيمَتُهَا سِتَّةٌ وَنِصْفٌ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَغْلَبُ وَلَا الْأَجْوَدُ. وَبَحَثَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وُجُوبَ الْأَجْوَدِ بِالْحِصَّةِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَالْمِرَاضِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ أَخْذِ الْمَرِيضَةِ هُوَ الْمَانِعُ ثَمَّ وَلَا نَهْيَ هُنَا أَمَّا إذَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا نَوْعٌ وَاحِدٌ فَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ صِفَتُهَا أَخَذَ الْفَرْضَ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ إذْ لَا تَفَاوُتَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهَا وَلَا شَيْءَ فِيهَا مِنْ أَسْبَابِ النَّقْصِ أَخَذَ مِنْ خَيْرِهَا كَمَا فِي الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ اخْتِلَافِهَا صِفَةً وَاخْتِلَافِهَا نَوْعًا شِدَّةُ اخْتِلَافِ النَّوْعِ فَفِي لُزُومِ الْإِخْرَاجِ مِنْ أَجْوَدِهَا زِيَادَةُ إجْحَافٍ بِالْمَالِكِ فَإِنْ وَجَدَ اخْتِلَافَ الصِّفَةِ فِي كُلِّ نَوْعٍ أَخْرَجَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ شَاءَ لَكِنْ مِنْ أَجْوَدِهِ وَالْمَعْزُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِهَا اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ مَاعِزٌ وَالْأُنْثَى مَاعِزَةٌ وَالْمِعْزَى وَالْمَعِيزُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْأُمْعُوزُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى الْمَعْزِ وَالْمَهْرِيَّةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُهَا مَهَارِيٌّ مَنْسُوبَةٌ إلَى مَهْرَةَ بْنِ جِيدَانِ أَبُو قَبِيلَةٍ وَالْأَرْحَبِيَّةُ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَنْسُوبَةٌ إلَى أَرْحَبَ قَبِيلَةٍ مِنْ هَمْدَانَ وَالْمُجَيْدِيَّةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَهِيَ دُونَ الْمَهْرِيَّةِ مَنْسُوبَةٌ إلَى فَحْلِ إبِلٍ يُقَالُ لَهُ مُجَيْدٌ وَالْجَمِيعُ لِقَبَائِلَ مِنْ الْيَمَنِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَيُقَالُ مُجَيْدِيَّةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مَنْسُوبَةٌ إلَى الْمَجِيدِ أَيْ الْكَرِيمِ مِنْ الْمَجْدِ وَهُوَ الْكَرْمُ (وَلَوْ أَخْرَجَ عَنْ أَرْبَعِينَ مِنْ الضَّأْنِ ثَنِيَّتَيْنِ مِنْ الْمَعْزِ تُسَاوَيَانِ قِيمَةَ جَذَعَةٍ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ أَخْرَجَ عَنْ أَرْبَعِينَ مِنْ الْمَعْزِ جَذَعَتَيْنِ مِنْ الضَّأْنِ تُسَاوَيَانِ قِيمَةَ ثَنِيَّةٍ مِنْ الْمَعْزِ (أَجْزَأَهُ) لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ الْمُتَسَاوِيَةَ مُجْزِئَةٌ فَالثِّنْتَانِ أَوْلَى وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَا تُجْزِئُ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى إلَّا بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ. (بَابُ الْخُلْطَةِ) (وَهِيَ نَوْعَانِ خُلْطَةُ شَرِكَةٍ) وَتُسَمَّى خُلْطَةَ أَعْيَانٍ وَخُلْطَةَ شُيُوعٍ وَذَلِكَ (حَيْثُ كَانَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا) بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَخُلْطَةَ جِوَارٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا وَتُسَمَّى خُلْطَةَ أَوْصَافٍ (وَ) ذَلِكَ حَيْثُ (مَالَ كُلُّ مُتَمَيِّزٍ) إي (مُعَيَّنٍ) فِي نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ عُرْفًا (لَكِنَّهُمَا مُتَجَاوِرَانِ كَمُجَاوَرَةِ مِلْكِ الْوَاحِدِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فَيُزَكَّيَانِ زَكَاةَ الْمَالِ الْوَاحِدِ) لِمَا فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ نَهَى الْمُلَّاكُ عَنْ التَّفْرِيقِ وَعَنْ الْجَمْعِ خَشْيَةَ وُجُوبِهَا أَوْ كَثْرَتِهَا وَنَهَى السَّاعِي عَنْهُمَا خَشْيَةَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ) وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَالتَّقْسِيطِ) لَوْ كَانَ الْمَالُ لِصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ وَجَبَ عَلَى الْوَلِيِّ مُرَاعَاةُ الْأَحَظِّ لَهُ ع (قَوْلُهُ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ مَالٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ الْغَالِبُ فِي أَجْزَاءِ زَكَاتِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالْحُبُوبِ إذَا كَانَ فِيهَا الْجَيِّدُ وَدُونَهُ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَخْ) فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ ثِنْتَيْنِ سَبْقُ قَلَمٍ. [بَابُ الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة] (بَابُ الْخُلْطَةِ) (قَوْلُهُ وَخُلْطَةُ جَوَارٍ إلَخْ) يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ اسْمِ الْخُلْطَةِ عَلَيْهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص: 24] الْآيَةَ عَقِبَ قَوْلِهِ {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} [ص: 23] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 سُقُوطِهَا أَوْ قِلَّتِهَا وَالْخَبَرُ ظَاهِرٌ فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ وَمِثْلُهَا خُلْطَةُ الشُّيُوعِ بَلْ أَوْلَى (وَالْخُلْطَةُ) فِي الْمَاشِيَةِ (قَدْ تُوجِبُ زَكَاةً لَا تَجِبُ) لَوْلَا الْخُلْطَةُ (كَخُلْطَةِ عِشْرِينَ) لِوَاحِدٍ (بِمِثْلِهَا) لِآخَرَ فَتَجِبُ شَاةٌ وَلَوْ انْفَرَدَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ (وَقَدْ تُقَلِّلُهَا عَلَيْهِمَا كَأَرْبَعِينَ بِمِثْلِهَا) فَتَجِبُ شَاةٌ وَلَوْ انْفَرَدَا وَجَبَ عَلَى كُلِّ شَاةٍ (وَقَدْ تُكْثِرُهَا) عَلَيْهِمَا (كَمِائَةٍ بِمِثْلِهَا وَشَاةٍ) فَتَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ مِائَةُ جُزْءٍ مِنْ مِائَتَيْ جُزْءٍ وَجُزْءٌ مِنْ ثَلَاثِ شِيَاهٍ وَعَلَى الثَّانِي مِائَةُ جُزْءٍ وَجُزْءٌ مِنْهَا مِنْ ذَلِكَ وَمَثَّلَ فِي الرَّوْضَةِ بِخَلْطِ مِائَةٍ وَشَاةٍ بِمِثْلِهَا فَتَجِبُ عَلَى كُلِّ شَاةٍ وَنِصْفٍ وَلَوْ انْفَرَدَا وَجَبَ عَلَى كُلِّ شَاةٍ فَقَطْ وَقَدْ تُقَلِّلُهَا عَلَى أَحَدِهِمَا وَتُكْثِرُهَا عَلَى الْآخَرِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ كَأَرْبَعِينَ بِإِحْدَى وَثَمَانِينَ وَقَدْ لَا تُفِيدُ شَيْئًا مِنْهُمَا كَمِائَةٍ بِمِثْلِهَا أَمَّا الْخُلْطَةُ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ فَلَا تُفِيدُ إلَّا تَثْقِيلًا إذْ لَا وَقْصَ فِيهِ وَسَيَأْتِي. (فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي نَوْعِ) الْأَوْلَى نَوْعَيْ (الْخُلْطَةِ كَوْنُ الْمَجْمُوعِ نِصَابًا) فَأَكْثَرَ لِيَثْبُتَ حُكْمُهَا فِيهِ ثُمَّ يَسْتَتْبِعُ غَيْرَهُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيمَا دُونَهُ (فَإِنْ مَلَكَ كُلٌّ) مِنْ اثْنَيْنِ (عِشْرِينَ) شَاةً (فَخَلَطَا) مِنْهَا (ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ) تِسْعَةَ عَشَرَ بِتِسْعَةُ عَشَرَ (وَمَيَّزَا شَاتَيْنِ نُظِرَتْ فَإِنْ لَمْ يُفَرِّقَا بَيْنَهُمَا) بَلْ خَلَطَاهُمَا أَيْضًا (وَجَبَتْ) أَيْ الزَّكَاةُ لِوُجُودِ الْخُلْطَةِ فِي نِصَابٍ (وَإِلَّا فَلَا) لِانْتِفَائِهَا نَعَمْ إنْ كَانَ لِأَحَدِهَا نِصَابٌ فَأَكْثَرُ أَثَّرَتْ الْخُلْطَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي نِصَابٍ فَلَوْ خَلَطَ عَشَرَةَ شِيَاهٍ بِمِثْلِهَا لِآخَرَ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِثَلَاثِينَ لَزِمَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ وَالْآخَرَ خُمْسُ شَاةٍ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ شَاةً بِمِثْلِهَا الْآخَرِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِخَمْسِينَ لَزِمَهُ سِتَّةُ أَثْمَانِ شَاةٍ وَنِصْفُ ثُمْنٍ وَالْآخَرَ ثُمْنٌ وَنِصْفُ ثُمْنٍ كَمَا سَيَأْتِي وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْجِنْسِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَلَا يُؤَثِّرُ خَلْطُ جِنْسٍ بِآخَرَ كَبَقَرٍ بِغَنَمٍ بِخِلَافِ خَلْطِ نَوْعٍ بِآخَرَ كَضَأْنٍ بِمَعْزٍ (وَأَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا أَوْ مُكَاتَبًا فَلَا خُلْطَةَ) لِأَنَّ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَصِيرَ مَالُهُ سَبَبًا لِتَغَيُّرِ زَكَاةِ غَيْرِهِ (وَأَنْ تَدُومَ) الْخُلْطَةُ (سَنَةً) فَلَا يَكْفِي وُجُودُهَا فِي دُونِهَا. (وَتَخْتَصُّ خُلْطَةُ الْجِوَارِ بِشُرُوطِ اتِّحَادِ الْمُرَاحِ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مَأْوَاهَا لَيْلًا كَمَا مَرَّ (وَالْمَسْرَحِ) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَجْتَمِعُ فِيهِ ثُمَّ تُسَاقُ إلَى الْمَرْعَى (وَالْمَشْرَبِ) أَيْ مَوْضِعِ شُرْبِهَا وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمُشْرَعِ (وَالْمَرْعَى) أَيْ الْمَرْتَعِ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا اتِّحَادُ الْمَمَرِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْرَحِ وَالْمَكَانِ الَّذِي تُوقَفُ فِيهِ عِنْدَ إرَادَةِ سَقْيِهَا وَاَلَّذِي تُنَحَّى إلَيْهِ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا وَالْآنِيَةُ الَّتِي تُسْقَى فِيهَا وَالدَّلْوُ (وَالرَّاعِي وَمَكَانِ الْحَلْبِ) بِفَتْحِ اللَّامِ يُقَالُ لِلَّبَنِ وَلِلْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَحُكِيَ إسْكَانُهَا وَيُقَالُ لِمَكَانِهِ الْمَحْلَبُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَخَالَفَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ فَقَالَ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادٌ بِلَا خِلَافٍ (وَالْفَحْلِ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ) فَإِنْ اخْتَلَفَ كَضَأْنٍ وَمَعْزٍ فَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (لَا اتِّحَادِ الْحَالِبِ) فَلَا يُشْتَرَطُ كَالْجَازِّ (وَ) لَا اتِّحَادِ (الْإِنَاءِ) الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ كَآلَةِ الْجَزِّ وَيُقَالُ لَهُ الْمِحْلَبُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَلَا اتِّحَادُ حَوْلِهِمَا وَلَا خَلْطِ اللَّبَنِ (وَلَا نِيَّةِ الْخُلْطَةِ) لِأَنَّ خِفَّةَ الْمُؤْنَةِ بِاتِّحَادِ الْمَرَافِقِ لَا تَخْتَلِفُ بِالْقَصْدِ وَعَدَمِهِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الِاتِّحَادُ فِيمَا مَرَّ لِيَجْتَمِعَ الْمَالَانِ كَالْمَالِ الْوَاحِدِ وَلِتَخِفَّ الْمُؤْنَةُ عَلَى الْمُحْسِنِ بِالزَّكَاةِ وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ بَعْدَمَا مَرَّ فِي خَبَرِ أَنَسٍ مِنْ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَالْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا فِي الْحَوْضِ وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِي نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ لَكِنْ الرِّوَايَةُ ضَعِيفَةٌ (فَلَوْ افْتَرَقَتْ) مَاشِيَتُهُمَا فِي شَيْءٍ مِمَّا شُرِطَ الِاتِّحَادُ فِيهِ (زَمَنًا طَوِيلًا) بِأَنْ يُؤَثِّرَ فِيهِ عَلَفُ السَّائِمَةِ وَلَوْ (بِلَا قَصْدٍ) مِنْهُمَا (أَوْ) زَمَانًا (يَسِيرًا إمَّا بِقَصْدٍ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (أَوْ عَلِمَا) بِتَفَرُّقِهَا (وَأَقَرَّاهُ ضَرَّ) فَتَرْتَفِعُ الْخُلْطَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا خَلَا عَنْ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ عِلْمَ أَحَدِهِمَا كَعِلْمِهِمَا (وَالِافْتِرَاقُ لَا يُقْطَعُ حَوْلَ النِّصَابِ) بَلْ إنْ لَمْ تَرْتَفِعْ بِهِ الْخُلْطَةُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَمَنْ كَانَ نَصِيبُهُ نِصَابًا زَكَّاهُ لِتَمَامِ حَوْلِهِ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهِ لَا مِنْ يَوْمِ ارْتِفَاعِهَا (وَمَعْنَى اتِّحَادِ الْفَحْلِ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا) أَيْ مُرْسَلًا (فِي الْإِبِلِ) الْأَوْلَى فِي الْمَاشِيَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْأَصْلُ (وَإِنْ كَانَ) مِلْكًا (لِأَحَدِهِمَا أَوْ مُسْتَعَارًا) لَهُ أَوَّلُهُمَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا مِمَّا يُعْتَبَرُ الِاتِّحَادُ فِيهِ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَاحِدًا بِالذَّاتِ بَلْ أَنْ لَا يَخْتَصَّ مَالُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهِ وَلَا يَضُرُّ التَّعَدُّدُ حِينَئِذٍ. (فَصْلٌ) (تَثْبُتُ خُلْطَةُ الِاشْتِرَاكِ وَالْجِوَارِ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَالنَّقْدَيْنِ وَالتِّجَارَةِ) كَمَا فِي الْمَاشِيَةِ لِلِارْتِفَاقِ بِاتِّحَادِ الْجَرِينِ وَالنَّاطُورِ وَغَيْرِهِمَا وَلِعُمُومِ خَبَرِ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ (بِشَرْطِ أَنْ يَتَّحِدَ الْمُتَجَاوِرَانِ زَرْعًا وَثَمَرًا فِي الْحَائِطِ وَالْمُتَعَهِّدِ) لَهُمَا (وَالنَّاطُورِ) بِالْمُهْمَلَةِ أَشْهَرُ مِنْ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْحَافِظِ لَهُمَا (وَالْجِدَادِ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَصَلِّ يُشْتَرَطُ فِي نَوْعَ الْخُلْطَةِ كَوْنُ الْمَجْمُوعِ نِصَابًا فَأَكْثَرَ] قَوْلُهُ وَالرَّاعِي) فِي قَوْلِهِ الْمَرْعَى وَالرَّاعِي جِنَاسٌ (قَوْلُهُ فَقَالَ لَا يُشْتَرَطُ الِاتِّحَادُ بِلَا خِلَافٍ) وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ قَالَ يُشْتَرَطُ الِاتِّحَادُ كَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَتِهِ لَا مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا خَلْطُ اللَّبَنِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَلْ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ أَوْ يَسِيرًا إمَّا بِقَصْدٍ إلَخْ) التَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ أَيْ فِي نِيَّةِ الْخُلْطَةِ فِيمَا إذَا افْتَرَقَتْ الْمَاشِيَةُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يُشْتَرَطُ الِاجْتِمَاعُ فِيهِ بِنَفْسِهَا أَوْ فَرَّقَهَا الرَّاعِي وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكَانِ إلَّا بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ هَلْ تَنْقَطِعُ الْخُلْطَةُ أَمْ لَا. اهـ. وَفَهِمَ مِنْهَا الْحِجَازِيُّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَالْحَقُّ مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْهَا إذْ الْمُؤَثِّرُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ الْخُلْطَةُ وَإِنْ لَمْ تُنْوَ وَفِي سُقُوطِهَا الِافْتِرَاقُ وَإِنْ لَمْ يُنْوَ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ عِلْمَ أَحَدِهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 وَالْحَصَادِ وَالْحَمَّالِ وَالْمُلَقِّحِ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي الْمُتَعَهِّدِ وَالْحَرَّاثِ وَالْمَاءِ الَّذِي يُسْقَى بِهِ (وَاللَّقَاطِ وَالْجَرِينِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ الثِّمَارِ وَالْبَيْدَرِ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعُ تَصْفِيَةِ الْحِنْطَةِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ الثَّعَالِبِيُّ الْجَرِينُ لِلزَّبِيبِ وَالْبَيْدَرُ لِلْحِنْطَةِ وَالْمِرْبَدُ لِلتَّمْرِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَائِطِ إلَى آخِرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِيَتَّحِدُ وَقَوْلُهُ زَرْعًا وَثَمَرًا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَوْ بِالتَّمْيِيزِ مِنْ الْمُتَجَاوِرَيْنِ إنْ أُرِيدَ بِهِمَا الْمَالِكَانِ وَبِالْحَالِ الْمُؤَوَّلَةِ إنْ أُرِيدَ بِهِمَا الْمَالَانِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ يَأْتِي فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَأَنْ يَتَّحِدَ الْمُتَجَاوِرَانِ (تِجَارَةً فِي الدُّكَّانِ وَمَكَانِ الْحِفْظِ) مِنْ خِزَانَةٍ وَنَحْوِهَا وَإِنْ كَانَ مَالُ كُلٍّ بِزَاوِيَةٍ (وَالْمِيزَانُ وَالْوَزَّانُ) وَالْمِكْيَالُ (وَالْكَيَّالُ وَالْحَمَّالُ وَالْحَارِسُ) وَالْمُطَالَبُ بِالْأَمْوَالِ وَالنُّقَّادُ وَالْمُنَادِي (وَ) أَنْ يَتَّحِدَ الْمُتَجَاوِرَانِ (نَقْدًا فِي الصُّنْدُوقِ لِلْكِيسَيْنِ وَالْحَارِسِ) وَنَحْوِهِمَا وَذِكْرُ الِاتِّحَادِ فِيمَا قَالَهُ غَيْرُ الْحَائِطِ وَالصُّنْدُوقِ وَمَكَانِ الْحِفْظِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي الْأَصْلِ بِالْخِزَانَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِذَا اشْتَرَى) مَثَلًا (ثَمَرَةَ نَخْلَةٍ بَيْنَ نَخْلٍ كَثِيرٍ) بِشَرْطِ قَطْعِهَا وَصَوَّرَهَا الْأَصْلُ بِالِاسْتِئْجَارِ فَقَالَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرُ التَّعَهُّدِ نَخِيلَهُ بِثَمَرَةِ نَخْلَةٍ بِعَيْنِهَا بَعْدَ خُرُوجِ تَمْرَتِهَا وَقَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَشُرِطَ الْقَطْعُ (فَلَمْ يَقْطَعْهَا حَتَّى بَدَا الصَّلَاحُ) وَبَلَغَ مَا فِي الْحَائِطِ نِصَابًا (لَزِمَهُ عُشْرُ ثَمَرَةِ النَّخْلَةِ) أَوْ نِصْفُ عُشْرِهَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (هَكَذَا نَصُّوا عَلَيْهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَّا إنْ اتَّحَدَ الْجَرِينُ وَنَحْوُهُ) مِمَّا مَرَّ فَلَا إشْكَالَ وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا مُرَادُهُمْ (وَإِنْ وَقَفَ عَلَى مُعَيِّنِينَ حَائِطٍ) أَيْ نَخْلِ حَائِطٍ (فَأَثْمَرَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ) فَأَكْثَرَ (لَزِمَتْهُمْ الزَّكَاةُ) لِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ رُبْعَ الْمَوْقُوفِ مِلْكًا تَامًّا (لَا إنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِمْ أَرْبَعُونَ شَاةً) أَوْ نِصَابٌ مِنْ سَائِرِ مَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَلَا تَلْزَمُهُمْ الزَّكَاةُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ أَوْ ضَعْفِهِ فِي الْمَوْقُوفِ وَنِتَاجُ النَّعَمِ الْمَوْقُوفَةِ كَالثَّمَرِ فِيمَا مَرَّ أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنَيْنِ فَلَا تَلْزَمُهُمْ الزَّكَاةُ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي. (فَصْلٌ) (لِلسَّاعِي الْأَخْذُ مِنْ) مَالِ (أَحَدِهِمَا) أَيْ الْخَلِيطَيْ (وَلَوْ لَمْ يَضْطَرَّ) إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَامِلًا وَوُجِدَ فِيهِ الْوَاجِبُ كَمَا لَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِمَا وَلِأَنَّ الْمَالَيْنِ كَالْمَالِ الْوَاحِدِ وَالْمَأْخُوذُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ عَلَى الْإِشَاعَةِ (وَالْخَلِيطَانِ يَتَرَاجَعَانِ) بِأَنْ يَرْجِعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِيمَا إذَا أَخَذَ السَّاعِي مِنْهُمَا وَقَدْ لَا يَتَرَاجَعَانِ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي وَيَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِيمَا إذَا أَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْأَصْلُ فِي التَّرَاجُعِ خَبَرُ «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي خَبَرِ أَنَسٍ السَّابِقِ» وَإِذَا رَجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ رَجَعَ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ كَالثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ (فَإِنْ خَلَطَا عِشْرِينَ شَاةً بِعِشْرِينَ) شَاةً (فَأَخَذَ السَّاعِي وَاحِدَةً لِأَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا لَا بِقِيمَةِ نِصْفِهَا) لِأَنَّ قِيمَةَ نِصْفِهَا أَنْقَصُ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا لِلتَّشْقِيصِ فَلَوْ قُلْنَا يَرْجِعُ بِهَا لَأَجْحَفْنَا بِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ شَاةٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ مِثْلِيَّةٍ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ لَا بِقِيمَةِ نِصْفِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ. (وَكَذَا) لَوْ خَلَطَا (مِائَةً بِمِائَةٍ) فَأَخَذَ السَّاعِي ثِنْتَيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا لَا بِقِيمَةِ نِصْفِهِمَا وَلَا بِشَاةٍ وَلَا بِنِصْفَيْ شَاتَيْنِ (فَإِنْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (شَاةً فَلَا تَرَاجُعَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا) إذْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا وَاجِبَةً لَوْ انْفَرَدَ (وَإِنْ كَانَ لِزَيْدٍ ثَلَاثُونَ) شَاةً (وَلِعَمْرٍو عَشْرٌ فَأَخَذَ السَّاعِي الشَّاةَ مِنْ عَمْرٍو وَرَجَعَ) عَلَى زَيْدٍ (بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهَا أَوْ) أَخَذَهَا (مِنْ زَيْدٍ رَجَعَ) عَلَى عَمْرٍو (بِالرُّبْعِ) أَيْ بِرُبْعِ قِيمَتِهَا (وَإِنْ كَانَ لِزَيْدٍ مِائَةٌ وَلِعَمْرٍو خَمْسُونَ فَأَخَذَ السَّاعِي الشَّاتَيْنِ مِنْ عَمْرٍو وَرَجَعَ) عَلَى زَيْدٍ (بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِمَا أَوْ) أَخَذَهُمَا (مِنْ زَيْدٍ رَجَعَ) عَلَى عَمْرٍو (بِالثُّلُثِ وَإِنْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (شَاةً رَجَعَ زَيْدٌ بِثُلُثِ قِيمَةِ شَاتِه وَ) رَجَعَ (عَمْرٌو بِثُلُثَيْ قِيمَةِ شَاتِه) فَإِنْ تَسَاوَى مَا عَلَيْهِمَا تَقَاصَّا. (وَإِنْ كَانَ لِزَيْدٍ أَرْبَعُونَ مِنْ الْبَقَرِ وَلِعَمْرٍو ثَلَاثُونَ) مِنْهَا (فَأَخَذَ) السَّاعِي (التَّبِيعَ وَالْمُسِنَّةَ مِنْ عَمْرٍو وَرَجَعَ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِمَا أَوْ) أَخَذَهُمَا (مِنْ زَيْدٍ رَجَعَ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعٍ) مِنْ قِيمَتِهِمَا (فَإِنْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَرْضَهُ) بِأَنْ أَخَذَ مِنْ زَيْدٍ مُسِنَّةً وَمِنْ عَمْرٍو تَبِيعًا (فَلَا تَرَاجُعَ) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِمْ يَرْجِعُ زَيْدٌ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ قِيمَةِ الْمُسِنَّةِ وَعَمْرٌو بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ قِيمَةِ التَّبِيعِ (فَإِنْ أَخَذَ التَّبِيعَ مِنْ زَيْدٍ وَالْمُسِنَّةَ مِنْ عَمْرٍو وَرَجَعَ) عَمْرٌو (عَلَى زَيْدٍ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِهَا) أَيْ أَسْبَاعِ قِيمَةِ الْمُسِنَّةِ (وَرَجَعَ عَلَيْهِ زَيْدٌ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ) قِيمَةِ (التَّبِيعِ) وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الرُّجُوعِ فِيمَا ذُكِرَ إذْنُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فِي الدَّفْعِ كَمَا هُوَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ ثُبُوت خُلْطَةُ الِاشْتِرَاكِ وَالْجِوَارِ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَالنَّقْدَيْنِ وَالتِّجَارَةِ] قَوْلُهُ وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا مُرَادُهُمْ) عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَهُ مَحَلُّهُ فِي خُلْطَةٍ يَحْتَاجُ الْمَالِكَانِ فِيهَا إلَى مُلَقِّحٍ وَجَرِينٍ وَنَحْوِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَأَنْ وَرِثَ جَمَاعَةٌ نَخْلًا مُثْمِرًا وَاقْتَسَمُوا بَعْدَ الزُّهُورِ فَتَلْزَمُهُمْ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ لِاشْتِرَاكِهِمْ حَالَةَ الْوُجُوبِ. [فَصْلٌ اخذ السَّاعِي مِنْ مَالِ الْخَلِيطَيْ] (قَوْلُهُ لِلسَّاعِي الْأَخْذُ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ النِّيَّةِ مِنْ الَّذِي لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ مَالِهِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَلشَّرِيك فِي الدَّفْعِ عَنْهُ وَالنِّيَّةِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الْخُلْطَةِ لِأَنَّ الْمَالَيْنِ كَمَالٍ وَاحِدٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ وَيَحْتَاجُ هَذَا إلَى نَظَرٍ. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا تُغْنِي عَنْ نِيَّةِ الْآخَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 ظَاهِرُ الْخَبَرِ السَّابِقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُ الْإِمَامِ مُصَرَّحٌ بِهِ لِإِذْنِ الشَّرْعِ فِيهِ وَلِأَنَّ الْمَالَيْنِ بِالْخُلْطَةِ صَارَ كَالْمَالِ الْمُنْفَرِدِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ قَالَ لِأَنَّ نَفْسَ الْخُلْطَةِ مُسَلَّطَةٌ عَلَى الدَّفْعِ الْمُبْرِئِ الْمُوجِبِ لِلرُّجُوعِ وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُخْرِجَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا تُغْنِي عَنْ نِيَّةِ الْآخَرِ وَأَنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ كَالْإِمَامِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّ مَنْ أَدَّى حَقًّا عَلَى غَيْرِهِ يَحْتَاجُ لِلنِّيَّةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْخَلِيطَيْنِ فِي الزَّكَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَالْخَبَرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرُّجُوعِ بِغَيْرِ إذْنٍ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَأَنْ يُخْرِجَ مِنْ غَيْرِهِ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَخْرَجَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ. (فَرْعٌ وَإِنْ ظَلَمَهُ) أَيْ أَحَدُهُمَا (السَّاعِي) كَأَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَاةً زَائِدَةً أَوْ كَرِيمَةً (لَمْ يَرْجِعْ) عَلَى الْآخَرِ (إلَّا بِقِسْطِ الْوَاجِبِ) عَلَيْهِ مِنْ وَاجِبِيهِمَا فَلَا يَرْجِعُ بِقِسْطِ الْمَأْخُوذِ إذْ الْمَظْلُومُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى ظَالِمِهِ (وَيَسْتَرِدُّهُ) أَيْ وَيَسْتَرِدُّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ الْمَأْخُوذَ (مِنْ الظَّالِمِ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا اسْتَرَدَّ مَا فَضَلَ) عَنْ فَرْضِهِ وَالْفَرْضُ سَاقِطٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ أَخَذَ) مِنْ أَحَدِهِمَا (الْقِيمَةَ) تَقْلِيدًا لِلْحَنَفِيِّ (أَوْ كَبِيرَةً مِنْ السِّخَالِ) تَقْلِيدًا لِلْمَالِكِيِّ (سَقَطَ الْفَرْضُ وَتَرَاجَعَا) الْأَوْلَى وَرَجَعَ كَمَا فِي الْأَصْلِ (لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ) بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ ظُلْمٌ مَحْضٌ وَالتَّصْرِيحُ بِسُقُوطِ الْفَرْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ قَدْ يَجِبُ) بِمَعْنًى يُثْبِتُ (التَّرَاجُعَ) الشَّامِلَ لِلرُّجُوعِ مَجَازًا (فِي خُلْطَةِ الِاشْتِرَاكِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فَيُعْطِي الشَّاةَ أَحَدَهُمَا) فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا (فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَشْرٌ فَأَخَذَ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (شَاةً تَرَاجَعَا أَيْضًا) أَيْ كَمَا فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ (فَإِذَا تَسَاوَيَا) فِي الْقِيمَةِ (تَقَاصَّا) وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ كَمَا مَثَّلَ بِهِ وَمَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ بِأَنْ أَخَذَ الْفَرْضَ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ تَفَاوَتَ قَدْرُ الْمِلْكَيْنِ كَأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً لِأَحَدِهِمَا فِي عِشْرِينَ مِنْهَا نِصْفُهَا وَفِي الْعِشْرِينَ الْأُخْرَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَقِيمَةُ الشَّاةِ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ فَإِنْ أُخِذَتْ مِنْ الْعِشْرِينَ الْمُرَبَّعَةِ رَجَعَ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ مِنْ الْأُخْرَى رَجَعَ صَاحِبُ الْأَقَلِّ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى مِنْ تَخْصِيصِ الْأَصْلِ التَّرَاجُعَ بِأَخْذِ غَيْرِ الْجِنْسِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُوهِمٌ خِلَافَ الْمُرَادِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّرَاجُعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ التَّقَاصُّ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ أَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا تَرَاجُعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (وَحَيْثُ تَنَازَعَا فِي) قَدْرِ (الْقِيمَةِ) وَلَا بَيِّنَةَ وَتَعَذَّرَ مَعْرِفَتُهَا (صُدِّقَ الْمَرْجُوعُ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَصْلٌ قَدْ تَسْلَمُ الْخُلْطَةُ ابْتِدَاءً مِنْ الِانْفِرَادِ بِأَنْ يَرِثَا الْمَالَ أَوْ يَبْتَاعَاهُ) دُفْعَةً (مُخْتَلَطًا) شُيُوعًا أَوْ جِوَارًا (أَوْ) يَبْتَاعَاهُ (غَيْرَ مُخْتَلَطٍ فَيَخْلِطَانِهِ) الْأَوْلَى فَيَخْلِطَاهُ بِحَذْفِ النُّونِ فَهَذَا يُزَكِّيَانِهِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ (وَلَا يَضُرُّ تَأْخِيرُ) هَا عَنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ (يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ حُكْمُ السَّوْمِ لَوْ عُلِفَتْ فِيهِ السَّائِمَةُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) بِأَنْ يَمْلِكَ كُلٌّ مِنْهُمَا دُونَ نِصَابٍ ثُمَّ (يُكْمِلُ النِّصَابَ بِالْخُلْطَةِ) فَيُزَكِّيَانِهِ زَكَاتَهَا لِعَدَمِ انْعِقَادِ الْحَوْلِ عَلَى مَا مَلَكَاهُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ (فَإِذَا طَرَأَتْ الْخُلْطَةُ) عَلَى الِانْفِرَادِ (وَالْحَوْلَانِ مُتَّفِقَانِ) كَأَنْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ وَخَلَطَا غُرَّةَ صَفَرٍ (أَوْ مُخْتَلِفَانِ) كَأَنْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ وَالْآخَرُ غُرَّةَ صَفَرٍ وَخَلَطَا غُرَّةَ شَهْرِ رَبِيعٍ (زَكَّيَا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ الِانْفِرَادِ) تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الِانْفِرَادِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْخُلْطَةُ طَارِئَةٌ (وَفِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ يُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ) بِأَنْ يُزَكِّيَ (كُلٌّ) مِنْهُمَا (لِحَوْلِهِ فَإِنْ مَلَكَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ أَرْبَعِينَ) شَاةً (وَخَلَطَاهَا فِي صَفَرٍ وَجَبَ) عَلَيْهِمَا (فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ شَاتَانِ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَاحِدَةٌ (وَفِي الْحَوْلِ الثَّانِي شَاةٌ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهَا وَكَذَا فِي كُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ. (وَإِنْ مَلَكَهَا) أَيْ إحْدَى الْأَرْبَعِينَ (أَحَدُهُمَا فِي) غُرَّةِ (الْمُحَرَّمِ وَالْآخَرُ) الْأُخْرَى (فِي) غُرَّةِ (صَفَرٍ وَخَلَطَا فِي) غُرَّةِ شَهْرِ (رَبِيعٍ لَزِمَهُمَا فِي الْحَوْلِ الثَّانِي) كَكُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ (شَاةٌ نِصْفُهَا) عَلَى الْأَوَّلِ (فِي غُرَّةِ الْمُحَرَّمِ وَنِصْفُهَا) عَلَى الثَّانِي (فِي) غُرَّةِ (صَفَرٍ) وَلَزِمَهُمَا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ شَاتَانِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ فِي غُرَّةِ الْمُحَرَّمِ وَالْأُخْرَى عَلَى الثَّانِي فِي غُرَّةِ صَفَرٍ (فَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ آخَرَ فِي) أَثْنَاءِ (الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَأَدَامَ الْمُشْتَرِي الْخُلْطَةَ زَكَّى) الْمُشْتَرِي (فِي حَوْلِهِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَخْرَجَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَهُمْ كَالْخَبَرِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِ الْخَلِيطَيْنِ يَقْتَضِي التَّرَاجُعَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ يَقْتَضِي رُجُوعَ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ دُونَ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ أَوْ كَبِيرَةً مِنْ السِّخَالِ) أَوْ صَحِيحَةً لَا مِنْ الْمِرَاضِ [فَرْعٌ قَدْ يَجِب التَّرَاجُع فِي خِلْطَة الِاشْتِرَاك] (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ أَيْضًا مِنْ زِيَادَتِهِ) أَيْ كَمَا يَتَرَاجَعَانِ لَوْ أُخِذَتَا مِنْ أَحَدِهِمَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 الْأَوَّلِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ) كَسَائِرِ أَحْوَالِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ حَالَةُ انْفِرَادٍ (دُونَ صَاحِبِهِ) أَيْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَيُزَكِّي فِي حَوْلِهِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ الِانْفِرَادِ وَتَعْبِيرُهُ بِأَحَدِهِمَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالثَّانِي (وَكَذَا حُكْمُ يَهُودِيٍّ) الْأَوْلَى ذِمِّيٌّ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَأَوْلَى مِنْهُمَا كَافِرٌ (مُخَالِطًا لِمُسْلِمٍ إذَا أَسْلَمَ) الْيَهُودِيُّ (فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ) فَيُزَكِّي فِي حَوْلِهِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ دُونَ الْمُسْلِمِ وَتَعْبِيرُهُ بِأَثْنَاءِ الْحَوْلِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِغُرَّةِ صَفَرٍ. [فَرْعٌ اخْتَلَفَ تَارِيخ أَمْلَاك الرَّجُل فِي زَكَاة الْخِلْطَة] (فَرْعٌ إذَا اخْتَلَفَ تَارِيخُ أَمْلَاكِ الرَّجُلِ فَلِكُلٍّ) مِنْ الْأَمْلَاكِ (بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا بَعْدَهُ) مِنْهَا (حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَبِالنِّسْبَةِ إلَى مَا قَبْلَهُ حُكْمُ الْخُلْطَةِ) مُطْلَقًا كَنَظِيرِهِ فِي اخْتِلَافِ تَارِيخِ أَمْلَاكِ الرَّجُلَيْنِ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَوْلَى مِنْ نُسْخَةٍ فِيهَا تَأْخِيرُ قَوْلِهِ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ عَنْ قَوْلِهِ حُكْمُ الْخُلْطَةِ (مِثَالُهُ مَلَكَ أَرْبَعِينَ غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ وَأَرْبَعِينَ غُرَّةَ صَفَرٍ وَأَرْبَعِينَ غُرَّةَ) شَهْرِ (رَبِيعٍ فَفِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ يَجِبُ) عَلَيْهِ (غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ شَاةٌ) تَغْلِيبًا لِلِانْفِرَادِ كَمَا مَرَّ (ثُمَّ غُرَّةَ صَفَرٍ نِصْفُ شَاةٍ) لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ فِيهَا كَانَ خَلِيطًا لِلْأَوَّلِ كُلَّ الْحَوْلِ (وَغُرَّةَ) شَهْرِ (رَبِيعٍ ثُلُثُ شَاةٍ) لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ فِيهَا كَانَ خَلِيطًا لِلْأَوَّلَيْنِ كُلَّ الْحَوْلِ (ثُمَّ فِي كُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ شَاةٌ فِي) غُرَّةِ (كُلِّ شَهْرٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ (ثُلُثُهَا وَإِذَا) اخْتَلَفَ تَارِيخُ أَمْلَاك رَجُلَيْنِ كَأَنْ (مَلَكَ) رَجُلٌ (أَرْبَعِينَ غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ مَلَكَ آخَرُ عِشْرِينَ غُرَّةَ صَفَرٍ وَخَلَطَاهَا حِينَئِذٍ فَفِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَوَّلِ شَاةٌ فِي الْمُحَرَّمِ وَعَلَى الثَّانِي ثُلُثُ شَاةٍ فِي صَفَرٍ) لِأَنَّهُ خَالَطَ فِي كُلِّ حَوْلِهِ (وَفِيمَا بَعْدَهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا) فِي كُلِّ حَوْلٍ (شَاةٌ عَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ ثُلُثُهَا) لِحَوْلِهِ وَعَلَى الْآخَرِ ثُلُثَاهَا لِحَوْلِهِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَ هَذَا الْمِثَالِ قَبْلَ الْفَرْعِ. (فَرْعٌ) لَوْ (مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ بَاعَ) فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ (نِصْفَهَا مَشَاعًا) مُطْلَقًا (أَوْ مُعَيَّنًا وَلَمْ يُفْرِدْ) أَيْ يُمَيِّزْ (بِالْقَبْضِ) أَيْ مَعَهُ (لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ) لِاسْتِمْرَارِ النِّصَابِ بِصِفَةِ الِانْفِرَادِ ثُمَّ بِصِفَةِ الِاخْتِلَاطِ (فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ لِحَوْلِهِ نِصْفُ شَاةٍ) لِوُجُودِ الْخُلْطَةِ فِي مِلْكِهِ كُلَّ الْحَوْلِ (وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ) تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ (فَيَنْقُصُ النِّصَابُ) قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهِ (وَإِنْ) كَانَ الْبَائِعُ (أَخْرَجَهَا) أَيْ الشَّاةَ أَيْ نِصْفَهَا (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ النِّصَابِ (لِأَنَّ الْمَالِكَ فِيهَا) أَيْ فِي نِصْفِهَا (عَادَ بَعْدَ زَوَالِهِ) فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي كَلَامِهِ عَلَى زَكَاةِ الْأُجْرَةِ فِيمَا لَوْ أَجَّرَ دَارًا بِثَمَانِينَ دِينَارًا مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ مِنْ غَيْرِهَا لَا مِنْهَا يُحْمَلُ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ غَيْرِهَا مُعَجَّلًا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مِمَّا لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ فِيهِ وَكَانَ مِنْ جِنْسِ الْأُجْرَةِ أَمَّا إذَا بَاعَ نِصْفَهَا مُعَيِّنًا وَأَفْرَدَ مَعَ قَبْضِهِ فَيَنْقَطِعُ الْحَوْلُ سَوَاءً أَكَثُرَ زَمَنُ التَّفْرِيقِ أَمْ لَا هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَهُوَ مَا فِي الْأَصْلِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الِانْقِطَاعِ (وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (أَرْبَعُونَ فَبَاعَ غَنَمَهُ بِغَنَمِ صَاحِبِهِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ انْقَطَعَ) حَوْلُهُمَا لِانْقِطَاعِ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ (وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ غَنَمِهِ بِنِصْفِ غَنَمِ صَاحِبِهِ شَائِعَيْنِ) فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ (وَلَمْ تَسْبِقْ خُلْطَةٌ لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ فِيمَا بَقِيَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا مِنْ الْغَنَمِ كَمَا لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ أَرْبَعُونَ فَبَاعَ نِصْفَهَا شَائِعًا لَا يَنْقَطِعُ حَوْلُهُ كَمَا مَرَّ (فَعِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ) أَيْ مَا بَقِيَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (يَجِبُ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ شَاةٍ لِثُبُوتِ حُكْمِ الِانْفِرَادِ أَوَّلًا) فِي أَرْبَعَيْهِ وَحِصَّةُ الْعِشْرِينَ مِنْهَا النِّصْفُ (وَبِتَمَامِ حَوْلِ التَّبَايُعِ يَلْزَمُ كُلًّا) مِنْهُمَا لِمَا ابْتَاعَهُ (رُبْعُ شَاةٍ) لِلْخُلْطَةِ كُلَّ الْحَوْلِ (وَفِيمَا بَعْدَهُ) مِنْ الْأَحْوَالِ يَجِبُ (عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (رُبْعُ شَاةٍ لِحَوْلِ الْمِلْكِ وَرُبْعٌ) آخَرُ (لِحَوْلِ التَّبَايُعِ) كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَمَّا إذَا سَبَقَتْ خَلْطَةٌ فَإِنْ لَمْ تَقَعْ عَقِبَ الْمِلْكَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ فَالْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا رُبْعُ شَاةٍ لِحَوْلِ الْمِلْكِ وَرُبْعٌ أُخْرَى لِحَوْلِ التَّبَايُعِ مُطْلَقًا. (فَرْعٌ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ) شَاةً (مُخْتَلِطَةً ثُمَّ خَالَطَهُمَا ثَالِثٌ بِعِشْرِينَ) فِي أَثْنَاءِ حَوْلِهِمَا (وَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا عُشْرَيْهِ قَبْلَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) عِنْدَ تَمَامِهِ لِأَنَّ مَالَهُ دُونَ نِصَابٍ وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْخُلْطَةُ (وَيَلْزَمُ صَاحِبَهُ نِصْفُ شَاةٍ لِحَوْلِهِ وَالثَّالِثَ نِصْفُ شَاةٍ لِحَوْلِهِ) لِوُجُودِ الْخُلْطَةِ فِي جَمِيعِ حَوْلَيْهِمَا (وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا ثَمَانُونَ مُشْتَرِكَةً فَاقْتَسَمَاهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَافْتَرَقَا) عَنْ الْخُلْطَةِ (لَزِمَ كُلًّا عِنْدَ تَمَامِ بَاقِي الْحَوْلِ نِصْفُ شَاةٍ ثُمَّ لِكُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ نِصْفُ شَاةٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا إقْرَارٌ لَزِمَ كُلًّا عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ شَاةٌ كَمَا لَوْ مَيَّزَا فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ وَالتَّصْرِيحِ هُنَا بِالتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ وَافْتَرَقَا وَبِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِالتَّقْيِيدِ مَا لَوْ اسْتَمَرَّتْ الْخُلْطَةُ فَيَلْزَمُ كُلًّا عِنْدَ تَمَامِ بَاقِي الْحَوْلِ وَعِنْدَ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ رُبْعُ شَاةٍ (وَكَذَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَزِمَهُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصَلِّ قَدْ تَسْلَمُ الْخُلْطَةُ ابْتِدَاءً مِنْ الِانْفِرَادِ] قَوْلُهُ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَوْلَى مِنْ نُسْخَةٍ فِيهَا إلَخْ) فَإِنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ فِي غُرَّةِ صَفَرٍ نِصْفُ شَاةٍ إلَخْ) يَنْبَغِي تَصْوِيرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِمَا إذَا عَجَّلَ الْمَالِكُ زَكَاتَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ فِيمَا عَدَا الْحَوْلَ الْأَوَّلَ مَا ذُكِرَ مِنْ نَحْوِ شَاةٍ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ لِنَقْصِ مَالِهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ بِانْتِقَالِ جُزْءٍ مِنْهُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَلَوْ لَحْظَةً فَتَأَمَّلْ س مَا تَفَقَّهَهُ آخِرًا مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ آخِرَ الْحَوْلِ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِمَا تَعَجَّلَتْ زَكَاتُهُ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي تَصْوِيرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ بَاعَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ نِصْفَهَا مَشَاعًا] (قَوْلُهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الِانْقِطَاعِ) الَّذِي أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّ شَرْطَ الِانْقِطَاعِ إنَّمَا هُوَ لِتَمْيِيزٍ بِالْقَبْضِ فَالتَّمْيِيزُ بِدُونِهِ لَا يُؤَثِّرُ لِضَعْفِهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الِافْتِرَاقِ [فَرْعٌ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً مُخْتَلِطَةً ثُمَّ خَالَطَهُمَا ثَالِثٌ بِعِشْرِينَ فِي أَثْنَاءِ حَوْلِهِمَا] (قَوْلُهُ ثُمَّ لِكُلِّ سِتَّةٍ أَشْهُرٍ نِصْفُ شَاةٍ لَمَّا تَجَدَّدَ مِلْكُهُ) وَهَكَذَا فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 لِكُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ نِصْفُ شَاةٍ) فِي إطْلَاقِهِ كَالرَّوْضَةِ هُنَا مَعَ بَعْضِ مَا مَرَّ نَظَرًا لِمَا مَرَّ أَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِالنِّصَابِ يَمْنَعُ وُجُوبَهَا ثَانِيًا وَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِهِ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا زَادَ النِّصَابُ بِالتَّوَالُدِ. (فَصْلٌ) إذَا (خَالَطَ) غَيْرَهُ (بِبَعْضِ مِلْكِهِ) خُلْطَةَ شُيُوعٍ أَوْ خُلْطَةَ جِوَارٍ (فَلِلْمُنْفَرِدِ) مِنْ جِنْسِهِ (حُكْمُ الْمُخْتَلَطِ) لِأَنَّ الْخُلْطَةَ لَيْسَتْ خُلْطَةَ عَيْنٍ أَيْ يَخْتَصُّ حُكْمُهَا بِالْمَخْلُوطِ بَلْ خُلْطَةُ مِلْكٍ أَيْ يَثْبُتُ حُكْمُهَا فِي جَمِيعِ الْمِلْكِ لِأَنَّهَا تَجْعَلُ مَالَ الِاثْنَيْنِ كَمَالِ الْوَاحِدِ وَمَالُ الْوَاحِدِ يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَإِنْ تَفَرَّقَ (فَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ سِتُّونَ) شَاةً (فَخَلَطَ عِشْرِينَ مِنْهَا بِعِشْرِينَ لِآخَرَ فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا) وَكَأَنَّهُ خَلَطَ جَمِيعَهَا بِعِشْرِينَ وَعَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ رُبْعُهَا (وَإِذَا خَلَطَ عِشْرِينَ بِعِشْرِينَ) لِغَيْرِهِ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ مُنْفَرِدَةً فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ شَاةٍ) لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَوْلُ وَالْبَلَدُ) كَمِلْكِ الْوَاحِدِ كَمَا مَرَّ. [فَرْعٌ خَالَطَ بِبَعْضِ مَالِهِ وَاحِدًا وَبِبَعْضِهِ آخَرَ وَلَمْ يُخَالِطْ أَحَدَ خَلِيطَيْهِ الْآخَرَ] (فَرْعٌ) فِيمَا إذَا خَالَطَ بِبَعْضِ مَالِهِ وَاحِدًا وَبِبَعْضِهِ آخَرَ وَلَمْ يُخَالِطْ أَحَدَ خَلِيطَيْهِ الْآخَرَ (وَإِذَا كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ) شَاةً (فَخَلَطَ كُلَّ عِشْرِينَ) مِنْهَا (بِعِشْرِينَ لِرَجُلٍ وَلَا يَمْلِكُونَ غَيْرَهَا لَزِمَهُ نِصْفُ شَاةٍ) لِأَنَّهُ خَلِيطٌ لَهُمَا وَالْجُمْلَةُ ثَمَانُونَ وَوَاجِبُهَا شَاةٌ وَحِصَّةُ الْأَرْبَعِينَ نِصْفُهَا (ثُمَّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ رُبْعُ شَاةٍ ضَمًّا إلَى الْخَلِيطِ) وَهُوَ مَالُ الْأَوَّلِ (وَخَلِيطُ الْخَلِيطِ) وَهُوَ مَالُ الْآخَرِ كَمَا انْضَمَّ مَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي حَقِّ الْأَوَّلِ (وَإِذَا كَانَ لَهُ سِتُّونَ) شَاةً (فَخَلَطَ كُلَّ عِشْرِينَ مِنْهَا بِعِشْرِينَ) شَاةً لِآخَرَ وَلَا يَمْلِكُونَ غَيْرَهَا (فَعَلَيْهِ نِصْفُ شَاةٍ) لِأَنَّ جُمْلَةَ الْخَلِيطِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَوَاجِبُهَا شَاةٌ وَحِصَّةُ السِّتِّينَ نِصْفُهَا (ثُمَّ عَلَى كُلٍّ مِنْ خُلَطَائِهِ سُدُسُ شَاةٍ) لِمَا مَرَّ (وَإِذَا كَانَ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَخَلَطَ كُلَّ خَمْسٍ مِنْهَا بِخَمْسٍ لِآخَرَ) وَلَا يَمْلِكُونَ غَيْرَهَا (فَعَلَيْهِ نِصْفُ حِقَّةٍ) لِأَنَّ الْجُمْلَةَ خَمْسُونَ وَوَاجِبُهَا حِقَّةٌ وَحِصَّةُ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ نِصْفُهَا (ثُمَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْآخَرِينَ عُشْرُ حِقَّةٍ لِمَا مَرَّ وَإِذَا مَلَكَ عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ فَخَلَطَ كُلَّ خَمْسٍ مِنْهَا بِخَمْسَ عَشْرَةَ لِآخَرَ وَلَا يَمْلِكُونَ غَيْرَهَا (فَعَلَيْهِ رُبْعُ بِنْتِ لَبُونٍ) لِأَنَّ الْجُمْلَةَ أَرْبَعُونَ وَوَاجِبُهَا بِنْتُ لَبُونٍ وَحِصَّةُ الْعَشْرِ رُبْعُهَا (ثُمَّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْآخَرَيْنِ (رُبْعٌ وَثُمْنٌ) مِنْ بِنْتِ لَبُونٍ لِمَا مَرَّ. (وَإِذَا مَلَكَ عِشْرِينَ) مِنْ الْإِبِلِ (فَخَلَطَ كُلَّ خَمْسٍ مِنْهَا بِخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ لِآخَرَ) وَلَا يَمْلِكُونَ غَيْرَهَا (لَزِمَهُ الْأَغْبَطُ مِنْ نِصْفِ بِنْتِ لَبُونٍ وَخُمُسَيْ حِقَّةٍ وَلَزِمَ كُلًّا مِنْ خُلَطَائِهِ تِسْعَةُ أَعْشَارِ حِقَّةٍ أَوْ بِنْتُ لَبُونٍ وَثُمُنُهَا لِأَنَّ الْإِبِلَ مِائَتَانِ وَوَاجِبُهَا الْأَغْبَطُ) مِنْ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَأَرْبَعِ حِقَاقٍ كَمَا مَرَّ وَنِسْبَةُ مَالِ الْأَوَّلِ إلَى الْمِائَتَيْنِ عَشْرٌ فَلَزِمَهُ عُشْرُ الْأَغْبَطِ مِمَّا ذُكِرَ وَهُوَ نِصْفُ بِنْتِ لَبُونٍ أَوْ خُمُسَا حِقَّةٍ كَمَا ذُكِرَ وَلَزِمَ كُلًّا مِنْ خُلَطَائِهِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ وَهُوَ مَا ذُكِرَ (هَذَا كُلُّهُ إذَا اتَّفَقَتْ الْأَحْوَالُ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ زَكَّوْا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ الِانْفِرَادِ) وَفِيمَا بَعْدَهُ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ (كَمَا سَبَقَ) وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ (وَإِذَا خَلَطَ مَنْ لَهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ شَاةً خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْهَا بِخَمْسَ عَشْرَةَ لِزَيْدٍ) وَلَا يَمْلِكَانِ غَيْرَهَا (فَالْوَاجِبُ) عَلَيْهِمَا (شَاةٌ عَلَى زَيْدٍ مِنْهَا ثُمْنٌ وَنِصْفٌ) مِنْ ثُمْنٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ سِتَّةُ أَثْمَانٍ وَنِصْفُ ثُمْنٍ بِنِسْبَةِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْمَجْمُوعِ (الشَّرْطُ الثَّالِثُ لِزَكَاةِ الْمَوَاشِي) أَيْ لِوُجُوبِهَا (الْحَوْلُ) لِآثَارٍ صَحِيحَةٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرَ «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا مَجْبُورٌ بِمَا قَبْلَهُ (وَهُوَ شَرْطٌ) فِي وُجُوبِهَا (لَا فِي) وُجُوبِ زَكَاةِ (نِتَاجٍ) بِكَسْرِ النُّونِ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ يُقَالُ نُتِجَتْ النَّاقَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ نِتَاجًا بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ وَلَدَتْ وَإِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ إذَا (حَدَثَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ) أَيْ حَوْلَ الْأُمَّهَاتِ فَلَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ فَلَا يُزَكِّي لِذَلِكَ الْحَوْلِ لِتَقَرُّرِ وَاجِبِ أَصْلِهِ وَلِأَنَّ الْحَوْلَ الثَّانِيَ أَوْلَى بِهِ وَلَوْ حَدَثَ مَعَهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ فِي الْحَوْلِ (وَبَعْدَ تَمَامِ النِّصَابِ) مِنْ الْأُمَّهَاتِ فَلَوْ مَلَكَ مَاشِيَةً دُونَ النِّصَابِ ثُمَّ تَوَالَدَتْ فَبَلَغَتْ بِالنِّتَاجِ نِصَابًا فَالْحَوْلُ يَبْدَأُ مِنْ وَقْتِ كَمَالِ النِّصَابِ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ بِهَا تَمَّ النِّصَابُ فَيَبْدَأُ الْحَوْلُ مِنْ وَقْتِ التَّمَامِ كَالْمُسْتَفَادِ بِالشِّرَاءِ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ مِلْكِهِ لَهُ بِسَبَبِ مِلْكِ الْأُمَّهَاتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى الْمُوصَى لَهُ بِالْحَمْلِ بِهِ لِمَالِكِ الْأُمَّهَاتِ وَمَاتَ ثُمَّ حَصَلَ النِّتَاجُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصَلِّ خَالَطَ غَيْرَهُ بِبَعْضِ مِلْكِهِ خُلْطَةَ شُيُوعٍ أَوْ خُلْطَةَ جِوَارٍ] قَوْلُهُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا مَجْبُورٌ بِمَا قَبْلَهُ) وَيُعَضِّدُهُ إجْمَاعُ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهَا) وَلِأَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَزِمَهُ ضَمَانُ الزَّكَاةِ فَلَوْ لَمْ تَجِبْ لَمَا ضَمِنَهَا كَمَا قَبْلَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 (فَيُزَكِّي لِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ) لِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَالنِّتَاجُ نِصَابٌ) لِأَنَّ الْوَلَدَ إذَا تَبِعَ الْأُمَّ فِي الْحُكْمِ لَمْ يَنْقَطِعْ الْحُكْمُ بِمَوْتِهَا كَالْأُضْحِيَّةِ وَالْأَصْلُ فِي زَكَاتِهِ أَمْرُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَاعِيَهُ بِأَنْ يَعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ الَّتِي يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي عَلَى يَدَيْهِ رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَيُوَافِقُهُ أَنَّ الْمَعْنَى فِي اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ أَنْ يَحْصُلَ النَّمَاءُ وَالنِّتَاجُ نَمَاءً عَظِيمًا فَيَتْبَعُ الْأُصُولَ فِي الْحَوْلِ وَاسْتَشْكَلَ إيجَابُ الزَّكَاةِ فِيهِ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ السَّوْمِ فِي كَلَإٍ مُبَاحٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ النِّتَاجِ التَّابِعِ لِأُمِّهِ فِي الْحَوْلِ وَلَوْ سَلَّمَ عُمُومَهُ لَهُ فَاللَّبَنُ كَالْكَلَأِ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَلَأِ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (وَمَا مُلِكَ) مِنْهُ (بِشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ يُضَمُّ إلَى) مَا عِنْدَهُ فِي (النِّصَابِ) لِأَنَّهُ بِالْكَثْرَةِ فِيهِ بَلَغَ حَدًّا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ (لَا فِي الْحَوْلِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ وَهُوَ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَيُفْرَدُ بِالْحَوْلِ كَالْمُسْتَفَادِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ (فَإِذَا مَلَكَ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً الْيَوْمَ وَعَشْرًا غَدًا زَكَّى ثَلَاثِينَ لِحَوْلِ الْيَوْمِ تَبِيعًا وَ) عَشْرًا (لِغَدٍ) أَيْ لِحَوْلِهِ وَفِي نُسْخَةٍ لِغَدِهِ (رُبْعَ مُسِنَّةٍ) لِأَنَّهَا خَالَطَتْ الثَّلَاثِينَ فِي جَمِيعِ حَوْلِهَا وَوَاجِبُ الْأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَحِصَّةُ الْعَشْرِ رُبْعُهَا. (ثُمَّ كُلُّ سَنَةٍ أَوَّلَ يَوْمٍ) مِنْهَا (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ) لِلثَّلَاثِينَ (وَفِي غَدٍ رُبْعُهَا) لِلْعَشْرِ (وَإِذَا مَلَكَ إبِلًا عِشْرِينَ ثُمَّ اشْتَرَى) فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ (عَشْرًا فَعَلَيْهِ لِحَوْلِ الْعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَلِحَوْلِ الْعَشْرِ ثُلُثُ بِنْتِ مَخَاضٍ ثُمَّ) عَلَيْهِ (كُلَّ حَوْلٍ بِنْتُ مَخَاضٍ ثُلُثَاهَا لِحَوْلِهَا) أَيْ الْعِشْرِينَ (وَثُلُثٌ لِحَوْلِ الشِّرَاءِ وَقِسْ عَلَيْهِ) فَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى فِي هَذِهِ خَمْسًا فَعَلَيْهِ لِحَوْلِ الْعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَلِحَوْلِ الْخَمْسِ خُمْسُ بَنَاتِ مَخَاضٍ ثُمَّ كُلَّ حَوْلٍ بِنْتُ مَخَاضٍ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِحَوْلِ الْعِشْرِينَ وَخُمْسُهَا لِحَوْلِ الشِّرَاءِ وَهَذَا كَمَا مَا مَرَّ فِي طُرُقِ الْخُلْطَةِ عَلَى الِانْفِرَادِ يَجِبُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةُ الِانْفِرَادِ وَبَعْدَهَا زَكَاةُ الْخُلْطَةِ وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ اشْتَرَى كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا كَانَ أَعَمَّ وَأَخْصَرَ. (فَرْعٌ خُرُوجُ بَعْضِ الْجَنِينِ) فِي الْحَوْلِ وَقَدْ تَمَّ (قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُؤَثِّرُ) أَيْ لَا حُكْمَ لَهُ كَنَظَائِرِهِ (فَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ نُتِجَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ هِيَ) أَيْ السِّخَالُ وَلَوْ قَالَ هُوَ أَيْ النِّتَاجُ كَانَ أَوْلَى (شِرَاءٌ) أَيْ مُشْتَرَاةٌ أَوْ نَحْوَهُ وَخَالَفَهُ السَّاعِي (صُدِّقَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ السَّاعِي وَعَدَمُ الْوُجُوبِ (وَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ) احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَحَلِفُهُ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ قِسْمِ الصَّدَقَاتِ (وَإِنْ هَلَكَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْ النِّصَابِ (وَنُتِجَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُ (مَعًا أَوْ شَكَّ هَلْ وَقَعَا) أَيْ الْهَلَاكُ وَالنِّتَاجُ (مَعًا) أَوْ لَا (لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ) لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمْ يُخِلَّ مِنْ نِصَابٍ وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ بَقَاءُ الْحَوْلِ (الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَقَاءُ الْمِلْكِ) فِي الْمَاشِيَةِ جَمِيعَ الْحَوْلِ (فَمَنْ بَاعَ الْمَاشِيَةَ أَوْ بَادَلَ بِهَا) غَيْرَهَا مِنْ جِنْسِهَا أَوْ غَيْرِهِ (فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ انْقَطَعَ) الْحَوْلُ لِأَنَّهُ مِلْكٌ جَدِيدٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَوْلٍ جَدِيدٍ (وَكَذَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ كَانَ) الْمَالِكُ (صَيْرَفِيًّا) بَادَلَ لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّهَا فِيهَا ضَعِيفَةٌ نَادِرَةٌ وَالزَّكَاةُ الْوَاجِبَةُ زَكَاةُ عَيْنٍ بِخِلَافِهَا فِي الْعَرْضِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الشَّرْطِ مَا لَوْ مَلَكَ نِصَابًا مِنْ النَّقْدِ ثُمَّ أَقْرَضَهُ غَيْرَهُ فَلَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا أَوْ عَادَ إلَيْهِ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ آخِرَ الْحَوْلِ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ انْتَهَى وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ بَادَلَ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْوَرِقِ (وَيُكْرَهُ ذَلِكَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَالْمُبَادَلَةِ (فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ) لِأَنَّهُ فِرَارٌ مِنْ الْقُرْبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لَهَا وَلِلْفِرَارِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ (فَلَوْ عَاوَضَ غَيْرَهُ) بِأَنْ أَخَذَ مِنْهُ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا (بِتِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا مِنْ عِشْرِينَ) دِينَارًا (زَكَّى الدِّينَارَ لِحَوْلِهِ وَتِلْكَ) أَيْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي زَكَاتِهِ أَمْرُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَخْ) وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلُهُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ إيجَابُ الزَّكَاةِ فِيهِ بِمَا سَيَأْتِي إلَخْ) أُجِيبَ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي اقْتَاتَتْ فِيهَا السِّخَالُ بِاللَّبَنِ يَسِيرَةٌ بِحَيْثُ لَوْ فَرَضَ مِثْلَهَا فِي عَلَفِ السَّائِمَةِ لَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ السَّوْمِ فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ صَارَتْ مَعْلُوفَةً فَلَا زَكَاةَ فِيهَا لِأَنَّ اللَّبَنَ مُتَمَوِّلٌ كَالْعَلَفِ الثَّانِي أَنَّ السَّخْلَةَ الْمُغَذَّاةَ بِاللَّبَنِ لَا تُعَدُّ مَعْلُوفَةً عُرْفًا وَلَا شَرْعًا وَلِهَذَا لَوْ أَسْلَمَ فِي لَحْمِ مَعْلُوفَةٍ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِ لَحْمِ رَضِيعِهِ لِأَنَّ الْمَعْلُوفَ مُخْتَصٌّ بِأَكْلِ الْحَبِّ وَفِيهِ نَظَرٌ الثَّالِثُ أَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي تَشْرَبُهُ السَّخْلَةُ لَا يُعَدُّ مُؤْنَةً فِي الْعُرْفِ لِأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيُسْتَخْلَفُ إذَا حُلِبَ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمَاءِ فَلَمْ يُسْقِطْ الزَّكَاةَ الرَّابِعُ أَنَّ اللَّبَنَ وَإِنْ عُدَّ شُرْبُهُ مُؤْنَةً إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُهُ فِي سَقْيِ السَّخْلَةِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمَالِكِ أَنْ يَحْلُبَ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا وَإِذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى مَالِكِ الْمَاءِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلَوْ بَاعَدَ أَوْ وَهَبَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ بِهِ وَيَجِبُ صَرْفُهُ إلَى الْوُضُوءِ فَكَذَا لَبَنُ الشَّاةِ يَجِبُ صَرْفُهُ إلَى السَّخْلَةِ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ س. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ النِّتَاجَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعِيشَ إلَّا بِاللَّبَنِ فَلَوْ اعْتَبَرْنَا السَّوْمَ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ بِخِلَافِ الْكِبَارِ فَإِنَّهَا تَعِيشُ بِغَيْرِ اللَّبَنِ وَبِأَنْ مَا تَشْرَبُهُ السَّخْلَةُ مِنْ اللَّبَنِ يَنْجَبِرُ بِنُمُوِّهَا وَكِبَرِهَا بِخِلَافِ الْمَعْلُوفَةِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَسْمَنُ وَلَا تَكْبَرُ وَبِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَوْجَبُوا الزَّكَاةَ فِي السَّخْلَةِ الَّتِي يَرُوحُ بِهَا السَّاعِي عَلَى يَدِهِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهَا لَا تَعِيشُ إلَّا بِاللَّبَنِ. [فَرْعٌ خُرُوجُ بَعْضِ الْجَنِينِ فِي الْحَوْلِ وَقَدْ تَمَّ قَبْلَ انْفِصَالِهِ] (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فِيهِمَا ضَعِيفَةٌ) لِأَنَّهَا إنْ بِيعَتْ بِجِنْسِهَا فَلَا رِبْحَ أَوْ بِغَيْرِهِ فَالرِّبْحُ قَلِيلٌ لِوُجُوبِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلٍ وَحَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَزَادَهُ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ بَادَلَ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلَخْ) لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالنَّقْدِ بَلْ لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ سَائِمَةٌ نِصَابًا لِلتِّجَارَةِ فَبَادَلَ بِهَا نِصَابًا مِنْ جِنْسِهَا لِلتِّجَارَةِ كَانَ كَالْمُبَادَلَةِ بِالنُّقُودِ نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي حَوَاشِيهِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 التِّسْعَةَ عَشَرَ (لِحَوْلِهَا) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هَذَا فِي الْمُبَادَلَةِ الصَّحِيحَةِ (أَمَّا الْمُبَادَلَةُ الْفَاسِدَةُ فَلَا تَقْطَعُ الْحَوْلَ) وَإِنْ اتَّصَلَتْ بِالْقَبْضِ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ. (فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ النِّصَابَ) قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهِ (ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ أَقَالَهُ اسْتَأْنَفَ) الْحَوْلَ مِنْ حِينِ الرَّدِّ وَلَوْ كَانَ الرَّدُّ قَبْلَ الْقَبْضِ لِتَجَدُّدِ مِلْكِهِ (فَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ امْتَنَعَ الرَّدُّ فِي الْحَالِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ) بِالْمَالِ فَهُوَ عَيْبٌ حَادِثٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ حَيْثُ إنَّ لِلسَّاعِي أَخْذَهَا مِنْ عَيْنِ الْمَالِ لَوْ تَعَذَّرَ أَخْذُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي (وَالتَّأْخِيرُ) أَيْ تَأْخِيرُ الرَّدِّ (لِإِخْرَاجِهَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّدُّ قَبْلَ التَّمَكُّنِ) مِنْ أَدَائِهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الرَّدِّ قَبْلَهُ (فَإِنْ سَارَعَ إلَى إخْرَاجِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ) أَيْ بِالْعَيْبِ (إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِهَا نُظِرَتْ فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَالِ وَالْوَاجِبُ مِنْ جِنْسِهِ (أَوْ) مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ (بَاعَ مِنْهُ قَدْرَهَا) وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ وَاجِبَهُ (بُنِيَ الرَّدُّ) أَيْ جَوَازُهُ (عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) فِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ فَالْأَصَحُّ لَا رَدَّ (فَإِنْ قُلْنَا لَا رَدَّ فَلَهُ الْأَرْشُ) وَإِنْ كَانَ الْمُخْرَجُ بَاقِيًا بِيَدِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِالْتِحَاقِ نَقْصِ الْمَالِ عِنْدَهُ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ وَقِيلَ لَا أَرْشَ لَهُ إنْ كَانَ الْمُخْرَجُ بَاقِيًا بِيَدِهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ يَعُودُ إلَى مِلْكِهِ فَيُرَدُّ الْجَمِيعُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) أَخْرَجَهَا (مِنْ غَيْرِهِ رُدَّ) إذْ لَا شَرِكَةَ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ جَوَازِ الْأَدَاءِ مِنْ مَالٍ آخَرَ. [فَرْعٌ بَاعَ النِّصَابَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ مَوْقُوفٌ وَفُسِخَ الْعَقْدُ فِيهِمَا] (فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ النِّصَابَ (بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَحَكَمْنَا بِأَنَّ الْمَالِكَ) فِي زَمَنِهِ (لِلْبَائِعِ) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ (أَوْ مَوْقُوفٌ) بِأَنْ كَانَ لَهُمَا (وَفُسِخَ الْعَقْدُ) فِيهِمَا (لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ) لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ (وَإِنْ تَمَّ الْحَوْلُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) فِي الْأُولَى مُطْلَقًا أَوْ فِي الثَّانِيَةِ وَفُسِخَ الْعَقْدُ (زَكَّاهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ (كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي) فَإِنْ فُسِخَ (اسْتَأْنَفَ) الْبَائِعُ الْحَوْلَ وَإِنْ أَجَازَ فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ وَحَوْلُهُ مِنْ الْعَقْدِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَيُفَارِقُ هَذَا عَدَمَ وُجُوبِهَا فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ إذَا حَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ قَبْلَ مَوْتِهِ مُرْتَدًّا بِأَنَّ الْمِلْكَ ثَمَّ لَمْ يَحْصُلْ لِمُعَيَّنٍ بِخِلَافِهِ هُنَا. (فَرْعٌ مِلْكُ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفٌ) كَمَا فِي بُضْعِ زَوْجَتِهِ (وَكَذَا) وَفِي نُسْخَةٍ وَكَذَلِكَ (حَوْلُهُ وَزَكَاتُهُ) مَوْقُوفَانِ فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَّا بَقَاءَ مِلْكِهِ وَحَوْلِهِ وَوُجُوبُ زَكَاتِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَرْجِيحِ أَنَّ مَا ذُكِرَ مَوْقُوفٌ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (فَإِذَا مَاتَ الْمَالِكُ) فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ (انْقَطَعَ الْحَوْلُ وَاسْتَأْنَفَ الْوَارِثُ) حَوْلَهُ (مِنْ) وَقْتِ (الْمَوْتِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ مِلْكِهِ كَمَا لَوْ مَلَكَ بِالشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ (كَالسَّائِمَةِ) فَلَا يَسْتَأْنِفُ الْوَارِثُ حَوْلَهَا مِنْ الْمَوْتِ بَلْ لَا يَسْتَأْنِفُهُ (حَتَّى يَقْصِدَ إسَامَتَهَا) لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهَا شَرْطٌ (وَلَا) يَسْتَأْنِفُ (لِعُرُوضِ تِجَارَةٍ مَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ) لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ شَرْطٌ. (الشَّرْطُ الْخَامِسُ السَّوْمُ) لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ أَنَسٍ مِنْ التَّقْيِيدِ بِسَائِمَةِ الْغَنَمِ وَقِيسَ بِهَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «فِي كُلِّ سَائِمَةٍ إبِلٌ مِنْ أَرْبَعِينَ بِنْتَ لَبُونٍ» . قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَاخْتَصَّتْ السَّائِمَةُ بِالزَّكَاةِ لِتَوَفُّرِ مُؤْنَتِهَا بِالرَّعْيِ فِي كَلَإٍ مُبَاحٍ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (فَلَوْ عَلَفَهَا) فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ (قَدْرًا) أَيْ زَمَنًا (إنْ لَمْ تُطْعَمْ فِيهِ هَلَكَتْ أَوْ بَانَ ضَرَرُهَا) أَيْ لَحِقَهَا ضَرَرٌ بَيِّنٌ (كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ انْقَطَعَ الْحَوْلُ) لِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ (وَلَا أَثَرَ لِمَا دُونَهُ) لِقِلَّتِهَا (إلَّا إنْ قُصِدَ بِهِ قَطْعُ السَّوْمِ) وَكَانَ مِمَّا يَتَمَوَّلُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ (وَلَا) أَثَرَ (لِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْعَلْفِ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ مَصْدَرٌ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (اشْتَرَى كَلَأً وَرَعَاهَا فِيهِ فَسَائِمَةٌ) كَذَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ قَالَ كَمَا لَوْ وُهِبَ لَهُ حَشِيشٌ فَأَطْعَمَهَا إيَّاهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ أَسْمَيْت فِي كَلَإٍ مَمْلُوكٍ فَهَلْ هِيَ سَائِمَةٌ أَوْ مَعْلُوفَةٌ وَجْهَانِ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِالْمَمْلُوكِ بِالشِّرَاءِ وَبِغَيْرِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَفِي الشِّرَاءِ أَشْكَلَ لَا جُرْمَ رَجَّحَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا مَعْلُوفَةٌ لِوُجُودِ الْمُؤْنَةِ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا سَائِمَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَلَإِ قِيمَةٌ أَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَسِيرَةً لَا يُعَدُّ مِثْلُهَا كُلْفَةً فِي مُقَابَلَةِ نَمَائِهَا وَإِلَّا فَمَعْلُومَةٌ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ لِمَا قَالَهُ فِيمَا يَأْتِي فِي الْمُعَشَّرَاتِ مِنْ أَنَّ فِيمَا سُقِيَ بِمَا اشْتَرَاهُ أَوْ اتَّهَبَهُ نِصْفَ الْعُشْرِ كَمَا لَوْ سُقِيَ بِالنَّاضِحِ وَنَحْوِهِ أَنَّ الْمَاشِيَةَ هُنَا مَعْلُوفَةٌ بِجَامِعِ كَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ إنْ حُمِلَ الْكَلَأُ عَلَى مَا لَا قِيمَةَ لَهُ وَهُوَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ فَقَرِيبٌ وَإِنَّمَا لَمْ أَحْمِلْهُ عَلَى الثَّانِي مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ فِي مَسْأَلَةِ الْعَلْفِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ حَكَاهُ الْأَصْلُ مَعَ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَصَحَّحَ مِنْهَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (لَا أَنَّ جَرَّهُ وَأَطْعَمَهَا) إيَّاهُ وَلَوْ فِي الْمَرْعَى فَلَيْسَتْ سَائِمَةً هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ أَفْتَى   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ بَاعَ النِّصَابَ قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهِ ثُمَّ رِدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ أَقَالَهُ] قَوْلُهُ وَإِنْ تَمَّ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ زَكَاةٌ إلَخْ) وَإِنْ أُجِيزَ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَحَوْلُهُ مِنْ الْعَقْدِ. [فَرْعٌ مُلْك الْمُرْتَدّ مَوْقُوف وَكَذَلِكَ حَوْله وَزَكَاته] (قَوْلُهُ وَكَانَ مِمَّا يَتَمَوَّلُ إلَخْ) أَمَّا الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يَتَمَوَّلُ فَلَا أَثَرَ لَهُ غ (قَوْلُهُ قَالَ كَمَا لَوْ وُهِبَ لَهُ حَشِيشٌ فَأَطْعَمَهَا إيَّاهُ) قَالَ فَلَوْ جَزَّهُ وَأَطْعَمَهَا إيَّاهُ فِي الْمَرْعَى أَوْ الْبَلَدِ فَمَعْلُوفَةٌ وَلَوْ رَعَاهَا وَرَقًا تَنَاثَرَ فَسَائِمَةٌ فَلَوْ جَمَعَ وَقَدَّمَ لَهَا فَمَعْلُوفَةٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا أَخَذَ كَلَأَ الْحَرَمِ وَعَلَفَهَا بِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ السَّوْمُ لِأَنَّ كَلَأَ الْحَرَمِ لَا يُمْلَكُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ أَخْذُهُ لِلْبَيْعِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِأَخْذِهِ بِهِ نَوْعُ اخْتِصَاصٍ ش. قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ وَلَا زَكَاةَ فِي مَاشِيَةٍ حَتَّى تَكُونَ سَائِمَةً فِي مَوَاتِ الْمُسْلِمِينَ هَذَا لَفْظُهُ وَهُوَ يُنَازَعُ فِيمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ ت وَهَذَا أَقْرَبُ ع (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ أَسْمَيْت فِي مَمْلُوكٍ) كَأَنْ نَبَتَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِشَخْصٍ أَوْ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ أَحْمِلْهُ عَلَى الثَّانِي مِنْ كَلَامِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الشِّقُّ الْأَخِيرُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَوْ بَقِيَ ذَلِكَ الْقَدْرُ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 الْقَفَّالُ قَالَ وَلَوْ رَعَاهَا وَرَقًا تَنَاثَرَ فَسَائِمَةٌ، فَلَوْ جُمِعَ وَقُدِّمَ لَهَا فَمَعْلُوفَةٌ. (فَرْعٌ لَا زَكَاةَ فِي الْعَامِلَةِ) فِي حَرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ مُحَرَّمًا (وَإِنْ أُسْمِيَتْ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادَهُ. لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ شَيْءٌ، وَلِأَنَّهَا لَا تُقْتَنَى لِلنَّمَاءِ بَلْ لِلِاسْتِعْمَالِ كَثِيَابِ الْبُدْنِ وَمَتَاعِ الدَّارِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَهَا الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ عَلَفَهَا فِيهِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ كَمَا نَقَلَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَةَ فِي مُحَرَّمٍ وَبَيْنَ الْحُلِيِّ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْحِلَّ وَفِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْحُرْمَةَ إلَّا مَا رَخَّصَ، فَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ الْمَاشِيَةُ فِي الْمُحَرَّمِ رَجَعَتْ إلَى أَصْلِهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْفِعْلِ الْخَسِيسِ وَإِذَا اُسْتُعْمِلَ الْحُلِيُّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي أَصْلِهِ (وَلَوْ اعْتَلَفَتْ السَّائِمَةُ بِنَفْسِهَا أَوْ عَلَفَهَا الْغَاصِبُ) لَهَا (الْقَدْرَ الْمُؤَثِّرَ) مِنْ الْعَلَفِ فِيهِمَا (انْقَطَعَ الْحَوْلُ) لِعَدِمِ السَّوْمِ، وَكَالْغَاصِبِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا، (وَلَوْ سُلِّمَتْ الْمَعْلُوفَةُ بِنَفْسِهَا أَوْ بِالْغَاصِبِ أَوْ الْمُشْتَرِي) شِرَاءً (فَاسِدًا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ) لِعَدَمِ إسَامَةِ الْمَالِكِ فَالْعِبْرَةُ بِإِسَامَةِ الْمُعَبِّرِ عَنْهَا فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ بِقَصْدِ السَّوْمِ. وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ قَصْدُهُ دُونَ قَصْدِ الِاعْتِلَافِ لِأَنَّ السَّوْمَ يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَاعْتُبِرَ قَصْدُهُ. وَالِاعْتِلَافُ يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِهَا، وَنَظِيرُ ذَلِكَ اعْتِبَارُ الْقَصْدِ فِي ابْتِدَاءِ سَفَرِ الرُّخْصَةِ دُونَ انْتِهَائِهِ بِوُصُولِهِ إلَى مَقْصِدِهِ أَوْ رُجُوعِهِ إلَى وَطَنِهِ (وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي) مَا يَتَعَذَّرُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ نَحْوَ (الضَّالِّ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَرْهُونِ وَالْغَائِبِ وَمَا اشْتَرَاهُ) وَتَمَّ حَوْلُهُ (قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ حُبِسَ) هُوَ (دُونَهُ) أَيْ عَنْهُ (بِأَسْرٍ وَنَحْوِهِ) لِمِلْكِ النِّصَابِ وَحَوَلَانِ الْحَوْلِ، (وَإِنَّمَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ) لِزَكَاةِ ذَلِكَ (عِنْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ أَخْذِهِ فَيُخْرِجُهَا عَنْ الْأَحْوَالِ الْمَاضِيَةِ وَلَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَتْ. (فَرْعٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ دَيْنٍ لَازِمٍ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا (مِنْ نَقْدٍ وَعَرْضِ تِجَارَةٍ) كَالْأَعْيَانِ (لَا مَاشِيَةٍ) لِامْتِنَاعِ سَوْمِ مَا فِي الذِّمَّةِ. وَاعْتَرَضَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ يُتَعَرَّضُ فِي السَّلَمِ فِي اللَّحْمِ لِكَوْنِهِ لَحْمَ رَاعِيَةٍ أَوْ مَعْلُوفَةٍ فَإِذَا جَازَ أَنْ يُثْبِتَ فِي الذِّمَّةِ لَحْمَ رَاعِيَةٍ جَازَ أَنْ يُثْبِتَ فِيهَا رَاعِيَةً. قَالَ وَالْأَصَحُّ فِي التَّعْلِيلِ كَوْنُهُ لَا نَمَاءَ فِيهِ وَلَا مُعَدًّا لِلْإِخْرَاجِ، وَضَعَّفَ الْقُونَوِيُّ اعْتِرَاضَهُ بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي امْتِنَاعَ ذَلِكَ تَحْقِيقًا لَا تَقْدِيرًا (و) لَا (نَحْوَهَا) وَهُوَ الْمُعَشَّرَاتُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ زَكَاتِهَا الزَّهْوُ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُوجَدْ. وَتَعْبِيرُهُ بِنَحْوِهَا الْمُوَافِقُ لِتَعْبِيرِ الْإِسْنَوِيِّ بِالْمُعَشَّرَاتِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْحِنْطَةِ، وَخَرَجَ بِاللَّازِمِ وَغَيْرِهِ كَدَيْنِ الْكِتَابَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِقُدْرَةِ الْغَيْرِ عَلَى إسْقَاطِهِ (فَإِنْ كَانَ) الدَّيْنُ (حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ أَوْ جَاحِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) أَوْ يَعْلَمُهُ الْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَزِمَ إخْرَاجُهَا فِي الْحَالِ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ (وَلَا) بِأَنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَلَوْ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ أَوْ حَالًّا عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ مُمَاطِلٍ أَوْ جَاحِدٍ وَلَا بَيِّنَةَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ الْقَاضِي (فَعِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقَبْضِ) يَلْزَمُ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ لَا زَكَاة فِي الْعَامِلَة فِي حَرْث أَوْ غَيْره] قَوْلُهُ لِعَدِمِ إسَامَةِ الْمَالِكِ) فَالْعِبْرَةُ بِإِسَامَتِهِ وَكَالْمَالِكِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ بِأَنْ غُصِبَتْ مَعْلُوفَةٌ وَرَدَّهَا عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَالِكِ لِلْحَاكِمِ فَأَسَامَهَا. صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ الْحَظُّ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهَا فَهَذَا مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ، وَهَلْ تُعْتَبَرُ إسَامَةُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مَاشِيَتَهُمَا أَوْ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَبْعُدُ تَخْرِيجُهُمَا عَلَى أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ أَمْ لَا. هَذَا إذَا كَانَ لَهُمَا تَمْيِيزٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ اعْتَلَفَتْ مِنْ مَالٍ حَرْبِيٍّ لَا يَضْمَنُ أَنَّ السَّوْمَ لَا يَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ جَاعَتْ بِلَا رِعْيٍ وَلَا عَلَفٍ. (قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ قَصْدُهُ) فَلَوْ وَرِثَ سَائِمَةً وَدَامَتْ كَذَلِكَ سَنَةً ثُمَّ عَلِمَ بِإِرْثِهَا لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا. وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ لَهُ حُكْمُ الْأُمِّ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ السَّائِمَةَ ضُمَّ إلَيْهَا فِي الْحَوْلِ وَلَوْ كَانَ يُسَرِّحُهَا نَهَارًا وَيُلْقِي إلَيْهَا بِاللَّيْلِ شَيْئًا مِنْ الْعَلَفِ لَمْ يُؤَثِّرْ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ عِنْدَ التَّمَكُّنِ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَالَ الْغَائِبَ إذَا كَانَ سَائِرًا لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. [فَرْعٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ دَيْنٍ لَازِمٍ وَلَوْ مُؤَجَّلًا مِنْ نَقْدٍ وَعَرْضِ تِجَارَةٍ كَالْأَعْيَانِ لَا مَاشِيَةٍ] (قَوْلُهُ لِقُدْرَةِ الْغَيْرِ عَلَى إسْقَاطِهِ) إذَا أَحَالَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِالنُّجُومِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يَسْقُطُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ وَلَا فَسْخِهِ. وَقَدْ تَنَاوَلَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ دَيْنٍ لَازِمٍ. وَقَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ حَالًّا إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا ثُمَّ حَلَّ وَكُتِبَ أَيْضًا قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَلَكِنَّهُ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ أَوْصَى أَنْ لَا يُطَالِبَهُ إلَّا بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنْ مَوْتِهِ وَكَانَ الدَّيْنُ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ فَهَلْ نَقُولُ تَجِبُ الزَّكَاةُ وَيَلْزَمُ الْإِخْرَاجُ، أَوْ نَقُولُ يَصِيرُ كَالْمُؤَجَّلِ لِتَعَذُّرِ الْقَبْضِ؟ لَمْ نَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ انْتَهَى. قَالَ النَّاشِرِيُّ: هَذَا إذَا نَذَرَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْإِخْرَاجُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالْعَيْنِ فَلَا يَصِحُّ النَّذْرُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ. عِبَارَةُ الطِّرَازِ الْمُذَهَّبِ مَا تَعَذَّرَ حُصُولُهُ لَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ حُصُولِهِ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ لِتَقْصِيرِ الْمَالِكِ فِي طَلَبِهِ أَوْ نَذْرِهِ التَّأْجِيلَ أَوْ إيصَائِهِ بِهِ فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ الْوَارِثِ قَبْلَ الْحُصُولِ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ إنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ مِنْ مَالِهِ كَالْمَرْهُونِ الزَّكَوِيِّ. (قَوْلُهُ لَزِمَ إخْرَاجُهَا فِي الْحَالِ) الْمُتَبَادِرُ مَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْحَالِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْإِخْرَاجِ سَوَاءٌ تَيَسَّرَ ذَلِكَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ مِمَّا بِيَدِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَطْعَ بِالْوُجُوبِ الْمُرَادُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ أَمْوَالُ الْمَدْيُونِ عَلَى الْفَوْرِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِ الدَّيْنِ إنَّا لَا نُكَلِّفُ رَبَّ الدَّيْنِ الْأَدَاءَ عَنْهُ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِهِ وَإِنْ قَصَّرَ فِي الْقَبْضِ وَمَضَى زَمَنُ إمْكَانِهِ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ غ. وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَعِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقَبْضِ إلَخْ) لَوْ قَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ مَالِ الْجَاحِدِ بِالظَّفَرِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا ضَرَرٍ فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ تَيَسَّرَ أَخْذُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ لَا؟ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لَا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنُ كَجٍّ وَالدَّارِمِيُّ نَعَمْ. وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَكُونُ وَجَدَ بِهَامِشِ الْأَصْلِ مَا نَصُّهُ: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ جَزْمٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَوْلِدِ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ مُطْلَقًا اهـ مِنْ خَطِّ الْمُجَرَّدِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 إخْرَاجُهَا (كَالضَّالِّ وَنَحْوِهِ) مِمَّا مَرَّ (وَلَوْ ضَلَّتْ شَاةٌ مِنْ أَرْبَعِينَ) شَاةً (فَوَجَدَهَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بَنَى أَوْ بَعْدَهُ زَكَّى الْأَرْبَعِينَ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الضَّالِّ. . (فَرْعٌ زَكَاةُ اللُّقَطَةِ عَلَى الْمَالِكِ) لَهَا لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ (مَا لَمْ يَتَمَلَّكْهَا الْمُلْتَقِطُ فَإِنْ تَمَلَّكَهَا لَزِمَتْهُ زَكَاتُهَا وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غُرْمِ قِيمَتِهَا مِنْ غَيْرِهَا) بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهَا أَوْ مَلَكَهُ وَتَعَذَّرَ الْغُرْمُ مِنْهُ (ثُمَّ الْمَالِكُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فَلَهُ) الْأَوْلَى فَلَهَا (حُكْمُ دَيْنٍ) آخَرَ (اسْتَحَقَّهُ) عَلَيْهِ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ عِنْدَ التَّمَكُّنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُ الْأَصْلِ فَفِي وُجُوبِ زَكَاةِ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ خِلَافٌ مِنْ وَجْهَيْنِ كَوْنُهَا دَيْنًا وَكَوْنُهَا مَالًا ضَالًّا. (فَرْعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ (مَنْ اسْتَغْرَقَ دَيْنُهُ) الَّذِي عَلَيْهِ (النِّصَابُ) أَوْ لَمْ يَسْتَغْرِقُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (لَزِمَهُ زَكَاتُهُ) سَوَاءٌ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِآدَمِيٍّ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى الدَّيْنِ (وَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ فَكَالْمَغْصُوبِ) فَتَجِبُ زَكَاتُهُ وَلَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ إلَّا عِنْدَ التَّمَكُّنِ. (فَإِنْ عُيِّنَ لِكُلِّ غَرِيمٍ شَيْءٌ) عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّقْسِيطُ (وَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ وَحَالَ) عَلَيْهِ (الْحَوْلُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ) عَلَيْهِمْ لِعَدِمِ مِلْكِهِمْ، وَلَا عَلَى الْمَالِكِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَكَوْنِهِمْ أَحَقَّ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا أَخَذُوهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَلَوْ تَرَكُوهُ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الزَّكَاةُ لِتَبَيُّنِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ ثُمَّ عَدَمِ لُزُومِهَا عَلَيْهِ. قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَالُهُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِمْ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُمَكِّنُهُمْ مِنْ أَخْذِهِ بِلَا بَيْعٍ أَوْ تَعْوِيضٍ، قَالَ وَقَدْ صَوَّرَهَا بِذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي السِّلْسِلَةِ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْحَجْرِ يَقْتَضِيهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (مَلَكَ أَرْبَعِينَ) شَاةً (وَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَرْعَاهَا بِشَاةٍ مِنْهَا مُعَيَّنَةٍ وَلَمْ يَنْقُلْهَا) أَيْ يُفْرِدْهَا (فَحَالَ الْحَوْلُ لَزِمَهُمَا شَاةٌ عَلَى الرَّاعِي) مِنْهَا (رُبْعُ عُشْرِهَا) وَالْبَاقِي عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ أَفْرَدَهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (أَوْ) بِشَاةٍ (فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَمْنَعْ) ذَلِكَ (الْوُجُوبَ) وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَمْتَنِعْ الْوُجُوبُ (عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ. [فَرْعٌ مَلَكَ نِصَابًا فَنَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ أَوْ جَعَلَهُ صَدَقَةً أَوْ أُضْحِيَّةً قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ] (فَرْعٌ) لَوْ (مَلَكَ نِصَابًا فَنَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ أَوْ جَعَلَهُ صَدَقَةً أَوْ أُضْحِيَّةً) قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ (فَلَا زَكَاةَ فِيهِ) لِعَدِمِ مِلْكِ النِّصَابِ (وَإِذَا نَذَرَ) التَّصَدُّقَ أَوْ الْأُضْحِيَّةَ بِنِصَابٍ أَوْ بَعْضِهِ (فِي الذِّمَّةِ) كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَرْبَعُونَ شَاةً سَائِمَةً تَصَدُّقًا أَوْ أُضْحِيَّةً (أَوْ لَزِمَهُ الْحَجُّ يَمْنَعُ) ذَلِكَ (الزَّكَاةَ) فِي مَالِهِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ. غَايَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ تَمْتَنِعْ الزَّكَاةُ (وَحُقُوقُ اللَّهِ) تَعَالَى (كَالزَّكَاةِ) وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ بِأَنْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ وُجُوبِهَا وَالْإِمْكَانِ ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ مَالٌ (وَالْكَفَّارَةُ وَالْحَجُّ) وَالنَّذْرُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ دَيْنِ الْآدَمِيِّ (فِي التَّرِكَةِ تَقَدَّمَ عَلَى الدَّيْنِ) ؛ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» ؛ وَلِأَنَّ مُصَرِّفَهَا أَيْضًا الْآدَمِيُّ فُقِدَتْ لِاجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ فِيهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ اجْتِمَاعُ الْجِزْيَةِ وَالدَّيْنِ فَالْأَصَحُّ اسْتِوَاؤُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا مَعَ أَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَوْ اجْتَمَعَ حُقُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى. قَالَ السُّبْكِيُّ فَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ مَوْجُودًا فَتُقَدَّمَ الزَّكَاةُ انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ بَعْضَ النِّصَابِ كَالنِّصَابِ وَخَرَجَ بِالتَّرِكَةِ مَا إذَا اجْتَمَعَا عَلَى حَيٍّ وَضَاقَ مَالُهُ عَنْهُمَا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَإِلَّا قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ قَطْعًا فِيهِمَا. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ مُطْلَقًا. (فَرْعٌ لَا زَكَاةَ فِي الْغَنِيمَةِ) عَلَى الْغَانِمِينَ (قَبْلَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ) وَلَوْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ أَوْ ضَعْفِهِ وَلِهَذَا يَسْقُطُ بِالْأَعْرَاضِ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْسِمَهَا قِسْمَةً تَحْكُمُ فَيَخُصُّ بَعْضَهُمْ بِبَعْضِ الْأَنْوَاعِ وَالْأَعْيَانِ (وَمَتَى اخْتَارُوهُ ثُمَّ مَضَى حَوْلٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَالْغَنِيمَةُ صِنْفٌ زَكَوِيٌّ وَبَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (أَوْ نُصِيبُ الْجَمِيعِ بِحُكْمِ الْخُلْطَةِ نِصَابًا غَيْرَ الْخُمْسِ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ) لِوُجُودِ شَرِّهَا (فَإِنْ كَانَتْ أَصْنَافًا) وَلَوْ زَكَوِيَّةً وَإِنْ بَلَغَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصَابًا (لَمْ تَجِبْ) لِجَهْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا نَصِيبُهُ وَكَمْ نَصِيبُهُ فَيَكُونُ الْمَالِكُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَيِّ صِنْفٍ فُرِضَ، وَهَذَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ كَمَا فُهِمَ مِنْهُ عَدَمُ وُجُوبِهَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ صِنْفًا غَيْرَ زَكَوِيٍّ.   [حاشية الرملي الكبير] الْحُكْمُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الضَّالِّ) اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ عِلْمَ الْإِسَامَةِ فِي الضَّالِّ وَإِسَامَةِ الْمَالِكِ فِيهِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مُصَوَّرٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ أَرْسَلَهَا فِي بَعْضِ الْأَوْدِيَةِ بِقَصْدِ الْإِسَامَةِ فَضَلَّتْ وَلَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ قَصْدِ الْإِسَامَةِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ قَصْدِ التِّجَارَةِ فِي كُلِّ مُعَاوَضَةٍ. [فَرْعٌ زَكَاةُ اللُّقَطَةِ] (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غُرْمِ قِيمَتِهَا) لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي زَكَاةِ الْحَيَوَانِ. [فَرْعٌ استغرق دِينه الَّذِي عَلَيْهِ النصاب] (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى الدَّيْنِ) إذْ هُوَ مَالِكٌ لِلنِّصَابِ نَافِذُ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَالزَّكَاةُ إنْ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ فَالذِّمَّةُ لَا تَضِيقُ عَنْ ثُبُوتِ الْحُقُوقِ، أَوْ بِالْعَيْنِ فَالتَّعَلُّقُ بِالذِّمَّةِ لَا يَمْنَعُ الْحَقَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالْعَيْنِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ عُيِّنَ لِكُلِّ غَرِيمٍ شَيْءٌ) قُدِّرَ دَيْنُهُ مِنْ جِنْسِهِ غ. (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الزَّكَاةُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ) وَتَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ إنَّهُ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْحَجْرِ يَقْتَضِيهِ) وَنَقَلَ ابْنُ دَاوُد عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ فِي ذَلِكَ. [فَرْعٌ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَرْعَاهَا بِشَاةٍ مِنْهَا مُعَيَّنَةٍ وَلَمْ يَنْقُلْهَا فَحَالَ الْحَوْلُ] (قَوْلُهُ فِي التَّرِكَةِ تُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ إذَا أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا إنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا بِلَا عُذْرٍ إلَى أَنْ مَاتَ وَإِنْ أَخَّرَ لِعُذْرٍ أُثِيبَ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ مُصَرِّفَهَا الْآدَمِيُّ إلَخْ) وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ مَحْضَةٌ لَا تَعَلُّقَ لِلْآدَمِيِّ بِهَا (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ فَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ إلَّا أَنَّ إلَخْ) وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ بَعْضَ النِّصَابِ إلَخْ) وَأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ حُقُوقٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَا قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ س. قَالَ شَيْخُنَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ) وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ عَنْ وَالِدِهِ وَبَيَّنَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْحُقُوقُ الْمُسْتَرْسِلَةُ فِي الذِّمَّةِ كَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ الْمُطْلَقَةِ غ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ لَا زَكَاةَ فِي الْغَنِيمَةِ عَلَى الْغَانِمِينَ قَبْلَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ] (قَوْلُهُ وَإِنْ أَصْدَقَهَا إلَخْ) عِوَضَ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَم الْعَمْدِ كَالصَّدَاقِ وَأَلْحَقَ بِهِمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ بَحْثَا مَالِ الْجَعَالَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 أَوْ زَكَوِيًّا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا كَمَا فِي غَيْرِ مَالِ الْغَنِيمَةِ أَوْ بَلَغَ بِالْخُمْسِ إذْ الْخُلْطَةُ لَا تَثْبُتُ مَعَ أَهْلِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِمْ كَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ الْفَيْءِ وَمَالِ الْمَسَاجِدِ وَالرَّبْطِ. [فَصَلِّ أَصْدَقَهَا نِصَابَ سَائِمَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ] (فَصْلٌ وَإِنْ أَصْدَقَهَا نِصَابَ سَائِمَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَحَالَ الْحَوْلُ) عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ (لَزِمَتْهَا الزَّكَاةُ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِقَبْضِهَا لَهُ وَعَنْ الدُّخُولِ بِهَا لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْعَقْدِ وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنَةِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا زَكَاةَ لِأَنَّ السَّوْمَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ إصْدَاقِ النَّقْدَيْنِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَا فِي الذِّمَّةِ (فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا وَبَعْدَ الْحَوْلِ (رَجَعَ فِي نِصْفِ الْجَمِيعِ) شَائِعًا إنْ أَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ الْمُصْدَقَةِ أَوْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا (فَإِنْ طَالَبَهُ السَّاعِي) بَعْدَ الرُّجُوعِ وَأَخَذَهَا مِنْهَا (أَوْ كَانَ قَدْ أَخَذَهَا مِنْهَا) قَبْلَ الرُّجُوعِ فِي بَقِيَّتِهَا (رَجَعَ أَيْضًا بِنِصْفِ) قِيمَةِ (الْمُخْرَجِ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ عَادَ إلَيْهِ نِصْفُهَا وَلَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (نِصْفُ شَاةٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ إنْ دَامَتْ الْخُلْطَةُ وَإِلَّا فَلَا) زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ تَمَامِ النِّصَابِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَصْلٌ) لَوْ (آجَرَ) غَيْرَهُ (دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِمِائَةِ دِينَارٍ) مُعَيَّنَةٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ (وَسَلَّمَهَا) الْغَيْرَ (إلَيْهِ لَمْ يُزَكِّ) يَعْنِي لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُخْرِجَ (إلَّا) زَكَاةَ (مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مِلْكُهُ) لِأَنَّ مَا لَمْ يَسْتَقِرَّ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِانْهِدَامِ الدَّارِ فَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ وَإِنْ حَلَّ وَطْءُ الْجَارِيَةِ الْمَجْعُولَةِ أُجْرَةً لِأَنَّ الْحِلَّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ارْتِفَاعِ الضِّعْفِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ تُسْتَحَقُّ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنَافِعِ فَبِفَوَاتِهَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ الصَّدَاقِ وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ تُسَلَّمْ الْمَنَافِعُ لِلزَّوْجِ وَتَشْطُرُهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِتَصَرُّفِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ (فَيُزَكِّي فِي السَّنَةِ الْأُولَى) أَيْ عَنْهَا (خَمْسَةً وَعِشْرِينَ) دِينَارًا لِأَنَّهَا الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا (وَفِي الثَّانِيَةِ يُزَكِّي خَمْسِينَ) دِينَارًا (لِسَنَتَيْنِ) وَهِيَ الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ الَّتِي زَكَّاهَا وَالْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَ) لَكِنْ (يَحُطُّ عَنْهُ) مِنْ زَكَاتِهَا وَهِيَ دِينَارَانِ وَنِصْفٌ (مَا أَدَّى) عَنْ الْأُولَى وَهُوَ خَمْسَةُ أَثْمَانِ دِينَارٍ فَيَلْزَمُهُ الْآنَ دِينَارٌ وَسَبْعَةُ أَثْمَانِ دِينَارٍ (وَفِي الثَّالِثَةِ يُزَكِّي خَمْسَةً وَسَبْعِينَ) دِينَارًا (لِثَلَاثٍ) مِنْ السِّنِينَ (وَ) لَكِنْ (يَحُطُّ عَنْهُ) مِنْ زَكَاتِهَا وَهِيَ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ وَخَمْسَةُ أَثْمَانِ دِينَارٍ (مَا أَدَّى) عَنْ الْأَوَّلِيَّيْنِ فَيَلْزَمُهُ الْآنَ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ وَثُمْنُ دِينَارٍ (وَفِي الرَّابِعَةِ يُزَكِّي الْمِائَةَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَ) لَكِنْ (يَحُطُّ عَنْهُ) مِنْ زَكَاتِهَا وَهِيَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ (مَا أَدَّى) عَنْ الثَّلَاثِ فَيَلْزَمُهُ الْآنَ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانِ دِينَارٍ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَيُقَالُ يُخْرِجُ لِتَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِسَنَةٍ وَلِتَمَامِ الثَّانِيَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِسَنَتَيْنِ وَزَكَاةَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْأُولَى لِسَنَةٍ وَلِتَمَامِ الثَّالِثَةِ زَكَاةَ الْخَمْسِينَ لِسَنَةٍ وَزَكَاةَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْأُخْرَى لِثَلَاثِ سِنِينَ وَلِتَمَامِ الرَّابِعَةِ زَكَاةَ الْخَمْسَةِ وَالسَّبْعِينَ لِسَنَةٍ وَزَكَاةَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ هَذَا إذَا أَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ (فَإِنْ أَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ عَيْنِهِ زَكَّى كُلَّ سَنَةٍ مَا ذَكَرْنَاهُ نَاقِصًا قَدْرَ مَا أَخْرَجَ) عَمَّا قَبْلَهَا (تَنْبِيهَانِ) أَحَدُهُمَا قَدْ اسْتَدْرَكَ الرَّافِعِيُّ هُنَا نَقْلًا عَنْ الْأَكْثَرِينَ اسْتِدْرَاكًا صَحِيحًا وَذَلِكَ أَنَّهُ بِالسَّنَةِ الثَّانِيَةِ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى رُبْعِ الْمِائَةِ الَّذِي هُوَ حِصَّتُهَا وَلَهُ فِي مِلْكِهِ سَنَتَانِ وَإِنَّمَا لَمْ يُخْرِجْ عَنْهُ زَكَاةَ السَّنَةِ الْأُولَى عَقِبَ انْقِضَائِهَا لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ إذْ ذَاكَ فَيَكُونُ قَدْ مَلَكَ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْهُ نِصْفَ وَثُمْنَ دِينَارٍ فَتَسْقُطُ حِصَّةُ ذَلِكَ وَهَكَذَا قِيَاسُ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَقَدْ بَسَطَ الْقَوْلَ فِي هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فَقَالَ ثُمَّ الْقَاطِعُونَ بِالْوُجُوبِ قَدْ غَاصُوا فَقَالُوا كَذَا وَكَذَا إلَى آخِرِهِ وَقَدْ نَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَقَدْ ذَهِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا مَرَّ فَحَصَلَ الْغَلَطُ ثُمَّ عَزَاهُ إلَى شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (ثَانِيهِمَا) إذَا أَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ كَمَا مَرَّ فَأَوَّلُ الْحَوْلِ الثَّانِي فِي رُبْعِ الْمِائَةِ بِكَمَالِهِ مِنْ حِينِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ لَا مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِمْ إلَى حِينِ الْأَدَاءِ ثُمَّ مَحَلُّ مَا مَرَّ إذَا تَسَاوَتْ أُجْرَةُ السِّنِينَ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أُجْرَةُ السِّنِينَ فَكُلٌّ) مِنْهَا (بِحِسَابِهِ) لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا انْفَسَخَتْ تُوَزَّعُ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّتَيْنِ الْمَاضِيَةِ وَالْمُسْتَقْبِلَةِ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ فَقَطْ وَتَبَيَّنَّا اسْتِقْرَارَ مِلْكِهِ عَلَى قِسْطِ الْمَاضِي وَالْحُكْمُ فِي الزَّكَاةِ كَمَا مَرَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ نِصَابَ سَائِمَةٍ) أَوْ بَعْضَهُ مَعَ وُجُودِ شُرُوطِ الْخُلْطَةِ. [فَصَلِّ آجَرَ غَيْرَهُ دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِمِائَةِ دِينَارٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَهَا الْغَيْرُ إلَيْهِ لَمْ يُزَكِّ إلَّا مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مِلْكُهُ] (قَوْلُهُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ تَنْبِيهَ إطْلَاقِهِمْ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ الْمِائَةُ فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهَا وَلَمْ أَرَهُ إلَّا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي فَقَالَ الظَّاهِرُ وُجُوبُ زَكَاةِ الْجَمِيعِ لِاسْتِقْرَارِهِ بِدَلِيلِ إبْدَالِهَا بِالِانْتِسَاخِ مُنْتَفٍ (قَوْلُهُ هَذَا إذَا أَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ مُعَجَّلًا أَوْ مِمَّا لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ فِيهِ وَكَانَ مِنْ جِنْسِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ فَحَصَلَ الْغَلَطُ إلَخْ) يَنْبَغِي تَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا عَجَّلَ الْمَالِكُ زَكَاةَ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ السِّنِينَ الْأَرْبَعِ مِنْ غَيْرِ الْأُجْرَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ يُخْرِجُ لِتَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى كَذَا وَلِتَمَامِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَذَا إلَخْ لِأَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ لَوْ لَمْ يُعَجِّلْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 وَالْأَصْحَابُ فَلَوْ كَانَ أَخْرَجَ زَكَاةَ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ قَبْلَ الِانْهِدَامِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْهَا عِنْدَ اسْتِرْجَاعِ قِسْطِ مَا بَقِيَ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَزِمَهُ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ (فَرْعٌ لِلثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ حُكْمُ الْأُجْرَةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ مَا لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ (بِخِلَافِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ) يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُسْلَمَ فِيهِ (إذْ بِقَبْضِهِ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ) عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَعَذُّرَ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّعْلِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (ثُمَّ لَوْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ فِي الْوَصِيَّةِ) عَنْ الْمَوْتِ (حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَلْزَمْ أَحَدًا زَكَاتُهَا) فَلَا يَلْزَمُ الْمُوصِيَ لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ وَلَا الْوَارِثَ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَلَا الْمُوصَى لَهُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ وَفَارَقَ لُزُومُهَا الْمُشْتَرِيَ إذَا تَمَّ الْحَوْلُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَأُجِيزَ الْعَقْدُ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ وَضْعَ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ وَتَمَامِ الصِّيغَةِ وُجِدَ فِيهِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْمِلْكِ بِخِلَافِهِمَا هُنَا. (بَابُ أَدَاءِ الزَّكَاةِ) (أَدَاؤُهَا) فِي وَقْتِهَا (عِنْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْهُ (وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ) لِلْأَمْرِ بِهِ مَعَ نِجَازِ حَاجَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ نَعَمْ أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ مُوَسَّعٌ بِلَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَهُ تَفْرِيقُ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ) وَهِيَ النَّقْدَانِ وَعَرْضُ التِّجَارَةِ وَالرِّكَازُ (بِنَفْسِهِ) وَلَوْ بِوَكِيلِهِ وَأَلْحَقُوا بِزَكَاتِهَا زَكَاةَ الْفِطْرِ وَهِيَ مُرَادُ مَنْ عَدَّهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ كَالنَّوَوِيِّ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَهُ فَلَمْ يُفْرِدْهَا بِالذِّكْرِ (وَكَذَا الظَّاهِرَةُ) وَهِيَ النَّعَمُ وَالْمُعَشَّرُ وَالْمَعْدِنُ (إنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْإِمَامُ فَإِنْ طَلَبَهَا وَجَبَ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا) بِذَلِكَ لِلطَّاعَةِ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْبَاطِنَةِ إذْ لَا نَظَرَ لَهُ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي وَالْحَقُّ الْجَائِرُ بِغَيْرِهِ لِنَفَاذِ حُكْمِهِ وَعَدَمِ انْعِزَالِهِ بِالْجَوْرِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُقَاتِلُهُمْ) إنْ امْتَنَعُوا مِنْ تَسْلِيمِهَا إلَيْهِ (وَإِنْ قَالُوا نُسَلِّمُهَا) لِلْمُسْتَحِقِّينَ (بِأَنْفُسِنَا) لِامْتِنَاعِهِمْ مِنْ بَذْلِ الطَّاعَةِ (وَالتَّسْلِيمُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ (إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ) مِنْ تَسْلِيمِ الْمَالِكِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ (إنْ كَانَ) الْإِمَامُ (عَادِلًا) فِي الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِالْمُسْتَحَقِّينَ وَأَقْدَرُ عَلَى الِاسْتِيعَابِ وَلِتَيَقُّنِ الْبَرَاءَةِ بِتَسْلِيمِهِ. وَلَوْ اجْتَمَعَ الْإِمَامُ وَالسَّاعِي فَالدَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ أَوْلَى قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فَتَفْرِيقُهُ) أَيْ الْمَالِكِ (بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ) مِنْ التَّسْلِيمِ إلَى وَكِيلِهِ وَإِلَى الْجَائِرِ لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ وَفِي شَكٍّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَصَرَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ) تَفْرِيقُهُ (بِوَكِيلِهِ) أَفْضَلُ مِنْ التَّسْلِيمِ إلَى الْجَائِرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَّا فِي الظَّاهِرَةِ فَتَسْلِيمُهَا إلَى الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِيقِ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ لَهَا ثُمَّ إنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْإِمَامُ فَلِلْمَالِكِ تَأْخِيرُهَا مَا دَامَ يَرْجُو مَجِيءَ السَّاعِي (فَإِنْ أَيِسَ مِنْ) مَجِيءِ (السَّاعِي وَفَرَّقَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ طَالَبَهُ السَّاعِي وَجَبَ تَصْدِيقُهُ وَيَحْلِفُ اسْتِحْبَابًا) إنْ اُتُّهِمَ (وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ نَظَرٌ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ) فَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِهَا مِنْهُ لِلْإِجْمَاعِ وَلِآيَةِ {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271] وَقِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ (فَإِنْ عَلِمَ بِرَجُلٍ) أَنَّهُ (لَا يُؤَدِّيهَا هِيَ أَوْ) لَا يُؤَدِّي (كَفَّارَةً وَنَحْوَهَا) كَالنَّذْرِ فَتَعْبِيرُهُ بِنَحْوِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالنَّذْرِ (أَجْبَرَهُ) عَلَى أَدَائِهَا عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ ادْفَعْ بِنَفْسِك أَوْ إلَيَّ لَا فَرْقَ إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ (وَلَا يُمْنَعُ الْوَاجِبَ سَاعٍ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَاجِبِ خَوْفًا مِنْ مُخَالَفَةِ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَلَا تَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ مَفْعُولُ يَمْنَعُ وَسَاعٍ نَائِبُ فَاعِلِهِ. (فَائِدَةٌ) الْإِمَامُ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالنِّيَابَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ أَخْذُهَا عَلَى مُطَالَبَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ. (فَصْلٌ) فِي النِّيَّةِ وَهِيَ رُكْنٌ عَلَى قِيَاسِ مَا فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا فَقَوْلُهُ (تُشْتَرَطُ) أَيْ تَجِبُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (نِيَّةُ زَكَاةِ الْمَالِ) وَلَوْ بِدُونِ الْفَرْضِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (أَوْ) نِيَّةُ (صَدَقَةِ الْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ) وَفِي مَعْنَاهَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ نِيَّةُ فَرْضِ صَدَقَةِ الْمَالِ لِدَلَالَةِ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَقْصُودِ (وَلَا يُشْتَرَطُ النُّطْقُ) بِالنِّيَّةِ (وَلَا يُجْزِئُ) النُّطْقُ (وَحْدَهُ) كَمَا فِي غَيْرِ الزَّكَاةِ وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النُّطْقِ بِالنِّيَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا) تُجْزِئُ (صَدَقَةُ الْمَالِ فَقَطْ) لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ نَافِلَةً (وَلَا فَرْضُ الْمَالِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ كَفَّارَةً   [حاشية الرملي الكبير] [بَابُ أَدَاءِ الزَّكَاةِ] (قَوْلُهُ أَدَاؤُهَا عِنْدَ التَّمَكُّنِ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَهُ وَقَدَرَ عَلَى أَدَائِهِ وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى طَلَبِهِ وَهِيَ حَاجَةُ الْأَصْنَافِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ ثُمَّ مَاتُوا عَقِبَ الْحَوْلِ وَوَرَثَتُهُمْ أَغْنِيَاءُ وَعَلِمُوا بِذَلِكَ وَدَلَّ الْحَالُ عَلَى رِضَاهُمْ بِالتَّأْخِيرِ جَازَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ انْتَهَى وَهُوَ ضَعِيفٌ إذْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجُوزَ لَهُمْ الْإِبْرَاءُ وَالِاسْتِبْدَالُ بِغَيْرِ الْجِنْسِ وَأَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ لِلْفُقَرَاءِ الْمَحْصُورِينَ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِي الزَّكَاةِ تَعَبُّدًا وَاجِبًا لَا يَتَغَيَّرُ بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ ع وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِوَكِيلِهِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَجَازَ التَّوْكِيلُ فِي أَدَائِهِ كَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ (قَوْلُهُ وَكَذَا الظَّاهِرُ إلَخْ) لِأَنَّهَا زَكَاةٌ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ فَأَشْبَهَتْ الْبَاطِنَةَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا) وَيَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ قَالَ أَنَا آخُذُهَا مِنْك وَأُنْفِقُهَا فِي الْفِسْقِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ عَدْلًا فِي الزَّكَاةِ) وَإِنْ جَارَ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَالدَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ أَوْلَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ إلَخْ) وَلِيَخُصَّ أَقَارِبَهُ وَجِيرَانَهُ وَلِيَنَالَ أَجْرَهَا (قَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ التَّسْلِيمِ إلَى الْجَائِرِ) لِظُهُورِ خِيَانَتِهِ (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ اسْتِحْبَابًا إنْ اُتُّهِمَ) مِثْلُهُ مَا لَوْ ادَّعَى دَفْعَهَا إلَى سَاعٍ آخَرَ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَوْ وَجَبَتْ عِنْدَ مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ لَوَجَبَتْ عِنْدَ مُوَافَقَتِهِ كَالْمُودِعِ (قَوْلُهُ أَوْ كَفَّارَةً وَنَحْوَهَا) كَالنَّذْرِ إذَا تَضَيَّقَا (قَوْلُهُ الْإِمَامُ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ بِالْوِلَايَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ النِّيَّةِ فِي الزَّكَاةِ] (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ كَفَّارَةً وَنَذْرًا) هَذَا التَّوْجِيهُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 وَنَذْرًا وَلَا فَرْضُ الصَّدَقَةِ لِشُمُولِهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَكِنْ كَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ. (وَلَا يَجِبُ تَعْيِينٌ) لِلْمَالِ الْمُزَكَّى لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ (فَإِنْ عَيَّنَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ) أَيْ الْمُؤَدَّى (إلَى غَيْرِهِ) وَلَوْ بِأَنْ تَالِفًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ الْغَيْرَ (فَإِنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً وَخَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ فَأَخْرَجَ الْفَرْضَ) يَعْنِي شَاةً (عَنْ الْأَبْعِرَةِ فَبَانَتْ تَالِفَةً لَمْ يَقَعْ عَنْ الْغَنَمِ وَعِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ يَقَعُ) بِجَعْلِهِ عَنْهَا فِيمَا ذُكِرَ وَيَقَعُ عَنْ أَحَدِهِمَا فِيمَا إذَا بَقِيَتَا وَيُعَيِّنُهُ لِمَا شَاءَ مِنْهُمَا (وَلَوْ قَالَ هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَجْزَأَهُ عَنْهُ) إنْ بَانَ بَاقِيًا (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي (إنْ كَانَ مُوَرِّثِي قَدْ مَاتَ) فَبَانَ مَوْتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ (وَالْفَرْقُ عَدَمُ الِاسْتِصْحَابِ) لِلْمَالِ فِي هَذِهِ إذْ الْأَصْلُ فِيهَا بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَعَدَمُ الْإِرْثِ وَفِي تِلْكَ بَقَاءُ الْمَالِ وَنَظِيرِهِ أَنْ يَقُولَ فِي آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَصُومُ غَدًا عَنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ فَيَصِحُّ وَلَوْ قَالَ فِي أَوَّلِهِ أَصُومُ غَدًا إنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ يَصِحَّ. (فَإِنْ بَانَ) مَالُهُ الْغَائِبُ (تَالِفًا لَمْ يَقَعْ) أَيْ الْمُؤَدَّى (عَنْ غَيْرِهِ) لِمَا مَرَّ (وَلَمْ يَسْتَرِدَّ) . (إلَّا إنْ شَرَطَ) الِاسْتِرْدَادَ كَأَنْ قَالَ هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي الْغَائِبِ فَإِنْ بَانَ تَالِفًا اسْتَرْدَدْته (وَإِذَا قَالَ هَذِهِ) زَكَاةٌ (عَنْ) الْمَالِ (الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَعَنْ الْحَاضِرِ فَبَانَ تَالِفًا أَجْزَأَتْهُ) عَنْ الْحَاضِرِ كَمَا تُجْزِئُهُ عَنْ الْغَائِبِ لَوْ بَقِيَ وَلَا يَضُرُّ التَّرَدُّدُ فِي عَيْنِ الْمَالِ بَعْدَ الْجَزْمِ بِكَوْنِهِ زَكَاةَ مَالِهِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ إنْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَعَنْ الْفَائِتِ حَيْثُ لَا يُجْزِئُهُ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ إذْ الْأَمْرُ فِيهَا أَضْيَقُ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ فِيهَا النِّيَابَةُ (بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ) هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ تَالِفًا (فَعَنْ الْحَاضِرِ أَوْ صَدَقَةٌ) فَبَانَ تَالِفًا لَا تَجُوزُ عَنْ الْحَاضِرِ (كَمَا لَا تَجُوزُ) عَنْ الْغَائِبِ (هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي) الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا (أَوْ صَدَقَةٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِقَصْدِ الْفَرْضِ (وَإِنْ قَالَ) هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي الْغَائِبِ (فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَصَدَقَةٌ) أَوْ إنْ كَانَ الْغَائِبُ بَاقِيًا فَهَذِهِ زَكَاتُهُ وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ (فَبَانَ تَالِفًا وَقَعَ صَدَقَةً) أَوْ بَاقِيًا وَقَعَ زَكَاةً لِأَنَّ هَذِهِ صِفَةُ إخْرَاجِ زَكَاةِ الْغَائِبِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ بَانَ تَالِفًا لَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ إلَّا إذَا شَرَطَهُ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ قَالَ) هَذِهِ زَكَاةٌ (عَنْ الْحَاضِرِ أَوْ الْغَائِبِ أَجْزَأَهُ عَنْ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْآخَرِ وَلَا يَضُرُّ التَّرَدُّدُ فِي عَيْنِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَالْمُرَادُ) بِالْغَائِبِ هُنَا (الْغَائِبُ) عَنْ مَجْلِسِ الْمَالِكِ (فِي الْبَلَدِ أَوْ) الْغَائِبُ (عَنْهَا) فِي بَلَدٍ آخَرَ (إنْ جَوَّزْنَا النَّقْلَ) لِلزَّكَاةِ كَأَنْ يَكُونَ مَالُهُ بِبَلَدٍ لَا مُسْتَحِقَّ فِيهِ وَبَلَدُ الْمَالِكِ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ بَلْ سَائِرًا لَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ وَلَا سَلَامَتُهُ فَتَبَرَّعَ وَأَخْرَجَ الزَّكَاةَ عَنْهُ أَوْ كَانَ مُسْتَقِرًّا بِبَلَدٍ مَثَلًا وَمَعَ مَالِكِهِ مَالٌ آخَرُ وَهُوَ بِبَادِيَةٍ أَوْ سَفِينَةٍ وَالْبَلَدُ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ فَإِنَّ مَوْضِعَ تَفْرِيقِ الْمَالَيْنِ وَاحِدٌ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. (فَرْعٌ صَرْفُ الزَّكَاةِ بِلَا نِيَّةٍ لَا يُجْزِئُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَيَضْمَنُ بِذَلِكَ وَلِيُّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ) بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ لِمُخَالَفَتِهِ الْوَاجِبَ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِوَلِيِّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (وَلَوْ دَفَعَ) الْمُزَكِّي الزَّكَاةَ (إلَى الْإِمَامِ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ تُجْزِهِ نِيَّةُ الْإِمَامِ) عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَوْ دَفَعَهَا الْمُزَكِّي إلَيْهِمْ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ تُجْزِهِ فَكَذَا نَائِبُهُمْ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا فِي الْأُمِّ مِنْ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ طَائِعًا كَانَ أَوْ مُكْرَهًا أَوَّلُهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ يُجْزِئُهُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا وَفِيهِ نَظَرٌ (كَالْوَكِيلِ) فَإِنَّهُ لَا تُجْزِئُ نِيَّتُهُ عَنْ الْمُوَكِّلِ حَيْثُ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِلَا نِيَّةٍ كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِنَفْسِهِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ دَفْعِهَا (فَأَخَذَهَا) مِنْهُ (الْإِمَامُ قَهْرًا وَنَوَى عَنْهُ أَجْزَأَهُ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ فِي النِّيَّةِ كَمَا فِي   [حاشية الرملي الكبير] غَيْرُ الزَّكَاةِ فس (قَوْلُهُ لِشُمُولِهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَخُصُّ تَصْوِيرَهُ بِزَكَاةِ النَّبَاتِ دُونَ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ لَكِنْ كَلَامُ. الْأَصْلِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقَدْ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ بِالصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْفَرْضِيَّةِ فَطَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ وَجْهًا وَاحِدًا وَالثَّانِي عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يُجْزِئُهُ وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ قَالَ هَذَا زَكَاةُ مَالِي كَفَاهُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ اسْمٌ لِلْفَرْضِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَالِ وَإِنْ قَالَ زَكَاةٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ وَلَمْ يُصَحِّحْ شَيْئًا وَأَصَحُّهُمَا الْإِجْزَاءُ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ شُرِطَ الِاسْتِرْدَادُ كَأَنْ قَالَ إلَخْ) قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي إنْ عَلِمَ الْمُسْتَحِقُّ كَالتَّصْرِيحِ بِمَا ذُكِرَ إنْ قَارَنَ الْأَخْذَ وَكَذَا إنْ تَجَدَّدَ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى الْأَقْرَبِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ. (قَوْلُهُ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ) الْمُرَادُ تَعْيِينُ كَوْنِهَا ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا وَأَمَّا تَعْيِينُ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ عَلَى الصَّحِيحِ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنْ تَكُونَ الْفَائِتَةُ مُخَالِفَةً لِلْحَاضِرَةِ فَإِنْ اتَّحَدَتَا كَظُهْرَيْنِ أَوْ عَصْرَيْنِ صَحَّ غ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ وَإِلَّا فَعَنْ الثَّانِيَةِ يَشْمَلُ الْفَائِتَةَ الْمُوَافَقَةَ لِصَاحِبِ الْوَقْتِ كَظُهْرٍ وَظُهْرٍ وَيَشْمَلُ الْمُخَالِفَةَ وَالتَّعْيِينُ شَرْطٌ فِيهِمَا نَعَمْ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَتَانِ مُتَّفِقَتَانِ فِي يَوْمَيْنِ كَظُهْرَيْنِ أَوْ عَصْرَيْنِ لَمْ تَجِبْ نِيَّةُ الْقَبْلِيَّةَ أَوْ الْبَعْدِيَّةِ. [فَرْعٌ صَرْفُ الزَّكَاةِ بِلَا نِيَّةٍ] (قَوْلُهُ لِمُخَالَفَتِهِ الْوَاجِبَ) لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ النِّيَّةُ إذَا أَخْرَجَ زَكَاتَهُ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْ الْمَالِكِ فَقَامَ بِهِ وَلِيُّهُ كَالْإِخْرَاجِ وَالسَّفِيهُ مُلْحَقٌ بِهِمَا فِي النِّيَّةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ حَيْثُ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِلَا نِيَّةٍ) إذَا وَكَّلَهُ فِي تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ أَوْ فِي إهْدَاءِ الْهَدْيِ فَقَالَ زَكِّ لِي هَذَا الْمَالَ أَوْ أَهْدِ لِي هَذَا الْهَدْيَ فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَوْكِيلِهِ فِي النِّيَّةِ قَالَ الْحَوَارِيُّ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ بَلْ يُزَكِّي وَيُهْدِي وَيَنْوِي لِأَنَّ قَوْلَهُ زَكِّ أَهْدِ يَقْتَضِي التَّوْكِيلَ فِي النِّيَّةِ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُقْتَضَى مَا فِي الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغَيْرِهِ أَدِّ عَنِّي فِطْرَتِي فَفَعَلَ أَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ وَنَوَى أَجْزَأَهُ) سَمَّيَا عِنْدَ أَخْذِهَا أَوْ عِنْدَ تَفْرِقَتِهَا (قَوْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إلَخْ) بِخِلَافِ الْمَجْنُونَةِ أَوْ الْمُمْتَنِعَةِ إذَا غَسَّلَهَا زَوْجَهَا وَنَوَى لَا يُجْزِئُهَا بَاطِنًا عَلَى الصَّحِيحِ بَلْ تَجِبُ عَلَيْهَا الْإِعَادَةُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفُقَرَاءَ شُرَكَاءُ وَقَدْ وَصَلُوا إلَى حَقِّهِمْ وَحَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الزَّكَاةِ وَهُوَ إغْنَاءُ الْفَقِيرِ وَأَمَّا الطَّهَارَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 التَّفْرِقَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَنْهُ (فَلَا) تُجْزِئُهُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ (وَأَثِمَ الْإِمَامُ) بِتَرْكِهِ لَهَا لِأَنَّهُ فِي الزَّكَاةِ كَالْوَلِيِّ وَالْمُمْتَنِعُ مَقْهُورٌ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ. وَيَجِبُ رَدُّ الْمَأْخُوذِ أَوْ بَدَلُهُ وَالزَّكَاةُ بِحَالِهَا عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ نِيَّتِهِ عِنْدَ الْأَخْذِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي لَا عِنْدَ الصَّرْفِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ (وَلَا يَأْخُذُ الْإِمَامُ مَعَهَا) أَيْ مَعَ الزَّكَاةِ (شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمُمْتَنِعِ) لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ فَقَطْ وَأَمَّا خَبَرُ مَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ فَضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ (وَلَوْ نَوَى) الْمَالِكُ (عِنْدَ عَزْلِهَا أَوْ إعْطَائِهَا الْوَكِيلَ وَفُرِّقَتْ) عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ (بِلَا نِيَّةٍ) عِنْدَ التَّفْرِقَةِ (أَجْزَأَهُ) لِوُجُودِهَا مِنْ الْمُخَاطَبِ بِالزَّكَاةِ مُقَارَنَةً لِفِعْلِهِ وَكَمَا لَوْ قَارَنَتْ الْإِعْطَاءَ إلَى الْإِمَامِ وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّفْرِقَةِ كَالصَّوْمِ لِعُسْرِ الِاقْتِرَانِ بِأَدَاءِ كُلِّ مُسْتَحِقٍّ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الزَّكَاةِ سَدَّ حَاجَةَ الْمُسْتَحِقِّينَ بِهَا. وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عِنْدَ عَزْلِهَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ نَوَى بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّفْرِقَةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَإِنْ لَمْ تُقَارِنْ النِّيَّةُ أَحَدَهُمَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْكَلَامِ فِيمَا إذَا دَفَعَ إلَى الْوَكِيلِ بِلَا نِيَّةٍ وَقَالَ فِيهِ عَنْ زِيَادَةِ الْعَبَّادِيِّ إنَّهُ لَوْ دَفَعَ مَالًا إلَى وَكِيلِهِ لِيُفَرِّقَهُ تَطَوُّعًا ثُمَّ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ ثُمَّ فَرَّقَهُ الْوَكِيلُ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ إذَا كَانَ الْقَابِضُ مُسْتَحِقًّا (وَلَهُ تَفْوِيضُ النِّيَّةِ إلَى وَكِيلِهِ) فِي الْأَدَاءِ إذَا كَانَ أَهْلًا لَهَا لِإِقَامَتِهِ إيَّاهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِيهَا بِخِلَافِ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهَا وَمِنْهُ الْكَافِرُ وَالصَّبِيُّ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُمَا فِي أَدَائِهَا لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ تَعْيِينُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَتَتَعَيَّنُ نِيَّةُ الْوَكِيلِ إذَا وَقَعَ الْفَرْضُ بِمَالِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ مُوَكِّلُهُ أَدِّ زَكَاتِي مِنْ مَالِكِ لِيَنْصَرِفَ فِعْلُهُ عَنْهُ كَمَا فِي الْحَجِّ نِيَابَةً فَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ (وَنِيَّتُهُمَا مَعًا أَكْمَلُ) مِنْ نِيَّةِ أَحَدِهِمَا (وَمَنْ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ) وَلَوْ (بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَلَمْ يَنْوِ الزَّكَاةَ لَمْ تَسْقُطْ زَكَاتُهُ) كَمَا لَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ وَكَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةُ فَرْضٍ فَصَلَّى مِائَةَ صَلَاةٍ نَافِلَةٍ لَا تُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَصْلٌ وَيَبْعَثُ الْإِمَامُ) وُجُوبًا لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ (السُّعَاةَ) وَهُمْ عُمَّالُهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ السَّعْيِ فِي إيصَالِ الْحُقُوقِ إلَى أَهْلِهَا وَلِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَا يَعْرِفُونَ الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يُؤَدُّونَهَا بِأَنْفُسِهِمْ لَمْ يَجِبْ الْبَعْثُ وَيُنْدَبُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ (عِنْدَ إدْرَاكِ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ) بِحَيْثُ يَصِلُونَ أَرْبَابَهَا وَقْتَ الْجِدَادِ وَالْحَصَادِ وَلَوْ اعْتَبَرُوا فِي الْحُبُوبِ وُصُولَهُمْ عِنْدَ تَنْقِيَتِهَا كَانَ أَقْرَبَ إذْ لَا يُمْكِنُ الْأَدَاءُ إلَّا حِينَئِذٍ وَالثِّمَارُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ الْأَدَاءُ فِيهَا إلَّا حِينَ جَفَافِهَا لَكِنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى خَرْصٍ غَالِبًا حِينَ إدْرَاكِهَا فَنَاسَبَ اعْتِبَارَ الْوُصُولِ حِينَئِذٍ (وَيُسْتَحَبُّ لِلسَّاعِي أَنْ يُعَيِّنَ لِلْحَوْلِيِّ شَهْرًا) يَأْتِيهِمْ فِيهِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ (وَالْمُحَرَّمُ أَوْلَى) صَيْفًا كَانَ أَوْ شِتَاءً لِقَوْلِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ (وَ) أَنْ (يُخْرِجَ قَبْلَهُ لِيَحْضُرَ فِي أَوَّلِهِ فَمَنْ تَمَّ فِيهِ حَوْلُهُ أَدَّاهَا وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّعْجِيلُ فَإِنْ كَرِهَ) التَّعْجِيلَ عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ (أَمْهَلَهُ إلَى قَابِلٍ أَوْ نَوَّبَ) بِمَعْنَى أَنَابَ (مَنْ يُطَالِبُهُ أَوْ فَوَّضَ إلَيْهِ إنْ أَمِنَهُ وَ) أَنْ (يَأْمُرَهُمْ) أَيْ الْمُزَكِّينَ (بِجَمْعِ الْمَاشِيَةِ عَلَى الْمَاءِ) إنْ كَانَتْ تَرِدُهُ فَيَأْخُذَ زَكَاتَهَا عِنْدَهُ وَلَا يُكَلِّفُهُمْ رَدَّهَا إلَى الْبَلَدِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَتَبَّعَ الْمَرَاعِيَ وَبِهَذَا فُسِّرَ خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «لَا جَلْبَ وَلَا جَنَبَ» أَيْ لَا تُكَلِّفُوهُمْ أَنْ يَجْلِبُوهَا مِنْ الْمَرْعَى إلَى الْبَلَدِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُجَنِّبُوهَا السَّاعِيَ أَيْ يُكَلِّفُوهُ بِأَنْ يُجَنِّبَهَا مَعَهُ مِنْ الْمَرْعَى فَيَشُقُّوا عَلَيْهِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهَا إلَى الْأَئِمَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ التَّمْكِينُ دُونَ التَّسْلِيمِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُزَكِّي مَا إنْ أُمِرَ بِجَمْعِهَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَالْخِيَرَةُ فِي تَعْيِينِهِ لَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (فَإِنْ لَمْ تَرِدْهُ) كَأَنْ اكْتَفَتْ بِالْكَلَأِ فِي وَقْتِ الرَّبِيعِ (فَفِي بُيُوتِ أَهْلِهَا) وَأَفْنِيَتِهِمْ يَأْخُذُ زَكَاتَهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمُقْتَضَاهُ تَجْوِيزُ تَكْلِيفِهِمْ الرَّدَّ إلَى الْأَفْنِيَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ (وَيُسْتَحَبُّ جَمْعُهَا فِي) مَضِيقٍ نَحْوِ (حَظِيرَةٍ وَعَدُّهَا بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ) أَوْ نَائِبِهِ إنْ لَمْ يَثِقْ السَّاعِي بِقَوْلِهِ (وَ) أَنْ (يُخْرِجَهَا) مِنْ مَحَلَّهَا بَعْدَ اجْتِمَاعِهَا (وَاحِدَةً وَاحِدَةً) لِيَسْهُلَ عَدُّهَا وَأَنْ يَقِفَ مِنْ جَانِبٍ وَالسَّاعِي مِنْ جَانِبٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَ) أَنْ   [حاشية الرملي الكبير] فَعِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ خ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ) الْقِيَاسُ إجْزَاءُ نِيَّتِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى عِنْدَ عَزْلِهَا إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عِنْدَ إقْرَارِ الزَّكَاةِ أَوْ مَعَهُ أَوْ عِنْدَ إعْطَائِهَا الْوَكِيلَ أَوْ عِنْدَ تَفْرِيقِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ تَصَدَّقْ بِهَذَا تَطَوُّعًا ثُمَّ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ ثُمَّ فَرَّقَهُ الْوَكِيلُ أَوْ قَالَ بِعْ هَذَا وَاصْرِفْ ثَمَنَهُ عَنْ زَكَاتِي وَنَوَى بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ الثَّمَنَ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَلَهُ تَفْوِيضُ النِّيَّةِ إلَى وَكِيلِهِ إلَخْ) كَأَنْ قَالَ لَهُ زَكِّ هَذَا الْمَالَ أَوْ أَدِّ زَكَاتِي أَوْ فِطْرَتِي وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى وَكِيلِهِ لِيَبِيعَهُ وَيَصْرِفَهُ فِي زَكَاتِهِ وَنَوَى عِنْدَ دَفْعِ الثَّوْبِ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَوَى بَعْدَ حُصُولِ الثَّمَنِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ جَازَ لِأَنَّا وَإِنْ جَوَّزْنَا تَقْدِيمَ النِّيَّةِ فَإِنَّمَا نُجَوِّزُهَا فِي وَقْتٍ يَقْبَلُ ذَلِكَ الْمَالَ أَنْ يَكُونَ زَكَاةً قَالَ الْقَفَّالُ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ يَعْنِي فِي الْحَالَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ وُجُودِ النِّيَّةِ فِي مَالٍ مُعَيَّنٍ وَيَعْلَمُ مَا يَصْرِفُهُ فِي الزَّكَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ زَكَاةً فَأَمَرَ وَكِيلَهُ بِأَدَائِهَا وَنَوَى عِنْدَ أَمَرَهُ بِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ رُبَّمَا يُحَصِّلُهَا بِبَيْعِ مَتَاعٍ أَوْ اسْتِقْرَاضٍ لِدَرَاهِمَ وَعَلَى هَذَا لَوْ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ زَكَاةً فَقَالَ لِآخَرَ أَخْرِجْهَا إلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي خَمْسَةً وَأَدِّهَا عَنِّي زَكَاةً جَازَ انْتَهَى وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِينَ يُنَازِعُ فِي أَكْثَرِ مَا ذَكَرَهُ. [فَصْلٌ بَعَثَ الْإِمَامُ السُّعَاةَ لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ] (قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ التَّمْكِينُ إلَخْ) إذَا كَانَتْ الْمَاشِيَةُ مُتَوَحِّشَةً وَكَانَ فِي أَخْذِهَا وَإِمْسَاكِهَا مَشَقَّةٌ كَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ السِّنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمَهُ إلَى السَّاعِي فَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ إمْسَاكُهَا إلَّا بِعِقَالٍ كَانَ عَلَى الْمَالِكِ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا حَمَلُوا قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لِأَنَّ الْعِقَالَ هَا هُنَا مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَقِيلَ الْعِقَالُ هُوَ صَدَقَةُ عَامٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 (يُشِيرَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَدَّهَا بِقَضِيبٍ وَنَحْوِهِ أَوْ يَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهَا) فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ الْغَلَطِ. وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْوَاجِبِ) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْعَدَدِ (أَعَادَا الْعَدَدَ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ الْعَدَّ (وَيَكْفِي) فِي الْعَدِّ (خَبَرُ الْمَالِكِ) أَوْ نَائِبِهِ (الثِّقَةِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْفَقِيرِ) الْأَوْلَى لِلْمُسْتَحِقِّ (وَالسَّاعِي الدُّعَاءُ لِلْمَالِكِ عِنْدَ الْأَخْذِ) تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْخَيْرِ وَتَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ وَقَالَ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أَيْ اُدْعُ لَهُمْ (وَلَا يَتَعَيَّنُ دُعَاءٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ) مَا اسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ (آجَرَك اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت وَجَعَلَهُ لَك طَهُورًا وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَفَعَ زَكَاةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً أَوْ نَحْوَهَا أَنْ يَقُولَ رَبَّنَا تَقَبَّلَ مِنَّا إنَّك أَنْت السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَامْرَأَةِ عِمْرَانَ (وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى) بِفَتْحِ اللَّامِ (عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ شِعَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَقَدْ نُهِينَا عَنْ شِعَارِهِمْ وَالْمَكْرُوهُ مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ (إلَّا تَبَعًا لَهُمْ) فَلَا يُكْرَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ (كَالْآلِ) فَيُقَالُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأَتْبَاعِهِ لِأَنَّ السَّلَفَ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ وَقَدْ أُمِرْنَا بِهِ فِي التَّشَهُّدِ وَغَيْرِهِ وَذِكْرُ الْمَلَائِكَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَهُمْ) أَيْ الْآلُ (بَنُو هَاشِمٍ وَ) بَنُو (الْمُطَّلِبِ) مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي الصَّدَقَةِ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ. وَاَلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ مِنْ أَقَارِبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَكَرٍ دُونَ غَيْرِهِمْ وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَكَذَا) لَا تُكْرَهُ تَبَعًا (عَلَى غَيْرِهِمْ) أَيْ غَيْرِ الْآلِ مِنْ الْأَصْحَابِ وَالْأَزْوَاجِ وَنَحْوِهِمَا وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ مِنْ الْكَافِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْآلِ وَبِالْجُمْلَةِ لَا يُقَالُ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَالْأَصْحَابِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ صَحَّ الْمَعْنَى لِأَنَّهَا صَارَتْ مُخْتَصَّةً بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ (كَمَا لَا يُقَالُ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى) وَإِنْ صَحَّ الْمَعْنَى فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُخْتَصًّا بِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ عَلَى الْأَشْهَرِ مِنْ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِنَبِيَّيْنِ فَفِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا يَرْتَفِعَانِ عَنْ حَالِ مَنْ يُقَالُ فِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِمَا فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ مِمَّا يَرْفَعُهُمَا هَذَا كُلُّهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ أَمَّا مِنْهُمَا فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا حَقُّهُمَا فَلَهُمَا الْإِنْعَامُ بِهَا عَلَى غَيْرِهِمَا وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى. (وَالسَّلَامُ كَالصَّلَاةِ) فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَرَنَ بَيْنَهُمَا (لَكِنْ الْمُخَاطَبَةُ بِهِ مُسْتَحَبَّةٌ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ) مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ابْتِدَاءً وَوَاجِبَةٌ جَوَابًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ وَمَا يَقَعُ مِنْهُ غَيْبَةً فِي الْمُرَاسَلَاتِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مَا يَقَعُ خِطَابًا وَيُسْتَحَبُّ التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْأَحْيَاءِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ التَّرَضِّيَ مُخْتَصٌّ بِالصَّحَابَةِ وَالتَّرَحُّمَ بِغَيْرِهِمْ ضَعِيفٌ. (بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ) (وَشَرْطُهُ فِي) الْمَالِ (الْحَوْلِيِّ انْعِقَادُ الْحَوْلِ وَشَرْطُ انْعِقَادِهِ النِّصَابُ فِي السَّائِمَةِ وَالنَّقْدَيْنِ لَا فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَإِنْ عَجَّلَ عَنْ مَعْلُوفَةِ سَيُسَمِّيهَا أَوْ دُونَ نِصَابٍ مِنْ سَائِمَةٍ) أَوْ نَقْدٍ (لَمْ يَجُزْ) إذْ لَمْ يُوجَدْ سَبَبُ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الْحَوْلِ فَأَشْبَهَ أَدَاءَ الثَّمَنِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالدِّيَةَ قَبْلَ الْقَتْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْعَقَدَ الْحَوْلُ وَوُجِدَ النِّصَابُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِي التَّعْجِيلِ لِلْعَبَّاسِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَلِأَنَّ الْحَقَّ الْمَالِيَّ إذَا تَعَلَّقَ بِسَبَبَيْنِ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَتَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ وَاسْتُثْنِيَ الْوَلِيُّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ عَنْ مُوَلِّيهِ (أَوْ) عَجَّلَ (عَنْ عَرْضِ التِّجَارَةِ) كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ عَجَّلَ زَكَاةَ عِشْرِينَ وَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ عِنْدَ الْحَوْلِ عِشْرِينَ (جَازَ) وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ عِنْدَ التَّعْجِيلِ لِانْعِقَادِ حَوْلِهِ (فَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا فَعَجَّلَ لِعَامَيْنِ) فَأَكْثَرَ (أَجْزَأَهُ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِ وَقَضِيَّتُهُ الْإِجْزَاءُ عَنْهُ مُطْلَقًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَالسُّبْكِيِّ وَهُوَ مُسْلَمٌ إنْ مَيَّزَ حِصَّةَ كُلِّ عَامٍ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الْمُجْزِئَ عَنْ خَمْسِينَ شَاةً مَثَلًا إنَّمَا هُوَ شَاةٌ مُعَيَّنَةٌ لَا شَائِعَةٌ وَلَا مُبْهَمَةٌ وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُمَا بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً وَنَوَى بِهَا الزَّكَاةَ وَالتَّطَوُّعَ وَقَعَ الْكُلُّ تَطَوُّعًا أَمَّا مَا عَدَا الْعَامِ الْأَوَّلِ فَلَا يُجْزِئُ التَّعْجِيلُ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ مِنْهُمْ مُعْظَمُ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَحَمَلُوا تَسَلُّفَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ عَلَى تَسَلُّفِهَا فِي عَامَيْنِ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَتَعَقَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ وَجُمْهُورَ الخُرَاسانِييِّنَ إلَّا الْبَغَوِيّ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ آجَرَك اللَّهُ) فِي آجَرَك اللَّهُ لُغَتَانِ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ (قَوْلُهُ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ إلَخْ) هَلْ يُقَالُ بَنَاتُ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ يَعُدُّونَ آلَهُ وَهَلْ تُنْسَبُ بَنَاتُ بَنَاتِهِ إلَيْهِ كَمَا تُنْسَبُ الذُّكُورُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ إلَخْ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى وَهُوَ خُمُسُ الْخُمُسِ بَيْنَهُمْ تَارِكًا مِنْهُ غَيْرَهُمْ مِنْ بَنِي عَمَّيْهِمْ نَوْفَلٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ مَعَ سُؤَالِهِمْ لَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا أُحِلُّ لَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْئًا وَلَا غُسَالَةَ الْأَيْدِي إنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يَكْفِيكُمْ أَوْ يُغْنِيكُمْ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ. [بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ] لَوْ نَذَرَ تَعْجِيلَهَا فَفِي انْعِقَادِ نَذْرِهِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ وَجْهَانِ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ النَّذْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ الْمَنْعَ (قَوْلُهُ وَالدِّيَةُ قَبْلَ الْقَتْلِ) وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ عَنْ مُوَلِّيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَالسُّبْكِيِّ) أَيْ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُسَلَّمٌ إنْ مَيَّزَ إلَخْ) كَلَامُ الْأَصْحَابِ كَالصَّرِيحِ فِي الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ «وَتَسَلُّفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَأَجَابَ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ تَسَلُّفُ صَدَقَةِ عَامَيْنِ مَرَّتَيْنِ أَوْ صَدَقَةِ مَالَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَوْلٌ مُفْرَدٌ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ) وَعَلَيْهِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَنْوِيَ تَقْدِيمَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فِيهَا وَجْهَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 حَصَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ انْعِكَاسٌ فِي النَّقْلِ حَالَةَ التَّصْنِيفِ قَالَ وَلَمْ أَظْفَرْ بِأَحَدٍ صَحَّحَ الْمَنْعَ إلَّا الْبَغَوِيّ بَعْدَ الْفَحْصِ الْبَلِيغِ وَالتَّتَبُّعِ الشَّدِيدِ. اهـ. وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ (وَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا فَعَجَّلَ لِنِصَابَيْنِ لِتَوَقُّعِ تَمَامِ النِّصَابِ الثَّانِي) وَلَوْ (بِنِتَاجٍ) كَأَنْ مَلَكَ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ فَبَلَغَتْ بِالتَّوَالُدِ عَشْرًا (لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الثَّانِي) لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْدِيمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَلَى النِّصَابِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إلَّا مِائَتَيْنِ (بِخِلَافِ رِبْحِ التِّجَارَةِ) كَأَنْ اشْتَرَى لَهَا عَرْضًا بِمِائَتَيْنِ وَعَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ فَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِي أَرْبَعَمِائَةٍ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي إخْرَاجِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ بِآخِرِ الْحَوْلِ (وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ الْأُمَّهَاتِ) كَأَنْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَوَلَدَتْ أَرْبَعِينَ (فَتَمَاوَتَتْ لَمْ تَقَعْ عَنْ السِّخَالِ) لِأَنَّهُ عَجَّلَ الزَّكَاةَ عَنْ غَيْرِهَا فَلَا تُجْزِئُهُ عَنْهَا (وَيَجُوزُ التَّعْجِيلُ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ) إنْ ظَنَّ حُصُولَ نِصَابٍ مِنْهُمَا (بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) فِي الثِّمَارِ (وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ) فِي الزُّرُوعِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ قَدْ ثَبَتَ إلَّا أَنَّ الْإِخْرَاجَ لَا يَجِبُ أَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مَا تُمْكِنُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ تَحْقِيقًا وَلَا ظَنًّا فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ الثِّمَارِ وَانْعِقَادِ الْحَبِّ وَلِأَنَّ وُجُوبَهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إدْرَاكُ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ فَيَمْتَنِعُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ (وَ) يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا (فِي الْفِطْرَةِ بِدُخُولِ) شَهْرِ (رَمَضَانَ) لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ بِسَبَبَيْنِ رَمَضَانَ وَالْفِطْرِ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْآخَرِ دُونَ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِمَا مَعًا كَزَكَاةِ الْمَالِ وَرَوَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُؤَدِّيهَا قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ. (فَرْعٌ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ قَبْلَ يَمِينٍ وَقَتْلٍ وَظِهَارٍ وَجِمَاعٍ) مِنْ مُحْرِمٍ أَوْ صَائِمٍ فِي رَمَضَانَ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِجِمَاعٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَعَطَفَ الْأَصْلُ عَلَى الْكَفَّارَةِ جَزَاءَ الصَّيْدِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ أَدْخَلَهُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لَكِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى كَفَّارَةِ قَتْلِهِ (وَلَا) تُقَدَّمُ (فِدْيَةُ هَرَمٍ وَحَامِلٍ وَمَرَضٍ قَبْلَ رَمَضَانَ) وَكَالْهَرَمِ مَنْ اشْتَدَّتْ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ وَالْمَرِيضُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعُ أَمَّا تَقْدِيمُهَا فِي رَمَضَانَ فَسَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّوْمِ (وَلَا) تَقْدِيمَ (أُضْحِيَّةٌ وَمَنْذُورَةٌ) كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ (وَزَكَاةُ مَعْدِنٍ وَرِكَازٌ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ) فِي الْأُضْحِيَّةِ (وَوُجُودُ الشَّرْطِ) فِي الْمَنْذُورَةِ (وَالْحُصُولُ) لِلْمَقْصُودِ فِي الْأَخِيرَيْنِ وَلَا تَقْدِيمُ دَمِ التَّمَتُّعِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ وَلَا دَمِ الْقِرَانِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالنُّسُكَيْنِ وَلَا دَمِ الْفَوَاتِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ التَّقْدِيمِ فِي الْمَنْذُورِ ذَكَرَ فِي الْإِيمَانِ عَكْسَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فِي كَلَامِ الْأَصْلِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَعْدِنِ مَحَلُّهُ فِي الْمَوَاتِ فَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ أَحْيَا أَرْضًا فَظَهَرَ فِيهَا مَعْدِنٌ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ تَبَعًا لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَبْوَابِهَا. (فَصْلٌ شَرْطُ وُقُوعِ الْمُعَجَّلِ) فِي الْحَوْلِيِّ (زَكَاةُ بَقَاءِ الْقَابِضِ وَالْمَالِكِ أَهْلًا) لِاسْتِحْقَاقِهَا فِي الْأَوَّلِ وَلِوُجُوبِهَا فِي الثَّانِي (إلَى) تَمَامِ (الْحَوْلِ فَإِنْ مَاتَ الْقَابِضُ قَبْلَهُ) أَوْ ارْتَدَّ (أَوْ اسْتَغْنَى بِمَالٍ آخَرَ) أَيْ غَيْرِ الْمُعَجَّلِ كَزَكَاةٍ أُخْرَى وَاجِبَةٍ أَوْ مُعَجَّلَةٍ أَخَذَهَا بَعْدَ الْأُولَى (أَوْ نَقَصَ النِّصَابُ أَوْ بَاعَهُ) الْمَالِكُ وَلَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ وَالْأَوْلَى أَوْ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ (لَمْ يُجْزِهِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ عِنْدَ الْوُجُوبِ (وَإِنْ عَرَضَ مَانِعٌ فِي الْقَابِضِ ثُمَّ زَالَ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يَضُرَّ) لِلْأَهْلِيَّةِ فِي الطَّرَفَيْنِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ اسْتِحْقَاقَهُ أَوْ حَيَاتَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْحَنَّاطِيُّ وَغَيْرُهُ   [حاشية الرملي الكبير] كَالْوَجْهَيْنِ فِي تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فِي الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ قَالَ النَّاشِرِيُّ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَتَقْدِيمِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فِي وَقْتِ الْأُولَى لِأَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا (قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ. (قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الثَّانِي) مِثْلُهُ مَا لَوْ مَلَكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ شَاةً فَعَجَّلَ مِنْهَا شَاتَيْنِ ثُمَّ عَدِمَتْ سَخْلَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ وَفِي الْفِطْرَةِ بِدُخُولِ رَمَضَانَ) لَوْ أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ عَبْدِهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ بَاعَهُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْهُ وَلَوْ مَاتَ الْمُخْرِجُ فَانْتَقَلَ الْعَبْدُ إلَى وَارِثِهِ الْمُعَيَّنِ هَلْ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الْفِطْرَةِ عَنْهُ فِيهِ قَوْلَانِ مُخَرَّجَانِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ نَصَّ فِي زَكَاةِ الْمَالِ إذَا عَجَّلَهَا ثُمَّ مَاتَ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ وَرَثَتِهِ انْتَهَى سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْآخَرِ) وَلِأَنَّ تَقْدِيمَهَا بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْمُخَالِفِ فَأُلْحِقَ الْبَاقِي بِهِ قِيَاسًا بِجَامِعِ إخْرَاجِهَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ. [فَرْعٌ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ قَبْلَ يَمِينٍ وَقَتْلٍ وَظِهَارٍ وَجِمَاعٍ مِنْ مُحْرِمٍ أَوْ صَائِمٍ فِي رَمَضَانَ] (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ إلَخْ) يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ هُنَا عَلَى الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْإِيمَانِ (قَوْلُهُ ذَكَرَ فِي الْإِيمَانِ عَكْسَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بَقَاءُ الْقَابِضِ وَالْمَالِكِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يَبْقَى الْمَالُ وَأَهْلِيَّةُ الْقَابِضِ وَالْمَالِكِ وَصِفَةُ الْمَدْفُوعِ وَلَكِنْ تَجِبُ الزَّكَاةُ لِمَوْضِعٍ آخَرَ وَلِأَهْلِهِ لِحُصُولِ الْمَالِ بِهِ عِنْدَ الْحَوْلِ كَأَمْوَالِ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الْأَسْفَارِ الَّذِينَ لَا تُقِرُّهُمْ دَارٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ انْتَهَى هَذَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ لِإِخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَعَلُّقَ لِمُسْتَحِقِّي الْبَلَدِ الْمَذْكُورَةِ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَغْنَى بِمَالٍ آخَرَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتُتَصَوَّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا تَلِفَتْ الْمُعَجَّلَةُ ثُمَّ حَصَلَ غِنَاهُ مِنْ زَكَاةٍ أُخْرَى وَنَمَتْ فِي يَدِهِ بِقَدْرِ مَا يُوفِي مِنْهَا بَدَلَ التَّالِفِ وَيَبْقَى غِنَاهُ وَبِمَا إذَا كَانَ حَالَ قَبْضِهِمَا مُحْتَاجًا إلَيْهِمَا ثُمَّ تَغَيَّرَ حَالُهُ فَصَارَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ يَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا وَهُمَا فِي يَدِهِ انْتَهَى قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ فِي يَدِهِ أَوْ تَلِفَتْ وَكَانَ أَخْذُ بَدَلِهَا مِنْهُ لَا يُصَيِّرُهُ فَقِيرًا فَإِنْ كَانَ يُصَيِّرُهُ فَقِيرًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ أَخْذُ الْبَدَلِ إلَى اسْتِحْقَاقِ أَخْذِهِ انْتَهَى قَالَ الْغَزِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ بِزَكَاةٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَإِنْ افْتَقَرَ وَقَوْلُهُ قَالَ الْغَزِّيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْحَنَّاطِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لَوْ غَابَ الْقَابِضُ عِنْدَ الْحَوْلِ وَشَكَكْنَا فِي حَيَاتِهِ فَهَلْ يَجُوزُ الْمُعَجَّلُ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الْبَحْرِ الْإِجْزَاءَ وَفِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ إذَا غَابَ الْمِسْكِينُ عِنْدَ الْحُلُولِ وَلَا نَدْرِي مِنْ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ وَفَقْرِهِ وَغِنَاهُ أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 أَمَّا الْمَالِكُ فَلَا يَأْتِي فِيهِ حُكْمُ الْعُرُوضِ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا رِدَّتُهُ فَلَا تُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهَا إلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ كَمَا مَرَّ (وَلَا يَضُرُّ غِنَاهُ بِذَلِكَ الْمُعَجَّلِ وَلَا غَيْرِهِ) أَيْ وَلَا بِغَيْرِهِ (مَعَهُ) كَأَنْ تَاجَرَ فِيهِ إذْ الْقَصْدُ بِصَرْفِ الزَّكَاةِ لَهُ غِنَاهُ (وَلَوْ مَاتَ الْمُعَجِّلُ) لِزَكَاتِهِ (لَمْ يَقَعْ) مَا عَجَّلَهُ (عَنْ) زَكَاةِ (وَارِثِهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى حَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فَهُوَ تَعْجِيلٌ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ وَكَزَكَاةِ الْحَوْلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ زَكَاةُ الْفِطْرِ. (فَرْعٌ لِلْإِمَامِ فِيمَا يَأْخُذُهُ لِلْفُقَرَاءِ) قَبْلَ الْحَوْلِ (حَالَانِ الْأَوَّلُ أَنْ يَأْخُذَهُ زَكَاةً مُعَجَّلَةً فَإِنْ كَانَ بِسُؤَالِ الْمَسَاكِينِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِمْ) وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِمْ (فَيَقَعُ زَكَاةً وَإِنْ تَلِفَ فِي أَيْدِيهِمْ قَبْلَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ أَوْ) فِي (يَدِ الْإِمَامِ) كَذَلِكَ (إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الِاسْتِحْقَاقِ) وَالْوُجُوبِ (عِنْدَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ) وَإِلَّا بِأَنْ فَاتَتْ أَوْ فَاتَ بَعْضُهَا (اسْتَحَقَّ الْمَالِكُ الرُّجُوعَ بِهَا عَلَيْهِمْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِمْ فَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا فَلَا أَيْ فَلَا يَقَعُ زَكَاةً حَتَّى لَوْ فَاتَ شَرْطُ الِاسْتِحْقَاقِ لَزِمَ الْمَالِكَ الْإِخْرَاجُ ثَانِيًا (وَلَيْسَ الْإِمَامُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ) وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا إلَيْهِمْ (إلَّا إنْ جَهِلَ الْمَالِكُ كَوْنَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (أَخَذَهَا بِسُؤَالِهِمْ) فَيَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ فَيَرْجِع عَلَيْهِ الْمَالِكُ فَيَقْبِضُهُ لَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ أَوْ يَحْسِبُهُ لَهُ عَنْ زَكَاتِهِ (وَإِنْ أَخَذَهَا الْإِمَامُ بِسُؤَالِ الْمَالِكِ) وَلَمْ يَدْفَعْهَا إلَيْهِمْ (فَهِيَ مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ الْمَالِكِ لِتَفْرِيطِهِ (وَالْإِمَامُ وَكِيلُهُ فَتَلْغُو) أَيْ الزَّكَاةُ (إنْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْإِمَامِ قَبْلَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ) كَمَا لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِ وَكِيلِ الْمَالِكِ (وَلَا يَضْمَنُ الْإِمَامُ إلَّا إنْ فَرَّطَ) كَسَائِرِ الْوُكَلَاءِ. أَمَّا إذَا دَفَعَهَا إلَيْهِمْ فَإِنْ تَمَّ الْحَوْلُ وَهُمْ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْمَالِكُ بِصِفَةِ الْوُجُوبِ أَجْزَأَتْ وَإِلَّا رَجَعَ الْمَالِكُ عَلَيْهِمْ دُونَ الْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ مَا لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي آخِرِ الْحَالِ الثَّانِي (وَلَوْ أَخَذَهَا بِسُؤَالِ الْجَمِيعِ) أَيْ الْمَالِكِ وَالْمَسَاكِينِ (فَمِنْ ضَمَانِ الْمَسَاكِينِ) لَا الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا الْإِمَامُ إلَيْهِمْ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَعُودُ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي الْمُسْتَعِيرِ (أَوْ) أَخَذَهَا (لَا بِسُؤَالِ أَحَدٍ) مِنْهُمْ وَمِنْ الْمَالِكِ (فَهُوَ) أَيْ الْمَأْخُوذُ (مِنْ ضَمَانِهِ إلَّا إنْ أُخِذَ لِحَاجَةِ طِفْلٍ لَا وَلِيَّ لَهُ غَيْرُهُ) فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ حَاجَةَ الطِّفْلِ حِينَئِذٍ كَسُؤَالِ الرَّشِيدِ بِخِلَافِ الطِّفْلِ الَّذِي وَلِيُّهُ غَيْرُ الْإِمَامِ لِأَنَّ لَهُ مَنْ يَسْأَلُ التَّسَلُّفَ لَوْ كَانَ صَلَاحُهُ فِيهِ وَإِنَّمَا لَمْ تَنْزِلُ حَاجَةُ غَيْرِ الطِّفْلِ مَنْزِلَةَ سُؤَالِهِ كَمَا فِي الطِّفْلِ الَّذِي وَلِيُّهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ أَهْلُ رُشْدٍ وَنَظَرٍ وَكَالطِّفْلِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِمْ مَا اسْتَبَدَّ بِأَخْذِهِ وَحَالَ الْحَوْلُ وَلَا مَانِعَ) مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْوُجُوبِ (وَقَعَ الْمَوْقِعَ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ ثَمَّ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ (اسْتَرَدَّهُ) مِنْهُمْ (الْإِمَامُ وَدَفَعَهُ لِغَيْرِهِمْ) إنْ اخْتَصَّ الْمَانِعُ بِهِمْ (أَوْ) دَفَعَهُ (لِلْمَالِكِ إنْ سَقَطَتْ عَنْهُ) الزَّكَاةُ الْأُولَى إنْ اخْتَصَّ الْمَانِعُ بِهِ لِأَنَّ سُقُوطَهَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ وُجُوبِهَا وَإِنَّمَا قُيِّدَ ذَلِكَ بِمَا اسْتَبَدَّ بِأَخْذِهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى (فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِرْدَادُ) لِلْمَأْخُوذِ (أَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْإِمَامِ قَبْلَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ ضَمِنَهُ مِنْ مَالِهِ) وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ (وَأَخْرَجَ الْمَالِكُ الزَّكَاةَ ثَانِيًا) تَعْبِيرُهُ بِالتَّعَذُّرِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ تَلِفَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَحَاجَةُ طِفْلِ وَلِيِّهِ الْإِمَامِ كَسُؤَالِ الْبَالِغِ فَيَضْمَنُ الطِّفْلُ) وَيَقَعُ الْمَأْخُوذُ زَكَاةً إنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَّا إنْ أُخِذَ لِحَاجَةِ طِفْلٍ لَا وَلِيَّ لَهُ غَيْرُهُ. (الْحَالُ الثَّانِي أَنْ يَأْخُذَهُ قَرْضًا لِلْمَسَاكِينِ) بِسُؤَالٍ أَوْ بِدُونِهِ (فَلَهُ فِي الضَّمَانِ) وَعَدَمِهِ (حُكْمُ) الزَّكَاةِ (الْمُعَجَّلَةِ) فِي مَا مَرَّ فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي عَيْنِ الضَّامِنِ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِيمَا إذَا أَخَذَهُ لَا بِسُؤَالِ أَحَدٍ (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ لَكِنَّهُ (لَا يَقَعُ زَكَاةً) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ بِنِيَّتِهَا (بَلْ يَقْضِيهِ الْإِمَامُ) لِلْمَالِكِ إنْ أَخَذَهُ بِسُؤَالِ الْمَسَاكِينِ (مِنْ الصَّدَقَةِ أَوْ يَحْسِبُهُ لَهُ عَنْ زَكَاتِهِ) بِأَنْ يَنْوِيَ جَعْلَهُ عَنْهَا عِنْدَ دَفْعِهِ لَهُمْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَهَذَا أَوْلَى بِالْإِجْزَاءِ مِنْ دَفْعِ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا مِنْ مَالِهِ عَنْ الْمَالِكِ بِإِذْنِهِ (وَالْإِمَامُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ) فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَالِكُ فَيَقْضِيهِ لَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ أَوْ يَحْسِبُ لَهُ مِنْ زَكَاتِهِ كَمَا ذُكِرَ (إلَّا إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ) أَوْ ظَنَّ (كَوْنَهُ اقْتَرَضَهَا) لَهُمْ (بِسُؤَالِهِمْ) فَلَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّ وَكِيلَ الْمُقْتَرِضِ يُطَالِبُ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَهُمَا فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ اقْتَرَضَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمْ بِغَيْرِ سُؤَالِهِمْ أَوْ جَهِلَ ذَلِكَ وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي مَسْأَلَةِ الْجَهْلِ مُتَدَافِعٌ. (وَيَقَعُ الْقَرْضُ لِلْإِمَامِ حِينَ يَقْتَرِضُ لَا بِسُؤَالِ أَحَدٍ) مِنْ الْمَالِكِ وَالْمَسَاكِينِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ مِنْ مَالِهِ   [حاشية الرملي الكبير] الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ فَقْرِهِ وَحَيَاتِهِ وَفِي شَرْحِ الْوَسِيطِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ نَقْلِ الزَّكَاةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ رَأَيْت لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُقِيمًا بِبَلَدٍ وَلَهُ مَالٌ لَا يَسْتَقِرُّ بِبَلَدٍ بَلْ يُسَافِرُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ فِي بَلَدِ إقَامَتِهِ ثُمَّ جَاءَ الْحَوْلُ وَالْمَالُ فِي غَيْرِهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَبِهِ أَجَابَ ابْنُ رَزِينٍ فِي الْفَتَاوَى وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَجُوزُ الْمُعَجَّلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ إذْ الْقَصْدُ بِصَرْفِ الزَّكَاةِ لَهُ غِنَاهُ) وَأَيْضًا لَوْ أَخَذْنَاهَا لَافْتَقَرَ وَاحْتَجْنَا إلَى رَدِّهَا إلَيْهِ فَإِثْبَاتُ الِاسْتِرْجَاعِ يُؤَدِّي إلَى نَفْيِهِ [فَرْعٌ لِلْإِمَامِ فِيمَا يَأْخُذُهُ لِلْفُقَرَاءِ قَبْلَ الْحَوْلِ حَالَانِ] (قَوْلُهُ وَلَوْ أَخَذَهَا بِسُؤَالِ الْجَمِيعِ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا نَوَى الْإِمَامُ عِنْدَ أَخْذِهَا النِّيَابَةَ عَنْ الْجَمِيعِ أَمَّا لَوْ نَوَى عِنْدَ أَخْذِهَا أَحَدَهُمَا كَانَتْ مِنْ ضَمَانِ مَنْ عَيَّنَهُ بِالنِّيَّةِ قَطْعًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَقَالَ هُوَ ظَاهِرٌ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُذَاكَرَةِ عَنْ ابْنِ عُجَيْلٍ (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ) وَإِنْ تَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لِأَنَّ أَهْلَ الرُّشْدِ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ فَإِذَا قَبَضَ حَقَّهُمْ قَبْلَ مَحِلِّهِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ مَنْ يُعْتَدُّ بِقَبْضِهِ بَعْدَ مَحِلِّهِ ضَمِنَهُ كَقَبْضِ الْوَكِيلِ دَيْنَ مُوَكِّلِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ وَقَاسَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ عَلَى مَا لَوْ قَبَضَ الْأَبُ دَيْنَ ابْنِهِ الْكَبِيرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَجَوَازُ الْقَبْضِ لِلْإِمَامِ لَا يَمْنَعُ عَنْهُ الضَّمَانَ بَلْ يَكُونُ مَشْرُوطًا بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 وَإِنْ سَلَّمَهُ إلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُتَعَيِّنِينَ وَفِيهِمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ أَهْلُ رُشْدٍ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِمْ (لَكِنَّهُ إذَا سَلَّمَهُ إلَيْهِمْ وَقَدْ اقْتَرَضَ لِحَاجَتِهِمْ بِغَيْرِ سُؤَالِهِمْ ضَمِنُوا وَالْإِمَامُ طَرِيقٌ) فِي الضَّمَانِ وَإِذَا أُخِذَتْ الزَّكَوَاتُ فَإِنْ كَانُوا بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ قَضَاهُ مِنْهَا أَوْ حَسِبَهُ لِلْمَالِكِ عَنْ زَكَاتِهِ وَإِلَّا قَضَى مَنْ لَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ إنْ وَجَدَ لَهُمْ مَالًا وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِ سُؤَالِهِمْ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ بَلْ يُوهِمُ أَنَّ عَدَمَ سُؤَالِ الْمَالِكِ لَيْسَ قَيْدًا فِي كَوْنِ الْإِمَامِ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَلَيْسَ مُرَادًا ثُمَّ بَيْنَ مَالِهِ تَعَلُّقٌ بِالْحَالِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَلِفَ الْمُعَجَّلُ فِي يَدِ الْإِمَامِ بَعْدَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ وَقَعَ زَكَاةً عَلَى كُلِّ حَالٍ) مِنْ الْأَحْوَالِ السَّابِقَةِ فِيهِ لِأَنَّ الْحُصُولَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ كَالْوُصُولِ إلَى الْمَسَاكِينِ كَمَا لَوْ أَخَذَ بَعْدَ الْحَوْلِ (فَإِنْ) كَانَ قَدْ (تَلِفَ بِتَفْرِيطِهِ) وَلَوْ بَعْدَ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ (ضَمِنَهُ لِلْفُقَرَاءِ) مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ (وَلَيْسَ انْتِظَارُ مَا يَحْصُلُ) مِنْ الزَّكَوَاتِ (لِيُفَرِّقَهُ جَمِيعًا تَفْرِيطًا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَيْسَ مِنْ التَّفْرِيطِ أَنْ يَنْتَظِرَ انْضِمَامَ غَيْرِهِ إلَيْهِ لِقِلَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ تَفْرِيقُ كُلِّ قَلِيلٍ يَحْصُلُ عِنْدَهُ وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (وَعَبَّرَ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّكَاةِ (بِالْمَسَاكِينِ) تَارَةً وَبِالْفُقَرَاءِ أُخْرَى (عَنْ الْأَصْنَافِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي زَكَاةِ الْمَوَاشِي (وَبِسُؤَالِهِمْ) وَحَاجَتِهِمْ (عَنْ سُؤَالِ بَعْضِهِمْ) وَحَاجَتِهِ أَيْ سُؤَالِ وَحَاجَةِ طَائِفَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ لَا جَمِيعِ آحَادِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْمَسَاكِينُ حَقِيقَةً لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَ زَكَاةَ الْوَاحِدِ إلَى وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْنَافِ. (فَصْلٌ مَتَى عَجَّلَ الْمَالِكُ أَوْ الْإِمَامُ) دَفْعَ الزَّكَاةِ (وَلَمْ يَعْلَمْ الْفُقَرَاءُ أَنَّهُ تَعْجِيلٌ لَمْ يَسْتَرِدَّ) وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَى قَاصِدًا لَهُ وَصَدَّقَهُ الْآخِذُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْإِعْلَامِ عِنْدَ الْأَخْذِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ فَقَضَاهُ وَلَمْ يَشْهَدْ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْإِعْطَاءِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّ مَا دُفِعَ إلَى الْفَقِيرِ لَا يُسْتَرَدُّ فَكَأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ إنْ وَجَدَ شَرْطَهَا وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ لِأَنَّهُ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى تَمَلُّكِهِ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ أَطْمَاعُهُ (فَإِنْ عِلْم) ذَلِكَ وَلَوْ بِقَوْلِ الْمَالِكِ لَهُ هَذِهِ زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ (وَحَالَ) عَلَيْهِ (الْحَوْلُ وَقَدْ خَرَجَ الْفَقِيرُ أَوْ الْمَالِكُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الزَّكَاةِ وَلَوْ بِإِتْلَافِ مَالِهِ اسْتَرَدَّهُ) أَيْ الْمُعَجِّلُ (وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ) لِلْعِلْمِ بِالتَّعْجِيلِ وَقَدْ بَطَلَ (وَإِنْ قَالَ) هَذِهِ (زَكَاتِي الْمُعَجَّلَةُ) (فَإِنْ لَمْ تَقَعْ زَكَاةً فَهِيَ نَافِلَةٌ لَمْ يَسْتَرِدَّ) وَهُوَ وَاضِحٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عِلْمِ التَّعْجِيلِ) أَيْ فِي عِلْمِ الْقَابِضِ بِهِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْفَقِيرِ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَفِي تَحْلِيفِ وَارِثِهِ) إذَا مَاتَ قَبْلَ حَلِفِهِ (أَنَّهُ مَا عَلِمَ) أَنَّ مُوَرِّثَهُ عَلِمَ التَّعْجِيلَ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ وَصَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ لِإِمْكَانِ صِدْقِهِ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ هَذِهِ زَكَاتِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْحَالِ فَلَيْسَ لَهُ دَعْوَى خِلَافِهِ (وَلَا يَجُوزُ اسْتِرْدَادٌ بِلَا سَبَبٍ) لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِالتَّعْجِيلِ فَهُوَ كَمَنْ عَجَّلَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا لَا يَسْتَرِدُّهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْإِمَامُ وَمَتَى ثَبَتَ الِاسْتِرْدَادُ فَلَا حَاجَةَ إلَى نَقْضِ الْمِلْكِ وَالرُّجُوعِ بَلْ يُنْتَقَضُ بِنَفْسِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (دَفَعَ الزَّكَاةَ أَوْ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ وَهُوَ سَاكِتٌ أَجْزَأَهُ) تَشْبِيهًا لِلْأَوَّلِ بِتَوْفِيَةِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَعَمَلًا بِالْعُرْفِ فِي الثَّانِي وَقَدْ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَعَنْ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ وَالْمُحَقِّقِينَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنْ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ عَلَى نَقْلِهِ عَنْ الْإِمَامِ (وَلَيْسَ إعْلَامُهُ) أَيْ إعْلَامُ الدَّافِعِ الْفَقِيرِ (بِأَنَّهَا زَكَاةٌ) فَقَطْ (كَالْإِعْلَامِ بِالتَّعْجِيلِ) فَلَا يَسْتَرِدُّهَا لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ ذَلِكَ. [فَرْعٌ الْفَقِيرُ يَمْلِكُ الزَّكَاة الْمُعَجَّلَةَ بِالْقَبْضِ] (فَرْعٌ الْفَقِيرُ يَمْلِكُ الْمُعَجَّلَةَ) بِالْقَبْضِ (فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا) ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا كَسَائِرِ الْمُلَّاكِ (وَعِنْدَ وُجُوبِ الرَّدِّ) أَيْ رَدِّهَا عَلَى الْمَالِكِ (يَرُدُّهَا) عَيْنًا أَوْ بَدَلًا (هُوَ) أَيْ الْفَقِيرُ إنْ كَانَ حَيًّا (أَوْ وَارِثُهُ) مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا السَّرَخْسِيُّ أَحَدُهَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ دَفْعُ الزَّكَاةِ ثَانِيًا لِأَنَّ الْقَابِضَ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ وَالثَّانِي تُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلَةُ لِلْمَصْلَحَةِ وَالثَّالِثُ يَغْرَمُ الْإِمَامُ لِلْمَالِكِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَدْرَ الْمَدْفُوعِ وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ وَالدَّلِيلَيْنِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْقِيَاسُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْجُمْهُورِ وَإِذَا رَدَّ فَلْيَرُدَّ (بِالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ) كَالسِّمْنِ وَالْكِبَرِ (لَا الْمُنْفَصِلَةِ) حَقِيقَةً كَالْوَلَدِ وَالْكَسْبِ أَوْ حُكْمًا كَاللَّبَنِ بِضَرْعِ الدَّابَّةِ وَالصُّوفِ بِظَهْرِهَا كَمَا فِي الْمَوْهُوبِ لِلْوَلَدِ وَالْمَبِيعِ لِلْمُفْلِسِ بِجَامِعِ حُدُوثِ الزِّيَادَةِ فِي مِلْكِ الْآخِذِ (وَلَوْ نَقَصَتْ) قِيمَةُ الْمُعَجَّلِ بِنَقْصِ صِفَةٍ كَمَرَضٍ وَهُزَالٍ لَا نَقْصِ جُزْءٍ كَتَلَفِ شَاةٍ مِنْ شَاتَيْنِ (فَلَا أَرْشَ) لِمَا مَرَّ آنِفًا هَذَا إذَا حَدَثَ الزِّيَادَةُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَيَّ سُؤَالٍ وَحَاجَةِ طَائِفَةٍ) تُطْلَقُ الطَّائِفَةُ عَلَى الْوَاحِدِ فَأَكْثَرَ كَمَا هُنَا. [فَصْلٌ عَجَّلَ الْمَالِكُ أَوْ الْإِمَامُ دَفْعَ الزَّكَاةِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْفُقَرَاءُ أَنَّهُ تَعْجِيلٌ] (قَوْلُهُ فَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ إلَخْ) هَذَا فِي الْعِلْمِ الْمُقَارِنِ لِلْقَبْضِ فَإِنْ تَحَدَّدَ بَعْدَهُ قَالَ السُّبْكِيُّ فَهَلْ هُوَ كَالْمُقَارِنِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْمُقَارِنِ وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْإِمَامِ مَا يُوهِمُ خِلَافَهُ انْتَهَى هَذَا إذَا عُلِمَ مَعَ بَقَاءِ الْمَقْبُوضِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَلَفِهِ أَوْ إتْلَافِهِ فَلَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ عَلَى أَنَّهُ مَضْمُونٌ وَقَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِلْعِلْمِ بِالتَّعْجِيلِ وَقَدْ بَطَلَ) شَمِلَ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ حُكْمَ التَّعْجِيلِ وَأَشْبَهَ ذَلِكَ مَا لَوْ عَجَّلَ الْأُجْرَةَ فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ (قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عِلْمِ التَّعْجِيلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مُثْبِتِ الِاسْتِرْدَادِ صُدِّقَ الْقَابِضُ بِيَمِينِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ يَشْمَلُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نَقْصِ الْمَالِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ تَلَفِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَقَوْلُهُ قَدْ يَشْمَلُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ) وَلِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ هُوَ الْأَدَاءُ فِي الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ) هُوَ الْأَصَحُّ. [فَرْعٌ دَفَعَ الزَّكَاةَ أَوْ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ وَهُوَ سَاكِتٌ] (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا أَرْشَ) لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ كَالْمَبِيعِ إذَا رَجَعَ فِيهِ بِالْإِفْلَاسِ نَاقِصًا. فَرْعٌ إذَا عَجَّلَ زَكَاةَ الْحَيَوَانِ وَاقْتَضَى الْحَالُ الرُّجُوعَ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُنْفِقُ بِمَا أَنْفَقَ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ وَقَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ يَنْبَغِي بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 وَالنَّقْصُ قَبْلَ حُدُوثِ سَبَبِ الرَّدِّ وَوُجِدَتْ أَهْلِيَّةُ الْمَالِكِ وَالْقَابِضِ لِلزَّكَاةِ فَإِنْ حَدَثَا بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبِأَنْ عَدِمَ تِلْكَ الْأَهْلِيَّةَ حِينَ الْقَبْضِ رَدَّهُمَا مَعَ الْمُعَجَّلِ صَرَّحَ بِالْأَوَّلِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ بِالثَّانِي الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ (وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ بَدَلِهَا لَا إنْ تَلِفَتْ فَيَرُدُّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ) كَالدَّرَاهِمِ (وَ) يَرُدُّ (فِي غَيْرِهِ) كَالْغَنَمِ (قِيمَةَ يَوْمِ الْقَبْضِ) كَنَظَائِرِهِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لَا يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا أَقْصَى الْقِيَمِ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ الْقَبْضِ زَادَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ فَلَمْ يَضْمَنْهُ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ مِثْلِهَا مَعَ وُجُودِهَا بِغَيْرِ رِضَا الْمَالِكِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَإِنْ اسْتَرَدَّ) هَا (لِإِمَامِ) أَوْ بَدَلَهَا (وَلَوْ قِيمَتُهَا وَصَرَفَهَا لِلْفُقَرَاءِ جَازَ وَلَوْ لَمْ يُجَدِّدْ الْمَالِكُ) لَهُ (إذْنًا) اكْتِفَاءً بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ وَلِأَنَّهُ نَائِبُهُ فِي الدَّفْعِ وَنَائِبُ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي الْأَخْذِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَانَ هَذَا فِيمَا إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ تَعْجِيلًا لِزَكَاتِهِ أَمَّا لَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ لِيَصْرِفَهُ عَنْهُ فَهُوَ وَكِيلُهُ فَإِذَا اُنْتُقِضَ ذَلِكَ الصَّرْفُ بِعَارِضٍ عَادَ الْمُخْرَجُ إلَى مِلْكِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْوُكَلَاءِ. (فَرْعٌ وَ) الزَّكَاةُ الْمُعَجَّلَةُ (كَالْبَاقِيَةِ) بِمِلْكِ الْمَالِكِ (فَيَكْمُلُ بِهَا النِّصَابُ الثَّانِي) وَفِي نُسْخَةٍ الْبَاقِي (وَإِنْ تَلِفَتْ) إذْ التَّعْجِيلُ إنَّمَا جَازَ رِفْقًا بِالْمُسْتَحِقِّ فَلَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِحَقِّهِ هَذَا (إنْ كَانَتْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ النِّصَابِ (لَا) إنْ كَانَتْ (مُشْتَرَاةً وَمَعْلُوفَةً) فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَلَيْسَتَا كَالْبَاقِيَتَيْنِ إذْ لَا يَكْمُلُ بِهِمَا النِّصَابُ وَإِنْ جَازَ إخْرَاجُهُمَا عَنْ الزَّكَاةِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَالْبَاقِيَةِ أَنَّ الْمُعَجَّلَةَ لَيْسَتْ بَاقِيَةً بِمِلْكِهِ حَقِيقَةً وَهُوَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمُسْتَحِقِّ فِيهَا كَمَا مَرَّ وَوَصْفُهُ النِّصَابَ بِالثَّانِي أَوْ الْبَاقِي مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ عَلَى الْمُتَأَمِّلِ (وَلَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ فَاسْتَغْنَى) مَثَلًا (الْفَقِيرُ) بِغَيْرِ مَا تَعَجَّلَهُ (وَاسْتَرَدَّهَا جَدَّدَ الْإِخْرَاجَ) لِوُجُودِ الْمَانِعِ مِنْ إجْزَاءِ الْمُعَجَّلَةِ (وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ الْحَوْلَ) لِمَا مَرَّ أَنَّهَا كَالْبَاقِيَةِ بِمِلْكِهِ (وَلَوْ تَلِفَتْ) أَيْ الشَّاةُ الْمُعَجَّلَةُ بِيَدِ الْفَقِيرِ (وَاسْتَرَدَّ) الْمُزَكِّي (عِوَضَهَا انْقَطَعَ) الْحَوْلُ (لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا) عَلَى الْفَقِيرِ فَلَا يَكْمُلُ بِهِ نِصَابُ السَّائِمَةِ (نَعَمْ إذَا وَقَعَ مِثْلُهَا فِي النَّقْدِ وَجَبَتْ) زَكَاتُهُ (وَجُدِّدَ) الْإِخْرَاجُ إذْ لَا مَانِعَ وَقَوْلُهُ وَاسْتَرَدَّهَا إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ وَاسْتَرَدَّ عِوَضَهَا وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِرْدَادِهَا وَعَدَمِهِ (فَرْعٌ وَإِنْ عَجَّلَ بِنْتَ مَخَاضٍ) عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ (فَتَوَالَدَتْ إبِلُهُ وَبَلَغَتْ بِهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ) قَبْلَ الْحَوْلِ (لَمْ تُجْزِهِ) بِنْتُ الْمَخَاضِ (إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَإِنْ صَارَتْ بِنْتَ لَبُونٍ) لِأَنَّهُ دَفَعَهَا عَنْ جِهَةٍ فَإِذَا بَطَلَتْ اسْتَرَدَّهَا كَالْأُجْرَةِ بِانْهِدَامِ الدَّارِ (فَيَسْتَرِدُّهَا ثُمَّ يُجَدِّدُ) الْإِخْرَاجَ (وَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ يَلْزَمْ إخْرَاجٌ) لِبِنْتِ لَبُونٍ لِأَنَّا إنَّمَا نَجْعَلُ الْمُخْرَجَ كَالْبَاقِي إذَا وَقَعَ مَحْسُوبًا عَنْ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَلَا بَلْ هُوَ كَتَلَفِ بَعْضِ الْمَالِ قَبْلَ الْحَوْلِ (وَلَا تَجْدِيدَ) لِبِنْتِ الْمَخَاضِ لِوُقُوعِهَا مَوْقِعَهَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ) عِنْدَهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا لَيْسَ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَعَجَّلَ ابْنَ لَبُونٍ ثُمَّ اسْتَفَادَ بِنْتَ مَخَاضٍ فِي آخِرِ الْحَوْلِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُجْزِئُ وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي الْمَنْعُ وَعَلَيْهِ إخْرَاجُ بِنْتِ مَخَاضٍ لِأَنَّ الْإِبْدَالَ لَا يُصَارُ إلَيْهَا قَبْلَ وُجُوبِ الْبَدَلِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْمُعَجَّلَ كَالْبَاقِي وَمَتَى وَجَدَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَابْنَ لَبُونٍ لَا يُجْزِئُ ابْنُ اللَّبُونِ. (بَابُ) حُكْمِ (تَأْخِيرِ الزَّكَاةِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ) عَلَى الْمَالِ الزَّكَوِيِّ (وَجَبَتْ الزَّكَاةُ) وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ التَّمَكُّنُ فَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ الثَّانِي مِنْ تَمَامِ الْأَوَّلِ لَا مِنْ التَّمَكُّنِ وَلِأَنَّهُ لَوْ حَدَثَ نِتَاجٌ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ ضُمَّ إلَى الْأَصْلِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ إذَا قُلْنَا الْفُقَرَاءُ شُرَكَاءُ الْمَالِكِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ الثَّانِي مِنْ الدَّفْعِ إنْ كَانَ نِصَابًا فَقَطْ (لَا الضَّمَانُ) فَلَا يَجِبُ (مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْأَدَاءِ) لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَكَّنَ (نَعَمْ إنْ أَتْلَفَهُ) وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ (ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ (أَوْ) أَتْلَفَهُ (أَجْنَبِيٌّ تَعَلَّقَتْ) أَيْ الزَّكَاةُ (بِالْقِيمَةِ) كَمَا لَوْ قُتِلَ لِعَبْدِ الْجَانِي أَوْ الْمَرْهُونِ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ إلَيْهَا (فَرْعٌ الْوَقْصُ عَفْوٌ) كَمَا مَرَّ فَلَا يَتَعَلَّقُ الْفَرْضُ إلَّا بِالنِّصَابِ (فَإِذَا مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَتَلِفَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهَا (بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ أَوْ) مَلَكَ (تِسْعًا) مِنْهَا (فَهَلَكَتْ خَمْسٌ) مِنْهَا كَذَلِكَ (لَزِمَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ) بِنَاءً فِيهِمَا عَلَى أَنَّ التَّالِفَ لَا زَكَاةَ فِيهِ مَعَ الْبِنَاءِ فِي الْأُولَى عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الْوَقْصَ عَفْوٌ فَلَا قِسْطَ لَهُ حَتَّى يَسْقُطَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَزِيدُ بِزِيَادَتِهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ ثُمَّ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا فَلَا تَنْقُصُ   [حاشية الرملي الكبير] فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ النَّفَقَةِ وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا إنْ تَلِفَتْ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا (قَوْلُهُ وَكَانَ هَذَا فِيمَا إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَالَيْنِ وَتَعْلِيلُهُمْ دَالٌّ عَلَيْهِ. [فَرْعٌ الزَّكَاة الْمُعَجَّلَة كَالْبَاقِيَةِ بملك الْمَالِك فيكمل بِهَا النصاب الثَّانِي] (قَوْلُهُ لَا مُشْتَرَاةً وَمَعْلُوفَةً) فَلَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ نُتِجَتْ شَاةٌ سَخْلَةً قَبْلَ الْحَوْلِ ضُمَّ الْمُخْرَجُ إلَى مَالِهِ وَلَزِمَهُ شَاةٌ أُخْرَى لِأَنَّ الْمُخْرَجَ كَالْبَاقِي عَلَى مِلْكِهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الشَّاةُ جَارِيَةً فِي الْحَوْلِ فَإِنْ ابْتَاعَهَا أَوْ كَانَتْ مَعْلُوفَةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ كَذَا فِي الرَّافِعِيِّ وَالْكِفَايَةِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ الصَّوَابُ لُزُومُ أُخْرَى قَطْعًا قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُخْرَجَةَ هِيَ الَّتِي كَمَّلَتْ غَنَمَهُ مِائَتَيْنِ أَوْ مِائَةً وَعِشْرِينَ وَهُوَ وَاضِحٌ. (قَوْلُهُ فَيَسْتَرِدُّهَا) ثُمَّ يُجَدِّدُ الْإِخْرَاجَ وَقَالُوا فِيمَا لَوْ قَبَضَ فِي زَكَاةِ الثِّمَارِ الرُّطَبَ ثُمَّ صَارَ عِنْدَهُ تَمْرًا أَنَّهُ يُجْزِئُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَا حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْقَابِضِ وَتَتَمُّرُ الرُّطَبِ حَصَلَ فِي مِلْكِ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ قَبْضٌ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يُجْزِئُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي الْمَنْعُ إلَخْ) الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعَدَمِ بِنْتِ الْمَخَاضِ حَالُ الْإِخْرَاجِ لَا حَالُ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ. [بَابُ حُكْمِ تَأْخِيرِ الزَّكَاةِ] (بَابُ تَأْخِيرِ الزَّكَاةِ) (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَتْلَفَهُ إلَخْ) أَوْ تَلِفَ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ كَأَنْ أَخَّرَ دَفْعَ التَّلَفِ مَعَ إمْكَانِهِ أَوْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزٍ (قَوْلُهُ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ) وَلَوْلَا الْوُجُوبُ سَقَطَتْ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 بِنَقْصِهِ (وَإِنْ هَلَكَ أَرْبَعٌ مِنْ التِّسْعِ) بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ (لَزِمَهُ شَاةٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَقْصَ عَفْوٌ. (فَرْعٌ الْمُرَادُ بِالتَّمَكُّنِ) مِنْ الْأَدَاءِ (حُضُورُ الْمَالِ عِنْدَ الْمَالِكِ) فَلَوْ غَابَ عَنْهُ لَمْ يَجِبْ الْأَدَاءُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَإِنْ جَوَّزْنَا نَقْلَ الزَّكَاةِ (وَ) حُضُورَ (مَنْ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِ كَالْإِمَامِ) وَلَوْ (فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ لَا الْفَقِيرِ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَالْمُسْتَحِقِّ لَا الْمُسْتَحَقِّ (حَيْثُ يَجِبُ الصَّرْفُ إلَى الْإِمَامِ) بِأَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَحْصُلُ التَّمَكُّنُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِمَا مَرَّ (مَعَ الْفَرَاغِ مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا) كَمَا فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَمَعَ التَّصْفِيَةِ فِي الْحُبُوبِ وَالْمَعَادِنِ مِمَّا خَالَطَهَا وَالْجَفَافِ فِي الثِّمَارِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَالْمُسْتَحِقُّ عَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ بِمَعْنَى أَوْ (وَلَوْ أُخِّرَ لِطَلَبِ الْأَفْضَلِ مِنْ تَفْرِيقِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ الْإِمَامِ حَيْثُ كَانَ) تَفْرِيقُهُ (أَفْضَلَ أَوْ لِانْتِظَارِ قَرِيبٍ وَجَارٍ) أَوْ أَحْوَجَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (جَازَ) لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ لِغَرَضٍ ظَاهِرٍ وَهُوَ حِيَازَةُ الْفَضِيلَةِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا أَصْلُهُ وَلَوْ عَطَفَ انْتِظَارَ الْقَرِيبِ عَلَى مَجْرُورِ مِنْ لَأَفَادَ أَنَّهُ أَفْضَلُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَلَوْ أَخَّرَ لِطَلَبِ الْأَفْضَلِ كَالدَّفْعِ إلَى الْإِمَامِ أَوْ الصَّرْفِ إلَى الْقَرِيبِ أَوْ الْجَارِ أَوْ الْأَحْوَجِ لَمْ يَعْصِ (وَضَمِنَ إنْ تَلِفَ) فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ لِحُصُولِ الْإِمْكَانِ وَإِنَّمَا أَخَّرَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيَتَقَيَّدُ جَوَازُهُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (وَلَوْ تَضَرَّرَ الْحَاضِرُ بِالْجُوعِ حَرُمَ التَّأْخِيرُ) مُطْلَقًا لِأَنَّ دَفْعَ ضَرَرِهِ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِفَضِيلَةٍ. (فَصْلٌ إذَا حَالَ الْحَوْلُ) عَلَى غَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ بِقَرِينَةٍ مَا يَأْتِي فِي زَكَاتِهَا (تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ وَصَارَ الْفُقَرَاءُ شُرَكَاءَ حَتَّى فِي الْإِبِلِ بِقِيمَةِ الشَّاةِ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَتْبَعُ الْمَالَ فِي الصِّفَةِ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْ الْمِرَاضِ مَرِيضَةٌ وَمِنْ الصِّحَاحِ صَحِيحَةٌ كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الزَّكَاةِ أَخَذَهَا الْإِمَامُ مِنْ الْعَيْنِ كَمَا يُقَسِّمُ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ وَقَهْرًا إذَا امْتَنَعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ مِنْ الْقِسْمَةِ إنَّمَا جَازَ الْأَدَاءُ مِنْ مَالٍ آخَرَ لِبِنَاءِ الزَّكَاةِ عَلَى الرِّفْقِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي الشَّرِكَةِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَدَّعِيَ بِمِلْكِ جَمِيعِهِ وَلَا الْحَلِفُ عَلَيْهِ وَلَا لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِهِ بَلْ طَرِيقُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ التَّفْرِقَةِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي مَلَكَهُ الْفُقَرَاءُ قَالَ غَيْرُهُ وَمِنْهَا أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلٍ أَوْ أَحْوَالٍ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتُبْرِئْهُ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الصَّدَاقِ وَلَمْ يَحْصُلْ لِأَنَّ مِقْدَارَ الزَّكَاةِ لَا يَسْقُطُ بِالْبَرَاءَةِ فَطَرِيقُهَا أَنْ تُعْطِيَ الزَّكَاةَ ثُمَّ تُبْرِئَهُ (فَإِذَا بَاعَ النِّصَابَ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ رَهَنَهُ) بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ (صَحَّ لَا فِي قَدْرِهَا) مِنْ الْمَبِيعِ أَوْ الْمَرْهُونِ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرُهَا فِي صُورَةِ الْبَعْضِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَالْقَدْرِ الْبَاقِي بِلَا بَيْعٍ وَرَهْنٍ فِي صُورَةِ الْبَعْضِ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْهُ بَاقٍ بِحَالِهِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ. وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا بِالتَّرْجِيحِ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِنْ بَقِيَ قَدْرُ الزَّكَاةِ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ وَفِيهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الزَّكَاةَ شَائِعَةٌ فِي الْجَمِيعِ مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلِّ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ إذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى غَيْرِ مَالِ التِّجَارَة] قَوْلُهُ تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: 24] وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَفِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا نِصْفُ مِثْقَالٍ» وَلِأَنَّهَا حَقٌّ يَسْقُطُ بِتَلَفِ الْمَالِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَكَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِعَيْنِهِ كَحَقِّ الْمُقَارِضِ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرَهَا) سَوَاءٌ أَبْقَاهُ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ إلَى الزَّكَاةِ أَمْ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَنُسِبَ لِلْبَحْرِ أَيْضًا نَعَمْ لَوْ اسْتَثْنَى فَقَالَ بِعْتُك ثَمَرَةَ هَذَا الْحَائِطِ إلَّا قَدْرَ الزَّكَاةِ صَحَّ كَمَا جَزَمَا بِهِ فِي الْبَيْعِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ أَهُوَ عَشْرٌ أَمْ نِصْفُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَقَيَّدَ بَحْثًا بِمَنْ يَجْهَلُهُ أَمَّا الْمَاشِيَةُ فَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ كَقَوْلِهِ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ صَحَّ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَحْرِ مُشْكِلٌ يُجَابُ بِأَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ الشَّاةَ الَّتِي هِيَ قَدْرُ الزَّكَاةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَيَّنَهَا لَهَا وَأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ مَا عَدَاهَا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ يَظْهَرُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ هَذِهِ الشَّاةُ الْمُبْقَاةُ قَبْلَ أَخْذِ الْفُقَرَاءِ لَهَا أَنْ يَتَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِالْمَبِيعِ. وَقَوْلُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَيَّدَ بَحْثًا وَقَوْلُهُ فَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهَا (قَوْلُهُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَخْرِيجُ الْوَجْهَيْنِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَعَ أَنَّهُمَا جَارِيَانِ فِي غَيْرِ هَذَا كَالْحُبُوبِ وَالنُّقُودِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ وَغَيْرُهُمْ وَالشَّرِكَةُ فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ بِالشُّيُوعِ قَطْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِتَابِ انْتَهَى وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ لَا اسْتِبْعَادَ فِي أَنْ يَجِبَ الْعُشْرُ فِي الْحُبُوبِ وَرُبْعُ الْعُشْرِ فِي النُّقُودِ وَيُنَزَّلُ عَلَى الْجُزْئِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ هَذَا الْخِلَافَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ فِيمَا إذَا بَاعَ صَاعًا مِنْ صُبْرَةٍ هَلْ يُنَزَّلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ أَوْ عَلَى الْجُزْئِيَّةِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ الصُّبْرَةُ وَبَقِيَ صَاعٌ وَاحِدٌ إنْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى الْإِشَاعَةِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي بَعْضِهِ بِالْقِسْطِ وَإِنْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى الْجُزْئِيَّةِ بَقِيَ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ الصَّاعِ انْتَهَى قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهُوَ كَلَامٌ سَاقِطٌ فَإِنَّهُ مُصَادِمٌ لِلْمَنْقُولِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّمَا اسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ مَعَ جَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحُبُوبِ وَالنُّقُودِ وَنَحْوِهِمَا مَعَ كَوْنِ الشَّرِكَةِ فِيهَا بِالشُّيُوعِ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالشُّيُوعِ هُنَا أَنَّهُمْ مَلَكُوا مِنْ كُلِّ شَاةٍ جُزْءًا حَقِيقَةً بَلْ الْمُرَادُ مِنْ كُلِّ شَاةٍ جُزْءٌ وَتَتَعَيَّنُ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ بِالْإِخْرَاجِ فِي وَاحِدَةٍ كَمَا تَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ الشَّرِكَةِ بِالْقِسْمَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ ذَلِكَ فِي عَكْسِهِ فَقَالَ الْمَعْنَى بِالشَّاةِ الْمُبْهَمَةِ أَنَّ الْفُقَرَاءَ مَلَكُوا وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ مَلَكُوا مِنْ الْكُلِّ جُزْءًا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْجُزْءُ بِالْإِخْرَاجِ فِي وَاحِدَةٍ كَمَا يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ بِالْقِسْمَةِ انْتَهَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 وَاحِدَةٍ مِنْ الشِّيَاهِ بِالْقِسْطِ وَالثَّانِي أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِحْقَاقِ قَدْرُ الْوَاجِبِ وَيَتَعَيَّنُ بِالْإِخْرَاجِ انْتَهَى وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ الْأَوَّلُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ إذْ الْقَوْلُ بِالثَّانِي يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِيمَا ذُكِرَ لِإِبْهَامِ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ إخْرَاجُ نِصْفَيْ شَاتَيْنِ مَثَلًا لِضَرَرِ التَّبْعِيضِ الْمُنَافِي لِمَا وُضِعَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِنْ الرِّفْقِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) إنْ كَانَ جَاهِلًا لِتَبْعِيضِ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ (وَلَا يَسْقُطُ) خِيَارُهُ (بِإِخْرَاجِهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ) لِأَنَّهُ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالْعَقْدُ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا فِي قَدْرِهَا (وَمَتَى اخْتَارَ) الْفَسْخَ فَذَاكَ أَوْ الْإِجَازَةَ فِي الْبَاقِي (فَبِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ) يُجِيزُ (وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ) لِشَيْءٍ مِمَّنْ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ (اشْتَرَطَ رَهْنَهُ) أَيْ جَمِيعِ النِّصَابِ أَوْ بَعْضِهِ (فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ) الْمُوَافِقُ مِنْهُمَا لِمَا سَيَأْتِي فِي الرَّهْنِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ وَلَا يَسْقُطُ بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ لِمَا مَرَّ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ وَالْمَنْقُولُ مَا قَرَّرْته (وَإِنْ بَاعَ الثَّمَرَةَ بَعْدَ الْخَرْصِ وَالتَّضْمِينِ جَازَ) أَيْ حَلَّ وَصَحَّ إذْ بِالتَّضْمِينِ انْتَقَلَ الْحَقُّ إلَى ذِمَّتِهِ وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي الْبَابِ الْآتِي أَيْضًا. (فَرْعٌ إذَا مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً) أَوْ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ (حَوْلَيْنِ وَلَمْ يُزَكِّهَا وَلَمْ تَزِدْ) عَلَى ذَلِكَ (لَزِمَهُ شَاةٌ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِي إذْ الْمُسْتَحِقُّ شَرِيكٌ فَهُوَ شَرِيكٌ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ بِشَاةٍ وَفِي الثَّانِي بِقَدْرِ قِيمَةِ شَاةٍ وَالْخُلْطَةُ مَعَهُ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ إذْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ كَمَا مَرَّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا لِانْحِصَارِهِ فِي الْبَلَدِ أَثَّرَتْ الْخُلْطَةُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُزَكِّهَا مَا إذَا زَكَّاهَا فَإِنْ زَكَّاهَا مِنْ عَيْنِهَا فَالْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ لِكُلِّ حَوْلٍ شَاةٌ وَبِقَوْلِهِ وَلَمْ تَزِدْ مَا إذَا زَادَتْ كَأَنْ حَدَثَتْ سَخْلَةٌ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ حَوْلٍ شَاةٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِثَالٌ فَقِسْ عَلَيْهِ نَظَائِرَهُ (أَوْ مَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ) حَوْلَيْنِ وَلَمْ يُزَكِّهَا وَلَمْ تَزِدْ (أَخْرَجَ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلِلثَّانِي أَرْبَعَ شِيَاهٍ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (فَرْعٌ) لَوْ (رَهَنَهُ) أَيْ مَالِ الزَّكَاةِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ (ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ وَلَهُ مَالٌ) آخَرُ (أُخِذَتْ زَكَاةُ الْمَرْهُونِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَالِهِ الْآخَرِ وَلَا تُؤْخَذْ مِنْ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الْمَالِ فَأَشْبَهَتْ النَّفَقَةَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ آخَرُ (أُخِذَتْ) زَكَاتُهُ (مِنْ الرَّهْنِ) أَيْ الْمَرْهُونِ فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بَيْعَ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ فِيهَا (وَلَا يَلْزَمُهُ إبْدَالُهُ) يَعْنِي بَدَلَ مَا أُخِذَ مِنْ الْمَرْهُونِ (إنْ أَيْسَرَ) لِيَكُونَ رَهْنًا لِتَعَلُّقِهِ بِعَيْنِ الْمَالِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الزَّكَاةِ طَرَأَ عَلَى الرَّهْنِ فَصَارَ كَتَلَفِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ (بَابُ زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ) أَيْ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ أَوْ بَعْضُهُ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] (وَهِيَ) أَيْ زَكَاةُ الْمُعَشَّرَاتِ (وَاجِبَةٌ فِي نِصَابٍ) مِمَّا (يُقْتَاتُ حَالَ الِاخْتِيَارِ) وَلَوْ نَادِرًا (وَهُوَ) مِنْ الثِّمَارِ (ثَمَرُ النَّخْلِ وَالْعِنَبُ خَاصَّةً وَمِنْ الْحُبُوبِ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَيُقَالُ بِكَسْرِهَا وَالسُّلْتُ وَسَيَأْتِي (وَالْأَرُزُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ فِي أَشْهَرِ اللُّغَاتِ (وَالذُّرَةُ) بِمُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مُخَفَّفَةٍ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ وَاوٍ أَوْ يَاءٍ (وَالدُّخْنُ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ نَوْعٌ مِنْ الذُّرَةِ إلَّا أَنَّهُ أَصْغَرُ مِنْهَا (وَالْعَدَسُ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَمِثْلُهُ الْبِسِلَّا (وَالْحِمَّصُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ مَعَ كَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا (وَالْبَاقِلَّا) بِالتَّشْدِيدِ مَعَ الْقَصْرِ وَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ وَبِالتَّخْفِيفِ مَعَ الْمَدِّ وَيُكْتَبُ بِالْأَلِفِ وَقَدْ تُقْصَرُ الْفُولُ. (وَاللُّوبِيَا) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتُسَمَّى الدِّجْرَ أَيْضًا بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْجِيمِ وَالرَّاءِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ (وَالْمَاشُّ) بِالْمُعْجَمَةِ نَوْعٌ مِنْ الْجُلُبَّانِ بِضَمِّ الْجِيمِ (وَالْهُرْطُمَانُ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَالطَّاءِ الْجُلُبَّانُ وَيُقَالُ لَهُ الْخُلَّرُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ وَبَعْدَهَا ر فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْجَمِيعِ لِوُرُودِهَا فِي بَعْضِهِ فِي الْأَخْبَارِ الْآتِيَةِ وَأُلْحِقَ بِهِ الْبَاقِي وَأَمَّا «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَمُعَاذٍ حِينَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً أَوْ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ حَوْلَيْنِ وَلَمْ يُزَكِّهَا وَلَمْ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ] قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعَيِّنًا لِانْحِصَارِهِ فِي الْبَلَدِ أَثَّرَتْ الْخُلْطَةُ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ حِينَئِذٍ أَيْضًا فَإِنَّ الْفُقَرَاءَ يَمْلِكُونَ شَاةً مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَلَمْ يَخْرُجُوا بِهَا عَنْ صِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَوْ أَثَّرَتْ خُلْطَتُهُمْ لَلَزِمَهُمْ زَكَاةُ تِلْكَ الشَّاةِ وَهُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ فَتَجِبُ لَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَالْإِنْسَانُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ فَإِذَا امْتَنَعَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمْ امْتَنَعَ الْوُجُوبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَيْضًا لِأَنَّ الشَّاةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي الْوُجُوبِ كَمَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ لِمُوَرِّثِهِ وَغَيْرِهِ فَمَاتَ مُوَرِّثُهُ سَقَطَ مِنْ الْقِصَاصِ حِصَّةُ مُوَرِّثِهِ لِأَنَّهُ وَرِثَهُ وَسَقَطَ الْبَاقِي لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ. [فَرْعٌ رَهَنَ مَالِ الزَّكَاةِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ وَلَه مَالٌ آخَرُ] (قَوْلُهُ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَا خِيَارَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [بَابُ زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ] (بَابُ زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ) (قَوْلُهُ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] وقَوْله تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] فَأَوْجَبَ الْإِنْفَاقَ مِمَّا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ وَهُوَ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ يَقْتَاتُ حَالَ الِاخْتِيَارِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَقَوْلُهُمْ مِمَّا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ تُقْصَدَ زِرَاعَتُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ مَا يَزْرَعُونَهُ حَتَّى لَوْ سَقَطَ الْحَبُّ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ عِنْدَ حَمْلِ الْغَلَّةِ أَوْ وَقَعَتْ الْعَصَافِيرُ عَلَى السَّنَابِلِ فَتَنَاثَرَ الْحَبُّ وَنَبَتَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا بِلَا خِلَافٍ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي فِي مَسَائِلِ الْمَاشِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ (قَوْلُهُ فِي أَشْهَرِ اللُّغَاتِ) الثَّانِيَةُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْهَمْزَةَ مَضْمُومَةٌ أَيْضًا الثَّالِثَةُ ضَمُّهُمَا إلَّا أَنَّ الزَّايَ مُخَفَّفَةٌ عَلَى وَزْنِ كَتَبَ الرَّابِعَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ كَوَزْنِ قُفْلٍ الْخَامِسَةُ حَذْفُ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدُ الزَّايِ السَّادِسَةُ رُنْزٌ أَيْ بِنُونٍ بَيْنَ الرَّاءِ وَالزَّايِ السَّابِعَةُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ مَعَ تَخْفِيفِ الزَّايِ عَلَى وَزْنِ عَضَدَ (قَوْلُهُ وَأُلْحِقَ بِهَا الْبَاقِي) وَثَبَتَ أَيْضًا انْتِفَاؤُهَا فِي بَعْضِ مَا لَا يَصْلُحُ لِلِاقْتِيَاتِ فَأَلْحَقْنَا الْبَاقِيَ بِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 بَعَثَهُمَا إلَى الْيَمَنِ فِيمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ لَا تَأْخُذْ الصَّدَقَةَ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ» فَالْحَصْرُ فِيهِ إضَافِيٌّ لِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالسَّيْلُ وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي التَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ فَأَمَّا الْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالْقَضْبُ فَعَفْوٌ عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقَضْبُ بِسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّطْبُ بِسُكُونِ الطَّاءِ وَاخْتَصَّ الْوُجُوبُ بِالْمُقْتَاتِ وَهُوَ مَا يَقُومُ بِهِ بَدَنُ الْإِنْسَانِ غَالِبًا لِأَنَّ الِاقْتِيَاتَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لَا حَيَاةَ بِدُونِهِ فَوَجَبَ فِيهِ حَقٌّ لِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ وَخَرَجَ بِمَا يُقْتَاتُ غَيْرُهُ وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي زَيْتُونٍ وَزَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ نَبْتٌ أَصْفَرُ بِالْيَمَنِ تُصْبَغُ بِهِ الثِّيَابُ وَغَيْرُهَا (وَعَسَلٍ) مِنْ نَحْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَقُرْطُمٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَالطَّاءِ وَضَمِّهِمَا حَبُّ الْعُصْفُرِ (وَتُرْمُسٍ) بِضَمِّ التَّاءِ وَالْمِيمِ (وَحَبِّ فُجْلٍ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَالْبِطِّيخِ وَالْكُمَّثْرَى وَالرُّمَّانِ وَخَرَجَ بِحَالِ الِاخْتِيَارِ مَا يُقْتَاتُ حَالَ الضَّرُورَةِ كَحَبِّ الْغَاسُولِ وَالْحَنْظَلِ وَالْحُلْبَةِ. (فَصْلٌ وَنِصَابُهَا) أَيْ الْمُعَشَّرَاتِ (بَعْدَ تَصْفِيَةِ الْحُبُوبِ) مِنْ تِبْنٍ وَقِشْرٍ لَا يُؤْكَلُ مَعَهَا غَالِبًا وَغَيْرِهِمَا (وَجَفَافِ الثِّمَارِ) إنْ أَتَى مِنْهَا تَمْرٌ وَزَبِيبٌ (خَمْسَةُ أَوْسُقٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ التَّمْرِ صَدَقَةٌ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ» وَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ» تَمْرًا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَجَعَلَ فِيهِ النَّخْلَ أَصْلًا لِأَنَّ خَيْبَرَ فُتِحَتْ أَوَّلًا وَبِهَا نَخْلٌ وَقَدْ بَعَثَ إلَيْهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا فَلَمَّا فَتَحَ الطَّائِفَ وَبِهَا الْعِنَبُ الْكَثِيرُ أَمَرَ بِخَرْصِهِ كَخَرْصِ النَّخْلِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَهُمْ وَلِأَنَّ النَّخْلَ كَانَتْ عِنْدَهُمْ أَكْثَرَ وَأَشْهَرَ ذَكَرَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ إنَّ الْأَوَّلَ أَحْسَنُهُمَا (وَهِيَ) أَيْ الْأَوْسُقُ الْخَمْسَةُ. (أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ. وَالْوَسْقُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَأَشْهَرُ وَأَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا (سِتُّونَ صَاعًا) كَمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ فَالْجُمْلَةُ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ وَهِيَ بِالْمَنِّ الصَّغِيرِ ثَمَانُمِائَةِ مَنٍّ لِأَنَّ الْمَنَّ رِطْلَانِ وَبِالْكَبِيرِ الَّذِي وَزْنُهُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ كَالرِّطْلِ الدِّمَشْقِيِّ ثَلَاثُمِائَةِ مَنٍّ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مَنًّا وَثُلُثًا مِنْ عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ إنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ إنَّهُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ مَنٍّ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مَنًّا وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ مَنٍّ وَبِالْمِصْرِيِّ أَلْفُ رِطْلٍ وَأَرْبَعُمِائَةِ رِطْلٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَنِصْفُ رِطْلٍ وَنِصْفُ أُوقِيَّةٍ وَثُلُثُهَا وَسُبْعَا دِرْهَمٍ وَبِالْإِرْدَبِّ الْمِصْرِيِّ قَالَ الْقَمُولِيُّ سِتَّةُ أَرَادِبَّ وَرُبْعُ إرْدَبٍّ بِجَعْلِ الْقَدَحَيْنِ صَاعًا كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ. وَالسُّبْكِيُّ خَمْسَةُ أَرَادِبَّ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ فَقَدْ اُعْتُبِرَتْ الْقَدَحُ الْمِصْرِيُّ بِالْمُدِّ الَّذِي حَرَّرْته فَوَسِعَ مُدَّيْنِ وَسُبْعًا تَقْرِيبًا فَالصَّاعُ قَدْحَانِ إلَّا سُبْعَيْ مُدٍّ وَكُلُّ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا سَبْعَةُ أَقْدَاحٍ وَكُلُّ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَيْبَةٌ وَنِصْفٌ وَرُبْعٌ فَثَلَاثُونَ صَاعًا ثَلَاثُ وَيْبَاتٍ وَنِصْفٌ فَثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ وَيْبَةً وَهِيَ خَمْسَةُ أَرَادِبَّ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ فَالنِّصَابُ عَلَى قَوْلِهِ خَمْسُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَدَحًا وَعَلَى قَوْلِ الْقَمُولِيِّ سِتُّمِائَةٍ وَقَوْلُ السُّبْكِيّ أَوْجَهُ لِأَنَّ كَوْنَ الصَّاعِ قَدَحَيْنِ تَقْرِيبٌ وَتُعْتَبَرُ الْأَوْسُقُ (كَيْلًا) لَا وَزْنًا وَإِنَّمَا قُدِّرَتْ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا أَوْ إذَا وَافَقَ الْكَيْلَ (وَتَحْدِيدًا) لَا تَقْرِيبًا لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَكَمَا فِي نِصَابِ الْمَوَاشِي وَغَيْرِهَا (وَلَوْ لَمْ يَأْتِ مِنْهُ) أَيْ الثَّمَرِ (تَمْرٌ وَلَا زَبِيبٌ) جَيِّدَانِ فِي الْعَادَةِ (وَسْقٌ رَطْبًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ لِأَنَّهُ وَقْتُ كَمَالِهِ (فَيَكْمُلْ بِهِ نِصَابُ مَا يَجِفُّ) مِنْ ذَلِكَ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ جَفَافِهِ طَوِيلَةً كَسَنَةٍ لِقِلَّةِ فَائِدَتِهِ (وَ) يَكْمُلُ (بِالْخُلْطَةِ) أَيْ بِسَبَبِهَا الْمَالُ الْمَخْلُوطُ بِمِلْكِ الشَّرِيكِ وَالْجَارِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهَا (وَمَا اُدُّخِرَ فِي قِشْرِهِ) وَلَمْ يُؤْكَلْ مَعَهُ (كَالْأَرُزِّ وَالْعَلَسِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ (فَنِصَابُهُ عَشَرُ أَوْسُقٍ) اعْتِبَارُ الْقِشْرَةِ الَّذِي ادِّخَارُهُ فِيهِ أَصْلَحُ لَهُ أَوْ أَبْقَى بِالنِّصْفِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ تَصْفِيَتُهُ مِنْ قِشْرِهِ وَأَنَّ قِشْرَهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَلَوْ كَانَتْ الْأَوْسُقُ الْخَمْسَةُ تَحْصُلُ مِنْ دُونِ الْعَشَرَةِ اعْتَبَرْنَاهُ دُونَهَا وَكَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ دَالٌّ عَلَيْهِ (وَلَا يَدْخُلُ قِشْرَةُ الْبَاقِلَّا السُّفْلَى) فِي الْحِسَابِ لِأَنَّهَا غَلِيظَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ نِصَابُ الْمُعَشَّرَاتِ] قَوْلُهُ بِالْبَغْدَادِيِّ) إنَّمَا قَدَّرَ الرِّطْلَ بِالْبَغْدَادِيِّ لِأَنَّهُ الرِّطْلُ الشَّرْعِيُّ كَمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ إلَخْ) قَدْ بَيَّنَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ سَبَبَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إنَّهُ كَانَ فِي الْأَصْلِ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعَةَ أَسْبَاعٍ ثُمَّ زَادُوا فِيهِ مِثْقَالًا لِإِرَادَةِ جَبْرِ الْكَسْرِ فَصَارَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ قَالَ وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ تَقْدِيرِ الْعُلَمَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَمُولِيُّ سِتَّةُ أَرَادِبَّ وَرُبْعُ إرْدَبٍّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَيْلًا) الِاعْتِبَارُ بِمِكْيَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ وَتَحْدِيدًا) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا وَوَقَعَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَفِي الطَّهَارَةِ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَرُؤْسُ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ تَقْرِيبٌ (قَوْلُهُ جَيِّدَانِ فِي الْعَادَةِ) بِأَنْ لَا يَجِفَّ أَصْلًا أَوْ يَجِفَّ رَدِيًّا قَالَ فِي الْعُبَابِ أَوْ لَا يَجِفُّ إلَّا لِنَحْوِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ كَالْأَرُزِّ وَالْعَلَسِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَرُزَّ وَالْعَلَسَ ذُكِرَا مِثَالًا وَأَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْحُبُوبِ غَيْرَهُمَا يُدَّخَرُ فِي قِشْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ دَالٌّ عَلَيْهِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ لَكِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَالْوَجْهُ تَرْجِيحُ الدُّخُولِ أَوْ الْجَزْمُ بِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَنْصُوصُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ النَّصَّ فِي الْعَلَسِ ثُمَّ قَالَ فَأَمَّا الْبَاقِلَّا وَالْحِمَّصُ وَالشَّعِيرُ فَيُطْحَنُ فِي قِشْرِهِ وَيُؤْكَلُ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ اعْتَبَرْنَاهُ مَعَ قِشْرِهِ وَسِيَاقِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ النَّصِّ. (فَصْلٌ) (وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ عَلَى مَالِكِ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ (وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُسْتَأْجَرَةً أَوْ ذَاتَ خَرَاجٍ) فَتَجِبُ الزَّكَاةُ مَعَ الْأُجْرَةِ أَوْ الْخَرَاجِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَكَمَا فِي الْحَانُوتِ الْمُكْتَرَى لِلتِّجَارَةِ وَلِأَنَّهُمَا حَقَّانِ اخْتَلَفَ سَبَبُهُمَا فَوَجَبَا كَمَا فِي قِيمَةِ الصَّيْدِ وَجَزَائِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخَرَاجُ عُشْرَ الزَّرْعِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ أَوْسُقٍ وَسْقَانِ وَسْقٌ زَكَاةً وَوَسْقٌ خَرَاجًا وَأَمَّا خَبَرُ «لَا يَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ» فَضَعِيفٌ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَكُونُ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً إذَا فَتَحَهَا الْإِمَامُ قَهْرًا وَقَسَمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ ثُمَّ تُعَوِّضُهَا وَوَقْفُهَا عَلَيْنَا وَضَرَبَ عَلَيْهَا خَرَاجًا أَوْ فَتَحَهَا صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَنَا وَيَسْكُنُهَا الْكُفَّارُ بِخَرَاجٍ مَعْلُومٍ فَهِيَ لَنَا وَالْخَرَاجُ عَلَيْهَا أُجْرَةٌ لَا تَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ فَإِنْ لَمْ تُشْرَطْ لَنَا لَكِنْ سَكَنَهَا الْكُفَّارُ بِخَرَاجٍ فَهُوَ جِزْيَةٌ تَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي السِّيَرِ (وَالنَّوَاحِي الَّتِي يُؤْخَذُ الْخَرَاجُ مِنْ أَرْضِهَا وَلَا يُعْرَفُ أَصْلُهُ بِحُكْمِ جَوَازِ أَخْذِهِ) مِنْهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ بِحَقٍّ (وَيَحْكُمُ بِمِلْكِ أَهْلِهَا لَهَا) فَلَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ وَرَهْنٍ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْيَدِ الْمِلْكُ (وَلَا يَقَعُ الْخَرَاجُ الْمَأْخُوذُ ظُلْمًا بَدَلًا عَنْ الْعُشْرِ) الْوَاجِبِ أَوْ بَعْضِهِ (فَلَوْ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ بَدَلًا عَنْهُ وَقَعَ) عَنْهُ (كَأَخْذِ الْقِيمَةِ) فِي الزَّكَاةِ بِالِاجْتِهَادِ (فَإِنْ نَقَصَ) الْمَأْخُوذُ بَدَلًا (عَنْ الْعُشْرِ) أَوْ بَعْضِهِ (تَمَّمَهُ) وَسَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ. [فَصْلٌ الزَّكَاةِ فِيمَا يُسْتَغَلُّ مِنْ الْوَقْفِ لِلْمَسَاجِدِ] (فَصْلٌ) (لَا زَكَاةَ فِيمَا يُسْتَغَلُّ مِنْ الْوَقْفِ لِلْمَسَاجِدِ) أَيْ عَلَيْهَا (وَنَحْوِهَا) كَالرُّبُطِ (وَ) عَلَى (الْجِهَةِ الْعَامَّةِ) كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إذْ لَيْسَ لَهَا مَالِكٌ مُعَيَّنٌ (بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِينَ كَمَا سَبَقَ فِي) بَابِ (الْخُلْطَةِ) . (فَصْلٌ) (لَا تُضَمُّ الْأَجْنَاسُ) أَيْ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ لِانْفِرَادِ كُلٍّ بِاسْمٍ وَطَبْعٍ خَاصَّيْنِ كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ (وَتُضَمُّ أَنْوَاعُ الْجِنْسِ) أَيْ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ (لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ) وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَاللَّوْنِ وَغَيْرِهِمَا كَالْبَرْنِيِّ وَالصَّيْحَانِيُّ مِنْ التَّمْرِ وَالطَّبَرِيَّةِ وَالْبَغْلِيَّةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْقَاسَانِيِّ وَالسَّابُورِيِّ مِنْ الذَّهَبِ (فَالْعَلَسُ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ) وَهُوَ قُوتُ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ وَكُلُّ حَبَّتَيْنِ مِنْهُ فِي كِمَامَةٍ فَيُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ (وَالسُّلْتُ) بِضَمِّ السِّينِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَهُوَ حَبٌّ يُشْبِهُ الْحِنْطَةَ لَوْنًا وَالشَّعِيرَ طَبْعًا (جِنْسٌ) وَفِي نُسْخَةٍ نَوْعٌ (مُنْفَرِدٌ) فَلَا يُضَمُّ إلَى أَحَدِهِمَا وَلَا عَكْسُهُ لِأَنَّ تَرَكُّبَ الشَّبَهَيْنِ يَمْنَعُ إلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا وَيَقْتَضِي كَوْنَهُ جِنْسًا بِرَأْسِهِ وَعَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ جَوَازِ ضَمِّ الْأَنْوَاعِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ. [فَرْعٌ وَرِثَا نَخْلًا مُثْمِرًا كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَاقْتَسَمَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ] (فَرْعٌ إذَا وَرِثَا نَخْلًا مُثْمِرًا) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (وَاقْتَسَمَا) (قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ اشْتَرَطَهُ لِلْخُلْطَةِ) أَيْ خُلْطَةِ الْجِوَارِ (شُرُوطُهَا) السَّابِقَةُ فِي بَابِهَا فَإِنْ وَجَدْت زُكِّيَا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ كَمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَإِلَّا فَزَكَاةُ الِانْفِرَادِ (وَإِنْ بَدَا إصْلَاحُ ثَمَرِهَا) أَيْ النَّخْلِ (فِي مِلْكِهِمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ) (وَجَبَ) عَلَيْهِمَا (زَكَاةُ الْخُلْطَةِ وَإِنْ اقْتَسَمَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا حَالَةَ الْوُجُوبِ. (وَفِي الْقِسْمَةِ وَهِيَ) وَالْحَالَةُ أَنَّهَا (بَيْعٌ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَا) أَيْ بِالثَّمَرَةِ فَكَيْفَ تَصِحُّ الْقِسْمَةُ قَبْلَ إخْرَاجِهَا (وَلِأَنَّ الرُّطَبَ لَا يُبَاعُ بِالرُّطَبِ) لِمَا يَأْتِي فِي الرِّبَا (وَ) أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ (قَدْ تُمْكِنُ الْقِسْمَةُ بَعْدَ الْخَرْصِ) لِلثِّمَارِ (وَالتَّضْمِينِ) لِحَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَعَنْ الثَّانِي بِمَا صُوِّرَ بِهِ لِقِسْمَةٍ بَعْدَ الْخَرْصِ وَالتَّضْمِينِ بِقَوْلِهِ (بِأَنْ يَشْتَرِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْ إحْدَى النَّخْلَتَيْنِ ثَمَرَةً وَجِذْعًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَيَتَقَاصَّا) أَيْ وَيَقَعُ بَيْنَهُمَا التَّقَاصُّ فِي الدَّرَاهِمِ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ الثَّمَرَةِ وَالنَّخْلِ مَعًا فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهَا كُلَّهَا بِثَمَرَتِهَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ إذَا أُفْرِدَتْ الثَّمَرَةُ بِالْبَيْعِ (أَوْ) بِأَنْ (يَبِيعَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (نَصِيبَهُ مِنْ ثَمَرِهَا) أَيْ ثَمَرِ إحْدَى النَّخْلَتَيْنِ (بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ مِنْ جِذْعِهَا فَإِنْ فَعَلَا ذَلِكَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ اُشْتُرِطَ الْقَطْعُ) لِأَنَّهُ بَيْعُ ثَمَرَةٍ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى جِذْعِ الْبَائِعِ (إلَّا) أَيْ لَكِنْ (إنْ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَالْجِذْعِ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ وَالْجِذْعِ جِذْعُ هَذِهِ بِثَمَرَةِ تِلْكَ وَعَكْسُهُ وَتَقَابَضَا) بَلْ أَوْ لَمْ يَتَقَابَضَا فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْقَاضِي وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الثَّمَرِ لِمَالِكِ الشَّجَرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ   [حاشية الرملي الكبير] وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَقَالَ إنَّهُ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ تَرْجِيحُ الدُّخُولِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ الزَّكَاةُ عَلَى مَالِكِ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ] (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لَهَا مَالِكٌ مُعَيَّنٌ) لَا زَكَاةَ فِيمَا حَمَلَهُ السَّيْلُ مِنْ حَبِّ دَارِ الْحَرْبِ وَنَبَتَ بِأَرْضِنَا وَلَا فِي ثِمَارِ النَّخِيلِ الْمُبَاحَةِ بِالصَّحْرَاءِ. [فَصْلٌ ضَمُّ الْأَجْنَاسُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ كَالْحِنْطَةِ] (قَوْلُهُ وَفِي الْقِسْمَةِ وَهِيَ بَيْعٌ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إشْكَالٌ) أَمَّا عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ أَنَّ قِسْمَةَ مَا ذُكِرَ إفْرَازٌ فَلَا إشْكَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 الْقَطْعُ. وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ (أَوْ) بِأَنْ كَانَتْ النَّخِيلُ (الْمُثْمِرَةُ بَعْضَ النَّخْلِ فَاقْتَسَمُوا وَجَعَلُوا الْمُثْمِرَ قِسْمًا وَغَيْرَ الْمُثْمِرِ قِسْمًا) وَهَذِهِ قِسْمَةُ تَعْدِيلٍ وَالْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ فِي هَذَا وَمَا يَأْتِي أَنْ يُؤْتَى بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَقَدْ وُجِدَ كَذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي فِي نُسْخَةٍ، هَذَا كُلِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ (فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَقَدْ أَثْمَرَتْ نَخْلَةٌ قَبْلَ مَوْتِهِ) لَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ لِلْعِلْمِ بِهَا مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْفَرْعِ (لَزِمَتْهُمْ الزَّكَاةُ إذَا بَدَا صَلَاحُهَا) بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ مَا لَمْ تُبَعْ فِي الدَّيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يُمْسِكُوهَا وَيَقْضُوا الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِهَا (فَإِنْ كَانُوا مُوسِرِينَ أُخِذَتْ) أَيْ الزَّكَاةُ (مِنْ مَالِهِمْ وَصُرِفَ النَّخْلُ وَالثَّمَرَةُ لِلْغُرَمَاءِ) فِي دَيْنِهِمْ (أَوْ) كَانُوا (مُعْسِرِينَ قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ) عَلَى دَيْنِ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ حَقَّهَا أَقْوَى تَعَلُّقًا بِالْمَالِ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَسْقُطْ بِتَلَفِ الْمَالِ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ وَالدَّيْنُ لَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَرْهُونِ ثُمَّ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ غَيْرِهِ فَحَقُّ الزَّكَاةِ أَوْلَى (وَيَرْجِعُ بِهَا) أَيْ بِالزَّكَاةِ أَيْ بِقَدْرِهَا (الْغُرَمَاءُ عَلَى الْوَرَثَةِ) إذَا أَيْسَرُوا لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ وَبِسَبَبِهَا تَلِفَ ذَلِكَ الْقَدْرُ عَلَى الْغُرَمَاءِ (قَالَ) الْبَغَوِيّ (فِي التَّهْذِيبِ هَذَا إذَا قُلْنَا إنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ) فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَلَا رُجُوعَ (أَمَّا إذَا طَلَعَ) النَّخْلُ (بَعْدِ الْمَوْتِ فَلَا حَقَّ لِلْغُرَمَاءِ فِي الثَّمَرَةِ) بَلْ هِيَ حَقٌّ لِلْوَرَثَةِ لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِهِمْ. (فَصْلٌ وَإِنْ أَثْمَرَ نَخْلٌ أَوْ كَرْمٌ فَجُدَّ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ أَيْ قُطِعَ (ثُمَّ أَطْلَعَ فِي عَامِهِ) وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ غَيْرُ صَحِيحٍ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (حُكْمُهُ) فَلَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ لِأَنَّ كُلَّ حَمْلٍ كَثَمَرَةِ عَامٍ (وَإِنْ أَطْلَعَ أَحَدُ نُخَلِّيه ثُمَّ أَطْلَعَ الثَّانِي قَبْلَ جَدَادِ الْأَوَّلِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا (وَكَذَا بَعْدَهُ ضُمَّا) أَيْ ضُمَّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ (فِي إكْمَالِ النِّصَابِ إنْ اتَّحَدَ الْعَامُ) وَالْعِبْرَةُ فِي الضَّمِّ هُنَا بِإِطْلَاعِهِمَا فِي عَامٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الزَّرْعَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الْوَاجِبِ) مِنْهُمَا (لِلسَّقْيِ) بِأَنْ سَقَى أَحَدَهُمَا بِمُؤْنَةٍ وَالْآخَرَ بِدُونِهَا لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَامُ فَلَا ضَمَّ وَإِنْ أَطْلَعَ ثَمَرُ الْعَامِ الثَّانِي قَبْلَ جَدَادِ الْأَوَّلِ (وَوَقْتُ الْجَدَادِ) أَيْ نِهَايَةُ وَقْتِهِ (كَالْجَدَادِ) لِأَنَّ الثِّمَارَ بَعْدَ وَقْتِ الْجَدَادِ كَالْمَجْدُودَةِ فَلَوْ جَاءَ وَقْتُ جَدَادِ ثَمَرِ نَخْلٍ وَلَمْ يَجِدَّ ثُمَّ أَطْلَعَ فَلَا ضَمَّ. (فَرْعٌ) (لَوْ كَانَ لَهُ نَخْلٌ تِهَامِيَّةٌ تَحْمِلُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ وَنَجْدِيَّةٌ تُبْطِئُ) بِحَمْلِهَا (فَحَمَلَتْ النَّجْدِيَّةُ بَعْدَ جَدَادِ حَمْلِ الْأُولَى) أَيْ التِّهَامِيَّةِ فِي الْعَامِ (ضُمَّتْ) أَيْ النَّجْدِيَّةُ أَيْ ثَمَرَتُهَا (إلَيْهِ) أَيْ إلَى حَمْلِ التِّهَامِيَّةِ (فَإِنْ أَدْرَكَهَا) حَمْلُ التِّهَامِيَّةِ (الثَّانِي لَمْ يُضَمُّ إلَيْهَا) وَلَوْ أَدْرَكَهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِأَنَّا لَوْ ضَمَمْنَاهُ إلَيْهَا لَزِمَ ضَمُّهُ إلَى حَمْلِ التِّهَامِيَّةِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّ حَمْلٍ كَثَمَرَةِ عَامٍ. [فَصَلِّ تَوَاصَلَ بَذْرٌ لِزَرْعٍ بِأَنْ امْتَدَّ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ مُتَلَاحِقًا] (فَصْلٌ وَإِنْ تَوَاصَلَ بَذْرٌ لِزَرْعٍ) بِأَنْ امْتَدَّ (شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ مُتَلَاحِقًا) عَادَةً (فَذَلِكَ زَرْعٌ وَاحِدٌ) لِضَرُورَةِ التَّدْرِيجِ وَزَادَ قَوْلَهُ مُتَلَاحِقًا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يُفِيدُ قَوْلَنَا عَادَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ زَادَ بَدَلَهُ عَادَةً كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ تَفَاصَلَ وَ) ذَلِكَ بِأَنْ (اخْتَلَفَتْ أَوْقَاتُهُ) عَادَةً (ضُمَّ مَا حَصَلَ حَصَادُهُ) أَيْ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ إنْ حُصِدَا (فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ) اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الزَّرْعَانِ فِي سَنَةٍ إذْ الْحَصَادُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَعِنْدَهُ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ وَاعْتِبَارُ الْحَصَادِ عَزَاهُ الشَّيْخَانِ إلَى الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَاهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ نَقْلٌ بَاطِلٌ يَطُولُ الْقَوْلُ فِي تَفْصِيلِهِ وَالْحَاصِلُ أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَهُ فَضْلًا عَنْ عَزْوِهِ إلَى الْأَكْثَرِينَ بَلْ رَجَّحَ كَثِيرُونَ اعْتِبَارَ وُقُوعِ الزَّرْعَيْنِ فِي عَامٍ مِنْهُمْ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ ابْنُ النَّقِيبِ (وَالْمُسْتَخْلَفُ) مِنْ أَصْلٍ كَذُرَةٍ سَنْبَلَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي عَامٍ (يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُمَا يُرَادَانِ لِلتَّأْبِيدِ فَجُعِلَ كُلِّ حَمْلٍ كَثَمَرَةِ عَامٍ بِخِلَافِ الذُّرَةِ وَنَحْوِهَا فَأُلْحِقَ الْخَارِجُ مِنْهَا ثَانِيًا بِالْأَوَّلِ كَزَرْعٍ تَعَجَّلَ إدْرَاكُ بَعْضِهِ. (وَمَا نَبَتَ مِنْ انْتِثَارِ الزَّرْعِ) أَيْ مِمَّا انْتَثَرَ مِنْ حَبَّاتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَقْرِ عُصْفُورٍ أَوْ بِهُبُوبِ رِيحٍ فِي عَامٍ (فَيُضَمُّ إلَى أَصْلِهِ) قَطْعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِقَصْدٍ (وَقِيلَ كَالزَّرْعَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ) وَقْتًا فَيُضَمُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ طَرِيقَتَهُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ يُضَمُّ أَوْ يَحْذِفُ الْمَسْأَلَةَ لِعِلْمِهَا مِمَّا مَرَّ وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ الْأَصْلَ أَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ لِعَدَمِ عِلْمِهَا مِمَّا مَرَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ أَفْرَدَهَا لِلْخِلَافِ فِيهَا بِوَجْهٍ خَاصٍّ وَلِيُبَيِّنَ أَنَّهَا مَعَ صُورَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَلَا رُجُوعَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصَلِّ أَثْمَرَ نَخْلٌ أَوْ كَرْمٌ فَجُدَّ ثُمَّ أَطْلَعَ فِي عَامِهِ] (قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ الْعَامُ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَجْرَى عَادَتَهُ بِأَنَّ إدْرَاكَ الثِّمَارِ لَا يَكُونُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ أَجْرَى عَادَتَهُ فِي النَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ بِذَلِكَ إطَالَةً لِزَمَنِ التَّفَكُّهِ فَلَوْ اُعْتُبِرَ التَّسَاوِي فِي الْإِدْرَاكِ لَمْ يُتَصَوَّرْ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فَاعْتُبِرَ الْعَامُ الْوَاحِدُ وَنَقَلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ) عِبَارَةُ إرْشَادِهِ وَأَنْوَاعُ ثَمَرٍ أَطْلَعَتْ فِي عَامٍ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ قَوْلُهُ فِي الْحَاوِي إنْ قُطِعَا عَامًا فِي الْقُوتِ جُعِلَ الِاعْتِبَارُ فِي ضَمِّ النَّوْعَيْنِ فِي الثَّمَرِ مِنْ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ أَنْ يُقْطَعَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالِاطِّلَاعِ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا مَا فِي الْحَاوِي مِنْ اعْتِبَارِ الْقَطْعِ وَهُوَ الْجَدَادُ فِي عَامٍ. [فَرْعٌ كَانَ لَهُ نَخْلٌ تِهَامِيَّةٌ تَحْمِلُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ وَنَجْدِيَّةٌ تُبْطِئُ بِحَمْلِهَا فَحَمَلَتْ النَّجْدِيَّةُ بَعْدَ جَدَادِ حَمْلِ الْأُولَى فِي الْعَامِ] (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ نَقْلٌ بَاطِلٌ إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ فَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي (قَوْلُهُ قِيلَ يُضَمُّ إلَى أَصْلِهِ قَطْعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 وَقَعَتْ تَصْوِيرًا لِكَلَامٍ نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْبَعْلِ وَهُوَ مَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ) لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَاءِ (وَفِيمَا سُقِيَ بِمَاءِ مَطَرٍ أَوْ نَهْرٍ وَنَحْوِهِ كَالْعُيُونِ وَكَذَا قَنَاةٌ وَسَاقِيَةٌ) حُفِرَتَا مِنْ النَّهْرِ وَإِنْ (احْتَاجَتْ) كُلٌّ مِنْهُمَا (مُؤْنَةً وَ) يَجِبُ (فِيمَا سُقِيَ بِمُؤْنَةٍ كَالنَّضْحِ) أَيْ السَّقْيِ بِنَاضِحٍ (وَالدَّوَالِيبُ) جَمْعُ دُولَابٍ بِضَمِّ الدَّالِ وَقَدْ يُفْتَحُ وَيُقَالُ لَهُ الدَّالِيَةُ وَهِيَ الْمَنْجَنُونُ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ وَقِيلَ الدَّالِيَةُ الْبَكَرَةُ (وَالنَّاعُورُ) وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ (نِصْفُ الْعُشْرِ) وَذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «فِيمَا سَقَتْ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي وَالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كَثْرَةُ الْمُؤْنَةِ وَخِفَّتُهَا كَمَا فِي السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ بِالنَّظَرِ إلَى الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِمُؤْنَةِ الْقَنَاةِ وَالسَّاقِيَةِ لِأَنَّهُمَا لِعِمَارَةِ الصَّنِيعَةِ لَا لِنَفْسِ الزَّرْعِ فَإِذَا تَهَيَّأَتْ وَصَلَ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ النَّضْحِ وَنَحْوِهِ وَالْعَثَرِيُّ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَقِيلَ بِإِسْكَانِهَا مَا سُقِيَ بِالسَّيْلِ الْجَارِي إلَيْهِ فِي حَفْرٍ وَتُسَمَّى الْحُفَرُ عَاثُورَاءَ لِتَعَثُّرِ الْمَارِّ بِهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْهَا وَالْغَيْمُ الْمَطَرُ وَالسَّانِيَةُ وَالنَّاضِحُ مَا يُسْتَقَى عَلَيْهِ مِنْ بَعِيرٍ وَنَحْوِهِ وَالْأُنْثَى نَاضِحَةٌ (وَكَذَا) يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الْعُشْرِ (إنْ اشْتَرَى الْمَاءَ أَوْ غَصَبَهُ) لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ فِيهِمَا (أَوْ اتَّهَبَهُ) لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ وَكَمَا لَوْ عُلِفَتْ مَاشِيَتُهُ بِعَلَفٍ مَوْهُوبٍ. (فَرْعٌ إذَا سُقِيَ الزَّرْعُ) الْوَاحِدُ (بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالدَّوَالِيبِ) مَثَلًا (وَجَبَ) إخْرَاجُ الزَّكَاةِ (بِالْقِسْطِ) لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَعَمَلًا بِوَاجِبِهِمَا (فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ) أَيْ نِصْفُ السَّقْيِ (بِهَذَا وَالنِّصْفُ بِهَذَا وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ) أَوْ ثُلُثَاهُ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَثُلُثُهُ بِالدُّولَابِ وَجَبَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعُشْرِ وَفِي عَكْسِهِ ثُلُثَا الْعُشْرِ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي التَّقْسِيطِ (نَفْعُ السَّقْيَاتِ) بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ (وَلَوْ كَانَ) السَّقْيُ (الثَّانِي) أَيْ الْآخَرُ (أَكْثَرَ عَدَدًا) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالسَّقْيِ وَرُبَّ سَقْيَةٍ أَنْفَعُ مِنْ سَقَيَاتٍ وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذَا بِعَيْشِ الزَّرْعِ وَنَمَائِهِ (فَلَوْ) كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ إلَى يَوْمِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَ (احْتَاجَ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ) زَمَنَ الشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ (إلَى سَقِيَّتَيْنِ فَسَقَى بِالْمَطَرِ وَ) احْتَاجَ (فِي شَهْرَيْنِ مِنْ) زَمَنِ (الصَّيْفِ إلَى) سَقِيَّات (ثَلَاثَةٍ فَسَقَى بِالنَّضْحِ وَحَصَدَهُ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ لِلسَّقْيَتَيْنِ وَرُبْعُ نِصْفِهِ لِلثَّلَاثِ) وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَحَصَدَهُ بَلْ مُضِرٌّ لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحَصَادِ (فَلَوْ سَقَاهُ) أَيْ الزَّرْعَ (بِهِمَا) أَيْ بِالْمَطَرِ وَالنَّضْحِ (وَجَهِلَ الْمِقْدَارَ) مِنْ نَفْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ (وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ) أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّحَكُّمُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ زِيَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ عُلِمَ تَفَاوُتُهُمَا بِلَا تَعْيِينٍ فَقَدْ عَلِمْنَا نَقْصَ الْوَاجِبِ عَنْ الْعُشْرِ وَزِيَادَتَهُ عَلَى نِصْفِهِ فَيُؤْخَذُ الْمُتَيَقَّنُ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى الْبَيَانِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ فِي السَّقْيِ) أَيْ فِيمَا سَقَى بِهِ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ نَدْبًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. (فَصْلٌ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ الْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ) بِأَنْ كَانَتْ أَنْوَاعًا (أَخَذَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (مِنْ الْكُلِّ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا (بِالْحِصَّةِ) إذْ لَا ضَرَرَ بِخِلَافِ الْمَوَاشِي فَإِنَّا نَعْتَبِرُ قِيمَةَ الْأَنْوَاعِ وَنَأْمُرُهُ بِدَفْعِ نَوْعٍ مِنْهَا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّوْزِيعُ وَلَا يَأْخُذُ الْبَعْضَ مِنْ هَذَا وَالْبَعْضَ مِنْ هَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ التَّشْقِيصِ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ عَسِرَ) أَخْذُهَا مِنْ كُلٍّ مِنْهَا (لِكَثْرَتِهَا وَقِلَّةِ الثَّمَرِ أَخَذَ مِنْ الْوَسَطِ) مِنْهَا لَا مِنْ أَعْلَاهَا وَلَا مِنْ أَدْوَنِهَا رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ (فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ الْأَعْلَى أَوْ تَكَلَّفَ وَأَخْرَجَ الْحِصَّةَ مِنْ الْكُلِّ قُبِلَ) لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ وَزَادَ خَيْرًا فِي الْأُولَى وَالتَّصْرِيحُ بِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ. [فَرْعٌ يَبْدَأُ السَّاعِي فِي الْكَيْلِ بِالْمَالِكِ فِي إخْرَاجِ حِصَّتِهِ] (فَرْعٌ يَبْدَأُ) السَّاعِي فِي الْكَيْلِ (بِالْمَالِكِ) فِي إخْرَاجِ حِصَّتِهِ لِأَنَّ حَقَّهُ أَكْثَرُ وَبِهِ يُعْرَفُ حَقُّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَوْ بَدَأَ بِهِمْ رُبَّمَا لَا يَفِي الْبَاقِي بِحَقِّهِ فَيَحْتَاجُ إلَى رَدِّ مَا كِيلَ لَهُمْ (فَيَكِيلُ لَهُ تِسْعَةً مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ) إنْ وَجَبَ الْعُشْرُ (أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ إنْ وَجَبَ نِصْفُ الْعُشْرِ ثُمَّ يَأْخُذُ) السَّاعِي (وَاحِدًا) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (أَوْ) يَكِيلُ لَهُ (سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَيَأْخُذُ) هُوَ (ثَلَاثَةً إنْ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ) وَيُقَاسُ بِالْكَيْلِ فِي ذَلِكَ الْوَزْنُ وَالْعَدُّ (وَلَا يَهُزُّ الْكَيَّالُ الْمِكْيَالَ وَلَا يَضَعُ يَدَهُ فَوْقَهُ وَلَا يَمْسَحُهُ بِالْيَدِ) لِلِاخْتِلَافِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ زَكَاة الْبَعْلِ] قَوْلُهُ وَسَاقِيَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَلَا إدَارَةَ فِيهَا (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ قَصَدَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الزَّرْعِ السَّقْيَ بِأَحَدِ الْمَاءَيْنِ ثُمَّ حَصَلَ السَّقْيُ بِالْآخَرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ اشْتَرَى الْمَاءَ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ أَوْ بِمَا اشْتَرَاهُ الْأَصْوَبُ قِرَاءَةُ مَا فِي قَوْلِهِ بِمَا اشْتَرَاهُ مَقْصُورَةٌ عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ لَا مَمْدُودَةٌ اسْمًا لِلْمَاءِ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ تَعُمُّ الثَّلْجَ وَالْبَرَدَ بِخِلَافِ الْمَمْدُودَةِ قَالَ شَيْخُنَا هَكَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الثَّلْجَ وَالْبَرَدَ قَبْلَ ذَوْبِهِمَا كَمَا لَا يُسَمَّيَانِ مَاءً لَا يُمْكِنُ السَّقْيُ بِهِمَا فَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَهُ وَبَعْدَهُ مَاءٌ بِلَا خِلَافٍ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ. [فَرْعٌ سَقَى الزَّرْع الْوَاحِد بِمَاء السَّمَاء وَالدَّوَالِيب] (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَحَصَدَهُ إلَخْ) ذَكَرَهُ لِبَيَانِ اسْتِغْنَاءِ الزَّرْعِ عَنْ السَّقْيِ بَعْدَهَا وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ الْوَاجِبُ مَا ذَكَرَهُ فَهِيَ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ (قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ الْمُتَيَقَّنُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 بِذَلِكَ (بَلْ يَجْعَلُ فِيهِ مَا يَحْتَمِلُهُ) ثُمَّ يُفْرِغُ. [فَصْلٌ بُدُوُّ الصَّلَاحِ أَوْ الِاشْتِدَادِ فِي بَعْضِ الثَّمَرَةِ مُوجِبٌ لِلزَّكَاةِ فِي الْكُلِّ] (فَصْلٌ بُدُوُّ الصَّلَاحِ أَوْ الِاشْتِدَادِ فِي بَعْضِ الثَّمَرَةِ) فِي الْأَوَّلِ (أَوْ الْحَبِّ) فِي الثَّانِي (مُوجِبٌ لِلزَّكَاةِ فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي كُلِّ الثَّمَرَةِ أَوْ الْحَبِّ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ قَدْ صَارَا قُوتَيْنِ وَقَبْلَهُمَا كَانَا مِنْ الْخَضْرَاوَاتِ قَالُوا «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْعَثُ الْخَارِصَ لِلْخَرْصِ» حِينَئِذٍ وَلَوْ تَقَدَّمَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ لَبَعَثَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ لَمَا بَعَثَهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَجَعَلَ بُدُوَّ الصَّلَاحِ وَالِاشْتِدَادَ فِي الْبَعْضِ كَهُمَا فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي الْبَيْعِ (فَإِنْ اشْتَرَى نَخِيلًا وَثَمَرَتَهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَبَدَا الصَّلَاحُ فِي مُدَّتِهِ فَالزَّكَاةُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ) فِيهَا وَهُوَ الْبَائِعُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَالْمُشْتَرِي إنْ كَانَ لَهُ (وَإِنْ لَمْ يَبْقَ) الْمِلْكُ (لَهُ) بِأَنْ أَمْضَى الْبَيْعَ فِي الْأُولَى وَفَسَخَ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَبْقَ الْمِلْكُ لَهُ وَأَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْ الثَّمَرَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا (وَهِيَ) أَيْ الزَّكَاةُ (مَوْقُوفَةٌ إنْ قُلْنَا بِالْوَقْفِ) لِلْمِلْكِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَمَنْ ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ (وَإِنْ اشْتَرَاهَا) أَيْ النَّخِيلَ بِثَمَرَتِهَا بَلْ أَوْ ثَمَرَتُهَا فَقَطْ (كَافِرٌ) أَوْ مُكَاتَبٌ (فَبَدَا الصَّلَاحُ مَعَهُ) أَيْ فِي مِلْكِهِ (ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ) أَوْ غَيْرِهِ كَإِقَالَةٍ (بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ سَقَطَتْ زَكَاتُهَا) يَعْنِي فَلَا زَكَاةَ فِيهَا عَلَى أَحَدٍ أَمَّا عَلَى الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ. وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ حِينَ الْوُجُوبِ (أَوْ) اشْتَرَاهَا (مُسْلِمٌ) فَبَدَا الصَّلَاحُ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا (لَمْ يَرُدَّ) هَا عَلَى الْبَائِعِ (قَهْرًا لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةَ بِهَا) وَهُوَ كَعَيْبٍ حَدَثَ بِيَدِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ لِلسَّاعِي أَخْذَهَا مِنْ عَيْنِ الْمَالِ لَوْ تَعَذَّرَ أَخْذُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَخَرَجَ بِقَهْرٍ أَمَّا لَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِرِضَاهُ فَجَائِزٌ لِإِسْقَاطِ الْبَائِعِ حَقَّهُ (فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثَّمَرِ (أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) الْأَنْسَبُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا (فَكَمَا سَبَقَ فِي) الشَّرْطِ الرَّابِعِ لِزَكَاةِ (النَّعَمِ) مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَلَهُ فِيهِ الْأَرْشُ (وَإِنْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ) وَحْدَهَا (بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَبَدَا الصَّلَاحُ حَرُمَ الْقَطْعُ لَحِقَ الْفُقَرَاءِ) أَيْ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهَا (فَإِذَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْإِبْقَاءِ فَلَهُ الْفَسْخُ) لِتَضَرُّرِهِ بِمَصِّ الثَّمَرَةِ مَاءَ الشَّجَرَةِ. (وَلَوْ رَضِيَ بِهِ) وَأَبَى الْمُشْتَرِي إلَّا الْقَطْعَ (لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ) لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ زَادَهُ خَيْرًا وَالْقَاطِعَ إنَّمَا كَانَ لِحَقِّهِ حَتَّى لَا تَمْتَصَّ الثَّمَرَةُ مَاءَ الشَّجَرَةِ فَإِذَا رَضِيَ تُرِكَتْ الثَّمَرَةُ بِحَالِهَا (وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي الرِّضَا) بِالْإِبْقَاءِ لِأَنَّ رِضَاهُ إعَارَةٌ أَمَّا الْمُشْتَرِي إذَا رَضِيَ بِالْإِبْقَاءِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ بَلْ لَا مَعْنَى لِرُجُوعِهِ إذْ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ أَصْلًا (وَإِذَا فُسِخَ) الْبَيْعُ (لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ عَنْ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ كَانَ فِي مِلْكِهِ (فَإِذَا أَخَذَهَا السَّاعِي مِنْ الثَّمَرَةِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي) . (فَرْعٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ بَدَا الصَّلَاحُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَذَا عَيْبٌ حَدَثَ بِيَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي قَالَ وَهَذَا إذَا بَدَا بَعْدَ اللُّزُومِ وَإِلَّا فَهَذِهِ ثَمَرَةٌ اُسْتُحِقَّ إبْقَاؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَصَارَ كَالْمَشْرُوطِ فِي زَمَنِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ إنْ قُلْنَا الشَّرْطُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مُلْحَقٌ بِالْعَقْدِ (فَرْعٌ مُؤْنَةُ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ) وَالْجِدَادِ وَالدِّيَاسِ وَالْحَمْلِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ (عَلَى الْمَالِكِ) لَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ (فَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ) مِمَّا يَجِفُّ (رَطْبًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ (رَدَّهَا) وُجُوبًا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ السَّابِقِ أَوَائِلَ الْبَابِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلِأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ بَيْعٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَبَيْعُ الرَّطْبِ بِالرَّطْبِ لَا يَجُوزُ وَخَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصَلِّ تَنَوَّعَتْ الْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ بِأَنْ كَانَتْ أَنْوَاعًا أَخَذَتْ الزَّكَاةَ مِنْ الْكُلِّ] قَوْلُهُ وَهُوَ كَعَيْبٍ حَدَثَ بِيَدِهِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَعْبِيرُهُ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ قَدْ تَكَرَّرَ مِنْهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَتَبِعَهُ الرَّوْضَةُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَالصَّوَابُ قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ فِيمَا إذَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الثَّمَرَةِ بَعْدَ انْتِقَالِهَا إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا تَنْتَقِلُ إنْ لَوْ كَانَ الْبَيْعُ قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَلَيْسَ دَائِرًا مَعَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَعَدَمِهِ أَوْ تُصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ بِبَيْعِ الثِّمَارِ مَعَ الْأَشْجَارِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفُقَرَاءَ يَصِيرُونَ شُرَكَاءَ رَبِّ الْمَالِ بِسَبَبِ الزَّكَاةِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ بَعْضُ الْمَبِيعِ فِي مِثَالِهِمَا حَالَةً خَارِجًا عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ كَالْعَيْبِ وَحِينَئِذٍ يَجُرُّ ذَلِكَ أُمُورًا مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَأَنَّهُ إذَا أَدَّى الزَّكَاةَ يَعُودُ الْمِلْكُ لِمَنْ. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوَسُّطِ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِتَصْوِيبِهِ وَكَلَامُ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ ظَاهِرٌ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِبَيْعِ الْأَشْجَارِ مَعَ الثِّمَارِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمَا عَقِبَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ وَحْدَهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَهُوَ يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا بَاعَهُمَا مَعًا وَالشَّيْخَانِ تَبِعَا فِي ذَلِكَ التَّهْذِيبَ وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ فِي النِّهَايَةِ مَنْ اشْتَرَى الْأَشْجَارَ وَالثِّمَارَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَلَزِمَ لَهُ الشِّرَاءُ ثُمَّ بَدَا الصَّلَاحُ فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْمَسَاكِينِ فَلَوْ رَامَ رَدًّا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ. اهـ. لَفْظُهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا بَاعَ الْأَشْجَارَ وَحْدَهَا قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ فَالصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ كَمَا عَبَّرَا بِهِ لَا بِالتَّأْبِيرِ لِأَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ وَأَمَّا التَّأْبِيرُ فَإِنَّمَا هُوَ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ وَتَصْوِيرُ الِانْتِقَالِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرِ وَذَلِكَ مُقَرَّرٌ فِي بَابِهِ. اهـ. وَاعْتَرَضَ ابْنُ الْعِمَادِ قَوْلَهُ إنَّ الْفُقَرَاءَ يَصِيرُونَ شُرَكَاءَ بِسَبَبِ الزَّكَاةِ وَقَالَ إنَّ الصَّوَابَ التَّعْبِيرُ بِيَصِيرُونَ شُرَكَاءَ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ قَالَ وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ لَيْسَتْ شَرِكَةً حَقِيقَةً حَتَّى يَرِدَ مَا أَوْرَدَهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْفَاسِدَةِ بَلْ إذَا أَخْرَجَ الْمُشْتَرِي الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهَا عَادَ إلَيْهِ الْمِلْكُ وَكَانَ لَهُ الرَّدُّ قَهْرًا وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِلَا تَرَدُّدٍ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا إذَا رَهَنَ رَهْنًا ثُمَّ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَقُلْنَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِي قَدْرِهَا. [فَرْعٌ بَدَا الصَّلَاح قَبْل القبض] (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ إلَخْ) لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِمَا ذُكِرَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لَمَّا أَوْجَدَهُ الْعَاقِدَانِ فِي حَرِيمِ الْعَقْدِ صَارَ بِمَثَابَةِ الْمَوْجُودِ فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الشَّرْعِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الشَّرْطِيِّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ بَيْعِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنَافِعِهَا شَرْعًا وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 فَصَحَّحَ أَنَّهَا إفْرَازٌ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِهَا (وَلَوْ تَلِفَتْ) فِي يَدِ السَّاعِي (فَقِيمَتُهَا) يَرُدُّهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ هُنَا فِي مَوْضِعَيْنِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُفْتَى بِهِ لَكِنَّهُ أَعْنِي الْمُصَنِّفَ صَحَّحَ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْغَضَبِ أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ وَالْقَائِلُ بِهِ حَمَلَ النَّصَّ عَلَى فَقْدِ الْمِثْلِ (وَلَوْ جَفَّفَهَا وَلَمْ تَنْقُصْ) أَوْ نَقَصَتْ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (لَمْ تُجْزِهِ) هَذَا وَجْهٌ اخْتَارَهُ الْأَصْلُ وَمَنْقُولُ الْعِرَاقِيِّينَ خِلَافُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ جَفَّ عِنْدَ السَّاعِي فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الزَّكَاةِ أَجْزَأَ وَإِلَّا رَدَّ التَّفَاوُتَ أَوْ أَخَذَهُ كَذَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْأَوْلَى وَجْهٌ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ بِحَالِ الْفَسَادِ الْقَبْضُ مِنْ أَصْلِهِ انْتَهَى وَحَكَى فِي الْمَجْمُوعِ كَلَامَ الْعِرَاقِيِّينَ ثُمَّ كَلَامَ ابْنِ كَجٍّ وَاخْتِيَارَ الرَّافِعِيِّ لَهُ ثُمَّ قَالَ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ. (فَصْلٌ لَا خَرْصَ) أَيْ حِرْزَ (فِي الزَّرْعِ) لِاسْتِتَارِ حَبِّهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ غَالِبًا رَطْبًا بِخِلَافِ التَّمْرِ (وَيُسْتَحَبُّ خَرْصُ الثَّمَرَةِ) عَلَى مَالِكِهَا (بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ الْمُشَارِ إلَيْهِ قَرِيبًا وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إلَى خَيْبَرَ خَارِصًا» وَحِكْمَتُهُ الرِّفْقُ بِالْمَالِكِ وَالْمُسْتَحِقِّ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ ثِمَارَ الْبَصْرَةِ فَقَالَ يَحْرُمُ خَرْصُهَا بِالْإِجْمَاعِ لِكَثْرَتِهَا وَلِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ فِي خَرْصِهَا وَلِإِبَاحَةِ أَهْلِهَا الْأَكْلَ مِنْهَا لِلْمُجْتَازِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ قَالَا وَهَذَا فِي النَّخْلِ أَمَّا الْكَرْمُ فَهُمْ فِيهِ كَغَيْرِهِمْ قَالَ السُّبْكِيُّ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي إذَا عُرِفَ مِنْ شَخْصٍ أَوْ بَلَدٍ مَا عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُمْ انْتَهَى وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِبَعْدِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّ الْخَرْصَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ إذْ لَا حَقَّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَلَا يَنْضَبِطُ الْمِقْدَارُ لِكَثْرَةِ الْعَاهَاتِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَيْهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْخَارِصِ (أَنْ يُشَاهِدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ) مِنْ الْأَشْجَارِ بِأَنْ يَرَى جَمِيعَ عَنَاقِيدِهَا (وَيُقَدِّرَ ثَمَرَتَهَا أَوْ ثَمَرَةَ كُلِّ النَّوْعِ رَطْبًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ (ثُمَّ يَابِسًا) لِأَنَّ الْأَرْطَابَ تَتَفَاوَتُ وَإِنَّمَا جَازَ فِي النَّوْعِ أَنْ يَخْرُصَ الْكُلَّ رَطْبًا ثُمَّ يَابِسًا لِأَنَّ لَحْمَهُ لَا يَتَفَاوَتُ وَخَرْصُهُ كَذَلِكَ أَسْهَلُ لَكِنْ خَرْصُ كُلِّ ثَمَرَةٍ أَحْوَطُ (وَلَا يَتْرُكُ لِلْمَالِكِ شَيْئًا) خِلَافًا لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ مِنْ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ نَخْلَةً أَوْ نَخَلَاتٍ يَأْكُلُهَا أَهْلُهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «إذَا خَرَصْتُمْ فَجُذُّوا وَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبْعَ» وَهَذَا الْخَبَرُ حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ نَصَّيْهِ فِي الْجَدِيدِ عَلَى أَنَّهُمْ يَدَعُونَ لَهُ ذَلِكَ لِيُفَرِّقَهُ بِنَفْسِهِ عَلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ وَجِيرَانِهِ لِطَمَعِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْهُ وَهَذَا مَا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (لَا لِلتَّفْرِقَةِ) . (فَرْعٌ يَكْفِي الْخَارِصَ) وَاحِدٌ لِأَنَّ الْخَرْصَ يَنْشَأُ عَنْ اجْتِهَادٍ فَكَانَ كَالْحَاكِمِ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَ ابْنِ رَوَاحَةَ غَيْرَهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى وَأَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ كَاتِبًا (وَيُشْتَرَطُ عَدْلٌ) فِي الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْفَاسِقَ وَالْكَافِرَ وَالصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُمْ (عَالِمٌ بِالْخَرْصِ) لِأَنَّ الْجَاهِلَ بِالشَّيْءِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ (حُرٌّ ذَكَرٌ) لِأَنَّ الْخَرْصَ وِلَايَةٌ وَغَيْرُ الْحُرِّ الذَّكَرِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. [فَرْعٌ الْخَرْصُ لِلتَّضْمِينِ يَنْتَقِلُ بِهِ الْحَقُّ مِنْ الْعَيْنِ إلَى ذِمَّةِ الْمَالِكِ] (فَرْعٌ الْخَرْصُ لِلتَّضْمِينِ) يَنْتَقِلُ بِهِ الْحَقُّ مِنْ الْعَيْنِ إلَى ذِمَّةِ الْمَالِكِ لِأَنَّ الْخَرْصَ يُسَلِّطُهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا سَيَأْتِي (لَا لِلِاعْتِبَارِ) لِلْمِقْدَارِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِلَ بِهِ الْحَقُّ إلَى الذِّمَّةِ وَهُمَا قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَظْهَرُ (فَيُشْتَرَطُ) فِيهِ (تَضْمِينُ الْخَارِصِ) الْحَقَّ لِلْمَالِكِ إنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ السَّاعِي كَأَنْ يَقُولَ ضَمَّنْتُك نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ الرُّطَبِ بِكَذَا تَمْرًا (وَقَبُولُ الْمَالِكِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ إلَى الذِّمَّةِ كَمَا قَالَ (وَحِينَئِذٍ يَنْتَقِلُ إلَى ذِمَّتِهِ) فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا كَالْمُتَبَايِعِينَ (وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي الْجَمِيعِ) لِانْقِطَاعِ التَّعَلُّقِ عَنْ الْعَيْنِ فَإِنْ انْتَفَى الْخَرْصُ   [حاشية الرملي الكبير] مَنَافِعِهَا شَرْطًا [فَرْعٌ مُؤْنَةُ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ وَالْحَمْلِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ عَلَى الْمَالِكِ لَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ] (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُفْتَى بِهِ) قَالَ النَّاشِرِيُّ قَالَ وَالِدِي إنَّمَا وَجَبَتْ الْقِيمَةٌ فِي بَابِ الزَّكَاةِ لِئَلَّا يَفُوتَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ بَقَاءِ الثَّمَرَةِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ إلَى وَقْتِ الْجَذَاذِ وَفِي الْغَصْبِ إنَّمَا غَصَبَ مَا عَلَى الْأَرْضِ فَأَتْلَفَهُ فَلَوْ أَتْلَفَهُ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ تَعَيَّنَ ضَمَانُهُ بِالْقِيمَةِ قَوْلُ وَيَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ الْوَالِدُ مَسْأَلَةُ مَا إذَا أَتْلَفَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ زَرْعًا أَوَّلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْأَرْضِ فِي الْحَالِ الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ فَقَدْ قَالَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ فِي ذَلِكَ لَعَلَّ الْجَوَابَ إنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمُتْلِفُ غَيْرَ الْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ عِنْدَ مَنْ يُبْقِيهِ كَمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي إتْلَافِ أَحَدِ خُفَّيْنِ يُسَاوَيَانِ عَشْرَةً غَصَبَهُمَا فَصَارَتْ قِيمَةُ الْبَاقِي دِرْهَمَيْنِ فَيَضْمَنُ ثَمَانِيَةً عَلَى الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ صُحِّحَ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْغَصْبِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ. [فَصْلٌ لَا خَرْصَ حِرْزَ فِي الزَّرْعِ] (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ هَذَا لِغَيْرِ الْمَاوَرْدِيِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ شَيْخِهِ الصَّيْمَرِيِّ وَالْأَصْحَابِ قَاطِبَةُ عَدَمِ الْفَرْقِ فَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إذَا شَارَكَهُمْ غَيْرُهُمْ فِيمَا عُرِفَ مِنْهُمْ أَنْ يُعْطَى حُكْمَهُمْ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ مَا قَبْلَهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ بَدَا صَلَاحُ نَوْعٍ دُونَ آخَرَ فَفِي جَوَازِ خَرْصِ الْكُلِّ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمِ جَوَازِهِ ش. [فَرْعٌ يَكْفِي الْخَارِصَ وَاحِدٌ] (قَوْلُهُ يَنْتَقِلُ بِهِ الْحَقُّ مِنْ الْعَيْنِ إلَى ذِمَّةِ الْمَالِكِ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ اخْتِصَاصُ التَّضْمِينِ بِالْمَالِكِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَوْ خَرَصَ السَّاعِي ثَمَرَةً بَيْنَ مُسْلِمٍ وَيَهُودِيٍّ وَضَمِنَ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ جَازَ كَمَا ضَمَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الْيَهُودَ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْغَانِمِينَ حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَإِذَا كَانَ الْمَالِكُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالتَّضْمِينُ يَقَعُ لِلْوَلِيِّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَمَنُ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ وَالْخِطَابُ فِي الْأَصْلِ يَتَعَلَّقُ بِمَالِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي الْجَمِيعِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِجَوَازِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ بَعْدَ التَّضْمِينِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مُشْكِلٌ إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُعْسِرًا وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَصْرِفُ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا فِي دَيْنِهِ أَوْ تَأْكُلُهَا عِيَالُهُ قَبْلَ الْجَفَافِ وَيَضِيعُ حَقُّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَا يَنْفَعُهُمْ كَوْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ الْخَرِبَةِ فَتَأَمَّلْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 أَوْ التَّضْمِينُ أَوْ الْقَبُولُ لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ فِي الْجَمِيعِ بَلْ فِيمَا عَدَا الْوَاجِبَ شَائِعًا لِبَقَاءِ الْحَقِّ فِي الْعَيْنِ وَسَيُصَرِّحُ بِالْأَوْلَى (وَإِنْ ضَمَّنَهُ) ذَلِكَ (قَبْلَ الْخَرْصِ وَلَوْ فِي وَقْتِهِ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ التَّضْمِينُ فَلَا يَقُومُ وَقْتُ الْخَرْصِ مَقَامَ الْخَرْصِ لِأَنَّ التَّضْمِينَ يَقْتَضِي تَقْدِيرَ الْمَضْمُونِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ إقَامَةِ وَقْتِ الْجَدَادِ مَقَامَ الْجَدَادِ (وَإِنْ نُدِبَ) أَيْ بُعِثَ (خَارِصَانِ وَاخْتَلَفَا وَلَمْ يَتَّفِقَا) عَلَى مِقْدَارٍ (وُقِفَ) الْأَمْرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْمِقْدَارُ بِقَوْلِ غَيْرِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي نُسْخَةٍ بِقَوْلِهِ وَنُدِبَ غَيْرُهُمَا وَأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ اخْتَلَفَا تَوَقَّفْنَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْمِقْدَارُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا. (فَرْعٌ وَإِنْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْخَرْصِ) وَلَوْ مَعَ التَّضْمِينِ وَالْقَبُولِ (وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَسَرِقَةٍ قَبْلَ جَفَافِهَا أَوْ بَعْدَهُ (لَمْ يَضْمَنْ) كَمَا لَوْ تَلِفَتْ الْمَاشِيَةُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ (فَإِذَا بَقِيَ مِنْهَا دُونَ النِّصَابِ أَخْرَجَ حِصْنَهُ) لِأَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مَا لَوْ قَصَّرَ كَأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزٍ فَيَضْمَنُ قَالَ الْإِمَامُ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَضْمَنُ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَرْصَ تَضْمِينٌ لَكِنْ قَطَعُوا بِخِلَافِهِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ أَمْرَ الزَّكَاةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ لِأَنَّهَا عَلَقَةٌ تَثْبُتُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ فَبَقَاءُ الْحَقِّ مَشْرُوطٌ بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ وَلَا حَاجَةَ بِالْمُصَنِّفِ إلَى قَوْلِهِ بَعْدَ الْخَرْصِ (وَإِذَا أَتْلَفَهَا بَعْدَ الْخَرْصِ) وَالتَّضْمِينِ وَالْقَبُولِ (ضَمِنَهَا) يَعْنِي ثَمَرَةَ الْمُسْتَحِقِّينَ جَافَّةً إنْ كَانَتْ تَجِفُّ لِثُبُوتِهَا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ لَمْ تَجِفَّ (أَوْ) أَتْلَفَهَا (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْخَرْصِ بَلْ أَوْ التَّضْمِينِ أَوْ الْقَبُولِ (لَزِمَهُ عُشْرُ الرَّطْبِ) أَيْ قِيمَتُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ مِثْلُ الرَّطْبِ كَمَا يَلْزَمُهُ مِثْلُ الْمَاشِيَةِ الَّتِي لَزِمَهُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَأَتْلَفَهَا وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً لِأَنَّ الْمَاشِيَةَ أَنْفَعُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ الْقِيمَةِ بِالدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَالشَّعْرِ بِخِلَافِ الرَّطْبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الْجَافُّ لِأَنَّ الْوَاجِبَ غَايَتُهُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّطْبِ وَإِتْلَافُهُ لَا يُغَيِّرُ الْحَقَّ عَنْ صِفَتِهِ وَلِهَذَا لَوْ أَتْلَفَ نِصَابَ الْإِبِلِ بَعْدَ الْحَوْلِ لَزِمَهُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ الشِّيَاهُ دُونَ قِيمَةِ الْإِبِلِ وَمَا بَحَثَهُ هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَمْ يُورِدْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ غَيْرَهُ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْ الْبَحْثِ بِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْجَافُّ مُطْلَقًا بَلْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُتْلِفْهُ الْمَالِكُ قَبْلَ الْخَرْصِ وَمَا ذَكَرْته أَوَّلًا مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِ الثَّمَرَةِ تَجِفُّ وَكَوْنِهَا لَا تَجِفُّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَعُزِّرَ) عَلَى إتْلَافِهِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لَاحَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ فَيُعَزِّرُهُ الْإِمَامُ إنْ رَأَى ذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ يَتَعَلَّقُ بِرَأْيِهِ. (فَرْعٌ يَحْرُمُ الْأَكْلُ وَالتَّصَرُّفُ) بِغَيْرِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ (قَبْلَ الْخَرْصِ) أَوْ التَّضْمِينِ أَوْ الْقَبُولِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهَا لَكِنَّهُ إنْ تَصَرَّفَ فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ شَائِعًا صَحَّ فِيمَا عَدَا نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَمَّا بَعْدَ مَا ذُكِرَ فَلَا تَحْرِيمَ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الذِّمَّةِ فَإِنْ قُلْت هَلَّا جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ أَيْضًا فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ كَمَا فِي الْمُشْتَرَكِ قُلْت الشَّرِكَةُ هُنَا غَيْرُ حَقِيقِيَّةٍ كَمَا مَرَّ بَلْ الْمُغَلَّبُ فِيهَا جَانِبُ التَّوَثُّقِ فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ مُطْلَقًا (فَإِنْ لَمْ يُبْعَثْ خَارِصٌ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاكِمٌ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَبْعَثْ خَارِصًا (حَكَّمَ) الْمَالِكُ (عَدْلَيْنِ) عَالِمَيْنِ بِالْخَرْصِ (يَخْرُصَانِ) عَلَيْهِ لِيَنْتَقِلَ الْحَقُّ إلَى الذِّمَّةِ وَيَتَصَرَّفَ فِي الثَّمَرَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى) الْمَالِكُ (هَلَاكَ الثَّمَرَةِ) كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَلَوْ بَعْدَ خَرْصِهَا (بِسَبَبٍ خَفِيٍّ) كَسَرِقَةٍ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (أَوْ) بِسَبَبٍ (ظَاهِرٍ) كَنَهْبٍ وَحَرِيقٍ وَبَرْدٍ (لَمْ يُعْلَمْ) وُقُوعُهُ بِأَنْ عَلِمْنَا خِلَافَهُ أَوْ لَمْ نَعْلَمْ شَيْئًا (فَلَا) يُصَدَّقُ فَإِنْ عَلِمْنَا وُقُوعَهُ وَعُمُومَهُ أَيْ كَثْرَتَهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَحَلَفَ إنْ اُتُّهِمَ فِي التَّلَفِ بِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَإِنْ عَلِمْنَا وُقُوعَهُ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ (وَلَوْ أَمْكَنَ وُقُوعُهُ) وَلَمْ نَعْلَمْهُ (أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ (بِالْوُقُوعِ وَصُدِّقَ فِي التَّلَفِ بِهِ) بِيَمِينِهِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ مَا لَهُ بِخُصُوصِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ أَسْنَدَهُ إلَى سَبَبٍ يُكَذِّبُهُ فِيهِ الْحِسُّ كَقَوْلِهِ تَلِفَ بِحَرِيقٍ وَقَعَ فِي الْجَرِينِ وَعَلِمْنَا خِلَافَهُ لَمْ نُصَدِّقْهُ وَلَمْ نَسْمَعْ بَيِّنَتَهُ (وَتَحْلِيفُهُ) حَيْثُ حَلَّفْنَاهُ فِي مَا مَرَّ وَفِيمَا يَأْتِي فِي الْبَابِ (مُسْتَحَبٌّ) لَا وَاجِبٌ (وَلَوْ اُتُّهِمَ) لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ فِي مَالِهِ (وَإِنْ أَطْلَقَ دَعْوَى الْهَلَاكِ) بِأَنْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى سَبَبٍ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) . [فَرْعٌ ادَّعَى الْمَالِكُ ظُلْمَ الْخَارِصِ] (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى) الْمَالِكُ (ظُلْمَ الْخَارِصِ لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ بِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ وُقُوعُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى جَوْرَ الْحَاكِمِ أَوْ كَذِبَ الشَّاهِدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَمْ أَجِدْ إلَّا هَذَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إذْ   [حاشية الرملي الكبير] اهـ لَا يَجُوزُ تَضْمِينُ الْمَالِكِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْمُسْتَحِقِّينَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَّفِقَا) بَعْدَ اخْتِلَافِهِمَا. [فَرْعٌ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْخَرْصِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ] (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ بِالْمُصَنِّفِ إلَى قَوْلِهِ بَعْدَ الْخَرْصِ) ذَكَرَهُ لِيُفْهَمَ مِنْهُ حُكْمُ مَا قَبْلَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً) قَالَ شَيْخُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِتَقْوِيمِهِ. [فَرْعٌ يَحْرُمُ الْأَكْلُ وَالتَّصَرُّفُ فِي الثَّمَرَةِ قَبْلَ الْخَرْصِ] (قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ) أَيْ مُعَيَّنًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 لَا تَكْذِيبَ فِيهِ لِأَحَدٍ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ) ادَّعَى عَلَيْهِ (غَلَطًا وَبَيَّنَهُ وَكَانَ مُمْكِنًا) عَادَةً فِي الْخَرْصِ كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ فِي مِائَةٍ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَكَعُشْرِ الثَّمَرَةِ وَسُدُسِهَا (صُدِّقَ وَحُطَّ عَنْهُ) مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ فِي دَعْوَى نَقْصِهِ عِنْدَ كَيْلِهِ وَلِأَنَّ الْكَيْلَ يَقِينٌ وَالْخَرْصَ تَخْمِينٌ فَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَإِنْ ادَّعَى غَيْرَ مُمْكِنٍ فَسَيَأْتِي (فَإِنْ اُتُّهِمَ) فِي دَعْوَاهُ (حَلَفَ) وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَحَلَفَ إنْ اُتُّهِمَ كَانَ أَنْسَبَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ كَانَ) أَيْ مَا ادَّعَاهُ غَلَطًا (يَسِيرًا) بِقَدْرٍ (يَتَفَاوَتُ مِثْلُهُ فِي الْكَيْلَيْنِ) فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَيُحَطُّ عَنْهُ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ إنْ اُتُّهِمَ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَخْرُوصُ بَاقِيًا أُعِيدَ كَيْلُهُ وَعُمِلَ بِهِ وَذِكْرُ التَّحْلِيفِ فِي الْيَسِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ ذَكَرَ غَلَطًا فَاحِشًا) أَيْ لَا يُمْكِنُ عَادَةً فِي الْخَرْصِ كَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ لَمْ يُصَدَّقْ فِيهِ لِلْعِلْمِ بِبُطْلَانِهِ عَادَةً لَكِنْ (حُطَّ) عَنْهُ (قَدْرُ الْمُمْكِنِ) وَهُوَ الَّذِي لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَصُدِّقَ فِيهِ كَمَا يُحْكَمُ بِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمَرْأَةِ بِالْإِقْرَاءِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ بِدَعْوَاهَا قَبْلَهُ. (فَصْلٌ يَجُوزُ) لِلْمَالِكِ فِيمَا لَوْ أَصَابَ الْأَصْلَ عَطَشٌ أَوْ نَحْوُهُ وَلَوْ تُرِكَتْ الثَّمَرَةُ عَلَيْهِ إلَى الْجَدَادِ لَأَضَرَّتْ بِهِ (قَطْعُ مَا يُضِرُّ) بِضَمِّ الْيَاءِ (بِالْأَصْلِ مِنْ الثَّمَرَةِ) كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا لِأَنَّ إبْقَاءَ الْأَصْلِ أَنْفَعُ لِلْمَالِكِ وَالْمَسَاكِينِ مِنْ ثَمَرَةِ عَامٍ وَإِنَّمَا يَقْطَعُهَا (بِالْإِذْنِ) مِنْ الْإِمَامِ أَوْ السَّاعِي إنْ أَمْكَنَ مُرَاجَعَتُهُ فَالِاسْتِئْذَانُ وَاجِبٌ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا صَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ الثَّمَرَةَ مُشْتَرِكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَحِقِّينَ فَلَا يَجُوزُ قَطْعُهَا إلَّا بِإِذْنِ نَائِبِهِمْ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ (فَلَوْ قَطَعَ بِلَا إذْنٍ عَصَى وَعُزِّرَ إنْ عَلِمَ) بِالتَّحْرِيمِ أَيْ عَزَّرَهُ الْإِمَامُ إنْ رَأَى ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْمُهَذَّبِ قَالَ وَلَا يُغَرِّمُهُ مَا نَقَصَ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْذَنَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْقَطْعِ وَإِنْ نَقَصَتْ بِهِ الثَّمَرَةُ (وَإِذَا أَرَادَ السَّاعِي الْقِسْمَةَ) لِلثَّمَرَةِ (قَبْلَ الْقَطْعِ) بِأَنْ يَخْرُصَهَا وَيُعَيِّنَ الْوَاجِبَ فِي نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ (لَمْ تَجُزْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ لِأَنَّهُ صَحَّحَ أَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ (وَكَذَا) لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهَا (لَوْ أَرَادَهَا) السَّاعِي (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ قَطْعِهَا وَقَبْلَ تَجْفِيفِهَا لِمَا مَرَّ (بَلْ يَقْبِضُ السَّاعِي الْعُشْرَ) مِنْ الْمَقْطُوعِ (مَشَاعًا وَطَرِيقُهُ) فِي قَبْضِهِ لَهُ (تَسْلِيمُ الْجَمِيعِ) لَهُ (ثُمَّ يَبِيعُهُ مَنْ يَشَاءُ) مِنْ الْمَالِكِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ يَبِيعُ هُوَ وَالْمَالِكُ وَيَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ عُشْرِ الْمَقْطُوعِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْقِيمَةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ فِي شِقْصِ الْحَيَوَانِ أَمْ لَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ التَّهْذِيبِ تَرْجِيحُهُ وَالْأَشْبَهُ بِالتَّرْجِيحِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمَنْعُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ ثُمَّ قَالَ فِيهِ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ بَاقِيَةً فَإِنْ أَتْلَفَهَا الْمَالِكُ أَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ قَطْعِهَا لَزِمَهُ قِيمَةُ عُشْرِهَا رَطْبًا حِينَ أَتْلَفَهَا (وَهَذَا الْحُكْمُ يَجْرِي فِي رُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ وَنَحْوِهِ) أَيْ عِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ السَّاعِي وَالْمَالِكُ (فِي نَوْعِ) أَوْ جِنْسِ (ثَمَرَةٍ تَلِفَتْ بَعْدَ الْخَرْصِ بِتَقْصِيرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ إنْ لَمْ يُقِمْ) أَيْ السَّاعِي (بَيِّنَةً فَإِنْ أَقَامَ السَّاعِي) بَيِّنَةً بِأَنْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ قُضِيَ لَهُ أَوْ (شَاهِدًا لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ) فَلَا يُقْضَى لَهُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْخَرْصِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ فَالْوَجْهُ تَرْكُهُ (وَإِنْ قَالَ) الْمَالِكُ بَعْدَ خَرْصِهَا (أَكَلَتْ بَعْضَهَا وَتَلِفَ الْبَعْضُ بِآفَةٍ) وَبَقِيَ بَعْضُهَا (قِيلَ لَهُ إنْ لَمْ تُبَيِّنْ) قَدْرَ (مَا أَكَلْت سَلَّمْت زَكَاةَ الْجَمِيعِ) أَيْ إلَّا مَا تُيُقِّنَ تَلَفُهُ وَإِنْ بَيَّنْته زَكَّيْته مَعَ الْبَاقِي فَإِنْ اتَّهَمْنَاك حَلَّفْنَاك (وَإِنْ زَادَتْ الثَّمَرَةُ عَلَى الْخَرْصِ) أَيْ الْمَخْرُوصِ (زَكَّى الزَّائِدَ) أَيْضًا. (خَاتِمَةٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْجَدَادُ نَهَارًا لِيُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْجَدَادِ لَيْلًا سَوَاءٌ أَوْجَبْت فِي الْمَجْدُودِ الزَّكَاةَ أَمْ لَا وَإِذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ وَأَقَامَتْ عِنْدَهُ سِنِينَ لَمْ يَجِبْ فِيهَا شَيْءٌ آخَرُ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ بِحَصَادِهَا وَلَمْ يَتَكَرَّرْ فَلَا تُكَرَّرُ وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَكَرَّرُ فِي الْأَمْوَالِ لِنَامِيَةٍ وَهَذِهِ مُنْقَطِعَةُ النَّمَاءِ مُعَرَّضَةٌ لِلْفَسَادِ. (بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) الْأَصْلُ فِيهَا مَعَ مَا يَأْتِي آيَةُ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] فُسِّرَتْ بِذَلِكَ (تَجِبُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ وَ) فِي (عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا خَالِصَيْنِ بِوَزْنِ مَكَّةَ فَمَا زَادَ) عَلَى ذَلِكَ (رُبْعُ الْعُشْرِ بَعْدَ الْحَوْلِ مَضْرُوبًا كَانَ) ذَلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ ادَّعَى الْمَالِكُ هَلَاكَ الثَّمَرَةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَلَوْ بَعْدَ خَرْصِهَا بِسَبَبٍ خَفِيٍّ] قَوْلُهُ وَكَعُشْرِ الثَّمَرَةِ وَسُدُسِهَا) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبِّرَ بِقَوْلِهِ عُشْرِ الثَّمَرَةِ أَوْ سُدُسِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا لَا هُمَا وَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْغَلَطَ فِي سُدُسِ الْمِائَةِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَسْقًا وَثُلُثَا وَسْقٍ يُقْبَلُ بَعِيدٌ وَفِيهِ إجْحَافٌ بِالْفُقَرَاءِ لِأَنَّ الْغَلَطَ يَبْعُدُ بِمِثْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْخَارِصِ الْحَاذِقِ وَغَيْرِهِ فَإِذَا ادَّعَى عَلَى الْحَاذِقِ قَدْرًا أَلَّا يَجُوزَ وُقُوعُهُ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ وَإِلَّا فَيُقْبَلُ فس. [فَصَلِّ يَجُوز لِلْمَالِكِ قطع مَا يَضُرّ بِالْأَصْلِ مِنْ الثَّمَرَة] (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا) قَدْ أَفَادَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ قَطَعَ بِلَا إذْنٍ عَصَى وَعُزِّرَ إنْ عَلِمَ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ تَرْكُهُ) قَدْ ذَكَرَهُ لِيُفْهَمَ مِنْهُ حُكْمُ مَا قَبْلَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. [بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ] (قَوْلُهُ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] الْمُرَادُ بِالْكَنْزِ هُنَا مَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا النَّقْدَانِ مِنْ أَشْرَفِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ إذْ بِهِمَا قِوَامُ الدُّنْيَا وَنِظَامُ أَحْوَالِ الْخَلْقِ فَإِنَّ حَاجَاتِ النَّاسِ كَثِيرَةٌ وَكُلُّهَا تَنْقَضِي بِالنَّقْدَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَمْوَالِ فَمَنْ كَنَزَهُمَا فَقَدْ أَبْطَلَ الْحِكْمَةَ الَّتِي خُلِقَا لَهَا كَمَنْ حَبَسَ قَاضِيَ الْبَلَدِ وَمَنَعَهُ أَنْ يَقْضِيَ حَوَائِجَ النَّاسِ د (قَوْلُهُ يَجِبُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ إلَخْ) قَدَّمَ الْفِضَّةَ عَلَى الذَّهَبِ لِأَنَّهَا أَغْلَبُ (قَوْلُهُ وَفِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا إلَخْ) وَزْنُهَا بِالْأَشْرَفِيِّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَسُبْعَانِ وَتِسْعٌ ش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 (أَمْ لَا فِيمَا دُونَ ذَلِكَ) «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي خَبَرِ أَنَسٍ السَّابِقِ فِي زَكَاةِ الْحَيَوَانِ «وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَالرِّقَةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ الْوَاوِ وَالْأُوقِيَّةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا بِالنُّصُوصِ الْمَشْهُورَةِ وَالْإِجْمَاعِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا شَيْءٌ وَفِي عِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «وَلَيْسَ عَلَيْك شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِذَا كَانَتْ لَك وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مُعَدَّانِ لِلنَّمَاءِ كَالْمَاشِيَةِ السَّائِمَةِ وَدَلِيلُ قَوْلِهِ بِوَزْنِ مَكَّةَ «خَبَرُ الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَخَرَجَ بِالْخَالِصِ الْمَغْشُوشِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَأَفَادَ قَوْلُهُ فَمَا زَادَ أَنَّهُ لَا وَقْصَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَالْمُعَشَّرَاتِ لِإِمْكَانِ التَّجَزِّي بِلَا ضَرَرٍ بِخِلَافِ الْمَوَاشِي (وَلَا) زَكَاةَ (فِي غَيْرِهِمَا مِنْ) سَائِرِ (الْجَوَاهِرِ) وَنَحْوِهَا كَيَاقُوتٍ وَفَيْرُوزَجَ وَلُؤْلُؤٍ وَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ كَالْمَاشِيَةِ الْعَامِلَةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّكَاةِ إلَّا فِيمَا أَثْبَتَهَا الشَّرْعُ فِيهِ. (وَالْمُرَادُ بِالدَّرَاهِمِ) الدَّرَاهِمُ (الْإِسْلَامِيَّةُ الَّتِي كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ) وَكُلُّ عَشَرَةِ مَثَاقِيلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُبْعَانِ وَوَزْنُ الدِّرْهَمِ سِتَّةُ دَوَانِيقَ وَالدَّانَقُ ثَمَانِ حَبَّاتٍ وَخُمُسَا حَبَّةٍ فَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمُسَا حَبَّةٍ وَمَتَى زِيدَ عَلَى الدِّرْهَمِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ كَانَ مِثْقَالًا وَمَتَى نَقَصَ مِنْ الْمِثْقَالِ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهِ كَانَ دِرْهَمًا (وَالْمِثْقَالُ لَمْ يَخْتَلِفْ) فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ وَهُوَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً وَهِيَ شَعِيرَةٌ مُعْتَدِلَةٌ لَمْ تُقَشَّرْ وَقُطِعَ مِنْ طَرَفَيْهَا مَا دَقَّ وَطَالَ (فَإِنْ نَقَصَ النِّصَابُ) وَلَوْ (بَعْضَ حَبَّةٍ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْمَوَازِينِ) أَوْ رَاجَ رَوَاجَ التَّامِّ (لَمْ تَجِبْ) فِيهِ زَكَاةٌ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَالنِّصَابِ (وَلَا يَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ) لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَمَا لَا يَكْمُلُ التَّمْرُ بِالزَّبِيبِ (وَيَكْمُلُ جَيِّدُ نَوْعٍ بِرَدِيئِهِ) . وَعَكْسُهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَاشِيَةِ وَالْمُرَادُ بِالْجَوْدَةِ النُّعُومَةُ وَنَحْوُهَا وَبِالرَّدَاءَةِ الْخُشُونَةُ وَنَحْوُهَا وَعِبَارَتُهُ وَقَدْ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْمُلُ جَيِّدُ نَوْعٍ بِرَدِيءِ نَوْعٍ آخَرَ وَلَيْسَ مُرَادًا فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِ الْأَصْلِ وَيَكْمُلُ الْجَيِّدُ بِالرَّدِيءِ مِنْ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ (وَيُؤْخَذُ) مِنْ كُلِّ نَوْعٍ (بِالْقِسْطِ إنْ سَهُلَ) الْأَخْذُ بِأَنْ قَلَّتْ أَنْوَاعُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَثُرَتْ وَشَقَّ اعْتِبَارُ الْجَمِيعِ (فَمِنْ الْوَسَطِ) يُؤْخَذُ كَمَا مَرَّ فِي الْمُعَشَّرَاتِ (وَلَا يُجْزِئُ رَدِيءٌ وَمَكْسُورٌ عَنْ جَيِّدٍ وَصَحِيحٍ) كَمَا لَوْ أَخْرَجَ مَرِيضَةً عَنْ صِحَاحٍ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَرْعِ الْآتِي (بِخِلَافِ الْعَكْسِ) يُجْزِئُ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا (فَيُسَلِّمُ) الْمُخْرِجُ (الدِّينَارَ الصَّحِيحَ) أَوْ الْجَيِّدَ (إلَى مَنْ يُوَكِّلُهُ الْفُقَرَاءُ) مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إلَى وَاحِدٍ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ لَزِمَهُ نِصْفُ دِينَارٍ سَلَّمَ إلَيْهِمْ دِينَارًا نِصْفُهُ عَنْ الزَّكَاةِ وَنِصْفُهُ يَبْقَى لَهُ مَعَهُمْ أَمَانَةً ثُمَّ بِتَفَاصِيلَ هُوَ وَهُمْ فِيهِ بِأَنْ يَبِيعُوهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَتَقَاسَمُوا ثَمَنَهُ أَوْ يَشْتَرُوا مِنْهُ نِصْفَهُ أَوْ يَشْتَرِي نِصْفَهُمْ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ شِرَاءُ صَدَقَتِهِ مِمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ فِيهِ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ. (فَرْعٌ) الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ (الْمَغْشُوشَةُ إنْ بَلَغَ خَالِصُهَا نِصَابًا أَخْرَجَ زَكَاتَهُ خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا خَالِصَةً قَدْرُهَا) أَيْ قَدْرُ الزَّكَاةِ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِالنُّحَاسِ فَمَا قِيلَ إنَّ هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قِسْمَةَ مَغْشُوشٍ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا أَعْطَى لِلزَّكَاةِ خَالِصًا عَنْ خَالِصٍ وَالنُّحَاسُ وَقَعَ تَطَوُّعًا كَمَا تَقَرَّرَ (وَيَتَعَيَّنُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ) أَوْ نَحْوِهِ (إخْرَاجُ الْخَالِصِ حِفْظًا لِنُحَاسِهِ) إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّبَرُّعُ بِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَفَقُّهًا وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَتْ مُؤْنَةُ السَّبْكِ تَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْغِشِّ أَيْ إنْ كَانَ ثَمَّ سَبْكٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَهُ لِأَنَّ إخْرَاجَ الْخَالِصِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بِسَبْكٍ (وَإِذَا أَخْرَجَ رَدِيئًا عَنْ جَيِّدٍ) كَأَنْ أَخْرَجَ خَمْسَةً مَعِيبَةً عَنْ مِائَتَيْنِ جَيِّدَةٍ (فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ) كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ فَتَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ الْحَوْلِ هَذَا (إنْ بَيَّنَ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّفْعِ) وَإِلَّا فَلَا يَسْتَرِدُّهُ وَإِذَا قُلْنَا لَهُ اسْتِرْدَادُهُ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا أَخَذَهُ وَإِلَّا أَخْرَجَ التَّفَاوُتَ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَكَيْفِيَّةُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ يَقُومَ الْمُخْرِجُ بِجِنْسٍ آخَرَ كَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ جَيِّدَةٍ فَأَخْرَجَ عَنْهَا خَمْسَةً مَعِيبَةً   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ إلَخْ) أَوَاقٍ بِالتَّنْوِينِ وَبِإِثْبَاتِ التَّحْتَانِيَّةِ مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا ف. [فَرْعٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الْمَغْشُوشَةُ إنْ بَلَغَ خَالِصُهَا نِصَابًا] (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَخْرَجَ التَّفَاوُتَ) نَعَمْ إنْ أَدَّى اجْتِهَادُ الْإِمَامِ إلَى أَخْذِهِ فَفِي لُزُومِ التَّفَاوُتِ وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَصَحُّهُمَا لُزُومُهُ (قَوْلُهُ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ جَيِّدٌ) لِأَنَّ الدِّينَارَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 فَقَوَّمْنَا الْخَمْسَةَ الْجَيِّدَةَ بِذَهَبٍ فَسَاوَتْ نِصْفَ دِينَارٍ وَسَاوَتْ الْمَعِيبَةُ خُمُسَيْ دِينَارٍ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ جَيِّدٌ وَفِي نُسْخَةٍ وَهِيَ الْأَوْفَقُ بِالْأَصْلِ وَإِذَا أَخْرَجَ مَغْشُوشًا عَنْ خَالِصٍ لَمْ يُجْزِهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إنْ بَيَّنَ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّهُ عَنْ ذَلِكَ أَيْ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ (وَلَوْ فَرَضَ) أَيْ قَدْرَ الْمُزَكِّي (الْمَغْشُوشَ خَالِصًا وَأَخْرَجَ) عَنْهُ خَالِصًا (فَالزَّائِدُ تَطَوُّعٌ) وَمَتَى ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّ قَدْرَ الْخَالِصِ فِي الْمَغْشُوشِ كَذَا وَكَذَا صُدِّقَ وَحَلَفَ إنْ اُتُّهِمَ وَلَوْ قَالَ أَجْهَلُ قَدْرَ الْغِشِّ وَأَدَّى اجْتِهَادِي إلَى أَنَّهُ كَذَا وَكَذَا لَمْ يَكُنْ لِلسَّاعِي قَبُولُهُ مِنْهُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ فَلَوْ جَهِلَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِبُلُوغِ الْخَالِصِ نِصَابًا تَخَيَّرَ بَيْنَ السَّبْكِ وَأَدَاءِ الْوَاجِبِ خَالِصًا وَبَيْنَ أَنْ يَحْتَاطَ وَيُؤَدِّيَ مَا يَتَيَقَّنُ أَنَّ فِيهِ الْوَاجِبَ خَالِصًا فَإِنْ سَبَكَ فَمُؤْنَةُ السَّبْكِ عَلَيْهِ كَمُؤْنَةِ الْحَصَادِ. (فَرْعٌ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ ضَرْبُ الْمَغْشُوشَةِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» وَلِئَلَّا يَغُشَّ بِهَا بَعْضَ النَّاسِ بَعْضًا (فَإِنْ عَلِمَ مِعْيَارَهَا صَحَّتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا) مُعَيَّنَةً فِي الذِّمَّةِ (وَكَذَا) تَصِحُّ كَذَلِكَ (لَوْ لَمْ يَعْلَمْ) عِيَارَهَا كَبَيْعِ الْغَالِيَةِ وَالْمَعْجُونَاتِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا وَهِيَ رَائِجَةٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْخَلِيطُ غَيْرَ مَقْصُودٍ وَقَدْرُ الْمَقْصُودِ مَجْهُولٌ كَمِسْكٍ مَخْلُوطٍ بِغَيْرِهِ وَلَبَنٍ مَشُوبٍ بِمَاءٍ بَطَلَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا كَدَرَاهِمَ مَغْشُوشَةٍ وَمَعْجُونَاتٍ صَحَّتْ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ الْغِشَّ فِي الْمَغْشُوشَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَالصِّحَّةُ فِيهَا مُسْتَثْنَاةٌ لِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا (وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ) وَالدَّنَانِيرِ وَلَوْ خَالِصَةً لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ وَلِأَنَّ فِيهِ افْتِيَاتًا عَلَيْهِ وَمَنْ مَلَكَ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً كُرِهَ لَهُ إمْسَاكُهَا بَلْ يَسْبِكُهَا وَيُصَفِّيهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَّا إذَا كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ مَغْشُوشَةً فَلَا يُكْرَهُ إمْسَاكُهَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ (لَهُ إنَاءٌ وَزْنُهُ أَلْفٌ ذَهَبًا وَفِضَّةً أَحَدُهُمَا سِتُّمِائَةٍ) وَالْآخَرُ أَرْبَعُمِائَةٍ (وَأَشْكَلَ) الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا (زَكَّى كُلًّا) مِنْهُمَا بِفَرْضِهِ (الْأَكْثَرَ) إنْ احْتَاطَ (وَلَا يَجُوزُ فَرْضُ كُلِّهِ ذَهَبًا) لِأَنَّ أَحَدَ الْجِنْسَيْنِ لَا يُجْزِئُ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا مَرَّ (أَوْ مَيَّزَ) بَيْنَهُمَا (بِالنَّارِ) قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسَبْكِ قَدْرٍ يَسِيرٍ إذْ تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ (أَوْ اُمْتُحِنَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُ فِيهِ أَلْفًا ذَهَبًا وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ) ثُمَّ يَخْرُجُهَا (ثُمَّ) يَضَعُ فِيهِ (أَلْفًا فِضَّةً وَيُعَلِّمُهُ) وَهَذِهِ الْعَلَامَةُ فَوْقَ الْأُولَى لِأَنَّ الْفِضَّةَ أَكْبَرُ حَجْمًا مِنْ الذَّهَبِ ثُمَّ يُخْرِجُهَا (ثُمَّ) يَضَعُ فِيهِ (الْمَخْلُوطُ فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ) ارْتِفَاعُهُ (أَقْرَبَ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ) وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِوَضْعِ الْمَخْلُوطِ أَوَّلًا وَوَسَطًا أَيْضًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَأَسْهَلُ مِنْ هَذِهِ وَأَضْبَطُ أَنْ يَضَعَ فِي الْمَاءِ قَدْرَ الْمَخْلُوطِ مِنْهُمَا مَعًا مَرَّتَيْنِ فِي أَحَدَيْهِمَا الْأَكْثَرُ ذَهَبًا وَالْأَقَلُّ فِضَّةً وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ وَيُعَلِّمُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَامَةً ثُمَّ يَضَعُ الْمَخْلُوطَ فَيَلْحَقُ بِمَا وَصَلَ إلَيْهِ قَالَ وَالطَّرِيقُ الْأَوْلَى تَأْتِي أَيْضًا فِي مُخْتَلَطِ جَهْلِ وَزْنِهِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ فَإِنَّك إذَا وَضَعْت الْمُخْتَلِطَ الْمَذْكُورَ تَكُونُ عَلَامَتُهُ بَيْنَ عَلَامَتَيْ الْخَالِصِ فَإِنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا سَوَاءٌ فَنِصْفُهُ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الذَّهَبِ شَعِيرَتَانِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الْفِضَّةِ شَعِيرَةٌ فَثُلُثَاهُ فِضَّةٌ وَثُلُثُهُ ذَهَبٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَبِالْعَكْسِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَإِذَا تَعَذَّرَ الِامْتِحَانُ وَعَسِرَ التَّمْيِيزُ بِأَنْ تُفْقَدَ آلَاتُ السَّبْكِ أَوْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى زَمَانٍ صَالِحٍ وَجَبَ الِاحْتِيَاطُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَجْعَلَ السَّبْكَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ شُرُوطِ الْإِمْكَانِ انْتَهَى (وَلَا يُعْتَمَدُ) فِي مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ (غَلَبَةُ ظَنِّهِ) أَيْ الْمَالِكِ وَلَوْ تَوَلَّى إخْرَاجَهَا بِنَفْسِهِ (وَيُصَدَّقُ) فِيهِ (إنْ أَخْبَرَ عَنْ عِلْمٍ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا وَبِالتَّرْجِيحِ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا فِي يَدِهِ نِصْفُهُ وَبَاقِيهِ) وَهُوَ النِّصْفُ الْآخَرُ مَغْصُوبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ (دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ وَأَوْجَبْنَا) الزَّكَاةَ (فِيهِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (زَكَّى النِّصْفَ) الَّذِي بِيَدِهِ فِي الْحَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ وَأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ. (فَصْلٌ لَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ كَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَاحِدَةُ حَلْيٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ (مُبَاحٌ) لِأَنَّ زَكَاةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تُنَاطُ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا لَا بِجَوْهَرِهِمَا إذْ لَا غَرَضَ فِي ذَاتِهِمَا فَلَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ لِحَاجَةِ الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ وَلِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالِ مُبَاحٍ كَعَوَامِلِ الْمَاشِيَةِ وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِذَا أَخْرَجَ مَغْشُوشًا عَنْ خَالِصٍ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ عَنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ وَيُعْتَدُّ بِالْخَالِصِ مِنْهُ. [فَرْعٌ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ ضَرْبُ الْمَغْشُوشَةِ] (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا) وَهِيَ رَائِجَةٌ وَيُحْمَلُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إنْ غَلَبَتْ. [فَرْعٌ كَانَ لَهُ إنَاءٌ وَزْنُهُ أَلْفٌ ذَهَبًا وَفِضَّةً أَحَدُهُمَا سِتُّمِائَةٍ وَالْآخَرُ أَرْبَعُمِائَةٍ وَأَشْكَلَ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا] (قَوْلُهُ زَكَّى كُلًّا مِنْهُمَا بِفَرْضِهِ الْأَكْثَرَ) لَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَأَسْهَلُ مِنْ هَذِهِ إلَخْ) قَالَ وَنَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ طَرِيقًا آخَرَ يَأْتِي أَيْضًا مَعَ الْجَهْلِ بِمِقْدَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ أَنْ يَضَعَ الْمُخْتَلَطَ وَهُوَ أَلْفٌ مَثَلًا فِي مَاءٍ وَيُعَلِّمَ كَمَا مَرَّ ثُمَّ يُخْرِجَهُ ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ الذَّهَبَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ حَتَّى يَرْتَفِعَ لِتِلْكَ الْعَلَامَةِ ثُمَّ يُخْرِجَهُ ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ حَتَّى يَرْتَفِعَ لِلْعَلَامَةِ وَيَعْتَبِرَ وَزْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَالْفِضَّةُ ثَمَانَمِائَةٍ عَلِمْنَا أَنَّ نِصْفَ الْمُخْتَلَطِ ذَهَبٌ وَنِصْفَهُ فِضَّةٌ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ. اهـ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُمَا نِصْفَانِ فِي الْحَجْمِ لَا فِي الزِّنَةِ فَيَكُونُ زِنَةُ الذَّهَبِ سِتَّمِائَةٍ وَزِنَةُ الْفِضَّةِ أَرْبَعَمِائَةٍ لِأَنَّ الْمُخْتَلَطَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنَّمَا يَكُونُ أَلْفًا بِالنِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَا كَذَلِكَ وَبَيَانُهُ بِهَا أَنَّك إذَا جَعَلْت كُلًّا مِنْهُمَا أَرْبَعَمِائَةٍ زِدْت عَلَى الذَّهَبِ مِنْهُ بِقَدْرِ نِصْفِ الْفِضَّةِ وَهُوَ مِائَتَانِ كَانَ الْمَجْمُوعِ أَلْفًا (قَوْلُهُ التَّصْرِيحُ بِهَذَا وَبِالتَّرْجِيحِ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ) صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. [فَصْلٌ زَكَاة الْحُلِيّ] (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ إلَخْ) لَوْ اشْتَرَى إنَاءً لِيَتَّخِذَهُ حُلِيًّا مُبَاحًا فَحُبِسَ وَاضْطُرَّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي طُهْرِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ غَيْرُهُ فَبَقِيَ حَوْلًا كَذَلِكَ فَهَلْ لَزِمَهُ زَكَاتُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَقْرَبُ لَا وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 أَنَّهُ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَه وَجَوَارِيَهُ بِالذَّهَبِ وَلَا يُخْرِجُ زَكَاتَهُ وَصَحَّ نَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا وَمَا وَرَدَ مِمَّا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْحُلِيَّ كَانَ مُحَرَّمًا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بِأَنَّ فِيهِ إسْرَافًا. (وَلَوْ انْكَسَرَ) الْحُلِيُّ الْمُبَاحُ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَإِنْ دَارَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ (إنْ قَصَدَ) عِنْدَ عِلْمِهِ بِانْكِسَارِهِ (إصْلَاحَهُ وَأَمْكَنَ بِغَيْرِ سَبْكٍ وَصَوْغٍ) لَهُ بِأَنْ أَمْكَنَ بِالْإِلْجَامِ لِبَقَاءِ صُورَتِهِ وَقَصْدِ إصْلَاحِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ بَلْ قَصَدَ جَعْلَهُ تِبْرًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ كَنَزَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ أَحْوَجَ انْكِسَارُهُ إلَى سَبْكٍ وَصَوْغٍ وَإِنْ قَصَدَهُمَا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ وَيَنْعَقِدُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ انْكِسَارِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَلَا مُعَدٍّ لِلِاسْتِعْمَالِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ بِتَقْرِيرِي لَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِانْكِسَارِهِ إلَّا بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَقَصَدَ إصْلَاحَهُ لَا زَكَاةَ أَيْضًا لِأَنَّ الْقَصْدَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُرْصَدًا لَهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْوَسِيطِ فَلَوْ عَلِمَ انْكِسَارَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ حَتَّى مَضَى عَامٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ فَإِنْ قَصَدَ بَعْدَهُ إصْلَاحَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. (وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا حَرُمَ لِعَيْنِهِ كَالْأَوَانِي) مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِالْإِجْمَاعِ (وَلَا أَثَرَ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِالصَّنْعَةِ) لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فَلَوْ كَانَ لَهُ إنَاءٌ وَزْنُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ اُعْتُبِرَ وَزْنُهُ لَا قِيمَتُهُ فَيُخْرِجُ خَمْسَةً مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَكْسِرُهُ وَيُخْرِجُ خَمْسَةً أَوْ يُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مَشَاعًا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ إذَا أَوْجَبْنَا فِيهِ الزَّكَاةَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ لَا وَزْنُهُ فَيُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مَشَاعًا ثُمَّ يَبِيعُهُ السَّاعِي بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَيُفَرِّقُ ثَمَنَهُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ يُخْرِجُ خَمْسَةً مَصُوغَةً قِيمَتُهَا سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُ سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ نَقْدًا وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهُ لِلْأَدَاءِ مِنْهُ لِضَرَرِ الْجَانِبَيْنِ (وَ) تَجِبُ (فِيمَا حَرُمَ بِالْقَصْدِ) بِالْإِجْمَاعِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ قَصَدَ بِالْعُرُوضِ اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ هُنَا بِالْعَيْنِ (كَقَصْدِ الرَّجُلِ أَنْ يَلْبَسَ أَوْ يُلْبِسَ رَجُلًا حُلِيَّ امْرَأَةٍ) أَوْ أَنْ يُلْبِسَ امْرَأَةً حُلِيَّ رَجُلٍ كَسَيْفٍ وَمِنْطَقَةٍ (وَعَكْسُهُ) أَيْ كَقَصْدِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبِسَ أَوْ تَلْبِسُ امْرَأَةٌ حُلِيَّ رَجُلٍ أَوْ أَنْ تُلْبِسَ رَجُلًا حُلِيَّ امْرَأَةٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمَكْرُوهَ كَالْمُحَرَّمِ (وَكَذَا) تَجِبُ (فِي حُلِيٍّ اُتُّخِذَ لِلْكَنْزِ) لِلصَّرْفِ لَهُ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ كَالدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ (لَا) إنْ اُتُّخِذَ (لِلُّبْسِ) مُبَاحٌ فَلَا تَجِبُ فِيهِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ عُلِمَا مِمَّا مَرَّ (أَوْ تِبْرٍ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ التِّبْرُ مَا كَانَ مِنْ الذَّهَبِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ فَإِذَا ضُرِبَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَيْنٌ وَلَا يُقَالُ تِبْرًا لَا لِلذَّهَبِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ لِلْفِضَّةِ أَيْضًا انْتَهَى وَالْمُرَادُ هُنَا كِلَاهُمَا وَقَدْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ بِالتِّبْرَيْنِ وَقَوْلُهُ تِبْرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى حُلِيٍّ وَلَوْ عَطَفَهُ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى أَيْ وَتَجِبُ فِي تِبْرٍ (مَغْصُوبٍ صِيغَ) حُلِيًّا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ عَلَى مَالِكِهِ وَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْمُحَرَّمِ صَنْعَتُهُ (فَيُزَكِّي مُحَرَّمَ الصَّنْعَةِ) أَمَّا (مَنْ بَعَّضَهُ بِالْكَسْرِ أَوْ بِشَرِكَةِ الْإِشَاعَةِ أَوْ) مِنْ غَيْرِهِ (بِوَزْنِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ أَيْ قَدْرِهَا (مِنْ نَوْعِهِ) لَا مِنْ نَوْعٍ آخَرَ دُونَهُ وَلَا مِنْ جِنْسٍ آخَرَ وَلَوْ أَعْلَى فَلَوْ كَانَ الْحُلِيُّ الْمُحَرَّمُ فِضَّةً وَأَخْرَجَ عَنْهُ مِنْ الذَّهَبِ مَا قِيمَتُهُ رُبْعُ عُشْرِ الْفِضَّةِ لَمْ يَجُزْ لِإِمْكَانِ تَسْلِيمِ رُبْعِهِ مَشَاعًا وَبَيْعِهِ بِالذَّهَبِ بَعْدَهُ وَلِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ. [فَرْعٌ لَمْ يَقْصِدْ بِالْحُلِيِّ الَّذِي اتَّخَذَهُ كَنْزًا وَلَا اسْتِعْمَالًا أَوْ قَصَدَ إجَارَتَهُ] (فَرْعٌ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِالْحُلِيِّ) الَّذِي اتَّخَذَهُ (كَنْزًا وَلَا اسْتِعْمَالًا) بِأَنْ أَطْلَقَ (أَوْ قَصَدَ إجَارَتَهُ مِمَّنْ لَهُ لُبْسُهُ فَكَالْمُسْتَعْمَلِ مُبَاحًا) فَلَا زَكَاةَ فِيهِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي مَالٍ نَامٍ وَالنَّقْدُ غَيْرُ نَامٍ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِالنَّامِي لِتَهْيِئَتِهِ لِلْإِخْرَاجِ وَبِالصِّيَاغَةِ بَطَلَ تَهَيُّؤُهُ لَهُ وَيُخَالِفُ قَصْدُ كَنْزِهِ لِصَرْفِهِ هَيْئَةَ الصِّيَاغَةِ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ كَالدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَكَمَا لَوْ اتَّخَذَهُ لِيُعَيِّرَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْأُجْرَةِ كَأُجْرَةِ الْعَامِلَةِ (لَا إنْ وَرِثَهُ وَعَلِمَ) بِأَنَّهُ وَرِثَهُ (بَعْدَ الْحَوْلِ) فَتَجِبُ زَكَاتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إمْسَاكَهُ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ ثُمَّ حَكَى عَنْ وَالِدِهِ احْتِمَالَ وَجْهٍ فِيهِ إقَامَةً لِنِيَّةِ مُوَرِّثِهِ مَقَامَ نِيَّتِهِ وَيُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِالْحُلِيِّ الَّذِي اتَّخَذَهُ بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي تِلْكَ اتِّخَاذًا دُونَ هَذِهِ وَالِاتِّخَاذُ مُقَرَّبٌ لِلِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ عَدَمِهِ. (وَكُلَّمَا قَصَدَ) الْمَالِكُ بِالْحُلِيِّ الْمُبَاحِ الِاسْتِعْمَالَ (الْمُوجِبَ) لِلزَّكَاةِ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا (ابْتَدَأَ الْحَوْلُ) مِنْ حِينِ قَصَدَهُ (وَكُلَّمَا غَيَّرَهُ إلَى الْمُسْقِطِ) لَهَا بِأَنْ قَصَدَ بِهِ اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا ثُمَّ غَيَّرَ قَصْدَهُ إلَى الْمُبَاحِ (انْقَطَعَ) الْحَوْلُ. (فَصْلٌ) فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْحُلِيِّ (الذَّهَبُ حَرَامٌ) اسْتِعْمَالُهُ وَاِتِّخَاذُهُ (عَلَى الرَّجُلِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ نَعَمْ إنْ صَدِئَ بِحَيْثُ لَا يُبَيَّنُ جَازَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ قَطْعِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ الزَّكَاةُ فِيمَا حَرُمَ لِعَيْنِهِ] (قَوْلُهُ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهَا إلَخْ) كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَنَقَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْعِلَّةَ بِالسَّبَائِكِ وَعَلَّلَهُ فِي الصَّغِيرِ بِأَنَّ الصِّيَاغَةَ لِلِاسْتِعْمَالِ غَالِبًا وَالظَّاهِرُ إفْضَاؤُهَا إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ لَا تُرَدُّ السَّبَائِكُ. (قَوْلُهُ وَكُلَّمَا غَيَّرَهُ إلَى الْمُسْقِطِ انْقَطَعَ) قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ اتَّخَذَ الْحُلِيَّ لِاسْتِعْمَالٍ مُحَرَّمٍ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي الْمُبَاحِ فِي وَقْتٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ عَكَسَ فَفِي الْوُجُوبِ احْتِمَالَانِ وَإِنْ اتَّخَذَهُ لَهُمَا وَجَبَتْ قَطْعًا وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَقَوْلُهُ فَفِي الْوُجُوبِ احْتِمَالَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُ الِاحْتِمَالَيْنِ عَدَمُ الْوُجُوبِ نَظَرًا لِقَصْدِ الِابْتِدَاءِ فَإِنْ طَرَأَ عَلَى ذَلِكَ قَصْدٌ مُحَرَّمٌ ابْتَدَأَ لَهَا حَوْلًا مِنْ حِينَئِذٍ. [فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْحُلِيّ] (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ صَدِئَ بِحَيْثُ لَا يُبَيَّنُ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ) وَكَذَا مَيْلُ الذَّهَبِ لِحَاجَةِ التَّدَاوِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَطِرَازُ الذَّهَبِ إذَا حَالَ لَوْنُهُ وَذَهَبَ حُسْنُهُ يَلْتَحِقُ بِالذَّهَبِ إذَا صَدِئَ قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَصَاحِبِ الْمَذْهَبِ وَآخَرِينَ وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ إنَّهُ لَا يَصْدَأُ أَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ مِنْهُ نَوْعًا يَصْدَأُ وَهُوَ مَا يُخَالِطُ غَيْرَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالُوهُ مُشْكِلٌ وَلَعَلَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ الْخُيَلَاءُ وَالْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ إنَّمَا هِيَ الْعَيْنُ فَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ التَّحْرِيمُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ. اهـ. وَاَلَّذِي قَدَّمْته فِي بَابِ الْآنِيَةِ أَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ الْعَيْنُ بِشَرْطِ الْخُيَلَاءِ فَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ مَا قَالُوهُ. (وَلَهُ تَعْوِيضُ سِنٍّ) مِنْ الذَّهَبِ لِمَا سَيَأْتِي (لَا) سِنٍّ (لِخَاتَمٍ) وَهِيَ الشُّعْبَةُ الَّتِي يَسْتَمْسِكُ بِهَا الْفَصُّ لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْمَنْعِ وَلِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ قَلِيلِهِ بِصَغِيرِ ضَبَّةِ الْإِنَاءِ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَدْوَمُ اسْتِعْمَالًا مِنْ الْإِنَاءِ. (وَ) لَهُ تَعْوِيضُ (أُنْمُلَةٍ) بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ تِسْعُ لُغَاتٍ أَفْصَحُهَا وَأَشْهَرُهَا فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَضَمُّ الْمِيمِ قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ الْأَنَامِلُ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ غَيْرِ الْإِبْهَامِ ثَلَاثُ أَنَامِلَ وَكَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ. (وَ) لَهُ تَعْوِيضُ (أَنْفٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ «لِأَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانَتْ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَقِيسَ بِالْأَنْفِ السِّنُّ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَالْأُنْمُلَةُ وَلَوْ لِكُلِّ أُصْبُعٍ وَقَدْ شَدَّ عُثْمَانُ وَغَيْرُهُ أَسْنَانَهُمْ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ وَجَازَ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ وَإِنْ أَمْكَنَ بِالْفِضَّةِ الْجَائِزَةِ لِذَلِكَ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَصْدَأُ وَلَا يُفْسِدُ الْمَنْبَتَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ جَوَازُ تَعْوِيضِ الْأُنْمُلَةِ بِمَا إذَا كَانَ مَا تَحْتَهَا سَلِيمًا دُونَ مَا إذَا كَانَ أَشَلَّ كَمَا أَرْشَدَ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ بِالْعَمَلِ. (لَا) تَعْوِيضُ (كَفٍّ وَأُصْبُعٍ) وَأُنْمُلَتَيْنِ مِنْ أُصْبُعٍ فَلَا يَجُوزُ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لِأَنَّهَا لَا تُعْمَلُ فَيَكُونُ لِمُجَرَّدِ الزِّينَةِ بِخِلَافِ السِّنِّ وَالْأُنْمُلَةِ (وَلَا) يَحِلُّ (تَمْوِيهُ) أَيْ تَطْلِيَةُ (سَيْفٍ وَخَاتَمٍ) وَغَيْرِهِمَا (بِذَهَبٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ) بِالنَّارِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَتَقَدَّمَ فِي الْأَوَانِي أَنَّهُ يَحِلُّ الْمُمَوَّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ السُّبْكِيُّ فَلْيُحْمَلْ الْحِلُّ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمُمَوَّهِ وَالْمَنْعُ عَلَى نَفْسِ التَّمْوِيهِ أَوْ يُحْمَلُ الْحِلُّ عَلَى الْأَوَانِي وَالْمَنْعُ عَلَى الْمَلْبُوسِ أَيْ لِاتِّصَالِهِ بِالْبَدَنِ وَشِدَّةِ مُلَازَمَتِهِ لَهُ بِخِلَافِ الْأَوَانِي وَحَمْلُهُ الْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَيُنَاسِبُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ وَتَمْوِيهُ بَيْتِهِ وَجِدَارِهِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَرَامٌ قَطْعًا ثُمَّ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالنَّارِ حَرُمَ اسْتِدَامَتُهُ وَإِلَّا فَلَا. (وَالْخُنْثَى فِي حُلِيِّ كُلٍّ) مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (كَالْآخَرِ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا احْتِيَاطًا وَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ لِحُرْمَتِهَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَجَعْلُهُ كَالْمَرْأَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلِلرَّجُلِ لُبْسُ خَاتَمِ الْفِضَّةِ) لِلْإِتْبَاعِ وَالْإِجْمَاعِ بَلْ يُسَنُّ لَهُ كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ (لَا) لُبْسُ (السِّوَارِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّهَا (وَنَحْوِهِ) كَالدُّمْلُجِ وَالطَّوْقِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَلَوْ مِنْ فِضَّةٍ لِأَنَّ فِيهِ خُنُوثَةٌ لَا تَلِيقُ بِشَهَامَةِ الرِّجَالِ. (وَلَهُ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ بِهَا) أَيْ بِالْفِضَّةِ لَا بِالذَّهَبِ (كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَالدِّرْعِ وَالْمِنْطَقَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ (وَالْخُفِّ) لِأَنَّهَا تَغِيظُ الْكُفَّارَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ قِبِّيعَةَ سَيْفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ لَكِنْ خَالَفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فَضَعَّفَهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِجَزْمِ الْأَصْحَابِ بِتَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ (مَا لَمْ يُسْرِفْ) فِي ذَلِكَ فَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ. (وَلَوْ حَلَّى الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ السَّرْجَ وَاللِّجَامَ وَالرِّكَابَ) وَبَرَّةَ النَّاقَةِ (وَقِلَادَةَ الدَّابَّةِ وَالسِّكِّينَ وَالْكُتُبَ وَالْجَلَمَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَاللَّامِ أَيْ الْمِقْرَاضَ (وَالدَّوَاةَ) وَسَرِيرَ الْمُصْحَفِ وَنَحْوَهَا (حَرُمَ) لِأَنَّهَا غَيْرُ مَلْبُوسَةٍ لِلرَّاكِبِ كَالْأَوَانِي. (وَيَحْرُمُ عَلَى النِّسَاءُ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ) بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَإِنْ جَازَ لَهُنَّ الْمُحَارَبَةُ بِآلَتِهَا (وَلُبْسُ زِيِّ الرِّجَالِ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ وَهُوَ حَرَامٌ كَعَكْسِهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَعَنْ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ وَالْمُتَشَبِّهَات مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» وَاللَّعْنُ لَا يَكُونُ عَلَى مَكْرُوهٍ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَلَا أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسَ اللُّؤْلُؤِ إلَّا لِلْأَدَبِ وَإِنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِهَذَا لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ لَا أَنَّهُ زِيُّ لُبْسٍ مُخْتَصٍّ بِهِنَّ وَيُجَابُ عَنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ فِي تَجْوِيزِ الْمُحَارَبَةِ لَهُنَّ فِي الْجُمْلَةِ تَجْوِيزُ لُبْسِ آلَتِهَا وَإِذَا جَازَ اسْتِعْمَالُهَا غَيْرَ مُحَلَّاةٍ جَازَ مَعَ الْحِلْيَةِ لِأَنَّ التَّحَلِّي لَهُنَّ أَجْوَزُ مِنْهُ لِلرِّجَالِ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَ لَهُنَّ لُبْسَ آلَةِ الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِخِلَافِ السِّنِّ وَالْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَحْرِيكُهَا) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ الْأُنْمُلَةُ السُّفْلَى كَالْأُصْبُعِ فِي الْمَنْعِ لِأَنَّهَا لَا تَتَحَرَّكُ فس (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 وَلَا حَاجَةَ إلَى الْحِلْيَةِ. (وَلَهُنَّ وَكَذَا لِلطِّفْلِ لُبْسُ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) أَمَّا هُنَّ فَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد الْمُشَارِ إلَيْهِ آنِفًا وَأَمَّا الطِّفْلُ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَهَامَةٌ تُنَافِي خُنُوثَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ التَّاجِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّهُ فِي التَّاجِ مُقَيَّدٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ بِالْعَادَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَكَذَا) يَحِلُّ لَهُنَّ (التَّاجُ إنْ تُعَوَّدْنَهُ) وَإِلَّا فَهُوَ لِبَاسُ عُظَمَاءِ الْفَرَسِ فَيَحْرُمُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِعَادَةِ أَهْلِ النَّوَاحِي فَحَيْثُ اعْتَدْنَهُ جَازَ وَحَيْثُ لَمْ يَعْتَدْنَهُ لَا يَجُوزُ حَذَرًا مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا وَقَالَ فِيهِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ وَالْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ حِلُّهُ مُطْلَقًا بِلَا تَرْدِيدٍ لِعُمُومِ الْخَبَرِ لِدُخُولِهِ فِي اسْمِ الْحُلِيِّ. (وَ) يَحِلُّ لَهُنَّ (اتِّخَاذُ النِّعَالِ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (وَلُبْسُ مَا نُسِجَ بِهِمَا كَالْحُلِيِّ) لِأَنَّ ذَلِكَ لِبَاسٌ حَقِيقَةً (لَا إنْ أَسْرَفْنَ) فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (كَخَلْخَالٍ وَزْنُهُ مِائَتَا مِثْقَالٍ) لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِإِبَاحَةِ الْحُلِيِّ لَهُنَّ هُوَ التَّزَيُّنُ لِلرِّجَالِ الْمُحَرِّكُ لِلشَّهْوَةِ الدَّاعِي لِكَثْرَةِ النَّسْلِ وَلَا زِينَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ لِاسْتِبْشَاعِهِ وَقَيَّدَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالْمَجْمُوعِ التَّحْرِيمَ بِالْمُبَالَغَةِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لِأَنَّ مَا أُبِيحَ أَصْلُهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ إبَاحَتِهِ قَلِيلُ السَّرَفِ بِدَلِيلِ الْإِسْرَافِ الْيَسِيرِ فِي النَّفَقَةِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى الشِّبَعِ مَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى الْإِضْرَارِ بِالْبَدَنِ لَكِنْ مَتَى وُجِدَ أَدْنَى سَرَفٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ لُبْسُهُ لِأَنَّ السَّرَفَ وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ كُرِهَ وَالْحُلِيُّ الْمَكْرُوهُ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الطِّفْلَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالنِّسْوَةِ. (وَلَوْ اتَّخَذَ) شَخْصٌ (خَوَاتِمَ) كَثِيرَةً (أَوْ اتَّخَذَتْ) امْرَأَةٌ (خَلَاخِلَ كَثِيرَةً لِلْمُغَايَرَةِ فِي اللُّبْسِ جَازَ) لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لِيَلْبَسَ الْوَاحِدَ مِنْهَا بَعْدَ الْوَاحِدِ وَفِيهَا رَمْزٌ إلَى مَنْعِ لُبْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ خَاتَمٍ جُمْلَةً وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ تَفَقُّهًا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ الْفِضَّةَ حَرَامٌ إلَّا مَا وَرَدَتْ الرُّخْصَةُ بِهِ وَلَمْ تَرِدْ إلَّا فِي خَاتَمٍ وَاحِدٍ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَهَذَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الدَّارِمِيِّ وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ فَوْقَ خَاتَمَيْنِ وَقَوْلُ الْخُوَارِزْمِيَّ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ زَوْجِ خَاتَمٍ فِي يَدٍ وَفَرْدٍ فِي كُلِّ يَدٍ وَزَوْجٍ فِي يَدٍ وَفَرْدٍ فِي أُخْرَى وَإِنْ لَبِسَ زَوْجَيْنِ فِي كُلِّ يَدٍ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ لَا يَجُوزُ إلَّا لِلنِّسَاءِ قَالَ وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ تَخَتَّمَ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ فَفِي حِلِّهِ وَجْهَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قُلْت أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ. اهـ. وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَدَمُ التَّحْرِيمِ فَفِيهِ وَالسُّنَّةُ لِلرَّجُلِ جَعْلُ خَاتَمِهِ فِي الْخِنْصَرِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الِامْتِهَانِ فِيمَا يَتَعَاطَى بِالْيَدِ لِكَوْنِهِ طَرَفًا وَلِأَنَّهُ لَا يَشْغَلُ الْيَدَ عَمَّا تَتَنَاوَلُهُ مِنْ أَشْغَالِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْخِنْصَرِ وَيُكْرَهُ لَهُ جَعْلُهُ فِي الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ لِلْحَدِيثِ وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ احْتَمَلَتْ عِبَارَةَ الْأَصْلِ فَهِيَ إلَى عِبَارَةِ الْآخَرِينَ أَقْرَبُ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّمَا عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ فِي الْحُلِيِّ الَّذِي لَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةٌ فَأَمَّا إذَا اتَّخَذُوا خَوَاتِمَ لِيَلْبَسَ اثْنَيْنِ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ دُفْعَةً فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ لِوُجُوبِهَا فِي الْحُلِيِّ الْمَكْرُوهِ وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لِيَلْبَسَ الْوَاحِدَ مِنْهَا بَعْدَ الْوَاحِدِ أَنَّهُ يَلْبَسُ وَاحِدًا فَوْقَ آخَرَ بِقَرِينَةِ قَرْنِهِ بِالْخَلَاخِيلِ. (وَلَوْ تَقَلَّدَتْ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَثْقُوبَةَ) بِأَنْ جَعَلَتْهَا فِي قِلَادَتِهَا (زُكِّيَتْ) بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ لِدُخُولِهِ فِي اسْمِ الْحُلِيِّ وَعَلَيْهِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَيُحْتَمَلُ كَرَاهَتُهَا فَتَجِبُ زَكَاتُهَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ إنْ قِيلَ بِكَرَاهَتِهَا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ أَيْضًا عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ وَتَجِبُ زَكَاتُهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ بِالصَّنْعَةِ عَنْ النَّقْدِيَّةِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ (لَا الْمُعَرَّاةَ) أَيْ الَّتِي جُعِلَتْ لَهَا عُرًا وَجُعِلَتْ فِي الْقِلَادَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لِأَنَّهَا حُلِيٌّ مُبَاحٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَوْ حَلَّى) شَخْصٌ (مُصْحَفًا) وَلَوْ بِتَحْلِيَةِ غِلَافِهِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ (بِفِضَّةٍ أَوْ حَلَّتْهُ امْرَأَةٌ بِذَهَبٍ جَازَ) إكْرَامًا لَهُ فِيهِمَا وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْمُصْحَفِ فِي ذَلِكَ اللَّوْحِ الْمُعَدِّ لِكِتَابَةِ الْقُرْآنِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مَنْ كَتَبَ الْقُرْآنَ بِالذَّهَبِ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ. (وَلَوْ حَلَّى الْمَسَاجِدَ وَالْكَعْبَةَ وَقَنَادِيلَهَا) بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (حَرُمَ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْمُصْحَفِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ فَهُوَ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ بِخِلَافِ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ بِالْحَرِيرِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ الْقَنَادِيلِ عُلِمَ مِمَّا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بَلْ الصَّوَابُ حِلُّهُ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ لِاسْتِبْشَاعِهِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ إبَاحَةُ مَا تَتَّخِذُهُ النِّسَاءُ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ التَّرَاكِيبِ الذَّهَبُ وَإِنْ كَثُرَ ذَهَبُهَا لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَنْفِرُ مِنْهُ وَلَا يُسْتَبْشَعُ بَلْ هُوَ فِي غَايَةِ الزِّينَةِ فس وَكَتَبَ أَيْضًا مَا تَتَّخِذُهُ الْمَرْأَةُ مِنْ تَصَاوِيرِ النَّقْدَيْنِ حَرَامٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي شَافِيهِ وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ فِي الْمِنْهَاجِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَيِّدُ حَذْفُهَا وَالسَّرَفُ مَذْمُومٌ شَرْعًا وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِ أَشَدُّ قِيلَ وَلَعَلَّ ذِكْرَ الْمُبَالَغَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ السَّرَفُ (قَوْلُهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ إبَاحَتِهِ قَلِيلُ السَّرَفِ إلَخْ) لَكِنْ قَدْ سَبَقَ فِي الضَّبَّةِ أَنَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فِي الضَّبَّةِ الْكَبِيرَةِ حَرُمَتْ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَاكَ لَا فَائِدَةَ لَهَا وَالزِّيَادَةُ فِي الْحُلِيِّ تَزِيدُ فِي تَجَمُّلِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ زِيَادَةَ لُبْسِ الْحُلِيِّ مِمَّا يُحَلِّي الْمَرْأَةَ وَيُحَسِّنُهَا إلَى الْأَزْوَاجِ وَيُرَغِّبُ الْخُطَّابَ فِيهَا وَذَلِكَ مَطْلُوبٌ شَرْعًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ تَخَتَّمَ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ) لَا لِحِفْظِهِ مِنْ السُّقُوطِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَدَمُ التَّحْرِيمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَقَلَّدَتْ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَثْقُوبَةَ زَكَّيْت) لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ مَصْرُوفَةً عَنْ جِهَةِ النَّقْدِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ وَتَجِبُ زَكَاتُهَا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا مِمَّا لَا يُعْقَلُ فَإِنَّهُ مَتَى ثَبَتَ كَوْنُهُ حُلِيًّا مُبَاحًا امْتَنَعَ الْإِيجَابُ. (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِالْمُصْحَفِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 مَرَّ وَالْأَصْلُ إنَّمَا ذَكَرَ تَحْرِيمَ تَعْلِيقِ قَنَادِيلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَيْضًا تَعْلِيقُ الْقَنَادِيلِ الْمُحَلَّاةِ بِذَلِكَ إذَا حَصَلَ مِنْهَا شَيْءٌ بِالنَّارِ (فَيُزْكِي) ذَلِكَ (لَا إنْ جُعِلَ وَقْفًا) عَلَى الْمَسْجِدِ لِعَدَمِ الْمَالِكِ الْمُعَيَّنِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ وَقْفِهِ إذَا حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ بِأَنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَوَقْفُ الْمُحَرَّمِ بَاطِلٌ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ وَقْفَهُ لَيْسَ عَلَى التَّحَلِّي كَمَا تُوُهِّمَ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ كَالْوَقْفِ عَلَى تَزْوِيقِ الْمَسْجِدِ وَنَقْشِهِ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ مَعَ صِحَّةِ وَقْفِهِ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. (وَيَجُوزُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ بِالدِّيبَاجِ) لِفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَهُ تَعْظِيمًا لَهَا بِخِلَافِ سَتْرِ غَيْرِهَا بِهِ. (وَمَا كُرِهَ اسْتِعْمَالُهُ كَضَبَّةِ الْإِنَاءِ الْكَبِيرَةِ) لِلْحَاجَةِ أَوْ الصَّغِيرَةِ لِلزِّينَةِ (وَجَبَتْ زَكَاتُهُ) كَالْمُحَرَّمِ. (وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مَوْقُوفٍ لِمُبَاحٍ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا إنْ جُعِلَ وَقْفًا وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَلَوْ وَقَفَ حُلِيًّا عَلَى قَوْمٍ يَلْبَسُونَهُ أَوْ يَنْتَفِعُونَ بِأُجْرَتِهِ الْمُبَاحَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ قَطْعًا وَكَذَا عَبَّرَ بِهَذَا فِي الْمَجْمُوعِ فَقَالَ وَلَوْ وَقَفَ حُلِيًّا عَلَى قَوْمٍ يَلْبَسُونَهُ لُبْسًا مُبَاحًا أَوْ يَنْتَفِعُونَ بِأُجْرَتِهِ الْمُبَاحَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ قَطْعًا لِعَدَمِ الْمَالِكِ الْحَقِيقِيِّ الْمُعَيَّنِ (تَتِمَّةٌ) كُلُّ حُلِيٍّ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ حُكْمُ صَنْعَتِهِ حُكْمُ صَنْعَةِ الْإِنَاءِ فَلَا يَضْمَنُهُ كَاسِرُهُ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا يَحِلُّ لِبَعْضِ النَّاسِ لَا يُكْسَرُ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَوْ كَسَرَهُ أَحَدٌ ضَمِنَهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لَكِنَّهُ لَمْ يُصَحِّحْ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي الْأَوَّلِ بَلْ أَطْلَقَ فِيهِ وَجْهَيْنِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ تَرَكَ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِمَا قَدَّمَهُ فِي الْأَوَانِي. [بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ] الْأَصْلُ فِيهَا مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَقَرِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْغَنَمِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهُ» وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «عَنْ سَمُرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي نُعِدُّهُ لِلْبَيْعِ» وَرَوَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ حَمَاسًا كَانَ يَبِيعُ الْأُدْمَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ قَوِّمْهُ وَأَدِّ زَكَاتَهُ قَالَ فَفَعَلْت وَأَمَّا خَبَرُ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ وَالْبَزُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالزَّايِ يُقَالُ لِأَمْتِعَةِ الْبَزَّازِ وَلِلسِّلَاحِ وَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةُ عَيْنٍ فَصَدَقَتُهُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ. (وَمَتَى مَلَكَ عَرْضًا بِمُعَاوَضَةٍ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ) وَهِيَ تَقْلِيبُ الْمَالِ بِالْمُعَاوَضَةِ لِغَرَضِ الرِّبْحِ (تَهَيَّأَ لِلزَّكَاةِ) أَيْ لِوُجُوبِهَا بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهَا الْمُنْعَقِدِ مِنْ حِينَئِذٍ (سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضِ قِنْيَةٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا (أَوْ دَيْنٍ) حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ (وَلَا يَحْتَاجُ تَجْدِيدَ الْقَصْدِ) أَيْ قَصْدِ التِّجَارَةِ (لِلتَّصَرُّفِ) أَيْ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ (مَا لَمْ يَنْوِ) بِمَالِهَا (الْقِنْيَةَ) فَإِنْ نَوَاهَا بِهِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ قَصْدٍ مُقَارِنٍ لِلتَّصَرُّفِ وَقَضِيَّتُهُ انْقِطَاعُ الْحَوْلِ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَنَوَى بِهِ اسْتِعْمَالًا جَائِزًا أَمْ مُحَرَّمًا كَلُبْسِهِ الدِّيبَاجَ وَقَطْعِهِ الطَّرِيقَ بِالسَّيْفِ وَقَدْ حَكَى فِيهِ الْمُتَوَلِّي وَجْهَيْنِ وَأَنَّ أَصْلَهُمَا أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَأَصَرَّ هَلْ يَأْثَمُ أَوْ لَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ دَلِيلًا وَالْأَقْرَبُ إلَى النَّصِّ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ بَلْ قَضِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ الِانْقِطَاعَ فَتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ مَسْأَلَتَنَا غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِالْإِصْرَارِ وَتِلْكَ مُقَيَّدَةٌ بِهِ فَلَا اتِّحَادَ بَيْنَهُمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ نَوَى الْقِنْيَةَ بِبَعْضِ عَرْضِ التِّجَارَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَفِي تَأْثِيرِهِ وَجْهَانِ قُلْت أَقْرَبُهُمَا الْمَنْعُ. (فَلَوْ لَبِسَ ثَوْبَ تِجَارَةٍ بِلَا نِيَّةِ قِنْيَةٍ فَهُوَ تِجَارَةٌ) أَيْ مَالُهَا فَإِنْ نَوَاهَا بِهِ فَلَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ (فَلَوْ وَرِثَهُ) أَيْ الْعَرْضَ (أَوْ اصْطَادَهُ أَوْ اتَّهَبَهُ نَاوِيًا التِّجَارَةَ) لَمْ يَصِرْ مَالَ تِجَارَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مِنْ أَسْبَابِهَا لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ (أَوْ اشْتَرَاهُ) مَثَلًا (لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ نَوَى) بِهِ (التِّجَارَةَ لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ) كَنِيَّةِ السَّوْمِ وَيُفَارِقُ نِيَّةَ الْقِنْيَةِ بِمَالِ التِّجَارَةِ بِأَنَّ الْقِنْيَةَ هِيَ الْإِمْسَاكُ لِلِانْتِفَاعِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا بِهِ فَأَثَّرَتْ وَبِأَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَجُوزُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ بِالدِّيبَاجِ) أَمَّا مَشَاهِدُ الْأَنْبِيَاءِ فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ فِيهَا بِالْجَوَازِ كَالْكَعْبَةِ بَسِيطٌ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ سُئِلَ الشَّارِحُ عَنْ سَتْرِ تَوَابِيتِ الْأَوْلِيَاءِ بِالسُّتُورِ الْحَرِيرِ الْمُزَرْكَشَةِ وَغَيْرِهَا هَلْ هُوَ جَائِزٌ لِإِظْهَارِ تَوَابِيتِهِمْ بِهِ فَيَتَبَرَّكُ بِهِمْ أَوْ يُتْلَى كِتَابُ اللَّهِ عِنْدَهُمْ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ لِبَاسُ تَوَابِيتِ الْأَوْلِيَاءِ الْحَرِيرِ وَإِظْهَارُهَا يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَرْكَ إلْبَاسِهَا إيَّاهُ أَحَبُّ إلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يَتَنَزَّهُونَ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي ذَوَاتِهِمْ الشَّرِيفَةِ فَلَأَنْ يُنَزَّهُوا عَنْ أَنْ تُعْمَلَ عَلَى قُبُورِهِمْ أَوْلَى وَمَنْ قَالَ بِجَوَازِ ذَلِكَ قَالَ وَالْأَوْلَى بِالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ تَرْكُهُ. (بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ) (قَوْلُهُ الْأَصْلُ فِيهَا إلَخْ) قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] قَالَ مُجَاهِدٌ نَزَلَتْ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهُ) مَعْلُومٌ أَنَّ الْبَزَّ لَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةُ الْعَيْنِ فَثَبَتَ أَنَّ فِيهِ زَكَاةَ التِّجَارَةِ وَلِأَنَّهُ مَالٌ مُرْصَدٌ لِلنَّمَاءِ فَأَشْبَهَ الْمَاشِيَةَ (قَوْلُهُ إنْ حِمَاسًا) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَآخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ. (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ تَجْدِيدُ الْقَصْدِ لِلتَّصَرُّفِ مَا لَمْ يَنْوِ الْقِنْيَةَ) قَدْ يُرَدُّ عَلَى الْكِتَابِ مَا لَوْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ عَنْ مَالِ تِجَارَةٍ فَإِنَّ حَوْلَهُ يَنْقَطِعُ وَلَا يَنْعَقِدُ حَوْلُهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ فِيهِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ شَرْطِ السَّوْمِ ع وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَكَتَبَ أَيْضًا أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ حُكْمَ التِّجَارَةِ يَسْتَمِرُّ عَلَى مَالِهَا الْمَوْرُوثِ وَلَا يَنْقَطِعُ حَوْلُهُ مَا لَمْ يَنْوِ الْوَارِثُ قِنْيَتَهُ. اهـ. وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَاهَا انْقَطَعَ الْحَوْلُ) بِخِلَافِ عَرْضِ الْقِنْيَةِ لَا يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهَا كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِنْيَةَ هُوَ الْحَبْسُ لِلِانْتِفَاعِ وَقَدْ وُجِدَتْ بِالنِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ الْإِمْسَاكِ فَرَتَّبْنَا عَلَيْهَا أَثَرَهَا وَالتِّجَارَةُ هُوَ التَّقَلُّبُ فِي السِّلَعِ بِقَصْدِ الْأَرْبَاحِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ وَأَيْضًا فَلِأَنَّ الِاقْتِنَاءَ هُوَ الْأَصْلُ فَاكْتَفَيْنَا فِيهِ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ التِّجَارَةِ وَلِأَنَّ مَا لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْحَوْلِ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَمَا لَوْ نَوَى بِالْمَعْلُوفَةِ السَّوْمَ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ انْقِطَاعُ الْحَوْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَتِلْكَ مُقَيَّدَةٌ بِهِ) تِلْكَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ قُلْت أَقْرَبُهُمَا الْمَنْعُ) وَقَالَ النَّاشِرِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَكَتَبَ أَيْضًا الْأَقْرَبُ التَّأْثِيرُ وَيَرْجِعُ فِي تَعْيِينِ ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَيْهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 الْأَصْلَ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةُ وَالتِّجَارَةُ عَارِضَةٌ فَيَعُودُ حُكْمُ الْأَصْلِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَمَا فِي الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ (وَمِنْ الْمَمْلُوكِ بِالْمُعَاوَضَةِ مَا اتَّهِبْهُ بِثَوَابٍ أَوْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَلَوْ عَنْ دَمٍ وَكَذَا لَوْ) الْأَوْلَى مَا (أَجَّرَ) بِهِ (نَفْسَهُ أَوْ مَالَهُ أَوْ مَا اسْتَأْجَرَهُ) بَلْ أَوْ مَنْفَعَةُ مَا اسْتَأْجَرَهُ (أَوْ) مَا (تَزَوَّجَتْ) بِهِ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ (أَوْ) مَا (خَالَعَ) بِهِ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ (وَقَصَدَ) فِي الْجَمِيعِ (التِّجَارَةَ بِالْعِوَضِ) مَنْ مَلَكَهُ بِذَلِكَ (صَارَ لِلتِّجَارَةِ) لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةً تَثْبُتُ فِيهَا الشُّفْعَةُ فَأَشْبَهَتْ الشِّرَاءَ أَمَّا لَوْ اقْتَرَضَ مَالًا نَاوِيًا بِهِ التِّجَارَةَ فَلَا يَصِيرُ مَالَ تِجَارَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لَهَا وَإِنَّمَا هُوَ إرْفَاقٌ قَالَهُ الْقَاضِي تَفَقُّهًا وَجَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ. (وَلَيْسَتْ الْإِقَالَةُ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ مُعَاوَضَةً) بَلْ فَسْخٌ لَهَا (فَمَنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ لِلْقِنْيَةِ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ) أَوْ لِلْقِنْيَةِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ عَكَسَ) بِأَنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ عَرْضًا لِلْقِنْيَةِ (ثُمَّ رَدَّ) عَلَيْهِ (بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ لَمْ يَصِرْ تِجَارَةً) أَيْ مَالُهَا (وَإِنْ نَوَى) بِهِ التِّجَارَةَ لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ فَلَا يَعُودُ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ مَالَ تِجَارَةٍ (بِخِلَافِ) الرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ مِنْ شِرَاءِ (عَرْضِ التِّجَارَةِ بِعَرْضِ التِّجَارَةِ) فَإِنَّهُ يَبْقَى حُكْمُ التِّجَارَةِ كَمَا لَوْ بَاعَ عَرْضَ التِّجَارَةِ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَرْضًا آخَرَ (وَلَوْ اشْتَرَى لَهَا) أَيْ لِلتِّجَارَةِ (صِبْغًا لِيَصْبُغَ بِهِ لِلنَّاسِ) أَوْ دِبَاغًا لِيَدْبُغَ بِهِ لَهُمْ (صَارَ تِجَارَةً) أَيْ مَالُهَا فَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهِ (بِخِلَافِ الصَّابُونِ) أَوْ الْمِلْحِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهَا لِيَغْسِلَ بِهِ لِلنَّاسِ أَوْ لِيَعْجِنَ بِهِ لَهُمْ لَا يَصِيرُ مَالَ تِجَارَةٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَوْ بَقِيَ عِنْدَهُ حَوْلًا (لِأَنَّهُ يُسْتَهْلَكُ فَلَا يَقَعُ مُسْلَمًا) لَهُمْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى لَهَا إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَكَلَامُهُ فِي تَتِمَّتِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ إنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الصِّبْغِ وَنَحْوِهِ إذَا بَقِيَ بِعَيْنِهِ عِنْدَهُ عَامًا وَلَيْسَ مُرَادًا. [فَصْلٌ اشْتَرَى عُرُوضَ تِجَارَةٍ بِنَقْدٍ مُعَيَّنٍ نِصَابٍ أَوْ دُونَهُ وَفِي مِلْكِهِ بَاقِيهِ] (فَصْلٌ وَإِنْ اشْتَرَى عُرُوضَ تِجَارَةٍ بِنَقْدٍ مُعَيَّنٍ) نِصَابٍ أَوْ دُونَهُ وَفِي مِلْكِهِ بَاقِيهِ كَأَنْ اشْتَرَاهَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ بِعَشَرَةٍ وَفِي مِلْكِهِ عَشَرَةٌ أُخْرَى (بَنَى حَوْلَهَا عَلَى حَوْلِهِ كَمَا يَبْنِي حَوْلَ الدَّيْنِ عَلَى حَوْلِ الْعَيْنِ) وَبِالْعَكْسِ مِنْ النَّقْدِ كَأَنْ مَلَكَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَأَقْرَضَهَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ أَوْ كَانَتْ لَهُ قَرْضًا عَلَى غَيْرِهِ فَاسْتَوْفَاهَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَذَلِكَ لِاتِّحَادِ وَاجِبَيْهِمَا قَدْرًا وَمُتَعَلَّقًا وَإِنْ صَارَ الْمُتَعَلِّقُ مُبْهَمًا بَعْدَ تَعَيُّنِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَادَلَ النَّقْدَ بِمِثْلِهِ حَيْثُ يَنْقَطِعُ حَوْلُهُ لِأَنَّ زَكَاتَهُ فِي عَيْنِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَيْنَيْنِ حُكْمُ نَفْسِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ (فَمِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ) يُبْتَدَأُ حَوْلُهَا (إنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ قِنْيَةً وَلَوْ سَائِمَةً) لِأَنَّ مَا مَلَكَهُ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ مَالَ زَكَاةٍ فِيمَا إذَا اشْتَرَى بِغَيْرِ سَائِمَةٍ وَإِلَّا فَلِاخْتِلَافِ الزَّكَاتَيْنِ قَدْرًا وَمُتَعَلِّقَا (أَوْ بِنَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ) وَلَوْ نِصَابًا وَإِنْ نَقَدَهُ فِي الثَّمَنِ إذْ لَمْ يَتَعَيَّنْ صَرْفُهُ فِيهِ (أَوْ) بِنَقْدٍ مُعَيَّنٍ (دُونَ نِصَابٍ) بِقَيْدٍ زَادَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ (لَا يَمْلِكُ بَاقِيَهُ) لِأَنَّهُ لَا حَوْلَ لَهُ حَتَّى يُبْنَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَالِكًا لِبَاقِيهِ فَإِنَّ حَوْلَهُ يُبْنَى عَلَى حَوْلِ النَّقْدِ كَمَا مَرَّ. (فَإِنْ بَلَغَ مَالَ التِّجَارَةِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ) بِأَنْ قَوَّمَهُ فِيهِ فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ (نِصَابَا زَكَاةٍ وَلَوْ) اشْتَرَاهُ بِدُونِ النِّصَابِ أَوْ (بَاعَهُ) بَعْدَ التَّقْوِيمِ الْمَذْكُورِ (مَغْبُونًا بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ النِّصَابِ لِأَنَّ آخِرَ الْحَوْلِ وَقْتُ الْوُجُوبِ فَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَمَّا سِوَاهُ لِاضْطِرَابِ الْقِيَمِ (فَإِنْ نَقَصَ) عَنْ النِّصَابِ بِتَقْوِيمِهِ آخِرَ الْحَوْلِ (وَقَدْ وُهِبَ لَهُ مِنْ) جِنْسِ (نَقْدِهِ مَا يُتِمُّ بِهِ نِصَابًا زَكَّى الْجَمِيعَ لِحَوْلِ الْمَوْهُوبِ مِنْ يَوْمِ وُهِبَ) لَهُ لَا مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ لِانْقِطَاعِ حَوْلِ مَالِ تِجَارَتِهِ بِالنَّقْصِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوهَبْ لَهُ شَيْءٌ أَوْ وُهِبَ لَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ نَقْدِهِ مَا يُتِمُّ بِهِ نِصَابًا أَوْ مِنْ جِنْسِهِ مَا لَا يُتِمُّ بِهِ نِصَابًا (انْعَقَدَ الْحَوْلُ مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ مِنْ حِينِ نَقْصِهِ آخِرَ الْحَوْلِ عَنْ النِّصَابِ فَيَنْقَطِعُ حَوْلُهُ الْأَوَّلُ وَقِيلَ لَا يَنْقَطِعُ بَلْ مَتَى بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ ثُمَّ يَبْتَدِئُ حَوْلًا ثَانِيًا وَفِي مَعْنَى الْهِبَةِ مَا سِوَاهَا مِمَّا يُفِيدُ الْمِلْكَ (وَلَوْ بَاعَهُ بِدُونِ النِّصَابِ) فَإِنْ كَانَ (مِنْ نَقْدِ التَّقْوِيمِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ انْقَطَعَ) لِتَحَقُّقِ النُّقْصَانِ عَنْ النِّصَابِ بِالتَّنْضِيضِ (أَوْ مِنْ عَرْضٍ أَوْ) مِنْ (نَقْدٍ آخَرَ بَنَى) حَوْلَهُ عَلَى حَوْلِ مَالِ التِّجَارَةِ (كَمَا إذَا بَاعَهُ بِنِصَابٍ) فَإِنَّهُ يَبْنِي حَوْلَهُ عَلَى حَوْلِهِ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ نَقْدُ غَيْرِ التَّقْوِيمِ بِالْعَرْضِ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ التَّقْوِيمُ كَمَا سَيَأْتِي وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ نَقْدِ التَّقْوِيمِ وَالتَّصْرِيحِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَمَا فِي الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ) أَيْ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَصِيرُ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَالْمُقِيمَ لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا إلَّا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا) لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ أَنَّ مَحَلَّ تَأْثِيرِ النِّيَّةِ مَا إذَا نَوَى وَهُوَ مَاكِثٌ فَلَوْ نَوَى وَهُوَ سَائِرٌ لَمْ يُؤَثِّرْ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَنْ دَمٍ) أَيْ أَوْ قَرْضٍ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ صَالِحُهُ عَنْهُ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي عَنْ الرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ) وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِاتِّحَادِ وَاجِبِهِمَا قَدْرًا وَمُتَعَلَّقًا) وَلِأَنَّ النَّقْدَيْنِ إنَّمَا خُصَّا بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ دُونَ بَاقِي الْجَوَاهِرِ لِإِرْصَادِهِمَا لِلنَّمَاءِ وَالنَّمَاءُ يَحْصُلُ بِالتِّجَارَةِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي الْوُجُوبِ سَبَبًا فِي الْإِسْقَاطِ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ فِي الْقِيمَةِ وَهِيَ الثَّمَنُ نَفْسُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ) أَيْ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ إنْ اشْتَرَى بِعِرْضٍ قِنْيَةً) كَحُلِيٍّ مُبَاحٍ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَهُ مَغْبُونًا) لَوْ قُوِّمَتْ السِّلْعَةُ آخِرَ الْحَوْلِ بِمِائَتَيْنِ فَوَجَدَ زَبُونًا اشْتَرَاهَا بِثَلَاثِمِائَةٍ فَفِي الْمِائَةِ الزَّائِدَةِ وَجْهَانِ فِي النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا رِبْحٌ كَارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَالثَّانِي تُضَمُّ إلَى مَالِهِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ آخِرَ الْحَوْلِ مَغْصُوبًا أَوْ دَيْنًا مُؤَجَّلًا وَكَانَ السِّعْرُ غَالِبًا ثُمَّ عِنْدَ الْحُلُولِ الْمُقْتَضِي لِلْأَخْذِ أَوْ الْقَبْضِ فِي الْغَصْبِ نَقَصَ السِّعْرُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْعِبْرَةُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ وَهُوَ الَّذِي دَخَلَ فِي يَدِ الْمَالِكِ كَذَا أَفْتَى بِهِ شَيْخنَا الْإِمَامُ سِرَاجُ الدِّينِ وَنَقَلْته مِنْ خَطِّهِ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي تُضَمُّ إلَى مَالِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَالْعِبْرَةُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ آخِرَ الْحَوْلِ وَقْتُ الْوُجُوبِ إلَخْ) وَقِيَاسًا عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصَابِ فَإِنَّا لَمَّا لَمْ نَشْتَرِطْ وُجُودَهَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لِوُجُوبِ زَكَاتِهَا لَمْ نَشْتَرِطْ فِي وُجُودِهَا فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ أَيْضًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 بِمَسْأَلَةِ الْمَغْبُونِ وَبِمَسْأَلَةِ الْهِبَةِ وَبِتَرْجِيحِ انْقِطَاعِ الْحَوْلِ فِيمَا إذَا بَاعَ بِدُونِ النِّصَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَصْلٌ رِبْحُ) مَالِ (التِّجَارَةِ إنْ ظَهَرَ) فِي الْحَوْلِ أَوْ مَعَهُ (مِنْ غَيْرِ نَضُوضٍ) لَهُ (بِنَقْدِ التَّقْوِيمِ) كَأَنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ثَلَثُمِائَةٍ (زَكَّى لِحَوْلِ الْأَصْلِ) كَالنِّتَاجِ مَعَ أُمِّهِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى حَوْلِ كُلِّ زِيَادَةٍ مَعَ اضْطِرَابِ الْأَسْوَاقِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ارْتِفَاعًا وَانْخِفَاضًا فِي غَايَةِ الْعُسْرِ (وَإِنْ نَضَّ بِهِ) أَيْ بِنَقْدِ التَّقْوِيمِ (فِي حَوْلِ الظُّهُورِ) لِلرِّبْحِ (انْفَرَدَ) الرِّبْحُ عَنْ الْأَصْلِ (بِحَوْلٍ وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ عَرْضًا) كَمَا يَأْتِي مِثَالُهُ فِي الْفَرْعِ الْآتِي لِخَبَرِ «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» وَلِأَنَّهُ مُتَمَيِّزٌ مُحَقَّقٌ فَأُفْرِدَ بِالْحُكْمِ بِخِلَافِ النِّتَاجِ مَعَ الْأُمِّ لَا يُفْرَدُ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَأُلْحِقَ بِهَا بِخِلَافِ الرِّبْحِ أَمَّا إذَا نَضَّ بِهِ بَعْدَ حَوْلِ ظُهُورِ الرِّبْحِ أَوْ مَعَهُ فَيُزَكِّيهِ بِحَوْلِ أَصْلِهِ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آنِفًا وَيَسْتَأْنِفُ لَهُ حَوْلًا مِنْ نَضُوضِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (اشْتَرَى عَرْضًا) لِلتِّجَارَةِ (بِعِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ بَاعَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ بِأَرْبَعِينَ) دِينَارًا (وَاشْتَرَى بِهَا عَرْضًا) آخَرَ (وَبَلَغَ آخِرَ الْحَوْلِ) بِالتَّقْوِيمِ أَوْ بِالتَّنْضِيضِ (مِائَةً زَكَّى خَمْسِينَ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ عِشْرُونَ وَنَصِيبُهَا مِنْ الرِّبْحِ ثَلَاثُونَ يُزَكِّي) أَيْ الرِّبْحَ الَّذِي هُوَ ثَلَاثُونَ (مَعَ أَصْلِهِ) الَّذِي هُوَ عِشْرُونَ (لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مِنْ غَيْرِ نَضُوضٍ) لَهُ قَبْلَهُ (ثُمَّ إنْ كَانَ قَدْ بَاعَ الْعَرْضَ قَبْلَ حَوْلِ الْعِشْرِينَ الرِّبْحَ) كَأَنْ بَاعَهُ آخِرَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ (زَكَّاهَا لِحَوْلِهَا) أَيْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ مُضِيِّ الْأَوَّلِ (وَزَكَّى رِبْحَهَا) وَهُوَ ثَلَاثُونَ (لِحَوْلِهِ) أَيْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ الْخَمْسُونَ الَّتِي زَكَّى عَنْهَا أَوَّلًا بَاقِيَةً زَكَّاهَا أَيْضًا لِحَوْلِ الثَّلَاثِينَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ بَاعَ الْعَرْضَ قَبْلَ حَوْلِ الْعِشْرِينَ الرِّبْحَ (زَكَّاهُ) أَيْ رِبْحَهَا وَهُوَ الثَّلَاثُونَ (مَعَهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يَنِضَّ قَبْلَ فَرَاغِ حَوْلِهَا (وَإِذَا اشْتَرَى) عَرْضًا (بِعَشَرَةٍ) مِنْ الدَّنَانِيرِ (وَبَاعَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِعِشْرِينَ) مِنْهَا (وَلَمْ يَشْتَرِ بِهَا عَرْضًا زَكَّى كُلًّا) مِنْ الْعَشَرَتَيْنِ (لِحَوْلِهِ) بِحُكْمِ الْخُلْطَةِ وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ زَكَاةُ الْعَشَرَةِ الرِّبْحُ بِأَنَّ النِّصَابَ نَقَصَ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ الْعَشَرَةِ الْأُخْرَى وَيُجَابُ بِمَا أَجَبْت بِهِ عَنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ فِي بَابِ الْخُلْطَةِ فِي فَرْعِ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً. [فَصْلٌ مَالُ التِّجَارَةِ حَيَوَانًا أَوْ شَجَرًا غَيْرَ زَكَوِيٍّ] (فَصْلٌ لَوْ كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ حَيَوَانًا أَوْ شَجَرًا غَيْرَ زَكَوِيٍّ) كَخَيْلٍ وَإِمَاءٍ وَمَعْلُوفَةٍ مِنْ نَعَمٍ وَشَجَرِ مِشْمِشٍ أَوْ تُفَّاحٍ (فَلِلنِّتَاجِ وَالثَّمَرَةِ حُكْمُ الْأَصْلِ وَلَا يُفْرَدُ أَنْ يَحُولَ) كَنِتَاجِ السَّائِمَةِ وَسَائِرِ الزَّوَائِدِ وَمِثْلُهُمَا الصُّوفُ وَالْوَبَرُ وَالرِّيشُ وَالشَّعْرُ وَالْوَرَقُ وَالْأَغْصَانُ وَنَحْوُهَا أَمَّا الزَّكَوِيُّ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ. [فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ] (فَصْلٌ الْوَاجِبُ) فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ (رُبْعُ عُشْرِ قِيمَةِ الْعَرْضِ لَا) رُبْعُ عُشْرِ (الْعَرْضِ) أَمَّا أَنَّهُ رُبْعُ الْعُشْرِ فَكَمَا فِي النَّقْدَيْنِ لِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِهِمَا وَأَمَّا أَنَّهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَلِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ حَمَاسٍ السَّابِقُ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْعَرْضِ (فَإِنْ أَخَّرَ) الْإِخْرَاجَ (بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْهُ (وَنَقَصَتْ الْقِيمَةُ ضَمِنَ) مَا نَقَصَ لِتَقْصِيرِهِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ (وَإِنْ زَادَتْ) وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ أَوْ بَعْدَ الْإِتْلَافِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ) أَيْ لِلْحَوْلِ السَّابِقِ فَلَوْ ابْتَاعَ مِائَتَيْ قَفِيزِ حِنْطَةٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ بِمِائَةٍ وَسَاوَتْ آخِرَ الْحَوْلِ مِائَتَيْنِ لَزِمَهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَلَوْ أَخَّرَ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا فَعَادَتْ إلَى مِائَةٍ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ زَادَتْ قَبْلَهُ فَصَارَتْ أَرْبَعُمِائَةٍ أَوْ أَتْلَفَهَا بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقِيمَتُهَا مِائَتَانِ فَصَارَتْ أَرْبَعُمِائَةٍ لَزِمَهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا الْقِيمَةُ وَقْتَ التَّمَكُّنِ أَوْ الْإِتْلَافِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْحَالِ إيضَاحٌ. (فَرْعٌ) فِيمَا يُقَوَّمُ بِهِ مَالُ التِّجَارَةِ آخِرَ الْحَوْلِ لَوْ (اشْتَرَى الْعَرْضَ بِنِصَابٍ مِنْ نَقْدٍ أَوْ بِبَعْضِهِ) وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ (قَوَّمَ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ بَاقِيَهُ) فِي الثَّانِيَةِ أَوْ أَبْطَلَهُ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْغَالِبُ لِأَنَّهُ أَصْلُ مَا بِيَدِهِ وَأَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ نِصَابًا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ وَإِنْ بَلَغَ بِغَيْرِهِ (فَإِنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَبَاعَهُ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ) وَقَصْدُ التِّجَارَةِ مُسْتَمِرٌّ (وَحَالَ الْحَوْلُ) وَالْمِائَتَانِ بِيَدِهِ (وَقِيمَةُ الْمِائَتَيْنِ دُونَ الْعِشْرِينَ) دِينَارًا (لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا) لِأَنَّ الْمِائَتَيْنِ لَمْ تَبْلُغْ مَا قُوِّمَتَا بِهِ نِصَابًا (وَإِنْ مَلَكَهُ بِنِصَابَيْنِ مِنْ النَّقْدَيْنِ) كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا (قُوِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ) لِمَعْرِفَةِ التَّقْسِيطِ (يَوْمَ الْمِلْكِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمِائَتَيْنِ عِشْرِينَ) دِينَارًا (قُوِّمَ) آخِرَ الْحَوْلِ (بِهِمَا نِصْفَيْنِ) لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ نِصْفَ الْعُرُوضِ مُشْتَرًى بِالدَّرَاهِمِ وَنِصْفُهَا بِالدَّنَانِيرِ (أَوْ) كَانَتْ قِيمَتُهَا (عَشَرَةً) مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ رِبْحُ مَالِ التِّجَارَةِ إنْ ظَهَرَ فِي الْحَوْلِ أَوْ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ نَضُوضٍ لَهُ بِنَقْدِ التَّقْوِيمِ] قَوْلُهُ وَإِنْ نَضَّ بِهِ فِي حَوْلِ الظُّهُورِ إلَخْ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَصِيرَ نَاضًّا بِالْبَيْعِ أَوْ إتْلَافُ الْأَجْنَبِيِّ فَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَكِنْ تَأَخَّرَ دَفْعُ الْقِيمَةِ أَوْ بَاعَهُ بِزِيَادَةِ أَجَلٍ فَقِيَاسُ تَعْلِيلِهِمْ بِالتَّمَيُّزِ وَالتَّحَقُّقِ وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِالْحَدِيثِ أَنَّ الرِّبْحَ لَا يُضَمُّ أَيْضًا مَعَ خُرُوجِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ اسْمَ النَّضُوضِ لَا يَصْدُقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ح (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ) كَأَنْ كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ مَغْصُوبًا أَوْ دَيْنًا مُؤَجَّلًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ) أَوْ بِدَيْنٍ نُقِدَ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ أَوْ بِتِبْرٍ مَضْرُوبٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 الدَّنَانِيرِ (قُوِّمَ) آخِرَ الْحَوْلِ (ثُلُثُهُ بِالدَّرَاهِمِ وَثُلُثَاهُ بِالدَّنَانِيرِ) لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ ثُلُثَهُ مُشْتَرًى بِالدَّرَاهِمِ وَثُلُثَاهُ بِالدَّنَانِيرِ (وَكَذَا) يُقَوَّمُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ (لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا دُونَ النِّصَابِ وَ) يُزَكَّيَانِ إنْ (كَمَّلَا) أَيْ بَلَغَا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا (نِصَابَيْنِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغَا نِصَابَيْنِ (فَلَا) يُزَكَّيَانِ (وَإِنْ بَلَغَهُمَا الْمَجْمُوعُ لَوْ قُوِّمَ بِأَحَدِهِمَا) إذْ لَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَإِنْ بَلَغَ أَحَدُهَا نِصَابًا زُكِّيَ وَحْدَهُ وَحَوْلُ الْمَمْلُوكِ بِالنِّصَابِ مِنْ حِينِ مِلْكِ ذَلِكَ النَّقْدِ وَحَوْلُ الْمَمْلُوكِ بِدُونِهِ مِنْ حِينِ مِلْكِ الْعَرْضِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ مَلَكَهُ) أَيْ الْعَرْضَ كُلَّهُ (أَوْ بَعْضَهُ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ أَوْ بِخَلْعٍ أَوْ نَحْوِهِ) كَنِكَاحٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ (أَوْ بِنَقْدٍ وَنَسِيَ) أَوْ جَهِلَ (جِنْسَهُ) وَمَلَكَ بَعْضَهُ الْآخَرَ فِي الثَّانِيَةِ بِنَقْدٍ يُعْلَمُ جِنْسُهُ (قَوَّمْنَاهُ) كُلَّهُ فِي الْأُولَى (وَالْبَعْضَ) مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ (بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) جَرْيًا عَلَى قَاعِدَةِ التَّقْوِيمِ كَمَا فِي الْإِتْلَافِ وَنَحْوِهِ وَقَوَّمْنَا مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ. فَإِنْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بِمَوْضِعٍ لَا نَقْدَ فِيهِ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَمَسْأَلَةُ النِّسْيَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ غَلَبَ فِيهِ) أَيْ فِي الْبَلَدِ (نَقْدَانِ) عَلَى التَّسَاوِي (قُوِّمَ بِمَا بَلَغَ بِهِ) مِنْهُمَا (نِصَابًا) لِتَحَقُّقِ تَمَامِ النِّصَابِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَمَّ النِّصَابَ فِي مِيزَانٍ دُونَ آخَرَ لَا تَجِبُ زَكَاتُهُ (فَلَوْ بَلَغَ بِهِمَا) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابًا (تَخَيَّرَ الْمَالِكُ) فَيُقَوِّمُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا كَمَا فِي شَاتَيْ الْجُبْرَانِ وَدَرَاهِمِهِ. وَصَحَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِالْأَنْفَعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ رِعَايَةً لَهُمْ كَمَا فِي اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْأَوَّلُ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ. اهـ. وَعَلَيْهِ يُجَابُ عَنْ قِيَاسِ الثَّانِي بِأَنَّ الزَّكَاةَ فِي الْإِبِلِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَيْنِ وَفِي مَالِ التِّجَارَةِ بِالذِّمَّةِ فَتَعَلُّقُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالْإِبِلِ فَوْقَ تَعَلُّقِهِمْ بِمَالِ التِّجَارَةِ (وَيَجْرِي التَّقْسِيطُ فِي اخْتِلَافِ الصِّفَةِ) كَأَنْ اشْتَرَى بِنِصَابٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ بَعْضُهَا صَحِيحٌ وَبَعْضُهَا مُكَسَّرٌ وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ (كَاخْتِلَافِ) أَيْ كَمَا يَجْرِي فِي اخْتِلَافِ (الْجِنْسِ) فَيُقَوَّمُ مَا يَخُصُّ الصَّحِيحَ بِالصَّحِيحِ وَمَا يَخُصُّ الْمُكَسَّرَ بِالْمُكَسَّرِ لَكِنْ إنْ بَلَغَ بِمَجْمُوعِهِمَا نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِهِ فِي اخْتِلَافِ الْجِنْسِ. (فَصْلٌ يَصِحُّ بَيْعُ عَرْضِ التِّجَارَةِ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ وَإِنْ كَانَ) بَعْدَ وُجُوبِهَا أَوْ بَاعَهُ (بِعَرْضِ قِنْيَةٍ) لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ زَكَاتِهِ الْقِيمَةُ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ (لَكِنْ هِبَتُهُ) أَيْ عَرْضِ التِّجَارَةِ (وَعِتْقُ عَبْدِهَا كَبَيْعِ الْمَاشِيَةِ) بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا لِأَنَّهُمَا يُبْطِلَانِ مُتَعَلِّقَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يُبْطِلُ مُتَعَلِّقَ زَكَاةِ الْعَيْنِ وَظَاهِرٌ أَنَّ جَعْلَهُ صَدَاقًا أَوْ صُلْحًا عَنْ دَمٍ أَوْ نَحْوِهِمَا كَذَلِكَ لِأَنَّ مُقَابِلَهُ لَيْسَ مَالًا (فَإِنْ بَاعَهُ مُحَابَاةً فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ كَالْمَوْهُوبِ) فَيَبْطُلُ فِيمَا قِيمَتُهُ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ. (فَصْلٌ إذَا اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ مَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ كَنِصَابِ سَائِمَةٍ) وَقِيمَتُهَا آخِرَ الْحَوْلِ نِصَابٌ (غَلَّبْنَا) فِيهِ (حُكْمَ السَّائِمَةِ) الْأَوْلَى حُكْمُ زَكَاةِ الْعَيْنِ (إنْ اتَّفَقَ الْحَوْلَانِ) لِقُوَّةِ زَكَاتِهَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجْتَمِعُ فِيهِ الزَّكَاتَانِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَمَتَى اخْتَلَفَا) أَيْ الْحَوْلَانِ (وَسَبَقَ حَوْلُ التِّجَارَةِ) حَوْلَ السَّائِمَةِ كَأَنْ اشْتَرَى بِمَتَاعِهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ نِصَابَ سَائِمَةٍ أَوْ اشْتَرَى بِهِ مَعْلُوفَةً لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ أَسَامَهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (زَكَّاهَا) أَيْ التِّجَارَةَ أَيْ مَالَهَا (لِحَوْلِهَا) لِتَقَدُّمِهِ وَلِئَلَّا يَبْطُلُ بَعْضُ حَوْلِهَا (ثُمَّ يَنْعَقِدُ حَوْلُ السَّائِمَةِ مِنْ حِينَئِذٍ) وَتَجِبُ زَكَاتُهَا لِسَائِرِ الْأَحْوَالِ (فَإِذَا اتَّفَقَ الْحَوْلَانِ) كَأَنْ اشْتَرَى نِصَابَ سَائِمَةٍ لِلتِّجَارَةِ (وَاشْتَرَى بِهَا عَرْضًا) بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ) مِنْ يَوْمِ شِرَائِهِ بِنَاءً عَلَى تَغْلِيبِ زَكَاةِ الْعَيْنِ هَذَا إنْ بَلَغَ الْمَالُ نِصَابًا بِكُلٍّ مِنْهُمَا (أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَبْلُغُ نِصَابًا إلَّا بِأَحَدِهِمَا) كَأَنْ كَانَتْ غَنَمُهُ أَرْبَعِينَ لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا أَوْ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ قِيمَتُهَا نِصَابٌ (فَالْحُكْمُ لِمَا بَلَغَهُ بِهِ فَلَوْ حَدَثَ) فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ (نَقَصَ فِي نِصَابِ السَّائِمَةِ) حَيْثُ غَلَّبْنَاهُ (انْتَقَلَ) الْحُكْمُ (إلَى) زَكَاةِ (التِّجَارَةِ وَاسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ) لَهَا كَمَا لَوْ مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لَا لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ عَرْضَ تِجَارَةٍ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ حَوْلَهَا كَمَا مَرَّ. (فَلَوْ حَدَثَ نِتَاجٌ) مِنْ السَّائِمَةِ بَعْدَ اسْتِئْنَافِ حَوْلِ التِّجَارَةِ (فَلَوْ حَدَثَ نِتَاجٌ) مِنْ السَّائِمَةِ بَعْدَ اسْتِئْنَافِ حَوْلِ التِّجَارَةِ (لَمْ يَنْتَقِلْ) أَيْ الْحُكْمُ إلَى زَكَاةِ الْعَيْنِ (لِأَنَّ الْحَوْلَ انْعَقَدَ لِلتِّجَارَةِ) فَلَا يَتَغَيَّرُ. (فَرْعٌ) لَوْ (اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ نَخْلًا أَوْ أَرْضًا وَبَذْرًا وَزَرَعَهَا بِهِ) أَوْ أَرْضًا مَزْرُوعَةً (فَأَثْمَرَ) النَّخْلُ وَالزَّرْعُ وَأَدْرَكَتْ الثَّمَرَةُ (فَلِلثَّمَرَةِ حُكْمُ السَّائِمَةِ) فِي تَقْدِيمِ زَكَاتِهَا عَلَى زَكَاةِ التِّجَارَةِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (إنْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَبَدَا صَلَاحُهَا) فِي مِلْكِهِ قَبْلَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَنِكَاحٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ) أَوْ بِدَيْنِهِ الزَّكَوِيِّ أَوْ سَبَائِكَ أَوْ تِبْرٍ (قَوْلُهُ قَوَّمْنَاهُ وَالْبَعْضُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ حَوَلَانِ الْحَوْلِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ بَلَدُ الشِّرَاءِ وَهُوَ مَا فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِلْجَمَالِ (قَوْلُهُ جَرْيًا عَلَى قَاعِدَةِ التَّقْوِيمِ) إذَا تَعَذَّرَ التَّقْوِيمُ بِالْأَصْلِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ) هُوَ أَوْلَى وَلَيْسَ كَالشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ فِي ذِمَّتِهِ فَالْخِيرَةُ إلَيْهِ بَلْ نَظِيرُ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ ع (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ فَتَعَلُّقُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالْإِبِلِ فَوْقَ تَعَلُّقِهِمْ بِمَالِ التِّجَارَةِ) فَلَمْ يَجِبْ التَّقْوِيمُ بِالْأَنْفَعِ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ الشِّرَاءُ بِالْأَنْفَعِ لِيُقَوَّمَ بِهِ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ. [فَصْلٌ بَيْعُ عَرْضِ التِّجَارَةِ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ] (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ جَعْلَهُ صَدَاقًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ مَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ كَنِصَابِ سَائِمَةٍ وَقِيمَتُهَا آخِرَ الْحَوْلِ نِصَابٌ] (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ زَكَاتِهَا) لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَلِهَذَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَوَجَبَتْ بِالِاجْتِهَادِ وَلِهَذَا لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا وَلِأَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ تَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ وَتِلْكَ بِالْقِيمَةِ فَقُدِّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ كَالْمَرْهُونِ إذَا جَنَى (قَوْلُهُ وَلِئَلَّا يَبْطُلَ بَعْضُ حَوْلِهَا) وَلِأَنَّ السَّابِقَ قَدْ وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِ زَكَاتِهِ بِلَا مُعَارِضٍ فَأَشْبَهَ الْمُنْفَرِدَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 قَطْعِهَا وَالتَّصْرِيحُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَمَتَى زَكَّى الثَّمَرَةَ لِلْعَيْنِ زَكَّى الْأَرْضَ وَكَذَا الْجُذُوعُ وَالتِّبْنُ لِلتِّجَارَةِ) إذْ لَيْسَ فِيهَا زَكَاةُ عَيْنٍ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ (فَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا عَنْ النِّصَابِ لَمْ يُكْمِلْهُ بِقِيمَةِ الثَّمَرِ وَيَنْعَقِدُ) الْحَوْلُ (لِلتِّجَارَةِ عَلَى الثَّمَرِ مِنْ) الْوَقْتِ الَّذِي تَخْرُجُ زَكَاتُهُ فِيهِ بَعْدَ (الْجَدَادِ) لَا مِنْ وَقْتِ الْإِدْرَاكِ وَإِنْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ بِهِ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَعْدَهُ تَرْبِيَةُ الثَّمَرِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ زَمَنُهَا وَتَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فِيهِ (أَبَدًا) أَيْ فِي الْأَحْوَالِ الْآتِيَةِ (فَإِنْ زَرَعَ زَرْعًا لِلْقِنْيَةِ فِي أَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (حُكْمُهُ) فَتَجِبُ زَكَاةُ الْعَيْنِ فِي الزَّرْعِ وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ فِي الْأَرْضِ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (وَيُزَكِّي عَبْدُ التِّجَارَةِ وَيُخْرِجُ فِطْرَتَهُ) لِأَنَّهُمَا يَجِبَانِ بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ كَالْقِيمَةِ وَالْكَفَّارَةِ فِي الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ وَالْقِيمَةِ وَالْجَزَاءِ فِي الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ. [فَصْلٌ زَكَاةُ مَالِ الْقِرَاضِ] (فَصْلٌ زَكَاةُ مَالِ الْقِرَاضِ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ ظَهَرَ) فِيهِ (رِبْحٌ) لِأَنَّهُ مِلْكُهُ إذْ الْعَامِلُ إنَّمَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالْقِسْمَةِ لَا بِالظُّهُورِ كَمَا أَنَّ الْعَامِلَ فِي الْجَعَالَةِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْجُعَلَ بِفَرَاغِهِ مِنْ الْعَمَلِ (فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ مِنْ مَالٍ آخَرَ (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ (أَوْ مِنْ) هَذَا (الْمَالِ حُسِبَتْ مِنْ الرِّبْحِ) وَلَا يُجْعَلُ إخْرَاجُهَا كَاسْتِرْدَادِ الْمَالِكِ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْمُؤَنِ اللَّازِمَةِ مِنْ فِطْرَةِ عَبِيدِ التِّجَارَةِ وَأَرْشِ جِنَايَتِهِمْ وَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ وَالدَّلَّالِ وَنَحْوِهَا. [بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ] (بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ) سَيَأْتِي بَيَانُ الرِّكَازِ وَأَمَّا الْمَعْدِنُ فَهُوَ الْجَوْهَرُ الْمُسْتَخْرَجُ مِنْ مَكَان خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَيُسَمَّى بِهِ مَكَانُهُ أَيْضًا لِإِقَامَةِ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ فِيهِ تَقُولُ عَدَنَ بِالْمَكَانِ يَعْدِنُ إذْ أَقَامَ فِيهِ وَالْأَصْلُ فِي زَكَاتِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] وَخَبَرُ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ مِنْ الْمَعَادِنِ الْقَبْلِيَّةَ الصَّدَقَةَ. (إذَا اسْتَخْرَجَ) مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ (مِنْ مَعْدِنٍ) أَيْ مَكَانِ مَوَاتٍ أَوْ مِلْكٍ لَهُ (نِصَابًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا) مِنْ (غَيْرِهِمَا) كَلُؤْلُؤٍ وَيَاقُوتٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ (وَاتَّصَلَ الْعَمَلُ وَالنَّيْلِ) أَيْ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِبَعْضِهِ الْآخَرَ (وَإِنْ أَتْلَفَهُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا وَكَذَا إذَا انْقَطَعَ النَّيْلُ لَزِمَهُ رُبْعُ الْعُشْرِ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ كَخَبَرِ «وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» (وَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا) لِمَا مَرَّ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ اتِّصَالُ النَّيْلِ لِأَنَّ الْعَادَةَ تُفَرِّقُهُ كَالثِّمَارِ وَاعْتُبِرَ كَوْنُهُ نِصَابًا لِأَنَّ مَا دُونَهُ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِيمَا اُسْتُخْرِجَ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ (وَيَجِبُ) مَا ذُكِرَ (فِي الْحَالِ) فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ تَنْمِيَةِ الْمَالِ وَهَذَا نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ (فَإِنْ انْقَطَعَ الْعَمَلُ بِعُذْرٍ كَهَرَبِ الْأُجَرَاءِ) وَإِصْلَاحِ الْآلَةِ (وَكَذَا السَّفَرُ وَالْمَرَضُ ضُمَّ) نَيْلُ كُلِّ عَمَلٍ إلَى نَيْلِ الْبَقِيَّةِ فِي النِّصَابِ (وَلَوْ طَالَ) زَمَنُ الِانْقِطَاعِ عُرْفًا لِعَدَمِ إعْرَاضِهِ عَنْ الْعَمَلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ انْقَطَعَ بِلَا عُذْرٍ (فَلَا) ضَمَّ وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَانُ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ (وَالْمُرَادُ) بِالضَّمِّ الْمَنْفِيِّ (ضَمُّ الْأَوَّلِ إلَى الثَّانِي وَأَمَّا الثَّانِي فَمَضْمُومٌ إلَى) مَالِهِ (الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ) الْأَوَّلُ (مِلْكًا) لَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَعْدِنِ كَإِرْثٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا فَلَوْ اسْتَخْرَجَ مِنْ الْفِضَّةِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا بِالْعَمَلِ الْأَوَّلِ وَمِائَةً وَخَمْسِينَ بِالثَّانِي فَلَا زَكَاةَ فِي الْخَمْسِينَ وَتَجِبُ فِي الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ كَمَا تَجِبُ فِيهَا لَوْ كَانَ مَالِكًا لِخَمْسِينَ مِنْ غَيْرِ الْمَعْدِنِ وَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ مِنْ حِينِ تَمَامِهِمَا إذَا أَخْرَجَ حَقَّ الْمَعْدِنِ مِنْ غَيْرِهِمَا وَشَرْطُ الضَّمِّ اتِّحَادُ الْمَعْدِنِ فَلَوْ تَعَدَّدَ لَمْ يُضَمُّ تَقَارُبًا أَوْ تَبَاعُدًا وَكَذَا فِي الرِّكَازِ نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ النَّصِّ. (فَرْعٌ وَإِنْ اسْتَخْرَجَ دُونَ النِّصَابِ مِنْ مَعْدِنٍ أَوْ رِكَازٍ وَفِي مِلْكِهِ نِصَابٌ مِنْ جِنْسَيْهِ أَوْ مِنْ عَرْضِ تِجَارَةٍ) بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (يُقَوَّمُ بِهِ) أَيْ بِمَا اسْتَخْرَجَهُ (زَكَّى الْمُسْتَخْرَجَ فِي الْحَالِ) لِضَمِّهِ إلَى مَا فِي مِلْكِهِ (لَا إنْ كَانَ مِلْكُهُ غَائِبًا) فَلَا تَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ (حَتَّى يَعْلَمَ سَلَامَتَهُ) فَيَتَحَقَّقَ اللُّزُومُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا فِي الْمَعْدِنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمِلْكُ دُونَ نِصَابٍ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُمَا جَمِيعًا نِصَابٌ) كَأَنْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَنَالَ مِنْ الْمَعْدِنِ مِائَةً (فَيُزَكِّي الْمَعْدِنَ فِي الْحَالِ وَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَيْهِمَا مِنْ حِينِ النَّيْلِ إنْ كَانَ نَقْدًا) وَأَخْرَجَ زَكَاةَ الْمَعْدِنِ مِنْ غَيْرِهِمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (أَمَّا عُرُوضُ التِّجَارَةِ فَحَوْلُهَا مُنْعَقِدٌ وَلَوْ كَانَ) الْأَوْلَى كَانَتْ (دُونَ   [حاشية الرملي الكبير] بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ (قَوْلُهُ أَيْ مَكَانَ مَوَاتٍ أَوْ مِلْكٍ لَهُ) إنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ فِي الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُهُ مَلَكَهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ الْأَرْضَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَوْجُودِ مِمَّا يُخْلَقُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَلَوْ اسْتَخْرَجَهُ مِنْ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ فَهَلْ يَمْلِكُهُ أَمْ يَخْرُجُ عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَلْيَنْظُرْ أَيْضًا فِيمَا لَوْ اسْتَخْرَجَهُ مِنْ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ أَوْ مِنْ أَرْضِ الْمَسْجِدِ أَوْ الرِّبَاطِ أَوْ الْمَدْرَسَةِ أَوْ نَحْوِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَلَكِنْ هَلْ يَكُونُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ خَاصَّةً أَوْ لِلْمَصَالِحِ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ اسْتَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَغَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ) فَأَشْبَهَ الثِّمَارَ وَالزُّرُوعَ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ) لَوْ قِيلَ يُتَسَامَحُ بِمَا اُعْتِيدَ لِلِاسْتِرَاحَةِ فِيهِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَقَدْ يَطُولُ وَقَدْ يَقْصُرُ بِحَسَبِ الْعَمَلِ وَلَا يُتَسَامَحُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ يَبْعُدْ بَلْ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إنَّهُ الْوَجْهُ انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ هُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ وَقَوْلُهُ لَوْ قِيلَ يُتَسَامَحُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الضَّمِّ اتِّحَادُ الْمَعْدِنِ) فَلَا يُضَمُّ نَيْلُ مَعْدِنٍ لِآخَرَ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ النَّصِّ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَطَعَ الْعَمَلَ بِلَا عُذْرٍ فَلَا يُضَمُّ الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 النِّصَابِ فَيُزَكِّيهَا لِتَمَامِهِ) أَيْ لِتَمَامِ حَوْلِهَا. (فَرْعٌ الْمُكَاتَبُ يَمْلِكُ مَا يَأْخُذُ مِنْ الْمَعْدِنِ) وَالرِّكَازِ كَسَائِرِ مَا يَكْتَسِبُهُ بِاحْتِطَابٍ وَنَحْوِهِ (وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ) كَمَا مَرَّ وَيُفَارِقُ لُزُومُهُ خُمْسَ مَا غَنِمَهُ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ثَمَّ إلَّا الْأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ وَهُنَا يَمْلِكُ الْجَمِيعَ وَلَوْ يُوجَدُ فِيهِ شَرْطُ لُزُومِ الزَّكَاةِ (وَ) أَمَّا (مَا يَأْخُذُهُ الْعَبْدُ فَلِسَيِّدِهِ) فَيَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ (وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ أَخْذِ الْمَعْدِنِ) وَالرِّكَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِحْيَاءِ بِهَا لِأَنَّ الدَّارَ لِلْمُسْلِمِينَ وَهُوَ دَخَلَ فِيهَا وَالْمَانِعُ لَهُ الْحَاكِمُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْقَدِحُ جَوَازُ مَنْعِهِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ فِيهِ. اهـ. وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ (فَإِنْ أَخَذَهُ) قَبْلَ مَنْعِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (مَلَكَهُ) كَمَا لَوْ احْتَطَبَ وَيُفَارِقُ مَا أَحْيَاهُ بِتَأَيُّدِ ضَرَرِهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَرْفَ حَقِّ الْمَعْدِنِ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ لَا مَصْرِفُ الْفَيْءِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. (فَرْعٌ إذَا اسْتَخْرَجَ اثْنَانِ) مِنْ مَعْدِنٍ (نِصَابًا زَكَّيَاهُ لِلْخُلْطَةِ وَالْوَقْتُ لِلْوُجُوبِ) أَيْ لِوُجُوبِ حَقِّ الْمَعْدِنِ (حُصُولُ النَّيْلِ) فِي يَدِهِ (وَ) الْوَقْتُ (لِلْإِخْرَاجِ التَّنْقِيَةُ) مِنْ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ كَمَا أَنَّ الْوَقْتَ لِلْوُجُوبِ فِي الزَّرْعِ اشْتِدَادُ الْحَبِّ وَلِلْإِخْرَاجِ التَّنْقِيَةُ (وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا) كَمَا فِي تَنْقِيَةِ الْحُبُوبِ وَمُؤْنَتُهَا عَلَيْهِ كَمُؤْنَةِ الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَا) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَا (يُجْزِئُ) إخْرَاجُ الْوَاجِبِ (قَبْلَهَا) لِفَسَادِ الْقَبْضِ (فَإِنْ قَبَضَهُ السَّاعِي) قَبْلَهَا (ضَمِنَ) فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَرَدَّ بَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا (وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِهِ) إنْ اخْتَلَفَا فِيهِ بَعْدَ التَّلَفِ أَوْ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ مَيَّزَهُ السَّاعِي فَإِنْ كَانَ قَدْرُ الْوَاجِبِ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا رَدَّ التَّفَاوُتَ أَوْ أَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ لِلسَّاعِي بِعَمَلِهِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ وَغَرِمَهُ فَإِنْ كَانَ تُرَابَ فِضَّةٍ قُوِّمَ بِذَهَبٍ أَوْ تُرَابَ ذَهَبٍ قُوِّمَ بِفِضَّةٍ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ صُدِّقَ السَّاعِي لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَإِنْ مَيَّزَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَالَةَ الْإِخْرَاجِ بِهَيْئَةِ الْوَاجِبِ كَالسَّخْلَةِ إذَا كَمُلَتْ بِيَدِ الْمُسْتَحِقِّ وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِالْإِجْزَاءِ وَيُخَالِفُ السَّخْلَةُ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِصِفَةِ الْوُجُوبِ وَحَقُّ الْمَعْدِنِ كَانَ بِصِفَتِهِ لَكِنَّهُ مُخْتَلِطٌ بِغَيْرِهِ (وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ) بِيَدِ الْمَالِكِ (قَبْلَ التَّنْقِيَةِ) وَالتَّمَكُّنِ مِنْهَا وَمِنْ الْإِخْرَاجِ (سَقَطَتْ زَكَاتُهُ لَا زَكَاةُ الْبَاقِي وَإِنْ نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ) كَتَلَفِ بَعْضِ الْمَالِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ. [فَصْلٌ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ] (فَصْلٌ وَيَجِبُ) عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ (فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفَارَقَ وُجُوبُ رُبْعِ الْعُشْرِ فِي الْمَعْدِنِ بِعَدَمِ الْمُؤْنَةِ أَوْ خِفَّتِهَا (فِي الْحَالِ) فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ لِمَا مَرَّ فِي الْمَعْدِنِ هَذَا (إنْ كَانَ) وَلَوْ بِضَمِّهِ إلَى مَالٍ آخَرَ لَهُ (نِصَابًا مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ) يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ دُونَ نِصَابٍ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ نِصَابًا مِنْ غَيْرِهِمَا (فَلَا) يَجِبُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَرْضِ فَاخْتَصَّ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَدْرًا وَنَوْعًا كَالْمَعْدِنِ (وَمَصْرِفُهُ كَالْمَعْدِنِ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْأَرْضِ فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ فِي الْمُعَشَّرَاتِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ كَالْمَعْدِنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَصْرِفٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ مَحَلُّ الصَّرْفِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَبِفَتْحِهَا مَصْدَرٌ. [فَرْعٌ زَكَاة الرِّكَازُ] (فَرْعٌ الرِّكَازُ) بِمَعْنَى الْمَرْكُوزِ كَالْكِتَابِ بِمَعْنَى الْمَكْتُوبِ وَمَعْنَاهُ لُغَةً الثُّبُوتُ وَشَرْعًا (مَا دَفَنَهُ جَاهِلِيٌّ فِي مَوَاتٍ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَمْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَإِنْ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ وَسَوَاءٌ أَحْيَاهُ الْوَاجِدُ أَوْ أَقَطَعَهُ أَمْ لَا (مَا لَمْ يُعَمِّرْهُ مُسْلِمٌ وَلَا مُعَاهَدٌ فَلَوْ دَفَنَهُ مُسْلِمٌ) أَوْ مُعَاهَدٌ (فِيهِ أَوْ وُجِدَ عَلَيْهِ ضَرْبُ الْإِسْلَامِ أَوْ قُرْآنٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وُجِدَ عَلَيْهِ ضَرْبُ الْإِسْلَامِ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْإِسْلَامِ (فَلُقَطَةٌ إنْ لَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهُ) كَمَا لَوْ وَجَدَهُ بِوَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنْ عُرِفَ فَهُوَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ شَكَّ) فِي أَنَّهُ إسْلَامِيٌّ أَوْ جَاهِلِيٌّ كَالتِّبْرِ وَالْحُلِيِّ وَمَا يُضْرَبُ مِثْلُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْجَاهِلِيَّةِ (فَلُقَطَةٌ) تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ قَالَ وَكَذَا إنْ شَكَّ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَخَرَجَ بِالْمَوَاتِ غَيْرُهُ كَطَرِيقٍ وَبِمَا لَمْ يُعَمِّرْهُ مُسْلِمٌ وَلَا مُعَاهَدٌ مَا إذَا عَمَّرَهُ أَحَدُهُمَا وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا وَكَالْمَوَاتِ مَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ مِنْ قِلَاعٍ عَادِيَةٍ عُمِّرَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْجَاهِلِيَّةِ مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَيْ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، وَيُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ دَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ رِكَازًا أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّ مَالِكَهُ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا بَلَغَتْهُ وَعَائِدٌ فَلَيْسَ بِرِكَازٍ بَلْ فَيْءٌ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَأَقَرَّهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ دَفِينَ مَنْ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ رِكَازٌ وَحُكِيَ فِيهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَا ظَهَرَ بِالسَّيْلِ يَكُونُ رِكَازًا وَأَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِيمَا ظَهَرَ هَلْ ظَهَرَ بِالسَّيْلِ أَوْ لَا فَفِي كَوْنِهِ رِكَازًا أَوْ لُقَطَةً وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي الدَّفِينِ هَلْ هُوَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ اسْتَخْرَجَ دُونَ النِّصَابِ مِنْ مَعْدِنٍ أَوْ رِكَازٍ وَفِي مِلْكِهِ نِصَابٌ مِنْ جِنْسَيْهِ أَوْ مِنْ عَرْضِ تِجَارَةٍ] قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْقَدِحُ جَوَازُ مَنْعِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ اسْتَخْرَجَ اثْنَانِ مِنْ مَعْدِنٍ نِصَابًا] (قَوْلُهُ الرِّكَازُ مَا دَفَنَهُ جَاهِلِيٌّ) اسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ضَرْبِ الْجَاهِلِيَّةِ دَفْنُهَا لِجَوَازِ أَنْ يَظْفَرَ مُسْلِمٌ بِكَنْزٍ جَاهِلِيٍّ وَيَكْنِزُهُ ثَانِيًا بِهَيْئَتِهِ فَمَدَارُ الْحُكْمِ عَلَى دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا ضَرْبِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى الْعِلْمِ بِدَفْنِهَا وَالْمُعْتَبَرُ إنَّمَا هُوَ وُجُودُ عَلَامَةٍ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مَتَى كَانَ عَلَيْهِ ضَرْبُ الْجَاهِلِيَّةِ فَرِكَازٌ بِلَا خِلَافٍ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ عَدَمُ الظَّفَرِ الْأَوَّلِ قَالَ السُّبْكِيُّ الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ مِنْ دَفْنِهِمْ بَلْ يَكْفِي عَلَامَةٌ مَنْ ضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ) الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ وَإِنْ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا يَذُبُّونَ عَنْهُ غَنِيمَةً مُخَمَّسَةً عَلَى الْأَصَحِّ ثُمَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِلَا أَمَانٍ فَإِنْ دَخَلَ بِأَمَانٍ وَوَجَدَهُ فِي مَوَاتٍ يَذُبُّونَ عَنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَيْهِمْ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لُقَطَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 إسْلَامِيٌّ أَوْ جَاهِلِيٌّ وَكَالسَّيْلِ فِيمَا ذَكَرَهُ السَّبُعُ وَنَحْوُهُ. (فَرْعٌ) لَوْ (وَجَدَ رِكَازًا) أَيْ كَنْزًا جُهِلَ مَالِكُهُ (فِي طَرِيقٍ) نَافِذٍ (أَوْ مَسْجِدٍ فَلُقَطَةٌ) لِأَنَّ يَدَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ وَقَدْ جُهِلَ مَالِكُهُ (أَوْ) وَجَدَهُ (فِي مَمْلُوكٍ) لِمُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ (أَوْ) فِي (مَوْقُوفٍ) عَلَيْهِ (وَادَّعَاهُ الْمَالِكُ) فِي الْأَوَّلِ (أَوْ مَنْ فِي يَدِهِ الْوَقْفُ) فِي الثَّانِي (أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ) كَأَمْتِعَةِ الدَّارِ وَالتَّقْيِيدُ بِدَعْوَى الْمَالِكِ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَتَرَكَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ بَلْ شَرَطَا أَنْ لَا يَنْفِيَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ كَسَائِرِ مَا بِيَدِهِ وَقَاسَ الْمُصَنِّفُ بِدَعْوَى الْمَالِكِ وَنَفْيِهِ الْآتِيَ مَعَ مَا رُتِّبَ عَلَيْهِ دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَنَفْيَهُ مَعَ مَا رُتِّبَ عَلَيْهِ فَصَرَّحَ بِهِمَا وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَيُفَارِقُ سَائِرُ مَا بِيَدِهِ بِأَنَّهَا ظَاهِرَةٌ مَعْلُومَةٌ لَهُ غَالِبًا بِخِلَافِهِ فَاعْتُبِرَ دَعْوَاهُ لَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ غَيْرَهُ دَفَنَهُ. (وَإِنْ نَفَاهُ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ بِأَنْ سَكَتَ أَوْ نَفَاهُ (فَلِمَنْ حَصَلَ التَّلَقِّي) لِلْمِلْكِ (مِنْهُ وَتَقُومُ الْوَرَثَةُ) إنْ مَاتَ (مَقَامَهُ فَإِنْ نَفَاهُ بَعْضُهُمْ سَقَطَ حَقُّهُ) وَسَلَكَ بِالْبَاقِي مَا ذَكَرَ (وَهَكَذَا) يَجْرِي مَا تَقَرَّرَ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْأَمْرُ (إلَى الْمُحْيِي لِلْأَرْضِ) فَهُوَ يَمْلِكُهُ (وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) لِأَنَّهُ بِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ مَلَكَ مَا فِيهَا وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ (فَيُسَلَّمُ إلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْخُمُسُ) الَّذِي لَزِمَهُ يَوْمَ مَلَكَهُ (وَإِذَا أَخَذْنَاهُ) مِنْهُ (أَلْزَمْنَاهُ زَكَاةَ الْبَاقِي لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ) كَمَا فِي الضَّالِّ وَالْمَغْصُوبِ فَإِنْ مَاتَ الْمُحْيِي قَامَ وَرَثَتُهُ مَقَامه كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ فَإِنْ لَمْ يَنْفِهِ بَعْضُهُمْ أَعْطَى نَصِيبَهُ مِنْهُ وَحَفِظَ الْبَاقِيَ فَإِنْ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهِ تَصَدَّقَ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ وَجَدَ رِكَازًا بِدَارُ الْإِسْلَامِ أَوْ الْعَهْدِ وَعَرَفَ مَالِكَ أَرْضَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَاجِدُهُ بَلْ يَجِبُ حِفْظُهُ حَتَّى يَجِيءَ مَالِكُهُ فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ لُقَطَةً كَمَا لَوْ وَجَدَهُ فِي طَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهَا لِأَنَّهُ وَجَدَهُ فِي مِلْكٍ فَكَانَ لِلْمَالِكِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ. (وَإِنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ) وَقَدْ وُجِدَ فِي دَارٍ غَيْرِهِمَا (وَصَدَّقَ مَالِكُ الدَّارِ أَحَدَهُمَا سَلَّمَ إلَيْهِ وَإِنْ تَنَازَعَ مُسْتَعِيرُ الدَّارِ) أَوْ مُسْتَأْجِرُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ مُشْتَرِيهَا وَالْمَالِكُ أَوْ الْبَائِعُ فِيهِ) بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَهُ وَأَنَّهُ دَفَنَهُ أَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ ذَلِكَ وَالْمَالِكُ أَوْ الْبَائِعُ أَنَّهُ مِلْكُهُ بِالْإِحْيَاءِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ) بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْأَمْتِعَةِ هَذَا (إنْ أَمْكَنَ دَفْنُ مِثْلِهِ فِي مِثْلِهِ) أَيْ فِي مِثْلِ زَمَنِ يَدِهِ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَدْفِنْهُ صَاحِبُ الْيَدِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ بِلَا خِلَافٍ (وَإِنْ تَنَازَعَا) فِيهِ (بَعْدَ رُجُوعِهَا) أَيْ الدَّارِ (إلَى يَدِ الْمَالِكِ) الصَّادِقِ بِالْبَائِعِ (وَادَّعَى) أَيْ الْمَالِكُ (دَفْنًا حَادِثًا) أَيْ بَعْدَ الرُّجُوعِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ. (فَلَوْ أَسْنَدَ الدَّفْنَ إلَى مَا قَبْلَ الْعَارِيَّةِ) أَوْ الْإِجَارَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ (أَوْ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ) أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ (أَوْ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ الْمَالِكَ سَلَّمَ لَهُ حُصُولَ الرِّكَازِ فِي يَدِهِ فَيَدُهُ تَنْسَخُ الْيَدَ السَّابِقَةَ وَلِهَذَا لَوْ تَنَازَعَا قَبْلَ الرُّجُوعِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ الْبَيْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ وُجِدَ فِي مِلْكٍ) لِحَرْبِيٍّ (فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَهُ حُكْمُ الْفَيْءِ) كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ إنْ أُخِذَ بِغَيْرِ قَهْرٍ (لَا إنْ دَخَلَ دَارَهُمْ بِأَمَانِهِمْ فَيُرَدُّ) عَلَى مَالِكِهِ وُجُوبًا إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَمْتِعَةَ بُيُوتِهِمْ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي كَوْنِهِ فَيْئًا فِيمَا ذُكِرَ إشْكَالٌ لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ بِلَا أَمَانٍ وَأَخَذَ مَالَهُمْ بِلَا قَهْرٍ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ خُفْيَةً فَيَكُونَ سَارِقًا أَوْ جِهَارًا فَيَكُونَ مُخْتَلِسًا وَهُمَا خَاصُّ مِلْكِ الْآخِذِ وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ غَنِيمَةٌ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمَأْخُوذَ يَخْتَصُّ بِهِ آخِذُهُ خِلَافُ الصَّحِيحِ فَإِنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى أَنَّهُ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي السِّيَرِ، وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ فَيْءٌ مَرْدُودٌ بِمَا قَالَهُ فِي السِّيَرِ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ حَكَى عَنْهُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهِ قَالَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالثَّانِي أَنَّهُ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ ثُمَّ ضَعَّفَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْفَيْءَ بِالْكُلِّيَّةِ. (وَإِنْ أُخِذَ) قَهْرًا (فَهُوَ غَنِيمَةٌ) كَأَخْذِ سَائِرِ أَمْوَالِهِمْ كَذَلِكَ. (بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ وَجَدَ رِكَازًا كَنْزًا جُهِلَ مَالِكُهُ فِي طَرِيقٍ نَافِذٍ أَوْ مَسْجِدٍ] قَوْلُهُ فِي طَرِيقٍ نَافِذٍ) لَوْ سَبَّلَ إنْسَانٌ مِلْكَهُ شَارِعًا ثُمَّ وَجَدَهُ فِيهِ فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ قَالَ وَلَوْ سَبَّلَ الْإِمَامُ أَرْضًا لِبَيْتِ الْمَالِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّ مَا يُوجَدُ فِيهَا لِبَيْتِ الْمَالِ كَالْمِلْكِ الْخَاصِّ وَقَالَ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ وَاقِفُهُ مَالِكًا لِمَنْفَعَتِهِ فَمَا وَجَدَهُ فِيهِ فَهُوَ مِلْكُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْ قَعْرِ الْبَحْرِ لَهُ حُكْمُ الْمَوَاتِ وَلَوْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمَسْجِدَ بُنِيَ فِي مَوَاتٍ فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ الْمَوْجُودُ فِيهِ رِكَازٌ وَلَا يُغَيِّرُ الْمَسْجِدُ حُكْمَهُ انْتَهَى وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ فَإِنَّ الشَّارِعَ وَالْمَسْجِدَ صَارَا فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ وَزَالَتْ يَدُ الْمَالِكِ الَّذِي سَبَّلَ مِلْكَهُ طَرِيقًا أَوْ مَسْجِدًا وَثَبَتَتْ يَدُ الْمُسْلِمِينَ وَاخْتَصُّوا بِالْمَسْجِدِ وَالشَّارِعِ وَلَوْ نَظَرْنَا إلَى مَا قَالَهُ لَزِمَهُ فِيمَا لَوْ وَجَدَهُ شَخْصٌ فِي مِلْكِهِ الْآنَ أَنْ نَقُولَ لَا يَكُونُ لَهُ بَلْ لِمَنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ مِنْهُ إلَيْهِ وَلَا قَائِلَ بِهِ كَمَا يَأْتِي ع مَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهِ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا مَلَكَ مَكَانًا مِنْ غَيْرِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ بِظَاهِرِ الْيَدِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ بَاطِنًا أَخْذُهُ بَلْ يَلْزَمُهُ عَرْضُهُ عَلَى مَنْ مَلَكَ الْأَرْضَ مِنْهُ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمُحْيِي فس (قَوْلُهُ فَلُقَطَةٌ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَلَا يَحِلُّ تَمَلُّكُ مَالِهِمَا بِغَيْرِ بَدَلٍ قَهْرًا (قَوْلُهُ أَوْ فِي مَمْلُوكٍ) دَخَلَ فِيهِ مَا إذَا وَجَدَهُ فِي أَرْضِ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهُ لِلْغَانِمِينَ أَوْ فِي أَرْضِ الْفَيْءِ فَلِأَهْلِهِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي مِلْكِ حَرْبِيٍّ فَهُوَ لَهُ (قَوْلُهُ أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ إلَخْ) إنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاجِدُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَالتَّقْيِيدُ بِدَعْوَى الْمِلْكِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي كَوْنِهِ فَيْئًا فِيمَا ذُكِرَ إشْكَالٌ إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ فِي الْمَيْدَانِ إنْ كَانَتْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا دَخَلَ الْجَيْشُ دَارَ الْحَرْبِ وَوَجَدَ الرِّكَازَ فَلَا يُرَدُّ مَا قَالَهُ مِنْ الْإِشْكَالَيْنِ وَلَفْظُ الْإِمَامِ يُشِيرُ إلَى التَّصْوِيرِ بِذَلِكَ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ أَخَذْنَاهُ قَهْرًا بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ وَإِنْ ظَهَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ فَهُوَ فَيْءٌ وَمُسْتَحِقُّهُ أَهْلُ الْفَيْءِ. [بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 وَيُقَالُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَفِي نُسْخَةٍ زَكَاةُ الْفِطْرَةِ كَأَنَّهَا مِنْ الْفِطْرَةِ الَّتِي هِيَ الْخِلْقَةُ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] وَالْمَعْنَى أَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الْخِلْقَةِ تَزْكِيَةً لِلنَّفْسِ أَيْ تَطْهِيرًا لَهَا وَتَنْمِيَةً لِعِلْمِهَا وَيُقَالُ لِلْمُخْرَجِ هُنَا فِطْرَةٌ بِكَسْرِ الْفَاءِ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهِيَ مُوَلَّدَةٌ لَا عَرَبِيَّةٌ وَلَا مُعَرَّبَةٌ بَلْ اصْطِلَاحِيَّةٌ لِلْفُقَهَاءِ. اهـ. فَتَكُونُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً عَلَى الْمُخْتَارِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» «وَخَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْت أُخْرِجُهُ مَا عِشْت» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا وَجَبَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ عَامَ فُرِضَ صَوْمُ رَمَضَانَ. (تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ) مِنْ رَمَضَانَ أَيْ بِإِدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ وَأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ لِإِضَافَتِهَا إلَى الْفِطْرِ فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ (فَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ الْغُرُوبِ مِنْ وَلَدٍ وَنِكَاحٍ وَإِسْلَامٍ وَمِلْكِ رَقِيقٍ وَغِنًى لَا يُوجِبُهَا) أَيْ زَكَاةَ الْفِطْرِ لِعَدَمِ وُجُودِ ذَلِكَ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَيُخَالِفُ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَفَّارَةِ بَعْدَ وَقْتِ وُجُوبِهَا لِتَقَدُّمِ وُجُوبِهَا (أَوْ) مَا يَحْدُثُ بَعْدَ الْغُرُوبِ (مِنْ مَوْتٍ وَعِتْقٍ) وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يُزِيلُ الْمِلْكَ (وَطَلَاقٍ) وَلَوْ بَائِنًا وَارْتِدَادٍ وَغِنًى قَرِيبٍ (وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ لَا يُسْقِطُهَا عَنْهُ) لِتَقَرُّرِهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ (إلَّا) وَفِي نُسْخَةٍ لَا (إنْ تَلِفَ الْمَالُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَتَسْقُطُ زَكَاةُ الْفِطْرِ كَمَا فِي زَكَاةِ الْمَالِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَتُعَجَّلُ) جَوَازًا (مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ كَمَا سَبَقَ) بَيَانُهُ فِي بَابِ التَّعْجِيلِ (وَ) إذَا لَمْ يُعَجِّلْهَا (يُسْتَحَبُّ) إخْرَاجُهَا (قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ لِلْأَمْرِ بِهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَيْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالتَّعْبِيرُ بِالصَّلَاةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ فِعْلِهَا أَوَّلَ النَّهَارِ فَإِنْ أُخِّرَتْ اُسْتُحِبَّ الْأَدَاءُ أَوَّلَ النَّهَارِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ. (وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ) بِلَا عُذْرٍ كَغَيْبَةِ مَالِهِ أَوْ الْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّ الْقَصْدَ إغْنَاؤُهُمْ عَنْ الطَّلَبِ فِيهِ (وَتَقْتَضِي وُجُوبًا فَوْرًا) فِيمَا إذَا أَخَّرَهَا بِلَا عُذْرٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالْفَوْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ زَكَاةَ الْمَالِ الْمُؤَخَّرَةَ عَنْ التَّمَكُّنِ تَكُونُ أَدَاءً وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفِطْرَةَ مُؤَقَّتَةٌ بِزَمَنٍ مَحْدُودٍ كَالصَّلَاةِ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ عَجَّلَ فِطْرَةَ عَبْدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ إخْرَاجُهَا وَلَا يَصِحُّ مَا دَفَعَهُ الْبَائِعُ. (فَصْلٌ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ) عَلَى غَيْرِهِ (بِزَوْجِيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ) عَلَيْهِ أَمَّا فِي الْمِلْكِ فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ إلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ» وَأَمَّا فِي الْبَاقِي فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ بِجَامِعِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ (لَكِنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِكَافِرٍ) وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (وَ) لَا (زَوْجَةِ أَبٍ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ) وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمَا عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لِلْأَبِ مَعَ إعْسَارِهِ فَيَحْمِلُهَا الْوَلَدُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ وَلِأَنَّ عَدَمَ الْفِطْرَةِ لَا يُمَكِّنُ الزَّوْجَةَ مِنْ الْفَسْخِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ أَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ إلَّا الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَتَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا الزَّوْجَةَ الْمُحَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا فَتَجِبُ فِطْرَتُهَا عَلَيْهِ دُونَ نَفَقَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ (وَلَا تَجِبُ) عَلَى الْأَبِ (فِطْرَةُ وَلَدٍ) لَهُ (مَلَكَ قُوتَ يَوْمِ الْعِيدِ وَلَيْلَتَهُ فَقَطْ) أَوْ قَدَرَ عَلَى كَسْبِهِ (وَلَوْ صَغِيرًا) لِسُقُوطِ نَفَقَتِهِ عَنْهُ بِذَلِكَ (وَتَسْقُطُ عَنْ الْوَلَدِ أَيْضًا لِإِعْسَارِهِ وَتَجِبُ لِرَجْعِيَّةٍ وَكَذَا بَائِنٌ حَامِلٌ) وَلَوْ أَمَةً كَنَفَقَتِهِمَا بِخِلَافِ الْبَائِنِ غَيْرِ الْحَامِلِ لِسُقُوطِ نَفَقَتِهَا (وَلَوْ أَخْدَمَ زَوْجَتَهُ) الَّتِي تَخْدُمُ عَادَةً (أَمَتَهَا لَا أَجْنَبِيَّةً وَأَنْفَقَهَا) أَيْ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا (وَجَبَ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا) كَنَفَقَتِهَا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ لِخِدْمَتِهَا كَمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُقَالُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ) وَزَكَاةُ رَمَضَانَ وَزَكَاةُ الصَّوْمِ وَصَدَقَةُ الْبَدَنِ وَزَكَاةُ الْأَبْدَانِ قَالَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسُجُودِ السَّهْوِ لِلصَّلَاةِ تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ أَوْجَبَ (قَوْلُهُ عَامَ فُرِضَ رَمَضَانُ) فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ وَقِيلَ إنَّهَا وَجَبَتْ بِالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] الْآيَةَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَالسُّنَّةُ مُبَيِّنَةٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فُرِضَ قَدْرُ وَقَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ عَلَى هُنَا بِمَعْنَى عَنْ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ إذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ أَيْ عَنِّي وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ إلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ» فَأَثْبَتَ صَدَقَةَ الْفِطْرَةِ عَلَى سَيِّدِهِ انْتَهَى عَدَمُ تَأْوِيلِ عَلَى أَوْلَى لِيُفِيدَ أَنَّهَا تَجِبُ أَوَّلًا عَلَى الْمُخْرَجِ عَنْهُ وَإِنْ تَحَمَّلَهَا عَنْهُ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ لِإِضَافَتِهَا إلَى الْفِطْرِ فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ) وَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ عَنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ فَكَانَتْ عِنْدَ تَمَامِ صَوْمِهِ (قَوْلُهُ فَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ الْغُرُوبِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْجَنِينِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَبَاقِيهِ بَعْدَهُ لَمْ تَجِبْ لِأَنَّهُ جَنِينٌ مَا لَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ (قَوْلُهُ مِنْ مَوْتٍ) أَيْ لِمَنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عِنْدَ الْغُرُوبِ. (قَوْلُهُ وَتُقْضَى فَوْرًا) لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ لَزِمَهُ وَتَمَكَّنَ مِنْهُ فَلَا يَسْقُطُ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الظَّاهِرُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَى الْفَوْرِ وَلَا يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ عَمْدًا. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ زَكَاةَ الْمَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ بِزَوْجِيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ] (قَوْلُهُ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ حُرًّا أَمْ مُبَعَّضًا (قَوْلُهُ بِزَوْجِيَّةٍ) لَوْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ فَإِنَّ نَفَقَتَهُنَّ تَلْزَمُهُ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ بِسَبَبِهِ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِطْرَةُ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْفِطْرَةَ إنَّمَا تَتْبَعُ النَّفَقَةَ بِسَبَبِ الزَّوْجِيَّةِ أَيْ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُسْلِمْنَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ فَإِنْ أَسْلَمْنَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَلَا فِطْرَةَ وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ وَقَوْلُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِطْرَةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَكَذَا الَّتِي صَحِبَتْهَا لِتَخْدُمَهَا بِنَفَقَتِهَا بِإِذْنِهِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّرَةِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ تَجِبُ فِطْرَتُهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي. (فَرْعٌ الْوُجُوبُ) لِلْفِطْرَةِ عَلَى الْغَيْرِ (يُلَاقِي الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهُ) عَنْهُ (الْمُؤَدِّي) لِأَنَّهَا شُرِعَتْ طُهْرَةً لَهُ وَاخْتَارَ الْإِمَامُ مَا نَقَلَهُ عَنْ طَوَائِفَ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ هَذَا مَحَلُّهُ فِي فِطْرَةِ الزَّوْجَةِ أَمَّا فِطْرَةُ الْمَمْلُوكِ وَالْقَرِيبِ فَتَجِبُ عَلَى الْمُؤَدِّي قَطْعًا لِأَنَّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لَا يَصْلُحُ لِلْإِيجَابِ لِعَجْزِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ انْتَهَى وَيَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ مُكَلَّفًا وَإِلَّا فَتَجِبُ عَلَى الْمُؤَدِّي قَطْعًا كَمَا تَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ فِيمَا إذَا وَجَبَتْ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ (فَهُوَ كَالضَّامِنِ) لِأَنَّهُ لَوْ أَدَّاهَا الْمُتَحَمَّلُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَحَمِّلِ أَجْزَأَهُ وَسَقَطَتْ عَنْ الْمُتَحَمِّلِ كَمَا سَيَأْتِي فَالْمُتَحَمِّلِ كَالضَّمَانِ لِذَلِكَ وَقِيلَ كَالْحَوَالَةِ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لِلْمُتَحَمِّلِ وَلَا يُطَالَبُ بِهَا الْمُتَحَمَّلُ عَنْهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْأَصْلِ. وَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ جَمْعٍ وَقَالَ إنَّهُ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ قَالَ وَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مَرْدُودٌ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْحُرَّةَ الْغَنِيَّةَ إذَا أَعْسَرَ زَوْجُهَا لَا يَلْزَمُهَا فِطْرَتُهَا إذْ لَوْ كَانَ كَالضَّمَانِ لَزِمَتْهَا لَا يُقَالُ الْكَلَامُ عِنْدَ التَّحَمُّلِ وَالزَّوْجُ حِينَئِذٍ لَمْ يَتَحَمَّلْ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ لَمْ يَتَحَمَّلْ لَزِمَتْهَا قَطْعًا وَمَا عَلَّلَ بِهِ الْأَوَّلَ لَا يَسْتَلْزِمُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الضَّمَانِ غَايَتُهُ أَنَّهُ اغْتَفَرَ عَدَمَ الْإِذْنِ لِكَوْنِ الْمُتَحَمَّلِ عَنْهُ قَدْ نَوَى ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَوْلَى وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ. (فَتَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ وَالْقَرِيبِ) الْغَنِيَّيْنِ (بِإِخْرَاجِ زَوْجَتِهِ وَقَرِيبِهِ) بِاقْتِرَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا (وَلَا تَسْقُطُ عَنْ سَيِّدٍ فِطْرَةُ زَوْجَةِ) مُعْسِرٍ أَيْ فِطْرَةُ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ بِمُعْسِرٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ابْتِدَاءً (وَتَسْقُطُ عَنْ) زَوْجَةٍ حُرَّةٍ (غَنِيَّةٍ تَحْتَ) زَوْجٍ (مُعْسِرٍ) لِكَمَالِ تَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لِأَنَّ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيَسْتَخْدِمَهَا وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا شَيْئَانِ الْمِلْكُ وَالزَّوْجِيَّةُ وَالْمِلْكُ أَقْوَى وَنُقِضَ ذَلِكَ بِمَا إذَا سَلَّمَهَا السَّيِّدُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَالزَّوْجُ مُوسِرٌ فَإِنَّ الْفِطْرَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهَا عِنْدَ الْيَسَارِ لَمْ تَسْقُطْ عَنْ السَّيِّدِ بَلْ تَحَمَّلَهَا الزَّوْجُ عَنْهُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْحُرَّةِ يَعْنِي الْمَذْكُورَةَ أَنْ تُخْرِجَ الْفِطْرَةَ عَنْ نَفْسِهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَلِتَطْهِيرِهَا (وَتَسْقُطُ عَنْ وَلَدِهِ) الصَّغِيرِ (الْغَنِيِّ بِإِخْرَاجِهِ) لَهَا عَنْهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهِ وَيَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِهِ فَيَقْدِرُ كَأَنَّهُ مَلَّكَهُ ذَلِكَ ثُمَّ تَوَلَّى الْأَدَاءَ عَنْهُ أَمَّا الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فَلَا يُخْرِجَانِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّهُ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ قَضَيَا دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَبْرَأُ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مُتَعَيِّنٌ بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ قَالَ الْقَاضِي (لَا) عَنْ (وَلَدٍ كَبِيرٍ) لَهُ فَلَا تَسْقُطُ بِإِخْرَاجِهِ عَنْهُ (إلَّا بِإِذْنِهِ) لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ بِتَمْلِيكِهِ وَمَحَلُّهُ فِي الرَّشِيدِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَغَيْرُهُ كَالصَّبِيِّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي السَّفِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْنُونِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي السَّفِيهِ هُوَ قِيَاسُ قَوْلِهِ إنَّهُ يَنْوِي عَنْهُ وَعَلَّلَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي أَلْغَازِهِ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ عَنْ الْكَبِيرِ بِقُدْرَتِهِ عَلَى النِّيَّةِ وَمُقْتَضَاهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّفِيهِ كَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ يُقَالُ كَمَا تَصِحُّ نِيَّةُ السَّفِيهِ تَصِحُّ نِيَّةُ وَلِيِّهِ عَنْهُ لِنَقْصِهِ فِي الْجُمْلَةِ (وَعَلَى صَاحِبِ النَّوْبَةِ) الْوَاقِعُ فِيهَا وَقْتَ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ فِيمَا لَوْ كَانَ مَنْ يُؤَدِّي عَنْهُ فِي نَفَقَةِ وَلَدَيْنِ أَوْ شَرِيكَيْنِ أَوْ بَعْضِهِ الْحُرِّ وَمَالِكُ بَاقِيهِ (فِطْرَةُ وَالِدٍ وَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ مُبَعَّضٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُؤَنَ النَّادِرَةَ تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَذَا (إنْ تَنَاوَبَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا) مَعًا (وَتَسْقُطُ حِصَّةُ مُعْسِرٍ) مِنْهُمَا وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ الْوَالِدِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ إنْ تَنَاوَبَا إيضَاحٌ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ صَاحِبَ النَّوْبَةِ فَلَوْ قَالَ فَإِنْ تَنَاوَبَا فَعَلَيْهِمَا كَفَى. (فَرْعٌ فِطْرَةُ زَوْجَةِ الْعَبْدِ عَلَى مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ) فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَعَلَيْهَا أَوْ أَمَةً فَعَلَى سَيِّدِهَا وَلَا يَتَحَمَّلُهَا الْعَبْدُ وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِفِطْرَةِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَتَحَمَّلُ عَنْ غَيْرِهِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّهَا تَلْزَمُ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ ذُكِرَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ مِثْلُهُ وَذُكِرَ فِي آخَرَ مِنْهُ كَالْمِنْهَاجِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهَا وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَشَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحُرِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّرَةِ) مِثْلُهَا عَبْدُ الْمَالِكِ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ إذَا شُرِطَ عَمَلُهُ مَعَ الْعَامِلِ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِطْرَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي) وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ خِلَافًا وَحُمِلَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهَا مِقْدَارٌ مُقَدَّرٌ مِنْ النَّفَقَةِ لَا تَتَعَدَّاهُ وَمَا فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مُقَدَّرٌ وَتَأْكُلُ كِفَايَتَهَا كَالْإِمَاءِ بَسْطٌ وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ لِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَجِبُ عَلَى الْمُؤَدِّي قَطْعًا) هَذَا مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَا بِبَلَدَيْنِ وَاخْتَلَفَ غَالِبُ قُوتِهِمَا أَنَّهُ يُجْزِئُ فِي فِطْرَةِ الْمُؤَدِّي عَنْهُ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِ الْمُؤَدِّي قَطْعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يُجْزِئُ فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ كَالْحَوَالَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ عَنْ وَلَدِهِ الْغَنِيُّ بِإِخْرَاجِهِ إلَخْ) وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ إنْ أَدَّى بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ فَغَيْرُهُ كَالصَّبِيِّ) إلْحَاقُ السَّفِيهِ بِالصَّغِيرِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ الْوَاقِعُ فِيهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ) فَإِنْ وَقَعَتْ فِي نَوْبَتِهِمَا فَعَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ نَوْبَةُ مُعْسِرٍ مِنْهُمَا) مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ بَعْضُهُ مُكَاتَبًا. [فَرْعٌ فِطْرَةُ زَوْجَةِ الْعَبْدِ] (قَوْلُهُ أَوْ أَمَةٌ فَعَلَى سَيِّدِهَا) لِأَنَّ سَيِّدَهَا لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا نَهَارًا فَإِذَا سَلَّمَهَا فِيهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا فَلَمْ تَسْقُطْ بِذَلِكَ زَكَاةٌ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَالْحُرَّةُ يَلْزَمُهَا التَّسْلِيمُ بِالْعَقْدِ لَيْلًا وَنَهَارًا فَانْتَقَلَتْ فِطْرَتُهَا عَنْهَا بِغَيْرِ اخْتِبَارِهَا فَلَمْ تَعُدْ إلَيْهَا وَلِأَنَّ الْأَمَةَ اجْتَمَعَ فِيهَا سَبَبَا تَحَمُّلٍ فَأُنِيطَ بِأَقْوَاهُمَا وَهُوَ الْمِلْكُ فَإِنَّ السَّيِّدَ يُسَافِرُ بِهَا دُونَ إذْنِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَلَيْسَ فِي الْحُرَّةِ إلَّا سَبَبٌ وَاحِدٌ فَأُنِيطَ الْحُكْمُ بِهِ (قَوْلُهُ وَذُكِرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ كَالْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 الْمُعْسِرِ وَالْعَبْدِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَهْلٌ لِلتَّحَمُّلِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَوَجَبَتْ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ عَلَيْهَا دُونَ فِطْرَةِ زَوْجَةِ الْأَوَّلِ. (وَ) فِطْرَةُ (النَّاشِزَةِ عَلَيْهَا) لَا عَلَى الزَّوْجِ لِسُقُوطِ نَفَقَتِهَا عَنْهُ (وَتَلْزَمُ مَالِكَ الْمُدَبَّرِ وَأُمَّ الْوَلَدِ) وَالْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ كَالْقِنِّ (وَ) تَلْزَمُ مَالِكَ الْقِنِّ (الْمَرْهُونِ) وَالْجَانِي وَالْمُؤَجِّرَ (وَالْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ وَالْمَغْصُوبَ وَالضَّالَّ وَالْآبِقَ وَإِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ) مَا لَمْ تَنْتَهِ غَيْبَتُهُ إلَى مُدَّةٍ يُحْكَمُ فِيهَا بِمَوْتِهِ كَنَفَقَتِهِمْ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ بَقَاءُ حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ احْتِيَاطًا فِيهِمَا وَتَعْبِيرُهُ بِمَالِكِ الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَفِطْرَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ (وَيُخْرَجُ) وُجُوبًا فِطْرَةُ هَؤُلَاءِ (فِي الْحَالِ) أَيْ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ لِمَا مَرَّ وَفَارَقَ زَكَاةَ الْمَالِ الْغَائِبُ وَنَحْوُهُ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ شُرِعَ فِيهِ لِلنَّمَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ هُنَا (وَكَذَا) تَلْزَمُ مَعَ إخْرَاجِهَا حَالًا (مَنْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ) وَقْتَ الْوُجُوبِ فَتَلْزَمُهُ فِطْرَتُهَا وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا. (وَلَا فِطْرَةَ فِي عَبْدِ بَيْتِ الْمَالِ وَ) عَبْدِ (الْمَسْجِدِ) وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمَا سَوَاءٌ أَكَانَ عَبْدُ الْمَسْجِدِ مِلْكًا لَهُ أَمْ وَقْفًا عَلَيْهِ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَالْمَوْقُوفُ عَلَى مَسْجِدٍ (وَلَا) فِي عَبْدٍ (مَوْقُوفٍ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ) كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ وَرَجْلٍ. [فَصْلٌ فِطْرَة الْكَافِر] (فَصْلٌ لَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ إلَّا عَنْ مُسْلِمٍ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ) كَمَا عُلِمَ مَعَ دَلِيلِهِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ السَّابِقِ (وَتُجْزِئُ) الْفِطْرَةُ أَيْ إخْرَاجُهَا عَنْهُ (بِلَا نِيَّةٍ) إذْ لَا صَائِرَ إلَى أَنَّ الْمُتَحَمَّلَ عَنْهُ يَنْوِي وَالْكَافِرُ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ فَأَجْزَأَتْ بِلَا نِيَّةٍ تَغْلِيبًا لِسَدِّ الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْمُرْتَدِّ وَالْمُمْتَنِعِ وَهَذَا فِي الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَفِي وُجُوبِ الْفِطْرَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يُمَوِّنُهُ الْأَقْوَالُ فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَذَا فِي وُجُوبِ فِطْرَةِ الرَّقِيقِ الْمُرْتَدِّ الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنَّهُ صَحَّحَ مِنْهَا الْوُجُوبَ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ التَّفْصِيلُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ أَوَّلَ الْبَابِ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَجِبُ مُطْلَقًا وَشَمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُسْلِمُ الْقَرِيبِ وَالرَّقِيقُ وَالزَّوْجَةُ بِأَنْ تُسْلِمَ وَتَغْرُبَ الشَّمْسُ وَالزَّوْجُ مُتَخَلِّفٌ فَتَلْزَمُهُ فِطْرَتُهَا كَنَفَقَتِهَا. (وَلَا) فِطْرَةَ (عَلَى رَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا) أَمَّا غَيْرُ الْمُكَاتَبِ فَلِعَدَمِ مِلْكِهِ وَفِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلِضَعْفِ مِلْكِهِ وَلِهَذَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَالِهِ وَلَا نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ (وَلَا) فِطْرَةَ (عَلَى سَيِّدِهِ) عَنْهُ لِنُزُولِهِ مَعَهُ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ وَمَحَلُّهُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَتَجِبُ الْفِطْرَةُ فِيهَا عَلَى السَّيِّدِ كَمَا مَرَّ (وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَفْضُلْ) بِضَمِّ الضَّادِ وَفَتْحِهَا (عَنْ ثِيَابِهِ وَقُوتِهِ) وَثِيَابُ (وَقُوتُ مُمَوِّنِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ شَيْءٌ) بِالْإِجْمَاعِ وَاعْتُبِرَ الْفَضْلُ عَمَّا ذُكِرَ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرْ زِيَادَةً عَلَى يَوْمِ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ لِعَدَمِ ضَبْطِ مَا وَرَاءَهُمَا وَتَعْبِيرُهُ بِمُمَوِّنِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَنْ فِي نَفَقَتِهِ لِتَنَاوُلِهِ إلَيْهَا ثُمَّ بِلَا تَغْلِيبٍ بِخِلَافِ مَنْ (وَكَذَا) لَا فِطْرَةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْضُلْ (عَنْ) مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ (مَسْكَنٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا (وَعَبْدِ خِدْمَةٍ) يَلِيقَانِ بِهِ كَالْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهُمَا مِنْ الْحَوَائِجِ الْمُهِمَّةِ كَالثَّوْبِ فَلَوْ كَانَا نَفِيسَيْنِ يُمْكِنُ إبْدَالُهُمَا بِلَائِقَيْنِ بِهِ وَيَخْرُجُ التَّفَاوُتُ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ قَالَ لَكِنْ فِي لُزُومِ بَيْعِهِمَا إذَا كَانَا مَأْلُوفَيْنِ وَجْهَانِ فِي الْكَفَّارَةِ فَيَجْرِيَانِ هُنَا وَفَرَّقَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ بِأَنَّ لِلْكَفَّارَةِ بَدَلًا أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِالْمَرْتَبَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْهَا وَالْحَاجَةُ لِلْعَبْدِ إمَّا لِمَنْصِبِهِ أَوْ ضَعْفِهِ. وَالْمُرَادُ بِهَا أَنْ يَحْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ وَخِدْمَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ خِدْمَتُهُ لَا لِعَمَلِهِ فِي أَرْضِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُقَاسُ بِهِ حَاجَةُ الْمَسْكَنِ (لَا) عَنْ (دَيْنٍ) وَلَوْ لِآدَمِيٍّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ لَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ هَلَّ شَوَّالٌ فَالْفِطْرَةُ فِي مَالِهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدُّيُونِ وَقَدْ يُحْتَجُّ لَهُ أَيْضًا بِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ كَمَا مَرَّ وَبِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ إيجَابَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ فَلَا يَمْنَعُ إيجَابَ الْفِطْرَةِ التَّابِعَةِ لَهَا لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ دَيْنُ الْآدَمِيِّ بِمَنْعِ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى صَرْفِهِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ تَمْنَعُهُ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُجَابُ عَمَّا ذُكِرَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ إلَخْ) وَقَالَ الدَّارِمِيُّ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهَا قَوْلًا وَاحِدًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ إلَخْ) فَقَالَ إنَّهَا لَوْ غُصِبَتْ أَوْ حُبِسَتْ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ إيجَابِ الْفِطْرَةِ وَلَا يَسْتَقِيمُ إيجَابُ الْفِطْرَةِ دُونَ النَّفَقَةِ وَفِي الْمَجْمُوعِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ وُجُوبُ فِطْرَتِهَا عَلَيْهِ كَالْمَرِيضَةِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالِاعْتِذَارُ عَمَّا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ هُنَا مِنْ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ أَنَّ سُقُوطَ النَّفَقَةِ لِعَارِضٍ قَدْ لَا يُسْقِطُ الْفِطْرَةَ كَمَا أَنَّ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ لَوْ أَيْسَرَ لَيْلَةَ الْعِيدِ خَاصَّةً تَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِتَأَكُّدِ حَقِّهِ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ إذَا أَيْسَرَ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَحَقُّ الزَّوْجَةِ آكَدُ مِنْ حَقِّ الصَّغِيرِ فَلِذَا حَسُنَ إيجَابُ الْفِطْرَةِ عِنْدَ سُقُوطِ النَّفَقَةِ وَكَمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ وَتَسْقُطُ الْفِطْرَةُ فِي زَوْجَةِ الْأَبِ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ وَفِي الْعَبْدِ الْكَافِرِ وَالزَّوْجَةِ الْكَافِرَةِ كَذَلِكَ تَجِبُ الْفِطْرَةُ حَيْثُ لَا نَفَقَةَ. (قَوْلُهُ لَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ مُطَالَبًا بِإِخْرَاجِهَا وَأَمَّا الْعُقُوبَةُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي تَكْلِيفِهِ بِالْفُرُوعِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَيْهِ تَصْحِيحُهُ. (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى رَقِيقٍ إلَخْ) خَرَجَ بِالرَّقِيقِ الْمُبَعَّضُ فَعَلَيْهِ فِطْرَةُ رَقِيقِهِ وَقَرِيبِهِ وَزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ ضَبْطِ مَا وَرَاءَهُمَا) وَلِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ لَا يَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْمَالِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ النِّصَابُ كَالْكَفَّارَاتِ (قَوْلُهُ غَيْرَ مَسْكَنٍ) لَهُ وَلِمُمَوَّنِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَفِي التَّعَقُّبَاتِ أَنَّ بِهِ الْفَتْوَى وَهُوَ مُشْكِلٌ بِتَقْدِيمِ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمُقَدَّمَ عَلَى الْمُقَدَّمِ مُقَدَّمٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَمْنَعْ وُجُوبَهَا لِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهُ وَإِنَّمَا بَيْعُ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ فِيهِ تَقْدِيمًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِمَا لِأَنَّ تَحْصِيلَهَا بِالْكِرَاءِ أَسْهَلُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 بِأَنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ وُجُوبُ الدَّيْنِ عَلَى وُجُوبِ الْفِطْرَةِ وَبِأَنَّ زَكَاةَ الْمَالِ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِهِ وَالنَّفَقَةُ ضَرُورِيَّةٌ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ فِيهِمَا وَسَيَأْتِي عَنْ الْبَحْرِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ. (وَيُبَاعُ) وُجُوبًا (جُزْءُ عَبْدِ غَيْرِ الْخِدْمَةِ فِيهَا) أَيْ فِي فِطْرَتِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُخْرِجُ مِنْهُ كَمَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا وَبِخِلَافِ عَبْدِ الْخِدْمَةِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ لَزِمَتْ) أَيْ الْفِطْرَةُ (الذِّمَّةَ بِيعَ فِيهَا) وُجُوبًا (عَبْدُ الْخِدْمَةِ) وَالْمَسْكَنُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَإِنْ لَمْ يُبَاعَا فِيهَا ابْتِدَاءً لِالْتِحَاقِهَا بِالدُّيُونِ (وَلَوْ فَضَلَ) مَعَهُ عَمَّا لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ (بَعْضُ صَاعٍ أَخْرَجَهُ) وُجُوبًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَمُحَافَظَةً عَلَى الْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَيُخَالِفُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَلِأَنَّ لَهَا بَدَلًا بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ فِيهِمَا (فَإِنْ اجْتَمَعُوا) أَيْ كُلُّ مَنْ يُمَوِّنُهُ مَعَهُ (بَدَأَ بِفِطْرَةِ نَفْسِهِ) وُجُوبًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك» (ثُمَّ زَوْجَتِهِ) لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ (ثُمَّ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ) لِأَنَّهُ أَعْجَزُ مِمَّنْ يَأْتِي وَنَفَقَتُهُ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ (ثُمَّ الْأَبِ) وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ (ثُمَّ الْأُمِّ كَذَلِكَ) عَكْسُ مَا فِي النَّفَقَاتِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَاجَةِ وَالْأُمُّ أَحْوَجُ وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَلِلتَّطْهِيرِ وَالشَّرَفِ وَالْأَبُ أَوْلَى بِهَذَا فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيُشَرَّفُ بِشَرَفِهِ قَالَ وَمُرَادُهُمْ بِأَنَّهَا كَالنَّفَقَةِ أَصْلُ التَّرْتِيبِ لَا كَيْفِيَّتُهُ وَأَبْطَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَهُمَا أَشْرَفُ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِمْ الْحَاجَةُ فِي الْبَابَيْنِ (ثُمَّ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ) ثُمَّ الرَّقِيقِ لِأَنَّ الْحُرَّ أَشْرَفُ مِنْهُ وَعَلَاقَتَهُ لَازِمَةٌ بِخِلَافِ الْمِلْكِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ مِنْهُ بِأُمِّ الْوَلَدِ ثُمَّ بِالْمُدَبَّرِ ثُمَّ بِالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ (وَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ) فِي الدَّرَجَةِ كَزَوْجَتَيْنِ وَابْنَيْنِ (تَخَيَّرَ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا لَمْ يُوَزِّعْ بَيْنَهُمَا النَّقْصَ الْمُخْرِجَ عَنْ الْوَاجِبِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَجِدْ إلَّا بَعْضَ الْوَاجِبِ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا فَلِلزَّوْجَةِ أَنْ تَقْتَرِضَ عَلَيْهِ لِنَفَقَتِهَا لَا لِفِطْرَتِهَا لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِانْقِطَاعِ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِإِخْرَاجِهَا وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْأَبِ الزَّمِنِ وَمُرَادُهُ الْعَاجِزُ. [فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي الْفِطْرَةِ] (فَصْلٌ وَالْوَاجِبُ فِي الْفِطْرَةِ صَاعٌ) مِمَّا يَأْتِي (لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ لِمَنْ مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ) بِالْبَغْدَادِيِّ (وَهِيَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ) لِمَا مَرَّ فِي زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ مَعَ ذِكْرِ أَنَّ الْأَصْلَ الْكَيْلُ وَإِنَّهُمْ إنَّمَا قَدَّرُوهُ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا (عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْوَزْنِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحُبُوبِ) كَالذُّرَةِ وَالْحِمَّصِ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي ذَلِكَ (الْكَيْلُ بِالصَّاعِ النَّبَوِيِّ) أَيْ الَّذِي أَخْرَجَ بِهِ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَعِيَارُهُ) أَيْ وَالْحَالَةُ أَنَّ عِيَارَهُ (مَوْجُودٌ فَإِنْ فُقِدَ فَالْوَزْنُ تَقْرِيبٌ وَيَحْتَاطُ الْمُخْرِجُ) فِي كَلَامِهِ تَسَمُّحٌ وَإِيهَامٌ وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ فُقِدَ أَخْرَجَ قَدْرًا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الصَّاعِ وَإِذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ الْكَيْلَ فَاعْتِبَارَ الْوَزْنِ تَقْرِيبٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ الصَّاعُ أَرْبَعُ حَفَنَاتٍ بِكَفَّيْ رَجُلٍ مُعْتَدٍّ لَهُمَا وَقَدَّمْت فِي الصَّاعِ كَلَامًا فِي زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ فَرَاجِعْهُ قَالَ الْقَفَّالُ وَالْحِكْمَةُ فِي إيجَابِ الصَّاعِ أَنَّ النَّاسَ يَمْتَنِعُونَ غَالِبًا مِنْ التَّكَسُّبِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَهُ وَلَا يَجِدُ الْفَقِيرُ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ فِيهَا لِأَنَّهَا أَيَّامُ سُرُورٍ وَرَاحَةٍ عَقِبَ الصَّوْمِ وَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ الصَّاعِ عِنْدَ جَعْلِهِ خُبْزًا ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ فَإِنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ كَمَا مَرَّ وَيُضَافُ إلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ نَحْوُ الثُّلُثِ وَيَأْتِي مِنْ ذَلِكَ مَا قُلْنَا وَهِيَ كِفَايَةُ الْفَقِيرِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ رِطْلَانِ. (فَرْعٌ كُلُّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ صَالِحٌ لِإِخْرَاجِ الْفِطْرَةِ كَالْحِمَّصِ وَالْعَدَسِ وَكَذَا الْجُبْنُ وَاللَّبَنُ بِالزُّبْدِ) فِيهِمَا (كَالْأَقِطِ) بِزُبْدَةٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَبِإِسْكَانِهَا مَعَ تَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَذَلِكَ لِثُبُوتِ بَعْضِ الْمُعَشَّرِ وَالْأَقِطِ فِي الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَغَيْرِهَا وَقِيسَ بِهِمَا الْبَاقِي وَالْأَقِطُ لَبَنٌ يَابِسٌ وَعَلَّلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إجْزَاءَهُ بِأَنَّهُ مُقْتَاتٌ مُتَوَلِّدٌ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَيُكَالُ فَكَانَ كَالْحَبِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُبَاعُ جُزْءُ عَبْدِ غَيْرِ الْخِدْمَةِ فِيهَا) وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا وَسَيِّدُهُ مُعْسِرٌ فَهَلْ يُبَاعُ مِنْهُ جُزْءٌ بِقَدْرِ زَكَاةِ الْفِطْرِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ فِيهِ أَوْجُهٌ أَحَدُهَا يُبَاعُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا حَقُّ اللَّهِ يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ وَالثَّانِي لَا بِنَاءً عَلَى تَقْدِيمِ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَالثَّالِثُ يَتَحَاصَّانِ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يُبَاعُ مِنْهُ جُزْءٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ فِيهِمَا) فَإِنَّهَا عُهِدَ تَبْعِيضُهَا فِيمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ إلَخْ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَهِيَ لِلرِّجَالِ آكَدُ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَيُشَرَّفُ بِشَرَفِهِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ مُرَاعَاةِ الشَّرَفِ ذُهُولٌ عَجِيبٌ فَإِنَّا لَوْ رَاعَيْنَاهُ لَمْ نُقَدِّمْ فِطْرَةَ الِابْنِ الصَّغِيرِ عَلَى الْأَبَوَيْنِ فَدَلَّ عَلَى إلْحَاقِهَا بِالنَّفَقَةِ فِي تَقْدِيمِ الْأَحْوَجِ. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ اعْتِرَاضَهُ عَلَى مُرَاعَاةِ الْإِشْرَافِ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ هُوَ الْعَجِيبُ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا قَدَّمُوا الْوَلَدَ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ كَبَعْضِ الْوَالِدِ فَكَمَا تُقَدَّمُ نَفَقَةُ نَفْسِهِ عَلَى الْأَبِ وَالْأُمِّ فَكَذَلِكَ تُقَدَّمُ فِطْرَةُ مَا هُوَ بَعْضٌ مِنْهُ وَلَمَّا كَانَ الِابْنُ بَعْضًا مِنْ الْأَبِ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ كَوْنُهُ مَنْسُوبًا إلَى الْأَبِ دُونَ الْأُمِّ قَوِيَ جَانِبُ الْأَبِ فَقُدِّمَ (قَوْلُهُ وَأَبْطَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّ الْوَلَدَ أَيْ الصَّغِيرَ كَبَعْضِ وَالِدِهِ فَقُدِّمَ كَهُوَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ مِنْهُ بِأُمِّ الْوَلَدِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ الْكَيْلُ) يُتَّجَهُ فِي الْجُبْنِ تَعَيُّنُ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ وَعِيَارُهُ مَوْجُودٌ) وَهُوَ قَدَحَانِ بِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ وَيَزِيدَانِ شَيْئًا يَسِيرًا لِاحْتِمَالِ اشْتِمَالِهِمَا عَلَى طِينٍ أَوْ تِبْنٍ [فَرْعٌ كُلُّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ صَالِحٌ لِإِخْرَاجِ الْفِطْرَةِ] (قَوْلُهُ وَاللَّبَنُ) وَلَا يُجْزِئُ مِنْ اللَّبَنِ إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي يَتَأَتَّى مِنْهُ صَاعٌ مِنْ الْأَقِطِ لَا فَرْعٌ عَنْ الْأَقِطِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ أَصْلِهِ كَذَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ فِي الْبَيَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ مُتَوَلِّدٌ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ) وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُتَّخَذَ مِنْ لَبَنِ الظَّبْيَةِ وَالضَّبُعِ وَالْآدَمِيَّةِ إذَا جَوَّزْنَا شُرْبَهُ لَا يُجْزِئُ قَطْعًا وَيُتَّجَهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ الصُّورَةَ النَّادِرَةَ هَلْ تَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ أَمْ لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 (لَا مَخِيضٍ وَسَمْنٍ وَلَحْمٍ) فَلَا يُجْزِئُ شَيْءٌ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ قُوتُ الْبَلَدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا نُصَّ عَلَيْهِ وَكَمَا لَا يُجْزِئُ فِي سَائِرِ الزَّكَوَاتِ وَالتَّصْرِيحُ بِاللَّحْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الصَّوَابُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَمَا وَقَعَ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ أَنَّهُ يُجْزِئُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ تَبِعَ فِيهِ مُقْتَضَى نَقْلِ الْإِمَامِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْهُمْ بَاطِلٌ لَيْسَ مَوْجُودًا فِي كُتُبِهِمْ بَلْ الْمَوْجُودُ فِيهَا الْقَطْعُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ. (فَرْعٌ لَا يُجْزِئُ) حَبٌّ (مُسَوِّسٌ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفِي نُسْخَةٍ مَغْشُوشٌ (وَمَعِيبٌ وَدَقِيقٌ) وَنَحْوُهَا كَسَوِيقٍ وَخُبْزٍ لِمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَمَعِيبٌ يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ (وَلَا أَقِطٌ بِمِلْحٍ يَعِيبُهُ) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَا أَقِطٌ أَفْسَدَ كَثْرَةُ الْمِلْحِ جَوْهَرَهُ (فَإِنْ كَانَ) الْمِلْحُ (ظَاهِرًا) عَلَيْهِ (لَا يَعِيبُهُ فَالْمِلْحُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ فِي الْكَيْلِ) فَيَجِبُ بُلُوغُ خَالِصِ الْأَقِطِ صَاعًا وَالتَّصْرِيحُ بِلَا يَعِيبُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُجْزِئُ قَدِيمٌ غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ) طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ وَإِنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ بِسَبَبِ قِدَمِهِ لِأَنَّ الْقِدَمَ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَإِطْلَاقُهُ التَّغَيُّرَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ أَصْلِهِ لَهُ بِالطَّعْمِ وَاللَّوْنِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِالرِّيحِ أَيْضًا. (وَلَا تُجْزِئُ الْأَقْوَاتُ النَّادِرَةُ) الَّتِي لَا زَكَاةَ فِيهَا كَحَبِّ الْحَنْظَلِ وَالْغَاسُولِ (ثُمَّ لَوْ وُجِدَتْ) فِي بَلَدٍ مَثَلًا (أَقْوَاتٌ فَالْوَاجِبُ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِهِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ) لَا غَالِبُ قُوتِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ أَوْ الْمُؤَدِّي أَوْ بَلَدِهِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلِتَشَوُّفِ النُّفُوسِ إلَيْهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قُوتُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ قُوتُهُ قُوتَ الْبَلَدِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَيَخْتَلِفُ الْغَالِبُ بِاخْتِلَافِ النَّوَاحِي فَأَوْفَى خَبَرُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ لِبَيَانِ الْأَنْوَاعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ كَمَا فِي آيَةِ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ بَلَدَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا الْمُؤَدِّي كَمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بَلَدَهُ كَعَبْدٍ آبِقٍ فَيَحْتَمِلُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ أَوْ يُخْرِجُ مِنْ قُوتِ آخِرِ بَلَدٍ عَهِدَ وُصُولَهُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ فِيهِ أَوْ يُخْرِجُ فِطْرَتَهُ لِلْحَاكِمِ لِأَنَّ لَهُ نَقْلَ الزَّكَاةِ. (وَلَهُ الْعُدُولُ عَنْ الْغَالِبِ إلَى الْأَصْلَحِ لِلِاقْتِيَاتِ) بَلْ هُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَ بِنْتَ لَبُونٍ أَوْ حِقَّةً أَوْ جَذَعَةً عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ وَيُخَالِفُ زَكَاةُ الْمَالِ حَيْثُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا جِنْسٌ أَعْلَى لِأَنَّ الزَّكَاةَ ثَمَّ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِ الْمَالِ فَأُمِرَ بِمُوَاسَاةِ الْمُسْتَحِقِّينَ مِمَّا وَاسَاهُ اللَّهُ وَالْفِطْرَةُ زَكَاةُ الْبَدَنِ فَوَقَعَ النَّظَرُ فِيهَا إلَى مَا هُوَ غِذَاؤُهُ وَبِهِ قِوَامُهُ وَالْأَعْلَى يَحْصُلُ بِهِ هَذَا الْغَرَضُ وَزِيَادَةً فَأَجْزَأَ (وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ أَعْلَى قِيمَةً فَالشَّعِيرُ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ وَالتَّمْرُ خَيْرٌ مِنْ الزَّبِيبِ) فَالشَّعِيرُ خَيْرٌ مِنْ الزَّبِيبِ نَظَرًا لِلِاقْتِيَاتِ. (وَلَا يُجْزِئُ صَاعٌ مِنْ جِنْسَيْنِ) وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ كَأَنْ وَجَبَ التَّمْرُ فَأَخْرَجَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْهُ وَنِصْفًا مِنْ الْبُرِّ لِظَاهِرِ خَبَرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَمَا لَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنْ يَكْسُوَ خَمْسَةً وَيُطْعِمَ خَمْسَةً. (وَلَوْ أَخْرَجَ عَنْ اثْنَيْنِ) كَعَبْدٍ بِهِ أَوْ قَرِيبَيْهِ (صَاعَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ قُوتِ الْبَلَدِ وَالْآخَرُ مِنْ أَعْلَى جَازَ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ لِأَحَدِ جُبْرَانَيْنِ شَاتَيْنِ وَلِلْآخَرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا (وَكَذَا إنْ مَلَكَ نِصْفَيْنِ مِنْ عَبْدَيْنِ جَازَ تَبْعِيضُ الصَّاعِ) لِتَعَدُّدِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ (لَا إنْ مَلَكَا عَبْدًا) فَلَا يَجُوزُ تَبْعِيضُ الصَّاعِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ وَيُخْرِجُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ (وَالْمُبَعَّضُ وَمَنْ فِي نَفَقَةٍ وَالِدَيْهِ كَالْعَبْدِ مَعَ السَّيِّدَيْنِ) فَلَا يَجُوزُ التَّبْعِيضُ فِي فِطْرَتِهِمَا وَيُخْرِجُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدَيْهِمَا وَمَا ذَكَرَهُ فِي هَاتَيْنِ وَاَلَّتِي قَبْلَهُمَا مِنْ عَدَمِ جَوَازِ التَّبْعِيضِ عَكْسُ الْمُصَحَّحِ فِي الْأَصْلِ وَفِي الْمِنْهَاجِ فِي صُورَةِ الْعَبْدِ وَالْخِلَافُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ أَوْ عَلَى الْمُؤَدِّي وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَصَحَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ عَلَى الْمُؤَدِّي ابْتِدَاءً بِقَرِينَةِ ذِكْرِهِ ذَلِكَ قَبْلَ التَّصْحِيحِ الْمَذْكُورِ. (وَلَوْ مَلَكَا عَبْدًا وَأَحَدُهُمَا مُعْسِرٌ أَخْرَجَ الْمُوسِرُ نِصْفَ صَاعٍ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَتَسْقُطُ حِصَّةُ مُعْسِرٍ (فَإِنْ كَانَ لِلْبَلَدِ   [حاشية الرملي الكبير] وَقَوْلُهُ هَلْ تَدْخُلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِاللَّحْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا يُجْزِئُ اللَّحْمُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهِ الصَّاعُ وَوَافَقَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ الْإِجْزَاءَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ بَاطِلٌ لَيْسَ مَوْجُودًا فِي كُتُبِهِمْ بَلْ الْمَوْجُودُ فِيهَا الْقَطْعُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ. [فَرْعٌ اخراج الْفِطْرَة مِنْ المعيب] (قَوْلُهُ فَيَجِبُ بُلُوغُ خَالِصِ الْأَقِطِ صَاعًا) وَجْهُ إجْزَائِهِ أَنَّهُ مُقْتَاتٌ مُدَّخَرٌ يَسْتَنِدُ إلَى أَثَرٍ فَأَشْبَهَ التَّمْرَ. (قَوْلُهُ فَالْوَاجِبُ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ) أَيْ جِنْسًا وَنَوْعًا (قَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَيْضًا وَإِنْ قُيِّدَتْ بِبَلَدٍ وَإِنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَنْقُلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذَا أَخَذَهَا مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ وَالْكَلَامُ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ وَقَالَ إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَقَالَ الْغَزِّيِّ إنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ وَدَفْعُهَا إلَى الْقَاضِي شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ. (قَوْلُهُ وَلَهُ الْعُدُولُ إلَى الْأَصْلَحِ لِلِاقْتِيَاتِ) بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ لَا لِبَلَدِهِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ نَظَرًا لِلِاقْتِيَاتِ) قَالَ الْجَارْبُرْدِيُّ فِي شَرْحِ الْحَاوِي وَالْأَرُزُّ خَيْرٌ مِنْ الشَّعِيرِ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَرُزَّ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ لِغَلَبَةِ الِاقْتِيَاتِ بِهِ وَعِبَارَةُ الطِّرَازِ الْمُذْهَبِ وَأَعْلَاهَا الْبُرُّ ثُمَّ الْأَرُزُّ ثُمَّ الشَّعِيرُ ثُمَّ التَّمْرُ ثُمَّ الزَّبِيبُ قَالَ شَيْخُنَا هَذَا وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الشَّعِيرِ عَلَى الْأَرُزِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْجَارْبُرْدِيُّ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا عَلَيْهِ لَعَلَّهُ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْلَى الْأَعْلَى قِيمَةً. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ إلَخْ) اعْتَذَرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَهَلَّ شَوَّالٌ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي بَرِّيَّةٍ نِسْبَتُهَا فِي الْقَرِيبِ إلَى بَلْدَتَيْ السَّيِّدَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَعْتَبِرُونَ بَلْدَتَيْ السَّيِّدَيْنِ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا بَلَدَ لِلْعَبْدِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي بَلَدٍ لَا قُوتَ فِيهَا وَإِنَّمَا يَحْمِلُ إلَيْهَا مِنْ بَلْدَتَيْ السَّيِّدَيْنِ مِنْ الْأَقْوَاتِ مَا لَا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ كَالدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ وَنَحْوِهِمَا وَحَيْثُ أَمْكَنَ تَنْزِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفَيْنِ عَلَى تَصْوِيرٍ صَحِيحٍ لَا يُعْدَلُ إلَى تَغْلِيطِهِمْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 أَقْوَاتٌ بِلَا غَالِبٍ أَخْرَجَ مِنْهَا مَا شَاءَ) إذْ لَيْسَ تَعَيُّنُ الْبَعْضِ لِلْوُجُوبِ أَوْلَى مِنْ تَعَيُّنِ الْآخَرِ وَخَالَفَ تَعَيُّنُ الْأَصْلَحِ فِي اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ ثَمَّ بِالْعَيْنِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذِهِ وَمِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَبْعِيضِ الْمُخْرَجِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ بُرًّا مَخْلُوطًا بِشَعِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَخَيَّرَ إنْ كَانَ الْخَلِيطَانِ عَلَى السَّوَاءِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَجَبَ مِنْهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (وَالْأَعْلَى أَفْضَلُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُوتُ الْبَلَدِ مُجْزِئًا اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ بَلَدَانِ مُتَسَاوِيَانِ قُرْبًا أَخْرَجَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي غَالِبِ الْقُوتِ (غَالِبُ قُوتِ السَّنَةِ لَا) غَالِبُ قُوتِ (وَقْتِ الْوُجُوبِ) خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي وَسِيطِهِ وَلَمْ يَنْقُلْ الْأَصْلُ سِوَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ غَرِيبٌ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالصَّوَابُ اعْتِبَارُ غَالِبِ قُوتِ السَّنَةِ وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ لَوْ اخْتَلَفَ الْقُوتُ بِالْأَوْقَاتِ فَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ إجْزَاءُ أَدْنَاهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ يُسَمَّى مُخْرِجًا مِنْ قُوتِ الْبَلَدِ قَالَ ابْنُ كَعْبٍ وَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ هُوَ الْقِيَاسُ عَلَى تَقْوِيمِ مَالِ التِّجَارَةِ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ حَالَ حَوَلَانَ الْحَوْلِ وَعَلَى الثَّمَنِ الْغَالِبِ حِينَ الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُمْ انْتَهَى وَتَبِعَهُمْ ابْنُ الْوَرْدِيُّ فِي بَهْجَتِهِ. (فَصْلٌ) لَوْ (اشْتَرَى عَبْدًا فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ) لَيْلَةَ الْفِطْرِ (وَهُمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ فَفِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ) بِأَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا (وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ) لَهُ الْمِلْكُ (وَإِنْ قُلْنَا بِالْوَقْفِ) لِلْمِلْكِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا (فَعَلَى مَنْ يَئُولَ إلَيْهِ الْمِلْكُ) فِطْرَتُهُ (وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ) عَنْ رَقِيقٍ (فَفِطْرَةُ رَقِيقِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ) كُلٌّ بِقِسْطِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ وَقْتَ الْوُجُوبِ (وَلَوْ) كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَ (اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ) فَإِنَّ عَلَيْهِمْ فِطْرَتَهُ وَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِهَا كَوْنُ الْمِلْكِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ لِأَنَّهَا تَجِبُ مَعَ انْتِفَاءِ الْمِلْكِ فَمَعَ ضَعْفِهِ أَوْلَى (وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَنْ أَرِقَّاءَ (فَالْفِطْرَةُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ فِي التَّرِكَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ) فَعَلَى الْمِيرَاثِ وَالْوَصَايَا بِالْأَوْلَى وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ فِي فَرْعٍ فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ لِزَكَاةِ الْمَوَاشِي. (فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ وُجُوبِ فِطْرَةِ عَبْدٍ أَوْصَى بِهِ) لِغَيْرِهِ قَبْلَ وُجُوبِهَا (وَجَبَتْ فِي تَرِكَتِهِ) لِبَقَائِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مِلْكِهِ (أَوْ) مَاتَ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ وُجُوبِهَا (وَقَبْلَ الْمُوصَى لَهُ) الْوَصِيَّةُ (وَلَوْ بَعْدَ وُجُوبِهَا فَالْفِطْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِقَبُولِهِ يَتَبَيَّنُ مِلْكُهُ مِنْ حِينِ مَوْتِ الصَّبِيِّ (وَإِنْ رَدَّ) الْوَصِيَّةَ (فَعَلَى الْوَارِثِ) فِطْرَتُهُ لِبَقَائِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مِلْكِهِ (فَلَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَبَعْدَ الْوُجُوبِ فَوَارِثُهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ) فِي الْقَبُولِ وَالرَّدِّ (وَ) بَعْدَ الْقَبُولِ (يَقَعُ الْمِلْكُ لِلْمَيِّتِ وَفِطْرَتُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (فِي التَّرِكَةِ) إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ سِوَى الرَّقِيقِ (أَوْ يُبَاعُ جُزْءٌ مِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ (تَرِكَةٌ) سِوَاهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَوْ مَعَهُ فَالْفِطْرَةُ عَلَى وَرَثَتِهِ) عَنْ الرَّقِيقِ (إنْ قَبِلُوا) الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ كَانَ فِي مِلْكِهِمْ. [بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ] [مستحقي الزَّكَاة ثَمَانِيَة أصناف] [الْأَوَّل الْفُقَرَاء] (بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ) أَيْ الزَّكَوَاتِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَشْعَارِهَا بِصِدْقِ بَاذِلِهَا وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] وَأَضَافَ فِيهَا الصَّدَقَاتِ إلَى الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى فَاللَّامُ الْمِلْكِ وَإِلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ بِفِي الظَّرْفِيَّةِ لِلْإِشْعَارِ بِإِطْلَاقِ الْمِلْكِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى وَتَقْيِيدِهِ فِي الْأَخِيرَةِ حَتَّى إذَا لَمْ يَحْصُلْ الصَّرْفُ فِي مَصَارِفِهَا اسْتَرْجَعَ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى عَلَى مَا يَأْتِي. (أَهْلُ الزَّكَاةِ) أَيْ مُسْتَحِقُّوهَا أَصْنَافٌ (ثَمَانِيَةٌ الْأَوَّلُ الْفَقِيرُ وَهُوَ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ) مَطْعَمًا وَمَلْبَسًا وَمَسْكَنًا وَغَيْرَهُمَا مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَبِمَنْ فِي نَفَقَتِهِ لِخَبَرِ «لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي قُوَّةٍ يَكْتَسِبُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ (فَمَنْ يَحْتَاجُ عَشَرَةً وَلَا يَجِدُ) بِمِلْكِهِ أَوْ كَسْبِهِ (إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَقِيرٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَثَوْبٌ يَحْتَمِلُ بِهِ وَعَبْدٌ يَخْدُمُهُ) وَحِينَئِذٍ (فَيُعْطَى) مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ (وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا أَوْ يَسْأَلُ النَّاسَ) وَلَا يَسْلُبُهُ ذَلِكَ اسْمَ الْفَقْرِ قَالَ السُّبْكِيُّ فَلَوْ اعْتَادَ السُّكْنَى بِالْأُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَدْرَسَةِ فَالظَّاهِرُ خُرُوجُهُ عَنْ اسْمِ الْفَقِيرِ بِثَمَنِ الْمَسْكَنِ (وَمَنْ مَالُهُ غَائِبٌ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَتَبِعَهُمْ ابْنُ الْوَرْدِيُّ فِي بَهْجَتِهِ) وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ. [فَصْلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَهُمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ] (بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ) ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ هَذَا الْبَابَ عَقِبَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَالزَّكَاةِ يَتَوَلَّى الْإِمَامُ جَمْعَهُ وَتَفْرِقَتَهُ وَذَكَرَهُ فِي الْأُمِّ فِي آخِرِ الزَّكَاةِ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَتَبِعَهُمْ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ إنَّهُ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ أَهْلُ الزَّكَاةِ ثَمَانِيَةٌ) لِأَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ الصَّدَقَاتِ إلَيْهِمْ فَاللَّامُ التَّمْلِيكِ وَعَطَفَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِوَاوِ التَّشْرِيكِ فَاسْتَحَقَّهَا الْجَمِيعُ (قَوْلُهُ لِخَبَرٍ «لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ» ) يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مَعَ الْغِنَى الْعَامِلُ وَالْمُتَأَلَّفُ وَالْغَارِمُ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَالْغَازِي (قَوْلُهُ فَمَنْ يَحْتَاجُ عَشَرَةً إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ عَدِمَ أَكْثَرُ الْعَشَرَةِ فَفَقِيرٌ أَوْ أَقَلُّهَا فَمِسْكِينٌ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ ارْتَفَعَ حَالُهُ عَمَّا ذُكِرَ فِي الْفَقْرِ يُلْتَحَقُ بِالْمِسْكِينِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَثَوْبٌ يَتَجَمَّلُ بِهِ) أَيْ لَائِقَانِ بِهِ فَقَدْ قَيَّدَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْمَسْكَنَ بِاللَّائِقِ وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ يُشِيرُ إلَى تَقْيِيدِ الثَّوْبِ بِاللَّائِقِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ خُرُوجُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ (أَوْ مُؤَجَّلٌ أُعْطِيَ كِفَايَتَهُ إلَى حُضُورِهِ أَوْ حُلُولِهِ) لِأَنَّهُ الْآنَ فَقِيرٌ (وَمَنْ دَيْنُهُ كَمَالِهِ) أَيْ قَدْرِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى أَوْ أَقَلَّ بِقَدْرٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْفَقْرِ (لَا يُعْطَى) مِنْ الزَّكَاةِ (حَتَّى يَصْرِفَهُ) فِي الدَّيْنِ. (فَرْعٌ يَخْرُجُ) الشَّخْصُ (عَنْ الْفَقْرِ بِالْقُدْرَةِ عَلَى كَسْبٍ) حَلَالٍ (لَائِقٍ بِمُرُوءَتِهِ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى كَسْبٍ حَلَالٍ كَأَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يَلِيقُ بِهِ أَوْ يَلِيقُ بِهِ لَكِنْ لَا يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ اشْتَغَلَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَكْسَبِ (بِعِلْمٍ شَرْعِيٍّ يَتَأَتَّى مِنْهُ) تَحْصِيلُهُ وَكَانَ الْكَسْبُ يَمْنَعُهُ مِنْهُ (لَا نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ وَمُلَازَمَةِ الْخَلَوَاتِ) فِي الْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا (حَلَّتْ الزَّكَاةُ) لِأَنَّ تَحْصِيلَهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيُعْطَى لِيَتَفَرَّغَ لِتَحْصِيلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ وَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ تَحْصِيلُهُ أَوْ مَنَعَهُ مِنْ نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ أَوْ اعْتِكَافِهِ بِمَدْرَسَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ لِأَرْبَابِ الْبُيُوتِ الَّذِينَ لَمْ تَجْرِي عَادَتُهُمْ بِالْكَسْبِ أَخْذًا مِنْهُ الزَّكَاةَ. (فَرْعٌ لَوْ اكْتَفَى) إنْسَانٌ (بِنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتَهُ لَمْ يُعْطَ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) لِغِنَاءٍ حِينَئِذٍ كَالْمُكْتَسِبِ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ كِفَايَتِهِ بِخِلَافِ الْمَكْفِيِّ بِنَفَقَةِ مُتَبَرِّعٍ (وَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ بَاقِي السِّهَامِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى) يَجُوزَ لَهُ الْأَخْذُ (مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتَهُ لَكِنْ لَا يُعْطِيهِ قَرِيبَهُ) الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتَهُ (وَهُوَ فَقِيرٌ) بِدُونِهَا (مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ) لِأَنَّهُ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ عَنْ نَفْسِهِ (وَيُعْطِيهِ مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَتِهِ الْوَاجِبَةِ لِحَاجَةٍ) أَيْ مَا زَادَ عَلَيْهَا بِسَبَبِ حَاجَةِ (السَّفَرِ) فَقَطْ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ الْوَاجِبَةَ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَيْهِ سَفَرًا أَوْ حَضَرًا (وَيُعْطِي) الزَّوْجُ (الزَّوْجَةَ مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِ وَالْغَارِمِ وَكَذَا) مِنْ سَهْمِ (الْمُؤَلَّفَةِ) وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ بَاقِي السِّهَامِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا (وَ) يُعْطِيهَا أَيْضًا (مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ) كَمَا عُلِمَ أَيْضًا مِنْ ذَلِكَ (لَا إنْ سَافَرَتْ مَعَهُ) بِإِذْنٍ أَوْ بِدُونِهِ (أَوْ وَحْدَهَا بِلَا إذْنٍ) فَلَا يُعْطِيهَا مِنْهُ لِأَنَّهَا فِي الْأُولَى مَكْفِيَّةٌ بِالنَّفَقَةِ وَإِنْ انْتَفَى الْإِذْنُ لِأَنَّهَا فِي قَبْضَةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ عَاصِيَةٌ (إلَّا فِي الرُّجُوعِ إلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ فَتُعْطَى لِرُجُوعِهَا عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ تَرَكَتْ إلَى آخِرِهِ (وَإِنْ سَافَرَتْ وَحْدَهَا بِإِذْنِهِ وَأَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا) كَأَنْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهِ (أُعْطِيت مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ بَاقِي كِفَايَتِهَا) لِحَاجَةِ السَّفَرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ نُوجِبْ نَفَقَتَهَا كَأَنْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا (أُعْطِيت كِفَايَتَهَا مِنْهُ وَمَنْ سَافَرَتْ وَحْدَهَا بِلَا إذْنٍ تُعْطَى هِيَ وَالْعَاصِي بِالسَّفَرِ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ) وَفِي نُسْخَةٍ الْفَقِيرِ (بِخِلَافِ النَّاشِزَةِ الْمُقِيمَةِ فَإِنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى الْغِنَى بِالطَّاعَةِ) فَأَشْبَهَتْ الْقَادِرَ عَلَى الْكَسْبِ وَالْمُسَافِرَةُ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْعَوْدِ فِي الْحَالِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ لَمْ تُعْطَ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمُقِيمَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ تَرَكَتْ السَّفَرَ وَعَزَمَتْ عَلَى الْعَوْدِ إلَيْهِ أُعْطِيت مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ) مُؤْنَةَ الْإِيَابِ لِرُجُوعِهَا عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ كَانَتْ بِبُعْدٍ أُعْطِيت مُؤْنَةَ الْإِيَابِ. الصِّنْفُ (الثَّانِي الْمِسْكِينُ وَهُوَ مَنْ يَمْلِكُ أَوْ يَكْتَسِبُ مَا يَقَعُ مَوْقِعًا) مِنْ كِفَايَتِهِ (وَلَا يَكْفِيهِ كَمَنْ يَحْتَاجُ عَشَرَةً وَعِنْدَهُ ثَمَانِيَةٌ لَا تَكْفِيهِ الْكِفَايَةَ اللَّائِقَةَ بِالْحَالِ مِنْ الْمَسْكَنِ وَالْمَلْبَسِ وَالْإِنْفَاقِ مِنْ غَيْرِ تَقْتِيرٍ وَلَا إسْرَافٍ) لَهُ وَلَمِنْ فِي نَفَقَتِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الْمَالِ نِصَابًا أَمْ أَقَلَّ أَمْ أَكْثَرَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمِسْكِينَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ الْفَقِيرِ خِلَافًا لِمَنْ عَكَسَ وَاحْتَجُّوا لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} [الكهف: 79] حَيْثُ سَمَّى مَالِكِيهَا مَسَاكِينَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمِسْكِينَ مَنْ يَمْلِكُ شَيْئًا وَبِمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا» مَعَ أَنَّهُ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ الْفَقْرِ وَالْعِبْرَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فِي عَدَمِ كِفَايَتِهِ بِالْعُمْرِ الْغَالِبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْطَى كِفَايَةَ ذَلِكَ وَقَدْ بَسَطْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَالنَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ الْغَيْرِ الْمَشْهُورَةِ وَاسْتَنْبَطَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي عَدَمِ كِفَايَتِهِ بِالسَّنَةِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ كَالْبَغَوِيِّ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى كِفَايَةَ سَنَةٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمَنْ دَيْنُهُ كَمَا لَهُ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ) أَيْ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ فَلَا يُخَالِفُ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْعِتْقِ مِنْ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ يَخْرُجُ الشَّخْصُ عَنْ الْفَقْرِ بِالْقُدْرَةِ عَلَى كَسْبٍ إلَخْ) أَفْتَى ابْنُ الْبَزْرِيِّ بِأَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتَسِبَ مَعَ الصَّوْمِ فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ مِنْ مَطْعَمٍ وَمَلْبَسٍ وَلَكِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى النِّكَاحِ فَلَهُ أَخْذُهَا لِيَنْكِحَ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ كِفَايَتِهِ انْتَهَى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبْدٌ وَلَا مَسْكَنٌ وَاحْتَاجَ إلَيْهِمَا وَمَعَهُ ثَمَنُهَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَوَفَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَغَلَ عَنْهُ بِعِلْمٍ شَرْعِيٍّ إلَخْ) أَوْ بِتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ أَوْ تَعْلِيمِهِ (قَوْلُهُ وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ لِأَرْبَابِ الْبُيُوتِ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ الَّذِينَ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِالْكَسْبِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَلَا يَلِيقُ بِهِمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ لَوْ اكْتَفَى بِنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) مِنْ قَرِيبٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ مُطَلَّقَةٍ طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا وَهِيَ حَامِلٌ وَلَوْ لَمْ تَكْتَفِ الزَّوْجَةُ بِنَفَقَتِهَا أُعْطِيت بَاقِي كِفَايَتِهَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ [الثَّانِي الْمَسَاكِين] (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْطَى كِفَايَةَ ذَلِكَ) فَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كُلُّ مَنْ لَا يَمْلِكُ كِفَايَتَهُ وَكِفَايَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُ عَلَى الدَّوَامِ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَالْكَفَّارَةُ بِاسْمِ الْفَقْرِ وَقَالَ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا كُلٌّ مِنْ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ بِالْحَاجَةِ وَشَرْطُهُ عِنْدَنَا أَنْ لَا يَفِيَ دَخْلُهُ بِخَرْجِهِ عَلَى الدَّوَامِ وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ إنَّمَا يَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الْفَقْرِ بِوُجُودِ الْكِفَايَةِ فَكُلُّ مَنْ وَجَدَ كِفَايَتَهُ وَكِفَايَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ عَلَى الدَّوَامِ إمَّا بِبِضَاعَةٍ يَتَّجِرُ فِيهَا أَوْ عَقَارٍ يَسْتَغِلُّهُ أَوْ صَنْعَةٍ يَكْتَسِبُ بِهَا كِفَايَتَهُ فَهُوَ غَنِيٌّ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ بِالْفَقْرِ لِوُجُودِ الْكِفَايَةِ وَإِنْ قَصَّرَ رِبْحُ بِضَاعَتِهِ أَوْ دَخْلُ عَقَارِهِ أَوْ كَسْبُ صَنْعَتِهِ عَنْ قَدْرِ كِفَايَتِهِ حَلَّتْ لَهُ الصَّدَقَةُ بِالْفَقْرِ فَيُدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ مَا يَشْتَرِي مِنْ الْعَقَارِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْهُ الْكِفَايَةُ أَوْ يُضَافُ إلَى بِضَاعَتِهِ مَا يُثْمِرُ بِهِ رِبْحَهُ لِكِفَايَتِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 وَمِنْهُ اعْتِبَارُهَا فِيمَا يَأْتِي فِي الْإِثَاثِ وَالْكُتُبِ إذْ لَمْ يَنْقُلْهُ النَّوَوِيُّ إلَّا عَنْ الْغَزَالِيِّ تَفَقُّهًا (وَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ الْقُدْرَةُ عَلَى كَسْبٍ لَا يَلِيقُ) بِهِ كَكَوْنِهِ مِنْ أَرْبَابِ الْبُيُوتِ الَّذِينَ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِالْكَسْبِ (وَ) لَا (مِلْكُ أَثَاثٍ يَحْتَاجُهُ فِي سَنَتِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ سَنَةٍ (وَ) لَا مِلْكُ (ثِيَابِ شِتَاءٍ) يَحْتَاجُهَا (فِي صَيْفٍ) وَلَا عَكْسُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَا) مِلْكُ (كُتُبٍ وَهُوَ فَقِيهٌ يَحْتَاجُهَا لِلتَّكَسُّبِ) كَالْمُؤَدِّبِ وَالْمُدَرِّسِ بِأُجْرَةٍ أَوْ لِلْقِيَامِ بِفَرْضٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَاجَةٌ مُهِمَّةٌ وَإِنْ كَانَ احْتِيَاجُهُ لَهَا (فِي السَّنَةِ مَرَّةً) بِخِلَافِ مَا لَا يَحْتَاجُهُ فِي السَّنَةِ عَلَى مَا مَرَّ (فَتَبْقَى) لَهُ (النُّسْخَةُ الصَّحِيحَةُ مِنْ) النُّسَخِ (الْمُتَكَرِّرَةِ) عِنْدَهُ فَلَا يَبْقَيَانِ مَعًا لِاغْتِنَائِهِ بِالصَّحِيحَةِ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَصَحَّ وَالْأُخْرَى أَحْسَنَ يَبْقَى الْأَصَحُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (فَإِنْ كَانَ) لَهُ كِتَابَانِ مِنْ عِلْمٍ وَاحِدٍ وَكَانَ (أَحَدُهُمَا أَبْسُطَ) أَيْ مَبْسُوطًا وَالْآخَرُ وَجِيزًا (بَاعَ الْوَجِيزَ) وَبَقِيَ الْمَبْسُوطُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُدَرِّسٍ بِأَنْ كَانَ قَصْدُهُ الِاسْتِفَادَةَ (وَالْمُدَرِّسُ يُبْقِهِمَا) لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي التَّدْرِيسِ (أَوْ) مِلْكَ كُتُبٍ وَهُوَ (كَطَبِيبٍ يَكْتَسِبُ بِهَا أَوْ لِعِلَاجِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ) لَفْظَةُ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا الْكَافُ لِيَدْخُلَ الْمُحَدِّثُ وَالْمُفَسِّرُ وَنَحْوُهُمَا وَعِلَاجِ مَعْطُوفٌ عَلَى يَكْتَسِبُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ يُعَالِجُ بِهَا نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ (وَالْمُعَالِجُ مَعْدُومٌ) مِنْ الْبَلَدِ (أَوْ) مِلْكُ كُتُبِ وَعْظٍ وَهُوَ (يَتَّعِظُ بِهَا) وَإِنْ كَانَ ثَمَّ وَاعِظٌ إذْ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَنْتَفِعُ بِالْوَاعِظِ كَانْتِفَاعِهِ فِي خَلْوَتِهِ وَعَلَى حَسْبِ إرَادَتِهِ (لَا) مِلْكُ (مَا) أَيْ كِتَابٍ (يَتَفَرَّجُ فِيهِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِتَابَ يُطْلَبُ لِلتَّعْلِيمِ وَلِلِاسْتِفَادَةِ فَلَا يُمْنَعُ الْمَسْكَنَةَ كَمَا تَقَرَّرَ وَيُطْلَبُ لِلتَّفَرُّجِ فِيهِ بِالْمُطَالَعَةِ (كَكُتُبِ التَّوَارِيخِ وَالشِّعْرِ) فَيُمْنَعُ (وَمَنْ لَهُ عَقَارٌ) مَثَلًا (قَلِيلٌ) أَيْ يَنْقُصُ (دَخْلُهُ) عَنْ كِفَايَتِهِ (فَهُوَ إمَّا فَقِيرٌ أَوْ مِسْكِينٌ) فَيُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ تَمَامَهَا وَلَا يُكَلَّفُ بَيْعُهُ الصِّنْفُ (الثَّالِثُ الْعَامِلُ) وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا (وَبَعَثَهُ) لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ (وَاجِبٌ) عَلَى الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ (وَيَدْخُلُ فِي اسْمِهِ السَّاعِي) وَهُوَ الَّذِي يَبْعَثُهُ الْإِمَامُ لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ (وَالْكَاتِبُ) وَهُوَ مَنْ يَكْتُبُ مَا يُؤْخَذُ وَيُدْفَعُ (وَالْقَاسِمُ وَالْحَاشِرُ) وَهُوَ الَّذِي يَجْمَعُ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ (وَالْعَرِيفُ) وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُ أَرْبَابَ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ كَالنَّقِيبِ لِلْقَبِيلَةِ (وَالْحَاسِبُ وَالْحَافِظُ) لِلْأَمْوَالِ وَالْجُنْدِيُّ وَالْجَابِي (لَا الْإِمَامُ وَالْوَالِي وَالْقَاضِي) فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِي الزَّكَاةِ بَلْ رِزْقُهُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ إنْ لَمْ يَتَطَوَّعُوا بِالْعَمَلِ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ عَامٌّ وَلِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ شَرِبَ لَبَنًا فَأَعْجَبَهُ فَأُخْبِرَ أَنَّهُ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ فَأَدْخَلَ أُصْبُعَهُ وَاسْتَقَاءَهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (وَيُزَادُ فِيهِمْ) أَيْ الْعُمَّالِ (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْكَيَّالُ وَالْوَزَّانُ وَالْعَدَّادُ عُمَّالٌ إنْ مَيَّزُوا بَيْنَ) أَنْصِبَاءِ (الْأَصْنَافِ) فَأُجْرَتُهُمْ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ وَلَوْ أَلْزَمْنَاهَا الْمَالِكَ لَزِدْنَا فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ (لَا الْمُمَيِّزُونَ الزَّكَاةَ مِنْ الْمَالِ وَجَامِعُوهُ) أَيْ الْمَالِ (فَإِنَّ أُجْرَتَهُمْ عَلَى الْمَالِكِ) لَا مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ لِأَنَّهَا لِتَوْفِيَةِ الْوَاجِبِ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهَا عَلَى الْبَائِعِ (وَ) أُجْرَةُ (الرَّاعِي وَالْحَافِظِ) بَعْدَ قَبْضِهَا (وَالْمَخْزَنُ) بِفَتْحِ الزَّاي (وَالنَّاقِلُ عَلَى) بِمَعْنَى فِي جُمْلَةِ (السُّهْمَانِ) لَا فِي سَهْمِ الْعَامِلِ (الرَّابِعُ الْمُؤَلَّفَةُ فَإِذَا كَانُوا كُفَّارًا) يُتَأَلَّفُونَ لِخَوْفِ شَرِّهِمْ أَوْ لِتَرْغِيبِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ لِمَيْلِهِمْ إلَيْهِ (لَمْ يُعْطُوا) مِنْ زَكَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا لِلْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ وَأَغْنَى عَنْ التَّأْلِيفِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمُعَاذٍ أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتَرُدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَيَّالُ وَالْحَمَّالُ وَالْحَافِظُ وَنَحْوُهُمْ كُفَّارًا مُسْتَأْجَرِينَ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ لِأَنَّ ذَلِكَ أُجْرَةٌ لَا زَكَاةٌ وَذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ أَخْرَجَ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ زَكَاةً أَوْ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ أُجْرَةً وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (وَإِذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ أُعْطُوا مِنْهَا وَهُمْ إمَّا ضَعِيفُ النِّيَّةِ) فِي الْإِسْلَامِ (فَيُعْطَى لِيَقْوَى إسْلَامُهُ أَوْ شَرِيفٌ) فِي قَوْمِهِ (يُتَوَقَّعُ بِإِعْطَائِهِ إسْلَامُ نَظَائِرِهِ أَوْ كَافٍ) لَنَا (شَرَّ جِيرَانِهِ) أَيْ مَنْ يَلِيهِ (مِنْ الْكَفَّارَةِ وَمَانِعِي) أَيْ أَوْ مِنْ مَانِعِي (الزَّكَاةِ) فَيُعْطَى (حَيْثُ إعْطَاؤُهُمْ) الْأَوْلَى إعْطَاؤُهُ (أَهْوَنُ) عَلَيْنَا (مِنْ جَيْشٍ يُبْعَثُ) لِبُعْدِ الْمَشَقَّةِ أَوْ كَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَمُؤَلَّفَة الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ أَوْ أَرْبَعَةٌ وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الْإِعْطَاءِ أَهْوَنَ مِنْ بَعْثِ جَيْشٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُعْتَبَرُ فِي إعْطَائِهِمْ احْتِيَاجُنَا إلَيْهِمْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمُخْتَصَرِ (الْخَامِسُ الرِّقَابُ) فَيُعْطَوْنَ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] كَقَوْلِهِ {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] وَهُنَاكَ يُعْطَى الْمَالُ   [حاشية الرملي الكبير] [الثَّالِث الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا] قَوْلُهُ لَا الْإِمَامُ وَالْوَالِي وَالْقَاضِي) أَيْ إذَا قَامُوا بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَطَوَّعُوا وَعِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ لِلْقَاضِي قَبْضَهَا وَصَرْفَهَا وَذَلِكَ فِي مَالِ أَيْتَامٍ تَحْتَ نَظَرِهِ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَجْعَلْ الْإِمَامُ لَهَا نَاظِرًا (قَوْلُهُ لَا فِي سَهْمِ الْعَامِلِ) قَالَ شَيْخُنَا ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ قُرْبٍ أَنَّ الْحَافِظَ مِنْ أَقْسَامِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ تَارَةً يَكْتَفِي بِالْعَامِلِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِ وَتَارَةً يَحْتَاجُ إلَى غَيْرِهِ كَأَنْ يَذْهَبَ وَيَتْرُكَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَحْفَظُهُ فِي غَيْبَتِهِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ السُّهْمَانِ كَاتِبُهُ [الرَّابِع الْمُؤَلَّفَة قُلُوبهمْ] (قَوْلُهُ فَإِذَا كَانُوا كُفَّارًا لَمْ يُعْطَوْا) إذْ شَرْطُ آخِذِ الزَّكَاةِ الْإِسْلَامُ قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ الشَّرْطُ إسْلَامُهُ وَقْتَ الدَّفْعِ لَا إسْلَامُهُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ إسْلَامُهُ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» فَلَمَّا لَمْ تُؤْخَذْ إلَّا مِنْ غَنِيٍّ مُسْلِمٍ لَمْ تُعْطَ إلَّا لِفَقِيرٍ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ فَيُعْطَى لِيَقْوَى إسْلَامُهُ) إذْ لَوْ لَمْ يُعْطَ رُبَّمَا ارْتَدَّ لِضَعْفِ نِيَّتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ شَرِيفٌ) يُتَوَقَّعُ بِإِعْطَائِهِ إسْلَامُ نُظَرَائِهِ وَيُعْطَوْنَ مَعَ الْغِنَى قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَشَرْطُ إعْطَائِهِمْ الْحَاجَةَ إلَيْهِمْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمُخْتَصَرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْجُوَيْنِيُّ فِي الْفُرُوقِ لَا يُعْطَوْنَ إلَّا أَنْ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَيَقْتَضِيهِ اجْتِهَادُ الْإِمَامِ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ إلَّا الْإِمَامُ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ) وَمَانِعِي الزَّكَاةِ أَوْ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ الْبُغَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 لِلْمُجَاهِدِينَ فَيُعْطَى لِلرِّقَابِ فَلَا يُشْتَرَى بِهِ رِقَابٌ لِلْعِتْقِ كَمَا قِيلَ بِهِ (وَهُمْ الْمُكَاتَبُونَ كِتَابَةً صَحِيحَةً) لَا فَاسِدَةً لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ (فَيُعْطَوْنَ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِمْ (مَا يُؤَدُّونَ) مِنْ النُّجُومِ (إنْ) عَجَزُوا عَنْ الْوَفَاءِ (وَلَوْ لَمْ يَحِلَّ النَّجْمُ) لِأَنَّ التَّعْجِيلَ مُتَيَسِّرٌ فِي الْحَالِ وَرُبَّمَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْإِعْطَاءُ عِنْدَ الْمَحَلِّ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَاجِزِينَ لِعَدَمِ حَاجَتِهِمْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَحِلَّ النَّجْمُ يُخَالِفُ نَظِيرَهُ مِنْ الْغَارِمِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ حُلُولُ دَيْنِهِ لِيَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى وَفَائِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالِاعْتِنَاءِ بِالْحِرْصِ عَلَى تَعْجِيلِ الْعِتْقِ وَرُبَّمَا يُعْجِزُ السَّيِّدُ مُكَاتَبَهُ عِنْدَ الْحُلُولِ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ فَرَّقَ بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْخَلَاصِ مِنْ الرِّقِّ أَهَمُّ وَالْغَارِمُ يَنْتَظِرُ الْيَسَارَ فَإِنْ لَمْ يُوسِرْ فَلَا حَبْسَ وَلَا مُلَازَمَةَ (وَالتَّسْلِيمُ) لِمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْغَارِمُ الْآتِي بَيَانُهُ (إلَى السَّيِّدِ أَوْ الْغَرِيمِ بِإِذْنِ الْمُكَاتَبِ أَوْ الْغَارِمِ أَحْوَطُ) وَأَفْضَلُ (إلَّا إنْ كَانَ) مَا يَسْتَحِقُّهُ (أَقَلُّ) مِمَّا عَلَيْهِ (وَأَرَادَ أَنْ يَتَّجِرَا فِيهِ) وَيُنَمِّيَاهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ تَسْلِيمُهُ إلَى مَنْ ذُكِرَ لِأَنَّ الِاتِّجَارَ فِيهِ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَالْأَوْلَى وَأَرَادَ أَنْ يَتَّجِرَ كَمَا فِي نُسْخَةٍ لَكِنْ فِيهَا بَعْدَ يَتَّجِرُ أَلِفٌ وَكَأَنَّهَا دَاخِلَةٌ عَلَى كَلَامِهِ الْآتِي وَإِنْ كَانَ فِيهِ حِينَئِذٍ رَكَاكَةٌ (وَ) تَسْلِيمُهُ إلَى مَنْ ذُكِرَ (بِغَيْرِ الْإِذْنِ) مِنْ الْمُكَاتَبِ أَوْ الْغَارِمِ (لَا يَقَعُ زَكَاةً) فَلَا يُسَلَّمُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا لِأَنَّهُمَا الْمُسْتَحِقَّانِ (وَ) لَكِنْ (يَنْقَضِي دَيْنُهُمَا) لِأَنَّ مَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمَا بِقَدْرِ الْمَصْرُوفِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ لَوْ أُعْتِقَ الْمُكَاتَبُ) بِإِعْتَاقِ سَيِّدِهِ لَهُ تَبَرُّعًا أَوْ بِإِبْرَائِهِ أَوْ بِأَدَاءِ غَيْرِهِ عَنْهُ أَوْ بِأَدَائِهِ هُوَ مِنْ مَالٍ آخَرَ (أَوْ أَبْرَأَ الْغَارِمُ أَوْ اسْتَغْنَى) وَبَقِيَ مَالُ الزَّكَاةِ فِي يَدَيْهِمَا (اُسْتُرِدَّ مِنْهُمَا) بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ أَدَّى الْغَارِمُ الدَّيْنَ مِنْ قَرْضٍ لَمْ يُسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ إذْ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ دَيْنُهُ وَإِنَّمَا صَارَ لِآخَرَ كَالْحَوَالَةِ قَالَ فَلَوْ قَرَى مِنْهُ أَوْ أَدَّاهُ مِنْ غَيْرِ قَرْضٍ فَلَمْ يُسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ حَتَّى لَزِمَهُ دَيْنٌ صَارَ بِهِ غَارِمًا فَهَلْ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمُسْتَسْلَفِ لَهُ قَبْلَ غُرْمِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُهُ إلَيْهِ؟ انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ اسْتَغْنَى الْغَارِمُ لَا غِنًى عَمَّا قَبْلَهُ (وَلَوْ أَتْلَفَاهُ) أَوْ تَلِفَ وَلَوْ بِانْتِقَالِهِ إلَى غَيْرِهِمَا (قَبْلَ الْإِعْتَاقِ وَالْبَرَاءَةِ لَمْ يَغْرَمَا) لِتَلَفِهِ عَلَى مِلْكِهِمَا مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ (أَوْ بَعْدَهُمَا غَرِمَا) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَكَالْإِعْتَاقِ وَالْبَرَاءَةِ نَحْوِهِمَا مِمَّا ذُكِرَ (فَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ وَرُقَّ (اُسْتُرِدَّ) مِنْهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا لِعَدَمِ حُصُولِ الْعِتْقِ فَلَمْ يَنْصَرِفْ الْمَأْخُوذُ فِيهِ (وَتَعَلَّقَ) بَدَلُهُ (بِذِمَّتِهِ) لَا بِرَقَبَتِهِ (لَوْ كَانَ تَالِفًا) لِحُصُولِ الْمَالِ عِنْدَهُ بِرِضَا صَاحِبِهِ (فَلَوْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ) وَعَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ بَقِيَّةِ النُّجُومِ (رَدَّهُ) إنْ كَانَ بَاقِيًا (وَلَوْ تَلِفَ مَعَهُ) أَيْ فِي يَدِهِ (قَبْلَ الْعَجْزِ أَوْ بَعْدَهُ غَرِمَ) بَدَلَهُ (وَإِنْ كَانَ التَّلَفُ بِبَيْعٍ) أَوْ نَحْوِهِ لِمَا مَرَّ (وَلَا يُفْسَخُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ مَلَّكَهُ السَّيِّدُ شَخْصًا لَمْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ بَلْ يَغْرَمُ السَّيِّدُ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَلَوْ سَلَّمَ بَعْضَ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ فَأَعْتَقَهُ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَهُ لِلْمَقْبُوضِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا قَالَهُ مُتَعَيِّنٌ. (فَرْعٌ: لِلْمُكَاتَبِ وَالْغَارِمِ أَنْ يَتَّجِرَا فِي الْمَأْخُوذِ لِيَرْبَحَا) فِيهِ وَيُوَفِّيَا مَا عَلَيْهِمَا (وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُنْفِقَ مَا أَخَذَهُ وَيُؤَدِّيَ) مَا عَلَيْهِ (مِنْ كَسْبِهِ مُنِعَ) مِنْ ذَلِكَ (الْمَكَاتِبُ لَا الْغَارِمُ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ فَضَعِيفٌ تَصَرُّفُهُ عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُمْنَعُ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ الثَّانِيَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ   [حاشية الرملي الكبير] [الْخَامِس الرِّقَاب] قَوْلُهُ وَهُمْ الْمُكَاتَبُونَ كِتَابَةً صَحِيحَةً) وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ كَافِرًا أَوْ هَاشِمِيًّا أَوْ نَحْوَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ كَسُوبًا كَمَا فِي الْغَارِمِ وَيُفَارِقُ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ بِأَنَّ حَاجَتَهُمَا إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِالتَّدْرِيجِ وَالْكَسْبُ يُحَصِّلُهَا كُلَّ يَوْمٍ وَحَاجَةُ مَنْ ذَكَرْنَا جَدَّةٌ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ وَالْكَسْبُ لَا يَدْفَعُهَا إلَّا بِالتَّدْرِيجِ غَالِبًا (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالِاعْتِنَاءِ بِالْحِرْصِ إلَخْ) فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَوْجُهٍ الْأَوَّلُ غَرَضُ تَعْجِيلِ الْحُرِّيَّةِ، الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ يَفُوتُ غَرَضُ الْعِتْقِ بِتَعْجِيلِ السَّيِّدِ عِنْدَ حُلُولِ النَّجْمِ، وَالدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْحُرِّ لَيْسَ كَذَلِكَ، الثَّالِثُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَأْخُذُ لِإِزَالَةِ الرِّقِّ عَنْ نَفْسِهِ وَالْمَدِينُ يَأْخُذُ لِإِزَالَةِ الدَّيْنِ، وَالْحَاجَةُ إلَى الْخَلَاصِ مِنْ الرِّقِّ أَهَمُّ. الرَّابِعُ أَنَّ الْغَارِمَ تَسَبَّبَ فِي الدَّيْنِ الَّذِي يَأْخُذُ لِأَجْلِهِ وَالْمُكَاتَبُ لَا يَأْخُذُ لِمَا تَسَبَّبَ فِيهِ الرِّقُّ، الْخَامِسُ أَنَّ الْغَارِمَ يَنْتَظِرُ الْيَسَارَ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَلَا حَبْسَ وَلَا مُلَازَمَةَ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُهُ إلَيْهِ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَتْلَفَاهُ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ وَالْبَرَاءَةِ لَمْ يَغْرَمَا) مِثْلَ تَلَفِهِ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ أَوْ الْإِبْرَاءِ تَلَفَهُ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ اُسْتُرِدَّ) وَلَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى الْكِتَابَةِ وَتَلَفَ الْمَأْخُوذُ فِي يَدِهِ وَلَوْ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ وَقَعَ الْمَوْقِعُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَلَوْ سَلَّمَ بَعْضَ الْمَالِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أُعْتِقَ وَلَوْ بَعْدَ دَفْعِ الْمَالِ إلَى سَيِّدِهِ اُسْتُرِدَّ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا عُلِمَ أَنَّ عِتْقَهُ لَا عَنْ جِهَةِ الْمَدْفُوعِ وَهُنَا فِيمَا إذَا دَلَّ الْحَالُ أَوْ احْتَمَلَ أَنَّهُ بِسَبَبِ الْمَدْفُوعِ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُمْنَعُ) عِبَارَتُهُ وَالْخِيَرَةُ إلَيْهِ فِي تَوْفِيَةِ النَّجْمِ إنْ شَاءَ وَفَّاهُ مَا اكْتَسَبَهُ وَاسْتَنْفَقَ مَا قَبَضَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ هَذَا لَفْظُهُ وَالْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إعْطَاءُ النُّجُومِ مِنْ كَسْبِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْفِقُ مَا أَخَذَهُ. وَالْأَوَّلُ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِنْفَاقِ ابْتِدَاءً فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُ الْإِمَامِ وَكَلَامُ صَاحِبِ الشَّامِلِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ فِيمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ كَسْبٌ حَاصِلٌ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُنْفِقَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ وَيَدْفَعَ إلَى السَّيِّدِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْكَسْبِ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الزَّكَاةَ ابْتِدَاءً وَمَا قَطَعَ بِهِ فِي الشَّامِلِ مِنْ الْمَنْعِ هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ كَسْبٌ لَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُنْفِقَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ وَيُوفِيَ السَّيِّدَ بِمَا يَتَحَصَّلُ مِنْ الْكَسْبِ فَتَأَمَّلْ كَلَامَهُمَا تَجِدُهُ كَذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى) فَإِنَّ تَجْوِيزَ الْإِمَامِ إنْفَاقَ مَا يَأْخُذُهُ وَالْأَدَاءَ مِنْ كَسْبِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يُتَوَقَّعُ لَهُ كَسْبٌ يَفِي بِذَلِكَ وَهَذَا لَا يَخُصُّ ابْنُ الصَّبَّاغِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 يُتَوَقَّعُ لَهُ كَسْبٌ يَفِي بِمَا عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ كَسْبٌ حَاصِلٌ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَصِحُّ الثَّانِي مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَمَعَهُ مَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ قُلْت يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا كَانَ بِيَدِهِ قَدْرُ مَا يَحْتَاجُهُ لِلنَّفَقَةِ وَهُوَ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِتْقُ لَوْ أَدَّاهُ (وَلَوْ أَعْطَى) السَّيِّدُ مِنْ زَكَاتِهِ (مُكَاتَبَهُ لَمْ يُجْزِهِ) لِعَوْدِ الْفَائِدَةِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْغَارِمِ فَإِنَّ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ زَكَاتِهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ فَكَأَنَّهُ أَعْطَى مَمْلُوكَهُ بِخِلَافِ الْغَارِمِ (وَلَا يُعْطَى مَنْ عَجَزَتْ الْوَصِيَّةُ بِكِتَابَتِهِ عَنْ كُلِّهِ) بِأَنْ أَوْصَى بِكِتَابَتِهِ عَبْدٌ فَعَجَزَ عَنْهُ الثُّلُثُ فَلَا يُعْطَى لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ يَنْقَسِمُ عَلَى الْقَدْرِ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَاسْتَحْسَنَ وَجْهًا أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ أَعْطَى فِي نَوْبَتِهِ وَإِلَّا فَلَا. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ أَوْ افْتَرَضَ الْمُكَاتَبُ نُجُومَهُ وَعَتَقَ أُعْطِيَ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ فَقَطْ) أَيْ لَا مِنْ سَهْمِ الرِّقَابِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مِنْهُمْ الصِّنْفُ (السَّادِسُ الْغَارِمُونَ وَهُمْ أَرْبَابُ الدُّيُونِ) يَعْنِي مَنْ لَزِمَتْهُمْ الدُّيُونُ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ دَيْنٌ لَزِمَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَدَيْنٌ لَزِمَهُ لِضَمَانٍ لَا لِتَسْكِينِ فِتْنَةٍ وَدَيْنٌ لَزِمَهُ لِتَسْكِينِهَا وَهُوَ إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ (فَمَنْ ادَّانَ) أَصْلُهُ ادْتَانَ اُسْتُثْقِلَتْ التَّاءُ بَعْدَ الدَّالِ فَأُبْدِلَتْ دَالًا وَأُدْغِمَتْ الْأُولَى فِيهَا أَيْ فَمَنْ اسْتَدَانَ (لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ) أُعْطِيَ (لَا) إنْ اسْتَدَانَ (فِي مَعْصِيَةٍ) كَثَمَنِ خَمْرٍ وَإِسْرَافٍ فِي نَفَقَتِهِ فَلَا يُعْطَى (إلَّا إنْ تَابَ) عَنْهَا فَيُعْطَى كَالْمُسَافِرِ لِمَعْصِيَةٍ إذَا تَابَ فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا هُنَا لِاسْتِبْرَاءِ حَالِهِ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يَظْهَرُ فِيهَا حَالُهُ إلَّا أَنَّ الرُّويَانِيَّ قَالَ يُعْطَى عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ فِي تَوْبَتِهِ فَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ اسْتَدَانَ لِمَعْصِيَةٍ ثُمَّ صَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ أُعْطِيَ وَفِي عَكْسِهِ يُعْطَى أَيْضًا إنْ عُرِفَ قَصْدُ الْإِبَاحَةِ أَوَّلًا وَلَكِنَّا لَا نُصَدِّقُهُ فِيهِ. وَالْأُولَى وَارِدَةٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَصْلِهِ وَجَوَابُ مَنْ قَوْلُهُ (أُعْطِيَ إذَا احْتَاجَ) إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ الزَّكَاةِ (وَ) ذَلِكَ بِأَنْ (كَانَ بِحَيْثُ لَوْ قَضَى دَيْنَهُ) مَا مَعَهُ (تَمَكَّنَ فَيُتْرَكُ لَهُ مَا يَكْفِيهِ وَيُتِمُّ لَهُ الْبَاقِي) يَعْنِي إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ تُرِكَ لَهُ مِمَّا مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ وَأُعْطِيَ مَا يَقْضِي بِهِ بَاقِي دَيْنَهُ فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ لَمْ يُعْطَ لَأَنْ يَأْخُذَ لِحَاجَتِهِ إلَيْنَا فَاعْتُبِرَ عَجْزُهُ كَالْمُكَاتَبِ وَابْنِ السَّبِيلِ بِخِلَافِ الْغَارِمِ لِلْإِصْلَاحِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ لِحَاجَتِنَا إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَيُعْطَى) الْغَارِمُ (وَلَوْ قَدَرَ) عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ (بِالْكَسْبِ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهِ غَالِبًا إلَّا بِالتَّدْرِيجِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ (وَكَذَا الْمُكَاتَبُ) يُعْطَى وَلَوْ قَدَرَ عَلَى قَضَاءِ النُّجُومِ بِالْكَسْبِ (وَيُشْتَرَطُ الْحُلُولُ) لِلدَّيْنِ (فِي) إعْطَاءِ (الْغَارِمِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُعْطَ قَبْلَ الْحُلُولِ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ الْآنَ وَذِكْرُهُ كَأَصْلِهِ هَذَا الشَّرْطَ عَقِبَ هَذَا الضَّرْبِ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الضَّرْبَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَيُمْكِنُ تَوَجُّهُهُ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي بِأَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ فِيهِ مَعَ الْغَنِيِّ يَجُوزُ مَعَ التَّأْجِيلِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إذْ لَا طَلَبَ لِلدَّيْنِ الْآنَ. وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِي الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ لَهُ وَلَعَلَّ فِي عُدُولِهِ عَنْ الضَّمِيرِ إلَى الظَّاهِرِ فِي قَوْلِهِ: الْغَارِمُ إشَارَةً إلَيْهِ (وَإِنْ ضَمِنَ لَا لَتَسْكِينِ فِتْنَةٍ) وَوُجِدَ حَالَةَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ (وَهُوَ مُعْسِرٌ) مُلْتَزِمٌ (بِمُعْسِرٍ) أَيْ بِمَا عَلَيْهِ (أُعْطِيَ) مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ (وَ) إذَا قَضَى بِهِ دَيْنَهُ (لَمْ يَرْجِعْ) عَلَى الْأَصِيلِ وَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إذَا غَرِمَ مَنْ عِنْدَهُ (كَبِمُوسِرٍ) أَيْ كَمُعْسِرٍ مُلْتَزِمٍ بِمُوسِرٍ أَيْ بِمَا عَلَيْهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْأَصِيلِ فَإِنَّهُ يُعْطَى لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ضَمِنَ بِإِذْنِهِ (وَصَرْفُهُ إلَى الْأَصِيلِ الْمُعْسِرِ أَوْلَى) لِأَنَّ الضَّامِنَ فَرَّعَهُ بِخِلَافِ الْأَصِيلِ الْمُوسِرِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الزَّكَاةِ (أَوْ) وَهُوَ (مُوسِرٌ) مُلْتَزِمٌ (بِمُوسِرٍ) أَيْ بِمَا عَلَيْهِ (فَلَا) يُعْطَى لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ رَجَعَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الضَّمَانَ بِالْإِذْنِ وَبِدُونِهِ وَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ فِي الْأَصْلِ بِلَا تَرْجِيحٍ. وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يُعْطَى، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْطِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَظِيرُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) مُوسِرٌ مُلْتَزِمٌ (بِمُعْسِرٍ) أَيْ بِمَا عَلَيْهِ (أُعْطِيَ الْأَصِيلُ) دُونَ الضَّامِنِ (وَالْغَارِمُ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) أَيْ الْحَالِ بَيْنَ الْقَوْمِ كَأَنْ يَخَافَ فِتْنَةً بَيْنَ قَبِيلَتَيْنِ تَنَازَعَتَا فِي قَتِيلٍ لَمْ يَظْهَرْ قَاتِلُهُ فَتَحَمَّلَ الدِّيَةَ تَسْكِينًا لِلْفِتْنَةِ (يُعْطِي مَعَ الْغَنِيِّ وَلَوْ فِي غَيْرِ دَمٍ) كَتَحَمُّلِ قِيمَةِ مَالٍ مُتْلَفٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا الْفَقْرَ فِيهِ لَقُلْت الرَّغْبَةُ فِي هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ (فَإِنْ قَضَى الْغَارِمُ دَيْنَهُ أَوْ سَلَّمَهُ) يَعْنِي دَيْنَ غَيْرِهِ (ابْتِدَاءً) أَيْ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ الدَّيْنِ ذِمَّتَهُ   [حاشية الرملي الكبير] وَلَا يُخَالِفُ الْإِمَامُ فِيهِ انْتَهَى وَمَفْهُومُهُ جَوَازُهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ كَسْبٌ حَاصِلٌ بِالْأَوْلَى وَقَدْ حَكَاهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ جَمْعٍ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُمَا أَنَّهُ إنْ كَانَ كَسْبٌ حَاصِلٌ يَفِي بِمَا عَلَيْهِ أَوْ يَتَوَقَّعُهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا [السَّادِس الْغَارِمِينَ] (قَوْلُهُ فَمَنْ ادَّانَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَدَانَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَوْ سَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ وَفِي دَيْنِهِ وَأَلْحَقُوهُ بِالدَّيْنِ الْمُبَاحِ (قَوْلُهُ كَثَمَنِ خَمْرٍ) كَأَنْ اشْتَرَى عِنَبًا بِقَصْدِ أَنْ يَعْصِرَهُ خَمْرًا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ تَابَ عَنْهَا إلَخْ) لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ زَالَتْ فَأَشْبَهَ مَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ فِي الْمَعْصِيَةِ حَتَّى صَارَ فَقِيرًا أَوْ هَرَبَ مِنْ بَلَدٍ ظُلْمًا ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يُعْطَى بِالْفَقْرِ وَالثَّانِي بِبُنُوَّةِ السَّبِيلِ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ مَعْصِيَةً (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهِ لِذَلِكَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَدَانَ لِمَعْصِيَةٍ لَزِمَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَسَبَقَ فِي بَابِ الْحَجْرِ عَنْ الْفَرَاوِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ وَ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يُعْطَى) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنْ قُلْنَا لَا يَرْجِعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ أُعْطِيَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي رُجُوعِ الضَّامِنِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ وَهْمٌ فَإِنَّهُ لَا قَائِلَ بِهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ وَأَدَّى بِالْإِذْنِ فِي (قَوْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْطَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 (مِنْ مَالِهِ) فِيهِمَا (لَمْ يَسْتَحِقَّ) شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ غَارِمًا فِي الْأُولَى وَلَيْسَ غَارِمًا فِي الثَّانِيَةِ فَإِطْلَاقُ الْغَارِمِ عَلَيْهِ فِيهَا مَجَازٌ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْغَارِمَ إنَّمَا يُعْطَى عِنْدَ بَقَاءِ الدَّيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ. نَعَمْ إنْ قَضَاهُ بِقَرْضٍ أُعْطِيَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ السَّابِقِ (وَكَذَا لَوْ مَاتَ) لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً لِدَيْنِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ مَاتَ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لِلزَّكَاةِ بِالْبَلَدِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى دِينُهُ مِنْهُ لِاسْتِحْقَاقِهِ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ مَعَ بَقَاءِ حَاجَتِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْمُكَاتَبِ وَالْغَازِي وَابْنِ السَّبِيلِ حَيْثُ يَنْقَطِعُ حَقُّهُمْ (وَفِي إقْرَاءِ) الْوَجْهِ قَوْلٌ أَصْلُهُ وَفِي قِرَى (الضَّيْفِ وَعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ) وَبِنَاءِ الْقَنْطَرَةِ وَفَكِّ الْأَسِيرِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ (يُعْطَى) الْمُسْتَدِينُ لَهَا (مِنْ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ النَّقْدِ) لَا عَنْ غَيْرِهِ كَالْعَقَارِ وَعَلَى هَذَا جَرَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا اسْتَدَانَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَحَكَى فِي الْأَصْلِ الْمَقَالَتَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَقَدَّمَ الثَّانِيَةَ وَلِتَقْدِيمِهَا فَهِمَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ أَنَّهَا الْمُعْتَمَدَةُ فَرَجَّحَهَا عَكْسُ مَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ مَا قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ. قَالَ وَالْحَاصِلُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ أَشْهُرُهُمَا أَنَّهُ كَمَا لَوْ اسْتَدَانَهُ لِنَفْسِهِ وَثَانِيهِمَا طَرِيقَةُ الْمَاوَرْدِيِّ وَهِيَ طَرِيقَةٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ اسْتِدَانَتِهِ لِنَفْسِهِ وَاسْتِدَانَتِهِ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ. (فَرْعٌ وَإِنْ بَانَ الْقَابِضُ) لِلزَّكَاةِ (مِنْ الْمَالِكِ غَنِيًّا أَوْ غَيْرَ غَارِمٍ) أَوْ غَيْرَهُ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا (لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ أَعْطَاهُ) إيَّاهَا (بِبَيِّنَةٍ) شَهِدَتْ بِالْوَصْفِ الَّذِي أَعْطَاهُ بِهِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ وَخَرَجَ بِالْمَالِكِ الْإِمَامُ وَسَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ وَفِي مَعْنَى الْمَالِكِ وَلِيُّهُ وَوَكِيلُهُ (وَإِنْ دَفَعَهَا لِمَدْيُونِهِ وَشَرَطَ أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهَا عَنْ دَيْنِهِ لَمْ يُجِزْهُ) وَلَا يَصِحُّ قَضَاءُ الدَّيْنِ بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (لَا إنْ نَوَيَا) ذَلِكَ وَلَمْ يَشْتَرِطَاهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَيَصِحُّ الْقَضَاءُ بِهَا (وَإِنْ وَعَدَهُ الْفَقِيرُ بِلَا شَرْطٍ مِنْ الْمَالِكِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ أَعْطِنِي مِنْ زَكَاتِك حَتَّى أَقْضِيَك دَيْنَك (وَأَعْطَاهُ) الْمَالِكُ (أَجْزَأَهُ) عَنْهَا (وَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ) بِالْوَعْدِ وَالتَّعْبِيرِ بِالْفَقِيرِ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالْمَدْيُونِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ. (وَلَوْ قَالَ الْغَرِيمُ) لِمَدْيُونِهِ (اقْضِنِي دَيْنِي) الَّذِي عَلَيْك (وَأَرُدُّهُ لَك زَكَاةً فَأَعْطَاهُ بَرِئَ) مِنْ الدَّيْنِ (وَلَا يَلْزَمُهُ إعْطَاؤُهُ وَلَوْ قَالَ) لِفَقِيرٍ لَهُ عِنْدَهُ حِنْطَةٌ وَدِيعَةٌ (اكْتَلْ) لِنَفْسِك (مِمَّا أَوْدَعْتُك) إيَّاهُ (صَاعًا) مَثَلًا (وَخُذْهُ لَك وَنَوَى بِهِ الزَّكَاةَ) فَفَعَلَ (أَوْ قَالَ جَعَلْت دَيْنِي) الَّذِي (عَلَيْك زَكَاةً لَمْ يُجْزِهِ) . أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِانْتِفَاءِ كَيْلِهِ لَهُ وَكَيْلُهُ لِنَفْسِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِيهَا إبْرَاءٌ لَا تَمْلِيكٌ وَإِقَامَتُهُ مَقَامَهُ إبْدَالٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِي الزَّكَاةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَطَرِيقُ الْأَجْزَاءِ فِيهَا أَنْ يَقْبِضَ الدَّيْنَ ثُمَّ يَرُدَّهُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ) لِلْفَقِيرِ (خُذْ مَا اكْتَلْتَ لِي) بِأَنْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ صَاعِ حِنْطَةٍ مَثَلًا فَقَبَضَهُ أَوْ بِشِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ فَقَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ خُذْهُ لِنَفْسِك وَنَوَاهُ زَكَاةً فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى كَيْلِهِ لِنَفْسِهِ (وَإِنْ ضَمِنَ) دِيَةَ قَتِيلٍ (عَنْ قَاتِلٍ يُعْرَفُ لَمْ يُعْطَ مَعَ الْغِنَى) بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ كَانَ هُنَاكَ حَاكِمٌ يُسْكِنُ الْفِتْنَةَ) وَإِلَّا أُعْطِيَ مَعَ الْغِنَى لِحَاجَتِنَا إلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ كَبِيرٌ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ يُغْنِي عَنْ الْحَاكِمِ عِنْدَ فَقْدِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ يُعْرَفُ مَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ فَيُعْطَى مَنْ ضَمِنَ عَنْهُ مَعَ الْغِنَى كَمَا مَرَّ هَذَا وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ وَعَدَمِهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمَعْرِفَتِهِ وَعَدَمِهَا أَيْ فَيُعْطَى مَعَ الْغِنَى مُطْلَقًا الصِّنْفُ (السَّابِع فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وَفِي نُسْخَةٍ سَبِيلُ اللَّهِ بِتَرْكِ فِي (وَهُمْ الْغُزَاةُ الْمُتَطَوِّعُونَ) أَيْ الَّذِينَ لَا رِزْقَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ فَيُعْطَوْنَ (وَإِنْ أَيْسَرُوا) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَإِعَانَةً لَهُمْ عَلَى الْغَزْوِ (وَتَحْرُمُ) الزَّكَاةُ (عَلَى) الْغَازِي (الْمُرْتَزِقِ وَلَوْ كَانَ عَامِلًا) كَمَا يَحْرُمُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ الْفَيْءِ لِلْمُتَطَوِّعِ (فَإِذَا عُدِمَ الْفَيْءُ وَاضْطُرِرْنَا إلَى الْمُرْتَزِقِ) لِيَكْفِيَنَا شَرَّ الْكُفَّارِ   [حاشية الرملي الكبير] تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ إلَخْ) لِأَنَّ الْحَيَّ مُحْتَاجٌ إلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ وَالْمَيِّتُ إنْ كَانَ عَصَى بِهِ أَوْ بِتَأْخِيرِهِ فَلَا يُنَاسِبُ الْوَفَاءَ عَنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهِ وَلَا حَاجَةَ لَهُ وَالزَّكَاةُ إنَّمَا تُعْطَى لِمُحْتَاجٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لِلزَّكَاةِ بِالْبَلَدِ) هَذِهِ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ الْوَجْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ وَفِي قِرًى) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا طَرِيقَةُ الْمَاوَرْدِيِّ) الْمَاوَرْدِيُّ يَقُولُ بِهَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْغَارِمِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ جَارٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى كَيْلِهِ لِنَفْسِهِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ كَانَ وَدِيعَةً جَازَ بِلَا قَبْضٍ (قَوْلُهُ أَيْ فَيُعْطَى مَعَ الْغِنَى مُطْلَقًا) عِبَارَتُهُ حَكَى صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ دِيَةَ قَتِيلٍ عَنْ قَاتِلٍ مَجْهُولٍ أُعْطِيَ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ مَعَ الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَإِنْ ضَمِنَهَا عَنْ قَاتِلٍ مَعْرُوفٍ أُعْطِيَ مَعَ الْفَقْرِ دُونَ الْغَنِيّ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَلَا تَأْثِيرَ لِمَعْرِفَتِهِ وَعَدَمِهَا وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ فِي الضَّمَانِ عَنْ قَاتِلٍ مَعْرُوفٍ وَجْهَيْنِ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَلَوْ كَانَ دَعْوَى الدَّمِ بَيْنَ مَنْ لَا تُخْشَى فِتْنَتُهُمْ فَتَحَمَّلَهَا فَوَجْهَانِ. اهـ. فَخَلَطَ الْمُصَنِّفُ الْفَرْعَيْنِ مَعًا وَجَعَلَ الثَّانِي شَرْطًا لِلْأَوَّلِ قَالَ الْغَزِّيّ فِي الْمَيْدَانِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ نَظَرٌ لِأَنَّ دَيْنَ الْجَهَالَةِ إنَّمَا قُضِيَ مِنْ الزَّكَاةِ لِأَنَّ الْقَاتِلَ إذَا كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ ثَارَتْ فِتْنَةٌ بِسَبَبِ جَهَالَتِهِ لِتَعَدِّي الْوَهْمِ إلَى مَنْ لَيْسَ بِقَاتِلٍ فَلَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ الْحَقِّ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الْقَاتِلُ مَعْرُوفًا وَأَمْكَنَ أَخْذُ الْحَقِّ مِنْهُ بِالشَّرْعِ إمَّا لِاعْتِرَافِهِ أَوْ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَضَمِنَهُ ضَامِنٌ فَلَا يَكُونُ كَالْجَهَالَةِ وَيُؤْخَذُ الْحَقُّ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ ثَارَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِتْنَةٌ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ نَعَمْ بِطَرِيقَةِ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ مُوسِرًا وَالضَّامِنُ مُعْسِرًا. فَإِنْ نَظَرْنَا إلَى رُجُوعِ الْفَائِدَةِ إلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ لَمْ يُقْضَ مِنْ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَيُقْضَى وَلَعَلَّ ذَلِكَ مُرَادُ الدَّارِمِيِّ بِمَا أَطْلَقَهُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ. اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 (أَعَانَهُمْ) الْأَوْلَى أَعَانَهُ أَيْ الْمُرْتَزِقَ (الْأَغْنِيَاءُ) أَيْ أَغْنِيَاؤُنَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ (لَا مِنْ الزَّكَاةِ) كَمَا لَا يُصْرَفُ الْفَيْءُ إلَى مَصَارِفِ الزَّكَاةِ [الثَّامِن ابْن السَّبِيل] (الثَّامِنُ ابْنُ السَّبِيلِ) أَيْ الطَّرِيقِ (وَهُوَ مَنْ يُنْشِئُ سَفَرًا مُبَاحًا) مِنْ مَحَلِّ الزَّكَاةِ فَيُعْطَى (وَلَوْ) كَسُوبًا أَوْ كَانَ سَفَرُهُ (لِنُزْهَةٍ) لِعُمُومِ الْآيَةِ بِخِلَافِ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ لَا يُعْطَى فِيهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْإِمَامُ السَّفَرَ لَا لِقَصْدٍ صَحِيحٍ كَسَفَرِ الْهَائِمِ (وَكَذَا) يُعْطَى أَيْضًا (الْمُسَافِرُ الْغَرِيبُ) الْمُجْتَازُ بِمَحَلِّ الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا يُعْطَيَانِ (إنْ لَمْ يَجِدَا) مَعَهُمَا (شَيْئًا) يَكْفِيهِمَا فِي سَفَرِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فَيُعْطَى مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَمَنْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ نَعَمْ إنْ وَجَدَ الثَّانِي مَنْ يُقْرِضُهُ لَمْ يُعْطَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَوَقَعَ لِابْنِ كَجٍّ مَا يُخَالِفُ النَّصَّ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِلنَّصِّ الْمَذْكُورِ. (فَصْلٌ تَحْرُمُ الزَّكَاةُ عَلَى الْهَاشِمِيِّ وَالْمُطَّلِبِيِّ وَلَوْ انْقَطَعَ) عَنْهُمَا (خُمُسُ الْخُمُسِ) لِخُلُوِّ بَيْتِ الْمَالِ عَنْ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ أَوْ لِاسْتِيلَاءِ الظَّلَمَةِ عَلَيْهِمَا (أَوْ كَانَ) مَنْ يُعْطَاهَا (مَوْلًى لَهُمَا) أَيْ الْهَاشِمِيِّ وَالْمُطَّلِبِيِّ (أَوْ عَامِلًا) فِي الزَّكَاةِ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ «لَا أُحِلُّ لَكُمْ أَهْلِ الْبَيْتِ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْئًا وَلَا غُسَالَةَ الْأَيْدِي إنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يَكْفِيكُمْ أَوْ يُغْنِيكُمْ أَيْ بَلْ يُغْنِيكُمْ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ نَعَمْ لَوْ اسْتَعْمَلَهُمْ الْإِمَامُ فِي الْحِفْظِ أَوْ النَّقْلِ فَلَهُمْ أُجْرَتُهُ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَهَذَا إمَّا ضَعِيفٌ أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا يُعْطَاهُ الْعَامِلُ أُجْرَةً لَا زَكَاةً لَكِنَّ الصَّحِيحَ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ زَكَاةٌ بِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ مُسْتَدِلًّا بِآيَةِ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} [التوبة: 60] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَحَلُّهُ إذَا اُسْتُؤْجِرُوا لِلنَّقْلِ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ كَمَا فِي الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ يَعْمَلَانِ فِيهَا بِالْأُجْرَةِ وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَانَ مَوْلًى لَهُمَا تَسَمُّحٌ سَلِمَ مِنْهُ عَطْفُ الْأَصْلِ لَهُ عَلَيْهِمَا. (فَصْلٌ لَهُ) أَيْ لِلْمُزَكِّي مِنْ إمَامٍ وَغَيْرِهِ (إعْطَاءُ مَنْ عَلِمَ اسْتِحْقَاقَهُ) لِلزَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا مِنْهُ بِخِلَافِ مَنْ عَلِمَ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ أَصْلِهِ بِالْإِمَامِ وَبِالطَّلَبِ (وَ) لَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (تَصْدِيقٌ) أَوْلَى مِنْهُ وَأَخْصَرَ وَيُصَدَّقُ (مَنْ ادَّعَى فَقْرًا أَوْ مَسْكَنَةً أَوْ عَجْزًا عَنْ كَسْبٍ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ اُتُّهِمَ) لِأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالرِّفْقِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى مَنْ سَأَلَهُ مِنْهَا بِغَيْرِ تَحْلِيفٍ وَعَلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً لِعُسْرِهَا وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ (فَلَوْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَادَّعَى تَلَفَهُ لَمْ يُصَدَّقْ) بَلْ يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ لِسُهُولَتِهَا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ دَعْوَاهُ التَّلَفَ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ كَالْحَرِيقِ أَوْ خَفِيٍّ كَالسَّرِقَةِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَالظَّاهِرُ التَّفْرِيقُ كَالْوَدِيعَةِ وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ ثَمَّ عَدِمُ الضَّمَانِ وَهُنَا عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ (وَكَذَا) لَا يُصَدَّقُ (مَنْ ادَّعَى عِيَالًا) لَهُ لَا يَفِي كَسْبُهُ بِكِفَايَتِهِمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمْ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَقَوْلُ السُّبْكِيّ تَفَقُّهًا وَكَذَا مَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ مِمَّنْ تَقْضِي الْمُرُوءَةُ بِقِيَامِهِ بِنَفَقَتِهِمْ مِمَّنْ يُمْكِنُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ مِنْ قَرِيبٍ وَغَيْرُهُ بَعِيدٌ (وَيُصَدَّقُ) بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ (فِي) دَعْوَى (الْعَزْمِ عَلَى السَّفَرِ وَالْغَزْوِ) مُدَّعِيًا هُمَا لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُمَا (فَإِنْ تَخَلَّفَا عَنْ الرُّفْقَةِ وَلَوْ بَعْدَ التَّأَهُّبِ) لِلسَّفَرِ وَالْغَزْوِ (اُسْتُرِدَّ) مِنْهُمَا مَا أَخَذَاهُ لِأَنَّ صِفَةَ الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ تَحْصُلْ. (وَلَا يُصَدَّقُ الْعَامِلُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ) فِي دَعْوَى الْعَمَلِ وَالْكِتَابَةِ وَلُزُومِ الدَّيْنِ الذِّمَّةِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِسُهُولَتِهَا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ (فَلَوْ صَدَّقَهُمَا) أَيْ الْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ (الْمَوْلَى) أَيْ السَّيِّدُ (وَالْغَرِيمُ) أَيْ رَبُّ الدَّيْنِ (كَفَى) لِلْإِعْطَاءِ لِظُهُورِ الْحَقِّ بِالتَّصْدِيقِ وَلِأَنَّ الْإِعْطَاءَ فِيهِمَا مُرَاعًى فَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ أَدَّى   [حاشية الرملي الكبير] [السَّابِع فِي سَبِيل اللَّه] قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ) فَإِنْ تَابَ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ أُعْطِيَ (قَوْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ) هَذَا النَّصُّ إنَّمَا هُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْفَيْءِ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْقَفَّالِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ) وَأَقَرَّهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ [فَصَلِّ تحرم الزَّكَاة عَلَى الْهَاشِمِيّ وَالْمُطَّلِبِيّ] (قَوْلُهُ تَحْرُمُ الزَّكَاةُ عَلَى الْهَاشِمِيِّ إلَخْ) لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِجَوَازِ أَخْذِهِمْ مِنْ النَّذْرِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُحْتَمَلُ جَوَازُهُ لِأَنَّ النَّذْرَ مُتَطَوَّعٌ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى أَنَّهُ يَسْلُكُ بِالنُّذُورِ مَاذَا إنْ قُلْنَا يَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكُ وَاجِبِ الشَّرْعِ الْتَحَقَ بِالزَّكَاةِ وَإِلَّا فَلَا وَالْكَفَّارَةُ كَالزَّكَاةِ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى إلْحَاقِ الزَّوْجَاتِ بِالْأَقَارِبِ انْتَهَى وَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ الْوَاجِبَةُ وَالْجُزْءُ الْوَاجِبُ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ قَالَ شَيْخنَا وَمُقْتَضَى ذَلِكَ الْحُرْمَةُ فِي مَسْأَلَةِ النَّذْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا اُسْتُؤْجِرُوا لِلنَّقْلِ وَنَحْوِهِ) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَقَالُوا مَا ذُكِرَ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ وَمَوَالِيهِمْ مَحَلُّهُ فِيمَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ عَامِلًا أَوْ عَوْنًا لِيَأْخُذَ مِنْ سَهْمِ الْعِمَالَةِ أَمَّا لَوْ اُسْتُؤْجِرُوا لِلنَّقْلِ وَالْحِفْظِ وَالرَّعْيِ وَالْكَيْلِ وَنَحْوِهَا فَيَجُوزُ كَمَا فِي الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ يَعْمَلَانِ فِيهَا بِالْأُجْرَةِ س [فَصْلٌ لِلْمُزَكِّي مِنْ إمَامٍ وَغَيْرِهِ إعْطَاءُ مَنْ عَلِمَ اسْتِحْقَاقَهُ لِلزَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا مِنْهُ] (قَوْلُهُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالرِّفْقِ) مِثْلُ الزَّكَاةِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ (قَوْلُهُ فَلَوْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَادَّعَى تَلَفَهُ إلَخْ) مُرَادُ مَالٍ يَمْتَنِعُ مَعَهُ الصَّرْفُ إلَيْهِ أَمَّا لَوْ كَانَ قَدْرٌ إلَّا يُغْنِيه لَمْ يُطَالِبْ بِبَيِّنَةٍ إلَّا عَلَى تَلَفٍ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَيُعْطَى تَمَامَ كِفَايَتِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ التَّفْرِيقُ كَالْوَدِيعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيّ فِيهِ وَقْفَةٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْفَقْرُ فَالْأَصْلُ الِاسْتِحْقَاقُ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهُوَ مَرْدُودٌ إذْ كَيْفَ يُقَالُ الْأَصْلُ الْفَقْرُ مَعَ مَعْرِفَةِ مَالٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّأَهُّبِ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَإِنْ تَخَلَّفَا عَنْ الرِّفْقَةِ لَا لِتَأَهُّبِ اُسْتُرِدَّ (قَوْلُهُ وَلَا يُصَدَّقُ الْعَامِلُ) أَيْ فِيمَا إذَا طَلَبَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ مِنْ الْإِمَامِ إذَا بَعَثَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ الصَّدَقَةَ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 الدَّيْنَ فَذَاكَ وَإِلَّا اُسْتُرِدَّ وَإِنْ كَذَّبَاهُمَا لَغَا الْإِقْرَارُ (وَالْمُؤَلَّفُ يُصَدَّقُ) بِلَا يَمِينٍ (فِي ضَعْفِ النِّيَّةِ) بِأَنْ قَالَ نِيَّتِي فِي الْإِسْلَامِ ضَعِيفَةٌ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُصَدِّقُهُ (وَيُثْبِتُ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً (بِالشَّرَفِ) الَّذِي ادَّعَاهُ بِأَنْ قَالَ أَنَا شَرِيفٌ مُطَاعٌ فِي قَوْمِي (وَالْكِفَايَةِ) الَّتِي ادَّعَاهَا بِأَنْ قَالَ إنَّمَا أَكْفِيكُمْ شَرَّ مَنْ يَلِينِي مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْمُرَادُ بِالْإِثْبَاتِ) فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ (إخْبَارُ عَدْلَيْنِ) بِصِفَاتِ الشُّهُودِ وَلَوْ بِلَا قَاضٍ وَدَعْوَى وَإِشْهَادٍ (وَالِاسْتِفَاضَةُ) وَهِيَ اشْتِهَارُ الْحَالِ بَيْنَ النَّاسِ (كَافِيَةٌ) عَنْ الْبَيِّنَةِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ أَوْ غَلَبَةِ الظَّنِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَشْهَدُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اعْتِبَارِ غَلَبَةِ الظَّنِّ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ عَنْ الْحَالِ وَاحِدٌ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ كَفَى وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ رَأْيٌ لِلْأَصْحَابِ رَمْزًا إلَى تَرَدُّدٍ فِي أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْوُثُوقُ بِقَوْلِهِ مَنْ يَدَّعِي الْغُرْمَ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ هَلْ يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ انْتَهَى وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ وَيَكُونُ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ أَوَّلًا لَهُ إعْطَاءُ مَنْ عَلِمَ اسْتِحْقَاقَةَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ (فَصْلٌ يُعْطَى الْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ مَا عَجَزَا عَنْ أَدَائِهِ) مِنْ كُلِّ الدَّيْنِ أَوْ بَعْضِهِ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يُعْطَيَانِ لِلْحَاجَةِ إلَى وَفَائِهِ نَعَمْ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ يُعْطَى الْكُلُّ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَدَائِهِ كَمَا مَرَّ (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا أَوْ مِسْكِينًا) وَقَدْ (تَعَوَّدَ التِّجَارَةَ أُعْطِيَ كِفَايَتَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ وَإِلَّا وُفِّقَ بِعِبَارَةِ أَصْلِهِ أُعْطِيَ رَأْسَ مَالٍ (يَكْفِيهِ رِبْحُهُ غَالِبًا) وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالنَّوَاحِي (فَيُعْطَى الْبَقْلِيُّ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَالْبَاقِلَّانِيّ عَشْرَةً وَالْفَاكِهِيُّ عِشْرِينَ وَالْخَبَّازُ خَمْسِينَ وَالْبَقَّالُ مِائَةً وَالْعَطَّارُ أَلْفًا وَالْبَزَّازُ أَلْفَيْنِ وَالصَّيْرَفِيُّ خَمْسَةَ آلَافٍ وَالْجَوْهَرِيُّ عَشْرَةَ آلَافٍ) وَظَاهِرٌ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ عَلَى التَّقْرِيبِ فَلَوْ زَادَ عَلَى كِفَايَتِهِمْ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا نُقِصَ أَوْ زِيدَ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ (وَمَنْ لَهُ حِرْفَةٌ) لَا يَجِدُ آلَتَهَا (أُعْطِيَ مَا يَشْتَرِي بِهِ آلَتَهَا) قَلَّتْ قِيمَتُهَا أَوْ كَثُرَتْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا وَلَوْ اجْتَمَعَ فِي وَاحِدٍ حِرَفٌ أُعْطِيَ بِأَقَلِّهَا فَإِنْ لَمْ يَفِ بِحَالَةٍ تُمِّمَ لَهُ مَا يَكْفِيهِ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُعْطَى بِالْحِرْفَةِ الَّتِي تَكْفِيهِ (وَلَوْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا) مِنْ حِرْفَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ (أُعْطِيَ كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ بِأَنْ يُشْتَرَى لَهُ) بِهِ (عَقَارٌ تَكْفِيهِ غَلَّتُهُ) وَيُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ الزَّكَاةِ (فَرْعٌ يُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ مَا يَكْفِيهِ) فِي سَفَرِهِ (ذَهَابًا وَ) كَذَا (إيَابًا لِقَاصِدِ الرُّجُوعِ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي طَرِيقِهِ أَوْ مَقْصِدِهِ مَالٌ (أَوْ مَا يُبَلِّغُهُ مَالَهُ) إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ مَالٌ فَيُعْطَى (نَفَقَةً وَكِسْوَةً إنْ احْتَاجَ) إلَيْهَا بِحَسَبِ الْحَالِ شِتَاءً وَصَيْفًا (لَا نَفَقَةَ إقَامَةٍ تُخْرِجُهُ عَنْ السَّفَرِ) بِخِلَافِ نَفَقَةِ إقَامَةٍ لَا تُخْرِجُهُ عَنْهُ فَيُعْطَاهَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّهُ يُعْطَى جَمِيعَ كِفَايَتِهِ لَا مَا زَادَ بِسَبَبِ السَّفَرِ فَقَطْ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ قَدْ تَقْتَضِي أَنَّهُ وَلَوْ أَقَامَ لِحَاجَةٍ يُتَوَقَّعُ زَوَالُهَا أُعْطِيَ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَا يُعْطَى لِمُدَّةِ الْإِقَامَةِ إلَّا مُدَّةَ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ وَهِيَ سَالِمَةٌ مِنْ ذَلِكَ (وَيُعَارُ أَوْ يُسْتَأْجَرُ) أَوْ يُمَلَّكُ (لَهُ مَا يَحْمِلُهُ) فِي سَفَرِهِ (إنْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ أَوْ طَالَ السَّفَرُ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْجَزْ وَقَصُرَ سَفَرُهُ (وَ) يُعْطَى بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ تَمْلِيكٍ (مَا يَحْمِلُ زَادَهُ وَمَتَاعَهُ إنْ لَمْ يُطِقْ) وَفِي نُسْخَةٍ يُلْقِ (حِمْلَهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَإِنْ كَذَّبَاهُمَا لَغَا الْإِقْرَارُ) فَإِنْ أَقَرَّ لِغَائِبٍ فَفِي إعْطَائِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ إعْطَائِهِ (قَوْلُهُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ [فَصْلٌ يُعْطَى الْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ مَا عَجَزَا عَنْ أَدَائِهِ مِنْ كُلِّ الدَّيْنِ أَوْ بَعْضِهِ مِنْ الزَّكَاة] (قَوْلُهُ فَيُعْطَى الْبَقْلِيُّ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ التَّقْدِيرَاتُ لَا يَخْفَى فَسَادُهَا وَالْمُحَكَّمُ فِيهِ هُوَ التَّعْرِيفُ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُشْتَرَى لَهُ عَقَارٌ تَكْفِيه غَلَّتُهُ) هَذَا إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ يَشْتَرِي لَهُ وَلِيُّهُ بِذَلِكَ عَقَارًا يَسْتَغِلُّهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهُ وَقَدْ يَكُونُ النَّظَرُ فِي عَدَمِ الشِّرَاءِ لِجَلَاءِ أَهْلِ النَّاحِيَةِ أَوْ خَرَابِهَا أَوْ إشْرَافِهَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ رَشِيدًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ الْمِقْدَارُ الْمَذْكُورُ وَيَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ لَا مَحَالَةً وَحِينَئِذٍ فَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّا نَأْمُرُهُ بِذَلِكَ أَمْرًا رَشَادٍ وَالْخِيَرَةُ إلَيْهِ فِيهِ أَوْ أَنَّا نَأْمُرُهُ بِذَلِكَ وَنَجْبُرُهُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ الْأَوَّلَ فَقَرِيبٌ وَلَا يَبْقَى خِلَافٌ مُحَقَّقٌ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَخُرُوجُهُ عَنْ الْقَوَاعِدِ وَقَدْ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ الظَّاهِرَةُ فِي عَدَمِ شِرَاءِ الْعَقَارِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّ الْإِمَامَ يَشْتَرِي لَهُمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا وَقْتَ فِيمَا يُعْطَى الْفَقِيرُ إلَّا مَا يُخْرِجُهُ مِنْ حَدِّ الْفَقْرِ إلَى الْغِنَى قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْغِنَى هُوَ الْكِفَايَةُ عَلَى الدَّوَامِ فَيُدْفَعُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَجْعَلُهُ رَأْسَ مَالٍ وَيَكْفِيه فَضْلُهُ لِمُؤْنَةٍ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ لَا يُحْسِنُونَ التِّجَارَةَ اشْتَرَى لَهُمْ مَا يَغُلُّهُمْ كِفَايَتَهُمْ عَلَى الدَّوَامِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحِرْفَةِ اشْتَرَى لَهُمْ آلَاتِهِمْ إلَى آخِرِهِ وَهَذَا غَايَةٌ فِي الْبُعْدَانِ أُرِيدَ أَنَّهُ يُشْتَرَى لَهُمْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ وَقَبْلَ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ أَوْ بَعْدَهُ جَبْرًا لِمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ غ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ فَيُشْتَرَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُشْتَرِي لَهُ الْإِمَامُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْغَازِي أَنَّ الْإِمَامَ يَشْتَرِي لَهُ الْفَرَسَ أَوْ يَصْرِفُ لَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ قَدْ تَقْتَضِي أَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ تَشْمَلُ إعْطَاءَهُ نَفَقَةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِيمَا إذَا أَقَامَ لِحَاجَةٍ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَأَمَّا نَفَقَتُهُ فِي إقَامَتِهِ فِي الْمَقْصِدِ فَإِنْ كَانَتْ إقَامَتُهُ دُونَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ أُعْطِيَ لَهَا لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُسَافِرِ إذْ لَهُ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ وَسَائِرُ الرُّخَصِ وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ لَمْ يُعْطَ لَهَا لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُسَافِرًا ابْنُ سَبِيلٍ إذَا انْقَطَعَتْ رُخَصُ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْغَازِي فَإِنَّهُ يُعْطَى نَفَقَةَ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ فِي الثَّغْرِ وَإِنْ طَالَتْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَازِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِتَوَقُّعِ الْفَتْحِ وَإِنَّهُ لَا يَزُولُ بِالْإِقَامَةِ اسْمُ الْغَازِي بَلْ يَتَأَكَّدُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ وَفِيهِ وَجْهٌ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ أَنَّ ابْنَ السَّبِيلِ يُعْطَى وَإِنْ طَالَ مَقَامُهُ إذَا كَانَ مُقِيمًا لِحَاجَةٍ يُتَوَقَّعُ تَنَجُّزُهَا وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ انْتَهَى فَتَعْلِيلَاهُ صَرِيحَانِ فِيمَا ذَكَرْته. (قَوْلُهُ وَمَا يَحْمِلُ زَادَهُ وَمَتَاعَهُ إلَخْ) إذَا أُعْطِيَ لِمَسَافَةٍ فَتَرَك السَّفَرَ فِي أَثْنَائِهَا وَقَدْ أَنْفَقَ الْكُلَّ فَإِنْ كَانَ لِغَلَاءِ السِّعْرِ لَمْ يَغْرَمْ وَإِلَّا غَرِمَ قِسْطَ بَاقِي الْمَسَافَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 بِخِلَافِ مَا إذَا أَطَاقَهُ بِأَنْ كَانَ قَدْرًا يَعْتَادُ مِثْلُهُ حَمْلَهُ بِنَفْسِهِ لِانْتِفَاءِ الْحَاجَةِ وَمَا زِدْتُهُ مِنْ التَّمْلِيكِ فِيمَا ذُكِرَ أَخَذْتُهُ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْلِ قَوْلُهُ وَيُهَيَّأُ لَهُ الْمَرْكُوبُ وَمِمَّا يَأْتِي فِي الْغَازِي وَإِنْ فُرِّقَ بِأَنَّ الْغَازِيَ يُعْطَى لِحَاجَتِنَا مَعَ الْغِنَى، وَابْنُ السَّبِيلِ يُعْطَى لِحَاجَتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِيمَا قُلْنَا لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ إنْ قَلَّ الْمَالُ أُعْطِيَ كِرَاءَ الْمَرْكُوبِ وَإِلَّا اُشْتُرِيَ لَهُ ذَلِكَ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْمَغَازِي أَنَّهُ إنْ قَلَّ الْمَالُ تَعَيَّنَ الِاسْتِئْجَارُ أَوْ الْإِعَارَةُ لَهُ (فَرْعٌ وَالْغَازِي يُعْطَى النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِقَامَةً فِي الثَّغْرِ) إلَى الْفَتْحِ (وَإِنْ طَالَتْ) بِخِلَافِ ابْنِ السَّبِيلِ لَا يُعْطَى لِمُدَّةِ إقَامَتِهِ الزَّائِدَةِ عَلَى إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ كَمَا مَرَّ لِزَوَالِ الِاسْمِ عَنْهُ وَاسْمُ الْغَازِي لَا يَزُولُ بِذَلِكَ بَلْ يَتَأَكَّدُ بِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِتَوَقُّعِ فَتْحِ الْحِصْنِ (وَ) يُعْطَى (نَفَقَةَ عِيَالِهِ) وَكِسْوَتَهُمْ لِذَلِكَ (وَقِيمَةُ الْفَرَسِ) إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقَابِلُ فَارِسًا وَإِلَّا فَلَا (وَ) قِيمَةَ (آلَةِ الْحَرْبِ) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ (وَيَصِيرُ) جَمِيعُ ذَلِكَ (مِلْكَهُ) وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْفَرَسَ وَالْآلَةَ لِامْتِنَاعِ الْإِبْدَالِ فِي الزَّكَاةِ وَلِلْإِمَامِ ذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهِ فَيَشْتَرِي لَهُ ذَلِكَ وَيُعْطَاهُ (أَوْ يُسْتَأْجَرُ لَهُ أَوْ يُعَارُ) لَهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ وَوَقَفَهُ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ لَمْ يَقِفْهُ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ الِاسْتِئْجَارُ أَوْ الْإِعَارَةُ (إنْ قَلَّ الْمَالُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَخْتَلِفُ الْحَالُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْمَالِ وَقِلَّتِهِ (وَلِلْإِمَامِ) لَا لِلْمَالِكِ (أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ هَذَا السَّهْمِ خَيْلًا وَيَقِفَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وَيُعِيرَهُ إيَّاهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَفِي نُسْخَةٍ وَيُوقِفَهَا مِنْ أَوْقَفَهُ وَهِيَ لُغَةٌ شَاذَّةٌ (وَحَمْلُ زَادِهِ وَ) حَمْلُ (نَفْسِهِ) فِي الطَّرِيقِ (كَابْنِ السَّبِيلِ) فَيُعْطَى مَا يَحْمِلُهُ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ (فَرْعٌ إنَّمَا يُعْطَى) الْغَازِي ذَلِكَ (وَقْتَ الْخُرُوجِ) لِيُهَيِّئَ بِهِ أَسْبَابَ السَّفَرِ (فَإِنْ مَاتَ فِي الطَّرِيقِ) أَوْ فِي الْمَقْصِدِ أَوْ امْتَنَعَ فِيهَا مِنْ الْغَزْوِ (اُسْتُرِدَّ) مِنْهُ (مَا بَقِيَ وَإِنْ غَزَا وَرَجَعَ وَبَقِيَ مَعَهُ شَيْءٌ فَإِنْ قَتَّرَ) أَيْ ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ (أَوْ كَانَ) الْبَاقِي قَدْرًا (يَسِيرًا لَمْ يُسْتَرَدَّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَتِّرْ وَكَانَ الْبَاقِي قَدْرًا كَثِيرًا (اُسْتُرِدَّ) لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُعْطَى لَهُ فَوْقَ الْحَاجَةِ وَإِنَّ الْمُعْطِي أَخْطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ (وَيُسْتَرَدُّ فَاضِلُ ابْنِ السَّبِيلِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّا دَفَعْنَا إلَى الْغَازِي لِحَاجَتِنَا وَقَدْ تَحَصَّلْنَا عَلَى الْغَرَضِ لَمَّا غَزَا، وَابْنِ السَّبِيلِ إلَيْهِ لِحَاجَتِهِ وَقَدْ زَالَتْ. (فَرْعٌ الْمُؤَلَّفُ) بِأَنْوَاعِهِ (يُعْطَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ) أَوْ الْمَالِكُ إنْ فَرَّقَ عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُعْطَى الْمُؤَلَّفُ أَوْ يُقَالُ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ سَوَاءٌ أَفَرَّقَ هُوَ أَوْ الْمَالِكُ (وَالْعَامِلُ يَسْتَحِقُّ) مِنْ الزَّكَاةِ (أُجْرَةَ) مِثْلِ (مَا عَمِلَهُ) فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ بَعَثَهُ بِلَا شَرْطٍ ثُمَّ أَعْطَاهُ إيَّاهَا وَإِنْ شَاءَ سَمَّاهَا لَهُ إجَارَةً كَمَا سَيَأْتِي أَوْ جَعَالَةً ثُمَّ أَدَّاهُ مِنْ الزَّكَاةِ وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالْعَمَلِ وَبِهِ صَرَّحَ أَوَاخِرَ الْبَابِ فَلَوْ أَدَّاهَا الْمَالِكُ قَبْلَ قُدُومِ الْعَامِلِ أَوْ حَمَلَهَا إلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ (وَلِلْإِمَامِ اسْتِئْجَارُهُ لَا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهَا (بَطَلَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ لِتَصَرُّفِهِ بِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ (وَالزَّائِدُ) مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ (عَلَى أُجْرَتِهِ) يَرْجِعُ لِلْأَصْنَافِ وَمَتَى نَقَصَ سَهْمُهُ عَنْهَا كَمَّلَ (قَدْرَهَا) مِنْ الزَّكَاةِ ثُمَّ قَسَّمَ الْبَاقِي (وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَجْعَلَ أُجْرَةَ الْعَامِلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إجَارَةً أَوْ جَعَالَةً (جَازَ وَبَطَلَ سَهْمُهُ) فَتُقْسَمُ الزَّكَاةُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَامِلٌ. (فَرْعٌ) قَالَ الدَّارِمِيُّ وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى الْعَامِلُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ عَمِلَ مُتَبَرِّعًا لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا عَلَى الْقَاعِدَةِ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنْ رَدَّهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ هَذَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ عَمَلَ كَالْغَنِيمَةِ يَسْتَحِقُّهَا الْمُجَاهِدُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا عَمِلَ عَلَى أَنْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا اسْتَحَقَّ وَإِسْقَاطُهُ بَعْدَ الْعَمَلِ لِمَا مَلَكَهُ بِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِمَا يُنْقَلُ الْمِلْكُ مِنْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَلَيْسَ كَمَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِقَصْدِ التَّبَرُّعِ حَتَّى يُقَالَ إنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطٍ مِنْ الْمَخْلُوقِ وَهَذَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمِيرَاثِ وَالْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ. (فَرْعٌ مَتَى اجْتَمَعَ فِي رَجُلٍ) مَثَلًا (صِفَتَانِ) كَفَقِيرٍ غَازٍ (وَلَوْ) كَانَ (عَامِلًا فَقِيرًا أَخَذْنَا بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ) لَا بِهِمَا لِأَنَّ الْعَطْفَ فِي الْآيَةِ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ وَالتَّرْجِيحُ فِي الْعَامِلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَى هَذَا (فَإِنْ أَخَذَ فَقِيرٌ) غَارِمٌ (مَعَ الْغَارِمِينَ) نَصِيبَهُ مِنْ سَهْمِهِمْ (فَأَعْطَاهُ غَرِيمُهُ أُعْطِيَ مَعَ الْفُقَرَاءِ) نَصِيبَهُ مِنْ سَهْمِهِمْ لِأَنَّهُ الْآنَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقِيمَةُ الْفَرَسِ إلَخْ) وَهَذَا غَيْرُ مَرْكُوبِهِ فِي السَّفَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوْفِيرِ الْخَيْلِ إلَى وَقْتِ الْحَرْبِ إذْ لَوْ رَكِبُوهَا مِنْ دَارِنَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ رُبَّمَا كَلَّتْ وَعَجَزَتْ عَنْ الْكَرِّ وَالْفَرِّ حَالَ الْمُطَارَدَةِ وَالْقِتَالِ لَا سِيَّمَا إذَا بَعُدَ الْمَغْزَى (قَوْلُهُ أَوْ يَسَارٌ لَهُ) فِي تَسْمِيَةِ هَذَا عَارِيَّةٍ نَظَرٌ فَإِنَّ انْتِفَاعَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِالْوَقْفِ لَيْسَ عَارِيَّةً وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ التَّسْمِيَةَ صَحِيحَةٌ إذْ لَيْسَ لِلْآحَادِ الِاسْتِبْدَادُ بِأَخْذِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا بِإِذْنِ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ وَلَيْسَ هُوَ مُعَيَّنًا فِي الْوَقْفِ حَتَّى يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا الْوَقْفُ عَلَى الْجِهَةِ فَصَحَّ تَسْمِيَةُ ذَلِكَ عَارِيَّةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَارِيَّةً أَنْ يَضْمَنَهُ فَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَضْمَنُ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ كُتُبًا وَشَرَطَ أَنْ لَا يُعَارُ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا بِرَهْنٍ صَحَّ الْوَقْفُ وَاتُّبِعَ الشَّرْطُ فَالْقَفَّالُ قَدْ أَطْلَقَ الْعَارِيَّةَ عَلَى الْوَقْفِ قَالَ شَيْخُنَا الشَّرْطُ بَاطِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ هَذَا السَّهْمِ خَيْلًا إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ لَهُ فِي إعْطَاءِ الْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ طُرُقٌ دَفْعُ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ الِاسْتِئْجَارِ لَهُ أَوْ لِلْجِهَةِ أَوْ الْوَقْفِ عَلَيْهَا وَلَا يَمْلِكُ إلَّا فِي دَفْعِ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ وَالْعَامِلُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مَا عَمِلَهُ) وَلَوْ كَانَ مَا جَمَعَهُ مِنْ الزَّكَاةِ قَدْرَهَا (قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ اسْتِئْجَارُهُ لَا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ إلَخْ) نَقَلَ الْجُورِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّ قِسْمَةَ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَسْتَقِلُّ بِهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَتَّى يَحْضُرَ الْآخَرُ أَوْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ لَكِنْ رَدَّهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ هَذَا فَرْضُ اللَّهِ تَعَالَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ عَامِلًا فَقِيرًا) أَيْ أَوْ غَارِمًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 مُحْتَاجٌ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّيْخِ نَصْرٍ وَأَقَرَّهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَالْمُرَادُ امْتِنَاعُ أَخْذِهِ بِهِمَا دُفْعَةً قُلْت بَلْ أَوْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يَتَصَرَّفْ فِيمَا أَخَذَهُ أَوَّلًا (فَصْلٌ وَيَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ) الثَّمَانِيَةِ بِالزَّكَاةِ (إنْ أَمْكَنَ) بِأَنَّ فَرَّقَهَا الْإِمَامُ وَوَجَدُوا كُلُّهُمْ لِظَاهِرِ الْآيَةِ سَوَاءٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَغَيْرُهَا (وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ) مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ الْإِصْطَخْرِيُّ (جَوَازَ صَرْفِ الْفِطْرَةِ إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاكِينَ) أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ (فَإِنْ شَقَّتْ الْقِسْمَةُ جَمَعَ جَمَاعَةٌ فِطْرَتَهُمْ وَفَرَّقُوا وَإِنْ فَرَّقَهَا الْمَالِكُ فَلَا عَامِلَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَلَا مُؤَلَّفَ كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَالرَّافِعِيُّ عَنْ رِوَايَةِ الْحَنَّاطِيِّ لَهُ قَالَا وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَدَلِيلًا وَأَطَالَا فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَايَتُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْلِ نَصَّانِ رَجَّحَ مِنْهُمَا كَثِيرُونَ هَذَا (وَعَلَى الْإِمَامِ اسْتِيعَابُ الْآحَادِ) مِنْ كُلِّ صِنْفٍ لِعَدَمِ تَعَذُّرِهِ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ قَلَّ الْمَالُ بِأَنْ كَانَ قَدْرًا لَوْ وَزَّعَهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَسُدَّ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاسْتِيعَابُ لِلضَّرُورَةِ بَلْ يُقَدِّمُ الْأَحْوَجَ فَالْأَحْوَجَ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْفَيْءِ. وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ زَكَاةٍ وَاحِدَةٍ (وَلَهُ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَهُمْ بِنَوْعٍ) مِنْ الْمَالِ وَآخَرِينَ بِنَوْعٍ وَأَنْ يُعْطِي زَكَاةَ وَاحِدٍ لِوَاحِدٍ لِأَنَّ الزَّكَوَاتِ كُلَّهَا فِي يَدِهِ كَالزَّكَاةِ الْوَاحِدَةِ (وَإِنْ فَرَّقَ الْمَالِكُ وَأَمْكَنَ الِاسْتِيعَابُ) لِكَوْنِهِمْ مَحْصُورِينَ وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ أَوْ زَادُوا عَلَيْهَا وَوَفَّى بِهِمْ الْمَالُ (لَزِمَهُ) الِاسْتِيعَابُ (وَلَا يَكْفِي صَرْفٌ إلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ) عَمَلًا بِأَقَلِّ الْجَمْعِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَيْنِ فِي الْآيَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَلَا عَدَدَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ عَدَدٍ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (إلَّا الْعَامِلُ فَقَدْ يَكُونُ وَاحِدًا) إذَا حَصَلَ بِهِ الْغَرَضُ (وَلَوْ أَعْطَى) الْمَالِكُ (اثْنَيْنِ) مِنْ صِنْفٍ (وَالثَّالِثُ مَوْجُودٌ غَرِمَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ) لِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهُ ابْتِدَاءً خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ فَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي فَرَّطَ فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّلَاثَةُ مُتَعَيِّنِينَ أَمْ لَا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ فِي الْآحَادِ وَلَوْ أَعْطَى وَاحِدًا وَالِاثْنَانِ مَوْجُودَانِ غَرِمَ لَهُمَا أَقَلَّ مَا يُعْطَيَانِهِ ابْتِدَاءً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ وَجَدَ الْمَالِكُ مِنْ صِنْفٍ دُونَ الثَّلَاثَةِ أَعْطَاهُ الْكُلَّ إنْ احْتَاجَهُ) فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُ بَاقِي السَّهْمِ إلَى غَيْرِهِ لِانْحِصَارِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْهُ (رَدَّ عَلَى الْبَاقِينَ) إنْ احْتَاجُوهُ وَإِلَّا نُقِلَ إلَى غَيْرِهِمْ. (فَرْعٌ يَجِبُ) عَلَى مَنْ يُفَرِّقُ الزَّكَاةَ (التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ) وَإِنْ كَانَتْ حَاجَةُ بَعْضِهِمْ أَشَدَّ لِانْحِصَارِهِمْ وَلِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ التَّسْوِيَةَ إلَّا الْعَامِلُ فَلَا يُزَادُ عَلَى أُجْرَتِهِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا الْفَاضِلُ نَصِيبُهُ عَنْ كِفَايَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَوْ أَخَلَّ الْإِمَامُ بِصِنْفٍ ضَمِنَ مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ قَدْرَ سَهْمِهِ مِنْ تِلْكَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ أَخَلَّ بِهِ الْمَالِكُ ضَمِنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (وَهِيَ) أَيْ التَّسْوِيَةُ (مُسْتَحَبَّةٌ فِي آحَادِهِمْ إنْ تَسَاوَتْ حَاجَتُهُمْ) فَإِنْ تَفَاوَتَتْ اُسْتُحِبَّ التَّفَاوُتُ بِقَدْرِهَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِفُقَرَاءِ بَلَدٍ فَإِنَّهُ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا لَهُمْ عَلَى التَّعْيِينِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ فَقِيرٌ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَهُنَا لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ لَهُمْ عَلَى التَّعْيِينِ وَإِنَّمَا تَعَيَّنُوا لِفَقْدِ غَيْرِهِمْ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مُسْتَحِقٌّ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بَلْ تُنْقَلُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ (وَقِيلَ تَجِبُ) التَّسْوِيَةُ (إنْ فَرَّقَ الْإِمَامُ) لِأَنَّ عَلَيْهِ الِاسْتِيعَابَ فَلَزِمَهُ التَّسْوِيَةُ وَلِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ فَلَا يُفَاوِتُ بَيْنَهُمْ عِنْدَ تَسَاوِي حَاجَاتِهِمْ بِخِلَافِ الْمَالِكِ فِيهِمَا وَهَذَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ عَنْ التَّتِمَّةِ لَكِنْ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت مَا فِي التَّتِمَّةِ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا فِي الدَّلِيلِ فَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ اسْتِحْبَابَ التَّسْوِيَةِ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ بِالزَّكَاةِ] قَوْلُهُ وَيَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ إلَخْ) لَوْ امْتَنَعَ الْأَصْنَافُ مِنْ قَبُولِ الزَّكَاةِ قُوتِلُوا كَذَا حُكِيَ عَنْ سُلَيْمٍ فِي الْمُجَرَّدِ وَهَلْ يَصِحُّ إبْرَاءُ الْمَحْصُورِينَ رَبُّ الْمَالِ مِنْ الزَّكَاةِ إنْ قُلْنَا تَجِبُ فِي الْعَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا يُبْرَأُ مِنْهَا. (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ بِأَنْ فَرَّقَهَا الْإِمَامُ) أَيْ أَوْ الْعَامِلُ (قَوْلُهُ وَإِنْ فَرَّقَهَا الْمَالِكُ فَلَا عَامِلَ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَوْ تَوَلَّاهَا الْإِمَامُ سَقَطَ سَهْمُ الْعَامِلِ وَلَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْإِمَامِ اسْتِيعَابُ الْآحَادِ) فِي مَعْنَى الْإِمَامِ إذَا فُوِّضَ إلَيْهِ الصَّرْفُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ وَإِنْ قَيَّدَهُ النُّورِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ بِمَا إذَا كَانُوا مَحْصُورِينَ (قَوْلُهُ وَإِنْ فَرَّقَ الْمَالِكُ) أَيْ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ وَكِيلٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ الِاسْتِيعَابُ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّونَ وُرَّاثَهُ فَمَاتَ فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى غَيْرِهِمْ وَهَلْ نَقُولُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَدَّمْنَا الزَّكَاةَ إنَّهُمْ يَفُوزُونَ بِالزَّكَاةِ لَا نَقْلَ فِيهِ غ يَفُوزُونَ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِتَمَامِ الْحَوْلِ إذْ لَيْسَ ثَمَّ مُسْتَحِقٌّ غَيْرُهُمْ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَإِذَا قُلْنَا مَلَكُوهَا زَكَاةً فَأَيْنَ النِّيَّةُ الْوَاجِبَةُ أَتَسْقُطُ هُنَا أَمْ تَقُومُ الْوَرَثَةُ مَقَامَهُ فِيهَا أَوْ الْحَاكِمُ لِئَلَّا يَتَّحِدَ النَّاوِي وَالْمُسْتَحِقُّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَوَفَّى بِهِمْ الْمَالُ) أَيْ بِحَاجَتِهِمْ (قَوْلُهُ غَرِمَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَازُ إعْطَاءِ مُسْتَحِقِّهَا مِنْهَا أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ وَبُطْلَانُ مَنْ قَدَّرَ ذَلِكَ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُعْطَى مِنْهَا [فَرْعٌ عَلَى مَنْ يُفَرِّقُ الزَّكَاةَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ] (قَوْلُهُ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ) وَإِنْ أَتَحَدَّتْ آحَادُهُمْ (قَوْلُهُ وَلِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ إلَخْ) أَيْ بِوَاوِ التَّشْرِيكِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ إلَخْ) قَالَ الشَّاشِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا إذَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ إنْ تَسَاوَتْ حَاجَتُهُمْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ يُبَيِّنُوا هُنَا مَا الْمُرَادُ بِحَاجَاتِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ هَلْ هِيَ حَاجَةُ السَّنَةِ أَوْ الْوَقْتِ أَوْ الْعُمْرِ وَحَاجَاتُ غَيْرِهِمْ مَعْلُومَةٌ قَالَ الْغَزِّيّ وَهُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ مُحَالٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ كِفَايَةَ سَنَةٍ إنْ أَمْكَنَ أَوْ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَبَعْضُ سَنَةٍ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِفُقَرَاء بَلَدٍ) أَيْ مَحْصُورِينَ (قَوْلُهُ وَهَذَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ وَإِلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ تَأَمَّلْت إطْلَاقَ الْجُمْهُورِ فَوَجَدْت وُجِدَ بِهَامِشِ الْأَصْلِ مَا نَصُّهُ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ سُقُوطَ النِّيَّةِ اهـ مِنْ خَطِّ الْمُجَرَّدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 الْمُصَنِّفُ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ الِاسْتِيعَابُ يَجُوزُ الدَّفْعُ لِلْمُسْتَوْطَنَيْنِ وَلِلْغُرَبَاءِ (وَ) لَكِنْ (الْمُسْتَوْطِنُونَ أَوْلَى مِنْ الْغُرَبَاءِ) لِأَنَّهُمْ جِيرَانٌ (فَصْلٌ نَقْلُ الزَّكَاةِ وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ) مَعَ وُجُودِ الْأَصْنَافِ أَوْ بَعْضِهِمْ (لَا يَجُوزُ وَلَا تُجْزِئُ) الزَّكَاةُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ نَقْلِهَا قَالُوا لِخَبَرِ مُعَاذٍ وَلِأَنَّ نَقْلَهَا يُوحِشُ أَصْنَافَ الْبَلَدِ بَعْدَ امْتِدَادِ أَطْمَاعِهِمْ إلَيْهَا (بِخِلَافِ) نَقْلِ (الْوَصِيَّةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ) مِنْ مَحَالِّهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُجْزِئُ إذْ الْأَطْمَاعُ لَا تَمْتَدُّ إلَيْهَا امْتِدَادَهَا إلَى الزَّكَاةِ، وَمِثْلُهَا الْأَوْقَافُ عَلَى صِنْفٍ نَعَمْ إنْ عَيَّنَ الْمُوصِي وَالنَّاذِرُ وَالْوَاقِفُ بَلَدًا تَعَيَّنَ (فَإِنْ عُدِمَتْ الْأَصْنَافُ) مِنْ الْبَلَدِ (أَوْ فَضُلَ عَنْهُمْ) شَيْءٌ (نُقِلَ كُلٌّ) مِمَّا لَهُمْ فِي الْأُولَى وَمِمَّا فَضُلَ عَنْهُمْ فِي الثَّانِيَةِ (إلَى جِنْسِهِ) أَيْ جِنْسِ مُسْتَحِقِّهِ (بِأَقْرَبِ بَلَدٍ) إلَى بَلَدِ الزَّكَاةِ قَالَ الْقَاضِي بِخِلَافِ دِمَاءِ الْحَرَمِ إذَا فَقَدَ مَسَاكِينَهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لَهُمْ كَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى مَسَاكِينِ بَلَدٍ فَعُدِمُوا وَيُفَارِقُ الزَّكَاةَ إذْ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ صَرِيحٌ بِتَخْصِيصِ الْبَلَدِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِكِ (الْمُؤْنَةُ) لِلنَّقْلِ (فَإِنْ جَاوَزَهُ) أَيْ الْأَقْرَبُ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ (فَهُوَ كَمَا لَوْ نَقَلَ) إلَيْهِ (ابْتِدَاءً) فَلَا يَجُوزُ وَلَا يُجْزِئُ (وَمَتَى عُدِمَ بَعْضُهُمْ أَوْ فَضُلَ) شَيْءٌ (عَنْهُمْ) أَيْ عَنْ كِفَايَةِ بَعْضِهِمْ (رَدَّ) نَصِيبَهُمْ فِي الْأُولَى وَالْفَاضِلَ فِي الثَّانِيَةِ (عَلَى الْبَاقِينَ) مِنْهُمْ (كَمَا تُصْرَفُ الزَّكَاةُ) فَلَا يَنْتَقِلَانِ إلَى غَيْرِهِمْ لِانْحِصَارِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِمْ وَمَحَلُّهُ إذَا نَقَصَ نَصِيبُهُمْ عَنْ كِفَايَتِهِمْ وَإِلَّا نُقِلَ إلَى ذَلِكَ الصِّنْفِ عَلَى أَنَّ النَّوَوِيَّ صَحَّحَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ أَنَّ الْفَاضِلَ يُنْقَلُ إلَيْهِ مُطْلَقًا أَمَّا لَوْ عُدِمُوا مِنْ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهَا تُحْفَظُ حَتَّى يُوجَدُوا أَوْ بَعْضُهُمْ ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا لَمْ يَأْمُرْ الْإِمَامُ بِنَقْلِهَا وَلَمْ يَأْذَنْ لِلسَّاعِي فِي أَخْذِهَا مِنْ الْمَالِكِ (فَإِنْ أَمَرَ الْإِمَامُ بِنَقْلِهَا أَوْ أَذِنَ لِلسَّاعِي فِي الْأَخْذِ فَقَطْ دُونَ التَّفْرِقَةِ وَجَبَ نَقْلُهَا إلَيْهِ وَفَرَّقَ حَيْثُ شَاءَ) وَلَا حَاجَةَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ فَقَطْ وَدُونَ التَّفْرِقَةِ (فَرْعٌ الْعِبْرَةُ فِي) نَقْلِ (الزَّكَاةِ) الْمَالِيَّةِ (بِبَلَدِ الْمَالِ حَالَ الْوُجُوبِ وَفِي) زَكَاةِ (الْفِطْرَةِ بِبَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ) اعْتِبَارًا بِسَبَبِ الْوُجُوبِ فِيهِمَا وَلِأَنَّ نَظَرَ الْمُسْتَحِقِّينَ يَمْتَدُّ إلَى ذَلِكَ فَيُصْرَفُ الْعُشْرُ إلَى مُسْتَحِقِّ بَلَدِ الْأَرْضِ الَّتِي حَصَلَ مِنْهَا الْعُشْرُ وَزَكَاةُ النَّقْدَيْنِ وَالْمَوَاشِي وَالتِّجَارَةِ إلَى مُسْتَحِقِّي الْبَلَدِ الَّذِي تَمَّ فِيهِ حَوْلُهَا (فَإِنْ وَجَبَتْ) عَلَيْهِ زَكَاةُ مَالٍ (وَهُوَ) أَيْ الْمَالُ (بِبَادِيَةٍ) وَلَا مُسْتَحِقَّ فِيهَا (نُقِلَ) إلَى مُسْتَحِقِّي (أَقْرَبِ بَلَدٍ) إلَيْهِ (وَلَوْ مَلَكَ غَنَمًا بِبَلَدَيْنِ وَوَجَبَتْ فِيهِمَا) أَيْ فِي غَنَمَيْهِمَا (شَاةٌ أَخْرَجَهَا فِي أَحَدِهِمَا) حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ (وَلَوْ وَجَبَ) عَلَيْهِ (فِي كُلٍّ) مِنْ غَنَمَيْهِمَا (شَاةٌ لَمْ يَنْقُلْ) لِانْتِفَاءِ التَّشْقِيصِ (فَرْعٌ أَهْلُ الْخِيَامِ غَيْرُ الْمُسْتَقِرِّينَ) بِمَوْضِعٍ بِأَنْ كَانُوا يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ دَائِمًا (إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْتَحِقٌّ نُقِلَ) وَاجِبُهُمْ (إلَى أَقْرَبِ بَلَدٍ) إلَيْهِمْ (وَإِنْ اسْتَقَرُّوا) بِمَوْضِعٍ (لَكِنْ قَدْ يَظْعَنُونَ عَنْهُ وَيَعُودُونَ) إلَيْهِ (وَلَمْ يَتَمَيَّزُوا) أَيْ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ (فِي الْحِلَلِ) جَمْعُ حِلَّةٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ فِيهِمَا (وَ) فِي (الْمَرْعَى وَالْمَاءِ صُرِفَ) إلَى مَنْ هُوَ (فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) مِنْ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ وَلِهَذَا عُدَّ مِثْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ حَاضِرِيهِ (وَ) الصَّرْفُ إلَى (الظَّاعِنِينَ مَعَهُمْ أَوْلَى) لِشِدَّةِ جِوَارِهِمْ (فَلَوْ تَمَيَّزُوا) أَيْ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِمَا ذُكِرَ (فَالْحِلَّةُ كَالْقَرْيَةِ) فِي حُكْمِ النَّقْلِ مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ فِيهَا (فَيَحْرُمُ النَّقْلُ) عَنْهَا (فَصْلٌ يُشْتَرَطُ كَوْنُ السَّاعِي عَدْلًا فِي الشَّهَادَاتِ) كُلِّهَا أَيْ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا عَدْلًا حُرًّا ذَكَرًا سَمِيعًا بَصِيرًا لِأَنَّهُ نَوْعُ وِلَايَةٍ وَتَصَرُّفٍ فِي مَالِ الْغَيْرِ فَاعْتِبَارُ كَوْنِ الْعَامِلِ ذَكَرًا عُلِمَ مِمَّا هُنَا وَإِنْ قَدَّمَهُ الْأَصْلُ أَوَائِلَ الْبَابِ (فَقِيهًا بِأَبْوَابِ الزَّكَاةِ) لِيَعْلَمَ مَا يَأْخُذَ وَمَنْ يَدْفَعُ إلَيْهِ (لَا الْمُرْسَلُ لِقَبْضِ) قَدْرٍ (مُعَيَّنٍ) فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا رِسَالَةٌ لَا وِلَايَةٌ نَعَمْ يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّكْلِيفُ وَالْعَدَالَةُ وَكَذَا الْإِسْلَامُ كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَمِثْلُهُ   [حاشية الرملي الكبير] كَلَامُ أَكْثَرِهِمْ فِي الْمَالِكِ دُونَ الْإِمَامِ فَلَا مُخَالَفَةَ لِلْمُتَوَلِّي فَمَا قَالَهُ هُوَ الْمُخْتَارُ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِمْ [فَصْلٌ نَقْلُ الزَّكَاةِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْنَافِ أَوْ بَعْضِهِمْ] (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ نَقْلَهَا يُوحِشُ إلَخْ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ لِأَصْنَافِ بَلَدِ الْمَالِ فَإِذَا نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِمْ لَمْ يُجِزْهُ كَالْوَصِيَّةِ لِأَصْنَافِ بَلَدٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ عُدِمَتْ الْأَصْنَافُ مِنْ الْبَلَدِ إلَخْ) هَذَا إنْ عُدِمُوا حَالَةَ الْوُجُوبِ فَلَوْ تَمَّ الْحَوْلُ وَهُمْ فِي الْبَلَدِ وَانْتَقَلُوا عَنْهَا قَالَ الْإِمَامُ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مَحْصُورِينَ لِاتِّسَاعِ خُطَّتِهَا فَفِي جَوَازِ الْإِخْرَاجِ إلَيْهِمْ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ وَإِنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ وَقَدْ اسْتَحَقُّوا ثُمَّ غَابُوا فَهُمْ مُعَيَّنُونَ بِتَخْصِيصِهِمْ قُلْت وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الِاسْتِيطَانِ وَنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِحَوَلَانِ الْحَوْلِ فَيَمْتَنِعُ النَّقْلُ لِغَيْرِهِمْ س وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مَحْصُورِينَ سَيَأْتِي فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ ضَابِطُ الْعَدَدِ الْمَحْصُورِ (قَوْلُهُ نَقْلُ كُلٍّ إلَخْ) قَالَ فِي الْغُنْيَةِ إذَا أَوْجَبْنَا النَّقْلَ فَهَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ مُوَسَّعٌ لِعَامِ الْأَدَاءِ وَإِنْ رُجِيَ حُصُولُ الْمُسْتَحَقِّينَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ فِي عَامِهِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ عَنْ النَّقْلِ وَإِلَّا فَلَا وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَالْفَوْرِيَّةُ بَعِيدَةٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْمُؤْنَةُ) أَمَّا لَوْ قَبَضَهَا مِنْهُ السَّاعِي فَمُؤْنَةُ نَقْلِهَا فِي مَالِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ نَقَلَ إلَى أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُسَافِرًا مَعَ الْمَالِ وَإِذَا فَارَقَ الْمُسْتَحَقُّونَ أَوْ بَعْضُهُمْ بَلَدَ الْمَالِ فَلَهُ النَّقْلُ اعْتِبَارًا بِالْآخِذِ لَا بِالْبُقْعَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ عِنْدَ انْتِقَالِ بَعْضِهِمْ وَفِي الْمُقِيمِينَ مُقْنِعٌ وَهَذَا فَاسِدٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَقَرُّوا لَكِنْ قَدْ يَظْعَنُونَ إلَخْ) قَالَ فِي الْغُنْيَةِ رَأَيْت لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُقِيمًا بِبَلَدٍ وَلَهُ مَالٌ لَا يَسْتَقِرُّ بِبَلَدٍ بَلْ يُسَافِرُ بِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَجَعَلَ زَكَاتَهُ فِي بَلَدِ إقَامَتِهِ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ وَالْمَالُ فِي غَيْرِهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَبِهِ أَجَابَ ابْنُ رَزِينٍ فِي الْفَتَاوَى (وَقَوْلُهُ وَبِهِ أَجَابَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ يُشْتَرَطُ كَوْنُ سَاعِي الزَّكَاة عَدْلًا فِي الشَّهَادَاتِ] (قَوْلُهُ فَقِيهًا بِأَبْوَابِ الزَّكَاةِ) لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ تَفْتَقِرُ إلَى الْفِقْهِ فَأَشْبَهَتْ الْقَضَاءَ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْإِسْلَامُ إلَخْ) وَقَالَ السُّبْكِيُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ مُنْكِرٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 أَعْوَانُ الْعَامِلِ مِنْ كُتَّابِهِ وَحُسَّابِهِ وَجُبَاتِهِ وَمُسْتَوْفِيهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي حَاوِيهِ (وَلَوْ اسْتَعْمَلَ) الْإِمَامُ (هَاشِمِيًّا) أَوْ مُطَّلِبِيًّا (أَوْ مُرْتَزِقًا أَعْطَاهُ مِنْ) مَالِ (الْمَصَالِحِ) لَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ (وَيَقْسِمُ سَاعٍ قُلِّدَ الْأَخْذَ وَالْقِسْمَةَ) أَوْ الْقِسْمَةَ وَحْدَهَا (وَكَذَا إنْ أُطْلِقَ تَقْلِيدُهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قُلِّدَ الْأَخْذَ وَحْدَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ (فَإِنْ كَانَ) السَّاعِي جَائِزًا (فِي الْأَخْذِ) لِلزَّكَاةِ عَادِلًا فِي قِسْمَتِهَا (جَازَ كَتْمُهَا) عَنْهُ وَدَفْعُهَا إلَيْهِ (أَوْ) كَانَ جَائِزًا (فِي الْقِسْمَةِ) عَادِلًا فِي الْأَخْذِ (وَجَبَ) كَتْمُهَا عَنْهُ (فَلَوْ أُعْطِيهَا) طَوْعًا أَوْ كَرْهًا (أَجْزَأَتْ) وَإِنْ لَمْ يُوصِلْهَا إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ كَالْإِمَامِ. (فَصْلٌ يُسَنُّ وَسْمُ نَعَمِ الزَّكَاةِ) وَالْفَيْءِ (لِتَتَمَيَّزَ) عَنْ غَيْرِهَا وَلْيَرُدَّهَا وَاجِدُهَا لَوْ شَرَدَتْ أَوْ ضَلَّتْ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «عَنْ أَنَسٍ غَدَوْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ فَوَافَيْته وَبِيَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إبِلَ الصَّدَقَةِ» وَيُقَاسُ بِهَا غَيْرُهَا أَمَّا نَعَمُ غَيْرِ الزَّكَاةِ وَالْفَيْءِ فَوَسْمُهُ مُبَاحٌ لَا مَنْدُوبٌ وَلَا مَكْرُوهٌ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَالنَّعَمِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْفِيلَةِ (وَ) الْوَسْمُ (فِي أُذُنِ الْغَنَمِ وَ) فِي (أَفْخَاذِ غَيْرِهَا أَوْلَى لِقِلَّةِ الشَّعْرِ فِيهَا) فَيَظْهَرُ وَلِأَنَّهَا صُلْبَةٌ (وَيَحْرُمُ) الْوَسْمُ (فِي الْوَجْهِ وَ) قَدْ (لُعِنَ فَاعِلُهُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ (وَلْيَكُنْ مَيْسَمُ الْبَقَرِ) أَلْطَفُ مِنْ مَيْسَمِ الْإِبِلِ (ثُمَّ) مَيْسَمُ (الْغَنَمِ أَلْطَفُ) مِنْ مَيْسَمِ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَيْسَمَ الْحُمُرِ أَلْطَفُ مِنْ مَيْسَمِ الْخَيْلِ وَمَيْسَمَ الْخَيْلِ أَلْطَفُ مِنْ مَيْسَمِ الْبِغَالِ وَالْبَقَرِ وَمَيْسَمَ الْبِغَالِ أَلْطَفُ مِنْ مَيْسَمِ الْإِبِلِ وَمَيْسَمَ الْإِبِلِ أَلْطَفُ مِنْ مَيْسَمِ الْفِيلَةِ (وَيُكْتَبُ عَلَى نَعَمِ الزَّكَاةِ) مَا يُمَيِّزُهَا عَنْ غَيْرِهَا فَيُكْتَبُ عَلَيْهَا (زَكَاةٌ أَوْ صَدَقَةٌ) أَوْ طُهْرَةٌ (أَوْ لِلَّهِ) وَهُوَ أَبْرَكُ وَأَوْلَى اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ وَلِأَنَّهُ أَقَلُّ حُرُوفًا فَهُوَ أَقَلُّ ضَرَرًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَحَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَأَقَرَّهُ (وَعَلَى) نَعَمِ (الْجِزْيَةِ جِزْيَةٌ أَوْ صَغَارٌ) بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ ذُلٌّ وَهُوَ أَوْلَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْحَرْفُ الْكَبِيرُ كَكَافٍ الزَّكَاةِ أَوْ صَادِ الصَّدَقَةِ أَوْ جِيمِ الْجِزْيَةِ أَوْ فَاءِ الْفَيْءِ كَافٍ وَإِنَّمَا جَازَ الْوَسْمُ بِاَللَّهِ مَعَ إنَّهَا قَدْ تَتَمَعَّكُ بِالنَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّمْيِيزُ لَا الذِّكْرُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَجُوزُ الْكَيُّ إذَا دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةٌ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ نَفْسُهُ وَغَيْرُهُ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ. (فَائِدَةٌ) الْوَسْمُ بِالْمُهْمَلَةِ التَّأْثِيرُ بِكَيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ الْإِعْجَامَ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ فَجَعَلَ الْمُهْمَلَةَ لِلْوَجْهِ وَالْمُعْجَمَةَ لِسَائِرِ الْجَسَدِ. (فَصْلٌ يَجُوزُ خِصَاءُ صِغَارِ الْمَأْكُولِ) لِطِيبِ لَحْمِهِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُودِينَ» (لَا غَيْرِهِ) الْأَوْلَى لَا غَيْرِهَا أَيْ لَا كِبَارِ الْمَأْكُولِ وَلَا غَيْرِ الْمَأْكُولِ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ خِصَاؤُهُمَا لِلنَّهْيِ عَنْ خِصَاءِ الْبَهَائِمِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ (فَرْعٌ) يُكْرَهُ إنْزَاءُ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ لِخَبَرٍ صَحِيحٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَسَبَبُ النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّهُ سَبَبٌ لِقِلَّةِ الْخَيْلِ وَضَعْفِهَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ هَذَا فِي عَتَاقِ الْخَيْلِ أَمَّا الْبَرَاذِينُ فَلَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ قَالَ وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُ إنْزَاءِ الْخَيْلِ عَلَى الْبَقَرِ لِضَعْفِهَا وَتَضَرُّرِهَا بِكِبَرِ آلَةِ الْخَيْلِ وَأَلْحَقَ الدَّمِيرِيِّ بِإِنْزَاءِ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ عَكْسَهُ (مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ) (يُسْتَحَبُّ) لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فِي تَفْرِيقِ الزَّكَاةِ (مَعَ الْفَرَاغِ مِنْ جَمْعِ الصَّدَقَةِ) أَيْ الزَّكَاةِ أَوْ قَبْلَهُ (أَنْ يَعْرِفَ) عَدَدَ (الْمُسْتَحِقِّينَ وَقَدْرَ حَاجَتِهِمْ) أَيْ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِذَلِكَ لِيَتَعَجَّلَ بِذَلِكَ حُقُوقَهُمْ وَلِيَأْمَنَ هَلَاكَ الْمَالِ عِنْدَهُ (وَ) يُسْتَحَبُّ لَهُ (أَنْ يَبْدَأَ بِإِعْطَاءِ الْعَامِلِينَ) لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ أَوْلَى لِكَوْنِهِمْ يَأْخُذُونَ مُعَاوَضَةً وَلِيَتَبَيَّنَ أَنَّ سَهْمَهُمْ يُوَافِقُ أُجْرَتَهُمْ أَوَّلًا (فَإِنْ تَلِفَتْ تَحْتَ أَيْدِيهمْ) أَيْ الْعَامِلِينَ بِلَا تَفْرِيطٍ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى الْإِمَامِ (فَأُجْرَتُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّهُمْ أُجَرَاءُ (وَيَحْرُمُ عَلَى الْوَالِي) مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبهِ (بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّكَاةِ بَلْ يُوصِلُهَا بِأَعْيَانِهَا إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ رُشْدٍ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِمْ غَالِبًا فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُ مَالِهِمْ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ (وَلَا يَصِحُّ) بَيْعُهَا (إلَّا عِنْدَ وُقُوعِهَا فِي خَطَرٍ) كَأَنْ أَشْرَفَتْ عَلَى هَلَاكٍ (أَوْ لِحَاجَةِ) مُؤْنَةِ (نَقْلٍ أَوْ) رَدِّ (جُبْرَانٍ) أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ وَيَصِحُّ لِلضَّرُورَةِ (فَإِنْ بَاعَ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ) الْمَبِيعَ إنْ سَلَّمَهُ فَيَسْتَرِدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَيَغْرَمُ بَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا (فَإِنْ كَانُوا) أَيْ الْمُسْتَحِقُّونَ (جَمَاعَةً وَهِيَ) أَيْ الزَّكَاةُ (بَقَرَةٌ) مَثَلًا (أَخَذُوهَا وَلَا يَبِيعُهَا) الْمَالِكُ وَلَا الْإِمَامُ (لِيَقْسِمَ ثَمَنَهَا) عَلَيْهِمْ (وَإِنْ أَعْطَى الْإِمَامُ مَنْ ظَنَّهُ مُسْتَحِقًّا فَبَانَ غَنِيًّا لَمْ يَضْمَنْ)   [حاشية الرملي الكبير] وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصَّوَابُ اشْتِرَاطُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ كَافِرٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَتَبِعُوهُ فَلْيُحْمَلْ مَا فِي الْأَحْكَامِ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ لَهُ أَخْذَ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَصَرَفَهُ إلَى مُعَيَّنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ مَحْضٌ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ) لِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَقَدْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَامِلًا عَلَى الصَّدَقَةِ أَلَيْسَ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يَكْفِيكُمْ أَوْ يُغْنِيكُمْ عَنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَصِّرٍ. (وَيُجْزِئُ) عَنْ الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ يُجْزِ عَنْ الزَّكَاةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَلِهَذَا يُسْتَرَدُّ كَمَا سَيَأْتِي وَالْإِجْزَاءُ لَيْسَ مُرَتَّبًا عَلَى بَيَانِ كَوْنِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ غَنِيًّا بَلْ هُوَ حَاصِلٌ بِقَبْضِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْتَحِقِّينَ (بِخِلَافِ) إعْطَاءِ (الْمَالِكِ) مَنْ ظَنَّهُ مُسْتَحِقًّا فَبَانَ غَنِيًّا لَا يُجْزِئُهُ (وَهَكَذَا) لَا يَضْمَنُ الْإِمَامُ وَيُجْزِئُ مَا دَفَعَهُ دُونَ مَا دَفَعَهُ الْمَالِكُ (إنْ بَانَ) الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ (هَاشِمِيًّا) أَوْ مُطَّلِبِيًّا (أَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَوْ أَعْطَاهُ مِنْ سَهْمِ الْغُزَاةِ) أَوْ الْعَامِلِينَ ظَانًّا أَنَّهُ رَجُلٌ (فَبَانَ امْرَأَةً) لِمَا مَرَّ وَاعْتَبَرَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا كَوْنَ الْمُؤَلَّفِ ذَكَرًا وَهُوَ مُخَالِفٌ لَمَّا قَدَّمَهُ فِيهَا كَأَصْلِهَا أَوَائِلَ الْبَابِ وَذَاكَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَإِذَا بَانَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ وَاحِدًا مِمَّنْ ذُكِرَ (فَيَسْتَرِدُّ) الْإِمَامُ مِنْهُ (فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا أَوْ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ) حَالَ الدَّفْعِ (أَنَّهَا زَكَاةٌ) لِأَنَّ مَا يُفَرِّقُهُ الْإِمَامُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ هُوَ الْوَاجِبُ غَالِبًا كَالزَّكَاةِ (بِخِلَافِ الْمَالِكِ) لَا يَسْتَرِدُّ إلَّا إنْ بَيَّنَ أَنَّهَا زَكَاةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَطَوَّعُ فَإِنْ تَلِفَ الْمَدْفُوعُ رَجَعَ الدَّافِعُ بِبَدَلِهِ وَدَفَعَهُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَيَتَعَلَّقُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ بِذِمَّتِهِ لَا بِرَقَبَتِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَى الْإِمَامِ الِاسْتِرْدَادُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ قَصَّرَ فِيهِ حَتَّى تَعَذَّرَ فَيَضْمَنُ وَكَالزَّكَاةِ فِيمَا ذُكِرَ الْكَفَّارَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَسْتَحِقُّهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (الْعَامِلُ بِالْعَمَلِ. وَالْأَصْنَافُ بِالْقِسْمَةِ نَعَمْ إنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي ثَلَاثَةٍ فَأَقَلَّ اسْتَحَقُّوهَا مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَلَا يَضُرُّهُمْ حُدُوثُ غِنًى) أَوْ غَيْبَةٍ لِأَحَدِهِمْ بَلْ حَقُّهُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَلَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ دُفِعَ نَصِيبُهُ إلَى وَارِثِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُزَكِّي لَوْ كَانَ وَارِثُهُ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَعَلَيْهِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ النِّيَّةُ لِسُقُوطِ الدَّفْعِ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ (وَلَا يُشَارِكُهُمْ قَادِمٌ) وَلَا غَائِبٌ عَنْهُمْ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمْته فِي وُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ عَلَى الْمَالِكِ أَنْ يُزَادَ هُنَا بَعْدَ قَوْلِهِ فَأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَوَفَّى بِهِمْ الْمَالُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُزَادَ ذَلِكَ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ الْمِلْكُ. (وَالْإِمَامُ إنْ أَخَّرَ التَّفْرِيقَ) لِمَا جَمَعَهُ مِنْ الزَّكَاةِ (بِلَا عُذْرٍ) فَتَلِفَ (ضَمِنَ لَا الْوَكِيلُ) بِتَفْرِيقِهَا فَلَا يَضْمَنُ بِذَلِكَ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّفْرِيقُ بِخِلَافِ الْإِمَامِ (وَلَوْ أَخْرَجَ) لِفَقِيرٍ مِنْ الزَّكَاةِ قَدْرًا (مَجْهُولًا) كَأَنْ كَانَ مَشْدُودًا فِي خِرْقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَا يُعْرَفُ جِنْسُهُ وَقَدْرُهُ (أَجْزَأَهُ زَكَاةً وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْفَقِيرِ) لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْقَابِضِ لَا تُشْتَرَطُ فَكَذَا مَعْرِفَةُ الدَّافِعِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَتَلِفَ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالتَّلَفِ (وَإِنْ اتَّهَمَ رَبُّ الْمَالِ) فِيمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ كَأَنْ قَالَ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ (لَمْ يَجِبْ تَحْلِيفُهُ وَإِنْ خَالَفَ الظَّاهِرَ بِمَا يَدَّعِيهِ) كَأَنْ قَالَ بِعْته فِي الْحَوْلِ وَاشْتَرَيْته أَوْ أَخْرَجْت زَكَاتَهُ أَوْ هُوَ وَدِيعَةٌ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمَالِكِ (إظْهَارُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ) كَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَلِيَرَاهُ غَيْرُهُ فَيَعْمَلَ عَمَلَهُ وَلِئَلَّا يُسَاءَ الظَّنُّ بِهِ وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ قَالَ أَمَّا الْبَاطِنَةِ فَالْإِخْفَاءُ فِيهَا أَوْلَى لِآيَةٍ إنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَالْإِظْهَارُ لَهُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا (وَإِنْ ظَنَّ الْآخِذُ) لِلزَّكَاةِ (أَنَّهُ أَعْطَى مَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرَهُ مِنْ الْأَصْنَافِ) أَوْ مِنْ آحَادِ صِنْفِهِ (حَرُمَ) عَلَيْهِ (الْأَخْذُ وَ) إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ مِنْهَا (لَزِمَهُ الْبَحْثُ) عَنْ قَدْرِهَا فَيَأْخُذُ بَعْضَ الثَّمَنِ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْهُ مَا يَدْفَعُهُ إلَى اثْنَيْنِ مِنْ صِنْفِهِ (وَلَا أَثَرَ لِمَا دُونَ غَلَبَةِ الظَّنِّ) مِنْ شَكٍّ أَوْ وَهْمٍ فِي تَحْرِيمِ أَخْذِهَا. (تَتِمَّةٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الدَّارِمِيُّ إذَا أَخَّرَ تَفْرِيقَ الزَّكَاةِ إلَى الْعَامِ الثَّانِي فَمَنْ كَانَ فَقِيرًا أَوْ مِسْكِينًا أَوْ غَارِمًا أَوْ مُكَاتَبًا مِنْ عَامِهِ إلَى الْعَامِ الثَّانِي خُصُّوا بِزَكَاةِ الْمَاضِي وَشَارَكُوا غَيْرَهُمْ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَيُعْطَوْنَ مِنْ زَكَاةِ الْعَامَيْنِ وَمِنْ كَانَ غَازِيًا أَوْ ابْنَ سَبِيلٍ أَوْ مُؤَلَّفًا لَمْ يُخَصُّوا بِشَيْءٍ انْتَهَى وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَأْخُذُونَ لِمَا يُسْتَقْبَلُ بِخِلَافِ أُولَئِكَ. (بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ) (وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ) لِآيَةِ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] وَلِخَبَرِ «مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ إلَّا أَخَذَهَا اللَّهُ بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنْ الْجَبَلِ» وَخَبَرِ «لِيَتَصَدَّقَ الرَّجُلُ مِنْ دِينَارِهِ   [حاشية الرملي الكبير] [مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ] قَوْلُهُ وَاعْتَبَرَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا كَوْنَ الْمُؤَلَّفِ ذَكَرًا) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّنْفَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ مِنْ أَصْنَافِ الْمُؤَلَّفِ إذْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فِي مَعْنَى الْغَازِي وَالثَّانِي فِي مَعْنَى الْعَامِلِ فِي الزَّكَاةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ امْرَأَةً (قَوْلُهُ اسْتَحَقُّوهَا مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ) هَلْ يُقَالُ مَلَكُوهَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ أَوْ عَلَى قَدْرِ حَاجَاتِهِمْ أَوْ لَا يَمْلِكُونَ إلَّا الْكِفَايَةَ دُونَ الزَّائِدِ عَلَى ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ إنَّمَا يَمْلِكُونَ الْكِفَايَةَ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ آحَادِ الصِّنْفِ عِنْدَ تَسَاوِي حَاجَاتِهِمْ إلَّا إنْ فَرَّقَ الْإِمَامُ وَوَفَّى بِهِمْ الْمَالُ (قَوْلُهُ أَنْ يُزَادَ هُنَا إلَخْ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِي قَوْلِ الشَّافِي يَسْتَحِقُّونَ يَوْمَ الْقِسْمَةِ أَرَادَ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَصْنَافُ مُعَيَّنَةً بِأَنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالزَّكَاةُ لَا تَتَّسِعُ لِلْكُلِّ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَخُصَّ بِهَا ثَلَاثَةً مِنْ كُلِّ صِنْفٍ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَحْصُورِينَ يَسْتَحِقُّونَهَا بِالْوُجُوبِ وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ إنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَوَفَى بِهِمْ الْمَالُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْقَابِضِ لَا تُشْتَرَطُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ قَبْضِ الْأَعْمَى الزَّكَاةَ وَجَوَازُ دَفْعِهَا إلَيْهِ [بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ] يَحْرُمُ دَفْعُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إلَى الْعَاصِي بِسَفَرِهِ أَوْ إقَامَتِهِ إذَا كَانَ فِيهِ إعَانَةٌ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَا يَحْرُمُ دَفْعُهَا إلَى الْفَاسِقِ الَّذِي يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَهُوَ وَاضِحٌ غ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ) . (فَرْعٌ) إذَا سَأَلَهُ سَائِلٌ وَقَالَ إنِّي فَقِيرٌ فَأَعْطَاهُ شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدُ أَنَّهُ دَفَعَهُ قَرْضًا وَأَنْكَرَ الْفَقِيرُ قَالَ قَوْلُ الْفَقِيرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ إنِّي فَقِيرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي تَعْلِيقِهِ فِي بَابِ النِّيَّةِ فِي إخْرَاجِ الصَّدَقَةِ بِأَنَّ شَيْخَنَا التَّفْصِيلُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالْأَوْجَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الدَّافِعِ مُطْلَقًا كا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 وَلْيَتَصَدَّقْ مِنْ دِرْهَمِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَخَبَرِ «مِنْ أَطْعَمَ جَائِعًا أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَمَنْ سَقَى مُؤْمِنًا عَلَى ظَمَأٍ سَقَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ وَمَنْ كَسَا مُؤْمِنًا عَارِيًّا كَسَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَخُضْرِ الْجَنَّةِ بِإِسْكَانِ الضَّادِ أَيْ ثِيَابِهَا الْخُضْرِ وَقَدْ يَعْرِضُ مَا تَحْرُمُ بِهِ الصَّدَقَةُ كَأَنْ يَعْلَمَ مِنْ آخِذِهَا أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مَعْصِيَةٍ وَمَا تَجِبُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ كَأَنْ وَجَدَ مُضْطَرًّا وَمَعَهُ مَا يُطْعِمُهُ فَاضِلًا عَنْهُ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ فِي مَحَلِّهِ. (وَتَتَأَكَّدُ الصَّدَقَةُ فِي) شَهْرِ (رَمَضَانَ) وَالصَّدَقَةُ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِيمَا يَأْتِي لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ» وَلِأَنَّهُ أَفْضَلُ الشُّهُورِ وَلِأَنَّ النَّاسَ فِيهِ مَشْغُولُونَ بِالطَّاعَةِ فَلَا يَتَفَرَّغُونَ لِمَكَاسِبِهِمْ فَتَكُونُ الْحَاجَةُ فِيهِ أَشَدَّ (وَ) فِي سَائِرِ (الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ) كَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَأَيَّامِ الْعِيدِ لِفَضِيلَتِهَا (وَ) فِي (الْأَمَاكِنِ الشَّرِيفَةِ) كَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَشُمُولِ كَلَامِهِ لِغَيْرِهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ قَصَدَ التَّصَدُّقَ فِي غَيْرِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ إلَيْهَا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ التَّصَدُّقَ فِيهَا أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْهُ فِي غَيْرِهَا غَالِبًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَفِي كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِذَا تَصَدَّقَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ تَحَرَّى بِصَدَقَتِهِ مِنْ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمِنْ الشُّهُورِ رَمَضَانَ (وَعِنْدَ الْمُهِمَّاتِ) مِنْ الْأُمُورِ كَغَزْوٍ وَحَجٍّ لِأَنَّهَا أَرْجَى لِقَضَائِهَا وَلِآيَةٍ {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ} [المجادلة: 12] (وَ) عِنْدَ (الْمَرَضِ وَالْكُسُوفِ وَالسَّفَرِ) وَنَحْوِهَا (وَيُسْتَحَبُّ) اسْتِحْبَابًا مُؤَكَّدًا (التَّوْسِيعُ عَلَى الْعِيَالِ وَالْإِحْسَانُ إلَى الْأَقَارِبِ وَالْجِيرَانِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ «امْرَأَتَيْنِ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتَا لِبِلَالٍ سَلْ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يُجْزِئُ أَنْ نَتَصَدَّقَ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَيَتَامَى فِي حُجُورِنَا فَقَالَ نَعَمْ لَهُمَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ» وَلِخَبَرِ «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ «عَائِشَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي فَقَالَ إلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْك بَابًا» (لَا سِيَّمَا) فِي (عَشْرِ آخِرِهِ) لِأَنَّ فِيهِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِمَّا عَدَاهُ وَإِضَافَةُ عَشْرٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ كَشَجَرِ أَرَاك (فَصْلٌ وَكَانَتْ) صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ (حَرَامًا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) تَشْرِيفًا لَهُ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي الْبَابِ السَّابِقِ (وَيَحِلُّ لِذَوِي الْقُرْبَى) لِقَوْلِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ مِنْ سِقَايَاتٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقِيلَ لَهُ أَتَشْرَبُ مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ إنَّمَا حَرُمَ عَلَيْنَا الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَمِثْلُهُمْ مَوَالِيهمْ بَلْ أَوْلَى (وَلِلْأَغْنِيَاءِ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «تَصَدَّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى غَنِيٍّ» وَفِيهِ لَعَلَّهُ أَنْ يَعْتَبِرَ فَيُنْفِقَ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ (وَالْكُفَّارِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» (وَيُكْرَهُ لِلْغَنِيِّ التَّعَرُّضُ لَهَا) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَأَخْذُهَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا لَكِنْ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ تَقْتَضِي خِلَافَهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَيُسْتَحَبُّ لِلْغَنِيِّ التَّنَزُّهُ عَنْهَا وَيُكْرَهُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِأَخْذِهَا (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَخْذُهَا (إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ) وَعَلَيْهِ حَمَلُوا خَبَرَ «الَّذِي مَاتَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَتَرَكَ دِينَارَيْنِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيَّتَانِ مِنْ نَارٍ» وَيُعْتَبَرُ فِي حِلِّهَا لَهُ أَنْ لَا يَظُنَّ الدَّافِعُ فَقْرَهُ فَإِنْ أَعْطَاهُ ظَانًّا حَاجَتَهُ فَفِي الْإِحْيَاءِ إنْ عَلِمَ الْآخِذُ ذَلِكَ لَمْ تَحِلَّ لَهُ وَكَذَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ أَوْ نَسَبِهِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْوَصْفِ الْمَظْنُونِ (أَوْ سَأَلَ) سَوَاءٌ أَكَانَ غَنِيًّا بِالْمَالِ أَمْ بِالْكَسْبِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ سَأَلَ أَمْوَالَ النَّاسِ تَكَثُّرًا أَيْ بِلَا حَاجَةٍ بَلْ لِتَكْثِيرِ مَالِهِ إنَّمَا سَأَلَ جَمْرًا» أَيْ يُعَذَّبُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (وَالْأَفْضَلُ أَنْ تَكُونَ) الصَّدَقَةُ (سِرًّا) لِأَيَّةٍ {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 271] وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي خَبَرِ السَّبْعَةِ الَّذِي يُظِلُّهُمْ اللَّهُ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَدْرِي شِمَالُهُ مَا أَنْفَقَتْ يَمِينُهُ» نَعَمْ إنْ أَظْهَرَهَا وَلَمْ يَقْصِدْ رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً بَلْ لِيَقْتَدِيَ بِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَأَذَّى الْآخِذُ بِهِ فَإِنْ تَأَذَّى بِهِ فَالْإِسْرَارُ أَفْضَلُ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ (وَ) أَنْ يَكُونَ (مِمَّا يُحَبُّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] (وَ) أَنْ تَكُونَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأَيَّامِ الْعِيدِ إلَخْ) وَعَاشُورَاءَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَفَقَهَا وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ [فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى النَّبِيِّ] (قَوْلُهُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «تَصَدَّقَ اللَّيْلَةَ» إلَخْ) وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا «مَا أَتَاك مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُسْتَشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْ» وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَإِنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْغَنِيِّ صَدَقَةٌ إذَا قَصَدَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَثَوَابَهُ فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الِامْتِنَانَ وَالْمُلَاطَفَةَ كَانَتْ هِبَةً وَأَنْ تُؤَثِّرَ فِي حَالِ آخِذِهَا لِيَظْهَرَ نَفْعُهَا فَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَفْعٌ وَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ لَا ثَوَابَ لَهُ فَلَا تَكُونُ صَدَقَةً (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا دُفِعَ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ إلَخْ) وَكَذَا إنْ كَانَ فَاسِقًا فِي الْبَاطِنِ لَوْ عَلِمَ بِهِ الْمُعْطِي لَمَا أَعْطَاهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ غَنِيًّا بِالْمَالِ أَمْ بِالْكَسْبِ لِخَبَرٍ إلَخْ) وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ جَوَازُهُ لِأَنَّهُ طَلَبٌ مُبَاحٌ كَطَلَبِ الْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَالذَّمُّ الْوَارِدُ فِي الْإِخْبَارِ يُحْمَلُ عَلَى الطَّلَبِ مِنْ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ. اهـ. وَلَمْ يُبَيِّنْ الرَّافِعِيُّ هَذَا الْغِنَى وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ عَلَى حَسَبِ الْبُلْدَانِ وَالْمَعَاشِ وَالْأَسْفَارِ وَمَا رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ مَا سَأَلَ النَّاسَ أَحَدٌ وَهُوَ غَنِيٌّ إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي وَجْهِهِ خُمُوشٌ أَوْ قَالَ كُدُوحٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا غِنَاهُ قَالَ أُوقِيَّةٌ أَوْ عَدْلُهَا» قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فَهَذَا صَحِيحٌ وَقَدْ كَانَ يُسْتَغْنَى الرَّجُلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرُبَّمَا كَانَ يَحْصُلُ لَهُ غِنًى بِدُونِ هَذَا الْقَدْرِ وَقَدْ لَا يُسْتَغْنَى بِأَضْعَافِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ رَ. (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ تَكُونَ سِرًّا) لَا يَكْفِي فِي الِاسْتِحْبَابِ الدَّفْعُ سِرًّا بَلْ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَتَحَدَّثَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 (بِبَشَاشَةٍ) وَطِيبِ نَفْسٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ الْأَجْرِ وَجَبْرِ الْقَلْبِ (وَهِيَ فِي الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ رَحِمًا) وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِ الْقَرِيبِ وَفِي الْقَرِيبِ غَيْرِ الْأَقْرَبِ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ السَّابِقِ قَبْلَ الْفَصْلِ (وَ) فِي (الْأَشَدِّ مِنْهُمْ) يَعْنِي مِنْ الْأَقَارِبِ وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِمْ فِيمَا يُظْهِرُ (عَدَاوَةً أَفْضَلُ) مِنْهَا فِي غَيْرِهِ لِيَتَأَلَّفَ قَلْبَهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ مُجَانَبَةِ الرِّيَاءِ وَكَسْرِ النَّفْسِ (كَالزَّكَاةِ) وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ فَهِيَ فِي الشَّيْئَيْنِ أَفْضَلُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِأَشَدِّهِمْ عَدَاوَةً (وَأَلْحَقَ بِهِمْ الْأَزْوَاجَ) مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ قَبْلَ الْفَصْلِ فِي الزَّوْجِ وَيُقَاسُ بِهِ الزَّوْجَةُ (ثُمَّ) هِيَ بَعْدَ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ فِي الْأَقْرَبِ مِنْ ذِي (الرَّحِمِ غَيْرِ الْمَحْرَمِ) كَأَوْلَادِ الْعَمِّ وَالْخَالِ (ثُمَّ) فِي الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ الْمَحْرَمِ (رَضَاعًا ثُمَّ مُصَاهَرَةً ثُمَّ) فِي الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ (وَلَاءً مِنْ الْجَانِبَيْنِ) أَيْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ (ثُمَّ جِوَارًا) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ السَّابِقِ قَبْلَ الْفَصْلِ (وَقُدِّمَ الْجَارُ) الْأَجْنَبِيُّ (عَلَى قَرِيبٍ بَعِيدٍ) عَنْ دَارِ الْمُتَصَدِّقِ بَلْ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهَا بِحَيْثُ (لَا تُنْقَلُ إلَيْهِ الزَّكَاةُ) فِيهِمَا (وَلَوْ) كَانَ (بِبَادِيَةٍ) فَإِنْ كَانَتْ تُنْقَلُ إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلِّهَا قُدِّمَ عَلَى الْجَارِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ بَعُدَتْ دَارُهُ (وَأَهْلُ الْخَيْرِ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ جَمِيعِ الْمَذْكُورِينَ (وَالْمُحْتَاجُونَ) مِنْهُمْ (أَوْلَى) مِنْ غَيْرِهِمْ وَلَفْظَةُ مِنْهُمْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا بَلْ رُبَّمَا تُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ (وَتُكْرَهُ الصَّدَقَةُ بِالرَّدِيءِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَلَا كَرَاهَةَ (وَالشُّبْهَةُ) أَيْ وَمَا فِيهِ شُبْهَةٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ. (فَصْلٌ لَوْ فَضُلَ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُ وَعَنْ دَيْنِهِ مَالٌ وَهُوَ يَصْبِرُ عَلَى الْإِضَافَةِ اُسْتُحِبَّ) لَهُ (التَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِجَمِيعِ الْفَاضِلِ وَإِلَّا فَلَا بَلْ يُكْرَهُ وَعَلَيْهِ تَحَمُّلُ الْأَخْبَارِ الْمُخْتَلِفَةِ الظَّاهِرِ لِخَبَرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَخَبَرِ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَقَالَ خُذْهَا فَهِيَ صَدَقَةٌ وَمَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ إلَى أَنْ أَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَخَذَهَا وَرَمَاهُ بِهَا رَمْيَةً لَوْ أَصَابَتْهُ لَأَوْجَعَتْهُ ثُمَّ قَالَ يَأْتِي أَحَدُكُمْ بِمَا يَمْلِكُ فَيَقُولُ هَذِهِ صَدَقَةٌ ثُمَّ يَقْعُدُ يَتَكَفَّفُ وُجُوهَ النَّاسِ خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَقَوْلُهُ عَنْ ظُهْرِ غِنًى أَيْ غِنَى النَّفْسِ وَصَبْرِهَا عَلَى الْفَقْرِ أَمَّا التَّصَدُّقُ بِبَعْضِ الْفَاضِلِ فَمُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرًا يُقَارِبُ الْجَمِيعَ فَالْأَوْجَهُ جَرَيَانُ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِفَايَةِ هُنَا مَا يَكْفِيهِ لِيَوْمِهِ وَكِسْوَةِ فَصْلِهِ لَا مَا يَكْفِيهِ فِي الْحَالِ فَقَطْ وَلَا مَا يَكْفِيهِ فِي سَنَتِهِ (وَلَوْ تَصَدَّقَ بِمَا يَحْتَاجُهُ لِعِيَالِهِ لَمْ يَجُزْ) لِخَبَرِ «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا إنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ وَلِأَنَّ كِفَايَتَهُمْ فَرْضٌ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ النَّفْلِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ خَبَرُ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي نَزَلَ بِهِ الضَّيْفُ فَأَطْعَمَهُ قُوتَهُ وَقُوتَ صِبْيَانِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِصَدَقَةٍ بَلْ ضِيَافَةٌ وَالضِّيَافَةُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْفَضْلُ عَنْ عِيَالِهِ وَنَفْسِهِ لِتَأَكُّدِهَا وَكَثْرَةِ الْحَثِّ عَلَيْهَا حَتَّى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْجَبُوهَا وَلِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الصِّبْيَانَ لَمْ يَكُونُوا مُحْتَاجِينَ حِينَئِذٍ إلَى الْأَكْلِ وَأَمَّا الرَّجُلُ وَامْرَأَتُهُ فَتَبَرَّعَا بِحَقِّهِمَا وَكَانَا صَابِرَيْنِ وَإِنَّمَا قَالَ فِيهِ لِأُمِّهِمْ نَوِّمِيهِمْ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَطْلُبُوا الْأَكْلَ عَلَى عَادَةِ الصِّبْيَانِ فِي الطَّلَبِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ (وَكَذَا) لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا يَحْتَاجُهُ (لِدَيْنِهِ) أَيْ لِوَفَائِهِ (إلَّا إنْ ظَهَرَ) لَهُ (حُصُولُهُ) بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ (مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى) ظَاهِرَةٌ فَلَا بَأْسَ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ وَقَدْ يُسْتَحَبُّ نَعَمْ إنْ حَصَلَ بِذَلِكَ تَأْخِيرٌ وَقَدْ وَجَبَ وَفَاءُ الدَّيْنِ عَلَى الْفَوْرِ بِمُطَالَبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ إلَى إيفَائِهِ وَتَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ بِمَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ دَفْعُهُ فِي دَيْنِهِ (أَوْ) تَصَدَّقَ بِمَا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ (وَلَمْ يَصْبِرْ) عَلَى الْإِضَافَةِ (كُرِهَ) التَّصْرِيحُ بِالْكَرَاهَةِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الصَّبْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْكَرَاهَةِ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَهُوَ مُرَادُ الرَّوْضَةِ لِأَنَّ مَا صَحَّحَهُ فِيهَا مِنْ عَدَمِ التَّحْرِيمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ صَبَرَ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَحَيْثُ حَرَّمْنَا عَلَيْهِ التَّصَدُّقَ فَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ فَهَلْ يَمْلِكُهُ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي تَخَرُّجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي هِبَةِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ (وَلَا يَأْنَفُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِالْقَلِيلِ) فَإِنَّ قَلِيلَ الْخَيْرِ كَثِيرٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا قَبِلَهُ اللَّهُ وَبَارَكَ فِيهِ فَلَيْسَ بِقَلِيلٍ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] وَلِخَبَرِ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» وَلِخَبَرِ   [حاشية الرملي الكبير] بِهَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ (قَوْلُهُ أَيْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ ثُمَّ الْمَوْلَى مِنْ أَعْلَى ثُمَّ الْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلَ [فَصَلِّ فَضُلَ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُ وَعَنْ دَيْنِهِ مَالٌ وَهُوَ يَصْبِرُ عَلَى الْإِضَافَةِ] (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا مُدَّةٌ لَا يَجِدُ فِيهَا مَالًا غَيْرَهُ ع (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ مَحْمُولٌ إلَخْ) التَّوْجِيهُ الثَّانِي مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَإِذَا كَارِهٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ أَيْ لِوَفَائِهِ) خَرَجَ بِهِ الرَّغِيفُ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يُعَدُّ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ التَّصْرِيحُ بِالْكَرَاهَةِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الصَّبْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَجْوَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ يُؤَثِّرُ عَلَى نَفْسِهِ مُضْطَرًّا آخَرُ فَكَيْفَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَقَوْلُهُ الْأَجْوَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 «يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ. (وَتُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةُ بِالْمَاءِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرَ «أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ الْمَاءُ» (وَإِنْ بَعَثَ بِشَيْءٍ) مَعَ غَيْرِهِ (إلَى فَقِيرٍ) لَمْ يَزَلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْفَقِيرُ فَإِنْ ذَهَبَ إلَيْهِ الْمَبْعُوثُ (وَلَمْ يَجِدْهُ اُسْتُحِبَّ) لِلْبَاعِثِ (أَنْ لَا يَعُودَ فِيهِ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِهِ) عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْعَائِدِ فِي صَدَقَتِهِ (وَإِنْ نَذَرَ صَدَقَةً لَا صَوْمًا وَصَلَاةً فِي وَقْتٍ) بِعَيْنِهِ (جَازَ تَعْجِيلُهَا) كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّهُمَا عِبَادَتَانِ بَدَنِيَّتَانِ (وَيُكْرَهُ) لِلْإِنْسَانِ (أَنْ يَتَمَلَّكَ) بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (صَدَقَتَهُ أَوْ زَكَاتَهُ) أَوْ كَفَّارَتَهُ أَوْ نَذْرَهُ أَوْ نَحْوَهَا (مِنْ الْفَقِيرِ) الَّذِي أَخَذَهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْعَائِدُ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» وَلِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِي مِنْهُ فَيُحَابِيهِ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ «عُمَرَ تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ ثُمَّ وَجَدَهُ يُبَاعُ فِي السُّوقِ فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَقَالَ لَا تَشْتَرِهِ وَلَا شَيْئًا مِنْ نِتَاجِهِ» أَيْ لِأَنَّ وَلَدَ الْحَيَوَانِ جُزْءٌ مِنْهُ. قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّةِ أَرْضٍ كَانَ قَدْ تَصَدَّقَ بِهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ الْعَيْنِ الْمُتَصَدَّقِ بِهَا أَيْ وَغَيْرُ جُزْئِهَا (لَا مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ لَا يُكْرَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا مِنْ غَيْرِهِ (وَلَا أَنْ يَمْلِكَهَا بِالْإِرْثِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَنْ بُرَيْدٍ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إنِّي تَصَدَّقْت عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ فَقَالَ وَجَبَ أَجْرُك وَرَدَّهَا عَلَيْك الْمِيرَاثُ» (وَالْمَنُّ) بِالصَّدَقَةِ (حَرَامٌ مُحْبِطٌ لِلْأَجْرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة: 264] وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ أَبُو ذَرٍّ خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ» (وَقَبُولُ الزَّكَاةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَهُوَ) أَيْ قَبُولُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا (أَفْضَلُ مِنْ) قَبُولِ صَدَقَةِ (التَّطَوُّعِ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى وَاجِبٍ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا مِنَّةَ فِيهَا وَعَكَسَ آخَرُونَ مِنْهُمْ الْجُنَيْدُ وَالْخَوَاصُّ لِئَلَّا يَضِيقَ عَلَى الْأَصْنَافِ وَلِئَلَّا يَخِلَّ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْأَخْذِ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الرَّوْضَةِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَقِبَ ذَلِكَ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ فَإِنْ عَرَضَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ لَمْ يَأْخُذْ الزَّكَاةَ وَإِنْ قَطَعَ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ هَذَا مِنْهُ لَا يَتَصَدَّقُ فَلْيَأْخُذْهَا فَإِنَّ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهَا وَلَمْ يُضَيِّقْ تَخَيَّرَ وَأَخْذُهَا أَشَدُّ فِي كَسْرِ النَّفْسِ (وَأَخْذِ الصَّدَقَةِ فِي الْمَلَأِ وَتَرْكُهُ فِي الْخَلَاءِ أَفْضَلُ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ كَسْرِ النَّفْسِ. (فُرُوعٌ) يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسْأَلَ بِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ الْجَنَّةِ وَأَنْ يَمْنَعَ مَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ وَتَشَفَّعَ بِهِ لِخَبَرِ «لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا الْجَنَّةُ وَخَبَرِ مَنْ اسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ فَأَعِيذُوهُ وَمَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ فَأَعْطُوهُ وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ وَمَنْ صَنَعَ إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوَا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ كَافَأْتُمُوهُ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَتُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةُ عَقِبَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَمِنْهُ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ فِي وَطْءِ الْحَائِضِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُتَصَدِّقِ أَنْ يُعْطِيَ الصَّدَقَةَ لِلْفَقِيرِ مِنْ يَدِهِ قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَتُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الدَّفْعِ لِلْفَقِيرِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَطْمَعُ الْمُتَصَدِّقُ فِي الدُّعَاءِ مِنْ الْفَقِيرِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} [الإنسان: 9] فَإِنْ دَعَا الْفَقِيرُ لَهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا لِئَلَّا يَنْقُصَ أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا ثُمَّ عَمِدَ إلَى ثَوْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَتَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يَزَلْ فِي حِفْظِ اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا» وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّصَدُّقِ بِالرَّدِيءِ بَلْ مِمَّا يُحَبُّ وَهَذَا كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِالْفُلُوسِ دُونَ الْفِضَّةِ وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّاغِبِ فِي الْخَيْرِ أَنْ لَا يُخَلِّيَ يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ مِنْ الصَّدَقَةِ بِشَيْءٍ وَإِنْ قَلَّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إلَّا وَمَلَكَانِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا» وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ قَالَ حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ» (كِتَابُ الصِّيَامِ) هُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ مَرْيَمَ {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أَيْ إمْسَاكًا وَسُكُوتًا عَنْ الْكَلَامِ وَشَرْعًا إمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي آيَةُ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] وَخَبَرُ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَفُرِضَ فِي شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ صَائِمٌ وَنِيَّةٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي هِبَةِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ وَهُوَ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ قَرِيبٍ وَزَوْجَةٍ وَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ صَرْفُهُ فِيهِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْمَاءِ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ أَوْ عِنْدَ ضِيقِهِ لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا وَهُوَ التُّرَابُ اهـ فَرَّقَهُ مِنْ جِهَةِ جَرَيَانِ الْوَجْهِ الضَّعِيفِ بِالصِّحَّةِ قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ هِبَةِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْمَاءِ ذَاتِيَّةٌ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ مَتَى رَجَعَ النَّهْيُ لِذَاتِ الشَّيْءِ أَوْ لَازِمِهِ اقْتَضَى الْفَسَادَ وَالْحُرْمَةُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّدَقَةِ عَرَضِيَّةٌ فَلَمْ تَرْجِعْ لِذَاتِهَا وَلَا لَازِمِهَا فَصَحَّ التَّصَرُّفُ وَإِنْ أَثِمَ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ فِي الْفَلَسِ أَنَّ الْمَدْيُونَ الَّذِي يُحْجَرُ عَلَيْهِ إذَا أَعْتَقَ أَرِقَّاءَهُ فِرَارًا مِنْ غُرَمَائِهِ بِنُفُوذِ عِتْقِهِمْ وَإِنْ وَقَعَ فِي فَتَاوِيه هُنَا أَنَّ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ نَعَمْ مَحَلُّ الْمِلْكِ مَا إذَا لَمْ يُعْطِهِ عَلَى صِفَةٍ وَهُوَ مُتَّصِفٌ بِخِلَافِهَا وَلَوْ عَلِمَ بِحَالِهِ لَمْ يُعْطِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَمْلِكْ الْمَدْفُوعَ. [كِتَابُ الصِّيَامِ] (قَوْلُهُ وَشَرْعًا إمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرِ إلَخْ) إمْسَاكُ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ بِالنِّيَّةِ سَالِمًا مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْوِلَادَةِ وَمِنْ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِي بَعْضِهِ (قَوْلُهُ آيَةُ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتِ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَجَمَعَهَا جَمْعَ قِلَّةٍ لِيُهَوِّنَهَا وَقَوْلُهُ {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] قِيلَ مَا مِنْ أُمَّةٍ إلَّا وَقَدْ فُرِضَ عَلَيْهِمْ رَمَضَانُ إلَّا أَنَّهُمْ ضَلُّوا عَنْهُ أَوْ التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 وَإِمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ (يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِاسْتِكْمَالِ شَعْبَانَ) ثَلَاثِينَ (يَوْمًا أَوْ بِالرُّؤْيَةِ) لِهِلَالِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَافْطُرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» وَلِقَوْلِ «ابْنِ عُمَرَ أَخْبَرْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْمَعْنَى فِي ثُبُوتِهِ بِالْوَاحِدِ الِاحْتِيَاطُ لِلصَّوْمِ. قَالَ الْأَكْثَرُونَ وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ رَمَضَانُ بِدُونِ شَهْرِ وَرَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الصَّوَابَ خِلَافُهُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَهْيٍ فِيهِ بَلْ ثَبَتَ ذِكْرُهُ بِدُونِ شَهْرٍ فِي أَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ كَخَبَرِ «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (فَإِذَا شَهِدَ بِرَمَضَانَ وَكَذَا بِشَهْرٍ نُذِرَ صَوْمُهُ) بِبِنَاءِ نَذَرَ لِلْمَفْعُولِ (عَدْلٌ عِنْدَ الْقَاضِي كَفَى) فِي وُجُوبِ صَوْمِهِ فَهُوَ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ (لَا بِطَرِيقِ الرِّوَايَةِ) فَلَا يَكْفِي عَبْدٌ وَلَا امْرَأَةٌ وَقَضِيَّتُهُ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ وَهِيَ الَّتِي يَرْجِعُ فِيهَا إلَى قَوْلِ الْمُزَكِّينَ وَفِيهِ فِي الْأَصْلِ وَجْهَانِ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْمَجْمُوعُ الْمَنْعَ وَهِيَ شَهَادَةٌ حَسَبَةٌ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ وَيَجِبُ الصَّوْمُ أَيْضًا عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ بِالرُّؤْيَةِ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ الْقَاضِي. وَيَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الدَّمِ قَالَ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْتَقَدُ دُخُولُهُ بِسَبَبٍ لَا يُوَافِقُهُ عَلَيْهِ الْمَشْهُودُ عِنْدَهُ بِأَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مِنْ حِسَابٍ أَوْ يَكُونَ حَنَفِيًّا يَرَى إيجَابَ الصَّوْمِ لَيْلَةَ الْغَيْمِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا بِشَهْرٍ نُذِرَ صَوْمُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ تَصْحِيحِ الرُّويَانِيِّ مُقَيَّدًا بِشَهْرٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ فِيهِ الْخِلَافَ فِي رَمَضَانَ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ حُرْمَةِ الشَّهْرَيْنِ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ رَمَضَانَ بِالْوَاحِدِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لِرُجُوعِهِ عَنْهُ فَفِي الْأُمِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدُ لَا يَجُوزُ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ إلَّا شَاهِدَانِ وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ مَعَ هَذَا النَّصِّ نَصًّا آخَرَ صِيغَتُهُ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ بَعْدُ فَقَالَ لَا يُصَامُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبِلَ شَهَادَةَ الْأَعْرَابِيِّ وَحْدَهُ أَوْ شَهَادَةَ ابْنِ عُمَرَ قَبْلَ الْوَاحِدِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَقَدْ صَحَّ كُلٌّ مِنْهُمَا وَعِنْدِي أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ قَبُولُ الْوَاحِدِ وَإِنَّمَا رَجَعَ إلَى الِاثْنَيْنِ بِالْقِيَاسِ لِمَا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ سَنَةً فَإِنَّهُ تَمَسَّك لِلْوَاحِدِ بِأَثَرٍ عَنْ عَلِيٍّ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَوْ شَهِدَ بِرُؤْيَتِهِ عَدْلٌ وَاحِدٌ رَأَيْت أَنْ أَقْبَلَهُ لِلْأَثَرِ فِيهِ (لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَنْ) بِمَعْنَى عَلَى (شَهَادَتِهِ) أَيْ الْعَدْلِ (صَحَّ) بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ عَلَيْهَا وَاحِدٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ لَا الرِّوَايَةِ   [حاشية الرملي الكبير] الصَّوْمِ دُونَ وَقْتِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رَمَضَانُ أَفْضَلُ الْأَشْهُرِ وَفِي الْحَدِيثِ «رَمَضَانُ سَيِّدُ الشُّهُورِ» [أَرْكَان الصِّيَام] (قَوْلُهُ أَوْ بِالرُّؤْيَةِ) أَوْ بِعِلْمِ الْقَاضِي بِهِ وَكُتِبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُضَافُ إلَى الرُّؤْيَةِ وَإِكْمَالِ الْعَدَدِ ظَنَّ دُخُولَهُ بِالِاجْتِهَادِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ عَلَى أَهْلِ نَاحِيَةٍ حَدِيثِ عَهْدِهِمْ بِالْإِسْلَامِ أَوْ أَسَارَى وَهَلْ الْإِمَارَةُ لِظَاهِرَةِ الدَّلَالَةِ فِي حُكْمِ الرُّؤْيَةِ مِثْلُ أَنْ يَرَى أَهْلُ الْقَرْيَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْبَلَدِ الْقَنَادِيلَ قَدْ عُلِّقَتْ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ بِمَنَائِرِ الْمِصْرِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ الظَّاهِرُ نَعَمْ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمْ الْمَنْعُ وَقَوْلُهُ ظَنَّ دُخُولَهُ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ نَعَمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا (قَوْلُهُ فَإِذَا شَهِدَ بِرَمَضَانَ إلَخْ) وَإِنْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَمَرَ غَابَ لَيْلَةَ الثَّالِثِ عَلَى مُقْتَضَى تِلْكَ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَعْتَمِدْ الْحِسَابَ بَلْ أَلْغَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْ عَلِمَ فِسْقَ الشُّهُودِ أَوْ كَذِبَهُمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَجْزِمَ بِالنِّيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ حَيْثُ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ وَلَوْ عَلِمَ فِسْقَ الْقَاضِي الْمَشْهُودِ عِنْدَهُ وَجَهِلَ حَالَ الْعُدُولِ. فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَشْهَدُوا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي أَهْلًا لَكِنَّهُ عَدْلٌ فَالْأَقْرَبُ لُزُومُ الصَّوْمِ تَنْفِيذًا لِحُكْمِهِ (قَوْلُهُ عَدْلٌ عِنْدَ الْقَاضِي كَفَى) لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدِينَةٌ فَيَكْفِي فِي الْإِخْبَارِ بِدُخُولِ وَقْتِهَا وَاحِدٌ كَالصَّلَاةِ وَلِأَنَّ فِيهِ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ وَكُتِبَ أَيْضًا يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي عَدْلٌ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَكْفِي لِحَدِيثٍ «كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» انْتَهَى وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي النَّهَارِ مِنْ رَمَضَانَ إلَّا شَاهِدَانِ كَهِلَالِ شَوَّالٍ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ ع لَكِنْ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا كَانَ صَائِمًا أَمَرَ رَجُلًا فَأَوْفَى عَلَى نَشْزٍ فَإِذَا قَالَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَفْطَرَ» وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ وَالْأَذَانِ (قَوْلُهُ فَهُوَ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ صَحَّحَ مِنْهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَنْعَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَيَجِبُ الصَّوْمُ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَشْهَدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ) وَالْقَفَّالُ وَالْمَرْوَزِيُّ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ وَابْنِ سُرَاقَةَ فِي أَدَبِ الشُّهُودِ وَالْقَاضِي شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ فِي رَوْضَةِ الْحُكَّامِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا إنْ حَمَلَ كَلَامَ الشَّارِحِ عَلَى عُرُوِّ ذَلِكَ عَنْ لَفْظِ أَشْهَدُ فَذَاكَ ظَاهِرٌ أَوْ مَعَ وُجُودِهَا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا جَوَّزَنَا مَعَ شَهَادَتِهِ الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ أَمَّا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ مَعَهَا ذَلِكَ فَيَكْفِي فِيهِ أَيْضًا كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ فَتَاوَى الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَكَذَا بِشَهْرٍ نَذَرَ صَوْمَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ رَمَضَانَ بِالْوَاحِدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ حَاكِمٌ يَرَاهُ فَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ الصَّوْمِ وَأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْحُكْمَ. (فَرْعٌ) ذَكَرَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِالرُّؤْيَةِ فَصَامُوا ثُمَّ رَجَعَ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُ الصَّوْمُ كَرُجُوعِ الشُّهُودِ قَبْلَ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ الْقَضَاءُ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُمْ الصَّوْمُ لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ قَالَ وَلَعَلَّ الثَّانِي أَقْرَبُ نَعَمْ لَوْ أَكْمَلْنَا الْعِدَّةَ وَلَمْ نَرَهُ وَالسَّمَاءُ غَيْرُ مَغْمِيَّةٍ فَفِي الْإِفْطَارِ وَقْفَةٌ فَتَأَمَّلْهُ قَالَ شَيْخُنَا وَالْأَقْرَبُ الْإِفْطَارُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 (وَلَكِنْ لَا تَحِلُّ الدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةُ) بِهِ (وَ) لَا يَقَعُ (نَحْوُهَا) مِمَّا عَلَّقَ بِهِ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَنَحْوِهِمَا سَوَاءٌ أَشَهِدَ بِهِ عَدْلٌ أَمْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ بِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِ الرَّائِي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ قِيلَ هَلَّا يَثْبُتُ ضِمْنًا كَمَا يَثْبُتُ شَوَّالٌ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ بِوَاحِدٍ وَالنَّسَبُ وَالْإِرْثُ بِثُبُوتِ الْوِلَادَةِ بِالنِّسَاءِ لَا حَوْجَ إلَى الْفَرْقِ وَفَرَّقَ هُوَ فِي الشَّهَادَاتِ بِأَنَّ الضِّمْنِيَّ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ لَازِمٌ لِلْمَشْهُودِ بِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا إذَا كَانَ التَّابِعُ مِنْ جِنْسِ الْمَتْبُوعِ كَالصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فَإِنَّهُمَا مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالْوِلَادَةِ وَالنَّسَبِ وَالْإِرْثِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَالِ أَوْ الْآيِلِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ التَّابِعَ مِنْ الْمَالِ أَوْ الْآيِلِ إلَيْهِ وَالْمَتْبُوعَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَبِالْجُمْلَةِ إذَا ثَبَتَ رَمَضَانُ بِالْوَاحِدِ اخْتَصَّ بِالصَّوْمِ وَتَوَابِعِهِ مِنْ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ الْمُعَلَّقِينَ بِدُخُولِ رَمَضَانَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ إنَّهُ وَاضِحٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ مَحِلُّهُ فِي حَقِّ غَيْرِ الرَّائِي. أَمَّا الرَّائِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا كَمَا سَيَأْتِي (وَلَوْ ضِمْنًا بِشَهَادَةِ عَدْلٍ) أَوْ عَدْلَيْنِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (ثَلَاثِينَ) يَوْمًا (أَوْ عَيَّدْنَا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَلَمْ نَرَ الْهِلَالَ) بَعْدَ ثَلَاثِينَ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (أَفْطَرْنَا) فِي الْأُولَيَيْنِ (وَلَمْ نَقْضِ) فِي الثَّالِثَةِ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ غَيْمٌ) لِكَمَالِ الْعِدَّةِ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْأَوْلَى عَدَمُ ثُبُوتِ شَوَّالٍ بِعَدْلٍ إذْ الشَّيْءُ يَثْبُتُ ضِمْنًا بِمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ أَصْلًا بِدَلِيلِ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ ضِمْنًا لِلْوِلَادَةِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ (وَلَا عِبْرَةَ بِالْمُنَجِّمِ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَلَا يَجِبُ بِهِ الصَّوْمُ وَلَا يَجُوزُ وَالْمُرَادُ بِآيَةِ {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: 16] الِاهْتِدَاءُ فِي أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ وَفِي السَّفَرِ (وَ) لَكِنْ (لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِهِ كَالصَّلَاةِ) وَلِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ وَالتَّنْظِيرُ بِالصَّلَاةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ وَصَحَّ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ إذَا جَازَ أَجْزَأَ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ قَالَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِيمَا يَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ شَرْطَ النِّيَّةِ الْجَزْمُ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَالْحَاسِبُ وَهُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ الْقَمَرِ وَتَقْدِيرَ سَيْرِهِ فِي مَعْنَى الْمُنَجِّمِ وَهُوَ مَنْ يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ طُلُوعُ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِمَا مَعًا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا عِبْرَةَ أَيْضًا بِقَوْلِ مَنْ قَالَ أَخْبَرَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ بِأَنَّ اللَّيْلَةَ أَوَّلُ رَمَضَانَ فَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ. (فَرْعٌ) لَوْ (رَأَى) الْهِلَالَ (فِي بَلَدٍ لَزِمَ) حُكْمُهُ (مَنْ فِي غَيْرِهِ) مِنْ سَائِرِ الْأَمَاكِنِ (مَا لَمْ تَخْتَلِفْ الْمَطَالِعُ) كَبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ وَالرَّيِّ وَقَزْوِينَ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ هُوَ بِبَلَدِهَا كَمَا فِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ كَالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ لَمْ يَجِبْ الصَّوْمُ عَلَى مَنْ اخْتَلَفَ مَطْلَعُهُ لِبُعْدِهِ وَلِمَا رَوَى مُسْلِمٌ «عَنْ كُرَيْبٍ رَأَيْت الْهِلَالَ بِالشَّامِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ قَدِمْت الْمَدِينَةَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ قُلْت لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ قَالَ أَنْتَ رَأَيْتَهُ قُلْتُ نَعَمْ وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى تُكْمِلَ الْعِدَّةَ فَقُلْت أَوْ لَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ قَالَ لَا هَكَذَا   [حاشية الرملي الكبير] وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُمْ الصَّوْمُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَا تَحِلُّ الدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةُ) وَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ نَحْوُهَا مِمَّا عُلِّقَ بِهِ إلَخْ) قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ) حَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي قَبُولِ الْوَاحِدِ فِيهَا وَجْهَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْقِيَاسُ الْقَبُولُ (قَوْلُهُ وَلَوْ صُمْنَا بِشَهَادَةِ عَدْلٍ إلَخْ) وَلَوْ صَامَ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَرَ الْهِلَالَ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ كَالصَّوْمِ بِعَدْلٍ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ) قِيَاسُ قَوْلِهِمْ أَنَّ الظَّنَّ يُوجِبُ الْعَمَلَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَأَيْضًا فَهُوَ جَوَازٌ بَعْدَ حَظْرٍ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَخْتَلِفْ الْمَطَالِعُ) الِاعْتِبَارُ فِي اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ أَنْ يَتَبَاعَدَ الْبَلَدَانِ بِحَيْثُ لَوْ رُئِيَ الْهِلَالُ فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يُرَ فِي الْآخَرِ غَالِبًا وَقَدْ حَرَّرَهَا الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ التَّبْرِيزِيُّ فَقَالَ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ تُوجِبُ ثُبُوتَ حُكْمِهَا إلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا لِأَنَّهَا فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ قَدْرِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَنِصْفِهَا وَوَقَعَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ أَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ مَاتَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَقْتَ الزَّوَالِ أَجَابَ الْجَمِيعُ فِيهَا بِأَنَّ الْمَغْرِبِيَّ يَرِثُ الْمَشْرِقِيَّ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الْمُطَالَعِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ حَرَّرَهَا وَقَوْلُهُ أَجَابَ الْجَمِيعُ فِيهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ تَخْتَلِفُ الْمَطَالِعُ وَالرُّؤْيَةُ فِي أَحَدِ الْبَلَدَيْنِ مُسْتَلْزَمَةٌ لِلرُّؤْيَةِ فِي الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَإِنَّ اللَّيْلَ يَدْخُلُ فِي الْبَلَدِ الْمَشْرِقِيَّةِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْبَلَدِ الْمَغْرِبِيَّةِ وَإِذَا غَرَبَتْ فِي بَلَدٍ شَرْقِيٍّ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ سَبْعُ دَرَجٍ مَثَلًا لَا تُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ فِيهَا وَإِذَا غَرَبَتْ فِي بَلَدٍ غَرْبِيٍّ يَتَأَخَّرُ الْغُرُوبُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ أَكْثَرُ مِنْ عَشْرِ دَرَجٍ أَمْكَنَتْ رُؤْيَتُهُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَرَ فِي ذَلِكَ الشَّرْقِيُّ فَإِذَا غَرَبَتْ فِي غَرْبِيٍّ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَرَجَتَيْنِ كَانَتْ رُؤْيَتُهُ أَظْهَرُ وَيَكُونُ مُكْثُهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَكْثَرُ وَقِسْ عَلَى هَذَا يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّهُ مَتَى اتَّحَدَ الْمَطْلَعُ لَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي أَحَدِهِمَا رُؤْيَتُهُ فِي الْآخَرِ وَمَتَى اخْتَلَفَ لَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي الشَّرْقِيِّ رُؤْيَتُهُ فِي الْغَرْبِيِّ وَلَا عَكْسَ وَتَبِعَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي إطْلَاقِهِ دُخُولُ اللَّيْلِ بِالشَّرْقِيِّ قَبْلَ دُخُولِهِ بِالْغَرْبِ نُظِرَ إذْ مَحَلُّ الْقَبْلِيَّةَ إذَا اتَّحَدَ عَرْضُ الْبَلَدَيْنِ جِهَةً وَقَدْرًا أَيْ جِهَةً الْجَنُوبِ وَالشِّمَالِ وَقَدْرًا بِأَنْ يَكُونَ قَدْرُ الْبُعْدَيْنِ عَنْ خَطِّ الِاسْتِوَاءِ سَوَاءٌ س. وَقَوْلُهُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلرُّؤْيَةِ فِي الْآخَرِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَلْ يُعْتَبَرُ اخْتِلَافُ الْمَطَالِعِ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى إذَا غَابَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فِي بَلَدٍ فَصَلَّى فِيهَا الْمَغْرِبَ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْخُطْوَةِ ثُمَّ سَافَرَ إلَى مَطْلَعٍ آخَرَ لَمْ تَغِبْ فِيهِ الشَّمْسُ فَهَلْ تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ كَالصَّوْمِ أَوْ لَا تَلْزَمُهُ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُصَلِّي الصَّلَاةَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ تَتَكَرَّرُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَأَيْضًا فَالْقِيَاسُ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا صَلَّى أَوَّلَ الْوَقْتِ وَبَلَغَ فِي آخِرِهِ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةٌ وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِالْبُلُوغِ وَصَلَاتُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ نَفْلٌ أَسْقَطَ الْفَرْضَ فَكَذَلِكَ مَنْ صَلَّى ثُمَّ حَضَرَ فِي مَطْلَعٍ آخَرَ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الْمُتَّجَهُ لَا غَيْرَ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَقِيَاسًا عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ وَغُرُوبِهِمَا وَبِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ عُلِمَ أَنَّ الْقَرِيبَ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ مَا اتَّحَدَ مَعَهُ فِي الْمَطْلَعِ وَقِيلَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَحَّحَ فِي غَيْرِهِ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِلرُّؤْيَةِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَالَ الْإِمَامُ اعْتِبَارُ الْمَطَالِعِ يُحْوِجُ إلَى حِسَابِ وَتَحْكِيمِ الْمُنَجِّمِينَ وَقَوَاعِدُ الشَّرْعِ تَأْبَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ الَّتِي عَلَّقَ بِهَا الشَّرْعُ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ فَإِنْ قُلْت اعْتِبَارُ اتِّحَادِ الْمَطَالِعِ عَلَى مَا مَرَّ يَتَعَلَّقُ بِالْمُنَجِّمِ وَالْحَاسِبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمَا فِي إثْبَاتِ رَمَضَانَ قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي الْأُصُولِ وَالْأُمُورِ الْعَامَّةِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ فِي التَّوَابِعِ وَالْأُمُورِ الْخَاصَّةِ (فَإِنْ شَكَّ فِي الِاتِّفَاقِ) فِي الْمَطَالِعِ (لَمْ يَجِبْ) عَلَى الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا صَوْمٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِهِ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِالرُّؤْيَةِ وَلَمْ تَثْبُتْ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ قُرْبِهِمْ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ (وَلَوْ صَامَ بِالرُّؤْيَةِ وَسَافَرَ) مِنْ بَلَدِهَا (إلَى بَلَدٍ مَطْلَعُهُ مُخَالِفٌ) لِمَطْلَعِهِ وَلَمْ يَرَ أَهْلُهُ الْهِلَالَ (وَافَقَهُمْ) وُجُوبًا (يَوْمَ عِيدِهِ فِي الصَّوْمِ) لِأَنَّهُ بِالِانْتِقَالِ إلَيْهِمْ صَارَ مِنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِيدٌ صَامَهُ أَوْ عِيدٌ أَمْسَكَ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ سَافَرَ مِنْ بَلَدِ غَيْرِ الرُّؤْيَةِ إلَى بَلَدِهَا (عَيَّدَ مَعَهُمْ) لِمَا مَرَّ وَقَضَى يَوْمًا إذَا لَمْ يَصُمْ إلَّا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا كَمَا سَيَأْتِي (وَكَذَا لَوْ عَيَّدَ فِي بَلَدٍ وَجَرَتْ بِهِ السَّفِينَةُ إلَيْهِمْ) أَيْ إلَى أَهْلِ بَلَدٍ مَطْلَعُهُ مُخَالِفٌ لِمَطْلَعِ بَلَدِهِ (فَوَجَدَهُمْ صَائِمِينَ أَمْسَكَ) بَقِيَّةَ الْيَوْمِ لِمَا مَرَّ (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ كَانَ صَائِمًا فَجَرَتْ بِهِ السَّفِينَةُ إلَيْهِمْ فَوَجَدَهُمْ مُفْطِرِينَ (أَفْطَرَ) لِمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَكَذَا إلَى آخِرِهِ يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ (وَإِنْ لَمْ يَصُمْ إلَّا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا قَضَى يَوْمًا) لِأَنَّ الشَّهْرَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ كَذَلِكَ (فَرْعٌ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ نَهَارًا) يَوْمَ الثَّلَاثِينَ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ (لِلَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ) لَا الْمَاضِيَةِ (فَلَا يَفْطُرُ) إنْ كَانَ فِي ثَلَاثِي رَمَضَانَ (وَلَا يُمْسِكُ) إنْ كَانَ فِي ثَلَاثِي شَعْبَانَ فَعَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بِخَانِقِينَ إنَّ الْأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَخَانِقِينَ بِخَاءِ مُعْجَمَةٍ وَنُونٍ ثُمَّ قَافٍ مَكْسُورَةٍ بَلْدَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنْ بَغْدَادَ وَالْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ دَفْعُ مَا قِيلَ إنَّ رُؤْيَتَهُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ تَكُونُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ وَأَمَّا رُؤْيَتُهُ يَوْمَ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّهَا لِلْمَاضِيَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ فَلَا يُفْطِرْ وَلَا يُمْسِكْ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَصْلٌ وَيَجِبُ) فِي الصَّوْمِ (نِيَّةٌ جَازِمَةٌ مُعَيِّنَةٌ) كَالصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَمُعَيِّنَةٌ بِكَسْرِ الْيَاءِ لِأَنَّهَا تُعَيِّنُ الصَّوْمَ وَبِفَتْحِهَا لِأَنَّ النَّاوِي يُعَيِّنُهَا وَيُخْرِجُهَا عَنْ التَّعَلُّقِ بِمُطْلَقِ الصَّوْمِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ يَجِبُ (قَبْلَ الْفَجْرِ فِي الْفَرْضِ) وَلَوْ نَذْرًا أَوْ قَضَاءً أَوْ كَفَّارَةً أَوْ كَانَ النَّاوِي صَبِيًّا لِخَبَرِ «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَرْضِ بِقَرِيبَةِ خَبَرِ عَائِشَةَ الْآتِي (لِكُلِّ يَوْمٍ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّ صَوْمَ كُلِّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ لِتَخَلُّلِ الْيَوْمَيْنِ مَا يُنَاقِضُ الصَّوْمَ كَالصَّلَاتَيْنِ يَتَخَلَّلُهُمَا السَّلَامُ وَخَرَجَ بِمُعَيِّنَةٍ مَا لَوْ نَوَى الصَّوْمَ عَنْ فَرْضِهِ أَوْ عَنْ فَرْضِ وَقْتِهِ فَلَا يَكْفِي كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي فِي الْفَرْعِ الْآتِي مَا خَرَجَ بِجَازِمَةٍ (وَإِلَّا كَمَّلَ) فِي نِيَّةِ صَوْمِ رَمَضَانَ (أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةَ لِلَّهِ تَعَالَى) بِإِضَافَةِ رَمَضَانَ وَذَلِكَ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ أَضْدَادِهَا لَكِنَّ فَرْضَ غَيْرِ هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَكُونُ إلَّا قَضَاءً وَقَدْ خَرَجَ بِقَيْدِ الْأَدَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَفْظُ الْأَدَاءِ لَا يُغْنِي عَنْ السَّنَةِ لِأَنَّ الْأَدَاءَ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَفْظُ الْغَدِ اُشْتُهِرَ فِي كَلَامِهِمْ فِي تَفْسِيرِ التَّعْيِينِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مِنْ حَدِّ التَّعْيِينِ وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ نَظَرِهِمْ إلَى التَّبْيِيتِ (وَلَوْ تَرَكَ ذِكْرَ السَّنَةِ وَالْأَدَاءِ وَالْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى جَازَ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلِأَنَّ ذِكْرَ الْغَدِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ السَّنَةِ وَرَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْيَوْمِ الَّذِي يَصُومُهُ وَالْيَوْمِ الَّذِي يَصُومُ عَنْهُ مَعْلُومٌ فَالتَّعَرُّضُ لِلْغَدِ يُفِيدُ الَّذِي يَصُومُهُ وَالتَّعَرُّضُ لِلسَّنَةِ يُفِيدُ الَّذِي يَصُومُ عَنْهُ قَالَ وَيُوَضِّحُهُ   [حاشية الرملي الكبير] الْفَرْضُ بِالنَّفْلِ فَلَأَنْ يَسْقُطَ بِالْفَرْضِ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَقَوْلُهُ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الْمُتَّجَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَكَّ فِي الِاتِّفَاقِ لَمْ يَجِبْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَانَ الْمُرَادُ فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا لَوْ بَانَ بِالْآخِرَةِ اتِّفَاقُ الْمَطَالِعِ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ نَهَارًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ نَهَارًا أَيْ لِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» أَيْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] أَيْ بَعْدَ دُلُوكِهَا [فَصْلٌ النِّيَّةُ فِي الصَّوْمِ] (قَوْلُهُ وَيَجِبُ نِيَّةٌ جَازِمَةٌ) إذَا تَيَقَّنَ مَثَلًا أَنَّ عَلَيْهِ صَوْمَ يَوْمٍ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَنْوِي صَوْمًا وَاجِبًا يُجْزِئُهُ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدِ النِّيَّةِ فِيهِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْخَمْسَ وَيُعْذَرُ فِي عَدَمِ جَزْمِ النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ كَذَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ حِكَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِ مَا عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ اُغْتُفِرَ لَهُ عَدَمُ التَّعَرُّضِ لِرَمَضَانَ مَعَ كَوْنِهِ وَاجِبًا لِلضَّرُورَةِ هُنَا وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِذَلِكَ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ نَوَيْت صَوْمَ غَدٍ عَمَّا وَجَبَ عَلَيَّ مِنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيَّ (قَوْلُهُ مُعَيَّنَةٌ) لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ مُضَافَةٌ إلَى وَقْتٍ فَوَجَبَ التَّعْيِينُ فِي نِيَّتِهَا كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ النَّاوِي صَبِيًّا) لَيْسَ عَلَى أَصْلِهَا صَوْمُ نَفْلٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّبْيِيتُ سِوَاهُ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَفْهَمَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَمَا نَوَى ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَنَّهُ كَمَنْ أَكَلَ أَوْ جَامَعَ بَعْدَ النِّيَّةِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا اهـ تَبْطُلُ نِيَّتُهُ بِرَدَّتِهِ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَحُكْمُ مَنْ نَفِسَتْ بَعْدَمَا نَوَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ جُنَّ بَعْدَمَا نَوَى ثُمَّ زَالَ الْجُنُونُ قَبْلَ الْفَجْرِ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ نَظَرِهِمْ إلَى التَّبْيِيتِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَعْيِينُ الْغَدِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ لَا مِنْ الْكَمَالِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 أَنَّ مَنْ نَوَى صَوْمَ الْغَدِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَهُ صِيَامُك الْيَوْمَ الْمَذْكُورَ هَلْ هُوَ عَنْ فَرْضِ هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ عَنْ فَرْضِ سَنَةٍ أُخْرَى فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ السَّنَةَ إنَّمَا ذَكَرُوهَا آخِرًا لِتَعُودَ إلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ لَا إلَى الْمُؤَدَّى بِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَجَعْلُهَا مِنْ الْكَمَالِ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهَا أَوْ لِلْأَدَاءِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ مِنْ الْبَالِغِ لَا يَقَعُ إلَّا فَرْضًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُعَادَةَ نَفْلٌ وَرُدَّ بِاشْتِرَاطِ نِيَّتِهَا فِي الْمُعَادَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ صَحَّحَ فِيهِ أَيْضًا عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا فِي الْمُعَادَةِ فَإِنْ قُلْت الْجُمُعَةُ لَا تَقَعُ مِنْ الْبَالِغِ إلَّا فَرْضًا مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ قُلْت مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا بِمَكَانٍ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً فِي آخَرَ يُصَلُّونَهَا فَإِنَّهَا لَا تَقَعُ مِنْهُ فَرْضًا (وَلَوْ نَوَى صَوْمَ الشَّهْرِ كَفَاهُ لِلْيَوْمِ الْأَوَّلِ) أَيْ لِصَوْمِهِ لِدُخُولِهِ فِي صَوْمِ الشَّهْرِ (وَلَوْ نَوَى صَوْمَ غَدٍ وَهُوَ يَعْتَقِدُهُ الِاثْنَيْنِ وَكَانَ الثُّلَاثَاءَ أَوْ) صَوْمَ (رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةَ وَهُوَ يَعْتَقِدُهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ فَكَانَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ صَحَّ) صَوْمُهُ (بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى صَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ أَوْ) صَوْمَ (رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ فَكَانَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَلَمْ يَخْطُرْ بِهِ) أَيْ بِبَالِهِ فِي الْأُولَى (الْغُدُوُّ) فِي الثَّانِيَةِ (السَّنَةَ الْحَاضِرَةَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَقْتَ أَيْ الَّذِي نَوَى فِي لَيْلَتِهِ (وَتَصْوِيرُ مِثْلِهِ بَعِيدٌ) وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَخْطُرْ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَيْنِ فَنَوَى صَوْمَ غَدٍ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ أَنَّهُ عَنْ قَضَاءِ أَيِّهِمَا لِأَنَّهُ كُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ وَكَذَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ نَذْرٍ مِنْ جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَنَوَى صَوْمَ النَّذْرِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ نَوْعَهُ وَكَذَا الْكَفَّارَاتُ وَجَعَلَ الزَّرْكَشِيُّ ذَلِكَ مُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ التَّعْيِينِ. (وَلَوْ تَسَحَّرَ لِيَصُومَ) أَوْ شَرِبَ لِدَفْعِ الْعَطَشِ نَهَارًا (أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَكْلِ) أَوْ الشُّرْبِ أَوْ الْجِمَاعِ (خَوْفَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَهُوَ نِيَّةٌ إنْ خَطَرَ بِبَالِهِ صَوْمُ فَرْضِ رَمَضَانَ) لِيَتَضَمَّنَ كُلٌّ مِنْهَا قَصْدَ الصَّوْمِ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ إنْ خَطَرَ بِبَالِهِ الصَّوْمُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لَهَا (لَا إنْ تَسَحَّرَ لِيَقْوَى) عَلَى الصَّوْمِ فَلَا يَكْفِي فِي النِّيَّةِ وَهَذَا مَحْذُوفٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَثُبُوتُهُ فِي بَقِيَّتِهَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ بِبَادِئِ الرَّأْيِ لَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ يَكْفِي إنْ خَطَرَ بِبَالِهِ الصَّوْمُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ صَالِحٌ لِأَخْذِهِ مِنْهُ (وَلَوْ نَوَى قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ مَعَ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ (أَوْ) نَوَى (قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَ) قَبْلَ (الْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ وَالنَّوْمِ أَجْزَأَهُ) فَلَا حَاجَةَ لِتَجْدِيدِ النِّيَّةِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَكْلِ وَمَا بَعْدَهُ مُبَاحٌ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَوْ أَبْطَلَ النِّيَّةَ لَامْتَنَعَ إلَى طُلُوعِهِ (وَتَكْفِي نِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ) كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ (وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ لَا بَعْدَهُ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ يَوْمًا هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ قَالَتْ لَا قَالَ فَإِنِّي إذًا أَصُومُ قَالَتْ وَقَالَ لِي يَوْمًا آخَرَ أَعِنْدَكُمْ شَيْءٌ قُلْت نَعَمْ قَالَ إذًا أُفْطِرُ وَإِنْ كُنْت فَرَضْت الصَّوْمَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَاخْتَصَّ بِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ لِلْخَبَرِ إذْ الْغَدَاءُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْعَشَاءُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ وَلِأَنَّهُ مَضْبُوطٌ بَيِّنٌ وَلِإِدْرَاكِ مُعْظَمِ النَّهَارِ بِهِ كَمَا فِي رَكْعَةِ الْمَسْبُوقِ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِمَّنْ يُرِيدُ صَوْمَ النَّفْلِ وَإِلَّا فَلَوْ نَوَى قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَدْ مَضَى مُعْظَمُ النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ (مَا لَمْ يَسْبِقْ) النِّيَّةَ (مُنَاقِضٌ) لِلصَّوْمِ مِنْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ شَرَائِطَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ (وَيُحْكَمُ بِالصَّوْمِ) فِي ذَلِكَ (مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ) حَتَّى يُثَابَ عَلَى جَمِيعِهِ إذْ صَوْمُ الْيَوْمِ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَا فِي الرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ (وَصَوْمُ مَا) أَيْ نَفْلٍ (لَهُ سَبَبٌ) كَصَوْمِ الِاسْتِسْقَاءِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ أَوْ مُؤَقَّتٌ كَصَوْمِ الِاثْنَيْنِ (يُقَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ) فَيَجِبُ تَعْيِينُهُ فِي النِّيَّةِ كَمَا بَحَثَ الْأَوَّلَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالثَّانِي فِي الْمَجْمُوعِ وَأُجِيبَ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الْأَيَّامِ الْمُتَأَكِّدِ صَوْمِهَا مُنْصَرِفٌ إلَيْهَا بَلْ لَوْ نَوَى بِهِ غَيْرَهَا حَصَلَتْ أَيْضًا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهَا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَصَوْمٌ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعَ مَا زِدْته خَارِجٌ بِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا الْمُطْلَقُ وَلَعَلَّهُ تَرَكَ هُنَا مَا زِدْته لِأَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُهُ نَظَرًا لِلْجَوَابِ الْمَذْكُورِ أَوْ غَيْرِهِ أَمَّا صَوْمُ الِاسْتِسْقَاءِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ فَيَجِبُ فِيهِ التَّبْيِيتُ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُمْ فِي الْفَرْضِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ (فَرْعٌ لَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ غَدًا أَوَّلَ رَمَضَانَ أَوْ اعْتَقَدَهُ لَا بِسَبَبٍ)   [حاشية الرملي الكبير] فَإِنَّهُ وَاجِبٌ بِسَبَبِ وُجُوبِ التَّبْيِيتِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيُشْبِهُ إلَخْ) الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ بَلْ أَوْلَى (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى صَوْمَ الثُّلَاثَاءِ إلَخْ) لَوْ لَزِمَهُ قَضَاءُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ قَضَاءُ يَوْمٍ مِنْهُ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ فَنَوَى قَضَاءَ الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ قَضَاءَ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ لَمْ يُجِزْهُ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ صَالِحٌ لِأَخْذِهِ مِنْهُ) وَكَذَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَالنَّوْمُ) أَيْ وَالْوِلَادَةُ وَالْجُنُونُ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَبْطَلَ النِّيَّةَ إلَخْ) لَوْ ارْتَدَّ لَيْلًا بَطَلَتْ نِيَّتُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ) لَوْ عَلَّقَ طَلَاقًا بِفِطْرِ زَيْدٍ قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَزُولَ وَهُوَ غَيْرُنَا وَ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُمْ فِي الْفَرْضِ) وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نِزَاعٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَيَبْعُدُ عَدَمُ صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ لَمْ يَنْوِ لَيْلًا كُلَّ الْبُعْدِ قَالَ الْغَزِّيّ وَيَحْسُنُ تَخْرِيجُ وُجُوبِ التَّبْيِيتِ عَلَى صَوْمِ الصَّبِيِّ رَمَضَانَ أَوْ عَلَى صَوْمِ النَّذْرِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِأَنَّ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ تَجِبُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِيهَا وَلِأَنَّ وُجُوبَ الصَّوْمِ لَيْسَ هُوَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِعَارِضٍ وَهُوَ أَمْرُ الْإِمَامِ وَلِهَذَا لَا يَسْتَقِرُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 وَفِي نُسْخَةٍ بِلَا سَبَبٍ (وَنَوَى الصَّوْمَ جَازِمًا) بِالنِّيَّةِ صُورَةً (أَوْ) مُتَرَدِّدًا كَأَنْ (قَالَ) لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ شَعْبَانَ (أَصُومُ غَدًا إنْ دَخَلَ رَمَضَانُ) سَوَاءٌ أَقَالَ مَعَهُ وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ أَوْ مُتَطَوِّعٌ أَمْ لَا (لَمْ تُجْزِهِ) وَإِنْ دَخَلَ رَمَضَانُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِهِ وَلِأَنَّهُ صَامَ شَاكًّا وَلَمْ يَعْتَمِدْ سَبَبًا وَالْجَزْمُ فِي الْأُولَى كَلَا جَزْمٍ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْهُ مِنْ رَمَضَانَ بِسَبَبٍ لَمْ يَتَأَتَّ مِنْهُ الْجَزْمُ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ حَدِيثُ نَفْسٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ (فَإِنْ اعْتَقَدَهُ) أَوَّلَ رَمَضَانَ بِسَبَبٍ كَأَنْ اعْتَقَدَهُ (بِخَبَرِ) مَنْ يَثِقْ بِهِ مِنْ نَحْوِ (امْرَأَةٍ أَوْ عَبِيدٍ أَوْ صِبْيَانٍ ذَوِي رُشْدٍ) يَعْنِي مُخْتَبَرِينَ بِالصِّدْقِ. (وَجَزَمَ) بِنِيَّةِ الصَّوْمِ (أَجْزَأَهُ) إنْ بَانَ مِنْ رَمَضَانَ لِظَنِّ أَنَّهُ مِنْهُ حَالَةَ النِّيَّةِ وَلِلظَّنِّ فِي مِثْلِ هَذَا حُكْمُ الْيَقِينِ فَتَصِحُّ النِّيَّةُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهِ وَجَمْعُ الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَةِ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ أَخْبَرَهُ بِالرُّؤْيَةِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ فَاسِقٍ أَوْ مُرَاهِقٍ وَنَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ فَبَانَ مِنْهُ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ نَوَاهُ بِظَنٍّ وَصَادَفَهُ فَأَشْبَهَ الْبَيِّنَةَ (وَلَوْ تَرَدَّدَ) وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالْأَنْسَبُ رَدُّهُ فَقَالَ أَصُومُ غَدًا عَنْ رَمَضَانَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فَهُوَ تَطَوُّعٌ وَبَانَ مِنْهُ (لَمْ يُجْزِهِ) كَذَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ وَحَكَاهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُتَّجَهُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَعْنًى قَائِمٌ بِالْقَلْبِ وَالتَّرَدُّدُ حَاصِلٌ فِي الْقَلْبِ قَطْعًا ذَكَرَهُ أَمْ لَمْ يَذْكُرْهُ وَقَصْدُهُ لِلصَّوْمِ إنَّمَا هُوَ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ فَصَارَ كَالتَّرَدُّدِ فِي الْقَلْبِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ طَوَائِفَ وَكَلَامُ الْأُمِّ مُصَرِّحٌ بِهِ وَلَا نَقْلَ يُعَارِضُهُ إلَّا دَعْوَى الْإِمَامِ أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَى قَالَ وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّرَدُّدِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ هَذَا تَرْدِيدٌ لَا تَرَدُّدٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّرَدُّدَ شَكٌّ لَا جَزْمَ فِيهِ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بِخِلَافِ التَّرْدِيدِ فَإِنَّ فِيهِ الْجَزْمَ بِأَحَدِهِمَا لَكِنْ مُبْهَمًا انْتَهَى وَالْحَقُّ أَنَّ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدًا وَتَرْدِيدًا وَلَوْ عَقَّبَ النِّيَّةَ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ ضَرَّ وَكَذَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّبَرُّكَ أَوْ وُقُوعَ الصَّوْمِ وَتَمَامَهُ بِهَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَإِنْ شَكَّ) بِالنَّهَارِ (هَلْ نَوَى) لَيْلًا (ثُمَّ تَذَكَّرَ) وَلَوْ (بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ النَّهَارِ أَجْزَأَهُ) صَوْمُهُ وَكَذَا لَوْ نَوَى ثُمَّ شَكَّ أَطَلَعَ الْفَجْرُ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ عِنْدَ النِّيَّةِ فِي أَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْفَجْرِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ بِالنَّهَارِ فَلَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّيَّةِ لَيْلًا وَلَمْ تَنْجَبِرْ بِالتَّذَكُّرِ نَهَارًا (فَإِنْ جَهِلَ سَبَبَ مَا عَلَيْهِ) مِنْ الصَّوْمِ مِنْ كَوْنِهِ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ أَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً (كَفَاهُ نِيَّةُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ) لِلضَّرُورَةِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْخَمْسَ وَيُجْزِئُهُ عَمَّا عَلَيْهِ وَيُعْذَرُ فِي عَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ الصَّلَاةِ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَنْوِيَ يَوْمًا عَنْ الْقَضَاءِ وَيَوْمًا عَنْ النَّذْرِ وَيَوْمًا عَنْ الْكَفَّارَةِ أَوْ يُقَالُ يُصَلِّي ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ فَقَطْ الصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ وَإِحْدَى رُبَاعِيَةٍ يَنْوِي فِيهَا الصَّلَاةَ الْوَاجِبَةَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الذِّمَّةَ هُنَا لَمْ تَشْتَغِلْ بِالثَّلَاثِ وَالْأَصْلُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِصَوْمِ يَوْمٍ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِجَمِيعِهَا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهَا فَإِنْ فَرَضَ أَنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِصَوْمِ الثَّلَاثِ وَأَتَى بِاثْنَيْنِ مِنْهَا وَنَسِيَ الثَّالِثَ الْتَزَمَ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفُوا ثَمَّ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ كَنَظَائِرِهَا هُنَا لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا هُنَا مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا ثَمَّ بِدَلِيلِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ وَعَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْهُ بِنِيَّةِ تَرْكِهِ بِخِلَافِهِمَا فِي الصَّلَاةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ شَكَّ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (فَإِنْ قَالَ آخِرَ رَمَضَانَ) أَيْ لَيْلَةَ ثَلَاثِيهِ (أَصُومُ غَدًا إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا أَفْطَرْت أَجْزَأَهُ لِلِاسْتِصْحَابِ) لِلْأَصْلِ (لَا إنْ قَالَ أَصُومُ غَدًا) مِنْ رَمَضَانَ (أَوْ أُفْطِرُ أَوْ أَتَطَوَّعُ) فَلَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ وَلَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي نِيَّتِهِ وَصَوْمِهِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَمِمَّا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَلَا أَثَرَ لِارْتِيَابٍ يَبْقَى بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ) وَلَوْ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ لِلِاسْتِنَادِ إلَى ظَنٍّ مُعْتَمَدٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَنْ جَهِلَ حَالَ الشَّاهِدِ أَمَّا الْعَالِمُ بِفِسْقِهِ وَكَذِبِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْجَزْمُ بِالنِّيَّةِ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ صَوْمُهُ حَيْثُ حَرُمَ صَوْمُهُ كَيَوْمِ الشَّكِّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قَالَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَصُومُ غَدًا نَفْلًا إنْ كَانَ مِنْهُ وَإِلَّا فَمِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ تَكُنْ أَمَارَةً فَبَانَ مِنْ شَعْبَانَ صَحَّ صَوْمُهُ نَفْلًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَإِنْ بَانَ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا (وَالْأَسِيرُ) وَفِي مَعْنَاهُ الْمَحْبُوسُ وَبِهِ عَبَّرَ أَصْلُهُ (يَتَحَرَّى) وُجُوبًا إنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ بِغَيْرِ تَحَرٍّ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالْقِبْلَةِ (فَإِنْ وَافَقَ) صَوْمُهُ بِالتَّحَرِّي (الشَّهْرَ) الْمَطْلُوبَ مِنْهُ   [حاشية الرملي الكبير] فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَسْقَطَ عَنْهُمْ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ سَقَطَ عَنْهُمْ وُجُوبُ صَوْمِهَا قِسْ (قَوْلُهُ فَصَارَ كَالتَّرَدُّدِ فِي الْقَلْبِ إلَخْ) قَالَ وَاقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ عَلَى نَقْلِهَا عَنْ الْوَجِيزِ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ وَجَزَمَ بِهَا فِي الْمُحَرَّرِ فَتَبِعَهُ الْمِنْهَاجُ وَنَازَعَ فِي الْخَادِمِ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُحَرَّرِ وَفَرَّقَ بَيْنَ التَّصْوِيرَيْنِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأُمِّ مُصَرَّحٌ بِهِ) هُوَ الْأَصَحُّ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ فَإِنْ بَانَ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ بَانَ مِنْ شَعْبَانَ انْعَقَدَ نَفْلًا إنْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ أَوْ وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَ نِصْفِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَذَّكَّر بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ النَّهَارِ أَجْزَأَهُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا لَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. وَهَذَا لَا يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ فِيهِ إذْ نِيَّةُ الْخُرُوجِ لَا تُؤَثِّرُ فَكَيْفَ يُؤَثِّرُ الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ بَلْ مَتَى تَذَكَّرَهَا قَبْلَ قَضَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ وَالتَّعْبِيرُ بِمَا ذُكِرَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَذَكُّرُهَا عَلَى الْفَوْرِ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الذِّمَّةَ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الْتَزَمَ فِيهِ ذَلِكَ) كَلَامُهُمْ بَاقٍ عَلَى عُمُومِهِ وَيُوَجَّهُ بِالتَّوَسُّعِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ إلَخْ) هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ وَالْأَسِيرُ يَتَحَرَّى) وُجُوبًا بِالنَّظَرِ فِي التَّوَارِيخِ الْمَعْلُومَةِ (قَوْلُهُ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 صَوْمُهُ كَرَمَضَانَ (أَوْ مَا بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلِأَنَّهُ صَامَ الشَّهْرَ بِنِيَّتِهِ بَعْدَ وُجُوبِهِ وَيَكُونُ فِي الثَّانِيَةِ قَضَاءٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهِ وَيُجْزِئُهُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ وَافَقَهُ أَوْ لَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ التَّحَرِّي الْإِصَابَةُ (لَا) إنْ وَافَقَ (مَا قَبْلَهُ) فَلَا يُجْزِئُهُ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ (وَلَوْ وَافَقَ شَوَّالًا وَكَانَ نَاقِصًا وَرَمَضَانُ تَامًّا قَضَى يَوْمَيْنِ) الْيَوْمَ النَّاقِصَ وَيَوْمَ الْعِيدِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ كَانَ شَوَّالٌ تَامًّا وَرَمَضَانُ نَاقِصًا (فَلَا قَضَاءَ) أَوْ كَانَا تَامَّيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ قَضَى يَوْمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) وَافَقَ (الْحِجَّةَ) أَيْ ذَا الْحِجَّةِ (وَهُمَا) أَيْ رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ (نَاقِصَانِ أَوْ كَامِلَانِ قَضَى أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ) يَوْمَ الْعِيدِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ إذْ لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا (أَوْ) التَّامُّ ذُو الْحِجَّةِ (وَالنَّاقِصُ رَمَضَانُ قَضَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ) التَّامُّ رَمَضَانُ وَالنَّاقِصُ ذُو (الْحِجَّةِ فَخَمْسَةُ أَيَّامٍ) يَقْضِيهَا (وَلَوْ تَحَرَّى لِشَهْرِ نَذْرٍ فَوَافَقَ رَمَضَانَ لَمْ يَسْقُطَا) أَيْ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا نَوَى النَّذْرَ وَرَمَضَانُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ قَضَاءٍ فَأَتَى بِهِ فِي رَمَضَانَ فَلَوْ تَحَرَّى فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ فَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ تَخْمِينًا وَيَقْضِي كَنَظِيرِهِ فِي الْقِبْلَةِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَعْلَمْ دُخُولَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَظُنَّهُ فَلَمْ يُؤْمَرْ بِالصَّوْمِ كَمَنْ شَكَّ فِي دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ عَلِمَ دُخُولَ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا عَجَزَ عَنْ شَرْطِهَا فَأُمِرَ بِالصَّلَاةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (فَرْعٌ) لَوْ (نَوَتْ الْحَائِضُ) أَوْ النُّفَسَاءُ الصَّوْمَ (قَبْلَ الِانْقِطَاعِ) لِلدَّمِ (ثِقَةً بِالْعَادَةِ وَانْقَطَعَ الدَّمُ لَيْلًا أَجْزَأَهَا) الصَّوْمُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ الْعَادَةِ سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ أَمْ اخْتَلَفَتْ وَاتَّسَقَتْ وَلَمْ تَنْسَ اتِّسَاقَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهَا عَادَةٌ وَلَمْ يَتِمَّ أَكْثَرُ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ لَيْلًا أَوْ كَانَ لَهَا عَادَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ غَيْرُ مُتَّسِقَةٍ أَوْ مُتَّسِقَةٍ وَنَسِيَتْ اتِّسَاقَهَا وَلَمْ يَتِمَّ أَكْثَرُ عَادَاتِهَا لَيْلًا لِأَنَّهَا لَمْ تَجْزِمْ وَلَا بَنَتْ عَلَى أَصْلٍ وَلَا أَمَارَةٍ (كَمَنْ نَوَتْ) قَبْلَ انْقِطَاعِ الدَّمِ (فِي لَيْلَةٍ يَتِمُّ بِهَا أَكْثَرُ الْحَيْضِ) أَوْ النِّفَاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَادَتُهَا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهَا لِأَنَّهَا تَقْطَعُ بِأَنَّ نَهَارَهَا كُلَّهُ طُهْرٌ (وَلَوْ نَوَى الصَّائِمُ تَرْكَ الصَّوْمِ) مُنَجِّزًا أَوْ مُعَلِّقًا كَأَنْ قَالَ تَرَكْت صَوْمِي أَوْ خَرَجْت مِنْهُ أَوْ إذَا جَاءَ فُلَانٌ تَرَكْت صَوْمِي أَوْ خَرَجْت مِنْهُ (أَوْ) نَوَى (قَلْبَهُ نَفْلًا) أَوْ فَرْضًا آخَرَ (لَمْ يَضُرَّ كَالْحَجِّ) بِجَامِعِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِشَرْطِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْهَا هُنَا إلَّا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَتَنْظِيرُهُ بِالْحَجِّ مِنْ زِيَادَتِهِ أَمَّا لَوْ نَوَى ثُمَّ رَفَضَ النِّيَّةَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَيَجِبُ تَجْدِيدُهَا بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ الْأَكْلَ وَالْجِمَاعَ وَنَحْوَهُمَا بَعْدَ النِّيَّةِ لَا يُوجِبُ تَجْدِيدَهَا كَمَا مَرَّ وَبِأَنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَالَ أَفْهَمَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ النِّيَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَجْرِ كَانَ كَمَنْ أَكَلَ أَوْ جَامَعَ بَعْدَهَا لَكِنَّهُ قَالَ عَقِبَهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ رَفْضَ النِّيَّةِ يُنَافِيهَا فَأَثَّرَ فِيهَا قَبْلَ الْفَجْرِ لِضَعْفِهَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِ تِلْكَ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُنَافِي الصَّوْمَ لَا النِّيَّةَ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الرِّدَّةَ مُؤَثِّرَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَصْلٌ وَيُفْطِرُ) الصَّائِمُ بِتَعَاطِي الْمُفْطِرَاتِ الْآتِي بَيَانُهَا فَيُفْطِرُ (بِالْجِمَاعِ) وَلَوْ بِغَيْرِ إنْزَالٍ (عَمْدًا) بِالْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ وَقَوْلُهُ عَمْدًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا سَيَأْتِي (وَالِاسْتِمْنَاءِ) وَهُوَ إخْرَاجُ الْمَنِيِّ بِغَيْرِ جِمَاعٍ مُحَرَّمًا كَانَ كَإِخْرَاجِهِ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ كَإِخْرَاجِهِ بِيَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَيْ وَيُفْطِرُ بِالِاسْتِمْنَاءِ عَمْدًا (وَلَوْ بِلَمْسٍ وَقُبْلَةٍ) بِلَا حَائِلٍ لِأَنَّهُ إذَا أَفْطَرَ بِالْجِمَاعِ بِلَا إنْزَالٍ فَبِالْإِنْزَالِ بِمُبَاشَرَةٍ فِيهَا نَوْعُ شَهْوَةٍ أَوْلَى بِخِلَافِ السَّهْوِ فِيهِ وَفِي الْجِمَاعِ كَالْأَكْلِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْجِمَاعِ (لَا) بِالِاسْتِمْنَاءِ بِنَحْوِ (فِكْرٍ وَ) لَا (نَظَرٍ وَلَا ضَمٍّ) لِلْمَرْأَةِ أَوْ نَحْوِهَا إلَى نَفْسِهِ (بِحَائِلٍ) وَإِنْ تَكَرَّرَتْ الثَّلَاثَةُ بِشَهْوَةٍ إذْ لَا مُبَاشَرَةَ كَالِاحْتِلَامِ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَكْرِيرُهَا وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ وَلَوْ لَمَسَ شَعْرَهَا فَأَنْزَلَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمُتَوَلِّي فَفِي فِطْرِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهِ قَالَ وَلَوْ حَكَّ ذَكَرَهُ   [حاشية الرملي الكبير] صَوْمُهُ كَرَمَضَانَ) شَمِلَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ رَمَضَانَ قَدْ فَاتَ فَصَامَ شَهْرًا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ مَا صَامَهُ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ لَا إنْ وَافَقَ مَا قَبْلَهُ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ اللَّيْلَ. (قَوْلُهُ وَرَمَضَانُ نَاقِصًا) فَإِنْ قِيلَ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ» وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ قَبْلُ قِيلَ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّر نَقْصُهُمَا لِوُجُودِ نَقْصِهِمَا مُشَاهَدَةً وَقَدْ قَالَ «ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صُمْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْنَا مَعَهُ ثَلَاثِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ ثُمَّ قِيلَ الْمُرَادُ لَا يَنْقُصَانِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ إذَا نَقَصَ أَحَدُهُمَا تَمَّ الْآخَرُ وَقِيلَ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّ الْعَمَلَ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لَا يَنْقُصُ فِي الثَّوَابِ عَنْ رَمَضَانَ وَقِيلَ هُمَا وَإِنْ نَقَصَ عَدَدُهُمَا فَثَوَابُهُمَا كَامِلٌ وَقَدْ تَنْقُصُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةٍ لَا خَمْسَةٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَحَرَّى فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ إلَخْ) لَوْ صَامَ يَوْمَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْلٍ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ فِي أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَدْرِ أَهْوَ الْفَرْضُ أَوْ النَّفَلُ لَزِمَتْهُ إعَادَةُ الْفَرْضِ [فَرْعٌ نَوَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ الصَّوْمَ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ لِلدَّمِ] (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ لَهَا عَادَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ إلَخْ) لَوْ عَلِمَتْ بِالْعَادَةِ طُرُوُّ حَيْضِهَا بِالنَّهَارِ أَوْ أَخْبَرَهَا بِطُرُوِّهِ ثِقَةٌ أَوْ بِطُرُوِّ جُنُونِهَا أَوْ مَوْتِهَا لَزِمَهَا التَّبْيِيتُ وَلَوْ أَصْبَحَ صَائِمًا عَنْ قَضَاءٍ ثُمَّ اعْتَقَدَهُ عَنْ نَفْلٍ أَوْ نَذْرٍ إلَى الْغُرُوبِ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ رَفْضَ النِّيَّةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الرِّدَّةَ مُؤَثِّرَةٌ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ صِلَةِ الْوُضُوءِ أَنَّ الرِّدَّةَ تُبْطِلُ نِيَّةَ الْوُضُوءِ [فَصْلٌ مَا يُفْطِرُ الصَّائِمُ] (قَوْلُهُ بِلَا حَائِلٍ) قَالَ شَيْخُنَا رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْغَايَةِ لَا لِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ لَا فِكْرٍ وَنَظَرٍ) قَالَ فِي الْقُوتِ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا أَحَسَّ بِانْتِقَالِ الْمَنِيِّ وَتَهْيِئَتِهِ لِلْخُرُوجِ بِسَبَبِ اسْتِدَامَةِ النَّظَرِ فَاسْتَدَامَهُ أَنَّهُ يُفْطِرُ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّرَدُّدُ إذَا بَدَرَهُ الْإِنْزَالُ وَلَمْ يَعْلَمْهُ مِنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَكَّ ذَكَرَهُ إلَخْ) أَوْ احْتَكَّ بِرَحْلِ مَرْكُوبِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 لِعَارِضِ سَوْدَاءَ أَوْ حَكَّهُ فَأَنْزَلَ لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ مُبَاشَرَةِ مُبَاحَةٍ وَلَوْ قَبَّلَهَا وَفَارَقَهَا سَاعَةً ثُمَّ أَنْزَلَ فَالْأَصَحُّ إنْ كَانَتْ الشَّهْوَةُ مُسْتَصْحَبَةً وَالذَّكَرُ قَائِمًا حَتَّى أَنْزَلَ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ وَلَوْ أَنْزَلَ بِلَمْسِ عُضْوِهَا الْمُبَانِ لَمْ يُفْطِرْ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا عُضْوُهَا الْمُبَانُ لِحَرَارَةِ الدَّمِ هَذَا كُلُّهُ فِي الْوَاضِحِ أَمَّا الْمُشْكِلُ فَلَا يَضُرُّ وَطْؤُهُ وَإِمْنَاؤُهُ بِأَحَدِ فَرْجَيْهِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمْنَاءِ وَهُوَ لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ كَخُرُوجِهِ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ إذَا انْسَدَّ الْأَصْلِيُّ وَذَكَرَ هُنَا عَنْ الْعِمْرَانِيِّ مَا يُوَافِقُ مَا جَزَمَ بِهِ ثُمَّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَنِيِّ وَالْحَيْضِ مَعَ زِيَادَةِ بَيَانِ حُكْمِ مَا إذَا أَمْنَى وَحَاضَ مَعًا فَرَاجِعْهُ (وَالتَّقْبِيلُ) فِي الْفَمِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ شَابٍّ (مُبَاحٌ إنْ لَمْ يُحَرِّكْ شَهْوَتَهُ) بِأَنْ مَلَكَ مَعَهُ نَفْسَهُ مِنْ الْجِمَاعِ أَوْ الْإِنْزَالِ (وَتَرْكُهُ أَوْلَى) حَسْمًا لِلْبَابِ إذْ قَدْ يَظُنُّهُ غَيْرَ مُحَرِّكٍ وَهُوَ مُحَرِّكٌ وَلِأَنَّ الصَّائِمَ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُ الشَّهَوَاتِ مُطْلَقًا (وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ مَعَهُ نَفْسَهُ) مِمَّا ذُكِرَ (حَرُمَ) لِأَنَّ فِيهِ تَعْرِيضًا لِإِفْسَادِ الْعِبَادَةِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ فِي الْقُبْلَةِ لِلشَّيْخِ وَهُوَ صَائِمٌ وَنَهَى عَنْهَا الشَّبَابَ وَقَالَ الشَّيْخُ يَمْلِكُ إرْبَهُ وَالشَّابُّ يُفْسِدْ صَوْمَهُ» فَفَهِمْنَا مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ دَائِرٌ مَعَ تَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ (وَ) يُفْطِرُ (بِاسْتِدْعَاءِ الْقَيْءِ) وَإِنْ لَمْ يَعُدْ شَيْءٌ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ فَإِنَّهُ مُفْطِرٌ لَعَيْنِهِ لَا لِعَوْدِ شَيْءٍ مِنْهُ (لَا إنْ ذَرَعَهُ) الْقَيْءُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ غَلَبَهُ فَلَا يُفْطِرُ بِهِ لِخَبَرِ «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ (وَلَا قَلْعِ النُّخَامَةِ) مِنْ الْبَاطِنِ إلَى الظَّاهِرِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَقَلَعَهَا مِنْ دِمَاغِهِ أَمْ مِنْ بَاطِنِهِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ تَتَكَرَّرُ فَرَخَّصَ فِيهِ وَالنُّخَامَةُ هِيَ الْفَضْلَةُ الْغَلِيظَةُ الَّتِي يَلْفِظُهَا الشَّخْصُ مِنْ فِيهِ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا النُّخَاعَةُ بِالْعَيْنِ (فَرْعٌ يُفْطِرُ) الصَّائِمُ أَيْضًا (بِوُصُولِ عَيْنٍ) وَإِنْ قَلَّتْ كَسِمْسِمَةٍ وَلَمْ تُؤْكَلْ عَادَةً كَحَصَاةٍ (مِنْ الظَّاهِرِ فِي مَنْفَذٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (مَفْتُوحٍ عَنْ قَصْدٍ) لِوُصُولِهَا (مَعَ ذِكْرِ الصَّوْمِ إلَى مَا يُسَمَّى جَوْفًا) لِعُمُومِ مَفْهُومِ آيَةِ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187] وَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَوْ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إنَّمَا الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ بِمَا خَرَجَ أَيْ الْأَصْلُ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِالْعَيْنِ الْأَثَرُ كَوُصُولِ الرِّيحِ بِالشَّمِّ إلَى دِمَاغِهِ وَالطَّعْمِ بِالذَّوْقِ إلَى حَلْقِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ مَعَ مَا يَخْرُجُ بِبَقِيَّةِ الْقُيُودِ (وَلَوْ لَمْ يَحِلَّ) الْجَوْفَ (الطَّعَامُ) فَإِنَّ الصَّائِمَ يُفْطِرُ بِهِ كَمَا يُفْطِرُ بِالْوُصُولِ إلَى حَلْقِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى مَعِدَتِهِ الْمُحِيلَةِ لِلطَّعَامِ (فَيُفْطِرُ بِوُصُولِ الدَّوَاءِ مِنْ الْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ الْجَوْفِ) فِي الْأَوَّلِ (وَخَرِيطَةِ الدِّمَاغِ) فِي الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَاطِنَ الْأَمْعَاءِ وَبَاطِنَ الْخَرِيطَةِ (وَ) يُفْطِرُ (بِالْحُقْنَةِ) وَهِيَ الْأَدْوِيَةُ الْمَعْرُوفَةُ أَيْ بِوُصُولِهَا الْجَوْفَ وَفَارَقَ عَدَمَ الْحُرْمَةِ بِحُقْنَةِ الصَّبِيِّ بِاللَّبَنِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِرْضَاعِ إثْبَاتُ اللَّحْمِ وَاسْتِثْبَاتُ الْعَظْمِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فِي الْحُقْنَةِ وَالْإِفْطَارُ يَتَعَلَّقُ بِالْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ وَقَدْ وَصَلَ، ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ (وَالسَّعُوطِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَهُوَ مَا يُصَبُّ فِي الْأَنْفِ مِنْ الْأَدْوِيَةِ أَيْ بِوُصُولِهِ الْجَوْفَ (ثُمَّ أَلْحَقَ وَمَا وَرَاءَ الْخَيَاشِيمِ) جَمْعُ خَيْشُومٍ وَهُوَ أَقْصَى الْأَنْفِ (جَوْفَانِ) فَالْوَاصِلُ إلَيْهِمَا مُفْطِرٌ (وَحُدِّدَ الظَّاهِرُ بِمَخْرَجِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ) كَالْمُعْجَمَةِ الْمَفْهُومَةِ بِالْأُولَى وَقَالَ الرَّافِعِيُّ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ مَخْرَجُهَا مِنْ الْبَاطِنِ بِخِلَافِ مَخْرَجِ الْمُعْجَمَةِ فَالْحَلْقُ فِي قَوْلِهِمْ الْوَاصِلُ إلَى الْحَلْقِ مُفْطِرٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ضَبَطُوا بِهِ الْبَاطِنَ مِنْهُ (ثُمَّ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ إلَى مُنْتَهَى الْغَلْصَمَةِ) وَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَلَامٍ سَاكِنَةٍ وَصَادٍ مُهْمَلَةٍ الْمَوْضِعُ النَّاتِئُ فِي الْحَلْقِ (وَ) مُنْتَهَى (الْخَيْشُومِ ظَاهِرٌ) مِنْ حَيْثُ إنَّ الصَّائِمَ (يُفْطِرُ بِاسْتِخْرَاجِ الْقَيْءِ إلَيْهِ وَابْتِلَاعِ النُّخَامَةِ مِنْهُ سَوَاءٌ اسْتَدْعَاهَا) أَيْ اسْتَقْلَعَهَا إلَى الْفَمِ وَالْأَنْفِ (أَمْ لَا) بَلْ حَصَلَتْ فِيهِ بِلَا اسْتِدْعَاءٍ (فَإِنْ جَرَتْ بِنَفْسِهَا) مِنْ الْفَمِ أَوْ الْأَنْفِ وَنَزَلَتْ إلَى جَوْفِهِ (عَاجِزًا عَنْ الْمَجِّ) لَهَا (فَلَا) يُفْطِرُ لِلْعُذْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُجْرِيَ ظَاهِرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ إذَا حَكَّهُ أَنْزَلَ فَالْقِيَاسُ الْفِطْرُ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ مُحَرَّمَةٌ لِلشَّفَقَةِ وَالتَّكْرِيمِ فَأَنْزَلَ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَقَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ الْفِطْرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَنْزَلَ بِلَمْسِ عُضْوِهَا الْمُبَانِ إلَخْ) لِأَنَّ لَمْسَهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا عُضْوُهَا الْمُبَانُ إلَخْ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ الْمُبَانُ أَنَّهُ يُفْطِرُ فِيمَا يَحُثُّهُ الشَّارِحُ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ خَافَتْ مِنْ قَطْعِهِ مَحْذُورًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ أَنْزَلَ بِلَمْسِ أُذُنِهَا الْمُلْتَصِقَةِ بِالدَّمِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ هُنَا عَنْ الْعِمْرَانِيِّ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إذَا أَمْنَى الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ عَنْ مُبَاشَرَةٍ وَهُوَ صَائِمٌ أَوْ رَأَى الدَّمَ يَوْمًا كَامِلًا مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ عُضْوٌ زَائِدٌ وَإِنْ أَمْنَى بِفَرْجِ الرِّجَالِ عَنْ مُبَاشَرَةٍ وَرَأَى الدَّمَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ وَاسْتَمَرَّ الدَّمُ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَيْضِ بَطَلَ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَقَدْ أَنْزَلَ عَنْ مُبَاشَرَةٍ وَإِلَّا فَقَدْ حَاضَتْ فَإِنْ اسْتَمَرَّ بِهِ الدَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيَّامًا وَدَامَ يُنْزِلُ عَنْ مُبَاشَرَةٍ مِنْ آلَةِ الرِّجَالِ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ فِي يَوْمِ انْفِرَادِ الدَّمِ أَوْ الْإِنْزَالِ حَيْثُ حَكَمْنَا بِفِطْرِهِ لِلِاحْتِمَالِ هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَالتَّقْبِيلُ مُبَاحٌ إلَخْ) الْمُعَانَقَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ بِالْيَدِ كَالتَّقْبِيلِ وَكَتَبَ أَيْضًا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ (قَوْلُهُ وَبِاسْتِدْعَاءِ الْقَيْءِ) هَذَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْإِبْطَالِ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَفْطَرَ عِنْدَ الْقَاضِي حُسَيْنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ يُعَذَّرُ مُطْلَقًا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ يُشْتَبَهُ عَلَى مَنْ نَشَأَ فِي الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ يُفْطِرُ بِوُصُولِ عَيْنٍ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ فَاجَأَهُ الْقُطَّاعُ فَابْتَلَعَ الذَّهَبَ خَوْفًا عَلَيْهِ قَالَ شَيْخُنَا فَإِنَّهُ يُفْطِرُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ مَخْرَجُهَا مِنْ الْبَاطِنِ) الْمُرَادُ الْبَاطِنُ مَخْرَجُ الْهَاءِ وَالْهَمْزَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 أَوْ جَرَتْ بِنَفْسِهَا قَادِرًا عَلَى مَجِّهَا لِتَقْصِيرِهِ مَعَ أَنَّ نُزُولَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَبِهِ فَارَقَ مَا إذَا طَعَنَهُ غَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي (لَا بِدُخُولِ شَيْءٍ إلَيْهِ) أَيْ إلَى دَاخِلِ الْفَمِ أَوْ الْأَنْفِ أَيْ لَا يُفْطِرُ بِهِ وَإِنْ أَمْسَكَهُ (فَإِنْ تَنَجَّسَ وَجَبَ غَسْلُهُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الظَّاهِرِ فِيمَا ذُكِرَ (وَلَهُ حُكْمُ الْبَاطِنِ فِي ابْتِلَاعٍ) أَيْ فِي عَدَمِ الْإِفْطَارِ بِابْتِلَاعِ (الرِّيقِ مِنْهُ وَ) فِي (سُقُوطِ غُسْلِهِ عَنْ الْجُنُبِ) وَيُفَارِقُ وُجُوبَ غُسْلِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ بِأَنَّ تَنَجُّسَ الْبَدَنِ أَنْدَرُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَضَيَّقَ فِيهِ دُونَهَا (فَرْعٌ لَوْ أَدْخَلَ) الصَّائِمُ (فِي أُذُنِهِ أَوْ إحْلِيلِهِ) وَهُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ مِنْ الذَّكَرِ وَاللَّبَنِ مِنْ ثَدْيٍ (شَيْئًا فَوَصَلَ إلَى الْبَاطِنِ أَفْطَرَ) وَإِنْ كَانَ لَا مَنْفَذَ مِنْهُ إلَى الدِّمَاغِ فِي الْأَوْلَى لِأَنَّهُ نَافِذٌ إلَى دَاخِلِ قَحْفِ الرَّأْسِ وَهُوَ جَوْفٌ أَوْ لَمْ يُجَاوِزْ الدَّاخِلُ فِيهِ الْحَشَفَةَ أَوْ الْحَلَمَةَ فِي الثَّانِيَةِ لِوُصُولِهِ إلَى جَوْفٍ (وَلَا يُفْطِرُ بِالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» وَقِيسَ بِالْحِجَامَةِ الْفَصْدُ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ وَبِأَنَّ خَبَرَ الْبُخَارِيِّ أَصَحُّ وَيُعَضِّدُهُ أَيْضًا الْقِيَاسُ وَبِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمَا تَعَرَّضَا لِلْإِفْطَارِ الْمَحْجُومِ لِلضَّعْفِ وَالْحَاجِمُ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَصِلَ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ بِمَصِّ الْمِحْجَمَةِ وَبِأَنَّهُمَا كَانَا يَغْتَابَانِ فِي صَوْمِهِمَا كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ ذَهَبَ أَجْرُهُمَا (وَيُكْرَهَانِ لَهُ) لِأَنَّهُمَا يُضْعِفَانِهِ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ وَجَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ وَجَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَحْجُمَ غَيْرَهُ أَيْضًا (وَلَوْ طَعَنَ نَفْسَهُ) أَوْ طَعَنَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ كَمَا فِي الْأَصْلِ بِحَدِيدَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَوَصَلَتْ جَوْفَهُ لَا مُخَّ سَاقِهِ أَفْطَرَ) لِتَقْصِيرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِهِ إذْ لَا فِعْلَ لَهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا وَصَلَتْ مُخَّ سَاقِهِ أَوْ نَحْوِهَا لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ عُضْوًا مُجَوَّفًا قَالَهُ فِي الْأَصْلِ وَاسْتَشْكَلَ عَدَمُ إفْطَارِهِ بِطَعْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِهِ بِمَا لَوْ حَلَقَ شَعْرَ الْمُحْرِمِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَتَمَكَّنَ مِنْ الدَّفْعِ فَإِنَّهُ كَمَا لَوْ حَلَقَ بِإِذْنِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ كَالْوَدِيعَةِ وَتَرْكُ الدَّفْعِ عَنْهَا مُضَمَّنٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْإِفْطَارَ بِهِ مَنُوطٌ بِمَا يُنْسَبُ فِعْلُهُ إلَى الصَّائِمِ (وَلَا) يُفْطِرُ (بِالْكُحْلِ) أَيْ بِوُصُولِهِ الْعَيْنَ وَإِنْ وَجَدَ بِحَلْقِهِ مِنْهُ طَعْمًا لِأَنَّ الْعَيْنَ لَيْسَتْ جَوْفًا وَلَا مَنْفَذَ مِنْهَا لِلْحَلْقِ وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ وَهُوَ صَائِمٌ» لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ قَالَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ وَفِي حِلْيَةِ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (وَمَا) أَيْ وَلَا بِمَا (تَشَرَّبَتْهُ الْمَسَامُّ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ ثُقُبُ الْبَدَنِ جَمْعُ سَمٍّ بِتَثْلِيثِ السِّينِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا دَهَنَ بِدُهْنٍ فَلَا يُفْطِرُ بِهِ (وَإِنْ وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ فِي مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ فَأَشْبَهَ الِانْغِمَاسَ فِي الْمَاءِ وَإِنْ وَجَدَا أَثَرَهُ فِي بَاطِنِهِ (فَرْعٌ لَوْ ابْتَلَعَ) بِاللَّيْلِ (طَرْفَ خَيْطٍ فَأَصْبَحَ صَائِمًا فَإِنْ ابْتَلَعَ بَاقِيَهُ أَوْ نَزَعَهُ أَفْطَرَ وَإِنْ تَرَكَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَطَرِيقُهُ) فِي صِحَّةِ صَوْمِهِ وَصَلَاتِهِ (أَنْ يُنْزَعَ مِنْهُ وَهُوَ غَافِلٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ عَارِفٌ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَيُرِيدُ هُوَ الْخَلَاصَ فَطَرِيقُهُ أَنْ يُجْبِرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى نَزْعِهِ وَلَا يُفْطِرُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ بَلْ لَوْ قِيلَ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِالنَّزْعِ بِاخْتِيَارِهِ لَمْ يَبْعُدْ تَنْزِيلًا لِإِيجَابِ الشَّرْعِ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ كَمَا إذَا حَلَفَ لَيَطَأَهَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَوَجَدَهَا حَائِضًا لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ انْتَهَى أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ غَافِلًا وَتَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ النَّازِعِ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ لِأَنَّ النَّزْعَ مُوَافِقٌ لِغَرَضِ النَّفْسِ فَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الدَّفْعِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَنْ طَعَنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَتَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِهِ (وَ) إذَا لَمْ يَتَّفِقْ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ (يَجِبُ نَزْعُهُ أَوْ ابْتِلَاعُهُ مُحَافَظَةً عَلَى الصَّلَوَاتِ) لِأَنَّ حُكْمَهَا أَغْلَظُ مِنْ حُكْمِ الصَّوْمِ لِقَتْلِ تَارِكِهَا دُونَ تَارِكِهِ (وَلَا يُفْطِرُ بِغُبَارِ الطَّرِيقِ وَغَرْبَلَةِ الدَّقِيقِ) لِعَدَمِ قَصْدِهِ لَهُمَا وَلِعُسْرِ تَجَنُّبِهِمَا (وَلَوْ فَتَحَ فَاهُ عَمْدًا) حَتَّى دَخَل التُّرَاب جَوْفَهُ فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِهِ لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْ جِنْسِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ وَشَبَّهُوهُ بِالْخِلَافِ فِي الْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ الْمَقْتُولَةِ عَمْدًا وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِفْطَارِ بِهِ إذَا كَانَ قَلِيلًا وَلَوْ خَرَجَتْ مُقْعَدَةُ الْمَبْسُورِ ثُمَّ عَادَتْ لَمْ يُفْطِرْ وَكَذَا إنْ أَعَادَهَا عَلَى الْأَصَحِّ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ طُهْرُ الْمُسْتَحَاضَةِ بِخُرُوجِ الدَّمِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَيُوَجَّهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ كَالرِّيقِ إذَا ابْتَلَعَهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ الْفَمِ عَلَى اللِّسَانِ وَبِهِ يُفَارِقُ مَا لَوْ أَكَلَ جُوعًا (فَرْعٌ) لَوْ (ابْتَلَعَ رِيقَهُ الصِّرْفَ) بِكَسْرِ الصَّادِ أَيْ الْخَالِصَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ جَرَتْ بِنَفْسِهَا قَادِرًا عَلَى مَجِّهَا) فَلَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَجِّهَا إلَّا بِظُهُورِ حَرْفَيْنِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ كَالتَّنَحْنُحِ لِتَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ وَبِهَذَا أَفْتَيْت (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ مَا إذَا طَعَنَهُ غَيْرُهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَفَرَّقَ شَيْخُنَا بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَصْدِهِ بِالطَّعْنِ وُصُولُ الطَّعْنَةِ إلَى جَوْفِهِ بِخِلَافِ النُّخَامَةِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ نُزُولُهَا إلَى الْجَوْفِ وَإِنْ لَمْ يَمُجَّهَا. اهـ. وَقَدْ يُفَرَّقُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمَطْعُونَ قَدْ يَظُنُّ الْقَتْلَ وَيَسْتَسْلِمُ كَمَا هُوَ الْأَفْضَلُ فَلَمْ يُنْسَبْ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الدَّفْعِ فَلَا يُفْطِرُ بِوُصُولِ مَا طُعِنَ بِهِ بِخِلَافِ تَرْكِ النُّخَامَةِ [فَرْعٌ أَدْخَلَ الصَّائِمُ فِي أُذُنِهِ أَوْ إحْلِيلِهِ شَيْئًا فَوَصَلَ إلَى الْبَاطِنِ] (قَوْلُهُ لَوْ أَدْخَلَ فِي أُذُنِهِ أَوْ إحْلِيلِهِ شَيْئًا إلَخْ) لَوْ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي دُبُرِهِ أَفْطَرَ وَكَذَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ فَلْيَتَحَفَّظْ حَالَةَ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ رَأْسِ الْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِيهِ مِنْهَا أَدْنَى شَيْءٍ أَفْطَرَ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ) قَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْأُمِّ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا حَلَفَ لَيَطَأَهَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقِيَاسِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ نَزْعُهُ أَوْ ابْتِلَاعُهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ لَهُ قَطْعُ الْخَيْطِ مِنْ حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ الْفَمِ فَإِنْ تَأَتَّى وَجَبَ الْقَطْعُ وَابْتِلَاعُ مَا فِي حَدِّ الْبَاطِنِ وَإِخْرَاجُ مَا فِي حَدِّ الظَّاهِرِ وَإِذَا رَاعَى مَصْلَحَةَ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْتَلِعَهُ وَلَا يُخْرِجَهُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَنْجِيسِ فَمِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ حُكْمَهَا أَغْلَظُ إلَخْ) وَلِهَذَا لَا تُتْرَكُ الصَّلَاةُ بِالْعُذْرِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ أَنَّ مَحَلَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ أَعَادَهَا عَلَى الْأَصَحِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 (لَمْ يُفْطِرْ) لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ (وَلَوْ بَعْدَ جَمْعِهِ) وَلَوْ بِنَحْوِ مُصْطَكَى فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مَعْدِنِهِ وَابْتِلَاعُهُ مُتَفَرِّقًا جَائِزٌ (وَيُفْطِرُ بِهِ إنْ تَنَجَّسَ) كَمَنْ دَمِيَتْ لِثَتُهُ أَوْ أَكَلَ شَيْئًا نَجِسًا وَلَمْ يَغْسِلْ فَمَهُ حَتَّى أَصْبَحَ وَإِنْ ابْيَضَّ رِيقُهُ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَطَ بِطَاهِرٍ آخَرَ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ الصِّرْفُ كَمَنْ فَتَلَ خَيْطًا مَصْبُوغًا تَغَيَّرَ بِهِ رِيقُهُ (أَوْ زَايَلَ) رِيقُهُ (فَمَهُ) أَيْ خَرَجَ مِنْهُ وَلَوْ إلَى ظَاهِرِ الشَّفَةِ (وَلَوْ فِي خَيْطِ) الْخَيَّاطِ أَوْ امْرَأَةٍ فِي غَزْلِهَا لِإِمْكَانِهِ التَّحَرُّزَ عَنْ ذَلِكَ وَلِمُفَارِقَةِ الرِّيقِ مَعْدِنَهُ فِي الْأَخِيرَةِ (لَا) إنْ زَايَلَ رِيقُهُ فَمَهُ (فِي لِسَانِهِ) فَلَا يُفْطِرُ بِبَلْعِهِ إذْ اللِّسَانُ كَيْفَمَا تَقَلَّبَ مَعْدُودٌ مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ فَلَمْ يُفَارِقْ مَا عَلَيْهِ مَعْدِنَهُ (فَرْعٌ لَا يُفْطِرُهُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ إنْشَاءِ صَوْمِ نَفْلٍ) بِالنَّهَارِ (سَبْقُ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ الْمَشْرُوعَيْنِ) إلَى بَاطِنِهِ أَوْ دِمَاغِهِ (إنْ لَمْ يُبَالِغْ فِيهِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ حَسَا مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (بِخِلَافِ) مَا إذَا بَالَغَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ الْمُبَالَغَةِ وَبِخِلَافِ سَبْقِ مَاءَيْهِمَا غَيْرِ الْمَشْرُوعَيْنِ كَأَنْ جَعَلَ الْمَاءَ فِي فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ لَا لِغَرَضٍ وَبِخِلَافِ سَبْقِ مَاءِ (غُسْلِ التَّبَرُّدِ وَ) الْمَرَّةِ (الرَّابِعَةِ) مِنْ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِذَلِكَ بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ (وَلَا) يُفْطِرُهُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ إنْشَاءِ صَوْمِ نَفْلٍ سَبْقُ مَاءٍ (تَطْهِيرِ الْفَمِ) مِنْ نَجَاسَةٍ (وَإِنْ بَالَغَ فِيهِ) عِنْدَ الْحَاجَةِ لِوُجُوبِ إزَالَتِهَا (وَلَا) يُفْطِرُهُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِمَّا ذُكِرَ (جَرْيُ الرِّيقِ بِبَقَايَا طَعَامٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَمْ يُمْكِنْ تَمْيِيزُهُ حِسًّا) لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ (وَلَا) جَرْيُهُ (بِأَثَرِ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ) وَإِنْ أَمْكَنَهُ مَجَّهُ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ (فَرْعٌ وَإِنْ أُوجِرَ) بِأَنْ صُبَّ الْمَاءُ فِي حَلْقِهِ (مُكْرَهًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ ضُبِطَتْ) امْرَأَةٌ (فَجُومِعَتْ) أَوْ جُومِعَتْ مُكْرَهَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (لَمْ يُفْطِرْ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ الْفِعْلِ وَالْقَصْدِ (وَكَذَا) لَا يُفْطِرُ (إذَا أَكَلَ أَوْ وَطِئَ مُكْرَهًا) كَمَا فِي الْحِنْثِ وَلِأَنَّ أَكْلَهُ وَوَطْأَهُ لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُمَا فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْأَكْلِ وَالْوَطْءِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْإِكْرَاهِ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ النَّاسِي وَفَارَقَ الْأَكْلَ لِدَفْعِ الْجُوعِ بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ قَادِحٌ فِي اخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ الْجُوعِ لَا يَقْدَحُ فِيهِ بَلْ يَزِيدُهُ تَأْثِيرًا (وَلَا يُفْطِرُ النَّاسِي) لِلصَّوْمِ (وَ) لَا (الْجَاهِلُ) بِتَحْرِيمِ مَا فَعَلَهُ وَبِكَوْنِهِ مُفْطِرًا (الْمَعْذُورُ) بِأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ (بِالْأَكْلِ وَلَوْ كَثُرَ) لِعُمُومِ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» فِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِأَنَّ لَهَا هَيْئَةً تُذَكِّرُ الْمُصَلِّي أَنَّهُ فِيهَا فَيَنْدُرُ ذَلِكَ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ (وَلَا بِالْجِمَاعِ) قِيَاسًا عَلَى الْأَكْلِ (وَيَحْرُمُ أَكْلُ الشَّاكِّ هُجُومًا آخِرَ النَّهَارِ لَا آخِرَ اللَّيْلِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّهَارِ فِي الْأُولَى وَبَقَاءُ اللَّيْلِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الشَّكِّ وَالْهُجُومِ (حَتَّى يَجْتَهِدَ) وَيَظُنَّ انْقِضَاءَ النَّهَارِ فَيَجُوزَ لَهُ الْأَكْلُ لَكِنَّ الْأَحْوَطَ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا بِيَقِينٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (فَإِنْ غَلِطَ فِيهِمَا) أَيْ فِي الطَّرَفَيْنِ أَيْ مَجْمُوعِهِمَا (قَضَى) سَوَاءٌ أَكَلَ شَاكًّا فِي الْبَقَاءِ أَمْ ظَانًّا لَهُ (وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى الْهَاجِمِ) الْحَالُ بِأَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّهُ أَكَلَ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا (قَضَى فِي الْأَوَّلَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا أَكَلَ آخِرَ النَّهَارِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِيَةِ لِلْأَصْلِ فِيهِمَا (فَرْعٌ لَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَفِي فِيهِ) وَفِي نُسْخَةٍ فَمِهِ (طَعَامٌ فَلَفَظَهُ صَحَّ صَوْمُهُ وَلَوْ سَبَقَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى الْجَوْفِ) لِانْتِفَاءِ الْفِعْلِ وَالْقَصْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ابْتَلَعَ مِنْهُ شَيْئًا بِاخْتِيَارِهِ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَلَفَظَهُ مَا لَوْ أَمْسَكَهُ مِنْ فِيهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ صَحَّ صَوْمُهُ لَكِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ سَبْقِ شَيْءٍ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ كَمَا لَوْ وَضَعَهُ فِي فِيهِ نَهَارًا فَسَبَقَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَكَذَا مُجَامِعٌ عَلِمَ بِالْفَجْرِ حِينَ طَلَعَ فَنَزَعَ) فِي الْحَالِ وَقَصَدَ بِالنَّزْعِ تَرْكَ الْجِمَاعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ وَإِنْ أَنْزَلَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ وَلِأَنَّ النَّزْعَ تَرْكٌ لِلْجِمَاعِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَهُ فِي الْحَالِ وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ أَنْ يَحُسَّ وَهُوَ مُجَامِعٌ بِتَبَاشِيرِ الصُّبْحِ فَيَنْزِعَ بِحَيْثُ يُوَافِقُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ ابْتَلَعَ الصَّائِم رِيقه] قَوْلُهُ كَمَنْ دَمِيَتْ لِثَتُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ مَنْ عَمَّتْ بَلْوَاهُ بِدَمِ لِثَتِهِ بِحَيْثُ يَجْرِي دَائِمًا أَوْ غَالِبًا أَنَّهُ يَتَسَامَحُ بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَيَكْفِي بَصْقِهِ الدَّمَ وَيُعْفَى عَنْ أَثَرِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى تَكْلِيفِهِ غَسْلِهِ جَمِيعَ نَهَارِهِ إذَا الْفَرْضُ أَنَّهُ يَجْرِي دَائِمًا أَوْ يَتَرَشَّحُ وَرُبَّمَا إذَا غَسَلَهُ زَادَ جَرَيَانُهُ. اهـ. وَمَا تَفَقَّهَهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَكَلَ شَيْئًا نَجِسًا إلَخْ) لِأَنَّ الرِّيقَ لَمَّا تَنَجَّسَ حَرُمَ ابْتِلَاعُهُ وَصَارَ بِمَثَابَةِ الْعَيْنِ الْأَجْنَبِيَّةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ الْمُبَالَغَةِ) فَلَوْلَا أَنَّ الْفِطْرَ يَحْصُلُ بِهَا لَمَا نَهَى عَنْهَا (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ سَبْقِ مَاءِ غُسْلِ التَّبَرُّدِ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ سَبْقُ مَاءِ غُسْلِ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ أَوْ الْجَنَابَةِ أَوْ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا يُفْطِرُ إذَا أَكَلَ أَوْ وَطِئَ مُكْرَهًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ أَوْ يَجِبَ عَلَيْهِ لَا لِلْإِكْرَاهِ بَلْ لِخَشْيَةِ التَّلَفِ مِنْ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إنْقَاذُ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِالْفِطْرِ فَأُكْرِهَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَهُوَ آثِمٌ بِالِامْتِنَاعِ لِغَيْرِ الْإِكْرَاهِ بَلْ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلِيُتِمَّ صَوْمَهُ إلَخْ) نَصَّ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَنَبَّهَ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ حَتَّى يَجْتَهِدَ) قِيَاسُ اعْتِمَادِ الِاجْتِهَادِ أَنْ يَجُوزَ اعْتِمَادُ خَبَرِ الثِّقَةِ فِي الْغُرُوبِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ لَكِنْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِاشْتِرَاطِ اثْنَيْنِ كَهِلَالِ شَوَّالٍ لَكِنْ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا كَانَ صَائِمًا أَمَرَ رَجُلًا فَأَوْفَى عَلَى نَشْزٍ فَإِذَا قَالَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَفْطَرَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ وَالْأَذَانِ وَالْأَوَانِي وَغَيْرِهَا وَإِخْبَارُ الْعَدْلِ أَقْوَى مِنْ الِاجْتِهَادِ فَكَانَ بِالِاعْتِبَارِ أَوْلَى وَهُوَ الْوَجْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ لِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» (قَوْلُهُ وَقَصَدَ بِالنَّزْعِ تَرْكَ الْجِمَاعِ إلَخْ) أَمَّا إذَا قَصَدَ بِهِ طَلَبَ اللَّذَّةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُسْتَمِرِّ عَلَى الْجِمَاعِ لِأَنَّ اللَّذَّةَ بِالْإِيلَاجِ مَرَّةً وَبِالنَّزْعِ أُخْرَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 آخِرُ النَّزْعِ ابْتِدَاءَ الطُّلُوعِ. (فَإِنْ اسْتَدَامَ) الْجِمَاعَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالطُّلُوعِ (أَفْطَرَ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ) كَالْمُجَامِعِ بَعْدَ الطُّلُوعِ بِجَامِعِ مَنْعِ الصِّحَّةِ بِجِمَاعٍ آثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِ مُعَلِّقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ لَا يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ هُنَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَتَعَلَّقَ بِآخَرَ لِئَلَّا يَخْلُوَ جِمَاعُ نَهَارِ رَمَضَانَ عَنْهَا وَالْوَطْءُ ثَمَّ غَيْرُ خَالٍ عَنْ مُقَابَلَةِ الْمَهْرِ إذْ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ يُقَابِلُ جَمِيعَ الْوَطْآتِ نَعَمْ إنْ اسْتَدَامَ لِظَنِّ أَنَّ صَوْمَهُ بَطَلَ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَتْكَ الْحُرْمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِطُلُوعِهِ (حَتَّى طَلَعَ أَفْطَرَ) لِأَنَّ بَعْضَ النَّهَارِ مَضَى وَهُوَ مُجَامِعٌ فَأَشْبَهَ الْغَالِطَ بِالْأَكْلِ (وَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ (وَإِنْ اسْتَدَامَ عَالِمًا) بِطُلُوعِ الْفَجْرِ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ مَسْبُوقَةٌ بِالْإِفْطَارِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ صَوْمَهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا انْعَقَدَ ثُمَّ بَطَلَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ لَكِنْ لَمْ يُنْزِلُوا مَنْعَ الِانْعِقَادِ مَنْزِلَةَ الْإِفْسَادِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَأَنَّ الصَّوْمَ انْعَقَدَ ثُمَّ أُفْسِدَ بِخِلَافِهَا ثَمَّ (بِخِلَافِ مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَاسْتَدَامَ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ) لِبُطْلَانِ صَوْمِهِ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ (وَلَا مُعَوِّلَ عَلَى مَا يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ بَلْ بِالرُّؤْيَةِ) نَظَرًا لِلظَّاهِرِ أَشَارَ إلَى جَوَابِ سُؤَالٍ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ مَعَ السُّؤَالِ وَمَعَ جَوَابٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُعْلَمُ الْفَجْرُ بِمُجَرَّدِ طُلُوعِهِ وَطُلُوعُهُ الْحَقِيقِيُّ يَتَقَدَّمُ عَلَى عِلْمِنَا بِهِ فَأَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ وُضِعَتْ عَلَى التَّقْدِيرِ وَلَا يَلْزَمُ وُقُوعُهَا وَالثَّانِي أَنَّا تُعُبِّدْنَا بِمَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَلَا مَعْنَى لِلصُّبْحِ إلَّا ظُهُورُ الضَّوْءِ لِلنَّاظِرِ وَمَا قَبْلَهُ لَا حُكْمَ لَهُ فَالْعَارِفُ بِالْأَوْقَاتِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ يُدْرِكُ أَوَّلَ الصُّبْحِ الْمُعْتَبَرِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ (فَصْلٌ وَشُرُوطُهُ) أَيْ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ وَالْوَقْتُ (أَرْبَعَةٌ الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْكَافِرِ أَصْلِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا وَلَوْ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ (وَالطُّهْرُ مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ (وَالْعَقْلُ) أَيْ التَّمْيِيزُ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ وَلَوْ بِشُرْبِ دَوَاءٍ لَيْلًا كَالصَّلَاةِ فِي الثَّلَاثَةِ (وَالْوَقْتُ الْقَابِلُ) لِلصَّوْمِ لِمَا سَيَأْتِي وَعَدُّهُ كَأَصْلِهِ لِهَذَا شَرْطًا أَوْلَى مِنْ عَدِّ بَعْضِهِمْ لَهُ رُكْنًا وَإِنْ كُنْت تَبِعْته فِي مَوْضِعٍ (فَالْأَوَّلَانِ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ (يُشْتَرَطَانِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ) فَلَوْ ارْتَدَّ أَوْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ فِي بَعْضِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَأَمَّا الثَّالِثُ) فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ زَوَالِهِ بِجُنُونٍ وَغَيْرِهِ (فَتُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ مِنْ الْجُنُونِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ) فَلَوْ جُنَّ فِي بَعْضِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ وَمِثْلُهُ عَدَمُ التَّمْيِيزِ لِلصَّغِيرِ (وَ) تُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ (مِنْ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِي جُزْءٍ مِنْهُ) فَيَكْفِي انْتِفَاؤُهُمَا لَحْظَةً مِنْهُ لِأَنَّهُمَا مَا فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْعَقْلِ فَوْقَ النَّوْمِ وَدُونَ الْجُنُونِ فَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ مِنْهُمَا لَا يَضُرُّ كَالنَّوْمِ لَأَلْحَقْنَا الْأَقْوَى بِالْأَضْعَفِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّ اللَّحْظَةَ مِنْهُمَا تَضُرُّ كَالْجُنُونِ لَأَلْحَقْنَا الْأَضْعَفَ بِالْأَقْوَى فَتَوَسَّطْنَا وَقُلْنَا إنَّ الْإِفَاقَةَ فِي اللَّحْظَةِ كَافِيَةٌ. (وَلَا يَضُرُّ اسْتِغْرَاقُ النَّهَارِ بِالنَّوْمِ) لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مَعَهُ إذْ النَّائِمُ يَتَنَبَّهُ إذَا نُبِّهَ وَلِهَذَا يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِالنَّوْمِ دُونَ الْفَائِتَةِ بِالْإِغْمَاءِ (وَالرَّابِعُ لِوَقْتٍ فَيَصِحُّ) الصَّوْمُ فِي أَيَّامِ السَّنَةِ كُلِّهَا (إلَّا فِي) يَوْمَيْ (الْعِيدَيْنِ فَحَرَامٌ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُمَا وَلَوْ عَنْ وَاجِبٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ (وَكَذَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ) وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى لِلنَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» (وَلَوْ) كَانَ صَوْمُهَا (لِلْمُتَمَتِّعِ) الْعَادِمِ لِلْهَدْيِ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْهُ هَذَا هُوَ الْجَدِيدُ وَفِي الْقَدِيمِ يَجُوزُ لَهُ صَوْمُهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَا لَمْ يُرَخِّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ دَلِيلًا أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يُرَخِّصْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَكَذَا يَوْمُ الشَّكِّ) صَوْمُهُ حَرَامٌ فَلَا يَصِحُّ «لِقَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ قِيلَ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْقُوَّةُ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ وَضَعَّفَهُ السُّبْكِيُّ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ صَوْمِ شَعْبَانَ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ قَالَ إنَّ الْمَعْرُوفَ الْمَنْصُوصَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ الْكَرَاهَةُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ صَوَابُهُ اسْتَدَامَ) مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ صَوَابٌ بَلْ لَوْ عَبَّرَ بِاسْتَدَامَ لَصَارَ قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَدَامَ عَالِمًا كَالْمُكَرَّرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا لَوْ بَقِيَ لِلْفَجْرِ مَا يَسَعُ الْإِيلَاجَ دُونَ النَّزْعِ حَرُمَ الْإِيلَاجُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ خَيْرَانَ وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْإِيلَاجَ سَبَبٌ لِلْمُحَرَّمِ وَالْوَسَائِلُ تُعْطَى حُكْمَ الْمَقَاصِدِ. [فَصْلٌ شُرُوطُ الصَّوْمِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَشُرُوطُهُ أَرْبَعَةٌ الْإِسْلَامُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَضَمَّنَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ بِقَلْبِهِ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي يَوْمِهِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَلَا أَحْسِبُ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِهِ وَلَا أَنَّهُ أَرَادَهُ وَإِنْ شَمِلَهُ لَفْظُهُ انْتَهَى قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ جَمِيعَ النَّهَارِ أَنَّهُ يُفْطِرُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ اعْتَقَدَ صَبِيٌّ أَبَوَاهُ مُسْلِمَانِ كُفْرًا فِي صَوْمِهِ أَوْ وُضُوئِهِ لَمْ يَضُرَّ وَفِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْكَافِرِ أَصْلِيًّا إلَخْ) لَا تَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ إعَانَةٌ لِكَافِرٍ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ عِنْدَنَا كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ بِضِيَافَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ ارْتَدَّ وَهُوَ نَاسٍ لِلصَّوْمِ فَيَبْطُلُ بِهَا (قَوْلُهُ وَنِفَاسٍ) لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ بَلَلًا أَفْطَرَتْ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِي جُزْءٍ مِنْهُ) فَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ سَكِرَ جَمِيعَ النَّهَارِ وَقَدْ نَوَى لَيْلًا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ لِأَنَّ الصَّوْمَ تَرْكٌ وَنِيَّةٌ وَلَوْ انْفَرَدَ التَّرْكُ لَمْ يَصِحَّ فَكَذَا إذَا انْفَرَدَتْ النِّيَّةُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَيْلًا فَأَوْلَى أَنْ لَا يَصِحَّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا فِي الِاسْتِيلَاءِ إلَى آخِرِهِ) وَقَدْ قَصَدَ أَوْ اسْتِدَامَةَ الْقَصْدِ لَا تُشْتَرَطُ كَمَا لَوْ نَامَ أَوْ عَزَبَتْ نِيَّتُهُ (قَوْله وَكَذَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ) سُمِّيَتْ هَذِهِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ لِإِشْرَاقِ نَهَارِهَا بِالشَّمْسِ وَلَيْلِهَا بِالْقَمَرِ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّاسَ يَشْرَقُونَ اللَّحْمَ فِيهَا فِي الشَّمْسِ هَكَذَا هُوَ بِالنُّسَخِ وَلَكِنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَيْسَ بِنُسَخِ الشَّرْحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 لَا التَّحْرِيمُ (إلَّا مَا) أَيْ صَوْمًا (لَهُ سَبَبٌ) كَوِرْدٍ وَنَذْرٍ وَقَضَاءٍ فَيَصِحُّ إيقَاعُهُ يَوْمَ الشَّكِّ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» بِأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ الدَّهْرِ أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ كَالِاثْنَيْنِ فَصَادَفَهُ وَقِيسَ بِالْوِرْدِ الْبَاقِي بِجَامِعِ السَّبَبِ وَلَا يُشْكِلُ الْخَبَرُ بِخَبَرِ «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا» لِتَقَدُّمِ النَّصِّ عَلَى الظَّاهِرِ. وَسَوَاءٌ فِي الْقَضَاءِ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ وَلَا كَرَاهَةَ فِي صَوْمِهِ لِوِرْدٍ وَكَذَا لِفَرْضٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَنَقَلَ الْكَرَاهَةَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَنَقَلَهَا الْإِسْنَوِيُّ عَنْ جَمْعٍ وَرَجَّحَهَا وَمَنَعَ قِيَاسَ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ بِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَا تَبْرَأُ مِنْهُ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا لِيُوقِعَهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا تَحْرِيمُهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَوْمُهُ احْتِيَاطًا لِرَمَضَانَ وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى جَوَازِ مَا لَهُ سَبَبٌ لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ لَهُ سَبَبٌ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ لَكِنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِمْ قَبْلُ لَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ فَكَانَ مِنْهُ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ أَيْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقَعْ عَنْهُ لَا يَكُونُ احْتِيَاطًا فَإِنْ قُلْت هَلَّا اُسْتُحِبَّ صَوْمُهُ إنْ أَطْبَقَ الْغَيْمُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ حَيْثُ قَالَ بِوُجُوبِهِ حِينَئِذٍ قُلْنَا نَحْنُ لَا نُرَاعِي الْخِلَافَ إذَا خَالَفَ سُنَّةً صَرِيحَةً وَهِيَ هُنَا خَبَرٌ «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» . (فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَهُ لَمْ يَصِحَّ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ» (وَهُوَ) أَيْ يَوْمُ الشَّكِّ (يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ الَّذِي يَتَحَدَّثُ فِيهِ بِالرُّؤْيَةِ مَنْ يُظَنُّ صِدْقُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ) بِأَنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهَا أَحَدٌ أَوْ شَهِدَ بِهَا صِبْيَانٌ أَوْ عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ أَوْ نِسَاءٌ وَظُنَّ صِدْقُهُمْ أَوْ عَدْلٌ وَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَوْنُهُ مِنْهُ نَعَمْ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَآهُ مِمَّنْ ذُكِرَ يَصِحُّ مِنْهُ صَوْمُهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي طَائِفَةٍ أَوَّلَ الْبَابِ وَتَقَدَّمَ فِي أَثْنَائِهِ صِحَّةُ نِيَّةِ مُعْتَقِدِ ذَلِكَ وَوُقُوعُ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ عَلَى مَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ وَأُجِيبَ عَمَّا زَعَمَهُ أَيْضًا بِأَجْوِبَةٍ أُخْرَى فِيهَا نَظَرٌ وَذَكَرْت بَعْضَهَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ سَوَاءٌ أَطْبَقَ الْغَيْمُ أَمْ لَا لَكِنْ قَيَّدَهُ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ تَبَعًا لِلطَّاوُسِيِّ وَالْبَارِزِيِّ بِعَدَمِ إطْبَاقِهِ فَمَعَ إطْبَاقِهِ لَا يُورِثُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ الشَّكَّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ إذْ الْفَرْضُ ظَنُّ صِدْقِ مَنْ ذُكِرَ وَاعْتَبَرُوا هُنَا الْعَدَدَ فِيمَنْ يَشْهَدُ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ فِيهِمَا أَمَّا إذَا لَمْ يَتَحَدَّثْ أَحَدٌ بِالرُّؤْيَةِ فَلَيْسَ الْيَوْمُ يَوْمَ شَكٍّ بَلْ هُوَ مِنْ شَعْبَانَ وَإِنْ أَطْبَقَ الْغَيْمُ لِخَبَرِ «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ» (فَرْعٌ) إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ إنْ لَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ لِخَبَرِ «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَإِنْ وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا حِفْظًا لِأَصْلِ مَطْلُوبِيَّةِ الصَّوْمِ [فَصْلٌ صَوْم الْوِصَال] (فَصْلٌ الْفِطْرُ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ وَاجِبٌ إذْ الْوِصَالُ) فِي الصَّوْمِ نَفْلًا كَانَ أَوْ فَرْضًا (حَرَامٌ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَا يَتَنَاوَلُ بِاللَّيْلِ مَطْعُومًا عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْجِمَاعَ وَنَحْوَهُ لَا يَمْنَعُ الْوِصَالَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَعْنَى لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْوِصَالِ لِلضَّعْفِ أَيْ عَنْ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ وَتَرْكُ الْجِمَاعِ وَنَحْوِهِ لَا يُضْعِفُ بَلْ يُقَوِّي لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ هُوَ أَنْ يَسْتَدِيمَ جَمِيعَ أَوْصَافِ الصَّائِمِينَ وَذَكَرَ الْجُرْجَانِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ نَحْوَهُ قَالَ وَتَعْبِيرُ الرَّافِعِيِّ أَيْ وَغَيْرِهِ بِأَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْإِمْسَاكِ كَتَارِكِ النِّيَّةِ لَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ لَيْلًا مِنْ تَعَاطِي الْمُفْطِرِ وِصَالًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ صَوْمَيْنِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُهُ) أَيْ الْفِطْرِ (بِتَحَقُّقِ الْغُرُوبِ) أَيْ عِنْدَهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» زَادَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «وَأَخَّرُوا السُّحُورَ» وَفِي ثِقَاتِ ابْنِ حِبَّانَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ صَائِمًا لَمْ يُصَلِّ حَتَّى نَأْتِيَهُ بِرُطَبٍ وَمَاءٍ فَيَأْكُلَ» وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَيُكْرَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ فِيهِ فَضِيلَةً وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَفِيهِ عَنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إلَّا مَا لَهُ سَبَبٌ كَوُرُدِ) كَالْوُرُدِ مَا لَوْ صَامَهُ مُتَّصِلًا بِأَيَّامٍ أَوَّلُهَا قَبْلَ نِصْفِ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فِي الْقَضَاءِ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ) مِنْ صُوَرِ قَضَاءِ النَّفْلِ أَنْ يُشْرِعَ فِي صَوْمٍ ثُمَّ يُفْسِدَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْفَرْضُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَنْ يَظُنُّ صِدْقَهُ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ يَظُنُّ صِدْقَهُ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ لِيَخْرُجَ مَا إذَا ظَنَّ كَذِبَهُ فَلَيْسَ بِشَكِّ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافَهُ فَهُوَ رَمَضَانُ وَلَيْسَ بِشَكٍّ (قَوْلُهُ وَذَكَرْت بَعْضَهَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) أَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَاكَ فِيمَا إذَا تَبَيَّنَّ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَهُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يُتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَلَيْسَ الِاعْتِمَادُ عَلَى هَؤُلَاءِ فِي الصَّوْمِ بَلْ فِي النِّيَّةِ فَقَطْ فَإِذَا نَوَى اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِمْ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا كَوْنَهُ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ أُخْرَى أَلَا تَرَاهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ الشَّهْرُ وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ فِيمَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي النِّيَّةِ. اهـ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي يَوْمِ الشَّكِّ فِي عُمُومِ النَّاسِ لَا فِي أَفْرَادِهِمْ فَيَكُونُ شَكًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ مَنْ ظَنَّ صِدْقُهُمْ وَهُوَ أَكْثَرُ النَّاسِ دُونَ إفْرَادِ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُمْ لِوُثُوقِهِ بِهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ رَآهُ مِنْ الْفُسَّاقِ وَالْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ بَلْ هُوَ رَمَضَانُ فِي حَقِّهِمْ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَالْبَارِزِيُّ) أَيْ وَالْقُونَوِيُّ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إذْ الْوِصَالُ حَرَامٌ) قَدْ اُشْتُهِرَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الصُّلَحَاءِ الْوِصَالُ فَلَعَلَّهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَيْهِ بَلْ لِغَفْلَةٍ أَوْ لِاسْتِغْرَاقٍ فِي الْمَعَارِفِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 صَاحِبِ الْبَيَانِ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِمَاءٍ وَيَمُجَّهُ وَأَنْ يَشْرَبَهُ وَيَتَقَيَّأَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ قَالَ وَكَأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِكَوْنِهِ يُزِيلُ الْخُلُوفَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّ كَرَاهَةَ السِّوَاكِ لَا تَزُولُ بِالْغُرُوبِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ وَسَيَأْتِي وَخَرَجَ بِتَحَقُّقِ الْغُرُوبِ ظَنُّهُ بِاجْتِهَادٍ فَلَا يُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ بِهِ وَظَنُّهُ بِلَا اجْتِهَادٍ وَشَكُّهُ فَيَحْرُمُ بِهِمَا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ (وَ) يُسَنُّ (كَوْنُهُ عَلَى تَمْرٍ ثُمَّ حُلْوٍ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ (فَمَاءٍ) وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى تَمْرٍ وَإِلَّا فَمَاءٍ ثُمَّ حُلْوٍ وَهُوَ غَرِيبٌ وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَنُقِلَ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ الْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا أَنْ يُفْطِرَ عَلَى مَاءٍ يَأْخُذُهُ بِكَفِّهِ مِنْ النَّهْرِ لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الشُّبْهَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَانِ شَاذَّانِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الصَّوَابُ يَعْنِي فِطْرَهُ عَلَى تَمْرٍ ثُمَّ مَاءٍ لِخَبَرِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى التَّمْرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِخَبَرِ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى تَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَضِيَّتُهُ تَقْدِيمُ الرُّطَبِ عَلَى التَّمْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنَّ السُّنَّةَ تَثْلِيثُ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي حَرْمَلَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَعْبِيرِ جَمَاعَةٍ بِتَمْرَةٍ بِحَمْلِ ذَاكَ عَلَى أَصْلِ السَّنَةِ وَهَذَا عَلَى كَمَالِهَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ أَنْ لَا يَدْخُلَ أَوَّلًا جَوْفَهُ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ هَذَا مَعَ قَصْدِ الْحَلَاوَةِ تَفَاؤُلًا قَالَ وَمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ سُنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ عَلَى مَاءٍ زَمْزَمَ لِبَرَكَتِهِ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ فَحَسَنٌ. اهـ. وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأَخْبَارِ وَلِلْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ الْفِطْرُ عَلَى التَّمْرِ لِأَجَلِهِ وَهُوَ حِفْظُ الْبَصَرِ أَوْ أَنَّ التَّمْرَ إذَا نَزَلَ إلَى الْمَعِدَةِ فَإِنْ وَجَدَهَا خَالِيَةً حَصَلَ الْغِذَاءُ وَإِلَّا أَخْرَجَ مَا هُنَاكَ مِنْ بَقَايَا الطَّعَامِ وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي مَاءِ زَمْزَمَ (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَتَسَحَّرَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ «اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ وَبِقَيْلُولَةِ النَّهَارِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ» ، وَالسَّحُورُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمَأْكُولُ فِي السَّحَرِ وَبِضَمِّهَا الْأَكْلُ حِينَئِذٍ وَيَحْصُلُ بِقَلِيلِ الْمَطْعُومِ وَكَثِيرِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ» (وَ) أَنْ (يُؤَخِّرَهُ مَا لَمْ يَشُكَّ) فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ لِخَبَرِ «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ» وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّقَوِّي عَلَى الْعِبَادَةِ فَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَمْ يُسَنَّ التَّأْخِيرُ بَلْ الْأَفْضَلُ تَرْكُهُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» (وَيُسْتَحَبُّ) اسْتِحْبَابًا مُؤَكَّدًا (فِي رَمَضَانَ مُدَارَسَةُ الْقُرْآنِ) وَهِيَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ» وَذَكَرَ الْأَصْلُ اسْتِحْبَابَ كَثْرَةِ تِلَاوَتِهِ وَالْمُصَنِّفُ قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ لَكِنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِرَمَضَانَ فَالْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهَا تُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا لَكِنَّهَا فِي رَمَضَانَ آكَدُ (وَكَثْرَةُ الْجُودِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ» (وَ) كَثْرَةُ (الِاعْتِكَافِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِصَوْنِ النَّفْسِ عَنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَلِيقُ وَذِكْرُ الْكَثْرَةِ فِي هَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ عَطَفَ مَدْخُولَهَا عَلَى الْجُودِ كَمَا قَرَّرْتُهُ فَإِنْ عَطَفَ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَلَا زِيَادَةَ (لَا سِيَّمَا) فِي (الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ) مِنْهُ فَهُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَيَا خَبَرَ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «كَانَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ» (فَيَعْتَكِفُ قَبْلَ دُخُولِهَا لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وَقَوْلُهُ (وَأَنْ يَقِفَ) أَيْ يَمْكُثَ مُعْتَكِفًا (إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ) مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الْمُعَلِّلِ وَالتَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ (فَإِنَّهَا) أَيْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ (لَا تَنْتَقِلُ) مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَتْ تَنْتَقِلُ مِنْ لَيْلَةٍ مِنْهُ إلَى أُخْرَى مِنْهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَحَثًّا عَلَى إحْيَاءِ جَمِيعِ لَيَالِي الْعَشْرِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِلُزُومِهَا لَيْلَةً بِعَيْنِهَا فَقَالَ فِي مَوْضِعٍ إنَّهَا لَيْلَةُ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ وَفِي آخَرَ إنَّهَا لَيْلَةُ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ وَدَلِيلُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالثَّانِي فِي مُسْلِمٍ وَجَمَعَ فِي الْمُخْتَصَرِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِي لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. اهـ. وَقِيلَ إنَّهَا لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي إلَخْ) الظَّاهِرُ تَأَتِّيه مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ السِّوَاكَ مَطْلُوبٌ فِي سَائِرٍ الْأَوْقَاتِ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ لِلصَّائِمِ إلَى الْغُرُوبِ فَإِذَا غَرَبَتْ رَجَعَ إلَى أَصْلِهِ وَانْتَفَتْ الْكَرَاهَةُ وَأَمَّا طَلَبُ بَقَاءِ الْخُلُوفِ فَمَطْلُوبٌ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فَإِذَا غَرَبَتْ كُرِهَ إزَالَتُهُ كَمَا قَبْلَ الْغُرُوبِ إلَّا بِنَحْوِ أَكْلٍ فَإِنَّهُ مِنْ ضَرُورَةِ الْإِفْطَارِ كا (قَوْلُهُ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهُ عَلَى تَمْرٍ ثُمَّ حُلْوٍ إلَخْ) مِثْلُ هَذَا التَّرْتِيبِ فِي بَابِ صِفَةِ الْغُسْلِ مِنْ الْبَحْرِ عَنْ أَصْحَابِنَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ) قَالَ الْفَتَى فَأَخَذَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ أَنَّ الْحَلَاوَةَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا كَالْخُبْزِ لِتَقْدِيمِ الرُّويَانِيِّ إيَّاهَا عَلَى الْمَاءِ فَجَعَلَ أَدْنَى الدَّرَجَاتِ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِ الْمَاءِ لِيَخْرُجَ مِنْ بَعْضِ خِلَافِ الرُّويَانِيِّ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ لِلْمَذْهَبِ وَهُوَ اسْتِنْبَاطٌ حَسَنٌ وَمَعْنَى بَعْضِ مُخَالَفَتِهِ أَنَّ الرُّويَانِيَّ قَدَّمَ الْحَلَاوَةَ عَلَى الْمَاءِ وَغَيْرِهِ وَالْمُصَنِّفُ قَدَّمَهَا عَلَى غَيْرِهِ فَقَطْ فَلَمْ يَسْقُطْ قَوْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ تَقْدِيمُ الرُّطَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يُحْمَلُ ذَاكَ عَلَى أَصْلِ السُّنَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ أَنْ يَتَسَحَّرَ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ) وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ إذَا رَجَا بِهِ مَنْفَعَةً وَلَمْ يَخْشَ بِهِ ضَرَرًا كَمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَلِهَذَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ إذَا كَانَ شَبْعَانَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَسَحَّرَ لِأَنَّهُ فَوْقَ الشِّبَعِ. اهـ. وَمُرَادُهُ إكْثَارُ الْأَكْلِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عَلَى تَمْرٍ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَجْرِ قَدْرَ خَمْسِينَ آيَةً (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِلُزُومِهَا لَيْلَةً بِعَيْنِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 وَقِيلَ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ وَقِيلَ إنَّهَا فِي غَيْرِ الْعَشْرِ الْأَخِيرَةِ وَقِيلَ إنَّهَا فِي لَيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَقِيلَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَقِيلَ لَيْلَةُ النِّصْفِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ (خُصَّتْ بِهَا هَذِهِ الْأَمَةُ) فَلَمْ تَكُنْ لِمَنْ قَبْلَهُمْ وَهِيَ الَّتِي يَفْرُقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَسُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِأَنَّهَا لَيْلَةُ الْحُكْمِ وَالْفَصْلِ وَقِيلَ لِعِظَمِ قَدْرِهَا (وَهِيَ أَفْضَلُ لَيْلَةٍ) فِي الْعَامِ قَالَ تَعَالَى {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (وَبَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) بِالْإِجْمَاعِ فَيُسْتَحَبُّ طَلَبُهَا وَالِاجْتِهَادُ فِي إدْرَاكِهَا كُلَّ عَامٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ فَالْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ» فَالْمُرَادُ رَفْعُ عِلْمِ عَيْنِهَا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ رَفْعُ وُجُودِهَا لَمْ يَأْمُرْ بِالْتِمَاسِهَا وَمَعْنَى عَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ أَيْ لِتَرْغَبُوا فِي طَلَبِهَا وَالِاجْتِهَادِ فِي كُلِّ اللَّيَالِي (وَأَرْجَاهَا لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ أَوْ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ) ثُمَّ سَائِرَ أَوْتَارِهِ لِأَخْبَارٍ مِنْهَا غَيْرُ مَا أَشَرْت إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ» (فَلْيُكْثِرْ فِيهَا وَفِي يَوْمِهَا مِنْ الدُّعَاءِ) بِمَا أَحَبَّ مِنْ دِينٍ وَدُنْيَا مَعَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَتَأَتَّى مِنْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ بِإِخْلَاصٍ وَصِحَّةِ يَقِينٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا أَيْ تَصْدِيقًا بِأَنَّهَا حَقٌّ وَطَاعَةٌ وَاحْتِسَابًا أَيْ طَلَبًا لِرِضَا اللَّهِ وَثَوَابِهِ لَا لِلرِّيَاءِ وَنَحْوِهِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَقِيسَ بِهَا يَوْمُهَا (وَ) مِنْ (قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنَّك عَفْوٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُوا عَنِّي) «لِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَاذَا أَقُولُ قَالَ تَقُولِينَ اللَّهُمَّ إنَّك عَفْوٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَعَلَامَتُهَا عَدَمُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ) فِيهَا (وَ) أَنْ (تَطْلُعَ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا) بَيْضَاءَ (بِلَا كَثِيرِ شُعَاعٍ) لِخَبَرٍ فِي مُسْلِمٍ وَرَدَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَفِي حِكْمَتِهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا عَلَامَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ لَهَا ثَانِيهِمَا أَنَّ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْمَلَائِكَةِ فِي لَيْلَتِهَا وَنُزُولِهَا إلَى الْأَرْضِ وَصُعُودِهَا بِمَا تَنْزِلُ بِهِ فَسَتَرَتْ بِأَجْنِحَتِهَا وَأَجْسَامِهَا اللَّطِيفَةِ ضَوْءَ الشَّمْسِ وَشُعَاعَهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ قِيلَ أَيُّ فَائِدَةٍ لِمَعْرِفَةِ صِفَتِهَا بَعْدَ فَوَاتِهَا فَإِنَّهَا تَنْقَضِي بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادُهُ فِي يَوْمِهَا الَّذِي بَعْدَهَا كَاجْتِهَادِهِ فِيهَا، ثَانِيهِمَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ فَإِذَا عُرِفَتْ لَيْلَتُهَا فِي سَنَةٍ اُنْتُفِعَ بِذَلِكَ فِي الِاجْتِهَادِ فِيهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهَا كَتْمُهَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا يَنَالُ فَضْلَهَا إلَّا مَنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا فَلَوْ قَامَهَا إنْسَانٌ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا لَمْ يَنَلْ فَضْلَهَا وَقَدْ يُنَازِعُهُ فِيهِ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْصِدَ إلَى التَّعَبُّدِ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي كُلِّهَا حَتَّى يَحُوزَ الْفَضِيلَةَ (وَلَوْ عَلَّقَ قَبْلَ دُخُولِ الْعَشْرِ) الْأَوَاخِرِ فِي رَمَضَانَ أَوْ قَبْلَهُ (طَلَاقًا) مَثَلًا (بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ) كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ (طَلُقَتْ بِأَوَّلِ آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْهُ) لِأَنَّهُ قَدْ مَرَّتْ بِهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي إحْدَى لَيَالِي الْعَشْرِ (أَوْ) عَلَّقَهُ (فِي أَثْنَاءِ الْعَشْرِ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ سَنَةٍ تَمْضِي) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ مَرَّتْ بِهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَعَدَلَ إلَى مَا قَالَهُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمَجْمُوعِ طَلُقَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي قَبْلَ كَلَامِهِ عَنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ لَمْ تَطْلُقْ إلَى مُضِيِّ سَنَةٍ لِقَوْلِ النَّوَوِيِّ فِيهِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُعَلِّقُ فِي آخِرِ الْيَوْمِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ فَتَطْلُقُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَمْضِ سَنَةٌ قُلْت بَلْ لَيْسَ لَنَا صُورَةٌ يُعْتَبَرُ فِيهَا مُضِيُّ سَنَةٍ وَمَا قَالُوهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا وَأَمَّا عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ آخَرَ رَمَضَانَ الثَّانِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَالْمَجْمُوعُ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ فِي لَيْلَةِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا فِي لَيْلَتِهَا مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ عَلَّقَ قَبْلَ دُخُولِ الْعَشْرِ فَإِنْ قُلْت هَلَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ فِيمَا إذَا عَلَّقَهُ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ تَلْزَمُ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ أَوْ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ قُلْت لَيْسَ ذَلِكَ مَقْطُوعًا بِهِ وَلَا مَظْنُونًا ظَنًّا قَوِيًّا لِمُعَارَضَتِهِ مَا صَحَّتْ فِيهِ الْأَخْبَارُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ مَعَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ (وَيَنْبَغِي لَهُ) أَيْ لِلصَّائِمِ أَيْ يُسَنُّ لَهُ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ (كَفُّ اللِّسَانِ عَنْ الْفُحْشِ) كَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالْمُشَاتَمَةِ الْمُحَرَّمَاتِ فَلَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ بِارْتِكَابِهَا بِخِلَافِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ عِدَّتُهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ قَوْلًا ذَكَرَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) وَقِيلَ لَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ وَأَرْجَاهَا لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ إلَخْ) قَالَ فِي الْقُوتِ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ إنَّ مَيْلَهُ إلَى أَنَّهَا لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ لَا غَيْرُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَامَهَا إنْسَانٌ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا لَمْ يَنَلْ فَضْلَهَا) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الْكَامِلَ الَّذِي هُوَ كَفَضْلِ مَنْ شَعَرَ بِهَا كا (قَوْلُهُ وَقَدْ يُنَازِعُهُ فِيهِ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) فَيَحْصُلُ فَضْلُهَا لِمَنْ عَمِلَ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْ تِلْكَ الْعَجَائِبِ فِيهَا فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ التَّعَبُّدُ فِي كُلِّ لَيَالِي الْعَشْرِ حَتَّى يَحُوزَ الْفَضِيلَةَ بِيَقِينٍ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِبْهَا وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ قَوْلُهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَضِيلَتَهَا تَحْصُلُ لِمَنْ عَمِلَ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْ تِلْكَ الْعَجَائِبَ فِيهَا وَيُؤَيِّدُ قَوْلُهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَقَوْلُهُ فَيَحْصُلُ فَضْلُهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ عَلَّقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي لَهُ كَفُّ اللِّسَانِ عَنْ الْفُحْشِ) مَا أَحْسَنَ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي يَجِبُ عَلَى الصَّائِمِ أَنْ يَصُومَ بِعَيْنَيْهِ فَلَا يَنْظُرُ إلَى مَا لَا يَحِلُّ وَبِسَمْعِهِ فَلَا يَسْمَعُ مَا لَا يَحِلُّ وَبِلِسَانِهِ فَلَا يَنْطِقُ بِفُحْشٍ وَلَا يَشْتُمُ وَلَا يَكْذِبُ وَلَا يَغْتَبْ. اهـ. وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَأَنْ يَصُونَ لِسَانَهُ عَنْ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالشَّتِيمِ وَنَحْوِهَا وَسَائِرَ الْجَوَارِحِ عَنْ الْجَرَائِمِ أَكْثَرُ وَأَشَدُّ مِمَّا فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّ الثَّوَابَ يَبْطُلُ بِهَا. اهـ. وَرُوِيَ «خَمْسٌ يُفْطِرْنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 ارْتِكَابِ مَا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ كَالِاسْتِقَاءَةِ وَإِنَّمَا طُلِبَ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ الصِّيَامُ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ» وَلِأَنَّهُ يُحْبِطُ الثَّوَابَ فَالْمُرَادُ أَنَّ كَمَالَ الصَّوْمِ إنَّمَا يَكُونُ بِصِيَانَتِهِ عَنْ اللَّغْوِ وَالْكَلَامِ الرَّدِيءِ لَا أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَبْطُلُ بِهِمَا فَإِنْ شَتَمَهُ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ إنِّي صَائِمٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ فَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إنِّي صَائِمٌ إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ يَقُولُهُ بِقَلْبِهِ لِنَفْسِهِ لِتَصْبِرَ وَلَا تُشَاتِمَ فَتَذْهَبَ بَرَكَةُ صَوْمِهَا» كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ أَوْ بِلِسَانِهِ بِنِيَّةِ وَعْظِ الشَّاتِمِ وَدَفْعِهِ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ جَمْعٍ وَصَحَّحَهُ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ جَمَعَهُمَا فَحَسَنٌ وَقَالَ إنَّهُ يُسَنُّ تَكْرَارُهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى إمْسَاكِ صَاحِبِهِ عَنْهُ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُهُ مَرْدُودٌ بِالْخَبَرِ السَّابِقِ (وَ) يَنْبَغِي لَهُ كَفُّ (النَّفْسِ عَنْ الشَّهَوَاتِ) الَّتِي لَا تُبْطِلُ الصَّوْمَ كَشَمِّ الرَّيَاحِينِ وَالنَّظَرِ إلَيْهَا وَلَمْسِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّرَفُّهِ الَّذِي لَا يُكَاسِبُ حِكْمَةَ الصَّوْمِ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ دُخُولُ الْحَمَّامِ (وَ) يَنْبَغِي لَهُ (تَرْكُ السِّوَاكِ بَعْدَ الزَّوَالِ) وَيُكْرَهُ فِعْلُهُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ (وَ) يَنْبَغِي لَهُ (تَقْدِيمُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ لِيُؤَدِّيَ الْعِبَادَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهِ لِظَاهِرِ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ الْآتِي وَخَشْيَةً مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الْأُذُنِ أَوْ الدُّبُرِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ إنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ الْغُسْلُ الْكَامِلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ اسْتِحْبَابُ الْمُبَادَرَةِ إلَى الِاغْتِسَالِ عَقِبَ الِاحْتِلَامِ نَهَارًا (فَإِنْ طَهُرَتْ) أَيْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا أَوْ نِفَاسُهَا (وَصَامَتْ) أَوْ صَامَ الْجُنُبُ (بِلَا غُسْلٍ صَحَّ) الصَّوْمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» وَقِيسَ بِالْجُنُبِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَأَمَّا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا صَوْمَ لَهُ» فَحَمَلُوهُ عَلَى مَنْ أَصْبَحَ مُجَامِعًا وَاسْتَدَامَ الْجِمَاعَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى النَّسْخِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ (وَ) يَنْبَغِي لَهُ (أَنْ يَقُولَ بَعْدَ) وَفِي نُسْخَةٍ عِنْدَ (الْإِفْطَارِ اللَّهُمَّ لَكَ صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ حِينَئِذٍ «اللَّهُمَّ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» (وَأَنْ يُفْطِرَ الصَّائِمِينَ) بِأَنْ يُعَشِّيَهُمْ لِخَبَرِ «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ عَشَائِهِمْ (فَطَّرَهُمْ عَلَى تَمْرٍ أَوْ مَاءٍ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ شَرْبَةٌ أَوْ تَمْرَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا قَالَ الْمُتَوَلِّي لِمَا رُوِيَ أَنَّ «بَعْضَ الصَّحَابَةِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ كُلُّنَا نَجِدُ مَا يُفَطِّرُ بِهِ الصَّائِمَ فَقَالَ يُعْطِي اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ أَوْ مَذْقَةِ لَبَنٍ» (وَ) أَنْ (يَحْتَرِزَ عَنْ الْعَلْكِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمَضْغُ وَبِكَسْرِهَا الْمَعْلُوكُ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الرِّيقَ فَإِنْ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ فِي وَجْهٍ وَإِنْ أَلْقَاهُ عَطَّشَهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَ) عَنْ (ذَوْقِ الطَّعَامِ) خَوْفَ الْوُصُولِ إلَى حَلْقِهِ أَوْ تَعَاطِيهِ لِغَلَبَةِ شَهْوَتِهِ (فَصْلٌ وَيُبَاحُ الْفِطْرُ) مِنْ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ (لِخَوْفِ الْهَلَاكِ) عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ (مِنْ جُوعٍ وَعَطَشٍ) وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا صَحِيحًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَقَوْلُهُ {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] وَقَوْلُهُ {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] وَلَا يُنَافِي التَّعْبِيرُ بِالْإِبَاحَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ وُجُوبِ الْفِطْرِ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُجَامِعُهُ (وَ) يُبَاحُ (بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ الْمُبَاحِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} [البقرة: 185] أَيْ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَقِيَاسًا عَلَى الْقَصْرِ بِخِلَافِ السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَالطَّوِيلِ الْمُحَرَّمِ (وَبِمَرَضٍ يُجْهِدُهُ) أَيْ يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ مَعَهُ (أَوْ يَزِيدُهُ الصَّوْمُ فِي مَرَضِهِ) كَنَظِيرِهِ فِي التَّيَمُّمِ وَلِلْآيَةِ السَّابِقَةِ سَوَاءٌ أَتَعَدَّى بِسَبَبِ الْمَرَضِ أَمْ لَا قَوْلُهُ أَوْ يَزِيدُهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ قَالَ أَوْ بِزِيَادَةٍ فِي مَرَضِهِ كَانَ أَوْضَحَ   [حاشية الرملي الكبير] الصَّائِمَ الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ وَالْكَذِبُ وَالْقُبْلَةُ وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ أَوْ بِلِسَانِهِ بِنِيَّةِ وَعْظِ الشَّاتِمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالنَّفْسِ عَنْ الشَّهَوَاتِ) مِنْ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمُبْصَرَاتِ وَالْمَشْمُومَاتِ وَالْمَلَابِسِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ تَقْدِيمًا لِلنَّهْيِ الْخَاصِّ عَلَى التَّطَيُّبِ فِيهِ الْعَامِّ كَمَا لَوْ وَافَقَ يَوْمَ عِيدٍ يَوْمَ اسْتِسْقَاءٍ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ دُخُولُ الْحَمَّامِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَضُرَّهُ فَيُفْطِرَ وَهَذَا لِمَنْ يَتَأَذَّى بِهِ لَا لِمَنْ اعْتَادَهُ (قَوْلُهُ اسْتِحْبَابُ الْمُبَادَرَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَحْتَرِزُ عَنْ الْعِلْكِ) لَا فَرْقَ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ بَيْنَ عِلْكِ الْخُبْزِ وَغَيْرِهِ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ فِي وَجْهٍ) ضَعِيفٌ [فَصْلٌ الْفِطْرُ مِنْ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ] (قَوْلُهُ أَوْ مَنْفَعَةٌ) أَيْ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ وَمِنْهُ وَجَعُ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تُجَامِعُهُ) فَلَوْ صَامَ مَعَ خَوْفِ الْهَلَاكِ عَصَى وَصَحَّ صَوْمُهُ وَقَوْلُهُ عَصَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ الْمُبَاحِ) لَوْ كَانَ يُدِيمُ السَّفَرَ أَبَدًا فَفِي جَوَازِ تَرْكِ الصَّوْمِ دَائِمًا نَظَرٌ فَإِنَّهُ يُزِيلُ حَقِيقَةَ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْقَصْرِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الْجَوَازُ لِمَنْ يَرْجُو إقَامَةً يَقْضِي فِيهَا قَالَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ يُطِيقُ الصَّوْمَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى أَنْ يَقْضِيَهُ لِمَرَضٍ مَخُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ هَلْ لَهُ الْفِطْرُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ مَا تَقَدَّمَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ أَمَّا الْقَضَاءُ الَّذِي هُوَ عَلَى الْفَوْرِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ فِطْرُهُ فِي السَّفَرِ وَكَذَلِكَ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ فَسَافَرَ فِيهِ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيهِ وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ اتَّفَقَ أَيْ السَّفَرُ فِيهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ انْتَهَى وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الْجَوَازُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ هَلْ لَهُ الْفِطْرُ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ لَا كا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 وَأَخْصَرَ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَرِيضِ (أَنْ يَنْوِيَ إنْ خَفَّ مَرَضُهُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ) بِحَيْثُ لَا يُبَاحُ مَعَهُ تَرْكُ الصَّوْمِ وَإِلَّا فَلَهُ تَرْكُ النِّيَّةِ (وَلَهُ الْفِطْرُ بِحُدُوثِ الْمَرَضِ) لِوُجُودِ الْمُحْوِجِ لَهُ بِلَا اخْتِيَارٍ (لَا) بِحُدُوثِ (السَّفَرِ) تَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ (فَإِنْ نَوَى) الْمُقِيمُ لَيْلًا (ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ الْفَجْرِ تَرَخَّصَ) بِالْفِطْرِ وَغَيْرِهِ لِدَوَامِ الْعُذْرِ وَقَدْ «أَفْطَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْعَصْرِ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ بِقَدَحِ مَاءٍ لَمَّا قِيلَ لَهُ إنَّ النَّاسَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَهُ تَتِمَّةٌ سَتَأْتِي وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنْ فَارَقَ الْعُمْرَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَهُ الْفِطْرُ (وَكَذَا لَوْ أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ صَائِمًا) يَتَرَخَّصُ بِخِلَافِ مَنْ نَوَى إتْمَامَ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ لِئَلَّا يَتْرُكَ مَا الْتَزَمَهُ لَا إلَى بَدَلٍ وَأَمَّا الصَّائِمُ إذَا أَفْطَرَ فَلَمْ يَتْرُكْهُ إلَّا إلَى بَدَلٍ وَهُوَ الْقَضَاءُ (وَلَمْ يُكْرَهْ) لَهُ التَّرَخُّصُ فِي ذَلِكَ وَتَرْجِيحُ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ التَّرَخُّصِ نِيَّتُهُ كَالْمُحْصَرِ يُرِيدُ التَّحَلُّلَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ أَقَامَ) الْمُسَافِرُ (أَوْ شُفِيَ) الْمَرِيضُ وَهُوَ صَائِمٌ (لَمْ يُفْطِرْ) لِانْتِفَاءِ الْمُبِيحِ (وَالصَّوْمُ لِلْمُسَافِرِ أَفْضَلُ) مِنْ فِطْرِهِ {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وَلِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَفَضِيلَةِ الْوَقْتِ وَفَارَقَ ذَلِكَ أَفْضَلِيَّةَ الْقَصْرِ بِأَنَّ فِي الْقَصْرِ بَرَاءَةٌ لِلذِّمَّةِ وَمُحَافَظَةٌ عَلَى فَضِيلَةِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْفِطْرِ وَبِأَنَّ فِيهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَلَيْسَ هُنَا خِلَافٌ يُعْتَدُّ بِهِ فِي إيجَابِ الْفِطْرِ فَكَانَ الصَّوْمُ أَفْضَلَ (إلَّا إنْ خَافَ) مِنْهُ (ضَرَرًا فِي الْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ) فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِرَجُلٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ يُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا صَائِمٌ فَقَالَ لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» وَلَا يَحْرُمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ بَعْد أَنْ أَفْطَرَ فِي كُرَاعِ الْغَمِيمِ وَقَدْ بَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا صَامُوا أُولَئِكَ الْعُصَاةُ فَلِمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ لَهُمْ بِالْفِطْرِ لِيَتَقَوَّوْا لِعَدُوِّهِمْ (فَرْعٌ كُلُّ) شَخْصٍ (مُفْطِرٌ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ يَقْضِي مَا فَاتَهُ) لِآيَةِ {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا} [البقرة: 185] وَقِيسَ بِمَنْ فِيهَا غَيْرُهُ (لَا صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْأَدَاءُ وَلِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا (وَ) لَا (كَافِرًا صَلَّى) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَلِلْإِجْمَاعِ وَتَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ (فَيَقْضِي الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ) لِلْآيَةِ (وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَيْضِ (وَذُو إغْمَاءٍ وَسُكْرٍ اسْتَغْرَقَا) الْيَوْمَ بِالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ أَمَّا الْإِغْمَاءُ فَلِأَنَّهُ نَوْعُ مَرَضٍ وَلِهَذَا يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَانْدَرَجَ فِي الْآيَةِ وَيُخَالِفُ الصَّلَاةَ لِتَكَرُّرِهَا وَأَمَّا السُّكْرُ فَلِأَنَّ مَنْ قَامَ بِهِ فِي مَعْنَى الْمُكَلَّفِ (وَلَوْ جُنَّ) السَّكْرَانُ (فِي سُكْرِهِ) فَإِنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ هَذَا إنْ أَرَادَ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ السُّكْرِ الَّذِي تَخَلَّلَهُ جُنُونٌ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ أَصْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ بَيَانَ حُكْمِ الْجُنُونِ الْمُتَّصِلِ بِالسُّكْرِ وَإِنْ قَصُرَتْ عَنْهُ عِبَارَتُهُ فَمَا ذَكَرَهُ عَكْسُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَشَبَّهَهُ بِالصَّلَاةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيَقْضِي الْمُرْتَدُّ) مَا فَاتَهُ (حَتَّى زَمَنَ جُنُونِهِ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ (وَيُسْتَحَبُّ التَّتَابُعُ فِي الْقَضَاءِ) لِرَمَضَانَ وَغَيْرِهِ تَعْجِيلًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَجِبْ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ يَجِبُ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ ضِيقُ الْوَقْتِ وَتَعَمُّدُ التَّرْكِ قَالَ غَيْرُهُ وَالنَّذْرُ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ (فَصْلٌ مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ فِي رَمَضَانَ خَاصَّةً) أَيْ بِخِلَافِ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ (لَزِمَهُ إمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَتَشْبِيهًا بِالصَّائِمِينَ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ فِيهِمَا وَلِأَنَّهُ بَعْضُ مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ وَنِسْيَانُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ إنْ خَفَّ مَرَضُهُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَوَقَعَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ الْحَصَادَ إذَا كَانَ يَأْتِي فِي رَمَضَانَ وَلَا يُطَاقُ الصَّوْمُ مَعَهُ فَأَفْتَيْت بَعْدَ التَّرَوِّي مُدَّةً أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ النِّيَّةَ لِكُلِّ لَيْلَةٍ ثُمَّ لِمَنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ أَنْ يُفْطِرَ حِينَئِذٍ وَمَنْ لَا فَلَا وَقَوْلُهُ أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِمْ النِّيَّةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ الْفَجْرِ إلَخْ) لَوْ نَوَى لَيْلًا ثُمَّ سَافَرَ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ سَافَرَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ لَهُ الْفِطْرُ لِلشَّكِّ فِي مُبِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إلَخْ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا سَافَرَ مِنْ بَلَدٍ لَا سُوَرٍ لَهَا وَلَا خَفَاءَ أَنَّ كُلَّ مَا اُعْتُبِرَ مُجَاوَزَتُهُ لِلْقَاصِرِ لَا بُدَّ أَنْ يُفَارِقَهُ الصَّائِمُ هُنَا قَبْلَ الْفَجْرِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ صَائِمًا) شَمِلَ إطْلَاقَ جَوَازِ الْفِطْرِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ مَا لَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ وَبِهِ صَرَّحَ وَالِدُ الرُّويَانِيِّ لِأَنَّ إيجَابَ الشَّرْعِ أَقْوَى وَقَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ التَّرَخُّصِ نِيَّتُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ) وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي فَصْلِ الْكَفَّارَةِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ خِلَافُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ كَالتَّحَلُّلِ مِنْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَفَضِيلَةُ الْوَقْتِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ أَفْضَلُ مِنْ الرُّخْصَةِ بِدَلِيلِ غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ الِاسْتِقْبَالُ) أَوْ شَكَّ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ أَوْ كَرِهَ الْأَخْذَ بِهِ أَوْ كَانَ مِمَّنْ يَقْتَدِي بِهِ أَوْ كَانَ سَفَرُهُ لِلْغَزْوِ أَوْ الْحَجِّ وَخَافَ لَوْ صَامَ أَنْ يَضْعُفَ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ كُلُّ مُفْطِرٍ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ يَقْضِي مَا فَاتَهُ) فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَعَلَى التَّرَاخِي لَكِنْ قَبْلَ رَمَضَانَ الثَّانِي أَوْ تَعَدِّيًا فَفَوْرًا وَلَوْ فِي السَّفَرِ بِلَا تَضَرُّرٍ وَيَجِبُ التَّتَابُعُ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ تَعَدِّي التَّرْكِ وَلَوْ نَذَرَ قَضَاءَ فَائِتَةٍ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ (قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَجِبُ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ إلَخْ) رَدٌّ بِمَنْعِ تَسْمِيَةِ هَذَا تَتَابُعًا إذْ لَوْ وَجَبَ لَزِمَ كَوْنُهُ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ كَصَوْمِ الْكَفَّارَةِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى هَذَا وَاجِبًا مُضَيَّقًا وَقَدْ يَمْنَعُ الْأَوَّلُ الْمُلَازَمَةَ وَيُسْنَدُ الْمَنْعُ بِأَنَّهُ قَدْ يَجِبُ وَلَا يَكُونُ شَرْطًا كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَسْمِيَةِ ذَلِكَ تَتَابُعًا تَسْمِيَتُهُ وَاجِبًا مُضَيَّقًا [فَصْلٌ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ فِي رَمَضَانَ خَاصَّةً] (قَوْلُهُ مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ) الْمُرَادُ الْفِطْرَ الشَّرْعِيَّ فَيَشْمَلُ الْمُرْتَدَّ (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) إذْ هُوَ سَيِّدُ الشُّهُورِ وَيَوْمٌ مِنْهُ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 النِّيَّةَ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْعِبَادَةِ فَهُوَ نَوْعُ تَقْصِيرٍ وَلَيْسَ الْمُمْسِكُ فِي صَوْمٍ شَرْعِيٍّ وَإِنْ أُثِيبَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ لَيْسَ فِي عِبَادَةٍ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ إذَا أَفْسَدَ إحْرَامَهُ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي أَنَّهُ لَوْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ بِخِلَافِ الْمُمْسِكِ هُنَا لَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إلَّا الْإِثْمُ وَإِنَّمَا كَانَ الْإِمْسَاكُ مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ لِأَنَّ وُجُوبَ الصَّوْمِ فِيهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلِهَذَا لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ غَيْرِهِ (فَإِنْ خَالَفَ) فَلَمْ يُمْسِكْ (أَثِمَ) لِمُخَالَفَتِهِ الْوَاجِبَ (وَيُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ لِمَرِيضٍ شُفِيَ) مِنْ مَرَضِهِ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ (وَلِمُسَافِرٍ قَدِمَ) مِنْ سَفَرِهِ كَذَلِكَ حَالَةَ كَوْنِهِمَا (مُفْطِرَيْنِ أَوْ لَمْ يَنْوِيَا) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُمَا لِأَنَّ الْفِطْرَ مُبَاحٌ لَهُمَا مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِ الْيَوْمِ، وَزَوَالُ الْعُذْرِ بَعْدَ التَّرَخُّصِ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا لَوْ أَقَامَ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الْقَصْرِ وَلَوْ قَالَ مُفْطِرِينَ وَلَوْ بِتَرْكِ النِّيَّةِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ مَنْ أَصْبَحَ تَارِكًا لِلنِّيَّةِ فَقَدْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا (وَيُسْتَحَبُّ لَهُمَا إخْفَاؤُهُ) أَيْ الْإِفْطَارِ إنْ أَفْطَرَا لِئَلَّا يَتَعَرَّضَا إلَى التُّهْمَةِ وَالْعُقُوبَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِاسْتِحْبَابِ الْإِمْسَاكِ فِي تَرْكِ النِّيَّةِ وَاسْتِحْبَابِ الْإِخْفَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِي جِمَاعِ) مُفْطِرَةٍ نَحْوِ (صَغِيرَةٍ) مُفْطِرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ وَكَافِرَةٍ (وَحَائِضٍ طَهُرَتْ) مِنْ حَيْضِهَا وَاغْتَسَلَتْ لِأَنَّهُمَا مُفْطِرَانِ فَأَشْبَهَا الْمُسَافِرَيْنِ وَالْمَرِيضَيْنِ وَهَذَا عُلِمَ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْإِمْسَاكِ. [فَرْعٌ ثَبَتَ يَوْمُ الشَّكِّ مِنْ رَمَضَانَ] (فَرْعٌ إذَا ثَبَتَ يَوْمُ الشَّكِّ) مِنْ رَمَضَانَ (لَزِمَهُمْ) أَيْ أَهْلَ الْوُجُوبِ الْمُفْطِرِينَ وَلَوْ شَرْعًا (الْقَضَاءُ) كَسَائِرِ أَيَّامِهِ (وَالْإِمْسَاكُ) لِأَنَّ صَوْمَهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ إلَّا أَنَّهُمْ جَهِلُوهُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ إذَا قَدِمَ بَعْدَ الْإِفْطَارِ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ كَمَا مَرَّ (ثُمَّ لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ مُفْطِرًا أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ لَمْ يَلْزَمْ الْإِمْسَاكُ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمْ بِالصَّوْمِ وَالْإِمْسَاكُ تَبَعٌ لَهُ وَلِأَنَّهُمْ أَفْطَرُوا بِعُذْرٍ فَأَشْبَهُوا الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ (وَ) لَا (الْقَضَاءُ) لِأَنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا زَمَنًا يَسَعُ الْأَدَاءَ وَإِتْمَامُهُ خَارِجَ الْوَقْتِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَأَشْبَهُوا مَنْ أَدْرَكَ زَمَنًا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ أَوَّلَ وَقْتِهَا ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ مَانِعٌ وَبِهَذَا فَارَقَ إدْرَاكَ ذَلِكَ آخِرَ وَقْتِهَا (بَلْ يُسْتَحَبَّانِ) أَيْ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ بَلْ يُسْتَحَبَّانِ بَنُونِ الرَّفْعِ اسْتِئْنَافٌ أَوْ عَطْفٌ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ بَلْ تَعْطِفُ الْجُمَلَ وَهِيَ هُنَا لِلِانْتِقَالِ مِنْ غَرَضٍ إلَى آخَرَ لَا لِلْإِبْطَالِ (وَلَوْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ بِالنَّهَارِ (صَائِمًا) بِأَنْ نَوَى لَيْلًا (لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) بِلَا قَضَاءٍ (وَالْكَفَّارَةُ لَوْ جَامَعَ فِيهِ) بَعْدَ بُلُوغِهِ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ (وَلَا يَلْزَمُهَا) أَيْ الْحَائِضَ (الْإِمْسَاكُ لِانْقِطَاعِ الْحَيْضِ) فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لِمَا مَرَّ فِيمَا إذَا أَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَمِثْلُهَا النُّفَسَاءُ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ (وَمَنْ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ) كَمَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ (فَصَامَ غَيْرُهُ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ نَفْلًا) بِنِيَّةٍ (قَبْلَ الزَّوَالِ) لِتَعَيُّنِهِ لِصَوْمِهِ (فَصْلٌ وَمَنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ تَامٍّ أَثِمَ بِهِ لِأَجْلِ الصَّوْمِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ هَلَكْت قَالَ وَمَا أَهْلَكَك قَالَ وَاقَعْت امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ قَالَ هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعِينَ قَالَ لَا قَالَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُمْسِكُ فِي صَوْمٍ شَرْعِيٍّ) إذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ صَوْمٌ شَرْعِيٌّ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ أَكَلَ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ النِّيَّةِ قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ انْتَهَى وَهَذِهِ إحْدَى صُورَتَيْنِ تُجْزِئُ فِيهِمَا النِّيَّةُ نَهَارًا فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ وَالثَّانِيَةُ مَا إذَا نَذَرَ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ زَيْدٌ فَقَدِمَ نَهَارًا قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْإِمْسَاكِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَلَا يَخْفَى وَجْهُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أُثِيبَ عَلَيْهِ إلَخْ) إنَّمَا أُثِيبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَائِمٌ بِوَاجِبٍ (قَوْلُهُ إذَا ثَبَتَ يَوْمُ الشَّكِّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِيَوْمِ الشَّكِّ هُنَا يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ سَوَاءٌ أَكَانَ تَحَدَّثَ بِرُؤْيَتِهِ أَحَدٌ أَمْ لَا بِخِلَافِ يَوْمِ الشَّكِّ الَّذِي يَحْرُمُ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ وَالْإِمْسَاكُ إلَخْ) ثُمَّ إنْ ثَبَتَ قَبْلَ أَكْلِهِمْ نُدِبَ لَهُمْ نِيَّةُ الصِّيَامِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَلَغَ صَائِمًا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) قَالَ شَيْخُنَا فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ) أَيْ يَقِينًا خَرَجَ بِهِ الْوَطْءُ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ إذَا صَامَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ مِنْهُ أَوْ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ حَيْثُ جَازَ فَبَانَ مِنْ رَمَضَانَ [فَصْلٌ أَفْسَدَ صَوْمَهُ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ تَامٍّ] (قَوْلُهُ بِجِمَاعٍ تَامٍّ أَثِمَ بِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَوْلَجَ رَجُلٌ فِي قُبُلِ مُشْكِلٍ وَلَمْ تَتَبَيَّنْ أُنُوثَتُهُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا الضَّابِطُ يَرِدُ عَلَيْهِ أُمُورٌ أَحَدُهَا مَا إذَا طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ مُجَامِعٌ فَاسْتَدَامَ فَإِنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ مَعَ انْتِفَاءِ فَسَادِ الصَّوْمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَوَجْهُ انْتِفَائِهِ أَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِذَا انْتَفَى الِانْعِقَادُ انْتَفَى الْإِفْسَادُ الثَّانِي لَوْ جَامَعَ شَاكًّا فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ قَطْعًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا كَفَّارَةَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ الثَّالِثُ لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا وَظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ فَجَامَعَ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا كَفَّارَةَ. الرَّابِعُ لَوْ كَانَ بِهِ عُذْرٌ يُبِيحُ الْوَطْءَ مِنْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَجَامَعَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ صَائِمَةٌ مُخْتَارَةٌ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِإِفْسَادِ صَوْمِهَا مَعَ أَنَّ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ نَعَمْ لَوْ قَيَّدَهُ بِصِيَامِ نَفْسِهِ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ شَيْءٌ انْتَهَى وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْإِيرَادَاتِ سَاقِطَةٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْفَسَادَ لَا يَسْتَلْزِمُ تَقَدُّمَ الصِّحَّةِ بَلْ قَدْ يَكُونُ الْفَسَادُ مُقَارِنًا وَقَدْ يَكُونُ طَارِئًا وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْحَجَّ قَدْ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا كَمَا فِي صُورَةِ إدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ كَمَا فِي الْإِحْرَامِ بِهِ فِي حَالِ الْجِمَاعِ كَذَلِكَ يَقَعُ فَاسِدًا فَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ بِإِفْسَادِ صَوْمٍ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُوقِعَهُ فَاسِدًا أَوْ صَحِيحًا ثُمَّ يُفْسِدَهُ وَلَيْسَ لَنَا عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ يَجِبُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهَا إلَّا الْحَجُّ وَالصَّوْمُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِفْسَادِ لَا فِي الْفَسَادِ وَالْإِفْسَادُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الِانْعِقَادِ صَحِيحًا. وَأَمَّا الثَّانِي فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِإِفْسَادِ صَوْمٍ لِأَنَّهُ إذَا جَامَعَ شَاكًّا فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ لَمْ يَتَحَقَّقْ إفْسَادُ الصَّوْمِ وَإِنَّمَا وَجَبَ قَضَاءُ الصَّوْمِ لِلِاحْتِيَاطِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَتَبَيَّنَ الْحَالَ بَعْدُ فَإِنْ جَامَعَ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِلَا شَكٍّ لِتَحَقُّقِ الْإِفْسَادِ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَثِمَ لَا يَحِلُّ الصَّوْمُ فَإِنَّهُ إذَا ظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِالْأَكْلِ لَمْ يَأْثَمْ بِالْفِطْرِ وَأَمَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 فَهَلْ تَجِدْ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا ثُمَّ جَلَسَ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ تَصَدَّقْ بِهَذَا فَقَالَ عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنَّا فَضَحِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «فَأَعْتِقْ رَقَبَةً فَصُمْ شَهْرَيْنِ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ بِالْأَمْرِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «فَأَتَى بِعَرَقِ تَمْرٍ قَدْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهِيَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةٍ فِيهِ عِشْرُونَ صَاعًا وَالْعَرَقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ مِكْتَلٌ يُنْسَخُ مِنْ خُوصِ النَّخْلِ (فَمَنْ أَفْسَدَهُ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ) كَأَكْلٍ وَاسْتِمْنَاءٍ (لَمْ تَلْزَمْهُ الْكَفَّارَةُ) لِوُرُودِ النَّصِّ فِي الْجِمَاعِ وَهُوَ أَغْلَظُ مِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي وَقَوْلُنَا بِجِمَاعٍ إلَى آخِرِهِ (وَلَا تَلْزَمُ مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا) أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا (أَوْ) جِمَاعًا (ثَانِيًا إذْ لَا إفْسَادَ) تَقَدَّمَ إنَّهَا تَلْزَمُ فِيمَا لَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مَجَامِعٌ فَاسْتَدَامَ مَعَ أَنَّهُ لَا إفْسَادَ لِأَنَّهُ فَرْعُ الِانْعِقَادِ وَلَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا مَرَّ مَعَ تَوْجِيهِهِ (أَوْ) جَامَعَ (مُسَافِرًا إذْ لَا إثْمَ) هَذَا مَعَ إيهَامِهِ الْقُصُورَ عَلَى الْمُسَافِرِ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي وَقَوْلُنَا أَثِمَ بِهِ إلَى آخِرِهِ (وَقَوْلُنَا صَوْمُهُ احْتِرَازًا مِنْ مُسَافِرٍ) أَوْ مَرِيضٍ (أَفْسَدَ صَوْمَ امْرَأَةٍ) فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِإِفْسَادِهَا صَوْمِهَا بِالْجِمَاعِ كَمَا سَيَأْتِي فَبِالْأَوْلَى إفْسَادُ غَيْرِهَا لَهُ (وَقَوْلُنَا فِي يَوْمٍ يَدُلُّ) عَلَى (أَنَّهَا تَجِبُ لِكُلِّ يَوْمٍ) وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ عَنْ الْأَوَّلِ إذْ كُلُّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ بِرَأْسِهَا وَقَدْ تَكَرَّرَ الْإِفْسَادُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَكَرَّرَ فِي حَجَّتَيْنِ. (وَقَوْلُنَا مِنْ رَمَضَانَ احْتِرَازًا مِنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ وَغَيْرِهِ) فَلَا كَفَّارَةَ فِي إفْسَادِهَا لِوُرُودِ النَّصِّ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِفَضَائِلَ لَا يُشْرِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ (وَقَوْلُنَا بِجِمَاعٍ احْتِرَازًا مِمَّنْ أَفْطَرَ أَوَّلًا بِغَيْرِهِ ثُمَّ جَامَعَ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ) كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَقَوْلُنَا تَامٌّ احْتِرَازًا مِنْ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تُفْطِرُ بِدُخُولِ شَيْءٍ) مِنْ الذَّكَرِ فَرْجَهَا وَلَوْ دُونَ الْحَشَفَةِ وَهَذَا الْقَيْدُ تَبِعَ فِيهِ الْمُصَنِّفَ كَأَصْلِهِ الْغَزَالِيُّ وَزَيَّفُوهُ بِخُرُوجِ ذَلِكَ بِالْجِمَاعِ إذْ الْفَسَادُ فِيهِ بِغَيْرِهِ وَبِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فَسَادُ صَوْمِهَا بِالْجِمَاعِ بِأَنْ يُولِجَ فِيهَا نَائِمَةً أَوْ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً ثُمَّ تَسْتَيْقِظَ أَوْ تَتَذَكَّرَ أَوْ تَقْدِرَ عَلَى الدَّفْعِ وَتَسْتَدِيمَ فَفَسَادُهُ فِيهَا بِالْجِمَاعِ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْجِمَاعِ جِمَاعٌ مَعَ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا فِي الْخَبَرِ إلَّا الرَّجُلُ الْمَوَاقِعُ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ وَلِنُقْصَانِ صَوْمِهَا بِتَعَرُّضِهِ لِلْبُطْلَانِ بِعُرُوضِ الْحَيْضِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَمْ تَكْمُلْ حُرْمَتُهُ حَتَّى تَتَعَلَّقَ بِهِ الْكَفَّارَةُ وَلِأَنَّهَا غُرْمٌ مَالِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ فَيَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ الْوَاطِئِ كَالْمَهْرِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ وَلَا عَلَى الرَّجُلِ الْمَوْطُوءِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. (وَ) الْجِمَاعُ (التَّامُّ) يَحْصُلُ (بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ فَإِذَا مَكَّنَتْهُ) مِنْهُ (فَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ دُونَهَا) لِذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ التَّامَّ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (قَوْلُنَا أَثِمَ بِهِ احْتِرَازًا مِمَّنْ ظَنَّ غَالِطًا بَقَاءَ اللَّيْلِ) أَوْ دُخُولَهُ عَلَى مَا يَأْتِي (فَجَامَعَ) وَمِنْ جِمَاعِ الصَّبِيِّ وَجِمَاعِ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ إثْمِهِمْ (وَمُقْتَضَى الضَّابِطِ) الْمَذْكُورِ (وُجُوبُهَا عَلَى مَنْ شَكَّ فِي دُخُولِ اللَّيْلِ) فَجَامَعَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَامَعَ نَهَارًا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْأَصْلِ فِي مَسْأَلَةِ ظَنِّ الدُّخُولِ السَّابِقَةِ بَعْدَ نَقْلِهَا عَنْ التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا عَلَى تَجْوِيزِ الْإِفْطَارِ بِالظَّنِّ وَإِلَّا فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَفَاءً بِالضَّابِطِ لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي بِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ الْإِفْطَارُ بِالظَّنِّ بَلْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِخِلَافِ الْمُقْتَضَى الْمَذْكُورِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ وَبِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ شَكِّهِ فِي دُخُولِ اللَّيْلِ وَخُرُوجِهِ وَعَلَّلَ عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِإِنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فِي التَّهْذِيبِ بِمَسْأَلَةِ الظَّنِّ لَكِنَّهَا مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى مِنْ مَسْأَلَةِ الشَّكِّ (وَلَوْ أَكَلَ نَاسِيًا وَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ) بِالْأَكْلِ (فَجَامَعَ أَفْطَرَ) كَمَا لَوْ جَامَعَ ظَانًّا بَقَاءَ اللَّيْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ (وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ جَامَعَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُ صَائِمٍ وَهَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ لِأَجْلِ الصَّوْمِ إنْ عَلِمَ وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ عَنْ الْجِمَاعِ وَإِلَّا فَبِقَوْلِهِ أَثِمَ بِهِ (وَقَوْلُنَا لِأَجْلِ الصَّوْمِ احْتِرَازًا مِنْ مُسَافِرٍ) أَوْ مَرِيضٍ (زَنَى) أَوْ جَامَعَ حَلِيلَتَهُ بِغَيْرِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (فَإِنَّهُ أَثِمَ لِأَجْلِ الزِّنَا) أَوْ لِأَجْلِ الصَّوْمِ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ (لَا لِأَجْلِ الصَّوْمِ) وَلِأَنَّ الْإِفْطَارَ مُبَاحٌ فَيَصِيرُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْكَفَّارَةِ وَحَذَفَ مِنْ أَصْلِهِ قَوْلَهُ بَعْدَ زِنًى مُتَرَخِّصًا لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ التَّرَخُّصَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَلِلِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ حُكْمُ الْجِمَاعِ هُنَا) فِيمَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ بِالْإِفْسَادِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ وَطْءٌ (فَرْعٌ مَنْ رَأَى الْهِلَالَ) أَيْ هِلَالَ رَمَضَانَ (وَحْدَهُ صَامَ) وُجُوبًا (وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) لِخَبَرِ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» (فَإِنْ جَامَعَ) فِي صَوْمِهِ بِذَلِكَ (لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ) لِأَنَّهُ هَتْكُ حُرْمَةِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عِنْدَهُ   [حاشية الرملي الكبير] الرَّابِعُ فَلِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمَهَا وَإِنَّمَا هِيَ الْمُفْسِدَةُ لَهُ بِالتَّمْكِينِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُنَا تَامٌّ احْتِرَازٌ مِنْ الْمَرْأَةِ إلَخْ) لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقٌّ مَالِيٌّ يَجِبُ بِالْوَطْءِ فَاخْتَصَّ بِالرَّجُلِ كَالْمَهْرِ وَلِأَنَّ صَوْمَهَا نَاقِصٌ لِتَعَرُّضِهِ لِلْبُطْلَانِ بِالْحَيْضِ فَلَمْ تَكْمُلْ حُرْمَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا عَلَى تَجْوِيزِ الْإِفْطَارِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الضَّابِطُ أَظُنُّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ فَلَا يَلْزَمُ الْأَصْحَابُ الْوَفَاءَ بِهِ وَالرَّافِعِيُّ أَطْلَقَ أَنَّهُ ظَنَّ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَذَكَرَ مَا ذَكَرَ وَالتَّصْوِيرُ كَمَا ذَكَرْنَا وَحِينَئِذٍ لَا قَائِلَ بِتَجْوِيزِ الْإِفْطَارِ اعْتِمَادًا عَلَى ظَنٍّ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ وَإِذَا شَكَّ فِي النَّهَارِ هَلْ نَوَى لَيْلًا أَوْ لَا ثُمَّ جَامَعَ فِي حَالِ الشَّكِّ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَوَى فَإِنَّهُ يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ قَالَهُ الْغَزِّيّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ نَوَى صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ ثُمَّ أَفْسَدَهُ نَهَارًا بِجِمَاعٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْإِفْسَادِ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ تَامٍّ أَثِمَ بِهِ لِأَجَلِ الصَّوْمِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ عَنْ رَمَضَانَ فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ لِفَسَادِ صَوْمٍ عَنْ رَمَضَانَ خَرَجَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ لِأَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ لَا عَنْ رَمَضَانَ لَكِنْ لَوْ عَبَّرَ بِذَلِكَ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ فَإِنَّهُ عَنْ رَمَضَانَ وَلَيْسَ مِنْ رَمَضَانَ. (قَوْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ (قَوْلُهُ وَإِتْيَانُ الْبَهِيمَةِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 بِإِفْسَادِ صَوْمِهِ بِالْجِمَاعِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَيَّامِ (وَمَتَى رَأَى شَوَّالًا) أَيْ هِلَالَهُ (وَحْدَهُ) لَزِمَهُ الْفِطْرُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى رُؤْيَتِهِ وَلِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ (فَإِنْ شَهِدَ) بِرُؤْيَتِهِ (ثُمَّ أَفْطَرَ لَمْ يُعَزَّرْ) وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ حَالَ الشَّهَادَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَفْطَرَ ثُمَّ شَهِدَ بِرُؤْيَتِهِ (سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ) لِتُهْمَةِ دَفْعِ التَّعْزِيرِ عَنْهُ (وَعُزِّرَ) لِإِفْطَارِهِ فِي رَمَضَانَ فِي الظَّاهِرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ صِدْقَهُ مُحْتَمَلٌ وَالْعُقُوبَةُ تُدْرَأُ بِدُونِ هَذَا وَقَدْ يَخْفَى هَذَا عَلَى كَثِيرٍ وَلِمَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ يُعْلَمُ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ وَمَنْ يُعْلَمْ مِنْهُ ضِدُّ ذَلِكَ (وَحَقُّهُ) إذَا أَفْطَرَ (أَنْ يُخْفِيَهُ) أَيْ الْإِفْطَارَ لِئَلَّا يُتَّهَمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ (فَرْعٌ مَتَى) وَفِي نُسْخَةٍ مَنْ (جَامَعَ) جِمَاعًا مُفْسِدًا (ثُمَّ سَافَرَ لَمْ تَسْقُطْ) عَنْهُ (الْكَفَّارَةُ) لِأَنَّ السَّفَرَ لَا يُنَافِي الصَّوْمَ فَيَتَحَقَّقُ هَتْكُ حُرْمَتِهِ وَلِأَنَّ طُرُوَّهُ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيمَا وَجَبَ مِنْ الْكَفَّارَةِ (وَتَسْقُطُ إذَا جُنَّ أَوْ مَاتَ يَوْمَ الْجِمَاعِ) لِأَنَّهُ بَانَ بِطُرُوِّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي صَوْمٍ لِمُنَافَاتِهِ لَهُ (لَا إنْ مَرِضَ) فِيهِ فَلَا تَسْقُطُ لِلتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ فِي طُرُوُّ السَّفَرِ وَلَوْ ذَكَرَهُ مَعَهُ كَانَ أَنْسَبَ وَمِثْلُهُمَا طُرُوُّ الرِّدَّةِ وَحُذِفَ مِنْ أَصْلِهِ مَا لَوْ طَرَأَ الْحَيْضُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَفْطَرَتْ بِالْجِمَاعِ لَا يَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ مَرْجُوحٍ (فَرْعٌ وَهِيَ) أَيْ هَذِهِ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةٌ (كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ) فَهِيَ (عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ وَلَوْ لِغِلْمَةٍ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا غَيْرَ أَهْلِهِ) لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ وَالْكَلَامُ عَلَى صِفَةِ الْكَفَّارَةِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِهَا وَمِنْهَا كَوْنُ الرَّقَبَةِ مُؤْمِنَةً وَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمَسَاكِينِ الشَّامِلِينَ لِلْفُقَرَاءِ يُعْطَى مُدًّا مِمَّا يَكُونُ فُطْرَةً وَالْغُلْمَةُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ الْحَاجَةُ إلَى النِّكَاحِ وَوَجْهُ جَوَازِ عُدُولِهِ بِهَا إلَى الْإِطْعَامِ أَنَّ حَرَارَةَ الصَّوْمِ مَعَهَا قَدْ تَقْضِي بِهِ إلَى الْوَطْءِ وَلَوْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي اسْتِئْنَافَهُمَا وَهُوَ حَرَجٌ شَدِيدٌ وَوَرَدَ فِي خَبَرِ «سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْمُظَاهِرِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَمَرَهُ بِالصَّوْمِ بَعْدَ وَطْئِهِ الْمُعَلَّقِ بِهِ ظِهَارَةٌ قَالَ لَهُ سَلَمَةُ وَهَلْ أَتَيْت إلَّا مِنْ الصَّوْمِ» وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي الْبَابَيْنِ وَعَبَّرَ فِي الْأَصْلِ وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا بِشِدَّةِ الْغُلْمَةِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ لِشِدَّةِ غُلْمَةٍ لَوَافَقَ ذَلِكَ أَمَّا أَهْلُهُ فَلَا يَصْرِفُ الْمُكَفِّرُ مِنْ كَفَّارَتِهِ شَيْئًا لَهُ (وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا) كَالزَّكَوَاتِ وَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ وَأَمَّا قَوْلُهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ أَطْعِمْهُ أَهْلَك» فَفِي الْأُمِّ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَهُ بِفَقْرِهِ صَرَفَهُ لَهُ صَدَقَةً أَوْ أَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهُ وَأَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِفَقْرِهِ أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِهَا لَهُمْ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ الْكِفَايَةِ أَوْ أَنَّهُ تَطَوَّعَ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ وَسَوَّغَ لَهُ صَرْفَهَا لِأَهْلِهِ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ لِغَيْرِ الْمُكَفِّرِ التَّطَوُّعَ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ بِإِذْنِهِ وَأَنَّ لَهُ صَرْفَهَا لِأَهْلِ الْمُكَفِّرِ عَنْهُ أَيْ وَلَهُ فَيَأْكُلُ هُوَ وَهُمْ مِنْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ وَالْقَاضِي نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَحَاصِلُ الِاحْتِمَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُ صَرَفَ لَهُ ذَلِكَ تَطَوُّعًا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ (وَيَجِبُ) لِإِفْسَادِ الصَّوْمِ بِالْجِمَاعِ (الْقَضَاءُ مَعَ الْكَفَّارَةِ) وَلَوْ بِالصَّوْمِ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمَعْذُورِ فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى وَلِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَيَجِبُ مَعَهَا التَّعْزِيرُ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِ وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (وَإِذَا عَجَزَ) عَنْ جَمِيعِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ (ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ وَكَذَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَالْقَتْلِ وَالظِّهَارِ) لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْأَعْرَابِيَّ بِأَنْ يُدَارَ مِمَّا دَفَعَهُ إلَيْهِ مَعَ إخْبَارِهِ بِعَجْزِهِ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا ثَابِتَةٌ فِي الذِّمَّةِ حِينَئِذٍ وَلِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ الْمَالِيَّةَ إذَا عَجَزَ عَنْهَا الْعَبْدُ وَقْتَ وُجُوبِهَا فَإِنْ كَانَتْ لَا بِسَبَبٍ مِنْهُ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ لَمْ تَسْتَقِرَّ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبٍ مِنْهُ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْحَلْقِ أَمْ لَا كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَالْيَمِينِ وَالْجِمَاعِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ لَا يُقَالُ لَوْ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ لَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَوَاقِعَ بِإِخْرَاجِهَا بَعْدُ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَقَعْ كَفَّارَةً عَلَى مَا مَرَّ وَلَوْ سَلَّمَ فَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ وَهُوَ وَقْتُ الْقُدْرَةِ وَمَتَى قَدَرَ عَلَى إحْدَى الْخِصَالِ فَعَلَهَا كَمَا لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا حَالَ الْوُجُوبِ وَكَلَامُ التَّنْبِيهِ يَقْتَضِي أَنَّ الثَّابِتَ فِي ذِمَّتِهِ هُوَ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَكَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إحْدَى الْخِصَالِ الثَّلَاثِ وَأَنَّهَا مُخْبِرَةٌ وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْكَفَّارَةُ وَأَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ فِي الذِّمَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ثُمَّ إنْ قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ فَعَلَهَا أَوْ أَكْثَرَ رَتَّبَ (فَصْلٌ تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ الْأَوَّلُ بِالْبَدَلِيَّةِ) عَنْ الصَّوْمِ أَيْ بِفَوَاتِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى (فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ فِي تَرِكَتِهِ) سَوَاءٌ أَتَرَكَ الْأَدَاءَ بِعُذْرٍ أَمْ   [حاشية الرملي الكبير] أَيْ وَالْمَيْتَةُ [فَرْعٌ رَأَى هِلَال رَمَضَان وَحْده] (قَوْلُهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ يَعْلَمُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُجَابُ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِرَمَضَانَ مَعَ وُجُودِ قَرِينَةِ التُّهْمَةِ اقْتَضَى وُجُوبَ التَّشْدِيدِ فِيهِ وَعَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّالِحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ جَامِع جِمَاعًا مُفْسِدًا لِلصِّيَامِ ثُمَّ سَافَرَ] (قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ إذَا جُنَّ أَوْ مَاتَ إلَخْ) لَوْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ أَوْ مَوْتٌ فَالظَّاهِرُ أَيْضًا سُقُوطُ الْإِثْمِ قَالَ النَّاشِرِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْهُ إثْمٌ قَصَدَ تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ إثْمُ عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهَا كَمَا إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ وَقَوْلُهُ قَالَ النَّاشِرِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا وَمِثْلُهُمَا طُرُوُّ الرِّدَّةِ أَيْ مِثْلُ طُرُوُّ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ الرِّدَّةُ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْجِمَاعِ فِي يَوْمِهِ لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَهُوَ أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَطُرُوُّ الرِّدَّةِ لَا يُسْقِطُهَا قَطْعًا (قَوْلُهُ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ) لِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ» وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ مُرَتَّبَةٌ هَكَذَا بِالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ فِيهَا صَوْمًا مُتَتَابِعًا فَكَانَتْ مُرَتَّبَةً كَالْقَتْلِ وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ ذُكِرَ فِيهَا الْأَغْلَظُ أَوَّلًا وَهُوَ الْعِتْقُ فَكَانَتْ مُرَتَّبَةً كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْكَفَّارَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ فِدْيَةُ الصَّوْم] (فَصْلٌ تَجِبُ الْفِدْيَةُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 بِغَيْرِهِ لِخَبَرِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَ وَقْفَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ فَتْوَى عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَطْلَقَ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ الْكَفَّارَةَ وَقَيَّدَهَا الْحَاوِي الصَّغِيرُ بِكَفَّارَةِ الْقَتْلِ لِإِخْرَاجِ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ فَإِنَّ الصَّوْمَ فِيهَا يَخْلُفُهُ الْإِطْعَامُ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ صَوْمُ الْكَفَّارَةِ الْمُخَيَّرَةِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْخِصَالِ الَّتِي قَبْلَهُ أَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ بِأَنْ مَاتَ عَقِبَ مُوجَبِ الْقَضَاءِ أَوْ النَّذْرِ أَوْ الْكَفَّارَةِ أَوْ اسْتَمَرَّ بِهِ الْعُذْرُ إلَى مَوْتِهِ فَلَا فِدْيَةَ فَالْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ هُنَا عَدَمُ الْعُذْرِ فَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ فَاتَهُ الصَّوْمُ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ (وَهِيَ) أَيْ الْفِدْيَةُ (عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ جِنْسِ الْفِطْرَةِ) وَنَوْعِهَا وَصِفَتِهَا لِأَنَّهُ طَعَامٌ وَاجِبٌ شَرْعًا فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْفِطْرَةِ فَلَا يُجْزِئُ الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ وَنَحْوُهُمَا وَتُصْرَفُ (لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) خَاصَّةً لِأَنَّ الْمِسْكِينَ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ وَالْخَبَرِ السَّابِقِ وَالْفَقِيرُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ أَوْ دَاخِلٌ فِيهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا يَشْمَلُ الْآخَرَ وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (وَلَا يَخْتَصُّ فَقِيرٌ بِمُدٍّ بَلْ يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ أَكْثَرَ) مِنْهُ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ كَفَّارَةٌ فَجَازَ ذَلِكَ كَمَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مِنْ زَكَوَاتٍ (بِخِلَافِ أَمْدَادِ الْكَفَّارَةِ) الْوَاحِدَةِ لَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ مُدٍّ أَمَّا إعْطَاؤُهُ دُونَ الْمُدِّ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْقَفَّالُ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْقَفَّالُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ يَجُوزُ صَرْفُ صَاعٍ إلَى مِائَةِ مِسْكِينٍ مَثَلًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُخَالِفُ مَا هُنَا مِنْ مَنْعِ إعْطَاءِ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ مَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الدِّمَاءِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ فِيمَا إذَا فَرَّقَ الطَّعَامَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ انْتَهَى. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُدَّ هُنَا بَدَلٌ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ فَكَذَا بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ أَصْلٌ وَبِأَنَّ الْمَغْرُومَ ثَمَّ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُعْطَى هُنَا مُدًّا وَكَسْرًا كَنِصْفٍ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّ مُدٍّ كَفَّارَةٌ (فَإِنْ صَامَ الْقَرِيبُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَوْ) صَامَ عَنْهُ (أَجْنَبِيٌّ بِالْإِذْنِ) مِنْهُ أَوْ مِنْ قَرِيبِهِ بِأُجْرَةٍ أَوْ دُونَهَا (فَالْقَدِيمُ وَهُوَ الصَّوَابُ) عِنْدَ النَّوَوِيِّ (جَوَازُهُ) بَلْ نَدْبُهُ (وَسُقُوطُ) وُجُوبِ (الْفِدْيَةِ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» وَكَالْحَجِّ وَالْجَدِيدُ عَدَمُ جَوَازِهِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا تُسْقِطُ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ حُجَّةٌ مِنْ السُّنَّةِ وَالْخَبَرُ الْوَارِدُ بِالْإِطْعَامِ ضَعِيفٌ وَمَعَ ضَعْفِهِ فَالْإِطْعَامُ لَا يَمْتَنِعُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِالصَّوْمِ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْإِذْنَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ أَصْلِهِ لَهُ بِإِذْنِ الْقَرِيبِ لِمَا عَرَفْت وَالتَّصْرِيحُ بِسُقُوطِ الْفِدْيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا إنْ اسْتَقَلَّ الْأَجْنَبِيُّ) بِالصَّوْمِ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ مِنْ الْحَجِّ بِأَنَّ لِلصَّوْمِ بَدَلًا وَهُوَ الْإِطْعَامُ وَبِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْحَيَاةِ فَضَيَّقَ فِيهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبًا وَجُنُونٍ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ وَالصَّوْمِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبٌ فَهَلْ يَأْذَنْ الْحَاكِمُ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَيَّدَهَا الْحَاوِي الصَّغِيرُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَقْيِيدُهُ بِكَفَّارَةِ الْقَتْلِ غَرِيبٌ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ إلَخْ) فَسَّرَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَدَمَ التَّمَكُّنِ بِأَنْ لَا يَزَالَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ حَتَّى يَمُوتَ فَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمَا الْإِسْنَوِيُّ مَنْ مَاتَ فِي رَمَضَانَ وَلَوْ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ أَوْ حَدَثَ بِهِ عُذْرٌ آخَرُ مِنْ فَجْرِ ثَانِي شَوَّالٍ أَوْ طَرَأَ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ أَوْ مَرَضٌ قَبْلَ غُرُوبِهِ (قَوْلُهُ فَلَا فِدْيَةَ) لِأَنَّهُ فَرْضٌ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ إلَى الْمَوْتِ فَسَقَطَ حُكْمُهُ كَالْحَجِّ وَكَتَبَ أَيْضًا نَقَلَ الشَّيْخَانِ فِي الْفُرُوعِ الْمَنْثُورَةِ فِي النَّذْرِ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمًا وَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِهِ يُطْعِمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدًّا لِاسْتِقْرَارِهِ بِنَفْسِ النَّذْرِ بِخِلَافِ مَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ وَأَنَّهُ بُنِيَ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ حَنِثَ مُعْسِرٌ وَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الصَّوْمِ يُطْعِمُ عَنْهُ وَلَوْ نَذَرَ حَجًّا وَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِهِ يُحَجُّ عَنْهُ قَالَا وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْحَجِّ وَنَقَلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَزَادَ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَاعْتَرَضَ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا عَلَى سُكُوتِهِمَا عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ (قَوْلُهُ أَمَّا أَعَطَاؤُهُ دُونَ الْمُدِّ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ يَجُوزُ صَرْفُ صَاعٍ إلَى مِائَةِ مِسْكِينٍ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ تُصْرَفُ حِصَّةُ الْمَسَاكِينِ مِنْهَا إلَى مِائَةٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَدَّ إلَخْ) فَرَّقَ ابْنُ الْعِمَادِ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ كَفَّارَةَ قَتْلِ الصَّيْدِ مُخَيَّرَةٌ وَالْمُخَيَّرُ يُتَوَسَّعُ فِيهِ وَكَفَّارَةُ الصَّوْمِ مُرَتَّبَةٌ وَالْمُرَتَّبُ يُضَيَّقُ فِيهِ الثَّانِي إنَّ لَفْظَ الْمَسَاكِينِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ قَدْ جَاءَ مَجْمُوعًا فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} [المائدة: 95] فَحُمِلَتْ عَلَى آيَةِ الزَّكَاةِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] فَكَمَا لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ عَلَى الْمَالِكِ بَيْنَ آحَادِ الْمَسَاكِينِ كَذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ هُنَا وَأَمَّا آيَةُ الْكَفَّارَةِ فَوَرَدَتْ مُفَسَّرَةٌ بِمُفْرَدٍ فِي قَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» فَحُمِلَتْ عَلَى قَوْله تَعَالَى {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] (قَوْلُهُ عُلِمَ أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُعْطَى هُنَا مُدٌّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ صَامَ الْقَرِيبُ عَنْهُ) قَالَ فِي الْخَادِمِ أَطْلَقُوا الْقَرِيبَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ الْبُلُوغُ فَقَدْ ذَكَرُوا فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا أَيْ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ صَحَّ حَجُّهُمَا وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْخَادِمِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْقَدِيمُ وَهُوَ الصَّوَابُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ حَكَى ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّهُ قَالَ إنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي أَمَالِيهِ أَيْضًا فَقَالَ إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ قُلْت بِهِ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَمَالِي هِيَ الْجَدِيدَةُ فَيَكُونُ مَنْصُوصًا فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ مَعًا انْتَهَى وَالْأَمَالِي مِنْ كُتُبِهِ الْجَدِيدَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي أَوَّلِ التَّعْلِيقَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا فِيمَنْ مَاتَ مُسْلِمًا أَمَّا مَنْ ارْتَدَّ وَمَاتَ لَمْ يَصُمْ عَنْهُ وَيَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَالْخَبَرُ الْوَارِدُ بِالْإِطْعَامِ ضَعِيفٌ) وَأَخْطَأَ ابْنُ الْفِرْكَاحِ حَيْثُ صَحَّحَهُ فِي كِتَابِهِ الْقَوِيمِ فِي حُكْمِ الْقَوْلِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَأْذَنُ الْحَاكِمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 الْمَنْعُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ فَتَتَعَيَّنُ الْفِدْيَةُ (ثُمَّ الْقَرِيبُ يَكْفِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً وَ) لَا (وَارِثًا) وَلَا وَلِيَّ مَالٍ لِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا صُومِي عَنْ أُمِّك» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِمَالَ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالْعُصُوبَةَ قَالَ وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ بِالْإِذْنِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ قَالَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ (وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ لَمْ يَقْضِ وَلَمْ يَفْدِ) عَنْهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِمَا بَلْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَنْهُ (وَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ عَنْ حَيٍّ) بِلَا خِلَافٍ مَعْذُورًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (فَرْعٌ مَنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لِهَرَمٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ اشْتَدَّتْ) عَلَيْهِ (مَشَقَّةٌ سَقَطَ) أَيْ الصَّوْمُ (عَنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] (وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ) قَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] الْمُرَادُ لَا يُطِيقُونَهُ أَوْ يُطِيقُونَهُ حَالَ الشَّبَابِ ثُمَّ يَعْجَزُونَ عَنْهُ بَعْدَ الْكِبَرِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ كَانَا يَقْرَآنِ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ وَمَعْنَاهُ يُكَلَّفُونَ الصَّوْمَ فَلَا يُطِيقُونَهُ وَهَلْ الْفِدْيَةُ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ ذُكِرَ بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ أَوْ وَاجِبَةٌ ابْتِدَاءً وَجْهَانِ فِي الْأَصْلِ أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِي وَيَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِيمَا لَوْ قَدَرَ بَعْدُ عَلَى الصَّوْمِ وَفِي انْعِقَادِ نَذْرِهِ لَهُ وَسَيَأْتِيَانِ (فَإِذَا عَجَزَ) عَنْ الْفِدْيَةِ (ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ) كَالْكَفَّارَةِ وَكَالْقَضَاءِ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ هُنَا عَكْسَهُ كَالْفِطْرَةِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ حَالَ التَّكْلِيفِ بِالْفِدْيَةِ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهَا وَمَا بَحَثَهُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّ إذَا عَجَزَ عَنْهُ الْعَبْدُ وَقْتَ الْوُجُوبِ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ إذَا كَانَ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ إذْ سَبَبُهُ فِطْرُهُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَالتَّصْرِيحُ بِثُبُوتِ الْفِدْيَةِ فِي ذِمَّةِ الزَّمِنِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَلَوْ نَذَرَ الْهَرِمُ وَالزَّمِنُ صَوْمًا لَمْ يَصِحَّ) نَذْرُهُمَا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِالصَّوْمِ ابْتِدَاءً بَلْ بِالْفِدْيَةِ (وَلَوْ قَدَرَ) مَنْ ذُكِرَ (عَلَى الصَّوْمِ بَعْدَ الْفِطْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ) الصَّوْمُ قَضَاءً لِذَلِكَ وَبِهِ فَارَقَ نَظِيرُهُ فِي الْحَجِّ عَنْ الْمَعْضُوبِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَكَلَامُهُ فِي هَذِهِ شَامِلٌ لِلزَّمِنِ بِخِلَافِ كَلَامِ أَصْلِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ اشْتَدَّتْ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ كَالْهَرِمِ وَالزَّمِنِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ أَصْلِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَنْ عَجَزَ لِهَرَمٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالشَّيْخِ الْهَرِمِ (الطَّرِيقُ الثَّانِي) تَجِبُ الْفِدْيَةُ (بِفَوَاتِ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ فَإِذَا خَافَتْ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ وَلَوْ) كَانَتْ الْمُرْضِعُ (مُسْتَأْجَرَةً) عَلَى الْإِرْضَاعِ (وَمُتَطَوِّعَةً) بِهِ (عَلَى الْأَوْلَادِ) فَقَطْ وَلَوْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ الْمُرْضِعِ (أَفْطَرَتَا) جَوَازًا بَلْ وُجُوبًا إنْ خَافَتَا هَلَاكَهُمْ (وَعَلَيْهِمَا مَعَ الْقَضَاءِ الْفِدْيَةُ مِنْ مَالِهِمَا وَإِنْ كَانَتَا) مُسَافِرَتَيْنِ أَوْ مَرِيضَتَيْنِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] أَنَّهُ نُسِخَ حُكْمُهُ إلَّا فِي حَقِّهِمَا حِينَئِذٍ وَالنَّاسِخُ لَهُ قَوْلُهُ {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] وَالْقَوْلُ بِنَسْخِهِ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُحْكَمٌ غَيْرُ مَنْسُوخٍ بِتَأْوِيلِهِ بِمَا مَرَّ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَيُسْتَثْنَى الْمُتَخَيِّرَةُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا لِلشَّكِّ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْحَيْضِ وَفَارَقَ لُزُومُهَا لِلْمُسْتَأْجَرَةِ عَدَمَ لُزُومِ دَمِ التَّمَتُّعِ لِلْأَجِيرِ بِأَنَّ الدَّمَ ثَمَّ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ وَهُنَا الْفِطْرُ مِنْ تَتِمَّةِ إيصَالِ الْمَنَافِعِ اللَّازِمَةِ لِلْمُرْضِعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْمُتَطَوِّعَةِ إذَا لَمْ تُوجَدْ مُرْضِعَةٌ مُفْطِرَةٌ أَوْ صَائِمَةٌ لَا يَضُرُّهَا الْإِرْضَاعُ (وَلَا تَتَعَدَّدُ) الْفِدْيَةُ (بِتَعَدُّدِ الْأَوْلَادِ) لِأَنَّهَا بَدَلُ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْعَقِيقَةِ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِمْ لِأَنَّهَا فِدَاءٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ (فَإِنْ خَافَتَا عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا يَبْطُلُ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَلِيِّ بِسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ الْقَرِيبُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ مِمَّا وَجَبَ فِيهِ التَّتَابُعُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِلْبَارِزِيِّ وَيَشْهَدُ لَهُ نَظِيرُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَرْضَ الْإِسْلَامِ وَآخَرَ عَنْ قَضَائِهِ وَآخَرَ عَنْ نَذْرِهِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ انْتَهَى وَقَالَ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فِي صُورَةِ الْحَجِّ أَنَّهُ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا اعْتَكَفَ عَنْهُ وَلِيُّهُ صَائِمًا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ وَقَوْلُهُ قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ عَنْ حَيٍّ) نُقِلَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ إجْمَاعٌ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ عَنْ الْحَيِّ إجْمَاعًا بِأَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ قَادِرٍ أَوْ عَاجِزٍ وَكَتَبَ أَيْضًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَنَّ الْمَالَ يَدْخُلُ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي أَصْلِ إيجَابِهِ وَالثَّانِي فِي جُبْرَانِهِ فَجَازَتْ النِّيَابَةُ فِي حَالَيْنِ حَالَةُ الْمَوْتِ وَحَالَةُ الْحَيَاةِ وَالصَّوْمُ لَا يَدْخُلُ الْمَالُ فِيهِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ جُبْرَانُهُ فَلَمْ تَجُزْ النِّيَابَةُ فِيهِ إلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ [فَرْعٌ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لِهَرَمٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ] (قَوْله أَوْ وَاجِبَتُهُ ابْتِدَاءً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِذَا خَافَتْ الْحَامِلُ إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى الشَّيْخِ الْهَرِمِ بِجَامِعِ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِسَبَبِ نَفْسٍ عَاجِزَةٍ عَنْ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِمَا) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا كَانَتْ أَمَةً فَإِنَّ الْفِدْيَةَ تَلْزَمُهَا وَتَكُونُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تُعْتَقَ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَصُومَ عَنْ هَذِهِ الْفِدْيَةِ لِأَنَّهَا تَجِبُ مَعَ قَضَاءِ الصَّوْمِ فَهِيَ مَحْضُ غُرْمٍ فَلَا يَكُونُ الصَّوْمُ بَدَلًا عَنْهَا وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتَا مُسَافِرَتَيْنِ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا أَفْطَرَتَا لِأَجْلِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ فَإِنَّهُمَا لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا وَكَذَا إنْ أَطْلَقْنَا فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ إلَخْ) يُحْمَلُ مَا بَحَثَهُ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا احْتِيَاجُهَا إلَى الْإِفْطَارِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ لِلْإِرْضَاعِ لَا تَكُونُ إلَّا إجَارَةُ عَيْنٍ وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ فِيهَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُتَخَيِّرَةِ إذَا أَفْطَرَتْ لِلْإِرْضَاعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَإِنْ خَافَتَا عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 أَنْفُسِهِمَا) وَلَوْ مَعَ وَلَدَيْهِمَا (فَلَا فِدْيَةَ) كَالْمَرِيضِ الْمَرْجُوِّ الْبُرْءِ (وَلَا تَلْزَمُ) الْفِدْيَةُ (عَاصِيًا بِإِفْطَارِهِ) بِغَيْرِ جِمَاعٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَفَارَقَ لُزُومَهَا لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ بِأَنَّ فِطْرَهُمَا ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ فَجَازَ أَنْ يَجِبَ بِهِ أَمْرَانِ كَالْجِمَاعِ لَمَّا حَصَلَ مَقْصُودُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ تَعَلَّقَ بِهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى وَبِأَنَّ الْفِدْيَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِالْإِثْمِ بَلْ إنَّمَا هِيَ حِكْمَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِمَا أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّدَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَفْحَشُ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَفَارَقَ ذَلِكَ أَيْضًا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ وَفِي الْقَتْلِ عَمْدًا عُدْوَانًا بِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَالْكَفَّارَةُ فِيهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ أَوْ كَانَ فِي مَعْنَاهُ بِخِلَافِهَا فِي تَيْنِكَ (فَرْعٌ يَجِبُ الْفِطْرُ لِإِنْقَاذِ) مُحْتَرَمٍ (هَالِكٍ) أَيْ مُشْرِفٍ عَلَى الْهَلَاكِ بِغَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ إبْقَاءً لِمُهْجَتِهِ (وَفَدَى) مَعَ الْقَضَاءِ (كَالْمُرْضِعِ) لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ فِي الْمَالِ وَفَرَضَهُ فِي مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ وَظَاهِرُ تَخْصِيصِهِ بِمَا لَا رُوحَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا فِيهِ رُوحٌ لَكِنْ فِي الْبَهِيمَةِ نَظَرٌ (الطَّرِيقُ الثَّالِثُ) تَجِبُ الْفِدْيَةُ (بِتَأَخُّرٍ) الْأَوْلَى بِتَأْخِيرِ (الْقَضَاءِ فَلَوْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ) أَوْ شَيْئًا مِنْهُ (بِلَا عُذْرٍ) فِي تَأْخِيرِهِ (إلَى قَابِلٍ فَعَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ) لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ فَأَفْطَرَ لِمَرَضٍ ثُمَّ صَحَّ وَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ صَامَ الَّذِي أَدْرَكَهُ ثُمَّ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ ثُمَّ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَاهُ قَالَا وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى رِوَايَةٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ سِتَّةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ أَمَّا إذَا أَخَّرَهُ بِعُذْرٍ كَأَنْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا إلَى قَابِلٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالتَّأْخِيرِ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ بِالْعُذْرِ جَائِزٌ فَتَأْخِيرُ الْقَضَاءِ بِهِ أَوْلَى وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ فَاتَهُ شَيْءٌ بِلَا عُذْرٍ وَأَخَّرَ قَضَاءَهُ لِسَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ تَبَعًا لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ التَّهْذِيبِ وَأَقَرَّهُ أَنَّ التَّأْخِيرَ لِلسَّفَرِ حَرَامٌ وَقَضِيَّتُهُ لُزُومُهَا وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ الْعُذْرِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِغَيْرِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ (وَلَوْ تَكَرَّرَتْ الْأَعْوَامُ تَكَرَّرَ الْمُدُّ) لِأَنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ لَا تَتَدَاخَلُ بِخِلَافِهِ فِي الْهَرِمِ وَنَحْوِهِ لَا تَتَكَرَّرُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ وَأَطْلَقَ تَصْحِيحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ كَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَأَنَّهُمَا لَمَّا لَمْ يَجِدَا تَصْحِيحًا لِغَيْرِ الْإِمَامِ أَطْلَقَاهُ وَقَدْ صَحَّحَ عَدَمَ التَّكَرُّرِ جَمَاعَاتٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَعَبَّرُوا بِالْمَذْهَبِ وَالرُّويَانِيُّ وَعَبَّرَ بِالْأَظْهَرِ وَقَالَ سُلَيْمٌ التَّكْرَارُ لَيْسَ بِشَيْءٍ (وَلَوْ أَخَّرَ قَضَاءَ يَوْمٍ) عُدْوَانًا (وَمَاتَ لَزِمَهُ فِدْيَتَانِ) وَاحِدَةٌ لِلْإِفْطَارِ وَأُخْرَى لِلتَّأْخِيرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجِبُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ (فَإِنْ صَامَ عَنْهُ الْوَلِيُّ) أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِالْإِذْنِ (فَفِدْيَةٌ) تَجِبُ لِلتَّأْخِيرِ لِأَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَحَصَلَ بِصَوْمٍ مِنْ ذِكْرِ تَدَارُكِ أَصْلِ الصَّوْمِ (وَتَجِبُ فَدِيَةُ التَّأْخِيرِ بِتَحَقُّقِ الْفَوَاتِ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَشْرَةُ أَيَّامٍ فَمَاتَ لِبَوَاقِي خَمْسٍ مِنْ شَعْبَانَ لَزِمَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا عَشَرَةٌ لِلْأَصْلِ) أَيْ أَصْلِ الصَّوْمِ (وَخَمْسَةٌ لِلتَّأْخِيرِ لِأَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا قَضَاءُ خَمْسَةٍ) قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ هَذَا وَإِذَا لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمَضَانِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مَا يَسَعُ قَضَاءَ جَمِيعِ الْفَائِتِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ الْفِدْيَةُ عَمَّا لَا يَسَعُهُ أَمْ حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَانُ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا فَتَلِفَ أَيْ بِإِتْلَافِهِ قَبْلَ الْغَدِ هَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ أَمْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ انْتَهَى وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ عَدَمِ اللُّزُومِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ فِيمَا لَوْ   [حاشية الرملي الكبير] أَنْفُسِهِمَا فَلَا فِدْيَةَ) وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلْمَنْقُولِ فِي نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ الْوُجُوبُ فِيمَا إذَا قَصَدَهُمَا وَكَتَبَ أَيْضًا تَغْلِيبًا لِلْمُسْقِطِ وَعَمَلًا بِالْأَصْلِ (قَوْلُهُ كَالْمَرِيضِ الْمَرْجُوِّ الْبُرْءِ) أَيْ مَا يَخَافُهُ الْمَرِيضُ لَوْ صَامَ (قَوْلُهُ يَجِبُ الْفِطْرُ لِإِنْقَاذِ هَالِكٍ) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا مَعْصُومًا أَوْ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا وَلَا يَتَقَيَّدُ بِخَوْفِ الْهَلَاكِ بَلْ هُوَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ سَوَاءٌ وَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُتَخَيِّرَةِ (قَوْلُهُ وَفَدَى كَالْمُرْضِعِ) مَحَلُّهُ فِي مُنْقِذٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لَوْلَا الْإِنْقَاذُ أَمَّا مَنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَفْطَرَ فِيهِ لِلْإِنْقَاذِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إلَخْ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ فِي الْمَالِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ) بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ فَإِنَّهُ يَرْتَفِقُ بِالْفِطْرِ شَخْصَانِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا فِيهِ رُوحٌ وَلَوْ بَهِيمَةٌ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ رَأَى حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ بِالْغَرَقِ أَوْ الْحَرْقِ وَاحْتَاجَ إلَى الْفِطْرِ لِتَخْلِيصِهِ وَجَبَ الْفِطْرُ وَالْفِدْيَةُ وَالْقَضَاءُ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِطْرُهُ مُوجِبًا كَفَّارَةً فَإِنْ كَانَ كَالْجِمَاعِ فَلَمْ يَقْضِ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ لِلتَّأْخِيرِ فِدْيَةٌ فِيهِ جَوَابَانِ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَجْتَمِعُ فِيهِ اثْنَتَانِ وَالثَّانِي تَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ لِلتَّأْخِيرِ وَالْكَفَّارَةُ لَلَهَتْك وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ التَّصْوِيرُ فِيمَا إذَا دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ أَوْ رَمَضَانَانِ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مَعَ التَّمَكُّنِ عَالِمًا عَامِدًا أَمَّا لَوْ أَخَّرَ نَاسِيًا وَجَاهِلًا فَلَا وَهَذَا مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مَعَ التَّمَكُّنِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ لُزُومُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْأَعْوَامُ تَكَرَّرَ الْمُدُّ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ كَالْأَذْرَعِيِّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ تَكَرُّرِ الْمَدِّ فِي التَّأْخِيرِ إذَا كَانَ عَامِدًا عَالِمًا فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ تَكَرُّرِهِ (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ تَصْحِيحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ عَدَمِ اللُّزُومِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ إلَخْ) لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ مِنْهَا إذَا طَوَّلَ الْجُمُعَةَ حَتَّى تَحَقَّقَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَرَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فَإِنَّ الْأَزْمِنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ يُقَدَّرُ حُضُورُهَا بِالْمَوْتِ كَمَا يَحِلُّ الْأَجَلُ بِهِ. وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الْحَيِّ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَعْجِيلِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي حَقِّهِ وَالزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الصَّوَابَ هُوَ الْأَوَّلُ أَيْ لُزُومُ الْفِدْيَةِ فِي الْحَالِ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ بِمَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ خِلَافُهُ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ صُورَتَيْ الصَّوْمِ وَصُورَةِ الْيَمِينِ بِأَنَّهُ مَاتَ هُنَا عَاصِيًا بِالتَّأْخِيرِ فَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْيَمِينِ وَبِأَنَّهُ هُنَا قَدْ تَحَقَّقَ الْيَأْسُ بِفَوَاتِ الْبَعْضِ فَلَزِمَهُ بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْيَمِينِ لِجَوَازِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْغَدِ فَلَا يَحْنَثُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ لِهَذَا (ثُمَّ تَعْجِيلُهَا) أَيْ فَدِيَةِ التَّأْخِيرِ (قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي) لِيُؤَخِّرَ الْقَضَاءَ مَعَ الْإِمْكَانِ (كَتَعْجِيلِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ الْمُحَرَّمِ) فَيَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ (وَلَا شَيْءَ عَلَى الْهَرِمِ) لِتَأْخِيرِ الْفِدْيَةِ (إنْ أَخَّرَ الْفِدْيَةَ) عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى (وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِلْحَامِلِ تَعْجِيلُ فَدِيَةِ يَوْمَيْنِ) فَأَكْثَرَ كَمَا لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ لِعَامَيْنِ بِخِلَافِ التَّعْجِيلِ لِيَوْمٍ بَعْدَ دُخُولِ لَيْلَتِهِ كَمَا قَالَ (فَلَوْ عَجَّلَ) أَيْ الْهَرِمُ (فِدْيَةَ يَوْمٍ فِي لَيْلَتِهِ) أَوْ فِيهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (أَوْ عَجَّلَتْ الْحَامِلُ قَبْلَ أَنْ تُفْطِرَ جَازَ) وَلَوْ قَالَ فَلَوْ عَجَّلَا فِدْيَةَ يَوْمٍ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ جَازَ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَكَالْهَرِمِ فِيمَا ذُكِرَ الزَّمِنُ وَمَنْ اشْتَدَّتْ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ وَكَالْحَامِلِ الْمُرْضِعُ. (بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ) التَّطَوُّعُ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» (وَلَا يَجِبُ إتْمَامُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ) إذَا شَرَعَ فِيهِ (كَصَلَاتِهِ) وَاعْتِكَافِهِ وَطَوَافِهِ وَوُضُوئِهِ لِئَلَّا يُغَيِّرَ الشُّرُوعَ حُكْمُ الْمَشْرُوعِ فِيهِ وَلِخَبَرِ «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ وَلِخَبَرِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى نِيَّةِ الصَّوْمِ وَيُقَاسُ بِالصَّوْمِ الصَّلَاةُ وَنَحْوُهَا (لَكِنْ يُكْرَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ) لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ إتْمَامَهُ (إلَّا بِعُذْرٍ كَمُسَاعَدَةِ ضَيْفٍ) فِي الْأَكْلِ إذَا عَزَّ عَلَيْهِ امْتِنَاعُ مُضِيفِهِ مِنْهُ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا يُكْرَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِخَبَرِ «وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» وَخَبَرِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ أَمَّا إذَا لَمْ يَعِزَّ عَلَى أَحَدِهِمَا امْتِنَاعُ الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَفْضَلُ عَدَمُ خُرُوجِهِ مِنْهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي لَا يُثَابُ عَلَى مَا مَضَى لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَمْ تَتِمَّ وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْوَجْهُ إنْ خَرَجَ مِنْهُ بِعُذْرٍ (وَيُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ) سَوَاءٌ أَخَرَجَ بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافٍ أَوْجَبَ قَضَاءَهُ وَقَدَّمْت فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ مَالَهُ بِهَذَا تَعَلُّقٌ (وَيَحْرُمُ الْخُرُوجُ مِنْ صَوْمٍ وَجَبَ عَلَى الْفَوْرِ) أَدَاءً أَوْ أَوْ قَضَاءً (وَكَذَا عَلَى التَّرَاخِي) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَلِتَلَبُّسِهِ بِالْوَاجِبِ وَلَا عُذْرَ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ (فَمَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ وَلَوْ فِي السَّفَرِ) أَوْ نَحْوِهِ تَدَارُكًا لِمَا ارْتَكَبَهُ مِنْ الْإِثْمِ لِأَنَّ التَّخْفِيفَ بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُتَعَدِّي (أَوْ) أَفْطَرَ فِيهِ (بِعُذْرٍ) كَحَيْضٍ وَسَفَرٍ وَمَرَضٍ (فَقَبْلَ رَمَضَانَ آخَرَ يَلْزَمُهُ) الْقَضَاءُ فَيَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُهُ إلَى مَا قَبْلَهُ بِزَمَنٍ يَسَعُهُ (فَصْلٌ يَوْمُ عَرَفَةَ) وَهُوَ تَاسِعُ ذِي الْحِجَّةِ (أَفْضَلُ الْأَيَّامِ) لِأَنَّ صَوْمَهُ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ» وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِقَرِينَةِ مَا ذُكِرَ (وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ الْحَاجِّ صَوْمُهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ   [حاشية الرملي الكبير] الْبَحْرِ عِنْدِي تَصِيرُ ظُهْرًا مِنْ الْآنَ وَإِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِحَجَّةٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَصِيرُ حُرًّا قَبْلَ الْوُقُوفِ لَا يَنْقَلِبُ فَرْضُهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَإِذَا انْقَطَعَ الْمُسْلِمُ فِيهِ لَا يَثْبُتُ خِيَارٌ إلَّا بَعْدَ الْمَحَلِّ وَإِذَا تَنَاضَلَا عَلَى أَنَّ مَنْ أَصَابَ سِتَّةً مِنْ عَشَرَةٍ اسْتَحَقَّ فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا وَأَخْطَأَ الْآخَرُ فِي خَمْسَةٍ فَلَا يَجِبُ الْجُعَلُ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الصَّوَابَ هُوَ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِجَوَازِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْغَدِ فَلَا يَحْنَثُ) قَالَ شَيْخُنَا مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ عَامِدًا عَالِمًا أَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ وَتَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ وَإِلَّا حَنِثَ. [بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ] (بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ) (قَوْلُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ صَامَ يَوْمًا» إلَخْ) وَفِي الْحَدِيثِ «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَقْوَالٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ قَوْلًا مِنْ أَحْسَنِهَا أَنَّ الْعَمَلَ بَيْنَ ثَوَابِهِ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِائَةِ ضَعْفِ إلَّا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لِلْعَبْدِ مِقْدَارٌ ثَوَابُهُ وَأَحْسَنُ مِنْهُ مَا نُقِلَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَعَلَّقُ خُصَمَاءُ الْمَرْءِ بِجَمِيعِ أَعْمَالِهِ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا الصَّوْمُ يَتَحَمَّلُ اللَّهُ تَعَالَى مَا بَقِيَ مِنْ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّةَ لَكِنْ يَرُدُّهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ رَجُلًا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ ظَلَمَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَانْتَهَكَ عِرْضَ هَذَا وَيَأْتِي وَلَهُ صَلَاةٌ وَزَكَاةٌ وَصَوْمٌ قَالَ فَيَأْخُذُ هَذَا بِكَذَا إلَى أَنْ قَالَ وَهَذَا بِصَوْمِهِ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ فِي الْمَظَالِمِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ إتْمَامُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَلَا يَجِبُ إتْمَامُ تَطَوُّعٍ وَإِنْ كَانَ أَعَمَّ لِئَلَّا يُرَدَّ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَإِنَّهُ يَجِبُ إتْمَامُهُمَا وَيَجِبُ قَضَاؤُهُمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ) شَمِلَ قَضَاءُ يَوْمِ الشَّكِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي السَّفَرِ) قَالَ شَيْخُنَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ فِي السَّفَرِ أَنَّهُ فَإِنَّهُ أَدَاؤُهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَفْطَرَ فِي قَضَائِهِ فِي السَّفَرِ اسْتَمَرَّ قَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ أَفْطَرَ فِيهِ لَا بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ [فَصْلٌ صوم يَوْمُ عَرَفَةَ] (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ الْحَاجِّ صَوْمُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِيَنْظُرَ مَا لَوْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ وَلَمْ يَثْبُتْ أَوْ شَهِدَ بِهَا مَنْ لَا يَقْبَلُ وَدَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 الَّتِي بَعْدَهُ» قَالَ الْإِمَامُ وَالْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ (مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنْ الشَّهْرِ) وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ وَالثَّامِنُ مَطْلُوبٌ مِنْ جِهَةِ الِاحْتِيَاطِ لِعَرَفَةَ وَمِنْ جِهَةِ دُخُولِهِ فِي الْعَشْرِ غَيْرِ الْعِيدِ كَمَا أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ مَطْلُوبٌ مِنْ جِهَتَيْنِ وَصَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ بِاسْتِحْبَابِ صَوْمِ الْعَشْرِ غَيْرِ الْعِيدِ وَلَمْ يَخُصَّهُ بِغَيْرِ الْحَاجِّ فَيُسْتَحَبُّ صَوْمُهُ لِلْحَاجِّ وَغَيْرِهِ إلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ فَلِغَيْرِ الْحَاجِّ أَمَّا الْحَاجُّ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ صَوْمُهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِطْرُهُ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِيَقْوَى عَلَى الدُّعَاءِ فَصَوْمُهُ لَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى بَلْ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ لِلنَّوَوِيِّ وَأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَفِيهَا كَالْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُهُ لِحَاجٍّ لَمْ يَصِلْ عَرَفَةَ إلَّا لَيْلًا لِفَقْدِ الْعِلَّةِ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ أَمَّا هُمَا فَيُسْتَحَبُّ لَهُمَا فِطْرُهُ مُطْلَقًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (صَوْمُ عَاشُورَاءَ) وَهُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ (مَعَ تَاسُوعَاءَ) وَهُوَ تَاسِعُهُ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَقَالَ لَئِنْ عِشْت إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ فَمَاتَ قَبْلَهُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَإِنَّمَا لَمْ يُحِبَّ صَوْمَ عَاشُورَاءَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ» وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ بِالْأَمْرِ بِصَوْمِهِ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى تَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ وَحِكْمَةُ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ مَعَهُ الِاحْتِيَاطُ لَهُ وَالْمُخَالَفَةُ لِلْيَهُودِ وَالِاحْتِرَازُ مِنْ إفْرَادِهِ بِالصَّوْمِ كَمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَعَاشُورَاءُ وَتَاسُوعَاءُ مَمْدُودَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصُمْ مَعَهُ تَاسُوعَاءَ (فَصَوْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ) مَعَهُ مُسْتَحَبٌّ لِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ «صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَخَالِفُوا الْيَهُودَ وَصُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا وَبَعْدَهُ يَوْمًا» وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ الثَّامِنِ احْتِيَاطًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ لَكَانَ حَسَنًا (وَ) يُسْتَحَبُّ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى النَّسَائِيّ خَبَرَ «صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَصِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ» أَيْ كَصِيَامِهَا فَرْضًا وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِرَمَضَانَ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَحَذْفُ تَاءِ التَّأْنِيثِ عِنْدَ حَذْفِ الْمَعْدُودِ جَائِزٌ كَمَا فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ (وَالْأَفْضَلُ تَتَابُعُهَا) وَكَوْنُهَا (مُتَّصِلَةٌ بِالْعِيدِ) مُبَادَرَةٌ لِلْعِبَادَةِ (وَ) يُسْتَحَبُّ صَوْمُ (ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ وَأَوَّلُهَا الثَّالِثَ عَشَرَ) لِلْأَمْرِ بِصَوْمِهَا فِي النَّسَائِيّ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَصَوْمُهَا كَصَوْمِ الشَّهْرِ وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَلَوْ غَيْرَ أَيَّامِ الْبِيضِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ وَأَنْ تَكُونَ أَيَّامَ الْبِيضِ فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسُّنَّتَيْنِ (وَالْأَحْوَطُ صَوْمُ الثَّانِي عَشَرَ) مَعَهَا (أَيْضًا) لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ أَنَّهُ أَوَّلُ الثَّلَاثَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُسَنُّ صَوْمُ أَيَّامِ السُّودِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ وَتَالِيَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَامَ مَعَهَا السَّابِعُ وَالْعِشْرِينَ احْتِيَاطًا وَخُصَّتْ أَيَّامُ الْبِيضِ وَأَيَّامُ السُّودِ بِذَلِكَ لِتَعْمِيمِ لَيَالِي الْأُولَى بِالنُّورِ وَلَيَالِي الثَّانِيَةِ بِالسَّوَادِ فَنَاسَبَ صَوْمُ الْأُولَى شُكْرًا وَالثَّانِيَةِ لِطَلَبِ كَشْفِ   [حاشية الرملي الكبير] تَقْدِيرِ كَمَالِ ذِي الْقَعْدَةِ وَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ عَلَى تَقْدِيرِ نَقْصِهِ فَهَلْ يُقَالُ يُسْتَحَبُّ الصَّوْمُ أَوْ يَكُونُ كَصَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ أَوْ يَخْرُجُ فِيهِ خِلَافٌ مَا لَوْ شَكَّ الْمُتَوَضِّئُ هَلْ غَسَلَ الْعُضْوَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ مَنْ يُصَدِّقُهُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ بِالرُّؤْيَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ عَلَى خِلَافِ خَبَرِهِ وَإِنْ صَامَ غَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ. اهـ. وَسُئِلْت عَمَّا إذَا ثَبَتَ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَظَنَّ صِدْقَهُمْ وَلَمْ يَثْبُتْ فَهَلْ يَنْدُبُ صَوْمُ يَوْمِ السَّبْتِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى تَقْدِيرِ كَمَالِ ذِي الْقَعْدَةِ أَمْ يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ يَوْمَ الْعِيدِ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ يَحْرُمُ لِأَنَّ دَفْعَ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَنْدُوبِ وَقَوْلُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ عَلَى خِلَافِ خَبَرِهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَيُسْتَحَبُّ صَوْمُهُ لِلْحَاجِّ وَغَيْرِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِيهَا كَالْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُمَا فِطْرُهُ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَوْمُ عَاشُورَاءَ) أَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّ مَنْ صَامَ عَاشُورَاءَ مَثَلًا عَنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَوَافَقَهُ الْأَصْفُونِيُّ وَالْفَقِيهُ عَبْدُ اللَّهِ النَّاشِرِيُّ وَالْفَقِيهُ عَلِيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ اُحْتُسِبَ عَلَى اللَّهِ إلَخْ) الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ صَوْمِ عَرَفَةَ بِسَنَتَيْنِ وَعَاشُورَاءَ بِسَنَةٍ أَنَّ عَرَفَةَ يَوْمٌ مُحَمَّدِيٌّ يَعْنِي أَنَّ صَوْمَهُ مُخْتَصٌّ بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَاشُورَاءَ يَوْمٌ مُوسَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَسِتَّةٌ مِنْ شَوَّالٍ) أَطْلَقَ وَقَضِيَّتُهُ اسْتِحْبَابُ صَوْمِهَا لِكُلِّ أَحَدٍ سَوَاءٌ أَصَامَ رَمَضَانَ أَمْ لَا كَمَنْ أَفْطَرَ لِعُذْرِ صِبًا أَوْ مَرَضٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهَا وَمَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ فَصَامَ عَنْهُ شَوَّالًا اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَصُومَ سِتًّا مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الرَّاتِبِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَعِبَارَةٌ كَثِيرٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَامَ رَمَضَانَ أَنْ يُتْبِعَهُ بِسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ كَلَفْظِ الْحَدِيثِ وَمُقْتَضَاهَا قَصْرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَدْ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَشَيْخُهُ وَالْجُرْجَانِيُّ يُكْرَهُ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ فَخَرَجَ هَؤُلَاءِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ يُكْمِلَانِ وَالْكَافِرُ يُسْلِمُ غ وَالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمُ فِي اسْتِحْبَابِ صَوْمِ السِّتَّةِ يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِحْبَابِهَا لِمَنْ ذُكِرَ وَمَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ فَصَامَ عَنْهُ شَوَّالًا اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَصُومَ سِتًّا مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الرَّاتِبِ فس (قَوْلُهُ وَأَوَّلُهَا الثَّالِثَ عَشَرَ) هَلْ يَسْقُطُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ بِعِوَضٍ عَنْهُ السَّادِسَ عَشَرَ أَوْ يَوْمٌ مِنْ التِّسْعَةِ الْأُوَلِ فِيهِ احْتِمَالٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ عِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي د وَقَوْلُهُ أَوْ يُعَوَّضُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُسَنُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ وَتَالِيَيْهِ) قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ وَلَا يَخْفَى سُقُوطُ الثَّالِثِ مِنْهَا إذَا كَانَ الشَّهْرُ نَاقِصًا وَلَعَلَّهُ يُعَوِّضُ عَنْهُ بِأَوَّلِ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيه وَهُوَ مِنْ أَيَّامِ السُّودِ أَيْضًا لِأَنَّ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا سَوْدَاءُ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَامَ إلَى آخِرِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 السَّوَادِ وَلِأَنَّ الشَّهْرَ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى الرَّحِيلِ فَنَاسَبَ تَزْوِيدَهُ بِذَلِكَ (وَ) يُسْتَحَبُّ صَوْمُ (الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَهُمَا وَقَالَ إنَّهُمَا يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ عَرْضُهَا عَلَى اللَّهِ وَأَمَّا رَفْعُ الْمَلَائِكَةِ لَهَا فَإِنَّهُ بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ مَرَّةً وَلَا يُنَافِي هَذَا رَفْعُهَا فِي شَعْبَانَ كَمَا فِي خَبَرِ مُسْنَدِ أَحْمَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ إكْثَارِهِ الصَّوْمَ فِي شَعْبَانَ فَقَالَ إنَّهُ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» لِجَوَازِ رَفْعِ أَعْمَالِ الْأُسْبُوعِ مُفَصَّلَةً وَأَعْمَالِ الْعَامِ جُمْلَةً وَسُمِّيَ مَا ذُكِرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّهُ ثَانِي الْأُسْبُوعِ وَالْخَمِيسُ لِأَنَّهُ خَامِسُهُ كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ الْأَحَدُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ النَّذْرِ أَنَّ أَوَّلَهُ السَّبْتُ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ وَقَوْلُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً (وَ) يُسْتَحَبُّ صَوْمُ (آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ) لِمَا مَرَّ فِي صِيَامِ أَيَّامِ السُّودِ فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسُّنَّتَيْنِ (وَيُكْرَهُ إفْرَادُ الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ لِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِيَتَقَوَّى بِفِطْرِهِ عَلَى الْوَظَائِفِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهِ وَمِنْ هُنَا خَصَّصَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعِمْرَانِيُّ نَقْلًا عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ بِمَنْ يَضْعُفُ بِهِ عَنْ الْوَظَائِفِ (أَوْ) إفْرَادُ (السَّبْتِ) أَوْ الْأَحَدِ (بِالصَّوْمِ) لِخَبَرِ «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلِأَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ يَوْمَ السَّبْتِ وَالنَّصَارَى يَوْمَ الْأَحَدِ وَخَرَجَ بِإِفْرَادِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ جَمْعُهُ مَعَ غَيْرِهِ فَلَا يُكْرَهُ جَمْعُ السَّبْتِ مَعَ الْأَحَدِ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ لَمْ يُعَظِّمْهُ أَحَدٌ فَإِنْ قُلْت التَّعْلِيلُ بِالتَّقَوِّي بِالْفِطْرِ فِي كَرَاهَةِ إفْرَادِ الْجُمُعَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إفْرَادِهَا وَجَمْعِهَا قُلْنَا إذَا جَمَعَهَا حَصَلَ لَهُ بِفَضِيلَةِ صَوْمِ غَيْرِهِ مَا يُجْبِرُ مَا حَصَلَ فِيهَا مِنْ النَّقْصِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (إلَّا أَنْ يُوَافِقَ) إفْرَادَ كُلٍّ مِنْهَا (عَادَةً) لَهُ كَأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ فَوَافَقَ صَوْمَهُ يَوْمًا مِنْهَا فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» وَقِيسَ بِالْجُمُعَةِ الْبَاقِي وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ فَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْهَا بِصَوْمِ الْفَرْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فِي صَوْمِ النَّذْرِ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ السَّابِقُ (فَرْعٌ وَلَا يُكْرَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ لِمَنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا) أَوْ فَوْتَ حَقٍّ (وَأَفْطَرَ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ بَلْ يُسْتَحَبُّ) لَهُ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا وَعَقَدَ تِسْعِينَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَمَعْنَى ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ أَيْ عَنْهُ فَلَمْ يَدْخُلْهَا أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ فِيهَا مَوْضِعٌ فَإِنْ خَافَ ضَرَرًا أَوْ فَوْتَ حَقٍّ كُرِهَ صَوْمُهُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ وَبَيْنَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَجَاءَ سَلْمَانُ يَزُورُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُبْتَذَلَةً فَقَالَ مَا شَأْنُك فَقَالَتْ إنَّ أَخَاك لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا فَقَالَ سَلْمَانُ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ إنَّ لِرَبِّك عَلَيْك حَقًّا وَلِأَهْلِك عَلَيْك حَقًّا وَلِجَسَدِك عَلَيْك حَقًّا فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ وَائْتِ أَهْلَك وَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَذَكَرَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَالَ سَلْمَانُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَا قَالَ سَلْمَانُ» فَإِنْ صَامَ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَوْ شَيْئًا مِنْهَا حَرُمَ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَلْ يُسْتَحَبُّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَعَ اسْتِحْبَابِهِ فَصَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُد كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا» وَفِيهِ أَيْضًا «لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَوْمِ الدَّهْرِ» كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ لَكِنْ فِي فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْعَكْسَ أَفْضَلُ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ «لَا أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ لَك» (وَأَفْضَلُ الْأَشْهُرِ لِلصَّوْمِ) بَعْدَ رَمَضَانَ الْأَشْهُرُ (الْحُرُمُ) ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «صُمْ مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتُسَنُّ أَيْضًا الْمُحَافَظَةُ عَلَى صَوْمِهِمَا قَالَ شَيْخُنَا الْمُتَّجَهُ تَفْضِيلُ الِاثْنَيْنِ عَلَى الْخَمِيسِ لِوِلَادَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَفَاتِهِ فِيهِ وَلِتَقْدِيمِهِ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ هُنَا وَفِي دُخُولِ الْقَاضِي الْبَلَدِ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ أَنَّ أَوَّلَهُ السَّبْتُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إفْرَادُ الْجُمُعَةِ) لَوْ أَرَادَ الِاعْتِكَافَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَهَلْ تَسْتَمِرُّ الْكَرَاهَةُ أَوْ يُسْتَحَبُّ صَوْمُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الصَّوْمَ مَعَ الِاعْتِكَافِ فِيهِ احْتِمَالَانِ حَكَاهُمَا النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ يُكْرَهُ تَخْصِيصُهُ بِالِاعْتِكَافِ كَالصَّوْمِ وَقِيَامِ لَيْلَتِهِ انْتَهَى وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ قَالَ فِي الْخَادِمِ فِي آخَرِ كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْ الْأُمِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَوَافَقَ يَوْمَ فِطْرٍ أَفْطَرَهُ وَقَضَاهُ انْتَهَى وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِصَوْمِ النَّذْرِ وَقَوْلُهُ فَهَلْ تَسْتَمِرُّ الْكَرَاهَةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَقْلًا عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ وَرَوَى الْمُزَنِيّ فِي جَامِعِهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ بِمَنْ يَضْعُفُ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ يَوْمَ السَّبْتِ) وَلِأَنَّ الصَّوْمَ إمْسَاكٌ وَتَخْصِيصُهُ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ الِاشْتِغَالِ مِنْ عَوَائِدِ الْيَهُودِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ كَلَامَهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) فَحِينَئِذٍ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّفْلِ [فَرْعٌ صَوْمُ الدَّهْرِ] (قَوْلُهُ فَإِنْ خَافَ ضَرَرًا أَوْ فَوْتَ حَقٍّ كُرِهَ صَوْمُهُ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ إنْ خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا أَوْ فَوَّتَ بِهِ حَقًّا كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْحَقِّ هُنَا كُلُّ مَطْلُوبٍ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا وَهُوَ الْمُتَّجَهُ وَيَدُلُّ لَهُ كَرَاهَةُ قِيَامِ كُلِّ اللَّيْلِ لِهَذَا الْمَعْنَى كَمَا سَبَقَ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِالْوَاجِبِ لَكِنَّ تَفْوِيتَهُ حَرَامٌ فَيَكُونُ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الْخَوْفِ دُونَ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ أَوْ فِي تَفْوِيتٍ وَاجِبٍ مُسْتَقِلٍّ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ إنْ خَافَ بِهِ ضَرَرًا أَوْ فَوْتَ حَقٍّ فَأَدْخَلَهُ فِي حَيِّزِ الْخَوْفِ وَهُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى وَلِهَذَا عَدَلَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 الْحُرُمِ وَاتْرُكْ صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ» وَإِنَّمَا أَمَرَ الْمُخَاطَبَ بِالتَّرْكِ لِأَنَّهُ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ إكْثَارُ الصَّوْمِ كَمَا جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْخَبَرِ أَمَّا مَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ فَصَوْمُ جَمِيعِهَا لَهُ فَضِيلَةٌ (وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَفْضَلُ الصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» (ثُمَّ بَاقِيهَا) وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاءُ الْبَقِيَّةِ وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ رَجَبٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ فَضَّلَهُ عَلَى الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ (ثُمَّ شَعْبَانُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْته فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا» قَالَ الْعُلَمَاءُ اللَّفْظُ الثَّانِي مُفَسِّرٌ لِلْأَوَّلِ فَالْمُرَادُ بِكُلِّهِ غَالِبُهُ وَقِيلَ كَانَ يَصُومُ كُلَّهُ فِي وَقْتٍ وَبَعْضَهُ فِي آخَرٍ وَقِيلَ كَانَ يَصُومُهُ تَارَةً مِنْ أَوَّلِهِ وَتَارَةً مِنْ آخِرِهِ وَتَارَةً مِنْ وَسَطِهِ وَلَا يَتْرُكُ مِنْهُ شَيْئًا بِلَا صِيَامٍ لَكِنْ فِي أَكْثَرِ مِنْ سَنَةٍ وَقِيلَ إنَّمَا خَصَّهُ بِكَثْرَةِ الصِّيَامِ لِأَنَّهُ تُرْفَعُ فِيهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ فِي سَنَتِهِمْ فَإِنْ قُلْت قَدْ مَرَّ أَنَّ أَفْضَلَ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ الْمُحَرَّمُ فَكَيْفَ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي شَعْبَانَ دُونَ الْمُحَرَّمِ قُلْنَا لَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْلَمْ فَضْلَ الْمُحَرَّمِ إلَّا فِي آخِرِ الْحَيَاةِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ صَوْمِهِ أَوْ لَعَلَّهُ كَانَ تَعْرِضُ لَهُ فِيهِ أَعْذَارٌ تَمْنَعُ مِنْ إكْثَارِهِ الصَّوْمَ فِيهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ شَهْرًا غَيْرَ رَمَضَانَ لِئَلَّا يُظَنَّ وُجُوبُهُ (وَيَحْرُمُ) عَلَى الْمَرْأَةِ صَوْمُ نَفْلٍ مُطْلَقٍ (بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجٍ) لَهَا (حَاضِرٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ» وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ غَيْرَ رَمَضَانَ» وَلِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِنَفْلٍ فَلَوْ صَامَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ وَإِنْ كَانَ صَوْمُهَا حَرَامًا كَالصَّلَاةِ فِي دَارٍ مَغْصُوبَةٍ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي جَوَازُهُ فَإِنْ أَرَادَ التَّمَتُّعَ تَمَتَّعَ وَفَسَدَ الصَّوْمُ فَالْجَوَابُ أَنَّ صَوْمَهَا يَمْنَعُهُ التَّمَتُّعَ عَادَةً لِأَنَّهُ يَهَابُ انْتِهَاكَ حُرْمَةِ الصَّوْمِ بِالْإِفْسَادِ انْتَهَى وَهَلْ يُلْحَقُ بِهِ فِي ذَلِكَ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ لَا لِقِصَرِ زَمَنِهَا وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا صَوْمُ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ أَمَّا صَوْمُهَا فِي غِيبَةِ زَوْجِهَا عَنْ بَلَدِهَا فَجَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ وَلِزَوَالِ مَعْنَى النَّهْيِ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا إذَا عَلِمَتْ رِضَاهُ جَازَ صَوْمُهَا وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَالْأَمَةُ الْمُبَاحَةُ لِسَيِّدِهَا كَالزَّوْجَةِ وَغَيْرُ الْمُبَاحَةِ كَأُخْتِهِ وَالْعَبْدَانِ تَضَرَّرَا بِصَوْمِ التَّطَوُّعِ لِضَعْفٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَإِلَّا جَازَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ. (كِتَابُ الِاعْتِكَافِ) هُوَ لُغَةً اللُّبْثُ وَالْحَبْسُ وَالْمُلَازَمَةُ عَلَى الشَّيْءِ خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا قَالَ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وَقَالَ {فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] وَقَالَ {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52] يُقَالُ اعْتَكَفَ وَعَكَفَ يَعْكُفُ وَيَعْكِفُ بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِهَا يُحْسَبُ وَعُكُوفًا وَعَكَفْتُهُ يَغْتَارُ بِكَسْرِ الْكَافِ يُحْسَبُ لَا غَيْرُ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا كَرَجَعَ وَرَجَعَتْهُ وَنَقَصَ وَنَقَصَتْهُ وَشَرْعًا اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ بِنِيَّتِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَةُ الْأُولَى وَالْأَخْبَارُ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ وَلَازَمَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ» وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ شَوَّالٍ» قَالَ جَمَاعَةٌ وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ قَالَ تَعَالَى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة: 125] (وَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَيُسْتَحَبُّ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ) لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ [أَرْكَان الِاعْتِكَاف] (وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْمُكْثُ وَأَقَلُّهُ أَكْثَرُ مِنْ الطُّمَأْنِينَةِ) فِي الصَّلَاةِ (بِسُكُونٍ أَوْ تَرَدُّدٍ) لِإِشْعَارِ لَفْظِهِ بِهِ فَلَا يُجْزِئُ أَقَلَّ مَا يُجْزِئَ فِي طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ (وَلَا يُجْزِئُ الْعُبُورُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُسَمَّى اعْتِكَافًا (فَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا) مُطْلَقًا (أَجْزَأَهُ لَحْظَةً) لِحُصُولِ اسْمُهُ بِهَا (لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ يَوْمٌ) لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ اعْتِكَافٌ دُونَ يَوْمٍ وَنَصَّ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَلَى اسْتِحْبَابِ ضَمِّ اللَّيْلَةِ إلَى الْيَوْمِ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا الْقَاضِي إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ النَّصِّ (وَيُسْتَحَبُّ كُلَّمَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ) لِيَنَالَ فَضِيلَتَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِحْبَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ) وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَحْرِ أَنَّ أَفْضَلَ الْحُرُمِ رَجَبٌ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ أَفْضَلُهَا بَعْدَ الْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ ثُمَّ بَاقِيهَا) قَالَ شَيْخُنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْمُحَرَّمُ ثُمَّ رَجَبٌ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ ثُمَّ الْحَجَّةُ ثُمَّ الْقَعْدَةُ وَبَعْدَ ذَلِكَ شَعْبَانُ كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ رَجَبٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ لَا لِقِصَرِ زَمَنِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا إذَا عَلِمْت إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [كِتَابُ الِاعْتِكَافِ] (قَوْلُهُ وَشَرْعًا اللُّبْثُ إلَخْ) وَفِي الشَّرْعِ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ مِنْ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ طَاهِرٍ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ صَاحٍ كَافٍّ نَفْسَهُ عَنْ شَهْوَةِ الْفَرْجِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ فَلَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِي طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطُّمَأْنِينَةِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا قَطْعُ الْهَوَى عَنْ الرَّفْعِ وَالثَّبَاتِ هُنَا هُوَ الْمَقْصُودُ قَالَ شَيْخُنَا وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِي طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ مِقْدَارُ سُبْحَانَ اللَّهِ لَفْظًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (وَيُفْسِدُهُ) أَيْ الِاعْتِكَافَ (مِنْ الْجِمَاعِ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ) مِنْهُ وَهُوَ مَا يَقَعُ مَعَ تَذَكُّرِ الِاعْتِكَافِ وَالْعِلْمِ بِتَحْرِيمِهِ وَالِاخْتِيَارِ الْمَزِيدِ عَلَى الْأَصْلِ سَوَاءٌ أَجَامَعَ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ لَا لِمُنَافَاتِهِ لَهُ (فَيَحْرُمُ) بِسَبَبِهِ الْجِمَاعُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وَيَحْرُمُ (بِهِ التَّقْبِيلُ وَاللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ) بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (فَإِذَا أَنْزَلَ مَعَهُمَا أَفْسَدَهُ كَالِاسْتِمْنَاءِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُنْزِلْ مَعَهُمَا أَوْ أَنْزَلَ مَعَهُمَا وَكَانَا بِلَا شَهْوَةٍ كَمَا فِي الصَّوْمِ وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ ثُمَّ فِي الْخُنْثَى وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ لَوْ أَوْلَجَ الْخُنْثَى فِي غَيْرِهِ أَوْ أَوْلَجَ غَيْرُهُ فِي قُبُلِهِ فَفِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ قَوْلَانِ كَالْمُبَاشَرَةِ بِغَيْرِ جِمَاعٍ يَقْتَضِي التَّفْرِقَةَ بَيْنَ إنْزَالِهِ وَعَدَمِ إنْزَالِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ بِحَمْلِهِ عَلَى إنْزَالِهِ مِنْ فَرْجَيْهِ مَعًا وَالتَّرْجِيحُ فِي الِاسْتِمْنَاءِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ تَحْرِيمُ مَا ذُكِرَ إنَّمَا يَنْتَظِمُ فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ وَفِي الْمُسْتَحَبِّ فِي الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الْمُسْتَحَبِّ خَارِجَهُ إذْ غَايَةُ ذَلِكَ خُرُوجُهُ مِنْ الْعِبَادَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَهُوَ جَائِزٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (فَرْعٌ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُعْتَكِفِ (الصَّنَائِعُ) فِي الْمَسْجِدِ (كَالْخِيَاطَةِ) وَالْكِتَابَةِ (مَا لَمْ يُكْثِرْ) مِنْهَا فَإِنْ أَكْثَرَ مِنْهَا كُرِهَتْ لِحُرْمَتِهِ إلَّا كِتَابَةَ الْعِلْمِ فَلَا يُكْرَهُ الْإِكْثَارُ مِنْهَا لِأَنَّهُ طَاعَةٌ كَتَعْلِيمِ الْعِلْمِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا وَفِي بَابِ الْغُسْلِ (وَلَهُ أَنْ يُرَجِّلَ شَعْرَهُ) أَيْ يُسَرِّحَهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تُرَجِّلُ شَعْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الِاعْتِكَافِ» (وَ) أَنْ (يَتَطَيَّبَ) لِأَنَّهُ لَوْ حَرُمَ تَطَيُّبُهُ لَحَرُمَ تَرْجِيلُ شَعْرِهِ كَالْإِحْرَامِ (وَ) أَنْ (يَلْبَسَ) الثِّيَابَ الْحَسَنَةَ (وَيَتَزَوَّجَ وَيُزَوِّجَ) وَيَأْمُرَ بِإِصْلَاحِ مَعَاشِهِ وَتَعَهُّدِ ضِيَاعِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (وَيَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيَغْسِلَ يَدَهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ وَلَمْ يَرِدْ مَا يُخَالِفُهُ (فِي الْمَسْجِدِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْجَمِيعِ (وَالْأَوْلَى) أَنْ يَأْكُلَ (فِي سُفْرَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا (وَ) أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ فِي (طَسْتٍ) أَوْ نَحْوِهَا لِيَكُونَ أَنْظَفَ لِلْمَسْجِدِ وَأَصُونَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَنْ يَغْسِلَهَا حَيْثُ يَبْعُدُ عَنْ نَظَرِ النَّاسِ وَالطَّسْتُ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ (وَتُكْرَهُ الْحِرْفَةُ) فِيهِ بِخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا (كَالْمُعَاوَضَةِ) مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِهِمَا (بِلَا حَاجَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ) صِيَانَةً لَهُ (وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ) بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِ الِاعْتِكَافَ وَلِأَنَّ مَا لَا يُبْطِلُ قَلِيلُهُ لَا يُبْطِلُ كَثِيرُهُ كَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ (وَيَجُوزُ نَضْحُهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ (بِمُسْتَعْمَلٍ) كَمَا يَجُوزُ بِالْمُطْلَقِ لِأَنَّ النَّفْسَ إنَّمَا تَعَافُ شُرْبَهُ وَنَحْوَهُ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْوُضُوءِ فِيهِ وَإِسْقَاطِ مَاؤُهُ فِي أَرْضِهِ مَعَ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ وَلِأَنَّهُ أَنْظَفُ مِنْ غُسَالَةِ الْيَدِ الْحَاصِلَةِ بِغَسْلِهَا فِيهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَضَعَّفَ قَوْلَ الْبَغَوِيّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ بِمَا ذُكِرَ وَلَمْ يَنْقُلْ مَا اخْتَارَهُ عَنْ أَحَدٍ وَتَبِعَهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْإِسْنَوِيُّ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ الْخُوَارِزْمِيَّ مُوَافَقَةَ الْبَغَوِيّ وَعَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ وَلِلْبَغَوِيِّ أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ وَغَاسِلَ الْيَدِ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ لِحَاجَتِهِمَا إلَيْهِ بِخِلَافِ النَّضْحِ فَإِنَّهُ يَقَعُ قَصْدًا وَالشَّيْءُ يُغْتَفَرُ ضِمْنًا مَا لَا يُغْتَفَرُ قَصْدًا أَوْ بِأَنَّ مَاءَ الْوُضُوءِ بَعْضُهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَمَاءَ غَسْلِ الْيَدِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ بِخِلَافِ مَاءِ النَّضْحِ كَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (وَ) يَجُوزُ (الِاحْتِجَامُ وَالْفَصْدُ) فِيهِ فِي إنَاءٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى بَلْ جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ بِكَرَاهَتِهِ وَكَالْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ مَا فِي مَعْنَاهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَكَاسْتِحَاضَةٍ وَفَتْحِ دُمَّلٍ وَنَحْوِهِمَا مِنْ سَائِرِ الدِّمَاءِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْآدَمِيِّ لِلْحَاجَةِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «أَنَّ بَعْضَ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَتْ مَعَهُ وَكَانَتْ مُسْتَحَاضَةً» فَرُبَّمَا وَضَعَتْ الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي أَمَّا مَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْضُهُ وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ تَحْرِيمَ إدْخَالِ النَّجَاسَةِ الْمَسْجِدَ لِمَا فِيهِ مِنْ شَغْلِ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ بِهَا مَعَ زِيَادَةِ الْقُبْحِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ بِدَلِيلِ جَوَازِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ مُفْسِدَات الِاعْتِكَافَ] قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] إلَخْ) عَلَّلَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ بِقَطْعِهِ بِإِقَامَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي الِاعْتِكَافِ الْمُتَطَوَّعِ بِهِ بِإِقَامَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ انْتَهَى وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ نَاقِصٌ لِأَنَّ الْجِمَاعَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِقَامَةَ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُرُّ عَلَى دَابَّةٍ وَهَوْدَجٍ فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتَهُ فَيَطَؤُهَا فِي الْهَوْدَجِ أَوْ يَطَأُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَفْرُغُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يَكُونُ مَاكِثًا وَقَدْ لَا يَحْرُمُ الْمُكْثُ عَلَى الْجُنُبِ إذَا خَافَ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَيْلًا فَالصَّوَابُ التَّعْلِيلُ بِانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ صَبِيًّا وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْ الْجِمَاعِ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُهُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَحَمْلِهِ جُنُبًا وَمُحْدِثًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَشَقَّةَ هُنَاكَ اقْتَضَتْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْجِمَاعِ فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَالْخِيَاطَةِ) أَشَارَ بِالتَّمْثِيلِ بِهَا إلَى إخْرَاجِ الْحِرْفَةِ الَّتِي تُزْرِي بِالْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ الْحِرْفَةُ فِيهِ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُ قُبَيْلَهُ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ الصَّنَائِعُ إذْ الْأَوَّلُ فِيمَا فَعَلَهُ فِيهِ اتِّفَاقًا وَالثَّانِي فِيمَا إذَا قَصَدَ الِاجْتِرَافَ فِيهِ لِأَنَّ الْحَالَةَ الثَّانِيَةَ تُنَافِي حُرْمَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ الْأُولَى كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ عَلَى جَوَازِ الْوُضُوءِ إلَخْ) فِي إطْلَاقِهِ الْوُضُوءَ فِي الْمَسْجِدِ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ مَاءَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لَا بُدَّ أَنْ يُمْزَجَ بِالْبُصَاقِ وَهُوَ حَرَامٌ فَإِمَّا أَنْ يَبْتَلِعَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَوْنًا لِلْمَسْجِدِ أَوْ يُقَالَ أَنَّهُ مُسْتَهْلِكٌ فَيُغْتَفَرُ وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَالَ أَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ وَعَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَكَالْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ مَا فِي مَعْنَاهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ خَرَجَ بِالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ غَيْرُهُمَا مِنْ الدِّمَاءِ كَالذَّبْحِ فِي الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِنَايَاتِ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْآدَمِيِّ فَأَمَّا ذَبْحُ الدَّابَّةِ فِي الْمَسْجِدِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ نُفُورِ الدَّابَّةِ وَتَلْوِيثِهَا لِلْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ تَحْرِيمَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 إدْخَالِ النِّعَالِ الْمُتَنَجِّسَةِ فِيهِ إذَا أُمِنَ التَّلْوِيثُ (فَإِنْ لَوَّثَ) الْخَارِجُ بِمَا ذُكِرَ الْمَسْجِدَ (أَوْ بَالَ) فِيهِ (وَلَوْ فِي طَسْتٍ حَرُمَ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ إنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ» وَإِنَّمَا حَرُمَ الْبَوْلُ فِيهِ فِي إنَاءٍ بِخِلَافِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ لِأَنَّ دَمَهُمَا أَخَفُّ مِنْهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فِي مَحَلِّهِمَا وَإِنْ كَثُرَ وَلِأَنَّهُ أَقْبَحُ مِنْهُمَا وَلِهَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْ الْفَصْدِ مُتَوَجِّهُ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ الْبَوْلِ وَمِثْلُهُ التَّغَوُّطُ بَلْ أَوْلَى وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَلَسَ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ إلْحَاقًا لِلْفَرْدِ النَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ (وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ فَزِيَادَةُ خَيْرٍ) لِأَنَّهُ طَاعَةٌ فِي طَاعَةٍ (فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ الصَّوْمُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الصَّوْمَ فِي الِاعْتِكَافِ (فَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ هُوَ فِيهِ صَائِمٌ) كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا أَنَا فِيهِ صَائِمٌ أَوْ أَكُونُ فِيهِ صَائِمًا (فَالصَّوْمُ شَرْطٌ) لِاعْتِكَافِهِ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ نَذْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ لِعَدَمِ الْوَفَاءِ بِالْمُلْتَزِمِ (وَيُجْزِئُهُ يَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ) أَوْ غَيْرِهِ صَائِمًا فِيهِ وَلَوْ نَفْلًا لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ صَوْمًا بَلْ اعْتِكَافًا بِصِفَةٍ وَقَدْ وُجِدَتْ (فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ بِصَوْمٍ أَوْ صَائِمًا وَكَذَا عَكْسُهُ) بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بِاعْتِكَافٍ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوْ مُعْتَكِفًا (لَزِمَاهُ) أَيْ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُمَا (وَ) لَزِمَهُ (الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فَلَزِمَ بِالنَّذْرِ (كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ بِسُورَةِ كَذَا) لَزِمَاهُ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (فَلَوْ اعْتَكَفَ) صَائِمًا (فِي رَمَضَانَ) أَوْ غَيْرِهِ نَفْلًا كَانَ الصَّوْمُ أَوْ وَاجِبًا بِغَيْرِ هَذَا النَّذْرِ (لَمْ يُجِزْهُ) لِعَدَمِ الْوَفَاءِ بِالْمُلْتَزَمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْقِيَاسُ فِيمَا ذُكِرَ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ يَكْفِيهِ اعْتِكَافُ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ وَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَادِقٌ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَكَلَامُهُمْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَهُ (وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ وَلَيَالٍ مُتَتَابِعَةً صَائِمًا فَجَامَعَ لَيْلًا اسْتَأْنَفَهُمَا) لِانْتِفَاءِ الْجَمْعِ وَلَوْ عَيَّنَ وَقْتًا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ كَالْعِيدِ اعْتَكَفَهُ وَلَا يَقْضِي الصَّوْمَ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ (وَمَتَى نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا أَوْ مُحْرِمًا بِصَلَاةٍ أَوْ عَكَسَ) بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا أَوْ يُحْرِمَ بِصَلَاةٍ مُعْتَكِفًا (لَمْ يَلْزَمْهُ الْجَمِيعُ) وَإِنْ لَزِمَاهُ إذْ الصَّلَاةُ لِكَوْنِهَا فِعْلًا لَا تُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ لِكَوْنِهِ كَفًّا بِخِلَافِهِ مَعَ الصَّوْمِ لِتَقَارُبِهِمَا فَإِنَّ كُلًّا كَفٌّ فَجُعِلَ أَحَدُهُمَا وَصْفًا لِلْآخَرِ وَكَالصَّلَاةِ فِيمَا ذُكِرَ الْإِحْرَامُ بِحَجِّ أَوْ عُمْرَةٍ (وَأَجْزَأَهُ) مِنْ الصَّلَاةِ فِيمَا ذُكِرَ (رَكْعَتَانِ) كَمَا لَوْ أَفْرَدَهَا بِالنَّذْرِ وَلَا يُجْزِئُهُ مَا دُونَهُمَا (وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ مُصَلِّيًا لَزِمَهُ لِكُلِّ يَوْمٍ رَكْعَتَانِ) وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَصْلُ بِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ فَإِنْ تَرَكْنَا لِظَاهِرِ فَلِمَ اعْتَبَرَ تَكْرِيرَ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ الصَّلَاةِ كُلَّ يَوْمٍ وَهَلَّا اكْتَفَى بِهِ مَرَّةً فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ تَرَكَ الظَّاهِرَ فِي الِاسْتِيعَابِ دُونَ التَّكْرِيرِ لِيَسْلُكَ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ إذْ الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ لَا تَسْتَوْعِبُ الْأَيَّامَ وَتُكَرَّرُ كُلَّ يَوْمٍ (وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ) بَيْنَ الِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُصَلِّيًا أَوْ عَكْسَهُ لَزِمَاهُ وَلَا يَلْزَمُهُ جَمْعُهُمَا (الرُّكْنُ الثَّانِي النِّيَّةُ فَتَجِبُ) لِلِاعْتِكَافِ فِي ابْتِدَائِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ الْمَنْذُورُ وَغَيْرُهُ تَعَيَّنَ زَمَانُهُ أَوْ لَا (وَيَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِ فِي الْمَنْذُورِ) لِيَتَمَيَّزَ عَنْ النَّقْلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِيهِ تَعْيِينَ سَبَبِ وُجُوبِهِ وَهُوَ النَّذْرُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالنَّذْرِ بِخِلَافِهِمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ ذِكْرَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ صوم الْمُعْتَكِفِ] قَوْلُهُ لَزِمَاهُ) فَإِنْ قُلْت الْحَالُ مُقَيَّدَةٌ لِصَاحِبِهَا فَمَنْ أَيْنَ يَلْزَمُ الْأَمْرُ بِهَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَمْرِ بِشَيْءٍ الْأَمْرُ بِالْمُقَيَّدِ لَهُ بِدَلِيلِ اضْرِبْ هِنْدًا جَالِسَةً قُلْت مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ الْحَالُ مِنْ نَوْعِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلَا مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ وَكَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ ذَلِكَ نَحْوُ حِجَّ مُفْرَدًا وَنَحْوُ أَدْخُلْ مَكَّةَ مُحْرِمًا فَهِيَ مَأْمُورٌ بِهَا وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْوَفَاءِ بِالْمُلْتَزَمِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَبَيْنَ مَسْأَلَتِنَا مُشْكِلٌ جِدًّا فَإِنَّهُ الْتَزَمَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الصَّوْمَ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الصِّفَةِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَالٌ إمَّا مُفْرَدٌ وَإِمَّا جُمْلَةٌ وَالْحَالُ وَصْفٌ فِي الْمَعْنَى انْتَهَى وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا الْتِزَامٌ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ أَنَا فِيهِ صَائِمٌ إخْبَارٌ عَنْ الْحَالَةِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْحَالَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لَا يَصِحُّ تَطْلُبُهَا بِالنَّذْرِ لِكَوْنِهَا حَاصِلَةً وَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوَجُّهُ الطَّلَبِ إلَيْهِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ أَنَا فِيهِ صَائِمٌ جُمْلَةٌ وَالْجُمْلَةُ لَا تَكُونُ مَعْمُولَةً لِلْمَصْدَرِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْ أَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ أَعْتَكِفَ بِصَوْمٍ فَإِنَّ صَائِمًا لَيْسَ فِيهِ إخْبَارٌ عَنْ حَالَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فَهُوَ إنْشَاءٌ مُتَمَحِّضٌ يَرْجِعُ مَعْنَى الْكَلَامِ إلَى تَقْدِيرِ عَلَى أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا وَأَنْ أَصُومَ فِيهِ وَهَذَا بِطَرْدٍ فِي نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّي قَائِمًا وَخَاشِعًا وَأَنْ أَحُجَّ رَاكِبًا الْمَعْنَى أَنْ أُصَلِّيَ وَأَنْ أَخْشَعَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِنْشَاءِ وَلُزُومِ الصِّفَةِ الْفَرْقُ الثَّانِي إنَّ قَوْلَهُ أَنَا فِيهِ صَائِمٌ حَالٌ مِنْ الْمَفْعُولِ وَهُوَ الْيَوْمُ فَيَنْحَلُّ الْكَلَامُ إلَى مَعْنَى أَعْتَكِفُ يَوْمًا مَصُومًا فِيهِ وَقَوْلُهُ مَصُومًا فِيهِ إخْبَارٌ لَيْسَ بِصِيغَةِ الْتِزَامٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنْ أَعْتَكِفَ صَائِمًا فَصَائِمًا حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ وَهُوَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَعْتَكِفُ وَالْحَالُ مُقَيَّدَةٌ لِفِعْلِ الْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ الِاعْتِكَافُ فَانْحَلَّ إلَى قَوْلِهِ أَنْ أُنْشِئَ اعْتِكَافًا وَصَوْمًا كَمَا لَوْ قَالَ أَحُجُّ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا. (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ فِيمَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَيَّنَ وَقْتًا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ إلَخْ) أَوْ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي بَيْتِهِ بِصَوْمٍ لَزِمَهُ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا إلَخْ) أَوْ أَنْ يَصُومَ مُصَلِّيًا أَوْ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَصْلُ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْجَمْعَ بِمَنْزِلَةِ تَكْرِيرِ الْمُفْرَدِ فَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَيَّامًا مُصَلِّيًا فَهُوَ فِي قُوَّةِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا وَيَوْمًا وَيَوْمًا مُصَلِّيًا وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ كَانَ قَوْلُهُ مُصَلِّيًا حَالًا مِنْ كُلِّ يَوْمٍ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُوقِعَ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَلَاةَ مِيدَانٍ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُحْرِمًا بِنُسُكٍ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ فَقَطْ وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ رَمَضَانَ فَفَاتَهُ أَجْزَأَهُ فِي غَيْرِهِ بِلَا صَوْمٍ بِخِلَافِ نَذْرِهِ اعْتِكَافَ شَهْرِ رَمَضَانَ صَائِمًا فَفَاتَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 النَّذْرِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْفَرْضِ لِأَنَّ الْوَفَاءَ بِهِ وَاجِبٌ فَكَأَنَّهُ نَوَى الِاعْتِكَافَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ قَالَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ (وَإِنْ نَوَى الِاعْتِكَافَ وَأَطْلَقَ فَخَرَجَ) مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ (لَا بَعْدَ الْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ) إلَيْهِ (ثُمَّ عَادَ جَدَّدَ) النِّيَّةَ وُجُوبًا إنْ أَرَادَ الِاعْتِكَافَ إذْ الثَّانِي اعْتِكَافٌ جَدِيدٌ بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ بَعْدَ الْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ لَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَنِيَّةِ الْمُدَّتَيْنِ ابْتِدَاءً كَمَا فِي زِيَادَةِ عَدَدِ رَكَعَاتِ النَّافِلَةِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَصْلُ بِأَنَّ اقْتِرَانَ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ الْعِبَادَةِ شَرْطٌ فَكَيْفَ يَكْتَفِي بِعَزِيمَةٍ سَابِقَةٍ وَجَوَابُهُ يُعْرَفُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ (وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْهُ كَالصَّوْمِ وَلَوْ خَرَجَ مَنْ نَوَى اعْتِكَافَ مُدَّةٍ) مُطْلَقَةٍ كَيَوْمٍ وَشَهْرٍ (لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُجَدِّدْ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنِي عِنْدَ النِّيَّةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (جَدَّدَ) النِّيَّةَ وُجُوبًا وَإِنْ قَصَّرَ إلَّا لِزَمَانٍ لِانْقِطَاعِ الِاعْتِكَافِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَمَّا خُرُوجُ مَنْ نَوَى اعْتِكَافَ مُدَّةٍ مُتَوَالِيَةٍ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ آخِرَ الْبَابِ (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُعْتَكِفُ وَشَرْطُهُ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَحَلُّ اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ) فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْكَافِرِ وَغَيْرِ الْعَاقِلِ كَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ إذْ لَا نِيَّةَ لَهُمْ وَلَا اعْتِكَافُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيْهِمْ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ اعْتَكَفَ فِي مَسْجِدِ وَقْفٍ عَلَى غَيْرِهِ دُونَهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْثُهُ فِيهِ مَعَ صِحَّةِ اعْتِكَافِهِ فِيهِ كَالتَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ وَقِسْ عَلَى هَذَا مَا يُشْبِهُهُ (فَيَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ) كَصِيَامِهِمْ (لَكِنْ يُكْرَهُ لِذَوَاتِ الْهَيْئَةِ) كَمَا فِي خُرُوجِهِنَّ لِلْجَمَاعَةِ (وَيَحْرُمُ) اعْتِكَافُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ (بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ مُسْتَحَقَّةٌ لِسَيِّدِهِ وَالتَّمَتُّعُ مُسْتَحَقٌّ لِلزَّوْجِ وَلِأَنَّ حَقَّهُمَا عَلَى الْفَوْرِ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ نَعَمْ إنْ لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِمَا مَنْفَعَةً كَأَنْ حَضَرَا الْمَسْجِدَ بِإِذْنِهِمَا فَنَوَيَا الِاعْتِكَافَ فَلَا رَيْبَ فِي جَوَازِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ نَذَرَ الْعَبْدُ اعْتِكَافَ زَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ بِبَيْعٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ إرْثٍ فَلَهُ الِاعْتِكَافُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحَقًّا قَبْلَ تَمَلُّكِهِ وَمِثْلُهُ الزَّوْجَةُ وَإِذَا اعْتَكَفَا (فَلَهُمَا) الْأَوْلَى وَلَهُمَا (إخْرَاجُهُمَا مِنْ التَّطَوُّعِ) وَإِنْ اعْتَكَفَا بِإِذْنِهِمَا لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ (وَكَذَا) لَهُمَا إخْرَاجُهُمَا (مِنْ النَّذْرِ إلَّا إنْ أَذِنَا فِيهِ وَفِي الشُّرُوعِ) فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَمَنُ الِاعْتِكَافِ مُعَيَّنًا وَلَا مُتَتَابِعًا (أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَهُوَ) أَيْ زَمَنُ الِاعْتِكَافِ (مُعَيَّنٌ وَكَذَا) إنْ أَذِنَا (فِي الشُّرُوعِ) فِيهِ (فَقَطْ وَهُوَ مُتَتَابِعٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَمَنُهُ مُعَيَّنًا فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا إخْرَاجُهُمَا فِي الْجَمِيعِ لِإِذْنِهِمَا فِي الشُّرُوعِ مُبَاشَرَةً أَوْ بِوَاسِطَةٍ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ إذْنٌ فِي الشُّرُوعِ فِيهِ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ وَالْمُتَتَابِعُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ بِلَا عُذْرٍ (وَلَوْ اعْتَكَفَ الْمُكَاتَبُ بِلَا إذْنٍ جَازَ) إذْ لَا حَقَّ لِسَيِّدِهِ فِي مَنْفَعَتِهِ كَالْحُرِّ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ قَالَ وَصَوَّرَهُ أَصْحَابُنَا بِمَا لَا يُخِلُّ بِكَسْبِهِ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ أَوْ لِإِمْكَانِ كَسْبِهِ فِي الْمَسْجِدِ كَالْخِيَاطَةِ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ كَالْقِنِّ إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً) وَإِلَّا فَهُوَ فِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ. [فَرْعٌ ارْتَدَّ الْمُعْتَكِف أَوْ سكر بِمُحْرِمِ] (فَرْعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ (مَتَى ارْتَدَّ) الْمُعْتَكِفُ (أَوْ سَكِرَ) بِمُحَرَّمٍ (بَطَلَ اعْتِكَافُهُ) زَمَنَ الرِّدَّةِ وَالسُّكْرِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ (وَتَتَابُعُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ خُرُوجِهِ بِلَا عُذْرٍ وَهُوَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى عَدَمِ بُطْلَانِ اعْتِكَافِ الْمُرْتَدِّ فَحَمَلُوهُ عَلَى غَيْرِ الْمُتَتَابِعِ حَتَّى إذَا أَسْلَمَ يَبْنِي بَلْ نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَمَرَ الرَّبِيعَ أَنْ يَضْرِبَ عَلَى هَذَا النَّصِّ (وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ) فِي اعْتِكَافِهِ (وَأُخْرِجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَ تَتَابُعُهُ إنْ أَمْكَنَ حِفْظُهُ فِي الْمَسْجِدِ بِلَا مَشَقَّةٍ) إذْ لَا عُذْرَ فِي إخْرَاجِهِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَوْ أُخْرِجَ وَلَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ أَمْكَنَ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ فَلَا يَبْطُلُ تَتَابُعُهُ لِعُذْرِهِ فِي الْأُولَى بِإِغْمَائِهِ أَوْ جُنُونِهِ وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِذَلِكَ مَعَ الْعُذْرِ الْحَامِلِ عَلَى إخْرَاجِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَمَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالْمَفْهُومِ وَفِي أُخْرَى بَدَلُ تَتَابُعِهِ اعْتِكَافُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ ع وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا صَحِيحٌ فَإِنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ نَوَى اعْتِكَافَ شَهْرٍ مَثَلًا صَحَّ كَمَا لَوْ نَوَاهُ أَوَّلَ دُخُولِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا جُدِّدَ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي آخِرِ الْبَابِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ أَنَّ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالِاغْتِسَالِ عَنْ الْجَنَابَةِ يُلْحَقُ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ وَكَذَلِكَ الْخُرُوجُ لِلْأَذَانِ. اهـ. وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي غَيْرِ الِاعْتِكَافِ الْمُتَتَابِعِ وَهُنَاكَ فِي الْمُتَتَابِعِ فَلَا تَنَاقُضَ وَلَا اخْتِلَافَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ نِيَّةَ التَّتَابُعِ شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ الْمُدَّةِ الْمُطْلَقَةِ (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيْهِمْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ حَرُمَ مُكْثُهُ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ كَذِي جُرُوحٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَنَحْوِهَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُ الْمَسْجِدِ مِنْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُكْرَهُ لِذَوَاتِ الْهَيْئَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْقُوتِ وَمِنْ الْمُشْكِلِ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى صِحَّةِ نَذْرِهَا إيَّاهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ) قَالَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ وَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْجُلُوسُ بِغَيْرِ نِيَّةِ الِاعْتِكَافِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَأَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِأَنَّ السَّيِّدَ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ الْعَبْدِ مِنْ الذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي تَرَدُّدَاتِهِ وَصَحَّحَ أَنَّ لَهُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ إنْ كَانَ لَا يُضْعِفُ الْعَبْدَ عَنْ الْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ زَمَنُ الِاعْتِكَافِ مُعَيَّنٌ إلَخْ) لَوْ نَذَرَ عَبْدٌ اعْتِكَافًا فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مَنْعُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ قَبْلَ مِلْكِهِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ إنْ جَهِلَ ذَلِكَ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَقِيَاسُهُ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ كَذَلِكَ إلَّا فِي الْخِيَارِ وَقَوْلُهُ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِلْأَصْلِ وَالْأُولَى أَوْلَى لِقَوْلِهِ (وَيُحْسَبُ) فِيمَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ (زَمَنَ الْإِغْمَاءِ) مِنْ الِاعْتِكَافِ كَالنَّوْمِ وَكَالصِّيَامِ إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْضَ النَّهَارِ (لَا) زَمَنَ (الْجُنُونِ) لِمُنَافَاتِهِ الِاعْتِكَافَ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ بُطْلَانِ التَّتَابُعِ فِيمَا إذَا أَمْكَنَ حِفْظُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ كَالتَّتِمَّةِ لَكِنَّ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ عَدَمُ الْبَطَلَانِ فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوهُ بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْمَشَقَّةِ وَعَدَمِهَا وَكَذَا أَطْلَقَ فِي الْمَجْمُوعِ مَعَ نَقْلِهِ كَلَامَ التَّتِمَّةِ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ فَإِنْ أَخْرَجَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَالْمَجْنُونَ وَلِيَّهُ لَمْ يَبْطُلْ التَّتَابُعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِاخْتِيَارِهِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ هُوَ كَالْمَرِيضِ انْتَهَى وَيُؤَيِّدُ مَا أَطْلَقُوهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْخُرُوجَ مُكْرَهًا لَا يُبْطِلُ التَّتَابُعَ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا لَمْ يَخْرُجْ بِاخْتِيَارِهِ (وَمَنْ أَجْنَبَ بِالِاحْتِلَامِ وَنَحْوِهِ) كَالْجِمَاعِ نَاسِيًا (فَلَهُ الْخُرُوجُ لِلْغُسْلِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ فِي الْمَسْجِدِ) لِأَنَّهُ أَصُونُ لِمُرُوءَتِهِ وَلِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ (وَيُبَادِرُ بِهِ) وُجُوبًا رِعَايَةً (لِلتَّتَابُعِ) وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ جَوَازُ الْغُسْلِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَمْكُثْ فِيهِ أَوْ عَجَزَ عَنْ الْخُرُوجِ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الْجَنَابَةِ) مِنْ الِاعْتِكَافِ إذَا اتَّفَقَ الْمُكْثُ مَعَهَا فِي الْمَسْجِدِ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ وَإِنَّمَا يُبَاحُ لَهُ لِلضَّرُورَةِ وَمِثْلُهَا الْحَيْضُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُعْتَكَفُ) فِيهِ (فَلَا يَصِحُّ) الِاعْتِكَافُ (إلَّا فِي الْمَسْجِدِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِلْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] إذْ ذِكْرُ الْمَسَاجِدِ لَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ لِجَعْلِهَا شَرْطًا فِي مَنْعِ مُبَاشَرَةِ الْمُعْتَكِفِ لِمَنْعِهِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلِمَنْعِ غَيْرِهِ أَيْضًا مِنْهَا فِيهَا فَتَعَيَّنَ كَوْنُهَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ وَلَا يَفْتَقِرُ شَيْءٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ لِلْمَسْجِدِ إلَّا تَحِيَّتُهُ وَالِاعْتِكَافُ وَالطَّوَافُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيمَا وُقِفَ جُزْؤُهُ شَائِعًا مَسْجِدًا وَلَا فِيمَا أَرْضُهُ مُسْتَأْجَرَةٌ نَعَمْ لَوْ بَنَى فِيهِ مَسْطَبَةً وَوَقَفَهَا مَسْجِدًا فَتُتَّجَهُ الصِّحَّةُ وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا يُغْتَرُّ بِمَا وَقَعَ لِلزَّرْكَشِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ وَإِنْ لَمْ يَبْنِ مَسْطَبَةً (وَالْجَامِعُ أَفْضَلُ) لِلِاعْتِكَافِ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَلِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَلِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ (وَيَجِبُ) الْجَامِعُ لِلِاعْتِكَافِ فِيهِ (إنْ نَذَرَ أُسْبُوعًا) فَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَفِيهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ (مُتَتَابِعًا) وَكَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْخُرُوجُ لَهَا لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ (وَلَا يُشْتَرَطُ) الْجَامِعُ لِمُطْلَقِ الِاعْتِكَافِ بَلْ يَصِحُّ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ لِمُسَاوَاتِهَا لَهُ فِي تَحْرِيمِ الْمُكْثِ لِلْجُنُبِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ (وَلَا يُجْزِئُ الْمَرْأَةَ) اعْتِكَافُهَا (فِي مُصَلَّى بَيْتِهَا) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ فَهِيَ كَغَيْرِهَا (وَلَا يَتَعَيَّنُ مَسْجِدٌ لِلِاعْتِكَافِ بِنَذْرٍ) لَهُ (فِيهِ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا زَمَنَ جُنُونٍ إلَخْ) إذَا حَضَرَك الْفَرْقُ بَيْنَ قَاطِعِ الِاعْتِكَافِ وَمُبْطِلِهِ عَرَفْت أَنَّهُ لَا يُشْكِلُ عَلَى عَدِّ الْجُنُونِ قَاطِعًا لِلِاعْتِكَافِ وَعَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّتِمَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ الْجُنُونُ مِنْ الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ لَوْ جُنَّ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ) أَوْ خَرَجَ وَلَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهُ فِيهِ أَوْ أَمْكَنَ بِمَشَقَّةٍ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِهِ حُسْبَانُهُ فِي زَمَنِ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ فَلَهُ الْخُرُوجُ لِلْغُسْلِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ عَدَمَ الْمَاءَ مُطْلَقًا أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِلتَّيَمُّمِ مَعَ إمْكَانِهِ فِي الْمَسْجِدِ تَكْرِيمًا وَلِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ لُبْثًا مَعَهَا فِيهِ إلَى كَمَالِ التَّيَمُّمِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يَتَيَمَّمُ مَارًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَوْضِعَ التَّرَدُّدِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْجُنُبُ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِوُجُوبِ الْخُرُوجِ وَلَا تَجُوزُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَهَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِالْغُسَالَةِ ضَرَرٌ لِلْمَسْجِدِ أَوْ الْمُصَلِّينَ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيمَا وَقَفَ جُزْؤُهُ شَائِعًا مَسْجِدًا) كَمَا لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ فِيهِ إذَا تَبَاعَدَ عَنْ إمَامِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ وَتَجِبُ قِسْمَتُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى ذِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ الْمُكْثُ فِيهِ وَإِنْ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِجَوَازِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ بَنَى فِيهِ مَسْطَبَةً) أَيْ أَوْ نَحْوَهَا كَدِكَّةٍ بُنِيَتْ فِي أَرْضِهِ (قَوْلُهُ فَتُتَّجَهُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَمَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ عَلَى سَطْحِهِ وَجُدْرَانِهِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ بَنَى الْعَرْصَةَ بِالْآجِرِ وَالنُّورَةِ ثُمَّ وَقَفَهَا مَسْجِدًا قَالَ شَيْخُنَا وَعَلَى هَذَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقِفَ سَفِينَةً مَسْجِدًا فَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَحْرِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ فِي الْبِرِّ فَإِنْ أَثْبَتَهَا فِيهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً لَا تَنْجَرُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الِانْجِرَارُ وَمِنْ شَأْنِهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْجَامِعُ أَفْضَلُ) يُسْتَثْنَى الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْمُسَافِرُ فَالْجَامِعُ وَغَيْرُهُ فِي حَقِّهِمْ سَوَاءٌ وَمَا إذَا كَانَ غَيْرَ الْجَامِعِ أَكْثَرُ جَمَاعَةً وَلَيْسَ فِي اعْتِكَافِهِ جُمُعَةٌ فَاعْتِكَافُهُ فِيمَا كَثُرَ جَمْعُهُ أَفْضَلُ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامُ الْأَكْثَرِ جَمَاعَةً مِنْ جَامِعٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَمَا بَيِّنَاهُ هُنَاكَ فَالْأَشْبَهُ أَنَّ قَلِيلَ الْجَمْعِ أَوْلَى عِنْدِي وَالْمَشْهُورُ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجَامِعَ أَوْلَى فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ أَنَّ الْجَامِعَ أَكْثَرُ جَمَاعَةً وَأَنَّ إمَامَهُ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ رَاعُوا خِلَافَ مَنْ لَمْ يُصَحِّحْ الِاعْتِكَافَ فِي غَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ انْتَهَى وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى مِنْ كَوْنِ الْجَامِعِ أَفْضَلُ مَا إذَا كَانَ قَدْ عَيَّنَ غَيْرَ الْجَامِعِ فَالْمُعَيَّنُ أَوْلَى إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْخُرُوجِ إلَى الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ إمَّا أَظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَوْ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي ثُبُوتِ الْأَوْلَوِيَّةِ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ وَالْمُسَافِرَ يَعْتَكِفُونَ حَيْثُ شَاءُوا أَيْ مِنْ الْمَسَاجِدِ لِأَنَّهُ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ هَذَا كَلَامُهُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا اعْتَكَفَ دُونَ الْأُسْبُوعِ وَلَيْسَتْ الْجُمُعَةُ فِيهِ أَنْ يَسْتَوِيَ الْجَامِعُ وَغَيْرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْجَامِعَ أَوْلَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْخُرُوجُ لَهَا إلَخْ) لَوْ اسْتَثْنَى الْخُرُوجَ لَهَا وَثَمَّ جَامِعَانِ فَمَرَّ بِأَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَعَادَتُهُ الصَّلَاةُ فِيهِ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضَرَّ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدَّيْنِ مَنْ اعْتَكَفَ فِيمَا ظَنَّهُ مَسْجِدًا فَإِنْ كَانَ مَسْجِدًا فِي الْبَاطِنِ فَلَهُ أَجْرُ قَصْدِهِ وَاعْتِكَافِهِ وَإِلَّا فَقَصْدُهُ فَقَطْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الِاعْتِكَافُ فِيمَا عَيَّنَهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَكَذَا مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَالْمَسْجِدُ الْأَقْصَى) فَتَتَعَيَّنُ الثَّلَاثَةُ لِمَزِيدِ فَضْلِهَا قَالَ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ سَائِرَ مَسَاجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَأْبَاهُ وَكَذَا الْخَبَرُ السَّابِقُ. وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالثَّلَاثَةِ مَسْجِدَ قُبَاءَ لِخَبَرِ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ كَعُمْرَةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَفِي الْبُخَارِيِّ كَانَ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِي قُبَاءَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ» (وَيَقُومُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ مَقَامَهُمَا) أَيْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لِزِيَادَةِ فَضِيلَتِهِ وَتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِهِ (وَ) يَقُومُ (مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مَقَامَ) الْمَسْجِدِ (الْأَقْصَى) لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ (وَلَا عَكْسُ) أَيْ لَا يَقُومُ الْأَخِيرَانِ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَلَا الثَّالِثُ مَقَامَ الثَّانِي وَدَلِيلُ تَفَاوُتِهَا فِي الْفَضِيلَةِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي هَذَا» مَعَ مَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَحَسَّنَهُ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى أَفْضَلُ مِنْ خَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» أَيْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرَيْنِ أَنَّ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ فَيُسْتَثْنَى الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى مِنْ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ مَعَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ هُوَ الْحَرَمُ كُلُّهُ وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الشَّرِيفِ الْعُثْمَانِيِّ ثُمَّ اخْتَارَ أَنَّهُ الْكَعْبَةُ وَمَا فِي الْحِجْرِ مِنْ الْبَيْتِ وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ بِأَنَّهُ الْكَعْبَةُ وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا فَلَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَحَاصِلُ كَلَامِ الْعِمْرَانِيِّ تَعَيَّنَ الْبَيْتُ وَمَا أُضِيفَ مِنْهُ إلَى الْحِجْرِ وَاخْتَارَهُ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي النَّذْرِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَلَاةً فِي الْكَعْبَةِ كَفِي إتْيَانُهُ بِهَا فِي الْمَسْجِدِ حَوْلَهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّ الِاعْتِكَافَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ أَجْزَاءَ الْمَسْجِدِ مُتَسَاوِيَةٌ فِي أَدَاءِ الْمَنْذُورِ وَأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ جُزْءٌ مِنْهُ بِالتَّعْيِينِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ وَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ بِنَاءً عَلَى مَا اخْتَارَهُ آنِفًا وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَعَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ لَوْ خَصَّ نَذَرَهُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ الَّتِي أَلْحَقَهَا بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَالْأَوْجَهُ قِيَامُ غَيْرِهِ مِنْهَا مَقَامَهُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي فَضِيلَةِ نِسْبَتِهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَلَوْ شَرَعَ) فِي اعْتِكَافٍ مُتَتَابِعٍ (فِي مَسْجِدٍ) لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ (تَعَيَّنَ) وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ فِي نَذْرِهِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ التَّتَابُعُ (إلَّا إنْ عَدَلَ) بَعْدَ خُرُوجِهِ (مِنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ إلَى) مَسْجِدٍ (آخَرَ بِمَسَافَتِهِ) أَيْ بِمِثْلِ مَسَافَتِهِ فَأَقَلَّ (جَازَ) لِانْتِقَاءِ الْمَحْذُورِ (وَإِنْ عَيَّنَ زَمَنَ الِاعْتِكَافِ) فِي نَذْرِهِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ (تَعَيَّنَ) وَفَاءً بِمَا الْتَزَمَهُ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالتَّأْخِيرِ وَيَأْثَمُ بِهِ إنْ تَعَمَّدْهُ (فَصْلٌ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ) مَثَلًا (يَتَنَاوَلُ اللَّيَالِيَ) مِنْهُ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ (لَا التَّتَابُعِ) لَهُ (لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ الْهَجْرُ وَلَا يَتَحَقَّقُ بِغَيْرِ تَتَابُعٍ (لَكِنْ يُسَنُّ) أَيْ التَّتَابُعُ رِعَايَةً لَهُ وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتَابُعُ بِنِيَّتِهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ مُقَابِلَهُ لِيُوَافِقَ مَا سَيَأْتِي مِنْ تَنَاوُلِ الْأَيَّامِ اللَّيَالِي بِنِيَّتِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الصَّوَابُ نَقْلًا وَمَعْنًى أَمَّا نَقْلًا فَقَالَ الْإِمَامُ لَوْ نَوَى التَّتَابُعَ فَمَضْمُونُ الطُّرُقِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ بَلْ النِّيَّةُ مَعَ الْكِنَايَةِ كَالتَّصْرِيحِ وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَالْغَزَالِيُّ وَأَمَّا مَعْنًى فَلِمَا عَلَّلَ بِهِ الْإِمَامُ وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ الرَّاجِحُ إيجَابَ اللَّيَالِي بِالنِّيَّةِ مَعَ أَنَّ فِيهِ وَقْتًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ» إلَخْ) أَيْ لَا يُطْلَبُ شَدُّهَا فَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَرْوِيِّ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مَرْفُوعًا «لَا يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يَشُدَّ رِحَالَهُ إلَى مَسْجِدٍ يَبْتَغِي فِيهِ الصَّلَاةَ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا» (قَوْلُهُ وَيَقُومُ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ إلَخْ) هَلْ تَخْتَصُّ الْفَضِيلَةُ وَالتَّضْعِيفُ بِالْقَدْرِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ السُّبْكِيُّ فِي تَنْزِلُ السَّكِينَةُ عَلَى قَنَادِيلِ الْمَدِينَةِ مِمَّنْ رَأْي الِاخْتِصَاصَ النَّوَوِيُّ لِلْإِشَارَةِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَسْجِدِي هَذَا وَرَأَى جَمَاعَةٌ عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ وَأَنَّهُ لَوْ وُسِّعَ مَهْمَا وُسِّعَ فَهُوَ مَسْجِدُهُ كَمَا فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ إذَا وُسِّعَ فَتِلْكَ الْفَضِيلَةُ ثَابِتَةٌ لَهُ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ تَفْضِيلَ مَكَّةَ عَلَى الْمَدِينَةِ لِأَنَّ الْأَمْكِنَةَ تَشْرُفُ بِفَضْلِ الْعِبَادَةِ فِيهَا عَلَى غَيْرِهَا مِمَّا تَكُونُ الْعِبَادَةُ مَرْجُوحَةً فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَاسْتَثْنَى الْقَاضِي عِيَاضٌ الْبُقْعَةَ الَّتِي دُفِنَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهَا أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ بَلْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيُّ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الْعَرْشِ (قَوْلُهُ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ) أَيْ وَأَحْمَدُ وَابْنِ مَاجَهْ (قَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ إلَخْ) هَذَا التَّضْعِيفُ يَرْجِعُ إلَى الثَّوَابِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْإِجْزَاءِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ النَّقَّاشِ فِي تَفْسِيرِهِ حَسَبْت الصَّلَاةَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَبَلَغَتْ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عُمْرَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَهَذَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّضْعِيفِ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّهَا تَزِيدُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً قَالَ الْبَدْرُ بْنُ الصَّاحِبِ الْأَثَارِي إنَّ كُلَّ صَلَاةٍ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فُرَادَى بِمِائَةِ أَلْفٍ وَكُلَّ صَلَاةٍ فِيهِ جَمَاعَةٌ بِأَلْفَيْ أَلْفِ صَلَاةٍ وَسَبْعِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فِيهِ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفِ أَلْفِ وَخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إلَخْ) هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَيَّنَ زَمَنَ الِاعْتِكَافِ تَعَيَّنَ إلَخْ) مِثْلُ الِاعْتِكَافِ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَلَا يَتَعَيَّنُ مَكَانٌ لِلصَّوْمِ وَلَوْ مَكَّةَ وَلَا زَمَانٌ لِلصَّدَقَةِ [فَصَلِّ مِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ مَثَلًا تَنَاوَلَ اللَّيَالِيَ مِنْهُ] (قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَصْلَ الِاعْتِكَافِ بِقَلْبِهِ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ مُقَابِلَهُ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَنَوَى بِقَلْبِهِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَهَلْ يَكْفِيه مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ أَمْ يَلْزَمُهُ مَا نَوَى فِيهِ الْخِلَافَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 زَائِدًا فَوُجُوبُ التَّتَابُعِ أَوْلَى لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ وَصْفٍ وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا سَيَأْتِي أَنْ يَنْذُرَ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً فَتَجِبُ اللَّيَالِي الْمُتَخَلِّلَةُ لِأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَ بِهَا وَاجِبَانِ كَمَا نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا يَأْتِي وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّتَابُعَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الزَّمَنِ الْمَنْذُورِ وَبِخِلَافِ اللَّيَالِي بِالنِّسْبَةِ لِلْأَيَّامِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إيجَابِ الْجِنْسِ بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ إيجَابُ غَيْرِهِ بِهَا (وَلَوْ اسْتَثْنَى) مِنْ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ (اللَّيَالِيَ) أَوْ الْأَيَّامَ (بِقَلْبِهِ لَا لِسَانِهِ) بِأَنْ نَوَاهُ (لَمْ يُؤَثِّرْ) كَمَا لَا يَلْزَمُ الِاعْتِكَافُ بِنِيَّتِهِ وَقَوْلُهُ لَا لِسَانِهِ إيضَاحٌ (وَيَكْفِيهِ) فِيمَا لَوْ نَذَرَ شَهْرًا أَوْ دَخَلَ قُبَيْلَ الِاسْتِهْلَالِ شَهْرٌ (هِلَالِيٌّ) تَمَّ أَوْ نَقَصَ لِصِدْقِ الشَّهْرِ بِهِ (فَإِنْ كَسَرَ) الشَّهْرَ بِأَنْ دَخَلَ فِي أَثْنَائِهِ (فَثَلَاثُونَ يَوْمًا) يَعْتَكِفُهَا أَخْذًا بِالْعَدَدِ (وَلَوْ شَرَطَ التَّفْرِيقَ أَجْزَأَهُ التَّتَابُعُ) لِأَنَّهُ أَفْضَلُ كَمَا يَقُومُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ مَقَامَ غَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ وَالْإِفْرَادُ مَقَامُ الْقِرَانِ إذَا نَذَرَهُ نَعَمْ إنْ نَوَى أَيَّامًا مُعَيَّنَةً كَسَبْعَةِ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوَّلُهَا غَدًا تَعَيَّنَ التَّفْرِيقُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِتَعَيُّنِ زَمَنِ الِاعْتِكَافِ بِالتَّعْيِينِ وَمَا قَالَاهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَتِهِمَا مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ تُؤَثِّرُ كَاللَّفْظِ وَقَدْ عُرِفَ مَا فِيهِ (وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَمْ يَجُزْ تَلْفِيقُهُ مِنْ أَيَّامٍ) بِخِلَافِ أَيَّامِ الشَّهْرِ إذْ الْمَفْهُومُ مِنْ لَفْظِ الْيَوْمِ الِاتِّصَالُ (فَلَوْ اعْتَكَفَ ظُهْرًا) أَيْ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمٍ (وَوَقَفَ) أَيْ مَكَثَ (إلَى) وَقْتِ الظُّهْرِ مِنْ ثَانِيهِ (أَجْزَأَهُ) عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِحُصُولِ التَّتَابُعِ بِالْبَيْتُوتَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ لَا يُجْزِئُهُ لِتَفْرِيقِ سَاعَاتِهِ بِتَخَلُّلِ مَا لَيْسَ مِنْهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْوَجْهُ (لَا إنْ خَرَجَ لَيْلًا) فَلَا يُجْزِئُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَعْهُودَ مِنْ لَفْظِ الْيَوْمِ الِاتِّصَالُ (وَيَجِبُ ذَلِكَ) أَيْ مُكْثُ الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ (إنْ نَذَرَ يَوْمًا أَوَّلَهُ الظُّهْرُ) فَيَمْتَنِعُ الْخُرُوجُ لَيْلًا بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ يَوْمُ السَّبْتِ اللَّيْلَةَ مِنْهُ فَلَا يُمْنَعُ التَّتَابُعُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجْعَلَ فَائِدَةَ تَقْيِيدِهِ فِي هَذِهِ الْقَطْعُ بِجِوَارِ التَّفْرِيقِ لَا غَيْرُ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ (نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ تَعَيَّنَ) لِأَنَّهُ وَصْفٌ مَقْصُودٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى الْبَاقِي عَقِبَ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِهِ وَالتَّتَابُعُ فِيهِ وَاقِعٌ ضَرُورَةً لَا قَصْدًا (فَإِنْ أَفْسَدَ بَعْضَهُ لَمْ يَسْتَأْنِفْ) بَلْ يَجِبُ قَضَاءُ مَا أَفْسَدَهُ فَقَطْ (وَلَمْ يَجِبْ التَّتَابُعُ فِي قَضَائِهِ) لِأَنَّ التَّتَابُعَ فِيهِ لَمْ يَقَعْ مَقْصُودًا بَلْ مِنْ ضَرُورَةِ تَعْيِينِ الْوَقْتِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا سَبَقَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ (إلَّا أَنَّ شَرْطَهُ فِي أَدَائِهِ) فَيَجِبُ حِينَئِذٍ لِالْتِزَامِهِ إيَّاهُ (وَإِنْ قَالَ) لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ (أَيَّامَ الشَّهْرِ أَوْ شَهْرًا نَهَارًا لَمْ تَلْزَمْهُ اللَّيَالِي) لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْأَيَّامِ وَالشَّهْرِ (حَتَّى يَنْوِيَهَا) وَلَوْ بِدُونِ لَفْظٍ فَتَلْزَمُهُ (كَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ) لَا يَلْزَمُهُ ضَمُّ اللَّيْلَةِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا فَتَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْيَوْمُ بِلَيْلَتِهِ وَفَارَقَ تَأْثِيرَ النِّيَّةِ هُنَا عَدَمُ تَأْثِيرِهَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَبِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ النِّيَّةِ هُنَا إدْخَالُ مَا قَدْ يُرَادُ مِنْ اللَّفْظِ وَهُنَاكَ إخْرَاجُ مَا شَمِلَهُ اللَّفْظُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ حَتَّى يَنْوِيَهَا أَخْذًا مِمَّا نُظِرَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمَيْنِ أَوْ عَشَرَةً أَوْ عِشْرِينَ يَوْمًا) أَوْ نَحْوَهَا (لَمْ تَجِبْ اللَّيَالِي الْمُتَخَلَّلَةِ) بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي مُسَمَّاهَا بِخِلَافِ الشَّهْرِ (إلَّا إنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ أَوْ نَوَاهُ) فَتَجِبُ اللَّيَالِي عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَآخَرِينَ لَا تَجِبُ إلَّا إنْ شَرَطَهَا أَوْ نَوَاهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْوَجْهُ التَّوَسُّطُ فَإِنْ أُرِيدَ بِالتَّتَابُعِ تَوَالِي الْأَيَّامِ فَالْحَقُّ قَوْلُ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ أَوْ تَوَاصَلَ الِاعْتِكَافُ فَالْحَقُّ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَنُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ التَّصْرِيحُ بِهَذَا وَحَاصِلُهُ حَمْلُ الْكَلَامَيْنِ عَلَى حَالَيْنِ لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ وَذَكَرَ فِيهَا الدَّارِمِيُّ وَجْهَيْنِ أَوْجُهُهُمَا عَدَمُ الْوُجُوبِ (كَعَكْسِهِ) بِأَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ نَحْوَهَا فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ الْأَيَّامُ الْمُتَخَلِّلَةُ إلَّا إنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ أَوْ نَوَاهُ عَلَى مَا مَرَّ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ وُجُوبِ اللَّيَالِي أَوْ الْأَيَّامِ الْمُتَخَلِّلَةِ بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ وُجُوبُ التَّتَابُعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِشَرْطِهِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ) لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ (الْعَشْرَ الْأَخِيرَ دَخَلَتْ اللَّيَالِي فِيهَا) حَتَّى اللَّيْلَةَ الْأُولَى (وَيُجْزِئُ) اعْتِكَافُهَا (وَإِنْ نَقَصَ الشَّهْرُ) لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ يَقَعُ عَلَى مَا بَعْدَ الْعِشْرِينَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ) لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ (عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِهِ) وَكَانَ نَاقِصًا لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ جَرَّدَ الْقَصْدَ إلَيْهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ) فَإِنْ قَصَدَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوَّلُهَا الْغَدُ تَعَيَّنَ التَّفْرِيقُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُنْذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ بِغَيْرِ صَوْمٍ فَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَهَا صَائِمًا لَزِمَهُ التَّفْرِيقُ لِأَنَّ الصَّوْمَ الْمُتَتَابِعَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُتَفَرِّقِ كَمَا أَنَّ التَّفَرُّقَ لَا يَقُومُ مَقَامَ التَّتَابُعِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ إلَخْ) سَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْوَجْهُ) قَالَ فِي الْمَيْدَانِ لِلْأَكْثَرِينَ أَنْ يَقُولُوا الْمَحْذُورُ التَّفْرِيقُ وَلَا تَفَرُّقَ هَاهُنَا وَأَنْ يَمْنَعُوا عَدَمَ صِدْقِ الْيَوْمِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ إذَا مَضَى يَوْمٌ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ إذَا جَاءَ مِثْلُ ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَقَالُوا إذَا قَالَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أَجَّرْتُك هَذَا يَوْمًا صَحَّ وَكَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْإِجَارَةِ إلَى مِثْلِهِ وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ يَوْمًا فَجَاءَ مِثْلُ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَقَوْلُ الْخَلِيلِ أَنَّ الْيَوْمَ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ بَيَانٌ لِلْمِقْدَارِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ التَّصْرِيحُ بِهَذَا) قَالَ إذَا نَوَى اعْتِكَافَ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعًا لَزِمَهُ اللَّيْلَةُ مَعَهُمَا وَإِنْ نَوَى الْمُتَابَعَةَ فِي النَّهَارِ كَالصَّوْمِ لَمْ يَلْزَمْهُ اللَّيْلُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَتَابُعًا فَوَجْهَانِ وَإِنْ نَذَرَ لَيَالِيَ فَإِنْ نَوَى مُتَتَابِعًا لَزِمَتْهُ الْأَيَّامُ وَإِنْ نَوَى تَتَابُعَ اللَّيَالِي لَمْ تَلْزَمْهُ الْأَيَّامُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِي التَّتَابُعَ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهَا عَدَمُ الْوُجُوبِ) وَيُوَافِقُ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ مَا صَحَّحَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَزِمَهُ ضَمُّ اللَّيْلَةِ إلَيْهِ إنْ نَوَاهَا س الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتَكِفَ بَعْدَهُ يَوْمًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسَنُّ فِي هَذِهِ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا قَبْلَ الْعَشْرِ لِاحْتِمَالِ نَقْصِ الشَّهْرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْيَوْمُ دَاخِلًا فِي نَذْرِهِ لِكَوْنِهِ أَوَّلَ الْعَشَرَةِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ فَلَوْ فَعَلَ هَذَا ثُمَّ بَانَ النَّقْصُ فَهَلْ يُجْزِئُهُ عَنْ قَضَاءِ يَوْمٍ قَطَعَ الْبَغَوِيّ بِإِجْزَائِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ تَيَقَّنَ طُهْرًا وَشَكَّ فِي ضِدِّهِ فَتَوَضَّأَ مُحْتَاطًا فَبَانَ مُحْدِثًا (وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ لَا مُطْلَقٍ فَقَضَاهُ لَيْلًا أَجْزَأَهُ) وَإِنَّمَا لَمْ يُجْزِئُهُ فِي الْمُطْلَقِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ بِصِفَتِهِ الْمُلْتَزَمَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُعَيَّنِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْقِسْمَيْنِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَحَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ. (فَرْعٌ) لَوْ (نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ فَلَا شَيْءَ) عَلَيْهِ (إنْ قَدِمَ لَيْلًا) لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ وَقِيَاسُ نَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ نَدْبُ اعْتِكَافِ يَوْمٍ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا أَجْزَأَهُ الْبَقِيَّةُ) مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ لِأَنَّ الْوُجُوبَ إنَّمَا ثَبَتَ مِنْ حِينِ الْقُدُومِ لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فِي بَعْضِ يَوْمٍ بِخِلَافِ الصَّوْمِ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْضِيَ يَوْمًا كَامِلًا لِيَكُونَ اعْتِكَافُهُ مُتَّصِلًا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُزَنِيّ وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي النَّذْرِ يَقْتَضِي لُزُومَ قَضَائِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ فِي مَوْضِعٍ (وَإِنْ فَاتَتْ) أَيْ الْبَقِيَّةُ فِيمَا لَوْ قَدِمَ نَهَارًا (وَلَوْ بِمَرَضٍ) وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الِاعْتِكَافِ (قَضَاهَا) وُجُوبًا تَدَارُكًا لِمَا فَاتَ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَدِمَ حَيًّا مُخْتَارًا فَلَوْ قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا أَوْ قَدِمَ مُكْرَهًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَدِمَ لَيْلًا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَتَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ النَّاذِرَ جَعَلَ اعْتِكَافَهُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى حُضُورِ غَائِبِهِ عِنْدَهُ وَاجْتِمَاعِ شَمْلِهِ بِهِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِحُضُورِهِ مُكْرَهًا قُلْت لَكِنْ يَفُوتُهُ تَعْلِيقُهُ الْحُكْمَ بِالْقُدُومِ وَقُدُومُ الْمُكْرَهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا. (فَصْلٌ مَتَى نَذَرَ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا وَشَرَطَ الْخُرُوجَ) لِغَرَضٍ صَحَّ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالِالْتِزَامِ فَيَلْزَمُهُ بِحَسَبِ مَا الْتَزَمَهُ ثُمَّ إنْ شَرَطَهُ (لِخَاصٍّ) مِنْ الْأَغْرَاضِ (كَعِيَادَةِ الْمَرْضَى) وَتَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ (خَرَجَ لَهُ) دُونَ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَهَمَّ مِنْهُ (أَوْ عَامٍّ كَشُغْلٍ يَعْرِضُ لَهُ خَرَجَ لِكُلِّ شُغْلٍ) دِينِيٍّ كَالْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْعِيَادَةِ أَوْ دُنْيَوِيٍّ (مُبَاحٍ) كَلِفَاءِ السُّلْطَانِ وَاقْتِضَاءِ الْغَرِيمِ (إلَّا الْجِمَاعُ) فَلَا يُخْرِجُ لَهُ (وَإِنْ عَيَّنَهُ) بَلْ يَبْطُلُ بِهِ النَّذْرُ فِيمَا إذَا عَيَّنَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا يَأْتِي لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الِاعْتِكَافِ. (وَلَيْسَ التَّنَزُّهُ شُغْلًا) عَادَةً فَالْخُرُوجُ لَهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَخُرُوجِهِ لِشَغْلٍ مُحَرَّمٍ وَالتَّنَزُّهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَوْضِعِ نُزْهَةٍ يُقَالُ خَرَجْنَا نَتَنَزَّهُ فِي الرِّيَاضِ وَأَصْلُهُ مِنْ الْبُعْدِ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَمِمَّا يَضَعُهُ النَّاسُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ قَوْلُهُمْ خَرَجْنَا نَتَنَزَّهُ إذَا خَرَجُوا إلَى الْبَسَاتِينِ قَالَ وَإِنَّمَا التَّنَزُّهُ التَّبَاعُدُ عَنْ الْمِيَاهِ وَالْأَرْيَافِ وَمِنْهُ قِيلَ فُلَانُ يَتَنَزَّهُ عَنْ الْأَقْذَارِ وَيُنَزِّهُ نَفْسَهُ عَنْهَا أَيْ يُبَاعِدُهَا عَنْهَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْجَوْهَرِيُّ وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى لَفْظَةِ التَّنَزُّهِ أَوْلَى مِنْ جَمْعِ الْأَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّظَّارَةِ لِأَنَّهَا مُغْنِيَةٌ عَنْهَا وَأَوْضَحُ مِنْهَا فِي الْمَعْنَى (وَزَمَنُ الْخُرُوجِ) لَمَّا شَرَطَهُ (إنْ كَانَ فِي نَذْرٍ مُطْلَقٍ كَشَهْرٍ قَضَاهُ) وُجُوبًا بِالتَّيَمُّمِ الْمَنْذُورِ، فَائِدَةُ الشَّرْطِ تَنْزِيلُ ذَلِكَ الْغَرَضِ مَنْزِلَةَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي أَنَّ التَّتَابُعَ لَا يَنْقَطِعُ بِهِ (أَوْ) فِي نَذْرٍ (مُعَيَّنٍ كَهَذَا الشَّهْرِ فَلَا) يَلْزَمُهُ قَضَاءُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْذُرْهُ وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ التَّتَابُعَ لَمَّا كَانَ مِنْ ضَرُورَاتِ التَّعْيِينِ لَمْ يَجُزْ صَرْفُ الشَّرْطِ إلَى إفَادَةِ نَفْيِ قَطْعِهِ فَانْصَرَفَ إلَى إخْرَاجِ زَمَنِ مَا شَرَطَهُ مِنْ الْمُلْتَزَمِ وَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ الزَّمَنَ لَمْ يَكُنْ التَّتَابُعُ مِنْ ضَرُورَاتِهِ فَيُحْمَلُ الشَّرْطُ عَلَى إفَادَةِ نَفْيِ قَطْعِ التَّتَابُعِ دُونَ نُقْصَانِ الزَّمَنِ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ (شَرَطَ الْخُرُوجَ لِلشُّغْلِ وَنَحْوِهِ) كَجُوعٍ وَتَضَيُّفٍ (فِي صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ نَذَرَهُمَا أَوْ قَالَ فِي نَذْرِ الصَّدَقَةِ) بِشَيْءٍ (إلَّا إنْ احْتَاجَهُ صَحَّ النَّذْرُ وَالشَّرْطُ) كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ فَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِي إلَّا أَنْ أَحْتَاجَهُ فِي مُدَّةِ الْعُمْرِ صَحَّ وَإِذَا مَاتَ فِي هَذِهِ لَزِمَ إخْرَاجُ كُلِّ التَّرِكَةِ وَتَحْرِيمُ الْوَرَثَةِ وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ الْحِيلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (أَوْ) شَرَطَ الْخُرُوجَ لِمَا ذُكِرَ (فِي) نَذْرِ (الْحَجِّ صَحَّ) ذَلِكَ كَمَا فِي الْإِحْرَامِ الْمَشْرُوطِ (وَجَازَ الْخُرُوجُ) لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَالِاعْتِكَافِ وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ لِأَنَّ الْحَجَّ أَقْوَى مِنْ الِاعْتِكَافِ وَلِهَذَا يَجِبُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ وَلَا حَاجَةَ لَهُ بِذِكْرِ الْخِلَافِ. (وَإِنْ شَرَطَ قَطْعَ الِاعْتِكَافِ لِشُغْلٍ أَوْ قَالَ) عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ رَمَضَانَ مَثَلًا (إلَّا أَنْ أَمْرَضَ) أَوْ أُسَافِرَ (فَخَرَجَ لَهُ) أَيْ لِلشُّغْلِ (أَوْ مَرِضَ) أَوْ سَافَرَ (لَمْ يَلْزَمْهُ الْعَوْدُ) لِانْقِطَاعِ اعْتِكَافِهِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ الْخُرُوجَ لِذَلِكَ (وَلَوْ قَالَ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ مَهْمَا) أَوْ نَحْوَهَا كَإِنْ أَوْ مَتَى (أَرَدْت جَامَعْت لَمْ يَنْعَقِدْ النَّذْرُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ إلَخْ) هَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَالْمَجْمُوعُ هُنَا وَقَالَ فِيهِ أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ الْمُتَّفَقُ عَلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُزَنِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي لُزُومَ قَضَائِهِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ قَضَاءِ تَتِمَّةِ الْيَوْمِ وَمَعْلُومٌ دُخُولُ اللَّيْلَةِ حِينَئِذٍ لِلضَّرُورَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ اللُّزُومِ [فَصَلِّ نَذَرَ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا وَشَرَطَ الْخُرُوجَ] (قَوْلُهُ خَرَجَ لِكُلِّ شَغْلٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ شَرْطَ الشَّغْلِ كَوْنُهُ مُبَاحًا مَقْصُودًا غَيْرَ مُنَافٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ إلَخْ) لِأَنَّ الْجِمَاعَ بِوَضْعِهِ مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْذَارِ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَنْعَقِدُ مَعَ مُنَافِيه كَنِيَّةِ الْعِبَادَةِ مَعَ قِيَامِ مَا يُنَافِيهَا وَلَا يُقَاسُ هَذَا عَلَى أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُجَامِعَ بِقَصْدِ التَّرَخُّصِ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَظِيرُهُ وَإِنَّمَا نَظِيرُهُ أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ نَهَارًا وَذَلِكَ بَاطِلٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 لِمُنَافَاتِهِ لَهُ كَمَا لَوْ شَرَطَ الْخُرُوجَ لِمُحَرَّمٍ كَقَتْلٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ وَسَرِقَةٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (أَوْ) قَالَ (مَهْمَا أَرَدْت خَرَجْت انْعَقَدَ) النَّذْرُ كَشَرْطِهِ الْخُرُوجَ لِغَرَضٍ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَفِي سُقُوطِ التَّتَابُعِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ عَمَلًا بِالشَّرْطِ كَشَرْطِهِ الْخُرُوجَ لِغَرَضٍ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا إلْغَاءً لِلشَّرْطِ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِمُجَرَّدِ إرَادَتِهِ وَذَلِكَ يُنَافِي الِالْتِزَامَ. (فَرْعٌ يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِمَا يُنَافِي الِاعْتِكَافَ) كَالْجِمَاعِ وَالْإِنْزَالِ بِشَرْطِهِمَا (غَيْرِ الِاحْتِلَامِ وَالْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ وَالْجُنُونِ فَلَا يَنْقَطِعُ بِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي الْحَيْضِ لِعُرُوضِهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ (فَإِنْ خَرَجَ بِكُلِّ الْبَدَنِ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ مِنْ الرِّجْلَيْنِ) أَوْ الْيَدَيْنِ أَوْ الرَّأْسِ قَائِمًا أَوْ مُنْحَنِيًا (أَوْ) مِنْ (الْعَجْزِ) قَاعِدًا أَوْ مِنْ الْجَنْبِ مُضْطَجِعًا (بِلَا عُذْرٍ) مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِيَةِ (بَطَلَ) التَّتَابُعُ الْأَنْسَبُ بِكَلَامِهِ انْقَطَعَ وَقَوْلُهُ أَوْ الْعَجْزُ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) أَخْرَجَ (بَعْضًا غَيْرَ ذَلِكَ) كَأَنْ أَخْرَجَ رَأْسَهُ أَوْ إحْدَى يَدَيْهِ أَوْ كِلْتَيْهِمَا أَوْ إحْدَى رِجْلَيْهِ أَوْ كِلْتَيْهِمَا دُونَ اعْتِمَادٍ (أَوْ صَعِدَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ (مَنَارَةَ الْمَسْجِدِ وَبَابُهَا فِيهِ لَمْ يَضُرَّ) فِي التَّتَابُعِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خَارِجًا سَوَاءٌ أَصَعَدَ الْمَنَارَةَ لِلْأَذَانِ أَمْ لِغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي نَفْسِ الْمَسْجِدِ أَمْ الرَّحْبَةِ أَمْ خَارِجَةً عَنْ سَمْتِ الْبِنَاءِ وَتَرْبِيعِهِ أَيْ وَتَكُونُ حِينَئِذٍ فِي حُكْمِ الْمَسْجِدِ كَمَنَارَةٍ مَبْنِيَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ مَالَتْ إلَى الشَّارِعِ فَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَكِفُ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اُتُّخِذَ لِلْمَسْجِدِ جُنَاحٌ إلَى شَارِعٍ فَاعْتَكَفَ فِيهِ صَحَّ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْمَسْجِدِ وَلَيْسَ لَنَا اعْتِكَافٌ يَصِحُّ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ مِنْ غَيْرِ مَسْجِدٍ إلَّا فِي هَذِهِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَنَاحِ وَالْمَنَارَةِ لَائِحٌ (وَكَذَا لَوْ كَانَ) بَابُهَا (خَارِجَهُ) وَخَارِجَ رَحْبَتِهِ وَالْمَنَارَةُ قَرِيبَةٌ مِنْهُمَا (وَهُوَ) أَيْ الْمُعْتَكِفُ (مُؤَذِّنٌ رَاتِبٌ خَرَجَ لَهُ) أَيْ لِلْأَذَانِ عَلَيْهَا لَا يَضُرُّ لِإِلْفِهِ صُعُودَهَا لِلْأَذَانِ وَإِلْفِ النَّاسِ صَوْتَهُ بِخِلَافِ خُرُوجِ غَيْرِ الرَّاتِبِ لِلْأَذَانِ وَخُرُوجِ الرَّاتِبِ لِغَيْرِ الْأَذَانِ أَوْ لِلْأَذَانِ لَكِنْ بِمَنَارَةٍ لَيْسَتْ لِلْمَسْجِدِ أَوْ لَهُ لَكِنْ بَعِيدَةٌ عَنْهُ وَعَنْ رَحْبَتِهِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ رَحْبَتِهِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. (تَنْبِيهَانِ) أَحَدُهُمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَوْ أَخْرَجَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ فَفِيهِ نَظَرٌ قُلْت وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَضُرُّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ فِيمَا وَقَفَ جُزْؤُهُ شَائِعًا مَسْجِدًا. ثَانِيهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَقْرَبُ امْتِنَاعُ الْخُرُوجِ لِلْمَنَارَةِ فِيمَا إذَا حَصَلَ الشِّعَارُ بِالْأَذَانِ بِظَهْرِ السَّطْحِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَلَا يَبْطُلُ) الْأَنْسَبُ وَلَا يَنْقَطِعُ أَيْ التَّتَابُعُ (بِالْخُرُوجِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ (وَلَوْ كَثُرَ) خُرُوجُهُ لِقَضَائِهَا لِعَارِضٍ نَظَرًا إلَى جِنْسِهِ وَلِكَثْرَةِ اتِّفَاقِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا) أَيْ فِي جَوَازِ الْخُرُوجِ لِقَضَائِهَا (الضَّرُورَةُ وَلَا) يَبْطُلُ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِهِ (لِأَكْلٍ) وَإِنْ أَمْكَنَ فِيهِ فَقَدْ يَسْتَحْيِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الشُّرْبِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي إذْ لَا يَسْتَحْيِ مِنْهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ بِخِلَافِ الْمُخْتَصِّ وَالْمَهْجُورِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ (وَ) لَا بِخُرُوجِهِ لِأَجَلٍ (غُسْلِ الِاحْتِلَامِ) وَنَحْوِهِ كَإِنْزَالٍ بِفِكْرٍ وَوَطْءٍ غَيْرِ مُفْسِدٍ وَوِلَادَةٍ وَتَنَجُّسِ بَدَنٍ لِوُجُوبِهِ بِخِلَافِ خُرُوجِهِ لِلْغُسْلِ الْمَنْدُوبِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ (وَلَا يُكَلَّفُ) فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَمَا بَعْدَهُ (غَيْرَ دَارِهِ) كَسِقَايَةِ الْمَسْجِدِ وَدَارِ صَدِيقٍ لَهُ بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَخَرْمِ الْمُرُوءَةِ وَتَزِيدُ دَارُ الصَّدِيقِ بِالْمِنَّةِ بِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ لَا يَحْتَشِمُ مِنْ السِّقَايَةِ يُكَلَّفُهَا (فَلَوْ تَفَاحَشَ بُعْدُهَا) أَيْ دَارِهِ (وَثَمَّ لَائِقٌ) بِهِ (أَوْ تَرَكَ الْأَقْرَبَ مِنْ دَارٍ بِهِ) وَذَهَبَ إلَى أَبْعَدِهِمَا (لَمْ يَجُزْ) خُرُوجُهُ إلَيْهَا فَإِنْ خَالَفَ انْقَطَعَ التَّتَابُعُ إذْ قَالَ يَأْخُذُهُ الْبَوْلُ فِي عَوْدَةٍ فِي الْأُولَى فَيُبْقِي نَهَارَهُ فِي قَطْعِ الْمَسَافَةِ وَلِاغْتِنَائِهِ بِالْأَقْرَبِ عَنْ الْأَبْعَدِ فِي الثَّانِيَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَجِدْ لَائِقًا بِهِ فَيَجُوزُ خُرُوجُهُ (فَرْعٌ لَوْ عَادَ فِي طَرِيقِهِ أَوْ فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ عَمَلًا بِالشَّرْطِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ كَالْجِمَاعِ إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلِاعْتِكَافِ) عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ مُخْتَارًا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ زَمَنِ خُرُوجِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ أَوْ كِلْتَيْهِمَا دُونَ اعْتِمَادٍ) مِثْلُهُ مَا لَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ لِمَنَارَةٍ لَيْسَتْ لِلْمَسْجِدِ) يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا إذَا بُنِيَتْ لِمَسْجِدٍ مُتَّصِلٍ بِمَسْجِدٍ الِاعْتِكَافِ فَيَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهَا بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَسَاجِدَ الْمُتَّصِلَةَ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ قُلْت وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَضُرُّ) الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ لِعَدَمِ صِدْقِ اسْمِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَغُسْلِ الِاحْتِلَامِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَيَغْتَسِلُ سَرِيعًا لَا فِي الْمَسْجِدِ انْتَهَى نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْخُرُوجُ لِلِاغْتِسَالِ طَالَ الزَّمَانُ أَوْ قَصُرَ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ لِلْغُسْلِ بَلْ لَهُ فِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ خِلَافًا بَلْ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اسْتَدْعَى الْغُسْلُ مُكْثًا فَإِنَّ الْمُكْثَ وَلَوْ لِلْغُسْلِ حَرَامٌ اتِّفَاقًا وَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْتَدْعِ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فِي طَرِيقِهِ نَهْرٌ أَوْ بَحْرٌ فَانْغَمَسَ فِيهِ بِسُرْعَةٍ (بَسْطٌ) قَالَ الْقُوتُ فَلَوْ عَدِمَ الْمَاءَ مُطْلَقًا أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ بِوُجُودِ الْمَاءِ فَهَلْ يَجِبُ الْخُرُوجُ لِلتَّيَمُّمِ مَعَ إمْكَانِهِ فِي الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ تُرَابِهِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ الْخُرُوجُ حَيْثُ كَانَ لَا يَتَيَمَّمُ فِيهِ إلَّا بِمُكْثٍ كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ لَا يَحْتَشِمُ مِنْ السِّقَايَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ السِّقَايَةِ بِمَا سَبَقَ أَنَّ مَنْ لَا يَحْتَشِمُ مِنْ دُخُولِهَا لَا بِعُذْرٍ بِمُجَاوَزَتِهَا إلَى مَنْزِلَةٍ وَهُوَ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْمُتَوَلِّي وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ الظَّاهِرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ فِي السِّقَايَةِ الْمُسْبَلَةِ مَحَلُّهُ فِي الْمُبْتَذَلَةِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ مَصُونَةً لَا يَدْخُلُهَا إلَّا أَهْلُ الْمَكَانِ كَبَعْضِ الْخَوَانِقِ وَالرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ فَإِذَا اعْتَكَفَ أَحَدُهُمْ فِي مَسْجِدِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ الْمُضِيُّ إلَى مَنْزِلِهِ قَطْعًا (قَوْلُهُ فَلَوْ تَفَاحَشَ بَعْدَهَا) ضَابِطُ الْفُحْشِ أَنْ يَذْهَبَ أَكْثَرُ الْوَقْتِ فِي التَّرَدُّدِ إلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 بَيْتِ دَارٍ قَضَاءِ الْحَاجَةِ مَرِيضًا وَلَمْ يَطُلْ) مُكْثُهُ (أَوْ صَلَّى) فِي ذَلِكَ (عَلَى جِنَازَةٍ وَلَمْ يَنْتَظِرْهَا جَازَ) لِقِصَرِ الزَّمَنِ فِيهِمَا وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ مَا لَوْ عَادَ مَرِيضًا فِي بَيْتٍ مِنْ دَارٍ غَيْرِ الدَّارِ الَّتِي قَضَى فِيهَا حَاجَتَهُ أَوْ انْتَظَرَ الْجِنَازَةَ فَلَا يَجُوزُ وَقَدْ صَرَّحَ بِبَعْضِ ذَلِكَ بَعْدُ وَيَرْجِعُ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ لِلْعُرْفِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَجَعَلَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ قَدْرَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ حَدًّا لِلْقِلَّةِ وَاحْتَمَلَاهُ لِجَمِيعِ الْأَعْرَاضِ (وَلَوْ عَدَلَ) عَنْ طَرِيقِهِ (إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الْعِيَادَةِ فِي غَيْرِ الْبَيْتِ الَّذِي قَالَهُ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَوْ (قَلِيلًا أَوْ جَامَعَ سَائِرًا) كَأَنْ كَانَ فِي هَوْدَجٍ (أَوْ تَأَنَّى فِي مَشْيِهِ غَيْرَ الْعَادَةِ بَطَلَ) التَّتَابُعُ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْأُولَى بِإِنْشَائِهِ سَيْرًا لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْجِمَاعِ إذْ هُوَ أَشَدُّ إعْرَاضًا عَنْ الْعِبَادَةِ مِمَّنْ أَطَالَ الْوُقُوفَ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَفِي الثَّالِثَةِ بِتَأَنِّيهِ عَنْ الْعَادَةِ وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى عَادَتِهِ وَلَا يُكَلَّفَ الْإِسْرَاعَ فَوْقَهَا وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ (وَلَهُ الْوُضُوءُ) الْوَاجِبُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ (تَبَعًا لِلِاسْتِنْجَاءِ) وَإِنْ خَرَجَ لَهُ دُونَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيمَا يَظْهَرُ فَشُمُولُ كَلَامِهِ لِلْخُرُوجِ لَهُ فَقَطْ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَبْطُلُ) التَّتَابُعُ (بِالْخُرُوجِ لِلْعَطَشِ وَالْوُضُوءِ) الْمَذْكُورِ (إنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ فِي الْمَسْجِدِ) بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَهُ وَبِخِلَافِ الْوُضُوءِ الْمَنْدُوبِ كَالْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ نَعَمْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَنْدُوبَ لِغُسْلِ الِاحْتِلَامِ وَنَحْوِهِ مُغْتَفَرٌ كَالتَّثْلِيثِ فِي الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ. [فَرْعٌ الِاعْتِكَافُ إنْ لَمْ يَسَعْهُ الطُّهْرُ مِنْ الْحَيْضِ بِأَنْ طَالَتْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ] (فَرْعٌ) (الِاعْتِكَافُ إنْ لَمْ يَسَعْهُ الطُّهْرُ) مِنْ الْحَيْضِ بِأَنْ طَالَتْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ بِحَيْثُ لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْحَيْضِ غَالِبًا قَالَ الْبَغَوِيّ وَالنَّوَوِيُّ كَأَنْ زَادَتْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (لَمْ يَقْطَعْ الْحَيْضُ تَتَابُعَهُ) كَصَوْمِ شَهْرَيْ الْكَفَّارَةِ لِعُرُوضِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ وَسِعَهُ الطُّهْرُ (قَطَعَهُ) لِأَنَّهَا بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ تُشْرَعَ كَمَا طَهُرَتْ وَكَالْحَيْضِ النِّفَاسُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَمَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ مُحْوِجٍ) إلَى الْخُرُوجِ بِأَنْ شَقَّ مَعَهُ الْمُقَامُ لِحَاجَتِهِ إلَى فِرَاشٍ وَخَادِمٍ وَتَرَدُّدِ طَبِيبٍ أَوْ خَافَ مِنْهُ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ كَمَا سَيَأْتِي لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ الْحُمَّى الْخَفِيفَةِ وَالصُّدَاعِ وَنَحْوِهِمَا وَكَالْمَرَضِ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ كَمَا مَرَّ وَيُفَارِقُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَرِيضِ إفْطَارُهُ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ حَيْثُ يُقْطَعُ تَتَابُعُهُ بِأَنَّ خُرُوجَهُ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ وَفِطْرَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ (أَوْ) خَرَجَ (لِنِسْيَانٍ) لِلِاعْتِكَافِ (أَوْ إكْرَاهٍ) بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ كَمَا فِي الْجِمَاعِ نَاسِيًا وَلِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَفِي مَعْنَى الْإِكْرَاءِ خَوْفُهُ مِنْ ظَالِمٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (أَوْ خَوْفِ غَرِيمٍ) لَهُ (وَهُوَ مُعْسِرٌ) وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ لِعُذْرِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) إنْ خَرَجَ (وَهُوَ غَنِيٌّ مُمَاطِلٌ) أَوْ مُعْسِرٌ وَلَهُ بَيِّنَةٌ فَيَنْقَطِعُ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْوَفَاءِ وَإِثْبَاتِ إعْسَارِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَرَجَ مُكْرَهًا بِحَقٍّ كَالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ يَعْتَكِفَانِ بِلَا إذْنٍ يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْوَجْهُ (أَوْ حُمِلَ وَأُخْرِجَ) لَمْ يَنْقَطِعْ كَمَا لَوْ أُوجِرَ الصَّائِمُ الطَّعَامَ (أَوْ خَرَجَ لِأَدَاءِ شَهَادَةٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا وَأَدَاؤُهَا) لَمْ يَنْقَطِعْ لِاضْطِرَارِهِ إلَى الْخُرُوجِ وَإِلَى سَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا أَوْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ فَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ الْخُرُوجِ وَإِلَّا فَتَحَمُّلُهُ لَهَا إنَّمَا يَكُونُ لِلْأَدَاءِ فَهُوَ بِاخْتِيَارِهِ وَظَاهِرًا أَنَّ مَحَلَّ هَذِهِ إذَا تَحَمَّلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ وَإِلَّا فَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ فَفَوَّتَهُ لِصَوْمِ كَفَّارَتِهِ لَزِمَتْهُ قَبْلَ النَّذْرِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ (أَوْ) خَرَجَتْ الْمُعْتَكِفَةُ لِأَجَلٍ (قَضَاءِ عِدَّةٍ لَا بِسَبَبِهَا وَلَا فِي مُدَّةِ إذْنِهِ) أَيْ زَوْجِهَا (لَهَا فِي الِاعْتِكَافِ) لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَارَةً لِلنِّكَاحِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُبَاشِرُ لِلْعِدَّةِ بِخِلَافِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْأَدَاءِ كَمَا مَرَّ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بِسَبَبِهَا كَأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمَشِيئَتِهَا فَقَالَتْ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ شِئْت أَوْ قَدَّرَ زَوْجُهَا مُدَّةً لِاعْتِكَافِهَا فَخَرَجَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ لَا بِسَبَبِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (أَوْ) خَرَجَ (لِإِقَامَةِ حَدٍّ) ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ إذْ الْجَرِيمَةُ لَا تُرْتَكَبُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ بِخِلَافِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ كَمَا مَرَّ (لَا) إنْ ثَبَتَ (بِإِقْرَارِهِ) فَيَنْقَطِعُ بِهِ التَّتَابُعُ فَقَوْلُهُ (لَمْ يَنْقَطِعْ) أَيْ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْمَذْكُورَاتِ جَوَابُ مَنْ وَلَا يَنْقَطِعُ أَيْضًا بِخُرُوجِهِ أَيْضًا بِخُرُوجِهِ لِقَيْءٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ خَوْفِ حَرِيقٍ وَلَا لِفَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَأْخِيرُهُمَا أَوْ أَمْكَنَ وَشَقَّ كَالْمَرَضِ وَكَمَا فَرَغَ مِنْ عُذْرِهِ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ (وَيَقْضِي) مَنْ خَرَجَ لِمَا لَا يَقْطَعُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَوْ عَدَلَ إلَيْهِمَا إلَخْ) رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنَّهُ لَا يَعُودُ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدُ جِنَازَةً وَلَا يَمَسُّ امْرَأَةً وَلَا يُبَاشِرُهَا وَلَا يَخْرُجُ إلَّا لِمَا لَا بُدٌّ مِنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ أَطْلَقَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا لِلْمَرِيضِ أَوْ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ فَيَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْخُرُوجِ لِذَلِكَ وَإِذَا عَادَ بَنَى وَقِيلَ يَسْتَأْنِفُ. (فَرْعٌ) لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ التَّطَوُّعِ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَتَشْيِيعِ جِنَازَةٍ وَهَلْ هُوَ أَفْضَلُ أَوْ تَرْكُهُ أَوْ هُمَا سَوَاءٌ وُجُوهٌ أَرْجَحُهَا أَوَّلُهَا (قَوْلُهُ كَأَنْ زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) لَا شَكَّ أَنَّ الْعِشْرِينَ تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا ع (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْوَجْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ قَضَاءِ عِدَّةٍ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ أَنْ تَجِبَ الْعِدَّةُ بِاخْتِيَارِهَا كَفِعْلِهَا مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَا بُدَّ مِنْهُ اهـ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مِنْهُ لِأَنَّهَا وَإِنْ فَعَلَتْ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فَالْمُوجِبُ لِلْعِدَّةِ هُوَ طَلَاقُ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى طَلَاقِهِ ثُمَّ عَلَّقَ عَلَى صِفَةٍ فَفَعَلْت الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ وَلِهَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ التَّعْلِيقُ مَعَ الصِّفَةِ طَلَاقٌ وَإِيقَاعٌ (قَوْلُهُ لَا بِسَبَبِهَا) أَمَّا إذَا كَانَتْ كَأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِقَوْلِهَا أَوْ فَعَلَهَا فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ (قَوْلُهُ أَوْ لِإِقَامَةِ حَدٍّ) هَذَا إذَا أَتَى بِمُوجِبِ الْحَدِّ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ فَإِنْ أَتَى بِهِ حَالَ الِاعْتِكَافِ كَمَا لَوْ قَذَفَ مَثَلًا فَإِنَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 التَّتَابُعَ بِغَيْرِ شَرْطٍ (مَا عَدَا زَمَنَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ فِيهِ أَمَّا زَمَنُ قَضَائِهَا فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنَى إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلِأَنَّ اعْتِكَافَهُ فِيهِ مُسْتَمِرٌّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ اخْتِصَاصُ هَذَا بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالْأَوْجَهُ جَرَيَانُهُ فِي كُلِّ مَا يَطْلُبُ الْخُرُوجَ لَهُ وَلَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ عَادَةً كَأَكْلٍ وَغُسْلِ جَنَابَةٍ وَأَذَانِ مُؤَذِّنٍ رَاتِبٍ بِخِلَافِ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ كَمَرَضٍ وَعِدَّةٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَالْمَوْقِعُ لِلرَّافِعِيِّ فِيمَا قَالَهُ إيهَامٌ وَقَعَ فِي الْوَجِيزِ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ مَنْ خَرَجَ لِمَا ذُكِرَ (تَجْدِيدُ النِّيَّةِ) بَعْدَ عَوْدِهِ (إنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ) وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ (كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالْغُسْلِ) الْوَاجِبِ وَالْأَذَانِ إذَا جَوَّزْنَا الْخُرُوجَ لَهُ (وَكَذَا لَوْ خَرَجَ لِمَا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ) وَكَانَ مِنْهُ بُدٌّ لِشُمُولِ النِّيَّةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ (وَأُلْحِقَ بِهِ الْخُرُوجُ لِغَرَضٍ اسْتَثْنَى) أَيْ اسْتِثْنَاءُ الْمُعْتَكِفِ (وَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّتَابُعِ فَجَامَعَ أَوْ خَرَجَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ عَادَ لِيُتِمَّ الْبَاقِي جَدَّدَ النِّيَّةَ) لِأَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَمَّا مَضَى (وَتَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ (الْجُمُعَةُ) فَيَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ لَهَا (وَإِنْ خَرَجَ لَهَا بَطَلَ) تَتَابُعُهُ (لِتَقْصِيرِهِ) بِعَدَمِ اعْتِكَافِهِ فِي الْجَامِعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْجُمُعَةُ تُقَامُ بَيْنَ أَبْنِيَةِ الْقَرْيَةِ لَا فِي جَامِعٍ لَمْ يَبْطُلْ تَتَابُعُهُ بِالْخُرُوجِ لَهَا وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ صَغِيرَةً لَا تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِأَهْلِهَا فَأُحْدِثَ بِهَا جَامِعٌ وَجَمَاعَةٌ بَعْدَ نَذْرِهِ وَاعْتِكَافِهِ وَلَوْ اسْتَثْنَى الْخُرُوجَ لَهَا وَكَانَ فِي الْبَلَدِ جَامِعَانِ فَمَرَّ عَلَى أَحَدِهِمَا وَذَهَبَ إلَى الْآخَرِ قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ تُصَلَّى فِيهِ أَوَّلًا لَمْ يَضُرَّهُ أَوْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ (وَإِنْ أَحْرَمَ الْمُعْتَكِفُ بِالْحَجِّ وَخَشِيَ فَوْتَهُ قَطَعَ الِاعْتِكَافَ وَلَمْ يَبْنِ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ عَلَى اعْتِكَافِهِ الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوْتَهُ أَتَمَّ اعْتِكَافَهُ ثُمَّ خَرَجَ لِحَجِّهِ (وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَبَانَ أَنَّهُ انْقَضَى) قَبْلَ نَذْرِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِأَنَّ اعْتِكَافَ شَهْرٍ قَدْ مَضَى مُحَالٌ (وَإِنْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ) لِمُنَافَاةِ الْجِمَاعِ لَهُ وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَمَهْمَا أَرَدْت جَامَعْت لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ [كِتَابُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ] (كِتَابُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) الْحَجُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا، لُغَةً: الْقَصْدُ وَشَرْعًا: قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ وَالْعُمْرَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ مَعَ ضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ لُغَةً: الزِّيَارَةُ وَقِيلَ: الْقَصْدُ إلَى مَكَان عَامِرٍ وَشَرْعًا: قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ (وَهُمَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (فَرْضٌ) أَيْ مَفْرُوضٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] وَلِقَوْلِهِ {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] أَيْ ائْتُوا بِهِمَا تَامَّيْنِ وَلِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: نَعَمْ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» وَأَمَّا خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ عَنْ جَابِرٍ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ قَالَ: لَا وَأَنْ تَعْتَمِرُوا فَهُوَ أَفْضَلُ» وَفِي رِوَايَةٍ «وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَك» فَضَعِيفٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى ضَعْفِهِ، وَلَا يُغْتَرُّ بِقَوْلِ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ عَدَمُ وُجُوبِهَا مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَى السَّائِلِ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ قَالَ وَقَوْلُهُ وَأَنْ تَعْتَمِرَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَلَا يُغْنِي عَنْ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا وَيُفَارِقُ الْغُسْلَ حَيْثُ يُغْنِي عَنْ الْوُضُوءِ بِأَنَّ الْغُسْلَ أَصْلٌ فَأَغْنَى عَنْ بَدَلِهِ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ أَصْلَانِ. (، وَلَمْ يُفْرَضَا فِي الْعُمْرِ إلَّا مَرَّةً) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «خَطَبَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكُلَّ عَامٍ: فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «عَنْ سُرَاقَةَ قَالَ قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ لَا بَلْ لِلْأَبَدِ» . (وَإِنْ ارْتَدَّ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ (ثُمَّ أَسْلَمَ) فَإِنَّهُ لَا يُفْرَضُ إلَّا مَرَّةً فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهُ؛ (لِأَنَّهَا) أَيْ الرِّدَّةَ (لَا تُحْبِطُ عَمَلَ مَنْ لَمْ يَمُتْ مُرْتَدًّا) لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى   [حاشية الرملي الكبير] يَنْقَطِعُ الْوَلَاءُ (قَوْلُهُ مَا عَدَا زَمَنِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَمُتَابِعُوهُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا قَالَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْفَحْصِ عَنْهُ اهـ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ) بِأَنْ قَصَدَهُ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ انْتَظَرَ مَجِيئُهُ (كِتَابُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) (قَوْلُهُ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى ضَعْفِهِ) ؛ لِأَنَّ فِي رِجَالِهِ ابْنَ أَرْطَاةَ وَابْنَ لَهِيعَةَ وَهُمَا ضَعِيفَانِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ) أَوْ سَأَلَ عَنْ عُمْرَةٍ ثَانِيَةٍ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْغُسْلَ أَصْلٌ فَأَغْنَى عَنْ بَدَلِهِ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ الْغُسْلَ فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ هُوَ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا حُطَّ عَنْهُ إلَى الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ تَخْفِيفًا. (قَوْلُهُ «لَوَجَبَتْ عَلَيْكُمْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» ) وَالْحَجُّ مُطْلَقًا إمَّا فَرْضُ عَيْنٍ، وَهُوَ هَاهُنَا أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَسَيَأْتِي فِي السِّيَرِ أَوْ تَطَوُّعٌ، وَاسْتُشْكِلَ تَصْوِيرُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَيْنِ لَا يَتَوَجَّهَانِ إلَيْهِمْ وَبِأَنَّ فِي حَجِّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ عَيْنٍ جِهَتَيْنِ: جِهَةُ تَطَوُّعٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَجِهَةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ مِنْ حَيْثُ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ الْتِزَامُ السُّؤَالِ إذْ لَمْ يَخْلُصْ لَنَا حَجُّ تَطَوُّعٍ عَلَى حِدَتِهِ وَفِي الْأَوَّلِ الْتِزَامُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَلَّفِينَ ثُمَّ إنَّهُ لَا يَبْعُدُ وُقُوعُهُ مِنْ غَيْرِهِمْ فَرْضًا وَيَسْقُطُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ كَمَا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ. اهـ. يُجَابُ عَنْهُ بِتَصْوِيرِهِ فِي مُكَلَّفِينَ لَمْ يُخَاطَبُوا بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِمْ وَقَدْ أَدَّوْا فَرْضَ الْعَيْنِ ثُمَّ تَحَمَّلُوا الْمَشَقَّةَ وَأَتَوْا بِهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُحْبِطُ عَمَلَ مَنْ لَمْ يَمُتْ مُرْتَدًّا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هَذَا ذُهُولٌ عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى حُبُوطِ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ مُهِمَّةُ غَفَلُوا عَنْهَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ مُرَادَهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: فَإِنْ قِيلَ مَا أُحْبِطَ مِنْ عَمَلِهِ قَبْلَ أَجْرِ عَمَلِهِ لَا إنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ فَرْضًا أَدَّاهُ مِنْ صَلَاةٍ، وَلَا صَوْمٍ، وَلَا غَيْرِهِمَا قَبْلَ أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217] وَبِهَذَا قَيَّدَ الْأَصْحَابُ بَقِيَّةَ الْآيَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 5] . وَإِنَّمَا يُفْرَضَانِ (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ حُرٍّ مُسْتَطِيعٍ) فَلَا يُفْرَضَانِ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ، وَلَا غَيْرِ مُمَيِّزٍ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ لِسَيِّدِهِ فَلَيْسَ مُسْتَطِيعًا، وَلَا فَرْضَ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ وَذَكَرَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَ مَرَاتِبَ: الصِّحَّةُ الْمُطْلَقَةُ وَصِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ، وَالْوُقُوعُ عَنْ النُّذُورِ وَالْوُقُوعُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَالْوُجُوبُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ (فَيُشْتَرَطُ) مَعَ الْوَقْتِ (الْإِسْلَامُ) وَحْدَهُ (لِلصِّحَّةِ) الْمُطْلَقَةِ فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ كَافِرٍ، وَلَا عَنْهُ أَصْلِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ وَ (مَعَ التَّمْيِيزِ) دُونَ مَا يَأْتِي (لِلْمُبَاشَرَةِ) فَلَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَإِنَّمَا يُحْرِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (وَمَعَ التَّكْلِيفِ) دُونَ مَا يَأْتِي (لِلنَّذْرِ) فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُمَا مِنْ كَافِرٍ، وَلَا غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَمَعَ الْحُرِّيَّةِ) دُونَ الِاسْتِطَاعَةِ (لِوُقُوعِهِ) أَيْ الْفِعْلِ الْآتِي بَيَانُهُ (عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ) وَعُمْرَتِهِ فَلَا يَقَعُ عَنْهُمَا مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ، وَلَا مِمَّنْ فِيهِ رِقٌّ لِخَبَرِ «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ عَتَقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ؛ وَلِأَنَّ النُّسُكَ عِبَادَةُ عُمْرٍ فَاعْتُبِرَ وُقُوعُهُ حَالَ الْكَمَالِ فَلَوْ تَكَلَّفَهُ الْفَقِيرُ وَقَعَ فَرْضُهُ لِكَمَالِ حَالِهِ بِخِلَافِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ (وَلَا يَتَكَرَّرُ) وُجُوبُهُمَا لِمَا مَرَّ (إلَّا بِنَذْرِ أَوْ قَضَاءٍ) لِتَكَرُّرِ مُقْتَضِيهِ فِيهِمَا. (فَرْعٌ الِاسْتِطَاعَةُ تَارَةً) تَكُونُ (بِالنَّفْسِ وَتَارَةً) تَكُونُ (بِالْغَيْرِ فَالْأُولَى تَتَعَلَّقُ بِخَمْسَةِ أُمُورٍ: الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ) لِتَفْسِيرِ السَّبِيلِ فِي الْآيَةِ بِهِمَا فِي خَبَرِ الْحَاكِمِ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَتُعْتَبَرُ أَوْعِيَةُ الزَّادِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي لِلضَّرُورَةِ إلَيْهَا (فَمَنْ فَضَلَ عَنْ دَيْنِهِ، وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ أُمْهِلَ بِهِ) ، وَلَوْ إلَى إيَابِهِ (وَ) عَنْ (نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَكِسْوَتُهُمْ اللَّائِقَةُ) بِهِ وَبِهِمْ ذَهَابًا وَإِيَابًا (وَكَذَا عَنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ يَحْتَاجُهُ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا (لِزَمَانَةٍ أَوْ مَنْصِبٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا (أَوْ عَنْ ثَمَنِهِمَا مَا يَصْرِفُهُ فِي الزَّادِ وَأَوْعِيَتِهِ وَمُؤَنِ السَّفَرِ ذَهَابًا وَإِيَابًا فَمُسْتَطِيعٌ) فَيَلْزَمُهُ النُّسُكُ، وَإِلَّا فَلَا كَنَظِيرِهِ فِي الْكَفَّارَةِ وَصَرَّحَ الدَّارِمِيُّ بِمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَتْرُكَ لِمُمَوِّنِهِ نَفَقَةَ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ، وَوَجْهُ اعْتِبَارِ كَوْنِ مَا ذُكِرَ فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ أَنَّ الْحَالَّ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي وَالْمُؤَجَّلَ يَحِلُّ عَلَيْهِ فَإِذَا صَرَفَ مَا مَعَهُ فِي الْحَجِّ لَمْ يَجِدْ مَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ. وَقَدْ يُقَالُ: الْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ مَا يَشْمَلُ مَا ذُكِرَ وَإِعْفَافَ الْأَبِ وَأُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ لِحَاجَتِهِ وَحَاجَةِ الْقَرِيبِ وَالْمَمْلُوكِ إلَيْهِمَا وَلِحَاجَةِ غَيْرِهِمَا إذَا تَعَيَّنَ الصَّرْفُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُسَمُّونَهُ نَفَقَةً كَمَا يُسَمُّونَهُ مُؤْنَةً، وَاللَّائِقَةُ صِفَةٌ لِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ لَا لِفَاعِلِ تَلْزَمُهُ فَتَأَمَّلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ الْمَرْأَةَ الْمَكْفِيَّةَ بِإِسْكَانِ الزَّوْجِ وَإِخْدَامِهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ قَدْ تَنْقَطِعُ فَتَحْتَاجُ إلَيْهِمَا وَكَذَا الْمَسْكَنُ لِلْمُتَفَقِّهَةِ السَّاكِنِينَ بِبُيُوتِ الْمَدَارِسِ وَالصُّوفِيَّةِ بِالرُّبُطِ وَنَحْوِهَا اهـ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ بَلْ الْمُتَّجَهُ: أَنَّ هَؤُلَاءِ مُسْتَطِيعُونَ لِاسْتِغْنَائِهِمْ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ الْمُعْتَبَرُ وَلِهَذَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ كَانَ غَنِيًّا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ (فَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةَ الْقَصْرِ) مُطْلَقًا (أَوْ دُونَهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ) عَنْ الْمَشْيِ لِأَدَاءِ النُّسُكِ بِأَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ أَوْ يَنَالَهُ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ (فَلَا بُدَّ أَنْ يَفْضُلَ لَهُ) عَمَّا ذَكَرَهُ (مَا يَصْرِفُهُ فِي الرَّاحِلَةِ) أَيْضًا فَإِنْ كَانَ قَوِيًّا عَلَى الْمَشْيِ بِلَا مَشَقَّةٍ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ بِخِلَافِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ بِزَحْفٍ أَوْ حَبْوٍ وَاعْتَبَرُوا الْمَسَافَةَ هُنَا مِنْ مَبْدَأِ سَفَرِهِ إلَى مَكَّةَ لَا إلَى الْحَرَمِ عَكْسُ مَا اعْتَبَرُوهُ فِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي التَّمَتُّعِ رِعَايَةً لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِمَا، وَفِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الرَّاحِلَةِ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَرَفَاتٍ أَكْثَرُ نُظِرَ. (وَيُسَنُّ لِقَادِرٍ) عَلَى الْمَشْيِ لَا يَجِدُ رَاحِلَةً بَلْ زَادًا أَوْ لَهُ صَنْعَةٌ يَكْتَسِبُ بِهَا مُؤْنَتَهُ، وَهُوَ (لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ أَنْ يَحُجَّ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى إسْقَاطِ الْفَرْضِ   [حاشية الرملي الكبير] يُرِيدَ؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ مُسْلِمًا ثُمَّ بَسَطَ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ هَذَا لَمْ يَرِدْ هَذَا النَّصُّ عَلَى قَوْلِنَا لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْحَجِّ. اهـ. عَلَى أَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ فِي الْأَسَالِيبِ مَنَعَ إحْبَاطَ الثَّوَابِ وَقَالَ: إذَا حَجَّ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا فَحَجَّهُ ثَابِتٌ، وَفَائِدَةُ الْحَجِّ الْمَنْعُ مِنْ الْعِقَابِ، وَلَوْ لَمْ يَحُجَّ لَعُوقِبَ عَلَى تَرْكِ الْحَجِّ وَلَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ ثَوَابًا فَإِنَّ دَارَ الثَّوَابِ الْجَنَّةُ، وَهُوَ لَا يَدْخُلُهَا فَأَمَّا إذَا مَاتَ مُسْلِمًا فَالْحَجُّ قَدْ قُضِيَ عَلَى الصِّحَّةِ، وَالْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَالثَّوَابُ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ فَلَا مَعْنَى لِلْإِحْبَاطِ فِي حَقِّهِ أَصْلًا. . اهـ. (قَوْلُهُ لِوُقُوعِهِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ) شَمَلَ مَا لَوْ أَتَى بِهِمَا وَعِنْدَهُ أَنَّهُ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ فَبَانَ بَالِغًا حُرًّا. (قَوْلُهُ وَالرَّاحِلَةُ) الرَّاحِلَةُ مَا يُرْكَبُ مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى قَالَ الطَّبَرِيُّ وَفِي مَعْنَاهَا كُلُّ حَمُولَةٍ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَيْهَا فِي طَرِيقِهِ مِنْ بِرْذَوْنٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا صَحِيحٌ فِيمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرَاحِلُ يَسِيرَةٌ يُسَافِرُ فِي الْعَادَةِ عَلَى الْحُمُرِ وَنَحْوِهَا إلَيْهَا فِي مِثْلِ تِلْكَ الطَّرِيقِ دُونَ أَهْلِ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْإِبِلِ لَا يَقْوَى عَلَى الْمَسَافَاتِ الشَّاقَّةِ وَقَوْلُهُ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ إلَخْ) وَذَكَرُوا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِصَدَقَتِهِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ لَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ) وَيُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الْمُهَذَّبِ مَسْكَنٌ بَدَّلَهُ مِنْ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَوَجَدَ أُجْرَةَ رَاحِلَةٍ لَا تَفِي بِجَمِيعِ مَسَافَةٍ بَلْ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى أُجْرَةٍ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَشْيِهَا قَالَ فِي الْخَادِمِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الرُّكُوبُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَفِي بِهِ أُجْرَتَهُ ثُمَّ يَمْشِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ بِالرُّكُوبِ يَنْتَهِي لِحَالَةٍ تَلْزَمُهُ فَهِيَ مُقَدِّمَةُ الْوَاجِبِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 بِمَشَقَّةٍ لَا يُكْرَهُ تَحَمُّلُهَا كَالْمُسَافِرِ إذَا قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَخَرَجَا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ زَادًا وَلَيْسَ لَهُ صَنْعَةٌ وَاحْتَاجَ إلَى أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ كُرِهَ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ وَلِأَنَّ فِيهِ تَحَمُّلَ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي اسْتِحْبَابِ الْمَشْيِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْأُمِّ وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ قَالَ إلَّا أَنَّهُ لِلرَّجُلِ آكَدُ نَعَمْ فِي التَّقْرِيبِ أَنَّ لِلْوَلِيِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَنْعَهَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَلِيَّ هُنَا الْعَصَبَةُ وَيَتَّجِهُ إلْحَاقُ الْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ بِهِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَعَلَّ هَذَا فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ عِنْدَ التُّهْمَةِ، وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ التُّهْمَةُ فِي الْفَرْضِ. (وَالْحَجُّ) لِوَاجِدِ الرَّاحِلَةِ (رَاكِبًا أَفْضَلُ) مِنْهُ مَاشِيًا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى مُهِمَّاتِ الْعِبَادَةِ مَعَ الرُّكُوبِ أَيْسَرُ. (وَيُشْتَرَطُ لِلْمَرْأَةِ وَمَنْ يَتَضَرَّرُ بِالرَّاحِلَةِ) أَيْ بِرُكُوبِهَا بِأَنْ تَلْحَقَهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ بِأَنْ يَخْشَى مِنْهُ الْمَرَضَ (شِقٌّ) أَيْ وِجْدَانُ شِقٍّ (مَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ وَبِالْعَكْسِ خَشَبَةٌ يَكُونُ الرَّاكِبُ فِيهَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ (إنْ وَجَدَ شَرِيكًا) الْأَوْلَى وَشَرِيكٌ أَيْ وَوِجْدَانُ شَرِيكٍ يَجْلِسُ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى مُؤْنَةِ الْمَحْمِلِ بِتَمَامِهِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ؛ لِأَنَّ بَذْلَ الزَّائِدِ خَسْرَانٌ لَا مُقَابِلَ لَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ زَادٍ وَغَيْرِهِ إذَا أَمْكَنَتْ الْمُعَادَلَةُ بِهِ يَقُومُ مَقَامَ الشَّرِيكِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الشَّرِيكِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الْوَجْهُ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ نَقْلًا عَنْ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ اعْتِبَارَ الْمَحْمِلِ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَا يَلِيقُ بِهَا رُكُوبُهَا بِدُونِهِ أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهَا، أَمَّا غَيْرُهَا فَالْأَشْبَهُ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ، وَحَيْثُ اُعْتُبِرَتْ الرَّاحِلَةُ وَشِقُّ الْمَحْمِلِ فَالْمُرَادُ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْهُمَا، وَلَوْ (بِشِرَاءٍ أَوْ كِرَاءٍ بِثَمَنِ) الْمِثْلِ فِي الْأَوَّلِ (أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ) فِي الثَّانِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لَهَا يُوجِبَانِ الْحَجَّ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ وَلَوْ وُقِفَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ وَقَبِلَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ وَصَحَّحْنَاهُ فَلَا شَكَّ فِي الْوُجُوبِ نَعَمْ لَوْ حَمَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَأَهْلِ وَظَائِفِ الرَّكْبِ مِنْ الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ فَفِي الْوُجُوبِ نَظَرٌ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِمَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا نَدَبَ أَحَدًا لِمُهِمٍّ يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ لَزِمَهُ الْقَبُولُ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ ذَلِكَ فَاضِلًا عَمَّا مَرَّ (ذَهَابًا وَإِيَابًا) إلَى وَطَنِهِ (، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) بِهِ (أَهْلٌ) ، وَلَا عَشِيرَةٌ لِمَا فِي الْغُرْبَةِ مِنْ الْوَحْشَةِ وَلِنَزْعِ النُّفُوسِ لِلْأَوْطَانِ (فَإِنْ تَضَرَّرَ) مَنْ ذُكِرَ بِالْمَحْمِلِ أَيْ بِالرُّكُوبِ فِيهِ (فَكَنِيسَةٌ) تُشْتَرَطُ لَهُ، وَهُوَ أَعْوَادٌ مُرْتَفِعَةٌ بِجَوَانِبِ الْمَحْمِلِ عَلَيْهَا سِتْرٌ يَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَيُسَمَّى فِي الْعُرْفِ مَجْمُوعُ ذَلِكَ مَحَارَةٌ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْكَنْسِ وَهُوَ السَّتْرُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: 16] أَيْ الْمَحْجُوبَاتِ. (وَيُصْرَفُ) لُزُومًا (لَهُمَا) أَيْ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوْ لِلزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ مَعَ مَا ذُكِرَ (رَأْسُ مَالِهِ) فِي التِّجَارَةِ (وَضَيْعَتُهُ) أَيْ وَثَمَنُ ضَيْعَتِهِ الَّتِي يَسْتَغِلُّهَا وَإِنْ بَطَلَتْ تِجَارَتُهُ وَمُسْتَغَلَّاتُهُ كَمَا يَلْزَمُهُ مَصْرِفُهُمَا فِي دَيْنِهِ وَفَارَقَا الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا فِي الْحَالِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ يَتَّخِذُهُ ذَخِيرَةً لِلْمُسْتَقْبَلِ (وَلَوْ كَانَ دَارٌ وَعَبْدٌ نَفِيسَانِ لَا يَلِيقَانِ بِهِ لَزِمَهُ) إبْدَالُهُمَا بِمَا يَلِيقَانِ بِهِ (وَإِنْ كَفَاهُ الزَّائِدُ عَلَى اللَّائِقِ) بِهِ لِمُؤْنَةِ النُّسُكِ وَمِثْلُهَا الثَّوْبُ النَّفِيسُ كَنَظِيرِهِ فِي الْكَفَّارَةِ وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الْمَأْلُوفِينَ، وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ بِمَا قَدَّمْتُهُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَلَوْ أَمْكَنَ بَيْعُ بَعْضِ الدَّارِ وَلَوْ غَيْرَ نَفِيسَةٍ وَوَفَّى ثَمَنُهُ بِمُؤْنَةِ النُّسُكِ لَزِمَهُ أَيْضًا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْجَارِيَةُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَرْأَةِ إلَخْ) يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ لَا يَلِيقُ بِهَا أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ إلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهَا أَوْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا فِي الْأَسْفَارِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَسَكَتُوا عَنْ الْخُنْثَى، وَالْقِيَاسُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ إنْ وَجَدَ شَرِيكًا) إطْلَاقُهُ الشَّرِيكَ يَشْمَلُ اللَّائِقَ بِمُجَالَسَتِهِ وَغَيْرَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِمُجَالَسَتِهِ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْوَلِيمَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ نَصًّا فِيمَا يَعْتَادُهُ عُظَمَاءُ الدُّنْيَا مِنْ بَيْتٍ صَغِيرٍ يُتَّخَذُ مِنْ خَشَبٍ يُسَمُّونَهُ الْمُحَفَّةُ يُحْمَلُ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَقَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَوْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رُكُوبُهُ لِعِظَمِ الْمُؤْنَةِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ وُجُودَ شَرِيكٍ يَجْلِسُ فِي شِقِّ الْمَحْمِلِ الْآخَرِ، وَقَدْ يُتَخَيَّلُ اغْتِفَارُ ذَلِكَ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ لَا بُعْدِهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْحَجُّ إلَّا فِيهِ لِشِدَّةِ الضَّنَى وَالْهَرَمِ وَالْفَالِجِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَمْرَاضِ الْوُجُوبُ عِنْدَ الْمُكْنَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إنْ قَدَرَ فِي الْمَحْمِلِ بِلَا ضَرَرٍ وَكَانَ وَاجِدًا لَهُ وَالْمُرْكِبُ غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَرْكَبَ الْمَحْمِلَ أَوْ مَا أَمْكَنَهُ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُرْكِبِ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَهْلًا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي إلَخْ) وَهُوَ الْمُتَّجَهُ؛ لِأَنَّ الْمُعَادَلَةَ بِالزَّادِ وَنَحْوِهِ لَا تَقُومُ فِي السُّهُولَةِ مَقَامَ الشَّرِيكِ عِنْدَ النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ وَنَحْوَ ذَلِكَ ت (قَوْلُهُ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْخُنْثَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِي) أَوْ شِرَائِهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا شَكَّ فِي الْوُجُوبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِمَا فِي الْغُرْبَةِ مِنْ الْوَحْشَةِ إلَخْ) وَلِذَلِكَ جُعِلَتْ عُقُوبَةً فِي حَقِّ الزَّانِي. (قَوْلُهُ وَلِنَزْعِ النُّفُوسِ لِلْأَوْطَانِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَهُ بَلَدٌ نَشَأَ فِيهِ وَاسْتَوْطَنَهُ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ وُجُودُ نَفَقَةِ الْإِيَابِ كَذَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَحُكْمُ الرَّاحِلَةِ لِلْإِيَابِ حُكْمُ النَّفَقَةِ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ لِلرُّجُوعِ بِمَنْ لَهُ بِالْحِجَازِ حِرْفَةٌ أَوْ صَنْعَةٌ تَقُومُ بِمُؤْنَتِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ وُجُودُ نَفَقَةِ الْإِيَابِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ الْقَوْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَضَرَّرَ بِالْمَحْمِلِ إلَخْ) الضَّابِطُ فِي ذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنْ يَلْحَقَهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ بَيْنَ الْمَحْمِلِ وَالرَّاحِلَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 النَّفِيسَةُ الْمَأْلُوفَةُ كَالْعَبْدِ إنْ كَانَتْ لِلْخِدْمَةِ فَإِنْ كَانَتْ لِلتَّمَتُّعِ لَمْ يُكَلَّفْ بَيْعَهَا قَالَ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ لَمْ أَرَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا كَالْعَبْدِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْعَلَقَةَ فِيهَا كَالْعَلَقَةِ فِيهِ قُلْت، وَقَدْ يُؤَيَّدُ بِمَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي حَاجَةِ النِّكَاحِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَلْزَمُ الْفَقِيهَ بَيْعُ كُتُبِهِ لِلْحَجِّ فِي الْأَصَحِّ لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كُلِّ كِتَابٍ نُسْخَتَانِ فَيَلْزَمُهُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا لِعَدَمِ حَاجَتِهِ إلَيْهَا. (فَرْعٌ حَاجَةُ) الشَّخْصِ (إلَى النِّكَاحِ وَلَوْ خَافَ الْعَنَتَ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْمَلَاذِّ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ (لَكِنَّ تَقْدِيمَ النِّكَاحِ لِخَائِفِهِ) أَيْ الْعَنَتِ (أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ النِّكَاحِ نَاجِزَةٌ وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي وَتَقْدِيمُ الْحَجِّ أَفْضَلُ لِغَيْرِ خَائِفِ الْعَنَتِ (فَرْعٌ لَوْ ادَّخَرَ) أَيْ وَجَدَ (الْمُكْتَسِبُ كِفَايَةَ أَهْلِهِ) ، وَلَمْ يَجِدْ مَا يَصْرِفُهُ إلَى الزَّادِ (وَكَانَ يَكْتَسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ وَالسَّفَرُ قَصِيرٌ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ) لِلنُّسُكِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِكَسْبِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ يَكْتَسِبُ كِفَايَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ أَوْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا (فَلَا) يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ لِانْقِطَاعِهِ عَنْ الْكَسْبِ أَيَّامَ الْحَجِّ فِي الْأَوَّلِ وَلِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ فِي الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ فِي الْحَضَرِ عَلَى أَنْ يَكْتَسِبَ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِيهِ لَهُ وَلِلْحَجِّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَفَقُّهًا إنْ كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا أُلْزِمُوا بِهِ فِي السَّفَرِ فَفِي الْحَضَرِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ طَوِيلًا فَكَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ. اهـ. وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ فِي الطَّوِيلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ الِاكْتِسَابُ لِإِيفَاءِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَلِإِيجَابِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ لِإِيفَائِهِ أَوْلَى، الْوَاجِبُ فِي الْقَصِيرِ إنَّمَا هُوَ الْحَجُّ لَا الِاكْتِسَابُ، وَلَوْ قِيلَ إنَّ الْمُرَادَ فِي الطَّوِيلِ ذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي الْقَصِيرِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ غَالِبًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ. وَأَيَّامُ الْحَجِّ سَبْعَةٌ أَوَّلُهَا بَعْدَ زَوَالِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَآخِرُهَا بَعْدَ زَوَالِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْهُ وَقَضِيَّةُ تَحْدِيدِهَا بِالزَّوَالَيْنِ أَنَّهَا سِتَّةٌ لَكِنَّهُ اعْتَبَرَ فِيهَا تَمَامَ الطَّرَفَيْنِ تَغْلِيبًا فَعَدَّهَا سَبْعَةً وَاسْتَنْبَطَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ التَّعْلِيلِ بِانْقِطَاعِهِ عَنْ الْكَسْبِ فِيهَا أَنَّهَا سِتَّةٌ قَالَ: وَهِيَ أَيَّامُ الْحَجِّ مِنْ خُرُوجِ النَّاسِ غَالِبًا، وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ الثَّامِنِ إلَى آخِرِ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفْرَ الْأَوَّلَ. (وَالدَّيْنُ الْحَالُّ عَلَى) مَلِيءٍ (مُقِرٍّ أَوْ مُنْكِرٍ) وَ (عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) بِهِ (كَالْحَاصِلِ) مَعَهُ فَيَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْ الطُّرُقِ الْمُوَصِّلَةِ لِلْحَقِّ الظَّفَرُ بِشَرْطٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْحَاصِلِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِالظَّفَرِ (وَ) الدَّيْنُ (الْمُؤَجَّلُ وَنَحْوُهُ) كَالْحَالِّ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مُنْكِرٍ لَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ (وَالْمَالُ الْمَوْجُودُ بَعْدَ خُرُوجِ الْقَافِلَةِ كَالْمَعْدُومِ) فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ، وَقَدْ يُجْعَلُ الْأَوَّلُ وَسِيلَةً إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَيَبِيعُ مَالَهُ مُؤَجَّلًا قَبْلَ وَقْتِ الْخُرُوجِ إذْ الْمَالُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: وَيُسَنُّ لِقَاصِدِ الْحَجِّ أَنْ يَكُونَ خَالِيًا عَنْ التِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا فِي طَرِيقِهِ فَإِنْ خَرَجَ بِنِيَّةِ الْحَجِّ وَالتِّجَارَةِ فَحَجَّ وَاتَّجَرَ صَحَّ حَجُّهُ، وَسَقَطَ بِهِ عَنْهُ فَرْضُ الْحَجِّ وَلَكِنَّ ثَوَابَهُ دُونَ الْمُتَخَلِّي عَنْ التِّجَارَةِ (الْأَمْرُ الثَّالِثُ الطَّرِيقُ فَيُشْتَرَطُ أَمْنٌ) فِيهِ، وَلَوْ ظَنًّا (لَائِقٌ) بِالسَّفَرِ، وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِالْحَضَرِ (عَلَى النَّفْسِ وَالْبُضْعِ وَالْمَالِ) وَلَوْ يَسِيرًا فَلَوْ خَافَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ نُسُكٌ لِتَضَرُّرِهِ وَلِهَذَا جَازَ التَّحَلُّلُ بِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُرَادُ الْخَوْفُ الْعَامُّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي حَقِّهِ وَحْدَهُ قُضِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ كَالزَّمِنِ بِخِلَافِ مَنْ حَجَّ أَوَّلَ مَا تَمَكَّنَ فَأُحْصِرَ مِنْ الْقَوْمِ -   [حاشية الرملي الكبير] مَا يَلْحَقُهُ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا كَالْعَبْدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَلْزَمُ الْفَقِيهَ بَيْعُ كُتُبِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ سِلَاحُ الْجُنْدِيِّ وَخَيْلُهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا لِلْقِتَالِ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ حَاجَةُ الشَّخْصِ إلَى النِّكَاحِ وَلَوْ خَافَ الْعَنَتَ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ] (قَوْلُهُ لَكِنَّ تَقْدِيمَ النِّكَاحِ لِخَائِفِهِ أَفْضَلُ) قَالَ شَيْخُنَا فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ قُضِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَلَكِنْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ وَذَلِكَ كَافٍ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ إذَا الشَّيْءُ لَا يَكُونُ مَطْلُوبَ الْفِعْلِ مَطْلُوبَ التَّرْكِ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُ الْحَجِّ أَفْضَلُ لِغَيْرِ خَائِفِ الْعَنَتِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَمْ أَرَ لِلنَّاسِ كَلَامًا فِيمَا لَوْ كَانَ لَا يَصْبِرُ عَنْ الْجِمَاعِ لِغِلْمَةٍ هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْوُجُوبِ الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِصْحَابِ مَا يُسْتَمْتَعُ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْقَوْلُ بَعْدُ مُسْتَبْعَدٌ مَعَ اتِّجَاهِهِ. انْتَهَى وَمَا تَرَدَّدَ فِيهِ كَلَامُهُمْ شَامِلٌ لَهُ. (قَوْلُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ بِكَسْبِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ اعْتِبَارُ تَيَسُّرِ الْكَسْبِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ خُرُوجِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَفَقُّهًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ، وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ الثَّامِنِ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخَائِرِ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ كَانَ مَكِّيًّا وَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَكْتَسِبَ يَوْمًا مَا يَكْفِيهِ لِأَيَّامِ الْحَجِّ وَجَبَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي حَقِّهِ وَحْدَهُ إلَخْ) نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ هُنَا فَقَالَ مَنْ حَبَسَهُ سُلْطَانٌ أَوْ عَدُوٌّ أَوْ غَيْرُهُ فَلَمْ يُمْكِنْهُ الْحَجُّ وَكَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ قَادِرًا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَجَّ لَازِمٌ لَهُ يُقْضَى عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَالْمَرِيضِ، وَيَسْتَنِيبُ إنْ أَيِسَ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ الْوُجُوبُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يَقْضِي عَنْهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنُ هُوَ أَوْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ نَصَّ عَلَيْهِ. انْتَهَى ثُمَّ ذَكَرَ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ أَنَّهُ يُسْتَنْبَطُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ كَوْنِ الزَّوْجَةِ لَا تُحْرِمُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَخَّرَتْ لِمَنْعِ الزَّوْجِ وَمَاتَتْ قُضِيَ مِنْ تَرِكَتِهَا، وَلَا تَعْصِي لِلْمَنْعِ إلَّا أَنْ تَكُونَ تَمَكَّنَتْ قَبْلَ الزَّوْجِ فَتَعْصِي قَالَ: وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ حِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا. انْتَهَى، وَعَبَّرَ الْأَذْرَعِيُّ هُنَا بِنَظِيرِ مَا عَبَّرَ بِهِ السُّبْكِيُّ هُنَا وَقَالَ صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ. انْتَهَى، وَفِي الْخَادِمِ قِيلَ: إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِطَاعَةِ الْمَرْأَةِ إذْنُ الزَّوْجِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي أَنَّ لِلزَّوْجِ مَنْعَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ وَإِنْ مَنَعَهَا الزَّوْجُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ مِنْ تَعْلِيقِهِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا فِي الْأُمِّ وَمَا يَشْهَدُ لَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ انْتَهَى مُلَخَّصًا قَالَ بَعْضُهُمْ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ فِي الْحَصْرِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْفَرْضُ مُسْتَقِرًّا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ الِاسْتِطَاعَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَصْرِ وَإِنْ كَانَ الْحَصْرُ خَاصًّا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ فِي الْخَادِمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ إنَّ الزَّوْجَةَ إنْ لَمْ تَسْتَطِعْ إلَّا بَعْدَ التَّزْوِيجِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ إلَّا أَنْ يَرْضَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 ثُمَّ تَحَلَّلَ وَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْحَجِّ إذْ لَا يَجِدُ إلَيْهِ سَبِيلًا بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ غَيْرَهُ مِثْلُهُ فِي خَوْفِ الْعَدُوِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَالِ بِالْمَالِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لِلْمُؤَنِ أَمَّا لَوْ أَرَادَ اسْتِصْحَابَ مَالٍ خَطِيرٍ لِلتِّجَارَةِ وَكَانَ الْخَوْفُ لِأَجْلِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ (وَلَوْ) كَانَ الْأَمْنُ (بِأَبْعَدِ الطَّرِيقِينَ) إلَى مَكَّةَ (إنْ اسْتَطَاعَهُ) بِأَنْ وَجَدَ مَا يَقْطَعُهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ النُّسُكُ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا سِوَاهُ. (وَيَجِبُ) النُّسُكُ (وَلَوْ عَلَى امْرَأَةٍ بِغَلَبَةِ السَّلَامَةِ فِي الْبَحْرِ) ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ مَسْلُوكٌ فَأَشْبَهَ الْبَرَّ وَسَيَأْتِي فِي الْحَجْرِ بَيَانُ حُكْمِ إرْكَابِ الصَّبِيِّ وَمَالِهِ وَالْبَهِيمَةِ وَالرَّقِيقِ وَرُكُوبِ الْحَامِلِ الْبَحْرَ. (وَيَحْرُمُ رُكُوبُهُ إنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ) لِخُصُوصِ ذَلِكَ الْبَحْرِ أَوْ لِهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ (وَكَذَا لَوْ تَسَاوَيَا) أَيْ السَّلَامَةُ وَالْهَلَاكُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ (فَإِنْ رَكِبَهُ وَمَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَكْثَرُ) مِمَّا قَطَعَهُ (فَلَهُ الرُّجُوعُ) إلَى وَطَنِهِ (أَوْ) مَا بَيْنَ يَدَيْهِ (أَقَلُّ أَوْ تَسَاوَيَا فَلَا) رُجُوعَ لَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّمَادِي لِقُرْبِهِ مِنْ مَقْصِدِهِ فِي الْأَوَّلِ وَاسْتِوَاءِ الْجِهَتَيْنِ فِي حَقِّهِ فِي الثَّانِي، وَهَذَا بِخِلَافِ جَوَازِ تَحَلُّلِ الْمُحْرِمِ فِيمَا إذَا أَحَاطَ بِهِ الْعَدُوُّ؛ لِأَنَّ الْمُحْصَرَ مَحْبُوسٌ وَعَلَيْهِ فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ مَشَقَّةٌ بِخِلَافِ رَاكِبِ الْبَحْرِ نَعَمْ إنْ كَانَ مُحْرِمًا كَانَ كَالْمُحْصَرِ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ الرُّجُوعِ مَعَ أَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ خَشِيَ الْعَضَبَ أَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَضَاقَ وَقْتُهُ أَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ تِلْكَ السَّنَةَ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ اسْتِقْرَارُ الْوُجُوبِ هُنَا (إنْ وَجَدَ بَعْدَ الْحَجِّ طَرِيقًا آخَرَ) فِي الْبَرِّ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ لِئَلَّا يَتَحَمَّلَ زِيَادَةَ الْخَطَرِ بِرُكُوبِ الْبَحْرِ فِي رُجُوعِهِ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي صُورَةِ الْأَقَلِّ، وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ (وَلَا خَطَرَ فِي الْأَنْهَارِ الْعَظِيمَةِ كَجَيْحُونَ) وَسَيُحَوُّنَّ وَالدِّجْلَةِ فَيَجِبُ رُكُوبُهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ فِيهَا لَا يَطُولُ وَخَطَرُهَا لَا يَعْظُمُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي قَطْعِهَا عَرْضًا أَوْ قَطْعِهَا طُولًا فَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ هِيَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ أَشَدُّ خَطَرًا مِنْ الْبَحْرِ وَيُرَدُّ النَّظَرُ بِأَنَّ جَانِبَهَا قَرِيبٌ يُمْكِنُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ سَرِيعًا بِخِلَافِهِ فِي الْبَحْرِ. (فَإِنْ كَانَ) مَنْ يُرِيدُ النُّسُكَ (امْرَأَةً اُشْتُرِطَ) أَنْ يَخْرُجَ (مَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ) بِنَسَبٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ» وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِمَا: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ فِي أَبِي دَاوُد بَدَلَ الْيَوْمَيْنِ بَرِيدًا، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ كَوْنُهُمَا ثِقَتَيْنِ، وَهُوَ فِي الزَّوْجِ وَاضِحٌ، وَأَمَّا فِي الْمَحْرَمِ فَسَبَبُهُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ وَكَالْمَحْرَمِ عَبْدُهَا الْأَمِينُ صَرَّحَ بِهِ الْمَرْعَشِيُّ وَابْنُ أَبِي الصَّيْفِ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ الْأَمْنُ عَلَى نَفْسِهَا إلَّا فِي مُرَاهِقٍ ذِي وَجَاهَةٍ بِحَيْثُ يَحْصُلُ مَعَهُ الْأَمْنُ لِاحْتِرَامِهِ وَشَرَطَ الْعَبَّادِيُّ فِي الْمَحْرَمِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ (أَوْ نِسْوَةٌ ثِقَاتٌ وَلَا يُشْتَرَطُ) أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُنَّ (مَحْرَمٌ) أَوْ زَوْجٌ (لِإِحْدَاهُنَّ) لِانْقِطَاعِ الْأَطْمَاعِ بِاجْتِمَاعِهِنَّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِغَيْرِ الثِّقَاتِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمَحَارِمِ لِعَدَمِ الْأَمْنِ وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ بُلُوغُهُنَّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِخَطَرِ السَّفَرِ إلَّا أَنْ تَكُنَّ مُرَاهِقَاتٍ، فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِنَّ وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ ثَلَاثٌ غَيْرُهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ الْمُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِاجْتِمَاعِ أَقَلِّ الْجَمْعِ، وَهُوَ ثَلَاثٌ بِهَا. اهـ. وَاعْتِبَارُ الْعَدَدِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى   [حاشية الرملي الكبير] الزَّوْجُ كَمَا نَقُولُ شَرْطُ اسْتِطَاعَتِهَا وُجُودُ الْمَحْرَمِ. انْتَهَى وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ عَنْهُ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ لَوْ حُبِسَ أَهْلُ الْبَلَدِ عَنْ الْحَجِّ أَوَّلُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ لَا يَسْتَقِرُّ وُجُوبُهُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ حُبِسَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَهَلْ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ، فِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا لَا. انْتَهَى فَعُلِمَ أَنَّ النَّصَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَإِنَّ الْأَصَحَّ مُقَابِلُهُ لَكِنْ فِي مَنَاسِكِ ابْنِ جَمَاعَةَ حِكَايَةُ الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَنَّ الْأَصَحَّ اسْتِقْرَارُهُ عَلَيْهِ. انْتَهَى، (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّمَادِي لِقُرْبِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَثْرَةِ وَالتَّسَاوِي الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ النَّظَرُ إلَى الْمَسَافَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْخَوْفِ فِي جَمِيعِ الْمَسَافَةِ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ وَغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَا أَمَامَهُ أَقَلَّ مَسَافَةً لَكِنَّهُ أَخْوَفُ أَوْ هُوَ الْمَخُوفُ لَا يَلْزَمُهُ التَّمَادِي وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ مَسَافَةً وَلَكِنَّهُ سَلِيمٌ وَخَلَفَ الْمَخُوفُ وَرَآهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ مُحْرِمًا إلَخْ) هَذَا مَرْدُودٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ حُكْمِ الْمُحْصَر. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ امْرَأَةً اُشْتُرِطَ مَعَهَا زَوْجٌ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَوْ اسْتَطَاعَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ مَا نُكِحَتْ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهَا الْحَجُّ حَتَّى يَأْذَنَ لَهَا الزَّوْجُ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَهُ مَنْعُهَا فَإِنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَلَوْ وَجَبَ الْحَجُّ عَلَى بَالِغَةٍ بِكْرٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا؛ لِأَنَّ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا الْمُبَادَرَةَ إلَى أَدَاءِ فَرْضِ الْحَجِّ وَلَهَا غَرَضٌ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْهُ وَهَذِهِ بِكْرٌ لَا يُجْبِرُهَا الْأَبُ إلَّا بِإِذْنِهَا. انْتَهَى (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشَرَطَ الْعَبَّادِيُّ فِي الْمُحْرِمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ بُلُوغُهُنَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَا مَعْنَى لَهُ إلَخْ) وَصَوَّبَ ابْنُ الْعِمَادِ اعْتِبَارَ ثَلَاثٍ غَيْرَهَا وَاسْتَوْضَحَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى فِي اسْتِحْبَابِ كَوْنِ الرُّفْقَةِ أَرْبَعَةً أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ اثْنَانِ لِحَاجَةٍ بَقِيَ اثْنَانِ فَيَسْتَأْنِسَانِ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّ الذَّاهِبَ وَحْدَهُ أَوْ الْمُتَخَلِّفَ إنْ ذَهَبَ اثْنَانِ يَسْتَوْحِشُ فَالنِّسْوَةُ أَوْلَى إذْ الذَّاهِبَةُ مِنْ الثَّلَاثِ لِلْحَاجَةِ وَحْدَهَا أَوْ الْمُتَخَلِّفَةُ عِنْدَ الْمَتَاعِ يُخْشَى عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْأَرْبَعِ. انْتَهَى. وَفِي الْخَادِمِ أَنَّ الْأَشْبَهَ اعْتِبَارُ ثَلَاثٍ غَيْرَهَا وَذَكَرَ نَحْوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَمَاتَ لَزِمَهَا إتْمَامُهُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَفِي مَعْنَاهُ مَنْ أُقِيمَ مَقَامَهُ وَفِي مَعْنَى مَوْتِهِ انْقِطَاعُهُ بِمَرَضٍ أَوْ أَسْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَاعْتِبَارُ الْعَدَدِ إلَخْ) هَذَا، وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْوُجُوبِ امْرَأَةٌ وَحْدَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الْعَدَدِ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ أَوْ نِسَاءٌ ثِقَاتٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 الْوُجُوبِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ الْوَاحِدَةِ لِفَرْضِ الْحَجِّ عَلَى الصَّحِيحِ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ وَكَذَا وَحْدَهَا إذَا أَمِنَتْ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ مَا دَلَّ مِنْ الْأَخْبَارِ عَلَى جَوَازِ السَّفَرِ وَحْدَهَا. (وَلَوْ سَافَرَتْ لِغَيْرِ فَرْضِ الْحَجِّ) كَزِيَارَةٍ وَتِجَارَةٍ (لَمْ يَجُزْ مَعَ النِّسْوَةِ) لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ؛ وَلِأَنَّهُ سَفَرٌ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَلَوْ تَرَكَ لَفْظَ الْحَجِّ كَانَ أَوْلَى فَقَدْ حَمَلَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَخْبَارَ السَّابِقَةَ عَلَى الْأَسْفَارِ غَيْرِ الْوَاجِبَةِ قَالَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ بِبَلَدٍ لَا قَاضِيَ بِهِ، وَادُّعِيَ عَلَيْهَا مِنْ مَسِيرَةِ أَيَّامٍ لَزِمَهَا الْحُضُورُ مَعَ غَيْرِ مَحْرَمٍ إذَا كَانَ مَعَهَا امْرَأَةٌ وَيَلْزَمُهَا أَيْضًا الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَتْ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّ خَوْفَهَا ثَمَّ أَكْثَرُ مِنْ خَوْفِ الطَّرِيقِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ مِنْ الْمَحْرَمِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْأَةِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ نِسْوَةٌ مِنْ مَحَارِمِهِ كَأَخَوَاتِهِ وَعَمَّاتِهِ جَازَ وَإِنْ كُنَّ أَجْنَبِيَّاتٍ فَلَا؛ لِأَنَّهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهِنَّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ. اهـ. وَقَالَ قَبْلَ هَذَا بِيَسِيرٍ: الْمَشْهُورُ جَوَازُ خَلْوَةِ رَجُلٍ بِنِسْوَةٍ لَا مَحْرَمَ لَهُ فِيهِنَّ لِعَدَمِ الْمَفْسَدَةِ غَالِبًا؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ يَسْتَحْيِينَ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا فِي ذَلِكَ مُعْتَرِضًا بِهِ قَوْلُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ فَاسْتَغْنَى بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ عَنْ مِثْلِهِ فِي الْخُنْثَى الْمُلْحَقِ بِالرَّجُلِ احْتِيَاطًا. (فَإِنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ رُصَدِي) بِفَتْحِ الرَّاءِ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَإِسْكَانِهَا، وَهُوَ مَنْ يَرْقُبُ النَّاسَ لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ مَالًا عَلَى الْمَرَاصِدِ (لَمْ يَجِبْ) نُسُكٌ (وَإِنْ رَضِيَ بِالْيَسِيرِ) لِمَا مَرَّ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُعْطِي لَهُ هُوَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَجَبَ ذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَسَكَتَ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِلْمِنَّةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْعِمَادِ بَلْ الْقِيَاسُ الْوُجُوبُ كَمَا يَجُوزُ قَضَاءُ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْلِهِ لِلْمِنَّةِ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بِأَخْذِ الْمَالِ وَالْمَدْفُوعُ عَنْهُ هُنَا لَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ وَإِنَّمَا سَبِيلُ هَذَا سَبِيلُ دَفْعِ الصَّائِلِ فِيهِ نَظَرٌ (وَيُكْرَهُ إعْطَاؤُهُ) أَيْ الرَّصَدَيْ مَالًا إذْ فِيهِ تَحْرِيضٌ عَلَى الطَّلَبِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ كَرَاهَةُ الْإِعْطَاءِ لِلرَّصَدِيِّ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي بَابِ مَوَانِعِ إتْمَامِ الْحَجِّ مِنْ تَخْصِيصِهَا بِالْكَافِرِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَإِعْطَاءُ الْمَالِ أَسْهَلُ مِنْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا قَبْلَهُ فَلَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ لِارْتِكَابِ الذُّلِّ. (فَإِنْ خَافُوا) أَيْ مُرِيدُو الْخُرُوجِ لِلنُّسُكِ (قِتَالَ كُفَّارٍ يُطِيقُونَهُمْ اُسْتُحِبَّ) لَهُمْ (الْخُرُوجُ) لِذَلِكَ وَيُقَاتِلُونَهُمْ لِيَنَالُوا ثَوَابَ النُّسُكِ وَالْجِهَادِ (أَوْ) خَافُوا قِتَالَ (مُسْلِمِينَ فَلَا) يُسْتَحَبُّ لَهُمْ ذَلِكَ (وَلَوْ وَجَدُوا خَفِيرًا) أَيْ مُجِيرًا (يَأْمَنُونَ مَعَهُ أَوْ) وَجَدَتْ (الْمَرْأَةُ وَلِيًّا) أَوْ نَحْوَهُ (بِأُجْرَةٍ) أَيْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ (لَزِمَهُمْ) إخْرَاجُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أُهَبِ النُّسُكِ فَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِهِ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا أَنْ طُلِبَتْ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْخَفَارَةِ بِتَثْلِيثِ الْخَاءِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ وَصَحَّحَاهُ، وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ لُزُومِ أُجْرَتِهَا؛ لِأَنَّهَا خُسْرَانٌ لِدَفْعِ الظُّلْمِ وَلِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَتُهُ فِي الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ فَلَا يَجِبُ النُّسُكُ مَعَ طَلَبِهَا، وَنَقَلَ هَذَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاهِيرِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْخُرَاسَانِيِّينَ ثُمَّ قَالَ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْخَفَارَةِ مَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدِيُّ فِي الْمَرَاصِدِ وَهَذَا لَا يَجِبُ الْحَجُّ مَعَهُ بِلَا خِلَافٍ فَلَا يَكُونُونَ مُتَعَرِّضِينَ لِمَسْأَلَةِ الْإِمَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الصُّورَتَيْنِ فَيَكُونُ خِلَافَ مَا قَالَهُ لَكِنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ أَصَحُّ وَأَظْهَرُ فِي الدَّلِيلِ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ عَلَى الْجُمْلَةِ وُجُوبَ الْحَجِّ وَقَدْ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ مَعَ اطِّلَاعِهِمَا عَلَى عِبَارَةِ الْأَصْحَابِ الَّتِي ذَكَرْتهَا وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ: ظَاهِرٌ فِي الدَّلِيلِ وَإِنْ أَشْعَرَتْ عِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ بِخِلَافِهِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَقَدْ أَجَابَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّصْحِيحِ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ النَّصِّ. (فَرْعٌ وَلَيْسَ غَلَاءُ الْأَسْعَارِ فِي الطَّرِيقِ عُذْرًا) فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ (إنْ بَاعُوا بِثَمَنِ الْمِثْلِ اللَّائِقِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ) بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَبُوا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ لِعِظَمِ الْمُؤْنَةِ (وَيَجِبُ حَمْلُ الْمَاءِ وَالزَّادِ   [حاشية الرملي الكبير] فَيُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْجِهَةَ لَا الْعَدَدَ، ثُمَّ رَدَّ الْجَمْعَ السَّابِقَ بِالنَّصِّ الْمَذْكُورِ لِكَوْنِهِ صَرَّحَ فِيهِ بِالْوُجُوبِ عَلَيْهَا مَعَ الْوَاحِدَةِ وَبِأَنَّ الْجَوَازَ هُنَا لَازِمٌ لِلْوُجُوبِ فَإِنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ إذَا جَازَ وَجَبَ، وَجَوَابُ ذَلِكَ أَنَّ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ وَالْأُمِّ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ، وَقَدْ حَكَاهُ الْأَصْلُ وَالْكَلَامُ الْأَخِيرُ لَيْسَ كُلِّيًّا بَلْ أَكْثَرِيٌّ (قَوْلُهُ كَزِيَارَةٍ وَتِجَارَةٍ) أَيْ وَحَجِّ تَطَوُّعٍ، وَلَوْ تَطَوَّعَتْ بِحَجٍّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَلَهَا إتْمَامُهُ (قَوْلُهُ لَزِمَهَا الْحُضُورُ مَعَ غَيْرِ مَحْرَمٍ) قَالَ شَيْخُنَا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْإِحْصَارَ عِنْدَ الِاسْتِعْدَاءِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَمَا دُونَهَا، وَهُوَ الْمُرَجَّحُ نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا سَمِعَ الْحُجَّةَ عَلَيْهِ وَثَبَتَ الْحَقُّ ثُمَّ اسْتَعْدَى عَلَيْهِ لِوَفَائِهِ (قَوْلُهُ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ خَافَ الْأَمْرَدُ الْجَمِيلَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِي حَقِّهِ مَنْ يَأْمَنُ مَعَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَرِيبٍ وَنَحْوِهِ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُعْطَى لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْوُجُوبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ وَجَدَتْ الْمَرْأَةُ وَلِيًّا أَوْ نَحْوَهُ بِأُجْرَةٍ إلَخْ) أُجْرَةُ الزَّوْجِ كَالْمَحْرَمِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَفِي تَهْذِيبِ ابْنِ النَّقِيبِ وَجَامِعِ الْمُخْتَصَرَاتِ لِلنَّسَائِيِّ أَنَّ النِّسْوَةَ الثِّقَاتِ كَالْمَحْرَمِ فِي الْأُجْرَةِ، وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ الْمُتَّجَهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِرْشَادُ حَيْثُ أَخَّرَ قَوْلَهُ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ عَنْ ذِكْرِ النِّسْوَةِ خِلَافًا لِأَصْلِهِ وَقَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الْأَقْرَبُ مَنْعُ لُزُومِهَا لِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ أُجْرَةِ الْمَحْرَمِ بَعِيدٌ س وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ أُجْرَةِ الزَّوْجِ مَا لَوْ أَفْسَدَ حَجَّهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ بَلْ لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ عَنْهَا بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (قَوْلُهُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الدَّلِيلِ إلَخْ) وَكَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 فِي الْمَفَازَةِ الْمُعْتَادَةِ) أَيْ الْمُعْتَادِ حَمْلُهَا فِيهَا (لَا) حَمْلُ (عَلَفِ الدَّابَّةِ) فَلَا يَجِبُ بَلْ يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ لِعِظَمِ تَحَمُّلِ الْمُؤْنَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْعَادَةِ فِيهِ كَالْمَاءِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ سُلَيْمٌ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ عَدِمَ) ذَلِكَ (فِي) بَعْضِ (الْمَرَاحِلِ) الَّتِي يُعْتَادُ حَمْلُهُ مِنْهَا (رَجَعَ) إلَى وَطَنِهِ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِ النُّسُكِ فَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِهِ وُجُودُ ذَلِكَ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُعْتَادِ حَمْلُهُ مِنْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ جَهِلَ الْمَانِعَ) لِلْوُجُوبِ مِنْ وُجُودِ عَدُوٍّ أَوْ عَدَمِ زَادٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (وَثَمَّ أَصْلٌ اُسْتُصْحِبَ) فَيَعْمَلُ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَصْلٌ (وَجَبَ الْخُرُوجُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَانِعِ (وَيَتَبَيَّنُ اللُّزُومُ) لِلْخُرُوجِ (بِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْمَانِعِ) فَلَوْ ظَنَّ كَوْنَ الطَّرِيقِ فِيهِ مَانِعٌ فَتَرَكَ الْخُرُوجَ ثُمَّ بَان أَنْ لَا مَانِعَ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ) لِلْوُجُوبِ (خُرُوجُ رُفْقَةٍ) مَعَهُ (وَقْتَ الْعَادَةِ) أَيْ عَادَةِ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ (لَا) إنْ خَرَجَتْ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ وَقْتِ الْعَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ مَعَهَا؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَعْظُمُ وَكَذَا إنْ خَرَجَتْ بَعْدَهُ بِأَنْ أَخَّرَتْ الْخُرُوجَ بِحَيْثُ لَا تَبْلُغُ مَكَّةَ إلَّا بِأَنْ تَقْطَعَ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَكْثَرُ مِنْ مَرْحَلَةٍ لِتَضَرُّرِهِ، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مَفْهُومَانِ مِنْ قَوْلِهِ وَقْتَ الْعَادَةِ يُعْتَبَرُ فِي اللُّزُومِ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهَا مَعَهُ (بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ) فَلَوْ كَانَتْ تَسِيرُ فَوْقَ الْعَادَةِ لَمْ يَلْزَمُهُ لِتَضَرُّرِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُهَا مَعَهُ (إنْ اُحْتِيجَتْ) أَيْ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِدَفْعِ الْخَوْفِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الطَّرِيقُ لَا يَخَافُ الْوَاحِدُ فِيهَا لَزِمَهُ، وَلَا حَاجَةَ إلَى الرُّفْقَةِ وَلَا نَظَرَ إلَى الْوَحْشَةِ بِخِلَافِهَا فِيمَا مَرَّ فِي التَّمِيمِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لِمَا هُنَا بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ النَّظَرِ إلَيْهَا هُنَا أَيْضًا كَمَا اعْتَبَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِخِلَافِ كَلَامِ أَصْلِهِ. الْأَمْرُ (الرَّابِعُ الْبَدَنُ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الْمَرْكُوبِ) ، وَلَوْ فِي مَحْمِلٍ أَوْ كَنِيسَةٍ (بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) فَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ فِي مَحْمِلٍ أَوْ كَنِيسَةٍ عَلَى مَا مَرَّ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ النُّسُكُ بِنَفْسِهِ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ بِخِلَافِ مَنْ انْتَفَتْ عَنْهُ الْمَشَقَّةُ فِيمَا ذَكَرَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ النُّسُكُ كَمَا مَرَّ. (ثُمَّ الْقَائِدُ لِلْأَعْمَى وَحَافِظُ النَّفَقَةِ لِلسَّفِيهِ) فِي الطَّرِيقِ (كَالْمَحْرَمِ لِلْمَرْأَةِ) فَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ النُّسُكِ الْقُدْرَةُ عَلَى أُجْرَتِهِمَا إنْ طَلَبَتْ وَقَوْلُهُ لِلسَّفِيهِ أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَذَكَرَ حُكْمَ حَافِظِ نَفَقَتِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَفَقُّهًا (وَلَا يُحْلِلْ الْوَلِيُّ السَّفِيهَ مِنْ الْفَرْضِ) حَجًّا أَوْ عُمْرَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْإِحْرَامِ بِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ إلَى فَرَاغِهِ (وَلَا) يُحْلِلْهُ (مِنْ تَطَوُّعٍ أَحْرَمَ بِهِ أَوْ) مِنْ (نَذْرٍ) أَيْ نُسُكٍ مَنْذُورٍ (نَذَرَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ) عَلَيْهِ فِيهِمَا وَإِنْ أَحْرَمَ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَهُ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ فِيهَا وَكَوْنُهُ فِي حُكْمِ الرَّشِيدِ حَالَ الْإِحْرَامِ فِي الْأُولَى (لَا) إنْ أَحْرَمَ فِي الْأُولَى أَوْ نَذَرَ فِي الثَّانِيَةِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَجْرِ فَلَهُ تَحْلِيلُهُ بِأَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْإِتْمَامِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْإِحْرَامِ (إلَّا إنْ كَفَتْهُ نَفَقَةُ الْحَضَرِ أَوْ تَمَّمَهَا بِكَسْبِهِ) فِي طَرِيقِهِ؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ بِدُونِ التَّعَرُّضِ لِلْمَالِ مُمْكِنٌ قَالَ فِي الْمَطَالِبِ وَفِيهِ فِي مَسْأَلَةِ كَسْبِهِ نَظَرٌ إذَا كَانَ عَمَلُهُ مَقْصُودًا بِالْأُجْرَةِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّبَرُّعُ بِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إتْلَافًا لِمَنَافِعِهِ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ حَاصِلًا، وَلَا يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُهُ مَعَ غِنَاهُ بِخِلَافِ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْوَلِيِّ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَعْدُ فَقَالَ إلَّا أَنْ يُلَاحَظَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ فَلَا يُعَدُّ مِنْ الْأَمْوَالِ كَمَا لَوْ أَصْدَقَ الْأَبُ عَنْ ابْنِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْلُ، وَلَا غَيْرُهُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ التَّطَوُّعِ فَذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ النَّذْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ قِيَاسًا عَلَى تِلْكَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ نَفَقَةُ الْحَضَرِ، وَلَا تَمَّمَهَا بِكَسْبِهِ (مَنَعَهُ) صِيَانَةً لِمَالِهِ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ لَا بَعْدَهُ (وَتَحَلَّلَ) السَّفِيهُ جَوَازًا (بِالصَّوْمِ) إذَا مَنَعَهُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمَالِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ كَمَا سَيَأْتِي. (فَإِنْ أَفْسَدَ فَرْضَهُ فَهَلْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ) الْوَلِيُّ (فِي الْقَضَاءِ) أَوْ لَا (قَوْلَانِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَجْهَانِ: وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَضَاءَ فَرْضٌ وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ فِيهِ إفْسَادُهُ وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ لِمَا مَرَّ مَعَ كَوْنِ الْقَضَاءِ عَلَى الْفَوْرِ. الْأَمْرُ (الْخَامِسُ إمْكَانُ السَّيْرِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَبْقَى) مِنْ الزَّمَانِ بَعْدَ وُجُودِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَسَائِرِ مَا مَرَّ (زَمَانٌ يَسَعُ الْمُعْتَادَ إلَى الْحَجِّ) فَلَوْ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَقْطَعَ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَكْثَرُ مِنْ مَرْحَلَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ فَإِمْكَانُ السَّيْرِ شَرْطٌ لِوُجُوبِهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَصَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ، وَلَا شَكَّ فِيهِ وَعِبَارَةُ النَّوَوِيِّ فِي إيضَاحِهِ وَوُجُودُ الْعَلَفِ عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهَا فِيمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُ الْحَجِّ بِالْوُضُوءِ وَنَحْوِهِ كَالْجُمُعَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ تَرْكَ الْوُضُوءِ لِخَشْيَةِ الِانْقِطَاعِ عَنْ الرُّفْقَةِ وَتَرْكَ الْجُمُعَةِ لِذَلِكَ لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ وَالْإِتْيَانُ بِالظُّهْرِ وَأَمَّا الْحَجُّ فَلَا بَدَلَ لَهُ، وَهُوَ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَالْحَجِّ فِي بَيْعِ الْمَسْكَنِ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ إلَخْ) كَلَامُهُ لَا يَقْتَضِيهِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ الْقَائِدُ لِلْأَعْمَى إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِيَنْظُرَ فِي الْأَعْمَى الْمَكِّيِّ وَنَحْوِهِ إذَا كَانَ يَمْشِي بِالْعَصَا وَحْدَهُ هَلْ يَأْتِي فِيهِ مَا سَبَقَ فِيهِ فِي الْجُمُعَةِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوُجُوبِ أَوْ لَا لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ عَنْ مَكَانِ الْجُمُعَةِ فِي الْغَالِبِ هُنَا أَوَّلًا لِعَدَمِ التَّكَرُّرِ، وَمِنْ الْعُمْيَانِ مَنْ يُسَافِرُ الْمَرَاحِلَ الْكَثِيرَةَ فِي أَغْرَاضِهِ بِلَا قَائِدٍ (قَوْلُهُ وَحَافِظُ النَّفَقَةِ لِلسَّفِيهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ذَكَرَا فِي الْوَصَايَا وَغَيْرِهَا أَنَّ الْوَلِيَّ يَدْفَعُ إلَى السَّفِيهِ نَفَقَةَ أُسْبُوعٍ فَأُسْبُوعٍ إذَا كَانَ لَا يُتْلِفُهَا فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ مُدَّةُ حَجِّهِ أُسْبُوعًا فَأَقَلَّ دَفَعَ نَفَقَتَهُ إلَيْهِ إذَا كَانَ لَا يُتْلِفُهَا، وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى مَنْصُوبٍ، وَلَا خُرُوجٍ مَعَهُ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ فِيمَا يَظْهَرُ نَعَمْ إنْ كَانَ أَمْرَدَ وَضِيئًا خَرَجَ مَعَهُ. (قَوْلُهُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَعْدُ إلَخْ) كَلَامُهُمَا عَجَبٌ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ يَكْسِبُ فِي طَرِيقِهِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ ع (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ) هُوَ الْأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِيَجِبَ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَيُشْتَرَطُ أَمْرٌ سَادِسٌ صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ أَنْ يُوجَدَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْإِيجَابِ فِي الْوَقْتِ فَلَوْ اسْتَطَاعَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ افْتَقَرَ قَبْلَ شَوَّالٍ فَلَا اسْتِطَاعَةَ وَكَذَا لَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَقَبْلَ الرُّجُوعِ لِمَنْ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الذَّهَابُ وَالْإِيَابُ كَمَا سَيَأْتِي. (وَأَمَّا الِاسْتِطَاعَةُ بِالْغَيْرِ فَالْعَاجِزُ عَنْ الْحَجِّ) أَوْ الْعُمْرَةِ، وَلَوْ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا أَوْ تَطَوُّعًا (بِالْمَوْتِ أَوْ عَنْ الرُّكُوبِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لِكِبَرٍ أَوْ زَمَانَةٍ يَحُجُّ عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ كَمَا تَكُونُ بِالنَّفْسِ تَكُونُ بِبَذْلِ الْمَالِ وَطَاعَةِ الرِّجَالِ؛ وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ الْبِنَاءَ إنَّكَ مُسْتَطِيعٌ لِبِنَاءِ دَارِكَ وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ يَزِيدَ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ، وَلَمْ تَحُجَّ قَطُّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: حُجِّي عَنْهَا» وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ نَعَمْ» وَذَلِكَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ «أَنَّ أَبَا رَزِينٍ الْعُقَيْلِيَّ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ، وَلَا الْعُمْرَةَ، وَلَا الظَّعْنَ قَالَ حُجَّ عَنْ أَبِيك وَاعْتَمِرْ» (وَإِنْ بَرِئَ الزَّمِنُ) مِنْ عِلَّتِهِ بَعْدَ حَجِّ النَّائِبِ عَنْهُ (لَمْ يُجْزِهِ) اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (وَيَقَعُ) الْحَجُّ (لِلْأَجِيرِ) تَطَوُّعًا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ (وَلَا تَصِحُّ اسْتِنَابَةٌ عَمَّنْ لَزِمَهُ) الْحَجُّ (ثُمَّ جُنَّ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُفِيقُ فَيَحُجُّ بِنَفْسِهِ فَلَوْ اسْتَنَابَ عَنْهُ وَلِيَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ بِهِ عَضْبٌ فَمَاتَ قَبْلَ الْإِفَاقَةِ لَمْ يُجْزِهِ (وَلَا عَنْ مَرِيضٍ) يُرْجَى زَوَالُ مَرَضِهِ (وَإِنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ بِالْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّعُ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ (وَيَصِحُّ كَوْنُ الْأَجِيرِ) فِيمَا ذَكَرَ (عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا لَا فِي الْفَرْضِ، وَلَوْ نَذْرًا) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ فِي ذَاكَ دُونَ هَذَا. (فَرْعٌ لَا يُحَجُّ عَنْ الْمَعْضُوبِ) أَيْ الْمَأْيُوسِ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الْحَجِّ بِنَفْسِهِ وَهُوَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الْعَضْبِ، وَهُوَ الْقَطْعُ كَأَنَّهُ قُطِعَ عَنْ كَمَالِ الْحَرَكَةِ وَيُقَالُ بِالْمُهْمَلَةِ كَأَنَّهُ قُطِعَ عَصَبُهُ أَوْ ضُرِبَ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ، وَهُوَ أَهْلٌ لَهَا وَلِلْإِذْنِ، وَيَصِحُّ الِاسْتِنَابَةُ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ الْوَارِثِ وَالْأَجْنَبِيِّ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَلِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ (لَا فِي تَطَوُّعٍ لَمْ يُوصِ بِهِ) إذْ لَا اضْطِرَارَ إلَى الِاسْتِنَابَةِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِهِ وَقِيلَ تَصِحُّ مِنْ الْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَصِيَّةِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ الْمَنْعَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ (وَيَجِبُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ دَيْنِهِ) مِنْ وَارِثٍ وَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ إذَا خَلَّفَ الْمَيِّتُ تَرِكَةً (أَنْ يَسْتَنِيبَ عَنْهُ) فِي الْحَجِّ (عِنْدَ اسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى أُخْتِك دَيْنٌ أَكُنْت قَاضِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ فَاقْضُوا حَقَّ اللَّهِ فَهُوَ أَحَقُّ الْقَضَاءِ» . فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً اُسْتُحِبَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَإِنْ حَجَّ هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِاسْتِئْجَارٍ سَقَطَ الْحَجُّ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَيِّتِ الْمُرْتَدُّ فَلَا يُنَابُ عَنْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَذَكَرَ فِيهِ فِي الْبَحْرِ احْتِمَالَيْنِ: أَحَدُهُمَا يُنَابُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَا تَخْرُجُ مِنْهَا الزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَوْ صَحَّتْ لَوَقَعَتْ عَنْ الْمَنُوبِ عَنْهُ، وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ هُنَا (وَعَلَى الْمَعْضُوبِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ) مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ لِمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَزِمَهُ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ (وَلَوْ) كَانَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِالْإِجَارَةِ (أَجِيرًا مَاشِيًا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِ الْأَجِيرِ (فَاضِلَةً عَنْ الدَّيْنِ وَالْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ وَكَذَا الْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ) لَهُ وَلِمَنْ تَلْزَمُهُ كِسْوَتُهُمْ وَنَفَقَتُهُمْ (لَكِنْ يَوْمَ الِاسْتِئْجَارِ فَقَطْ) لَا ذَهَابًا وَإِيَابًا كَمَا فِي الْفِطْرَةِ بِخِلَافِ مَنْ يَحُجُّ بِنَفْسِهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُفَارِقْ أَهْلَهُ أَمْكَنَهُ تَحْصِيلُ نَفَقَتِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ (وَلَوْ وَجَدَ دُونَ الْأُجْرَةِ وَرَضِيَ بِهِ) الْأَجِيرُ (لَزِمَهُ) الِاسْتِئْجَارُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ، وَالْمِنَّةُ فِيهِ لَيْسَتْ كَالْمِنَّةِ فِي الْمَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَنْكِفُ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِمَالِ الْغَيْرِ وَلَا يَسْتَنْكِفُ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِبَدَنِهِ فِي اشْتِغَالِهِ (وَلَوْ لَمْ يَجِدْ) أُجْرَةً (وَوُهِبَتْ لَهُ لَمْ يَلْزَمُهُ) قَبُولُهَا (وَلَوْ مِنْ وَلَدٍ) لِعِظَمِ الْمِنَّةِ لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُطِيعُ عَاجِزًا عَنْ الْحَجِّ أَيْضًا وَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَبَذَلَ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ الْحَجُّ عَلَى الْمَبْذُولِ لَهُ وَجْهًا وَاحِدًا. وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُطِيعُ إنْسَانًا لِيَحُجَّ عَنْ الْمَعْضُوبِ فَالْمَذْهَبُ لُزُومُهُ إنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ بَرِئَ الزَّمِنُ إلَخْ) أَوْ حَضَرَ عَرَفَةَ وَمَكَّةَ فِي سَنَةِ حَجِّ أَجِيرِهِ [فَرْعٌ الْحَجّ عَنْ الْمَعْضُوبِ] (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِهِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ جَازَتْ النِّيَابَةُ فِي فَرْضِهَا جَازَتْ النِّيَابَةُ فِي نَفْلِهَا كَالصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَصِحُّ مِنْ الْوَارِثِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخَانِ وَفِي إيرَادِهِ تَجْوِيزُ الْإِنَابَةِ لَهُ وَفِعْلُهُ بِنَفْسِهِ بِلَا وَصِيَّةٍ وَنُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَنْعِ الِاسْتِنَابَةِ فِيهِ حِينَئِذٍ قَالَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَجَّ، وَلَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ فَفِي الْإِحْجَاجِ عَنْهُ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ كَالتَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ لِوُقُوعِهِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ. اهـ وَالْمُرَجَّحُ جَوَازُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ إلَخْ) مَنْ انْتَهَى حَالُهُ لِشِدَّةِ الضَّنَى إلَى حَالَةٍ لَا يُحْتَمَلُ مَعَهَا الْحَرَكَةُ بِحَالٍ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْمَسَافَةِ الْقَرِيبَةِ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَجِدُ أُجْرَةً وَوُهِبَتْ لَهُ لَمْ يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ بَذْلَ الْأُجْرَةِ غَيْرُ لَازِمِ قَبُولُهَا مُطْلَقًا، وَلَوْ مِنْ مَعْضُوبٍ وَاسْتِدْرَاكُ الْكِفَايَةِ اُسْتُفِيدَ بِهِ أَنَّ بَذْلَ الْوَلَدِ الْمَعْضُوبِ الطَّاعَةَ فِي الِاسْتِئْجَارِ يَقْتَضِي اللُّزُومَ لَا أَنَّهُ يَدْفَعُ الْأُجْرَةَ لِلْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ يَعْقِدُهُ بِإِذْنِهِ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ بَعْدَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَضْبَ فِي الْبَاذِلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ كَانَ قَوِيًّا فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَجَبَ عَلَى الْمَبْذُولِ لَهُ إلَخْ) الْقَبُولُ أَيْ الْإِذْنُ فِي الْحَجِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 كَانَ وَلَدًا لِتَمَكُّنِهِ فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَوَجْهَانِ. اهـ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لُزُومُهُ وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ عَدَمُ لُزُومِهِ وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَالْوَلَدِ فِي هَذَا الْوَالِدُ (وَإِنْ أَطَاعَهُ) فِي الْحَجِّ عَنْهُ (فَرْعُهُ وَكَذَا أَصْلُهُ وَالْأَجْنَبِيُّ وَوَثِقَ بِهِمْ) ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ حَجٌّ وَكَانُوا مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُمْ فَرْضُ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَكُونُوا مَعْضُوبِينَ (لَزِمَهُ) الْقَبُولُ بِالْإِذْنِ لَهُمْ فِيهِ لِحُصُولِ الِاسْتِطَاعَةِ (وَعَلَيْهِ أَمْرُ وَلَدٍ تَوَسَّمَ) مِنْهُ (طَاعَتَهُ) بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ لِذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْوَلَدَ وَالْأَجْنَبِيَّ لَيْسَا كَذَلِكَ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا كَذَلِكَ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ (فَلَوْ كَانَ الِابْنُ) وَإِنْ سَفَلَ (أَوْ الْأَبُ) وَإِنْ عَلَا (مَاشِيًا أَوْ مُعَوِّلًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ) ، وَلَوْ رَاكِبًا (أَوْ) كَانَ (الْأَجْنَبِيُّ) وَلَوْ رَاكِبًا (مُغَرِّرًا بِنَفْسِهِ) بِأَنْ كَانَ يَرْكَبُ مَفَازَةً وَلَيْسَ بِهَا كَسْبٌ، وَلَا سُؤَالٌ (لَمْ يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ) لِمَشَقَّةِ مَشْيِ مَنْ ذُكِرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَشْيِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْكَسْبُ قَدْ يَنْقَطِعُ وَالسَّائِلُ قَدْ يُرَدُّ وَالتَّغْرِيرُ بِالنَّفْسِ حَرَامٌ وَشُمُولُ الْمُعَوِّلِ وَالْمُغَرِّرِ بِنَفْسِهِ لِلرَّاكِبِ وَالتَّرْجِيحُ بِحُكْمِ التَّعْوِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَخْصِيصُ حُكْمِ التَّعْوِيلِ بِالِابْنِ وَالْأَبِ وَالتَّقْرِيرِ بِالْأَجْنَبِيِّ مِنْ تَصَرُّفِهِ. وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ وَكَالِابْنِ وَالْأَبِ الْبِنْتُ وَالْأُمُّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَمِثْلُهُمَا مُولِيَتُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْأَبْعَاضِ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْمِرْأَةَ الْقَادِرَةَ عَلَى الْمَشْيِ لَوْ أَرَادَتْ الْحَجَّ مَاشِيَةً كَانَ لِوَلِيِّهَا مَنْعُهَا مِنْ الْمَشْيِ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْمَشْيِ وَالْكَسْبِ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ لَا يُعْذَرُ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبُ الْقَبُولِ فِي الْمَكِّيِّ وَنَحْوِهِ (وَلَوْ رَجَعَ الْمُطِيعُ) عَنْ طَاعَتِهِ (قَبْلَ الْإِحْرَامِ) أَيْ إحْرَامِهِ (جَازَ) ، وَلَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِشَيْءٍ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الشُّرُوعُ (لَا بَعْدَهُ) لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ رُجُوعُهُ الْجَائِزُ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ أَهْلُ بَلَدِهِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُطَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَلَوْ امْتَنَعَ) الْمَعْضُوبُ (مِنْ الِاسْتِئْجَارِ) لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (أَوْ) مِنْ (اسْتِنَابَةِ الْمُطِيعِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَاكِمُ) بِذَلِكَ، وَلَمْ يَنُبْ عَنْهُ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ وَالِاسْتِنَابَةُ وَاجِبَيْنِ عَلَى الْفَوْرِ فِي حَقِّ مَنْ عَضَبَ مُطْلَقًا فِي الْإِنَابَةِ وَبَعْدَ يَسَارِهِ فِي الِاسْتِئْجَارِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْإِنَابَةِ أَنَّ الْحَاكِمَ يُلْزِمُهُ بِهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ لَا يَسْتَقِيمُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِهِ وَالْمُدْرَكُ فِي الْإِنَابَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَاحِدٌ (وَإِنْ مَاتَ الْمُطِيعُ) أَوْ الْمُطَاعُ (أَوْ رَجَعَ) الْمُطِيعُ (عَنْ الطَّاعَةِ) فَإِنْ كَانَ (بَعْدَ إمْكَانِ الْحَجِّ) سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمُطَاعُ أَمْ لَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ (اسْتَقَرَّ الْوُجُوبُ) فِي ذِمَّةِ الْمُطَاعِ، وَإِلَّا فَلَا فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ الِاسْتِقْرَارَ بِقَبْلِ الْإِذْنِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَوَجْهُ الِاسْتِقْرَارِ أَنَّ الْمَوْتَ وَالرُّجُوعَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ كَتَلَفِ الْمَالِ بَعْدَهُ وَفِي كَلَامِ الْمَجْمُوعِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِقْرَارَ إنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُطِيعِ وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ كَيْفَ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ جَوَازِ الرُّجُوعِ كَمَا مَرَّ وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ الرُّجُوعِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ مُطِيعٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَنْ يُطِيعُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِطَاعَتِهِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ الْحَجُّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا يَجِبُ بِحَالٍ فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ، وَلَا اسْتِطَاعَةَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَالِ وَالطَّاعَةِ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ الرَّوْضَةِ قَالَ الدَّارِمِيُّ لَوْ بَذَلَ لِأَبَوَيْهِ فَقَبِلَا لَزِمَهُ وَيَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُطِيعِ الرُّجُوعُ قَبْلَ إحْرَامِهِ، وَقَدْ مَرَّ خِلَافُهُ وَفَرَّعَ الدَّارِمِيُّ عَلَى مَا قَالَهُ فَقَالَ وَإِذَا حَجَّ الِابْنُ عَنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ مَاتَ فَفِي وُجُوبِ حَجِّهِ عَنْ الْآخَرِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَحُجُّ عَنْهُ وَجْهًا وَاحِدًا. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا طَلَبَ الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ إنْ يَحُجَّ عَنْهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ إجَابَتُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ بِخِلَافِ إعْفَافِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ هُنَا عَلَى الْوَالِدِ بِامْتِنَاعِ وَلَدِهِ مِنْ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلشَّرْعِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْهُ لَا يَأْثَمُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ لِحَقِّ الْوَلَدِ وَضَرَرُهُ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالنَّفَقَةِ. [فَصَلِّ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْغَيْر بِالنَّفَقَةِ وَبِالْإِجَارَةِ وَالْجِعَالَةِ] (فَصْلٌ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِالنَّفَقَةِ) وَهِيَ قَدْرُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ لُزُومُهُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ حَجٌّ) شَمَلَ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ وَحَجَّ النَّذْرِ (قَوْلُهُ وَكَانُوا مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُمْ فَرْضُ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا حُرًّا مَوْثُوقًا بِهِ بِأَنْ يَثِقَ هُوَ بِوِفَائِهِ (قَوْلُهُ، وَلَمْ يَكُونُوا مَعْضُوبِينَ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ مَعْضُوبٍ تَابَعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ فَقِيرًا فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا يُمْكِنُهُ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ إذَا كَانَ ابْنًا، ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَحَكَى فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَحْوَهُ عَنْ التَّتِمَّةِ وَزَادَ فَحَكَى فِي الْأَجْنَبِيِّ وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَعَلَّلَ عَدَمَ اللُّزُومِ بِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ بَذْلُ الْمَالِ. انْتَهَى وَاعْتَرَضَ فِي التَّوَسُّطِ عَلَى قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ فَقِيرًا إلَى آخِرِهِ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَذْلِهِ الطَّاعَةَ لِيَحُجَّ بِنَفْسِهِ وَأَمَّا اسْتِئْجَارُهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْ أَبِيهِ فَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ بَذْلَ الطَّاعَةِ أَعَمُّ مِنْ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ وَاسْتِئْجَارِهِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُ حُكْمِ التَّعْوِيلِ بِالِابْنِ إلَخْ) وَنِعْمَ التَّصَرُّفُ فَأَفَادَ أَنَّ تَعْوِيلَ الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ عَلَى الْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ أَوْ كَوْنِهِ مَاشِيًا مَانِعٌ مِنْ لُزُومِ الْقَبُولِ وَأَنَّ التَّغْرِيرَ بِالنَّفْسِ مَانِعٌ، وَلَوْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ لَا يَسْتَقِيمُ إلَخْ) اعْتِرَاضُهُ فِي الْخَادِمِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَرَادَ هُنَا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الِاسْتِئْجَارِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ اسْتَأْجَرَ عَنْهُ فَمُرَادُهُ التَّرْتِيبُ لَا التَّخْيِيرُ إذْ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ امْتِنَاعٍ فَإِنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يَنُوبُ عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَالِامْتِنَاعِ ثَانِيهِمَا قَوْلُهُ وَإِنَّ كَلَامَ النَّوَوِيِّ لَا يَسْتَقِيمُ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ أَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَاكَ عَلَى التَّخْيِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَلَامُ النَّوَوِيِّ هُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى وَفِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ قَالَ الدَّارِمِيُّ لَوْ بَذَلَ لِأَبَوَيْهِ فَقَبِلَا لَزِمَهُ إلَخْ) قَالَ وَإِذَا قَبِلَ الْأَبُ الْبَذْلَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ انْتَهَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الرُّجُوعِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ قَبْلَ هَذَا بِنَحْوِ صَفْحَةٍ وَصَحَّحَ جَوَازَ الرُّجُوعِ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ إنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ إذَا قَبِلَ الْأَبُ الْبَذْلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 الْكِفَايَةِ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ وَالْجِعَالَةِ وَذَلِكَ بِأَنَّ يَقُولَ حُجَّ عَنِّي وَأُعْطِيك النَّفَقَةَ أَوْ وَأَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك وَاغْتُفِرَ فِيهِ جَهَالَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إجَارَةً، وَلَا جَعَالَةً وَإِنَّمَا هُوَ إرْزَاقٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَرْزُقُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْأَذَانِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْقُرَبِ فَهُوَ تَبَرُّعٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ذَاكَ بِالْعَمَلِ، وَهَذَا بِالرِّزْقِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَالْجِعَالَةِ (فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ بِهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ كَأَنْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِلْحَجِّ بِنَفَقَتِك أَوْ حُجَّ عَنِّي بِهَا (لَمْ يَصِحَّ) لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ (وَالِاسْتِئْجَارِ) فِيمَا ذَكَرَ (ضَرْبَانِ اسْتِئْجَارُ عَيْنٍ وَاسْتِئْجَارُ ذِمَّةٍ فَالْأَوَّلُ كاستأجرتك لِتَحُجَّ عَنِّي أَوْ عَنْ مَيِّتِي هَذِهِ السَّنَةَ) ، وَلَوْ قَالَ لِتَحُجَّ بِنَفْسِك كَانَ تَأْكِيدًا (فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ السَّنَةِ الْأُولَى (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ كَاسْتِئْجَارِ الدَّارِ لِلشَّهْرِ الْقَابِلِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْعَقْدَ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالسَّنَةِ الْأُولَى صَحَّ وَ (حُمِلَ عَلَى) السَّنَةِ (الْحَاضِرَةِ) فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ لِلتَّعْيِينِ وَالْحَمْلِ إذَا كَانَ يَصِلُ إلَى مَكَّةَ فِيهَا (فَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ مَكَّةَ إلَّا لِسَنَتَيْنِ) فَأَكْثَرَ وَفِي نُسْخَةٍ لِسِنِينَ بِالْجَمْعِ (فَمِنْ الْأُولَى) يَعْنِي فَالْأُولَى مِنْ سِنِي إمْكَانِ الْوُصُولِ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ لِذَلِكَ. (وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ قُدْرَةُ الْأَجِيرِ عَلَى الشُّرُوعِ) فِي الْعَمَلِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مَنْ لَمْ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِلْعَجْزِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ (وَيُشْتَرَطُ) لَهَا (اتِّسَاعُ الْمُدَّةِ) لِلْعَمَلِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ إذَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَا يَسَعُ إدْرَاكَ الْحَجِّ لِذَلِكَ (وَلَوْ انْتَظَرُوا خُرُوجَ الْقَافِلَةِ) الَّتِي يَخْرُجُونَ مَعَهَا مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ حَالَ الْخُرُوجِ الْمُعْتَادِ (لَمْ يَضُرَّ) لِضَرُورَةِ السَّفَرِ مَعَهَا، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ جَرَى هُنَا عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الْمَذْكُورِ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بَعْدُ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ الِاسْتِئْجَارُ حَالَةَ الْخُرُوجِ (وَالْمَكِّيُّ) وَنَحْوُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْحَجِّ فِي سَنَتِهِ إذَا أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِهِ (يُسْتَأْجَرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) ، وَلَوْ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهَا إذَا لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى شَرْطِ تَأْخِيرِ التَّسْلِيمِ (وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك تَحْصِيلَ حِجَّةٍ وَيَجُوزُ) الِاسْتِئْجَارُ فِي الذِّمَّةِ (عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ) مِنْ الْأَعْوَامِ كَسَائِرِ إجَارَاتِ الذِّمَّةِ (فَلَوْ عَجَّلَهُ) عَنْ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ (زَادَ خَيْرًا) بِتَعْجِيلِهِ بَرَاءَةَ ذِمَّةِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ. (وَإِنْ أَطْلَقَ الِاسْتِئْجَارَ حُمِلَ عَلَى) السَّنَةِ (الْحَاضِرَةِ) كَمَا مَرَّ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ (فَيَبْطُلُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَا يُشْتَرَطُ قُدْرَتُهُ عَلَى السَّفَرِ) فَلَا يَقْدَحُ عَجْزُهُ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ (لِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَإِنْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك لِتَحُجَّ بِنَفْسِك فَفِي الصِّحَّةِ) لِلْإِجَارَةِ (تَرَدُّدٌ) وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْأَصْلِ هُنَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَصِحُّ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَنِيبُ فَتَكُونُ إجَارَةَ عَيْنٍ، وَقَالَ الْإِمَامُ بِبُطْلَانِهَا وَتَبِعَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الدِّينِيَّةَ مَعَ الرَّابِطِ بِمُعَيَّنٍ يَتَنَاقَضَانِ كَمَنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَجَّ قُرْبَةٌ وَأَغْرَاضُ النَّاسِ فِي عَيْنِ مَنْ يُحَصِّلُهَا مُتَفَاوِتَةٌ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَأْجِرُ فَاسِقًا وَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ شَرْعًا وَالسَّلَمُ إذَا أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى الْجَيِّدِ وَفِي الْجَوَابِ نَظَرٌ. (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْعَاقِدَيْنِ أَعْمَالَ الْحَجِّ) فَلَوْ جَهِلَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ، وَأَعْمَالُهُ أَرْكَانُهُ وَوَاجِبَاتُهُ وَسُنَنُهُ فَيُحْتَمَلُ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ حَتَّى يُحَطَّ التَّفَاوُتُ لِمَا فَوَّتَهُ مِنْ السُّنَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِمَعْرِفَةِ مَا عَدَا السُّنَنَ لِكَوْنِهَا تَابِعَةً كَمَا نَقُولُ فِي بَيْعِ الْحَامِلِ: الْوَلَدُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ عِنْدَ الْعَقْدِ لِدُخُولِهِ تَبَعًا (وَلَا يَجِبُ) فِي الْعَقْدِ (ذِكْرُ الْمِيقَاتِ) الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ الْأَجِيرُ (فَيُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى) الْمِيقَاتِ (الشَّرْعِيِّ) لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَقَعُ عَلَى حَجٍّ شَرْعِيٍّ، وَالْحَجُّ الشَّرْعِيُّ لَهُ مِيقَاتٌ مَعْهُودٌ شَرْعًا وَعُرْفًا فَانْصَرَفَ الْإِطْلَاقُ إلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمِيقَاتِ وَإِنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ مِيقَاتٌ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا عَدَلَ عَنْ الْمِيقَاتِ الْمُتَعَيِّنِ إلَى غَيْرِهِ جَازَ إنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَطْوَلَ مِنْهُ (وَلْيُبَيِّنْ) وُجُوبًا فِي الْإِجَارَةِ لِلنُّسُكِ (أَنَّهُ إفْرَادٌ أَوْ تَمَتُّعٌ أَوْ قِرَانٌ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهَا. (فَرْعٌ لَوْ قَالَ الْمَعْضُوبُ: مَنْ حَجَّ عَنِّي) أَوْ: أَوَّلُ مَنْ يَحُجُّ عَنِّي (فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَمَنْ حَجَّ عَنْهُ) مِمَّنْ سَمِعَهُ أَوْ سَمِعَ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْهُ (اسْتَحَقَّهَا) ؛ لِأَنَّهُ جِعَالَةٌ لَا إجَارَةٌ، وَالْجِعَالَةُ تَجُوزُ عَلَى الْعَمَلِ الْمَجْهُولِ فَعَلَى الْمَعْلُومِ أَوْلَى (فَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ اثْنَانِ) مُرَتَّبًا (اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ) الْمِائَةَ (فَإِنْ أَحْرَمَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا مَعَ جَهْلِ سَبْقِهِ أَوْ بِدُونِهِ (وَقَعَ) حَجُّهُمَا (عَنْهُمَا، وَلَا شَيْءَ لَهُمَا) عَلَى الْقَائِلِ إذَا لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَصَارَ كَمَنْ عَقَدَ نِكَاحَ أُخْتَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَسَكَتُوا عَمَّا لَوْ عَلِمَ سَبْقَ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ نَسِيَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيُحْتَمَلُ الْوَقْفُ حَتَّى يَتَذَكَّرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ   [حاشية الرملي الكبير] لَمْ يَجُزْ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ. [فَرْعٌ طَلَبَ الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ إنْ يَحُجَّ عَنْهُ] (قَوْلُهُ كَانَ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك لِلْحَجِّ بِنَفَقَتِك أَوْ حُجَّ عَنِّي بِهَا) قَالَ شَيْخُنَا هَذِهِ جِعَالَةٌ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ عِوَضِهَا وَهِيَ غَيْرُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إذْ فِيهَا وَأُعْطِيك النَّفَقَةَ فَهُوَ وَعْدٌ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْزَاقِ فَخَرَجَ عَنْ الْإِجَارَةِ الْجِعَالَةُ (قَوْلُهُ اسْتِئْجَارُ عَيْنٍ) فَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ عَيْنٍ مَنْ وَقَعَتْ إجَارَةُ الْعِلْمِ عَلَى عَيْنِهِ (قَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ فِي الْحَالِ) وَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ يَجُوزُ عَقْدُهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لِإِمْكَانِ الْإِحْرَامِ فِي الْحَالِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ بِبُطْلَانِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ الْأَصْلُ) وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ. (قَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ الْجَمِيعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِيُبَيِّنَ أَنَّهُ إفْرَادٌ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك لِلْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ عَلَى الْإِبْهَامِ بَطَلَ وَوَقَعَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَلَوْ قَالَ حُجَّ عَنِّي فَإِنْ قَرَنْت أَوْ تَمَتَّعْت فَقَدْ أَحْسَنْت فَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ وَقَعَا لِلْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ فَيَحْتَمِلُ الْوَقْفَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 تَكُونَ كَاللَّتَيْنِ قَبْلَهَا. انْتَهَى وَقِيَاسُ نَظَائِرِ تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَجْهُولًا كَأَنْ قَالَ: مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَقَعَ الْحَجُّ عَنْهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ تَكُونَ) أَيْ تُوجَدَ (حَالَ الْخُرُوجِ) ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالَ بِعَمَلِ الْحَجِّ عَقِبَ الْعَقْدِ، وَالِاشْتِغَالُ بِشِرَاءِ الزَّادِ وَنَحْوِهِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْخُرُوجِ (فَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ) أَيْ الْأَجِيرُ فِي الْحَجِّ (مِنْ عَامِهِ) لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ فَلَوْ حَجَّ عَنْهُ فِي الْعَامِ الثَّانِي قَالَ الْقَاضِي مَرَّةً لَا يَقَعُ عَنْهُ وَقَالَ أُخْرَى يَقَعُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَقَدْ حَجَّ عَنْهُ أَيْ، وَلَكِنَّهُ أَسَاءَ وَذَكَرَ نَحْوَ الثَّانِي الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالدَّارِمِيُّ (وَمَتَى أَخَّرَ أَجِيرٌ ذِمَّةٍ) الشُّرُوعَ فِي الْحَجِّ عَنْ الْعَامِ الَّذِي تَعَيَّنَ لَهُ (أَثِمَ) لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا وَالتَّصْرِيحُ بِالْإِثْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَثَبَتَ الْخِيَارُ) فِي الْفَسْخِ عَلَى التَّرَاخِي (لِلْمَعْضُوبِ وَلِلْمُتَطَوِّعِ بِالِاسْتِئْجَارِ عَنْ الْمَيِّتِ) لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ فَإِنْ شَاءَا فَسَخَا الْإِجَارَةِ، وَإِنْ شَاءَا أَخَّرَا لِيَحُجَّ الْأَجِيرُ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَوْ غَيْرِهِ (أَمَّا مَنْ اسْتَأْجَرَ بِمَالِ الْمَيِّتِ) فَأَخَّرَ الْأَجِيرُ الْحَجَّ عَنْ الْعَامِ (فَيَعْمَلُ فِي الْفَسْخِ) وَعَدَمِهِ (بِالْمَصْلَحَةِ) فَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْفَسْخِ لِخَوْفِ إفْلَاسِ الْأَجِيرِ أَوْ هَرَبِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَعْضُوبُ) مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (وَمَاتَ أَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِاسْتِئْجَارِ رَجُلٍ وَاسْتُؤْجِرَ) عَنْهُ الرَّجُلُ (فِي الذِّمَّةِ فَأَخَّرَ) الْأَجِيرُ الْحَجَّ فِيهِمَا (عَنْ عَامِهِ لَمْ يُفْسَخْ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ إذْ لَا مِيرَاثَ لِلْوَارِثِ فِي الْأُجْرَةِ فِي الْأُولَى وَبِهِ فَارَقَ ثُبُوتَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِ لَهُ، وَالْوَصِيَّةُ مُسْتَحِقَّةُ الصَّرْفِ إلَى الْأَجِيرِ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَدْ قَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ أَجِيرُ الذِّمَّةَ يَأْثَمُ نَبَّهَ هُنَا عَلَى أَنَّ الْبَغَوِيّ قَائِلٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ فَقَالَ (نَعَمْ لَوْ أَطْلَقَ أَجِيرُ الذِّمَّةِ) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ عَامَ حَجِّهِ (وَقُلْنَا بِتَعَيُّنِ السَّنَةِ) الْأُولَى كَمَا مَرَّ (قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ) عَنْهَا لَكِنْ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ، وَلَوْ تَرَكَ هَذَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَكَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ. (فَرْعٌ إذَا انْتَهَى الْأَجِيرُ) لِلْحَجِّ (إلَى الْمِيقَاتِ) الْمُتَعَيِّنِ (فَأَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ بِعُمْرَةٍ وَأَتَمَّهَا، ثُمَّ أَحْرَمَ لِلْمُسْتَأْجِرِ) بِالْحَجِّ (وَلَمْ يَعُدْ) إلَى الْمِيقَاتِ صَحَّ حَجُّهُ عَنْهُ لِلْإِذْنِ وَ (لَزِمَهُ دَمٌ) لِإِسَاءَتِهِ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ (وَلَا يَنْجَبِرُ) الْحَطُّ لِمَا فَوَّتَهُ (بِهِ) أَيْ بِالدَّمِ (بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَحُطَّ تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ حِجَّتَيْنِ أُنْشِئَتَا مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ أَحْرَمَ بِأَحَدَيْهِمَا مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْأُخْرَى مِنْ مَكَّةَ) ؛ لِأَنَّ الدَّمَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَنْجَبِرُ بِهِ الْحَطُّ الَّذِي هُوَ حَقُّ الْآدَمِيِّ كَمَا فِي التَّعَرُّضِ لِلصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ فَلَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْحِجَّةِ الْأُولَى مِائَةً وَالثَّانِيَةُ تِسْعِينَ حَطَّ عُشْرَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بِالْعُشْرِ وَمَا ذُكِرَ فِي ذَلِكَ مِنْ وُقُوعِ الْحَجِّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ إشْكَالٌ سَأَذْكُرُهُ مَعَ جَوَابِهِ بِمَا فِيهِ فِي فَرْعٍ، وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْإِفْرَادِ فَقَرَنَ (وَمَتَى عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ) مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا وَأَحْرَمَ مِنْهُ (لَمْ يُحَطَّ مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْئًا) إذَا لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِقَطْعِهِ الْمَسَافَةَ مِنْ الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا وَأَدَائِهِ الْمَنَاسِكَ بَعْدَهُ، وَشُمُولُ كَلَامِهِ مَسْأَلَةَ عَوْدِهِ مُحْرِمًا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ) لَوْ (جَاوَزَ) الْأَجِيرُ (الْمِيقَاتَ) الْمُتَعَيِّنَ غَيْرَ مُحْرِمٍ (ثُمَّ أَحْرَمَ) لِلْمُسْتَأْجِرِ (وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ يَلْزَمُهُ دَمٌ وَيُحَطُّ التَّفَاوُتُ كَمَا سَبَقَ) فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمُهُ دَمٌ، وَلَمْ يُحَطَّ شَيْءٌ كَمَا سَبَقَ أَيْضًا ثَمَّ (وَيُعْتَبَرُ) فِي قَدْرِ التَّفَاوُتِ مَعَ الْفَرَاسِخِ وَأَعْمَالِ النُّسُكِ الْمَعْلُومَيْنِ مِمَّا يَأْتِي وَمِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أُنْشِئَتَا مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ (تَفَاوُتُ الْفَرَاسِخِ فِي الْحُزُونَةِ) أَيْ الْخُشُونَةِ (وَالسُّهُولَةِ) لِتَفَاوُتِ السَّيْرِ بِهِمَا فَالْأُجْرَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْجَمِيعِ، وَلَا يَمْنَعُ اعْتِبَارَ الْفَرَاسِخِ صَرْفُ الْعَمَلِ فِيهَا لِغَرَضِهِ كَانَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِعُمْرَةٍ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ تَحْصِيلَ نُسُكِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ رِبْحَ عُمْرَةٍ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ (وَلَوْ عَدَلَ عَنْ) الْمِيقَاتِ الْمُتَعَيِّنِ (إلَى مِيقَاتٍ مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ) أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ فِيهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (جَازَ) فَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ، وَلَا حَطٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ لَكِنْ فِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّتِمَّةِ وَالشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهَا الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَالَ أُخْرَى يَقَعُ عَنْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَنْ الْعَامِ الَّذِي تَعَيَّنَ لَهُ) بِأَنْ عَيَّنَّاهُ فِي عَقْدِهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِاسْتِئْجَارِ رَجُلٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي مَنْ يَرْضَاهُ فُلَانٌ فَعَيَّنَ وَاحِدًا فَهُوَ كَمُعَيَّنِ الْمُوصِي أَوْ مَنْ يَشَاءُ زَيْدٌ فَشَاءَ زَيْدٌ وَاحِدًا فَامْتَنَعَ فَهَلْ لَهُ تَعْيِينُ آخَرَ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ التَّعْيِينَ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمَهُ إلَخْ) مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا عَيَّنَّا فِيهَا ذَلِكَ الْعَامَّ وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ فِيمَا إذَا أَطْلَقَا وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَامِ فَلَا مُخَالَفَةَ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ اكْتَرَى مَنْ يَحُجُّ عَنْ أَبِيهِ مَثَلًا فَقَالَ الْأَجِيرُ حَجَجْت قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَلَا بَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُمْكِنُ فَرَجَعَ إلَى الْأَجِيرِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَتْ تَزَوَّجْت بِزَوْجٍ وَدَخَلَ بِي وَطَلَّقَنِي وَاعْتَدَدْتُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهَا فَلَوْ قَالَ لِلْأَجِيرِ قَدْ جَامَعْت فِي إحْرَامِك وَأَفْسَدْته لَمْ يَحْلِفْ أَيْضًا، وَلَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ جَامَعَهَا مُحْرِمًا فِي عَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَقَالَ كُنْت نَاسِيًا قُبِلَ قَوْلُهُ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَصَحَّ حَجُّهُ وَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ أَوْ قَتَلَ صَيْدًا فِي إحْرَامِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَحْلِفْ؛ لِأَنَّهُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَمِينٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ فَلَوْ تَعَلَّقَ بِذَلِكَ حَقُّ آدَمِيٍّ سُمِعَتْ الدَّعْوَى، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الْوَصَايَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ فَأَنْت حُرٌّ فَأَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ كَانَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِالْكُوفَةِ سُمِعَتْ وَعَتَقَ، وَلَوْ مَاتَ الْأَجِيرُ لِلْحَجِّ فَقَالَ وَارِثُهُ مَاتَ بَعْدَ أَنْ حَجَّ قُبِلَ قَوْلُهُ كَقَوْلِ الْأَجِيرِ، وَلَوْ قَالَ إنْ حَجَجْت عَنْ أَبِي هَذِهِ السَّنَةَ فَلَكَ كَذَا فَقَالَ بَعْدَهَا حَجَجْت لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ أَنْكَرَ الْوَارِثُ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ حَجَّ عَنْ أَبِيهِ هَذِهِ السَّنَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقْبَلْ مِنْ الْحَاجِّ الْحَجُّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لَزِمَنَا الْمُنْكِرُ الْيَمِينَ وَظَاهِرُهُ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالْبَيِّنَةِ هُنَا أَنَّهُ رُوِيَ هُنَاكَ فِي مَوَاطِنِ النُّسُكِ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ إلَّا أَنَّهُ حَجَّ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ بَعْضَ الْمَوَاقِيتِ مَقَامَ بَعْضٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ مُنَافٍ لِلتَّعْيِينِ الَّذِي نَحْنُ نُفَرِّعُ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ كَلَامًا نَقَلَهُ عَنْ الطَّبَرِيِّ شَارِحِ التَّنْبِيهِ. (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ) شَخْصٌ (الْآفَاقِيَّ) مَنْسُوبٌ إلَى الْآفَاقِ وَهِيَ النَّوَاحِي وَيُقَالُ الْأُفُقِيُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْفَاءِ وَفَتْحِهِمَا، وَهُوَ مَنْ مَسْكَنُهُ فَوْقَ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ أَيْ أَوْ فِيهِ (لِيُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ) أَوْ مِنْ مَكَان أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ (لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِحُرْمَةِ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ) بِلَا إحْرَامٍ عَلَى مُرِيدِ النُّسُكِ لَكِنْ لَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ صَحَّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَتَخْصِيصُهُ الْأَجِيرَ بِالْآفَاقِيِّ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْمَكِّيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمِيقَاتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلِهَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ آفَاقِيٌّ مَكِّيًّا لِلتَّمَتُّعِ لَزِمَهُ دَمٌ، وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ الْآتِي مَكِّيًّا نَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ (أَوْ) اسْتَأْجَرَهُ (لِيُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَوْ مِنْ شَوَّالٍ أَوْ مَاشِيًا فَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ) فِي الْأُولَى (أَوْ فِي) ذِي (الْحِجَّةِ) فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ رَكِبَ) فِي إحْرَامِهِ مِنْهُ وَالْأَوْلَى أَوْ رَاكِبًا فِي الثَّالِثَةِ (أَوْ) اسْتَأْجَرَهُ لِيَأْتِيَ عَنْهُ بِنُسُكٍ فَأَتَى بِهِ لَكِنْ (تَرَكَ مَأْمُورًا يُوجِبُ دَمًا) كَتَرْكِ الرَّمْيِ أَوْ الْمَبِيتِ أَوْ طَوَافِ الْوَدَاعِ (لَزِمَهُ دَمٌ وَحَطُّ التَّفَاوُتِ) لِتَرْكِهِ مَا أُمِرَ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَشْيِ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافَهُ، وَلَوْ تَرَكَ مَأْمُورًا لَا يُوجِبُ دَمًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ حُطَّ بِقِسْطِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَالْحِجَّةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (وَلَا يَحُطُّ) الْأَجِيرُ تَفَاوُتًا (إنْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا) كَلُبُسٍ وَقَلْمٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ شَيْئًا مِنْ الْعَمَلِ قَالَ الدَّارِمِيُّ فَلَوْ قَالَ لَهُ: حُجَّ عَنِّي وَتَطَيَّبْ وَالْبَسْ فَفَعَلَ فَالدَّمُ عَلَى الْأَجِيرِ، وَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَا تَفْسُدُ بِهِ الْإِجَارَةُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِيهَا فَسَدَتْ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ. (فَرْعٌ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِرَانِ) فَامْتَثَلَ (فَالدَّمُ الْوَاجِبُ بِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) كَمَا لَوْ حَجَّ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي شَرَطَ الْقِرَانَ (فَلَوْ شَرَطَهُ عَلَى الْأَجِيرِ بَطَلَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ إجَارَةٍ وَبَيْعِ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ الدَّمَ مَجْهُولُ الصِّفَةِ (وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ) لِلْقِرَانِ (مُعْسِرًا فَالصَّوْمُ) الَّذِي هُوَ بَدَلُ الدَّمِ (عَلَى الْأَجِيرِ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ، وَهُوَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ فِي الْحَجِّ وَاَلَّذِي فِي الْحَجِّ مِنْهُمَا هُوَ الْأَجِيرُ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَفِي التَّتِمَّةِ هُوَ كَالْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ وَالْهَدْيِ أَيْ فَيَبْقَى الْوَاجِبُ فِي ذِمَّتِهِ (وَلَا يُحَطُّ شَيْءٌ) مِنْ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ (فَإِنْ خَالَفَ) مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِرَانِ (فَأَفْرَدَ وَهِيَ إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ فِي الْعُمْرَةِ) إذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْعَمَلِ فِيهَا عَنْ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَيُحَطُّ مَا يَخُصُّ الْعُمْرَةَ مِنْ الْأُجْرَةِ (أَوْ) وَهِيَ (إجَارَةُ ذِمَّةٍ فَلَا) تُفْسَخُ فِي شَيْءٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرٍ أَوَّلًا عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْرِنْ (لَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ لِلْعُمْرَةِ إلَى الْمِيقَاتِ لِزْمَةُ دَمٌ وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ وَإِنْ تَمَتَّعَ) بَدَلَ الْقِرَانِ (وَهِيَ إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (فِي الْحَجِّ) لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَيُحَطُّ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْأُجْرَةِ (وَلَوْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ، وَلَمْ يَعُدْ) لِلْحَجِّ (إلَى الْمِيقَاتِ فَالدَّمُ) الْوَاجِبُ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ (وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ) فَيَجِبَانِ عَلَيْهِ وَأَمَّا دَمُ التَّمَتُّعِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِتَضَمُّنِ أَمْرِهِ بِالْقِرَانِ الدَّمَ، نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَصْحَابِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَيُجَابُ عَنْ الِاسْتِبْعَادِ بِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الدَّمِ الثَّانِي غَيْرُ سَبَبِ وُجُوبِ الْأَوَّلِ كَمَا عَرَفْت أَمَّا إذَا أَعَادَ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ مِنْ انْفِسَاخِهَا فِي الْحَجِّ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ إشَارَةِ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ: إنَّهُ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ وَمَنَعَ الزَّرْكَشِيُّ الْقِيَاسَ وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا أَفْرَدَ انْقَضَى وَقْتُ الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَتَّعَ فَإِنَّ وَقْتَ الْحَجِّ بَاقٍ وَإِنَّمَا مَضَى بَعْضُهُ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ بِهِ وَأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ الْعَمَلَيْنِ، لَكِنْ عَلَيْهِ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دَمُ التَّمَتُّعِ بَدَلَ دَمِ الْقِرَانِ كَمَا لَوْ قَرَنَ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ. (فَرْعٌ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلتَّمَتُّعِ) فَامْتَثَلَ (فَالدَّمُ) الْوَاجِبُ بِالتَّمَتُّعِ (عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) لِمَا مَرَّ فِي اسْتِئْجَارِهِ لِلْقِرَانِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثَمَّ (وَإِنْ أَفْرَدَ) بَدَلَ التَّمَتُّعِ (وَهِيَ) أَيْ الْإِجَارَةُ (إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ فِي الْعُمْرَةِ) لِفَوَاتِ وَقْتِهِمَا الْمُعَيَّنِ (أَوْ) وَهِيَ إجَارَةُ (ذِمَّةٍ فَكَمَا سَبَقَ) أَيْ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، لَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ لِلْعُمْرَةِ إلَى الْمِيقَاتِ لَزِمَهُ الدَّمُ وَالْحَطُّ (وَإِنْ قَرَنَ وَعَدَّدَ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا) ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِالنُّسُكَيْنِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَكَانَ مَأْمُورًا بِأَنْ يُحْرِمَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ الْآفَاقِيَّ إلَخْ) لَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْوَلِيُّ لِيُحْرِمَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَعَ لَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ لِيُحْرِمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ أَوْ مِنْ شَوَّالٍ فَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَبَعْدَ شَوَّالٍ لَزِمَهُ الدَّمُ وَالْحَطُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ حُطَّ) التَّفَاوُتُ (وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِنُقْصَانِ الْأَفْعَالِ وَقِيلَ لَا حَطَّ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَعَدُّدِ الْأَفْعَالِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ تَجْدِيدُ الْعَوْدِ إلَى الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الدَّمَ عَنْ الْقَارِنِ عَلَى الصَّحِيحِ مَرْدُودٌ؛ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ فِي سُقُوطِ الدَّمِ بِعَوْدِ الْقَارِنِ خِلَافًا، وَالْمَذْهَبُ سُقُوطُهُ عَنْهُ وَمَا هُنَا لَا خِلَافَ فِي سُقُوطِهِ عَنْ الْأَجِيرِ فَالْوَجْهُ مَا تَقَدَّمَ وَلَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ لَزِمَ الْمُسْتَأْجَرَ دَمٌ؛ لِأَنَّ مَا شَرَطَهُ يَقْتَضِيهِ. (فَرْعٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْإِفْرَادِ فَقَرَنَ، وَهِيَ إجَارَةُ عَيْنٍ وَقَعَا) أَيْ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ (لَهُ) أَيْ لِلْأَجِيرِ (وَانْفَسَخَتْ فِيهِمَا) مَعًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ لِاتِّحَادِ الْإِحْرَامِ، وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَحَلُّ وُقُوعِهِمَا لِلْأَجِيرِ مَا إذَا كَانَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا وَقَعَا لَهُ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَقَالُوا: لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ الْأَجْنَبِيُّ فَيَعْتَمِرَ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَلَا إذْنِ وَارِثٍ بِلَا خِلَافٍ كَمَا يَقْضِي دَيْنَهُ (وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِي الذِّمَّةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ) يَقَعَانِ لِبَقَاءِ الْإِجَارَةِ (وَالدَّمُ وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ) فَيَجِبَانِ عَلَى الْأَجِيرِ إلَّا أَنْ يُعَدِّدَ الْأَفْعَالَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُمَا. (وَإِنْ تَمَتَّعَ) بَدَلَ الْإِفْرَادِ (فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، وَقَدْ أُمِرَ بِتَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِيهِمَا) الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ وَغَيْرِهِ فِيهَا أَيْ الْعُمْرَةِ لِوُقُوعِهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فَيَحُطُّ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الْأُجْرَةِ، نَعَمْ أَنْ أَتَى بِهَا عَنْهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ فَلَا انْفِسَاخَ فَلْيُحْمَلْ الِانْفِسَاخُ فِيهَا عَلَى الِانْفِسَاخِ ظَاهِرًا أَوْ عَلَى الِانْفِسَاخِ فِي الْعُمْرَةِ الَّتِي قَدَّمَهَا وَمَا قَالَهُ قَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَسْأَلَةَ الْقِرَانِ السَّابِقَةِ (وَإِنْ أُمِرَ بِتَقْدِيمِهَا أَوْ كَانَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِي الذِّمَّةِ لَمْ تَنْفَسِخْ وَ) لَكِنْ (إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ فَالدَّمُ وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ) فَيَجِبَانِ عَلَيْهِ وَتَسَمَّحُوا فِي قَوْلِهِمْ وَأُمِرَ بِتَقْدِيمِهَا؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا لَا يَأْتِي فِي الْإِفْرَادِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، ثُمَّ قَالَ فَلْيَؤُلْ أَمْرُهُ بِتَقْدِيمِهَا عَلَى تَقْدِيمِهَا عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ أَيْ لِيَكُونَ ذَلِكَ إفْرَادًا عَلَى وَجْهٍ، وَتَكُونُ صُورَتُهَا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الْأَجِيرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِيَتَصَوَّرَ لُزُومَ الدَّمِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الْجِهَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا إلَى غَيْرِهَا لَا يَقْدَحُ فِي وُقُوعِ النُّسُكِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى مَا مَرَّ وَأُورِدَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا خَالَفَ لَمْ يَقَعْ الْمَأْتِيُّ بِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْإِذْنِ لَهُ كَمَا فِي مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مُوَكِّلَهُ، وَأَجَابَ الْإِمَامُ بِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْمُسْتَأْجَرِ فِي ذَلِكَ كَمُخَالَفَةِ الشَّرْعِ فِيمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَصِّلُ النُّسُكَ لِنَفْسِهِ بَلْ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُحَصِّلُهُ لِنَفْسِهِ بَلْ يُحَصِّلُهُ لِيُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ وَالْمُخْرَجُ مُخْتَلِفُ الْفَضَائِلِ فَلْيُرَاعِ غَرَضَهُ فِيهِ. ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ مُخَالَفَةَ الشَّرْعِ فِيمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ مَعَهَا لِغَيْرِ الْمُبَاشَرَةِ وَقَدْ أَتَى بِهِ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَأْجَرِ إذْ لَا ضَرُورَةَ فِيهَا إلَى وُقُوعِهِ عَنْهُ مَعَهَا بَلْ يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِلْمُبَاشَرَةِ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي نَظَائِرِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَحْصِيلَهُ لِغَرَضِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْعُهْدَةِ إنَّمَا يُعَدُّ مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ امْتِثَالَ أَمْرِ الشَّارِعِ عَاجِلًا بِدَلِيلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مِثْلَ هَذِهِ الِانْتِفَاعَاتِ قَسِيمًا لِلِانْتِفَاعَاتِ الْعَاجِلَةِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ {إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ} [الإنسان: 27] وَبِأَنَّ الرَّافِعِيَّ نَفْسَهُ قَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الْكُوفَةَ لِإِحْرَامِ الْأَجِيرِ فَجَاوَزَهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ لَزِمَهُ دَمٌ إلْحَاقًا لِلْمِيقَاتِ الشَّرْطِيِّ بِالْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ. (فَرْعٌ جِمَاعُ الْأَجِيرِ) قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ (مُفْسِدٌ لِلْحَجِّ وَتَنْفَسِخُ بِهِ إجَارَةُ الْعَيْنِ لَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ بِخِلَافِ إجَارَةِ الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ (لَكِنْ يَنْقَلِبُ) فِيهِمَا الْحَجُّ (لِلْأَجِيرِ) ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ الْمَطْلُوبَ لَا يَحْصُلُ بِالْحَجِّ الْفَاسِدِ فَانْقَلَبَ لَهُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِصِفَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِغَيْرِهَا يَقَعُ لِلْمَأْمُورِ بِخِلَافِ مَنْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا غَيْرَ مُفْسِدٍ (كَمُطِيعِ الْمَعْضُوبِ) إذَا جَامَعَ فَسَدَ حَجُّهُ وَانْقَلَبَ لَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَكَذَا قَضَاؤُهُ) أَيْ الْحَجِّ الَّذِي أَفْسَدَهُ يَلْزَمُهُ وَيَقَعُ لَهُ كَحَجِّهِ الْفَاسِدِ (وَعَلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ فِي فَاسِدِهِ وَ) عَلَيْهِ (الْكَفَّارَةُ) وَعَلَيْهِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَنْ نَفْسِهِ بِحَجٍّ آخَرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي عَامٍ آخَرَ أَوْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَوْ غَيْرَهُ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ عَنْ حَجِّ الْمُسْتَأْجِرِ (وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا الْخِيَارُ) فِي الْفَسْخِ عَلَى التَّرَاخِي لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ هَذَا إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ مَعْضُوبٍ أَوْ مِنْ مُتَطَوِّعٍ بِالِاسْتِئْجَارِ عَنْ مَيِّتٍ (فَإِنْ كَانَتْ) مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْإِفْرَادِ فَقَرَنَ إلَخْ) لَوْ أَحْرَمَ أَجِيرٌ مَوْقُوفًا ثُمَّ صَرَفَهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْعَمَلِ فَهَلْ يَقَعُ لَهُ أَوْ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 مُسْتَأْجِرٍ (عَنْ مَيِّتٍ) مِنْ مَالِهِ (رُوعِيَتْ الْمَصْلَحَةُ) فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ (كَمَا سَبَقَ) نَظِيرُهُ. (فَرْعٌ إذَا صَرَفَ الْأَجِيرُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ) عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ (الْحَجَّ إلَى نَفْسِهِ وَظَنَّ انْصِرَافَهُ) إلَيْهِ (لَمْ يَنْصَرِفْ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَإِذَا انْعَقَدَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ (وَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى) لِبَقَاءِ الْعَقْدِ (وَإِذَا مَاتَ الْحَاجُّ) عَنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ تَحَلَّلَ لِإِحْصَارٍ فِي أَثْنَاءِ الْأَرْكَانِ) فِيهِمَا (لَمْ يَبْطُلْ ثَوَابُهُ) إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْسَدَهُ بِجِمَاعٍ (لَكِنْ لَا يَبْنِي عَلَيْهِ) كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ بَلْ يَجِبُ الْإِحْجَاجُ مِنْ مَالِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ إنْ كَانَ قَدْ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ بُطْلَانِ الثَّوَابِ بِمَوْتِ الْحَاجِّ عَنْ غَيْرِهِ وَبِحُكْمِ التَّحَلُّلِ الْمَذْكُورِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (فَإِنْ كَانَ) الْحَاجُّ عَنْ غَيْرِهِ (أَجِيرَ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (أَوْ أَجِيرَ ذِمَّةٍ فَلَا) تَنْفَسِخُ (بَلْ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْأَجِيرِ الْمَيِّتِ (وَ) لِلْأَجِيرِ (الْمَحْصُورِ أَنْ يَسْتَأْجِرُوا مَنْ يَسْتَأْنِفُ) الْحَجَّ (مِنْ عَامِهِمْ) عَنْ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ (إنْ أَمْكَنَ) فِي ذَلِكَ الْعَامِ لِبَقَاءِ الْوَقْتِ (وَإِلَّا ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ) كَمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْأَجِيرِ الْمَحْصُورِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَمَتَى انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (بِمَوْتِهِ أَوْ إحْصَارِهِ فَإِنْ كَانَ) ذَلِكَ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَا قَبْلَهُ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ) مِنْ الْمُسَمَّى (مِنْ ابْتِدَاءِ السَّيْرِ) ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بَعْضَ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ مَعَ تَحْصِيلِهِ بَعْضَ الْمَقْصُودِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَصِّلْ شَيْئًا مِنْ الْمَقْصُودِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَرَّبَ الْأَجِيرُ عَلَى الْبِنَاءِ الْآلَاتِ مِنْ مَوْضِعِ الْبِنَاءِ، وَلَمْ يَبْنِ (وَوَقَعَ مَا أَتَى بِهِ) الْأَجِيرُ (لِلْمُسْتَأْجِرِ) إذَا لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ (وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَرْكَانِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْأَعْمَالِ لَمْ تَبْطُلْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (بَلْ يَحُطُّ قِسْطَهَا) أَيْ بَقِيَّةَ الْأَعْمَالِ أَيْ يَحُطُّهُ الْأَجِيرُ كَمَا لَوْ أُحْصِرَ بَعْدَ تَمَامِ الْأَرْكَانِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْأَعْمَالِ، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ (وَتُجْبَرُ) الْبَقِيَّةُ (بِدَمٍ عَلَى الْأَجِيرِ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ التَّتِمَّةِ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَوَّبَهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي قَوْلِهِ (وَدَمُ) التَّحَلُّلِ مِنْ (الْإِحْصَارِ) الْوَاقِعُ بَعْدَ تَمَامِ الْأَرْكَانِ (عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) لِوُقُوعِ النُّسُكِ لَهُ مَعَ عَدَمِ إسَاءَةِ الْأَجِيرِ (وَإِنْ حَصَلَ الْفَوَاتُ) لِلْحَجِّ (مَعَ الْإِحْصَارِ أَوْ بِلَا إحْصَارٍ) كَأَنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْقَافِلَةِ (انْقَلَبَ) الْحَجُّ (لِلْأَجِيرِ) كَمَا فِي الْإِفْسَادِ بِجَامِعِ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ (وَلَا شَيْءَ لَهُ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا فَعَلَهُ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَصِحَّ، وَأَمَّا الْجِعَالَةُ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُجَرَّدِ الْوُقُوفِ عِنْدَ قَبْرِهِ وَمُشَاهَدَتِهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ أَوْ عَلَى الدُّعَاءِ عِنْدَهُ صَحَّتْ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ، وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ بِهِ [فَصْلٌ وُجُوبُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ] (فَصْلٌ) (وُجُوبُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) وَمِنْ حَيْثُ الْأَدَاءُ (عَلَى التَّرَاخِي) فَلِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَنْ يُؤَخِّرَهُ بَعْدَ سَنَةِ الْإِمْكَانِ، لِأَنَّهُ فُرِضَ سَنَةَ خَمْسٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا أَوْ سَنَةَ سِتٍّ كَمَا صَحَّحَهُ فِي السِّيَرِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ «وَأَخَّرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى سَنَةِ عَشْرٍ بِلَا مَانِعٍ» وَقِيسَ بِهِ الْعُمْرَةُ وَتَضْيِيقُهُمَا بِنَذْرٍ أَوْ خَوْفِ عَضْبٍ أَوْ قَضَاءٍ كَمَا سَيَأْتِي عَارِضٌ، ثُمَّ التَّأْخِيرُ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الصَّلَاةِ (فَلَوْ خَشِيَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ أَوْ الْعُمْرَةُ (الْعَضْبَ حَرُمَ) عَلَيْهِ (التَّأْخِيرُ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُوَسَّعَ إنَّمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ السَّلَامَةُ إلَى وَقْتِ فِعْلِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَمِثْلُهُ. وَمَنْ خَشِيَ هَلَاكَ مَالِهِ (وَلَوْ مَاتَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ) الْحَجُّ (بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَ) مُضِيِّ (إمْكَانِ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ) وَالسَّعْيِ إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ بَعْدَ الْوُقُوفِ (صَارَ) يَعْنِي مَاتَ (عَاصِيًا) ، وَلَوْ شَابًّا، وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ الْقَافِلَةُ (لِاسْتِقْرَارِ الْوُجُوبِ) عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا جُوِّزَ لَهُ التَّأْخِيرُ لَا التَّفْوِيتُ فَيَلْزَمُ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَيُخَالِفُ ذَلِكَ نَظِيرُهُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ آخَرَ وَقْتِهَا مَعْلُومٌ فَلَا تَقْصِيرَ مَا لَمْ يُؤَخِّرْ عَنْهُ، وَالْإِبَاحَةُ فِي الْحَجِّ بِشَرْطِ الْمُبَادَرَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِذَا مَاتَ قَبْلَهُ أَشْعَرَ الْحَالُ بِالتَّقْصِيرِ، وَاعْتِبَارُ إمْكَانِ الرَّمْيِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ التَّهْذِيبِ وَأَقَرَّهُ، وَرَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ لَيْسَ رُكْنًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ وَاجِبًا، وَلَهُ دَخْلٌ فِي التَّحَلُّلِ اُعْتُبِرَ إمْكَانُ فِعْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُكْنًا لِبُعْدِ الْعِصْيَانِ بِدُونِهِ قَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ زَمَنٍ يَسَعُ الْحَلْقَ أَوْ التَّقْصِيرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رُكْنٌ، وَيُعْتَبَرُ الْأَمْنُ فِي السَّيْرِ إلَى مَكَّةَ لِلطَّوَافِ لَيْلًا انْتَهَى. أَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ سَنَةُ سِتٍّ كَمَا صَحَّحَهُ فِي السِّيَرِ إلَخْ) جَمَعَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ الْفَرِيضَةَ قَدْ تَنْزِلُ وَيَتَأَخَّرُ الْإِيجَابُ عَلَى الْأُمَّةِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] فَإِنَّهَا آيَةٌ مَكِّيَّةٌ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ مَدَنِيَّةٌ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مَنْ خَشِيَ هَلَاكَ مَالِهِ) مِثْلُهُ مَا إذَا أَفْسَدَ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ وَمَا إذَا اجْتَمَعَ الْقَضَاءُ وَحِجَّةُ الْإِسْلَامِ بِأَنْ أَفْسَدَ الصَّبِيُّ أَوْ الْعَبْدُ حَجَّهُ ثُمَّ كَمُلَ وَاسْتَطَاعَ فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِحِجَّةِ الْإِسْلَامِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْفَوْرِ وَالْفَرْضُ الْأَصْلِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَمَا إذَا نَذَرَ تَعْجِيلًا وَمَا إذَا خَشِيَ الْمَوْتَ، وَمَا إذَا عُضِبَ بَعْد مَا اسْتَطَاعَ الْحَجَّ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَضِيقُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ بِالِاسْتِنَابَةِ (قَوْلُهُ وَمُضِيِّ إمْكَانُ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ إلَخْ) لَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِهِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ إذْ الْمَقْصُودُ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ إيقَاعُ حَجٍّ مُجْزِئٍ (اب) (قَوْلُهُ قَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ زَمَنٍ يَسَعُ الْحَلْقَ إلَخْ) ، وَهُوَ ضَعِيفٌ إذْ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زَمَنٍ يَخُصُّهُ؛ لِأَنَّ تَقْصِيرَ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ أَوْ حَلْقَهَا أَوْ نَتْفَهَا كَافٍ وَيُمْكِنُ فِعْلُهُ، وَهُوَ سَائِرٌ إلَى مَكَّةَ فَيَنْدَرِجُ زَمَنُهُ فِي زَمَنِ السَّيْرِ إلَيْهَا (اب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 عِصْيَانَ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ بَانَ أَنْ لَا إمْكَانَ (وَلَوْ تَلِفَ مَالُ الْحَيِّ قَبْلَ إمْكَانِ الرُّجُوعِ) أَيْ رُجُوعِ الْقَافِلَةِ (لَمْ يَسْتَقِرَّ) الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ مُؤَنَهُ الرُّجُوعِ لَا بُدَّ مِنْهَا بِخِلَافِ تَلَفِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَبِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَوْتِ كَمَا مَرَّ لِتَبَيُّنِ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ مُؤْنَةِ الرُّجُوعِ (وَإِنْ حُصِرَتْ الْقَافِلَةُ) الَّتِي أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مَعَهَا فَتَحَلَّلَتْ أَوْ صَابَرَتْ الْإِحْرَامَ وَفَاتَ الْوَقْتُ (لَمْ يَسْتَقِرَّ) الْوُجُوبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا عَدَمَ اسْتِطَاعَتِهِ هَذِهِ السَّنَةَ (فَإِنْ) سَلَكُوا طَرِيقًا آخَرَ أَوْ (أَطْلَقُوا) وَمَنْ حَصَرَهُمْ (فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ) أَوْ غَيْرِهَا (وَحَجُّوا) ، وَهُوَ حَيٌّ (وَمَالُهُ بَاقٍ اسْتَقَرَّ) الْوُجُوبُ عَلَيْهِ لِتَمَكُّنِهِ (وَلَوْ تَمَكَّنَ) مِنْ الْحَجِّ (سِنِينَ) فَلَمْ يَحُجَّ (ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُضِبَ فَعِصْيَانُهُ مِنْ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ) مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهَا (فَتَبَيَّنَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ عَضْبِهِ فِسْقُهُ فِيهَا) أَيْ فِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ بَلْ، وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَغْصُوبِ إلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ (فَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَبِنَقْضِ مَا شَهِدَ بِهِ فِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ) بَلْ وَفِيمَا بَعْدَ بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى مَا ذُكِرَ (كَمَا فِي نَقْضِ الْحُكْمِ بِشُهُودٍ بَانَ فِسْقُهُمْ وَعَلَيْهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الْمَيِّتِ أَيْ وَارِثِهِ وَالْمَعْضُوبِ (أَنْ يَسْتَنِيبَ فَوْرًا) لِلتَّقْصِيرِ، وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الِاسْتِنَابَةِ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوْ عُضِبَ مَا لَوْ بَلَغَ مَعْضُوبًا فَإِنَّ لَهُ تَأْخِيرَ الِاسْتِنَابَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَصْلٌ) (الْعَبْدُ الْمُفْسِدُ لِلْحَجِّ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ) ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ (فَإِنْ أُعْتِقَ) بَعْدَ الْإِفْسَادِ (ثُمَّ نَذَرَ حَجًّا قَدَّمَ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ) لِأَصَالَتِهَا وَلِأَهَمِّيَّتِهَا الْمَفْهُومَةِ مِنْ خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ لَبَّى عَنْ شُبْرُمَةَ أَخٍ أَوْ قَرِيبٍ لَهُ: حُجَّ عَنْ نَفْسِك، ثُمَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» (ثُمَّ الْقَضَاءُ) لِوُجُوبِهِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَلَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ لِكَوْنِهِ تَدَارُكًا لِغَيْرِهَا (ثُمَّ النَّذْرُ) ؛ لِأَنَّهُ أَهَمُّ مِنْ النَّفْلِ (فَإِنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ (مَنْ هِيَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَنْ اسْتَنَابَهُ فِيهَا انْصَرَفَ إلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ قَدَّمَ مُؤَخَّرًا لَغَا وَوَقَعَ الْمُقَدَّمُ) وَلِمَنْ حَجَّ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَعْتَمِرْ أَنْ يُقَدِّمَ حِجَّةَ التَّطَوُّعِ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَلِمَنْ اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَحُجَّ أَنْ يُقَدِّمَ عُمْرَةَ التَّطَوُّعِ عَلَى الْحَجِّ (وَإِنْ نَذَرَ مَنْ لَمْ يَحُجَّ أَنْ يَحُجَّ هَذِهِ السَّنَةِ فَحَجَّ خَرَجَ عَنْ فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ) إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَعْجِيلُ مَا كَانَ لَهُ تَأْخِيرُهُ فَيَقَعُ أَصْلُ الْفِعْلِ عَنْ فَرْضِهِ وَتَعْجِيلُهُ عَنْ نَذْرِهِ. (وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مَنْ لَمْ يَحُجَّ لِلْحَجِّ فِي الذِّمَّةِ) فَيَحُجُّ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي سَنَةٍ أُخْرَى (لَا) فِي إجَارَةِ (الْعَيْنِ) ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ لِلسَّنَةِ الْأُولَى فَمَنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ) فِيمَا ذَكَرَ (وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْحَجِّ مَنْ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ) أَيْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْعُمْرَةِ مَنْ عَلَيْهِ حَجٌّ (جَازَ) إذْ لَا مَانِعَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْجَوَازِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ قَرَنَ هَذَا) أَيْ الْأَجِيرُ فِي الصُّورَتَيْنِ (لِلْمُسْتَأْجِرِ وَقَعَ عَنْ الْأَجِيرِ) ؛ لِأَنَّ نُسُكَيْ الْقِرَانِ لَا يَفْتَرِقَانِ لِاتِّحَادِ الْإِحْرَامِ، وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ إلَيْهِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْإِفْرَادِ فَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ (وَمِنْ) الْأَوْلَى وَإِنْ (قَرَنَ) أَيْ هَذَا (لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلِنَفْسِهِ) بِأَنْ أَحْرَمَ بِمَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَبِالْآخِرِ لِنَفْسِهِ (أَوْ أَحْرَمَ) بِمَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ (عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَنْ نَفْسِهِ وَقَعَا) أَيْ مَا أَتَى بِهِ فِي الْأُولَى وَمَا أَتَى بِهِ فِي الثَّانِيَةِ (جَمِيعًا عَنْ نَفْسِهِ) لِمَا مَرَّ آنِفًا؛ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْعَقِدُ عَنْ اثْنَيْنِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ فَانْعَقَدَ لِنَفْسِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا بِقَوْلِهِ (وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا فَعَلَهُ (وَكَذَا وَمَنْ أَحْرَمَ) بِالنِّسْكَانِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا (عَنْ اثْنَيْنِ) اسْتَأْجَرَاهُ لِذَلِكَ أَوْ أَمَرَاهُ بِهِ يَقَعُ ذَلِكَ لَهُ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ، وَمِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِرَجُلَيْنِ اسْتَأْجَرَاهُ لِيَحُجَّ عَنْ أَحَدِهِمَا وَيَعْتَمِرَ عَنْ الْآخَرِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ اثْنَانِ فِي الذِّمَّةِ لِلْحَجِّ عَنْهُمَا أَوْ أَمَرَاهُ بِهِ بِلَا إجَارَةٍ وَأَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا مُبْهَمًا صَرَفَهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِشَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَعْضُوبُ لِفَرْضِهِ) أَدَاءً أَوْ قَضَاءً (وَنَذَرَهُ رَجُلَيْنِ) بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُمَا لِيَحُجَّا عَنْهُ (فِي سَنَةٍ) وَاحِدَةٍ: أَحَدُهُمَا حِجَّةَ الْإِسْلَامِ أَوْ حِجَّةَ قَضَاءٍ وَالْآخَرُ حِجَّةَ نَذْرٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا حِجَّةَ الْإِسْلَامِ وَالْآخَرُ حِجَّةَ قَضَاءٍ (جَازَ) لِمَا -   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْعَبْدُ الْمُفْسِدُ لِلْحَجِّ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ] قَوْلُهُ وَلِأَهَمِّيَّتِهَا الْمَفْهُومَةُ مِنْ خَبَرِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ مَسَافَةٍ فَلَمْ تُؤَدَّ عَنْ الْغَيْرِ مَعَ تَوَجُّهِ فَرْضِهَا كَالْجِهَادِ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ وَعَلَيْهِ فَرْضٌ انْصَرَفَ إلَى الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ رُكْنٌ فَلَا يَتَطَوَّعُ بِهِ قَبْلَ الْمَفْرُوضِ بَلْ يَنْقَلِبُ إلَى الْمَفْرُوضِ كَمَنْ طَافَ بِنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَعَلَيْهِ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْإِفَاضَةِ وَلِأَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا وَقَعَ لِلْفَرْضِ فَلَوْ جَازَ أَنْ يَسْبِقَ النَّفَلُ الْفَرْضَ لَانْصَرَفَ مُطْلَقُهُ إلَى النَّفْلِ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ النَّذْرُ) ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ مَا حَجَّ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ تَطَوَّعَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى مَنْ اسْتَنَابَهَا فِيهَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ، وَقَدْ أَحْرَمَ بِغَيْرِهَا عَنْ الْمُسْتَنِيبِ أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَوْ بِنَفْلٍ وَكَانَ عَلَى النَّائِبِ حِجَّةُ الْإِسْلَامِ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ فَيَحُجُّ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي سَنَةٍ أُخْرَى) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَذَا قَالَاهُ، وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْأَجِيرَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ اسْتِئْجَارُ مَنْ يَقُومُ بِهَذَا الْحَجِّ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ جَوَازُهُ كَاسْتِئْجَارِ الْوَارِثِ عَنْ مُوَرِّثَهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحُجَّ. انْتَهَى وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ الظَّاهِرُ امْتِنَاعُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ هَذَا الْأَجِيرُ الْمَخْصُوصُ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ أَوْ لِكَوْنِهِ مُحِبًّا فِيهِ فَيَدْعُو لَهُ بِإِخْلَاصٍ وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فُلَانٌ لَمْ يَكُنْ لِلْوَارِثِ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهِ لِتَنْصِيصِهِ عَلَيْهِ وَإِذَا امْتَنَعَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ غَيْرَهُ لِلْحَجِّ عَمَّنْ اُسْتُؤْجِرَ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةُ عَيْنٍ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 فِيهِ مِنْ تَعْجِيلِ الْحَجِّ؛ وَلِأَنَّ غَيْرَ حِجَّةِ الْإِسْلَامَ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا وَحِجَّةَ النَّذْرِ لَمْ تَتَقَدَّمْ حِجَّةَ الْقَضَاءِ. [فَرْعٌ أَحْرَمَ شَخْصٌ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ أَوْ أَحْرَمَ الْأَجِيرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِحَجِّ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ ثُمَّ نَذَرَ حَجًّا قَبْلَ الْوُقُوفِ] (فَرْعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ (لَوْ أَحْرَمَ الْمُتَطَوِّعُ) بِأَنْ أَحْرَمَ شَخْصٌ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ (أَوْ) أَحْرَمَ (الْأَجِيرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ) بِحَجِّ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ (ثُمَّ نَذَرَ حَجًّا قَبْلَ الْوُقُوفِ لَا بَعْدَهُ انْصَرَفَ الْحَجُّ إلَى النَّذْرِ) لِتَقَدُّمِ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ وَفَرْضِ الشَّخْصِ عَلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ نَذْرِهِ لَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ لِإِتْيَانِهِ بِمُعْظَمِ أَرْكَانِ مَا نَوَاهُ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ وَعَادَ فَالظَّاهِرُ انْصِرَافُهُ إلَى النَّذْرِ كَمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْفَرْضِ فِيمَا لَوْ كَمَّلَ الْمُحْرِمُ بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَعَادَ إلَيْهِ (وَلَوْ أَحْرَمَ) عَنْ نَفْسِهِ (أَجِيرِ الْعَيْنِ) أَوْ أَجِيرِ الذِّمَّةِ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى (بِتَطَوُّعٍ لَمْ يَنْصَرِفْ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ) لِأَنَّا إنَّمَا نُقَدِّمُ وَاجِبَ الْحَجِّ عَلَى نَفْلِهِ لِوُجُوبِهِ، وَأَمَّا اسْتِحْقَاقُهُ عَلَى الْأَجِيرِ فَلَيْسَ لِوُجُوبِهِ (وَيَسْقُطُ فَرْضُ مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ) كَمَغْصُوبٍ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي مَغْصُوبٍ أَوْ ثَوْبِ حَرِيرٍ. [بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ] (بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) زَمَانًا وَمَكَانًا (الْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ لِلْحَجِّ مِنْ شَوَّالٍ إلَى فَجْرِ لَيْلَةِ النَّحْرِ) كَمَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] أَيْ وَقْتُ الْإِحْرَامِ بِهِ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ إذَا فَعَلَهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَشْهُرٍ وَأَطْلَقَ الْأَشْهُرَ عَلَى شَهْرَيْنِ وَبَعْضَ شَهْرٍ تَنْزِيلًا لِلْبَعْضِ مَنْزِلَةَ الْكُلِّ أَوْ إطْلَاقًا لِلْجَمْعِ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} [النور: 26] أَيْ عَائِشَةُ وَصَفْوَانُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ إذَا ضَاقَ زَمَنُ الْوُقُوفِ عَنْ إدْرَاكِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ قَالَ: وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجُمُعَةِ لِبَقَاءِ الْحَجِّ حَجًّا بِفَوْتِ الْوُقُوفِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ. (وَ) الْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ (لِلْعُمْرَةِ جَمِيعُ السَّنَةِ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ أَوْ فِي ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ وَأَنَّهُ اعْتَمَرَ عُمْرَةً فِي رَجَبٍ» كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَإِنْ أَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ عَائِشَةُ وَأَنَّهُ قَالَ «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «حَجَّةً مَعِي» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ» (لَا لِحَاجٍّ) فَيَمْتَنِعُ إحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ (قَبْلَ نَفْرِهِ) أَمَّا قَبْلَ تَحَلُّلِهِ فَلِامْتِنَاعِ إدْخَالِهَا عَلَى الْحَجِّ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِاشْتِغَالِهِ بِالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ التَّشَاغُلِ بِعِلْمِهَا؛ وَلِأَنَّ بَقَاءَ حُكْمِ الْإِحْرَامِ كَبَقَائِهِ وَفِي التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ حِجَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ إذَا قَصَدَ تَرْكَ الرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَمَّا إحْرَامُهُ بِهَا بَعْدَ نَفْرِهِ فَصَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ وَقْتُ الرَّمْيِ بَعْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ بِالنَّفْرِ خَرَجَ مِنْ الْحَجِّ وَصَارَ كَمَا لَوْ مَضَى وَقْتُ الرَّمْيِ نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَا خِلَافَ فِيهِ. (وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ، وَلَوْ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ فَلَا تُكْرَهُ فِي وَقْتٍ، وَلَا يُكْرَهُ تَكْرِيرُهَا فَقَدْ «أَعْمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ وَاعْتَمَرَتْ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ» أَيْ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَفِي رِوَايَةِ «ثَلَاثَ عُمَرَ» وَاعْتَمَرَ ابْنُ عُمَرَ أَعْوَامًا مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ عَامٍ رَوَاهَا الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُنْدَبُ الِاعْتِمَارُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَفِي رَمَضَانَ. قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَالْعُمْرَةُ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي بَاقِي السَّنَةِ لِخَبَرِ «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي» قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَفِعْلُهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَيْسَ بِفَاضِلٍ كَفَضْلِهِ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُ الْحَجِّ فِيهَا (فَرْعٌ مَتَى أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوْ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ) فِيهِمَا (انْعَقَدَ عُمْرَةً مُجْزِئَةً عَنْ الْفَرْضِ) أَيْ فَرْضِهَا وَإِنْ كَانَ عَالِمًا لِشِدَّةِ لُزُومِ الْإِحْرَامِ لِانْعِقَادِهِ مَعَ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا   [حاشية الرملي الكبير] كِتَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) (قَوْلُهُ الْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ لِلْحَجِّ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا وَقْتُ الْحَجِّ مَعَ إمْكَانِهِ فِي بَقِيَّةِ الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مِصْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ لَا يَنْعَقِدُ الْحَجُّ بِلَا شَكٍّ قَالَهُ فِي الْخَادِمِ قَالَ وَفِي انْعِقَادِهِ عُمْرَةً تَرَدُّدٌ وَالْأَرْجَحُ نَعَمْ (قَوْلُهُ وَمِنْ شَوَّالٍ إلَى فَجْرِ لَيْلَةِ النَّحْرِ) عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ وَأَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَتِسْعٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَمَنْ لَمْ يُدْرِكْهُ إلَى الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ دَاوُد بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْأَيَّامَ فَلْيَقُلْ وَتِسْعَةٌ أَوْ اللَّيَالِي فَهِيَ عَشْرٌ وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي جَمِيعًا وَغَلَبَ التَّأْنِيثُ فِي الْعَدَدِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ جَوَابٌ عَنْ السُّؤَالِ، وَهُوَ إخْرَاجُ اللَّيْلَةِ الْعَاشِرَةِ، وَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِإِرَادَةِ الْأَيَّامِ، وَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ التَّأْنِيثِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَعَ ذِكْرِ الْمَعْدُودِ فَمَعَ حَذْفِهِ يَجُوزُ الْأَمْرَانِ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالسُّؤَالُ مَعَهُ بَاقٍ فِي إخْرَاجِ اللَّيْلَةِ الْعَاشِرَةِ. اهـ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فَفِي جَوَابِ السُّؤَالِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ جَوَابٌ عَنْهُ ثَانٍ وَأَمَّا اللَّيْلَةُ الْعَاشِرَةُ فَقَدْ أَفَادَهَا قَوْلُهُ فَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ إلَخْ. (فَرْعٌ) مَنْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ الْحَجَّ إنْ كَانَتْ مِنْ شَوَّالٍ، وَإِلَّا فَالْعُمْرَةُ فَبَانَتْ مِنْ شَوَّالٍ فَحَجٌّ، وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ وَمَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ يَعْتَقِدُ تَقَدُّمَهُ عَلَى وَقْتِهِ فَبَانَ فِيهِ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ أَخْطَأَ الْوَقْتَ كُلُّ الْحَجِيجِ فَهَلْ يُغْتَفَرُ كَخَطَأِ الْوُقُوفِ أَوْ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً وَجْهَانِ الْأَوْفَقُ الثَّانِي (قَوْلُهُ {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] الْحَجُّ هُوَ الْفِعْلُ فَلَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَشْهُرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إضْمَارٍ، وَلَا يَجُوزُ إضْمَارُ وَقْتِ فِعْلِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَيْسَ فِي أَشْهُرٍ بَلْ يُفْعَلُ فِي أَيَّامٍ، وَلَا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَشْهُرُ كَمَا قَالَ الزَّجَّاجُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ وَقْتُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ أَشْهُرٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: 197] أَيْ عَقَدَ، وَأَوْجَبَ أَيْ أَحْرَمَ (قَوْلُهُ إذَا ضَاقَ زَمَنُ الْوُقُوفِ عَنْ إدْرَاكِهِ) كَأَنْ أَحْرَمَ بِهِ فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَلَمْ يَبْقَ زَمَنُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يَصِحُّ مَعَهُ إدْرَاكُهُ (قَوْلُهُ لَا لِحَاجٍّ قَبْلَ نَفْرِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمِنًى (قَوْلُهُ، وَلَا يُكْرَهُ تَكْرِيرُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ فَجَازَ تَكْرَارُهَا فِي السَّنَةِ كَالصَّلَاةِ. [فَرْعٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوْ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ] (قَوْلُهُ انْعَقَدَ عُمْرَةً مُجْزِئَةً إلَخْ) ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ مُتَضَمِّنَةٌ لِنِيَّةِ الْعُمْرَةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَفْعَالِهَا كَمَا أَنَّ نِيَّةَ الظُّهْرِ تَتَضَمَّنُ النَّفَلَ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَسَيُصْبِحُ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْعَالِمِ التَّلَاعُبِ - وَهُوَ فِي الْحَجِّ - لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ حَجٌّ وَأَحْرَمَ بِغَيْرِهِ عَامِدًا انْصَرَفَ إلَى مَا عَلَيْهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 سَيَأْتِي فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ الْوَقْتُ مَا أَحْرَمَ بِهِ انْصَرَفَ إلَى مَا يَقْبَلُهُ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ قَصْدُ الْحَجِّ بَقِيَ مُطْلَقُ الْإِحْرَامِ، وَالْعُمْرَةُ تَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ هَذَا فِي الْحَلَالِ فَلَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ بِحَجٍّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ عُمْرَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَهُوَ عُمْرَةٌ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَانَ إحْرَامُهُ فِي أَشْهُرِهِ أَوْ قَبْلَهَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ كَانَ حَجًّا؛ لِأَنَّهُ يَتَيَقَّنُ إحْرَامَهُ الْآنَ وَيَشُكُّ فِي تَقَدُّمِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيلَ: وَالْأَوْلَى الِاحْتِيَاطُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ، ثُمَّ نَسِيَهُ (وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا) أَيْ الْعُمْرَةُ (عَنْ سَنَتِهِ) أَيْ الْحَجِّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ. (فَصْلٌ الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْمَكِّيِّ) أَيْ لِمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا (مَكَّةُ لَا سَائِرُ الْحَرَمِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ الْآتِي حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ وَقِيسَ بِأَهْلِهَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ هُوَ بِهَا (فَإِنْ فَارَقَ بُنْيَانَهَا وَأَحْرَمَ) خَارِجَهَا، وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ (أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ) كَمُجَاوِزِ سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ نَعَمْ إنْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إسَاءَةَ، وَلَا دَمَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ، ثُمَّ رَأَيْت الْمُحِبَّ الطَّبَرِيَّ نَبَّهَ عَلَيْهِ بَحْثًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْإِسَاءَةِ فِيمَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مِيقَاتٍ، وَإِلَّا فَلَا إسَاءَةَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي سُقُوطِ دَمِ التَّمَتُّعِ بِذَلِكَ (فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا) قَبْلَ الْوُقُوفِ (سَقَطَ) الدَّمُ نَعَمْ إنْ وَصَلَ فِي خُرُوجِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَمْ يَسْقُطْ الدَّمُ بِذَلِكَ بَلْ بِوُصُولِهِ إلَى الْمِيقَاتِ الَّذِي لِلْآفَاقِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ. (وَإِحْرَامُهُ) أَيْ الْمَكِّيِّ (مِنْ بَابِ دَارِهِ أَفْضَلُ) مِنْهُ مِنْ غَيْرِهِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ الْآتِي «وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ» (فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ) الْحَرَامَ (مُحْرِمًا) وَإِحْرَامُهُ مِنْ بَابِهِ يَكُونُ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ صَلَاةِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إذْ الْإِحْرَامُ لَا يُسَنُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ بَلْ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَاتٍ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ مُحْرِمًا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ لَا لِلصَّلَاةِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ: إنَّهُ إذَا اُسْتُحِبَّ لَهُ فِعْلُ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ أَشْكَلَ ذَلِكَ بِتَصْحِيحِ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ بَابِ دَارِهِ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ لِرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ قِيلَ: وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لِمَنْ مِيقَاتُهُ قَرْيَتُهُ أَوْ حِلَّتُهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الطَّرَفِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ لِيَقْطَعَ الْبَاقِي مُحْرِمًا إنَّ الْمَكِّيَّ يُحْرِمُ مِنْ طَرَفِهَا الْأَبْعَدِ عَنْ مَقْصِدِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَاكَ قَاصِدٌ لِمَكَانٍ أَشْرَفَ مِمَّا هُوَ فِيهِ، وَهَذَا بِعَكْسِهِ. (وَالْمُتَمَتِّعُ الْآفَاقِيُّ إنْ أَحْرَمَ) بِالْحَجِّ (خَارِجَ مَكَّةَ، وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ) أَوْ إلَى مِثْلِهِ مَسَافَةً (أَوْ إلَى مَكَّةَ لَزِمَهُ دَمَانِ) : دَمُ الْإِسَاءَةِ وَدَمُ التَّمَتُّعِ، وَلَوْ قَالَ: وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا أَوْ إلَى الْمِيقَاتِ كَانَ أَخْصَرَ وَخَرَجَ بِالْآفَاقِيِّ الْمَكِّيُّ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دَمُ الْإِسَاءَةِ (وَمَنْ كَانَ) مَسْكَنُهُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ مَكَّةَ (وَبَيْنَ الْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ قَرْيَتُهُ أَوْ حِلَّتُهُ) أَوْ مَنْزِلُهُ الْمُنْفَرِدُ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ الْآتِي «فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ» (وَأَمَّا الْآفَاقِيُّ) فَلَهُ مَوَاقِيتُ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ النَّوَاحِي (فَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ) وَهِيَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: أَبْيَارُ عَلِيٍّ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ عَلَى مِيلٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ عَلَى سَبْعَةٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ أَنَّهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ تَزِيدُ قَلِيلًا. قَالَ الشَّيْخَانِ وَهِيَ عَلَى نَحْوِ عَشْرَةِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ فَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ (وَلِلشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ) أَيْ لِأَهْلِهَا (الْجُحْفَةُ) وَيُقَالُ لَهَا مَهْيَعَةُ بِوَزْنِ مَرْتَبَةٍ وَمَهْيَعَةُ بِوَزْنِ مَعِيشَةُ، وَهِيَ قَرْيَةٌ كَبِيرَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَقَدْ خَرِبَتْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهِيَ عَلَى نَحْوِ خَمْسِينَ فَرْسَخًا مِنْ مَكَّةَ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْحَلَةَ ثَمَانِيَةُ فَرَاسِخَ فَيَكُونُ جُمْلَةُ الْمَرَاحِلِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا، وَالْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ وَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَسُمِّيَتْ جُحْفَةً؛ لِأَنَّ السَّيْلَ اجْتَحَفَهَا وَحَمَلَ أَهْلَهَا (وَلِلْيَمَنِ) أَيْ لِأَهْلِ تِهَامَةَ (يَلَمْلَمُ) وَيُقَالُ أَلَمْلَمُ، وَهُوَ أَصْلُهُ قُلِبَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً وَيَرَمْرَمُ بِرَاءَيْنِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ (وَلِنَجْدِيٍّ الْحِجَازُ وَالْيَمَنُ) أَيْ لِأَهْلِهِمَا (قَرْنُ) بِسُكُونِ الرَّاءِ وَيُقَالُ لَهُ قَرْنُ الْمَنَازِلِ وَقَرْنُ الثَّعَالِبِ، وَهُوَ جَبَلٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَوَهَمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَحْرِيكِ الرَّاءِ وَفِي قَوْلِهِ: إنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى قَرْنٍ قَبِيلَةٌ مِنْ مُرَادٍ كَمَا ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ (وَلِلْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ) أَيْ لِأَهْلِهِمَا (ذَاتُ عِرْقٍ) وَهِيَ قَرْيَةٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَقَدْ خَرِبَتْ. (وَالْعَقِيقُ) ، وَهُوَ وَادٍ فَوْقَ ذَاتِ عِرْقٍ (لَهُمْ) أَيْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْمَكِّيِّ] قَوْلُهُ الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْمَكِّيِّ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَابِ الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ عَشْرَةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحِبَّ الطَّبَرِيَّ نَبَّهَ عَلَيْهِ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ كَبَقِيَّةِ الْمَوَاقِيتِ. (قَوْلُهُ إنَّ الْمَكِّيَّ يُحْرِمُ مِنْ طَرَفِهَا الْأَبْعَدِ إلَخْ) لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ قَصْدِ الْمَشْيِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ وَهَذَا بِعَكْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى عَرَفَاتٍ كَانَ قَاصِدًا لِلْمَحَلِّ فَهُوَ مُنْتَقِلٌ مِنْ الْأَفْضَلِ إلَى غَيْرِ الْأَفْضَلِ فَكَيْفَ يُقَاسَ الْحِلُّ بِالْحَرَمِ حَتَّى يُسْتَحَبَّ قَصْدُهُ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ. (قَوْلُهُ فَمِيقَاتُهُ قَرْيَتُهُ أَوْ حِلَّتُهُ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ مِيقَاتَيْنِ كَمَا قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَا فَإِنْ كَانَ وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَمَامَهُ وَالْآخَرُ وَرَاءَهُ كَذِي الْحُلَيْفَةِ وَالْحُجْفَةِ فَمَنْ كَانَ عَلَى جَادَّةِ الْمَغْرِبِ وَالشَّامِ كَأَهْلِ بَدْرٍ وَالصَّفْرَاءِ فَمِيقَاتُهُمْ الْجُحْفَةُ أَمَامَهُمْ وَمَنْ كَانَ عَلَى جَادَّةِ الْمَدِينَةِ وَعَلَى طَرِيقِ ذِي الْحُلَيْفَةِ كَأَهْلِ الْأَبْوَاءِ وَالْعَرَجِ فَمِيقَاتُهُمْ مَوْضِعُهُمْ اعْتِبَارًا بِذِي الْحُلَيْفَةِ لِكَوْنِهِمْ عَلَى جَادَّتِهَا وَمَنْ كَانَ بَيْنَ الْجَادَّتَيْنِ فَإِنْ كَانُوا إلَى جَادَّةِ الْمَدِينَةِ أَقْرَبُ أَحْرَمُوا مِنْ مَوْضِعِهِمْ وَإِنْ كَانُوا إلَى جَادَّةِ الشَّامِ أَقْرَبَ أَحْرَمُوا مِنْ الْجُحْفَةِ وَإِنْ كَانُوا مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُحْرِمُونَ مِنْ مَوْضِعِهِمْ وَالثَّانِي مِنْهُ أَوْ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَإِنْ شَاءُوا. اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا ضَابِطُ مُجَاوَزَتِهِ الْمُوجِبَةِ لِلدَّمِ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ قَصْرُ الصَّلَاةِ وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَاوَزَتِهِ وَمَا دُونَهُ مِنْ الْقَرْيَةِ أَوْ الْحِلَّةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 لِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ (أَفْضَلُ) مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَلِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ وَقَالَ: هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» خَبَرُ الشَّافِعِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ الْجُحْفَةَ» وَخَبَرُ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ» (وَالطَّرَفُ الْأَبْعَدُ عَنْ مَكَّةَ مِنْ كُلِّ مِيقَاتٍ) أَيْ الْإِحْرَامُ مِنْهُ (أَفْضَلُ) مِنْ الْإِحْرَامِ مِنْ وَسَطِهِ وَآخِرِهِ لِيَقْطَعَ الْبَاقِيَ مُحْرِمًا قَالَ السُّبْكِيُّ إلَّا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ (وَهِيَ) أَيْ الْمَوَاقِيتُ الْمَذْكُورَةُ (لِأَهْلِهِمَا وَلِمَنْ سَلَكَهَا) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ إلَّا النَّائِبُ فَيُحْرِمُ كَمَا مَرَّ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِ مُنِيبِهِ (وَالْعِبْرَةُ) فِي هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ (بِالْبُقْعَةِ لَا مَا بُنِيَ) ، وَلَوْ (قَرِيبًا مِنْهَا) ، وَلَوْ بِنَقْضِهَا وَإِنْ سُمِّيَ بِاسْمِهَا. (وَمَنْ سَلَكَ) طَرِيقًا (غَيْرَ) طَرِيقِ (الْمِيقَاتِ أَحْرَمَ بِمُحَاذَاتِهِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُسَامَتَتِهِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْبَحْرِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا وَإِنَّا إنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ فَحَدَّ لَهُمْ عُمَرُ ذَاتِ عِرْقٍ» ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ (فَإِنْ أَشْكَلَ) عَلَيْهِ الْمِيقَاتُ أَوْ مَوْضُوعُ مُحَاذَاتِهِ (احْتَاطَ) ، الَّذِي فِي الْأَصْلِ تَحَرَّى، وَطَرِيقُ الِاحْتِيَاطِ لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ اجْتَهَدَ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْتَظْهِرَ خِلَافًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ حَيْثُ أَوْجَبَ الِاسْتِظْهَارَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ تَحَيَّرَ فِي اجْتِهَادِهِ تَعَيَّنَ الِاسْتِظْهَارُ جَزْمًا إنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَوْ كَانَ قَدْ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ (وَلَوْ حَاذَى مِيقَاتَيْنِ أَحْرَمَ مِنْ أَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ) وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ إذْ لَوْ كَانَ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ فَإِنَّهُ مِيقَاتُهُ وَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا أَبْعَدَ فَكَذَا مَا هُوَ بِقُرْبِهِ (فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ) إلَيْهِ (فَأَبْعَدُهُمَا مِنْ مَكَّةَ) يُحْرِمُ مِنْهُ وَإِنْ حَاذَى الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا كَأَنْ كَانَ الْأَبْعَدُ مُنْحَرِفًا أَوْ وَعْرًا (فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ) إلَيْهِ (فَكِلَاهُمَا مِيقَاتُهُ قُلْنَا: لَا بَلْ مِيقَاتُهُ الْأَبْعَدُ إلَى مَكَّةَ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ، وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْأَبْعَدِ أَوْ إلَى) مِثْلِ (مَسَافَتِهِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ لَا) إنْ رَجَعَ (إلَى الْآخَرِ) فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِمَا وَإِلَيْهِ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِمَا إنْ لَمْ يُحَاذِ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، وَإِلَّا فَمِنْ مُحَاذَاةِ الْأَوَّلِ يَنْتَظِرُ مُحَاذَاةَ الْآخَرَ كَمَا لَيْسَ لِلْمَارِّ عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إلَى الْجُحْفَةِ (فَإِنْ لَمْ يُحَاذِ شَيْئًا) مِنْ الْمَوَاقِيتِ (أَحْرَمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ الْمَوَاقِيتِ أَقَلُّ مَسَافَةً مِنْ هَذَا الْقَدْرِ. (فَرْعٌ وَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ) إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ (غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ، ثُمَّ عَنَّ) أَيْ عَرَضَ (لَهُ) قَصْدُ النُّسُكِ (فَذَلِكَ) أَيْ مَحَلُّ عُرُوضِ ذَلِكَ لَهُ (مِيقَاتُهُ) ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَى الْمِيقَاتِ كَمَا شَمَلَ ذَلِكَ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ «وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ» وَأَشَارَ إلَيْهِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ. (فَصْلٌ وَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ غَيْرَ مُحْرِمٍ) ، وَلَمْ يَنْوِ الْعَوْدَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ (أَسَاءَ) لِلْإِجْمَاعِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَلَزِمَهُ الْعَوْدُ) إلَيْهِ مُحْرِمًا أَوْ لِيُحْرِمَ مِنْهُ تَدَارُكًا لِمَا فَوَّتَهُ (وَأَثِمَ بِتَرْكِهِ) أَيْ الْعَوْدِ (إلَّا لِعُذْرٍ) كَضِيقِ الْوَقْتِ وَخَوْفِ الطَّرِيقِ أَوْ الِانْقِطَاعِ عَنْ الرُّفْقَةِ وَسَهْوِهِ وَجَهْلِهِ فَلَا عَوْدَ عَلَيْهِ، وَلَا إثْمَ لِعُذْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إذَا كَانَ مَاشِيًا، وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِالْمَشْيِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا قُلْنَا فِي الْحَجِّ مَاشِيًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَلِوَجْهِ لُزُومِ الْعَوْدِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ لِمَا تَعَدَّى فِيهِ فَأَشْبَهَ وُجُوبَ قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ، وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ (فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْعَوْدِ) ، الْأَوْلَى وَلَمْ يَعُدْ (وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا) فِي ذَلِكَ (لَزِمَهُ دَمٌ) لِإِسَاءَتِهِ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ إلَّا ذَا الْحُلَيْفَةِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا حَقٌّ قَالَ فِي الْخَادِمِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ إذَا كَانَ بِالْمِيقَاتِ مَسْجِدٌ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَفِيهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَفْضَلَ إحْرَامُهُ عَقِبَ الصَّلَاةِ وَهُوَ جَالِسٌ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَسْجِدُ فِي وَسَطِ الْمِيقَاتِ أَوْ طَرَفِهِ الْآخَرِ إلَى مَكَّةَ (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ اجْتَهَدَ) أَيْ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ، وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ فِي الِاجْتِهَادِ إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ كَالْأَعْمَى (قَوْلُهُ وَلَوْ حَاذَى مِيقَاتَيْنِ عَلَى التَّرْتِيبِ) أَحْرَمَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مَعًا. (قَوْلُهُ وَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ) أَيْ إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ أَمَّا إذَا جَاوَزَهُ إلَى جِهَةِ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَأَحْرَمَ مِنْ مِثْلِ مِيقَاتِ بَلَدِهِ أَوْ أَبْعَدَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقِيَاسُهُ أَنَّ لِلْمَكِّيِّ أَنْ يُجَاوِزَ إلَى غَيْرِ جِهَةِ عَرَفَةَ ثُمَّ يُحْرِمَ مُحَاذِيًا لِمَكَّةَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الطَّبَرِيُّ وَعَنْ الْبَيَانِ أَنَّ ظَاهِرَ الْوَجْهَيْنِ أَنَّا حَيْثُ أَسْقَطْنَا عَنْهُ الدَّمَ بِالْعَوْدِ لَا تَكُونُ الْمُجَاوَزَةُ حَرَامًا حَكَاهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ شَرْطُ انْتِفَاءِ التَّحْرِيمِ أَنْ تَكُونَ الْمُجَاوَزَةُ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ وَقَالَ فِي التَّوَسُّطِ إذَا أَخَذَ عَنْ يَمِينِ الْمِيقَاتِ أَوْ يَسَارِهِ لَمْ نَقُلْ جَاوَزَهُ وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ [فَصْلٌ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَلَمْ يَنْوِ الْعَوْدَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ] (قَوْلُهُ أَوْ الِانْقِطَاعُ عَنْ الرُّفْقَةِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ عُذْرٌ مَعَ الْأَمْنِ لِمَشَقَّةِ الِاسْتِيحَاشِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ دَمٌ) أَيْ الْبَالِغُ الْحُرُّ أَمَّا الصَّبِيُّ وَالرَّقِيقُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَمُلَ قَبْلَ الْوُقُوفِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقِيَاسُهُ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ كَذَلِكَ لِافْتِقَارِ إحْرَامِهَا إذْنَ الْغَيْرِ فَلَوْ جَاوَزَتْ الْمِيقَاتَ مُرِيدَةً لِلنُّسُكِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَلَا دَمَ عَلَيْهَا هَكَذَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِ صَحِيحٍ وَشَرْطُ لُزُومِهِ أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ وَأَنْ يُحْرِمَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُحْرِمْ أَصْلًا؛ لِأَنَّ لُزُومَهُ إنَّمَا هُوَ لِنُقْصَانِ النُّسُكِ لَا بَدَلَ مِنْهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ فِي سَنَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ إحْرَامَ هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَصْلُحُ لِإِحْرَامِ غَيْرِهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَحْرَمَ دُونَهُ يَكُنْ كَالْمُسْلِمِ فِيمَا ذُكِرَ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ حَجِّ الصَّبِيِّ (وَيَسْقُطُ) عَنْهُ الدَّمُ (مَتَى عَادَ) ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ الْمَسَافَةَ مِنْ الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا وَأَدَّى الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا بَعْدَهُ فَكَانَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْهُ سَوَاءٌ أَكَانَ دَخَلَ مَكَّةَ أَمْ لَا (لَا) إنْ عَادَ (بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ وَلَوْ طَوَافَ الْقُدُومِ) فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ لِتَأَدِّي النُّسُكِ بِإِحْرَامٍ نَاقِصٍ. (، وَالْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ مِنْهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ) خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي تَصْحِيحِهِ عَكْسَهُ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِحَجَّتِهِ وَبِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ» رَوَى الْأَوَّلَ الشَّيْخَانِ وَالثَّانِيَ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّ فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ بِالتَّقْدِيمِ عُسْرًا، وَتَغْرِيرًا بِالْعِبَادَةِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا، وَإِنَّمَا جَازَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ لَا قَبْلَ الزَّمَانِيِّ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْعِبَادَةِ بِالْوَقْتِ أَشَدُّ مِنْهُ بِالْمَكَانِ، وَلِأَنَّ الْمَكَانِيَّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ بِخِلَافِ الزَّمَانِيِّ. (فَصْلٌ مِيقَاتُ الْعُمْرَةِ مِيقَاتُ الْحَجِّ) لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ «مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ» (إلَّا لِمَنْ فِي الْحَرَمِ) مَكِّيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (فَمِيقَاتُهُ الْوَاجِبُ أَدْنَى الْحِلِّ) فَيَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ، وَلَوْ بِقَلِيلٍ مِنْ أَيْ جَانِبٍ شَاءَ لِلْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ كَالْجَمْعِ فِي الْحَجِّ بَيْنَهُمَا بِوُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَائِشَةَ بِالْخُرُوجِ إلَى الْحِلِّ لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ الْخُرُوجُ لَأَحْرَمَتْ مِنْ مَكَانِهَا لِضِيقِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَحِيلِ الْحَاجِّ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " الْوَاجِبُ " مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَالْأَفْضَلُ) مِنْ بِقَاعُ الْحِلِّ لِإِحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ (الْجِعْرَانَةُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهِيَ بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِ الْعَيْنِ وَتَثْقِيلِ الرَّاءِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ عَلَى الثَّانِي ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَهِيَ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ (ثُمَّ التَّنْعِيمُ) لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ بِالِاعْتِمَارِ مِنْهُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي عِنْدَ الْمَسَاجِدِ الْمَعْرُوفَةِ بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ فَرْسَخٌ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَى يَمِينِهِ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ نُعَيْمٌ وَعَلَى شِمَالِهِ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ نَاعِمٌ وَالْوَادِي نُعْمَانُ (ثُمَّ الْحُدَيْبِيَةُ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ أَفْصَحُ مِنْ تَثْقِيلِهَا وَهِيَ اسْمٌ لِبِئْرٍ هُنَاكَ بَيْنَ طَرِيقِ جُدَّةَ وَطَرِيقِ الْمَدِينَةِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ وَذَلِكَ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَمَّ بِالِاعْتِمَارِ مِنْهَا فَصَدَّهُ الْكُفَّارُ فَقَدَّمَ فِعْلَهُ، ثُمَّ أَمْرَهُ، ثُمَّ هَمَّهُ» كَذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ: إنَّهُ هَمَّ بِالِاعْتِمَارِ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إلَّا أَنَّهُ هَمَّ بِالدُّخُولِ إلَى مَكَّةَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «وَإِنَّمَا أَعْمَرَ عَائِشَةَ مِنْ التَّنْعِيمِ» وَمَعَ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَفْضَلُ لِضِيقِ الْوَقْتِ، أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ وَلَيْسَ التَّفْضِيلُ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ فَإِنَّ الْجِعْرَانَةَ وَالْحُدَيْبِيَةَ مَسَافَتُهُمَا إلَى مَكَّةَ وَاحِدَةٌ: سِتَّةُ فَرَاسِخَ وَالتَّنْعِيمُ مَسَافَتُهُ إلَيْهَا فَرْسَخٌ كَمَا مَرَّ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْهُمَا فَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ نُدِبَ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَمِ بَطْنَ وَادٍ، ثُمَّ يُحْرِمَ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهَا وَحَكَاهُ فِي الْإِبَانَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ (وَإِذَا أَحْرَمَ بِهَا مِنْ مَكَّةَ وَتَمَّمَ) أَفْعَالَهَا (وَلَمْ يَخْرُجْ) إلَى الْحِلِّ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ مِنْهَا (أَجْزَأَهُ) مَا أَحْرَمَ بِهِ (وَلَزِمَهُ الدَّمُ) لِأَنَّ الْإِسَاءَةَ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ إنَّمَا تَقْتَضِي لُزُومَ الدَّمِ لَا عَدَمَ الْإِجْزَاءِ (وَمَتَى عَادَ) يَعْنِي خَرَجَ إلَى الْحِلِّ (قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِفَرْضٍ سَقَطَ) عَنْهُ الدَّمُ لِمَا مَرَّ. (بَابُ بَيَانِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِهَا (الْإِفْرَادُ، ثُمَّ التَّمَتُّعُ، ثُمَّ الْقِرَانُ أَفْضَلُ) عَلَى الْأَصَحِّ مَنْشَأُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الرُّوَاةِ فِي إحْرَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   [حاشية الرملي الكبير] وَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ فِي سَنَةٍ أُخْرَى إلَخْ) فَإِنْ كَانَ النُّسُكُ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ عُمْرَةً لَزِمَهُ الدَّمُ سَوَاءٌ اعْتَمَرَ فِي سَنَةِ الْمُجَاوَزَةِ أَمْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ مَتَى عَادَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الدَّمَ وَجَبَ ثُمَّ سَقَطَ بِالْعَوْدِ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْحَاوِي وَصَحَّحَ أَعْنِي الْمَاوَرْدِيَّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِفَوَاتِ الْعَوْدِ كَمَا لَوْ جَاوَزَ، وَلَمْ يُحْرِمْ فَإِنَّ الدَّمَ إنَّمَا يَجِبُ بِفَوَاتِ الْعَوْدِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِسَاءَةَ هُنَا تَأَكَّدَتْ بِالْإِحْرَامِ، وَلِهَذَا لَا يَنْفَعُهُ الْعَوْدُ عَلَى وَجْهٍ وَقِيلَ إنَّهُ يُرَاعَى إنْ لَمْ يَعُدْ تَبَيَّنَ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا تَبَيَّنَ عَدَمُهُ وَإِذَا سَقَطَ بِالدَّمِ عَنْ الْمُجَاوِزِ بِالْعَوْدِ بَانَ أَنَّ الْمُجَاوَزَةَ لَمْ تَكُنْ حَرَامًا جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَحَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَأَقَرَّهُ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ شَرْطُ انْتِفَاءِ التَّحْرِيمِ أَنْ تَكُونَ الْمُجَاوَزَةُ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ بَعِيدٌ وَكَيْفَ يُقَالُ إنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ لَهُ الْمُجَاوَزَةَ ثُمَّ يَعُودُ وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِ الْمُجَاوَزَةِ فَالصَّحِيحُ أَوْ الصَّوَابُ أَنَّهُ مُسِيءٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ مَا ذَكَرُوهُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْإِسَاءَةِ ارْتَفَعَ بِرُجُوعِهِ وَتَوْبَتِهِ وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَالْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ) لَكِنْ لَوْ نَذَرَهُ مِنْهَا لَزِمَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَكَمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ. [فَصْلٌ مِيقَاتُ الْعُمْرَةِ] (قَوْلُهُ فَمِيقَاتُهُ الْوَاجِبُ أَدْنَى الْحِلِّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ خَطَا بِإِحْدَى قَدَمَيْهِ إلَى الْحِلِّ وَبَاقِيهِ فِي الْحَرَمِ فَإِنْ كَانَ مُعْتَمِدًا عَلَى الْبَاقِي فِي الْحَرَمِ أَوْ عَلَى الْقَدَمَيْنِ مَعًا فَلَيْسَ بِخَارِجٍ وَإِنْ كَانَ مُعْتَمِدًا عَلَى الْقَدَمِ الْخَارِجِ فَقَطْ فَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا انْتَهَى وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ خَارِجٌ (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ الْجِعْرَانَةُ إلَخْ) قَالَ يُوسُفُ بْنَ وَأَسْحُتٌ اعْتَمَرَ مِنْهَا ثَلَاثُمِائَةِ نَبِيٍّ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصَّوَابُ إلَخْ) يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ هَمَّ أَوَّلًا بِالِاعْتِمَارِ مِنْهَا ثُمَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ هَمَّ بِالدُّخُولِ مِنْهَا. [بَابُ بَيَانِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ] (بَابُ بَيَانِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ إلَخْ) (قَوْلُهُ الْإِفْرَادُ ثُمَّ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْقِرَانُ أَفْضَلُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ جَابِرٍ وَعَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ الْحَجَّ» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَرَوَيَا «عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» وَرَوَيَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ رُوَاتَهُ أَكْثَرُ وَبِأَنَّ جَابِرًا مِنْهُمْ أَقْدَمُ صُحْبَةً وَأَشَدُّ عِنَايَةً بِضَبْطِ الْمَنَاسِكِ وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَارَهُ أَوَّلًا كَمَا سَيَأْتِي وَبِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَبِأَنَّ الْمُفْرِدَ لَمْ يَرْبَحْ مَا رَبِحَهُ الْمُتَمَتِّعُ مِنْ اسْتِبَاحَةِ الْمَحْظُورَاتِ، وَلَا مَا رَبِحَهُ مِنْ انْدِرَاجِ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ تَحْتَ الْحَجِّ فَهُوَ أَشَقُّ عَمَلًا، وَبِأَنَّ التَّمَتُّعَ وَالْقِرَانَ يَجِبُ فِيهِمَا الدَّمُ بِخِلَافِ الْإِفْرَادِ، وَالْجَبْرُ دَلِيلُ النُّقْصَانِ وَأَمَّا تَمَنِّيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّمَتُّعَ بِقَوْلِهِ «لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرَتْ مَا أَهْدَيْت وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً» فَلِتَطْيِيبِ قُلُوبِ الصَّحَابَةِ حَيْثُ حَزِنُوا عَلَى عَدَمِ الْمُوَافَقَةِ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالِاعْتِمَارِ لِعَدَمِ الْهَدْيِ قَالَ الْقَاضِي؛ وَلِأَنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ مِنْ أَنَّ الْإِهْدَاءَ يَمْنَعُ الِاعْتِمَارَ غَيْرُ مُرَادٍ إجْمَاعًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ. وَالصَّوَابُ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ» وَخُصَّ بِجَوَازِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِلْحَاجَةِ وَأَمَرَ بِهِ فِي قَوْلِهِ «لَبَّيْكَ عُمْرَةً فِي حِجَّةٍ» وَبِهَذَا يَسْهُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ فَعُمْدَةُ رُوَاةِ الْإِفْرَادِ وَهُمْ الْأَكْثَرُ أَوَّلُ الْإِحْرَامِ وَعُمْدَةُ رُوَاةِ الْقِرَانِ آخِرُهُ، وَمَنْ رَوَى التَّمَتُّعَ أَرَادَ التَّمَتُّعَ اللُّغَوِيَّ، وَهُوَ الِانْتِفَاعُ، وَقَدْ انْتَفَعَ بِالِاكْتِفَاءِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْتَمِرْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عُمْرَةً مُفْرَدَةً وَلَوْ جُعِلَتْ حِجَّةً مُفْرَدَةً لَكَانَ غَيْرَ مُعْتَمِرٍ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ الْحَجَّ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ فَانْتَظَمَتْ الرِّوَايَاتُ فِي حِجَّتِهِ فِي نَفْسِهِ، وَأَمَّا الصَّحَابَةُ فَكَانُوا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قِسْمٌ أَحْرَمُوا بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجٍّ وَمَعَهُمْ هَدْيٌ وَقِسْمٌ بِعُمْرَةٍ فَفَرَغُوا مِنْهَا، ثُمَّ أَحْرَمُوا بِحَجٍّ وَقِسْمٌ بِحَجٍّ، وَلَا هَدْيَ مَعَهُمْ فَأَمَرَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْلِبُوهُ عُمْرَةً، وَهُوَ مَعْنَى فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ، وَهُوَ خَاصٌّ بِالصَّحَابَةِ أَمَرَهُمْ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَيَانِ مُخَالَفَةِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ تَحْرِيمِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ إيقَاعَهَا فِيهِ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ كَمَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ» لِذَلِكَ وَدَلِيلُ التَّخْصِيصِ خَبَرُ أَبِي دَاوُد «عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً فَقَالَ: بَلْ لَكُمْ خَاصَّةً» فَانْتَظَمَتْ الرَّاوِيَاتُ فِي إحْرَامِهِمْ أَيْضًا فَمَنْ رَوَى أَنَّهُمْ كَانُوا قَارِنِينَ أَوْ مُتَمَتِّعِينَ أَوْ مُفْرِدِينَ أَرَادَ بَعْضَهُمْ وَهُمْ الَّذِينَ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَظُنَّ أَنَّ الْبَقِيَّةَ مِثْلُهُمْ. وَأَمَّا تَفْضِيلُ التَّمَتُّعِ عَلَى الْقِرَانِ فَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ الْقِرَانُ أَيْ أَفْضَلُ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ، ثُمَّ الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنْ الْعُمْرَةِ. (فَالْإِفْرَادُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ وَيَفْرُغُ مِنْهُ، ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ) وَمَحَلُّ أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ أَنْ يَعْتَمِرَ (مِنْ سَنَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْتَمِرْ فِيهَا فَهُمَا أَفْضَلُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الِاعْتِمَارِ عَنْهَا كَمَا مَرَّ (وَأَمَّا الْقِرَانُ فَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا أَوْ بِالْعُمْرَةِ، وَلَوْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ يُدْخِلُهُ) أَيْ الْحَجَّ (عَلَيْهَا فِي أَشْهُرِهِ قَبْلَ) الشُّرُوعِ فِي (الطَّوَافِ) دَلِيلُ الصُّورَةِ الْأُولَى الْإِجْمَاعُ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِهِمَا» وَدَلِيلُ الثَّانِيَةِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنَّ عَائِشَةَ أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدَهَا تَبْكِي فَقَالَ مَا شَأْنُك قَالَتْ حِضْت، وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ، وَلَمْ أَحْلُلْ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ فَقَالَ لَهَا أَهِلِّي بِالْحَجِّ فَفَعَلَتْ وَوَقَفَتْ الْمَوَاقِفَ حَتَّى إذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَالَ لَهَا قَدْ حَلَلْت مِنْ حَجِّك وَعُمْرَتِك جَمِيعًا» . (وَلَا يَجُوزُ) إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ (بَعْدَهُ) بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الطَّوَافِ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ لِاتِّصَالِ إحْرَامِهَا بِمَقْصُودِهِ، وَهُوَ أَعْظَمُ أَفْعَالِهَا فَيَقَعُ عَنْهَا وَلَا يَنْصَرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهَا؛ وَلِأَنَّهُ أَخَذَ فِي التَّحَلُّلِ الْمُقْتَضِي لِنُقْصَانِ الْإِحْرَامِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ إدْخَالُ الْإِحْرَامِ الْمُقْتَضِي لِقُوَّتِهِ فَلَوْ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ بِنِيَّةِ الطَّوَافِ فَفِي صِحَّةِ الْإِدْخَالِ وَجْهَانِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي تَصْحِيحُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّمَتُهُ لَا بَعْضُهُ قَالَ وَلَوْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الطَّوَافِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا: صَحَّ إحْرَامُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُ إدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ حَتَّى يَتَّقِينَ الْمَنْعَ فَصَارَ كَمَنْ أَحْرَمَ وَتَزَوَّجَ، وَلَمْ يَدْرِ هَلْ كَانَ إحْرَامُهُ قَبْلَ تَزَوُّجِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَزَوُّجُهُ وَإِذَا أَحْرَمَ بِهِمَا أَوْ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الطَّوَافِ (فَتَنْدَرِجُ فِيهِ) فَيَكْفِيهِ عَمَلُ الْحَجِّ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ الَّذِينَ قَرَنُوا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا وَسَعَوْا سَعْيًا وَاحِدًا»   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ الْبَارِزِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقِرَانُ أَفْضَلُ إنْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ أَوْ أَرَادَ الِاعْتِمَارَ بَعْدُ لِتَحْصُلَ لَهُ عُمْرَتَانِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْإِفْرَادُ وَالتَّمَتُّعُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى عُمْرَةِ الْقِرَانِ قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ وَنَظِيرُهُ مَسْأَلَةُ التَّيَمُّمِ إذَا ظَنَّ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ فَصَلَّى أَوَّلًا بِالتَّيَمُّمِ عَلَى قَصْدِ إعَادَتِهَا بِالْوُضُوءِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَوْ تَمَتَّعَ وَلَكِنْ اعْتَمَرَ بَعْدَ الْحَجِّ يَظْهَرُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَاد لِتَحْصُلَ صُورَةُ الْإِفْرَادِ مَعَ اعْتِمَارِ عُمْرَتَيْنِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: إنَّمَا ذَكَرَ الْأَصْحَابُ هَذَا التَّفْصِيلَ عِنْدَ تَأْدِيَةِ نُسُكَيْنِ فَقَطْ وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ قَدْ أَدَّى ثَلَاثَةَ نُسُكٍ. (قَوْلُهُ فَالْإِفْرَادُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ إلَخْ) اسْمُ الْإِفْرَادِ صَادِقٌ عَلَى صُوَرٍ إحْدَاهَا مَا ذَكَرَهُ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مُفْرِدٌ بِلَا خِلَافٍ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْإِمَامُ، الثَّالِثَةُ إذَا اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ الْمِيقَاتِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَأَمَّا الْإِفْرَادُ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ الْمَشْهُورِ وَمِنْ الْقِرَانِ وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ التَّمَتُّعِ أَيْضًا وَهُوَ مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِصُورَةِ الْإِفْرَادِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُدْخِلُهُ عَلَيْهَا قَبْلَ الطَّوَافِ) شَمَلَ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 (وَلَا يَجُوزُ دُخُولُ) يَعْنِي إدْخَالَ (الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِهِ شَيْئًا بِخِلَافِ إدْخَالِهِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ يَسْتَفِيدُ بِهِ الْوُقُوفَ وَالرَّمْيَ وَالْمَبِيتَ؛ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ إدْخَالُ الضَّعِيفِ عَلَى الْقَوِيِّ كَفِرَاشِ النِّكَاحِ مَعَ فِرَاشِ الْمِلْكِ لِقُوَّتِهِ عَلَيْهِ جَازَ إدْخَالُهُ عَلَيْهِ دُونَ الْعَكْسِ حَتَّى لَوْ نَكَحَ أُخْتَ أَمَتِهِ جَازَ وَطْؤُهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ (وَلَوْ قَرَنَ بِمَكَّةَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْحِلِّ) تَغْلِيبًا لِلْحَجِّ لِانْدِرَاجِ الْعُمْرَةِ فِيهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِحْرَامِ بِهَا مِنْ الْحِلِّ مَعَ أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ بِوُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ (وَعَلَى الْقَارِنِ) إذَا كَانَ مِنْ (غَيْرِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ دَمٌ كَالتَّمَتُّعِ) أَيْ كَالدَّمِ اللَّازِمِ فِي صِفَتِهِ وَبَدَلُهُ عَنْ الْعَجْزِ عَنْهُ لِتَرَفُّهِهِ بِتَرْكِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ فَهُوَ أَشَدُّ تَرَفُّهًا مِنْ الْمُتَمَتِّعِ التَّارِكِ لِأَحَدِ الْمِيقَاتَيْنِ وَلِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَتْ وَكُنَّ قَارِنَاتٍ» أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ دَمَ الْقِرَانِ فَرْعُ دَمِ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ وَدَمُ التَّمَتُّعِ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَاضِرِ فَفَرْعُهُ أَوْلَى. (فَرْعٌ) لَوْ أَحْرَمَ آفَاقِيٌّ بِالْعُمْرَةِ فِي وَقْتِ الْحَجِّ وَأَتَمَّهَا، ثُمَّ قَرَنَ مِنْ عَامِهِ لَزِمَهُ دَمَانِ دَمٌ لِتَمَتُّعِهِ وَدَمٌ لِقِرَانِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ، وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ فَأَجَابَ بِأَنَّ الصَّوَابَ لُزُومُ دَمٍ وَاحِدٍ لِلتَّمَتُّعِ، وَلَا شَيْءَ لِلْقِرَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ فَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَلْحَقَ بِهِمْ فَقَدْ اجْتَمَعَ فِي ذَلِكَ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ، وَدَمُهُمَا مُتَجَانِسٌ فَيَتَدَاخَلَانِ وَمَا قَالَاهُ يُتَلَقَّى مَأْخَذُهُ، وَتَحْرِيرَهُ مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ، ثُمَّ أَحْرَمَ. [فَصْلٌ التَّمَتُّعُ الْمُطْلَقُ بِالْحَجِّ] (فَصْلٌ وَالتَّمَتُّعُ) الْمُطْلَقُ (وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ) الشَّخْصُ (بِالْعُمْرَةِ) وَيُتِمَّهَا، ثُمَّ يَحُجَّ وَأَمَّا التَّمَتُّعُ الْمُوجِبُ لِلدَّمِ فَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (مِنْ الْمِيقَاتِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَفْرُغُ مِنْهَا، ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فِي عَامِهِ، وَلَوْ كَانَ أَجِيرًا فِيهِمَا لِشَخْصَيْنِ) لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَسُمِّيَ تَمَتَّعَا لِتَمَتُّعِ صَاحِبِهِ بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ بَيْنَهُمَا أَوْ لِتَمَتُّعِهِ لِسُقُوطِ الْعَوْدِ إلَى الْمِيقَاتِ لِلْحَجِّ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] ، التَّقْدِيرُ تَمَتَّعَ بِالْإِحْلَالِ مِنْ الْعُمْرَةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ كَوْنُهُ رَبِحَ مِيقَاتًا فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوَّلًا مِنْ مِيقَاتِهِ لَاحْتَاجَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ إلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ فَيُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ وَإِذَا تَمَتَّعَ اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَخَرَجَ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ أَنْ يُسَمَّى تَمَتُّعًا مُوجِبًا لِلدَّمِ أَشْيَاءُ سَتَأْتِي فِي كَلَامِهِ. (أَمَّا حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْحَرَمِ) وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] وَالْقَرِيبُ مِنْ الشَّيْءِ يُقَالُ: إنَّهُ حَاضِرُهُ قَالَ تَعَالَى {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: 163] أَيْ قَرِيبَةً مِنْهُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَرْبَحُوا مِيقَاتًا أَيْ عَامًّا لِأَهْلِهِ، وَمَنْ مَرَّ بِهِ فَلَا يَشْكُلُ بِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَوْ الْحَرَمِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إذَا عَنَّ لَهُ النُّسُكُ، ثُمَّ فَاتَهُ، وَإِنْ رَبِحَ مِيقَاتًا بِتَمَتُّعِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ مِيقَاتًا عَامًّا، وَلَا يَشْكُلُ أَيْضًا بِأَنَّهُمْ جَعَلُوا مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَالْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ فِي هَذَا، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِسَاءَةِ، وَهُوَ إذَا كَانَ مَسْكَنُهُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْحَرَمِ وَجَاوَزَهُ وَأَحْرَمَ كَالْمَوْضُوعِ الْوَاحِدِ حَتَّى لَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ كَالْمَكِّيِّ إذَا أَحْرَمَ مِنْ سَائِرِ بِقَاعِ مَكَّةَ بَلْ أَلْزَمُوهُ الدَّمَ وَجَعَلُوهُ مُسِيئًا كَالْآفَاقِيِّ؛ لِأَنَّ مَا خَرَجَ عَنْ مَكَّةَ مِمَّا ذُكِرَ تَابِعٌ لَهَا وَالتَّابِعُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمَتْبُوعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلِأَنَّهُمْ عَمِلُوا بِمُقْتَضَى الدَّلِيلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَهُنَا لَا يَلْزَمُ دَمٌ لِعَدَمِ إسَاءَتِهِ بِعَدَمِ عَوْدِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَاضِرِينَ بِمُقْتَضَى الْآيَةِ. وَهُنَاكَ يَلْزَمُهُ دَمُ لِإِسَاءَتِهِ بِمُجَاوَزَتِهِ مَا عُيِّنَ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ «وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» وَعَلَى أَنَّ الْمَسْكَنَ الْمَذْكُورَةَ كَالْقَرْيَةِ بِمَنْزِلَةِ مَكَّةَ فِي جَوَازِ الْإِحْرَامِ مِنْ سَائِرِ بِقَاعِهِ وَعَدَمِ جَوَازِ مُجَاوَزَتِهِ بِلَا إحْرَامٍ لِمُرِيدِ النُّسُكِ وَاعْتَبَرُوا الْمَسَافَةَ مِنْ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَهُوَ الْحَرَمُ إلَّا قَوْلَهُ {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] فَهُوَ نَفْسُ الْكَعْبَةِ وَاعْتَبَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ فِيمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ فَصْلِ دَمِ التَّمَتُّعِ كَدَمِ الْأُضْحِيَّةِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبِهِ الْفَتْوَى فَقَدْ نَقَلَهُ فِي التَّقْرِيبِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَيَّدَهُ بِأَنَّ اعْتِبَارَهَا مِنْ الْحَرَمِ يُؤَدِّي إلَى إدْخَالِ الْبَعِيدِ عَنْ مَكَّةَ وَإِخْرَاجِ الْقَرِيبِ لِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ يَعْنِي حُدُودَ الْحَرَمِ قُلْت وَإِلَى أَنَّ مَنْ بِذَاتِ عِرْقٍ مِنْ الْحَاضِرِينَ؛ لِأَنَّهَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْحَرَمِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِهَا أَحَدٌ مِنْ حُكْمِ الْمَوَاقِيتِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَحْرَمَ آفَاقِيٌّ بِالْعُمْرَةِ فِي وَقْتِ الْحَجِّ وَأَتَمَّهَا، ثُمَّ قَرَنَ مِنْ عَامِهِ] قَوْلُهُ وَالتَّمَتُّعُ وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ وَيُتِمَّهَا ثُمَّ يَحُجَّ) شَمَلَ مَا إذَا اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ، وَقَدْ سَبَقَ عَنْ الْقَاضِي وَالْإِمَامِ أَنَّهَا إفْرَادٌ بِلَا خِلَافٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَنَذْكُرُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَوْلَى (قَوْلُهُ ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فِي عَامِهِ) إذَا أَحْرَمَ الْآفَاقِيُّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ قَرَنَ مِنْ عَامِهِ هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ أَمْ دَمَانِ كَمَا فِي تَجْرِيدِ الْمَحَامِلِيِّ عَنْ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ د وَقَوْلُهُ أَمْ دَمَانِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 لِلْمُتَمَتِّعِ (مَسْكَنَانِ أَحَدُهُمَا بَعِيدٌ) وَالْآخَرُ قَرِيبٌ (اُعْتُبِرَ) فِي كَوْنِهِ مِنْ الْحَاضِرِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ (كَثْرَةُ إقَامَتِهِ) بِأَحَدِهِمَا. (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَتْ إقَامَتُهُ بِهِمَا اُعْتُبِرَ (بِالْأَهْلِ وَالْمَالِ) أَيْ بِوُجُودِهِمَا دَائِمًا أَوْ أَكْثَرَ فِي أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ أَهْلُهُ بِأَحَدِهِمَا وَمَالُهُ بِالْآخِرِ اُعْتُبِرَ بِمَكَانِ الْأَهْلِ، ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الزَّوْجَةُ وَالْأَوْلَادُ الَّذِينَ تَحْتَ حِجْرِهِ دُونَ الْآبَاءِ وَالْإِخْوَةِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ اُعْتُبِرَ (بِعَزْمِ الرُّجُوعِ) إلَى أَحَدِهِمَا لِلْإِقَامَةِ فِيهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ اُعْتُبِرَ (بِإِنْشَاءِ الْخُرُوجِ) أَيْ بِمَا خَرَجَ مِنْهُ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَزَمَ أَوْ اسْتَوَى عَزْمُهُ وَاسْتَوَيَا فِي كُلِّ شَيْءٍ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَغَيْرُهُ اُعْتُبِرَ بِمَوْضِعِ إحْرَامِهِ. (وَلِلْغَرِيبِ الْمُسْتَوْطِنِ) فِي الْحَرَمِ أَوْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَمِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (حُكْمُ أَهْلِ الْبَلَدِ) الَّذِي فِيهِ (وَيَلْزَمُ الدَّمُ آفَاقِيًّا تَمَتَّعَ نَاوِيًا الِاسْتِيطَانَ بِهَا) أَيْ بِمَكَّةَ، وَلَوْ (بَعْدَ الْعُمْرَةِ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيطَانَ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَعَلَّلَهُ فِي الذَّخَائِرِ بِأَنَّهُ بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ أَمَّا الْعَوْدُ أَوْ الدَّمُ فِي إحْرَامِ سَنَتِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَتَبِعَ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْآفَاقِيِّ الْغَزَالِيَّ وَغَيْرَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ مُنْكَرٌ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ إذَا لَمْ يُسَمَّ بِهِ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ بَلْ إلَى وَاحِدِهِ بِأَنْ يُقَالَ هُنَا أَفَقِيٌّ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى إذَا لَمْ يُسَمَّ بِهِ غَيْرُ كَافٍ فِي الِاحْتِجَاجِ بَلْ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ مَعَهُ، وَلَمْ يُغَلَّبْ كَالْأَنْصَارِ، وَلَمْ يُهْمَلْ وَاحِدُهُ كَعَبَادِيدَ فَإِنْ صَحَّ جَعْلُ الْآفَاقِ كَالْأَنْصَارِ فِي الْغَلَبَةِ انْدَفَعَ الْأَنْكَارُ (وَكَذَا لَوْ جَاوَزَهُ) أَيْ الْمِيقَاتُ (غَيْرُ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ، ثُمَّ اعْتَمَرَ) حِينَ عَنَّ لَهُ بِمَكَّةَ أَوْ بِقُرْبِهَا لَزِمَهُ دَمٌ عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ فِي الْأُولَى، وَعَلَى الْأَصَحّ فِيهِمَا تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَاضِرِينَ لِعَدَمِ الِاسْتِيطَانِ وَنَقَلَ فِيهِمَا كَالرَّافِعِيِّ عَنْ الْغَزَالِيِّ عَدَمَ لُزُومِهِ فِي الْأُولَى وَاسْتَغْرَبَاهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْإِمَامُ وَنَقَلَهُ فِي الذَّخَائِرِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ وَالدَّارِمِيِّ فَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ هُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ أَوْ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِتَمَتُّعِهِ رِبْحَ سَفَرٍ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقَدْ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ وَالدَّارِمِيُّ فِيهَا بِعَدَمِ لُزُومِ الدَّمِ أَيْضًا، وَهُوَ أَقْرَبُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا إذَا جَاوَزَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ، ثُمَّ أَحْرَمَ. اهـ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا وَمَا أَيَّدَ بِهِ، وَقَدْ يُحْمَلُ مَا هُنَا فِي الصُّورَتَيْنِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْتَوْطِنْ وَفِيمَا سَيَأْتِي عَلَى مَا إذَا اسْتَوْطَنَ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُحْمَلُ عَلَى بُعْدِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فِي الْأُولَى عَلَى الثَّانِي، وَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ. (وَإِذَا جَاوَزَهُ مُحْرِمًا بِهَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَأَتَمَّهَا) وَلَوْ (فِي أَشْهُرِهِ) ، ثُمَّ حَجَّ (لَمْ يَلْزَمْهُ) الدَّمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْحَجِّ فَأَشْبَهَ الْمُفْرِدَ وَذَكَرَ الْأَئِمَّةُ أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ مَنُوطٌ بِرِبْحِ الْمِيقَاتِ وَبِوَقْعِ الْعُمْرَةِ بِتَمَامِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَا يَزْحَمُونَ بِهَا الْحَجَّ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ وَيَسْتَنْكِرُونَ ذَلِكَ فَوَرَدَ التَّمَتُّعُ رُخْصَةً لِلْآفَاقِيِّ إذَا قَدْ يَشُقُّ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ الْإِحْرَامِ مِنْ مِيقَاتِهِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى مُجَاوَزَتِهِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَجُوِّزَ لَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ وَيَتَحَلَّلَ مَعَ الدَّمِ (وَمَنْ لَمْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ) الَّذِي اعْتَمَرَ فِيهِ (لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِانْتِفَاءِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُزَاحَمَةِ وَإِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَمِرُونَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِذَا لَمْ يَحُجُّوا مِنْ عَامِهِمْ ذَلِكَ لَمْ يُهْدُوا (، وَلَا عَلَى مَنْ) حَجَّ مِنْ عَامِهِ لَكِنْ (عَادَ إلَى مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ أَوْ) إلَى (مِثْلِ مَسَافَتِهِ وَكَذَا إلَى مِيقَاتٍ دُونَهَا) أَيْ دُونَ مَسَافَةِ مِيقَاتِهِ كَأَنْ كَانَ مِيقَاتُهُ الْجُحْفَةَ فَعَادَ إلَى ذَاتِ عِرْقٍ (وَأَحْرَمَ) بِالْحَجِّ مِمَّا عَادَ إلَيْهِ فِي الْكُلِّ (وَكَذَا لَوْ عَادَ إلَيْهِ مُحْرِمًا) بِهِ (قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قَطْعُ تِلْكَ الْمَسَافَةِ مُحْرِمًا وَلِأَنَّ الْمُقْتَضِي لِإِيجَابِ الدَّمِ، وَهُوَ رِبْحُ الْمِيقَاتِ - كَمَا مَرَّ - قَدْ زَالَ وَبِعَوْدِهِ إلَيْهِ وَاكْتَفِي هُنَا بِالْمِيقَاتِ الْأَقْرَبِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فِي عَوْدِهِ إلَى الْمِيقَاتِ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، ثُمَّ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ قَضَاءٌ لِمَا فَوَّتَهُ بِإِسَاءَتِهِ لِأَنَّهُ دَمُ إسَاءَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (فَرْعٌ عَوْدُ الْقَارِنِ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ وَقَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ آخَرَ (يُسْقِطُ الدَّمَ) عَنْهُ كَمَا فِي الْمُتَمَتِّعِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِنْ الْحَاضِرِينَ. [فَرْعٌ اسْتَأْجَرَهُ شَخْصٌ لِحَجٍّ وَآخَرُ لِعُمْرَةٍ فَتَمَتَّعَ عَنْهُمَا أَوْ اعْتَمَرَ] (فَرْعٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ شَخْصٌ لِحَجٍّ وَآخَرُ لِعُمْرَةٍ) فَتَمَتَّعَ عَنْهُمَا (أَوْ اعْتَمَرَ) أَجِيرٌ حَجَّ (عَنْ نَفْسِهِ) ، ثُمَّ حَجَّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ (فَتَمَتَّعَ) يَعْنِي فَإِنْ كَانَ قَدْ تَمَتَّعَ (بِالْإِذْنِ) مِنْ الْمُسْتَأْجَرِينَ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي الْأُولَى، وَمِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الثَّانِيَةِ (فَعَلَى كُلٍّ) مِنْ الْآذِنَيْنِ أَوْ الْآذِنِ وَالْأَجِيرِ (نِصْفُ الدَّمِ) إنْ أَيْسَرَا (وَإِنْ أَعْسَرَا) أَوْ أَحَدُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ (فَالصَّوْمُ عَلَى الْأَجِيرِ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ فِي الْحَجِّ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ (أَوْ) تَمَتَّعَ (بِلَا إذْنٍ) مِمَّنْ ذُكِرَ (لَزِمَهُ دَمَانِ) دَمٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ) أَوْ عَادَ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 (لِلتَّمَتُّعِ وَ) دَمٌ لِأَجْلِ (الْإِسَاءَةِ) بِمُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ، وَتُرِكَ مِنْ الْأَصْلِ مَا لَوْ حَجَّ أَجِيرٌ عُمْرَةً عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ اعْتِمَارِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ لُزُومَ الْإِسَاءَةِ لَا يَأْتِي فِيهِ وَإِنْ أَتَى فِيهِ مَا مَرَّ فِي حَالِهِ الْإِذْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْلُ. (، وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي وُجُوبِ الدَّمِ (نِيَّةُ التَّمَتُّعِ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ نِيَّةُ الْقِرَانِ (فَلَوْ جَاوَزَ مِيقَاتًا) وَفِي نُسْخَةٍ الْمِيقَاتَ (مُرِيدًا لِلنُّسُكِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مُتَمَتِّعًا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ لَزِمَهُ دَمَانِ) دَمٌ لِلتَّمَتُّعِ وَدَمٌ لِلْإِسَاءَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التَّمَتُّعَ (أَوْ) بَيْنَهُمَا (دُونَهُمَا فَدَمٌ) يَلْزَمُهُ لِلْإِسَاءَةِ لَا لِلتَّمَتُّعِ (لِفَقْدِ التَّمَتُّعِ) الْمُوجِبِ لِلدَّمِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ) كَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ (وَفِيهِ إشْكَالٌ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيمَا ذَكَرَ بِالْقُرْبِ مِنْ الْحَرَمِ لَا مِنْ مَكَّةَ وَقَدَّمْتُ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ ثَمَّ وَمِنْ أَنَّهُ إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ فَاعْتَمَرَ بِقُرْبِ مَكَّةَ لَزِمَهُ دَمُ التَّمَتُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَمَعَ عَدَمِ عِصْيَانِهِ فَكَيْفَ يُجْعَلُ مِنْ الْحَاضِرِينَ مَعَ عِصْيَانِهِ وَلَا يُجْعَلُ كَذَلِكَ مَعَ عَدَمِ عِصْيَانِهِ وَقَدَّمْتُ جَوَابَهُ ثَمَّ (فَإِنْ خَرَجَ) الْمُتَمَتِّعُ الَّذِي لَزِمَهُ دَمَانِ فِيمَا مَرَّ آنِفًا (لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ) وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ خَارِجَهَا (وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ) وَلَا إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ (وَلَا إلَيْهَا) أَيْ إلَى مَكَّةَ (لَزِمَهُ دَمٌ ثَالِثٌ) لِلْإِسَاءَةِ الْحَاصِلَةِ بِخُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ مَعَ عَدَمِ عَوْدِهِ. (فَصْلٌ دَمُ التَّمَتُّعِ كَدَمِ الْأُضْحِيَّةِ) فِي صِفَتِهِ وَالِاكْتِفَاءُ بِسُبْعِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ (وَيَجِبُ) دَمُهُ (بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ غَايَةً لِلْوُجُوبِ فِي آيَةِ {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] وَمَا جُعِلَ غَايَةً لِحُكْمٍ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِأَوَّلِهِ كَمَا لَوْ أُجِّلَ إلَى رَمَضَانَ (وَإِذَا أَرَاقَهُ بَعْدَ) الْفَرَاغِ مِنْ (الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ تَعَلَّقَ بِسَبَبَيْنِ فَرَاغُ الْعُمْرَةِ، وَالشُّرُوعِ فِي الْحَجِّ فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَالزَّكَاةِ (لَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ) لِنَقْصِ السَّبَبِ كَالنِّصَابِ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ، وَلَا تَتَأَقَّتُ إرَاقَتُهُ بِوَقْتٍ كَسَائِرِ دِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ (وَ) لَكِنَّ (الْأَفْضَلَ) إرَاقَتُهُ (يَوْمَ النَّحْرِ) لِلِاتِّبَاعِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافٍ، وَمَنْ أَوْجَبَهَا فِيهِ، وَلَوْلَا هَذَانِ لَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ وَالْإِمْكَانِ كَالزَّكَاةِ. (فَرْعٌ وَإِنْ عَدِمَ) الْمُتَمَتِّعُ الدَّمَ بِمَوْضِعِهِ كَأَنْ لَمْ يَجِدْهُ أَوْ وَجَدَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ (أَوْ غَابَ) عَنْهُ (مَالُهُ) بِبَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ (صَامَ) وُجُوبًا (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْمُتَمَتِّعِينَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْدِ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ» وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْعَدَمِ فِي مَوْضُوعِ الذَّبْحِ يُفَارِقُ الْكَفَّارَةَ حَيْثُ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَدَمُ مُطْلَقًا بِأَنَّ فِي بَدَلِ الدَّمِ تَأْقِيتًا بِكَوْنِهِ فِي الْحَجِّ، وَلَا تَأْقِيتَ فِي الْكَفَّارَةِ، وَبِأَنَّ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ عَوْدُ الْقَارِنِ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَقَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ آخَرَ يُسْقِطُ الدَّمَ عَنْهُ] قَوْلُهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ) قَدْ تَأَمَّلْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَوَجَدْت النَّصَّ الْمَذْكُورَ قَدِيمًا وَلِلشَّافِعِيِّ نَصٌّ يُعَارِضُهُ، وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِأَنَّهُ قَدِيمٌ أَوْ جَدِيدٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهَا أَنَا أَذْكُرُ كَلَامَ الْأَئِمَّةِ الْمَذْكُورِينَ وَالنَّصَّ الْمَذْكُورَ ثُمَّ أَذْكُرُ مَا يُعَارِضُهُ قَالَ الْقَاضِي فِي شُرُوطِ التَّمَتُّعِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْمِيقَاتِ فَإِنْ جَاوَزَهُ ثُمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمُ الْمُتْعَةِ وَعَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنْ بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ يَلْزَمُهُ دَمُ الْمُتْعَةِ وَيَلْزَمُهُ دَمُ الْإِسَاءَةِ وَإِنْ بَقِيَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يَلْزَمُهُ دَمُ الْمُتْعَةِ وَيَلْزَمُهُ دَمُ الْإِسَاءَةِ وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ هَذَا النَّصَّ وَقَالَا: إنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْأَصْحَابِ قَالُوا بِظَاهِرِهِ وَإِنَّ الْأَكْثَرِينَ قَالُوا بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ. قَالَ النَّوَوِيُّ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الْبَيَانِ وَصَاحِبَ الشَّامِلِ ذَكَرَا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ حَكَى عَنْ نَصِّهِ فِي الْقَدِيمِ أَنَّهُ إذَا مَرَّ بِالْمِيقَاتِ فَلَمْ يُحْرِمْ حَتَّى بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فَعَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. اهـ. وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ حَمَلَ النَّصَّ عَلَى مَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ حَتَّى بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَقَلُّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ثُمَّ عَزَمَ عَلَى النُّسُكِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَلَا تَمَتُّعَ لَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّهُ بَانَ لَنَا أَنَّهُ مُرِيدٌ لِلنُّسُكِ فِي الِانْتِهَاءِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مُوَافَقَتُهُ لِغَيْرِهِ فِي جَعْلِهِ بِمَنْزِلَةِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالرُّويَانِيُّ نَقَلَ النَّصَّ الْمَذْكُورَ عَنْ حِكَايَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ عَنْ الْقَدِيمِ وَأَنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ قَدْ ذَكَرَ هَذَا شَرْطًا آخَرَ فِي التَّمَتُّعِ قَالَ الرُّويَانِيُّ، وَهَذَا ضَعِيفٌ آخَرُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ مَنْ أَرَادَ التَّمَتُّعَ فَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْهَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ فَلَيْسَ بِتَمَتُّعٍ وَقَالَ أَصْحَابُنَا إذَا لَمْ يَرْجِعْ فَعَلَيْهِ دَمَانِ: دَمُ التَّمَتُّعِ وَدَمُ الْإِسَاءَةِ بِتَرْكِ الْمِيقَاتِ. اهـ. كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَالْعِمْرَانِيُّ حَكَى فِي الزَّوَائِدِ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ عَنْ الْقَفَّالِ عَنْ الشَّافِعِيِّ النَّصَّ الْمَذْكُورَ الَّذِي حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ وَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَيْضًا وَعَقَّبَهُ بِمَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْقَدِيمِ وَقَالَ إنَّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ قَالَ ذَكَرَ فِي الْقَدِيمِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَإِنْ جَاوَزَ وَأَحْرَمَ فَعَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ، وَلَا يَجِبُ دَمُ التَّمَتُّعِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ دَمُ التَّمَتُّعِ وَيَجِبُ دَمُ الْإِسَاءَةِ مَعَهُ إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فَعَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ، وَلَا يَجِبُ دَمُ الْإِسَاءَةِ كَلَامُ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ وَمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ بَيَّنَ لَنَا أَنَّ النَّصَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَوَّلُونَ قَدِيمٌ ضَعِيفٌ فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِظَاهِرِهِ كَمَا أَخَذَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَبِتَأْوِيلِهِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ م (قَوْلُهُ وَفِيهِ إشْكَالٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ دَمُ التَّمَتُّعِ] (قَوْلُهُ دَمُ التَّمَتُّعِ كَدَمِ الْأُضْحِيَّةِ إلَخْ) إذَا كَرَّرَ الْمُتَمَتِّعُ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ هَلْ يَتَكَرَّرُ الدَّمُ أَمْ لَا أَفْتَى الرِّيمِيُّ صَاحِبُ التَّفْقِيهِ الَّذِي هُوَ شَرْحُ التَّنْبِيهِ بِالتَّكْرَارِ وَأَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِعَدَمِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) هَذَا الصَّوْمُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي تَرْكِ الرَّمْيِ، وَلَا فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ، وَلَا فِي الْفَوَاتِ فَيَجِبُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي الرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِمْكَانِ بَعْدَ الْوُجُوبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 الْهَدْيَ يَخْتَصُّ ذَبْحُهُ بِالْحَرَمِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ عُلِمَ أَنَّهُ يَجِدُهُ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّوْمِ لَمْ يَجِبْ انْتِظَارُهُ وَإِذَا لَمْ يَجِدْهُ لَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ مُضَيَّقٌ كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ بِخِلَافِ جَزَاءِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلَ التَّأْخِيرَ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالْجِمَاعِ (وَوَقْتُهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ أَيْ صَوْمُهَا (مِنْ الْإِحْرَامِ) بِالْحَجِّ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِهِ كَالصَّلَاةِ (إلَى) يَوْمِ (النَّحْرِ) فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ كَمَا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا (لَا إلَى آخَرِ التَّشْرِيقِ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَوْمُهَا يَوْمَ النَّحْرِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (ثُمَّ) إنْ أَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِهِ الْمَذْكُورِ (يَكُونُ) فِعْلُهُ (قَضَاءً) كَمَا فِي الصَّلَاةِ (وَإِنْ تَأَخَّرَ الطَّوَافُ) عَنْهُ وَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي الْحَجِّ لِأَنَّ تَأَخُّرَهُ بَعِيدٌ عَادَةً فَلَا يُرَادُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] . (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِحْرَامُ) بِالْحَجِّ (قَبْلَ السَّادِسِ) مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (لِيُتِمَّهُ) أَيْ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ (قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ) ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ فِطْرُهُ كَمَا مَرَّ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ بِزَمَنٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ إذْ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُ سَبَبِ الْوُجُوبِ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ (، وَالْمُوسِرُ بِالدَّمِ) يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ (يَوْمَ التَّرْوِيَةِ) ، وَهُوَ ثَامِنُ ذِي الْحِجَّةِ لِلِاتِّبَاعِ، وَلِلْأَمْرِ بِهِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَسُمِّيَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ لِتَرَوِّيهِمْ فِيهِ الْمَاءَ وَيُسَمَّى يَوْمَ النَّقْلَةِ لِانْتِقَالِهِمْ فِيهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى، وَتَرَكَ قَوْلَ الْأَصْلِ: وَيَتَوَجَّهُ بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى مِنًى لِكَوْنِهِ خِلَافَ الْمَشْهُورِ فِيهِ فِي بَابِ دُخُولِ مَكَّةَ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ ثَمَّ. (فَصْلٌ وَيَصُومُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إذَا رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ إلَى مَوْطِنِهِ (لَا فِي الطَّرِيقِ) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ تَوَطَّنَ مَكَّةَ) أَيْ أَقَامَ بِهَا، وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ (صَامَ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا) (فَرْعٌ: وَمَنْ لَمْ يَصُمْ الثَّلَاثَةَ فِي الْحَجِّ لَزِمَهُ صَوْمُ الْعَشَرَةِ) الثَّلَاثَةِ قَضَاءً كَمَا مَرَّ وَالسَّبْعَةِ أَدَاءً (وَ) لَزِمَهُ (التَّفْرِيقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ بِقَدْرِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ (وَمُدَّةُ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَى أَهْلِهِ عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ) كَمَا فِي الْأَدَاءِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّفْرِيقُ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَعَلَّقَتْ بِالْوَقْتِ، وَقَدْ فَاتَ، وَهَذَا بِالْفِعْلِ، وَهُوَ الْإِحْرَامُ وَالْجُوعُ فَكَانَ كَتَرْتِيبِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (فَلَوْ صَامَ عَشَرَةً وَلَاءً حَصَلَتْ الثَّلَاثَةُ) ، وَلَا يَعْتَدُّ بِالْبَقِيَّةِ لِعَدَمِ التَّفْرِيقِ (وَيُسْتَحَبُّ التَّتَابُعُ) فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ (أَدَاءُ وَقَضَاءً) ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُبَادَرَةً لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ نَعَمْ إنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ سَادِسَ ذِي الْحِجَّةِ لَزِمَهُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ مُتَتَابِعَةً لِضِيقِ الْوَقْتِ لَا لِلتَّتَابُعِ نَفْسِهِ. (فَرْعٌ لَوْ وَجَدَ) الْمُتَمَتِّعُ الْعَادِمُ لِلْهَدْيِ (الْهَدْيَ بَيْنَ الْإِحْرَامِ) بِالْحَجِّ (وَالصَّوْمِ لَزِمَهُ) الْهَدْيُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْكَفَّارَةِ حَالَةَ الْأَدَاءِ (لَا) إنْ وَجَدَهُ (بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ) فَلَا يَلْزَمُهُ (بَلْ يُسْتَحَبُّ) كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (وَإِذَا مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ) ، وَلَوْ (قَبْلَ فَرَاغِ الْحَجِّ، وَالْوَاجِبُ) عَلَيْهِ (هَدْيٌ) لِكَوْنِهِ مُوسِرًا بِهِ (لَمْ يَسْقُطْ) عَنْهُ بَلْ يُخْرَجُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِوُجُوبِ سَبَبِ وُجُوبِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمُسْتَقِرَّةِ (أَوْ صَوْمٌ) لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا بِذَلِكَ (سَقَطَ) عَنْهُ (إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ) مِنْ فِعْلِهِ كَمَا فِي صُوَرِ رَمَضَانَ (وَإِلَّا فَكَرَمَضَانَ فَيُصَامُ عَنْهُ أَوْ يُطْعِمُ) عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ فَإِنْ كَانَ تَمَكَّنَ مِنْ الْأَيَّامِ الْعَشَرَةِ فَعَشَرَةُ أَمْدَادٍ، وَإِلَّا فَبِالْقِسْطِ، وَعِبَارَتُهُ تَشْمَلُ مَا إذَا خَلَّفَ تَرِكَةً وَمَا إذَا لَمْ يُخَلِّفْهَا، وَهُوَ صَحِيحٌ لَكِنَّ الصَّوْمَ أَوْ الْإِطْعَامَ عَنْهُ لَازِمٌ فِيهِمَا إذَا خَلَّفَ دُونَ مَا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ قَاصِرَةٌ عَلَى مَا إذَا خَلَّفَ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ صَوْمٌ فَكَرَمَضَانَ لَوَفَّى بِمَا قَالَهُ مَعَ الِاخْتِصَارِ (، وَلَا يَتَعَيَّنُ) صَرْفُهُ (لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ) الشَّامِلِينَ لِمَسَاكِينِهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَطْعَامَ بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ الَّذِي لَا يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ فَكَذَا بَدَلُهُ. (وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَيْلَةَ السَّابِعِ) مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (وَلَيْسَ بِهِ عَارِضٌ) مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ (فَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ) صَوْمِ (الثَّلَاثَةِ) فِي الْحَجِّ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ صَوْمِهَا بِدُونِ ذَلِكَ (وَلَيْسَ السَّفَرُ عُذْرًا) فِي تَأْخِيرِ صَوْمِهَا؛ لِأَنَّ صَوْمَهَا يَتَعَيَّنُ إيقَاعُهُ فِي الْحَجِّ بِالنَّصِّ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا فَلَا يَكُونُ السَّفَرُ عُذْرًا فِيهِ بِخِلَافِ رَمَضَانَ (إلَّا فِي) صَوْمِ (السَّبْعَةِ إنْ أَوْجَبْنَاهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ) مِنْ الْحَجِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّجُوعِ فِي الْآيَةِ الْفَرَاغُ مِنْهُ لَا الْعَوْدُ إلَى الْوَطَنِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ فَلَوْ تَرَكَ هَذَا كَانَ أَوْلَى، وَمَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى مَا قَرَّرْتُ مُنْقَطِعٌ بَلْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ جُعِلَ مُتَّصِلًا أَنَّ السَّفَرَ لَيْسَ عُذْرًا فِي تَأْخِيرِ السَّبْعَةِ وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ لَا مَعْنَى لَهُ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ مُضَيَّقٌ) قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ هَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ هَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ لِيُمْكِنَهُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَجِّ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَدَمُ وُجُوبِهِ. (قَوْلُهُ وَتَرْكُ قَوْلِ الْأَصْلِ وَيَتَوَجَّهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا جَزَمَ بِهِ مِنْ كَوْنِهِ يَتَوَجَّهُ إلَى مِنًى بَعْدَ الزَّوَالِ قَدْ ذَكَرُوا فِي أَوَائِلِ الْفَصْلِ الْمَعْقُودِ لِلْوُقُوفِ مَا يُخَالِفُهُ فَقَالَا إنَّ الْمَشْهُورَ اسْتِحْبَابُ الْخُرُوجِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِحَيْثُ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ بِمِنًى وَالْفَتْوَى عَلَى مَا قَالَاهُ هُنَاكَ لِتَصْرِيحِهِمَا بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَكَذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ. وَاعْتُرِضَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا ذِكْرَاهُ هُنَا فِي حَقِّ وَاجِدِ الْهَدْيِ وَهُنَاكَ أَطْلَقَا الْمَسْأَلَةَ فَتُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ وَاجِدِهِ وَيَمْتَنِعُ التَّنَاقُضُ الثَّانِي مَا ذُكِرَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى خِلَافِهِ فَإِنَّ الْمُحِبَّ الطَّبَرِيَّ حَكَى الْخُرُوجَ بَعْدَ الزَّوَالِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ. [فَصَلِّ وَيَصُومُ الْمُتَمَتِّع الْعَادِمُ لِلْهَدْيِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إذَا رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ] (قَوْلُهُ أَيْ أَقَامَ بِهَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ أَقَامَ بِهَا عَلَى الْإِقَامَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ لَا الشَّرْعِيَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِيطَانِ مَا فِي الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ صَامَ عَشَرَةً وَلَاءً إلَخْ) لَوْ قَدَّمَ صَوْمَ السَّبْعَةِ فَفِي وُقُوعِ ثَلَاثَةٍ مِنْهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ تَرَدُّدٌ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ وُقُوعُهَا عَنْهَا (قَوْلُهُ وَقَضَاءً) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 [بَابُ الْإِحْرَامِ] (بَابُ الْإِحْرَامِ) بِمَعْنَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِاقْتِضَائِهِ دُخُولَ الْحَرَمِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَحْرَمَ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ كَأَنْجَدَ إذَا دَخَلَ نَجْدًا أَوْ لِاقْتِضَائِهِ تَحْرِيمَ الْأَنْوَاعِ الْآتِيَةِ (وَلْيَنْوِ) مُرِيدُ النُّسُكِ (الْإِحْرَامَ بِمَا يُرِيدُ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ كِلَيْهِمَا أَوْ مَا يَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْهَا، وَهُوَ الْإِحْرَامُ الْمُطْلَقُ أَمَّا غَيْرُ الْمُطْلَقِ فَلِمَا رَوَى مُسْلِمٌ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ» وَأَمَّا الْمُطْلَقُ فَلِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ أَيْ نُزُولَ الْوَحْيِ فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا» وَيُفَارِقُ الصَّلَاةَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِهَا مُطْلَقًا بِأَنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ شَرْطًا فِي انْعِقَادِ النُّسُكِ وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِنُسُكِ نَفْلٍ وَعَلَيْهِ نُسُكُ فَرْضٍ انْصَرَفَ إلَى الْفَرْضِ وَبِأَنَّ الْإِحْرَامَ يُحَافَظُ عَلَيْهِ مَا أَمْكَنَ وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ انْعَقَدَ عُمْرَةً كَمَا مَرَّ ذَلِكَ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِنِصْفِ حِجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ انْعَقَدَ حِجَّةً أَوْ عُمْرَةً كَمَا سَيَأْتِي، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ يَنْوِي الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيهِمَا (وَالتَّلَفُّظُ بِهِ) أَيْ بِمَا يُرِيدُهُ مِنْ ذَلِكَ (مُسْتَحَبٌّ) لِيُؤَكِّدَ مَا فِي الْقَلْبِ كَمَا فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ (وَيُلَبِّي) نَدْبًا فَيَقُولُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ: نَوَيْت الْحَجَّ وَأَحْرَمْت بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ إلَخْ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا تَوَجَّهْتُمْ إلَى مِنًى فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ» ، وَالْإِهْلَالُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ أَحْرَمَ لَك شَعْرِي وَبَشَرِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ التَّلْبِيَةُ فِي الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا يَجِبُ فِي أَثْنَائِهَا وَآخِرِهَا نُطْقٌ فَكَذَا فِي أَوَّلِهَا كَالطُّهْرِ وَالصَّوْمِ (وَيَنْعَقِدُ) الْإِحْرَامُ (بِالنِّيَّةِ لَا بِالتَّلْبِيَةِ) لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَكَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ (وَإِنْ نَوَى حَجًّا وَلَبَّى بِعُمْرَةٍ انْعَقَدَ حَجًّا) أَوْ بِالْعَكْسِ انْعَقَدَ عُمْرَةً وَلَوْ تَلَفَّظَ بِأَحَدِهِمَا وَنَوَى الْقِرَانَ فَقَارِنٌ أَوْ بِالْقِرَانِ وَنَوَى أَحَدَهُمَا فَهُوَ لِمَا نَوَى صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِحِجَّةٍ أَوْ حِجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ عُمْرَتَيْنِ أَوْ نِصْفِ حِجَّةٍ أَوْ) نِصْفِ (عُمْرَةٍ انْعَقَدَ حِجَّةً) فِي صُوَرِ الْحَجِّ (أَوْ عُمْرَةً) فِي صُوَرِ الْعُمْرَةِ عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِحِجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ وَهُمَا مَعْلُومَتَانِ مِمَّا مَرَّ وَقِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ فِي مَسْأَلَتَيْ النِّصْفِ وَإِلْغَاءً لِلْإِضَافَةِ إلَى اثْنَتَيْنِ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِحِجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ فَصَحَّ فِي وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِ فَرْضَيْنِ لَا يَسْتَبِيحُ بِهِ إلَّا وَاحِدًا كَمَا مَرَّ وَفَارَقَ عَدَمُ الِانْعِقَادِ فِي نَظِيرِهِمَا مِنْ الصَّلَاةِ بِمَا مَرَّ فِي الْإِحْرَامِ الْمُطْلَقِ (أَوْ) أَحْرَمَ (بِهِمَا) أَيْ بِحِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ أَوْ بِنِصْفَيْهِمَا مَثَلًا (انْعَقَدَتَا، وَإِنْ وَقَّتَ) الْإِحْرَامَ (يَوْمَيْنِ مَثَلًا انْعَقَدَ أَبَدًا) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا مُطْلَقًا كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَقِيَاسُ هَذِهِ وَمَسْأَلَتَيْ النِّصْفِ عَلَى الطَّلَاقِ نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَفِيمَا نَقَلَهُ نَظَرٌ، زَادَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَقِدَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ، وَالنِّيَّةُ الْجَازِمَةُ شَرْطٌ فِيهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَلَبَةِ وَالسِّرَايَةِ، وَيَقْبَلُ الْأَخْطَارَ وَيَدْخُلُهُ التَّعْلِيقُ. (وَإِنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَرَفَهُ) قَبْلَ الْعَمَلِ (بِالنِّيَّةِ) لَا بِاللَّفْظِ (إلَى مَا شَاءَ) مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَقِرَانٍ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالنِّيَّةِ لَا بِاللَّفْظِ لَكِنْ لَوْ فَاتَ وَقْتُ الْحَجِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ صَرَفَهُ إلَى الْعُمْرَةِ وَالْقَاضِي يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَيَّنَ عُمْرَةً وَأَنْ يَبْقَى مُبْهَمًا فَإِنْ عَيَّنَهُ لِعُمْرَةٍ فَذَاكَ أَوْ لِحَجٍّ فَكَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ قُلْت قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يُوَافِقُهُ لَكِنَّهُ يُوهِمُ الِاحْتِيَاجَ إلَى الصَّرْفِ، وَلَوْ ضَاقَ وَقْتُهُ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ إلَى مَا شَاءَ وَيَكُونُ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ (وَلَا يُجْزِئُهُ الْعَمَلُ قَبْلَ النِّيَّةِ) الصَّارِفَةِ لَكِنْ فِي الْبَيَانِ أَنَّهُ لَوْ طَافَ ثُمَّ صَرَفَهُ لِلْحَجِّ وَقَعَ طَوَافُهُ عَنْ الْقُدُومِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ الْحَضْرَمِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمَعَ أَنَّهُ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ، وَقَدْ فَعَلَ قَبْلَ الصَّرْفِ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَعَلَيْهِ لَوْ سَعَى بَعْدَهُ يَحْتَمِلُ الْإِجْزَاءَ لِوُقُوعِهِ تَبَعًا وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَرْكَانِ أَمَّا إذَا أَحْرَمَ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ قَالَ الْقَاضِي، وَلَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا، ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ التَّعْيِينِ فَأَيُّهُمَا عَيَّنَهُ كَانَ مُفْسِدًا لَهُ (وَالتَّعْيِينُ) لِمَا يُحْرِمُ بِهِ (أَفْضَلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْإِطْلَاقِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِيَعْرِفَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِخْلَاصِ. (وَلَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُ مَا أَحْرَمَ بِهِ فِي التَّلْبِيَةِ) ؛ لِأَنَّ إخْفَاءَ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ نَافِعٍ -   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ شَيْخُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْمُوعِ إذْ السَّبْعَةُ لَا قَضَاءَ فِيهَا وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا أَخَّرَهَا حَتَّى مَاتَ وَصَامَهَا عَنْهُ قَرِيبُهُ عَلَى الْقَدِيمِ الْمُخْتَارِ [فَرْعٌ وَجَدَ الْمُتَمَتِّعُ الْعَادِمُ لِلْهَدْيِ الْهَدْيَ بَيْنَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَالصَّوْمِ] (بَابُ الْإِحْرَامِ) (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ) وَقَوْلُ مَنْ قَالَ الْإِحْرَامُ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ مَعْنَاهُ أَنَّ بِهَا يَحْصُلُ الدُّخُولُ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» أَيْ بِهِ يَحْصُلُ التَّحْرِيمُ. [فَرْعٌ أَحْرَمَ بِحِجَّةٍ أَوْ حِجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ عُمْرَتَيْنِ أَوْ نِصْفِ حِجَّةٍ أَوْ نِصْفِ عُمْرَةٍ] (قَوْلُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ صَرَفَهُ إلَى الْعُمْرَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 قَالَ سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ أَيُسَمِّي أَحَدُنَا حَجًّا أَوْ عُمْرَةً فَقَالَ: أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا فِي قُلُوبِكُمْ إنَّمَا هِيَ نِيَّةُ أَحَدِكُمْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ هَذَا فِي غَيْرِ التَّلْبِيَةِ الْأُولَى أَمَّا الْأُولَى فَيُسْتَحَبُّ فِيهَا ذَلِكَ قَطْعًا وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ مِثْلَهُ وَنَقَلَهُ فِي مَنَاسِكِهِ وَمَجْمُوعِهِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ لَكِنْ فِي التَّقْرِيبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ فِي الْأُولَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَهُوَ الصَّوَابُ قَالَ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ بِهَذِهِ التَّلْبِيَةِ بَلْ يُسْمِعُهَا نَفْسَهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِهَا وَخَرَجَ بِالتَّلْبِيَةِ النِّيَّةُ فَيُسْتَحَبُّ ذِكْرُ مَا أَحْرَمَ بِهِ فِيهَا كَمَا مَرَّ. (فَصْلٌ) (وَإِنْ أَحْرَمَ عَمْرٌو بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ جَازَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا أَوْ بَانَ مَوْتُهُ لِجَزْمِهِ بِالْإِحْرَامِ، وَلِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِي: بِمَ أَهْلَلْت؟ فَقُلْت لَبَّيْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ قَدْ أَحْسَنْت طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ» (وَكَانَ مِثْلَهُ) فِي أَوَّلِ إحْرَامِهِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا، إنْ حَاجًّا فَحَاجٌّ وَإِنْ مُعْتَمِرًا فَمُعْتَمِرٌ وَإِنْ قَارِنًا فَقَارِنٌ وَإِنْ مُطْلِقًا فَمُطْلِقٌ (فَلَوْ أَحْرَمَ زَيْدٌ مُطْلَقًا وَصَرَفَهُ لِحَجٍّ، ثُمَّ أَحْرَمَ عَمْرُو) كَإِحْرَامِهِ (انْعَقَدَ لَهُ مُطْلَقًا) نَظَرًا إلَى أَوَّلِ الْإِحْرَامِ (وَالْخِيرَةُ إلَيْهِ) فِيمَا يَصْرِفُهُ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ لِمَا صَرَفَهُ لَهُ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ بِنِيَّةِ التَّمَتُّعِ كَانَ عَمْرٌو مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّمَتُّعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ زَيْدٌ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ) عَلَيْهَا (الْحَجَّ انْعَقَدَ لِعَمْرٍو عُمْرَةً لَا قِرَانًا) فَلَا يَلْزَمُهُ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ (إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّشْبِيهَ بِهِ فِي الْحَالِ) فِي الصُّورَتَيْنِ فَيَكُونُ فِي الْأُولَى حَاجًّا وَفِي الثَّانِيَةِ قَارِنًا، وَلَوْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِهِ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي الْأُولَى وَقَبْلَ إدْخَالِهِ الْحَجَّ فِي الثَّانِيَةِ وَقَصَدَ التَّشْبِيهَ بِهِ حَالَ تَلَبُّسِهِ بِإِحْرَامِهِ الْحَاضِرِ وَالْآتِي فَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِمُسْتَقْبَلٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ جَازِمٌ فِي الْحَالِ أَوْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ فِي الْكَيْفِيَّةِ لَا فِي الْأَصْلِ. (فَإِنْ أَخْبَرَهُ) زَيْدٌ (أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ عَمِلَ بِهِ وَلَوْ ظَنَّ خِلَافَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (فَإِنْ بَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ فَإِحْرَامُ عَمْرٍو بِحَجٍّ) تَبَعًا لَهُ (فَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ الْوَقْتُ) أَيْ وَقْتُ الْحَجِّ (تَحَلَّلَ) مِنْ إحْرَامِهِ لِلْفَوَاتِ (وَأَرَاقَ دَمًا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى زَيْدٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَهُ، وَلَا نَظَرَ لِتَغْرِيرِ زَيْدٍ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِنُسُكٍ، ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافَهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يَعْمَلْ بِخَبَرِهِ الثَّانِي لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَيَعْمَلُ بِهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَوَاتِ وَجَبَ الْقَضَاءُ (وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ لَمْ يُحْرِمْ أَوْ أَحْرَمَ بِفَاسِدٍ) كَمَا سَيَأْتِي تَصْوِيرُهُ فِي الْفَرْعِ الْآتِي (أَوْ كَافِرًا) بِأَنْ أَتَى بِصُورَةِ الْإِحْرَامِ، وَلَوْ مُفَصَّلًا (انْعَقَدَ لِعَمْرٍو) إحْرَامُهُ (مُطْلَقًا، وَإِنْ عَلِمَ) حَالَ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْإِحْرَامَ بِصِفَةٍ فَإِذَا بَطَلَتْ بَقِيَ أَصْلُ الْإِحْرَامِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ اثْنَانِ لِيَحُجَّ عَنْهُمَا فَأَحْرَمَ عَنْهُمَا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ وَاحِدٌ لِيَحُجَّ عَنْهُ فَأَحْرَمَ عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ لَغَتْ الْإِضَافَتَانِ وَوَقَعَ الْإِحْرَامُ لَهُ كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّ أَصْلَ إحْرَامِهِ مَجْزُومٌ وَبِهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت، وَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا كَمَا سَيَأْتِي. (وَمَتَى تَعَذَّرَ سُؤَالُ زَيْدٍ) عَنْ كَيْفِيَّةِ إحْرَامِهِ (بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا كَغَيْبَةٍ بَعِيدَةٍ (لَمْ يَتَحَرَّ، وَكَذَا لَوْ نَسِيَ الْمُحْرِمُ مَا أَحْرَمَ بِهِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَلَبَّسَ بِالْإِحْرَامِ يَقِينًا فَلَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِيَقِينِ الْإِتْيَانِ بِالْمَشْرُوعِ فِيهِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ لَا يَتَحَرَّى، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَانِي وَالْقِبْلَةِ أَنَّ أَدَاءَ الْعِبَادَةِ ثَمَّ لَا يَحْصُلُ بِيَقِينٍ إلَّا بَعْدَ فِعْلِ مَحْظُورٍ، وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ يَسْتَعْمِلَ نَجِسًا فَلِذَلِكَ جَازَ التَّحَرِّي وَهُنَا يَحْصُلُ الْأَدَاءُ بِيَقِينٍ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ مَحْظُورٍ (بَلْ إنْ عَرَضَ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعَذُّرِ وَالنِّسْيَانِ (قَبْلَ) الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ (الْعَمَلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ) لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ (فَتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ مِنْ الْحَجِّ) بَعْدَ إتْيَانِهِ بِأَعْمَالِهِ لِأَنَّهُ إمَّا مُحْرِمٌ بِهِ أَوْ مُدْخِلٌ لَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ (وَلَا تَبْرَأُ) ذِمَّتُهُ (مِنْ الْعُمْرَةِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَيَمْتَنِعُ إدْخَالُهَا عَلَيْهِ (وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) إذَا الْحَاصِلُ بِهِ الْحَجُّ فَقَطْ وَاحْتِمَالُ حُصُولِ الْعُمْرَةِ لَا يُوجِبُهُ إذَا لَا وُجُوبَ بِالشَّكِّ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَيَكُونُ قَارِنًا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي. (وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى نِيَّةِ الْحَجِّ) ، وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ (أَجْزَأَهُ عَنْ الْحَجِّ) فَقَطْ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ (أَيْضًا) فَالْوَاجِبُ لِتَحْصِيلِ الْحَجِّ نِيَّتُهُ أَوْ نِيَّةُ الْقِرَانِ وَهُوَ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِيمَا مَرَّ لِتَحْصُلَ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْعُمْرَةِ أَيْضًا عَلَى وَجْهٍ (أَوْ) اقْتَصَرَ (عَلَى أَعْمَالِهِ) أَيْ الْحَجِّ (مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْعُمْرَةِ) وَغَيْرِهَا (حَصَلَ التَّحَلُّلُ لَا الْبَرَاءَةُ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا) لِشَكِّهِ فِيمَا أَتَى بِهِ (أَوْ) اقْتَصَرَ (عَلَى) عَمَلِ (الْعُمْرَةِ لَمْ يَحْصُلْ التَّحَلُّلُ أَيْضًا) وَإِنْ نَوَاهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ، وَلَمْ يُتِمَّ أَعْمَالَهُ مَعَ أَنَّ وَقْتَهُ بَاقٍ (وَإِنْ عَرَضَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ) الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ (الْعَمَلِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيُسْتَحَبُّ فِيهَا ذَلِكَ قَطْعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصَلِّ أَحْرَمَ عَمْرٌو بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ] (قَوْلُهُ فَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يُعْمَلْ بِخَبَرِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَتَى تَعَذَّرَ سُؤَالُ زَيْدٍ إلَخْ) عَبَّرَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ كَالْوَجِيزِ بِالْعُسْرِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِالتَّعَذُّرِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَفَادُ بِمُرَاجَعَتِهِ، وَإِنْ قَرَنَ بَيَانَ حُكْمِ الدَّمِ الْمَشْكُوكِ فِي وُجُوبِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَيَلْزَمُ الْبَحْثُ عَنْهُ وَيُسْتَفَادُ بِهَا أَيْضًا شَرْطُ وُجُوبِ الْعُمْرَةِ عَنْهُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْبَحْثُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ عَبَّرَ فِي الْحَاوِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الطَّوَافِ نَظَرْت فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ) أَيْ وَقْتُ الْوُقُوفِ (بَاقِيًا فَقَرَنَ وَوَقَفَ) ثَانِيًا وَأَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ (أَجْزَأَهُ عَنْ الْحَجِّ) لِأَنَّهُ إمَّا مُحْرِمٌ أَوْ مُدْخِلٌ لَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْلَ الطَّوَافِ (لَا) عَنْ (الْعُمْرَةِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَيَمْتَنِعُ إدْخَالُهَا عَلَيْهِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ أَوْ لَمْ يَفُتْ وَقَرَنَ، وَلَمْ يَقِفْ أَوْ وَقَفَ، وَلَمْ يَقْرِنْ (فَلَا يُجْزِئُهُ) ذَلِكَ عَنْ الْحَجِّ كَمَا لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْعُمْرَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَلَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الْوُقُوفُ عَنْ الْحَجِّ، وَكَالْقِرَانِ نِيَّةُ الْحَجِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (أَوْ) كَانَ ذَلِكَ (بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الْوَقْفِ) فَنَوَى الْحَجَّ أَوْ قَرَنَ وَوَقَفَ (وَلَمْ يُجْزِهِ) ذَلِكَ (عَنْ الْحَجِّ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَيَمْتَنِعُ إدْخَالُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ الطَّوَافِ (وَلَا عَنْ الْعُمْرَةِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَيَمْتَنِعُ إدْخَالُهَا عَلَيْهِ (فَإِنْ أَتَمَّ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ) مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ (وَأَحْرَمَ) بَعْدَ ذَلِكَ (بِالْحَجِّ) أَوْ بِهِمَا، وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ (أَجْزَأَهُ الْحَجُّ) لِأَنَّهُ حَاجٌّ أَوْ مُمْتَنِعٌ وَلَا تُجْزِئُهُ الْعُمْرَةُ لِمَا مَرَّ (لَكِنْ لَا نُفْتِيهِ بِفِعْلِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ فَيَقَعُ الْحَلْقُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ، وَهَذَا كَمَا لَا نُفْتِي صَاحِبَ جَوْهَرَةٍ ابْتَلَعَتْهَا دَجَاجَةُ غَيْرِهِ بِذَبْحِهَا، وَلَا صَاحِبَ دَابَّةٍ تَقَابَلَتْ هِيَ وَدَابَّةُ آخَرَ عَلَى شَاهِقٍ، وَتَعَذَّرَ مُرُورُهُمَا بِإِتْلَافِ دَابَّةِ الْآخَرِ لَكِنَّهُمَا إنْ فَعَلَا ذَلِكَ لَزِمَ الْأَوَّلُ مَا بَيْنَ قِيمَتَيْ الدَّجَاجَةِ حَيَّةً وَمَذْبُوحَةً وَالثَّانِي قِيمَةُ دَابَّةِ الْآخَرِ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَاخْتِيَارُ الْغَزَالِيِّ أَنَّا نُفْتِيهِ بِذَلِكَ تَرْخِيصًا؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ يُبَاحُ بِالْعُذْرِ وَضَرَرُ الِاشْتِبَاهِ أَكْثَرُ إذْ يَفُوتُ بِهِ الْحَجُّ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَمَّنْ ذَكَرَ وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَآخَرِينَ، ثُمَّ قَالَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالصَّوَابُ أَنَّا نَقُولُ لَهُ: إنْ فَعَلْت كَذَا لَزِمَك كَذَا وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ كَانَ الْأَمْرُ فِي حَقِّك كَذَا أَخْذًا مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَكَانَ الْمُولِي مُحْرِمًا نَقُولُ لَهُ: إنْ وَطِئْت فَسَدَ إحْرَامُك وَإِنْ لَمْ تَطَأْ فَطَلِّقْ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْك قَالَ، وَلَا يَسْتَفِيدُ بِهَذَا الْحَلْقِ شَيْئًا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى التَّحَلُّلِ. وَلَوْ جَامَعَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ لِجَوَازِ كَوْنِ إحْرَامِهِ السَّابِقِ حَجًّا، وَقَدْ جَامَعَ فِيهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَسَدَ نُسُكُهُ وَمَا أَتَى بِهِ لَا يَقْتَضِي صِحَّتَهُ، وَلَا نُسَلِّمُ لِابْنِ الْحَدَّادِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ الْحَلْقِ بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّقْصِيرُ بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ لِأَنَّ بِهِ تَزُولُ الضَّرُورَةِ (فَإِنْ كَانَ آفَاقِيًّا لَزِمَهُ دَمٌ إمَّا لِلتَّمَتُّعِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعَمْرَةٍ (أَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِمَّا (لِلْحَلْقِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ فَوَقَعَ الْحَلْقُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ (فَلَا يُعَيِّنُهُ) عَنْ جِهَةٍ بَلْ يُرِيقُهُ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ فَنَوَى بِالْعِتْقِ مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي الْكَفَّارَاتِ (فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا) بِالدَّمِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الطَّعَامِ (صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ) ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ كَمَا مَرَّ لِلِاحْتِيَاطِ فَإِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا أَجْزَأَتْهُ، وَإِلَّا فَثَلَاثَةٌ لِلْحَلْقِ وَالْبَاقِي نَفْلٌ (وَلَا يُعَيِّنُ الثَّلَاثَةَ مِنْهَا) لِجِهَةٍ (احْتِيَاطًا) وَيَجُوزُ تَعْيِينُ التَّمَتُّعِ فِي السَّبْعَةِ (وَإِنْ أَطْعَمَ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) صَوْمِ (ثَلَاثَةٍ) وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ (فَفِي الْبَرَاءَةِ تَرَدُّدٌ) فَقِيلَ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ شَغْلَ الذِّمَّةِ بِالدَّمِ مَعْلُومٌ فَلَا بُدَّ مِنْ يَقِينِ الْبَرَاءَةِ، وَقِيلَ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَالشَّغْلُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ قَالَ الْإِمَامُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْرَأَ وَعَبَّرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ عَنْهُمَا بِوَجْهَيْنِ. انْتَهَتْ. وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ فَأَطْعَمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ بَرِئَ لِأَنَّهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمُ خَلْقٍ فَذَاكَ أَوْ دَمُ تَمَتُّعٍ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا بِزِيَادَةِ مُدَّيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ آصُعَ، وَهِيَ الْوَاجِبَةُ فِي الْحَلْقِ وَيُجْزِئُهُ الصَّوْمُ مَعَ وُجُودِ الطَّعَامِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ قَرِيبًا وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلطَّعَامِ فِي التَّمَتُّعِ، وَفِدْيَةُ الْحَلْقِ عَلَى التَّخْيِيرِ. (وَالْمَكِّيُّ) وَنَحْوُهُ (لَا دَمَ عَلَيْهِ) لِفَقْدِ دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ دَمِ الْحَلْقِ (وَإِنْ أَمْكَنَ) أَيْ جَوَازُ الْآفَاقِيِّ (أَنْ يَكُونَ قَارِنًا) بِإِحْرَامِهِ الْأَوَّلِ (لَزِمَهُ الدَّمُ الْمَذْكُورُ فَقَطْ) أَيْ لَا دَمَ آخَرَ لِلشَّكِّ فِي لُزُومِهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دَمٌ آخَرُ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ) الْحَاصِلُ بِالتَّعَذُّرِ أَوْ النِّسْيَانِ (بَعْدَ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْحَجِّ) لِجَوَازِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَلَا يَنْفَعُهُ الْوُقُوفُ (وَلَا مِنْ الْعُمْرَةِ، وَلَوْ قَرَنَ) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ أَتَمَّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ وَأَحْرَمَ) بَعْدَ ذَلِكَ (بِالْحَجِّ كَمَا سَبَقَ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ أَتَمَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ (أَجْزَأَهُ) مَا أَحْرَمَ بِهِ آخِرًا أَوْ يَلْزَمُهُ فِي الْأَوَّلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَقَوْلُهُ كَمَا سَبَقَ مَحَلُّهُ بَعْدَ أَجْزَأَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (فَرْعٌ) لَوْ (أَتَمَّ الْمُتَمَتِّعُ حَجَّهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ طَافَ لِلْعُمْرَةِ مُحْدِثًا بَانَ قَارِنًا) بِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ صِحَّةِ طَوَافِهِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ (وَعَلَيْهِ دَمَانِ) دَمٌ (لِلْقِرَانِ وَ) دَمٌ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ قَالَ، وَلَا يَسْتَفِيدُ بِهَذَا الْحَقِّ إلَخْ) ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 لِأَجْلِ (الْحَلْقِ) قَبْلَ أَوَانِهِ (وَإِنْ تَذَكَّرَهُ) أَيْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا (فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ) أَيْ طَوَافِ الْحَجِّ (أَعَادَ) وُجُوبًا - بَعْدَ تَطَهُّرِهِ - (الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ، وَبَرِئَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا دَمُ التَّمَتُّعِ بِشَرْطِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا إنْ أَشْكَلَ) عَلَيْهِ فِي أَيِّ الطَّوَافَيْنِ كَانَ حَدَثُهُ لَزِمَهُ أَعَادَةُ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَبَرِئَ مِنْ النُّسُكَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ صَارَ قَارِنًا فَيُجْزِئُهُ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ الْمُعَادَانِ عَنْ النُّسُكَيْنِ أَوْ فِي طَوَافِ الْحَجِّ فَعُمْرَتُهُ صَحِيحَةٌ، وَكَذَا عَمَلُ الْحَجِّ سِوَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَقَدْ أَعَادَهُمَا، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِأَنَّهُ قَارِنٌ أَوْ مُتَمَتِّعٌ وَيُرِيقُهُ عَنْ وَاجِبِهِ وَلَا يُعَيِّنُ جِهَةً كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَكِنَّ الدَّمَ هُنَا لَا يَنْوِي تَعْيِينَهُ، وَلَا تَعْيِينَ بَدَلِهِ) ، وَهُوَ الصَّوْمُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُرِيقَ دَمًا آخَرَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حَلَقَ قَبْلَ الْوَقْتِ. (وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ) عَمَلِ (الْعُمْرَةِ) ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ (وَذَكَرَ أَنَّ حَدَثَهُ) كَانَ (فِي طَوَافِهَا فَهُوَ كَجِمَاعِ النَّاسِي) عَلَى وَجْهٍ حَتَّى (لَا يُفْسِدَهَا فَيَصِيرَ قَارِنًا) بِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ (وَيَلْزَمُهُ دَمَانِ) دَمٌ (لِلْقِرَانِ وَ) دَمٌ لِأَجْلِ (الْحَلْقِ) قَبْلَ أَوَانِهِ (وَإِنْ تَذَكَّرَهُ) أَيْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا (فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ لَزِمَهُ دَمُ التَّمَتُّعِ) فَقَطْ (وَإِعَادَةُ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ) وَبَرِئَ مِنْ النُّسُكَيْنِ (كَمَا سَبَقَ وَإِنْ أَشْكَلَ) عَلَيْهِ فِي أَيِّ الطَّوَافَيْنِ كَانَ حَدَثُهُ (احْتَاطَ) بِأَنْ يَأْخُذَ فِي كُلِّ حُكْمٍ بِالْيَقِينِ (وَلَمْ يَتَحَلَّلْ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَلَا يَتَحَلَّلُ (حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى) الِاحْتِمَالُ أَنَّ حَدَثَهُ كَانَ فِي طَوَافِ الزِّيَادَةِ (وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) إنْ كَانَا وَاجِبَيْنِ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُحْدِثًا فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَتَأْثِيرِ الْجِمَاعِ فِي إفْسَادِ النُّسُكَيْنِ فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِالشَّكِّ، وَهَذَا لَا يَأْتِي عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْجِمَاعَ الْمَذْكُورَ كَجِمَاعِ النَّاسِي وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى مُقَابِلَهُ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ كَالْخِلَافِ فِيمَا إذَا جَامَعَ ظَانًّا بَقَاءَ اللَّيْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَلَا قَضَاءَ) عَلَيْهِ (إنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا) لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا فَسَادَ (وَيَلْزَمُهُ) فِي الصُّورَتَيْنِ (دَمُ تَمَتُّعٍ) أَوْ حَلْقٍ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ دَمٌ إمَّا لِلتَّمَتُّعِ إنْ كَانَ الْحَدَثُ فِي طَوَافِ الْحَجِّ وَإِمَّا لِلْحَلْقِ إنْ كَانَ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ (وَالِاحْتِيَاطُ بَدَنَةٌ) أَيْ ذَبْحُهَا لِاحْتِمَالِ الْفَسَادِ وَذَبْحُ شَاةٍ أُخْرَى لِاحْتِمَالِ الْقِرَانِ بِإِدْخَالِ الْحَجِّ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الْبَدَنَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ الْعُمْرَةَ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (وَمَنْ جَامَعَ مُعْتَمِرًا، ثُمَّ قَرَنَ) بِأَنْ نَوَى الْحَجَّ (انْعَقَدَ حَجُّهُ) لِإِحْرَامِهِ بِهِ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ فَأَشْبَهَ الصَّحِيحَةَ لَكِنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا لِإِدْخَالِهِ عَلَى عُمْرَةٍ فَاسِدَةٍ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ أَحْرَمْت كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَكَانَ مُحْرِمًا بِفَاسِدٍ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ الْإِحْرَامَ الْوَاحِدَ لَا يُؤَدَّى بِهِ نُسُكٌ صَحِيحٌ وَنُسُكٌ فَاسِدٌ (وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ) لِلْإِفْسَادِ (وَدَمُ قِرَانٍ) بِشَرْطِهِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا. (فَرْعٌ لَوْ قَالَ إذَا) أَوْ نَحْوَهَا كَمَتَى أَوْ إنْ (أَحْرَمَ زَيْدٌ فَأَنَا مُحْرِمٌ لَمْ يَنْعَقِدْ) إحْرَامُهُ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنَا مُحْرِمٌ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تُعَلَّقُ بِالْأَخْطَارِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقِيَاسُ تَجْوِيزِ تَعْلِيقِ أَصْلِ الْإِحْرَامِ بِإِحْرَامِ الْغَيْرِ تَجْوِيزُ هَذَا؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَوْجُودٌ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ بِمُسْتَقْبَلٍ وَذَاكَ تَعْلِيقٌ بِحَاضِرٍ وَمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ مِنْ الْعُقُودِ يَقْبَلُهُمَا جَمِيعًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِحَاضِرٍ أَقَلُّ غَرَرًا لِوُجُودِهِ فِي الْوَاقِعِ فَكَانَ قَرِيبًا مِنْ أَحْرَمْت كَإِحْرَامِ زَيْدٍ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ بِمُسْتَقْبَلٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ هَذَا مَعَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ قَالَ لَوْ قَالَ أَنَا مُحْرِمٌ غَدًا أَوْ رَأْسَ الشَّهْرِ أَوْ إذَا دَخَلَ فُلَانٌ جَازَ كَمَا يَجُوزُ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ يَصِيرُ مُحْرِمًا كَمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وَكَمَا إذَا قَالَ أَنَا صَائِمٌ غَدًا يَصِيرُ شَارِعًا فِيهِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ (أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَأَنَا مُحْرِمٌ وَكَانَ) زَيْدٌ (مُحْرِمًا انْعَقَدَ) إحْرَامُهُ (وَإِلَّا فَلَا) تَبَعًا لَهُ، وَلَوْ قَالَ أَنَا مُحْرِمٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ وَالدَّارِمِيُّ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ كَالصَّوْمِ (وَإِنْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو صَارَ مِثْلَهُمَا) فِي إحْرَامِهِمَا (إنْ اتَّفَقَا) فِيمَا أَحْرَمَا بِهِ (وَإِلَّا صَارَ قَارِنًا) لِيَأْتِيَ بِمَا يَأْتِيَانِ بِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ إحْرَامُهُمَا فَاسِدًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوْ إحْرَامُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَالْقِيَاسُ أَنَّ إحْرَامَهُ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا فِي الصَّحِيحِ وَمُطْلَقًا فِي الْفَاسِدِ. (فَصْلٌ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَمْ بِعُمْرَةٍ أَمْ بِهِمَا أَمْ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّهُ غُسْلٌ لِمُسْتَقْبَلٍ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَإِحْرَامُهُ جُنُبًا وَنَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ الْأُولَى -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا قَدَّمَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى مُقَابِلِهِ إلَخْ) قَالَ الْفَتَى فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ أَشْكَلَ فَكَأَنْ لَمْ يُجَامِعْ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقِيَاسُ تَجْوِيزِ أَصْلِ الْإِحْرَامِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ لَمْ يَجُزْ تَعْلِيقُ أَصْلِ الْإِحْرَامِ، وَالصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ أَصْلُ الْإِحْرَامِ انْعَقَدَ وَإِنَّمَا عَلَّقَ صِفَتَهُ عَلَى شَرْطٍ يُوجَدُ فِي بَاقِي الْحَالِ فَلَمْ يَضُرَّهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ جَزْمُهُمْ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا بِانْعِقَادِ أَصْلِ الْإِحْرَامِ فَظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيقُ صِفَةِ إحْرَامِهِ بِصِفَةِ إحْرَامِ زَيْدٍ لَا تَعْلِيقَ أَصْلِ إحْرَامِهِ بِإِحْرَامِهِ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِي الْعِبَادَاتِ مُمْتَنِعٌ لَكِنْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِجَوَازِ تَعْلِيقِ الْإِحْرَامِ بِإِحْرَامِ الْحَاضِرِ فَجَوَّزَ فِيهِ وَبَقِيَ التَّعْلِيقُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الْمَنْعِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ تَعَبُّدٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَقَدْ أَحْرَمْت أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ مَعَ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِحَاضِرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا وَنَحْوُهُ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَيُسَنُّ ذَلِكَ لِكُلِّ أَحَدٍ (حَتَّى الْحَائِضِ) وَالنُّفَسَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّنْظِيفُ وَفِي مُسْلِمٍ «أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي وَأَحْرِمِي» وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ خَبَرَ «أَنَّ النُّفَسَاءَ وَالْحَائِضَ تَغْتَسِلُ وَتُحْرِمُ وَتَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفَ بِالْبَيْتِ» قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِذَا اغْتَسَلَتَا نَوَتَا (وَ) حَتَّى (غَيْرُ الْمُمَيِّزِ) فَيَغْسِلُهُ وَلِيُّهُ (وَالْأَوْلَى أَنْ تُؤَخِّرَهُ) أَيْ الْإِحْرَامَ (الْحَائِضُ) وَالنُّفَسَاءُ حَتَّى تَطْهُرَا (إنْ أَمْكَنَ) تَأْخِيرُهُ بِأَنْ أَمْكَنَهُمَا الْمَقَامَ بِالْمِيقَاتِ حَتَّى تَطْهُرَا لِيَقَعَ إحْرَامُهُمَا فِي أَكْمَلِ أَحْوَالِهِمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِي كَلَامِ الْأُمِّ أَشْعَارٌ بِأَنَّهُمَا إذَا أَحْرَمَتَا مِنْ وَرَاءِ الْمِيقَاتِ لَا يُسَنُّ لَهُمَا تَقْدِيمُ الْغُسْلِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ. (وَالْعَاجِزُ عَنْهُ) لِفَقْدِ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ (يَتَيَمَّمُ) نَدْبًا؛ لِأَنَّهُ يَخْلُفُ الْوَاجِبَ فَالْمَسْنُونُ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ الْغُسْلَ يُرَادُ لِلْقُرْبَةِ وَالنَّظَافَةِ فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ (مَعَ الْوُضُوءِ أَوْ) مَعَ (بَعْضِهِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) وَفِي نُسْخَةٍ مَعَ الْوُضُوءِ إنْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ فَالْأُولَى أَكْثَرُ فَائِدَةٍ لَكِنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ الْمُوَافِقَةُ لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ بَعْدَ نَقْلِهَا كَالرَّافِعِيِّ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ لِلْغُسْلِ تَوَضَّأَ قُلْت إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ أَيْ عَنْ الْغُسْلِ فَحَسَنٌ، وَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْوُضُوءِ فَلَيْسَ بِحَيِّدٍ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الْغُسْلُ، وَالتَّيَمُّمُ يَقُومُ مَقَامَهُ دُونَ الْوُضُوءِ. اهـ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَلَعَلَّ الْبَغَوِيّ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْوُضُوءِ كَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً يَكْفِي غُسْلَهُ تَوَضَّأَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً بِحَالٍ تَيَمَّمَ فَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ أَوْلَى بِالْغُسْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْوُضُوءِ الَّذِي هُوَ عِبَادَةٌ كَامِلَةٌ وَسُنَّةٌ قَبْلَ الْغُسْلِ الْقَائِمِ مَقَامَهُ التَّيَمُّمُ وَقَاسَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْوُضُوءِ بَعْضَهُ إذَا عَجَزَ عَنْ تَمَامِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَنْ بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ ثَانِيًا عَنْ الْغُسْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ تَيَمُّمًا وَاحِدًا عَنْ الْغُسْلِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إنْ لَمْ يَنْوِ بِمَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءِ الْغُسْلَ، وَإِلَّا فَالثَّانِي، وَلَوْ ذَكَرَ حُكْمَ الْحَائِضِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْعَاجِزِ بَعْدَ بَقِيَّةِ الْأَغْسَالِ كَانَ أَوْلَى، وَقَدْ خَلَصَ مِنْهُ الْأَصْلُ بِإِعَادَتِهِ بَعْدَهَا لَكِنَّهُ لَمْ يُعِدْ حُكْمَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ. (وَ) يُسَنُّ الْغُسْلُ (لِدُخُولِ مَكَّةَ) ، وَلَوْ غَيْرَ حَاجٍّ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِغَيْرِ الْحَاجِّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُسْتَثْنَى مَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ كَالتَّنْعِيمِ وَاغْتَسَلَ لِلْإِحْرَامِ فَلَا يُسَنُّ لَهُ الْغُسْلُ لِدُخُولِهَا لِحُصُولِ النَّظَافَةِ بِالْغُسْلِ السَّابِقِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ كَالْجِعْرَانَةِ وَالْحُدَيْبِيَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي الْحَجِّ إذَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ التَّنْعِيمِ وَنَحْوِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَخْطِرْ لَهُ إلَّا ذَلِكَ الْوَقْتُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ خَطَرَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونَ آثِمًا وَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَيُسَنُّ الْغُسْلُ أَيْضًا لِدُخُولِ الْحَرَمِ وَلِدُخُولِ الْمَدِينَةِ (وَلِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) سُمِّيَتْ عَرَفَةَ قِيلِ لِأَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ تَعَارَفَا، ثَمَّ وَقِيلَ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَرَّفَ فِيهَا إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنَاسِكَهُ وَقِيلَ لِغَيْرِ ذَلِكَ (وَمُزْدَلِفَةَ) أَيْ وَلِلْوُقُوفِ بِهَا عَلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ (صَحَّ يَوْمُ النَّحْرِ وَلِلرَّمْيِ) لِلْجِمَارِ (فِي كُلِّ يَوْمٍ) مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا قَيَّدَ بِهَا الْأَصْلُ لِآثَارٍ وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ هَذِهِ مَوَاضِعُ يَجْتَمِعُ لَهَا النَّاسُ فَأَشْبَهَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ وَنَحْوَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَيَّامِ يَقْتَضِي جَوَازَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالزَّوَالِ كَالرَّمْيِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ كَمَا فِي الْغُسْلِ لِلْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ، وَلَا يُسَنُّ الْغُسْلُ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَا الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةُ، وَلَا لِطَوَافِ الْقُدُومِ اكْتِفَاءً بِمَا قَبْلَهُ فِي الثَّلَاثَةِ وَلِاتِّسَاعِ وَقْتِ الْأَوَّلِ وَعَدَمِ الِاجْتِمَاعِ فِي الثَّانِي، وَلَا لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ وَالْحَلْقِ لِاتِّسَاعِ أَوْقَاتِهَا فَتَقِلُّ الزَّحْمَةُ خِلَافًا لِمَا فِي الْقَدِيمِ فِي الثَّلَاثَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَزَادَ فِي الْقَدِيمِ طَوَافَيْ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ وَالْحَلْقِ) أَيْ الْغُسْلَ لَهَا وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَجْتَمِعُونَ لَهَا. (تَنْبِيهٌ) كَلَامُ الرَّافِعِيّ يُشْعِرُ هُنَا بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْحَجِيجِ صَلَاةُ الْعِيدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى فِعْلِهَا فُرَادَى صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فَقَالَ وَالْحَجِيجُ وَإِنْ كَانُوا لَا يُصَلُّونَ الْعِيدَ جَمَاعَةً فَعِنْدَنَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا فُرَادَى فَيَغْتَسِلُونَ لَهَا (فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ) لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ (أَنْ يَغْسِلَ) قَبْلَ الْغُسْلِ (رَأْسَهُ لِلْإِحْرَامِ بِسِدْرٍ) أَوْ نَحْوِهِ لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ غَسَلَ رَأْسَهُ بِأُشْنَانٍ وَخِطْمِيٍّ» (وَأَنْ يُلَبِّدَهُ) بَعْدَ الْغُسْلِ بِأَنْ يَعْقِصَهُ وَيَضْرِبَ عَلَيْهِ الْخِطْمِيَّ أَوْ الصَّمْغَ أَوْ غَيْرَهُمَا (لِدَفْعِ الْقَمْلِ) وَغَيْرِهِ مُدَّةَ الْإِحْرَامِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِمَنْ لَا يُجْنِبُ إلَّا نَادِرًا أَوْ تَقْصُرُ مُدَّةُ إحْرَامِهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ] قَوْلُهُ فَيُغَسِّلُهُ وَلِيُّهُ) وَيَنْوِي (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ تُؤَخِّرَهُ الْحَائِضُ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَذَا إذَا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ وَوَسِعَ الْوَقْتُ، وَقَدْ حَكَاهُ فِي الشَّامِلِ عَنْ النَّصِّ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ) إنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ غُسْلُ الْمُسْتَقْبَلِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ (قَوْلُهُ وَلِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) ، وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهِ فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ سَارَ إلَى الْمَوْقِفِ وَاغْتَسَلَ لِلْوُقُوفِ وَأَقَامَ بِنَمِرَةَ فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ خَطَبَ الْإِمَامُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 وَإِلَّا فَفِي الِاسْتِحْبَابِ بَلْ الْجَوَازِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْغُسْلِ، وَلَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِحَلْقِ رَأْسِهِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا اعْتَادَتْ الْحَيْضَ فِي إحْرَامِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِقِصَرِ مُدَّةِ الْإِحْرَامِ غَالِبًا، وَعِنْدَ حُصُولِ الْعَارِضِ يُمْكِنُ نَقْضُهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِحَلْقِ رَأْسِهِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُضِيفُونَ إلَيْهِ مَا يَسْهُلُ بِهِ نَزْعُهُ قَالَ: وَهَذَا يَتَأَتَّى أَيْضًا فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ إذَا دَخَلَ يَوْمُهَا وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ. (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَقُصَّ الشَّارِبَ وَ) أَنْ (يَأْخُذَ شَعْرَ الْإِبْطِ وَالْعَانَةِ وَالظُّفْرِ) قَبْلَ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَنْظِيفٌ فَسُنَّ كَالْغُسْلِ إلَّا فِي الْعَشْرِ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (وَ) أَنْ (يَتَطَيَّبَ) بَعْدَ الْغُسْلِ فِي بَدَنِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ رَجُلًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنَّمَا كُرِهَ لِلنِّسَاءِ التَّطَيُّبُ عِنْدَ خُرُوجِهِنَّ لِلْجُمُعَةِ لِضِيقِ مَكَانِهَا وَزَمَانِهَا فَلَا يُمْكِنُهُنَّ اجْتِنَابُ الرِّجَالِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي النُّسُكِ (وَجَازَ) أَنْ يَتَطَيَّبَ (فِي ثَوْبِهِ) مِنْ إزَارِ الْإِحْرَامِ وَرِدَائِهِ كَمَا فِي بَدَنِهِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ قَالَ وَأَغْرَبَ الْمُتَوَلِّي فَحَكَى فِيهِ الْخِلَافَ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَجَرَى فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَيْسَ بِغَرِيبٍ كَمَا زَعَمَهُ النَّوَوِيُّ فَقَدْ حَكَاهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْبَارِزِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْجِيلِيُّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ يُكْرَهُ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ وَيَتَطَيَّبُ فِيمَا ذُكِرَ (وَ) لَوْ (بِمَا تَبْقَى عَيْنُهُ) بَعْدَ الْإِحْرَامِ «قَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ أَيْ بِرِيقِهِ مِنْ مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَلَهُ اسْتَدَامَتُهُ) بَعْدَ إحْرَامِهِ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَسَوَاءٌ اسْتَدَامَهُ فِي بَدَنِهِ أَمْ ثَوْبِهِ (لَا شَدَّهُ فِي ثَوْبِهِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ وَنَقَلَ فِيهِ الِاتِّفَاقَ (وَلَوْ أَخَذَهُ) قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَهُ (مِنْ بَدَنِهِ) أَوْ ثَوْبِهِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى (ثُمَّ أَعَادَهُ) إلَيْهِ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ نَزَعَ ثَوْبَهُ) الْمُطَيَّبَ (ثُمَّ لَبِسَهُ فَدَى) أَيْ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ لُبْسَ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ، وَلَوْ مَسَّهُ بِيَدِهِ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَيَكُونُ مُسْتَعْمِلًا لِلطِّيبِ ابْتِدَاءً، جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ انْتَقَلَ بِالْعَرَقِ) مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ إلَيْهِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ (لَمْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُبَاحٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ وَلِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادِ حَسَنٍ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالْمِسْكِ الْمُطَيَّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَإِذَا عَرِقَتْ إحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا فَرَآهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَنْهَانَا» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِاسْتِحْبَابِ الْجِمَاعِ إنْ أَمْكَنَهُ، وَلَا يَبْعُدُ اسْتِحْبَابُهُ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مِنْ دَوَاعِيهِ. (فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِلْمُزَوَّجَةِ وَغَيْرِهَا) عَجُوزًا أَوْ شَابَّةً (مَسْحُ وَجْهِهَا بِالْحِنَّاءِ) بِالْمَدِّ (لِلْإِحْرَامِ وَخَضْبُ كَفَّيْهِمَا بِهِ) لَهُ لِتَسْتُرَ بِهِ مَا يَبْرُزُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا تُؤْمَرُ بِكَشْفِ الْوَجْهِ، وَقَدْ يَنْكَشِفُ الْكَفَّانِ؛ وَلِأَنَّ الْحِنَّاءَ مِنْ زِينَتِهَا فَنُدِبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ كَالطِّيبِ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ (تَعْمِيمًا) لِلْكَفَّيْنِ (لَا نَقْشًا وَتَسْوِيدًا أَوْ تَطْرِيفًا) فَلَا يُسْتَحَبُّ شَيْءٌ مِنْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ وَإِزَالَةِ الشُّعْثِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْإِحْرَامِ بَلْ إنْ كَانَتْ خَلِيَّةً، أَوْ لَمْ يَأْذَنْ حَلِيلُهَا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَيُكْرَهُ) لَهَا الْخَضْبُ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ) لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَفِي بَاقِي الْأَحْوَالِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ (يُسْتَحَبُّ لِلْمُزَوَّجَةِ) ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مِنْهَا لِزَوْجِهَا كُلَّ وَقْتٍ كَمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا) بِلَا عُذْرٍ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ (، وَلَا يَخْتَضِبُ الْخُنْثَى) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ لِلِاحْتِيَاطِ (كَالرَّجُلِ) لِلنَّهْيِ عَنْ تَشْبِيهِهِ بِالْمَرْأَةِ كَمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ. (فَرْعٌ وَيَنْزِعُ الرَّجُلُ الْمَخِيطَ) قَبْلَ الْإِحْرَامِ وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ كَالرَّافِعِيِّ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ لُبْسُهُ فِي الْإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ مُحْرِمٌ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُتَّجَهُ اسْتِحْبَابُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ، وَهُوَ الْإِحْرَامُ لَمْ يُوجَدْ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ وَإِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَيْنِ ذَكَرَا فِي الصَّيْدِ عَدَمَ وُجُوبِ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّ الْمُدْرَكَ فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَطْءَ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ فَلَا يَحْرُمُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَعْصِيَةِ، وَلِأَنَّ مُوجِبَهُ لَيْسَ الْوَطْءُ بَلْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ الْإِحْرَامِ بِالْوَطْءِ، وَأَمَّا الصَّيْدُ فَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ نَزْعِ الثَّوْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِ فَيَجِبُ قَبْلَهُ كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ قَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا، وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَ فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ وَمِمَّا لَوْ وَطِئَ أَوْ أَكَلَ لَيْلًا مَنْ أَرَادَ الصَّوْمَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَرْكُهُمَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ عِبَادَةٌ طُلِبَ فِيهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ أَنْ يَغْسِلَ قَبْلَ الْغُسْلِ رَأْسَهُ لِلْإِحْرَامِ بِسِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ] قَوْلُهُ وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ) هُوَ الْأَصَحُّ [فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِلْمُزَوَّجَةِ وَغَيْرِهَا عَجُوزًا أَوْ شَابَّةً مَسْحُ وَجْهِهَا بِالْحِنَّاءِ لِلْإِحْرَامِ وَخَضْبُ كَفَّيْهِمَا بِهِ] (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّهُ الظَّاهِرُ نَقْلًا وَدَلِيلًا أَمَّا النَّقْلُ فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفُتُوحِ فِي كِتَابِ الْخَنَاثَى التَّجَرُّدُ مِنْ الْمَخِيطِ وَاجِبٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَصَاحِبُ الْكَافِي وَأَمَّا الدَّلِيلُ فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُحْرِمُ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ» فَإِنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ التَّجَرُّدِ عَنْ غَيْرِهِمَا إذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ يُصَلِّي (قَوْلُهُ كَالرَّافِعِيِّ) قَالَ فِي الْعَزِيزِ الْمَعْدُودُ مِنْ السُّنَنِ التَّجَرُّدُ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ أَمَّا مُجَرَّدُ التَّجَرُّدِ فَلَا يُمْكِنُ عَدُّهُ مِنْ السُّنَنِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ لُبْسِ الْمَخِيطِ فِي الْإِحْرَامِ لَازِمٌ وَمِنْ صُوَرِ لُزُومِهِ لُزُومُ التَّجَرُّدِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ) مُقْتَضَى ضَبْطِ مُصَنِّفِهِ قَوْلُهُ وَيَتَجَرَّدُ بِالضَّمِّ وُجُوبُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 أَنْ يَكُونَ الْمُحْرِمُ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا نَزَعَ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الْحَلِفِ وَتَرْكِ الْمُفْطِرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَاحْتِيطَ لَهُ مَا لَمْ يُحْتَطْ لَهُمَا، وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ النَّزْعُ بَعْدَ التَّطَيُّبِ. (وَيَلْبَسُ) الرَّجُلُ نَدْبًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ (إزَارًا وَرِدَاءً) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (أَبْيَضَيْنِ) لِخَبَرِ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ» (جَدِيدَيْنِ أَوْ نَظِيفَيْنِ) كَذَا عَبَّرَ الْبُوَيْطِيُّ وَالتَّنْبِيهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ جَدِيدَيْنِ، وَإِلَّا فَمَغْسُولَيْنِ وَاعْتَرَضَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى عِبَارَةِ التَّنْبِيهِ، ثُمَّ قَالَ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مُوَافَقَةِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ جَدِيدَيْنِ، وَإِلَّا فَنَظِيفَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَغْسِلَ الْجَدِيدَ الْمَقْصُورَ لِنَشْرِ الْقَصَّارِينَ لَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ غَسْلَ حَصَى الْجِمَارِ احْتِيَاطًا، وَهَذَا أَوْلَى بِهِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ أَنَّ غَيْرَ الْمَقْصُورِ كَذَلِكَ (وَنَعْلَيْنِ) لِخَبَرِ «لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَخَرَجَ بِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى إذْ لَا نَزْعَ عَلَيْهِمَا فِي غَيْرِ الْوَجْهِ. (وَيُكْرَهُ) لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ (الْمَصْبُوغُ) وَلَوْ بِنِيلَةٍ أَوْ مَغْرَةٍ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ مَالِكٌ مَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَمَحَلُّهُ فِيمَا صُبِغَ بِغَيْرِ زَعْفَرَانٍ أَوْ عُصْفُرَةٍ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لُبْسُ الْمَصْبُوغِ بِهِمَا، وَإِنَّمَا كُرِهَ هُنَا الْمَصْبُوغُ بِغَيْرِهِمَا خِلَافَ مَا قَالُوهُ ثَمَّ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فَلَا يُنَاسِبُهُ الْمَصْبُوغُ مُطْلَقًا لَكِنْ قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِمَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ وَيُوَافِقُهُ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ (ثُمَّ يُصَلِّي) نَدْبًا (الرَّكْعَتَيْنِ) أَيْ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ قَبْلَهُ وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلِّي بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَحْرَمَ» (إلَّا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ) فَلَا يُصَلِّيهِمَا فِيهِ بَلْ يَحْرُمَانِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَمَحْمَلُهُ كَمَا مَرَّ ثَمَّ فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ (وَيُجْزِئُ الْفَرِيضَةُ) وَكَذَا النَّافِلَةُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ (عَنْهُمَا) كَالتَّحِيَّةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فَلَا تَنْدَرِجُ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا أَثْبَتْنَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِلْإِحْرَامِ خَاصَّةً وَبِمَ يَثْبُتُ، بَلْ الَّذِي ثَبَتَ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وُقُوعُ الْإِحْرَامِ إثْرَ صَلَاةٍ فَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَكِبَ» وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ رَكِبَ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَأُحِبُّ لَهُمَا يَعْنِي لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَنْ يُهِلَّا خَلْفَ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ (وَيَقْرَأُ فِيهِمَا) نَدْبًا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (سُورَتَيْ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ، وَصَلَّى) نَدْبًا (فِي مَسْجِدِ الْمِيقَاتِ إنْ كَانَ) ثَمَّ (مَسْجِدٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْبِقَاعِ. (فَرْعٌ ثُمَّ) إذَا صَلَّى (يَنْوِي الْإِحْرَامَ وَيُلَبِّي) لِمَا مَرَّ (مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ نَدْبًا لِخَبَرٍ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ (وَالْأَفْضَلُ) أَنْ يُحْرِمَ (إذَا انْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ) يَعْنِي دَابَّتَهُ بِأَنْ اسْتَوَتْ قَائِمَةً لِطَرِيقِ مَكَّةَ (أَوْ تَوَجَّهَ الْمَاشِي لِلطَّرِيقِ) أَيْ طَرِيقَ مَكَّةَ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرًا «إذَا رُحْتُمْ إلَى مِنًى مُتَوَجِّهِينَ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ» وَسَيَأْتِي أَنَّ الْإِمَامَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَأَنْ يُحْرِمَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ سَيْرَهُ لِلنُّسُكِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ (وَيُكْثِرُ) نَدْبًا (الْمُحْرِمُ مِنْ التَّلْبِيَةِ كُلَّ حِينٍ الْحَائِضُ وَالطَّاهِرُ) قَائِمَيْنِ وَقَاعِدَيْنِ وَرَاكِبَيْنِ وَمَاشِيَيْنِ فِي ذَلِكَ (سَوَاءٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهَا شِعَارُ النُّسُكِ (وَ) الْإِكْثَارُ مِنْهَا (عِنْدَ تَغَايُرِ الْأَحْوَالِ مِنْ صُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَاجْتِمَاعٍ) بِرُفْقَةٍ أَوْ نَحْوِهِمْ (وَافْتِرَاقٍ وَنَحْوِهِ) كَرُكُوبٍ وَنُزُولٍ وَفَرَاغٍ مِنْ صَلَاةٍ وَإِقْبَالِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ (آكَدُ) مِنْ غَيْرِهِ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ فِي ذَلِكَ وَالصُّعُودُ وَالْهُبُوطُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا اسْمٌ لِمَكَانِ الْفِعْلِ مِنْهُمَا وَبِضَمِّهِ مَصْدَرٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ هُنَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتُكْرَهُ التَّلْبِيَةُ فِي مَوَاضِعِ النَّجَاسَاتِ (وَتُسْتَحَبُّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْخَيْفِ) بِمِنًى (وَمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِعَرَفَةَ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فَإِنَّهَا مَوَاضِعُ نُسُكٍ (وَكَذَا سَائِرُ الْمَسَاجِدِ) اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ فِي ذَلِكَ (لَا فِي الطَّوَافِ) ، وَلَوْ طَوَافَ الْقُدُومِ (وَالسَّعْيِ) بَعْدَهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ فِيهِمَا التَّلْبِيَةُ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا أَذْكَارًا خَاصَّةً (تَنْبِيهٌ) كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِإِبْرَاهِيمَ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ الْمَسْجِدُ الْمَذْكُورُ إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ: وَهُوَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ إبْرَاهِيمُ الْقَبِيسِيُّ وَخَطِئَ قَائِلُهُ بِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَنْسُوبَ إلَى الْقَبِيسِيِّ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ وَأَمَّا الْمَسْجِدُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ مَسْجِدُ النَّبِيِّ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ وَبِتَقْدِيرِ أَنَّ الْقَبِيسِيَّ بَنَاهُ فَلَا يَمْتَنِعُ نِسْبَتُهُ إلَى إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ إمَّا لِأَنَّهُ بَنَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَهَدَّمَ أَوْ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى فِيهِ أَوْ لِأَنَّهُ اتَّخَذَهُ مُصَلًّى لِلنَّاسِ -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لُبْسُ الْمَصْبُوغِ بِهِمَا) تَقَدَّمَ ثَمَّ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ تَحْرِيمِ الثَّانِي (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا إلَخْ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 (وَيَرْفَعُ) نَدْبًا الرَّجُلُ (صَوْتَهُ) بِالتَّلْبِيَةِ فِي دَوَامِ الْإِحْرَامِ (بِحَيْثُ لَا يُتْعِبُهُ) الرَّفْعُ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ الْحَجِّ: الْعَجُّ وَالثَّجُّ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَالْعَجُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ وَالثَّجُّ نَحْرُ الْبُدْنِ أَمَّا رَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ فَلَا يُنْدَبُ بَلْ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَقَطْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَأَقَرَّهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَالْمُحْرِمِ (وَالْمَرْأَةِ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (تُسْمِعُ نَفْسَهَا) فَقَطْ نَدْبًا كَمَا فِي قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ (فَإِنْ جَهَرَتْ) بِهَا (كُرِهَ) وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَذَانِهَا حَيْثُ حُرِّمَ فِيهِ ذَلِكَ بِالْإِصْغَاءِ إلَى الْأَذَانِ وَاشْتِغَالِ كُلِّ أَحَدٍ بِتَلْبِيَتِهِ عَنْ سَمَاعِ تَلْبِيَةِ غَيْرِهِ (وَهِيَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجُوزُ كَسْرُ هَمْزَةِ إنَّ اسْتِئْنَافًا وَفَتْحُهَا تَقْلِيلًا، قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْكَسْرُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ وَقْفَةً لَطِيفَةً عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْمُلْكَ وَأَنْ يُكَرِّرَ التَّلْبِيَةَ ثَلَاثًا إذَا لَبَّى وَالْقَصْدُ بِلَبَّيْكَ، وَهُوَ مُثَنَّى مُضَافٌ - الْإِجَابَةُ لِدَعْوَةِ الْحَجِّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27] مَأْخُوذٌ مِنْ لَبَّ بِالْمَكَانِ لَبًّا أَوْ أَلَبَّ بِهِ إلْبَابًا إذَا أَقَامَ بِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِك إقَامَةً بَعْدَ إقَامَةٍ (فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَزِيدُ فِي تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك وَالْعَمَلُ زَادَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ بِيَدَيْك لَبَّيْكَ، وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ (ثُمَّ يُصَلِّيَ) وَيُسَلِّمُ نَدْبًا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ تَلْبِيَتِهِ (عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] أَيْ لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي (بِصَوْتٍ أَخْفَضَ) مِنْ صَوْتِ التَّلْبِيَةِ لِيَتَمَيَّزَ عَنْهَا قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ وَيُصَلِّي عَلَى آلِهِ أَيْضًا كَمَا فِي التَّشَهُّدِ (وَ) بَعْدَ ذَلِكَ (يَسْأَلُ رِضْوَانَ اللَّهِ وَالْجَنَّةَ وَيَسْتَعِيذُهُ) تَعَالَى (مِنْ النَّارِ) نَدْبًا كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْجُمْهُورُ ضَعَّفُوهُ (وَيَدْعُو) بَعْدَ ذَلِكَ نَدْبًا (بِمَا أَحَبَّ) دِينًا وَدُنْيَا قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَسُولِك وَآمَنُوا بِك وَوَثِقُوا بِوَعْدِكَ وَوَفَّوْا بِعَهْدِك وَاتَّبَعُوا أَمْرَك اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِكَ الَّذِينَ رَضِيتَ وَارْتَضَيْتَ وَقَبِلْتَ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي أَدَاءَ مَا نَوَيْت وَتَقَبَّلْ مِنِّي يَا كَرِيمُ. ، (وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهَا) أَيْ فِي التَّلْبِيَةِ بِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (إلَّا بِرَدِّ السَّلَامِ) فَإِنَّهُ مَنْدُوبٌ وَتَأْخِيرُهُ عَنْهَا أَحَبُّ، وَقَدْ يَجِبُ الْكَلَامُ فِي أَثْنَائِهَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا لَا يَخْفَى (وَيُكْرَهُ التَّسْلِيمُ عَلَيْهِ) فِي أَثْنَائِهَا لِأَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ قَطْعُهَا (وَإِنْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ قَالَ) نَدْبًا « (لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ) قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ» وَرَأَى جَمْعَ الْمُسْلِمِينَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمَطْلُوبَةَ الْهَنِيَّةَ الدَّائِمَةَ هِيَ حَيَاةُ الدَّارِ الْآخِرَةِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ إذَا رَأَى مَا يُهِمُّهُ لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ فِي أَسَرِّ أَحْوَالِهِ وَفِي أَشَدِّ أَحْوَالِهِ فَالْأَوَّلُ فِي وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ، وَالثَّانِي فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ (وَيُتَرْجَمُ) بِمَا ذَكَرَ مِنْ التَّلْبِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا (الْعَاجِزُ) عَنْهُ لَا الْقَادِرُ كَمَا فِي تَسْبِيحِ الصَّلَاةِ. (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ) -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَخْ) اسْتَثْنَى جَمَاعَةٌ عَدَمَ اسْتِحْبَابِ الرَّفْعِ فِي الْمَسَاجِدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ إذَا حَصَلَ بِهِ التَّشْوِيشُ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَنَحْوِهِمْ (قَوْلُهُ فَإِنْ جَهَرَتْ بِهَا كُرِهَ) هَذَا إذَا كَانَتْ عِنْدَ الْأَجَانِبِ فَإِنْ كَانَتْ وَحْدَهَا أَوْ بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ أَوْ الْمَحَارِمِ أَوْ النِّسَاءِ فَتَجْهَرُ بِالتَّلْبِيَةِ كَمَا تَجْهَرُ فِي الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ ذَكَرَهُ هُنَاكَ النَّوَوِيُّ. (قَوْلُهُ قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَدَعْوَاهُ ثُبُوتَهُ مَمْنُوعَةٌ بَلْ هُوَ مُرْسَلٌ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ رَوَاهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ اهـ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ إنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الْآخِرَةِ» ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ. [بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ] (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا) ، وَقَدْ «دَخَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلًا فِي عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ» كَمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا نَعْلَمُ دُخُولَهَا لَيْلًا فِي غَيْرِهَا وَفِي مُسْلِمٍ وَمِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ لَفْظُهُ «كَانَ لَا يَقْدَمُ مَكَّةَ إلَّا بَاتَ بِذِي طُوًى حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ ثُمَّ يَدْخُلَ مَكَّةَ نَهَارًا» وَكَتَبَ أَيْضًا مَكَّةَ أَفْضَلُ الْأَرْضِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي تَفْضِيلِهِ الْمَدِينَةَ، دَلِيلُنَا عَلَى أَفْضَلِيَّةِ مَكَّةَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ «إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي سُوقِ مَكَّةَ وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ الْأَرْضِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَيَّ وَلَوْ أَنِّي أُخْرِجْت مِنْك مَا خَرَجْت» وَمَحَلُّ التَّفَاضُلِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا هُوَ فَأَفْضَلُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ قَالَ شَيْخِي وَوَالِدِي وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْكَعْبَةَ الْمُشَرَّفَةَ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ بِقَاعِ الْمَدِينَةِ قَطْعًا مَا عَدَا مَوْضِعَ قَبْرِهِ الشَّرِيفِ وَبَيْتَ خَدِيجَةَ الَّذِي بِمَكَّةَ أَفْضَلُ مَوْضِعٍ مِنْهَا بَعْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي إيضَاحِهِ الْمُخْتَارِ اسْتِحْبَابُ الْمُجَاوَرَةِ بِمَكَّةَ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الْوُقُوعُ فِي الْأُمُورِ الْمَحْذُورَةِ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا هُوَ فَأَفْضَلُ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ شَيْخُنَا وَأَفْضَلُ مِنْ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمِنْ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَمِنْ الْجَنَّةِ فَإِنْ قِيلَ يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُنْقَلُ مِنْ أَفْضَلَ لِمَفْضُولٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ تِلْكَ التُّرْبَةِ فَلَوْ كَانَ ثَمَّ أَفْضَلُ مِنْهَا لَخُلِقَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قِيلَ «إنَّ صَدْرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا شُقَّ غُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ» فَلَوْ كَانَ ثَمَّ أَفْضَلُ مِنْهُ لَغُسِلَ بِذَلِكَ الْأَفْضَلِ عَلَى أَنَّهُ وَرَدَ «مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» فَإِنْ حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْجَنَّةِ حَقِيقَةً زَالَ الْإِشْكَالُ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْبَيْنِيَّةِ مَا بَيْنَ ابْتِدَاءِ قَبْرِي أَيْ وَمِنْ آخِرِهِ وَمِنْبَرِي حَتَّى يَكُونَ الْقَبْرُ دَاخِلًا فِي الرَّوْضَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ يُقَالُ مَكَّةَ بِالْمِيمِ وَبَكَّةَ بِالْبَاءِ لُغَتَانِ وَقِيلَ بِالْمِيمِ اسْمٌ لِلْحَرَمِ كُلِّهِ، وَبِالْبَاءِ اسْمٌ لِلْمَسْجِدِ، وَقِيلَ بِالْمِيمِ لِلْبَلَدِ وَبِالْبَاءِ لِلْبَيْتِ مَعَ الْمَطَافِ وَقِيلَ بِدُونِهِ (يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ) بِالْحَجِّ (أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ وَلِكَثْرَةِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ السُّنَنِ الْآتِيَةِ وَأَنْ يَدْخُلَهَا (مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ، وَالثَّنِيَّةُ الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ (مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ) يَعْنِي ثَنِيَّةَ كَدَاءٍ مَوْضِعٌ بِأَعْلَى مَكَّةَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ مِنْهَا (وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي طَرِيقِهِ) لِمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَجَ إلَيْهَا قَصْدًا» ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَصَوَّبَهُ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ تَخْصِيصَهُ بِالْآتِي مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ لِلْمَشَقَّةِ وَأَنَّ دُخُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا كَانَ اتِّفَاقًا، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْغُسْلِ بِذِي طُوًى. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي كَدَاءٍ مِنْ الْحِكْمَةِ أَيْ الْآتِيَةِ غَيْرُ حَاصِلٍ بِسُلُوكِ غَيْرِهَا وَفِي الْغُسْلِ مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ النَّظَافَةُ حَاصِلٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ نَعَمْ فِي التَّفْرِقَةِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُعَرِّجَ لِلدُّخُولِ يَنْتَهِي إلَى مَا يَدْخُلُ مِنْهُ الْآتِي مِنْ الْمَدِينَةِ وَرُبَّمَا يَمُرُّ بِذِي طُوًى أَوْ يُقَارِبُهُ جِدًّا كَالْآتِي مِنْ الْيَمَنِ فَإِذَا أُمِرَ الْمَدَنِيُّ بِذَهَابِهِ إلَى قِبَلِ وَجْهِهِ لِيَغْتَسِلَ بِذِي طُوًى، ثُمَّ يَرْجِعَ إلَى خَلْفٍ فَأَمْرُ الْيَمَنِيِّ، وَقَدْ مَرَّ بِهِ أَوْ قَارَبَهُ بِالْأَوْلَى وَأَقُولُ لَا تَرَدُّدَ فِي أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ قَبْلَ تَعْرِيجِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ لِيَغْتَسِلَ بَلْ لِيَدْخُلَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ، وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ مَأْمُورٌ بِالْغُسْلِ مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْرِيجَ لِيَدْخُلَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ بِذِي طُوًى) بِفَتْحِ الطَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا وَكَسْرِهَا، وَادٍ بِمَكَّةَ بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ، وَأَقْرَبُ إلَى السُّفْلَى لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ هَذَا إنْ كَانَتْ بِطَرِيقِهِ بِأَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَإِلَّا اغْتَسَلَ مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَلَوْ قِيلَ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّعْرِيجُ إلَيْهَا وَالِاغْتِسَالُ بِهَا اقْتِدَاءً وَتَرْكًا لَمْ يَبْعُدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الزَّعْفَرَانِيُّ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى بِئْرٍ مَطْوِيَّةٍ بِالْحِجَارَةِ أَيْ مَبْنِيَّةٍ، وَالطَّيُّ الْبِنَاءُ (وَ) أَنْ (يَخْرُجَ مِنْ ثَنِيَّةِ كُدًى) بِأَسْفَلِهَا أَيْ مَكَّةَ بِضَمِّ الْكَافِ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ عِنْدَ جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْمَعْنَى فِيهِ، وَفِي دُخُولِهِ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ بِالْفَتْحِ الذَّهَابُ مِنْ طَرِيقٍ وَالْإِيَابُ مِنْ أُخْرَى كَالْعِيدِ وَغَيْرِهِ لِتَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ وَخُصَّتْ الْعُلْيَا بِالدُّخُولِ لِقَصْدِ الدَّاخِلِ مَوْضِعًا عَالِيَ الْمِقْدَارِ، وَالْخَارِجُ عَكْسُهُ وَلِأَنَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ قَالَ {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] كَانَ عَلَى الْعُلْيَا كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ أَيْضًا كَاسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ الْيَمِينِ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ، وَالْيَسَارِ لِلْخَارِجِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ عِبَادَةً فَيَنْبَغِي الْقَوْلُ بِهِ إلَّا أَنْ يَرِدْ نَقْلٌ بِدَفْعِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ إذَا وَصَلَ الْحَرَمَ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي قَلْبِهِ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَيَتَذَكَّرَ جَلَالَةَ الْحَرَمِ وَمَزِيَّتَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ هَذَا حَرَمُكَ وَأَمْنُك فَحَرِّمْنِي عَلَى النَّارِ وَأَمِّنِّي مِنْ عَذَابِك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْلِيَائِك وَأَهْلِ طَاعَتِك. (وَدُخُولُهُ) مَكَّةَ (نَهَارًا وَمَاشِيًا) وَحَافِيًا، وَلَمْ تَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ، وَلَمْ يَخَفْ تَنَجُّسَ رِجْلَيْهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (أَفْضَلُ) مِنْ دُخُولِهِ لَيْلًا وَرَاكِبًا وَمُتَنَعِّلًا أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّهُ أَعْوَنُ لَهُ وَأَرْفَقُ بِهِ وَأَقْرَبُ إلَى مُرَاعَاتِهِ الْوَظَائِفَ الْمَشْرُوعَةَ، وَدُخُولُهُ أَوَّلَ النَّهَارِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ أَفْضَلُ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَأَمَّا فِي الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَالْأَدَبِ وَلَيْسَ فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَلَا فَوَاتُ مُهِمٍّ بِخِلَافِ الرُّكُوبِ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ كَمَا مَرَّ لِمَا تَقَدَّمَ، ثَمَّ؛ وَلِأَنَّ الرَّاكِبَ فِي الدُّخُولِ مُتَعَرِّضٌ لِإِيذَاءِ النَّاسِ بِدَابَّتِهِ فِي الزَّحْمَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ أَفْضَلِيَّةِ الْمَشْيِ بِمَنْ لَا يُشَقُّ عَلَيْهِ، وَلَا يُضْعِفُهُ عَنْ الْوَظَائِفِ وَيُشْبِهُ أَنَّ دُخُولَ الْمَرْأَةِ فِي هَوْدَجِهَا وَنَحْوِهِ أَوْلَى، لَا سِيَّمَا عِنْدَ الزَّحْمَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ يُسْتَحَبُّ دُخُولُهُ مَكَّةَ بِخُشُوعِ قَلْبِهِ وَخُضُوعِ جَوَارِحِهِ دَائِمًا مُتَضَرِّعًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَكُونُ مِنْ دُعَائِهِ مَا رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ عِنْدَ دُخُولِهِ: اللَّهُمَّ الْبَلَدُ بَلَدُك وَالْبَيْتُ بَيْتُكَ جِئْت أَطْلُبُ رَحْمَتَك وَأَؤُمُّ طَاعَتَك مُتَّبِعًا لِأَمْرِكَ وَرَاضِيًا بِقَدَرِك مُسَلِّمًا لِأَمْرِك أَسْأَلُك مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ إلَيْكَ الْمُشْفِقِ مِنْ عَذَابِك أَنْ تَسْتَقْبِلَنِي بِعَفْوِك وَأَنْ تَتَجَاوَزَ عَنِّي بِرَحْمَتِك وَأَنْ تُدْخِلَنِي جَنَّتَكَ» قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ وَيَقُولُ آيِبُونَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَصَوَّبَهُ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْحَقُّ (قَوْلُهُ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا وَكَسْرِهَا) بِالتَّنْوِينِ وَعَدَمِهِ فَمَنْ نَوَّنَهُ جَعَلَهُ نَكِرَةً وَمَنْ لَمْ يُنَوِّنْهُ جَعَلَهُ مَعْرِفَةً (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ أَفْضَلِيَّتِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَيُشْبِهُ أَنَّ دُخُولَ الْمَرْأَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 تَائِبُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَقْدَمَنِيهَا سَالِمًا مُعَافًى الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا عَلَى تَيْسِيرِهِ وَحُسْنِ بَلَاغِهِ اللَّهُمَّ هَذَا حَرَمُكَ وَأَمْنُك فَحَرِّمْ لَحْمِي وَدَمِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ وَآمِنِّي مِنْ عَذَابِك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْلِيَائِك وَأَحْبَابِك وَأَهْلِ طَاعَتِك اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك وَالْبَلَدُ بَلَدُك وَالْحَرَمُ حَرَمُكَ وَالْأَمْنُ أَمْنُك جِئْت هَارِبًا عَنْ الذُّنُوبِ مُقْلِعًا وَلِفَضْلِكَ رَاجِيًا وَلِرَحْمَتِك طَالِبًا وَلِفَرَائِضِك مُؤَدِّيًا وَلِرِضَاكَ مُبْتَغِيًا وَلِعَفْوِك سَائِلًا فَلَا تَرُدُّنِي خَائِبًا وَأَدْخِلْنِي فِي رَحْمَتِك الْوَاسِعَةِ وَأَعِذْنِي مِنْ الشَّيْطَانِ وَجُنْدِهِ وَشَرِّ أَوْلِيَائِهِ وَحِزْبِهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ. (فَرْعٌ وَيُسْتَحَبُّ حِينَ يَرَى الْبَيْتَ) أَيْ الْكَعْبَةَ أَوْ يَصِلَ مَحَلَّ رُؤْيَتِهِ، وَلَمْ يَرَهُ لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ (أَنْ يَدْعُوَ بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ) أَيْ الْمَنْقُولِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ، وَهُوَ «اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا» وَالْمَنْقُولُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِإِسْنَادٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَهُوَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ (رَافِعًا يَدَيْهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ (وَ) أَنْ يَدْعُوَ (بِمَا أَحَبَّ) مِنْ الْمُهِمَّاتِ وَأَهَمُّهَا الْمَغْفِرَةُ وَأَنْ يَدْعُوَ وَاقِفًا (وَالدَّاخِلُ مِنْ الثَّنِيَّةِ) الْعُلْيَا (يَرَاهُ) أَيْ الْبَيْتَ (مِنْ) رَأْسِ (الرَّدْمِ) قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَيَقِفُ وَيَدْعُو كَمَا قُلْنَا (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الدُّعَاءِ (يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَرُوِيَ أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مِنْهُ وَخَرَجَ مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ إلَى الصَّفَا» وَفِي رِوَايَةٍ «مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ إلَى الْمَدِينَةِ» ، وَهَذَا بِخِلَافِ الدُّخُولِ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ عَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ لِتَرَدُّدِهِمْ فِي أَنَّ دُخُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا كَانَ قَصْدًا أَوْ اتِّفَاقًا؛ وَلِأَنَّ الدَّوَرَانَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ لَا يَشُقُّ بِخِلَافِهِ حَوْلَ الْبَلَدِ، وَلِأَنَّ بَابَ بَنِي شَيْبَةَ مِنْ جِهَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ إذَا خَرَجَ إلَى بَلَدِهِ لِلرَّاوِيَةِ السَّابِقَةِ وَيُسَمَّى الْيَوْمَ بَابُ الْعُمْرَةِ. (وَيَبْدَأُ) نَدْبًا عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ (قَبْلَ تَغْيِيرِ ثِيَابِهِ وَاكْتِرَاءِ مَنْزِلِهِ) وَنَحْوِهِمَا (بِطَوَافِ الْقُدُومِ) إنْ لَمْ يَعْتَمِرْ (أَوْ) بِطَوَافِ (الْعُمْرَةِ إنْ اعْتَمَرَ) رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ» وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ فَبَدَأَ بِهِ (هَذَا إنْ لَمْ تَقُمْ جَمَاعَةُ الْفَرِيضَةِ، وَلَمْ يَضِقْ وَقْتُ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ) أَوْ رَاتِبَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَدَّمَهُ عَلَى الطَّوَافِ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَفُوتُ وَالطَّوَافُ لَا يَفُوتُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّوَافِ أَيْضًا، وَلَوْ دَخَلَ، وَقَدْ مُنِعَ النَّاسُ مِنْ الطَّوَافِ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ الطَّوَافُ عَلَيْهَا فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ إتْيَانِ الْمَسْجِدِ الْبَيْتُ وَتَحِيَّتُهُ الطَّوَافُ وَلِأَنَّهَا تَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْهِ غَالِبًا وَذِكْرُ ابْتِدَاءِ طَوَافِ الْعُمْرَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ أَوَّلَ قُدُومِهِ فَلَوْ أَخَّرَهُ فَفِي فَوَاتِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ انْتَهَى. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالْجُلُوسِ كَمَا تَفُوتُ بِهِ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ نَعَمْ يَفُوتُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَيُحْتَمَلُ فَوَاتُهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ (، وَلَا طَوَافَ لِلْقُدُومِ) عَلَى الْحَاجِّ (بَعْدَ الْوُقُوفِ) ، وَلَا عَلَى الْمُعْتَمِرِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ الْمَفْرُوضَ عَلَيْهِمَا قَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ وَخُوطِبَا بِهِ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ أَدَائِهِ أَنْ يَتَطَوَّعَا بِطَوَافٍ قِيَاسًا عَلَى أَصْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا نَحْنُ فِيهِ الصَّلَاةَ حَيْثُ أُمِرَ بِالتَّحِيَّةِ قَبْلَ الْفَرْضِ فَطَوَافُ الْقُدُومِ مُخْتَصٌّ بِحَلَالٍ دَخَلَ مَكَّةَ وَبِحَاجٍّ دَخَلَهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ وَيُسَمَّى طَوَافُ الْقَادِمِ وَطَوَافُ الْوُرُودِ وَالْوَارِدِ وَطَوَافُ التَّحِيَّةِ وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَيُجْزِئُ طَوَافُ الْعُمْرَةِ عَنْ طَوَافِ الْقُدُومِ أَيْ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَى الْمُعْتَمِرِ طَوَافُ قُدُومٍ كَالْحَاجِّ الَّذِي دَخَلَ بَعْدَ الْوُقُوفِ كَمَا عُرِفَ (وَذَوَاتُ الْهَيْئَةِ) مِنْ النِّسْوَةِ لِجَمَالٍ أَوْ شَرَفٍ (يُؤَخِّرْنَهُ) أَيْ الطَّوَافَ (إلَى اللَّيْلِ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ يُسْتَحَبّ حين يَرَى الْبَيْت أَوْ يُصَلِّ مَحِلّ رُؤْيَته أَنْ يَدْعُوَا بِالدُّعَاءِ المأثور] قَوْلُهُ أَوْ يُصَلِّ مَحَلَّ رُؤْيَتِهِ، وَلَمْ يَرَهُ إلَخْ) قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ هَلْ مُرَادُهُمْ بِرُؤْيَةِ الْبَيْتِ الْمُعَايَنَةُ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَيَكُونُ عِلْمُ الْأَعْمَى وَالْأَعْشَى وَمَنْ جَاءَ فِي ظُلْمَةٍ كَرُؤْيَةِ الْبَصِيرِ نَهَارًا، وَلَا مَانِعَ وَكَذَلِكَ لَوْ اُتُّخِذَتْ أَبْنِيَةٌ مَنَعَتْ الرُّؤْيَةَ وَحَالَتْ دُونَ الْبَيْتِ لَا عِبْرَةَ بِهَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِهِ لِلِاتِّبَاعِ إلَخْ) الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ بَابَ الْكَعْبَةِ فِي جِهَةِ ذَلِكَ الْبَابِ، وَالْبُيُوتُ تُؤْتَى مِنْ أَبْوَابِهَا وَأَيْضًا فَلِأَنَّ جِهَةَ بَابِ الْكَعْبَةِ أَشْرَفُ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ فَكَانَ الدُّخُولُ مِنْ الْبَابِ الَّذِي يُشَاهِدُ بِهِ تِلْكَ الْجِهَةَ أَوْلَى وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ رَوَى أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ سَلَّامٍ فِي مُسْنَدِهِ «الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَمَنْ قَصَدَ مَلِكًا أَتَى بَابَهُ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى» . (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا تَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْهِ غَالِبًا) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَجْزَأَتْهُ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ قَالَ فِي الْعُبَابِ، وَلَا يَبْدَأُ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذْ تَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الطَّوَافُ لِنَحْوِ زِحَامٍ صَلَّى التَّحِيَّةَ وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ لِمُقِيمٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْمُقِيمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فِي أَنَّهُ يَكْثُرُ دُخُولُهُ الْمَسْجِدَ، وَلَا يَطُوفُ. (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا يَكْفِي التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ عَدَمِ فَوَاتِ التَّحِيَّةِ بِمُطْلَقِ التَّأْخِيرِ إذْ لَا يَلْزَمُ إعْطَاءُ الْمُشَبَّهِ حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ سَائِرِ أَوْجُهِهِ (قَوْلُهُ، وَلَا طَوَافَ لِلْقُدُومِ بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَلَا عَلَى الْمُعْتَمِرِ) نَعَمْ يَحْصُلُ لَهُمَا ثَوَابُهُ بِطَوَافِ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُثِيبَ مُصَلِّي الْفَرِيضَةِ عَلَى التَّحِيَّةِ مَعَ إمْكَانِ فِعْلِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ شَغْلِ الْبُقْعَةِ بِالْعِبَادَةِ فَبِالْأَوْلَى هَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ الْمَفْرُوضَ عَلَيْهِمَا إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْحَاجَّ لَوْ دَخَلَ مَكَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ طَوَافِ الْفَرْضِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَلِحَاجٍّ دَخَلَهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ) شَمَلَ الْمُفْرِدَ وَالْقَارِنَ (قَوْلُهُ وَذَوَاتُ الْهَيْئَةِ يُؤَخِّرْنَهُ إلَى اللَّيْلِ) قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا أَمِنَتْ الْحَيْضَ الَّذِي يَطُولُ زَمَنُهُ، وَهُوَ حَسَنٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُنَّ وَأَسْلَمُ لَهُنَّ وَلِغَيْرِهِنَّ مِنْ الْفِتْنَةِ وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى. (وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ أَوْ مَكَّةَ) أَيْ لِمَنْ قَصَدَ دُخُولَ أَحَدِهِمَا لَا لِنُسُكٍ (أَنْ يُحْرِمَ بِنُسُكٍ) مِنْ حَجَّ أَوْ عُمْرَةٍ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِدَاخِلِهِ سَوَاءٌ أَتَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَحَطَّابٍ وَصَيَّادٍ أَمْ لَا كَرَسُولٍ وَتَاجِرٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ، وَذِكْرُ اسْتِحْبَابِهِ لِمَنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ. (فَصْلٌ وَوَاجِبَاتُ الطَّوَافِ) بِأَنْوَاعِهِ (خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ الطَّهَارَتَانِ) طَهَارَتَا الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ وَمَطَافِهِ (وَالسِّتْرُ) لِلْعَوْرَةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ لَمَّا حَاضَتْ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَغْتَسِلِي» (فَلَوْ أَحْدَثَ أَوْ تَنَجَّسَ) بَدَنُهُ أَوْ ثَوْبُهُ أَوْ مَطَافُهُ بِنَجَسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ (أَوْ عَرِيَ) مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّتْرِ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ (تَطَهَّرَ وَسَتَرَ) عَوْرَتَهُ وَبَنَى عَلَى طَوَافِهِ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ إذْ يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا كَكَثِيرِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ سَوَاءٌ أَطَالَ الْفَصْلُ أَمْ قَصُرَ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ فِيهِ كَالْوُضُوءِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ) الطَّوَافَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِئْنَافَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَلَبَةُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَطَافِ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى، وَقَدْ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا الْعَفْوَ عَنْهَا قَالَ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا يُشَقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي دَمِ الْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ وَالْبَقِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا مَرَّ وَكَمَا فِي كَثْرَةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ، وَكَمَا فِي طِينِ الشَّارِعِ الْمُتَيَقَّنِ نَجَاسَتَهُ. اهـ. أَمَّا الْعَارِي الْعَاجِزُ عَنْ عَنْ السَّتْرِ فَيَطُوفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْقِيَاسُ مَنْعُ الْمُتَيَمِّمِ وَالْمُتَنَجِّسِ عَنْ الْمَاءِ مِنْ طَوَافِ الرُّكْنِ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَتْ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَالطَّوَافِ لَا آخَرَ لِوَقْتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ إذَا صَلَّى، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى التَّيَمُّمِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ الْوَاجِبَةِ. (الثَّانِي التَّرْتِيبُ، وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (فَلَا) وَفِي نُسْخَةٍ، وَلَا (يَعْتَدُّ بِمَا بَدَأَ بِهِ قَبْلَهُ) وَلَوْ سَهْوًا فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ (وَأَنْ يُحَاذِ بِهِ أَوْ بَعْضَهُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ) بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ فَلَوْ لَمْ يُحَاذِهِ أَوْ بَعْضَهُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ بِأَنْ جَاوَزَهُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ إلَى جِهَةِ الْبَابِ لَمْ تُحْسَبْ طَوْفَتُهُ وَالْمُرَادُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ جَمِيعُ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ وَاكْتُفِيَ بِمُحَاذَاتِهِ بَعْضِ الْحَجَرِ كَمَا يُكْتَفَى بِتَوَجُّهِهِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ بَعْضَ الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَصِفَةُ الْمُحَاذَاةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْبَيْتَ وَيَقِفَ بِجَانِبِ الْحَجَرِ الَّذِي إلَى جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِحَيْثُ يَصِيرُ جَمِيعُ الْحَجَرِ عَنْ يَمِينِهِ، وَمَنْكِبُهُ الْأَيْمَنُ عِنْدَ طَرَفِهِ، ثُمَّ يَنْوِي الطَّوَافَ، ثُمَّ يَمْشِي مُسْتَقْبِلًا الْحَجَرَ مَارًّا إلَى جِهَةِ يَمِينِهِ حَتَّى يُجَاوِزَهُ فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ وَجَعَلَ يَسَارَهُ إلَى الْبَيْتِ، وَلَوْ فَعَلَ هَذَا مِنْ الْأَوَّلِ، وَتَرَكَ اسْتِقْبَالَ الْحَجَرِ جَازَ لَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ يَجُوزُ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ إلَّا مَا ذَكَرْنَا مِنْ مُرُورِهِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فِي الطَّوْفَةِ الْأُولَى لَا غَيْرُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُوَ غَيْرُ الِاسْتِقْبَالِ الْمُسْتَحَبِّ عِنْدَ لِقَاءِ الْحَجَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ بِالطَّوَافِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لَا خِلَافَ فِيهِ وَسُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. وَإِذَا اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ لِدُعَاءٍ أَوْ زَحْمَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلْيَحْتَرِزْ عَنْ الْمُرُورِ فِي الطَّوَافِ، وَلَوْ أَدْنَى جُزْءٍ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ (وَيَطُوفُ) بِالْبَيْتِ أَمَامَهُ (جَاعِلًا لَهُ عَنْ يَسَارِهِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ أَوْ مَكَّةَ أَنْ يُحْرِمَ إلَخْ) ، وَلَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَهَا وَمَعَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ» ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ لَأَمَرَهُمْ بِهِ، وَلَوْ أَمَرَهُمْ بِهِ لَأَحْرَمُوا، وَلَوْ أَحْرَمُوا لَنُقِلَ. [فَصْلٌ وَوَاجِبَاتُ الطَّوَافِ] (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الطَّهَارَتَانِ وَالسَّتْرُ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ اعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الطَّهَارَةِ وَسَتْرَ الْعَوْرَةِ أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَلَكِنْ إذَا طَافَ الْوَلِيُّ بِالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَبِالْمَجْنُونِ فَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَةِ، وَلَا يَجِبُ سَتْرُ عَوْرَةِ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فَحِينَئِذٍ هَذَا الشَّرْطُ يُسْتَثْنَى مِنْ طَوَافِ الْوَلِيِّ بِالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» ) سَمَّاهُ صَلَاةً، وَهُوَ لَا يَضَعُ الْأَسْمَاءَ اللُّغَوِيَّةَ وَإِنَّمَا يُكْسِبُهَا أَحْكَامًا شَرْعِيَّةً وَإِذَا أَثْبَتَ أَنَّهُ صَلَاةٌ لَمْ يَجُزْ بِدُونِ السَّتْرِ وَطَهَارَةِ الْحَدَثِ وَطَهَارَةِ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ الطَّوَافُ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ حَتَّى الْوُقُوفُ لِشَبَهِهِ بِالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَبَنَى عَلَى طَوَافِهِ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ فِي الْإِغْمَاءِ يَسْتَأْنِفُ وَفِي الْجُنُونِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْقِيَاسُ مَنْعُ التَّيَمُّمِ إلَخْ) ثُمَّ حَكَى عَنْ الرُّويَانِيِّ وَجْهَيْنِ فِي الْإِعَادَةِ فِيمَا لَوْ طَافَ بِالتَّيَمُّمِ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالْجَوَازِ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَبِتَقْدِيرِ جَوَازِهِ لَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِ قَضَائِهِ قُلْت قَدْ يُقَالُ يُفْعَلُ لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ فِي بَقَائِهِ مُحْرِمًا مَعَ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا تَمَكَّنَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ بِعَوْدِهِ إلَى مَكَّةَ ع قَوْلُهُ قَدْ يُقَالُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَأَنْ يُحَاذِيهِ أَوْ بَعْضَهُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُحَاذَاةَ الْوَاجِبَةَ تَتَعَلَّقُ بِالرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ لَا بِالْحَجَرِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَوْ نُحِّيَ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - عَنْ مَكَانِهِ وَجَبَتْ مُحَاذَاةُ الرُّكْنِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ صِحَّةُ طَوَافِ الرَّاكِبِ (قَوْلُهُ وَيَطُوفُ جَاعِلًا لَهُ عَلَى يَسَارِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَتَهُ تَتَنَاوَلُ بِالْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً؛ لِأَنَّ مَنْطُوقَهُ كَوْنُ الْبَيْتِ عَنْ الْيَسَارِ وَمَفْهُومُهُ مَنْعُ كَوْنِهِ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا وَعَلَى الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ فَقَدْ يَمْشِي تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَقَدْ يَمْشِي الْقَهْقَرَى فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَحْوَالٍ وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ عَلَى الْيَسَارِ أَوْ الْيَمِينِ مَعَ الْمُعْتَادِ وَالْقَهْقَرَى فَقَدْ يَكُونُ مُنْتَصِبًا، وَقَدْ يَكُونُ مُنَكِّسًا أَيْ رَأْسَهُ إلَى أَسْفَلَ وَرِجْلَاهُ إلَى فَوْقَ، وَقَدْ يَكُونُ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ وَمَكْبُوبًا عَلَى وَجْهِهِ فَحَصَلَ مِنْ أَرْبَعَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (فَإِنْ عَكَسَ) بِأَنْ جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ، وَمَشَى أَمَامَهُ (لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا لَوْ اسْتَقْبَلَهُ) أَوْ اسْتَدْبَرَهُ (وَطَافَ مُعْتَرِضًا أَوْ جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ وَمَشَى الْقَهْقَرَى) لِمُنَابَذَتِهِ لِمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ. الْوَاجِبُ (الثَّالِثُ خُرُوجُ جَمِيعِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَيْتِ) قَالَ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] وَإِنَّمَا يَكُونُ طَائِفًا بِهِ إذَا كَانَ خَارِجًا عَنْهُ، وَإِلَّا فَهُوَ طَائِفٌ فِيهِ (وَكَذَا عَنْ جَمِيعِ الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ الْمُحَوَّطِ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ بِجِدَارٍ قَصِيرٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الرُّكْنَيْنِ فَتْحَةٌ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا طَافَ خَارِجَهُ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْجَدْرِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «عَنْ الْحِجْرِ أَمِنْ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَمَا بَالُهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ قَالَ إنَّ قَوْمَك قَصَّرَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ قُلْت فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَالَ فَعَلَ ذَلِكَ قَوْمُك لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَك حَدِيثُ عَهْدٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالْأَرْضِ لَفَعَلْت» وَظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ الْحِجْرَ جَمِيعَهُ مِنْ الْبَيْتِ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي هُوَ مِنْ الْبَيْتِ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ تَتَّصِلُ بِالْبَيْتِ وَقِيلَ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَلَفْظُ الْمُخْتَصَرِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ الطَّوَافُ خَارِجَهُ لِمَا مَرَّ. (فَلَوْ كَانَ يَطُوفُ وَيَمَسُّ بِيَدِهِ الْجِدَارَ) الْكَائِنَ (فِي مُوَازَاتِهِ الشَّاذَرْوَانُ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْخَارِجُ عَنْ عَرْضِ جِدَارِ الْبَيْتِ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ تَرَكَتْهُ قُرَيْشٌ لِضِيقِ النَّفَقَةِ أَوْ يُدْخِلُ يَدَهُ بِأَعْلَى الشَّاذَرْوَانِ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ الْجِدَارَ أَوْ يَدْخُلُ مِنْ إحْدَى فَتْحَتَيْ الْحِجْرِ وَيَخْرُجُ مِنْ الْأُخْرَى أَوْ يَخْلُفُ مِنْهُ قَدْرَ الَّذِي مِنْ الْبَيْتِ وَيَقْتَحِمُ الْجِدَارَ وَيَخْرُجُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ عَلَى السَّمْتِ (لَمْ يَصِحَّ) طَوَافُهُ لِمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِمُوَازَاتِهِ مَا لَوْ مَسَّ الْجِدَارَ الَّذِي فِي جِهَةِ الْبَابِ فَلَا يَضُرُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَغَيْرِهَا عَنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَالشَّاذَرْوَانُ ظَاهِرٌ فِي جَوَانِبِ الْبَيْتِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَقَدْ أُحْدِثَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ عِنْدَهُ شَاذَرْوَانُ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَفَطَّنَ لِدَقِيقَةٍ، وَهِيَ أَنَّ مَنْ قَبَّلَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدَ فَرَأْسُهُ فِي حَالِ التَّقْبِيلِ فِي جُزْءٍ مِنْ الْبَيْتِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ قَدَمَيْهِ فِي مَحَلِّهِمَا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ التَّقْبِيلِ وَيَعْتَدِلَ قَائِمًا. الْوَاجِبُ (الرَّابِعُ كَوْنُهُ) أَيْ الطَّوَافِ (فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ وَسِعَ وَحَالَ حَائِلٌ) بَيْنَ الطَّائِفِ وَالْبَيْتِ كَالسِّقَايَةِ وَالسَّوَارِي (وَ) طَافَ (عَلَى سَطْحِهِ) أَيْ سَطْحِ الْمَسْجِدِ (الْمُنْخَفِضِ عَنْ الْبَيْتِ) كَمَا هُوَ الْيَوْمَ، نَعَمْ لَوْ زِيدَ فِيهِ حَتَّى بَلَغَ الْحِلَّ فَطَافَ فِيهِ فِي الْحِلِّ فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمُ الصِّحَّةِ بِقَوْلِهِ فِي الْمَسْجِدِ مَا لَوْ طَافَ خَارِجَهُ، وَلَوْ بِالْحَرَمِ فَلَا يَصِحُّ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَطُفْ إلَّا دَاخِلَهُ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (فَإِنْ ارْتَفَعَ) السَّطْحُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْبَيْتِ (جَازَ) الطَّوَافُ عَلَيْهِ أَيْضًا كَالصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ مَعَ ارْتِفَاعِهِ عَنْ الْبَيْتِ، وَلَوْ قَالَ وَعَلَى سَطْحِهِ، وَلَوْ مُرْتَفِعًا عَنْ الْبَيْتِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ. (فَائِدَةٌ) الْمَسْجِدُ فِي زَمَنِنَا أَوْسَعُ مِمَّا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِزِيَادَاتٍ زِيدَتْ فِيهِ فَأَوَّلُ مَنْ وَسَّعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ اشْتَرَى دُورًا فَزَادَهَا فِيهِ وَاِتَّخَذَ لِلْمَسْجِدِ جِدَارًا قَصِيرًا دُونَ الْقَامَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ اتَّخَذَ لَهُ الْجِدَارَ، ثُمَّ وَسَّعَهُ عُثْمَانُ وَاِتَّخَذَ لَهُ الْأَرْوِقَةَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ اتَّخَذَهَا، ثُمَّ وَسَّعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي خِلَافَتِهِ، ثُمَّ وَسَّعَهُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ الْمَنْصُورُ، ثُمَّ الْمَهْدِيُّ وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ بِنَاؤُهُ إلَى وَقْتِنَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا. الْوَاجِبُ (الْخَامِسُ أَنْ يَطُوفَ سَبْعًا) ، وَلَوْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا مَاشِيًا كَانَ أَوْ رَاكِبًا بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سِتَّةٍ أَوْ تَرَكَ مِنْ السَّبْعِ خُطْوَةً أَوْ أَقَلَّ لَمْ يَجُزْ لِمَا مَرَّ فِي اشْتِرَاطِ جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَرِهَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ تَسْمِيَةَ الطَّوَّافَةِ شَوْطًا وَدُورًا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى إنَّمَا سَمَّاهَا بِالطَّوَافِ لَا بِهِمَا أَيْ وَلِأَنَّ الشَّوْطَ الْهَلَاكُ، ثُمَّ قَالَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ» وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْكَرَاهَةِ   [حاشية الرملي الكبير] سِتَّةَ عَشَرَ حَالَةً وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا مَعَ الْمُعْتَادِ وَالْقَهْقَرَى فَقَدْ يَكُونُ مُنْتَصِبًا، وَقَدْ يَكُونُ مُنَكِّسًا، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشْرَ حَالَةً أَيْضًا وَمَجْمُوعُهَا اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وَيَغْلِبُ وُقُوعُهَا فِي الْمَحْمُولِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَخُصُوصًا الْأَطْفَالُ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِحُكْمِ التَّنْكِيسِ وَالِاسْتِلْقَاءِ وَكَوْنِهِ عَلَى وَجْهِهِ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ جَوَازُهَا إذَا كَانَ الْبَيْتُ عَلَى يَسَارِهِ سَوَاءٌ مَشَى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ أَوْ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ مُنَابِذٌ لِلشَّرْعِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مُنْتَصِبًا مَاشِيًا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ قَدْ صَرَّحَ بِالثَّانِي فَقَالَ: وَهُوَ تِلْقَاءُ وَجْهِهِ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ الَّذِي يَظْهَرُ صِحَّتُهُ مَعَ الْعُذْرِ فَإِنَّ الْمَرِيضَ الْمَحْمُولَ قَدْ لَا يَتَأَتَّى حَمْلُهُ إلَّا كَذَلِكَ بَلْ قَدْ لَا يَتَأَتَّى حَمْلَهُ إلَّا وَوَجْهُهُ أَوْ ظَهْرُهُ إلَى الْبَيْتِ لِتَعَذُّرِ اضْطِجَاعِهِ إلَّا كَذَلِكَ (فَائِدَةٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْحِكْمَةِ فِي أَنَّ رَبَّنَا - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - يُنَزِّلُ عَلَى بَيْتِهِ الْحَرَامِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةً وَعِشْرِينَ رَحْمَةً مِنْ ذَلِكَ لِلطَّائِفُونَ سِتُّونَ وَلِلْمُصَلِّينَ أَرْبَعُونَ وَلِلنَّاظِرِينَ عِشْرُونَ فَأَجَابَ: الطَّائِفُونَ يَجْمَعُونَ بَيْنَ ثَلَاثٍ: طَوَافٌ وَصَلَاةٌ وَنَظَرٌ فَصَارَ لَهُمْ بِذَلِكَ سِتُّونَ وَالْمُصَلُّونَ فَاتَهُمْ الطَّوَافُ فَصَارَ لَهُمْ أَرْبَعُونَ وَالنَّاظِرُونَ فَاتَهُمْ الصَّلَاةُ وَالطَّوَافُ فَصَارَ لَهُمْ عِشْرُونَ. (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا رَفْعَهُ لِتَهْوِينَ الِاسْتِلَامِ. (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمُ الصِّحَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَالصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ) وَكَالطَّوَافِ بِالْعَرْصَةِ عِنْدَ ذَهَابِ بِنَائِهَا - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - (قَوْلُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا) وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّهُ زَادَ فِيهِ الْمَأْمُونُ وَأَتْقَنَ فِي بُنْيَانِهِ بَعْدَ الْمَهْدِيِّ بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً سَنَةَ اثْنَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَى الْآنَ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَرِهَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 لِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَازَ حَمْلُهُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ كَمَا حُمِلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا» وَمَعَ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْعِشَاءِ عَتَمَةٌ مَكْرُوهٌ مِنْ غَيْرِهِ. (وَسُنَنُهُ) أَيْ الطَّوَافِ (ثَمَانٍ: الْأُولَى النِّيَّةُ) فِي طَوَافِ النُّسُكِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا فِيهِ (وَلَا) الْأَوْلَى فَلَا (تَجِبُ) ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ النُّسُكِ شَمَلَتْهُ كَمَا تَشْمَلُ الْوُقُوفَ وَغَيْرَهُ (فَيَصِحُّ طَوَافُ) مُحْرِمٍ (نَائِمٍ مُمَكِّنِ) مَقْعَدَتِهِ مِنْ مَحَلِّهَا (اكْتِفَاءً بِنِيَّةِ الْحَجِّ) أَوْ الْعُمْرَةِ (فَلَوْ صَرَفَهَا) الْأَوْجَهُ الْمُوَافِقُ لِأَصْلِهِ صَرْفُهُ أَيْ الطَّوَافِ (لِغَيْرِهِ) كَطَلَبِ غَرِيمٍ (بَطَلَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ طَائِفًا وَيُفَارِقُ فِيمَا سَيَأْتِي فِي الْوُقُوفِ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ بِرَأْسِهَا بِخِلَافِ الْوُقُوفِ (وَتَجِبُ) النِّيَّةُ (فِي) طَوَافِ (النَّفْلِ) الَّذِي لَمْ يَشْمَلْهُ نُسُكٌ (كَطَوَافِ الْوَدَاعِ) عَلَى الْأَصْلِ فِي وُجُوبِهَا فِي الْعِبَادَةِ الْمُسْتَقِلَّةِ وَهَذَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ بِالْأَوَّلِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ بِالثَّانِي، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ أَوْ لَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَجْهَ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ فَلَا يَصِحُّ دُخُولُهُ فِي نِيَّةِ الْعِبَادَةِ، وَهُوَ مُنْتَقَضٌ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ، وَكَطَوَافِ النَّفْلِ الطَّوَافُ الْمَنْذُورُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ. (فَرْعٌ وَإِنْ حَمَلَ مُحْرِمًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ مُحْرِمَيْنِ) صَغِيرَيْنِ أَوْ كَبِيرَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا صَغِيرًا وَالْآخَرَ كَبِيرًا لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (حَلَالٌ أَوْ مُحْرِمٌ قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ) أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ طَوَافِهِ وَطَافَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَحْمُولٍ (وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ) بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ كَرَاكِبِ دَابَّةٍ إذْ لَا طَوَافَ عَلَى الْحَامِلِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْحَامِلُ نَفْسَهُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْمَحْمُولِ وَقَعَ لَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (وَكَذَا لَوْ لَمْ يَطُفْ) أَيْ الْمُحْرِمُ الْحَامِلُ عَنْ نَفْسِهِ وَدَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ (إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ) لِعَدَمِ وُقُوعِهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرَ عَدَمُ صَرْفِهِ الطَّوَافَ إلَى غَرَضٍ أَخَّرَ، وَقَدْ صَرَفَهُ عَنْهُ إلَيْهِ (فَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ كِلَيْهِمَا) أَيْ نَفْسَهُ وَمَحْمُولَهُ (أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَقَعَ لِلْجَامِعِ فَقَطْ) ، وَإِنْ قَصَدَ مَحْمُولُهُ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ الطَّائِفُ، وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ حَلَالًا وَنَوَيَا وَقَعَ لِلْحَامِلِ وَسَوَاءٌ فِي الصَّغِيرِ أَحَمَلَهُ وَلِيُّهُ وَاَلَّذِي أَحْرَمَ عَنْهُ أَمْ غَيْرُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي فِي حَمْلِ غَيْرِ الْوَلِيِّ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لِأَنَّ الصَّغِيرَ إذَا طَافَ رَاكِبًا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وَلِيُّهُ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَلَوْ لَمْ يَحْمِلْهُ بِأَنْ جَعَلَهُ فِي شَيْءٍ مَوْضُوعٍ عَلَى الْأَرْضِ وَجَذَبَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِطَوَافِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِطَوَافِ الْآخَرِ لِانْفِصَالِهِ عَنْهُ وَنَظِيرِهِ مَا لَوْ كَانَ بِسَفِينَةٍ وَهُوَ يَجْذِبُهَا وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ كِلَيْهِمَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى خِلَافِهِ إلَّا أَنَّ نَصَّ الْأُمِّ فِي وُقُوعِهِ لِلْمَحْمُولِ وَنَصَّ الْإِمْلَاءِ فِي وُقُوعِهِ لَهُمَا كَذَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ فَالنَّصَّانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ، وَنَصُّ الْأُمِّ أَقْوَى عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَهُوَ هُنَا بِخُصُوصِهِ أَظْهَرُ مِنْ نَصَّيْ الْإِمْلَاءِ فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِهِ وَاعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنْ نَقَلَهُ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمْلَاءِ مِنْ وُقُوعِهِ لَهُمَا غَلَطٌ بَلْ الَّذِي فِيهِ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ عَنْ الْإِمْلَاءِ وُقُوعُهُ لِلْحَامِلِ دُونَ الْمَحْمُولِ وَرَجَّحَهُ الْأَصْحَابُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَوْ نَوَى الْحَجَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَقَعَ فَكَذَا رُكْنَهُ (فَائِدَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الْكَافِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي أَحْكَامِ الْمَحْمُولِ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ حَمَلَهُ فِي الْوُقُوفِ أَجْزَأَ فِيهِمَا يَعْنِي مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ السُّكُونُ، وَقَدْ وُجِدَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُنَا الْفِعْلُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا (وَلَوْ طَافَ) مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ (مُعْتَقِدًا أَنَّ إحْرَامَهُ عُمْرَةٌ فَبَانَ حَجًّا وَقَعَ عَنْهُ) كَمَا لَوْ طَافَ عَنْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ طَوَافٌ. (الثَّانِيَةُ) مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ (الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ الطَّوَّافَاتُ السَّبْعِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا، وَقَوْلُهُ (وَهِيَ سُنَّةٌ لَا وَاجِبَةٌ) إيضَاحٌ (فَيُكْرَهُ التَّفْرِيقُ بِلَا عُذْرٍ) فَلَا يَبْطُلُ بِهِ الطَّوَافُ، وَلَوْ فَرَّقَ كَثِيرًا قَالَ الْإِمَامُ وَالْكَثِيرُ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ تَرْكُهُ الطَّوَافَ، وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَدَّمَهُ فِي كَرَاهَةِ التَّفْرِيقِ فِي الْوُضُوءِ، وَتَقَدَّمَ ثَمَّ إنَّ الْمَعْرُوفَ عَدَمُهَا، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ وَسِيلَةٌ فَاغْتُفِرَ فِيهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى التَّفْرِيقِ فِي طَوَافِ الْفَرْقِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مَا تَفْرِيقُهُ بِعُذْرٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَلَا هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى (وَإِقَامَةُ الْمَكْتُوبَةِ) وَعُرُوضُ حَاجَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ (عُذْرٌ) فِي قَطْعِهِ (وَيُكْرَهُ قَطْعُ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ -   [حاشية الرملي الكبير] [سُنَن الطَّوَاف] قَوْلُهُ وَإِنْ حَمَلَ مُحْرِمًا صَغِيرًا إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِحَمْلِ وَاحِدٍ وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ مِثَالٌ فَلَوْ كَانَ الْحَامِلُ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ الْمَحْمُولَ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَيَنْشَأُ مِنْ ذَلِكَ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ) سَوَاءٌ أَنَوَاهُ لِلْمَحْمُولِ أَمْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ عَدَمَ صَرْفِهِ الطَّوَافَ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ أَنَّهُ مَتَى كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَنَوَى غَيْرَهُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ تَطَوُّعًا أَوْ قُدُومًا أَوْ وَدَاعًا وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ كَمَا فِي وَاجِبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ اهـ وَظَاهِرُهُ التَّنَاقُضُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَعَلَّ الشَّرْطَ فِي الصَّرْفِ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ إلَى غَيْرِ طَوَافٍ أَمَّا إذَا صَرَفَهُ إلَى طَوَافٍ آخَرَ فَلَا يَنْصَرِفُ سَوَاءٌ أَقَصَدَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ. اهـ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْحَامِلَ جَعَلَ نَفْسَهُ آلَةَ الْمَحْمُولَةِ فَانْصَرَفَ فِعْلُهُ عَنْ الطَّوَافِ، وَالْوَاقِعُ لَهُمَا طَوَافُهُمَا لَا طَوَافُهُ كَمَا فِي رَاكِبِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ النَّاوِي فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ فَإِنَّهُ أَتَى بِطَوَافٍ لَكِنَّهُ صَرَفَهُ لِطَوَافٍ آخَرَ فَلَمْ يَنْصَرِفْ كَنَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ) التَّقْيِيدُ بِالْوَلِيِّ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) قَالَ أَبُو زُرْعَةَ بَلْ هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ سُنَّةٌ لَا وَاجِبَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يُبْطِلُهَا التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى جَوَازِ الْجُلُوسِ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَلَا يُبْطِلُهَا التَّفْرِيقُ الْكَثِيرُ كَالزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ أَنَّ الْمَعْرُوفَ عَدَمُهَا) قَدْ تَقَدَّمَ ثَمَّ رَدُّهُ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ قَطْعُ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ إلَخْ) وَكَذَا السَّعْيُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 لِجِنَازَةٍ أَوْ رَاتِبَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ فَلَا يُقْطَعُ لِنَافِلَةٍ وَلَا لِفَرْضِ كِفَايَةٍ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَكَذَا حُكْمُ السَّعْيِ. (الثَّالِثَةُ الْمَشْيُ فِيهِ) وَلَوْ امْرَأَةٌ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّهُ أَشْبَهَ التَّوَاضُعَ وَالْأَدَبَ فَلَا يَرْكَبُ لِئَلَّا يُؤْذِيَ غَيْرَهُ وَيُلَوِّثَ الْمَسْجِدَ (إلَّا لِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَدِمَتْ مَرِيضَةً فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طُوفِي وَرَاءَ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةً» وَفِيهِمَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ رَاكِبًا فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ لِيَظْهَرَ فَيُسْتَفْتَى» فَلِمَنْ اُحْتِيجَ إلَى ظُهُورِهِ لِلْفَتْوَى أَنْ يَتَأَسَّى بِهِ (لَكِنْ لَوْ رَكِبَ) بِلَا عُذْرٍ (لَمْ يُكْرَهْ) لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ وَصَحَّحَهُ قَالَ الْإِمَامُ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إدْخَالِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ شَيْءٌ فَإِنْ أَمْكَنَ الِاسْتِيثَاقُ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَإِدْخَالُهَا مَكْرُوهٌ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ الرُّكُوبِ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ وَلِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِكَرَاهَتِهِ فِي شَرْحِ مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي الْفَصْلِ الْمَعْقُودِ لِأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ أَنَّ إدْخَالَ الصِّبْيَانِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنْ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ لَهُ، وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ. انْتَهَى وَيُرَدُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّيْخَيْنِ نَقَلَا عَدَمَ الْكَرَاهَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مَعَ ذَلِكَ الْكَرَاهَةَ عَنْ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَالَ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُهَا وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ، وَبِأَنَّ إدْخَالَ الْبَهِيمَةِ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِحَاجَةِ إقَامَةِ السُّنَّةِ كَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِهَذَا لَا يُكْرَهُ إدْخَالُ الصَّبِيَّانِ الْمُحْرِمِينَ الْمَسْجِدَ لِيَطُوفُوا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَحُكْمُ طَوَافِ الْمَحْمُولِ عَلَى أَكْتَافِ الرِّجَالِ كَالرَّاكِبِ فِيمَا ذَكَرَ وَإِذَا كَانَ مَعْذُورًا فَطَوَافُهُ مَحْمُولًا أَوْلَى مِنْهُ رَاكِبًا صِيَانَةً لِلْمَسْجِدِ مِنْ الدَّابَّةِ وَرُكُوبُ الْإِبِلِ أَيْسَرُ حَالًا مِنْ رُكُوبِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ لَوْ طَافَ زَحْفًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَشْيِ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ حَافِيًا فِي طَوَافِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ قَالَ فِي الْإِمْلَاءِ وَأُحِبُّ لَوْ كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَافِيًا أَنْ يُقَصِّرَ فِي الْمَشْيِ لِتَكْثُرَ خُطَاهُ رَجَاءَ كَثْرَةِ الْأَجْرِ لَهُ. (الرَّابِعَةُ أَنْ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ) الْأَسْوَدَ (بِيَدِهِ) أَوَّلَ طَوَافِهِ (ثُمَّ يُقَبِّلُهُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُقَبِّلُهُ (وَيَضَعُ) بَعْدَ ذَلِكَ (جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ الشَّيْخَانِ وَفِي الثَّالِثِ الْبَيْهَقِيُّ (وَلِلزَّحْمَةِ) الْمَانِعَةِ مِنْ تَقْبِيلِهِ وَالسُّجُودِ عَلَيْهِ (يَسْتَلِمُ) بِيَدِهِ (وَإِنْ عَجَزَ) عَنْ اسْتِلَامِهِ بِهَا (فَبِعُودٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَيَدِهِ يَسْتَلِمُ (ثُمَّ يُقَبِّلُهُ) أَيْ مَا اسْتَلَمَ بِهِ فِيهِمَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اسْتَلَمَهُ، ثُمَّ قَبَّلَ يَدَهُ، وَقَالَ مَا تَرَكْته مُنْذُ رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهُ مَعَ أَخْبَارٍ أُخَرَ أَنَّهُ يُقَبِّلُ يَدَهُ بَعْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِهَا مَعَ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ بِهِ وَصَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَنَاسِكِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ لَكِنْ خَصَّهُ الشَّيْخَانِ وَمُخْتَصَرُ كَلَامِهِمَا يَتَعَذَّرُ تَقْبِيلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ اسْتِلَامِهِ (أَشَارَ) إلَيْهِ (بِالْيَدِ) . قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَوْ بِشَيْءٍ فِيهَا، ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ عَلَى بَعِيرٍ كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ» (لَا بِالْفَمِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِلَامَ وَالْإِشَارَةَ إنَّمَا يَكُونَانِ بِالْيَدِ الْيُمْنَى فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْيُسْرَى عَلَى الْأَقْرَبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (ثُمَّ لَا يُقَبِّلُ) ، وَلَا يَتَسَلَّمُ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْحَجَرِ لِذَلِكَ وَلِخُلُوِّهِ عَنْ الْحَجَرِ (نَعَمْ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ أَكْثَرُ مِنْ تَشْدِيدِهَا نِسْبَةً إلَى الْيَمَنِ وَالْأَلِفُ بَدَلٌ مِنْ إحْدَى يَاءَيْ النَّسَبِ عَلَى الْأَوَّلِ وَزَائِدَةٌ عَلَى الثَّانِي (وَحْدَهُ) أَيْ لَا الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ وَسَائِرِ مَا عَدَا مَا مَرَّ (وَيُقَبِّلُ يَدَهُ) بَعْدَ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ بِهَا قِيَاسًا عَلَى تَقْبِيلِهَا بَعْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِهَا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الرُّكْنِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ أَشَارَ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الصَّيْفِ الْيَمَنِيِّ قِيَاسًا عَلَى الْأَسْوَدِ، وَدَلِيلُ اسْتِلَامِهِ دُونَ الشَّامِيَّيْنِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَالْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي كُلِّ طَوَافِهِ، وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ الَّذِينَ يَلِيَانِ الْحَجَرَ، وَأَنَّهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» كَالرُّكْنِ الْأَسْوَدِ أَيْضًا بِخِلَافِهِمَا فَلِلْأَسْوَدِ فَضِيلَتَانِ كَوْنُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِيهِ كَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ وَلِلْيَمَانِيِ الثَّانِيَةُ. وَلَيْسَ لِلشَّامِيَّيْنِ شَيْءٌ مِنْهُمَا فَلَا يُسَنُّ فِيهِمَا شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلَوْ قَبَّلَهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ الْبَيْتِ أَوْ اسْتَلَمَ ذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ، وَلَا هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى، بَلْ هُوَ حَسَنٌ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَأَيُّ الْبَيْتِ قَبَّلَ فَحَسَنٌ غَيْرَ أَنَّا نَأْمُرُ بِالِاتِّبَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا النَّصُّ غَرِيبٌ مُشْكِلٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَلَا لِفَرْضِ كِفَايَةٍ) ، وَهَذَا يَقْدَحُ فِي الْقَوْلِ بِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ فَرْضِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ أَنَّ إدْخَالَ الصِّبْيَانِ إلَخْ) وَالْمَجَانِينِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ) فَاقْتَضَى كَلَامُهُمَا تَحْرِيمَ الطَّوَافِ عَلَى الدَّابَّةِ عِنْدَ غَلَبَةِ التَّنْجِيسِ وَكَرَاهَتَهُ عِنْدَ عَدَمِهَا فَإِنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِ الْبَهِيمَةِ أَنْ تَكُونَ كَالصِّبْيَانِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا تَحْرِيمَ الطَّوَافِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ يُقَبِّلُهُ) يُسْتَحَبُّ تَخْفِيفُ الْقُبْلَةِ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ التَّقْبِيلُ وَالسُّجُودُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ يَسْتَلِمُ بِيَدِهِ) أَيْ الْيُمْنَى فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْيُسْرَى عَلَى الْأَقْرَبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْغَزِّيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ فِي الْأُمِّ وَأُحِبُّ أَنْ يَسْتَلِمَ الرَّجُلُ إذَا لَمْ يُؤْذِ، وَلَمْ يُؤْذَ بِالزِّحَامِ وَيَدَعَ إذَا آذَى أَوْ أُوذِيَ بِالزِّحَامِ (قَوْلُهُ أَشَارَ إلَيْهِ بِالْيَدِ) أَيْ الْيُمْنَى (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ أَشَارَ إلَيْهِ إلَخْ) ثُمَّ يَقْبَلُ مَا أَشَارَ بِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 (وَهَكَذَا) يَفْعَلُ مَا ذُكِرَ (كُلَّ مَرَّةٍ) مِنْ الْمَرَّاتِ السَّبْعِ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ مَعَ قِيَاسِ مَا لَيْسَ فِيهِ عَلَيْهِ وَمَا عَبَّرَ لَهُ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ لِإِيهَامِهَا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ السُّجُودُ عَلَى الْحَجَرِ إلَّا فِي الطَّوْفَةِ الْأُولَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَ) فَعَلَ ذَلِكَ (فِي الْأَوْتَارِ) إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ كُلَّ مَرَّةٍ (آكَدُ) مِنْهُ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِلَامُهُ وَتَقْبِيلُهُ وَالسُّجُودُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا وَأَنْ يُخَفِّفَ الْقُبْلَةَ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ، (وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ فِيهِ اسْتِلَامٌ، وَلَا تَقْبِيلٌ) ، وَلَا سُجُودٌ (إلَّا عِنْدَ خُلُوِّ الْمَطَافِ) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لِضَرَرِهِنَّ وَضَرَرِ الرِّجَالِ بِهِنَّ وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى وَجَمِيعُ مَا تَقَرَّرَ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي هَذَا الْبَابِ يَأْتِي لِمَوْضِعِهِ لَوْ قُلِعَ مِنْهُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ. (الْخَامِسَةُ الدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ) أَيْ الْمَنْقُولُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ قَالَ الْأَصْحَابُ فَيَقُولُ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ وَالْأُولَى آكَدُ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُبَالَةَ الْبَابِ: اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُك وَالْحَرَمُ حَرَمُك وَالْأَمْنُ أَمْنُك، وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى الرُّكْنِ الْعِرَاقِيِّ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ وَالشِّقَاقِ وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى تَحْتِ الْمِيزَانِ اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي فِي ظِلِّك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّك وَاسْقِنِي بِكَأْسِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرَابًا هَنِيئًا لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَبَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِيِّ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَعَمَلًا مَقْبُولًا وَتِجَارَةً لَنْ تَبُورَ أَيْ، وَاجْعَلْ ذَنْبِي ذَنْبًا مَغْفُورًا وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِيَ وَالْمُنَاسِبُ لِلْمُعْتَمِرِ أَنْ يَقُولَ عُمْرَةً مَبْرُورَةً، وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُ التَّعْبِيرِ بِالْحَجِّ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ وَيَقْصِدُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ. وَهُوَ الْقَصْدُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي الدُّعَاءِ الْآتِي فِي الرَّمَلِ مَحَلُّ الدُّعَاءِ بِهَذَا إذَا كَانَ الطَّوَافُ فِي ضِمْنِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَبَيْنَ الْيَمَانِيَّيْنِ: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ مِنْ الْخَيْرِ فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ فَهُوَ سُنَّةٌ، مَأْثُورًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَأْثُورُ أَفْضَلَ (وَهُوَ) أَيْ الدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ (لَا غَيْرُهُ أَفْضَلُ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ (مِنْ الْقِرَاءَةِ) لِلِاتِّبَاعِ أَمَّا غَيْرُ الْمَأْثُورِ فَالْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ذِكْرٍ، وَالْقُرْآنُ أَفْضَلُهُ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ شَبَّهَ الطَّوَافَ بِالصَّلَاةِ، وَالْقِرَاءَةُ أَخَصُّ بِهَا وَلِخَبَرِ «يَقُولُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ وَفَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَحَبُّ الْكَلَامِ إلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ اللَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهَا بَدَأْتَ» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحَبُّهُ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ، أَوْ لِأَنَّ مُفْرَدَاتُهَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْمَأْثُورِ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ: اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ وَاخْلُفْ عَلَى كُلِّ غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ» . وَمَا رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَالذُّلِّ وَمَوَاقِفِ الْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِسْرَارُ بِالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلْخُشُوعِ. (السَّادِسَةُ الرَّمَلُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ (لِلذِّكْرِ) ، وَلَوْ صَبِيًّا بِخِلَافِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى حَذَرًا مِنْ تَكَشُّفِهِمَا (وَيُسَمَّى) الرَّمَلُ (الْخَبَبُ، وَهُوَ خُطًا مُتَقَارِبَةٌ بِسُرْعَةٍ لَا عَدْوَ) فِيهِ (وَ) لَا (وَثْبَ) وَيَكُونُ (فِي) الْأَطْوَافِ (الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) مُسْتَوْعِبًا بِهِ الْبَيْتَ وَعَطَفَ عَلَى الرَّمَلِ قَوْلُهُ (وَالْمَشْيُ) أَيْ عَلَى الْهِينَةِ (فِي الْأَرْبَعَةِ) الْبَاقِيَةِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ خَبَّ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْهُ قَالَ «رَمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعَةً» . لَكِنَّهُ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ، وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ الْحُمَّى حُمَّى يَثْرِبَ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ وَهَنَتْهُمْ الْحُمَّى فَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَيَمْشُوا أَرْبَعًا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ) كَذَا ذَكَرَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ يُشِيرُ بِهَذَا إلَى نَفْسِهِ أَيْ هَذَا مَقَامُ الْمُلْتَجِئِ الْمُسْتَعِيذِ بِك مِنْ النَّارِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا أَحْسَنُ وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَنَاسِكِهِ مَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ عَنْ بَعْضِ مُصَنِّفِي الْمَنَاسِكِ ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى) ، وَلَوْ لَيْلًا فِي خَلْوَةٍ (قَوْلُهُ وَيُسَمَّى الرَّمَلُ الْخَبَبُ) وَمَنْ قَالَ إنَّهُ دُونَ الْخَبَبِ فَقَدْ غَلِطَ (قَوْلُهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ إلَخْ) فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى مَا قَالُوهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ» وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَصْحَابُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ كَانَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ سَنَةَ سَبْعٍ وَالْأَوَّلُ فِي حِجَّةَ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ فَكَانَ الْعَمَلُ بِهِ أَوْلَى لِتَأَخُّرِهِ وَإِنَّمَا شُرِعَ الرَّمَلُ مَعَ زَوَالِ سَبَبِهِ، وَهُوَ إظْهَارُ الْقُوَّةِ لِلْكُفَّارِ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهُ يَسْتَحْضِرُ بِهِ سَبَبَ ذَلِكَ، وَهُوَ ظُهُورُ أَمْرِهِمْ فَيَتَذَكَّرُ نِعْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْإِسْرَاعِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ كَمَا مَرَّ. وَآكَدُهُ فِي رَمَلِهِ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ عِنْدَ مُحَاذَاةِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا، وَفِي مَشْيِهِ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزَ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (وَإِنَّمَا يُسَنُّ) الرَّمَلُ (فِي طَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْيٌ) مَطْلُوبٌ (فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا) لِلِاتِّبَاعِ وَلِانْتِهَائِهِ فِيهِ إلَى تَوَاصُلِ الْحَرَكَاتِ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ فَإِنْ رَمَلَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَسَعَى بَعْدَهُ لَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ بَعْدَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَلَا رَمَلَ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ لِذَلِكَ (وَالرَّمَلُ لَا يُقْضَى) فَلَوْ تَرَكَهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ لَا يَقْضِيهِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّ هَيْئَتَهَا الْهِينَةُ فَلَا تُغَيَّرَ كَالْجَهْرِ لَا يُقْضَى فِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ لَوْ تَرَكَهُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَاَلَّذِي سَعَى بَعْدَهُ لَا يَقْضِيهِ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ إذْ السَّعْيُ بَعْدَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ. (فَرْعٌ الْقُرْبُ مِنْ الْبَيْتِ مُسْتَحَبٌّ) لِلطَّائِفِ تَبَرُّكًا بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَلِأَنَّهُ أَيْسَرُ فِي الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ نَعَمْ إنْ تَأَذَّى بِالزِّحَامِ أَوْ آذَى غَيْرَهُ فَالْبُعْدُ أُولَى قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ أَوْ أَخِرِهِ فَأُحِبُّ لَهُ الِاسْتِلَامَ، وَلَوْ بِالزِّحَامِ. انْتَهَى، وَقَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالْأَخِيرِ التَّأَذِّي وَالْإِيذَاءُ بِالزِّحَامِ، وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ غَلَطٌ قَبِيحٌ وَحَاصِلُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ يَتَوَقَّى التَّأَذِّي وَالْإِيذَاءَ بِالزِّحَامِ مُطْلَقًا وَيَتَوَقَّى الزِّحَامَ الْخَالِي عَنْهُمَا إلَّا فِي الِابْتِدَاءِ وَالْأَخِيرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِي مَعَ الْقُرْبِ الِاحْتِيَاطَ فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالِاحْتِيَاطُ الْإِبْعَادُ عَنْ الْبَيْتِ بِقَدْرِ ذِرَاعٍ وَالْكَرْمَانِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ بِقَدْرِ ثَلَاثِ خُطُوَاتٍ لِيَأْمَنَ الطَّوَافَ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ هَذَا كُلُّهُ لِلذَّكَرِ، أَمَّا الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْرَبَا فِي حَالِ طَوَافِ الذُّكُورِ بَلْ يَكُونَانِ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ بِحَيْثُ لَا يُخَالِطَانِ الذُّكُورَ (فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْقُرْبِ (الرَّمَلُ) لِزَحْمَةٍ، وَلَمْ يَرْجُ فُرْجَةً (تَبَاعَدَ) وَرَمَلَ؛ لِأَنَّ الرَّمَلَ شِعَارٌ مُسْتَقِلٌّ وَلِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ، وَالْقُرْبُ مُتَعَلِّقٌ بِمَكَانِهَا وَالْمُتَعَلِّقُ بِنَفْسِهَا أَوْلَى بِدَلِيلِ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ أَوْلَى مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الْبُعْدُ الْمُوجِبُ لِلطَّوَافِ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ، وَالْمَقَامُ مَكْرُوهٌ، وَتَرْكُ الرَّمَلِ أَوْلَى مِنْ ارْتِكَابِهِ هَذَا (إنْ لَمْ يَخْشَ مُلَامَسَةَ النِّسَاءِ) مَعَ التَّبَاعُدِ (فَإِنْ خَشِيَهَا) (تَرَكَهُ) أَيْ التَّبَاعُدَ وَالرَّمَلَ فَالْقُرْبُ حِينَئِذٍ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى تَحَرُّزًا عَنْ مُلَامَسَتِهِنَّ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِالْقُرْبِ أَيْضًا نِسَاءٌ، وَتَعَذَّرَ الرَّمَلُ فِي جَمِيعِ الْمَطَافِ لِخَوْفِ الْمُلَامَسَةِ فَتَرْكُ الرَّمَلِ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، أَمَّا إذَا رَجَا فُرْجَةً فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقِفَ لِيَرْمُلَ إنْ لَمْ يُؤْذِ بِوُقُوفِهِ أَحَدًا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَيَتَحَرَّكُ) نَدْبًا (فِي مَشْيِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّمَلِ وَالسَّعْيِ) الشَّدِيدِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ الرَّمَلُ وَالسَّعْيُ رَمَلَ وَسَعَى تَشَبُّهًا بِمَنْ يَرْمُلُ وَيَسْعَى (وَيَرْمُلُ الْحَامِلُ) بِمَحْمُولِهِ نَدْبًا (وَيُحَرِّكُ الْمَحْمُولُ دَابَّتَهُ) كَذَلِكَ لِمَا قُلْنَا. (السَّابِعَةُ الِاضْطِبَاعُ) مِنْ الضَّبُعِ بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ الْعَضُدُ (وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ وَسَطَ رِدَائِهِ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَيَكْشِفَهُ) كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ (وَ) يَجْعَلَ (طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَهُوَ لِلذَّكَرِ) لَا لِلْأُنْثَى وَالْخُنْثَى (سُنَّةٌ فِي طَوَافٍ فِيهِ رَمَلٌ وَفِي السَّعْيِ) بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (أَيْضًا) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنْ الْجِعْرَانَةِ فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ وَجَعَلُوا أَرْدَيْتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، ثُمَّ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ الْيُسْرَى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَقِيسَ بِالطَّوَافِ السَّعْيُ بِجَامِعِ قَطْعِ مَسَافَةٍ مَأْمُورٍ بِتَكْرَارِهَا سَبْعًا وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ الطَّوَافُ الَّذِي لَا رَمَلَ فِيهِ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ الْمُصَرَّحِ بِهِمَا فِي قَوْلِهِ (لَا) فِي (رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ فِيهِ اضْطِبَاعٌ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ فِيهِ وَلِكَرَاهَةِ الِاضْطِبَاعِ فِي الصَّلَاةِ فَيُزِيلُهُ عِنْدَ إرَادَتِهِمَا وَيُعِيدُهُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّعْيِ (الثَّامِنَةُ رَكْعَتَانِ عَقِبَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُسَنُّ فِي طَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْيٌ إلَخْ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنْ الْجِعْرَانَةِ فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ ثَلَاثًا وَمَشَوْا أَرْبَعًا» . (قَوْلُهُ وَحَاصِلُ نَصِّ الْأُمِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْكَرْمَانِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ) وَالزَّعْفَرَانِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 الطَّوَافُ) يَقْرَأُ فِيهِمَا سُورَتَيْ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ الشَّيْخَانِ وَفِيهَا مُسْلِمٌ وَلِمَا فِي قِرَاءَةِ السُّورَتَيْنِ مِنْ الْإِخْلَاصِ الْمُنَاسِبِ لِمَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ ثَمَّ (وَلَا تَجِبَانِ) لِخَبَرِ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» (فَتُجْزِئُ عَنْهُمَا الْفَرِيضَةُ) وَالرَّاتِبَةُ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ (وَفِعْلُهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ، ثُمَّ فِي الْحِجْرِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ تَحْتَ الْمِيزَابِ (ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ حَيْثُ شَاءَ) مِنْ الْأَمْكِنَةِ (مَتَى شَاءَ) مِنْ الْأَزْمِنَةِ، وَلَا تَفُوتَانِ إلَّا بِمَوْتِهِ وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَرَمِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ كَمَا فِي تَحْرِيرِ الْجُرْجَانِيِّ، ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِيمَا شَاءَ مِنْ غَيْرِهِ. انْتَهَى. وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ تُوَافِقُهُ قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ، ثُمَّ إنَّ الصَّلَاةَ إلَى وَجْهِ الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيَنْبَغِي مُرَاعَاةُ ذَلِكَ أَيْضًا وَالتَّرْتِيبُ الْمَذْكُورُ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ فَلَوْ صَلَّاهُمَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ أَجْزَأَهُ وَيُنْدَبُ أَنْ يَدْعُوَ عَقِبَ صَلَاتِهِ هَذِهِ هَذِهِ خَلْفَ الْمَقَامِ بِمَا أَحَبَّ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَنْ يَدْعُوَ بِمَا دَعَا بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُنَاكَ مِنْ قَوْلِهِ «اللَّهُمَّ هَذَا بَلَدُك وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَبَيْتُك الْحَرَامُ وَأَنَا عَبْدُك ابْنُ عَبْدِك ابْنِ أَمَتِك أَتَيْتُك بِذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ وَخَطَايَا جَمَّةٍ وَأَعْمَالٍ سَيِّئَةٍ، وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ فَاغْفِرْ لِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ اللَّهُمَّ إنَّك دَعَوْت عِبَادَك إلَى بَيْتِك الْحَرَامِ، وَقَدْ جِئْت طَالِبًا رَحْمَتَك مُبْتَغِيًا رِضْوَانَك وَأَنْتَ مَنَنْت عَلَيَّ بِذَلِكَ فَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ لَهُ فِي طَوَافِهِ الْأَكْلُ وَالشَّرَابُ وَكَرَاهَةُ الشُّرْبِ أَخَفُّ وَوَضْعُ الْيَدِ بِفِيهِ بِلَا حَاجَةٍ وَأَنْ يُشَبِّكَ أَصَابِعَهُ أَوْ يُفَرْقِعَهَا وَأَنْ يَطُوفَ بِمَا يَشْغَلُهُ كَالْحَقْنِ وَشِدَّةِ تَوْقِ الْأَكْلِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ طَافَتْ مُنْتَقِبَةً، وَهِيَ غَيْرُ مُحْرِمَةٍ كُرِهَ، وَلَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ فِيهِ وَتَرْكُهُ أَوْلَى إلَّا بِخَيْرٍ كَتَعْلِيمٍ وَلْيَكُنْ بِحُضُورِ قَلْبٍ وَلُزُومِ أَدَبٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ قَرَأَ فِيهِ آيَةَ سَجْدَةٍ سَجَدَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةِ " ص " فَهَلْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ الطَّوَافَ وَيَسْجُدَ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ الظَّاهِرُ لَا كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَلْ أَوْلَى. (وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَلَّاهُمَا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ إرَاقَةُ دَمٍ) لِتَأْخِيرِهِمَا إلَيْهِ عَنْ الْحَرَمِ لَمْ يُقَيِّدْ الْأَصْلُ بِصَلَاتِهَا، وَلَا بِغَيْرِ الْحَرَمِ بَلْ قَالَ إذَا أَخَّرَ يُسْتَحَبُّ لَهُ إرَاقَة دَمٍ (وَيَجْهَرُ) نَدْبًا بِالْقِرَاءَةِ (بِهِمَا) أَيْ فِيهِمَا (لَيْلًا لَا نَهَارًا) كَالْكُسُوفِ وَغَيْرِهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ شَعَائِرِ النُّسُكِ، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا ذَكَرُوهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي النَّافِلَةِ الْمَفْعُولَةِ لَيْلًا أَنْ يَتَوَسَّطَ فِيهَا بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا مَرَّ ثَمَّ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ كَاللَّيْلِ وَإِنْ كَانَ مِنْ النَّهَارِ فَيَجْهَرُ فِيهِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَيُصَلِّيهِمَا) الْأَجِيرُ (عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ) وَالْوَلِيُّ عَنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُمَيِّزَ يُصَلِّيهِمَا وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ عَلَى الصَّحِيحِ فَمَا أَطْلَقُوهُ هُنَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ مَغْصُوبًا، وَإِلَّا فَيُصَلِّيهِمَا الْمُسْتَأْجِرُ فِي بَلَدِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ ثَمَّ فِي الْحَقِيقَةِ الصَّبِيُّ لَا الْوَلِيُّ كَمَا سَيَأْتِي وَهُنَا الْأَجِيرُ لَا الْمُسْتَأْجِرُ (وَلَوْ وَالَى بَيْنَ أَسَابِيعَ) طَوَافَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (ثُمَّ) وَالَى (بَيْنَ رَكَعَاتِهَا) لِكُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ (جَازَ) بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ وَرَوَوْهُ عَنْ عَائِشَةَ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ (وَالْأَفْضَلُ خِلَافُهُ) بِأَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَ كُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ. (فَرْعٌ مَنْ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ أَوْ نَذْرٍ، وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) زَمَنُهُ وَدَخَلَ وَقْتُ مَا عَلَيْهِ (فَنَوَى غَيْرَهُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ) تَطَوُّعًا أَوْ قُدُومًا أَوْ وَدَاعًا (وَقَعَ عَنْ) طَوَافِ (الْإِفَاضَةِ أَوْ النَّذْرِ) كَمَا فِي وَاجِبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (فَصْلٌ، ثُمَّ يَعُودُ) نَدْبًا (بَعْدَ) فَرَاغِ (رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ) الْأَسْوَدَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِيَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ مَا ابْتَدَأَ بِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ حِينَئِذٍ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ، وَلَا السُّجُودِ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَعَلَّ سَبَبَهُ الْمُبَادَرَةُ لِلسَّعْيِ. انْتَهَى وَالظَّاهِرُ سَنُّ ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ تُشِيرُ إلَيْهِ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي التَّقْبِيلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي الْمُلْتَزَمَ وَالْمِيزَابَ بَعْدَ اسْتِلَامِهِ وَيَدْعُو شَاذٌّ، (ثُمَّ يَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا) نَدْبًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَتُجْزِئُ عَنْهُمَا الْفَرِيضَةُ وَالرَّاتِبَةُ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي إيضَاحِهِ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَفِعْلُهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَأَشْعَرَ كَلَامُهُمَا بِتَفْضِيلِ فِعْلِهِمَا خَلْفَ الْمَقَامِ عَلَى فِعْلِهِمَا فِي الْكَعْبَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ، وَقَدْ جَزَمَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ بِأَنَّ فِعْلَ النَّافِلَةِ فِي الْكَعْبَةِ مِنْ فِعْلِهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ إنَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَى وَجْهِهِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. اهـ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ وَعَجِيبٌ قَوْلُهُ وَأَشْعَرَ كَلَامُهُمَا بِتَفْضِيلِ فِعْلِهَا خَلْفَ الْمَقَامِ وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ أَعْجَبُ مَعَ وُرُودِ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ حَجِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَا أَحْسَبُ فِي أَفْضَلِيَّةِ فِعْلِهِمَا خَلْفَ الْمَقَامِ خِلَافًا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ إجْمَاعٌ يُتَوَارَثُ لَا شَكَّ فِيهِ بَلْ ذَهَبَ النَّوَوِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُمَا إلَّا خَلْفَ الْمَقَامِ لِلْآيَةِ وَلِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ وَرَأَيْت فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَقَالَ مَالِكٌ رَكْعَتَا الطَّوَافِ يَخْتَصُّ أَدَاؤُهُمَا بِمَا خَلْفَ الْمَقَامِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ بِالْحِجْرِ. اهـ (قَوْلُهُ وَيَجْهَرُ بِهِمَا لَيْلًا إلَخْ) لَوْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَتَأَذَّى بِالْجَهْرِ كَانَ السِّرُّ أَوْلَى. (قَوْلُهُ وَقَعَ عَنْ الْإِفَاضَةِ أَوْ النَّذْرِ) لَا عَنْ غَيْرِهِمَا مِمَّا نَوَاهُ [فَصَلِّ يَعُودُ نَدْبًا بَعْدَ فَرَاغِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ] (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ سَنُّ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي التَّقْبِيلِ) وَكَذَلِكَ فِي الذَّخَائِرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الدَّمِيرِيِّ وَعِبَارَةُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَعُودَ إلَى الْحَجَرِ فَيُقَبِّلُهُ وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ وَيَخْرُجُ مِنْ بَابِ الصَّفَا الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى ذِكْرِ الِاسْتِلَامِ اكْتِفَاءً بِمَا بَيَّنُوهُ فِي أَوَّلِ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 (فَيَرْقَى قَدْرَ قَامَةٍ) لِإِنْسَانٍ (عَلَى الصَّفَا وَيُشَاهِدُ الْبَيْتَ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ وَأَنَّهُ فَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا» وَالرُّقِيُّ هُنَا وَفِي الْمَرْوَةِ مَحَلُّهُ فِي الذَّكَرِ بِخِلَافِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فُصِّلَ فِيهِمَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَا بِخَلْوَةِ أَوْ بِحَضْرَةِ مَحَارِمَ وَأَنْ لَا يَكُونَا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي جَهْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يَبْعُدْ (وَيُكَرِّرُ) بَعْدَ اسْتِقْبَالِهِ الْبَيْتَ (الذِّكْرَ الْمَأْثُورَ ثَلَاثًا) ، وَهُوَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَانَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدُهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (وَيَدْعُو) بِمَا أَحَبَّ (بَعْدَ كُلٍّ مِنْ) الْمَرَّتَيْنِ (الْأُولَتَيْنِ، وَكَذَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُطِيلُ الدُّعَاءَ هُنَاكَ وَاسْتَحَبُّوا مِنْ دُعَائِهِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إنَّك قُلْت اُدْعُونِي اسْتَجِبْ لَكُمْ وَأَنْتَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَإِنِّي أَسْأَلُك كَمَا هَدَيْتنِي لِلْإِسْلَامِ أَنْ لَا تَنْزِعَهُ مِنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ وَلْيَكُنْ مِنْهُ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ اللَّهُمَّ اعْصِمْنَا بِدِينِك وَطَوَاعِيَتِك وَطَوَاعِيَةِ رَسُولِك وَجَنِّبْنَا حُدُودَك اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا نُحِبُّكَ وَنُحِبُّ مَلَائِكَتَك وَأَنْبِيَاءَك وَرُسُلَك وَنُحِبُّ عِبَادَك الصَّالِحِينَ اللَّهُمَّ يَسِّرْنَا لِلْيُسْرَى وَجَنِّبْنَا الْعُسْرَى وَاغْفِرْ لَنَا فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى وَاجْعَلْنَا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُتَّقِينَ. (ثُمَّ يَنْزِلُ مِنْ الصَّفَا وَيَمْشِي) عَلَى هِينَتِهِ (حَتَّى يَدْنُوَ مِنْ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ بِالْمَسْجِدِ) أَيْ بِجِدَارِهِ (قَدْرَ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَيَسْعَى الذَّكَرُ) لَا الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَلَوْ بِخَلْوَةٍ وَلَيْلٍ (جَهْدَهُ) بِأَنْ يُسْرِعَ فَوْقَ الرَّمَلَ (فَإِنْ عَجَزَ تَشَبَّهَ) بِالْمُسْرِعِ، وَهَذَا قَدَّمَهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّمَلِ وَيَسْتَمِرُّ كَذَلِكَ (حَتَّى يُحَاذِيَ) أَيْ يُقَابِلَ (الْمِيلَيْنِ) الْأَخْضَرَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ مُقَابِلُهُ بِدَارِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَدَارِ الْعَبَّاسِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ بَيْنَهُمَا لِمَا فِي خَبَرِ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ «، ثُمَّ نَزَلَ يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى إلَى الْمَرْوَةِ» (قَائِلًا) فِي سَعْيِهِ (الذِّكْرَ) الْمُنَاسِبَ لِلْأَصْلِ وَغَيْرِهِ الدُّعَاءَ (الْمَأْثُورَ) ، وَهُوَ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَالْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَالْمُنَاسِبُ أَيْضًا تَأْخِيرُ قَائِلًا إلَى آخِرِهِ عَمَّا يَأْتِي عَقِبَهُ لِئَلَّا يُوهِمَ تَقْيِيدَهُ بِالْإِسْرَاعِ (ثُمَّ يَمْشِي) عَلَى هِينَتِهِ (حَتَّى يَصْعَدَ قَامَةً فِي الْمَرْوَةِ وَيُعِيدَ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ) مُسْتَقْبِلًا الْبَيْتَ كَمَا مَرَّ فِي الصَّفَا (هَذِهِ) الْفِعْلَةُ وَهِيَ الْمُرُورُ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (مَرَّةً) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمَرْوَةُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّفَا؛ لِأَنَّهَا مُرُورُ الْحَاجِّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَالصَّفَا مُرُورُهُ ثَلَاثًا، وَالْبُدَاءَةُ بِالصَّفَا وَسِيلَةٌ إلَى اسْتِقْبَالِهَا قَالَ وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ أَرْكَانُ الْحَجِّ حَتَّى الْوُقُوفِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ أَفْضَلُهَا الْوُقُوفُ لِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَلِهَذَا لَا يَفُوتُ الْحَجُّ إلَّا بِفَوَاتِهِ، وَلَمْ يَرِدْ غُفْرَانُ الذُّنُوبِ فِي شَيْءِ مَا وَرَدَ فِي الْوُقُوفِ فَالصَّوَابُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِتَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ الطَّوَافَ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ (وَالرُّقِيُّ) عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (وَالذِّكْرُ) فِيهِمَا الدُّعَاءُ (وَالْإِسْرَاعُ) فِيمَا مَرَّ (وَعَدَمُهُ) فِي غَيْرِهِ (سُنَّةٌ) فَلَا يَضُرُّ تَرْكُهَا (وَكَذَا الْمُوَالَاةُ فِيهِ) أَيْ فِي السَّعْيِ (وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ فَيَجُوزُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومُ) وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ طَوِيلٌ (مَا لَمْ يَقِفْ) بِعَرَفَةَ فَإِنْ وَقَفَ بِهَا لَمْ يَجُزْ السَّعْيُ إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِدُخُولِ وَقْتِ طَوَافِ الْفَرْضِ فَلَمْ يَحُزْ أَنْ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافَ نَفْلٍ مَعَ إمْكَانِهِ بَعْدَ طَوَافِ فَرْضٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ لِلسَّاعِي أَنْ يَقِفَ فِي سَعْيِهِ لِحَدِيثٍ أَوْ غَيْرِهِ. (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ السَّعْيُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ) بِشَرْطِهِ السَّابِقِ (أَوْ) طَوَافِ (الْإِفَاضَةِ وَ) إذَا سَعَى، وَلَوْ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ (تُكْرَهُ إعَادَتُهُ) وَلَوْ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ نَعَمْ يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ بِعَرَفَةَ إعَادَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ أَخَّرَهُ إلَى مَا بَعْدَ) طَوَافِ (الْوَدَاعِ لَمْ يُعْتَدَّ بِوَدَاعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْتَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أَفْضَلَ الْأَرْكَانِ الطَّوَافُ ثُمَّ الْوُقُوفُ ثُمَّ السَّعْيُ ثُمَّ الْحَلْقُ أَمَّا النِّيَّةُ فَهِيَ وَسِيلَةٌ لِلْعِبَادَةِ وَإِنْ كَانَتْ رُكْنًا كَاتَبَهُ. (قَوْلُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ الْإِفَاضَةِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّعْيُ إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ الْإِفَاضَةِ وَقَالَ فِي الْقُوتِ الْمَشْهُورِ انْحِصَارُ السَّعْيِ فِيمَا بَعْدَ الطَّوَافَيْنِ (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ إعَادَتُهُ إلَخْ) قَالَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ إنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى وَنَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ ثُمَّ حَكَى فِيهِ فِي الْإِفَاضَةِ وَمِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ الْكَرَاهَةُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ نَعَمْ يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ) وَالرَّقِيقِ إذَا عَتَقَ (تَنْبِيهٌ) الْقَارِنُ يُسْتَحَبُّ لَهُ طَوَافَانِ وَسَعَيَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ شَكَّ فِي شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الطَّوَافِ الْأَوَّلِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ شُرُوطِ السَّعْيِ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ يُعِيدُهُ لَكِنْ هَلْ يَجِبُ ذَلِكَ كَمَا إذَا شَكَّ فِي رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فِي أَثْنَائِهَا أَمْ لَا كَمَا إذَا شَكَّ فِي ذَلِكَ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَوْ يُفَرِّقُ هُنَا بَيْنَ أَنْ يَطْرَأَ الشَّكُّ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ مَسْطُورٌ، وَلَمْ أَتَطَلَّبْهُ، وَالْقِيَاسُ الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ الْغَزِّيِّ إنَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْوَدَاعِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ إنَّمَا أَرَادَ الشَّيْخَانِ طَوَافَ الْوَدَاعِ الْمَشْرُوعِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَنَاسِكِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِمَا لَا كُلُّ وَدَاعٍ قَالَ شَيْخُنَا وَأَمَّا طَوَافُ النَّفْلِ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِالْحَجِّ ثُمَّ تَنَفَّلَ بِالطَّوَافِ وَأَرَادَ السَّعْيَ بَعْدَهُ فَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِعَدَمِ إجْزَائِهِ لَكِنْ جَزَمَ الطَّبَرِيُّ شَارِحُ التَّنْبِيهِ فِيهِ بِالْإِجْزَاءِ يُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَقَعَ بَعْدَ طَوَافِهِ، وَلَوْ نَقْلًا إلَّا طَوَافَ الْوَدَاعِ، وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ وَغَيْرِهِمَا أَنْ يَقَعَ بَعْدَ طَوَافٍ صَحِيحٍ إمَّا فَرْضٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 بِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَاذَا بَقِيَ السَّعْيُ لَمْ يَكُنْ الْمَأْتِيُّ بِهِ طَوَافَ وَدَاعٍ نَعَمْ إنْ بَلَغَ قَبْلَ سَعْيِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَقَالَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ قَائِلٌ اعْتَدَّ بِهِ نَدْبًا وَقَائِلٌ وُجُوبًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهِ مَنْ يُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا وَالْأَوْجَهُ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِهِ الْمُحْرِمُ لِمَا سَتَعْلَمُهُ عِنْدَ أَمْرِ الْمُتَمَتِّعِينَ بِهِ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَبْدَأَ بِالصَّفَا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَخَبَرِ «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» (فَإِنْ عَكَسَ) بِأَنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ (لَمْ يُحْسَبْ) مُرُورُهُ مِنْهَا إلَى الصَّفَا (مَرَّةً وَأَنْ يَبْدَأَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَرْوَةِ) فَلَوْ وَصَلَهَا وَتَرَكَ الْعَوْدَ فِي طَرِيقِهِ وَعَدَلَ إلَى الْمَسْجِدِ وَابْتَدَأَ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الصَّفَا أَيْضًا لَمْ يَصِحَّ (وَيُسْتَحَبُّ الْعَوْدُ) مِنْهَا إلَى الصَّفَا مَرَّةً (أُخْرَى، وَهُوَ) أَيْ السَّعْيُ (سَبْعُ مَرَّاتٍ يُلْصِقُ) بِضَمِّ الْيَاءِ (عَقِبَهُ بِمَا يَذْهَبُ عَنْهُ وَأَصَابِعَ قَدَمَيْهِ بِمَا يَذْهَبُ إلَيْهِ) مِنْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا سَيَّرَ دَابَّتَهُ حَتَّى تُلْصِقَ حَافِرَهَا بِذَلِكَ (وَلَيْسَتْ الطَّهَارَةُ وَالسَّتْرُ شَرْطًا فِيهِ) أَيْ فِي السَّعْيِ بَلْ سُنَّةٌ (وَالسَّعْيُ رَاجِلًا فِي خُلُوِّ الْمَسْعَى) عَنْ النَّاسِ (أَفْضَلُ) مِنْهُ رَاكِبًا وَغَيْرَ خَالٍ بِلَا عُذْرٍ (فَرْعٌ مَنْ شَكَّ) فِي عَدَدِ الطَّوَافِ أَوْ السَّعْيِ قَبْلَ فَرَاغِهِ (أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِاعْتِقَادِهِ لَا بِخَبَرِ غَيْرِهِ) فَلَوْ اعْتَقَدَ إتْمَامَهَا فَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ فَأَكْثَرُ بِبَقَاءِ شَيْءٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْيَانُ بِهِ (وَ) لَكِنَّ (الِاحْتِيَاطَ أَوْلَى) لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ (وَالسَّعْيُ رُكْنٌ لَا يُتَحَلَّلُ بِدُونِهِ) ، وَلَا يُجْبَرُ بِدَمٍ. [فَصَلِّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَ الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْحَجِيجِ الْحَجَّ] (فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَ الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْحَجِيجِ) الْحَجَّ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا لَمْ يَحْضُرْ أَنْ يُنَصِّبَ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ يُطِيعُونَهُ فِيمَا يَنُوبُهُمْ فَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ وَفِي التَّاسِعَةِ أَبَا بَكْرٍ وَفِي الْعَاشِرَةِ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْسِهِ حِجَّةَ الْوَدَاعِ» وَإِذَا حَضَرَ أَحَدُهُمَا خَطَبَ كَمَا قَالَ (فَيَخْطُبُ هُوَ أَوْ مَنْصُوبُهُ) بِهِمْ (يَوْمَ السَّابِعِ) وَيُسَمَّى يَوْمَ الزِّينَةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُزَيِّنُونَ فِيهِ حَوَامِلَهُمْ وَهَوَادِجَهُمْ لِلْخُرُوجِ (بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ الْجُمُعَةِ) إنْ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ (بِمَكَّةَ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ (خُطْبَةً وَاحِدَةً) وَأُفْرِدَتْ عَنْ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا التَّأْخِيرُ عَنْ الصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا التَّعْلِيمُ لَا الْوَعْظُ وَالتَّخْوِيفُ فَلَمْ تُشَارِكْ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْكُسُوفِ (يَأْمُرهُمْ فِيهَا بِالْعَدْوِ إلَى مِنًى) بِالصَّرْفِ وَعَدَمِهِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يُمْنَى فِيهِمَا مِنْ الدِّمَاءِ أَيْ يُرَاقُ، وَيَفْتَحُ الْخُطْبَةَ بِالتَّلْبِيَةِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِلَّا فَبِالتَّكْبِيرِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ (يُعَلِّمُهُمْ) فِيهَا (الْمَنَاسِكَ) «قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ خَطَبَ النَّاسَ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَنَاسِكِهِمْ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا قَالَ هَلْ مِنْ سَائِلٍ وَقَدَّمْتُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ أَنَّ خُطَبَ الْحَجِّ أَرْبَعٌ هَذِهِ وَخُطَبُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ وَيَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ، وَكُلُّهَا فُرَادَى وَبَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ فَثِنْتَانِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَعَ مَا يَأْتِي، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ بِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ الْخَبَرُ السَّابِقُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ لَكِنْ ذَكَرَ الْأَصْلُ بَعْدُ أَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ بِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ إلَى الْخُطْبَةِ الْأُخْرَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَسَاقَ نَصَّهُ فِي الْإِمْلَاءِ، وَالْحَقُّ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ إذْ الْإِطْلَاقُ بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ وَالتَّقْيِيدُ بَيَانٌ لِلْأَقَلِّ (وَيَأْمُرُ) فِيهِمَا (الْمُتَمَتِّعِينَ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَكِّيِّينَ (بِطَوَافِ الْوَدَاعِ) قَبْلَ خُرُوجِهِمْ وَبَعْدَ إحْرَامِهِمْ كَمَا اقْتَضَاهُ نَقْلُ الْمَجْمُوعِ لَهُ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُفْرِدَ الْقَارِنَ الْآفَاقِيَّيْنِ لَا يُؤْمَرَانِ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَحَلَّلَا مِنْ مَنَاسِكِهِمَا وَلَيْسَتْ مَكَّةُ مَحَلَّ إقَامَتِهَا (، ثُمَّ يُبَكِّرُ بِهِمْ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَدَّمْت أَنَّهُ يُسَمَّى أَيْضًا يَوْمَ النَّقْلَةِ فَيَخْرُجُ بِهِمْ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِحَيْثُ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ بِمِنًى (فَإِنْ كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ خَرَجَ) بِهِمْ (قَبْلَ الْفَجْرِ) نَدْبًا؛ لِأَنَّ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الزَّوَالِ إلَى حَيْثُ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حَرَامٌ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ إقَامَتُهَا بِمِنًى كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَيُصَلِّي بِهِمْ الظُّهْرَ وَسَائِرَ الْخَمْسِ) أَيْ بَاقِيهَا (بِمِنًى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (إلَّا إنْ حَدَثَ) ثَمَّ (قَرْيَةٌ) وَاسْتَوْطَنَهَا أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ (فَيُصَلُّونَ) فِيهَا (الْجُمُعَةَ) لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ إقَامَتِهَا وَإِنْ جَرُمَ الْبِنَاءُ، ثُمَّ يَجُوزُ خُرُوجُهُمْ بَعْدَ الْفَجْرِ «، وَلَمْ   [حاشية الرملي الكبير] أَوْ نَفْلٌ وَبَسَطَ فِي التَّوَسُّطِ الْكَلَامَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَاَلَّذِي تَبَيَّنَ لِي بَعْدَ التَّنْقِيبِ أَنَّ الرَّاجِحَ مَذْهَبًا أَنَّ السَّعْيَ يَصِحُّ بَعْدَ كُلِّ طَوَافٍ صَحِيحٍ سَوَاءٌ كَانَ الْقُدُومُ أَوْ غَيْرُهُ نَفْلًا أَوْ فَرْضًا بِالشَّرْعِ أَوْ بِالنَّذْرِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَبْدَأَ بِالصَّفَا) أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَالْخَامِسَةِ وَالسَّابِعَةِ وَبِالْمَرْوَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ وَالسَّادِسَةِ (قَوْلُهُ فَيَخْطُبُ هُوَ أَوْ مَنْصُوبُهُ إلَخْ) لَوْ تَوَجَّهُوا إلَى الْمَوْقِفِ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ اُسْتُحِبَّ لِإِمَامِهِمْ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا يَفْعَلُ إمَامُ مَكَّةَ وَقَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ يَجُوزُ خُرُوجُهُمْ بَعْدَ الْفَجْرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا بَقِيَ بِمَكَّةَ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا فَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُمْ مُسِيئُونَ بِتَعْطِيلِ الْجُمُعَةِ بِهَا وَقَوْلُهُ هَذَا مَحْمُولٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 يُصَلِّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجُمُعَةَ بِعَرَفَةَ» مَعَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ» (وَيَبِيتُونَ) نَدْبًا بِمِنًى لَيْلَةَ التَّاسِعِ وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ: الْمَبِيتُ بِهَا لَيْسَ بِنُسُكٍ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ (وَحِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ) وَتُشْرِقُ (عَلَى ثَبِيرَ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ جَبَلٌ كَبِيرٌ بِمُزْدَلِفَةَ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ (يَسِيرُ) بِهِمْ مُتَوَجِّهًا (إلَى عَرَفَةَ) قَائِلًا اللَّهُمَّ إلَيْك تَوَجَّهْت وَلِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَرَدْت فَاجْعَلْ ذَنْبِي مَغْفُورًا وَحَجِّي مَبْرُورًا وَارْحَمْنِي، وَلَا تُخَيِّبْنِي إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَيُنْدَبُ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ التَّلْبِيَةِ وَأَنْ يَسِيرَ بِهِمْ عَلَى طَرِيقٍ ضَبٍّ، وَيَعُودَ عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ يَعُودَ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ الَّتِي ذَهَبَ فِيهَا فَإِذَا وَصَلَ نَمِرَةَ سُنَّ أَنْ يُضْرَبَ بِهَا قُبَّةُ الْإِمَامِ، وَمَنْ كَانَ لَهُ قُبَّةٌ ضَرَبَهَا اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَيَقِفُ) أَيْ فَيُقِيمُ بِهِمْ (بِنَمِرَةَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا مَعَ فَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا مَوْضِعٌ بَيْنَ طَرَفَيْ الْحِلِّ وَعَرَفَةَ وَيَسْتَمِرُّ إلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ وَيَغْتَسِلُ لِلْوُقُوفِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَوَقْتُ الزَّوَالِ يَسِيرٌ) بِهِمْ (إلَى مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَبَعْضُهُ مِنْ عَرَفَةَ) . عِبَارَةُ الْأَصْلِ صَدْرُهُ مِنْ عَرَفَةَ وَآخِرُهُ مِنْ عَرَفَةَ وَيُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا صَخَرَاتٌ كِبَارٌ فُرِشَتْ هُنَاكَ (فَيَخْطُبُ بِهِمْ) بَعْدَ الزَّوَالِ (خُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ يُعَلِّمُهُمْ) فِي الْأُولَى (الْمَنَاسِكَ وَيَحُثُّهُمْ عَلَى) إكْثَارِ (الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ) بِالْوَقْفِ وَيَجْلِسُ بَعْدَ فَرَاغِهَا بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ (وَحِينَ يَقُومُ إلَى) الْخُطْبَةِ (الثَّانِيَةِ وَهِيَ أَخَفُّ) مِنْ الْأُولَى (يُؤَذِّنُ لِلظُّهْرِ وَيَفْرُغَانِ) أَيْ الْأَذَانُ وَالْخُطْبَةُ (مَعًا) وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ الْأَذَانَ يَمْنَعُ سَمَاعَ الْخُطْبَةِ أَوْ أَكْثَرَهَا فَيَفُوتُ مَقْصُودُهَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْخُطْبَةِ مِنْ التَّعْلِيمِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأُولَى وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَهِيَ ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ فَشُرِعَتْ مَعَ الْأَذَانِ قَصْدًا لِلْمُبَادَرَةِ بِالصَّلَاةِ (وَيَجْمَعُ بِهِمْ) بَعْدَ فَرَاغِ الْخُطْبَتَيْنِ (الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ) تَقْدِيمًا لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَيَقْصُرُونَ) ، وَالْجَمْعُ وَالْقَصْرُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْمُزْدَلِفَةِ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ فَيَخْتَصَّانِ بِسَفَرِ الْقَصْرِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ هُنَا بِقَوْلِهِ (لَا) وَفِي نُسْخَةٍ إلَّا (الْمَكِّيُّونَ وَنَحْوُهُمْ) مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ سَفَرُهُ مَسَافَةَ الْقَصْرِ (فَيَأْمُرهُمْ بِالْإِتْمَامِ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ بَعْدَ السَّلَامِ يَا أَهْلَ مَكَّةَ - وَمَنْ سَفَرُهُ قَصِيرٌ -: أَتِمُّوا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَيَأْمُرُهُمْ بِالْإِتْمَامِ وَعَدَمِ الْجَمْعِ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: وَإِذَا دَخَلَ الْحُجَّاجُ مَكَّةَ وَنَوَوْا أَنْ يُقِيمُوا بِهِمَا أَرْبَعًا لَزِمَهُمْ الْإِتْمَامُ فَإِذَا أُخْرِجُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إلَى مِنًى وَنَوَوْا الذَّهَابَ إلَى أَوْطَانِهِمْ عِنْدَ فَرَاغِ مَنَاسِكِهِمْ كَانَ لَهُمْ الْقَصْرُ مِنْ حِينِ خَرَجُوا؛ لِأَنَّهُمْ أَنْشَئُوا سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ. (فَرْعٌ، ثُمَّ) بَعْدَ جَمْعِهِمْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ (يَذْهَبُونَ إلَى الْمَوْقِفِ) وَيَجْعَلُونَ السَّيْرَ إلَيْهِ (وَأَفْضَلُهُ) لِلذِّكْرِ مَوْقِفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ (عِنْدَ الصَّخَرَاتِ) الْكِبَارِ الْمُفْتَرِشَةِ فِي أَسْفَلِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ، وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي بِوَسَطِ أَرْضِ عَرَفَةَ وَيُقَالُ لَهُ الْإِلَالُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ بِوَزْنِ هِلَالٍ وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُصُولُ إلَيْهَا لِلزَّحْمَةِ قَرُبَ مِنْهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَبَيْنَ مَوْقِفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ نَحْوُ مِيلٍ أَمَّا الْأُنْثَى فَيُنْدَبُ لَهَا الْجُلُوسُ فِي حَاشِيَةِ الْمَوْقِفِ كَمَا تَقِفُ فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ، قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقِيَاسُهُ نَدْبُ ذَلِكَ لِلْخُنْثَى وَيَكُونُ عَلَى تَرْتِيبِ الصَّلَاةِ قَالَ: ثُمَّ يَتَعَدَّى النَّظَرُ إلَى الصِّبْيَانِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمْ مَعَ الْبَالِغِينَ (وَ) أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ (بِوُضُوءٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالتَّطَهُّرِ، وَهُوَ أَعَمُّ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ (وَيَسْتَقْبِلُونَ) فِي وُقُوفِهِمْ الْقِبْلَةَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ (وَالرُّكُوبُ) فِيهِ (أَفْضَلُ) مِنْ الْمَشْيِ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى الدُّعَاءِ، وَهُوَ الْمُهِمُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. (وَيُكْثِرُونَ الذِّكْرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالدُّعَاءَ) وَالتَّلْبِيَةَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ (إلَى الْغُرُوبِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرُوِيَ «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَأَفْضَلُ مَا قُلْت أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إلَى مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَزْرَقِيِّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَإِنْ أَنْكَرَهُ الْقَاضِي عِزُّ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ وَخَطَّأَهُمَا الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ وَذَكَرَ أَنَّ ابْنَ سُرَاقَةَ سَبَقَهُمَا إلَى هَذَا الْخَطَأِ فَقَدْ قَالَ الْفَاسِيُّ فِي تَارِيخِهِ تُحْفَةِ الْكِرَامِ بِأَخْبَارِ الْبَلَدِ الْحَرَامِ فِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ جَمَاعَةَ نَظَرٌ لِمُخَالَفَةِ كَلَامِ الْأَزْرَقِيِّ، وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ كَمَا نَقَلَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ خَلِيلٍ. اهـ. وَابْنُ جَمَاعَةَ وَالْإِسْنَوِيُّ قَالَا إنَّ إبْرَاهِيمَ أَحَدُ أُمَرَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَهُوَ الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ بَابُ إبْرَاهِيمَ بِمَكَّةَ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقِيَاسُهُ نَدْبُ ذَلِكَ لِلْخُنْثَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ثُمَّ يَتَعَدَّى النَّظَرُ إلَخْ) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ تَعَدِّيَهُ إلَى الصِّبْيَانِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّا إنَّمَا أُمِرْنَا بِتَأْخِيرِ الصِّبْيَانِ فِي مَوْقِفِ الصَّلَاةِ وَتَقْدِيمِ الْبَالِغِينَ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ إلَى الِاسْتِخْلَافِ عِنْدَ خُرُوجِ الْأَمَامِ مِنْ الصَّلَاةِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَرْعِيٍّ هُنَا هَذَا كَمَا تَخْرُجُ الرِّجَالُ وَالصِّبْيَانُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّمْيِيزِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَكَذَلِكَ هُنَا بَلْ أَوْلَى نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَمْرَدُ حَسَنًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْمَرَ بِالْوُقُوفِ خَلْفَ الرَّجُلِ. اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ وَالرُّكُوبُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ إلَخْ) كَذَا قَالَاهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتُسْتَثْنَى الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَكُونَ قَاعِدَةً كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فَإِنْ كَانَتْ مَسْتُورَةً فِي هَوْدَجٍ أَوْ خَيْمَةٍ فَالْمُتَّجَهُ اسْتِحْبَابُ الْوُقُوفِ اهـ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُقُوفُ عَلَى الدَّابَّةِ بَلْ يَجْلِسُ لِيَكُونَ أَقْوَى عَلَى الدُّعَاءِ، فَقُعُودُ الْمَرْأَةِ عَلَى الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ جُلُوسِ الرَّجُلِ عَلَى الدَّابَّةِ فَكَيْفَ تُؤْمَرُ بِالْقِيَامِ، وَالْقِيَامُ يُضْعِفُهَا عَنْ الدُّعَاءِ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ رُوِيَ «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ» إلَخْ) قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ» كَاَلَّذِي نَقُولُ وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ «اللَّهُمَّ لَك صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي، وَإِلَيْك مَآبِي وَلَك تُرَاثِي اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ وَشَتَاتِ الْأَمْرِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ اللَّهُمَّ اُنْقُلْنِي مِنْ ذُلِّ الْمَعْصِيَةِ إلَى عِزِّ الطَّاعَةِ وَاكْفِنِي بِحَلَالِك عَنْ حَرَامِك وَأَغْنَنِي بِفَضْلِك عَمَّنْ سِوَاك وَنَوِّرْ قَلْبِي وَقَبْرِي وَأَعِذْنِي مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ، وَاجْمَعْ لِي الْخَيْرَ إنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى» وَيَكُونُ كُلُّ دُعَاءٍ ثَلَاثًا وَيَفْتَتِحُهُ بِالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ وَالتَّسْبِيحِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَخْتِمُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مَعَ التَّأْمِينِ وَيُكْثِرُ الْبُكَاءُ مَعَ ذَلِكَ فَهُنَاكَ تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ وَتُقَالُ الْعَثَرَاتُ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْحَشْرِ فِي عَرَفَةَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ذَلِكَ (يَرْفَعُ الْيَدَ) أَيْ يَدَيْهِ لِخَبَرِ «تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ: عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَاسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْمَوْقِفَيْنِ وَالْجَمْرَتَيْنِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ إنَّهُ مَعْلُولٌ (وَلَا يُجَاوِزُونَهَا) أَيْ الْيَدَ وَفِي نُسْخَةٍ، وَلَا يُجَاوِزْ بِهَا (الرَّأْسَ، وَلَا يُفْرِطُ فِي الْجَهْرِ) بِالدُّعَاءِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُنَّا إذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ، وَلَا غَائِبًا إنَّهُ مَعَكُمْ إنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ قَرِيبٌ» وَالْأَفْضَلُ لِلْوَاقِفِ أَنْ لَا يَسْتَظِلَّ بَلْ يَبْرُزَ لِلشَّمْسِ إلَّا لِعُذْرٍ بِأَنْ يَتَضَرَّرَ أَوْ يَنْقُصَ دُعَاؤُهُ وَاجْتِهَادُهُ فِي الْأَذْكَارِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَظَلَّ بِعَرَفَاتٍ مَعَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ ظُلِّلَ عَلَيْهِ بِثَوْبٍ، وَهُوَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ» (، وَحَيْثُ تَغْرُبُ) الشَّمْسُ (يُسْتَحَبُّ لَهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إنْ أَرَادَ الْمَصِيرَ إلَى مُزْدَلِفَةَ لِيَجْمَعَهَا فِيهَا مَعَ الْعِشَاءِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَيَدْفَعُونَ) مِنْ عَرَفَةَ مُكْثِرِينَ لِذِكْرِ اللَّهِ وَالتَّلْبِيَةِ (طَرِيقَ) أَيْ فِي طَرِيقِ (الْمَأْزِمَيْنِ) بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْمِيمِ وَبِتَرْكِهَا مَعَ كَسْرِ الزَّايِ فِيهِمَا وَهُمَا جَبَلَانِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ فَالْمُرَادُ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي بَيْنَهُمَا (بِسَكِينَةٍ) تَحَرُّزًا مِنْ الْإِيذَاءِ وَلِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «رَاكِبًا كَانَ أَوْ مَاشِيًا» (وَمِنْ وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ) فِيهَا نَدْبًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (إلَى الْمُزْدَلِفَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَدْفَعُونَ (فَيَجْمَعُ بِهِمْ) فِيهَا (الْمَغْرِبَ الْعِشَاءَ) تَأْخِيرًا لِلِاتِّبَاعِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَأَطْلَقَ كَأَصْلِهِ اسْتِحْبَابَ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَى مُزْدَلِفَةَ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِمَا إذَا لَمْ يَخْشَ فَوْتَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِلْعِشَاءِ فَإِنْ خَشِيَهُ صَلَّى بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَعَلَّ إطْلَاقَ الْأَكْثَرِينَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَفِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلُّوا قَبْلَ حَطِّ رِحَالِهِمْ، ثُمَّ يُنِيخَ كُلُّ إنْسَانٍ جَمَلَهُ وَيَعْقِلَهُ، ثُمَّ يُصَلُّونَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَاءَ مُزْدَلِفَةَ تَوَضَّأَ، ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا» (وَيُصَلِّي) كُلُّ أَحَدٍ (الرَّوَاتِبَ) الَّتِي لِلصَّلَوَاتِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْجُمَعِ (وَلَا يَتَنَفَّلُونَ) أَيْ لَا يُسَنُّ لَهُمْ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ لَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَلَا عَلَى إثْرِهِمَا لِئَلَّا يَنْقَطِعُوا عَنْ الْمَنَاسِكِ، اعْلَمْ إنَّ الْمَسَافَةَ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى وَمِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى كُلٍّ مِنْ عَرَفَةَ وَمِنًى فَرْسَخٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (فَرْعٌ مِنْ حَصَلَ فِي عَرَفَةَ بِنِيَّةِ الْوُقُوفِ أَوْ) بِنِيَّةِ (غَيْرِهِ مِنْ طَلَبِ غَرِيمٍ أَوْ ضَائِعٍ أَوْ) حَصَلَ فِيهَا (مَارًّا أَوْ جَاهِلًا) بِهَا، وَلَوْ ظَنَّهَا غَيْرَهَا (أَجْزَأَهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «وَقَفْت هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» (وَيُجْزِئُ النَّائِمَ) حُصُولُهُ فِيهِمَا وَلَوْ اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ بِالنَّوْمِ كَمَا فِي الصَّوْمِ (لَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانُ وَالْمَجْنُونُ) كَمَا فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ (فَيَقَعُ) حَجُّ الْمَجْنُونِ (نَفْلًا) كَحَجِّ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَاسْتَشْكَلَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَاتَهُ الْحَجُّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجُنُونَ لَا يُنَافِي الْوُقُوعَ نَفْلًا فَإِنَّهُ إذَا جَازَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الْمَجْنُونِ ابْتِدَاءً فَفِي الدَّوَامِ أَوْلَى أَنْ يُتِمَّ حَجَّهُ فَيَقَعُ نَفْلًا بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْهُ ابْتِدَاءً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُتِمَّ حَجَّهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَاتَهُ الْحَجُّ حَجُّهُ الْوَاجِبُ فَيَكُونُ كَالْمَجْنُونِ وَمِثْلُهَا السَّكْرَانُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِلثَّلَاثَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ صِحَّةِ وُقُوفِ السَّكْرَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَمَنَاسِكِهِ وَحَدُّ عَرَفَةَ   [حاشية الرملي الكبير] «إنَّ أَفْضَلَ الدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» سُئِلَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا ذِكْرٌ وَلَيْسَ بِدُعَاءٍ فَأَيْنَ الدُّعَاءُ فَأَنْشَدَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي ... حَيَاؤُكَ إنَّ شِيمَتَكَ الْحَيَاءُ إذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا ... كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ وَأَجَابَ غَيْرُ سُفْيَانَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِكَايَةً عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أُعْطِيهِ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ» فَلَمَّا كَانَ الذِّكْرُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ الْمَقْصُودِ مِنْ الدُّعَاءِ شَابَهَ الدُّعَاءَ فَسُمِّيَ بِهِ. (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) سُئِلْت عَنْ مُرْتَكِبِ الْكَبَائِرِ الَّذِي لَمْ يَتُبْ مِنْهَا إذَا حَجَّ هَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ وَصْفُ الْفِسْقِ وَأَثَرُهُ كَرَدِّ الشَّهَادَةِ أَوْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى تَوْبَتِهِ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ يَزُولُ عَنْهُ ذَلِكَ كَمَا يَزُولُ عَنْهُ بِتَوْبَتِهِ مِمَّا فُسِّقَ بِهِ. (قَوْلُهُ فَيَقَعُ حَجُّ الْمَجْنُونِ نَفْلًا إلَخْ) فَتُشْتَرَطُ الْإِفَاقَةُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحَلْقَ وَقِيَاسُ كَوْنِهِ نُسُكًا اشْتِرَاطُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا جَازَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الْمَجْنُونِ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَرَاوِزَةِ وَرَجَّحَهَا الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يَصِحُّ إحْرَامُ الْوَلِيِّ عَنْ الْمَجْنُونِ وَطَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ عَنْهُ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْجُمْهُورِ وَاخْتَارَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 مَا جَاوَزَ وَادِي عَرَفَةَ إلَى الْجِبَالِ الْمُقَابِلَةِ مِمَّا يَلِي بَسَاتِينَ ابْنِ عَامِرٍ وَلَيْسَ مِنْهَا وَادِي عَرَفَةَ، وَلَا نَمِرَةَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَرْعٌ وَوَقْتُهُ) أَيْ الْوُقُوفُ (مِنْ زَوَالِ) شَمْسِ (يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى) طُلُوعِ (فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ خَبَرَ «الْحَجُّ عَرَفَةَ وَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ» وَفِي رِوَايَةِ مَنْ «جَاءَ عَرَفَةَ لَيْلَةَ جَمْعٍ أَيْ لَيْلَةَ مُزْدَلِفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» وَرَوَوْا أَيْضًا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ «عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ قَالَ أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُزْدَلِفَةِ حِينَ خَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ أَيْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي جِئْت مِنْ جَبَلِ طَيِّئٍ أَكْلَلْتُ رَاحِلَتِي وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي وَاَللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ جَبَلٍ إلَّا وَقَفْت عَلَيْهِ فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَأَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ» وَالتَّفَثُ مَا يَفْعَلُهُ الْمُحْرِمُ عِنْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْ إزَالَةِ شُعْثٍ وَوَسَخٍ وَحَلْقِ شَعْرٍ وَقَلْمِ ظُفْرٍ. (، وَلَا دَمَ عَلَى مَنْ دَفَعَ) مِنْ عَرَفَةَ (قَبْلَ الْغُرُوبِ) وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ عُرْوَةَ «فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» فَلَوْ وَجَبَ الدَّمُ لَكَانَ حَجُّهُ نَاقِصًا مُحْتَاجًا إلَى الْجَبْرِ وَلِأَنَّهُ أَدْرَكَ مِنْ الْوُقُوفِ مَا أَجْزَأَهُ فَلَمْ يَجِبْ الدَّمُ كَمَا لَوْ وَقَفَ لَيْلًا (بَلْ يُسْتَحَبُّ إنْ لَمْ يَعُدْ) إلَيْهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْغُرُوبِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لِتَرْكِهِ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِنْ عَادَ فَلَا اسْتِحْبَابَ (وَيُجْزِئُهُ الْوُقُوفُ لَيْلًا) لِخَبَرِ عُرْوَةَ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ. (فَرْعٌ وَإِنْ غَلِطَ الْجَمُّ الْغَفِيرُ) ضَمَّ الْغَفِيرَ إلَى الْجَمِّ سَهْوًا، وَإِنَّمَا يُضَمُّ إلَى الْجَمَّاءِ بِالْمَدِّ فَفِي الصِّحَاحِ فِي بَابِ الْمِيمِ: الْجَمُّ الْكَثِيرُ وَفِي بَابِ الرَّاءِ يَقُولُ جَاءُوا جَمَّاءَ غَفِيرًا وَالْجَمَّاءُ الْغَفِيرُ أَيْ جَاءُوا بِجَمَاعَتِهِمْ الشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ وَكَانَتْ فِيهِمْ كَثْرَةُ الْجَمَّاءِ الْغَفِيرِ يُنْصَبُ كَمَا تُنْصَبُ الْمَصَادِرُ الَّتِي فِي مَعْنَاهُ كَجَاءُونِي جَمِيعًا وَقَاطِبَةً وَكَافَّةً وَطُرًّا وَأَدْخَلُوا فِيهِ أَلْ كَمَا أَدْخَلُوهَا فِي قَوْلِهِمْ أَوْرَدَهَا الْعِرَاكَ أَيْ عِرَاكًا فَكَانَ الْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ غَلِطَ الْجَمُّ أَوْ جَمٌّ أَيْ كَثِيرُونَ (لَا قَلِيلُونَ) عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فِي الْحَجِيجِ (فَوَقَفُوا يَوْمَ الْعَاشِرِ) بِأَنْ ظَنُّوهُ التَّاسِعَ كَأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَأَكْمَلُوا عِدَّةً ذِي الْقِعْدَةِ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْهِلَالَ أُهِلَّ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ (وَلَوْ) كَانَ وُقُوفُهُمْ (بَعْدَ التَّبَيُّنِ) أَيْ تَبَيُّنِ أَنَّهُ الْعَاشِرُ (كَمَا إذَا ثَبَتَ) أَنَّهُ الْعَاشِرُ (لَيْلًا، وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا) مِنْ الْوُقُوفِ (صَحَّ) الْوُقُوفُ لِلْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد مُرْسَلًا «يَوْمُ عَرَفَةَ الْيَوْمُ الَّذِي يُعَرِّفُ النَّاسُ فِيهِ» وَلِأَنَّهُمْ لَوْ كُلِّفُوا بِالْقَضَاءِ لَمْ يَأْمَنُوا وُقُوعَ مِثْلِهِ فِيهِ وَلِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَامَّةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَلُّوا وَلَيْسَ مِنْ الْغَلَطِ الْمُرَادُ لَهُمْ مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْحِسَابِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَإِذَا وَقَفُوا الْعَاشِرَ غَلَطًا حُسِبَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ وَعَلَيْهِ فَلَا يُقِيمُونَ بِمِنًى إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ خَاصَّةً (لَا) إنْ وَقَفُوا الْيَوْمَ (الثَّامِنَ) فَلَا يَصِحُّ وَفَارَقَ الْغَلَطُ بِالْعَاشِرَةِ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَارَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِسَابِ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ وَبِأَنَّ الْغَلَطَ بِالتَّقْدِيمِ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ لِغَلَطٍ فِي الْحِسَابِ أَوْ لِخَلَلٍ فِي الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِتَقْدِيمِ الْهِلَالِ، وَالْغَلَطُ بِالتَّأْخِيرِ قَدْ يَكُونُ بِالْغَيْمِ الْمَانِعِ مِنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، وَهُوَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، ثُمَّ إنْ عَلِمُوا قَبْلَ فَوْتِ الْوَقْتِ وَجَبَ الْوُقُوفُ فِيهِ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْهُ أَوْ بَعْدَهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَلَا) إنْ وَقَفُوا (الْحَادِيَ عَشَرَ، وَلَا إنْ غَلِطُوا فِي الْمَكَانِ) فَوَقَفُوا بِغَيْرِ عَرَفَةَ فَلَا يَصِحُّ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ (فَيَقْضُونَ لِلْفَوَاتِ) أَيْ لِأَجْلِهِ (وَمَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ) أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ (وَوَقَفَ قَبْلَهُمْ لَا مَعَهُمْ أَجْزَأَهُ) إذْ الْعِبْرَةُ فِي دُخُولِ وَقْتِ عَرَفَةَ وَخُرُوجِهِ بِاعْتِقَادِهِ، وَهَذَا كَمَنْ شَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ. (فَصْلٌ الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةُ) وَهِيَ مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ وَوَادِي مُحَسِّرٍ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الِازْدِلَافِ وَهُوَ التَّقَرُّبُ؛ لِأَنَّ الْحُجَّاجَ يُقَرِّبُونَ مِنْهَا (نُسُكٌ) لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَوَاجِبٌ عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ كَمَا سَيَأْتِي (وَيَكْفِي) فِي الْمَبِيتِ بِهَا الْحُصُولُ بِهَا (سَاعَةً) أَيْ لَحْظَةً -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ وَقْتُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَة] قَوْلُهُ «وَأَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا» إلَخْ) اللَّفْظُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» مُخَصَّصٌ بِالنَّهَارِ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ فَتَأْخِيرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوُقُوفَ إلَى بَعْدِ الزَّوَالِ دَلِيلٌ عَلَى تَعَلُّقِ الْعِبَادَةِ بِالزَّوَالِ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى الْوُقُوفِ مُرَاعَاةً لِفَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَإِنَّمَا عَلَّقَ دُخُولَ الْوَقْتِ بِالزَّوَالِ تَقْلِيلًا لِلتَّخْصِيصِ، وَلَمْ يُعَلِّقْ بِفِعْلِ الثَّلَاثَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ التَّخْصِيصِ، وَتَقْلِيلُ الْمَجَازِ أَوْلَى لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ. (قَوْلُهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ إنْ لَمْ يَعُدْ بَعْدَهُ) ، وَقَدْ وَهَمَ مَنْ نَقَلَ أَنَّ النَّوَوِيَّ صَحَّحَ فِي مَنَاسِكِهِ الْكُبْرَى وُجُوبَهُ. [فَرْعٌ غَلِطَ الْجَمُّ الْغَفِيرُ فَوَقَفُوا يَوْمَ الْعَاشِرِ بِأَنْ ظَنُّوهُ التَّاسِعَ بِعَرَفَةَ] (قَوْلُهُ فَوَقَفُوا يَوْمَ الْعَاشِرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ وَقَفُوا الْعَاشِرَ غَلَطًا وَكَانَ وُقُوفُهُمْ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعَلِمُوا الْحَالَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ اللُّبْثُ إلَى بَعْدِ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُقُوفِ أَوْ يَجُوزُ النَّفْرُ قَبْلَهُ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَالْأَقْرَبُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّهُ قَامَ فِي حَقِّهِمْ مَقَامَ عَرَفَةَ فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَنَفَرُوا لَزِمَهُمْ الْعَوْدُ لِيَكُونُوا بِهَا بَعْدَ الزَّوَالِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْبَهْجَةِ وَلِكَثِيرٍ غَلِطُوا، لَا النَّزْرُ بَيْنَ زَوَالِ نَحْرِهِمْ وَالْفَجْرِ. وَعِبَارَةُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الْعَاشِرُ، وَهُوَ لَا يَتَنَاوَلُ اللَّيْلَةَ فَذَكَرَهَا السُّبْكِيُّ بَحْثًا وَعِبَارَةُ الْحَاوِي تَنَاوَلَهَا فَهِيَ مَنْقُولَةٌ لَكِنْ صَحَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِي وُقُوفِهِمْ فِيهَا قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الدَّارِمِيُّ وَإِذَا وَقَفُوا الْعَاشِرَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ يَوْمَ الْحَادِيَ عَشَرَ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَأَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةٌ بَعْدَهُ وَثَبَتَ هَذَا الْحُكْمُ فِي حَقِّ الْوَاقِفِينَ وَمَنْ اتَّحَدَ مَطْلَعُ بَلَدِهِمْ لِبَلَدِ الْوُقُوفِ دُونَ مَنْ اخْتَلَفَ نَعَمْ يَبْقَى النَّظَرُ هَلْ الْمُرَادُ بِمَنْ اتَّحَدَ مَطْلَعُهُ مِمَّنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ أَوْ أَعَمُّ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ غَلَطًا) مَفْعُولٌ لَا حَالٌ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ غَلِطُوا فِي الْمَكَانِ) ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الْمَوْقِفِ يُؤْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْقَضَاءِ وَكَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ يَجِدُ النَّصَّ بِخِلَافِهِ لَا يَعْتَدُّ بِحُكْمِهِ. [فَصْلٌ الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ] (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ كَمَا سَيَأْتِي) كَمَنْ اشْتَغَلَ بِالْوُقُوفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ (وَوَقْتُهُ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَبَعْدَ قَطْعِ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ وَأَكْثَرِ الْخُرَاسَانِيِّينَ فَالْمُعْتَبَرُ الْحُصُولُ فِيهَا لَحْظَةً مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي لَا لِكَوْنِهِ يُسَمَّى مَبِيتًا إذْ الْأَمْرُ بِالْمَبِيتِ لَمْ يَرِدْ هُنَا بَلْ لِمَا سَيَأْتِي فِي إشْكَالِ الرَّافِعِيِّ بِخِلَافِ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْمُعْظَمِ كَذَا قَرَّرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِيهِ مُعْظَمُ اللَّيْلِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِمَكَانٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ، وَهَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَهَا حَتَّى يَمْضِيَ نَحْوُ رُبْعِ اللَّيْلِ مَعَ جَوَازِ الدَّفْعِ مِنْهَا بَعْدَ النِّصْفِ (فَمَتَى) وَفِي نُسْخَةٍ وَمَتَى لَمْ يَبِتْ فِيهَا أَوْ بَاتَ لَكِنْ (دَفَعَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ النِّصْفِ (وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ) الْأَوْلَى إلَيْهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ (لَزِمَهُ دَمٌ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ. (وَيَأْخُذُونَ مِنْهَا) نَدْبًا (حَصَى الرَّمْيِ) لِمَا رَوَى النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ جَيِّدٍ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ غَدَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ الْتَقِطْ لِي حَصًى قَالَ فَلَقَطْت لَهُ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ» وَلِأَنَّ بِهَا جَبَلًا فِي أَحْجَارِهِ رَخَاوَةٌ وَلِأَنَّ السُّنَّةَ أَنَّهُ إذَا أَتَى مِنًى لَا يُعَرِّجُ عَلَى غَيْرِ الرَّمْيِ فَسُنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَصَى مِنْ مُزْدَلِفَةَ حَتَّى لَا يَشْتَغِلَ عَنْهُ وَيَأْخُذُونَهُ (لَيْلًا) لِفَرَاغِهِمْ فِيهِ قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ نَهَارًا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ نَقْلًا وَدَلِيلًا لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ وَلِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَيَأْخُذُونَ (لِيَوْمِهِمْ) أَيْ لِرَمْيِ يَوْمِهِمْ، وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ سَبْعًا فَقَطْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَزِيدَ فَرُبَّمَا سَقَطَ مِنْهَا شَيْءٌ (وَيَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْ غَيْرِهِمْ) كَوَادِي مُحَسِّرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا يَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْهُ لِرَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. (وَيُكْرَهُ) أَخْذُهَا (مِنْ حِلٍّ) لِعُدُولِهِ عَنْ الْحَرَمِ الْمُحْتَرَمِ (وَ) مِنْ (مَسْجِدٍ) ؛ لِأَنَّهَا فُرُشُهُ فَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ جُزْءٌ مِنْهُ وَالْإِحْرَامُ (وَ) مِنْ (حَشٍّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا الْمِرْحَاضُ لِنَجَاسَتِهِ وَكَذَا مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ نَجَسٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ بَقَاءَ الْكَرَاهَةِ، وَلَوْ غُسِلَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمَوْضِعِ النَّجَسِ وَيُؤَيِّدُهُ اسْتِحْبَابُ غَسْلِ الْجِمَارِ قَبْلَ الرَّمْيِ بِهَا سَوَاءٌ أَخَذَهَا مِنْ مَوْضِعٍ نَجَسِ أَمْ لَا (وَ) مِنْ (مَرْمِيٍّ بِهِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ الْمَقْبُولَ يُرْفَعُ وَالْمَرْدُودَ يُتْرَكُ» وَلَوْلَا ذَلِكَ لَسَدَّ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ فَإِنْ رَمَى بِشَيْءٍ مِنْهَا جَازَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ قِيلَ لِمَ جَازَ الرَّمْيُ بِحَجَرٍ بِهِ دُونَ الْوُضُوءِ بِمَا تَوَضَّأَ بِهِ قُلْنَا فَرَّقَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ إتْلَافٌ لَهُ كَالْعِتْقِ فَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ مَرَّتَيْنِ كَمَا لَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ عَنْ الْكَفَّارَةِ مَرَّتَيْنِ وَالْحَجَرُ كَالثَّوْبِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّي فِيهِ صَلَوَاتٍ وَذِكْرُ الْحِلِّ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَكْسِرَ الْحَصَى بَلْ يَلْتَقِطُهُ «؛؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالْتِقَاطِهِ لَهُ وَنَهَى عَنْ كَسْرِهِ» وَلِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إلَى التَّأَذِّي (وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ النِّسَاءِ وَالضُّعَفَاءِ بَعْدَ النِّصْفِ) مِنْ اللَّيْلِ إلَى مِنًى لِيَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ زَحْمَةِ النَّاسِ وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ سَوْدَةَ أَفَاضَتْ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ بِإِذْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالدَّمِ، وَلَا النَّفَرَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا» وَفِيهِمَا «عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ» (وَيَقِفُ غَيْرُهُمْ) نَدْبًا أَيْ يَمْكُثُونَ بِمُزْدَلِفَةَ (فَيُصَلُّونَ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، ثُمَّ يَرْكَبُونَ) أَيْ يَدْفَعُونَ إلَى مِنًى لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيَتَأَكَّدُ التَّغْلِيسُ هُنَا عَلَى بَاقِي الْأَيَّامِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ أَعْمَالِ يَوْمِ النَّحْرِ (وَيَقِفُونَ) بِمُزْدَلِفَةُ فِي أَيِّ جُزْءٍ شَاءُوا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» (مُسْتَقْبِلِينَ الْقِبْلَةَ) لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ (وَالْأَفْضَلُ) وُقُوفُهُمْ (عِنْدَ قُزَحَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَبِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى، وَهُوَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ، وَهُوَ جَبَلٌ صَغِيرٌ بِآخِرِ الْمُزْدَلِفَةِ، وَهُوَ مِنْهَا قَالَا، وَقَدْ اسْتَبْدَلَ النَّاسُ الْوُقُوفَ بِهِ عَلَى بِنَاءٍ مُحْدَثٍ هُنَاكَ يَظُنُّونَهُ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ وَلَيْسَ كَمَا يَظُنُّونَهُ لَكِنْ يَحْصُلُ بِالْوُقُوفِ عِنْدَهُ أَصْلُ السُّنَّةِ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ هُوَ بِأَوْسَطِ الْمُزْدَلِفَةِ، وَقَدْ بُنِيَ عَلَيْهِ بِنَاءٌ، ثُمَّ حَكَى كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ. ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبِنَاءَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْجَبَلِ وَالْمُشَاهَدَةُ تَشْهَدُ لَهُ قَالَ، وَلَمْ أَرَ مَا ذَكَرَهُ لِغَيْرِهِ وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِالْمُرُورِ وَإِنْ لَمْ يَقِفْ فِي عَرَفَةَ نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ وَإِذَا وَقَفُوا (فَيَذْكُرُونَ) اللَّهَ تَعَالَى (وَيَدْعُونَ) فِي وُقُوفِهِمْ (إلَى الْإِسْفَارِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ كَمَا وَقَّفْتَنَا فِيهِ وَأَرَيْتنَا إيَّاهُ فَوَفِّقْنَا لِذِكْرِك كَمَا هَدَيْتنَا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتنَا   [حاشية الرملي الكبير] عَنْ الْمَبِيتِ بِهَا أَوْ اشْتَغَلَ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ فَفَاتَهُ مَبِيتُ مُزْدَلِفَةَ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَأَصْحَابِ الْأَعْذَارِ الْمَذْكُورِ فِي مَبِيتِ لَيَالِي مِنًى وَاسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ بَاتَ مَنْ شُرِطَ مَبِيتُهُ فِي مَدْرَسَةٍ خَارِجَهَا لِخَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَحْوِهِمَا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مِنْ جَامِكِيَّتِهِ شَيْءٌ، كَمَا لَا يُجْبَرُ تَرْكُ الْمَبِيتِ لِلْمَعْذُورِينَ بِدَمٍ قَالَ وَهُوَ مِنْ النَّفَائِسِ الْحُسْنَى، وَلَمْ أُسْبَقْ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ كَمَا يَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْهُ لِرَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) سَكَتَ الْجُمْهُورُ عَنْ مَوْضِعِ أَخْذِ حَصَى الْجِمَار لِرَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ تُؤْخَذُ مِنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ لَا يَأْخُذُ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلَّا مِنْ مِنًى نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ بَقَاءُ الْكَرَاهَةِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ الْأَقْرَبُ زَوَالُهَا. اهـ. وَقَدْ صَرَّحَ بِزَوَالِهَا الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَمَحْمَلُهُ إذَا لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْهُ وَإِلَّا حَرُمَ) قَدْ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْغُسْلِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِتَحْرِيمِ إخْرَاجِ الْحَصَى مِنْ الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَا يَجُوزُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ كَحَصَاةٍ وَحَجَرٍ وَتُرَابٍ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ سَبَقَ تَحْرِيمُ التَّيَمُّمِ بِتُرَابِهِ (قَوْلُهُ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ الْمَقْبُولَ يُرْفَعُ» إلَخْ) أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ النِّسَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 بِقَوْلِك، وَقَوْلُك الْحَقُّ {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198] إلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199] وَيُكْثِرُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَيَدْعُونَ بِمَا أَحَبُّوا وَيَصْعَدُونَ الْجَبَلَ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَيَقِفُونَ تَحْتَهُ وَلَوْ فَاتَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ لَمْ تُجْبَرْ بِدَمٍ كَسَائِرِ الْهَيْئَاتِ. (فَصْلٌ ثُمَّ) بَعْدَ الْإِسْفَارِ (يَدْفَعُونَ إلَى مِنًى بِسَكِينَةٍ) وَشِعَارُهُمْ التَّلْبِيَةُ وَالذِّكْرُ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ الدَّفْعِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً بَادَرَ) أَيْ أَسْرَعَ كَالدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ (وَبِبُلُوغِ وَادِي مُحَسِّرٍ) بِكَسْرِ السِّنِينَ مَوْضِعٌ فَاصِلٌ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّ فِيلَ أَصْحَابِ الْفِيلِ حُسِرَ فِيهِ أَيْ أُعْيَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَزْرَقِيُّ وَادِي مُحَسِّرٍ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَخَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا. انْتَهَى، وَالْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْبَيَانِ كَمَا فِي جَبَلِ أُحَدٍ وَشَجَرِ أَرَاك وَبِبُلُوغِهِمْ مُحَسِّرًا (يُسْرِعُونَ) وَإِنْ لَمْ يَجِدُوا فُرْجَةً مُشَاةً كَانُوا أَوْ رُكْبَانًا (قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ) حَتَّى يَقْطَعُوا عَرْضَ الْوَادِي لِلِاتِّبَاعِ فِي الرَّاكِبِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقِيَاسُهُ عَلَيْهِ فِي الْمَاشِي وَلِنُزُولِ الْعَذَابِ فِيهِ عَلَى أَصْحَابِ الْفِيلِ؛ وَلِأَنَّ النَّصَارَى كَانَتْ تَقِفُ فِيهِ فَأُمِرْنَا بِمُخَالَفَتِهِمْ وَيَقُولُ الْمَارُّ بِهِ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَيْك تَعْدُوا قَلِقًا وَضِينُهَا ... مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا وَالْوَضِينُ حَبْلٌ كَالْحِزَامِ وَبَعْدَ قَطْعِهِمْ وَادِي مُحَسِّرٍ يَسِيرُونَ بِسَكِينَةٍ. (وَيَدْخُلُونَهَا) أَيْ مِنًى (بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) وَارْتِفَاعِهَا قَدْرَ رُمْحٍ (وَيَرْمِي كُلٌّ مِنْهُمْ) حِينَئِذٍ (جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ) وَهِيَ أَسْفَلُ الْجَبَلِ مُرْتَفِعَةٌ عَنْ الْجَادَّةِ عَلَى يَمِينِ السَّائِرِ إلَى مَكَّةَ (قَبْلَ نُزُولِ الرَّكْبِ) مِنْهُمْ (بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ) (وَيُكَبِّرُ) مَكَانَ التَّلْبِيَةِ (مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَحِكْمَةُ رَمْيِ الرَّاكِبِ قَبْلَ نُزُولِهِ أَنَّ الرَّمْيَ تَحِيَّةُ مِنًى فَلَا يَبْدَأُ بِغَيْرِهِ وَكَيْفِيَّةُ التَّكْبِيرِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ (ثُمَّ) بَعْدَ الرَّمْيِ يَنْصَرِفُونَ فَيَنْزِلُونَ مَوْضِعًا بِمِنًى وَالْأَفْضَلُ مِنْهَا مَنْزِلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا قَارَبَهُ قَالَ الْأَزْرَقِيُّ وَمَنْزِلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِنًى عَنْ يَسَارِ مُصَلَّى الْإِمَامِ، ثُمَّ (يَحْلِقُونَ) أَوْ يُقَصِّرُونَ (وَ) يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ (الْمُهْدِي بَعْدَ ذَبْحِ هَدْيِهِ) بِإِسْكَانِ الدَّالِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَبِكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (ثُمَّ) بَعْدَ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ (يَدْخُلُونَ مَكَّةَ فَيَطُوفُونَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَيُسَمَّى الزِّيَارَةُ وَالرُّكْنُ) أَيْ طَوَافُ الزِّيَارَةِ وَالرُّكْنُ وَالْفَرْضُ وَالصَّدْرُ بِفَتْحِ الدَّالِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَذَكَرَ الْأَصْلُ بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ نَحْوَهُ، لَكِنَّهُ قَالَ وَقَدْ يُسَمَّى طَوَافُ الصَّدْرِ وَالْأَشْهَرُ أَنَّ طَوَافَ الصَّدَرِ طَوَافَ الْوَدَاعِ وَسُمِّيَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لِإِتْيَانِهِمْ بِهِ عَقِبَ الْإِفَاضَةِ مِنْ مِنًى وَالزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْتُونَ مِنْ مِنًى زَائِرِينَ الْبَيْتَ وَيَعُودُونَ فِي الْحَالِ وَالرُّكْنُ وَالْفَرْضُ لِتَعَيُّنِهِ وَالصَّدَرُ؛ لِأَنَّهُمْ يَصْدُرُونَ لَهُ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَطُوفُوا يَوْمَ النَّحْرِ وَأَنْ يَكُونَ ضَحْوَةً وَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ (وَيَسْعَى بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ) بِخِلَافِ مَا إذَا سَعَى لِمَا مَرَّ أَنَّهُ تُكْرَهُ إعَادَتُهُ (ثُمَّ) بَعْدَ السَّعْيِ (يَعُودُونَ) قَبْلَ صَلَاتِهِمْ الظُّهْرَ (مِنًى لِلْمَبِيتِ) بِهَا وَالرَّمْيِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ (فَيُصَلُّونَ بِهَا الظُّهْرَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَا يُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ» ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَفَاضَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَطَافَ وَصَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِنًى فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ مَرَّةً أُخْرَى إمَامًا لِأَصْحَابِهِ كَمَا صَلَّى بِهِمْ فِي بَطْنِ نَخْلٍ مَرَّتَيْنِ بِطَائِفَةٍ، وَمَرَّةً بِأُخْرَى «فَرَوَى ابْنُ عُمَرَ صَلَاتَهُ بِمِنًى وَجَابِرٌ صَلَاتَهُ بِمَكَّةَ وَالْجَمْع» بِهَذَا قَدْ يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَّرَ طَوَافَهُ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى اللَّيْلِ» فَجَوَابُهُ أَنَّ رِوَايَاتِ غَيْرِهِ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ وَأَكْثَرُ رُوَاةً وَأَنَّهُ يُتَأَوَّلُ قَوْلُهُ «أَخَّرَ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى اللَّيْلِ بِطَوَافِ نِسَائِهِ» فَإِنْ قِيلَ هَذَا التَّأْوِيلُ تَرُدُّهُ رِوَايَةُ «وَزَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ نِسَائِهِ لَيْلًا» قُلْنَا لَعَلَّهُ عَادَ لِلزِّيَارَةِ لَا لِلطَّوَافِ فَزَارَ مَعَ نِسَائِهِ، ثُمَّ عَادَ إلَى مِنًى فَبَاتَ بِهَا. [فَرْعٌ الْحَلْق رُكْن] (فَرْعُ الْحَلْقِ) أَيْ إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ الرَّأْسِ (فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ رُكْنٌ) فَهُوَ نُسُكٌ (لَا اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ) لِلدُّعَاءِ لِفَاعِلِهِ بِالرَّحْمَةِ وَلِتَفْصِلِيهِ عَلَى التَّقْصِيرِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَا تَفْصِيلَ فِي الْمُبَاحَاتِ فَيُثَابُ فَاعِلُهُ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ -   [حاشية الرملي الكبير] الْكِفَايَةِ الْأَوْلَى لِلضَّعَفَةِ أَنْ يُدْفَعُوا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 لَا يُثَابُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ (وَلَا تَحَلُّلَ) مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (دُونَهُ) كَسَائِرِ أَرْكَانِهِمَا (إلَّا لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ) فَيَتَحَلَّلُ مِنْهُمَا بِدُونِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ بَعْدَ نَبَاتِ شَعْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَفْدِي عَاجِزٌ عَنْ أَخْذِهِ لِجِرَاحَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا (بَلْ يَصْبِرُ إلَى قُدْرَتِهِ) ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ (وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ أَنْ يُمِرَّ الْمُوسَى عَلَيْهِ) تَشْبِيهًا بِالْحَالِقِينَ قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمُوسَى يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِبَعْضِ رَأْسِهِ شَعْرٌ لَا يُسْتَحَبُّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى الْبَاقِي وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ كَمَا يُسْتَحَبُّ الْحَلْقُ فِي الْجَمِيعِ يُسْتَحَبُّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ لِلْمَعْنَى الَّذِي قَالُوهُ. انْتَهَى وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْإِمْرَارُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ تَعَلَّقَ بِجُزْءِ آدَمِيٍّ فَسَقَطَ بِفَوَاتِهِ كَغَسْلِ الْيَدِ فِي الْوُضُوءِ وَأَمَّا خَبَرُ «الْمُحْرِمِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ يُمِرُّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ فَمَوْقُوفٌ» ضَعِيفٌ، وَلَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى النَّدْبِ فَإِنْ قُلْت: قِيَاسُ وُجُوبِ مَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَ فَقْدِ شَعْرِهِ الْوُجُوبُ هُنَا قُلْنَا: مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ تَعَلَّقَ ثَمَّ بِالرَّأْسِ وَهُنَا بِشَعْرِهِ؛ وَلِأَنَّ مَنْ مَسَحَ بَشَرَةَ الرَّأْسِ يُسَمَّى مَاسِحًا وَمَنْ مَرَّ بِالْمُوسَى عَلَيْهِ لَا يُسَمَّى حَالِقًا (وَأَنْ يَأْخُذَ) مَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ (مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ) لِئَلَّا يَخْلُوَ مِنْ أَخْذِ الشَّعْرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْمُتَوَلِّي سَائِرَ مَا يُزَالُ لِلْفِطْرَةِ كَالْعَانَةِ لِمَا ذَكَرَ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُقَيَّدُ بِمَا يُزَالُ لِلْفِطْرَةِ، الْوَاوُ فِي وَشَارِبِهِ بِمَعْنَى أَوْ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى (وَلَا أَثَرَ لِمَا نَبَتَ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَلْقِ فَلَا يُؤْمَرُ بِحَلْقِهِ لِعَدَمِ اشْتِمَالِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ. (وَيُجْزِئُ التَّقْصِيرُ) عَنْ الْحَلْقِ (وَإِنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ) وَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِ التَّلْبِيدِ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا الْعَازِمُ عَلَى الْحَلْقِ غَالِبًا بِخِلَافِ نَذْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي الْوَاجِبُ الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَقَ هُوَ وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ) أَيْ التَّقْصِيرُ (لِلْمَرْأَةِ أَفْضَلُ) مِنْ الْحَلْقِ رُوِيَ عَنْ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ خَبَرُ «لَيْسَ عَلَى النِّسَاء حَلْقٌ إنَّمَا عَلَيْهِنَّ التَّقْصِيرُ» يُكْرَهُ لَهَا الْحَلْقُ لِنَهْيِهَا عَنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ (كَالْحَلْقِ لِلرَّجُلِ) فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ التَّقْصِيرِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ إذْ الْعَرَبُ تَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ وَالْأَفْضَلِ وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَيَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمُقَصِّرِينَ فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمُقَصِّرِينَ» نَعَمْ إنْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ فِي وَقْتٍ لَوْ حَلَقَ فِيهِ جَاءَ يَوْمُ النَّحْرِ، وَلَمْ يَسْوَدَّ رَأْسُهُ مِنْ الشَّعْرِ فَالتَّقْصِيرُ أَفْضَلُ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ قَالَ فِي، وَقَدْ تَعَرَّضَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْمَسْأَلَةِ لَكِنَّهُ أَطْلَقَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَمَتِّعِ أَنْ يُقَصِّرَ فِي الْعُمْرَةِ وَيَحْلِقَ فِي الْحَجِّ لِيَقَعَ الْحَلْقُ فِي أَكْمَلِ الْعِبَادَتَيْنِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَنَّ مِثْلَهُ يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَدَّمَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِي ذَلِكَ بِحَلْقِ بَعْضِ رَأْسِهِ فِي الْحَجِّ وَبِحَلْقِ بَعْضِهِ فِي الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ الْقَزَعُ نَعَمْ لَوْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ فَحَلَقَ أَحَدَهُمَا فِي الْعُمْرَةِ وَالْآخَرَ فِي الْحَجِّ لَمْ يُكْرَهْ لِانْتِفَاءِ الْقَزَعِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَمَا مَرَّ مِنْ تَخْيِيرِ الرَّجُلِ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَنْذُرْ الْحَلْقَ (فَإِنْ نَذَرَهُ وَجَبَ) ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِ قُرْبَةٌ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى (وَلَمْ يُجْزِهِ) عَنْهُ (الْقَصُّ) وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يُسَمَّى حَلْقًا كَنَتْفٍ وَإِحْرَاقٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ إذْ الْحَلْقُ اسْتِئْصَالُ الشَّعْرِ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَصَلِّ بَعْدَ الْإِسْفَارِ يَدْفَعُونَ إلَى مِنًى بِسَكِينَةٍ وَشِعَارُهُمْ التَّلْبِيَةُ وَالذِّكْرُ] قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لِلرَّجُلِ دُونَ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ لَهُمَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ كَمَا يُسْتَحَبُّ الْحَلْقُ فِي الْجَمِيعِ يُسْتَحَبُّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا الْقِيَاسُ بَاطِلٌ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَالتَّيَمُّمِ بَعْدَ الْوُضُوءِ، الثَّانِي أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الِاسْتِحْبَابِ هِيَ التَّشْبِيهُ بِالْحَالِقِينَ وَمَنْ عَلَى رَأْسِهِ بَعْضُ الشَّعْرِ مِنْ جُمْلَةِ الْحَالِقِينَ فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِالتَّشَبُّهِ، وَهُوَ حَالِقٌ الثَّالِثُ أَنْ يَلْزَمَ عَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّقْصِيرِ أَنْ يُمِرَّ الْمُوسَى عَلَى بَقِيَّةِ شَعْرِ رَأْسِهِ هَذِهِ وَسَاوِسُ، وَلَا أَصْلَ لَهَا (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ أَنْ لَا يُقَيَّدَ بِمَا يُزَالُ لِلْفِطْرَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ اشْتِمَالِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ بِاشْتِمَالِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ كَوْنُهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ. (قَوْلُهُ وَهُوَ لِلْمَرْأَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْحَلْقِ) بَلْ يُكْرَهُ لَهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَقَيَّدَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْكَرَاهَةَ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ كَبِيرَةٌ، وَقَالَ الْمُتَّجَهُ فِي صَغِيرَةٍ لَمْ تَنْتَهِ إلَى سِنٍّ يُتْرَكُ فِيهِ شَعْرُهَا أَنَّهَا كَالرَّجُلِ فِي اسْتِحْبَابِ الْحَلْقِ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ حُرَّةً فَالْأَمَةُ إنْ مَنَعَهَا السَّيِّدُ مِنْ الْحَلْقِ حَرُمَ وَكَذَا إنْ لَمْ يَمْنَعْ، وَلَمْ يَأْذَنْ عَلَى الْمُتَّجَهِ الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ خَلِيَّةً عَنْ زَوْجٍ فَالْمُتَزَوِّجَةُ إنْ مَنَعَهَا الزَّوْجُ الْحَلْقَ اُحْتُمِلَ الْجَزْمُ بِامْتِنَاعِهِ لِأَنَّ فِيهِ تَشْوِيهًا وَاحْتُمِلَ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي إجْبَارِهَا عَلَى مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَمَالُ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْأَصَحُّ الْإِجْبَارُ وَفِي التَّحْرِيمِ عَلَيْهَا عِنْدَ مَنْعِ الْوَلَدِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ إثْبَاتُهُ. اهـ. قَوْلُهُ وَقَالَ فِي صَغِيرَةٍ إلَخْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ، وَهَذَا غَلَطٌ صَرِيحٌ لِعِلَّةِ التَّشْبِيهِ وَلَيْسَ الْحَلْقُ بِمَشْرُوعِ لِلنِّسَاءِ مُطْلَقًا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ اهـ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ تَغْلِيظِهِ. الْإِسْنَوِيُّ حَلْقَ رَأْسِ الصَّغِيرَةِ يَوْمَ سَابِعِ وِلَادَتِهَا لِلتَّصْدِيقِ بِزِنَتِهِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْعَقِيقَةِ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ كَرَاهَةِ الْحَلْقِ لِلْمَرْأَةِ صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا إذَا كَانَ بِرَأْسِهِمَا أَذَى لَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ إلَّا بِالْحَلْقِ كَمُعَالَجَةِ حَبٍّ أَوْ نَحْوِهِ الثَّانِيَةُ إذَا حَلَقَ رَأْسَهَا لِيُخْفِيَ كَوْنَهَا امْرَأَةً خَوْفًا عَلَى نَفْسِهَا مِنْ الزِّنَا أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ فَالتَّقْصِيرُ لَهُ أَفْضَلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ) فَقَالَ فِي الْخَادِمِ يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ النَّصِّ أَنَّ النُّسُكَ يَتَعَلَّقُ بِالشَّعْرِ الْحَادِثِ عَلَى الرَّأْسِ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَالتَّحَلُّلِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ لَا يُؤْمَرُ بِالْحَلْقِ بَعْدَ النَّبَاتِ؛ لِأَنَّ النُّسُكَ حَلْقُ شَعْرٍ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَذَا النُّسُكِ اهـ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِيمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ وَقْتَ الْإِحْرَامِ إنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِحَلْقِهِ بَعْدَ نَبَاتِهِ بِلَا خِلَافٍ قَالَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ النُّسُكَ هُوَ حَلْقُ شَعْرٍ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ. اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 بِالْمُوسَى، وَإِذَا اسْتَأْصَلَهُ بِمَا لَا يُسَمَّى حَلْقًا هَلْ يَبْقَى الْحَلْقُ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِالشَّعْرِ الْمُتَخَلِّفِ تَدَارُكًا لِمَا الْتَزَمَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ النُّسُكَ إنَّمَا هُوَ إزَالَةُ شَعْرٍ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ الْمُتَّجَهُ الثَّانِي لَكِنْ يَلْزَمُهُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ دَمٌ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مُفْرَدَيْنِ فَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ وَكَمَا لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْمَشْيِ فَرَكِبَ، ثُمَّ نَاذِرُ الْحَلْقِ قَدْ يُطْلِقُهُ فَيَكْفِيهِ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالِاسْتِيعَابِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْقَفَّالِ وَلَهَا أَخَوَاتٌ تَأْتِي فِي النَّذْرِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى مَا نُذِرَ وَاسْتِيعَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ وَنَحْوِهِ الْأَصَحُّ فِيهِ اللُّزُومُ، وَقَدْ يُعَبِّرُ بِالْحَلْقِ مُضَافًا فَيَقُولُ: لِلَّهِ عَلَيَّ حَلْقُ رَأْسِي. وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ كَتَصْرِيحِهِ بِالْجَمِيعِ لِلْعُرْفِ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ الْحَلْقُ أَوْ أَنْ أَحْلِقَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَةُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَنَذْرُ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى التَّقْصِيرَ كَنَذْرِ الرَّجُلِ الْحَلْقَ فِيمَا ذُكِرَ. (وَيُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ) أَيْ الِابْتِدَاءُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ (وَالِاسْتِقْبَالُ) أَيْ اسْتِقْبَالُ الْمَحْلُوقِ الْقِبْلَةَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالتَّكْبِيرُ بَعْدَ الْفَرَاغِ (فِي الْحَلْقِ) وَأَنْ يَبْلُغَ بِالْحَلْقِ إلَى الْعَظْمَيْنِ اللَّذَيْنِ عِنْدَ مُنْتَهَى الصُّدْغَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مُنْتَهَى نَبَاتِ شَعْرِ الرَّأْسِ، وَلَا يَخْتَصُّ مَا عَدَا التَّمْيِيزَ مِنْهَا بِحَلْقِ النُّسُكِ وَفِي نُسْخَةٍ فِي الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ، وَتَقْيِيدُ الرَّافِعِيِّ كَالْمَاوَرْدِيِّ التَّكْبِيرَ بِفَرَاغِ الْحَلْقِ مُحْتَمَلٌ وَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلدَّمِيرِيِّ تَقْيِيدَهُ بِعِنْدِهِ إلَى الْفَرَاغِ فَقَالَ وَأَنْ يُكَبِّرَ عِنْدَهُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ قَالَ وَفِي مُثِيرِ الْعَزْمِ السَّاكِنِ عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ قَالَ: أَخْطَأْت فِي حَلْقِ رَأْسِي فِي خَمْسَةِ أَحْكَامٍ عَلَّمَنِيهَا حَجَّامٌ أَتَيْتُهُ بِمِنًى فَقُلْت لَهُ بِكَمْ تَحْلِقُ رَأْسِي؟ فَقَالَ: أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ؟ قُلْت نَعَمْ قَالَ النُّسُكُ لَا يُشَارَطُ عَلَيْهِ اجْلِسْ قَالَ فَجَلَسْت مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ فَقَالَ لِي: حَوِّلْ وَجْهَكَ إلَى الْقِبْلَةِ فَحَوَّلْته، وَأَرَدْته أَنْ يَحْلِقَ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ فَقَالَ أَدِرْ الْأَيْمَنَ فَأَدَرْته فَجَعَلَ يَحْلِقُ وَأَنَا سَاكِتٌ فَقَالَ: كَبِّرْ كَبِّرْ فَكَبَّرْت فَلَمَّا فَرَغَ قُمْت لِأَذْهَبَ فَقَالَ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ امْضِ قُلْت لَهُ مِنْ أَيْنَ لَك مَا أَمَرْتَنِي بِهِ قَالَ رَأَيْت عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ يَفْعَلُهُ. (وَ) يُسْتَحَبُّ (التَّقْصِيرُ) لِمَنْ يُقَصِّرُ (قَدْرَ أُنْمُلَةٍ مِنْ جَمِيعِ الرَّأْسِ) وَحُكْمُ تَقْصِيرِ مَا زَادَ عَلَيْهَا حُكْم الْحَلْقُ (وَيُجْزِئُ) فِي الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ (ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ دُفْعَةً مِنْ الرَّأْسِ) لِوُجُوبِ الدَّمِ بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ وَاكْتِفَاءً بِمُسَمَّى الْجَمْعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] أَيْ شَعْرًا مِنْ رُءُوسِكُمْ (لَا دُفُعَاتٍ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ تَكْمِيلِ الدَّمِ بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرِّمَةِ، وَهَذَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَمَنَاسِكِهِ الِاكْتِفَاءُ بِهَا مَعَ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ وَيُجَابُ عَنْ الْبِنَاءِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ فِي التَّصْحِيحِ وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِيمَا قُلْنَاهُ لَا يَأْتِي فِي الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَأْخُوذَةِ بِدُفُعَاتٍ وَإِنْ سَوَّى الْأَصْلُ بَيْنَهُمَا فِي الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ وَيَكْتَفِي فِي أَخْذِ الشَّعْرِ (بِقَصٍّ أَوْ نَتْفٍ أَوْ إحْرَاقٍ) أَوْ غَيْرِهِ (مِنْ مُسْتَرْسِلٍ وَغَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إزَالَةُ الشَّعْرِ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ طَرِيقٌ إلَيْهَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَلَا ثَلَاثَ مِنْ غَيْرِ الرَّأْسِ أَوْ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْفِدْيَةِ؛ لِأَنَّ مَا وَرَدَ مِنْ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ مُخْتَصٌّ بِالرَّأْسِ (وَيُسْتَحَبُّ دَفْنُ الشَّعْرِ) احْتِرَامًا لَهُ قَالَ فِي الْإِمْلَاءِ وَدَفْنُ الشَّعْرِ الْحَسَنِ آكَدُ لِئَلَّا يُؤْخَذَ لِلْوَصْلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ ثَبَتَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ وَأَظْفَارِهِ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَلْقِ اللَّهُمَّ آتِي بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةً وَامْحُ عَنِّي سَيِّئَةً وَارْفَعْ لِي بِهَا دَرَجَةً وَاغْفِرْ لِي وَلِلْمُحَلِّقِينَ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ يَتَطَيَّبَ وَيَلْبَسَ. (فَصْلٌ أَعْمَالُ يَوْمِ النَّحْرِ) فِي الْحَجِّ (أَرْبَعَةٌ: رَمْيُ الْجَمْرَةِ) أَيْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (وَالذَّبْحُ لِلْهَدْيِ وَالْحَلْقُ) أَوْ التَّقْصِيرُ (وَالطَّوَافُ) كَمَا مَرَّ (وَتَرْتِيبُهَا) عَلَى مَا ذَكَرَ (سُنَّةٌ) لِلِاتِّبَاعِ (فَلَوْ حَلَقَ) أَوْ قَصَّرَ (أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ (فَلَا فِدْيَةَ) عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ تَرْتِيبُهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّحْرِ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُمْ يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ رَجُلٌ لَمْ أُشْعِرْ فَحَلَقْت قَبْلَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ الثَّانِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَمُرَادُ الْأَصْلِ عَدَمُ إجْزَائِهِ فِي خُرُوجِهِ عَنْ عُهْدَةِ نَذْرِهِ لَا عَدَمُ حُصُولِ التَّحَلُّلِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ أَثِمَ بِتَفْوِيتِ الْوَفَاءِ بِالْمَنْذُورِ مَعَ التَّمَكُّنِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَاذِرُ الْحَلْقِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ نَذَرَهُ فِي وَقْتِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ إلَّا حَلْقُ شَعْرِ الرَّأْسِ جَمِيعِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ فِي اللُّزُومِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ كَتَصْرِيحِهِ بِالْجَمِيعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلدَّمِيرِيِّ إلَخْ) وَأَنْ يُكَبِّرَ عِنْدَ فَرَاغِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] أَيْ شَعْرَهَا؛ لِأَنَّهَا نَفْسَهَا لَا تُحْلَقُ وَلَا تُقَصَّرُ وَالشَّعْرُ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْنَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ الْمُضَافُ يُفِيدُ الْعُمُومَ وَيَدُلُّ لَهُ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَمْ الطَّرِيقُ فِي التَّوْجِيهِ أَنْ يُقَدَّرَ لَفْظُ الشَّعْرِ مُنَكَّرًا مَقْطُوعًا عَنْ الْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ أَيْ شَعْرًا مِنْ رُءُوسِكُمْ) أَوْ نَقُولُ قَامَ الْإِجْمَاعُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ فَاكْتَفَيْنَا فِي الْوُجُوبِ بِمُسَمَّى الْجَمْعِ. اهـ.، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إلَّا شَعْرَةٌ أَوْ ثِنْتَانِ وَجَبَ إزَالَتُهَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ لَكِنْ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَمَنَاسِكِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِيمَا قُلْنَاهُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ شَارِحٌ هُنَا لَوْ أَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئًا ثُمَّ شَيْئًا ثُمَّ شَيْئًا فَإِنْ تَقَطَّعَ الزَّمَانُ كَفَى وَإِنْ تَوَاصَلَ فَكَالشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ هَذَا مَرْدُودٌ كَأَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إعَادَةِ الضَّمِيرِ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فَظَنَّ أَنَّهُ لِلشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى تَقْدِيرِ إرَادَةِ ذَلِكَ فَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ حَلْقًا، وَلَا تَقْصِيرًا شَرْعِيًّا وَلَا يُعَضِّدُهُ خَبَرٌ، وَلَا أَثَرٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 أَنْ أَذْبَحَ فَقَالَ: اذْبَحْ، وَلَا حَرَجَ فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ لَمْ أُشْعِرْ فَنَحَرْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ، وَلَا حَرَجَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو أَيْضًا «سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَتَاهُ رَجُلٌ يَوْمَ النَّحْرِ، وَهُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ الْجَمْرَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي حَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ، وَلَا حَرَجَ وَأَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ إنِّي ذَبَحْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ، وَلَا حَرَجَ وَأَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ إنِّي أَفَضْت إلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ، وَلَا حَرَجَ قَالَ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ يَوْمَئِذٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إلَّا قَالَ افْعَلْ، وَلَا حَرَجَ» . (وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا إلَّا الذَّبْحُ) لِلْهَدْيِ (بِانْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ) لِمَنْ وَقَفَ قَبْلَهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَفَاضَتْ وَقِيسَ بِالرَّمْيِ الْآخَرَانِ» بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ، وَوُجِّهَتْ الدَّلَالَةُ مِنْ الْخَبَرِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّقَ الرَّمْيَ بِمَا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَهُوَ صَالِحٌ لِجَمِيعِ اللَّيْلِ، وَلَا ضَابِطَ لَهُ فَجَعَلَ النِّصْفَ ضَابِطًا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ مِمَّا قَبْلَهُ؛ وَلِأَنَّهُ وَقْتُ الدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَلِأَذَانِ الصُّبْحِ فَكَانَ وَقْتًا لِلرَّمْيِ كَمَا بَعْدَ الْفَجْرِ أَمَّا الذَّبْحُ لِلْهَدْيِ أَيْ الْمَسُوقُ تَقَرُّبًا لِلَّهِ فَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ (وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ غَيْرِ الذَّبْحِ (إلَى بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ) لِلِاتِّبَاعِ (وَمَا بَدَأَ بِهِ مِنْهَا قَطَعَ التَّلْبِيَةَ) بِالتَّكْبِيرِ (مَعَهُ) لَأَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ فَلَا مَعْنَى لِلتَّلْبِيَةِ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِإِجَابَةِ الدَّاعِي إلَى أَدَاءِ النُّسُكِ (وَيَقْطَعُهَا) أَيْ التَّلْبِيَةَ (فِي الْعُمْرَةِ بِالطَّوَافِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ تَحَلُّلِهَا (وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ إلَى مَغْرِبِ يَوْمِ النَّحْرِ) رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنِّي رَمَيْت بَعْدَمَا أَمْسَيْت قَالَ لَا حَرَجَ» وَالْمَسَاءُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ وَخَرَجَ بِالْمَغْرِبِ مَا بَعْدَهُ فَلَا يَكْفِي الرَّمْيُ بَعْدَهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ، كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ رَمْيَ يَوْمٍ إلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ يَقَعُ أَدَاءً وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ وَقْتَهُ لَا يَخْرُجُ بِالْغُرُوبِ، وَأُجِيبَ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَمَا هُنَاكَ عَلَى وَقْتِ الْجَوَازِ، وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ يَنْتَهِي بِالزَّوَالِ فَيَكُونُ لِرَمْيِهِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ وَوَقْتُ جَوَازٍ. (وَ) يَبْقَى وَقْتُ (الذَّبْحِ لِلْهَدْيِ إلَى آخَرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) كَالْأُضْحِيَّةِ (وَالْآخَرَانِ) أَيْ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ وَالطَّوَافُ الْمَتْبُوعُ بِالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى (لَا يَتَوَقَّتَانِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّوْقِيتِ نَعَمْ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهُمَا عَنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَتَأْخِيرُهُمَا عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَشَدُّ كَرَاهَةً وَعَنْ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ أَشَدُّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهِمَا عَنْ أَيَّامِ الْحَجِّ وَاسْتُشْكِلَ بِقَوْلِهِمْ: لَيْسَ لِصَاحِبِ الْفَوَاتِ أَنْ يَصْبِرَ عَلَى إحْرَامِهِ لِلسَّنَةِ الْقَابِلَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْإِحْرَامِ كَابْتِدَائِهِ، وَابْتِدَاؤُهُ لَا يَجُوزُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ لَا يَسْتَفِيدُ بِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ شَيْئًا غَيْرَ مَحْضِ تَعْذِيبَ نَفْسِهِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الْوُقُوفِ فَحَرُمَ بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ وَأُمِرَ بِالتَّحَلُّلِ، وَأَمَّا هُنَا فَوَقْتُ مَا أَخَّرَهُ بَاقٍ فَلَا يَحْرُمُ بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّحَلُّلِ وَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ وَقْتَهَا ثَمَّ مَدَّهَا بِالْقِرَاءَةِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ (فَمَنْ نَفَرَ قَبْلَ الطَّوَافِ، وَلَمْ يَطُفْ لِوَدَاعٍ، وَلَا غَيْرَهُ لَمْ يَسْتَبِحْ النِّسَاءَ) وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ لِبَقَائِهِ مُحْرِمًا. (فَرْعٌ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَانِ) لِطُولِ زَمَنِهِ وَكَثْرَةِ أَفْعَالِهِ كَالْحَيْضِ لَمَّا طَالَ زَمَنُهُ جُعِلَ لَهُ تَحَلُّلَانِ: انْقِطَاعُ الدَّمِ، وَالْغُسْلُ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ لَيْسَ لَهَا إلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ كَمَا سَيَأْتِي لِقِصَرِ زَمَنِهَا كَالْجَنَابَةِ (فَيَحْصُلُ) التَّحَلُّلُ (الْأَوَّلُ) مِنْ تَحَلُّلَيْ الْحَجِّ (بِاثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ: الرَّمْيُ) أَيْ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ (وَالْحَلْقُ) أَوْ التَّقْصِيرُ (وَالطَّوَافُ) وَاحْتَجُّوا لَهُ بِخَبَرِ «إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ وَكُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفُوهُ وَاَلَّذِي صَحَّ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» وَقَضِيَّةُ حُصُولِ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ بِالرَّمْيِ وَحْدَهُ (فَإِنْ بَقِيَ السَّعْيُ فَهُوَ كَالْجُزْءِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الطَّوَافِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ (وَيَحِلُّ بِهِ) أَيْ بِالتَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ (مَا سِوَى الْجِمَاعِ، وَكَذَا مُقَدِّمَاتِهِ وَعَقْدِهِ) أَيْ يَحِلُّ بِهِ مَا سِوَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ لُبْسٍ وَقَلْمٍ وَصَيْدٍ وَطِيبٍ وَدَهْنٍ وَسَتْرِ رَأْسِ الرَّجُلِ وَوَجْهِ الْمَرْأَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ غَيْرِ السَّابِقِ فِيهِمَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ» (وَيُسْتَحَبُّ الطِّيبُ) أَيْ اسْتِعْمَالُهُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ أَعْمَالُ يَوْمِ النَّحْرِ فِي الْحَجِّ] قَوْلُهُ وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ إلَى مَغْرِبِ يَوْمِ النَّحْرِ) لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُشْعِرُ بِهِ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي الْخُرُوجِ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ وَيَبْقَى وَقْتُ الذَّبْحِ لِلْهَدْيِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَا يَخْتَصُّ الذَّبْحُ بِزَمَنٍ قُلْت الصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ عَلَى الصَّوَابِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ هُنَا دَمُ الْجُبْرَانَاتِ وَالْمَحْظُورَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ كَوَفَاءِ الدُّيُونِ وَأَمَّا مَا يُسَاقُ مِنْ هَدْيٍ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ لَكِنَّ الرَّافِعِيَّ أَطْلَقَ ذِكْرَ الْهَدْيِ هُنَا، وَلَمْ يَخُصَّهُ بِوَاجِبٍ، وَلَا غَيْرِهِ وَاسْمُ الْهَدْيِ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعُ فَتَوَجَّهَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهِمَا عَنْ أَيَّامِ الْحَجِّ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الطَّوَافِ إلَى آخِرِ الْعُمْرَةِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَدْ تَحَلَّلَ التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُهُ إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ، فَوَاتُ الْحَجِّ يَحْرُمُ فِيهِ مُصَابَرَةُ الْإِحْرَامِ جَزْمًا وَالْمُحْصَرُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَالطَّوَافُ وَالْحَلْقُ وَالرَّمْيُ لَا آخَرَ لِوَقْتِهَا (قَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ إلَخْ) ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَأْخِيرِ التَّحَلُّلِ لِيَمُوتَ مُحْرِمًا فَيُبْعَثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا، وَأَمَّا الْحَجُّ الْفَاسِدُ فَلَيْسَ لَهُ وَقْتُ أَدَاءٍ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ بَلْ يَجِبُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بِحَسَبِ الِاسْتِطَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ الِاسْتِمْرَارُ فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ الْفَاسِدَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 التَّحَلُّلَيْنِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَحِلُّهُ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» وَالدُّهْنُ مُلْحَقٌ بِالطِّيبِ (وَيَحْصُلُ) التَّحَلُّلُ (الثَّانِي بِالثَّالِثِ) مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ فَيَحِلُّ بِهِ بَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ وَهِيَ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ وَعَقْدُهُ. (وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْوَطْءِ عَنْ رَمْيِ بَاقِي الْأَيَّامِ) أَيْ أَيَّامِ الرَّمْيِ وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ لِيَزُولَ عَنْهُ أَثَرُ الْإِحْرَامِ كَذَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَلَا مَعْنَى لَهُ وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ خَبَرُ «أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ» وَخَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أُمَّ سَلَمَةَ لِتَطُوفَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَكَانَ يَوْمَهَا فَأَحَبَّ أَنْ تُوَفِّيهِ لِيُوَاقِعَهَا» وَعَلَيْهِ بَوَّبَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَّةِ بَابِ الرَّجُلِ يَزُورُ الْبَيْتَ، ثُمَّ يُوَاقِعُ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مِنًى فَذَكَرَهُ (فَلَوْ فَاتَهُ الرَّمْيُ) أَيْ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ بِأَنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ (تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى الْبَدَلِ) ، وَلَوْ صَوْمًا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ فِيهِ عَنْ بَعْضِهِمْ الْإِجْمَاعَ، قَالَ فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُحْصَرِ إذَا عَدِمَ الْهَدْيَ فَإِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ تَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَى بَدَلِهِ، وَهُوَ الصَّوْمُ قُلْنَا: الْفَرْقُ أَنَّ التَّحَلُّلَ إنَّمَا أُبِيحَ لِلْحَصْرِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَتَضَرَّرَ بِالْمَقَامِ عَلَى الْإِحْرَامِ فَلَوْ أَمَرْنَاهُ بِالصَّبْرِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَدَلِ لَتَضَرَّرَ، وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُحْصَرَ لَيْسَ لَهُ إلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ فَلَوْ تَوَقَّفَ تَحَلُّلُهُ عَلَى الْبَدَلِ لَشَقَّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ عَلَى سَائِرِ مُحَرَّمَاتِ الْحَجِّ إلَى الْإِتْيَانِ بِالْبَدَلِ وَاَلَّذِي يَفُوتُهُ الرَّمْيُ يُمْكِنُهُ الشُّرُوعُ فِي التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَإِذَا أَتَى بِهِ حَلَّ لَهُ مَا عَدَا النِّكَاحَ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَعَقْدَهُ فَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي الْإِقَامَةِ عَلَى الْإِحْرَامِ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْبَدَلِ. [فَرْعٌ التَّحَلُّل مِنْ الْعُمْرَة] (فَرْعٌ يَحِلُّ مِنْ الْعُمْرَةِ) الْمُحْرِمُ بِهَا (بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَكَذَا الْحَلْقِ) أَوْ التَّقْصِيرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَعُدُّوا السَّعْيَ فِي الْحَجِّ مُسْتَقِلًّا كَمَا فِي الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ لَهُ فِيهِ إذْ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِخِلَافِهِ فِي الْعُمْرَةِ (فَيُفْسِدُهَا الْجِمَاعُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْحَلْقِ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ (وَوَقْتُ الْحَلْقِ) لِلْمُعْتَمِرِ (بَعْدَ السَّعْيِ) فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ. [فَصْلٌ مَبِيتُ لَيَالِي أَيَّام التَّشْرِيق وَاجِب] (فَصْلٌ مَبِيتُ لَيَالِي مِنًى) وَهِيَ لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (وَاجِبٌ) لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِلْعَبَّاسِ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ لِأَجْلِ السِّقَايَةِ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ تَرْكُهُ (مُعْظَمَ اللَّيْلِ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِمَكَانٍ لَا يَحْنَثُ بِمَبِيتِهِ مُعْظَمَ اللَّيْلِ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِسَاعَةٍ فِي نِصْفِ الثَّانِي بِمُزْدَلِفَةَ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ وَقَعَ فِيهَا بِخُصُوصِهَا إذْ بَقِيَّةُ الْمَنَاسِكِ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالنِّصْفِ وَهِيَ كَثِيرَةُ مَشَقَّةٍ فَسُومِحَ فِي التَّخْفِيفِ لِأَجْلِهَا (فَيَجِبُ بِتَرْكِهِ) أَيْ مَبِيتِ لَيَالِيِ مِنًى (دَمٌ) لِتَرْكِهِ الْمَبِيتَ الْوَاجِبَ كَنَظِيرِهِ تَرْكَ مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ (وَفِي) تَرْكِ مَبِيتِ (اللَّيْلَةِ) الْوَاحِدَةِ مِنْ لَيَالِيِ مِنًى (مُدٌّ وَاللَّيْلَتَيْنِ مُدَّانِ) مِنْ الطَّعَامِ وَفِي تَرْكِ الثَّلَاثِ مَعَ لَيْلَةِ مُزْدَلِفَةَ دَمَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَبِيتَيْنِ زَمَانًا وَمَكَانًا وَيُفَارِقُ مَا يَأْتِي فِي تَرْكِ الرَّمْيَيْنِ بِأَنَّ تَرْكَهَا يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ مَكَانَيْنِ وَزَمَانَيْنِ وَتَرْكَ الرَّمْيَيْنِ لَا يَسْتَلْزِمُ إلَّا تَرْكَ زَمَانَيْنِ (فَلَوْ نَفَرَ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ تَرْكِهِ مَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى (فِي) الْيَوْمِ (الثَّانِي فَدَمٌ) يَلْزَمُهُ (أَوْ فِي) الْيَوْمِ (الْأَوَّلِ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ فِي اللَّيْلِ أَيْ لَيْلِ الثَّالِثِ (فَدَمٌ) أَيْضًا لِتَرْكِهِ جِنْسَ الْمَبِيتِ بِمِنًى فِيهِمَا، وَلَوْ قَالَ فِي الثَّانِي أَوْ فِي الْأَوَّلِ فَدَمٌ لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ. (وَيَسْقُطُ الْمَبِيتُ) بِمُزْدَلِفَةُ وَمِنًى (وَالدَّمُ عَنْ الرِّعَاءِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ (إنْ خَرَجُوا) مِنْهَا (قَبْلَ الْغُرُوبِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ أَنْ يَتْرُكُوا الْمَبِيتَ بِمِنًى» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقِيسَ بِمِنًى مُزْدَلِفَةَ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجُوا قَبْلَ الْغُرُوبِ بِأَنْ كَانُوا بِهِمَا بَعْدَهُ وَلَزِمَهُمْ مَبِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَالرَّمْيُ مِنْ الْغَدِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْخُرُوجِ قَبْلَ الْغُرُوبِ فِي مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَأْتِيَهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا حِينَئِذٍ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ (وَعَنْ أَهْلِ السِّقَايَةِ) بِكَسْرِ السِّينِ مَوْضِعٌ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يُسْقَى فِيهِ الْمَاءُ وَيُجْعَلُ فِي حِيَاضِ يُسَبَّلُ لِلشَّارِبِينَ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِ خُرُوجِهِمْ بِقَبْلِ الْغُرُوبِ (وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ السِّقَايَةُ (مُحْدَثَةً) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِلْعَبَّاسِ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى» لِأَجْلِ السِّقَايَةِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُ الْعَبَّاسِ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ السِّقَايَةِ فِي مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَبَّاسِيًّا، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِخُرُوجِهِمْ قَبْلَ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ بِاللَّيْلِ بِخِلَافِ الرَّعْيِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي السِّقَايَةِ الْحَادِثَةِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَانِ] قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ فِي الثَّانِي أَوْ فِي الْأَوَّلِ فَدَمٌ إلَخْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَلَوْ نَفَرَ مَعَ ذَلِكَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ فَدَمٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 وَأَمَّا الرَّافِعِيُّ فَإِنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَ الْمَنْعَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ فَقَدْ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ نَحْوَهُ وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ يُؤَيِّدُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ إلْحَاقِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا بِهَؤُلَاءِ (وَلِهَؤُلَاءِ) أَيْ الرِّعَاءِ وَأَهْلِ السَّاقِيَّةِ (تَأْخِيرُ الرَّمْيِ يَوْمًا فَقَطْ وَيَقْضُونَهُ) بِمَعْنَى يُؤَدُّونَهُ فِي تَالِيهِ (أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ رَمْيِهِ لَا رَمْيَ يَوْمَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ فَلَوْ نَفَرُوا بَعْدَ الرَّمْيِ يَوْمَ النَّحْرِ عَادُوا فِي ثَانِي التَّشْرِيقِ أَوْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَادُوا فِي الثَّالِثِ وَلَهُمْ أَنْ يَنْفِرُوا مَعَ النَّاسِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ تَأْخِيرِ رَمْيِ يَوْمَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ وَقْتَ الْجَوَازِ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يُرَخَّصُ لِلرِّعَاءِ فِي تَرْكِ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ أَيْ فِي تَأْخِيرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي الْخُرُوجِ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ. (وَيُعْذَرُ فِي) تَرْكِ (الْمَبِيتِ) وَعَدَمِ لُزُومِ الدَّمِ (خَائِفٌ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ فَوْتِ أَمْرٍ) بِطَلَبِهِ كَآبِقٍ (أَوْ ضَيْعَةٍ) أَوْ ضَيَاعِ (مَرِيضٍ) بِتَرْكِ تَعَهُّدِهِ؛ لِأَنَّهُ ذُو عُذْرٍ فَأَشْبَهَ الرِّعَاءَ وَأَهْلَ السِّقَايَةِ وَلَهُ أَنْ يَنْفِرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَ) يُعْذَرُ فِيمَا ذُكِرَ (مَشْغُولٌ بِتَدَارُكِ الْحَجِّ) بِأَنْ انْتَهَى إلَى عَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَاشْتَغَلَ بِالْوُقُوفِ بِهَا (عَنْ مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ) لِاشْتِغَالِهِ بِالْأَهَمِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الدَّفْعُ إلَى مُزْدَلِفَةَ لَيْلًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ وَجَبَ جَمْعًا بَيْنَ الْوَاجِبَيْنِ (وَكَذَا) يُعْذَرُ (مَنْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ) إلَى مَكَّةَ (لِيَطُوفَ) لِلْإِفَاضَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَفَاتَهُ الْمَبِيتُ لِاشْتِغَالِهِ بِالطَّوَافِ كَاشْتِغَالِهِ بِالْوُقُوفِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَمُرَّ فِي طَرِيقِهِ بِمُزْدَلِفَةَ أَمْ لَا. (فَصْلٌ وَيَخْطُبُ بِهِمْ الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ نَدْبًا (بَعْدَ) صَلَاةِ (ظُهْرِ) يَوْمِ (النَّحْرِ بِمِنًى خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا حُكْمَ الطَّوَافِ وَالرَّمْيِ) وَالنَّحْرِ (وَالْمَبِيتِ وَمَنْ يُعْذَرُ فِيهِ) لِيَأْتُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِهِ، وَيَتَدَارَكُوا مَا أَخَلُّوا بِهِ مِنْهَا مِمَّا فَعَلُوهُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهَا الْأَحَادِيثُ وَهِيَ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّهَا كَانَتْ صَخْرَةً يَوْمَ النَّحْرِ (ثُمَّ يَخْطُبُ بِهِمْ كَذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِمِنًى خُطْبَةَ (ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (وَيُعَلِّمُهُمْ) فِيهَا (جَوَازَ النَّفْرِ) فِيهِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَغَيْرِهِ (وَيُوَدِّعُهُمْ) وَيَأْمُرُهُمْ بِخَتْمِ الْحَجِّ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى. (وَحَصَى الرَّمْيِ) جَمِيعُهُ (سَبْعُونَ) حَصَاةً لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ سَبْعٌ وَلِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إحْدَى وَعِشْرُونَ لِكُلِّ جَمْرَةٍ سَبْعٌ (فَإِنْ نَفَرَ فِي) الْيَوْمِ (الثَّانِي قَبْلَ الْغُرُوبَ سَقَطَ عَنْهُ الْمَبِيتُ) أَيْ مَبِيبُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ (وَرَمَى) الْيَوْمَ (الثَّالِثَ، وَهُوَ) أَيْ مَا يُرْمَى بِهِ فِيهِ (إحْدَى وَعِشْرُونَ حَصَاةً) ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَلَا إثْمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] وَلِإِتْيَانِهِ بِمُعْظَمِ الْعِبَادَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا بَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَبِتْهُمَا لَمْ يَسْقُطْ مَبِيتُ الثَّالِثَةِ، وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُتَّجَهُ طَرْدُ ذَلِكَ فِي الرَّمْيِ أَيْضًا (فَيَتْرُكُهَا) أَيْ الْإِحْدَى وَالْعِشْرِينَ أَيْ يَطْرَحُهَا أَوْ يَدْفَعُهَا لِمَنْ لَمْ يَرْمِ (وَلَا يَنْفُرُ بِهَا) وَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ دَفْنِهَا لَا أَصْلَ لَهُ قَالَ الْأَصْحَابُ: وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ النَّفْرِ إلَى الثَّالِثِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَرَ فِيهِ» وَالتَّأْخِيرُ لِلْإِمَامِ آكَدُ مِنْهُ لِغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ يُقْتَدَى بِهِ وَشَمَلَ كَلَامُهُ كَالرَّوْضَةِ مَا لَوْ نَفَرَ قَبْلَ رَمْيِهِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا ذُكِرَ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ مَعَ تَقْيِيدِهِ النَّفْرَ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ. وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَاسْتَحْسَنَهُ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ: إنَّهُ لَوْ نَفَرَ النَّفْرَ الْأَوَّلَ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَلَمْ يَرْمِ فَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَاتَهُ الرَّمْيُ، وَلَا اسْتِدْرَاكَ لَزِمَهُ الدَّمُ، وَلَا حُكْمَ لِمَبِيتِهِ لَوْ عَادَ بَعْدَ غُرُوبِهَا وَبَاتَ حَتَّى لَوْ رَمَى فِي النَّفْرِ الثَّانِي لَمْ يُعْتَدَّ بِرَمْيِهِ؛ لِأَنَّهُ بِنَفَرِهِ أَعْرَضَ عَنْ مِنًى وَالْمَنَاسِكِ وَإِنْ لَمْ تَغْرُبْ فَأَقْوَالٌ: أَحَدُهَا أَنَّ الرَّمْيَ انْقَطَعَ، وَلَا يَنْفَعُهُ الْعَوْدُ، وَثَانِيهَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ وَيَرْمِي مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ فَإِنْ غَرَبَتْ تَعَيَّنَ الدَّمُ، وَثَالِثُهَا تَخَيَّرَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ نَفَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعَادَ وَزَالَتْ، وَهُوَ بِمِنًى فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِأَنَّ خُرُوجَهُ لَا يُؤَثِّرُ أَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعَلَائِقُ أَوْ بَيْنَهُمَا فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنْ يَرْمِيَ لَكِنَّ تَقْيِيدَ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحَيْنِ النَّفْرَ بَعْدَ الرَّمْيِ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي سُقُوطِ الْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ وَبِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ إلَخْ) اسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ بَاتَ مَنْ شُرِطَ مَبِيتُهُ فِي مَدْرَسَةٍ مَثَلًا خَارِجَهَا لِخَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يَسْقُطْ مِنْ جَامِكِيَّتِهِ شَيْءٌ كَمَا لَا يُجْبَرُ تَرْكُ الْمَبِيتِ لِلْمَعْذُورِ بِالدَّمِ قَالَ وَهُوَ مِنْ النَّفَائِسِ الْحُسْنَى، وَلَمْ أُسْبَقْ إلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصَلِّ وَيَخْطُبُ بِهِمْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ نَدْبًا بَعْدَ صَلَاةِ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى خُطْبَةً] (قَوْلُهُ فَإِنْ نَفَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي) أَيْ بَعْدَ رَمْيِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَلَا يَنْفِرُ بِهَا) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا مَعْنَاهُ يَذْهَبُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِنَفْرِهِ أَعْرَضَ عَنْ مِنًى وَالْمَنَاسِكِ) فَاسْتَقَرَّتْ الْفِدْيَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ انْقَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ (قَوْلُهُ وَثَانِيهَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ وَيَرْمِي) وَهُوَ الْأَصَحُّ لِبَقَاءِ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِأَنَّ خُرُوجَهُ لَا يُؤَثِّرُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ وَقْتَ الرَّمْيِ وَإِمْكَانِهِ (وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعَلَائِقُ) إنْ كَانَ خُرُوجُهُ قَبْلَ وَقْتِ الرَّمْيِ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْخُرُوجِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ حَلَّتْ مَحَلَّ إنْشَاءِ الْخُرُوجِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ (وَقَوْلُهُ أَوْ بَيْنَهُمَا فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرْمِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 صَرَّحَ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الشَّرِيفِ الْعُثْمَانِيِّ قَالَ؛ لِأَنَّ هَذَا النَّفْرَ غَيْرُ جَائِزٍ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَهُوَ صَحِيحٌ مُتَّجَهٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَالشَّرْطُ أَنْ يَنْفِرَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالرَّمْيِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ إيضَاحٌ لِمَا قَبْلَهُ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْفِرْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْمَبِيتُ، وَلَا الرَّمْيُ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ (فَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَهُوَ فِي شُغْلِ الِارْتِحَالِ فَلَهُ النَّفْرُ) ؛ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ حَلَّ الرَّحْلِ وَالْمَتَاعِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ أَصْلَ الرَّوْضَةِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَغَيْرُهُ غَلَطٌ سَبَبُهُ سُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الْعَزِيزِ. وَالْمُصَحَّحُ فِيهِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَمَنَاسِكِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ النَّفْرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَحَلَ وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ مِنْ مِنًى فَإِنْ لَهُ النَّفْرَ (وَكَذَا لَوْ عَادَ) إلَى مِنًى بَعْدَ نَفَرِهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ (لِحَاجَةٍ) كَزِيَارَةٍ (فَغَرَبَتْ) أَوْ غَرَبَتْ فَعَادَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَهُ النَّفْرُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ (بَلْ لَوْ بَاتَ هَذَا) مُتَبَرِّعًا (سَقَطَ عَنْهُ الرَّمْيُ) لِحُصُولِ الرُّخْصَةِ لَهُ بِالنَّفْرِ. (وَيَدْخُلُ رَمْيُ) أَيْ وَقْتُ رَمْيِ (كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِزَوَالِ شَمْسِهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيُنْدَبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَيَمْتَدُّ) وَقْتُهُ الْمُخْتَارُ (إلَى غُرُوبِهَا) ، وَإِذَا كَانَ ابْتِدَاءُ وَقْتِهِ مِنْ الزَّوَالِ (فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ شِعَارُ هَذِهِ الْأَيَّامِ فَلَوْ قَدَّمَ فِي يَوْمٍ مِنْهَا لَخَلَتْ الْبَقِيَّةُ عَنْ الشِّعَارِ وَمَا اقْتَضَاهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ جَوَازِ تَرْكِ رَمْيِ يَوْمَيْنِ وَوُقُوعِهِ أَدَاءً بِالتَّدَارُكِ لَا يَشْكُلُ بِقَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلْمَعْذُورِينَ أَنْ يَدَعُوا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ، وَأَنَّهُمْ يَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي تَرْكِ الرَّمْيِ فَقَطْ وَهُنَاكَ فِي تَارِكِهِ مَعَ الْبَيَاتِ بِمِنًى وَالتَّعْبِيرُ بِالْقَضَاءِ لَا يُنَافِي الْأَدَاءَ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُسَمَّى يَوْمَ الْقَرِّ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُمْ قَارُّونَ بِمِنًى وَالْيَوْمُ الثَّانِي النَّفْرُ الْأَوَّلُ، وَالثَّالِثُ النَّفَرُ الثَّانِي (وَالْمَتْرُوكُ) ، وَلَوْ عَمْدًا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّمْيِ (وَلَوْ رَمَى) وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَتَرْكُ رَمْيٍ أَيْ مَتْرُوكُ رَمْيِ (يَوْمِ النَّحْرِ يُتَدَارَكُ) فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (أَدَاءً إلَى انْقِضَائِهَا) بِالنَّصِّ فِي الرِّعَاءِ وَأَهْلِ السَّاقِيَةِ وَبِالْقِيَاسِ فِي غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا وَقَعَ أَدَاءً؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ قَضَاءً لَمَا دَخَلَهُ التَّدَارُكُ كَالْوُقُوفِ بَعْدَ فَوَاتِهِ وَلِأَنَّ صِحَّتَهُ مُوَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ مَحْدُودٍ وَالْقَضَاءُ لَيْسَ كَذَلِكَ. (وَالتَّرْتِيبُ فِيهِ) أَيْ فِي الرَّمْيِ الْمَتْرُوكِ وَرَمْيِ يَوْمِ التَّدَارُكِ (وَاجِبٌ) رِعَايَةً لِلتَّرْتِيبِ فِي الزَّمَانِ كَرِعَايَتِهِ فِي الْمَكَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَدَاءً (فَإِنْ خَالَفَ وَقَعَ عَنْ الْقَضَاءِ) ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْحَجِّ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى، وَبِذَلِكَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى كُلِّ جَمْرَةٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ حَصَاةً سَبْعًا عَنْ أَمْسِهِ وَسَبْعًا عَنْ يَوْمِهِ لَمْ يُجْزِئُهُ عَنْ يَوْمِهِ (وَلَا يَجُوزُ رَمْيُ الْمُتَدَارَكِ قَبْلَ الزَّوَالِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ رَمْيٌ فَصَارَ كَاللَّيْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّوْمِ (وَلَا لَيْلًا) ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ عِبَادَةُ النَّهَارِ كَالصَّوْمِ وَهَذَانِ الْحُكْمَانِ تَبِعَ فِيهِمَا كَالْإِسْنَوِيِّ تَرْجِيحَ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْأَصَحُّ فِيهِمَا الْجَوَازُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَوَّلِ الْأَصْلُ، وَاقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَالثَّانِي ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي شَامِلِهِ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِمَا وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَتَعْلِيلًا لِلْمَنْعِ بِمَا ذَكَرَ مَمْنُوعَانِ فِي الْمُتَدَارَكِ فَجُمْلَةُ أَيَّامِ مِنًى بِلَيَالِيِهَا كَوَقْتٍ وَاحِدٍ وَكُلُّ يَوْمٍ لِرَمْيِهِ وَقْتُ اخْتِيَارٍ لَكِنْ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ رَمْيِ كُلِّ يَوْمٍ عَلَى زَوَالِ شَمْسِهِ كَمَا مَرَّ. (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ) فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (أَنْ يَبْدَأَ بِالْجَمْرَةِ الْأُولَى) وَهِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ (ثُمَّ الْوُسْطَى، ثُمَّ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الْأَصْلَ) وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الْعَزِيزِ) عِبَارَةُ الْعَزِيزِ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَهُوَ فِي شُغْلِ الِارْتِحَالِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْفِرَ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا، وَلَوْ نَفَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَعَادَ لِشُغْلٍ: أَمَّا قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ بَعْدَهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَنْفِرَ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمُصَحَّحُ فِيهِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ تَعُمُّ الْبَلْوَى بِهَا، وَهِيَ أَنَّ أُمَرَاءَ الْحَجِيجِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ يَبِيتُونَ بِمُعْظَمِ الْحَجِيجِ بِمِنًى اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ مِنْ التَّشْرِيقِ ثُمَّ يَنْفِرُونَ غَالِبًا بُكْرَةَ الثَّالِثِ وَيَدَعُونَ الرَّمْيَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا يُمْكِنُ التَّخَلُّفُ عَنْهُمْ خَوْفًا عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْأَبْضَاعِ وَيُحْرِمُ أَكْثَرُ الْحَجِيجِ بِالْعُمْرَةِ مَعَ بَقَاءِ الرَّمْيِ عَلَيْهِمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْعَقِدُ لِبَقَاءِ الرَّمْيِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الرُّخْصَةِ بِالنَّفْرِ) لَوْ عَادَ لِلْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا عَوْدَهُ لِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِنًى وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّا نَجْعَلُهُ كَالْمُسْتَدِيمِ لِلْفِرَاقِ وَنَجْعَلُ وُجُودَ عَوْدِهِ كَعَدَمِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّمْيُ وَلَا الْمَبِيتُ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي تَارِكِ الرَّمْيِ فَقَطْ إلَخْ) وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الرِّعَاءَ وَأَهْلَ السِّقَايَةِ لَمَّا تَرَكُوا الْمَبِيتَ بِمِنًى امْتَنَعَ فِي حَقِّهِمْ تَأْخِيرُ رَمْيِ يَوْمَيْنِ لِعَدَمِ إتْيَانِهِمْ بِشَيْءٍ مِنْ الشِّعَارِ فِي الْيَوْمَيْنِ بِخِلَافِ مَنْ أَتَى بِالْمَبِيتِ فَإِنَّهُ أَتَى بِشِعَارِهِ فَسُومِحَ بِتَأْخِيرِ الرَّمْيِ (قَوْلُهُ وَالْمَتْرُوكُ وَمِنْهُ، وَلَوْ رَمَى يَوْمَ النَّحْرِ إلَخْ) لَوْ فَاتَهُ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَى رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا فِي مَنَاسِكِ النَّوَوِيِّ وَابْنِ الصَّلَاحِ فَتَفَطَّنْ لَهُ فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ (قَوْلُهُ أَدَاءً إلَى انْقِضَائِهَا) وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ لِلرَّمْيِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ وَجَوَازٍ. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَدَاءٌ) شَمَلَ مَا إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ يَوْمَ النَّحْرِ (قَوْلُهُ وَهَذَانِ الْحُكْمَانِ تَبِعَ فِيهِمَا الْإِسْنَوِيُّ تَرْجِيحَ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ الرَّافِعِيُّ: وَلَا إلَى تَقْدِيمِهِ عَلَى الزَّوَالِ رَاجِعٌ إلَى رَمْيِ كُلِّ يَوْمٍ (قَوْلُهُ الْأَصَحُّ فِيهِمَا الْجَوَازُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ إنَّ الرَّاجِحَ مَذْهَبَا الْجَوَازِ فِيهِمَا تَبَعًا لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَوَّلِ) الْأَصْلِ وَالْمَجْمُوعِ وَالْمَنَاسِكِ (وَقَوْلُهُ فَجُمْلَةُ أَيَّامِ مِنًى بِلَيَالِيِهَا كَوَقْتٍ وَاحِدٍ) وَمَا اقْتَضَاهُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ جَوَازِ رَمْيِ يَوْمَيْنِ وُقُوعُهُ أَدَاءً بِالتَّدَارُكِ لَا يَشْكُلُ بِقَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلْمَعْذُورِينَ أَنْ يَدَعُوا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَأَنْ يَقْضُوا مَا فَاتَهُمْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي تَارِكِ الرَّمْيِ فَقَطْ، وَهُنَاكَ فِي تَارِكِهِ مَعَ الْبَيَانِ بِمِنًى وَالتَّعْبِيرُ بِالْقَضَاءِ لَا يُنَافِي الْأَدَاءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ مُتَكَرِّرٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرْتِيبُ كَمَا فِي السَّعْيِ فَلَا يَعْتَدَّ بِرَمْيِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى وَلَا بِالثَّالِثَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأَوَّلَيْنِ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَرْمِيَ كُلًّا) مِنْهَا (بِسَبْعٍ) مِنْ الْحَصَيَاتِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ تَرَكَ حَصَاةً وَشَكَّ) فِي مَحَلِّهَا مِنْ الثَّلَاثِ (جَعَلَهَا مِنْ الْأُولَى) احْتِيَاطًا (فَيَرْمِي بِهَا) إلَيْهَا (وَبَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَتَيْنِ) الْأُخْرَيَيْنِ (إذْ الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ الرَّمْيِ فِي الْجَمَرَاتِ (لَا تَجِبُ) وَإِنَّمَا تُسَنُّ كَمَا فِي الطَّوَافِ (وَصَرْفُ النِّيَّةِ فِي الرَّمْيِ كَصَرْفِهَا فِي الطَّوَافِ) يَعْنِي صَرْفَ الرَّمْيِ بِالنِّيَّةِ لِغَيْرِ النُّسُكِ كَأَنْ رَمَى إلَى شَخْصٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي الْجَمْرَةِ كَصَرْفِ الطَّوَافِ بِهَا إلَى غَيْرِهِ فَيَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِهِ وَبَحَثَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلْحَاقَ الرَّمْيِ بِالْوُقُوفِ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمْته مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ أَشْبَهَ بِالطَّوَافِ؛ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ فِي الْعَادَة وَفِي الْعِبَادَةِ إلَى رَمْيِ الْعَدُوِّ فَهُوَ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ وَحْدَهُ كَالطَّوَافِ، وَأَمَّا السَّعْيُ فَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَالْوُقُوفِ. (فَرْعٌ السُّنَّةُ أَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ بِالرَّمْيِ) حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبْطِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَيْهِ وَأَنْ يَكُونَ الرَّمْيُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، وَالسُّنَّةُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَرْفَعَ يَدَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَالْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ يَوْمَ النَّحْرِ) فِي رَمْيِهِ (الْجَمْرَةَ وَالْقِبْلَةُ عَلَى يَسَارِهِ) وَعَرَفَةُ عَلَى يَمِينِهِ (وَ) أَنْ (يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَأَنْ يَرْمِيَ رَاجِلًا فِي الْيَوْمَيْنِ) الْأَوَّلَيْنِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ مَشَى إلَيْهَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا» (وَرَاكِبًا يَوْمَ نَفْرِهِ لِيَنْفِرَ عَقِبَهُ) كَمَا أَنَّهُ يَوْمَ النَّحْرِ يَرْمِي رَاكِبًا كَمَا مَرَّ (وَأَنْ يَدْنُوَ) مِنْ الْجَمْرَةِ فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُهُ حَصَى الرَّامِينَ فَيَقِفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ (وَيَدْعُوَ وَيَذْكُرَ) اللَّهَ تَعَالَى وَيُهَلِّلَ وَيُسَبِّحَ (بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ الْأُولَى بِقَدْرِ) سُورَةِ (الْبَقَرَةِ وَكَذَا) بَعْدَ رَمْيِ (الثَّانِيَةِ لَا الثَّالِثَةِ) بَلْ يَمْضِي بَعْدَ رَمْيِهَا لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «إلَّا بِقَدْرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ» فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ. (فَرْعٌ وَإِذَا تَرَكَ رَمْيَ يَوْمِ النَّحْرِ وَ) رَمْيَ (أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) وَلَوْ سَهْوًا (لَزِمَهُ دَمٌ وَكَذَا) يَلْزَمُهُ دَمٌ (بِتَرْكِ) رَمْيِ (ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ) مِنْ ذَلِكَ لِاتِّحَادِ جِنْسِ الرَّمْيِ فِي الْأُولَى كَحَلْقِ الرَّأْسِ وَلِمُسَمَّى الْجَمْعِ فِي الثَّانِيَةِ كَحَلْقِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَالتَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ (أَوْ) تَرَكَ (حَصَاةً مِنْ غَيْرِ آخِرِ رَمْيٍ) لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيَلْزَمُهُ بِهِ دَمٌ (لِبُطْلَانِ مَا بَعْدَهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ) لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ كَمَا مَرَّ، وَالتَّرْجِيحُ فِي هَذَا أَيْضًا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَفِي تَرْكِ الْحَصَاةِ وَالْحَصَاتَانِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ آخِرِ رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (مُدٌّ) فِي الْأُولَى (وَمُدَّانِ) فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الطَّعَامِ كَالشَّعْرَةِ وَالشَّعْرَتَيْنِ لِعُسْرِ تَبْعِيضِ الدَّمِ وَالشَّرْعُ قَدْ عَدَلَ الْحَيَوَانَ بِالطَّعَامِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ، وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ وَالْمُدُّ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَاتِ فَقُوبِلَتْ بِهِ. (فَرْعٌ وَإِنْ أَضَلَّ حَصَاتَيْنِ) بِأَنْ تَرَكَهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ مَحَلَّهَا (جَعَلَهَا وَاحِدًا مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَوَاحِدَةٌ مِنْ ثَالِثَةٍ) ، وَهُوَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَمِنْ أَيْ جَمْرَةٍ كَانَتْ أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ (وَحَصَلَ رَمْيُ) يَوْمِ (النَّحْرِ وَاحِدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) وَعَدَلَ إلَى مَا قَالَهُ عَنْ تَصْوِيرِ الْأَصْلِ لَهُ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي بِتَرْكِ ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ يَجْعَلُ وَاحِدَةً مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَوَاحِدَةً مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى مِنْ ثَانِيَةٍ وَوَاحِدَةً مِنْ الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ ثَالِثَهِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى مَا قَالَهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ تَكَلُّفٌ مُوهِمٌ خِلَافَ الْمُرَادِ. (، وَلَا يُجْزِئُ الرَّمْيُ إلَّا بِالْحَجَرِ، وَلَوْ يَاقُوتًا وَحَجَرَ حَدِيدٍ) وَبِلَّوْرٍ وَعَقِيقٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةُ» «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى بِالْحَصَى وَقَالَ بِمِثْلِ هَذَا فَارْمُوا» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَخَرَجَ بِالْحَصَى الْمَذْكُورِ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ (لَا اللُّؤْلُؤُ) أَيْ لَا الرَّمْيُ بِاللُّؤْلُؤِ (وَالتِّبْرَيْنِ) أَيْ تِبْرِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (وَالْإِثْمِدِ وَنَحْوِهِ) وَمِمَّا لَا يُسَمَّى حَجَرًا كَنُورَةٍ وَزِرْنِيخٍ وَمَدَرٍ وَجِصٍّ وَآجُرَّ وَخَزَفٍ وَمِلْحٍ وَجَوَاهِرَ مُنْطَبِعَةٍ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَحَدِيدٍ (وَيُجْزِئُ حَجَرُ نَوْرَةٍ لَمْ يُطْبَخْ) بِخِلَافِ مَا طُبِخَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُسَمَّى حَجَرًا بَلْ نُورَةً، وَقَدْ مَرَّ آنِفًا. (وَالسُّنَّةُ الرَّمْيُ بِطَاهِرٍ مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ) بِالْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَيْنِ وَهُوَ قَدْرُ الْبَاقِلَّا وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ (وَدُونَهُ وَفَوْقَهُ مَكْرُوهٌ) وَلِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ وَلِلنَّهْيِ عَنْ الرَّمْيِ بِمَا فَوْقَهُ فِي خَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ (وَ) لَكِنَّهُ (يُجْزِئُ) لِوُجُودِ الرَّمْيِ بِحَجَرٍ (فَرْعٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأَمَّا السَّعْيُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ السُّنَّةُ فِي رَمْيِ الْجِمَار] (قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَرْفَعَ يَدَهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُسْتَحَبُّ لَهَا الرَّفْعُ التَّامُّ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَحَدٌ أَوْ كَانَ زَوْجٌ أَوْ مَحَارِمُ فَقَطْ أَوْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ إذَا اتَّفَقَ الرَّمْيُ لَيْلًا (قَوْلُهُ وَرَاكِبًا يَوْمَ نَفْرِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ قَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَهُوَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَمَى الْجِمَارَ مَشَى إلَيْهَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَجَبُ أَنَّ النَّوَوِيَّ قَدْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ اهـ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الرَّاوِي مَشَى إلَيْهَا يُحْتَمَلُ مَشْيُهُ بِدَابَّتِهِ وَعَدَمُ الْإِسْرَاعِ فِي السَّيْرِ وَمَشْيُ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ إلَى صَاحِبِهَا وَلِهَذَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمَشْيِ دَابَّتِهِ، وَلَا تَبْطُلُ بِمَشْيِ السَّفِينَةِ. اهـ. . (قَوْلُهُ وَلَوْ يَاقُوتًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ تَحْرِيمُ الرَّمْيِ بِالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ الرَّمْيُ يَكْسِرُهَا وَيُذْهِبُ مُعْظَمَ مَالِيَّتِهَا، وَلَا سِيَّمَا النَّفِيسُ مِنْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَالسَّرَفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ حَجَرًا أَوْ سَرَقَهُ وَرَمَى بِهِ كَفَى ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِيَ ابْنَ كَجٍّ جَزَمَ بِهِ قَالَ كَالصَّلَاةِ فِي الثَّوَابِ الْمَغْصُوبِ قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ تَحْرِيمُ الرَّمْيِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْجَمْرَةِ) بِالرَّمْيِ فَلَوْ رَمَى إلَى غَيْرِهَا كَأَنْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ فَوَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَمْ يَكْفِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى الْعَلَمِ الْمَنْصُوبِ فِي الْجَمْرَةِ أَوْ الْحَائِطِ الَّتِي بِجَمْرَةٍ الْعَقَبَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَأَصَابَهُ، ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَا يُجْزِئُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْزِئَهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ بِفِعْلِهِ مَعَ قَصْدِ الرَّمْيِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالثَّانِي مِنْ احْتِمَالَيْهِ أَقْرَبُ قَالَ الطَّبَرِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَرْمَى حَدًّا مَعْلُومًا غَيْر أَنَّ كُلَّ جَمْرَةٍ عَلَيْهَا عَلَمٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْمِي تَحْتَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَلَا يَبْعُدُ عَنْهُ احْتِيَاطًا، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ الْجَمْرَةُ مُجْتَمَعُ الْحَصَى لَا مَا سَالَ مِنْ الْحَصَى فَمَنْ أَصَابَ مُجْتَمَعَهُ أَجْزَأَهُ وَمَنْ أَصَابَ سَائِلَهُ لَمْ يُجْزِهِ (وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ) أَيْ الرَّامِي (فِيهَا) فَلَوْ وَقَفَ بِطَرِيقٍ مِنْهَا وَرَمَى إلَى طَرَفٍ آخَرَ كَفَى لِحُصُولِ اسْمِ الرَّمْيِ (وَ) يُشْتَرَطُ (إصَابَةُ الْمَرْمَى يَقِينًا) فَلَوْ شَكَّ فِيهَا لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِيهَا، وَبَقَاءُ الرَّمْيِ عَلَيْهِ (لَا بَقَاؤُهُ) أَيْ الْحَجَرِ وَفِي نُسْخَةٍ بَقَاؤُهَا أَيْ الْحَصَاةِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَرْمَى فَلَا يَضُرُّ تَدَحْرُجُهُ وَخُرُوجُهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ فِيهِ لِوُجُودِ الرَّمْيِ وَحُصُولِ الْحَجَرِ فِيهِ. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الرَّمْيِ (بِهَيْئَةِ الرَّمْيِ بِالْيَدِ) لِلِاتِّبَاعِ (لَا بِالْقَوْسِ وَالرِّجْلِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لِعَدَمِ انْطِلَاقِ اسْمِ الرَّمْيِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا بِالرَّمْيِ بِالْمِقْلَاعِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَا يُسَنُّ أَنْ يَرْمِيَ بِهَيْئَةِ الْخَذْفِ بِأَنْ يَضَعَ الْحَصَى عَلَى بَطْنِ إبْهَامِهِ وَيَرْمِيَهُ بِرَأْسِ السَّبَّابَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِي وَجْهٍ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَرْمِي، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْخَذْفِ» وَقَالَ «إنَّهُ لَا يَقْتُلُ الصَّيْدَ، وَلَا يَنْكَأُ الْعَدُوَّ إنَّهُ يَفْقَأُ الْعَيْنَ وَيَكْسِرُ السِّنَّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ الْخَذْفَ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ نَبَّهَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْعِلَّةِ فِي كَرَاهَةِ الْخَذْفِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِعَدَمِ الْقَتْلِ وَالنِّكَايَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ إنَّمَا سَبَقَ لِعَدَمِ الِاشْتِغَالِ بِهِ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ فِي الْحَرْبِ وَفِي آخِرِ خَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ «وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُشِيرُ بِيَدِهِ» كَمَا يَخْذِفُ الْإِنْسَانُ، وَهَذَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْخَذْفِ أَظْهَرُ مِمَّا اسْتَدَلَّ هُوَ بِهِ عَلَى عَكْسِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ مَخْصُوصٌ بِالرَّمْيِ إلَى الْحَيَوَانِ لَا مُطْلَقًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الرَّمْيِ لِلْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ لَا يُمْنَعُ فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ عُمُومِ الْحَدِيثِ (وَلَا يُوضَعُ الْحَجَرُ) فِي الْمَرْمَى؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ الرَّمْيُ فَلَا بُدَّ مِنْ صِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِالِاكْتِفَاءِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ بِوَضْعِ الْيَدِ مَبْلُولَةً عَلَيْهِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ مَبْنَى الْحَجِّ عَلَى التَّعَبُّدِ وَبِأَنَّ الْوَاضِعَ هُنَا لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَرْمَى بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ فِيهِمَا. (وَإِنْ رَمَى) الْحَجَرَ (فَأَصَابَ شَيْئًا) كَأَرْضٍ أَوْ مَحْمِلٍ أَوْ عُنُقِ بَعِيرٍ (فَارْتَدَّ إلَى الْمَرْمَى لَا بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَهُ أَجْزَأَهُ) لِحُصُولِهِ فِي الْمَرْمَى بِفِعْلِهِ بِلَا مُعَاوَنَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّ بِحَرَكَةِ إصَابَةٍ بِأَنْ حَرَّكَ الْمَحْمِلَ صَاحِبُهُ فَنَقَضَهُ أَوْ تَحَرَّكَ الْبَعِيرُ فَدَفَعَهُ فَوَقَعَ فِي الْمَرْمَى (وَكَذَا) يُجْزِئُ رَمْيُ الْحَصَاةِ (لَوْ رَدَّتْهَا الرِّيحُ) إلَيْهِ (أَوْ تَدَحْرَجَتْ) إلَيْهِ (مِنْ الْأَرْضِ) لِحُصُولِهَا فِيهِ لَا بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَلَا أَثَرَ لِرَدِّ الرِّيحِ؛ لِأَنَّ الْجَوَّ لَا يَخْلُو عَنْهَا (لَا) إنْ تَدَحْرَجَتْ (مِنْ ظَهْرِ بَعِيرٍ وَنَحْوِهِ) كَعُنُقِهِ وَمَحْمِلٍ فَلَا يَكْفِي (لِإِمْكَانِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ (تَأَثُّرِهَا بِهِ) . (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ سَبْعَ مَرَّاتٍ) لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (وَلَوْ بِتَكْرِيرِ حَصَاةٍ) كَمَا لَوْ دَفَعَ مُدًّا إلَى فَقِيرٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ وَعَلَى هَذَا تَتَأَدَّى الرَّمْيَاتُ كُلُّهَا بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ (فَإِنْ رَمَى حَصَاتَيْنِ مَعًا) ، وَلَوْ بِرَمْيِ أَحَدِهِمَا بِالْيُمْنَى وَالْأُخْرَى بِالْيُسْرَى (وَتَرَتَّبَا) الْأَوْلَى وَتَرَتَّبَتَا (فِي الْوُقُوعِ) أَوْ وَقَعَتَا مَعَهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (فَوَاحِدَةٌ) بِالِاتِّفَاقِ (أَوْ عَكَسَ) بِأَنْ رَمَاهُمَا مُرَتَّبَتَيْنِ فَوَقَعَا مَعًا أَوْ مَرَّتَيْنِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (فَاثْنَتَانِ) اعْتِبَارًا بِالرَّمْيِ وَكَذَا إنْ وَقَعَتْ الثَّانِيَةُ قَبْلَ الْأُولَى. [فَرْعٌ لِلْعَاجِزِ عَنْ الرَّمْي أَنْ يَسْتَنِيب] (فَرْعٌ يَجُوزُ لِلْعَاجِزِ) عَنْ الرَّمْيِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ (إنْ يَئِسَ مِنْ الْبُرْءِ فِي الْوَقْتِ أَنْ يَسْتَنِيبَ لِلرَّمْيِ) عِنْدَ خَشْيَةِ فَوَاتِهِ كَالْحَجِّ وَقَوْلُهُ لِلْعَاجِزِ أَيْ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَحَبْسٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ بِحَقٍّ بِالِاتِّفَاقِ لَكِنْ شَرَطَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ يُحْبَسَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَذَكَرَ أَنَّ الْبَنْدَنِيجِيَّ حَكَاهُ عَنْ النَّصِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْحَاوِي وَالتَّتِمَّةِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهِمَا وَسَيَأْتِي فِي الْمُحْصَرِ أَنَّهُ إذَا حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّحَلُّلُ، ثُمَّ إنْ اسْتَنَابَ (مَنْ قَدْ رَمَى) عَنْ نَفْسِهِ أَوْ حَلَالًا فَرَمَى عَنْهُ وَقَعَ عَنْهُ كَمَا فِي طَوَافِ الْحَامِلِ لِغَيْرِهِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بِالرَّمْيِ بِالْمِقْلَاعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الْوَاضِعَ هُنَا لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ مَقْصُودٌ لِعَيْنِهِ لَا طَرِيقَ لِتَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ وَلِأَنَّ جَوْهَرَ الرَّمْيِ عَلَى حَذْفِ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ بِخِلَافِ وَامْسَحُوا فَإِنَّ جَوْهَرَ لَفْظِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَدٍّ بَلْ حُصُولُ مُلَاقَاةِ شَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ لِشَيْءٍ مِنْ الرَّأْسِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ جَرَى الْمَاءُ الَّذِي قَطَّرَهُ كَفَى بِلَا خِلَافٍ. (قَوْلُهُ يَجُوزُ لِلْعَاجِزِ إنْ يَئِسَ مِنْ الْبُرْءِ إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ كَلَامُهُمْ يُفْهَمُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ الْقُدْرَةَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَقُلْنَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِيبَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَمْ يُصَرِّحْ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْعَاجِزَ عَلَى الرَّمْيِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَرْمِي عَنْهُ قَالَ وَالْمُتَّجَهُ الْوُجُوبُ لِضِيقِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ فَاقِدَ الْيَدَيْنِ بِقَطْعٍ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِعَاجِزٍ فَقَدْ صَرَّحَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي بِأَنَّ الرَّمْيَ بِالْيَدِ غَيْرُ وَاجِبٍ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْحَصَاةُ فِي ذَيْلِهِ أَوْ فِي كُمِّهِ فَنَفَضَهَا حَتَّى وَقَعَتْ فِي الرَّمْيِ يُجْزِئُهُ، وَلَوْ وَضَعَ الْحَصَاةَ بِفِيهِ وَلَفَظَهَا إلَى الرَّمْيِ لَمْ يُجْزِئْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا نَقْلَ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ (قَوْلُهُ خَشْيَةَ فَوَاتِهِ كَالْحَجِّ) بِمَعْنَى أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ فِي الْحَجِّ جَائِزَةٌ فَكَذَلِكَ فِي أَبْعَاضِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ بِحَقٍّ بِالِاتِّفَاقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ شَرَطَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ يُحْبَسَ بِغَيْرِ حَقٍّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ بَاطِلٌ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَصُورَةُ الْمَحْبُوسِ بِحَقِّ إنْ يَجِبَ عَلَيْهِ قَوْدٌ لِصَغِيرٍ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَبْلُغَ وَمَا أَشْبَهَهَا (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي الْمُحْصَرِ أَنَّهُ إذَا حُبِسَ بِحَقٍّ إلَخْ) كَلَامُ الْمَجْمُوعِ (وَإِلَّا) فِي حَقِّ عَاجِزٍ عَنْ أَدَائِهِ وَمَفْهُومُ النَّصِّ وَغَيْرِهِ فِي حَقِّ قَادِرٍ عَلَى أَدَائِهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَمَنْ قَدْ رَمَى) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَمْ يُبَيِّنُوا مَا الْمُرَادُ مِنْ تَقَدُّمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 (وَإِلَّا) بِأَنْ اسْتَنَابَ مَنْ لَمْ يَرْمِ فَرَمَى (وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّ رَمْيَهُ يَقَعُ عَنْهُ دُونَ الْمُسْتَنِيبِ كَالْحَجِّ وَإِذَا اسْتَنَابَ عَنْهُ مَنْ رَمَى أَوْ حَلَالًا (فَيُنَاوَلُهُ الْحَصَى نَدْبًا وَيُكَبِّرُ) كَذَلِكَ (إنْ أَمْكَنَ) ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ تَنَاوَلَهَا النَّائِبُ وَكَبَّرَ بِنَفْسِهِ لَوْ أَخَّرَ نَدْبًا عَنْ قَوْلِهِ وَيُكَبِّرُ كَانَ أَوْلَى، أَمَّا إذَا لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الْبُرْءِ فِي الْوَقْتِ فَلَا يَسْتَنِيبُ كَمَا فِي الْحَجِّ (وَلَا يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ) عَنْ الرَّمْيِ عَنْهُ (بِإِغْمَائِهِ) أَيْ إغْمَاءِ الْمُسْتَنِيبِ كَمَا لَا يَنْعَزِلُ عَنْهُ وَعَنْ الْحَجِّ بِمَوْتِهِ وَلِأَنَّ الْإِغْمَاءَ زِيَادَةٌ فِي الْعَجْزِ الْمُبِيحِ لِلْإِنَابَةِ فَلَا يَكُونُ مُفْسِدًا لَهَا فَارَقَ سَائِرَ الْوَكَالَاتِ بِوُجُوبِ الْإِذْنِ هُنَا (فَيُجْزِئُهُ رَمْيُهُ) عَنْهُ (وَلَوْ بَرِئَ) مِنْ عُذْرِهِ (فِي الْوَقْتِ) بَعْدَ الرَّمْيِ فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ لَكِنَّهَا تُسَنُّ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْحَجِّ بِأَنَّ الرَّمْيَ تَابِعٌ وَيُجْبَرَ تَرْكُهُ بِدَمٍ بِخِلَافِ الْحَجِّ فِيهِمَا أَمَّا إغْمَاءُ النَّائِبِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ وَهُوَ الْقِيَاسُ. (فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ) لِلْحَاجِّ (بَعْدَ رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُحَصَّبَ) بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ، ثُمَّ جَاءَ وَصَادٍ وَمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ، ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ اسْمٌ لِمَكَانٍ مُتَّسَعٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى، وَهُوَ إلَى مِنًى أَقْرَبُ وَيُقَالُ لَهُ: الْأَبْطَحُ وَالْبَطْحَاءُ وَخَيْفُ بَنِي كِنَانَةَ وَحْدَهُ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ إلَى الْمَقْبَرَةِ (مِنْ الظُّهْرِ) يَعْنِي فِي وَقْتِهِ فَيَنْزِلُ بِهِ (وَيُصَلِّي) فِيهِ الْعَصْرَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ (وَيَبِيتُ فِيهِ) لَيْلَةَ الرَّابِعَ عَشْرَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فَلَوْ تَرَكَ النُّزُولَ بِهِ لَمْ يُؤَثِّرَ فِي نُسُكِهِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ «لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُحَصَّبُ لَيْسَ بِشَيْءٍ إنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» «وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ نُزُولُ الْمُحَصَّبِ لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ إنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُتَعَجِّلَ فِي ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ نُزُولُ الْمُحَصَّبِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. انْتَهَى، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَأَنَّ كَلَامَهُمْ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ (فَصْلٌ طَوَافُ الْوَدَاعِ) الْمُسَمَّى أَيْضًا بِطَوَافِ الصَّدَرِ (وَاجِبٌ) عَلَى مَنْ أَرَادَ السَّفَرَ كَمَا سَيَأْتِي رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ طَافَ لِلْوَدَاعِ» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خَبَرَ «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ أَيْ الطَّوَافِ بِهِ» كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَلَا وَدَاعَ عَلَى مُرِيدِ الْإِقَامَةِ وَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بَعْدَهُ قَالَهُ الْإِمَامُ، وَلَا عَلَى مُرِيدِ السَّفَرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَعْمَالِ، وَلَا عَلَى الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ الْخَارِجِ إلَى التَّنْعِيمِ وَنَحْوِهِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَخَا عَائِشَةَ بِأَنْ يُعَمِّرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ، وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِوَدَاعٍ» ، وَهَذَا فِيمَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ، وَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْمَجْمُوعِ فِيمَنْ أَرَادَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فِيمَنْ خَرَجَ إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ مَحَلٍّ يُقِيمُ فِيهِ   [حاشية الرملي الكبير] رَمْيِهِ هَلْ هُوَ فِي رَمْيِ يَوْمٍ بِكَمَالِهِ وَإِذَا رَمَى جَمْرَةً لِنَفْسِهِ جَازَ أَنْ يَرْمِيَ إلَيْهَا لِلْعَاجِزِ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فَلَوْ فَعَلَ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ يَدُلُّ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْقَوْلَ فِي جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ فِي الرَّمْيِ بِالْعُذْرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْأَجِيرِ إجَارَةَ عَيْنٍ أَمَّا هُوَ فَقَدْ أَطْلَقُوا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي شَيْءٍ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فَإِمَّا أَنْ تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ وَإِمَّا أَنْ يَجْرِيَ كَلَامُهُمْ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ، وَهَذَا أَقْرَبُ وَقَوْلُهُ يَدُلُّ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ وَقَوْلُهُ وَإِمَّا أَنْ يَجْرِيَ كَلَامُهُمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ بِأَنْ اسْتَنَابَ لَمْ يَرْمِ) ، وَلَوْ بَعْضَ الْجَمَرَاتِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ رَمْيَهُ يَقَعُ عَنْهُ دُونَ الْمُسْتَنِيبِ) يُخَالِفُهُ مَا سَبَقَ فِي الطَّوَافِ عَنْ الْغَيْرِ إذَا كَانَ مُحْرِمًا فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْغَيْرِ إذَا نَوَاهُ لَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّوَافَ لَمَّا كَانَ مِثْلَ الصَّلَاةِ أَثَّرَتْ فِيهِ نِيَّةُ الصَّرْفِ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الرَّمْيِ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَبِيهًا بِالصَّلَاةِ، وَقِيَاسُ السَّعْيِ أَنْ يَكُونَ كَالرَّمْيِ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِالطَّوَافِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ طَوَافًا بِقَوْلِهِ {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ بِإِغْمَائِهِ إلَخْ) الْمَجْنُونُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لِغَيْرِهِ فِي الرَّمْيِ عَنْهُ لَمْ يُجْزِ الرَّمْيُ عَنْهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَنْبَغِي قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ الْيَاءِ بِمَعْنَى يَكْفِي لَا بِفَتْحِهَا بِمَعْنَى يَحِلُّ لِقَوْلِ الْإِمْلَاءِ وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُفِقْ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَحْبَبْتُ لِمَنْ مَعَهُ أَنْ يَرْمِيَ عَنْهُ وَعَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِالرَّمْيِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِهِ. وَإِنْ صَحَّ فَكَيْفَ يَصِحُّ بِلَا إذْنٍ وَأَيْضًا الصِّحَّةُ تَسْتَلْزِمُ الْبَرَاءَةَ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْخَادِمِ وَالتَّعَقُّبَاتِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْفِصَالُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّا إنَّمَا نَحْتَاجُ إلَى الْإِذْنِ حَيْثُ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَا أَمَّا إذَا دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ قَامَ مَقَامَ الْإِذْنِ وَكَيْفَ وَنَحْنُ نَجْزِمُ بِأَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ مُفِيقًا لَأَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي الرَّمْيِ عَنْهُ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ نَاظِرَ الْوَقْفِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ تَوْسِعَةً أَوْ زِيَادَةً لَمْ يَشْرِطْهَا الْوَاقِفُ جَازَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَغْيِيرِ مَعَالِمِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ تَغْيِيرَ مَعَالِمِ الْوَاقِفِ عِبَارَةٌ عَنْ تَغْيِيرِ شُرُوطِهِ وَأَمَّا هَذَا فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْوَاقِفَ لَوْ كَانَ حَيًّا لَرَضِيَ بِذَلِكَ وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ وَمَا صَحَّحَ الْأَصْحَابُ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُضْطَرِّ إذَا أَطْعَمَهُ إنْسَانٌ فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ لَالْتَزَمَ الْأَكْلَ بِعِوَضٍ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا دَاوَى الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الرُّجُوعُ وَوَجْهُ الرُّجُوعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَالِغًا لَأَذِنَ عَنْ الثَّانِي بِمَنْعِ اللُّزُومِ فَقَدْ يَصِحُّ الشَّيْءُ، وَلَا تَبْرَأُ بِهِ الذِّمَّةُ كَصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَالْحَجِّ الْفَاسِدِ قَالَ شَيْخُنَا فَإِنَّهُمَا صَحِيحَانِ، وَلَا تَبْرَأُ بِهِمَا الذِّمَّةُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْحَجِّ فِيهِمَا) ، وَقَدْ يُقَالُ فِي الْفَرْقِ إنَّ الرَّمْيَ عَلَى الْفَوْرِ، وَقَدْ ظَنَّ الْعَجْزَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَقُلْنَا إنَّ أَيَّامَ الرَّمْيِ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِيبَ، وَلَوْ عَجَزَ الْأَجِيرُ عَلَى عَيْنِهِ عَنْ الرَّمْيِ هَلْ يَسْتَنِيبُ هُنَا لِلضَّرُورَةِ أَوْ لَا يَسْتَنِيبُ كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ قَالَ الْغَزِّيِّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي خِلَافُهُ وَيُرِيقُ دِمًا (قَوْلُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصَلِّ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ بَعْدَ رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُحَصَّبَ] (قَوْلُهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ نُزُولُ الْمُحَصَّبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ طَوَافُ الْوَدَاعِ] (قَوْلُهُ، وَهَذَا فِيمَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْعِمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ فَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا. (وَإِنْ نَفَرَ مِنْ مِنَى) ، وَلَمْ يَطُفْ الْوَدَاعَ (جَبَرَ بِالدَّمِ) لِتَرْكِهِ نُسُكًا وَاجِبًا فَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى بَلَدِهِ مِنْ مِنًى لَزِمَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَهُ قَبْلَ عَوْدِهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (فَإِنْ عَادَ) بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنًى بِلَا وَدَاعٍ (قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَطَافَ) لِلْوَدَاعِ (سَقَطَ) عَنْهُ (الدَّمُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ وَكَمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ (لَا) إنْ عَادَ (بَعْدَهَا) فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ لِاسْتِقْرَارِهِ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ، وَمَا قِيلَ فِيمَا إذَا عَادَ قَبْلَهَا مِنْ أَنَّ فِي تَعْلِيلِ سُقُوطِ الدَّمِ عَنْهُ بِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ نَظَرٌ إذَا سَوَّيْنَا بَيْنَ السَّفَرِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ فِي وُجُوبِ الْوَدَاعِ قَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ سَفَرَهُ هُنَا لَمْ يَتِمَّ لِعَوْدِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَبِأَنَّ فِي اسْتِقْرَارِ الدَّمِ إشْغَالُ الذِّمَّةِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِ كَالْمُقِيمِ فِي دَفْعِ إشْغَالِهَا جَعْلُهُ كَذَلِكَ فِي دَفْعِ وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ الْمُنَاسِبِ لِمُفَارَقَةِ مَكَّةَ (لَكِنْ لَا) وَفِي نُسْخَةٍ وَهِيَ الْأَوْلَى، وَلَا (يَجِبُ) عَلَى مَنْ وَصَلَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ (الْعَوْدُ) لِلْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُصَلِّهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إنْ خَرَجَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ. (، وَلَا يَلْزَمُ) الطَّوَافُ (حَائِضًا طَهُرَتْ خَارِجَ مَكَّةَ، وَلَوْ فِي الْحَرَمِ) لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَكُونَ أَخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَنْصَرِفَ بِلَا وَدَاعٍ» بِخِلَافِ مَا لَوْ طَهُرَتْ قَبْلَ خُرُوجِهَا وَكَالْحَائِضِ النُّفَسَاءُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَيْضِ أَنَّ لِلْمُتَحَيِّرَةِ أَنْ تَطُوفَ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَإِنْ لَمْ تَطُفْ طَوَافَ الْوَدَاعِ فَلَا دَمَ عَلَيْهَا لِلْأَصْلِ. (وَمَنْ مَكَثَ) ، وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ أَوْ زِيَارَةِ صَدِيقٍ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ الْمَتْبُوعِ بِرَكْعَتَيْهِ وَبِمَا يَأْتِي فِي الْفَرْعِ الْآتِي (أَعَادَةً) وُجُوبًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَلِخُرُوجِهِ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ وَدَاعًا (لَا) إنْ مَكَثَ (لِشِرَاءِ زَادٍ وَشَدِّ رَحْلٍ) وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَشْغَالِ السَّفَرِ (وَصَلَاةُ جَمَاعَةٍ أُقِيمَتْ) ؛ لِأَنَّ الْمَشْغُولَ بِذَلِكَ غَيْرُ مُقِيمٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَقَدَّمَ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ إذَا لَمْ يُعْرِجْ لَهَا لَا تَقْطَعُ الْوَلَاءَ بَلْ يُغْتَفَرُ صَرْفُ قَدْرِهَا فِي سَائِرِ الْأَغْرَاضِ، وَكَذَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَيُجْزِئُ ذَلِكَ هُنَا بِالْأَوْلَى، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ. انْتَهَى. (وَلَيْسَ) طَوَافُ الْوَدَاعِ (مِنْ الْمَنَاسِكِ) أَيْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَلْ هُوَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (فَمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ) مِنْ مَكَّةَ (إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ دُونَهَا عَلَى الصَّحِيحِ (وَدَّعَ) مَكِّيًّا كَانَ أَوْ آفَاقِيًّا تَعْظِيمًا لِلْحَرَمِ وَتَشْبِيهًا لِاقْتِضَاءِ خُرُوجِهِ الْوَدَاعَ بِاقْتِضَاءِ دُخُولِهِ الْإِحْرَامَ، وَلَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ قَاصِدَ الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ لَا يُؤْمَرُ، وَلَوْ كَانَ مِنْهَا لَأُمِرَ بِهِ هَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَنُقِلَا عَنْ صَاحِبَيْ التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِمَا وَنُقِلَا عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَأَنَّهُ مِنْهَا وَيَخْتَصُّ بِمَنْ يُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْ ذَوِي النُّسُكِ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا إلَّا الْمُتَوَلِّي فَجَعَلَهُ تَحِيَّةً لِلْبُقْعَةِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَأْوِيلُ كَلَامِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا رُكْنًا كَمَا قَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ قَالَ: وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ الشَّيْخَيْنِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْهَا لَأَمَرَ بِهِ قَاصِدَ الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِلْمُفَارَقَةِ، وَلَمْ تَحْصُلْ كَمَا أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لَا يُشْرَعُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ مَكَّةَ يَلْزَمُهُمَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِدَمٍ، وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَذَكَرَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ ذَكَرْتُهَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرَهُ، وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَفِي مَجْمُوعِهِ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَعْمَالِ الْحَجِّ وَاقْتِضَاءُ كَلَامِ الْأَصْلِ آخِرَ الْبَابِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا نُقِلَ عَنْ التَّهْذِيبِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ فِيهِ أَنَّهُ نُسُكٌ حَيْثُ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَوَافِ الْقُدُومِ حَيْثُ لَا يَجِبُ أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ تَحِيَّةَ الْبَيْتِ، وَهُوَ يَسْقُطُ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ وَطَوَافُ الْوَدَاعِ نُسُكٌ لَا يَسْقُطُ بِطَوَافٍ آخَرَ وَاجِبٌ. انْتَهَى وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ أَوْ لَا وَفِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَجِيرَ فِعْلُهُ أَوْ لَا وَفِي أَنَّهُ يُحَطُّ شَيْءٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ نَفَرَ مِنْ مِنًى جُبِرَ بِالدَّمِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ طَوَافُ الْوَدَاع وَاجِبٌ إنْ نَفَرَ مِنْ مِنًى وَيُجْبَرُ بِدَمٍ. (قَوْلُهُ وَكَالْحَائِضِ النُّفَسَاءُ إلَخْ) الْمَعْذُورُ هَلْ يَلْحَقُ بِالْحَائِضِ كَخَوْفِ ظَالِمٍ وَفَوْتِ رُفْقَةٍ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلطَّبَرِيِّ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَ لَا تُقَاسَ وَالْأَظْهَرُ الِالْتِحَاقُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ عَزِيمَةٌ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ الْأَظْهَرُ الِالْتِحَاقُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَإِنْ لَمْ تَطُفْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ جَاهِلًا) أَوْ مُكْرَهًا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ مَكَثَ لِشِرَاءِ زَادٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ مَكَثَ مُكْرَهًا بِأَنْ ضُبِطَ أَوْ هُدِّدَ بِمَا يَكُونُ إكْرَاهًا فَهَلْ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ مَكَثَ مُخْتَارًا فَيَبْطُلُ الْوَدَاعُ أَوْ نَقُولُ الْإِكْرَاهُ يُسْقِطُ أَثَرَ هَذَا اللُّبْثِ فَإِذَا أَطْلَقَ وَانْصَرَفَ فِي الْحَالِ جَازَ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فِيهِ احْتِمَالٌ وَمِثْلُهُ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ عَقِبَ الْوَدَاعِ أَوْ جُنَّ لَا بِفِعْلِهِ الْمَأْثُومِ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ لُزُومُ الْإِعَادَةِ فِي كُلِّ ذَلِكَ حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْهَا كَ (قَوْلِهِ فَيُجْزِئُ ذَلِكَ هُنَا بِالْأَوْلَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ مِنْهَا لَأَمَرَ بِهِ) قَالَ النَّوَوِيُّ وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا خَبَرُ مُسْلِمٍ «يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا» سَمَّاهُ قَبْلَ الْوَدَاعِ قَاضِيًا لِلْمَنَاسِكِ وَحَقِيقَتُهُ جَمِيعُهَا (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُمَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِدَمٍ وَلَا قَائِلَ بِهِ) وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ النَّوَوِيِّ بِالْخَبَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ النُّسُكُ الَّذِي تُمْكِنُ الْإِقَامَةُ مَعَهُ أَوْ الَّذِي لَيْسَ بِتَابِعٍ عَلَى أَنَّ الْمُهَاجِرَ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ وَيُقِيمَ بِهَا ثَلَاثًا لَا غَيْرُ لِلْخَبَرِ فَلَا يَلْزَمُ حَمْلُهُ عَلَى الْإِقَامَةِ قَبْلَ الطَّوَافِ فَإِنْ قُلْت: الْقَوْلُ بِأَنَّهُ مِنْهَا مَعَ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ يَقْتَضِي مَنْعَ الْعُمْرَةِ قَبْلَهُ كَمَا يَمْنَعُهَا بَقَاءُ الرَّمْيِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ اعْتَمَرَتْ عَائِشَةُ قَبْلَهُ قُلْنَا يَنْدَفِعُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَدَاعُ آخِرَ مَا يَفْعَلُهُ قَاصِدُ الْخُرُوجِ تَعَذَّرَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهَا فَاحْتَمَلَ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّمْيِ (قَوْلُهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ نُسُكٌ لَا يَسْقُطُ بِطَوَافٍ آخَرَ وَاجِبٌ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ غَيْرِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَهُوَ حُكْمٌ مُهِمٌّ بَلْ قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ حَتَّى لَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى أَوْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ أَوْ عَنْ نَذْرٍ ثُمَّ أَرَادَ السَّفَرَ عَقِبَهُ لَمْ يَكْفِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَطُوفَ لِلْوَدَاعِ أَيْضًا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ (قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِي أَنَّهُ يُحَطُّ شَيْءٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 مِنْ أُجْرَةِ الْأَجِيرِ عِنْدَ تَرْكِهِ أَوْ لَا وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ. (فَرْعٌ وَيُسْتَحَبُّ) لِمَنْ أَتَى بِطَوَافِ الْوَدَاعِ الْمَتْبُوعِ بِرَكْعَتَيْهِ (أَنْ يَدْعُوَ بَعْدَهُ عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَلْتَزِمُونَهُ بِالدُّعَاءِ وَيُسَمَّى بِالْمُدَّعَى وَالْمُتَعَوَّذِ بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَبَابِ الْكَعْبَةِ (وَبِالْمَأْثُورِ) أَيْ الْمَنْقُولِ وَبِغَيْرِهِ لَكِنَّ الْمَأْثُورَ أَفْضَلُ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُك وَالْعَبْدُ عَبْدُك وَابْنُ أَمَتِك حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْت لِي مِنْ خَلْقِك حَتَّى سَيَّرْتنِي فِي بِلَادِك وَبَلَّغْتنِي بِنِعْمَتِك وَحَتَّى أَعَنْتنِي عَلَى قَضَاءِ مَنَاسِكِك فَإِنْ كُنْت رَضِيَتْ عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا وَإِلَّا فَمُنَّ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِك دَارِي وَيَبْعُدَ عَنْهُ مَزَارِي هَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْت لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِك، وَلَا بَيْتِكَ وَلَا رَاغِبٍ عَنْكَ، وَلَا عَنْ بَيْتِك اللَّهُمَّ فَاصْحَبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي وَارْزُقْنِي الْعَمَلَ بِطَاعَتِك مَا أَبْقَيْتنِي وَمَا زَادَ فَحَسَنٌ، وَقَدْ زِيدَ فِيهِ وَاجْمَعْ لِي خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنَّك قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ، وَلَفْظُ فَمُنَّ الْآنَ يَجُوزُ فِيهِ ضَمُّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدُ النُّونِ، وَهُوَ الْأَجْوَدُ وَكَسْرُ الْمِيمِ وَتَخْفِيفُ النُّونِ وَمَعَ فَتْحِهَا وَكَسْرِهَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ الشَّافِعِيُّ اُسْتُحِبَّ لِمَنْ فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ فَيُلْصِقَ بَطْنَهُ وَصَدْرَهُ بِحَائِطِ الْبَيْتِ وَيَبْسُطَ يَدْيَهُ عَلَى الْجِدَارِ فَيَجْعَلَ الْيُمْنَى مِمَّا يَلِي الْبَابَ وَالْيُسْرَى مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَيَدْعُوَ بِمَا أَحَبَّ. (، ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ اُسْتُحِبَّ أَنْ تَأْتِيَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَتَمْضِيَ (وَ) أَنْ (يَنْصَرِفَ مُلْتَفِتًا إلَى الْبَيْتِ) بِوَجْهِهِ (مَا أَمْكَنَهُ) وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ أَنَّهُ يَمْشِي تِلْقَاءَ وَجْهِهِ مُسْتَدْبَرَ الْبَيْتِ وَصَوَّبَهُ فِي مَجْمُوعِهِ (وَأَنْ يَتَضَلَّعَ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الدُّعَاءِ وَقَبْلَ انْصِرَافِهِ، عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَنْ يَشْرَبَ (مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ) ، ثُمَّ يَعُودَ إلَى الْحَجَرِ فَيَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَنْصَرِفَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ كَمَا قُلْنَا وَيُسَنُّ لِمَنْ يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ أَنْ يَشْرَبَهُ لِمَا يَطْلُبُهُ فَإِذَا قَصَدَهُ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ اللَّهُمَّ إنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَاءُ زَمْزَمُ لِمَا شُرِبَ لَهُ» اللَّهُمَّ إنِّي أَشْرَبُهُ لِكَذَا اللَّهُمَّ فَافْعَلْ، ثُمَّ يُسَمِّي اللَّهَ وَيَشْرَبُ وَيَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا قَالَ الْحَاكِمُ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إذَا شَرِبَهُ قَالَ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَأَنْ يَشْرَبَ مِنْ نَبِيذِ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ مَا لَمْ يُسْكِرْ وَيَقُولَ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا، وَلَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آيِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعَدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ (وَ) أَنْ (يَدْخُلَ) الشَّخْصُ قَبْلَ دُعَائِهِ عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ (الْبَيْتَ حَافِيًا مَا لَمْ يُؤْذِ أَوْ يَتَأَذَّ) بِزِحَامٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَأَنَّ لَا يَرْفَعَ بَصَرَهُ إلَى سَقْفِهِ، وَلَا يَنْظُرَ إلَى أَرْضِهِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَحَيَاءً مِنْهُ. (وَ) أَنْ (يُصَلِّيَ) فِيهِ وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقْصِدَ مُصَلَّى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَمْشِيَ بَعْدَ دُخُولِهِ الْبَابَ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْبُخَارِيِّ (وَ) أَنْ (يَدْعُوَ فِي جَوَانِبِهِ وَيُكْثِرَ الِاعْتِمَارَ وَالطَّوَافَ) تَطَوُّعًا (وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الطَّوَافِ وَأَنْ يَزُورَ الْمَوَاضِعَ الْمَشْهُورَةَ بِالْفَضْلِ بِمَكَّةَ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْهَا بَيْتُ الْمَوْلِدِ وَبَيْتُ خَدِيجَةَ وَمَسْجِدُ دَارِ الْأَرْقَمِ وَالْغَارُ الَّذِي فِي ثَوْرٍ وَالْغَارُ الَّذِي فِي حِرَاءَ، وَقَدْ أَوْضَحَهَا النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ (، ثُمَّ يَزُورُ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَعَلَى صَاحِبَيْهِ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ لِخَبَرِ «مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي» وَخَبَرُ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَخَبَرُ «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَرُوِيَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَتَاهُ وَلْيُكْثِرْ الْمُتَوَجِّهُ إلَيْهَا فِي طَرِيقِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ وَيَزِيدُ مِنْهُمَا إذَا أَبْصَرَ أَشْجَارَهَا مَثَلًا. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ دُخُولِهِ وَيَلْبَسَ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَصَدَ الرَّوْضَةَ فَيُصَلِّي فِيهَا تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ بِجَنْبِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَبْرَ فَيَسْتَقْبِلُ رَأْسَهُ وَيَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ وَيَبْعُدُ مِنْهُ نَحْوَ أَرْبَعِ أَذْرُعٍ وَيَقِفُ نَاظِرًا إلَى أَسْفَلَ مَا يَسْتَقْبِلُهُ فِي مَقَامِ الْهَيْبَةِ وَالْإِجْلَالِ فَارِغَ الْقَلْبِ مِنْ عَلَائِقِ الدُّنْيَا وَيُسَلِّمُ، وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَى صَوْبِ يَمِينِهِ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّ رَأْسَهُ عِنْدَ مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ -   [حاشية الرملي الكبير] مِنْ أُجْرَةِ الْأَجِيرِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَرْجَحُ نَعَمْ. (قَوْلُهُ وَأَنْ يَنْصَرِفَ مُلْتَفِتًا إلَى الْبَيْتِ إلَخْ) بِأَنْ يُكْثِرَ الِالْتِفَاتَ إلَى أَنْ يَغِيبَ عَنْهُ كَالْمُتَحَزِّنِ الْمُتَأَسِّفِ لِفِرَاقِهِ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا خَرَجَ الْمُوَدِّعُ وَلَّى ظَهْرَهُ الْكَعْبَةَ لَمْ يَرْجِعْ الْقَهْقَرَى كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ جَهَلَةَ الْمُتَنَسِّكِينَ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ لَا سُنَّةَ فِيهِ، وَلَا أَثَرَ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي أَنَّ الْمُوَدِّعَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ يَخْرُجُ وَقَالَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَوْضَحَهَا النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ) أَيْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَزُورُ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) يَنْوِي الزَّائِرُ مَعَ الزِّيَارَةِ التَّقَرُّبَ بِقَصْدِ مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَائِدَةٌ) يُدْعَى لِلْقَادِمِ: قَبِلَ اللَّهُ حَجَّك وَغَفَرَ ذَنْبَكَ وَأَخْلَفَ نَفَقَتَك (قَوْلُهُ وَيَبْعُدُ مِنْهُ نَحْوُ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ) وَيَقِفُ وَالْقِنْدِيلُ الَّذِي فِي الْقِبْلَةِ حِذَاءَ رَأْسِهِ وَالْمِسْمَارُ الْفِضَّةُ الَّذِي فِي جِدَارِ الْقَبْرِ تُجَاهُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 يَتَأَخَّرُ قَدْرَ ذِرَاعٍ آخَرَ فَيُسَلِّمُ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مَوْقِفِهِ الْأَوَّلِ قُبَالَةَ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَتَوَسَّلُ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيَسْتَشْفِعُ بِهِ إلَى رَبِّهِ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ سَائِرَ الْمَشَاهِدِ بِالْمَدِينَةِ وَهِيَ نَحْوُ ثَلَاثِينَ مَوْضِعًا يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَكَذَا يَأْتِي الْآبَارَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ مِنْهَا أَوْ يَغْتَسِلُ فَيَشْرَبُ مِنْهَا وَيَتَوَضَّأُ وَهِيَ سَبْعُ آبَارٍ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِمْ، ثُمَّ يَزُورُ أَنَّ الزِّيَارَةَ تَتَأَكَّدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِلَّا فَهِيَ مَطْلُوبَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ قَبْلَ الْحَجِّ وَبَعْدَهُ لَا سِيَّمَا الْمَارُّ بِالْمَدِينَةِ ذَهَابًا وَإِيَابًا. (فَصْلٌ وَأَرْكَانُ الْحَجِّ سِتَّةٌ الْإِحْرَامُ) أَيْ نِيَّةُ الْإِحْرَامِ فِيهِ لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَالْوُقُوفُ) بِعَرَفَةَ لِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» (وَالطَّوَافُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] (وَالسَّعْيُ) لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فِي السَّعْيِ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْعَوْا فَإِنَّ السَّعْيَ قَدْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ» (وَالْحَلْقُ) أَوْ التَّقْصِيرُ لِتَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ جَبْرِ تَرْكِهِ بِدَمٍ كَالطَّوَافِ (وَالتَّرْتِيبُ فِي الْمُعْظَمِ) بِأَنْ يُقَدِّمَ الْإِحْرَامَ عَلَى الْجَمِيعِ وَيُؤَخَّرَ السَّعْيَ عَنْ طَوَافٍ وَيُقَدَّمَ الْوُقُوفَ عَلَى طَوَافِ الرُّكْنِ وَالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (وَهِيَ) أَيْ السِّتَّةُ (أَرْكَانٌ لِلْعُمْرَةِ إلَّا الْوُقُوفُ) لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ لَهَا وَاعْتِبَارُ التَّرْتِيبِ فِيهَا بِمَا مَرَّ مَعَ تَقْدِيمِ السَّعْيِ عَلَى الْحَلْقِ وَعُدَّ فِي الْمَجْمُوعِ التَّرْتِيب شَرْطًا (، وَلَا تُجْبَرُ الْأَرْكَانُ بِالدَّمِ) إذْ الْمَاهِيَّةُ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِجَمِيعِ أَرْكَانِهَا (وَالْوَاجِبَاتُ) هِيَ (الْمَجْبُورَةُ) مِنْ حَيْثُ تَرْكُهَا (بِالدَّمِ) وَتُسَمَّى أَبْعَاضًا وَهِيَ خَمْسَةٌ (الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ) لِمُرِيدِ النُّسُكِ (وَالرَّمْيُ وَكَذَا الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَطَوَافُ الْوَدَاعِ) ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ هُنَا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ جَبْرِ تَرْكِ الْأَخِيرِ مِنْهَا إنَّمَا يُلَائِمُ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (وَالْبَاقِي هَيْئَاتٌ لَا تُجْبَرُ) (بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ) (يَصِحُّ إحْرَامُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ) لِصِحَّةِ مُبَاشَرَتِهِ (بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) لِافْتِقَارِهِ إلَى الْمَالِ، وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيهِ وَبِهِ فَارَقَ الصَّوْمَ وَنَحْوَهُ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى مَالٍ زَائِدٍ عَلَى مَا يَحْتَاجُهُ فِي الْحَضَرِ يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِلَا إذْنٍ، وَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إحْرَامُ السَّفِيهِ بِلَا إذْنٍ لَكِنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ أَوَائِلَ الْحَجِّ أَنَّهُ يَصِحُّ وَلِلْوَلِيِّ تَحْلِيلُهُ (وَ) يَصِحُّ (إحْرَامُهُ عَنْهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ «؛ لِأَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ حَجَّ بِي أَبِي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَلَا يَسْتَقِلُّ) الصَّبِيُّ بِالْإِحْرَامِ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ (وَهُوَ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا (ثُمَّ الْوَصِيُّ) إنْ كَانَ (أَوْ الْقَيِّمُ) إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ وَالْمُرَادُ الْحَاكِمُ أَوْ قَيِّمَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْطَفْ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا (لَا غَيْرُهُمْ مِنْ أُمٍّ وَأَخٍ) وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ، وَلَيْسَ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَنَّ «امْرَأَةً رَفَعَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيًّا فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ أَنَّهَا أَحْرَمَتْ عَنْهُ» وَبِتَقْدِيرِهِ يَحْتَمِلُ كَوْنُهَا وَصِيَّةً أَوْ قَيِّمَةً أَوْ أَنَّ الْأَجْرَ الْحَاصِلَ لَهَا إنَّمَا هُوَ أَجْرُ الْحَمْلِ وَالنَّفَقَةِ وَعُلِمَ مِنْ تَرْتِيبِ الْمَذْكُورِينَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إحْرَامُ الْمُؤَخَّرِ مِنْهُمْ مَعَ وُجُودِ الْمُقَدَّمِ حَتَّى الْجَدِّ حَيْثُ لَا مَانِعَ فِي الْأَبِ وَفَارَقَ التَّبَعِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ بِأَنَّهُ عَقَدَ الْإِسْلَامَ لِنَفْسِهِ فَتَبِعَهُ فَرْعُهُ بِحُكْمِ الْبَعْضِيَّةِ وَالْإِحْرَامُ عَقَدَهُ لِغَيْرَةِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ. (وَيُحْرِمُ الْوَلِيُّ أَوْ مَأْذُونُهُ عَنْ) الصَّبِيِّ (غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَعَنْ الْمَجْنُونِ) كَمَا يَتَصَرَّفُ عَنْهُمَا فِي مَالِهِمَا (لَا) عَنْ (الْمُغْمَى عَلَيْهِ) كَالْمَرِيضِ الَّذِي يُرْجَى بُرْؤُهُ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ بِسَبَبِ الْإِغْمَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ فَصَحَّ إحْرَامُهُ عَنْهُمَا (وَلَوْ فِي غَيْبَتِهِمَا) لَكِنَّهُ يُكْرَهُ فِي غَيْبَتِهِمَا لِاحْتِمَالِ ارْتِكَابِهِمَا شَيْئًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا بِهِ (حَلَالًا كَانَ) الْوَلِيُّ (أَوْ مُحْرِمًا) عَنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ إحْرَامِهِ عَنْهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (بِأَنْ يَقُولَ: أَحْرَمْت عَنْهُ أَوْ جَعَلْتُهُ مُحْرِمًا وَيُلَبِّي عَنْهُ) ، ذِكْرُ التَّلْبِيَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَيْفِيَّةِ إحْرَامِهِ عَنْهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ كَيْفِيَّتَهُ أَنْ يَنْوِيَ جَعْلَهُ مُحْرِمًا فَيَصِيرُ مُحْرِمًا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ عَبْدِهِ الْبَالِغِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ] فَصْلٌ وَأَرْكَانُ الْحَجِّ إلَخْ) (قَوْلُهُ الْإِحْرَامُ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفْهِمُ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تُشْتَرَطُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ سِوَى الْإِحْرَامِ، وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ لَكِنَّ الشَّافِعِيُّ قَالَ يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ وَالْإِفَاقَةُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: الْإِحْرَامُ وَالْوُقُوفُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا كَانَ يَخْتَصُّ بِفِعْلٍ كَالسَّعْيِ وَالرَّمْيِ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ وَمَا لَا، بَلْ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ اللُّبْثِ فَلَا (قَوْلُهُ وَالطَّوَافُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ فَأَمَّا الْحَلْقُ وَالطَّوَافُ فَلَا يَتَأَقَّتُ أَحَدُهُمَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَطُوفَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إذَا تَأَخَّرَ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ صَارَ قَضَاءً. اهـ. وَكَلَامُهُ يُشْعِرُ بِجَوَازِ تَأْخِيرِ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ إلَى خُرُوجِ أَيَّامِ الْحَجِّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْحَلْقِ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ عَنْ هَذَا الْيَوْمِ وَتَأْخِيرُهُمَا عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَشَدُّ لَكِنْ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِمَا، وَلَا يَزَالُ مُحْرِمًا حَتَّى يَأْتِيَ بِذَلِكَ. اهـ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُشْكِلُ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْفَوَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْفَوَاتِ أَنْ يَصْبِرَ عَلَى إحْرَامِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ صَاحِبَ الْفَوَاتِ لَا يَسْتَفِيدُ بِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ شَيْئًا بِخِلَافِ مَنْ أَخَّرَ الْحَلْقَ وَالطَّوَافَ [بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ] (بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ) (قَوْلُهُ يَصِحُّ إحْرَامُ الصَّبِيِّ إلَخْ) قَالَ الْأَصْحَابُ يُكْتَبُ لِلصَّبِيِّ ثَوَابُ مَا عَمِلَهُ مِنْ الطَّاعَاتِ، وَلَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةٌ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ إلَخْ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا إذْ مَا ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ بَيَانًا لِلْأَفْضَلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي الْجَوَازَ فِي الصَّغِيرِ لَكِنْ رَأَيْت فِي الْأُمِّ الْجَزْمَ بِالصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالصَّغِيرِ فَقَالَ: وَإِذَا أَذِنَ لِلْمَمْلُوكِ بِالْحَجِّ أَوْ أَحَجَّهُ سَيِّدُهُ كَانَ حَجُّهُ تَطَوُّعًا وَأَحَجَّهُ بِالْهَمْزِ مَعْنَاهُ سَيَّرَهُ حَاجًّا انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ لِيَتَّفِقَ الْكَلَامَانِ حَمْلُ قَوْلِ الْأُمِّ وَأَحَجَّهُ عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ بِجَعْلِ " أَوْ " لِلتَّنْوِيعِ. (فَصْلٌ يَفْعَلُ عَنْهُ) يَعْنِي بِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ أَيْ بِالصَّبِيِّ مُمَيِّزًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ (الْوَلِيُّ مَا عَجَزَ عَنْهُ) مِنْ غُسْلٍ وَتَجَرُّدٍ عَنْ مَخِيطٍ وَلُبْسِ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَغَيْرِهَا (وَيَطُوفُ) وَيَسْعَى (بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَيَرْكَعُ عَنْهُ) رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ فَعِبَارَتُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَيُصَلِّي عَنْهُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (فَإِنْ أَرْكَبَهُ) الْوَلِيُّ (فِي الطَّوَافِ) أَوْ السَّعْيِ (فَلْيَكُنْ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (سَائِقًا أَوْ قَائِدًا) لِلدَّابَّةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُتَّجَهُ الْجَزْمُ بِوُجُوبِ طَهَارَةِ الْخَبَثِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الطَّوَافِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْحَدَثِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ وَالصَّبِيُّ مُتَوَضِّئَيْنِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُتَوَضِّئًا دُونَ الْوَلِيِّ لَمْ يُجْزِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَوَجْهَانِ وَكَأَنَّهُ اغْتَفَرَ صِحَّةَ وُضُوءِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا اغْتَفَرَ صِحَّةَ طُهْرِ الْمَجْنُونَةِ الَّتِي انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِتَحِلَّ لِحَلِيلِهَا (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُحْضِرَهُ) أَيْ الصَّبِيَّ مُمَيِّزًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ (الْمَوَاقِفَ) فَيُحْضِرَهُ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبَةِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبَةِ كَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ لِإِمْكَانِ فِعْلِهَا مِنْهُ، وَلَا يُغْنِي حُضُورُهُ عَنْهُ. (وَإِنْ قَدَرَ) الصَّبِيُّ عَلَى الرَّمْيِ (رَمَى) وُجُوبًا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَنَاوُلِ الْأَحْجَارِ نَاوَلَهَا لَهُ وَلِيُّهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الرَّمْيِ (اُسْتُحِبَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَضَعَ الْحَجَرَ فِي يَدِهِ وَيَأْخُذَهَا) أَيْ يَدَهُ (وَيَرْمِيَ) بِهَا (عَنْهُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِلَّا فَيَأْخُذَ الْحَجَرَ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ يَرْمِيَ بِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ مُحْتَمِلَةٌ لِلْكَيْفِيَّتَيْنِ، وَهِيَ إلَى الثَّانِيَةِ أَقْرَبُ (بَعْدَ رَمْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ وَقَعَ الرَّمْيُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الصَّبِيَّ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْحَجِّ عَلَى أَنْ لَا يَتَبَرَّعَ بِهِ مَعَ قِيَامِ الْفَرْضِ، وَلَوْ تَبَرَّعَ وَقَعَ فَرْضًا لَا تَبَرُّعًا. [فَصْل الزَّائِدُ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ وَالْفِدْيَةِ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى الْوَلِيِّ] (فَصْلٌ الزَّائِدُ) مِنْ النَّفَقَةِ (عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ وَالْفِدْيَةِ) الَّتِي تَجِبُ فِي النُّسُكِ (وَالْكَفَّارَةِ) بِجِمَاعٍ (عَلَى الْوَلِيِّ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَبِلَ لِلْمُمَيِّزِ نِكَاحًا، إذْ الْمَنْكُوحَةُ قَدْ تَفُوتُ وَالنُّسُكُ يُمْكِنُ تَأْخِيرُهُ إلَى الْبُلُوغِ وَفَارَقَ ذَلِكَ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ حَيْثُ وَجَبَتْ فِي مَالِ الصَّبِيِّ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ التَّعْلِيمِ كَالضَّرُورَةِ وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهَا الْوَلِيُّ فِي الصِّغَرِ احْتَاجَ الصَّبِيُّ إلَى اسْتِدْرَاكِهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَبِأَنَّ مُؤْنَةَ التَّعْلِيمِ يَسِيرَةٌ غَالِبًا (وَإِذَا جَامَعَ) الصَّبِيُّ فِي حَجِّهِ (فَسَدَ) حَجُّهُ (وَقُضِيَ) ، وَلَوْ (فِي الصِّبَا كَالْبَالِغِ) الْمُتَطَوِّعِ بِجَامِعِ صِحَّةِ إحْرَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ لِفَسَادِ حَجِّهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْبَالِغِ مِنْ كَوْنِهِ: عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ مُجَامِعًا قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَإِذَا قَضَى (فَإِنْ كَانَ قَدْ بَلَغَ فِي الْفَاسِدِ قَبْلَ) فَوَاتِ (الْوُقُوفِ أَجْزَأَهُ قَضَاؤُهُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ انْصَرَفَ الْقَضَاءُ إلَيْهَا) أَيْضًا (وَبَقِيَ الْقَضَاءُ) فِي هَذِهِ (كَمَا قَدَّمْنَاهُ) فِي فَصْلِ الْعَبْدِ الْمُفْسِدِ لِلْحَجِّ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ أَجْزَأَهُ إلَى آخِرِهِ انْصَرَفَ أَيْ قَضَاؤُهُ إلَى حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَقَضِيَّتُهَا أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ فِي الْفَاسِدِ بَعْدَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ لَمْ يَنْصَرِفْ قَضَاؤُهُ إلَى حِجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَعَمْ لَوْ عَبَّرَ فِيهَا بَدَلَ الْفَاسِدِ بِالْقَضَاءِ أَوْ قَالَ فِي قَضَاءِ الْفَاسِدِ صَحَّ (فَرْعٌ، وَإِنْ خَرَجَ بِمَجْنُونٍ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْفَرْضُ) قَبْلَ جُنُونِهِ (نُظِرَتْ فَإِنْ أَفَاقَ وَأَحْرَمَ وَأَتَى بِالْأَرْكَانِ مُفِيقًا أَجْزَأَهُ) مَا أَتَى بِهِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ (وَسَقَطَ عَنْ الْوَلِيِّ زِيَادَةُ النَّفَقَةِ) الْحَاصِلَةِ بِالسَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا عَلَيْهِ (وَإِلَّا فَلَا) يُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ لِنَقْصِهِ فِيهِ، وَلَا تَسْقُطُ عَنْ الْوَلِيِّ زِيَادَةُ النَّفَقَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهِ قَالَ، وَأَمَّا مَنْ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَقَالَ أَصْحَابُنَا إنْ كَانَتْ مُدَّةُ إفَاقَتِهِ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ الْحَجِّ وَوُجِدَتْ الشُّرُوطُ الْبَاقِيَةُ لَزِمَهُ الْحَجُّ، وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. وَاشْتِرَاطُ الْإِفَاقَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ شَرْطٌ لِسُقُوطِ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ عَنْ الْوَلِيِّ لَا لِوُقُوعِ الْمَأْتِيِّ بِهِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَلَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ الْوَلِيُّ فَأَفَاقَ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ مُفِيقًا وَقَعَ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّبِيِّ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَكِنْ رَأَيْت فِي الْأُمِّ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأُمِّ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَنْ الْبَالِغِ، وَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ فَإِنَّ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا لَا يَدْخُلُ فِي صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ وَحَجٍّ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْهُ اتِّفَاقًا وَأَيْضًا لَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ طَاعَةُ سَيِّدِهِ فِي تَعَاطِي الْعِبَادَةِ الشَّاقَّةِ فِي الصِّيَامِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ وَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَيَجِبُ حَمْلُ قَوْلِهِ فِي الْأُمِّ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَجِّ عَلَى الْبَالِغِ وَقَوْلِهِ أَوْ أَحَجَّهُ عَلَى الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ لِيَتَّفِقَ الْكَلَامَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ كَتَزْوِيجِهِ قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ الْفَرْقُ لَائِحٌ فَإِنَّ الْحَجَّ فِيهِ ثَوَابٌ وَتَمْرِينٌ عَلَى الْعِبَادَةِ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ مَالٍ، وَلِهَذَا جَوَّزْنَاهُ لِلْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ بِخِلَافِ الْإِجْبَارِ عَلَى التَّزْوِيجِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُتَّجَهُ الْجَزْمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ مَا يَفْعَلُهُ الْوَلِيُّ بِالصَّبِيِّ فِي الْحَجّ] (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْحَدَثِ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ وُضُوءُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لِلطَّوَافِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ فَوُضُوءُ الْوَلِيِّ هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ وَيُشْتَرَطُ إذَا طَافَ بِهِ أَنْ يَكُونَا مُتَطَهِّرَيْنِ مَسْتُورَيْ الْعَوْرَةِ. اهـ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَقَدْ تَدْخُلُ النِّيَابَةُ فِي الْوُضُوءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلِيِّ فِي حَقِّ الطِّفْلِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ إذَا طَافَ بِهِ، فَإِنَّهُ يُحْرِمُ عَنْهُ وَيَتَوَضَّأُ عَنْهُ لَكِنْ لَوْ أَحْدَثَ الصَّبِيُّ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْوَلِيِّ التَّجْدِيدُ، وَقَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ إذَا طَافَ بِهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ اُغْتُفِرَ صِحَّةُ وُضُوءِ) غَيْرِ الْمُمَيِّزِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ وَيَنْوِي الْوَلِيُّ عَنْهُ. (قَوْلُهُ وَالْفِدْيَةُ الَّتِي تَجِبُ فِي النُّسُكِ كَفِدْيَةِ مُحْرِمِ الْإِحْرَامِ) أَوْ الْحَرَمِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْفَوَاتِ وَفِدْيَةُ الْمُجَاوَزَةِ. [فَرْعٌ خَرَجَ بِمَجْنُونٍ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْفَرْضُ قَبْلَ جُنُونِهِ فِي الْحَجّ] (قَوْلُهُ فَإِنْ أَفَاقَ وَأَحْرَمَ وَأَتَى بِالْأَرْكَانِ) شَمَلَ الْحَلْقَ (قَوْلُهُ شَرْطٌ لِسُقُوطِ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَخْ) فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ إذَا أَفَاقَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَالْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 (فَصْلٌ. وَإِنْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ، وَلَوْ بَعْدَ وُقُوفِهِ (فَأَدْرَكَ الْوُقُوفَ أَجْزَأَهُ عَنْ فَرْضِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مُعْظَمَ الْعِبَادَةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الْوُقُوفَ (وَ) لَكِنْ (يُعِيدُ السَّعْيَ) وُجُوبًا (بَعْدَ الطَّوَافِ) إنْ كَانَ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِيُوقِعَهُ حَالَ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَدَامٌ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ أَيْضًا إذَا تَقَدَّمَ الطَّوَافُ أَوْ الْحَلْقُ وَأَعَادَهُ بَعْدَ إعَادَةِ الْوُقُوفِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجِبُ إعَادَتُهُ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) بِإِتْيَانِهِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ الْبُلُوغِ (وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ بَالِغًا) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ، وَلَا إسَاءَةَ (وَالطَّوَافُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِذَا بَلَغَ قَبْلَهُ أَجْزَأَتْهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ زَادَ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَذَا لَوْ بَلَغَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا وَوَقَعَ لِلْبُلْقِينِيِّ لِعَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ - مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ لَكِنْ لَوْ بَلَغَ فِيهِ لَا يَكُونُ كَبُلُوغِهِ فِي الْوُقُوفِ؛ لِأَنَّ مُسَمَّى الْوُقُوفِ حَاصِلٌ بِمَا وُجِدَ بَعْدَ بُلُوغِهِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ، وَحَيْثُ أَجْزَأَهُ مَا أَتَى بِهِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ وَقَعَ إحْرَامُهُ أَوَّلًا تَطَوُّعًا وَانْقَلَبَ عَقِبَ الْبُلُوغِ فَرْضًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ. وَفِيهِ عَنْ الدَّارِمِيِّ لَوْ فَاتَ الصَّبِيَّ الْحَجُّ وَبَلَغَ فَإِنْ بَلَغَ قَبْلَ الْفَوَاتِ فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ حِجَّتَانِ حِجَّةٌ لِلْفَوَاتِ وَحِجَّةٌ لِلْإِسْلَامِ وَيَبْدَأُ بِحِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ أَفْسَدَ الْحُرُّ الْبَالِغُ حَجَّهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ، ثُمَّ فَاتَهُ أَجْزَأَتْهُ حِجَّةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْفَوَاتِ وَالْقَضَاءِ، وَعَلَيْهِ فِدْيَتَانِ إحْدَاهُمَا لِلْإِفْسَادِ وَالْأُخْرَى لِلْفَوَاتِ (وَالْعِتْقُ) لِلرَّقِيقِ فِي أَثْنَاءِ النُّسُكِ (كَالْبُلُوغِ) لِلصَّبِيِّ فِيهِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا كَانَ قَضَاءً عَنْ وَاجِبٍ مِنْ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَفْسَدَهُ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِأَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ هُوَ قَادِرٌ عَلَى فِعْلِهَا تَنْزِيلًا لِلْمُتَوَقَّعِ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ قُلْت الِانْبِغَاءُ الثَّانِي ظَاهِرٌ دُونَ الْأَوَّلِ قَالَ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّبِيِّ فِي حُكْمِهِ (وَلَوْ أَحْرَمَ ذِمِّيٌّ) الْأَوْلَى كَافِرٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَحْرَمَ، وَلَمْ يَعُدْ) إلَى الْمِيقَاتِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (لَزِمَهُ دَمٌ) ، وَإِنْ عَادَ فَلَا كَمُسْلِمٍ جَاوَزَهُ بِقَصْدِ النُّسُكِ نَعَمْ إنْ حَجَّ مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى فَلَا دَمَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا أَعَادَ إحْرَامَهُ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ الْأَوَّلَ لَمْ يَنْعَقِدْ وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَكَالْكَافِرِ فِيمَا ذَكَرَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ (وَمَنْ طَيَّبَ أَوْ حَلَقَ صَبِيًّا) أَوْ مَجْنُونًا. وَلَوْ لِحَاجَتِهِ (لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ) وَلِيًّا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا لِإِسَاءَتِهِ وَكَالتَّطْيِيبِ وَالْحَلْقِ مَا يُشْبِهُهُمَا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ كَاللُّبْسِ وَالدُّهْنِ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْوَلِيُّ وَالْأَجْنَبِيُّ حَلَالَيْنِ فَإِنْ كَانَا مُحْرِمَيْنِ لَزِمَهُمَا فِدْيَتَانِ لَا يَنْبَغِي قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ أَلْجَأَهُ الْوَلِيُّ إلَى التَّطَيُّبِ أَوْ فَوَّتَهُ الْحَجَّ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْوَلِيِّ بِلَا خِلَافٍ وَمِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ. (بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ) أَيْ الْمُحَرَّمَاتِ بِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا أَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ فَقَالَ لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ إلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ» زَادَ الْبُخَارِيُّ، وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ وَكَخَبَرِ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْقَمِيصِ وَالْأَقْبِيَةِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالسُّؤَالُ وَقَعَ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ عَمَّا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ فَأُجِيبَ بِمَا لَا يَلْبَسُ؛ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ مَا يَلْبَسُ إذْ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي السُّؤَالُ عَمَّا لَا يَلْبَسُ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْجَوَابِ مَا يُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ، وَإِنْ لَمْ يُطَابِقْ السُّؤَالَ صَرِيحًا (وَهِيَ) أَنْوَاعٌ (سَبْعَةٌ: الْأَوَّلُ اللُّبْسُ فَيَحْرُمُ سَتْرُ رَأْسِ الرَّجُلِ أَوْ بَعْضِهِ كَالْبَيَاضِ) الَّذِي   [حاشية الرملي الكبير] وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحَلْقَ وَقِيَاسُ كَوْنِهِ نُسُكًا اشْتِرَاطُ الْإِفَاقَةِ فِيهِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْحَلْقِ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ فِعْلُ الْحَاجِّ فَلَوْ حُلِقَ رَأْسُهُ، وَهُوَ نَائِمٌ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ قَالَ شَيْخُنَا فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَرْدُودٌ. [فَصْلٌ بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ وَلَوْ بَعْدَ وُقُوفِهِ فَأَدْرَكَ الْوُقُوفَ] (قَوْلُهُ وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ إلَخْ) لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهِ، وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْمَوْقِفِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِمُضِيِّ الْمُعْظَمِ فِي حَالِ النُّقْصَانِ، وَيُخَالِفُ الصَّلَاةُ حَيْثُ تُجْزِئُهُ إذَا بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ تَتَكَرَّرُ بِخِلَافِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ يَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَالْكَافِرِ فِيمَا ذُكِرَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا إذَا جَاوَزَهُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ وَابْنُ قَاسِمٍ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الدَّمِ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ إذْ هُوَ فِي مُجَاوَزَتِهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ لَا يَنْبَغِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ] (بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ) عَدَّهَا فِي اللُّبَابِ وَأَصْلِهِ عِشْرِينَ شَيْئًا وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّهَا عَشَرَةٌ يَعْنِي وَالْبَاقِيَةُ مُتَدَاخِلَةٌ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ سَتْرُ رَأْسِ الرَّجُلِ) إذَا غَطَّى رَأْسَهُ بِثَوْبٍ شَفَّافٍ تَبْدُو الْبَشَرَةُ مِنْهُ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوهُ فِي الصَّلَاةِ سَاتِرًا، وَلَوْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَاءَ الْكَدِرِ كَالصَّافِي، لَكِنَّهُ قَدْ عُدَّ الْمَاءُ الْكَدِرُ فِي الصَّلَاةِ سَاتِرًا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. وَقَالَ الكوهكيلوني وَمَاءٌ، وَلَوْ كَدِرًا فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضَهُ) ضَبَطَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْبَعْضَ بِالْقَدْرِ الَّذِي يَقْصِدُ سَتْرَهُ لِغَرَضِ سَتْرِهِ الْعِصَابَةَ وَإِلْصَاقٌ لُصُوقُ شَجَّةٍ، وَأَبْطَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ شَدَّ خَيْطًا عَلَى رَأْسِهِ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يُقْصَدُ لِمَنْعِ الشَّعْرِ مِنْ الِانْتِشَارِ فَالْوَجْهُ الضَّبْطُ بِتَسْمِيَتِهِ سَاتِرًا، لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ، وَلَا يَنْتَقِضُ بِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 (وَرَاءَ الْأُذُنِ بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) عُرْفًا، وَإِنْ، وَلَمْ يُحِطْ بِالرَّأْسِ (وَلَوْ بِعِصَابَةٍ وَمَرْهَمٍ) ، وَهُوَ مَا يُوضَعُ عَلَى الْجِرَاحَةِ (وَطِينٍ) وَحِنَّاءٍ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ. وَقَوْلُهُ (سَاتِرٌ) إيضَاحٌ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ تَرْكِيبِهِ السَّابِقِ (لَا) سَتْرُهُ (بِمَاءٍ) كَأَنْ غَطَسَ فِيهِ (وَخَيْطٍ) شَدَّ بِهِ رَأْسَهُ (وَهَوْدَجٍ) اسْتَظَلَّ بِهِ (وَإِنْ مَسَّهُ) وَطِينٍ وَحِنَّاءٍ رَقِيقَيْنِ (، وَلَا بِوَضْعِ كَفِّهِ، وَكَذَا كَفِّ غَيْرِهِ وَمَحْمُولٍ) كَقُفَّةٍ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ سَاتِرًا وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ قَالَتْ «حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِجَّةَ الْوَدَاعِ فَرَأَيْت أُسَامَةَ وَبِلَالًا وَأَحَدُهُمَا أَخَذَ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنْ الْحَرِّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حُرْمَةِ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَقَصَدَ السَّتْرَ بِهِ أَمْ لَا لَكِنْ جَزَمَ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِيمَا إذَا قَصَدَ بِحَمْلِ الْقُفَّةِ وَنَحْوِهَا السَّتْرَ وَظَاهِرُهُ حُرْمَةُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ، وَلَا أَثَرَ لِتَوَسُّدِ وِسَادَةٍ أَوْ عِمَامَةٍ فَإِنَّهُ حَاسِرُ الرَّأْسِ عُرْفًا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ: لَا أَثَرَ لِلطِّلَاءِ بِعَسَلٍ أَوْ لَبَنٍ مَحْمُولٌ عَلَى الرَّقِيقِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْأَفْضَلُ بُرُوزُ الرَّجُلِ لِلشَّمْسِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَالسَّتْرُ لِلْمَرْأَةِ انْتَهَى. وَكَالْمَرْأَةِ الْخُنْثَى أَمَّا غَيْرُ الرَّأْسِ مِنْ الرَّجُلِ فَيَجُوزُ سَتْرُهُ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى شَيْئًا لِيَسْتَوْعِبَ الرَّأْسَ بِالْكَشْفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ (وَيَحْرُمُ) أَنْ يَلْبَسَ فِيهِ (مَا يُحِيطُ بِالْبَدَنِ وَكَذَا بِالْعُضْوِ وَنَحْوِهِ كَخَرِيطَةِ لِحْيَةٍ) ، وَإِنْ بَدَا الْمَسْتُورُ كَمَا فِي السَّتْرِ بِزُجَاجٍ شَفَّافٍ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ خَرِيطَةَ اللِّحْيَةِ فِي مَعْنَى الْقُفَّازَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُحِيطُ (بِخِيَاطَةٍ كَالْقَمِيصِ أَوْ الْخُفِّ) وَالْقُفَّازِ (أَوْ نَسْجٍ كَالدِّرْعِ أَوْ عِقْدٍ كَجُبَّةِ اللَّبَدِ أَوْ اللَّزُوقِ) الْأَوْلَى لَزُوقٌ أَوْ لَزِقَ عَطْفًا عَلَى خِيَاطَةٍ وَكَأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى اللَّبَدِ فَعَرَّفَهُ وَكَلَامُ أَصْلِهِ يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ إلَى الْأَوَّلِ أَقْرَبُ وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْبَهْجَةِ وَعَبَّرَ بِاللَّصْقِ بِالصَّادِ هَذَا وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي كَوْنِ اللَّبَدِ مَعْقُودًا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ أَوْ الْمَعْقُودُ يَعْنِي الْمَلْزُوقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَالثَّوْبِ مِنْ اللَّبَدِ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّبَدَ عَلَى نَوْعَيْنِ نَوْعٌ مَعْقُودٌ وَنَوْعٌ مَلْزُوقٌ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُتَّخَذُ مِنْ قُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَغَيْرِهِمَا (وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ إنْ لَبِسَهُ) أَيْ مَا يُحِيطُ بِمَا ذُكِرَ (كَالْعَادَةِ) عَامِدًا مُخْتَارًا (وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ الْيَدَ فِي الْكُمِّ) مِنْ الْقَبَاءِ وَنَحْوِهِ قَصُرَ الزَّمَنُ أَوْ طَالَ وَخَرَجَ بِالْعَادَةِ مَا لَوْ أَلْقَى عَلَى نَفْسِهِ قَبَاءً أَوْ فَرَجِيَّةً، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ لَمْ يَسْتَمْسِكْ عَلَيْهِ إلَّا بِمَزِيدِ أَمْرٍ فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ (لَا إنْ ارْتَدَى بِالْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ أَوْ اتَّزَرَ بِهِمَا) أَوْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ سَاقَيْ الْخُفِّ فَلَا فِدْيَةَ كَمَا لَوْ اتَّزَرَ بِإِزَارٍ لَفَّقَهُ مِنْ رِقَاعٍ؛ وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي كُلِّ مَلْبُوسٍ بِمَا يُعْتَادُ إذْ بِهِ   [حاشية الرملي الكبير] لِأَنَّ الْخَيْطَ لَا يُسَمَّى سَاتِرًا بِخِلَافِ الْعِصَابَةِ الْعَرِيضَةِ (قَوْلُهُ لَا بِمَاءٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي إطْلَاقِ الْمَاءِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ عَدُّوا الْمَاءَ الْكَدِرَ فِي الْمُتَرَاكَمِ سَاتِرًا فِي الصَّلَاةِ فَلِمَ لَا يَجْرِي ذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ كَقُفَّةٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَعَلَّ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَسْتَرْخِ الزِّنْبِيلُ وَنَحْوُهُ عَلَى رَأْسِهِ لِصَلَابَةٍ أَسْفَلَهُ أَوْ امْتِلَائِهِ بِشَيْءٍ، أَمَّا لَوْ اسْتَرْخَى فَهُوَ سَاتِرٌ كَالْقَلَنْسُوَةِ الْوَاسِعَةِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ حُرْمَةُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ) وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ عَدَمُ تَعَدُّدِ الْفِدْيَةِ فِيمَا إذَا سَتَرَ رَأْسَهُ بِقُبَعٍ، ثُمَّ بِعِمَامَةٍ، ثُمَّ بِطَيْلَسَانٍ فِي أَزْمِنَةٍ أَوْ نَزَعَ الْعِمَامَةَ، ثُمَّ لَبِسَهَا وَكَثِيرًا مَا يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ هُوَ عَدَمُ التَّعَدُّدِ مَا دَامَ الرَّأْسُ مَسْتُورًا؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ فِي الرَّأْسِ إنَّمَا هُوَ السَّتْرُ وَالْمَسْتُورُ، وَلَا يُسْتَرُ بِخِلَافِ الْبَدَنِ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ فِيهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِاللُّبْسِ فَيُقَالُ لِلَّابِسِ لَبِسَ وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ مُحِبِّ الدِّينِ الطَّبَرِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبَدَنَ كَالرَّأْسِ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ التَّنْبِيهِ عَلَى دَقِيقِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوا تَصْوِيرَ تَكْرَارِ اللُّبْسِ فِي مَجَالِسَ بِأَنْ يَلْبَسَ الْقَمِيصَ فِي مَجْلِسٍ وَالسَّرَاوِيلَ فِي مَجْلِسٍ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْبُدَاءَةِ بِالسَّرَاوِيلِ أَوْ الْقَمِيصِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ التَّسْوِيَةُ فِي طَرْدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إذْ بَدَأَ بِالسَّرَاوِيلِ، ثُمَّ الْقَمِيصِ فَإِنْ عَكَسَ فَلَا يَتَّجِهُ طَرْدُ الْخِلَافِ فِيهِ فَإِنَّهُ بِلُبْسِ الْقَمِيصِ سَتَرَ مَحَلَّ السَّرَاوِيلِ بِالْمَخِيطِ، وَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ فَلَا تَتَكَرَّرُ بِسَاتِرٍ آخَرَ مَعَ بَقَاءِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ لَبِسَ قَمِيصًا فَوْقَ قَمِيصٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ بِالثَّانِي شَيْءٌ، وَلَا أَعْرِفُ فِيهِ خِلَافًا، وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بِأَنْ يَلْبَسَ لِبَاسًا فَوْقَ لِبَاسٍ وَجَبَتْ بِهِ الْفِدْيَةُ أَوْ تَحْتَهُ، وَيَطَّرِدُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ لَبِسَ تَحْتَ قَمِيصٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَتَقْدِيرُ نَزْعِ الْقَمِيصِ بِلُبْسِ السَّرَاوِيلِ تَحْتَهُ أَوْ الْقَبَاءِ وَتَصْبِيرِهِ كَأَنَّهُ كَشَفَ الْقَمِيصَ عَنْ مَحَلِّ السَّرَاوِيلِ، ثُمَّ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ فِيهِ بَعْدُ، وَلَا نَظَرَ إلَى الْمُبَاشِرَةِ فَإِنَّهُ لَوْ الْتَفَّ بِثَوْبِ إحْرَامِهِ، ثُمَّ يَلْبَسُ فَوْقَهُ قَمِيصًا فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ قَالَ، وَلَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصٍّ، وَإِنَّمَا سَاقَ الْبَحْثَ إلَيْهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ لَا بُعْدَ فِيهِ. اهـ. وَارْتَضَى الْإِسْنَوِيُّ فِي مُهِمَّاتِهِ وَالْأَذْرَعِيُّ فِي تَوَسُّطِهِ مَا ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ وَتَبِعَاهُ عَلَيْهِ لَكِنْ قَالَ الدَّمِيرِيِّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَنْ الطَّبَرِيِّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَالْمُعْتَمَدُ الْفَرْقُ. اهـ. وَقَوْلُ الطَّبَرِيِّ فَإِنَّهُ بِلُبْسِ الْقَمِيصِ سَتَرَ مَحَلَّ السَّرَاوِيلِ بِالْمَخِيطِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَمِيصُ سَابِغًا، وَإِلَّا فَقَدْ سَتَرَ السَّرَاوِيلُ شَيْئًا مِنْ الْبَدَنِ لَمْ يَسْتُرْهُ الْقَمِيصُ، وَحِينَئِذٍ فَتَتَكَرَّرُ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ سَاتِرًا آخَرَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوَسُّطِ، وَلَا يَخْفَى مَجِيئُهُ فِي سَتْرِ الرَّأْسِ بِالْقُبَعِ وَالْقَلَنْسُوَةِ، ثُمَّ بِالْعِمَامَةِ (قَوْلُهُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ) فَإِنْ أَخَذَ مِنْ بَدَنِهِ مَا إذَا قَامَ عُدَّ لَابِسُهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ (قَوْلُهُ فَلَا فِدْيَةَ) كَمَا لَوْ اتَّزَرَ بِإِزَارٍ لَفَّقَهُ مِنْ رِقَاعٍ، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّهُ ذَكَرَ قَبْلَهُ بِأَسْطُرٍ أَنَّهُ لَوْ أَلْقَى عَلَى نَفْسِهِ قَبَاءً أَوْ فَرَجِيَّةً، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إنْ أَخَذَ مِنْ بَدَنِهِ مَا إذَا قَامَ عُدَّ لَابِسُهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ لَمْ يَسْتَمْسِكْ إلَّا بِمَزِيدِ أَمْرٍ فَلَا. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الِالْتِحَافَ الْمَذْكُورَ إمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِلْقَاءُ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ أَوَّلًا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ مَعَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْرَارِ عَلَى قُرْبٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي أَيْ، وَهُوَ مَا لَمْ يَسْتَمْسِكْ عِنْدَ الْقِيَامِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى التَّعْبِيرِ بِالِالْتِحَافِ فَعَلَى كُلِّ حَالٍ هُوَ كَلَامٌ عَجِيبٌ. اهـ. وَجُمِعَ بَيْنَ كَلَامَيْ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَوَّلًا مَا إذَا وَضَعَهُ عَلَى هَيْئَةِ اللُّبْسِ الْمُعْتَادَةِ بِأَنْ يَضَعَ طَوْقَ الْقَبَاءِ أَوْ الْفَرْجِيَّةِ عِنْدَ رَقَبَتِهِ وَتَوَسَّدَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي كُمِّهِ فَإِنَّهُ إذَا قَامَ، وَهُوَ عَلَيْهِ عُدَّ لَابِسًا لَهُ، وَلِهَذَا مَثَّلَ بِالْقَبَاءِ وَالْفَرْجِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا هَكَذَا بِالْأَصْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 يَحْصُلُ التَّرَفُّهُ بِخِلَافِ الْحِنْثِ بِهِ لِوُجُودِ اسْمِ اللُّبْسُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَكَذَا لَوْ الْتَحَفَ بِقَمِيصٍ أَوْ عَبَاءَةٍ أَوْ إزَارٍ أَوْ نَحْوِهَا وَلَفَّ عَلَيْهِ طَاقًا، أَوْ أَكْثَرَ فَلَا فِدْيَةَ (وَلَهُ تَقَلُّدُ السَّيْفِ) وَالْمُصْحَفِ (وَشَدُّ الْمِنْطَقَةِ) وَالْهِمْيَانِ عَلَى وَسَطِهِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَدِمَتْ الصَّحَابَةُ مَكَّةَ مُتَقَلِّدِينَ بِسُيُوفِهِمْ عَامَ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبُخَارِيُّ. وَلَهُ أَنْ يَلُفَّ بِوَسَطِهِ عِمَامَةً، وَلَا يَعْقِدُهَا وَأَنْ يَلْبَسَ الْخَاتَمَ وَأَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي كُمِّ قَمِيصٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ (وَ) لَهُ (عَقْدُ الْإِزَارِ بِتِكَّةٍ) بِكَسْرِ التَّاءِ أَوْ نَحْوِهَا (فِي حُجُزِهِ) بِضَمِّ الْحَاءِ أَيْ فِي حُجْزَةِ الْإِزَارِ أَيْ مَعْقِدِهِ لِحَاجَةِ إحْكَامِهِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا قَالَ الْمُتَوَلِّي، وَلَهُ شَدُّهُ بِخَيْطٍ، وَلَوْ مَعَ عَقْدِ الْإِزَارِ لِحَاجَةِ ثُبُوتِهِ بِخِلَافِ اتِّخَاذِ الشَّرَجِ وَالْعُرَى لِلرِّدَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (لَا إنْ عَقَدَهُ) أَيْ الْإِزَارَ (بِشَرَجٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ أَيْ أَزْرَارٍ (فِي عُرًى أَوْ شَقَّهُ) نِصْفَيْنِ (وَلَفَّ كُلَّ نِصْفٍ عَلَى سَاقٍ وَعَقَدَهُ أَوْ عَقَدَ طَرَفَيْ رِدَائِهِ) بِخَيْطٍ أَوْ بِدُونِهِ (أَوْ خَلَّهُمَا بِخِلَالٍ) كَمِسَلَّةِ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا لِشَبَهِ الثَّانِي بِالسَّرَاوِيلِ وَمَا عَدَاهُ بِالْمَخِيطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَسْتَمْسِكُ وَقَيَّدَ الْغَزَالِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ الْأَوَّلَ بِمَا إذَا تَقَارَبَ الشَّرَجُ بِحَيْثُ أَشْبَهَتْ الْخِيَاطَةُ، وَإِلَّا فَلَا فِدْيَةَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَا يَتَقَيَّدُ الرِّدَاءُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرَجَ الْمُتَبَاعِدَ يُشْبِهُ الْعَقْدَ، وَهُوَ فِيهِ مُمْتَنِعٌ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِزَارِ. (وَلَهُ أَنْ يَشُدَّ طَرَفَ إزَارِهِ فِي طَرَفِ رِدَائِهِ) لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ فِي الِاسْتِمْسَاكِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَلَهُ غَرْزُ رِدَائِهِ فِي إزَارِهِ وَالتَّوَشُّحُ بِهِ (وَلِلْمَرْأَةِ) وَلَوْ أَمَةً (سَتْرُ مَا سِوَى الْوَجْهِ بِمَخِيطٍ وَغَيْرِهِ) مِنْ الْمَلْبُوسَاتِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى النِّسَاءَ فِي إحْرَامِهِنَّ عَنْ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ وَمَا مَسَّهُ الْوَرْسُ أَوْ الزَّعْفَرَانُ مِنْ الثِّيَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَلْيَلْبَسْنَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحْبَبْنَ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مِنْ مُعَصْفَرٍ أَوْ خَزٍّ أَوْ حَرِيرٍ أَوْ حُلِيٍّ أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ خُفٍّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا جَازَ لَهَا السَّتْرُ بِالْمَخِيطِ دُونَ الرَّجُلِ لِلْإِخْبَارِ؛ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَوْلَى بِالسَّتْرِ وَغَيْرُ الْمَخِيطِ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ الْأَمْنُ مِنْ الْكَشْفِ كَالْمَخِيطِ، وَلِهَذَا لَوْ اجْتَمَعَا عَلَى السَّتْرِ قُدِّمَتْ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (لَا) سَتْرَ (الْكَفَّيْنِ بِقُفَّارَيْنِ) أَوْ إحْدَاهُمَا بِأَحَدِهِمَا فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ؛ وَلِأَنَّ الْقُفَّازَ مَلْبُوسُ عُضْوٍ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فَأَشْبَهَ خُفَّ الرَّجُلِ وَخَرِيطَةَ لِحْيَتِهِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ، وَالْقُفَّازُ شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ وَتَكُونُ لَهُ أَزْرَارٌ تُزَرُّ عَلَى السَّاعِدَيْنِ مِنْ الْبَرْدِ تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ فِي يَدَيْهَا، وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ مَا يَشْمَلُ الْمَحْشُوَّ وَغَيْرَهُ. (وَيَجُوزُ) سَتْرُهُمَا (بِغَيْرِهِمَا) كَكُمٍّ وَخِرْقَةٍ لَفَّتْهَا عَلَيْهِمَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ سَوَاءٌ أَخَضَبَتْهُمَا أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ الْقُفَّازِ عَلَيْهَا مَا مَرَّ آنِفًا وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ لَا الْكَفَّيْنِ إلَى آخِرِهِ لَا الْقُفَّازَيْنِ وَيَجُوزُ لَفُّ يَدِهَا بِغَيْرِهِمَا أَمَّا الْوَجْهُ فَلَا تَسْتُرُهُ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ (وَ) لَكِنْ (يُعْفَى عَمَّا تَسْتُرُهُ مِنْ الْوَجْهِ احْتِيَاطًا لِلرَّأْسِ) إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُ سَتْرِهِ إلَّا بِسِتْرِ قَدْرٍ يَسِيرٍ مِمَّا يَلِيهِ مِنْ الْوَجْهِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى سَتْرِهِ بِكَمَالِهِ لِكَوْنِهِ عَوْرَةً أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى كَشْفِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْوَجْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَسْتُرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَأْسَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا ذُكِرَ فِي إحْرَامِ الْمَرْأَةِ وَلُبْسِهَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَشَذَّ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فَحَكَى وَجْهًا أَنَّ الْأَمَةَ كَالرَّجُلِ، وَوَجْهَيْنِ فِي الْمُبَعَّضَةِ هَلْ هِيَ كَالْأَمَةِ أَوْ كَالْحُرَّةِ (وَلَهَا أَنْ تُسْدِلَ) أَيْ تُرْخِيَ عَلَى وَجْهِهَا (ثَوْبًا مُتَجَافِيًا) عَنْهُ بِخَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا سَوَاءٌ أَفَعَلَتْهُ لِحَاجَةٍ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَفِتْنَةٍ أَمْ لَا كَمَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ سَتْرُ رَأْسِهِ بِمِظَلَّةٍ وَنَحْوِهَا (وَإِنْ أَصَابَهُ) كَأَنْ وَقَعَتْ الْخَشَبَةُ فَأَصَابَ الثَّوْبُ وَجْهَهَا (بِلَا اخْتِيَارٍ مِنْهَا فَرَفَعَتْهُ فَوْرًا فَلَا فِدْيَةَ، وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَارَتْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ تَرْفَعْهُ فَوْرًا (وَجَبَتْ) مَعَ الْإِثْمِ. (وَلِلْخُنْثَى) الْمُشْكِلِ (سَتْرُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ، وَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّا لَا نُوجِبُ شَيْئًا بِالشَّكِّ (فَقَطْ) أَيْ لَا سَتْرَهُمَا، فَلَوْ سَتَرَهُمَا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ لِتَيَقُّنِ سَتْرِ مَا لَيْسَ لَهُ سَتْرُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَسْتُرَ بِالْمَخِيطِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رَجُلًا وَيُمْكِنُهُ سَتْرُهُ بِغَيْرِهِ هَكَذَا ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا خِلَافَ أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالسَّتْرِ وَلُبْسِ الْمَخِيطُ كَمَا نَأْمُرُهُ أَنْ يَسْتَتِرَ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ انْتَهَى. وَقَالَ السُّلَمِيُّ عَقِبَ ذَلِكَ قُلْت أَمَّا سَتْرُ رَأْسِهِ فَوَاجِبٌ احْتِيَاطًا، وَلَا يَسْتُرُ وَجْهَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَكَشْفُهُ وَاجِبٌ أَوْ رَجُلًا لَمْ يَلْزَمْهُ سَتْرُهُ، وَأَمَّا سَتْرُ بَدَنِهِ فَيَجِبُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَوَاضِحٌ أَوْ رَجُلًا فَجَائِزٌ وَالسَّتْرُ مَعَ التَّرَدُّدِ وَاجِبٌ، وَلِهَذَا «أُمِرَتْ سَوْدَةُ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْ ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ وَأَمَرَ الْخُنْثَى بِالِاحْتِجَابِ» قَالَ وَتَجْوِيزُ الْقَاضِي لُبْسَ الْمَخِيطِ فِيهِ نَظَرٌ، وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَا يَتَقَيَّدُ الرَّدُّ بِذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُ سَتْرِهِ إلَّا بِسِتْرِهِ إلَخْ وَالْوَجْهُ إنَّمَا نَهَى فِيهِ عَنْ النِّقَابِ، وَذَلِكَ الْقَدْرُ لَيْسَ بِنِقَابٍ، وَلَا فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ إظْهَارُ الشِّعَارِ، وَهُوَ لَا يَفُوتُ بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ السَّتْرَ آكِدٌ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْأَمَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ لَكِنَّ الْحُرَّةَ لَا تُؤَاخَذُ بِمَا تَسْتُرُهُ مِنْ الْوَجْهِ احْتِيَاطًا لِسَتْرِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ وَقَالَ السُّلَمِيُّ عَقِبَ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ يُخَمِّرُ رَأْسَهُ، وَلَا يُخَمِّرُ وَجْهَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 ذَكَرًا حَرُمَ عَلَيْهِ أَوْ أُنْثَى جَازَ فَقَدْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، وَالْحَظْرُ أَوْلَى وَمَقْصُودُ السَّتْرِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ الْمَخِيطِ فَلَا مَعْنَى لِتَجْوِيزِ الْمَخِيطِ مَعَ جَوَازِ الْحَظْرِ وَعَدَمِ الْحَاجَةِ وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا سَتْرَ الرَّأْسِ، وَإِنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ؛ لِأَنَّ سَتْرَ رَأْسِ الْمَرْأَةِ وَاجِبٌ أَصْلِيٌّ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَتَحْرِيمُ سَتْرِ الرَّأْسِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ عَارِضٌ لِحُرْمَةِ الْعِبَادَةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي حَقِّ الْخُنْثَى حُكْمُ الْأُنُوثَةِ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ الْقَاضِي وُجُوبُ سَتْرِ رَأْسِهِ وَسَتْرِ بَدَنِهِ، وَلَوْ بِغَيْرِ مَخِيطٍ بِقَرِينَةِ تَنْظِيرِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا يُنَافِي كَلَامَ السُّلَمِيُّ إلَّا فِي لُبْسِ الْمَخِيطِ فَالْقَاضِي يُجَوِّزُهُ، وَهُوَ يُحَرِّمُهُ، ثُمَّ كَلَامُ الْجُمْهُورِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِحْرَامِ وَكَلَامُهُمَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِوُجُوبِ السَّتْرِ عَنْ الْأَجَانِبِ فَلَا مُنَافَاةَ إلَّا فِي لُبْسِ الْمَخِيطِ فَالْجُمْهُورُ وَالْقَاضِي يُجَوِّزُونَهُ وَالسُّلَمِيُّ يُحَرِّمُهُ فَتَنْظِيرُهُ فِي كَلَامِ الْقَاضِي لَا يَخُصُّهُ بَلْ يَأْتِي عَلَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَيْضًا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْخُنْثَى لَيْسَ لَهُ سَتْرُ وَجْهِهِ مَعَ كَشْفِ رَأْسِهِ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ الْخُنْثَى بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْأَجَانِبِ جَازَ لَهُ كَشْفُ رَأْسِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا. (فَرْعٌ مَنْ لَبِسَ) فِي الْإِحْرَامِ مَا يَحْرُمُ لُبْسُهُ بِهِ أَوْ سَتَرَ مَا يَحْرُمُ سَتْرُهُ فِيهِ (لِحَاجَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مُدَاوَاةٍ) أَوْ نَحْوِهَا (جَازَ وَفَدَى) كَمَا فِي الْحَلْقِ لِذَلِكَ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ الْحَاصِلِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (وَلَهُ لُبْسُ مُكَعَّبٍ) أَيْ مَدَاسٍ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَوْزَةً وَالزُّرْبُولِ الَّذِي لَا يَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ (وَكَذَا) لُبْسُ (خُفٍّ إنْ قَطَعَ أَسْفَلَ كَعْبِهِ) ، وَإِنْ اسْتَتَرَ ظَهْرُ الْقَدَمَيْنِ فِيهِمَا بِبَاقِيهِمَا (وَكَذَا) لُبْسُ (سَرَاوِيلَ) ، وَهَذَا (لِعَاجِزٍ عَنْ تَحْصِيلِ نَعْلَيْنِ) فِي الْأُولَيَيْنِ (وَإِزَارٍ) فِي الثَّالِثَةِ بِالطَّرِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي التَّيَمُّمِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ يَقُولُ: السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ» أَيْ مَعَ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ بِقَرِينَةِ خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ وَالْأَصْلُ فِي مُبَاشَرَةِ الْجَائِزِ نَفْيُ الضَّمَانِ وَاسْتِدَامَةُ لُبْسِهِ ذَلِكَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى النَّعْلِ، وَالْإِزَارُ مُوجِبَةٌ لِلدَّمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَخَرَجَ بِالْعَاجِزِ غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُ ذَلِكَ لِلْخَبَرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُرَادُ بِالنَّعْلِ التَّاسُومَةُ وَيَلْحَقُ بِهِ الْقَبْقَابُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَخِيطٍ، وَلَا فَرْقَ فِي السَّرَاوِيلِ بَيْنَ مَا يَتَأَتَّى مِنْهُ إزَارٌ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَإِضَاعَةُ الْمَالِ بِجَعْلِهِ إزَارًا وَيُفَارِقُ الْخُفُّ لِلْأَمْرِ بِقَطْعِهِ نَعَمْ يُتَّجَهُ عَدَمُ جَوَازِ قَطْعِ الْخُفِّ إذَا وُجِدَ الْمُكَعَّبُ، هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الِاتِّزَارُ بِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ، وَإِلَّا حَرُمَ لُبْسُهُ كَمَا يَحْرُمُ لُبْسُ الْقَمِيصِ عِنْدَ فَقْدِ الرِّدَاءِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِالسَّرَاوِيلِ إزَارًا مُتَسَاوِيَ الْقِيمَةِ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وُجُوبُهُ إنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ تَبْدُو فِيهِ عَوْرَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا. (وَلَوْ لَمْ يَجِدْ رِدَاءً لَمْ يَجُزْ لُبْسُ الْقَمِيصِ) بَلْ يَرْتَدِي بِهِ (وَلَوْ عَدِمَ الْإِزَارَ) أَوْ النَّعْلَ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ (فَبِيعَ مِنْهُ نَسِيئَةً أَوْ وُهِبَ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ) لِعِظَمِ الْمِنَّةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي الشِّرَاءِ نَسِيئَةً وَفِي قَرْضِ الثَّمَنِ مَا ذُكِرَ فِي التَّيَمُّمِ (أَوْ أُعِيرَ) لَهُ (لَزِمَهُ) قَبُولُهُ كَنَظِيرِهِ فِي التَّيَمُّمِ، النَّوْعُ (الثَّانِي التَّطَيُّبُ فَيَجِبُ) مَعَ التَّحْرِيمِ (الْفِدْيَةُ بِالتَّطَيُّبِ) ، وَلَوْ أَخْشَمَ (فِي بَدَنِهِ) ، وَلَوْ بَاطِنًا بِنَحْوِ أَكْلٍ (أَوْ مَلْبُوسِهِ) ، وَلَوْ نَعْلًا أَمَّا التَّحْرِيمُ فَلِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ فِي الْمَلْبُوسِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الْبَدَنِ، وَأَمَّا الْفِدْيَةُ فَكَالْحَلْقِ هَذَا إنْ تَطَيَّبَ (قَصْدًا بِمَا تُقْصَدُ مِنْهُ رَائِحَتُهُ) غَالِبًا (كَالْمِسْكِ وَالْعُودِ وَالْوَرْدِ) وَقَوْلُهُ (وَكَذَا دُهْنُهُ) أَيْ الْوَرْدِ مُكَرَّرٌ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي (وَالْوَرْسُ) ، وَهُوَ أَشْهَرُ طِيبٍ فِي بِلَادِ الْيَمَنِ وَسَيَأْتِي مَا خَرَجَ بِقَصْدٍ أَوْ أَمَّا مَا خَرَجَ بِمَا بَعْدَهُ فَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ (لَا مَا) أَيْ بِمَا (يُقْصَدُ بِهِ الْأَكْلُ أَوْ التَّدَاوِي) وَإِنْ كَانَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ (كَالتُّفَّاحِ وَالْأُتْرُجِّ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ مِنْ تُرُّنْجٍ وَيُقَالُ لَهُ الْأُتْرُنْجُ (وَالْقَرَنْفُلِ وَالدَّارْ صِينِيِّ وَالسُّنْبُلِ وَسَائِرِ الْأَبَازِيرِ الطَّيِّبَةِ) كَالْفُلْفُلِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ) وَاسْتَحْسَنَهُ كَالْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْخُنْثَى لَيْسَ لَهُ سَتْرُ وَجْهِهِ إلَخْ) وَفِي أَحْكَامِ الْخَنَاثَى لِابْنِ الْمُسْلِمِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتُرَ رَأْسَهُ، وَأَنْ يَكْشِفَ وَجْهَهُ، وَأَنْ يَسْتُرَ بَدَنَهُ إلَّا فِي الْمَخِيطِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ. [فَرْعٌ لَبِسَ فِي الْإِحْرَامِ مَا يَحْرُمُ لُبْسُهُ بِهِ أَوْ سَتَرَ مَا يَحْرُمُ سَتْرُهُ فِيهِ فِي الْإِحْرَامِ] (قَوْلُهُ مَنْ لَبِسَ لِحَاجَةِ حَرٍّ إلَخْ) يَنْبَغِي ضَبْطُهَا بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ جَازَ وَفَدَى) كُلُّ مَحْظُورٍ فِي الْإِحْرَامِ أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ إلَّا السَّرَاوِيلَ وَالْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ؛ لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَوِقَايَةَ الرِّجْلِ عَنْ النَّجِسِ مَأْمُورٌ بِهِمَا فَخُفِّفَ فِيهِمَا لِذَلِكَ وَجَمِيعُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ فِيهَا الْكَفَّارَةُ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا عَقْدُ النِّكَاحِ، وَمِنْهَا تَمَلُّكُ الصَّيْدِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ فَإِنْ قَبَضَهُ ضَمِنَهُ بِالْقَبْضِ إذَا تَلِفَ، وَمَا دَامَ حَيًّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَمِنْهَا وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ بِاصْطِيَادٍ لَا شَيْءَ فِيهِ مَا لَمْ يَمُتْ، وَمِنْهَا تَنْفِيرُهُ مَا لَمْ يَمُتْ فِي نُفَارَةٍ، وَمِنْهَا مَا إذَا أَكَلَ مَا صَادَهُ أَوْ ذَبَحَهُ فَإِنَّ الْأَكْلَ حَرَامٌ، وَلَا شَيْءَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْأَكْلُ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا أَكَلَ مِمَّا صِيدَ وَذُبِحَ مِنْ أَجْلِهِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى صَيْدٍ فَلَمْ يُمْسِكْهُ أَوْ أَمْسَكَهُ مِنْ غَيْرِ إتْلَافٍ، وَمِنْهَا إذَا صَاحَ عَلَى صَيْدٍ فَمَاتَ فَوَجْهَانِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا وُجُوبُ الضَّمَانِ، وَمِنْهَا سَتْرُ الرَّأْسِ بِمِكْتَلٍ إذَا حَرَّمْنَاهُ فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ طَرِيقَانِ (قَوْلُهُ، وَكَذَا خُفٌّ إنْ قُطِعَ إلَخْ) حُكْمُ الْمَدَاسِ، وَهُوَ السَّرْمُوزَةُ حُكْمُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ كَمَا عُلِمَ (قَوْلُهُ، وَإِنْ سَتَرَ ظَهْرَ الْقَدَمَيْنِ إلَخْ) وَسَتَرَ الْعَقِبَيْنِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ الْخُفُّ لِلْأَمْرِ بِقَطْعِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ تَكْلِيفَ ذَلِكَ فِي السَّرَاوِيلِ يُؤَدِّي إلَى مَشَقَّةٍ، وَهُوَ الْقَطْعُ، ثُمَّ الْخِيَاطَةُ الْمُحْتَاجَةُ إلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ بِخِلَافِ قَطْعِ الْخُفِّ، وَأَيْضًا فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْخُفِّ، وَهُوَ سَتْرُ الرِّجْلِ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْأَوْعَارِ حَاصِلٌ بِالْمَقْطُوعِ بِخِلَافِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ الْحَاصِلِ مِنْ السَّرَاوِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِالْإِزَارِ لِانْكِشَافِ الْعَوْرَةِ مِنْهُ غَالِبًا، فَلَمْ نُوجِبْ عَلَى الْمُحْرِمِ قَطْعَهُ لِتَضَرُّرِهِ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الِاتِّزَارُ بِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ) لِصِغَرِهِ أَوْ لِفَقْدِ آلَةِ خِيَاطَتِهِ أَوْ لِخَوْفِ التَّخَلُّفِ عَنْ الْقَافِلَةِ (قَوْلُهُ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْوَاهِبُ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 وَالْمَصْطَكَى فَلَا تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْأَكْلُ أَوْ التَّدَاوِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ (وَلَا مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ) . وَإِنْ كَانَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ (كَالشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ) وَالْإِذْخِرِ وَالْخُزَامِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ طِيبًا، وَإِلَّا لَاسْتُنْبِتَ وَتُعُهِّدَ كَالْوَرْدِ (وَلَا بِالْعُصْفُرِ وَالْحِنَّاءِ) ، وَإِنْ كَانَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ لَوْنُهُ (وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ فِي النِّرْجِسِ وَالرَّيْحَانِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (الْفَارِسِيِّ) ، وَهُوَ الضُّمَيْرَانِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ كَذَا ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَكِنَّهُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَعْرُوفُ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ الضَّوْمَرَانُ بِالْوَاوِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ نَبْتٌ بَرِّيٌّ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمُرْسِينُ (وَالْبَنَفْسَجِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ (وَالْبَانِ) وَاللِّينُوفَرِ؛ لِأَنَّهَا طِيبٌ وَحَمَلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْبَنَفْسَجَ لَيْسَ بِطِيبٍ عَلَى الْمُرَبَّى بِالسَّكَرِ الَّذِي ذَهَبَ رِيحُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ أَنَّ الْبَانَ لَيْسَ طِيبًا عَلَى يَابِسٍ لَا يَظْهَرُ رِيحُهُ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ مَعَ الْقَصْدِ الِاخْتِيَارُ وَالْعِلْمُ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا تُعْتَبَرُ الثَّلَاثَةُ فِي سَائِرِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَخَرَجَ بِالْفَارِسِيِّ الْعَرَبِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ احْتَاجَ الْمُحْرِمُ إلَى التَّدَاوِي بِطِيبٍ تَدَاوَى بِهِ وَافْتَدَى نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. (فَرْعٌ دُهْنُ الْبَانِ) الْمَغْلِيُّ (وَدُهْنُ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ طِيبٌ) وَالْمُرَادُ بِدُهْنِ هَذَيْنِ دُهْنٌ طُرِحَا فِيهِ (لَا دُهْنٌ تُرُوِّحَ سِمْسِمُهُ بِهِمَا) بِأَنْ اُسْتُخْرِجَ مِنْ سِمْسِمٍ تُرُوِّحَ بِوَضْعِهِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّ رِيحَهُ رِيحُ مُجَاوَرَةٍ (وَفِي دُهْنِ الْأُتْرُجِّ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَقَطَعَ الدَّارِمِيُّ بِأَنَّهُ طِيبٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (فَرْعٌ وَإِنْ اُسْتُهْلِكَ الطِّيبُ فِي الْمُخَالِطِ) لَهُ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ رِيحٌ، وَلَا طَعْمٌ، وَلَا لَوْنٌ (أَوْ) الْأُولَى كَأَنْ (اُسْتُعْمِلَ فِي دَوَاءٍ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ وَأَكْلُهُ) ، وَلَا فِدْيَةَ (وَإِنْ بَقِيَ الرِّيحُ فِيمَا اُسْتُهْلِكَ ظَاهِرًا أَوْ خَفِيًّا) لِمُرُورِ الزَّمَانِ أَوْ لِغُبَارٍ أَوْ غَيْرِهِ لَكِنَّهُ (يَظْهَرُ بِرَشِّ الْمَاءِ) عَلَيْهِ (فَدَى) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَعْظَمَ مِنْ الطِّيبِ الرِّيحُ (وَكَذَا) لَوْ بَقِيَ (الطَّعْمُ) لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَقَاءِ الطِّيبِ (لَا اللَّوْنِ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الزِّينَةُ بِدَلِيلِ حِلِّ الْمُعَصْفَرِ. (فَرْعٌ) فِي بَيَانِ اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ (إنَّمَا تُؤَثِّرُ مُبَاشَرَتُهُ) إذَا كَانَ (صَالِحًا لِلِاسْتِعْمَالِ الْمُعْتَادِ) بِأَنْ يُلْصِقَهُ بِبَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ عَلَى الْعَادَةِ فِي ذَلِكَ الطِّيبِ، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِي مَحَلٍّ لَا يُعْتَادُ التَّطَيُّبُ فِيهِ، وَلَفْظُ صَالِحًا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ لَا دَخْلَ لَهُ هُنَا (فَإِذَا مَسَّ طِيبًا يَابِسًا) كَمِسْكٍ وَكَافُورٍ (فَعَبِقَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ لَزِقَ (بِهِ رِيحُهُ لَا عَيْنُهُ أَوْ حَمَلَ الْعُودَ أَوْ أَكَلَهُ لَمْ يَضُرَّ) فَلَا يَحْرُمُ، وَلَا يَجِبُ بِهِ فِدْيَةٌ أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ الرِّيحَ قَدْ تَحْصُلُ بِالْمُجَاوَرَةِ بِلَا مَسٍّ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَأَمَّا الْبَاقِي؛ فَلِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَطَيُّبًا وَالتَّقْيِيدُ بِالْيَابِسِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَإِنْ تَجَمَّرَ) أَيْ تَبَخَّرَ (بِهِ) أَيْ بِالْعُودِ (أَوْ حَمَلَ الْمِسْكَ وَنَحْوَهُ) كَالْعَنْبَرِ (فِي ثَوْبٍ) مَلْبُوسٍ لَهُ (أَوْ حَمَلَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي جَيْبِهَا أَوْ) فِي (حَشْوِ حُلِيِّهَا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَطَيُّبٌ بَلْ الْعُودُ لَا يُتَطَيَّبُ بِهِ إلَّا كَذَلِكَ. (وَكَذَا) تَجِبُ الْفِدْيَةُ (لَوْ اسْتَعَطَ بِهِ) أَيْ بِالطِّيبِ (أَوْ احْتَقَنَ) أَوْ اكْتَحَلَ بِهِ أَوْ أَدْخَلَهُ فِي إحْلِيلِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي لِمَا قُلْنَا (لَا إنْ عَبِقَ بِهِ) رِيحُهُ لَا عَيْنُهُ (بِالْجُلُوسِ عِنْدَ عَطَّارٍ وَ) عِنْدَ (مُتَجَمَّرٍ) أَيْ مُتَبَخَّرٍ كَالْكَعْبَةِ أَوْ بَيْتٍ تَبَخَّرَ سَاكِنُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ تَطَيُّبًا (وَيُكْرَهُ) الْجُلُوسُ عِنْدَ ذَلِكَ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِهِ هَذَا (إنْ قَصَدَ الشَّمَّ) ، وَإِلَّا فَلَا وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لِلْمِبْخَرَةِ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِي اسْتِعْمَالِ مِبْخَرَةِ آنِيَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ (وَالتَّطَيُّبُ بِالْوَرْدِ أَنْ يَشُمَّهُ) مَعَ اتِّصَالِهِ بِأَنْفِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ (وَ) التَّطَيُّبُ (بِمَائِهِ أَنْ يَمَسَّهُ كَالْعَادَةِ) بِأَنْ يَصُبَّهُ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ فَلَا يَكْفِي شَمُّهُ (وَإِنْ حَمَلَ مِسْكًا وَنَحْوَهُ فِي خِرْقَةٍ مَشْدُودَةٍ أَوْ فَارَةٍ غَيْرِ مَشْقُوقَةٍ لَمْ يَضُرَّ) ، وَإِنْ شَمَّ الرِّيحَ لِوُجُودِ الْحَائِلِ (أَوْ مَشْقُوقَةٍ فَدَى) ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ تَطَيُّبًا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَطَيُّبًا (وَإِنْ جَلَسَ) مَثَلًا (عَلَى مَكَان مُطَيَّبٍ) مِنْ أَرْضٍ أَوْ فِرَاشٍ (أَوْ دَاسَ طِيبًا بِنَعْلِهِ فَدَى) ؛ لِأَنَّهُ تَطَيُّبٌ (إلَّا إنْ فَرَشَ عَلَيْهِ ثَوْبًا) أَوْ لَمْ يَفْرِشْ لَكِنَّهُ لَمْ يَعْلَقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ عَيْنِ الطِّيبِ فَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَطَيُّبًا (وَ) لَكِنْ (إنْ كَانَ الثَّوْبُ رَقِيقًا) مَانِعًا لِلطِّيبِ مِنْ مَسَّ بَشَرَتِهِ (كُرِهَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ عَنْهُ رَائِحَةَ الطِّيبِ بِالْكُلِّيَّةِ. (فَرْعٌ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَى) الْمُتَطَيِّبِ (النَّاسِي) لِلْإِحْرَامِ (وَ) لَا عَلَى (الْمُكْرَهِ) عَلَى التَّطَيُّبِ (وَ) لَا عَلَى (الْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ بِكَوْنِهِ) أَيْ الْمَمْسُوسِ (طِيبًا أَوْ رُطَبًا) لِعُذْرِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (لَا) الْجَاهِلِ (بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ التَّحْرِيمِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ فَحَقُّهُ الِامْتِنَاعُ (فَإِنْ عَلِمَ) التَّحْرِيمَ بَعْدَ لُبْسِهِ جَاهِلًا بِهِ (وَأَخَّرَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ دُهْنُ الْبَانِ الْمَغْلِيُّ وَدُهْنُ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ لِلْمُحْرِمِ] قَوْلُهُ وَقَطَعَ الدَّارِمِيُّ بِأَنَّهُ طِيبٌ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي دُهْنِ الْبَانِ [فَرْعٌ اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ] (قَوْلُهُ إنَّمَا تُؤَثِّرُ مُبَاشَرَتُهُ صَالِحًا لِلِاسْتِعْمَالِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَجْرَى بَعْضُهُمْ فِي الطِّيبِ الَّذِي لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ الْخِلَافُ فِي النَّجَاسَةِ الَّتِي لَا يُدْرِكُهَا الطَّرَفُ وَأَوْلَى بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ الْمَوْضِعِ، وَلَوْ وَقَعَ عَلَى الْمُحْرِمِ طِيبٌ، وَهُوَ مُحْدِثٌ، وَلَمْ تُمْكِنْهُ إزَالَتُهُ بِغَيْرِ الْمَاءِ وَوَجَدَ مَا يَكْفِيهِ لِإِزَالَةِ الطِّيبِ أَوْ الْوُضُوءِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ وَيَجْمَعَهُ، ثُمَّ يَغْسِلَ بِهِ الطِّيبَ لَزِمَهُ، وَإِلَّا أَزَالَ بِهِ الطِّيبَ، ثُمَّ تَيَمَّمَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَطِيبٌ وَالْمَاءُ يَكْفِي لِإِزَالَةِ أَحَدِهِمَا غَسَلَ بِهِ النَّجَاسَةَ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي شَمُّهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِسْكٌ فَإِنْ كَانَ فَقَدْ تَطَيَّبَ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ فِي التَّطَيُّبِ بِهِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ أَوْ دَاسَ طَيِّبًا بِنَعْلِهِ فَدَى) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ شَرْطُهُ أَنْ يَعْلَقَ شَيْءٌ مِنْهُ كَذَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ [فَرْعٌ وَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُتَطَيِّبِ النَّاسِي لِلْإِحْرَامِ] (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَ وَأَخَّرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 إزَالَتَهُ) مَعَ إمْكَانِهَا (فَدَى وَأَثِمَ) ، وَلَهُ إزَالَتُهُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهَا بِتَرْكٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا تَحْرِيمٌ لَكِنَّ إزَالَتَهُ بِغَيْرِهِ أَيْ مِمَّنْ هُوَ حَلَالٌ أَوْلَى وَالتَّصْرِيحُ بِالْإِثْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ. النَّوْعُ (الثَّالِثُ الدَّهْنُ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ التَّدَهُّنُ بِدُهْنٍ، وَلَوْ غَيْرَ مُطَيَّبٍ (فَيَحْرُمُ) التَّدَهُّنُ (فِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ) ، وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ (بِالسَّمْنِ وَالزُّبْدِ) وَالشَّحْمِ وَالشَّمْعِ الذَّائِبَيْنِ (وَالْمُعْتَصَرِ مِنْ الْحُبُوبِ) كَالزَّيْتِ (وَلَوْ كَانَ) كُلٌّ مِنْ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ (حَلِيقًا) أَيْ مَحْلُوقًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ الشَّعْرِ وَتَنْمِيَتِهِ الْمُنَافِيَيْنِ لِخَبَرِ: الْمُحْرِمُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ. أَيْ شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ اللَّبَنِ، وَإِنْ كَانَ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ السَّمْنُ وَالتَّقْيِيدُ بِاللِّحْيَةِ يُشْعِرُ بِالْجَوَازِ فِي بَاقِي شُعُورِ الْوَجْهِ كَالْحَاجِبِ وَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَالْعِذَارِ لَكِنْ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَاللِّحْيَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ (لَا) فِي رَأْسِ (أَقْرَعَ) وَأَصْلَعَ، وَلَا فِي ذَقَنِ (أَمْرَدَ) لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِالْحُرْمَةِ وَلُزُومِ الْفِدْيَةِ لِلْأَخْشَمِ إذَا تَطَيَّبَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى هُنَا مُنْتَفٍ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ التَّرَفُّهُ بِالطِّيبِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِالتَّطَيُّبِ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَطَيِّبُ أَخَشْمَ (وَلَهُ دَهْنُ بَدَنِهِ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَسَائِرِ شَعْرِهِ) بِذَلِكَ (وَأَكْلُهُ وَجَعْلُهُ فِي شَجَّةٍ فِي رَأْسِهِ) أَوْ غَيْرِهِ كَجَبْهَتِهِ لِمَا مَرَّ وَالْمُحْرِمُ مِمَّا ذَكَرَ وَمِمَّا يَأْتِي مِنْ نَظَائِرِهِ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ (تَنْبِيهٌ) لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ دُهْنُ الْحَلَالِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْحَلْقِ (فَرْعٌ لِلْمُحْرِمِ غَسْلُ رَأْسِهِ بِالسِّدْرِ) أَوْ نَحْوِهِ فِي حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِهِ (مِنْ غَيْرِ نَتْفِ شَعْرِهِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ بِخِلَافِ الدُّهْنِ فَإِنَّهُ لِلتَّنْمِيَةِ كَمَا مَرَّ (وَ) لَهُ (الِاكْتِحَالُ لَا بِمُطَيِّبٍ) أَمَّا بِالْمُطَيِّبِ فَيَحْرُمُ (وَالْأَوْلَى تَرْكُهُمَا) أَيْ الْغُسْلِ وَالِاكْتِحَالِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقِيلَ: يُكْرَهَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا تَزْيِينًا قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الِاكْتِحَالِ وَتَوَسَّطَ قَوْمٌ فَقَالُوا: إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ زِينَةٌ كَالتُّوتْيَا لَمْ يُكْرَهْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ زِينَةٌ كَالْإِثْمِدِ كُرِهَ إلَّا لِحَاجَةِ رَمَدٍ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْكَرَاهَةُ فِي الْمَرْأَةِ أَشَدُّ وَالتَّصْرِيحُ بِأَوْلَوِيَّةِ التَّرْكِ فِي الِاكْتِحَالِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَلَهُ خَضْبُ لِحْيَتِهِ) وَغَيْرِهَا مِنْ الشُّعُورِ (بِالْحِنَّاءِ) وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَمِّي الشَّعْرَ، وَلَيْسَ طِيبًا وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُنَّ يَخْتَضِبْنَ بِالْحِنَّاءِ، وَهُنَّ مُحْرِمَاتٌ» نَعَمْ إنْ كَانَ الْحِنَّاءُ ثَخِينًا وَالْمَحَلُّ يَحْرُمُ سَتْرُهُ حَرُمَ لَا لِلْخَضْبِ بَلْ لِسَتْرِ مَا يَحْرُمُ سَتْرُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَ) لَهُ (الِاحْتِجَامُ) وَالْفَصْدُ (مَا لَوْ يَقْطَعُ بِهِمَا شَعْرًا) فَإِنْ كَانَ يَقْطَعُهُ بِهِمَا حَرُمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ ضَرُورَةٌ إلَيْهِمَا. (وَ) لَهُ (إنْشَادُ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ وَالنَّظَرُ فِي الْمِرْآةِ، وَلَهُ النَّظَرُ فِي الْمِرْآةِ) كَالْحَلَالِ فِيهِمَا النَّوْعُ (الرَّابِعُ الْحَلْقُ) لِشَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ (وَالْقَلْمُ) لِشَيْءٍ مِنْ ظُفُرِهِ (فَيَحْرُمُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (وَإِنْ قَلَّ) ذَلِكَ كَبَعْضِ شَعْرَةٍ أَوْ ظُفُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: 196] أَيْ شَعْرَهَا وَقِيسَ بِشَعْرِهَا شَعْرُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ وَبِالْحَلْقِ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ الْإِزَالَةُ وَبِإِزَالَةِ الشَّعْرِ إزَالَةُ الظُّفُرِ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ فِي الْجَمِيعِ (وَيَجِبُ، وَلَوْ عَلَى نَاسٍ) لِلْإِحْرَامِ (وَجَاهِلٍ) بِحُرْمَةِ ذَلِكَ (بِإِزَالَةِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ دَفْعَةً) يَعْنِي فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ بَلْ وَفِي مَكَان وَاحِدٍ لِمَا سَيَأْتِي (مِنْ الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ   [حاشية الرملي الكبير] إزَالَتَهُ فَدَى وَأَثِمَ) ، وَكَذَا حُكْمُ النَّاسِي إذَا تَذَكَّرَ وَالْمُكْرَهِ إذَا خُلِّيَ قَالَ فِي الْخَادِمِ إذَا كَانَ مُحْدِثًا وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِي الْوُضُوءَ وَالطِّيبَ غَسَلَ بِهِ الطِّيبَ؛ لِأَنَّ لِلْوُضُوءِ بَدَلًا، وَغَسْلُ الطِّيبِ لَا بَدَلَ لَهُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْوَافِي وَعِنْدِي الْأَوْلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ النَّصِّ يُوَافِقُ قَوْلَ الْجُمْهُورِ فَفِي الْأُمِّ وَمَتَى أَمْكَنَهُ الْمَاءُ غَسَلَهُ، وَلَوْ وَجَدَ مَاءً قَلِيلًا إنْ غَسَلَهُ بِهِ لَمْ يَكْفِهِ لِوُضُوئِهِ غَسَلَهُ بِهِ وَتَيَمَّمَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِغَسْلِهِ، وَلَا رُخْصَةَ لَهُ فِي تَرْكِهِ إذَا قَدَرَ عَلَى غَسْلِهِ، وَهَذَا مُرَخَّصٌ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: هَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ وَيَجْمَعَهُ، ثُمَّ يَغْسِلَ بِهِ الطِّيبَ فَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَجَبَ فِعْلُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا تَقْدِيمُ إزَالَةِ الطِّيبِ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى إزَالَةِ الْأَحْدَاثِ فِي الْمَاءِ الْمُوصَى بِهِ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ وَجُعِلَتْ اسْتِدَامَةً لِطِيبٍ هُنَا طِيبًا بِخِلَافِهَا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا عَدَمُ التَّرَفُّهِ، وَهُنَاكَ صِدْقُ الِاسْمِ عُرْفًا، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ إزَالَتَهُ بِغَيْرِهِ إلَخْ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَأْخِيرٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَاللِّحْيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْوَجْهُ الْمَنْعُ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: التَّحْرِيمُ ظَاهِرٌ فِيمَا اتَّصَلَ بِاللِّحْيَةِ كَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَالْعِذَارِ، وَأَمَّا الْحَاجِبُ وَالْهُدْبُ وَمَا عَلَى الْجَبْهَةِ فَفِيهِ بُعْدٌ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ دَهْنُ الْمُحْرِمِ شَعْرَ نَفْسِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ دَهْنُهُ شَعْرَ مُحْرِمٍ آخَرَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ لِلْمُحْرِمِ فِعْلَ ذَلِكَ بِالْحَلَالِ كَمَا ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ مِثْلَهُ فِي الْحَلْقِ (قَوْلُهُ، وَلَا فِي ذَقَنِ أَمْرَدَ) قَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَسْأَلَةَ الْأَمْرَدِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِ نَبَاتِ لِحْيَتِهِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فِي مَعْنَى مَحْلُوقِ الرَّأْسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ وَقَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَوَسَّطَ قَوْمٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ شَعْرِهَا) ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ لَا يُحْلَقُ وَالشُّعُورُ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ فَأَوْجَبْنَا بِحَلْقِهَا الْفِدْيَةَ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ الْإِزَالَةُ) أَيْ بِحَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ أَوْ نَتْفٍ أَوْ إحْرَاقٍ أَوْ نُورَةٍ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ، وَلَوْ عَلَى نَاسٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّكْرَانَ الْعَاصِي بِسُكْرِهِ كَالصَّاحِي، وَكَذَا كُلُّ مَأْثُومٍ بِمَا يُزِيلُ عَقْلَهُ، وَهَلْ الْمُكْرَهُ عَلَى تَعَاطِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ كَالْمُخْتَارِ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَهُوَ كَالْإِتْلَافَاتِ. اهـ. وَلَوْ زَالَ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِ سَاقِ الرَّاكِبِ أَوْ فَخِذِهِ بِوَاسِطَةِ الْحَكِّ بِالرِّجْلِ النَّاشِئِ عَنْ ضَرُورَةِ الرُّكُوبِ غَالِبًا لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَالظَّاهِرُ بَلْ الْقَطْعُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ سَلَفًا وَخَلَفًا وَاقِعِينَ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَحَدٍ إيجَابُ الْفِدْيَةِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ) لَوْ حَلَقَ الْمُحْرِمُ مِنْ رَأْسِهِ الرُّكْنَ، وَلَمْ يَأْتِ بِغَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شُعُورِ بَدَنِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُحْرِمٌ لَمْ يَتَحَلَّلْ التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ فَقَالَ ضَابِطٌ: لَا يَحِلُّ شَيْءٌ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ بِغَيْرِ عُذْرٍ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ إلَّا حَلْقُ شَعْرِ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بَعْدَ حَلْقِ الرُّكْنِ أَوْ سُقُوطِهِ لِمَنْ لَا شَعْرَ عَلَى رَأْسِهِ وَعَلَى هَذَا صَارَ لِلْحَجِّ ثَلَاثُ تَحَلُّلَاتٍ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ، وَقِيَاسُهُ جَوَازُ التَّقْلِيمِ حِينَئِذٍ كَالْحَلْقِ إذْ هُوَ شَبَهُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 وَ) بِإِزَالَةِ (ثَلَاثَةِ أَظْفَارٍ) كَذَلِكَ (لَا مَعَ الْجِلْدِ وَالْعُضْوِ - دَمٌ) لِلْآيَةِ وَكَسَائِرِ الْإِتْلَافَاتِ وَالشَّعْرُ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ وَقِيسَ بِهَا الْأَظْفَارُ، وَهَذَا بِخِلَافِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فِي التَّمَتُّعِ بِاللُّبْسِ وَالطِّيبِ وَالدُّهْنِ وَالْجِمَاعِ وَمُقَدَّمَاتِهِ لِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ وَالْقَصْدِ فِيهِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيهِمَا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَزَالَهَا مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ صَبِيٌّ غَيْرُ مُمَيِّزٍ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّ النَّاسِي وَالْجَاهِلَ يَعْقِلَانِ فِعْلَهُمَا فَيُنْسَبَانِ إلَى تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنَّ الْجَارِي عَلَى قَاعِدَةِ الْإِتْلَافِ وُجُوبُهَا عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَمِثْلُهُمْ فِي ذَلِكَ النَّائِمُ أَمَّا إذَا أَزَالَهَا بِقَطْعِ الْجِلْدِ أَوْ الْعُضْوِ فَلَا يَجِبُ بِهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَا أُزِيلَ تَابِعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِزَالَةِ وَشَبَّهُوهُ بِالزَّوْجَةِ تُقْتَلُ فَلَا يَجِبُ مَهْرُهَا عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَوْ أَرْضَعَتْهَا زَوْجَتُهُ الْأُخْرَى لَزِمَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ فِي تِلْكَ تَلِفَ تَبَعًا بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ، وَقَوْلُ الْأَصْلِ هُنَا فِي هَذِهِ لَزِمَهَا الْمَهْرُ يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِصَغِيرَةٍ وَطِئَهَا الزَّوْجُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُزِيلَ لِمَا ذُكِرَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ إرَاقَةِ دَمٍ وَإِخْرَاجِ ثَلَاثَةِ آصُعٍ وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَمَا هُنَا مُنَزَّلٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَحُكْمُ مَا فَوْقَ الثَّلَاثَةِ حُكْمُهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَفِي) إزَالَةِ (الْوَاحِدِ مِنْهَا أَوْ بَعْضَهُ مُدٌّ) مِنْ الطَّعَامِ (وَفِي الِاثْنَيْنِ مُدَّانِ) لِعُسْرِ تَبْعِيضِ الدَّمِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي تَرْكِ الرَّمْيِ وَعَلَى مَا مَرَّ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إذَا أَزَالَ شَعْرَةً أَوْ ظُفُرًا فَإِنْ اخْتَارَ الدَّمَ أَخْرَجَ مُدًّا؛ لِمَا قُلْنَا أَوْ الطَّعَامَ أَخْرَجَ صَاعًا أَوْ الصَّوْمَ صَامَ يَوْمًا نَقَلَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ. (وَلَوْ شَكَّ) وَقَدْ انْسَلَّ مِنْهُ شَعْرٌ (هَلْ سَلَّهُ الْمُشْطُ) بَعْدَ انْتِتَافِهِ (أَوْ نَتَفُهُ فَلَا فِدْيَةَ) ؛ لِأَنَّ النَّتْفَ لَمْ يَتَحَقَّقْ. وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَمْتَشِطَ وَأَنْ يُفَلِّيَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَأَنْ يَحُكَّ شَعْرَهُ لَا جَسَدَهُ بِأَظْفَارِهِ لَا بِأَنَامِلِهِ. [فَرْعٌ حَلَقَ لِأَذَى قَمْلٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا كَحَرٍّ وَوَسَخٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ] (فَرْعٌ. وَإِنْ حَلَقَ لِأَذَى قَمْلٍ أَوْ جِرَاحَةٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا كَحَرٍّ وَوَسَخٍ (جَازَ) لِلْعُذْرِ (وَفَدَى) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} [البقرة: 184] الْآيَةَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا كُلُّ مُحَرَّمٍ أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ إلَّا لُبْسَ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَوِقَايَةَ الرِّجْلِ عَنْ النَّجَاسَةِ مَأْمُورٌ بِهِمَا فَخَفَّفَ فِيهِمَا وَالْحَصْرُ فِيمَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ فَقَدْ قَالُوا بِعَدَمِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِي أُمُورٍ مِنْهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ (فَإِنْ أَزَالَ مَا نَبَتَ مِنْهُ) أَيْ الشَّعْرِ (فِي عَيْنِهِ) وَتَأَذَّى بِهِ (أَوْ) أَزَالَ (قَدْرَ مَا يُغَطِّيهَا مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ وَحَاجِبَيْهِ إنْ كَانَ) ثَمَّ مَا يُغَطِّيهَا بِأَنْ طَالَ بِحَيْثُ سَتَرَ بَصَرَهُ (أَوْ انْكَسَرَ ظُفُرُهُ فَقَطَعَ الْمُؤْذِي) مِنْهُ (فَقَطْ فَلَا فِدْيَةَ) ؛ لِأَنَّهُ مُؤْذٍ. [فَرْعٌ يَأْثَمُ الْحَالِقُ بِلَا عُذْرٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ] (فَرْعٌ يَأْثَمُ الْحَالِقُ) بِلَا عُذْرٍ لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا (وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ، وَلَوْ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ فِي الْحَلْقِ (إنْ أَطَاقَ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ أَوْ مِنْ نَارٍ) طَارَتْ إلَى شَعْرِهِ، ثُمَّ (أَحْرَقَتْهُ) لِتَفْرِيطِهِ فِيمَا عَلَيْهِ حِفْظُهُ وَلِإِضَافَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ فِيمَا إذَا أَذِنَ لِلْحَالِقِ بِدَلِيلِ الْحِنْثِ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُمَا، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ فَقَدْ انْفَرَدَ الْمَحْلُوقُ بِالتَّرَفُّهِ، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِقَوْلِهِمْ الْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَعُدْ نَفْعُهُ عَلَى الْآمِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ كَمَا لَوْ غَصَبَ شَاةً وَأَمَرَ قَصَّابًا بِذَبْحِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا إلَّا الْغَاصِبُ (وَلَا) بِأَنْ حَلَقَ لَهُ بِلَا إذْنٍ، وَلَمْ يُطِقْ مَنْعَهُ بِأَنْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ (فَعَلَى الْحَالِقِ) ، وَلَوْ حَلَالًا - الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ؛ وَلِأَنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ كَالْوَدِيعَةِ لَا الْعَارِيَّةِ وَضَمَانُ الْوَدِيعَةِ مُخْتَصٌّ بِالْمُتْلِفِ (وَلِلْمَحْلُوقِ مُطَالَبَتُهُ بِهَا) إذْ الْمُودَعُ خَصْمٌ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا لَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالسَّرِقَةِ أَنَّ الْمُودَعَ لَا يُخَاصِمُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ هَذَا حَيْثُ عَلَّلَ بِأَنَّ الْفِدْيَةَ فِي الْمَحْلُوقِ وَجَبَتْ بِسَبَبِهِ وَبِأَنَّ نُسُكَهُ يَتِمُّ بِأَدَائِهَا فَكَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا. وَنَقَلَ تَعْلِيلَهُ الْأَوَّلَ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَالثَّانِي عَنْ الْفَارِقِيِّ وَبِهِمَا يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَحْلُوقِ وَالْمُودَعِ هَذَا وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الْعِمَادِ عَمَّا عَلَّلَ بِهِ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ هُنَا كَالْمَالِكِ فِي الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ مِلْكُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَأْخُذُ حُكُومَتَهُ إنْ فَسَدَ مَنْبَتُهُ، وَبِأَنَّ الْمُودَعَ إنَّمَا لَمْ يُخَاصِمْ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يُطَالِبُ وَالْكَفَّارَةُ لَا طَالِبَ لَهَا مُعَيَّنٌ وَفَارَقَ عَدَمَ جَوَازِ مُطَالَبَةِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا بِإِخْرَاجِ فِطْرَتِهَا بِأَنَّ الْفِدْيَةَ فِي مُقَابَلَةِ إتْلَافِ جُزْءٍ مِنْهُ فَسَاغَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ وَمَا أَجَابَ بِهِ إنَّمَا يَصْلُحُ تَعْلِيلًا لِلْحُكْمِ لَا جَوَابًا عَنْ التَّنَاقُضِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَنَّ الشَّعْرَ مِلْكُهُ مَمْنُوعٌ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مُنْتَقَضٌ بِأَخْذِ دِيَةِ يَدِهِ مَثَلًا وَدِيَةِ مُوَرِّثِهِ مَعَ انْتِفَاءِ الْمِلْكِ (فَلَوْ أَخْرَجَهَا الْمَحْلُوقُ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْحَالِقِ (لَمْ تَسْقُطْ) كَالْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ شَبِيهَةٌ بِالْكَفَّارَةِ، فَلَوْ أَخْرَجَهَا بِإِذْنِهِ سَقَطَتْ (وَلِلْمُحْرِمِ حَلْقُ شَعْرِ الْحَلَالِ) إذْ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْإِحْرَامِ فَأَشْبَهَ شَعْرَ الْبَهِيمَةِ (فَإِنْ أَمَرَ حَلَالٌ حَلَالًا بِحَلْقِ) شَعْرِ (مُحْرِمٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَثَلَاثَةِ أَظْفَارٍ) أَوْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَفِي الْوَاحِدَةِ مِنْهَا إلَخْ) لَوْ أَخَذَ مِنْ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ شَيْئًا، ثُمَّ شَيْئًا، ثُمَّ شَيْئًا فَإِنْ تَقَطَّعَ الزَّمَانُ فَثَلَاثَةُ أَمْدَادٍ، وَإِنْ تَوَاصَلَ فَكَالشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَوْ أَضْعَفَ قُوَّةَ الشَّعْرِ بِأَنْ شَقَّهَا نِصْفَيْنِ فَالظَّاهِرُ مِنْ تَعْبِيرِهِمْ بِالْإِزَالَةِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ (قَوْلُهُ، وَقَالَ إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ يَأْثَمُ الْحَالِقُ) النِّكَاحُ وَالْإِنْكَاحُ وَالِاصْطِيَادُ إذَا أَرْسَلَ الصَّيْدَ وَتَكْرِيرُ النَّظَرِ لِامْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ حَتَّى أَنْزَلَ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ الْحِنْثِ بِهِ) أَيْ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَيْمَانِ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْهَا إلَّا الْغَاصِبُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ ضَمَانًا مُسْتَقِرًّا، وَإِلَّا فَالْقَصَّابُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ) أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ نُسُكَهُ يَتِمُّ بِأَدَائِهَا إلَخْ) وَبِأَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَمَلَكَ الْمَحْلُوقُ الْمُطَالَبَةَ بِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ عِتْقِهِ وَقُلْنَا الْحَقُّ فِي الْعِتْقِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَإِنَّ لِلْبَائِعِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 نَائِمٍ) أَوْ نَحْوِهِ فَحَلَقَ (فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْآمِرِ إنْ جَهِلَ الْحَالِقُ) الْحَالَ أَوْ أُكْرِهَ أَوْ كَانَ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ (وَإِلَّا لَزِمَتْهُ) أَيْ الْحَالِقَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ عَكْسَهُ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ النَّوْعُ (الْخَامِسُ: الْجِمَاعُ، وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ) فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ (مُفْسِدٌ لِلْحَجِّ) ، وَلَوْ كَانَ الْمُجَامِعُ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ} [البقرة: 197] أَيْ فَلَا تَرْفُثُوا وَالرَّفَثُ فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْجِمَاعِ وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ اقْتِضَاءُ الْفَسَادِ (قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ) بَعْدَ وَقْتِهِمَا أَوْ قَبْلَهُ (لَا بَيْنَهُمَا) لِضَعْفِ الْإِحْرَامِ حِينَئِذٍ (وَ) مُفْسِدٌ (لِلْعُمْرَةِ) كَالْحَجِّ (قَبْلَ الْفَرَاغِ) مِنْهَا (وَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِمَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ ذَلِكَ مَعَ الْقَضَاءِ مِنْ قَابِلٍ وَإِخْرَاجِ الْهَدْيِ - عَنْ جَمْعِ الصَّحَابَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ بِخِلَافِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ لِلْخُرُوجِ مِنْهَا بِالْفَسَادِ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهَا بَعْدَهُ نَعَمْ يَجِبُ إمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ لِحُرْمَةِ زَمَانِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَ) تَجِبُ بِهِ (الْكَفَّارَةُ، وَهِيَ بَدَنَةٌ) ، وَلَوْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا رَوَى ذَلِكَ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ وَالْبَدَنَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَإِذَا جَامَعَ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ أَوْ بَعْدَ الْإِفْسَادِ) قَبْلَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمَا (لَزِمَهُ شَاةٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْظُورٌ لَا يُوجِبُ فَسَادًا فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْمَحْظُورَاتِ. (فَرْعٌ يَجِبُ عَلَى الْمُفْسِدِ الْقَضَاءُ) اتِّفَاقًا (وَإِنْ كَانَ) نُسُكُهُ (تَطَوُّعًا) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَاسْتُشْكِلَ تَسْمِيَةُ ذَلِكَ قَضَاءً بِأَنَّ مَنْ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ أَعَادَهَا فِي الْوَقْتِ كَانَتْ أَدَاءً لَا قَضَاءً لِوُقُوعِهَا فِي وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْقَضَاءَ هُنَا عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَبِأَنَّهُ يَتَضَيَّقُ بِالْإِحْرَامِ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَيَّقْ وَقْتُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا لَا يَتَغَيَّرُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا فَلَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهَا بَعْدَ الْإِفْسَادِ مُوقِعًا لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا، وَالنُّسُكُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ تَضَيَّقَ وَقْتُهُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً فَإِنَّهُ يَنْتَهِي بِوَقْتِ الْفَوَاتِ فَفَعَلَهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ خَارِجَ وَقْتِهِ فَصَحَّ وَصْفُهُ بِالْقَضَاءِ وَأَيَّدَ وَلَدُهُ فِي التَّوْشِيحِ الْأَوَّلَ بِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ أَدَاءً لَا قَضَاءً (وَيَقَعُ الْقَضَاءُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْفَاسِدِ فَإِنْ كَانَ فَرْضًا وَقَعَ فَرْضًا أَوْ تَطَوُّعًا فَتَطَوُّعًا، فَلَوْ أَفْسَدَ التَّطَوُّعَ، ثُمَّ نَذَرَ حَجًّا وَأَرَادَ تَحْصِيلَ الْمَنْذُورِ بِحِجَّةِ الْقَضَاءِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ (وَلْيَكُنْ) أَيْ الْإِحْرَامُ بِالْقَضَاءِ (مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ) أَيْ مِنْ مَكَانِ إحْرَامِهِ بِالْأَدَاءِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ (أَوْ مِنْ الْمِيقَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِإِحْرَامِهِ بِالْأَدَاءِ، فَلَوْ أَحْرَمَ دُونَهُ لَزِمَهُ دَمٌ (وَإِنْ جَاوَزَهُ) أَيْ الْمِيقَاتَ (حَلَالًا، وَلَوْ غَيْرَ مُسِيءٍ) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ النُّسُكَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَحْرَمَ، ثُمَّ أَفْسَدَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ فِي الْقَضَاءِ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ فِي الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَصَالَةً وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ الْحَجَّ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ، ثُمَّ أَفْسَدَهَا كَفَاهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي قَضَائِهَا مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ وَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ سُلُوكُ طَرِيقِ الْأَدَاءِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَتِهِ (وَلَا يَتَعَيَّنُ الزَّمَانُ) بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْقَضَاءِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْأَدَاءِ بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ، وَفَارَقَ الْمَكَانُ بِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّرْعِ بِالْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ أَكْمَلُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ بِخِلَافِ الزَّمَانِيِّ حَتَّى لَوْ نَذَرَ الْإِحْرَامَ فِي شَوَّالٍ جَازَ لَهُ تَأْخِيرُهُ كَذَا فَرَّقَ الْأَصْلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ سَوَّى فِي كِتَابِ النَّذْرِ بَيْنَ نَذْرِ الْمَكَانِ وَنَذْرِ الزَّمَانِ فَصَحَّحَ وُجُوبَ التَّعْيِينِ فِيهِمَا قَالَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمَكَانَ يَنْضَبِطُ بِخِلَافِ الزَّمَانِ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (أَفْسَدَ الْقَضَاءَ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ) لِمَا مَرَّ (وَقَضَاءُ وَاحِدٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ وَاحِدٌ فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ (وَيُتَصَوَّرُ الْقَضَاءُ عَامَ الْإِفْسَادِ بِأَنْ يَتَحَلَّلَ) بَعْدَهُ (لِلْإِحْصَارِ، ثُمَّ يُطْلَقُ) مِنْ الْحَصْرِ أَوْ بِأَنْ يَرْتَدَّ بَعْدَهُ أَوْ يَتَحَلَّلَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الْجِمَاعُ، وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ مُفْسِدٌ لِلْحَجِّ) أَمَّا قَبْلَ الْوُقُوفِ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ إحْرَامًا صَحِيحًا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ فَأَشْبَهَ مَا قَبْلَ الْوُقُوفِ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا تَرْفُثُوا) أَيْ، وَلَا تَفْسُقُوا فَلَفْظُهُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ إذْ لَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارَ عَنْ نَفْيِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْحَجِّ لَاسْتَحَالَ وُقُوعُهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ خَبَرَ اللَّهِ تَعَالَى صَدَقَ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِمَا) وَيُثَابُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ) مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (قَوْلُهُ: وَهِيَ بَدَنَةٌ) فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَسَبْعُ شِيَاهٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا قَوَّمَ الْبَدَنَةَ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بِسِعْرِ مَكَّةَ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَعَنْ الْقَاضِيَيْنِ أَبِي الطَّيِّبِ وَالْحُسَيْنِ وَفِي شَرْحِ السُّبْكِيّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ سِعْرُ مَكَّةَ حَالَةَ الْوُجُوبِ جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ، وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الشَّرْحَيْنِ، وَلَا فِي الرَّوْضَةِ وَيَشْتَرِي بِهِ طَعَامًا وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ أَنْ يَدْفَعَ الْوَاجِبَ إلَى ثَلَاثَةٍ إنْ قَدَرَ، وَالْمُرَادُ الطَّعَامُ الْمُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا (قَوْلُهُ وَالْبَدَنَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ إلَخْ) الْبَدَنَةُ حَيْثُ أُطْلِقَتْ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَوْ الْحَدِيثِ فَالْمُرَادُ بِهَا كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ الْبَعِيرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَشَرْطُهَا سِنٌّ يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ تُطْلَقُ عَلَى الْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ. اهـ. وَالْمُرَادُ هُنَا مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فَإِنَّ الْبَقَرَةَ لَا تُجْزِئُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْبَدَنَةِ [فَرْعٌ يَجِبُ عَلَى الْمُفْسِدِ الْقَضَاءُ فِي الْحَجّ] (قَوْلُهُ وَأَيَّدَ وَلَدُهُ فِي التَّوْشِيحِ الْأَوَّلَ إلَخْ) ، ثُمَّ قَالَ وَبَسْطُ الثَّانِي أَنَّ النُّسُكَ، وَإِنْ وُقِّتَ بِالْعُمُرِ فَإِنَّمَا يَقَعُ فِي سَنَةٍ فَأَيُّ سَنَةٍ وَقَعَ فِيهَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا الْمَطْلُوبَةُ لِلْإِيقَاعِ وَأَنَّهَا وَقْتُهُ الْأَصْلِيُّ لَا الْعَارِضُ بِالْإِحْرَامِ فَالْمَعْنَى بِكَوْنِ الْعُمُرِ وَقْتًا لِلْحَجِّ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا يَخْلُوَ الْعُمُرُ عَنْهُ لَا أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ وَقْتٌ لَهُ فَمَتَى أَفْسَدَهُ وَقَعَ الثَّانِي بَعْدَ وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا فَكَانَ قَضَاءً، وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ مُسْتَطِيعًا بِلَا أَدَاءٍ عَصَى مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ، وَلَوْ كَانَ وَقْتُهُ جَمِيعَ الْعُمُرِ لَعَصَى مِنْ أَوَّلِهَا، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَوَقْتُهَا بَيْنَ مُعَيَّنَيْنِ فَبِإِيقَاعِهَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ لَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ وَقْتُهَا إذْ الْإِحْرَامُ بِهَا لَمْ يُغَيِّرْ وَقْتَهَا بَلْ يُضَيِّقُهَا لِتَحْرِيمِ الْخُرُوجِ مِنْ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ. اهـ.، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَبِتَقْدِيرِ تَمَامِهِ فِي الْقَضَاءِ فِي غَيْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 كَذَلِكَ لِمَرَضٍ شُرِطَ التَّحَلُّلُ بِهِ، ثُمَّ يُشْفَى (وَالْوَقْتُ بَاقٍ) فَيَشْتَغِلُ بِالْقَضَاءِ. (فَرْعٌ لَا يَفْسُدُ حَجُّ الْمَرْأَةِ) الْمُحْرِمَةِ (الْمُكْرَهَةِ وَالنَّائِمَةِ) بِجِمَاعِ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ لِعُذْرِهَا (وَإِنْ طَاوَعَتْهُ) مُخْتَارَةً عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ ذَاكِرَةً لِلْإِحْرَامِ (فَسَدَ) لِمَا مَرَّ (وَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ) يَعْنِي عَلَى زَوْجِهَا الْمُحْرِمِ الْمُجَامِعِ (دُونَهَا) كَمَا فِي الصَّوْمِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا جَزُورٌ وَرَوَى هُوَ عَنْهُ أَيْضًا إنْ كَانَتْ أَعَانَتْكَ فَعَلَى كُلٍّ مِنْكُمَا بَدَنَةٌ، وَإِلَّا فَعَلَيْك نَاقَةٌ وَحُمِلَتْ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْأُولَى عَلَى أَنَّهَا لَمْ تُعِنْهُ. (وَلَوْ قَضَتْ الزَّوْجَةُ) حَجَّهَا بِأَنْ خَرَجَتْ لِقَضَائِهِ (لَزِمَهُ) أَيْ زَوْجَهَا (زِيَادَةُ نَفَقَةِ السَّفَرِ) مِنْ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا؛ لِأَنَّهَا غَرَامَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ فَلَزِمَتْهُ كَالْكَفَّارَةِ أَمَّا نَفَقَةُ الْحَضَرِ فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا مَعَهَا، وَلَوْ عُضِبَتْ لَزِمَتْهُ الْإِنَابَةُ عَنْهَا مِنْ مَالِهِ، وَمُؤْنَةُ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِزِنًا عَلَيْهَا (وَيُسْتَحَبُّ افْتِرَاقُهُمَا) إذَا خَرَجَا لِلْقَضَاءِ مَعًا (مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ) إلَى أَنْ يَفْرُغَ التَّحَلُّلَانِ كَيْ لَا تَدْعُوهُ الشَّهْوَةُ إلَى الْمُعَاوَدَةِ فَإِنَّ عَهْدَ الْوِصَالِ مَشُوقٌ (وَ) افْتِرَاقُهُمَا (فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ) أَيْ مَكَانِ الْجِمَاعِ (آكَدُ) لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ أَمَّا لَوْ فَسَدَ نُسُكُهَا فَقَطْ كَأَنْ كَانَتْ مُحْرِمَةً دُونَهُ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْبَدَنَةَ لَازِمَةٌ لَهَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَ الْوَاطِئُ لَا يَتَحَمَّلُ عَنْهَا، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ زَوْجَهَا أَوْ سَيِّدَهَا فَهِيَ لَازِمَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مُوجِبَاتِ الْوَطْءِ عَلَى مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ انْتَهَى. وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحِ عَدَمِ اللُّزُومِ مُطْلَقًا لَكِنْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَجَّ إنَّمَا يَجِبُ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً فَكَانَ أَوْلَى مِنْ الصَّوْمِ بِالِاحْتِيَاطِ وَأَشَدَّ مِنْهُ فِي إلْزَامِ الْكَفَّارَةِ، وَلِهَذَا كَثُرَتْ فِيهِ الْفِدْيَةُ بِأَسْبَابٍ (فَرْعٌ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ) ؛ لِأَنَّهُ تَضَيَّقَ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَلِمَا مَرَّ عَنْ الْبَيْهَقِيّ (وَكَذَا) يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ (كُلُّ كَفَّارَةٍ وَجَبَتْ بِعُدْوَانٍ) ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْكَفَّارَاتِ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ لَا يَسْتَحِقُّ التَّخْفِيفَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (فَرْعٌ، وَإِنْ أَفْسَدَ مُفْرِدٌ) نُسُكَهُ (فَتَمَتَّعَ فِي الْقَضَاءِ أَوْ قَرَنَ جَازَ) ، وَلَا يَضُرُّ الْعُدُولُ إلَى الْمَفْضُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ الْمُنَاسِبَةِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى الْفَوْرِ (وَكَذَا عَكْسُهُ) بِأَنْ أَفْسَدَ مُتَمَتِّعٌ أَوْ قَارِنٌ نُسُكَهُ فَأَفْرَدَ فِي الْقَضَاءِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا وَمَا حُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَمَلَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ دَمٍ وَقَدْ بَيَّنَ لُزُومَ الدَّمِ لَهُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ أَفْسَدَ الْقَارِنُ) نُسُكَهُ (لَزِمَهُ بَدَنَةٌ) وَاحِدَةٌ لِانْغِمَارِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ (مَعَ دَمِهِ) أَيْ دَمِ الْقِرَانِ الَّذِي أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِفْسَادِ (وَ) لَزِمَهُ (دَمٌ آخَرُ لِلْقِرَانِ) الَّذِي الْتَزَمَهُ بِالْإِفْسَادِ (فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ أَفْرَدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْإِفْرَادِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ فِي الْقَضَاءِ وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا فِي الْقِرَانِ وَاضِحٌ أَمَّا فِي التَّمَتُّعِ فَيَلْزَمُهُ دَمَانِ آخَرَانِ دَمٌ لِلْقِرَانِ الَّذِي الْتَزَمَهُ بِالْإِفْسَادِ لِلْقَضَاءِ وَدَمٌ لِلتَّمَتُّعِ الَّذِي فَعَلَهُ انْتَهَى. وَيَجُوزُ فِي دَمٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الرَّفْعُ كَمَا تَقَرَّرَ وَالْجَرُّ عَطْفًا عَلَى دَمِهِ وَفِي الْقَضَاءِ مُتَعَلَّقٌ يَلْزَمُ أَوْ بِمَعْنَى الْمَعِيَّةِ. (وَإِذَا فَاتَ الْقَارِنَ الْحَجُّ) لِفَوَاتِ الْوُقُوفِ (فَالْعُمْرَةُ فَائِتَةٌ) تَبَعًا لَهُ كَمَا تَفْسُدُ بِفَسَادِهِ، وَإِنْ كَانَ الْجِمَاعُ بَعْدَ أَعْمَالِهَا كَأَنْ طَافَ الْقَارِنُ وَسَعَى وَحَلَقَ، ثُمَّ جَامَعَ وَكَمَا تَصِحُّ لِصِحَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْجِمَاعُ قَبْلَ أَعْمَالِهَا كَأَنْ جَامَعَ الْقَارِنُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ (لَكِنْ يُجْزِئُهُ) الْأَوْلَى يَلْزَمُهُ (دَمَانِ) دَمٌ (لِلْفَوَاتِ وَ) دَمٌ لِأَجْلِ (الْقِرَانِ وَفِي الْقَضَاءِ) دَمٌ (ثَالِثٌ) ، وَإِنْ أَفْرَدَهُ كَنَظِيرِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْإِفْسَادِ (فَرْعٌ إذَا جَامَعَ جَاهِلًا) بِالتَّحْرِيمِ (أَوْ نَاسِيًا) لِلْإِحْرَامِ (أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا) أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ (لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ) ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِهَا فَيَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِالْمَذْكُورَاتِ وَأَضْدَادِهَا كَالصَّوْمِ وَيُفَارِقُ الْفَوَاتُ بِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِارْتِكَابِ مَحْظُورٍ وَالْفَوَاتُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ وَتَرْجِيحُ عَدَمِ الْفَسَادِ فِي الْمُكْرَهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُ (وَلَا دَمَ) مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ. (فَرْعٌ لَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا لَمْ يَنْعَقِدْ) إحْرَامُهُ كَمَا لَا تَنْعَقِدُ الصَّلَاةُ مَعَ الْحَدَثِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا لَكِنَّهُ جَزَمَ كَالرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ بِانْعِقَادِهِ صَحِيحًا، ثُمَّ يَفْسُدُ، وَلَوْ أَحْرَمَ فِي حَالِ نَزْعِهِ فَقِيلَ: يَنْعَقِدُ صَحِيحًا وَقِيلَ: فَاسِدًا وَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ حَكَاهَا فِي الْكِفَايَةِ وَالْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ انْعِقَادُهُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِجِمَاعٍ.   [حاشية الرملي الكبير] سَنَةِ الْإِفْسَادِ لَا يَتِمُّ فِي سَنَتِهِ فَالْمُعْتَمَدُ فِي الْجَوَابِ - الْأَوَّلُ س [فَرْعٌ حَجُّ الْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ الْمُكْرَهَةِ وَالنَّائِمَةِ] (قَوْلُهُ فَلَزِمَتْهُ كَالْكَفَّارَةِ) أَيْ وَالْمَهْرِ وَكَمَا لَوْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ أَمَتَهُ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا عَلَيْهِ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ تَرْجِيحِ اللُّزُومِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ فِي الْحَجّ] (قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ) وَيُتَصَوَّرُ قَضَاؤُهُ فِي سَنَةِ الْإِفْسَادِ بِأَنْ جَامَعَ، ثُمَّ أُحْصِرَ أَوْ عَكَسَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ فَيَتَحَلَّلُ، ثُمَّ يَزُولُ الْحَصْرُ وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَيُحْرِمُ بِهِ [فَرْعٌ أَفْسَدَ مُفْرِدٌ نُسُكَهُ فَتَمَتَّعَ فِي الْقَضَاءِ أَوْ قَرَنَ] (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْجِمَاعُ قَبْلَ أَعْمَالِهَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا تَقَعُ تَبَعًا لَهُ [فَرْعٌ جَامَعَ جَاهِلًا لِلْإِحْرَامِ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ] (قَوْلُهُ أَوْ مُكْرَهًا) أَوْ غَالِطًا [فَرْعٌ أَحْرَمَ مُجَامِعًا] (قَوْلُهُ وَالْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 (فَصْلٌ، وَإِنْ ارْتَدَّ) فِي أَثْنَاءِ نُسُكِهِ (فَسَدَ إحْرَامُهُ) فَيَفْسُدُ نُسُكُهُ (كَصَوْمِهِ) وَصَلَاتِهِ، وَإِنْ قَصُرَ زَمَنُ رِدَّتِهِ (وَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ (وَلَا يَمْضِي فِيهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ) لِعَدَمِ وُرُودِ شَيْءٍ فِيهِمَا بِخِلَافِ الْجِمَاعِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ فَسَدَ بِهِ نُسُكُهُ لَمْ يَفْسُدْ بِهِ إحْرَامُهُ حَتَّى يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ كَمَا مَرَّ. النَّوْعُ (السَّادِسُ مُقَدَّمَاتُ الْجِمَاعِ فَتَحْرُمُ) عَمْدًا بِشَهْوَةٍ عَلَى الْمُحْرِمِ وَيَحْرُمُ تَمْكِينُهُ مِنْهَا عَلَى الْحَلَالِ لِئَلَّا يُعِينُهُ عَلَى الْحَرَامِ (قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ وَبَيْنَهُمَا) ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ (حَتَّى اللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ لَا بِغَيْرِهَا) كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ بَلْ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ كَمَا سَيَأْتِي فَهَذِهِ أَوْلَى، وَلَوْ عَبَّرَ بِالنَّظَرِ بَدَلَ اللَّمْسِ كَانَ أَوْلَى بِالْغَايَةِ، وَكَأَنَّهُ عَبَّرَ بِاللَّمْسِ لِيَعُودَ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (وَيَجِبُ بِهِ) أَيْ بِاللَّمْسِ يَعْنِي بِالْمُبَاشَرَةِ عَمْدًا بِشَهْوَةٍ (دَمٌ) لِمَا مَرَّ فِي الْجِمَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَظَرَ بِشَهْوَةٍ أَوْ قَبَّلَ بِحَائِلٍ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَنْزَلَ فِيهِمَا (وَيَسْقُطُ) عَنْهُ الدَّمُ (لَوْ جَامَعَ) بَعْدَ اللَّمْسِ يَعْنِي أَنَّهُ يَنْدَرِجُ فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ كَمَا يَنْدَرِجُ الْحَدَثُ فِي الْجِنَايَةِ (وَلَوْ اسْتَمْنَى) بِيَدِهِ أَوْ نَحْوِهَا وَأَنْزَلَ (لَزِمَهُ) دَمٌ (وَنِكَاحُ الْمُحْرِمِ، وَإِنْكَاحُهُ) مُحَرَّمٌ (لَا يَنْعَقِدُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ وَكَمَا لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ، وَلَا إنْكَاحُهُ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِعَبْدِهِ الْحَلَالِ فِي النِّكَاحِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَفِيهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ نَظَرٌ وَحَكَى الدَّارِمِيُّ كَلَامَ ابْنِ الْقَطَّانِ، ثُمَّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي الْجَوَازَ (وَلْيَتْرُكْ) الْمُحْرِمُ (الْخِطْبَةَ) بِكَسْرِ الْخَاءِ (نَدْبًا) بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي أَنَّهَا تُكْرَهُ؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلْعَقْدِ فَإِذَا كَانَ مُمْتَنِعًا كُرِهَ الِاشْتِغَالُ بِأَسْبَابِهِ وَأَفَادَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْإِحْرَامِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا يَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ لَزِمَهُ فِدْيَةٌ، وَكَذَا الِاصْطِيَادُ إذَا أَرْسَلَ الصَّيْدَ وَتَكْرِيرُ النَّظَرِ لِامْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ حَتَّى أَنْزَلَ وَالْمُتَسَبِّبُ بِإِمْسَاكٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي قَتْلِ غَيْرِهِ الصَّيْدَ. (النَّوْعُ السَّابِعُ الِاصْطِيَادُ فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِكُلِّ) صَيْدٍ (بَرِّيٍّ وَوَحْشِيٍّ مَأْكُولٍ) كَبَقَرِ وَحْشٍ وَدَجَاجَةٍ وَحَمَامَةٍ (أَوْ مَا هُوَ) أَيْ الْبَرِّيُّ الْوَحْشِيُّ الْمَأْكُولُ (أَحَدُ أَصْلَيْهِ) كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ وَحِمَارٍ أَهْلِيٍّ أَوْ بَيْنَ شَاةٍ وَظَبْيٍ أَوْ بَيْنَ ضَبُعٍ وَذِئْبٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة: 96] أَيْ أَخْذُهُ {مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] وَقَوْلُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَيْ لَا يَجُوزُ تَنْفِيرُ صَيْدِهِ لِمُحْرِمٍ، وَلَا حَلَالٍ فَغَيْرُ التَّنْفِيرِ أَوْلَى وَقِيسَ بِمَكَّةَ بَاقِي الْحَرَمِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُوَاسَاةِ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ مَا تَوَلَّدَ بَيْنَ وَحْشِيٍّ غَيْرِ مَأْكُولٍ، وَإِنْسِيٍّ مَأْكُولٍ كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالشَّاةِ وَمَا تَوَلَّدَ بَيْنَ غَيْرِ مَأْكُولَيْنِ أَحَدُهُمَا وَحْشِيٌّ كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْحِمَارِ وَالدُّبِّ وَمَا تَوَلَّدَ بَيْنَ أَهْلِيَّيْنِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ مَأْكُولٍ كَالْبَغْلِ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْهَا وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فِي أَوَّلِهَا. (وَيَجِبُ بِهِ) يَعْنِي بِإِتْلَافِ مَا حَرُمَ التَّعَرُّضُ لَهُ مِمَّا ذُكِرَ (الْجَزَاءُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] (مَعَ الْغُرْمِ) لَقِيمَتِهِ لِمَالِكِهِ (إنْ كَانَ مَمْلُوكًا) لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ سَوَاءٌ أَذَبَحَهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ مَذْبُوحًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ ذَبِيحَةَ الْمُحْرِمِ مَيْتَةٌ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ شَكَّ) فِي أَنَّهُ مَأْكُولٌ أَوْ لَا أَوْ أَنَّ أَحَدَ أَصْلَيْهِ وَحْشِيٌّ مَأْكُولٌ أَوْ لَا (اُسْتُحِبَّ) الْجَزَاءُ (وَبَيْضُهُ، وَلَبَنُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ) وَكَذَا سَائِرُ أَجْزَائِهِ كَشَعْرِهِ وَرِيشِهِ وَفَارَقَ الشَّعْرَ وَرَقُ أَشْجَارِ الْحَرَمِ حَيْثُ لَا يَجِبُ فِيهِ جَزَاءٌ بِأَنَّ جَزَّهُ يَضُرُّ الْحَيَوَانِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ بِخِلَافِ الْوَرَقِ فَإِنْ حَصَلَ مَعَ تَعَرُّضِهِ لِلَّبَنِ نَقْصٌ فِي الصَّيْدِ ضَمِنَهُ فَقَدْ سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَمَّنْ حَلَبَ عَنْزًا مِنْ الظِّبَاءِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: تُقَوَّمُ الْعَنْزُ بِاللَّبَنِ وَبِلَا لَبَنٍ وَيُنْظَرُ نَقْصُ مَا بَيْنَهُمَا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ (لَا) الْبَيْضَةَ (الْمَذِرَةَ) فَلَا تُضْمَنُ كَمَا لَوْ قَدَّ صَيْدًا مَيِّتًا   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ ارْتَدَّ فِي أَثْنَاءِ نُسُكِهِ فِي الْحَجِّ] قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ عَمْدًا بِشَهْوَةٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ لَوْ جَامَعَ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ فَإِنْ بَاشَرَ فِي مَجْلِسٍ وَجَامَعَ فِي آخَرَ تَعَدَّدَتْ قَطْعًا (قَوْلُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَالْفَسَادَ، وَهُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَشَمِلَتْ عِبَارَتُهُ الْإِمَامَ وَالْقَاضِيَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِعَبْدِهِ الْحَلَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَفَادَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي بِإِتْلَافِ مَا حَرُمَ التَّعَرُّضُ لَهُ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ أَمَّا الْمُتَعَمِّدُ لِلْإِتْلَافِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] ، وَأَمَّا الْمُخْطِئُ فِيهِ فَلِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي الضَّبُعِ كَبْشٌ إذَا أَصَابَهَا الْمُحْرِمُ» ؛ وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ وَجَبَتْ بِقَتْلٍ فَاسْتَوَى فِيهَا الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ كَكَفَّارَةِ قَتْلٍ لِآدَمِيٍّ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ فِي الْآيَةِ بِالْمُتَعَمِّدِ لِتَضَمُّنِهَا الْوَعِيدَ بِالْعِقَابِ لَا لِنَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْمُخْطِئِ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَبِالْقِيَاسِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] إلَخْ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِ كَقِيمَةِ الصَّيْدِ أَمْ أَكْثَرَ أَمْ أَقَلَّ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وقَوْله تَعَالَى {مِنْكُمْ} [المائدة: 95] خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ إذْ لَوْ دَخَلَ الْكَافِرُ وَقَتَلَ صَيْدًا ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ مَعَ الْغُرْمِ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا) قَدْ أَلْغَزَ بِذَلِكَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ قَوْلَهُ عِنْدِي سُؤَالٌ حَسَنٌ مُسْتَظْرَفٌ فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ قَدْ تَفَرَّعَا قَابِضُ شَيْءٍ بِرِضَا مَالِكِهِ وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ مَعًا (قَوْلُهُ وَبَيْضُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ بَيْضَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ، وَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَصْلَيْ بَائِضِهِ مَأْكُولًا وَحْشِيًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا حَرَّمْنَاهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ، أَمَّا إذَا قُلْنَا أَنَّهُ ظَاهِرٌ يَحِلُّ أَكْلُهُ كَمَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَوَاضِعَ فَالْأَقْرَبُ فِي بَيْضِ الْمُتَوَلِّدِ التَّحْرِيمُ كَأَصْلِهِ وَالصَّوَابُ فِي بَيْضِ الْفَوَاسِقِ إبَاحَةُ الْكَسْرِ وَعَدَمُ الضَّمَانِ وَتَحْرِيمُ الْأَكْلِ وَقَوْلُهُ فَالْأَقْوَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لَا الْمَذِرَةُ) مُرَادُهُ بِالْمَذِرَةِ الَّتِي صَارَتْ دَمًا فَإِنَّ الْأَصَحَّ نَجَاسَتُهَا أَمَّا الَّتِي اخْتَلَطَ بَيَاضُهَا بِصُفْرَتِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ كَاللَّبَنِ؛ لِأَنَّهَا مَأْكُولَةٌ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ فَسَّرَ الْمَذِرَةَ بِالْمُخْتَلِطَةِ دُونَ الْمُسْتَحِيلَةِ فَقَالَ: الْبَيْضَةُ الطَّاهِرَةُ إذَا اسْتَحَالَتْ دَمًا فَالْأَصَحُّ نَجَاسَتُهَا، وَلَوْ صَارَتْ مَذِرَةً، وَهِيَ مَا اخْتَلَطَ بَيَاضُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 (إلَّا) إنْ كَانَتْ (مِنْ النَّعَامِ) فَيَضْمَنُ قِشْرَهَا؛ لِأَنَّ لَهُ قِيمَةً إذْ يُنْتَفَعُ بِهِ (وَإِنْ كَسَرَهَا) أَيْ الْبَيْضَةَ (عَنْ فَرْخٍ حَيٍّ فَمَاتَ فَمِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ) يَجِبُ، وَإِنْ طَارَ وَسَلِمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَإِنْ نَفَّرَ صَيْدًا عَنْ بَيْضَةٍ أَوْ أَحْضَنَهُ) أَيْ بَيْضَهُ (دَجَاجَةً) أَوْ عَكْسَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (وَفَسَدَ) بَيْضُ الصَّيْدِ (ضَمِنَهُ، وَإِنْ تَفَرَّخَ) الْبَيْضُ (فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ بِطَيَرَانِهِ) مِمَّنْ يَعْدُو عَلَيْهِ. (فَرْعٌ لَا يَحْرُمُ الْإِنْسِيُّ) أَيْ التَّعَرُّضُ لَهُ (وَإِنْ تَوَحَّشَ) بِخِلَافِ الْوَحْشِيِّ يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ، وَإِنْ اسْتَأْنَسَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آنِفًا لِلْأَصْلِ فِيهِمَا (وَمَا أَحَدُ أَبَوَيْهِ صَيْدٌ) كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الضَّبُعِ وَالذِّئْبِ (فَحُكْمُهُ فِي الْجَزَاءِ حُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ الصَّيْدِ، وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَصَيْدُ الْبَحْرِ) ، وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِيهِ (حَلَالٌ) قَالَ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] (لَا مَا عَاشَ مِنْهُ فِي الْبَرِّ) أَيْضًا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ (كَطَيْرِهِ) الَّذِي يَغُوصُ فِيهِ وَيَخْرُجُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ بَرِّيٌّ إذْ لَوْ تُرِكَ فِيهِ لَهَلَكَ وَالْجَرَادُ بَرِّيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالْمُحْرِمُ فِي التَّعَرُّضِ لِغَيْرِ الصَّيْدِ) الَّذِي يَحْرُمُ تَعَرُّضُهُ لَهُ (مِنْ الْحَيَوَانَاتِ كَالْحَلَالِ) فَمِنْهُ مَا يَنْفَعُ وَيَضُرُّ كَفَهْدٍ وَصَقْرٍ وَفَأْرٍ فَلَا يُسَنُّ قَتْلُهُ، وَلَا يُكْرَهُ وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ، وَلَا ضَرَرٌ كَخَنَافِسَ وَجِعْلَانٍ وَسَرَطَانٍ وَرَخَمَةٍ وَكَلْبٍ لَيْسَ بِعَقُورٍ، وَلَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مُبَاحَةً فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ وَيَحْرُمُ قَتْلُ النَّحْلِ وَالنَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ وَالْخُطَّافِ وَالضُّفْدَعِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ وَمِنْهُ مَا يُسَنُّ قَتْلُهُ كَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ وَكَلْبٍ عَقُورٍ وَبَقٍّ وَبُرْغُوثٍ وَكُلِّ مُؤْذٍ كَمَا سَيَأْتِي كُلُّ ذَلِكَ فِي الْأَطْعِمَةِ (إلَّا لِقَمْلِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ خَاصَّةً) مِنْ الْمُحْرِمِ (فَيُكْرَهُ) تَعَرُّضُهُ لَهُ لِئَلَّا يُنْتَتَفَ الشَّعْرُ فَإِنْ قَتَلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ (وَ) لَكِنْ (يَفْدِي الْوَاحِدَةَ) مِنْهُ، وَلَوْ (بِلُقْمَةٍ اسْتِحْبَابًا) أَمَّا قَمْلُ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ فَلَا يُكْرَهُ تَنْحِيَتُهُ، وَلَا شَيْءَ فِي قَتْلِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَيَنْبَغِي سَنُّ قَتْلِهِ كَالْبُرْغُوثِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ تَشْبِيهِ الْمُصَنِّفِ الْمُحْرِمَ بِالْحَلَالِ وَقَوْلُهُ لَا يُكْرَهُ تَنْحِيَتُهُ قَدْ يَقْتَضِي جَوَازَ رَمْيِهِ حَيًّا وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ نَظَرًا لِحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْجُمْلَةِ وَكَالْقَمْلِ الصِّئْبَانُ، وَهُوَ بَيْضُهُ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ لَكِنَّ فِدْيَتَهُ أَقَلُّ؛ لِأَنَّهُ أَصْغَرُ مِنْ الْقَمْلِ. (فَصْلٌ) فِي أَسْبَابِ تَضْمِينِ الصَّيْدِ، وَهِيَ الْمُبَاشَرَةُ وَالتَّسَبُّبُ وَوَضْعُ الْيَدِ (لِلسَّبَبِ) الْآتِي بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ (حُكْمُ الْمُبَاشَرَةِ) فِي الضَّمَانِ (فَمَنْ نَصَبَ شَبَكَةً) أَوْ نَحْوَهَا (وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَ مَا وَقَعَ فِيهَا) وَتَلِفَ سَوَاءٌ كَالنِّعَمِ فِي مِلْكِهِ أَمْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ نَصْبَهَا يُقْصَدُ بِهِ الِاصْطِيَادُ فَهُوَ كَالْأَخْذِ بِالْيَدِ بِخِلَافِ الْبِئْرِ حَيْثُ فَصَلَ فِيهَا بَيْنَ حَفْرِهَا عُدْوَانًا وَغَيْرَ عُدْوَانٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَسَوَاءٌ أَوَقَعَ فِيهَا الصَّيْدُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ أَمْ بَعْدَهُ لِتَعَدِّيهِ حَالَ نَصْبِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ، وَكَذَا لَوْ وَقَعَ فِيهَا بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَهَا لِإِصْلَاحِ مَا، وَهِيَ مِنْهَا أَوْ لِلْخَوْفِ عَلَيْهَا مِنْ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ كَمَا لَوْ نَصَبَهَا، وَهُوَ حَلَالٌ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ دَالٌّ عَلَيْهِ (إلَّا) أَيْ لَكِنْ (إنْ نَصَبَهَا) ، وَهُوَ حَلَالٌ (ثُمَّ أَحْرَمَ) فَلَا يَضْمَنُ مَا وَقَعَ فِيهَا (وَإِنْ أَرْسَلَ) مُحْرِمٌ (كَلْبًا) مُعَلَّمًا عَلَى صَيْدٍ (أَوْ حَلَّ رِبَاطَهُ وَالصَّيْدُ حَاضِرٌ) ثُمَّ (أَوْ غَائِبٌ) ، ثُمَّ ظَهَرَ (فَقَتَلَهُ ضَمِنَ كَحَلَالٍ) فَعَلَ ذَلِكَ (فِي الْحَرَمِ) بِجَامِعِ التَّسَبُّبِ فِيهِمَا، وَجَهْلِهِ بِالصَّيْدِ فِي الْغَيْبَةِ لَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ حُكْمِ الْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا) يَضْمَنُ (لَوْ انْحَلَّ رِبَاطُهُ بِتَقْصِيرِهِ) فِي الرَّبْطِ فَقَتَلَ صَيْدًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا، ثُمَّ ظَهَرَ. وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ حُكْمِ الْغَائِبِ فِي هَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفَارَقَ مَا ذَكَرَ عَدَمُ الضَّمَانِ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ بِأَنَّ الْكَلْبَ مُعَلَّمٌ لِلِاصْطِيَادِ فَاصْطِيَادُهُ بِإِرْسَالِهِ كَاصْطِيَادِهِ بِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ مُعَلَّمًا لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَلَمْ يَكُنْ الْقَتْلُ مَنْسُوبًا إلَى الْمُرْسِلِ بَلْ إلَى اخْتِيَارِ الْكَلْبِ، وَلِهَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا غَيْرَ مُعَلَّمٍ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَعَزَاهُ إلَى نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ وَحَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَقَطْ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ هَؤُلَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْكَلْبُ ضَارِيًا وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَأَرْسَلَهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ   [حاشية الرملي الكبير] بِصُفْرَتِهَا فَهِيَ طَاهِرَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَقَالَ فِي كَلَامٍ لَهُ عَلَى الْمُهَذَّبِ: الْمَذِرَةُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ الْفَاسِدَةُ وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الَّتِي اخْتَلَطَ بَيَاضُهَا بِصُفْرَتِهَا (قَوْلُهُ وَصَيْدُ الْبَحْرِ) لَيْسَ الْمُرَادُ الْبَحْرَ الْمَعْهُودَ بَلْ الْمُرَادُ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْمَاءِ سَوَاءٌ النَّهْرُ وَالْبَحْرُ وَالْبِئْرُ وَالْبِرْكَةُ وَنَحْوُهَا (قَوْلُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] قَالَ الْقَفَّالُ وَالْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَرِّيِّ وَالْبَحْرِيِّ أَنَّ الْبَرِّيَّ إنَّمَا يُصَادُ غَالِبًا لِلتَّنَزُّهِ وَالتَّفَرُّجِ وَالْإِحْرَامُ يُنَافِي ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْبَحْرِيِّ فَإِنَّهُ يُصَادُ غَالِبًا لِلِاضْطِرَارِ وَالْمَسْكَنَةِ فَأُحِلَّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَكُلُّ مُؤْذٍ) وَمِنْهُ الْعَنَاكِبُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ السُّمُومِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ يَمْتَنِعُ مِنْ قَتْلِهَا؛ لِأَنَّهَا عَشَّشَتْ فِي فَمِ الْغَارِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُذْبَحَ الْحَمَامُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) يَحْرُمُ إلْقَاؤُهَا فِي الْمَسْجِدِ حَيَّةً، وَلَا يَحْرُمُ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ قَالَ الْقَمُولِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ جَوَازُ إلْقَائِهَا بِغَيْرِ الْمَسْجِدِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَاَلَّذِي قَالَهُ صَحِيحٌ مُتَعَيِّنٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ الْقَمْلَةَ فَلْيَصُرَّهَا فِي ثَوْبِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ» وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. [فَصْلٌ فِي أَسْبَابِ تَضْمِينِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ] (قَوْلُهُ أَوْ فِي الْحَرَمِ) لَوْ كَانَ الصَّيْدُ بَعْضَ قَوَائِمِهِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضَهَا فِي الْحَرَمِ وَجَبَ الْجَزَاءُ، وَلَا نَظَرَ إلَى الرَّأْسِ، ثُمَّ هَذَا فِي الْقَائِمِ أَمَّا النَّائِمُ فَالْعِبْرَةُ بِمُسْتَقَرِّهِ كَمَا قَالَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبًا إلَخْ) لَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ فَزَادَ عَدْوُهُ بِإِغْرَاءِ مُحْرِمٍ فَهَلْ يَضْمَنُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الِاسْتِرْسَالِ لَا يَنْقَطِعُ بِالْإِغْرَاءِ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ غَيْرِهِمْ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمُعَلَّمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ هَؤُلَاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 ضَمِنَ كَالضَّارِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَيُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ حَمْلُ الْبَازِي وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُصَادُ بِهِ كَكَلْبٍ وَصَقْرٍ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْإِرْسَالِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ (فَإِنْ حَمَلَهُ فَانْفَلَتَ) بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ (فَلَا ضَمَانَ) ، وَإِنْ فَرَّطَ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ وَيُفَارِقُ انْحِلَالُ رِبَاطِ الْكَلْبِ بِتَقْصِيرِهِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الرَّبْطِ غَالِبًا دَفْعُ الْأَذَى فَإِذَا انْحَلَّ بِتَقْصِيرِهِ فَوَّتَ الْغَرَضَ بِخِلَافِ حَمْلِهِ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ فَلَمْ يَقْتُلْهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يَأْثَمُ كَمَا لَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَأَخْطَأَهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا التَّنْظِيرِ فَفِي الْمَجْمُوعِ (وَإِنْ نَفَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُحْرِمِ (صَيْدٌ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَنْفِيرَهُ كَأَنْ عَثَرَ فَهَلَكَ بِتَعَثُّرِهِ أَوْ أَخَذَهُ وَنَعَمٌ أَوْ انْصَدَمَ بِشَجَرَةٍ أَوْ جَبَلٍ وَيَمْتَدُّ ضَمَانُهُ (حَتَّى يَسْكُنَ) عَلَى عَادَتِهِ (لَا إنْ هَلَكَ) قَبْلَ سُكُونِهِ (بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْلَفْ فِي يَدِهِ، وَلَا بِسَبَبِهِ، وَلَا إنْ هَلَكَ بَعْدُ مُطْلَقًا (وَإِنْ حَفَرَ الْمُحْرِمُ بِئْرًا) حَيْثُ كَانَ (أَوْ) حَفَرَهَا (حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَأَهْلَكَتْ صَيْدًا نُظِرَتْ فَإِنْ حَفَرَهَا عُدْوَانًا ضَمِنَ، وَإِلَّا) كَأَنْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ أَوْ بِمَوَاتٍ (فَالْمَحْفُورُ فِي الْحَرَمِ) يَضْمَنُ بِهِ (فَقَطْ) أَيْ لَا الْمَحْفُورُ بِحَفْرِ الْمُحْرِمِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ لَا تَخْتَلِفُ فَصَارَ كَمَا لَوْ نَصَبَ شَبَكَةً فِي الْحَرَمِ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ حُرْمَةِ الْمُحْرِمِ فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ ذَلِكَ بِمَا حَفَرَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِهِ بَهِيمَةٌ أَوْ آدَمِيٌّ (فَرْعٌ) لَوْ (دَلَّ) شَخْصٌ آخَرَ (عَلَى صَيْدٍ) فَقَتَلَهُ، وَهُوَ (لَيْسَ فِي يَدِهِ) أَيْ الدَّالِّ (لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حِفْظَهُ وَكَمَا لَوْ دَلَّ غَيْرَهُ عَلَى قَتْلِ آدَمِيٍّ لَكِنَّهُ يَأْثَمُ لِإِعَانَتِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَمَا لَوْ أَعَانَهُ بِآلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (أَوْ فِيهَا) أَيْ فِي يَدِهِ (وَالْقَاتِلُ حَلَالٌ ضَمِنَ الْمُحْرِمُ) ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ حِفْظَهُ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَصَارَ كَالْمُودَعِ إذَا دَلَّ سَارِقًا عَلَى الْوَدِيعَةِ (وَلَا يَرْجِعُ) الْمُحْرِمُ (عَلَى الْقَاتِلِ) بِمَا ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ فِي حَقِّهِ (وَلَوْ أَمْسَكَهُ مُحْرِمٌ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ ضَمِنَ الْقَاتِلُ الْكُلَّ) ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ، وَلَا أَثَرَ لِلْإِمْسَاكِ مَعَ الْمُبَاشَرَةِ، وَكَذَا صَحَّحَهُ أَصْلُهُ، ثُمَّ نَقَلَ عَقِبَهُ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّهُ صَحَّحَ أَنَّ الْمُمْسِكَ يَضْمَنُهُ بِالْيَدِ، وَالْقَاتِلَ بِالْإِتْلَافِ وَأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدُ بِنَحْوِ وَرَقَةٍ كَنَظَائِرِهِ فِي الْغَصْبِ وَالْجِنَايَاتِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى ذَاكَ وَيُجْعَلُ كَلَامُ صَاحِبِ الْعُدَّةِ بَيَانًا لِلْمُصَحَّحِ قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ وَجْهٌ آخَرُ. (وَلَوْ رَمَاهُ) أَيْ الصَّيْدَ (قَبْلَ إحْرَامِهِ فَأَصَابَهُ بَعْدَهُ أَوْ عَكَسَ) بِأَنْ رَمَاهُ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ فَأَصَابَهُ بَعْدَهُ بِأَنْ قَصَّرَ شَعْرَهُ بَعْدَ الرَّمْيِ (ضَمِنَ) تَغْلِيبًا الْإِحْرَامِ فِيهِمَا وَالتَّرْجِيحِ فِي الثَّانِيَةِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ رُمِيَ إلَى مُؤْمِنٍ فَحَارَبَ أَوْ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ، ثُمَّ أَصَابَهُ فَقَتَلَهُ بِأَنَّهُمَا مُقَصِّرَانِ بِمَا أَحْدَثَا مِنْ إهْدَارِهِمَا، وَلَوْ رَمَى صَيْدًا فَنَفَذَ مِنْهُ إلَى صَيْدٍ آخَرَ فَقَتَلَهُمَا ضَمِنَهُمَا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. [فَصْلٌ وَيَضْمَنُ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ بِالْيَدِ] (فَصْلٌ وَيَضْمَنُ) الْمُحْرِمُ (الصَّيْدَ بِالْيَدِ أَوْ بِاَلَّذِي فِيهَا) مِنْ نَحْوِ مَرْكُوبٍ (فَيَضْمَنُ صَيْدًا) أَخَذَهُ بِيَدِهِ كَالْغَاصِبِ أَوْ (زَلِقَ بِبَوْلِ مَرْكُوبِهِ) فَتَلِفَ أَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ أَوْ رَفَسَهُ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِهِ آدَمِيٌّ أَوْ بَهِيمَةٌ، فَلَوْ كَانَ مَعَ الرَّاكِبِ سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَهَلْ يَشْتَرِكُونَ فِي الضَّمَانِ أَوْ يَخْتَصُّ بِهِ الرَّاكِبُ وَجْهَانِ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيَاسُ مَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّ الْيَدَ لَهُ دُونَ الْآخَرِينَ اخْتِصَاصُ الضَّمَانِ بِهِ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الضَّمَانِ بِإِتْلَافِ الْبَهِيمَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ (لَا بِانْفِلَاتِ بَعِيرِهِ) فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ فَرَّطَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي انْفِلَاتِ الْبَازِي وَنَحْوِهِ. (وَإِذَا أَحْرَمَ) وَفِي مِلْكِهِ صَيْدٌ (زَالَ مِلْكُهُ عَنْ الصَّيْدِ، وَلَزِمَهُ إرْسَالُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَتَحْرُمُ اسْتِدَامَتَهُ كَاللِّبَاسِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ (وَلَوْ) لَمْ يُرْسِلْهُ حَتَّى (تَحَلَّلَ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِرْسَالُ إذْ لَا يَرْتَفِعُ اللُّزُومُ بِالتَّعَدِّي بِخِلَافِ مَنْ أَمْسَكَ خَمْرًا غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ حَتَّى تَخَلَّلَتْ لَا يَلْزَمُهُ إرَاقَتُهَا وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْخَمْرَةَ انْتَقَلَتْ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ فَإِنْ قُلْت هَلَّا كَانَ تَحَلُّلُهُ كَإِسْلَامِ الْكَافِرِ بَعْدَ أَنْ مَلَكَ عَبْدًا مُسْلِمًا حَيْثُ لَا يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ قُلْت؛ لِأَنَّ بَابَ الْإِحْرَامِ أَضْيَقُ مِنْ ذَاكَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُحْرِمِ اسْتِعَارَةُ الصَّيْدِ وَاسْتِيدَاعُهُ وَاسْتِئْجَارُهُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ فِي الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ (وَ) إذَا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ (لَا غُرْمَ لَهُ إذَا قَتَلَ) أَوْ أَرْسَلَ (وَمَنْ اصْطَادَهُ) أَيْ أَخَذَهُ، وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ، وَلَيْسَ مُحْرِمًا (مَلَكَهُ) ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ لُزُومِ الْإِرْسَالِ صَارَ مُبَاحًا (وَيَضْمَنُهُ) مَنْ زَالَ عَنْهُ مِلْكُهُ (إنْ مَاتَ) فِي يَدِهِ (وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إرْسَالِهِ) إذْ كَانَ يُمْكِنُهُ إرْسَالُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ كَنَظِيرِهِ فِي إلْزَامِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ ضَمِنَ كَالضَّارِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْمَحْفُورُ فِي الْحَرَمِ فَقَطْ) ، وَهَذَا مُشْكِلٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بِهَا إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُهُ وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عُسْرُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ عِلَّةَ تَضْمِينِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُرْمَةُ الْحَرَمِ الدَّالُّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ وَعِلَّةُ تَضْمِينِهِ فِي تِلْكَ تَعَدِّيهِ بِحَفْرِهَا، وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيهَا (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِهِ آدَمِيٌّ أَوْ بَهِيمَةٌ) هَذَا خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ تَبَعًا لِتَرْجِيحِ أَصْلِهِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِيمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِ مَا تَلِفَ بِبَوْلِ الْمَرْكُوبِ أَوْ رَوْثِهِ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا صَحَّحُوهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ إرْسَالُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ) بِخِلَافِ مَنْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِشَاةٍ مُعَيَّنَةٍ فَمَاتَتْ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ إمْكَانِ الذَّبْحِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ التَّضْحِيَةِ بِهَا قَبْلَ وَقْتِهَا، وَلَهُ تَأْخِيرُ التَّضْحِيَةِ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا، وَلَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ الْإِرْسَالِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 الصَّلَاةِ لِمَنْ جُنَّ بَعْدَ مُضِيِّ مَا يَسَعُهَا مِنْ وَقْتِهَا دُونَ الْوُضُوءِ. (وَلَا يَجِبُ إرْسَالُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ) بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ أَحْرَمَ أَحَدُ مَالِكِيهِ تَعَذَّرَ إرْسَالُهُ فَيَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِ الصَّبِيِّ صَيْدٌ فَهَلْ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ إرْسَالُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ كَمَا يَغْرَمُ قِيمَةَ النَّفَقَةِ الزَّائِدَةِ بِالسَّفَرِ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ (فَرْعٌ وَإِذَا اشْتَرَاهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ أَوْ اتَّهَبَهُ أَوْ قَبِلَهُ بِوَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا (لَمْ يَمْلِكْهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِلْكَهُ يَزُولُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ مَنْ مُنِعَ مِنْ إدَامَةِ الْمِلْكِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ ابْتِدَائِهِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِمَارًا وَحْشِيًّا فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْك إلَّا أَنَّا حُرُمٌ. فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ» (وَإِنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَإِنْ (قَبَضَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لَا هِبَةٍ وَأَرْسَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ) وَسَقَطَ الْجَزَاءُ بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ وَالْهِبَةُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ (وَإِنْ رَدَّهُ) لِمَالِكِهِ (سَقَطَتْ الْقِيمَةُ لَا الْجَزَاءُ مَا لَمْ يُرْسِلْ) وَعَدَلَ إلَى إيجَابِ قِيمَتِهِ لِلْمَالِكِ بِإِرْسَالِهِ عَنْ تَشْبِيهِ أَصْلِهِ إرْسَالَهُ بِمُرْتَدٍّ قُتِلَ فِي يَدِ مُشْتَرِيهِ لِيُسَلِّم مِنْ قَوْلِ الْمُهِمَّاتِ: إنَّ التَّشْبِيهَ سَهْوٌ فَإِنَّ الْمُقْتَضَى لِلْإِرْسَالِ إنَّمَا وُجِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَالْمُقْتَضَى لِلْقَتْلِ، وَهُوَ الرِّدَّةُ وُجِدَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَخْرِيجُهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُحْرِمًا أَيْضًا كَمَا أَوْضَحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ ضَمَانِ بَائِعِ الْمُرْتَدِّ أَنْ يَجْهَلَ الْمُشْتَرِي الْحَالَ، وَإِلَّا فَمِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (فَرْعٌ وَيَمْلِكُهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ (بِالْإِرْثِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ) ، وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إلَّا بِإِرْسَالِهِ كَمَا صَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الْمَجْمُوعِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا (وَيَجِبُ إرْسَالُهُ) كَمَا لَوْ أَحْرَمَ، وَهُوَ فِي مِلْكِهِ (فَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ وَضَمِنَ الْجَزَاءَ مَا لَمْ يُرْسِلْ) حَتَّى لَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَزِمَ الْبَائِعَ الْجَزَاءُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَيَجِبُ إلَى آخِرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ أَحْرَمَ بَائِعُ الصَّيْدِ، ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي) بِالثَّمَنِ (لَوْ يَرْجِعُ فِيهِ) أَيْ فِي الصَّيْدِ كَالشِّرَاءِ وَالِاتِّهَابِ، لَكِنْ يَبْقَى حَقُّهُ حَتَّى يَتَحَلَّلَ فَإِذَا زَالَ الْإِحْرَامُ رَجَعَ فِيهِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ فَيَكُونُ تَعَذُّرُ الرُّجُوعِ فِي الْحَالِ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ وَعَلَيْهِ لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ بِثَمَنِ الصَّيْدِ الَّذِي بَاعَهُ قَبْلُ عَيْبًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ (وَإِذَا أَخَذَهُ) الْمُحْرِمُ (مِنْ سَبْعٍ أَوْ نَحْوِهِ لِيُدَاوِيَهُ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ، وَلَوْ أَخَذَهُ تَخْلِيصًا مِنْ سَبْعٍ أَوْ مُدَاوِيًا لَهُ (فَمَاتَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمَصْلَحَةَ فَجُعِلَتْ يَدُهُ يَدَ وَدِيعَةٍ كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ لِيَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ. (فَرْعٌ، وَإِنْ قَتَلَ الصَّيْدَ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ) أَوْ عُضْوِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) لِالْتِحَاقِهِ بِالْمُؤْذِيَاتِ (أَوْ) قَتَلَهُ (لِدَفْعِ رَاكِبِهِ) الصَّائِلِ عَلَيْهِ (ضَمِنَ) ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ رَاكِبِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَذَى لَيْسَ مِنْهُ كَمَا فِي إيجَابِ الْفِدْيَةِ بِحَلْقِ شَعْرِ رَأْسِهِ لِإِيذَاءِ الْقَمْلِ (وَرَجَعَ) بِمَا غَرِمَهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الرَّاكِبِ (وَيَضْمَنُهُ مُحْرِمٌ نَسِيَ) الْإِحْرَامَ كَالْعَامِدِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (لَا إنْ جُنَّ) فَقَتَلَ الصَّيْدَ فَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُ فِعْلَهُ وَلِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الصَّيْدِ تَعَبُّدٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمُكَلَّفِ وَمِثْلُهُ لَوْ أَحْرَمَ الْوَلِيُّ عَنْ الْمَجْنُونِ أَوْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَقَتَلَ صَيْدًا فَلَا يَضْمَنُهُ هُوَ، وَلَا الْوَلِيُّ أَخْذًا مِنْ ظَاهِرِ مَا قَدَّمْتُهُ فِي إزَالَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَهَلْ يَلْزَمُ الصَّبِيَّ إرْسَالُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ لَوْ أَحْرَمَ الْوَلِيُّ عَنْ الصَّبِيِّ وَفِي مِلْكِهِ صَيْدٌ لَا أَعْلَمُ فِيهِ نَصًّا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَزُولُ مِلْكُ الصَّبِيِّ عَنْهُ عَلَى قَوْلِنَا يَزُولُ مِلْكُ الْمُحْرِمِ عَنْ الصَّيْدِ، وَيَنْبَنِي الْغُرْمُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْكَفَّارَةِ فَإِنْ قُلْنَا: تَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَلَا غُرْمَ، وَإِنْ قُلْنَا فِي مَالِ الْوَلِيِّ احْتَمَلَ أَنْ يَجِبَ وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَجِبَ لِمَا فِيهِ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّبِيِّ وَإِذَا أَحْرَمَ وَفِي يَدِهِ صَيْدٌ مَرْهُونٌ لِغَيْرِهِ هَلْ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قِيلَ: يَزُولُ فَهَلْ يَغْرَمُ مَا يُجْعَلُ رَهْنًا مَكَانَهُ أَمْ لَا قَالَ الْأَصْبَحِيُّ فِي فَتَاوِيهِ لَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّا إنْ قُلْنَا يَزُولُ مِلْكُ الْمُحْرِمِ عَنْ الصَّيْدِ احْتَمَلَ تَخْرِيجُ هَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي اجْتِمَاعِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ فَإِنْ قُلْنَا يُقَدَّمُ حَقُّ الْآدَمِيِّ فَلَا يَجِبُ الْإِرْسَالُ، وَإِنْ قُلْنَا يُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى جَرَى فِيهِ أَقْوَالُ عِتْقِ الْمَرْهُونِ وَحَيْثُ حُكِمَ بِزَوَالِ الْوَثِيقَةِ وَوُجُوبِ الْإِرْسَالِ وَجَبَ أَنْ يَغْرَمَ الْقِيمَةَ لِتَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ وَقَوْلُهُ احْتَمَلَ أَنْ يَجِبَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَذَا قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْنَا يُقَدَّمُ حَقُّ الْآدَمِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَنْ مَنَعَ مِنْ إدَامَةِ الْمِلْكِ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ يَمْلِكُ بِهِ الصَّيْدَ فَمَنْعُ الْمُحْرِمِ مِنْ التَّمَلُّكِ بِهِ كَالِاصْطِيَادِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَبَضَهُ بِشِرَاءٍ إلَخْ) قَالَ الْفَتِيُّ فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَأَرْسَلَ وَتَفْرِيقُهُ فِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ بَيْنَ الْهِبَةِ وَغَيْرِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ يَضْمَنُهَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ بِإِرْسَالِهِ مُتْلِفٌ مُتَعَدٍّ وَإِنَّمَا يَصِحُّ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالشِّرَاءِ فِيمَا لَوْ هَلَكَ لَا بِفِعْلِهِ وَبِالْهَلَاكِ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْهِبَةِ وَعَبَّرَ فِي الْعَارِيَّةِ بِالْإِرْسَالِ وَقَالَ إنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ فَأَفْهَمَ أَنَّ تَلَفَ الْهِبَةِ بِفِعْلِهِ مُضَمِّنٌ، وَتَلَفُ الْعَارِيَّةِ بِنَفْسِهَا غَيْرُ مُضَمِّنٍ وَمَا أَفْهَمَهُ فِي الْهِبَةِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهَا فَاسِدَةٌ لَهَا حُكْمُ صَحِيحِهَا وَمَا أَفْهَمَهُ فِي الْعَارِيَّةِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا بِالتَّلَفِ وَالْإِرْسَالِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ صَحِيحَهَا مَضْمُونٌ وَفَاسِدَهَا كَذَلِكَ فَكَانَ أَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِهَلَاكِهَا، الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ مُقْتَضَى تَفْرِيقِهِ بَيْنَ الْهِبَةِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْإِرْسَالِ افْتِرَاقُهُمَا عِنْدَ الْهَلَاكِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِرْسَالَ مُضَمَّنٌ فِي الْجَمِيعِ وَالْهَلَاكَ مُضَمَّنٌ فِي الشِّرَاءِ وَالْعَارِيَّةِ دُونَ الْهِبَةِ الْوَدِيعَةِ. [فَرْعٌ يَمْلِك الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ بِالْإِرْثِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ] (قَوْلُهُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا) كَمَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ (قَوْلُهُ فَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ) قَالَ الْمَحَامِلِيُّ إذَا قُلْنَا إنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْإِرْثِ كَانَ مِلْكًا لَهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ إلَّا بِالْقَتْلِ وَالْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أُخِذَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَاصِبِ) إنْ كَانَ حَرْبِيًّا أَوْ رَقِيقًا لِلْمَالِكِ [فَرْعٌ قَتَلَ الصَّيْدَ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ] (قَوْلُهُ لَا إنْ جُنَّ) الْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ وَكَتَبَ أَيْضًا، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ وَالْمَجْنُونُ فِيهِ كَالْعَاقِلِ، وَلِهَذَا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ: إنَّ الْأَقْيَسَ خِلَافُهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي حَجِّ الصَّبِيِّ أَنَّهُ إذَا ارْتَكَبَ مَحْظُورًا عَمْدًا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ، ثُمَّ قَالَ إنَّ حُكْمَ الْمَجْنُونِ حُكْمُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ. اهـ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إتْلَافًا فَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ وَغَيْرِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 الشَّعْرِ، وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ خِلَافَهُ كَمَا مَرَّ (فَرْعٌ، وَإِنْ اُضْطُرَّ وَأَكَلَ الصَّيْدَ) بَعْدَ ذَبْحِهِ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إيذَاءٍ (وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ) الْمُحْرِمُ (عَلَى قَتْلِهِ) ضَمِنَهُ (وَيَرْجِعُ) بِمَا غَرِمَهُ (عَلَى الْمُكْرِهِ) لَهُ (فَرْعٌ وَإِذَا عَمَّ الْجَرَادُ الْمَسَالِكَ) ، وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ وَطْئِهِ (فَوَطِئَهُ أَوْ بَاضَ صَيْدٌ فِي فِرَاشِهِ) ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ إلَّا بِالتَّعَرُّضِ لِبَيْضِهِ (فَنَحَّاهُ فَفَسَدَ لَمْ يَضْمَنْ) هُمَا لِأَنَّهُمَا أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ كَالصَّائِلِ. [فَرْعٌ ذَبَحَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا أَوْ حَلَالٌ صَيْدَ الْحَرَمِ] (فَرْعٌ وَإِذَا ذَبَحَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا أَوْ حَلَالٌ صَيْدَ الْحَرَمِ صَارَ مَيْتَةً) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ تَحَلَّلَ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الذَّبْحِ لِمَعْنًى فِيهِ كَالْمَجُوسِيِّ (وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ) لِلَّهِ تَعَالَى (وَقِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ) إنْ كَانَ مَمْلُوكًا وَخَرَجَ بِصَيْدِ الْحَرَمِ صَيْدُ الْحِلِّ، وَإِنْ أُدْخِلَ فِي الْحَرَمِ وَذُبِحَ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (وَإِنْ كَسَرَ) الْمُحْرِمُ أَوْ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ (بَيْضًا) لِصَيْدٍ (أَوْ قَتَلَ جَرَادًا) كَذَلِكَ (لَمْ يَحْرُمْ عَلَى غَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ إبَاحَتَهُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلٍ بِدَلِيلِ حِلِّ ابْتِلَاعِهِ بِدُونِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ تَصْحِيحَهُ فِي الْبَيْضِ عَنْ جَمْعٍ وَالْقَطْعُ بِهِ عَنْ آخَرِينَ وَقَالَ بَعْدَ هَذَا بِأَوْرَاقٍ: إنَّهُ أَصَحُّ وَقَالَ هُنَا: إنَّ الْأَشْهَرَ الْحُرْمَةُ وَخَرَجَ بِغَيْرِهِ هُوَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ. (فَصْلٌ جَزَاءُ) الصَّيْدِ (الْمِثْلِيِّ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ وَيَتَخَيَّرُ) فِيهِ (بَيْنَ أَنْ يَذْبَحَهُ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ) الشَّامِلِينَ لِفُقَرَائِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَشْمَلُ الْآخَرَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُفَرِّقَ لَحْمَهُ عَلَيْهِمْ أَوْ يُمَلِّكَهُمْ جُمْلَتَهُ مَذْبُوحًا (أَوْ يُعْطِيَهُمْ بِقِيمَتِهِ فِي مَكَّةَ) أَيْ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ (طَعَامًا) مِمَّا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي مَكَّةَ يَعْنِي الْحَرَمَ مُتَعَلِّقٌ بِيُعْطِيهِمْ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ الْجَزَاءِ إلَّا بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مَعَ أَنَّ فِي التَّعْبِيرَيْنِ مَعًا إيهَامٌ أَنَّهُمْ لَا يُعْطَوْنَ خَارِجَ الْحَرَمِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَمَّا اعْتِبَارُ التَّقْوِيمِ فِي مَكَّةَ فَسَيَأْتِي (أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا حَيْثُ كَانَ) الْمُنَاسِبُ لِبَيْنِ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ (وَ) يَصُومُ (عَنْ مُنْكَسِرٍ) مِنْ الْأَمْدَادِ يَوْمًا (أَيْضًا) إذْ لَا يُمْكِنُ تَبْعِيضُ الصَّوْمِ (وَلَا يُجْزِئُهُ إعْطَاؤُهُمْ) الْمِثْلَ (قَبْلَ الذَّبْحِ، وَلَا) إعْطَاؤُهُمْ (دَرَاهِمَ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ آيَةُ {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: 95] (وَغَيْرُ الْمِثْلِيِّ كَذَلِكَ) يَعْنِي يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَأَنْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ وَمُنْكَسِرٍ يَوْمًا (إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِقِيمَةِ مَوْضِعِ الْإِتْلَافِ) وَوَقْتِهِ كَمَا فِي كُلِّ مُتَقَوِّمٍ أَتْلَفَ وَفِي مَعْنَى الْإِتْلَافِ التَّلَفُ (وَ) يَضْمَنُ (الْمِثْلَ بِقِيمَتِهِ بِمَكَّةَ) عِنْدَ الْعُدُولِ عَنْ ذَبْحِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ ذَبْحِهِ فَاعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ بِهَا عِنْدَ الْعُدُولِ عَنْ ذَلِكَ وَيُرْجَعُ فِي الْقِيمَةِ إلَى عَدْلَيْنِ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ (وَفِيهِمَا) أَيْ الْمِثْلِ وَغَيْرِهِ (يُعْتَبَرُ الطَّعَامُ) إذَا عَدَلَ إلَيْهِ (بِسِعْرِ مَكَّةَ) لِمَا مَرَّ. (فَرْعٌ وَالْمِثْلُ) الْمَضْمُونُ (تَقْرِيبٌ) لَا تَحْدِيدٌ، وَلَيْسَ التَّقْرِيبُ مُعْتَبَرًا بِالْقِيمَةِ بَلْ بِالصُّورَةِ وَالْخِلْقَةِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حَكَمُوا فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنْ الصَّيْدِ بِالنَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنْ النَّعَمِ مَعَ اخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَزْمَانِ وَالْقِيَمِ (فَفِي الضَّبُعِ) ، وَهُوَ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عِنْدَ جَمَاعَةٍ وَلِلْأُنْثَى فَقَطْ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَأَمَّا الذَّكَرُ فَضِبْعَانٌ بِكَسْرِ الضَّادِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ (كَبْشٌ) ، وَهُوَ ذَكَرُ الضَّأْنِ وَالْأُنْثَى نَعْجَةٌ فَوَاجِبُ الضَّبُعِ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ نَعْجَةٌ لَا كَبْشٌ فَفِي التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ تَجَوُّزٌ عَلَى وَفْقِ الْخَبَرِ الْآتِي (وَفِي النَّعَامَةِ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (بَدَنَةٌ) كَذَلِكَ (لَا بَقَرَةٌ، وَلَا شِيَاهٌ) سَبْعٌ أَوْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ تُرَاعَى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ (وَفِي الْإِبِلِ وَحِمَارِ الْوَحْشِ وَبَقَرِهِ بَقَرَةٌ) وَالْأُيَّلُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ، الذَّكَرُ مِنْ الْوَعِلِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَفِي الْوَعِلِ بَقَرَةٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ صَرَّحَ بَعْضُ مَنْ صَنَّفَ فِي الْحَيَوَانِ بِأَنَّ الْوَعِلَ غَيْرُ الْأُيَّلِ وَفَسَّرَ الْوَعِلَ بِالْخَيْلِ، وَلِهَذَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَفِي الْوَعِلِ تَيْسٌ قَالَ: وَهَذَا أَقْرَبُ مِمَّا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الرِّبَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الظِّبَاءِ إذْ قَالَ وَفِي الْأُيَّلِ مَعَ الظِّبَاءِ تَرَدُّدٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَالضَّأْنِ مَعَ الْمَعْزِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ فِي الْأُيَّلِ الْعَنْزَ اهـ. وَالْأَوْلَى أَوْ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: التَّيْسُ بَدَلُ الْعَنْزِ (وَ) فِي (الظَّبْيِ عَنْزٌ) ، وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ الَّتِي تَمَّ لَهَا سَنَةٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَفِي الظَّبْيِ تَيْسٌ إذْ الْعَنْزُ إنَّمَا هِيَ وَاجِبَةُ الظَّبْيَةِ (وَ) فِي (الثَّعْلَبِ شَاةٌ وَ) فِي (الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ) ، وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ إذَا قَوِيَتْ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ: أَنَّهَا أُنْثَى الْمَعْزِ مِنْ حِينِ تُولَدُ حَتَّى تَرْعَى (وَ) فِي (الْيَرْبُوعِ وَالْوَبَرِ) بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ (جَفْرَةٌ) ، وَهِيَ كَمَا فِي الْأَصْلِ أُنْثَى الْمَعْزِ إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَفُصِلَتْ عَنْ أُمِّهَا وَالذَّكَرُ جَفْرٌ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ جَفَرَ جَنْبَاهُ أَيْ عَظُمَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ اُضْطُرَّ وَأَكَلَ الصَّيْدَ بَعْدَ ذَبْحِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ] قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الذَّبْحِ لِحَقِّ اللَّهِ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ الْحَلَالَ إذَا جَرَحَ صَيْدًا اسْتَفَادَ بِهِ الْمِلْكَ وَحَلَّ أَكْلُهُ وَالْمُحْرِمُ لَمَّا لَمْ يَسْتَفِدْ بِجَرْحِهِ الْمِلْكَ فَكَذَا لَا يُسْتَفَادُ الْحِلُّ [فَصْلٌ جَزَاءُ الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ فِي الْحَجّ] (قَوْلُهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا يَظْهَرُ) قَالَ شَيْخُنَا يَتَّجِهُ بَحْثُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْفُقَرَاءُ قَاطِنِينَ بِهِ وَخَرَجُوا لِحَاجَةٍ أَمَّا الْغُرَبَاءُ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمْ حَالَ الْأَخْذِ بِالْحَرَمِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ يَعْنِي يَتَخَيَّرُ فِيهِ إلَخْ) وَجْهُ التَّخْيِيرِ أَنَّهَا كَفَّارَةُ إتْلَافِ مَا حَرَّمَهُ الْإِحْرَامُ فَكَانَتْ عَلَى التَّخْيِيرِ كَالْحَلْقِ (قَوْلُهُ وَفِيهِمَا يُعْتَبَرُ الطَّعَامُ بِسِعْرِ مَكَّةَ) هَلْ الْوَاجِبُ عِنْدَ إخْرَاجِ الطَّعَامِ أَوْ تَعْدِيلِهِ غَالِبُ قُوتِ مَكَّةَ أَوْ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِ التَّلَفِ أَوْ غَالِبُ قُوتِهِ نَفْسِهِ أَوْ غَالِبُ قُوتِ مَحَلِّ الْإِتْلَافِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ، وَقَضِيَّةُ إلْحَاقِهِ بِالْكَفَّارَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِغَالِبِ قُوتِ بَلَدِ التَّلَفِ قَالَ شَيْخُنَا: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى غَالِبِ قُوتِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَكُونُ إلَّا فِيهَا وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَوْلَى. [فَرْعٌ وَالْمِثْلُ الْمَضْمُونُ تَقْرِيبٌ لَا تَحْدِيدٌ فِي جَزَاء الصَّيْد فِي الْحَجّ] (قَوْلُهُ فَفِي الضَّبُعِ) بِفَتْحِ الضَّادِ وَضَمِّ الْبَاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ الْعَنَاقَ: وَالْجَفْرَةُ بِمَا ذُكِرَ هَذَا مَعْنَاهُمَا لُغَةً لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْجَفْرَةِ هُنَا مَا دُونَ الْعَنَاقِ إذْ الْأَرْنَبُ خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ تَرَكَهُ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْيَرْبُوعِ غَيْرُ جَفْرَةٍ؛ لِأَنَّهَا بِمُقْتَضَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ سِنِّ الْعَنَاقِ وَذَلِكَ يُخَالِفُ الدَّلِيلَ وَالْمَنْقُولَ (وَ) فِي (الضَّبِّ وَأُمِّ حُبَيْنٍ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهِيَ دَابَّةٌ عَلَى خِلْقَةِ الْحِرْبَاءِ عَظِيمَةُ الْبَطْنِ (جَدْيٌ) . وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْهُ فَقَالَ صَحِيحٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمَ فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ» وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ أَنَّهُمْ قَضَوْا فِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ قَضَوْا فِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَبَقَرِهِ بِبَقَرَةٍ وَعَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا فِي الظَّبْيِ بِشَاةٍ وَعَنْ ابْنِ عَوْفٍ وَسَعْدٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا فِي الظَّبْيِ بِتَيْسٍ أَعْفَرَ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ وَفِي الْإِبِلِ بَقَرَةٌ وَعَنْ عَطَاءٍ فِي الثَّعْلَبِ شَاةٌ وَفِي الْوَبَرِ شَاةٌ وَعَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَضَى فِي أُمِّ حُبَيْنٍ بِحُلَّانِ مِنْ الْغَنَمِ، وَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْخَرُوفُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ هُوَ الْجَدْيُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَأَمَّا الْحُلَّانُ وَيُقَالُ: الْحُلَّامُ فَقِيلَ: هُوَ الْجَدْيُ وَقِيلَ: الْخَرُوفُ (وَيَحْكُمُ) بِالْمِثْلِ (فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ عَدْلَانِ) قَالَ تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] (فَقِيهَانِ) فَطِنَانِ كَمَا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُمَا أَعْرَفُ بِالشَّبَهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا وَاعْتِبَارُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ وَعَلَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وُجُوبَ اعْتِبَارِ الْفِقْهِ بِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا بِقَوْلِ مَنْ يَجُوزُ حُكْمُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالْخُنْثَى وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الْفِقْهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْفِقْهِ الْخَاصِّ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ هُنَا وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّ الْفِقْهَ مُسْتَحَبٌّ مَحْمُولٌ عَلَى زِيَادَتِهِ. (وَلَوْ قَتَلَاهُ) أَيْ الصَّيْدَ (لَكِنْ بِلَا عُدْوَانٍ) كَخَطَأٍ أَوْ اضْطِرَارٍ إلَيْهِ فَإِنَّهُمَا يَحْكُمَانِ بِالْمِثْلِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَرَ رَجُلًا قَتَلَ ظَبْيًا بِالْحُكْمِ فِيهِ فَحَكَمَ فِيهِ بِجَدْيٍ فَوَافَقَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَمِينًا فِيهِ كَالزَّكَاةِ أَمَّا مَعَ الْعُدْوَانِ أَيْ وَمَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا يَحْكُمَانِ لِفِسْقِهِمَا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ فَكَيْفَ تَسْقُطُ الْعَدَالَةُ بِارْتِكَابِهِ مَرَّةً؟ وَيُجَابُ يُمْنَعُ ذَلِكَ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَلَا فَائِدَةٍ (وَلَوْ اخْتَلَفَ تَمْثِيلُ الْعُدُولِ) بِأَنْ حَكَمَ عَدْلَانِ بِمِثْلٍ وَآخَرَانِ بِآخَرَ (تَخَيَّرَ) مَنْ لَزِمَهُ الْمِثْلُ كَمَا فِي اخْتِلَافِ الْمُفْتِيَيْنِ (وَيُقَدَّمُ) فِيمَا لَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ بِأَنَّ لَهُ مِثْلًا وَآخَرَانِ بِأَنَّهُ: لَا مِثْلَ لَهُ (قَوْلُ مُثْبِتِي الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ مَعَهُمَا زِيَادَةَ عِلْمٍ بِمَعْرِفَةِ دَقِيقِ الشَّبَهِ أَمَّا مَا فِيهِ نَصٌّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَنْ صَحَابِيَّيْنِ أَوْ عَنْ عَدْلَيْنِ مِنْ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ فَيُتَّبَعُ مَا حَكَمُوا بِهِ وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ غَيْرِ صَحَابِيٍّ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الطُّيُورِ مِنْ الْحَيَوَانِ (وَأَمَّا الطُّيُورُ فَفِي وَاحِدِ الْحَمَامِ، وَهُوَ مَا عَبَّ) أَيْ شَرِبَ الْمَاءَ بِلَا مَصٍّ (وَهَدَرَ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ رَجَّعَ صَوْتَهُ وَغَرَّدَ كَالْيَمَامِ وَالْقُمْرِيِّ وَالدُّبْسِيِّ وَالْفَاخِتَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مُطَوَّقٍ (شَاةٌ) مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ بِحُكْمِ الصَّحَابَةِ وَمُسْتَنِدُهُ تَوْقِيفٌ بَلَغَهُمْ، وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ إيجَابُ الْقِيمَةِ وَقِيلَ مُسْتَنَدُهُ الشَّبَهُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ إلْفُ الْبُيُوتَ، وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْحَمَامِ إذْ لَا يَأْتِي فِي الْفَوَاخِتِ وَنَحْوِهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَلَا حَاجَةَ فِي وَصْفِ الْحَمَامِ إلَى ذِكْرِ الْهَدِيرِ مَعَ الْعَبِّ فَإِنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ، وَلِهَذَا اقْتَصَرَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْعَبِّ انْتَهَى. وَمَا نَقَلَهُ الشَّافِعِيُّ هُوَ مَا قَالَهُ فِي الْأُمِّ لَكِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْهَدِيرِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِيهِ أَيْضًا وَفِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ مَمْنُوعٌ بَلْ الْعَبُّ أَعَمُّ مُطْلَقًا فَبَيْنَهُمَا لُزُومٌ لَا تَلَازَمَ إذْ بَعْضُ الْعَصَافِيرِ يَعُبُّ، وَلَا يَهْدِرُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ (وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْحَمَامِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَكْبَرَ جُثَّةً مِنْهُ أَمْ أَصْغَرَ أَمْ مِثْلَهُ كَطَيْرِ الْمَاءِ وَالْعُصْفُورِ (الْقِيمَةُ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ وَقَدْ حَكَمَتْ الصَّحَابَةُ بِهَا فِي الْجَرَادِ. (وَيُفْدَى الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالصَّحِيحُ وَالْمَرِيضُ) وَالسَّمِينُ وَالْهَزِيلُ وَالْمَعِيبُ (بِمِثْلِهِ، وَلَوْ أَعْوَرَ يَمِينٌ بِيَسَارٍ) ، وَلَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُ نَوْعِ الْعَيْبِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَذَلِكَ يُخَالِفُ الدَّلِيلَ وَالْمَنْقُولَ) الْجَفْرَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا دُونَ الْعَنَاقِ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِهَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ عَدْلَانِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْكُمَانِ لِفِسْقِهِمَا) إلَّا إنْ تَابَا وَأَصْلَحَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ مُسْتَنَدُهُ الشَّبَهُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَغِيرًا هَلْ تَجِبُ شَاةٌ أَوْ سَخْلَةٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالْعُصْفُورِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْوَطْوَاطِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الْقِيمَةِ فِي الْوَطْوَاطِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا هُوَ وَغَيْرُهُ: أَنَّ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ التَّعَرُّضُ لَهُ، وَلَا يَجِبُ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ إلَّا الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وَالْوَطْوَاطُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ اسْتِدْرَاكُهُ لِمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ وُجُوبِ الْجَزَاءِ فِي الْوَطْوَاطِ غَرِيبٌ فَإِنَّ الْجَزَاءَ كَمَا يَجِبُ فِي الْمَأْكُولِ يَجِبُ فِيمَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَالْوَطْوَاطُ، وَهُوَ الْخُفَّاشُ يَحْرُمُ قَتْلُهُ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ قَتْلُ الْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ وَالنَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ عَلَى الْمُحْرِمِ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ وَمَا حَرُمَ قَتْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَجَبَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِيهِ الْجَزَاءُ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِيمَنْ قَتَلَ قَمْلَةً تَصَدَّقْ بِلُقْمَةٍ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْإِحْرَامَ يُؤَثِّرُ فِي تَغْلِيظِ الدِّيَةِ كَذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي إيجَابِ الْجَزَاءِ فِي قَتْلِ مَا يَحْرُمُ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْجَزَاءَ فِي الْوَطْوَاطِ قَدَّرْنَاهُ مَأْكُولًا وَقَوَّمْنَاهُ. (قَوْلُهُ بِمِثْلِهِ) رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ الَّتِي اقْتَضَتْهَا الْآيَةُ وَأَيْضًا كَمَا اُعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ الصُّورِيَّةُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ فَكَذَلِكَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَسْنَانِ وَالصِّفَاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 لِتَقَارُبِ شَأْنِ النَّوْعِ بِخِلَافِ اخْتِلَافِ جِنْسِهِ كَالْعَوَرِ وَالْجَرَبِ (وَيُجْزِئُ الذَّكَرُ عَنْ الْأُنْثَى) ؛ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَطْيَبُ (وَعَكْسُهُ) أَيْ وَتُجْزِئُ الْأُنْثَى عَنْ الذَّكَرِ كَالزَّكَاةِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَخْتَلِفُ كَمَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي اللَّوْنِ (وَ) لَكِنَّ (الذَّكَرَ أَفْضَلُ) لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَلَوْ فَدَى الْمَرِيضَ بِالصَّحِيحِ وَالْمَعِيبَ بِالسَّلِيمِ فَهُوَ أَفْضَلُ (وَفِي) الصَّيْدِ (الْحَامِلِ حَامِلٌ) مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ فَضِيلَةٌ مَقْصُودَةٌ لَا يُمْكِنُ إهْمَالُهَا (وَلَا تُذْبَحُ الْحَامِلُ) لِنَقْصِ لَحْمِهَا مَعَ فَوَاتِ مَا يَنْفَعُ الْمَسَاكِينَ مِنْ زِيَادَةِ قِيمَتِهَا بِالْحَمْلِ (بَلْ تُقَوَّمُ) بِمَكَّةَ مَحَلِّ ذَبْحِهَا لَوْ ذُبِحَتْ وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَاقْتِصَارُهُ عَلَى التَّقْوِيمِ الْمُفِيدِ لِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ ضَمِّ الْأَصْلِ إلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْقِيمَةِ طَعَامًا (فَإِنْ أَلْقَتْ) حَامِلٌ مِنْ الصَّيْدِ بِضَرْبِهِ بَطْنَهَا أَوْ نَحْوَهُ (جَنِينًا مَيِّتًا وَمَاتَتْ) هِيَ أَيْضًا بِذَلِكَ (فَكَقَتْلِ الْحَامِلِ، وَإِنْ عَاشَتْ ضَمِنَ نَقْصَهَا) أَيْ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَامِلًا وَحَائِلًا، وَلَا يَضْمَنُ الْجَنِينَ بِخِلَافِ جَنِينِ الْأَمَةِ يَضْمَنُ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَزِيدُ فِي قِيمَةِ الْبَهَائِمِ وَيُنْقِصُ فِي قِيمَةِ الْآدَمِيَّاتِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ التَّفَاوُتِ فِيهِنَّ (أَوْ) أَلْقَتْهُ (حَيًّا وَمَاتَا ضَمِنَهُمَا) أَيْ ضَمِنَ كُلًّا مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ (أَوْ مَاتَ) جَنِينُهَا (دُونَهَا ضَمِنَهُ وَ) ضَمِنَ (نَقْصَهَا) الْمَذْكُورَ. (فَرْعٌ وَإِذَا جَرَحَ ظَبْيًا) وَانْدَمَلَ جُرْحُهُ بِلَا إزْمَانٍ (فَنَقَصَ عُشْرُ قِيمَتُهُ فَعَلَيْهِ عُشْرُ شَاةٍ) لَا عُشْرُ قِيمَتِهَا تَحْقِيقًا لِلْمُمَاثَلَةِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ شَرِيكًا فِي ذَبْحِ شَاةٍ وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ قِسْطٍ مِنْ الْحَيَوَانِ فَأَرْشَدَهُ إلَى مَا هُوَ أَسْهَلُ فَإِنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ مُخَيَّرٌ فَفِي الْمِثَالِ يُخْرِجُ عُشْرَ شَاةٍ أَوْ يُخْرِجُ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا (فَإِنْ بَرِئَ مِنْ جُرْحِهِ) ، وَلَمْ يَبْقَ نَقْصٌ، وَلَا أَثَرٌ (فَالْأَرْشُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَالْآدَمِيِّ) أَيْ كَالْحُكُومَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآدَمِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ وُجُوبُ الْأَرْشِ، وَلِهَذَا حَكَى فِي التَّجْرِيدِ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ يَجِبُ شَيْءٌ بِقَدْرِ مَا يَجْتَهِدُ فِيهَا الْقَاضِي أَيْ مُرَاعِيًا فِي اجْتِهَادِهِ مِقْدَارَ الْوَجَعِ الَّذِي أَصَابَهُ (وَ) عَلَيْهِ (فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ أَرْشُهُ) ، ثُمَّ يُخَيَّرُ بَيْنَ الطَّعَامِ وَالصَّوْمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلَوْ أَزْمَنَ صَيْدٌ لَزِمَهُ جَزَاؤُهُ) كَامِلًا لَزِمَهُ كَمَا لَوْ أَزْمَنَ عَبْدٌ لَزِمَهُ كُلُّ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْإِزْمَانَ كَالْإِتْلَافِ (فَإِنْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ) مُطْلَقًا (أَوْ هُوَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْهِ) أَيْ الْقَاتِلِ (جَزَاؤُهُ زَمِنًا) كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْ عَبْدٍ فَقَتَلَهُ آخَرُ أَوْ قَتَلَهُ هُوَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ تَلْزَمُ قِيمَتُهُ سَلِيمًا لِلْقَطْعِ وَقِيمَتُهُ مَقْطُوعًا لِلْقَتْلِ كَمَا فِي الْآدَمِيِّ أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا جَزَاءٌ وَاحِدٌ كَمَا فِي الْآدَمِيِّ (وَلَوْ أَزَالَ أَحَدَ امْتِنَاعِي النَّعَامَةِ وَنَحْوِهَا) ، وَهُمَا قُوَّةُ عَدْوِهَا وَطَيَرَانِهَا (اُعْتُبِرَ النَّقْصُ) ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرِّجْلِ وَالْجَنَاحِ فَالزَّائِلُ بَعْضُ الِامْتِنَاعِ فَيَجِبُ النَّقْصُ لَا الْجَزَاءُ الْكَامِلُ. [فَرْعٌ جَرَحَهُ فَغَابَ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا وَشَكَّ أَمَاتَ بِجَرْحِهِ أَمْ بِحَادِثٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ] (فَرْعٌ وَإِذَا جَرَحَهُ فَغَابَ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا وَشَكَّ) أَمَاتَ بِجَرْحِهِ أَمْ بِحَادِثٍ (لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ الْأَرْشِ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِحَادِثٍ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ فَغَابَ وَشَكَّ فِي مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ وَالْحَيَاةُ وَالِاحْتِيَاطُ إخْرَاجُ جَزَاءٍ كَامِلٍ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِجَرْحِهِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَاسْتُشْكِلَتْ الْأُولَى بِمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ حِلِّ صَيْدٍ جَرَحَهُ فَغَابَ عَنْهُ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا، وَشَكَّ أَمَاتَ بِجَرْحِهِ أَوْ بِحَادِثٍ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِالْحِلِّ، ثُمَّ لَمْ نُرَتَّبْ عَلَى الْجُرْحِ مُقْتَضَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ عَدَمِ ضَمَانِ الزَّائِدِ هُنَا. (وَيَلْزَمُ الْجَمَاعَةَ) الْمُشْتَرَكِينَ فِي قَتْلِ صَيْدٍ (وَالْقَارِنَ) الْقَاتِلَ لِلصَّيْدِ (جَزَاءٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ) الصَّيْدُ (حَرَمِيًّا) لِاتِّحَادِ الْمُتْلِفِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُ الْجَزَاءِ كَمَا يَتَّحِدُ تَغْلِيظُ الدِّيَةِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْقَاتِلِينَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ. (وَشَرِيكُ الْحَلَالِ) فِي قَتْلِ صَيْدٍ (يَلْزَمُهُ النِّصْفُ) مِنْ الْجَزَاءِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ، وَلَوْ اشْتَرَكَ مُحْرِمٌ وَمُحِلُّونَ لَزِمَهُ مِنْ الْجَزَاءِ بِقِسْطِهِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ كَبَدَلِ الْمُتْلَفَاتِ. [فَرْعٌ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُ مَا لَمْ يُصَدْ لَهُ] (فَرْعٌ، وَلَهُ أَكْلُ مَا لَمْ يُصَدْ لَهُ إنْ لَمْ يَدُلَّ) هُوَ (وَلَمْ يُعِنْ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَعَلَ) شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ صِيدَ لَهُ (حَرُمَ أَكْلُهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا عَقَرَ أَبُو قَتَادَةَ، وَهُوَ حَلَالٌ الْأَتَانَ هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا؟ قَالُوا: لَا قَالَ فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَلَا جَزَاءَ) عَلَيْهِ بِدَلَالَتِهِ، وَلَا بِإِعَانَتِهِ، وَلَا بِأَكْلِهِ مَا صِيدَ لَهُ كَمَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ قَتْلِ الْآدَمِيِّ وَلِعَدَمِ نَمَائِهِ فِي الْأَخِيرَةِ بَعْدَ ذَبْحِهِ كَبَيْضٍ مَذِرٍ؛ وَلِأَنَّ جَزَاءَ ذَبْحِهِ يُغْنِي عَنْ جَزَاءٍ آخَرَ، وَمَسْأَلَةُ الدَّلَالَةِ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ. فَرْعٌ لَوْ دَلَّ عَلَى صَيْدٍ إلَى آخِرِهِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَكَقَتْلِ الْحَامِلِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ أَطْلَقَ الْتِحَاقَهُ بِالْحَامِلِ وَمَوْضِعُهُ إذَا مَاتَا مَعًا مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ أَمَّا لَوْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا، ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَ الْأُمَّ بِمِثْلِهَا مِنْ النَّعَمِ وَالْوَلَدَ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهِ بِإِسْقَاطِهِ. حَكَاهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَلَمْ يُورِدْ ابْنُ الرِّفْعَةِ غَيْرَهُ وَصَدَّرَ بِهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَحَكَى الْعِمْرَانِيُّ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَاخِضِ إذَا أَصَابَهَا فَمَاتَتْ [فَرْعٌ جَرَحَ ظَبْيًا فَنَقَصَ عُشْرُ قِيمَتِهِ فِي الْحَجّ] (قَوْلُهُ بِمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ فِي غَيْرِ الْمِنْهَاجِ أَمَّا مَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا إشْكَالَ. (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الْجَمَاعَةَ وَالْقَارِنَ جَزَاءٌ وَاحِدٌ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ مِثْلَ الْمَقْتُولِ وَمِثْلَ الْوَاحِدِ وَاحِدٌ وَإِنْ قَتَلَهُ عَشَرَةٌ كَمَا أَنَّ مِثْلَ الْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ وَإِنْ قَتَلَهُمْ وَاحِدٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 [فَصْلٌ وَلِلْحَلَالِ وَلَوْ كَافِرًا مُلْتَزِمَ الْأَحْكَامِ حُكْمُ الْمُحْرِمِ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ] (فَصْلٌ وَلِلْحَلَالِ، وَلَوْ كَافِرًا) مُلْتَزِمَ الْأَحْكَامِ (حُكْمُ الْمُحْرِمِ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ) مِنْ تَحْرِيمِ تَعَرُّضٍ وَلُزُومِ جَزَاءٍ وَغَيْرِهِمَا (وَلِمَالِكِ صَيْدِ الْحِلِّ) مَا لَمْ يُحْرِمْ (ذَبْحُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ) كَيْفَ شَاءَ (فِي الْحَرَمِ كَالنَّعَمِ) ؛ لِأَنَّهُ صَيْدُ حِلٍّ (وَإِنْ أَرْسَلَ الْحَلَالُ كَلْبًا) مِنْ الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ مُقَيَّدٍ بِمَا يَأْتِي فَقَتَلَهُ (أَوْ رَمَى مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ هُوَ) أَيْ كُلَّهُ (أَوْ بَعْضَ قَوَائِمِهِ) ، وَلَوْ وَاحِدَةً (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ أَرْسَلَ كَلْبًا مِنْ الْحَرَمِ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ هُوَ أَوْ بَعْضُ قَوَائِمِهِ أَوْ رَمَى مِنْ الْحَرَمِ صَيْدًا كَذَلِكَ (ضَمِنَهُ) تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ؛ وَلِأَنَّ الصَّيْدَ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ مُحَرَّمٌ عَلَى مَنْ فِي الْحَرَمِ وَفِيمَا قَبْلَهُ أَصَابَهُ فِي مَحَلِّ أَمْنِهِ وَإِنَّمَا ضَمِنَهُ الْكَافِرُ؛ لِأَنَّ هَذَا ضَمَانٌ يَتَعَلَّقُ بِالْإِتْلَافِ فَأَشْبَهَ ضَمَانَ الْأَمْوَالِ وَيُفَارِقُ مَا ذَكَرَ عَدَمُ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ سَعَى مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحِلِّ لَكِنْ سَلَكَ فِي أَثْنَاءِ سَعْيِهِ الْحَرَمَ فَقَتَلَ الصَّيْدَ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ الِاصْطِيَادِ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ أَوْ نَحْوِهِ لَا مِنْ حِينِ السَّعْيِ. وَلِهَذَا تُشْرَعُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ إرْسَالِ السَّهْمِ أَوْ نَحْوِهِ لَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ السَّعْيِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ الْحَرَمِ وَنَصَبَ شَبَكَةً بِالْحِلِّ فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ لَمْ يَضْمَنْهُ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِنْ الْفَرْقِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ الْحَرَمِ وَرَمَى إلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِكَوْنِ غَيْرِ قَوَائِمِ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ كَرَأْسِهِ، وَلَوْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى قَائِمَتِهِ الَّتِي فِي الْحَرَمِ فَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَوَائِمِ هُوَ فِي الْقَائِمِ، أَمَّا النَّائِمُ فَالْعِبْرَةُ بِمُسْتَقَرِّهِ قَالَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ. اهـ. فَلَوْ نَامَ وَنِصْفُهُ فِي الْحَرَمِ وَنِصْفُهُ فِي الْحِلِّ حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وَعَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ شَرْطُهُ أَنْ يُصِيبَ الرَّامِي الْجُزْءَ الَّذِي مِنْ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ، فَلَوْ أَصَابَ رَأْسَهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ، وَإِنْ كَانَ قَوَائِمُهُ كُلُّهَا فِي الْحِلِّ، وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: إنَّ كَلَامَ الْقَاضِي يَقْتَضِيهِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ (وَكَذَا) يَضْمَنُهُ (لَوْ كَانَا فِي الْحِلِّ وَمَرَّ السَّهْمُ لَا الْكَلْبُ فِي الْحَرَمِ) فَأَصَابَهُ وَقَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَرْسَلَ السَّهْمَ إلَيْهِ فِي الْحَرَمِ بِخِلَافِهِ فِي الْكَلْبِ لَا ضَمَانَ فِيهِ بِذَلِكَ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) أَيْ الْحَرَمُ (طَرِيقًا) لَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا بِخِلَافِ السَّهْمِ فَإِنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لَهُ إلَى الْحَرَمِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى الدُّخُولِ فِيهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا (وَلَوْ دَخَلَ الصَّيْدُ) الْمَرْمِيُّ إلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ، وَهُوَ فِي الْحِلِّ (الْحَرَمَ فَقَتَلَهُ السَّهْمُ فِيهِ ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَصَابَهُ فِي مَحَلِّ أَمْنِهِ، وَكَذَا لَوْ أَصَابَ صَيْدًا فِيهِ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ قَبْلَ رَمْيِهِ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ (لَا الْكَلْبُ) فَلَا يَضْمَنُ مُرْسِلُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا كَمَا مَرَّ (لَا إنْ عَدِمَ الصَّيْدُ مَفَرًّا غَيْرَ الْحَرَمِ) عِنْدَ هَرَبِهِ فَإِنَّهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُرْسِلُ عَالِمًا بِالْحَالِ أَمْ جَاهِلًا (وَ) لَكِنْ (لَا يَأْثَمُ الْجَاهِلُ بِذَلِكَ) . (فَرْعٌ) لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ سَهْمًا مِنْ الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِيهِ فَوَصَلَ إلَيْهِ فِي الْحِلِّ وَتَحَامَلَ الصَّيْدُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَقْلِ الْكَلْبِ لَهُ إلَى الْحَرَمِ فَمَاتَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ احْتِيَاطًا لِحُصُولِ قَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ نَقَلَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَتَلَ) حَلَالٌ (فِي الْحِلِّ حَمَامَةً، وَلَهَا فِي الْحَرَمِ فَرْخٌ) فَهَلَكَ (ضَمِنَهُ) دُونَهَا؛ لِأَنَّهُ أَهْلَكَهُ بِقَطْعِ مُتَعَهِّدِهِ فَأَشْبَهَ رَمْيَهُ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ بِخِلَافِهَا؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهَا فِي الْحِلِّ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ قَتَلَهَا فِي الْحَرَمِ، وَلَهَا فِي الْحِلِّ فَرْخٌ فَهَلَكَ (ضَمِنَهُمَا) أَمَّا هُوَ فَكَمَا لَوْ رَمَاهُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ، وَأَمَّا هِيَ فَلِقَتْلِهَا فِي الْحَرَمِ وَكَقَتْلِ الْحَمَامَةِ فِيمَا ذُكِرَ أَخْذُهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (نَفَّرَ مُحْرِمٌ صَيْدًا) ، وَلَوْ فِي الْحِلِّ (أَوْ نَفَّرَهُ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَهَلَكَ بِسَبَبِهِ) أَيْ بِسَبَبِ التَّنْفِيرِ بِصَدْمَةٍ أَوْ أَخْذِ سَبُعٍ أَوْ قَتْلِ حَلَالٍ لَهُ فِي الْحِلِّ أَوْ نَحْوِهَا (ضَمِنَهُ) وَيَسْتَمِرُّ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَسْكُنَ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَلِفَ بِهِ فِي نِفَارِهِ صَيْدٌ آخَرُ ضَمِنَهُ أَيْضًا (لَا إنْ أَتْلَفَهُ مُحْرِمٌ) ، وَلَوْ فِي الْحِلِّ (أَوْ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ) فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُنَفِّرِ بَلْ عَلَى الْمُتْلِفِ تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ. [فَصْلٌ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ غَيْرِ الْمُؤْذِي] (فَصْلٌ يَحْرُمُ) عَلَى الْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ (قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ الرَّطْبِ غَيْرِ الْمُؤْذِي) مُبَاحًا أَوْ مَمْلُوكًا (حَتَّى مَا يَسْتَنْبِتُ مِنْهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ لَا يُعْضَدُ شَجَرَهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ فَقَالَ: إلَّا الْإِذْخِرَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْعَضْدُ الْقَطْعُ، وَإِذَا حَرُمَ الْقَطْعُ فَالْقَلْعُ أَوْلَى وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَالْخَلَا بِالْقَصْرِ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ وَالْإِذْخِرُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ حَلْفَاءُ مَكَّةَ وَاحِدَتُهُ إذْخِرَةٌ وَقِيسَ بِمَكَّةَ بَاقِي الْحَرَمِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ غَيْرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلُزُومِ جَزَاءٍ وَغَيْرِهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ صَيْدٌ يَحْرُمُ قَتْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَضَمِنَهُ كَالْمُحْرِمِ فِي صَيْدِ غَيْرِ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ أَمَّا النَّائِمُ فَالْعِبْرَةُ بِمُسْتَقَرِّهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَصَابَ رَأْسَهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَرَّ السَّهْمُ أَوْ نَحْوُهُ) كَرُمْحٍ أَوْ عَصًا [فَرْعٌ أَرْسَلَ كَلْبًا مِنْ الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِيهِ فَوَصَلَ إلَيْهِ فِي الْحِلِّ فَمَاتَ فِي الْحَرَمِ] (قَوْلُهُ نَقَلَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ الْأَصَحُّ إذْ تَمَامُ الْفِعْلِ حَصَلَ فِي الْحَرَمِ فَصَارَ مَقْتُولَ حَرَمٍ، وَأَمَّا الضَّمَانُ فَلَا مُوجِبَ لَهُ [فَرْعٌ قَتَلَ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ حَمَامَةً وَلَهَا فِي الْحَرَمِ فَرْخٌ فَهَلَكَ] (قَوْلُهُ أَيْ يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَأْخُذَ إنْسَانٌ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ فِي الْحَرَمِ فَيَغْرِسَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْحَرَمِ فَيَنْبُتُ وَيَصِيرُ شَجَرَةً فَمَنْ قَطَعَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ ذَكَرَ هَذَا التَّصْوِيرَ صَاحِبُ الْبَيَانِ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ وَصَوَّرَهَا صَاحِبُ التَّهْذِيبِ بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِنْبَاتِهِ كَالْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَالصَّنَوْبَرِ وَالْخِلَافِ وَالْفِرْصَادِ انْتَهَى. وَجَرَى فِي الرَّوْضَةِ عَلَى مَا فِي التَّهْذِيبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 الشَّجَرِ مِنْ سَائِرِ النَّبَاتِ (فَلَا يَحْرُمُ الْيَابِسُ) أَيْ قَطْعُهُ، وَلَا قَلْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَابِتًا فِي الْحَرَمِ بَلْ مَغْرُوزٌ فِيهِ وَكَمَا لَوْ قَدَّ صَيْدًا مَيِّتًا (وَلَا ذُو الشَّوْكِ) كَعَوْسَجٍ، وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْمُرُورُ كَالصَّيْدِ الْمُؤْذِي وَفِي وَجْهٍ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاخْتَارَهُ فِي نُكَتِهِ يَحْرُمُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ «، وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا» قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيْدِ الْمُؤْذِي أَنَّهُ يَقْصِدُ الْأَذَى بِخِلَافِ الشَّجَرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلِلْقَائِلِ بِالْمَذْهَبِ أَنْ يُجِيبَ بِأَنَّهُ مُخَصَّصٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى قَتْلِ الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، وَرَدَّهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الشَّوْكَ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ فَكَيْفَ يَجِيءُ التَّخْصِيصُ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّوْكَ يَتَنَاوَلُ الْمُؤْذِيَ وَغَيْرَهُ وَالْقَصْدُ تَخْصِيصُهُ بِالْمُؤْذِي (وَإِنْ غُرِسَتْ شَجَرَةٌ حَرَمِيَّةٌ فِي الْحِلِّ أَوْ حِلِّيَّةٌ فِي الْحَرَمِ لَمْ تَنْتَقِلْ الْحُرْمَةُ عَنْهَا) فِي الْأُولَى (وَلَا إلَيْهَا) فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ صَيْدٍ دَخَلَ الْحَرَمَ إذْ لِلشَّجَرِ أَصْلٌ ثَابِتٌ فَاعْتُبِرَ مَنْبَتُهُ بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَاعْتُبِرَ مَكَانُهُ (وَلَا تُضْمَنُ الْحَرَمِيَّةُ) الْمَنْقُولَةُ مِنْ الْحَرَمِ إلَيْهِ أَوْ إلَى الْحِلِّ (إنْ نَبَتَتْ) فِيهِ (بَلْ يَجِبُ رَدُّهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْحَرَمِ إنْ نَقَلَهَا إلَى الْحِلِّ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا فَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إذَا نَقَلَهَا إلَى الْحَرَمِ، وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ بِالضَّمَانِ، وَإِنْ نَبَتَتْ مَا لَمْ يُعِدْهَا إلَى الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْإِيذَاءِ بِوَضْعِهَا فِي الْحِلِّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَزَالَ امْتِنَاعَ الصَّيْدِ (وَمَنْ قَلَعَهَا) مِنْ الْحِلِّ (ضَمِنَهَا) إبْقَاءً لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا كَمَا فِي الْغَصْبِ أَمَّا إذَا لَمْ تَنْبُتْ فَيَضْمَنُهَا نَاقِلُهَا مُطْلَقًا (وَلَا يَضْمَنُ غُصْنًا فِي الْحَرَمِ أَصْلُهُ فِي الْحِلِّ) إذَا قَطَعَهُ نَظَرًا لِأَصْلِهِ (وَيَضْمَنُ صَيْدًا) قَتَلَهُ (فَوْقَهُ) أَيْ فَوْقَ الْغُصْنِ نَظَرًا إلَى مَكَانِهِ (وَحُكْمُ عَكْسِهِ) ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْغُصْنِ فِي الْحَرَمِ وَالْغُصْنُ فِي الْحِلِّ وَالصَّيْدُ فَوْقَهُ (عَكْسُ حُكْمِهِ) أَيْ يَضْمَنُ الْغُصْنَ كَمَا يَضْمَنُ الْأَصْلَ، وَلَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ قَالَ الْفُورَانِيُّ، وَلَوْ غَرَسَ فِي الْحِلِّ نَوَاةَ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْأَصْلِ (وَتَحْرُمُ شَجَرَةٌ) أَيْ قَطْعُ شَجَرَةٍ (أَصْلُهَا فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ) تَغْلِيبًا لِلْحَرَمِ (وَلَا ضَمَانَ بِقَطْعِ الْأَغْصَانِ) الْحَرَمِيَّةِ (الْمُؤْذِيَةِ) لِلنَّاسِ (فِي الطَّرِيقِ) كَمَا فِي قَتْلِ الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَخَذَ غُصْنًا) مِنْ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ (فَأَخْلَفَ مِثْلَهُ فِي سَنَتِهِ بِأَنْ كَانَ لَطِيفًا) كَالسِّوَاكِ (فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ أَوْ أَخْلَفَ لَا مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَهُ لَا فِي سَنَتِهِ (وَجَبَ) الضَّمَانُ وَسَبِيلُهُ سَبِيلُ ضَمَانِ جَرْحِ الصَّيْدِ (ثُمَّ) بَعْدَ وُجُوبِ ضَمَانِهِ (إذَا أَخْلَفَ) مِثْلَهُ (لَمْ يَسْقُطْ) ضَمَانُهُ كَمَا لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَنَبَتَتْ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْغُصْنُ لَا يَخْلُفُ عَادَةً، وَإِلَّا فَهُوَ بِسِنِّ الصَّغِيرِ أَشْبَهُ فَلَا ضَمَانَ قَالَ: وَيَشْهَدُ لَهُ مَا سَيَذْكُرُهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَشِيشِ (وَيَجُوزُ أَخْذُ أَوْرَاقِهَا) أَيْ الْأَشْجَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ نَقْصًا (بِلَا خَبْطٍ كَيْ لَا يَضُرَّ بِهَا) وَخَبْطُهَا حَرَامٌ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ ثَمَرِهَا وَعُودِ السِّوَاكِ وَنَحْوِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْغُصْنَ اللَّطِيفَ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَنَقَلَ مَا يُؤَيِّدُهُ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ. [فَرْعٌ فِي قَطْعِ أَوْ قَلَعَ الشَّجَرَةِ الْحَرَمِيَّةِ الْكَبِيرَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ] (فَرْعٌ فِي) قَطْعِ أَوْ قَلَعَ (الشَّجَرَةِ) الْحَرَمِيَّةِ (الْكَبِيرَةِ) بِأَنْ تُسَمَّى كَبِيرَةً عُرْفًا (- بَقَرَةٌ) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِتَوْقِيفٍ سَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ أَمْ لَا. قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ بَدَنَةً قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ لَمْ يَسْمَحُوا بِهَا عَنْ الْبَقَرَةِ، وَلَا عَنْ الشَّاةِ انْتَهَى. وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ رَاعَوْا الْمِثْلِيَّةَ فِي الصَّيْدِ بِخِلَافِهَا هُنَا (تَخْيِيرًا وَتَعْدِيلًا) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ وَالتَّعْدِيلِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ (كَالصَّيْدِ وَفِي) الشَّجَرَةِ (الصَّغِيرَةِ مَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ سُبُعِهَا) أَيْ الْكَبِيرَةِ (شَاةٌ) تَخْيِيرًا وَتَعْدِيلًا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ضَبْطِ الصَّغِيرَةِ بِذَلِكَ أَنَّ الْبَقَرَةَ لَا بُدَّ مِنْ إجْزَائِهَا فِي التَّضْحِيَةِ، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ فِي الدِّمَاءِ وَصَرَّحَ بِهِ شَارِحُ التَّعْجِيزِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) وَالتَّصْحِيحِ وَالتَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّوْكَ يَتَنَاوَلُ الْمُؤْذِيَ وَغَيْرَهُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَقَدْ يُقَالُ: الْمُبَاحُ قَطْعُ نَفْسِ الشَّوْكِ وَاَلَّذِي فِي الْحَدِيثِ قَطْعُ نَفْسِ الشَّجَرَةِ وَقَدْ قَالُوا يَجُوزُ قَطْعُ غُصْنِ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ انْتَشَرَ إلَى الطَّرِيقِ وَمَنَعَ الْمُرُورَ وَأَضَرَّ بِالْمَارَّةِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْفُورَانِيُّ، وَلَوْ غَرَسَ فِي الْحِلِّ نَوَاةً إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ قَالَ أَئِمَّتُنَا: إنَّ مَنْ أَدْخَلَ نَوَاةً الْحَرَمَ أَوْ قَضِيبًا حُلِيًّا فَغَرَسَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلِقَ وَبَسَقَ لَمْ يَصِرْ شَجَرَةً حَرَمِيَّةً قَالَ فِي الْبَيَانِ وَذَكَرَ الْمَسْعُودِيُّ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِ شَجَرِ الْحَرَمِ أَوْ نَوَاةً فَغَرَسَهَا فِي مَوْضِعٍ ثَبَتَ لَهَا حُرْمَةُ الْأَصْلِ. [فَرْعٌ أَخَذَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ وَهُوَ مُحْرِم] (قَوْلُهُ فِي قَطْعٍ أَوْ قَلْعٍ إلَخْ) الْمَعْرُوفُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ قَطْعِهَا وَقَلْعِهَا (قَوْلُهُ الشَّجَرَةِ الْكَبِيرَةِ إلَخْ) الْكَبِيرَةُ فِيمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ الَّتِي أَخَذَتْ حَدَّهَا فِي النُّمُوِّ وَالْكِبَرِ وَانْتِشَارِ الْعُرُوقِ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الشَّجَرِ وَالْأَرْضِ وَقَالَ النَّاشِرِيُّ هَلْ الْمُرَادُ صَغِيرَةُ الْجِنْسِ وَكَبِيرَتُهُ وَإِنْ صَغُرَ جِرْمُهَا أَوْ كَبُرَ أَوْ الْمُرَادُ الْجِرْمُ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ قَطَعَ جَمَالُ الدِّينِ بِالْأَوَّلِ وَالْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بِالثَّانِي (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّارِعَ نَظَرَ ثَمَّ إلَى الْمُمَاثَلَةِ فِي الصُّورَةِ فَوَجَبَ الْوُقُوفُ مَعَهَا بِخِلَافِ الشَّجَرِ وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ الْبَقَرَةَ تُجْزِئُ فِي الشَّجَرَةِ الصَّغِيرَةِ فِيمَا يَكَادُ يُقْطَعُ بِهِ، وَلَا شَكَّ فِيهِ لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ بِخِلَافِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ إنَّ الْبَقَرَةَ لَا بُدَّ مِنْ إجْزَائِهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ شَارِحُ التَّعْجِيزِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُمْ فَسَّرُوا الشَّجَرَةَ الصَّغِيرَةَ بِمَا يَقْرُبُ مِنْ سُبُعِ الْكَبِيرَةِ وَالْبَقَرَةَ الْمُقَابَلَةِ بِسَبْعِ شِيَاهٍ هِيَ الَّتِي بَلَغَتْ سِنَّ الْأُضْحِيَّةِ، وَهَلْ الْمُرَادُ صَغِيرَةُ الْجِنْسِ وَكَبِيرَتُهُ وَإِنْ صَغُرَ جِرْمُهَا أَوْ كَبُرَ أَوْ الْمُرَادُ الْجِرْمُ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ قَطَعَ جَمَالُ الدِّينِ بِالْأَوَّلِ وَالْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بِالثَّانِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 وَمَا ذَكَره كَأَصْلِهِ فِي ضَبْطِ الصَّغِيرَةِ خَالَفَ فِيهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ فَاعْتُبِرَ الْعُرْفُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ أَحْسَنُ. ثُمَّ قَالَ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَمَّا جَاوَزَ سُبُعَ الْكَبِيرَةِ، وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدِّ الْكِبَرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ فِيهِ شَاةٌ أَعْظَمُ مِنْ الْوَاجِبَةِ فِي سُبُعِ الْكَبِيرَةِ (وَإِنْ نَقَصَتْ) عَنْ سُبُعِ الْكَبِيرَةِ (فَالْقِيمَةُ) وَاجِبَةٌ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْمَضْمُونَةُ بِشَاةٍ مَا كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْ سُبُعِ الْكَبِيرَةِ فَإِنْ صَغُرَتْ جِدًّا فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ (وَيَحْرُمُ قَطْعُ) وَقَلْعُ (حَشِيشِهِ) أَيْ حَشِيشِ الْحَرَمِ (الْأَخْضَرِ وَقَلْعِ يَابِسِهِ) إنْ لَمْ يَمُتْ وَيَجُوزُ قَطْعُهُ كَمَا فِي الشَّجَرَةِ، فَلَوْ قَلَعَهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْلَعْهُ لَنَبَتَ ثَانِيًا (فَلَوْ أَخْلَفَ مَا قَطَعَهُ) مِنْ الْأَخْضَرِ (فَلَا ضَمَانَ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ هُنَا الْإِخْلَافُ كَسِنِّ غَيْرِ الْمَثْعُورِ، وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ ضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ (وَيَجُوزُ رَعْيُهُ) أَيْ حَشِيشِ الْحَرَمِ بَلْ وَشَجَرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ بِالْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تُسَاقُ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَمَا كَانَتْ تُسَدُّ أَفْوَاهُهَا فِي الْحَرَمِ وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلْت رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ فَوَجَدْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إلَى غَيْرِ جِدَارٍ فَدَخَلْت فِي الصَّفِّ وَأَرْسَلْت الْأَتَانَ تَرْتَعُ وَمِنًى مِنْ الْحَرَمِ (وَكَذَا قَطْعُهُ لِلْبَهَائِمِ وَالتَّدَاوِي) كَالْحَنْظَلِ وَالتَّغَذِّي كَالرِّجْلَةِ وَالْبَقْلَةِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الزَّرْعِ، وَلَا يُقْطَعُ لِذَلِكَ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ، وَلَا يَجُوزُ قَطْعُهُ لِلْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْلِفُ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ كَالطَّعَامِ الَّذِي أُبِيحَ أَكْلُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّا حَيْثُ جَوَّزْنَا أَخْذَ السِّوَاكِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ جَوَازَ أَخْذِهِ لِلدَّوَاءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ حَتَّى يَجُوزَ أَخْذُهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ عِنْدَ وُجُودِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ الْمُتَّجَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ لِلضَّرُورَةِ أَوْ لِلْحَاجَةِ قُيِّدَ بِوُجُودِهَا كَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ (وَالْإِذْخِرُ مُبَاحٌ) أَخْذُهُ لِلتَّسْقِيفِ وَغَيْرِهِ لِاسْتِثْنَائِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ وَخَرَجَ بِالشَّجَرِ وَالْحَشِيشِ الزَّرْعُ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَالْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ وَقَلْعُهُ، وَلَا ضَمَانَ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ فِيهِ: وَإِطْلَاقُ الْحَشِيشِ عَلَى الرَّطْبِ مَجَازٌ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْيَابِسِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِلرَّطْبِ: كَلَأٌ وَعُشْبٌ. (فَرْعٌ نَقْلُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَأَحْجَارِهِ إلَى الْحِلِّ حَرَامٌ) لِحُرْمَتِهِ فَيَجِبُ رَدُّهُ إلَى الْحَرَمِ (لَا مَاءُ زَمْزَمَ) فَلَا يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى الْحِلِّ بَلْ، وَلَا يُكْرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِاسْتِخْلَافِهِ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَهْدَاهُ، وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَعَامَ الْحُدَيْبِيَةِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ؛ وَلِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَنْقُلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ وَكَانَتْ تُخْبِرُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُهُ وَمِنْ هُنَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بِاسْتِحْبَابِ نَقْلِهِ تَبَرُّكًا وَحَكَاهُ عَنْ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ (وَعَكْسُهُ) ، وَهُوَ نَقْلُ تُرَابِ الْحِلِّ وَأَحْجَارِهِ إلَى الْحَرَمِ (مَكْرُوهٌ) كَذَا ذَكَرَهُ كَالرَّوْضَةِ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِئَلَّا يَحْدُثَ لَهَا حُرْمَةٌ لَمْ تَكُنْ، وَلَا يُقَالُ: مَكْرُوهٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ. (وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ وَ) أَخْذُ (سُتُرِهَا) وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُمَا شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ (فَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ) بِهَا فِي طِيبٍ (مَسَحَهَا بِطِيبِ نَفْسِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ، وَلَوْ فَرَّقَ الْإِمَامُ سُتْرَتَهَا جَازَ) تَفْرِيقُهَا (بِالْبَيْعِ وَالْعَطَاءِ وَيَصْرِفُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ الْأَمْرُ فِيهَا إلَى الْإِمَامِ يَصْرِفُهَا فِي بَعْضِ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعًا وَعَطَاءً؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقْسِمُهَا عَلَى الْحَاجِّ قَالَ، وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ لِئَلَّا تَتْلَفَ بِالْبِلَى وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَجَوَّزُوا لِمَنْ أَخَذَهَا لُبْسَهَا، وَلَوْ حَائِضًا وَجُنُبًا وَنَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا وَافَقَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْوَقْفِ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهَا تُبَاعُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا جَمَالٌ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ أَحْوَالًا أَحَدُهَا - أَنْ تُوقَفَ عَلَى الْكَعْبَةِ وَحُكْمُهَا مَا مَرَّ وَخَطَّأَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ الَّذِي مَرَّ مَحَلُّهُ إذَا كَسَاهَا الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَمَّا إذَا وُقِفَتْ فَلَا يَتَعَقَّلُ عَالِمٌ جَوَازَ صَرْفِهَا فِي مَصَالِحِ غَيْرِ الْكَعْبَةِ ثَانِيهَا - أَنْ يُمَلِّكَهَا مَالِكُهَا لِلْكَعْبَةِ فَلِقَيِّمِهَا أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا يَرَاهُ مِنْ تَعْلِيقِهَا عَلَيْهَا أَوْ بَيْعِهَا وَصَرْفِ ثَمَنِهَا إلَى مَصَالِحِهَا ثَالِثُهَا - أَنْ يُوقَفَ شَيْءٌ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ رِيعُهُ وَيُكْسَى بِهِ الْكَعْبَةُ كَمَا فِي عَصْرِنَا فَإِنَّ الْإِمَامَ قَدْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ بِلَادًا قَالَ وَقَدْ تَلَخَّصَ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ شَيْئًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ إعْطَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا كَلَامَ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَقِفْ النَّاظِرُ تِلْكَ الْكِسْوَةَ فَلَهُ بَيْعُهَا وَصَرْفُ ثَمَنِهَا فِي كِسْوَةٍ أُخْرَى، وَإِنْ وَقَفَهَا فَيَأْتِي مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ خَالَفَ فِيهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْغَالِبُ عَدَمُ مُتَابَعَةِ النَّوَوِيِّ فِيمَا يَجْزِمُ بِهِ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، وَلَعَلَّهُ فَعَلَهُ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ (قَوْلُهُ مِمَّنْ يُعْلَفُ بِهِ) أَوْ يُتَدَاوَى بِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِذْخِرُ مُبَاحٌ بِالْإِجْمَاعِ) قَالَ الْغَزِّيِّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ لِيَبِيعَهُ جَازَ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي فَتَاوِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 فِي الْبَيْعِ نَعَمْ بَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ، وَهُوَ الْوَاقِعُ الْيَوْمَ فِي هَذَا الْوَقْفِ، وَهُوَ أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَشْرُطْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَشَرَطَ تَجْدِيدَهَا كُلَّ سَنَةٍ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ بَنِي شَيْبَةَ كَانُوا يَأْخُذُونَهَا كُلَّ سَنَةٍ لَمَّا كَانَتْ تُكْسَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُهَا الْآنَ أَوْ تُبَاعُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا إلَى كِسْوَةٍ أُخْرَى فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ. (فَصْلٌ وَيَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَشَجَرُهَا) الْأَوْلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَنَبَاتُهَا وَالْمُرَادُ حَرَمُهَا وَذَلِكَ كَمَا فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ زَادَ مُسْلِمٌ» ، وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا» وَاللَّابَتَانِ الْحَرَّتَانِ تَثْنِيَةُ لَابَةٍ، وَهِيَ أَرْضٌ تَرْكِيبُهَا حِجَارَةٌ سُودٌ لَابَةٌ شَرْقِيُّ الْمَدِينَةِ، وَلَابَةٌ غَرْبِيُّهَا فَحَرَمُهَا مَا بَيْنَهُمَا عَرْضًا وَمَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا طُولًا، وَهُمَا عَيْرٌ وَثَوْرٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ إلَى ثَوْرٍ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ذِكْرَ ثَوْرٍ هُنَا، وَهُوَ بِمَكَّةَ غَلَطٌ مِنْ الرُّوَاةِ وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ أُحُدٌ، وَرُدَّ بِأَنَّ وَرَاءَهُ جَبَلًا صَغِيرًا يُقَالُ لَهُ: ثَوْرٌ فَأُحُدٌ مِنْ الْحَرَمِ (وَلَا ضَمَانَ فِيهِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الصَّيْدِ وَالنَّبَاتِ؛ لِأَنَّ حَرَمَ الْمَدِينَةِ لَيْسَ مَحَلًّا لِلنُّسُكِ بِخِلَافِ حَرَمِ مَكَّةَ (وَكَذَا وَجُّ الطَّائِفِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَادٍ بِصَحْرَاءِ الطَّائِفِ أَيْ يَحْرُمُ صَيْدُهُ وَنَبَاتُهُ، وَلَا ضَمَانَ فِيهِ أَمَّا عَدَمُ الضَّمَانِ فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْحُرْمَةُ فَلِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَلَا إنَّ صَيْدَ وَجٍّ وَعِضَاهَهُ يَعْنِي شَجَرَهُ حَرَامٌ مُحَرَّمٌ» لَكِنَّ إسْنَادَهُ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَذِكْرُ شَجَرِ وَجٍّ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ. (فَصْلٌ. النَّقِيعُ) بِالنُّونِ وَقِيلَ: بِالْبَاءِ لَيْسَ بِحَرَمٍ بَلْ (حِمًى) حَمَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَنَعَمِ الْجِزْيَةِ فَلَا يُمْلَكُ شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِهِ، وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُهُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِنَعَمِ الصَّدَقَةِ كَانَ أَوْلَى (فَلَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ شَجَرَهُ أَوْ حَشِيشَهُ لَا صَيْدَهُ ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ بِخِلَافِ الصَّيْدِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا يُخْبَطُ، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُ حِمَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ يُهَشُّ هَشًّا رَفِيقًا» وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ حِمَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّ نَاحِيَةٍ مِنْ الْمَدِينَةِ بَرِيدًا بَرِيدًا لَا يُخْبَطُ شَجَرُهُ، وَلَا يُعْضَدُ إلَّا مَا يُسَاقُ بِهِ الْجَمَلُ وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ ذَلِكَ (بِالْقِيمَةِ) كَسَائِرِ الْمُتَقَوِّمَاتِ وَيَصْرِفُهَا (لِبَيْتِ الْمَالِ) هَذَا بَحَثَهُ النَّوَوِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ كَالرَّافِعِيِّ وَمَصْرِفُهَا مَصْرِفُ نَعَمِ الْجِزْيَةِ وَالصَّدَقَةِ. [فَصْلُ الْمَحْظُورَاتِ بِالْإِحْرَامِ] (فَصْلُ الْمَحْظُورَاتِ) بِالْإِحْرَامِ (تَنْقَسِمُ إلَى اسْتِهْلَاكٍ كَالْحَلْقِ وَ) إلَى (اسْتِمْتَاعٍ كَالطِّيبِ) الْأَوْلَى كَالتَّطَيُّبِ (وَهُمَا أَنْوَاعٌ) حَلْقٌ وَقَلْمٌ وَإِتْلَافُ صَيْدٍ أَوْ نَحْوِهِ وَتَطَيُّبٌ وَلُبْسٌ وَدَهْنٌ وَجِمَاعٌ وَنَحْوُهُ فَهُنَّ سَبْعَةٌ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ نَوْعٌ وَاحِدٌ وَثَمَانِيَةٌ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمَا الْآتِي مِنْ أَنَّهُمَا نَوْعَانِ (وَلَا تَتَدَاخَلُ) الْمَحْظُورَاتُ بِتَدَاخُلِ الْفِدْيَةِ أَيْ بِاتِّحَادِهَا (إلَّا إنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ) كَتَطَيُّبِهِ وَلُبْسِهِ بِأَصْنَافٍ أَوْ بِصِنْفٍ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ حَلْقِهِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَذَقَنِهِ وَبَدَنِهِ (وَ) اتَّحَدَ (الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ) عَادَةً (وَلَمْ يَتَخَلَّلْ) بَيْنَهُمَا (تَكْفِيرٌ، وَلَمْ تَكُنْ مِمَّا تُقَابَلُ بِمِثْلٍ) أَوْ نَحْوِهِ فَتَتَّحِدُ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ حِينَئِذٍ خَصْلَةً وَاحِدَةً نَعَمْ لَوْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ بِجِمَاعٍ، ثُمَّ جَامَعَ ثَانِيًا فَلَا اتِّحَادَ لِاخْتِلَافِ الْمُوجِبِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَلَا يَقْدَحُ فِي اتِّحَادِ الزَّمَانِ طُولُهُ فِي تَكْوِيرِ الْعِمَامَةِ وَلُبْسِ ثِيَابٍ كَثِيرَةٍ كَالرَّضْعَةِ فِي الرَّضَاعِ وَالْأَكْلَةِ فِي الْيَمِينِ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ الْإِسْنَوِيِّ بِقَوْلِهِ: لَوْ لَبِسَ ثَوْبًا فَوْقَ آخَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ لِلثَّانِي فِدْيَةٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّمَانُ. (فَإِنْ) اخْتَلَفَ النَّوْعُ كَأَنْ (حَلَقَ وَقَلَّمَ أَوْ تَطَيَّبَ، وَلَبِسَ تَعَدَّدَتْ) أَيْ الْفِدْيَةُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ، وَلَمْ يَتَخَلَّلْ تَكْفِيرٌ أَمْ لَا؛ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ (لَا إنْ لَبِسَ ثَوْبًا مُطَيَّبًا أَوْ طَلَى رَأْسَهُ بِطِيبٍ) أَوْ بَاشَرَ بِشَهْوَةٍ عِنْدَ الْجِمَاعِ فَلَا تَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ (لِاتِّحَادِ الْفِعْلِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ مَكَانُ الْحَلْقَيْنِ أَوْ اللُّبْسَيْنِ أَوْ التَّطَيُّبَيْنِ أَوْ) اخْتَلَفَ (زَمَانُهُمَا تَعَدَّدَتْ) عَلَى الْأَصْلِ فِي ارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ (وَتَتَعَدَّدُ أَيْضًا بِتَخَلُّلِ التَّكْفِيرِ) كَالْحُدُودِ (وَلَا يَتَدَاخَلُ الصَّيْدُ وَنَحْوُهُ) كَالشَّجَرَةِ مَعَ مِثْلِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا (وَإِنْ اتَّحَدَ نَوْعُهُ) وَالْمَكَانُ وَالزَّمَانُ، وَلَمْ يَتَخَلَّلْ تَكْفِيرٌ كَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَجَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَقَ إلَى هُنَا تَصْرِيحٌ بِمَا شَمَلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ قَبْلَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ كَسَرَ بَيْضَةَ نَعَامٍ وَفِيهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ نَقْلُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَأَحْجَارِهِ إلَى الْحِلِّ] قَوْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ بَنِي شَيْبَةَ كَانُوا يَأْخُذُونَهَا إلَخْ) فَيُنَزَّلُ لَفْظُ الْوَاقِفِ عَلَيْهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا يُعَارِضُهُ الْمَنْقُولُ الْمُتَقَدِّمُ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُهَا الْآنَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ وَيَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَشَجَرُهَا] (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ» ) أَيْ أَظْهَرَ تَحْرِيمَهَا بَعْدَ أَنْ هُجِرَ لَا أَنَّهُ ابْتَدَأَهُ [فَصْلٌ النَّقِيعُ لَا يُمْلَكُ شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِهِ وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُهُ] (قَوْلُهُ وَالزَّمَانُ) الْمُرَادُ بِاتِّحَادِ الزَّمَانِ وُقُوعُ الْفِعْلِ عَلَى الْوَلَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 فَرْخٌ وَمَاتَ لَزِمَهُ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ، وَلَا يَجِبُ لِكَسْرِ الْبَيْضَةِ شَيْءٌ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ يَدْخُلُ ضِمْنًا فِي فِدْيَةِ الْفَرْخِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُ مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ الصَّيْدَ وَنَحْوَهُ لَا تَدَاخُلَ فِيهِمَا، وَلَا أَثَرَ لِاتِّحَادِ الْفِعْلِ فِيهِمَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا إلَى صَيْدٍ فَنَفَذَ مِنْهُ إلَى آخَرَ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ تَتَعَدَّدُ (وَالطِّيبُ كُلُّهُ نَوْعٌ وَكَذَا اللِّبَاسُ) ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمَذْكُورَاتِ (وَإِنْ نَوَى بِالْكَفَّارَةِ بَيْنَ) كُلٍّ مِنْ (الْحَلْقَيْنِ وَاللُّبْسَيْنِ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلَ فَفِي إجْزَائِهَا) عَنْ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ إذَا اتَّحَدَ الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ (وَجْهَانِ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ الْمَحْظُورِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ أَحَدُهُمَا تُجْزِئُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ لِلثَّانِي شَيْءٌ وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلصَّائِمِ أَنْ يُكَفِّرَ قَبْلَ الْجِمَاعِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ. (بَابُ مَوَانِعِ إتْمَامِ الْحَجِّ) بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ (وَهِيَ سِتَّةٌ: الْأَوَّلُ الْإِحْصَارُ) الْعَامُّ أَيْ مَنْعُ الْمُحْرِمِينَ عَنْ الْمُضِيِّ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ يُقَالُ: أَحْصَرَهُ وَحَصَرَهُ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُمَا الْمُصَنِّفُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَشْهَرُ فِي حَصْرِ الْمَرَضِ وَالثَّانِي أَشْهَرُ فِي حَصْرِ الْعَدُوِّ (فَإِنْ مُنِعُوا مِنْ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ (أَوْ الْبَيْتِ) أَيْ الطَّوَافِ بِهِ (كَالْمُعْتَمِرِ) الْمَمْنُوعِ مِنْهُ فَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ ذَلِكَ (إلَّا بِقِتَالٍ أَوْ) بَذْلِ (مَالٍ فَلَهُمْ) بَعْدَ إتْيَانِهِمْ بِمَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ (التَّحَلُّلُ) ، وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (وَلَوْ مُنِعُوا الرُّجُوعَ أَيْضًا) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَانِعُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] أَيْ وَأَرَدْتُمْ التَّحَلُّلَ {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] أَيْ فَعَلَيْكُمْ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَحَلَّلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ لَمَّا صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ وَكَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ فَنَحَرَ، ثُمَّ حَلَقَ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ أَمَّا إذَا تَمَكَّنُوا بِغَيْرِ قِتَالٍ أَوْ بَذْلِ مَالٍ فَلَا يَتَحَلَّلُونَ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ مِنْهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ بَذْلُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَلَّ إذْ لَا يَجِبُ احْتِمَالُ الظُّلْمِ فِي أَدَاءِ النُّسُكِ (وَيُكْرَهُ بَذْلُ مَالٍ لِلْكُفَّارِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّغَارِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَلَا يَحْرُمُ كَمَا لَا تَحْرُمُ الْهِبَةُ لَهُمْ أَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَا يُكْرَهُ بَذْلُهُ لَهُمْ. (وَالْأَوْلَى قِتَالُهُمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (عِنْدَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِ لِيَجْمَعُوا بَيْنَ الْجِهَادِ، وَنُصْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَإِتْمَامِ النُّسُكِ فَإِنْ عَجَزُوا عَنْ قِتَالِهِمْ أَوْ كَانَ الْمَانِعُونَ مُسْلِمِينَ فَالْأَوْلَى لَهُمْ أَنْ يَتَحَلَّلُوا وَيَتَحَرَّزُوا عَنْ الْقِتَالِ تَحَرُّزًا عَنْ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ (وَيَلْبَسُ) الْمُحْصَرُ جَوَازًا إنْ أَرَادَ الْقِتَالَ (الدِّرْعَ وَنَحْوَهُ) مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ كَالْمِغْفَرِ (وَيَفْدِي) وُجُوبًا كَمَا لَوْ لَبِسَ الْمُحْرِمُ مَخِيطًا لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ (وَالتَّحَلُّلُ) أَيْ تَعْجِيلُهُ (إنْ خَشِيَ) مِنْ تَرْكِهِ (الْفَوَاتَ) لِلنُّسُكِ (أَوْلَى إلَّا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ) فَالْأَوْلَى لَهُمْ الصَّبْرُ لِاحْتِمَالِ زَوَالِ الْمَنْعِ وَإِتْمَامِ النُّسُكِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مَعَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَوْ كَانَ فِي الْحَجِّ وَتَيَقَّنَ زَوَالَ الْحَصْرِ فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ إدْرَاكُ الْحَجِّ بَعْدَهَا أَوْ فِي الْعُمْرَةِ وَتَيَقَّنَ قُرْبَ زَوَالِهِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ امْتَنَعَ تَحَلُّلُهُ وَخَرَجَ بِالْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ الْمَتْبُوعُ بِالسَّعْيِ مَا لَوْ مُنِعَ مِنْ الرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ وَيُجْزِئُهُ عَنْ نُسُكِهِ، وَالرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ يُجْبَرَانِ بِالدَّمِ (فَصْلٌ، وَلَا يَتَحَلَّلُ) الْمُحْرِمُ (لِمَرَضٍ وَفَقْدِ نَفَقَةٍ وَضَلَالٍ) لِطَرِيقٍ (وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأَعْذَارِ كَالْخَطَأِ فِي الْعَدَدِ؛ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ لَا يُفِيدُ زَوَالَ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَزُولَ عُذْرُهُ فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ أَتَمَّهَا أَوْ بِحَجٍّ وَفَاتَهُ تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ (إلَّا إذَا شَرَطَهُ) أَيْ شَرَطَ التَّحَلُّلَ بِهِ وَقْتَ الْإِحْرَامِ فَلَهُ التَّحَلُّلُ بِهِ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الصَّوْمِ فِيمَا لَوْ نَذَرَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ بِعُذْرٍ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا: أَرَدْت الْحَجَّ قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا أَجِدُنِي إلَّا وَجِعَةً فَقَالَ حُجِّي وَاشْتَرِطِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُ مَا قَالَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [بَابُ مَوَانِعِ إتْمَامِ الْحَجِّ] (بَابُ مَوَانِعِ إتْمَامِ الْحَجِّ) (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَشْهَرُ إلَخْ) كَذَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ وَرَدَّهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ إنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْإِحْصَارَ الْمَنْعُ مِنْ الْمَقْصُودِ سَوَاءٌ أَمَنَعَهُ مَرَضٌ أَمْ عَدُوٌّ أَمْ حَبْسٌ وَالْحَصْرُ التَّضْيِيقُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مَنْعِ الْعَدُوِّ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَدْ عَبَّرَ فِيهَا بِالْإِحْصَارِ (قَوْلُهُ إلَّا بِقِتَالٍ أَوْ بَذْلِ مَالٍ فَلَهُمْ التَّحَلُّلُ) اسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ الْإِحْرَامَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ إذَا لَمْ تَقُمْ بِهِ طَائِفَةٌ قَبْلَهُمْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ قَالَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ قِتَالُهُمْ كَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَجِبُ قِتَالُهُ هُوَ تَارِكُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَمَّا الْمَانِعُ مِنْ إقَامَتِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَنْعُهُ عُذْرًا فِي الْوُجُوبِ إذَا احْتَاجَ لِقِتَالٍ فَإِنَّ بَعْضَ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ تَسْقُطُ بِالْأَعْذَارِ فَكَيْفَ بِفُرُوضِ الْكِفَايَاتِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لَهُ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ مُنِعُوا الرُّجُوعَ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْتَفِيدُونَ بِهِ الْأَمْنَ مِنْ الْعَدُوِّ وَاَلَّذِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيلِ يَقْتَضِي تَقْيِيدَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَانِعُونَ فِرَقًا مُتَمَيِّزَةً لَا تُعَضِّدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَ الْمَانِعُونَ لِجَمِيعِ الْجَوَانِبِ فِرْقَةً وَاحِدَةً لَمْ يَجُزْ لَهُمْ التَّحَلُّلُ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ) ؛ وَلِأَنَّ فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالْأَعْمَالِ مَشَاقَّ وَحَرَجًا وَقَدْ رَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنَّا (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا تَمَكَّنُوا بِغَيْرِ قِتَالٍ إلَخْ) كَأَنْ كَانَ لَهُمْ طَرِيقٌ آخَرُ يُمْكِنُ سُلُوكُهُ وَوَجَدُوا شُرُوطَ الِاسْتِطَاعَةِ فِيهِ (فَرْعٌ) لَوْ تَحَلَّلَ فَزَالَ الْحَصْرُ فَأَحْرَمَ ثَانِيًا فَفَاتَهُ فَهَلْ يَقْضِي قَوْلَانِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّغَارِ) قَالَ شَيْخُنَا الصَّغَارُ إنَّمَا يَحْرُمُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ بَدَلُ إلَّا لَا (قَوْلُهُ وَتَيَقَّنَ زَوَالَ الْحَصْرِ) الْمُرَادُ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْغَالِبُ، وَلَوْ أَمَّنَهُمْ الصَّادِرُونَ وَوَثِقُوا بِقَوْلِهِمْ فَلَا تَحَلُّلَ (قَوْلُهُ وَالرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ يُجْبَرَانِ بِالدَّمِ) قَالَ شَيْخُنَا عَلِيٌّ: إنَّ الْمَبِيتَ يَسْقُطُ مَعَ الْعُذْرِ [فَصْلٌ وَلَا يَتَحَلَّلُ الْمُحْرِمُ لِمَرَضٍ وَفَقْدِ نَفَقَةٍ وَضَلَالٍ لِطَرِيقٍ] (قَوْلُهُ لَزِمَهُ دَمُ شَاةٍ) وَيَقُومُ مَقَامَهَا بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ سُبُعُ أَحَدِهِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 وَقُولِي اللَّهُمَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» وَقِيسَ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ، وَالِاحْتِيَاطُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ (فَإِذَا شَرَطَهُ بِلَا هَدْيٍ لَمْ يَلْزَمْهُ) هَدْيٌ عَمَلًا بِشَرْطِهِ (وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ) لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَالظَّاهِرُ خَبَرُ ضُبَاعَةَ فَالتَّحَلُّلُ فِيهِمَا يَكُونُ بِالنِّيَّةِ وَالْحَلْقِ فَقَطْ فَإِنْ شَرَطَهُ بِهَدْيٍ لَزِمَهُ عَمَلًا بِشَرْطِهِ (وَلَوْ قَالَ: إنْ مَرِضْت فَأَنَا حَلَالٌ فَمَرِضَ صَارَ حَلَالًا بِالْمَرَضِ) مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَعَلَيْهِ حَمَلُوا خَبَرَ أَبِي دَاوُد وَغَيْرَهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» . (وَإِنْ شَرَطَ قَلْبَهُ) أَيْ حَجِّهِ (عُمْرَةً بِالْمَرَضِ) أَوْ نَحْوِهِ (جَازَ) كَمَا لَوْ شَرَطَ التَّحَلُّلَ بِهِ بَلْ أَوْلَى لِقَوْلِ عُمَرَ لِأَبِي أُمَيَّةَ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ حُجَّ وَاشْتَرِطْ وَقُلْ اللَّهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْت، وَلَهُ عَمَدْت فَإِنْ تَيَسَّرَ، وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ لِعُرْوَةِ: هَلْ تُسْتَثْنَى إذَا حَجَجْت؟ فَقَالَ: مَاذَا أَقُولُ قَالَتْ: قُلْ اللَّهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْتُ، وَلَهُ عَمَدْتُ فَإِنْ يَسَّرْتَهُ فَهُوَ الْحَجُّ، وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَهُوَ عُمْرَةٌ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فَلَهُ فِي ذَلِكَ إذَا وَجَدَ الْعُذْرَ أَنْ يَقْلِبَ حَجَّهُ عُمْرَةً وَيُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَنْقَلِبَ حَجُّهُ عُمْرَةً عِنْدَ الْعُذْرِ فَوُجِدَ الْعُذْرُ انْقَلَبَ حَجُّهُ عُمْرَةً وَأَجْزَأَتْهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِ عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ لَا تُجْزِئُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عُمْرَةً وَإِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُ عُمْرَةٍ. [فَصْلٌ أَرَادَ التَّحَلُّلَ مِنْ النُّسُكِ لِلْإِحْصَارِ] (فَصْلٌ مَنْ تَحَلَّلَ) أَيْ أَرَادَ التَّحَلُّلَ أَيْ الْخُرُوجَ مِنْ النُّسُكِ (لِلْإِحْصَارِ، وَلَوْ مَعَ الشَّرْطِ) أَيْ شَرْطِهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ إذَا أُحْصِرَ، وَلَوْ شَرَطَهُ بِلَا هَدْيٍ فِيمَا يَظْهَرُ (لَزِمَهُ دَمٌ يَذْبَحُهُ) لِلْآيَةِ وَالْخَبَرِ السَّابِقَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ شَرْطُهُ التَّحَلُّلَ بِالْإِحْصَارِ فِي إسْقَاطِ الدَّمِ كَمَا أَثَّرَ فِيهِ شَرْطُهُ التَّحَلُّلَ بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ بِالْإِحْصَارِ جَائِزٌ بِلَا شَرْطٍ فَشَرْطُهُ لَاغٍ (نَاوِيًا) عِنْدَ ذَبْحِهِ (لِلتَّحَلُّلِ) كَمَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ الصَّوْمِ لِعُذْرٍ وَلِاحْتِمَالِهِ لِغَيْرِ التَّحَلُّلِ (ثُمَّ) بَعْدَ الذَّبْحِ (يَحْلِقُ) بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وَبُلُوغُهُ مَحِلَّهُ نَحْرُهُ وَاعْتِبَارُ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ عَنْ الذَّبْحِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا اعْتَبَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (فَيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ) بَعْدَهُ (مَعَ النِّيَّةِ) إنْ وَجَدَ دَمًا (أَوْ بِالنِّيَّةِ مَعَ الْحَلْقِ إنْ لَمْ يَجِدْ دَمًا، وَلَا طَعَامًا) لِإِعْسَارِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ عَدِمَ الدَّمَ فَبَدَلُهُ الْإِطْعَامُ) بِقِيمَةِ الدَّمِ. (ثُمَّ الصَّوْمُ) بِأَنْ يَصُومَ (لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) كَمَا فِي الدَّمِ الْوَاجِبِ بِالْإِفْسَادِ وَقُدِّمَ الْإِطْعَامُ عَلَى الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْحَيَوَانِ مِنْهُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَالِيَّةِ (فَيُذْبَحُ) الدَّمُ (وَيُفَرَّقُ) لَحْمُهُ (وَيُطْعِمُ) الطَّعَامَ إنْ لَمْ يَجِدْ الدَّمَ (حَيْثُ أُحْصِرَ) فِي الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ فِي الْحِلِّ (مَعَ مَا لَزِمَهُ مِنْ الدِّمَاءِ) بِنَذْرٍ أَوْ بِسَبَبِ مَحْظُورٍ ارْتَكَبَهُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ (وَلَوْ أَمْكَنَهُ) وَقَدْ أُحْصِرَ بِالْحِلِّ (وُصُولُ طَرَفِ الْحَرَمِ) فَإِنَّهُ يَذْبَحُ وَيُفَرِّقُ وَيُطْعِمُ حَيْثُ أُحْصِرَ، وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْثُ ذَلِكَ إلَى الْحَرَمِ «فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَبَحَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ» نَعَمْ الْأَوْلَى بَعْثُهُ، وَلَا يَجُوزُ الذَّبْحُ بِمَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ غَيْرَ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْإِحْصَارِ صَارَ فِي حَقِّهِ كَنَفْسِ الْحَرَمِ أَمَّا مَنْ أُحْصِرَ فِي أَطْرَافِ الْحَرَمِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْحِلِّ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ الذَّبْحِ فِي الْحِلِّ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ وَقَالَ إنَّ مُقَابِلَهُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَحَكَاهُ عَنْ جَمِيعِ الْبَصْرِيِّينَ وَأَنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ حَكَاهُ فِي جَامِعِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ نَصًّا وَنَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْأُمِّ نَصًّا صَرِيحًا فَهُوَ الرَّاجِحُ. اهـ. ، ثُمَّ حَكَى النَّصَّ الْمَحْكِيَّ، وَعِبَارَتَهُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ بِمَكَّةَ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ ذَبَحَ حَيْثُ يَقْدِرُ، وَلَيْسَ فِيهِ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ مُطْلَقُ الْحَرَمِ، وَإِنَّمَا فِيهِ بِمَكَّةَ خَاصَّةً وَمَتَى قَدَرَ عَلَيْهَا لَزِمَ الدُّخُولُ إلَيْهَا وَالتَّحَلُّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ كَمَا مَرَّ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنَافِي مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ (وَيَصُومُ حَيْثُ شَاءَ) لِمَا يَأْتِي فِي بَابِ الدِّمَاءِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا ذَكَرَهُ ثَمَّ، فَفِي ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُ هُنَا وَثَمَّ تَكْرَارٌ (، وَيَتَوَقَّفُ تَحَلُّلُهُ عَلَى الْإِطْعَامِ) كَتَوَقُّفِهِ عَلَى الذَّبْحِ (لَا) عَلَى (الصَّوْمِ) ؛ لِأَنَّهُ يَطُولُ زَمَنُهُ فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْإِحْرَامِ إلَى فَرَاغِهِ وَقِيلَ: يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ فِي تَحَلُّلِ الْعَبْدِ. الْمَانِعُ (الثَّانِي الْحَصْرُ الْخَاصُّ فَإِذَا حُبِسَ ظُلْمًا أَوْ بِدَيْنٍ، وَهُوَ مُعْسِرٌ) بِهِ (تَحَلَّلَ) جَوَازًا كَمَا فِي الْحَصْرِ الْعَامِّ؛ لِأَنَّ مَشَقَّةَ كُلِّ أَحَدٍ لَا تَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَتَحَمَّلَ غَيْرُهُ مِثْلَهَا وَأَنْ لَا يَتَحَمَّلَ (وَإِلَّا) بِأَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ كَأَنْ حُبِسَ بِدَيْنٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَائِهِ (فَلَا) يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ وَيَمْضِيَ فِي نُسُكِهِ، فَلَوْ تَحَلَّلَ لَمْ يَصِحَّ تَحَلُّلُهُ (فَإِنْ فَاتَهُ) الْحَجُّ فِي الْحَبْسِ (لَمْ يَتَحَلَّلْ إلَّا بِالْعُمْرَةِ) أَيْ بِعَمَلِهَا بَعْدَ إتْيَانِهِ مَكَّةَ كَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِلَا إحْصَارٍ الْمَانِعُ (الثَّالِثُ - الرِّقُّ فَإِذَا أَحْرَمَ عَبْدُهُ) وَفِي مَعْنَاهُ أَمَتُهُ (بِإِذْنِهِ لَمْ يُحَلِّلْهُ) ، وَإِنْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ عَقَدَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَلَمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَاعْتِبَارُ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ إلَخْ) وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ مَعَ النِّيَّةِ) وَيُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهَا لِلذَّبْحِ وَالْحَلْقِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَإِنْ عَدِمَ الدَّمَ حِسًّا أَوْ شَرْعًا) كَأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ أَوْ إلَى ثَمَنِهِ أَوْ وَجَدَهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْإِحْصَارِ صَارَ فِي حَقِّهِ إلَخْ) ، وَهُوَ نَظِيرُ مَنْعِ الْمُتَنَفِّلِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مِنْ التَّحَوُّلِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ فَإِذَا حُبِسَ ظُلْمًا إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ فِي الذَّخَائِرِ بِأَنَّهُ إنْ حُبِسَ تَعَدِّيًا لَمْ يَسْتَفِدْ بِالتَّحَلُّلِ الْخَلَاصَ مِمَّا هُوَ فِيهِ كَالْمَرِيضِ، وَلُحُوقُ الْمَشَقَّةِ بِالْبَقَاءِ عَلَى الْإِحْرَامِ غَيْرُ مُفِيدٍ إذْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَرِيضِ بَلْ هُوَ حَالَ الْمَرَضِ آكَدُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّحَلُّلِ بِالْحَبْسِ. اهـ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَرَضَ لَا يَمْنَعُ الْإِتْمَامَ بِخِلَافِ الْحَبْسِ. (قَوْلُهُ فَإِذَا أَحْرَمَ عَبْدُهُ بِإِذْنِهِ) أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْمُضِيِّ فِيهِ، وَلَوْ أَفْسَدَهُ بِجِمَاعٍ لَزِمَ السَّيِّدَ تَخْلِيَتُهُ لِلْقَضَاءِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَجَعَلَ ابْنُ كَجٍّ مَحَلُّهُمَا فِي سَيِّدٍ مَنْزِلُهُ بِالْحَرَمِ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهُ وَقَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 يَمْلِكُ إخْرَاجَهُ مِنْهُ كَالنِّكَاحِ، وَلَا لِمُشْتَرِيهِ ذَلِكَ (وَ) لَكِنْ (لِمُشْتَرِيهِ الْفَسْخُ) لِلْبَيْعِ (إنْ جَهِلَ) إحْرَامَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ (أَوْ) أَحْرَمَ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) ، وَهُوَ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ إذْ لَا نُسُكَ عَلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ لِسَيِّدِهِ (وَلِمُشْتَرِيهِ تَحْلِيلُهُ) ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يُرِيدَانِ مِنْهُ مَا لَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ كَالِاصْطِيَادِ وَإِصْلَاحِ الطِّيبِ وَقُرْبَانِ الْأَمَةِ وَفِي مَنْعِهِمَا مِنْ ذَلِكَ إضْرَارٌ بِهِمَا لَكِنَّ الْأَوْلَى لَهُمَا أَنْ يَأْذَنَا لَهُ فِي إتْمَامِ نُسُكِهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي السَّيِّدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ حَرْبِيٌّ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، ثُمَّ غَنِمْنَاهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا تَحْلِيلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَالِغِ وَأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ صَحَّحْنَا إحْرَامَ الصَّغِيرِ الْحُرِّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ (وَلِنَفْسِهِ) أَيْ الْعَبْدِ أَنْ يَتَحَلَّلَ قِيلَ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ فِي الزَّوْجَةِ قُلْت: قِيَاسُهُ عَلَى الزَّوْجَةِ مَمْنُوعٌ، وَإِلَّا وُجِّهَ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ سَيِّدُهُ بَلْ إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَزِمَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَعِبَارَةُ الْقَمُولِيِّ، وَحَيْثُ جَازَ لِلسَّيِّدِ تَحْلِيلُهُ جَازَ لِلْعَبْدِ التَّحَلُّلُ وَيَجِبُ إذَا أَمَرَهُ بِهِ. اهـ. وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبًا لِكَوْنِهِ تَلَبَّسَ بِعِبَادَةٍ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ جَوَازِ رِضَا السَّيِّدِ بِدَوَامِهِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ التَّحَلُّلَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (وَلَوْ مُكَاتَبًا، وَكَذَا لِسَيِّدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ أَنْ يُحَلِّلَهُ (إنْ احْتَاجَ) فِي تَأْدِيَةِ نُسُكِهِ (إلَى سَفَرٍ) هَذَا التَّقْيِيدُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ فِي الْإِحْرَامِ (وَرَجَعَ) عَنْ إذْنِهِ (قَبْلَ إحْرَامِهِ حَلَّلَهُ) جَوَازًا إذَا أَحْرَمَ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِرُجُوعِهِ) كَمَا لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلُ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْعُمْرَةِ فَحَجَّ) أَيْ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ (حَلَّلَهُ) جَوَازًا؛ لِأَنَّهُ فَوْقَهَا (لَا عَكْسَهُ) بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَجِّ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهَا دُونَهُ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَمَا لَوْ رَجَعَ فِي الْإِذْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ، وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ (فَإِنْ قَرَنَ) بَعْدَ إذْنِهِ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ أَوْ فِي الْحَجِّ أَوْ فِي الْإِفْرَادِ (لَمْ يُحَلِّلْهُ) ؛ لِأَنَّ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ مُسَاوٍ لِلْقِرَانِ أَوْ فَوْقَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي صُورَةِ التَّمَتُّعِ تَابَعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ شَيْخُهُ الْقَاضِي وَابْنُ كَجٍّ أَنَّ لَهُ تَحْلِيلَهُ قَالَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ أَوَّلًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُجَّ أَوَّلًا وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: لِأَنَّهُ يَقُولُ كَانَ غَرَضِي مِنْ التَّمَتُّعِ أَنِّي كُنْت أَمْنَعُك مِنْ الدُّخُولِ فِي الْحَجِّ اهـ. وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ وَمَا قَالَاهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ اسْتِعْمَالَ الْعَبْدِ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ فِيمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ كَالِاصْطِيَادِ (أَوْ) أَذِنَ لَهُ (بِالْإِحْرَامِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ فَأَحْرَمَ فِي شَوَّالٍ حَلَّلَهُ) جَوَازًا (مَا لَمْ يَدْخُلْ ذُو الْقِعْدَةِ فَإِنْ أَفْسَدَهُ) الْعَبْدُ بِالْجِمَاعِ (لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ الْإِذْنُ فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْإِفْسَادِ (وَمَا لَزِمَهُ مِنْ دَمٍ) بِفِعْلِ مَحْظُورٍ كَاللِّبَاسِ أَوْ بِالْفَوَاتِ (لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ) ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ (بَلْ لَا يُجْزِئُهُ إذَا ذَبَحَ عَنْهُ) إذْ لَا ذَبْحَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، وَإِنْ مَلَكَهُ سَيِّدُهُ (وَوَاجِبُهُ الصَّوْمُ، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ) إنْ كَانَ يَضْعُفُ بِهِ عَنْ الْخِدْمَةِ أَوْ يَنَالُهُ بِهِ ضَرَرٌ (وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي مُوجِبِهِ (لَا إنْ وَجَبَ) الصَّوْمُ (بِتَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ إنْ أَذِنَ) لَهُ (فِيهِ) فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ لِإِذْنِهِ فِي مُوجِبِهِ (وَإِنْ ذَبَحَ عَنْهُ السَّيِّدُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي دَعْوَى الْمُشْتَرِي جَهْلَهُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ هَذَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَخْ) يَصْدُقُ السَّيِّدُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ، وَفِي تَصْدِيقِهِ فِي تَقْدِيمِ رُجُوعِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ تَرَدُّدٌ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي إحْرَامٍ مُطْلَقٍ فَفَعَلَ وَأَرَادَ صَرْفَهُ لِنُسُكٍ وَالسَّيِّدُ لِغَيْرِهِ فَمَنْ يُجَابُ؟ وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُهُمَا فِي الْأَوْلَى قَوْلُ الْعَبْدِ لَا السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ وَيَأْتِي فِي ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فِي الرَّجْعَةِ مِنْ نَظِيرِهِ وَأَوْجَهُهُمَا فِي الثَّانِيَةِ إجَابَةُ السَّيِّدِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ كَانَ لَهُ تَحْلِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَنْفَعَتِهِ فَلَوْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ اُعْتُبِرَ إذْنُ النَّاظِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْحَاكِمُ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ وَالْمُؤَجَّرُ عَيْنُهُ فِي إحْرَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا إذْنُ مَالِكِ مَنْفَعَتِهِ. (قَوْلُهُ وَلِمُشْتَرِيهِ تَحْلِيلُهُ) وَإِنْ جَهِلَ إحْرَامَهُ، ثُمَّ عَلِمَهُ أَجَازَ الْبَيْعَ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُؤَجَّرًا أَوْ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ فَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِأَنَّ الْحُكْمَ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ مَالِكِ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ صَحَّحْنَا إحْرَامَ الصَّغِيرِ الْحُرِّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ) قَالَ شَيْخُنَا مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ صِحَّةِ إحْرَامِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِذَا لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إلَخْ) الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ إذَا جَازَ لِلسَّيِّدِ التَّحْلِيلُ جَازَ لِلْعَبْدِ التَّحْلِيلُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ سَيِّدُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ إنَّمَا هُوَ الْجَوَازُ عِنْدَ أَمْرِ السَّيِّدِ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِمِثْلِهِ فِي الزَّوْجَةِ، وَهُوَ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ، وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا هُنَا تَعْلِيلًا يُرْشِدُ إلَى الْمَقْصُودِ فَإِنَّهُ قَالَ عَقِبَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُوهِمَةِ: إنَّ الْمُحْصَرَ بِغَيْرِ حَقٍّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ فَالْمُحْصَرُ بِحَقٍّ أَوْلَى فَحَذَفَ النَّوَوِيُّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ. (قَوْلُهُ هَذَا التَّقْيِيدُ مِنْ زِيَادَتِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ قِيلَ فِي جَوَازِ تَحْلِيلِهِ قَوْلَانِ كَمَنْعِهِ سَفَرَ التِّجَارَةِ وَقِيلَ: لَهُ تَحْلِيلُهُ قَطْعًا؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ مَنْفَعَةً فِي سَفَرِ التِّجَارَةِ انْتَهَى قَالَ الْفَتِيُّ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ مَنْفَعَتُهُ فِي سَفَرِ التِّجَارَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ سَفَرُهُ غَيْرَ تِجَارَةٍ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ بِسَفَرِ غَيْرِ التِّجَارَةِ هَذَا مَأْخَذُ الْمُصَنِّفِ فَالْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لِلرَّوْضَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يُرَجِّحْ فِي الْمَسْأَلَةِ شَيْئًا بَلْ أَطْلَقَ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ وَرَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ جَوَازَ تَحْلِيلِهِ، الثَّانِي فِي مُخَالَفَتِهِ أَنَّهُ مَعَ تَرْجِيحِهِ قَيَّدَهُ بِالسَّفَرِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ أَحَدٌ فِيمَا أَعْلَمُ قَالَ شَيْخُنَا وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كَالْقِنِّ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ اسْتِعْمَالَ الْعَبْدِ إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يُحَلِّلَهُ مِمَّا أَذِنَ لَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ ذُو الْقِعْدَةِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَان فَأَحْرَمَ مِنْ أَبْعَدَ مِنْهُ. ( الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 بَعْدَ مَوْتِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ تَكْفِيرِهِ وَالتَّمْلِيكُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلِهَذَا لَوْ تَصَدَّقَ عَنْ مَيِّتٍ جَازَ وَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدًا أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ أُمِّهِ بَعْدَ مَوْتِهَا» . (وَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ) قَبْلَ صَوْمِهِ (وَقَدَرَ) عَلَى الدَّمِ (لَزِمَهُ الدَّمُ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْأَدَاءِ (وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ) مِنْ أُمِّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَمُبَعَّضٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ أَوْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَأَحْرَمَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ (كَالرَّقِيقِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فَإِنْ أَحْرَمَ الْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَتِهِ وَوَسِعَتْ النُّسُكَ فَكَالْحُرِّ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ الْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَتِهِ وَارْتَكَبَ الْمَحْظُورَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ أَوْ عَكْسَهُ اُعْتُبِرَ وَقْتُ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ، وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ يُكَفِّرُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ وَعَلَيْهِ فَيُجْزِئُهُ أَنْ يَذْبَحَ عَنْهُ، وَلَوْ فِي حَيَاتِهِ (فَرْعٌ وَتَحْلِيلُ السَّيِّدِ عَبْدَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالتَّحَلُّلِ) لَا أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِهِ إذْ غَايَتُهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ وَيَمْنَعَهُ الْمُضِيَّ، وَيَأْمُرَهُ بِفِعْلِ الْمَحْظُورَاتِ أَوْ يَفْعَلَهَا بِهِ، وَلَا يَرْتَفِعُ الْإِحْرَامُ بِشَيْءٍ وَمِنْ ذَلِكَ (فَمَتَى نَوَى) أَيْ الْعَبْدُ التَّحَلُّلَ (وَحَلَقَ تَحَلَّلَ، وَلَا يَتَوَقَّفُ) تَحَلُّلُهُ (عَلَى الصَّوْمِ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لِسَيِّدِهِ وَقَدْ يَسْتَعْمِلُهُ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ (وَلَوْ نَذَرَ الْحَجَّ) ، وَلَوْ (بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ انْعَقَدَ) نَذْرُهُ (وَأَجْزَأَهُ) فِعْلُهُ (فِي) حَالِ (الرِّقِّ) . الْمَانِعُ (الرَّابِعُ - الزَّوْجِيَّةُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَحُجَّ بِامْرَأَتِهِ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ (وَيُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ لَا تُحْرِمَ) بِنُسُكِهَا (بِغَيْرِ إذْنِهِ) ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْأَمَةَ الْمُزَوَّجَةَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَسَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَازِمٌ لِلْحُرَّةِ فَتَعَارَضَ فِي حَقِّهَا وَاجِبَانِ الْحَجُّ وَطَاعَةُ الزَّوْجِ فَجَازَ لَهَا الْإِحْرَامُ وَنُدِبَ الِاسْتِئْذَانُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الشُّرُوعُ فِي صَوْمِ النَّفْلِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْفَرْضِ ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ إحْرَامُهَا بِالنَّفْلِ (فَإِنْ فَعَلَتْ) أَيْ أَحْرَمَتْ (بِلَا إذْنٍ فَلَهُ تَحْلِيلُهَا) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَالنُّسُكَ عَلَى التَّرَاخِي، وَيُخَالِفُ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ لِطُولِ مُدَّتِهِ بِخِلَافِهِمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَأَمَّا خَبَرُ «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُزَوَّجَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِنَّ حَقٌّ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ لَا تَمْنَعُوهُنَّ مَسَاجِدَ الْبَلَدِ لِلصَّلَوَاتِ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ الْخَبَرِ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ سَافَرَتْ مَعَهُ وَأَحْرَمَتْ بِحَيْثُ لَمْ تُفَوِّتْ عَلَيْهِ اسْتِمْتَاعًا بِأَنْ كَانَ مُحْرِمًا فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهَا كَمَا أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْنَعُ عَبْدَهُ مِنْ صَوْمِ تَطَوُّعٍ، وَلَمْ يُفَوِّتْ بِهِ عَلَيْهِ أَمْرَ الْخِدْمَةِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَالَ وَهَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بِخِلَافِهِ وَيُسْتَثْنَى النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ، وَالْحَابِسَةُ نَفْسَهَا لِقَبْضِ الْمَهْرِ فَإِنَّهَا لَا تُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَحِينَئِذٍ فَإِذَا أَحْرَمَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا، وَحَيْثُ حَلَّلَهَا فَلْيُحَلِّلْهَا (كَالْعَبْدِ) بِأَنْ يَأْمُرَهَا بِالتَّحَلُّلِ (وَ) يَجِبُ (عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَلَّلَ) بِأَمْرِ زَوْجِهَا (كَالْمُحْصَرِ) أَيْ كَتَحَلُّلِهِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّحَلُّلُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ كَرِهَتْ) أَيْ امْتَنَعَتْ مِنْ تَحَلُّلِهَا مَعَ تَمَكُّنِهَا مِنْهُ (فَلَهُ وَطْؤُهَا) وَسَائِرُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا (وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا) لَا عَلَيْهِ كَمَا فِي الْحَائِضِ إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ غُسْلِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ تَغْسِيلُهَا وَوَطْؤُهَا مَعَ بَقَاءِ حَدَثِهَا، وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا (وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِي جَوَازِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَةَ مُحَرَّمَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمُرْتَدَّةِ فَيُحْتَمَلُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الزَّوْجِ إلَى أَنْ تَتَحَلَّلَ. (فَرْعٌ لَهُ حَبْسُ الْمُعْتَدَّةِ) عَنْ الْخُرُوجِ إذَا أَحْرَمَتْ، وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ، وَإِنْ خَشِيَتْ الْفَوَاتَ أَوْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنِهِ لِسَبْقِ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَتَعْبِيرُهُ بِلَهُ مُوَافِقٌ لِتَعْبِيرِ الْمَجْمُوعِ بِهِ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِعَلَيْهِ، نَظَرًا إلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِالْإِسْكَانِ بِمَسْكَنِهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ (وَلَا يُحَلِّلُهَا إلَّا إنْ رَاجَعَهَا) فَلَهُ تَحْلِيلُهَا إنْ أَحْرَمَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَلَمْ يُرَاجِعْهَا مَضَتْ فِي الْحَجِّ فَإِنْ أَدْرَكَتْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَهَا حُكْمُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ أَحْرَمَتْ، ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّحَلُّلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَيُجْزِئُهُ أَنْ يَذْبَحَ عَنْهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِإِذْنِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَحْرُمَ عَلَى الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الرَّقِيقِ جِوَارُ تَحَلُّلِهَا بِلَا إذْنٍ خُرُوجًا مِنْ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَتْ بِلَا إذْنٍ فَلَهُ تَحْلِيلُهَا) اسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ مَا إذَا خَرَجَ مَكِّيٌّ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَيْهَا بِأَهْلِهِ مُحْرِمًا، ثُمَّ يَعُودُ لِمَكَّةَ قَالَ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا سِيَّمَا مِنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُحَلِّلُهَا لَوْ أَحْرَمَتْ؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي بِالْأَرْكَانِ فِي بَعْضِ يَوْمٍ، وَهُوَ مَشْغُولٌ عَنْهَا بِالْحَجِّ وَقَدْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ، وَهَذَا أَوْلَى، وَلَا يُقَالُ هَذَا فِيهِ مُفَارَقَةُ الْمَنْزِلِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ أَرَادَ أَخْذَهَا مَعَهُ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِيمَا ذُكِرَ، وَلَا مَعْنَى لِمَنْعِهِ إيَّاهَا مِنْ الِاعْتِمَارِ مَعَهُ أَوْ مَعَ مَحْرَمٍ مِنْ التَّنْعِيمِ، وَلَا سِيَّمَا الْفَرْضُ وَالنَّذْرُ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. قَالَ بَعْضُهُمْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا فَقَدْ لَا تَأْتِي بِهَا فِي بَعْضِ الْيَوْمِ بَلْ يَطُولُ تَأْخِيرُهَا، وَقَدْ يَكُونُ غَرَضُ الزَّوْجِ قَضَاءَ نُسُكِهِ بِسُرْعَةٍ نَهَارًا وَالِاسْتِمْتَاعَ عَقِبَ ذَلِكَ، وَلَا يَسْمَحُ بِأَنْ تَتَعَاطَى قَضَاءَ النُّسُكِ نَهَارًا غَيْرَةً عَلَيْهَا؛ وَلِذَا أَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي النَّفَقَاتِ أَنَّ لِلزَّوْجِ الْمَنْعَ وَالتَّحْلِيلَ حَلَالًا كَانَ أَوْ مُحْرِمًا وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَعَلَّهُ أَرَادَ الْآفَاقِيَّ لَا هَذِهِ الصُّورَةَ النَّادِرَةَ مَمْنُوعٌ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ أَنَّ مُدَّتَهُ طَوِيلَةٌ بِخِلَافِهَا انْتَهَى. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ دَلِيلَ التَّحْلِيلِ يَقْتَضِي امْتِنَاعَ تَحْلِيلِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ إذَا أَحْرَمَتْ بِتَطَوُّعٍ، وَكَذَا الْكَبِيرَةُ إذَا سَافَرَتْ مَعَ الزَّوْجِ فَأَحْرَمَتْ بِالْفَرْضِ وَقْتَ إحْرَامِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. وَوَجْهُ النَّظَرِ مَا سَبَقَ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ) اخْتِلَافُهُمَا فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْإِذْنِ كَمَا مَرَّ حُكْمُ مَنْ أَحْرَمَتْ، ثُمَّ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ أَحْرَمَتْ مُعْتَدَّةً يَأْتِي هُنَاكَ (قَوْلُهُ يُسْتَثْنَى النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ إلَخْ) إذَا أَحْرَمَتْ بِالْقَضَاءِ الْفَوْرِيِّ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْوَاطِئُ أَوْ أَجْنَبِيًّا قَبْلَ النِّكَاحِ، وَلَوْ قَالَ طَبِيبَانِ عَدْلَانِ لِلزَّوْجَةِ: إنْ لَمْ تَحُجَّ الْعَامَ عَضِبَتْ صَارَ الْحَجُّ فَوْرِيًّا فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ، وَلَا التَّحْلِيلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَإِذَا أَحْرَمَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَأَدْرَكَتْ الْحَجَّ فَذَاكَ، وَإِنْ فَاتَهَا قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ: إنْ كَانَتْ سَبَبَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِخِيَارٍ وَنَحْوِهِ فَهِيَ الْمُفَوِّتَةِ، وَإِلَّا فَفِي الْقَضَاءِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُحْصَرِ إذَا سَلَكَ طَرِيقًا فَفَاتَهُ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ وَسَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْمَسْأَلَةِ وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ، ثُمَّ طَلُقَتْ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ فَفَاتَهَا الْحَجُّ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ كَالْخَطَأِ فِي الْعَدَدِ وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ (وَالْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ) إذَا أَرَادَتْ الْإِحْرَامَ (تَسْتَأْذِنُ وُجُوبًا الزَّوْجَ وَالسَّيِّدَ) ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقًّا فَإِنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ الْمَنْعُ فَإِنْ أَحْرَمَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا فَلَهُمَا، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْلِيلُهَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ الْمَانِعُ (الْخَامِسُ الْأُبُوَّةُ، وَلَيْسَ لِأَبَوَيْهِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ عَلَا (مَنْعُهُ مِنْ) حَجِّ (الْفَرْضِ) لَا ابْتِدَاءً، وَلَا إتْمَامًا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَيُفَارِقُ الْجِهَادُ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ، وَلَيْسَ الْخَوْفُ فِيهِ كَالْخَوْفِ فِي الْجِهَادِ مَعَ أَنَّ فِي تَأْخِيرِهِ خَطَرَ الْفَوَاتِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ كَانَ لِأَبَوَيْهَا مَنْعُهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ مَعَهَا الزَّوْجُ (وَيُسَنُّ اسْتِئْذَانُهُمَا) فِي الْحَجِّ فَرْضًا وَتَطَوُّعًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْمُسْلِمِينَ (وَيَمْنَعَانِهِ مِنْ) حَجِّ (التَّطَوُّعِ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِاعْتِبَارِ الْإِذْنِ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لِرَجُلٍ اسْتَأْذَنَهُ فِي السَّفَرِ لِلْجِهَادِ: أَلَكَ أَبَوَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اسْتَأْذَنْتَهُمَا؟ قَالَ: لَا قَالَ فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِهِمَا لَهُ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ (وَلَهُمَا تَحْلِيلُهُ) مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَتَحْلِيلُهُمَا لَهُ كَتَحْلِيلِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِيمَا ذَكَرَهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ وَيَلْزَمُهُ التَّحَلُّلُ بِأَمْرِهِمَا وَيَبْعُدُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَحْلِيلُ الْمَكِّيِّ وَنَحْوِهِ لِقِصَرِ السَّفَرِ الْمَانِعُ (السَّادِسُ الدَّيْنُ، وَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ) أَيْ الْمَدِينِ (تَحْلِيلُهُ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ وَتَقَدَّمَ فِي جَوَازِ تَحَلُّلِ الْمَدِينِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ غَرِيمِهِ تَفْصِيلٌ (، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ) لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ (إلَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا) فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ فِي الْحَالِ (فَإِنْ كَانَ) الدَّيْنُ يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ (اُسْتُحِبَّ) لَهُ (أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِيَهُ) عَنْهُ عِنْدَ حُلُولِهِ. (فَصْلٌ لَا قَضَاءَ عَلَى مُحْصَرٍ تَحَلَّلَ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَبُيِّنَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِي الْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّ الْفَوَاتَ نَشَأَ عَنْ الْإِحْصَارِ الَّذِي لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ وَلِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ بَلْ الْأَمْرُ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ (فَإِنْ أُحْصِرَ فِي قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ) مُعَيَّنٍ فِي الْعَامِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ (فَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ) كَمَا كَانَ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ، وَلَمْ يُتِمَّهَا (وَكَذَا حِجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ) حِجَّةِ (نَذْرٍ) قَدْ (اسْتَقَرَّتْ) كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ بِأَنْ اجْتَمَعَ فِيهَا شُرُوطُ الِاسْتِطَاعَةِ قَبْلَ الْعَامِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أُحْصِرَ فِي تَطَوُّعٍ أَوْ فِي حِجَّةِ إسْلَامٍ أَوْ نَذْرٍ، وَلَمْ يَسْتَقِرَّ (فَلَا) شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّطَوُّعِ أَصْلًا، وَلَا فِي حِجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ النَّذْرِ (حَتَّى يَسْتَطِيعَ) بَعْدُ وَحِينَئِذٍ إنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْحَجُّ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْرِمَ بِهِ، وَيَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بِمُضِيِّهِ. (فَصْلٌ. وَإِنْ وَجَدَ الْمُحْصَرُ طَرِيقًا وَاسْتَطَاعَ) سُلُوكَهُ (لَزِمَهُ سُلُوكُهُ) ، وَإِنْ طَالَ (حَتَّى يَصِلَ الْبَيْتَ) ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَوَاتَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّحَلُّلِ هُوَ الْحَصْرُ لَا خَوْفُ الْفَوَاتِ، وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ يَوْمَ عَرَفَةَ بِالشَّامِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ بِسَبَبِ الْفَوَاتِ (فَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِطُولِهِ) أَيْ الطَّرِيقِ (أَوْ صُعُوبَتِهِ) أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يَحْصُلُ الْفَوَاتُ بِهِ (تَحَلَّلَ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ) لَا بِتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا (وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) ، وَإِنْ تَرَكَّبَ السَّبَبُ مِنْ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَا فِي وُسْعِهِ كَمَنْ أُحْصِرَ مُطْلَقًا (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (اسْتَوَيَا) أَيْ الطَّرِيقَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ الَّذِي وَجَدَهُ أَقْرَبَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى فَفَاتَهُ الْحَجُّ (قُضِيَ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ فَوَاتٌ مَحْضٌ أَمَّا إذَا وَجَدَ طَرِيقًا، وَلَمْ يَسْتَطِعْ سُلُوكَهُ فَكَالْعَدِمِ (وَإِنْ دَامَ الْحَصْرُ وَصَابَرَهُ) أَيْ الْإِحْرَامَ (مُتَوَقِّعًا زَوَالَ الْإِحْصَارِ حَتَّى فَاتَ) الْحَجُّ بِفَوَاتِ الْوُقُوفِ (فَلَا قَضَاءَ) لِمَا مَرَّ (وَيَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ) أَيْ بِعَمَلِهَا وَمَحَلُّهُ كَمَا   [حاشية الرملي الكبير] أَيْ قَبْلَ بَذْلِ الْحَالِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ. (قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَا) ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَبَوَيْنِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا فَرْقَ فِيهِمْ بَيْنَ الْأَحْرَارِ وَالْأَرِقَّاءِ (قَوْلُهُ مِنْ حَجِّ الْفَرْضِ) فَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ حَجِّ الْإِسْلَامِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى مَنْعِهِ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا وَكَانَ مِمَّنْ يُطِيقُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ، وَلَا لِوَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى مُطِيقِ الْمَشْيِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ لَكِنْ قَالَ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي حَمْلُ حَجِّ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا إذَا لَزِمَهُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ) ؛ لِأَنَّ الرِّضَا الزَّوْجِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَتَطَوُّعًا) قَالَ شَيْخُنَا: حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ رِضَاهُ بِذَلِكَ، وَإِلَّا كَانَ الِاسْتِئْذَانُ وَاجِبًا وَيُمْكِنُ حَمْلُ سُنِّيَّةِ الِاسْتِئْذَانِ عَلَى الْإِحْرَامِ وَوُجُوبِهِ عَلَى السَّفَرِ لَهُ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْمُسْلِمِينَ) وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِهِمَا إلَخْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِقِصَرِ السَّفَرِ الْمَانِعِ) وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي إرْشَادِهِ وَلِأَبَوَيْ آفَاقِيٍّ مَنْعُهُ مِنْ تَطَوُّعٍ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ مُقْتَضَى الْحَاوِي جَوَازُ مَنْعِ الْمَكِّيِّ أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ التَّطَوُّعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يَمْنَعَانِهِ مِنْ السَّفَرِ الطَّوِيلِ لِلْحَجِّ لَا مِنْ مُطْلَقِ الْحَجِّ وَذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْآفَاقِيِّ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْعِ مَا إذَا كَانَ الْمَانِعُ مُصَاحِبًا لَهُ فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ أَوْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا) أَوْ اسْتَنَابَ مَنْ يَقْضِيهِ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ. [فَصْلٌ لَا قَضَاءَ عَلَى مُحْصَرٍ تَحَلَّلَ] (قَوْلُهُ أَوْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ) قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي أَنَّ مَنْ أُحْصِرَ فِي مَسْأَلَةِ النَّذْرِ بَعْدَ إحْرَامِهِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْإِحْرَامِ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَامِهِ (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْرِمَ بِهِ إلَخْ) كَذَا أَطْلَقُوا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إذَا كَانَ بَعِيدَ الدَّارِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ لَعَجَزَ عَنْ الْحَجِّ فِيمَا بَعْدُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِهِ فِي هَذَا الْعَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ، وَإِلَّا تَحَلَّلَ بِتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَوَقَّعْ زَوَالَ الْإِحْصَارِ وَاسْتَمَرَّ مُحْرِمًا حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَمَا سَيَأْتِي لِشِدَّةِ تَفْرِيطِهِ وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ قَرَّرَ السُّبْكِيُّ كَلَامَ الْأَصْلِ، ثُمَّ قَالَ: وَطَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ مُوجِبَةٌ لِلْقَضَاءِ فِي الْحَالَيْنِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ قَبْلَ الْفَوَاتِ بِخِلَافِ سُلُوكِهِ أَطْوَلَ الطَّرِيقِينَ إذْ لَا تَفْرِيطَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِسُلُوكِهِ. [فَرْعٌ لَهُ التَّحَلُّلُ بِالْإِحْصَارِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَبَعْدَهُ] (فَرْعٌ لَهُ التَّحَلُّلُ بِالْإِحْصَارِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَبَعْدَهُ) لِعُمُومِ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (فَإِنْ بَقِيَ) قَبْلَ الْوُقُوفِ (عَلَى إحْرَامِهِ غَيْرَ مُتَوَقِّعٍ زَوَالَ الْإِحْصَارِ حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ) لِفَوَاتِ الْحَجِّ كَمَا لَوْ فَاتَهُ بِخَطَأِ الطَّرِيقِ أَوْ الْعَدَدِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ غَيْرُ مُتَوَقِّعٍ زَوَالَ الْإِحْصَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتَحَلَّلَ) وُجُوبًا (بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ إنْ أَمْكَنَهُ) التَّحَلُّلُ بِهَا (وَلَزِمَهُ دَمٌ لِلْفَوَاتِ، وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ (تَحَلَّلَ بِهَدْيٍ، وَلَزِمَهُ) مَعَ الْقَضَاءِ وَدَمِ التَّحَلُّلِ (دَمٌ آخَرُ لِلْفَوَاتِ فَإِنْ أُحْصِرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَتَحَلَّلَ، ثُمَّ أُطْلِقَ) مِنْ إحْصَارِهِ (فَأَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ وَيَبْنِيَ لَمْ يَجُزْ) أَيْ الْبِنَاءُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (فَإِنْ لَمْ يَتَحَلَّلْ حَتَّى فَاتَهُ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ) بِمِنًى (فَعَلَيْهِ الدَّمُ) لِفَوَاتِ الرَّمْيِ كَغَيْرِ الْمُحْصَرِ (فَيَحْصُلُ بِهِ) أَيْ بِالدَّمِ (وَبِالْحَلْقِ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ يَطُوفُ) مَتَى أَمْكَنَهُ لِبَقَائِهِ عَلَيْهِ وَيَسْعَى إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى (وَتَمَّ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ ثَانٍ لِلْمَبِيتِ) بِمِنًى أَيْ لِفَوَاتِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ فَاتَهُ الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةُ لَزِمَهُ دَمٌ ثَالِثٌ (وَلَا قَضَاءَ) عَلَيْهِ (بِإِحْصَارٍ) وَقَعَ (بَعْدَ الْوُقُوفِ) ؛ لِأَنَّهُ تَحَلَّلَ بِالْحَصْرِ الْمَحْضِ (وَإِنْ صُدَّ عَنْ عَرَفَاتٍ فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِهَا (تَحَلَّلَ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ) كَمَا يَتَحَلَّلُ بِهَا مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَسَيَأْتِي (وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْصَرٌ تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ كَمَنْ صُدَّ عَنْ طَرِيقٍ وَسَلَكَ غَيْرَهُ فَفَاتَهُ الْحَجُّ، وَإِنْ صُدَّ عَنْ الطَّوَافِ فَقَطْ وَقَفَ، ثُمَّ تَحَلَّلَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ. (فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ لَزِمَهُ التَّحَلُّلُ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ) لِمَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ يُوهِمُ عَدَمَ لُزُومِ تَحَلُّلِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمَنْقُولُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ لُزُومُهُ كَمَا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ إحْرَامِهِ إلَى قَابِلٍ لِزَوَالِ وَقْتِهِ كَالِابْتِدَاءِ، فَلَوْ اسْتَدَامَهُ حَتَّى حَجَّ بِهِ مِنْ قَابِلٍ لَمْ يُجْزِهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ لِخُرُوجِهِ مِنْ الْحَجِّ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَكَأَنَّهُ شَبَّهَ الْفَوَاتَ بِالْفَسَادِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَابِرَ الْإِحْرَامَ لِلطَّوَافِ وَالسَّعْيِ لِبَقَاءِ وَقْتِهِمَا مَعَ تَبَعِيَّتِهِمَا لِلْوُقُوفِ فَإِنَّهُ الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ (وَلَا يَنْقَلِبُ) حَجُّهُ الَّذِي تَحَلَّلَ مِنْهُ (عُمْرَةً، وَلَا يُعِيدُ السَّعْيَ إنْ كَانَ قَدْ سَعَى لِلْقُدُومِ، وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْعُمْرَةِ) أَيْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ انْعَقَدَ لِنُسُكٍ فَلَا يَنْصَرِفُ لِلْآخَرِ كَعَكْسِهِ، وَلَا يَجِبُ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى، وَإِنْ بَقِيَ وَقْتُهُمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَبِمَا فَعَلَهُ مِنْ عَمَلِ الْعُمْرَةِ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَحْصُلُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْحَلْقِ وَالطَّوَافِ الْمَتْبُوعِ بِالسَّعْيِ لِسُقُوطِ بِحُكْمِ الرَّمْيِ بِالْفَوَاتِ فَصَارَ كَمَنْ رَمَى، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْعُمْرَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ التَّحَلُّلِ (ثُمَّ إنْ كَانَ) حَجُّهُ (فَرْضًا فَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ) كَمَا كَانَ (أَوْ تَطَوُّعًا قُضِيَ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ (كَالْمُفْسِدِ) لَهُ فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ عُمْرَةٍ مَعَ الْحَجِّ (وَلَزِمَهُ) مَعَ الْقَضَاءِ (دَمُ الْفَوَاتِ، وَإِنْ كَانَ) الْفَوَاتُ (بِنَوْمٍ وَنِسْيَانٍ وَضَلَالِهِ) الطَّرِيقَ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَعْذَارِ لِمَا رَوَى مَالِكٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْطَأْنَا الْعَدَدَ وَكُنَّا نَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اذْهَبْ إلَى مَكَّةَ فَطُفْ بِالْبَيْتِ أَنْتَ وَمَنْ مَعَك وَاسْعَوْا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَانْحَرُوا هَدْيًا إنْ كَانَ مَعَكُمْ، ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا، ثُمَّ ارْجِعُوا فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَاهْدُوا فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ. (بَابُ الدِّمَاءِ) (حَيْثُ أَطْلَقْنَا فِي الْمَنَاسِكِ الدَّمَ) سَوَاءٌ أَتَعَلَّقَ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ أَمْ بِارْتِكَابِ مَنْهِيٍّ أَمْ بِغَيْرِهِمَا (فَالْمُرَادُ) بِهِ أَنَّهُ (كَدَمِ الْأُضْحِيَّةِ) فِي سِنِّهَا وَسَلَامَتِهَا (فَيُجْزِئُ الْبَدَنَةُ) بَعِيرًا كَانَتْ أَوْ بَقَرَةً (عَنْ سَبْعَةِ دِمَاءٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) أَسْبَابُهَا كَتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَتَرْكِ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَتَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَتَرْكِ الرَّمْيِ بِهَا وَالتَّطَيُّبِ وَحَلْقِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ وَإِنْ وَجَدَ الْمُحْصَرُ طَرِيقًا وَاسْتَطَاعَ سُلُوكَهُ] قَوْلُهُ التَّحَلُّلُ بِالْإِحْصَارِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَبَعْدَهُ إلَخْ) الْأَفْضَلُ لِمَنْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ تَأْخِيرُ التَّحَلُّلِ إنْ وَسِعَ الْوَقْتُ، وَإِلَّا فَتَعْجِيلُهُ نَعَمْ لَوْ عَلِمَ انْكِشَافَهُ فِي مُدَّةِ الْحَجِّ بِحَيْثُ يُمْكِنُ إدْرَاكُهُ أَوْ فِي الْعُمْرَةِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَجُزْ التَّحَلُّلُ كَمَا نَقَلُوهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُنَا الظَّنُّ الْغَالِبُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا إذَا أَحَاطَ الْعَدُوُّ بِهِمْ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ، وَهُمْ فِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّحَلُّلُ كَمَا اسْتَنْبَطَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ انْتَهَى. وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ اسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ وَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَعَلَّهُ انْفَرَدَ بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أُحْصِرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ إلَخْ) اسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ الْإِحْصَارِ عَنْ الطَّوَافِ أَنَّ الْحَائِضَ إذَا لَمْ تَطُفْ لِلْإِفَاضَةِ، وَلَمْ تُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ حَتَّى تَطْهُرَ وَجَاءَتْ بَلَدَهَا، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَعَدِمَتْ النَّفَقَةَ، وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْوُصُولُ إلَى الْبَيْتِ أَنَّهَا كَالْمُحْصَرِ فَتَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَأَيَّدَهُ بِأَنَّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَالرُّويَانِيِّ وَالْعِمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ فِيمَنْ صُدَّ عَنْ طَرِيقٍ وَوَجَدَ آخَرَ أَطْوَلَ إنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ نَفَقَةٌ تَكْفِيهِ لِذَلِكَ الطَّرِيقِ فَلَهُ التَّحَلُّلُ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَهُوَ اسْتِنْبَاطٌ حَسَنٌ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ انْتَهَى. وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبَارِزِيُّ وَبِهِ أَفْتَيْت. [فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ لَزِمَهُ التَّحَلُّلُ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ] (قَوْلُهُ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ لَزِمَهُ التَّحَلُّلُ) لِئَلَّا يَصِيرَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ (قَوْلُهُ كَالِابْتِدَاءِ) قَالَ شَيْخُنَا: ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ حُرْمَةُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ زَمَنِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِانْعِقَادِهِ عُمْرَةً، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَالْأَوْجَهُ الْكَرَاهَةُ [بَابُ الدِّمَاءِ فِي الْمَنَاسِكِ] (بَابُ الدِّمَاءِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 شَعْرٍ وَقَلْمِ أَظْفَارٍ وَسَيَأْتِي فِي الضَّحَايَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فِي شَاتَيْنِ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، فَلَوْ (ذَبَحَهَا) أَيْ الْبَدَنَةَ (عَنْ دَمٍ) وَاجِبٍ (فَالْفَرْضُ سُبُعُهَا فَلَهُ إخْرَاجُهُ) عَنْهُ (وَأَكْلُ الْبَاقِي إلَّا فِي جَزَاءِ) الصَّيْدِ (الْمِثْلِيِّ) فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَالْأُضْحِيَّةِ فِي سِنِّهَا وَسَلَامَتِهَا، بَلْ يَجِبُ فِي الصَّغِيرِ صَغِيرٌ وَفِي الْكَبِيرِ كَبِيرٌ وَفِي الْمَعِيبِ مَعِيبٌ كَمَا مَرَّ (بَلْ لَا تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ عَنْ شَاتِه) أَيْ الْمِثْلِيِّ، وَإِنْ أَجْزَأَتْ عَنْهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ رَاعَوْا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ الْمُمَاثَلَةَ أَيْ فِي الْجِنْسِ فَلَا يُشْكِلُ بِإِجْزَاءِ الْكَبِيرِ عَنْ الصَّغِيرِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْبَعِيرُ عَنْ الْبَقَرَةِ، وَلَا عَكْسُهُ، وَلَا سَبْعُ شِيَاهٍ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِجَزَاءِ الصَّيْدِ إلَى قَوْلِهِ جَزَاءِ الْمِثْلِيِّ لِيَخْرُجَ جَزَاءُ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ كَالْحَمَامِ. (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ وُجُوبِ الدِّمَاءِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا (وَالدِّمَاءُ ثَمَانِيَةُ أَنْوَاعٍ) تَرْجِعُ بِاعْتِبَارِ حُكْمِهَا إلَى أَرْبَعَةٍ: دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (أَحَدُهَا دَمُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَكَذَا الْفَوَاتِ، وَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الذَّبْحُ، وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْهُ (وَتَقْدِيرٍ) بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ قَدَّرَ مَا يَعْدِلُ إلَيْهِ بِمَا لَا يَزِيدُ، وَلَا يَنْقُصُ أَمَّا دَمُ التَّمَتُّعِ فَلِآيَةِ {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] وَقِيسَ بِهِ دَمُ الْقِرَانِ، وَأَمَّا دَمُ الْفَوَاتِ فَلِخَبَرِ هَبَّارٍ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ مُوجِبَ دَمِ التَّمَتُّعِ تَرْكُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالنُّسُكُ الْمَتْرُوكُ فِي الْفَوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ (الثَّانِي جَزَاءُ الصَّيْدِ وَالشَّجَرِ، وَهُوَ دَمُ تَخْيِيرٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ (وَتَعْدِيلٍ) بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ فِيهِ بِالتَّقْوِيمِ وَالْعُدُولِ إلَى غَيْرِهِ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ لِآيَةِ {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: 95] وَقِيسَ بِالصَّيْدِ: الشَّجَرُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْحَشِيشُ أَيْ فِي غَيْرِ الذَّبْحِ إذْ لَا ذَبْحَ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَأُخِذَ اسْمُ التَّعْدِيلِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] . (الثَّالِثُ - دَمُ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ، وَهُوَ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ فَيَتَخَيَّرُ) إذَا حَلَقَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَظْفَارٍ بَيْنَ أُمُورٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (أَمَّا الدَّمُ أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ كُلُّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ أَوْ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] فَحَلَقَ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِك قَالَ نَعَمْ قَالَ فَاحْلِقْ رَأْسَك وَانْسُكْ شَاةً أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِفَرَقٍ مِنْ طَعَامٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ» وَالْفَرَقُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَقِيسَ بِالْحَلْقِ الْقَلْمُ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ وَبِالْمَعْذُورِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ كَفَّارَةٍ تَثْبُتُ فِيهَا التَّخْيِيرُ إذَا كَانَ سَبَبُهَا مُبَاحًا ثَبَتَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ سَبَبُهَا مُحَرَّمًا كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ. (الرَّابِعُ) الدَّمُ (الْمَنُوطُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ) بِمُزْدَلِفَةُ وَبِمِنًى (وَهُوَ كَدَمِ التَّمَتُّعِ) فِي التَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيرِ لِاشْتِرَاكِ مُوجِبَيْهِمَا فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ إذْ الْمُوجِبُ لِدَمِ التَّمَتُّعِ تَرْكُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَيَصُومُ إذَا عَجَزَ كَالْمُتَمَتِّعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَصْحِيحُ كَوْنِهِ دَمَ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ (الْخَامِسُ دَمُ الِاسْتِمْتَاعِ كَالطِّيبِ) الْأَوْلَى قَوْلُهُ أَصْلُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَالْفَرْضُ سُبُعُهَا) قَالَ شَيْخُنَا: كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ مَا يُمْكِنُ الِاقْتِصَارُ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ لَوْ أَخْرَجَ قَدْرًا زَائِدًا وَقَعَ الزَّائِدُ نَفْلًا، وَهَذَا مِنْ الْقَبِيلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ حَتَّى لَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ وَبَعْضُهُمْ اللَّحْمَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، وَلَا كَذَلِكَ بَعِيرُ الزَّكَاةِ حَيْثُ وَقَعَ كُلُّهُ فَرْضًا لِمَا مَرَّ. [فَصْلٌ كَيْفِيَّةِ وُجُوبِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ] ثَمَّ (قَوْلُهُ أَحَدُهَا دَمُ التَّمَتُّعِ إلَخْ) دَمُ التَّمَتُّعِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَفَرَغَ مِنْهَا، ثُمَّ أَنْشَأَ فِي سُنَّتِهَا حَجًّا بِلَا عَوْدٍ لِلْإِحْرَامِ بِهِ أَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهِ وَقَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ إلَى مِيقَاتٍ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَةِ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ أَوْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حِينَ التَّلَبُّسِ بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَدَمُ الْقِرَانِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا أَوْ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ بِحَجٍّ فِي أَشْهُرِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي طَوَافِهَا، وَلَمْ يَعُدْ إلَى مِيقَاتٍ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. (قَوْلُهُ الثَّالِثُ دَمُ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ) وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى مُحْرِمٍ مُمَيِّزٍ لَمْ يَتَحَلَّلْ أَزَالَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ أُزِيلَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَظْفَارٍ فَصَاعِدًا أَوْ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهَا، وَلَا فِي مَكَان وَاحِدٍ وَعَلَى مَنْ أَزَالَ مِنْ مُحْرِمٍ حَيٍّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَا إذَا طَالَ شَعْرُ حَاجِبِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَغَطَّى عَيْنَهُ فَقَطَعَ الْقَدْرَ الْمُغَطِّي فَقَطْ أَوْ نَبَتَتْ شَعَرَاتٌ دَاخِلَ جَفْنِهِ فَتَأَذَّى مِنْ ذَلِكَ أَوْ انْكَسَرَ ظُفُرُهُ فَقَطَعَ الْمُؤْذِي. (قَوْلُهُ الرَّابِعُ الْمَنُوطُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ) كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى مُرِيدِ نُسُكٍ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْ حَيْثُ لَزِمَهُ أَوْ مِنْ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ عَوْدٍ لِلْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ إلَى حَيْثُ لَزِمَهُ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا أَوْ بِالْحَجِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ (قَوْلُهُ وَالرَّمْيِ وَطَوَافِ) الْوَدَاعِ قَالَ الْبَارِزِيُّ لَا يُتَصَوَّرُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَجِّ فِي تَرْكِ الرَّمْيِ، وَلَا فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ أَيْ فِي الْحَجِّ، فَيَجِبُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِمْكَانِ بَعْدَ الْوُجُوبِ. اهـ. وَالْفَوَاتُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْمَبِيتِ) دَمُ تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَاجِبٌ عَلَى مُحْرِمٍ بِحَجِّ غَيْرِ مَعْذُورٍ لَمْ يَحْضُرْ لَحْظَةً مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي لَيْلَةَ النَّحْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَدَمُ تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَاجِبٌ عَلَى حَاجٍّ غَيْرِ مَعْذُورٍ تَرَكَ حُضُورَ مُعْظَمِ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيْلَتَيْ مِنًى إنْ نَفَرَ فِي النَّفْرِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّلَاثِ إنْ نَفَرَ فِي النَّفْرِ الثَّانِي وَدَمُ تَرْكِ الرَّمْيِ وَاجِبٌ عَلَى حَاجٍّ تَرَكَ رَمْيَ ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ فَأَكْثَرَ مِنْ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ مِنْهُمَا بِغَيْرِ عُذْرِ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ بِهِ، وَلَمْ يَسْتَنِبْ أَوْ اسْتَنَابَ، وَلَمْ يَمْتَثِلْ النَّائِبُ مِنْ غَيْرِ تَدَارُكٍ فِي بَاقِيهَا وَدَمُ تَرْكِ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَاجِبٌ عَلَى غَيْرِ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمُتَحَيِّرَةٍ عَلَى مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَخَائِفٍ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ فَوْتِ رُفْقَةٍ أَوْ غَرِيمٍ، وَهُوَ مُعْسِرٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ سَافَرَ مِنْ مَكَّةَ لَا لِنُسُكٍ بِعَرَفَةَ أَوْ مِنْ مِنًى، وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَكَانَ حَاجًّا، وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ بِقَصْدِ الْوَدَاعِ أَوْ طَافَ وَمَكَثَ لَا يَسِيرًا لِشُغْلِ السَّفَرِ وَصَلَاةٍ أُقِيمَتْ، وَلَمْ يَعُدْ لَهُ قَبْلَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْ مَكَّةَ (قَوْلُهُ لِشَبَهِهِ بِالْفَوَاتِ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ) ؛ وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ لِإِفْسَادِ عِبَادَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 كَالتَّطَيُّبِ (وَالدَّهْنِ) بِفَتْحِ الدَّالِ (وَاللُّبْسِ وَمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، وَهُوَ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ كَالْحَلْقِ) أَيْ دَمُهُ لِاشْتِرَاكِ مُوجِبَيْهِمَا فِي التَّرَفُّهِ وَالِاسْتِهْلَاكِ (السَّادِسُ دَمُ الْجِمَاعِ) الْمُفْسِدِ (وَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ فَيَجِبُ بَدَنَةٌ) أَيْ بَعِيرٌ (ثُمَّ بَقَرَةٌ، ثُمَّ سَبْعُ شِيَاهٍ فَإِنْ عَجَزَ قَوَّمَ الْبَدَنَةَ دَرَاهِمَ وَالدَّرَاهِمَ طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ) عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فِي آخِرِ الْفَصْلِ الْآتِي (فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) وَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ وَقَدَّمَ الطَّعَامَ عَلَى الصِّيَامِ كَمَا فِي جَمِيعِ الْمَنَاسِكِ وَأُقِيمَا مَقَامَ الْبَدَنَةِ تَشْبِيهًا بِجَزَاءِ الصَّيْدِ إلَّا أَنَّ الْأَمْرَ هُنَاكَ عَلَى التَّخْيِيرِ كَمَا مَرَّ، وَهُنَا عَلَى التَّرْتِيبِ لِشَبَهِهِ بِالْفَوَاتِ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ وَقُدِّمَتْ الْبَدَنَةُ عَلَى الْبَقَرَةِ، وَإِنْ قَامَتْ مَقَامَهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ لِنَصِّ الصَّحَابَةِ عَلَيْهَا وَبَيْنَهُمَا بَعْضُ تَفَاوُتٍ لِخَبَرِ «مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً» (السَّابِعُ شَاةُ الْجِمَاعِ) غَيْرِ الْمُفْسِدِ (وَهِيَ كَشَاةِ مُقَدِّمَاتِهِ) فِي كَوْنِهَا دَمَ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ لِاشْتِرَاكِ مُوجِبَيْهِمَا فِي التَّمَتُّعِ بِغَيْرِ إفْسَادِهِ وَعَبَّرَ هُنَا بِشَاةِ الْجِمَاعِ وَفِيمَا مَرَّ بِدَمِ الْجِمَاعِ لِدَفْعِ اللَّبْسِ (الثَّامِنُ دَمُ الْإِحْصَارِ، وَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ) كَدَمِ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ لِاشْتِرَاكِ مُوجِبَيْهِمَا فِي الْخُرُوجِ بِهِمَا مِنْ النُّسُكِ الصَّحِيحِ فِي وَقْتِهِ فَعَلَيْهِ شَاةٌ، ثُمَّ طَعَامٌ بِالتَّعْدِيلِ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الطَّعَامِ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) لَا حَاجَةَ لِهَذَا وَإِذْ قَدْ ذَكَرَهُ فَلْيُذْكَرْ مَا ذَكَرْتُهُ قَبْلَهُ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ زَمَنِ إرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَمَكَانِهَا (هَذِهِ الدِّمَاءُ لَا تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ) بَلْ تُفْعَلُ فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّخْصِيصِ، وَلَمْ يَرِدْ مَا يُخَالِفُهُ لَكِنْ تُنْدَبُ إرَاقَتُهُ أَيَّامَ التَّضْحِيَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ إلَيْهَا إذَا حَرُمَ السَّبَبُ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ فَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقُوهُ هُنَا عَلَى الْإِجْزَاءِ، أَمَّا الْجَوَازُ فَأَحَالُوهُ عَلَى مَا قَرَّرُوهُ فِي الْكَفَّارَةِ (وَكُلُّهَا تُرَاقُ فِي النُّسُكِ) الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ (إلَّا دَمَ الْفَوَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ) أَدَاؤُهُ (وَلَا يُجْزِئُ إلَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ) لِظَاهِرِ خَبَرِ هَبَّارٍ السَّابِقِ وَكَمَا أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ بِجَامِعِ أَنَّ الْمُحْرِمَ فِيهِمَا يَتَحَلَّلُ مِنْ نُسُكٍ وَيُحْرِمُ بِآخَرَ، وَلِهَذَا لَوْ ذَبَحَ فِي الْفَائِتِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ لَمْ يُجْزِهِ كَمَا لَوْ ذَبَحَ الْمُتَمَتِّعُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ إجْزَاءُ إخْرَاجِ دَمِ الْفَوَاتِ بَيْنَ التَّحَلُّلِ وَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ وَذَلِكَ فِي قَابِلٍ كَمَا أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ دَخَلَ وَقْتُ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَكَلَامُ الْأَصْلِ تَبَعًا لِلْعِرَاقِيِّينَ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ تَصَرُّفٌ مِنْهُ هَكَذَا أَفْهَمَ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا يُخَالِفُهُ. (فَإِنْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ) إلَى أَهْلِهِ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ أَصْلُهُ لِيُفَرِّعَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي وَقْتِ وُجُوبِ الدَّمِ (وَكُلُّ هَذِهِ الدِّمَاءِ وَبَدَلُهَا) مِنْ الطَّعَامِ (تَخْتَصُّ) تَفْرِقَتُهُ (بِالْحَرَمِ) عَلَى مَسَاكِينِهِ (وَكَذَا) يَخْتَصُّ بِهِ (الذَّبْحُ) لِلدَّمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] وَقِيسَ بِهَا بَقِيَّةُ الْحَرَمِ وَلِمَا رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشَارَ إلَى مَوْضِعِ النَّحْرِ مِنْ مِنًى وَقَالَ هَذَا مَنْحَرٌ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد «وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ مَنْحَرٌ» ؛ وَلِأَنَّ الذَّبْحَ حَقٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْهَدْيِ فَيَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ كَالتَّصَدُّقِ، فَلَوْ ذَبَحَ خَارِجَهُ لَمْ يَكْفِ (إلَّا الْمُحْصَرَ) فَيَذْبَحُ وَيُفَرِّقُ حَيْثُ أُحْصِرَ (كَمَا سَبَقَ) وَإِنَّمَا وَجَبَتْ التَّفْرِقَةُ مَعَ الذَّبْحِ بِالْحَرَمِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ لَا تَلْوِيثُهُ بِالدَّمِ وَالْفَرْثِ، وَلَا تَخْتَصُّ التَّفْرِقَةُ بِلَحْمِ الْمَذْبُوحِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ بَلْ سَائِرُ أَجْزَائِهِ مِنْ جِلْدٍ وَشَعْرٍ وَغَيْرِهِمَا كَذَلِكَ. (فَإِنْ عَدِمَ الْمَسَاكِينُ فِي الْحَرَمِ أَخَّرَهُ) أَيْ الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ (حَتَّى يَجِدَهُمْ كَمَنْ نَذَرَ) التَّصَدُّقَ (عَلَى فُقَرَاءِ بَلَدٍ) فَلَمْ يَجِدْهُمْ فِيهِ فَإِنَّهُ يَصْبِرُ حَتَّى يَجِدَهُمْ، وَلَا يَجُوزُ النَّقْلُ وَيُخَالِفُ الزَّكَاةَ إذْ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ صَرِيحٌ بِتَخْصِيصِ الْبَلَدِ بِهَا بِخِلَافِ هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الصَّبْرِ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ جَزَمَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِأَنَّهُ يَصْبِرُ بَلْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي لَكِنَّهُ تَرَدَّدَ فِي النَّذْرِ فَقَالَ أَمَّا أَنْ يَبْطُلَ أَوْ يَصْبِرَ حَتَّى يَجِدَ الْفُقَرَاءَ، وَزَادَ فَائِدَةً أُخْرَى فَقَالَ: لَوْ نَذَرَ لِأَصْنَافٍ فَعَدِمَ بَعْضَهَا جَازَ النَّقْلُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الزَّكَاةِ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ نَقْلِ الزَّكَاةِ حِينَئِذٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى تَفْصِيلٍ قَدَّمْتُهُ فِي بَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ ثَمَّ جَوَازَ نَقْلِ النَّذْرِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْكَفَّارَةِ مُطْلَقًا وَقَدَّمْت ثَمَّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْبَلَدَ (وَيَصُومُ حَيْثُ شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَضَ   [حاشية الرملي الكبير] فَكَانَتْ عَلَى التَّرْتِيبِ كَكَفَّارَةِ الصَّوْمِ. (قَوْلُهُ الْجِمَاعِ غَيْرِ الْمُفْسِدِ) الْجِمَاعُ بَعْدَ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ وَدَمُهُ وَاجِبٌ عَلَى مُحْرِمٍ ذَكَرٍ مُمَيِّزٍ جَامَعَ، وَلَوْ بِحَائِلٍ عَامِدًا مُخْتَارًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فِي الْحَجِّ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ أَوْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنْهَا بَعْدَ جِمَاعٍ مُفْسِدٍ مُنْفَصِلٍ أَوْ مُتَّصِلٍ وَقَضَى وَطَرَهُ فِي الْأَوَّلِ وَدَمُ الْجِمَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ وَاجِبٌ عَلَى مُحْرِمٍ بِالْحَجِّ ذَكَرٍ مُمَيِّزٍ جَامَعَ، وَلَوْ بِحَائِلٍ عَامِدًا مُخْتَارًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ (قَوْلُهُ الثَّامِنُ دَمُ الْإِحْصَارِ) ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى مُحْرِمٍ مَنَعَهُ عَدُوٌّ أَوْ حَبْسٌ مِنْ سُلْطَانٍ وَنَحْوِهِ ظُلْمًا أَوْ بِدَيْنٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَائِهِ، وَلَيْسَ لَهُ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِإِعْسَارِهِ أَوْ زَوْجٍ فِي غَيْرِ عِدَّتِهِ أَوْ سَيِّدٍ جَازَ لَهُمَا الْمَنْعُ أَوْ أَصْلٌ فِي التَّطَوُّعِ عَنْ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَلَمْ يَجِدْ فِي مَنْعِ الْعَدُوِّ لَهُ عَنْ سُلُوكِ طَرِيقٍ مَسْلَكًا فِي طَرِيقٍ آخَرَ وَكَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ سُلُوكُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقٌ غَيْرُهُ، وَلَمْ يَتَيَقَّنْ انْكِشَافَ الْعَدُوِّ فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْحَجِّ فِيهَا إنْ كَانَ حَاجًّا أَوْ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ كَانَ مُعْتَمِرًا أَوْ حَدَثَ بِهِ عُذْرٌ كَمَرَضٍ وَضَلَالِ طَرِيقٍ وَنَفَاذِ نَفَقَةٍ وَكَانَ قَدْ شَرَطَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ التَّحَلُّلَ بِهِ بِالْهَدْيِ قَصَدَ التَّحَلُّلَ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ زَمَنِ إرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَمَكَانِهَا فِي الْحَجّ] (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ إلَيْهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ إجْزَاءُ إخْرَاجِ دَمِ الْفَوَاتِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. ( الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 لِلْمَسَاكِينِ فِيهِ لَكِنَّهُ فِي الْحَرَمِ أَوْلَى لِشَرَفِهِ. (فَرْعٌ أَفْضَلُ) بُقْعَةٍ مِنْ (الْحَرَمِ لِذَبْحِهِ) يَعْنِي لِذَبْحِ الْحَاجِّ، وَلَوْ مُتَمَتِّعًا (مِنًى وَ) لِذَبْحِ (الْمُعْتَمِرِ الْمَرْوَةُ) ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ تَحَلُّلِهِمَا (وَكَذَا الْهَدْيُ) الَّذِي سَاقَهُ تَقَرُّبًا مِنْ مَنْذُورٍ وَغَيْرِهِ أَفْضَلُ بُقْعَةٍ لِذَبْحِ الْحَاجِّ لَهُ مِنًى وَلِذَبْحِ الْمُعْتَمِرِ لَهُ الْمَرْوَةُ لَكِنْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ دَمٌ فَالْأَفْضَلُ لَهُ ذَبْحُ هَدْيِهِ بِالْمَرْوَةِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَفِيهِ عَنْهُمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَذْبَحَهُ بَعْدَ السَّعْيِ وَقَبْلَ الْحَلْقِ كَمَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْحَجِّ أَنْ يُذْبَحَ قَبْلَ الْحَلْقِ (وَالْوَاجِبُ دَفْعُهُ) أَيْ الْوَاجِبُ الْمَالِيِّ جُمْلَةً أَوْ مُفَرَّقًا (إلَى ثَلَاثَةٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ مَسَاكِينِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَلُّ الْجَمْعِ (كَالزَّكَاةِ) ، فَلَوْ دَفَعَ إلَى اثْنَيْنِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ثَالِثٍ ضَمِنَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ كَنَظِيرِهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَذَكَرَ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا هَذَا وَالثَّانِي يَضْمَنُ الثُّلُثَ، وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ الْآتِي وَعُلِمَ مِنْ وُجُوبِ دَفْعِ ذَلِكَ حُرْمَةَ الْأَكْلِ مِنْهُ عَلَى مَنْ لَزِمَهُ، فَلَوْ أَكَلَهُ ضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِنَا اللَّحْمُ مُتَقَوِّمٌ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ فَيَنْبَغِي تَصْحِيحُ ضَمَانِهِ بِالْمِثْلِ، وَعُلِمَ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالزَّكَاةِ وُجُوبُ نِيَّةِ الدَّفْعِ مُقْتَرِنَةً بِهِ أَوْ مُتَقَدِّمَةً عَلَيْهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ فِي الْمُقْتَرِنَةِ وَسَوَاءٌ فِي الْمَسَاكِينِ الْغُرَبَاءُ وَالْمُسْتَوْطِنُونَ (وَ) لَكِنْ (الْمُسْتَوْطِنُونَ أَوْلَى) بِالدَّفْعِ إلَيْهِمْ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةُ الْغُرَبَاءِ أَشَدُّ، وَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ، وَإِنْ انْحَصَرُوا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا حُرْمَةُ الْبَلَدِ وَثَمَّ سَدُّ الْخَلَّةِ. (وَفِي) دَفْعِ (الطَّعَامِ) لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ (لَا يَتَعَيَّنُ لِكُلٍّ) مِنْهُمْ (مُدٌّ) بَلْ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَالنَّقْصُ مِنْهُ وَقِيلَ يَمْتَنِعَانِ كَالْكَفَّارَةِ وَنُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي دَمِ التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ دَمُهُ دَمَ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ أَمَّا دَمُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا دَمُهُ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ سِتَّةِ مَسَاكِينَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ ثَلَاثَةِ آصُعٍ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ ذَبَحَ) الدَّمَ الْوَاجِبَ فِي الْحَرَمِ مَثَلًا (فَسُرِقَ) مِنْهُ أَوْ غُصِبَ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ (لَمْ يُجْزِهِ) فَعَلَيْهِ إعَادَةُ ذَبْحِ دَمٍ، وَهِيَ أَوْلَى (وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بَدَلَهُ لَحْمًا وَيَتَصَدَّقَ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ قَدْ وُجِدَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ اللَّحْمَ وَغَيْرَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ وَمِثْلُ كَلَامِهِمْ مَا لَوْ سَرَقَهُ مَسَاكِينُ الْحَرَمِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ سَوَاءٌ أَوُجِدَتْ نِيَّةُ الدَّفْعِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ، وَهُمْ إنَّمَا يَمْلِكُونَ بِهِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا قَصَّرَ فِي تَأْخِيرِ التَّفْرِقَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ سُرِقَ الْمَالُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ الزَّكَاةُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الدَّمَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ وَالزَّكَاةَ بِعَيْنِ الْمَالِ. [فَصْلٌ الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ] (فَصْلٌ وَالْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ) الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ (عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ الْأُوَلُ وَ) الْأَيَّامُ (الْمَعْدُودَاتُ) الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ) رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَوْ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَهُمَا الْأَصْحَابُ هُنَا لِاخْتِصَاصِ غَالِبِ الْمَنَاسِكِ بِهِمَا أُصُولُهُمَا بِالْمَعْلُومَاتِ وَتَوَابِعُهَا بِالْمَعْدُودَاتِ وَفِي الْمَعْلُومَاتِ خِلَافٌ بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَسُمِّيَتْ الْأُولَى مَعْلُومَاتٌ لِلْحِرْصِ عَلَى عَمَلِهَا بِحِسَابِهَا لِأَجْلِ أَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ فِي آخِرِهَا وَالثَّانِيَةُ مَعْدُودَاتٌ لِقِلَّتِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يوسف: 20] (بَابُ الْهَدْيِ) هُوَ بِإِسْكَانِ الدَّالِ مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَبِكَسْرِ الدَّالِ مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ مَا يُهْدَى إلَى الْحَرَمِ مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يُهْدَى إلَيْهِ مِنْ النَّعَمِ وَيُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى دِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ (يُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ لِنُسُكٍ) بَلْ وَلِمَنْ يَقْصِدُهَا لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمَجْمُوعِ (أَنْ يُهْدِيَ) إلَيْهَا (شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَى فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ مِائَةَ بَدَنَةٍ» وَتَعْبِيرُهُ بِنُسُكٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (وَلَا يَجِبُ) ذَلِكَ (إلَّا بِالنَّذْرِ) ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فَلَزِمَ بِهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَكُونَ مَا يُهْدِيهِ سَمِينًا حَسَنًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} [الحج: 32] فَسَّرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِالِاسْتِسْمَانِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَكَوْنُهُ مَعَهُ مِنْ بَلَدِهِ أَفْضَلُ وَشِرَاؤُهُ مِنْ طَرِيقِهِ أَفْضَلُ مِنْ شِرَائِهِ مِنْ مَكَّةَ، ثُمَّ مِنْ عَرَفَةَ فَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ أَصْلًا بَلْ اشْتَرَاهُ مِنْ مِنًى جَازَ وَحَصَلَ أَصْلُ الْهَدْيِ. (وَ) يُسْتَحَبُّ لَهُ (أَنْ يُقَلِّدَ الْبَدَنَةَ وَالْبَقَرَةَ نَعْلَيْنِ) مِنْ النِّعَالِ الَّتِي تُلْبَسُ فِي الْإِحْرَامِ (وَيَتَصَدَّقُ بِهِمَا) بَعْدَ ذَبْحِهَا (ثُمَّ يُشْعِرُهَا) وَالْإِشْعَارُ الْإِعْلَامُ وَالْمُرَادُ هُنَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَيَجْرَحُ) ، وَهِيَ بَارِكَةً (صَفْحَةَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَالْأَفْضَلُ لَهُ ذَبْحُ هَدْيِهِ بِالْمَرْوَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وُجُوبُ دَفْعِ ذَلِكَ) (قَوْلُهُ وُجُوبُ نِيَّةِ الدَّفْعِ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ إلَخْ) عِنْدَنَا، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَقَالَ مَالِكٌ: هِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَتَالِيَاهُ فَتَالِيَاهُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَعْلُومَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَيَانِ هِيَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَتَالِيَاهُ وَقَالَ عَلِيٌّ فِي رِوَايَةٍ هِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ فِي أُخْرَى هِيَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ، وَهَذِهِ مَرْوِيَّةٌ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى هِيَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ هِيَ وَالْمَعْدُودَاتُ وَاحِدٌ، وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ [بَابُ الْهَدْيِ] (قَوْلُهُ بَعْدَ ذَبْحِهَا) عُلِمَ مِنْ التَّعَلُّقِ بِهِمَا أَنَّ لَهُمَا قِيمَةً هَكَذَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ ( الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 سَنَامَهَا الْيُمْنَى بِحَدِيدَةٍ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَنَامٌ أَشْعَرَ مَوْضِعَهُ لَا يُقَالُ هَذَا مُثْلَةٌ، وَهِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَعَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ أَخْبَارُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ عَامَّةٌ وَأَخْبَارُ الْإِشْعَارِ خَاصَّةٌ فَقُدِّمَتْ (مُسْتَقْبِلًا بِهَا) فِي حَالَتَيْ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ (الْقِبْلَةَ) كَمَا صَحَّ عَنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَحَكَى فِي الرَّوْضَةِ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ تَقْدِيمَ الْإِشْعَارِ أَفْضَلُ أَوْ التَّقْلِيدِ قَالَ: وَقَدْ صَحَّ فِي الْأَوَّلِ خَبَرٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَصَحَّ فِي الثَّانِي عَنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ حَيْثُ عَطَفَ بِثُمَّ وَزَادَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ حَكَى الْأَوَّلَ عَنْ أَصْحَابِنَا كُلِّهِمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا (وَيُلَطِّخُهَا بِالدَّمِ لِتُعْرَفَ) فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يُقَلِّدَ هَدْيَهُ وَيُشْعِرَهُ عِنْدَ إحْرَامِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ قَالَ وَيُسَنُّ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ الذَّهَابَ إلَى النُّسُكِ أَنْ يَبْعَثَ هَدْيًا، وَأَنْ يُقَلِّدَهُ وَيُشْعِرَهُ مِنْ بَلَدِهِ لِلْخَبَرِ الْآتِي. وَيُسَنُّ أَنْ يُجَلِّلَ هَدْيَهُ وَيَتَصَدَّقَ بِذَلِكَ الْجَلِّ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ التَّجْلِيلَ يَكُونُ بَعْدَ الْإِشْعَارِ لِئَلَّا يَتَلَطَّخَ بِالدَّمِ وَأَنْ يَشُقَّ الْجِلَالَ عَنْ الْأَسْنِمَةِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا قَلِيلَةً؛ لِئَلَّا تَسْقُطَ وَلِيَظْهَرَ الْإِشْعَارُ فَإِنْ كَانَتْ نَفِيسَةً لَمْ تُشَقَّ (فَإِنْ قَرَنَ هُدَيَيْنِ بِحَبْلٍ أَشْعَرَ) مَعَ إشْعَارِهِ أَحَدَهُمَا، وَهُوَ الْأَيْمَنُ فِي الصَّفْحَةِ الْيُمْنَى كَمَا عُلِمَ مَا مَرَّ (الْآخَرُ) ، وَهُوَ الْأَيْسَرُ (فِي الصَّفْحَةِ الْيُسْرَى) لِيُشَاهَدَا وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَيْسَرُ أَطْوَلَ أَشْعَرَهُ فِي الصَّفْحَةِ الْيُمْنَى، وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ قَرَنَ ثَلَاثَةً بِحَبْلٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُشْعِرُ الْأَوْسَطَ فِي الصَّفْحَةِ الْيُمْنَى مُطْلَقًا. (، وَلَا تُشْعَرُ الْغَنَمُ) لِضَعْفِهَا؛ وَلِأَنَّ الْإِشْعَارَ لَا يَظْهَرُ فِيهَا لِكَثْرَةِ شَعْرِهَا وَصُوفِهَا (بَلْ يُقَلِّدُهَا عُرَا الْقِرَبِ وَآذَانِهَا) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْخُيُوطَ الْمَفْتُولَةَ وَنَحْوَهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَى مَرَّةً غَنَمًا مُقَلَّدَةً» ، وَلَا يُقَلِّدُهَا بِالنِّعَالِ إذْ يَثْقُلُ عَلَيْهَا حَمْلُهَا قَالَ وَيُسْتَحَبُّ فَتْلُ قَلَائِدِ الْهَدْيِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فَتَلْت قَلَائِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدَيْ، ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حَلَالًا» (وَلَا يَلْزَمُ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ مِنْ إشْعَارِهَا وَتَقْلِيدِهَا (ذَبْحُهَا) إذْ لَمْ تَصِرْ بِذَلِكَ هَدْيًا وَاجِبًا كَمَا لَوْ كَتَبَ الْوَقْفَ عَلَى بَابِ دَارِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا نِيَّةٍ (فَإِنْ عَطِبَ) الْهَدْيُ (فِي الطَّرِيقِ، وَكَانَ تَطَوُّعًا فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ) بِبَيْعٍ وَأَكْلٍ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَابِتٌ عَلَيْهِ (أَوْ) كَانَ (نَذْرًا لَزِمَهُ ذَبْحُهُ) مَكَانَهُ لِلْخَبَرِ الْآتِي؛ وَلِأَنَّهُ هَدْيٌ مَعْكُوفٌ عَلَى الْحَرَمِ فَوَجَبَ نَحْرُهُ مَكَانَهُ كَهَدْيِ الْمُحْصَرِ، وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ أَوْ يَئُولُ إلَى زَوَالِهِ كَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّذْرِ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَصَارَ لِلْمَسَاكِينِ وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ إعْتَاقُ هَذَا الْعَبْدِ حَيْثُ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إلَّا بِإِعْتَاقِهِ، وَإِنْ امْتَنَعَ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ هُنَا إلَى الْمَسَاكِينِ فَانْتَقَلَ بِنَفْسِ النَّذْرِ كَالْوَقْفِ. وَأَمَّا الْمِلْكُ فِي الْعَبْدِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ، وَلَا إلَى غَيْرِهِ بَلْ يَنْفَكُّ الْعَبْدُ عَنْهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهُ حَتَّى تَلِفَ (ضَمِنَهُ) لِتَفْرِيطِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَدِيعَةِ، وَسَيَأْتِي فِيهِ زِيَادَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَمَا ذُكِرَ فِي النَّذْرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَحَلُّهُ فِي الْمُعَيَّنِ ابْتِدَاءً، فَلَوْ كَانَ قَدْ عَيَّنَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ عَادَ إلَى مِلْكِهِ بِالْعَطَبِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ النَّصِّ وَالْأَصْلُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَبْحِهِ (يَغْمِسُ تِلْكَ النَّعْلَ) الَّتِي قَلَّدَهُ بِهَا فِي دَمِهِ (وَيَضْرِبُ بِهَا سَنَامَهُ) وَيَتْرُكُهُ لِيَعْلَمَ مَنْ مَرَّ بِهِ أَنَّهُ هَدْيٌ فَيَأْكُلُ مِنْهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْعَثُ مَعَ أَبِي قَبِيصَةَ بِالْبُدْنِ، ثُمَّ يَقُولُ إنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا، وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِك» (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِذَا (كَانَ) الْهَدْيُ (نَذْرًا حَلَّ) لِمَنْ مَرَّ بِهِ غَيْرَ مَنْ يَأْتِي الْأَكْلَ مِنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) مَنْ أَهْدَاهُ (أَبَحْتُهُ) لِمَنْ يَأْكُلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّذْرِ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَصَارَ لِلْمَسَاكِينِ كَمَا مَرَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَتَقْيِيدُهُمْ بِالْأَكْلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ غَيْرُهُ حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَهُ أَوْ يَأْكُلَ وَيَنْقُلَ مَعَهُ بَعْضَهُ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ نَظِيرُ السِّقَايَةِ الْمُسَبَّلَةِ فِي الطَّرِيقِ يَجُوزُ لِلْمَارِّ الشُّرْبُ مِنْهَا، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ الْمَاءِ مَعَهُ مِنْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ انْتَهَى. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَمْلِكُهُ الْمَارَّةُ بِخِلَافِ الْهَدْيِ يَمْلِكُونَهُ؛ لِأَنَّهُمْ بَدَلٌ عَنْ فُقَرَاءِ الْحَرَمِ الَّذِينَ يَمْلِكُونَهُ بِالنَّذْرِ وَمَعَ هَذَا فَالظَّاهِرُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَكْلِ (وَيَتَوَقَّفُ التَّطَوُّعُ) أَيْ حِلُّ هَدْيِهِ إذَا ذَبَحَهُ (عَلَى الْإِبَاحَةِ) كَأَنْ يَقُولَ أَبَحْتُهُ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ جَعَلْته لَهُمْ (وَلِمَنْ وَجَدَهُ الْأَكْلُ) مِنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِبَاحَةِ) ؛ لِأَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِك) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ التُّهْمَةِ الْحَاصِلَةِ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ أَعْطَبُوهَا وَرُبَّمَا اتَّخَذُوا ذَلِكَ ذَرِيعَةً لِأَكْلِهَا فَحَسَمَ بَابَ أَكْلِهِمْ مِنْهَا حَيْثُ عَطِبَتْ أَمَّا لَوْ ذُبِحَتْ، وَهِيَ سَلِيمَةٌ لَا عَطَبَ فِيهَا فَيَنْبَغِي لِرَفِيقِهِ جَوَازُ الْأَكْلِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُمْ فُقَرَاءُ حَاضِرُونَ بِالْحَرَمِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ كَاتِبِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَبَاحَهُ وَكَمَا لَوْ رَأَى مَاءً بِالطَّرِيقِ، وَعَلَيْهِ أَمَارَةُ الْإِبَاحَةِ فَإِنَّ لَهُ شُرْبُهُ فَفَائِدَةُ اعْتِبَارِ الْإِبَاحَةِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِهَا دَفْعُ الضَّمَانِ. (وَتَحْرُمُ الْمَنْذُورَةُ) أَيْ أَكْلُهَا (عَلَى أَغْنِيَاءِ الْقَافِلَةِ) وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ مُسْتَحَقٌّ لِلْفُقَرَاءِ، وَلَا حَقَّ لِلْأَغْنِيَاءِ فِيهِ (وَكَذَا فُقَرَاؤُهَا) أَيْ الْقَافِلَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ هَذَا (إنْ رُجِيَ مَارَّةٌ) مِنْ فُقَرَاءِ غَيْرِ الْقَافِلَةِ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ أَكْلُ فُقَرَائِهَا مِنْهَا، وَهَذَا التَّقْيِيدُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ وَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ قِيلَ إذَا لَمْ يَجُزْ لِأَهْلِ الْقَافِلَةِ أَكْلُهُ وَتُرِكَ بِالْبَرِّيَّةِ كَانَ طُعْمَةً لِلسِّبَاعِ، وَهُوَ إضَاعَةُ مَالٍ قُلْنَا: لَيْسَ فِيهِ إضَاعَةٌ بَلْ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ أَنَّ سُكَّانَ الْبَوَادِي يَتَّبِعُونَ مَنَازِلَ الْحَجِيجِ لِالْتِقَاطِ سَاقِطَةٍ وَنَحْوِهَا وَقَدْ تَأْتِي قَافِلَةٌ إثْرَ قَافِلَةٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَنْعُ مُخْتَصٌّ بِمَا الْكَلَامُ فِيهِ، وَهُوَ مَا عَطِبَ أَمَّا الْبَالِغُ مَحِلُّهُ فَفِي حِلِّ الْأَكْلِ مِنْهُ أَوْجُهٌ مَشْهُورَةٌ أَرْجَحُهَا حِلُّهُ فِي الْمُعَيَّنِ ابْتِدَاءً دُونَ الْمُعَيَّنِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ عَلَى اضْطِرَابٍ يَأْتِي فِي الْأُضْحِيَّةِ، قَالَ: وَسَكَتَ يَعْنِي الرَّافِعِيَّ عَنْ الْغُرْمِ فِي الْأَكْلِ الْمُمْتَنِعِ مِمَّا عَطِبَ وَفِي التَّقْرِيبِ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ لَهُمْ أَصَالَةً، وَإِنَّمَا أَكَلَهُ فُقَرَاءُ الْمَوْضِعِ لِتَعَذُّرِ الْإِيصَالِ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَغْرَمُهُ لِفُقَرَاءِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ،. اهـ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُوصُ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إيصَالُ ثَمَنِهِ إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ بِخِلَافِ الذَّبِيحَةِ، وَكَمَا يَجِبُ إيصَالُ الْوَلَدِ إلَيْهِمْ دُونَ اللَّبَنِ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ. (وَوَقْتُهُ) أَيْ ذَبْحِ الْهَدْيِ (وَقْتُ) ذَبْحِ (الْأُضْحِيَّةِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ فِي الْكِتَابِ الْآتِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي تَعَيُّنِ هَذَا الْوَقْتِ لِهَدْيِ الْمُعْتَمِرِ أَيْضًا، وَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ؛ لِأَنَّا لَا نَشُكُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَسَاقَ الْهَدْيَ» إنَّمَا قَصَدَ ذَبْحَهُ عَقِبَ تَحَلُّلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتْرُكُهُ بِمَكَّةَ حَيًّا وَيَرْجِعُ إلَى الْمَدِينَةِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَمَحَلُّ وُجُوبِ ذَبْحِهِ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ إذَا عَيَّنَهُ لَهُ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ يَوْمًا آخَرَ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تَعْيِينِ الْيَوْمِ قُرْبَةٌ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ (فَإِنْ تَأَخَّرَ) ذَبْحُهُ عَنْ وَقْتِهَا (وَهُوَ وَاجِبٌ قَضَاهُ) وُجُوبًا لِإِخْرَاجِهِ لَهُ عَنْ وَقْتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَقَدْ فَاتَ فَإِنْ ذَبَحَهُ (فَشَاةُ لَحْمٍ) كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ (كِتَابُ الضَّحَايَا) جَمْعُ ضَحِيَّةٍ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا وَيُقَالُ أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَجَمْعُهَا أَضَاحِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا، وَيُقَالُ أَضْحَاةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَجَمْعُهَا أَضْحَى كَأَرْطَاةٍ وَأَرْطَى وَبِهَا سُمِّيَ يَوْمُ الْأَضْحَى، وَهِيَ: مَا يُذْبَحُ مِنْ النَّعَمِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] أَيْ صَلِّ صَلَاةَ الْعِيدِ وَانْحَرْ النُّسُكَ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ «ضَحَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» وَالْأَمْلَحُ قِيلَ: الْأَبْيَضُ الْخَالِصُ وَقِيلَ: الَّذِي بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ وَقِيلَ: الَّذِي يَعْلُوهُ حُمْرَةٌ وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ (وَهِيَ) أَيْ التَّضْحِيَةُ (سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) عَلَى الْكِفَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (وَلَوْ بِمِنًى) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَحَّى فِي مِنًى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَا تَجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا لَا يُضَحِّيَانِ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى النَّاسُ ذَلِكَ وَاجِبًا؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لِمَنْ تُسَنُّ لَهُ، وَإِنَّمَا تُسَنُّ لِمُسْلِمٍ قَادِرٍ حُرٍّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَهِيَ مِنْهُ تَبَرُّعٌ فَيَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي سَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ (وَيُحَافَظُ عَلَيْهَا الْقَادِرُ) أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا تُسَنُّ لَهُ كَمَا مَرَّ (وَتَجِبُ بِالنَّذْرِ) كَسَائِرِ الْقُرَبِ وَكَذَا بِقَوْلِهِ جُعِلَتْ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ إنْ اشْتَرَيْت شَاةً أَنْ أَجْعَلَهَا أُضْحِيَّةً وَاشْتَرَى) شَاةً (لَزِمَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا) أُضْحِيَّةً وَفَاءً عَمَّا الْتَزَمَهُ فِي ذِمَّتِهِ هَذَا إنْ قَصَدَ الشُّكْرَ عَلَى حُصُولِ الْمِلْكِ فَإِنْ قَصَدَ الِامْتِنَاعَ فَنَذْرُ لَجَاجٍ وَسَيَأْتِي (فَإِنْ عَيَّنَهَا) فَقَالَ إنْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الشَّاةَ فَعَلَيَّ أَنْ أَجْعَلَهَا أُضْحِيَّةً (فَفِي لُزُومِ جَعْلِهَا) أُضْحِيَّةً (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ أَقْيَسُ تَغْلِيبًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمَحَلُّ وُجُوبِ ذَبْحِهِ) أَيْ الْمَنْذُورِ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) وَقُلْنَا: يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [كِتَابُ الضَّحَايَا] (قَوْلُهُ «ضَحَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشَيْنِ» إلَخْ) وَحَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ «أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضَحِّي» (قَوْلُهُ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) بَلْ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ الْأَفْضَلُ مَا كَانَ أَعَمَّ نَفْعًا وَأَعْوَدَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ تَكُونُ التَّضْحِيَةُ أَفْضَلَ فِي وَقْتٍ مِنْ الصَّدَقَةِ وَبِالْعَكْسِ وَأَقُولُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ مَثَلًا وَوَجَدَ مُحْتَاجِينَ إلَى الصَّدَقَةِ لِعُرْيٍ أَوْ جُوعٍ أَوْ غُرْمٍ قَدْ حُبِسُوا عَلَيْهِ مَثَلًا أَنَّ الْبِدَارَ إلَى الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ مِنْ التَّأْخِيرِ لِلتَّضْحِيَةِ بِهِ وَإِنَّمَا يَنْقَدِحُ تَفْضِيلُهَا لَوْ كَانَ فِي وَقْتِهَا، وَلَمْ يَظْهَرْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ أَعْظَمُ نَفْعًا مِنْهَا (قَوْلُهُ فَلَا تَجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ) لِقَوْلِهِ: وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ وَقَوْلُهُ: لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ضَحَّى ضَحَّى عَنْ أُمَّتِهِ فَأَسْقَطَهَا عَنْهُمْ» ؛ وَلِأَنَّ الذَّبْحَ لَا يَتَعَيَّنُ لِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ لِلتَّصَدُّقِ فَمُحَالٌ أَنْ يَجِبَ الذَّبْحُ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِهَا) ؛ وَلِأَنَّهَا إرَاقَةُ دَمٍ لَمْ يَلْزَمْ الْمُسَافِرَ فَكَذَا الْمُقِيمَ كَالْعَقِيقَةِ (قَوْلُهُ قَادِرٍ عَلَيْهَا) بِأَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ مَنْ يُمَوِّنُهُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَلَوْ حَاجًّا بِمِنًى وَمَعَهُ هَدْيٌ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ قَالَ شَيْخُنَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ فِي هَذِهِ لَمْ يَشْغَلْ ذِمَّتَهُ بِشَيْءٍ لِوُرُودِ النَّذْرِ عَلَى مُعَيَّنٍ قَبْلَ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْأَوْلَى حَيْثُ اشْتَغَلَتْ ذِمَّتُهُ بِهَا بِسَبَبِ النَّذْرِ فَلَزِمَ الْجُعْلُ عَمَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 لِحُكْمِ التَّعْيِينِ وَقَدْ أَوْجَبَهَا قَبْلَ الْمِلْكِ فَيَلْغُو كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا وَالثَّانِي نَعَمْ تَغْلِيبًا لِلنَّذْرِ (وَلَا تَصِيرُ) الْبَدَنَةُ أَوْ الشَّاةُ فِي هَذِهِ وَفِيمَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ (أُضْحِيَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ، وَلَا بِالنِّيَّةِ) ؛ لِأَنَّ إزَالَةَ الْمِلْكِ عَلَى سَبِيلِ الْقُرْبَةِ لَا تَحْصُلُ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِنِيَّةِ الْوَقْفِ أَوْ الْعِتْقِ. (فَصْلٌ، وَلَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ (شُرُوطٌ) عَبَّرَ عَنْهَا الرَّافِعِيُّ كَالْغَزَالِيِّ بِالْأَرْكَانِ (الْأَوَّلُ كَوْنُهَا مِنْ النَّعَمِ) ، وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ تَعَالَى {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 34] ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ التَّضْحِيَةُ بِغَيْرِهَا؛ وَلِأَنَّ التَّضْحِيَةَ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَيَوَانِ فَتَخْتَصُّ بِالنَّعَمِ كَالزَّكَاةِ فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ النَّعَمِ مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ وَحَمِيرِهِ وَالظِّبَاءِ وَغَيْرِهَا، وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ جِنْسَيْنِ مِنْ النَّعَمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُ هُنَا، وَفِي الْعَقِيقَةِ وَالْهَدْيِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ أَصْلِ أَعْلَى الْأَبَوَيْنِ سِنًّا فِي الْأُضْحِيَّةِ وَنَحْوِهَا حَتَّى يُعْتَبَرَ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ بُلُوغُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ إلْحَاقًا لَهُ بِأَعْلَى السِّنَّيْنِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ قَدَّمْت نَظِيرَهُ فِي الزَّكَاةِ (وَلَا) يُجْزِئُ (أَقَلُّ مِنْ جَذَعِ الضَّأْنِ وَثَنْيِ الْمَعْزِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْجَذَعُ ذُو سَنَةٍ) تَامَّةٍ نَعَمْ إنْ أَجْذَعَ قَبْلَهَا أَيْ أَسْقَطَ سِنَّهُ أَجْزَأَ كَمَا لَوْ تَمَّتْ السَّنَةُ قَبْلَ أَنْ يُجْذِعَ وَلِعُمُومِ خَبَرِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «ضَحُّوا بِالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ» فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْبُلُوغِ بِالسِّنِّ أَوْ الِاحْتِلَامِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ أَسْبَقُهُمَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَالْمَعْزُ وَالْبَقَرُ) أَيْ الثَّنْيُ مِنْهُمَا (ذُو سَنَتَيْنِ) تَامَّتَيْنِ (وَالْإِبِلُ) أَيْ الثَّنْيُ مِنْهَا (ذُو خَمْسِ سِنِينَ تَامَّةً) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا إنْ تَعَسَّرَ عَلَيْكُمْ فَاذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمُسِنَّةُ هِيَ الثَّنِيَّةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَمَا فَوْقَهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الثَّنَايَا تَتَهَيَّأُ لِلْحَمْلِ وَالنَّزَوَانِ فَانْتِهَاؤُهَا إلَى هَذَا الْحَدِّ كَبُلُوغِ الْآدَمِيِّ وَحَالُهَا قَبْلَهُ كَحَالِ الْآدَمِيِّ قَبْلَ بُلُوغِهِ اهـ.، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ تَتَهَيَّأُ لِذَلِكَ قَبْلَ هَذَا الْحَدِّ وَقَضِيَّةُ الْخَبَرِ أَنَّ جَذَعَةَ الضَّأْنِ لَا تُجْزِئُ إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْ الْمُسِنَّةِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَحَمَلُوا الْخَبَرَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَتَقْدِيرُهُ: يُسْتَحَبُّ لَكُمْ أَنْ لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً فَإِنْ عَجَزْتُمْ فَجَذَعَةَ ضَأْنٍ. (فَصْلٌ) فِي صِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ (وَلَا تُجْزِئُ مَا بِهَا مَرَضٌ) بَيِّنٌ بِحَيْثُ (يُوجِبُ الْهُزَالَ أَوْ عَرَجٌ بَيِّنٌ) بِحَيْثُ تَسْبِقُهَا الْمَاشِيَةُ إلَى الْكَلَأِ الطَّيِّبِ وَتَتَخَلَّفُ عَنْ الْقَطِيعِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ مِنْ ذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» مَأْخُوذَةٌ مِنْ النِّقْيِ بِكَسْرِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ، وَهُوَ الْمُخُّ أَيْ لَا مُخَّ لَهَا؛ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَ مِنْ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ (وَلَوْ حَدَثَ) بِهَا الْعَرَجُ (تَحْتَ السِّكِّينِ) فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّهَا عَرْجَاءُ عِنْدَ الذَّبْحِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُ شَاةٍ فَبَادَرَ إلَى التَّضْحِيَةِ بِهَا (وَلَا) يُجْزِئُ (مَا بِهَا جَرَبٌ، وَإِنْ قَلَّ) أَوْ رُجِيَ زَوَالُهُ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ اللَّحْمَ وَالْوَدَكَ وَيُنْقِصُ الْقِيمَةَ (أَوْ) بِهَا (عَمًى أَوْ عَوَرٌ) ، وَهُوَ ذَهَابُ ضَوْءِ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ (وَلَوْ بَقِيَتْ الْحَدَقَةُ) لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ كَمَالُ النَّظَرِ وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَتُجْزِئُ الْعَمْشَاءُ) ، وَهِيَ ضَعِيفَةُ الْبَصَرِ مَعَ سَيَلَانِ الدَّمْعِ غَالِبًا (وَالْمَكْوِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ (وَكَذَا الْعَشْوَاءُ) ، وَهِيَ الَّتِي لَا تُبْصِرُ لَيْلًا؛ لِأَنَّهَا تُبْصِرُ وَقْتَ الرَّعْيِ (وَمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ) إذْ لَا نَقْصَ فِيهَا وَالنَّهْيُ الْوَارِدُ عَنْ التَّضْحِيَةِ بِالشَّرْقَاءِ، وَهِيَ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ أَوْ عَلَى مَا أُبِينَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْمَشْرِقِ (إلَّا إنْ أُبِينَ جُزْءٌ مِنْهَا، وَلَوْ يَسِيرًا أَوْ فُقِدَتْ الْأُذُنُ) مِنْهَا (خَلْقًا) لِفَوَاتِ جُزْءٍ مَأْكُولٍ (وَلَا) تُجْزِئُ (هَزِيلَةٌ ذَهَبَ مُخُّهَا) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِهَا بَعْضُ هُزَالٍ، وَلَمْ يَذْهَبْ مُخُّهَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَ) لَا (مَجْنُونَةٌ) ، وَهِيَ الَّتِي (قَلَّ رَعْيُهَا) ؛ لِأَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] لَزِمَ ذِمَّتَهُ [فَصْلٌ شُرُوطٌ الْأُضْحِيَّةِ] (قَوْلُهُ، وَهِيَ الْإِبِلُ) وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ الْإِنْسِيَّةُ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُ هُنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ أَعْلَى الْأَبَوَيْنِ سِنًّا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ اعْتِبَارِ أَعْلَى السِّنِينَ مُطْلَقًا قَالَ الْأُشْمُونِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِيمَا تَرَدَّدَ شَبَهُهُ بَيْنَ أَصْلَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ أَمَّا الَّذِي تَمَحَّضَ شَبَهُهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُهُ فِي السِّنِّ فَلَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ ثَوْرٍ وَنَاقَةٍ، وَجَاءَ عَلَى شَكْلِهَا فَالِاعْتِبَارُ بِهَا أَوْ عَلَى شَكْلِهِ فَالِاعْتِبَارُ بِهِ فَإِنْ لَمْ يُشَابِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَالِاعْتِبَارُ بِالْأَكْبَرِ سِنًّا، وَكَذَا إنْ تَرَدَّدَ شَبَهُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، فَإِنْ تَرَجَّحَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَالِاعْتِبَارُ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا يَلْزَمُ الْأُشْمُونِيُّ أَنْ يَقُولَ بِإِجْزَائِهِ عَنْ سَبْعَةٍ إذَا شَابَهَ الْبَقَرَ فَقَطْ، وَأَنْ يَقُولَ بِذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ تُخَالِفُ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ مَا قَالُوهُ مِنْ اعْتِبَارِ أَعْلَى السِّنَّيْنِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ حَتَّى يُعْتَبَرَ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ إلَخْ) لَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ أُنْثَى مِنْ الْبَقَرِ وَذَكَرٍ مِنْ الْمَعْزِ لَمْ يُجْزِ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالْمَعْزُ وَالْبَقَرُ ذُو سَنَتَيْنِ) فَرَّقَ أَصْحَابُنَا بَيْنَ الضَّأْنِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ فِيهِ مِنْ طِيبِ اللَّحْمِ مَا يَجْبُرُ فَوَاتَ السِّنِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. [فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ] (قَوْلُهُ، وَلَا يُجْزِئُ مَا بِهَا مَرَضٌ إلَخْ) وَشَرْطُهَا سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ يُنْقِصُ لَحْمًا، قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ لَا تُجْزِئَ قَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ لِنَقْصِ لَحْمِهَا بَلْ جَزَمَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِأَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ لِنُقْصَانِهَا، وَهُزَالِهَا بِالْوِلَادَةِ غ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَفْهُومُهُ أَنَّ نَقْصَ غَيْرِ اللَّحْمِ لَا يُؤَثِّرُ، وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَإِنَّ مَقْطُوعَةَ الْأَلْيَةِ أَوْ الْأُذُنِ مُؤَثِّرٌ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِلَحْمٍ فَلَوْ قَالَ مَا يُنْقِصُ مَأْكُولَهَا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ أَوْ فَقَدَتْ الْأُذُنَ خَلْقًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ شَلَلُ الْأُذُنِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا إذَا اسْتَحْشَفَتْ بِالْكُلِّيَّةِ مُنِعَتْ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا بَعْضُ حَيَاةٍ فَيُحْتَمَلُ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْبِهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ مِنْ الْمُذَكَّاةِ هَلْ تُؤْكَلُ، وَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ فِي قِصَاصِ الطَّرَفِ فَإِنْ قُلْنَا لَا تُؤْكَلُ امْتَنَعَ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ، وَلَا مَجْنُونَةٌ) ، وَلَا تُجْزِئُ الْهَيْمَاءُ، وَهِيَ الَّتِي لَا تُرْوَى بِقَلِيلِ الْمَاءِ، وَلَا بِكَثِيرِهِ وَالْهُيَامُ بِضَمِّ الْهَاءِ دَاءٌ يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 ذَلِكَ يُورِثُ الْهُزَالَ. (وَيُجْزِئُ الْفَحْلُ وَالْأُنْثَى، وَإِنْ كَثُرَ نَزَوَانُهُ) أَيْ الْفَحْلِ (وَوِلَادَتُهَا) أَيْ الْأُنْثَى، فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ تُجْزِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يُهْزِلُهَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَغَيْرُهُمْ وَفِي بُيُوعِ الرَّوْضَةِ وَصَدَاقِهَا مَا يُوَافِقُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ بِهَا مِنْ نَقْصِ اللَّحْمِ يَنْجَبِرُ بِالْجَنِينِ فَهُوَ كَالْخَصِيِّ وَرُدَّ بِأَنَّ الْجَنِينَ قَدْ لَا يَبْلُغُ حَدَّ الْأَكْلِ كَالْمُضْغَةِ وَبِأَنَّ زِيَادَةَ اللَّحْمِ لَا تَجْبُرُ عَيْبًا بِدَلِيلِ الْعَرْجَاءِ السَّمِينَةِ (وَلَوْ فَقَدَتْ الضَّرْعَ وَالْأَلْيَةَ أَوْ الذَّنَبَ خَلْقًا أَجْزَأَتْ) أَمَّا فِي الْأَوَّلَيْنِ فَكَمَا يُجْزِئُ ذَكَرُ الْمَعْزِ بِخِلَافِ الْمَخْلُوقَةِ بِلَا أُذُنٍ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْأُذُنَ عُضْوٌ لَازِمٌ غَالِبًا، وَأَمَّا فِي الثَّالِثِ فَقِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ (لَا) إنْ كَانَ الْفَقْدُ لِذَلِكَ (بِقَطْعٍ، وَلَوْ لِبَعْضٍ) مِنْهُ (أَوْ) بِقَطْعِ (بَعْضِ لِسَانِهَا) لِحُدُوثِ مَا يُؤَثِّرُ فِي نَقْصِ اللَّحْمِ (وَلَا يَضُرُّ قَطْعُ فِلْقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ) كَفَخِذٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْعُضْوِ لِنُقْصَانِ اللَّحْمِ وَكَوْنِ الْعُضْوِ لَازِمًا لِلْجِنْسِ. (وَيُجْزِئُ خَصِيٌّ وَمَوْجُوءٌ) أَيْ مَرْضُوضُ عُرُوقِ الْبَيْضَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ اللَّحْمَ طِيبًا وَكَثْرَةً وَبِهِ يَنْجَبِرُ مَا فَاتَ مِنْ الْبَيْضَتَيْنِ مَعَ أَنَّهُمَا لَا يُؤْكَلَانِ عَادَةً بِخِلَافِ الْأُذُنِ (، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ الْقَرْنِ وَ) لَا (كَسْرٌ) لَهُ (لَمْ يَعِبْ اللَّحْمَ) ، وَإِنْ دَمِيَ بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّ الْقَرْنَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَبِيرُ غَرَضٍ فَإِنْ عِيبَ اللَّحْمُ ضَرَّ كَالْجَرَبِ وَغَيْرِهِ (وَغَيْرِهَا) ، وَهِيَ ذَاتُ الْقَرْنِ (أَوْلَى) لِلِاتِّبَاعِ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ «خَيْرُ التَّضْحِيَةِ الْكَبْشُ الْأَقْرَنُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ؛ وَلِأَنَّهَا أَحْسَنُ مَنْظَرًا بَلْ يُكْرَهُ غَيْرُهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَلَا يَمْنَعُ) مِنْ الْإِجْزَاءِ (ذَهَابُ بَعْضِ الْأَسْنَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الِاعْتِلَافِ وَنَقْصِ اللَّحْمِ (فَلَوْ ذَهَبَ الْكُلُّ مُنِعَ) ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّر فِي ذَلِكَ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَهَابَ الْبَعْضِ إذَا أَثَّرَ يَكُونُ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَيُجْزِئُ مَكْسُورُ سِنٍّ أَوْ سِنَّيْنِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ (فَرْعٌ) فِي صِفَةِ الْكَمَالِ (اسْتِكْثَارُ الْقِيمَةِ) فِي الْأُضْحِيَّةِ بِنَوْعٍ (أَفْضَلُ مِنْ) اسْتِكْثَارِ (الْعَدَدِ) مِنْهُ (بِخِلَافِ الْعِتْقِ) ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ دِينَارٌ وَوَجَدَ بِهِ شَاةً سَمِينَةً وَشَاتَيْنِ دُونَهَا فَالشَّاةُ أَفْضَلُ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ أَلْفٌ وَأَرَادَ عِتْقَ مَا يَشْتَرِيهِ بِهَا فَعَبْدَانِ خَسِيسَانِ أَفْضَلُ مِنْ عَبْدٍ نَفِيسٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا اللَّحْمُ، وَلَحْمُ السَّمِينِ أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْعِتْقِ التَّخْلِيصُ مِنْ الرِّقِّ وَتَخْلِيصُ عَدَدٍ أَوْلَى مِنْ تَخْلِيصِ وَاحِدٍ (وَاللَّحْمُ) أَيْ كَثْرَتُهُ (خَيْرٌ مِنْ) كَثْرَةِ (الشَّحْمِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَحْمًا رَدِيئًا وَأَجْمَعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ السَّمِينِ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَاسْتَحَبُّوا تَسْمِينَهَا فَالسَّمِينَةُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا لِمَا مَرَّ فِي بَابِ الْهَدْيِ (وَأَفْضَلُهَا الْبَدَنَةُ، ثُمَّ الْبَقَرَةُ، ثُمَّ الضَّأْنُ، ثُمَّ الْمَعْزُ) ، ثُمَّ شِرْكٌ مِنْ بَدَنَةٍ، ثُمَّ مِنْ بَقَرَةٍ اعْتِبَارًا بِكَثْرَةِ اللَّحْمِ غَالِبًا وَلِانْفِرَادِهِ بِإِرَاقَةِ دَمٍ فِيمَا قَبْلَ الشِّرْكِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِي الرَّوَاحِ إلَى الْجُمُعَةِ تَقْدِيمُ الْبَدَنَةِ، ثُمَّ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ الْكَبْشِ (وَسَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ مِنْ بَدَنَةٍ) بَعِيرٍ أَوْ بَقَرَةٍ؛ لِأَنَّ لَحْمَهَا أَطْيَبُ وَالدَّمَ الْمُرَاقَ لِذَبْحِهَا أَكْثَرُ، وَالْقُرْبَةُ تَزِيدُ بِحَسَبِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُؤَدِّي التَّعَارُضُ فِي مِثْلِ هَذَا إلَى التَّسَاوِي، وَلَمْ يَذْكُرُوهُ (وَالْبَيْضَاءُ أَفْضَلُ، ثُمَّ الصَّفْرَاءُ) ، وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ الْعَفْرَاءُ) ، وَهِيَ الَّتِي لَا يَصْفُو بَيَاضُهَا، ثُمَّ الْبَلْقَاءُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. (ثُمَّ السَّوْدَاءُ) قِيلَ: لِلتَّعَبُّدِ وَقِيلَ: لِحُسْنِ الْمَنْظَرِ وَقِيلَ لِطِيبِ اللَّحْمِ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ خَبَرَ «لَدَمُ عَفْرَاءَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ» وَجَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ قَبْلَ الْأَبْلَقِ الْأَحْمَرَ (وَالذَّكَرُ أَفْضَلُ) مِنْ الْأُنْثَى؛ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَطْيَبُ مِنْ لَحْمِهَا (فَإِنْ كَثُرَ نَزَوَانُهُ فَضَلَتْهُ) الْأُنْثَى (الَّتِي لَمْ تَلِدْ) ؛ لِأَنَّهَا أَطْيَبُ وَأَرْطَبُ لَحْمًا، وَعَلَيْهَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ وَالْأُنْثَى أَحَبُّ إلَيَّ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى جَزَاءِ الصَّيْدِ إذَا قُوِّمَتْ لِإِخْرَاجِ الطَّعَامِ وَالْأُنْثَى أَكْثَرُ قِيمَةً، وَلَمْ يُصَحِّحْ فِي الْأَصْلِ وَالْمَجْمُوعِ شَيْئًا مِنْ الْحَمْلَيْنِ نَعَمْ صَحَّحَ الْجُوَيْنِيُّ فِي فُرُوقِهِ الْأَوَّلَ وَنَسَبَ فِي الذَّخَائِرِ الثَّانِي لِلْأَصْحَابِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَمْلَيْنِ صَحِيحٌ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمُنَاسِبُ هُنَا إنَّمَا هُوَ الْأَوَّلُ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. (فَصْلٌ الشَّاةُ) تُجْزِئُ (عَنْ وَاحِدٍ فَإِنْ ذَبَحَهَا عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِهِ أَوْ عَنْهُ وَأَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي ثَوَابِهَا جَازَ) وَعَلَيْهِمَا حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» ، وَهِيَ فِي الْأَوْلَى سُنَّةُ كِفَايَةٍ تَتَأَدَّى بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ كَالِابْتِدَاءِ بِالسَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ لِذَلِكَ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ) وَنَقَلَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ اللَّحْمُ وَالْحَمْلَ يُهْزِلُهَا وَيَقِلُّ بِسَبَبِهِ لَحْمُهَا (قَوْلُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْجَنِينَ إلَخْ) وَأَيْضًا فَلَحْمُ الْحَامِلِ رَدِيءٌ ع (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَهَابَ الْبَعْضِ إذَا أَثَّرَ يَكُونُ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ فِي صِفَةِ الْكَمَالِ فِي الْأُضْحِيَّةِ] صِفَةِ الْكَمَالِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ شِرْكٌ مِنْ بَدَنَةٍ وَشَاةٍ أَفْضَلُ مِنْ مُشَارَكَةٍ بِقَدْرِهَا فِي بَعِيرٍ أَوْ بَقَرَةٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: صَرَّحَ فِي التَّهْذِيبِ فِيهِ بِوَجْهَيْنِ كَقِرَاءَةِ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِ طَوِيلَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا شَارَكَ بِسُبُعِهَا بَدَلًا عَنْ الشَّاةِ لَا مُطْلَقًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ إنَّمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ إذَا شَارَكَ فِي سُبُعٍ مَثَلًا وَسَكَتُوا عَمَّا إذَا شَارَكَ وَاحِدٌ خَمْسَةً فِي بَعِيرٍ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ تَفْضِيلَ الشَّاةِ أَيْضًا وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْوَافِي تَفَقُّهًا (قَوْلُهُ، ثُمَّ السَّوْدَاءُ) لَوْ تَعَارَضَ أَسْوَدُ سَمِينٌ وَأَبْيَضُ هَزِيلٌ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْأَسْوَدِ اهـ. قَالَ صَاحِبُ الْأَسْرَارِ إلَّا أَنْ تَكُونَ السَّوْدَاءُ أَسْمَنَ فَهِيَ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَطْيَبُ مِنْ لَحْمِهَا) الْقِيَاسُ تَفْضِيلُ الذَّكَرِ عَلَى الْخُنْثَى وَتَفْضِيلُ الْخُنْثَى عَلَى الْأُنْثَى لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ [فَصْلٌ الشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ فِي الْأُضْحِيَّةَ فَإِنْ ذَبَحَهَا عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِهِ جَازَ] (قَوْلُهُ تَتَأَدَّى بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي حَقِّ مَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ فَصَارَتْ مُبَاهَاةً وَظَاهِرٌ أَنَّ الثَّوَابَ فِيمَا ذُكِرَ لِلْمُضَحِّي خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ كَمَا فِي الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ. (فَرْعٌ تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ) كَمَا تُجْزِئُ عَنْهُمْ فِي التَّحَلُّلِ لِلْإِحْصَارِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» وَظَاهِرٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَنَا أَنْ نُشْرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كُلَّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ» (وَلَهُمْ الْقِسْمَةُ) أَيْ قِسْمَةُ اللَّحْمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قِسْمَتَهُ كَسَائِرِ الْمُتَشَابِهَاتِ إفْرَازٌ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ هُنَا وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. (وَلَوْ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي شَاتَيْنِ) لِلتَّضْحِيَةِ أَوْ غَيْرِهَا كَالْهَدْيِ (لَمْ يَجُزْ) اقْتِصَارًا عَلَى مَا وَرَدَ الْخَبَرُ بِهِ وَلِتَمَكُّنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الِانْفِرَادِ بِوَاحِدَةٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَازِ إعْتَاقِ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ عَنْ الْكَفَّارَةِ: بِأَنَّ التَّشْقِيصَ عَيْبٌ وَمُطْلَقُ الْعَيْبِ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِي الْأُضْحِيَّةِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ إنَّمَا هُوَ عَيْبٌ يُنْقِصُ اللَّحْمَ لَا مُطْلَقُ الْعَيْبِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِاخْتِلَافِ الْمَأْخَذِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخَذَ ثَمَّ تَخْلِيصُ رَقَبَةٍ مِنْ الرِّقِّ وَقَدْ وُجِدَ بِذَلِكَ، وَهُنَا التَّضْحِيَةُ بِشَاةٍ، وَلَمْ تُوجَدْ بِمَا فَعَلَ (وَلَوْ ضَحَّى بِبَدَنَةٍ) مِنْ بَعِيرٍ أَوْ بَقَرَةٍ بَدَلَ شَاةٍ وَاجِبَةٍ (فَالزَّائِدُ عَلَى السُّبْعِ تَطَوُّعٌ) وَ (يَصْرِفُهُ) أَيْ الزَّائِدَ (إلَى أَنْوَاعِ) مَصْرِفِ أُضْحِيَّةِ (التَّطَوُّعِ) مِنْ إهْدَاءٍ وَتَصَدُّقٍ (إنْ شَاءَ) ، وَإِنْ شَاءَ فَعَلَ فِيهِ مَا يَفْعَلُ فِي سَائِرِ الضَّحَايَا الْمُتَطَوَّعِ بِهَا مِنْ أَكْلٍ وَإِهْدَاءٍ وَتَصَدُّقٍ وَقَوْلُهُ وَيَصْرِفُهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا سَيَأْتِي. (الشَّرْطُ الثَّانِي الْوَقْتُ) أَيْ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ (وَهُوَ مِنْ حِينِ يَمْضِي قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَانِ مِنْ طُلُوعِ شَمْسِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَوْ) كَانَتْ الْأُضْحِيَّةُ (مَنْذُورَةً) ، فَلَوْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَقَعْ أُضْحِيَّةً لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا نُصَلِّي، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَذْبَحَنَّ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ» وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ «فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» قَالُوا وَالْمُرَادُ بِالْأَخْبَارِ التَّقْدِيرُ بِالزَّمَانِ لَا بِفِعْلِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِالزَّمَانِ أَشْبَهُ بِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا؛ وَلِأَنَّهُ أَضْبَطُ لِلنَّاسِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالْبَوَادِي (وَيَقْضِي) الْمَنْذُورَةَ وُجُوبًا إذَا فَاتَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ قَدْ لَزِمَهُ فَلَمْ يَسْقُطْ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ وَمِثْلُهَا مَا لَوْ قَالَ: جَعَلْت هَذِهِ أُضْحِيَّةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (دُونَ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا) فَلَا تُقْضَى (فَإِنْ ذَبَحَ الْمُتَطَوَّعُ بِهَا) بَعْدَ فَوَاتِ الْوَقْتِ (فَهِيَ صَدَقَةٌ) إنْ تَصَدَّقَ بِهَا فَيُثَابُ ثَوَابَ الصَّدَقَةِ لَا الْأُضْحِيَّةِ، وَإِنْ ضَحَّى بِهَا فِي سَنَةٍ أُخْرَى وَقَعَتْ عَنْهَا لَا عَنْ الْأُولَى (وَيُكْرَهُ الذَّبْحُ بِاللَّيْلِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْأُضْحِيَّةِ وَفِيهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ الْخَطَأَ فِي الْمَذْبَحِ؛ وَلِأَنَّ الْفُقَرَاءَ لَا يَحْضُرُونَ فِيهِ حُضُورَهُمْ بِالنَّهَارِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا مَعْنًى لِكَرَاهَةِ الذَّبْحِ إذَا تَرَجَّحَتْ مَصْلَحَتُهُ أَوْ دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَأَنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ نَهْيًا أَوْ احْتَاجَ هُوَ وَأَهْلُهُ إلَى الْأَكْلِ مِنْهَا أَوْ نَزَلَ بِهِ أَضْيَافٌ أَوْ حَضَرَ مَسَاكِينُ الْقَرْيَةِ، وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَى الْأَكْلِ مِنْهَا. (الشَّرْطُ الثَّالِثُ الذَّابِحُ) ، وَهُوَ مَنْ تَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُ وَالْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ كَمَا سَيَأْتِي (وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَذْبَحَ الْمُضَحِّي) بِنَفْسِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّ التَّضْحِيَةَ قُرْبَةٌ فَتُسَنُّ مُبَاشَرَتُهَا (أَوْ يُوَكِّلَ) فِي ذَلِكَ (مُسْلِمًا فَقِيهًا) بِبَابِ الضَّحَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَى مِائَةَ بَدَنَةٍ فَنَحَرَ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ أَيْ فِي ثَوَابِهِ وَأَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجَعَلَهَا فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَ مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَ مِنْ مَرَقِهَا» ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْلِم أَهْل لِقُرْبَةٍ وَالْفَقِيهَ أُعْرَفُ بِوَاجِبَاتِ الذَّبْحِ وَسُنَنِهِ وَأَوْ فِي كَلَامِهِ   [حاشية الرملي الكبير] نَفَقَتُهُ مِنْهُمْ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْجَارِ غ وَقَوْلُهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الثَّوَابَ فِيمَا ذُكِرَ لِلْمُضَحِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ فِي الْأُضْحِيَّةَ] (قَوْلُهُ، وَلَوْ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي شَاتَيْنِ) قَالَ شَيْخُنَا مِثْلُ الشَّاتَيْنِ الشِّيَاهُ (قَوْلُهُ مِنْ طُلُوعِ شَمْسِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَخْ) وَيَوْمُ النَّحْرِ أَفْضَلُ وَإِنْ ضَحَّى بِعَدَدٍ (قَوْلُهُ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ قَالَ الدَّارِمِيُّ لَوْ وَقَفُوا بِعَرَفَاتٍ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ غَلَطًا حُسِبَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ، وَإِنْ وَقَفُوا الثَّامِنَ وَذَبَحُوا يَوْمَ التَّاسِعِ، ثُمَّ بَانَ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ إعَادَةُ التَّضْحِيَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَالتَّطَوُّعُ تَبَعٌ لِلْحَجِّ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَأَعَادَهُ كَانَ حَسَنًا اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَمْ أَرَ الدَّارِمِيَّ صَرَّحَ بِلَفْظِ الْأُضْحِيَّةِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْهَدْيَ وَالشَّيْخُ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا إثْرَ كَلَامِهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَسَبَقَ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ لَوْ اشْتَبَهَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَوَقَفُوا وَنَحَرُوا فَوَافَقَ مَا قَبْلَهُ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَحِينَئِذٍ يُسْتَثْنَى هُنَا صُورَتَانِ: النِّسْيَانُ وَالْغَلَطُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَاجِبَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَا أَحْسِبُ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِالتَّقْدِيمِ عَمْدًا فِي الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ «فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» ) ؛ وَلِأَنَّ ثَالِثَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ فِي الرَّمْيِ وَتَحْرِيمِ الصَّوْمِ فَكَذَلِكَ الذَّبْحُ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ قَدْ لَزِمَهُ) فَيَلْزَمُهُ ذَبْحُهَا فِي أَوَّلِ وَقْتٍ يَلْقَاهُ بَعْدَ النَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا بِاللَّفْظِ أُضْحِيَّةً فَتَعَيَّنَ لِذَبْحِهَا وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ وَخَالَفَ هَذَا الْمَنْذُورَ وَالْكَفَّارَاتِ حَيْثُ لَا تَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهَا فِيمَا أُرْسِلَ فِي الذِّمَّةِ، وَهَاهُنَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْعَيْنِ، وَالْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّأْجِيلِ، وَلِهَذَا يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ الْمَنْذُورَةِ بِنَفْسِ النَّذْرِ عَلَى الْأَصَحِّ ر (قَوْلُهُ فَإِنْ ذَبَحَ الْمُتَطَوَّعَ بِهَا إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ خَرَّجْتُمْ قَضَاءَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي قَضَاءِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ قُلْنَا الرَّوَاتِبُ إذَا فَاتَتْ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهَا أَدَاءً فَلَوْ لَمْ نَقْضِهَا لَتَحَقَّقَ فَوَاتُهَا وَالْأُضْحِيَّةُ إنْ فَاتَتْ فِي سَنَةٍ أَمْكَنَ تَدَارُكُهَا فِي أُخْرَى إذْ الْوَقْتُ قَابِلٌ لِأَضَاحِيَّ فَلَا يَنْقَدِحُ مَعْنَى الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا مَعْنَى لِكَرَاهَةِ الذَّبْحِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 537 لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ، فَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِقَوْلِهِ، وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ كَانَ أَوْلَى نَعَمْ الْأَوْلَى لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى أَنْ يُوَكِّلَا رَجُلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُ التَّوْكِيلِ لِكُلِّ مَنْ ضَعُفَ عَنْ الذَّبْحِ مِنْ الرِّجَالِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهُ لِلْأَعْمَى وَكُلِّ مَنْ تُكْرَهُ ذَكَاتُهُ (وَ) أَنْ (يَحْضُرَ) الذَّبْحَ إذَا وَكَّلَ فِيهِ لِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفَاطِمَةَ قُومِي إلَى أُضْحِيَّتِكِ فَاشْهَدِيهَا فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا يُغْفَرُ لَكِ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِك» (وَيُجْزِئُ كِتَابِيٌّ) أَيْ تَوْكِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلذَّبْحِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْتَانَ الْمُسْلِم فِي قُرَبِهِ بِالْكَافِرِ كَمَا يَعْتَانُ بِهِ فِي قِسْمَةِ الزَّكَاةِ، وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ كَالْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ إذْ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ (وَيُكْرَهُ صَبِيٌّ وَأَعْمَى) أَيْ تَوْكِيلُهُمَا (وَالْحَائِضُ) أَيْ تَوْكِيلُهَا (أَوْلَى مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ تَوْكِيلِهِمَا، وَلَا يُكْرَهُ تَوْكِيلُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ نَهْيٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَكَالْحَائِضِ النُّفَسَاءُ وَذِكْرُ الْأَعْمَى مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَذَكَرَ أَنَّ الْحَائِضَ أَوْلَى مِنْهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَالصَّبِيُّ) الْمُسْلِمُ أَيْ تَوْكِيلُهُ (أَوْلَى مِنْ) تَوْكِيلِ (الْكِتَابِيِّ) وَمِثْلُهُ الْأَعْمَى كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ فِي ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ. (وَلَا بُدَّ) فِي التَّضْحِيَةِ (مِنْ النِّيَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ (وَلَوْ قَبْلَ الذَّبْحِ) عِنْدَ تَعْيِينِ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ (وَلَوْ عَيَّنَ شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ) بِأَنْ قَالَ جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً (أَوْ) عَيَّنَهَا (عَنْ نَذْرٍ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ تُجْزَ عَنْ نِيَّةِ الذَّبْحِ) لِلْأُضْحِيَّةِ فَلَا يَكْفِي تَعْيِينُهَا؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهَا فَوَجَبَتْ النِّيَّةُ فِيهَا (وَلَوْ نَوَى دُونَ وَكِيلِهِ، وَلَوْ عِنْدَ الدَّفْعِ) أَيْ دَفْعِ الْأُضْحِيَّةِ (إلَيْهِ) أَوْ تَعْيِينِهِ لَهَا (كَفَى) فَلَا حَاجَةَ إلَى نِيَّةِ الْوَكِيلِ بَلْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُضَحٍّ لَمْ يَضُرَّ (وَيَجُوزُ تَفْوِيضُهَا إلَى الْوَكِيلِ الْمُسْلِمِ) الْمُمَيِّزِ كَمَا يُفَوِّضُ إلَيْهِ الذَّبْحَ، وَكَمَا فِي الزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْكِتَابِيِّ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُمْ. (، وَلَا أُضْحِيَّةَ لِرَقِيقٍ) ، وَلَوْ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ وَضَحَّى فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَاتَبٍ (وَقَعَتْ لِلسَّيِّدِ) أَيْ عَنْهُ أَوْ مُكَاتَبًا (وَ) قَعَتْ (عَنْ الْمُكَاتَبِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْهُ تَبَرُّعٌ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ سَيِّدُهُ وَيُوَجَّهُ وُقُوعُهَا عَنْ السَّيِّدِ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ بِالْإِذْنِ بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ وَيَدَهُ كَيَدِهِ (وَلِمَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ أَنْ يُضَحِّيَ بِمَا يَمْلِكُهُ) بِحُرِّيَّتِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ (، وَلَا يُضَحِّي أَحَدٌ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (وَلَوْ) كَانَ (مَيِّتًا) فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَقَعَتْ عَنْهُ، وَصُورَةُ الْإِذْنِ فِي الْمَيِّتِ أَنْ يُوصِيَ بِهَا وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِكَبْشَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنِي أَنْ أُضَحِّيَ عَنْهُ أَبَدًا» فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَقَعُ عَنْهُ، وَلَا عَنْ غَيْرِهِ إذَا ضَحَّى عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (نَعَمْ تَقَعُ عَنْ الْمُضَحِّي) أُضْحِيَّةٌ (مُعَيَّنَةٌ بِالنَّذْرِ) مِنْهُ فَمُعَيَّنَةٌ مَرْفُوعٌ بِالْفَاعِلِيَّةِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ بِالْحَالِيَّةِ. (الشَّرْطُ الرَّابِعُ الذَّبْحُ، وَلَا يَحِلُّ حَيَوَانٌ) مَأْكُولٌ (مَقْدُورٌ عَلَيْهِ غَيْرَ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ) إنْسِيًّا كَانَ أَوْ وَحْشِيًّا أُضْحِيَّةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا (إلَّا بِالتَّذْفِيفِ بِقَطْعِ جَمِيعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ) حَالَةَ كَوْنِ الْقَطْعِ (مَحْضًا) أَيْ خَالِصًا (وَالْحَيَاةِ مُسْتَقِرَّةٌ لَا بِعَظْمٍ وَظُفُرٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا لَاقُو الْعَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ قَالَ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ» وَأُلْحِقَ بِهِمَا بَاقِي الْعِظَامُ وَسَيَأْتِي فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ اسْتِيفَاءُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ جَمِيعُ تَأْكِيدٍ (وَلَا يُقْطَعُ) الرَّأْسُ (بِإِلْصَاقِ السِّكِّينِ بِاللَّحْيَيْنِ) فَوْقَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهَا، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ صَدْرُ كَلَامِهِ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ، وَلَوْ جَعَلَهُ مِثَالًا لَهُ كَانَ أَوْلَى (فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهُمَا أَوْ اخْتَطَفَ رَأْسَ عُصْفُورٍ) أَوْ غَيْرِهِ (بِبُنْدُقَةٍ) أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ بَقِيَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ شَيْءٌ (يَسِيرٌ) فَمَاتَ الْحَيَوَانُ أَوْ قُطِعَ بَعْدَ رَفْعِ السِّكِّينِ مَا بَقِيَ بَعْدَ انْتِهَائِهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ (فَمَيْتَةٌ وَيَعْصَى بِالذَّبْحِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَذْبَحَ الْمُضَحِّي بِنَفْسِهِ) وَأَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِهِ بِمَشْهَدِ أَهْلِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُ التَّوْكِيلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ) بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37] (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَفْوِيضُهَا إلَى الْوَكِيلِ الْمُسْلِمِ إلَخْ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ ذَبَحَ الْمُوَكِّلُ أَوْ وَكَّلَ بِالذَّبْحِ مُسْلِمًا آخَرَ أَوْ ذِمِّيًّا (قَوْلُهُ وَصُورَةُ الْإِذْنِ فِي الْمَيِّتِ أَنْ يُوصِيَ بِهَا) هَذَا فِي أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ أُضْحِيَّةٌ مَنْذُورَةٌ وَمَاتَ، وَلَمْ يُوصِ بِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ عَنْهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ تَقَعُ عَنْ الْمُضَحِّي مُعَيَّنَةً) يُسْتَثْنَى أَيْضًا تَضْحِيَةُ الْوَلِيِّ مِنْ مَالِهِ عَنْ مَحَاجِيرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الَّذِي أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَلَا تَصِحُّ التَّضْحِيَةُ عَنْ الْحَمْلِ كَمَا لَا تُخْرَجُ عَنْهُ الْفِطْرَةُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ الْمَحْجُورِ مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ بِقَطْعِ جَمِيعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا قَطَعَ الْبَعْضَ وَانْتَهَى الْحَيَوَانُ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، ثُمَّ قَطَعَ بَعْدُ فَلَا يَحِلُّ نَعَمْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ قَطَعَ ذَلِكَ فِي مَرَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ فَلَوْ قَالَا: فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ لَكَانَ أَصْوَبَ وَكَتَبَ أَيْضًا الْكَلَامَ فِي الذَّكَاةِ اسْتِقْلَالًا فَلَا يَرِدُ الْجَنِينُ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ فِيهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَا يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ الصَّيْدُ الَّذِي قَتَلَهُ سَهْمٌ أَوْ جَارِحَةٌ، وَكَذَا الْحَيَوَانُ الَّذِي يَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ يَنِدُّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَيْثُ أَمْكَنَ فَإِنَّ ذَلِكَ ذَكَاةٌ لَهُمَا قَالَ، وَكَذَا الْجَنِينُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَإِنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ وَيَحْرُمُ ذَبْحُ رَمَكَةٍ حَامِلٍ بِبَغْلٍ (قَوْلُهُ وَالْحَيَاةُ مُسْتَقِرَّةٌ) الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ وَالْمُسْتَمِرَّةُ وَعَيْشُ الْمَذْبُوحِ: اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تَقَعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ وَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهَا، فَأَمَّا الْمُسْتَمِرَّةُ فَهِيَ الْبَاقِيَةُ إلَى انْقِضَاءِ الْأَجَلِ إمَّا بِمَوْتٍ أَوْ قَتْلٍ وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ هِيَ أَنْ تَكُونَ الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ وَمَعَهَا الْحَرَكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ دُونَ الِاضْطِرَارِيَّةِ كَالشَّاةِ إذَا أَخْرَجَ الذِّئْبُ حِشْوَتَهَا وَأَبَانَهَا، وَأَمَّا حَيَاةُ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ فَهِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهَا إبْصَارٌ، وَلَا نُطْقٌ، وَلَا حَرَكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 538 وَمِنْ الْقَفَا وَ) مِنْ (الصَّفْحَةِ) أَيْ الصَّفْحَةِ الْعُنُقِ (وَ) مِنْ (إدْخَالِ السِّكِّينِ فِي الْأُذُنِ) لِزِيَادَةِ الْإِيلَامِ (فَإِنْ وَصَلَ الْمَذْبَحَ) فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (وَالْحَيَاةُ مُسْتَقِرَّةٌ فَقَطَعَ) هـ (حَلَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ جِلْدَتَهُمَا) أَيْ الْحُلْقُومِ الْمَرِيءِ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ الْحَيَوَانِ، ثُمَّ ذَبَحَهُ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْمَذْبَحَ أَوْ وَصَلَهُ، وَالْحَيَاةُ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ فَقَطَعَهُ لَمْ يَحِلَّ (وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اسْتِقْرَارِ الْحَيَاةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي قَطْعِهِمَا) جَمِيعِهِمَا أَوْ مَجْمُوعِهِمَا بِأَنْ انْتَهَى بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ لِمَا نَالَهُ بِسَبَبِ قَطْعِ الْقَفَا وَالصَّفْحَةِ وَإِدْخَالِ السِّكِّينِ فِي الْأُذُنِ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا وَقَعَ التَّعَبُّدُ بِهِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ بِقَطْعِ الْمَذْبَحِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ مَنْ (تَأَنَّى فِي الذَّبْحِ فَلَمْ يُتِمَّهُ حَتَّى ذَهَبَ اسْتِقْرَارُهَا) أَيْ الْحَيَاةِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ فِي التَّأَنِّي بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ، وَلَوْ لَمْ نُحَلِّلْهُ أَدَّى إلَى حَرَجٍ. (وَإِنْ ذَبَحَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةَ (وَأَخْرَجَ آخِرَ حِشْوَتِهَا) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا أَيْ أَمْعَاءَهَا أَوْ نَخَسَ خَاصِرَتَهَا (مَعًا لَمْ يَحِلَّ) ؛ لِأَنَّ التَّذْفِيفَ لَمْ يَتَمَحَّضْ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ قَالَ فِي الْأَصْلِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَا قَطَعَ بِهِ الْحُلْقُومَ مِمَّا يُذَفِّفُ لَوْ انْفَرَدَ، أَوْ كَأَنْ يُعِينَ عَلَى التَّذْفِيفِ ر وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ الْمُشَارِكُ غَيْرَ مُذَفِّفٍ لَوْ انْفَرَدَ وَتَوَقَّفَ الرَّافِعِيُّ وَمَالَ إلَى الْحِلِّ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ جَرَحَا آدَمِيًّا وَكَانَ أَحَدُهُمَا مُذَفِّفًا دُونَ الْآخَرِ حَيْثُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْآخَرِ وَمَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا لَكِنْ فَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ الدَّمِ وَالتَّحْرِيمُ يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَابِ التَّحْرِيمُ، وَلَوْ اقْتَرَنَ قَطْعُ الْحُلْقُومِ بِقَطْعِ رَقَبَةِ الشَّاةِ مِنْ قَفَاهَا بِأَنْ أَجْرَى سِكِّينًا مِنْ الْقَفَا وَسِكِّينًا مِنْ الْحُلْقُومِ حَتَّى الْتَقَتَا فَهِيَ مَيْتَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ التَّذْفِيفَ إنَّمَا حَصَلَ بِذَبْحَيْنِ وَيُؤْخَذُ مِنْ اعْتِبَارِ تَمَحَّضَ الْقَطْعِ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ بِسِكِّينٍ مَسْمُومٍ بِسُمٍّ مُوحٍ حَرُمَ، ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (وَالْحُلْقُومُ مَجْرَى النَّفَسِ) خُرُوجًا وَدُخُولًا (وَالْمَرِيءُ) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ (مَجْرَى الطَّعَامِ) وَالشَّرَابِ (وَالْوَدَجَانِ) بِفَتْحِ الدَّالِ (عِرْقَانِ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ أَيْ وَرَاءَهُمَا فِي صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ مُحِيطَانِ بِالْحُلْقُومِ (يُسْتَحَبُّ قَطْعُهُمَا) مَعَ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ أَوْحَى وَأَرْوَحُ لِلذَّبِيحَةِ، وَالْغَالِبُ أَنَّهُمَا مَا يَنْقَطِعَانِ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ قَطْعُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يُسَلَّانِ مِنْ الْحَيَوَانِ فَيَبْقَى وَمَا هَذَا شَأْنُهُ لَا يُشْتَرَطُ قَطْعُهُ كَسَائِرِ الْعُرُوقِ (فَإِنْ جُرِحَ الْحَيَوَانُ أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ سَيْفٌ) أَوْ نَحْوُهُ وَفِي نُسْخَةٍ سَقْفٌ (وَبَقِيَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، وَلَوْ) عُرِفَتْ (بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ) أَوْ انْفِجَارِ الدَّمِ (فَذَبَحَهُ حَلَّ) ، وَإِنْ تَيَقَّنَ هَلَاكَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ (فَلَا) يَحِلُّ لِوُجُودِ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ مِمَّا ذُكِرَ وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ وَمَا صِدْت بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَكُلْ» وَقَوْلُهُ، وَلَوْ بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَصَلَ بِجَرْحٍ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَفِيهِ شِدَّةُ الْحَرَكَةِ، ثُمَّ ذُبِحَ لَمْ يَحِلَّ، وَالْمُرَادُ بِهِ إنَّمَا هُوَ مَعْرِفَةُ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ حَالَةَ الذَّبْحِ، فَلَوْ أَخَّرَهُ مَعَ الْجُمْلَةِ قَبْلَهُ كَأَصْلِهِ كَانَ حَسَنًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ عِنْدَ الذَّبْحِ تَارَةً تَتَيَقَّنُ وَتَارَةً تُظَنُّ بِعَلَامَاتٍ وَقَرَائِنَ فَمِنْهَا الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ بَعْدَ الذَّبْحِ وَانْفِجَارُ الدَّمِ وَتَدَفُّقُهُ (وَلَوْ شَكَكْنَا فِي اسْتِقْرَارِهَا حَرُمَ) لِلشَّكِّ فِي الْمُبِيحِ وَتَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (فَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ) مِمَّا ذُكِرَ (بَلْ مَرِضَ) ، وَلَوْ بِأَكْلِهِ نَبَاتًا مُضِرًّا (أَوْجَاعَ فَذَبَحَهُ) وَقَدْ صَارَ (آخِرَ رَمَقٍ حَلَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُحَالُ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ قَتْلًا وَمَسْأَلَةُ الْجُوعِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَصْلٌ) فِي سُنَنِ الذَّبْحِ (يُسَنُّ تَحْدِيدِ الشَّفْرَةِ) بِفَتْحِ الشِّينِ أَيْ السِّكِّينِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» وَأَفْهَمَ سَنُّ تَحْدِيدِهَا أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ بِسِكِّينٍ كَالٍّ حَلَّ وَمَحِلُّهُ أَنْ لَا يَكُونَ كَلَالُهَا غَيْرَ قَاطِعٍ إلَّا بِشِدَّةِ اعْتِمَادِ وَقُوَّةِ الذَّابِحِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ؛ لِأَنَّهُ يُذَفِّفُ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ مَحْضًا وَسَيَأْتِي هَذَا فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ (وَ) يُسَنُّ (الذَّبْحُ بِقُوَّةٍ) بِأَنْ يُمِرَّ السِّكِّينَ بِتَحَامُلٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا لِيَكُونَ أَوْحَى وَأَسْهَلَ (وَكَذَا) يُسَنُّ (الِاسْتِقْبَالُ) أَيْ اسْتِقْبَالُ الذَّابِحِ الْقِبْلَةَ (وَ) الِاسْتِقْبَالُ (بِمَذْبَحِهَا) إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ، وَلَا يُوَجِّهُ وَجْهَهَا إلَيْهَا لِيَتَمَكَّنَ هُوَ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ (وَالِاسْتِقْبَالُ) الْمَذْكُورُ فِي الْأُضْحِيَّةِ (وَالْهَدْيِ آكَدُ) مِنْهُ فِي غَيْرِهِمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ فِي الْعِبَادَاتِ مُسْتَحَبٌّ وَفِي بَعْضِهَا وَاجِبٌ، وَكَالْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ فِي ذَلِكَ الْعَقِيقَةُ، وَلَعَلَّهُمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ، وَلَوْ بِشِدَّةٍ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ مَمْنُوعٌ، وَكَذَا مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الْحِلِّ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْحَرَكَةَ الشَّدِيدَةَ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ بِأَكْلِهِ نَبَاتًا مُضِرًّا) لَوْ انْتَهَى الْحَيَوَانُ إلَى أَدْنَى الرَّمَقِ بِأَكْلِ نَبَاتٍ مُضِرٍّ فَذَكَرَ الْقَاضِي مَرَّةً فِيهَا وَجْهَيْنِ، وَجَزَمَ مَرَّةً بِالتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ كَذَا نَقَلَاهُ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ، وَلَوْ أَكَلَتْ بَهِيمَةٌ نَبَاتًا مُضِرًّا وَصَارَتْ إلَى أَدْنَى الرَّمَقِ فَذُبِحَتْ حَرُمَتْ، وَكَذَا لَوْ وَقَعَتْ قُرْحَةٌ أَوْ أَكَلَهُ فِيهَا وَصَيَّرَهَا إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَذُبِحَتْ قَالَ شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إذَا قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ هُنَا لَا يُخَالِفُهُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ بِأَكْلِ نَبَاتٍ حَلَّ إذْ كَلَامُهُ مَفْرُوضٌ فِي بَهِيمَةٍ وَصَلَتْ لِذَلِكَ بِمَرَضٍ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُهُ أَكْلَ النَّبَاتِ فَالْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمَرَضُ، وَلَيْسَ بِمَانِعٍ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ فِيمَنْ وَصَلَتْ لِأَدْنَى الرَّمَقِ بِأَكْلِ النَّبَاتِ الْمُضِرِّ فَلَا تَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 إنَّمَا تَرَكُوهَا هُنَا لِقَوْلِهِمْ فِي بَابِهَا: إنَّهَا كَالْأُضْحِيَّةِ. (وَ) تُسَنُّ (التَّسْمِيَةُ) بِأَنْ يَقُولَ بِاسْمِ اللَّهِ (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الذَّبْحِ وَ) عِنْدَ (إرْسَالِ السَّهْمِ وَالْجَارِحَةِ) إلَى صَيْدٍ (وَلَوْ عِنْدَ الْإِصَابَةِ) بِالسَّهْمِ (وَالْعَضِّ) مِنْ الْجَارِحَةِ أَمَّا التَّسْمِيَةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 118] {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: 4] وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَلِأَنَّهُ مَحَلٌّ يُسَنُّ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ فَسُنَّ فِيهِ ذِكْرُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ، وَخِلَافًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْأَوْثَانِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ التَّسْمِيَةُ لِآيَةِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3] إلَى قَوْلِهِ {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] فَأَبَاحَ الْمُذَكَّى، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّسْمِيَةَ وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ «إنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ قَوْمًا حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ يَأْتُونَا بِلُحْمَانٍ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَمْ يَذْكُرُوا؟ أَنَأْكُلُ مِنْهَا أَمْ لَا؟ فَقَالَ: اُذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَكُلُوا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا جَازَ الْأَكْلُ مَعَ الشَّكِّ، وَأَمَّا قَوْله {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] فَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ الْبَلَاغَةُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ لَيْسَ مَعْطُوفًا لِلتَّبَايُنِ التَّامِّ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ إذَا الْأُولَى فِعْلِيَّةٌ إنْشَائِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ اسْمِيَّةٌ خَبَرِيَّةٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جَوَابًا لِمَكَانِ الْوَاوِ فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ حَالِيَّةً فَيَتَقَيَّدُ النَّهْيُ بِحَالِ كَوْنِ الذَّبْحِ فِسْقًا وَالْفِسْقُ فِي الذَّبِيحَةِ مُفَسَّرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ بِحَمْلِ النَّهْيِ فِي الْآيَةِ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ. وَأَمَّا نَحْوُ خَبَرِ أَبِي ثَعْلَبَةَ «فَمَا صِدْت بِقَوْسِكَ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ، ثُمَّ كُلْ وَمَا صِدْت بِكَلْبِك الْمُعَلَّمِ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ، ثُمَّ كُلْ» فَأَجَابُوا عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى النَّدْبِ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْإِرْسَالِ أَوْ الْإِصَابَةِ وَالْعَضِّ مِنْ زِيَادَتِهِ، لَكِنْ مَا بَعْدَ لَوْلَا يَصْلُحُ غَايَةً لِمَا قَبْلَهَا، فَلَوْ قَالَ، وَكَذَا عِنْدَ الْإِصَابَةِ وَالْعَضِّ كَانَ أَوْلَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقُولَ فِي التَّسْمِيَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ لَكِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ خُصُوصَ هَذَا اللَّفْظِ بَلْ لَوْ قَالَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَانَ حَسَنًا، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَيْهَقِيّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فَإِنْ زَادَ شَيْئًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَالزِّيَادَةُ خَيْرٌ (وَتَرْكُهُمَا) أَيْ التَّسْمِيَةُ وَالصَّلَاةُ عِنْدَمَا ذَكَرَ (تَعَمُّدًا مَكْرُوهٌ) لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِمَا، وَذِكْرُ كَرَاهَةِ تَرْكِ الصَّلَاةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ. (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الذَّابِحُ) وَالصَّائِدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (بِاسْمِ مُحَمَّدٍ، وَلَا بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ) ، وَلَا بِسْمِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ بِالْجَرِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لِلتَّشْرِيكِ فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ) بِاسْمِ مُحَمَّدٍ (فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُحَرَّمَ) ذَلِكَ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ نَفَى الْجَوَازَ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ يَصِحُّ نَفْيُ الْجَوَازِ الْمُطْلَقِ عَنْهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (كَقَوْلِهِ بِاسْمِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِرَفْعِ مُحَمَّدٍ) فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ بَلْ، وَلَا يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ إيهَامِهِ التَّشْرِيكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي النَّحْوِيِّ، أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَتَّجِهُ فِيهِ ذَلِكَ (وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ كِتَابِيٍّ لِلْمَسِيحِ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (وَلَا) ذَبِيحَةُ (مُسْلِمٍ لِمُحَمَّدٍ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ لِلْكَعْبَةِ) أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا سِوَى اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ بَلْ إنْ ذَبَحَ لِذَلِكَ تَعْظِيمًا وَعِبَادَةً كَفَرَ كَمَا لَوْ سَجَدَ لَهُ كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ كَانَ أَعَمَّ وَأَخْصَرَ وَأَقْرَبَ إلَى كَلَامِ الْأَصْلِ. (فَإِنْ ذَبَحَ لِلْكَعْبَةِ أَوْ لِلرُّسُلِ تَعْظِيمًا لِكَوْنِهَا بَيْتَ اللَّهِ أَوْ لِكَوْنِهِمْ رُسُلُ اللَّهِ جَازَ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى يَرْجِعُ قَوْلُ الْقَائِلِ: أَهْدَيْت لِلْحَرَمِ أَوْ لِلْكَعْبَةِ (وَتَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ) إذَا ذُبِحَتْ (تَقَرُّبًا إلَى السُّلْطَانِ) أَوْ غَيْرِهِ عِنْدَ لِقَائِهِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِبْشَارَ بِقُدُومِهِ فَلَا بَأْسَ أَوْ لِيُرْضِيَ غَضْبَانًا جَازَ كَالذَّبْحِ لِلْوِلَادَةِ) أَيْ كَذَبْحِ الْعَقِيقَةِ لِوِلَادَةِ الْمَوْلُودِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى الْغَضْبَانِ فِي صُورَتِهِ بِخِلَافِ الذَّبْحِ لِلصَّنَمِ، وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ فَلَا بَأْسَ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (فَإِنْ ذَبَحَ لِلْجِنِّ حَرُمَ إلَّا إنْ قَصَدَ) بِمَا ذَبَحَهُ (التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ لِيَكْفِيَهُ شَرَّهُمْ) فَلَا يَحْرُمُ (وَيُسْتَحَبُّ فِي الْإِبِلِ وَ) سَائِرِ (مَا طَالَ عُنُقُهُ) كَالنَّعَامِ وَالْإِوَزِّ (النَّحْرُ فِي اللَّبَّةِ) بِفَتْحِ اللَّامِ، وَهِيَ الثُّغْرَةُ أَسْفَلَ الْعُنُقِ (بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ) لِلِاتِّبَاعِ وَلِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْإِبِلِ رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِخُرُوجِ رُوحِهَا لِطُولِ عُنُقِهَا وَقَوْلُهُ وَمَا طَالَ عُنُقُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ بَحْثًا (وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُنْحَرَ (الْبَعِيرُ قَائِمًا عَلَى ثَلَاثٍ) مِنْ قَوَائِمِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قِيَامًا عَلَى ثَلَاثٍ (مَعْقُولًا) فِي الرُّكْبَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَنْ تَكُونَ الْمَعْقُولَةُ الْيُسْرَى لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ فِي سُنَنِ الذَّبْحِ] قَوْلُهُ وَإِرْسَالُ السَّهْمِ) وَعِنْدَ نَصْبِ الْفَخِّ أَوْ الشَّبَكَةِ وَعِنْدَ صَيْدِ السَّمَكِ أَوْ الْجَرَادِ (قَوْلُهُ لِآيَةِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] إلَخْ) وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» (قَوْلُهُ لِلتَّبَايُنِ التَّامِّ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ إلَخْ) وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَكَلَ ذَبِيحَةَ مُسْلِمٍ لَمْ يُسَمِّ عَلَيْهَا لَيْسَ بِفَاسِقٍ (قَوْلُهُ بَلْ لَوْ قَالَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ كَانَ حَسَنًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَكْمَلَ أَنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (قَوْلُهُ لِلتَّشْرِيكِ) إذْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ تُجْعَلَ الذَّبَائِحُ بِاسْمِهِ وَأَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ بِاسْمِهِ وَأَنْ يَكُونَ السُّجُودُ لَهُ لَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ مَخْلُوقٌ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ) سَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ ( الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 يَنْحَرْهُ قَائِمًا (فَبَارِكَا وَ) أَنْ (يُذْبَحَ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ) وَنَحْوُهُمَا كَالْخَيْلِ وَحُمُرِ الْوَحْشِ بِأَنْ يُقْطَعَ حَلْقُهَا أَعْلَى الْعُنُقِ وَأَنْ تَكُونَ (مُضْجَعَةً) لِلِاتِّبَاعِ فِي الشَّاةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقِيسَ بِهَا الْبَقِيَّةُ؛ وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ (عَلَى) جَنْبِهَا (الْأَيْسَرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِ السِّكِّينِ بِالْيَمِينِ وَإِمْسَاكِ رَأْسِهَا بِالْيَسَارِ (مَشْدُودَةَ الْقَوَائِمِ) لِئَلَّا تَضْطَرِبَ حَالَةَ الذَّبْحِ فَيَزِلَّ الذَّابِحُ (لَا الرِّجْلَ الْيُمْنَى) فَلَا تُشَدُّ بَلْ تُتْرَكُ لِتَسْتَرِيحَ بِتَحْرِيكِهَا. (فَإِنْ نَحَرَهَا أَوْ ذَبَحَ الْإِبِلَ) وَنَحْوَهَا (حَلَّ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ كَخَبَرِ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ» (وَلَمْ يُكْرَهْ) ذَلِكَ إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى قَطْعِهِمَا) أَيْ حُلْقُومِهَا وَمَرِيئِهَا مَعَ وَدَجَيْهَا وَفِي نُسْخَةٍ قَطْعُهَا أَيْ الْمَذْكُورَاتِ (وَأَنْ لَا يَبِينَ رَأْسَهَا وَ) أَنْ (لَا يَسْلَخَهَا وَ) أَنْ (لَا يَنْقُلَهَا) إلَى مَكَان (وَ) أَنْ (لَا يُمْسِكَهَا) بَعْدَ الذَّبْحِ (عَنْ الِاضْطِرَابِ حَتَّى تَبْرُدَ) فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ حَتَّى تُفَارِقَ الرُّوحُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ كُرِهَ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْسِرُ فَقَارَهَا، وَلَا يَقْطَعُ عُضْوًا مِنْهَا، وَلَا يُحَرِّكُهَا. (وَ) أَنْ (تُسَاقَ) إلَى الْمَذْبَحِ (وَ) أَنْ (تُضْجَعَ بِرِفْقٍ) وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (بَعْدَ أَنْ تُسْقَى وَ) أَنْ (لَا تُحَدَّ الشَّفْرَةُ وَ) أَنْ (لَا يُذْبَحَ غَيْرُهَا قُبَالَتَهَا) فِيهَا (وَ) أَنْ (يُكَبِّرَ) اللَّهَ تَعَالَى (قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَبَعْدَهَا عِنْدَ الذَّبْحِ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ (ثَلَاثًا) فَيَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ (ثُمَّ يَقُولُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي أَيَّامِ التَّكْبِيرِ وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ» ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الذَّبْحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا (وَ) أَنْ (يَقُولَ) بَعْدَ ذَلِكَ (اللَّهُمَّ) هَذَا (مِنْك وَإِلَيْك فَتَقَبَّلْ مِنِّي) أَيْ اللَّهُمَّ هَذَا عَطِيَّةٌ مِنْك وَتَقَرُّبٌ مِنِّي إلَيْك وَتَقَدَّمَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عِنْدَ تَضْحِيَتِهِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» وَفِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: تَقَبَّلْ مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْت مِنْ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِك وَمُوسَى كَلِيمِك وَعِيسَى رُوحِك وَمُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُكْرَهْ، وَلَمْ يُسْتَحَبَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِيهِمْ غَيْرُهُمْ فِيهَا لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَسْئُولُ التَّشْرِيكَ فِي أَصْلِ التَّقَبُّلِ وَذَكَرَ بَعْضَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ [فَصْلٌ قَالَ جَعَلْت هَذِهِ الْبَدَنَةَ أَوْ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً أَوْ هَدْيًا] (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ جَعَلْت هَذِهِ) الْبَدَنَةَ أَوْ الشَّاةَ (أُضْحِيَّةً أَوْ هَدْيًا) أَوْ هَذِهِ ضَحِيَّةٌ أَوْ هَدْيٌ (أَوْ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا أَوْ أُهْدِيَهَا أَوْ) عَلَيَّ أَنْ (أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الْمَالِ أَوْ الدَّرَاهِمِ تَعَيَّنَ) ذَلِكَ (وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا، وَإِنْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ تَعَيَّنَ عِتْقُهُ لَكِنْ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ) عَنْهُ (إلَّا بِعِتْقِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لَا يَنْتَقِلُ بَلْ يَنْفَكُّ عَنْ الْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ وَفِيمَا ذُكِرَ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَسَاكِينِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْهَدْيِ، وَلِهَذَا لَوْ أُتْلِفَ وَجَبَ تَحْصِيلُ بَدَلِهِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِتْقِ وَقَدْ تَلِفَ وَمُسْتَحِقُّو مَا ذُكِرَ بَاقُونَ (وَإِذَا نَوَى) جَعْلَ هَذِهِ الْأُضْحِيَّةَ مَثَلًا (بِغَيْرِ لَفْظٍ لَمْ تَصِرْ أُضْحِيَّةً، وَإِنْ ذَبَحَهَا) هَذَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ وَظَاهِرٌ أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ كَنُطْقِ النَّاطِقِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ عَيَّنَ شَاةً أَوْ عَبْدًا عَمَّا الْتَزَمَ) فِي ذِمَّتِهِ (مِنْ أُضْحِيَّةٍ وَعِتْقٍ تَعَيَّنَا) كَمَا لَوْ عَيَّنَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً (لَا دَرَاهِمَ عَيَّنَهَا عَمَّا الْتَزَمَ التَّصَدُّقَ بِهِ) بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ كُلٍّ مِنْهَا وَمِمَّا فِي الذِّمَّةِ ضَعِيفٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الدَّرَاهِمِ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعِتْقِ كَالدَّرَاهِمِ فِي حُكْمِهَا. (وَمَنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ فَدَخَلَ) عَلَيْهِ (عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ كُرِهَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ بَدَنِهِ وَشَعْرِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ» وَيُكْرَهُ مُخَالَفَةُ ذَلِكَ وَمَنَعَ مِنْ تَحْرِيمِهِ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كُنْت أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُقَلِّدُهَا هُوَ بِيَدِهِ، ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ» وَالْمَعْنَى فِيهِ شُمُولُ الْمَغْفِرَةِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَلَوْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ الشَّعْرَ أَوْ ذَكَرَ مَعَهُ الظُّفُرَ كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا يُزَالُ بِالْخِتَانِ وَالْفَصْدِ وَنَحْوِهِمَا وَأَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ ذَكَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَقِيَاسُ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ كَرَاهَةُ ذَلِكَ لِمَنْ عَزَمَ عَلَى إعْتَاقٍ مُسْتَحَبٍّ أَوْ وَاجِبٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ فِدَاءٌ عَنْ الْبَدَنِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] وَفِي مَعْنَى مُرِيدِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الدَّرَاهِمِ إلَخْ) أَشَارَ تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كُرِهَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ) مَا يُزَالُ مِنْ الْأَجْزَاءِ قَدْ يَجِبُ كَخِتَانِ الْبَالِغِ وَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَالْجَانِي بَعْدَ الطَّلَبِ فَلَا سَبِيلَ إلَى تَأْخِيرِهِ وَقَدْ يُسْتَحَبُّ كَخِتَانِ الصَّبِيِّ، وَالتَّضْحِيَةُ مِنْ مَالِهِ مُمْتَنِعَةٌ، وَقَدْ يُبَاحُ كَقَلْعِ السِّنِّ الْوَجِعَةِ وَكَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ شُمُولُ الْمَغْفِرَةِ إلَخْ) وَقِيلَ: لِلتَّشْبِيهِ بِالْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ إلَخْ) لَوْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مَنْ يُرِيدُ الْأُضْحِيَّةَ فَهَلْ يُكْرَهُ لَهُ مُرَاعَاةً لِجَانِبِ النَّهْيِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ قُرْبَتَانِ إحْدَاهُمَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَدَنِ رُجِّحَتْ، وَلِهَذَا لَوْ أَرَادَ الْأُضْحِيَّةَ وَدَخَلَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَخْذُهُ شَعْرَهُ وَظُفُرَهُ، وَهَلْ يُكْرَهُ تَخْلِيلُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فِي الْوُضُوءِ كَمَا قَالُوا بِهِ فِي الْمُحْرِم خَوْفَ الِانْتِتَافِ فِيهِ نَظَرٌ وَمَنْ عَلَّلَ بِالتَّشْبِيهِ بِالْمُحْرِمِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَكْرَهُهُ وَقَالَ شَيْخُنَا مَتَى عَارَضَ ذَلِكَ يَوْمَ جُمُعَةٍ لَمْ يُزِلْ شَعْرَهُ وَنَحْوَهُ لِأَجْلِهِ إذْ هُوَ خَاصٌّ يَقْضِي عَلَى ذَلِكَ الْعَامِّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ إلَخْ) وَالتَّكْفِيرُ بِالْإِعْتَاقِ إمَّا لِجَبْرِ مَا وَقَعَ أَوْ حَذَرِهِ مِنْ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» فَغَيْرُ مُعَارِضٍ؛ لِأَنَّ الْعُضْوَ لَا يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 التَّضْحِيَةِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ إلَى الْبَيْتِ بَلْ أَوْلَى وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ حَتَّى يُضَحِّيَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ بِأَعْدَادٍ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِذَبْحِ الْأَوَّلِ وَيُحْتَمَلُ بَقَاءُ النَّهْيِ إلَى آخِرِهَا انْتَهَى. . (فَصْلٌ وَأَحْكَامُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ الْهَدْيِ (أَنْوَاعٌ) خَمْسَةٌ (الْأَوَّلُ الْإِتْلَافُ) أَيْ حُكْمُهُ وَحُكْمُ التَّلَفِ (فَالْمَنْذُورَةُ الْمُعَيَّنَةُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ) أَيْ النَّاذِرِ فَلَا يَضْمَنُهَا (مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهَا) بِأَنْ تَلِفَتْ أَوْ ضَلَّتْ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا أَوْ بَعْدَهُ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهَا وَقَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا بِالنَّذْرِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا بِبَيْعٍ، وَلَا هِبَةٍ، وَلَا إبْدَالٍ بِمِثْلِهَا، وَلَا بِخَيْرٍ مِنْهَا، وَلَوْ نَذَرَ إعْتَاقَ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، وَهِبَتُهُ وَإِبْدَالُهُ، وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْمِلْكُ عَنْهُ كَمَا مَرَّ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ زَوَالِ الْمِلْكِ هُنَا وَعَدَمِ زَوَالِهِ ثَمَّ (فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَبْحِهَا (وَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا) لِتَقْصِيرِهِ بِتَأْخِيرِهَا وَسَيَأْتِي مَا يَضْمَنُهَا بِهِ (وَتَجُوزُ إعَارَتُهَا) ؛ لِأَنَّهَا إرْفَاقٌ كَمَا يَجُوزُ الِارْتِفَاقُ بِهَا لِلْحَاجَةِ بِرِفْقٍ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ، فَلَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْ، وَلَوْ فِيمَا تَلِفَ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ كَمَا سَيَتَّضِحُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُشَارِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ يَدَ مُعِيرِهِ يَدُ أَمَانَةٍ فَكَذَا هُوَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْمُسْتَعِيرِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَمِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَتْلَفَ قَبْلَ وَقْتِ الذَّبْحِ فَإِنْ دَخَلَ وَقْتُهُ، وَتَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهَا وَتَلِفَتْ ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ أَيْ كَمَا يَضْمَنُ مُعِيرُهُ لِذَلِكَ (لَا إجَارَتُهَا) ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ لِلْمَنَافِعِ. (فَإِنْ) أَجَّرَهَا وَسَلَّمَهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ، ثُمَّ (تَلِفَتْ) عِنْدَهُ بِرُكُوبٍ أَوْ غَيْرِهِ (ضَمِنَهَا الْمُؤَجِّرُ) بِقِيمَتِهَا (وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) نَعَمْ إنْ عَلِمَ الْحَالَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْأُجْرَةَ وَالْقِيمَةَ، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ (وَتُصْرَفُ) الْأُجْرَةُ (مَصْرِفَ الْأُضْحِيَّةِ) كَالْقِيمَةِ فَيُفْعَلُ بِهَا مَا يُفْعَلُ بِهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ (وَإِنْ بَاعَهَا) أَيْ الْمَنْذُورَةَ (اسْتَرَدَّهَا) إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَرَدَّ ثَمَنَهَا (وَإِنْ تَلِفَتْ) فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (اسْتَرَدَّ أَكْثَرَ قِيَمِهَا مِنْ) وَقْتِ (الْقَبْضِ إلَى) وَقْتِ (التَّلَفِ) كَالْغَاصِبِ (وَالْبَائِعِ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ) وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَيَشْتَرِي) الْبَائِعُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ (مِثْلَهَا) أَيْ مِثْلَ التَّالِفَةِ جِنْسًا وَنَوْعًا وَسِنًّا (فَإِنْ نَقَصَتْ) أَيْ الْقِيمَةُ عَنْ تَحْصِيلِ الْمِثْلِ لِغَلَاءٍ حَدَثَ (وَفَّى) الْقِيمَةَ (مِنْ مَالِهِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ الْمِثْلَ (أُضْحِيَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ، وَإِلَّا) بِأَنْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ، وَلَمْ يَنْوِ أَنَّهُ أُضْحِيَّةٌ (فَيَجْعَلُهُ إيَّاهَا) أَيْ أُضْحِيَّةً (وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ ضَمِنَهَا بِالْقِيمَةِ) كَسَائِرِ الْمُتَقَوِّمَاتِ فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ الْمُضَحِّي (وَيَشْتَرِي بِهَا مِثْلَهَا) جِنْسًا وَنَوْعًا وَسِنًّا وَيُضَحِّي بِهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَجِدْ بِهَا مِثْلَهَا اشْتَرَى (دُونَهَا بِخِلَافِ) الْعَبْدِ (الْمَنْذُورِ عِتْقُهُ) إذَا أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ (فَإِنَّهُ) أَيْ النَّاذِرُ (يَأْخُذُ قِيمَتَهُ لِنَفْسِهِ) ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا يُعْتِقُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ وَمُسْتَحِقُّ الْعِتْقِ هُوَ الْعَبْدُ وَقَدْ هَلَكَ وَمُسْتَحِقُّو الْأُضْحِيَّةِ بَاقُونَ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمُتْلَفَةُ (ثَنِيَّةً مِنْ الضَّأْنِ) مَثَلًا (فَنَقَصَتْ الْقِيمَةُ عَنْ ثَمَنِهَا أَخَذَ عَنْهَا جَذَعَةً) مِنْ الضَّأْنِ رِعَايَةً لِلنَّوْعِ. (ثُمَّ) إنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ عَنْ ثَمَنِ الْجَذَعَةِ (اشْتَرَى) بِهَا (ثَنِيَّةَ مَعْزٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلتَّضْحِيَةِ (ثُمَّ) إنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ عَنْ ثَنِيَّةِ الْمَعْزِ اشْتَرَى (دُونَ سِنِّ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ دُونَ الْجَذَعَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إرَاقَةَ دَمٍ كَامِلٍ (ثُمَّ) إنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ عَنْ دُونِ الْجَذَعَةِ (اشْتَرَى) بِهَا (سَهْمًا) مِنْ ضَحِيَّةٍ صَالِحَةٍ لِلشِّرْكَةِ مِنْ بَعِيرٍ أَوْ بَقَرَةٍ لَا شَاةٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ شِرْكَةً فِي إرَاقَةِ دَمٍ (ثُمَّ) إنْ نَقَصَتْ عَنْ شِرَاءِ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ اشْتَرَى (لَحْمًا) ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ التَّضْحِيَةِ وَالْمُرَادُ لَحْمُ النَّعَمِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَحْمُ جِنْسِ الْمَنْذُورَةِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَجِدْ لَحْمًا (يَتَصَدَّقُ بِالدَّرَاهِمِ) لِلضَّرُورَةِ (وَإِنْ أَتْلَفَهَا الْمُضَحِّي لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهَا) يَوْمَ الْإِتْلَافِ (وَ) مِنْ قِيمَةِ (مِثْلِهَا) يَوْمَ النَّحْرِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا وَتَلِفَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي؛ وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ الذَّبْحَ وَتَفْرِقَةَ اللَّحْمِ وَقَدْ فَوَّتَهُمَا. وَبِهَذَا فَارَقَ إتْلَافُ الْأَجْنَبِيِّ (فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ) عَلَى ثَمَنِ مِثْلِ الْمُتْلَفَةِ لِرُخْصٍ حَدَثَ (اشْتَرَى كَرِيمَةً أَوْ) مِثْلَ الْمُتْلَفَةِ وَ (أَخَذَ بِالزَّائِدِ أُخْرَى) إنْ وَفَّى بِهَا (وَإِنْ لَمْ يَفِ) بِهَا (تَرَتَّبَ الْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ فِيمَا إذَا أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ) ، وَلَمْ تَفِ الْقِيمَةُ بِمَا يَصْلُحُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِذَبْحِ الْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ بَقَاءُ النَّهْيِ إلَى آخِرِهَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّمْهِيدِ يَتَّجِهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَسْأَلَةٍ أُصُولِيَّةٍ، وَهِيَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى مَعْنًى كُلِّيٍّ هَلْ يَكْفِي فِيهِ أَدْنَى الْمَرَاتِبِ لِتَحَقُّقِ الْمُسَمَّى فِيهِ أَمْ يَجِبُ إلَّا عَلَى احْتِيَاطًا وَالصَّحِيحُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ عَلَى هَذَا مَا لَوْ شَرَعَ فِي الذَّبْحِ وَكَمَّلَهُ، وَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ السَّلْخِ وَتَفْرِيقِ الْأَعْضَاءِ وَتَرَدَّدَ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَا لَوْ أَخَّرَ النَّاذِرُ التَّضْحِيَةَ بِمُعَيَّنٍ إلَى انْقِضَاءِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَرَجَّحَ بَقَاءَ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَهَا قَضَاءً وَقَوْلُهُ وَرَجَّحَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ فِي أَحْكَام الْأُضْحِيَّةِ] (وَقَوْلُهُ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهَا) بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَتْلَفَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) ، وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْهَا (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ إلَخْ) وَإِنْ أَتْلَفَهَا الْمُضَحِّي لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهَا وَمِثْلِهَا (قَوْلُهُ كَسَائِرِ الْمُتَقَوِّمَاتِ) فَعَلَى هَذَا لَوْ أَتْلَفَهَا غَاصِبٌ أَوْ مُشْتَرٍ مِنْ النَّاذِرِ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مَا كَانَتْ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ إلَى وَقْتِ التَّلَفِ، وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا: هُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا إذَا وَجَبَتْ الْقِيمَةُ وَعَنَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا لَحْمًا أَمَّا عِنْدَ وُجُوبِ الْمِثْلِ فَالْأَوْجَهُ تَعَيُّنُ جِنْسِهِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِالدَّرَاهِمِ) الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ جَوَازُ كُلٍّ مِنْ التَّصَدُّقِ بِاللَّحْمِ وَالتَّصَدُّقِ بِالدَّرَاهِمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 542 السُّوءِ بَلْ الْأَفْضَلُ شِرَاءُ كَرِيمَةٍ (وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ) وَالْأَصْحَابُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ (أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالزَّائِدِ) الَّذِي لَا يَفِي بِأُخْرَى (وَ) أَنْ (لَا يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا) أَيْ لَا يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا وَيَأْكُلُهُ (وَفِي مَعْنَاهُ الْبَدَلُ) الَّذِي يَذْبَحُهُ أَيْ بَدَلُ الزَّائِدِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ التَّصَدُّقُ بِذَلِكَ كَالْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ أَنَّهُ مَلَكَهُ قَدْ أَتَى بِبَدَلِ الْوَاجِبِ كَامِلًا. (فَإِنْ ذَبَحَ الْمَنْذُورَةَ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْمَجْعُولَةَ (الْمُعَيَّنَةَ) مِنْ أُضْحِيَّةٍ أَوْ هَدْيٍ (قَبْلَ الْوَقْتِ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ اللَّحْمِ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ (وَلَزِمَهُ الْبَدَلُ أَيْضًا) بِأَنْ يَذْبَحَ فِي وَقْتِهَا بَدَلًا عَنْهَا (وَإِنْ بَاعَهَا فَذَبَحَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْوَقْتِ أَخَذَ مِنْهُ) الْبَائِعُ (اللَّحْمَ) إنْ كَانَ بَاقِيًا (وَتَصَدَّقَ بِهِ وَ) أَخَذَ مِنْهُ (الْأَرْشَ وَضَمَّ إلَيْهِ الْبَائِعُ مَا يَشْتَرِي بِهِ الْبَدَلَ، وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَكَذَا لَوْ (ذَبَحَهَا أَجْنَبِيٌّ قَبْلَ الْوَقْتِ لَزِمَهُ الْأَرْشُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُشْبِهُ مَجِيءَ خِلَافٍ فِي أَنَّ اللَّحْمَ يُصْرَفُ مَصَارِفَ الضَّحَايَا أَيَّامَ يَعُودُ مِلْكًا انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (فَإِنْ قُلْنَا يَعُودُ اللَّحْمُ مِلْكًا اشْتَرَى) النَّاذِرُ (بِهِ وَبِالْأَرْشِ) الَّذِي يَعُودُ مِلْكًا (أُضْحِيَّةً) وَذَبَحَهَا فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَعُودُ مِلْكًا فَرَّقَهُ وَاشْتَرَى بِالْأَرْشِ أُضْحِيَّةً إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ (أَمَّا الْمُعَيَّنَةُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَمَضْمُونَةٌ عَلَى النَّاذِرِ) إنْ تَلِفَتْ بِمَعْنَى أَنَّ عَلَيْهِ الْبَدَلَ بِالْمَعْنَى الْآتِي (فَإِنْ أُتْلِفَتْ) بِأَنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ (فَالْغُرْمُ) بِمَعْنَى الْمَغْرُومِ مِلْكٌ (لَهُ) أَيْ لِلنَّاذِرِ (وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ فِي ذِمَّتِهِ (فَإِذَا ذَبَحَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةَ (أَوْ الْهَدْيَ) الْمُعَيَّنَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالنَّذْرِ ابْتِدَاءً أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (فُضُولِيٌّ فِي الْوَقْتِ وَأَخَذَ مِنْهُ) الْمَالِكُ (اللَّحْمَ وَفَرَّقَهُ) عَلَى مُسْتَحَقِّيهِ (وَقَعَ الْمَوْقِعَ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِعْلُهُ كَرَدِّ الْوَدِيعَةِ؛ وَلِأَنَّ ذَبْحَهَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ فَإِذَا فَعَلَهُ غَيْرُهُ أَجْزَأَ كَإِزَالَةِ الْخَبَثِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِأَنَّ التَّعْيِينَ يُغْنِي عَنْ النِّيَّةِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي التَّعْيِينِ بِالنَّذْرِ وَمَا مَرَّ فِي التَّعْيِينِ بِالْجَعَلِ، وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِالْفُضُولِيِّ أَنَّهُ ذَبَحَهَا عَنْ الْمَالِكِ بِخِلَافِ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَجْنَبِيِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَبَحَ عَنْ نَفْسِهِ فَيَكُونُ غَاصِبًا أَوْ نَحْوَهُ (وَلَزِمَهُ) أَيْ الْفُضُولِيُّ (الْأَرْشَ) أَيْ أَرْشَ الذَّبْحِ، وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ وَقَدْ فَوَّتَهَا (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمُعَيَّنَةُ (مُعَدَّةً لِلذَّبْحِ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ (كَالْمَمْلُوكَةِ) حَتَّى لَوْ شَدَّ قَوَائِمَهَا لِيَذْبَحَهَا فَذَبَحَهَا فُضُولِيٌّ لَزِمَهُ الْأَرْشُ (وَمَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الْأَصْلِ) فَيَشْتَرِي بِهِ أَوْ بِقَدْرِهِ الْمَالِكُ مِثْلَ الْأَصْلِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ (فَإِنْ فَرَّقَهُ الْأَجْنَبِيُّ) الْأَنْسَبُ الْفُضُولِيُّ (وَفَاتَ) بِأَنْ تَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ (فَكَإِتْلَافِهِ) الْمُعَيَّنَةَ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا عِنْدَ ذَبْحِهَا؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمَصْرِفِ إلَى الْمَالِكِ وَقَدْ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ مَعَ الذَّبْحِ فَيَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهَا بَدَلَ الْأَصْلِ. (النَّوْعُ الثَّانِي التَّعَيُّبُ) أَيْ حُكْمُهُ (فَإِنْ حَدَثَ فِي) الْمُعَيَّنَةِ (الْمَنْذُورَةِ) ، وَلَوْ حُكْمًا (مِنْ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ عَيْبٌ) يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ التَّضْحِيَةَ، وَلَمْ يَكُنْ بِتَقْصِيرٍ مِنْ النَّاذِرِ وَكَانَ (قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الذَّبْحِ أَجْزَأَتْهُ) إنْ ذَبَحَهَا فِي وَقْتِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ الْعَيْبِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَوْ تَلِفَتْ (فَإِنْ ذَبَحَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ تَصَدَّقَ بِاللَّحْمِ) ، وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَا الْتَزَمَهُ بِتَقْصِيرِهِ (وَ) تَصَدَّقَ (بِالْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَتِهَا (دَرَاهِمَ أَيْضًا) ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا أُضْحِيَّةً أُخْرَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (إذْ مِثْلُهَا) أَيْ الْمَعِيبَةِ (لَا تُجْزِئُ أُضْحِيَّةً) وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْهَدْيِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ تَعَيَّبَتْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ ذَبْحِهَا (لَمْ يُجْزِهِ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَأْخِيرِ ذَبْحِهَا، وَلَأَنَّهَا مِنْ ضَمَانِهِ مَا لَمْ تُذْبَحْ (وَيَذْبَحُهَا) وُجُوبًا (وَيَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا) كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ ذَلِكَ إلَى هَذِهِ الْجِهَةِ، وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا لِمَا مَرَّ (وَيَذْبَحُ بَدَلَهَا) سَلِيمَةً وُجُوبًا (لِتَقْصِيرِهِ) وَلِاسْتِقْرَارِ وُجُوبِ السَّلِيمَةِ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَتْلَفَهَا أَوْ عَيَّبَهَا هُوَ) أَيْ النَّاذِرُ (مَلَكَهَا) لِخُرُوجِهَا عَنْ كَوْنِهَا ضَحِيَّةً بِفِعْلِهِ (وَذَبَحَ بَدَلَهَا) وُجُوبًا لِمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ أُخِذَ مِنْ إطْلَاقِ أَصْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ مِلْكُهَا لَا يَصِحُّ فِي الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً لِمَا مَرَّ أَنَّهُ التَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي الْمُعَيَّنَةِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَ سَطْرٍ مَعَ أَنَّهُ لَا مَعْنًى لَهُ فِي إتْلَافِهَا بِغَيْرِ الذَّبْحِ عَلَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِتْلَافِ مِنْ تَصَرُّفِهِ. (وَلَوْ ذَبَحَ الْمَنْذُورَةَ) ، وَلَوْ حُكْمًا (فِي وَقْتِهَا، وَلَمْ يُفَرِّقْ لَحْمَهَا فَفَسَدَ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَتَصَدَّقَ بِهَا دَرَاهِمَ) ، وَلَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ أُخْرَى لِحُصُولِ إرَاقَةِ الدَّمِ وَكَذَا لَوْ غَصَبَ اللَّحْمَ غَاصِبٌ وَتَلِفَ عِنْدَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ هُنَا مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ يُصْرَفُ مَصَارِفَ الضَّحَايَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ) لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ وَسَيَذْكُرُ مَوَاضِعَ كَوْنِهَا مَضْمُونَةً عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمَا مَرَّ فِي التَّعْيِينِ بِالْجُعْلِ) ، وَهُوَ مُنْحَطٌّ عَنْ النَّذْرِ وَأَيْضًا فَالنِّيَّةُ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْمُتَقَرِّبِ إذَا تَعَاطَى فَعَلَ الْقُرْبَةِ الْوَاجِبَةِ أَوْ الْمَنْدُوبَةِ، وَهَاهُنَا قَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ بِذَبْحِ الْأَجْنَبِيِّ تَعَاطِي الْقُرْبَةِ وَقَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّ ذَبْحَهَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ يَعْنِي مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَمَعْنَاهُ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَكُونُ شَرْطًا فِي وُقُوعِ الشِّيَاهِ الْمَنْذُورَةِ عَنْ النَّذْرِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ إلَى مِلْكِ الْفُقَرَاءِ، وَأَمَّا إذَا ذَبَحَهَا الْمُتَقَرِّبُ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ النِّيَّةُ لِكَوْنِهِ تَعَاطَى فِعْلَ الْقُرْبَةِ فَأَشْبَهَ الزَّكَاةَ إذَا أَدَّاهَا، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ إذَا ذَبَحَهَا فَلَا نِيَّةَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَقَرِّبٍ وَتَقَعُ الْمَوْقِعَ لِكَوْنِهَا مِلْكَ الْفُقَرَاءِ فَسُنَّ، وَلَوْ ذَبَحَهَا الْمَالِكُ وَقُلْنَا بِوُجُوبِ النِّيَّةِ فَلَمْ يَنْوِ عَصَى وَوَقَعَتْ الْمَوْقِعَ (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ فِي الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا) مَا مَرَّ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ تَعْيِينِهِ. (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ هُنَا إلَخْ) قَدْ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ أَنَّ مَنْ غَصَبَ مُتَقَوِّمًا فَصَارَ مِثْلِيًّا، ثُمَّ تَلِفَ لَزِمَهُ قِيمَةُ الْمُتَقَوِّمِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ قِيمَةِ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَوْ اسْتَوَيَا لَزِمَهُ الْمِثْلُ فَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ هُنَا هَكَذَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ فَأُحْمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَالَةِ لُزُومِ الْقِيمَةِ وَفِي الْوَسِيطِ وَجْهٌ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ قِيمَةُ الشَّاةِ حَيَّةً وَنَسَبَهُ ابْنُ عُجَيْلٍ إلَى الْعِرَاقِيِّينَ وَأَنَّهُمْ جَزَمُوا بِهِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اخْتَارَهُ وَقَالَ النَّاشِرِيُّ قَالَ وَالِدِي قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ جُمْلَةِ لَحْمِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ لَا تَنْضَبِطُ فَتَجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَبَيْنَ مَنْ أَتْلَفَ رِطْلًا مِنْ لَحْمِ الظَّهْرِ خَاصَّةً فَيَجِبُ مِثْلُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 543 الِاكْتِفَاءِ بِإِخْرَاجِ قِيمَةِ اللَّحْمِ وَجْهٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللَّحْمَ مُتَقَوِّمٌ وَالْأَصَحُّ بِنَاؤُهُ عَلَى الْمُصَحَّحِ مِنْ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ شِرَاءُ اللَّحْمِ أَوْ شِرَاءُ بَدَلِ الْمَنْذُورَةِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي آخِرِ بَابِ الدِّمَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ قَدْ فَرَضَهُ ثَمَّ فِي الْمُخْرَجِ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ (أَمَّا الْمُعَيَّنَةُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ) قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ (وَلَوْ فِي) حَالَةِ (الذَّبْحِ بَطَلَ التَّعْيِينُ لَهَا، وَلَهُ بَيْعُهَا) وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ التَّصَدُّقَ بِهَا ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا عَيَّنَهَا لِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَتَأَدَّى بِهَا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ (وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ فِي ذِمَّتِهِ فَعَلَيْهِ إخْرَاجُهُ (وَلَوْ عَيَّنَ أَفْضَلَ مِمَّا الْتَزَمَ) كَبَقَرَةٍ أَوْ بَدَنَةٍ عَنْ شَاةٍ (فَتَعَيَّبَ وَاشْتَرَى مِثْلَ مَا الْتَزَمَ جَازَ) فَلَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ فِي الْبَدَلِ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ مَعِيبَةً ابْتِدَاءً فَهَلَكَتْ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ. (وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت هَذِهِ ضَحِيَّةً، وَهِيَ عَوْرَاءُ) أَوْ نَحْوُهَا (أَوْ فَصِيلٌ) ، وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ إذَا فُصِلَ عَنْهَا (أَوْ سَخْلَةٌ لَا ظَبْيَةٌ وَنَحْوُهُ لَزِمَهُ ذَبْحُهَا يَوْمَ النَّحْرِ) أَيْ وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ لِوُجُودِ الْجِنْسِ فِيهَا بِخِلَافِ الظَّبْيَةِ وَنَحْوِهَا (وَكَذَا لَوْ الْتَزَمَ) بِالنَّذْرِ (عَوْرَاءَ) أَوْ نَحْوَهَا، وَلَوْ (فِي الذِّمَّةِ) يَلْزَمُهُ ذَبْحُهَا وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ (وَيُثَابُ عَلَيْهَا، وَلَا تُجْزِئُ عَنْ الْمَشْرُوعِ) مِنْ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ ذَبْحَهَا ابْتِدَاءً تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ إعْتَاقِ عَبْدٍ أَعْمَى عَنْ كَفَّارَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ عَنْهَا (وَلَوْ زَالَ النَّقْصُ) عَنْهَا فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ عَنْ الْمَشْرُوعِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهَا، وَهِيَ نَاقِصَةٌ فَلَا يُؤَثِّرُ الْكَمَالُ بَعْدَهُ كَمَنْ أَعْتَقَ أَعْمَى عَنْ كَفَّارَتِهِ فَعَادَ بَصَرُهُ (فَلَوْ ذَبَحَهَا) أَيْ الْمَعِيبَةَ الْمُعَيَّنَةَ بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ) أَيْ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا (تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ لَحْمِهَا) فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا (وَ) تَصَدَّقَ (بِقِيمَتِهَا دَرَاهِمَ) ، وَلَا يَشْتَرِي بِهَا أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْمَعِيبَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ أَيْ بِغَيْرِ الْتِزَامِ لَهُ لِئَلَّا يُشْكِلَ بِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ، وَكَذَا لَوْ الْتَزَمَ عَوْرَاءَ فِي الذِّمَّةِ (وَإِنْ عَيَّنَ عَمَّا الْتَزَمَ) فِي الذِّمَّةِ (مَعِيبًا لَمْ يَتَعَيَّنْ) ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِذَبْحِهِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ سَلِيمٌ فَلَا يَتَأَدَّى بِمَعِيبٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ بَلْ يَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ يَشَاءُ (نَعَمْ لَوْ نَذَرَ ذَبْحَهَا) يَعْنِي الْمَعِيبَةَ الْمُعَيَّنَةَ (عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ) كَقَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ عَمَّا فِي ذِمَّتِي (لَزِمَهُ ذَبْحُهَا يَوْمَ النَّحْرِ) وَصَرْفُهَا مَصْرِفَ الضَّحِيَّةِ (وَلَمْ تُجْزِهِ) عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ (وَإِنْ زَالَ النَّقْصُ) عَنْهَا لِمَا مَرَّ. (النَّوْعُ الثَّالِثُ ضَلَالُ الْمَنْذُورَةِ) أَيْ حُكْمُهُ (فَلَا يَضْمَنُهَا إنْ ضَلَّتْ) بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ بِأَنْ ضَلَّتْ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهَا (فَلَوْ وَجَدَهَا بَعْدَ فَوَاتِ الْوَقْتِ ذَبَحَهَا قَضَاءً) وَصَرَفَهَا مَصْرِفَ الضَّحِيَّةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى قَابِلٍ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ فَيَلْزَمُهُ الذَّبْحُ فِي الْحَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَكَذَا الْهَدْيُ الْمُعَيَّنُ) ابْتِدَاءً، وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ (وَعَلَيْهِ طَلَبُهَا) أَيْ الضَّالَّةِ (لَا) إنْ كَانَ طَلَبُهَا (بِمُؤْنَةٍ) فَلَا يَجِبُ (وَإِنْ قَصَّرَ) حَتَّى ضَلَّتْ (طَلَبَهَا) وُجُوبًا، وَلَوْ (بِمُؤْنَةٍ وَذَبَحَ بَدَلَهَا) وُجُوبًا (قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُهَا إلَّا بَعْدَهُ، ثُمَّ) إذَا وَجَدَهَا (يَذْبَحُهَا) وُجُوبًا (أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَمِنْ التَّقْصِيرِ تَأْخِيرُ الذَّبْحِ إلَى خُرُوجِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) بِلَا عُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ (لَا) إلَى خُرُوجِ (بَعْضِهَا) فَلَيْسَ بِتَقْصِيرٍ كَمَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمُوَسَّعِ لَا يَأْثَمُ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهَذَا ذُهُولٌ عَمَّا ذَكَرَهُ كَالرَّافِعِيِّ فِيهَا قَبْلُ وَفِي نَظَائِرِهَا كَأَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ الرَّغِيفَ غَدًا فَتَلِفَ مِنْ الْغَدِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَكْلِهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ انْتَهَى. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ إثْمِ مَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ (وَإِنْ عَيَّنَ شَاةً) أُضْحِيَّةً أَوْ هَدْيًا (عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ ذَبَحَ غَيْرَهَا) مَعَ وُجُودِهَا (فَفِي إجْزَائِهَا تَرَدُّدٌ) أَيْ خِلَافٌ إنْ قُلْنَا تُجْزِئُ عَادَتْ الْأُولَى مِلْكًا (فَلَوْ ضَلَّتْ الْمُعَيَّنَةُ) عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (فَذَبَحَ غَيْرَهَا أَجْزَأَتْهُ فَإِنْ وَجَدَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ ذَبْحُهَا بَلْ يَتَمَلَّكُهَا) كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ تَعَيَّبَتْ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (فَلَوْ وَجَدَهَا قَبْلَ الذَّبْحِ) لِغَيْرِهَا (لَمْ يَذْبَحْ الثَّانِيَةَ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَبْحُهَا بَلْ يَذْبَحُ الْأُولَى فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ الَّذِي تَعَيَّنَ أَوَّلًا. (فَرْعٌ لَوْ عَيَّنَ) مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ (عَنْ كَفَّارَتِهِ عَبْدًا تَعَيَّنَ) وَاخْتَارَ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ كَمَا لَوْ عَيَّنَ يَوْمًا عَنْ صَوْمٍ عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْيَوْمَ الْمُعَيَّنَ لَا حَقَّ لَهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ لِلْعِتْقِ (فَإِنْ تَعَيَّبَ) الْعَبْدُ (أَوْ مَاتَ وَجَبَ غَيْرُهُ) أَيْ إعْتَاقُ سَلِيمٍ (وَلَوْ أَعْتَقَ غَيْرَهُ) أَيْ الْمُعَيَّنَ (مَعَ سَلَامَتِهِ) وَتَمَكُّنِهِ مِنْ إعْتَاقِهِ (أَجُزْأَهُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ عَلَى وَجْهٍ فِي مَسْأَلَةِ التَّرَدُّدِ السَّابِقَةِ   [حاشية الرملي الكبير] وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي جِلْدِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي جِلْدٍ قُطِعَ مُتَنَاسِبًا إذَا ضُبِطَ بِالْوَصْفِ انْتَهَى. قَالَ شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا إنَّمَا ضَمِنَ الْقِيمَةَ هُنَا، وَلَمْ يَضْمَنْ الْمِثْلَ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ هُنَا فِيهِ صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ كَوْنُهُ مَنْذُورًا فَلَمَّا فَاتَ تَحْصِيلُ الصِّفَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَعَلْنَا الْمِثْلَ حِينَئِذٍ كَالْمَفْقُودِ وَحَيْثُ فُقِدَ رَجَعَ الْأَمْرُ إلَى الْمُقِيمَةِ كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ ذَبْحُهَا يَوْمَ النَّحْرِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ امْتِنَاعِ تَقْدِيمِهَا عَلَى الْوَقْتِ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا فِي يَوْمِ كَذَا، جَازَ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ أَوْجَبَهَا هُنَا بِاسْمِ الْأُضْحِيَّةِ، وَالتَّعْبِيرُ بِهَا عَلَى إرَادَةِ حُكْمِهَا، وَهُوَ تَعَيُّنُ الْوَقْتِ وَالْمَصْرِفِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ الْمُطْلَقَةِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا ذُهُولٌ عَمَّا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِيهَا) قِيلَ: يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا مَرَّ فِي هَلَاكِهَا وَمَا هُنَا فِي ضَلَالِهَا فَلَا مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَفِي إجْزَائِهَا تَرَدُّدٌ) الْأَصَحُّ إجْزَاؤُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 بِأَنَّ النَّاذِرَ، وَإِنْ كَانَ مُلْتَزِمًا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فَإِذَا قَبِلَ النَّقْلَ أَيْ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى عَيْنٍ كَانَ لَهُ وَجْهٌ عَلَى بُعْدٍ، وَالْكَفَّارَةُ الْوَاجِبَةُ شَرْعًا لَا تَحْتَمِلُ ذَلِكَ قُلْت وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ الْمُعَيَّنَ ثَمَّ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَعَ سَلَامَتِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَبْدَلَ بِهِ قَوْلَ أَصْلِهِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ إعْتَاقِهِ. (النَّوْعُ الرَّابِعُ الْأَكْلُ) مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ أَيْ حُكْمُهُ (فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ دَمٍ وَجَبَ بِالْحَجِّ) وَنَحْوِهِ كَدَمِ تَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ وَجُبْرَانٍ (وَلَا مِنْ أُضْحِيَّةٍ، وَهَدْيٍ وَجَبَا بِنَذْرٍ مُجَازَاةً) كَأَنْ عَلَّقَ الْتِزَامَهُمَا بِشِفَاءِ الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ ذَلِكَ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْهُ إلَى نَفْسِهِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ (فَلَوْ وَجَبَا بِمُطْلَقِ النَّذْرِ) أَيْ بِالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ، وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ لَمْ يُعَلِّقْ الْتِزَامَهَا بِشَيْءٍ كَقَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ الشَّاةِ أَوْ بِشَاةٍ أَوْ أُهْدِيَ هَذِهِ الشَّاةَ أَوْ شَاةً أَوْ جَعَلْت هَذِهِ أُضْحِيَّةً أَوْ هَدْيًا (أَكَلَ) جَوَازًا (مِنْ الْمُعَيَّنِ) ابْتِدَاءً (كَالتَّطَوُّعِ) تَبِعَ فِي هَذَا مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ وَقَضِيَّةُ مَا قَدَّمَاهُ فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ وُجُوبِ التَّصَدُّقِ بِجَمِيعِ اللَّحْمِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ مِنْهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ وَاجِبٌ كَدَمِ الطِّيبِ وَنَحْوِهِ (دُونَ) الْمُعَيَّنِ، وَلَوْ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ عَنْ (الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ) فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ وَاجِبٍ كَدَمِ الطِّيبِ وَنَحْوِهِ (، وَلَوْ أَكَلَ مِمَّا صَنَعَ) مِنْهُ (غَرِمَ قِيمَةَ اللَّحْمِ) الْمَأْكُولِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ غَيْرُهُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّحْمَ مُتَقَوِّمٌ وَإِلَّا فَيَجِبُ شِرَاءُ اللَّحْمِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (فَإِنْ أَكَلَ مَا ذَبَحَ عَنْ) دَمِ (التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ جَمِيعَهُ لَزِمَهُ دَمٌ) آخَرُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَكَلَهُ تَبَيَّنَ أَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ لِأَجْلِهِ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سُرِقَ اللَّحْمُ خُيِّرَ بَيْنَ ذَبْحِ دَمٍ وَإِخْرَاجِ لَحْمٍ، وَلَوْ قَالَ: فَإِنْ أَكَلَ جَمِيعَهُ لَزِمَهُ دَمٌ كَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ مَعَ سَلَامَتِهِ مِنْ إيهَامِ تَقْيِيدِ الْحُكْمِ بِدَمِ النُّسُكِ. (فَصْلٌ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ، وَهَدْيِهِ مُسْتَحَبٌّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «وَالْيَوْمُ الْآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: 36] فَجَعَلَهَا لَنَا وَمَا هُوَ لِلْإِنْسَانِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَرْكِهِ وَأَكْلِهِ قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا ضَحَّى عَنْ نَفْسِهِ، فَلَوْ ضَحَّى عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ كَمَيِّتٍ أَوْصَى بِذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ، وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ الْأَكْلُ مِنْهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ فِي الْمَيِّتِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَقَعَتْ عَنْهُ فَلَا يَحِلُّ الْأَكْلُ مِنْهَا إلَّا بِإِذْنِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَنْهُ. (وَيَحْرُمُ الْإِتْلَافُ وَالْبَيْعُ) لِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ، وَهَدْيِهِ (وَإِعْطَاءُ الْجَزَّارِ أُجْرَةً مِنْهُ) بَلْ هُوَ عَلَى الْمُضَحِّي وَالْمُهْدِي كَمُؤْنَةِ الْحَصَادِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ فَأُقَسِّمَ جِلَالَهَا وَجُلُودَهَا وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا» ؛ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا أَخْرَجَ ذَلِكَ قُرْبَةً فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ إلَّا مَا رَخَّصَ لَهُ فِيهِ، وَهُوَ الْأَكْلُ وَخَرَجَ بِأَجْرِهِ إعْطَاؤُهُ مِنْهُ لِفَقْرِهِ وَإِطْعَامُهُ مِنْهُ إنْ كَانَ غَنِيًّا فَجَائِزَانِ (وَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ مِنْهَا) يَعْنِي مِنْ لُحُومِ مَا ذُكِرَ، وَلَوْ جُزْءًا يَسِيرًا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُ جَمِيعِهَا لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ إرْفَاقُ الْمَسَاكِينِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ إرَاقَةِ الدَّمِ بَلْ (يُمَلِّكَهُ الْفُقَرَاءَ) الْمُسْلِمِينَ (نِيئًا) لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِمَا شَاءُوا مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْكَفَّارَاتِ فَلَا يَكْفِي جَعْلُهُ طَعَامًا وَدُعَاءُ الْفُقَرَاءِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي تَمَلُّكِهِ لَا فِي أَكْلِهِ، وَلَا تَمْلِيكِهِمْ لَهُ مَطْبُوخًا، وَلَا تَمْلِيكِهِمْ غَيْرَ اللَّحْمِ مِنْ جِلْدٍ وَكَرِشٍ وَكَبِدٍ وَطِحَالٍ وَنَحْوِهَا وَشُبِّهَ الْمَطْبُوخُ هُنَا بِالْخُبْزِ فِي الْفِطْرَةِ (وَلَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الْأَغْنِيَاءِ) شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ وَلِأَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى الْإِطْعَامِ لَا عَلَى التَّمْلِيكِ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُمَلِّكُهُمْ ذَلِكَ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ بَلْ بِالْأَكْلِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَيَجُوزُ الْإِهْدَاءُ إلَيْهِمْ) وَإِطْعَامُهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إطْعَامُ الْفُقَرَاءِ وَتَمْلِيكُهُمْ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى مَا يَجِبُ تَمْلِيكُهُ نِيأً وَيَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ (وَلَا تُغْنِي الْهَدِيَّةُ، وَلَا الْجِلْدُ) وَنَحْوُهُ (عَنْ الصَّدَقَةِ) فِي الْأَوَّلِ (وَ) عَنْ (اللَّحْمِ) فِي الثَّانِي (وَيُجْزِئُ) فِي أَخْذِ الصَّدَقَةِ (مِسْكِينٌ وَاحِدٌ) بِخِلَافِ سَهْمِ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ مِنْ الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ عَيَّنَ مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ عَنْ كَفَّارَتِهِ عَبْدًا] قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ مِنْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ وَاجِبٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَنْكَرَهُ الشَّاشِيُّ وَقَالَ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ ضَعِيفٌ بَلْ قَدْ يُقَالُ الْمُعَيَّنَةُ فِي الْحَالِ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ كَالْعِتْقِ فَهِيَ بِالْمَنْعِ أَجْدَرُ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَذْهَبُ مَنْعُ الْأَكْلِ مِنْ الْوَاجِبَةِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ زَكَاتِهِ أَوْ كَفَّارَتِهِ شَيْئًا. [فَصْلٌ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَهَدْيِهِ] (قَوْلُهُ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ التَّطَوُّعِ، وَهَدْيِهِ مُسْتَحَبٌّ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ هَذَا مَا لَمْ يَرْتَدَّ فَإِنْ ارْتَدَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ الَّتِي تَطَوَّعَ بِهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ شَيْئًا، وَهَذَا لَا تَوَقُّفَ فِيهِ، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ ضِيَافَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ: وَلَا يُطْعِمْ مِنْهَا أَحَدًا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا يَشْمَلُ الْمُضَحِّي إذَا ارْتَدَّ؛ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ انْتَهَى. . وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ هَذَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ جُزْءًا يَسِيرًا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ لَا يَكْفِي الْقَدْرُ التَّافِهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ، وَلَا الْقَدِيدُ عَلَى الظَّاهِرِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَمْلِكُهُ الْفُقَرَاءُ نِيئًا وَيُجْزِئُ عَلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ) قَالَ النَّاشِرِيُّ قَدْ يُقَالُ مَا مَعْنَى هَذَا الْوُجُوبِ أَيَعْصِي إذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَمْ الْوُجُوبُ لِتَأَدِّي السُّنَّةِ فَقَطْ؟ وَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَانِ جَرَى الْقَاضِي رَضِيُّ الدِّينِ النَّاشِرِيُّ عَلَى الثَّانِي وَظَاهِرُ وَضْعِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ، وَلَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الْأَغْنِيَاءِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى ضَحِيَّةُ الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَيَمْلِكُ الْأَغْنِيَاءُ مَا يُعْطِيهِمْ مِنْهَا قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ اشْتِرَاكُ النَّاسِ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ وَقَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ مِسْكِينٌ وَاحِدٌ) قَالَ الطَّبَرِيُّ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 545 صَرْفُهُ لِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ هُنَا الِاقْتِصَارُ عَلَى جُزْءٍ يَسِيرٍ لَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ (فَلَوْ أَكَلَهَا) أَيْ لُحُومَ مَا ذُكِرَ (غَرِمَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ (وَيَأْخُذُ بِهِ) أَيْ بِثَمَنِهِ (شِقْصًا) مِمَّا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ (إنْ أَمْكَنَ) ذَلِكَ (وَإِلَّا فَلَحْمًا) يَأْخُذُهُ بِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِمَّا مَرَّ فِي فَصْلِ أَحْكَامِ الْأُضْحِيَّةِ وَعِبَارَةِ الْأَصْلِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ إلَى شِقْصِ أُضْحِيَّةٍ أَمْ يَكْفِي صَرْفُهُ إلَى اللَّحْمِ وَتَفْرِقَتِهِ وَجْهَانِ. اهـ. وَصُحِّحَ مِنْهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِي، وَإِلَّا وَفَّقَ بِمَا اسْتَحْسَنَهُ كَالرَّافِعِيِّ، ثُمَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (وَلَهُ تَأْخِيرُهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الذَّبْحِ وَتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ (عَنْ الْوَقْتِ) ؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ وَاللَّحْمَ لَيْسَا بِأُضْحِيَّةٍ، وَلَا هَدْيٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْوَقْتُ (لَا الْأَكْلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْوَاجِبِ. (فَرْعٌ) (وَالْأَحْسَنُ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَأُضْحِيَّتِهِ التَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَأَبْعَدُ عَنْ حَظِّ النَّفْسِ (إلَّا لُقْمَةً أَوْ لُقَمًا يَأْكُلُهَا) تَبَرُّكًا (فَإِنَّهُ) أَيْ أَكْلَهَا (سُنَّةٌ) عَمَلًا بِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِلِاتِّبَاعِ كَمَا مَرَّ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الْأَكْلَ (وَيُسْتَحَبُّ إذَا أَكَلَ وَأَهْدَى وَتَصَدَّقَ أَنْ لَا يَزِيدَ أَكْلُهُ عَلَى الثُّلُثِ) بِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثُّلُثِ فَأَقَلَّ (وَ) أَنْ (لَا تَنْقُصَ صَدَقَتُهُ عَنْهُ) بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ فَأَكْثَرَ وَيُهْدِيَ الْبَاقِي، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ نَقَلَ جَمَاعَةٌ عَنْ الْجَدِيدِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ الثُّلُثَ وَيَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثَيْنِ وَنَقَلَ آخَرُونَ عَنْهُ أَنَّهُ يَأْكُلُ الثُّلُثَ وَيُهْدِي إلَى الْأَغْنِيَاءِ الثُّلُثَ وَيَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثِ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ اخْتِلَافًا فِي الْحَقِيقَةِ لَكِنْ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّصَدُّقِ بِالثُّلُثَيْنِ ذَكَرَ الْأَفْضَلَ أَوْ تَوَسَّعَ فَعَدَّ الْهَدِيَّةَ صَدَقَةً وَدَلِيلُ جَعْلِ الْأُضْحِيَّةِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ الْقِيَاسُ عَلَى هَدْيِ التَّطَوُّعِ الْوَارِدِ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ} [الحج: 36] أَيْ السَّائِلَ {وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] أَيْ الْمُتَعَرِّضَ لِلسُّؤَالِ يُقَالُ قَنَعَ يَقْنَعُ قُنُوعًا بِفَتْحِ عَيْنِ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ إذَا سَأَلَ وَقَنِعَ يَقْنَعُ قَنَاعَةً بِكَسْرِ عَيْنِ الْمَاضِي وَفَتْحِ عَيْنِ الْمُضَارِعِ إذَا رَضِيَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الشَّاعِرُ الْعَبْدُ حُرٌّ إنْ قَنَعْ ... وَالْحُرُّ عَبْدٌ إنْ قَنِعْ فَاقْنَعْ وَلَا تَقْنِعْ فَمَا ... شَيْءٌ يَشِينُ سِوَى الطَّمَعْ (وَهِيَ) أَيْ الصَّدَقَةُ (أَفْضَلُ مِنْ الْهَدِيَّةِ) وَالتَّصَدُّقُ بِالثُّلُثَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِالثُّلُثِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ أَفْضَلُ إلَّا لُقْمَةً أَوْ لُقَمًا كَمَا مَرَّ. (فَرْعٌ، وَلَا يُكْرَهُ الِادِّخَار) مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلْيَكُنْ) أَيْ وَيُسْتَحَبُّ إذَا أَرَادَ الِادِّخَارَ أَنْ يَكُونَ (مِنْ ثُلُثِ الْأَكْلِ) لَا مِنْ ثُلُثَيْ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ (وَقَدْ كَانَ) الِادِّخَارُ (مُحَرَّمًا) فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (ثُمَّ أُبِيحَ) بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا رَاجَعُوهُ فِيهِ «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالسَّعَةِ فَادَّخِرُوا مَا بَدَا لَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالدَّافَّةُ جَمَاعَةٌ كَانُوا قَدْ دَخَلُوا الْمَدِينَةَ قَدْ أَقْحَمَتْهُمْ أَيْ أَهْلَكَتْهُمْ السَّنَةُ فِي الْبَادِيَةِ وَقِيلَ الدَّافَّةُ النَّازِلَةُ. (النَّوْعُ الْخَامِسُ الِانْتِفَاعُ) بِالْمُتَعَيَّنِ مِنْ أُضْحِيَّةٍ أَوْ هَدْيٍ (فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا) مُطْلَقًا (وَبِجِلْدِهَا) إنْ حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا (كَدَلْوٍ وَنَحْوِهِ) كَخُفٍّ وَنَعْلٍ لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ، وَلَفْظَةِ وَنَحْوِهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا (وَ) لَهُ (إعَارَتُهُ) أَيْ جِلْدِهَا؛ لِأَنَّهَا إرْفَاقٌ كَمَا يَجُوزُ ارْتِفَاقُهُ بِهِ (لَا إجَارَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلْمَنَافِعِ (وَ) لَا (بَيْعُهُ) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ مَنْ يَبِيعُ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ (وَلَا إعْطَاؤُهُ الْجَزَّارَ أُجْرَةً) هَذِهِ وَاللَّتَانِ قَبْلَهَا عُلِمَتَا مِمَّا مَرَّ فِي أَحْكَامِ الْأُضْحِيَّةِ (وَالْقَرْنُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْجِلْدِ فِيمَا ذُكِرَ (وَلَهُ جَزُّ صُوفٍ عَلَيْهَا إنْ تُرِكَ إلَى الذَّبْحِ أَضَرَّ بِهَا) لِلضَّرُورَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُزَّهُ إنْ كَانَتْ وَاجِبَةً لِانْتِفَاعِ الْحَيَوَانِ فِي دَفْعِ الْأَذَى عَنْهُ وَانْتِفَاعِ الْمَسَاكِينِ بِهِ عِنْدَ الذَّبْحِ (وَ) لَهُ (الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَالتَّصَدُّقُ بِهِ أَفْضَلُ) مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَكَالصُّوفِ فِيمَا ذُكِرَ الشَّعْرُ وَالْوَبَرُ (وَلِلْوَلَدِ) ، وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ التَّعْيِينِ (حُكْمُ الْأُمِّ) ، وَإِنْ انْفَصَلَ بَعْدَ ذَبْحِهَا؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ مَتَى ثَبَتَتْ فِي الْأُمِّ ثَبَتَتْ فِي الْوَلَدِ كَالْإِيلَادِ (فَإِنْ كَانَتْ مَنْذُورَةً، وَلَوْ مُعَيَّنَةً عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَمْلِكْهُ) ، وَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ النَّذْرِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ أَكْلِهِ. وَإِنْ كَانَتْ مُتَطَوَّعًا بِهَا فَهُوَ مِلْكُهُ كَالْأُمِّ وَيَأْكُلُ مِنْهُ أَوْ يَأْكُلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي لَا يُقَالُ قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ يَقُولُوا هُنَا إنَّ الْحَامِلَ وَقَعَتْ أُضْحِيَّةً غَايَتُهُ أَنَّهَا إذَا عُيِّنَتْ بِنَذْرٍ تَعَيَّنَتْ، وَلَا تَقَعُ أُضْحِيَّةً كَمَا لَوْ تَعَيَّنَتْ بِهِ مَعِيبَةً بِعَيْبٍ آخَرَ (فَإِنْ كَانَ) الْوَلَدُ (وَلَدُ هَدْيٍ وَأَعْيَا) عَنْ الْمَشْيِ (فَلْيَحْمِلْهُ عَلَى الْأُمِّ أَوْ غَيْرِهَا) لِيَبْلُغَ   [حاشية الرملي الكبير] التَّصَدُّقُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّ ذَلِكَ تَطَوُّعٌ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ، وَهُوَ قِيَاسٌ جَيِّدٌ وَالنَّصُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ: وَلَا يُطْعِمُ مِنْهُ أَحَدًا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْهَدِيَّةَ وَالصَّدَقَةَ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إنَّهُ لَمْ يَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهَا كَلَامًا. وَمُقْتَضِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ إطْعَامُهُمْ يَعْنِي الْفُقَرَاءِ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ دُونَ الْوَاجِبَةِ انْتَهَى. ، وَهَذَا وَجْهٌ حَكَاهُ الْقَمُولِيُّ أَيْضًا وَالْمَذْهَبُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ غ وَقَوْلُهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ نَقَلَ جَمَاعَةٌ عَنْ الْجَدِيدِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ أَكْلِ الثُّلُثِ أَوْ النِّصْفِ تَضْحِيَةُ الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ الِادِّخَارُ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ] (قَوْلُهُ إنْ حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا) ، وَهِيَ الْأُضْحِيَّةُ، وَالْهَدْيُ الْمُتَطَوَّعُ بِهِمَا أَمَّا جِلْدُ الْوَاجِبِ مِنْهُمَا فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ كَاللَّحْمِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُقَنَّعِ وَجِلْدُ الْأُضْحِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ لَحْمِهَا سَوَاءٌ، قَالَ شَيْخُنَا شَمِلَ ذَلِكَ الْهِبَةَ بِلَا ثَوَابٍ؛ لِأَنَّهَا أَيْ الصَّدَقَةُ مِنْ أَنْوَاعِ الْهِبَةِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ: إنَّهُ يَجُوزُ لَهُ هِبَةُ صُوفِهَا، وَلَبَنِهَا وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ بَيْعُ ذَلِكَ وَجُعِلَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَتْ هِبَتُهُ وَمَا لَا فَلَا كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ انْفَصَلَ بَعْدَ ذَبْحِهَا إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ تَضْحِيَةٌ بِحَامِلٍ فَإِنَّ الْحَمْلَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 546 الْحَرَمَ وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (وَلَوْ ذَبَحَ الْأُضْحِيَّةَ) مَعَ وَلَدِهَا أَوْ دُونَهُ لِوُجُودِهِ بِبَطْنِهَا مَيِّتًا (فِي الْوَقْتِ وَتَصَدَّقَ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ الْأُمِّ وَأَكَلَ الْوَلَدَ كُلَّهُ جَازَ) كَاللَّبَنِ وَتَرْجِيحُ جَوَازِ أَكْلِ الْوَلَدِ فِيمَا إذَا ذَبَحَهُ مَعَ أُمِّهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَ الْأَصْلُ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَتَرْجِيحُ أَنَّهُ كَضَحِيَّةٍ أُجْرِيَ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَشَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَلَدَ الْوَاجِبَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي وَلَدِ الْوَاجِبَةِ الْمُعَيَّنَةِ بِالنَّذْرِ ابْتِدَاءً عَلَى مَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مِنْ إطْلَاقِ جَوَازِ أَكْلِهِ أَمَّا وَلَدُ الْوَاجِبَةِ الْمُعَيَّنَةِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ أَوْ ابْتِدَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ فَالْمُتَّجَهُ فِيهِ مَنْعُ أَكْلِهِ كَأُمِّهِ وَبِهِ جَزَمَ الْبَارِزِيُّ تَبَعًا لِلطَّاوُسِيِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ. (وَلَهُ) فِي الْوَاجِبَةِ (شُرْبُ لَبَنِهَا) وَسَقْيُهُ غَيْرَهُ بِلَا عِوَضٍ (لَوْ فَضَلَ عَنْ) رِيِّ (وَلَدِهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَشُقُّ نَقْلُهُ؛ وَلِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ وَلَدِهَا فَحَلَبَهُ فَنَقَصَ الْوَلَدُ بِسَبَبِهِ (ضَمِنَ نَقْصَ الْوَلَدِ، وَلَهُ رُكُوبُهَا) وَإِرْكَابُهَا (وَتَحْمِيلُهَا) لِلْحَاجَةِ (بِرِفْقٍ وَيَضْمَنُهَا) (إنْ تَلِفَ) بِالِاسْتِعْمَالِ وَالْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ إنْ نَقَصَتْ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ جَوَازَ مَا ذُكِرَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (وَلَا يَجُوزُ رَدُّهَا) عَلَى الْبَائِعِ (بِالْعَيْبِ) لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا (بَلْ يَأْخُذُ الْأَرْشَ) مِنْ الْبَائِعِ كَمَا يَأْخُذُهُ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ أَوْ وَقَفَهُ (لِنَفْسِهِ) فَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى التَّعْيِينِ؛ وَلِأَنَّ الْعَيْبَ قَدْ لَا يَكُونُ مُؤَثِّرًا فِي اللَّحْمِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ. (مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ، وَلَوْ أَكَلَ بَعْضَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ وَتَصَدَّقَ بِبَعْضِهَا (فَلَهُ ثَوَابُ التَّضْحِيَةِ) بِالْكُلِّ كَمَنْ نَوَى صَوْمَ تَطَوُّعٍ ضَحْوَةً (وَ) ثَوَابُ (التَّصَدُّقِ بِالْبَعْضِ، وَلَوْ أَعْطَى الْمُكَاتَبَ مِنْهَا جَازَ) كَالْحُرِّ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ وَخَصَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِمَا إذَا صَرَفَهُ إلَيْهِ غَيْرُ سَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا لَوْ صَرَفَ إلَيْهِ مِنْ زَكَاتِهِ (وَيَعْصَى بِتَأْخِيرِ الْمَنْذُورَةِ عَنْ الْعَامِّ الْمُعَيَّنِ) لِذَبْحِهَا (وَيَقْضِي) كَمَا لَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ الْوَقْتِ (وَيُسْتَحَبُّ الذَّبْحُ فِي بَيْتِهِ بِمَشْهَدِ أَهْلِهِ) لِيَفْرَحُوا بِالذَّبْحِ وَيَتَمَتَّعُوا بِاللَّحْمِ (وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ) أَيْ الْأُضْحِيَّةُ مُسَارَعَةً إلَى الْخَيْرَاتِ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِائَةَ بَدَنَةٍ أَهْدَاهَا» ، وَهَذَا أَنْكَرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى نَقْلِ الرَّافِعِيِّ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّ مَنْ ضَحَّى بِعَدَدٍ فَرَّقَهُ عَلَى أَيَّامِ الذَّبْحِ وَمَا أَنْكَرَ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ جَمَاعَةٌ لَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْإِمَامِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ (وَنَقْلُهَا عَنْ بَلَدٍ) أَيْ بَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ إلَى آخَرَ (كَنَقْلِ الزَّكَاةِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهَذَا يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ مَنْعِ نَقْلِهَا لَكِنَّ الصَّحِيحَ الْجَوَازُ فَقَدْ صَحَّحُوا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ جَوَازَ نَقْلِ الْمَنْذُورَةِ، وَالْأُضْحِيَّةُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ يَمْتَدُّ إلَيْهَا أَطْمَاعُ الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ كَالزَّكَاةِ بِخِلَافِ النُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ لَا شُعُورَ لِلْفُقَرَاءِ بِهَا حَتَّى تَمْتَدَّ أَطْمَاعُهُمْ إلَيْهَا (وَتُسْتَحَبُّ) التَّضْحِيَةُ (لِلْحَاجِّ كَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَهْدَى) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى فِي مِنًى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ» كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُضَحِّيَ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِبَدَنَةٍ فِي الْمُصَلَّى وَ) أَنْ يَنْحَرَهَا (بِنَفْسِهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ) بَدَنَةٌ (فَشَاةٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ ضَحَّى عَنْهُمْ مِنْ مَالِهِ فَحَيْثُ شَاءَ) يُضَحِّي قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاحْتِيَاطِ لِمَالِهِ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ بِهِ وَالْأُضْحِيَّةُ تَبَرُّعٌ. [بَابٌ فِي الْعَقِيقَةِ] (بَابُ الْعَقِيقَةِ) مِنْ عَقَّ يَعِقُّ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا، وَهِيَ لُغَةً: الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى رَأْسِ الْوَلَدِ حِينَ وِلَادَتِهِ وَشَرْعًا يُذْبَحُ عِنْدَ حَلْقِ شَعْرِهِ؛ لِأَنَّ مَذْبَحَهُ يُعَقُّ أَيْ يُشَقُّ وَيُقْطَعُ؛ وَلِأَنَّ الشَّعْرَ يُحْلَقُ إذْ ذَاكَ وَالْأَصْلُ فِيهَا أَخْبَارٌ كَخَبَرِ «الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى» وَكَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِتَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَوَضْعِ الْأَذَى عَنْهُ وَالْعَقِّ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ فِي الْأَوَّلِ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي الثَّانِي حَسَنٌ وَالْمَعْنَى فِيهِ إظْهَارُ الْبِشْرِ وَالنِّعْمَةِ وَنَشْرِ النَّسَبِ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) فَرَضَ فِيهِ هَذَا الْخِلَافَ فِي أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَقَالَ إنَّ الْمُخْتَارَ مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَالْأَصَحُّ عَلَى الْجُمْلَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُ جَمِيعِهِ، ثُمَّ قَالَ، وَالْوَاجِبَةُ إنْ جَوَّزْنَا الْأَكْلَ مِنْهَا جَاءَ الْخِلَافُ أَيْضًا، وَإِلَّا لَمْ يَأْكُلْ مِنْ الْوَلَدِ وَحُكْمُهُ حُكْمُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْبَارِزِيُّ) قَالَ الْبَارِزِيُّ كَغَيْرِهِ فَأَمَّا وَلَدُ الْوَاجِبَةِ سَوَاءٌ كَانَ مُجْتَنًّا عِنْدَ الْوُجُوبِ أَوْ حَادِثًا بَعْدَهُ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْأُمِّ، وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ حَتَّى يَجِبَ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهِ بَعْدَ الذَّبْحِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَوَلَدُ الْوَاجِبَةِ كَالْأُمِّ يَذْبَحُهُ مَعَهَا وَيَتَصَدَّقُ بِهِ مُعَيَّنَةً كَانَتْ فِي الْأَصْلِ أَوْ عُيِّنَتْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ يَجُوزُ أَكْلُ كُلِّهِ كَأَكْلِ جَنِينِهَا بِخِلَافِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ) مُطْلَقًا وَيَجِبُ تَنْزِيلُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَشَرْحَيْ الرَّافِعِيِّ عَلَيْهِ. اهـ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ وَلَدِ الْوَاجِبَةِ بِسَبَبِ جُبْرَانٍ، وَالْوَاجِبَةُ فِي النُّسُكِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَمَّا وَلَدُهُمَا فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ قَطْعًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْأَكْلِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ مَنْعُ أَكْلِ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ إنَّمَا يَجِبُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْوَلَدُ لَا يُسَمَّى أُضْحِيَّةً لِنَقْصِ سِنِّهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَ ذَبْحُهُ تَبَعًا كَمَا يَجُوزُ أَكْلُ الْجَنِينِ إذَا وُجِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً، وَإِنْ لَمْ يُذَكَّ وَأَيْضًا فَكَمَا يَجُوزُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَكْلُ الْوَلَدِ، وَلَا يَكُونُ وَقْفًا كَذَلِكَ هَذَا يَجُوزُ أَكْلُهُ، وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ فَسُنَّ، وَقَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً قَالَ شَيْخُنَا وَقَدْ تَشَكَّلَ. [مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةَ] (بَابُ الْعَقِيقَةِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 547 فَلْيَفْعَلْ» ؛ وَلِأَنَّهَا إرَاقَةُ دَمٍ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ، وَلَا نَذْرٍ فَلَمْ تَجِبْ كَالْأُضْحِيَّةِ وَمَعْنَى مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ قِيلَ: لَا يَنْمُو نُمُوَّ مِثْلِهِ حَتَّى يُعَقَّ عَنْهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَأَجْوَدُ مَا قِيلَ فِيهِ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ لَمْ يَشْفَعْ فِي وَالِدَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَقَلَهُ الْحَلِيمِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَى أَحْمَدَ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ. وَالْأَخْبَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا عَقِيقَةً لَكِنْ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلسَّائِلِ عَنْهَا: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ» فَقَالَ الرَّاوِي كَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ أَبِي الدَّمِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهَا نَسِيكَةً أَوْ ذَبِيحَةً وَيُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا عَقِيقَةً كَمَا يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْعِشَاءِ عَتَمَةً. (وَيُسْتَحَبُّ ذَبْحُهَا يَوْمَ سَابِعِ الْوِلَادَةِ) فَيَدْخُلُ يَوْمُهَا فِي الْحِسَابِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ يَوْمَ السَّابِعِ وَسَمَّاهُمَا وَأَمَرَ أَنْ يُمَاطَ عَنْ رَأْسِهِمَا الْأَذَى» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (فَإِنْ وُلِدَ لَيْلًا لَمْ يُحْسَبْ) يَوْمًا بَلْ يُحْسَبْ مِنْ يَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ (وَإِنَّمَا يَجُوزُ) ذَبْحُهَا (بَعْدَ الْوِلَادَةِ) لَا قَبْلَهَا لِتَلَاعُبِهِ بِالْعِبَادَةِ بَلْ هِيَ حِينَئِذٍ شَاةُ لَحْمٍ لِعَدَمِ دُخُولِ سَبَبِهَا وَذِكْرُ عَدَمِ الْجَوَازِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَا تُحْسَبُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ بَلْ تَكُونُ شَاةَ لَحْمٍ (وَلَا تَفُوتُ عَلَى الْوَلِيِّ) الْمُوسِرِ بِهَا (حَتَّى يَبْلُغَ) الْوَلَدُ (فَإِنْ بَلَغَ فَحَسَنٌ أَنْ يَعُقَّ عَنْ نَفْسِهِ) تُدَارُ كَالْمَسَافَاتِ وَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَاطِلٌ. (فَصْلٌ وَإِنَّمَا تُسَنُّ) الْعَقِيقَةُ (لِمَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ) لِلْوَلَدِ (لَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ) الْأَوْلَى الْوَلَدُ فَلَا يَعُقُّ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ تَبَرُّعٌ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ مَالِهِ فَلَوْ عَقَّ مِنْ مَالِهِ ضَمِنَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ سَالِمَةٌ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا «عَقُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ» فَمُتَأَوَّلٌ قَالَهُ فِي الْأَصْلِ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت تَأْوِيلُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَبَاهُمَا بِذَلِكَ أَوْ أَعْطَاهُ مَا عَقَّ بِهِ أَوْ أَنَّ أَبَوَيْهِمَا كَانَا عِنْدَ ذَلِكَ مُعْسِرَيْنِ فَيَكُونَانِ فِي نَفَقَةِ جَدِّهِمَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِطْلَاقُهُمْ اسْتِحْبَابُ الْعَقِيقَةِ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ يُفْهِمُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْأُمِّ أَنْ تَعُقَّ عَنْ وَلَدِهَا مِنْ زِنًا وَفِيهِ بُعْدٌ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَارِ وَأَنَّهُ لَوْ وَلَدَتْ أَمَتُهُ مِنْ زِنًا أَوْ زَوْجٍ مُعْسِرٍ أَوْ مَاتَ قَبْلَ عَقِّهِ اُسْتُحِبَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَعُقَّ عَنْهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا (فَإِنْ) كَانَ الْوَلِيُّ عَاجِزًا عَنْ الْعَقِيقَةِ فِي السَّبْعَةِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا حَتَّى لَوْ (أَيْسَرَ الْوَلِيُّ بَعْدَ) السَّابِعِ مَعَ بَقِيَّةِ (مُدَّةِ النِّفَاسِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا) بِخِلَافِ مَاذَا أَيْسَرَ قَبْلَ تَمَامِ السَّابِعِ (وَفِيمَا) إذَا أَيْسَرَ (بَعْدَ السَّابِعِ) فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ (تَرَدُّدٌ) لِلْأَصْحَابِ لِبَقَاءِ أَثَرِ الْوِلَادَةِ. (فَصْلٌ، وَهِيَ كَالْأُضْحِيَّةِ فِي) اسْتِحْبَابِهَا كَمَا مَرَّ وَفِي (سَائِرِ الْأَحْكَامِ) مِنْ جِنْسِهَا وَسِنِّهَا وَسَلَامَتِهَا، وَالْأَفْضَلِ مِنْهَا وَالْأَكْلِ وَالتَّصَدُّقِ وَالْإِهْدَاءِ وَالْإِدْخَارِ وَقَدْرِ الْمَأْكُولِ مِنْهَا وَامْتِنَاعِ بَيْعِهَا وَتَعْيِينِهَا إذَا عُيِّنَتْ (وَ) اعْتِبَارِ (النِّيَّةِ) وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْ النِّيَّةِ أَشْمَلَهَا مَا قَبْلَهَا (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ طَبْخُهَا) كَسَائِرِ الْوَلَائِمِ (بِحُلْوٍ) تَفَاؤُلًا بِحَلَاوَةِ أَخْلَاقِ الْوَلَدِ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ الْحَلْوَى وَالْعَسَلَ» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ كَانَتْ مَنْذُورَةً فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا نِيئًا كَالْأُضْحِيَّةِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَهَا بِدُونِ النَّذْرِ (وَلَا يُكْرَهُ الْحَامِضُ) أَيْ طَبْخُهَا بِهِ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ (وَالْحَمْلُ) أَيْ حَمْلُهَا مَطْبُوخَةً مَعَ مَرَقِهَا (لِلْفُقَرَاءِ أَفْضَلُ) مِنْ نِدَائِهِمْ إلَيْهَا (وَلَا بَأْسَ بِنِدَاءِ قَوْمٍ) إلَيْهَا (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَكْسِرَ عَظْمَهَا مَا أَمْكَنَ) تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ أَعْضَاءِ الْوَلَدِ (فَإِنْ كَسَّرَ لَمْ يُكْرَهْ) إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ عَقَّ عَنْهُ بِسُبْعِ بَدَنَةٍ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ اسْتِحْبَابُ تَرْكِ الْكَسْرِ بِعَظْمِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ سَابِعِ الْوِلَادَةِ) يُقَالُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَتَأَلُّمِ الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ فَفِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يُكْثَرَ مِنْ دُعَاءِ الْكُرَبِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ السُّنِّيِّ عَنْ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَنَتْ وِلَادَتُهَا أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ وَزَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ أَنْ يَأْتِيَاهَا فَيَقْرَآ عَلَيْهَا آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَأَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ إلَى آخِرِ الْآيَةِ وَيُعَوِّذَاهَا بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ» (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَاطِلٌ) وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَأَحْمَدُ [فَصْلٌ تُسَنُّ الْعَقِيقَةُ لِمَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِلْوَلَدِ] إنَّهُ مُنْكَرٌ (قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا تُسَنُّ لِمَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِلْوَلَدِ حَقِيقَةً) لِإِعْسَارِ الْوَلَدِ أَوْ بِتَقْدِيرِ إعْسَارِهِ فِيمَا إذَا كَانَ مُوسِرًا وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِمْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ - الْأَبُ الْكَافِرُ فَيَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ بِإِسْلَامِ أُمِّهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ الْوَلَدَ بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا نَسِيبًا إلَى أَصْلِهِ قَالَ: فَلَوْ كَانَ رَقِيقًا وَضَعَتْهُ جَارِيَةُ الْإِنْسَانِ أَوْ زَوْجَتُهُ الرَّقِيقَةُ لَمْ تَتَعَلَّقْ سُنِّيَّةُ الْعَقِيقَةِ بِوَالِدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَلَا بِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ حُرًّا إلَّا أَنَّهُ يُنْسَبُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ لَمْ يُسَنُّ الْعَقُّ عَنْهُ نَعَمْ يُسَنُّ لِلْأُمِّ إذَا لَزِمَتْهَا نَفَقَتُهُ، وَقَوْلُهُ وَذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِ الْمِنْهَاجِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِيمَا بَعْدَ السَّابِعِ تَرَدُّدٌ) الْأَصَحُّ مِنْهُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَنْوَارِ تَرْجِيحُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا الِاخْتِيَارُ لِلْمُوسِرِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ مُدَّةَ النِّفَاسِ، وَإِلَّا فَمُدَّةَ الرَّضَاعِ، وَإِلَّا فَسِنَّ التَّمْيِيزِ. [فَصْلٌ الْعَقِيقَةُ كَالْأُضْحِيَّةِ فِي اسْتِحْبَابِهَا] (قَوْلُهُ مِنْ جِنْسِهَا وَسِنِّهَا) رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ عَنْ الْحَسَنِ «عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا يَعُقُّ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ» وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَوْ ذَبَحَ بَقَرَةً أَوْ بَدَنَةً عَنْ سَبْعَةِ أَوْلَادٍ أَوْ اشْتَرَكَ فِيهَا جَمَاعَةٌ جَازَ سَوَاءٌ أَرَادُوا كُلُّهُمْ الْعَقِيقَةَ أَوْ بَعْضُهُمْ الْعَقِيقَةَ وَبَعْضُهُمْ اللَّحْمَ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِهْدَاءِ) هَذَا إذَا أُهْدِيَ مِنْهَا لِلْغَنِيِّ شَيْءٌ مَلَكَهُ بِخِلَافِهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ ضِيَافَةٌ عَامَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافِ الْعَقِيقَةِ ش (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا نِيئًا بَلْ يَتَصَدَّقُ بِهِ مَطْبُوخًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 548 السُّبْعِ أَوْ بِعِظَامِ جَمِيعِ الْبَدَنَةِ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ عَقِيقَةً هُوَ السُّبْعُ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ تَأَتَّى قِسْمَتُهَا بِغَيْرِ كَسْرٍ فَاسْتِحْبَابُ تَرْكِ الْكَسْرِ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ إذْ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَلِلْعَقِيقَةِ فِيهِ حِصَّةٌ. (فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ) قَالَتْ عَائِشَةُ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ مُتَكَافِئَتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَيُجْزِئُ) عَنْ الْعَقِّ عَنْ الْغُلَامِ شَاةٌ (وَاحِدَةٌ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا» وَكَالشَّاةِ سُبُعُ بَدَنَةٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَأَدَّى بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَصْلُ السُّنَّةِ (وَ) عَنْ (الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ) لِمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّ السُّرُورَ بِهَا أَقَلُّ مِنْهُ بِالْغُلَامِ، وَكَالْجَارِيَةِ الْخُنْثَى عَلَى الْمُتَّجَهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُقَّ (عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ السَّابِعِ وَالتَّمَكُّنِ) مِنْ الذَّبْحِ وَكَمَوْتِهِ بَعْدَ السَّابِعِ مَوْتُهُ قَبْلَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. (وَصَدْرُ النَّهَارِ) عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (أَوْلَى) بِالْعَقِّ فِيهِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَقُولَ الذَّابِحُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ اللَّهُمَّ لَكَ وَإِلَيْكَ عَقِيقَةُ فُلَانٍ) لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ. (وَيُكْرَهُ لَطْخُ رَأْسِ الصَّبِيِّ بِدَمِهَا) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ فَأَهْرِيقُوا عَلَيْهِ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» بَلْ قَالَ الْحَسَنِ وَقَتَادَةُ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، ثُمَّ يُغْسَلُ لِهَذَا الْخَبَرِ (، وَلَا بَأْسَ بِالزَّعْفَرَانِ) أَيْ بِلَطْخِهِ بِهِ وَبِالْخَلُوقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقِيلَ: بِاسْتِحْبَابِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ بُرَيْدَةَ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً، وَلَطَّخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَمِّيَهُ يَوْمَ السَّابِعِ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (وَلَا بَأْسَ بِهَا قَبْلَهُ) وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ أَنَّ السُّنَّةَ تَسْمِيَتُهُ يَوْمَ السَّابِعِ أَوْ يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَاسْتَدَلَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ وَحَمَلَ الْبُخَارِيُّ أَخْبَارَ يَوْمِ الْوِلَادَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَرَ الْعَقَّ وَأَخْبَارَ يَوْمِ السَّابِعِ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ (حَتَّى السَّقْطُ) فَتُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهُ لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى سُمِّيَ بِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُمَا كَأَسْمَاءِ، وَهِنْدَ، وَهُنَيْدَةَ وَخَارِجَةَ وَطَلْحَةَ (وَأَنْ يَحْسُنَ اسْمُهُ وَأَفْضَلُهَا) أَيْ الْأَسْمَاءِ (عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّى ابْنَ أَبِي طَلْحَةَ عَبْدَ اللَّهِ وَقَالَ لِرَجُلٍ سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ خَبَرَ «إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَحَسِّنُوا أَسْمَاءَكُمْ» وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ «أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ» زَادَ أَبُو دَاوُد «وَأَصْدَقُهُمَا حَارِثٌ، وَهَمَّامٌ وَأَقْبَحُهُمَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ» (وَتُكْرَهُ) الْأَسْمَاءُ (الْقَبِيحَةُ وَمَا يَتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ) عَادَةً (كَنَجِيحٍ وَبَرَكَةَ) وَكَحَرْبٍ وَمُرَّةَ وَكُلَيْبٍ وَعَاصِيَةَ وَشَيْطَانٍ وَشِهَابٍ وَظَالِمٍ وَحِمَارٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ بِمَعْنَاهُ كَخَبَرِ «لَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ أَفْلَحَ، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا فَإِنَّك إذَا قُلْت أَثَمَّ هُوَ؟ قَالُوا: لَا» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّسْمِيَةُ بِسِتِّ النَّاسِ أَوْ الْعُلَمَاءِ وَنَحْوِهِ أَشَدُّ كَرَاهَةً وَقَدْ مَنَعَهُ الْعُلَمَاءُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ وَشَاهَانْ شَاهٍ (فَلْتُغَيَّرْ) أَيْ الْأَسْمَاءُ الْقَبِيحَةُ وَمَا يَتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ نَدْبًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ فَقِيلَ تُزَكِّي نَفْسَهَا فَسَمَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْنَبَ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيَّرَ اسْمَ عَاصِيَةَ وَقَالَ أَنْتِ جَمِيلَةٌ» . (فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ) لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ (أَنْ يَحْلِقَ لَهُ يَوْمَ السَّابِعِ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (بَعْدَ الذَّبْحِ) كَمَا فِي الْحَاجِّ (وَ) أَنْ (يَتَصَدَّقَ بِوَزْنِ الشَّعْرِ ذَهَبًا، وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ كَذَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ وَعَبَّرَ فِي الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ (فَفِيهِ) «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فَاطِمَةَ فَقَالَ زِنِي شَعْرَ الْحُسَيْنِ وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِهِ فِضَّةً وَأَعْطِي الْقَابِلَةَ رِجْلَ الْعَقِيقَةِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَقِيسَ بِالْفِضَّةِ الذَّهَبُ وَبِالذَّكَرِ الْأُنْثَى، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الذَّهَبَ أَفْضَلُ مِنْ الْفِضَّةِ، وَإِنْ ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ هِيَ الْمُتَيَسِّرَةُ إذْ ذَاكَ فَتَعْبِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ بَيَانٌ لِدَرَجَةِ الْأَفْضَلِيَّةِ (وَأَنْ يُؤَذِّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَيُقِيمَ فِي الْيُسْرَى) ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحُسَيْنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِخَبَرِ ابْنِ السُّنِّيِّ «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَأَذَّنَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَاسْتِحْبَابُ تَرْكِ الْكَسْرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ] (قَوْلُهُ وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ) إنَّمَا كَانَتْ الْأُنْثَى فِيهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا اسْتِبْقَاءُ النَّفْسِ، فَأَشْبَهَتْ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِدَاءٌ عَنْ النَّفْسِ (قَوْلُهُ سُبْعُ بَدَنَةٍ) أَيْ أَوْ بَقَرَةٍ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ لَكِنْ قَالَ ابْنُ كَبْنٍ: الْخُنْثَى كَالذَّكَرِ فِي الشَّاتَيْنِ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ. اهـ. وَبِهِ جَزَمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لَطْخُ رَأْسِ الصَّبِيِّ بِدَمِهَا) مَا ذُكِرَ لَا يَسْتَقِيمُ تَفْرِيعُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ تَحْرِيمِ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ شَيْئًا مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ كَسَقْيِ الْخَمْرِ وَإِدْخَالِهِ فَرْجَهُ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ فَكَمَا يَجُوزُ سَقْيُهَا الْمَاءَ النَّجَسَ وَإِلْبَاسُهَا الْجِلْدَ النَّجَسَ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ سَقْيُهُ الْخَمْرَ وَإِيلَاجُ فَرْجِهِ فِي الْفَرْجِ الْمُحَرَّمِ لِئَلَّا يَعْتَادَ ذَلِكَ، وَهَذَا إنَّمَا يُتَّجَهُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَمَسَّ الدَّمَ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ وَحَمَلَ الْبُخَارِيُّ أَخْبَارَ يَوْمِ الْوِلَادَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ، وَهُوَ جَمْعٌ لَطِيفٌ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى السَّقْطَ) أَيْ إذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ قَوْلُهُ (أَشَدُّ كَرَاهَةً) ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ، وَلَا تُعْرَفُ السِّتُّ إلَّا فِي الْعَدَدِ وَمُرَادُ الْعَوَامّ بِذَلِكَ سَيِّدَةٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ مَنَعَهُ الْعُلَمَاءُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ إلَخْ) أَيْ تَحْرُمُ التَّسْمِيَةُ بِهِ. [فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَنْ يَحْلِقَ لَهُ يَوْمَ السَّابِعِ] (قَوْلُهُ وَأَنْ يُؤَذِّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَيُقِيمَ إلَخْ) وَيَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِيهِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 549 فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَ فِي أُذُنِهِ الْيُسْرَى لَمْ تَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَانِ» أَيْ التَّابِعَةُ مِنْ الْجِنِّ وَلِيَكُونَ إعْلَامُهُ بِالتَّوْحِيدِ أَوَّلَ مَا يَقْرَعُ سَمْعَهُ عِنْدَ قُدُومِهِ إلَى الدُّنْيَا كَمَا يُلَقَّنُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا، وَلِمَا فِيهِ مِنْ طَرْدِ الشَّيْطَانِ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُدْبِرُ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ وَفِي مُسْنَدِ أَبِي رَزِينٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي أُذُنِ مَوْلُودٍ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ» وَالْمُرَادُ أُذُنُهُ الْيُمْنَى (وَ) أَنْ (يَقُولَ) فِي أُذُنِهِ {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَقُولُ أُعِيذُهَا بِك وَذُرِّيَّتَهَا، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا عَلَى سَبِيلِ التِّلَاوَةِ أَوْ التَّبَرُّكِ بِلَفْظِ الْآيَةِ بِتَأْوِيلِ إرَادَةِ التَّسْمِيَةِ (وَأَنْ يُحَنَّكَ) الْوَلَدُ (بِتَمْرٍ يُمْضَغُ) وَيُدَلَّكَ بِهِ حَنَكُهُ وَيُفْتَحَ فَمُهُ حَتَّى يَدْخُلَ إلَى جَوْفِهِ مِنْهُ شَيْءٌ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمْرٌ (فَبِحُلْوٍ) يُحَنِّكُهُ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى بِابْنِ أَبِي طَلْحَةَ حِين وُلِدَ وَتَمَرَاتٍ فَلَاكَهُنَّ، ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ، ثُمَّ مَجَّهُ فِيهِ فَجَعَلَ يَتَلَمَّظُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي مَعْنَى التَّمْرِ الرُّطَبُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُحَنِّكُ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَجُلٌ فَامْرَأَةٌ صَالِحَةٌ (وَ) أَنْ (يُهَنَّأَ بِهِ الْوَالِدُ) بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي الْمَوْهُوبِ لَك وَشَكَرْت الْوَاهِبَ وَبَلَغَ أَشُدَّهُ وَرُزِقْت بِرَّهُ وَأَنْ يَرُدَّ هُوَ عَلَى الْمُهَنِّئِ فَيَقُولُ: بَارَكَ اللَّهُ لَك وَبَارَكَ عَلَيْك أَوْ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا أَوْ رَزَقَك اللَّهُ مِثْلَهُ أَوْ أَجْزَلَ اللَّهُ ثَوَابَك وَنَحْوَ ذَلِكَ (وَ) أَنْ (تُعْطَى الْقَابِلَةُ رِجْلَ الْعَقِيقَةِ) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ السَّابِقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُعْطَاهُ نِيئًا. (وَلَا يُكْرَهُ الْفَرَعُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (وَهُوَ ذَبْحُ أَوَّلِ وَلَدٍ لِلْبَهِيمَةِ، وَلَا الْعَتِيرَةُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (وَهِيَ تَخْصِيصُ أَوَّلِ عَشْرٍ مِنْ رَجَبٍ بِالذَّبْحِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ» وَتَفْسِيرُ الْمُصَنِّفِ لَهُمَا بِمَا قَالَهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ، وَإِلَّا فَفِي الْأَصْلِ الْفَرَعُ أَوَّلُ نِتَاجِ الْبَهِيمَةِ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ، وَلَا يَمْلِكُونَهُ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِي الْأُمِّ وَكَثْرَةِ نَسْلِهَا، وَالْعَتِيرَةُ ذَبِيحَةٌ كَانُوا يَذْبَحُونَهَا فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ رَجَبٍ وَيُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةَ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ: وَالْمَنْعُ رَاجِعٌ إلَى مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ الذَّبْحِ لِآلِهَتِهِمْ أَوْ أَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الْوُجُوبِ أَوْ أَنَّهُمَا لَيْسَا كَالْأُضْحِيَّةِ فِي الِاسْتِحْبَابِ أَوْ فِي ثَوَابِ إرَاقَةِ الدَّمِ فَأَمَّا تَفْرِقَةُ اللَّحْمِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَصَدَقَةٌ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ عَلَى أَنَّهُ إنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ كُلَّ شَهْرٍ كَانَ حَسَنًا. [فَصْلٌ لِكُلٍّ مِنْ النَّاسِ أَنْ يَدْهُنَ غِبًّا وَأَنْ يَكْتَحِلَ وِتْرًا] (فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ) مِنْ النَّاسِ (أَنْ يَدْهُنَ غِبًّا) بِكَسْرِ الْغَيْنِ أَيْ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ بِحَيْثُ يَجِفُّ الْأَوَّلُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي سُنَنِهِ الصِّحَاحِ وَقَدْ «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِادِّهَانِ إلَّا غِبًّا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (وَ) أَنْ (يَكْتَحِلَ وِتْرًا لِكُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثَةٌ) كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ خَبَرَ «مَنْ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ» (وَ) أَنْ (يُقَلِّمَ الظُّفْرَ وَيَنْتِفَ الْإِبْطَ) بِإِسْكَانِ الْبَاءِ (وَيَحْلِقَ الْعَانَةَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مِنْ الْفِطْرَةِ خَمْسٌ: الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْآبَاطِ» ؛ وَلِأَنَّهَا أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ، وَكَيْفِيَّةُ التَّقْلِيمِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمِسْبَحَةِ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّهَا الْأَشْرَفُ إذْ يُشَارُ بِهَا إلَى التَّوْحِيدِ فِي التَّشَهُّدِ، ثُمَّ بِالْوُسْطَى لِكَوْنِهَا عَلَى يَمِينِ الْمِسْبَحَةِ إذَا تُرِكَتْ الْيَدُ عَلَى جِبِلَّتِهَا مَبْسُوطَةَ الْكَفِّ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ بِالْبِنْصِرِ، ثُمَّ بِالْخِنْصَرِ، ثُمَّ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى، ثُمَّ بِبِنْصِرِهَا، ثُمَّ الْوُسْطَى، ثُمَّ السَّبَّابَةِ، ثُمَّ الْإِبْهَامِ، ثُمَّ إبْهَامِ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّ الْيَدَيْنِ فِي حُكْمِ حَلْقَةٍ فَيَقْضِي تَرْتِيبُ الدُّورِ الذَّهَابَ عَلَى مَا ذُكِرَ، ثُمَّ يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى، ثُمَّ بِمَا بَعْدَهَا إلَى أَنْ يَخْتِمَ بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى كَمَا فِي تَخْلِيلِ أَصَابِعِهِمَا فِي الْوُضُوءِ نَقَلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْغَزَالِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ حَسَنٌ إلَّا فِي تَأْخِيرِ إبْهَامِ الْيُمْنَى فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَلِّمَهَا بَعْدَ خِنْصَرِ الْيُمْنَى قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْيُسْرَى. (وَيَجُوزُ الْعَكْسُ) أَيْ حَلْقُ الْإِبْطِ وَنَتْفُ الْعَانَةِ وَيَكُونُ آتِيًا بِأَصْلِ السُّنَّةِ، وَالْعَانَةُ الشَّعْرُ النَّابِتُ حَوْلَ الْفَرْجِ وَقِيلَ: حَوْلَ الدُّبُرِ وَالْأَوْلَى حَلْقُهُمَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ وَالسُّنَّةُ فِي الرَّجُلِ حَلْقُهَا، وَفِي الْمَرْأَةِ نَتْفُهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُنْثَى مِثْلُهَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيُسْتَحَبُّ نَتْفُ الْأَنْفِ وَعَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَصُّهُ وَيُكْرَهُ نَتْفُهُ لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ (وَ) أَنْ (يَقُصَّ الشَّارِبَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ (عِنْدَ الْحَاجَةِ حَتَّى يُبَيِّنَ حَدَّ الشَّفَةِ) بَيَانًا ظَاهِرًا (وَيُكْرَهُ الْإِحْفَاءُ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِلَفْظِ، وَلَا يُحْفِيهِ مِنْ أَصْلِهِ، ثُمَّ قَالَ وَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ الْأَمْرِ بِحَفِّ الشَّوَارِبِ مَحْمُولٌ عَلَى حَفِّهَا مِنْ طَرَفِ الشَّفَةِ. اهـ. وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالصَّيْمَرِيِّ اسْتِحْبَابَهُ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ إنَّ السُّنَّةَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ الْحَلْقُ، وَلَمْ نَجِدْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِيهِ نَصًّا وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ رَأَيْنَاهُمْ كَالْمُزَنِيِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَبِحُلْوٍ يُحَنِّكُهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ التَّحْنِيكَ مُخْتَصٌّ بِالصِّبْيَانِ فَلَمْ يَجِئْ فِي السُّنَّةِ تَحْنِيكُ الْإِنَاثِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرُ حَدِيثِ عَائِشَةَ يُفْهِمُ تَخْصِيصَ التَّحْنِيكِ بِالصِّبْيَانِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ خَصَّصَهُ بِهِمْ. اهـ. إنَّمَا كَانُوا يَحْمِلُونَ الصِّبْيَانَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاعْتِنَائِهِمْ بِهِمْ دُونَ الْإِنَاثِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَنِّكُونَهُنَّ فِي الْبُيُوتِ تَسْوِيَةً بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الذُّكُورِ غ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ نَقَلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْغَزَالِيِّ، ثُمَّ قَالَ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 550 وَالرَّبِيعِ كَانَا يَحْفَيَانِ شَوَارِبَهُمَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا أَخَذَا ذَلِكَ عَنْهُ قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ وَزَعَمَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ الْحَاجَةِ قَيْدٌ فِي الْمَذْكُورَاتِ كُلِّهَا، وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَتُهُ خِلَافَهُ (وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ (عَنْهَا) أَيْ الْحَاجَةِ (وَ) تَأْخِيرُهَا (إلَى بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ أَشَدُّ) كَرَاهَةً لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّ أَنَسًا قَالَ وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ «وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَنْ قَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا بَدَلَ لَيْلَةً» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَعْنَى الْخَبَرِ أَنَّهُمْ لَا يُؤَخِّرُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَإِنْ أَخَّرُوهَا فَلَا يُؤَخِّرُونَهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَا أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَهَا إلَى الْأَرْبَعِينَ. (وَ) أَنْ (يَغْسِلَ الْبَرَاجِمَ) جَمْعُ بُرْجُمَةٍ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَالْجِيمِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْوُضُوءِ، وَهِيَ عُقَدُ الْأَصَابِعِ وَمَفَاصِلُهَا وَذَلِكَ لِخَبَرِ «عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ: الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالسِّوَاكُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَالِانْتِضَاحُ بِالْمَاءِ وَالْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ» (وَ) أَنْ يَغْسِلَ (مَعَاطِفَ الْآذَانِ وَصِمَاخَهَا) فَيُزِيلَ مَا فِيهِ مِنْ الْوَسَخِ بِالْمَسْحِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يُزِيلُهُ بِالْغَسْلِ (وَكَذَلِكَ الْأَنْفُ) فَيَغْسِلُ دَاخِلَهُ تَنْظِيفًا لَهُ كَالْمَذْكُورَاتِ قَبْلَهُ (تَيَامُنًا فِي الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الْمَذْكُورَاتِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الطَّهَارَةِ وَنَحْوِهَا. (وَأَنْ يُخَضِّبَ الشَّيْبَ) أَيْ الشَّعْرَ الشَّائِبَ (بِالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ) لِمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ نَعَمْ إنْ فَعَلَهُ تَشَبُّهًا بِالصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاءِ وَمُتَّبِعِي السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ صَحِيحَةٍ كُرِهَ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَهُوَ) أَيْ خِضَابُ الشَّيْبِ (بِالسَّوَادِ حَرَامٌ) لِمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَيْضًا وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ وَالثَّغَامَةَ» بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَبِالْمُعْجَمَةِ نَبْتٌ لَهُ ثَمَرٌ أَبْيَضُ وَعَبَّرَ مَعَ هَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ الْغَزَالِيِّ بِالْكَرَاهَةِ، وَكَذَا عَبَّرَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ قَالَ: وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (إلَّا لِلْمُجَاهِدِ) فِي الْكُفَّارِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إرْهَابًا لِلْعَدُوِّ بِإِظْهَارِ الشَّبَابِ وَالْقُوَّةِ. (وَخِضَابُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالْحِنَّاءِ) وَنَحْوِهِ (لِلرَّجُلِ حَرَامٌ) لِخَبَرِ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ» (إلَّا لِعُذْرٍ) فَلَا بَأْسَ بِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فِي بَابَيْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَالْإِحْرَامِ وَالْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالرَّجُلِ احْتِيَاطًا (وَيُسْتَحَبُّ فَرْقُ الشَّعْرِ) أَيْ شَعْرِ الرَّأْسِ (وَتَرْجِيلُهُ) أَيْ تَمْشِيطُهُ بِمَاءٍ أَوْ دُهْنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُلَيِّنُهُ وَيُرْسِلُ ثَائِرَهُ وَيَمُدُّ مُنْقَبِضَهُ (وَتَسْرِيحُ اللِّحْيَةِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ» . (وَيُكْرَهُ الْقَزَعُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي أَبِي دَاوُد أَنَّهُ زِيُّ الْيَهُودِ، وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ مُطْلَقًا وَقِيلَ: حَلْقُ مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ، وَأَمَّا حَلْقُ جَمِيعِ الرَّأْسِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِمَنْ أَرَادَ التَّنْظِيفَ، وَلَا بِتَرْكِهِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْهُنَهُ وَيُرَجِّلَهُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَاحْتُجَّ لِذَلِكَ فِيهِ «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْقَزَعِ وَقَالَ لِيَحْلِقْهُ كُلَّهُ أَوْ لِيَدَعْهُ كُلَّهُ» قَالَ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيُكْرَهُ لَهَا حَلْقُ رَأْسِهَا إلَّا لِضَرُورَةٍ. (وَ) يُكْرَهُ (نَتْفُهَا) أَيْ اللِّحْيَةِ أَوَّلَ طُلُوعِهَا إيثَارًا لِلْمُرُودَةِ وَحُسْنِ الصُّورَةِ (وَنَتْفُ الشَّيْبِ) لِمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَاسْتِعْجَالُهُ) أَيْ الشَّيْبِ (بِالْكِبْرِيتِ) أَوْ غَيْرِهِ طَلَبًا لِلشَّيْخُوخَةِ وَإِظْهَارًا لِعُلُوِّ السِّنِّ لِأَجْلٍ الرِّيَاسَةِ (وَنَتْفُ جَانِبَيْ الْعَنْفَقَةِ وَ) جَانِبَيْ (شَعْرِ اللِّحْيَةِ وَتَشْعِيثُهَا) إظْهَارًا لِلزُّهْدِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِنَفْسِهِ (وَتَصْفِيفُهَا طَاقَةً فَوْقَ طَاقَةٍ) لِلتَّزَيُّنِ وَالتَّصَنُّعِ (وَالنَّظَرُ فِي سَوَادِهَا وَبَيَاضِهَا إعْجَابًا) وَافْتِخَارًا (وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِذَارَيْنِ مِنْ الصُّدْغِ وَالنَّقْصُ مِنْهَا) لِئَلَّا يُغَيِّرَ شَعْرَهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيمَا طَالَ مِنْ اللِّحْيَةِ فَقِيلَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقْبِضَ عَلَيْهَا وَيَقُصَّ مَا تَحْتَ الْقَبْضَةِ وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّعْبِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَلِخَبَرِ: أَعْفُوا اللِّحَى قَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى تَقْصِيصِهَا وَتَدْوِيرِهَا مِنْ الْجَوَانِبِ فَإِنَّ الطُّولَ الْمُفْرِطَ قَدْ يُشَوَّهُ الْخِلْقَةَ (، وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ سِبَالَيْهِ) ، وَهُمَا طَرَفَا الشَّارِبِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا يَرُدُّ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ «قُصُّوا سَبَالَاتِكُمْ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ» . (وَيُسْتَحَبُّ لِوَلَدِهِ وَتِلْمِيذِهِ وَغُلَامِهِ أَنْ لَا يُسَمِّيَهُ بِاسْمِهِ) رَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) قَالَ شَيْخُنَا ذِكْرُ الْوَالِدِ فِي شَرْحِهِ لِلزَّيْدِ جَوَازُهُ لِلْمَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ نَتْفُهَا) أَيْ اللِّحْيَةِ إلَخْ وَمِثْلُهُ حَلْقُهَا فَقَوْلُ الْحَلِيمِيِّ فِي مِنْهَاجِهِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْلِقَ لِحْيَتَهُ، وَلَا حَاجِبَيْهِ ضَعِيفٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 551 «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا مَعَهُ غُلَامٌ فَقَالَ لِلْغُلَامِ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَبِي قَالَ: فَلَا تَمْشِ أَمَامَهُ، وَلَا تَسْتَسْبِبْ لَهُ، وَلَا تَجْلِسْ قَبْلَهُ، وَلَا تَدْعُهُ بِاسْمِهِ» وَمَعْنَى لَا تَسْتَسْبِبْ لَهُ لَا تَفْعَلْ فِعْلًا تَتَعَرَّضُ فِيهِ لَأَنْ يَسُبَّك بِهِ زَجْرًا لَكَ وَتَأْدِيبًا وَيُقَاسُ بِالْأَبِ غَيْرُهُ. (وَأَنْ يُكَنِّيَ أَهْلَ الْفَضْلِ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلَدٌ) رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ صَوَاحِبِي لَهُنَّ كُنًى قَالَ فَاكْتَنِي بِابْنِك عَبْدِ اللَّهِ» قَالَ الرَّاوِي يَعْنِي بِابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِهَا أَسْمَاءَ وَسَوَاءٌ أَكُنِّيَ الرَّجُلُ بِأَبِي فُلَانٍ أَمْ بِأَبِي فُلَانَةَ وَالْمَرْأَةُ بِأُمِّ فُلَانٍ أَمْ بِأُمِّ فُلَانَةَ وَتَجُوزُ التَّكْنِيَةُ بِغَيْرِ أَسْمَاءِ الْآدَمِيِّينَ كَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي الْمَكَارِمِ وَأَبِي الْفَضَائِلِ وَأَبِي الْمَحَاسِنِ (لَا بِأَبِي الْقَاسِمِ) فَلَا يُسْتَحَبُّ التَّكَنِّي بِهِ بَلْ يَحْرُمُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» وَسَيَأْتِي فِيهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مَزِيدُ الْكَلَامِ (، وَلَا يُكَنَّى كَافِرٌ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَا فَاسِقٌ، وَلَا مُبْتَدِعٌ؛ لِأَنَّ الْكُنْيَةَ لِلتَّكْرِمَةِ، وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا بَلْ أُمِرْنَا بِالْإِغْلَاظِ عَلَيْهِمْ (إلَّا لِخَوْفِ فِتْنَةٍ) مِنْ ذِكْرِهِ بِاسْمِهِ (أَوْ تَعْرِيفٍ) كَمَا قِيلَ بِهِ فِي: قَوْله تَعَالَى {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى وَقِيلَ: ذَكَرَهُ بِكُنْيَتِهِ كَرَاهَةً لِاسْمِهِ حَيْثُ جُعِلَ عَبْدًا لِلصَّنَمِ وَقِيلَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ كَانَتْ الْكُنْيَةُ أَقْوَى بِحَالِهِ (، وَلَا بَأْسَ بِكُنْيَةِ الصَّغِيرِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ لِأَخٍ لِأَنَسٍ صَغِيرٍ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ» (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُكَنِّيَ الرَّجُلُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ مَنْ لَهُ أَوْلَادٌ (بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ) فَقَدْ «كُنِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي الْقَاسِمِ بِابْنِهِ الْقَاسِم وَكَانَ أَكْبَرَ بَنِيهِ» قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَمَالِيهِ وَكَنَّاهُ جِبْرِيلُ أَبَا إبْرَاهِيمَ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّ أَبَا شُرَيْحٍ لَمَّا وَفَدَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ قَوْمِهِ سَمِعَهُمْ يُكَنُّونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ لِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ فَقَالَ إنَّ قَوْمِي إذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي حَكَمْت بَيْنَهُمْ فَيَرْضَى كِلَا الْفَرِيقَيْنِ فَقَالَ مَا أَحْسَنَ هَذَا فَمَا لَك مِنْ الْوَلَدِ؟ قَالَ: لِي شُرَيْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ قَالَ فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ قُلْت شُرَيْحٌ قَالَ فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ» (وَالْأَدَبُ) لِلْإِنْسَانِ (أَنْ لَا يُكَنِّيَ نَفْسَهُ فِي كِتَابٍ وَغَيْرِهِ إلَّا إنْ كَانَتْ) أَيْ الْكُنْيَةُ (أَشْهَرَ مِنْ الِاسْمِ) أَوْ لَا يُعْرَفُ بِغَيْرِهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْمُهَا فَاخِتَةُ وَقِيلَ: فَاطِمَةُ وَقِيلَ: هِنْدُ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ قَالَتْ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ» وَخَبَرُهُمَا أَيْضًا عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَاسْمُهُ جُنْدُبٌ «قَالَ جَعَلْت أَمْشِي خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ظِلِّ الْقَمَرِ فَالْتَفَتَ فَرَآنِي فَقَالَ مَنْ هَذَا؟ فَقُلْت أَبُو ذَرٍّ» . (وَيَحْرُمُ تَلْقِيبُهُ بِمَا يَكْرَهُ، وَإِنْ كَانَ) مَا لُقِّبَ بِهِ (فِيهِ) كَالْأَعْمَشِ وَالْأَعْمَى قَالَ تَعَالَى {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} [الحجرات: 11] أَيْ لَا يَدْعُو بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِلَقَبٍ يَكْرَهُهُ وَمِنْ ذَلِكَ تَرْخِيمُ الِاسْمِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ (وَيَجُوزُ ذِكْرُهُ) اللَّقَبَ الْمَذْكُورَ (بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ) لِمَنْ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا بِهِ. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُفَّ الصِّبْيَانَ أَوَّلَ سَاعَةٍ مِنْ اللَّيْلِ، وَأَنْ يُخَمِّرَ) أَيْ يُغَطِّيَ (الْآنِيَةَ، وَلَوْ بِشَيْءٍ كَعُودٍ يُعْرَضُ عَلَيْهَا وَ) أَنْ (يُوكِيَ الْقِرَبَ وَ) أَنْ (يُغْلِقَ الْبَابَ) وَأَنْ يَكُونَ فَاعِلُ ذَلِكَ (مُسَمِّيًا لِلَّهِ تَعَالَى فِي الثَّلَاثَةِ وَأَنْ يُطْفِئَ الْمِصْبَاحَ عِنْدَ النَّوْمِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَا تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ إذَا غَابَتْ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ» وَجُنْحُ اللَّيْلِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا ظَلَامُهُ وَتَعْرُضُوا بِضَمِّ الرَّاءِ وَقِيلَ: بِكَسْرِهَا أَيْ تَجْعَلُوهُ عَرْضًا وَفَوَاشِيَكُمْ جَمْعُ فَاشِيَةٍ، وَهِيَ كُلُّ مَا يَنْتَشِرُ مِنْ الْمَالِ كَالْبَهَائِمِ، وَفَحْمَةُ الْعِشَاءِ ظُلْمَتُهَا. [كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ] (كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ) جَمْعُ ذَبِيحَةٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] وقَوْله تَعَالَى {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] وقَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] (إنَّمَا يَحِلُّ الْحَيَوَانُ) الْبَرِّيُّ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ (بِالذَّبْحِ فِي الْحَلْقِ) ، وَهُوَ أَعْلَى الْعُنُقِ (أَوْ اللَّبَّةُ) (وَفِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ) ، وَلَوْ مُتَرَدِّيًا فِي بِئْرٍ وَنَحْوِهَا كَمَا سَيَأْتِي (يُجْزِئُ الْعَقْرُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ (وَهُوَ الْجَرْحُ الْمُزْهِقُ) لِلرُّوحِ (الْمَقْصُودُ) كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ. (وَلَهُ) أَيْ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الذَّبْحِ   [حاشية الرملي الكبير] كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ) أَفْرَدَ الصَّيْدَ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَجَمَعَ الذَّبَائِحَ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ بِالسِّكِّينِ بِالسَّهْمِ وَبِالْجَوَارِحِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَحِلُّ الْحَيَوَانُ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ صُوَرٌ: إحْدَاهَا الْجَنِينُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَإِنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الذَّكَاةَ لَمْ تَكُنْ فِي حَلْقِهِ، وَلَبَّتِهِ ثَانِيهَا إذَا خَرَجَ رَأْسُ الْجَنِينِ فَذُبِحَتْ الْأُمُّ قَبْلَ انْفِصَالِهِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ ثَالِثُهَا - الصَّيْدُ بِثِقَلِ الْجَارِحَةِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ رَابِعُهَا - السَّمَكُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فِي الْحُلْقُومِ أَوْ اللَّبَّةِ) الْمَعْنَى فِيهِ كَمَا قَالَهُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ التَّوَصُّلَ بِهِ إلَى إخْرَاجِ الرُّوحِ مِنْ الْبَهِيمَةِ أَسْرَعُ وَأَخَفُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 552 وَالْعَقْرِ (أَرْكَانٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ الذَّابِحُ أَوْ الصَّائِدُ وَشَرْطُهُ مُسْلِمٌ أَوْ كِتَابِيٌّ يُنَاكَحُ أَهْلُ مِلَّتِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَحِلُّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُمْ قَالَ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّمَا أُحِلَّتْ ذَبَائِحُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَسَوَاءٌ اعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ أَمْ تَحْرِيمَهُ كَالْإِبِلِ، وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ وَمَا بَيْنَهُمَا. (وَتَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ وَصَيْدُهَا، وَإِنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا) إذْ لَا أَثَرَ لِلرِّقِّ فِي الذَّبْحِ بِخِلَافِ الْمُنَاكَحَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِصَيْدِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتَحْرُمُ ذَبَائِحُ سَائِرِ الْكُفَّارِ) كَالْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ (وَصَيْدُهُمْ) لِمَفْهُومِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ (غَيْرَ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ) فَلَا يَحْرُمَانِ بِذَبْحِهِمْ؛ لِأَنَّ مَيِّتَتَهُمَا حَلَالٌ فَلَا عِبْرَةَ بِالْفِعْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْجَرَادِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَيَحْرُمُ مَا) أَيْ الْحَيَوَانُ (شَارَكَ أَحَدُهُمْ) أَيْ أَحَدُ سَائِرِ الْكُفَّارِ (فِيهِ مُسْلِمًا بِذَبْحٍ) كَأَنْ أَمَرَّا السِّكِّينَ عَلَى حَلْقِ شَاةٍ (أَوْ إرْسَالِ سَهْمٍ أَوْ كَلْبِهِ) الْأَوْلَى أَوْ كَلْبٍ (أَوْ شَارَكَ كَلْبٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ مُعَلَّمٌ عَدَا بِنَفْسِهِ كَلْبًا أَرْسَلَهُ الْمُسْلِمُ فِي الْإِمْسَاكِ وَالْعَقْرِ) أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَانْفَرَدَ وَاحِدٌ بِالْآخَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَأَفْهَمَهُ بِالْأَوْلَى قَوْلُهُ (أَوْ أَمْسَكَ وَاحِدٌ) مِنْ الْكَلْبَيْنِ صَيْدًا (ثُمَّ عَقَرَ) هـ (آخَرُ وَشَكَّ فِيهِ) أَيْ فِي عَاقِرِهِ مِمَّا ذُكِرَ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ كَمَا لَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ مُتَوَلِّدًا بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِثُمَّ بَدَلَ الْوَاوِ الْمُعَبَّرِ بِهَا فِي الْأَصْلِ يُفِيدُ الْحِلَّ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَ الْعَقْرُ الْإِمْسَاكَ أَوْ قَارَنَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَعَلَى الْكَافِرِ) الَّذِي لَا يَحِلُّ ذَبْحُهُ إذَا كَانَ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ (الضَّمَانُ إنْ شَارَكَهُ وَقَدْ أَزَالَ امْتِنَاعَهُ) فَلَوْ أَثْخَنَهُ مُسْلِمٌ بِجِرَاحَتِهِ فَقَدْ أَزَالَ امْتِنَاعَهُ وَمِلْكَهُ فَإِذَا جَرَحَهُ مَجُوسِيٌّ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ حَرُمَ وَعَلَى الْمَجُوسِيِّ قِيمَتُهُ مُثْخَنًا؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَهُ بِجَعْلِهِ مَيْتَةً. (فَإِنْ أَكْرَهَ مَجُوسِيٌّ مُسْلِمًا عَلَى الذَّبْحِ أَوْ أَمْسَكَ لَهُ صَيْدًا فَذَبَحَهُ أَوْ شَارَكَهُ) فِي قَتْلِهِ (بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ، وَهُوَ فِي حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ أَوْ) شَارَكَهُ (فِي رَدِّ الصَّيْدِ عَلَى كَلْبِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ بِأَنْ رَدَّهُ إلَيْهِ (لَمْ يَحْرُمْ) إذْ الْمَقْصُودُ الْفِعْلُ وَقَدْ حَصَلَ مِمَّنْ يَحِلُّ ذَبْحُهُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ، وَلَا غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ، وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِهِ الْقَوَدُ، وَجَرْحُ الْمَجُوسِيِّ الصَّيْدَ، وَهُوَ فِي حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ بِجَرْحِ الْمُسْلِمِ يُشْبِهُ مَا لَوْ ذَبَحَ مُسْلِمٌ شَاةً، ثُمَّ قَدَّهَا مَجُوسِيٌّ. (فَائِدَةٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَالْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّبْحِ، وَإِنْهَارِ الدَّمِ تَمْيِيزُ حَلَالِ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ مِنْ حَرَامِهِمَا وَتَنْبِيهٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ بِبَقَاءِ دَمِهَا. [فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَصَيْدُهُ] (فَرْعٌ تَحِلُّ ذَبِيحَةُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَصَيْدُهُ) لِأَنَّ قَصْدَهُ صَحِيحٌ بِدَلِيلِ صِحَّةِ عِبَادَتِهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَذِكْرُ حِلِّ صَيْدِ الْمُمَيِّزِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (وَكَذَا) تَحِلُّ (ذَبِيحَةُ الْمَجْنُونِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ) كَصَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ وَسَكْرَانَ (وَالْأَعْمَى) ؛ لِأَنَّ لَهُمْ قَصْدًا فِي الْجُمْلَةِ وَكَمَنْ قَطَعَ حَلْقَ شَاةٍ يَظُنُّهُ شَاةً يَظُنُّهُ غَيْرَهُ بِخِلَافِ ذَبِيحَةِ النَّائِمِ (وَإِنْ كُرِهَتْ) ذَبِيحَةُ الثَّلَاثَةِ أَيْ ذَبْحَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُخْطِئُونَ الْمَذْبَحَ وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ فِي غَيْرِ الْأَعْمَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ (لَا صَيْدُهُمْ) بِرَمْيٍ أَوْ كَلْبٍ فَلَا يَحِلُّ إذْ لَيْسَ لَهُمْ قَصْدٌ صَحِيحٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ بِنَفْسِهِ وَذِكْرُ تَحْرِيمِ صَيْدِ السَّكْرَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَحْرِيمِ صَيْدِ الْمَجْنُونِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَتَحْرِيمِ صَيْدِهِمَا هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الْمَذْهَبُ حِلُّهُ وَقِيلَ: لَا يَحِلُّ لِعَدَمِ الْقَصْدِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ انْتَهَى. (وَتَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ، وَلَوْ لَمْ يُفْهِمْ الْإِشَارَةَ) كَالْمَجْنُونِ. [فَرْعٌ أَوْلَى النَّاسِ بِالذَّكَاةِ] (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا أَوْلَى النَّاسِ بِالذَّكَاةِ الرَّجُلُ الْعَاقِلُ الْمُسْلِمُ، ثُمَّ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ، ثُمَّ الصَّبِيُّ الْمُسْلِمُ، ثُمَّ الْكِتَابِيُّ، ثُمَّ الْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ انْتَهَى. وَالصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فِي مَعْنَى الْأَخِيرَيْنِ (الرُّكْنُ الثَّانِي الذَّبِيحُ) بِمَعْنَى الْمَذْبُوحِ (وَمَذْبُوحُ مَا لَا يُؤْكَلُ) مِنْ حِمَارٍ وَنَحْوِهِ (كَمَيْتَتِهِ) فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ (وَمَيْتَةُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ حَلَالٌ) ، وَإِنْ كَانَ نَظِيرُ الْأَوَّلِ فِي الْبَرِّ مُحَرَّمًا كَكَلْبٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} [المائدة: 96] وَلِخَبَرِ «أُحِلَّ لَنَا مَيْتَتَانِ» وَلِخَبَرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ؛ وَلِأَنَّ ذَبْحَهُمَا لَا يُمْكِنُ عَادَةً فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ سَوَاءٌ أَمَاتَا بِسَبَبٍ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَ طَافِيًا أَمْ رَاسِبًا (وَذَبْحُ كِبَارِ السَّمَكِ) الَّذِي يَطُولُ بَقَاؤُهُ (مُسْتَحَبٌّ) إرَاحَةً لَهُ (وَ) ذَبْحُ (صِغَارِهِ مَكْرُوهٌ) ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَتَعَبٌ بِلَا فَائِدَةٍ. (وَلَوْ أَكَلَ مَشْوِيَّ صِغَارِهِ بِرَوْثِهِ أَوْ ابْتَلَعَهُ حَيًّا) أَوْ ابْتَلَعَ فِلْقَةً قَطَعَهَا مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ (حَلَّ)   [حاشية الرملي الكبير] [أَرْكَان الذَّبْح] قَوْلُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) الْأَحْسَنُ ضَبْطُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ نُنَاكِحُ نَحْنُ أَهْلَ مِلَّتِهِ وَدَخَلَ فِي الضَّابِطِ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - (قَوْلُهُ وَمَا بَيْنَهُمَا) فَلَوْ أَسْلَمَ الْمَجُوسِيُّ أَوْ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ وَكَانَ مُسْلِمًا حَالَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ لَمْ يَحِلَّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ التَّصْرِيحُ بِالْجَرَادِ مِنْ زِيَادَتِهِ) ، وَهُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ مَا شَارَكَ أَحَدُهُمْ فِيهِ مُسْلِمًا بِذَبْحٍ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: شَارَكَ مَنْ لَا تَحِلُّ ذَكَاتُهُ مَنْ تَحِلُّ ذَكَاتُهُ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْكَافِرِ الضَّمَانُ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ أَمَرَّ السِّكِّينَ عَلَى عُنُقِ شَاةِ الْغَيْرِ وَذَكَّاهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ اللَّحْمَ حَرَامٌ، وَهَلْ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ أَوْ عَلَى الْمَجُوسِيِّ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَفْسَدَهُ وَعَلَى الْمُسْلِمِ نِصْفُ أَرْشِ النُّقْصَانِ بَيْنَ كَوْنِهَا حَيَّةً وَمَذْبُوحَةً؟ احْتِمَالَانِ وَأَرْجَحُهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ أَوْ شَارَكَهُ فِي رَدِّ الصَّيْدِ عَلَى كَلْبِهِ إلَخْ) أَوْ أَكْرَهَ مُحْرِمٌ حَلَالًا عَلَى ذَبْحِ صَيْدٍ (قَوْلُهُ وَنَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَحَيْثُ حَلَّلْنَا ذَبْحَ الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ لَا صَيْدُهُمْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ صَيْدُهُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الْمَذْهَبُ حِلُّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَيْتَةُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ) قَدْ يُفْهَمُ أَنَّ غَيْرَ السَّمَكِ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ تَحْرُمُ مَيْتَتُهُ وَسَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ حِلُّهَا وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ شَمَلَتْهُمَا فَإِنَّهُ قَالَ: مَا حَلَّ مَيْتَتُهُ كَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ لَا حَاجَةَ لِذَبْحِهِ وَيُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ اسْمَ السَّمَكِ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ أَكَلَ مَشْوِيَّ صِغَارِهِ بِرَوْثِهِ إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 553 إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ قَتْلِهِ، وَهُوَ جَائِزٌ وَعُفِيَ عَنْ رَوْثِهِ لِعُسْرِ تَتَبُّعِهِ وَإِخْرَاجِهِ (وَكُرِهَ) ذَلِكَ (كَقَلْيِهِ حَيًّا) فِي الزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ وَالتَّصْرِيحُ بِالْكَرَاهَةِ فِي هَذِهِ وَفِي أَكْلِ الْمَشْوِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهَا صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَلْيِ وَإِنَّمَا حَلَّ شَيُّهُ وَقَلْيُهُ؛ لِأَنَّ عَيْشَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَاءِ عَيْشُ الْمَذْبُوحِ فَحَلَّ ذَلِكَ كَمَا يَحِلُّ طَرْحُ الشَّاةِ فِي النَّارِ وَسَلْخُهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا وَقَبْلَ مَوْتِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ وَالْجَرَادُ كَالسَّمَكِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ وَجَدَ سَمَكَةً) أَوْ جَرَادَةً (مُتَغَيِّرَةً فِي جَوْفِ سَمَكَةٍ حَرُمَتْ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالرَّوْثِ وَالْقَيْءِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ فَإِنَّهَا تَحِلُّ كَمَا لَوْ مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا وَاعْتُبِرَ الْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهَا تَغَيُّرُهَا بِاللَّوْنِ وَتَقَطُّعُهَا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ التَّقَطُّعِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُ ذَلِكَ. (وَقَدْ بَيَّنَّا ذَبْحَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَأَمَّا غَيْرُهُ كَصَيْدٍ وَ) حَيَوَانٍ (إنْسِيٍّ نَدَّ) أَيْ نَفَرَ شَارِدًا (وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لُحُوقُهُ) ، وَلَوْ بِاسْتِعَانَةٍ فَجَمِيعُ أَجْزَائِهِ مَذْبَحٌ فَيَحِلُّ بِالرَّمْيِ إلَيْهِ بِسَهْمٍ أَوْ نَحْوِهِ كَرُمْحٍ وَسَيْفٍ (وَإِرْسَالِ جَارِحَةٍ) عَلَيْهِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعِيرٍ نَدَّ فَضَرَبَهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ: إنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ أَيْ نَفَرَاتٍ أَوْ إنَّ مِنْهَا نَوَافِرَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» «وَقَوْلُهُ لِأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ لَمَّا قَالَهُ لَهُ: إنِّي أَصِيدُ بِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ وَبِغَيْرِهِ: مَا صِدْت بِكَلْبِك الْمُعَلَّمِ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكُلْ وَمَا صِدْت بِكَلْبِك الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَكُلْ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ فَدَلَّا عَلَى حِلِّ الصَّيْدِ بِذَلِكَ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ؛ وَلِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا إصَابَةَ مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ لَمَا حَلَّ كَثِيرٌ مِنْ الصَّيُودِ لِنُدْرَةِ إصَابَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَمَّا إذَا تَيَسَّرَ لُحُوقُهُ، وَلَوْ بِاسْتِعَانَةٍ بِمَنْ يُمْسِكُهُ فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ فِي الْمَذْبَحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَوَحِّشًا وَقَوْلُهُ، وَلَوْ بِاسْتِعَانَةٍ تَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَبِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ. (وَمَا تَعَذَّرَ ذَبْحُهُ كَوُقُوعِهِ فِي بِئْرٍ يَحِلُّ بِجَرْحٍ وَرَمْيٍ يُفْضِي إلَى الزَّهُوقِ، وَلَوْ لَمْ يَذْفِفْ) لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ كَالنَّادِّ (لَا بِكَلْبٍ) وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَعَقْرُ الْكَلْبِ بِخِلَافِهِ. (فَصْلٌ فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (أَرْسَلَ سَهْمًا) أَوْ نَحْوَهُ (أَوْ كَلْبًا عَلَى صَيْدٍ وَأَدْرَكَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ) بِأَنْ قَطَعَ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ أَوْ أَجَافَهُ أَوْ قَطَعَ أَمْعَاءَهُ أَوْ أَخْرَجَ حَشْوَتَهُ (اُسْتُحِبَّ ذَبْحُهُ) إرَاحَةً لَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ حَلَّ كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً فَاضْطَرَبَتْ أَوْ جَرَتْ (أَوْ مُسْتَقِرَّةٌ فَلَمْ يَذْبَحْهُ) حَتَّى مَاتَ فَإِنْ كَانَ (لِتَقْصِيرٍ) مِنْهُ (حَرُمَ) كَمَا لَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ مِنْ شَاهِقٍ لَمْ يَذْبَحْهُ حَتَّى مَاتَ (وَإِلَّا فَلَا) يَحْرُمُ لِلْعُذْرِ (وَمِنْ التَّقْصِيرِ عَدَمُ السِّكِّينِ وَتَحْدِيدِهَا) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ حَمْلُهَا وَتَحْدِيدُهَا (وَنَشْبِهَا بِالْغِمْدِ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ عُلُوقِهَا فِيهِ بِحَيْثُ يَعْسُرُ إخْرَاجُهَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ غِمْدًا يُوَافِقُهُ حَتَّى لَوْ اسْتَصْحَبَهُ فَنَشِبَتْ فِيهِ لِعَارِضٍ حَلَّ (وَكَذَا لَوْ غُصِبَتْ مِنْهُ السِّكِّينُ) ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ وَلِأَنَّهُ وَقَفَ عَلَى حَيَوَانٍ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، وَلَمْ يَذْبَحْهُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا عُذْرًا لَكَانَ عُذْرًا فِي الْحَيَوَانَاتِ الْأَهْلِيَّةِ (وَ) مِنْ التَّقْصِيرِ (الذَّبْحُ بِظَهْرِهَا) أَيْ السِّكِّينِ (غَلَطًا إلَّا إنْ مَنَعَهُ) مِنْ وُصُولِهِ إلَى الذَّبِيحَةِ (سَبُعٌ) حَتَّى مَاتَتْ (أَوْ اشْتَغَلَ بِطَلَبِ الْمَذْبَحِ أَوْ بِتَوْجِيهِهَا لِلْقِبْلَةِ أَوْ بِتَحْرِيفِهَا، وَهِيَ مُنْكَبَّةٌ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهَا (أَوْ يَتَنَاوَلُ السِّكِّينَ) أَوْ امْتَنَعَتْ بِمَا فِيهَا مِنْ قُوَّةٍ وَمَاتَتْ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا كَمَا أَفْهَمَهُ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (وَضَاقَ) أَيْ أَوْ ضَاقَ (الزَّمَانُ) عَنْ ذَبْحِهَا فَتَحِلُّ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (وَكَذَا تَحِلُّ لَوْ مَشَى) إلَيْهَا بَعْدَ إصَابَةِ السَّهْمِ أَوْ الْكَلْبِ (عَلَى هِينَتِهِ، وَلَمْ يَأْتِهَا عَدْوًا) فَالْمَشْيُ عَلَى هِينَتِهِ كَافٍ كَمَا يَكْفِي فِي السَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ، وَإِنْ عَرَفَ التَّحَرُّمَ بِهَا بِأَمَارَاتِهِ (وَإِنْ شَكَّ) بَعْدَ مَوْتِهَا (هَلْ قَصَّرَ) فِي ذَبْحِهَا (أَمْ لَا حَلَّتْ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقْصِيرِ وَالْأَوْلَى تَذْكِيرُ ضَمَائِرَ بِتَوْجِيهِهَا وَمَا بَعْدَهُ إلَى هُنَا كَمَا فِي الْأَصْلِ لِعَوْدِهَا إلَى الصَّيْدِ. (فَرْعٌ، وَإِنْ أَبَانَ عُضْوَهُ) أَيْ الصَّيْدِ كَيَدِهِ وَرِجْلِهِ (بِجَرْحٍ مُذَفِّفٍ) أَيْ مُسْرِعٍ لِقَتْلِهِ وَمَاتَ فِي الْحَالِ (حَلَّ) الْعُضْوُ كَبَاقِي الْبَدَنِ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَدَّهُ قِطْعَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِجَرْحٍ مُذَفِّفٍ (فَإِنْ أَتْبَعَهُ بِمُذَفِّفٍ) أَوْ بِغَيْرِهِ (أَوْ تَمَكَّنَ) مِنْ ذَبْحِهِ (فَذَبَحَهُ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ) مِنْهُ (فَمَاتَ حَرُمَ الْعُضْوُ) ؛ لِأَنَّهُ أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ كَمَنْ قَطَعَ أَلْيَةَ شَاةٍ، ثُمَّ ذَبَحَهَا لَا تَحِلُّ الْأَلْيَةُ، وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَصْحِيحُ حِلِّهِ فِي الْأَخِيرَةِ كَمَا لَوْ كَانَ الْجَرْحُ مُذَفِّفًا؛ وَلِأَنَّ الْجَرْحَ كَالذَّبْحِ لِلْجُمْلَةِ فَتَبِعَهَا الْعُضْوُ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِظَاهِرِ نَصِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِصِغَارِهِ عَدَمُ الْعَفْوِ عَنْ رَوْثِ كِبَارِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَمِثْله الْقَلْيُ حَيًّا فَيُطْرَقُ بَيْنَ كِبَارِهِ وَصِغَارِهِ (قَوْلُهُ كَمَا يَحِلُّ طَرْحُ الشَّاةِ فِي النَّارِ إلَخْ) وَطَرْحُهَا فِي الْقِدْرِ لِإِزَالَةِ صُوفِهَا عِنْدَ إرَادَةِ السَّمْطِ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرُّوحَ يَسْرُعُ خُرُوجُهَا فَلَمْ يُوجَدْ تَمَامُ التَّعْذِيبِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ أُقِيمَ بَعْضُ حَدِّ الْقَذْفِ عَلَى إنْسَانٍ، ثُمَّ جَاءَ شَخْصٌ فَأَخْرَجَ حِشْوَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْبَاقِي لِكَوْنِهِ صَارَ فِي حُكْمِ الْمَوْتَى، وَلِهَذَا تُقْسَمُ تَرِكَتُهُ فِي عَيْنِهِ، وَهُوَ حَيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ) قَالَ شَيْخُنَا الَّذِي فِيهَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَلْعِ وَالْقَطْعِ لَا الْقَلْيِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ جَوَازِهِ حَيًّا. (قَوْلُهُ تَغَيُّرَهَا بِاللَّوْنِ) وَتَقَطُّعَهَا جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ كَصَيْدٍ إلَخْ) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَجْزُ عَنْهُ مَوْجُودًا حَالَ الْإِصَابَةِ حَتَّى لَوْ رَمَى غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ لَمْ يَحِلَّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ، وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لُحُوقُهُ) أَيْ لَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِعَدْوٍ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ بِعُسْرٍ (قَوْلُهُ كَوُقُوعِهِ فِي بِئْرٍ يَحِلُّ بِجُرْحٍ إلَخْ) لَوْ تَرَدَّى بِغَيْرِ فَوْقِ بَعِيرٍ فَغَرَزَ رُمْحًا فِي الْأَوَّلِ وَنَفَذَ إلَى الثَّانِي قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: إنْ كَانَ عَالِمًا بِالثَّانِي حَلَّ، وَكَذَا إنْ كَانَ جَاهِلًا عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا لَوْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ وَنَفَذَ مِنْهُ إلَى آخَرَ وَإِذَا صَالَ عَلَيْهِ بَعِيرٌ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَجَرَحَهُ فَقَتَلَهُ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: فَالظَّاهِرُ الْحِلُّ إنْ أَصَابَ الْمَذْبَحَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ إنْ كَانَ كَالنَّادِّ دَخَلَ بِرَمْيِهِ، وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ إنْ كَانَ عَالِمًا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ أَرْسَلَ سَهْمًا أَوْ كَلْبًا عَلَى صَيْدٍ وَأَدْرَكَهُ] (قَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ ذَبْحُهُ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَكُونُ فِي صُورَةِ قَطْعِ حُلْقُومِهِ وَمَرِيئِهِ بِقَطْعِ الْوَدَجَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 554 الْمُخْتَصَرِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ بَاقِي الْبَدَنِ فَيَحِلُّ نَعَمْ إنْ أَثْبَتَهُ بِالْجَرْحِ الْأَوَّلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَمْ يَحِلَّ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِثْبَاتِ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ ذَبْحُهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْآلَةُ) أَيْ آلَةُ الذَّبْحِ وَالِاصْطِيَادِ (وَهِيَ كُلُّ مُحَدَّدٍ يَجْرَحُ) بِحَدِّهِ (مِنْ حَدِيدٍ وَرَصَاصٍ وَقَصَبٍ وَزُجَاجٍ وَحَجَرٍ وَنَحْوِهَا) كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ؛ لِأَنَّهَا أَوْحَى لِإِزْهَاقِ الرُّوحِ (فَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهَا وَعَقِيرَتُهَا) بِمَعْنَى مَذْبُوحَتِهَا وَمَعْقُورَتِهَا (إلَّا السِّنَّ وَالظُّفْرَ وَالْعَظْمَ) مُتَّصِلًا كَانَ أَوْ مُنْفَصِلًا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِمَا مَرَّ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَمَعْلُومٌ مِمَّا سَيَأْتِي حِلُّ مَا قَتَلَهُ الْكَلْبُ أَوْ نَحْوُهُ بِظُفْرِهِ أَوْ نَابِهِ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ وَالنَّهْيُ عَنْ الذَّبْحِ بِالْعِظَامِ قِيلَ: تَعَبُّدٌ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ لَا تَذْبَحُوا بِهَا؛ لِأَنَّهَا تَنْجُسُ بِالدَّمِ وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنْ تَنْجِيسِهَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ لِكَوْنِهَا زَادَ إخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ أَنَّهُمْ كُفَّارٌ وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ (وَلَوْ) الْأَوْلَى فَلَوْ (جَعَلَ نَصْلِ السَّهْمِ عَظْمًا) فَقَتَلَ بِهِ صَيْدًا (حَرُمَ) (وَمَا مَاتَ بِثِقَلِ مَا أَصَابَهُ) مِنْ مُحَدَّدٍ وَغَيْرِهِ (حَرُمَ كَالْبُنْدُقَةِ وَصَدْمَةِ الْحَجَرِ) كَجَوَانِب بِئْرٍ وَقَعَ فِيهَا (وَعُرْضِ السَّهْمِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ جَانِبِهِ (وَإِنْ أَنْهَرَ الدَّمَ وَأَبَانَ الرَّأْسَ أَوْ) مَاتَ (بِانْخِنَاقٍ بِحَبْلٍ) مَنْصُوبٍ لَهُ لِانْتِفَاءِ جَرْحِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} [المائدة: 3] أَيْ الْمَقْتُولَةُ بِالْعَصَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ إذَا أَصَبْت بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَبْت بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ» وَلِمَفْهُومِ خَبَرِ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ (وَكَذَا يَحْرُمُ أَنْ يَذْبَحَهُ بِحَدِيدَةٍ لَا تَقْطَعُ فَقَطَعَ بِقُوَّتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْآلَةِ (وَإِنْ خَسَقَ فِيهِ) أَيْ الصَّيْدِ (عَصَا مُحَدَّدَةً تَمُورُ مَوْرَ السِّلَاحِ أَوْ لَا تَمُورُ إلَّا بِكُرْهٍ، وَهِيَ خَفِيفَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ السَّهْمِ حَلَّ أَوْ ثَقِيلَةٌ فَلَا) تَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَتَلَ بِالثِّقَلِ فَيَكُونُ مَوْقُوذًا يُقَالُ مَارَ الشَّيْءُ أَيْ تَحَرَّكَ وَجَاءَ وَذَهَبَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (نَعَمْ إذَا مَاتَ بِثِقَلِ الْكَلْبِ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَارِحِ (حَلَّ) لِآيَةٍ {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] أَيْ صَيْدُهُ وَلِخَبَرِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ الْجَارِحَةَ تُعَلَّمُ تَرْكَ الْأَكْلِ فَتَتَأَدَّبُ بِهِ، وَقَدْ تُفْضِي بِهَا الْمَهَارَةُ فِيمَا تَعَلَّمَتْ إلَى تَرْكِ الْجَرْحِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُكَلَّفَ أَنْ تَجْرَحَ، وَلَا تَأْكُلَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَصَابَ السَّهْمُ بِعَرْضِهِ فَإِنَّهُ مِنْ سُوءِ الرَّمْيِ (لَا) إنْ مَاتَ (بِطُولِ الْهَرَبِ) أَوْ فَزَعًا (مِنْهُ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ. (وَإِنْ مَاتَ بِمُحَرَّمٍ وَمُبِيحٍ كَحَدِّ سَهْمٍ وَصَدْمَةِ عَرْضِهِ أَوْ رَمَاهُ فَوَقَعَ عَلَى شَجَرَةٍ فَصَدَمَهُ غُصْنُهَا أَوْ) عَلَى (مَاءٍ أَوْ) عَلَى طَرَفِ (جَبَلٍ فَسَقَطَ مِنْهُ) وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ (حَرُمَ) تَغْلِيبًا لِلْمُحَرَّمِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا رَمَيْت سَهْمَك فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ فَإِنْ وَجَدْته فَكُلْ إلَّا أَنْ تَجِدَهُ قَدْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فَمَاتَ فَإِنَّك لَا تَدْرِي الْمَاءُ قَتَلَهُ أَوْ سَهْمُك» وَيُقَاسَ بِالْمَاءِ غَيْرُهُ (وَإِنْ وَقَعَ) الْمَجْرُوحُ بِالسَّهْمِ (عَلَى الْأَرْضِ أَوْ فِي بِئْرٍ بِلَا مَاءٍ، وَلَمْ تَصْدِمْهُ الْجُدْرَانُ أَوْ تَدَحْرَجَ مِنْ جَبَلٍ جَنْبًا لِجَنْبٍ) أَيْ مِنْ جَنْبٍ إلَى جَنْبٍ (فَمَاتَ حَلَّ) ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ عَلَى الْأَرْضِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَعُفِيَ عَنْهُ كَمَا عُفِيَ عَنْ الذَّبْحِ فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ الصَّيْدُ قَائِمًا فَوَقَعَ عَلَى جَنْبِهِ لَمَّا أَصَابَهُ السَّهْمُ وَانْصَدَمَ بِالْأَرْضِ وَمَاتَ؛ وَلِأَنَّ التَّدَحْرُجَ لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ بِخِلَافِ السُّقُوطِ، وَلَوْ قَالَ بَدَلَ أَوْ فِي بِئْرٍ، وَلَوْ بِأَرْضِ بِئْرٍ كَانَ أَوْلَى (لَا إنْ كَسَرَ) السَّهْمُ (جَنَاحَهُ) بِلَا جَرْحٍ (أَوْ جَرَحَهُ جَرْحًا لَا يُؤَثِّرُ فَمَاتَ أَوْ) لَمْ يَمُتْ لَكِنَّهُ (وَقَعَ بِالْأَرْضِ فَمَاتَ) فَلَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ جَرْحٌ مُؤَثِّرٌ يُحَالُ الْمَوْتُ عَلَيْهِ. (فَرْعٌ وَإِنْ رَمَى طَيْرَ الْمَاءِ) وَهُوَ (فِيهِ فَأَصَابَهُ) وَمَاتَ (حَلَّ) وَالْمَاءُ لَهُ كَالْأَرْضِ لِغَيْرِهِ (أَوْ) رَمَاهُ، وَهُوَ (فِي هَوَائِهِ) أَيْ الْمَاءِ فَأَصَابَهُ وَوَقَعَ فِيهِ وَمَاتَ (فَإِنْ كَانَ الرَّامِي فِي سَفِينَةٍ فِي الْمَاءِ حَلَّ أَوْ فِي الْبَرِّ حَرُمَ) إنْ لَمْ يَنْتَهِ بِالْجَرْحِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى تَحْرِيمَ مَا رَمَاهُ فِيهِ، وَهُوَ خَارِجُهُ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الْأَصْلُ بِلَا تَرْجِيحٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّ طَيْرَ الْبَرِّ لَيْسَ كَطَيْرِ الْمَاءِ فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ جَعَلَهُ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَبَانَ عُضْوَ الصَّيْدِ كَيَدِهِ وَرِجْلِهِ بِجَرْحٍ مُسْرِعٍ لِقَتْلِهِ وَمَاتَ فِي الْحَالِ] قَوْلُهُ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ) ، وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ (قَوْلُهُ بِثِقَلِ الْكَلْبِ أَوْ غَيْرِهِ) كَصَدْمَتِهِ أَوْ ضَغْطَتِهِ أَوْ عَضِّهِ أَوْ قُوَّةِ إمْسَاكِهِ (قَوْلُهُ كَحَدِّ سَهْمٍ وَصَدْمَةِ عُرْضِهِ) أَوْ سَهْمٍ وَبُنْدُقَةٍ قَدْ يُفْهَمُ جَوَازُ الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ وَبِهِ أَفْتَى النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى الِاصْطِيَادِ وَالِاصْطِيَادُ مُبَاحٌ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِتَحْرِيمِهِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لَا يَحِلُّ الرَّمْيُ بِالْجُلَاهِقِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْرِيضَ الْحَيَوَانِ لِلْهَلَاكِ صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَيْضًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ جَوَازُ رَمْيِ الطُّيُورِ الْكِبَارِ الَّتِي لَا يَقْتُلُهَا الْبُنْدُقُ غَالِبًا كَالْإِوَزِّ وَالْكُرْكِيِّ دُونَ الصِّغَارِ كَالْحَمَامِ وَالْعَصَافِيرِ وَنَحْوِهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُهُمَا لَا مَحَالَةَ أَوْ غَالِبًا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ أَيْ وَيَحْرُمُ قَتْلُ الْحَيَوَانِ عَبَثًا وَقَوْلُهُ قَدْ يُفْهَمُ جَوَازُ الرَّمْيِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ جَبَلٍ فَسَقَطَ مِنْهُ) أَوْ وَقَعَ عَلَى سِكِّينٍ أَوْ شَيْءٍ مُحَدَّدٍ مِنْ قَصَبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى أَرْضٍ، ثُمَّ وَثَبَ مِنْهَا وَثْبَةً طَوِيلَةً بِحَيْثُ مَدّ فِي الْهَوَاءِ، ثُمَّ سَقَطَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ عَلَى الْأَرْضِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَعُفِيَ عَنْهُ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الطَّائِرِ وَنَحْوِهِ) كَالْأَرْنَبِ وَالثَّعْلَبِ دُونَ مَا عَظُمَتْ جُثَّتُهُ كَبَقَرِ الْوَحْشِ وَحُمُرِهِ فَإِنَّ التَّدَحْرُجَ قَدْ يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ لِثِقَلِ أَبْدَانِهَا [فَرْعٌ رَمَى طَيْرَ الْمَاءِ وَهُوَ فِيهِ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ] (قَوْلُهُ، وَإِنْ رَمَى طَيْرَ الْمَاءِ فِيهِ حَلَّ) سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّامِي فِي الْبَحْرِ أَمْ الْبَرِّ (قَوْلُهُ أَوْ فِي هَوَائِهِ إلَخْ) حَكَى الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِ الْمِنْهَاجِ فِيمَا لَوْ كَانَ الطَّيْرُ فِي هَوَاءِ الْمَاءِ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّامِي فِي الْبَرِّ أَمْ الْبَحْرِ وَحَمَلَ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «، وَإِنْ وَجَدْته قَدْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْهُ» عَلَى غَيْرِ طَيْرِ الْمَاءِ أَوْ عَلَى طَيْرِهِ الَّذِي لَا يَكُونُ فِي هَوَائِهِ (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ لَكِنْ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ إلَخْ) الْإِضَافَةُ فِي كَلَامِهِمَا بِمَعْنَى فِي فَيُوَافِقُ كَلَامُهُمَا كَلَامَ الْبَغَوِيّ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 555 قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَمِيعَ مَا مَرَّ إذَا لَمْ يَغْمِسْهُ السَّهْمُ فِي الْمَاءِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ أَمْ فِي هَوَائِهِ أَمَّا لَوْ غَمَسَهُ فِيهِ قَبْلَ انْتِهَائِهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ أَوْ انْغَمَسَ بِالْوُقُوعِ فِيهِ لِثِقَلِ جُثَّتِهِ فَمَاتَ فَهُوَ غَرِيقٌ لَا يَحِلُّ قَطْعًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَأَمَّا السَّاقِطُ فِي النَّارِ فَحَرَامٌ. (فَرْعٌ لَوْ عَلَّمَ كَلْبًا يَجْرَحُ بِقِلَادَةٍ مُحَدَّدَةٍ فِي حَلْقِهِ فَجَرَحَ بِهَا) صَيْدًا وَمَاتَ (حَلَّ) كَمَا لَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا؛ وَلِأَنَّهَا تَصِيرُ حِينَئِذٍ كَنَابِ الْكَلْبِ وَذِكْرُ التَّعْلِيمِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِمَا. (وَأَمَّا الْجَوَارِحُ) أَيْ الِاصْطِيَادُ بِهَا (فَيَجُوزُ بِالسِّبَاعِ كَالْكَلْبِ وَالْفَهْدِ وَالنَّمِرِ وَبِالطَّيْرِ كَالْبَازِي وَالصَّقْرِ وَنَحْوِهِ) كَالشَّاهِينِ لِلْآيَةِ وَالْخَبَرِ السَّابِقَيْنِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَيُشْتَرَطُ) لِحِلِّ مَا قَتَلَهُ الْجَارِحُ (كَوْنُ الْجَارِحِ مُعَلَّمًا فَفِي) تَعْلِيمِ (الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ) مِنْ سَائِرِ السِّبَاعِ (أَنْ يَمْتَثِلَ) أَيْ يَهِيجَ (إنْ أُمِرَ) أَيْ أُغْرِيَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] مِنْ التَّكْلِيبِ، وَهُوَ الْإِغْرَاءُ (وَ) أَنْ (يَتْرُكَ) ذَلِكَ بِأَنْ يَقِفَ (إنْ زُجِرَ) فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ وَبَعْدَ شِدَّةِ عَدْوِهِ (وَ) أَنْ (يُمْسِكَ) الصَّيْدَ أَيْ يَحْبِسَهُ لِصَاحِبِهِ، وَلَا يُخْلِيَهُ (وَ) أَنْ (لَا يَأْكُلَ) مِنْهُ وَاشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَنْطَلِقَ بِنَفْسِهِ إنَّمَا هُوَ لِلْحِلِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ لَا لِلتَّعْلِيمِ، كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي) تَعْلِيمِ (الطَّيْرِ الطَّلَبُ) لِلصَّيْدِ (بِالْإِغْرَاءِ) بِأَنْ يَهِيجَ بِهِ (وَكَذَا عَدَمُ الْأَكْلِ) مِنْهُ كَمَا فِي جَارِحَةِ السِّبَاعِ، وَكَلَامُهُ هُنَا يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ انْزِجَارُهُ بِالزَّجْرِ، وَلَا إمْسَاكُهُ الصَّيْدَ لِصَاحِبِهِ، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ فِي الثَّانِيَةِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأُولَى وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا مَطْمَعَ فِي انْزِجَارِهِ بَعْدَ طَيَرَانِهِ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِيهِ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ كَغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَقَدْ اعْتَبَرَهُ فِي الْبَسِيطِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَقَالَةَ الْإِمَامِ بِلَفْظِ قِيلَ: وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَسُلَيْمٍ الرَّازِيّ وَنَصْرٍ الْمَقْدِسِيَّ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْضًا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ (وَ) يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيمِ الْجَارِحَةِ (أَنْ يَتَكَرَّرَ ذَلِكَ) مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ (حَتَّى يَظُنَّ تَعَلُّمَهَا) وَالرُّجُوعُ فِي عَدَدِهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَإِذَا أَكَلَ الْمُعَلَّمُ، وَلَوْ طَيْرًا مِنْ صَيْدٍ عَقِيبَ قَتْلِهِ إيَّاهُ) أَوْ قَبْلَ قَتْلِهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ كَلَامِهِ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (حَرُمَ) لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ «إذَا أَرْسَلْت كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَسَمَّيْت فَأَمْسَكَ، وَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ» ؛ وَلِأَنَّ عَدَمَ الْأَكْلِ شَرْطٌ لِلتَّعْلِيمِ ابْتِدَاءً فَكَذَا دَوَامًا (وَحْدَهُ) لَا مَا صَادَهُ قَبْلُ فَلَا يَنْعَطِفُ التَّحْرِيمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَ صِفَةِ الصَّائِدِ كَأَنْ ارْتَدَّ لَا يُحَرِّمُ مَا صَادَهُ قَبْلُ فَكَذَا تَغَيُّرُ صِفَةِ الْجَارِحِ أَمَّا مَا أَكَلَ مِنْهُ بَعْدَ قَتْلِهِ بِزَمَانٍ فَيَحِلُّ (وَاسْتُؤْنِفَ) بَعْدَ أَكْلِهِ عَقِبَ الْقَتْلِ (تَعْلِيمُهُ) لِفَسَادِ التَّعْلِيمِ الْأَوَّلِ (وَلَا يَضُرُّ لَعْقُ الدَّمِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مَنُوطٌ فِي الْخَبَرِ بِالْأَكْلِ مِنْ الصَّيْدِ، وَلَمْ يُوجَدْ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ شَيْئًا مِنْ مَقْصُودِ الصَّائِدِ فَكَانَ كَتَنَاوُلِهِ الْفَرْثَ (وَالْحِشْوَةُ كَاللَّحْمِ) فِيمَا مَرَّ وَمِثْلُهَا الْجِلْدُ وَالْأُذُنُ وَالْعَظْمُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ فِي تَنَاوُلَهُ الشَّعْرَ بِالْحِلِّ إذْ لَيْسَ عَادَتُهُ الْأَكْلَ مِنْهُ وَمِثْلُهُ الصُّوفُ وَالرِّيشُ (وَعَدَمُ انْزِجَارِهِ) بِالزَّجْرِ (عَنْ الصَّيْدِ) وَعَدَمُ اسْتِرْسَالِهِ بِالْإِرْسَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَمَنْعُهُ الصَّائِدَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصَّيْدِ (كَالْأَكْلِ) مِنْهُ فِيمَا مَرَّ. [فَصْلٌ يَجِبُ غَسْلُ مَعَضُّ الْكَلْبِ] (فَصْلٌ وَيَجِبُ غَسْلُ مَعَضِّ الْكَلْبِ) سَبْعًا مَعَ التَّعْفِيرِ (كَغَيْرِهِ) مِمَّا يُنَجِّسُهُ الْكَلْبُ فَإِذَا غُسِلَ حَلَّ أَكْلُهُ (الرُّكْنُ الرَّابِعُ نَفْسُ الذَّبْحِ وَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُهُ (فِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقْرِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ) هُنَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَصْدِ وَمِثْلُهُ الذَّبْحُ (فَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ قَصْدِ الْعَيْنِ بِالْفِعْلِ، وَإِنْ أَخْطَأَ فِي الظَّنِّ أَوْ) مِنْ قَصْدِ (الْجِنْسِ وَإِنْ أَخْطَأَ فِي الْإِصَابَةِ) كَمَا سَيَأْتِي تَصْوِيرُهُمَا وَالتَّصْرِيحُ بِالْقَصْدِ فِي الذَّبْحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْفِعْلَ) أَصْلًا (بِأَنْ سَقَطَتْ السِّكِّينُ مِنْ يَدِهِ عَلَى مَذْبَحِ شَاةٍ) فَانْجَرَحَتْ بِهِ وَمَاتَتْ أَوْ نَصَبَهَا فَانْعَقَرَتْ بِهَا وَمَاتَتْ (أَوْ تَحَكَّكَتْ بِهَا) ، وَهِيَ فِي يَدِهِ فَانْقَطَعَ حُلْقُومُهَا وَمَرِيئُهَا (حَرُمَتْ، وَإِنْ شَارَكَهَا فِي الْحَرَكَةِ) لِعَدَمِ الْقَصْدِ فِي غَيْرِ الْمُشَارَكَةِ وَلِحُصُولِ الْمَوْتِ بِحَرَكَةِ الذَّابِحِ وَالشَّاةِ فِي الْمُشَارَكَةِ فِي إدْخَالِ هَذِهِ فِي عَدَمِ الْقَصْدِ نَظَرٌ وَخَالَفَ ذَلِكَ وُجُوبَ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الذَّكَاةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ بِمُثَقَّلٍ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَلَوْ قَتَلَ الصَّيْدَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ. (فَإِنْ رَمَى مَا ظَنَّهُ حَجَرًا) أَوْ خِنْزِيرًا (فَكَانَ صَيْدًا فَأَصَابَهُ) وَمَاتَ (أَوْ) رَمَى (صَيْدًا فَأَصَابَ   [حاشية الرملي الكبير] وَالْمَاءُ فِي حَقِّ طَيْرٍ وَاقِفٍ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ كَالْأَرْضِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ عَلَّمَ كَلْبًا يَجْرَحُ بِقِلَادَةٍ مُحَدَّدَةٍ فِي حَلْقِهِ فَجَرَحَ بِهَا صَيْدًا وَمَاتَ] (قَوْلُهُ كَوْنُ الْجَارِحِ مُعَلَّمًا) ، وَلَوْ بِتَعْلِيمِ الْمَجُوسِيِّ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَكَذَا عَدَمُ الْأَكْلِ مِنْهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَإِنَّمَا يُمْنَعُ إذَا أَكَلَ عَقِبَ الْقَتْلِ أَوْ قَبْلَهُ مَعَ حُصُولِ الْقَتْلِ فَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ أَنْ أَمْسَكَهُ وَقَتَلَهُ أَوْ أَكَلَهُ، وَلَمْ يَقْتُلْهُ فَإِنَّ هَذَا لَا يَضُرُّ فِي التَّعْلِيمِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي تَحْرِيمِ مَا أَكَلَ مِنْهُ لَوْ جَرَى ذَلِكَ بَعْدَ التَّعْلِيمِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ هُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ فس وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ هُنَا يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَتَكَرَّرَ ذَلِكَ إلَخْ) وَحَكَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَجْهَيْنِ فِي كُلِّ مَا بَانَ بِهِ كَوْنُ الْجَارِحِ مُعَلَّمًا وَشَبَهُهُمَا بِالْوَجْهَيْنِ فِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ الَّذِي يُخْتَبَرُ بِهِ الصَّبِيُّ. اهـ. وَالْأَصَحُّ عَدَمُ حِلِّهِ لِحُصُولِهِ قَبْلَ ظَنِّ تَعَلُّمِهَا، وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 556 صَيْدًا غَيْرَهُ) ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَمَاتَ (حَلَّ) ، وَلَا يَضُرُّ خَطَأُ الظَّنِّ فِي الْأُولَى، وَلَا خَطَأُ الْإِصَابَةِ فِي الثَّانِيَةِ، كَمَا مَرَّ لِوُجُودِ قَصْدِ الصَّيْدِ فِيهِمَا. (وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا عَلَى صَيْدٍ فَعَدَلَ إلَى غَيْرِهِ) ، وَلَوْ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْإِرْسَالِ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ حَلَّ كَمَا فِي السَّهْمِ؛ وَلِأَنَّهُ يَعْسُرُ تَكْلِيفُهُ تَرْكَ الْعُدُولِ؛ وَلِأَنَّ الصَّيْدَ لَوْ عَدَلَ فَتَبِعَهُ حَلَّ قَطْعًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حِلُّهُ، وَإِنْ ظَهَرَ لِلْكَلْبِ بَعْدَ إرْسَالِهِ لَكِنْ قَطَعَ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ فِيمَا إذَا اسْتَدْبَرَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ وَقَصَدَ آخَرَ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَهُوَ لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الْفَارِقِيُّ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَمْسَكَهُ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ آخَرُ فَأَمْسَكَهُ حَلَّ سَوَاءٌ أَكَانَ عِنْدَ الْإِرْسَالِ مَوْجُودًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى صَيْدٍ وَقَدْ وُجِدَ (وَلَوْ قَصَدَ) بِرَمْيِهِ أَوْ إرْسَالِهِ (غَيْرَ الصَّيْدِ كَمَنْ رَمَى) سَهْمًا (أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ) الْأَوْلَى كَلْبًا (عَلَى حَجَرٍ أَوْ عَبَثًا) كَأَنْ رَمَى فِي فَضَاءٍ لِاخْتِبَارِ قُوَّتِهِ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا حَيْثُ لَا صَيْدَ فِي ابْتِدَاءِ إرْسَالِهِ (فَأَصَابَ صَيْدًا) وَمَاتَ (حَرُمَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ صَيْدًا (وَكَذَا لَوْ قَصَدَهُ وَأَخْطَأَ فِي الظَّنِّ وَالْإِصَابَةِ مَعًا كَمَنْ رَمَى صَيْدًا ظَنَّهُ حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَأَصَابَ) صَيْدًا (غَيْرَهُ حَرُمَ) ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُحَرَّمًا فَلَا يَسْتَفِيدُ الْحِلَّ (لَا عَكْسَهُ) بِأَنْ رَمَى حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا ظَنَّهُ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا وَمَاتَ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُبَاحًا وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَسْقَطَ فِي نُسْخَةٍ حَرُمَ لَا عَكْسَهُ اكْتِفَاءً عَنْ حَرُمَ بِكَذَا أَوْ عَنْ لَا عَكْسَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ صَيْدًا إلَى آخِرِهِ وَعَلَيْهِ يُقَالُ، ثُمَّ بَدَّلَ قَوْلَ رَمَى مَا ظَنَّهُ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ. (وَكَذَا يَحْرُمُ لَوْ قَصَدَهُ تَوَقُّعًا) أَيْ مُتَوَقَّعًا لَهُ (كَمَنْ رَمَى) فِي ظُلْمَةٍ (لَعَلَّهُ يُصَادِفُ صَيْدًا فَصَادَفَهُ) وَمَاتَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَصْدًا صَحِيحًا وَقَدْ بَعُدَ مِثْلُهُ عَبَثًا وَسَفَهًا [فَرْعٌ لَوْ رَمَى شَاةً فَأَصَابَ مَذْبَحَهَا] (فَرْعٌ) لَوْ (رَمَى شَاةً فَأَصَابَ مَذْبَحَهَا، وَلَوْ اتِّفَاقًا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَقَطَعَهُ (حَلَّتْ) ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الرَّمْيَ إلَيْهَا (وَكَذَا لَوْ أَحَسَّ بِهِ) أَيْ بِالصَّيْدِ (فِي ظُلْمَةٍ) أَوْ مِنْ وَرَاءِ شَجَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَرَمَاهُ) فَأَصَابَهُ وَمَاتَ (حَلَّ) ؛ لِأَنَّ لَهُ بِهِ نَوْعَ عِلْمٍ، وَلَا يَقْدَحُ هَذَا فِي عَدَمِ الْحِلِّ بِرَمْيِ الْأَعْمَى إذْ الْبَصِيرُ يَصِحُّ رَمْيُهُ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْأَعْمَى. [فَرْعٌ اسْتَرْسَلَ الْجَارِحُ الْمُعَلَّمُ بِنَفْسِهِ فَأَكَلَ مِنْ الصَّيْدِ] (فَرْعٌ، وَإِنْ اسْتَرْسَلَ) الْجَارِحُ (الْمُعَلَّمُ بِنَفْسِهِ فَأَكَلَ مِنْ الصَّيْدِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا) إذْ لَا يُعْتَبَرُ الْإِمْسَاكُ إلَّا إذَا أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ (وَلَا يَحِلُّ) لِمَفْهُومِ خَبَرِ إذَا أَرْسَلْت كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ فَكُلْ (وَلَوْ زَادَ عَدْوُهُ بِإِغْرَاءٍ حَدَثَ) بَعْدَ اسْتِرْسَالِهِ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (وَلَوْ أَرْسَلَهُ فَازْدَادَ عَدْوُهُ بِإِغْرَاءِ مَجُوسِيٍّ حَلَّ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الِاسْتِرْسَالِ لَا يَنْقَطِعُ بِالْإِغْرَاءِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ لَكِنْ لَمَّا نَقَلَ الْأَصْلُ كَلَامَهُمْ، قَالَ كَذَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَطَعَ فِي التَّهْذِيبِ بِالتَّحْرِيمِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَطْعٌ لِلْأَوَّلِ أَوْ مُشَارَكَةٌ لَهُ وَكِلَاهُمَا يُحَرِّمُهُ (أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ فَازْدَادَ عَدْوُهُ بِإِغْرَاءِ مُسْلِمٍ (حَرُمَ) لِذَلِكَ. (وَلَوْ أَرْسَلَهُ مُسْلِمٌ فَزَجَرَهُ فُضُولِيٌّ فَانْزَجَرَ، ثُمَّ أَغْرَاهُ) فَاسْتَرْسَلَ وَأَخَذَ صَيْدًا (فَالصَّيْدُ لِلْفُضُولِيِّ) وَفِي نُسْخَةٍ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ الْمُرْسِلُ (فَلَوْ لَمْ يَزْجُرْهُ) الْفُضُولِيُّ (بَلْ أَغْرَاهُ) أَوْ زَجَرَهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ فَأَغْرَاهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَزَادَ عَدْوُهُ) وَأَخَذَ صَيْدًا (فَهُوَ لِلْمَالِكِ) لِمَا مَرَّ وَالْأَوْلَى لِصَاحِبِ الْجَارِحِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْكَلْبِ لَيْسَ مَالِكًا لَهُ (وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَخْذُ الصَّيْدِ مِنْ فَمِ) جَارِحٍ (مُعَلَّمٍ اسْتَرْسَلَ) بِنَفْسِهِ وَيَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ كَمَا لَوْ أَخَذَ فَرْخَ طَائِرٍ مِنْ شَجَرَةِ غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا) مِنْ فَمِ (غَيْرِ مُعَلَّمٍ أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ) ؛ لِأَنَّ مَا صَادَهُ مِلْكٌ لِصَاحِبِهِ تَنْزِيلًا لِإِرْسَالِهِ مَنْزِلَةَ نَصْبِ شَبَكَةٍ تَعَقَّلَ بِهَا الصَّيْدُ، وَجَوَازُ أَخْذِ الصَّيْدِ مِنْ فَمِ الْمُعَلَّمِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمِلْكِهِ بِأَخْذِهِ مَنْ فَمِهِ وَالَّذِي فِي الْأَصْلِ عَكْسُ ذَلِكَ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي جَوَازِ الْأَخْذِ. [فَرْعٌ قَصُرَ سَهْمُهُ عَنْ إصَابَةِ الصَّيْدِ فَأَعَانَتْهُ الرِّيحُ فَأَصَابَ] (فَرْعٌ، وَإِنْ قَصُرَ سَهْمُهُ) عَنْ إصَابَةِ الصَّيْدِ (فَأَعَانَتْهُ الرِّيحُ فَأَصَابَ حَلَّ) إذْ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْ هُبُوبِهَا بِخِلَافِ حَمْلِهَا الْكَلَامَ حَيْثُ لَا يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَأَشَارَ كَغَيْرِهِ بِإِعَانَتِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ صَارَتْ الْإِصَابَةُ مَنْسُوبَةً إلَى الرِّيحِ خَاصَّةً لَمْ يَحِلَّ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْوَافِي كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ (وَكَذَا) يَحِلُّ (لَوْ أَصَابَ) السَّهْمُ (الْأَرْضَ أَوْ جِدَارًا) أَوْ حَجَرًا (فَازْدَلَفَ) فِي الْجَمِيعِ أَوْ نَفَذَ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ انْقَطَعَ الْوَتَرُ) عِنْدَ نَزْعِ الْقَوْسِ (فَصَدَمَ الْفَوْقَ فَارْتَمَى) السَّهْمُ (وَأَصَابَ الصَّيْدَ) فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ فِعْلِ الرَّامِي مَنْسُوبٌ إلَيْهِ إذْ لَا اخْتِيَارَ لِلسَّهْمِ. [فَرْعٌ غَابَ عَنْهُ الصَّيْدُ وَالْكَلْبُ قَبْلَ جَرْحِهِ فَوَجَدَهُ مَجْرُوحًا مَيِّتًا] (فَرْعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصَّلَ (وَلَوْ غَابَ) عَنْهُ (الصَّيْدُ وَالْكَلْبُ) قَبْلَ جَرْحِهِ (فَوَجَدَهُ مَجْرُوحًا مَيِّتًا) (حَرُمَ، وَإِنْ تَضَمَّخَ الْكَلْبُ) بِدَمِهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ تَضَمُّخُهُ بِدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حِلُّهُ، وَإِنْ ظَهَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ جَرَحَهُ كَلْبُهُ وَغَابَا) أَوْ غَابَ الصَّيْدُ وَحْدَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 557 جَرَحَهُ وَأَصَابَتْهُ جَارِحَةٌ أُخْرَى. (وَإِنْ جَرَحَهُ كَلْبُهُ وَغَابَا) عَنْهُ (وَهُوَ مَجْرُوحٌ) ، ثُمَّ وُجِدَ مَيِّتًا (حَلَّ إنْ لَمْ يَجِدْ بِهِ أَثَرًا آخَرَ أَوْ وَجَدَهُ وَكَانَ) الْجَرْحُ (الْأَوَّلُ مُذَفِّفًا) حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مَاتَ بِالْجَرْحِ الْخَالِي عَنْ الْمُعَارِضِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَهُ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ خَبَرُ «إذَا رَمَيْت بِسَهْمِك فَغَابَ عَنْك فَأَدْرَكْتَهُ فَكُلْهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ» وَخَبَرُ «، وَإِنْ أَدْرَكْتَهُ قَدْ قَتَلَ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَكُلْ، وَإِنْ رَمَيْت بِسَهْمِك فَغَابَ عَنْك يَوْمًا فَلَمْ تَجِدْ فِيهِ إلَّا أَثَرَ سَهْمِك فَكُلْ إنْ شِئْت، وَإِنْ وَجَدْتَهُ غَرِيقًا فِي الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّك لَا تَدْرِي الْمَاءُ قَتَلَهُ أَوْ سَهْمُك» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْحِلِّ هُوَ مَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَصَحُّ دَلِيلًا وَفِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الصَّحِيحُ أَوْ الصَّوَابُ وَثَبَتَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ دُونَ التَّحْرِيمِ، لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَحْرِيمَهُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْجُمْهُورِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ فَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ بِطُرُقٍ حَسَنَةٍ فِي حَدِيثِ «عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا أَهْلُ صَيْدٍ وَإِنَّ أَحَدَنَا يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَغِيبُ عَنْهُ اللَّيْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَيَجِدُهُ مَيِّتًا فَقَالَ: إذَا وَجَدْت فِيهِ أَثَرَ سَهْمِكَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرُ سَبُعٍ وَعَلِمْت أَنَّ سَهْمَك قَتَلَهُ فَكُلْ» فَهَذَا مُقَيِّدٌ لِبَقِيَّةِ الرِّوَايَات وَدَالٌّ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ أَيْ، وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَيْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ سَهْمَهُ قَتَلَهُ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ (يَمْلِكُ) الشَّخْصُ (الصَّيْدَ بِمُجَرَّدِ ضَبْطِهِ بِيَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ) تَمَلُّكَهُ حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ مَلَكَهُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ بِذَلِكَ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ (وَبِأَنْ يَرْمِيَهُ فَيُبْطِلُ عَدْوَهُ وَطَيَرَانَهُ جَمِيعًا) إنْ كَانَ مِمَّا يَمْتَنِعُ بِهِمَا، وَإِلَّا فَبِإِبْطَالِ مَا لَهُ مِنْهُمَا وَيَكْفِي لِلتَّمْلِيكِ إبْطَالُ شِدَّةِ عَدْوِهِ بِحَيْثُ يَسْهُلُ لِحَاقُهُ (لَا إنْ طَرَدَهُ فَوَقَفَ إعْيَاءً أَوْ جَرَحَهُ فَوَقَفَ عَطَشًا لِعَدَمِ الْمَاءِ لَا عَجْزًا) أَيْ لَا عَطَشًا لِعَجْزِهِ (عَنْ الْوُصُولِ إلَى الْمَاءِ) فَلَا يَمْلِكُهُ بِوُقُوفِهِ لِلْأَوَّلَيْنِ (حَتَّى يَأْخُذَهُ) ؛ لِأَنَّ وُقُوفَهُ فِي الْأَوَّلِ مِنْهُمَا اسْتِرَاحَةٌ، وَهِيَ مُعِينَةٌ لَهُ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَفِي الثَّانِي لِعَدَمِ الْمَاءِ بِخِلَافِ وُقُوفِهِ لِلْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ الْجِرَاحَةُ (وَبِأَنْ يَقَعَ فِي شَبَكَةٍ وَقَدْ نَصَبَهَا) لَهُ، نَعَمْ إنْ قَدَرَ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهَا لَمْ يَمْلِكْهُ حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ مَلَكَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَا يَمْلِكُهُ مَنْ طَرَدَهُ إلَيْهَا) لِتَقَدُّمِ حَقِّ نَاصِبِهَا وَخَرَجَ بِنَصْبِهَا مَا لَوْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ وَسَيَأْتِي. (وَيَعُودُ) الصَّيْدُ الْوَاقِعُ فِيهَا (مُبَاحًا إنْ قَطَعَهَا فَانْفَلَتَ) مِنْهَا فَيَمْلِكُهُ مَنْ صَادَهُ بَعْدُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُثَبِّتْهُ بِشَبَكَتِهِ، وَإِنْ قَطَعَهَا غَيْرُهُ فَانْفَلَتَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا فَلَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ وَقِيلَ: هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ مُطْلَقًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ وَيَعُودُ مُبَاحًا إلَى آخِرِهِ، وَهَلْ يَعُودُ مُبَاحًا إنْ قَطَعَهَا فَانْفَلَتَ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ فَعَلَيْهَا لَا زِيَادَةَ (فَإِنْ ذَهَبَ بِالشَّبَكَةِ وَكَانَ عَلَى امْتِنَاعِهِ) بِأَنْ يَعْدُوَ وَيَمْتَنِعَ مَعَهَا (فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَإِلَّا) بِإِنْ كَانَ ثِقَلُهَا يُبْطِلُ امْتِنَاعَهُ بِحَيْثُ يَتَيَسَّرُ أَخْذُهُ (فَهُوَ لِصَاحِبِهَا وَبِأَنْ يُرْسِلَ كَلْبًا، وَكَذَا) بِأَنْ يُرْسِلَ (سَبُعًا) آخَرَ (لَهُ عَلَيْهِ يَدٌ فَيُمْسِكُهُ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ يَدٌ، وَهَذَا الْقَيْدُ مُعْتَبَرٌ فِي الْكَلْبِ أَيْضًا وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْكَلْبَ مُخْتَصٌّ بِهِ فَإِذَا أَرْسَلَهُ غَيْرُ الْمُخْتَصِّ بِهِ كَانَ غَاصِبًا لَهُ أَوْ كَالْغَاصِبِ لَهُ فَصَارَ لَهُ عَلَيْهِ يَدٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (وَلَوْ انْفَلَتَ عَلَى) بِمَعْنَى مِنْ (الْكَلْبِ) ، وَلَوْ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَهُ صَاحِبُهُ (لَمْ يَمْلِكْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَلَا أَزَالَ امْتِنَاعَهُ (وَبِأَنْ يُلْجِئَهُ إلَى مَضِيقٍ لَا يَنْفَلِتُ مِنْهُ كَالْبَيْتِ) ، وَلَوْ مَغْصُوبًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فِي قَبْضَتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ إلَّا بِتَعَبٍ قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ أَدْخَلَهُ بُرْجَهُ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابًا، وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُهُ إلَّا بِتَعَبٍ (وَحَسْبُك) أَيْ كَافِيك فِي ضَبْطِ سَبَبِ مِلْكِ الصَّيْدِ (أَنَّ إبْطَالَ امْتِنَاعِهِ وَحُصُولَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (حَدٌّ جَامِعٌ) لَهُ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ. (فَرْعٌ لَوْ سَقَى أَرْضَهُ) الْإِضَافَةُ فِيهَا لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ أَرْضًا بِيَدِهِ، وَلَوْ بِغَصْبٍ (أَوْ حَفَرَ فِيهَا) حُفْرَةٌ (لَا لِلِاصْطِيَادِ فَتَوَحَّلَ أَوْ وَقَعَ فِيهَا) أَيْ فَتَوَحَّلَ فِي الْأَرْضِ أَوْ وَقَعَ فِي الْحُفْرَةِ (صَيْدٌ أَوْ عَشَّشَ فِي أَرْضِهِ) ، وَإِنْ بَاضَ وَفَرَّخَ (لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلَا) يَمْلِكُ (بَيْضَهُ) ، وَلَا فَرْخَهُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ بِهِ الِاصْطِيَادُ وَالْقَصْدُ مَرْعِيٌّ فِي التَّمَلُّكِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (لَكِنْ يَصِيرُ) بِذَلِكَ (أَحَقَّ بِهِ) مِنْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ دُخُولُ مِلْكِهِ وَأَخْذُهُ فَإِنْ فَعَلَ مَلَكَهُ كَنَظِيرِهِ فِيمَنْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا وَأَحْيَاهُ غَيْرُهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَصَحُّ دَلِيلًا) وَعَلَّقَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ أَقْوَى وَأَقْرَبُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ إلَخْ) وَاخْتَارَهُ فِي تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَحْرِيمَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْجُمْهُورِ إلَخْ) لِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ: مِنْهَا إذَا مَشَّطَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فَسَقَطَ مِنْهُ شَعْرٌ وَشَكَّ هَلْ اُنْتُتِفَ بِالْمِشْطِ أَمْ كَانَ مُنْتَتَفًا فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ، وَلَمْ يُحِيلُوهُ عَلَى هَذَا السَّبَبِ وَمِنْهَا إذَا بَالَتْ ظَبْيَةٌ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فَإِنَّ الْمَذْهَبَ نَجَاسَتُهُ إحَالَةً عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ، وَهُوَ يُشْكِلُ عَلَى الرَّافِعِيِّ فِي تَصْحِيحِ الْمَنْعِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ أَصْلَ الْمَاءِ الطَّهَارَةُ وَعَدَمُ تَغَيُّرِهِ بِهَذَا الْبَوْلِ وَالْأَصْلَ فِي اللَّحْمِ التَّحْرِيمُ فَكَمَا أَزَلْنَا طَهَارَةَ الْمَاءِ بِالْبَوْلِ كَذَلِكَ نُزِيلُ تَحْرِيمَ اللَّحْمِ بِهَذَا الْجُرْحِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ غَيْرِهِ، لَكِنَّ الْفَرْقَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ أَنَّ اللَّحْمَ لَمَّا كَانَ أَصْلُهُ التَّحْرِيمَ، وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِيَقِينِ الذَّكَاةِ وَالْيَقِينُ هُنَا قَدْ عَارَضَهُ احْتِمَالٌ مُتَأَخِّرٌ وَأَسْبَابُ الْمَوْتِ تَكْثُرُ بِخِلَافِ أَسْبَابِ تَغَيُّرِ الْمَاءِ وَقَدْ أَفْتَيْت بِمَا فِي الْمِنْهَاجِ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ] (قَوْلُهُ يَمْلِكُ الصَّيْدَ بِمُجَرَّدِ ضَبْطِهِ بِيَدِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ تَمَلَّكَهُ) لَوْ كَانَ آخِذُهُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَمَرَهُ غَيْرُهُ بِالْأَخْذِ (قَوْلُهُ فَيُبْطِلُ عَدْوَهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ شِدَّةُ عَدْوِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَمْتَنِعُ بِهِمَا) كَالنَّعَامَةِ وَالدُّرَّاجِ وَالْقَطَا وَالْحَجَلِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنْ يَقَعَ فِي شَبَكَةٍ إلَخْ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا بِمِلْكٍ أَمْ إجَارَةٍ أَمْ إعَارَةٍ أَمْ غَصْبٍ، وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الشَّرَكَ وَالْفَخَّ وَنَحْوَهُمَا فِي مَعْنَى الشَّبَكَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ قَدَرَ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهَا لَمْ يَمْلِكْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 558 وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ (وَإِنْ قَصَدَ الِاصْطِيَادَ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ السَّقْيِ وَالْحَفْرِ وَتَعْشِيشِ الصَّيْدِ بِأَنْ قَصَدَ بِتَخْلِيَةِ الْأَرْضِ الْمَحُوطَةِ تَعْشِيشَهُ (مَلَكَهُ كَدَارٍ بَنَاهَا لِتَعْشِيشِ الطَّيْرِ) فَعَشَّشَ فِيهَا وَفَرَّخَ وَبَاضَ (فَيَمْلِكُ بَيْضَهُ وَفَرْخَهُ) كَمَا يَمْلِكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبِضْ، وَلَمْ يُفَرِّخْ وَمَسْأَلَةُ تَعْشِيشِ الصَّيْدِ فِي الْأَرْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ السَّقْيِ بِقَصْدِ التَّوَحُّلِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّهُ نَقَلَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ عَنْ الْإِمَامِ خِلَافَهُ وَضَعَّفَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَجَمَعَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى سَقْيٍ اُعْتِيدَ الِاصْطِيَادُ بِهِ وَمَا هُنَاكَ عَلَى خِلَافِهِ (وَإِنْ أَغْلَقَ) عَلَيْهِ (الْبَابَ) أَيْ بَابَ الْبَيْتِ مَثَلًا (لِئَلَّا يَخْرُجَ مَلَكَهُ لَا إنْ أَغْلَقَهُ) عَلَيْهِ (مَنْ لَا يَدَ لَهُ عَلَى الْبَيْتِ) بِمِلْكٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَوْ وَقَعَ فِي شَبَكَةٍ) وَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ (وَلَمْ يَنْصِبْهَا لَهُ فَلَا) يَمْلِكُهُ لِعَدَمِ الْقَصْدِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ فِي صَيْدِ غَيْرِ الْحَرَمِ وَالْمُحَرَّمِ. [فَرْعٌ أَلْجَأَ سَمَكَةً إلَى دُخُولِ بِرْكَةٍ صَغِيرَةٍ لَا يَدَ لِغَيْرِهِ عَلَيْهَا فَسَدَّ مَنَافِذَهَا] (فَرْعٌ. وَإِنْ أَلْجَأَ سَمَكَةً إلَى دُخُولِ بِرْكَةٍ صَغِيرَةٍ) لَا يَدَ لِغَيْرِهِ عَلَيْهَا (أَوْ دَخَلَتْ) إلَيْهَا بِنَفْسِهَا (فَسَدَّ مَنَافِذَهَا مَلَكَهَا) ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي ضَبْطِهَا كَمَا لَوْ أَلْجَأَ صَيْدًا إلَى مَضِيقٍ (لَا) بِرْكَةٍ (كَبِيرَةٍ) فَلَا يَمْلِكُ السَّمَكَةَ بِذَلِكَ فِيهَا (لَكِنَّهُ أَحَقُّ بِهَا) مِنْ غَيْرِهِ كَالتَّحَجُّرِ وَالصَّغِيرَةُ مَا يَسْهُلُ أَخْذُ السَّمَكَةِ مِنْهَا وَالْكَبِيرَةُ مَا يَعْسُرُ أَخْذُهَا مِنْهَا وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ بِرْكَةٍ صَغِيرَةٍ لَا كَبِيرَةٍ بِرْكَتِهِ الصَّغِيرَةِ لَا الْكَبِيرَةِ. [فَصْلٌ أَرْسَلَ مَنْ لَمْ يُرِدْ الْإِحْرَامَ صَيْدًا مَمْلُوكًا] (فَصْلٌ لَوْ أَرْسَلَ) مَنْ لَمْ يُرِدْ الْإِحْرَامَ (صَيْدًا مَمْلُوكًا لَمْ يَجُزْ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ} [المائدة: 103] ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِطُ بِالْمُبَاحِ فَيُصَادُ (وَلَمْ يُزَلْ مِلْكُهُ عَنْهُ) ، وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ إزَالَتَهُ أَوْ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا لَوْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ مَا إذَا خِيفَ عَلَى وَلَدِهِ بِحَبْسِ مَا صَادَهُ مِنْهُمَا فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْإِرْسَالِ صِيَانَةً لِرُوحِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ الْغَزَالَةِ الَّتِي أَطْلَقَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَجْلِ أَوْلَادِهَا لَمَّا اسْتَجَارَتْ بِهِ وَحَدِيثُ الْحُمَّرَةِ الَّتِي أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَدِّ فَرْخَيْهَا إلَيْهَا لَمَّا أُخِذَا وَجَاءَتْ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ فِي صَيْدِ الْوَلَدِ أَنْ لَا يَكُونَ مَأْكُولًا، وَإِلَّا فَيَجُوزُ ذَبْحُهُ (فَلَوْ قَالَ) مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ (أَبَحْتُهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ) أَوْ أَبَحْتُهُ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ (حَلَّ) لِمَنْ أَخَذَهُ (أَكْلُهُ) بِلَا ضَمَانٍ وَكَذَا إطْعَامُ غَيْرِهِ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ (لَا بَيْعُهُ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ أَيْ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ. (وَأَمَّا كِسَرُ الْخُبْزِ وَالسَّنَابِلِ) وَنَحْوِهَا (الَّتِي يَطْرَحُهَا مَالِكُهَا مُعْرِضًا عَنْهَا فَالْأَرْجَحُ فِيهَا أَنَّ آخِذَهَا يَمْلِكُهَا) وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ أَحْوَالِ السَّلَفِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَمَالَ الرَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا كَالصَّيْدِ فِيمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهَا لِلِاكْتِفَاءِ فِي الْإِبَاحَةِ بِالْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ وَتَقْيِيدُ السَّنَابِل بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهَا الزَّكَاةُ أَمْ لَا نَظَرًا لِأَحْوَالِ السَّلَفِ (وَإِنْ أَعْرَضَ عَنْ جِلْدِ مَيْتَةٍ فَمَنْ دَبَغَهُ مَلَكَهُ) وَيَزُولُ اخْتِصَاصُ الْمُعْرِضِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الِاخْتِصَاصِ يَضْعُفُ بِالْإِعْرَاضِ. (وَمَنْ وَجَدَ أَثَرَ الْيَدِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَثَرَ الْمِلْكِ (عَلَى صَيْدٍ كَالْوَسْمِ وَالْخِضَابِ وَقَصِّ الْجَنَاحِ لَمْ يَمْلِكْهُ) بَلْ هُوَ ضَالَّةٌ أَوْ لُقَطَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا فَأَفْلَتَ، وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ أَنَّهُ صَادَهُ مُحْرِمٌ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ بَعِيدٌ [فَرْعٌ الدُّرَّةُ الَّتِي تُوجَدُ فِي السَّمَكَةِ] (فَرْعٌ الدُّرَّةُ الَّتِي تُوجَدُ فِي السَّمَكَةِ) غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ (مِلْكٌ لِلصَّيَّادِ) إنْ لَمْ يَبِعْ السَّمَكَةَ (أَوْ لِلْمُشْتَرِي) إنْ بَاعَهَا تَبَعًا لَهَا فِيهِمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا أَيْ فِي الثَّانِيَةِ مِلْكٌ لِلصَّيَّادِ أَيْضًا كَالْكَنْزِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ سَقَى أَرْضَهُ أَوْ حَفَرَ فِيهَا لَا لِلِاصْطِيَادِ فَتَوَحَّلَ فِيهَا صَيْدٌ أَوْ عَشَّشَ] قَوْلُهُ، وَإِنْ قَصَدَ الِاصْطِيَادَ بِذَلِكَ إلَخْ) فِي الْوَسَائِلِ لِأَبِي الْخَيْرِ بْنِ جَمَاعَةَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً فَدَخَلَ فِيهَا سَمَكٌ فَهَلْ هُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِيَدِهِ وَمِلْكِهِ مَنْفَعَتُهَا أَوْ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ الْمَنَافِعِ الَّتِي تَقَعُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا وَجْهَانِ. اهـ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فس قَالَ شَيْخُنَا وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُسْتَأْجِرُ الِاصْطِيَادَ، وَكَانَ مُعْتَادًا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ مَلَكَ مَا فِيهَا (قَوْلُهُ كَمَا يَمْلِكُهُ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ مِلْكِهِ لِلْأُمِّ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إذْ كَلَامُهُ فِيمَا إذَا قَصَدَهُ بِهِ وَأَمْكَنَ أَخْذُهُ بِسُهُولَةٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ وَكَلَامُ غَيْرِهِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَجَمَعَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْإِرْسَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ أَبَحْته فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَلَّ لِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ) قَالَ شَيْخُنَا: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ حَيْثُ حَلَّ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ لِأَكْلِهِ كَانَ فِعْلُ الْمُرْسِلِ جَائِزًا إذْ الْإِبَاحَةُ جَائِزَةٌ، وَهَذَا مِنْهَا (قَوْلُهُ، وَكَذَا إطْعَامُ غَيْرِهِ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ) مَا بَحَثَهُ مَرْدُودٌ إذْ حَقِيقَةُ الْإِبَاحَةِ تَسْلِيطٌ مِنْ الْمَالِكِ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ، وَلَا تَمْلِيكَ فِيهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِبَاحَةِ الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ الْمُبَاحِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ فِي الزِّيَادَاتِ لَوْ قَالَ أَنْت فِي حِلٍّ مِمَّا تَأْخُذُ مِنْ مَالِي أَوْ تُعْطِي أَوْ تُعْطَى أَوْ تَأْكُلُ فَأَكَلَ فَهُوَ حَلَالٌ، وَإِنْ أَخَذَ أَوْ أَعْطَى لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ إبَاحَةٌ وَالْإِبَاحَةُ تَصِحُّ مَجْهُولَةً، وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ مَجْهُولَةً وَنَحْوُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ لَوْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: أَبَحْت لَك مَا تَأْكُلُهُ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ فَتَجُوزُ مُسَامَحَتُهُ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ إذَا قَالَ أَبَحْت لَك مَا فِي بَيْتِي أَوْ اسْتِعْمَالَ مَا فِي دَارِي مِنْ الْمَتَاعِ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْإِبَاحَةُ حَتَّى يُبَيِّنَ أَوْ مَا فِي كَرْمِي مِنْ الْعِنَبِ جَازَ لَهُ أَكْلُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْمِلَهُ وَيَبِيعَهُ أَوْ يُطْعِمَهُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ لَا بَيْعُهُ) كَالضَّيْفِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ، وَلَا يَبِيعُهُ. (قَوْلُهُ الدُّرَّةُ الَّتِي تُوجَدُ فِي السَّمَكَةِ إلَخْ) إذَا وَجَدَ قِطْعَةَ عَنْبَرٍ فِي مَعِدَتِهَا كَانَتْ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَرِّ كَانَتْ لُقَطَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ قَدْ نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ فَتَكُونُ لِوَاجِدِهَا، وَلَوْ اصْطَادَ سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي جَوْفِهَا قِطْعَةَ عَنْبَرٍ كَانَتْ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَحْرِ الَّذِي لَيْسَ بِمَعْدِنِ الْعَنْبَرِ كَانَتْ لُقَطَةً كَالطَّيْرِ الْمَقْصُوصِ، وَلَوْ وَجَدَ لُؤْلُؤًا خَارِجًا مِنْ الصَّدَفِ كَانَ لُقَطَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي الْبَحْرِ إلَّا فِي صَدَفِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ كُنْت أَقُولُ قَبْلَ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مَثْقُوبًا كَانَ لِوَاجِدِهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا (وَقَوْلُهُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) قَدْ عَلَّلَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ بِأَنَّ الدُّرَّةَ إنَّمَا مُلِكَتْ بِصَيْدِ السَّمَكَةِ؛ لِأَنَّهَا طَعَامُهُ فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 559 الْمَوْجُودِ فِي الْأَرْضِ يَكُونُ لِمُحْيِيهَا وَمَا بَحَثَهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ (وَإِنْ كَانَتْ مَثْقُوبَةً فَلِلْبَائِعِ) فِي صُورَتِهِ (إنْ ادَّعَاهَا، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ يَبِيعُ أَوْ كَانَ، وَلَمْ يَدَّعِهَا الْبَائِعُ (فَلُقَطَةٌ) وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا لُقَطَةٌ إذَا بَاعَ، وَلَمْ يَدَّعِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ مَا ذُكِرَ بِمَا إذَا صَادَ مِنْ بَحْرِ الْجَوَاهِرِ، وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُهَا بَلْ تَكُونُ لُقَطَةً. (فَصْلٌ لَوْ اخْتَلَطَ حَمَامُ بُرْجَيْهِمَا وَجَبَ التَّرَادُّ) بِأَنْ يَرُدَّ كُلٌّ مِنْهُمَا حَمَامَ الْآخَرِ إنْ تَمَيَّزَ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ كَالضَّالَّةِ وَالْمُرَادُ بِرَدِّهِ إعْلَامُ مَالِكِهِ بِهِ وَتَمْكِينُهُ مِنْ أَخْذِهِ كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لَا رَدُّهُ حَقِيقَةً فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ ضَمِنَهُ (فَإِنْ تَنَاسَلُوا) الْأَوْلَى تَنَاسَلَا أَوْ تَنَاسَلَتْ (فَالْفَرْخُ) وَالْبَيْضُ (لِمَالِك الْأُنْثَى) لَا لِمَالِك الذَّكَرِ (وَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِ الْمُخَالِطِ) لِحَمَامِهِ (مَمْلُوكًا) لِغَيْرِهِ أَوْ مُبَاحًا (فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُبَاحٌ (وَإِنْ تَحَقَّقَهُ) أَيْ الْمُخَالِطَ (مَمْلُوكًا) لِغَيْرِهِ (وَلَمْ يَتَمَيَّزْ) عَنْ مَمْلُوكِهِ (أَوْ اخْتَلَطَتْ حِنْطَتَاهُمَا) مَثَلًا (لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمِلْكُ فِيهِ (إلَّا مِنْ صَاحِبِهِ) فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ لِلْحَاجَةِ وَقَدْ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى التَّسَامُحِ بِاخْتِلَالِ بَعْضِ الشُّرُوطِ، وَلِهَذَا صَحَّحُوا الْقِرَاصَ وَالْجِعَالَةَ مَعَ مَا فِيهِمَا مِنْ الْجَهَالَةِ وَكَالْبَيْعِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ (فَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ) فِيمَا يُعَدُّ (أَوْ الْكَيْلُ) فِيمَا يُكَالُ (مَعْرُوفًا) لَهُمَا كَمِائَتَيْنِ وَمِائَةٍ (وَالْقِيمَةُ مُتَسَاوِيَةٌ فَبَاعَاهُ مِنْ ثَالِثٍ صَحَّ) لِصِحَّةِ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ (وَلَوْ جَهِلَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (الْعَدَدَ أَوْ الْكَيْلَ) فَبَاعَاهُ الثَّالِثَ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الثَّمَنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَكَذَا إنْ عُلِمَ ذَلِكَ، وَلَمْ تَسْتَوِ الْقِيمَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلَيْهِمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَالْحِيلَةُ) فِي صِحَّةِ بَيْعِهِمَا لِثَالِثٍ (أَنْ يَبِيعَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (نَصِيبَهُ بِكَذَا) فَيَكُونُ الثَّمَنُ مَعْلُومًا (أَوْ يُوَكِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي الْبَيْعِ) لِنَصِيبِهِ فَيَبِيعُ الْجَمِيعَ (بِثَمَنٍ وَيَقْتَسِمَاهُ أَوْ يَصْطَلِحَا فِيهِ) أَيْ فِي الْمُخْتَلَطِ (عَلَى شَيْءٍ) بِأَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ يَبِيعَاهُ لِثَالِثٍ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ (وَاحْتُمِلَتْ الْجَهَالَةُ) فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ وَقَدْرِهِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (لِلضَّرُورَةِ) ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الثَّالِثَةَ طَرِيقٌ لِلْبَيْعِ مِنْ ثَالِثٍ مَعَ الْجَهْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ طَرِيقٌ لِلْبَيْعِ مُطْلَقًا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ لَوْ تَصَالَحَا عَلَى شَيْءٍ صَحَّ الْبَيْعُ وَاحْتَمَلَ الْجَهْلَ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ، وَعِبَارَةُ الْوَسِيطِ إنَّمَا هِيَ صَحَّ الصُّلْحُ، وَهِيَ أَوْلَى (وَكَذَا لَوْ اقْتَسَمَاهُ بِالتَّرَاضِي) صَحَّ مَعَ الْجَهْلِ لِلضَّرُورَةِ (كَتَرَاضِي أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ مَاتَ عَنْهُنَّ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ) أَيْ كَمَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُنَّ لِلْمِيرَاثِ بِالتَّرَاضِي مَعَ جَهْلِهِنَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ لِلضَّرُورَةِ سَوَاءٌ اقْتَسَمْنَهُ بِالتَّسَاوِي أَمْ بِالتَّفَاوُتِ. (فَرْعٌ، وَإِنْ اخْتَلَطَ حَمَامٌ مَمْلُوكٌ) مَحْصُورٌ أَوْ غَيْرُ مَحْصُورٍ (بِحَمَامِ بَلَدٍ مُبَاحٍ) أَيْ بِحَمَامٍ مُبَاحٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ (أَوْ انْصَبَّ مَاؤُهُ فِي نَهْرٍ لَمْ يَحْرُمْ) عَلَى أَحَدٍ (الِاصْطِيَادُ وَالِاسْتِقَاءُ) مِنْ ذَلِكَ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ، وَإِنْ لَمْ يُزَلْ مِلْكُ الْمَالِكِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ مَا لَا يَنْحَصِرُ لَا يَتَغَيَّرُ بِاخْتِلَاطِهِ بِمَا يَنْحَصِرُ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ مُحَرَّمَةٌ بِنِسَاءٍ غَيْرِ مَحْصُورَاتٍ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ مِنْهُنَّ (، وَلَوْ كَانَ الْمُبَاحُ مَحْصُورًا حَرُمَ) ذَلِكَ كَمَا يَحْرُمُ التَّزَوُّجُ فِي نَظِيرِهِ (ثُمَّ الْحَصْرُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ) أَيْ فِي ضَبْطِهِ (إلَّا التَّقْرِيبُ وَحَصْرُ الْمُجْتَمِعِ أَسْهَلُ) مِنْ غَيْرِهِ (فَمَا يَعْسُرُ حَصْرُهُ) أَيْ عَدُّهُ (عَلَى النَّاظِرِ) بِمُجَرَّدِ نَظَرِهِ (كَالْأَلْفِ فِي صَعِيدٍ) وَاحِدٍ (غَيْرِ مَحْصُورٍ وَالْعَشَرَةِ وَالْعِشْرُونَ) وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يَسْهُلُ حَصْرُهُ عَلَى النَّاظِرِ بِمُجَرَّدِ نَظَرِهِ (مَحْصُورٌ وَمَا بَيْنَهُمَا يَتَفَاوَتُ) فِي إلْحَاقِهِ بِإِحْدَاهُمَا (بِتَفَاوُتِ الْأَحْوَالِ وَالِاجْتِمَاعِ وَالتَّفْرِيقِ فَيُسْتَفْتَى فِيهِ الْقَلْبُ) هَذَا مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ مَعَ قُصُورِهِ عَنْ الْمُرَادِ، وَالِاجْتِمَاعُ وَالتَّفْرِيقُ دَاخِلَانِ فِي الْأَحْوَالِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَبَيْنَ الطَّرَفَيْنِ أَوْسَاطٌ مُتَشَابِهَةٌ تَلْحَقُ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بِالظَّنِّ وَمَا وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ اُسْتُفْتِيَ فِيهِ الْقَلْبُ. (وَلَوْ اخْتَلَطَتْ دَرَاهِمُ أَوْ دُهْنٌ حَرَامٌ بِدَرَاهِمِهِ أَوْ دُهْنِهِ) أَوْ نَحْوُهُمَا، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ (فَمَيَّزَ قَدْرَ الْحَرَامِ) وَصَرَفَهُ إلَى مَا يَجِبُ صَرْفُهُ فِيهِ (وَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي) بِمَا أَرَادَ (جَازَ) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِلضَّرُورَةِ كَحَمَامَةٍ) لِغَيْرِهِ (اخْتَلَطَتْ بِحَمَامِهِ) فَإِنَّهُ (يَأْكُلُهُ بِالِاجْتِهَادِ) فِيهِ (إلَّا وَاحِدَةً) كَمَا اخْتَلَطَتْ ثَمَرَةُ غَيْرِهِ بِثَمَرِهِ، وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَاَلَّذِي حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَاحِدَةً مِنْهُ حَتَّى يُصَالِحَ ذَلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] صَحَّ مَا قَالَهُ فِي الْمُشْتَرِي وَانْقَطَعَ إلْحَاقُهَا بِالْكَنْزِ، وَلَوْ اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي جَوْفِهَا سَمَكَةً فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ اخْتَلَطَ حَمَامُ بُرْجَيْهِمَا] (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ ضَمِنَهُ) قَالَ شَيْخُنَا بَعْدَ طَلَبِ مَالِكِهِ بِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ طَيَّرَ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهِ وَعَلِمَ بِهِ وَتَمَكَّنَ مِنْ إعْلَامِ مَالِكِهِ بِهِ، وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِهِ حَيْثُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْحَمَامَ حَيَوَانٌ لَهُ اخْتِيَارٌ بِخِلَافِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ مَا إذَا بَاعَ أَوْ وَهَبَ شَيْئًا مُعَيَّنًا لِشَخْصٍ، ثُمَّ لَمْ يَظْهَرْ أَنَّهُ مَلَكَهُ، وَلِهَذَا وَجَّهُوا إبْطَالَهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْمِلْكُ فِيمَا بَاعَهُ فَأَمَّا إذَا بَاعَ شَيْئًا مُعَيَّنًا بِالْجُزْءِ كَنِصْفِ مَا يَمْلِكُهُ أَوْ بَاعَ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ، وَالثَّمَنُ فِيهِمَا مَعْلُومٌ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ الْمِلْكُ فِيمَا بَاعَهُ وَحَلَّ الْمُشْتَرِي هُنَا مَحَلَّ الْبَائِعِ كَمَا لَوْ بَاعَا مِنْ ثَالِثٍ مَعَ جَهْلِ الْإِعْدَادِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي إذَا كَانَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا وَيُحْتَمَلُ الْجَهْلُ فِي الْمَبِيعِ لِلضَّرُورَةِ قُلْت الْفَرْقُ: بَيْنَهُمَا أَنَّ جُمْلَةَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي مَعْلُومَةٌ وَمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعْلُومٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ بِذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْجَهْلِ بِهِ مَفْسَدَةٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اغْتِفَارِ الْجَهْلِ بِهِ اغْتِفَارُ الْجَهْلِ بِجُمْلَةِ مَا اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي ع (قَوْلُهُ فَبَاعَاهُ لِثَالِثٍ لَمْ يَصِحَّ) قَالَ شَيْخُنَا فَإِنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ صَحَّ فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ الْوَجْهَانِ بِمَا إذَا جَهِلَا الْعَدَدَ وَالْقِيمَةَ أَمَّا إذَا عَلِمَاهُمَا فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ لِصَيْرُورَتِهَا شَائِعَةً جَوَاهِرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 560 الْغَيْرَ أَوْ يُقَاسِمَهُ وَالْمَسْأَلَةُ زَادَهَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ كَمَا مَرَّ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْضًا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْآنِيَةِ (وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ) وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي لِلْمُتَّقِي أَنْ يَجْتَنِبَ طَيْرَ الْبُرُوجِ وَبِنَاءَهَا. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ (الِازْدِحَامِ بِالْجَرْحِ عَلَى الصَّيْدِ، وَلَهُ أَحْوَالٌ أَرْبَعَةٌ. الْأَوَّلُ - أَنْ يَتَعَاقَبَ جُرْحَاهُمَا عَلَيْهِ فَإِنْ أَزْمَنَهُ الثَّانِي) أَوْ ذَفَّفَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (دُونَ الْأَوَّلِ فَالْمِلْكُ) فِيهِ (لِلثَّانِي) ؛ لِأَنَّ جُرْحَهُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي امْتِنَاعِهِ (وَلَا أَرْشَ) لَهُ (عَلَى الْأَوَّلِ) بِجُرْحِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا عِنْدَهُ، وَإِنْ ذَفَّفَهُ الْأَوَّلُ فَالْمِلْكُ لَهُ لِمَا مَرَّ، وَلَهُ عَلَى الثَّانِي أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ أَزْمَنَهُ الْأَوَّلُ فَالْمِلْكُ لَهُ، ثُمَّ إنْ ذَبَحَهُ الثَّانِي) الْأَنْسَبُ ذَفَّفَهُ بِذَبْحِهِ (حَلَّ) لِحُصُولِ الْمَوْتِ بِقَصْدِ ذَابِحٍ (وَلَزِمَهُ الْأَرْشُ لِلْأَوَّلِ) لِإِفْسَادِهِ مَالَهُ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَزِمَهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ زَمِنًا وَمَذْبُوحًا، ثُمَّ قَالَ قَالَ الْإِمَامُ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ إذَا كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَإِنْ كَانَ مُتَأَلِّمًا بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُذْبَحْ لَهَلَكَ فَمَا عِنْدِي أَنَّهُ يَنْقُصُ بِالذَّبْحِ شَيْءٌ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْجِلْدَ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ فَيَلْزَمُ الثَّانِيَ نَقْصُهُ، وَعَلَيْهِ لَا يَتَعَيَّنُ فِي ضَمَانِ النَّقْصِ أَنَّهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ زَمِنًا وَمَذْبُوحًا. وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ سَالِمَةٌ مِنْ ذَلِكَ (وَإِنْ ذَفَّفَ) الثَّانِي (لَا بِالذَّبْحِ) حَرُمَ؛ لِأَنَّ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ (وَلَزِمَهُ) لِلْأَوَّلِ (قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا) لِإِفْسَادِهِ مَالَهُ (وَإِنْ لَمْ يُذَفَّفْ وَمَاتَ) بِالْجُرْحَيْنِ (قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ صَحِيحًا عَشَرَةً وَمَجْرُوحًا تِسْعَةً فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ وَاسْتَدْرَكَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ فَقَالَ يُنْظَرُ فِي قِيمَةِ مَذْبُوحًا فَإِنْ كَانَتْ ثَمَانِيَةً فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إفْسَادًا فَهُوَ يُؤَثِّرُ فِي حُصُولِ الزَّهُوقِ فَفَوَاتُ الدِّرْهَمِ بِفِعْلَيْهِمَا) فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا فَيُهْدَرُ نِصْفُهُ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ وَلِلنَّظَرِ فِي هَذَا مَجَالٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْمُفْسِدُ يَقْطَعُ أَثَرَ فِعْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ. اهـ. (وَإِنْ تَمَكَّنَ) الْأَوَّلُ (مِنْ ذَبْحِهِ وَذَبَحَهُ) بَعْدَ جَرْحِ الثَّانِي (لَزِمَ الثَّانِيَ الْأَرْشُ إنْ حَصَلَ) بِجُرْحِهِ (نَقْصٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهُ) (بَلْ تَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الثَّانِيَ يَضْمَنُ) زِيَادَةً عَلَى الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ امْتَنَعَ مِنْ تَدَارُكِ مَا تَعَرَّضَ لِلْفَسَادِ بِجِنَايَةِ الْجَانِي مَعَ إمْكَانِ التَّدَارُكِ، وَهُوَ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ كَمَا لَوْ جَرَحَ رَجُلٌ شَاتَه فَلَمْ يَذْبَحْهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُ زِيَادَةً عَلَى الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الذَّبْحِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) عَلَى الْأَوَّلِ (لَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ قِيمَتِهِ زَمِنًا (لِأَنَّ تَفْرِيطَ الْأَوَّلِ صَيَّرَ فِعْلَهُ إفْسَادًا) ، وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ الْجَرْحُ الثَّانِي فَتَرَكَ الذَّبْحَ كَانَ الصَّيْدُ مَيْتَةً وَالثَّانِي يَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ ذُفِّفَ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَرَحَ عَبْدَهُ أَوْ شَاتَه وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْفِعْلَيْنِ ثَمَّ إفْسَادٌ وَالتَّحْرِيمُ حَصَلَ بِهِمَا، وَهُنَا الْأَوَّلُ إصْلَاحٌ وَعَلَى الْأَصَحِّ (فَيَصِيرُ كَمَنْ جَرَحَ عَبْدَهُ) مَثَلًا (وَجَرَحَهُ آخَرُ فَنَقُولُ مَثَلًا قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْ الصَّيْدِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَنَقَصَ بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ دِينَارًا، وَبِالثَّانِي دِينَارًا) أَيْضًا. وَفِي نُسْخَةٍ دِينَارٌ بِالرَّفْعِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (ثُمَّ مَاتَ) بِالْجُرْحَيْنِ (فَتُجْمَعُ الْقِيمَتَانِ قَبْلَ الْجُرْحَيْنِ) أَيْ قِيمَةُ قَبْلَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَقِيمَتُهُ قَبْلَ الْجُرْحِ الثَّانِي (وَالْمَجْمُوعُ تِسْعَةَ عَشَرَ فَيُقَسَّمُ عَلَيْهِ مَا فَوَّتَاهُ، وَهُوَ عَشَرَةٌ فَحِصَّةُ الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ ضَامِنًا عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عَشَرَةٍ وَيَلْزَمُ الثَّانِيَ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عَشْرَةٍ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ، وَالثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ فَتُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَتُقَسَّمُ الْعَشَرَةُ عَلَى تِسْعَةٍ وَنِصْفُ خَمْسَةٍ مِنْهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَأَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ عَلَى الثَّانِي يَعْنِي حِصَّةَ خَمْسَةٍ مِنْهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَحِصَّةَ أَرْبَعَةٍ وَنِصْفٍ مِنْهَا عَلَى الثَّانِي (وَإِنْ كَانَ الْجُنَاةُ ثَلَاثَةً وَأَرْشُ كُلِّ جِنَايَةٍ دِينَارٌ جُمِعَتْ الْقِيَمُ) ، وَهِيَ عَشَرَةٌ وَتِسْعَةٌ وَثَمَانِيَةٌ (فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ فَيُقَسِّمُ الْعَشَرَةَ عَلَيْهَا) فَيَخُصُّ الْأَوَّلَ ثُلُثٌ وَثُلُثُ تُسْعٍ وَالثَّانِيَ ثُلُثٌ وَالثَّالِثَ تُسْعَانِ وَثُلُثَا تُسْعٍ. (الْحَالُ الثَّانِي أَنْ يَقَعَ الْجُرْحَانِ مَعًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُذَفَّفٌ) أَوْ مُزْمِنٌ لَوْ انْفَرَدَ (أَوْ أَحَدُهُمَا مُزْمِنٌ وَالْآخَرُ مُذَفِّفٌ فَالصَّيْدُ لَهُمَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ، وَلَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ سَوَاءٌ أَتَفَاوَتَ الْجُرْحَانِ صِغَرًا أَوْ كِبَرًا أَمْ تَسَاوَيَا أَوْ كَانَا فِي الْمَذْبَحِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ اخْتَلَفَا (، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُذَفِّفٍ، وَلَا مُزْمِنٍ) وَالْآخَرُ مُذَفِّفٌ أَوْ مُزْمِنٌ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ (وَلَا) شَيْءَ (عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَرَحَهُ حِينَ كَانَ مُبَاحًا، وَالْمِلْكُ لِلْآخَرِ لِانْفِرَادِهِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ (وَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنَهُ) أَيْ التَّذْفِيفِ أَوْ الْإِزْمَانِ (مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ اخْتَلَطَ حَمَامٌ مَمْلُوكٌ مَحْصُورٌ أَوْ غَيْرُ مَحْصُورٍ بِحَمَامِ بَلَدٍ مُبَاحٍ] قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الِازْدِحَامِ بِالْجَرْحِ عَلَى الصَّيْدِ] (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 561 فَهُوَ لَهُمَا) لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَحِلَّ كُلٌّ) مِنْهُمَا (مِنْ صَاحِبِهِ) تَوَرُّعًا عَنْ مَظِنَّةِ الشُّبْهَةِ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ (عَلِمْنَا تَأْثِيرَ أَحَدِهِمَا) تَذْفِيفًا أَوْ إزْمَانًا (وَشَكَكْنَا فِي) تَأْثِيرِ (الْآخَرِ وَقَّفْنَا النِّصْفَ) بَيْنَهُمَا (فَإِنْ تَبَيَّنَ الْحَالُ أَوْ اصْطَلَحَا) عَلَى شَيْءٍ فَوَاضِحٌ (وَإِلَّا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا) نِصْفَيْنِ وَسُلِّمَ النِّصْفُ الْآخَرُ لِمَنْ أَثَّرَ جُرْحُهُ فَيَخْلُصُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّيْدِ لِلْآخَرِ رُبُعُهُ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الْأَصْلِ عَنْ الْإِمَامِ وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَا وَقْفَ بَلْ يُقَسَّمُ الْجَمِيعُ بَيْنَهُمَا فَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِلَّ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِهِ مَا حَصَلَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ. (الْحَالُ الثَّالِثُ أَنْ يَتَرَتَّبَا) أَيْ الْجُرْحَانِ (وَأَحَدُهُمَا مُزْمِنٌ وَالْآخَرُ مُذَفِّفٌ وَصَادَفَ الْمَذْبَحَ) فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ (فَإِنْ جُهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (فَالصَّيْدُ حَلَالٌ) وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْجُرْحَيْنِ مُهْلِكٌ لَوْ انْفَرَدَ فَإِذَا جُهِلَ السَّابِقُ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِهِ مِنْ الْآخَرِ (فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْمُزْمِنُ) لَهُ (أَوَّلًا) وَأَنَّهُ لَهُ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (تَحْلِيفُ صَاحِبِهِ فَإِنْ حَلَفَا اقْتَسَمَاهُ) ، وَلَا شَيْءَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (أَوْ) حَلَفَ (أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (فَهُوَ لَهُ وَ) لَهُ (عَلَى الْآخَرِ) أَيْ النَّاكِلِ (الْأَرْشُ) أَيْ أَرْشُ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ أَمَّا إذَا عُرِفَ السَّابِقُ فَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ صَادَفَ) الْمُذَفِّفُ (غَيْرَ الْمَذْبَحِ) وَجُهِلَ السَّابِقُ (حَرُمَ) الصَّيْدُ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْإِزْمَانِ فَلَا يَحِلُّ بَعْدَهُ إلَّا بِقَطْعِ الْمَذْبَحِ (وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (الْإِزْمَانَ وَالسَّبْقَ) أَيْ أَنَّهُ الْمُزْمِنُ لَهُ أَوَّلًا وَأَنَّ الْآخَرَ أَفْسَدَهُ فَالصَّيْدُ حَرَامٌ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْلِيفُ صَاحِبِهِ (فَإِنْ حَلَفَا فَذَاكَ) وَاضِحٌ أَيْ يَقْتَسِمَانِهِ اخْتِصَاصًا، وَلَا شَيْءَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. (وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا) وَحَلَفَ الْآخَرُ (لَزِمَهُ) لَهُ (قِيمَتُهُ مُزْمِنًا، وَإِنْ عُرِفَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (وَاخْتَلَفَا فِي كَوْنِ جُرْحِهِ) أَيْ السَّابِقِ (مُزْمِنًا) أَوْ لَا بِأَنْ قَالَ أَزْمَنْتُهُ أَنَا، ثُمَّ أَفْسَدْتُهُ أَنْتَ بِقَتْلِكَ فَعَلَيْكَ الْقِيمَةُ وَقَالَ الثَّانِي: لَمْ تُزْمِنْهُ بَلْ كَانَ عَلَى امْتِنَاعِهِ إلَى أَنْ رَمَيْتَهُ فَأَزْمَنْتَهُ أَوْ ذَفَّفْتَهُ (فَإِنْ عُيِّنَ) جُرْحُ السَّابِقِ بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ (وَعُلِمَ كَوْنُهُ مُزْمِنًا صُدِّقَ) السَّابِقُ (بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الثَّانِي) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ (فَإِنْ حَلَفَ فَلَهُ أَكْلُهُ) ، وَهُوَ مِلْكُهُ (، وَلَا شَيْءَ) لَهُ (عَلَى الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا حِينَ جَرَحَهُ (وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْأَوَّلُ وَاسْتَحَقَّ الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ (وَحَرُمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُهُ مَيْتَةً، وَهَلْ لِلثَّانِي أَكْلُهُ) فِيهِ (وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ لَا؛ لِأَنَّ إلْزَامَهُ الْقِيمَةَ حُكْمٌ بِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَقِيلَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ فِي خُصُومَةِ الْآدَمِيِّ لَا يُغَيِّرُ الْحُكْمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ فِي الثَّانِي وَقَالَ غَيْرُهُ (وَإِنْ سَبَقَتْ الْمُذَفِّفَةُ) أَيْ تَقَدَّمَتْ (عَلَى الْمُزْمِنَةِ حَلَّ) الصَّيْدُ (وَكَذَا لَوْ شُكَّ فِي سَبْقِهَا) حَلَّ؛ لِأَنَّهَا إنْ سَبَقَتْ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ حَيًّا إلَى تَذْفِيفِهِ فَيَكُونُ تَذْفِيفُهُ ذَبْحًا لَهُ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَذْبَحِ، وَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَصْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَجَعَلَهُ الْأَوَّلُ مُمْتَنِعًا بِجُرْحِهِ أَمْ لَا وَقِيلَ لَا يَحِلُّ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّف (وَ) لَوْ (ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (الْمُذَفِّفَةَ) أَيْ أَنَّهُ الْمُذَفِّفُ فِي الْأُولَى وَأَنَّهُ الْمُذَفِّفُ وَالسَّابِقُ فِي الثَّانِيَةِ (وَحَلَفَ اقْتَسَمَاهُ) بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ التَّذْفِيفِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا مَزِيَّةَ (أَوْ) حَلَفَ (أَحَدُهُمَا اسْتَحَقَّهُ مَعَ الْأَرْشِ إنْ نَقَصَ) وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ الدَّعْوَى فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ مِنْ زِيَادَتِهِ. (الْحَالُ الرَّابِعُ - أَنْ يَتَرَتَّبَا وَيَقَعَ الْإِزْمَانُ بِمَجْمُوعِهِمَا لَا بِأَحَدِهِمَا فَهُوَ لِلثَّانِي) لِحُصُولِ الْإِزْمَانِ عَقِبَ جُرْحِهِ عِنْدَ كَوْنِهِ مُبَاحًا فَبَطَلَ أَثَرُ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَصَارَ إعَانَةً لِلثَّانِي، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ، وَلِهَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا عَلَى صَيْدٍ فَضَيَّقَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ الطَّرِيقَ حَتَّى أَدْرَكَهُ الْكَلْبُ كَانَ الصَّيْدُ لِلْمُرْسِلِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَوَّلِ (فَإِنْ عَادَ الْأَوَّلُ فَذَبَحَهُ حَلَّ وَضَمِنَ لِلثَّانِي أَرْشَ النَّقْصِ) الْحَاصِلَ بِذَبْحِهِ (وَإِنْ صَيَّرَهُ مَيْتَةً) كَأَنْ جَرَحَهُ فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ وَمَاتَ بِالْجِرَاحَاتِ الثَّلَاثِ (ضَمِنَ قِيمَتَهُ نَاقِصًا بِالْجِرَاحَتَيْنِ) الْأُولَيَيْنِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ الثَّانِي مِنْ ذَبْحِهِ (فَلَوْ تَمَكَّنَ الثَّانِي مِنْ ذَبْحِهِ فَلَمْ يَذْبَحْهُ ضَمِنَ) لَهُ (الْأَوَّلُ أَيْضًا) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الثَّانِيَ يَضْمَنُ (وَهُوَ) أَيْ الضَّمَانُ (بِالتَّوْزِيعِ كَمَا سَبَقَ) ثَمَّ (وَالتَّرْتِيبُ وَالْمَعِيَّةُ) فِي الْجُرْحَيْنِ يُعْتَبَرَانِ (بِالْإِصَابَةِ لَا بِابْتِدَاءِ الرَّمْيِ) . [فَرْعٌ أَرْسَلَ جَمَاعَةٌ كِلَابَهُمْ عَلَى صَيْدٍ فَأَدْرَكُوهُ قَتِيلًا وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّ كَلْبَهُ الْقَاتِلُ] (فَرْعٌ) مِنْ الْمَجْمُوعِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَوْ أَرْسَلَ جَمَاعَةٌ كِلَابَهُمْ عَلَى صَيْدٍ فَأَدْرَكُوهُ قَتِيلًا وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّ كَلْبَهُ الْقَاتِلُ فَالصَّيْدُ حَلَالٌ، ثُمَّ إنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ: نَعَمْ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 562 كَانَتْ الْكِلَابُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ أَوْ مَعَ أَحَدِهَا فَهُوَ لِصَاحِبِهِ أَوْ فِي مَكَان، وَالْكِلَابُ فِي نَاحِيَةٍ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا قُرْعَةَ بَلْ يُوقَفُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَصْطَلِحُوا فَإِنْ خِيفَ فَسَادُهُ بِيعَ، وَوُقِفَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَصْطَلِحُوا (فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ) لَوْ (وَقَعَ بَعِيرَانِ فِي بِئْرٍ) أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ (فَطُعِنَ الْأَعْلَى فَنَفَذَتْ) أَيْ الطَّعْنَةُ (إلَى الْأَسْفَلِ) فَمَاتَ (وَشَكَكْنَا هَلْ مَاتَ مِنْهَا) فَيَحِلُّ (أَوْ بِثِقَلِ الْجَمَلِ) الْأَعْلَى فَيَحْرُمُ وَعَلِمْنَا أَنَّ الطَّعْنَةَ أَصَابَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ (حَلَّ) كَالصَّيْدِ يُصِيبُهُ السَّهْمُ فِي الْهَوَاءِ، ثُمَّ يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ (أَوْ) شَكَكْنَا (هَلْ صَادَفَتْهُ) الطَّعْنَةُ (حَيًّا) أَوْ مَيِّتًا (فَفِي حِلِّهِ وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى التَّهْذِيبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ الْغَائِبَ الْمُنْقَطِعَ خَبَرُهُ هَلْ يُجْزِئُ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ؟ ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حِلِّهِ لَكِنْ نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَالْمَرُّوذِيِّ وَالْقَاضِي تَصْحِيحَ الْحِلِّ كَمَا لَوْ ظَنَّهُ خَشَبَةً وَفِي التَّنْظِيرِ نَظَرٌ. (وَإِنْ رَمَى غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ، وَهُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ رَمَى مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ، وَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (فَالْعِبْرَةُ) فِي كَوْنِهِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَ مَقْدُورٍ (بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ) فَلَا يَحِلُّ فِي الْأُولَى إلَّا بِإِصَابَتِهِ فِي الْمَذْبَحِ وَيَحِلُّ فِي الثَّانِيَةِ مُطْلَقًا وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ فِيهَا إذَا لَمْ يُصِبْهُ فِي الْمَذْبَحِ غَيْرُ مُرَادٍ. (وَإِنْ أَرْسَلَ سَهْمَيْنِ فَحُكْمُهُمَا فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ حُكْمُهُمَا) أَيْ حُكْمُ إرْسَالِهِمَا (مِنْ رَجُلَيْنِ) فَإِنْ أَصَابَا مَعًا حَلَّ أَوْ مُرَتَّبًا وَأَزْمَنَهُ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يُصَادِفْ الثَّانِي الْمَذْبَحَ حَرُمَ، وَإِنْ صَادَفَهُ أَوْ لَمْ يُزْمِنْهُ الْأَوَّلُ حَلَّ (أَوْ) أَرْسَلَ (كَلْبَيْنِ فَإِنْ أَزْمَنَهُ الْأَوَّلُ وَقَتَلَهُ الثَّانِي حَرُمَ وَإِنْ صَادَفَ الْمَذْبَحَ) وَقَوْلُهُ (حَلَّ) سَاقِطٌ مِنْ نُسْخَةٍ وَإِثْبَاتُهُ وَهْمٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ عَكْسَهُ حَرُمَ وَقَدْ يُصَحَّحُ بِأَنْ يَعْطِفَ قَوْلَهُ " كَلْبَيْنِ " عَلَى " هُمَا " أَيْ وَحُكْمُ إرْسَالِ كَلْبَيْنِ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ فَإِنْ أَزْمَنَهُ إلَى آخِرِهِ بَيَانًا لِحُكْمِ إرْسَالِ السَّهْمَيْنِ خَاصَّةً أَوْ عَجُزُهُ بَيَانًا لِذَلِكَ خَاصَّةً وَصَدْرُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ حُكْمِ إرْسَالِ الْكَلْبَيْنِ (أَوْ) أَرْسَلَ (كَلْبًا وَسَهْمًا فَأَزْمَنَهُ الْكَلْبُ وَذَبَحَهُ) الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَصْلِ وَلِحُكْمِ الْعَكْسِ الْآتِي، ثُمَّ ذَبَحَهُ (السَّهْمُ حَلَّ أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ أَزْمَنَهُ السَّهْمُ، ثُمَّ قَتَلَهُ الْكَلْبُ (حَرُمَ) (وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ صَيْدٌ فَادَّعَى رَجُلٌ اصْطِيَادَهُ فَقَالَ) ذُو الْيَدِ (لَا أَعْلَمُ) بِذَلِكَ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ (جَوَابًا) لِلدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَابِقْهَا (بَلْ إمَّا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ سَلَّمَهُ) الْفَصِيحُ أَنْ يُقَالَ إمَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ يُسَلِّمَهُ (لِمُدَّعِيهِ) فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ لِغَيْرِهِ قُبِلَ وَكَانَ جَوَابًا عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى، وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّهُ اصْطَادَ هَذَا الصَّيْدَ فَفِيهِ قَوْلَا تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ بَيْنَ تَقَدُّمِ التَّارِيخِ وَعَدَمِهِ وَكَوْنِ الصَّيْدِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَعَدَمِهِ. (وَإِنْ أَخْبَرَ فَاسِقٌ أَوْ كِتَابِيٌّ أَنَّهُ ذَبَحَ) هَذِهِ (الشَّاةَ حَلَّ أَكْلُهَا) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّبْحِ. (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (كَانَ فِي الْبَلَدِ مَجُوسٌ وَمُسْلِمُونَ وَجُهِلَ ذَابِحُ الشَّاةِ) أَهُوَ مُسْلِمٌ أَوْ مَجُوسِيٌّ (لَمْ يَحِلَّ) أَكْلُهَا لِلشَّكِّ فِي الذَّبْحِ الْمُبِيحِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبَ كَمَا فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحِلَّ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ فِيمَا لَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَجُوسِيٌّ فَيَحِلُّ وَجَمْعُ الْمَجُوسِ وَالْمُسْلِمِينَ مِثَالٌ، وَكَذَا ذِكْرُهُمْ فَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ كَهُمْ. [كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ وَفِيهِ بَابَانِ] [الْبَاب الْأَوَّل الْمَطْعُومِ حَالَ الِاخْتِيَارِ] (كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ) أَيْ بَيَانُ مَا يَحِلُّ مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] وَقَوْلُهُ {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] أَيْ مَا تَسْتَطِيبُهُ النَّفْسُ وَتَشْتَهِيهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْحَلَالُ؛ لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَمَّا يَحِلُّ لَهُمْ فَكَيْفَ يَقُولُ أُحِلَّ لَكُمْ الْحَلَالُ، (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي الْمَطْعُومِ حَالَ الِاخْتِيَارِ) مِمَّا يَتَأَتَّى أَكْلُهُ مِنْ جَمَادٍ وَحَيَوَانٍ لَا يُمْكِنُ حَصْرُ أَنْوَاعِهِ (وَ) لَكِنَّ (الْأَصْلَ) فِي الْجَمِيعِ (الْحِلُّ) ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ مَخْلُوقَةٌ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ وَاحْتُجَّ لَهُ بِآيَةِ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] (إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ) بِنَصٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي فَيَحْرُمُ (كَالْخَمْرِ) لِآيَةِ {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: 90] وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» (وَالنَّبِيذِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَقِيَاسًا عَلَى الْخَمْرِ بِجَامِعِ الْإِسْكَارِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا قُرْعَةَ بَلْ يُوقَفُ بَيْنَهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ الثَّانِي [فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ] (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حِلِّهِ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلشَّكِّ فِي الْمُبِيحِ وَتَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ سَاقِطٌ مِنْ نُسْخَةٍ) هُوَ مَا فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ (كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ) وَجْهُ ذِكْرِ هَذَا الْبَابِ فِي رُبُعِ الْعِبَادَاتِ أَنَّ طَلَبَ الْحَلَالِ فَرْضُ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ الْحِلُّ) لَوْ نَتَجَتْ شَاةٌ سَخْلَةً رَأْسُهَا يُشْبِهُ رَأْسَ الشَّاةِ وَذَنَبُهَا يُشْبِهُ ذَنَبَ الْكَلْبِ فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهَا تَحِلُّ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ أَنَّ فَحْلَهَا كَلْبٌ (قَوْلُهُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ) الضَّابِطُ: كُلُّ طَاهِرٍ لَا ضَرَرَ فِي أَكْلِهِ، وَلَيْسَ مُسْتَقْذَرًا، وَلَا جُزْءًا مِنْ آدَمِيٍّ، وَلَا حَيَوَانًا حَيًّا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ يَحِلُّ أَكْلُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 563 (وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] (وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ) ، وَإِنْ تَوَحَّشَتْ لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ. (وَتَحِلُّ) الْحُمُرُ (الْوَحْشِيَّةِ) وَإِنْ اسْتَأْنَسَتْ لِلِاتِّبَاعِ وَلِلْأَمْرِ بِهِ كَمَا رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَفَارَقَتْ الْأَهْلِيَّةَ بِأَنَّهَا لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فِي الرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ فَانْصَرَفَ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَى لَحْمِهَا خَاصَّةً بِخِلَافِ الْأَهْلِيَّةِ (وَالْخَيْلُ) بِأَنْوَاعِهَا مِنْ عَتِيقٍ، وَهُوَ الَّذِي أَبَوَاهُ عَرَبِيَّانِ وَبِرْذَوْنٍ، وَهُوَ الَّذِي أَبَوَاهُ عَجَمِيَّانِ، وَهَجِينٍ، وَهُوَ الَّذِي أَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ عَجَمِيَّةٌ وَمُقْرَفٍ، وَهُوَ عَكْسُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَكَلْنَا زَمَنَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَحُمُرَ الْوَحْشِ» ، وَأَمَّا خَبَرُ خَالِدٍ فِي النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الْخَيْلِ فَقَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: مُنْكَرٌ وَقَالَ أَبُو دَاوُد مَنْسُوخٌ، وَأَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى رُكُوبِهَا وَالتَّزَيُّنِ بِهَا فِي قَوْله تَعَالَى {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8] فَلَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُمَا مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْخَيْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] فَذَكَرَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ؛ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ مَقْصُودِهِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ شَحْمِهِ وَدَمِهِ وَسَائِرِ أَجْزَائِهِ (وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْحُمُرِ الْوَحْشِيَّةِ وَالْخَيْلِ تَبَعًا لَهُمَا (وَالْحَامِلُ مِنْ الْخَيْلِ بِبَغْلٍ) لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ لَهَا (وَيَعْصِي بِذَبْحِهَا) مَا دَامَتْ حَامِلًا بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ تَعَدِّيًا، وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْحَامِلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهَا الرَّافِعِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ. (وَيَحْرُمُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ) تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ سَوَاءٌ أَكَانَ غَيْرُ الْمَأْكُولِ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى (كَالْبَغْلِ) لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلِلنَّهْيِ عَنْ أَكْلِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (وَالسِّمْعِ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالضَّبُعِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَ) يَحْرُمُ (مَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ) مِنْ السِّبَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] ، وَهَذَا مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ الْجِيَفَ، وَلَا تَسْتَطِيبُهُ الْعَرَبُ وَلِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ (كَالْكَلْبِ وَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا (وَالدُّبِّ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ (وَالْفَهْدِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ كَسْرِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِهَا (وَالْقِرْدِ وَالْفِيلِ وَالْبَبْرِ) بِمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ وَالثَّانِيَةُ سَاكِنَةٌ، وَهُوَ حَيَوَانٌ مِنْ السِّبَاعِ يُعَادِي الْأَسَدَ وَيُقَالُ لَهُ الْفُرَانِقُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ النُّونِ (وَسَائِرِ) أَيْ بَاقِي (السِّبَاعِ) كَالْوَشَقِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ. (وَ) يَحْرُمُ (مَا يَتَقَوَّى بِمِخْلَبِهِ مِنْ الطَّيْرِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَلِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ (كَالْبَازِي) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَيُقَالُ لَهُ الْبَازُ بِحَذْفِهَا (وَالشَّاهِينِ وَالنَّسْرِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَيُقَالُ بِتَثْلِيثِهَا (وَالصَّقْرِ وَالْعُقَابِ وَجَمِيعِ جَوَارِحِ الطَّيْرِ) . [فَرْعٌ يَحِلُّ الضَّبُعُ] ُ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَإِسْكَانِهَا؛ لِأَنَّ جَابِرًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُئِلَ عَنْهُ أَصَيْدٌ يُؤْكَلُ؟ قَالَ نَعَمْ قِيلَ: سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ نَعَمْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ؛ وَلِأَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ، وَلَا يَعِيشُ بِهِ (وَالثَّعْلَبُ) بِالْمُثَلَّثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَيُسَمَّى أَبَا الْحَصِينِ (وَالْأَرْنَبُ) ؛ لِأَنَّهُ بُعِثَ بِوَرِكِهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَبِلَهُ وَأَكَلَ مِنْهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَهُوَ دَابَّةٌ تُشْبِهُ الْعَنَاقَ قَصِيرَةُ الْيَدَيْنِ طَوِيلَةُ الرِّجْلَيْنِ (وَالضَّبُّ) ؛ لِأَنَّهُ أُكِلَ عَلَى مَائِدَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَضْرَتِهِ وَقَالَ لِمَنْ قَالَ لَهُ أَحَرَامٌ هُوَ لَا، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَخَبَرُ النَّهْيِ عَنْهُ إنْ صَحَّ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ (وَالْيَرْبُوعُ) ، وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ تُشْبِهُ الْفَأْرَ لَكِنَّهُ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ أَبْيَضُ الْبَطْنِ أَغْبَرُ الظَّهْرِ بِطَرَفِ ذَنَبِهِ شَعَرَاتٌ وَوَقَعَ لِلدَّمِيرِيِّ فِي شَرْحِهِ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَفِي نُسْخَةٍ هُنَا وَابْنُ عُرْسٍ، وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ رَقِيقَةٌ تُعَادِي الْفَأْرَ تَدْخُلُ جُحْرَهُ وَتُخْرِجُهُ (وَكَذَا الْوَبْرُ) بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ دُوَيْبَّةٌ أَصْغَرُ مِنْ الْهِرِّ كَحْلَاءُ الْعَيْنَيْنِ لَا ذَنَبَ لَهَا (وَالدُّلْدُلُ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ بَيْنَ الْمُهْمَلَتَيْنِ الْمَضْمُومَتَيْنِ دَابَّةٌ قَدْرَ السَّخْلَةِ ذَاتُ شَوْكٍ طِوَالٍ تُشْبِهُ السِّهَامَ وَفِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ عَظِيمُ الْقَنَافِذِ (وَالسَّمُّورُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ (وَالسِّنْجَابُ) ، وَهُمَا نَوْعَانِ مِنْ ثَعَالِبِ التُّرْكِ (وَالْفَنَكُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالنُّونِ (وَالْقَاقِمِ) بِضَمِّ الْقَافِ الثَّانِيَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا دُوَيْبَّةٌ يُتَّخَذُ جِلْدُهَا فَرْوًا (وَالْحَوَاصِلِ) جَمْعُ حَوْصَلَةٍ وَيُقَالُ لَهُ حَوْصَلٌ، وَهُوَ طَائِرٌ أَبْيَضُ أَكْبَرُ مِنْ الْكُرْكِيِّ ذُو حَوْصَلَةٍ عَظِيمَةٍ يُتَّخَذُ مِنْهَا فَرْوٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَقَالَ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] . (وَيَحْرُمُ الْهِرُّ الْوَحْشِيُّ) وَالْأَهْلِيُّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ أَكْلِهِ وَأَكْلِ ثَمَنِهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ؛ وَلِأَنَّهُ يَعْدُو بِنَابِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّ الزَّرَافَةَ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ عَدَّهَا مِنْ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ كَجٍّ بِأَنَّهَا مِنْ الْمَأْكُولِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ شَاذٌّ وَأَنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ بَيْنَ مَأْكُولَيْنِ فَلَا مَعْنَى لِلتَّحْرِيمِ وَجَزَمَ فِي التَّنْبِيهِ بِتَحْرِيمِهَا وَبِهِ أَفْتَيْت قَالَ الْأَذْرَعِيُّ رَأَيْت فِي الْحَوَاشِي لِبَعْضِ طَلَبَةِ الْيَمَانِيِّينَ عَلَى التَّنْبِيهِ قَالَ شَيْخِي أَبُو الْعَبَّاسِ فِي تَحْرِيمِ الزَّرَافَةِ نَظَرٌ قَالَ: وَلَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ الْمَشَاهِيرِ بِتَحْرِيمٍ، وَلَا تَحْلِيلٍ قُلْت وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْيَمَنِ أَنَّ الزَّرَافَةَ جِنْسَانِ جِنْسٌ لَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ فَيَحِلُّ وَجِنْسٌ يَتَقَوَّى بِنَابِهِ كَمَا ذَكَرَ فِي التَّنْبِيهِ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ قَالَ ذَلِكَ مِنْ شَرْحِهِ بِلَفْظِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّوَابُ نَقْلًا وَدَلِيلًا الْحِلُّ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ جَابِرًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُئِلَ عَنْهُ إلَخْ) وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ لَحْمَهُ كَانَ يُبَاعُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ دُونَ نَكِيرٍ (قَوْلُهُ وَالْيَرْبُوعُ) لِحُكْمِ الصَّحَابَةِ فِيهِ بِجَفْرَةٍ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ الْهِرُّ الْوَحْشِيُّ) وَالنِّمْسُ حَرَامٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 564 كَالْأَسَدِ؛ وَلِأَنَّهُ يَأْكُلُ الْجِيَفَ وَفَارَقَ الْهِرَّ الْوَحْشِيَّ وَالْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ حَيْثُ أُلْحِقَ بِالْهِرِّ الْأَهْلِيِّ لِشَبَهِهِ بِهِ لَوْنًا وَصُورَةً وَطَبْعًا فَإِنَّهُ يَتَلَوَّنُ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ وَيَسْتَأْنِسُ بِالنَّاسِ بِخِلَافِ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ مَعَ الْأَهْلِيِّ. (وَكَذَا) يَحْرُمُ (ابْنُ آوَى) بِالْمَدِّ بَعْدَ الْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّهُ يَعْدُو بِنَابِهِ وَيَأْكُلُ الْجِيَفَ، وَهُوَ فَوْقَ الثَّعْلَبِ وَدُونَ الْكَلْبِ طَوِيلُ الْمَخَالِبِ وَالْأَظْفَارِ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ الذِّئْبِ وَشَبَهٌ مِنْ الثَّعْلَبِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَأْوِي إلَى عِوَاءِ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ، وَلَا يَعْوِي إلَّا لَيْلًا إذَا اسْتَوْحَشَ وَبَقِيَ وَحْدَهُ وَصِيَاحُهُ يُشْبِهُ صِيَاحَ الصِّبْيَانِ. (لَا ابْنُ مُقْرِضٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ الدَّلَقُ بِفَتْحِ اللَّامِ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَطِيبُهُ وَنَابُهُ ضَعِيفٌ، وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ أَكْحَلُ اللَّوْنِ طَوِيلُ الظَّهْرِ أَصْغَرُ مِنْ الْفَأْرِ يَقْتُلُ الْحَمَامَ وَيَقْرِضُ الثِّيَابَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ حِلِّهِ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ تَحْرِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ ذُو نَابٍ لَكِنْ غَلَّطَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ (وَيَحْرُمُ مَا أَمَرَ) بِقَتْلِهِ (أَوْ نَهَى عَنْ قَتْلِهِ وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُمَا. (فَرْعٌ يَحْرُمُ الْبُغَاثُ) جَمْعُ بُغَاثَةٍ بِتَثْلِيثِ الْمُوَحَّدَةِ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ طَائِرٌ أَبْيَضُ وَيُقَالُ: أَغْبَرُ دُوَيْنَ الرَّخَمَةِ بَطِيءُ الطَّيَرَانِ أَصْغَرُ مِنْ الْحِدَأَةِ (وَالرَّخَمُ) جَمْعُ رَخَمَةٍ، وَهِيَ طَائِرٌ أَبْقَعُ يُشْبِهُ النَّسْرَ فِي الْخِلْقَةِ (وَالنَّهَّاسُ) بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ طَائِرٌ صَغِيرٌ يَنْهَسُ اللَّحْمَ بِطَرَفِ مِنْقَارِهِ، وَأَصْلُ النَّهْسِ أَكْلُ اللَّحْمِ بِطَرَفِ الْأَسْنَانِ، وَالنَّهْشُ بِالْمُعْجَمَةِ أَكْلُهُ بِجَمِيعِهَا فَتَحْرُمُ الطُّيُورُ الَّتِي تَنْهَشُ كَالسِّبَاعِ الَّتِي تَنْهَشُ لِاسْتِخْبَاثِهَا (وَالْأَغْرِبَةُ) بِأَنْوَاعِهَا (كَالْأَبْقَعِ) ، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ (وَالْعَقْعَقُ) وَيُقَالُ لَهُ الْقُعْقُعُ، وَهُوَ ذُو لَوْنَيْنِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ طَوِيلُ الذَّنَبِ قَصِيرُ الْجَنَاحِ عَيْنَاهُ تُشْبِهَانِ الزِّئْبَقَ صَوْتُهُ الْقَعْقَعَةُ كَانَتْ الْعَرَبُ تَتَشَاءَمُ بِصَوْتِهِ (وَالْغُدَافُ الْكَبِيرُ) وَيُسَمَّى الْغُرَابُ الْجَبَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْكُنُ إلَّا الْجِبَالَ (وَكَذَا) الْغُدَافُ (الصَّغِيرُ) ، وَهُوَ أَسْوَدُ أَوْ رَمَادِيُّ اللَّوْنِ لِلْأَمْرِ بِقَتْلِ الْغُرَابِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَلِاسْتِخْبَاثِهِ؛ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ الْجِيَفَ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الصَّغِيرِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ حِلُّهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَأْكُلُ الزَّرْعَ (لَا الزَّاغُ) ، وَهُوَ أَسْوَدُ صَغِيرٌ وَقَدْ يَكُونُ مُحْمَرَّ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَطَابٌ لِأَكْلِهِ الزَّرْعَ. (فَرْعٌ وَتَحِلُّ أَنْوَاعُ الْحَمَامِ) مِنْ كُلِّ ذَاتِ طَوْقٍ كَالْقُمْرِيِّ وَالدُّبْسِيِّ بِضَمِّ الدَّالِ وَالْيَمَامِ لِاسْتِطَابَتِهِ (وَالْوَرَشَانِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالرَّاءِ: ذَكَرُ الْقُمْرِيِّ وَيُقَالُ لَهُ سَاقٌ حُرٌّ وَقِيلَ: طَائِرٌ يَتَوَلَّدُ بَيْنَ الْفَاخِتَةِ وَالْحَمَامَةِ (وَالْقَطَا) جَمْعُ قَطَاةٍ، وَهِيَ طَائِرٌ مَعْرُوفٌ (وَالْحَجَلِ) بِالْفَتْحِ جَمْعُ حَجَلَةٍ، وَهِيَ طَائِرٌ عَلَى قَدْرِ الْحَمَامِ كَالْقَطَا أَحْمَرُ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ وَيُسَمَّى دَجَاجُ الْبَرِّ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ إنَّهَا أُدْرِجَتْ فِي الْحَمَامِ (وَطَيْرِ الْمَاءِ) كَالْبَطِّ وَالْإِوَزِّ وَالطَّيْرِ الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ (لَا اللَّقْلَقِ) هُوَ طَيْرٌ طَوِيلُ الْعُنُق يَأْكُلُ الْحَيَّاتِ وَيَصِفُّ فَلَا يَحِلُّ لِاسْتِخْبَاثِهِ وَرُوِيَ كُلْ مَا دَفَّ وَدَعْ مَا صَفَّ. (وَيَحِلُّ مَا عَلَى شَكْلِ الْعُصْفُورِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الطَّيِّبَاتِ (كَالصَّعْوَةِ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ عُصْفُورٌ أَحْمَرُ الرَّأْسِ (وَالزُّرْزُورِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (وَالنُّغَرِ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ عُصْفُورٌ صَغِيرٌ أَحْمَرُ الْأَنْفِ (وَالْبُلْبُلِ) بِضَمِّ الْبَاءَيْنِ (وَكَذَا الْحُمَّرَةُ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ يُقَالُ إنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يُسَمُّونَ الْبُلْبُلَ النُّغَرَ وَالْحُمَّرَةَ (وَالْعَنْدَلِيبِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا نُونٌ نَوْعَانِ مِنْ الْعُصْفُورِ (وَالنَّعَامِ) جَمْعُ نَعَامَةٍ (وَالدَّجَاجِ) جَمْعُ دَجَاجَةٍ بِتَثْلِيثِ الدَّالِ (وَالْكُرْكِيِّ) هُوَ طَائِرٌ كَبِيرٌ كُنْيَتُهُ أَبُو الْعَيْزَارِ (وَالْحُبَارَى) طَائِرٌ مَعْرُوفٌ شَدِيدُ الطَّيَرَانِ (وَكَذَا الشِّقِرَّاقُ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ كَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَيُقَالُ لَهُ الشِّرْقِرَاقُ، وَهُوَ طَائِرٌ أَخْضَرُ مُلَوَّنٌ عَلَى قَدْرِ الْحَمَامِ وَتَرْجِيحُ حِلِّهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالشَّقِرَّاقِ قَالَ فِي التَّهْذِيبِ حَلَالٌ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ حَرَامٌ انْتَهَى. وَجَرَى عَلَى التَّحْرِيمِ الْعِجْلِيّ شَارِحُ الْوَسِيطِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مُسْتَخْبَثٌ وَعَلَى الْحِلِّ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (لَا الْبَبَّغَا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ وَإِعْجَامِ الْغَيْنِ بِالْقَصْرِ: الطَّائِرُ الْأَخْضَرُ الْمَعْرُوفُ بِالدُّرَّةِ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (وَ) لَا (الطَّاوُوسُ) هُوَ طَائِرٌ مَعْرُوفٌ حَسَنُ اللَّوْنِ يُؤْخَذُ لِلتَّمَتُّعِ بِرُؤْيَتِهِ (وَالْبُومُ) هُوَ طَائِرٌ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى حَتَّى يَقُولَ فِي صِيَاحِهِ صَدَا أَوْ قِيَادَ فَيَخْتَصُّ بِالذَّكَرِ وَكُنْيَةُ الْأُنْثَى أُمُّ الْخَرَابِ أُمُّ الصِّبْيَانِ وَيُقَالُ لَهَا غُرَابُ اللَّيْلِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ [فَرْعٌ حُكْمُ أَكْلِ الْبُغَاثُ وَالرَّخَمُ وَالنَّهَّاسُ وَالْأَغْرِبَةُ] (قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَغَلَّطَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ لَمْ يَصِرْ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَكَلَامُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ حِلُّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَعَزَاهُ فِي الْمَطْلَبِ إلَيْهِ وَنِسْبَةُ الْمَجْمُوعِ إلَيْهِ التَّحْرِيمُ اعْتِمَادًا عَلَى الرَّوْضَةِ. [فَرْعٌ تَحِلُّ أَنْوَاعُ الْحَمَامِ] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ) قَالَ أَبُو عَاصِمٍ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْ نَوْعٍ، وَلَا يُوجَدُ لِأَكْثَرِهَا اسْمٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَلَا خِلَافَ فِي حِلِّ شَيْءٍ مِنْهَا سِوَى الْعِلْقَ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ، وَلَا يُؤْكَلُ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ الْبَيْضُ لِخُبْثِ لَحْمِهَا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (قَوْله وَرُوِيَ: كُلْ مَا دَفَّ) الدَّفِيفُ السَّيْرُ السَّرِيعُ (قَوْلُهُ وَدَعْ مَا صَفَّ) أَيْ لَمْ يُحَرِّكْ فِي طَيَرَانِهِ كَالْجَوَارِحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 565 (وَ) لَا (الضُّوَعُ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ وَوَاوٍ مَفْتُوحَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ طَائِرٌ مِنْ طَيْرِ اللَّيْلِ مِنْ جِنْسِ الْهَامِّ (وَ) لَا (مُلَاعِبُ ظِلِّهِ) هُوَ طَائِرٌ يَسْبَحُ فِي الْجَوِّ مِرَارًا كَأَنَّهُ يَنْصَبُّ عَلَى طَائِرٍ فَلَا يَحِلُّ شَيْءٌ مِنْهَا لِاسْتِخْبَاثِهَا (أَوْ يَحِلُّ كُلُّ لَقَّاطٍ وَمَا تَقَوَّتَ بِطَاهِرٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الثَّانِيَ يَشْمَلُ الْأَوَّلَ (إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ) مِمَّا مَرَّ كَذِي مِخْلَبٍ (وَيَحْرُمُ مَا تَقَوَّتَ بِنَجَسٍ) لِخُبْثِ غِذَائِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَتَقَوَّتَ بِنَجَسٍ لِئَلَّا تَرِدَ الْجَلَّالَةُ. (فَصْلٌ وَمَا لَا يَعِيشُ) مِنْ الْحَيَوَانِ (إلَّا فِي الْمَاءِ حَلَالٌ كَيْفَمَا) زَائِدَةٌ (مَاتَ) أَيْ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ بِضَغْطِهِ أَوْ صَدْمَةِ أَوْ انْحِسَارِ مَاءٍ أَوْ ضَرْبٍ مِنْ الصَّيَّادِ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَوْ لَمْ يُشْبِهْ السَّمَكَ) الْمَشْهُورُ كَكَلْبٍ وَحِمَارٍ وَخِنْزِيرٍ لِمَا مَرَّ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الذَّبْحِ نَعَمْ إنْ انْتَفَخَ الطَّافِي بِحَيْثُ يُخْشَى أَنَّهُ يُوَرِّثُ الْأَسْقَامَ حَرُمَ لِلضَّرَرِ قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَالشَّاشِيُّ (وَمَا يَعِيشُ فِيهِ وَفِي الْبَرِّ يَحْرُمُ مِنْهُ ذَوَاتُ السُّمُومِ) كَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ لِلضَّرَرِ (وَالضِّفْدِعِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَيَجُوزُ فَتْحُ ثَالِثِهِ مَعَ كَسْرِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلِاسْتِخْبَاثِهِ (وَالسَّرَطَانِ وَالتِّمْسَاحِ وَالنِّسْنَاسِ) بِكَسْرِ النُّونِ وَالتِّرْسَةِ، وَهِيَ اللَّجَّةُ بِالْجِيمِ (وَكَذَا السُّلَحْفَاةُ) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَبِمُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ لِاسْتِخْبَاثِهَا؛ وَلِأَنَّ التِّمْسَاحَ يَتَقَوَّى بِنَابِهِ وَقَضِيَّتُهُ تَحْرِيمُ الْقِرْشِ بِكَسْرِ الْقَافِ، وَيُقَالُ لَهُ: اللَّخَمُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لَكِنْ أَجَابَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ بِحِلِّهِ، وَتَرْجِيحُ تَحْرِيمِ النِّسْنَاسِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَجَرَى فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَصْلُ مِنْ تَصْحِيحِ تَحْرِيمِ الضِّفْدِعِ وَالْبَقِيَّةُ بَعْدَهُ إلَّا النِّسْنَاسَ فَنَقَلَ فِيهِ وَجْهَيْنِ كَالْأَصْلِ لَكِنَّهُ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: قُلْت: الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْبَحْرِ تَحِلُّ مَيْتَتُهُ إلَّا الضِّفْدَعَ وَيُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَوْ بَعْضُهُمْ مِنْ السُّلَحْفَاةِ وَالْحَيَّةِ وَالنِّسْنَاسِ عَلَى غَيْرِ مَا فِي الْبَحْرِ انْتَهَى. وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّامِلِ بَعْدَ نَقْلِهِ نُصُوصَ الْحِلِّ قَالَ أَصْحَابُنَا يَحِلُّ جَمِيعُ مَا فِيهِ إلَّا الضِّفْدَعَ لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ عَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى ذَوَاتُ السُّمُومِ أَيْضًا، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلدنيلس وَعَنْ ابْنِ عَدْلَانَ وَعُلَمَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِحِلِّهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَعَامِ الْبَحْرِ، وَلَا يَعِيشُ إلَّا فِيهِ وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ أَفْتَى بِتَحْرِيمِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ السَّرَطَانِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْهُ لَكِنْ قَالَ الدَّمِيرِيِّ لَمْ يَأْتِ عَلَى تَحْرِيمِهِ دَلِيلٌ وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ يَصِحَّ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ حَيَوَانَ الْبَحْرِ الَّذِي لَا تَعِيشُ إلَّا فِيهِ يُؤْكَلُ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ. (فَصْلٌ مَا لَا نَصَّ فِيهِ) بِتَحْرِيمٍ أَوْ تَحْلِيلٍ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِهِمَا كَالْأَمْرِ بِالْقَتْلِ (يَحْرُمُ مِنْهُ مَا اسْتَخْبَثَهُ غَيْرُ ذَوِي الْخَصَاصَةِ) أَيْ الْفَقْرِ وَالْمَجَاعَةِ (مِنْ الْعَرَبِ أَهْلِ الْقُرَى وَالْبُلْدَانِ) ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ أَوْلَى الْأُمَمِ؛ لِأَنَّهُمْ الْمُخَاطَبُونَ أَوَّلًا؛ وَلِأَنَّ الدِّينَ عَرَبِيٌّ وَالنَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَبِيٌّ، وَهُمْ جِيلٌ لَا تَغْلِبُ عَلَيْهِمْ الْعِيَافَةُ النَّاشِئَةُ مِنْ التَّنَعُّمِ فَيُضَيِّقُوا الْمَطَاعِمَ عَلَى النَّاسِ وَالْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] وَقَوْلُهُ {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] وَخَرَجَ بِغَيْرِ ذَوِي الْخَصَاصَةِ ذَوُوهَا، وَبِأَهْلِ الْقُرَى وَالْبُلْدَانِ أَجْلَافُ الْبَوَادِي الَّذِينَ يَتَنَاوَلُونَ مَا دَبَّ وَدَرَجَ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ فَلَا عِبْرَةَ بِهِمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَادَةِ أَهْلِ الْيَسَارِ دُونَ الْمُحْتَاجِينَ أَهْلِ الرَّفَاهِيَةِ دُونَ الشِّدَّةِ؛ لِأَنَّ اتِّبَاعَ الْجَمِيعِ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْأَحْكَامِ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَذَلِكَ يُخَالِفُ مَوْضُوعَ الشَّرْعِ فِي حَمْلِ النَّاسِ عَلَى مَوْضُوعٍ وَاحِدٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارٍ جَمْعٍ وَيُرْجَعُ فِي كُلِّ زَمَانٍ إلَى الْعَرَبِ الْمَوْجُودِينَ فِيهِ فَإِنْ اسْتَطَابَتْهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ مَا تَقَوَّتَ بِنَجَسٍ) قَالَ شَيْخُنَا صُورَةُ ذَلِكَ إنَّا لَمْ نَعْلَمْ حِلَّ ذَلِكَ بِطَرِيقٍ فَخُبْثُ غِذَائِهِ دَلِيلُ تَحْرِيمِهِ [فَصْلٌ مَا لَا يَعِيشُ مِنْ الْحَيَوَانِ إلَّا فِي الْمَاءِ حَلَالٌ] (قَوْلُهُ أَوْ بِضَرْبٍ مِنْ الصَّيَّادِ أَوْ غَيْرِهِ) كَأَنْ وَطِئَتْهُ بَهِيمَةٌ أَوْ ابْتَلَعَهُ حُوتٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَلَمْ يُسْتَحَلَّ (قَوْلُهُ وَمَا يَعِيشُ فِيهِ وَفِي الْبَرِّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فَرْعٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَا يَجْمَعُ مِنْ الْحَيَوَانِ بَيْنَ الْبَحْرِ وَالْبَرِّ إنْ كَانَ اسْتِقْرَارُهُ بِأَحَدِهِمَا أَغْلَبَ وَمَرْعَاهُ بِهِ أَكْثَرَ غَلَبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَغْلَبَ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْبَرِّ وَالثَّانِي يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ حَيَوَانِ الْبَحْرِ انْتَهَى. أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا فَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ أَوْ إذَا خَرَجَ مِنْهُ صَارَ عَيْشُهُ عَيْشَ مَذْبُوحٍ يَحِلُّ كَيْفَ كَانَ وَيَلْحَقُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ كَانَ اسْتِقْرَارُهُ بِهِمَا وَغَلَبَ الْبَحْرُ فَهُوَ سَمَكٌ فَيَحِلُّ مَيِّتًا، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا فَحَيَوَانُ بَرٍّ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِتَذْكِيَتِهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُذَكَّى، وَإِلَّا فَحَرَامٌ كَا (قَوْلِهِ وَالتِّرْسَةِ) قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ فِي التِّرْسَةِ مِنْ تَحْرِيمِهَا صَحِيحٌ حَيْثُ كَانَتْ تَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ لَا تَعِيشُ إلَّا فِي الْمَاءِ وَإِذَا خَرَجَتْ مِنْهُ كَانَ عَيْشُهَا عَيْشَ مَذْبُوحٍ فَتَحِلُّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعَارِضُهُ إفْتَاءُ الْوَالِدِ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْعِمَادِ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الْحَجِّ أَنَّهُ نَقَلَ تَحْرِيمَهَا عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّ التِّمْسَاحَ يَتَقَوَّى بِنَابِهِ) قَالَ شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْحَاوِي، وَلَيْسَ كُلُّ مَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ حَرَامًا فَالْقِرْشُ حَلَالٌ وَإِنَّمَا حُرِّمَ التِّمْسَاحُ لِلْخُبْثِ وَالضَّرَرِ (قَوْلُهُ الْقِرْشِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِفَتْحِهَا (قَوْلُهُ إلَّا الضِّفْدَعَ لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ) لَا شَكَّ أَنَّ مَا فِيهِ ضَرَرٌ أَوْ سُمٌّ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ بَحْرِيًّا (قَوْلُهُ وَعَنْ ابْنِ عَدْلَانَ وَعُلَمَاءِ عَصْرِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِثْلُهُ سَائِرُ الصَّدَفِ الَّتِي لَا تَعِيشُ إلَّا فِي الْمَاءِ، وَإِذَا خَرَجَتْ صَارَ عَيْشُهُ عَيْشَ مَذْبُوحٍ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَقْذَرًا. [فَصْلٌ حُكْمُ أَكْلِ مَا لَا نَصَّ فِيهِ بِتَحْرِيمٍ أَوْ تَحْلِيلٍ] (قَوْلُهُ كَالْأَمْرِ بِالْقَتْلِ) أَوْ النَّهْيِ عَنْهُ (قَوْلُهُ مِنْ الْعَرَبِ أَهْلُ الْقُرَى إلَخْ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَنَاطَ الْحِلَّ بِالطَّيِّبَاتِ وَالتَّحْرِيمَ بِالْخَبَائِثِ عُلِمَ بِالْعَقْلِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ مَا يَسْتَطِيبُهُ وَيَسْتَخْبِثُهُ كُلُّ النَّاسِ لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ طَبَائِعِهِمْ فَتَعَيَّنَ إرَادَةُ بَعْضِهِمْ وَالْعَرَبُ بِذَلِكَ أَوْلَى لِنُزُولِ الْقُرْآنِ بِلُغَتِهِمْ، وَهُمْ الْمُخَاطَبُونَ بِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 566 فَحَلَالٌ، وَإِنْ اسْتَخْبَثَتْهُ فَحَرَامٌ. وَالْمُرَادُ بِهِ مَا لَمْ يَسْبِقْ فِيهِ كَلَامٌ لِلْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ بَعْدَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ عُرِفَ حَالُهُ وَاسْتَقَرَّ أَمْرُهُ (فَإِنْ اخْتَلَفُوا) فِي اسْتِطَابَتِهِ وَاسْتِخْبَاثِهِ (فَالْأَكْثَرُ) مِنْهُمْ يُتَّبَعُ (فَإِنْ اسْتَوَوْا فَجَانِبُ قُرَيْشٍ) يُتَّبَعُ؛ لِأَنَّهُمْ قُطْبُ الْعَرَبِ وَفِيهِمْ النُّبُوَّةُ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ) قُرَيْشٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَلَا تَرْجِيحَ (أَوْ لَمْ يَكُنْ) مِنْهُمْ اخْتِلَافٌ بِأَنْ شَكُّوا فَلَمْ يَحْكُمُوا بِشَيْءٍ أَوْ لَمْ نَجِدْهُمْ، وَلَا غَيْرَهُمْ مِنْ الْعَرَبِ (فَشَبَهُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ بِأَقْرَبِ الْحَيَوَانِ شَبَهًا بِهِ (صُورَةً أَوْ طَبْعًا) مِنْ صِيَانَةٍ وَعُدْوَانٍ (أَوْ طَعْمًا فَإِنْ أَشْكَلَ الْحَالُ) بِأَنْ اسْتَوَى الشَّبَهَانِ أَوْ لَمْ نَجِدْ مَا يُشْبِهُهُ (فَحَلَالٌ) الْآيَةَ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] (وَلَوْ جُهِلَ اسْمُ حَيَوَانٍ سُئِلُوا) أَيْ الْعَرَبُ (عَنْهُ) وَعُمِلَ بِتَسْمِيَتِهِمْ، فَإِنْ سَمَّوْهُ بِاسْمِ حَيَوَانٍ حَلَالٍ حَلَّ أَوْ حَرَامٍ حَرُمَ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الِاسْمِ، وَهُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ (وَلَا يُعْتَمَدُ فِيهِ) يَعْنِي فِي تَحْرِيمِ مَا لَا نَصَّ فِيهِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ (شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَرْعًا لَنَا عَلَى الْأَصَحِّ فَاعْتِمَادُ ظَاهِرِ الْآيَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْحِلِّ أَوْلَى مِنْ اسْتِصْحَابِ الشَّرَائِعِ السَّالِفَةِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَكُلُّ الْحَشَرَاتِ) ، وَهِيَ صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ (مُسْتَخْبَثَةٌ) سَوَاءٌ (ذَوَاتُ السُّمُومِ وَالْإِبَرِ) كَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ وَدَبُّورٍ (وَغَيْرِهَا) كَوَزَغٍ وَخُنْفُسَاءَ وَدُودٍ (صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا) إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ فِي صِغَرِهِ (إلَى الذَّرِّ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ أَصْغَرُ النَّمْلِ فَتَحْرُمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] ، وَلَوْ أَخَّرَ صَغِيرَهَا عَنْ كَبِيرِهَا كَانَ أَنْسَبَ بِقَوْلِهِ إلَى الذَّرِّ، وَذَوَاتُ السُّمُومِ عُلِمَ حُكْمُهَا مِمَّا مَرَّ (إلَّا الْيَرْبُوعَ وَالضَّبَّ) وَابْنَ عُرْسٍ، السَّابِقُ بَيَانُهَا (وَأُمَّ حُبَيْنٍ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِنُونٍ فِي آخِرِهِ دُوَيْبَّةٌ قَدْرُ الْكَفِّ صِغَرًا كَبِيرَةُ الْجَوْفِ تُشْبِهُ الضَّبَّ بَلْ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: إنَّهَا نَوْعٌ مِنْهُ، وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْحَرَابِيِّ، وَالذَّكَرُ حِرْبَاءُ (وَالْقُنْفُذَ) بِالْمُعْجَمَةِ فَتَحِلُّ الْمَذْكُورَاتُ لِاسْتِطَابَتِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا (لَا الصَّرَّارَةَ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الصِّرْصَارُ وَيُسَمَّى الْجُدْجُدُ فَتَحْرُمُ كَالْخُنْفُسَاءِ، وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا لِدُخُولِهَا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. (فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ قَتْلُ الْمُؤْذِيَاتِ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْغُرَابِ) الَّذِي لَا يُؤْكَلُ (وَالْحَدَأَةِ) بِوَزْنِ الْعِنَبَةِ (وَالنَّسْرِ وَالْعُقَابِ وَالسِّبَاعِ وَالْبُرْغُوثِ) بِضَمِّ الْبَاءِ (وَالْبَقِّ وَالزُّنْبُورِ) بِضَمِّ الزَّايِ لِأَذَاهَا وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ: «خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ خَبَرَ الْأَمْرِ بِقَتْلِ السَّبْعِ الضَّارِي وَيُقَاسَ بِهِنَّ الْبَاقِي (إلَّا الْفَهْدَ وَالصَّقْرَ وَالْبَازِيَ) وَنَحْوَهَا مِمَّا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَمَضَرَّةٌ فَلَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهَا (لِنَفْعِهَا، وَلَا يُكْرَهُ لِضَرَرِهَا) . (وَيُكْرَهُ قَتْلُ مَا لَا يَنْفَعُ، وَلَا يَضُرُّ كَالْخَنَافِسِ) جَمْعُ خُنْفَسَاءَ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا (وَالْجِعْلَانِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَيُقَالُ أَبُو جِعْوَانَ، وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ مَعْرُوفَةٌ تُسَمَّى الزُّعْقُوقَ، تَعَضُّ الْبَهَائِمَ فِي فُرُوجِهَا فَتَهْرُبُ، وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْ الْخُنْفَسَاءِ شَدِيدَةُ السَّوَادِ فِي بَطْنِهَا لَوْنُ حُمْرَةٍ لِلذَّكَرِ قَرْنَانِ (وَالرَّخَمِ وَالْكَلْبِ غَيْرِ الْعَقُورِ) الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مُبَاحَةٌ. (وَيَحْرُمُ) قَتْلُ (مَا نَهَى عَنْ قَتْلِهِ كَالنَّحْلِ) وَالنَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ (وَالْخُطَّافِ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَيُسَمَّى زَوَّارُ الْهِنْدِ وَيُعْرَفُ الْآنَ بِعُصْفُورِ الْجَنَّةِ؛ لِأَنَّهُ زَهِدَ فِيمَا بِأَيْدِي النَّاسِ مِنْ الْأَقْوَاتِ (وَالْخُفَّاشِ) بِضَمِّ الْخَاءِ، وَهُوَ الْوَطْوَاطُ (وَالضِّفْدِعِ) وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ، وَهُوَ بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ طَائِرٌ فَوْقَ الْعُصْفُورِ أَبْقَعُ ضَخْمُ الرَّأْسِ وَالْمِنْقَارِ وَالْأَصَابِعِ. (وَ) يَحْرُمُ قَتْلُ (كُلِّ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ كَكَلْبِ الصَّيْدِ) سَوَاءٌ الْأَسْوَدُ وَغَيْرُهُ وَالْأَمْرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ مَنْسُوخٌ، وَهَذَا الْفَصْلُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ إلَّا حُكْمَ الْخُفَّاشِ فَهُنَا. [فَصْلٌ وَيَحْرُمُ النَّجَسُ كَمَيْتَةٍ وَلَبَنِ أَتَانٍ وَبَوْلٍ] (فَصْلٌ وَيَحْرُمُ النَّجَسُ) كَمَيْتَةٍ، وَلَبَنِ أَتَانٍ وَبَوْلٍ (وَالْمُتَنَجِّسُ) كَدُبْسٍ وَخَلٍّ، وَلَبَنٍ وَدُهْنٍ إذَا تَنَجَّسَتْ لِخَبَرِ «الْفَأْرَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي السَّمْنِ» السَّابِقِ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (لَا دُودُ فَاكِهَةٍ وَخَلٍّ) وَنَحْوِهِمَا أَيْ لَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ كُلٍّ مِنْهَا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْئِهِ طَبْعًا وَطَعْمًا أَمَّا أَكْلُهُ مُنْفَرِدًا فَحَرَامٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْقُنْفُذُ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَطَابٌ لَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ كَالْأَرْنَبِ وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْهُ فَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الْآيَةَ [فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ قَتْلُ الْمُؤْذِيَاتِ] (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ قَتْلُ الْمُؤْذِيَاتِ إلَخْ) يَحْرُمُ مَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَأْكُولًا لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِهِ لِإِبْقَائِهِ لِلتَّسْمِينِ وَالْأَكْلِ، وَيَحْرُمُ مَا نَهَى عَنْ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَأْكُولًا لَمَا نَهَى عَنْ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ قَتْلٌ مَخْصُوصٌ وَجَعَلَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ أَصْلًا فَقَالَ مَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ أَوْ نَهَى عَنْ قَتْلِهِ فَهُوَ حَرَامٌ (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ إنَّ الْجَرَادَ وَالْقَمْلَ إذَا تَضَرَّرَ بِهِمَا النَّاسُ كَصَائِلٍ يُدْفَعُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الدَّفْعُ إلَّا بِالتَّحْرِيقِ جَازَ (قَوْلُهُ وَالْكَلْبَ غَيْرَ الْعَقُورِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ فَيَحْرُمُ قَتْلُهُ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ مَا نَهَى عَنْ قَتْلِهِ) ، وَإِلَّا لَجَازَ ذَبْحُهُ لِيُؤْكَلَ (قَوْلُهُ وَالنَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ) ، وَكَذَا الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ قَالَ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَاسْمُهُ الذَّرُّ وَقَتْلُهُ جَائِزٌ بِغَيْرِ الْإِحْرَاقِ قَالَ شَيْخُنَا وَبِهِ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ النَّجَسُ) لَوْ وَجَدَ نَجَاسَةً فِي طَعَامٍ جَامِدٍ وَجُمُودُهُ طَارِئٌ لَمْ يَحْرُمْ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهَا فِيهِ جَامِدًا، وَإِنْ غَلَبَ ظَنُّ وُقُوعِهَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لَا دُودُ الْفَاكِهَةِ إلَخْ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ يُعْفَى عَنْ أَكْلِ دُودِ الْفَاكِهَةِ وَالْجُبْنِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مَعَهُ تَبَعًا فَهَلْ يَجِبُ غَسْلُ الْفَمِ وَيَكُونُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ هُوَ الْأَكْلُ فَقَطْ لِلْعُسْرِ وَالْمَشَقَّةِ أَوْ نَقُولُ إنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا حَتَّى لَا يَجِبَ غَسْلُ الْفَمِ مِنْهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْفَمِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إيجَابُ غَسْلٍ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَقَوْلُهُ فَأَجَابَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَعَهُ) قَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ حِلَّ أَكْلِهِ مَعَهُ بِأَنْ لَا يَنْقُلَهُ، أَوْ يُنَحِّيَهُ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ الطَّعَامِ إلَى آخَرَ فَإِنْ نُقِلَ فَكَالْمُنْفَرِدِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ قَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 567 عَلَى وَجْهٍ لِاسْتِقْذَارِهِ كَالْبُصَاقِ، وَهَذِهِ مُكَرَّرَةٌ لِذِكْرِهِ لَهَا فِي بَابِ النَّجَاسَةِ. (وَيَعْلِفُ) جَوَازًا (الْمُتَنَجِّسَ دَابَّتَهُ) لِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِيهِ، أَمَّا نَجَسُ الْعَيْنِ فَيُكْرَهُ عَلَفُهَا بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى صَاحِبِ الشَّامِلِ فِي الْمَأْكُولَةِ (وَيُكْرَهُ لَحْمُ الْجَلَّالَةِ) وَيُقَالُ الْجَالَّةُ، وَهِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْجَلَّةَ بِفَتْحِ الْجِيمِ مِنْ نَعَمٍ وَغَيْرِهِ كَدَجَاجٍ (وَلَبَنُهَا وَبَيْضُهَا) ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ وَشُرْبِ أَلْبَانِهَا حَتَّى تُعْلَفَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ زَادَ أَبُو دَاوُد «وَرُكُوبُهَا» قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي تَعَدِّي الْحُكْمِ إلَى شَعْرِهَا وَصُوفِهَا الْمُنْفَصِلِ فِي حَيَاتِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ إلْحَاقُ وَلَدِهَا بِهَا إذَا ذُكِّيَتْ وَوُجِدَ فِي بَطْنِهَا مَيِّتًا أَوْ ذُكِّيَ وَوُجِدَتْ فِيهِ الرَّائِحَةُ هَذَا (إنْ ظَهَرَ نَتْنُ مَا تَأْكُلُهُ فِي رِيحِهَا وَعَرَقِهَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ إنْ وُجِدَ فِي عِرْقِهَا وَغَيْرِهِ رِيحُ النَّجَاسَةِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَلَا كَرَاهَةَ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَأْكُلُ إلَّا النَّجَاسَةَ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمُ الِاقْتِصَارِ عَلَى تَغَيُّرِ الرَّائِحَةِ، فَإِنَّ تَغَيُّرَ الطَّعْمِ أَشَدُّ وَقَدْ صَرَّحَ الْجُوَيْنِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ تَغَيُّرِ الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَالرَّائِحَةِ (وَلَا يَحْرُمُ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَحْمَ الْمُذَكَّى لَا يَحْرُمُ بِنَتْنِهِ (فَإِنْ عُلِفَتْ) قَالَ فِي الْأَصْلِ طَاهِرًا (لَا إنْ غُسِلَتْ) هِيَ أَوْ لَحْمُهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا أَوْ طَبْخٍ (فَطَابَ لَحْمُهَا لَمْ تُكْرَهْ) ، وَإِنْ عُلِفَتْ دُونَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى الْمُعَمِّمِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ نَعَمْ قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ تُعْلَفَ النَّاقَةُ وَالْبَقَرَةُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَالشَّاةُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَالدَّجَاجَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اتِّبَاعًا لِأَثَرٍ وَرَدَ فِيهِ يَعْنِي عَنْ ابْنِ عُمَرَ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ الْبَقَرَةُ، فَكَأَنَّهُ قَاسَهَا عَلَى النَّاقَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى الْغَالِبِ أَيْ أَيْ مِنْ أَنَّ التَّغْيِيرَ يَزُولُ بِهَذِهِ الْمَقَادِيرِ أَمَّا طِيبُهُ بِالْغُسْلِ أَوْ الطَّبْخِ فَلَا تَنْتَفِي بِهِ الْكَرَاهَةُ وَالْقِيَاسُ خِلَافُهُ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَكَذَا لَا تَنْتَفِي بِمُرُورِ الزَّمَانِ عَلَيْهِ. نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ مَعَ نَقْلِهِ خِلَافَهُ بِصِيغَةِ قِيلَ، وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَزُولُ الْمَنْعُ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَزُولُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بِالثَّانِي جَزَمَ الْمَرُّوذِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي قُلْت: وَهُوَ نَظِيرُ طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالنَّجَاسَةِ إذَا زَالَ التَّغَيُّرُ بِذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا فِي مُرُورِ الزَّمَانِ عَلَى اللَّحْمِ فَلَوْ مَرَّ عَلَى الْجَلَّالَةِ أَيَّامٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَأْكُلَ طَاهِرًا فَزَالَتْ الرَّائِحَةُ حَلَّتْ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعَلَفَ بِطَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَلَفٍ، وَوَافَقَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ عُلِفَتْ بِطَاهِرٍ أَنَّهَا لَوْ عُلِفَتْ بِمُتَنَجِّسٍ كَشَعِيرٍ أَصَابَهُ مَاءٌ نَجِسٌ فَطَابَ لَحْمُهَا لَمْ تَحِلَّ أَيْ حِلًّا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ قُلْت: وَقَدْ يُقَالُ بَلْ لَوْ عُلِفَتْ بِنَجَسِ الْعَيْنِ فَطَابَ لَحْمُهَا لَمْ تُكْرَهْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (وَيُكْرَهُ رُكُوبُهَا بِلَا حَائِلٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ (وَالسَّخْلَةُ الْمُرَبَّاةُ بِلَبَنِ كَلْبَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا كَخِنْزِيرَةٍ وَحِمَارَةٍ (كَالْجَلَّالَةِ) فِيمَا ذُكِرَ. (وَلَا يُكْرَهُ بَيْضٌ سُلِقَ بِمَاءٍ نَجَسٍ) كَمَا لَا يُكْرَهُ الْمَاءُ إذَا سُخِّنَ بِالنَّجَاسَةِ (وَ) لَا (حَبُّ زَرْعٍ نَبَتَ فِي زِبْلٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ إذْ لَا يَظْهَرُ فِيهِ أَثَرُهَا وَرِيحُهَا وَتَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ، وَلَا يَحْرُمُ زَرْعٌ لَا يُفِيدُ عَدَمَ كَرَاهَةِ الْحَبِّ وَيَقْتَضِي أَنَّ الزَّرْعَ الَّذِي لَاقَى النَّجَاسَةَ لَيْسَ مُتَنَجِّسًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ أَنَّهُ مُتَنَجِّسٌ، وَأَنَّ الْحَبَّ الْخَارِجَ مِنْ السَّنَابِلِ طَاهِرٌ فَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَنْ ذَلِكَ إلَى مَا قَالَهُ حَسَنٌ، وَكَذَا لَا يُكْرَهُ مَا يُسْقَى مِنْهُ وَمِنْ الثَّمَرِ بِمَاءٍ نَجَسٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ مَتَى ظَهَرَ التَّغَيُّرُ فِيهَا كُرِهَتْ. [فَصْلٌ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ] (فَصْلٌ وَذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ) كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ أَيْ ذَكَاتُهَا الَّتِي أَحَلَّتْهَا أَحَلَّتْهُ تَبَعًا لَهَا؛ وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا وَذَكَاتُهَا ذَكَاةٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحِلَّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ لَحَرُمَ ذَكَاتُهَا مَعَ ظُهُورِ الْحَمْلِ كَمَا لَا تُقْتَلُ الْحَامِلُ قَوَدًا هَذَا (إنْ خَرَجَ مَيِّتًا) سَوَاءٌ أَشْعَرَ أَمْ لَا (أَوْ) خَرَجَ حَيًّا (فِي الْحَالِ وَبِهِ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَلَا يَحِلُّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا أَخَذَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ التَّهْذِيبِ لَكِنْ عِبَارَتُهُ لَا تُطَابِقُهُ فَإِنَّ لَفْظَهُ، وَلَوْ خَرَجَ وَبِهِ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ وَمَاتَ فِي الْحَالِ حَلَّ قَالَ، وَلَعَلَّ تَقْيِيدَ الرَّافِعِيِّ الْخُرُوجَ بِالْحَالِ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي فُرُوقِهِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إنْ اضْطَرَبَ فِي الْبَطْنِ بَعْدَ الذَّبْحِ) لَا بِهِ (زَمَانًا طَوِيلًا، ثُمَّ سَكَنَ لَمْ يَحِلَّ) وَإِنَّمَا يَحِلُّ إذَا   [حاشية الرملي الكبير] أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ الْجُوَيْنِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى الْمُعَمَّمِ) فَلَوْ عَادَتْ الرَّائِحَةُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ عَوْدُ الْحُكْمِ وَقَدْ يَطْرُقُهُ خِلَافُ الزَّائِلِ الْعَائِدِ (قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ يَزُولُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَأَشْعَرَ بِتَرْجِيحِ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهَذَا فِي مُرُورِ الزَّمَانِ عَلَى اللَّحْمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالسَّخْلَةُ الْمُرَبَّاةُ بِلَبَنِ كَلْبَةٍ إلَخْ) وَحُكْمُ الرَّضِيعِ بِلَبَنِ الْجَلَّالَةِ حُكْمُهَا، وَلَا يَحْرُمُ حَيَوَانٌ رُبِّيَ بِمَالٍ حَرَامٍ. (قَوْلُهُ وَذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ) بِرَفْعِ ذَكَاةٍ فِيهِمَا كَمَا هُوَ الْمَحْفُوظ فَتَكُونُ ذَكَاةُ أُمِّهِ ذَكَاةً لَهُ وَيُؤَيِّدُ مَا رَوَى «مُسَدَّدٌ أَنَّهُ قَالَ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَنْحَرُ النَّاقَةَ وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ أَوْ الشَّاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ أَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُهُ؟ فَقَالَ كُلُوهُ إنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» ، وَهَذَا يُبْعِدُهُ رِوَايَةُ نَصْبِ ذَكَاةِ الثَّانِيَةِ أَيْ ذَكَاتُهُ مِثْلُ ذَكَاةِ أُمِّهِ فَيُذْبَحُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا حَرُمَ قَالَ شَيْخُنَا وَقَالَ الْجُوَيْنِيُّ: لَوْ لَمْ يَحِلَّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ لَمْ تَحِلَّ ذَكَاةُ أُمِّهِ كَمَا لَا تُقْتَلُ الْحَامِلُ فِي الْقِصَاصِ فَأَلْزَمَ ذَبْحَ رَمَكَةٍ فِي بَطْنِهَا بَغْلَةٌ فَمُنِعَ ذَبْحُهَا أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ قَبْلَ الذَّبْحِ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ مَوْتُهُ فَلَوْ ضَرَبَ حَامِلًا عَلَى بَطْنِهَا وَكَانَ الْجَنِينُ مُتَحَرِّكًا فَسَكَنَ حَتَّى ذُبِحَتْ فَوُجِدَ مَيِّتًا لَمْ يَحِلَّ فَلَوْ لَمْ يَتَحَرَّك قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ وَذَبَحْنَا الْأُمَّ فَوَجَدْنَا الْجَنِينَ مَيِّتًا مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَمْ تَدْخُلْهُ الرُّوحُ أَوْ دَخَلَتْهُ وَخَرَجَتْ بِالضَّرْبِ فَيُرَجَّحُ التَّحْرِيمُ أَيْضًا قَالَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إنْ اضْطَرَبَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 568 سَكَنَ فِي الْبَطْنِ عَقِبَ ذَبْحِهَا وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ الْبَغَوِيّ وَالْمَرُّوذِيُّ فَقَالَا بِحِلِّهِ مُطْلَقًا نَقَلَهُ عَنْهُمَا الزَّرْكَشِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ هُوَ الْقِيَاسُ فَإِنَّهُ نَظِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الصَّيْدِ الَّذِي أَدْرَكَهُ وَأَمْكَنَهُ ذَبْحُهُ فَقَصَّرَ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ انْتَهَى. وَفِي قِيَاسِهِ نَظَرٌ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ خَرَجَ رَأْسُهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لَمْ يَجِبْ ذَبْحُهُ حَتَّى يَخْرُجَ) ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ بَعْضِهِ كَعَدَمِ خُرُوجِهِ فِي الْعِدَّةِ وَغَيْرِهَا فَيَحِلُّ إذَا مَاتَ عَقِبَ خُرُوجِهِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَإِنْ صَارَ بِخُرُوجِ رَأْسِهِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، وَلَوْ خَرَجَ رَأْسُهُ مَيِّتًا، ثُمَّ ذُبِحَتْ أُمُّهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ حَلَّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَهُوَ أَوْجَهُ (وَلَوْ لَمْ تَتَخَطَّطْ الْمُضْغَةُ) بِأَنْ لَمْ تَبِنْ فِيهَا الصُّورَةُ، وَلَمْ تَتَشَكَّلْ الْأَعْضَاءُ (لَمْ تَحِلَّ) بِنَاءً عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْغُرَّةِ فِيهَا وَعَدَمِ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ كَانَ لِلْمُذَكَّاةِ عُضْوٌ أَشَلُّ حَلَّ) كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا. [فَصْلٌ كَسْبُ الْحَجَّامِ] (فَصْلٌ. وَيُكْرَهُ لِلْحُرِّ كَسْبُ الْحَجَّامِ) أَيْ تَنَاوُلُهُ، وَلَوْ كَسَبَهُ رَقِيقٌ (وَ) كَسْبُ سَائِرِ (مَنْ يُخَامِرُ النَّجَاسَةَ كَالْجَزَّارِ وَالزَّبَّالِ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَالْكَنَّاسِ وَالدَّبَّاغِ وَالْخَاتِنِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ لَا يُكْرَهُ لَهُ تَنَاوُلُهُ سَوَاءٌ أَكَسَبَهُ حُرٌّ أَمْ غَيْرُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُئِلَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ فَنَهَى عَنْهُ وَقَالَ أَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ وَاعْلِفْهُ نَاضِحَكَ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْفَرْقُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى شَرَفُ الْحُرِّ وَدَنَاءَةُ غَيْرِهِ قَالُوا: وَصَرَفَ النَّهْيَ عَنْ الْحُرْمَةِ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أُجْرَتَهُ» فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَعْطَاهُ لَهُ لِيُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ وَنَاضِحَهُ وَقِيسَ بِالْحِجَامَةِ غَيْرُهَا مِنْ كُلِّ مَا يَحْصُلُ بِهِ مُخَامَرَةُ النَّجَاسَةِ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَنَحْوُهُ (وَلَوْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ دَنِيئَةٌ بِلَا) مُخَامَرَةِ (نَجَاسَةٍ) كَفَصْدٍ وَحِيَاكَةٍ (لَمْ تُكْرَهْ) إذْ لَيْسَ فِيهَا مُخَامَرَةُ نَجَاسَةٍ، وَهِيَ الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ لِكَرَاهَةِ مَا مَرَّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ: الْعِلَّةُ دَنَاءَةُ الْحِرْفَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ فَعَلَيْهِ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ، وَقَالَ فِي الْأَصْلِ: وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ كَسْبَ الصَّوَّاغِ قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُمْ كَثِيرًا مَا يَخْلُفُونَ الْوَعْدَ وَيَقَعُونَ فِي الرِّبَا لِبَيْعِهِمْ الْمَصُوغَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ: إنَّهُ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ إذْ الْأَصَحُّ فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ الصَّائِغَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ وَقَدْ صَحَّحُوا أَنَّ الْحَائِكَ مِنْهُمْ فَهُوَ دُونَ الصَّائِغِ، وَقَدْ صَحَّحُوا أَنْ لَا كَرَاهَةَ فِي الْحِيَاكَةِ فَلَزِمَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي الصِّيَاغَةِ قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ كَرَاهَتِهَا لِوُجُودِ مُقْتَضَى الْكَرَاهَةِ فِيهَا كَمَا تَقَرَّرَ دُونَ الْحِيَاكَةِ، وَإِذَا كُرِهَ شَيْءٌ كُرِهَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ كَمَا يَحْرُمُ أَخْذُهَا عَلَى الْحَرَامِ (وَكَمَا يَحْرُمُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحَرَامِ يَحْرُمُ إعْطَاؤُهُ) ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَأُجْرَةِ الزَّمْرِ وَالنِّيَاحَةِ، وَالْأَنْسَبُ بِعِبَارَتِهِ إعْطَاؤُهَا (فَإِنْ أَعْطَى) شَيْئًا (خَوْفًا) كَأَنْ أَعْطَى الشَّاعِرَ لِئَلَّا يَهْجُوَهُ أَوْ الظَّالِمَ لِئَلَّا يَمْنَعَهُ حَقَّهُ أَوْ لِئَلَّا يَأْخُذَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهُ (أَثِمَ الْآخِذُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُعْطِي لِضَرُورَتِهِ وَقَوْلُهُ، وَكَمَا يَحْرُمُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ. (فَرْعٌ أَفْضَلُ مَا أَكَلَتْ مِنْهُ كَسْبُكَ مِنْ زِرَاعَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى التَّوَكُّلِ؛ وَلِأَنَّهَا أَعَمُّ نَفْعًا؛ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهَا أَعَمُّ وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ صَدَقَةً وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ، وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ أَيْ يُنْقِصُهُ إلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا، وَلَا يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ إنْسَانٌ، وَلَا دَابَّةٌ، وَلَا شَيْءٌ إلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ (ثُمَّ) مِنْ (صِنَاعَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْكَسْبَ فِيهَا يَحْصُلُ بِكَدِّ الْيَمِينِ (، ثُمَّ) مِنْ (تِجَارَةٍ) ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَكْتَسِبُونَ بِهَا. (فَصْلٌ يَحْرُمُ) تَنَاوُلُ (مَا يَضُرُّ) الْبَدَنَ أَوْ الْعَقْلَ (كَالْحَجَرِ وَالتُّرَابِ وَالزُّجَاجِ وَالسُّمِّ) بِتَثْلِيثِ السِّينِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِنَّهُ نَظِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الصَّيْدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) لَا تَأْيِيدَ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَيَحِلُّ إذَا مَاتَ عَقِبَ خُرُوجِهِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ) قَالَ شَيْخُنَا فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَ حِلِّهِ أَنْ يُحَالَ مَوْتُهُ عَلَى التَّذْكِيَةِ لِأُمِّهِ، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ شَكَّ هَلْ مَاتَ بِذَكَاةِ أُمِّهِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ الْحِلُّ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ يُحَالُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ) كَلَامُ الْبَغَوِيّ فِي هَذِهِ مُوَافِقٌ لِكَلَامِهِ فِي مَسْأَلَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ مَيْتَةٌ لَا مَحَالَةَ إذْ لَمْ يُذَكَّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَلَا أَحْدَثَتْ ذَكَاتُهَا فِيهِ شَيْئًا، وَهَذَا كَالْمَقْطُوعِ بِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي بَابِ الْآنِيَةِ: الْمَيْتَةُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ إلَّا خَمْسَةَ أَشْيَاءَ الْحُوتُ وَالْجَرَادُ وَالْآدَمِيُّ وَالْجَنِينُ إذَا مَاتَ بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ وَالصَّيْدُ إذَا مَاتَ بَعْدَ إرْسَالِ مُرْسِلِهِ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَأَعْلِفْهُ نَاضِحَك) الْمُرَادُ دَوَابَّك مَا كَانَتْ، وَهَلْ الْكَرَاهَةُ لِلْحُرِّ مَقْصُورَةٌ عَلَى الْأَكْلِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ مَلْبُوسًا أَوْ نَحْوَهُ أَوْ آلَةً لِلْمَنْزِلِ لَمْ يُكْرَهْ؟ الظَّاهِرُ التَّعْمِيمُ وَذِكْرُ الْأَكْلِ فِي الْخَبَرِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الذَّخَائِرِ وَإِذَا كَانَ فِي يَدِهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ أَوْ شَبَهُهُ وَالْحَلَالُ لَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يَخُصُّ نَفْسَهُ بِالْحَلَالِ، ثُمَّ الَّذِي يَجِيءُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ وَأَهْلَهُ سَوَاءٌ فِي الْقُوتِ وَاللُّبْسِ دُونَ سَائِرِ الْمُؤَنِ مِنْ أُجْرَةِ حَمَّامٍ وَصَبَّاغٍ وَقِصَارَةٍ وَعِمَارَةِ مَنْزِلٍ وَفَحْمِ تَنُّورٍ وَدُهْنِ سِرَاجٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحِرَفِ، وَهَذَا أَخَذَهُ مِنْ الْإِحْيَاءِ مَعَ زِيَادَةٍ فِيهِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ غَيْرُ مُلَاقٍ لِمَا قَالُوهُ (قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ دَنِيئَةً بِلَا نَجَاسَةٍ لَمْ تُكْرَهْ) ، وَلَا يُكْرَهُ الزَّرْعُ النَّابِتُ فِي النَّجَاسَةِ، وَإِنْ كَثُرَتْ [فَرْعٌ أَفْضَلُ مَا أَكَلْت مِنْهُ كَسْبُكَ] (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّهَا أَعَمُّ نَفْعًا لِلْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْأَقْوَاتِ؛ لِأَنَّ مَا سِوَاهَا يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ وَتَقُومُ الْحَيَاةُ بِدُونِهِ. [فَصْلٌ تَنَاوُلُ مَا يَضُرُّ الْبَدَنَ أَوْ الْعَقْلَ] (قَوْلُهُ يَحْرُمُ مَا يَضُرُّ كَالْحَجَرِ وَالتُّرَابِ وَالطِّينِ) قَطَعَ فِي الْمُهَذَّبِ بِتَحْرِيمِهِ، وَكَذَا الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْفَخْرُ الرَّازِيّ وَجَمَاعَةٌ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ: يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالتَّحْرِيمِ إنْ ظَهَرَتْ الْمَضَرَّةُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَابِ الرِّبَا مِنْ شَرْحِهِ لِلْمِنْهَاجِ لَا يَحْرُمُ أَكْلُ الطِّينِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ حَدِيثٌ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِكَثْرَتِهِ فَيَحْرُمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 569 وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ (كَالْأَفْيُونِ) ، وَهُوَ لَبَنُ الْخَشْخَاشِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُضِرٌّ وَرُبَّمَا يَقْتُلُ، وَقَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] وَقَالَ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] (إلَّا قَلِيلَهُ) أَيْ السُّمِّ كَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْ مَا يَضُرُّ، وَهُوَ أَعَمُّ فَيَحِلُّ تَنَاوُلُهُ (لِلتَّدَاوِي) بِهِ (إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ) وَاحْتِيجَ إلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَيَحِلُّ أَكْلُ) كُلِّ (طَاهِرٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ) كَفَاكِهَةٍ وَحَبٍّ وَسُمٍّ إنْ تُصُوِّرَ أَنَّ آكِلَهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ تَعَالَى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32] (إلَّا جِلْدَ مَيْتَةٍ دُبِغَ) فَلَا يَحِلُّ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] وَخَبَرِ «إنَّمَا حَرُمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا» ، وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَخَرَجَ بِالْمَيْتَةِ جِلْدُ الْمُذَكَّاةِ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ، وَإِنْ دُبِغَ (وَ) إلَّا (مَا اُسْتُقْذِرَ كَالْمُخَاطِ وَالْمَنِيِّ) لِاسْتِقْذَارِهِ، وَإِلَّا الْحَيَوَانَ الْحَيَّ غَيْرَ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الصَّيْدِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا. (وَفِي) حِلِّ أَكْلِ (بَيْضِ مَا لَا يُؤْكَلُ تَرَدُّدٌ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ تَرَدُّدٌ أَيْ خِلَافٌ قِيلَ: مَبْنِيٌّ عَلَى طَهَارَتِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِذَا قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ حَلَّ أَكْلُهُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ مُسْتَقْذَرٍ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ وَالنِّهَايَةِ وَالتَّتِمَّةِ وَالْبَحْرِ عَلَى مَنْعِ أَكْلِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ قَالَ، وَلَيْسَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ مَا يُخَالِفُهُ. (وَيَحْرُمُ مُسْكِرُ النَّبَاتِ) أَيْ النَّبَاتُ الْمُسْكِرِ (وَإِنْ لَمْ يُطْرِبْ) لِإِضْرَارِهِ بِالْعَقْلِ (وَلَا حَدَّ فِيهِ) إنْ لَمْ يُطْرِبْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْرَبَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَيُتَدَاوَى بِهِ عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهِ) مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ (وَإِنْ أَسْكَرَ) لِلضَّرُورَةِ (وَمَا لَا يُسْكِرُ إلَّا مَعَ غَيْرِهِ يَحِلُّ أَكْلُهُ وَحْدَهُ) لَا مَعَ غَيْرِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ يَحِلُّ أَكْلُهُ وَحْدَهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا لِلتَّدَاوِي وَالْأُولَى أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَوْفَقَ بِكَلَامِ الْأَصْلِ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَطْعُومِ اضْطِرَارًا) (وَمَنْ ظَنَّ مِنْ الْجُوعِ الْهَلَاكَ) أَيْ هَلَاكَ نَفْسِهِ أَوْ جَوَّزَ تَلَفَهَا وَسَلَامَتَهَا عَلَى السَّوَاءِ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ (أَوْ) ظَنَّ مِنْهُ (ضَعْفًا يَقْطَعُهُ عَنْ الرُّفْقَةِ أَوْ مَرَضًا مَخُوفًا، وَكَذَا لَوْ خَافَ طُولَهُ) ، وَلَمْ يَجِدْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حَلَالًا (لَزِمَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ) وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمُحَرَّمَات (وَطَعَامِ الْغَيْرِ) ؛ لِأَنَّ تَارِكَهُ سَاعٍ فِي إهْلَاكِ نَفْسِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] يُخَالِفُ الْمُسْتَسْلِمَ لِلصَّائِلِ بِأَنَّهُ يُؤْثِرُ مُهْجَةَ غَيْرِهِ عَلَى مُهْجَتِهِ بِخِلَافِ الْمُضْطَرِّ، وَدَلِيلُ جَوَازِ الْأَكْلِ مِنْ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ} [البقرة: 173] أَيْ عَلَى مُضْطَرٍّ آخَرَ، {وَلا عَادٍ} [البقرة: 173] أَيْ سَدًّا لِجَوْعَةِ فَأَكَلَ {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خَوْفُ حُصُولِ الشَّيْنِ الْفَاحِشِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ كَخَوْفِ طُولِ الْمَرَضِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَاكْتَفَى بِالظَّنِّ كَمَا فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى أَكْلِ ذَلِكَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّيَقُّنُ، وَلَا الْإِشْرَافُ عَلَى الْمَوْتِ بَلْ لَوْ انْتَهَى إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَكْلُهُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَيَحْرُمُ) ذَلِكَ (عَلَى الْعَاصِي بِسَفَرِهِ حَتَّى يَثُوبَ) لِمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْعَاصِي بِإِقَامَتِهِ كَالْمُسَافِرِ إذَا كَانَ الْأَكْلُ عَوْنًا لَهُ عَلَى الْإِقَامَةِ وَقَوْلُهُمْ تُبَاحُ الْمَيْتَةُ لِلْمُقِيمِ الْعَاصِي بِإِقَامَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَكَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ مُرَاقُ الدَّمِ كَالْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ فَلَا يَأْكُلَانِ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُسْلِمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ، وَكَذَا مُرَاقُ الدَّمِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إسْقَاطِ الْقَتْلِ بِالتَّوْبَةِ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَمَنْ قُتِلَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ (وَيَحِلُّ) أَكْلُ ذَلِكَ (بِإِجْهَادِ الْجُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَدْنَى الرَّمَقِ) لِمَا يَنَالُهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَلِيَنْفَعَهُ الطَّعَامُ (وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ) لِانْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِهِ وَقَدْ يَجِدُ بَعْدَهُ الْحَلَالَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} [المائدة: 3] قِيلَ: أَرَادَ بِهِ الشِّبَعَ (إلَّا إنْ خَشِيَ الْهَلَاكَ) عَلَى نَفْسِهِ (دُونَ قَطْعِ الْبَادِيَةِ) بِأَنْ خَافَ أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَهْلَكَ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ فَتُبَاحُ لَهُ الزِّيَادَةُ بَلْ تَلْزَمُهُ لِئَلَّا يُهْلِكَ نَفْسَهُ بِأَنْ يَأْكُلَ حَتَّى يَكْسِرَ سَوْرَةَ الْجُوعِ بِحَيْثُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ وَبِهَذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَمَشَايِخُ طَبَرِسْتَانَ، وَلَوْ خُمِّرَ الْمَشْوِيُّ وَغُطِّيَ حِينَ خُرُوجِهِ مِنْ التَّنُّورِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: حَرُمَ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ سُمٌّ قَالَ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ بِالْجِيمِ فِي كِتَابِهِ الذَّرَائِعِ إلَى عِلْمِ الشَّرَائِعِ: وَلَا يَحِلُّ تَنَاوُلُ الْمُسْكِرِ بِحَالٍ، وَلَا مَا فِيهِ ضَرَرٌ كَالسُّمِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ حَتَّى الْمَشْوِيُّ الَّذِي يُغَطَّى حَارًّا فَيُحْتَبَسُ بُخَارُهُ فِيهِ (فَرْعٌ) لَوْ عَضَّ كَلْبٌ شَاةً فَكَلَبَتْ، ثُمَّ ذُكِّيَتْ حَلَّ أَكْلُهَا قَالَ شَيْخُنَا حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهَا. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ حَلَّ أَكْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْرَبَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ) لَا حَدَّ فِيهِ، وَإِنْ أَطْرَبَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرَابٍ [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَطْعُومِ اضْطِرَارًا] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَطْعُومِ اضْطِرَارًا) (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ تَصْرِيحِ كَلَامِهِمْ) وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي الْكِفَايَةِ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَا يَأْكُلُهُ حَلَالٌ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْحَرَامَ فَأَكَلَ الْمَيْتَةَ لِلضَّرُورَةِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ رُخِّصَ فِيهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) وَيُبَاحُ لِلْمُقِيمِ الْعَاصِي بِإِقَامَتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَ الْقَفَّالُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ أَكْلَهَا، وَإِنْ أُبِيحَ حَضَرًا لِلضَّرُورَةِ لَكِنْ سَبَبُهُ فِي السَّفَرِ سَفَرُهُ، وَهُوَ مَعْصِيَةٌ فَحَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ جُرِحَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ فَإِنْ قِيلَ: تَحْرِيمُ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِبَاحَتِهِ بِالتَّوْبَةِ ذَكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّةُ مَا فَرَّقَ بِهِ الْقَفَّالُ أَنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ إذَا كَانَ سَبَبُهُ الْإِقَامَةَ، وَهِيَ مَعْصِيَةٌ كَإِقَامَةِ الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ بِالسَّفَرِ لَا يُبَاحُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَبَبُهُ إعْوَازَ الْحَلَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ مَعْصِيَةً وَقَوْلُهُ ذَكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ كَإِقَامَةِ الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ بِالسَّفَرِ لَا تُبَاحُ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ، وَكَذَا مُرَاقُ الدَّمِ إلَخْ) قَالَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ (قَوْلُهُ لِانْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ سَدِّ الرَّمَقِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فَزَالَ الْحُكْمُ بِزَوَالِ عِلَّتِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 570 جَائِعٍ لَا بِأَنْ لَا يَبْقَى لِلطَّعَامِ مَسَاغٌ، فَإِنَّ هَذَا حَرَامٌ قَطْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ وَغَيْرُهُمَا وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ يَأْتِي فِي غَيْرِ خَوْفِ الْهَلَاكِ مِمَّا ذُكِرَ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَالرَّمَقُ بَقِيَّةُ الرُّوحِ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ الْقُوَّةُ وَبِذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ السَّدَّ الْمَذْكُورَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ لَا بِالْمُهْمَلَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الَّذِي نَحْفَظُهُ أَنَّهُ بِالْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْكُتُبِ أَيْ وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ سَدُّ الْخَلَلِ الْحَاصِلِ فِي ذَلِكَ بِسَبَبِ الْجُوعِ. (وَلَهُ التَّزَوُّدُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ (وَلَوْ رَجَا الْحَلَالَ) أَيْ الْوُصُولَ إلَيْهِ (وَيَبْدَأُ) وُجُوبًا إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا (بِلُقْمَةِ حَلَالٍ ظَفِرَ بِهَا) فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا حَتَّى يَأْكُلَ اللُّقْمَةَ لِتَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ. (فَصْلٌ وَلِلْمُضْطَرِّ قَتْلُ حَرْبِيٍّ) كَامِلٍ (وَمُرْتَدٍّ وَمَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ لِيَأْكُلَهُ، وَكَذَا الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَالْمُحَارِبُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُمْ مُسْتَحَقٌّ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ إذْنُهُ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ نَادِبًا مَعَهُ وَحَالُ الضَّرُورَةِ لَيْسَ فِيهِ رِعَايَةُ أَدَبٍ (وَ) كَذَا (نِسَاءُ أَهْلِ الْحَرْبِ وَصِبْيَانُهُمْ) وَمَجَانِينُهُمْ وَأَرِقَّاؤُهُمْ وَخَنَاثَاهُمْ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمْ وَامْتِنَاعُ قَتْلِهِمْ فِي غَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ لِحَقِّ الْغَانِمِينَ لَا لِعِصْمَتِهِمْ، وَلِهَذَا لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى قَاتِلِهِمْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْإِبَاحَةِ إذَا لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِمْ، وَإِلَّا صَارُوا أَرِقَّاءَ مَعْصُومِينَ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ قَطْعًا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ. (لَا الذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ) فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ لِعِصْمَتِهِمْ (وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمُسْلِمُ إلَّا الذِّمِّيَّ، وَإِلَّا مَيِّتًا مُسْلِمًا غَيْرَ نَبِيٍّ حَلَّ) أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ أَعْظَمُ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ مَيِّتٌ وَخَافَ أَهْلُهَا الْغَرَقَ كَانَ لَهُمْ طَرْحُهُ فِي الْبَحْرِ دُونَ الْحَيِّ، وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا» فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ أَمَّا الذِّمِّيُّ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ لَهُ أَمَانٌ فَلَيْسَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ لِكَمَالِ شَرَفِ الْإِسْلَامِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ نَبِيٍّ النَّبِيُّ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْأَكْلُ مِنْهُ لِكَمَالِ حُرْمَتِهِ وَمَزِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَعُلِمَ مِنْ حَصْرِهِ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ طَعَامَ غَيْرِهِ أَوْ مَيْتَةً، وَلَحْمَ آدَمِيٍّ مُسْلِمٍ لَمْ يَأْكُلْ إلَّا الطَّعَامَ أَوْ الْمَيْتَةَ، وَإِنْ كَانَتْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِمُسْلِمٍ رِعَايَةً لِمَسْأَلَةِ الذِّمِّيِّ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِمَعْصُومٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ، وَإِنْ فُهِمَ حُكْمُ الْمَعْصُومِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ بِالْأَوْلَى (وَلَا يَطْبُخُهُ) أَيْ الْمَيِّتَ الْمُسْلِمَ بَلْ الْمَيِّتُ الْمُحْتَرَمُ، (وَلَا يَشْوِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ مَعَ انْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِدُونِهِ وَيَتَخَيَّرُ فِي غَيْرِهِ) بَيْنَ أَكْلِهِ نِيئًا أَوْ مَطْبُوخًا أَوْ مَشْوِيًّا. (وَيَأْكُلُ الْمُحْرِمُ) الْوَاجِدَ صَيْدًا وَمَيِّتًا مُسْلِمًا (الصَّيْدَ لَا الْمَيِّتَ الْمُسْلِمَ) لِحُرْمَةِ الْمُسْلِمِ وَصْفُهُ الْمَيِّتَ بِالْمُسْلِمِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ أَبَد لَهُ بِالْمُحْتَرَمِ كَانَ أَوْلَى (وَلَهُ أَكْلُ فِلْذَةً) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي نُسْخَةٍ قُدْرَةً بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ قِطْعَةً (مِنْ جِسْمِ نَفْسِهِ) بِأَنْ يَقْطَعَهَا مِنْهُ لِيَأْكُلَهَا (إنْ رَجَا) أَيْ ظَنَّ (السَّلَامَةَ) بِأَنْ كَانَ الْخَوْفُ فِي قَطْعِهَا أَقَلَّ مِنْهُ فِي تَرْكِهَا، وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ بَعْضٍ لِاسْتِبْقَاءِ الْكُلِّ كَقَطْعِ الْيَدِ لِلْأَكْلَةِ، وَلَا يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَلَمِ وَالْمَشَقَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ الْخَوْفُ فِيهِ أَكْثَرَ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَيَحْرُمُ قَطْعُهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ حُرْمَةِ قَطْعِهَا عِنْدَ التَّسَاوِي وَجَوَازِهِ حِينَئِذٍ فِي السِّلْعَةِ أَنَّ السِّلْعَةَ زَائِدَةٌ عَلَى الْبَدَنِ انْضَمَّ إلَيْهَا الشَّيْنُ وَدَوَامُ الْأَلَمِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ جِسْمِ نَفْسِهِ قَطْعُهَا لَهُ مِنْ جِسْمِ غَيْرِهِ الْمَعْصُومِ فَيَحْرُمُ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ (وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا لِغَيْرِهِ) إذْ لَيْسَ إبْقَاؤُهُ أَوْلَى مِنْ إعْدَامِهَا نَعَمْ إنْ كَانَ نَبِيًّا فَالْوَجْهُ جَوَازُ الْقَطْعِ لَهُ بَلْ وُجُوبُهُ. (وَشُرْبُ الْخَمْرِ) أَيْ تَنَاوُلُهَا (لِلْعَطَشِ وَلِلتَّدَاوِي حَرَامٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ شُرْبِهَا؛ وَلِأَنَّ بَعْضَهَا يَدْعُو إلَى بَعْضٍ؛ وَلِأَنَّ شُرْبَهَا لَا يَدْفَعُ الْعَطَشَ بَلْ يَزِيدُهُ، وَإِنْ سَكَّنَهُ فِي الْحَالِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا «سُئِلَ عَنْ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ: إنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ سَلَبَ الْخَمْرَ مَنَافِعَهَا عِنْدَمَا حَرَّمَهَا، وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنْ أَنَّ فِيهَا مَنَافِعَ إنَّمَا هُوَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا، وَإِنْ سَلِمَ بَقَاؤُهَا فَتَحْرِيمُهَا مَقْطُوعٌ بِهِ وَحُصُولُ الشِّفَاءِ بِهَا مَظْنُونٌ فَلَا يَقْوَى عَلَى إزَالَةِ الْمَقْطُوعِ، ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْتَهِ بِهِ الْأَمْرُ إلَى الْهَلَاكِ، وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ شُرْبُهَا كَمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُضْطَرِّ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَمَحَلُّ مَنْعِ التَّدَاوِي بِهَا إذَا كَانَتْ خَالِصَةً بِخِلَافِ الْمَعْجُونِ بِهَا كَالتِّرْيَاقِ لِاسْتِهْلَاكِهَا فِيهِ وَكَالْخَمْرَةِ فِي ذَلِكَ سَائِرُ الْمُسْكِرَاتِ الْمَائِعَةِ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ شُرْبُهَا لِإِسَاغَةِ لُقْمَةٍ فَيُبَاحُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ بِالْمُهْمَلَةِ) هُوَ الْمَشْهُورُ [فَصْلٌ وَلِلْمُضْطَرِّ قَتْلُ حَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ لِيَأْكُلَهُ وَكَذَا تَارِكَ الصَّلَاةِ] (قَوْلُهُ وَكَذَا الزَّانِي الْمُحْصَنُ) إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ قِصَاصٌ فِي طَرَفِهِ فَيَجُوزُ لَهُ قَطْعُهُ وَأَكْلُهُ قَالَ شَيْخُنَا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَوْ وَجَدَ صَبِيًّا مَعَ بَالِغٍ أَكَلَ الْبَالِغُ وَكَفَّ عَنْ الصَّبِيِّ لِمَا فِي أَكْلِهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ؛ وَلِأَنَّ الْكُفْرَ الْحَقِيقِيَّ أَبْلَغُ مِنْ الْكُفْرِ الْحُكْمِيِّ، وَقَضِيَّتُهُ إيجَابٌ، فَلْتُسْتَثْنَ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ جَوَازَ قَتْلِ الصَّبِيِّ الْحَرْبِيِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُمْ مُسْتَحَقٌّ) أَيْ لِلَّهِ بِخِلَافِ مَنْ يُسْتَحَقُّ دَمُهُ لِآدَمِيٍّ كَقِصَاصٍ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْإِبَاحَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَيَأْكُلُ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ) مَا ذَكَرَهُ فِي الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ يَجْرِي أَيْضًا فِي صَيْدِ الْحَرَمِ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ قَطَعَهَا لَهُ مِنْ جِسْمِ غَيْرِ الْمَعْصُومِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَعْصُومِ يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ قَطْعُ عُضْوٍ مِنْهُ لِيَأْكُلَهُ الْمُضْطَرُّ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْعُضْوِ مِنْ الْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ حَرَامٌ لَا يَجُوزُ تَعْذِيبُهُ بِهِ وَفِي الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْكُولُ مِمَّنْ يَجِبُ قَتْلُهُ مِنْ رِدَّةٍ أَوْ حِرَابَةٌ أَوْ زِنًا جَازَ أَنْ يَأْكُلَ الْمُضْطَرُّ مِنْ لَحْمِهِ لَكِنْ بَعْدَ قَتْلِهِ، وَلَا يَأْكُلُ لَحْمَهُ فِي حَيَاتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِهِ فَإِنْ أَكَلَ لَحْمَهُ حَيًّا كَانَ مُسِيئًا إنْ قَدَرَ عَلَى قَتْلِهِ وَمَعْذُورًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ لِشِدَّةِ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْحَاوِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ وُجُوبُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 571 كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ حَدِّ الْخَمْرِ (لَا) تَنَاوُلُ (غَيْرِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ) لِذَلِكَ فَيَجُوزُ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا) مِنْ الطَّاهِرَاتِ يَقُومُ مَقَامَهَا «لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعُرَنِيِّينَ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيسَ بِالْأَبْوَالِ غَيْرُهَا مِمَّا لَا يُسْكِرُ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ غَيْرُهَا مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ ابْنِ حِبَّانَ السَّابِقُ (وَلَوْ تَبَخَّرَ بَنْدٌ) بِفَتْحِ النُّونِ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ (عُجِنَ بِخَمْرٍ جَازَ) ؛ لِأَنَّ دُخَانَهُ لَيْسَ دُخَانَ نَفْسِ النَّجَاسَةِ بَلْ دُخَانٌ مُتَنَجِّسٌ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِنْ كَانَ دُخَانُ الْمُتَنَجِّسِ كَدُخَانِ النَّجَسِ فِي النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ الْمُتَنَجِّسَ مَثَلًا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ، وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ بِخِلَافِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ دَبْغِهِ (وَيُشْرَبُ الْبَوْلُ) لِلْعَطَشِ (عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ النَّجَسِ) لَا عِنْدَ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ النَّجِسَ أَخَفُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ طَارِئَةٌ. [فَصْلٌ وَلِلْمُضْطَرِّ أَنْ يُؤْثِرَ بِطَعَامِهِ مُسْلِمًا مُضْطَرًّا غَيْرَ مُرَاقِ الدَّمِ] (فَصْلٌ وَلِلْمُضْطَرِّ أَنْ يُؤْثِرَ) بِطَعَامِهِ عَلَى نَفْسِهِ (مُسْلِمًا) مُضْطَرًّا غَيْرَ مُرَاقِ الدَّمِ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَوْلَى بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] وَقَالَ الْإِمَامُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى هَلَاكِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ شَامِلَةٌ لِلْجَمِيعِ، وَهُوَ مِنْ شِيَمِ الصَّالِحِينَ، بَلْ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ نَبِيًّا لَزِمَهُ بَذْلُهُ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَأَمَّا خَبَرُ «ابْدَأْ بِنَفْسِك» فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ (لَا ذِمِّيًّا) أَوْ كَافِرًا غَيْرَ ذِمِّيٍّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَ) لَا (بَهِيمَةً) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤْثِرَهُمَا عَلَى نَفْسِهِ لِكَمَالِ شَرَفِ الْمُسْلِمِ عَلَى غَيْرِهِ وَالْآدَمِيِّ عَلَى الْبَهِيمَةِ. (وَإِنْ بَذَلَ الطَّعَامَ مَالِكُهُ) ، وَلَوْ مُضْطَرًّا لِمُضْطَرٍّ آخَرَ (هِبَةً لَزِمَهُ قَبُولُهُ) لِدَفْعِهِ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ (أَوْ) بَذَلَهُ لَهُ (بِثَمَنِ الْمِثْلِ فِي مَكَانِهِ وَزَمَانِهِ لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ حَتَّى بِإِزَارِهِ) الْمُسْتَتِرِ بِهِ (وَيُصَلِّي عُرْيَانًا) ؛ لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ أَخَفُّ مِنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الطَّعَامِ قَهْرًا بِخِلَافِ أَخْذِ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ (إلَّا إنْ خَشِيَ) عَلَى نَفْسِهِ (التَّلَفَ بِالْبَرْدِ) فَلَا يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ بِإِزَارِهِ (وَ) لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ (فِي الذِّمَّةِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ حِينَئِذٍ الْبَيْعُ فِي الذِّمَّةِ، وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ جَوَازُ الْبَيْعِ بِحَالٍ لَكِنْ لَا يُطَالِبُهُ إلَّا عِنْدَ قُدْرَتِهِ لِإِعْسَارِهِ فِي الْحَالِ (فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ أَوْ وَلِيُّ الصَّبِيِّ) مِنْ بَذْلِهِ لَهُ بِعِوَضٍ لِمُضْطَرٍّ مُحْتَرَمٍ (وَهُوَ) أَيْ الْمَالِكُ أَوْ الصَّبِيُّ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (غَنِيٌّ عَنْهُ فِي الْحَالِ أَثِمَ، وَإِنْ احْتَاجَهُ فِي الْمَآلِ) ؛ لِأَنَّ فِي امْتِنَاعِهِ إعَانَةً عَلَى قَتْلِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى إنْقَاذِهِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَرَقٍ وَنَحْوِهِ لَوَجَبَ فَكَذَا بِمَالِهِ بِخِلَافِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ مُضْطَرًّا كَمَا قَدَّمْتُهُ (وَيَجُوزُ) لِلْمُضْطَرِّ (قِتَالُهُ) أَيْ الْمُمْتَنِعِ مِمَّا ذُكِرَ عَلَيْهِ (وَلَا يَجِبُ) قِتَالُهُ كَالصَّائِلِ بَلْ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ عَقْلَ الْمَالِكِ وَدِينَهُ يَبْعَثَانِهِ عَلَى الْإِطْعَامِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَجَازَ أَنْ يُجْعَلَ الْأَمْرُ مَوْكُولًا إلَيْهِ (لَكِنْ) إنَّمَا يَجُوزُ قِتَالُهُ (عَلَى مَا يَدْفَعُ ضَرُورَتَهُ) ، وَهُوَ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ إلَّا أَنْ يُخْشَى الْهَلَاكُ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا. (وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ) لِلْمُمْتَنِعِ إنْ قَتَلَهُ، وَلَا يُؤْخَذُ لَهُ دِيَةٌ (وَيُقْتَصُّ لَهُ) إنْ قَتَلَهُ الْمُمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ بِخِلَافِ الْمُمْتَنِعِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ أَخْذِهِ مِنْهُ (وَمَاتَ جُوعًا فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْمُمْتَنِعِ إذْ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ فِعْلٌ مُهْلِكٌ لَكِنَّهُ يَأْثَمُ (وَ) يَنْبَغِي (لَهُ) فِيمَا إذَا لَمْ يَبْذُلْهُ لَهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ (أَنْ يَحْتَالَ فِي أَخْذِهِ) مِنْهُ (بِبَيْعٍ فَاسِدٍ) لِئَلَّا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ كَأَنْ يَقُولَ: اُبْذُلْهُ لِي بِعِوَضٍ فَيَبْذُلُهُ لَهُ بِعِوَضٍ، وَلَمْ يُقَدِّرْهُ أَوْ يُقَدِّرُهُ، وَلَمْ يُفْرِدْ لَهُ مَا يَأْكُلُهُ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُ مَا أَكَلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَلَهُ أَنْ يَشْبَعَ (فَإِنْ اشْتَرَاهُ) مِنْهُ (بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ) ، وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُتَغَابَنُ بِهِ (وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى قَهْرِهِ) وَأَخْذِهِ مِنْهُ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ، وَإِنْ غُبِنَ فِي شِرَائِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي الِالْتِزَامِ فَكَانَ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ (وَكَذَا لَوْ عَجَزَ) عَنْ أَخْذِهِ وَاشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ لِذَلِكَ، وَكَمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُصَادَرِ مِنْ جِهَةِ ظَالِمٍ لِدَفْعِ الْأَذَى عَنْهُ إذْ لَا إكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ (، وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ مَالِكَهُ (بَذْلُهُ إلَّا بِعِوَضٍ) ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ (وَلَا أُجْرَةَ لِمَنْ خَلَّصَ مُشْرِفًا عَلَى الْهَلَاكِ) بِوُقُوعِهِ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ نَحْوِهِمَا أَيْ يَلْزَمُهُ تَخْلِيصُهُ بِلَا أُجْرَةٍ (لِضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ تَقْدِيرِ الْأُجْرَةِ. فَإِنْ اتَّسَعَ) الْوَقْتُ لِتَقْدِيرِهَا (لَمْ يَجِبْ تَخْلِيصُهُ إلَّا بِأُجْرَةٍ) كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنْ فُرِضَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ أَخَفُّ مِنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ إلَخْ) لَوْ اُضْطُرَّتْ الْمَرْأَةُ إلَى الطَّعَامِ فَامْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ بَذْلِهِ إلَّا بِوَطْئِهَا زِنًا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا تَمْكِينُهُ، وَخَالَفَ إبَاحَةَ الْمَيْتَةِ فِي أَنَّ الِاضْطِرَارَ فِيهَا إلَى نَفْسِ الْمُحَرَّمِ وَقَدْ تَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ، وَهُنَا الِاضْطِرَارُ لَيْسَ إلَى الْمُحَرَّمِ وَإِنَّمَا جَعْلُ الْمُحَرَّمِ وَسِيلَةً إلَيْهِ، وَقَدْ لَا تَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ إذْ قَدْ يُصِرُّ عَلَى الْمَنْعِ بَعْدَ وَطْئِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ بِلَا تَرَدُّدٍ وَقَدْ يَمْنَعُهَا الْفَاجِرُ الطَّعَامَ بَعْدَ الْوَطْءِ وَعَجِيبٌ تَرَدُّدُهُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى. قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ لَوْ مَكَّنَتْهُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُكْرَهَةِ وَقَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ جَوَازُ الْبَيْعِ بِحَالٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا صَحِيحٌ إنْ رَضِيَ الْمُضْطَرُّ بِالشِّرَاءِ حَالًّا فَإِنْ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِالشِّرَاءِ مُؤَجَّلًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمَالِكِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَبِعْهُ بِالْمُؤَجَّلِ مَاتَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ بِالْمُؤَجَّلِ قَطْعًا، وَهُوَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ إلَخْ) يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ غَصْبُ طَعَامِ الْمُمْتَنِعِ وَقَهْرُهُ عَلَيْهِ إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ إلَخْ) وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (قَوْلُهُ، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِلْمُمْتَنِعِ) مَحَلُّ جَوَازِ قِتَالِ الْمُضْطَرِّ لِلْمُمْتَنِعِ وَعَدَمُ ضَمَانِهِ إيَّاهُ إنْ قَتَلَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا وَالْمُضْطَرُّ غَيْرَ مُسْلِمٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ أَكْلِهِ مِنْ مَيْتَتِهِ (قَوْلُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ إلَّا بِعِوَضٍ) ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الْعِوَضِ بِذِكْرِهِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُضْطَرُّ صَبِيًّا فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيضِ رَبِّ الطَّعَامِ عَلَى بَذْلِهِ لِلْمُضْطَرِّ، وَلَوْ صَبِيًّا وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 572 فِي تِلْكَ ضِيقُ الْوَقْتِ وَجَبَ الْبَذْلُ بِلَا عِوَضٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الْوَجْهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَوَاخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ لَكِنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ نَقَلَهُ كَالْأَصْلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ قَطْعِ الْجُمْهُورِ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْبَذْلُ فِي تِلْكَ إلَّا بِعِوَضٍ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ يَلْزَمُهُ تَخْلِيصُهُ بِلَا أُجْرَةٍ وَعَلَى هَذَا اخْتَصَرَ الْأَصْفُونِيُّ وَشَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ (فَرْعٌ، وَإِنْ أَطْعَمَهُ) الْمَالِكُ (بِلَا مُعَاوَضَةٍ) أَيْ بِغَيْرِ ذِكْرِ عِوَضٍ (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) حَمْلًا عَلَى الْمُسَامَحَةِ الْمُعْتَادَةِ فِي الطَّعَامِ لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الْمُضْطَرِّ (فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْتِزَامِ عِوَضِ الطَّعَامِ) فَقَالَ: أَطْعَمْتُكَ بِعِوَضٍ فَقَالَ: بَلْ مَجَّانًا (صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِكَيْفِيَّةِ بَذْلِهِ. (وَلَوْ أَوْجَرَ) الْمَالِكُ (الْمُضْطَرَّ قَهْرًا أَوْ) أَوْجَرَهُ (وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ) فِي الْمُتَقَوِّمِ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ بَلْ يَلْزَمُهُ إطْعَامُهُ إبْقَاءً لِمُهْجَتِهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيضِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ كَذَا عَلَّلَ بِهِمَا الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ فِي الضَّمَانِ وَالثَّانِيَ هُنَا جَازِمًا بِالْحُكْمِ ثَمَّ وَمُرَجِّحًا لَهُ هُنَا، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا مَرَّ آنِفًا فِي مَسْأَلَةِ الْإِطْعَامِ لَا جَرَمَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ الصَّحِيحُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمُ اللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ. (فَرْعٌ يَجِبُ تَدَارُكُ حَيَاةِ الْبَهِيمَةِ الْمُحْتَرَمَةِ) بِبَذْلِ الْمَالِ لَهَا (كَالْآدَمِيِّ) الْمُحْتَرَمِ (وَإِنْ كَانَتْ لِلْغَيْرِ) مِلْكًا أَوْ اخْتِصَاصًا، ثُمَّ إنْ ذَكَرَ عِوَضًا رَجَعَ بِهِ عَلَى صَاحِبِهَا، وَإِلَّا فَلَا (وَيَلْزَمُهُ ذَبْحُ شَاتِهِ لِكَلْبِهِ) الْمُحْتَرَمِ (وَتَحِلُّ) الشَّاةُ أَيْ أَكْلُهَا لِلْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّهَا ذُبِحَتْ لِلْأَكْلِ (وَيَأْكُلُ) الْمُضْطَرُّ (مِنْ طَعَامِ الْغَائِبِ كَالْمَيْتَةِ) كَمَا مَرَّ (وَيَغْرَمُ لَهُ الْقِيمَةَ) فِي الْمُتَقَوِّمِ وَالْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ؛ لِإِتْلَافِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. (فَصْلٌ) لَوْ (وَجَدَ) الْمُضْطَرُّ (مَيْتَةً وَطَعَامَ غَائِبٍ أَوْ) وَ (صَيْدًا، وَهُوَ مُحْرِمٌ) فِي الثَّانِيَةِ (وَجَبَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ) لِعَدَمِ ضَمَانِهَا أَوْ احْتِرَامِهَا فِيهِمَا وَتَخْتَصُّ الْأُولَى بِأَنَّ إبَاحَةَ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا وَإِبَاحَةَ أَكْلِ مَالِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ ثَابِتَةٌ بِالِاجْتِهَادِ، وَالثَّانِيَةُ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَبْحِ الصَّيْدِ مَعَ أَنَّ مَذْبُوحَهُ مِنْهُ مَيْتَةٌ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ وَمِثْلُهُ بَيْضُهُ، وَلَبَنُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَكَصَيْدِ الْمُحْرِمِ صَيْدُ الْحَرَمِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ (وَكَذَا لَوْ كَانَ) مَالِكُ الطَّعَامِ (حَاضِرًا وَامْتَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ) أَصْلًا أَوْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِمَّا يُتَغَابَنُ بِهِ وَجَبَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ مَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَكْلُ طَعَامِ الْغَيْرِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبِعْهُ لَهُ مَالِكُهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِمَّا ذُكِرَ لَمْ يَلْزَمْهُ شِرَاؤُهُ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَلَوْ ذَبَحَ) الْمُحْرِمُ (الصَّيْدَ صَارَ مَيْتَةً فَيَتَخَيَّرُ) الْمُضْطَرُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيْتَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَيْتَةٌ، وَلَا مُرَجِّحَ (وَلَا قِيمَةَ لِلَحْمِهِ) كَسَائِرِ الْمَيْتَاتِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَفِي الصَّيْدِ وَطَعَامِ الْغَيْرِ وُجُوهٌ) أَحَدُهَا - يَتَعَيَّنُ الصَّيْدُ ثَانِيهَا - يَتَعَيَّنُ الطَّعَامُ وَثَالِثُهَا - (يَتَخَيَّرُ) بَيْنَهُمَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِبِنَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ. (وَمَيْتَةُ الشَّاةِ وَالْحِمَارِ) وَالْمُرَادُ مَيْتَتَا الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ الطَّاهِرِ فِي حَيَاتِهِ (سَوَاءٌ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَيْتَةٌ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا (وَيُقَدَّمَانِ عَلَى الْكَلْبِ) وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ نَجَسٍ فِي حَيَاتِهِ. (وَإِنْ وَجَدَ الْمَرِيضُ طَعَامًا) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (يَضُرُّهُ) ، وَلَوْ بِزِيَادَةٍ فِي مَرَضِهِ (فَلَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ) دُونَهُ. [فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْأَطْعِمَةِ] (فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْأَطْعِمَةِ (يُكْرَهُ ذَمُّ الطَّعَامِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَابَ طَعَامًا قَطُّ إنْ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ» وَخَرَجَ بِالطَّعَامِ صَانِعُهُ فَلَا يُكْرَهُ ذَمُّهُ قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَ الطَّعَامُ لِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ فَلَا لَا سِيَّمَا مَا وَرَدَ خُبْثُهُ كَالْبَصَلِ. (وَ) تُكْرَهُ (الزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ) مِنْ الطَّعَامِ الْحَلَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَمَحَلُّهُ فِي طَعَامِ نَفْسِهِ أَمَّا فِي طَعَامِ مُضِيفِهِ فَيَحْرُمُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أَسْفَلِ الصَّفْحَةِ) لَا مِنْ أَعْلَاهَا وَوَسَطِهَا بَلْ يُكْرَهُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَطْعَمَ الْمَالِكُ الْمُضْطَرَّ بِلَا مُعَاوَضَةٍ] قَوْلُهُ، وَإِنْ أَطْعَمَهُ الْمَالِكُ) أَيْ الْمُكَلَّفُ الْمُتَصَرِّفُ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ صَدَقَ الْمَالِكُ إلَخْ) يُخَالِفُهُ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي أَوَائِلِ الْقَرْضِ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ رَدِّ الْبَدَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ وَفِي أَوَاخِرِ الصَّدَاقِ لَوْ بَعَثَ إلَى بَيْتِ مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ بَعَثْتُهُ وَأَنْكَرَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُضْطَرِّ اقْتَضَتْ الْقَرِينَةُ أَنْ لَا يَبْذُلُ مِلْكَهُ مَجَّانًا بِخِلَافِ الْبَعْثِ الْمُجَرَّدِ فَإِنَّ الْقَرِينَةَ اقْتَضَتْ عَدَمَ وُجُوبِ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهَا كَالْهَدِيَّةِ أَوْ مُلْحَقَةٌ بِهَا كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ) بَلْ نَاوٍ الرُّجُوعَ [فَرْعٌ يَجِبُ تَدَارُكُ حَيَاةِ الْبَهِيمَةِ الْمُحْتَرَمَةِ] (قَوْلُهُ وَيَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ الْغَائِبِ إلَخْ) اسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ الْغَائِبُ مُضْطَرًّا يَحْضُرُ عَنْ قُرْبٍ فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهُ قَالَ: وَالْأَرْجَحُ أَنَّ حُضُورَ وَكِيلِ الْغَائِبِ كَحُضُورِهِ. [فَصْلٌ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً وَطَعَامَ غَائِبٍ] (قَوْلُهُ بِأَنَّ إبَاحَةَ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ يُسَامَحُ فِيهِ وَحَقَّ الْآدَمِيِّ يُضَايَقُ فِيهِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ) ، وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ إلَخْ) الظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمَا، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ فَطَعَامُ الْغَيْرِ حَلَالٌ وَالصَّيْدُ يَصِيرُ مَيْتَةً بِذَبْحِ الْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ وَمَيْتَةُ الشَّاةِ وَالْحِمَارِ سَوَاءٌ إلَخْ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَيْتَةُ الْآدَمِيِّ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا مَعَ وُجُودِ الْمَيْتَةِ الْمَذْكُورَةِ (تَنْبِيهٌ) ، وَلَوْ حَضَرَ مُضْطَرَّانِ وَمَعَ إنْسَانٍ مَا يَسُدُّ بِهِ ضَرُورَةَ أَحَدِهِمَا خَاصَّةً قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ تَسَاوَيَا فِي الضَّرُورَةِ وَالْقَرَابَةِ وَالْجِوَارِ وَالصَّلَاحِ اُحْتُمِلَ أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا وَأَنْ يَقْسِمَهُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِأَنْ كَانَ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا أَوْ قَرِيبًا أَوْ وَلِيًّا أَوْ حَاكِمًا عَادِلًا أَوْ زَوْجًا قَدَّمَهُ عَلَى الْمَفْضُولِ، وَلَوْ تَسَاوَيَا وَكَانَ لَوْ أَطْعَمَهُ أَحَدَهُمَا عَاشَ يَوْمًا، وَلَوْ أَطْعَمَهُ لَهُمَا عَاشَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ يَوْمٍ فَالْعَدْلُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا لَوْ وَجَدَ مُحْتَاجَيْنِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ وَلَدَانِ سَوَّى بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ الرَّغِيفُ الَّذِي مَعَهُ سَادًّا لِأَحَدِ وَلَدَيْهِ وَنِصْفِ جُوعِ الْآخَرِ قَسَّمَهُ عَلَيْهِمَا بِحَيْثُ يَسُدُّ مِنْ جُوعِ أَحَدِهِمَا مَا يَسُدُّ مِنْ جُوعِ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَسُدُّ جُوعَ الْآخَرِ فَيُقَسِّمُهُ عَلَيْهِمَا لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَأَنْ يُقَسِّمَهُ عَلَيْهِمَا قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي آخِرَهُ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 573 كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ (وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَقِيبَهُ) أَيْ الْأَكْلِ فَيَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ وَفِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ، وَلَا مَكْفُورٍ، وَلَا مُوَدَّعٍ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ» رَبُّنَا بِرَفْعِهِ بِالِابْتِدَائِيَّةِ أَوْ بِالْخَبَرِيَّةِ وَبِنَصَبِهِ بِالِاخْتِصَاصِ أَوْ النِّدَاءِ وَبِجَرِّهِ بِالْبَدَلِ مِنْ لِلَّهِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَكَلَ وَشَرِبَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا» (وَ) أَنْ (يُكْرِمَ الضَّيْفَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ قَالُوا: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ يَوْمُهُ، وَلَيْلَتُهُ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ» . (وَالثِّمَارُ وَالزَّرْعُ فِي التَّحْرِيمِ) عَلَى غَيْرِ مَالِكِهَا وَالْحِلِّ لَهُ (كَغَيْرِهَا) فَلَا يُبَاحُ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا إلَّا عِنْدَ اضْطِرَارِهِ فَيَأْكُلُ وَيَضْمَنُ (فَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِ مَا تَسَاقَطَ) مِنْهَا (جَازَ) إجْرَاءً لَهَا مَجْرَى الْإِبَاحَةِ لِحُصُولِ الظَّنِّ بِهَا كَمَا يَحْصُلُ بِحَمْلِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْهَدِيَّةَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا يَعْتَبِرُ إذْنَهُ كَيَتِيمٍ وَأَوْقَافٍ عَامَّةٍ؛ لِأَنَّ صَرِيحَ إذْنِهِ لَا يُؤَثِّرُ فَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ أَوْلَى قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الشُّرْبِ مِنْ الْجَدَاوِلِ وَالْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْهُ (إلَّا إنْ حُوِّطَ عَلَيْهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ (أَوْ مَنَعَ) مِنْهُ (الْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى شُحِّهِ وَعَدَمِ مُسَامَحَتِهِ. (وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ طَعَامٍ يَعْلَمُ رِضَا مَالِكِهِ) بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، فَقَدْ تَظَاهَرَتْ دَلَائِلُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَفِعْلُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} [النور: 61] إلَى قَوْلِهِ {أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور: 61] وَثَبَتَتْ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ بِنَحْوِ الْآيَةِ (فَإِنْ تَشَكَّكَ) فِي رِضَاهُ بِذَلِكَ (حَرُمَ) فَالْمُرَادُ بِعِلْمِهِ مَا يَشْمَلُ ظَنَّهُ وَبِهِ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ (وَتَرْكُ التَّبَسُّطِ فِي الطَّعَامِ) الْمُبَاحِ (مُسْتَحَبٌّ) فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ السَّلَفِ (إلَّا فِي قِرَى الضَّيْفِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَالْقَصْرِ وَبِفَتْحِهَا وَالْمَدِّ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْسُطَ لَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ إكْرَامِهِ وَالْقِيَامِ بِحَقِّهِ (وَأَوْقَاتِ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ) كَيَوْمِ عَاشُورَاءَ وَيَوْمَيْ الْعِيدِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ هَذَا إذَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ أَيْ التَّبَسُّطِ حَاجَةٌ كَقِرَى الضَّيْفِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَعْرُوفَةِ، وَبِالصِّفَاتِ الْمَعْرُوفَةِ أَيْ كَانَ لَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ التَّفَاخُرَ وَالتَّكَاثُرَ بَلْ تَطْيِيبَ خَاطِرِ الْعِيَالِ وَقَضَاءَ وَطَرِهِمْ مِمَّا يَشْتَهُونَهُ. (وَيُسْتَحَبُّ الْحُلْوُ) مِنْ الْأَطْعِمَةِ (وَكَثْرَةُ الْأَيْدِي عَلَى الطَّعَامِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَأْكُلُ، وَلَا نَشْبَعُ قَالَ فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» . (وَ) يُسْتَحَبُّ (الْحَدِيثُ الْحَسَنُ) عَلَى الْأَكْلِ كَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ فِي الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ أَهْلَهُ الْأُدُمَ فَقَالُوا مَا عِنْدَنَا إلَّا خَلٌّ فَدَعَا بِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ الْأُدُمُ الْخَلُّ» وَمَعَ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ تَقْلِيلُهُ فَقَدْ نَقَلَ الْعَبَّادِيُّ أَنَّ الرَّبِيعَ رَوَى عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ الْأَدَبِ فِي الطَّعَامِ قِلَّةُ الْكَلَامِ وَسَيَأْتِي بَعْضُ هَذِهِ الْأُمُورِ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ. [كِتَابُ النَّذْرِ] (كِتَابُ النَّذْرِ) بِالْمُعْجَمَةِ هُوَ لُغَةً: الْوَعْدُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَشَرْعًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: الْوَعْدُ بِخَيْرٍ خَاصَّةً وَقَالَ غَيْرُهُمَا: الْتِزَامُ قُرْبَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ عَيْنًا كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: 29] وَقَوْله {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ» وَعَنْ النَّصِّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لَهُ آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهُ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مَنْ الْبَخِيلِ» وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيُّ إنَّهُ قُرْبَةٌ، وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ: وَالنَّذْرُ تَقَرُّبٌ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ وَقَوْلِ النَّوَوِيِّ النَّذْرُ عَمْدًا فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا، فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ مُنَاجَاةُ اللَّهِ تَعَالَى كَالدُّعَاءِ، وَأُجِيبَ عَنْ النَّهْيِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَقُومُ بِمَا الْتَزَمَهُ أَوْ أَنَّ لِلنَّذْرِ تَأْثِيرًا كَمَا يُلَوِّحُ بِهِ الْخَبَرُ أَوْ عَلَى الْمُعَلَّقِ بِشَيْءٍ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ الْمَكْرُوهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (خَاتِمَةٌ) لَوْ عَمَّ الْأَرْضَ الْحَرَامُ جَازَ اسْتِعْمَالُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الضَّرُورَةِ قَالَ الْإِمَامُ، وَلَا يَتَبَسَّطُ فِيهِ كَمَا يَتَبَسَّطُ فِي الْحَلَالِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَتَوَقَّعَ مَعْرِفَةَ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَمَّا عِنْدَ الْيَأْسِ فَالْمَالُ حِينَئِذٍ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَلَوْ وَقَعَتْ ذُبَابَةٌ أَوْ نَمْلَةٌ أَوْ نَحْوُهُمَا أَوْ جُزْءٌ مِنْ لَحْمِ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ فِي قِدْرِ طَبِيخٍ وَاسْتُهْلِكَتْ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ قَالَ شَيْخُنَا، وَلَوْ وَجَدَ الْعَطْشَانُ بَوْلًا وَمَاءً نَجِسًا شَرِبَ الْمَاءَ، وَلَوْ وَجَدَ بَوْلَ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَبَوْلَ إبِلٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَالْأَوْجَهُ شُرْبُ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَقَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (كِتَابُ النَّذْرِ) (قَوْلُهُ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ قُرْبَةٌ) وَحَكَاهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَقَالَ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَفِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ يُعَضِّدُهُ النَّصُّ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: 270] وَالْقِيَاسُ، وَهُوَ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى الْقُرْبَةِ وَلِلْوَسَائِلِ حُكْمُ الْمَقَاصِدِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَهُوَ يَزِيدُ عَلَى النَّفْلِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ فِي النِّكَاحِ عَنْ حِكَايَةِ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ أَيْ يُجَازِي عَلَيْهِ فَوَضَعَ الْعِلْمَ مَوْضِعَ الْجَزَاءِ، وَالْجَزَاءُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْقُرَبِ، وَلِهَذَا قَرَنَهُ بِالْإِنْفَاقِ إقَامَةً لِسَبَبِ الشَّيْءِ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ عَنْ النَّهْيِ بِحَمْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ إلَخْ) وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قُرْبَةٌ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ دُونَ غَيْرِهِ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ قُرْبَةً إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَلَّقًا، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ، وَهَذَا مُرَادُهُ بِمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 574 الْتِزَامُ الْقُرْبَةِ لَا الْقُرْبَةُ إذْ رُبَّمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ. (وَفِيهِ فَصْلَانِ. الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ النَّاذِرُ وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ وَالْإِسْلَامُ) وَالِاخْتِيَارُ وَنُفُوذُ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَنْذُرُهُ (وَلَوْ سَكِرَ) حَالَ النَّذْرِ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ السَّكْرَانَ مُكَلَّفٌ، وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ ثَمَّ (فَلَا يَصِحُّ) النَّذْرُ مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ إلَّا السَّكْرَانَ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلِالْتِزَامِ، وَلَا (مِنْ الْكَافِرِ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقُرْبَةِ أَوْ لِالْتِزَامِهَا وَإِنَّمَا صَحَّ وَقْفُهُ وَصِيَّتَهُ وَصَدَقَتَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا عُقُودٌ مَالِيَّةٌ لَا قُرْبَةٌ، وَلَا مِنْ الْمُكْرَهِ كَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ وَلِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» لَا مِمَّنْ لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ فِيمَا يَنْذُرُهُ كَنَذْرِ السَّفِيهِ الْقُرَبَ الْمَالِيَّةَ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ. (وَيَصِحُّ) أَيْ النَّذْرُ (مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ (فِي الْقُرَبِ الْبَدَنِيَّةِ) بِخِلَافِ الْقُرَبِ الْمَالِيَّةِ الْعَيْنِيَّةِ كَعِتْقِ هَذَا الْعَبْدِ وَالصَّدَقَةِ بِهِ (، وَلَا حَجْرَ عَلَى الْمُفْلِسِ فِي ذِمَّتِهِ) فَيَصِحُّ نَذْرُهُ الْمَالِيُّ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤَدِّيهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ السَّفِيهِ نَذْرُ الْقُرَبِ الْمَالِيَّةِ فِي الذِّمَّةِ لَكِنَّهُمَا جَزَمَا فِي بَابِ الْحَجْرِ بِصِحَّتِهِ، وَهُوَ أَوْجَهُ كَالتَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إلْزَامُ الذِّمَّةِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِهِمَا؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا إنَّمَا يُؤَدِّي بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ كَمَا فِي نَذْرِ الْمُفْلِسِ وَنَذْرِ الرَّقِيقِ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَضَمَانَةِ أَيْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُ نَذْرِهِ الْحَجَّ، وَيُشْبِهُ أَنَّ غَيْرَ الْحَجِّ كَذَلِكَ انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مِنْ صِحَّةِ نَذْرِهِ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَيُفَارِقُ الضَّمَانَ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إذْ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي قُرْبَةٍ بِخِلَافِ الضَّمَانِ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَلَوْ نَذَرَ عِتْقَ مَرْهُونِ الْعَقْدِ إنْ نَفَّذْنَا عِتْقَهُ، وَإِلَّا فَكَمَنْ نَذَرَ إعْتَاقَ مَنْ لَا يَمْلِكُهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ. (الرُّكْنُ الثَّانِي الصِّيغَةُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا) فِي النَّذْرِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَيَنْعَقِدُ بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ وَيَنْبَغِي انْعِقَادُهُ بِكِتَابَةِ النَّاطِقِ مَعَ النِّيَّةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ أَوْلَى بِالِانْعِقَادِ بِهَا مِنْ الْبَيْعِ (وَهُوَ) أَيْ النَّذْرُ قِسْمَانِ (نَذْرُ تَبَرُّرٍ) سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ بِهِ الْبِرَّ وَالتَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى (وَ) نَذْرُ لَجَاجٍ بِفَتْحِ اللَّامِ سُمِّيَ بِهِ لِوُقُوعِهِ حَالَةَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ (فَالْأَوَّلُ) ، وَهُوَ نَذْرُ التَّبَرُّرِ (نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا نَذْرُ الْمُجَازَاةِ، وَهُوَ أَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً فِي مُقَابَلَةِ حُدُوثِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُدُوثُهُمَا نَادِرًا (كَقَوْلِهِ إنْ أَغْنَانِي اللَّهُ أَوْ شَفَانِي) أَوْ شُفِيَ مَرِيضِي (فَعَلَيَّ كَذَا) وَكَقَوْلِ مَنْ شُفِيَ مِنْ مَرَضِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا لِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ شِفَائِي مِنْ مَرَضِي وَخَرَجَ بِحُدُوثِ مَا ذُكِرَ اسْتِمْرَارُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ قِيَاسُ سُجُودِ الشُّكْرِ (النَّوْعُ الثَّانِي - أَنْ يَلْتَزِمَ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ) بِشَيْءٍ (فَيَصِحُّ إنْ الْتَزَمَ قُرْبَةً كَقَوْلِهِ ابْتِدَاءً لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ كَذَا) أَيْ مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا الْتَزَمَ غَيْرَ قُرْبَةٍ، وَلَوْ مُبَاحًا فَلَا يَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي (وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ) الْمَذْكُورِ بِنَوْعِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ السَّابِقِ. (لَا إنْ عَلَّقَ) النَّذْرَ (بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ مَشِيئَةِ زَيْدٍ) فَلَا يَصِحُّ (وَإِنْ شَاءَ) زَيْدٌ لِعَدَمِ الْجَزْمِ اللَّائِقِ بِالْقُرَبِ، نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ التَّبَرُّكَ أَوْ وَقَّعَ حُدُوثُ مَشِيئَةِ زَيْدٍ نِعْمَةً مَقْصُودَةً كَقُدُومِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَعَلَيَّ كَذَا فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأُولَى (وَأَمَّا نَذْرُ اللَّجَاجِ) وَالْغَضَبِ وَيُقَالُ لَهُ: يَمِينُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَيَمِينُ الْغَلَقِ وَنَذْرُ الْغَلَقِ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ (فَهُوَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ شَيْءٍ أَوْ يَحُثَّهَا عَلَيْهِ بِتَعْلِيقِ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ) بِفِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ (كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ   [حاشية الرملي الكبير] [الْفَصْل الْأَوَّل فِي أَرْكَانُ النَّذْرِ] قَوْلُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ) فَإِنْ أَسْلَمَ نُدِبَ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِالْتِزَامِهَا) ؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى وُضِعَ لِإِيجَابِ الْقُرْبَةِ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ الْكَافِرِ كَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُمَا جَزَمَا فِي بَابِ الْحَجْرِ بِصِحَّتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْقَمُولِيُّ فَيُحْمَلُ الْمَذْكُورُ هُنَا عَلَى الْمُعَيَّنِ وَقَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُعَيَّنِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ غَيْرَ الْحَجِّ كَذَلِكَ) قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي آخِرِ النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ هُنَا فَقَالَ لَوْ نَذَرَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا لَزِمَهُ وَكَذَا الْحَجُّ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَوْ حَجَّ فِي الرِّقّ فَأَوْجُه أَصَحّهَا يَبْرَأ وَالثَّانِي لَا وَالثَّالِث أَنْ حَجَّ بِإِذْنِ السَّيِّدِ بَرِئَ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ، وَلَوْ نَذَرَ عِتْقَ مَرْهُونٍ انْعَقَدَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي انْعِقَادُهُ بِكِتَابَةِ النَّاطِقِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) ، وَهُوَ مَا يَجُوزُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ شُفِيَ مَرِيضِي) لَوْ نَذَرَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضَهُ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ الْمَنْذُورُ صَدَقَةٌ أَوْ عِتْقٌ أَوْ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِهَا كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَجْتَهِدُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا هُنَاكَ وُجُوبَ الْكُلِّ عَلَيْهِ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَهُنَا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْجَمِيعَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَاشْتَبَهَ فَيَجْتَهِدُ كَالْقِبْلَةِ وَالْأَوَانِي انْتَهَى. وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ قَالَ فِي الْحَاوِي: إذَا نَذَرَ صَلَاةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ لِيُصَادِفَهَا فِي إحْدَى لَيَالِيِهِ كَمَا لَوْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ، وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهَا فَإِنْ لَمْ يُصَلِّهَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لَمْ يَقْضِهَا إلَّا فِي مِثْلِهِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَعَلَيَّ كَذَا) أَوْ فَكَذَا لَازِمٌ لِي أَوْ يَلْزَمُنِي أَوْ فَقَدْ الْتَزَمَتْهُ نَفْسِي أَوْ أَوْجَبْته عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِحُدُوثِ مَا ذُكِرَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّهُ خَرَجَ بِالْمُجَازَاةِ لَا الْحُكْمِ (قَوْلُهُ لَا إنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ بِأَنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ أَوْ الِاسْتِعَانَةَ بِاَللَّهِ عَلَى الْوَفَاءِ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِتَعْلِيقِ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ إلَخْ) نَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْحَلِفِ مِنْ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَالْعِتْقِ أَمَّا إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ فَفَعَلَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا التَّخْيِيرُ فِي الْتِزَامِ الْعِتْقِ مَا يَعْتَادُهُ النَّاسُ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ مِنْ قَوْلِهِمْ: الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا، وَلَمْ يَنْوِ التَّعْلِيقَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ وَالِالْتِزَامِ كَقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ فَعَلَيَّ عِتْقٌ وَالْحَلِفُ بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 575 كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا فَإِنْ الْتَزَمَ) فِيهِ (قُرْبَةً) كَصَوْمٍ (أَوْ قُرَبًا) كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَصَدَقَةٍ (تَخَيَّرَ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا نَذَرَ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّذْرَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتِزَامُ قُرْبَةٍ، وَالْيَمِينُ مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ تَعَيُّنِ الْكَفَّارَةِ (وَإِنْ الْتَزَمَ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ الْقُرْبَةِ (فَعَلَيْهِ إنْ حَنِثَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشْبِهُ الْيَمِينَ لَا النَّذْرَ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الشِّقَّيْنِ فَقَالَ (فَإِذَا قَالَ: إنْ فَعَلْتُهُ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَكَ تَخَيَّرَ بَيْنَ عِتْقِهِ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ) فَإِنْ اخْتَارَ عِتْقَهُ أَعْتَقَهُ كَيْفَ كَانَ أَوْ الْكَفَّارَةَ اُعْتُبِرَ فِي إعْتَاقِهِ صِفَةَ الْإِجْزَاءِ (أَوْ إنْ فَعَلْتُهُ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَكِ فَكَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت) كَذَا (فَوَاَللَّهِ لَأُطَلِّقَنَّكِ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) قَبْلَ التَّطْلِيقِ وَبَعْدَ الْفِعْلِ وَفِي مَعْنَى مَوْتِ أَحَدِهِمَا تَحْرِيمُهُ عَلَى الْآخَرِ بِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَكَذَا لَوْ قَالَ) إنْ فَعَلْت كَذَا (فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ آكُلَ الْخُبْزَ) يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِمَوْتِهِ قَبْلَ أَكْلِ الْخُبْزِ وَبَعْدَ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إنَّمَا تُشْبِهُ الْيَمِينَ لَا النَّذْرَ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ غَيْرُ قُرْبَةٍ (أَوْ قَالَ) إنْ فَعَلْت كَذَا (فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ فَالنَّذْرُ قُرْبَةٌ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ قُرْبَةٍ مَا) مِنْ الْقُرَبِ (وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ) فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ كَأَنْ قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ قَالَ ابْتِدَاءً لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ لَزِمَهُ قُرْبَةٌ مِنْ الْقُرَبِ، وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَإِنْ قَالَ) إنْ فَعَلْت كَذَا (فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لَزِمَتْهُ) أَيْ الْكَفَّارَةُ إنْ حَنِثَ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي الْتَزَمَهَا (وَكَذَا لَوْ قَالَ نَذَرْت لِلَّهِ لَأَفْعَلَنَّ) كَذَا وَ (نَوَى الْيَمِينَ) يَلْزَمُهُ إنْ حَنِثَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَوَجْهَانِ) جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ مِنْهُمَا بِمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ نَذْرٌ أَيْ نَذْرُ تَبَرُّرٍ (أَوْ) إنْ فَعَلْت كَذَا (فَلِلَّهِ عَلَيَّ يَمِينٌ فَلَغْوٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِنَذْرٍ، وَلَا صِيغَةِ يَمِينٍ، وَلَيْسَتْ الْيَمِينُ مِمَّا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ (وَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَدْخُلَ الدَّارَ) الْيَوْمَ (فَيَمِينٌ) حَتَّى إذَا لَمْ يَدْخُلْ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ نَذْرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ قُرْبَةً (فَرْعٌ لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً مَالِي صَدَقَةٌ) أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (فَلَغْوٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ الْتِزَامٍ (فَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ (بِدُخُولٍ مَثَلًا) كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَمَالِي صَدَقَةٌ (فَنَذْرُ لَجَاجٍ) ؛ لِأَنَّهَا الْمَفْهُومُ مِنْهُ فَكَانَ كَقَوْلِهِ فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمَالِي (فَإِمَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ وَإِمَّا أَنْ يُكَفِّرَ) كَفَّارَةَ يَمِينٍ (إلَّا إنْ أَوْجَبَهُ) أَيْ التَّصَدُّقَ بِكُلِّ مَالِهِ عَيْنًا (وَالتَّبَرُّرُ) الْمُعَلَّقُ بِمَا ذَكَرَ بِأَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ بِهِ مَرْغُوبًا فِيهِ (كَقَوْلِهِ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ دُخُولَ الدَّارِ) أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَرَادَ ذَلِكَ فَمَالِي صَدَقَةٌ (فَتَجِبُ الصَّدَقَةُ) عَيْنًا، بَيَّنَ بِذَلِكَ مُرَادَ أَصْلِهِ الْمُوهِمَ خِلَافَ الْمُرَادِ بِحَيْثُ أَوْقَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ) بَدَلَ صَدَقَةٍ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ أَوْ التَّبَرُّرِ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَعَلَى الْغُزَاةِ) يَتَصَدَّقُ بِكُلِّ مَالِهِ فِي الْأَوَّلِ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ، وَفِي الثَّانِي مُطْلَقًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَشْبَهُ تَخْصِيصُ لُزُومِ التَّصَدُّقِ بِكُلِّ مَالِهِ فِيمَا تَقَرَّرَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ أَوْ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى صَرْفِهِ لَهُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِذَلِكَ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي لُزُومِ التَّصَدُّقِ بِمَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَالِهِ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِاسْتِثْنَائِهِ شَرْعًا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى. (فَرْعٌ الصِّيغَةُ إنْ احْتَمَلَتْ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَنَذْرَ التَّبَرُّرِ رُجِعَ) فِيهَا (إلَى قَصْدِهِ) أَيْ النَّاذِرِ (فَالْمَرْغُوبُ فِيهِ تَبَرُّرٌ وَالْمَرْغُوبُ عَنْهُ لَجَاجٌ) وَضَبَطُوا ذَلِكَ بِأَنَّ الْفِعْلَ إمَّا طَاعَةٌ أَوْ مَعْصِيَةٌ أَوْ مُبَاحٌ وَالِالْتِزَامُ فِي كُلٍّ مِنْهَا تَارَةً يَتَعَلَّقُ بِالْإِثْبَاتِ وَتَارَةً بِالنَّفْيِ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (فَالْإِثْبَاتُ فِي طَاعَةٍ كَقَوْلِهِ إنْ صَلَّيْت فَعَلَيَّ كَذَا يَحْتَمِلُهُمَا) أَيْ نَذْرَ التَّبَرُّرِ بِأَنْ يُرِيدَ إنْ وَفَّقَنِي اللَّهُ لِلصَّلَاةِ فَعَلَيَّ كَذَا وَنَذْرُ اللَّجَاجِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ صَلِّ فَيَقُولُ لَا أُصَلِّي، وَإِنْ صَلَّيْت فَعَلَيَّ كَذَا (وَالنَّفْيُ فِيهَا) أَيْ فِي الطَّاعَةِ (كَقَوْلِهِ) وَقَدْ مُنِعَ مِنْ الصَّلَاةِ (إنْ لَمْ أُصَلِّ) فَعَلَيَّ كَذَا (لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا لَجَاجًا) لَا تَبَرُّرًا؛ لِأَنَّهُ لَا بِرَّ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ (وَالْإِثْبَاتُ فِي الْمَعْصِيَةِ كَقَوْلِهِ) وَقَدْ أُمِرَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ (إنْ شَرِبْت الْخَمْرَ) فَعَلَيَّ كَذَا (يُتَصَوَّرُ لَجَاجًا فَقَطْ وَالنَّفْيُ فِيهَا) كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ فَعَلَيَّ كَذَا (يَحْتَمِلُهُمَا) أَيْ نَذْرُ التَّبَرُّرِ بِأَنْ يُرِيدَ إنْ عَصَمَنِي اللَّهُ مِنْ الشُّرْبِ فَعَلَيَّ كَذَا وَنَذْرُ اللَّجَاجِ بِأَنْ يُمْنَعَ مِنْ الشُّرْبِ فَيَقُولُ: إنْ لَمْ أَشْرَبْ فَعَلَيَّ كَذَا (وَيُتَصَوَّرُ أَنَّ) أَيْ نَذْرَ التَّبَرُّرِ وَنَذْرَ اللَّجَاجِ (فِي الْمُبَاحِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا) فَالتَّبَرُّرُ فِي النَّفْيِ إنْ لَمْ آكُلْ كَذَا فَعَلَيَّ كَذَا يُرِيدُ إنْ أَعَانَنِي اللَّهُ عَلَى كَسْرِ شَهْوَتِي فَتَرَكْتُهُ فَعَلَيَّ كَذَا وَفِي الْإِثْبَاتِ كَقَوْلِهِ إنْ أَكَلْت كَذَا فَعَلَيَّ كَذَا يُرِيدُ إنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ لِي   [حاشية الرملي الكبير] وَالِالْتِزَامُ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَيَجِيءُ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ مَاذَا يَلْزَمُ، وَأَمَّا إذَا قَالَ وَالْعِتْقِ لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ وَالطَّلَاقِ لَا أَفْعَلُ كَذَا بِالْجَرِّ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ، وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَهُ بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ ر (قَوْلُهُ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا نَذَرَهُ إلَخْ) مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ التَّخْيِيرَ أَنَّ لَهُ فِعْلَ مَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَوْلِهِ اخْتَرْت حَتَّى لَوْ قَالَ اخْتَرْت كَذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ، وَلَهُ الْعُدُولُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ قُرْبَةٌ مِنْ الْقُرَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ نَذْرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ قَالَ ابْتِدَاءً مَالِي صَدَقَةٌ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] (قَوْلُهُ الْأَشْبَهُ تَخْصِيصُ لُزُومِ التَّصَدُّقِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ بِذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ الصِّيغَةُ إنْ احْتَمَلَتْ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَنَذْرَ التَّبَرُّرِ] (قَوْلُهُ وَيُتَصَوَّرُ أَنَّ فِي الْمُبَاحِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا) إذَا قَالَ إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ فَإِنْ أَرَادَ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ رُؤْيَتَهُ فَهُوَ نَذْرُ تَبَرُّرٍ، وَإِنْ ذَكَرَهُ لِكَرَاهَتِهِ رُؤْيَتَهُ فَهُوَ نَذْرُ لَجَاجٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ تَكُونُ رُؤْيَةُ مَنْ نَذَرَ رُؤْيَتَهُ مَعْصِيَةً كَامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ يَتَعَشَّقُهَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَبَرُّرًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 576 فَعَلَيَّ كَذَا وَاللَّجَاجُ فِي النَّفْيِ كَقَوْلِهِ وَقَدْ مُنِعَ مِنْ أَكْلِ الْخُبْزِ إنْ لَمْ آكُلْهُ فَعَلَيَّ كَذَا وَفِي الْإِثْبَاتِ كَقَوْلِهِ وَقَدْ أُمِرَ بِأَكْلِهِ إنْ أَكَلْته فَعَلَيَّ كَذَا. (فَرْعٌ) قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ قَالَ إنْ سَلِمَ مَالِي، وَهَلَكَ مَالُ فُلَانٍ أَعْتَقْت عَبْدِي وَطَلَّقْت امْرَأَتِي انْعَقَدَ نَذْرُهُ عَلَى سَلَامَةِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَا عَلَى هَلَاكِ مَالِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَيَلْزَمُهُ فِي الْجَزَاءِ عِتْقُ عَبْدِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ طَاعَةٌ وَالطَّلَاقُ مُبَاحٌ وَمَا قَالَهُ قَرِيبٌ مِمَّا مَرَّ فِي إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَمَالِي صَدَقَةٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لِخُلُوِّهِ عَنْ عَلَيَّ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الصِّيغَةِ فَيُسْتَثْنَى. [فَرْعٌ لَا فَرْقَ فِي النَّذْر بَيْنَ قَوْلِهِ فَعَلَيَّ كَذَا وَقَوْلِهِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا] (فَرْعٌ لَا فَرْقَ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ (بَيْنَ قَوْلِهِ فَعَلَيَّ كَذَا وَقَوْلِهِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صِيغَةُ الْتِزَامٍ وَالْقُرْبَةُ لَا تَكُونُ إلَّا لِلَّهِ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ فِي الْأَوَّلِ عَلَيْهِ. [فَرْعٌ قَالَ إنْ فَعَلْتُهُ فَأَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي] (فَرْعٌ، وَإِنْ قَالَ إنْ فَعَلْتُهُ فَأَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي) وَمِثْلُهُ الْآنَ فِي الْعُرْفِ فَأَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ لَازِمَةٌ لِي (فَإِنْ نَوَى طَلَاقَ بَيْعَةِ الْحَجَّاجِ وَعَتَاقِهَا انْعَقَدَ) يَمِينُهُ بِهِمَا كَمَا لَوْ نَطَقَ بِهِمَا؛ وَلِأَنَّهُمَا يَنْعَقِدَانِ بِالْكِتَابَةِ مَعَ النِّيَّةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَنَوَى الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا (فَلَا) تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ قَالُوا وَكَانَتْ الْبَيْعَةُ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنْ بَعْدِهِ بِالْمُصَافَحَةِ فَلَمَّا وَلِيَ الْحَجَّاجُ رَتَّبَهَا أَيْمَانًا تَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى الطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْحَجِّ وَالصَّدَقَةِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ - الْمَنْذُورُ فَلَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ بِالْتِزَامِ الْمَعْصِيَةِ) كَشُرْبِ خَمْرٍ وَزِنًا وَصَلَاةٍ بِحَدَثٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ فَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ إنْ حَنِثَ وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ عَنْ خَبَرِ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ وَغَيْرُهُ يَحْمِلُهُ عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الْيَمِينَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ آخِرًا فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ. (وَأَمَّا الطَّاعَةُ فَشَرْطٌ) فِي انْعِقَادِ النَّذْرِ (لَكِنْ لَا يَصِحُّ نَذْرُ الْوَاجِبَاتِ مِنْهَا، وَكَذَا تَرْكُ) أَيْ نَذْرُ تَرْكِ (الْمُحَرَّمَاتِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَزِمَتْ) بِإِلْزَامِ الشَّرْعِ ابْتِدَاءً فَلَا مَعْنَى لِالْتِزَامِهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ الَّذِي هُوَ الْأَحَدُ الْمُبْهَمُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَاجِبٌ عَيْنًا نَعَمْ لَوْ نَذَرَ خَصْلَةً مُعَيَّنَةً مِنْ خِصَالِهِ فَيَنْبَغِي انْعِقَادُهُ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْقِيَاسُ انْعِقَادُهُ فِي أَعْلَاهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي بِعَدَمِ انْعِقَادِ ذَلِكَ. اهـ. وَمَنْ اسْتَحْضَرَ أَنَّ الْوَاجِبَ غَيْرُ الْمُخَيَّرِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَأَدَّى إلَّا بِهِ عُلِمَ أَنَّ الْأَوْجُهَ مَا قُلْنَاهُ. (وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ الْمُبَاحَاتِ) ، وَهِيَ الَّتِي اسْتَوَى فِعْلُهَا وَتَرْكُهَا سَوَاءٌ أَنَذَرَ فِعْلَهَا أَمْ تَرْكَهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا نَذْرَ إلَّا فِيمَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ» وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «بَيْنَمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ إذْ رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: هَذَا أَبُو إسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ، وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ قَالَ مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَذْرُ شَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَاتِ أَوْ أَنْ لَا يَسْرِقَ أَوْ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَأْكُلَ) أَيْ أَوْ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ أَنْ يَنَامَ (وَإِنْ قَصَدَ) بِالْأَكْلِ (التَّقَوِّي عَلَى الْعِبَادَةِ) وَبِالتَّزَوُّجِ غَضَّ الْبَصَرِ وَتَحْصِينَ الْفَرْجِ وَبِالنَّوْمِ النَّشَاطَ عَلَى التَّهَجُّدِ (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِعَدَمِ انْعِقَادِ نَذْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْعَقِدْ عِنْدَ قَصْدِهِ بِالْأَكْلِ وَالتَّزَوُّجِ وَالنَّوْمِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ انْعِقَادَهُ عِنْدَ الْقَصْدِ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَذِكْرُ الْمُصَنِّفُ التَّزَوُّجَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِهِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ مُرَادًا لَهُ إذْ هُوَ مَنْدُوبٌ عِنْدَ التَّوَقَانِ، وَوُجُودِ الْأُهْبَةِ كَمَا صَرَّحَ هُوَ كَغَيْرِهِ بِهِ فَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ بِقَرِينَةِ سَابِقِ كَلَامِهِ فِيهِ، وَلَاحِقِهِ وَقَوْلِهِمْ: الْعُقُودُ وَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهَا فِي الذِّمَّةِ مَحَلُّهُ إذَا اُلْتُزِمَتْ بِغَيْرِ نَذْرٍ يَنْعَقِدُ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ بِقَرِينَةِ تَصْرِيحِهِمْ بِصِحَّةِ النَّذْرِ فِي قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَشْتَرِيَ عَبْدًا وَأُعْتِقَهُ وَتَصْرِيحِ الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ النِّكَاحُ إلَّا بِالنَّذْرِ حَيْثُ يُسْتَحَبُّ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ إنْ سَلِمَ مَالِي وَهَلَكَ مَالُ فُلَانٍ أَعْتَقْت عَبْدِي وَطَلَّقْت امْرَأَتِي] قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ نَذَرَ خَصْلَةً مِنْهُ لَمْ يَنْعَقِدْ إلَخْ) إنْ لَمْ تَكُنْ أَفْضَلَ، وَإِلَّا انْعَقَدَتْ وَكَتَبَ أَيْضًا: وَالْقِيَاسُ صِحَّةُ نَذْرٍ عَلَى خِصَالِ الْوَاجِبِ الْمُتَخَيَّرِ. (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ بِقَرِينَةِ سَابِقِ كَلَامِهِ فِيهِ، وَلَاحِقِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لُزُومُ النِّكَاحِ بِالنَّذْرِ فَاسِدٌ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْمُكَلَّفُ، وَالنِّكَاحُ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى رِضَى الْمَرْأَةِ أَوْ رِضَى وَلِيِّهَا إنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً، وَهُوَ فِي حَالَةِ النَّذْرِ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى إنْشَاءِ النِّكَاحِ الثَّانِي - أَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ وَالْعُقُودُ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَمَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ، وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَشُرُفَاتٍ وَمَنَائِرَ مُخْتَلِفَةِ الْأَعْلَى وَالسُّفْلِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَقْبَلُ إلَّا مَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ وَضَبْطُهُ وَالْأَصْحَابُ قَدْ ذَكَرُوا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِيمَا إذَا قَالَ أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي فَقَبِلَتْ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ الثَّالِثُ - أَنَّ النِّكَاحَ لَوْ لَزِمَ بِالنَّذْرِ لَزِمَ مِنْهُ وُجُوبُ إلْزَامِ الْغَيْرِ بِالتَّكَالِيفِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ فِيهِ إلْزَامُ الْمَرْأَةِ بِتَكَالِيفَ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا لِحُقُوقِ الزَّوْجِ وَحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْعَدَدِ وَاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ وَالْإِحْصَانِ الْمُفْضِي لِلرَّجْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ السَّعْيُ فِي إلْزَامِ غَيْرِهِ بِالتَّكَالِيفِ فَظَهَرَ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ سَوَاءٌ نَذَرَهُ فِي امْرَأَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -. فَإِنْ قِيلَ الْمَغْصُوبُ يَلْزَمُهُ السَّعْيُ فِي إلْزَامِ ذِمَّةِ الْغَيْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ؟ فَجَوَابُهُ أَنَّ الْحَجَّ قَدْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ أَوَّلًا فَلَزِمَ السَّعْيُ فِي أَدَاءِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَالنِّكَاحُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا سَبَقَ فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ مُسْتَحَبًّا فَهَلَّا لَزِمَ بِالنَّذْرِ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مُسْتَحَبٍّ يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ، وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ مَسْحَ جَمِيعِ رَأْسِهِ أَوْ نَذَرَ الْمُسَافِرُ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ لَمْ يَصِحَّ النَّذْرُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ أَفْضَلَ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ النَّذْرُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَجِّحَ فِي مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ الصِّحَّةُ وَفِي إتْمَامِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ اللُّزُومُ وَحَيْثُ كَانَ أَفْضَلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 577 وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ عَدَمُ لُزُومِ كَفَّارَةِ يَمِينٍ فِي الْمُبَاحِ وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا لَكِنْ رَجَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ لُزُومَهَا، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ لُزُومِهَا فِي قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَك وَفِي قَوْلِهِ إنْ فَعَلْته فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ آكُلَ الْخُبْزَ وَفِي قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَدْخُلَ الدَّارَ. (وَيَصِحُّ نَذْرُ الْعِبَادَاتِ الْمَقْصُودَةِ) بِأَنْ وُضِعَتْ لِلتَّقَرُّبِ بِهَا وَعُرِفَ مِنْ الشَّارِعِ الِاهْتِمَامُ بِتَكْلِيفِ الْخَلْقِ بِإِيقَاعِهَا عِبَادَةً (كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَلَوْ رَاتِبَةً وَفُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَلَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِمَالٍ) كَالْجِهَادِ وَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ. (وَ) يَصِحُّ نَذْرُ (الصِّفَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِيهَا) أَيْ فِي الْعِبَادَاتِ (وَلَوْ فِي فَرْضٍ) ، وَلَوْ مَنْذُورًا (كَتَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَ) تَطْوِيلِ (السُّجُودِ) إذَا لَمْ يُنْدَبْ تَرْكُ التَّطْوِيلِ (وَالْمَشْيِ فِي الْحَجِّ) ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ، وَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ أَفْضَلَ كَمَا سَيَأْتِي (وَالصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْجَمَاعَةِ) فَلَوْ خَالَفَ فِي الْوَصْفِ الْمُلْتَزَمِ كَأَنْ صَلَّى فِي الْأَخِيرَةِ مُنْفَرِدًا سَقَطَ عَنْهُ خِطَابُ الشَّرْعِ فِي الْأَصْلِ وَبَقِيَ الْوَصْفُ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَحْدَهُ فَعَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِ ثَانِيًا مَعَ وَصْفِهِ. ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ تَبَعًا لِلْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ يَسْقُطُ عَنْهُ نَذْرُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْوَصْفَ، وَلَا يُمْكِنُ قَضَاؤُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ نَقُلْ إنَّ الْفَرْضَ الْأَوْلَى، وَإِلَّا فَالْمُتَّجَهُ الثَّانِي انْتَهَى. وَقَدْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا ذَكَرَ فِي نَذْرِهِ الظُّهْرَ مَثَلًا، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا ذَكَرَ فِيهِ الْفَرْضَ. (وَيَنْعَقِدُ) النَّذْرُ (بِسَائِرِ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ) الَّتِي رَغَّبَ الشَّارِعُ فِيهَا لِعِظَمِ فَائِدَتِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِبَادَةً مَقْصُودَةً (كَالسَّلَامِ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَالزِّيَارَةِ) لِلْقَادِمِ وَالْقُبُورِ وَنَحْوِهِمَا وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَتَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ وَتَطْيِيبِ الْكَعْبَةِ وَكِسْوَتِهَا، كَمَا سَيَأْتِيَانِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا فَهِيَ كَالْعِبَادَةِ وَلِعُمُومِ خَبَرِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» . (فَإِنْ نَذَرَ الْوُضُوءَ صَحَّ) كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ (وَحُمِلَ عَلَى التَّجْدِيدِ) الْمَشْرُوعِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ صَلَّى بِالْأَوَّلِ صَلَاةً مَا (وَإِنْ نَذَرَهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَزِمَهُ) الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ (وَيَكْفِيهِ) فِي خُرُوجِهِ عَنْ عُهْدَةِ نَذْرِهِ (وُضُوءُ الْحَدَثِ) فَلَا يَلْزَمُهُ وُضُوءٌ ثَانٍ فَهُوَ كَافٍ لَهُ عَنْ وَاجِبَيْ الشَّرْعِ وَالنَّذْرِ. (وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ التَّيَمُّمِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ (وَ) لَا نَذْرُ (الْغُسْلِ) لِكُلِّ صَلَاةٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ. (وَفِي) صِحَّةِ (نَذْرِ صَوْمِ رَمَضَانَ بِالسَّفَرِ وَالْقِيَامِ) فِي الْفَرْضِ (فِي الْمَرَضِ وَجْهَانِ) إنَّمَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ فِي الْأُولَى أَحَدُهُمَا، وَنُقِلَ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ لَا؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ يُبْطِلُ رُخْصَةَ الشَّرْعِ وَالثَّانِي نَعَمْ كَسَائِرِ الْمُسْتَحَبَّاتِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ لَهُ أَفْضَلُ أَمَّا مَنْ يَتَضَرَّرُ بِهِ فَالْفِطْرُ لَهُ أَفْضَلُ فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَنَقَلَ أَعْنِي الْأَصْلَ فِيهَا وَفِي نَذْرِ الصَّوْمِ بِشَرْطٍ أَنْ لَا يُفْطِرَ فِي الْمَرَضِ عَنْ الْإِمَامِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَدَمَ الِانْعِقَادِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ فِي مَسْأَلَةِ نَذْرِ الصَّوْمِ (وَيَجْرِيَانِ فِيمَنْ نَذَرَ الْقِيَامَ فِي النَّوَافِلِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيمَنْ نَذَرَ إتْمَامَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ إنْ قُلْنَا الْإِتْمَامُ أَفْضَلُ (وَ) فِيمَنْ نَذَرَ (اسْتِيعَابَ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ أَوْ) نَذَرَ (التَّثْلِيثَ) فِي الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ (أَوْ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ) عِنْدَ مُقْتَضِيهِمَا وَبِصِحَّةِ النَّذْرِ فِيهِمَا، وَفِي إتْمَامِ الصَّلَاةِ فِيمَا ذُكِرَ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَالَ الْعِمْرَانِيُّ فِي الْبَيَانِ، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ. (وَإِنْ نَذَرَ الصَّوْمَ وَشَرَطَ أَنْ لَا يُفْطِرَ فِي الْمَرَضِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَفَاءُ بِهِ فِي الْمَرَضِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ لَا يَزِيدُ عَلَى الْوَاجِبِ شَرْعًا. (وَإِنْ نَذَرَ أَنْ لَا يَفِرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ) فَأَكْثَرَ (مِنْ الْكُفَّارِ وَقَدَرَ) عَلَى مُقَاوَمَتِهِمْ (انْعَقَدَ) نَذْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا فَلَا (وَلَوْ نَذَرَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ فِي شَوَّالٍ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا انْعَقَدَ) نَذْرُهُ. [فَرْعٌ لَوْ عَيَّنَ لِلْجِهَادِ الَّذِي نَذَرَهُ جِهَةً]   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ عَدَمُ لُزُومِ كَفَّارَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ إلَخْ) مَا مَرَّ فِي نَذْرِهِ اللَّجَاجَ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِ ثَانِيًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَالسَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا) وَقِرَاءَةِ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَتَطْوِيلِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ إمَامًا لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ أَوْ لَمْ يَرْضَوْا بِالتَّطْوِيلِ، وَلَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ نَذْرِ الْجَمَاعَةِ وَقِرَاءَةِ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَتَطْوِيلِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ بَيْنَ كَوْنِهَا فِي فَرْضٍ وَنَقْلٍ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ صِحَّتَهَا مُقَيَّدَةٌ بِكَوْنِهَا فِي الْفَرْضِ أَخْذًا مِنْ تَقْيِيدِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِذَلِكَ وَهْمٌ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا قَيَّدَاهُ بِذَلِكَ لِلْخِلَافِ فِيهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ وَالسَّلَامُ عَلَى الْغَيْرِ الْأَجْوَدِ حَذَفَ الْغَيْرَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَقَدْ يُوهِمُ الِاحْتِرَازَ مِنْ سَلَامِهِ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ بَيْتًا خَالِيًا، وَلَا يَصِحُّ الِاحْتِرَازُ فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ انْتَهَى. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ) أَوْ الْمَرْضَى لَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنْ نَذْرِهِ هَلْ هُوَ بِمَرْضَى بَلَدِهِ أَمْ يَعُمُّ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَهَلْ يُكْتَفَى بِثَلَاثَةٍ أَمْ يَعُمُّ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى كَالْوَصِيَّةِ بِالشَّيْءِ لِأَوْلَى النَّاسِ، وَالثَّانِيَةُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْعُمُومِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ الْمُحَلَّى بِأَلْ لِلْعُمُومِ وَفِي مَسْأَلَةٍ وَجْهٌ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْجِيرَانِ وَقَوْلُهُ هَلْ هُوَ بِمَرْضَى بَلَدِهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ يُكْتَفَى بِثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ وَفِي نَذْرِ صَوْمِ رَمَضَانَ بِالسَّفَرِ) أَوْ الْإِتْمَامِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا صِحَّتُهُ إذَا كَانَ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ إلَخْ) لَوْ نَذَرَ سُجُودَ السَّهْوِ عِنْدَ مُقْتَضِيهِ فَإِنْ نَذَرَ فِعْلَهُ بَعْدَ السَّلَامِ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ أَوْ قَبْلَهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لُزُومُهُ (قَوْلُهُ وَبِصِحَّةِ النَّذْرِ فِيهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) وَلَوْ نَذَرَ صَلَاةً بَعْضُهَا قَبْلَ الِاسْتِوَاءِ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَبَعْضُهَا عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ ابْتِدَاءُ مَا لَا سَبَبَ لَهُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ الْمُتَحَيِّرَةَ فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهَا صَلَاةً، وَلَا صَوْمًا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا فِيهِ حَائِضًا، وَلَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَصَحَّ إبَاحَةُ تَنَفُّلِهَا بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِئَلَّا يَنْسَدَّ بَابُ الثَّوَابِ بِالتَّطَوُّعَاتِ بِخِلَافِ النَّذْرِ فَإِنَّهُ إلْزَامٌ مَعَ الشَّكِّ، وَهَذَا فِقْهٌ ظَاهِرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 578 أَجْزَأَهُ) عَنْهَا جِهَةً (مِثْلَهَا فِي الْمَسَافَةِ وَ) قَدْرِ (الْمُؤْنَةِ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي نَظَرِ الشَّرْعِ حِينَئِذٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ تَعَيُّنَ الَّتِي عَيَّنَهَا إذَا كَانَ الْجِهَادُ فِيهَا أَعْظَمَ أَجْرًا، وَهِيَ أَكْثَرُ خَطَرًا، وَإِنْ قَرُبَتْ مَسَافَتُهَا. (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي) انْعِقَادِ (نَذْرِ الْقُرْبَةِ الْمَالِيَّةِ) كَالصَّدَقَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ (الِالْتِزَامُ لَهَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ الْإِضَافَةِ إلَى مُعَيَّنٍ يَمْلِكُهُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ بِهَذَا الدِّينَارِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَضَافَ إلَى مُعَيَّنٍ يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ عَبْدَ فُلَانٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ (فَإِنْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا وَإنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي وَمَلَكْت عَبْدًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ) أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ عَبْدًا إنْ مَلَكْتُهُ أَوْ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَشْتَرِيَ عَبْدًا وَأُعْتِقَهُ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ إنْ دَخَلَ الدَّارَ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ (انْعَقَدَ) نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ الْتَزَمَ قُرْبَةً فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ، وَفِي الْأَخِيرَةِ مَالِكٌ لِلْعَبْدِ وَقَدْ عَلَّقَهُ بِصِفَتَيْنِ: الشِّفَاءِ وَالدُّخُولِ، وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا مِمَّا يُعْتَبَرُ فِيهِ عَلَيَّ (لَا إنْ قَالَ) إنْ مَلَكْت عَبْدًا أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي وَمَلَكْت عَبْدًا (فَهُوَ حُرٌّ) فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ التَّقَرُّبَ بِقُرْبَةٍ بَلْ عَلَّقَ الْحُرِّيَّةَ بِشَرْطٍ، وَلَيْسَ هُوَ مَالِكًا حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَغَا (وَكَذَا إذَا) وَفِي نُسْخَةٍ إنْ (قَالَ إنْ مَلَكْت) أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي وَمَلَكْت (هَذَا) الْعَبْدَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ أَوْ فَهُوَ حُرٌّ فَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ بِشِقَّيْهِمَا. [فَرْعٌ نَذَرَ الْإِمَامُ أَنْ يَسْتَسْقِيَ لِلنَّاسِ] (فَرْعٌ) لَوْ (نَذَرَ الْإِمَامُ أَنْ يَسْتَسْقِيَ) لِلنَّاسِ (لَزِمَهُ الْخُرُوجُ بِالنَّاسِ) فِي زَمَنِ الْجَدْبِ (وَأَنْ يَؤُمَّهُمْ) فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَيَخْطُبَ بِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْهُ قَالَ فِي الْأُمِّ فَإِنْ سَقَوْا قَبْلَ الْخُرُوجِ خَرَجَ وَاسْتَسْقَى وَكَانَ قَضَاءً كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا فَفَاتَهُ فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَغَيْرُهُ إنْ نَذَرَ) أَنْ يَسْتَسْقِيَ (تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ) لِلِاسْتِسْقَاءِ، وَلَوْ (مُنْفَرِدًا فَإِنْ نَذَرَ الْخُرُوجَ) أَيْ الِاسْتِسْقَاءَ (بِالنَّاسِ لَمْ يَنْعَقِدْ) نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُطِيعُونَهُ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ خِلَافُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَعِبَارَةُ الْجُرْجَانِيِّ عَنْ النَّصِّ لَوْ نَذَرَ غَيْرُ الْإِمَامِ أَنْ يَسْتَسْقِيَ مَعَ النَّاسِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ بِالنَّاسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُمْ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَلْ مَا نَقَلَهُ مَعْلُومٌ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ فَقَوْلُهُمْ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِاسْتِسْقَائِهِ بِالنَّاسِ. (وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَخْطُبَ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ (انْعَقَدَ) نَذْرُهُ (وَلَزِمَهُ الْقِيَامُ فِيهَا) كَمَا فِي الصَّلَاةِ الْمَنْذُورَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ، وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْمَذْهَبُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ هَذَا فِي الْإِمَامِ الْخَاطِبِ بِالنَّاسِ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ أَنْ يَخْطُبَ قَاعِدًا قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَلَا يَخْطُبَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْخُطْبَةُ بِالنَّذْرِ. [فَرْعٌ قَوْلَ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَهَبَكَ أَلْفًا] (فَرْعٌ فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّ قَوْلَ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي: إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَهَبَكَ أَلْفًا لَغْوٌ) إنْ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ بِمَذْهَبٍ مُعْتَبَرٍ (لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ) كَمَا مَرَّ فَإِنْ قُلْت الْهِبَةُ قُرْبَةٌ (قُلْت) نَعَمْ (الْهِبَةُ قُرْبَةٌ إلَّا أَنَّهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَتْ قُرْبَةً، وَلَا مُحَرَّمَةً فَكَانَتْ مُبَاحَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ انْعِقَادُ النَّذْرِ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ. (فَرْعٌ لَوْ نَذَرَ كِسْوَةَ يَتِيمٍ لَمْ يَجْزِهِ يَتِيمٌ ذِمِّيٌّ) أَيْ كِسْوَتُهُ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْيَتِيمِ فِي الشَّرْعِ لِلْمُسْلِمِ، وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَضْعُ الْكَفَّارَةِ فِيهِ فَكَذَا النَّذْرُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اشْتِرَاطُ الْفَقْرِ فِي الْيَتِيمِ. (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ، وَالْمُلْتَزَمَاتِ) بِالنَّذْرِ (أَنْوَاعٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ - الصَّوْمُ فَمَنْ نَذَرَ صَوْمًا) كَأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ أَنْ أَصُومَ (أَوْ) نَذَرَ (صَوْمَ دَهْرٍ أَوْ حِينٍ كَفَاهُ يَوْمٌ) أَيْ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَصَّدَّقُ بِهِ الصَّوْمُ (وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ أَيَّامِ فَثَلَاثَةٌ) يَكْفِيه صَوْمُهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ (فَرْعٌ وَيَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ مَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ نَذْرِ الْقُرْبَةِ الْمَالِيَّةِ] (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ إنْ نَذَرَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ غَيْرُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ لَوْ نَذَرَ الْإِمَامُ أَنْ يَسْتَسْقِيَ مَعَ النَّاسِ إلَخْ) لَوْ نَذَرَ أَهْلُ الْخِصْبِ الِاسْتِسْقَاءَ لِأَهْلِ الْجَدْبِ لَزِمَهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يَسْتَسْقُوا لِأَهْلِ الْجَدْبِ، وَيَسْأَلُوا الزِّيَادَةَ لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ نَذَرَ الِاسْتِسْقَاءَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ كَنَذْرِ الصَّلَاةِ بِهَا (قَوْلُهُ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَذْرِ تَبَرُّرٍ إذْ خُرُوجُ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا لَيْسَ بِمَرْغُوبٍ فِيهِ، وَلَا لَجَاجَ إذْ لَيْسَ فِيهِ مَنْعُ نَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ، وَلَا حَثُّهَا عَلَيْهِ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنَّهَا لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنْ جَامَعَتْنِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدٍ نُظِرَ إنْ قَالَتْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ فَنَذْرُ لَجَاجٍ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الشُّكْرِ لِلَّهِ حَيْثُ يَرْزُقُهَا الِاسْتِمْتَاعَ بِزَوْجِهَا لَزِمَهَا الْوَفَاءُ؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ تَبَرُّرٍ. [فَرْعٌ لَوْ نَذَرَ كِسْوَةَ يَتِيمٍ لَمْ يَجْزِهِ يَتِيمٌ ذِمِّيٌّ] (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اشْتِرَاطُ الْفَقْرِ فِي الْيَتِيمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ النَّذْر] [الْمُلْتَزَمَاتِ بِالنَّذْرِ أَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ] [النَّوْع الْأَوَّلُ الصَّوْمُ] (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الصَّوْمُ إلَخْ) بَدَأَ بِالصَّوْمِ لِكَثْرَةِ أَحْكَامِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ حِينٍ أَوْ صَوْمًا كَثِيرًا أَوْ طَوِيلًا) ، وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْأَيَّامِ وَأَطْلَقَ فَهَلْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى صَوْمِ الدَّهْرِ أَوْ يَكْفِيهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ صَوْمُ أُسْبُوعٍ أَوْ يَلْزَمُهُ صَوْمُ سَنَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَدْ سَبَقَ فِي الطَّلَاقِ كَلَامٌ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَيُطْلَبُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ أَوْ يَكْفِيهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَفَاهُ يَوْمٌ) اسْتَشْكَلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ الِاكْتِفَاءَ بِيَوْمٍ وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْتَفَى بِهِ إذَا حَمَلْنَا النَّذْرَ عَلَى أَقَلِّ وَاجِبٍ بِالشَّرْعِ فَإِنَّ أَقَلَّ مَا وَجَبَ بِالشَّرْعِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَحَاوَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ دَفْعَ هَذَا الْإِشْكَالِ فَقَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَقَلُّ صَوْمٍ وَجَبَ بِالشَّرْعِ ابْتِدَاءً بِدَلِيلِ وُجُوبِ صَوْمِ يَوْمٍ فَقَطْ بِالشَّرْعِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَعِنْدَ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ وَبُلُوغِ الصَّبِيِّ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُعْتَرِضِ وَالْمُجِيبِ فَإِنَّ أَقَلَّ صَوْمٍ وَاجِبٍ بِالشَّرْعِ ابْتِدَاءً يَوْمٌ فَإِنَّ رَمَضَانَ ثَلَاثُونَ عِبَادَةً بِدَلِيلِ وُجُوبِ النِّيَّةِ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَإِنْ بَعْضَهُ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ بَعْضٍ د [فَرْعٌ يَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ] (قَوْلُهُ وَيَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ) أَيْ غَالِبًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 579 ابْتِدَاءً لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْوُجُوبِ (لَا) مَسْلَكَ (جَائِزِهِ) إلَّا مَا يَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْبَابِ مِمَّا قَوِيَ دَلِيلُهُ عَلَى دَلِيلِ الْأَوَّلِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ أَيْضًا (فَعَلَى هَذَا) ، وَهُوَ أَنَّا نَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ (يَجِبُ فِي صَوْمِهِ) الْمَنْذُورِ (تَبْيِيتُ النِّيَّةِ) ، وَإِنْ سَلَكْنَا بِهِ مَسْلَكَ الْجَائِزِ لَمْ يَجِبْ التَّبْيِيتُ وَخَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فَصَحَّ أَنَّهُ يَجِبُ التَّبْيِيتُ أَيْضًا لِعُمُومِ الْخَبَرِ. (نَعَمْ لَوْ نَذَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ صَوْمَ يَوْمِهِ لَزِمَهُ) وَصَحَّ صَوْمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَوْمَ التَّطَوُّعِ إذَا نُوِيَ نَهَارًا يَكُونُ مِنْ أَوَّلِهِ (وَمَنْ نَذَرَ صَلَاةً) وَأَطْلَقَ (لَزِمَهُ رَكْعَتَانِ بِالْقِيَامِ) عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ حَمْلًا عَلَى أَقَلِّ وَاجِبِ الشَّرْعِ (فَإِنْ نَذَرَهُمَا مِنْ قُعُودٍ) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ (انْعَقَدَ) نَذْرُهُ لَهُمَا لَا لِلْقُعُودِ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ فَأُلْغِيَتْ وَبَقِيَ الْأَصْلُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا قَاعِدًا قَطْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَ) لَكِنَّ (الْقِيَامَ أَفْضَلُ لَهُ) وَحَذْفُ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ بَعْدُ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّي كَذَا قَاعِدًا لَزِمَهُ الْقِيَامُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ لِمُنَافَاتِهِ لِمَا هُنَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهَا الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِتَصْوِيرِ الْأَصْلِ مَا هُنَا بِأَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا وَمَا هُنَاكَ بِأَنْ يُصَلِّيَ كَذَا قَاعِدًا تَأْثِيرٌ ظَاهِرٌ فِي الْفَرْقِ صَوَّرَ الْمُصَنِّفُ مَا هُنَا بِمَا صَوَّرَ بِهِ الْأَصْلُ ثَمَّ (وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فَصَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ) بِتَشَهُّدٍ أَوْ تَشَهُّدَيْنِ (فَفِي الْإِجْزَاءِ تَرَدُّدٌ) أَيْ خِلَافٌ، وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ جَوَازُهُ، وَالثَّانِي فِيهِ وَجْهَانِ، وَهَذَا التَّرْجِيحُ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ وَالْقَائِلُ بِالْجَوَازِ قَاسَهُ بِمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةٍ فَتَصَدَّقَ بِعِشْرِينَ، وَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ السَّابِقِ مِنْ أَنَّهُ يَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ، وَلِهَذَا جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ: وَيُمْكِنُ بِنَاؤُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ إنْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ لَمْ يَجْزِهِ كَمَا لَوْ صَلَّى الصُّبْحَ أَرْبَعًا، وَإِلَّا أَجْزَأَهُ (أَوْ) نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ (رَكْعَةً أَجْزَأَتْهُ) أَيْ الرَّكْعَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهَا أَصْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَجْزَأَتْهُ الْأَرْبَعُ بِتَسْلِيمَةٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ (وَلَوْ نَذَرَ) أَنْ يُصَلِّيَ (أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ جَازَ) أَنْ يُصَلِّيَهَا (بِتَسْلِيمَتَيْنِ) وَإِنْ خَالَفَ الْأَصْلَ السَّابِقَ لِغَلَبَةِ وُقُوعِ الصَّلَاةِ مَثْنَى وَزِيَادَةِ فَضْلِهَا؛ وَلِأَنَّهُ يُسَمَّى مُصَلِّيًا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كَيْفَ صَلَّاهَا (فَإِنْ صَلَّاهُمَا) الْأَوْلَى قَوْلُهُ فِي نُسْخَةٍ صَلَّاهَا (بِتَسْلِيمَةٍ) عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ السَّابِقِ (فَتَشَهُّدَيْنِ) أَيْ فَيُؤْمَرُ بِأَنْ يَأْتِيَ بِتَشَهُّدَيْنِ (فَإِنْ تَرَكَ الْأَوَّلَ) مِنْهُمَا (سَجَدَ لِلسَّهْوِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إذَا نَذَرَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَذَرَهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَزِمَتَاهُ؛ لِأَنَّهُمَا أَفْضَلُ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ، وَلَوْ نَذَرَ صَلَاتَيْنِ لَمْ يُجْزِهِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَصْلِ أَوَاخِرَ الْبَابِ (وَلَا يُجْزِئُ) فِعْلُ الصَّلَاةِ (عَلَى الرَّاحِلَةِ) إذَا لَمْ يَنْذُرْهُ عَلَيْهَا بِأَنْ نَذَرَهُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ أَطْلَقَ بَلْ يُصَلِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْتَقْبِلًا، وَهَذَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ (فَإِنْ نَذَرَهُ عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ) فِعْلُهَا عَلَيْهَا كَمَا يُجْزِئُ فِعْلُهَا عَلَى الْأَرْضِ (وَ) لَكِنْ فِعْلُهَا (عَلَى الْأَرْضِ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِأَفْعَالِهَا تَامَّةً، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ أَجْزَأَهُ مَا يَتَمَوَّلُ) ، وَإِنْ قَلَّ سَوَاءٌ أَقُلْنَا إنَّهُ يَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ أَمْ جَائِزَهُ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ أَقَلُّ وَاجِبِ الصَّدَقَةِ فِي الْخُلْطَةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ. (وَلَوْ نَذَرَ عِتْقًا أَجْزَأَهُ مَعِيبٌ وَكَافِرٌ) ، وَإِنْ خَالَفَ الْأَصْلَ السَّابِقَ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ (لَا إنْ قَالَ) لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ رَقَبَةً (مُؤْمِنَةً) أَوْ سَلِيمَةً فَلَا يُجْزِئُ الْكَافِرُ وَالْمَعِيبُ (فَإِنْ قَالَ) لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ رَقَبَةً (كَافِرَةً) أَوْ مَعِيبَةً (أَجْزَأَتْ مُسْلِمَةٌ) وَسَلِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا أَكْمَلُ وَذِكْرُ الْكُفْرِ وَالْمَعِيبِ لَيْسَ لِلتَّقَرُّبِ، بَلْ لِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى النَّاقِصِ فَصَارَ كَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِحِنْطَةٍ رَدِيئَةٍ يَجُوزُ لَهُ التَّصَدُّقُ بِالْجَيِّدَةِ (لَا إنْ عَيَّنَ) بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا الْكَافِرَ أَوْ الْمَعِيبَ فَلَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ لِتَعَلُّقِ النَّذْرِ بِعَيْنِهِ. (فَصْلٌ. وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ أَوْ خَمِيسٍ) مَثَلًا، وَلَمْ يُعَيِّنْ (لَمْ تَتَعَيَّنْ) فَيَجُوزُ إيقَاعُهُ فِي أَيِّ يَوْمٍ أَوْ أَيِّ أَيَّامٍ أَوْ أَيِّ خَمِيسٍ شَاءَ مِمَّا يَقْبَلُ الصَّوْمَ غَيْرَ رَمَضَانَ (وَاسْتَقَرَّ) فِي ذِمَّتِهِ (بِمُضِيِّهَا) حَتَّى لَوْ مَاتَ قَبْلَ الصَّوْمِ وَبَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَدَى عَنْهُ أَوْ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَذِكْرُ الِاسْتِقْرَارِ فِي نَذْرِ صَوْمِ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فِي الثَّالِثَةِ، وَلَوْ نَزَلَ نَذْرُهُ عَلَى أَوَّلِ خَمِيسٍ يَلْقَاهُ لَمْ يَبْعُدْ أَخْذًا مِمَّا إذَا أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ وَأَجَلُهُ بِرَبِيعٍ أَوْ جُمَادَى أَنَّهُ يَنْزِلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا جَائِزِهِ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الرَّجْعَةِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ تَرْجِيحُ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ بَلْ يَخْتَلِفُ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا بِحَسَبِ الْمَسَائِلِ لِظُهُورِ دَلِيلِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فِي بَعْضِهَا وَعَكَسَ بَعْضٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ) لَمْ يَذْكُرْ مَسْأَلَةَ النَّذْرِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ وَقَدْ نَقَلَهَا الشَّارِحُ فِيهِ عَنْ الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَذَرَهُمَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَزِمَتَاهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ إلَخْ) لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ شَمْلُ مَا لَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ أَوْ أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ قُرْبَةٌ (قَوْلُهُ، وَلَوْ نَذَرَ عِتْقًا أَجْزَأَهُ مَعِيبٌ وَكَافِرٌ) تُسْتَثْنَى الْمُشْتَرَاةُ بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ وَأَنْ يَشْتَرِيَ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ بِنِيَّةِ الْعِتْقِ عَنْ النَّذْرِ وَمُنْقَطِعَ الْخَبَرِ، وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْهَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ فِي النَّذْرِ (قَوْلُهُ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ) مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْغَرَامَاتِ الَّتِي يَشُقُّ إخْرَاجُهَا فَكَانَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا هُوَ أَقَلُّ ضَرَرًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الْإِعْتَاقِ تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ، وَلَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ الْمَعِيبُ وَالسَّلِيمُ، وَلَوْ نَذَرَ الصَّوْمَ كَفَاهُ يَوْمٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ لَمْ يُشْرَعْ لَهَا أَذَانُ، وَلَا إقَامَةٌ، وَلَوْ أَصْبَحَ مُمْسِكًا غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ ثُمَّ نَذَرَ صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَزِمَهُ، وَصَحَّ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ كَافِرَةً) أَوْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 580 عَلَى الْأَوَّلِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصِّحَّةَ مَعَ الْإِبْهَامِ ثَمَّ لَا تُمْكِنُ، فَتَعَيُّنُ التَّنْزِيلِ عَلَى الْمُعَيَّنِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ لَمْ يَتَعَيَّنْ إلَى آخِرِهِ اسْتَقَرَّ بِأَوَّلِهَا، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ (وَاسْتُحِبَّ) فِيمَا ذُكِرَ (تَعْجِيلُهُ) أَيْ الصَّوْمِ. (فَإِنْ عَيَّنَ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِلصَّوْمِ لَا لِلصَّدَقَةِ وَقْتًا تَعَيَّنَ) وَفَاءً بِالْمُلْتَزَمِ فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهُمَا قَبْلَهُ (فَإِنْ فَاتَ) الْوَقْتُ، وَلَوْ بِعُذْرٍ (قَضَى) هُمَا (وَأَثِمَ) بِتَأْخِيرِهِ (إنْ قَصَّرَ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ كَأَنْ أَخَّرَ بِعُذْرِ سَفَرٍ أَمَّا وَقْتُ الصَّدَقَةِ فَلَا يَتَعَيَّنُ اعْتِبَارًا بِمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ جِنْسِهَا، وَهُوَ الزَّكَاةُ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ جَوَازُ تَأْخِيرِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ الْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَالزَّكَاةِ. (وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ) مُعَيَّنٍ (مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ مِنْ أُسْبُوعٍ (وَنَسِيَهُ جَعَلَهُ الْجُمُعَةَ) فَيَصُومُ يَوْمَهَا (لِأَنَّهَا آخِرُهُ) أَيْ الْأُسْبُوعِ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُعَيَّنُ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ قَضَاءً قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرُ الْأُسْبُوعِ وَيَوْمَ السَّبْتِ أَوَّلُهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي فَقَالَ خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَخَلَقَ فِيهَا الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ النَّهَارِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ وَاللَّيْلِ» وَخَالَفَ ذَلِكَ فِي تَهْذِيبِهِ وَفِي مَجْمُوعِهِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ فَقَالَ سُمِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ ثَانِي الْأَيَّامِ وَالْخَمِيسِ؛ لِأَنَّهُ خَامِسُ الْأُسْبُوعِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَوَّلَهُ الْأَحَدُ فَيَكُونُ آخِرَهُ السَّبْتُ، وَبِهِ جَزَمَ الْقَفَّالُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَلِخَبَرِ «مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتًا» أَيْ جُمُعَةً فَعَبَّرَ عَنْ الْأُسْبُوعِ بِأَوَّلِ أَيَّامِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ الْخِلَافَ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ حَتَّى يَصُومَ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. (وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ عَنْ قَضَائِهِ) الَّذِي عَلَيْهِ (أَوْ إعْطَاءَ مِسْكِينٍ زَكَاتَهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ) كُلٌّ مِنْ الْيَوْمِ وَالْمِسْكِينِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ إنْ وَجَبَ فَوْرًا لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ، وَإِلَّا فَكَذَلِكَ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ إلَّا أَنْ يَنْذُرَ تَعْجِيلَهُ فَيَصِحُّ، وَالْمِسْكِينُ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ غَالِبًا فَإِنْ اخْتَلَفَ بِهِ كَقَرِيبٍ وَجَارٍ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ النَّذْرِ، وَالْمَسْأَلَتَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَخَالَفَ وَصَامَ فِيهِ غَيْرَهُ) مِنْ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ تَطَوُّعٍ (انْعَقَدَ) أَيْ صَحَّ؛ لِأَنَّ تَعَيُّنَهُ لِلصَّوْمِ عَرَضِيٌّ بِخِلَافِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ (وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَجْزَأَتْهُ مُتَتَابِعَةً وَمُتَفَرِّقَةً) عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ لَكِنَّ التَّتَابُعَ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ (فَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ لَمْ يَجُزْ التَّفْرِيقُ) كَمَا فِي صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ (وَلَوْ نَذَرَهَا مُتَفَرِّقَةً فَصَامَهَا مُتَتَابِعَةً حُسِبَتْ) لَهُ مِنْهَا (خَمْسَةٌ) وَيُلْغَى بَعْدَ كُلِّ يَوْمٍ يَوْمٌ فَعُلِمَ أَنَّ تَفْرِيقَهُمَا لَازِمٌ، وَهُوَ الْمُصَحَّحُ فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ مَرْعِيٌّ فِي صَوْمِ التَّمَتُّعِ شَرْعًا فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ التَّتَابُعُ، وَبِهَذَا فَارَقَ إجْزَاءَ الْمُتَتَابِعِ عَنْ الْمُتَفَرِّقِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الِاعْتِكَافِ. (فَرْعٌ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ) كَشَهْرِ رَجَبٍ (أَوْ شَهْرٍ مِنْ الْآنَ أُوقِعَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَقَعَ أَيْ الصَّوْمُ (مُتَتَابِعًا) لِتَعَيُّنِ أَيَّامِ الشَّهْرِ، وَلَيْسَ التَّتَابُعُ مُسْتَحَقًّا فِي نَفْسِهِ (لَكِنْ لَا يُسْتَأْنَفُ) الصَّوْمُ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُهُ (إنْ أَفْطَرَ فِيهِ، وَلَهُ تَفْرِيقُ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ مِنْهُ) كَمَا فِي قَضَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ (فَلَوْ شَرَطَ فِيهِ التَّتَابُعَ فَأَفْطَرَ فِيهِ اسْتَأْنَفَ) الصَّوْمَ وُجُوبًا (وَيَقْضِيهِ مُتَتَابِعًا) ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ التَّتَابُعِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مَقْصُودًا (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الشَّهْرَ) بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا (أَجْزَأَهُ هِلَالِيٌّ) ، وَإِنْ خَرَجَ نَاقِصًا لِصِدْقِ اسْمِ الشَّهْرِ عَلَيْهِ (وَإِنْ انْكَسَرَ) الشَّهْرُ بِأَنْ ابْتَدَأَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْهِلَالِ (فَثَلَاثُونَ) يَوْمًا يَصُومُهَا (وَتُجْزِئُ) مُتَفَرِّقَةً [فَرْعٌ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ كَسَنَةِ ثَمَانِينَ أَوْ سَنَةٍ أَوَّلُهَا مِنْ غَدٍ] فَرْعٌ، (وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ) كَسَنَةِ ثَمَانِينَ أَوْ سَنَةٍ أَوَّلُهَا مِنْ غَدٍ (لَمْ يَقْضِ رَمَضَانَ وَ) لَا (الْعِيدَيْنِ وَ) لَا (أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَلَا أَيَّامَ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الصِّحَّةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ أَوْ خَمِيسٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ] (قَوْلُهُ وَاسْتُحِبَّ تَعْجِيلُهُ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَا مُعَارِضَ أَمْ لَوْ كَانَ مُجَاهِدًا وَالصَّوْمُ يُضْعِفُهُ عَنْهُ أَوْ مُسَافِرًا وَتَلْحَقُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ أَوْ أَجِيرًا، وَالصَّوْمُ يُضْعِفُهُ عَنْ الْعَمَلِ أَوْ يَضُرُّ بِالرَّضِيعِ إذَا كَانَتْ مُرْضِعَةً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّأْخِيرَ إلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ أَفْضَلُ إنْ لَمْ يُخْشَ الْفَوْتُ لِطُولِ زَمَنِ مَا هُوَ فِيهِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً أَوْ مَمْلُوكَةً وَالزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ يَمْنَعُ مِنْ تَعْجِيلِهِ وَقَدْ يَجِبُ التَّعْجِيلُ بِأَنْ يَخْشَى النَّاذِرُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الصَّوْمَ عَجَزَ عَنْهُ مُطْلَقًا إمَّا لِزِيَادَةِ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ لِهَرَمٍ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَجِّ قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ سَبَقَتْ النَّذْرَ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي نُدِبَ تَعْجِيلُهَا، وَإِلَّا وَجَبَ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّأْخِيرَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ الْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ) بِمَعْنَى جُمُعَةٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُعَيَّنُ فَذَاكَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُنْفَرِدًا، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِصَوْمِ النَّفْلِ لَا الْفَرْضِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَوَافَقَ يَوْمَ فِطْرٍ أَفْطَرَ وَقَضَاهُ انْتَهَى، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِصَوْمِ النَّذْرِ وَقَالَ شَيْخُنَا مِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ خَاصَّةٌ بِالنَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ فِي بَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقَالُ لَيْسَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ صَرِيحًا فِي الْإِفْرَادِ إذْ هُوَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُضَمَّ إلَيْهِ السَّبْتُ مَثَلًا فَيَنْتَفِي الْإِفْرَادُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمِّ وَنَظِيرُ أَنَّ الْوَاجِبَ يَدْفَعُ مَا كَانَ مَكْرُوهًا الْمَاءُ الْمُشَمَّسُ لَوْ تَعَيَّنَ لِلطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ فِي تَهْذِيبِهِ) وَتَحْرِيرِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَفَّالُ) وَفِي الرَّوْضِ الْأَنِفِ أَنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ وَقَوْلِ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً لَا ابْنُ جَرِيرٍ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الْمُعَايَاةِ مَنْ لَزِمَهُ صَوْمُ يَوْمٍ بِالنَّذْرِ فَأَفْطَرَ فِيهِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ إلَّا فِي نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ. (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ النَّذْرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَخَالَفَ وَصَامَ فِيهِ غَيْرَهُ مِنْ قَضَاء أَوْ كَفَّارَة] (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَجْزَأَتْهُ مُتَتَابِعَةً وَمُتَفَرِّقَةً) شَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ مَطْلُوبًا مَعَهُ تَتَابُعُهَا كَصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ وَعَشَرَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ [فَرْعٌ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ أَوْ شَهْرٍ مِنْ الْآنَ] (قَوْلُهُ، وَلَا أَيَّامِ الْحَيْضِ، وَلَا أَيَّامِ الْجُنُونِ) ؛ لِأَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 581 (وَالْمَرَضِ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي النَّذْرِ لِاسْتِثْنَائِهَا شَرْعًا (وَيَقْضِي أَيَّامَ السَّفَرِ) الَّتِي أَفْطَرَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمَحْضِ اخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ الْمَرَضِ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَرَضِ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْأَصْلُ، وَإِنَّمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ وَقَدْ مَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا: بَلْ الْأَصَحُّ فِيهِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي صَوْمِ الِاثْنَيْنِ قُلْت وَذَكَرَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَفَرَّقَ ابْنُ كَجٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيْضِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ نَذْرُ صَوْمِ يَوْمِهِ بِخِلَافِ نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْحَيْضِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي السَّنَةِ التَّتَابُعَ (فَإِذَا شَرَطَ فِيهَا التَّتَابُعَ فَأَفْطَرَ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ) أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (اسْتَأْنَفَ) صَوْمَ السَّنَةِ (كَفِطْرِهِ فِي) صَوْمِ (الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ) فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (أَوْ) أَفْطَرَ (لِحَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ (فَلَا) يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ كَمَا فِي صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ (وَلَا يَجِبُ قَضَاءُ أَيَّامِهِ) أَيْ الْحَيْضِ، وَمِثْلُهُ النِّفَاسُ وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ قَالَ فِي رَمَضَانَ) مَثَلًا (لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذِهِ السَّنَةَ كَفَاهُ بَقِيَّتُهَا إلَى الْمُحَرَّمِ) الَّذِي هُوَ آخِرُ السَّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ تَنْصَرِفُ إلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا (وَإِنْ نَذَرَ سَنَةً مُطْلَقَةً لَمْ يَلْزَمْهُ التَّتَابُعُ) لَا فِي الشَّهْرِ، وَلَا فِي الْأَيَّامِ لِصِدْقِ الِاسْمِ بِدُونِهِ (فَعَلَيْهِ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا) عَدَدَ أَيَّامِ السَّنَةِ بِحُكْمِ كَمَالِ شُهُورِهَا (أَوْ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا) بِالْأَهِلَّةِ، وَإِنْ نَقَصَتْ؛ لِأَنَّهَا السَّنَةُ شَرْعًا، وَكُلُّ شَهْرٍ اسْتَوْعَبَهُ بِالصَّوْمِ فَنَاقِصُهُ كَالْكَامِلِ (وَيُتَمِّمُ الْمُنْكَسِرَ) مِنْ الْأَشْهُرِ (ثَلَاثِينَ) يَوْمًا (فَشَوَّالٌ وَعَرَفَةُ) أَيْ شَهْرُهَا، وَهُوَ ذُو الْحِجَّةِ (مُنْكَسِرَانِ أَبَدًا) بِسَبَبِ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ فَإِنْ نَقَصَ شَوَّالٌ تَدَارَكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ذُو الْحِجَّةِ فَخَمْسَةُ أَيَّامٍ (فَإِنْ صَامَهَا) أَيْ السَّنَةَ صَوْمًا (مُتَوَالِيًا قَضَى أَيَّامَ رَمَضَانَ وَالْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقِ وَالْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ صَوْمَ سَنَةٍ، وَلَمْ يَصُمْهَا هَذَا إنْ لَمْ يَشْرِطْ تَتَابُعَ السَّنَةِ (فَإِنْ شُرِطَ تَتَابُعُهَا قَضَى) لِلنَّذْرِ (رَمَضَانَ وَأَيَّامَ الْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقِ) لِمَا مَرَّ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَتْ السَّنَةُ مُعَيَّنَةً؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ فِي الْعَقْدِ لَا يُبَدَّلُ بِغَيْرِهِ وَالْمُطْلَقُ إذَا عُيِّنَ قَدْ يُبَدَّلُ كَمَا فِي الْمَبِيعِ إذَا خَرَجَ مَعِيبًا لَا يُبَدَّلُ وَالْمُسَلَّمِ فِيهِ إذَا سُلِّمَ فَخَرَجَ مَعِيبًا يُبَدَّلُ؛ وَلِأَنَّ اللَّفْظَ فِي الْمُعَيَّنَةِ قَاصِرٌ عَلَيْهَا فَلَا يَتَعَدَّاهَا إلَى أَيَّامٍ غَيْرِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْمُطْلَقَةِ فَنِيطَ الْحُكْمُ بِالِاسْمِ حَيْثُ أَمْكَنَ (لَا) أَيَّامَ (الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ فَلَا يَقْضِيهَا لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَرْعِ (وَيَجِبُ الْقَضَاءُ) فِي ذَلِكَ (مُتَّصِلًا بِآخِرِ السَّنَةِ) الَّتِي صَامَهَا لِيَفِيَ بِنَذْرِهِ (وَيَسْتَأْنِفَ) صَوْمَ السَّنَةِ (بِالْفِطْرِ لِلسَّفَرِ وَالْمَرَضِ) أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ كَفِطْرِهِ فِي الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ (وَإِذَا شَرَعَتْ) امْرَأَةٌ (فِي صَوْمِ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ) بِالنَّذْرِ (فَحَاضَتْ) أَوْ نَفِسَتْ أَوْ مَرِضَتْ فِيهِ (سَقَطَ) بِمَعْنَى لَمْ يَجِبْ (قَضَاؤُهُ لَا) الْيَوْمِ (الْمُطْلَقِ) فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمُطْلَقَةِ وَمِثْلُهُ الشَّهْرُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. [فَرْعٌ نَذَرَ إتْمَامَ تَطَوُّعٍ مِنْ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ إتْمَامَ كُلِّ تَطَوُّعٍ شَرَعَ فِيهِ] (فَرْعٌ وَمَنْ نَذَرَ إتْمَامَ تَطَوُّعٍ) مِنْ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) إتْمَامَ (كُلِّ تَطَوُّعٍ شَرَعَ فِيهِ لَزِمَهُ) ؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ صَحِيحٌ فَصَحَّ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ وَكُلٌّ مِنْ التَّعْبِيرَيْنِ فِيمَا قَالَهُ يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّطَوُّعِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِصَوْمِ التَّطَوُّعِ. (وَلَوْ نَذَرَ رَكْعَةً لَزِمَتْهُ) فَقَطْ عَمَلًا بِلَفْظِهِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلُّ الْوَاجِبِ رَكْعَتَيْنِ، وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي فَرْعٍ يَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ (وَلَوْ نَذَرَ بَعْضَ رَكْعَةٍ أَوْ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ) ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ بَعْضِ رَكْعَةٍ وَصَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ لَيْسَا بِقُرْبَةٍ، وَلَا صِفَةٍ لَهَا، وَلَوْ نَذَرَ بَعْضَ نُسُكٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا لَوْ أَحْرَمَ بِبَعْضِ نُسُكٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِنُسُكٍ كَالطَّلَاقِ، وَلَوْ نَذَرَ بَعْضَ طَوَافٍ فَيَنْبَغِي بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ التَّطَوُّعُ بِشَوْطٍ مِنْهُ وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ صَلَّى رَكْعَةً، وَلَمْ يُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى. (أَوْ) نَذَرَ (سَجْدَةً لَمْ يَنْعَقِدْ) نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قُرْبَةً بِلَا سَبَبٍ بِخِلَافِ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ (وَكَذَا مَنْ نَذَرَ الْحَجَّ) أَوْ الْعُمْرَةَ (فِي عَامِهِ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ لِضِيقِ الْوَقْتِ) كَأَنْ كَانَ عَلَى مِائَةِ فَرْسَخٍ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُ الْإِتْيَانُ بِمَا الْتَزَمَهُ [فَرْعٌ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِ فُلَانٍ] (فَرْعٌ وَإِذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِ فُلَانٍ انْعَقَدَ) نَذْرُهُ لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ بِهِ بِأَنْ يَعْلَمَ قُدُومَهُ غَدًا   [حاشية الرملي الكبير] هَذِهِ الْأَيَّامَ لَوْ نَذَرَ صَوْمَهَا لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ فَإِذَا أَطْلَقَ فَأَوْلَى أَنْ لَا تَدْخُلَ فِي نَذْرِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي صَوْمِ الْأَثَانِينَ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كَثْرَةَ وُقُوعِهِ فِي السَّنَةِ اقْتَضَتْ عَدَمَ دُخُولِهِ فِي نَذْرِهَا بِخِلَافِ وُقُوعِهِ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ فِيهَا التَّتَابُعَ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالنِّيَّةُ فِي ذَلِكَ كَاللَّفْظِ لَكِنْ الرَّافِعِيُّ ذَكَرَ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْأَيَّامُ، وَاللَّيَالِي إلَّا أَنْ يَقُولَ أَيَّامَهُ أَوْ نَهَارَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ فَلَوْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِالتَّخْصِيصِ، وَلَكِنْ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ فَلَا أَثَرَ لِلنِّيَّةِ فِي الْأَصَحِّ بَلْ يَلْزَمُهُ الشَّهْرُ جَمِيعُهُ وَوَجْهُهُ مُخَالَفَةُ الظَّاهِرِ فَلَا يُقْبَلُ فِي دَفْعِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَهَاهُنَا لَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ وَمَنْ نَذَرَ إتْمَامَ تَطَوُّعٍ مِنْ صَوْمٍ، وَإِنْ نَوَاهُ نَهَارًا) ، وَلَيْسَ لَنَا صَوْمٌ وَاجِبٌ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ إلَّا هَذَا وَعِبَارَةُ الْوَجِيزِ لَوْ نَذَرَ مَنْ نَوَى نَهَارًا صَوْمَ تَطَوُّعٍ أَنْ يُتِمَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَزِمَهُ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِتْمَامُ مَا نَوَى نَهَارًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ يُوَافِقُ رَأْيَ مَنْ لَا يُوجِبُ تَعْيِينَ النِّيَّةِ فِي صَوْمِ النَّذْرِ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهَذَا النَّذْرِ إذَا كَانَ إنَّمَا نَوَى نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ لَيْلًا انْعَقَدَ صَوْمُهُ عَلَى صِفَةٍ لَا يَقَعُ مِثْلُهَا فِي الْوَاجِبِ فَتَعَذَّرَ الْوُجُوبُ فِيهَا، وَهَذَا كَمَا صُوِّرَ فِي الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَهُوَ صَائِمٌ إنَّمَا يُجْزِئُهُ إذَا كَانَ قَدْ نَوَى مِنْ اللَّيْلِ. اهـ. تَعْلِيلُهُ مُنْتَقَضٌ بِمَا لَوْ نَوَى صَوْمَ النَّفْلِ لَيْلًا بِنِيَّةِ النَّفْلِ أَوْ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ انْعَقَدَ عَلَى صِفَةٍ لَا يَقَعُ مِثْلُهَا فِي الْوَاجِبِ مَعَ أَنَّهُ يَقُولُ بِلُزُومِ نَذْرِهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ النَّاذِرَ لِلنَّفْلِ نَهَارًا كَالنَّاذِرِ لَهُ لَيْلًا كَمَا قَالَهُ أَئِمَّتُنَا وَقَوْلُهُ، وَهَذَا كَمَا يَقُولُ فِي الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَهُوَ صَائِمٌ إنَّمَا يُجْزِئُهُ إذَا كَانَ قَدْ نَوَى مِنْ اللَّيْلِ بِتَقْدِيرِ تَمَامِهِ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ فِي رَمَضَانَ إنَّمَا يَكُونُ بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْ التَّعْبِيرَيْنِ فِيمَا قَالَهُ يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْبَنِيَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْله فَيَنْبَغِي بِنَاؤُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 582 فَيُبَيِّتُ النِّيَّةَ وَقَدْ يَجِبُ الصَّوْمُ فِي زَمَانٍ لَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَيُؤَثِّرُ وُجُوبُهُ فِي الْقَضَاءِ كَالصَّبِيِّ يَبْلُغُ صَائِمًا، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ، ثُمَّ يُفْطِرَانِ فِيهِ (فَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا أَوْ يَوْمَ رَمَضَانَ أَوْ) يَوْمَ (عِيدٍ أَوْ) يَوْمَ (تَشْرِيقٍ) أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي نَذْرِ صَوْمِ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ (سَقَطَ) الصَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْقُدُومُ فِي مَحَلٍّ يَقْبَلُ الصَّوْمَ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ التَّشْرِيقِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَرَادَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتَ) بَلْ أَوْ لَمْ يَرُدَّهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ فَقَدِمَ فُلَانٌ لَيْلًا (اُسْتُحِبَّ) لِلنَّاذِرِ (أَنْ يَقْضِيَهُ) شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَتَعْبِيرُهُ بِالْقَضَاءِ مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَ الْغَدَ أَوْ يَوْمًا آخَرَ (وَإِنْ قَدِمَ) نَهَارًا (وَهُوَ صَائِمٌ) صَوْمًا (وَاجِبًا غَيْرَ رَمَضَانَ أَوْ) ، وَهُوَ (مُفْطِرٌ) بِشَيْءٍ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ (لَزِمَهُ الْقَضَاءُ) عَنْ نَذْرِهِ يَوْمًا لِفَوَاتِ صَوْمِهِ بِخِلَافِ رَمَضَانَ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَوْمَهُ لَمْ يَنْعَقِدَا لِتَعَيُّنِهِ وَعَدَمِ قَبُولِهِ غَيْرَهُ، وَهُنَا قَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَصُومَ هَذَا الْيَوْمَ عَنْ الْقُدُومِ. وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مُفْطِرٌ أَيْ بِغَيْرِ جُنُونٍ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَصَوْمِ رَمَضَانَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ (لَوْ كَانَ مُمْسِكًا) عَنْ الْمُفْطِرَاتِ (أَوْ صَائِمًا تَطَوُّعًا) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الصَّوْمُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ (وَيُسْتَحَبُّ إتْمَامُهُ) أَيْ الْيَوْمَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (قَضَاءُ) الصَّوْمِ (الْوَاجِبِ) الَّذِي هُوَ فِيهِ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ صَامَ يَوْمًا مُسْتَحَقَّ الصَّوْمِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ قُدُومِ فُلَانِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي التَّهْذِيبِ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ صَامَهُ عَنْ نَذْرٍ آخَرَ أَوْ قَضَاءٍ يَنْعَقِدُ وَيَقْضِي نَذْر هَذَا الْيَوْمِ (وَالْوُجُوبُ) لِصَوْمِ نَذْرِ يَوْمِ الْقُدُومِ يَكُونُ (مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْيَوْمَ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ جَمِيعِهِ لَا عَنْ وَقْتِ الْقُدُومِ خَاصَّةً إلَّا أَنَّ يَوْمَ الْقُدُومِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَإِذَا قَدِمَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِ الْقُدُومِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَصْبَحَ يَوْمَ الشَّكِّ مُفْطِرًا، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَفِيمَا قَالَهُ إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ إذَا قَدِمَ بِالنَّهَارِ هَلْ نَتَبَيَّنُ وُجُوبَ الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ أَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ مِنْ وَقْتِ الْقُدُومِ، وَلَا يُمْكِنُ قَضَاؤُهُ إلَّا بِيَوْمٍ كَامِلٍ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي صُوَرٍ مِنْهَا مَا أَخَذَ فِي بَيَانِهِ فَقَالَ (فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَهُ) أَيْ يَوْمَ قُدُومِ فُلَانٍ (فَقَدِمَ ضَحْوَةً) الْأَوْلَى قَوْلُهُ فِي بَابِهِ فَقَدِمَ نَهَارًا (فَقَدْ مَرَّ) بَيَانُهُ (فِي الِاعْتِكَافِ) ، وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ اعْتِكَافُهُ بَقِيَّةَ النَّهَارِ فَقَطْ، وَإِنْ اقْتَضَى مَا ذُكِرَ لُزُومَ يَوْمٍ. (وَتَبَيَّنَ وُقُوعُ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِقُدُومِهِ مِنْ أَوَّلِهِ) أَيْ الْيَوْمِ (فَإِنْ سَبَقَ فِيهِ بَيْعُ الْعَبْدِ) فِي الْأُولَى (أَوْ مَوْتُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ (فَلَا بَيْعَ) صَحِيحٌ فِي الْأُولَى لِتَبَيُّنِ حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ (وَكَذَا لَا إرْثَ، وَلَا خُلْعَ) صَحِيحٌ فِي الثَّانِيَةِ حَيْثُ خَالَعَ يَوْمَ الْقُدُومِ قَبْلَهُ (إنْ كَانَ الطَّلَاقُ) الْمُعَلَّقُ (بَائِنًا) فِيهِمَا فَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا أَوْ بَعْدَ الْيَوْمِ صَحَّ الْجَمِيعُ (وَلَوْ بَيَّتَ النِّيَّةَ عَنْ خَبَرٍ) بَلَغَهُ (بِقُدُومِهِ غَدًا أَجْزَأَهُ) ؛ لِأَنَّهُ بَنَى النِّيَّةَ عَلَى أَصْلٍ مَظْنُونٍ فَأَشْبَهَ مَنْ نَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ بِشَهَادَةِ الْعَدْلِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّ هَذَا النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ بِالْقُدُومِ نَذْرُ شُكْرٍ عَلَى نِعْمَةِ الْقُدُومِ فَلَوْ كَانَ قُدُومُ فُلَانٍ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ لِلنَّاذِرِ كَامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ يَهْوَاهَا أَوْ أَمْرَدَ يَتَعَشَّقُهُ أَوْ نَحْوِهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ كَنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ، وَمَا قَالَهُ سَهْوٌ مَنْشَؤُهُ اشْتِبَاهُ الْمُلْتَزَمِ بِالْمُعَلَّقِ بِهِ وَاَلَّذِي يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ قُرْبَةً الْمُلْتَزَمُ لَا الْمُعَلَّقُ بِهِ، وَالْمُلْتَزَمُ هُنَا الصَّوْمُ، وَهُوَ قُرْبَةٌ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعَلَّقُ بِهِ قُرْبَةً أَمْ لَا. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَمْسِ يَوْمِ قُدُومِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِهِ. [فَصْلٌ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا أَبَدًا] (فَصْلٌ، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ) يَوْمِ (الِاثْنَيْنِ) مَثَلًا (أَبَدًا لَمْ يَقْضِ أَثَانِينَ رَمَضَانَ) لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي النَّذْرِ وَفِي نُسْخَةٍ أَثَانِي رَمَضَانَ بِحَذْفِ النُّونِ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا، وَلَيْسَ حَذْفُهَا لِلتَّبَعِيَّةِ لِحَذْفِهَا مِنْ الْمُفْرَدِ، وَلَا لِلْإِضَافَةِ كَمَا قِيلَ بِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ لِذَلِكَ لَمْ تُعْهَدْ وَأَثَانِينَ لَيْسَ جَمْعَ مُذَكَّرٍ سَالِمٍ، وَلَا مُلْحَقًا بِهِ بَلْ حَذْفُهَا وَإِثْبَاتُهَا مُطْلَقًا لُغَتَانِ، وَالْحَذْفُ أَكْثَرُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ السِّكِّيتِ وَغَيْرِهِ فَإِنْكَارُ ابْنِ بَرِيٍّ وَالنَّوَوِيِّ الْإِثْبَاتَ مَرْدُودٌ وَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ اثْنَيْنِ لَا يُثَنَّى، وَلَا يُجْمَعُ؛ لِأَنَّهُ مُثَنَّى فَإِنْ أَحْبَبْت أَنْ تَجْمَعَهُ كَأَنَّهُ صِفَةٌ لِلْوَاحِدِ قُلْت أَثَانِينَ (وَكَذَا) لَا نَقْضِي أَثَانِي (الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ لِذَلِكَ (وَيَقْضِيهِمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ) كُلٌّ مِنْ وُجُوبِ صَوْمِ بَقِيَّةِ النَّهَارِ وَوُجُوبِ قَضَائِهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ بَلْ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْقَضَاءِ مِنْ تَصَرُّفِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَدِمَ، وَهُوَ صَائِمٌ إلَخْ) أَيْ قَدِمَ حَيًّا مُخْتَارًا وَكَتَبَ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ إذَا قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا سَقَطَ فَرْضُ الصَّوْمِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ أَيْ، وَهُوَ قُدُومُهُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَدِمَ بِهِ حَيًّا، وَلَكِنْ مَحْمُولًا مُكْرَهًا أَنَّهُ يُسْقِطُ الصَّوْمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ فَلَوْ قَدِمَ مُكْرَهًا لَكِنَّهُ غَيْرُ مَحْمُولٍ بَلْ أُكْرِهَ حَتَّى قَدِمَ بِنَفْسِهِ فَهَلْ نَقُولُ يَلْزَمُ الصَّوْمُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَهُوَ الْقُدُومُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ قُدُومَهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَالْعَدَمِ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ وَشَهِدَ لِلثَّانِي قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ كِتَابِ الِاعْتِكَافِ: وَإِنْ قَدِمَ حَيًّا مُخْتَارًا إلَخْ فَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ شَرْطٌ فِي لُزُومِ الْوَفَاءِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ رَمَضَانَ إلَخْ) مِثْلُ رَمَضَانَ نَذْرٌ تَقَدَّمَ مِنْهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِي يَوْمِهِ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ أَيْ بِغَيْرِ جُنُونٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ صَامَهُ عَنْ نَذْرٍ آخَرَ أَوْ قَضَاءٍ يَنْعَقِدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ هَلْ يَتَبَيَّنُ وُجُوبُ الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يَعْنِي نَذْرَ تَبَرُّرٍ إذْ قُدُومُهُ سَبَبٌ لِمَعْصِيَةِ النَّاذِرِ وَالْإِثْبَاتُ فِي الْمَعْصِيَةِ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا لَجَاجًا [فَرْعٌ قَالَ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَمْسِ يَوْمِ قُدُومِهِ] (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 583 لِلْمَرَضِ) الْوَاقِعِ فِيهَا كَمَا فِي أَيَّامِ رَمَضَانَ (فَإِنْ لَزِمَهُ) مَعَ صَوْمِ الْأَثَانِينَ (صَوْمُ شَهْرَيْنِ) مُتَتَابِعَيْنِ (لِلْكَفَّارَةِ) أَوْ لِنَذْرٍ لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ وَقْتًا (قَدَّمَهُمَا) عَلَى الْأَثَانِينَ، وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُهُ صَوْمُهُمَا لِفَوَاتِ التَّتَابُعِ بِتَخَلُّلِ الْأَثَانِينَ (وَقَضَى) لِلنَّذْرِ (الْأَثَانِينَ) الْوَاقِعَةَ فِيهِمَا (إنْ وَجَبَتْ الْأَثَانِينَ قَبْلَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ صَوْمَهُمَا بَعْدَ النَّذْرِ، وَلَا فَائِدَةَ لِإِعَادَةِ الْأَثَانِينَ غَيْرُ الْإِيضَاحِ (لَا إنْ تَأَخَّرَتْ) عَنْهُمَا فَلَا يَقْضِيهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُسْتَثْنَاةٌ بِقَرِينَةِ الْحَالِ كَالْأَثَانِينَ الْوَاقِعَةِ فِي رَمَضَانَ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ نَظَرًا إلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ وَرَجَّحَ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ وُجُوبَ الْقَضَاءِ أَيْضًا نَظَرًا إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلشَّهْرَيْنِ وَقْتٌ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ الصَّوَابُ لِنَقْلِ الرَّبِيعِ لَهُ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا لَوْ نَذَرَ مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ صَوْمِ الدَّهْرِ فَإِنَّ زَمَنَهَا مُسْتَثْنًى، وَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْأَثَانِينَ أَنْ يَفْدِيَ عَنْ النَّذْرِ كَمَا لَوْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ بَعْدَ أَنْ نَذَرَ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ وَارِدٍ إذْ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ فِي صَوْمِ الدَّهْرِ مَعَ تَقَدُّمِ الْكَفَّارَةِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ فِي الْأَثَانِينَ بِقَضَائِهَا، وَأَمَّا فِي التَّأَخُّرِ فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ فِي الْأَثَانِينَ بِقَضَائِهِمَا وَفِي صَوْمِ الدَّهْرِ بِالْفِدْيَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ، ثُمَّ نَذَرَ صَوْمَ كُلِّ اثْنَيْنِ صَامَهُمَا عَنْ نَذْرِهِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ أَثَانِيَهُمَا؛ لِأَنَّ صَوْمَهَا مُسْتَحَقٌّ بِالنَّذْرِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ كُلِّ اثْنَيْنِ، ثُمَّ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ صَامَ أَيَّامَهُمَا إلَّا أَثَانِيَهُمَا عَنْ النَّذْرِ الثَّانِي، وَأَمَّا أَثَانِيهُمَا فَيَصُومُهَا عَنْ نَذْرِهِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا عَنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ بِالنَّذْرِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْهَا الثَّانِي انْتَهَى. . (وَلَوْ صَادَفَ نَذْرَانِ زَمَانًا مُعَيَّنًا كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ) يَوْمِ (الِاثْنَيْنِ أَبَدًا وَ) صَوْمَ يَوْمِ (قُدُومِ زَيْدٍ فَقَدِمَ) زَيْدٌ يَوْمَ (الِاثْنَيْنِ أَوْ) نَذَرَ صَوْمَ (يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ وَ) صَوْمَ (ثَانِي) يَوْمِ (قُدُومِ عَمْرٍو فَاتَّفَقَا) أَيْ يَوْمُ قُدُومِ زَيْدٍ وَثَانِي يَوْمِ قُدُومِ عَمْرٍو (صَامَهُ عَنْ أَوَّلِ النَّذْرَيْنِ) لِتَقَدُّمِهِ (وَقَضَى) يَوْمًا (لِلثَّانِي) لِتَعَذُّرِ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي وَقْتِهِ فَلَوْ عَكَسَ فَصَامَهُ عَنْ ثَانِي النَّذْرَيْنِ صَحَّ وَقَضَى يَوْمًا عَنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أَثِمَ بِذَلِكَ. [فَصْلٌ نَذْرُ صَوْمِ الدَّهْرِ] (فَصْلٌ وَيَصِحُّ نَذْرُ صَوْمِ الدَّهْرِ) ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ نَعَمْ إنْ خَافَ ضَرَرًا أَوْ فَوْتَ حَقٍّ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَكْرُوهٌ (فَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَلَوْ (نَذَرَ صَوْمًا) آخَرَ (بَعْدَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ) ؛ لِأَنَّ الزَّمَنَ مُسْتَحَقٌّ لِغَيْرِهِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ صِحَّةِ نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ (رَمَضَانُ) أَدَاءً وَقَضَاءً (وَالْعِيدَانِ وَالتَّشْرِيقُ) أَيْ أَيَّامُهُ وَأَيَّامُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (وَكَفَّارَةٌ تَقَدَّمَتْ) نَذْرَهُ ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِهِ (فَلَوْ تَأَخَّرَتْ) أَيْ الْكَفَّارَةُ عَنْ نَذْرِهِ (صَامَ عَنْهَا وَفَدَى عَنْ النَّذْرِ) ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْهُ لِوُجُوبِهَا بِالشَّرْعِ وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبٍ مِنْهُ بِخِلَافِ وُجُوبِ النَّذْرِ فَإِنَّهُ بِالْتِزَامِهِ، وَلِهَذَا قُدِّمَ قَضَاءُ الْحَجِّ عَلَى الْحَجِّ الْمَنْذُورِ وَتَعْبِيرُهُ بِرَمَضَانَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ هُنَا بِقَضَاءِ رَمَضَانَ (وَيَقْضِي فَائِتَ رَمَضَانَ) إنْ فَاتَهُ مِنْهُ شَيْءٌ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى النَّذْرِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَ) لَكِنْ (إنْ كَانَ) فَوَاتُهُ (بِلَا عُذْرٍ فَدَى) عَنْ صَوْمِ النَّذْرِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدًّا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ بِتَعَدِّيهِ (وَلَا يُمْكِنُهُ قَضَاءُ مَا يُفْطِرُهُ) مِنْ الدَّهْرِ لِاسْتِغْرَاقِ أَيَّامِ الْعُمْرِ بِالْأَدَاءِ (بَلْ إنْ كَانَ) فِطْرُهُ (لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ فَلَا فِدْيَةَ) عَلَيْهِ كَمَا فِي رَمَضَانَ بَلْ أَوْلَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَجْوِيزُ الْفِطْرِ لَهُ بِكُلِّ سَفَرٍ مُبَاحٍ، وَالْمُتَّجَهُ جَوَازُهُ فِي سَفَرِ الْحَاجَةِ دُونَ سَفَرِ النُّزْهَةِ وَيُخَالِفُ صَوْمَ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ لَا يَنْسَدُّ عَلَيْهِ بَابُ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ هَذَا؛ وَلِأَنَّ هَذَا أَوَجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الصَّوْمَ بِنَذْرِهِ فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ، وَلِهَذَا اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْفِطْرِ لَهُ بِالسَّفَرِ بِخِلَافِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ أَفْطَرَ فِي النُّزْهَةِ افْتَدَى (وَإِلَّا) بِأَنْ أَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ (وَجَبَتْ) أَيْ الْفِدْيَةُ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ كَمَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مُتَعَدِّيًا وَمَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْقَضَاءِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ لَوْ نَوَى فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ قَضَاءَ يَوْمٍ أَفْطَرَهُ مُتَعَدِّيًا فَالْوَجْهُ أَنْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ غَيْرَ مَا فَعَلَ، ثُمَّ يَلْزَمُهُ الْمُدُّ لِمَا تَرَكَ مِنْ الْأَدَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ. (وَلَوْ أَرَادَ وَلِيُّهُ) أَيْ الْمُفْطِرِ بِلَا عُذْرٍ (الصَّوْمَ عَنْهُ حَيًّا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَلِيَّ الْمَيِّتِ يَصُومُ عَنْهُ (فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) قَالَ فِي الْأَصْلِ عَنْ الْإِمَامِ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ لِتَعَذُّرِ الْقَضَاءِ مِنْهُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ عُذْرٌ يَجُوزُ تَرْكُ الصَّوْمِ لَهُ وَيُتَصَوَّرُ تَكَلُّفُ الْقَضَاءِ مِنْهُ قَالَ وَقَدْ يُسْتَفَادُ مِمَّا قَالَهُ أَنَّهُ إذَا سَافَرَ قَضَى مَا أَفْطَرَ فِيهِ مُتَعَدِّيًا وَيَنْسَاقُ النَّظَرُ إلَى أَنَّهُ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُسَافِرَ لِيَقْضِيَ، وَحَذْفُ الْمُصَنِّفُ الظَّاهِرَ الْمَذْكُورَ لِقَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فِيهِ نَظَرٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ فَمَحَلُّ صِحَّةِ نَذْرِهِ غَيْرُ هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَجْوِيزُ الْفِطْرِ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ إلَخْ) الْأَصَحُّ عَدَمُ جَوَازِهِ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 584 لِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: أَمَّا الْقَضَاءُ عَنْ الْحَيِّ فَلَا يَجُوزُ إجْمَاعًا بِأَمْرِهِ أَوْ غَيْرِ أَمْرِهِ عَنْ عَاجِزٍ أَوْ قَادِرٍ انْتَهَى. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ الْقَضَاءِ. (وَلَوْ مَنَعَهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (الزَّوْجُ) مِنْ صَوْمِ الدَّهْرِ الَّذِي نَذَرَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (بِحَقٍّ سَقَطَ) الصَّوْمُ عَنْهَا (وَلَا فِدْيَةَ) عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِحَقٍّ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَنَعَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ كَأَنْ نَذَرَتْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَوْ كَانَ غَائِبًا عَنْهَا، وَلَا تَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ فَلَا يَسْقُطُ صَوْمُهَا وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ إنْ لَمْ تَصُمْ (وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ فَلَمْ تَصُمْ) تَعَدِّيًا (فَدَتْ) وَأَثِمَتْ لِتَعَدِّيهَا. (وَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ) فِي الْأُولَى (وَ) فِي (الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ) فِي الثَّانِيَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ (وَإِنْ صَحَّ فِعْلُ الْمَنْذُورِ فِيهِمَا) وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ فِي بَابَيْهِمَا. (النَّوْعُ الثَّانِي) مِنْ الْمُلْتَزَمَاتِ (الْحَجُّ) وَالْعُمْرَةُ (وَإِذَا نَذَرَ الْحَجَّ) مَثَلًا (مَاشِيًا أَوْ الْمَشْيَ حَاجًّا لَزِمَهُ الْمَشْيُ، وَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ أَفْضَلَ) مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ وَإِنَّمَا كَانَ الرُّكُوبُ أَفْضَلَ لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَحَمُّلَ زِيَادَةِ مُؤْنَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِهِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ حَالَ النَّذْرِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَوْ أَمْكَنَهُ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ (فَلَوْ صَرَّحَ بِالْمَشْيِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ لَزِمَهُ) الْمَشْيُ مِنْهَا قَبْلَ إحْرَامِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ بِأَنْ أَطْلَقَ الْحَجَّ مَاشِيًا (فَمِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ) يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ، وَلَوْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ فِي الْحَجِّ وَابْتِدَاءُ الْحَجِّ مِنْ الْإِحْرَامِ (وَانْتِهَاؤُهُ) أَيْ الْمَشْيِ فِي الْحَجِّ (التَّحَلُّلُ الثَّانِي) أَيْ الْفَرَاغُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي أَعْمَالِ الْحَجِّ مَا بَقِيَتْ عَلَقَةُ الْإِحْرَامِ (وَ) انْتِهَاؤُهُ (فِي الْعُمْرَةِ فَرَاغُهَا) إذْ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا إلَّا بِفَرَاغِهَا، وَلَهُ الرُّكُوبُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الثَّانِي (وَإِنْ بَقِيَ) عَلَيْهِ (رَمْيٌ وَمَبِيتٌ) ؛ لِأَنَّهُمَا خَارِجَانِ مِنْ الْحَجِّ خُرُوجَ السَّلَامِ الثَّانِي مِنْ الصَّلَاةِ وَذِكْرُ الْمَبِيتِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَهُ التَّرَدُّدُ) فِي خِلَالِ أَعْمَالِ النُّسُكِ (فِي حَوَائِجِهِ) مِنْ تِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا (رَاكِبًا، وَإِنْ أَفْسَدَهُ) أَيْ النُّسُكَ (أَوْ فَاتَ وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْمَشْيُ فِي الْقَضَاءِ) تَدَارُكًا لِمَا الْتَزَمَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا فِي) النُّسُكِ (الْفَاسِدِ وَ) لَا فِي (عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ) مِنْ الْحَجِّ فِي سَنَةِ فَوَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِالْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ عَنْ أَنْ يُجْزِئَهُ عَنْ نَذْرِهِ (فَإِنْ رَكِبَ) فِي حَجِّهِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ مَعَ قُدْرَتِهِ (أَجْزَأَهُ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ فَقَالَ: مَا بَالُ هَذَا فَقَالُوا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّهُ أَتَى بِالْأَرْكَانِ، وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا هَيْئَةً فَصَارَ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ الْمَبِيتَ بِمِنًى (وَعَلَيْهِ دَمٌ) ، وَإِنْ رَكِبَ لِعُذْرٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: «إنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى الْبَيْتِ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ هَدْيًا» ؛ وَلِأَنَّهُ صَارَ بِالنَّذْرِ نُسُكًا وَاجِبًا فَوَجَبَ بِتَرْكِهِ الدَّمُ كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ؛ وَلِأَنَّ مَا وَجَبَ بِهِ الدَّمُ لَا يَسْقُطُ الدَّمُ فِيهِ بِالْعُذْرِ كَالتَّطَيُّبِ وَاللِّبَاسِ وَالدَّمُ شَاةٌ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ؛ وَلِأَنَّهُ تَرَفُّهٌ بِتَرْكِ الْمَشْيِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا تَرَفَّهَ بِاللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ (وَأَثِمَ) بِالرُّكُوبِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ (عُذْرٌ) لِتَرْكِهِ وَاجِبًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ بِأَنْ يَنَالَهُ بِالْمَشْيِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ. (فَرْعٌ وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ نَذْرُ الْحِجَّةِ الْمَنْذُورَةِ بِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِ الْحَجِّ كَحِجَّةِ الْإِسْلَامِ) لَوْ قَالَ بِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ كَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ نَذْرُ لَا فَائِدَةَ لَهُ (فَإِنْ عَيَّنَ) فِي نَذْرِهِ الْحَجَّ (سَنَةً تَعَيَّنَتْ، وَلَا يُجْزِئُهُ الْحَجُّ قَبْلَهَا) كَمَا فِي الصَّوْمِ فِيهِمَا (فَإِنْ انْقَضَتْ) أَيْ السَّنَةُ (وَلَمْ يَتَمَكَّنْ) مِنْ الْحَجِّ فِيهَا لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَلَا قَضَاءَ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ حَجٌّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (بِخِلَافِ مَنْ نَذَرَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا وَمُنِعَ مِنْهُمَا) فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ كَالْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ وَقَدْ يَجِبَانِ مَعَ الْعَجْزِ فَلَزِمَا بِالنَّذْرِ، وَالْحَجُّ لَا يَجِبُ إلَّا عِنْدَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ عَنْ عَاجِزٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ إلَخْ) فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ الْمُتَحَيِّرَةَ فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهَا صَلَاةً، وَلَا صَوْمًا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا فِيهِ حَائِضًا. [النَّوْع الثَّانِي مِنْ الْمُلْتَزَمَات الْحَجّ وَالْعُمْرَة] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ مَقْصُودًا مَعَ كَوْنِهِ مَفْضُولًا وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَقْصُودًا فَالْقَصْدُ فِي الرُّكُوبِ أَكْثَرُ فَإِذَا عَدَلَ إلَى الْأَعْلَى فَقَدْ أَحْسَنَ قِيلَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الرُّكُوبُ وَالْمَشْيُ نَوْعَانِ لِلْعِبَادَةِ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفِضَّةِ لَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِالتَّصَدُّقِ بِالذَّهَبِ، وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فس (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ) قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ يَرْكَبَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ مُسِيئًا فَإِنْ رَكِبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِنُسُكٍ يَقْتَضِي ارْتِكَابَ خَلَلٍ فِيهِ يُوجِبُ الدَّمَ. اهـ. وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِي حِجَّةِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَنَالَهُ بِالْمَشْيِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ أَنْ يَنَالَهُ بِهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ كَمَا قَالُوهُ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْعَجْزِ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ بِالْمَرَضِ [فَرْعٌ يَسْتَقِرُّ نَذْرُ الْحِجَّةِ الْمَنْذُورَةِ بِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِ الْحَجِّ] (قَوْلُهُ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَأَنْ مَنَعَهُ مَرَضٌ، وَلَوْ اخْتَصَّ بِهِ أَوْ لَمْ يَجِدْ رُفْقَةً، وَالطَّرِيقُ مَخُوفٌ لَا يَتَأَتَّى لِلْآحَادِ سُلُوكُهُ أَوْ كَانَ مَعْضُوبًا وَقْتَ النَّذْرِ أَوْ طَرَأَ الْعَضْبُ، وَلَمْ يَجِدْ الْمَالَ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ الْمُعَيَّنَةُ (قَوْلُهُ فَلَا قَضَاءَ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ إلَخْ) قَدْ سَبَقَ فِي الْحَجِّ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَعْضُوبِ وَمَكَّةَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ فَيَجِيءُ هُنَا مِثْلُهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ كَالْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ) عُلِمَ مِنْ التَّشْبِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ الْمَرَضُ عَلَى عَقْلِهِ لِإِغْمَاء أَوْ جُنُونٍ فَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَاسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ لَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ كَفَرْضِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ خَلَا أَوَّلُ الْوَقْتِ عَنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَقْدِيمُهَا أَوْ أَخَّرَهُ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ وَخَلَا عَنْ الْمَوَانِعِ زَمَنًا يَسَعُهُ وَجَبَ أَيْضًا كَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَإِنْ كَانَ فِي الصَّوْمِ وَجَبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 585 الِاسْتِطَاعَةِ فَكَذَا حُكْمُ الْمَنْذُورِ مِنْهُ أَمَّا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِي تَصْوِيرِ الْمَنْعِ مِنْ الصَّوْمِ إشْكَالٌ فَإِنَّهُ، وَإِنْ مُنِعَ مِنْ عَدَمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ مِنْ النِّيَّةِ، وَغَايَتُهُ أَنْ يُوجَرَ ذَلِكَ كَرْهًا أَوْ يُكْرَهَ عَلَى تَنَاوُلِهِ وَذَلِكَ لَا يُفْطِرُ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ كَالْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَلَاةً فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ صَلَوَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ قُلْت هَذَا مُسْتَثْنًى كَبَقِيَّةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ وَسِرُّهُ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَنْذُورَةَ لَزِمَتْ بِالنَّذْرِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الْإِتْيَانُ بِهَا عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَصَوَّرَهُ الْمَجْمُوعُ بِالْأَسِيرِ يَأْكُلُ خَوْفًا مِنْ الْقَتْلِ. (وَأَمَّا مَنْ مَرِضَ وَقَدْ أَحْرَمَ فَتَحَلَّلَ) بِالْمَرَضِ بِأَنْ شَرَطَ التَّحَلُّلَ بِهِ (لَزِمَهُ) الْأُولَى فَيَلْزَمُهُ (الْقَضَاءُ) كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَأَفْطَرَ فِيهَا بِعُذْرِ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَقْضِي؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي نَذْرِهِ، وَلَا يَنْزِلُ الْمَرَضُ مَنْزِلَةَ الصَّدِّ عَنْ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ بِهِ بِخِلَافِ الصَّدِّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ فَتَحَلَّلَ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ الْمَرَضِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ (لَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِخَطَأٍ) فِي الْوَقْتِ أَوْ الطَّرِيقِ (أَوْ نِسْيَانٍ) لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِلْحَجِّ لِاخْتِصَاصِهِمَا بِهِ كَالْمَرَضِ (فَرْعٌ مَنْ نَذَرَ عَشَرَ حَجَّاتٍ) مَثَلًا (وَمَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ وَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ حِجَّةٍ فِيهَا قُضِيَتْ مِنْ مَالِهِ وَحْدَهَا) أَوْ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ وَتَمَكَّنَ مِنْ خَمْسِ حَجَّاتٍ فِيهَا قُضِيَتْ فَقَطْ مِنْ مَالِهِ. (وَالْمَعْضُوبُ) إذَا نَذَرَ عَشْرًا وَكَانَ بَعِيدًا مِنْ مَكَّةَ (يَسْتَنِيبُ فِي النَّذْرِ) بِمَعْنَى الْمَنْذُورِ، وَهُوَ الْعَشْرُ إنْ تَمَكَّنَ كَمَا فِي حِجَّةُ الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ (فَقَدْ يَتَمَكَّنُ مِنْ) الِاسْتِنَابَةِ فِي (الْعَشْرِ فِي سَنَةٍ فَتُقْضَى) الْعَشْرُ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَفِ مَالُهُ بِهَا لَمْ يَسْتَقِرَّ إلَّا مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَفِي نُسْخَةٍ فَتُقْضَى بَعْدَ مَوْتِهِ. [فَرْعٌ نَذَرَ الرُّكُوبَ فِي نُسُكٍ فَمَشَى] (فَرْعٌ لَوْ نَذَرَ الرُّكُوبَ) فِي نُسُكٍ (فَمَشَى لَزِمَهُ دَمٌ) ؛ لِأَنَّهُ انْدَفَعَ عَنْهُ مُؤْنَةُ الرُّكُوبِ وَتَرَفَّهَ بِهِ. (فَإِنْ نَذَرَ) النُّسُكَ (حَافِيًا) لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُ الْحَفَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ (فَلَهُ الِانْتِعَالُ) ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْحَفَاءَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّهُ قَالَ فِيهِ فِي الْحَجِّ أَنَّ الْأَوْلَى دُخُولُ مَكَّةَ حَافِيًا وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ بَعْضِهِمْ وَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ خَلْعِ النَّعْلَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُسْتَحَبُّ فِيهِ أَنْ يَكُونَ حَافِيًا كَمَا لَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ أَوْ الرُّكُوبَ وَكَإِطَالَةِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. (فَرْعٌ لَوْ نَذَرَ حَجًّا وَعُمْرَةً مُفْرَدَيْنِ فَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ فَكَمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ) فِيهِمَا (فَرَكِبَ) فَيُجْزِئُهُ وَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَأْثَمُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ (وَإِنْ نَذَرَ الْقِرَانَ أَوْ التَّمَتُّعَ) وَذِكْرُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَأَفْرَدَ فَهُوَ أَفْضَلُ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَيَأْتِي بِهِ وَيَلْزَمُهُ دَمُ الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالنَّذْرِ فَلَا يَسْقُطُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْحَجِّ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَلَامُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ لِلْعُدُولِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اكْتِفَاءً بِالدَّمِ الْمُلْتَزَمِ مَعَ كَوْنِ الْأَفْضَلِ الْمَأْتِيَّ بِهِ مِنْ جِنْسِ الْمَنْذُورِ، وَبِهَذَا فَارَقَ لُزُومَهُ بِالْعُدُولِ مِنْ الْمَشْيِ إلَى الرُّكُوبِ فِيمَا مَرَّ، وَلَوْ نَذَرَ الْقِرَانَ فَتَمَتَّعَ فَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَلَوْ نَذَرَ التَّمَتُّعَ فَقَرَنَ أَجْزَأَهُ، وَلَزِمَهُ دَمَانِ (وَيَنْعَقِدُ نَذْرُ الْحَجِّ مِمَّنْ لَمْ يَحُجَّ) حَجَّ الْفَرْضِ فَيَلْزَمُهُ لِلنَّذْرِ حَجٌّ آخَرُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ وَعَلَيْهِ صَلَاةُ الظُّهْرِ تَلْزَمُهُ صَلَاةٌ أُخْرَى (وَيَأْتِي بِهِ) أَيْ بِالْمَنْذُورِ (بَعْدَ) حَجِّ (الْفَرْضِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَحَلُّ انْعِقَادِ نَذْرِهِ ذَلِكَ أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ الْفَرْضِ فَإِنْ نَوَى الْفَرْضَ لَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ أَوْ صَوْمَ رَمَضَانَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَكَذَلِكَ إذَا لَا يَنْعَقِدُ نُسُكٌ مُحْتَمَلٌ كَذَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. (النَّوْعُ الثَّالِثُ: إتْيَانُ الْمَسَاجِدِ فَإِنْ نَذَرَ إتْيَانَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ مَكَّةَ) كَبَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ أَوْ الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَوْ بَيْتِ أَبِي جَهْلٍ (أَوْ مَكَان مِنْ الْحَرَمِ) كَمَكَّةَ أَوْ الصَّفَا أَوْ الْمَرْوَةِ أَوْ مَسْجِدِ الْخَيْفِ أَوْ مِنًى أَوْ مُزْدَلِفَةَ (لَزِمَهُ إتْيَانُ الْحَرَمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ)   [حاشية الرملي الكبير] قَضَاءُ الْإِغْمَاءِ دُونَ الْجُنُونِ قَالَ، وَأَمَّا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَإِنْ كَانَ فِي الصَّوْمِ وَاسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ وَجَبَ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ لِتَكَرُّرِهَا قَالَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ، وَأَمَّا مَنْ مَرِضَ وَقَدْ أَحْرَمَ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَأَمَّا مَنْ مَرِضَ وَقَدْ أَحْرَمَ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، وَلَا يَتَحَلَّلُ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ إلَخْ) هَذَا التَّنْظِيرُ عَلَى غَيْرِ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ صَرِيحًا وَالْمُخْتَصَرِ ظَاهِرًا وَجَرَى الْأَصْحَابُ عَلَى إيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمَرِيضِ، وَلَمْ يَفْصِلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَرَضُ عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ أَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ قَالَ فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ انْفَرَدَ بِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ [فَرْعٌ نَذَرَ عَشَرَ حَجَّاتٍ مَثَلًا وَمَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ وَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ حِجَّةٍ فِيهَا] (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ خَلْعِ النَّعْلَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ نَذَرَ حَجًّا وَعُمْرَةً مُفْرَدَيْنِ فَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ] (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَأْثَمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى الْفَرْضَ لَمْ يَنْعَقِدْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَكَذَلِكَ) مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَالتَّشْبِيهِ السَّابِقِ انْعِقَادُهُ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ [النَّوْع الثَّالِث إتْيَان الْمَسَاجِد] (قَوْلُهُ فَإِنْ نَذَرَ إتْيَانَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ مَحَلَّ مَا ذَكَرُوهُ مَا إذَا كَانَ النَّاذِرُ خَارِجَ الْحَرَمِ فَإِنْ كَانَ دَاخِلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إتْيَانُهُ بِحَجٍّ، وَلَا عُمْرَةٍ وَيَكُونُ كَذَا إتْيَانُ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ الْأَقْصَى حَتَّى يَكُونَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إتْيَانُهُ مُطْلَقًا فَلَوْ كَانَ فِي نَفْسِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَنَذَرَ إتْيَانَهُ لَغَا نَذْرُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بَعْدَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَيَحْتَمِلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الصِّحَّةَ وَحَمْلَهُ عَلَى إتْيَانِهِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ قَالَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ النَّفَائِسِ قَالَ شَيْخُنَا هَذَا وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ لِدَاخِلِ الْحَرَمِ وَحِينَئِذٍ فَيُعْتَمَدُ مِنْ كَلَامِهِ الثَّانِي وَقَوْله وَيُحْتَمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الصِّحَّةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 586 لِأَنَّ الْقُرْبَةَ إنَّمَا تَتِمُّ فِي إتْيَانِهِ بِنُسُكِهِ وَالنَّذْرُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَاجِبِ وَحُرْمَةُ الْحَرَمِ شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمْكِنَةِ وَنَحْوِهَا فِي تَنْفِيرِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ (وَلَوْ قَالَ) فِي نَذْرِهِ (بِلَا حَجٍّ، وَلَا عُمْرَةٍ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَلْغُو النَّفْيُ وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا يُنَافِيهِ وَقَدْ يُؤَيَّدُ بِمَا لَوْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً عَلَى أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ شَدِيدُ التَّشَبُّثِ (وَلَا يَتَعَيَّنُ الرُّكُوبُ، وَلَا الْمَشْيُ) فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ لَا يَقْتَضِيهِمَا. (وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ، وَلَمْ يَنْوِ الْحَجَّ أَوْ) أَنْ يَأْتِيَ (بَيْتَ اللَّهِ، وَلَمْ يَنْوِ) الْبَيْتَ (الْحَرَامَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) فِيهِمَا؛ لِأَنَّ عَرَفَاتٍ مِنْ الْحِلِّ فَهِيَ كَبَلَدٍ آخَرَ وَبَيْتُ اللَّهِ يَصْدُقُ بِبَيْتِهِ الْحَرَامِ وَبِسَائِرِ الْمَسَاجِدِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِلَفْظٍ، وَلَا نِيَّةٍ فَإِنْ نَوَى الْحَجَّ فِي الْأُولَى وَالْحَرَمِ فِي الثَّانِيَةِ لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ وَكَلَفْظِ الْإِتْيَانِ فِيمَا ذُكِرَ لَفْظُ الِانْتِقَالِ وَالذَّهَابِ وَالْمُضِيِّ وَالْمَصِيرِ وَالسَّيْرِ وَنَحْوِهَا (وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَمَسَّ بِثَوْبِهِ الْكَعْبَةِ فَكَمَا لَوْ نَذَرَ إتْيَانَهَا) وَفِي نُسْخَةٍ لَزِمَهُ إتْيَانُهَا أَيْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مَسِّهَا بِثَوْبِهِ إلَّا بِإِتْيَانِهَا (وَمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى الْحَرَمِ لَزِمَهُ الْمَشْيُ مِنْ بَيْتِهِ) وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْمَشْيِ مِنْهُ (وَالْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَإِنْ نَذَرَ إتْيَانَ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ الْأَقْصَى) وَفِي نُسْخَةٍ وَالْأَقْصَى (لَمْ يَلْزَمْهُ) إتْيَانُهُ وَيَلْغُو النَّذْرُ؛ لِأَنَّهُ مَسْجِدٌ لَا يَجِبُ قَصْدُهُ بِالنُّسُكِ فَلَمْ يَجِبْ إتْيَانُهُ بِالنَّذْرِ كَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ، وَيُفَارِقُ لُزُومَ الِاعْتِكَافِ فِيهِمَا بِالنَّذْرِ بِأَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ فِي نَفْسِهِ، وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالْمَسْجِدِ فَإِذَا كَانَ لِلْمَسْجِدِ فَضْلٌ وَلِلْعِبَادَةِ فِيهِ مَزِيدُ ثَوَابٍ فَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ فَضِيلَةً فِي الْعِبَادَةِ الْمُلْتَزَمَةِ وَالْإِتْيَانَ بِخِلَافِهِ. (وَحُكْمُ نَذْرِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ حُكْمُ) نَذْرِ (الِاعْتِكَافِ) فِيهَا (وَقَدْ سَبَقَ) فِي بَابِهِ فَلَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ الْأَقْصَى تَعَيَّنَ دُونَ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَيَقُومُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ مَقَامَ مَسْجِدَيْ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى لَا الْعَكْسِ وَيَقُومُ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مَقَامَ الْأَقْصَى لَا الْعَكْسُ. (وَإِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ وَصَلَّى فِي) أَطْرَافِ (الْمَسْجِدِ أَجْزَأَهُ) ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْكَعْبَةِ زِيَادَةُ فَضِيلَةٍ (، وَلَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ) وَاحِدَةٌ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ (عَنْ أَكْثَرَ مِنْهَا بِأَنْ) بِمَعْنَى كَانَ (نَذَرْت) فَلَوْ نَذَرَ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدٍ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ صَلَاةً لَا تُجْزِئُهُ أَلْفُ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ عَدَلَتْ بِهَا كَمَا أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ قِرَاءَةَ ثُلُثِ الْقُرْآنِ فَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لَا يُجْزِئُهُ، وَإِنْ عَدَلَتْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ. [فَرْعٌ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ الْفَرَائِضَ فِي الْمَسْجِدِ] (فَرْعٌ لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّي الْفَرَائِضَ فِي الْمَسْجِدِ لَزِمَهُ) أَنْ يُصَلِّيَهَا فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ صِفَاتِهَا تُفْرَدُ بِالِالْتِزَامِ بِخِلَافِ النَّفْلِ وَالْفَرْقُ أَنَّ أَدَاءَ الْفَرِيضَةِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ (وَلَا يَتَعَيَّنُ) لَهَا (مَسْجِدٌ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ لَهَا مَسْجِدًا غَيْرَ الثَّلَاثَةِ جَازَ أَدَاؤُهَا فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَمَنْ نَذَرَ زِيَارَةَ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَزِمَهُ) الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ زِيَارَةَ قَبْرِهِ مِنْ الْقُرَبِ الْمَطْلُوبَةِ (وَفِي) لُزُومِهِ بِنَذْرٍ (زِيَارَةُ قَبْرِ غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا اللُّزُومُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَقْبُورُ صَالِحًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ لِخَبَرِ «زُورُوا الْقُبُورَ» ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ زِيَارَةَ سَائِرِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ كَزِيَارَةِ قُبُورِ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَمْشِيَ) لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (وَ) إنْ (نَوَى) مَعَهُ (حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ لَزِمَهُ) مَا نَوَاهُ وَجُعِلَ كَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِهِ. [النَّوْع الرَّابِع الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا] (النَّوْعُ الرَّابِعُ الْهَدَايَا) وَالضَّحَايَا (وَلَوْ نَذَرَ ذَبْحَ شَاةٍ) مَثَلًا (وَلَمْ يُعَيِّنْ) لِلذَّبْحِ (بَلَدًا أَوْ عَيَّنَ) لَهُ (غَيْرَ الْحَرَمِ، وَلَمْ يَنْوِ) فِيهِمَا التَّضْحِيَةَ، وَلَا (الصَّدَقَةَ بِلَحْمِهَا لَمْ يَنْعَقِدْ) نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِقُرْبَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى ذَلِكَ أَوْ عَيَّنَ الْحَرَمِ وَقَدْ صَرَّحَ بِالثَّانِي فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ نَذَرَ الذَّبْحَ فِي الْحَرَمِ انْعَقَدَ) نَذْرُهُ فَيَلْزَمُهُ الذَّبْحُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الذَّبْحِ فِي النَّذْرِ مُضَافًا إلَى الْحَرَمِ يُشْعِرُ بِالْقُرْبَةِ؛ وَلِأَنَّ الذَّبْحَ فِيهِ عِبَادَةٌ مَعْهُودَةٌ (وَلَزِمَهُ التَّفْرِقَةُ فِيهِ) حَمْلًا عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ. (وَلَوْ نَذَرَ هَدْيَ بَدَنَةٍ) مَثَلًا (إلَى الْحَرَمِ) بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَدَنَةً إلَى الْحَرَمِ أَوْ أَنْ أَتَقَرَّبَ بِسَوْقِهَا إلَيْهِ (لَزِمَهُ الذَّبْحُ وَالتَّفْرِقَةُ فِيهِ) لِذَلِكَ وَتَعْبِيرُهُ بِالْحَرَمِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَكَّةَ (فَإِنْ نَذَرَ الذَّبْحَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَوْ بِسِكِّينٍ، وَلَوْ مَغْصُوبًا وَ) نَذَرَ (التَّفْرِقَةَ) فِيهِمَا (فِي الْحَرَمِ تَعَيَّنَ مَكَانُ التَّفْرِقَةِ) لِلَّحْمِ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الذَّبْحِ، وَلَوْ بِالسِّكِّينِ الْمُعَيَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فِيهِ خَارِجَ الْحَرَمِ، وَلَا فِي الذَّبْحِ بِسِكِّينٍ مُعَيَّنٍ، وَلَوْ فِي الْحَرَمِ فَيَذْبَحُ حَيْثُ شَاءَ وَبِأَيِّ سِكِّينٍ شَاءَ، وَيُفَرِّقُ فِي الْحَرَمِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِسِكِّينٍ، وَلَوْ مَغْصُوبًا مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ خِلَافَهُ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَجَّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فَكَأَنَّهُ نَوَاهُ، ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْهُ، وَهُوَ غَيْرُ مُمَكَّنٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتَ) شَمِلَ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَنْ يَأْتِيَ بَيْتَ اللَّهِ) أَوْ مَرَّ الظَّهْرَانِ أَوْ بُقْعَةً أُخْرَى قَرِيبَةً مِنْ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى الْحَجَّ فِي الْأُولَى) كَأَنْ نَوَى إتْيَانَهَا مُحْرِمًا وَخَرَّجَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ نَذَرَ إتْيَانَ الْجُحْفَةَ أَوْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَرَادَ الْتِزَامَ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ إتْيَانَهُ مُحْرِمًا انْعَقَدَ نَذْرُهُ قَالَ وَقِيَاسُهُ إذَا قَالَ الْمَكِّيُّ: لِلَّهِ عَلَيَّ الْخُرُوجُ إلَى التَّنْعِيمِ أَوْ نَحْوِهِ، وَنَوَى الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَزِمَهُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ لَهَا مَسْجِدًا غَيْرَ الثَّلَاثَةِ جَازَ أَدَاؤُهَا إلَخْ) وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ إذَا انْتَقَلَ إلَى مَسْجِدٍ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهِ أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ جَازَ، وَإِلَّا، فَلَا كَذَا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ فِي الْإِبَانَةِ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ أَيْضًا إنْ اسْتَوَتْ جَمَاعَتَاهُمَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ زِيَارَةَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْقُرَبِ الْمَطْلُوبَةِ) أَلْحَقَ بِهِ سَائِرَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَكَذَا الْأَوْلِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا اللُّزُومُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَمْشِيَ أَوْ نَوَى حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ] (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَدَنَةً إلَى الْحَرَمِ) أَوْ إلَى أَفْضَلِ بَلَدٍ أَوْ إلَى أَشْرَفِ بَلَدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 587 نَذَرَ (الذَّبْحَ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَرَمِ (وَالتَّفْرِقَةَ فِي غَيْرِهِ تَعَيَّنَ الْمَكَانَانِ) أَيْ مَكَانَا الذَّبْحِ وَالتَّفْرِقَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا قُرْبَةٌ. (وَلَوْ نَذَرَ الذَّبْحَ وَالتَّفْرِقَةَ) أَوْ نَوَاهَا (بِبَلَدٍ غَيْرِ الْحَرَمِ تَعَيَّنَا فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَهُمَا جَمِيعًا بِهِ فَأَشْبَهَ تَقْيِيدَهُمَا بِالْحَرَمِ؛ وَلِأَنَّ الذَّبْحَ وَسِيلَةٌ إلَى التَّفْرِقَةِ الْمَقْصُودَةِ فَلَمَّا جَعَلَ مَكَانَهُ مَكَانَهَا اقْتَضَى تَعَيُّنَهُ تَبَعًا (أَوْ) نَذَرَ (الْأُضْحِيَّةَ فِي بَلَدٍ تَعَيَّنَتْ) أَيْ تَعَيَّنَ ذَبْحُهَا مَعَ التَّفْرِقَةِ فِيهِ (لِتَضَمُّنِهَا التَّفْرِقَةَ) فِيهِ. (وَإِنْ نَذَرَ الذَّبْحَ بِأَفْضَلِ بَلَدٍ فَمَكَّةُ) مُعَيَّنَةٌ لِلذَّبْحِ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْبِلَادِ (وَمَنْ نَذَرَ لِمُعَيَّنٍ) كَقَوْلِهِ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى فُلَانٍ فَشُفِيَ (فَأَعْطَاهُ) الْعَشَرَةَ (وَلَمْ يَقْبَلْ بَرِئَ) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى قَبُولِ غَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ فُلَانٌ عَلَى قَبُولِهِ وَيُفَارِقُ الزَّكَاةَ بِأَنَّ مُسْتَحِقِّيهَا إنَّمَا أُجْبِرُوا عَلَى قَبُولِهَا خَوْفَ تَعْطِيلِ أَحَدِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ النَّذْرِ. اهـ. وَيُفَارِقُهُ أَيْضًا بِأَنَّ مُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ مَلَكُوهَا بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ النَّذْرِ (وَلِلْمَنْذُورِ لَهُ مُطَالَبَتُهُ) بِالْمَنْذُورِ بَعْدَ الشِّفَاءِ (إنْ لَمْ يُعْطِهِ) النَّاذِرُ ذَلِكَ (كَالْمَحْصُورِينَ مِنْ الْفُقَرَاءِ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِالزَّكَاةِ) الَّتِي وَجَبَتْ، وَكَمَا لَوْ نَذَرَ إعْتَاقَ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ إنْ شُفِيَ فَشُفِيَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْإِعْتَاقِ (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَ الْفُقَرَاءَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الصَّدَقَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُحِبَّ الْفُقَرَاءَ وَفِيهِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَظَرٌ إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الصَّدَقَةُ. (فَصْلٌ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُضَحِّيَ بِبَدَنَةٍ وَقَيَّدَهَا بِالْإِبِلِ) كَأَنْ قَالَ بِبَدَنَةٍ مِنْ الْإِبِلِ (أَوْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ تَعَيَّنَتْ) أَيْ الْبَدَنَةُ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْإِبِلِ فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا مَعَ وُجُودِهَا لِلتَّقْيِيدِ بِهَا فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَلِغَلَبَةِ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهَا فِي الْأَخِيرَةِ؛ وَلِأَنَّهَا، وَإِنْ أُطْلِقَتْ عَلَى الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ أَيْضًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَهِيَ فِي الْإِبِلِ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا (فَإِنْ عُدِمَتْ وَقَدْ أَطْلَقَ) نَذْرَهُ (فَبَقَرَةٌ أَوْ سَبْعُ شِيَاهٍ) ظَاهِرُهُ كَالرَّوْضَةِ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَجِبُ بَقَرَةٌ فَإِنْ عُدِمَتْ فَسَبْعُ شِيَاهٍ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ (أَوْ) عُدِمَتْ (وَقَدْ قَيَّدَ) نَذْرَهُ بِهَا لَفْظًا أَوْ نِيَّةً (وَجَبَ) عَلَيْهِ (أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهَا بَقَرَةً) وَيُفَارِقُ ذَلِكَ عَدَمَ اعْتِبَارِ قِيمَتِهَا حَالَةَ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّ اللَّفْظَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى مَعْهُودِ الشَّرْعِ وَمَعْهُودُ الشَّرْعِ لَا تَقْوِيمَ فِيهِ (فَإِنْ فَضَلَ) مِنْ قِيمَتِهَا شَيْءٌ (فَأُخْرَى) أَيْ فَيَشْتَرِي بِهِ بَقَرَةً أُخْرَى إنْ أَمْكَنَ (وَإِلَّا فَشَاةً) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ بَقَرَةً فَيَشْتَرِي بِهِ شَاةً (أَوْ شِقْصًا) مِنْ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ إنْ أَمْكَنَ بِمُشَارَكَةِ غَيْرِهِ (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ) وَاحِدًا مِنْهُمَا (فَدَرَاهِمَ) يَعْنِي فَيَتَصَدَّقُ بِالْفَاضِلِ دَرَاهِمَ عَلَى الْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا فَشَاةً إلَى آخِرِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَهُوَ تَصَرُّفٌ حَسَنٌ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ إخْرَاجِ الْفَاضِلِ فَقَالَ الرُّويَانِيُّ: يَشْتَرِي بِهِ بَقَرَةً أُخْرَى إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَوْ يَشْتَرِي بِهِ شِقْصًا وَجْهَانِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يُشَارِكُ فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ يَشْتَرِي بِهِ شَاةً (فَإِنْ عُدِمَتْ الْبَقَرَةُ فَالشِّيَاهُ) السَّبْعُ يَشْتَرِيهَا (بِقِيمَةِ الْبَدَنَةِ) وَالتَّصْرِيحُ بِتَرْجِيحِ تَرْتِيبِ الشِّيَاهِ عَلَى الْبَقَرَةِ وَتَرْجِيحِ اعْتِبَارِ قِيمَتِهَا بِقِيمَةِ الْبَدَنَةِ لَا بِقِيمَةِ الْبَقَرَةِ، وَلَا بِأَكْثَرِهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ وَجَدَ بِقِيمَتِهَا) أَيْ الْبَدَنَةِ (ثَلَاثَ شِيَاهٍ أَتَمَّهَا) أَيْ الثَّلَاثَ (مِنْ مَالِهِ سَبْعًا) ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَقُومُ مَقَامَ الْبَدَنَةِ. (وَلَوْ نَذَرَ شَاةً فَذَبَحَ) بَدَلَهَا (بَدَنَةً جَازَ) ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْهَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَمَحَلُّهُ إذَا نَذَرَهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ عَدَمَ الْجَوَازِ (وَفِي كَوْنِهَا كُلِّهَا فَرْضًا وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا نَعَمْ عَلَى اضْطِرَابٍ فِيهِ بَيَّنْتُهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ. (فَرْعٌ) فِي الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْحَيَوَانِ الْمَنْذُورِ (وَإِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ أَوْ أُهْدِيَ، وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا لَزِمَهُ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ) حَمْلًا عَلَى مَعْهُودِ الشَّرْعِ (فَإِنْ عَيَّنَ عَنْ نَذْرِهِ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً) أَوْ شَاةً (تَعَيَّنَتْ بِشُرُوطِهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ لِذَلِكَ فَلَا يُجْزِئُ فَصِيلٌ، وَلَا عِجْلٌ، وَلَا سَخْلَةٌ (فَإِنْ تَعَيَّبَ الْهَدْيُ) الْمَنْذُورُ أَوْ الْمُعَيَّنُ عَنْ نَذْرِهِ (تَحْتَ السِّكِّينِ) عِنْدَ ذَبْحِهِ (أَجْزَأَهُ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ مَا يُهْدَى إلَى الْحَرَمِ وَبِالْوُصُولِ إلَيْهِ حَصَلَ الْإِهْدَاءُ وَالتَّضْحِيَةُ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالذَّبْحِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ إجْزَاءِ الْهَدْيِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ تَعَيَّنَ الْمَكَانَانِ) ، وَلَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ، وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُرَادَ فُقَرَاؤُهُ وَمَسَاكِينُهُ غ وَقَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَذَرَ الذَّبْحَ بِأَفْضَلِ بَلَدٍ) أَوْ أَشْرَفِ بَلَدٍ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ فُلَانٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْإِعْتَاقِ) قَالَ الْبَغَوِيّ وَبَعْدَ الشِّفَاءِ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ عَلَى الْفَوْرِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ أَخَّرَ [فَرْعٌ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَ الْفُقَرَاءَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الصَّدَقَةَ] (قَوْلُهُ إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الصَّدَقَةُ) وَقَدْ صَرَّحُوا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِأَنَّ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ يَتَضَمَّنُ التَّمْلِيكَ (تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَالَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِثْلَ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي تَكْرَارَ الْأَوَّلِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا [فَصْلٌ نَذَرَ أَنْ يُضَحِّيَ بِبَدَنَةٍ وَقَيَّدَهَا بِالْإِبِلِ أَوْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ] (قَوْلُهُ ظَاهِرُهُ كَالرَّوْضَةِ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ) لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ الْبَدَنَةَ فِي نَذْرِهِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ اسْمَ الْبَدَنَةِ يَقَعُ عَلَى الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: صَحَّحُوا التَّرْتِيبَ نَظَرًا لِلْمَشْهُورِ فِي الِاصْطِلَاحِ فَإِنَّ النَّوَوِيَّ فِي مَجْمُوعِهِ لَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ قَالَ: وَلَكِنْ اُشْتُهِرَ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ اخْتِصَاصُ الْبَدَنَةِ بِالْإِبِلِ (قَوْلُهُ بَلْ تَجِبُ بَقَرَةٌ فَإِنْ عُدِمَتْ إلَخْ) فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ. (قَوْلُهُ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَعَيَّنَتْ لِلْقُرْبَةِ كَمَا فِي الْعِتْقِ قُلْت، وَهَذَا لَا مِرْيَةَ فِيهِ غ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ) قَالَ شَيْخُنَا مُقْتَضَى مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الدِّمَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ بَدَنَةً عَنْ شَاةٍ لَزِمَتْهُ فَسُبْعُهَا فَرْضٌ فَقَطْ أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَذَلِكَ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ [فَرْعٌ فِي الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْحَيَوَانِ الْمَنْذُورِ] (قَوْلُهُ، وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا) أَيْ، وَلَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ) فَيُجْزِئُ سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 588 عَنْ الْقَفَّالِ، وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ وَصَحَّحَ فِيهِ الْمَنْعَ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ مَا لَمْ يَذْبَحْ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، ثُمَّ قَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ (وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ) نَقْلِ (الْهَدْيِ إلَى الْحَرَمِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْهَدْيِ قَالَ تَعَالَى {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ بَعْضُهُ لِنَقْلِ الْبَاقِي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَ) لَزِمَهُ (تَفْرِقَةُ لَحْمِهِ فِيهِ) عَلَى مَسَاكِينِهِ لَكِنْ لَوْ نَوَى صَرْفَهُ إلَى تَطْيِيبِ الْكَعْبَةِ أَوْ جَعَلَ الثَّوْبَ سِتْرًا لَهَا أَوْ قُرْبَةً أُخْرَى هُنَاكَ صَرَفَهُ إلَى مَا نَوَى كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (وَلَوْ ذَبَحَهُ) أَوْ فَرَّقَهُ (فِي غَيْرِهِ) أَوْ فِيهِ عَلَى غَيْرِ مَسَاكِينِهِ (لَمْ يُجْزِهِ) (وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ مَالًا مُعَيَّنًا) لَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَأَنْ نَذَرَ ثَوْبًا (أَوْ ظَبْيًا) أَوْ طَائِرًا أَوْ جَمَادًا أَوْ نَحْوَهُمَا (أَوْ شَاةً) مَثَلًا (غَيْرَ سَلِيمَةٍ وَجَبَ إيصَالُهُ الْحَرَمَ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْهَدْيِ (وَلَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ) لَوْ قَالَ بِعَيْنِهِ كَانَ أَخْصَرَ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ، وَتَفْرِقَةُ ثَمَنِهِ وَيَنْزِلُ تَعْيِينُهُ مَنْزِلَهُ الْأُضْحِيَّةِ وَالشَّاةِ فِي الزَّكَاةِ (وَ) لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ (بِالْحَيَوَانِ حَيًّا، وَلَوْ ذَبَحَهُ لَمْ يَجُزْ) إذْ لَا قُرْبَةَ فِي ذَبْحِهِ لِعَدَمِ إجْزَائِهِ أُضْحِيَّةً (وَغَرِمَ الْأَرْشَ) إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِالذَّبْحِ وَتَصَدَّقَ بِاللَّحْمِ. (وَمَا تَعَذَّرَ نَقْلُهُ) مِمَّا أَهْدَاهُ (كَالدَّارِ أَوْ تَعَسَّرَ كَحَجَرِ الرَّحَى فَلَهُ بَيْعُهُ وَنَقْلُ ثَمَنِهِ) الْمُوَافِقُ بِعِبَارَةِ أَصْلِهِ، وَيَنْتَقِلُ ثَمَنُهُ إلَى الْحَرَمِ (بِنَفْسِهِ) مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ حَاكِمٍ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِهِ، وَهَلْ لَهُ إمْسَاكُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ لَا، فَقَدْ يَرْغَبُ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْهَا وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ وَمِثْلُ حَجَرِ الرَّحَى فِي بَيْعِهِ مَا لَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُ تَعْمِيمُ بُقَعِ الْحَرَمِ إذَا فَرَّقَهُ عَلَى مَسَاكِينِهِ كَاللُّؤْلُؤِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمُرَادُهُ حَيْثُ وَجَبَ التَّعْمِيمُ لَكِنْ هَلْ يُبَاعُ فِي الْحَرَمِ بَعْدَ نَقْلِهِ أَوْ فِي مَحَلِّ النَّذْرِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي الْمَحَلَّيْنِ سَوَاءً. تَخَيَّرَ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ تَعَيَّنَ. (فَرْعٌ، وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ) شَاةً مَثَلًا (وَنَوَى ذَاتَ عَيْبٍ أَوْ سَخْلَةً) أَوْ جَدْيًا أَوْ رَضِيعًا (أَجْزَأَهُ) إهْدَاءُ الْمَنْوِيِّ؛ لِأَنَّهُ الْمُلْتَزَمُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ حَيًّا، وَلَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ ذَبَحَهُ لَمْ يَجُزْ (فَإِنْ جَعَلَهُ) أَيْ أَخْرَجَ بَدَلَهُ (سَلِيمًا فَهُوَ أَفْضَلُ) لَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بَدَلَ سَلِيمًا بِتَامًّا كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ قَالَ أَنَا أُهْدِي هَذِهِ) الشَّاةَ مَثَلًا (نَذْرًا لَزِمَهُ) أَنْ يُهْدِيَهَا (إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِقْبَالَ) أَيْ نَوَى أَنَّهُ سَيُحْدِثُ نَذْرَهَا أَوْ سَيُهْدِيهَا فَلَا يَلْزَمُهُ إهْدَاؤُهَا وَكَذَكَرَ نَذْرًا نِيَّتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ إهْدَاؤُهَا؛ لِأَنَّ أَهْدَى لِلِاسْتِقْبَالِ أَوْ وَلِلْحَالِ بِلَا إنْشَاءٍ أَوْ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَقْرِنْهُ بِمَا يَقْتَضِي الِالْتِزَامَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ أُطَلِّقُ، وَلَمْ تُرِدْ بِهِ الْإِنْشَاءَ [فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي النَّذْر] (فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ مِنْهَا فِي الْأَصْلِ لَوْ نَذَرَ الصَّوْمَ فِي بَلَدٍ، وَلَوْ مَكَّةَ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ. (وَإِنْ نَذَرَ سَتْرَ الْكَعْبَةِ) ، وَلَوْ (بِالْحَرِيرِ أَوْ تَطِيبَهَا أَوْ صَرْفَ مَالٍ فِيهِ) أَيْ فِي سَتْرِهَا أَوْ تَطْيِيبِهَا (جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقُرُبَاتِ فَإِنَّ النَّاسَ اعْتَادُوهَا عَلَى مَمَرِّ الْأَعْصَارِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ (فَإِنْ نَوَى الْمُبَاشَرَةَ) لِذَلِكَ (بِنَفْسِهِ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ بَعْثُهُ) إلَى الْقَيِّمِ لِيَصْرِفَهُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَالتَّصْرِيحُ بِلُزُومِ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ إذَا نَوَاهَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَفِي) جَوَازِ نَذْرِ (تَطْيِيبِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى وَغَيْرِهِمَا) مِنْ الْمَسَاجِدِ (تَرَدُّدٌ) لِلْإِمَامِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمَالَ إلَى تَخْصِيصِهِ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الْمُخْتَارُ الصِّحَّةُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّ تَطْيِيبَهَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ فَلَزِمَ بِالنَّذْرِ كَسَائِرِ الْقُرَبِ وَخَرَجَ بِالْمَسَاجِدِ الْبُيُوتُ وَنَحْوُهَا كَمَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ (وَلَوْ نَذَرَ الذَّبْحَ عَنْ وَلَدِهِ) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ عَنْ وَلَدِي (لَزِمَهُ) الذَّبْحُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ عَنْ الْأَوْلَادِ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ (أَوْ) نَذَرَ (تَعْجِيلَ زَكَاةَ مَالِهِ) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعَجِّلَ زَكَاةَ مَالِي (أَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ وَلَدِي فَإِنْ لَمْ يَجُزْ فَشَاةٌ مَكَانَهُ أَوْ نَذَرَ) كَافِرٌ (صَوْمًا) مَثَلًا (قَبْلَ إسْلَامِهِ فَلَا) يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ أَمَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَلِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ «وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ فِي نَذْرٍ كَانَ نَذَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْفِ بِنَذْرِك» مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، وَأَمَّا فِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا؛ فَلِأَنَّ الْمَنْذُورَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ نَعَمْ حَيْثُ قُلْنَا يُنْدَبُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ كَأَنْ اشْتَدَّتْ حَاجَةُ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا أَوْ الْتَمَسُوهَا مِنْ الْمُزَكِّي أَوْ قَدِمَ السَّاعِي قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ صِحَّةُ نَذْرِهِ. (فَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلصَّدَقَةِ بِدِرْهَمٍ خُبْزًا لَزِمَهُ الْخُبْزُ) أَيْ التَّصَدُّقُ بِخُبْزِ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ (لَا شِرَاؤُهُ) فَلَا يَلْزَمُهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى؛ وَلِأَنَّ الْقُرْبَةَ إنَّمَا هِيَ التَّصَدُّقُ لَا الشِّرَاءُ (وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَى رِجْلِي الْحَجُّ مَاشِيًا لَزِمَهُ إلَّا إنْ أَرَادَ إلْزَامَ رِجْلَيْهِ) خَاصَّةً (وَإِنْ أَلْزَمَ رَقَبَتَهُ أَوْ نَفْسَهُ) ذَلِكَ (لَزِمَهُ) مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا كِنَايَتَانِ عَنْ الذَّاتِ، وَإِنْ قَصَدَ إلْزَامَهَا (وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ عَنْ كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، ثُمَّ إلَخْ) يُحْمَلُ مَا هُنَاكَ عَلَى غَيْرِ هَذَا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الْهَدْيِ إلَى الْحَرَمِ إلَخْ) سَوَاءٌ أَقَالَ أُهْدِي هَذَا أَوْ جَعَلْتُهُ هَدْيًا وَكَتَبَ أَيْضًا وَعَلَيْهِ أَيْضًا عَلَفُ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ بَعْضُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ مَالًا إلَخْ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَالًا الدُّهْنُ النَّجَسُ وَالْجِلْدُ قَبْلَ الدِّبَاغِ (قَوْلُهُ، وَهَلْ لَهُ إمْسَاكُهُ بِقِيمَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ شَاةً مَثَلًا وَنَوَى ذَاتَ عَيْبٍ أَوْ سَخْلَةً أَوْ جَدْيًا أَوْ رَضِيعًا] (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَذَرَ سَتْرَ الْكَعْبَةِ) هَلْ يَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ بِمُجَرَّدِ السَّتْرِ، وَلَوْ بِالْمُتَّصِفِ وَالْجُلُودِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الدِّيبَاجِ وَالْعَتَّابِيِّ؟ احْتِمَالَانِ وَقَوْلُهُ هَلْ يَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ بِمُجَرَّدِ السَّتْرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَطْيِيبَهَا) لَا بُدَّ مِنْ تَطْيِيبِ مَا يُعْتَادُ (قَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الْمُخْتَارُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ صِحَّةُ نَذْرِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 589 إنْ (لَمْ يُعَيِّنْ أَجْزَأَهُ) كَمَا لَوْ لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ. (وَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِشَيْءٍ) صَحَّ نَذْرُهُ وَ (تَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ) مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لِصِدْقِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَ بِشَيْءٍ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا مُتَمَوَّلٌ كَمَا مَرَّ. (أَوْ) نَذَرَ التَّصَدُّقَ (بِأَلْفٍ، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَغَا) كَذَا جَزَمَ بِهِ تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَيُعَيِّنُ أَلْفًا مِمَّا يُرِيدُ كَمَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَذْرِ التَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ لَكِنَّ الْأَصْلَ لَمْ يُصَوِّرْهَا بِنَذْرِ التَّصَدُّقِ وَإِنَّمَا قَالَ، وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَلْفٌ، وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا بِاللَّفْظِ، وَلَا بِالنِّيَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا مِنْ مَسَاكِينَ، وَلَا دَرَاهِمَ، وَلَا تَصَدُّقٍ، وَلَا غَيْرِهَا. (وَلَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ أَحَدًا لَمْ يَصِحَّ) النَّذْرُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ وَالتَّشْدِيدِ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْوُقُوفَ فِي الشَّمْسِ وَدَلِيلُهُ خَبَرُ أَبِي إسْرَائِيلَ السَّابِقُ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ (وَلَوْ نَذَرَ مَنْ يَمُوتُ أَوْلَادُهُ عِتْقًا) لِرَقِيقٍ (إنْ عَاشَ لَهُ وَلَدٌ فَعَاشَ) لَهُ وَلَدٌ (أَكْثَرَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ أَوْلَادِهِ الْمَوْتَى، وَلَوْ (قَلِيلًا لَزِمَهُ) الْعِتْقُ (وَإِنْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً) بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاةٍ مَثَلًا (عَلَى أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِهَا لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ) ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا يُنَافِيهِ. (وَإِنْ قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي تَصَدَّقْت بِدِينَارٍ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ أَوْ فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ (فَشُفِيَ) مَرِيضُهُ (وَالْمَرِيضُ فَقِيرٌ) فَإِنْ كَانَ (لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ جَازَ إعْطَاؤُهُ) مَا لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ. (وَإِنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى وَلَدِهِ) أَوْ عَلَى زَيْدٍ (الْغَنِيِّ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ جَائِزَةٌ وَقُرْبَةٌ (وَإِنْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدِهِ لِشِفَاءِ مَرِيضٍ، ثُمَّ) نَذَرَ عِتْقَهُ (لِقُدُومِ زَيْدٍ انْعَقَدَ) النَّذْرَانِ (فَإِنْ حَصَلَا) أَيْ الشِّفَاءُ وَالْقُدُومُ (مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) كَذَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَاَلَّذِي فِيهَا عَنْهُ أَنَّ النَّذْرَ الثَّانِيَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ شُفِيَ الْمَرِيضُ قَبْلَ الْقُدُومِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَالْعَبْدُ مُسْتَحِقُّ الْعِتْقِ عَنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ مَاتَ انْعَقَدَ وَأَعْتَقَ الْعَبْدَ عَنْهُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. (وَمَنْ نَذَرَ زَيْتًا أَوْ شَمْعًا) لِإِسْرَاجِ مَا يَأْتِي (أَوْ وَقَفَ مَا يُشْتَرَيَانِ) أَيْ الزَّيْتُ وَالشَّمْعُ (بِهِ) يَعْنِي بِشَيْءٍ (مِنْ غَلَّتِهِ لِإِسْرَاجِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ صَحَّ) كُلٌّ مِنْ النَّذْرِ وَالْوَقْفِ (إنْ كَانَ قَدْ يَدْخُلُهُ) أَيْ الْمَسْجِدَ أَوْ غَيْرَهُ (مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ) مِنْ نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ (وَإِلَّا فَلَا) يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ مَا يُقَيِّدُ ذَلِكَ فَقَالَ: وَفِي إيقَادِ الشُّمُوعِ لَيْلًا عَلَى الدَّوَامِ وَالْمَصَابِيحِ الْكَثِيرَةِ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِسْرَافِ، وَأَمَّا الْمَنْذُورُ الْمُشَاهَدُ الَّذِي يُثْبَتُ عَلَى قَبْرِ وَلِيٍّ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ قَصَدَ النَّاذِرُ بِذَلِكَ التَّنْوِيرَ عَلَى مَنْ يَسْكُنُ الْبُقْعَةَ أَوْ يَرِدُ إلَيْهَا فَهُوَ نَوْعُ قُرْبَةٍ وَحُكْمُهُ مَا ذُكِرَ أَيْ الصِّحَّةُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْإِيقَادَ عَلَى الْقَبْرِ، وَلَوْ مَعَ قَصْدِ التَّنْوِيرِ فَلَا، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ، وَهُوَ الْغَالِبُ مِنْ الْعَامَّةِ تَعْظِيمَ الْبُقْعَةِ أَوْ الْقَبْرِ أَوْ التَّقَرُّبَ إلَى مَنْ دُفِنَ فِيهَا أَوْ نُسِبَتْ إلَيْهِ فَهَذَا نَذْرٌ بَاطِلٌ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ لِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ خُصُوصِيَّاتٍ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَرَوْنَ أَنَّ النَّذْرَ لَهَا مِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ الْبَلَاءُ قَالَ: وَحُكْمُ الْوَقْفِ كَالنَّذْرِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ (وَالنَّذْرُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَصْلَ لَمْ يُصَوِّرْهَا بِنَذْرِ التَّصَدُّقِ وَإِنَّمَا قَالَ إلَخْ) وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّصْوِيرُ أَنْ يَتَّحِدَانِ فِي الْمَعْنَى قَالَ شَيْخُنَا: لَكِنْ إلَّا بَعْدَ عَدَمِ التَّقْدِيرِ وَيُوَجِّهُ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي مُسَاوَاةِ التَّصْوِيرِ إذْ أَصْلُهُ عَبَّرَ بِعَلَيَّ أَلْفٌ، وَهُوَ يَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَيَّ أَنْ أُقَدِّمَ بِأَلْفٍ وَعَلَى كِلَا الْحَالَيْنِ فَالْأَلْفُ مُبْهَمٌ وَيَحْتَمِلَ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ لَغَا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلُّزُومِ الْأَلْفِ، وَيَحْتَمِلُ الْوَعْدَ وَالصَّدَقَةَ وَالْهَدِيَّةَ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا يُنَافِيهِ) إذْ لَيْسَ فِي الذَّبْحِ إلَّا تَلْوِيثُ الْمَكَانِ وَتَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِيهَا عَنْهُ أَنَّ النَّذْرَ الثَّانِيَ مَوْقُوفٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الَّذِي حَكَاهُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ هُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى لَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ سَنَةً بِعَيْنِهَا، ثُمَّ قَالَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَثَانِينَ هَذِهِ السَّنَةِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ الثَّانِي أَجَابَ لَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ مُسْتَحَقٌّ بِالنَّذْرِ الْأَوَّلِ فَصَارَ كَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ: يَجِبُ أَنْ يَنْعَقِدَ نَذْرُهُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ: لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ فَقَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ، ثُمَّ قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ هَلْ يَنْعَقِدُ النَّذْرُ أَجَابَ يَنْعَقِدُ كِلَاهُمَا، وَلَوْ وَقَعَا مَعًا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي قُلْت عِنْدِي أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ، ثُمَّ قَالَ إنْ قَدِمَ غَائِبِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ فَالثَّانِي مَوْقُوفٌ إلَخْ فَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ الْعَبَّادِيِّ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ قَدْ يَدْخُلُهُ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ إلَخْ) ، وَلَوْ عَلَى نُذُورٍ نَجُزَ الْفَرَاغُ مِنْ تَجْرِيدِ حَوَاشِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ خَطِّ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا شَيْخِ الشُّيُوخِ وَخَاتِمَةِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الرُّسُوخِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَشَيْخِنَا وَلَدِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَعَادَ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِهِمَا عَلَى يَدِ الْعَبْدِ الْفَقِيرِ إلَى رَحْمَةِ رَبِّهِ وَغُفْرَانِهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّوْبَرِيِّ الْأَزْهَرِيِّ سَتَرَ اللَّهُ تَعَالَى عُيُوبَهُ وَغَفَرَ ذُنُوبَهُ وَخَتَمَ لَهُ بِالْحُسْنَى وَرَفَعَهُ فِي الْآخِرَةِ الْمَقَامَ الْأَسْنَى وَفَعَلَ ذَلِكَ بِوَالِدَيْهِ وَمَشَايِخِهِ وَإِخْوَانِهِ وَأَقَارِبِهِ وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ آمِينَ بِتَارِيخِ يَوْمِ السَّبْتِ الْمُبَارَكِ سَادِسَ عَشَرَ شَعْبَانَ الْمُكَرِّمِ سَنَةَ عَشْرٍ وَأَلْفٍ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 590 قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ وَالْحَبْرُ الْهُمَامُ صَدْرُ الْمُدَرِّسِينَ زَيْنُ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (كِتَابُ الْبُيُوعِ) جَمْعُ بَيْعٍ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ وَجَمَعَهُ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى بَيْعِ عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ وَيُطْلَقُ عَلَى أَمْرَيْنِ أَحَدِهِمَا قَسِيمِ الشِّرَاءِ وَهُوَ الَّذِي يُشْتَقُّ مِنْهُ لِمَنْ صَدَرَ عَنْهُ لَفْظُ الْبَائِعِ وَحْدُهُ نَقْلُ مِلْكٍ بِثَمَنٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَالشِّرَاءُ قَبُولُ ذَلِكَ عَلَى لَفْظِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَقَعُ عَلَى الْآخَرِ تَقُولُ الْعَرَبُ بِعْت بِمَعْنَى اشْتَرَيْت وَبِالْعَكْسِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 20] وَقَالَ {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: 102] وَيُقَالُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَائِعٌ وَبَيِّعٌ وَمُشْتَرٍ وَشَارٍ الثَّانِي الْعَقْدِ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَهَذَا مُرَادُهُمْ بِالتَّرْجَمَةِ وَهُوَ لُغَةً مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ وَشَرْعًا مُقَابَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وَقَوْلُهُ {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ فَقَالَ عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ لَا غِشَّ فِيهِ وَلَا خِيَانَةَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَخَبَرُ «إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ صِيغَةٌ وَعَاقِدٌ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَاخْتَارَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهَا شُرُوطٌ لَهُ وَقَدْ ذَكَرْت دَلِيلَهُ وَالْجَوَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ   [حاشية الرملي الكبير] [كِتَابُ الْبُيُوعِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كِتَابُ الْبُيُوعِ) (قَوْلُهُ لَفْظُ الْبَائِعِ) بِالْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهَا شُرُوطٌ) قَالَ لِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ بَيْعٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ وَلَا صِيغَةَ وَلِأَنَّهُ إذَا أُرِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا لِتَدْخُلَ صُورَةُ الْبَيْعِ فِي الْوُجُودِ فَلْيَعُدَّ الزَّمَانَ وَالْمَكَانَ وَنَحْوَهُمَا مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ أَرْكَانًا وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَصَوُّرِهَا لِيَتَصَوَّرَ الْبَيْعَ فَلْيَخْرُجْ الْعَاقِدُ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ إذْ الْبَيْعُ فِعْلٌ وَمَوْرِدُ الْفِعْلِ وَفَاعِلُهُ لَا يَدْخُلَانِ فِي حَقِيقَتِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَعُدَّ الْمُصَلِّي وَالْحَاجَّ رُكْنَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ بَيْعَ الْمُعَاطَاةِ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ مُسْتَثْنًى عَلَى أَنَّ إيرَادَهُ لَازِمٌ بِتَقْدِيرِ جَعْلِ الثَّلَاثَةِ شُرُوطًا أَيْضًا وَعَنْ الثَّانِي بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَعُدَّ الزَّمَانَ وَالْمَكَانَ وَنَحْوَهُمَا لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهَا بِالْبَيْعِ وَبِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَلَا يُرَادُ بِالرُّكْنِ مَا تَرَكَّبَ حَقِيقَةُ الشَّيْءِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ لِيَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ مَوْرِدُ الْفِعْلِ وَفَاعِلُهُ دَاخِلَيْنِ فِي حَقِيقَةِ الْبَيْعِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ مَا لَا بُدَّ لِلشَّيْءِ مِنْهُ فِي وُجُودِ صُورَتِهِ عَقْلًا إمَّا لِدُخُولِهِ فِي حَقِيقَتِهِ أَوْ اخْتِصَاصِهِ بِهِ فَخَرَجَ الشَّرْطُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي وُجُودِ صُورَتِهِ شَرْعًا وَالزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَنَحْوَهُمَا لِمَا مَرَّ وَأَمَّا الْمُصَلِّي وَالْحَاجُّ فَالْكَلَامُ فِيهِمَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مُنْدَرِجٌ فِي الْكَلَامِ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ وَالْحَجُّ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِمَا فِي الْمَاهِيَّةِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ لَيْسَ الْكَلَامُ فِي مُطْلَقِ ذِكْرِهِمَا بَلْ فِي ذِكْرِهِمَا رُكْنَيْنِ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ فِيمَا ذُكِرَ وَيُجَابُ بِأَنَّ ظَاهِرَ سِيَاقِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُمَا ذَكَرَا رُكْنَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِشَيْءٍ وَأَجَابَ الزَّنْجَانِيُّ بِأَنَّ الْغَزَالِيَّ بَنَى هَذَا عَلَى أَصْلٍ قَرَّرَهُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ أَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ فِي الْبِيَاعَاتِ عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدِهِمَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَالثَّانِي مَا لَا يَقْتَضِيهِ وَجَعَلَ الضَّابِطَ أَنَّ مَا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ بِسَبَبِ مَفْسَدَةٍ نَشَأَتْ مِنْ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ فَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ وَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فَإِنَّ الْمَفْسَدَةَ الدَّاعِيَةَ إلَى النَّهْيِ عَنْهُ فِي الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ أَمْرٌ رَاجِعٌ إلَى الْعَاقِدِ وَفِي الثَّانِي إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَفِي الثَّالِثِ إلَى الصِّيغَةِ وَمَا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ بِسَبَبٍ عَارِضٍ لِهَذِهِ الْحَيْثِيَّاتِ خَارِجٍ عَنْهَا فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ كَالنَّهْيِ عَنْ الْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ فَعُلِمَ أَنَّ الْغَزَالِيَّ جَعَلَ الْعَاقِدَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 2 (بَابُ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ) عَبَّرَ عَمَّا ذَكَرْته مَا يَحْتَمِلُ الْأَرْكَانَ وَالشُّرُوطَ مُبْتَدِئًا بِالصِّيغَةِ لِأَنَّهَا أَهَمُّ لِلْخِلَافِ فِيهَا ثُمَّ بِالْعَاقِدِ ثُمَّ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ طَبْعًا فَقَالَ (وَيُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ) لِأَنَّ الْبَيْعَ مَنُوطٌ بِالرِّضَا لِمَا مَرَّ وَالرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ لِأَنَّهُ مَيْلُ النَّفْسِ فَاعْتُبِرَ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيَحْصُلُ (بِالْإِيجَابِ) مِنْ الْبَائِعِ (كَ بِعْتُك) بِكَذَا (أَوْ مَلَّكْتُك بِكَذَا) وَهَذَا مَبِيعٌ مِنْك بِكَذَا أَوْ أَنَا بَائِعُهُ لَك بِكَذَا وَنَحْوَهَا كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ (وَالْقَبُولِ) مِنْ الْمُشْتَرِي (كَ اشْتَرَيْت وَتَمَلَّكْت وَقَبِلْت وَكَذَا إنْ بَدَأَ الْمُشْتَرِي) بِكَلَامِهِ (وَ) كَذَا إنْ (اخْتَلَفَ اللَّفْظُ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ (فَقَالَ اشْتَرَيْت مِنْك) هَذَا (بِكَذَا فَقَالَ الْبَائِعُ مَلَّكْتُك أَوْ قَالَ) لَهُ (الْبَائِعُ مَلَّكْتُك فَقَالَ اشْتَرَيْت) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ (فَإِنْ بَدَأَ بِ قَبِلْت لَمْ يَصِحَّ) إذْ لَا يَنْتَظِمُ الِابْتِدَاءُ بِهِ وَهَذَا مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي نَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ وَأَشَارَ بِكَافِ الْخِطَابِ فِي صِيَغِ الْإِيجَابِ إلَى اعْتِبَارِ الْخِطَابِ فِيهَا وَإِسْنَادِهَا لِجُمْلَةِ الْمُخَاطَبِ فَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْبَائِعِ بِعْت وَلَوْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُشْتَرِي لَهُ بِعْت هَذَا بِكَذَا وَلَا قَوْلُهُ بِعْت يَدَك أَوْ نِصْفَك وَلَا بِعْت مُوَكِّلَك بَلْ يَقُولُ بِعْتُك أَوْ مَلَّكْتُك وَإِنَّمَا اكْتَفَى فِي النِّكَاحِ بِأَنْكَحْت مُوَكِّلَك بَلْ يَتَعَيَّنُ لِأَنَّ االْوَكِيلَ ثَمَّ سَفِيرٌ مَحْضٌ وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ الْخِطَابُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ (وَيُشْتَرَطَانِ) أَيْ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ (فِي عَقْدٍ تَوَلَّى الْأَبُ) وَإِنْ عَلَا (طَرَفَيْهِ كَالْبَيْعِ) لِمَالِهِ (مِنْ طِفْلِهِ) وَعَكْسَهُ فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا إذْ مَعْنَى التَّحْصِيلِ غَيْرُ مَعْنَى الْإِزَالَةِ وَكَالطِّفْلِ الْمَجْنُونُ وَكَذَا السَّفِيهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي الْمَالِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَهَذَا إنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ الْحَاكِمُ فَلَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّ شَفَقَتَهُ لَيْسَتْ كَشَفَقَةِ الْأَبِ وَتَرْجِيحُ الِاشْتِرَاطِ فِيمَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ (فَرْعٌ وَلَا يَنْعَقِدُ) الْبَيْعُ (بِالْمُعَاطَاةِ) إذْ الْفِعْلُ لَا يَدُلُّ بِوَضْعِهِ (وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ) مِنْهُمْ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ (الِانْعِقَادَ) لَهُ (فِي كُلٍّ) أَيْ بِكُلِّ (مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ بَيْعًا) لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ اشْتِرَاطُ لَفْظٍ فَيَرْجِعُ لِلْعُرْفِ كَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ (وَبَعْضُهُمْ) كَابْنِ سُرَيْجٍ وَالرُّويَانِيِّ (خَصَّصَ جَوَازَ) بَيْعِ (الْمُعَاطَاةِ بِالْمُحَقَّرَاتِ) وَهِيَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهَا بِالْمُعَاطَاةِ كَرَطْلِ خُبْزٍ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ بِالْمُعَاطَاةِ (الْمَقْبُوضُ بِهَا كَالْمَقْبُوضِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ) فَيُطَالِبُ كُلٌّ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ إنْ بَقِيَ وَبِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ (وَقَالَ الْغَزَالِيُّ) فِي الْإِحْيَاءِ (يَتَمَلَّكُهُ) يَعْنِي لِلْبَائِعِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الثَّمَنَ الَّذِي قَبَضَهُ (إنْ سَاوَى) قِيمَةَ مَا دَفَعَهُ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ ظَفِرَ بِمِثْلِ حَقِّهِ وَالْمَالِكُ رَاضٍ هَذَا كُلُّهُ فِي الدُّنْيَا أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَلَا مُطَالَبَةَ لِطِيبِ النَّفْسِ بِهَا وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَأَقَرَّهُ قَالَ وَخِلَافُ الْمُعَاطَاةِ فِي الْبَيْعِ يَجْرِي فِي الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ فِي الذَّخَائِرِ وَصُورَةُ الْمُعَاطَاةِ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ وَيُعْطِيَا مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ وَقَدْ يُوجَدُ لَفْظٌ مِنْ أَحَدِهِمَا (فَرْعٌ لَوْ قَالَ) شَخْصٌ (بِصِيغَةِ الْأَمْرِ) لِآخَرَ (بِعْنِي أَوْ اشْتَرِ مِنِّي) هَذَا بِكَذَا (فَقَالَ الْآخَرُ بِعْتُك أَوْ اشْتَرَيْت أَوْ قَدْ فَعَلْت) أَوْ نَحْوَهَا صَحَّ لِدَلَالَةِ الْأَمْرِ عَلَى الرِّضَا وَالْأَوَّلُ يُسَمَّى اسْتِيجَابًا وَإِيجَابًا وَالثَّانِي اسْتِقْبَالًا وَقَبُولًا وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا إنْ جَاءَ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ) وَلَوْ مُقَدَّرًا (فَقَالَ تَبِيعُنِي أَوْ بِعْتنِي) هَذَا بِكَذَا فَقَالَ بِعْتُك فَلَا يَصِحُّ (فَإِنَّ جَوَابَهُ إيجَابٌ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ) بِاشْتَرَيْت أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَصِحُّ بِدُونِهِ (أَوْ) قَالَ   [حاشية الرملي الكبير] وَالْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَالصِّيغَةَ مِنْ أَرْكَانِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَجْعَلْ الزَّمَانَ وَالْمَكَانَ مِنْ أَرْكَانِهِ بَلْ جَعَلَهُمَا أَمْرًا خَارِجًا مُجَاوِرًا لَهُ [بَابُ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ] [يُعْتَبَرُ فِي صِحَّة الْبَيْعُ ثَلَاثَة أُمُورٍ الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ] (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ) قَالَ الْإِمَامُ لَا حَصْرَ لِصَرَائِحِهِ وَالرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ (قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ الرِّضَا بَاطِنًا بِدَلِيلِ انْعِقَادِهِ مَعَ الْهَزْلِ (قَوْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُشْتَرِي) هَلْ يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ الْجَوَابُ أَوْ الشَّرْطُ بِقَوْلِهِ أَنْ لَا يَقْصِدَ الِابْتِدَاءَ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي (قَوْلُهُ كَاشْتَرَيْتُ إلَخْ) قَالَ فِي الْقُوتِ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّاسِيِّ أَنَّ شَرْطَ الْقَبُولِ كَوْنُهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي فَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ أَقْبَلُ أَوْ أَشْتَرِي أَوْ ابْتَاعَ قَالَ وَيُحْتَمَلُ جَعْلُهُ كِنَايَةً فِي الْقَبُولِ. اهـ. الرَّاجِحُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِ وَمِثْلُهُ الْإِيجَابُ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ) أَخْرَجَ بِذَلِكَ الِابْتِدَاءَ بِنَعَمْ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ لِمَالِهِ مِنْ طِفْلِهِ) وَعَكْسِهِ فَيَقُولُ بِعْت هَذَا لِطِفْلِي وَقَبِلْت لَهُ الْبَيْعَ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك بَطَلَ الْإِيجَابُ (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَأَتَى بِهِمَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فَلَا بُدَّ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِمَا اثْنَيْنِ لِيَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِالْإِيجَابِ وَالْآخَرُ بِالْقَبُولِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ قَدَّمَ الْقَبُولَ بِلَفْظِ قَبِلْت [فَرْعٌ الْبَيْعُ بِالْمُعَاطَاةِ] (قَوْلُهُ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ وَصُورَةُ الْمُعَاطَاةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوع أَمَّا إذَا كَانَ يَأْخُذُ الْحَوَائِجَ مِنْ الْبَيَّاعِ وَيُحَاسِبُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ وَيُعْطِيهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ لَفْظِيٍّ وَلَا مُعَاطَاةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ نَحْوَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَالَهُ تَفَقُّهًا وَمِنْ كَلَامِهِ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ لَكِنَّ الْغَزَالِيَّ فِي الْإِحْيَاءِ سَامَحَ فِي ذَلِكَ وَأَخْذُ الْحَاجَاتِ مِنْ الْبَيَّاعِ يَقَعُ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنْ يَقُولَ اعْطِنِي بِكَذَا لَحْمًا أَوْ خِنْزِيرًا مَثَلًا وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ مَطْلُوبَهُ بِهِ فَيَقْبِضَهُ وَيَرْضَى بِهِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ يُحَاسِبَهُ وَيُؤَدِّيَ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَهَذَا مَجْزُومٌ بِصِحَّتِهِ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ الْمُعَاطَاةَ فِيمَا أَرَاهُ الثَّانِي أَنْ يَلْتَمِسَ مَطْلُوبَهُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِثَمَنٍ كَأَعْطِنِي رَطْلَ لَحْمٍ أَوْ خُبْزٍ مَثَلًا فَهَذَا مُحْتَمَلٌ وَهُوَ مَا رَأَى الْغَزَالِيُّ إبَاحَتَهُ وَمَنَعَهَا الْمُصَنِّفُ وَالْعُرْفُ جَارٍ بِهِ وَهُوَ عُمْدَةُ الْغَزَالِيِّ فِي إبَاحَتِهِ [فَرْعٌ قَالَ شَخْصٌ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ لِآخَرَ بِعْنِي أَوْ اشْتَرِ مِنِّي فَقَالَ الْآخَرُ بِعْتُك أَوْ اشْتَرَيْت] (قَوْلُهُ بِعْنِي أَوْ اشْتَرِ مِنِّي إلَخْ) ظَاهِرُ تَمْثِيلِهِ يَدُلُّ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِالِاسْتِدْعَاءِ بِالصَّرِيحِ فَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي الِاسْتِدْعَاءِ بِالْكِنَايَةِ أَوْ يُقَالُ إنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ فِي الصَّرِيحِ فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَقَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ جَرَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ يُسَمَّى اسْتِيجَابًا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 (تَشْتَرِي مِنِّي أَوْ اشْتَرَيْت مِنِّي) هَذَا بِكَذَا (فَقَالَ اشْتَرَيْت لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَ بَعْدَهُ بِعْتُك) أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّ جَوَابَهُ قَبُولٌ يَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ فَلَا يَكْفِي بِدُونِهِ (فَرْعٌ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ تَصِحُّ الْعُقُودُ وَلَوْ لَمْ تَقْبَلْ التَّعْلِيقَ) أَوْ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِهَا الشَّخْصُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا كَالصَّرِيحِ (إلَّا فِيمَا يَجِبُ فِيهِ الْإِشْهَادُ كَالنِّكَاحِ وَبَيْعِ شَرْطٍ عَلَى وَكِيلِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ بِهِ (الْإِشْهَادُ فِيهِ) فَلَا يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ نَعَمْ لَوْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فَالظَّاهِرُ انْعِقَادُهُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْأَصْلُ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ انْتَهَى وَعَلَى الْأَوَّلِ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّكَاحِ بِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرَ وَصُورَةُ الشَّرْطِ أَنْ يَقُولَ بِعْ عَلَى أَنْ تَشْهَدَ فَإِنْ قَالَ بِعْ وَأَشْهَدَ لَمْ يَكُنْ الْإِشْهَادُ شَرْطًا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَرْعَشِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ (فَقَوْلُهُ خُذْهُ أَوْ تَسَلَّمْهُ) بِكَذَا (أَوْ جَعَلْته لَك بِكَذَا أَوْ بَاعَك) هـ (اللَّهِ) بِكَذَا (كَأَقَالَكَ اللَّهُ) مِنْهُ أَوْ رَدَّهُ اللَّهُ عَلَيْك (فِي الْإِقَالَةِ أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِيهِ أَوْ سَلَّطْتُك عَلَيْهِ بِكَذَا) أَوْ نَحْوَهَا (كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ) فَيَنْعَقِدُ بِهَا مَعَ النِّيَّةِ وَلَوْ أَخَّرَ عَنْ هَذَا قَوْلَهُ كَأَقَالَكَ اللَّهُ فِي الْإِقَالَةِ كَانَ أَوْضَحَ وَالتَّقْدِيرُ فِيهِ أَقَالَك اللَّهُ لِأَنِّي أَقَلْتُك (لَا أَبَحْتك إيَّاهُ بِكَذَا) فَلَيْسَ كِنَايَةً فِيهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِبَاحَةِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْعَقِدَ بِهِ الْبَيْعُ وَإِلَّا أَشْكَلَ بِانْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ الْمُصَرَّحِ فِيهِ بِأَنَّهُ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ صَرِيحٌ فِي الْبَيْعِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عَلِمَ أَنَّ لِلْبَيْعِ صَرَائِحَ وَكِنَايَاتِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ وَصَرِيحُ كُلِّ بَابٍ مَا وُضِعَ لَهُ فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُهُ وَكِنَايَتُهُ مَا احْتَمَلَهُ وَغَيْرُهُ (تَنْبِيهٌ) هَلْ الْكِنَايَةُ الصِّيغَةُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ فِيهِ الْتِفَاتٌ إلَى أَنَّ مَا أَخَذَ صَرَاحَةَ لَفْظِ الْخُلْعِ فِي الطَّلَاقِ ذَكَرَ الْعِوَضَ أَوْ كَثْرَةَ الِاسْتِعْمَالِ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلُ وَفِي غَيْرِهَا الثَّانِي فَتَكُونُ صُورَةُ الْكِنَايَةِ عَلَى الْأَوَّلِ وَالصِّيغَةِ وَحْدِهَا فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَا مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ بَلْ قِيلَ أَوْ مَعَ نِيَّتِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ تَصْوِيرُهَا بِالصِّيغَةِ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ (فَرْعٌ الْكِتَابَةُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ) عَلَى لَوْحٍ أَوْ وَرَقٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ نَحْوِهَا (لَا عَلَى الْمَائِعِ وَالْهَوَاءِ إلَى الْغَائِبِ كِنَايَةٌ) فِي ذَلِكَ فَيَنْعَقِدُ بِهَا مَعَ النِّيَّةِ لِحُصُولِ التَّرَاضِي بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمَائِعِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَائِعِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمَاءِ (فَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ إلَيْهِ (حَالَ الِاطِّلَاعِ) لِيَقْتَرِنَ بِالْإِيجَابِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (فَإِذَا قَبِلَ فَلَهُ الْخِيَارُ) مَا دَامَ (فِي مَجْلِسِ قَبُولِهِ) وَيَثْبُتُ (الْخِيَارُ لِلْكَاتِبِ) مُمْتَدًّا (إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ خِيَارُ صَاحِبِهِ) حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْإِيجَابِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مَجْلِسِهِ صَحَّ رُجُوعُهُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ (وَإِنْ كَتَبَ بِذَلِكَ لِحَاضِرٍ فَفِي الصِّحَّةِ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ رَجَّحَ مِنْهُمَا السُّبْكِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الصِّحَّةَ (وَلَوْ بَاعَ مِنْ غَائِبٍ) كَأَنْ قَالَ بِعْت دَارِي لِفُلَانٍ وَهُوَ غَائِبٌ (فَقَبِلَ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ) مِمَّنْ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ الْبَائِعُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (صَحَّ) كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ اللَّفْظَ أَقْوَى مِنْ الْكَتْبِ (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي) صِحَّةِ (الْعَقْدِ) أَنْ يَقَعَ (الْقَبُولُ) بَعْدَ   [حاشية الرملي الكبير] أَيْ الْأَوَّلُ مِنْ الشِّقَّيْنِ [فَرْعٌ تَصِحُّ الْعُقُودُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ] (قَوْلُهُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ إلَخْ) سَكَتَ الْأَصْحَابُ عَنْ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَذَكَرُوا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ خِلَافًا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِكُلِّ اللَّفْظِ أَوْ يَكْفِي بِأَوَّلِهِ أَوْ بِآخِرِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِجَرَيَانِهَا هُنَا وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ بَلْ الشَّرْطُ هُنَا وُجُودُهَا فِي جَمِيعِ اللَّفْظِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَقِلُّ بِهِ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (تَنْبِيهٌ) مِنْ أَلْفَاظِ الْقَبُولِ رَضِيت كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ رَجُلٌ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ فَجَاءَ بِثَوْبٍ وَقَالَ لِرَبِّ الدَّيْنِ رَضِيت هَذَا الثَّوْبَ بِالْعَشَرَةِ الَّتِي لَك عَلَيَّ فَقَالَ رَضِيت فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بَيْعًا أَوْ يَقُولُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ رَضِيت هَذَا الثَّوْبَ بِتِلْكَ الْعَشَرَةِ كَانَ بَيْعًا وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَرَضَ ثَوْبًا عَلَى آخَرَ فَقَالَ رَضِيت هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ رَضِيت لَمْ يَكُنْ بَيْعًا (قَوْلُهُ وَبَيْعُ شَرْطٍ عَلَى وَكِيلِهِ الْإِشْهَادُ فِيهِ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ فِي الْبَاطِنِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَالْأَقْرَبُ الِاكْتِفَاءُ بِالسَّتْرِ وَقَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ فَالظَّاهِرُ انْعِقَادُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَرْعَشِيُّ) أَيْ فِي تَرْتِيبِ الْأَقْسَامِ فَقَالَ مَا نَصُّهُ كُلُّ مَوْضِعٍ خَالَفَ فِيهِ الْوَكِيلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ الْمُوَكِّلُ بَطَلَ الْبَيْعُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا لَوْ قَالَ بِعْ وَاشْهَدْ فَبَاعَ وَلَمْ يَشْهَدْ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ. اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ قُبَيْلَ بَابِ التَّفْوِيضِ فِي الصَّدَاقِ وَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ لَا تُزَوِّجْهَا إلَّا بِشَرْطِ أَنْ تُرْهَنَ بِالصَّدَاقِ أَوْ يَتَكَفَّلَهُ فَلَأَنْ صَحَّ وَعَلَى الْوَكِيلِ الِاشْتِرَاطُ فَإِنْ أَهْمَلَهُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَلَوْ قَالَ زَوِّجْهَا بِكَذَا وَخُذْ بِهِ كَفِيلًا فَزَوَّجَهَا بِلَا اشْتِرَاطٍ صَحَّ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَمْرَيْنِ فَخَالَفَ أَحَدَهُمَا (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَرْعَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي التَّدْرِيبِ وَمَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ أَوْ تَسَلَّمَهُ بِكَذَا) أَوْ هُوَ لَك بِكَذَا أَوْ هَذَا لَك بِكَذَا (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهَا) لِمُنَافَاتِهِ لِلْبَيْعِ مِنْ وَجْهَيْنِ إذْ الْإِبَاحَةُ تُنَافِي التَّمْلِيكَ وَكَوْنُهَا مَجَّانًا يُنَافِي ذِكْرَ الْعِوَضِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْعِ كُلِّهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَأْخَذُ الْمَنْعِ تَهَافُتَ الصِّيغَةِ كَمَا فِي بِعْتُك بِلَا ثَمَنٍ فَإِنَّ الْإِبَاحَةَ تَقْتَضِي عَدَمَ الْمُعَاوَضَةِ وَذِكْرَ الْعِوَضِ يُنَافِيهَا ر (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ صَرِيحٌ فِي الْبَيْعِ) لِدَلَالَتِهِ عَلَى التَّمْلِيكِ مَعَ اقْتِرَانِهِ بِذِكْرِ الْعِوَضِ الَّذِي لَا تُنَافِيهِ الْهِبَةُ بَلْ غَايَتُهَا أَنَّهَا لَا تَقْتَضِيهِ ك (قَوْلُهُ فَتَكُونُ صُورَةُ الْكِنَايَةِ عَلَى الْأَوَّلِ الصِّيغَةَ وَحْدَهَا) فَائِدَةُ الْخِلَافِ وُجُوبُ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلصِّيغَةِ وَحْدَهَا أَوَّلهَا مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ [فَرْعٌ الْكِتَابَةُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ عَلَى لَوْحٍ أَوْ وَرَقٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ نَحْوِهَا] (قَوْلُهُ الْكِتَابُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوَهُ إلَخْ) كَبِعْتَهُ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ لِحُصُولِ التَّرَاضِي) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّ الْبَيْعَ أَوْسَعُ بِدَلِيلِ انْعِقَادِهِ بِالْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ صَحَّ رُجُوعُهُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَكَانَ فَسْخًا لِلْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ) أَيْ لَمْ يَسْتَمِرَّ انْعِقَادُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا السُّبْكِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الصِّحَّةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ لِأَنَّهَا نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ وَقَدْ رَجَّحَا فِيهَا الصِّحَّةَ وَهُمَا حَاضِرَانِ وَلَمْ يُفْقَدْ إلَّا التَّخَاطُبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 الْإِيجَابِ (عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى التَّرَاخِي) لَكِنْ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ لِعَدَمِ إشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْقَبُولِ (وَلَا) يَصِحُّ الْعَقْدُ (إنْ تَخَلَّلَ) بَيْنَهُمَا (كَلَامُ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الْعَقْدِ) وَلَوْ يَسِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ لِأَنَّ فِيهِ إعْرَاضًا عَنْ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ فِي الْخُلْعِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ فِيهِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ شَائِبَةَ تَعْلِيقٍ وَمِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ شَائِبَةَ جَعَالَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُوَسَّعٌ فِيهِ مُحْتَمِلٌ لِلْجَهَالَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقَعَ مِمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يُتِمَّ الْعَقْدَ أَمَّا مَنْ فَرَغَ مِنْ كَلَامِهِ وَتَكَلَّمَ بِيَسِيرٍ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْخُلْعِ وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ مَا يَشْمَلُ الْكَلِمَ وَالْكَلِمَةَ وَخَرَجَ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُهُ فَلَا يَضُرُّ قَالَ بَعْضُهُمْ كَقَوْلِهِ بَارَكَ اللَّهُ فِي الصَّفْقَةِ أَوْ غَالٍ أَوْ رَخِيصٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَقَوْلِهِ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا أَقَبِلْت مِنِّي الْبَيْعَ وَفَسَّرَ فِي الْأَنْوَارِ الْأَجْنَبِيَّ بِأَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَا مِنْ مَصَالِحِهِ وَلَا مِنْ مُسْتَحَبَّاتِهِ قَالَ فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ قَبِلْت صَحَّ (وَلَوْ مَاتَ) الْمُشْتَرِي (بَعْدَ الْإِيجَابِ) بِحَضْرَةِ وَارِثِهِ (لَمْ يُقْبَلْ وَارِثُهُ) وَلَا يُقْبَلُ وَكِيلُهُ بَلْ وَلَا مُوَكِّلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ بِالصِّحَّةِ فِي الْمُوَكِّلِ (وَيُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ (الْمُوَافَقَةُ فِي الْمَعْنَى إيجَابًا وَقَبُولًا فَإِنْ أَوْجَبَ بِأَلْفٍ قِرَاضَةً فَقَبِلَ بِصِحَاحٍ) أَوْ بِالْعَكْسِ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ قَالَ قَبِلْت نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَسَكَتَ لَمْ يَصِحَّ) لِلْمُخَالَفَةِ (وَلَوْ قَالَ وَنِصْفَهُ) الْآخَرَ (بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّ) عِنْدَ الْمُتَوَلِّي إذْ لَا مُخَالَفَةَ بِذِكْرِ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ أَوْجَبَ لَهُ عَقْدًا فَقَبِلَ عَقْدَيْنِ لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ وَمَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ قَالَ وَالرَّافِعِيُّ إنَّمَا سَاقَ مَقَالَةَ الْمُتَوَلِّي مَسَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ (وَلَوْ قَبِلَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ) لِلْمُخَالَفَةِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يُصِرَّ الْبَادِي عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْإِيجَابِ أَوْ الْقَبُولِ فَلَوْ أَوْجَبَ بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ أَسْقَطَ الْأَجَلَ أَوْ الْخِيَارَ ثُمَّ قَبِلَ الْآخَرَ وَلَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لِضَعْفِ الْإِيجَابِ وَحْدِهِ وَأَنْ يَتَكَلَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِقُرْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ صَاحِبُهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ بِكَلِمَةٍ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ (فَرْعٌ لَوْ قَالَ بِعْتُك) هَذَا بِكَذَا (إنْ شِئْت فَقَالَ اشْتَرَيْت) أَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِكَذَا إنْ شِئْت فَقَالَ بِعْتُك انْعَقَدَ الْبَيْعُ وَلَا يَضُرُّ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ تَصْرِيحُ الْعَقْدِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ بِكَذَا وَلَوْ قَالَ فِي الْجَوَابِ شِئْت لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ لَفْظَ الْمَشِيئَةِ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّمْلِيكِ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ ثُمَّ قَالَ فَتَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ انْتَهَى وَقَدْ يُحْمَلُ النَّصُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ جَمْعًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْته مِنْك بِكَذَا فَقَالَ بِعْتُك إنْ شِئْت قَالَ الْإِمَامُ لَا يَصِحُّ لِاقْتِضَاءِ التَّعْلِيقِ وُجُودِ شَيْءٍ بَعْدَهُ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ اشْتَرَيْت أَوْ قَبِلْت لَا يَصِحُّ أَيْضًا إذْ يَبْعُدُ حَمْلُ الْمَشِيئَةِ عَلَى اسْتِدْعَاءِ الْقَبُولِ وَقَدْ سَبَقَ فَيَتَعَيَّنُ إرَادَتُهَا نَفْسُهَا فَيَكُونُ تَعْلِيقًا مَحْضًا وَهُوَ مُبْطِلٌ (أَوْ قَالَ الْمُتَوَسِّطُ) لِلْبَائِعِ (بِعْت) هَذَا (بِكَذَا فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ بِعْت (وَقَالَ لِلْآخَرِ اشْتَرَيْت فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ اشْتَرَيْت (انْعَقَدَ) الْبَيْعُ لِوُجُودِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ أَنْ يَقَعَ الْقَبُولُ بَعْدَ الْإِيجَابِ عَلَى الْفَوْرِ] قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْخُلْعِ) ثُمَّ حَكَى عَنْ الْبَغَوِيّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْبُلْقِينِيِّ وَفِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْخُلْعِ إذَا سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِعِوَضٍ ثُمَّ ارْتَدَّتْ بِالْقَوْلِ أَنَّهُ مِنْ تَخَلُّلِ الْكَلَامِ الْيَسِيرِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَقَوْلُهُ عَنْ الْبَغَوِيّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بِاسْمِ اللَّهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ أَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَيْسَ بِمُسْتَحَبٍّ لَكِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَيَشْتَرِطُ الْمُوَافَقَةَ إيجَابًا وَقَبُولًا إلَخْ) لَوْ بَاعَهُ سَالِمًا وَغَانِمًا هَذَيْنِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمُشْتَرِي سَالِمًا مِنْ غَانِمٍ بِخِلَافِ بِعْتُك سَالِمًا بِأَلْفٍ وَغَانِمًا بِخَمْسِمِائَةٍ. (قَوْلُهُ صَحَّ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ) وَلِهَذَا جَزَمَ الطَّاوُسِيُّ فِي التَّعْلِيقَةِ بِالْبُطْلَانِ وَلِصَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنْ يَمْنَعَ إرَادَةَ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ تَعَدُّدُ الصَّفْقَةِ وَيَحْمِلُهُ عَلَى ذِكْرِ بَيَانِ حُكْمِ التَّوْزِيعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَمْلًا لِجَوَابِهِ وَقَبُولِهِ عَلَى الصِّحَّةِ وَهُوَ كَمَا إذَا بَاعَ الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِنَظِيرِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ إقَالَةً كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ أَيْضًا وَنَقَلَهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ وَأَقَرَّهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقَالَةِ لِاخْتِلَافِ حَقِيقَةِ الْبَيْعِ وَالْفَسْخُ وَالْبَيْعُ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ حُكْمُهُ وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ بَحْثَ الرَّافِعِيِّ لَمْ يُلَاقِ كَلَامَ التَّتِمَّةِ وَأَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ حَالَتَيْنِ إحْدَاهُمَا قَصْدِ التَّوْزِيعِ وَهِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ فِيهَا الْمُتَوَلِّي وَالرَّافِعِيُّ لَا يُخَالِفُهُ وَالثَّانِيَةِ قَصْدِ تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ وَهِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ فِيهَا الرَّافِعِيُّ وَالْمُتَوَلِّي لَا يُخَالِفُهُ. فَأَمَّا الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ مَعَ قَصْدِ التَّعَدُّدِ كَمَا فَعَلَهُ النَّوَوِيُّ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الطَّرِيقَيْنِ وَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ جَارٍ عَلَى مَا قَرَّرَهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّ تَفْصِيلَ الثَّمَنِ يُوجِبُ تَعَدُّدَ الصَّفْقَةِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا فَصَلَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَقَالَ هُنَاكَ أَنَّهُمَا عَقْدَانِ مَقْصُودَانِ وَقَالَ لَوْ جَمَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبُولِ فَقَالَ قَبِلْت فِيهِمَا فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ فَيُقَالُ لَهُ قَدْ جَعَلْت الْمَذْهَبَ الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا فَصَلَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَفْصِلْ الْمُشْتَرِي تَنْزِيلًا لِلْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ الْمُتَقَدِّمِ فَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْعَقْدُ هُنَا لِتَرَتُّبِ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ الْجَامِعِ لَا يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ التَّتِمَّةِ صَرَّحَ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا أَوْجَبَهُ الْبَائِعُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمَذْهَبِ إذْ فِيهَا قَبِلْت فِيهِمَا وَوَازِنُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَقُولَ قَبِلْت فِيهِمَا بِأَلْفٍ لِأَنَّا نَقُولُ النَّظَرُ فِي التَّعْلِيلِ إلَى تَرَتُّبِ قَبُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى إيجَابِ الْبَائِعِ وَلَا نَظَرَ إلَى مُخَالَفَةِ اللَّفْظِ فِي الِاتِّحَادِ وَالتَّعَدُّدِ وَذَلِكَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلِهَذَا صَارَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَذْهَبِ إلَى الْإِبْطَالِ وَهُوَ نَظِيرُ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَتِنَا [فَرْعٌ قَالَ بِعْتُك إنْ شِئْت فَقَالَ اشْتَرَيْت أَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِكَذَا إنْ شِئْت فَقَالَ بِعْتُك] (قَوْلُهُ إنْ شِئْت) مِثْلُ شِئْت رَضِيت أَوْ أَحْبَبْت أَوْ اخْتَرْت أَوْ أَرَدْت وَلَوْ قَدَّمَ لَفْظَ الْمَشِيئَةِ لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ الْمُتَوَسِّطُ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَأْمُرَاهُ بِذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 الصِّيغَةِ وَالتَّرَاضِي (وَالْأَخْرَسُ يُشِيرُ أَوْ يَكْتُبُ) بِالْعَقْدِ وَالْحِلِّ لِلْمُعَالَجَةِ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ يَصِحُّ بَيْعُ الْأَخْرَسِ وَشِرَاؤُهُ بِالْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَسَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ أَيْضًا ذِكْرُ الْإِشَارَةِ وَأَنَّهُ إنْ فَهِمَهَا الْفَطِنُ وَغَيْرُهُ فَصَرِيحَةٌ أَوْ الْفَطِنُ فَقَطْ فَكِنَايَةٌ (فَرْعٌ وَإِنْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ مَثَلًا فَفَعَلَ حَصَلَ الْبَيْعُ ضِمْنًا) بِمَا ذُكِرَ مِنْ الِالْتِمَاسِ وَالْجَوَابِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِكَذَا فَقَالَ قَبِلْت صَحَّ بِخِلَافِ النِّكَاحِ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَقُولَ قَبِلْت نِكَاحَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ احْتِيَاطًا لِلْإِبْضَاعِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْأَصْلُ هُنَا (الْأَمْرُ الثَّانِي) مِمَّا اُعْتُبِرَ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ (أَهْلِيَّةُ الْعَاقِدِ) مُوجِبًا أَوْ قَابِلًا (وَشَرْطُهُ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ وَالِاخْتِيَارِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ صَبِيٍّ وَإِنْ قَصَدَ اخْتِبَارَهُ) بِهِ وَلَا بَيْعُ مَجْنُونٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَلَوْ بِغِبْطَةٍ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْحَجْرِ وَتَعْبِيرُهُ بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالتَّكْلِيفِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَبْقَى الْعَاقِدَانِ عَلَى أَهْلِيَّةِ الْعَقْدِ إلَى تَمَامِهِ فَلَوْ جُنَّ أَحَدُهُمَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ الْإِيجَابُ (وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (مُكْرَهٍ) لِآيَةِ {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] وَلِخَبَرِ «إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» (إلَّا) بَيْعَ مُكْرَهٍ (بِحَقِّ كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيُكْرِهُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ) كَالشِّرَاءِ لِمَا أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَإِلَّا بَيْعُهُ مَالِ الْمُكْرَهِ لَهُ فَيَصِحُّ قَالَهُ الْقَاضِي كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالْبَيْعِ وَشِرَاءِ مَا أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُصَادَرِ) مِنْ جِهَةِ ظَالِمٍ بِأَنْ بَاعَ مَالَهُ لِدَفْعِ الْأَذَى الَّذِي نَالَهُ لِأَنَّهُ لَا كِرَاءَ فِيهِ وَمَقْصُودُ مَنْ صَادَرَهُ تَحْصِيلُ الْمَالِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ (وَ) يَصِحُّ عَقْدُ (السَّكْرَانِ) الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ الَّذِي هُوَ خِطَابُ الْوَضْعِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْجُمُعَةِ (فَرْعٌ وَإِنْ أَتْلَفَ الصَّبِيُّ) أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ (مَا ابْتَاعَ أَوْ مَا اقْتَرَضَ مِنْ رَشِيدٍ وَأَقْبَضَهُ) لَهُ (لَمْ يَضْمَنْ) فِي الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْمِقْبَضَ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيَغْرَمُ بَعْدَ الْبُلُوغِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ (أَوْ مِنْ) صَبِيٍّ (مِثْلِهِ) وَلَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيَّانِ (ضَمِنَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (مَا قَبَضَ) مِنْ الْآخَرِ (وَإِنْ كَانَ) ذَلِكَ (بِإِذْنِ الْوَلِيَّيْنِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فَقَطْ) لِوُجُودِ التَّسْلِيطِ مِنْهُمَا (وَعَلَى الْبَائِعِ) لِلصَّبِيِّ (رَدُّ الثَّمَنِ) الَّذِي قَبَضَهُ مِنْهُ (إلَى وَلِيِّهِ) وَعَلَى وَلِيِّهِ اسْتِرْدَادُهُ (فَلَوْ سَلَّمَهُ) الْأَنْسَبُ رَدُّهُ (إلَى الصَّبِيِّ وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَهُوَ) مِلْكٌ (لِلصَّبِيِّ لَمْ يَبْرَأْ) مِنْهُ (أَوْ لِلْوَلِيِّ) وَقَدْ أَذِنَ (بَرِئَ) قَالَ مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ قَوْلِنَا لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ لِلصَّبِيِّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَصْلَحَةٍ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ وَمَلْبَسٍ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَ بَرِئَ (وَإِنْ قَالَ) شَخْصٌ لِمَنْ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ (سَلِّمْ إلَى الصَّبِيِّ وَدِيعَتِي أَوْ قَدْرَ دَيْنِي) الَّذِي (عَلَيْك أَوْ أَلْقِهِمَا فِي الْبَحْرِ فَامْتَثَلَ بَرِئَ مِنْ الْوَدِيعَةِ) لِأَنَّهُ امْتَثَلَ أَمْرَهُ فِي حَقِّهِ الْمُتَعَيَّنِ (لَا) مِنْ (الدَّيْنِ) لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُوجَدْ فِي مَعْنَى الْوَدِيعَةِ كُلُّ مَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِالْعَقْدِ وَالْحَلِّ لِلْمُعَالَجَةِ) خَرَجَ بِذَلِكَ شَهَادَتُهُ وَعَدَمُ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِهَا وَعَدَمُ الْحِنْثِ بِهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى الْكَلَامِ [فَرْعٌ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ مَثَلًا فَفَعَلَ] (قَوْلُهُ احْتِيَاطًا لِلْإِبْضَاعِ) قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُ قَصْدِ الْجَوَابِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَفِي الْبَحْرِ لِلرُّويَانِيِّ لَوْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ بِاشْتَرَيْتُ جَوَابَك فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ كَالْخُلْعِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ بِهَا بِالْبَيْعِ وَيَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ لَمْ أَقْصِدْ بِاشْتَرَيْتُ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا بِأَنْ قَصَدْت غَيْرَهُ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ جَوَابِهِ [الْأَمْر الثَّانِي أَهْلِيَّةُ الْعَاقِدِ] (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مُكْرَهٍ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى الْأَسِيرُ مِنْ الْحَرْبِيِّ شَيْئًا مُكْرَهًا وَمَا لَوْ أَكْرَهَ أَجْنَبِيٌّ الْوَكِيلَ عَلَى بَيْعِ مَا وُكِّلَ فِيهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ذَكَرُوا فِي الطَّلَاقِ أَنَّ الْمُكْرَهَ بِغَيْرِ حَقٍّ إذَا نَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ وَيَصِيرُ الصَّرِيحُ كِنَايَةً وَيَنْبَغِي مَجِيئُهُ هُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ كَالشِّرَاءِ لَمَّا أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ) أَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ لِكَافِرٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُجْبِرُ وَلِيَّهُ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ أَمَرَ عَبْدَهُ بِأَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَامْتَنَعَ فَلَهُ أَنْ يُكْرِهَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ الْوَاجِبِ أَوْ اُضْطُرَّ النَّاسُ إلَى الطَّعَامِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ مَا يَفْضُلُ عَنْ قُوتِ عِيَالِهِ فِي سُنَّتِهِمْ فَلِلسُّلْطَانِ إكْرَاهُهُ عَلَى بَيْعِ الْفَاضِلِ عَنْهُمْ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَإِذَا غَصَبَ ثَوْبًا وَصَبَغَهُ بِصَبْغِهِ وَرَغِبَ مَالِكُ الثَّوْبِ فِي بَيْعِهِ فَالْمَنْقُولُ فِي بَابِ الْغَصْبِ أَنَّ الْغَاصِبَ يُجْبَرُ عَلَى مُوَافَقَتِهِ ر. (تَنْبِيهٌ) لَا أَثَرَ لِلْقَوْلِ الصَّادِرِ مِنْ الْمُكْرَهِ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ لِنُدُورِهِ وَالتَّصَرُّفَاتُ الْوَاقِعَةُ لِلَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْإِكْرَاهُ وَلَا أَثَرَ لِفِعْلِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا الْحَدَثُ وَالتَّحَوُّلُ عَنْ الْقِبْلَةِ وَتَرْكُ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ فِي الصَّلَاةِ وَالرَّضَاعُ الْمُقْتَضِي لِلتَّحْرِيمِ وَالتَّغْرِيمُ عِنْدَ الِانْفِسَاخِ وَالْقَتْلُ وَإِتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ أَوْ أَكْلُهُ أَوْ تَسْلِيمُ الْوَدِيعَةِ وَإِكْرَاهُ مَجُوسِيٍّ مُسْلِمًا عَلَى ذَبْحِ شَاةٍ أَوْ مُحْرِمٍ حَلَالًا عَلَى ذَبْحِ صَيْدٍ أَوْ عَلَى رَمْيِهِ أَوْ إكْرَاهٍ عَلَى وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ عَلَى الرَّمْيِ أَوْ الطَّوَافِ أَوْ السَّعْيِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى وَطْءِ زَوْجَةِ ابْنِهِ فَهَلْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ ابْنِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُهُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي الْمَجْنُونِ يَطَأُ زَوْجَةَ ابْنِهِ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى وَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَحْبَلَهَا فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ لِشَرِيكِهِ الْمُكْرَهِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ الْحَامِلُ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى غُسْلِ مَيِّتٍ صَحَّ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى غَسْلِ نَجَاسَةٍ أَوْ دَبْغِ جِلْدِ مَيْتَةٍ طَهُرَا وَكَذَا تَخْلِيلُ الْخَمْرِ بِلَا عَيْنٍ وَمَا يَلْزَمُ الشَّخْصَ فِي حَالِ الطَّوَاعِيَةِ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَمَا لَا فَلَا (قَوْلُهُ تَحْصِيلُ الْمَالِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ سِوَى الْبَيْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ [فَرْعٌ أَتْلَفَ الصَّبِيُّ أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ مَا ابْتَاعَ أَوْ مَا اقْتَرَضَ مِنْ رَشِيدٍ وَأَقْبَضَهُ لَهُ] (قَوْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ) فِي بَابِ الْإِقْرَارِ هُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْوَلِيِّ وَقَدْ أَذِنَ بَرِئَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ كَانَ الْمِلْكُ لِلْوَلِيِّ وَقَدْ أَذِنَ فِي تَسْلِيمِهِ لِلصَّبِيِّ (قَوْلُهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَصْلَحَةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ الْقِهَا فِي الْبَحْرِ) أَيْ أَوْ النَّارِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ امْتَثَلَ مَا أَمَرَهُ فِي حَقِّهِ الْمُتَعَيِّنِ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَرَاءَةَ وَإِنْ حَصَلَتْ فَالتَّسْلِيمُ حَرَامٌ كَالْإِلْقَاءِ فِي النَّارِ وَحِينَئِذٍ لَوْ امْتَنَعَ الْمُودَعُ مِنْ دَفْعِهَا إلَى الصَّبِيِّ فَتَلِفَتْ لَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ شَرْعًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 هُوَ مُتَعَيَّنٌ كَمُعَارٍ وَمَغْصُوبٍ وَالسَّفِيهُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَالصَّبِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْحَجْرِ (وَلَوْ كَانَ لِصَبِيٍّ دِينَارٌ فَأَعْطَاهُ لِنَقَّادٍ يَنْقُدُهُ) أَوْ مَتَاعٌ فَأَعْطَاهُ لِمُقَوِّمٍ يُقَوِّمُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (ضَمِنَ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ إلَى وَلِيِّهِ أَوْ) كَانَ ذَلِكَ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الصَّبِيِّ أَيْ لِكَامِلٍ (فَإِلَى) أَيٍّ فَيَضْمَنُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ إلَى (مَالِكِهِ) وَكَالْوَلِيِّ وَالْمَالِكِ وَكِيلُهُمَا أَيْ وَيُقَالُ الرَّدُّ إلَيْهِ رَدَّ إلَيْهِمَا (فَرْعٌ لَوْ أَوْصَلَ صَبِيٌّ هَدِيَّةً) إلَى غَيْرِهِ (وَقَالَ هَذِهِ مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ أَخْبَرَ فِي الْإِذْنِ) الْأَوْلَى بِالْإِذْنِ (بِالدُّخُولِ) إلَى دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا (عَمِلَ بِخَبَرِهِ مَعَ) مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ أَوْ الظَّنَّ مِنْ (قَرِينَةٍ أَوْ أَمْنِ قَوْلِهِ) لِاعْتِمَادِ السَّلَفِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حِينَئِذٍ وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْفَاسِقُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَصْلٌ الْكَافِرُ لَا يَتَمَلَّكُ) بِنَفْسِهِ وَلَا بِوَكِيلِهِ رَقِيقًا (مُسْلِمًا لِنَفْسِهِ) وَلَا لِمِثْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إذْلَالِ الْمُسْلِمِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] أَمَّا تَمَلُّكُهُ لِمُسْلِمٍ فَجَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى لِلِاغْتِنَاءِ عَنْهُ بِمَا سَيَأْتِي مَعَ عَدَمِ إيهَامِ أَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ لِمِثْلِهِ (وَلَا) يَتَمَلَّكُ (مُرْتَدًّا) لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْأَصْلِ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ لِلْكَافِرِ الْخِلَافُ فِي قَتْلِهِ بِالذِّمِّيِّ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْأَصَحَّ قَتْلُهُ بِهِ (إلَّا إنْ كَانَ إذَا مَلَكَهُ عَتَقَ) عَلَيْهِ (كَأَنْ اشْتَرَى فَرْعَهُ أَوْ أَصْلَهُ أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ) أَوْ قَالَ لِمَالِكِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَأَجَابَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَيَصِحُّ) تَمَلُّكُهُ لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْعِتْقَ فَلَا إذْلَالَ وَفِي عَدِّ الثَّانِيَةِ مِنْ ذَلِكَ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ الْقَبُولَ فِيهَا فِدَاءٌ لَا شِرَاءٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بَدَلَ عِتْقِهِ كَانَ أَعَمَّ (لَا إنْ اشْتَرَى مُسْلِمًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ) فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ الْعِتْقَ (وَإِنْ وَكَّلَهُ مُسْلِمٌ فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ) فَاشْتَرَاهُ لَهُ (صَحَّ وَوَقَعَ) الْمِلْكُ (لَهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ) فِي الْعَقْدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ أَوَّلًا لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيُفَارِقُ مَنْعَ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ كَافِرًا فِي قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ بِاخْتِصَاصِ النِّكَاحِ بِالتَّعَبُّدِ لِحُرْمَةِ الْإِبْضَاعِ وَبِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لِمُسْلِمَةٍ بِخِلَافِ مِلْكِهِ لِمُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَتَمَلَّكُ مُصْحَفًا وَحَدِيثًا) أَيْ وَلَا كُتُبَ حَدِيثٍ (وَ) لَا (كُتُبَ فِقْهٍ فِيهَا آثَارٌ) لِلسَّلَفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهَانَةِ لَهَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ كُتُبَ عِلْمٍ وَإِنْ خَلَتْ عَنْ الْآثَارِ تَعْظِيمًا لِلْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ قَالَ ابْنُهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ وَتَعْلِيلُهُ يُفِيدُ جَوَازَ تَمَلُّكِهِ كُتُبِ عُلُومٍ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ وَيَنْبَغِي الْمَنْعُ مِنْ تَمَلُّكِ مَا يَتَعَلَّقُ مِنْهَا بِالشَّرْعِ كَكُتُبِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّمَلُّكِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالشِّرَاءِ (فَرْعٌ لِلْكَافِرِ اسْتِئْجَارُ الْمُسْلِمِ) حُرًّا أَوْ رَقِيقًا (وَلَوْ إجَارَةَ عَيْنٍ) وَلَهُ اسْتِئْجَارُ مُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ إذْ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا تَسَلُّطٌ تَامٌّ وَإِنَّمَا يَسْتَوْفِي مَنْفَعَتَهُ بِعِوَضٍ وَقَدْ آجَرَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَفْسَهُ لِكَافِرٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْأَعْمَالِ الْمُمْتَهِنَةِ أَمَّا الْمُمْتَهِنَةُ كَإِزَاحَةِ قَاذُورَاتِهِ فَيَمْتَنِعُ قَطْعًا (وَلَهُ ارْتِهَانُهُ) أَيْ الرَّقِيقُ الْمُسْلِمُ (وَارْتِهَانُ مُصْحَفٍ) لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ اسْتِيثَاقٍ (وَتُرْفَعُ يَدُهُ) عَنْهُمَا (فَيُوضَعَانِ عِنْدَ عَدْلٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَتَسَلَّمُهُمَا أَوَّلًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يُسَلَّمُ أَوَّلًا لِلْعَدْلِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ احْتِمَالَيْنِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُسَلَّمُ إلَيْهِ الرَّقِيقُ ثُمَّ يُنْزَعُ حَالًا إذْ لَا مَحْذُورَ كَمَا فِي إيدَاعِهِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُصْحَفِ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ فَلَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ وَمَا قَالَهُ مُتَّجَهٌ (وَيُؤَجِّرُ) الْكَافِرُ وُجُوبًا (الْأَجِيرَ) الْمُسْلِمَ لِمُسْلِمٍ لِيُزِيلَ مِلْكَهُ عَنْ الْمَنْفَعَةِ كَمَا يُزِيلُ مِلْكَهُ عَنْ الرَّقَبَةِ فِيمَا سَيَأْتِي وَقِيلَ لَا يَجِبُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَإِجَارَةِ الْعَيْنِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ دُونَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْأَجِيرَ فِيهَا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ الْعَمَلِ بِغَيْرِهِ (وَيُكْرَهُ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ (إجَارَةُ عَيْنِ الْمُسْلِمِ وَإِعَارَتُهُ) لَهُ صِيَانَةً عَنْ الْإِذْلَالِ وَكَرَاهَةُ إعَارَتِهِ لَهُ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي الْعَارِيَّةِ وَذَكَرَ هُنَا جَوَازَ إيدَاعِهِ عِنْدَهُ وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَلَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ ضَمِنَ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ إلَى وَلِيِّهِ) لِأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِإِذْنٍ مُعْتَبَرٍ [فَرْعٌ أَوْصَلَ صَبِيٌّ هَدِيَّةً إلَى غَيْرِهِ وَقَالَ هَذِهِ مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا] (قَوْلُهُ أَوْ أَخْبَرَ فِي الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ أَوْ أَخْبَرَ بِالْإِذْنِ بِالدُّخُولِ [فَصْلٌ الْكَافِرُ لَا يَتَمَلَّكُ بِنَفْسِهِ وَلَا بِوَكِيلِهِ رَقِيقًا مُسْلِمًا] (قَوْلُهُ أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ) أَوْ شَهِدَ بِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ وَفِي عَدِّ الثَّانِيَةِ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ (قَوْلُهُ لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لِمُسْلِمَةٍ) فَكَأَنَّهُ مَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ فِي نِكَاحِهَا أَصْلًا وَنِيَابَةً (قَوْلُهُ وَلَا يَتَمَلَّكُ مُصْحَفًا) لِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ» قَالَ سُلَيْمٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَنْعَ لِئَلَّا يَمَسُّوهُ فَكَذَلِكَ مَا أَدَّى إلَيْهِ لَا يَجُوزُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي بَيْعِ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِهِ بَيْنَ مَنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ وَغَيْرُهُ وَقَدْ فَرَّقُوا فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ بَيْنَهُمَا اهـ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ يُفِيدُ جَوَازَ تَمَلُّكِهِ كُتُبًا غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ لِلْكَافِرِ اسْتِئْجَارُ الْمُسْلِمِ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ لِلْكَافِرِ اسْتِئْجَار الْمُسْلِمِ) لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الشَّامِلِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَيَسْتَكْسِبُ لَهُ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ فِي الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الْمَنَافِعِ فَإِنْ قُلْنَا تُزَالُ فِيهَا فَهُنَا أَوْلَى لَا سِيَّمَا فِي الْوَصِيَّةِ الْمُؤَبَّدَةِ لِأَنَّ الذَّالَ فِيهِ أَشَدُّ لِتَأَبُّدِ الْمَنْفَعَةِ ر وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (وَقَوْلُهُ فَيَمْتَنِعُ قَطْعًا) قَالَ شَيْخُنَا يَرُدُّ مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ الْمَحْذُورَ زَائِلٌ مُطْلَقًا بِإِجْبَارِهِ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ مَنَافِعِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) قَالَ لِمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ بِعْتُكُمَا هَذَا الْمُسْلِمَ أَوْ الْمُصْحَفَ فَيُحْتَمَلُ الْبُطْلَانُ كَمَا لَوْ زَوَّجَ الصَّبِيَّةَ مِنْ رَجُلَيْنِ تَحِلُّ لِأَحَدِهِمَا وَلَا تَحِلُّ لِلْآخَرِ فِيمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَيُحْتَمَلُ الصِّحَّةُ فِي نِصْفِهِ لِلْمُسْلِمِ. اهـ. وَالرَّاجِحُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ ذَكَرَ هُنَا جَوَازَ إيدَاعِهِ عِنْدَهُ) قَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ السُّبْكِيُّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيدَاعُ الْمُصْحَفِ عِنْدَهُ قُلْت وَكَذَا كُتُبُ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ إفْسَادِهَا وَالْإِعَارَةُ مِثْلُهُ وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِمَنْعِ دَفْعِ الْمُصْحَفِ إلَى مَنْ يَجْلِدُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 كَرَاهَةَ فِيهَا لِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا دَيْنٌ عَلَى الْأَجِيرِ وَلَا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (فَرْعٌ لَوْ نَسَخَ الْكَافِرُ مُصْحَفًا) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ أَسْلَمَ عَبْدُهُ) أَوْ أَمَتُهُ (أَمَرَ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهُ) بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ غَيْرِهَا دَفْعًا لِلْإِهَانَةِ وَالْإِذْلَالِ وَقَطْعًا لِسَلْطَنَةِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَا يَحْكُمُ بِزَوَالِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ تَحْتَ كَافِرٍ إذْ مِلْكُ النِّكَاحِ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ فَتَعَيَّنَ الْبُطْلَانُ بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَهَلْ يَكْفِي وَقْفُهُ عَلَى ذِمِّيٍّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَكْفِ وَلَمْ يَصِحَّ أَوْ لَهُ تَعَالَى فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْإِجَارَةِ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لِأَنَّا هُنَاكَ نَأْمُرُهُ بِالْإِجَارَةِ وَهُوَ هُنَا غَيْرُ مُمْكِنٍ لِأَنَّهُ إنْ أَجَّرَهُ مُدَّةَ عُمْرِهِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ الْبَعْضَ لَزِمَ أَنْ يَبْقَى الْبَعْضُ الْآخَرُ عَلَى مِلْكِهِ (فَلَا يَكْفِي رَهْنُهُ وَإِجَارَتُهُ) وَتَزْوِيجُهُ وَتَدْبِيرُهُ وَنَحْوُهَا لِأَنَّهَا لَا تُفِيدُ الِاسْتِقْلَالَ وَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَوْ يَصِحُّ لَكِنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْحَيْلُولَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (وَتَكْفِي الْكِتَابَةُ) لَهُ وَإِنْ لَمْ يَزَلْ بِهَا الْمِلْكُ لِإِفَادَتِهَا الِاسْتِقْلَالِ (فَإِنْ بَاعَهُ) وَكَانَ (مَعِيبًا أَوْ) بَاعَهُ (بِمَعِيبٍ أَوْ وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ أَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي) بِالثَّمَنِ (أَوْ اسْتَقَالَ أَحَدُهُمَا) الْآخَرُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُوجِبِ (أَوْ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (الْإِقَالَةُ وَالِاسْتِرْدَادُ) الشَّامِلُ لِلرَّدِّ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ ذَلِكَ دُخُولَ مُسْلِمٍ فِي مِلْكِ كَافِرٍ ابْتِدَاءً لِأَنَّ الْفَسْخَ يَقْطَعُ الْعَقْدَ وَيَجْعَلُ الْأَمْرَ كَمَا كَانَ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ بِهِ الشُّفْعَةُ وَلِأَنَّ الْمِلْكَ بِالْفَسْخِ فِي الرَّدِّ يَقَعُ قَهْرًا (وَلَهُ تَعْجِيزُهُ فِي الْكِتَابَةِ) إنْ عَجَزَ عَنْ النُّجُومِ كَمَا لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ بِإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي أَوْ نَحْوِهِ (وَإِنْ مَاتَ) الْكَافِرُ عَنْ رَقِيقٍ مُسْلِمٍ (وَرِثَهُ وَلَدُهُ الْكَافِرُ) لِأَنَّ الْإِرْثَ قَهْرِيٌّ وَيُؤْمَرُ بِمَا كَانَ يُؤْمَرُ بِهِ مُوَرِّثُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ صَارَ لِوَارِثِهِ وَهِيَ أَعَمُّ وَكَالرَّقِيقِ الْمُصْحَفُ وَنَحْوُهُ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَحْمِلُهُ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) مَالِكُهُ (مَنْ يَشْتَرِيهِ) بِثَمَنِ الْمِثْلِ (أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَيَسْتَكْسِبُ) هُوَ (لَهُ) وَمَا قَرَّرَتْهُ مِنْ أَنَّ ضَمِيرَ يَجِدْ رَاجِعٌ لِلْمَالِكِ هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ لَكِنَّ الْأَصْلَ جَعْلُهُ رَاجِعًا لِلْحَاكِمِ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ امْتَنَعَ مَالِكُهُ مِمَّا أُمِرَ بِهِ بَاعَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ كَمَا يَبِيعُ مَالَ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُشْتَرِيًا بِثَمَنِ الْمِثْلِ صَبَرَ وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَيَسْتَكْسِبُ لَهُ وَتُؤْخَذُ نَفَقَتُهُ مِنْهُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ أَكْثَرُ فَائِدَةً قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَأْجَرِ إذَا أَمَرْنَاهُ بِالْإِزَالَةِ فَامْتَنَعَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ الْحَاكِمُ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُفْسَخُ فَإِنْ قُلْت هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْحَاكِمِ الْبَيْعُ أَوْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابَتِهِ كَالْمَالِكِ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ بَيْعِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَصْلَحَةِ الْمَالِكِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ حَالًّا (كَمُسْتَوْلَدَتِهِ) فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَتَسْتَكْسِبُ لَهُ فِي يَدِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ أَوْ نَحْوَهَا (حِينَ تَسْلَمُ إذْ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهَا) وَلَا يُكَلَّفُ إعْتَاقُهَا لِلْإِجْحَافِ وَلَا بَيْعَ مُدَبَّرِهِ إذَا أَسْلَمَ لِإِبْطَالِ حَقِّهِ مِنْ الْعِتْقِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعِمْرَانِيُّ كَالْقِنِّ وَالْمَاوَرْدِيُّ كَالْمُدَبَّرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إذَا طَلَبَ بَيْعَ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ نَفْسِهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِالْمَالِكِ بِتَأَخُّرِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ نَعَمْ إنْ طَلَبَ غَيْرُهُ افْتِدَاءَهَا مِنْهُ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا فَالظَّاهِرُ إجْبَارُهُ (فَرْعٌ وَلَوْ اشْتَرَى كَافِرٌ) رَقِيقًا (كَافِرًا فَأَسْلَمَ) الرَّقِيقُ (قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ الْعَقْدُ كَ إبَاقِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِخِلَافِ الْعَصِيرِ إذَا تَخَمَّرَ قَبْلَ قَبْضِهِ لِزَوَالِ الْمَالِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ وَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ (وَيَقْبِضُ) هـ (لَهُ الْحَاكِمُ) وَلَا يَقْبِضُهُ هُوَ لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ عَلَى الْمُسْلِمِ (ثُمَّ يُبَاعُ) الْأَوْلَى وَالْأَنْسَبُ بِعِبَارَةِ أَصْلِهِ ثُمَّ يُزَالُ عَنْهُ مِلْكُهُ وَإِنَّمَا قَبَضَهُ لَهُ الْحَاكِمُ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إلَّا بِالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ وَلَيْسَا بِمُتَعَيَّنَيْنِ عَلَيْهِ (الْأَمْرُ الثَّالِثُ صَلَاحِيَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) لِلْبَيْعِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (شُرُوطٌ) خَمْسَةٌ (الْأَوَّلُ الطَّهَارَةُ) لَهُ (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَجَسِ الْعَيْنِ) سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ بِالِاسْتِحَالَةِ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ أَمْ لَا (كَالسِّرْجِينِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا (وَالْكَلْبِ وَلَوْ مُعَلَّمًا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَقَالَ إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ   [حاشية الرملي الكبير] وَقَالَ لَا يُدْفَعُ الْمُصْحَفُ وَالتَّفَاسِيرُ وَكُتُبُ الْحَدِيثِ إلَى كَافِرٍ لَا يُرْجَى إسْلَامُهُ وَيُنْكَرُ عَلَى فَاعِلِهِ [فَرْعٌ نَسَخَ الْكَافِرُ مُصْحَفًا أَوْ أَسْلَمَ عَبْدُهُ أَوْ أَمَتُهُ] (قَوْلُهُ وَهَلْ يَكْفِي وَقْفُهُ عَلَى ذِمِّيٍّ) قَالَ فِي الْقُوتِ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اهـ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِغَيْرِ اللَّهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِرْثَ قَهْرِيٌّ) قَدْ أَنْهَى بَعْضُهُمْ صُوَرَ دُخُولِ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً إلَى نَحْوِ الْخَمْسِينَ مَسْأَلَةً وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَسْبَابُ دُخُولِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً ثَلَاثَةٌ مَا يُفِيدُ الْمِلْكَ الْقَهْرِيَّ وَالْفَسْخُ وَاسْتِعْقَابُ الْعِتْقِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ الْحَاكِمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعِمْرَانِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَالْمَاوَرْدِيُّ كَالْمُدَبَّرِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِقُوَّةِ حَقِّ الْعِتْقِ فِي الْمُدَبَّرِ وَلِهَذَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إجْبَارُهُ) مَا اسْتَظْهَرَهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهَا وَهُوَ لَا يَصِحُّ [فَرْعٌ اشْتَرَى كَافِرٌ رَقِيقًا كَافِرًا فَأَسْلَمَ الرَّقِيقُ قَبْلَ الْقَبْضِ] (قَوْلُهُ فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ وَالْبَائِعُ كَافِرٌ فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ) أَيْ وَالْغَزَالِيُّ (فَرْعٌ) أَمَةٌ كَافِرَةٌ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْمَرَ مَالِكُهَا بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهَا إنْ قُلْنَا أَنَّ الْحَمْلَ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْلُومِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ [الْأَمْرُ الثَّالِثُ صَلَاحِيَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِلْبَيْعِ وَلَهُ خَمْسَة شُرُوط] [الشَّرْط الْأَوَّل الطَّهَارَة] (قَوْلُهُ وَلَهُ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ) ذَكَرَ السَّيْرَجِيُّ فِي الطِّرَازِ الْمَذْهَبُ أَنَّ شُرُوطَ الْبَيْعِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ شَرْطًا (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الطَّهَارَةُ) يَدْخُلُ فِيهِ الْمَائِعُ الْوَاقِعُ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَكِنْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَعَافُ أَكْلَهُ وَشَمِلَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ طَهَارَتُهُ بِالِاجْتِهَادِ وَعُلِمَ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مُذْكَاةٌ وَمَيْتَةٌ أَوْ مَاءٌ وَبَوْلٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ» إلَخْ) وَلِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ أَكْلُهُ وَمَا حُرِّمَ أَكْلُهُ حُرِّمَ بَيْعُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ صَحِيحٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ» وَقِيسَ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا (وَلَا) بَيْعُ (مَائِعٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَوْ دُهْنًا وَمَاءً وَصَبْغًا) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نَجَسِ الْعَيْنِ وَلِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ بَيْعُهُ لَمَا أَمَرَ بِإِرَاقَةِ السَّمْنِ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ كَمَا مَرَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا فَأَرِيقُوهُ» وَلَا أَثَرَ لِإِمْكَانِ تَطْهِيرِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ بِالْمُكَاثَرَةِ لِأَنَّهُ كَالْخَمْرِ يُمْكِنُ طُهْرُهُ بِالتَّخَلُّلِ وَلَا لِلِانْتِفَاعِ بِالصَّبْغِ الْمُتَنَجِّسِ فِي صَبْغِ شَيْءٍ بِهِ وَإِنْ طَهُرَ الْمَصْبُوغُ بِهِ بِالْغُسْلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (مَعَ أَنَّهُ يَطْهُرُ الْمَصْبُوغُ بِهِ بِالْغُسْلِ) وَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بَدَلَ مَائِعٍ مُتَنَجِّسٍ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ نَحْوَ الْآجِرِ الْمَعْجُونِ بِالزِّبْلِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ فَسَادُ بَيْعِ الدَّارِ الْمَبْنِيَّةِ بِهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْبِنَاءَ إنَّمَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ تَبَعًا لِلطَّاهِرِ مِنْهَا كَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ فَاغْتُفِرَ فِيهِ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهَا كَالْحَيَوَانِ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَبِبَاطِنِهِ النَّجَاسَةُ وَيَنْزِلُ كَلَامُهُمْ عَلَى بَيْعِ الْآجِرِ مُنْفَرِدًا أَمَّا بَيْعُ مُتَنَجِّسٍ يُمْكِنُ طُهْرُهُ بِالْغُسْلِ كَثَوْبٍ تَنَجَّسَ بِمَا لَا يَسْتُرُ شَيْئًا مِنْهُ فَيَصِحُّ (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْقَزِّ وَفِيهِ الدُّودُ) وَلَوْ مَيِّتًا لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ كَالْحَيَوَانِ بِبَاطِنِهِ النَّجَاسَةِ وَيُبَاعُ جُزَافًا وَزْنًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَالدُّودُ فِيهِ كَنَوَى التَّمْرِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ لَا يَجُوزُ وَزْنًا وَحُمِلَ عَلَى بَيْعِهِ فِي الذِّمَّةِ كَمَا يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ بَيْعَ الْمُعَيَّنِ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ وَالْجَهَالَةُ مَعَهَا تَقِلُّ بِخِلَافِ بَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ سَلَمٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ وَالْغَرَرَ وَمَعَهُ يَكْثُرُ (وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (بِزْرِ الْقَزِّ) وَهُوَ الْبَيْضُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ دُودُ الْقَزِّ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ (وَ) بَيْعُ (فَأْرَةِ الْمِسْكِ) بِنَاءً عَلَى طَهَارَتِهِمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَلَوْ تَصَدَّقَ بِالدُّهْنِ) الْمُتَنَجِّسِ (لِلِاسْتِصْبَاحِ) بِهِ مَثَلًا عَلَى إرَادَةِ نَقْلِ الْيَدِ لَا التَّمْلِيكِ (جَازَ) وَكَالتَّصَدُّقِ الْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَكَالدُّهْنِ الْكَلْبُ وَالسِّرْقِينَ وَنَحْوُهُمَا (وَيَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ لِمَنْ يَصِيدُ) بِهِ (أَوْ يَحْفَظُ بِهِ نَحْوَ الْمَاشِيَةِ) كَزَرْعٍ وَدَرْبٍ وَشَجَرٍ وَنَفْسِهِ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ (لَا قَبْلَ شِرَائِهَا) أَيْ الْمَاشِيَةِ وَنَحْوِهَا يَعْنِي تَمَلُّكَهَا فَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ لِغَيْرِ مَالِكِهَا لِيَحْفَظَهَا بِهِ إذَا مَلَكَهَا وَلَا غَيْرَ صَيَّادٍ لِيَصْطَادَ بِهِ إذَا أَرَادَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْخِنْزِيرِ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْفَهْدِ كَالْقِرْدِ وَالْفِيلِ وَغَيْرِهِمَا (وَيَجُوزُ تَرْبِيَةُ الْجَرْوِ) الَّذِي يُتَوَقَّعُ تَعْلِيمُهُ (لِذَلِكَ) أَيْ لِلصَّيْدِ وَلِحِفْظِ الْمَاشِيَةِ وَنَحْوِهِمَا لَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا وَالْجَرْوُ بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ وَلَدُ الْكَلْبِ وَالسَّبُعِ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَ) يَجُوزُ (اقْتِنَاءُ السِّرْجِينَ لِلزِّرَاعَةِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيَجُوزُ اقْتِنَاءُ السِّرْجِينِ وَتَرْبِيَةُ الزَّرْعِ بِهِ لَكِنْ يُكْرَهُ (الشَّرْطُ الثَّانِي الِانْتِفَاعُ) بِهِ شَرْعًا وَلَوْ فِي الْمَآلِ كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا نَفْعَ بِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مَالًا فَأَخْذُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهِ مُمْتَنِعٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَعَدَمِ نَفْعِهِ (إمَّا لِقِلَّتِهِ كَحَبَّتَيْ حِنْطَةٍ وَزَبِيب) وَلَا أَثَرَ لِضَمِّ ذَلِكَ إلَى مِثْلِهِ أَوْ وَضْعِهِ فِي الْفَخِّ وَمَعَ هَذَا يَحْرُمُ غَصْبُهُ (وَيَجِبُ الرَّدُّ) لَهُ (فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ) إذْ لَا مَالِيَّةَ وَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْخِلَالِ وَالْخِلَالَيْنِ مِنْ خَشَبِ الْغَيْرِ يُحْمَلُ عَلَى عِلْمِهِ بِرِضَا مَالِكِهِ (وَإِمَّا لِخَسَّتِهِ كَالْحَشَرَاتِ) وَهِيَ صِغَارٌ وَدَوَابُّ الْأَرْضِ كَالْخُنْفُسَاءِ (وَالْفَأْرَةِ وَالنَّمْلِ) وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يُذْكَرُ مِنْ مَنَافِعِهَا فِي الْخَوَاصِّ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مَالًا وَبِمَا قَرَّرَتْهُ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ كَالْحَشَرَاتِ شَامِلٌ لِلْفَأْرَةِ وَالنَّمْلِ فَذَكَرَهُمَا بَعْدَهُ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ (لَا الْعَلَقِ) فَيَجُوزُ بَيْعُهُ (لِلِامْتِصَاصِ) أَيْ لِمَنْفَعَةِ امْتِصَاصِ الدَّمِ (وَبَيْعُ غَيْرِ الْجَوَارِحِ) الْمُعَلَّمَةِ (مِنْ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَوْ دُهْنًا) فَرَّقَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِ الدُّهْنِ الْأَكْلُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مَعَ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ نَحْوِ الثَّوْبِ فَإِنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِهِ مَوْجُودٌ مَعَ النَّجَاسَةِ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ صِحَّةُ بَيْعِ دُهْنِ بِزْرِ الْكَتَّانِ وَإِنْ كَانَ مُتَنَجِّسًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِخِلَافِهِ (فَرْعٌ) السُّكَّرُ إذَا تَنَجَّسَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي قُبَيْلَ بَابِ السَّلَمِ بِأَوْرَاقٍ قَالَ شَيْخُنَا صُورَتُهُ أَنَّهُ تَنَجَّسَ قَبْلَ طَبْخِهِ وَانْعِقَادِهِ. (قَوْلُهُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ بِالْمُكَاثَرَةِ) وَالْكَثِيرُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ يَطْهُرُ الْمَصْبُوغُ بِهِ بِالْغَسْلِ) لِعُسْرِ التَّطْهِيرِ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ فَيَصِيرُ عُسْرُ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ كَعُسْرِ أَخْذِ السَّمَكِ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذٍ مِنْهُ إلَّا بِاحْتِمَالِ تَعَبٍ شَدِيدٍ وَكَعُسْرِ أَخْذِ الطَّائِرِ مِنْ الدَّارِ الْفَجَّاءِ الَّذِي لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ إلَّا بِتَعَبٍ شَدِيدٍ وَالْأَصَحُّ فِيهِ الْمَنْعُ وَعُلِمَ أَنَّ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِنَجَسٍ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلتَّسَتُّرِ بِهِ وَإِنْ بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ صِحَّتَهُ (قَوْلُهُ كَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ) أَيْ وَالْعَرْصَةِ (قَوْلُهُ يُمْكِنُ طُهْرُهُ بِالْغُسْلِ) وَلَوْ مَعَ التُّرَابِ (فَرْعٌ) الْأَرْضُ الْمُسَمَّدَةُ بِالْعَذِرَةِ وَالنَّجَاسَاتِ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهَا إلَّا بِإِزَالَةِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ السَّمَادُ مِنْهَا وَالطَّاهِرُ مِنْهَا غَيْرُ مَرْئِيٍّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ صِحَّةُ بَيْعِهَا كَذَلِكَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهَا فَاغْتُفِرَ أَوْ بِالضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى بَيْعِهِ فِي الذِّمَّةِ) لِأَنَّ الْوَزْنَ إذَا كَانَ لَا يَزِيدُ الْمَبِيعَ جَهَالَةً لَمْ يَمْتَنِعْ إلَّا فِي بَابِ الرِّبَا فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَ الْمَكِيلَ وَزْنًا لَمْ يَجُزْ وَلَيْسَ الْقَزُّ بِرِبَوِيٍّ وَلَيْسَ الْعِلَّةُ فِيهِ جَهَالَةَ الْمَقْصُودِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَالدُّودُ الَّذِي فِي بَطْنِهِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ نَوَى التَّمْرِ فَكَمَا يَجُوزُ بَيْعُ التَّمْرِ جُزَافًا وَوَزْنًا كَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ مَا شُوهِدَ مِنْ الْقَزِّ جُزَافًا وَوَزْنًا وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مَجْهُولًا (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَرْبِيَةُ الْجَرْوِ إلَخْ) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَسْلِ كَلْبٍ مُعَلَّمٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي التَّدْرِيبِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَا يَقْتَضِيهِ [الشَّرْطُ الثَّانِي الِانْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا وَلَوْ فِي الْمَآلِ] (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا نَفْعَ بِهِ) كَالْحِمَارِ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ كَحَبَّتَيْ حِنْطَةٍ وَزَبِيبٍ) لِكَوْنِهِمَا لَا قِيمَةَ لَهُمَا فَلَا يُعَدَّانِ مَالًا فِي الْعُرْفِ أَيْ يُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ دَعْوَى الْإِسْنَوِيِّ التَّنَاقُضُ بِمَا فِي بَابِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ كَالْحَشَرَاتِ) أَمَّا الْحَشَرَاتُ الْمَأْكُولَةُ كَالضَّبِّ وَالْيَرْبُوعِ وَأُمِّ حُبَيْنٍ وَابْنِ عُرْسٍ وَالدُّلْدُلِ وَالْقُنْفُذِ وَالْوَبَرِ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا (قَوْلُهُ لَا الْعَلَقُ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 مِمَّا لَا نَفْعَ فِيهِ (كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ) غَيْرِ الْمَأْكُولِ (بَاطِلٌ) وَلَا نَظَرَ لِمَنْفَعَةِ الْجِلْدِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا لِمَنْفَعَةِ الرِّيشِ فِي النَّبْلِ وَلَا لِاقْتِنَاءِ الْمُلُوكِ لِبَعْضِهَا لِلْهَيْبَةِ وَالسِّيَاسَةِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ) مِنْ الْجَوَارِحِ وَغَيْرِهَا (كَالْفَهْدِ) لِلصَّيْدِ (وَالْفِيلِ) لِلْقِتَالِ (وَالْقِرْدِ) لِلْحِرَاسَةِ (وَالنَّحْلِ) لِلْعَسَلِ (وَالْعَنْدَلِيبِ وَالطَّاوُسِ لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهِ) أَيْ الْعَنْدَلِيبِ (وَلَوْنِهِ) أَيْ الطَّاوُسِ وَلَا فَائِدَةَ لِعُدُولِهِ عَنْ تَمْثِيلِ أَصْلِهِ بِالزُّرْزُورِ إلَى تَمْثِيلِهِ بِالْعَنْدَلِيبِ وَقَدْ مَثَّلَ بِهِمَا مَعًا فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَا يُزَادُ فِي ثَمَنِهِ لِأَجْلِ صَوْتِهِ أَوْ لَوْنِهِ يَصِحُّ بَيْعُهُ سَوَاءٌ حَلَّ أَكْلُهُ كَالْمَذْكُورَيْنِ أَمْ لَا كَالنَّهَّاسِ وَالصُّرَدِ لِصَوْتِهِمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالسَّبُعُ الَّذِي لَمْ يَصِدْ وَلَكِنْ يُرْجَى أَنْ يَتَعَلَّمَ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ تَعَلُّمِهِ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا وَالْأَرْجَحُ الْجَوَازُ (وَ) يَجُوزُ بَيْعُ (الْعَبْدِ الزَّمَنِ) لِأَنَّهُ يَتَقَرَّبُ بِعِتْقِهِ (لَا الْحِمَارِ الزَّمَنِ) وَلَا أَثَرَ لِمَنْفَعَةِ جِلْدِهِ إذَا مَاتَ (فَرْعٌ وَيَحْرُمُ بَيْعُ السُّمِّ) إنْ قَتَلَ كَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ (فَإِنْ نَفَعَ قَلِيلُهُ) وَقَتَلَ كَثِيرُهُ (كَالسَّقَمُونْيَا وَالْأَفْيُونِ جَازَ) بَيْعُهُ [فَرْعٌ آلَاتُ الْمَلَاهِي كَالْمِزْمَارِ وَالطُّنْبُورِ وَالصُّوَرِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا] (فَرْعٌ آلَاتِ الْمَلَاهِي) كَالْمِزْمَارِ وَالطُّنْبُورِ (وَالصُّوَرِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَوْ كَانَتْ ذَهَبًا) أَوْ فِضَّةً إذْ لَا نَفْعَ بِهَا شَرْعًا وَلِأَنَّهَا عَلَى هَيْئَتِهَا لَا يُقْصَدُ مِنْهَا غَيْرُ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ حَرَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَيْعَ الْأَصْنَامِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ النَّرْدِ) كَالْمِزْمَارِ (إلَّا أَنْ صَلَحَ بَيَادِقَ لِلشِّطْرَنْجِ) فَيَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ جَارِيَةِ الْغِنَاءِ وَكَبْشِ النِّطَاحِ وَدِيكِ الْهِرَاشِ وَلَوْ زَادَ الثَّمَنُ لِذَلِكَ) قُصِدَ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَصَالَةُ الْحَيَوَانِ (وَيُكْرَهُ بَيْعُ الشِّطْرَنْجِ وَيَصِحُّ بَيْعُ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) لِأَنَّهُمَا الْمَقْصُودَانِ وَلَا يَشْكُلُ بِمَا مَرَّ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَالصُّوَرِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْهُمَا لِأَنَّ آنِيَتَهُمَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهَا لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ تِلْكَ (فَرْعٌ وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ وَالتُّرَابِ وَلَوْ) كَانَ الْمَاءُ (عِنْدَ النَّهْرِ وَ) الْحَجَرُ عِنْدَ (الْجَبَلِ وَ) التُّرَابُ عِنْدَ (الصَّحْرَاءِ) لِظُهُورِ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ تَحْصِيلُ مِثْلِهَا بِلَا تَعَبٍ وَلَا مُؤْنَةٍ (وَ) يَصِحُّ (بَيْعُ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ) لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ فَأَشْبَهَ لَبَنَ الشَّاةِ وَمِثْلُهُ لَبَنُ الْآدَمِيِّينَ بِنَاءً عَلَى طَهَارَتِهِ [الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْوِلَايَةُ لِلْعَاقِدِ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِمِلْكٍ أَوْ نِيَابَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ] (الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْوِلَايَةُ) لِلْعَاقِدِ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِمِلْكٍ أَوْ نِيَابَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ كَوِلَايَةِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَاضِي وَالظَّافِرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ وَالْمُلْتَقِطِ لِمَا يَخَافُ تَلَفَهُ (فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ وَتَصَرُّفَاتُهُ) أَيْ بَاقِيَهَا (وَ) تَصَرُّفَاتُ (الْغَاصِبِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (بَاطِلٌ) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلِخَبَرِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ «وَلَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (وَكَذَا شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ لِلْغَيْرِ بِعَيْنِ مَالِ الْغَيْرِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ) بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْته لَهُ بِأَلْفٍ مَثَلًا فِي ذِمَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالشِّرَاءِ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ لِيَقْرِنَهُ بِقِسْمِهِ الْآتِي وَقَوْلُهُ (بَاطِلٌ) إيضَاحٌ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي ذِمَّتِهِ وَقَعَ لِلْمُبَاشِرِ سَوَاءٌ قَالَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْوِلَايَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِكَوْنِ الْمِلْكِ لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ لِاقْتِضَائِهِ إخْرَاجِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَشِرَائِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ تَقْتَضِي إدْخَالَهُمَا لِأَنَّ الْقَائِلَ بِصِحَّتِهِمَا لَا يَقُولُ بِصِحَّتِهِمَا لِلْفُضُولِيِّ بَلْ لِمَنْ قَصَدَهُ (وَإِنْ كَانَ) الشِّرَاءُ لِلْغَيْرِ (بِعَيْنِ مَالِ الْفُضُولِيِّ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ وَقَعَ لَهُ سَوَاءٌ أَذِنَ) لَهُ (ذَلِكَ الْغَيْرُ وَسَمَّاهُ) هُوَ فِي الْعَقْدِ   [حاشية الرملي الكبير] مِثْلُهُ النَّمْلُ الْكَبِيرُ فِي الْبِلَادِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ فِيهَا لِسُمْكِ الْجِلْدِ وَالْتِئَامِهِ (قَوْلُهُ كَالْأَسَدِ) أَيْ وَالنَّمِرِ الَّذِي تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ (قَوْلُهُ كَالْفَهْدِ) وَنَمِرٌ مُعَلَّمٌ أَوْ يَتَأَتَّى تَعْلِيمُهُ وَهِرَّةٌ أَهْلِيَّةٌ (قَوْلُهُ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) بِأَنَّهُمَا ذَكَرَا الْمَنْفَعَةَ الْعُظْمَى فِيهِمَا الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِشِرَائِهِمَا لَهَا وَهِيَ الصَّوْتُ وَاللَّوْنُ [فَرْعٌ وَيَحْرُمُ بَيْعُ السُّمِّ] (قَوْلُهُ وَقَدْ حَرَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَيْعَ الْأَصْنَامِ» إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ الْمَنْفَعَةَ وَلَوْ كَانَتْ تَصْلُحُ لِمَنْفَعَةٍ وَلَوْ بِأَدْنَى تَغْيِيرٍ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ الصِّحَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ وَيُؤَيِّدُ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِي بَيْعِ النَّرْدِ إذَا صَلَحَ لِبَيَادِقِ الشِّطْرَنْجِ جَازَ وَإِلَّا فَكَالْمِزْمَارِ (قَوْلُهُ يَجُوزُ بَيْعُ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) إذْ قَدْ يُقْصَدُ بِهَا إحْرَازُ الْمَالِ وَلِذَلِكَ جَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهَا لِلْحَاجَةِ) بِخِلَافِ تِلْكَ هَلْ يَلْحَقُ بَيْعُ الصُّلُبِ مِنْ النَّقْدَيْنِ بِالْأَوَانِي أَمْ بِالصَّنَمِ وَنَحْوِهِ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي قَالَ شَيْخُنَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ شِعَارُهُمْ الْمَخْصُوصَةُ بِتَعْظِيمِهِمْ وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ [فَرْعٌ بَيْعُ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ وَالتُّرَابِ] (قَوْلُهُ بِمِلْكٍ) حَقِيقَتُهُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا تَبَعَةٌ وَلَا غَرَامَةَ دُنْيَا وَلَا أُخْرَى وَقِيلَ مَعْنَى مُقَدَّرٍ فِي الْمَحَلِّ يَعْتَمِدُ الْمُكَلَّفَ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهٍ يَنْفِي التَّبَعِيَّةَ وَالْغَرَامَةَ وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ مَا قَبِلَ التَّصَرُّفَ فَهُوَ الْمَمْلُوكُ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ فَهُوَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ كَالْحَشَرَاتِ (قَوْلُهُ وَلَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ) وَأَمَّا خَبَرُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ أَنَّهُ قَالَ «دَفَعَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينَارًا لِأَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَيْت بِهِ شَاتَيْنِ فَبِعْت إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجِئْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَاةٍ وَدِينَارٍ وَذَكَرْت لَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِي فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَةِ يَمِينِك» فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ كَانَ وَكِيلًا مُطْلَقًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَ الشَّاةَ وَسَلَّمَهَا وَعِنْدَ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّسْلِيمُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ الْوَاقِعَ فَأُخْرِجَ بِقَوْلِهِ وَلَهُ الْوَاقِعُ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ عَلَى الْقَدِيمِ فَإِنَّ صِحَّتَهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَارَةِ فَقَدْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَقْفُ الْعُقُودِ الْمَنْسُوبُ إلَى الْقَدِيمِ إنَّمَا تَحْصُلُ بِهِ الصِّحَّةُ وَالْمِلْكُ مِنْ حِينِ الْإِجَازَةِ. اهـ. فَالرَّاجِحُ أَنَّ الصِّحَّةَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ إلَّا أَنَّ الصِّحَّةَ نَاجِزَةٌ وَالْمَوْقُوفُ الْمِلْكُ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ حَكَاهُ عَنْهُ كُلٌّ مِنْ الْعَلَائِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ فِي قَوَاعِدِهِ وَإِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الصِّحَّةَ نَاجِزَةٌ وَالْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ هُوَ الْمِلْكُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْعَدَدِ فِي الْكَلَامِ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ يُفْهِمُ أَنَّ الِانْعِقَادَ مَوْقُوفٌ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 (أَمْ لَا) مَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا أَذِنَ لَهُ وَسَمَّاهُ هُوَ وَاشْتَرَى بِمَالِ نَفْسِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ هُنَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إلْغَاءِ تَسْمِيَةِ الْعَاقِدِ لِلْآذِنِ وُقُوعُ الْعَقْدِ لِلْآذِنِ وَحِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ ثَمَنَ قَرْضٍ أَوْ هِبَةٍ وَالْمُرَجَّحُ وُقُوعُ الْعَقْدِ لِلْآذِنِ وَأَنَّ الثَّمَنَ قَرْضٌ لِلْآذِنِ لَا هِبَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَلَا تَقُومُ النِّيَّةُ هُنَا مَقَامَ التَّسْمِيَةِ ثُمَّ تَعْبِيرُهُ بِالْفُضُولِيِّ لَا يُنَاسِبُ ذِكْرَ الْإِذْنَ فَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ وَإِذَا بَاعَ أَوْ أَبْرَأَ مِنْ مَالِ أَبِيهِ) مَثَلًا شَيْئًا (أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ظَانًّا بَقَاءَهُ فَبَانَ مَيِّتًا أَوْ بَاعَ عَبْدَ نَفْسِهِ ظَانًّا إبَاقَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ فَبَانَ) أَنَّهُ (قَدْ رَجَعَ) مِنْ إبَاقِهِ (أَوْ فَسْخَ) كِتَابَتِهِ (صَحَّ) لِتَبَيُّنِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِمَا فِي ظَنِّ الْعَاقِدِ وَالْوَقْفُ فِيهِ وَقْفُ تَبَيُّنٍ لَا وَقْفُ صِحَّةٍ وَيُخَالِفُ إخْرَاجَ زَكَاةِ الْمَالِ بِشَرْطِ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ لِأَنَّ النِّيَّةَ مُعْتَبَرَةٌ فِيهَا وَلَمْ يَبْنِهَا عَلَى أَصْلٍ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الرِّبَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ أَوْ أُخْتُهُ أَمْ لَا فَقَدْ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ بِخِلَافِهِ عَلَى أَنَّهُ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّكَّ ثَمَّ فِي حِلِّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُنَا الْعَاقِدُ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الرُّكْنِيَّةِ وَمَسْأَلَةُ الْإِبْرَاءِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقَدْ أَعَادَهَا فِي الضَّمَانِ تَبَعًا لِذِكْرِ الْأَصْلِ لَهَا ثَمَّ (وَكَذَا) يَصِحُّ (لَوْ بَاعَ هَازِلًا) لِأَنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ وَعَدَمُ رِضَاهُ بِوُقُوعِهِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لَهُ أَثَرٌ لَهُ خَطَأُ ظَنِّهِ وَهَذَا إعَادَةٌ فِي الطَّلَاقِ فِي ضِمْنِ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ (أَوْ) بَاعَ (لِلتَّلْجِئَةِ) بِأَنْ يَبِيعَ مَالَهُ لِصَدِيقِهِ خَوْفَ غَصْبٍ أَوْ إكْرَاهٍ وَقَدْ تَوَافَقَا قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهُ يَبِيعُهُ لَهُ لِيَرُدَّهُ إذَا أَمِنَ وَهَذَا كَمَا يُسَمَّى بَيْعُ التَّلْجِئَةِ يُسَمَّى بَيْعَ الْأَمَانَةِ (وَقَوْلُهُ إنْ مَاتَ أَبَى فَقَدْ زَوَّجْتُك أَمَتَهُ بَاطِلٌ) كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ زَوَّجْتُك أَمَتِي وَذَكَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ وَجَمِيعَ نَظَائِرِهَا أَنْ لَا يَعْلَمَا حَالَ التَّعْلِيقِ وُجُودَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ بُشِّرَ بِبِنْتٍ إنْ صَدَقَ الْمُخْبِرُ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا (الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ) لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حِسًّا وَشَرْعًا لِيُوثَقَ بِحُصُولِ الْعِوَضِ وَلْيَخْرُجْ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَرَرُ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ مُتَضَادَّيْنِ أَغْلَبُهُمَا أَخْوَفُهُمَا وَقِيلَ مَا انْطَوَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ الْيَأْسُ مِنْ التَّسْلِيمِ بَلْ ظُهُورُ التَّعَذُّرِ كَافٍ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَغْصُوبِ) مِنْ غَيْرِ غَاصِبِهِ (وَ) لَا بَيْعُ (الْآبِقِ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِمَا حَالًّا نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَيْعُ ضِمْنِيًّا صَحَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ وَمِثْلُهُ بَيْعُ مَنْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ (وَ) لَا (كِتَابَتُهُمَا) لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّمَكُّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ (وَإِنْ عَرَفَ مَوْضِعَهُمَا) وَعَلِمَ أَنَّهُ يَصِلَهُمَا إذَا أَرَادَ لَكِنْ بِكُلْفَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ فِيهِمَا لَكِنْ ذَكَرَهُ لِكِتَابَةِ الْآبِقِ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّصَرُّفِ بَلْ الْمَغْصُوبُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ صَحَّتْ كِتَابَتُهُ كَبَيْعِهِ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِهِ وَمِثْلُهُمَا فِي مَنْعِ بَيْعِهِمَا وَفِيمَا يَأْتِي الضَّالُّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَاسْتُشْكِلَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَنْعُ بَيْعِهِمْ بِأَنَّ إعْتَاقَهُمْ جَائِزٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي شِرَائِهِ مَنْفَعَةٌ إلَّا حُصُولُ الثَّوَابِ بِالْعِتْقِ كَالْعَبْدِ الزَّمَنِ صَحَّ بَيْعُهُ وَإِعْتَاقُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَكُونُ قَبْضًا قَالَ فَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُ هَؤُلَاءِ إذَا كَانُوا زَمْنَى بَلْ مُطْلَقًا لِوُجُودِ مَنْفَعَةٍ مِنْ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَصِحُّ لَهَا الشِّرَاءُ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الزَّمَنَ لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ حِيلَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنْفَعَةٌ سِوَى الْعِتْقُ يَصِحُّ بَيْعُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِهِمْ لِيُمَلِّكَهُمْ لِغَيْرِهِ (بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ وَالْعِتْقِ) لِمَنْ ذَكَرَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ انْتَفَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ (فَإِنْ اشْتَرَاهُمَا قَادِرٌ عَلَيْهِمَا صَحَّ) نَظَرًا إلَى وُصُولِهِ إلَيْهِمَا إلَّا أَنْ احْتَاجَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى مُؤْنَةٍ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَدَرَ الْبَائِعُ عَلَيْهِمَا صَحَّ بَيْعُهُمَا أَيْضًا كَالْمُودَعِ وَالْمُعَارِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ   [حاشية الرملي الكبير] الْعُبَابِ هُنَا (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ) مَا ذَكَرَهُ هُنَا صُورَتُهُ أَنَّ الْغَيْرَ اقْتَصَرَ عَلَى إذْنِهِ لَهُ فِي الشِّرَاءِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي شِرَائِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَلِهَذَا عَبَّرَ فِيهِ بِالْفُضُولِيِّ وَمَا فِي الْوَكَالَةِ صُورَتُهُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَائِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ وَحُكْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ [فَرْعٌ بَاعَ أَوْ أَبْرَأَ مِنْ مَالِ أَبِيهِ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ظَانًّا بَقَاءَهُ فَبَانَ مَيِّتًا] (قَوْلُهُ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّهُمْ احْتَاطُوا فِي النِّكَاحِ وَقَالُوا لَوْ تَزَوَّجَ الْخُنْثَى فَبَانَ رَجُلًا لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ مَنْ يَشُكُّ فِي كَوْنِهَا مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ فَبَانَتْ حَلَالًا لَهُ اهـ وَيُجَابُ بِقُوَّةِ تَأْثِيرِ الشَّكِّ فِيمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ إذْ الزَّوْجَةُ مَعْقُودٌ عَلَيْهَا وَقِيلَ أَنَّ الزَّوْجَ كَذَلِكَ وَلِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَخْ) لَا يَخْتَصُّ هَذَا بِظَنِّ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ بَلْ الضَّابِطُ ظَنُّ فِقْدَانِ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ أَوْ غَيْرُ طَاهِرٍ أَوْ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسَلُّمِهِ فَكَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَهَذَا مُرَادُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ ر (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الشَّكَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَقَدْ زَوَّجْتُك أَمَتَهُ) أَيْ أَوْ بِعْتُكهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حِسًّا وَشَرْعًا] (قَوْلُهُ عَلَى التَّسَلُّمِ) حِكْمَةُ التَّعْبِيرِ بِالتَّسَلُّمِ بِضَمِّ اللَّامِ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِعْلُ الْبَائِعِ وَلَيْسَتْ قُدْرَتُهُ بِشَرْطٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ لِلْقَادِرِ عَلَى انْتِزَاعِهِ (قَوْلُهُ وَلَا كِتَابَتُهُمَا) صُورَةُ عَدَمِ صِحَّةِ كِتَابَتِهِمَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنَا مِنْ التَّصَرُّفِ (فَرْعٌ) بَاعَ حَيَوَانًا فِي حَالِ صِيَالِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ مُهْدَرٌ قَالَهُ ابْنُ يَحْيَى فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ فَلَوْ بَاعَهُ فَصَالَ ثُمَّ عَادَ مُسْتَسْلِمًا عَادَ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ بَاعَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ ثُمَّ عَادَ خَلًّا (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَنْعَ بَيْعِهِمْ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ إيرَادَ الْعَقْدِ عَلَى بَعْضِ مَنَافِعِ الْعَبْدِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الزَّمَنِ فَإِنَّهُ قَدْ أَوْرَدَ الْعَقْدَ عَلَى كُلِّ مَنْفَعَةٍ لَهُ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْبَيْعُ فِي الْعَبْدِ الزَّمَنِ إذَا كَانَ آبِقًا أَوْ مَغْصُوبًا لِأَنَّ الْعَبْدَ الزَّمَنَ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي مَقَاصِدَ غَيْرِ الْعِتْقِ كَالْحِرَاسَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ إيرَادُ الْعَقْدِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ وَهَذَا مِنْ الْوَاضِحَاتِ (ت) (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَدَرَ الْبَائِعُ عَلَيْهِمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 كَبَيْعِ السَّمَكِ فِي الْبِرْكَةِ أَيْ وَشَقَّ تَحْصِيلُهُ مِنْهَا قَالَ وَهَذَا عِنْدِي لَا مِدْفَعَ لَهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي الْقَادِرِ عَلَيْهِمَا (الْخِيَارَانِ جَهِلَ) الْحَالَ وَقْتَ الْبَيْعِ (أَوْ عَلِمَ) بِهِ (وَعَرَضَ مَانِعٌ) أَيْ عَجَزَ عَنْ الْبَيْعِ لَا يَلْزَمُهُ كُلْفَةُ التَّحْصِيلِ وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ مَعَ الِاحْتِيَاجِ فِي التَّحْصِيلِ إلَى مُؤْنَتِهِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَطْلَبِ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ وَهَذَا عِنْدَ الْجَهْلِ بِهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ صُبْرَةً تَحْتَهَا دَكَّةٌ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَجْزِ صَدَقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ (فَائِدَةٌ) قَالَ الثَّعَالِبِيُّ لَا يُقَالُ لِلْعَبْدِ آبِقٌ إلَّا إذَا كَانَ ذَهَابُهُ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا كَدٍّ فِي الْعَمَلِ وَإِلَّا فَهُوَ هَارِبٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ يُطْلِقُونَهُ عَلَيْهِمَا (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ طَائِرٍ فِي الْهَوَاءِ وَإِنْ تَعَوَّدَ الْعَوْدَ) إلَى مَحَلِّهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَلِأَنَّهُ لَا يَوْثُقُ بِهِ لِعَدَمِ عَقْلِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ الْعَبْدِ الْمُرْسَلِ فِي حَاجَةٍ (إلَّا النَّحْلَ الْمَوْثُوقَةُ أُمُّهُ) بِأَنْ تَكُونَ فِي الْكُوَّارَةِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَفَارَقَ بَقِيَّةَ الطُّيُورِ بِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِالْجَوَارِحِ وَبِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ عَادَةً إلَّا مِمَّا يَرْعَاهُ فَلَوْ تَوَقَّفَ صِحَّةُ بَيْعِهِ عَلَى حَبْسِهِ لَرُبَّمَا أَضَرَّ بِهِ أَوْ تَعَذَّرَ بِهِ بَيْعُهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الطُّيُورِ فَإِنَّهَا تُعْلَفُ وَتَقْيِيدُهُ النَّحْلِ بِمَا ذَكَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأُمُّهُ يَعْسُوبُهُ وَهُوَ أَمِيرُهُ (وَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي الْكُوَّارَةِ أَوْ حَالَ خُرُوجِهِ) مِنْهَا أَوْ دُخُولِهِ إلَيْهَا وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ وَالْكُوَّارَةُ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْوَاوِ فِيهِمَا وَمَعَ تَخْفِيفِهَا فِي الْأَوَّلِ الْخَلِيَّةُ وَحُكِيَ أَيْضًا كَسْرُ الْكَافِ مَعَ تَخْفِيفِ الْوَاوِ (وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ سَمَكٍ فِي مَاءٍ وَلَوْ فِي بِرْكَةٍ إنْ شَقَّ تَحْصِيلُهُ مِنْهَا) لِعَدَمِ قُدْرَةِ تَسْلِيمِهِ (لَا إنْ سَهُلَ) تَحْصِيلُهُ (وَلَمْ يَمْنَعْ الْمَاءُ رُؤْيَتَهُ) فَيَصِحُّ بَيْعُهُ (وَبُرْجُ الطَّائِرِ كَالْبِرْكَةِ لِلسَّمَكِ) فَيَأْتِي فِي بَيْعِهِ فِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا (وَيَبْطُلُ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ لَا شَائِعٌ مِنْ نَحْوِ سَيْفٍ وَثَوْبٍ يَنْقُصُ بِقِطْعَةِ) قِيمَةٍ أَوْ (قِيمَةِ الْبَاقِي) نَقْصًا يُحْتَفَلُ بِمِثْلِهِ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا إذْ التَّسْلِيمُ فِيهِ إنَّمَا يُمْكِنُ بِالْقَطْعِ وَفِيهِ نَقْصٌ وَتَضْيِيعُ مَالٍ وَهُوَ حَرَامٌ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَالُوهُ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ بِأَنَّ التَّمْيِيزَ فِيهَا يَحْصُلُ بِنَصْبِ عَلَامَةٍ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ بِلَا ضَرَرٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ قَدْ تَتَضَيَّقُ مَرَافِقُ الْأَرْضِ بِالْعَلَامَةِ وَتَنْقُصُ الْقِيمَةُ فَيَنْبَغِي إلْحَاقُهَا بِالثَّوْبِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ النَّقْصَ فِيهَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِهِ فِي الثَّوْبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ ثَوْبٍ نَفِيسٍ أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ عَلَى شِرَائِهِ ثُمَّ يُقَاطِعَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْقَطْعُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ طَرِيقٌ لِحِلِّ الْبَيْعِ فَاحْتُمِلَ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَة إلَى تَأْخِيرِهِ عَنْ الْبَيْعِ (فَلَوْ كَانَ) الْجُزْءُ (مِمَّا لَا يَنْقُصُ) بِقَطْعِهِ كَ كِرْبَاسٍ (جَازَ) الْبَيْعُ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ أَمَّا بَيْعُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا لِذَلِكَ وَيَصِيرُ الْجُزْءُ مُشْتَرَكًا (وَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ زَوْجَيْ خُفٍّ) وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُمَا بِتَفْرِيقِهِمَا (إذْ لَا قَطْعَ) هَذَا التَّعْلِيلُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ جِذْعٍ مُعَيَّنٍ) فِي بِنَاءٍ لِأَنَّ الْهَدْمَ يُوجِبُ النَّقْصَ وَلَا بَيْعُ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ (مِنْ جِدَارٍ) إنْ كَانَ (فَوْقَهُ شَيْءٌ أَوْ كَانَ) الْجِدَارُ (قِطْعَةً وَاحِدَةً مِنْ نَحْوِ طِينٍ) كَخَشَبٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِهَدْمِ مَا فَوْقَهُ فِي الْأُولَى وَهَدْمِ شَيْءٍ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ (فَإِنْ كَانَ) الْجِدَارُ (مِنْ لَبَنٍ أَوْ آجِرٍ) وَلَا شَيْءَ فَوْقَهُ (وَجُعِلَتْ النِّهَايَةُ نِصْفَ السَّمَكِ) أَيْ سَمَكَ اللَّبِنِ أَوْ الْآجِرِ (فَكَذَلِكَ) لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَذِكْرُ نِصْفِهِمَا مِثَالٌ فَغَيْرُهُ وَمِنْ الْكُسُورِ كَذَلِكَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُجْعَلْ النِّهَايَةُ نِصْفَ سَمَكِهِمَا أَوْ نَحْوَهُ بِأَنْ جُعِلَتْ نِصْفًا مِنْ صُفُوفِهِمَا (صَحَّ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ مَوْضِعَ الشَّقِّ قِطْعَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ طِينٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ رَفْعَ بَعْضِ الْجِدَارِ يُنْقِصُ قِيمَةَ الْبَاقِي فَلْيَفْسُدْ الْبَيْعُ كَبَيْعِ جِذْعٍ فِي بِنَاءٍ وَأَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الطِّينَ الَّذِي بَيْنَ اللَّبِنَاتِ لَا قِيمَةَ لَهُ وَعَلَى الثَّانِي بِأَنَّ نَقْصَ الْقِيمَةِ مِنْ جِهَةِ انْفِرَادِهِ فَقَطْ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ بِخِلَافِ الْجِذْعِ فَإِنَّ إخْرَاجَهُ يُؤَثِّرُ ضَعْفًا فِي الْجِدَارِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ فَصٍّ فِي خَاتَمٍ) لِأَنَّ فَصْلَهُ يُوجِبُ النَّقْصَ (وَ) لَا يَصِحُّ (بَيْعُ جُمْدٍ وَثَلْجٍ وَزْنًا وَهُوَ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (يَنْمَاعُ) أَيْ يَسِيلُ   [حاشية الرملي الكبير] إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْقُدْرَةِ تَحَقُّقُهَا فَلَوْ احْتَمَلَ قُدْرَتَهُ وَعَدَمَهَا لَمْ يَجُزْ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي كُنْت أَظُنُّ أَنِّي قَادِرٌ عَلَى قَبْضِهِ وَالْآنَ لَا أَقْدِرُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيُحْكَمُ بِعَدَمِ انْعِقَادِ الْبَيْعِ اهـ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ قَالَ وَهَذَا عِنْدِي لَا مِدْفَعَ لَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ إذْ الْبَيْعُ لَا يَلْزَمُهُ كُلْفَةُ التَّحْصِيلِ) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مُؤْنَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَطْلَبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الصُّبْرَةِ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ الِاحْتِيَاجُ فِي تَسَلُّمِ الْمَبِيعِ إلَى مُؤْنَةٍ وَهِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَفِي تِلْكَ حَالَةُ الْعِلْمِ بِالدَّكَّةِ وَمَنَعَهَا تَخْمِينُ الْقَدْرِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ وَهِيَ مُنْتَقِيَةٌ حَالَ الْجَهْلِ بِهَا كَ (قَوْلُهُ لَا إنْ سَهُلَ تَحْصِيلُهُ) أَيْ وَكَانَ يَمْلِكُهُ بِأَنْ اصْطَادَهُ وَأَلْقَاهُ فِيهَا أَوْ سَدَّ مَنْفَذَهَا بِنِيَّةِ أَخْذِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ عَلَى شِرَائِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْدُوا لَهُ فَلَا يَشْتَرِيهِ وَالْمُوَاطَأَةُ لَا تَلْزَمُهُ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُوَاطَأَةُ لَا تَلْزَمُهُ شَيْئًا مِنْ جَمَاعَةٍ لَوْ قَالُوا لِآخَرَ اذْبَحْ لَنَا شَاتَك هَذِهِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا فَذَبَحَهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ فَقَالُوا لَا حَاجَةَ لَنَا فِي لَحْمٍ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ لِأَجْلِ هَذَا الْغَرَرِ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُمْ إذْ لَمْ يَجْرِي شَيْءٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَمْ يَجْرِ عَقْدٌ صَحِيحٌ وَبِهِ أَجَابَ ابْنُ أَبِي الْحَذَّاءِ فِي فَتَاوِيهِ وَأَجَابَ ابْنُ أَبِي عُقَامَةَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً وَسَلِيمَةً ثُمَّ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَالِكُ مَنْ يَشْتَرِيَهَا لَزِمَهُمْ جَمِيعُ قِيمَتِهَا (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَأْخِيرٍ عَنْ الْمَبِيعِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ طَرِيقُ مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مُشَاعًا ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا بِتَفْرِيقِهِمَا) لِإِمْكَانِ تَلَافِي مَالِيَّةِ النَّقْصِ بِشِرَاءِ الْبَائِعِ مَا بَاعَهُ أَوْ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ وَمَالِيَّةُ النَّقْصِ فِي بَيْعِ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِمَّا يَنْقُصُ بِقِطْعَةٍ ذَهَبَتْ بِالْكُلِّيَّةِ لَا تَدَارُكَ لَهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ فَصٍّ فِي خَاتَمٍ) وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ حَرِيمِ الْمَعْمُورِ دُونَهُ وَشِرْبِ الْأَرْضِ دُونَهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 (قَبْلَ وَزْنِهِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ فِي إنَاءٍ وَقَالَ بِعْتُك هَذَا وَلَمْ يَقُلْ الْجُمْدَ صَحَّ جَزْمًا وَإِنْ قَالَ الْجُمْدَ فَيُتَّجَهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَعَارُضِ الْإِشَارَةِ وَالْعِبَارَةِ وَرَدَ بِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا يَجِيءُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْإِشَارَةِ وَالْعِبَارَةِ كَ بِعْتُك هَذِهِ الرَّمَكَةَ فَإِذَا هِيَ بَغْلَةٌ وَهُنَا مُتَّفِقَانِ فَإِنْ كَانَ جُمْدًا حَالَةَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا سَالَ بَعْدَهُ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ عِنْدَ سَيَلَانِهِ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ وَإِنْ زَالَ الِاسْمُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَيْضًا فَتَفَرَّخَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْجُمْدُ بِسُكُونِ الْمِيمِ وَحَكَى ابْنُ قُرْقُولٍ فَتْحَهَا ثُمَّ صَوَّبَ السُّكُونَ قَالَ وَهُوَ الْمَاءُ الْجَامِدُ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ (وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ مَرْهُونٍ بَعْدَ الْقَبْضِ) بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا (وَكَذَا جَانٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ كَسَرِقَةِ دِرْهَمٍ) أَيْ كَأَنْ سَرَقَ رَقِيقٌ دِرْهَمًا وَتَلِفَ وَكَأَنْ قَتَلَ غَيْرَهُ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَعَفَا عَلَى مَالٍ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ كَالْمَرْهُونِ وَأَوْلَى لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الرَّهْنِ وَالتَّمْثِيلُ بِسَرِقَةِ الدِّرْهَمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ) وَلَوْ فِي رَقَبَتِهِ (صَحَّ بَيْعُهُ) لِأَنَّهُ تُرْجَى سَلَامَتُهُ بِالْعَفْوِ وَتَوَقُّعُ هَلَاكِهِ كَتَوَقُّعِ مَوْتِ الْمَرِيضِ (وَكَذَا يَصِحُّ بَيْعُ مَنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ بَعْدَ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ الْفِدَاءِ) وَلَا يَشْكُلُ بِصِحَّتِهِ الرُّجُوعُ عَنْ الِاخْتِيَارِ لِأَنَّ مَانِعَ الصِّحَّةِ زَالَ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهَا مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ (وَإِذَا صَحَّ الْبَيْعُ) بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءِ (لَزِمَهُ) الْمَالُ الَّذِي يَفْدِيهِ بِهِ فَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ قَتَلَهُ (فَإِنْ أَدَّاهُ فَذَاكَ) وَاضِحٌ (وَإِنْ تَعَذَّرَ) وَلَوْ بِإِفْلَاسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ صَبْرِهِ عَلَى الْحَبْسِ أَوْ مَوْتِهِ (فُسِخَ الْبَيْعُ فِي الْجِنَايَةِ) لِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ سَبَقَ حَقَّ الْمُشْتَرِي نَعَمْ إنْ أَسْقَطَ الْفَسْخُ حَقَّهُ كَأَنْ كَانَ وَارِثَ الْبَائِعِ فَلَا فَسْخَ إذْ بِهِ يَرْجِعُ الْعَبْدُ إلَى مِلْكِهِ فَيَسْقُطُ الْأَرْشُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ الْمَالُ بِرَقَبَتِهِ بَلْ بِكَسْبِهِ كَأَنْ زَوَّجَهُ سَيِّدُهُ أَوْ بِذِمَّتِهِ كَأَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ أَوْ اقْتَرَضَ قَرْضًا فَاسِدًا وَأَتْلَفَهُ وَأَقَرَّ بِجِنَايَةٍ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ السَّيِّدُ وَلَا بَيِّنَةَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَمَرَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ وَكَانَ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى الرَّقَبَةِ وَلَا تَعَلُّقَ لِرَبِّ الدَّيْنِ بِهَا (وَيَنْفُذُ عِتْقُ الْجَانِي) الَّذِي تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ (مِنْ) مَالِكِهِ (الْمُوسِرِ) لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ مَعَ وُجُودِ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ (لَا) مِنْ (الْمُعْسِرِ) لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْحَقِّ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ لَا مُتَعَلِّقَ لَهُ سِوَى الرَّقَبَةِ (وَكَذَا اسْتِيلَادُ الْجَانِيَةِ) الَّتِي تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ يَنْفُذُ مِنْ الْمُوسِرِ لَا مِنْ الْمُعْسِرِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ الْمَالُ بِالرَّقَبَةِ فَيَصِحُّ الْعِتْقُ وَالِاسْتِيلَادُ مُطْلَقًا كَالْبَيْعِ حَتَّى لَوْ أَوْجَبَتْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ قِصَاصًا فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ عَفَا عَلَى مَالٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ عَلَى الْأَقْيَسِ وَإِنْ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نَظِيرِهِ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْفِدَاءُ وَيَنْتَظِرُ يَسَارَهُ (وَلَا يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ) الَّذِي أَوْجَبَتْهُ جِنَايَةُ الْجَانِي (بِالْوَلَدِ) أَيْ بِوَلَدِهِ إذْ لَا جِنَايَةَ مِنْهُ (وَلِلسَّيِّدِ فِدَاءُ الْجَانِي) حَيْثُ فَدَاهُ (بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ وَالْقِيمَةِ) كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْجِنَايَاتِ (الشَّرْطُ الْخَامِسُ) لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا (الْعِلْمُ) أَيْ عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ بِهِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ (بِالْعَيْنِ) فِي الْمُعَيَّنِ (وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ) فِيمَا فِي الذِّمَّةِ لِلنَّهْيِ عَنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَبِعْتُكَ هَذِهِ الرَّمَكَةَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمَكَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ وَالْكَافِ قَالَ فِي الصَّحَّاحِ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْبَرَاذِينِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يُفْسَخْ الْعَقْدُ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِانْفِسَاخِ (قَوْلُهُ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا) لِتَفْوِيتِهِ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ بَيْعِهِ مِنْ مُرْتَهِنِهِ وَنَقَلَ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ لَكِنْ فِي الْبَسِيطِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ إذْنَهُ وَقَعَ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ قَالَ لِلرَّاهِنِ بِعْنِي الْمَرْهُونَ فَبَاعَهُ صَحَّ قَطْعًا وَيَلْحَقُ بِالْمَرْهُونِ كُلُّ عَيْنٍ اسْتَحَقَّ حَبْسَهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا جَانٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ إلَخْ) لَوْ اشْتَرَاهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَالٍ نَقُولُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْعِتْقِ عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الرَّهْنِ أَوْ لِقَوْلٍ يَنْفُذُ هُنَا لِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْفِدَاءُ وَيُنْتَظَرُ يَسَارُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْيَسُ الثَّانِي. اهـ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ (فَرْعٌ) لَوْ بَاعَ عَبْدًا وَطَرَأَتْ الْجِنَايَةُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ انْفَسَخَ أَوْ مَوْقُوفٌ وَقْفًا ر وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا قَدْ تَعَدَّى بِحَفْرٍ وَأَقْبَضَهُ ثُمَّ تَرَدَّى فِيهِ آدَمِيٌّ أَوْ بَهِيمَةٌ فَفِي تَبَيُّنِ فَسَادِ رَهْنِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) فَإِنْ بَاعَهُ مِنْهُ أَوْ بِإِذْنِهِ صَحَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الرَّهْنِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ قُتِلَ فِي الْمُحَارَبَةِ وَقَدَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ وَغَلَطَ مَنْ قَالَ غَيْرَهُ لَكِنْ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ فِيهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ أَصَحُّهَا أَنَّهُ كَالْمُرْتَدِّ وَلَوْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَالِ لَزِمَ سَيِّدَهُ فِدَاؤُهُ وَيُنْتَظَرُ يَسَارُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُرْجَى سَلَامَتُهُ بِالْعَفْوِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَالِ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ نَعَمْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ إذَا رَهَنَ الْعَبْدَ الْمَذْكُورَ ثُمَّ حَصَلَ الْعَفْوُ وَجْهَانِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَرْجِيحَ الْبُطْلَانِ فَلْيَذْكُرْ هُنَا مِثْلَهُ (قَوْلُهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ الْفِدَاءَ) وَإِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْحَقَّ الْبُطْلَانُ (قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ عِتْقُ الْجَانِي إلَخْ) فِي مَعْنَى الْعِتْقِ الْوَقْفُ وَبَيْعُهُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ ر [الشَّرْطُ الْخَامِسُ عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ بِهِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ بِالْعَيْنِ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ] (قَوْلُهُ الشَّرْطُ الْخَامِسُ الْعِلْمُ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ حَقِيقَةً فَإِنَّ الظَّنَّ كَافٍ قَطْعًا وَلَا الظَّنَّ الْمُطَابِقَ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً رَآهَا وَهُوَ يَظُنُّهَا جَوْهَرَةً بِثَمَنٍ كَثِيرٍ صَحَّ وَلَا خِيَارَ لَهُ قِيلَ الْأَحْسَنُ التَّعْبِيرُ بِالْمَعْرِفَةِ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا بِخِلَافِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالنَّسَبِ وَهَذَا قَرِيبٌ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ يَسْتَعْمِلُونَهَا اسْتِعْمَالَ الْمُتَرَادِفَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ عِلْمَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إلَخْ) حَتَّى لَوْ عَلِمَاهُ دُونَ غَيْرِهِمَا صَحَّ قَطْعًا نَعَمْ فِي السَّلَمِ لَا يَكْفِي عِلْمُهُمَا بِالصِّفَاتِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهَا غَيْرُهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي الْبَيْعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 بَيْعِ الْغَرَرِ كَمَا مَرَّ (فَبَيْعُ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ أَوْ عَبْدِهِ الْمُخْتَلِطِ بِعَبِيدِ غَيْرِهِ وَ) قَدْ (جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْعَبِيدُ إلَّا وَاحِدًا بَاطِلٌ) كَمَا فِي النِّكَاحِ سَوَاءٌ تَسَاوَتْ الْقِيَمُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَالَ وَلَك الْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ أَمْ لَا (وَبَيْعُ جُزْءٍ كَالرُّبُعِ مُشَاعًا) مِنْ أَرْضٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ صُبْرَةٍ أَوْ ثَمَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ بَيْعُهُ) شَيْئًا مِنْهَا (إلَّا رُبُعًا مُشَاعًا صَحِيحٌ وَلَوْ) بِيعَ الْجُزْءُ (بِمِثْلِهِ كَبَيْعِ نِصْفِهِ مِنْ دَارٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) وَفِي نُسْخَةٍ نِصْفَانِ (بِنِصْفِ صَاحِبِهِ أَوْ) بَيْعِ (نِصْفِهِ بِثُلُثَيْ نِصْفِ صَاحِبِهِ فَيَصِيرُ) الْمَجْمُوعُ بَيْنَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ (أَثْلَاثًا وَفَائِدَتُهُ) أَيْ تَصْحِيحُ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ (سُقُوطُ الرُّجُوعِ) بِهِ (فِي هِبَةِ الْوَلَدِ وَ) فِي (الصَّدَاقِ) إذَا طَلُقَتْ الزَّوْجَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِي مَنْعِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ الْإِفْلَاسِ وَلَهُ فَوَائِدُ أُخَرُ أَشَارَ إلَيْهَا الْأَصْلُ وَذَكَرَهَا الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِثُلُثَيْ نِصْفِ صَاحِبِهِ أَوْضَحُ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالثُّلُثِ مِنْ نِصْفِ صَاحِبِهِ (وَإِنْ قَالَ بِعْتُك الثَّمَرَةَ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ) مَثَلًا (إلَّا مَا يَخُصُّ أَلْفَانِ أَرَادَ) بِمَا يَخُصُّهُ (نِسْبَتَهُ مِنْ الثَّمَنِ) إذَا وُزِّعَتْ الثَّمَرَةُ عَلَيْهِ صَحَّ وَكَانَ اسْتِثْنَاءً لِلثُّلُثِ (أَوْ) أَرَادَ بِهِ نِسْبَتَهُ مِنْ (الْقِيمَةِ) أَيْ مَا يُسَاوِي أَلْفًا عِنْدَ التَّقْوِيمِ (فَلَا) لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ أَوْ أَطْلَقَ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْبُطْلَانُ وَأَوْرَدَ عَلَى حَصْرِ الشُّرُوطِ فِي الْخَمْسَةِ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي حَرِيمِ الْمِلْكِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَحْدَهُ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُ حَرِيمٍ لِلْمِلْكِ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ وَإِلَّا فَالْمَنْعُ رَاجِعٌ إلَى عَدَمِ قُدْرَةِ تَسْلِيمِهِ كَبَيْعِ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ (فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَهُ ذِرَاعًا مَثَلًا مِنْ أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا (وَذَرْعُهُ مَعْلُومٌ لَهُمَا كَثَمَانِيَةِ مَثَلًا مَلَكَ) الْمُشْتَرِي (الثَّمَنَ) أَيْ ثَمَنَهَا (وَنَزَلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ) لِإِمْكَانِهَا حَتَّى لَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا تَلِفَ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمَبِيعِ وَلَا حَاجَةَ مَعَ الْكَافِ لِقَوْلِهِ مَثَلًا (وَإِنْ أَرَادَ مُعَيَّنًا لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ كَبَيْعِ شَاةٍ مِنْ قَطِيعٍ (فَلَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا أَرَادَا) فَقَالَ الْبَائِعُ أَرَدْت مُعَيَّنًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ مُشَاعًا أَوْ عَكْسَهُ (صَدَقَ الْمُعَيِّنُ) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ وَعَلَّلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ مُطْلَقَ لَفْظِ الذِّرَاعِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَعْنَى الْإِشَاعَةِ إلَّا بِتَأْوِيلٍ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْقِرَاضِ أَنَّ قَوْلَهُ قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَك صَحِيحٌ وَعَلَى أَنَّ نِصْفَهُ لِي بَاطِلٌ فَلَوْ قَالَ خُذْهُ قِرَاضًا بِالنِّصْفِ فَالْأَشْبَهُ فِي الْمَطْلَبِ صِحَّتُهُ تَنْزِيلًا عَلَى شَرْطِ النِّصْفِ لِلْعَامِلِ وَكَلَامُ سُلَيْمٍ يُشِيرُ فِيهِ إلَى وَجْهَيْنِ ثُمَّ قَالَ سُلَيْمٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَقَالَ الْمَالِكُ أَرَدْت أَنَّ النِّصْفَ لِي وَادَّعَى الْعَامِلُ الْعَكْسَ صَدَقَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَهَذِهِ تُشْبِهُ مَسْأَلَتَنَا وَحُكْمُهَا مُخَالِفٌ لِحُكْمِهَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا عَلَّلَ بِهِ الْإِمَامُ (أَوْ) ذَرْعُهُ (غَيْرُ مَعْلُومٍ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ وَالثَّوْبِ وَنَحْوَهُمَا تَتَفَاوَتُ غَالِبًا مَنْفَعَةً وَقِيمَةً وَالْإِشَاعَةُ مُتَعَذِّرَةٌ (فَلَوْ عَيَّنَ ابْتِدَاءً مِنْ طَرَفٍ بِأَنْ قَالَ بِعْتُك ذِرَاعًا) مَثَلًا (مِنْ هُنَا فِي جَمِيعِ الْعَرْضِ إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي) الذِّرَاعُ (فِي الطُّولِ) أَوْ عَكْسَهُ (صَحَّ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ ابْتِدَاءً مِنْ الطَّرَفِ لَا يَصِحُّ وَسَكَتَ كَأَصْلِهِ عَنْ دُخُولِ الْحَدِّ فِي الْبَيْعِ وَقَدْ جَزَمَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ خَطَّيْنِ وَقَالَ بِعْتُك مِنْ هَذَا الْخَطِّ إلَى هَذَا الْخَطِّ لَمْ يَدْخُلْ الْخَطَّانِ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا تَدْخُلُ الْحُدُودُ فِي الْعَقْدِ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهَا (فَرْعٌ وَبَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) وَلَوْ مَجْهُولَةَ الصِّيعَانِ (صَحِيحٌ) لِعِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ بِقَدْرِ   [حاشية الرملي الكبير] يَقْطَعُ الْخُصُومَةَ وَفِي السَّلَمِ غَيْرُ مَأْمُونَةٍ عِنْدَ التَّسْلِيمِ فَاشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ غَيْرِهِمَا لِيَرْجِعَ إلَيْهِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا (قَوْلُهُ فَبَيْعُ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ إلَخْ) لِلْغَرَرِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَجِدْ مَوْرِدًا يَتَأَثَّرُ بِهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ كَبَيْعِ نِصْفِهِ مِنْ دَارٍ إلَخْ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُ قَوْلِهِ أَوْ بِنِصْفِ صَاحِبِهِ عَنْ قَوْلِهِ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ وَلَهُ فَوَائِدُ أُخَرُ) أَشَارَ إلَيْهَا الْأَصْلُ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَنَّهُ لَا يَبْقَى هَذَا النِّصْفُ عَلَى مِلْكِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعِهِ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ لَهُمَا شَرِيكٌ أَخَذَ فِيهِمَا بِالشُّفْعَةِ. وَمِنْهَا انْعِزَالُ الْوَكِيلِ بِبَيْعِهِ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ عَبْدًا قَدْ جَنَى عَلَى أَحَدِهِمَا جِنَايَةً تُعَلَّقُ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ فَلَوْ بَاعَهُ سَقَطَتْ الْجِنَايَةُ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ مَرْهُونًا فَأَذِنَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِ فَبَاعَ كُلٌّ نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ انْفَكَّ الرَّهْنُ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ فَوَجَدَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ عَيْبًا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرُّجُوعِ فِيهِ وَمِنْهَا سُقُوطُ الزَّكَاةِ فِيهِ إنْ كَانَ زَكَوِيًّا وَمِنْهَا الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَمِنْهَا لَوْ كَاتَبَاهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ مِنْ صَاحِبِهِ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ قَدْ حَلَفَ عَلَى عِتْقِهِ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَمِنْهَا لَوْ كَانَا قَدْ بَاعَاهُ ثُمَّ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ لِلْآخَرِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَانَ فَسْخًا وَمِنْهَا لَوْ كَانَ وَلَدَ جَانٍ جَازَ أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ مِنْ صَاحِبِهِ دُونَ الْوَلَدِ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ قَدْ دَبَّرَهُ بَطَلَ التَّدْبِيرُ وَمِنْهَا لَوْ كَانَا قَدْ اقْتَرَضَا الْعَيْنَ وَقُلْنَا لَا يُمْلَكُ الْقَرْضُ إلَّا بِالتَّصَرُّفِ فَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ مَلَكَا الْعَيْنَ وَمِنْهَا سُقُوطُ الشُّفْعَةِ وَذَلِكَ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ هَهُنَا تَسْقُطُ وَمِنْهَا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ نِسْبَتَهُ مِنْ الثَّمَنِ صَحَّ أَوْ الْقِيمَةِ فَلَا) لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَرَدْنَا الْحَالَةَ الْأُولَى حَتَّى يَصِحَّ وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَرَدْنَا الثَّانِيَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ الْآتِيَيْنِ ر وَقَوْلُهُ أَرَدْنَا الْحَالَةَ الْأُولَى حَتَّى يَصِحَّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِالدَّرَاهِمِ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ حَتَّى يَصِحَّ وَجْهَانِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَا فِيمَا إذَا عَلِمَا أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثٌ لِأَنَّ لَهُمَا مَرَدًّا يَرْجِعَانِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْبُطْلَانُ) يَنْبَغِي الصِّحَّةُ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ الْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ [فَرْعٌ بَاعَهُ ذِرَاعًا مَثَلًا مِنْ أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَذَرْعُهُ مَعْلُومٌ لَهُمَا] (قَوْلُهُ لَمْ يَدْخُلْ الْخَطَّانِ فِي الْبَيْعِ) قَدْ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَجْهُولَةَ الصِّيعَانِ) أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِطَيْنِ كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ بَيْعِ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ وَبُطْلَانُهُ فِي بَيْعِهَا إلَّا صَاعَانِ أَنَّا فِي بَيْعِ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ نَقُولُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الصُّبْرَةِ غَيْرُ صَاعٍ نَزَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَلَوْ تَلِفَتْ إلَّا صَاعًا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي وَهَذَا يُقَلِّلُ الْغَرَرَ الَّذِي يَتَطَرَّقُ مِنْ جِهَةِ الْبُطْلَانِ وَفِي بَيْعِ الصُّبْرَةِ إلَّا صَاعًا مِنْهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا غَيْرُ صَاعٍ كَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 الْمَبِيعِ مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ فَلَا غَرَرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَرَّقَ الصِّيعَانَ وَبَاعَ صَاعًا مِنْهَا قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَفَاوَتَتْ فِي الْكَيْلِ فَيَخْتَلِفُ الْغَرَضُ وَقَالَ غَيْرُهُ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ يَحْصُلُ بِهِ التَّبَايُنُ فَيَصِيرُ كُلُّ صَاعٍ أَصْلًا بِنَفْسِهِ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ تَصِيرُ الصُّبْرَةُ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَقَدْ تَمَاثَلَتْ أَجْزَاؤُهَا فَيَبْعُدُ الِاخْتِلَافُ فِيمَا يُؤَاخَذُ مِنْهَا وَهَذَا أَوْلَى لِاقْتِضَاءِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ فَرَّقَهَا وَزْنًا جَازَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ (فَإِنْ عُلِمَتْ صِيعَانُهَا نَزَلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَالشَّرِكَةِ) لِإِمْكَانِهِمَا كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَالشَّرِكَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَإِنْ جُهِلَتْ صَحَّ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهَا إلَّا صَاعًا لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ «وَلِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَادَ التِّرْمِذِيُّ إلَّا أَنْ تُعْلَمَ وَصَحَّحَهُ (وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ) صَاعًا (مِنْ أَسْفَلِهَا) وَوَسَطِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَرْئِيَّيْنِ إذْ الْمَبِيعُ صَاعٌ مِنْهَا أَيُّ صَاعٍ كَانَ لِتَعَذُّرِ الْإِشَاعَةِ وَرُؤْيَةُ ظَاهِرِهَا كَرُؤْيَةِ كُلِّهَا كَمَا سَيَأْتِي (فَلَوْ لَمْ يَبْقَ) مِنْهَا (غَيْرُهُ تَعَيَّنَ) لِلْبَيْعِ بَلْ سَيَأْتِي فِي آخِرِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ أَنَّهُ لَوْ انْصَبَّ عَلَيْهَا صُبْرَةٌ أُخْرَى ثُمَّ تَلِفَ الْكُلُّ إلَّا صَاعًا تَعَيَّنَ لِلْبَيْعِ وَهَذَا الْفَرْعُ مُسْتَثْنًى مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْعَيْنِ فِي الْمُعَيَّنِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ صَحَّ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ أَوَّلِ الْفَرْعِ فَلَوْ حَذَفَهُ وَعَبَّرَ فِيمَا بَعْدَهُ بِالْفَاءِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَهُ دَارًا) وَفِي نُسْخَةٍ دَارَةً أَيْ قِطْعَةَ أَرْضٍ (مَحْفُوفَةً بِمِلْكِهِ) مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (صَحَّ وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (الْمَمَرُّ حَيْثُ شَاءَ) أَيْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (وَلَوْ لَمْ يَقُلْ) بِعْتُكهَا (بِحُقُوقِهَا) لِتَوَقُّفِ النَّفْعِ عَلَيْهِ فَهُوَ كَبَيْعِهَا بِحُقُوقِهَا (فَإِنْ شَرَطَ) لَهُ (الْمَمَرَّ مِنْ جَانِبٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ بَطَلَ الْعَقْدُ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْجَوَانِبِ فَجَعَلَ إبْهَامَهُ كَإِبْهَامِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَهُ أَوْ أَثْبَتَهُ لَهُ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ (وَكَذَا لَوْ نَفَاهُ) أَيْ الْمَمَرَّ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ حَالًّا سَوَاءٌ أَمْكَنَ الْمُشْتَرِي تَحْصِيلَ مَمَرٍّ أَمْ لَا وَشَرَطَ الْبَغَوِيّ عَدَمَ إمْكَانِهِ ذَلِكَ (وَإِنْ اشْتَرَى مَا) أَيْ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ (يَلِي مِلْكَهُ أَوْ الشَّارِعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمُرُورُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ) بَلْ يَمُرُّ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ أَوْ الشَّارِعِ تَنْزِيلًا عَلَى الْعَادَةِ (إلَّا إنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا) فَيَمُرُّ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَهَذَا فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ اسْتَثْنَى بَائِعُ الدَّارِ لِنَفْسِهِ بَيْتًا) مِنْهَا (فَلَهُ الْمَمَرُّ) مِنْهَا إلَيْهِ إنْ لَمْ يَتَّصِلْ الْبَيْتُ بِشَارِعٍ إنْ مَلَكَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي (فَلَوْ نَفَاهُ) أَيْ الْمَمَرَّ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) كَمَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهُ صَحَّ الْبَيْعُ (فَصْلٌ وَمَا كَانَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ فِي الذِّمَّةِ) وَهِيَ لُغَةً الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ وَاصْطِلَاحًا الذَّاتُ وَالنَّفْسُ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْحَالِّ عَلَى الْمَحَلِّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هِيَ مَعْنًى مُقَدَّرٌ فِي الْمَحَلِّ يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ وَالِالْتِزَامِ قَالَ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ لَهُ ذِمَّةٌ بَاقِيَةٌ لِأَنَّهُ مُلْزَمٌ بِالدَّيْنِ وَمُلْتَزِمٌ لَهُ انْتَهَى وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ خَرِبَتْ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا خَرِبَتْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ خَاصَّةً (اشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ قَدْرِهِ) لِلْعَاقِدَيْنِ (فَبَيْعُ مِلْءِ هَذَا الْبَيْتِ حِنْطَةً وَالشِّرَاءُ بِوَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ ذَهَبًا) وَلَمْ يَعْلَمَا الْمِقْدَارَ فِيهِمَا (أَوْ بِأَلْفٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً بَاطِلٌ) لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْعِوَضِ فَإِنْ عَيَّنَ الْحِنْطَةَ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك مِلْءَ هَذَا الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ صَحَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي السَّلَمِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ ثُمَّ وَلِلْمَجْمُوعِ هُنَا وَصَوَّرَهُ بِالْكُوزِ فَقَالُوا لَوْ قَالَ بِعْتُك مِلْءَ هَذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِهِ فَلَا غَرَرَ وَاسْتَشْكَلَهُ الْبَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْعِوَضِ وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِمَا الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ أَيْضًا كَمَا عَلِمَ مِمَّا مَرَّ فَلَوْ بَاعَ بِأَلْفٍ أَوْ بِنَقْدٍ مُطْلَقًا وَثَمَّ نُقُودٌ وَلَا غَالِبَ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ. (وَكَذَا لَوْ بَاعَ بِمَا) أَيْ بِمِثْلِ مَا (بَاعَ بِهِ فُلَانٌ ثَوْبَهُ) مَثَلًا (وَجَهِلَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَّا عَشْرَةَ دَرَاهِمَ) لَا يَصِحُّ لِمَا مَرَّ (إلَّا أَنْ عَرَفَا) فِي الثَّانِيَةِ (قِيمَةَ الدِّينَارِ دَرَاهِمَ وَقَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ فَيَصِحُّ   [حاشية الرملي الكبير] الْبَيْعُ بَاطِلًا وَلَوْ تَلِفَتْ إلَّا صَاعًا بَطَلَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ) لَوْ بَاعَهُ صَاعًا مِنْ بَاطِنِهَا لَمْ يَصِحَّ كَبَيْعِ الْغَائِبِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَشَبَّهَهُ بِالْأُنْمُوذَجِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ بَاعَ صَاعًا مِنْ الْمَجْهُولَةِ وَنِصْفَ بَاقِيهَا لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ بَاعَ نِصْفَهَا وَصَاعًا مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ صَحَّ خِلَافًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ جُهِلَتْ صَحَّ لِمَا مَرَّ) أَطْلَقَ الصِّحَّةَ مَعَ الْجَهْلِ بِجُمْلَتِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا تَفِي بِالْقَدْرِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ قَالَ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَعْضَهَا وَإِنَّمَا الْمُغْتَفَرُ الْجَهَالَةُ فِي الزَّائِدِ وَهَذَا مُرَادُ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحَا بِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ الشُّرُوطِ الَّتِي تُفْسِدُ الْبَيْعَ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَالذَّخَائِرِ (قَوْلُهُ وَهَذَا الْفَرْعُ مُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْعَيْنِ فِي الْمُعَيَّنِ) الثَّانِيَةِ لَوْ اخْتَلَطَ حَمَامُ بُرْجٍ بِآخَرَ فَلِأَحَدِهِمَا الْبَيْعُ مِنْ صَاحِبِ الْآخَرِ فِي الْأَصَحِّ مَعَ الْجَهْلِ الثَّالِثَةُ لَوْ بَاعَ الْمَالَ الزَّكَوِيَّ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ الْبُطْلَانُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ وَالصِّحَّةُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ الْعَيْنُ الرَّابِعَةُ إذَا أَعَارَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ ثُمَّ رَجَعَ وَاتَّفَقَا عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ فَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ لِلْمُعَالَجَةِ الْخَامِسَةُ بَيْعُ الْفُقَّاعِ فِي كُوزِهِ وَالشُّرْبِ مِنْ السِّقَاءِ وَشُرْبِ الدَّابَّةِ مِنْ الْحَوْضِ السَّادِسَةُ أَرْضٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ لَا يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْهَا فَبَاعَا جَمِيعًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ عَرَفَ نَصِيبَهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ يَصِحُّ إذَا جَوَّزْنَا تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ مَا تَنَاوَلَهُ الْبَيْعُ لَفْظًا مَعْلُومٌ قَالَ وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ [فَرْعٌ بَاعَهُ دَارًا مَحْفُوفَةً بِمِلْكِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ] (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ الْبَيْتُ بِشَارِعٍ إلَخْ) لَوْ اتَّصَلَتْ بِمَسْجِدٍ أَوْ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الدَّفْنِ فَهَلْ هُوَ كَالشَّارِعِ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْمُتَّجَهُ فِي الْمَسْجِدِ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ دُونَ الْمَقْبَرَةِ. اهـ. وَالْمُتَّجَهُ عِنْدِي عَدَمُ الْإِلْحَاقِ فِيهِمَا [فَصْلٌ وَمَا كَانَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ فِي الذِّمَّةِ اشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ قَدْرِهِ] (قَوْلُهُ فَبَيْعُ مِلْءِ هَذَا الْبَيْتِ إلَخْ) (قَوْلُهُ مِلْءِ هَذَا الْكُوزِ) أَوْ بِمِلْءِ هَذَا الْكُوزِ (قَوْلُهُ وَجَهِلَهُ أَحَدُهُمَا) أَمَّا لَوْ عَلِمَاهُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمِثْلِيَّةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يَخْطِرُ بِالْبَالِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا بَاعَ بِهِ فَلِأَنَّ ثَوْبَهُ قَدْ صَارَ لِلْمُشْتَرِي بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ بَاقٍ أَنَّ الْإِطْلَاقَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى مِثْلِهِ إذَا قَصَدَهُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ فَيَصِحُّ) شَمِلَتْ الصِّحَّةَ فِي الْأُولَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْمِثْلِيَّةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 (وَيَجِبُ تَعْيِينُ نَوْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ) الْمَبِيعِ بِهَا (لَفْظًا إنْ اخْتَلَفَتْ النُّقُودُ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهَا فَلَا يَكْفِي التَّعْيِينُ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ هُنَا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ بَنَاتٌ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَنَوَيَا وَاحِدَةً وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضَيْنِ هُنَا وَاجِبٌ فَوَجَبَ الِاحْتِيَاطُ بِاللَّفْظِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَاكْتَفَى بِالنِّيَّةِ فِيمَا لَا يَجِبُ ذِكْرُهُ فَإِنْ اتَّفَقَتْ النُّقُودُ بِأَنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ قِيمَةً وَغَلَبَةً صَحَّ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَيُسَلِّمُ أَيَّهَا شَاءَ (وَإِنْ غَلَبَ وَاحِدٌ) مِنْهَا (انْصَرَفَ إلَيْهِ) الْعَقْدُ الْمُطْلَقُ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ (وَإِنْ كَانَ فُلُوسًا) وَسَمَّاهَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّهَا مِنْ النُّقُودِ وَجْهٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مِنْ الْعُرُوضِ وَسَيَذْكُرُهَا. (وَكَذَا) يَنْصَرِفُ إلَى الْغَالِبِ إنْ كَانَ (مُكَسَّرًا أَوْ لَمْ تَتَفَاوَتْ قِيمَةً أَوْ) كَانَ (النِّصْفُ) مَثَلًا (صِحَاحًا وَالنِّصْفُ) الْآخَرُ (مُكَسَّرَةً) وَإِنْ كَانَ يَعْهَدُ التَّعَامُلَ بِهَذِهِ مَرَّةً وَبِتِلْكَ أُخْرَى وَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمَا صَحَّ الْبَيْعُ وَسَلَّمَ أَيَّهمَا شَاءَ (وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ مَغْشُوشًا جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهِ وَلَوْ جَهِلَ قَدْرَ الْفِضَّةِ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ (فَإِنْ قُلْت) أَيْ بَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ قِلَّةُ فِضَّةِ الْمَغْشُوشِ (جِدًّا فَلَهُ الرَّدُّ) إنْ اجْتَمَعَ مِنْهَا مَالِيَّةٌ لَوْ مُيِّزَتْ وَإِلَّا فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ ظَهَرَتْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِالْعَيْبِ) إيضَاحٌ (وَلَوْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِعَرَضٍ وَبَاعَ بِهِ كَصَاعِ حِنْطَةٍ انْصَرَفَ) الْعَقْدُ (إلَى الْغَالِبِ أَيْضًا) كَالنَّقْدِ (وَقِيمَةُ الْمُتْلَفِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ) فِيمَا ذُكِرَ فَتَنْزِلُ عَلَى مَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فَلَوْ كَانَ ثَمَّ نَقْدَانِ وَلَا غَالِبَ وَحَصَلَ تَنَازُعٌ عَيَّنَ الْقَاضِي وَاحِدًا لِلتَّقْوِيمِ (وَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ صِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ لِجَهْلِ النَّقْدَيْنِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً (فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَ) شَخْصًا شَيْئًا (بِدِينَارٍ صَحِيحٍ فَأَعْطَاهُ صَحِيحَيْنِ بِوَزْنِهِ) أَيْ الدِّينَارِ (أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ بَاعَهُ بِدِينَارَيْنِ صَحِيحَيْنِ (فَأَعْطَاهُ دِينَارًا) صَحِيحًا (بِوَزْنِهِمَا لَزِمَهُ قَبُولُهُ) لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَصُورَةُ الْعَكْسِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فِيهَا فَأَعْطَاهُ دِينَارًا بِوَزْنِهِمَا (لَا) إنْ أَعْطَاهُ فِي الْأُولَى صَحِيحًا (أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ) كَأَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ دِينَارًا أَوْ نِصْفًا فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ (لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ إلَّا بِالتَّرَاضِي) فَيَجُوزُ فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا كَسْرَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لِضَرَرِ الْقِسْمَةِ (وَإِنْ بَاعَ بِنِصْفِ مِثْقَالٍ أَخَذَ شِقًّا) وَزْنُهُ نِصْفُ مِثْقَالٍ فَإِنْ سَلَّمَ إلَيْهِ صَحِيحًا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مِثْقَالٍ وَتَرَاضَيَا بِالشَّرِكَةِ فِيهِ جَازَ (إلَّا أَنَّ شَرْطَ) كَوْنِ النِّصْفِ (مُدَوَّرًا) فَلَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ شِقٍّ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ (لَكِنْ إنْ نَذَرَ وُجُودَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ) لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ يَعِزُّ وُجُودُهُ صَحَّ ثُمَّ إنْ لَمْ يُوجَدْ اُسْتُبْدِلَ عَنْهُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَاكَ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى قِيمَتِهِ حَالَةَ الِاسْتِبْدَالِ بِخِلَافِ نِصْفِ دِينَارٍ مُدَوَّرٍ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَرْجُ رَوَاجَ النُّقُودِ لَا يَدْرِي مَا قِيمَتُهُ وَالْجَهْلُ بِالْقِيمَةِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِعَدَمِ الِاسْتِبْدَالِ (وَإِنْ بَاعَ) شَخْصًا شَيْئًا (بِنِصْفٍ) مِنْ دِينَارٍ صَحِيحٍ (ثُمَّ) بَاعَهُ (شَيْئًا آخَرَ بِنِصْفٍ) كَذَلِكَ (وَشَرَطَ فِي) الْبَيْعِ (الثَّانِي تَسْلِيمَ صَحِيحٍ عَنْهُمَا بَطَلَ) الْبَيْعُ (الثَّانِي) لِلشَّرْطِ (وَكَذَا الْأَوَّلُ إنْ كَانَ قَبْلَ لُزُومِهِ) لِذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَعْدَ لُزُومِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ وَسَلَّمَ صَحِيحًا عَنْ النِّصْفَيْنِ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا أَوْ قِطْعَتَيْنِ وَزْنُ كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ دِينَارٍ جَازَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ قَوْلِهِمْ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا إذَا اتَّحَدَ الْمُسْتَحَقُّ فَلَوْ بَاعَ الْأَوَّلَ لِنَفْسِهِ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يَكُونُ قَدْ زَادَ خَيْرًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِنِصْفَيْ دِينَارٍ لَزِمَهُ تَسْلِيمُ دِينَارٍ صَحِيحٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَثُلُثِ دِينَارٍ وَسُدُسِ دِينَارٍ فَلَا نُقِلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَالْعِمْرَانِيِّ وَأَقَرَّهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُكَرِّرْ الْمُضَافَ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ فَقَالَ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَسُدُسُ دِينَارٍ لَزِمَهُ دِينَارٌ صَحِيحٌ (فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَ بِنَقْدٍ مَعْدُومٍ) أَصْلًا وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ مَعْدُومٍ (فِي الْبَلَدِ حَالًّا) أَوْ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ نَقْلُهُ إلَى الْبَلَدِ بِالْوَجْهِ الْآتِي (لَمْ يَصِحَّ) لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ (أَوْ إلَى أَجَلٍ يُمْكِنُ فِيهِ النَّقْلُ) عَادَةً بِسُهُولَةٍ لِلْمُعَامَلَةِ (صَحَّ) ثُمَّ إنْ أَحْضَرَهُ بَعْدَ الْحُلُولِ فَذَاكَ (فَلَوْ لَمْ يُحْضِرْهُ اُسْتُبْدِلَ) عَنْهُ لِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهُ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ (وَكَذَا يَسْتَبْدِلُ لَوْ بَاعَ بِمَوْجُودٍ عَزِيزٍ فَلَمْ يَجِدْهُ وَلَيْسَ لَهُ) فِيمَا إذَا عَقَدَ بِنَقْدٍ (إلَّا النَّقْدُ الْوَاجِبُ بِالْعَقْدِ) لِكَوْنِهِ عَيَّنَ فِيهِ أَوْ أَطْلَقَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ (وَإِنْ أَبْطَلَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ هُنَا) إذْ الْبَيْعُ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ يَفْسُدُ بِفَسَادِ عِوَضِهِ بِخِلَافِ الْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ وَإِنْ غَلَبَ وَاحِدٌ مِنْهَا انْصَرَفَ إلَيْهِ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا عَيَّنَ الْجِنْسَ وَأَطْلَقَ النَّوْعَ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفِ مِثْقَالٍ مِنْ النَّقْدِ وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الذَّهَبِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَالْمُحَرَّرِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَلَوْ اتَّفَقَا فِي السِّرِّ عَلَى أَنْ يَتَبَايَعَا بِأَلْفٍ ثُمَّ عَقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَلْفَيْنِ كَانَ الثَّمَنُ أَلْفَيْنِ كَالصَّدَاقِ قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا (فَرْعٌ) لَوْ بَاعَ بِوَزْنِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ فِضَّةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا مَضْرُوبَةٌ أَوْ تِبْرٌ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّقْدِ الْغَالِبِ بَلْ يَبْطُلُ لِتَرَدُّدِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ وَسَمَّاهَا) أَمَّا إذَا سَمَّى الدَّرَاهِمَ فَلَا قَالَ شَيْخُنَا فَذَكَرَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ لِيُفِيدَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ مُنْصَرِفَةٌ لِلشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ الْفِضَّةُ نَعَمْ لَوْ سَمَّى الدَّرَاهِمَ بِالْفُلُوسِ وَهُنَاكَ فُلُوسٌ مِنْ أَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَفِيهَا غَالِبٌ نَزَلَ ذَلِكَ عَلَى الْغَالِبِ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ بِعْتُك دَارِي أَوْ دَارِي هَذِهِ وَحَدَّدَهَا وَغَلِطَ فِي حُدُودِهَا صَحَّ أَوْ بِعْتُك الدَّارَ الَّتِي فِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ وَحَدَّدَهَا وَغَلِطَ فِي الْحُدُودِ بَطَلَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا رَأَيَاهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ [فَرْعٌ بَاعَ شَخْصًا شَيْئًا بِدِينَارٍ صَحِيحٍ فَأَعْطَاهُ صَحِيحَيْنِ بِوَزْنِهِ فَأَعْطَاهُ دِينَارًا صَحِيحًا بِوَزْنِهِمَا] (قَوْلُهُ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ إلَخْ) أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ مِنْ هَذَا الدِّينَارِ فَإِنْ كَانَ وَزْنُهُ نِصْفَ دِينَارٍ أَخَذَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَالْبَاقِي لِلْمُشْتَرِي أَوْ أَقَلَّ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَصَحُّهُمَا عَدَمُ صِحَّتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 السُّلْطَانُ) كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي حِنْطَةٍ فَرَخُصَتْ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا [فَرْعٌ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ أَوْ الْقَطِيعَ كُلَّ صَاعٍ أَوْ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ] (فَرْعٌ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ أَوْ الْقَطِيعَ أَوْ الْأَرْضَ) أَوْ الثَّوْبَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (كُلَّ صَاعٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ) مَثَلًا (صَحَّ) وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ لِلْعِلْمِ بِهِ تَفْصِيلًا وَفَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِمَا رُقِمَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ بِأَنَّ الْغَرَرَ مُنْتَفٍ فِي الْحَالِ لِأَنَّ مَا يُقَابِلُ كُلَّ صَاعٍ مَعْلُومِ الْقَدْرِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ عَشْرِ شِيَاهٍ مِنْ هَذِهِ الْمِائَةِ) وَإِنْ عَلِمَ عَدَدَ الْجُمْلَةِ (بِخِلَافِ مِثْلِهِ مِنْ الصُّبْرَةِ وَالْأَرْضِ) وَالثَّوْبِ لِاخْتِلَافِ قِيمَةِ الشِّيَاهِ فَلَا يَدْرِي كَمْ قِيمَةِ الْعَشَرَةِ مِنْ الْجُمْلَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهَا إلَّا الْإِشَاعَةُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ أَوْ أَرْضٍ وَذَرْعُهُ مَعْلُومٌ لَهُمَا (وَلَوْ قَالَ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ) مَثَلًا (أَوْ كُلَّ صَاعٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ بِدِرْهَمٍ) مَثَلًا (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ الْجُمْلَةَ بَلْ بَعْضَهَا الْمُحْتَمِلَ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَلَا يَعْلَمُ قَدْرَ الْمَبِيعِ تَحْقِيقًا وَلَا تَخْمِينًا (أَوْ) قَالَ (بِعْتُكهَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ) مَثَلًا (كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ) أَوْ قَالَ مِثْلَهُ فِي الْأَرْضِ وَالثَّوْبِ (صَحَّ إنْ وَافَقَ) عَدَدُ الصِّيعَانِ أَوْ الْأَذْرُعِ الثَّمَنَ بِأَنْ خَرَجَ عَشْرٌ لِتُوَافِقَ جُمْلَةَ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلَهُ (لَا أَنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ) فَلَا يَصِحُّ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنِ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ. وَلَا يَشْكُلُ بِمَا يَأْتِي فِي الرِّبَا مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ مُكَايَلَةً وَإِنْ خَرَجَتَا مُتَفَاضِلَتَيْنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَا عُيِّنَتْ كَمِّيَّتُهُ فَإِذَا اخْتَلَّ عَنْهَا صَارَ مُبْهَمًا فَأَبْطَلَ بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ لَمْ تُعَيَّنْ كَمِّيَّةُ صِيعَانِهِ وَالصُّبْرَةُ النَّاقِصَةُ قَدْ وَرَدَ الْبَيْعُ عَلَى جَمِيعِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً صَغِيرَةً بِقَدْرِهَا مِنْ كَبِيرَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي ثَمَّ (وَ) قَوْلُهُ (بِعْتُك صَاعًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحِيحٌ) فِي صَاعٍ فَقَطْ لِأَنَّهُ الْمَعْلُومُ (أَوْ) قَالَ (بِعْتُكهَا وَهِيَ عَشَرَةُ) مِنْ الْآصُعِ (كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الْعَشَرَةِ فَقَطْ) لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فِيهِمَا عَلَى أَنَّ مَا زَادَ بِحِسَابِهِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ وَلَا حَاجَةَ لِلْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَبِحِسَابِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَوُجِدَ فِي نُسْخَةٍ حَذْفُهَا فِي الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَبِعْتُك صَاعًا إلَى آخَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَتَعَرَّضَ لَهُ الْأَصْلُ فِي الْإِجَارَةِ (وَبَيْعُ الصُّبْرَةِ وَالشِّرَاءُ بِهَا جُزَافًا) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ (مَكْرُوهٌ) لِأَنَّهُ قَدْ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ وَخَرَجَ بِالصُّبْرَةِ بَيْعُ الثَّوْبِ وَالْأَرْضِ مَجْهُولِي الذَّرْعِ فَلَا يُكْرَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصُّبْرَةَ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهَا تَخْمِينًا غَالِبًا لِتَرَاكُمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِخِلَافِ الْآخَرَيْنِ وَقَوْلُهُ وَالشِّرَاءُ بِهَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَالْبَيْعُ بِصُبْرَةِ الدَّرَاهِمِ (فَرْعٌ بَيْعُ الْمُشَاهَدِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ كَصُبْرَةِ الطَّعَامِ وَالْبَيْعِ بِهِ) أَيْ بِالْمُشَاهَدِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ (كَصُبْرَةِ الدَّرَاهِمِ صَحِيحٌ) وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ قَدْرُهَا اكْتِفَاءً بِالْمُشَاهَدَةِ (فَإِنْ عَلِمَ) أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ (أَنَّ تَحْتَهَا دَكَّةٌ) بِفَتْحِ الدَّالِ (أَوْ) مَوْضِعًا (مُنْخَفِضًا أَوْ اخْتِلَافَ أَجْزَاءِ الظَّرْفِ) الَّذِي فِيهِ الْعِوَضُ مِنْ نَحْوِ عَسَلٍ وَسَمْنٍ رِقَّةً وَغِلَظًا (بَطَلَ) الْعَقْدُ لِمَنْعِهَا تَخْمِينِ الْقَدْرِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ نَعَمْ إنْ رَأَى ذَلِكَ قَبْلَ وَضْعِ الْعِوَضِ فِيهِ صَحَّ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّخْمِينِ (وَإِنْ جَهِلَ) كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَحَلَّ مُسْتَوٍ فَظَهَرَ خِلَافُهُ (خُيِّرَ) مَنْ لَحِقَهُ النَّقْصُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ إلْحَاقًا لِمَا ظَهَرَ بِالْعَيْبِ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ (فَإِنْ بَاعَ الصُّبْرَةَ إلَّا صَاعًا وَصِيعَانُهَا مَعْلُومَةٌ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَادَ التِّرْمِذِيُّ «إلَّا أَنْ تُعْلَمَ» وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ مَا وَرَاءَ الصَّاعِ وَهُوَ مَجْهُولٌ بِخِلَافِ بَيْعِ صَاعٍ مِنْهَا كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَبِخِلَافِ بَيْعِ جَمِيعِ الصُّبْرَةِ كَمَا مَرَّ أَيْضًا لِأَنَّ الْعِيَانَ مُحِيطٌ بِظَاهِرِ الْمَبِيعِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ فَكَانَ أَقْدَرَ عَلَى تَخْمِينِ مِقْدَارِهِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ خَالَطَهُ أَعْيَانٌ أُخَرُ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّخْمِينِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إحَاطَةِ الْعِيَانِ بِجَمِيعِ جَوَانِبِ الْمَبِيعِ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا وَلِذَلِكَ لَوْ عَايَنَ جَمِيعَ جَوَانِبِهِ وَلَمْ يُخَمِّنْ كَمْ هُوَ صَحَّ الْبَيْعُ قَطْعًا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ بَاعَ بِنَقْدٍ مَعْدُومٍ أَصْلًا وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ مَعْدُومٍ فِي الْبَلَدِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ] قَوْلُهُ بِمَا رَقَمَ عَلَيْهِ) الرَّقْمُ الْكِتَابَةُ وَالْخَتْمُ وَرَقْمُ الثَّوْبِ كِتَابَةُ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ بِعْتُكهَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ إلَخْ) صَوَّرَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا قَابَلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلَ بِالتَّفْصِيلِ وَهَذَا التَّصْوِيرُ يُخْرِجُ مَا إذَا وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ وَلَهُ صُورَتَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يُقَابِلَ الْأَجْزَاءَ بِالْأَجْزَاءِ بَلْ يُقَابِلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ فَيَقُولُ بِعْتُكهَا بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ صَاعٍ فَتَخْرُجُ زَائِدَةً أَوْ نَاقِصَةً فَإِنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ وَالْمُشْتَرِي فِي النُّقْصَانِ كَذَا قَالَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ الثَّانِيَةُ عَكْسُهُ وَهُوَ أَنْ لَا يُقَابِلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ بَلْ يُقَابِلَ الْأَجْزَاءَ بِالْأَجْزَاءِ فَيَقُولَ بِعْتُكهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ صَاعٍ فَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ الْأُولَى لَكِنْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالصِّحَّةِ عِنْدَ النُّقْصَانِ وَخَرَجَ الزَّائِدُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ لِتُوَافِقَ جُمْلَةَ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلَهُ) هَذَا فِيمَا لَا تَتَفَاوَتُ أَجْزَاؤُهُ كَالصَّاعِ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْحُزُمَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ حُزْمَةٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ بَيْعَهَا بِمِائَةٍ يَقْتَضِي تَوْزِيعَ الْمِائَةِ عَلَى الْحُزُمِ كُلِّهَا بِالْقِيمَةِ وَهِيَ تَتَفَاوَتُ ثُمَّ قَوْلُهُ كُلَّ حُزْمَةٍ بِدِرْهَمٍ يُنَاقِضُ أَوَّلَ الْكَلَامِ حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ كِتَابِ الْعِمَادِ الْفِقْهِيِّ قَالَ شَيْخُنَا قِيلَ يُؤْخَذُ ضَعْفُ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ بَيْعِ الشِّيَاهِ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَيْسَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَطِيعِ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ لِيَكُونَ قَاضِيًا عَلَى ضَعْفِ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهُ فِي الشِّيَاهِ أَيْضًا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمْ ذَلِكَ فِي الصُّبْرَةِ وَالْأَرْضِ وَالثَّوْبِ وَسُكُوتِهِمْ عَنْ الْجَمْعِ فِي الشِّيَاهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصُّبْرَةَ إلَخْ) لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمَذْرُوعَ لَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَةِ جَمِيعِهِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَحِينَئِذٍ فَيَقِلُّ الْغَرَرُ بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ فَإِنَّ رُؤْيَةَ أَعْلَاهَا تَكْفِي ح [فَرْعٌ بَيْعُ الْمُشَاهَدِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ كَصُبْرَةِ الطَّعَامِ وَالْبَيْعِ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ] (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) وَلَوْ قَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ نِصْفَ الْبَاقِي بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهَالَةِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ أَوْ نِصْفَهَا وَصَاعًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 (فَصْلٌ وَأَمَّا الصِّفَةُ فَبَيْعُ مَا لَمْ يَرَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ) أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ الْأَعْيَانِ (بَاطِلٌ وَإِنْ وَصَفَهُ بِأَوْصَافِ السَّلَمِ) لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَلِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تُفِيدُ مَا لَا تُفِيدُهُ الْعِبَارَةُ وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ» فَضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ (وَكَذَا) لَا يَصِحُّ لِذَلِكَ (إجَارَتُهُ وَرَهْنُهُ وَإِسْلَامُهُ) أَيْ جَعْلُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ (وَهِبَتُهُ وَالصُّلْحُ عَنْهُ) أَوْ عَلَيْهِ وَإِصْدَاقُهُ وَالِاخْتِلَاعُ بِهِ وَالْعَفْوُ عَنْ الْقَوَدِ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مَعَ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالدِّيَةِ فِي الثَّالِثِ (كَبَيْعِ الْأَعْمَى) وَشِرَائِهِ وَإِجَارَتِهِ وَرَهْنِهِ وَهِبَتِهِ كَمَا ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لِذَلِكَ (وَالْأَعْمَى يُكَاتِبُ عَبْدَهُ) تَغْلِيبٌ لِلْعِتْقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُهُ صِحَّةُ شِرَائِهِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَبَيْعِهِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ (وَيَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ وَيَشْتَرِيَهَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَقْبَلُ كِتَابَتَهَا وَإِنْ لَمْ يَرَهَا لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا بَلْ الْبَصِيرُ لَا يَرَى بَعْضَ نَفْسِهِ (وَ) أَنْ (يَتَزَوَّجَ فَإِنْ زَوَّجَ) مُوَلِّيَتَهُ (أَوْ خَالَعَ أَوْ صَالَحَ عَنْ دَمٍ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ) فِي الثَّلَاثَةِ (بَطَلَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ الْبَدَلُ) مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الزَّوْجِ فِي الْأُولَى وَعَلَى قَابِلِ الْخُلْعِ فِي الثَّانِيَةِ وَمِنْ الدِّيَةِ عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فِي الثَّالِثَةِ وَذِكْرُ الثَّالِثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَجُوزُ) لَهُ (أَنْ يُسْلِمَ وَ) أَنْ (يُسْلِمَ إلَيْهِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ خُلِقَ أَعْمَى) لِأَنَّ السَّلَمَ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ لَا الرُّؤْيَةَ وَلِأَنَّهُ يَعْرِفُ صِفَتَهُ بِالسَّمَاعِ وَيَتَخَيَّلُ مَا يُمَيِّزُهُ وَاعْتُبِرَ كَوْنُهُ فِي الذِّمَّةِ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الْغَائِبِ (وَيُوَكِّلُ) غَيْرَهُ (فِي إقْبَاضِهِ أَوْ قَبْضِهِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ) لِأَنَّهُمَا لَا يَصِحَّانِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُسْتَحَقِّ وَغَيْرِهِ وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ رَأْسَ الْمَالِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى فَإِنَّهُ مَذْكُورٌ قَبْلُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ الضَّمِيرُ أَنْ بَعْدَهُ (وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ) لِغَيْرِهِ (فِيمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ) مِنْ الْعُقُودِ (لِلضَّرُورَةِ) وَلَوْ اشْتَرَى بَصِيرٌ شَيْئًا ثُمَّ عَمِيَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَفِي الِانْفِسَاخِ وَجْهَانِ كَإِسْلَامِ الْمَبِيعِ مِنْ الْكَافِرِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) يَجُوزُ (لِلْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ الْعَقْدُ عَلَى مَا رَأَيَاهُ قَبْلَ الْعَمَى وَالْعَقْدِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا) مِنْ وَقْتِ الرُّؤْيَةِ إلَى الْعَقْدِ كَأَرَاضٍ وَأَوَانٍ وَحَدِيدٍ (لَا مَا يَتَغَيَّرُ) غَالِبًا كَأَطْعِمَةٍ يُسْرِعُ فَسَادُهَا وَبِيعَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ تَتَغَيَّرُ فِيهَا غَالِبًا نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِيهِمَا (فَإِنْ احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ) عَلَى السَّوَاءِ كَالْحَيَوَانِ (صَحَّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَرْئِيِّ بِحَالِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنَّمَا تَكْفِي الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ إذَا كَانَ حَالَ الْعَقْدِ ذَاكِرًا لِلْأَوْصَافِ فَإِنْ نَسِيَهَا لِطُولِ الْمُدَّةِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ بَيْعُ غَائِبٍ وَهُوَ وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرٌ وَبِهِ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ النَّشَائِيُّ فِي نُكَتِهِ أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ (فَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ صُورَتَيْ مَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا وَمَا يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ (فَلَهُ الْخِيَارُ) لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ السَّابِقَةَ كَالشَّرْطِ فِي الصِّفَاتِ الْكَائِنَةِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا بَانَ فَوْتُ شَيْءٍ مِنْهَا كَانَ بِمَثَابَةِ الْخَلْفِ فِي الشَّرْطِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّغَيُّرِ) فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ بِحَالِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ تَغَيَّرَ (صَدَقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عَمَلَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ كَدَعْوَى عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ الْفَرْعُ (الثَّانِي تَكْفِي رُؤْيَةُ   [حاشية الرملي الكبير] مِنْ الْبَاقِي صَحَّ [فَصْل مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ] (فَصْلٌ وَأَمَّا الصِّفَةُ إلَخْ) (قَوْلُهُ فَبَيْعُ مَا لَمْ يَرَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ بَاطِلٌ) لِأَنَّهُ بَاعَ عَيْنًا لَمْ يَرَ مِنْهَا شَيْئًا فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ بَاعَ النَّوَى فِي التَّمْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَفَهُ بِأَوْصَافِ السَّلَمِ) لَا تَخَالُفَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ بِعْتُك انْعَقَدَ بَيْعًا لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا بَيْعُ عَيْنٍ مُمَيَّزَةٍ مَوْصُوفَةٍ وَهَذَا وَاضِحٌ وَيَشْتَبِهُ عَلَى الضَّعَفَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تُفِيدُ مَا لَا تُفِيدُهُ الْعِبَارَةُ) رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيُّ أَنَّهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ وَاحْتَجَّ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَهِيَ شِرَاءُ الثَّوْبِ الْمَطْوِيِّ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ مَرْئِيٌّ فَلَأَنْ لَا يُرَى مِنْهُ شَيْءٌ أَوْلَى وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ بُطْلَانَ بَيْعِ مَا لَمْ يَرَهُ الْعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ (قَوْلُهُ فَضَعِيفٌ) قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بَلْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ صِحَّةُ شِرَائِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبَيْعُهُ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ) وَالْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ فَإِنْ صَحَّ هَذَا جَرَى مِثْلُهُ فِي حَقِّ الْبَصِيرِ [فُرُوعٌ مِنْهَا لِلْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ الْعَقْدُ عَلَى مَا رَأَيَاهُ قَبْلَ الْعَمَى وَالْعَقْدِ] (قَوْلُهُ وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا) يُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَوْدَعَهُ مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلًا ثُمَّ لَقِيَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَصَارَفَهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ شَاهَدَهَا عَنْ قُرْبٍ قَالَهُ فِي الْحَاوِي آخِرَ بَابِ الرِّبَا وَسَبَبُهُ أَنَّ الْقَبْضَ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْعَقْدِ فَأَشْبَهَ التَّأْجِيلَ (قَوْلُهُ كَأَرْضٍ وَأَوَانٍ وَحَدِيدٍ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِالرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْعَقْدِ ذَاكِرًا لِصِفَاتِ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْبَحْرِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ جَمْعٍ مَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالنَّشَائِيِّ وَالْأَذْرَعِيِّ وَابْنِ السُّبْكِيّ (فَرْعٌ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ رَأَى الثِّمَارَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَلَمْ يَرَهَا هَلْ يَصِحُّ هَذَا الْبَيْعُ لَمْ نَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَأَفْتَيْت بِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ كَالْحَيَوَانِ) الْأَوْلَى فَإِنْ احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ كَانَتْ حَيَوَانًا وَعِبَارَة الْأَنْوَارُ وَإِنْ احْتَمَلَ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ أَوْ كَانَ حَيَوَانًا وَمَضَتْ مُدَّةٌ يُحْتَمَلُ التَّغَيُّرُ فِيهَا غَالِبًا صَحَّ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ حَالُ الْعَقْدِ ذَاكِرًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ) وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُشِيرُ إلَيْهِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ بَلْ مُشِيرٌ إلَيْهِ فَإِنَّ نِسْيَانَ الصِّفَاتِ يَجْعَلُ مَا سَبَقَ كَالْعَدَمِ وَالْمَعْنَى مَعْقُولٌ وَلَيْسَ بِمَحَلِّ تَعَبُّدٍ وَجَرَى عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِي جَامِعِ الْمُخْتَصَرَاتِ وَصَوَّبَهُ بَعْضُهُمْ وَكَأَنَّ مَنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ اكْتَفَى بِاشْتِرَاطِ الْعِلْمِ إذْ النَّاسِي لِلشَّيْءِ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ أَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَرْفَعُ الْحُكْمَ السَّابِقَ كَمَا إذَا أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكَالَةَ لِنِسْيَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَزْلًا لِلْوَكِيلِ وَمَا لَوْ نَسِيَ الصَّوْمَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَكَذَلِكَ لَوْ نَسِيَ الْإِحْرَامَ فَجَامَعَ وَمَا لَوْ رَأَى الْمَبِيعَ ثُمَّ صَرَفَ وَجْهَهُ وَاشْتَرَاهُ غَافِلًا عَنْ أَوْصَافِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِلْمَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ يُرِيدُ انْتِزَاعَ الثَّمَنِ مِنْ يَدِهِ فَلَا يُنْتَزَعُ مِنْهُ إلَّا بِقَوْلِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ يُمْكِنُ حُدُوثُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 شَيْءٍ مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِبَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ كَصُبْرَةِ الْحُبُوبِ وَالْأَدِقَّةِ وَالْجَوْزِ) وَاللَّوْزِ (وَأَعْلَى الْمَائِعَاتِ كَالدُّهْنِ وَالْخَلِّ فِي آنِيَتِهِمَا) لِأَنَّهَا لَا تَتَفَاوَتُ غَالِبًا (وَرَأْسِ وِعَاءِ الطَّعَامِ) أَيْ وَالطَّعَامِ فِي رَأْسِ وِعَائِهِ (وَقَوْصَرَّةِ التَّمْرِ) أَيْ وَالتَّمْرُ فِي قَوْصَرَّتِهِ وَإِنْ الْتَصَقَتْ حَبَّاتُهُ وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالصَّادِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَا يُجْعَلُ فِيهِ التَّمْرُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمُرَادُهُ الْوِعَاءُ الَّذِي يُمْلَأُ تَمْرًا إلَيْنَا وَيَتَحَامَلُ عَلَيْهِ لِيَنْكَبِسَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْعَجْوَةِ فِي مُعْظَمِ بِلَادِ مِصْرَ وَبِالْكَبِيسِ فِي صَعِيدِهَا (وَكَذَا الْقُطْنُ) وَلَوْ فِي عَدْلِهِ (وَكَذَا رُؤْيَةُ الْحِنْطَةِ) أَنْ نَحْوَهَا (مِنْ كَوَّةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا أَيْ طَاقَةً (أَوْ بَابٍ مِنْ بَيْتٍ) فَإِنَّهَا تَكْفِي (إنْ عَرَفَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (عُمْقَهُ وَسِعَتَهُ وَإِلَّا فَلَا) يَكْفِي فِي صِحَّةِ بَيْعِهَا جُزَافًا وَهَذَا الشَّرْطُ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ فَسَائِرُ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ كَذَلِكَ فَلَوْ ذَكَرُوهُ فِي الْجَمِيعِ كَانَ أَوْلَى بَلْ تَرْكُهُ أَصْلًا أَوْلَى لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الْجَهْلُ بِالْمِقْدَارِ لَا عَدَمُ الرُّؤْيَةِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (وَالتَّمْرُ الْمُتَنَاثِرُ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ) فِي أَنَّهُ يَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ الْفَرْعُ (الثَّالِثُ أَرَاهُ) شَخْصٌ (أُنْمُوذَجَ الْمُتَمَاثِلِ) أَيْ الْمُتَسَاوِيَ الْأَجْزَاءَ كَالْحُبُوبِ (وَبَاعَهُ صَاعًا مِنْ مِثْلِهِ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مَالًا وَلَمْ يُرَاعِ شُرُوطَ السَّلَمِ وَلَا يَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ وَصْفِ السَّلَمِ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِشْكَالِ وَالْأُنْمُوذَجُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مِقْدَارٌ تُسَمِّيهِ السَّمَاسِرَةُ عَيْنًا (وَلَوْ بَاعَهُ حِنْطَةً بِهَذَا الْبَيْتِ مَعَ الْأُنْمُوذَجِ) صَفْقَةً وَاحِدَةً (لَا دُونَهُ صَحَّ) وَإِنْ لَمْ يَخْلِطْ بِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ خَلْطِهِ بِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مَمْنُوعٌ بَلْ الْبَغَوِيّ إنَّمَا أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ خَلَطَ بِهَا كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا رَأَى بَعْضَهُ دُونَ بَعْضٍ قَالَ وَلَيْسَ كَصُبْرَةٍ رَأَى بَعْضَهَا لِتَمَيُّزِ الْمَرْئِيِّ هُنَا فَكَلَامُهُ مُخَالِفُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَمَّا إذَا بَاعَهَا دُونَهُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ الْمَبِيعَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ (الرَّابِعُ لَا يَكْفِي فِي غَيْرِ الْمُتَمَاثِلِ كَالْبِطِّيخِ وَالسَّفَرْجَلِ وَسَلَّةِ الْعِنَبِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْخَوْخِ (إلَّا رُؤْيَةُ الْجَمِيعِ) لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا وَتُبَاعُ عَدَدًا فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهَا وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الْعِنَبِ وَنَحْوُهُ فِي السَّلَّةِ يَشْكُلُ عَلَى التَّمْرِ فِي الْقَوْصَرَّةِ مَعَ أَنَّ إبْقَاءَهُ فِي سَلَّتِهِ مِنْ مَصَالِحِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ ظَاهِرِهِ فَهُوَ الْأَشْبَهُ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ عَيْبٌ تَخَيَّرَ قَالَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَالْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ (وَتَكْفِي رُؤْيَةُ الصِّوَان) بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا أَيْ صَوَانِي بَاقِي الْمَبِيعِ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ (كَرُمَّانٍ وَبَيْضٍ فِي قِشْرِهِ وَجَوْزٍ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ) فَتَكْفِي رُؤْيَةُ الْقِشْرِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ صَلَاحَ بَاطِنِهِ فِي إبْقَائِهِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ هُوَ عَلَيْهِ وَمِنْ ذَلِكَ الْخُشْكِنَانِ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِخِلَافِ جَوْزِ الْقُطْنِ وَجِلْدِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِمَا وَخَرَجَ بِالْأَسْفَلِ وَهُوَ الَّذِي يُكْسَرُ حَالَةَ الْأَكْلِ الْقِشْرُ الْأَعْلَى فَلَا يَكْفِي رُؤْيَتُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِ مَا فِي دَاخِلِهِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَنْعَقِدْ الْأَسْفَلُ كَفَتْ وَصَحَّ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَأْكُولٌ (لَا بَيْعُ اللُّبِّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَحْدَهُ فِي قِشْرِهِمَا (لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِكَسْرِ الْقِشْرِ فَتَنْقُصُ عَيْنُ الْبَيْعِ وَلَا) بَيْعُ (مَا رُئِيَ مِنْ وَرَاءِ قَارُورَةٍ) لِانْتِفَاءِ تَمَامِ الْمَعْرِفَةِ وَصَلَاحِ إبْقَائِهِ فِيهَا (بِخِلَافِ) رُؤْيَةِ (السَّمَكِ وَالْأَرْضِ تَحْتَ الْمَاءِ الصَّافِي إذْ بِهِ صَلَاحُهُمَا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالتَّقْيِيدُ بِالصَّافِي يُشْعِرُ بِأَنَّ الْكَدِرَ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ أَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهَا الرُّؤْيَةُ وَإِنَّ الْمَاءَ الْكَدِرَ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْأَرْضِ فَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فِي الرُّؤْيَةِ وَالتَّعْلِيلِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِبْطَالِ بِالْمَاءِ الْكَدِرِ أَوْ فِي عَدَمِهِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ أَوْسَعُ لِأَنَّهَا تَقْبَلُ التَّأْقِيتَ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهَا عَلَى الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَجَوَابُ الْأَذْرَعِيِّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ حَمْلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا تَقَدَّمَتْ الرُّؤْيَةُ قَبْلَ أَنْ يَعْلُوَ الْمَاءُ الْأَرْضَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ هُنَاكَ (الْخَامِسُ يُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ (رُؤْيَةٌ) لِلْمَبِيعِ (تَلِيقُ) بِهِ   [حاشية الرملي الكبير] فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي الْأَصَحِّ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ (فَرْعٌ) لَوْ رَأَى أَرْضًا وَأَجْرًا وَطِينًا ثُمَّ بَنَى بِهَا دَارًا فَاشْتَرَاهَا وَلَمْ يَرَهَا فَفِي الْبَحْرِ احْتِمَالَاتٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذِّبِ وَالصَّوَابُ الْمَنْعُ قَالَ وَعَلَى هَذَا لَوْ رَأَى رَطْبًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ تَمْرًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ رَأَى سَخْلَةً أَوْ صَبِيًّا فَكَمُلَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَفِيهِ قَوْلَا بَيْعِ الْغَائِبِ قَالَهُ الْقَفَّالُ (تَنْبِيهٌ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الِاكْتِفَاءُ بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ فِي شَيْئَيْنِ أَحَدِهِمَا دَلَالَةِ الْمَرْئِيِّ عَلَى الْبَاقِي وَكَوْنِهِ صَوَّانًا لَهُ وَيُضَافُ إلَيْهِمَا ثَالِثٌ وَهُوَ كَوْنُ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ تَابِعًا كَأَسَاسِ الْجِدَارِ وَطَيِّ الْآبَارِ وَمَغَارِسِ الْأَشْجَارِ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ إلَخْ) مَا قَالَهُ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَوْ حَلَبَ مُدًّا مِنْ اللَّبَنِ فَأَرَاهُ إيَّاهُ ثُمَّ بَاعَهُ مُدًّا مِمَّا فِي الضَّرْعِ فَقَدْ نَقَلُوا فِيهِ وَجْهَيْنِ كَمَسْأَلَةِ الْأُنْمُوذَجِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إدْخَالُهُ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ اللَّبَنِ إلَى الضَّرْعِ (قَوْلُهُ يَشْكُلُ عَلَى التَّمْرِ فِي الْقَوْصَرَّةِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ إذْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ فِي بَقَاءِ التَّمْرِ فِي قَوْصَرَّتِهِ بِخِلَافِ بَقَاءِ الْعِنَبِ فِي سَلَّتِهِ (قَوْلُهُ كَرُمَّانٍ وَبَيْضٍ) وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَطَلْعِ النَّخْلِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْخُشْكَانُ) أَيْ وَالْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ بِالْقُطْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَلْ تُلْحَقُ الْفُرُشُ وَاللُّحُفُ بِهَا فِيهِ وَقْفَةٌ. اهـ. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ لِأَنَّ الْقُطْنَ فِيهَا مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الْجُبَّةِ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ بِالْقُطْنِ وَنَحْوِهَا وَلَعَلَّ اللُّحُفَ وَالْفُرُشَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ د (قَوْلُهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ هُنَاكَ) كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَاكَ مُصَرِّحٌ بِتَصْحِيحِ إجَارَةِ الْأَرْضِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَاءُ وَإِنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ لَهُ رُؤْيَةٌ حَيْثُ قَالَ وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَطَعَ بِصِحَّةِ إجَارَتِهَا أَمَّا عِنْدَ حُصُولِ الرُّؤْيَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا لَمْ تَحْصُلْ الرُّؤْيَةُ فَلِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصْلَحَةِ الزِّرَاعَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُقَوِّي الْأَرْضَ وَيَقْطَعُ الْعُرُوقَ الْمُنْتَشِرَةَ فِيهَا فَأَشْبَهَ اسْتِتَارَ لُبِّ اللَّوْزِ وَالْجَوْزِ بِقِشْرِهِمَا (قَوْلُهُ رُؤْيَةٌ تَلِيقُ بِهِ) أَيْ عُرْفًا وَضَبَطَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْكَافِي بِأَنْ يَرَى مِنْ الْمَبِيعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 (فَفِي الدَّارِ) تُشْتَرَطُ (رُؤْيَةُ السُّقُوفِ وَالسُّطُوحِ وَالْجُدْرَانِ دَاخِلًا وَخَارِجًا وَالْمُسْتَحَمِّ وَالْبَالُوعَةِ) إنْ كَانَا وَنُسْخَةُ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةُ إنَّمَا ذَكَرَتْ هَذَيْنِ فِي الْحَمَّامِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ مَجْرَى مَاءِ الرَّحَى) أَيْ الْمَاءُ الَّذِي تَدُورُ بِهِ الرَّحَى هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ وَكَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي مَجْرَى الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ طَرِيقِ الدَّارِ أَيْضًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْأَصْلِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَتَضَمَّنُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهَا بِالْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ طَرِيقِهَا إلَّا بِتَكَلُّفٍ (وَفِي الْبُسْتَانِ) تُشْتَرَطُ (رُؤْيَةُ أَشْجَارِهِ وَجُدْرَانِهِ وَمَجْرَى مَائِهِ لَا) رُؤْيَةُ (أَسَاسِهَا) أَيْ الْجُدْرَانِ وَلَا رُؤْيَةُ عُرُوقِ الْأَشْجَارِ وَنَحْوِهِمَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ وَلَوْ رَأَى آلَاتِ بِنَاءِ الْحَمَّامِ وَأَرْضَهَا قَبْلَ بِنَائِهَا فَهَلْ تُغْنِي عَنْ رُؤْيَتِهَا فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلرُّويَانِيِّ وَصَحَّحَ مِنْهُمَا الْمَنْعَ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَعْنِي الرُّويَانِيَّ وَعَلَى هَذَا لَا تُغْنِي فِي التَّمْرِ رُؤْيَتُهُ رَطْبًا كَمَا لَوْ رَأَى سَخْلَةً أَوْ صَبِيًّا فَكَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُمَا بِلَا رُؤْيَةِ أُخْرَى كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ. (وَفِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ) تُشْتَرَطُ (رُؤْيَةُ مَا سِوَى الْعَوْرَةِ) مِنْهُمَا إلَّا مَا يَأْتِي (وَفِي الدَّابَّةِ) تُشْتَرَطُ (رُؤْيَةُ كُلِّهَا) حَتَّى شَعْرِهَا فَيَجِبُ رَفْعُ السَّرْجِ وَالْإِكَافِ وَالْجُلِّ (لَا إجْرَاؤُهَا) لِيَعْرِفَ سَيْرَهَا فَلَا يُشْتَرَطُ (وَلَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ اللِّسَانِ وَالْأَسْنَانِ فِي الْحَيَوَانِ) وَلَوْ رَقِيقًا وَلَا تَرْجِيحَ فِي هَذِهِ فِي الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ مَعَ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالْحَيَوَانِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ (وَفِي الثَّوْبِ) يُشْتَرَطُ (نَشْرُهُ لِيَرَى الْجَمِيعَ وَلَوْ لَمْ يُنْشَرْ مِثْلُهُ) إلَّا عِنْدَ الْقَطْعِ وَتُشْتَرَطُ (رُؤْيَةُ وَجْهَيْ مَا يَخْتَلِفُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثَّوْبِ بِأَنْ يَكُونَ صَفِيقًا كَدِيبَاجٍ مُنَقَّشٍ وَبُسُطٍ بِخِلَافِ مَا لَا يَخْتَلِفُ وَجْهَاهُ كَ كِرْبَاسٍ فَتَكْفِي رُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا (وَفِي الْكُتُبِ) كَالْمُصْحَفِ تُشْتَرَطُ (رُؤْيَةُ جَمِيعِ أَوْرَاقِ الْمَكْتُوبِ وَالْبَيَاضِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ جَمِيعُ الْأَوْرَاقِ ثُمَّ قَالَ وَفِي الْوَرَقِ الْبَيَاضِ تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ جَمِيعِ الطَّاقَاتِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَتَابَعُوهُ وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ عَلَى خِلَافِهِ فِي بَيْعِ الْكُتُبِ وَالْوَرَقِ وَالْمُخْتَارُ الِاكْتِفَاءُ بِرُؤْيَتِهِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَالِاطِّلَاعُ عَلَى مُعْظَمِهِ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ عَيْبٌ تَخَيَّرَ وَفِي الْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ بِقُطْنٍ وَنَحْوِهَا تَكْفِي رُؤْيَةُ وَجْهَيْهَا (وَيَتَسَامَحُ فِي فُقَّاعِ الْكُوزِ) فَلَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ وَلِأَنَّهُ تَشُقُّ رُؤْيَتُهُ وَلِأَنَّهُ قَدْرٌ يَسِيرٌ يَتَسَامَحُ بِهِ فِي الْعَادَةِ وَلَيْسَ فِيهِ غَرَرٌ يَفُوتُ بِهِ مَقْصُودٌ مُعْتَبَرٌ وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ يَفْتَحُ رَأْسَ الْكُوزِ فَيَنْظُرُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (فَرْعٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ اللَّبَنِ وَالصُّوفِ قَبْلَ الْحَلْبِ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ (وَالْجَزِّ أَوْ الذَّكَاةِ) وَإِنْ حُلِبَ مِنْ اللَّبَنِ شَيْءٌ وَرُئِيَ قَبْلَ الْبَيْعِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلِاخْتِلَاطِهِمَا بِالْحَادِثِ وَلِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِ قَدْرِ اللَّبَنِ الْمَبِيعِ وَلِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الصُّوفِ إنَّمَا يُمْكِنُ بِاسْتِئْصَالِهِ وَهُوَ مُؤْلِمٌ لِلْحَيَوَانِ وَإِنْ شَرَطَ الْجَزَّ فَالْعَادَةُ فِي مِقْدَارِ الْمَجْزُوزِ مُخْتَلِفَةٌ وَبَيْعُ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ نَعَمْ إنْ قَبَضَ عَلَى قِطْعَةٍ وَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ صَحَّ قَطْعًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَبِهَا عَبَّرَ فِي نُسْخَةٍ أَمَّا بَيْعُ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَلْبِ وَالْجَزِّ أَوْ قَبْلَ الْجَزِّ وَبَعْدَ الذَّكَاةِ فَصَحِيحٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَالصُّوفِ عَلَى الظُّهْرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهَا تَقْبَلُ الْغَرَرَ وَالْجَهَالَةَ وَيَجُزُّ الصُّوفَ عَلَى الْعَادَةِ وَمَا حَدَثَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَيَصْدُقُ فِي قَدْرِهِ بِيَمِينِهِ (وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ الْمَذْبُوحِ أَوْ جِلْدِهِ أَوْ لَحْمِهِ قَبْلَ السَّلْخِ أَوْ السَّمْطِ) فِي الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا مَسْلُوخٌ لَمْ يُنَقَّ جَوْفُهُ وَبِيعَ وَزْنًا فَإِنْ بِيعَ جَزًّا فَأَصْبَحَ بِخِلَافِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ لِقِلَّةِ مَا فِي جَوْفِهِ أَيْ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا أَمَّا بَيْعُ ذَلِكَ بَعْدَ السَّلْخِ وَالسَّمْطِ فَصَحِيحٌ لِأَنَّ الْجِلْدَ حِينَئِذٍ مَأْكُولٌ فَهُوَ كَالدَّجَاجَةِ الْمَذْبُوحَةِ وَأَوْ الْأَخِيرَةِ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَذْبُوحِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالشَّاهِ الْمَذْبُوحَةِ (وَ) لَا بَيْعُ (الْأَكَارِعِ) وَالرُّءُوسِ (قَبْلَ الْإِبَانَةِ) وَيَجُوزُ بَعْدَهَا نَيِّئَةً وَمَشْوِيَّةً وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ الْجِلْدِ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ وَمَحَلُّهُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ إذَا كَانَتْ مِنْ الْغَنَمِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الْبَيْعِ بَعْدَ الذَّبْحِ وَقَبْلَ السَّلْخِ لِأَنَّ جِلْدَهُ لَا يُؤْكَلُ مَسْلُوخًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ هَذَا فِي عُرْفِ بِلَادِهِ لَكِنْ جَرَتْ عَادَتُنَا بِسَمْطِ رُءُوسِ الْبَقَرِ فِي الْهَرَائِسِ فَهِيَ كَالْغَنَمِ (فَرْعٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ مِسْكٍ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ) لِجَهْلِ الْمَقْصُودِ (كَلَبَنٍ) أَوْ نَحْوِهِ (مَخْلُوطٍ بِمَاءٍ) أَوْ نَحْوِهِ وَمَحَلُّهُ فِي مَسْأَلَةِ   [حاشية الرملي الكبير] مَا يَخْتَلِفُ مُعْظَمُ الْمَالِيَّةِ بِاخْتِلَافِهِ (قَوْلُهُ وَالسُّطُوحُ) وَالْبُيُوتُ (قَوْلُهُ هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ) تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ نُسَخِ الرَّوْضَةِ فَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِي الطَّرِيقِ وَمَجْرَى الْمَاءِ الَّذِي يَدُورُ بِهِ الرَّحَى وَجْهَانِ فِي الرَّافِعِيِّ مِنْ غَيْرِ تَصْحِيحٍ وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فَزَادَ طَرِيقَةً وَتَصْحِيحًا كا (قَوْلُهُ وَفِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ مَا سِوَى الْعَوْرَةِ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ شِرَاؤُهَا كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْخِطْبَةِ ر (قَوْلُهُ إلَّا مَا يَأْتِي) لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَوْجَ الْأَمَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا رُؤْيَةُ الْعَوْرَةِ لِأَنَّهَا سَاقِطَةٌ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ وَهَكَذَا الصَّغِيرَةُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ الْمَذْهَبُ الِاكْتِفَاءُ فِي الرَّقِيقِ بِالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ دُونَ الْبَاقِي اهـ وَفِي التَّتِمَّةِ نَحْوُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَقْرَبُ رِعَايَةً لِلْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ قَالَ فِي الْخَادِمِ مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَمَةِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِ فِي بَابِ النِّكَاحِ حَيْثُ رَجَّحَ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ فِي مَنْعِ النَّظَرِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ النَّظَرُ إلَّا إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَقَطْ اهـ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ [فَرْعٌ بَيْعُ اللَّبَنِ وَالصُّوفِ قَبْلَ الْحَلْبِ وَالْجَزِّ أَوْ الذَّكَاةِ] (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الصُّوفِ إنَّمَا يُمْكِنُ بِاسْتِئْصَالِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَهُ مِلْكَ الشَّاةِ كَأَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِصُوفِ غَنَمِهِ ثُمَّ مَاتَ فَقَبِلَهُ زَيْدٌ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْوَارِثِ وَأَطْلَقَ أَنَّهُ يَصِحُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 الْمِسْكِ إذَا خَالَطَهُ غَيْرُهُ لَا عَلَى وَجْهِ التَّرْكِيبِ فَإِنْ كَانَ مَعْجُونًا بِغَيْرِهِ كَالْغَالِيَةِ وَالنِّدِّ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ السَّلَمِ وَالتَّعْلِيلِ يَقْتَضِيهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَجْمُوعُهُمَا لَا الْمِسْكُ وَحْدَهُ وَيُقْتَضَى أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْرُ الْمِسْكِ فِي الْأُولَى وَاللَّبَنُ فِي الثَّانِيَةِ مَعْلُومًا صَحَّ الْبَيْعُ وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا عَنْ الْأَصْلِ كَلَامًا فِي بَابِ زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ لَمْ أَرَهُ فِيهِ (أَوْ) بَيْعُهُ (فِي فَأْرَتِهِ) مَعَهَا أَوْ دُونَهَا فَلَا يَصِحُّ (وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَهَا) كَاللَّحْمِ فِي الْجِلْدِ (نَعَمْ لَوْ) رَآهُ خَارِجَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ رَدِّهِ إلَيْهَا أَوْ (رَآهَا فَارِغَةً ثُمَّ مُلِئَتْ مِسْكًا) لَمْ يَرَهُ (ثُمَّ رَأَى رَأْسَهَا) أَيْ رَأَى أَعْلَاهُ مِنْ رَأْسِهَا (جَازَ) وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ غَائِبٌ (وَإِنْ بَاعَهُ السَّمْنَ وَظَرْفَهُ أَوْ الْمِسْكَ وَفَأْرَتَهُ كُلُّ رَطْلٍ أَوْ قِيرَاطٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ) وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا كَمَا لَوْ بَاعَ فَوَاكِهَ مُخْتَلِطَةً هَذَا (إنْ عَرَفَا وَزْنَ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (وَكَانَ لِلظَّرْفِ قِيمَةٌ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَوَجَّهُوهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلظَّرْفِ قِيمَةٌ بِأَنَّ الْبَيْعَ اشْتَمَلَ عَلَى اشْتِرَاطِ بَذْلِ مَالٍ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الظَّرْفَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ إلَّا أَنَّهُ مَضْمُومٌ فِي صَفْقَةِ الْمُتَمَوِّلِ فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ تَمْرَةً وَثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَهُوَ صَحِيحٌ قَطْعًا مَمْنُوعٌ وَمَا قَاسَ عَلَيْهِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا زَعَمَهُ (وَيَجُوزُ بَيْعُ حِنْطَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِشَعِيرٍ كَيْلًا وَوَزْنًا) بَلْ وَجُزَافًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ إذْ لَا مَانِعَ (وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَعْجُونَاتِ) كَالنِّدِّ (وَالْغَالِيَةِ) وَهِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَعُودٍ وَكَافُورٍ كَذَا فِي الْأَصْلِ فِي السَّلَمِ وَفِي التَّحْرِيرِ ذَكَرَ الدُّهْنَ مَعَ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ (لَا) بَيْعُ (تُرَابٌ مَعْدِنٍ) قَبْلَ تَمْيِيزِهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (وَ) لَا تُرَابِ (صَاغَةٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَسْتُورٌ بِمَا لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيهِ عَادَةً كَبَيْعِ اللَّحْمِ فِي الْجِلْدِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَا يُشْتَرَطُ الذَّوْقُ وَالشَّمُّ فِي مِثْلِ الْخَلِّ وَالْمِسْكِ وَلَا لَمْسِ الثِّيَابِ) لِأَنَّ مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ يَتَعَلَّقُ بِالرُّؤْيَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرُهَا (فَرْعٌ وَإِنْ رَأَى ثَوْبَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ قِيمَةً وَوَصْفًا وَقَدْرًا) كَنِصْفَيْ كِرْبَاسٍ (فَسَرَقَ أَحَدُهُمَا وَاشْتَرَى الْآخَرَ غَائِبًا) عَنْهُ وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا الْمَسْرُوقُ (صَحَّ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ (لَا إنْ اخْتَلَفَتْ الْأَوْصَافُ) الْمَذْكُورَةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ لِجَهْلِ صِفَةِ الْمَبِيعِ وَلَمْ تُفِدْ الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ الْعِلْمَ بِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ الْمُخْتَلِطِ بِعَبِيدِ غَيْرِهِ وَلَا يَعْرِفُهُ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرُّؤْيَةِ) كَأَنْ ادَّعَى الْبَائِعُ رُؤْيَةَ الْمُشْتَرَى فَأَنْكَرَهَا (فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهَا) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الْعَقْدِ اعْتِرَافٌ بِصِحَّتِهِ وَهُوَ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِيهَا وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ نَافِيهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَأَيَّدَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذَّرِعَانِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ أَرَادَ ذِرَاعًا مُعَيَّنًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ مُشَاعًا صَدَقَ الْبَائِعُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ ظَاهِرٌ لِتَعَلُّقِهَا بِالْبَصَرِ الظَّاهِرِ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا فَلَا يُؤَثِّرُ إنْكَارُهَا بِخِلَافِ الْإِرَادَةِ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَالنَّقِيعِ) بِالنُّونِ وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا قُطِعَ لِدَوَاءٍ كَطَعَامٍ أُبِيحَ أَكْلُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُفَارِقُ هَذَا فِيمَا أُبِيحَ قَطْعُهُ لِدَوَاءٍ قَوْلَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ لَبَنَ الْأُضْحِيَّةَ الْمُعَيَّنَةِ يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَيَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهُ بِأَنَّ مَا هُنَا إنَّمَا أُبِيحَ لِحَاجَةٍ فِي جِهَةٍ خَاصَّةٍ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِي مَعْنَى أَشْجَارِ الْحَرَمِ أَحْجَارُهُ وَتُرَابُهُ (وَلَا) يَجُوزُ بَيْعُ (نَصِيبِهِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي) مِنْ نَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ وَلِلْجَهْلِ بِقَدْرِهِ وَلِأَنَّ الْجَارِيَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ لِاخْتِلَاطِ غَيْرِ الْمَبِيعِ بِهِ فَطَرِيقَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْقَنَاةَ أَوْ سَهْمًا مِنْهَا فَإِذَا مَلَكَ الْقَرَارَ كَانَ أَحَقُّ بِالْمَاءِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ اشْتَرَى الْقَرَارَ مَعَ الْمَاءِ فِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي آخِرَ الْبُيُوعِ الْمُنْهَى عَنْهَا. [بَابُ الرِّبَا] (بَابُ الرِّبَا) بِالْقَصْرِ وَأَلِفُهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ وَيُكْتَبُ بِهَا وَبِالْيَاءِ وَيُقَالُ فِيهِ الرَّمَاءُ بِالْمِيمِ وَالْمَدِّ هُوَ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَشَرْعًا عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ الْبَيْعُ مَعَ زِيَادَةِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَرِبَا الْيَدِ وَهُوَ الْبَيْعُ مَعَ تَأْخِيرِ قَبْضِهِمَا أَوْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا وَرِبَا النَّسَاءِ وَهُوَ الْبَيْعُ لِأَجَلٍ وَزَادَ الْمُتَوَلِّي رِبَا الْقَرْضِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ جَرُّ نَفْعٍ وَيُمْكِنُ عَوْدُهُ لِرِبَا الْفَضْلِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَكُلٌّ مِنْهَا حَرَامٌ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] وَقَوْلُهُ {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 278] وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آكِلَ الرِّبَا وَمُوَكِّلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ»   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ بَيْعُ مِسْكٍ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ] قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِي الظَّرْفِ لَا الْمَظْرُوفُ نَفْسُهُ (مِنْهُ) [فَرْعٌ رَأَى ثَوْبَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ قِيمَةً فَسَرَقَ أَحَدُهُمَا وَاشْتَرَى الْآخَرَ غَائِبًا وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا الْمَسْرُوقُ] (بَابُ الرِّبَا) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 (إنَّمَا يَحْرُمُ) الرِّبَا (فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) وَلَوْ حُلِيًّا وَإِنَاءً وَتِبْرًا (لَا) فِي الْفُلُوسِ وَإِنْ رَاجَتْ وَإِنَّمَا حَرُمَ فِيهِمَا (لِعِلَّةِ الثَّمَنِيَّةِ الْغَالِبَةِ) الَّتِي يُعَبَّرُ عَنْهَا أَيْضًا بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ غَالِبًا وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْ الْفُلُوسِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ (وَفِي الطُّعُومِ لِعِلَّةِ الطُّعْمِ) بِضَمِّ الطَّاءِ مَصْدَرُ طَعِمَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ أَكَلَ (وَإِنْ لَمْ يُكَلْ وَ) لَمْ (يُوزَنْ) كَالسَّفَرْجَلِ وَالرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ وَإِنَّمَا جَعَلَ عِلَّةَ الرِّبَا فِي الطَّعَامِ الطُّعْمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ فِي الْخَبَرِ الْآتِي الْحُكْمَ بِاسْمِ الطَّعَامِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْمَطْعُومِ. وَالْمُعَلَّقُ بِالْمُشْتَقِّ مُعَلَّلٌ بِمَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ كَالْقَطْعِ وَالْجَلْدِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِاسْمِ السَّارِقِ وَالزَّانِي وَالْمَطْعُومُ مَا قُصِدَ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ غَالِبًا تَقَوُّتًا أَوْ تَأَدُّمًا أَوْ تَفَكُّهًا أَوْ تَدَاوِيًا بِأَنْ يَكُونَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ الطُّعْمَ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا نَادِرًا (فَجَمِيعُ مَا يُؤْكَلُ) أَيْ يُقْصَدُ أَكْلُهُ مِنْ ذَلِكَ (غَالِبًا أَوْ نَادِرًا) كَالْبَلُّوطِ وَالطُّرْثُوثِ وَحْدَهُ (أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ بِالتَّدَاوِي رِبَوِيٌّ) وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرُوا الدَّوَاءَ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ الطَّعَامُ فِي الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ فِي الْعُرْفِ الْمَبْنِيَّةَ هِيَ عَلَيْهِ وَالْأَقْسَامُ الْمَذْكُورَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي فَإِنَّهُ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَوُّتُ فَأَلْحَقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ وَعَلَى التَّمْرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّفَكُّهُ وَالتَّأَدُّمُ فَأَلْحَقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ وَعَلَى الْمِلْحِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَأَلْحَقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ (كَالْإِهْلِيلَجِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَيُقَالُ بِكَسْرِهَا (وَالسَّقَمُونْيَا) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْقَافِ وَضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ وَبِالْقَصْرِ (وَالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَالنَّوَوِيُّ بِكَسْرِهِمَا نِسْبَةً إلَى أَرْمِينِيَةَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ قَرْيَةٌ بِالرُّومِ. وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ (لَا سَائِرِ الطِّينِ) كَالطِّينِ الْخُرَاسَانِيِّ فَلَيْسَ رِبَوِيًّا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْكَلُ سَفَهًا (وَالزَّعْفَرَانِ وَالْمَاءِ) الْعَذْبِ (وَالْمُصْطَكَّا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْقَصْرِ (وَالزَّنْجَبِيلِ) وَاللِّبَانِ (وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ وَالْوَرْدِ وَالْبَانِ) وَنَحْوِهَا كَصَمْغٍ وَدُهْنِ خِرْوَعٍ (رِبَوِيَّةٍ) لِصِدْقِ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ عَلَيْهَا (لَا حُبِّ الْكِمَّانِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا (وَ) لَا (دُهْنِهِ وَلَا دُهْنِ سَمَكٍ) وَلَا وَرْدٍ وَخِرْوَعٍ (وَمَاءِ وَرْدٍ وَعُودٍ) وَجِلْدٍ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ لِلطُّعْمِ وَلَا رِبَا فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ كَالْعَظْمِ أَوْ الْبَهَائِمُ كَالْحَشِيشِ وَالتِّينِ أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ (وَلَا) رِبَا (فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ جَازَ بَلْعُهُ كَصِغَارِ السَّمَكِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَلَى هَيْئَتِهِ «وَقَدْ اشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (فَصْلٌ وَالرِّبَوِيَّاتُ بِعِلَّةٍ) وَاحِدَةٍ (إنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ حَرُمَ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمَدِّ أَيْ الْأَجَلُ (وَالتَّفْرِيقُ قَبْلَ التَّقَابُضِ وَلَوْ) وَقَعَ الْعَقْدُ (فِي دَارِ الْحَرْبِ) رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَأَنَّهُ قَالَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ مُقَابَضَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمِنْ لَازِمِهِ الْحُلُولُ وَإِلَّا لَجَازَ تَأْخِيرُ التَّسْلِيمِ إلَى زَمَنِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ وَمِنْ لَازِمِهِ الْحُلُولُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يَكْفِي الْحَوَالَةَ وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بِهَا فِي الْمَجْلِسِ (وَيَكْفِي قَبْضُ الْوَكِيلِ) فِي الْقَبْضِ عَنْ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ) وَكَذَا قَبْضُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ فَقَبَضَ سَيِّدُهُ أَوْ وَكِيلًا فَقَبَضَ مُوَكِّلُهُ لَا يَكْفِي (فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ حَلَّ التَّفَاضُلُ فَقَطْ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ غَالِبًا) إذْ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَعْنَى يَتَعَدَّاهُمَا لَمَا جَازَ إسْلَامُهُمَا فِي غَيْرِهِمَا وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ فَكَذَلِكَ الْمَلْزُومُ (قَوْلُهُ كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ) فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبُرِّ مَا يَقْتَاتُهُ الْآدَمِيُّ فَأَلْحَقَ بِهِ كُلَّ مُقْتَاتٍ يَخْتَصُّ بِهِ كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ وَالْقَصْدُ مِنْ الشَّعِيرِ جَرَيَانُهُ فِيمَا شَارَكَهُمْ بِهِ الْبَهَائِمُ فَأَلْحَقَ بِهِ الْقَوْلَ وَنَحْوَهُ (قَوْلُهُ كَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ) وَالْحَلْوَى (قَوْلُهُ وَالنَّوَوِيُّ بِكَسْرِهِمَا) وَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ فِيهِ أَكْلَ الْآدَمِيِّينَ فَفِيهِ الرِّبَا اعْتِبَارًا بِأَغْلَبِ حَالَتَيْهِ كَالشَّعِيرِ وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالَتَيْهِ أَكْلَ الْبَهَائِمِ فَلَا رِبَا فِيهِ كَالْعَلَفِ الرَّطْبِ وَإِنْ اسْتَوَتْ حَالَتَاهُ فَالصَّحِيحُ فِيهِ الرِّبَا قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ بِهَذَا الْقِسْمِ مِثَالًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَوْلَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يَغْلِبُ أَكْلُ الْآدَمِيِّينَ لَهُ فَيَثْبُتُ فِيهِ الرِّبَا قَطْعًا (قَوْلُهُ كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إلَخْ) لَوْ بَاعَ الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ أَوْ النَّقْدَ بِالنَّقْدِ بِلَفْظِ السَّلَمِ لَمْ يَصِحَّ فَإِنَّ السَّلَمَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالرِّبَوِيُّ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُهُمَا فَلَمَّا تَنَافَى الْمَوْضُوعَانِ بَطَلَ [فَصْلٌ الرِّبَوِيَّاتُ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ إنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ] (قَوْلُهُ حُرِّمَ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ إلَخْ) الْحُلُولُ وَالْمُمَاثَلَةُ وَالْعِلْمُ بِهَا شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ وَأَمَّا التَّقَابُضُ فَشَرْطٌ فِي الدَّوَامِ ر (قَوْلُهُ فَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ وَلَا الْإِبْرَاءُ) وَعَلَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ لِتَعَرُّضِهِ لِلْفَسْخِ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْقَبْضِ وَنُقِضَ بِدَيْنِ السَّلَمِ وَالْكِتَابَةِ وَالصَّوَابُ تَعْلِيلُهُ بِلُزُومِ الدَّوْرِ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَامْتَنَعَ الْقَبْضُ وَإِذَا امْتَنَعَ الْقَبْضُ لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بِهَا فِي الْمَجْلِسِ) لَوْ أَحَالَ بِهِ عَلَى حَاضِرٍ مَعَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَقَبَضَهُ فِيهِ لَمْ يَكْفِ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ ذَلِكَ الْجِنْسُ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ لَهُ فَقَالَ عَوَّضْتُك مَا فِي ذِمَّتِك بِمَالِك عَلَى مَنْ عَقَدَ الصَّرْفَ ثُمَّ تَفَارَقَا لَمْ يَكْفِ (قَوْلُهُ وَكَذَا قَبْضُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ فِي الْمَجْلِسِ) إذَا قُلْنَا أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَعِنْدِي إنَّمَا يُتَصَوَّرُ هَذَا إذَا كَانَ مَعَ الْمُوَرِّثِ فِي الْمَجْلِسِ أَمَّا لَوْ عَلِمَ وَهُوَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَهُنَا الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ وَحَضَرَ وَسَلَّمَ وَتَسَلَّمَ فَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَكْرُوهِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ إلَخْ) كُلُّ شَيْئَيْنِ جَمَعَهُمَا اسْمٌ خَاصٌّ دُخُولُهُمَا فِي الرِّبَا وَيَشْتَرِكَانِ فِي ذَلِكَ الِاسْمِ بِالِاشْتِرَاكِ الْمَعْنَوِيِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 وَشَرْطُ الْحُلُولِ وَالتَّقَابُضِ وَالْمُرَادُ بِالتَّقَابُضِ مَا يَعُمُّ الْقَبْضَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا كَفَى الِاسْتِقْلَالُ بِالْقَبْضِ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعِلَّةُ) فِي الرِّبَوِيَّيْنِ (كَالذَّهَبِ وَالْحِنْطَةِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا) يَعْنِي الْعِوَضَيْنِ (أَوْ كِلَاهُمَا غَيْرَ رِبَوِيٍّ) كَذَهَبٍ وَثَوْبٍ وَعَبْدٍ وَثَوْبٍ (حَلَّ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ وَالتَّفَرُّقُ قَبْلَ التَّقَابُضِ) وَمَا اقْتَضَاهُ آخِرُ الْخَبَرِ الثَّانِي مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا مُقَابَضَةً غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ (فَرْعٌ حَيْثُ اشْتَرَطَ التَّقَابُضَ فَتَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ كَانَ) تَفَرُّقُهُمَا (عَنْ تَرَاضٍ) وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ لِأَنَّ تَفَرُّقَهُمَا حِينَئِذٍ كَلَا تَفَرُّقٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذُهُ مِمَّا ذَكَرَ ثَمَّةَ وَاَلَّذِي قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُخْتَارِ وَالْمُكْرَهِ ثُمَّ اسْتَشْكَلُوهُ بِمَا ذَكَرَ ثَمَّةَ ثُمَّ قَالُوا فَإِنْ صَحَّ الْحُكْمَانِ فَلَعَلَّهُ لِضِيقِ بَابِ الرِّبَا أَوْ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ عَلَى بَابِهِ التَّعَبُّدُ أَوْ لِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فَلَمْ يَخْتَلِفْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُكْرَهِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا بَطَلَ الْعَقْدُ فَيَأْثَمَانِ بِالتَّفَرُّقِ إنْ كَانَ عَنْ تَرَاضٍ وَيَكُونُ رِبًا كَرِبَا النَّسِيئَةِ فَطَرِيقُهُمَا التَّفَاسُخُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ دَفْعًا لِلْإِثْمِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَالتَّخَايُرُ) وَهُوَ إلْزَامُ الْعَقْدِ (قَبْلَ التَّقَابُضِ كَالتَّفَرُّقِ) قَبْلَهُ فِي أَنَّهُ (يُبْطِلُ الْعَقْدَ الرِّبَوِيَّ) هَذَا إذَا لَمْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ أَخْذًا مِمَّا سَأَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ (فَإِنْ قَبَضَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (الْبَعْضَ فَفِيهِ) أَيْ مَا قَبَضَ (قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ) وَبَطَلَ الْعَقْدُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ (تَنْبِيهٌ) كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ قَبْلَ التَّقَابُضِ وَأَنَّهُ يُبْطِلُهُ بِالتَّفَرُّقِ بِغَيْرِ تَقَابُضٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يُنَافِيهِ عَدُّ كَثِيرِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّرْطَ يَتَقَدَّمُ عَلَى مَشْرُوطِهِ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ أَنَّهُ شَرَطَهُ لِدَوَامِ الصِّحَّةِ (فَرْعٌ الْحِيلَة فِي بَيْعِ) الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا كَبَيْعِ (ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مُتَفَاضِلًا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ بِدَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ وَيَشْتَرِي) مِنْهُ (بِهَا) أَيْ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالْعَرَضِ (الذَّهَبَ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَيَجُوزُ) وَلَوْ اتَّخَذَهُ عَادَةً (وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا وَ) لَمْ (يَتَخَايَرَا لِتَضَمُّنِ الْبَيْعِ الثَّانِي إجَازَةِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِهِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ) لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ خِيَارِ الْعَاقِدِ الْآخَرِ وَهَذَا كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامِلَ خَيْبَرَ أَنْ يَبِيعَ الْجَمِيعَ وَهُوَ كُلُّ نَوْعٍ مِنْ التَّمْرِ لَا يُعْرَفُ لَهُ اسْمٌ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِهَا جَنِيبًا وَهُوَ أَجْوَدُ التَّمْرِ (أَوْ) أَنْ (يُقْرِضَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (صَاحِبَهُ وَيُبْرِئَهُ أَوْ) أَنْ (يَتَوَاهَبَا أَوْ) أَنْ (يَهَبَ الْفَاضِلَ) مَالِكُهُ (لِصَاحِبِهِ) بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْهُ مَا عَدَاهُ بِمَا يُسَاوِيهِ (وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحِيَلِ (جَائِزٌ) إذَا لَمْ يَشْرِطْ فِي بَيْعِهِ وَإِقْرَاضِهِ وَهِبَتِهِ مَا يَفْعَلُهُ الْآخَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ كَرِهَ قَصْدَهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ هَذِهِ الطُّرُقُ وَإِنْ كَانَتْ جَائِزَةً عِنْدَنَا فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ إذَا نَوَيَا ذَلِكَ انْتَهَى وَوُجِّهَ بِأَنَّ كُلَّ شَرْطٍ أَفْسَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ الْعَقْدَ إذَا نَوَاهُ كُرِهَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنْ يُطَلِّقَهَا لَمْ يَنْعَقِدْ أَوْ بِقَصْدِ ذَلِكَ كُرِهَ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَصْدِ وَالْعَقْدِ الَّذِي قَصَدَ بِهِ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ ثُمَّ هَذِهِ الطُّرُقُ لَيْسَتْ حِيَلًا فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهُ حَرَامٌ بَلْ حِيَلٌ فِي تَمْلِيكِهِ لِتَحْصِيلِ ذَلِكَ فَفِي عِبَارَتِهِ السَّابِقَةِ تَسَمُّحٌ [فَرْعٌ اشْتَرَى نِصْفًا شَائِعًا مِنْ دِينَارٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ] (فَرْعٌ وَإِنْ اشْتَرَى) مِنْ غَيْرِهِ (نِصْفًا شَائِعًا مِنْ دِينَارٍ) قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ (بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ صَحَّ وَيُسَلِّمُهُ) الْبَائِعُ (إلَيْهِ لِيَقْبِضَهُ) أَيْ النِّصْفَ (وَيَكُونُ النِّصْفُ الثَّانِي أَمَانَةً) فِي يَدِهِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَأَعْطَاهُ عَشَرَةً فَوُجِدَتْ زَائِدَةَ الْوَزْنِ) فَإِنَّهُ (يَضْمَنُ الزَّائِدَ) لِلْمُعْطِي (لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ أَقْرَضَهُ) الْبَائِعُ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ (تِلْكَ الْخَمْسَةَ) بَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ (فَاشْتَرَى بِهَا النِّصْفَ الْآخَرَ) مِنْ الدِّينَارِ (جَازَ) كَغَيْرِهَا (وَإِنْ اشْتَرَى الْكُلَّ) أَيْ كُلَّ الدِّينَارِ مِنْ غَيْرِهِ (بِعَشَرَةٍ وَسَلَّمَ الْخَمْسَةَ) أَيْ وَسَلَّمَهُ مِنْهُمَا خَمْسَةً (ثُمَّ اسْتَقْرَضَهَا) مِنْهُ وَرَدَّهَا إلَيْهِ عَنْ الثَّمَنِ (بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَرْضَ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالتَّصَرُّفِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ لَكِنَّ الثَّابِتَ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ   [حاشية الرملي الكبير] فَهُمَا جِنْسٌ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَهُمَا جِنْسَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا الضَّابِطُ لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ أَوَّلُ مَا قِيلَ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِاللُّحُومِ وَالْأَلْبَانِ [فَرْعٌ اشْتَرَطَ التَّقَابُضَ فَتَفَرَّقَا قَبْلَهُ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ حَيْثُ اشْتَرَطْنَا التَّقَابُضَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الرِّبَا وَحَيْثُ شَرَطْنَا التَّقَابُضَ فَمَعْنَاهُ التَّقَابُضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ كَمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ اهـ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا إلَخْ) جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلتَّفَرُّقِ بِالْإِكْرَاهِ قَبْلَ الْقَبْضِ هُنَا (قَوْلُهُ وَالتَّخَايُرُ قَبْلَ التَّقَابُضِ كَالتَّفَرُّقِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الرِّبَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَإِذَا تَخَايَرَا فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَهُوَ كَالتَّفَرُّقِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ لِأَنَّ التَّخَايُرَ كَالتَّفَرُّقِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا يَبْطُلُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى يَدًا بِيَدٍ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْخِيَارِ لَوْ أَجَازَ الْعَقْدَ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تَلْغُو الْإِجَازَةُ فَيَبْقَى الْخِيَارُ وَالثَّانِي يَلْزَمُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِمَا التَّقَابُضُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا يَجِيءُ هَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ فَيَبْطُلُ جَزْمًا إذْ الْإِجَازَةُ تَفَرُّقٌ حُكْمًا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَ التَّقَابُضُ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ التَّفَرُّقَ قَبْلَ التَّخَايُرِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ إنَّ إجَازَةَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُبْطِلَةٌ كَالتَّفَرُّقِ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يُبْطِلُهُ) هَذَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخَيْنِ وَلَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ تَضْعِيفٌ لِكَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ تَقَابَضَا فِي الرِّبَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ فَفِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا وَجْهَانِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ إنْ كَانَ مَالٌ مِنْهُمَا فِي يَدِهِ صَدَقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَصَاحِبُهُ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ اهـ وَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةَ [فَرْعٌ الْحِيلَةُ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا] (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ) وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ وَزَنَ لَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ فَأَخْطَأَ بِزِيَادَةِ عَشَرَةٍ كَانَتْ الْعَشَرَةُ مَضْمُونَةً عَلَى الْآخِذِ وَكَذَا لَوْ اقْتَرَضَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي اتَّفَقَتْ نُسَخُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى تَرْجِيحِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْقَرْضَ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَقِيَاسًا عَلَى الصُّورَةِ السَّابِقَةِ وَعَلَى مَا لَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ خَمْسَةً غَيْرَ الَّتِي سَلَّمَهَا لَهُ فَإِنْ قُلْت تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَاطِلٌ قُلْت مَحَلُّهُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ لَا مَعَ الْعَاقِدِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ قُلْت قَرْضُ الثَّمَنِ فِي ذَلِكَ تَصَرُّفٌ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَكُونُ إجَازَةً لِلْعَقْدِ وَهِيَ كَالتَّفَرُّقِ فَيَبْطُلُ كَمَا مَرَّ قُلْت مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ (وَتُرَاعَى الْمُمَاثَلَةُ فِيمَا يُكَالُ بِالْكَيْلِ) وَإِنْ تَفَاوَتَ فِي الْوَزْنِ (وَفِيمَا يُوزَنُ بِالْوَزْنِ) وَإِنْ تَفَاوَتَ فِي الْكَيْلِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الشَّيْءِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا غَالِبُ عَادَةِ الْحِجَازِ (فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِظُهُورِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَأَقَرَّهُ وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ كَيْلًا بِكَيْلٍ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرَ «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْمِيزَانُ مِيزَانُ أَهْلِ مَكَّةَ» وَلَمْ يُرِدْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا مِكْيَالَ وَلَا مِيزَانَ إلَّا بِهِمَا لِجَوَازِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ بِغَيْرِهِمَا إجْمَاعًا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ بِهِمَا فَلَوْ أَحْدَثَ النَّاسُ خِلَافَ ذَلِكَ فَلَا اعْتِبَارَ بِأَحْدَاثِهِمْ (فَيَحْرُمُ بَيْعُ الْبُرِّ بِالْبُرِّ) بَلْ بَيْعُ كُلِّ رِبَوِيٍّ مَكِيلٍ بِمِثْلِهِ (وَزْنًا) وَبَيْعُ كُلِّ رِبَوِيٍّ مَوْزُونٍ بِمِثْلِهِ كَيْلًا (وَالْمِلْحُ مَكِيلٌ) إلَّا فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ كَانَ) الْمِلْحُ (قِطَعًا كِبَارًا فَالْمُمَاثَلَةُ) فِيهِ وَفِي كُلِّ مَا يَتَجَافَى فِي الْكَيْلِ (بِالْوَزْنِ) نَظَرًا لِهَيْئَتِهِ فِي الْحَالِ (وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ) أَيْ عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ كَانَ وَأَشْكَلَ) حَالُهُ وَلَوْ بِنِسْيَانٍ (أَوْ اُسْتُعْمِلَا) أَيْ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ (فِيهِ) بِأَنْ كَانَ يُكَالُ مَرَّةً وَيُوزَنُ أُخْرَى (سَوَاءٌ) فَالْعِبْرَةُ بِعُرْفِ الْحِجَازِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ (وَكَانَ) ذَلِكَ (أَكْبَرَ) جُرْمًا (مِنْ التَّمْرِ) كَالْجَوْزِ (فَالْوَزْنُ) إذَا لَمْ يَعْهَدْ الْكَيْلَ بِالْحِجَازِ فِيمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ (أَوْ) كَانَ (مِثْلَهُ) كَاللَّوْزِ (أَوْ دُونَهُ فَعَادَةُ بَلَدِ الْبَيْعِ الْآنَ) أَيْ حَالَةَ الْبَيْعِ أَمَّا إذَا اُسْتُعْمِلَا فِيهِ وَغَلَبَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ الْمِكْيَالُ الْمُعْتَادُ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُحْدَثُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ الْكَيْلُ بِهِ كَقَصْعَةٍ وَيَكْفِي التَّسَاوِي بِكِفَّتَيْ الْمِيزَانِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ مَا فِي كُلِّ كِفَّةٍ وَقَدْ يَتَأَتَّى الْوَزْنُ بِالْمَاءِ أَنْ يُوضَعَ الشَّيْءُ بِظَرْفٍ وَيُلْقَى فِي الْمَاءِ وَيُنْظَرُ قَدْرَ غَوْصِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ وَزْنًا شَرْعِيًّا وَلَا عُرْفِيًّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا وَإِنْ كَفَى فِي الزَّكَاةِ وَأَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَالَهُ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ عِنْدَنَا خِلَافُهُ فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْقَصْعَةِ (فَرْعٌ وَمَا لَا يُقَدَّرُ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ) كَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ (يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) كَيْفَ شَاءَ وَأَمَّا بِجِنْسِهِ (فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُجَفَّفُ) كَالْبِطِّيخِ الَّذِي يُفْلَقُ وَكَذَا كُلُّ مَا يُجَفَّفُ مِنْ الثِّمَارِ (وَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا كَالْمِشْمِشِ) بِكَسْرِ الْمِيمَيْنِ وَحُكِيَ فَتْحُهُمَا (وَالْخَوْخِ وَالْكُمَّثْرَى الَّذِي يُفْلَقُ لَمْ يُبَعْ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ حَالَةَ الرُّطُوبَةِ) إذْ لَا كَمَالَ لَهُ (وَيُبَاعُ) بِهِ (جَافًّا أَوْ) كَانَ (مِمَّا لَا يَتَجَفَّفُ كَالْقِثَّاءِ وَكَذَا الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ) وَغَيْرُهُمَا (مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ الَّتِي لَا تُجَفَّفُ) كَرَطْبٍ لَا يَتَثَمَّرُ وَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ (لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ) رَطْبًا نَعَمْ الزَّيْتُونُ لَا جَفَافَ لَهُ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ فِي حَالِ رُطُوبَتِهِ وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْبَيْضِ بِمِثْلِهِ فِي قِشْرِهِ وَزْنًا (فَإِنْ أَرَادَ) شَرِيكَانِ (قِسْمَةَ الرِّبَوِيِّ لَمْ تَجُزْ قِسْمَةُ الْمَكِيلِ وَزْنًا وَالْمَوْزُونُ كَيْلًا وَالرَّطْبُ وَالْعِنَبُ لَا يُقْسَمُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (كَيْلًا وَلَا وَزْنًا وَلَا خَرْصًا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ) لَكِنْ سَيَأْتِي فِي بَابِهَا أَنَّ قِسْمَةَ الْمُتَشَابِهَاتِ إفْرَازٌ لَا بَيْعٌ فَعَلَيْهِ تَصِحُّ قِسْمَتُهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ثَمَّ (فَرْعٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ جُزَافًا وَ) لَا (تَخْمِينًا) أَيْ حَزْرًا لِلتَّسَاوِي (وَلَوْ خَرَجَا سَوَاءٌ) «لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنْ التَّمْرِ لَا تُعْلَمُ مَكِيلَتُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ التَّمْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ حَالَةَ الْبَيْعِ وَالْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ فَلَوْ عَلِمَا تَمَاثُلَ الصُّبْرَتَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ قَالَهُ الْقَاضِي وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى كَيْلٍ (فَإِنْ بَاعَ صُبْرَةً بِصُبْرَةٍ) مِنْ بُرٍّ أَوْ نَحْوِهِ (مُكَايَلَةً) أَوْ كَيْلًا بِكَيْلٍ (أَوْ) صُبْرَةً بِصُبْرَةٍ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ نَحْوِهَا (مُوَازَنَةً) أَوْ وَزْنًا بِوَزْنٍ (صَحَّ إنْ تَسَاوَيَا) لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ (وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّهُ قَابَلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ وَهُمَا مُتَفَاوِتَتَانِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ صُبْرَةٍ بِكَيْلِهَا) فِيمَا يُكَالُ وَبِوَزْنِهَا فِيمَا يُوزَنُ (مِنْ صُبْرَةٍ أَكْبَرَ مِنْهَا) لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ (فَلَوْ تَفَرَّقَا) فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِيمَا إذَا صَحَّ الْبَيْعُ (بَعْدَ قَبْضِ الْجُمْلَتَيْنِ وَقَبْلَ   [حاشية الرملي الكبير] مِنْهُ فَوَزَنَ لَهُ مِائَةً وَعَشَرَةً (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ كَمَا مَرَّ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فَلَا يَصِحُّ الْأَدَاءُ عَنْهُ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا يُوزَنُ بِالْوَزْنِ) لَوْ بَاعَ دِينَارًا بِدِينَارٍ وَسَاوَاهُ فِي مِيزَانٍ وَنَقَصَ فِي آخَرَ فَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ مِنْ عَدَمِ الزَّكَاةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ النِّصَابِ أَنْ لَا يَصِحَّ هُنَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ (قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ) أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَ مَوْجُودًا فِي عَهْدِهِ أَمْ حَدَثَ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْحِجَازِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ وَأَشْكَلَ) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَ مَوْجُودًا بِالْحِجَازِ أَمْ لَمْ يَكُنْ أَوْ هَلْ كَانَ يُكَالُ فِيهِ أَوْ يُوزَنُ أَوْ هَلْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا أَوْ عُلِمَتْ الْغَلَبَةُ وَلَمْ تَتَعَيَّنْ أَوْ عُلِمَتْ وَنُسِيَتْ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي) تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ الْأَسْبَقِ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ فَعَادَةُ بَلَدِ الْبَيْعِ الْآنَ) فَلَوْ قَدَّرَ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فِي بَلَدٍ فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا اُعْتُبِرَ بِأَشْبَهِ الْأَشْيَاءِ فِيهِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَخْذًا مِمَّا فِي التَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَفَى فِي الزَّكَاةِ وَأَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ بَابَ الرِّبَا ضَيِّقٌ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ فِيهِ مَمْنُوعٌ وَلِهَذَا لَا يَدْخُلُهُ التَّقْوِيمُ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ وَمَا لَا يُقَدَّرُ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ] (قَوْلُهُ نَعَمْ الزَّيْتُونُ لَا جَفَافَ لَهُ إلَخْ) أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ لِأَنَّهُ جَافٌّ وَتِلْكَ الرُّطُوبَاتُ الَّتِي فِيهِ إنَّمَا هِيَ الزَّيْتُ وَلَا مَائِيَّةَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَائِيَّةٌ لَجَفَّ [فَرْعٌ بَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ جُزَافًا] (قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَا تَمَاثُلَ الصُّبْرَتَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ إلَخْ) لَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا مِقْدَارَهَا وَأَخْبَرَ الْآخَرَ بِهِ فَصَدَّقَهُ فَكَمَا لَوْ عَلِمَاهُ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ) وَلِلْعِلْمِ بِهَا تَفْصِيلًا حَالَةَ الْعَقْدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 الْكَيْلِ) أَوْ الْوَزْنِ (جَازَ) لِحُصُولِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ وَمَا فَضَلَ مِنْ الْكَبِيرَةِ بَعْدَ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ لِصَاحِبِهَا فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ هُنَا مَا يَنْقُلُ الضَّمَانَ فَقَطْ لَا مَا يُفِيدُ التَّصَرُّفَ أَيْضًا لِمَا سَيَأْتِي إنَّ قَبْضَ مَا بِيعَ مُقَدَّرًا إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّقْدِيرِ (وَإِنْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ جُزَافًا جَازَ) لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْجِنْسَيْنِ (فَإِنْ بَاعَهَا بِهَا مُكَايَلَةً) أَوْ كَيْلًا بِكَيْلٍ أَوْ صَاعًا بِصَاعٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ خَرَجَتَا سَوَاءً صَحَّ (وَ) إنْ (تَفَاضَلَتَا وَسَمَحَ رَبُّ) الْمَالِ (الزَّائِدِ) بِإِعْطَائِهِ (أَوْ رَضِيَ رَبُّ النَّاقِصِ بِقَدْرِهِ) مِنْ الزَّائِدِ (أَقَرَّ) الْبَيْعَ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَشَاحَّا (فُسِخَ) الْبَيْعُ وَتَقَدَّمَ مَا فِي جَوَابِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الصُّبْرَةِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ (فَصْلٌ فِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِي جَانِبَيْ الصَّفْقَةِ) أَيْ الْبَيْعَةِ (رِبَوِيٌّ شَرْطُهُ التَّمَاثُلُ) بِأَنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُ (وَمَعَهُ جِنْسٌ آخَرُ) وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ (فِيهِمَا) أَيْ الْجَانِبَيْنِ (أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ) مَعَهُ (نَوْعٌ) آخَرُ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا (أَوْ) مَعَهُ (مَا يُخَالِفُهُ فِي الصِّفَةِ) فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فِيهِ الْجِنْسُ (كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهَا أَوْ بِمُدَّيْ عَجْوَةٍ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ وَ) مُعَيَّنَةِ النَّوْعِ (كَمُدَّيْ عَجْوَةٍ) أَوْ مُدَّيْ صَيْحَانِيّ أَوْ مُدِّ عَجْوَةٍ وَمُدِّ صَيْحَانِيّ (بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَ) مُدِّ (صَيْحَانِيّ وَ) مَعِيَّةُ الصِّفَةِ (كَمِائَتَيْ دِينَارٍ جَيِّدَةٍ أَوْ رَدِيئَةٍ) أَوْ مِائَةِ دِينَارٍ جَيِّدَةٍ وَمِائَةٍ رَدِيئَةٍ (أَوْ) مِائَتَيْ دِينَارٍ (صِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ تَنْقُصُ) قِيمَتُهَا عَنْ الصِّحَاحِ أَوْ مِائَةِ دِينَارٍ صِحَاحٍ وَمِائَةٍ مُكَسَّرَةٍ تَنْقُصُ (بِمِائَةِ دِينَارٍ جَيِّدَةٍ وَمِائَةٍ رَدِيئَةٍ صَحِيحَةٍ وَمِائَةٍ مُكَسَّرَةٍ) تَنْقُصُ. فَإِذَا اشْتَمَلَ الْعَقْدُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ «أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ تُبَاعُ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفْصَلَ» وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ اشْتِمَالِ أَحَدِ طَرَفَيْ الْعَقْدِ عَلَى مَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ تَوْزِيعُ مَا فِي الْآخَرِ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ كَمَا فِي بَيْعِ شِقْصٍ مَشْفُوعٍ وَسَيْفٍ بِأَلْفٍ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ مِائَةٌ وَالسَّيْفِ خَمْسُونَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَالتَّوْزِيعُ هُنَا يُؤَدِّي إلَى الْمُفَاضَلَةِ أَوْ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ فَفِي بَيْعِ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ الَّذِي مَعَ الدِّرْهَمِ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ لَزِمَتْ الْمُفَاضَلَةُ أَوْ مِثْلَهُ لَزِمَ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ فَالْمُدُّ ثُلُثَا طَرَفِهِ فَيُقَابِلُهُ ثُلُثَا الْمُدَّيْنِ أَوْ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَالْمُدُّ ثُلُثُ طَرَفِهِ فَيُقَابِلُهُ ثُلُثُ الْمُدَّيْنِ فَتَلْزَمُ الْمُفَاضَلَةُ أَوْ مِثْلَهُ فَالْمُمَاثَلَةُ مَجْهُولَةٌ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ التَّقْوِيمَ وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ وَالْكَلَامُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَشْكُلُ بِمَا سَيَأْتِي فِي الصُّلْحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِينَارًا دَيْنًا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ جَازَ ثُمَّ الْأَكْثَرُونَ أَطْلَقُوا الْبُطْلَانَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ بَاعَهُ مُدًّا وَدِرْهَمًا بِمُدَّيْنِ بَطَلَ فِي الْمُدِّ الْمَضْمُومِ إلَى الدِّرْهَمِ وَفِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُدَّيْنِ وَفِي الْبَاقِي قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ مَا لَوْ بَاعَهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ بَاعَ صَاعَ حِنْطَةٍ وَصَاعَ شَعِيرٍ بِصَاعَيْ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعَيْ شَعِيرٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولًا عَلَى هَذَا انْتَهَى وَرَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ فَوَاتِ شَرْطِ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُنَا الْفَسَادُ لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ فَأَشْبَهَ الْعَقْدَ عَلَى خَمْسِ نِسْوَةٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ كَلَامِ الْأَصْلِ وَلَك أَنْ تَقُولَ قَدْ سَلِمَ فِي الْقَاعِدَةِ أَنَّ التَّقْسِيطَ لَا يُعْتَبَرُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ إذَا كَانَ الدِّرْهَمَانِ مِنْ ضَرْبٍ وَاحِدٍ وَالْمُدَّانِ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ التَّقْسِيطُ لَزِمَ امْتِنَاعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ انْتَهَى وَعَلَى هَذَا جَرَى الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفَسَادَ هُنَا لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالتَّقْسِيطِ إنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي لِلْفَسَادِ لَا لِلصِّحَّةِ (نَعَمْ إنْ قَالَ فِي الْأَوَّلَةِ) مِنْ الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ (بِعْتُك مُدًّا وَدِرْهَمًا بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ وَجَعَلَا الْمُدَّ) مُقَابِلًا (بِالْمُدِّ وَالدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمِ أَوْ الْمُدِّ بِالدِّرْهَمِ أَوْ الدِّرْهَمِ بِالْمُدِّ صَحَّ) لِاخْتِلَافِ الصَّفْقَةِ وَالْأَوَّلَةُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْكَثِيرُ الْأُولَى ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ هُنَا مَا يَنْقُلُ الضَّمَانَ فَقَطْ إلَخْ) قَبْضُ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ كَقَبْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَنَحْوِهِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَقَبْضُ الْعِوَضِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الصَّرْفِ وَبَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ فَهَذَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّقْدِيرُ كَمَا صَحَّحُوهُ لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَدًا بِيَدٍ» وَلِدُخُولِهِ تَحْتَ مُقْتَضَى التَّسْلِيمِ وَلَيْسَ لِلتَّقْدِيرِ فِي الْقَبْضِ الْمُصَحَّحِ مَعْنًى وَإِنْ كَانَ لِاسْتِقْرَارِ الْبَيْعِ أَوْ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْقَابِضِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِ الْقَابِضِ فَهَذَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّقْدِيرُ عَلَى الْأَصَحِّ [فَصْلٌ فِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ] (فَصْلٌ فِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ) (قَوْلُهُ كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ إلَخْ) وَكَبَيْعِ سِمْسِمٍ بِدُهْنِهِ وَاللَّبَنِ بِالسَّمْنِ وَدِرْهَمِ فِضَّةٍ بِنِصْفِهِ وَنِصْفِ فُلُوسٍ (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ الِاتِّبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ) أَرَادَ التَّفْصِيلَ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْعَقْدِ) عُرْفًا وَشَرْعًا (قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ) قَالَ شَيْخُنَا يُقَالُ فِيهِ خَرَجَ بِهِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَأْتِي فِيهِ جَمِيعُ مَا فِي الْمُعَيَّنِ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُرَدُّ (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَرُدُّهُ مَا إذَا نَكَحَ خَمْسًا فِيهِنَّ أُخْتَانِ فَإِنَّ الْبُطْلَانَ يَخْتَصُّ بِهِمَا وَفِي الْبَاقِي قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ فَلْيُنْظَرْ فِي ذَلِكَ اهـ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَتِنَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفَسَادَ هُنَا لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ) لِلشَّيْخِ أَفْضَلُ الدَّيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ بَحْثٌ حَسَنٌ وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ فَإِذَا قَصَدَ الْعَاقِدُ بَيْعَ كُلِّ جِنْسٍ بِخِلَافِهِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ فَلَنَا أَنْ نَمْنَعَ الْبُطْلَانَ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُ الْأَصْحَابِ بِأَنَّهُ إذَا نَصَّ فِي بَيْعِهِ عَلَى مُقَابَلَةِ الْمُدِّ بِالْمُدِّ وَالدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمِ أَنَّهُ يَصِحُّ قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الصَّفْقَةِ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ تَعَدُّدَ الصَّفْقَةِ هُنَا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي كَالِاتِّحَادِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 بَاعَ مُدَّ حِنْطَةٍ وَمُدَّ شَعِيرٍ بِمُدَّيْ تَمْرٍ أَوْ مِلْحٍ جَازَ) لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ (وَشَرَطَ) فِيهِ (التَّقَابُضَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ) هَذَا مَعَ شُرُوطِهِ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَإِذْ قَدْ ذَكَرَهُ فَلْيَذْكُرْ اشْتِرَاطَ الْحُلُولِ (وَلَوْ بَاعَ صَاعَ بُرٍّ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ مُخْتَلَطًا بِمِثْلِهِ جَازَ وَكَذَا) يَجُوزُ بَيْعُهُ (بِجَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ إذْ التَّوْزِيعُ شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَلَّتْ حَبَّاتُ الْآخَرِ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْمِكْيَالِ وَلِخَلْطِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِالْآخَرِ ضَابِطٌ يَأْتِي قَرِيبًا (فَرْعٌ وَإِنْ) (بَاعَ حِنْطَةً بِحِنْطَةٍ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا زُوَانٌ) بِضَمِّ الزَّايِ حَبٌّ أَسْوَدُ دَقِيقٌ (أَوْ مَدَرٌ) أَيْ طِينٌ صَغِيرٌ نَاشِفٌ أَوْ عُقْدَتَيْنِ (أَوْ شَعِيرٌ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ أَثَّرَ فِي النَّقْصِ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بَعْضَ الْمِكْيَالِ بِخِلَافِ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ (وَلَا يَضُرُّ قَلِيلُ تُرَابٍ وَ) لَا (دِقَاقُ تِبْنٍ) لِدُخُولِهِمَا فِي تَضَاعِيفِ الْحِنْطَةِ فَلَا يَظْهَرَانِ فِي الْمِكْيَالِ (وَيَضُرُّ مِثْلُهُ فِي الْوَزْنِ) لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِيهِ (وَإِنْ بَاعَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حَبَّاتٌ مِنْ الْآخَرِ) بِحَيْثُ (لَا يَقْصِدُ إخْرَاجَهُ) أَيْ إخْرَاجَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَبَّاتِ (لِيُسْتَعْمَلَ شَعِيرًا أَوْ حِنْطَةً لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضَرَّ) وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ بِتَأْثِيرِهِ فِي الْكَيْلِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَلَا بِتَمَوُّلِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِطْلَاقُهُمْ بُطْلَانِ بَيْعِ الْهَرَوِيِّ وَهُوَ نَقْدٌ فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَحَدِ التِّبْرَيْنِ عَلَى الْخُلُوصِ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَثُرَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْأَوْجَهُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا وَإِنْ قَلَّ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ بِخِلَافِ الْكَيْلِ (وَيَجُوزُ بَيْعُ حِنْطَةٍ بِشَعِيرٍ فِي سُنْبُلِهِ) لِأَنَّهُ مَرْئِيٌّ وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ [فَرْعٌ بَاعَ دَارًا وَقَدْ ظَهَرَ بِهَا مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ] (فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ دَارًا وَقَدْ ظَهَرَ بِهَا مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ لَمْ يَصِحَّ) لِلرِّبَا لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ مَقْصُودٌ بِالْمُقَابَلَةِ وَهَذِهِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي بَابِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ (فَلَوْ ظَهَرَ) بِهَا الْمَعْدِنُ (بَعْدَ الشِّرَاءِ) جَازَ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ فَالْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الدَّارِ وَالذَّهَبِ خَاصَّةً فَإِنْ قُلْت لَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِالْمُفْسِدِ فِي بَابِ الرِّبَا قُلْت لَا أَثَرَ لَهُ فِي غَيْرِ التَّابِعِ أَمَّا التَّابِعُ فَقَدْ يَتَسَامَحُ بِجَهْلِهِ وَالْمَعْدِنُ مِنْ تَوَابِعِ الْأَرْضِ كَالْحَمْلِ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَاسْتُشْكِلَ جَوَازُ الْبَيْعِ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ بِذَاتِ لَبَنٍ وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ كَهُوَ فِي الْإِنَاءِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ ذَاتَ اللَّبَنِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا اللَّبَنُ وَالْأَرْضُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْمَعْدِنَ (أَوْ اشْتَرَى دَارًا بِدَارٍ وَفِيهِمَا بِئْرُ مَاءٍ جَازَ) لِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ اُعْتُبِرَ عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ بِهِ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْقَصْدِ إلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ الْمَعْلُومِ وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ تَابِعًا بِالْإِضَافَةِ كَوْنَهُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ دَارٍ فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى بَيْعِهِ لِاخْتِلَاطِ الْمَاءِ الْمَوْجُودِ لِلْبَائِعِ بِمَا يَحْدُثُ لِلْمُشْتَرِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ اُغْتُفِرَ مِنْ جِهَةِ الرِّبَا وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ اُعْتُبِرَ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ أَنَّ التَّابِعَ إذَا صُرِّحَ بِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَالْحَمْلِ وَلَوْ سَلَّمَ عَدَمَ سُقُوطِهِ بِهِ فَمَنْقُوضٌ بِبَيْعِ الْخَاتَمِ وَفَصِّهِ وَبِبَيْعِ الدَّارِ وَمَرَافِقِهَا الْمُتَّصِلَةِ بِهَا مِنْ سُلَّمٍ وَنَحْوِهِ (لَا) إنْ اشْتَرَى (دَارًا مُوِّهَتْ) أَيْ مُمَوَّهَةً (بِذَهَبٍ) تَمْوِيهًا (يَتَحَصَّلُ مِنْهُ) شَيْءٌ (بِذَهَبٍ) فَلَا يَصِحُّ لِلرِّبَا (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْحَالِ الَّذِي تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ (تُشْتَرَطُ الْمُمَاثَلَةُ حَالَ الْكَمَالِ) لِلرِّبَوِيِّ وَذَلِكَ (بِجَفَافِ الثِّمَارِ وَتَنْقِيَةِ الْحُبُوبِ) تَنْقِيَتُهَا شَرْطٌ لِلْمُمَاثَلَةِ لَا لِلْكَمَالِ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِجَفَافِ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ (وَبَقَاءُ الْهَيْئَةِ) فِيهِمَا وَفِي غَيْرِهِمَا بِأَنْ يَكُونَ الرِّبَوِيُّ مُتَهَيِّئًا لِأَكْثَرِ الِانْتِفَاعَاتِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ كَاللَّبَنِ أَوْ كَوْنِهِ بِهَيْئَةٍ يَتَأَتَّى مَعَهُ ادِّخَارُهُ كَالتَّمْرِ بِنَوَاهُ فَقَدْ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرَّطْبُ إذَا يَبِسَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَلَا إذًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ بِالْجَفَافِ وَقِيسَ بِالرَّطْبِ سَائِرُ الْمَطْعُومَاتِ الرِّبَوِيَّةِ (فَلَا يُبَاعُ رَطْبُهَا بِرَطْبِهَا) بِفَتْحِ الرَّاءِ فِيهِمَا (مُطْلَقًا) أَيْ (سَوَاءٌ كَانَ لَهَا حَالَةُ جَفَافٍ) كَتِينٍ وَمِشْمِشٍ وَخَوْخٍ وَرُمَّانٍ حَامِضٍ وَبِطِّيخٍ وَكُمَّثْرَى يُفْلَقَانِ (أَمْ لَا) كَالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِهِ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ بِجَهْلِ قَدْرِ النَّقْصِ (وَلَا) يُبَاعُ (رَطْبُهَا بِيَابِسِهَا) لِذَلِكَ (إلَّا فِي) صُورَةِ (الْعَرَايَا) لِلرُّخْصَةِ فِيهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَلَّتْ حَبَّاتُ الْآخَرِ إلَخْ) مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَتَعْلِيلِهِمْ التَّقْيِيدَ بِمَا ذَكَرَهُ كَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَوْجُودَةٌ مَعَ كَثْرَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ فِي مَسْأَلَتِنَا بِخِلَافِ تِلْكَ [فَرْعٌ بَاعَ حِنْطَةً بِحِنْطَةٍ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا زُوَانٌ] (قَوْلُهُ فِي بَابِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ) عِبَارَتُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِيهِ مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مِنْ جِهَةِ الرِّبَا (قَوْلُهُ فَالْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الدَّارِ وَالذَّهَبِ خَاصَّةً) وَمَا فِي تُخُومِ الْأَرْضِ غَيْرِ مَلْمُوحٍ فِي الْمُعَاوَضَةِ فَلَا يُعَدُّ مُفْسِدًا وَمِثْلُهُ لَوْ بَاعَ أَرْضًا بِمَاءٍ عَذْبٍ فَظَهَرَ مِنْهَا الْمَاءُ الْعَذْبُ بِالْحَفْرِ (قَوْلُهُ لَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِالْمُفْسِدِ فِي بَابِ الرِّبَا) مَمْنُوعٌ فَإِنَّ لِلْجَهْلِ أَثَرًا فِي تَصْحِيحِ الْعَقْدِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ صُبْرَةً تَحْتَهَا دَكَّةٌ بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ عَلِمَ بِهَا وَإِنْ جَهِلَ صَحَّ وَيَتَخَيَّرُ وَأَيْضًا فَالْإِبْطَالُ إنَّمَا حَصَلَ فِي بَيْعِ مَا فِيهِ مَعْدِنُ الذَّهَبِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ لِأَجْلِ مُقَابَلَتِهِ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ قَصْدًا وَهُوَ مَجْهُولٌ بِخِلَافِ حَالَةِ الْجَهْلِ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ مُقَابَلَةَ الدَّارِ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ وَفِيهَا بِئْرُ مَاءٍ) أَيْ عَذْبٍ فَإِنْ كَانَ مَالُهَا فَلَا رِبَا فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوبٍ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَابِعٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي الْبَلَدِ بِحَيْثُ لَوْ قَصَدَ وَاحِدٌ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ بِئْرِ غَيْرِهِ لَا يَمْتَنِعُ فَلَا يَجْعَلْ لِلْمَاءِ حُكْمًا وَيَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا وَعَلَى هَذَا نَزَلَ قَوْلُهُمْ وَلَوْ بَاعَ دَارًا بِدَارٍ وَفِيهِمَا بِئْرَانِ صَحَّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَخْ) أَمَّا إذَا لَمْ يَتَحَصَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَصِحُّ [فَصْلٌ بَيَانِ الْحَالِ الَّذِي تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْبَيْع] (قَوْلُهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ بِالْجَفَافِ) وَإِلَّا فَالنُّقْصَانُ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا وَفِي الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي بَيْعِ الطَّلْعِ بِالتَّمْرِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا جَوَازُهُ فِي طَلْعِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ قَالَ الْإِمَامُ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَبَيْعُ الزَّيْتُونِ جَائِزٌ فَإِنَّهُ حَالَةُ كَمَالٍ وَبِمَا تَقَرَّرَ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ قَصَبِ السُّكَّرِ بِمِثْلِهِ وَلَا بِالسُّكَّرِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَاَلَّذِي لَيْسَ لَهُ حَالَةُ جَفَافٍ (كَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ وَرَطْبٍ لَا يَتَتَمَّرُ وَمَا لَا يَتَفَلَّقُ مِنْ الثِّمَارِ وَالرُّمَّانِ الْحُلْوِ وَنَحْوِهَا) فَإِنَّهُ (لَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ) وَهَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَبْلَهُ وَلَا إلَى قَوْلِهِ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ عَقِبَهُ سَوَاءٌ إلَى آخِرِهِ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ (وَلَا تُبَاعُ حِنْطَةٌ) مُطْلَقًا (بِحِنْطَةٍ مَقْلِيَّةٍ) لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ فِيهَا (وَلَا) بِحِنْطَةٍ (مَبْلُولَةٍ وَإِنْ جَفَّتْ) لِتَفَاوُتِ جَفَافِهَا وَمَقْلِيَّةٌ مِنْ قُلِيَتْ وَيُقَالُ مَقْلُوَّةٌ مِنْ قَلَوْت قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَيُبَاعُ جَدِيدٌ مِنْهَا لَا رُطُوبَةَ فِيهِ تُؤَثِّرُ فِي الْكَيْلِ) أَيْ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهَا فِيهِ (بِعَتِيقٍ) بِخِلَافِ اللَّحْمِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ تَنَاهِي جَفَافِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ وَبِخِلَافِ مَا فِيهِ رُطُوبَةُ يَظْهَرُ أَثَرُهَا فِي الْكَيْلِ كَالْفَرِيكِ الَّذِي لَمْ يَتِمَّ جَفَافُهُ فَهُوَ كَالْمَبْلُولِ (وَلَا تُبَاعُ) حِنْطَةٌ (بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهَا) وَلَا بِمَا فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهَا (كَالدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ وَالْفَالُوذَجِ وَفِيهِ النَّشَا وَالْمَصْلُ وَفِيهِ الدَّقِيقُ) الْأَوْجَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَوْلُهُ الْأَصْلُ فَفِيهِ بِالْفَاءِ إذْ الْفَالُوذَجُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ النَّشَا وَالْمَصْلِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّقِيقِ وَيَجُوزُ جَعْلُ كُلٍّ مِنْ الْجُمْلَتَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَالًا لَازِمَةً (وَلَا) يُبَاعُ (بَعْضُ هَذِهِ) الْأَشْيَاءِ (بِبَعْضٍ) لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ لِخُرُوجِهَا عَنْ حَالِ الْكَمَالِ (وَلَيْسَتْ النُّخَالَةُ وَمَسُوسُ حِنْطَةٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ (ذَهَبَ لُبُّهَا بِرِبَوِيَّةٍ) الْأَنْسَبُ بِرِبَوِيَّيْنِ فَيُبَاعُ بَعْضُهُمَا بِبَعْضٍ وَبِالْحِنْطَةِ مُتَفَاضِلًا (فَرْعٌ قَدْ يَكُونُ لِلشَّيْءِ حَالَتَا كَمَالٍ) فَأَكْثَرُ (فَالسِّمْسِمُ) بِكَسْرِ السِّينَيْنِ (وَدُهْنُهُ وَكَسْبُهُ) الْخَالِصُ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (كَامِلٌ) فَلِلسِّمْسِمِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ كَوْنُهُ حَبًّا وَكَوْنُهُ دُهْنًا وَكَوْنُهُ كَسْبًا (لَا طَحِينَتُهُ) قَبْلَ اسْتِخْرَاجِ دُهْنِهِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَا يُبَاعُ بِمِثْلِهِ كَمَا فِي الدَّقِيقِ وَأَمَّا دُهْنُهُ وَكَسْبُهُ (فَيُبَاعُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ وَإِنْ خَالَطَ الدُّهْنَ مِلْحٌ) أَوْ نَحْوُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَامِلٌ كَالسِّمْسِمِ كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِهِمَا الطَّحِينَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخَلْطِ فَهِيَ كَالطَّحِينِ بَلْ عَيْنُهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَيَضُرُّ مَا) أَيْ سِمْسِمٌ (رُبِيَ بِالطِّيبِ) مِنْ وَرْدٍ وَبَنَفْسَجٍ وَنَيْلُوفَرَ وَنَحْوِهَا (دُهْنَهُ) بِأَنْ اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ ثُمَّ طُرِحَتْ فِيهِ أَوْرَاقُ الطِّيبِ فَلَا يُبَاعُ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ اخْتِلَاطَهَا بِهِ يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ التَّمَاثُلِ (لَا) إنْ رُبِيَ بِالطِّيبِ (سِمْسِمُهُ) أَيْ سِمْسِمُ الدُّهْنِ بِأَنْ طُرِحَ فِي الطِّيبِ ثُمَّ اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ الدُّهْنُ فَلَا يَضُرُّ فَيُبَاعُ بِمِثْلِهِ (وَالْعِنَبُ يَكْمُلُ زَبِيبًا وَخَلًّا وَعَصِيرًا فَيُبَاعُ) الزَّبِيبُ بِمِثْلِهِ وَيُبَاعُ (الْعَصِيرُ) الْمُسْتَخْرَجُ (مِنْ) كُلٍّ مِنْ (الْعِنَبِ وَالرَّطْبِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَالرُّمَّانِ وَسَائِرِ الْفَوَاكِهِ بِمِثْلِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُ خَلٍّ عَصِيرَيْ عِنَبٍ وَرَطْبٍ بِمِثْلِهِمَا) أَيْ خَلُّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ (كَيْلًا) وَلَفْظُ عَصِيرَيْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى (لَا خَلَّ عِنَبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ وَلَا خَلَّ تَمْرٍ بِخَلِّ رَطْبٍ) لِأَنَّ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ مَاءً فَيَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ (وَلَا خَلَّ زَبِيبٍ بِخَلِّ تَمْرٍ وَلَا خَلَّ تَمْرٍ بِخَلِّ تَمْرٍ وَلَا خَلَّ زَبِيبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ) لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْمَاءِ (وَيُبَاعُ خَلُّ زَبِيبٍ بِخَلِّ رَطْبٍ وَخَلُّ تَمْرٍ بِخَلِّ عِنَبٍ) لِأَنَّ الْمَاءَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَالْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْخَلَّيْنِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ فَعُلِمَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ يُبَاعُ خَلُّ الرَّطْبِ بِخَلِّ الْعِنَبِ إذْ لَا مَاءَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُمَا جِنْسَانِ (فَرْعٌ وَيُبَاعُ اللَّبَنُ بِاللَّبَنِ كَيْلًا) حَتَّى (حَامِضُهُ بِحُلْوِهِ) وَلَوْ رَائِبًا وَخَائِرًا وَلَا يُبَالِي بِكَوْنِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ مِنْ الْخَائِرِ أَكْثَرُ وَزْنًا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْكَيْلِ كَالْحِنْطَةِ الصُّلْبَةِ بِالرَّخْوَةِ لَكِنْ لَا يُبَاعُ الْحَلِيبُ إلَّا بَعْدَ سُكُوتِ رَغْوَتِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ (مَا لَمْ يَغْلُ بِنَارٍ) وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ بِهَا بِلَا غَلَيَانٍ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ (وَيُبَاعُ السَّمْنُ بِالسَّمْنِ وَزْنًا) وَقِيلَ كَيْلًا وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَزْنًا إنْ كَانَ جَامِدًا وَكَيْلًا إنْ كَانَ مَائِعًا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا الْعِرَاقِيُّونَ الْمَنْصُوصُ مِنْهُمَا الْوَزْنُ وَلَمْ يُصَحِّحَا شَيْئًا لَكِنَّهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ اسْتَحْسَنَ التَّوَسُّطَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَبَيْعُ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتُونِ جَائِزٌ إلَخْ) لِأَنَّهُ جَافٌّ وَتِلْكَ الرُّطُوبَاتُ الَّتِي هِيَ فِيهِ إنَّمَا هِيَ الزَّيْتُ وَلَا مَائِيَّةَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَائِيَّةٌ لَجَفَّ (قَوْلُهُ كَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ وَرَطْبٍ لَا يَتَتَمَّرُ) فَلَوْ جَفَّ عَلَى خِلَافِ نُدُورٍ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ (قَوْلُهُ وَلَا بِحِنْطَةٍ مَبْلُولَةٍ) مَا فُرِّكَ مِنْ سُنْبُلَةٍ قَبْلَ تَنَاهِي جَفَافِهِ كَالْمَبْلُولِ وَالْمُسَوِّسِ مِنْ الْحَبِّ إنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ لُبٌّ أَصْلًا جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ جَعْلُ كُلٍّ مِنْ الْجُمْلَتَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَالًّا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ قَدْ يَكُونُ لِلشَّيْءِ حَالَتَا كَمَالٍ فَأَكْثَرُ] (قَوْلُهُ وَيَضُرُّ مَا رُبَى بِالطِّيبِ) الْأَدْهَانُ الْمُطَيِّبَةُ كُلُّهَا مُسْتَخْرَجَةٌ مِنْ السِّمْسِمِ ثُمَّ إنْ رُبَى السِّمْسِمُ فِيهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجَ دُهْنَهُ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْنَاسٌ كَأُصُولِهَا وَإِنْ اسْتَخْرَجَ الدُّهْنَ ثُمَّ طُرِحَتْ أَوْرَاقُهَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ أُصُولَهَا الشَّيْرَجُ قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأُصُولِ فَإِذَا اتَّحَدَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُمَاثَلَةِ (قَوْلُهُ وَالْعِنَبُ يَكْمُلُ زَبِيبًا وَخَلًّا إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَمِمَّا أَجْزِمُ بِهِ وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا امْتِنَاعُ بَيْعِ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الْعِنَبِ وَإِنْ كَانَا كَامِلَيْنِ اهـ سَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ وَالرَّطْبُ يَكْمُلُ تَمْرًا وَخَلًّا وَعَصِيرًا وَيَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ عَصِيرِ عِنَبٍ وَرَطْبٍ بِمِثْلِهِمَا مِثْلُهُمَا عَصِيرُ قَصَبِ السُّكَّرِ وَالرُّمَّانِ (تَنْبِيهٌ) اعْلَمْ أَنَّهُ يَجْتَمِعُ مِنْ مَسَائِلِ الْخَلِّ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ وَالرَّطْبَ وَالْعِنَبَ وَالرُّمَّانَ وَالْقَصَبَ وَكُلٌّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ يُتَصَوَّرُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَبَيْعُهُ بِمَا بَعْدَهُ يَحْصُلُ الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ وَالْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْخَلَّيْنِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ إلَخْ) وَيَجُوزُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ خَلِّ عَصِيرِ الرُّمَّانِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ بِمِثْلِهِ [فَرْعٌ وَيُبَاعُ اللَّبَنُ بِاللَّبَنِ كَيْلًا] (قَوْلُهُ وَيُبَاعُ اللَّبَنُ بِاللَّبَنِ كَيْلًا) مِثْلُهُ كُلُّ مَائِعٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَزْنًا إنْ كَانَ جَامِدًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي طَرْدُ ذَلِكَ فِي الْعَسَلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ وَجْهَيْنِ إلَخْ) وَيَتَعَيَّنُ تَنْزِيلُ الْوَجْهَيْنِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 اللَّبَنَ يُكَالُ مَعَ أَنَّهُ مَائِعٌ (وَ) يُبَاعُ (الْمَخِيضُ بِالْمَخِيضِ إنْ لَمْ يُشْبِهْ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا (الْمَاءَ) أَوْ نَحْوَهُ وَإِلَّا فَلَا يُبَاعُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِخَالِصٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ (لَا الْأَقِطِ وَالْجُبْنِ وَالْمَصْلِ) فَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا (بِمِثْلِهِ) وَلَا بِاللَّبَنِ وَلَا بِسَائِرِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ اللَّبَنِ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ مُخَالَطَةِ شَيْءٍ إذْ الْأَقِطُ يُخَالِطُهُ الْمِلْحُ وَالْمَصْلُ يُخَالِطُهُ الدَّقِيقُ كَمَا مَرَّ وَالْجُبْنُ تُخَالِطُهُ الْإِنْفَحَةُ (وَلَا يُبَاعُ الزُّبْدُ بِالزُّبْدِ وَلَا بِالسَّمْنِ) وَلَا بِاللَّبَنِ وَلَا بِسَائِرِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ اللَّبَنِ لِأَنَّ الزُّبْدَ لَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلِ مَخِيضٍ وَهُوَ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ (فَرْعٌ وَلَا يُبَاعُ مَطْبُوخٌ وَلَا نَيْءٌ) لِتَأَثُّرِهِ بِالنَّارِ فَيَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ اللَّحْمَ وَغَيْرَهُ وَالْمَشْوِيُّ فِي مَعْنَى الْمَطْبُوخِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلِلْمَعْقُودِ بِالنَّارِ كَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ) وَهُوَ عَسَلُ الْقَصَبِ الْمُسَمَّى بِالْمُرْسَلِ (وَاللِّبَا) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ (حُكْمُ الْمَطْبُوخِ) فَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِأَصْلِهِ وَلَا بِسَائِرِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ أَصْلِهِ (وَإِنَّمَا يُبَاعُ اللَّحْمُ بِاللَّحْمِ) قَدِيدًا لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِهِ بَعْدَ التَّقْدِيدِ كَالرَّطْبِ وَالْعِنَبِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُشْتَرَطُ تَنَاهِي جَفَافِهِ بِخِلَافِ التَّمْرِ أَيْ وَالْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا يُبَاعُ حَدِيثُ كُلٍّ مِنْهَا بَعْدَ جَفَافِهِ بِعَتِيقِهِ لِأَنَّهَا مَكِيلَةٌ وَبَاقِي الرُّطُوبَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْكَيْلِ بِخِلَافِهِ فِي اللَّحْمِ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ (لَا رَطْبًا وَلَا مَمْلُوحًا) الْأَوْلَى مُمَلَّحًا (بِمِلْحٍ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ) وَلَوْ كَانَ الْمُمَلَّحُ قَدِيدًا (وَلَا يَضُرُّ الْعَرْضُ عَلَى النَّارِ لِلتَّصْفِيَةِ وَلَوْ عَسَلًا) إذْ نَارُهَا لَيِّنَةٌ لَا تَعْقِدُ فَهِيَ كَالشَّمْسِ (وَمِعْيَارُهُ) أَيْ الْمَعْرُوضُ عَلَى النَّارِ لِلتَّصْفِيَةِ (الْوَزْنُ وَلَا يُبَاعُ شَهْدٌ بِشَهْدٍ) لِمَنْعِ الشَّمْعِ مَعْرِفَةِ التَّمَاثُلِ (وَلَا بِعَسَلٍ) لِلتَّفَاضُلِ (وَيُبَاعُ الشَّمْعُ بِهِمَا) لِأَنَّهُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ [فَرْعٌ وَنَزْعُ الْعَظْمِ مِنْ اللَّحْمِ شَرْطٌ فِي بَيْعِهِ بِمِثْلِهِ] (فَرْعٌ وَنَزْعُ الْعَظْمِ مِنْ اللَّحْمِ شَرْطٌ فِي بَيْعِهِ بِمِثْلِهِ) وَلَا يَبْطُلُ كَمَالُهُ بِنَزْعِ عَظْمِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِبَقَائِهِ صَلَاحٌ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ تَمْرٍ نُزِعَ نَوَاهُ بِمِثْلِهِ) وَلَا بِغَيْرِ مَنْزُوعِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لِذَهَابِ كَمَالِهِ) لِأَنَّهُ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ (وَلَا يَضُرُّ نَزْعُهُ مِنْ) نَحْوِ (خَوْخٍ وَمِشْمِشٍ جُفِّفَ) لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِي تَجْفِيفِهِمَا (فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْجِنْسِيَّةِ الْمَشْرُوطُ فِيهَا التَّمَاثُلُ) فِي بَيْعِ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ (فَلُحُومُ الْأَجْنَاسِ) كَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ (أَجْنَاسٌ) كَأُصُولِهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِ الْبَقَرِ بِلَحْمِ الضَّأْنِ مُتَفَاضِلًا (وَكَذَا أَلْبَانُهَا وَبُيُوضُهَا) أَجْنَاسٌ وَبَيَاضُ الْبَيْضِ وَصِفَارُهُ جِنْسٌ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ (وَالْإِبِلُ بَخْتَيْهَا وَعِرَاجُهَا جِنْسٌ) لِتَنَاوُلِ الْإِبِلِ لَهُمَا (وَالْبَقَرُ وَالْجَوَامِيُس) الْأَوْلَى وَالْبَقَرُ جَوَامِيسَهَا وَعِرَابَهَا (جِنْسٌ) وَ (لَيْسَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْبَقَرِ (الْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ لِأَنَّ الْوَحْشِيَّ وَالْإِنْسِيَّ) مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ (جِنْسَانِ وَالضَّأْنُ وَالْمَعْزُ جِنْسٌ) لِتَنَاوُلِ اسْمِ الْغَنَمِ لَهُمَا (وَالظَّبْيُ وَالْإِبِلُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ الْوَعِلُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ تَيْسُ الْجَبَلِ وَيُقَالُ شَاتُه (جِنْسٌ وَالطُّيُورُ أَجْنَاسٌ وَالْقُمْرِيُّ وَالْحَمَامُ وَكُلُّ) أَيْ وَسَائِرُ (مَا عَبَّ وَهَدَرَ جِنْسٌ) وَقِيلَ أَجْنَاسٌ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْعَصَافِيرُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ جِنْسٌ وَالسُّمُوكُ) الْمَعْرُوفَةُ (جِنْسٌ وَبَقَرُ الْمَاءِ وَغَنَمُهُ وَغَيْرُهُمَا) مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ (أَجْنَاسٌ) كَالْبَرِّيَّاتِ (وَالْجَرَادُ لَيْسَ بِلَحْمٍ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَالْقَلْبُ وَالْكِرْشُ وَالرِّئَةُ وَالْمُخُّ أَجْنَاسٌ) وَلَوْ كَانَتْ مِنْ حَيَوَانٍ وَاحِدٍ لِاخْتِلَافِ أَسْمَائِهَا وَصِفَاتِهَا (وَلَيْسَ الْجِلْدُ رِبَوِيًّا فَيُبَاعُ الْجِلْدُ بِجِلْدَيْنِ) . وَمَحَلُّهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ إذَا لَمْ يُؤْكَلْ غَالِبًا بِأَنْ خَشُنَ وَغِلَظَ وَإِلَّا فَهُوَ رِبَوِيٌّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَنْعُهُمْ بَيْعُهُ إذَا لَمْ يُدْبَغْ بِالْحَيَوَانِ كَمَا سَيَأْتِي (وَشَحْمُ الظَّهْرِ وَ) شَحْمُ (الْبَطْنِ وَالسَّنَامُ أَجْنَاسٌ وَكَذَا الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ) جِنْسَانِ وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَالرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ قَدْ يُشْعِرُ بِخِلَافِهِ (وَالْبِطِّيخُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (الْمَعْرُوفُ) وَهُوَ الْأَصْفَرُ (وَالْهِنْدِيُّ) وَهُوَ الْأَخْضَرُ (وَالْقِثَّاءُ) وَالْخِيَارُ (أَجْنَاسٌ) لِاخْتِلَافِهَا صُورَةً وَطَعْمًا وَطَبْعًا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالتَّمْرُ الْمَعْرُوفُ مَعَ التَّمْرِ الْهِنْدِيِّ جِنْسَانِ وَالْبُقُولُ كَ هِنْدِيًّا وَنُعْنُعٍ بِضَمِّ النُّونَيْنِ أَجْنَاسٌ (وَالْأَدْهَانُ) وَالْأَدِقَّةُ وَالْخُلُولُ (أَجْنَاسٌ) لَكِنَّ دُهْنَ الْبَانِ وَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَنَحْوِهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ إذْ أَصْلُهَا وَاحِدٌ وَهُوَ الشَّيْرَجُ وَزَيْتُ الزَّيْتُونِ وَزَيْتُ الْفُجْلِ جِنْسَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَدُهْنُ السِّمْسِمِ وَكَسْبُهُ جِنْسَانِ كَالسَّمْنِ وَمَخِيضِهِ وَعَصِيرٍ) أَيْ وَكَعَصِيرِ (الْعِنَبِ وَخَلِّهِ) لِإِفْرَاطِ التَّفَاوُتِ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ وَالْمَقْصُودِ فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُبَاعُ الْمَخِيضُ بِالْمَخِيضِ إنْ لَمْ يُشْبِهْ الْمَاءَ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِ يَسِيرٌ لَا يَكُونُ كَامِلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ وَهَكَذَا الْحَلِيبُ وَسَائِرُ الْأَلْبَانِ اهـ سُئِلْت عَنْ اللَّبَنِ وَاللَّحْمِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ فَأَجَبْت بِأَنَّ اللَّبَنَ أَفْضَلُ لِأَوْجُهٍ مِنْهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَخَذَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ الْقَدَحَ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ قَدْ أَصَبْت الْفِطْرَةَ» وَإِنَّ مِنْهُ اللَّبَأَ وَلَا يَعِيشُ الْوَلَدُ بِدُونِهِ غَالِبًا وَإِنَّ اللَّبَنَ مَنْشَأُ الْإِنْسَانِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ وَبِفُرُوعِهِ مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ حَكَى الْجَلَالُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «سَيِّدُ إدَامِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ» فَلَعَلَّ الْوَالِدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَسْتَحْضِرْ ذَلِكَ وَوَرَدَ أَيْضًا عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْضَلُ طَعَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ» (قَوْلُهُ إذْ الْأَقِطُ يُخَالِطُهُ الْمِلْحُ) إنْ كَانَ فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْرُوضٌ عَلَى النَّارِ لِلتَّأْثِيرِ [فَرْعٌ وَلَا يُبَاعُ مَطْبُوخٌ وَلَا نَيْءٌ] (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ تَمْرٍ نُزِعَ نَوَاهُ) أَيْ أَوْ زَبِيبٍ (قَوْلُهُ نُزِعَ نَوَاهُ إلَخْ) وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ فَرَضَ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ لَا نَوَى لَهُ صَحَّ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ لِكَمَالِهِ [فَصْلٌ الْجِنْسِيَّةِ الْمَشْرُوطُ فِيهَا التَّمَاثُلُ فِي بَيْعِ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ] (فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْجِنْسِيَّةِ إلَخْ) (قَوْلُهُ لِتَنَاوُلِ اسْمِ الْغَنَمِ لَهُمَا) أَمَّا لَحْمُ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ بَقَرٍ وَغَنَمٍ مَثَلًا فَهَلْ يُجْعَلُ جِنْسًا بِرَأْسِهِ أَوْ يُجْعَلُ مَعَ لَحْمِ أَبَوَيْهِ كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ احْتِيَاطًا فَيَحْرُمُ بَيْعُ لَحْمِهِ بِلَحْمِهِمَا مُتَفَاضِلًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيَظْهَرُ الثَّانِي لِضِيقِ بَابِ الرِّبَا (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ دُهْنَ الْبَانِ وَالْوَرْدِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا جِنْسًا جَوَازُ بَيْعِهَا بِمِثْلِهَا لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ وَهُوَ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ فِي صُورَةِ تَرْبِيَةِ الدُّهْنِ بِالطِّيبِ (قَوْلُهُ وَدُهْنُ السِّمْسِمِ) أَيْ أَوْ اللَّوْزِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 بَيْنَهُمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ جَوَّزَ بَيْعَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَشَبَّهَهُ بِبَيْعِ التَّمْرِ الطَّيِّبِ بِغَيْرِ الطَّيِّبِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا مُتَمَاثِلًا وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمَا بِحَالَةِ الْكَمَالِ أَنْ يَكُونَا جِنْسَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ التَّمْرِ بِعَصِيرِ الرَّطْبِ وَكَذَا بِخَلِّهِ وَمِمَّا أَجْزِمُ بِهِ وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا امْتِنَاعُ بَيْعِ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الْعِنَبِ وَإِنْ كَانَا بِحَالَةِ الْكَمَالِ. قَالَ وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ بَعِيدٌ وَيَكْفِي فِي رَدِّهِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ مِنْ امْتِنَاعِ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالتَّمْرِ وَقَدْ سَوَّى هُوَ بَيْنَهُمَا (وَالسُّكَّرُ وَالْفَانِيدُ جِنْسَانِ) لِاخْتِلَافِ قَصَبِهِمَا لِأَنَّ الْفَانِيدَ يُتَّخَذُ مِنْ قَصَبٍ قَلِيلِ الْحَلَاوَةِ كَأَعَالِي الْعِيدَانِ وَالسُّكَّرَ يُطْبَخُ مِنْ أَسَافِلِهَا وَأَوْسَاطِهَا لِشِدَّةِ حَلَاوَتِهَا وَعَسَلُ الْقَصَبِ وَالْقَطَّارَةِ جِنْسٌ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (ثُمَّ السُّكَّرُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ) مِنْ سُكَّرٍ أَحْمَرَ وَنَبَاتٍ وَطَبَرْزَدْ وَهُوَ السُّكَّرُ الْأَبْيَضُ (جِنْسٌ) لِاتِّحَادِ أَصْلِهَا وَهُوَ الْقَصَبُ وَاخْتِلَافُ أَسْمَائِهَا لِاخْتِلَافِ نَوْعِهَا لَا جِنْسِهَا إذْ الْكُلُّ سُكَّرٌ (فَرْعٌ لَا يُبَاعُ الْحَيَوَانُ) وَلَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا (بِلَحْمٍ وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ) أَوْ جَرَادٍ (فَيَسْتَوِي فِيهِ الْجِنْسُ) كَغَنَمٍ بِلَحْمِ غَنَمٍ (وَغَيْرِهِ) كَبَقَرٍ بِلَحْمِ غَنَمٍ (وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَيَوَانُ مَأْكُولًا) كَمَا مَثَّلْنَا (أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ) كَحِمَارٍ وَعَبْدٍ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تُبَاعَ الشَّاةُ بِاللَّحْمِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ «وَنَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسَلًا وَالتِّرْمِذِيُّ مُسْنَدًا (وَلَا) يُبَاعُ الْحَيَوَانُ (بِشَحْمٍ وَكَبِدٍ وَنَحْوِهِمَا) كَ أَلْيَةٍ وَطِحَالٍ وَقَلْبٍ وَرِئَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ (وَلَا بِجِلْدٍ لَمْ يُدْبَغْ) وَكَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ غَالِبًا كَجِلْدِ سَمِيطٍ وَدِيبَاجٍ بِخِلَافِ مَا إذَا دُبِغَ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ غَالِبًا وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالْحَيَوَانِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَمَّا بَيْعُ السَّمَكِ الْحَيِّ بِمِثْلِهِ فَإِنْ جَوَّزْنَا ابْتِلَاعَهُ حَيًّا لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ (فَرْعٌ لَا يُبَاعُ رِبَوِيٌّ بِمَا اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ) كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (فَبَيْعُ اللَّبَنِ بِالسَّمْنِ وَالسِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ وَبِالْكَسْبِ بَاطِلٌ) كَبَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ فَإِنْ قِيلَ السِّمْسِمُ مَثَلًا جِنْسٌ بِرَأْسِهِ لَا أَنَّهُ دُهْنٌ وَكَسْبٌ وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ فَهَلَّا جَازَ بَيْعُهُ بِدُهْنِهِ أَيْضًا قُلْنَا مُجَانَسَةُ الْعِوَضَيْنِ فِي بَيْعِ السِّمْسِمِ بِمِثْلِهِ نَاجِزَةٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ تَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ وَالنَّظَرِ إلَى مَا يَحْدُثُ فَعُدَّ جِنْسًا وَاحِدًا بِرَأْسِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ السِّمْسِمِ بِدُهْنِهِ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ الدُّهْنِ سِمْسِمًا وَلَا السِّمْسِمِ مُخَالِفًا لِلدُّهْنِ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَيْنَهُمَا مُجَانَسَةٌ وَهِيَ فِي الدُّهْنِيَّةِ فَيَحْتَاجُ إلَى اعْتِبَارِهَا فَلَا يُعَدُّ جِنْسًا وَاحِدًا فَأَحْوَجُ إلَى التَّفْرِيقِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ (وَكَذَا لُبُّ الْجَوْزِ) أَيْ بَيْعُهُ (بِدُهْنِهِ) بَاطِلٌ (وَيُبَاعُ الْجَوْزُ بِالْجَوْزِ وَزْنًا) لِأَنَّهُ أَكْبَرُ جَرْمًا مِنْ التَّمْرِ (وَاللَّوْزُ بِاللَّوْزِ كَيْلًا) لِأَنَّهُ كَالتَّمْرِ لِمَا مَرَّ (بِقِشْرِهِمَا) أَيْ مَعَ قِشْرِهِمَا لِأَنَّ صَلَاحَهُمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَسَيَأْتِي فِي السَّلَمِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِهِ فِيهِمَا وَزْنًا إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قِشْرُهُمَا غَالِبًا فَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ هُنَا وَقَدْ قَالَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ الْمَنْعُ لِاخْتِلَافِ قِشْرِهِمَا قَالَ وَحَكَى الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. (وَكَذَا) يُبَاعُ (لُبُّهُمَا بِلُبِّهِمَا) أَيْ لُبَّيْ الْجَوْزِ بِلُبِّ الْجَوْزِ وَلُبُّ اللَّوْزِ بِلُبِّ اللَّوْزِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ يَمْنَعُ بَيْعَ مَنْزُوعِ النَّوَى بِمِثْلِهِ لِبُطْلَانِ كَمَالِهِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ حَالَةِ الِادِّخَارِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فَالْقِيَاسُ فِيهِمَا الْمَنْعُ وَبِهِ أَجَابَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ انْتَهَى وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَنْزُوعَ النَّوَى أَسْرَعُ فَسَادًا مِنْ لُبِّ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَيْضِ مَعَ قِشْرِهِ بِالْبَيْضِ) كَذَلِكَ (وَزْنًا) إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ كَبَيْضِ دَجَاجٍ بِمِثْلِهِ وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ وَلَوْ جُزَافًا (وَ) يَجُوزُ بَيْعُ (لَبَنِ شَاةٍ بِشَاةٍ حُلِبَ لَبَنُهَا فَإِنْ بَقِيَ فِيهَا لَبَنٌ) يُقْصَدُ حَلْبُهُ لِكَثْرَتِهِ (أَوْ بَاعَ ذَاتَ لَبَنٍ) مَأْكُولَةٍ (بِذَاتِ لَبَنٍ) كَذَلِكَ مِنْ جِنْسِهَا (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ الثَّمَنُ فِي مُقَابَلَتِهِ فِي الْمُصَرَّاةِ أَمَّا الْآدَمِيَّاتُ ذَوَاتُ اللَّبَنِ فَقَدْ نُقِلَ فِي الْبَيَانِ عَنْ الشَّاشِيِّ الْجَوَازُ فِيهَا وَفُرِّقَ بِأَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ فِي الضَّرْعِ لَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ فَإِنَّ لَهُ حُكْمَ الْمَنْفَعَةِ وَلِهَذَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ (وَلَوْ بَاعَ لَبَنَ بَقَرَةٍ بِشَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ صَحَّ) لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَمَا مَرَّ أَمَّا بَيْعُ ذَاتِ لَبَنٍ بِغَيْرِ ذَاتِ لَبَنٍ فَصَحِيحٌ (وَبَيْعُ بَيْضٍ بِدَجَاجَةٍ كَبَيْعِ لَبَنٍ بِشَاةٍ) فَإِنْ كَانَ فِي الدَّجَاجَةِ بَيْضٌ وَالْبَيْضُ الْمَبِيعُ بَيْضُ دَجَاجَةٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ وَبَيْعُ دَجَاجَةٍ فِيهَا بَيْضٌ بِدَجَاجَةٍ كَذَلِكَ بَاطِلٌ كَبَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ بِمِثْلِهَا وَهُوَ مَا فِي التَّحْرِيرِ لِلْجُرْجَانِيِّ عَنْ الْبَحْرِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ صِحَّتُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ لَا يُبَاعُ الْحَيَوَانُ بِلَحْمٍ] (قَوْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسَلًا إلَخْ) أَنْكَرَ الْمُزَنِيّ عَلَى الشَّافِعِيِّ اسْتِدْلَالَهُ بِحَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ بِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِالْمُرْسَلِ وَرَدَّ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ إرْسَالُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عِنْدِي حَسَنٌ فَقِيلَ لِأَنَّ مَرَاسِيلَهُ تُتُبِّعَتْ فَوُجِدَتْ مَسَانِيدَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَرَدَّهُ الْخَطِيبُ بِأَنَّ فِيهَا مَا لَمْ يُوجَدْ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ ثَانِيهِمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ وَحْدَهُ وَإِنَّمَا رَجَّحَ بِهِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ بَلْ إرْسَالُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إلَّا إذَا اُعْتُضِدَ بِأَحَدِ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ قِيَاسٍ أَوْ قَوْلِ صَحَابِيٍّ أَوْ فِعْلِهِ أَوْ قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ أَوْ يَنْتَشِرُ مِنْ غَيْرِ دَافِعٍ لَهُ أَوْ يَعْمَلُ بِهِ أَهْلُ الْعَصْرِ أَوْ لَا يُوجَدُ دَلَالَةٌ سِوَاهُ أَيْ أَوْ مُرْسَلٍ آخَرُ أَوْ مُسْنَدٍ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالْحَيَوَانِ) قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ [فَرْعٌ لَا يُبَاعُ رِبَوِيٌّ بِمَا اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ] (قَوْلُهُ فَإِنْ بَقِيَ فِيهَا لَبَنٌ أَوْ بَاعَ ذَاتَ لَبَنٍ لَمْ يَصِحَّ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْمَنْعِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ اللَّبَنُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ لَهُ بِأَنْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِلَبَنِ شَاةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُوصَى لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ ر (قَوْلُهُ وَلِهَذَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ) وَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ لَبَنَ آدَمِيَّةٍ بِلَبَنِ آدَمِيَّةٍ مُنْفَصِلٍ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُمَا صَارَا عَيْنَيْنِ ر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 بِخِلَافِ بَيْعِ لَبُونٍ بِلَبُونٍ انْتَهَى وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِسُهُولَةٍ أَخْذُ اللَّبَنِ فَهُوَ كَالْمُنْفَصِلِ بِخِلَافِ الْبَيْضِ لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ يَقْتَضِي صِحَّةَ بَيْعِ بَيْضِ دَجَاجَةٍ بِدَجَاجَةٍ فِيهَا بَيْضٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُهُ (بَابُ الْبُيُوعِ الْمُنْهَى عَنْهَا) (وَمُقْتَضَى النَّهْيِ الْفَسَادُ وَقَدْ يُحْكَمُ مَعَهُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ لِخُصُوصِيَّةِ الْبَيْعِ بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمُفْسِدُ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ) كَمَا مَرَّ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ قَسَّمَ النَّهْيَ قِسْمَيْنِ وَيُنَاسِبُهُ تَمْثِيلُهُ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا ذُكِرَ وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّرُ النَّهْيُ فِي بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ قَسَّمَ الْمُنْهَى عَنْهُ قِسْمَيْنِ وَلِهَذَا مَثَّلَهُ بِبَيْعِ مَا ذَكَرَ لَا بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَكُلٌّ صَحِيحٌ (وَكَبَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَ) بَيْعِ (الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ وَ) بَيْعِ (الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا (وَ) بَيْعِ (مَالِ الْغَيْرِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَبَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَهُوَ بَيْعُ الْغَائِبِ أَوْ مَا سَيَمْلِكُهُ) أَيْ مَا لَا يَمْلِكُهُ لِيَشْتَرِيَهُ فَيُسَلِّمَهُ (وَبَيْعُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ) لِمَا مَرَّ فِي شَرْطِ طَهَارَةِ الْمَبِيعِ (وَبَيْعُ عَسْبِ الْفَحْلِ وَاسْتِئْجَارُهُ لِلضِّرَابِ) لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ضِرَابُهُ وَيُقَالُ مَاؤُهُ وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يُقَدَّرُ فِي الْخَبَرِ مُضَافٌ لِيَصِحَّ النَّهْيُ أَيْ نَهَى عَنْ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ أَيْ بَدَلَ ذَلِكَ وَأَخْذَهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَاءَ الْفَحْلِ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَضِرَابُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِاخْتِيَارِهِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ (فَإِنْ أَهْدَى لَهُ) أَيْ لِمَالِكِهِ (صَاحِبُ الْأُنْثَى) شَيْئًا (جَازَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَإِعَارَةُ الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ مَحْبُوبَةٌ (وَبَيْعُ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ) أَيْ إلَى أَنْ تَلِدَ هَذِهِ الدَّابَّةُ وَيَلِدَ وَلَدُهَا فَوَلَدَ وَلَدُهَا نِتَاجُ النِّتَاجِ وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ يُقَالُ نُتِجَتْ النَّاقَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ نِتَاجًا أَيْ وَلَدَتْ (أَوْ بَيْعُ وَلَدِ مَا تَلِدُهُ) الدَّابَّةُ الْمَفْهُومَةُ مِنْ كَلَامِهِ وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ وَعَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ (وَبَيْعُ الْمَلَاقِيحِ وَهُوَ) بَيْعُ (مَا فِي بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ) مِنْ الْأَجِنَّةِ (وَبَيْعُ الْمَضَامِينِ وَهُوَ) بَيْعُ (مَا فِي الْأَصْلَابِ) لِلْفُحُولِ مِنْ الْمَاءِ لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْبَزَّارُ وَالْمَلَاقِيحُ جَمْعُ مُلْقُوحَةٍ وَهِيَ الْجَنِينُ وَالنَّاقَةُ الْحَامِلُ لَاقِحٌ وَالْمَضَامِينُ جَمْعُ مَضْمُونٍ بِمَعْنَى مُتَضَمِّنٍ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ مَضْمُونُ الْكِتَابِ كَذَا وَكَذَا وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَبَيْعُ الْمُلَامَسَةِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ أَنْ يُكْتَفَى بِاللَّمْسِ عَنْ النَّظَرِ وَلَا خِيَارَ) بَعْدَهُ بِأَنْ يَلْمِسَ ثَوْبًا لَمْ يَرَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَآهُ (أَوْ يَجْعَلَ اللَّمْسَ بَيْعًا) بِأَنْ يَقُولَ إذَا لَمَسْته فَقَدْ بِعْتُكَهُ بِكَذَا اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ الصِّيغَةِ (أَوْ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ) بِأَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَغَيْرُهُ (وَبَيْعُ الْمُنَابَذَةِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ نَبْذَ الْمَبِيعِ بَيْعًا أَوْ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ) بِأَنْ يَقُولَ أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي هَذَا بِمِائَةٍ فَيَأْخُذُهُ الْآخَرُ أَوْ يَقُولُ بِعْتُكَهُ بِكَذَا عَلَى أَنِّي إذَا نَبَذْته إلَيْك لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ الْخِيَارُ وَالْبُطْلَانُ فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الصِّيغَةِ أَوْ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ (وَبَيْعُ الْحَصَاةِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَهُوَ بَيْعُ مَا تُصِيبُهُ الْحَصَاةُ) بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ هَذِهِ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ (أَوْ بَيْعُ مُدًى) أَيْ غَايَةُ (رَمْيَةٍ مِنْ الْأَرْضِ) بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ مِنْ هُنَا إلَى مَا انْتَهَتْ إلَيْهِ هَذِهِ الْحَصَاةُ (أَوْ يَجْعَلَ الرَّمْيَ بَيْعًا أَوْ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ) بِأَنْ يَقُولَ إذَا رَمَيْت هَذَا الثَّوْبَ فَقَدْ بِعْتُكَهُ بِكَذَا أَوْ يَقُولَ بِعْتُكَهُ عَلَى إنَّك بِالْخِيَارِ إلَى أَنْ أَرْمِيَ الْحَصَاةَ وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ أَوْ بِزَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ (وَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ الْعَبْدَ) مَثَلًا (عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ) أَيْضًا الثَّوْبَ مَثَلًا (أَوْ) عَلَى أَنْ (يَبِيعَهُ الْآخَرُ الثَّوْبَ أَوْ) أَنْ (يَبِيعَهُ إيَّاهُ) أَيْ الْعَبْدَ (بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ بِأَلْفَيْنِ نَسِيئَةً) لِيَأْخُذَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ هُوَ أَوْ الْبَائِعُ وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلِلْجَهْلِ   [حاشية الرملي الكبير] [بَابُ الْبُيُوعِ الْمُنْهَى عَنْهَا قسمان] [الْقَسْم الْأَوَّل الْمُفْسِد] بَابُ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا) (قَوْلُهُ وَقَدْ يَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ مَعَهُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي مَسْأَلَتَانِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيهِمَا مَعَ وُجُودِ النَّهْيِ لِأَمْرٍ آخَرَ وَهُمَا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَبَيْعِ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّ بُطْلَانَهُ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ لِخُصُوصِيَّةٍ وَهُوَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا (مِنْهُ) (قَوْلُهُ لِأَمْرٍ آخَرَ) أَيْ خَارِجٍ عَنْهُ غَيْرِ لَازِمٍ لَهُ (قَوْلُهُ لِيُصْبِحَ النَّهْيُ) إذْ الْعَسْبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّهْيُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ) وَفَارَقَ جَوَازَ الِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ بِأَنَّ الْأَجِيرَ قَادِرٌ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَيْنٌ حَتَّى لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَا يُلَقِّحُ بِهِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَهَهُنَا الْمَقْصُودُ الْمَاءُ وَالْمُؤَجِّرُ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) فِيهِ مَجَازٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا إطْلَاقِ الْحَبَلِ عَلَى الْبَهَائِمِ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ الثَّانِي أَنَّهُ مَصْدَرٌ أُرِيدَ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ) كَذَا ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ بِفَتْحِ النُّونِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا فِي بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ مِنْ الْأَجِنَّةِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَلَاقِيحَ اسْمٌ لِمَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ مَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَصَاحِبُ الْمُجْمَلِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ بِأَنْ يَلْمِسَ ثَوْبًا لَمْ يَرَهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ وَمَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ الْفَتْحِ فَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهَا فِي الْمَاضِي مَفْتُوحَةٌ وَلَا حَرْفُ حَلْقٍ ر (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي هَذَا إلَخْ) أَوْ أَيِّ ثَوْبٍ نَبَذْته إلَيْك فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك بِعَشَرَةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 بِالْعِوَضِ فِي الثَّالِثِ (فَإِنْ بَاعَهُ بِأَلْفٍ نَقْدًا وَبِأَلْفَيْنِ نَسِيئَةً أَوْ) بَاعَ (نِصْفَهُ بِأَلْفٍ وَنِصْفَهُ بِأَلْفَيْنِ صَحَّ لَا أَنْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ نِصْفَهُ بِسِتِّمِائَةٍ) فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ أَوَّلَ كَلَامِهِ يَقْتَضِي تَوْزِيعَ الثَّمَنِ عَلَى الْمُثَمَّنِ بِالسَّوِيَّةِ وَآخِرَهُ يُنَاقِضُهُ (وَبَيْعُ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُمَا فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ. (وَبَيْعُ الْمَجْرِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (وَهُوَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ وَبِالرَّاءِ بَيْعُ (مَا فِي الرَّحِمِ) مِنْ الْأَجِنَّةِ فَيَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ (وَقِيلَ هُوَ الرِّبَا وَقِيلَ) هُوَ (الْمُحَاقَلَةُ) وَالْمُزَابَنَةُ (وَبَيْعُ السِّنِينَ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَهُوَ بَيْعُ ثَمَرَةِ النَّخْلِ سِنِينَ أَوْ تَحْدِيدُ الْبَيْعِ كَبِعْتُكَ) هَذَا (سَنَتَيْنِ فَإِذَا انْقَضَتَا فَلَا بَيْعَ) بَيْنَنَا وَالْبُطْلَانُ فِيهِ لِعَدَمِ الْبَيْعِ وَلِلتَّأْقِيتِ (وَبَيْعُ الْعُرْبُونِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ وَبِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ» أَيْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ (وَهُوَ أَنْ يُعْطِيَهُ بَعْضَ الثَّمَنِ فَإِنْ فُسِخَ كَانَ هِبَةً) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً مِنْ غَيْرِهِ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ لِتَكُونَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَ السِّلْعَةَ وَإِلَّا فَهِبَةٌ لَهُ قَالَ وَيُفَسَّرُ أَيْضًا بِأَنْ يَدْفَعَ دَرَاهِمَ لِمَنْ يَصْنَعُ لَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ إنْ رَضِيَهُ فَهِيَ مِنْ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَهِبَةٌ لَهُ وَالْبُطْلَانُ فِيهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ الْهِبَةِ (وَبَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ) كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ (وَبَيْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ السِّلَاحِ) لِأَنَّهُمْ يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ فِي قَبْضَتِنَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهِ لِلدَّاخِلِ بِأَمَانٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ إمْسَاكُهُ عِنْدَهُ إلَى عَوْدِهِ وَلِأَنَّ الْأَمَانَ عَارِضٌ يَزُولُ (إلَّا الْحَدِيدَ) فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لَهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ جَعْلُهُ سِلَاحًا. فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَهُ سِلَاحًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ مِنْهُمْ كَبَيْعِ الْعِنَبِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا وَسَيَأْتِي (وَبَيْعُ الْعِنَبِ قَبْلَ أَنْ يَسْوَدَّ وَالْحَبِّ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ) كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَلَوْ ذُكِرَ هُنَا كَالْأَصْلِ مَقْرُونًا بِذِكْرِ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ كَانَ أَنْسَبَ (وَيَجُوزُ بَيْعِ الْهِرَّةِ) الْأَهْلِيَّةِ (وَالنَّهْيُ) عَنْ ثَمَنِ الْهِرَّةِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ (مُتَأَوَّلٌ) أَيْ مَحْمُولٌ (عَلَى الْوَحْشِيَّةِ) إذْ لَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَةُ اسْتِئْنَاسِ وَلَا غَيْرُهُ (أَوْ الْكَرَاهَةُ) فِيهِ (لِلتَّنْزِيهِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النَّاسَ يَتَسَامَحُونَ بِهِ (وَالنَّهْيُ) أَيْ وَكَالنَّهْيِ (عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (وَهُوَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْقَرْضِ وَ) كَالنَّهْيِ (عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ) رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ وَجَعَلَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْقَرْضِ مِنْ أَمْثِلَةِ الْبَيْعِ بِشَرْطٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَعِبَارَتُهُ وَعَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ كَبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ انْتَهَى وَذَلِكَ كَأَنْ يَبِيعَهُ عَبْدَهُ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ مِائَةً أَوْ يَبِيعَهُ دَارًا مَثَلًا وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَلْفَ وَرِفْقَ الْعَقْدِ الثَّانِي ثَمَنًا وَاشْتِرَاطُ الْعَقْدِ الثَّانِي فَاسِدٌ فَبَطَلَ بَعْضُ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ حَتَّى يَفْرِضَ التَّوْزِيعَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَاقِي فَبَطَلَ الْبَيْعُ (فَصْلٌ الشَّرْطُ إنْ اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ) كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ (فَوُجُودُهُ) فِيهِ (كَعَدَمِهِ) فَيَصِحُّ مَعَهُ الْعَقْدُ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ تَأْكِيدٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَضٌ) وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ الْعَقْدُ (كَشَرْطِ أَنْ يُلْبِسَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (الْحَرِيرَ أَوْ يُطْعِمَهُ الْهَرِيسَةَ) لِأَنَّ ذِكْرَهُ لَا يُورِثُ تَنَازُعًا غَالِبًا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ إلْزَامَ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يُصَلِّيَ النَّوَافِلَ أَوْ يَصُومَ شَهْرًا غَيْرَ رَمَضَانَ أَوْ يُصَلِّيَ الْفَرَائِضَ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِهَا فَسَدَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ إلْزَامُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ قَالَ وَقَضِيَّتُهُ فَسَادُ الْعَقْدِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ وَالْحَرِيرِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ تَصْرِيحًا بِالْبُطْلَانِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ التَّتِمَّةِ وَهُوَ عَجِيبٌ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فَقَالَ وَإِذَا بَاعَهُ الْعَبْدَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ أَوْ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فَتَلَخَّصَ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ فِي اشْتِرَاطِ مَا لَا غَرَضَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ) قَالَ شَيْخُنَا وَإِنْ قَالَ بَعْدَهُ وَنِصْفَهَا بِأَرْبَعِمِائَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ بِعْتُك الدَّارَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَهَا صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكهَا إلَّا نِصْفَهَا (قَوْلُهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْط الْهِبَةِ) وَشَرْطِ الرَّدِّ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَرْضَى (قَوْلُهُ وَبَيْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ السِّلَاحَ) الْخَيْلُ كَالسِّلَاحِ وَيَرِدُ عَلَى مَفْهُومِهِ بَيْعُ ذَلِكَ مِنْ الذِّمِّيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ كَالْحَرْبِيِّ ع وَلَوْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فِي رِسَالَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ وَخَافَ الْبُغَاةَ أَوْ الْقُطَّاعَ فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ السَّيْفَ الْوَاحِدَ وَالسِّكِّينَ الْوَاحِدَةَ لِيَدْفَعَ بِهِ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ فَإِنَّهُ مِنْ زَادِ الْمُسَافِرِينَ قَالَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا) عُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّلَاحِ كُلُّ مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ فِي قَبْضَتِنَا) نَعَمْ لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ يَشْتَرُونَهُ مِنَّا وَيَدُسُّونَهُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ فَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهُ ع وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ الْجَزْمُ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الظَّاهِرُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ هَذَا اتِّجَاهٌ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ شِرَاءِ السِّلَاحِ فِي مُدَّةِ إقَامَتِهِ عِنْدَنَا لِلتِّجَارَةِ وَالْقِتَالُ كَدَفْعِ الصَّائِلِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَنَحْوَهُ وَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ أُمِرَ بِبَيْعِهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ حَمْلِهِ مَعَهُ فَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ اهـ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَهُ سِلَاحًا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ بَعْضِ الْأَصْحَابِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مِنْهُمْ كُلُّ مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا [فَصْلٌ الشَّرْطُ إنْ اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ فِي الْبَيْع] (فَصْلٌ الشَّرْطُ إنْ اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ إلَخْ) (قَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ) وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الشَّاشِيَّ فِي الْحِلْيَةِ حَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ قَالَ وَقَضِيَّتُهُ فَسَادُ الْعَقْدِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ وَالْحَرِيرِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى ضَعْفِ الْعَبْدِ عَنْ الْخِدْمَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الصَّوْمَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 فِيهِ الْبُطْلَانُ وَإِنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ فِيهِ إلَّا عَلَى كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَعْدُودِينَ فِي الْمُصَنَّفَيْنِ لَا فِي أَصْحَابِ الْوُجُوهِ. قَالَ وَقَدْ اخْتَارَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ لَا يَأْكُلُ إلَّا الْهَرِيسَةَ أَنَّهُ يُقْرَأُ بِتَاءِ الْخِطَابِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا غَرَضَ فِيهِ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا إذَا قُرِئَ بِالْيَاءِ آخِرَ الْحُرُوفِ فَقَدْ يُتَخَيَّلُ الْإِفْسَادُ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ الْعَبْدَ كَالْإِعْتَاقِ وَمَا قَالَاهُ بَعِيدٌ عَنْ السِّيَاقِ لَكِنَّهُ صَحِيحٌ نَقْلًا كَمَا بَيَّنْته وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَا فِي التَّتِمَّةِ مَحَلُّهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَصْلًا وَمَسْأَلَتُنَا مَحَلُّهَا فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي الْجُمْلَةِ إذْ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ وَقَدْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا مِنْ أَحَدِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تَتَأَدَّى هِيَ بِبَعْضِهَا فَيَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهَا فَأَشْبَهَ خِصَالَ الْكَفَّارَةِ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهَا بِالتَّعْيِينِ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى التَّقْدِيرِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ وَإِلَى أَنَّهُ يَجْمَعُ لَهُ بَيْنَ أَدَمَيْنِ أَوْ نَوْعَيْنِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ فَإِذَا شَرَطَ فَقَدْ شَرَطَ مَا لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَبْطَلَهُ قَالَ وَفِي التَّمْثِيلِ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ شَرْعًا إنْ كَانَ الْعَبْدُ بَالِغًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ بَاعَ سَيْفًا وَشَرَطَ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ نَظَرْت فَإِنْ كَانَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ لَمْ يُبْطِلْهُ وَلَزِمَ سَوَاءٌ نَفَعَ الْمُشْتَرِيَ) كَكَوْنِ الْمَبِيعِ كَاتِبًا (أَوْ الْبَائِعَ) كَرَهْنٍ بِالثَّمَنِ (أَوْ كِلَيْهِمَا) كَالْخِيَارِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ كَاسْتِثْنَاءِ سُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا وَنَحْوَهُ فَفَاسِدٌ يُفْسِدُ الْبَيْعَ) لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُهُ امْتِنَاعُ كُلِّ شَرْطٍ لَكِنْ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ تَأْدِيَتُهُ إلَى بَقَاءِ عَلَقَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ قَدْ يَثُورُ بِسَبَبِهَا نِزَاعٌ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ وَقَدْ يُفْضِي إلَى فَوَاتِ مَقْصُودِ الْعَقْدِ فَحَيْثُ انْتَفَى هَذَا الْمَعْنَى صَحَّ الشَّرْطُ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الشُّرُوطِ نُصُوصٌ بِصِحَّتِهَا وَسَيَأْتِي وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْعِتْقُ كَمَا سَيَأْتِي) إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَإِذَا شَرَطَ فِي الْبَيْعِ رَهْنًا أَوْ ضَمَانًا فَاسِدًا فَسَدَ الْبَيْعُ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ (كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْأَجَلِ إنْ بَاعَهُ بِمُعَيَّنٍ) لِأَنَّ الْأَجَلَ رِفْقٌ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ (أَوْ) بَاعَهُ بِمَا (فِي الذِّمَّةِ وَجُهِلَتْ مُدَّتُهُ) أَيْ الْأَجَلُ كَقُدُومِ زَيْدٍ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ وَإِقْبَاضِ الْمَبِيعِ لِلْغَرَرِ (أَوْ) عُلِمَتْ لَكِنْ (اُسْتُبْعِدَ بَقَاؤُهُ) أَيْ الْبَائِعِ (وَبَقَاءُ وَارِثِهِ إلَى انْتِهَائِهَا كَأَلْفِ سَنَةٍ) لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُمَا لَا يَبْقَيَانِ إلَيْهَا وَبِأَنَّ الْأَجَلَ يَسْقُطُ بِمَوْتِ الْمَدِينِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَخَالَفَ فِي الرَّوْضَةِ فَلَمْ يَجْعَلْ الْمَنْعَ فِي ذَلِكَ لِاسْتِبْعَادِ مَا ذُكِرَ بَلْ لِاسْتِبْعَادِ بَقَاءِ الدُّنْيَا إلَيْهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ (وَهُوَ مُشْكِلٌ) لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْأَجَلَ يَسْقُطُ قَبْلَهَا بِمَوْتِ الْمَدِينِ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ أَيْ فَلَا يُؤَثِّرُ التَّأْجِيلُ بِهَا وَرَدَ بِأَنَّ ذَلِكَ عَكْسُ مُرَادِ الرُّويَانِيِّ وَالرَّافِعِيِّ لِأَنَّ مُرَادَهُمَا أَنَّ التَّأْجِيلَ بِهَا فَاسِدٌ لِاسْتِحَالَتِهِ لِعِلْمِنَا بِسُقُوطِ الْأَجَلِ قَبْلَ تَمَامِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ (وَتَأْجِيلُ بَدَلِ الْمُتْلَفِ وَ) الدَّيْنِ (الْحَالِّ) وَالزِّيَادَةِ فِي الْأَجَلِ قَبْلَ حُلُولِهِ (وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْوَصِيَّةِ) بِأَنْ يُوصِيَ مَالِكُهُ بِتَأْجِيلِهِ أَوْ بِزِيَادَةِ الْأَجَلِ فِيهِ مُدَّةً وَيَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَلْزَمُ وَرَثَتَهُ الْإِمْهَالُ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ بَعْدَ الْمَوْتِ تَلْزَمُ وَإِلَّا بِالنَّذْرِ كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أُطَالِبَ مَدِينِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَابْنُ الْأُسْتَاذِ وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ الْعَبْدَ كَالْإِعْتَاقِ) فِي الْحِلْيَةِ لِلشَّاشِيِّ قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا كَانَ الْمَشْرُوطُ لَا غَرَضَ فِيهِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ كَقَوْلِهِ بِعْتُك عَلَى أَنْ تَدْخُلَ الدَّارَ أَوْ تَقِفَ فِي الشَّمْسِ أَوْ تَأْكُلَ كَذَا وَعِبَارَةُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الرَّجْعَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَطْعَمَهُ إلَّا كَذَا وَلَفْظُ الْإِمَامِ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ لَوْ قَالَ بِعْتُك بِشَرْطِ أَنْ لَا تُطْعِمَهُ إلَّا أَلَذُّ الْأَطْعِمَةِ أَنَّ هَذَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ لَغْوٌ مُطْرَحٌ وَهُوَ يَرُدُّ مَا ذَكَرُوهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ) إذْ مُقْتَضَاهُ تَقْدِيرُهَا بِالْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ سَيْفًا وَشَرَطَ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ إلَخْ) الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْوَصْفِ الْمَقْصُودِ الَّذِي يَتَفَاوَتُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ صِحَّتِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ النِّهَايَةَ فِي الصِّفَةِ كَمَا قَالُوا فِي السَّلَمِ أَنَّهُ يَصِحُّ بِشَرْطِ الْجَيِّدِ لَا الْأَجْوَدِ لِأَنَّ أَقْصَاهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ شَيْئًا مَجْهُولًا ر ا (قَوْلُهُ كَاسْتِثْنَاءِ سُكْنَى الدَّارِ شَهْرٍ إلَخْ) لَوْ بَاعَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَاسْتَثْنَى الْمَنْفَعَةَ الْمُؤَجَّرَةَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إذَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ هَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ وَجَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِأَنَّهَا تَكُونُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ إلَّا الْعِتْقَ) وَمَا إذَا بَاعَ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ أَوْ ضَمَانًا) أَيْ أَوْ أَجَلًا أَوْ خِيَارًا (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْأَجَلِ إلَخْ) أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْكَفِيلِ (قَوْلُهُ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ) وَيُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ أَنَّهُ رِفْقٌ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ فَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَعَهُ فِي غَيْرِ مَا شُرِعَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا بِالنَّذْرِ كَقَوْلِهِ إلَخْ) فِي تَصْوِيرِهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الصُّورَةَ إنْ كَانَتْ فِي مُعْسِرٍ فَالْإِنْظَارُ وَاجِبٌ وَالْوَاجِبُ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ وَإِنْ كَانَتْ فِي مُوسِرٍ قَاصِدًا لِلْأَدَاءِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا لِأَنَّ أَخْذَهُ مِنْهُ وَاجِبٌ وَلَا يَصِحُّ إبْطَالُ الْوَاجِبِ بِالنَّذْرِ وَأُجِيبُ بِتَصْوِيرِهِ فِي مُوسِرٍ قَاصِدٍ لِلْإِمْهَالِ لِيَرْتَفِقَ بِهِ أَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلْأَدَاءِ عَنْ وَقْتِ الْحُلُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ بِمَا إذَا كَانَ مَا لَهُ غَائِبًا وَتَكُونُ فَائِدَتُهُ دَفْعَ الطَّلَبِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَيِّتًا فَلَا أَثَرَ لِنَذْرِ تَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَاجِبَةٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُؤَثِّرُ النَّذْرُ حَتَّى لَوْ رَضِيَ الْوَارِثُ وَرَبُّ الدَّيْنِ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ نَعَمْ لَوْ أَنَّ النَّاذِرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَاتَ فَهَلْ لِوَرَثَتِهِ الْمُطَالَبَةُ لِأَنَّ الدَّيْنَ حَالٌّ وَالنَّاذِرَ قَدْ مَاتَ وَهُمْ لَمْ يَنْذُرُوا أَوْ عَلَيْهِمْ الْإِمْهَالُ لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ كَذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُمْ الطَّلَبَ د وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّحْقِيقُ لَا اسْتِثْنَاءَ فِي الصُّورَتَيْنِ بَلْ الْحُلُولُ مَوْجُودٌ وَامْتَنَعَ الطَّلَبُ لِعَارِضٍ كَالْإِعْسَارِ وَلَهُ فَوَائِدُ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهُ الْمَدْيُونُ قَبْلَ الْمُدَّةِ لِغَرَضِ الْبَرَاءَةِ لَزِمَ رَبَّ الدَّيْنِ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ أَوْ الْإِبْرَاءُ وَالْحِنْثُ إذَا حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ اهـ وَلَهُ أَنْ يُحِيلَ بِهِ عَلَى الْمَدْيُونِ وَأَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُطَالِبُ بِهِ لِانْتِفَاءِ مُطَالَبَتِهِ لِلْمَدْيُونِ فِيهِمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 شَهْرًا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَعَطْفُ الْمُصَنِّفِ الْحَالِ عَلَى بَدَلِ الْمُتْلَفِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (وَلَوْ أَسْقَطَ الْمَدْيُونُ الْأَجَلَ لَمْ يَسْقُطْ) لِأَنَّهُ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَالصِّفَةُ لَا تُفْرَدُ بِالْإِسْقَاطِ (كَإِسْقَاطِ الصِّحَّةِ) لِلدَّنَانِيرِ (وَالْجَوْدَةِ) لِلْبُرِّ فَإِنَّهُمَا لَا يَسْقُطَانِ بِإِسْقَاطِهِمَا (أَوْ) أَسْقَطَ (الدَّائِنُ شَرْطَ الرَّهْنِ وَالضَّمِينَ سَقَطَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ فَيُفْرَدُ شَرْطُهُ بِالْإِسْقَاطِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَصِحُّ شَرْطُ ضَمِينٍ بِالثَّمَنِ) عَلَى الْمُشْتَرِي (أَوْ الْعُهْدَةِ) عَلَى الْبَائِعِ (وَ) شَرْطُ (رَهْنٍ) بِالثَّمَنِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يَرْضَى إلَّا بِهِ (مُعَيَّنَيْنِ) أَيْ الضَّمِينَ وَالرَّهْنَ بِمَا سَيَأْتِي وَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا كَوْنُ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ لِيَخْرُجَ الْمُعَيَّنَ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَك بِهَا فُلَانٌ أَوْ تَرْهَنَ بِهَا كَذَا فَلَا يَصِحُّ لِمَا مَرَّ فِي الْأَجَلِ وَكَالثَّمَنِ فِي ذَلِكَ الْمُثَمَّنُ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا كَأَنْ شَرَطَ ضَمِينًا أَوْ رَهْنًا بِدَيْنٍ آخَرَ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مَقْصُودٌ لَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ وَلَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ (وَ) يَصِحُّ شَرْعًا (إشْهَادٌ) لِمَا مَرَّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] (وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِمْ إذْ الْحَقُّ يَثْبُتُ بِأَيِّ شُهُودٍ كَانُوا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الضَّمِينِ وَالرَّهْنِ وَلَمْ يُبَالُوا بِكَوْنِ بَعْضِ الشُّهُودِ قَدْ يَكُونُ أَوْجَهَ وَقَوْلُهُ أَسْرَعُ قَبُولًا (وَلَوْ عَيَّنُوا لَمْ يَتَعَيَّنُوا) فَيَجُوزُ إبْدَالُهُمْ بِمِثْلِهِمْ أَوْ فَوْقِهِمْ فِي الصِّفَاتِ (وَلَا) يَجِبُ (تَعْيِينُ حَافِظِ الرَّهْنِ) أَيْ مَنْ يُجْعَلُ الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ لِمَا مَرَّ فِي الشُّهُودِ (بَلْ إنْ اتَّفَقَا) عَلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ عَدْلٍ فَذَاكَ وَإِنْ (تَشَاحَّا أُعْطَى عَدْلًا) أَيْ جَعَلَهُ الْحَاكِمُ فِي يَدِ عَدْلٍ (وَيَكْفِي وَصْفُ السَّلَمِ فِي الرَّهْنِ) كَمَا تَكْفِي فِيهِ الْمُشَاهَدَةُ (لَا) فِي (الضَّمِينِ فَتُشْتَرَطُ مُشَاهَدَتُهُ أَوْ مَعْرِفَةُ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ) بِذِكْرِهِمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قِيلَ الِاكْتِفَاءُ بِالْوَصْفِ كَمُوسِرٍ ثِقَةٍ أَوْلَى مِنْهُ بِمُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ الْأَحْرَارَ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ فِي الذِّمَّةِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّهُ مَالٌ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَقَدْ يُنْتَقَضُ بِالضَّامِنِ الرَّقِيقِ وَالرَّهْنُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي فِي بَقِيَّةِ الْفَصْلِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَرْهُونِ غَيْرِ الْمَبِيعِ) فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ رَهْنِ الْمَبِيعِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ رَهْنِ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ تَمَكُّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ التَّصَرُّفِ وَهُوَ مُنَافٍ لَهُ سَوَاءٌ أَشَرَطَ أَنْ يَرْهَنَهُ إيَّاهُ بَعْدَ قَبْضِهِ أَمْ قَبْلَهُ فَإِنْ رَهَنَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ صَحَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَكَالرَّهْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ الضَّمِينُ فَلَوْ بَاعَ عَيْنًا لِاثْنَيْنِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اشْتِرَاطِ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي غَيْرِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَصْلَحَةِ عَقْدِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ (فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ) مَنْ عَيَّنَ لِلضَّمَانِ كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ (أَوْ لَمْ يَشْهَدْ) مَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادَ كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ لَمْ يَرْهَنْ مَا شَرَطَ رَهْنَهُ (أَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ) أَوْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ أَوْ دَبَّرَهُ (أَوْ بَانَ مَعِيبًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَهُ) أَيْ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ ذَلِكَ (الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ الْبَيْعِ لِفَوَاتِ مَا شَرَطَ لَهُ وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ خِيَارُ نَقْصٍ وَلَا يُجْبَرُ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا شُرِطَ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِالْفَسْخِ وَلَا يَقُومُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ مَقَامَهُ أَمَّا إذَا تَلِفَ أَوْ تَعَيَّبَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ لَهُ نَعَمْ إنْ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ سَابِقٍ كَرِدَّةٍ وَسَرِقَةٍ سَابِقَتَيْنِ فَلَهُ الْخِيَارُ (فَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ حُدُوثَ الْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ) وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ قَبْلَهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ اسْتِدَامَةً لِلْبَيْعِ وَمَحَلُّهُ إذَا أَمْكَنَ حُدُوثُهُ وَقِدَمُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حُدُوثُهُ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ صَدَقَ الْمُرْتَهِنُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قِدَمُهُ صَدَقَ الرَّاهِنُ بِلَا يَمِينٍ (وَلَوْ عَلِمَ) الْمُرْتَهِنُ (بِالْعَيْبِ بَعْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ أَوْ تَعَيُّبِهِ مَقْبُوضًا) أَيْ بَعْدَ قَبْضِهِ (فَلَا خِيَارَ) لَهُ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا أَمْكَنَهُ رَدُّ الرَّهْنِ كَمَا أَخَذَهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْهَلَاكُ يُوجِبُ الْقِيمَةَ فَأَخَذَهَا الْمُرْتَهِنُ رَهْنًا ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَا أَرْشَ) لَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ وَهَلَاكُ بَعْضِ الْمَرْهُونِ بَعْدَ قَبْضِهِ كَهَلَاكِ كُلِّهِ فَلَوْ ارْتَهَنَ عَبْدَيْنِ مَثَلًا وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَتَلِفَ الْآخَرُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِفَوَاتِ رَدِّ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ (وَيَصِحُّ) بَيْعُ الرَّقِيقِ (بِشَرْطِ كَوْنِهِ كَاتِبًا أَوْ خَبَّازًا وَبِشَرْطِ الْخِيَارِ وَسَنَذْكُرُهُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَصِحُّ شَرْطُ ضَمِينٍ بِالثَّمَنِ) صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ بِشَرْطِ أَنْ تَكْفُلَ لِي فُلَانًا فَلَوْ قَالَ بِشَرْطِ أَنْ يَتَكَفَّلَ لِي فُلَانٌ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ إلَّا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ دُونَ الْمُشْتَرِي قَالَهُ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ وَذَكَرَ أَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي بَعْضِ الْمُصَنَّفَاتِ قَالَ الْأَزْرَقُ فِي شَرْحِهِ لِلتَّنْبِيهِ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ وَإِنْ كَانَ قَدْ شَاعَ بَيْنَ الطَّلَبَةِ عِنْدَنَا وَتَدَاوَلَهُ فُقَهَاءُ بَلَدِنَا وَهُوَ الَّذِي فِي حِفْظِي مِنْ مَشَايِخِي وَأَلْقَيْته عَلَى الطَّلَبَةِ وَأَوْعَيْتَهُ التَّلَامِذَةَ وَقَدْ رَجَعْت عَنْهُ وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ) بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ وَلِأَنَّ الثِّقَاتِ يَتَفَاوَتُونَ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُنْقَضُ بِالضَّامِنِ الرَّقِيقُ) الضَّامِنُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَكْفِي وَصْفُهُ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا وَجْهُ النَّقْضِ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْأَحْرَارَ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ فِي الذِّمَّةِ يُفْهِمُ أَنَّ الْأَرِقَّاءَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْوَصْفُ بِمُوسِرٍ ثِقَةٍ وَالرَّقِيقُ مُعْسِرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ مُوسِرًا بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ فِي قَوْلٍ أَوْ يَكُونُ مَأْذُونًا لَهُ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ وَفِي يَدِهِ مَالٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ رَهْنِ الْمَبِيعِ) وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا لِأَنَّ قَضِيَّةَ الرَّهْنِ أَنَّهُ أَمَانَةٌ وَقَضِيَّةَ الْبَيْعِ أَنَّهُ مَضْمُونٌ فَتَتَنَاقَضُ الْأَحْكَامُ (قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ مَنْ عُيِّنَ لِلضَّمَانِ إلَخْ) سَكَتَ عَمَّا إذَا مَاتَ الْكَفِيلُ أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ بِإِعْسَارٍ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَفَّلَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَغَيَّرَ قَبْلَهَا وَالْقِيَاسُ إلْحَاقُهُ بِالرَّهْنِ ح (قَوْلُهُ أَوْ بَانَ مَعِيبًا قَبْلَ الْقَبْضِ إلَخْ) أَيْ عَيْبًا يُنْقِصُ الْقِيمَةَ لَا الْخِصَاءَ وَلَوْ بَعْدَ بَيْعِهِ لِلدَّيْنِ إنْ اسْتَرَدَّ الثَّمَنَ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْعَدْلِ لَا إنْ رَدَّهُ عَلَى الرَّاهِنِ وَلَمْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ وَفِي إجْبَارِ الْبَائِعِ عَلَى قَبُولِ الرَّهْنِ إذَا بَذَلَهُ لِلْمُشْتَرِي وَجْهَانِ. اهـ. أَوْجَهُهُمَا إجْبَارُهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ سَابِقٍ) أَيْ جَهِلَهُ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لِفَوَاتِ رَدِّ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 فِي بَابِ الْخِيَارِ (وَيَفْسُدُ) الْبَيْعُ (بِشَرْطٍ فَاسِدٍ كَمَا إذَا بَاعَهُ دَارًا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَهُ عَبْدًا أَوْ يُقْرِضَهُ أَلْفًا) مَثَلًا (فَإِنْ فَعَلَ) بِمُوَافَقَةِ الْآخَرِ وَأَتَيَا بِالْعَقْدَيْنِ (فَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ) كَمَا عُلِمَ (وَكَذَا الثَّانِي إنْ جَهِلَ بُطْلَانَ الْأَوَّلِ) بِأَنْ جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا لِأَنَّهُمَا أَتَيَا بِهِ عَلَى حُكْمِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَإِنْ عَلِمَا الْبُطْلَانَ صَحَّ (وَإِنْ اشْتَرَى زَرْعًا أَوْ ثَوْبًا) مَثَلًا بِعَشَرَةٍ (بِشَرْطِ حَصْدِهِ وَخِيَاطَتِهِ لَهُ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ) الشِّرَاءُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ لَهُ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ سَوَاءٌ أَشَرَطَ الْعَمَلَ عَلَى الْبَائِعِ أَمْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ بِالْبَائِعِ (فَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ وَاسْتَأْجَرْتُك لِحَصْدِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ بِدِرْهَمٍ وَقَبِلَ) بِأَنْ قَالَ بِعْت وَأَجَّرْت (صَحَّ الْبَيْعُ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الْإِجَارَةِ (لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ الْمِلْكِ) لِمَحَلِّ الْعَمَلِ (فَإِنْ اشْتَرَاهُ وَاسْتَأْجَرَهُ بِالْعَشَرَةِ فَقَوْلَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ) فِي الْبَيْعِ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَلَا تَصْحِيحَ فِي الْأَصْلِ فَإِنَّهُ قَالَ فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفِي الْحُكْمِ وَالثَّانِي تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَفِي الْبَيْعِ قَوْلَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَوْ جَمَعَهَا مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا بِأَنْ قَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَقَبِلَ أَوْ اشْتَرَاهُ وَاسْتَأْجَرَهُ بِالْعَشَرَةِ كَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ (وَإِنْ اشْتَرَى حَطَبًا) مَثَلًا (عَلَى دَابَّةٍ بِشَرْطِ إيصَالِهِ مَنْزِلِهِ لَمْ يَصِحَّ) وَإِنْ عَرَفَ مَنْزِلَهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِشَرْطٍ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْعَقْدَ (صَحَّ وَإِنْ اُعْتِيدَ إيصَالُهُ) مَنْزِلِهِ (وَلَمْ يَجِبْ) إيصَالُهُ إلَيْهِ بَلْ يُسَلِّمُهُ لَهُ فِي مَوْضِعِهِ وَلَوْ أَخَّرَ وَإِنْ اُعْتِيدَ عَمَّا بَعْدَهُ بِأَنْ قَالَ وَلَمْ يَجِبْ إيصَالُهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ كَانَ أَوْلَى وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَجِبْ بِحَذْفِ الْوَاوِ فَيَكُونُ جَوَابًا لِمَا قَبْلَهُ (فَرْعٌ بَيْعُ الْعَبْدِ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ) مُطْلَقًا أَوْ عَنْ الْمُشْتَرِي (صَحِيحٌ) لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَشَرَطَ مَوَالِيهَا أَنْ تُعْتِقَهَا وَيَكُونُ وَلَاؤُهَا لَهُمْ فَلَمْ يُنْكِرْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا شَرْطَ الْوَلَاءِ لَهُمْ بِقَوْلِهِ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» الْحَدِيثَ (لَا أَنْ شَرَطَهُ) أَيْ إعْتَاقَهُ (عَنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي) مِنْ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ وَخَرَجَ بِإِعْتَاقِ الْمَبِيعِ شَرْطُ إعْتَاقِ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ مَعَهُ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ وَشَرْطُ إعْتَاقِ بَعْضِهِ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ الصِّحَّةُ بِشَرْطِ تَعْيِينِ الْمِقْدَارِ الْمَشْرُوطِ وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَهْجَةِ كَالْحَاوِي الصِّحَّةُ وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمُعِينِ لِلْيَمَنِيِّ الْبُطْلَانُ وَلَمْ أَرَهُ فِيهِ وَلَمَّا حَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ حِكَايَةِ بَعْضِهِمْ لَهُ قَالَ إنْ صَحَّ فَهُوَ فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ وَفِي غَيْرِ مَنْ لَهُ بَاقِيَةٌ (وَهُوَ) أَيْ الِاعْتِقَادُ الْمَشْرُوطُ (حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى) كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِاشْتِرَاطِهِ (وَلَوْ امْتَنَعَ) الْمُشْتَرِي مِنْ الْإِعْتَاقِ (أُجْبِرَ) أَيْ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا عُرِفَ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ صَارَ كَالْمَوْلَى فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ. كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيلَ يَحْسِبُهُ حَتَّى يُعْتِقَهُ (وَطَالَبَهُ الْبَائِعُ) بِهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ يُثَابُ عَلَى شَرْطِهِ وَلَهُ غَرَضٌ فِي تَحْصِيلِهِ وَلِذَلِكَ قَدْ يُسَامِحُ فِي الثَّمَنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلِمَ لَا يُقَالُ لِلْآحَادِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ حِسْبَةً لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ أَوْ جُنُونِهِ وَلَوْ أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَلَوْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَنْ مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى (وَوَلَاؤُهُ) أَيْ عِتْقُ الْعَبْدِ   [حاشية الرملي الكبير] وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا الثَّانِي إلَخْ) صَحَّحَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِيمَا لَوْ رَهَنَ بِدَيْنٍ قَدِيمٍ لِظَنِّ صِحَّةِ شَرْطِهِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ الصِّحَّةَ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْبَيْعَ يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الثَّمَنِ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ تَوَثُّقٍ فَلَا يُؤَثِّرُ الظَّنُّ فِي صِحَّتِهِ فَإِنَّ الْمُؤَثِّرَ فِيهَا مُقَابَلَةُ الشَّرْطِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ الْمُؤَدَّى إلَى حُرِّ الْجَهَالَةِ إلَى الْبَاقِي (قَوْلُهُ إنْ جَهِلَ بُطْلَانَ الْأَوَّلِ إلَخْ) فَقَدْ أَتَى بِالْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى ظَنِّ وُجُوبِهَا عَلَيْهَا وَكَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَقَضَاهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ أَوْ أَنْفَقَ عَلَى أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ إعْسَارِهِ فَبَانَ يَسَارُهُ أَوْ أَنْفَقَ عَلَى الْبَائِنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا حَامِلٌ فَبَانَ أَنْ لَا حَمْلَ وَنَظَائِرُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى حُكْمِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَرِّحَ بِالشَّرْطِ أَوْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى صُورَةِ الْإِخْبَارِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ الْمِلْكِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى نِصْفَ بُسْتَانٍ وَشَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي خِدْمَةَ النِّصْفِ الَّذِي لِلْبَائِعِ بِيَدِهِ فَعَمِلَ هَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً فَأَجَبْت بِالِاسْتِحْقَاقِ إذَا كَانَ إنَّمَا عَمِلَ عَلَى ظَنِّ حُصُولِ الْبَيْعِ لَهُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ فِيهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ عَلِمَ فَسَادَهَا [فَرْعٌ بَيْعُ الْعَبْدِ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ مُطْلَقًا أَوْ عَنْ الْمُشْتَرِي] (قَوْلُهُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ) وَلِأَنَّ اسْتِعْقَابَ الْعِتْقِ عُهِدَ فِي شِرَاءِ الْقَرِيبِ فَاحْتَمَلَ شَرْطُهُ هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي عَبْدٍ وَيَشْتَرِطُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عِتْقَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ ر وَفَارَقَ الْعِتْقُ مَا سِوَاهُ مِنْ الشُّرُوطِ لِأَنَّهُ يَكْمُلُ بِبَعْضِهِ وَيَسْرِي إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ وَيَصِحُّ إيرَادُهُ عَلَى الْحَمْلِ (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَهْجَةِ وَالْحَاوِي الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِي غَيْرِ مَنْ لَهُ بَاقِيهِ) وَمِثْلُ مَنْ لَهُ بَاقِيهِ مَنْ لَيْسَ لَهُ بَاقِيهِ وَهُوَ مُوسِرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ إعْتَاقه أُجْبِرَ) يَلْزَمُ مِنْ إجْبَارِهِ أَنَّهُ لَوْ جَنَى لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الَّذِي يَتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ الْعِتْقَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْبَائِعُ وَقَدْ يُقَالُ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا سَمَحَ بِالْبَيْعِ أَوْ حَابَى فِي الثَّمَنِ لِأَجْلِ ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ كَأَنْ قَالَ بِعْتنِيهِ بِمِائَةٍ لِأَعْتِقَهُ فَقَالَ بِعْتُك وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفًا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْجَبَهُ كَذَلِكَ فِيمَا أَحْسِبُهُ وَرَأَيْت فِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ فِي بَابِ السَّبَقِ وَالرَّمْيِ لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ إطْعَامَهُ جَازَ. وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا إنْ شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ شَرَطَهُ الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ جَازَ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ إعْتَاقَهُ صَحَّ الْعَقْدُ ثُمَّ إنْ شَاءَ لَا يُعْتَقُ اهـ وَمَعْنَى قَوْلِهِ جَازَ يَعْنِي بِهِ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَغَا الشَّرْطُ اهـ الرَّاجِحُ صِحَّةُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ إذَا شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ الْعِتْقَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْبَائِعُ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَلِمَ لَا يُقَالُ لِلْآحَادِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 (لِلْمُشْتَرِي) إذَا أَعْتَقَهُ لِأَنَّهُ الْمُعْتِقُ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ لَمْ يُجْزِئْهُ) عَنْهَا (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) فِيهِ (الْبَائِعُ) لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقِ بِجِهَةِ الشَّرْطِ فَلَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِهَا كَمَا لَا يُعْتَقُ الْمَنْذُورُ عَنْ الْكَفَّارَةِ (وَلِلْمُشْتَرِي اسْتِخْدَامُهُ) وَإِكْسَابُهُ (وَقِيمَتُهُ إنْ قُتِلَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَوَطْءِ الْأَمَةِ) الْمَشْرُوطُ إعْتَاقُهَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَلَكَهُ وَلَا يُكَلِّفُ صَرْفَ قِيمَتِهِ إلَى شِرَاءِ رَقِيقٍ آخَرَ لِيُعْتِقَهُ وَلَوْ أَخَّرَ الظَّرْفَ عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْلَى وَلَوْ جَنَى قَبْلَ إعْتَاقِهِ لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ بِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ فَوْرًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ إذَا طَلَبَهُ مِنْهُ الْحَاكِمُ أَوْ الْبَائِعُ أَوْ ظَنَّ فَوَاتَهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ (وَلَا يُجْزِئُ) أَيْ يَكْفِي اسْتِيلَادُهَا (عَنْ الْعِتْقِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ (وَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى) بِمَعْنَى مِنْ (مَنْ يُعْتِقُهُ) بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ إعْتَاقَهُ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ إعْتَاقَهُ مُتَعَيِّنٌ عَلَيْهِ وَفِي إجَارَتِهِ احْتِمَالَانِ لِلدَّارِمِيِّ صَحَّحَ مِنْهُمَا النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ الْمَنْعَ. (فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي (قَبْلَ عِتْقِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّمَنُ) الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ (سَوَاءٌ قُلْنَا الْعِتْقُ حَقٌّ لِلَّهِ) تَعَالَى (أَوْ لِلْبَائِعِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ غَيْرَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَدْرُ التَّفَاوُتِ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ بِالثَّمَنِ وَالْفَسْخِ بِرَدِّهِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ (وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ تَدْبِيرِهِ أَوْ تَعْلِيقِ عِتْقِهِ) وَلَوْ فِي ضِمْنِ كِتَابَةٍ (أَوْ وَقْفِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ بَعْدَ شَهْرٍ) مَثَلًا أَوْ بَيْعِهِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (لَمْ يَصِحَّ) إذْ لَمْ يَحْصُلْ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا مَا تَشَوَّقَ إلَيْهِ الشَّارِعُ مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ الْوَلَاءَ فِيهِ لِنَفْسِهِ) لِمُخَالَفَتِهِ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ سَوَاءٌ أَشَرَطَ مَعَ الْوَلَاءِ الْعِتْقَ أَمْ لَا بِأَنْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِي الْوَلَاءُ إنْ أَعْتَقْته وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي «خَبَرِ بَرِيرَةَ لِعَائِشَةَ وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ» فَأَجَابَ عَنْهُ الْأَقَلُّ بِأَنَّ رَاوِيَهُ هِشَامًا تَفَرَّدَ بِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى وَهْمٍ وَقَعَ لَهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَأْذَنُ فِيمَا لَا يَجُوزُ وَالْأَكْثَرُ بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَقَعْ فِي الْعَقْدِ وَبِأَنَّهُ خَاصٌّ بِقِصَّةِ عَائِشَةَ لِمَصْلَحَةِ قَطْعِ عَادَتِهِمْ كَمَا خَصَّ فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ بِالصَّحَابَةِ لِمَصْلَحَةِ بَيَانِ جَوَازِهَا فِي أَشْهُرِهِ وَبِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ كَمَا فِي {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] (أَوْ كَانَ) الْمَشْرُوطُ إعْتَاقُهُ (بَعْضًا) لِلْمُشْتَرِي (يُعْتَقُ) عَلَيْهِ (بِالشِّرَاءِ) كَأَبِيهِ وَابْنِهِ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وَيَكُونُ شَرْطُهُ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى (وَإِنْ شَرَطَ عِتْقَ حَامِلٍ فَوَلَدَتْ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَفِي عِتْقِ الْوَلَدِ وَجْهَانِ) حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ وَالْأَصَحُّ مِنْهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَنْعُ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ بِالْوِلَادَةِ (فَرْعٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ (فَإِنْ اشْتَرَى الْحَامِلَ مُطْلَقًا تَبِعَهَا الْحَمْلُ) فِي الْبَيْعِ (وَالْحَمْلُ يُعْرَفُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْرُوفِ فَيُقَابَلُ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ (وَلَوْ بَاعَهَا) أَيْ دَابَّةً (بِشَرْطِ أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ لَبُونٌ) أَوْ كَاتِبَةٌ أَوْ نَحْوِهَا (صَحَّ) لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِنْشَاءِ مَا يَتَجَدَّدُ بَلْ هُوَ الْتِزَامُ صِفَةٍ نَاجِزَةٍ فَلَا يُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ كَمَا لَا يُؤَدِّي إلَيْهَا مَا لَا غَرَضَ فِيهِ (لَا إنْ اسْتَثْنَى لَبَنَهَا أَوْ حَمْلَهَا) فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ وَيُفَارِقُ صِحَّةَ بَيْعِ الشَّجَرَةِ دُونَ ثَمَرَتِهَا بِتَيَقُّنِ وُجُودِ الثَّمَرَةِ وَالْعِلْمِ بِصِفَاتِهَا بِخِلَافِ الْحَمْلِ (أَوْ كَانَ الْحَمْلُ حُرًّا أَوْ) رَقِيقًا (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ (وَلَوْ لِلْمُشْتَرِي) فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْحَمْلَ فِيهِمَا لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاسْتَشْكَلَ بِصِحَّةِ بَيْعِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَدْخُلُ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَمْلَ أَشَدُّ اتِّصَالًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ جَوَازِ إفْرَادِهَا بِالْعَقْدِ بِخِلَافِهِ فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا شَرْعًا دُونَهُ (وَلَوْ   [حاشية الرملي الكبير] سَيَأْتِي فِي الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقِصَاصِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مِنْ امْتِنَاعِ الْمُطَالَبَةِ وَإِنَّ النَّظَرَ فِي مِثْلِهِ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ إنْ قُتِلَ قَبْلَ الْعِتْقِ) كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَذَا الدِّينَارِ عَلَى زَيْدٍ فَمَاتَ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَخَّرَ الظَّرْفَ عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْلَى) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ إذْ لَا تَكُونُ أَمَةً إلَّا قَبْلَ الْعِتْقِ كا (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى مَنْ يُعْتِقُهُ لَمْ يَصِحَّ) كَمَا لَوْ بَاعَهُ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ الْوَلَاءَ لِنَفْسِهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ أَمَّا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَك فَفِي التَّتِمَّةِ فِي بَابِ الْخُلْعِ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الشَّرْطَ يَفْسُدُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ اهـ وَقَدْ يُقَالُ لَا اسْتِثْنَاءَ بَلْ الْعَقْدُ فَاسِدٌ أَيْضًا بِدَلِيلِ عَدَمِ لُزُومِ الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْهُ وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِالْتِمَاسِهِ الْعِتْقَ عَلَى عِوَضٍ وَإِسْعَافِ الْمَالِكِ بِمَا سَأَلَهُ وَهُنَا لَمْ يُعْتِقْهُ الْمَالِكُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي مَجَّانًا فَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْأَكْثَرُ بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَقَعْ فِي الْعَقْدِ) لِأَنَّهُ كَانَ وَقْتَ الْمُسَاوَمَةِ (قَوْلُهُ لِمَصْلَحَةِ قَطْعِ عَادَتِهِمْ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ أَصَحُّ الْأَجْوِبَةِ (قَوْلُهُ {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] أُولَئِكَ لَهُمْ اللَّعْنَةُ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ) وَمِنْ هَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَكَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ ر (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الصِّحَّةُ) وَيَكُونُ شَرْطُهُ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ بِالْوِلَادَةِ) وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إعْتَاقُهُ وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ [فَرْعٌ بَيْعُ الْحَمْلِ] (قَوْلُهُ تَبِعَهَا الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ) وَإِنْ بِيعَتْ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ مَالِكِهَا أَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ كَانَ ثَانِي تَوْأَمَيْنِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا سَمَكَةً (قَوْلُهُ فَيُقَابَلُ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ) لِأَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ الْحَوَامِلَ فِي الدِّيَةِ فَلِلْبَائِعِ حَبْسُ الْوَلَدِ إلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ سَقَطَ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ إلَخْ) قَدْ يَرِدُ عَلَى مَفْهُومِهِ مَا لَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْحَمْلِ مَالِكَ الْأُمِّ فَبَاعَهُمَا دَفْعَةً فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 بَاعَهَا وَحَمْلَهَا أَوْ) بَاعَهَا (وَلَبَنَ ضَرْعِهَا لَمْ يَصِحَّ) لِجَعْلِهِ الْحَمْلِ أَوْ اللَّبَنِ الْمَجْهُولِ مَبِيعًا مَعَ الْمَعْلُومِ بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا حَامِلًا أَوْ لَبُونًا كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ وَصْفًا تَابِعًا وَبَيْضُ الطَّيْرِ كَالْحَمْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْجُبَّةِ بِحَشْوِهَا) وَالْجِدَارُ بِأُسِّهِ لِدُخُولِ الْحَشْوِ فِي مُسَمَّى الْجُبَّةِ وَالْأُسِّ فِي مُسَمَّى الْجِدَارِ فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهُمَا لِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ بِخِلَافِ الْحَمْلِ وَدُخُولُهُ تَبَعًا لَا يَسْتَلْزِمُ دُخُولَهُ فِي مُسَمَّى اللَّفْظِ وَتَعْبِيرُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَمْلِ بِالْوَاوِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْحَشْوِ بِالْبَاءِ مِثَالٌ إذْ لَا فَرْقَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا بَيْنَ الْوَاوِ وَالْبَاءِ وَمَعَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي أَثْنَاءِ الْأَمْثِلَةِ (وَإِنْ شَرَطَ وَضْعَ الْحَمْلِ لِشَهْرٍ) مَثَلًا (أَوْ أَنَّهَا تُدِرُّ كُلَّ يَوْمٍ صَاعًا) مَثَلًا (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَغَيْرُ مُنْضَبِطٍ فِي الثَّانِيَةِ فَصَارَ (كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَكْتُبَ الْعَبْدُ كُلَّ يَوْمٍ عَشَرَ وَرَقَاتٍ) مَثَلًا (فَرْعٌ لَوْ شَرَطَ) الْبَائِعُ بِمُوَافَقَةِ الْمُشْتَرِي (حَبْسَ الْمَبِيعِ) بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ (حَتَّى يُسْتَوْفَى الثَّمَنُ الْحَالُّ الْمُؤَجَّلُ) وَخَافَ فَوْتَ الثَّمَنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ (صَحَّ) لِأَنَّ حَبْسَهُ حِينَئِذٍ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ حِينَئِذٍ فِي التَّسْلِيمِ بِالْبَائِعِ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (لَا إنْ قُلْنَا الْبُدَاءَةُ بِالْبَائِعِ وَإِنْ بَاعَهُ صُبْرَةً كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ أَوْ يُنْقِصَهُ صَاعًا لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ كَانَتْ صِيعَانُهَا مَعْلُومَةً كَعَشَرَةٍ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهَا) فِي الزِّيَادَةِ (تِسْعَةَ دَرَاهِمَ أَوْ) فِي النَّقْصِ (أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا) فَيَجُوزُ فَفِي الْأُولَى قَدْ بَاعَ كُلَّ صَاعٍ وَتُسْعًا بِدِرْهَمٍ وَفِي الثَّانِيَةِ بَاعَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَعَشَرَ فَعُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْجَوَازِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الصِّيعَانُ مَجْهُولَةً لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حِصَّةَ كُلِّ صَاعٍ وَفِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْ مَا ذَكَرَ كَأَنْ أَرَادَ فِي الْأُولَى هِبَةَ صَاعٍ أَوْ بَيْعَهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَفِي الثَّانِيَةِ رَدَّهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ (فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَزِيدَك صَاعًا أَوْ أُنْقِصَك (أَنَّهُ أَرَادَ أَحَدَهُمَا بَطَلَ الْبَيْعُ) مُطْلَقًا لِلْإِبْهَامِ (وَإِذَا بَاعَهُ الْأَرْضَ أَوْ الصُّبْرَةَ) مَثَلًا (عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ أَوْ) مِائَةُ (صَاعٍ فَخَرَجَ) الْمَبِيعُ (زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا صَحَّ) تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ وَتَنْزِيلًا لِخَلْفِ الشَّرْطِ فِي الْمِقْدَارِ مَنْزِلَةَ خَلْفِهِ فِي الصِّفَاتِ. (وَ) ثَبَتَ (الْخِيَارُ لِمَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ) وَهُوَ الْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ وَالْمُشْتَرِي فِي النَّقْصِ (فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي) لِلْبَائِعِ (لَا تَفْسَخْ وَأَنَا أَقْنَعُ بِالْقَدْرِ الْمَشْرُوطِ) شَائِعًا وَلَك الزِّيَادَةُ (أَوْ قَالَ لَا تَفْسَخْ وَأَنَا أُعْطِيَك ثَمَنَ الزَّائِدِ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُ الْبَائِعِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ ثُبُوتَ حَقِّ الْمُشْتَرِي شَائِعًا يَجُرُّ ضَرَرًا وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِمَا فِيهِ مِنْ إلْزَامِهِ تَمْلِيكِ مَالِهِ لِغَيْرِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ (وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي بِحَطِّ الْبَائِعِ) مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ النَّقْصِ (وَإِذَا أَجَازَ فَبِالْمُسَمَّى) يُجِيزُ (لَا غَيْرُ) أَيْ لَا بِقِسْطِهِ لِأَنَّ الْمُتَنَاوَلَ بِالْإِشَارَةِ ذَلِكَ الْمَوْجُودُ لَا غَيْرُ وَإِذَا أَجَازَ الْبَائِعُ فَالْجَمِيعُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يُطَالِبُهُ لِلزِّيَادَةِ بِشَيْءٍ (وَلَوْ قَالَ بِعْ) عَبْدَك مَثَلًا (مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ وَعَلَى خَمْسِمِائَةٍ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ عَلَى أَنَّ عَلَيَّ خَمْسُمِائَةٍ (فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ لِأَنَّ وُجُوبَ الثَّمَنِ خَاصٌّ بِالْمُشْتَرِي وَمَا ذُكِرَ فِي الْخُلْعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْ عَبْدَك بِأَلْفٍ وَلَك عَلَيَّ خَمْسُمِائَةٍ فَفَعَلَ صَحَّ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَى الْقَائِلِ شَيْئًا صُورَتُهُ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْخَمْسَمِائَةِ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ (فَصْلٌ الْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ) لِفَقْدِ شَرْطٍ أَوْ لِشَرْطٍ فَاسِدٍ (يَضْمَنُهُ) الْمُشْتَرِي (ضَمَانَ الْغَصْبِ) لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ كُلَّ لَحْظَةٍ بِرَدِّهِ فَيَضْمَنُهُ عِنْدَ تَلَفِهِ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَبِأَقْصَى الْقِيَمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ إلَى وَقْتِ التَّلَفِ وَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهِ لِلتَّعَيُّبِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ لِلْمَنْفَعَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا وَضَمَانُ زَوَائِدِهِ كَنِتَاجٍ وَتَعَلُّمِ حِرْفَةٍ (وَعَلَيْهِ رَدُّهُ) لِمَالِكِهِ وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ (وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ) وَلَا يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَالرَّهْنِ الْفَاسِدِ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِتَوْجِيهِ الشَّيْخَيْنِ فِي الضَّمَانِ عَدَمَ مُطَالَبَةِ ضَامِنِ الْعُهْدَةِ لَوْ بَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِإِمْكَانِ حَبْسِ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ الْبَائِعَ الْتَزَمَ ثَمَّ حُكْمَ الضَّمَانِ فَلَزِمَهُ حُكْمُ التَّوَثُّقِ فَكَانَ لِلْمُشْتَرِي الْحَبْسُ لِذَلِكَ وَبِأَنَّ التَّوْجِيهَ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الْحَبْسِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ لِأَنَّهُمَا تَكَلَّمَا عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ (وَإِنْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ) عَلَى الْبَائِعِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ شَرَطَ الْبَائِعُ حَبْسَ الْمَبِيعِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يُسْتَوْفَى الثَّمَنُ الْحَالُّ الْمُؤَجَّلُ] قَوْلُهُ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ) الصِّفَةُ اللَّازِمَةُ تَجْرِي مَجْرَى الْإِشَارَةِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ زَوَّجْتُك بِنْتِي فُلَانَةَ وَسَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا صَحَّ لِأَنَّ الْبِنْتَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ وَيُلْغَى الِاسْمُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ وَالْمُشْتَرِي فِي النَّقْصِ) فَلَوْ تَلِفَ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَرْشُ [فَصْلٌ الْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ] (فَصْلٌ الْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ) (قَوْلُهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ غَصْبٍ لَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي) أَوْ غَرَسَ فَنَقَضَ الْمُسْتَحِقُّ بِنَاءَهُ أَوْ قَلَعَ غِرَاسَهُ رَجَعَ بِأَرْشِ النَّقْصِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ) هَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ صَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ أَيْضًا وَادَّعَى فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ عَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمِثْلِيَّ إنَّمَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ إذَا لَمْ يُقْبَضْ عَلَى جِهَةِ الْمُعَاوَضَةِ فَإِنْ قُبِضَ بِهَا فَلَا لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَقْتَ الْقَبْضِ بِالْمِثْلِ اهـ وَجَوَابُهُ أَنَّ ضَمَانَهُ بِالْعِوَضِ قَدْ زَالَ بِالْفَسْخِ فَصَارَ كَمَا لَوْ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ عَقْدٌ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الثَّمَنِ كَمَا قَالُوهُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَإِلَّا فَلَهُ الْحَبْسُ لَا سِيَّمَا إذَا جَهِلَ فَسَادَ الْبَيْعِ وَأَنْ لَا يَكُونَ تَصَرُّفُهُ مَبْنِيًّا عَلَى الِاحْتِيَاطِ فَلَوْ بَاعَ الْوَلِيُّ لِلطِّفْلِ فَاسِدًا وَأَقْبَضَ الثَّمَنَ فَلَهُ الْحَبْسُ لِاسْتِرْدَادِهِ لِبِنَاءِ تَصَرُّفِهِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ التَّوْجِيهَ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْقَائِلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا أَعْتِقْهُ فَأَعْتَقَهُ بِإِذْنِهِ لَا يُعْتَقُ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَيَنْبَغِي تَنْزِيلُهُ عَلَى الْجَاهِلِ بِفَسَادِهِ أَمَّا لَوْ عَلِمَ فَيُعْتَقُ ر وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُعْتَقُ وَإِنْ جَهِلَ الْبَائِعُ فَسَادَ الْبَيْعِ كَمَا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ أَعْتِقْهُ عَنِّي أَوْ مُطْلَقًا فَأَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ وَقَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 بِمَا أَنْفَقَ (وَلَوْ جَهِلَ الْفَسَادَ) لِأَنَّهُ شُرِعَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ ذَلِكَ (وَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ شِرَاءً فَاسِدًا (لَمْ يُحَدَّ) وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِذَلِكَ (إلَّا إنْ عَلِمَ) الْفَسَادَ (وَالثَّمَنُ مَيْتَةٌ أَوْ دَمٌ) أَوْ نَحْوُهُمَا مِمَّا لَا يُمْلَكُ بِهِ أَصْلًا فَيُحَدُّ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِذَلِكَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَحَدٍ (لَا خَمْرٌ) وَنَحْوُهُ كَخِنْزِيرٍ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِهِ يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِعُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعِلْمِ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إنْ كَانَا أَيْ الْوَاطِئُ وَالْمَوْطُوءَةُ عَالِمَيْنِ وَأُلْحِقَتْ الْمَيْتَةُ هُنَا بِالدَّمِ وَفِي الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ بِالْخَمْرِ لِأَنَّ النَّظَرَ ثَمَّ إلَى وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَى مَقْصُودٍ وَالْمَيْتَةُ مَقْصُودَةٌ لِإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ وَالنَّظَرُ هُنَا إلَى مَا يَقُولُ الْحَنَفِيُّ أَنَّ الشِّرَاءَ بِهِ يُفِيدُ الْمِلْكَ وَعِنْدَهُ الْمَيْتَةُ كَالدَّمِ فِي عَدَمِ إفَادَةِ الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ بِهَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ (وَحَيْثُ لَا حَدَّ يَجِبُ الْمَهْرُ) وَلَا عِبْرَةَ بِالْإِذْنِ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ التَّمْلِيكُ الْفَاسِدُ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْأَمَةُ (بِكْرًا فَمَهْرُ بِكْرٍ) لِلتَّمَتُّعِ بِهَا وَقِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِجَامِعِ التَّوَصُّلِ إلَى الْوَطْءِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ) لِإِتْلَافِهَا بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ دُونَ النِّكَاحِ إذْ لَوْ أَزَالَ الْمُشْتَرِي بَكَارَتَهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ وَلَوْ أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ إيجَابِ مَهْرِ بِكْرٍ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مَغْصُوبَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا لَزِمَهُ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَهْرُ ثَيِّبٍ لِوُجُودِ الْعَقْدِ الْمُخْتَلِفِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِهِ هُنَا كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ (فَإِنْ أَحْبَلَهَا ضَمِنَ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ إحْبَالِهَا حَتَّى لَوْ مَاتَتْ بِالطَّلْقِ وَلَوْ بَعْدَ عَوْدِهَا إلَى مَالِكِهَا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا (وَالْوَلَدُ) حَيْثُ لَا حَدَّ (حُرٌّ) نَسِيبٌ لِلشُّبْهَةِ (وَلَا تَصِيرُ بِهِ) الْأَمَةُ (أُمَّ وَلَدٍ) وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدُ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ حَالَةَ الْعُلُوقِ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) لِتَفْوِيتِهِ رِقِّهِ عَلَى مَالِكِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِالْفَسَادِ فَهُوَ غَارٌّ فَلَا يَغْرَمُ لَهُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ لَوْ غَرِمَهَا لَهُ لَرَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَارًّا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (يَوْمَ الْوِلَادَةِ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ (إنْ خَرَجَ حَيًّا لَا) إنْ خَرَجَ (مَيِّتًا) بِغَيْرِ جِنَايَةٍ (وَلَا يَرْجِعُ بِهَا) إذَا غَرِمَهَا عَلَى الْبَائِعِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى) أَمَةً (بِصِيغَةٍ صَحِيحَةٍ) وَاسْتَوْلَدَهَا (فَخَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْبَائِعِ) لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِصِيغَةٍ صَحِيحَةٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ مُضِرًّا (وَإِنْ مَاتَ بِجِنَايَةٍ فَالْغُرَّة) عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي (لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ لِلْمَالِكِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ مَوْلُودًا) أَيْ يَوْمَ الْوِلَادَةِ (وَ) مَنْ (الْغُرَّةِ وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ) مَنْ شَاءَ مِنْ (الْجَانِي وَالْمُشْتَرِي) وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ مَالَهُ بِهَذَا تَعَلُّقٌ (فَرْعٌ بَيْعُهُ مَا اشْتَرَاهُ فَاسِدًا) كَبَيْعِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِمَالِكِهِ (وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا نَقَصَ فِي يَدِ الثَّانِي) كَمَا يُطَالِبُهُ بِمَا نَقَصَ فِي يَدِهِ (وَ) لَهُ (مُطَالَبَةُ الثَّانِي أَيْضًا) بِذَلِكَ (لَا بِمَا نَقَصَ قَبْلَ قَبْضِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ (وَالْقَرَارُ) فِيمَا يُطَالِبُ بِهِ كُلًّا مِنْهُمَا (عَلَى الثَّانِي إنْ تَلِفَ) فِي يَدِهِ لِحُصُولِ التَّلَفِ فِيهَا وَكُلُّ نَقْصٍ حَدَثَ فِي يَدِهِ يُطَالِبُ بِهِ الْأَوَّلَ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الثَّانِي وَكَذَا حُكْمُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ [فَصْلٌ حَذَفَ الْعَاقِدَانِ الْمُفْسِدَ لِلْعَقْدِ فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ] (فَصْلٌ لَوْ حَذَفَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ (الْمُفْسِدَ لِلْعَقْدِ) وَلَوْ (فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا) إذْ لَا عِبْرَةَ بِالْفَاسِدِ (وَلَوْ زَادَا أَوْ نَقَصَا فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ) وَلَوْ فِي السَّلَمِ (أَوْ أَحْدَثَا أَجَلًا أَوْ خِيَارًا) ابْتِدَاءً أَوْ زِيَادَةً (أَوْ شَرْطًا فَاسِدًا أَوْ صَحِيحًا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) أَيْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ (اُلْتُحِقَ) كُلٌّ مِنْهَا (بِالْعَقْدِ) أَيْ بِالْمُقْتَرِنِ بِهِ وَكَذَا حَطُّ بَعْضِ مَا ذَكَرَ إذْ مَجْلِسُ الْعَقْدِ كَنَفْسِ الْعَقْدِ وَلِهَذَا صَلَحَ لِتَعْيِينِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَعِوَضِ الصَّرْفِ وَقِيسَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ خِيَارُ الشَّرْطِ بِجَامِعِ عَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَقَدْ يَحْتَاجُ فِي تَقَرُّرِ الْعَقْدِ إلَى هَذِهِ الْأُمُورِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْعَاقِدَيْنِ بَلْ الْمُوَكِّلُ وَمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْخِيَارُ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْوَارِثِ بِالنِّسْبَةِ لِزِيَادَةِ الثَّمَنِ وَبِهِ يُقَاسُ غَيْرُهُ أَمَّا بَعْدَ اللُّزُومِ فَلَا يُلْتَحَقُ بِالْعَقْدِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَوَجَبَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَهُ عَلَى الشَّفِيعِ كَمَا تَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَهُ (الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْمَنَاهِي غَيْرِ الْمُفْسِدِ فَيَحْرُمُ الِاحْتِكَارُ) لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ» أَيْ آثِمٌ (وَهُوَ إمْسَاكُ مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ) بِالْمَدِّ (لَا) فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَيْ الْوَاطِئُ وَالْمَوْطُوءَةُ عَالِمَيْنِ وَجَبَ الْحَدُّ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَهِيَ أَفْيَدُ كا (قَوْلُهُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ) إنَّمَا وَجَبَا لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا لِأَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْأَرْشَ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِهْلَاكِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) مَا ذَكَرَهُ كَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ مِنْ كَوْنِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ لَا يُضْمَنُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَلْ الْوَاجِبُ مَهْرُ بِكْرٍ فَقَطْ هُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ مَهْرِ مِثْلٍ ثَيِّبًا وَأَرْشِ بَكَارَةٍ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ) قَالَ شَيْخُنَا فَالْعَقْدُ شَبَهُهُ بِالْعَقْدِ وَإِنْ فَسَدَ أَقْرَبُ فَهَذَا وَجْهُ الْإِلْحَاقِ لَا أَنَّ الْغَاصِبَ أَحَقُّ بِالتَّغْلِيظِ فَيَكُونُ الْمُنَاسِبُ فِيهِ مَهْرَ بِكْرٍ وَأَرْشَ بَكَارَةٍ (قَوْلُهُ لَا إنْ خَرَجَ مَيِّتًا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَلَا قِيمَةَ لَهُ) أَيْ بِلَا خِلَافٍ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَحَكَوْا فِي الْغَصْبِ وَجْهًا أَنَّهُ يُضْمَنُ وَلَمْ يُجْرُوهُ هُنَا لِتَعَدِّيهِ (قَوْلُهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ مَوْلُودًا وَمِنْ الْغُرَّةِ) وَإِنَّمَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ يَوْمِ وِلَادَتِهِ مَيِّتًا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ أَمَّا الْغَاصِبُ فَلِتَعَدِّيهِ وَأَمَّا الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَلِابْتِنَاءِ يَدِهِ عَلَى يَدِهَا دِيَةٌ [فَرْعٌ بَيْعُهُ مَا اشْتَرَاهُ فَاسِدًا] (قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَا أَوْ نَقَصَا فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ خِيَارُ الشَّرْطِ) قَالَ الكوهكيلوني فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ خِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي أَثْنَاءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَفْظُهُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ [الْقَسْم الثَّانِي غَيْر الْمُفْسِد] (قَوْلُهُ «لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ» ) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» (قَوْلُهُ وَلَا مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ لِنَفْسِهِ إلَخْ) وَلَا مَا اشْتَرَاهُ وَقْتَ الْغَلَاءِ طَالِبًا لِرِبْحِهِ وَلَمْ يُمْسِكْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 وَقْتِ (الرُّخْصِ لِيَبِيعَهُ) بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْحَاجَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بِخِلَافِ إمْسَاكِ مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الرُّخْصِ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا (وَلَا) إمْسَاكَ (غَلَّةِ ضَيْعَتِهِ) وَلَا مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ أَوْ لِيَبِيعَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ (لَكِنْ فِي كَرَاهَةِ إمْسَاكِ مَا فَضَلَ عَنْهُ) أَيْ عَمَّا يَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ سَنَةً (تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْمَنْعُ لَكِنْ الْأَوْلَى بَيْعُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَخْتَصُّ) تَحْرِيمُ الِاحْتِكَارِ (بِالْأَقْوَاتِ وَمِنْهَا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ) وَالذُّرَةُ وَالْأُرْزُ فَلَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَطْعِمَةِ (وَيَحْرُمُ التَّسْعِيرُ) بِأَنْ يَأْمُرَ الْوَالِي السُّوقَةَ أَنْ لَا يَبِيعُوا أَمْتِعَتَهُمْ إلَّا بِسِعْرِ كَذَا (وَلَوْ فِي) وَقْتِ (الْغَلَاءِ) لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَلِأَنَّ «السِّعْرَ غَلَا عَلَى عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ لَنَا فَقَالَ إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّزَّاقُ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ بِدَمٍ وَلَا مَالٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْأَصْلِ إنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَطْعِمَةِ وَعَلَفِ الدَّوَابِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَلَوْ سَعَّرَ الْإِمَامُ عُزِّرَ مُخَالِفُهُ) الَّذِي بَاعَ بِأَزْيَدَ مِمَّا سَعَّرَ لِمَا فِيهِ مِنْ مُجَاهَرَةِ الْإِمَامِ بِالْمُخَالَفَةِ (وَصَحَّ الْبَيْعُ) إذْ لَمْ يَعْهَدْ الْحَجْرُ عَلَى الشَّخْصِ فِي مِلْكِهِ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِنَوْعِ مَصْلَحَةٍ كَمَا يُحْجَرُ عَلَى الْمُبَذِّرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ مَا فَهِمَهُ الْمُخْتَصَرُ وَغَيْرُهُ أَنَّ التَّعْزِيرَ مُفَرَّعٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى جَوَازِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ لَمْ يُعَزَّرْ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ انْتَهَى (فَصْلٌ وَيَحْرُمُ بَيْعُ حَاضِرٍ لِبَادٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» زَادَ مُسْلِمٌ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّضْيِيقُ عَلَى النَّاسِ (وَلَا يَبْطُلُ) وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا لِرُجُوعِ النَّهْيِ فِيهِ إلَى مَعْنًى يَقْتَرِنُ بِهِ (وَهُوَ) أَيْ بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي (أَنْ يَمْنَعَهُ) أَيْ الْحَاضِرُ الْبَادِي (مِنْ بَيْعِهِ) أَيْ بَيْعِ مَتَاعِهِ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِتَرْكِهِ عِنْدَهُ (لِيَبِيعَهُ لَهُ تَدْرِيجًا) بِثَمَنٍ غَالٍ (وَالْمَبِيعُ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ) أَيْ حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ (إلَيْهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَتَاعُ قُوتًا أَمْ لَا ظَهَرَ بِبَيْعِهِ سِعَةٌ فِي الْبَلَدِ أَمْ لَمْ تَظْهَرْ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِعُمُومِ وُجُودِهِ وَرُخْصِ السِّعْرِ أَوْ لِكِبَرِ الْبَلَدِ (لَا إنْ الْتَمَسَهُ الْبَدَوِيُّ مِنْهُ) بِأَنْ قَالَ لَهُ ابْتِدَاءً أَتْرُكُهُ عِنْدَك لِتَبِيعَهُ بِالتَّدْرِيجِ وَلَا إنْ انْتَفَى عُمُومُ الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَأَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ إلَّا نَادِرًا أَوْ عَمَّتْ وَقَصَدَ الْبَدَوِيُّ بَيْعَهُ بِالتَّدْرِيجِ فَسَأَلَهُ الْحَاضِرُ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ أَوْ قَصَدَ بَيْعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ أَتْرُكُهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ كَذَلِكَ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ (وَإِنْ اسْتَشَارَهُ) الْبَدَوِيُّ فِيمَا فِيهِ حَظُّهُ (فَفِي وُجُوبِ إرْشَادِهِ) إلَى الِادِّخَارِ وَالْبَيْعِ بِالتَّدْرِيجِ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ وَالثَّانِي لَا تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ (وَلَوْ قَدِمَ) الْبَادِي يُرِيدُ الشِّرَاءَ فَتَعَرَّضَ لَهُ حَاضِرٌ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رَخِيصًا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالسِّمْسَارِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ وَاخْتَارَ الْبُخَارِيُّ الْمَنْعَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ وَالْحَاضِرُ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ وَهُوَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ وَهِيَ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْحَاضِرِ وَالْبَادِي جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ أَيُّ شَخْصٍ كَانَ (وَ) يَحْرُمُ (تَلَقِّي الرُّكْبَانِ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُمْ) قَطْعًا (وَكَذَا الْبَيْعُ) مِنْهُمْ (فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَبْلَ دُخُولِ الْبَلَدِ) قَالَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَجْهَانِ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَخْتَصُّ تَحْرِيمُ الِاحْتِكَارِ بِالْأَقْوَاتِ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنَّ الثِّيَابَ إذَا كَانَ النَّاسُ يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا لِشِدَّةِ الْبَرْدِ غَايَةَ الِاحْتِيَاجِ أَوْ لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ يُكْرَهُ لَهُ الْإِمْسَاكُ فَإِنْ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ فَظَاهِرٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قُلْته مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي كُلِّ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ غَالِبًا مِنْ الْمَطْعُومِ وَالْمَلْبُوسِ كَمَا قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ وَإِنْ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ فَبَعِيدٌ (قَوْلُهُ لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ) وَلَيْسَ الْمُشْتَرِي بِأَوْلَى مِنْ الْبَائِعِ بِالنَّظَرِ فِي مَصْلَحَتِهِ فَإِذَا تَقَابَلَتْ الْمَصْلَحَتَانِ فَلْيُمَكَّنَا مِنْ الِاجْتِهَادِ لِأَنْفُسِهِمَا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْأَصْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ وَيَحْرُمُ بَيْعُ حَاضِرٍ لِبَادٍ] (فَصْلٌ قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ بَيْعُ حَاضِرٍ لِبَادٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلِتَحْرِيمِهِ شُرُوطٌ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ فِيهِ وَهَذَا شَرْطٌ فِي جَمِيعِ الْمَنَاهِي اهـ فَدَخَلَ فِيهِ النَّجْشُ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَالْإِثْمُ عَلَى الْحَاضِرِ خَاصَّةً كَمَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَفَّالِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحَلَالِ تَمْكِينُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مِثْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ الْإِرْشَادُ فَقَطْ لِأَنَّ التَّضْيِيقَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ دُونَ الْبَيْعِ لَا سِيَّمَا إذَا صَمَّمَ الْمَالِكُ عَلَى مَا أَشَارَ بِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ الْمُشِيرُ عَلَيْهِ بَاشَرَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ بَذْلًا لِنَصِيحَةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ) وَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْكُتُ لَا أَنَّهُ يَكْذِبُ وَيُخْبِرُ بِخِلَافِ نَصِيحَتِهِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ) أَيْ التَّحْرِيمِ وَقَالَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ إنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الْبُخَارِيُّ الْمَنْعَ) جَزَمَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ وَفَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ النَّهْيَ بِهِ وَتَفْسِيرُ الرَّاوِي يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَنَا وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد (تَنْبِيهٌ) فَاتَ الْإِرْشَادُ وَالْحَاوِي شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْجَالِبُ غَيْرَ قَادِمٍ لِوَطَنِهِ وَعَنْهُ احْتَرَزَ الْمِنْهَاجُ بِقَوْلِهِ غَرِيبٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنْ شَارِحِيهِ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْإِرْشَادِ تَقْيِيدُ الْقَادِمِ بِالْغَرِيبِ أَتّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْقَادِمُ غَيْرَ دَاخِلٍ لِوَطَنِهِ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْغَرِيبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ عَبَّرَ بِهِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُمْ) مَتَاعًا (قَوْلُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قِيلَ دُخُولُ الْبَلَدِ) ذِكْرُ الْبَلَدِ مِثَالٌ فَلَوْ كَانَ الْجَالِبُ إلَى مَحَلَّةٍ بِالْبَادِيَةِ أَوْ إلَى رَكْبٍ أَوْ جَيْشٍ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَلَوْ كَانُوا قَاصِدِينَ غَيْرَ مَكَانِ الْمُتَلَقِّي هَلْ يَكُونُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «لَا تَلَقَّوْا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الْأَسْوَاقِ فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ» وَالْمَعْنَى فِيهِ غَبْنُهُمْ سَوَاءٌ أَخْبَرَ الْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى أَوْ الْبَائِعَ فِي الثَّانِيَةِ كَاذِبًا أَمْ لَمْ يُخْبِرْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ مِنْهُمْ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ وَلِخَبَرِ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ التَّحْرِيمَ نَظَرًا لِلْمَعْنَى كَمَا هُوَ الرَّاجِحُ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّي وَخَرَجَ بِقَبْلِ دُخُولِ الْبَلَدِ التَّلَقِّي بَعْدَ دُخُولِهِ فَلَا يَحْرُمُ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ لَهُمْ غَبْنٌ فَالتَّقْصِيرُ مِنْهُمْ لَا مِنْ الْمُتَلَقِّينَ (وَيَصِحُّ) كُلٌّ مِنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَإِنْ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا لِمَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ (وَلَهُمْ بَعْدَ الدُّخُولِ) لِلْبَلَدِ الْأُولَى بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِالسِّعْرِ (الْخِيَارُ فَوْرًا إنْ غُبِنُوا) لِلْخَبَرِ إلَّا فِي الْفَوْرِ فَقِيَاسًا عَلَى خِيَارِ الْعَيْبِ (وَلَوْ الْتَمَسُوا الْبَيْعَ مِنْهُ) وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِمْ بِالسِّعْرِ (أَوْ لَمْ يُغْبَنُوا) كَأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِسِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِدُونِهِ وَهُمْ عَالِمُونَ بِهِ (فَلَا خِيَارَ لَهُمْ) لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى السَّابِقِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا تَغْرِيرَ وَكَذَا لَا خِيَارَ لَهُمْ إذَا كَانَ التَّلَقِّي بَعْدَ دُخُولِ الْبَلَدِ وَلَوْ خَارِجَ السُّوقِ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِمْ الْأَسْعَارِ مِنْ غَيْرِ الْمُتَلَقِّينَ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَقَدْ يُقَالُ يُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّلَقِّي خَارِجَ السُّوقِ وَيُمْنَعُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّحْرِيمِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفُوا الْغَبْنَ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ وَعَادَ إلَى مَا بَاعُوا بِهِ فَهَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ مَنْشَؤُهُمَا اعْتِبَارُ الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ وَكَلَامُ الشَّاشِيِّ يَقْتَضِي عَدَمَ ثُبُوتِهِ وَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِهِ كَمَا فِي زَوَالِ عَيْبِ الْمَبِيعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ وَأَثَرَهُ زَالَا ثُمَّ وَهَنَا وَإِنْ زَالَا أَثَرُهُ لَمْ يُزَلْ هُوَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِمُحَرَّمٍ (وَيَعْصِي بِالشِّرَاءِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّي) كَأَنْ خَرَجَ لِصَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَآهُمْ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ لِشُمُولِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى لِذَلِكَ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (السَّوْمُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ) لِخَبَرِ «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ وَذِكْرُ الْأَخِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ لِلرِّقَّةِ وَالْعَطْفِ عَلَيْهِ فَالْكَافِرُ كَالْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ (وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ) فِي ثَمَنِ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ (بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ) بِالتَّرَاضِي صَرِيحًا وَقَبْلَ الْعَقْدِ (أَوْ يَخْرُجُ لِلْمُشْتَرِي أَرْخَصَ) مِمَّا يُرِيدُ شِرَاءَهُ أَوْ يَرْغَبُ مَالِكُهُ فِي اسْتِرْدَادِهِ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ (وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُ) الْمَالِكُ (بِالْإِجَابَةِ) بِأَنْ عَرَّضَ بِهَا أَوْ سَكَتَ أَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ إذْ ذَاكَ يُنَادَى عَلَيْهِ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ (لَمْ يَحْرُمْ) ذَلِكَ (فَإِنْ أَخْرَجَ) آخَرُ لِلْمُشْتَرِي (الْأَرْخَصَ أَوْ زَادَ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ اللُّزُومِ) بِأَنْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ وَوَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَلَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ مُضِرًّا (فَهُوَ) فِي الْأَوَّلِ (بَيْعٌ عَلَى بَيْعِهِ) أَيْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ (وَ) فِي الثَّانِي (شِرَاءٌ عَلَى شِرَائِهِ) وَالضَّابِطُ فِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرْغَبَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِيَبِيعَهُ خَيْرًا مِنْهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ مِثْلِهِ بِأَقَلَّ وَفِي الثَّانِي أَنْ يَرْغَبَ الْبَائِعُ فِي الْفَسْخِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ (وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ وَلَوْ رَآهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي فِي الْأَوَّلِ وَالْبَائِعُ فِي الثَّانِي (مَغْبُونًا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» زَادَ النَّسَائِيّ «حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» . وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ» وَالْمَعْنَى فِيهِمَا الْإِيذَاءُ وَذِكْرُ الْمُؤْمِنِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا وَفِي (مَعْنَى) الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ نَهْيِ الرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ سِلْعَةً مِثْلَ الَّتِي اشْتَرَاهَا خَشْيَةَ أَنْ يَرُدَّ الْأُولَى وَظَاهِرٌ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ فِيمَا قَالَهُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالشِّرَاءِ   [حاشية الرملي الكبير] الْحُكْمُ كَتَلَقِّي قَاصِدِيهِ أَمْ لَا الْأَوْفَقُ لَا لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ نَعَمْ وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ لَا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا أَوْفَقَ وَذِكْرُ الرُّكْبَانِ مِثَالٌ فَلَوْ تَلَقَّى جَالِبًا وَاحِدًا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانُوا قَاصِدِينَ بَلَدًا آخَرَ غَيْرَ بَلَدِ الْمُتَلَقِّي هَلْ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ كَانُوا قَاصِدِينَ بَلَدَهُ أَمْ لَا قَالَ السُّبْكِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ لِلْحَدِيثِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ الْبَلَدَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَلَدُ الْمُتَلَقِّي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَوَسُّطِهِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ (قَوْلُهُ وَلَهُمْ بَعْدَ الدُّخُولِ) التَّعْبِيرُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ الْخِيَارُ فَوْرًا إلَخْ) يُعْذَرُ فِي دَعْوَى جَهْلِهِ بِالْخِيَارِ وَبِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى الْغَبْنِ وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ فَكَعِلْمِهِ بِالْغَبْنِ وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ بِتَأْخِيرِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا هَذَا وَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ مَعْرِفَةِ السِّرِّ وَيَظْهَرُ حِينَئِذٍ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُمْ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ حَيْثُ اشْتَرَى مِنْهُمْ بَعْدَ دُخُولِهِمْ الْبَلَدَ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَهُمْ مَعْرِفَةُ الْحَالِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِهِ) هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْغَزِّيِّ وَابْنِ قَاضِي شُهْبَةَ وَابْنِهِ (قَوْلُهُ بَلْ لِلرِّقَّةِ وَالْعَطْفِ عَلَيْهِ) وَلِلْجَرْيِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ) أَطْلَقَ الثَّمَنَ فَشَمِلَ ثَمَنَ الْمِثْلِ وَدُونَهُ وَفَوْقَهُ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مِثْلُهُ بِأَقَلَّ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ مِثْلُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ جَازَ وَبِهِ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ قَالَ لَا أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ر وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ) شَمِلَ مَا لَوْ طَلَبَ الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَمَا لَوْ قَالَ لَوْ فَسَخْت الْبَيْعَ لَاشْتَرَيْته بِأَزْيَدَ وَمَا لَوْ قَالَ ثُمَّ رَاغِبٌ فِيهِ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ وَلَوْ رَآهُ مَغْبُونًا) قَالَ السُّبْكِيُّ أَمَّا تَعْرِيفُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِأَنَّهُ نَصِيحَةٌ وَالْحَدِيثُ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ إعْلَامُهُ بِالْحَالِ كَمَا فِي الْعَيْبِ بَلْ مَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالْإِيجَابِ وَقَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالشِّرَاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 عَلَى الشِّرَاءِ طَلَبَ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةِ رِبْحٍ وَالْبَائِعِ حَاضِرٌ لِأَدَائِهِ إلَى الْفَسْخِ أَوْ النَّدَمِ (إلَّا أَنْ أَذِنَ لَهُ) الْبَائِعُ فِي الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِي فَلَا تَحْرِيمَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَقَدْ أَسْقَطَاهُ وَلِمَفْهُومِ الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ هَذَا إنْ كَانَ الْآذِنُ مَالِكًا فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَهَلْ شَرْطُ التَّحْرِيمِ تَحْقِيقُ مَا وَعَدَ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَظْهَرُ اشْتِرَاطُهُ عَلَى تَعْلِيلِ حُرْمَةِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالتَّسَبُّبِ إلَيْهِمَا دُونَ تَعْلِيلِهِمَا بِكَوْنِ ذَلِكَ إفْسَادًا لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ مُطْلَقًا لِوُجُودِ الْإِيذَاءِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ رَآهُ إلَى آخِرِهِ فِي الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالنَّجْشُ حَرَامٌ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ (وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ بِلَا رَغْبَةٍ) بَلْ (لِيَغُرَّ غَيْرَهُ) وَقَيَّدَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا يُسَاوِيهِ الْمَبِيعُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَ عِنْدَ نَقْصِ الْقِيمَةِ وَلَا رَغْبَةَ لَهُ جَازَ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُهُ (وَلَا خِيَارَ لِلْمَغْرُورِ) وَهُوَ الْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَأَمَّلْ وَلَمْ يُرَاجِعْ أَهْلَ الْخِبْرَةِ (وَكَذَا لَوْ وَاطَأَهُ) أَيْ النَّاجِشُ (الْبَائِعَ أَوْ قَالَ) الْمَالِكُ (أَعْطَيْت) فِي الْمَبِيعِ (كَذَا فَبَانَ خِلَافُهُ) فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَفَارَقَ ثُبُوتَهُ بِالتَّصْرِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ التَّغْرِيرَ ثَمَّ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَهُنَا خَارِجُهُ (وَالتَّحْرِيمُ فِي جَمِيعِ الْمَنَاهِي شَرْطُهُ الْعِلْمُ) بِهَا (إلَّا) فِي (النَّجْشِ) لِأَنَّهُ خَدِيعَةٌ وَتَحْرِيمُهَا مَعْلُومٌ مِنْ الْعُمُومَاتِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ إنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ الْخَبَرِ الْوَارِدِ فِيهِ فَلَا يَعْرِفُهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْخَبَرَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ هُوَ إضْرَارٌ وَتَحْرِيمُ الْإِضْرَارِ مَعْلُومٌ مِنْ الْعُمُومَاتِ وَالْوَجْهُ تَخْصِيصُ التَّعْصِيَةِ بِمَنْ عَرَفَ التَّحْرِيمَ بِعُمُومٍ أَوْ خُصُوصٍ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ نَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّجْشَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَنَاهِي (فَصْلٌ وَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا الْمَمْلُوكَيْنِ) لِوَاحِدٍ عَلَى مَالِكِهِمَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلِقَوْلِهِ «مَلْعُونٌ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدٍ وَوَلَدِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَإِنَّمَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ (بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ قِسْمَةٍ) أَوْ نَحْوَهَا بِأَنْ يَبِيعَ مَثَلًا أَحَدَهُمَا أَوْ بَعْضَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ جُمْلَةِ الْآخَرِ أَوْ بَعْضِهِ وَلَمْ يَتَسَاوَ الْبَعْضَانِ (وَلَوْ رَضِيَتْ) أُمُّهُ بِالتَّفْرِيقِ لُحِقَ الْوَلَدُ وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ التَّفْرِيقَ بِالسَّفَرِ بِالتَّفْرِيقِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَطَرَدَهُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَوَلَدِهَا وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ لَا يَحْرُمُ لِإِمْكَانِ صُحْبَتِهَا لَهُ وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَمْلُوكُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِالْمَمْلُوكَيْنِ أَوْ أَسْلَمَ الْأَبُ الْمَمْلُوكُ وَتَخَلَّفَتْ الْأُمُّ وَالْمَالِكُ كَافِرٌ فَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ قَالَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْبَالِسِيُّ وَيَنْبَغِي لَوْ مَاتَ الْأَبُ أَنْ يُبَاعَ الْوَلَدُ لِلضَّرُورَةِ وَتَصْرِيحُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ رَضِيَتْ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا بِفَسْخٍ) كَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَرُجُوعٍ بِفَلَسٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَهَذَا وَجْهٌ قَالَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ مَا جَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. (وَ) لَا (عِتْقَ) لِأَنَّ مَنْ عَتَقَ مَلَكَ نَفْسَهُ فَلَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْجَوَازِ مَعَ الْإِذْنِ إذَا دَلَّتْ الْحَالُ عَلَى الرِّضَا بَاطِنًا أَمَّا إذَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ وَإِنَّمَا أَذِنَ ضَجِرًا أَوْ حَنِقًا فَلَا وَقَوْلُهُ إذَا دَلَّتْ الْحَالُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ بِلَا رَغْبَةٍ) يَنْبَغِي إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ لِيَتِيمٍ وَلَمْ تَبْلُغْ قِيمَتَهَا وَهُنَاكَ عَارِفٌ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي شِرَائِهَا أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ حَتَّى تَبْلُغَ قِيمَتُهَا د وَقَوْلُهُ أَنْ لَا تَحْرُمَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ الْحُرْمَةُ (قَوْلُهُ لِيَغُرَّ غَيْرَهُ) الْأَجْوَدُ حَذْفُ قَوْلِهِ لِيَغُرَّ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ إذَا زَادَ لِيَنْفَعَ الْبَائِعَ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنْ يَغُرَّ غَيْرَهُ كَانَ مِنْ صُوَرِ النَّجْشِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ عَارِفٌ بِأَنَّ هَذَا فَيْرُوزَجُ أَوْ عَقِيقٌ فَبَانَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ إلَّا فِي النَّجْشِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَتَّى (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ تَخْصِيصُ التَّعْصِيَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ نَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ عَنْ جُمْهُورِ النَّقْلَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ وَشَيْخُهُ فِي الرَّوْنَقِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ فَمَنْ نَجَشَ فَهُوَ عَاصٍ بِالنَّجْشِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [فَصْلٌ وَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا الْمَمْلُوكَيْنِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ الْمَمْلُوكَيْنِ لِوَاحِدٍ عَلَى مَالِكِهِمَا) شَمِلَ وَلَدَ الْمُسْتَوْلَدَةِ الْحَادِثَ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْبَالِسِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي لَوْ مَاتَ الْأَبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُبَاعَ الْوَلَدُ لِلضَّرُورَةِ) وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا مَا لَوْ سَبَى مُسْلِمٌ طِفْلًا فَتَبِعَهُ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَلَكَ أُمَّهُ الْكَافِرَةَ قَالَ فَلَهُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ وَأَلْحَقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ وَزَّانُ مَسْأَلَةِ الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَا قَبْلَهَا الضَّرُورَةُ فِي تِلْكَ لِإِزَالَةِ مِلْكِ الْكَافِرِ عَنْ الْمُسْلِمِ مُخَالَفَةُ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ تَحْرِيمَ التَّفْرِيقِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْأُمِّ الْمُسْلِمَةِ وَالْأُمِّ الْكَافِرَةِ وَالتَّفْرِقَةُ وَجْهٌ حَكَاهُ الدَّارِمِيُّ فس وَقَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ لَا يُفْسَخُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا بِفَسْخٍ لِهِبَةٍ فَرْعٌ (قَوْلُهُ قَالَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ) بِنَاءً عَلَى رَأْيِهِ مِنْ جَوَازِ التَّفْرِيقِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ مَا جَزَمَ بِهِ كَثِيرًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) وَغَيْرُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 مُلَازَمَةُ الْآخَرِ (وَ) لَا (وَصِيَّةَ) لِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي الْحَالِ وَلَعَلَّ مَوْتَ الْمُوصِي يَكُونُ بَعْدَ زَمَنِ التَّحْرِيمِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُتَّجَهُ مَنْعُ التَّفْرِيقِ بِرُجُوعِ الْمُقْرِضِ وَمَالِكِ اللُّقَطَةِ دُونَ الْوَاهِبِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْقَرْضِ وَاللُّقَطَةِ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ فَإِذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ رَجَعَ فِي غَيْرِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّا لَوْ مَنَعْنَا الرُّجُوعَ فِيهَا لَمْ يَرْجِعْ الْوَاهِبُ بِشَيْءٍ (وَهَذَا) أَيْ تَحْرِيمُ التَّفْرِيقِ بِمَا ذُكِرَ (فِيمَا دُونَ التَّمْيِيزِ) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَيَمْتَدُّ التَّحْرِيمُ إلَى بُلُوغِهِ سِنَّ التَّمْيِيزِ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ تَقْرِيبًا (لَا) فِيمَا دُونَ الْبُلُوغِ فَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ لِاسْتِقْلَالِ الْوَلَدِ حِينَئِذٍ وَخَبَرُ «لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا قِيلَ إلَى مَتَى قَالَ حَتَّى يَبْلُغَ الْغُلَامُ وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ» ضَعِيفٌ (فَإِذَا فُرِّقَ) بَيْنَهُمَا بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ (بَطَلَ الْعَقْدُ) وَإِنْ سَقَتْهُ اللَّبَأَ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا بِالْمَنْعِ مِنْ التَّفْرِيقِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّنْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَصِحَّةُ الْبَيْعِ بِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْحُرِّيَّةِ وَلِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ التَّفْرِيقِ بِالْإِعْتَاقِ. (وَيُكْرَهُ) التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ التَّمْيِيزِ (حَتَّى بَعْدَ الْبُلُوغِ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ (وَالْأَبُ) وَإِنْ عَلَا (وَالْجَدَّةُ) وَإِنْ عَلَتْ (مِنْ الْأُمِّ) بَلْ أَوْ مِنْ الْأَبِ (كَالْأُمِّ إنْ عَدِمَتْ) بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَحَارِمِ فَكَمَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ عِنْدَ عَدَمِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَجَدَّتِهِ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا إلَّا إذَا عُدِمَ الْآخَرُ (فَإِذَا بِيعَ مَعَ الْأُمِّ أَوْ مَعَ الْأَبِ) أَوْ الْجَدَّةِ أَوْ مَعَهُمَا (بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ حَلَّ) لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ (وَلَهُ بَيْعُ وَلَدِ بَهِيمَةٍ اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ) لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ مَا دَامَ رَضِيعًا إلَّا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَالذَّبْحِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ اللَّبَنِ حَرُمَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ إلَّا إنْ كَانَ لِغَرَضِ الذَّبْحِ (وَ) لَهُ (ذَبْحُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ أَمْ لَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ ذَبْحُ الْمَأْكُولِ إذْ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ وَلَا بَيْعُهُ لِذَبْحِهِ بِحَالٍ (فَلَوْ بَاعَ الْعِنَبَ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا) بِأَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ مِنْهُ ذَلِكَ (أَوْ الْأَمْرَدَ مِنْ مَعْرُوفٍ بِالْفُجُورِ) بِهِ (وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِنْ كُلِّ تَصَرُّفٍ يُفْضِي إلَى مَعْصِيَةٍ كَبَيْعِ الرَّطْبِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ نَبِيذًا وَبَيْعِ دِيكِ الْهِرَاشِ وَكَبْشِ النِّطَاحِ مِمَّنْ يُعَانِي ذَلِكَ (حَرُمَ) لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ إلَى مَعْصِيَةٍ (وَيَصِحُّ) لِرُجُوعِ النَّهْيِ لِغَيْرِهِ (فَإِنْ تَوَهَّمَ) مِنْهُ (ذَلِكَ أَوْ بَاعَ السِّلَاحَ مِنْ الْبُغَاةِ) أَوْ نَحْوِهِمْ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ (أَوْ بَايَعَ مَنْ بِيَدِهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ كُرِهَ) وَإِنْ كَانَ الْحَلَالُ أَكْثَرَ نَعَمْ إنْ تَحَقَّقَ عِصْيَانُ الْمُشْتَرِي لِلسِّلَاحِ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَتَحْرِيمُ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فِي الثَّالِثَةِ حَرُمَ فِيهِمَا وَصَحَّ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الثَّالِثَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ لَحْمِ مَجْهُولِ الذَّكَاةِ) الشَّرْعِيَّةِ (بِقَرْيَةٍ يَسْكُنُهَا مَجُوسٌ) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَيَوَانِ التَّحْرِيمُ فَلَا يُزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ أَوْ ظَاهِرٍ فَإِنْ كَانَ غَالِبُ أَهْلِ الْبَلَدِ مُسْلِمِينَ صَحَّ شِرَاؤُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ عَمَلًا بِالْغَالِبِ وَالظَّاهِرِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (فَصْلٌ وَيُكْرَهُ بَيْعُ الْعِينَةِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ التَّحْتِيَّةِ وَبِالنُّونِ لِمَا فِيهَا مِنْ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى ذِي الْحَاجَةِ (وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ عَيْنًا بِثَمَنٍ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ وَيُسَلِّمَهَا) لَهُ (ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا) مِنْهُ (بِنَقْدٍ يَسِيرٍ لِيَبْقَى الْكَثِيرُ فِي ذِمَّتِهِ وَنَحْوُهُ) بِأَنْ يَبِيعَهُ عَيْنًا بِثَمَنٍ يَسِيرٍ نَقْدًا وَيُسَلِّمَهَا ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ سَوَاءٌ قَبَضَ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ أَمْ لَا (فَيَصِحُّ) ذَلِكَ (وَلَوْ صَارَ عَادَةً لَهُ) غَالِبَةً (وَيَجُوزُ بَيْعُ دُورِ مَكَّةَ) لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي فِيهِ فِي السِّيَرِ زِيَادَةٌ (وَ) يَجُوزُ بَيْعُ (الْمُصْحَفِ) قِيلَ وَثَمَنُهُ يُقَابِلُ الدَّفَّتَيْنِ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ لَا يُبَاعُ وَقِيلَ أَنَّهُ بَدَلُ أُجْرَةِ نَسْخِهِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ (لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ كَغَيْرِهِ وَالْمُتَّجَهُ مَنْعُ التَّفْرِيقِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِيمَا دُونَ التَّمْيِيزِ) أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي حَدِّ التَّمْيِيزِ أَنْ يَصِيرَ الطِّفْلُ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ أَوْ مِنْ الْأَبِ) قَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ الْجَدَّةَ بِأَنْ يَكُونَ لَهَا حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ وَفِي الْجَدَّاتِ وَالْأَجْدَادِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَلَا أُمٌّ وَلَا جَدَّةُ أُمٍّ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الشَّيْخَانِ فِي بَابِ السِّيَرِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ ثَالِثُهَا جَوَازُ التَّفْرِيقِ فِي الْأَجْدَادِ دُونَ الْجَدَّاتِ قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَيَظْهَرُ تَصْحِيحُ الْمَنْعِ وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْجُرْجَانِيُّ وَأَمَّا الْجَدُّ لِلْأُمِّ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ كَالْجَدِّ لِلْأَبِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ كَسَائِرِ الْمَحَارِمِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ قَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُهُ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَبَطَلَ إلَّا أَنْ كَانَ لِغَرَضِ الذَّبْحِ) قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَهُ لِغَرَضِ الذَّبْحِ بَعِيدٌ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ أَمْ لَا) أَمَّا ذَبْحُهَا فَقَطْ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَغَيْرِ الذَّبْحِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ فَلَوْ بَاعَ الْخَمْرَ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ رَوَى التِّرْمِذِيُّ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا» الْحَدِيثَ وَجْهُ الِاحْتِجَاجِ أَنَّ الْعَاصِرَ كَالْبَائِعِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعِينُ عَلَى مَعْصِيَةٍ مَظْنُونَةٍ (قَوْلُهُ وَكَبْشُ النِّطَاحِ مِمَّنْ يُعَانَى ذَلِكَ) وَالثَّوْبُ الْجَرُّ وَلِمَنْ يَلْبَسُهُ مِنْ الرِّجَالِ وَالْحَرِيرُ لِمَنْ يَعْمَلُ مِنْهُ الْكُلُوثَاتُ وَالْأَكْيَاسُ وَالذَّهَبُ مِمَّنْ يَعْمَلُهُ مُطَرَّزٌ لِلرِّجَالِ ر (تَنْبِيهٌ) أُفْتِي ابْنُ الصَّلَاحِ بِبَيْعِ أَمَةٍ عَلَى امْرَأَةٍ تَحْمِلُهَا عَلَى الْفُجُورِ أَيْ أَنْ تُعِينَ طَرِيقًا وَقَوْلُهُ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ السِّلَاحَ مِنْ الْبُغَاةِ) قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَيَحْرُمُ بَيْعُ الْعِنَبِ مِمَّنْ يَعْصِرُهُ خَمْرًا وَالسِّلَاحِ مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُهُ فِي الْمَعَاصِي. اهـ. وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْغَزَالِيُّ وَسُلَيْمٌ وَنَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ وَغَيْرُهُمْ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَمَلًا بِالْغَالِبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ وَيُكْرَهُ بَيْعُ الْعِينَةِ] (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ بَيْعُ الْعِينَةِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَيْسَتْ الْعِينَةُ مِنْ الْمَنَاهِي الْمُحَرَّمَةِ وَلَا الْمَكْرُوهَةِ إنْ لَمْ تُعْتَدْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 كَرَاهَةُ بَيْعِهِ) لِأَنَّهُ ابْتِذَالٌ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِيهِ كَرَاهَةَ شِرَائِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ وَلَا يُكْرَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ بَيْعُ الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى مَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَكُتُبِ الْحَدِيثِ (وَيُكْرَهُ غَبْنُ الْمُسْتَرْسِلِ) بِسِينَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ وَبِلَامٍ فِي آخِرٍ وَهُوَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْقِيمَةَ (وَالشِّرَاءُ مِنْ مُضْطَرٍّ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُكْرَهُ فَيَصِحُّ إنْ أُكْرِهَ بِحَقٍّ وَإِلَّا فَلَا أَوْ مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ يُبَاعُ مَالُهُ فِيهَا بِالْوَكْسِ أَيْ النَّقْصِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُبَاعَ مِنْهُ (وَ) لَكِنْ (يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَانَ) بِهِبَةٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ اسْتِمْهَالِ رَبِّ الدَّيْنِ (وَلَا يَصِحُّ إفْرَادُ مَاءِ بِئْرٍ وَنَهْرٍ) وَعَيْنٍ بِالْبَيْعِ (دُونَ مَكَانِهِ) لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ بَابِ الرِّبَا فَإِنْ بَاعَهُ مَعَ مَكَانِهِ بِأَنْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ شُرْبِهَا مِنْ مَاءٍ فِي نَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ صَحَّ وَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ صَاحِبِ التَّخْلِيصِ لَكِنَّهُ جَزَمَ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمَاءِ وَجَعَلَ فِي الْأَرْضِ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَخَالَفَهُمَا الْمُصَنِّفُ ثَمَّ فَجَزَمَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْجَمِيعِ لِلْجَهَالَةِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي إنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مُجْتَمِعًا صَحَّ بَيْعُهُ مُفْرَدًا وَتَابَعَهُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمِنْ الْمَنَاهِي النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ وَعَنْ بَيْعِ مَا فِيهِ عَيْبٌ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَهُ وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ يَنْعَقِدُ (بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لِأَنَّهُ إمَّا فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ فِي الِانْتِهَاءِ أَيْ الدَّوَامِ أَوْ فِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ وَسَتَعْرِفُهَا كُلَّهَا مِنْ كَلَامِهِ (وَيَجُوزُ بَيْعُ عَيْنَيْنِ فَأَكْثَرَ) بِاخْتِلَاطٍ أَوْ بِدُونِهِ (صَفْقَةً وَاحِدَةً وَيُوَزِّعُ الثَّمَنَ فِي الْمِثْلِيِّ و) فِي (الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ) بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (عَلَى الْإِجْزَاءِ وَفِي غَيْرِهِمَا) مِنْ الْمُتَقَوِّمَاتِ عَلَى الرُّءُوسِ (بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فَإِذَا بَطَلَ) الْعَقْدُ (فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا ابْتِدَاءً) بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَلَالًا أَيْ قَابِلًا لِلْعَقْدِ وَالْآخَرُ حَرَامًا أَيْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهُ (وَلَهُ قِيمَةٌ كَمَنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ صَحَّ فِي عَبْدِهِ بِالْقِسْطِ) مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وَزَّعَ عَلَى قِيمَتِهِمَا وَبَطَلَ فِي عَبْدِ غَيْرِهِ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ كَالثَّوْبِ وَالشِّقْصِ وَمِنْ الْعَقَارِ فِي الشُّفْعَةِ وَلِأَنَّ الصَّفْقَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ فَالْعَدْلُ التَّصْحِيحُ فِي الصَّحِيحِ وَقَصْرُ الْفَسَادِ عَلَى الْفَاسِدِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ شَهِدَ عَدْلٌ وَفَاسِقٌ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ كَالْحُرِّ وَالْخِنْزِيرِ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي بِالْقِسْطِ وَبِقَدْرِ الْحُرِّ رَقِيقًا وَالْخِنْزِيرِ شَاةً كَمَا سَيَأْتِي وَمَثَّلَ بِهِمَا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَتَأَتَّى تَقْدِيرُ تَقْوِيمِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ تَغَيُّرِ الْخِلْقَةِ كَالْحُرِّ وَمَا لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا بِتَقْدِيرِ تَغَيُّرِهَا كَالْخِنْزِيرِ. وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي مَجْهُولًا لِيَتَأَتَّى التَّقْسِيطُ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي وَعَبْدًا آخَرَ بَطَلَ فِيهِمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَمَحَلُّ التَّقْسِيطِ إذَا كَانَ الْحَرَامُ مَقْصُودًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا كَالدَّمِ فَيُظْهِرَانِ الصِّحَّةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ (وَجَوَازُ تَفْرِيقِهَا) أَيْ الصَّفْقَةِ (فِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَالنِّكَاحِ أَوْلَى) مِنْهُ فِي الْبَيْعِ إذْ لَا عِوَضَ فِي الْأَوَّلَيْنِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِالْجَهْلِ وَالثَّالِثُ لَا يَتَأَثَّرُ بِجَهْلِ الْعِوَضِ (فَإِذَا زَوَّجَ أُخْتَهُ وَأَجْنَبِيَّةً أَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمَةً وَمَجُوسِيَّةً لَزِمَ) فِيهِمَا (مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْأُخْتِ وَالْمُسْلِمَةِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ الشَّرْعِيُّ وَالْمُسَمَّى لَيْسَ رُكْنًا فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ (وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ أَوْ خَمْسَ نِسْوَةٍ) لَيْسَ فِيهِنَّ أُخْتَانِ أَوْ نَحْوُهُمَا (بَطَلَ الْعَقْدُ) فِي الْجَمِيعِ (لِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ) بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَبَيْنَ الْخَمْسِ فَالْإِبْطَالُ فِي وَاحِدٍ وَالتَّصْحِيحُ فِي غَيْرِهَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ فَيَسْتَثْنِي ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ أَيْضًا مَا إذَا أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحَلِّ الدَّيْنِ وَمَا إذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِيهِ كَرَاهَةَ شِرَائِهِ أَيْضًا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ إلَى بَيْعِهِ كُرِهَ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ النَّصُّ لِأَنَّهُ كَالْكَرَاهَةِ فِيهِ وَإِنْ بَاعَهُ لِحَاجَةٍ لِدَيْنٍ أَوْ نَفَقَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الْأَصَحُّ كَرَاهَةُ الْبَيْعِ دُونَ الشِّرَاءِ [بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ] (بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) (قَوْلُهُ وَيُوَزِّعُ الثَّمَنَ فِي الْمِثْلِيِّ إلَخْ) أَيْ الْمُتَّفِقِ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي بِالْقِسْطِ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ أَوْ الْخَلَّيْنِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَيْنِ كَهَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدَ وَالْحُرَّ أَوْ هَذَا الْخَمْرَ وَالْخَلَّ فَمَفْهُومُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْبُطْلَانُ جَزْمًا وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَقَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّرُ الْحُرُّ رَقِيقًا إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّا لَا نَرْجِعُ إلَى تَقْوِيمِ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً لِأَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى إخْبَارِ الْكُفَّارِ فِي الْقِيَمِ كَمَا لَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِمْ فِي التَّأْجِيلِ بَعِيدٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِمْ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ فِيهِ تَقْدِيرَ الْخَمْرِ بِالْخَلِّ دُونَ الْعَصِيرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ عَصِيرًا وَيُمْكِنُ عَوْدُهُ خَلًّا فَكَانَ التَّقْدِيرُ بِهِ أَوْلَى. وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي الْوَصِيَّةِ النَّظَرَ إلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ دُونَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِنَا إلَى التَّقْوِيمِ لِصِحَّتِهَا بِالْأَشْيَاءِ النَّجِسَةِ فَاكْتُفِيَ بِهَا وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي الصَّدَاقِ الِاعْتِبَارَ بِقِيمَتِهَا عِنْدَ أَهْلِهِمَا لِمَعْرِفَةِ الزَّوْجَيْنِ الْقِيمَةَ عِنْدَ أَهْلِهَا وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا فَالرُّجُوعُ فِي الْحَقِيقَةِ إلَى قَوْلِهِمَا لَا إلَى قَوْلِ الْكَفَرَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْجَارِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِي تَقْدِيرِ الْخِنْزِيرِ فَيَنْزِلُ عَلَى الْحَالَيْنِ فَحَيْثُ كَانَ فِي حَدِّ الشَّاةِ قُوِّمَ بِشَاةٍ وَحَيْثُ كَانَ أَكْبَرَ مِنْ الشَّاةِ اُعْتُبِرَ بِبَقَرَةٍ تُقَارِبُهُ فَفِي الْكَبِيرِ كَبِيرَةٌ وَفِي الصَّغِيرِ صَغِيرَةٌ وَإِنَّمَا قَدَّرَ الْخَمْرَ فِي الصَّدَاقِ عَصِيرًا لَا خَلًّا لِأَنَّ مَجِيءَ الْعَصِيرِ مِنْ الْخَمْرِ مُسْتَحِيلٌ أَوْ التَّقْدِيرُ لِيَرْهَنَهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَحِيلِ دُونَ الْمُمْكِنِ. اهـ. وَهُوَ تَمَحُّلٌ فس (قَوْلُهُ فَيُظْهِرَانِ الصِّحَّةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ) وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهَا (قَوْلُهُ مَا إذَا أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ إلَخْ) وَمَا إذَا وَكَّلَ فِي إجَارَةِ دَارٍ مُدَّةً فَزَادَ الْوَكِيلُ عَلَيْهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ أَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ (قَوْلُهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحِلِّ الدَّيْنِ) قَالَ شَيْخُنَا سَوَاءُ كَانَ عَالِمًا أَمْ جَاهِلًا وَمِثْلُ ذَلِكَ نَاظِرُ الْوَقْفِ خِلَافًا لِأَبِي زُرْعَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنٍ فَزَادَ عَلَيْهِ وَمَا إذَا بَاعَ مَالَهُ وَمَالَ غَيْرِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَكَانَا مُتَمَيِّزَيْنِ وَمَا إذَا زَادَ فِي الْعَرَايَا عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ أَوْ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ فَاضَلَ فِي الرِّبَوِيِّ حَيْثُ مَنَعْنَاهُ كَمُدَبَّرٍ بِمَدِينٍ مِنْهُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَبْطُلُ فِي جَمِيعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ قَدَّمَ الْبَاطِلَ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك الْحُرَّ وَالْعَبْدَ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْت يَا زَوْجَتِي لَا تَطْلُقُ لِعَطْفِهَا عَلَى مَنْ لَمْ تَطْلُقْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْخَمْسِ أُخْتَانِ أَوْ نَحْوُهُمَا فَيَبْطُلُ فِيهِمَا وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ثُمَّ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ فِيمَا ذُكِرَ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ لَكِنَّ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ آخِرَ الْبُطْلَانِ كَمَا قَالَهُ الرَّبِيعُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْبُطْلَانُ أَصَحُّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي عِلَّتِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الْجَمْعُ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَالثَّانِي جَهَالَةُ الْعِوَضِ الَّذِي يُقَابِلُ الْحَلَالَ اهـ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ الْأَوَّلَ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ تَصْحِيحَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَلَعَلَّ نُسَخَهَا مُخْتَلِفَةٌ (فَصْلٌ وَمَتَى حَصَلَ مُقْتَضِي التَّفْرِيقَ) لِلصَّفْقَةِ (فِي الِانْتِهَاءِ) مِنْ تَلَفٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَلَفْظُ مُقْتَضِي بِكَسْرِ الضَّادِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ كَانَ) أَيْ مُقْتَضِي التَّفْرِيقَ (بِلَا اخْتِيَارٍ كَتَلَفِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ) وَتَخَمُّرِ بَعْضِ الْعَصِيرِ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (وَانْهِدَامِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَالتَّفْرِيقِ قَبْلَ قَبْضِ الْبَعْضِ فِي الصَّرْفِ وَ) فِي (السَّلَمِ فَالْجَوَازُ) بِمَعْنَى الصِّحَّةِ فِي الْبَاقِي (أَوْلَى) مِنْهُ فِي الْبَاقِي فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ابْتِدَاءً لِطَرَيَانِ الِانْفِسَاخِ هُنَا فِي التَّالِفِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْبَاقِي كَمَا لَوْ نَكَحَ اثْنَيْنِ مَعًا ثُمَّ ارْتَفَعَ نِكَاحُ أَحَدِهِمَا بِرِدَّةٍ أَوْ رَضَاعٍ لَا يَرْتَفِعُ نِكَاحُ الْأُخْرَى وَلِعَدَمِ عِلَّتَيْ الْبُطْلَانِ ثَمَّ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا سَيَأْتِي فَإِنْ أَجَازَ فَبِالْقِسْطِ مِنْ الْمُسَمَّى وَإِنْ فَسَخَ ارْتَفَعَ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْمَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ (فَإِنْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَتَلِفَا) أَيْ الْمَقْبُوضُ وَغَيْرُهُ (فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ وَيَرُدُّ قِيمَتَهُ وَالثَّانِي وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَا وَعَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْعَقْدَ اسْتَقَرَّ فِيهِ بِقَبْضِهِ (وَإِنْ كَانَ) مُقْتَضِي التَّفْرِيقَ (بِاخْتِيَارٍ كَرَدِّ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ) الْمَوْجُودِ فِيهِ (لَمْ يَجُزْ) رَدُّهُ (إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ) الْبَعْضُ بِالنَّفْعِ بِأَنْ كَانَ نَفْعُهُ مُتَّصِلًا بِالْآخَرِ (كَأَحَدِ الْخُفَّيْنِ) أَوْ مِصْرَاعَيْ الْبَابِ (وَكَذَا إنْ اسْتَقَلَّ) بِهِ (كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَلَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا) وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ مُجْتَمِعَةً وَلَا حَاجَةَ إلَى تَفْرِيقِهَا (فَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِرَدِّهِ جَازَ) لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ (فَيُقَوَّمُ الْعَبْدَانِ سَلِيمَيْنِ وَيُقَسَّطُ الْمُسَمَّى) عَلَى قِيمَتِهَا (فَإِنْ كَانَ السَّلِيمُ تَالِفًا وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ لِلِاعْتِبَارِ) لِلتَّقْسِيطِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي مَا يَقْتَضِي زِيَادَةَ الْمَرْجُوعِ بِهِ عَلَى مَا اعْتَرَفَ بِهِ الْبَائِعُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ مَلَكَهُ فَلَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إلَّا مَا اعْتَرَفَ بِهِ وَالْمُعْتَبَرُ أَقَلُّ قِيمَتِهِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ كَمَا يُعْرَفُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَعْرِفَةِ الْأَرْشِ الْقَدِيمِ (فَصْلٌ مَنْ حَكَمَ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ (أَثْبَتَ لِلْمُشْتَرِي لَا لِلْبَائِعِ الْخِيَارَ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَيَثْبُتُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ فِي الِابْتِدَاءِ (إنْ جَهِلَ) كَوْنَ بَعْضِ الْمَبِيعِ حَرَامًا أَيْ وَكَانَ الْحَرَامُ مَقْصُودًا آخِذًا مِمَّا مَرَّ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا يَعْلَمُ عَيْبَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَهُ إلَّا الْحِصَّةُ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ حَيْثُ بَاعَ مَالًا يَمْلِكُهُ وَطَمِعَ فِي ثَمَنِهِ (وَلَا   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَمَا إذَا بَاعَ مَالَهُ وَمَالَ غَيْرِهِ إلَخْ) لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ مُنَاصَفَةً فَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا قِطْعَةً شَقِيقِهِ وَبَاعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقِيسَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ فُو قَالَ شَيْخُنَا قَالَ الشَّارِحُ فِي فَتَاوِيهِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ إنَّمَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْقِطْعَةِ الْمُدَوَّرَةِ كُلِّهَا وَلَمْ يَأْتِ فِيهَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ لِمَا فِي إثَابَتِهِ فِيهَا مِنْ تَضَرُّرِ الشَّرِيكِ بِمُرُورِ الْمُشْتَرِي فِي حِصَّتِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْقِطْعَةِ الْمَبِيعَةِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ) هُوَ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَلَا يُسْتَثْنَى وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ وَاضِحٌ قَالَ شَيْخُنَا إذْ التَّقْدِيرُ فِي الْبَيْعِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الطَّلَاقِ لَا سِيَّمَا وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِمَا إذْ الْأَوَّلُ مُطَابِقٌ لِمَا قَبْلَهُ وَالثَّانِي غَيْرُ مُطَابِقٍ إذْ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ جَمْعٌ وَالْمَعْطُوفُ مُفْرَدٌ فَاخْتَلَفَا (قَوْلُهُ ثُمَّ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ فِيمَا ذُكِرَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ) اعْتَذَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي تَرْجِيحِهِمْ الصِّحَّةَ بِأَنَّ قَوْلَ الرَّبِيعِ أَنَّ الْبُطْلَانَ آخِرُ قَوْلَيْهِ يَحْتَمِلُ آخِرَهُمَا فِي الذِّكْرِ لَا فِي الْفَتْوَى وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُتَأَخِّرُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ إذَا أَفْتَى بِهِ أَمَّا إذَا ذُكِرَ فِي مَقَامِ الِاسْتِنْبَاطِ وَالتَّرْجِيحِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ وَجَبَ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ الْقَوْلَانِ قَالَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَهِيَ أَحَدُ قَوْلَيْهِ بِالدَّالِ فَقُصِرَتْ فَقُرِئَتْ بِالرَّاءِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا الْجَمْعُ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْل نَكَحَ اثْنَيْنِ مَعًا ثُمَّ ارْتَفَعَ نِكَاحُ أَحَدِهِمَا بِرِدَّةٍ أَوْ رَضَاعٍ] (قَوْلُهُ وَالتَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمَارِّ أَنَّ تَفْرِيقَ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مُكْرَهًا فِي الرِّبَوِيِّ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ أَمْثِلَةِ التَّلَفِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا تَلِفَ بِلَا اخْتِيَارٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ وَإِنْ رَجَّعْنَاهُ إلَى قَوْلِهِ بِلَا اخْتِيَارٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ ثَمَّ فِي تَفْرِيقِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مُكْرَهًا مَعَ بَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمُقَابِلِهِ فَلَا بَأْسَ وَكَلَامُهُ هُنَا فِي تَلَفِ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَحَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا سَيَأْتِي) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَاسْتُشْكِلَ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ فِيمَا يَأْتِي التَّفْرِيطُ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا (قَوْلُهُ وَلَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا كَأَنْ بَاعَهُ وَلَوْ لِبَائِعِهِ أَوْ كَانَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي لَا تَنْقُصُ بِالتَّبَعُّضِ [فَصْلٌ حَكَمَ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ] (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ جَهِلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (إلَّا الْقِسْطُ) مِنْ الثَّمَنِ لَا جَمِيعُهُ (وَلَوْ عَلِمَ) كَوْنَ الْآخَرَ حَرَامًا لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْجَمِيعِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِهِ إلَّا قِسْطُهُ (وَيُقَدَّرُ الْحُرُّ فِي التَّقْسِيطِ عَبْدًا وَالْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً وَالْخَمْرُ خَلًّا وَالْخِنْزِيرُ شَاةً) أَيْ شَاةَ عَنْزٍ لَا شَاةَ ضَأْنٍ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْعَنْزَ فِي الشَّكْلِ (فَرْعٌ لَوْ بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا) كَقَوْلِهِ بِعْتُك عَبْدِي وَعَبْدًا آخَرَ (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْجَمِيعِ لِتَعَذُّرِ التَّقْسِيطِ) [فَرْعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مِنْ مَالِكَيْنِ أَوْ وَكِيلِهِمَا أَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِ لِاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدًا] (فَرْعٌ مَتَى اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مِنْ مَالِكَيْنِ أَوْ وَكِيلِهِمَا) أَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِ لِاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدًا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (صَفْقَةً وَاحِدَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَسَدَ الْبَيْعُ) لِأَنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَجْهُولًا وَقِيلَ يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَحَلُّ مَا قَالَهُ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَبْدٌ بِعَيْنِهِ فَلَوْ كَانَ الْعَبْدَانِ بَيْنَهُمَا مُشَاعَيْنِ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الشَّامِلِ لِأَنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعْلُومَةٌ لِأَنَّهَا بِحَسَبِ نَصِيبِهِ مِنْهُمَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْوِيمٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ اخْتَلَطَ حَمَامُ بُرْجٍ بِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ لِمَالِكَيْهِمَا بَيْعُهُمَا لِثَالِثٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الصَّيْدِ وَكَذَا لَوْ انْصَبَّتْ حِنْطَتُهُ عَلَى حِنْطَةِ غَيْرِهِ أَوْ مَائِعُهُ عَلَى مَائِعِهِ (فَرْعٌ) فِي مَسَائِلَ دَوْرِيَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (لَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ) مَرَضَ الْمَوْتِ (عَبْدًا يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِعَشَرَةٍ) وَمَاتَ (وَلَا مِلْكَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ تُجْرِي الْوَرَثَةُ) الزَّائِدَ عَلَى الثَّالِثِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ يَصِحُّ فِي قَدْرِ مَا يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ وَمَا يُوَازِي الثَّمَنَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَبْطُلُ فِي الْبَاقِي وَيَصِحُّ فِي ثُلُثَيْ الْعَبْدِ بِالْعَشَرَةِ وَيَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ الثَّمَنُ وَثُلُثُ الْعَبْدِ وَذَلِكَ مِثْلَا الْمُحَابَاةِ وَهِيَ عَشَرَةٌ وَلَا دُورَ وَالثَّانِي وَرَجَّحَهُ آخَرُونَ وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْحِسَابِ وَهُوَ الْأَقْوَى فِي الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ارْتَدَّ الْبَيْعُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَجَبَ أَنْ يَرْتَدَّ إلَى الْمُشْتَرِي مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَتَدُورُ الْمَسْأَلَةُ لِأَنَّ مَا يَنْفُذُ فِيهِ الْبَيْعُ يَخْرُجُ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ يَدْخُلُ فِيهَا فَتَزِيدُ بِهِ فَيَزِيدُ الْمَبِيعُ فَيَزِيدُ الدَّاخِلُ. وَلَمَّا كَانَ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحَ فِي الْأَصْلِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ (صَحَّ) أَيْ الْبَيْعُ (فِي نِصْفِ الْعَبْدِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ عِشْرُونَ وَطَرِيقُهُ) بِالْجُبْرَانِ أَنْ تَقُولَ صَحَّ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ بِثُلُثِ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ مِثْلُ ثُلُثِ الْعَبْدِ وَبَقِيَ لِلْوَرَثَةِ عَبْدٌ إلَّا شَيْئًا لَكِنَّ بَعْضَ النَّقْصِ انْجَبَرَ بِثُلُثِ الشَّيْءِ الْعَائِدِ فَالْمُحَابَاةُ ثُلُثَا شَيْءٍ وَالْبَاقِي لَهُمْ عَبْدٌ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ يَعْدِلُ ضِعْفَ الْمُحَابَاةِ وَهُوَ شَيْءٌ وَثُلُثُ شَيْءٍ فَاجْبُرْ وَقَابِلْ فَيَكُونُ عَبْدٌ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ فَالشَّيْءُ نِصْفُ عَبْدٍ فَيَصِحُّ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّةُ التَّوْزِيعِ فَالْمُحَابَاةُ عَشَرَةٌ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ الثَّمَنِ وَذَلِكَ مِثْلَا الْمُحَابَاةِ وَبِالنِّسْبَةِ (أَنْ تَعْرِفَ ثُلُثَ الْمَالِ وَقَدْرَ الْمُحَابَاةِ فَإِنْ كَانَ نِصْفَهَا صَحَّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَبِأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ فَبِأَقَلَّ فَثُلُثُ الْمَالِ فِي هَذِهِ) الْمَسْأَلَةِ (عَشَرَةٌ وَالْمُحَابَاةُ عِشْرُونَ وَالْعَشَرَةُ نِصْفُ الْعِشْرِينَ فَيَصِحُّ) الْبَيْعُ (فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةٌ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى سُدُسَهُ بِخَمْسَةٍ وَوُصِّيَ لَهُ بِثُلُثِهِ يَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِصْفُ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةٌ فَالْمَبْلَغُ عِشْرُونَ وَذَلِكَ مِثْلَا الْمُحَابَاةِ وَلَوْ بَاعَ صَاعًا يُسَاوِي عِشْرِينَ بِصَاعٍ يُسَاوِي عَشَرَةً) وَمَاتَ وَلَا مِلْكَ لَهُ غَيْرُهُ (صَحَّ فِي ثُلُثَيْ صَاعِ الْمَرِيضِ بِثُلُثَيْ صَاعِ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَالْمُحَابَاةُ عَشَرَةٌ وَالسِّتَّةُ وَالثُّلُثَانِ ثُلُثَا الْعَشَرَةِ فَصَحَّ الْبَيْعُ فِي ثُلُثَيْ الصَّاعِ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (الْخِيَارُ) لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ (لَا لِلْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ فَلَا خِيَارَ لَهُمْ لِئَلَّا يُبْطِلَ الْمُحَابَاةَ الَّتِي هِيَ وَصِيَّةٌ (فَلَوْ كَانَ صَاعُ الْمَرِيضِ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ صَحَّ) الْبَيْعُ (فِي نِصْفِ الصَّاعِ بِمِثْلِهِ) كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْعَبْدِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ (بِحَالِهَا وَصَاعُ الْمَرِيضِ يُسَاوِي أَرْبَعِينَ صَحَّ الْبَيْعُ فِي أَرْبَعَةِ اتِّسَاعِ الصَّاعِ بِأَرْبَعَةِ اتِّسَاعِ الصَّاعِ فَإِنْ أَتْلَفَ الْمَرِيضُ الصَّاعَ الَّذِي أَخَذَهُ) ثُمَّ مَاتَ (صَحَّ) الْبَيْعُ (فِي ثُلُثِهِ) أَيْ ثُلُثِ صَاعِهِ (بِثُلُثِ صَاعِ صَاحِبِهِ قَلَّتْ قِيمَةُ الصَّاعِ) الْمَبِيعِ (أَوْ كَثُرَتْ لِأَنَّ مَا أَتْلَفَهُ قَدْ نَقَصَ مِنْ مَالِهِ) أَمَّا مَا صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ فَهُوَ مِلْكُهُ وَقَدْ أَتْلَفَهُ وَأَمَّا مَا بَطَلَ فِيهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ فَيَنْقُصُ قَدْرُ غُرْمِهِ مِنْ مَالِهِ وَمَتَى كَثُرَتْ الْقِيمَةُ قَلَّ الْغُرْمُ وَكَثُرَتْ الْمُحَابَاةُ وَمَتَى قَلَّتْ انْعَكَسَ ذَلِكَ (فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ صَاعِ الْمَرِيضِ عِشْرِينَ وَ) قِيمَةُ (صَاعِ الْمُشْتَرِي عَشَرَةً أَتْلَفَ الْمَرِيضُ مِنْ الْعِشْرِينَ عَشَرَةً بَقِيَ مَالُهُ عَشَرَةٌ) كَأَنَّهَا كُلُّ مَالِهِ (وَالْمُحَابَاةُ عَشَرَةٌ فَثُلُثُ مَالِهِ ثُلُثُ الْمُحَابَاةِ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي ثُلُثِ الصَّاعِ لِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَثُلُثُ صَاعِ الْمَرِيضِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ   [حاشية الرملي الكبير] وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَالْمَحَامِلِيِّ تَخْصِيصَهُ بِالْعِلْمِ (قَوْلُهُ وَالْخِنْزِيرُ شَاةٌ) وَقِيلَ بَقَرَةٌ [فَرْعٌ بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا] (قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّدَاقِ عَنْ النَّصِّ (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 وَثُلُثُ صَاعِ الْمُشْتَرِي ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَالْمُحَابَاةُ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ يَبْقَى ثُلُثَا صَاعٍ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ لِلْوَرَثَةِ يَغْرَمُونَ مِنْهَا لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ ثُلُثَيْ صَاعِهِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ يَبْقَى) لَهُمْ (مِثْلُهَا وَهُوَ مِثْلَا الْمُحَابَاةِ. وَهَكَذَا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ صَاعِ الْمَرِيضِ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ أَوْ أَكْثَرَ وَإِنَّمَا يَصِحُّ) الْبَيْعُ (فِي ثُلُثِهِ بِثُلُثِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ) وَهُوَ النِّسْبَةُ الْمَذْكُورَةُ فَفِيمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ وَقَدْ أَتْلَفَ عَشَرَةً يَبْقَى مَالُهُ عِشْرِينَ كَأَنَّهُ كُلُّ مَالِهِ وَالْمُحَابَاةُ عِشْرُونَ فَثُلُثُ مَالِهِ ثُلُثُ الْمُحَابَاةِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي ثُلُثِ صَاعٍ لِأَنَّ ثُلُثَ صَاعِ صَاحِبِهِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَالْمُحَابَاةُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَقَدْ بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَا صَاعٍ وَهُوَ عِشْرُونَ يَغْرَمُونَ مِنْهَا لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ ثُلُثَيْ صَاعِهِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ يَبْقَى لَهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَهِيَ مِثْلَا الْمُحَابَاةِ [فَصْلٌ جَمَعَ فِي صَفْقَةٍ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ] (فَصْلٌ وَإِذَا جَمَعَ) فِي صَفْقَةٍ (بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ أَوْ) بَيْعٍ وَ (سَلَمٍ) أَوْ بَيْعٍ وَ (نِكَاحٍ صَحَّ) كُلٌّ مِنْهُمَا لِصِحَّتِهِ مُنْفَرِدًا فَلَا يَضُرُّ الْجَمْعُ وَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ فِي بَيْعِ مَشْفُوعٍ وَغَيْرِهِ وَاخْتِلَافُ الْحُكْمِ فِيمَا ذُكِرَ بِاشْتِرَاطِ التَّأْقِيتَ فِي الْإِجَارَةِ بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَالسَّلَمُ بِهِ وَعَدَمُ بُطْلَانِ النِّكَاحِ بِإِخْلَائِهِ عَنْ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ جَائِزًا كَالْبَيْعِ وَالْجَعَالَةِ إذْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُسَابَقَةِ وَتَقْيِيدُهُمْ الْعَقْدَيْنِ بِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُتَّفِقَيْنِ كَشَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ كَأَنْ خَلَطَ أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِغَيْرِهِ وَقَالَ شَارَكْتُك عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَارَضْتُك عَلَى الْآخَرِ فَقَبِلَ صَحَّ جَزْمًا لِرُجُوعِهِمَا إلَى إذْنٍ فِي التَّصَرُّفِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ كُلٌّ مِنْ الْعَقْدَيْنِ (بِالتَّوْزِيعِ) طَرِيقُهُ أَنْ يُقَالَ (يُوَزَّعُ الْمُسَمَّى) فِي الْأُولَى عَلَى قِيَمِهِ الْمَبِيعِ وَأُجْرَةِ الْمُؤَجَّرِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى قِيمَتَيْ الْمَبِيعِ وَالْمُسْلِمِ وَفِي الثَّالِثَةِ (عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ) وَخِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ فِي الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ (وَأَمَّا النِّكَاحُ فَيَصِحُّ قَطْعًا) لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَتَأَثَّرُ بِجَهَالَةِ الْمَهْرِ وَهَذَا لَا حَاجَةَ لِلْمُصَنِّفِ بِهِ (وَصُورَةُ الْإِجَارَةِ وَالسَّلَمِ آجَرْتُك دَارِي سَنَةً وَبِعْتُك كَذَا سَلَمًا بِكَذَا وَصُورَتُهَا مَعَ الْبَيْعِ بِعْتُك عَبْدِي وَأَجَّرْتُك دَارِي سَنَةً بِكَذَا وَ) صُورَةُ (جَمْعِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ زَوَّجْتُك جَارِيَتِي وَبِعْتُك عَبْدِي بِكَذَا أَوْ) زَوَّجْتُك (بِنْتِي وَبِعْتُك عَبْدَهَا) بِكَذَا (وَهِيَ تَحْتَ حِجْرِهِ أَوْ) رَشِيدَةً وَ (وَكَّلَتْهُ) فِي بَيْعِ عَبْدِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك عَبْدِي بِكَذَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالصَّدَاقُ كَمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَبْدٌ فَبَاعَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ كَمَا مَرَّ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ شَرْطُ التَّوْزِيعِ فِي زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك عَبْدَهَا أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ النِّكَاحِ مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ نَعَمْ إنْ أَذِنَتْ الرَّشِيدَةُ فِي قَدْرِ الْمُسَمَّى فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ التَّوْزِيعُ مُطْلَقًا (وَإِنْ جَمَعَ بَيْعًا وَكِتَابَةً فَقَالَ لِعَبْدِهِ كَاتَبْتُك عَلَى نَجْمَتَيْنِ وَبِعْتُك ثَوْبِي بِأَلْفٍ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) لِتَقَدُّمِ أَحَدِ شِقَّيْهِ عَلَى مَصِيرِ الْعَبْدِ مِنْ أَهْلِ مُبَايَعَةِ السَّيِّدِ (وَصَحَّ فِي الْكِتَابَةِ بِالْقِسْطِ) الْحَاصِلُ بِتَوْزِيعِ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتَيْ الْعَبْدِ وَالْمَبِيعِ فَمَا خَصَّ الْعَبْدَ لَزِمَهُ مُنَجَّمًا فَإِذَا أَدَّاهُ عَتَقَ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ يُوهِمُ أَوْ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفِي الْحُكْمِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ التَّنْبِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاخْتِلَافُ الْحُكْمِ فِيهِمَا أَنَّ الْكِتَابَةَ يَسْتَقِلُّ بِفَسْخِهَا الْمُكَاتَبُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكِتَابَةِ وَجَمَاعَةٌ هُنَا مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَلِهَذَا بَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى الْأَصَحِّ (فَصْلٌ وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ) كَ بِعْنَاك هَذَا بِأَلْفٍ فَيَقْبَلُ مِنْهُمَا كَأَنْ يَقُولَ قَبِلْت أَوْ قَبِلْت نِصْفَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ فِي مَسَائِلَ دَوْرِيَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ] قَوْلُهُ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفِي الْحُكْمِ إلَخْ) الْمُرَادُ اخْتِلَافُهُمَا فِي شُرُوطِ الِانْعِقَادِ وَأَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ لِيَتَنَاوَلَ مَا مَثَّلُوا بِهِ اخْتِلَافَ الْأَحْكَامِ مِنْ أَنَّ التَّأْقِيتَ شَرْطٌ لِانْعِقَادِ الْإِجَارَةِ وَانْتِفَاءَهُ شَرْطٌ لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ يَجِبُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ أَيْ إجَارَةِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عُلِمَ مِنْ تَمْثِيلِهِ أَنَّ الْمُرَادَ الْعُقُودُ اللَّازِمَةُ لِلطَّرَفَيْنِ وَيُلْتَحَقُ بِهَا اللَّازِمَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَالْبَيْعِ وَالْجَعَالَةِ وَمَا وَقَعَ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْمُسَابَقَةِ مِنْ الِامْتِنَاعِ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ فَلَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُسَابَقَةِ) أَيْ فَقَالَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ رِبَوِيًّا وَعَقَدَ عَقْدَ الْمُسَابَقَةِ بِعَشَرَةٍ فَإِنْ جَعَلْنَا الْمُسَابَقَةَ لَازِمَةً فَهُوَ كَمَا لَوْ جَمَعَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَفِيهِ قَوْلَانِ وَإِنْ جَعَلْنَاهَا جَائِزَةً لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ جَعَالَةٍ لَا تَلْزَمُ وَبَيْعٍ يَلْزَمُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُمْكِنُ قُلْت يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَنَاقُضِ الْأَحْكَامِ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا عَنْ عَقْدِ الْجَعَالَةِ إلَّا بِفَرَاغِ الْعَمَلِ وَمِنْ جِهَةِ الصَّرْفِ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا فِي الْمَجْلِسِ لِيَتَوَصَّلَ إلَى قَبْضِ مَا يَخُصُّ الصَّرْفَ مِنْهَا وَتَنَافِي اللَّوَازِمِ يَقْتَضِي تَنَافِي الْمَلْزُومَاتِ كَمَا عُلِمَ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ إجَارَةِ ذِمَّةٍ أَوْ سَلَمٍ وَجَعَالَةٍ بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْجَعَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ ب (قَوْلِهِ زَوَّجْتُك جَارِيَتِي إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ (قَوْلُهُ لِتَقَدُّمِ أَحَدِ شَقِيقِهِ عَلَى مَصِيرِ الْعَبْدِ مِنْ أَهْلِ مُبَايَعَةِ السَّيِّدِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ مُبَعَّضًا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَكَانَ ذَلِكَ فِي نَوْبَةِ الْحُرِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَيْضًا لِفَقْدِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْإِبْطَالِ وَهُوَ أَحَدُ شِقَّيْهِ عَلَى مَصِيرِ الْعَبْدِ أَهْلًا لِمُبَايَعَةِ السَّيِّدِ قَالَ وَيَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْمُبَعَّضِ مَعَ السَّيِّدِ فِي الْأَعْيَانِ مُطْلَقًا وَفِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَهُوَ مِنْ دَقِيقِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ الْجَمْعُ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ] (قَوْلُهُ وَكَذَا بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ صُورَةُ تَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَقُولَ بِعْتُكُمَا كَذَا بِأَلْفٍ فَيَقُولَانِ قَبِلْنَا أَوْ اشْتَرَيْنَا أَوْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا اشْتَرَيْت نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ سَوَاءٌ قَالَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَلِلْإِمَامِ فِي هَذِهِ احْتِمَالٌ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك يَا زَيْدُ هَذَا بِكَذَا وَبِعْتُك يَا عَمْرُو هَذَا بِكَذَا فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ صَحَّ قَطْعًا وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى تَخَلُّلِ الْإِيجَابِ الْآخَرِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الْآخَرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 كُلَّ مِنْكُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ (وَكَذَا) بِتَعَدُّدِ (الْمُشْتَرِي) كَبِعْتُكُمَا هَذَا بِأَلْفٍ فَيَقْبَلَانِ مِنْهُ كَأَنْ يَقُولَا قَبِلْنَا أَوْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا اشْتَرَيْت نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ سَوَاءٌ قَالَاهُ فِي الثَّانِيَةِ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَيَجُوزُ فِي ذَلِكَ إفْرَادُ كُلِّ نَصِيبٍ بِرَدِّهِ بِالْعَيْبِ وَإِذَا بَانَ نَصِيبُ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ حُرًّا مَثَلًا فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ بَيْعِ نَصِيبِ الْآخَرِ وَلَوْ بَاعَ اثْنَانِ مِنْ اثْنَيْنِ كَانَ الْعَقْدُ أَرْبَعَةً أَوْ ثَلَاثَةً مِنْ ثَلَاثَةٍ كَانَ الْعَقْدُ تِسْعَةً فَلِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَرُدَّ تُسْعَ الْمَبِيعِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِينَ الثَّلَاثَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ (وَ) تَتَعَدَّدُ (بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ بِعْتُك هَذَا بِمِائَةٍ وَهَذَا بِخَمْسِينَ صَفْقَتَانِ وَلَوْ قَالَ) الْمُشْتَرِي (قَبِلْتهمَا) أَوْ قَبِلْت (بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ) لِأَنَّ لَا لِقَبُولٍ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِيجَابِ فَإِذَا وَقَعَ مُفَصَّلًا وَقَعَ الْقَبُولُ كَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي بِأَلْفٍ وَجَارِيَتِي بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ. قَالَ الْقَاضِي فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ (وَفَائِدَةُ التَّعَدُّدِ) يَعْنِي وَمِنْ فَوَائِدِ تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ (أَنَّهُ لَوْ وَزَنَ) فِيمَا لَوْ بَاعَ وَاحِدٌ وَمِنْ اثْنَيْنِ مَثَلًا صَفْقَةً (حِصَّةَ أَحَدِهِمَا) مِنْ الثَّمَنِ (لَزِمَ الْبَائِعَ أَنْ يُسَلِّمَهُ) حِصَّتَهُ مِنْ الْمَبِيعِ تَسْلِيمُ الْمُشَاعِ (نَعَمْ لَوْ بَاعَهُمَا عَبْدَهُ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ بَاعَاهُ عَبْدٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَقَعَ جُمْلَةً وَهُوَ يَقْتَضِي الْجَوَابَ كَذَلِكَ صَحَّحَهُ فِي الْأَصْلِ وَفِي الْمَجْمُوعِ هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَالْحَامِلُ عَلَى تَصْحِيحِهِ يَعْنِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى تَصْحِيحُ الْبَغَوِيّ وَنَقْلُ الْإِمَامِ لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ فِي التَّتِمَّةِ الصِّحَّةُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ أَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْقِيَاسِ وَرَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ صِحَّةَ قَبُولِ أَحَدِهِمَا عَلَى قَبُولِ الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَبِالصِّحَّةِ جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ قَالَ لِأَنَّ إيجَابَهُ لَهُمَا بِمَنْزِلَةِ عَقْدَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَقْدٌ فَصَحَّ قَبُولُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ حَكَى الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ وَجَزَمَ فِيهَا بِالصِّحَّةِ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الْمَالِكُ لِحَظِّ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا لِأَنَّ التَّشْقِيصَ يَضُرُّ بِالْمَوْلَى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قُلْت لِحَظِّ نَفْسِهِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا أَوْ كَانَ الْمَالِكُ مُفْلِسًا فَأَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِهِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ فَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَصِحَّ قَبُولُ أَحَدِهِمَا فِي نِصْفِهِ قَطْعًا إذَا كَانَ التَّشْقِيصُ يَضُرُّ بِالْغُرَمَاءِ وَهُوَ الْغَالِبُ كَمَا لَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَهُ فَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ لَمْ يَصِحَّ (فَرْعٌ وَالِاعْتِبَارُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِالْعَاقِدِ لَا الْمَعْقُودِ لَهُ) لِتَعَلُّقِ أَحْكَامِ الْعَقْدِ بِهِ كَرُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ نَعَمْ الْعِبْرَةُ بِعَكْسِهِ فِي الشُّفْعَةِ وَالرَّهْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِمَا لِأَنَّ مَدَارَ الشُّفْعَةِ عَلَى اتِّحَادِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ وَالرَّهْنُ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَعَدَمِهِ (فَلَوْ اشْتَرَى) وَكِيلٌ (لِرَجُلَيْنِ) شَيْئًا فَخَرَجَ مَعِيبًا (لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ) أَيْ إفْرَادُ نَصِيبِهِ بِالرَّدِّ (بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى) شَيْئًا (وَمَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ) وَخَرَجَ مَعِيبًا (لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَلَوْ اشْتَرَيَا لَهُ) وَكَالَةً (رَدَّ) جَوَازًا (عَقْدَ أَحَدِهِمَا) بِالْعَيْبِ (وَلَوْ بَاعَ لَهُمَا) وَكَالَةً (لَمْ يَرُدَّ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا) بِالْعَيْبِ (أَوْ بَاعَا لَهُ) وَكَالَةً (رَدَّ) جَوَازًا نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ اعْتِبَارًا بِالْعَاقِدِ فِي الْخَمْسِ (وَحَيْثُ لَا رَدَّ فَلِكُلٍّ) مِمَّنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرَّدُّ مِنْ أَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ أَوْ الِابْنَيْنِ أَوْ الْمُشْتَرِي (الْأَرْشُ) عَلَى الْبَائِعِ (وَلَوْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ رَدِّ صَاحِبِهِ) لِظُهُورِ تَعَذُّرِ الرَّدِّ (بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ) الْخِيَارُ ضَرْبَانِ خِيَارُ نَقْصٍ وَسَيَأْتِي وَخِيَارُ تَرَوٍّ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي وَلَهُ سَبَبَانِ الْمَجْلِسُ وَالشَّرْطُ كَمَا عَبَّرَ بِهِمَا الْأَصْلُ لَا خِيَارَ لَهُمَا وَإِنْ عَبَّرَ بِهِمَا الْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ (خِيَارُ التَّرَوِّي يَتَعَلَّقُ بِسَبَبَيْنِ الْأَوَّلِ) مِنْهُمَا (خِيَارِ الْمَجْلِسِ) بِدَأْبِهِ لِثُبُوتِهِ بِالشَّرْعِ بِلَا شَرْطٍ (فَيَثْبُتُ فِي كُلِّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ) وَهِيَ الَّتِي تَفْسُدُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ ثَلَاثٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ كَانَ الْعَقْدُ تِسْعَةً إلَخْ) الْعَدَدُ الْكَثِيرُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِحَسْبِهِ كَالْقَلِيلِ وَفِي الْخَادِمِ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَإِنْ طَالَ صَحَّ فِيمَا لَمْ يَطُلْ. اهـ. مُلَخَّصًا وَالْمُتَّجَهُ اعْتِمَادُ إطْلَاقِهِمْ وَلَا يَضُرُّ الطُّولُ لِأَنَّهُ فَصَلَ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ وَهُوَ ذِكْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (أَنَّ) (قَوْلَهُ وَيَتَعَدَّدُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ إلَخْ) شَرْطُ التَّفْصِيلِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَهُ إجْمَالٌ يُخَالِفُهُ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ نِصْفُهُ بِسِتِّمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي تَوْزِيعَ الثَّمَنِ عَلَى الْمُثَمَّنِ بِالسَّوِيَّةِ وَآخِرُهُ يُنَاقِضُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ قَبِلْتهمَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ) وَكَمَا قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ أَنَّ الصَّفْقَةَ لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الثَّمَنِ فَقَطْ كَمَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا وَهَذَا الثَّوْبَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ وَلَا بِتَعَدُّدِ الْمُثَمَّنِ فَقَطْ كَمَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا بِدِرْهَمٍ وَبِدِينَارٍ وَبِثَوْبٍ وَإِنَّمَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِمَا (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ) مَا قَالَهُ الْقَاضِي جَارٍ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ فَالْأَصَحُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْقَبُولَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْإِيجَابِ (قَوْلُهُ كَذَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ تَضْعِيفِ كَلَامِ الْقَاضِي لِوُقُوعِ الْقَبُولِ غَيْرِ مُطَابِقٍ لِلْإِيجَابِ فَلَا أَثَرَ لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ هُنَا لِأَنَّهُ خَلَفَ ذَلِكَ أَمْرٌ آخَرُ [فَرْعٌ الِاعْتِبَارُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِالْعَاقِدِ] (قَوْلُهُ وَالِاعْتِبَارُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِالْعَاقِدِ) أَيْ كَوَكِيلٍ وَحَاكِمٍ وَوَلِيٍّ وَرَقِيقٍ مَأْذُونٍ (قَوْلُهُ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَعَدَمِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَقْدَ عُهْدَةٍ حَتَّى يَنْظُرَ فِيهِ الْمُبَاشِرُ [بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ] (بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ شَرَعَ فِي لُزُومِهِ وَجَوَازِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَلِيّ أَوْ الْوَكِيلَ لَا يَفْعَلُ إلَّا مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَمَنْ خَالَفَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ تَعَلَّقَ بِأُمُورٍ أَكْثَرُهَا تَشْغِيبٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِإِبْطَالِهِ نُقِضَ حُكْمُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 بِفَسَادِ عِوَضِهَا (وَاقِعَةٍ عَلَى الْعَيْنِ) لَا الْمَنْفَعَةِ (وَلَوْ اسْتَعْقَبَ) الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ (عِتْقًا كَالْبَيْعِ) وَلَوْ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَأَبِيهِ وَابْنِهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ أَيْ التَّخَايُرَ فَإِنَّهُ مُلْزِمٌ كَتَفَرُّقِهِمَا وَقَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَقُولَ قَالَ فِي الْمَجْمُوع مَنْصُوبٌ بِأَوْ بِتَقْدِيرِ إلَّا أَنْ أَوْ إلَى أَنْ وَلَوْ كَانَ مَعْطُوفًا لَجَزَمَهُ فَقَالَ أَوْ يَقُلْ وَخَرَجَ بِالْمُعَاوَضَةِ غَيْرُهَا كَالْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَصُلْحِ الْحَطِيطَةِ وَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَبِالْمَحْضَةِ غَيْرُهَا كَالصُّلْحِ عَنْ دَمٍ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ فَلَا خِيَارَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا وَالْخَبَرُ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْبَيْعِ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِيَارَ فِي الْبَيْعِ رُخْصَةٌ شُرِعَ لِلتَّرَوِّي وَدَفْعِ الضَّرَرِ فَهُوَ عَارِضٌ وَالْأَصْلُ لُزُومُهُ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ عَرَضَ بَعْدَ اللُّزُومِ بَلْ بِمَعْنَى أَنَّ الْبَيْعَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَقْتَضِي وَضْعُهَا اللُّزُومَ لِيَتَمَكَّنَ الْعَاقِدُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا أَخَذَهُ آمِنًا مِنْ نَقْضِ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالَاتِهِ اللُّزُومُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ (وَالسَّلَمِ) أَيْ وَكَالسَّلَمِ (وَالتَّوْلِيَةِ وَالتَّشْرِيكِ وَصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ) عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ (وَلَوْ فِي عَقْدٍ تَوَلَّى الْأَبُ) وَإِنْ عَلَا (طَرَفَيْهِ كَبَيْعِ مَالِ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ) أَوْ عَكْسِهِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَلِأَنَّ الْأَبَ أُقِيمَ مَقَامَ الشَّخْصَيْنِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فَكَذَا فِي الْخِيَارِ وَلَفْظُ الْخَبَرِ وَرَدَ عَلَى الْغَالِبِ (فَإِنْ فَارَقَ) الْأَبُ (مَجْلِسَهُ أَوْ اخْتَارَ لَهُمَا) اللُّزُومَ (لَزِمَ أَوْ) اخْتَارَ (لِنَفْسِهِ بَقِيَ) الْخِيَارُ (لِلْوَلَدِ) وَكَذَا بِالْعَكْسِ كَمَا فِي الْبَسِيطِ وَخَرَجَ بِصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ صُلْحُ الْحَطِيطَةِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ إبْرَاءٌ (وَلَا يَثْبُتُ) الْخِيَارُ (فِي الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ) وَالْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْقَرْضِ وَالْجَعَالَةِ (أَوْ) مِنْ (أَحَدِهِمَا كَالْكِتَابَةِ وَالرَّهْنِ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا وَلِأَنَّ الْجَائِزَ فِي حَقِّهِ بِالْخِيَارِ أَبَدًا فَلَا مَعْنَى لِثُبُوتِهِ لَهُ وَالْآخَرُ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْغَبْنِ الْمَقْصُودِ دَفْعُهُ بِالْخِيَارِ لَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ وَأَقْبَضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَمْكَنَ فَسْخُهُ بِأَنْ يَنْفَسِخَ الْبَيْعُ فَيَنْفَسِخَ وَهُوَ تَبَعًا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَا) يَثْبُتُ (فِي الْوَقْفِ وَالْهِبَةِ) كَمَا مَرَّ وَلَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ ذَاتَ ثَوَابٍ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا لَكِنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِمَا فِي بَابِهَا أَنَّهَا بَيْعٌ وَأَنَّهُ يَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ وَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا هِبَةٌ وَإِنْ قُيِّدَتْ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ وَهُنَاكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُقَيَّدَةَ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ بَيْعٌ وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ هُنَا بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّوَابُ مَا هُنَاكَ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ (وَلَا فِي الشُّفْعَةِ) فَلَا خِيَارَ فِيهِمَا لِلْمُشْتَرِي إذْ الشِّقْصُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ قَهْرًا وَلَا لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً إذْ يَبْعُدُ تَخْصِيصُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ. وَخَالَفَ الرَّافِعِيُّ فَصَحَّحَ فِي بَابِهَا ثُبُوتَهُ لِلشَّفِيعِ وَاسْتَدْرَكَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ فَصَحَّحَ الْمَنْعَ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَهَلْ مَعْنَاهُ أَنْ يَتَخَيَّرَ فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ الْأَخْذِ بَيْنَ رَدِّ الْمِلْكِ وَإِمْسَاكِهِ أَوْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيهِ قَبْلَ الْأَخْذِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَتَرْكِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْأَوَّلُ فَالْمُرَادُ بِالْمَجْلِسِ مَجْلِسُ التَّمَلُّكِ (وَ) لَا فِي (الْحَوَالَةِ) لِأَنَّهَا جُعِلَتْ مُعَاوَضَةً لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْمُعَاوَضَاتِ إذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَبَطَلَتْ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَلَا فِي النِّكَاحِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا وَلِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَكَانَ كَالْإِجَارَةِ وَسَيَأْتِي (وَ) فِي (الصَّدَاقِ) وَعِوَضِ الْخُلْعِ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ قَدَّرَ اسْتِقْلَالَهُمَا لَا خِيَارَ فِيهِمَا تَبَعًا لِلنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ (وَ) لَا فِي (الْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ أَيْضًا) وَإِنْ كَانَتَا مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ غَرَرُ وُرُودِهِ عَلَى مَعْدُومٍ وَغَرَرُ الْخِيَارِ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَفُوتُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ فَأَلْزَمْنَا الْعَقْدَ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِوَضِ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي السَّلَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَعْقَبَ عِتْقًا) يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْبَيْعَ الضِّمْنِيَّ فِي قَوْلِهِ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْعِتْقِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي زَمَنٍ لَطِيفٍ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ تَقْدِيرٌ آخَرُ فَالْخِيَارُ فِيهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ رُقَّ (قَوْلُهُ «مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» ) فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَكَانِهِمَا (قَوْلُهُ كَالصُّلْحِ عَنْ دَمٍ) أَيْ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ ر (قَوْلُهُ لِلتَّرَوِّي وَدَفْعِ الضَّرَرِ) شَمِلَ بَيْعَ الْجِنْسِ الرِّبَوِيِّ بِمِثْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْغَزَالِيِّ الْأَوَّلُ فَإِنَّ إمَامَهُ قَالَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ وَقَدْ عَدَدْنَا الْخِيَارَ مِنْ الرُّخَصَ الَّتِي لَا يُعَدَّى بِهَا مَوَاضِعَهَا حَتَّى لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَسِيطِ) وَقَالَ غَيْرُهُ وَإِذَا لَزِمَ الْعَقْدُ مِنْ طَرَفٍ بَقِيَ الْآخَرُ وَقَالَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فَإِذَا بَطَلَ خِيَارُ أَحَدِهِمَا ثَبَتَ لِلْآخَرِ وَهُوَ مَا فِي الذَّخَائِرِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَا أَحْسِبُ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ لَكِنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِمَا فِي بَابِهَا أَنَّهَا بَيْعٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا هِبَةٌ إلَخْ) الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ أَنَّهُ إذَا وَهَبَ وَشَرَطَ ثَوَابًا مَعْلُومًا انْعَقَدَ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ وَتَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ مِنْ الْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَإِنْ وَهَبَ وَلَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا وَقُلْنَا الْهِبَةُ تَقْتَضِي الثَّوَابَ أَوْ وَهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَجْهُولٍ وَفَرَّعْنَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ صَحِيحٌ فَهَذَا لَيْسَ بَيْعٌ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَلِهَذَا قَالَ فِي تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَيْعًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَأَصْلُهُ لِلسُّبْكِيِّ وَإِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ لَمْ يُعْدَلْ إلَى التَّنَاقُضِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَقْدَحُ فِي الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ انْتِفَاءُ الْخِيَارِ لِعَدَمِ صِحَّةِ مَا وَقَعَ لِصِدْقِ اسْمِ الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ فَسَادِهَا فَصَحَّ نَفْيُ الْخِيَارِ فِيهَا وَإِنْ وَجَدَ لَهُ مَا يَقْتَضِي نَفْيَهُ أَيْضًا مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً إلَخْ) لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ الْخِيَارُ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ فَأَلْزَمْنَا الْعَقْدَ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُزْءٌ إلَخْ) فَالْخِيَارُ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ ضَمِّ غَرَرٍ إلَى غَرَرٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدُ مَنَافِعَ مَعْدُومَةٍ وَالسَّلَمَ عَقْدٌ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 وَقَضِيَّةُ كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ عَدَمُ ثُبُوتِهِ فِي الْبَيْعِ الْوَارِدِ عَلَى مَنْفَعَةٍ كَحَقِّ الْمَمَرِّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ يُخَالِفُهُ قَالَ الْقَفَّالُ وَطَائِفَةٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ قَطْعًا كَالسَّلَمِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقِيلَ يَثْبُتُ أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ الْمُقَدَّرَةِ بِمُدَّةٍ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ (وَإِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَالْعِتْقُ مَوْقُوفٌ) سَوَاءٌ قُلْنَا الْمَالِكُ مَوْقُوفٌ أَمْ لَا (حَتَّى يَتَفَرَّقَا) أَوْ يَخْتَارَ اللُّزُومَ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ عَتَقَ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي شِرَاءِ الْجُمْدِ وَلَوْ بِشِدَّةِ الْحَرِّ) بِحَيْثُ يَنْمَاعُ بِهَا (لَا فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ) لِأَنَّ مَقْصُودَ الْعِتْقِ كَالْكِتَابَةِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلشِّرَاءِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الثَّانِيَةِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ فَقَطْ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ بَيْعٌ وَمِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ يُشْبِهُ الْفِدَاءَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ دُونَهُ وَفِي الصُّورَتَيْنِ يَتَبَعَّضُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ابْتِدَاءً (وَيَثْبُتُ فِي قِسْمَةِ الرَّدِّ فَقَطْ) أَيْ دُونَ قِسْمَتَيْ الْإِفْرَازِ وَالتَّعْدِيلِ سَوَاءٌ جَرَتَا بِإِجْبَارٍ أَمْ بِتَرَاضٍ وَسَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُمَا فِي حَالَةِ التَّرَاضِي بَيْعٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا الشَّرِيكُ أُجْبِرَ عَلَيْهِمَا وَالْإِجْبَارُ يُنَافِي الْخِيَارَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَرْجِيحُ الشَّيْخَيْنِ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا بَيْعٌ تَبَعًا فِيهِ تَرْجِيحُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ ثُبُوتُ الْخِيَارِ (وَلَوْ شَرَطَا نَفْيَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بَطَلَ الْبَيْعُ) لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ (وَلَوْ قَالَ) لِعَبْدِهِ (إنْ بِعْتُك فَأَنْت حُرٌّ فَبَاعَهُ عَتَقَ لِأَنَّ عِتْقَ الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ نَافِذٌ) بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ نَفْيِ الْخِيَارِ لَا يُعْتَقُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ (فَصْلٌ وَيَنْقَطِعُ) خِيَارُ الْمَجْلِسِ (إمَّا بِالتَّخَايُرِ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ (نَحْوَ تَخَايَرْنَا الْعَقْدَ أَوْ اخْتَرْنَاهُ أَوْ أَلْزَمْنَاهُ) أَوْ أَمْضَيْنَاهُ أَوْ اخْتَرْنَا إبْطَالَ الْخِيَارِ أَوْ إفْسَادَهُ (فَلَوْ قَالَ) أَحَدُهُمَا (لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ انْقَطَعَ خِيَارُ الْقَائِلِ وَلَوْ لَمْ يَخْتَرْ صَاحِبُهُ) لِتَضَمُّنِهِ الرِّضَا بِاللُّزُومِ وَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا لُزُومَهُ سَقَطَ خِيَارُهُ وَبَقِيَ خِيَارُ الْآخَرِ وَاحْتَمَلَ تَبْعِيضَ الْخِيَارِ لِوُقُوعِهِ دَوَامًا (وَالْفَسْخُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِجَازَةِ) فَلَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ قُدِّمَ الْفَسْخُ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْإِجَازَةِ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْخِيَارِ إنَّمَا قَصَدَ بِهِ التَّمَكُّنَ مِنْ الْفَسْخِ دُونَ الْإِجَازَةِ لِأَصَالَتِهَا (وَتَبَايُعِهَا فِي الْعِوَضَيْنِ) وَلَوْ رِبَوِيَّيْنِ (بَعْدَ الْقَبْضِ) لَهُمَا بَيْعًا ثَانِيًا (إجَازَةٌ) لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِلُزُومِهِ وَيَصِحُّ الثَّانِي وَيَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ (وَلَوْ أَجَازَا فِي الرِّبَوِيِّ) وَتَفَرَّقَا (قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُهُ (فِي الرِّبَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ هُنَا وَلَوْ أَجَازَا فِي عَقْدِ الصَّرْفِ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تَلْغُو الْإِجَارَةُ فَيَبْقَى الْخِيَارُ وَالثَّانِي يَلْزَمُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِمَا التَّقَابُضُ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَلَا يَأْثَمَانِ إنْ تَفَرَّقَا عَنْ تَرَاضٍ وَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْمُفَارَقَةِ أَثِمَ وَرَجَحَ فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِي. (وَإِمَّا بِالتَّفَرُّقِ بِأَبْدَانِهِمَا) عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (فَلَوْ أَقَامَا) فِيهِ (مُدَّةً أَوْ تَمَاشَيَا مَرَاحِلَ فَهُمَا عَلَى خِيَارِهِمَا) وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَعْرَضَا عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ وَيَحْصُلُ بِأَنْ يُفَارِقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مِنْ الْمَجْلِسِ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَإِنْ اسْتَمَرَّ الْآخَرُ فِيهِ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ لَا يَتَبَعَّضُ بِخِلَافِ التَّخَايُرِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَاوِي الْخَبَرِ إذَا ابْتَاعَ شَيْئًا فَارَقَ صَاحِبَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَى مُسْلِمٌ قَامَ يَمْشِي هُنَيَّةَ ثُمَّ رَجَعَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ إذَا ابْتَاعَ شَيْئًا وَهُوَ قَاعِدٌ قَامَ لِيَجِبَ لَهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ حِلُّ الْفِرَاقِ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ الْحِلِّ فِي الْخَبَرِ عَلَى الْإِبَاحَةِ الْمُسْتَوِيَةِ الطَّرَفَيْنِ وَيُعْتَبَرُ فِي التَّفَرُّقِ الْعُرْفُ (فَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] أَعْيَانٍ فَبَعُدَ عَنْ الْغَرَرِ (قَوْلُهُ ثُبُوتُهُ فِي الْبَيْعِ الْوَارِدِ عَلَى مَنْفَعَةٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) وَحَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْخِيَارِ اسْمُ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ عَتَقَ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا وَجَهِلَ الْبَائِعُ إعْسَارَهُ (قَوْلُهُ دُونَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاضِحٌ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا مَحْضُ افْتِدَاءٍ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْحُرِّيَّةِ فَقَدْ يَكُونُ كَاذِبًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَوَقَعَ بَيْعًا فِي حَقِّهِ بَاطِنًا كَالْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَفِي الصُّورَتَيْنِ يَتَبَعَّضُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ابْتِدَاءً) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ ضَابِطُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لَا يَتَبَعَّضُ ابْتِدَاءً فَيَثْبُتُ لِوَاحِدٍ دُونَ الْآخَرِ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ أَحَدِهِمَا إذَا اشْتَرَى مَنْ اعْتَرَفَ بِحُرِّيَّتِهِ الثَّانِيَةِ فِي الشُّفْعَةِ إذَا أَثْبَتْنَا الْخِيَارَ لِلشَّفِيعِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَحَّحُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ. اهـ. وَإِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ تَخَيَّرَ الْبَائِعُ دُونَهُ عَلَى وَجْهٍ [فَصْلٌ يَنْقَطِعُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِالتَّخَايُرِ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ] (قَوْلُهُ إمَّا بِالتَّخَايُرِ) أَيْ طَوْعًا (قَوْلُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْإِجَازَةِ) أَيْ وَإِلَّا بَطَلَتْ فَائِدَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَجَازَ فِي الرِّبَوِيِّ إلَخْ) السَّلَمُ وَإِجَارَةُ الذِّمَّةِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَرَجَحَ فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِي) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا يَجِيءُ هَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ فَيَبْطُلُ جَزْمًا إذْ الْإِجَازَةُ تُفَرَّقُ حُكْمًا وَقَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَطْلَقَ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ عَنْ النَّصِّ وَصَوَّبَهُ أَنَّ تَفَرُّقَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي بَيْعِ الرِّبَا قَبْلَ التَّقَابُضِ لَا يَكْفِيهِمَا فِي مَنْعِ الْإِثْمِ كَمَا يَأْثَمَانِ بِالْعَقْدِ مَعَ التَّفَاضُلِ فَإِنْ تَعَذَّرَ التَّقَابُضُ وَأَرَادَا التَّفَرُّقَ لَزِمَهُمَا أَنْ يَتَفَاسَخَا قَبْلَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الرِّبَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَإِذَا تَخَايَرَا فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَهُوَ كَالتَّفَرُّقِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ لِأَنَّ التَّخَايُرَ كَالتَّفَرُّقِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا يَبْطُلُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى يَدًا بِيَدٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بِالتَّفَرُّقِ بِأَبْدَانِهِمَا إلَخْ) وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ لِأَنَّ مَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ شَرْعًا وَلَا لُغَةً يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 كَانَا فِي سَفِينَةٍ) أَوْ دَارٍ (أَوْ مَسْجِدٍ صَغِيرٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا (فَبِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا) مِنْهُ (أَوْ صُعُودِهِ إلَى السَّطْحِ) يَنْقَطِعُ الْخِيَارُ (وَإِنْ كَانَا فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ فَبِالْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ إلَى الصَّحْنِ أَوْ مِنْ الصَّحْنِ إلَى الصُّفَّةِ) أَوْ الْبَيْتِ (وَإِنْ كَانَا فِي سُوقٍ أَوْ صَحْرَاءَ أَوْ بَيْتِ مُتَفَاحِشِ السِّعَةِ فَبِأَنْ يُولِيَ) أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (ظَهْرَهُ وَيَمْشِيَ قَلِيلًا وَلَوْ لَمْ يَبْعُدْ عَنْ سَمَاعِ خِطَابِهِ وَلَا يَحْصُلُ) التَّفَرُّقُ (بِإِقَامَةِ سِتْرٍ وَلَوْ بِبِنَاءِ جِدَارٍ) بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمَجْلِسَ بَاقٍ نَعَمْ إنْ بَنَيَاهُ أَوْ بُنِيَ بِأَمْرِهِمَا حَصَلَ التَّفَرُّقُ جَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَالْقَاضِي مَجْلِي وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْمُفَارَقَةِ وَخَالَفَ وَالِدُ الرُّويَانِيِّ فَصَحَّحَ عَدَمَ الْحُصُولِ بِذَلِكَ (فَرْعٌ لَوْ تَنَادَيَا بِالْبَيْعِ مِنْ بُعْدٍ ثَبَتَ لَهُمَا الْخِيَارُ) وَامْتَدَّ (مَا لَمْ يُفَارِقْ أَحَدُهُمَا مَكَانَهُ) فَإِنْ فَارَقَهُ وَوَصَلَ إلَى مَوْضِعٍ لَوْ كَانَ الْآخَرُ مَعَهُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ عُدَّ تَفَرُّقًا بَطَلَ خِيَارُهُمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ جِهَةَ الْآخَرِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْقَطْعُ بِدَوَامِ الْخِيَارِ وَحُكْمُ مَا تَبَايَعَا بِالْمُكَاتَبَةِ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ (فَرْعٌ وَإِنْ مَاتَ) الْعَاقِدَانِ أَوْ (أَحَدُهُمَا فِي الْمَجْلِسِ قَامَ الْوَارِثُ) وَلَوْ عَامًا (أَوْ الْمُوَكِّلُ أَوْ السَّيِّدُ) أَيْ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ أَوْ الْمَأْذُونِ لَهُ (مَقَامَهُ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ سَوَاءٌ فِيهِ عَقْدُ الرِّبَا وَغَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ طِفْلًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ نَصَبَ الْحَاكِمُ مَنْ يَفْعَلُ لَهُ مَا فِيهِ مَصْلَحَتُهُ مِنْ فَسْخٍ وَإِجَارَةٍ وَعَجْزُ الْمُكَاتَبِ كَمَوْتِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ) مَثَلًا أَيْ وَارِثُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ حَاضِرًا (فِي الْمَجْلِسِ ثَبَتَ لَهُ مَعَ الْعَاقِدِ الْآخَرِ الْخِيَارُ) وَامْتَدَّا إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَتَخَايَرَا (وَإِنْ كَانَ غَائِبًا) وَوَصَلَهُ الْخَبَرُ (فَإِلَى) أَيْ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ وَيَمْتَدُّ إلَى (أَنْ يُفَارِقَ مَجْلِسَ الْخَبَرِ) لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ فَلْيُثْبِتْ لَهُ مِثْلَ مَا يَثْبُتُ لَهُ هَذَا مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَبَنَى طَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْمُتَوَلِّي كَيْفِيَّةَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِهِ لِلْمَعْنَى أَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ خِيَارُ الْوَارِثِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي يُشَاهِدُ فِيهِ الْمَبِيعَ لِيَتَأَمَّلَهُ وَالثَّانِي يَتَأَخَّرُ خِيَارُهُ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ الْوَارِثِ فِي مَجْلِسٍ فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْوَارِثِ (فَرْعٌ لَوْ وَرِثَهُ جَمَاعَةٌ حُضُورٌ) فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ (لَمْ يَنْقَطِعْ) خِيَارُهُمْ (بِفِرَاقِ بَعْضِهِمْ) لَهُ بَلْ يَمْتَدُّ حَتَّى يُفَارِقُوهُ كُلُّهُمْ لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ كَالْمُوَرِّثِ وَهُوَ لَا يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ إلَّا بِمُفَارَقَةِ جَمِيعِ بَدَنِهِ (أَوْ غَائِبُونَ) عَنْ الْمَجْلِسِ (ثَبَتَ لَهُمْ الْخِيَارُ إذَا اجْتَمَعُوا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي حَيْثُ قَالَ وَإِنْ كَانُوا غَائِبِينَ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ أَنْ قُلْنَا فِي الْوَارِثِ الْوَاحِدِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِ مُشَاهَدَةِ الْمَبِيعِ فَلَهُمْ الْخِيَارُ إذَا اجْتَمَعُوا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ النِّيَابَةَ لَهُمْ كُلُّهُمْ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَبْعِيضِ الْخِيَارِ فَجَعَلْنَا الْأَمْرَ مَوْقُوفًا عَلَى اجْتِمَاعِهِمْ وَإِنْ قُلْنَا لَهُ الْخِيَارُ اجْتَمَعَ هُوَ وَالْعَاقِدُ فَكَذَا لَهُمْ الْخِيَارُ إذَا اجْتَمَعُوا بِهِ انْتَهَى بِزِيَادَتِي لِلتَّعْلِيلِ مِنْ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْغَائِبِ الْوَاحِدِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمُوَافِقُ لِلصَّحِيحِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ ثُمَّ أَنْ يَثْبُتَ لَهُمْ الْخِيَارُ بِوُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِمْ وَأَنْ يَنْقَطِعَ بِمُفَارَقَةِ الْمُتَأَخِّرِ فِرَاقُهُ مِنْهُمْ مَجْلِسُهُ (وَيَثْبُتُ) الْخِيَارُ (لِلْعَاقِدِ الْبَاقِي مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ) سَوَاءٌ أَكَانَ لِوَارِثِ الْغَائِبِ وَاحِدٌ أَمْ مُتَعَدِّدٌ نَعَمْ إنْ فَارَقَ أَحَدُهُمَا مَجْلِسَهُ دُونَ الْآخَرِ انْقَطَعَ خِيَارُ الْآخَرِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ (وَيَنْفَسِخُ) الْعَقْدُ (بِفَسْخِ بَعْضِهِمْ) فِي نَصِيبِهِ أَوْ فِي الْجَمِيعِ (وَلَوْ أَجَازَ الْبَاقُونَ) كَمَا لَوْ فَسَخَ الْمُوَرِّثُ فِي الْبَعْضِ وَأَجَازَ فِي الْبَعْضِ وَلَا يُبَعَّضُ الْفَسْخُ لِلْإِضْرَارِ بِالْحَيِّ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُمْ وَاطَّلَعُوا عَلَى عَيْبٍ بِالْمَبِيعِ فَفَسَخَ بَعْضُهُمْ لَا يَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي لِأَنَّ لِلضَّرَرِ ثَمَّ جَابِرًا وَهُوَ الْأَرْشُ وَلَا جَابِرَ لَهُ هُنَا وَلَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ أَوْ فَسَخَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَقُلْنَا مَنْ بَاعَ مَالَ مِنْ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ يَصِحُّ قَالَ الْإِمَامُ فَالْوَجْهُ نُفُوذُ فَسْخِهِ دُونَ إجَازَتِهِ لِأَنَّهَا رِضًا وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الرِّضَا مَعَ الْعِلْمِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَبِهِ أَجَابَ فِي الْبَسِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى الْوَلِيُّ لِطِفْلِهِ شَيْئًا فَبَلَغَ رَشِيدًا قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ الْخِيَارُ وَهَلْ يَبْقَى لِلْوَلِيِّ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ وَالِدِهِ وَأَجْرَاهُمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَالْأَوْجَهُ بَقَاؤُهُ لَهُ مَعَ أَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَمْشِي قَلِيلًا إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَالْمَشْيُ الْقَلِيلُ مَا يَكُونُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَلَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ كَبِيرَةٍ فَالنُّزُولُ إلَى الطَّبَقَةِ التَّحْتَانِيَّةِ تَفَرُّقٌ كَالصُّعُودِ إلَى الْفَوْقَانِيَّةِ وَفِي صَغِيرَةٍ لَا طَرِيقَ إلَّا بِالْخُرُوجِ أَوْ التَّخَايُرِ وَقَوْلُهُ وَمَا يَكُونُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَيْ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ بَنَيَاهُ أَوْ بُنِيَ بِأَمْرِهِمَا إلَخْ) وَقِيلَ إنْ بَنَاهُ أَحَدُهُمَا بِلَا إذْنٍ فَكَالْهَرَبِ أَوْ غَيْرُهُمَا فَالْحَمْلُ كَرْهًا (قَوْلُهُ فَصَحَّحَ عَدَمَ الْحُصُولِ بِذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَلَوْ جُعِلَ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنْ بِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَحْصُلْ التَّفَرُّقُ وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ وَجْهًا أَنَّهُ يَحْصُلُ التَّفَرُّقُ إذَا كَانَ بِأَمْرِهِمَا وَهُوَ غَرِيبٌ. اهـ. أَيْ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ فِي الْأَبْدَانِ وَلَمْ يُوجَدْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ وُجِدَ تَفَرُّقُ الْمَكَانِ [فَرْعٌ تَنَادَيَا بِالْبَيْعِ مِنْ بُعْدٍ] (قَوْلُهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْقَطْعُ بِدَوَامِ الْخِيَارِ) الَّذِي يَظْهَرُ الْقَطْعُ بِانْقِطَاعِهِ [فَرْعٌ مَاتَ الْعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي الْمَجْلِسِ] (قَوْلُهُ أَيْ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ) عَجْزُ الْمُكَاتَبِ كَمَوْتِهِ (قَوْلُهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ) أَيْ بَلْ أَوْلَى لِثُبُوتِهِ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا قَطَعُوا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ بِالِانْتِقَالِ لِثُبُوتِهِ لِغَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ إذَا اجْتَمَعُوا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا فِي مَجْلِسٍ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ فَارَقَ أَحَدُهُمَا مَجْلِسَهُ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مَمْنُوعٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاضِحٌ قَالَ شَيْخُنَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَتَبَ إلَى غَائِبٍ حَيْثُ يَمْتَدُّ خِيَارُ الْكَاتِبِ إلَى انْقِطَاعِ خِيَارِ الْمَكْتُوبِ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا جَابِرَ لَهُ هُنَا) حَاصِلُهُ أَنَّ فَسْخَ بَعْضِهِمْ يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ هُنَا وَهُنَاكَ لَا يَنْفَسِخُ بِهِ شَيْءٌ وَقَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِمَّا كَتَبَهُ الْوَالِدُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لَا يَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي لَيْسَ عَلَى بَابِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَيْ كَمَا لَا يَنْفَسِخُ فِيمَا فَسَخَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ) وَبِهِ أَجَابَ فِي الْبَسِيطِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ بَقَاؤُهُ لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 فِي جَزْمِهِ بِعَدَمِ انْتِقَالِهِ لِلرَّشِيدِ نَظَرًا (فَرْعٌ مَتَى حُمِلَ) الْعَاقِدُ فَأُخْرِجَ مِنْ الْمَجْلِسِ (مُكْرَهًا) بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا (وَكَذَا إذَا أُكْرِهَ) عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ (فَخَرَجَ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ وَلَوْ لَمْ يُسَدَّ فَمُهُ) لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ كَلَا فِعْلٍ وَالسُّكُوتُ عَنْ الْفَسْخِ لَا يَقْطَعُ الْخِيَارَ كَمَا فِي الْمَجْلِسِ وَهَذَا بِخِلَافِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ كَمَا مَرَّ لِتَقْصِيرِهِمَا وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِلرِّبَوِيِّ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْته فِي بَابِهِ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ ثَمَّ (فَإِنْ زَايَلَهُ) أَيْ فَارَقَهُ (الْإِكْرَاهُ فِي مَجْلِسٍ فَلَهُ الْخِيَارُ) فِيهِ (حَتَّى يُفَارِقَهُ أَوْ مَارًّا فَحَتَّى يُفَارِقَ مَكَانَهُ) الَّذِي زَايَلَهُ فِي الْإِكْرَاهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِيَجْتَمِعَ مَعَ صَاحِبِهِ وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ (وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ صَاحِبُهُ بَطَلَ خِيَارُهُ لَا أَنْ مُنِعَ) مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهُ فَلَا يَبْطُلُ (وَلَوْ هَرَبَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَتْبَعْهُ الْآخَرُ بَطَلَ خِيَارُهُ) كَخِيَارِ الْهَارِبِ (وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ أَنْ يَتْبَعَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالْقَوْلِ وَلِأَنَّ الْهَارِبَ فَارَقَ مُخْتَارًا بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّهُ (وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ أَنْ يَتْبَعَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالْقَوْلِ وَلِأَنَّ الْهَارِبَ فَارَقَ مُخْتَارًا بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ فَإِنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ وَلَا يَشْكُلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ حِنْثِهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ فَفَارَقَهُ غَرِيمُهُ وَأَمْكَنَهُ مُتَابَعَتُهُ فَلَمْ يَتْبَعْهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا مَنُوطٌ بِالتَّفَرُّقِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِوُجُودِ الْفُرْقَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُنَاكَ مَنُوطٌ بِالْمُفَارَقَةِ مِنْ الْحَالِفِ نَعَمْ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا نَفْتَرِقُ كَانَ حُكْمُهُ كَمَا هُنَا أَمَّا إذَا تَبِعَهُ فَالْخِيَارُ بَاقٍ مَا لَمْ يَتَبَاعَدَا كَمَا حَكَمَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي ضَبَطَهُ بِفَوْقِ مَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَفِي الْبَسِيطِ إنْ لَحِقَهُ قَبْلَ انْتِهَائِهِ إلَى مَسَافَةٍ يَحْصُلُ بِمِثْلِهَا الْمُفَارَقَةُ عَادَةً فَالْخِيَارُ بَاقٍ وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِلُحُوقِهِ (فَرْعٌ فَإِنْ جُنَّ) الْعَاقِدُ (أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَامَ الْوَلِيُّ) وَلَوْ عَامًا (مَقَامَهُ) فِي الْخِيَارِ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ وَيَفْعَلُ الْوَلِيُّ مَا فِيهِ الْحَظُّ مِنْ فَسْخٍ وَإِجَازَةٍ فَلَوْ فَارَقَ الْمَجْنُونُ أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ الْمَجْلِسَ لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا صَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ خَرِسَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (وَلَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ) وَلَا كِتَابَةَ لَهُ (نَصَبَ الْحَاكِمُ نَائِبًا عَنْهُ) كَمَا لَوْ جُنَّ وَإِنْ تَأَتَّتْ الْإِجَازَةُ مِنْهُ بِالتَّفَرُّقِ وَلَيْسَ هُوَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْحَاكِمُ نَابَ عَنْهُ فِيمَا تَعَذَّرَ مِنْهُ بِالْقَوْلِ كَمَا يَنُوبُ فِي الْبَيْعِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْمُمْتَنِعِ مِنْهُ أَمَّا إذَا أَفْهَمَتْ إشَارَتُهُ أَوْ كَانَ لَهُ كِتَابَةٌ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّفَرُّقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُنْكِرِهِ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ (وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ) وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ لِذَلِكَ (وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ التَّفَرُّقِ) وَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ (فَدَعْوَى الْفَسْخِ فَسْخٌ) كَمَا لَوْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ فَإِنَّ دَعْوَى الزَّوْجِ لَهَا رَجْعَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (السَّبَبُ الثَّانِي خِيَارُ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ لَهُ مَنْ بَايَعْت فَقُلْ لَهُ لَا خِلَابَةَ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ بِلَفْظِ «إذَا بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عُمَرَ «فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُهْدَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» وَسَمَّى الرَّجُلَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ حَبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا مُنْقِذًا وَالِدُهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مُهِمَّاتِهِ وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهُمَا صَحَابِيَّانِ أَنْصَارِيَّانِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ لَا خِلَابَةَ وَاَلَّذِي فِي الْخَبَرِ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقِيسَ بِهِ الْبَائِعُ وَيَصْدُقُ ذَلِكَ بِاشْتِرَاطِهِمَا مَعًا وَخَرَجَ بِالثَّلَاثَةِ مَا فَوْقَهَا وَشَرْطُ الْخِيَارِ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ وَجَازَ أَقَلُّ مِنْهَا بِالْأَوْلَى (مُعَيَّنًا) زَمَنَهُ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَلَا مَجْهُولًا. وَسَيَأْتِي (إنْ لَمْ يَفْصِلْهُ عَنْ الْعَقْدِ) فَإِنْ فَصَلَهُ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِالشَّرْطِ وَقَدْ وُجِدَ فِي الْعَقْدِ وَلِأَنَّ فَصْلَهُ يُؤَدِّي إلَى جَوَازِ الْعَقْدِ بَعْدَ لُزُومِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَلِهَذَا لَوْ أَسْقَطَا أَوَّلَ الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ سَقَطَتْ كُلُّهَا كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ شَرَطَاهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ دُونَ الثَّانِي بَطَلَ الْعَقْدُ (لَا فِيمَا يَتْلَفُ فِي الْمُدَّةِ) كَبَقْلٍ شَرَطَ فِي بَيْعِهِ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَا يَصِحُّ (وَلَا) فِي (الرِّبَوِيِّ وَالسَّلَمِ) فَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِمَا لِأَنَّ مَا شُرِطَ فِيهِ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَحْتَمِلُ الْأَجَلَ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَحْتَمِلَ الْخِيَارَ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ غَرَرًا مِنْهُ لِمَنْعِهِ الْمِلْكَ أَوْ لُزُومِهِ وَلِمَا فِي السَّلَمِ مِنْ غَرَرِ إيرَادِ عَقْدِهِ عَلَى مَعْدُومٍ فَلَا يَضُمُّ إلَيْهِ غَرَرَ الْخِيَارِ وَذَكَرَ حُكْمَ الرِّبَوِيِّ وَالسَّلَمِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ بَعْدُ أَيْضًا وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ ثَمَّ أَوْلَى (فَإِنْ أَطْلَقَ) شَرْطَ الْخِيَارِ (أَوْ ذَكَرَ) لَهُ (مُدَّةً مَجْهُولَةً) كَبَعْضِ يَوْمٍ أَوْ إلَى أَنْ يَجِيءَ زَيْدٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ وَغَيْرُهُ يُسْتَثْنَى مِنْ التَّفَرُّقِ كَرْهًا مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ غَاصِبًا مِنْ الْآخَرِ الْمَكَانَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ فَأَكْرَهَهُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ فَإِنَّهُ تَفْرِيقٌ مُعْتَبَرٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَامَ الْوَلِيُّ وَلَوْ عَامًا) أَيْ أَوْ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ) أَيْ بَلْ أَوْلَى لِثُبُوتِهِ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا قَطَعُوا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ بِالِانْتِقَالِ لِثُبُوتِهِ لِغَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالشَّرْطِ وَخِيَارُ الْمَجْلِسِ لَا يَثْبُتُ لِغَيْرِهِمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ الْحَجْرُ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ ر (قَوْلُهُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ لِذَلِكَ) لَوْ افْتَرَقَا فِي عَقْدِ الرِّبَوِيِّ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا افْتَرَقْنَا قَبْلَ التَّقَابُضِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ صَدَقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ (السَّبَبُ الثَّانِي خِيَارُ الشَّرْطِ) (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ إلَخْ) أَيْ فِي أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ وَإِنْ بَاعَ وَشَرَطَ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ وَقَوْلُهُمْ أَنْوَاعُ الْبُيُوعِ مُخْرِجٌ لِمَا تَقَدَّمَ فَفِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيهِ جَزْمًا أَوْ عَلَى الْأَصَحِّ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا بِثَمَنِ الذِّمَّةِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالثَّلَاثَةِ مَا فَوْقَهَا إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ اشْتِرَاطَهُ يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَلَا يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَهُوَ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ غَالِبًا زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ أَوْ مُحَابَاةً فَإِذَا سَقَطَتْ انْجَرَّتْ الْجَهَالَةُ إلَى الثَّمَنِ بِسَبَبِ مَا يُقَابِلُ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ (قَوْلُهُ وَلَا فِي الرِّبَوِيِّ) شَمِلَ مَا لَوْ جَرَى بِلَفْظِ الصُّلْحِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 (بَطَلَ) الْعَقْدُ لِلْغَرَرِ وَلَوْ قَالَا إلَى يَوْمٍ أَوْ سَاعَةٍ صَحَّ وَيُحْمَلُ عَلَى يَوْمِ الْعَقْدِ فَإِنْ عَقَدَ نِصْفَ النَّهَارِ فَإِلَى مِثْلِهِ وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ لِلضَّرُورَةِ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ لَمْ يَجْعَلْ الْيَوْمَ مَحْمُولًا عَلَى يَوْمِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا انْتَهَى وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ مَا فِي الْإِجَارَةِ نَظِيرُ مَا هُنَا وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا قَالَهُ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ أَصْلٌ وَالْخِيَارَ تَبَعٌ فَاغْتُفِرَ فِي مُدَّتِهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي مُدَّتِهَا. (وَوَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مَعْلُومٌ) فَيَصِحُّ تَعْيِينُ الْمُدَّةِ بِهِ (وَكَذَا طُلُوعُهَا) وَقَوْلُ الزُّبَيْرِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لِاحْتِمَالِ الْغَيْمِ فَلَا تَطْلُعُ بَعِيدٌ إذْ الْغَيْمُ إنَّمَا يَمْنَعُ الْإِشْرَاقَ لَا الطُّلُوعَ (وَيَجْتَهِدُ فِي الْغَيْم) وَيَعْمَلُ بِمَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ إلَى الْغُرُوبِ وَإِلَى وَقْتِ الْغُرُوبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الزُّبَيْرِيِّ لِأَنَّ الْغُرُوبَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي وَقْتِ سُقُوطِ قُرْصِ الشَّمْسِ أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْغُرُوبِ وَوَقْتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقُ عَلَى الْمَرْجُوحِ بَيْنَ الْغُرُوبِ وَالطُّلُوعِ بِأَنَّ الطُّلُوعَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِشْرَاقِ بِخِلَافِ الْغُرُوبِ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِيمَا مَرَّ وَالْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ فِي الطُّلُوعِ كَالْغُرُوبِ يَقُولُ اسْتِعْمَالُهُ فِي وَقْتِ الطُّلُوعِ أَكْثَرُ فَكَانَ هُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ تَبَايَعَا نَهَارًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ إلَى اللَّيْلِ أَوْ عَكْسِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ كَمَا لَوْ بَاعَ بِأَلْفٍ إلَى رَمَضَانَ لَا يَدْخُلُ رَمَضَانُ فِي الْأَجَلِ (فَرْعٌ وَإِنْ خَصَّصَ) الْعَاقِدُ (أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ) مَثَلًا (لَا بِعَيْنِهِ بِالْخِيَارِ أَوْ بِزِيَادَةٍ فِيهِ) عَلَى الْخِيَارِ فِي الْآخَرِ كَأَنْ شَرَطَ فِيهِ خِيَارَ يَوْمٍ وَفِي الْآخَرِ يَوْمَيْنِ (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ (فَإِذَا عَيَّنَهُ صَحَّ) كَبَيْعِهِ فِيهِمَا (وَإِذَا شَرَطَهُ) أَيْ الْخِيَارَ (فِيهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا وَلَوْ تَلِفَ الْآخَرُ) كَمَا فِي رَدِّهِ بِالْعَيْبِ (وَإِنْ اشْتَرَيَا عَبْدًا فِي صَفْقَةٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَلِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ) فِي نَصِيبِهِ (كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَوْ بَاعَ) شَيْئًا (عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْهُ) أَيْ يُعْطِهِ (الثَّمَنَ لِثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (فَلَا بَيْعَ) بَيْنَهُمَا أَوْ إنَّهُ إنْ رَدَّ الثَّمَنَ فِي الثَّلَاثَةِ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا (لَمْ يَصِحَّ) كَمَا لَوْ تَبَايَعَا بِشَرْطِ أَنَّهُ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ الْيَوْمَ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا [فَرْعٌ قَوْل الْعَاقِدِ لَا خِلَابَةَ] (فَرْعٌ قَوْلُهُ) أَيْ الْعَاقِدِ (لَا خِلَابَةَ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (عِبَارَةٌ فِي الشَّرْعِ عَنْ) اشْتِرَاطِ (خِيَارِ الثَّلَاثِ) وَمَعْنَاهَا لُغَةً لَا غَبْنَ وَلَا خَدِيعَةَ (فَإِنْ أَطْلَقَاهَا عَالِمَيْنِ لَا جَاهِلَيْنِ) وَلَا جَاهِلًا أَحَدَهُمَا (بِمَعْنَاهَا صَحَّ) أَيْ ثَبَتَ الْخِيَارُ (وَإِنْ أَسْقَطَ) مَنْ شَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (خِيَارَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَطَلَ الْكُلُّ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ أَسْقَطَ خِيَارَ الثَّالِثِ لَمْ يَسْقُطْ مَا قَبْلَهُ أَوْ خِيَارُ الثَّانِي بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى الثَّالِثُ سَقَطَ خِيَارُ الْيَوْمَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ خِيَارًا مُتَرَاخِيًا عَنْ الْعَقْدِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ خِيَارًا مُتَرَاخِيًا وَإِنَّمَا أَسْقَطْنَا الْيَوْمَيْنِ تَغْلِيبًا لِلْإِسْقَاطِ لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا خِيَارَ الشَّرْطِ رُخْصَةً فَإِذَا عَرَضَ لَهُ خَلَلٌ حُكِمَ بِلُزُومِ الْعَقْدِ (فَرْعٌ ابْتِدَاءُ) مُدَّةِ (الْخِيَارِ) الثَّابِتِ بِالشَّرْطِ (مِنْ الْعَقْدِ) لَا مِنْ التَّفَرُّقِ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِالشَّرْطِ وَقَدْ وُجِدَ فِي الْعَقْدِ وَلَا بُعْدَ فِي ثُبُوتِهِ إلَى التَّفَرُّقِ بِجِهَتَيْ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ كَمَا يَثْبُتُ بِجِهَتَيْ الْخَلْفِ وَالْعَيْبِ وَلِأَنَّ التَّفَرُّقَ مَجْهُولٌ فَاعْتِبَارُهُ يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ (كَالْأَجَلِ) فَإِنَّ ابْتِدَاءَهُ مِنْ الْعَقْدِ لَا مِنْ التَّفَرُّقِ (وَإِنْ شَرَطَ) الْخِيَارَ (فِي الْمَجْلِسِ فَمِنْ) أَيْ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ (حِينِ شَرَطَ فَإِنْ شَرَطَ) فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ (ابْتِدَاءَهُ مِنْ التَّفَرُّقِ بَطَلَ) الْعَقْدُ لِلْجَهَالَةِ (وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ) الْمَشْرُوطَةُ (وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ بَقِيَ خِيَارُهُ) أَيْ الْمَجْلِسِ (فَقَطْ وَإِنْ تَفَرَّقَا وَالْمُدَّةُ بَاقِيَةٌ فَبِالْعَكْسِ) أَيْ فَيَبْقَى خِيَارُ الشَّرْطِ فَقَطْ (وَيَجُوزُ إسْقَاطُ الْخِيَارَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا) فَيَسْقُطُ مَا أَسْقَطَهُ فِيهِمَا وَيَبْقَى الْآخَرُ فِي الثَّانِيَةِ (فَإِنْ أَطْلَقَا) الْإِسْقَاطَ كَأَنْ قَالَا أَلْزَمْنَا الْعَقْدَ أَوْ أَسْقَطْنَا الْخِيَارَ (سَقَطَ وَلَهُ) أَيْ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ (الْفَسْخُ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ) كَالْإِجَارَةِ وَالطَّلَاقِ (وَبِلَا) إذْنِ (حَاكِمٍ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُتَّفَقٌ عَلَى ثُبُوتِهِ بِخِلَافِ الْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ قَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُشْهِدَ حَتَّى لَا يُؤَدِّيَ إلَى النِّزَاعِ [فَصْلٌ يَثْبُتُ خِيَارُ الشَّرْطِ حَيْثُ يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ] (فَصْلٌ يَثْبُتُ خِيَارُ الشَّرْطِ حَيْثُ يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ) فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ (لَا فِي الرِّبَوِيِّ وَالسَّلَمِ) فَلَا يَثْبُتُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَقَدَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ عَقَدَ فِي اللَّيْلِ ثَبَتَ الْخِيَارُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الْمُتَّصِلِ بِذَلِكَ اللَّيْلِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ بِاللَّيْلِ وَجَبَ أَنْ يَشْرِطَ الْخِيَارَ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ مِنْ الطُّلُوعِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَإِذَا شَرَطَ الْبَقِيَّةَ يَوْمًا فَالِابْتِدَاءُ مِنْ الْفَجْرِ وَالِانْتِهَاءُ بِالْغُرُوبِ وَقَوْلُهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَخْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ فِيهِ خَلَلٌ وَصَوَابُهُ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فِي اللَّيْلِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ فِي بَقِيَّةِ اللَّيْلِ حَتَّى إذَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ فَسَدَ لِكَوْنِهِ خِيَارًا مُتَرَاخِيًا عَنْ الْعَقْدِ وَإِذَا شَرَطَ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ وَالْيَوْمِ ثَبَتَ الْخِيَارُ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ هَذَا لَفْظُ التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الصَّوَابُ وَكَتَبَ شَيْخُنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَثْنَاءِ لَيْلَةٍ وَقَدْ شَرَطَ الْخِيَارَ يَوْمًا صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ دُخُولَ بَقِيَّةِ اللَّيْلِ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ فَإِنْ أَدْخَلَهَا صَحَّ جَزْمًا أَوْ أَخْرَجَهَا بَطَلَ جَزْمًا وَحَيْثُ صَحَّ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الْعَقْدِ وَاسْتَمَرَّتْ إلَى غُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ (قَوْلُهُ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ) أَيْ وَغَيْرِهَا [فَرْعٌ خَصَّصَ الْعَاقِدُ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ مَثَلًا لَا بِعَيْنِهِ بِالْخِيَارِ عَلَى الْخِيَارِ فِي الْآخَرِ] (قَوْلُهُ فَإِنْ أَطْلَقَاهَا عَالِمَيْنِ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ فَإِنْ أَطْلَقَهَا الْمُتَبَايِعَانِ صَحَّ الْبَيْعُ وَخُيِّرَا ثَلَاثًا عَلِمَا مَعْنَاهَا وَإِلَّا بَطَلَ قَالَ شَيْخُنَا وَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ خِيَارِ مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ (قَوْلُهُ بَطَلَ الْكُلُّ) أَيْ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَا خِيَارَ يَوْمَيْنِ ابْتِدَاؤُهُمَا مِنْ الْغَدِ حَيْثُ فَسَدَ الْبَيْعُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ فِي تِلْكَ وَقَعَ فِي صُلْبِ الْبَيْعِ فَاسِدًا فَأُبْطِلَ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَلَيْسَ فِيهَا الْإِلْزَامُ الْبَيْعُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَلَزِمَ مِنْهُ إسْقَاطُ بَقِيَّةِ الْخِيَارَاتِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ [فَرْعٌ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْخِيَارِ الثَّابِتِ بِالشَّرْطِ] (قَوْلُهُ لَا فِي الرِّبَوِيِّ وَالسَّلَمِ) أَوْ رَدَّ عَلَى الْحَصْرِ فِيهِمَا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ وَمَا إذَا بَاعَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ فَسَخَ ثُمَّ بَاعَهُ وَشَرَطَ الْخِيَارَ وَفَسَخَ وَهَكَذَا فَإِنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 فِيهِمَا خِيَارُ الشَّرْطِ وَإِنْ ثَبَتَ فِيهِمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (فَصْلٌ وَيَجُوزُ) لِلْعَاقِدَيْنِ (شَرْطُهُ) أَيْ الْخِيَارِ (لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا) بِالْإِجْمَاعِ نَعَمْ إنْ اسْتَعْقَبَ الْمِلْكَ الْعِتْقُ كَأَنْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لَهُ وَحْدَهُ لَمْ يَجُزْ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ عَدَمُ ثُبُوتِهِ (وَ) يَجُوزُ (التَّفَاضُلُ فِيهِ) كَأَنْ يَشْرِطَا لِأَحَدِهِمَا خِيَارَ يَوْمٍ وَلِلْآخَرِ خِيَارَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ شَرَطَا خِيَارَ يَوْمٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي أَثْنَائِهِ فَزَادَ وَارِثُهُ مَعَ الْآخَرِ خِيَارَ يَوْمٍ آخَرَ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ أَشْبَهُهُمَا الْجَوَازُ (وَكَذَا) يَجُوزُ لِلْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ شَرْطُهُ (لِلْأَجْنَبِيِّ أَوْ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ أَعْرَفَ بِالْمَبِيعِ سَوَاءٌ شَرَطَاهُ لِوَاحِدٍ أَمْ أَحَدَهُمَا لِوَاحِدٍ وَالْآخَرَ لِآخَرَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَقْرَبُ اشْتِرَاطُ بُلُوغِهِ لَا رُشْدُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ مَا لَوْ شَرَطَاهُ لِكَافِرٍ وَالْمَبِيعُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَوْ لِمُحْرِمٍ وَالْمَبِيعُ صَيْدٌ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ فَقَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ وَالِدِهِ عَدَمُ الْجَوَازِ احْتِمَالًا فِي الْأُولَى وَجَزْمًا فِي الثَّانِيَةِ الْأَصَحُّ عِنْدِي الْجَوَازُ فِيهِمَا (وَلَا يَثْبُتُ) الْخِيَارُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ شَرْطِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ أَوْ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ (لِلشَّارِطِ) اقْتِصَارًا عَلَى الشَّرْطِ وَفِي مَعْنَى الْعَبْدِ الْأَمَةُ (فَلَوْ مَاتَ الْأَجْنَبِيُّ ثَبَتَ) الْخِيَارُ (لَهُ) أَيْ لِلشَّارِطِ (وَلَوْ اشْتَرَى) شَيْئًا (عَلَى أَنْ يُؤْمِرَا فُلَانًا فَيَأْتِي بِمَا يَأْمُرهُ بِهِ) مِنْ فَسْخٍ وَإِجَازَةٍ (وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالثَّلَاثِ فَمَا دُونَهَا لَمْ يَصِحَّ) كَمَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ مُطْلَقًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَيَّدَ بِذَلِكَ (صَحَّ) وَيَأْتِي بِمَا يَأْمُرهُ بِهِ فُلَانٌ مِنْ فَسْخٍ وَإِجَازَةٍ (فَإِنْ فَسَخَ وَلَمْ يُؤَامِرْهُ لَمْ يَنْفَسِخْ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُؤَامِرْهُ وَآمَرَهُ وَلَمْ يُشِرْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَزِمَ الْعَقْدُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ فُلَانًا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا بَلْ قَالَ عَلَى أَنْ أُشَاوِرَ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا لَمْ يَكْفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي وَهُوَ شَارِطٌ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ (وَلَوْ شَرَطَ الْوَكِيلُ) فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ (الْخِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ لِنَفْسِهِ) وَلَوْ (بِلَا إذْنٍ صَحَّ) لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُوَكِّلَهُ (وَإِنْ اشْتَرَطَهُ لِمَنْ يُبَايِعْهُ) بِأَنْ شَرَطَهُ وَهُوَ وَكِيلٌ فِي الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ وَكِيلٌ فِي الشِّرَاءِ لِلْبَائِعِ (بَطَلَ الْعَقْدُ) وَلَا يَتَجَاوَزُ الْخِيَارَ مِنْ شَرْطِهِ فَلَوْ شَرَطَ لِلْوَكِيلِ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُوَكِّلِ وَبِالْعَكْسِ (وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ) مُوَكِّلُهُ وَأَطْلَقَ فَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لَك (فَاشْتَرَطَهُ) الْوَكِيلُ (وَأَطْلَقَ ثَبَتَ لَهُ دُونَ الْمُوَكِّلِ) لِأَنَّ مُعْظَمَ أَحْكَامِ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ وَحْدَهُ. (وَلَا يَلْزَمُ) الْعَقْدُ (بِرِضَا الْمُوَكِّلِ) لِأَنَّ الْخِيَارَ مَنُوطٌ بِرِضَا وَكِيلِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ لَوْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَمَنَعَ وَكِيلَهُ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ عَلَى الْأَرْجَحِ لِأَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ السَّبَبِ السَّابِقِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَكَخِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيمَا قَالَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ لِتَلَازُمِهِمَا غَالِبًا كَمَا مَرَّ (وَلَا يَفْعَلُ الْوَكِيلُ) حَيْثُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (إلَّا مَا فِيهِ حَظُّ الْمُوَكِّلِ) لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ (بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) الْمَشْرُوطِ لَهُ الْخِيَارُ لَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْحَظِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا ذَكَرُوهُ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَجْعَلَ شَرْطَ الْخِيَارِ لَهُ ائْتِمَانًا وَهَذَا أَظْهَرُ إذَا جَعَلْنَا نَائِبًا عَنْ الْعَاقِدِ يَعْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ لَهُ تَوْكِيلٌ أَيْ فَإِنْ جَعَلْنَا تَمْلِيكًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ تَخَيَّرَ كَالْمَالِكِ إذَا شَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ عَزَلْت نَفْسِي لَمْ يَنْعَزِلْ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ   [حاشية الرملي الكبير] الْحَاكِمَ يُلْزِمُهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ بَيْعًا بَاتًّا كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَقَضِيَّةُ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْكَافِرِ فِي الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَأَقَرَّهُ وَفِي مَعْنَى السَّلَمِ بَيْعُ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ بِمَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ فَامْتَنَعَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهِ كَالسَّلَمِ وَيَمْتَنِعُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فِي مَبِيعٍ يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ هَلْ لَهُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ دُونَ وَلَدِهِ وَقَوْلُهُ هَلْ لَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ثَبَتَ فِيهِمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ) كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْجِيلَ وَالْخِيَارُ أَعْظَمُ غَرَرًا مِنْ الْأَجَلِ لِمَنْعِهِ الْمِلْكَ أَوْ لُزُومِهِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَلَا عَلَاقَةَ بَيْنَهُمَا وَالْخِيَارُ يَقْتَضِي بَقَاءَهَا بَعْدَ التَّفَرُّقِ [فَصْلٌ يَجُوزُ لِلْعَاقِدَيْنِ شَرْطُ الْخِيَارِ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا] (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ إلَخْ) وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الثَّلَاثِ فِي مُصَرَّاةٍ لِلْبَائِعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ مَا رَدَّهُ فِي كُلِّ حَلُوبٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُصَرَّاةً (قَوْلُهُ أَشْبَهَهُمَا الْجَوَازُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لِلْأَجْنَبِيِّ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ شَمِلَ شَرْطَهُ لِعَبْدِ أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ اشْتِرَاطُ بُلُوغِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الْأَصَحُّ عِنْدِي الْجَوَازُ فِيهِمَا) بَلْ هُوَ الْوَجْهُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي الْعَقْدِ فَفِي إجَازَتِهِ وَفَسْخِهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ مَعَهُ خِيَارٌ لِلشَّارِطِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ ثُمَّ ظَهَرَ مَالِكُهَا فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفَسْخُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ (قَوْلُهُ اقْتِصَارٌ عَلَى الشَّرْطِ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي أَنَّ ذَلِكَ تَمْلِيكٌ لَا وَكَالَةٌ (مِنْهُ) (قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَ الْأَجْنَبِيُّ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهُ) لَوْ اشْتَرَى الْوَلِيُّ شَيْئًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَبَلَغَ الصَّبِيُّ رَشِيدًا فِي الْمُدَّةِ لَمْ يَنْتَقِلْ الْخِيَارُ إلَيْهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ وَجْهَيْنِ قَالَ وَلَوْ بَلَغَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَفِي بَقَائِهِ لِلْوَلِيِّ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَصَحُّهُمَا بَقَاؤُهُ (قَوْلُهُ أَيْ لِلشَّارِطِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ مُرَادُهُ بِانْتِقَالِهِ إلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِهِ أَوَّلًا بِالْعَاقِدِ وَفَهِمَ الْبَارِزِيُّ مِنْهُ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْوَكِيلِ فَقَالَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ يَنْتَقِلُ إلَى الْعَاقِدِ فِي الْأَصَحِّ وَهَذَا وَهْمٌ مِنْهُ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ إنَّمَا أَرَادَ انْتِقَالَهُ فِيمَا إذَا كَانَ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ. اهـ. الْأَصَحُّ انْتِقَالُهُ لِلْوَكِيلِ فَإِنْ مَاتَ انْتَقَلَ لِمُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي بِمَا يَأْمُرُهُ بِهِ فُلَانٌ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ إذَا قَالَ وَأَمَرْته فَأَمَرَنِي بِكَذَا يَصْدُقُ بِلَا يَمِينٍ وَلَا بَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَ الْوَكِيلُ) شَمِلَ وَكِيلَ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ لِمَنْ يُبَايِعُهُ بَطَلَ الْعَقْدُ) مِثْلُ الْوَكِيلِ الْوَلِيُّ وَكُلُّ مَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ الْغَيْرِ بِالْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ تَمْلِيكًا إلَخْ) فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ عَلَى الْفَوْرِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ كَمَا فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 وَكِيلَهُ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَفِي الْبَحْرِ أَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فِي الْمَجْلِسِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِبُطْلَانِ الْوَكَالَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَاسْتَشْكَلَهُ تِلْمِيذُهُ الْعِرَاقِيُّ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ الْوَكَالَةَ تَبْطُلُ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ مُسْتَمِرٌّ قَطْعًا وَيَنْتَقِلُ الْخِيَارُ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْأَصَحِّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِمَوْتِ مَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ وَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ الْخِيَارُ فِي الْجُمْلَةِ بُطْلَانُهُ بِمَوْتِ غَيْرِهِ هَذَا وَفِيمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا نَظَرٌ (فَصْلٌ الْمِلْكُ) فِي الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (لِمَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ) مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ وَانْفِرَادِهِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ بِأَنْ يَخْتَارَ الْآخَرُ لُزُومَ الْعَقْدِ (وَلَا) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا (فَمَوْقُوفٌ) أَيْ الْمِلْكُ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ بَانَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ سَبَبُ زَوَالِهِ إلَّا أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بَعْدُ بِالزَّوَالِ جَزْمًا فَوَجَبَ انْتِظَارُ الْآخَرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ كَذَلِكَ أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ نَفْسُهُ كَغَيْرِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا لَوْ شَرَطَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا أَوْ عَنْهُمَا كَانَ الْمِلْكُ مَوْقُوفًا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا كَانَ لِذَلِكَ الْأَحَدِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي قَوْلِهِ الْمِلْكُ لِمَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ مِنْ الْإِبْهَامِ لِأَنَّ مَنْ يَنْفَرِدُ بِهِ قَدْ يَكُونُ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَهُمَا وَإِذَا كَانَ أَحَدَهُمَا فَقَدْ يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ وَقَدْ يَعْقِدُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْكُلَّ كَمَا لَا يَخْفَى (وَالثَّمَنُ) أَيْ الْمَالِكُ فِيهِ (لِلْآخَرِ) إنْ انْفَرَدَ صَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ (أَوْ مَوْقُوفٌ) إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَلَوْ اجْتَمَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ لِأَحَدِهِمَا فَهَلْ يَغْلِبُ الْأَوَّلُ فَيَكُونُ الْمِلْكُ مَوْقُوفًا أَوْ الثَّانِي فَيَكُونُ لِذَلِكَ الْأَحَدِ الظَّاهِرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ لِأَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ أَسْرَعُ وَأَوْلَى ثُبُوتًا مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ أَقْصَرُ غَالِبًا وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ الثَّانِي لِثُبُوتِ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالْإِجْمَاعِ بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى (فَلَوْ حَصَلَتْ زَوَائِدُ) مُنْفَصِلَةٌ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَلَبَنٍ وَبَيْضٍ وَثَمَرٍ وَمُهْرٍ وَكَسْبٍ (فَهِيَ لِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ) وَهُوَ مَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ (وَإِلَّا فَمَوْقُوفَةٌ) كَالْبَيْعِ فِيهِمَا أَمَّا الْمُتَّصِلَةُ فَتَابِعَةٌ لِلْأَصْلِ (وَالْحَمْلُ الْمَوْجُودُ) عِنْدَ الْبَيْعِ (كَالْأُمِّ) فِي أَنَّهُ مَبِيعٌ لِمُقَابَلَتِهِ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ بِيعَ مَعَهَا بَعْدَ الِانْفِصَالِ (لَا كَالزَّوَائِدِ) الْحَاصِلَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَهُوَ مَعَ أُمِّهِ كَعَيْنَيْنِ بِيعَتَا مَعًا فَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ فَهُمَا لِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا إذَا حَدَثَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ مِنْ الزَّوَائِدِ (فَرْعٌ وَلِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ (عِتْقُهُ) أَيْ اعْتَاقَهُ (فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لَا لِلْآخَرِ) فَلَيْسَ لَهُ إعْتَاقُهُ فَلَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَنْفُذْ (وَلَوْ آلَ الْمِلْكُ إلَيْهِ) لِعَدَمِ مِلْكِهِ لَهُ حِينَ إعْتَاقِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْخِيَارُ (لَهُمَا وَأَعْتَقَهُ الْبَائِعُ نَفَذَ) إعْتَاقُهُ لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِعْتَاقِ يَتَضَمَّنُهُ فَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَيْهِ قَبِيلَهُ (أَوْ) أَعْتَقَهُ (الْمُشْتَرِي فَمَوْقُوفٌ) أَيْ الْعِتْقُ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ بَانَ نُفُوذُهُ وَإِلَّا فَلَا [فَرْعٌ وَطِئَهَا أَيْ الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ] (فَرْعٌ وَمَتَى وَطِئَهَا) أَيْ الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (مَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ حَلَّ) أَيْ الْوَطْءُ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا وَاسْتُشْكِلَ حِلُّ وَطْءِ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ عَلَى الْأَصَحِّ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِحِلِّ الْوَطْءِ حِلُّهُ الْمُسْتَنِدُ لِلْمِلْكِ لَا لِلِاسْتِبْرَاءِ أَيْ وَنَحْوُهُ كَحَيْضٍ وَإِحْرَامٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ زَوْجَتَهُ فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِبْرَاءُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا (فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا) الْوَطْءُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ (وَلَا حَدَّ) عَلَى الْوَاطِئِ لِشُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ فِيمَنْ لَهُ الْمِلْكُ مِنْهُمَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَلَا حَدَّ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (ثُمَّ لَا مَهْرَ عَلَى الْبَائِعِ) بِوَطْئِهِ (وَيَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ) حَيْثُ أَوْلَدَهَا (إنْ كَانَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيْعِ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ لَمْ يُسَوِّ الرُّويَانِيُّ فِي الْبُطْلَانِ بَيْنَ عَزْلِ الْوَكِيلِ وَمَوْتِ مُوَكِّلِهِ فَالرَّاجِحُ اسْتِمْرَارُ الْبَيْعِ فِي صُورَتَيْ الْعَزْلِ وَالِانْعِزَالِ [فَصْلٌ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ] (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا كَانَ مُقَابِلُهُ دَيْنًا أَمَّا إذَا كَانَ مُقَابِلُهُ عَيْنًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْأَمَةِ بِالْعَبْدِ فَإِنَّ الْمِلْكَ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا قَصَدَ جَلْبَهُ لَا فِيمَا قَصَدَ إخْرَاجَهُ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالْإِجْمَاعِ) فَلَوْ انْقَطَعَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَهُمَا مُجْتَمِعَانِ فَالظَّاهِرُ بَقَاءُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لِعَدَمِ التَّفَرُّقِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ إنَّمَا رَفَعَ الْمُدَّةَ لَا أَصْلَ الْخِيَارِ. اهـ. قَدْ مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ) أَيْ تَمَّ الْعَقْدُ أَوْ انْفَسَخَ (تَنْبِيهٌ) يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَاسْتِخْدَامِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا دَفْعٌ لِلْإِشْكَالِ مُقَنَّعٌ مُسْتَمَدٌّ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] فَإِنَّ التَّحْرِيمَ بَعْدَ النِّكَاحِ دَائِمٌ وَلَكِنْ لِمَعْنَى آخَرَ وَهُوَ النِّكَاحُ وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَمِثْلُهُ الْجِلْدُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ أَيْ تَطْهُرُ النَّجَاسَةُ الْعَيْنِيَّةُ وَتَبْقَى الْحُكْمِيَّةُ لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ وَمِثْلُهُ وَطْءُ الْحَائِضِ مُحَرَّمٌ لِغَايَتَيْنِ الِانْقِطَاعِ وَالْغُسْلِ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِبْرَاءُ) قَالَ الكوهيكلوني وَجَوَابُهُ أَنَّهَا حَامِلٌ مِنْ الزِّنَا فَوَضَعَتْ فِي الْحَالِ عِنْدَهُ فَيَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ اهـ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُمْكِنُ تَنْزِيلُ مَا ذَكَرَاهُ عَلَى صُورَةٍ لَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَإِنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا فَيَطَؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا نَقَلَاهُ بَعْدُ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي وَطْءُ زَوْجَتِهِ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ أَوْ الزَّوْجِيَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَصُورَتُنَا فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَهَلْ لَهُ وَطْؤُهَا فِي مُدَّتِهِ لِأَنَّهَا مَنْكُوحَةٌ أَوْ مَمْلُوكَةٌ أَمْ لَا لِلتَّرَدُّدِ فِي حِلِّهَا وَجْهَانِ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ) وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ وَطْءَ الْمُشْتَرِي حَلَالٌ إنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ إجَازَةٌ وَهُوَ بَحْثٌ لِلنَّوَوِيِّ وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ ش وَقَدْ تَوَجَّهَ بِأَنَّهُ لَمْ يُوَجِّهْ حِلَّهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا وَقَدْ رَضِيَا بِبَقَاءِ الْعَقْدِ لِحُصُولِ رِضَا الْبَائِعِ بِإِذْنِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 الْخِيَارُ) فِيهِمَا (لَهُ أَوْ لَهُمَا) لِأَنَّ وَطْأَهُ فِي الْأُولَى وَقَعَ فِي مِلْكِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ يَتَضَمَّنُ الْفَسْخَ فَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَيْهِ قَبِيلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَسَيَأْتِي (فَإِنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْبَائِعِ (وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ دُونَهُ فَوَطْؤُهُ) لَهَا (حَرَامٌ) لِعَدَمِ الْمِلْكِ (وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِشُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ كَمَا مَرَّ (وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ) لِلْبَائِعِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ تَمَّ الْبَيْعُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا إذْنٍ قَيْدٌ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَطْ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ (لَوْ كَانَ) الْخِيَارُ (لَهُمَا وَلَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ) بِأَنْ فُسِخَ (لَا إنْ تَمَّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ فِيهِمَا (وَالْوَلَدُ) الْحَاصِلُ مِنْهُ (حُرٌّ نَسِيبٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا لِلشُّبْهَةِ (وَحَيْثُ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لَا يَثْبُتُ اسْتِيلَادُهُ) وَإِنْ مَلَكَ الْأَمَةَ بَعْدَ الْوَطْءِ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ لَهَا حِينَ الْعُلُوقِ وَتَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ رِقَّهُ (فَإِنْ وَطِئَهَا الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي دُونَهُ فَكَمَا لَوْ وَطِئَ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ) دُونَهُ (فِي) وُجُوبِ (الْمَهْرِ وَ) ثُبُوتِ (الِاسْتِيلَادِ وَ) وُجُوبِ (الْقِيمَةِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ) يَعْنِي عَدَمَ وُجُوبِهِ وَذَكَرَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَلَوْ قَالَ وَالْحَدُّ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (فَرْعٌ لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ) وَحْدَهُ (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ لِأَنَّهُ يَنْفَسِخُ بِذَلِكَ عِنْدَ بَقَاءِ يَدِهِ فَعِنْدَ بَقَاءِ مِلْكِهِ أَوْلَى وَلِأَنَّ نَقْلَ الْمِلْكِ بَعْدَ التَّلَفِ لَا يُمْكِنُ (وَإِنْ كَانَ) الْمَبِيعُ (مُودَعًا مَعَهُ) فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ (لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ) أَيْ الْبَائِعُ عَلَيْهِ (الثَّمَنَ وَلَهُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (عَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ) فِي الْمُتَقَوِّمِ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ (كَضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ) وَالْمُسْتَامِ (وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي) وَحْدَهُ (أَوْ لَهُمَا فَتَلِفَ) الْمَبِيعُ بَعْدَ قَبْضِهِ (لَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ الْبَيْعُ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ (وَلَمْ يَنْقَطِعْ الْخِيَارُ) كَمَا لَا يَمْتَنِعُ التَّحَالُفُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ وَيُفَارِقُ امْتِنَاعَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ التَّلَفِ لِأَنَّ الضَّرَرَ ثَمَّ يَنْدَفِعُ بِالْأَرْشِ (وَلَزِمَ) الْمُشْتَرِي (الثَّمَنَ إنْ تَمَّ الْعَقْدُ وَإِنْ فُسِخَ فَالْقِيمَةُ) أَوْ الْمِثْلُ (عَلَى الْمُشْتَرِي) وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ (وَالْقَوْلُ) عِنْدَ التَّنَازُعِ (فِي قَدْرِهَا) أَيْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ لَهَا (وَلَوْ أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ) وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ (وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ انْفَسَخَ) الْبَيْعُ كَمَا فِي صُورَةِ التَّلَفِ (وَإِنْ كَانَ) الْخِيَارُ (لَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي) وَحْدَهُ (وَأَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ (لَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ الْبَيْعُ لِقِيَامِ الْبَدَلِ اللَّازِمِ لَهُ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلِ مَقَامِهِ وَقَدْ ذَكَرَ لُزُومَ الْقِيمَةِ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ) لِلْمُشْتَرِي لِفَوَاتِ عَيْنِ الْمَبِيعِ (وَالْخِيَارُ بِحَالِهِ وَإِنْ أَتْلَفَهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ) وَالْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا (اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ) لِأَنَّهُ بِإِتْلَافِهِ الْمَبِيعَ قَابِضٌ لَهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (أَوْ) أَتْلَفَهُ (الْبَائِعُ) وَلَوْ (بَعْدَ الْقَبْضِ فَكَتَلَفِهِ) بِآفَةٍ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَا إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا إذَا تَلِفَ قَبْلَهُ (وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ) وَكَانَ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ كَعَبْدَيْنِ تَلِفَ أَحَدُهُمَا (فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ (وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ) وَحْدَهُ (انْفَسَخَ فِيهِ) أَيْ فِي التَّلَفِ دُونَ الْبَاقِي (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا (فَلَا) يَنْفَسِخُ لِدُخُولِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ (فَرْعٌ التَّسْلِيمُ) لِلْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ (فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَا يَجِبُ) لِاحْتِمَالِ الْفَسْخِ (وَلَا يُبْطِلُهُ) أَيْ التَّسْلِيمُ الْخِيَارَ (فَلَوْ سَلَّمَهُ) أَحَدُهُمَا تَبَرُّعًا لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ وَلَا يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا عِنْدَهُ وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ (فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ اللُّزُومِ [فَرْعٌ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي زَمَنِهِ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ] (فَرْعٌ لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِيهِ) أَيْ فِي زَمَنِهِ (وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لَهُ لِبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ عَلَيْهَا (وَكَذَا) يَقَعُ (إنْ فُسِخَ) الْبَيْعُ (وَهُوَ) أَيْ وَالْخِيَارُ (لَهُمَا) لِتَبَيُّنِ بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا (لَا إنْ تَمَّ) الْبَيْعُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ لِمِلْكِ الزَّوْجِ لَهَا (وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَتَمَّ) الْبَيْعُ (لَمْ يَقَعْ) أَيْضًا لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ بِأَنْ فُسِخَ (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِهِ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ وَالثَّانِي يَقَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَرْفَعُهُ مِنْ أَصْلِهِ (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) الثَّابِتِ لَهُ وَحْدَهُ (لِجَهَالَةِ) جِهَةِ (الْمُبِيحِ) لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَطَأُ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالزَّوْجِيَّةِ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ وَجَبَ التَّوَقُّفُ احْتِيَاطًا لِلْبُضْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا فَيَجُوزُ الْوَطْءُ بِالزَّوْجِيَّةِ لِبَقَائِهَا وَزَادَ   [حاشية الرملي الكبير] فِيهِ وَرِضَا الْمُشْتَرِي بِشُرُوعِهِ فِيهِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ [فَرْعٌ تَلِفَ الْمَبِيعُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ] (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مُودَعًا) الْغَايَةُ بِاعْتِبَارِ مَا بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ) ذِكْرُهُ الْمِثْلَ هُنَا وَفِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا تَفْرِيعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ [فَرْعٌ التَّسْلِيمُ لِلْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ] (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَطَأُ بِالْمِلْكِ) أَيْ الضَّعِيفِ الَّذِي لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَنْعِ حِلِّ الْوَطْءِ فِيمَا مَرَّ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْوَطْءِ إنْ حَرَّمْنَاهُ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَنْفَسِخُ لِمِلْكِهِ لَهَا وَالثَّانِي قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقَرٍّ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ اشْتَرَى مُطَلَّقَتَهُ ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَالرَّجْعَةُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ فُسِخَ وَقُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ صَحَّتْ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَوَجْهَانِ انْتَهَى (فَصْلٌ يَحْصُلُ الْفَسْخُ بِفَسَخْت) الْبَيْعَ (وَاسْتَرْجَعْت الْمَبِيعَ وَنَحْوَهُ) كَأَزَلْت الْبَيْعَ وَرَفَعْته (وَقَوْلُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لَا أَبِيعُ) إنْ كَانَ بَائِعًا (وَلَا أَشْتَرِي) إنْ كَانَ مُشْتَرِيًا (حَتَّى تَزِيدَ لِي أَوْ تَنْقُصَ لِي فِي الثَّمَنِ أَوْ الْأَجَلِ وَامْتِنَاعُ) أَيْ مَعَ امْتِنَاعِ (الْآخَرِ) مِنْ ذَلِكَ (فَسْخٌ) لِلْبَيْعِ وَكَذَا طَلَبُ الْبَائِعِ حُلُولَ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَطَلَبُ الْمُشْتَرِي تَأْجِيلَ الثَّمَنِ الْحَالِّ مَعَ امْتِنَاعِ الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ (مِنْهُمَا) مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ عِتْقُ الْبَائِعِ) الرَّقِيقَ الْمَبِيعَ (إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَوَطْؤُهُ) الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ فِي قُبُلِهَا أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (فَسْخٌ) أَيْ مُتَضَمِّنٌ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِهِ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَى الْبَيْعِ وَظُهُورِ النَّدَمِ وَيُخَالِفُ الرَّجْعَةَ حَيْثُ لَا تَحْصُلُ بِالْوَطْءِ لِأَنَّهَا لِتَدَارُكِ النِّكَاحِ وَابْتِدَاؤُهُ لَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ فَكَذَا تَدَارُكُهُ وَالْفَسْخُ هُنَا لِتَدَارُكِ الْمِلْكِ وَابْتِدَاؤُهُ يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَالسَّبْيِ وَالِاحْتِطَابِ فَكَذَا تَدَارُكُهُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ لَهُ خِيَارٌ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَإِنْ يُقَدِّمَ الشَّرْطَ عَلَى الْعِتْقِ وَالْوَطْءِ جَمِيعًا أَوْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُمَا لِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِيهِمَا وَكَلَامُ الْأَصْلِ مُوفٍ بِالْغَرَضِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي كَوْنِ الْوَطْءِ فَسْخًا كَوْنُهُ حَرَامًا فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ وَطْأَهُ إنَّمَا يَكُونُ فَسْخًا إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ وَهُوَ مُخْتَارٌ أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ هِيَ الْمَبِيعَةُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِوَطْئِهِ الزِّنَا وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ وَفِي الْمُعَلَّقِ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الرِّبَا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ عِتْقَ الْبَعْضِ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكُونُ فَسْخًا فِي الْجَمِيعِ وَمَعَ كَوْنِ الْعِتْقِ فَسْخًا هُوَ صَحِيحٌ (إلَّا إنْكَارُهُ الْبَيْعَ) فَلَيْسَ فَسْخًا لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي إزَالَةَ مِلْكٍ وَلَيْسَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ بَلْ يُحْتَمَلُ مَعَهُ التَّرَدُّدُ فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ (وَ) لَا (مُبَاشَرَتُهُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ) فَلَيْسَتْ فَسْخًا كَالِاسْتِخْدَامِ وَصَحَّحَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهَا فَسْخٌ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ إلَّا بِالْمِلْكِ ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْمُبَاحَةِ لَهُ لَوْلَا الْبَيْعُ وَكَذَا الْوَطْءُ أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِتَمَجُّسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ فَسْخًا قَطْعًا وَمِنْ هَذَا وَطْءُ الْخُنْثَى وَاضِحًا وَعَكْسُهُ فَلَوْ اخْتَارَهُ الْمَوْطُوءُ فِي الثَّانِيَةِ الْأُنُوثَةَ بَعْدَهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَطْءِ السَّابِقِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ الْوَاطِئُ فِي الْأُولَى الذُّكُورَةَ بَعْدَهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَطْءِ السَّابِقِ (وَ) لَا (الِاسْتِخْدَامُ) كَالرُّكُوبِ فَلَيْسَ فَسْخًا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْخِيَارِ التَّرَوِّي وَلَا تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إلَّا بِالِاسْتِخْدَامِ فَلَوْ جَعَلْنَاهُ فَسْخًا لَفَاتَ الْمَقْصُودُ (وَلَوْ تَصَرَّفَ) فِيهِ (بِبَيْعٍ وَإِجَازَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَالتَّزْوِيجِ وَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَلَوْ مِنْ فَرْعِهِ مَعَ الْقَبْضِ فِيهِمَا (صَحَّ) كُلٌّ مِنْهَا (وَكَانَ فَسْخًا) كَالْعِتْقِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصِّحَّةَ تَتَأَخَّرُ عَنْ الْفَسْخِ فَيُقَدَّرُ الْفَسْخُ قُبَيْلَ التَّصَرُّفِ كَمَا يُقَدَّرُ الْمِلْكُ قُبَيْلَ الْعِتْقِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا فَأَجَابَهُ (وَإِذْنُهُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْعِتْقِ وَ) فِي (التَّصَرُّفِ) بِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ تَزْوِيجٍ أَوْ طَحْنٍ أَوْ غَيْرِهَا. (وَ) فِي (الْوَطْءِ مَعَ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَوَطْئِهِ إجَازَةٌ) مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِدَلَالَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ (وَصَحِيحٌ نَافِذٌ) كَالْعِتْقِ وَكَذَا تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَمَّا مُجَرَّدُ الْإِذْنِ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ إجَازَةً مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالدَّلَالَةِ عَلَى الرِّضَا وَهُوَ حَاصِلٌ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ انْتَهَى وَلَا تَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِذِكْرِ الْعِتْقِ لِشُمُولِ التَّصَرُّفِ لَهُ وَلَا لِذِكْرِ النُّفُوذِ لِلِاغْتِنَاءِ عَنْهُ بِالصِّحَّةِ وَلِهَذَا تَرَكَ الْأَوَّلَ فِي طَرَفِ الْمُشْتَرِي وَالثَّانِي فِي طَرَفِ الْبَائِعِ (وَيَثْبُتُ بِالْوَطْءِ) أَيْ وَطْءِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ (الِاسْتِيلَادُ لَا مَهْرُ وَلَا قِيمَةُ الْوَلَدِ) لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَطْءَ وَقَعَ فِي مِلْكِهِ (وَإِنْ عَلِمَ) الْبَائِعُ (بِذَلِكَ) أَيْ بِوَطْءِ الْمُشْتَرِي أَوْ تَصَرُّفِهِ (وَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ) سُكُوتُهُ (إجَازَةً) مِنْهُ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَلَى وَطْءِ أَمَتِهِ لَا يَسْقُطُ بِهِ الْمَهْرُ (فَرْعٌ وَطْءُ الْمُشْتَرِي) بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ (إجَازَةٌ) مِنْهُ (وَكَذَا عِتْقُهُ وَتَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ خِيَارِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إنْ حَرَّمْنَا يَلْزَمُ وَإِلَّا فَلَا) طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَوَجْهَانِ. اهـ.) أَصَحُّهُمَا عَدَمُ صِحَّتِهَا [فَصْلٌ يَحْصُلُ الْفَسْخُ بِفَسَخْت الْبَيْعَ وَاسْتَرْجَعْت الْمَبِيعَ وَنَحْوَهُ] (قَوْلُهُ يَحْصُلُ الْفَسْخُ إلَخْ) يَحْصُلُ كُلٌّ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ بِالْكِنَايَةِ كَالصَّرِيحِ [فَرْعٌ عِتْقُ الْبَائِعِ الرَّقِيقَ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَوَطْؤُهُ الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ فِي قُبُلِهَا] (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَنَّ وَطْأَهُ إنَّمَا يَكُونُ فَسْخًا إلَخْ) يُسْتَثْنَى الْوَطْءُ الْمُحَرَّمُ بِدُونِ الْبَيْعِ كَوَطْءِ أَمَتِهِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ نَحْوِهِ يَتَدَاوَ وَالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا قَطْعًا (قَوْلُهُ كَالتَّزْوِيجِ) أَيْ وَالْوَقْفُ (قَوْلُهُ كَالْعِتْقِ) لَوْ بَاعَ حَامِلًا ثُمَّ أَعْتَقَ حَمْلَهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ بَاعَ حَامِلًا وَاسْتَثْنَى حَمْلَهَا ثُمَّ إنْ جَعَلْنَا الْحَمْلَ مَعْلُومًا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْحَالِ وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى الْوَضْعِ فَإِنْ وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِعْتَاقِ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ مُنْفَسِخًا وَقَدْ عَتَقَ الْحَمْلُ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ لَمْ يَنْفُذْ الْعِتْقُ فِي الْحَمْلِ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ وَصَحِيحٌ نَافِذٌ) لَوْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ اشْتَرَى بِثَمَنِهِ شَيْئًا آخَرَ جَازَ وَيَكُونُ إجَازَةً لِلْعَقْدِ وَإِنْ اشْتَرَى بِبَعْضِهِ فَكَمَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ فِي بَعْضِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ وَيَجِبُ أَنْ يَجُوزَ لَهُمَا الْفَسْخُ فِي الْبَاقِي لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ لِلْعَقْدِ بِالتَّرَاضِي كَالْإِقَالَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 عَكْسِهِ لِأَنَّ الْفَسْخَ أَقْوَى مِنْ الْإِجَارَةِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ وَأَمَّا عِتْقُهُ فَنَافِذٌ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا وَتَمَّ الْبَيْعُ وَمَا تَقَرَّرَ فِي وَطْءِ الْبَائِعِ وَعِتْقِهِ وَتَصَرُّفِهِ غَيْرَهَا يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا (وَلَيْسَ الْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ) وَلَا الْإِذْنُ فِيهِ (وَلَا الْهِبَةُ وَالرَّهْنُ بِلَا إقْبَاضٍ) فِيهِمَا (إجَازَةُ) مِنْ الْمُشْتَرِي (وَلَا فَسْخًا) مِنْ الْبَائِعِ لِمَا مَرَّ فِي إنْكَارِ الْبَيْعِ (وَلَوْ بَاعَ) أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ (الْمَبِيعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) الثَّابِتِ لَهُ أَوْ لَهُمَا (بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ) أَوْ لَهُمَا (فَقَرِيبٌ مِنْ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ) يَعْنِي الْخَالِيَةَ عَنْ الْقَبْضِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَا يَكُونُ فَسْخًا وَلَا إجَازَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُ الْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ التَّصَرُّفُ مِنْ الْبَائِعِ فَسْخٌ وَمِنْ الْمُشْتَرِي إجَازَةٌ التَّصَرُّفُ الَّذِي لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ ذَلِكَ (فَرْعٌ وَإِنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ وَالْخِيَارُ لَهُمَا فَأَعْتَقَهُمَا مَعًا) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ فَقَطْ) لِمَا مَرَّ أَنَّ إعْتَاقَ الْبَائِعِ فِيهِ نَافِذٌ مُتَضَمِّنٌ لِلْفَسْخِ وَأَنَّ الْفَسْخَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِجَازَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَقْ الْعَبْدُ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ صَاحِبِهِ مِنْ الْخِيَارِ (وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ) أَيْ لِمُشْتَرِي الْعَبْدِ وَحْدَهُ (عَتَقَ الْعَبْدُ) لِأَنَّ اعْتَاقَهُ لَهُ إجَازَةٌ وَلِلْجَارِيَةِ فَسْخٌ وَالْإِجَازَةُ إبْقَاءٌ لِلْعَقْدِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَلِحُصُولِ عِتْقِ الْعَبْدِ بِلَا وَسَطٍ بِخِلَافِ عِتْقِهَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقْدِيرِ تَقَدُّمِ الْفَسْخِ فَقُدِّمَتْ الْإِجَازَةُ هُنَا لِقُوَّتِهَا عَلَى أَنَّ اعْتَاقَهُ الْجَارِيَةَ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكَهُ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ بَلْ لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ (أَوْ) كَانَ الْخِيَارُ (لِصَاحِبِهِ) أَيْ لِبَائِعِ الْعَبْدِ وَحْدَهُ (فَمَوْقُوفٌ) أَيْ الْعِتْقُ (فَإِنْ فُسِخَ) الْبَيْعُ (نَفَذَ) الْعِتْقُ (فِي الْجَارِيَةِ) لِأَنَّهَا مِلْكُ مُعْتِقِهَا حَالَةَ اعْتِقَاقِهَا (وَإِلَّا فَفِي الْعَبْدِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْكَ مُعْتِقِهِ حَالَةَ إعْتَاقِهِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لِقُوَّتِهِ وَتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ لَمْ يَلْغُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ وَقْفُ نُفُوذِهِ عَلَى تَمَامِ الْبَيْعِ هَذَا غَايَةُ مَا يُوجِبُهُ نُفُوذُ عِتْقِ الْعَبْدِ الْقَائِلِ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبَعًا لِلشَّيْخَيْنِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ نُفُوذِهِ لِيُوَافِقَ مَا قَدَّمُوهُ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا أَعْتَقَ الْمَبِيعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ لِلْبَائِعِ لَمْ يَنْفُذْ وَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ لِوُقُوعِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا قَالَاهُ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَمِلْكُ الْمَبِيعِ لَهُ فَكَيْفَ يَنْفُذُ عِتْقُهُ بِإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي (وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا الْبَائِعُ) وَالْخِيَارُ لَهُمَا أَوْلَهُ أَوْ لِصَاحِبِهِ (فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَالْعَبْدُ لَهُ) فِي عِتْقِهِ (كَالْجَارِيَةِ) لِلْمُشْتَرِي فِي عِتْقِهَا وَلَا يَخْفَى تَقْرِيرُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْعَبْدُ لَهُ كَالْجَارِيَةِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ فِيهِ قَلَاقَةٌ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي أَخَذَ فِي خِيَارِ النَّقْصِ فَقَالَ (بَابُ خِيَارِ النَّقْصِ) وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِفَوَاتِ مَقْصُودِ مَظْنُونٍ نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ مِنْ الْتِزَامٍ شَرْطِيٍّ أَوْ قَضَاءٍ عُرْفِيٍّ أَوْ تَغْرِيرٍ فِعْلِيٍّ كَمَا قَالَ (يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِفَوَاتِ مَا يُظَنُّ حُصُولُهُ بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ أَوْ تَغْرِيرٍ) فَهِيَ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ (الْأَوَّلُ مَا يُظَنُّ) حُصُولُهُ (بِشَرْطٍ وَفِيهِ غَرَضٌ) مَقْصُودٌ (فَإِنْ شَرَطَ كَوْنَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ الرَّقِيقَ (كَاتِبًا أَوْ خَبَّازًا أَوْ مُسْلِمًا وَنَحْوَ ذَلِكَ) مِنْ الْأَوْصَافِ الْمَقْصُودَةِ فَبَانَ خِلَافُهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِفَوَاتِ فَضِيلَةِ مَا شَرَطَ (وَكَذَا) إنْ شَرَطَ كَوْنَهُ (كَافِرًا أَوْ فَحْلًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ خَصِيًّا) فَبَانَ خِلَافُهُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ إذْ فِي الْكَافِرِ مَثَلًا فَوَاتُ كَثْرَةِ الرَّاغِبِينَ إذْ يَشْتَرِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ وَالْخَصِيُّ بِفَتْحِ الْخَاءِ مَنْ قُطِعَ أُنْثَيَيْهِ أَوْ سُلِتَا وَبَقِيَ ذَكَرُهُ (لَا) إنْ شَرَطَ كَوْنَهُ (أَقْلَفَ) فَبَانَ مَخْتُونًا فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ إذَا لَمْ يُفْتِ بِذَلِكَ غَرَضٌ مَقْصُودٌ (إلَّا أَنْ كَانَ) الْأَقْلَفُ (مَجُوسِيًّا بَيْنَ مَجُوسٍ يَرْغَبُونَ فِيهِ) بِزِيَادَةٍ فَيَثْبُتُ بِذَلِكَ الْخِيَارُ (أَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا) أَيْ الْأَمَةَ (بِكْرًا أَوْ جَعْدَةَ الشَّعْرِ) بِإِسْكَانِ عَيْنِ جَعْدَةِ فَبَانَ خِلَافُهُ لِفَوَاتِ فَضِيلَةِ الْبَكَارَةِ وَالتَّجَعُّدِ الدَّالِّ عَلَى قُوَّةِ الْبَدَنِ وَهُوَ مَا فِيهِ الْتِوَاءٌ وَانْعِقَاصٌ لَا الْمُفَلْفَلُ كَشُعُورِ السُّودَانِ (لَا عَكْسَهُمَا) بِأَنْ شَرَطَ كَوْنَهَا ثَيِّبًا أَوْ سَبْطَةَ الشَّعْرِ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا أَيْ مُسْتَرْسِلَتَهُ (فَبَانَ خِلَافُهُ) فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِمَّا شَرَطَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ فَاسِقًا أَوْ خَائِنًا أَوْ أُمِّيًّا وَأَحْمَقَ أَوْ نَاقِصَ الْخِلْقَةِ فَبَانَ خِلَافُهُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ وَطْءُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ] قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ خِيَارِ الْبَائِعِ) فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا الْإِذْنُ فِيهِ) أَيْ لَا التَّوْكِيلُ فِي الْبَيْعِ [فَرْعٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ وَالْخِيَارُ لَهُمَا فَأَعْتَقَهُمَا مَعًا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ] (قَوْلُهُ وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ إلَخْ) كَلَامُهُمْ هُنَا مُصَرِّحٌ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ مَبِيعٌ وَثَمَنٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ الصَّحِيحَ فِي مِثْلِهِ الثَّمَنُ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) مَا قَالَاهُ هُوَ الْمُسْتَقِيمُ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَدَّمُوهُ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِي تَصَرُّفِ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ فَقَطْ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي تَصَرُّفِهِ فِيهِ وَفِي الثَّمَنِ كِلَيْهِمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفُذْ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ وَنَفَذَ إعْتَاقُهُ فِي الْمَبِيعِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِبَائِعِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَأَجَازَ لِئَلَّا يَلْزَمَ اعْتِبَارُ الْفَسْخِ الضِّمْنِيِّ مِمَّنْ لَا خِيَارَ لَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفُذْ إعْتَاقُ الْبَائِعِ فِي الْجَارِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ وَنَفَذَ إعْتَاقُهُ فِي الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِمُشْتَرِيهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَأَجَازَ لِئَلَّا يَلْزَمَ إلْغَاءُ إجَازَةِ مَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ (قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى تَقْرِيرُهُ) فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَأَجَازَ وَالْجَارِيَةُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَفَسَخَ [بَابُ خِيَارِ النَّقْصِ] (بَابُ خِيَارِ النَّقْصِ) (قَوْلُهُ وَفِيهِ غَرَضٌ مَقْصُودٌ) أَيْ فِي نَفْسِهِ لِأَغْرَاضِ النَّاسِ الْمَطْلُوبَةِ بِهِ مِنْ زِيَادَةِ قِيمَةٍ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ إلَخْ) لَوْ مَاتَ الرَّقِيقُ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ ثُمَّ ادَّعَى عَيْبَهُ فَإِنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ نِسْيَانَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأَمْكَنَ احْتَمَلَ كَلَامُهُ وَجْهَيْنِ. اهـ. وَأَصَحُّهُمَا تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ أَوْ سَلْتًا وَبَقِيَ ذَكَرَهُ) لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى الْحُرُمِ كَذَا قَالُوهُ وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَسْمُوحَ وَإِلَّا فَبَاقِي الذَّكَرِ كَالْفَحْلِ فِي وُجُوبِ الِاحْتِجَابِ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ الرَّدُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ بِهِ غَرَضٌ وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ لَا رَدَّ لِأَنَّ الْفُحُولَةَ فَضِيلَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 وَكَلَامُهُ كَالرَّوْضَةِ يُفْهِمُ اخْتِصَاصَ حُكْمِ التَّجَعُّدِ بِالْأَمَةِ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ تَشْمَلُ الْعَبْدَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُهُمَا (أَوْ) شَرَطَ كَوْنَهَا (يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً فَبَانَتْ مَجُوسِيَّةً وَنَحْوَهُ) الْأَوْلَى وَنَحْوَهَا كَوَثَنِيَّةٍ (ثَبَتَ الْخِيَارُ) لِفَوَاتِ حِلِّ الْوَطْءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا يَهُودِيَّةً فَبَانَتْ نَصْرَانِيَّةً أَوْ بِالْعَكْسِ وَيَثْبُتُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْكَافِرِ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَبَانَ مَجُوسِيًّا أَوْ عَكْسَهُ وَبِعَكْسِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ (فَرْعٌ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ قُطْنٌ فَبَانَ كَتَّانًا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ (وَيَكْفِي فِي الْوَصْفِ) الْمَشْرُوطِ (مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) وَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ النِّهَايَةُ فَفِي شَرْطِ الْكِتَابَةِ يَكْفِي اسْمُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَنَةً فَلَوْ شَرَطَ حُسْنَهَا اُعْتُبِرَ حُسْنُهَا عُرْفًا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (وَخِيَارُ الْخَلْفِ عَلَى الْفَوْرِ) فَلَوْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِهَلَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَهُ الْأَرْشُ كَمَا فِي الْعَيْبِ الْأَمْرُ (الثَّانِي مَا يُظَنُّ) حُصُولُهُ (بِالْعُرْفِ) الْمُطَّرِدِ (وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ) الْآتِي ضَابِطُهُ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْبَائِعُ (وَغَيْرُهُ) عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ (بَيَانُهُ) أَيْ الْعَيْبِ (لِلْمُشْتَرِي) وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ لَهُ لِخَبَرِ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِخَبَرِ «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ لِمَنْ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا يَعْلَمُ فِيهِ عَيْبًا إلَّا بَيَّنَهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَكَالْعَيْبِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا يَكُونُ تَدْلِيسًا كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدِهِ بِمِدَادٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ مَعِيبًا أَوْ بِهِ جَمِيعُ الْعُيُوبِ أَوْ أَبِيعُهُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ أَوْ يَقُولَ الْفَقِيهُ عَنْ كِتَابِهِ الْمَغْلُوطِ هُوَ غَيْرُ مُقَابِلٍ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى مُقَابَلَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْعَيْبِ الْمَعْلُومِ بِعَيْنِهِ (فَمِنْ الْعُيُوبِ الْخِصَاءُ) بِالْمَدِّ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ (وَالْجُبُّ) لِلذَّكَرِ أَيْ قَطْعَهُ لِلنَّقْصِ الْمُفَوِّتِ لِلْغَرَضِ مِنْ الْفَحْلِ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ (وَ) مِنْهَا (مَرَّةٌ) مِنْ كُلٍّ (مِنْ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ) مِنْ الرَّقِيقِ وَلَوْ صَغِيرًا لِنَقْصِ قِيمَتِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا (وَلَوْ تَابَ) مِنْهَا فَإِنَّهَا عُيُوبٌ لِأَنَّ تُهْمَةَ الزِّنَا لَا تَزُولُ وَلِهَذَا لَا يَعُودُ إحْصَانُ الْحُرِّ الزَّانِي بِالتَّوْبَةِ وَعَدُّ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ مَعَ التَّوْبَةِ مِنْ الْعُيُوبِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَاسَهُمَا عَلَى الزِّنَا وَهُوَ مَرْدُودٌ. فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ اقْتَضَضْتُكِ وَغَيْرُهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرِبَ خَمْرًا ثُمَّ تَابَ لَا يُرَدُّ بِهِ لِأَنَّ التَّوْبَةَ تَنْفِي سِمَةَ الشُّرْبِ وَلَا تَنْفِي سِمَةَ الزِّنَا بِدَلِيلِ أَنَّ قَاذِفَ الزَّانِي لَا يُحَدُّ وَسَيَأْتِي فِي الْمُرْتَدِّ عَنْ الْكِفَايَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَلَا يَمْنَعُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الرَّدِّ بِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وُجُودُهُ عِنْدَهُ ثَانِيًا لِأَنَّ الثَّانِيَ مِنْ آثَارِ الْأَوَّلِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ زَادَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ نَقْصًا بِذَلِكَ فَلَا رَدَّ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ (وَ) مِنْهَا (الْبَخَرُ) النَّاشِئُ (مِنْ) تَغَيُّرِ (الْمَعِدَةِ) لَا مِنْ قُلْحِ الْأَسْنَانِ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ لِأَنَّهُ يَزُولُ بِالتَّنْظِيفِ وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ مِنْ الْمَعِدَةِ حَكَاهُ الْقَاضِي مُجَلِّي عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْبَخَرَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْهَا (وَالصُّنَانُ الْمُسْتَحْكِمُ الْمُخَالِفُ لِلْعَادَةِ) دُونَ مَا يَكُونُ لِعَارِضِ عَرَقٍ أَوْ حَرَكَةٍ عَنِيفَةٍ أَوْ اجْتِمَاعِ وَسَخٍ وَلَوْ تَرَكَ الْمُسْتَحْكِمَ كَمَا تَرَكَهُ الْقَاضِي مُجَلِّي وَغَيْرُهُ لَكَفَى عَنْهُ مَا بَعْدَهُ (وَ) مِنْهَا (اعْتِيَادُ ابْنِ سَبْعٍ) مِنْ السِّنِينَ (بَوْلِهِ بِالْفِرَاشِ) بِخِلَافِ مَنْ دُونَهَا أَيْ تَقْرِيبًا لِقَوْلِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مِثْلُهُ يُحْتَرَزُ مِنْهُ (وَالْمَرَضُ) وَلَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ نَعَمْ إنْ كَانَ قَلِيلًا كَصُدَاعٍ يَسِيرٍ فَفِي الرَّدِّ بِهِ نَظَرٌ قَالَهُ السُّبْكِيُّ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً) أَيْ يَحِلُّ وَطْؤُهَا [فَرْعٌ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ قُطْنٌ فَبَانَ كَتَّانًا] (قَوْلُهُ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ إلَخْ) فَيَثْبُتُ الرَّدُّ لِلْمُشْتَرِي بِظُهُورِهِ فِي الْمَبِيعِ وَلِلْبَائِعِ بِظُهُورِهِ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ قَدَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى إزَالَتِهِ لَا يَخْتَصُّ الْخِيَارُ بِظُهُورِ الْعَيْبِ بَلْ فَوَاتُ الْوَصْفِ الْمَقْصُودِ كَذَلِكَ فَلَوْ اشْتَرَطَ عَبْدًا كَاتِبًا أَوْ مُتَّصِفًا بِصِفَةٍ تَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ ثُمَّ زَالَتْ الصِّفَةُ بِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ وَغَيْرُهُ) بَيَانُهُ لِلْمُشْتَرِي لَوْ كَانَ بِهِ تُزِيد أَوْ عُيُوبٌ فَهَلْ يَجِبُ ذِكْرُ الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ يَنْفِرُ مِنْ عَيْبٍ دُونَ عَيْبٍ أَوْ وَاحِدٍ مِنْهَا أَوْ تُزُيِّدَ بِحَيْثُ تَقِلُّ الرَّغْبَةُ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَجِبُ ذِكْرُ الْجَمِيعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ) صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَقَرَّهُ لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِيمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَلَا فِي الْبِغَالِ وَالْبَرَاذِينَ لِغَلَبَتِهِ فِيهَا أَتّ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ خَصَى كَبْشَ غَيْرِهِ وَبَرِئَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا إذْ لَا يَنْقُصُ بِهِ وَلَوْ خَصَى عَبْدَ غَيْرِهِ ضَمِنَ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْمَأْكُولِ. (قَوْلُهُ وَعَدُّ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ مَعَ التَّوْبَةِ مِنْ الْعُيُوبِ مِنْ زِيَادَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَرْدُودٌ إلَخْ) الرَّدُّ مَرْدُودٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَبَيْنَ شُرْبِ الْخَمْرِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ قَدْ أَبَقَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ تَابَ مُنْذُ سِنِينَ لَهُ يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَصَلَ فِي ذَاتِهِ كَمَا لَوْ زَنَى فِي يَدِ الْبَائِعِ وَتَابَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ لِأَنَّ أَثَرَ الزِّنَا لَا يَزُولُ بِالتَّوْبَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ زَنَى فِي عُنْفُوَانِ وَالْأَنْفَعِ وَتَابَ فَبَعْدِ الْكِبَرِ قَذْفٌ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ شِرِّيبًا أَوْ مُقَامِرًا فِي يَدِ الْبَائِعِ وَتَابَ قَالَ نَظَرَ إنْ كَانَ مَضَى زَمَانٌ لَوْ كَانَ حُرًّا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لَا رَدَّ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ ت قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَنَصَّ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ زَنَى مَرَّةً وَاحِدَةً فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ لِأَنَّ تُهْمَةَ الزِّنَا لَا تَزُولُ وَلِهَذَا لَا يَعُودُ حِصَانُ الْحُرِّ الزَّانِي بِالتَّوْبَةِ وَكَذَلِكَ الْإِبَاقُ وَالسَّرِقَةُ يَكْفِي فِي كَوْنِهِمَا عَيْبًا مَرَّةً وَاحِدَةً. اهـ. وَقَوْلُهُ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي وَقَوْلُهُ قَالَ نَظَرَ أَنْ مَضَى زَمَانٌ أَشَارَ إلَى أَحْرَمَ (فَرْعٌ) لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ قَالَ أَنَّهُ لَا عَيْبَ فِيهِ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهُ بِهِ وَلَا يُمْنَعُ (قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ) لِأَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ زَادَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ إلَخْ) الْأَصَحُّ الرَّدُّ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَاعْتِيَادُ ابْنِ سَبْعٍ بَوْلَهُ بِالْفِرَاشِ) شَمِلَ مَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ (قَوْلُهُ فَفِي الرَّدِّ نَظَرٌ) لَا رَدَّ بِهِ لِعَدَمِ كَوْنِهِ عَيْبًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 الْمَرَضَ وَإِنْ قَلَّ عَيْبٌ وَقَالَ الْعِجْلِيّ إنْ كَانَ الْمَرَضُ يَزُولُ بِالْمُعَالَجَةِ السَّرِيعَةِ فَلَا خِيَارَ كَمَا لَوْ غُصِبَ وَأَمْكَنَ الْبَائِعَ رَدُّهُ سَرِيعًا وَهُوَ حَسَنٌ انْتَهَى. (وَكَوْنُهُ) أَيْ الرَّقِيقُ (مَجْنُونًا) وَلَوْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ (أَوْ مُخَبَّلًا) بِالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ مَنْ فِي عَقْلِهِ خَبَلٌ أَيْ فَسَادٌ (أَوْ أَبْلَهَ) وَهُوَ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ سَلَامَةُ الصَّدْرِ رَوَى «أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ» أَيْ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا لِقِلَّةِ اهْتِمَامِهِمْ بِهَا وَهُمْ أَكْيَاسٌ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ (أَوْ أَشَلَّ أَوْ أَقْرَعُ) وَهُوَ مَنْ ذَهَبَ شَعْرُ رَأْسِهِ بِآفَةٍ (أَوْ أَصَمَّ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ (أَوْ أَعْوَرَ) وَهُوَ مَنْ ذَهَبَ بَصَرُ إحْدَى عَيْنَيْهِ (أَوْ أَخْفَشَ) وَهُوَ صَغِيرُ الْعَيْنِ ضَعِيفُ الْبَصَرِ خِلْقَةً وَيُقَالُ هُوَ مَنْ يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ وَفِي الْغَيْمِ دُونَ الصَّحْوِ وَكِلَاهُمَا عَيْبٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا (أَوْ أَجْهَرَ) وَهُوَ لَا يُبْصِرُ فِي الشَّمْسِ (أَوْ أَعْشَى) وَهُوَ مَنْ يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ وَفِي الصَّحْوِ دُونَ الْغَيْمِ وَالْمَرْأَةُ عَشْوَاءُ (أَوْ أَخْشَمَ أَوْ أَبْكَمَ) أَيْ أَخْرَسَ (أَوْ أَرَتَّ لَا يَفْهَمُ) كَلَامَهُ غَيْرُهُ (أَوْ فَاقِدَ الذَّوْقِ أَوْ أُنْمُلَةٍ أَوْ الظُّفْرِ أَوْ الشَّعْرِ) وَلَوْ عَانَهُ (أَوْ فِي رَقَبَتِهِ لَا) فِي (ذِمَّتِهِ) فَقَطْ (دَيْنٌ أَوْ) بَانَ كَوْنُهُ (مَبِيعًا فِي جِنَايَةِ عَمْدٍ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا) فَإِنْ تَابَ مِنْهَا فَوَجْهَانِ فِي الْأَصْلِ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ أَنَّهُ عَيْبٌ أَيْضًا وَقِيَاسُ مَا قَدَّمْته أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَكَلَامُ الزَّرْكَشِيّ يَمِيلُ إلَيْهِ وَقَوْلُ السُّبْكِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَيْبًا كَالزِّنَا فِيهِ نَظَرٌ (أَوْ) كَوْنُهُ (مُكْثِرًا لِجِنَايَةِ الْخَطَأِ) بِخِلَافِ مَا إذَا قَلَّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَلِيلَ مَرَّةً وَالْكَثِيرَ فَوْقَهَا (أَوْ لَهُ أُصْبُعُ زَائِدَةٌ أَوْ سِنٌّ شَاغِيَةٌ) بِشِينٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَيْنِ أَيْ زَائِدَةٍ يُخَالِفُ نَبْتُهَا نَبْتَةَ بَقِيَّةِ الْأَسْنَانِ (أَوْ) سِنٌّ (مَقْلُوعَةٌ) لَا لِكِبَرٍ (أَوْ بِهِ قُرُوحٌ أَوْ ثَآلِيلُ كَثِيرَةٌ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ جَمْعُ ثَأْلُولَةٍ (أَوْ) كَوْنُهُ (أَبْهَقَ) مِنْ الْبَهَقِ وَهُوَ بَيَاضٌ يَعْتَرِي الْجِلْدَ يُخَالِفُ لَوْنَهُ وَلَيْسَ مِنْ الْبَرَصِ فَعُلِمَ مِنْهُ حُكْمُ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْمَرَضِ وَمِنْ الضَّابِطِ الْآتِي (أَوْ أَبْيَضَ الشَّعْرِ فِي غَيْرِ سِنِّهِ وَلَا تَضُرُّ حُمْرَتُهُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَضُرُّ خُضْرَتُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوْ كَوْنُهُ أَعْسَرَ وَفَصَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ إنْ كَانَ أَضْبَطَ وَهُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ مَعًا فَلَيْسَ بِعَيْبٍ لِأَنَّ ذَلِكَ زَائِدَةٌ فِي الْقُوَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ عَيْبٌ وَمَا قَالَهُ مُتَعَيِّنٌ (وَمِنْهَا كَوْنُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (نَمَّامًا) أَوْ كَذَّابًا (أَوْ سَاحِرًا أَوْ قَاذِفًا لِلْمُحْصَنَاتِ أَوْ مُقَامِرًا أَوْ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ تَرْكِ مَا يُقْتَلُ بِهِ مِنْهَا (أَوْ شَارِبًا لِخَمْرٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُسْكِرُ وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ بِشُرْبِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْمُسْلِمِ دُونَ مَنْ يُعْتَادُ ذَلِكَ مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ غَالِبٌ فِيهِمْ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ (أَوْ مُزَوَّجًا أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا أَوْ وَاضِحًا أَوْ مُخَنَّثًا) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ أَفْصَحُ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ وَهُوَ الَّذِي تُشْبِهُ حَرَكَاتُهُ حَرَكَاتِ النِّسَاءِ خُلُقًا أَوْ تَخَلُّقًا (أَوْ مُمَكِّنًا مِنْ نَفْسِهِ) وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لِأَنَّهُ يَعْتَادُهُ وَيَأْلَفُهُ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ كَوْنُهُ زَانِيًا (أَوْ مُرْتَدًّا) . قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فَإِنْ تَابَ قَبْلَ الْعِلْمِ فَقِيلَ عَيْبٌ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ قَالَ السُّبْكِيُّ الْأَوْلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ عَيْبٌ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ قُلْت وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَأَوْفَقُ بِالْمَنْقُولِ فِي نَظَائِرِهِ لِأَنَّ التَّوْبَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي الزِّنَا لِمَا مَرَّ فِيهِ (أَوْ كَوْنُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (رَتْقَاءَ أَوْ قُرَنَاءَ أَوْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ يَتَطَاوَلُ طُهْرُهَا) فَوْقَ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ (أَوْ لَا تَحِيضُ وَهِيَ فِي سِنِّهِ) أَيْ الْحَيْضِ (غَالِبًا) بِأَنْ بَلَغَتْ عِشْرِينَ سَنَةً قَالَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِعِلَّةٍ (أَوْ مُزَوَّجَةٍ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ مُزَوَّجًا (أَوْ حَامِلًا) لِأَنَّهُ يَخَافُ مِنْ هَلَاكِهَا بِالْوَضْعِ (لَا فِي الْبَهَائِم) إذَا لَمْ تَنْقُصْ بِالْحَمْلِ فَلَيْسَ عَيْبًا فِيهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا السَّلَامَةُ (أَوْ مُعْتَدَّةٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ الْجِيلِيُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ قَالَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ (أَوْ مُحْرِمَةً   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ أَصَمَّ) وَلَوْ فِي أَحَدٍ مِنْ الْأُذُنَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ أَحْرِمْ لَا يَفْهَمُ) أَوْ أَلْثَغَ أَوْ تِمْتَامًا (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّهَا عَيْبٌ مُطْلَقًا وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ قَتْلًا أَوْ قَدْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ وَالتَّوْبَةُ غَيْرُ وَوَطُؤَ وَلَا يُوثَقُ بِهَا عُزِيَ الْقَتْلِ عَنْهُ لَا تَزُولُ وَإِنْ تَابَ كَالزِّنَا وَأَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ قَدْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَيْبًا مُطْلَقًا كَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَقَدْ حَكَاهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ. اهـ. وَهَذَا حَقٌّ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمْته أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ) أَيْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَوْ بِهِ قُرُوحٌ) أَيْ أَوْ جَرَبٍ أَوْ بِسِمَنٍ أَوْ سُعَالٍ أَوْ وَشْمٍ أَوْ خَرْمٍ فِي أَنْفٍ أَوْ أُذُنٍ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ سِنِّهِ) وَهُوَ أَرْبَعُونَ سَنَةً (قَوْلُهُ وَفَصَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا كَوْنُهُ نَمَّامًا) قَالَ شَيْخُنَا صِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ فِي النَّمَّامِ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ لَيْسَ بِقَيْدٍ أَيْضًا فَمُطْلَقُ الْقَذْفِ كَافٍ فِي ثُبُوتِ الرَّدِّ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَذَّابًا) أَيْ أَوْ شَتَّامًا أَوْ آكِلَ الطِّينِ (قَوْلُهُ أَوْ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ) فِي الرَّدِّ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ نَظَرٌ وَلَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِبُلُوغٍ أَوْ إسْلَامٍ إذْ الْغَالِبُ عَلَيْهِمْ التَّرْكُ وَلَا سِيَّمَا الْإِمَاءُ بَلْ هُوَ الْغَالِبُ فِي بِجَحَدِ الْإِسْلَامِ وَقَضِيَّةُ الضَّابِطِ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ مَنْعَ الرَّدِّ فُو. (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ شَارِبًا بِجَحِدِ) مِثْلُهُ الْبَنْجُ وَالْحَشِيشُ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ) مَا قَالَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ ضَابِطِ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ أَوْ مُزَوَّجًا) قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الْعَبْدَ مُتَزَوِّجٌ لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ عَلَيْهِ تَرَادٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهُ فَلَهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ فَقِيلَ عَيْبٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ أَوْ مُسْتَحَاضَةً) أَيْ أَوْ مُتَغَيِّرٌ رَائِحَةُ فَرْجِهَا (قَوْلُهُ لَا فِي الْبَهَائِمِ إلَخْ) بِهَذَا التَّفْصِيلِ أَجَابَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي كَفَّارَةِ الْإِحْرَامِ وَالزَّكَاةِ وَعَزَّاهُ لِلْأَصْحَابِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ مَا يُقْصَدُ لِلنِّتَاجِ وَتَزِيدُ قِيمَتُهُ بِحَمْلِهِ كَالْغَنَمِ وَأَكْثَرِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَالْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِيهَا بَلْ زِيَادَةُ فَضِيلَةٍ وَمَالِيَّةٍ نَعَمْ قَدْ يَكُونُ نَقْصًا فِي بَعْضِ الْحَيَوَانِ كَالنَّاقَةِ بِعُدْوَانِ الْغَنْمِ الَّتِي تَعْلُو قِيمَتُهَا انْحِسَار سَيْرِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 بِإِذْنٍ) مِنْ الْبَائِعِ بِخِلَافِ الْمُحْرِمَةِ بِلَا إذْنٍ لِأَنَّ لَهُ تَحْلِيلَهَا كَالْبَائِعِ وَكَالْمُحْرِمَةِ وَلَوْ قَالَ أَوْ مُحْرِمًا قَبْلَ قَوْلِهِ أَوْ كَوْنِهَا لَشَمِلَهُمَا (وَكَذَا كُفْرُ رَقِيقٍ لَمْ يُجَاوِرْهُ كُفَّارٌ) كَأَنْ يَكُونَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ عَيْبٌ (لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِيهِ) فَإِنْ جَاوَرَهُ كُفَّارٌ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ (أَوْ كَافِرَةٍ كُفْرُهَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ) كَوَثَنِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ (وَاصْطِكَاكِ الْكَعْبَيْنِ وَانْقِلَابِ الْقَدَمَيْنِ إلَى الْوَحْشِيِّ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ هُوَ ظَهْرُ الرَّجُلِ وَالْيَدُ وَيُقَالُ لِلْجَانِبِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ وَكِلَاهُمَا عَيْبٌ (وَسَوَادِ الْأَسْنَانِ) . وَكَذَا خُضْرَتُهَا وَزُرْقَتُهَا وَحُمْرَتُهَا فِيمَا يَظْهَرُ (وَتَرَاكُمِ الْوَسَخِ الْفَاحِشِ فِي أُصُولِهَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْحَفْرُ فِي الْأَسْنَانِ وَهُوَ تَرَاكُمُ الْوَسَخِ الْفَاحِشِ فِي أُصُولِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاَلَّذِي فِي الصَّحَّاحِ الْحَفْرُ بِالتَّحْرِيكِ فَسَادُ أُصُولِ الْأَسْنَانِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْوَسَخَ يُمْكِنُ إزَالَتُهُ انْتَهَى وَهُوَ حَسَنٌ إلَّا فِي ضَبْطِ الْحَفْرِ فَفِيهِ فِي الصَّحَّاحِ التَّسْكِينُ أَيْضًا وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ الْكَثَرُ (وَالْكَلَفُ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ (الْمُغَيِّرُ لِلْبَشَرَةِ) قَالَ فِي الصَّحَّاحِ الْكَلَف شَيْءٌ يَعْلُو الْوَجْهَ كَالسِّمْسِمِ وَالْكَلَفُ لَوْنٌ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ وَهِيَ حُمْرَةٌ كَدِرَةٌ تَعْلُو الْوَجْهَ انْتَهَى وَكِلَاهُمَا عَيْبٌ (وَذَهَابِ الْأَشْفَارِ) مِنْ الْأَمَةِ (وَكِبَرِ أَحَدِ ثَدْيَيْهَا وَالْخِيلَانِ الْكَثِيرَةِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ جَمْعُ خَالٍ وَهُوَ الشَّامَةُ (وَآثَارِ الشِّجَاجِ وَالْقُرُوحِ وَالْكَيِّ الشَّائِنَةِ) بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ عَلَى النُّونِ مِنْ شَانَهُ يَشِينُهُ وَهَذَا الْقَيْدُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ قَطَعَ مِنْ فَخِذِهِ أَوْ سَاقِهِ قِطْعَةً يَسِيرَةً وَلَمْ يُورِثْ شَيْئًا) وَلَمْ يُفَوِّتْ غَرَضًا (لَمْ يَضُرَّ) وَإِلَّا ضَرَّ (وَكَوْنُ الدَّابَّةِ جَمُوحًا) أَيْ تَمْتَنِعُ عَلَى رَاكِبِهَا (أَوْ عَضُوضًا أَوْ رَمُوحًا) أَوْ نُفُورًا (أَوْ تَشْرَبُ لَبَنَهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لَبَنَ غَيْرِهَا (أَوْ) تَكُونُ بِحَيْثُ (تُسْقِطُ رَاكِبَهَا) بِأَنْ يَخَافَ مِنْهَا سُقُوطَهُ (بِخُشُونَةِ الْمَشْيِ أَوْ) كَوْنِهَا (دَرْدَاءَ) بِوَزْنِ صَحْرَاءَ أَيْ سَاقِطَةَ الْأَسْنَانِ (لَا لِكِبَرٍ أَوْ قَلِيلَةِ الْأَكْلِ. وَ) مِنْ الْعُيُوبِ (اخْتِصَاصُ الدَّارِ بِنُزُولِ الْجُنْدِ) فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَا حَوْلَهَا بِمَثَابَتِهَا (وَمُجَاوَرَةِ قَصَّارِينَ) لَهَا (يُؤْذُونَ) هَا (بِالدَّقِّ أَوْ يُزَعْزِعُونَهَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُزَعْزِعُونَ الْأَبْنِيَةَ فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِأَوْ يُفِيدُ أَنَّ كِلَاهُمَا عَيْبٌ وَهُوَ حَسَنٌ (وَ) مِنْهَا أَنْ تَظْهَرَ (الضَّيْعَةُ) مُتَّصِفَةً (بِثِقَلِ الْخَرَاجِ فَوْقَ الْعَادَةِ) فِي أَمْثَالِهَا وَإِنْ كُنَّا لَا نَرَى أَصْلَ الْخَرَاجِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ لِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ فِيهَا (وَ) مِنْهَا أَنْ تَكُونَ بِقُرْبِ الْأَرْضِ (قُرُودٌ تُفْسِدُ الزَّرْعَ وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ سَلَامَتَهَا) أَيْ الْأَرْضِ (مِنْ خَرَاجٍ مُعْتَادٍ) بِأَنْ ظَنَّ أَنْ لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا أَوْ أَنَّ عَلَيْهَا خَرَاجًا دُونَ خَرَاجِ أَمْثَالِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ سَلَامَتِهَا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْبَحْثِ أَمَّا إذَا زَادَ عَلَى عَادَةِ أَمْثَالِهَا فَلَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَ) مِنْهَا (نَجَاسَةُ مَا يَنْقُصُ بِالْغُسْلِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ كَانَ لِغَسْلِهِ مُؤْنَةٌ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بُسُطًا كَثِيرَةً فَوَجَدَهَا مُتَنَجِّسَةً لَا تُغْسَلُ إلَّا بِإِجَارَةٍ لَهَا وَقَعَ (وَتَشْمِيسُ الْمَاءِ) لِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ فِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قَوِيٌّ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ إذَا بَرَدَ قَالَ وَعَلَى قِيَاسِهِ فَالْمُسْتَعْمَلُ إذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى لِلِاخْتِلَافِ فِي عَوْدِ طَهُورِيَّتِهِ وَلِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ وَكَذَا الْمَاءُ إذَا وَقَعَ فِيهِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً وَغَيْرَهُ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ (وَوُجُودُ رَمْلٍ فِي بَاطِنِ أَرْضِ الْبِنَاءِ) أَيْ الْمَطْلُوبَةِ لَهُ (وَأَحْجَارٍ) مَخْلُوقَةٍ (فِي بَاطِنِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ وَالْغِرَاسِ) أَيْ الْمَطْلُوبَةِ لَهُمَا إذَا كَانَتْ الْحِجَارَةُ بِحَيْثُ تَضْرِبُهُمَا بِأَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهَا إذَا أَضَرَّتْ بِأَحَدِهِمَا لَا تَكُونُ عَيْبًا وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ عَيْبٌ فِيمَا إذَا أَضَرَّتْ بِالْغِرَاسِ دُونَ الزِّرَاعَةِ وَيُقَاسُ بِهِ عَكْسُهُ. أَمَّا الْمَدْفُونَةُ فَإِنْ أَمْكَنَ قَلْعُهَا عَنْ قُرْبٍ بِحَيْثُ لَا تَمْضِي مُدَّةٌ يَكُونُ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ وَإِلَّا فَعَيْبٌ (وَالْحُمُوضَةُ فِي الْبِطِّيخِ إلَّا الرُّمَّانَ عَيْبٌ) لِأَنَّهَا لَا تُطْلَبُ فِي الْبِطِّيخِ أَصْلًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ) يَرُدُّ مَا قَالَهُ الْجِيلِيُّ مَا سَيَأْتِي فِي الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِهَا مُحَرَّمًا لَهُ وَكَوْنِهَا مُعْتَدَّةً وَلِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بَيْعَهَا فَلَا يَرْغَبُ فِيهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا فَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ لَا سِيَّمَا إذَا طَالَتْ فَالْوَجْهُ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَهُ تَحْلِيلَهَا كَالْبَائِعِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ بِمُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الرَّدَّ بِالْإِحْرَامِ مَا قَلَّ زَمَنُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَذَا خُضْرَتُهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ نُفُورًا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ تَرْهَبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ تَرَاهُ وَرَاءَ (قَوْلُهُ أَوْ قَلِيلَةُ الْأَكْلِ) أَيْ أَوْ مَقْطُوعَةُ الْأُذُنِ بِقَدْرِ مَا يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ (قَوْلُهُ يُؤْذِنُ بِالدَّقِّ) عِبَارَتُهُ صَادِقَةٌ يَتَأَذَّى سُكَّانُهَا بِهِ فَقَطْ مِثْلُهُ مَا إذَا أَظْهَرَ بِقُرْبِهَا دُخَّانٌ مِنْ نَحْوِ حَمَّامٍ (قَوْلُهُ أَوْ يُزَعْزِعُونَهَا) أَوْ عَلَى سَطْحِهَا مِيزَابُ رَجُلٍ أَوْ مَدْفُونٌ فِيهَا مَيِّتٌ أَوْ ظَهَرَتْ قُبَالَةً بِوَقْفِهَا وَعَلَيْهَا خُطُوطُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَيْسَ فِي الْحَالِ مَنْ يَشْهَدُ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا مُزَوِّرَةٌ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الشُّيُوعَ بَيْنَ النَّاسِ بِوَقْفِيَّتِهَا عَيْبٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كُنَّا لَا نَرَى أَصْلَ الْخَرَاجِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ) إنْ قِيلَ كَيْفَ صَحَّ بَيْعُ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ وَجَوَابُهُ مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْيَدَ لِلْمِلْكِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخَرَاجَ مَا ضُرِبَ إلَّا بِحَقٍّ فَلَا يَتْرُكُ أَحَدَ الظَّاهِرَيْنِ لِلْآخَرِ (فَرْعٌ) لَوْ اشْتَرَى بُسْتَانًا فَأَلْزَمَهُ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَصِيرَ فَلَاحًا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ الْبُسْتَانُ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَاسْتَشْهَدَ بِمَسْأَلَةِ الدَّارِ الْمَعْرُوفَةِ بِمَنْزِلِ الْجُنْدِ وَقَالَ لِأَنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ بِكُلِّ مَا نَقَصَ الْعَيْنَ أَوْ الْقِيمَةَ أَوْ الرَّغْبَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ كَانَ لِغَسْلِهِ مُؤْنَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ بَاعَ الطَّاهِرَ مِنْ الْأَوَانِي بِالِاجْتِهَادِ لَزِمَهُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِهِ فَإِنْ كَتَمَهُ فَوَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ وَيَجِبُ طَرْدُهُمَا فِي غَيْرِ الْمَاءِ مِمَّا مُسْتَنَدُ طَهَارَتِهِ ذَلِكَ وَالْأَشْبَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَطَعَ ابْنُهُ يَدَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي وَوَرِثَهُ ابْنُهُ الْقَاطِعُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ فَسَخَ لَزِمَهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَاسْتَرَدَّ نِصْفَ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 وَتُطْلَبُ فِي الرُّمَّانِ كَمَا يُطْلَبُ فِيهِ الْحُلْوُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ نَوْعِ الْحَامِضِ أَمَّا الْخَارِجَةُ مِنْ الْحُلْوِ فَعَيْبٌ كَالْبِطِّيخِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَيْبٍ إيضَاحٌ (فَرْعٌ لَا رَدَّ بِكَوْنِ الرَّقِيقِ رَطْبَ الْكَلَامِ أَوْ غَلِيظَ الصَّوْتِ أَوْ) بِكَوْنِهِ (يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ) لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ يُعْتَقُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى وَأَوْلَى مِنْهُمَا مَعًا أَنْ يُقَالَ يُعْتَقُ عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ فَيَشْمَلُ الْمُوَكِّلَ وَالْمُشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ (أَوْ) بِكَوْنِهِ (سَيِّئَ الْأَدَبِ أَوْ) بِكَوْنِهِ (وَلَدَ زِنًا أَوْ مُغَنِّيًا) أَوْ زَامِرًا أَوْ عَارِفًا بِالضَّرْبِ بِالْعُودِ (أَوْ حَجَّامًا أَوْ أَكُولًا أَوْ قَلِيلَ الْأَكْلِ) بِخِلَافِ قِلَّةِ أَكْلِ الدَّابَّةِ كَمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَتَّضِحُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فَكَمَا تُؤَثِّرُ قِلَّةُ أَكْلِهَا فِي قُوَّتِهَا وَعَمَلِهَا كَذَلِكَ قِلَّةُ أَكْلِهِ انْتَهَى وَقَدْ يُفَرَّقُ لِأَنَّ قِلَّةَ الْأَكْلِ مَحْمُودَةٌ فِي الْآدَمِيِّ شَرْعًا وَعُرْفًا بِخِلَافِهِ فِي الدَّابَّةِ (وَلَا بِكَوْنِهَا ثَيِّبًا إلَّا فِي غَيْرِ أَوَانِهَا) أَيْ أَوَانِ ثُيُوبَتِهَا بِأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً يُعْهَدُ فِي مِثْلِهَا الْبَكَارَةُ (وَلَا) بِكَوْنِهَا (عَقِيمًا) أَيْ لَا تَحْمِلُ (وَلَا بِكَوْنِ الْعَبْدِ عِنِّينًا) أَيْ عَاجِزًا عَنْ الْوَطْءِ لِضَعْفٍ يَمْنَعُ الِانْتِشَارَ وَلَا بِكَوْنِهَا مُحَرَّمًا لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْمُعْتَدَّةِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ ثَمَّ عَامٌّ فَيُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ بِخِلَافِهِ هُنَا وَلَا بِكَوْنِهَا صَائِمَةً لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْخِدْمَةِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّ أَعْمَالَهُ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَانِ الْحُكْمَانِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَا رَدَّ بِكَوْنِ الْعَبْدِ فَاسِقًا بِالْإِجْمَاعِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِفِسْقٍ لَا بِكَوْنِ سَبَبِهِ عَيْبًا (وَلَيْسَ عَدَمُ الْخِتَانِ عَيْبًا إلَّا فِي عَبْدٍ كَبِيرٍ) فَيَكُونُ عَيْبًا فِيهِ (خَوْفًا عَلَيْهِ) مِنْ الْخِتَانِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَمَةِ الْكَبِيرَةِ لِأَنَّ خِتَانَهَا سَلِيمٌ لَا يَخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَا بِكَوْنِ الْأَمَةِ مَجْنُونَةً وَلَا بِكَوْنِ الْعَبْدِ مَخْتُونًا أَوْ غَيْرَ مَخْتُونٍ إلَّا إذَا كَانَ كَبِيرًا يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِتَانِ انْتَهَى وَضَبَطَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالرُّويَانِيُّ الصِّغَرَ هُنَا بِسَبْعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ وَغَيْرُهُ بِأَنْ يَكُونَ مَخْتُونًا فِي الْعَادَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ وَكَلَامُ كَثِيرٍ يُفْهِمُ ضَبْطَهُ بِعَدَمِ الْبُلُوغِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (وَلَوْ ظَنَّ) الْمُشْتَرِي (الْبَائِعَ مَالِكًا فَبَانَ وَكِيلًا وَنَحْوَهُ) كَوَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ (لَمْ يَرُدَّ) وَلَا نَظَرَ إلَى خَطَرِ فَسَادِ النِّيَابَةِ وَمِنْ الْعُيُوبِ ظُهُورُ مَكْتُوبٍ بِوَقْفِيَّةِ الْمَبِيعِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَكَذَا شُيُوعُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَشِقُّ أُذُنِ الشَّاةِ إنْ مَنَعَ الْإِجْزَاءَ فِي الْأُضْحِيَّةَ وَلَا مَطْمَعَ فِي اسْتِيفَاءِ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلرَّدِّ (وَ) لَكِنَّ (الضَّابِطَ) الْجَامِعَ لَهَا (أَنَّ الرَّدَّ يَثْبُتُ بِكُلِّ مَا يُنْقِصُ الْعَيْنَ أَوْ الْقِيمَةَ تَنْقِيصًا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَالْغَالِبُ فِي أَمْثَالِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (عَدَمُهُ) إذْ الْغَالِبُ فِي الْأَعْيَانِ السَّلَامَةُ فَبَذْلُ الْمَالِ يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ السَّلِيمِ فَإِذَا بَانَ الْعَيْبُ وَجَبَ التَّمَكُّنُ مِنْ التَّدَارُكِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ زَائِدَةٍ وَفِلْقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ فَخِذِهِ أَوْ سَاقِهِ لَا يُورِثُ شَيْنًا وَلَا يُفَوِّتُ غَرَضًا فَلَا رَدَّ بِهِ كَمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَالْغَالِبُ إلَى آخِرِهِ عَمَّا لَا يَغْلِبُ فِيهِ ذَلِكَ كَلَقْعِ السِّنِّ فِي الْكِبَرِ وَالثُّيُوبَةِ فِي أَوَانِهَا فِي الْأَمَةِ وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ بِذَلِكَ فَلَا رَدَّ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ يُنَقِّصُ بِالتَّشْدِيدِ بِوَزْنِ يُكَلِّمُ بِقَرِينَةِ الْمَصْدَرِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْفَصِيحُ يُنْقِصُ بِالتَّخْفِيفِ قَالَ تَعَالَى {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 4] (قَاعِدَةٌ) الْعَيْبُ سِتَّةُ أَقْسَامٍ فِي الْبَيْعِ وَالزَّكَاةِ وَالْغُرَّةِ وَالصَّدَاقِ إذَا لَمْ يُفَارِقْ قَبْلَ الدُّخُولِ مَا مَرَّ وَفِي الْكَفَّارَةِ مَا أَضَرَّ بِالْعَمَلِ إضْرَارًا بَيِّنًا وَفِي الْأُضْحِيَّةَ وَالْهَدْيُ وَالْعَقِيقَةُ مَا نَقَصَ اللَّحْمَ وَفِي النِّكَاحِ مَا نَفَّرَ عَنْ الْوَطْءِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَحَلِّهِ وَفِي الصَّدَاقِ إذَا فَارَقَ قَبْلَ الدُّخُولِ مَا فَاتَ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْغَالِبُ فِي أَمْثَالِهِ عَدَمَهُ أَمْ لَا وَفِي الْإِجَارَةِ مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْأُجْرَةِ قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَيْبُ الْمَرْهُونِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا نَقَصَ الْقِيمَةَ فَقَطْ (فَصْلٌ إنَّمَا يَثْبُتُ الرَّدُّ) لِلْمَبِيعِ (بِعَيْبٍ وُجِدَ قَبْلَ الْبَيْعِ) بِالْإِجْمَاعِ (أَوْ) بَعْدَهُ وَقَبْلَ (الْقَبْضِ) أَوْ بَعْدَهُ وَاسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ سَابِقٍ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ بَعْدَهُ وَلَمْ يَسْتَنِدْ إلَى مَا ذُكِرَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَحَلُّهُ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ أَمَّا قَبْلَهُ فَالْقِيَاسُ بِنَاؤُهُ عَلَى مَا لَوْ تَلِفَ حِينَئِذٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَعَيْبٌ كَالْبِطِّيخِ) مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ عَدَمُ الْفَرْقِ [فَرْعٌ لَا رَدَّ لِلْمَبِيعِ بِكَوْنِ الرَّقِيقِ رَطْبَ الْكَلَامِ أَوْ غَلِيظَ الصَّوْتِ] (قَوْلُهُ أَوْ قَلِيلَ الْأَكْلِ) أَيْ أَوْ أَصْلَعَ أَوْ تَعَيَّبَا (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ قِلَّةَ الْأَكْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ الْخِتَانِ) أَوْ إنْ كَانَ لَا يَرَاهُ كَأَكْثَرِ النَّصَارَى (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ) لَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافٍ إذْ الْمُعْتَبَرُ كِبَرٌ يَخَافُ مِنْ الْخِتَانِ فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَكَذَا أَطْلَقَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يُخْتَتَنُ فَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ قَوْمٍ لَا يَرَوْنَهُ كَأَكْثَرِ النَّصَارَى وَالتُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ فَلَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَقَادَمَ إسْلَامُهُ أَوْ نَشَأَ التُّرْكِيُّ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ. اهـ. الْأَصَحُّ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ كَوَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ) أَيْ أَوْ مُلْتَقِطٍ (قَوْلُهُ ظُهُورُ مَكْتُوبٍ بِوَقْفِيَّةِ الْمَبِيعِ إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مُزَوِّرٌ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ بِسَبَبِهِ نَقْصٌ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الضَّابِطَ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمُفْلِسُ إذَا كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الْإِمْسَاكِ وَكَذَلِكَ الْوَلِيُّ وَكَذَا فِي الْقِرَاضِ إذَا تَنَازَعَا وَصُورَةُ الْوَكِيلِ إذَا رَضِيَهُ الْمُوَكِّلُ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ أَنَّ الرَّدَّ يَثْبُتُ بِكُلِّ مَا يُنْقِصُ الْعَيْنَ إلَخْ) الصَّوَابُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ يَثْبُتُ الرَّدُّ بِكُلِّ مَا يُنْقِصُ الْقِيمَةَ نَقْصًا لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ أَوْ الْعَيْنَ نَقْصًا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ إذَا كَانَ الْغَالِبُ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمَهُ ت ر (قَوْلُهُ يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ) يَصِحُّ عَوْدُهُ إلَى الْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُفَوِّتُ غَرَضًا) وَعَدَمُ نَبَاتِ عَانَةِ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ يُتَدَاوَى لَهُ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَلَمْ يَكُنْ بِسَبَبِ ضَعْفِ الْبَشَرَةِ (قَوْلُهُ وَفِي الْإِجَارَةِ مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ مَا يُخَالِفُهُ (فَرْعٌ) لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا كَاتِبًا أَوْ مُتَّصِفًا بِصِفَةٍ تُزِيدُ فِي قِيمَتِهِ ثُمَّ زَالَتْ الصِّفَةُ بِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَوَاتُهَا عَيْبًا قَبْلَ وُجُودِهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ فُو [فَصْلٌ يَثْبُتُ الرَّدُّ لِلْمَبِيعِ بِعَيْبٍ وُجِدَ قَبْلَ الْبَيْعِ] (فَصْلٌ إنَّمَا يَثْبُتُ الرَّدُّ) (قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ) شَمِلَ مَا اشْتَرَاهُ الْوَلِيُّ لِمُوَلِّيهِ بِعَيْنِ مَالِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 هَلْ يَنْفَسِخْ وَالْأَرْجَحُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ انْفَسَخَ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قُلْنَا يَنْفَسِخُ فَحُدُوثُهُ كَوُجُودِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ (فَالْمُرْتَدُّ يَصِحُّ بَيْعُهُ) كَالْمَرِيضِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَاكِ (كَذَا الْمُتَحَتِّمُ قَتْلُهُ بِالْمُحَارَبَةِ) بِأَنْ لَمْ يَتُبْ أَوْ تَابَ بَعْدَ الظَّفْرِ بِهِ يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْمُرْتَدِّ (وَلَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِمَا) لِاسْتِحْقَاقِهِمَا الْقَتْلَ وَالثَّانِيَةُ نَقَلَهَا الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَفَّالِ وَلَعَلَّهُ بَنَاهَا عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي قَتْلِ الْمُحَارَبِ مَعْنَى الْحَدِّ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ وَأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَزِمَهُ دِيَتُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ قَاتِلَ الْعَبْدِ الْمُحَارَبِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَنْحَصِرُ فِيهِ الْمُرْتَدُّ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهِمَا كَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَالصَّائِلِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ بِأَنْ زَنَى ذِمِّيٌّ ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَيَصِحُّ بَيْعُهُمْ وَلَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِمْ. وَخَرَجَ بِالْإِتْلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ إنْسَانٌ الْمُرْتَدَّ مَثَلًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِتَعَدِّيهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ بِالْقَتْلِ لِأَنَّ قَتْلَهُ فِي حُكْمِ إقَامَةِ الْحَدِّ فَمَنْ ابْتَدَرَ قَتْلَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مُقِيمًا حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا يُمَثَّلُ بِعَبْدٍ مَغْصُوبٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَقُولُ لَهُ مَوْلَاهُ اُقْتُلْهُ فَلَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ جَزَمَ بِذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فَلَوْ قَتَلَهُ الْغَاصِبُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ قَتَلَهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْحَدِّ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ ضَمَانٌ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ الْقَتْلَ وَإِلَّا فَلْيُقْتَلْ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْغَاصِبِ نَعَمْ يَنْبَغِي فِي تَعَدِّي الْغَاصِبِ بِوَضْعِ يَدِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَكَمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُتَحَتِّمِ قَتْلَهُ بِالْمُحَارَبَةِ يَصِحُّ بَيْعُ الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ اشْتَرَاهُمَا) شَخْصٌ (أَوْ اشْتَرَى الْجَانِي فَقُتِلُوا) أَيْ الثَّلَاثَةُ بِالرِّدَّةِ وَالْمُحَارَبَةِ وَالْقِصَاصِ (فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا) بِهَا (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ قُبَيْلَ الْقَتْلِ (وَاسْتَرَدَّ) الْمُشْتَرِي (جَمِيعَ الثَّمَنِ وَمُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ) مِنْ الْكَفَنِ وَغَيْرِهِ (عَلَى الْبَائِعِ) لِأَنَّ الْقَتْلَ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ. (وَإِنْ كَانَ عَالِمًا) بِهَا (عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَفْسَخْ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ) مِنْ الثَّمَنِ وَمُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَى بَصِيرَةٍ وَإِمْسَاكِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ (وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّقِيقِ (قَطْعٌ بِجِنَايَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ صَحَّ بَيْعُهُ فَإِنْ قُطِعَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا) بِحَالِهِ حَتَّى قُطِعَ (فَلَهُ الرَّدُّ) وَاسْتِرْدَادُ جَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ عَالِمًا بِحَالِهِ (فَلَا) رَدَّ لَهُ وَلَا أَرْشَ (فَلَوْ حَدَثَ بِهِ قَبْلَ الْقَطْعِ عَيْبٌ امْتَنَعَ الرَّدُّ) لِأَنَّهُ بِقَبْضِ مُشْتَرِيهِ صَارَ مِنْ ضَمَانِهِ وَتَقْيِيدُهُ بِقَبْلِ الْقَطْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُضِرٌّ إذْ لَا فَرْقَ (وَرَجَعَ) عَلَى الْبَائِعِ (بِمَا) أَيْ بِنِسْبَةِ مَا (بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَأَقْطَعَ) إلَى قِيمَتِهِ سَلِيمًا مِنْ الثَّمَنِ (وَلَهُ رَدُّ مُزَوَّجَةٍ اشْتَرَاهَا جَاهِلًا) بِزَوَاجِهَا (وَلَوْ افْتَضَّهَا الزَّوْجُ) بِالْفَاءِ وَبِالْقَافِ (بَعْدَ الْقَبْضِ) لِمَا مَرَّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا (فَلَوْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ رَجَعَ مِنْ الثَّمَنِ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا بِكْرًا غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ وَمُزَوَّجَةٍ مُفْتَضَّةٍ وَلَا رَدَّ) وَلَا أَرْشَ (إنْ عَلِمَ) بِذَلِكَ (وَإِنْ جَهِلَ مَرَضَ الْمَبِيعِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ وَجَبَ) لَهُ (الْأَرْشُ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا بِالْمَرَضِ الَّذِي كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ دُونَ الزَّائِدِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ (لِأَنَّ الْمَرَضَ يَتَزَايَدُ فَهُوَ) أَيْ الْمَبِيعُ (مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) وَالرِّدَّةُ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ وُجِدَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ لَكِنْ زَادَ الْمَرَضُ فَعَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي امْتَنَعَ الرَّدُّ وَرَجَعَ بِالْأَرْشِ أَيْضًا الْأَمْرُ (الثَّالِثُ مَا يُظَنُّ) حُصُولُهُ (بِالتَّغْرِيرِ فَالتَّصْرِيَةُ حَرَامٌ) وَهِيَ أَنْ يَتْرُكَ حَلْبَ النَّاقَةِ أَوْ غَيْرِهَا عَمْدًا مُدَّةً قَبْلَ بَيْعِهَا لِيُوهِمَ الْمُشْتَرِيَ كَثْرَةَ اللَّبَنِ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهَا وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّدْلِيسُ وَالضَّرَرُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَصُرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ النَّهْيِ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» وَتَصُرُّوا بِوَزْنِ تُزَكُّوا مِنْ صَرَّ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ جَمَعَهُ (وَيَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ إذَا عَلِمَ بِهَا وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «مَنْ اشْتَرَى مُصْرَاةً وَفِي رِوَايَةٍ شَاةً مُصْرَاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» فَحُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ التَّصْرِيَةَ لَا تَظْهَرُ إلَّا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا حَالَةَ نَقْصِ اللَّبَنِ قَبْلَ تَمَامِهَا عَلَى اخْتِلَافِ الْعَلَفِ أَوْ الْمَأْوَى أَوْ تَبَدُّلِ الْأَيْدِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (هَذَا إذَا قَصَدَهَا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا كَأَنْ تَرَكَ حَلْبَ الدَّابَّةِ نَاسِيًا أَوْ لِشَغْلٍ أَوْ تَصَرُّفٍ بِنَفْسِهَا (فَوَجْهَانِ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرُ لَا لِعَدَمِ التَّدْلِيسِ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ مَا قَطَعَ بِهِ   [حاشية الرملي الكبير] أَيْ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ فَحُدُوثُهُ كَوُجُودِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ) وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ عِنْدَ الْكَلَامِ فِي وَضْعِ الْحَوَائِجِ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّ مَنْ ضَمِنَ الْكُلَّ ضَمِنَ الْجُزْءَ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ) يُجَابُ بِحَمْلِهِ عَلَى قَاتِلِهِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا فَرْقَ فِي قَاتِلِهِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى أَيْضًا مِنْ قَتْلِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ لِظَنِّهِ حِرَابَتَهُ أَوْ كَانَ لِحَرْبِيٍّ وَقَتْلُ الْعَادِلِ الْبَاغِيَ أَوْ عَكْسَهُ بِسَبَبِ الْقِتَالِ (قَوْلُهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ) هَذَا ضَعِيفٌ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَكَمَا لَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ لَا يَضْمَنُ بِالتَّلَفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ قَوْلِ مَالِكٍ الْمَغْصُوبُ لِغَاصِبِهِ أَقْتُلُهُ وَاضِحٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الرِّدَّةَ إنْ طَرَأَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ضَمِنَهُ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْغَصْبِ لَمْ يَضْمَنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَى الْجَانِي) أَيْ أَوْ تَارِكُ الصَّلَاةِ أَوْ الزَّانِي الْمُحْصَنُ بِأَنْ زَنَى الذِّمِّيُّ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُضِرٌّ إذْ لَا فَرْقَ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِكَوْنِ امْتِنَاعِ الرَّدِّ حِينَئِذٍ سَبَبُهُ حُدُوثُ الْعَيْبِ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَعْلَمْ بِمُوجِبِ الْقَطْعِ حَتَّى قُطِعَ وَأَمَّا حُدُوثُهُ بَعْدَ الْقَطْعِ فَقَدْ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ بِأَنْ أَخَّرَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ بَعْدَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ فَالتَّصْرِيَةُ حَرَامٌ) أَيْ إنْ قَصَدَ بَيْعَهَا أَوْ تَضَرَّرَتْ (قَوْلُهُ وَتُصِرُّوا بِوَزْنِ تُزَكُّوا إلَخْ) وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيَهُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّاءِ (قَوْلُهُ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَصَحُّ مَا رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 الْقَاضِي نَعَمْ لِحُصُولِ الضَّرَرِ وَقَدْ يُؤَيَّدُ الْأَوَّل بِمَا فِي الْإِبَانَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِيمَا إذَا تَجَعَّدَ شَعْرُهُ بِنَفْسِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّصْرِيَةَ تُعْلَمُ غَالِبًا مِنْ الْحَلْبِ كُلَّ يَوْمٍ فَالْبَائِعُ مُقَصِّرٌ بِخِلَافِ التَّجَعُّدِ (فَإِنْ زَادَ اللَّبَنُ بِقَدْرِ التَّصْرِيَةِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا أَشْعَرَتْ بِهِ (وَاسْتَمَرَّ فَلَا خِيَارَ) لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي لَهُ (فَرْعٌ) لَوْ (عَلِمَ) الْمُشْتَرِي (بِالتَّصْرِيَةِ بَعْدَ الْحَلْبِ رَدَّهَا) أَيْ الْمُصْرَاةَ (وَلَزِمَهُ صَاعُ تَمْرٍ) وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَتِهَا (بَدَلَ اللَّبَنِ) الْمَوْجُودِ حَالَةَ الْعَقْدِ (إنْ تَلِفَ اللَّبَنُ أَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى رَدِّهِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلَوْ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ الْحَلْبِ رَدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَيَتَعَيَّنُ التَّمْرُ وَالصَّاعُ وَلَوْ قَلَّ اللَّبَنُ) لِلْخَبَرِ فِيهِمَا وَقَطْعًا لِلنِّزَاعِ فِي الثَّانِي فَلَا يَخْتَلِفُ قَدْرُ التَّمْرِ بِقِلَّةِ اللَّبَنِ وَكَثْرَتِهِ كَمَا لَا تَخْتَلِفُ غُرَّةُ الْجَنِينِ بِاخْتِلَافِ ذُكُورَةٍ وَأُنُوثَةٍ وَلَا أَرْشِ الْمُوضِحَةِ بِاخْتِلَافِهِمَا صِغَرًا وَكِبَرًا وَبِمَا قَالَهُ عَلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُكَلَّفُ رَدَّ اللَّبَنِ لِأَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ مِلْكُهُ وَقَدْ اخْتَلَطَ بِالْمَبِيعِ وَتَعَذَّرَ تَمْيِيزُهُ فَإِذَا أَمْسَكَهُ كَانَ كَالتَّالِفِ وَأَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ قَهْرًا وَإِنْ لَمْ يَحْمُضْ لِذَهَابِ طَرَاوَتِهِ وَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ تَمْرِ الْبَلَدِ كَالْفِطْرَةِ (فَإِنْ تَرَاضَيَا بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ صَاعِ تَمْرٍ مِنْ مِثْلِيٍّ أَوْ مُتَقَوِّمٍ (جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا وَفِي نُسْخَةٍ وَيَجُوزُ التَّرَاضِي بِغَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ بِغَيْرِ شَيْءٍ جَازَ (فَإِنْ أَعْوَزَهُ التَّمْرُ) أَيْ عَدَمَهُ وَالْمُرَادُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ (فَقِيمَتُهُ بِالْمَدِينَةِ) تَلْزَمُهُ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا بَلْ حَكَى وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا هَذَا وَثَانِيَهُمَا قِيمَتُهُ فِي أَقْرَبِ بِلَادِ التَّمْرِ إلَيْهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمَدِينَةِ لَا وَجْهَ لَهُ بَلْ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْحِجَازِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يُشِيرُ إلَيْهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمَسْأَلَةُ الْإِعْوَازِ سَاقِطَةٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الرَّوْضِ وَكَأَنَّهُ لِمَا عَرَفْت (وَلَوْ اشْتَرَى مُصْرَاةً بِصَاعٍ) مِنْ تَمْرٍ (رَدَّهَا وَصَاعَ تَمْرٍ إنْ شَاءَ وَاسْتَرَدَّ صَاعَهُ) قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الرِّبَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْفُسُوخِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاسْتِرْدَادُ الصَّاعِ مِنْ الْبَائِعِ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ بَاقِيًا بِيَدِهِ فَلَوْ تَلِفَ وَكَانَ مِنْ نَوْعِ مَا لَزِمَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ فَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُمَا يَقَعَانِ فِي التَّقَاصِّ إنْ جَوَّزْنَاهُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لِلرَّافِعِيِّ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ شَاءَ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرَ بَلْ إنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْمُصْرَاةَ وَحْدَهَا وَاكْتَفَى عَنْ رَدِّ الصَّاعِ بِالصَّاعِ الَّذِي وَقَعَ ثَمَنًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ تَالِفًا وَتَرَاضَيَا أَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا لَكِنْ كَانَ مِنْ نَوْعِ مَا لَزِمَهُ رَدَّهُ وَقُلْنَا بِالتَّقَاصِّ فِي غَيْرِ النَّقْدِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ (فَرْعٌ) لَوْ (رَدَّ غَيْرَ الْمُصْرَاةِ) بَعْدَ الْحَلْبِ (بِعَيْبٍ فَهَلْ يَرُدُّ بَدَلَ اللَّبَنِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْقَاضِي وَابْنُ الرِّفْعَةِ نَعَمْ كَالْمُصْرَاةِ فَيَرُدُّ صَاعَ تَمْرٍ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَلْ قِيمَةَ اللَّبَنِ لِأَنَّ الصَّاعَ عِوَضُ لَبَنِ الْمُصْرَاةِ وَهَذَا لَبَنُ غَيْرِهَا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهَا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَثَانِيهِمَا لَا لِأَنَّهُ قَلِيلٌ غَيْرُ مُعْتَنًى بِجَمْعِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُصْرَاةِ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ كَغَيْرِهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ قَالَ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَوْ كَانَ يَسِيرًا كَالرَّشْحِ رَدَّهَا وَلَا شَيْءَ مَعَهَا لِأَنَّ اللَّبَنَ حَدَثَ عَلَى مِلْكِهِ وَإِلَّا فَفِيهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا قَوْلُ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا الصَّاعَ كَالْمُصْرَاةِ بِجَامِعِ أَنَّ اللَّبَنَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ (فَرْعٌ لَا يَخْتَصُّ هَذَا) أَيْ خِيَارُ التَّصْرِيَةِ (بِالنَّعَمِ بَلْ لَوْ اشْتَرَى أَتَانًا أَوْ جَارِيَةً مُصْرَاةً رَدَّهَا) لِأَنَّ لَبَنَهَا مَقْصُودٌ لِلتَّرْبِيَةِ (وَ) لَكِنْ (لَا بَدَلَ لِلَبَنِهَا) لِأَنَّ لَبَنَ الْأَتَانِ نَجِسٌ وَلَبَنَ الْجَارِيَةِ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ غَالِبًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ إنَّ رَدَّ الصَّاعِ جَارٍ فِي كُلِّ مَأْكُولٍ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَاسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأَرْنَبِ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ وَنَحْوِهَا (وَإِنْ حَبَسَ مَاءِ الْقَنَاةِ أَوْ) مَاءِ (الرَّحَى وَأَرْسَلَهُ عِنْدَ الْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ) تَخْيِيلًا لِكَثْرَتِهِ (أَوْ حَمَّرَ وَجْنَةَ الْجَارِيَةِ) تَخْيِيلًا لِحُسْنِهَا (أَوْ وَرَّمَ وَجْهَهَا لِيَظُنَّ) الْمُشْتَرِي (سِمَنَهَا أَوْ سَوَّدَ شَعْرَهَا أَوْ جَعَّدَهُ) لِيُوهِمَ أَنَّهُ خِلْقَةٌ (فَلَهُ الْخِيَارُ) كَالتَّصْرِيَةِ بِجَامِعِ التَّلْبِيسِ وَخَرَجَ بِ جَعَّدَهُ مَا لَوْ سَبَّطَهُ وَبَانَ جَعْدًا فَلَا خِيَارَ لِأَنَّ الْجُعُودَةَ أَحْسَنُ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْجَارِيَةِ بَلْ الْعَبْدُ كَذَلِكَ وَكَذَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ   [حاشية الرملي الكبير] وَالْعِرَاقِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ وَالْمِفْتَاحِ لِلْمُعَاوِي وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَحَقِيقَةُ الْوَجْهَيْنِ تَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ يَلْحَقُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَيَثْبُتُ أَوْ خِيَارُ الْخَلْفِ فَلَا يَثْبُتُ (قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لَهُ) كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ إلَّا بَعْدَ زَوَالِهِ وَكَمَا لَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِعِتْقِهَا تَحْتَ رَقِيقٍ حَتَّى عَتَقَ [فَرْعٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالتَّصْرِيَةِ بَعْدَ الْحَلْبِ] (قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ صَاعُ تَمْرٍ) يَتَعَدَّدُ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الْمُصَرَّاةِ وَإِنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ التَّمْرُ هُنَا وَلَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ فِي الْقِيمَةِ وَالِاقْتِيَاتُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا قَطْعُ النِّزَاعِ مَعَ ضَرْبِ تَعَبُّدٍ وَالْمَقْصُودُ فِي الْفِطْرَةِ سَدُّ الْخَلَّةِ (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ فِيهِمَا) احْتَجَّ لَهُ الشَّافِعِيُّ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِتَقْدِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّاعِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ بِاخْتِلَافِ أَلْبَانِهَا (قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ تَمْرِ الْبَلَدِ كَالْفِطْرَةِ) وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ الْوَسَطُ مِنْ تَمْرِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَقِيمَتُهُ بِالْمَدِينَةِ) أَيْ لِكَثْرَةِ التَّمْرِ بِهَا رِفْقًا بِالْمُشْتَرِي يَوْمَ الرَّدِّ قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ بَاقِيًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِيهِ أَوْجُهٌ) هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ [فَرْعٌ لَا يَخْتَصُّ خِيَارُ التَّصْرِيَةِ بِالنَّعَمِ] (قَوْلُهُ بِالنِّعَمِ) وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَثُبُوتُهُ فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ بِالنَّصِّ وَفِي الْبَقَرِ إمَّا بِالنَّصِّ لِرِوَايَةِ «مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً» وَإِمَّا بِالْقِيَاسِ الْأَوْلَوِيِّ عَلَى الْإِبِلِ فَإِنَّهَا أَكْثَرُ لَبَنًا مِنْ الْإِبِلِ وَأَمَّا تَعْمِيمُهُ فِي كُلِّ مَأْكُولٍ وَالْجَارِيَةِ وَالْأَتَانِ فَلِرِوَايَةِ «مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً» (قَوْلُهُ أَوْ الْإِجَارَةُ) مِثْلُهَا جَمِيعُ الْمُعَوَّضَاتِ (قَوْلُهُ أَوْ جَعَّدَهُ) أَيْ أَوْ وَضَعَ قُطْنًا فِي شِدْقِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لِغَالِبِ النَّاسِ أَنَّهُ مَصْنُوعٌ حَتَّى لَا يُنْسَبُ الْمُشْتَرِي إلَى تَقْصِيرٍ (وَلَوْ لَطَّخَ ثَوْبَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (بِالْمِدَادِ أَوْ أَلْبَسهُ زِيَّ خَبَّازٍ) مَثَلًا لِيُوهِمَ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ (أَوْ وَرَّمَ ضَرْعَ الشَّاةِ) لِيُوهِمَ كَثْرَةَ اللَّبَنِ (فَلَا) خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِتَقْصِيرِهِ حَيْثُ لَمْ يَبْحَثْ (فَرْعٌ مَتَى رَضِيَ) الْمُشْتَرِي (بِالْمُصْرَاةِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا) قَدِيمًا (رَدَّهَا وَ) رَدَّ (بَدَلَ اللَّبَنِ مَعَهَا) وَهُوَ صَاعُ تَمْرٍ كَمَا لَوْ رَدَّهَا بِالتَّصْرِيَةِ [فَرْعٌ الْغَبْنُ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ وَإِنْ فَحُشَ] (فَرْعٌ الْغَبْنُ لَا يُوجِبُ) أَيْ يُثْبِتُ (الرَّدَّ وَإِنْ فَحُشَ كَمَنْ اشْتَرَى زُجَاجَةً ظَنَّهَا جَوْهَرَةً لِتَقْصِيرِهِ) حَيْثُ لَمْ يَبْحَثْ وَإِنَّمَا أَثْبَتَ الرَّدَّ فِي تَلَقِّي الرُّكْبَانَ كَمَا مَرَّ لِلْخَبَرِ الْوَارِدِ فِيهِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْفُحْشِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالتَّفَاحُشِ إذْ لَا تَفَاعُلَ هُنَا (فَرْعٌ وَمَتَى بَاعَ) حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ (بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ) فِيهِ (بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بَاطِنٍ فِي الْحَيَوَانِ خَاصَّةً مَوْجُودٍ) فِيهِ (حَالَةَ الْعَقْدِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ) عَيْبٍ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَلَا فِيهِ لَكِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا وَلَا عَنْ عَيْبٍ ظَاهِرٍ فِي الْحَيَوَانِ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا وَلَا عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ فِي الْحَيَوَانِ عَلِمَهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَاعَ عَبْدًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْبَرَاءَةِ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي فَاخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ بِعِلْمِهِ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَفِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ كَمَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ تَرَكْت الْيَمِينَ لِلَّهِ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ عَنْهَا دَلَّ قَضَاءُ عُثْمَانَ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي صُورَةِ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ وَافَقَ اجْتِهَادَهُ فِيهِ اجْتِهَادُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقَالَ الْحَيَوَانُ يَتَغَذَّى فِي الصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ وَتَحَوُّلُ طِبَاعِهِ فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ خَفِيٍّ أَوْ ظَاهِرٍ أَيْ فَيَحْتَاجُ الْبَائِعُ فِيهِ إلَى شَرْطِ الْبَرَاءَةِ لِيَثِقَ بِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الْخَفِيِّ دُونَ مَا يَعْلَمُهُ مُطْلَقًا فِي حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَلْبِيسِهِ فِيهِ وَمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الظَّاهِرِ فِيهِمَا لِنُدْرَةِ خَفَائِهِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْخَفِيِّ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ إذْ الْغَالِبُ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ وَإِنَّمَا لَمْ يَبْرَأْ مِمَّا حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِانْصِرَافِ الشَّرْطِ إلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ (وَيَصِحُّ الْبَيْعُ) مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ (وَلَوْ بَطَلَ الشَّرْطُ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُؤَكِّدُ الْعَقْدَ وَيُوَافِقُ ظَاهِرَ الْحَالِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ وَلِاشْتِهَارِ الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَعَدَمِ إنْكَارِهِمْ (وَهَكَذَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْرَأُ الْبَائِعُ مِمَّا ذُكِرَ وَلَوْ بَطَلَ الشَّرْطُ (لَوْ قَالَ بِعْتُك) هَذَا (عَلَى أَنْ لَا تَرُدَّ) هـ (بِعَيْبٍ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ (وَإِنْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِمَّا يَحْدُثُ) مِنْ الْعُيُوبِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا مَعَ الْمَوْجُودِ مِنْهَا (بَطَلَ الْعَقْدُ) صَوَابُهُ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ (أَوْ) شَرَطَ الْبَرَاءَةَ (مِنْ) عَيْبٍ (مُعَيَّنٍ) فَإِنْ كَانَ مِمَّا (لَا يُشَاهَدُ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) وَالْإِبَاقِ (أَوْ يُشَاهَدُ كَالْبَرَصِ وَشَاهَدَهُ الْمُشْتَرِي بَرِئَ) لِأَنَّ ذِكْرَهَا إعْلَامٌ بِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُشَاهَدُ وَلَمْ يُشَاهِدْهُ الْمُشْتَرِي (فَلَا) يَبْرَأُ كَمَا لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مُطْلَقًا لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِهِ وَمَوْضِعِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَبَعْضُ الْوَرَّاقِينَ فِي زَمَنِنَا يَجْعَلُ بَدَلَ شَرْطِ الْبَرَاءَةِ إعْلَامَ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ بِالْمَبِيعِ جَمِيعَ الْعُيُوبِ وَرَضِيَ بِهِ وَهَذَا جَهْلٌ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَلَا يُفِيدُ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تَكْفِي فِيمَا تُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ حَتَّى يُرِيَهُ إيَّاهُ وَأَمَّا مَا لَا تُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ فَذَكَرَهُ مُجْمَلًا بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ كَذِكْرِهِ مَا تُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ بِالتَّسْمِيَةِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ فَلَا يُفِيدُ وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي بِمُقْتَضَى هَذَا الْإِقْرَارِ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ وَبُطْلَانِهِ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ (فَصْلٌ وَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي) كَأَنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ أَوْ أُكِلَ الطَّعَامُ (أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ وَقَفَهُ أَوْ زَوَّجَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا فَعَلِمَ) بَعْدَ ذَلِكَ (بِعَيْبٍ) بِهِ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ (رَجَعَ بِالْأَرْشِ) لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِفَوَاتِ الْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَهَذَا فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ الْمَبِيعِ بِجِنْسِهِ أَمَّا فِيهِ فَسَيَأْتِي (وَهُوَ) أَيْ الْأَرْشُ (جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ حَتَّى لَا يُنْسَبَ الْمُشْتَرِي إلَى تَقْصِيرٍ) قَالَ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا دَلَّسَ الْبَائِعُ أَوْ مَنْ وَاطَأَهُ وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ تَحَقَّلَتْ الشَّاةُ بِنَفْسِهَا وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ كَالْإِسْنَوِيِّ وَالدَّمِيرِيِّ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ [فَرْعٌ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْمُصْرَاةِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا قَدِيمًا] (قَوْلُهُ لِتَقْصِيرِهِ) عَلِمَ أَنَّ لَهَا قِيمَةً وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهَا [فَرْعٌ بَاعَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ فِيهِ] (قَوْلُهُ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا) أَيْ لِسُهُولَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَيُعْلَمُ غَالِبًا فَأَعْطَيْنَا حُكْمَ الْمَعْلُومِ وَإِنْ خَفَى عَلَى نُدُورٍ قَالَ فِي الْعُبَابِ فَإِنْ جَهِلَ مَعَ سُهُولَةِ عِلْمِهِ بِهِ فَوَجْهَانِ وَفِي تَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِي وُجُودِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَصَحُّ وَجْهَيْ الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ مَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَأَصَحُّ وَجْهَيْ الثَّانِيَةِ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ وَلَا عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ إلَخْ) يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْمُرَادِ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ هَلْ الْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا فِي الْجَوْفِ مِمَّا لَا يُشَاهَدُ أَوْ مَا فِي الصُّورَةِ أَوْ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فِي الرُّؤْيَةِ حَتَّى يَخْرُجَ فَقْدُ الْأَسْنَانِ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهَا فِي الْأَصَحِّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّالِثُ ر وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ صَوَابُهُ الشَّرْطُ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ [فَصْلٌ وَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي] (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَعَتِيقُهُ كَافِرَيْنِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّوَقُّعَ الْبَعِيدَ نَوْعًا مِنْ الْيَأْسِ (قَوْلُهُ أَوْ زَوَّجَهُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَوْ عَرَفَ عَيْبَ الرَّقِيقِ وَقَدْ زَوَّجَهُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَرْضَهُ مُزَوَّجًا فَلِلْمُشْتَرِي الْأَرْشُ فَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ فَفِي الرَّدِّ وَأَخْذِ الْأَرْشِ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَرْجَحُهُمَا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَلَا أَرْشَ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا) أَوْ جَعَلَ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً وَيَكُونُ الْأَرْشُ لَهُ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِفَوَاتِ الْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا) أَيْ وَلَا يُمْكِنُ إسْقَاطُ حَقِّهِ فَرَجَعَ إلَى الْأَرْشِ (قَوْلُهُ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ الْأَرْشَ هُنَا مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ كَالْغَصْبِ وَالسَّوْمِ وَالْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يُسَاوِي الْمُثَمَّنَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَا يُسَاوِي مِائَةً بِعَشْرَةٍ فَلَوْ رَجَعَ بِعَشْرَةٍ لَجَمَعَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ هَكَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا فِي الْأَرْشِ الْوَاجِبِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَمَّا مَا يَجِبُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا إذَا رَجَعَ الْمَبِيعُ إلَيْهِ بِانْفِسَاخِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ فَيَكُونُ جُزْؤُهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْهُ وَلِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَاهُ مِنْ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْغَصْبِ لَرُبَّمَا سَاوَى الثَّمَنَ فَيَجْتَمِعُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ مِنْ الثَّمَنِ (نِسْبَتُهُ إلَيْهِ نِسْبَةَ) أَيْ كَنِسْبَةِ (مَا يُنْقِصُ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ) لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ سَلِيمًا إلَيْهَا (وَيُعْتَبَرُ) فِيهَا (أَقَلُّ قِيمَتَيْ) وَقْتَيْ (الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ) لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي أَوْ وَقْتَ الْقَبْضِ أَقَلُّ فَالنَّقْصُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَلَا يَدْخُلُ فِي التَّقْوِيمِ فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَقَلَّ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالدَّقَائِقِ. فَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمَا أَقَلَّ فَيُوَافِقُ مَا سَيَأْتِي فِي الثَّمَنِ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ النَّقْصَ الْحَادِثَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَخَيَّرُ بِهِ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ التَّخْيِيرِ الَّذِي فِي ثُبُوتِهِ رَفْعُ الْعَقْدِ عَدَمُ الضَّمَانِ الَّذِي لَيْسَ فِي ثُبُوتِهِ ذَلِكَ (مِثَالُهُ قِيمَتُهُ دُونَ الْعَيْبِ مِائَةٌ وَ) قِيمَتُهُ (تِسْعُونَ مَعَ الْعَيْبِ فَالتَّفَاوُتُ) بَيْنَهُمَا وَاقِعٌ (بِالْعُشْرِ فَيَرْجِعُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ فَإِذَا ثَبَتَ الْأَرْشُ) لِلْمُشْتَرِي (فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ بَرِئَ مِنْ قَدْرِ الْأَرْشِ لَكِنْ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ) بِهِ فَلَا يَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ لِأَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِالْمَعِيبِ بِكُلِّ الثَّمَنِ مَعَ بَقَاءِ الْمَبِيعِ فَكَذَا يَجُوزُ بَعْدَ فَوَاتِهِ فَالتَّرَدُّدُ فِيهِمَا عَلَى السَّوَاءِ وَكَمَا لَا بُدَّ مِنْ الْمُطَالَبَةِ ثَمَّ بِالْفَسْخِ لَا بُدَّ مِنْ الْمُطَالَبَةِ هُنَا بِالْأَرْشِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمُطَالَبَةُ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لَكِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ الْفَوْرُ بِخِلَافِ الرَّدِّ ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ (وَيَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ) بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ (مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ وَ) يَسْتَحِقُّ (الرُّجُوعَ فِي عَيْنِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (عِنْدَ الْفَسْخِ) لِلْبَيْعِ (إنْ كَانَ) بَاقِيًا (فِي يَدِهِ) فِيهِمَا يَعْنِي يَدَ الْبَائِعِ بِقَرِينَةٍ (وَلَوْ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ عَادَ) إلَيْهِ أَوْ عَيَّنَ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ. وَإِذَا اُعْتُبِرَتْ قِيَمُ الْمَبِيعِ فَإِمَّا أَنْ تَتَّحِدَ قِيمَتَاهُ سَلِيمًا وَقِيمَتَاهُ مَعِيبًا أَوْ يَتَّحِدَا سَلِيمًا وَيَخْتَلِفَا مَعِيبًا وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ يَتَّحِدَ مَعِيبًا وَيَخْتَلِفَا سَلِيمًا وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ يَخْتَلِفَا سَلِيمًا وَمَعِيبًا وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ سَلِيمًا أَقَلُّ وَمَعِيبًا أَكْثَرُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَذَلِكَ تِسْعَةُ أَقْسَامٍ لَا تَخْفَى أَمْثِلَتُهَا وَقَدْ ذَكَرْتهَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَإِذَا نَظَرْت إلَى قِيمَتِهِ فِيمَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَيْضًا زَادَتْ الْأَقْسَامُ (فَإِذَا تَلِفَ الثَّمَنُ) وَقَدْ فُسِخَ الْبَيْعُ (رُدَّ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتُهُ فِي الْمُتَقَوِّم لَكِنْ فِي) الثَّمَنِ (الْمُعَيَّنِ) وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ (يَرُدُّ قِيمَتَهُ أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ) وَقْتِ (الْعَقْدِ إلَى) وَقْتِ (الْقَبْضِ) لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ أَوْ وَقْتَ الْقَبْضِ أَقَلُّ فَالنَّقْصُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَقَلَّ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَقَوْلُهُ فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ لِأَنَّ التَّلَفَ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُعَيَّنٍ (وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الثَّمَنِ (كَالْقَرْضِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَخُرُوجُهُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَالتَّلَفِ (فَإِنْ تَعَيَّبَ بِنَقْصِ وَصْفٍ) كَالشَّلَلِ (أَوْ زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسَّمْنِ أَخَذَهُ لَهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ أَخْذُهُ (بِلَا أَرْشٍ) لَهُ فِي النَّقْصِ وَلَا عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ النَّقْصُ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ الْأَرْشُ وَخَرَجَ بِنَقْصِ الْجُزْءِ فَيَسْتَحِقُّ أَرْشَهُ (وَالْعَيْبُ إنْ لَمْ يُنْقِصْ الْمَبِيعَ كَالْخِصَاءِ لَا أَرْشَ لَهُ) لِعَدَمِ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ قَبْلَ انْدِمَالِ الْجُرْحِ وَيَجِبَ الْأَرْشُ كَنَظِيرِهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ حَيْثُ لَمْ تُوجِبْ أَرْشًا وَلَمْ تَنْقُصْ شَيْئًا بَعْدَ الِانْدِمَالِ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَرْعِيُّ هُنَا الْمَالِيَّةُ وَلَمْ يَفُتْ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَأَنَّا لَوْ لَمْ نَنْظُرْ إلَيْهِ لَأُهْدِرَتْ الْجِنَايَةُ أَصْلًا (وَلَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا) جَاهِلًا بِعَيْبِهِ (يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَأَعْتَقَهُ رَجَعَ بِأَرْشِهِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ فَبَذْلُ الثَّمَنِ إنَّمَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ مَا ظَنَّهُ مِنْ سَلَامَةِ الْمَبِيعِ فَإِذَا فَاتَ مِنْهُ جُزْءٌ صَارَ مَا قَصَدَ عِتْقَهُ مُقَابَلًا بِبَعْضِ الثَّمَنِ فَرَجَعَ فِي الْبَاقِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ حُصُولُ الْعِتْقِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فَلِلْوَكِيلِ رَدُّهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ   [حاشية الرملي الكبير] الْعَقْدِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يَنْسُبُ الْأَرْشَ إلَى الْقِيمَةِ لَا إلَى الثَّمَنِ صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى شِرَاءِ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْفَسَخَ وَصَارَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ كَالْمُسْتَامِ لَكِنْ جَزَمَ فِي الْعَكْسِ بِمَا يُخَالِفُهُ وَقَالَ فِي الذَّخَائِرِ أَنَّهُ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالدَّقَائِقِ) وَفِي الْكَافِي وَتُعْتَبَرُ أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّا نُرَاعِي مَا هُوَ الْأَضَرُّ بِالْبَائِعِ فِي الْحَالَيْنِ وَالْأَنْفَعُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ فَكَيْفَ يَضْمَنُهُ) يَعْنِي النَّقْصَ الْحَاصِلَ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الْأَسْعَارِ (مِنْهُ) (فَرْعٌ) هَلْ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِ الصَّيْدِ إذَا أَحْرَمَ لِأَنَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ إتْلَافٌ فِيهِ نَظَرٌ ج لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ قَبْلَ تَحَلُّلِ الْبَائِعِ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الرَّدِّ بِالتَّأْخِيرِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ فِي عَيْنِهِ عِنْدَ الْفَسْخِ) لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ بِالْعَيْبِ فَإِنْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ رَجَعَ بِتَمَامِ الثَّمَنِ أَوْ قَبْلَهُ فَهُوَ لَاحِقٌ بِالْعَقْدِ عَلَى الْمَذْهَبِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا بَقِيَ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ جَزَمَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِجَوَازِ الرَّدِّ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ الْمَبِيعِ وَقِيَاسُ مَنْ يَقُولُ يَرْجِعُ بِتَمَامِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِبْرَاءِ عَنْ بَعْضِهِ أَنْ يَقُولَ بِهِ هُنَا قَوِّ وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَقِيلَ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَقِيلَ يَرُدُّ وَيُطَالِبُ بِبَدَلِ الثَّمَنِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ آخِرَ الْبَابِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الصَّدَاقِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ بِشَيْءٍ وَفِي الْإِبْرَاءِ مِنْ بَعْضِهِ إلَّا بِالْبَاقِي وَقَوْلُهُ وَقِيلَ يَرُدُّ وَيُطَالِبُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ تَلِفَ الثَّمَنَ إلَخْ) لَوْ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا وَلَكِنْ امْتَنَعَ نَقْلُهُ مِنْ شَخْصٍ إلَى شَخْصٍ بِإِعْتَاقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ أَوْ انْتَقَلَ إلَى آخَرَ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَرَهْنٍ وَشُفْعَةٍ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ التَّالِفِ وَلَوْ زَالَ وَعَادَ فَكَالْبَاقِي عَلَى الْأَصَحِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 عَلَى الْمُوَكِّلِ قَبْلَ الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ لِلْوَكِيلِ شِرَاءُ السَّلِيمِ فَإِذَا اشْتَرَى مَعِيبًا لَمْ يُعْتَقْ قَبْلَ الرِّضَا بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاشَرَ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ (فَصْلٌ إذَا خَرَجَ الْمَعِيبُ عَنْ مِلْكِهِ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ فَلَا) رَدَّ فِي الْحَالِ لِتَعَذُّرِهِ وَلَا (أَرْشَ) لَهُ (فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ مَا أَيِسَ مِنْ الرَّدِّ) فَإِنَّهُ قَدْ يَعُودُ إلَيْهِ فَيَرُدُّهُ (فَإِنْ تَلِفَ أَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْعَوْدِ إلَيْهِ رَجَعَ الْأَرْشُ) عَلَى بَائِعِهِ لِلْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَرَجَعَ عَلَيْهِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا (وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ وَلَوْ بِهِبَةٍ رُدَّ) عَلَى بَائِعِهِ لِزَوَالِ التَّعَذُّرِ (وَلَوْ عَادَ) إلَيْهِ (بِشِرَاءٍ رَدَّهُ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ بَائِعِهِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَإِذَا رَدَّهُ عَلَى الثَّانِي فَلَهُ رَدُّهُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَرُدُّ هُوَ عَلَى الْأَوَّلِ (وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدُّهُ عَلَى) الْبَائِعِ (الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ مِنْهُ فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ الْبَائِعُ الثَّانِي) وَقَبِلَهُ (وَقَدْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ (خُيِّرَ) الْبَائِعُ (الْأَوَّلُ بَيْنَ اسْتِرْجَاعِهِ) مِنْهُ (وَ) بَيْنَ (تَسْلِيمِ الْأَرْشِ) لَهُ (وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ الثَّانِي وَطُولِبَ) أَيْ وَطَالَبَهُ مُشْتَرِيهِ (بِالْأَرْشِ رَجَعَ بِهِ بَائِعُهُ) لِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَهُ رُبَّمَا لَا يَقْبَلُهُ بَائِعُهُ فَيَتَضَرَّرُ (لَكِنْ) إنَّمَا يَرْجِعُ بِهِ (بَعْدَ التَّسْلِيمِ) أَيْ تَسْلِيمِهِ الْأَرْشَ لِمُشْتَرِيهِ كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُطَالِبُهُ فَيَبْقَى مُسْتَدْرِكًا لِلظَّلَّامَةِ وَهَذَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِيمَا إذَا خَرَجَ الْمَعِيبُ عَنْ مِلْكِهِ بِلَا عِوَضٍ اسْتِدْرَاكُ الظَّلَّامَةِ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ إنَّهَا الْيَأْسُ مِنْ الرَّدِّ كَمَا مَرَّ فَيَرْجِعُ سَلَّمَ الْأَرْشَ أَمْ لَا وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ الْعَوْدِ بِزَوَالِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ صَحَّحَ جَوَازَ الرُّجُوعِ ثُمَّ نَقَلَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ نَقَلَ الْأَوْجُهَ الضَّعِيفَةَ (بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي) أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ وَقَفَهُ (فَإِنَّ لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ الثَّانِي (الْمُطَالَبَةَ) لِبَائِعِهِ بِالْأَرْشِ (وَلَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْهُ الْمُشْتَرِي (الثَّانِي) لِلْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ بِمَا تَقَرَّرَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ (فَرْعٌ لَوْ بَاعَ زَيْدٌ عَمْرًا شَيْئًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَبَانَ بِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ) كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ (فَإِنْ كَانَ) الْمَبِيعُ (بَاقِيًا وَكَانَ زَيْدٌ جَاهِلًا) بِعَيْبِهِ (فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى عَمْرٍو وَإِنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِمِثْلِ مَا بَاعَهُ بِهِ) فَإِنْ قُلْت لَا فَائِدَةَ فِي رَدِّهِ عَلَيْهِ فِي الْأَخِيرَةِ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ قُلْنَا رُبَّمَا رَضِيَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّهُ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَائِعِ قَالَهُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ امْتِنَاعُ الرَّدِّ وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ مَحَلُّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُنَا بَعْدَهُ وَلَوْ سَلِمَ أَنَّهُ هُنَا قَبْلَهُ أَيْضًا فَلَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فَسْخًا وَيَكُونُ الرَّدُّ فَسْخًا لِلْفَسْخِ وَهَذَا كَمَا أَنَّ الشَّفِيعَ يَفْسَخُ فَسْخَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ وَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ رَدَّهُ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو (لِعَمْرٍو رَدُّهُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ جَاهِلًا) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَالِمًا أَمَّا إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ فَلَا رَدَّ وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ عَالِمًا فَلَا رَدَّ لَهُ بَلْ وَلَا لِعَمْرٍ وَلِزَوَالِ مِلْكَهُ وَلَا أَرْشَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ رَدِّهِ لِتَوَقُّعِ عَوْدِهِ (وَلِزَيْدٍ) إنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ (الْمُطَالَبَةُ بِالْأَرْشِ إنْ تَلِفَ) الْمَبِيعُ عِنْدَهُ (ثُمَّ لِعَمْرٍو مُطَالَبَتُهُ) بِهِ (أَيْضًا) وَبَعْدَ مُطَالَبَتِهِمَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ فِيمَا تَسَاوَيَا فِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِمُطَالَبَةِ عَمْرٍو مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِثُمَّ يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ وَلَيْسَ مُرَادًا بِخِلَافِهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا (فَرْعٌ) لَوْ (عَلِمَ) الْمُشْتَرِي (بِالْعَيْبِ وَقَدْ) تَعَذَّرَ رَدُّهُ لِتَعَلُّقِ حَقٍّ لَازِمٍ بِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ كَأَنْ (رَهَنَ الْمَبِيعَ) عِنْدَ غَيْرِ الْبَائِعِ وَأَقْبَضَهُ (أَوْ كَاتَبَهُ) كِتَابَةً صَحِيحَةً (أَوْ غُصِبَ) أَوْ أَبَقَ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الرَّدِّ نَعَمْ إنْ كَانَ الْعَيْبُ فِي الْآبِقِ غَيْرَ الْإِبَاقِ فَلَهُ الْأَرْشُ لِأَنَّهُ أَيِسَ مِنْ رَدِّهِ (وَكَذَا إنْ آجَرَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْبَائِعُ) مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ (فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ فِي الْحَالِ) لِمَا مَرَّ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ مَسْلُوبُهَا رَدَّ عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُ الْمُشْتَرِيَ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْمُدَّةِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِنَظَائِرِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالْفَلَسِ وَمِنْ رُجُوعِ الْأَصْلِ فِيمَا وَهَبَهُ مِنْ فَرْعِهِ وَمِنْ رُجُوعِ الزَّوْجِ فِي نِصْفِ الصَّدَاقِ وَقَدْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي التَّحَالُفِ مِنْ أَنَّ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بِأَنَّ الْفَسْخَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ قَبْلَ الرِّضَا بِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَكُونُ فِي مِلْكٍ قَدْ اسْتَقَرَّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاشَرَ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ) أَيْ فَإِنَّ مِلْكَهُ يَصِيرُ مُسْتَقِرًّا عَلَى مَا اشْتَرَاهُ وَإِنْ كَانَ مَعِيبًا فَعَتَقَ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِقْرَارَ وَأَيْضًا شِرَاءُ الْوَكِيلِ الْمَعِيبِ لَهُ شُبِّهَ بِشِرَاءِ الْفُضُولِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي شِرَاءِ الْمَعِيبِ فَلَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ قَبْلَ الرِّضَا لَأَلْزَمْنَاهُ مِلْكًا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ وَهُوَ مُحَالٌ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ الْفُضُولِيُّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَصَحَّحْنَاهُ لَمْ يُعْتَقْ قَبْلَ الْإِجَارَةِ [فَصْلٌ إذَا خَرَجَ الْمَعِيبُ عَنْ مِلْكِهِ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ إذَا خَرَجَ الْمَعِيبُ إلَخْ) أَيْ أَوْ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُطَالِبُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي التَّعْلِيلُ بِالْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ قَهْرًا فَإِنَّهَا الْعِلَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مُرَادُ الْأَكْثَرِينَ الْيَأْسُ مِنْ الرَّدِّ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْزَامِ وَأَنَّ تَوَقُّعَ زَوَالِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَهُمْ لِبُعْدِهِ (قَوْلُهُ نَقَلَ الْأَوْجُهَ الضَّعِيفَةَ) قَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ حُصُولِ الْيَأْسِ إذْ قَدْ يَرْضَى الْبَائِعُ الثَّانِي بِأَخْذِهِ مَعِيبًا بِالْحَادِثِ وَيَقْبَلُهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ كَذَلِكَ فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا) تَرْتِيبُ مُطَالَبَةِ عَمْرٍو بِاعْتِبَارِ التَّلَفِ لَا بِاعْتِبَارِ مُطَالَبَةِ زَيْدٍ فَهُوَ مُرَادٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْبَائِعِ) فَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا عِنْدَ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَلَهُ رَدُّهُ لِأَنَّهُ إذَا رَدَّهُ سَقَطَ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الرَّدِّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ قَدْ غَصَبَهُ فَأَبَقَ مِنْ يَدِهِ فَإِنْ كَانَ فَالْعَبْدُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَهُ الْأَرْشُ) أَيْ. إذَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِرَدِّهِ بِلَا أَرْشٍ عَنْ الْحَادِثِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَيِسَ مِنْ رَدِّهِ) أَيْ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ فِي التَّهْذِيبِ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي التَّحَالُفِ إلَخْ) فَرَّقَ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ لِلْبَائِعِ هُنَا وَلِلزَّوْجِ مَنْدُوحَةً عَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 فِيمَا ذُكِرَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِاخْتِيَارِ مَنْ تُرَدُّ الْعَيْنُ إلَيْهِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ التَّحَالُفِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ عَرَفَ الْعَيْبَ بَعْدَ تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ أَيْ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْأَخْذِ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَرْشُ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَالْيَأْسُ حَاصِلٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ رَدَّك الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهُ الرَّدُّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي (وَلَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَكَانَ الثَّمَنُ عَبْدًا رَجَعَ فِيهِ) الْمُشْتَرِي (وَلَوْ دَبَّرَهُ الْبَائِعُ) لِأَنَّ تَعَلُّقَ التَّدْبِيرِ بِهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَصْلٌ وَخِيَارُ النَّقْصِ عَلَى الْفَوْرِ) بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ حَالَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ فَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ بِلَا عُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى) حُكْمِ (الْقَاضِي) بِهِ (وَ) لَا (حُضُورِ الْخَصْمِ) وَهُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ كَمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ (فَلْيُبَادِرْ) مُرِيدُهُ إلَيْهِ عَلَى الْعَادَةِ (كَالشَّفِيعِ) فَلَا يُكَلَّفُ الْعَدْوَ فِي الْمَشْيِ وَالرَّكْضَ فِي الرُّكُوبِ لِيَرُدَّ وَلَوْ عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي أَوْ يَأْكُلُ أَوْ يَقْضِي حَاجَتَهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَفْرُغَ وَلَوْ عَلِمَهُ وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ هَذِهِ الْأُمُورِ فَاشْتَغَلَ بِهَا فَلَا بَأْسَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا (وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ (فِي الشُّفْعَةِ وَلَهُ الرَّدُّ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْخَصْمِ (وَلَوْ بِوَكِيلٍ) لَهُ (إلَى وَكِيلٍ) لِلْخَصْمِ (وَ) لَهُ (الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي) لِيَفْسَخَ ثُمَّ يَسْتَحْضِرَ الْخَصْمَ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ (وَهُوَ آكَدُ) فِي الرَّدِّ لِأَنَّ الْخَصْمَ رُبَّمَا أَحْوَجَهُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ إلَى الْمُرَافَعَةِ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ أَوَّلًا فَاصِلًا لِلْأَمْرِ جَزْمًا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا مَا فَهِمْته مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَحَاصِلُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ إذَا لَمْ يَلْقَ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِمَامِ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْعُدُولَ إلَى الْقَاضِي مَعَ وُجُودِ الْخَصْمِ تَقْصِيرٌ هَذَا إذَا كَانَ الْخَصْمُ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ (فَإِنْ كَانَ غَائِبًا) عَنْهَا وَلَا وَكِيلَ لَهُ حَاضِرٌ (وَأَثْبَتَ) الْمُشْتَرِي (الشِّرَاءَ) مِنْهُ (وَتَسْلِيمَ الثَّمَنِ) إلَيْهِ (وَالْعَيْبَ وَالْفَسْخَ) بِهِ (وَحَلَفَ) عَلَى ذَلِكَ (اسْتِظْهَارًا) لِكَوْنِهِ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ (قَضَى) لَهُ الثَّمَنَ (مِنْ مَالِهِ) غَيْرِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْضِ مِنْ الْمَبِيعِ لِلِاعْتِنَاءِ عَنْهُ مَعَ طَلَبِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى بَقَائِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ لَهُ حُجَّةً بِيَدَيْهَا إذَا حَضَرَ (وَعُدِّلَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ وَوُضِعَ (الْمَبِيعُ) عِنْدَ عَدْلٍ (إنْ كَانَ لَهُ) مَالٌ غَيْرُهُ فَهَذَا الشَّرْطُ مُتَعَلِّقٌ بِقَضَى وَعُدِّلَ وَفِي نُسْخَةٍ تَقْدِيمُهُ عَلَى عُدِّلَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ (بِيعَ الْمَعِيبُ) فِي الثَّمَنِ لِتَعَيُّنِهِ لِلْقَضَاءِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ حَبْسَ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْقَاضِي وَحَذَفَ مَا فِي الْأَصْلِ هُنَا عَنْ الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ ادَّعَاهُ فِي وَجْهٍ مُسَخَّرٍ يَنْصِبُهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الِاكْتِفَاءُ بِالْغَيْبَةِ عَنْ الْبَلَدِ وَإِنْ قَلَّتْ الْمَسَافَةُ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الْخُرُوجَ عَنْهَا مَشَقَّةً وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ الْمُرَادُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَهَلْ يَلْحَقُ بِهَا مَسَافَةَ الْعَدْوَى أَوْ لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِعْدَادِ وَقَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ. حَكَاهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّفْعَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْسَخَ عِنْدَهُ تَكْفِي فِيهِ الْغَيْبَةُ عَنْ الْبَلَدِ وَإِنْ قَلَّتْ أَمَّا الْقَضَاءُ بِهِ وَفَصْلُ الْأَمْرِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شُرُوطِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَلَا يُبَاعُ مَا لَهُ إلَّا لِتَعَزُّزٍ أَوْ تَوَارٍ وَقَدْ أَلْحَقَ فِي الذَّخَائِرِ الْحَاضِرَ بِالْبَلَدِ إذَا خِيفَ هَرَبُهُ بِالْغَائِبِ عَنْهَا (وَلَوْ   [حاشية الرملي الكبير] الْعَيْنِ فَلَمَّا رَجَعَا فِيهَا انْحَصَرَ حَقُّهُمَا فِيهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فِي التَّحَالُفِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْعَيْنِ فَكَانَ لَهُ بَدَلُ الْمَنَافِعِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْفَسْخَ فِيمَا ذُكِرَ لَا يَحْصُلُ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَرِدُ عَلَى مَسْأَلَتِنَا وَالْفَرْقُ أَنَّهُمَا لَمَّا تَحَالَفَا فَالْبَائِعُ بِزَعْمِهِ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِجَارَةَ فَإِنَّهُ ظَالِمٌ فِيهَا لِعَدَمِ وَفَائِهِ بِصِيغَةِ الْعَقْدِ الَّتِي وَقَعَ التَّحَالُفُ عَلَيْهَا وَمَا قَالَهُ هُنَاكَ مِنْ الرُّجُوعِ لَا يَأْتِي هُنَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا أَوْقَعَ الْإِجَارَةَ عَلَى خَالِصِ مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ رُجُوعٌ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ عَرَفَ الْعَيْبَ بَعْدَ تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ إلَخْ) تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ [فَصْلٌ خِيَارُ النَّقْصِ عَلَى الْفَوْرِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ وَالْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ) وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالرَّدِّ التَّصْوِيرُ بِالْمَقْبُوضِ لِأَنَّ الرَّدَّ يُعْتَمَدُ مَرْدُودًا بِهِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْفَسْخِ عَلَى الْفَوْرِ فَلَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى الْقَبْضِ رَقّ أَمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَوْصُوفًا فَالْخِيَارُ فِي رَدِّهِ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالرِّضَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ فَكَانَ فَوْرِيًّا كَالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي أَوْ يَأْكُلُ إلَخْ) أَوْ لَيْلًا فَحَتَّى يُصْبِحَ أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ تَقْيِيدَهُ بِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْحَاكِمِ وَلَا الشُّهُودِ وَلَا الْبَائِعِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْمَسِيرِ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ فَكَالنَّهَارِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَدُّهُ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَحْسَنُ إلَى ضَوْءِ النَّهَارِ وَبِهِ عَبَّرَ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَافِ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ) وَكُلٌّ مِنْ الْمَطَرِ الشَّدِيدِ وَالْوَحْلِ الشَّدِيدِ عُذْرٌ (قَوْلُهُ إلَى وَكِيلٍ لِلْخَصْمِ) أَوْ وَارِثِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ وَلَهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ الدَّعْوَى لِأَنَّ غَرِيمَهُ غَائِبٌ عَنْ الْمَجْلِسِ وَهُوَ فِي الْبَلَدِ وَإِنَّمَا يَفْسَخُ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ يَطْلُبُ غَرِيمَهُ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَخْلُو مِنْ الشُّهُودِ غَالِبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَاهِدٌ فَيُتَّجَهُ أَنَّ الْفَسْخَ بِحَضْرَتِهِ تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَقْضِي بِعَمَلِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ أَب (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ اطَّلَعَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَخَرَجَ إلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يَفْسَخْ بَطَلَ حَقُّهُ وَلَوْ اطَّلَعَ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ فَتَرَكَهُ وَرَفَعَ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَبْطُلْ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْخَصْمِ وَالْحَاكِمِ إذَا كَانَا بِالْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا تَعَيَّنَ الْحَاضِرُ اهـ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّفْعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ فِي طَرِيقِهِ إلَخْ) لَك أَنْ تَسْأَلَ عَنْ الْفَرْقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ) عَلَى الْفَسْخِ (فِي طَرِيقِهِ) إلَى الْقَاضِي أَوْ الْخَصْمِ بِالْبَلَدِ (أَوْ حَالَ عُذْرِهِ لَزِمَهُ) احْتِيَاطًا وَلِأَنَّ التَّرْكَ يُؤْذِنُ بِالْإِعْرَاضِ وَإِذَا أَشْهَدَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْهَاءُ إلَى أَحَدِهِمَا لِلْفَسْخِ لِنُفُوذِهِ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ النَّقِيبِ فَقَالَ وَإِذَا أَشْهَدَ عَلَى الْفَسْخِ فَيَنْبَغِي نُفُوذُهُ وَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَهُ إلَى إتْيَانِ الْحَاكِمِ وَلَا بَائِعٍ إلَّا لِلْمُطَالَبَةِ لَكِنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ حَتَّى يُنْهِيَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ يَقْتَضِي إنَّ وُجُوبَ الْإِتْيَانِ بِحَالِهِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ الْأَوَّلُ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي التَّتِمَّةِ انْتَهَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْإِنْهَاءُ إلَى أَحَدِهِمَا فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ لَزِمَهُ فَإِذَا أَشْهَدَ سَقَطَ وُجُوبُ الْإِنْهَاءِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ الْفَسْخُ بِتَأْخِيرِهِ رَدَّ الْمَبِيعِ وَلَا بِاسْتِخْدَامِهِ وَلَا يَكْفِي الْإِشْهَادُ هُنَا عَلَى طَلَبِ الْفَسْخِ بِخِلَافِهِ فِي الشُّفْعَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إنْشَاءُ الْفَسْخِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ وَفِي الشُّفْعَةِ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِأُمُورٍ مَقْصُودَةٍ فَلَيْسَ الْمَقْدُورُ فِي حَقِّهِ إلَّا الْإِشْهَادُ عَلَى الطَّلَبِ. وَإِذَا أَشْهَدَ قَالَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ يُشْهِدُ اثْنَيْنِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي يُلَوِّحُ بِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ احْتِيَاطٌ لِأَنَّ الْوَاحِدَ مَعَ الْيَمِينِ كَافٍ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الشُّفْعَةِ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي لِأَنَّ مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ لَا يَحْكُمُ بِهِ فَلَمْ يَصِرْ مُسْتَوْثِقًا لِنَفْسِهِ بِالْإِشْهَادِ قَالَ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُ مَا قَالَهُ بَلْ يَكْتَفِي بِهِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي أَدَاءِ الضَّامِنِ وَلَوْ أَشْهَدَ مَسْتُورَيْنِ فَبَانَا فَاسِقَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الضَّمَانِ (وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الشُّهُودِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ) إذْ يَبْعُدُ إيجَابُهُ مِنْ غَيْرِ سَامِعٍ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ثُبُوتُهُ فَيَتَضَرَّرُ بِالْمَبِيعِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ وَعَزَّاهُ الْمُتَوَلِّي لِلْقَفَّالِ وَحْدَهُ وَقَالَ إنَّ عَامَّةَ الْأَصْحَابِ عَلَى لُزُومِ ذَلِكَ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَإِذَا لَقِيَ الْبَائِعَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ اشْتَغَلَ بِمُحَادَثَتِهِ ضَرَّ (وَلَا) يَلْزَمُهُ (التَّمَلُّكُ) أَيْ التَّلَفُّظُ (فِي الشُّفْعَةِ) أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا وَذِكْرُهُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ تَكْرَارٌ (فَرْعٌ) فِي دَعْوَى الْجَهْلِ بِالرَّدِّ أَوْ بِالْفَوْرِ (إنَّمَا تُقْبَلُ) بِالْيَمِينِ (دَعْوَى جَهْلِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا) وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ (أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا) عَنْ الْعُلَمَاءِ لِعُذْرِهِ (وَتُقْبَلُ) بِالْيَمِينِ الدَّعْوَى (فِي جَهْلِ كَوْنِهِ) أَيْ الرَّدِّ (فَوْرًا مِنْ عَامِّيٍّ يَخْفَى مِثْلُهُ عَلَيْهِ) لِذَلِكَ (فَرْعٌ تَأْخِيرُ الرَّدِّ) بِالْعَيْبِ بِلَا عُذْرٍ (تَقْصِيرٌ وَكَذَا الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ) مُدَّةَ الْعُذْرِ أَوْ السَّيْرِ لِلرَّدِّ (وَإِنْ خَفَّ) الِانْتِفَاعُ (كَاسْتِدْعَاءِ الشُّرْبِ مِنْ الْعَبْدِ) أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ تَقْصِيرٌ (يَسْقُطُ بِهِ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بَحْثًا بِقَوْلِهِ (إنْ سَقَاهُ) لِإِشْعَارِهِ بِالرِّضَا وَلِأَنَّ فِيهِ تَأْخِيرًا وَهُوَ بِمُجَرَّدِهِ يَسْقُطُ الرَّدُّ فَكَيْفَ إذَا اجْتَمَعَا لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ السُّقُوطُ وَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ لِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ الْمُتَّجَهُ (فَإِنْ نَاوَلَهُ الْكُوزَ) لِيَشْرَبَ (بِلَا طَلَبٍ) فَتَنَاوَلَهُ مِنْهُ (لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّ وَضْعَهُ فِي يَدٍ كَوَضْعِهِ عَلَى الْأَرْضِ (لَكِنَّ رَدَّهُ إلَيْهِ) وَلَوْ قَبْلَ الشُّرْبِ (انْتِفَاعٌ) فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ بِالشُّرْبِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ خَدَمَهُ بِلَا طَلَبٍ مِنْهُ لَمْ يَضُرَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَمَحَلُّ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إذَا لَمْ نُوجِبْ التَّلَفُّظَ بِالْفَسْخِ (كَتَرْكِ إبْعَادِ) أَيْ نَزْعِ (سَرْجِ الدَّابَّةِ) أَوْ نَحْوِهِ عَنْهَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا بِنَزْعِهِ ضَرَرٌ فَإِنَّهُ انْتِفَاعٌ (وَإِنْ كَانَ) مِلْكًا (لِلْبَائِعِ) أَوْ ابْتَاعَهُ مَعَهَا كَمَا شَمِلَهُمَا كَلَامُهُمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَذَّرَ غَيْرُ الْفَقِيهِ فِي الْجَهْلِ بِهَذَا قَطْعًا وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) تَرْكِ (اللِّجَامِ وَالْعَذْرَاءِ) لِخِفَّتِهِمَا فَلَا   [حاشية الرملي الكبير] بَيْنَ مَا صَحَّحَاهُ هُنَا مِنْ لُزُومِ الْإِشْهَادِ وَبَيْنَ مَا صَحَّحَاهُ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا سَارَ طَالِبًا لَهُمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ كَمَا لَوْ أَرْسَلَ وَكِيلًا وَلَمْ يُشْهِدْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّدَّ رَفْعٌ لِمِلْكِ الرَّادِّ وَاسْتِمْرَارَهُ عَلَى الْمِلْكِ مُشْعِرٌ بِالرِّضَا فَاحْتَاجَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الْفَسْخِ لِيَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ وَالشَّفِيعُ لَا يَسْتَفِيدُ دُخُولَ الشِّقْصِ فِي مِلْكِهِ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ إظْهَارَ الطَّالِبِ وَالسَّيْرُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ السَّيْرِ أَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ (قَوْلُهُ وَإِذَا أَشْهَدَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْهَاءُ إلَى أَحَدِهِمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي الْإِشْهَادُ هُنَا عَلَى طَلَبِ الْفَسْخِ) لِأَنَّ اسْتِمْرَارَ مِلْكِ الْمَبِيعِ لَهُ مُشْعِرٌ بِرِضَاهُ بِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يَكْتَفِي بِهِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ إنَّ عَامَّةَ الْأَصْحَابِ عَلَى لُزُومِ ذَلِكَ إلَخْ) لَيْسَ التَّرْجِيحُ بِالْكَثْرَةِ بَلْ بِالدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ التَّلَفُّظِ بِالْفَسْخِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَيْسَ هَذَا أَمْرًا يُتَعَبَّدُ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُعَامَلَةٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ خِطَابُ الْغَيْرِ غ (قَوْلُهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ مِنَّا مَجْنُونًا فَأَفَاقَ رَشِيدًا فَاشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَادَّعَى الْجَهْلَ بِالْخِيَارِ أَنَّهُ يَصْدُق كَالنَّاشِئِ بِالْبَادِيَةِ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَرَضِيَ بِهِ أَوْ قَصَّرَ فِي الرَّدِّ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا آخَرَ فَلَهُ الرَّدُّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا وَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْآخَرِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهُمَا (قَوْلُهُ مِنْ عَامِّيٍّ يُخْفَ مِثْلُهُ عَلَيْهِ) وَمِمَّا يُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ بِالشِّقْصِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فَأَمْسَكَ عَنْ رَدِّهِ لِانْتِظَارِ الشَّفِيعِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَمَا لَوْ اشْتَرَى مَالًا زَكَوِيًّا وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ حَتَّى يُخْرِجَهَا وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ إلَّا بِالتَّأْخِيرِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهَا وَمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أُزِيلُ مَا بِهِ مِنْ عَيْبٍ وَأَمْكَنَ فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لَهَا كَنَقْلِ الْحِجَارَةِ الْمَدْفُونَةِ وَمَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالرَّدِّ بِعَيْبٍ وَأَخَذَ فِي تَثْبِيتِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ وَالْآبِقُ أَوْ الْمَغْصُوبُ إنَّمَا يَرُدُّهُ بَعْدَ عَوْدِهِ أَوْ رَهْنِهِ [فَرْعٌ تَأْخِيرُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِلَا عُذْرٍ] (قَوْلُهُ إنْ سَقَاهُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ لَمْ يَسْقِهِ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ آجَرَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْبَائِعُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ قَوْلُهُ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ السُّقُوطُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ الْمُتَّجَهُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ لِدَلَالَةِ الطَّلَبِ عَلَى الرِّضَا فس (قَوْلُهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ خَدَمَهُ بِلَا طَلَبٍ مِنْهُ لَمْ يَضُرَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِنَزْعِهِ ضَرَرٌ) فَلَوْ عَرَفَ وَخَشَى مِنْ النَّزْعِ التَّعَيُّبَ فَلَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَارْتَضَاهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ وَهُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَثَلًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ نَزْعُهُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْذَرَ غَيْرُ الْفَقِيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 يُعَدُّ تَرْكُهُمَا وَلَا تَعْلِيقُهُمَا انْتِفَاعًا وَلِأَنَّ الْقَوَدَ يَعْسُرُ بِدُونِهِمَا وَالْعَذَارُ مَا عَلَى خَدِّ الدَّابَّةِ مِنْ اللِّحَامِ أَوْ الْمِقْوَدِ وَلَا يَضُرُّ عَلَفُهَا وَسَقْيُهَا وَحَلْبُهَا فِي الطَّرِيقِ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ وَوَجْهُهُ فِي حَلْبِهَا أَنَّ اللَّبَنَ نَمَاءٌ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَحْلُبَهَا سَائِرَةً فَإِنْ حَلَبَهَا وَاقِفَةً بَطَلَ حَقُّهُ كَمَا حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضُرَّ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ حَالَ سَيْرِهَا أَوْ حَالَ عَلَفِهَا أَوْ سَقْيِهَا أَوْ رَعْيِهَا (وَكَالرُّكُوبِ) لَهَا (وَلَوْ لِلرَّدِّ وَالسَّقْيِ) فَإِنَّهُ انْتِفَاعٌ كَمَا لَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ لِلرَّدِّ (لَا) رُكُوبِهَا (لِجُمُوحِهَا) بِضَمِّ الْجِيمِ بِأَنْ يَعْسُرَ سَوْقُهَا وَقَوْدُهَا (وَالْإِنْعَالُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ وَكَإِنْعَالِهَا فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الرَّدَّ وَالْأَرْشَ (إلَّا أَنْ عَجَزَتْ عَنْ الْمَشْيِ) لِلْعُذْرِ (فَإِنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ بِعَيْبِ الدَّابَّةِ أَوْ الثَّوْبِ (فِي الطَّرِيقِ رَاكِبًا) لَهَا (نَزَلَ) عَنْهَا لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الرُّكُوبِ رُكُوبٌ (أَوْ لَابِسًا) لَهُ (لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ فِيهَا) أَيْ فِي الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَادُ نَزْعُهُ فِيهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُهُ فِي ذَوِيِ الْهَيْئَاتِ لِأَنَّ غَالِبَ الْمُحْتَرِفَةِ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَأْتِي نَحْوُهُ فِي النُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ انْتَهَى (فَرْعٌ لَوْ صَالَحَهُ) الْبَائِعُ (بِالْأَرْشِ) أَيْ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ (أَوْ غَيْرِهِ عَنْ الرَّدِّ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ خِيَارُ فَسْخٍ فَأَشْبَهَ خِيَارَ التَّرَوِّي فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ (وَلَمْ يَسْقُطْ الرَّدُّ) لِأَنَّهُ إنَّمَا أَسْقَطَهُ بِعِوَضٍ وَلَمْ يُسَلِّمْ (إلَّا أَنْ عَلِمَ الْبُطْلَانَ) أَيْ بُطْلَانَ الْمُصَالَحَةِ فَيَسْقُطُ الرَّدُّ لِتَقْصِيرِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْسِكَ الْمَبِيعَ وَيُطَالِبَ بِالْأَرْشِ وَلَا لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الرَّدِّ وَيَدْفَعَ الْأَرْشَ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَأَجَازَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ قَبْلَ عَوْدِهِ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي [فَصْلٌ حَدَثَ بِالْمَبِيعِ مَعَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ آخَرُ بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَعَلِمَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا] (فَصْلٌ وَإِنْ حَدَثَ) بِالْمَبِيعِ (مَعَ الْمُشْتَرِي) أَيْ عِنْدَهُ (عَيْبٌ آخَرُ) بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَعَلِمَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا (لَمْ يَمْلِكْ الرَّدَّ قَهْرًا) لِإِضْرَارِهِ بِالْبَائِعِ وَلَا يُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي الرِّضَا بِهِ (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِأَرْشِ) الْعَيْبِ (الْحَادِثِ) أَوْ عَلَى الْإِجَازَةِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّ أَخْذَ أَرْشِ الْقَدِيمِ بِالتَّرَاضِي مُمْتَنِعٌ قُلْنَا عِنْدَ إمْكَانِ الرَّدِّ يُتَخَيَّلُ أَنَّ الْأَرْشَ فِي مُقَابَلَةِ سَلْطَنَةِ الرَّدِّ وَهِيَ لَا تُقَابَلُ بِخِلَافِهِ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِهِ فَإِنَّ الْمُقَابَلَةَ تَكُونُ عَمَّا فَاتَ مِنْ وَصْفِ السَّلَامَةِ فِي الْمَبِيعِ (وَلَوْ) لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ (طَلَبَهُ) أَيْ الْفَسْخَ مَعَ الرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ (أَحَدُهُمَا وَطَلَبَ الْآخَرُ الْإِجَازَةَ وَالرُّجُوعَ بِأَرْشِ) الْعَيْبِ (الْقَدِيمِ أُجِيبَ طَالِبُهَا) أَيْ الْإِجَازَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَائِعَ أَمْ الْمُشْتَرِيَ لِتَقْرِيرِهِ الْعَقْدَ وَلِأَنَّ الرُّجُوعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ الثَّمَنُ بِكَمَالِهِ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ السَّلِيمِ وَضَمَّ أَرْشُ الْحَادِثِ إدْخَالَ شَيْءٍ جَدِيدٍ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِالرَّدِّ ضَمَّ أَرْشَ الْحَادِثِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنِدٌ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْفَسْخُ ثَمَّ بِالتَّرَاضِي احْتَمَلَ فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ التَّابِعَةَ وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا أَرْشَ الْحَادِثِ لَا نَنْسُبُهُ إلَى الثَّمَنِ بَلْ يَرُدُّ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقِيمَتِهِ مَعِيبًا وَبِالْعَيْبِ الْحَادِثِ بِخِلَافِ أَرْشِ الْقَدِيمِ كَمَا مَرَّ (هَذَا إنْ بَادَرَ) الْمُشْتَرِي (بِإِعْلَامِ الْبَائِعِ بِالْحَادِثِ) مَعَ الْقَدِيمِ لِيَأْخُذَ الْمَبِيعَ بِلَا أَرْشٍ أَوْ يَتْرُكَهُ بِإِعْطَاءِ أَرْشٍ (فَإِنْ أَخَّرَ) إعْلَامَهُ بِذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ (بَطَلَ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ) عَنْ الْقَدِيمِ لِإِشْعَارِ التَّأْخِيرِ بِالرِّضَا بِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَادِثُ سَرِيعَ الزَّوَالِ) غَالِبًا (كَالْحُمَّى وَالرَّمَدِ) وَالصُّدَاعِ وَوَجَعِ الْبَطْنِ (فَإِنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ) لِلرَّدِّ (فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِيَرُدَّ سَلِيمًا) عَنْ الْحَادِثِ بِلَا أَرْشٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَالثَّانِي لَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى طَلَبِ الْأَرْشِ (فَرْعٌ لَوْ زَالَ) الْعَيْبُ (الْحَادِثُ بَعْدَ أَخْذِ أَرْشٍ) أَيْ أَخْذِ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ (الْقَدِيمِ أَوْ بَعْدَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْعَذَارُ مَا عَلَى خَدِّ الدَّابَّةِ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضُرَّ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ حَالَ عَلَفِهَا أَوْ سَقْيِهَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ لَهُ عَلَفَهَا وَسَقْيَهَا وَرَعْيَهَا وَإِنْ أَمْكَنَ فَعَلَهُ وَهِيَ سَائِرَةٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَلْبِهَا بِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِمَحْضِ مَصْلَحَةِ الْمَبِيعِ بِخِلَافِ الْحَلْبِ فَإِنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُشْتَرِي كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَعْسُرَ سَوْقُهَا وَقَوْدُهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ خَافَ عَلَيْهَا مِنْ إغَارَةٍ أَوْ نَهْبٍ فَرَكِبَهَا لِلْهَرَبِ بِهَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ رَدِّهَا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ عَجَزَتْ عَنْ الْمَشْيِ) أَوْ كَانَ تَرْكُهُ يَعِيبَهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الرُّكُوبِ رُكُوبٌ) قَالَ النَّاشِرِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوِيِ الْهَيْئَاتِ فَلَا يَبْطُلُ رَدُّهُ بِالِاسْتِدَامَةِ إذَا كَانَ يُزْرِي بِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَادُ نَزْعُهُ فِيهَا) لِأَنَّهُ قَدْ يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ أَوْ يُخِلَّ بِهَيْئَتِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُهُ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِي الْأَمْرَيْنِ أَمَّا فِي الثَّوْبِ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي ثَوْبًا وَيَلْبَسُهُ وَحْدَهُ وَيَخْرُجُ إلَى السُّوقِ فَيَطَّلِعُ عَلَى الْعَيْبِ فَلَوْ أَمَرْنَاهُ بِنَزْعِهِ صَارَ عُرْيَانًا وَغَالِبُ الْمُحْتَرِفَةِ لَا يَلْبَسُ إلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا وَأَمَّا النُّزُولُ عَنْ الدَّابَّةِ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُزْرِي بِحَالِ ذَوِيِ الْهَيْئَاتِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَسْجِدٍ وَمَدْرَسَةٍ وَنَحْوِهِمْ وَلَا دَنَاءَةَ فِي ذَلِكَ فَحَيْثُ أَمْكَنَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إزْرَاءٍ بِهِ وَاسْتَمَرَّ رَاكِبًا سَقَطَ الرَّدُّ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِيهِمَا وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْمُشْتَرِي مَشَقَّةٌ بِالنُّزُولِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي هَذَا الْبَابِ [فَرْعٌ صَالَحَهُ الْبَائِعُ بِالْأَرْشِ أَيْ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ الرَّدِّ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ أَوْ جِنَايَةٌ وَلَوْ مِنْ الْبَائِعِ) لَا بِسَبَبٍ وُجِدَ عِنْدَ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْإِجَازَةِ إلَخْ) مَحَلُّ التَّخْيِيرِ فَمَنْ تَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ فَأَمَّا مَنْ بَاعَ عَنْ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ نِيَابَةٍ فَيَفْعَلُ الْأَحَظَّ لَهُ إلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَّرَ بَطَلَ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ) لَمْ يُفَرِّقُوا هُنَا بَيْنَ مُدَّعِي الْجَهْلَ بِفَوْرِيَّةِ الْإِعْلَامِ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ وَغَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصْدُقَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الظَّاهِرُ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِفَوْرِيَّةِ الرَّدِّ هُنَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْفُقَهَاءُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يَخْفَى مِثْلُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَادِثُ سَرِيعَ الزَّوَالِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَلْحَقَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِذَلِكَ الْأَمَةَ الْحَامِلَ فَجَوَّزَ لَهُ إمْسَاكَهَا إلَى الْوَضْعِ ثُمَّ يَرُدُّهَا إنْ لَمْ تُنْقِصْهُ الْوِلَادَةُ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ [فَرْعٌ زَالَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ بَعْدَ أَخْذِ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ مَا ثَبَتَ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ إلَخْ) كَأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا صَغِيرًا فَوَجَدَهُ غَيْرَ مَخْتُونٍ فَلَوْ تَرَكَهُ حَتَّى كَبَرَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 قَضَاءِ الْحَاكِمِ) لَهُ (بِهِ) وَلَمْ يَأْخُذْهُ (لَمْ يَفْسَخْ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَرَدُّ الْأَرْشِ لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ (فَإِنْ زَالَ قَبْلَ أَخْذِهِ أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي) بِهِ (لِلْمُشْتَرِي) أَوْ قَبْلَهُمَا مَعًا (فُسِخَ وَلَوْ بَعْدَ التَّرَاضِي عَلَى) أَخْذِ (الْأَرْشِ وَإِنْ زَالَ) الْعَيْبُ (الْقَدِيمُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ وَبَعْدَهُ وَجَبَ رَدُّهُ) لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي لِأَخْذِهِ (فَرْعٌ مَا ثَبَتَ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ يَمْنَعُ الرَّدَّ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَمَا لَا) يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ عَلَيْهِ (فَلَا) يَمْنَعُ الرَّدَّ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (إلَّا فِي الْأَقَلِّ) فَيَمْنَعُ الرَّدَّ وَإِنْ كَانَ لَا يُثْبِتُهُ كَالثُّيُوبَةِ فِي أَوَانِهَا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ بِهَا مَعَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا فَوَطِئَهَا امْتَنَعَ الرَّدُّ وَكَوُجُودِ الْعَبْدِ غَيْرِ قَارِئٍ أَوْ عَارِفٍ لِصَنْعَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ بِهِ مَعَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ قَارِئًا أَوْ عَارِفًا لِصَنْعَةٍ فَنَسِيَ الْقُرْآنَ أَوْ الصَّنْعَةَ امْتَنَعَ الرَّدُّ وَهَذِهِ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ صُوَرٍ يَتَّضِحُ بِهَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الشِّقَّيْنِ فَقَالَ (فَوَطْءُ الْمُشْتَرِي الثَّيِّبَ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ) الْقَدِيمِ (وَإِنْ حَرَّمَهَا) بِوَطْئِهِ (عَلَى الْبَائِعِ لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي ابْنَهُ) أَوْ أَبَاهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَمْ تَنْقُصْ بِذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ الْمَقْصُودُ بَلْ الْمَقْصُودُ التَّحْرِيمُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَتَحْرِيمُ الْأَمَةِ الثَّيِّبِ بِوَطْئِهَا عَلَى الْبَائِعِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ كَمَا لَا يُثْبِتُهُ (وَكَذَا) لَا يَمْنَعُهُ (إرْضَاعٌ يُحَرِّمُ الصَّغِيرَةَ عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ كَأَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّهِ أَوْ ابْنَتِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ (بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ) أَيْ تَزْوِيجِ الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ لِنَقْصِهِ الْقِيمَةَ. (فَإِنْ عَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا بِالرَّدِّ فَرَدَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ جَازَ الرَّدُّ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِهِ وَلَمْ تَخْلُفْهُ عِدَّةٌ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَالرُّويَانِيُّ نَقَلَهُ عَنْ وَالِدِهِ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ مَنْعُ الرَّدِّ لِمُقَارَنَةِ الْعَيْبِ لَهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِي ذِهْنِي مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يُعَضِّدُهُ وَأَلْحَقَ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ تَزْوِيجَهَا مِنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بِالرَّدِّ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ قَالَ وَلَمْ أَرَهُ مَسْطُورًا قُلْت قَدْ رَأَيْته مَسْطُورًا فِي التَّتِمَّةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِيهِ الرَّدُّ لِمُقَارَنَةِ الْعَيْبِ لَهُ وَنَقَلَهُ عَنْهَا السُّبْكِيُّ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُرَتَّبُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ مَعَ الْمَعْلُولِ فَيَرُدُّ أَوْ قَبْلَهُ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مَنْعُ الرَّدِّ لِمَا مَرَّ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ يَمُوتُ عَقِبَ الرَّدِّ فَيَلْزَمُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ أَيْ لِمُصَادَفَتِهِ الْبَيْنُونَةَ فَيُؤَدِّي الرَّدُّ إلَى إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِهِ وَالثَّانِي يَرُدُّ لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِالرَّدِّ وَلِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لَا تُعَدُّ عَيْبًا وَالْأَقْوَى الْمَنْعُ لِمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ انْتَهَى وَمِثْلُهَا مَسْأَلَةُ الْمُتَوَلِّي إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ) عَلَى نَفْسِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ) بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ (وَكَذَا) إقْرَارُهُ بِدَيْنِ (إتْلَافٍ) لَا يَمْنَعُهُ (إلَّا أَنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي) فِيهِ فَيَمْنَعُهُ (وَعَفْوُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) عِنْدَ التَّصْدِيقِ (كَزَوَالِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ) فَيَمْنَعُ الرَّدَّ بَعْدَ أَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ أَوْ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِهِ وَيَجُوزُ قَبْلَهُمَا وَلَوْ بِالتَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ الْأَرْشِ (فَرْعٌ) لَوْ (حَدَثَ) بِالْمَبِيعِ (عَيْبٌ مِثْلَ الْقَدِيمِ) كَبَيَاضٍ قَدِيمٍ وَحَادِثٍ فِي عَيْنِهِ (ثُمَّ زَالَ أَحَدُهُمَا وَأَشْكَلَ) الْحَالُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعَاقِدَانِ فَقَالَ الْبَائِعُ الزَّائِلَ الْقَدِيمَ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الْحَادِثُ فَلِيَ الرَّدُّ (حَلَفَ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ (وَسَقَطَ الرَّدُّ) بِحَلِفِ الْبَائِعِ (وَوَجَبَ لِلْمُشْتَرِي) بِحَلِفِهِ (الْأَرْشُ) وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَدَّعِي الرَّدَّ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ (وَإِنَّ) الْأَوْلَى فَإِنْ (اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَجَبَ الْأَقَلُّ) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (وَمَنْ نَكَلَ) مِنْهُمَا عَنْ الْيَمِينِ (قَضَى عَلَيْهِ) كَمَا فِي نَظَائِرِهِ (فَرْعٌ لَوْ اشْتَرَى) رِبَوِيًّا بِجِنْسِهِ كَأَنْ اشْتَرَى (حُلِيَّ ذَهَبٍ) أَوْ فِضَّةٍ (بِوَزْنِهِ ذَهَبًا) أَوْ فِضَّةً (فَبَانَ مَعِيبًا وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ فُسِخَ) هُوَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ أَوْ هُوَ أَوْ الْبَائِعُ أَوْ الْحَاكِمُ كَمَا فِي الْفَسْخِ فِي التَّحَالُفِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ أَوْ الْحَاكِمِ عَلَى مَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَصَاحِبِ الْعُدَّةِ وَغَيْرِهِمَا لَكِنْ اسْتَبْعَدَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ هَذَا رَدُّ عَيْبٍ لَا دَخْلَ لِلْحَاكِمِ فِيهِ وَمَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ رَدٌّ بِعَيْبٍ وَلَا تَحَالُفَ فِيهِ حَتَّى يَفْسَخَ الْبَائِعُ أَوْ الْحَاكِمُ (وَرَدَّهُ) أَيْ الْحُلِيَّ (بِأَرْشِ الْحَادِثِ) وَلَا رِبَا لِأَنَّ الْحُلِيَّ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ وَهُمَا مُتَمَاثِلَانِ وَالْعَيْبُ الْحَادِثُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ كَعَيْبِ الْمَأْخُوذِ عَلَى جِهَةِ السَّوْمِ (وَلَوْ) كَانَ الْأَرْشُ (مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ الْحُلِيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ رَدُّهُ بِالْأَرْشِ إذْ لَوْ امْتَنَعَ الْجِنْسُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إلَّا فِي الْأَقَلِّ) فِي الشِّقِّ الثَّانِي مِنْهُ وَكَتَبَ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا فَتَمَجَّسَ عِنْدَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ فَلَا رَدَّ لَهُ فَعَيْبُ التَّمَجُّسِ لَا يُرَدُّ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَيُمْنَعُ الرَّدُّ وَيَتَلَخَّصُ مِنْ هَذَا الْعَيْبِ الْمَانِعُ مِنْ الرَّدِّ هُوَ الْمُنْقِصُ لِلْقِيمَةِ عَنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ الْعَيْنِ وَأَنَّ الْعَيْبَ الْمُوجِبَ لِلْأَرْشِ هُوَ الْمُنْقِصُ لِلْقِيمَةِ عَنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَلَا نَظَرَ إلَى الْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَصَاهُ لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ فَصَارَتْ الْعُيُوبُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ الْقَدِيمَ وَالْحَادِثَ الْمُوجِبَ لِلْأَرْشِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ وَعَلَى هَذَا لَا يُسْتَثْنَى شَيْءٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ مَنْعُ الرَّدِّ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالتَّوَقُّفُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلِامْتِنَاعِ تَضَرُّرُ الْبَائِعِ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَيَصْلُحُ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا قَالَ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يَتَرَتَّبُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ إلَخْ) وَالْمَعْلُولَ قَالَ الْأَكْثَرُ يُقَارِنُ عِلَّتَهُ زَمَانًا وَالْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ يَتَعَقَّبُهُ مُطْلَقًا وَثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ وَضْعِيَّةً لَا عَقْلِيَّةً أَمَّا التَّرَتُّبُ رُتْبَةً فَوِفَاقٌ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبَائِنَ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ [فَرْعٌ حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ مِثْلَ الْقَدِيمِ ثُمَّ زَالَ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعَاقِدَانِ] (قَوْلُهُ حَلَفَا وَسَقَطَ الرَّدُّ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ نَكَلَا [فَرْعٌ اشْتَرَى رِبَوِيًّا بِجِنْسِهِ فَبَانَ مَعِيبًا وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ] (قَوْلُهُ هُوَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ) كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ) وَصَاحِبِ الْعُدَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْفَسْخَ فِي التَّحَالُفِ مُخْتَصٌّ بِالْحَاكِمِ وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَإِنْ عُزِّيَ إلَى تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ (3 قَوْلُهُ لَكِنْ اسْتَبْعَدَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) لَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ الْبَائِعُ فَقَطْ ثُمَّ عَلِمَ الْمُشْتَرِي عَيْبَهَا اسْتَرَدَّ بَعْضَ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَلَا يَرُدَّهَا وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ فَإِنْ تَخَلَّلَتْ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي فَقَطْ رَدَّهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 لَامْتَنَعَ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ الْحَادِثُ يُنْقِصُ الْوَزْنَ غَرِمَ زِنَتَهُ وَرَدَّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُنْقِصْ مَعَ ذَلِكَ الْقِيمَةَ (وَلَا يُمْسِكُ) الْحُلِيَّ (وَيَأْخُذُ الْأَرْشَ) عَنْ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ إذْ لَوْ أَخَذَهُ لَنَقَصَ الثَّمَنُ فَيَصِيرُ الْبَاقِي مِنْهُ مُقَابَلًا بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَذَلِكَ رِبَا (وَلَوْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ بِالْعَيْبِ (الْمُشْتَرِي بَعْدَ تَلَفِ الْحُلِيِّ فَسَخَ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ لِأَنَّهُ هُنَا لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ الْأَرْشِ عَنْ الْقَدِيمِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ فَفَسَحَ (وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ) مِنْ الْبَائِعِ (وَغَرِمَ) لَهُ (الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَةَ الْحُلِيِّ وَلَا يُمْسِكُهَا وَيَأْخُذُ الْأَرْشَ لَلرِّبَا كَمَا مَرَّ فِي الْحُلِيِّ آنِفًا فَلَوْ أَخَّرَ عَنْهُ قَوْلَهُ وَلَا يُمْسِكُ وَيَأْخُذُ الْأَرْشَ لَشَمِلَهُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَ الْعَيْبُ بِغَيْرِ غِشٍّ وَإِلَّا فَقَدْ بَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى رِبَا الْفَضْلِ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى تَعْبِيرِ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِالْقِيمَةِ بِأَنَّ الْحُلِيَّ مِثْلِيٌّ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْعَيْبَ قَدْ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مِثْلِيًّا عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الشَّامِلِ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ يَغْرَمُ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ وَهُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ إيضَاحُ ذَلِكَ (فَرْعٌ وَإِنْ بَانَ الْعَيْبُ وَقَدْ أَنْعَلَ الدَّابَّةَ وَالنَّزْعُ) لِلنَّعْلِ (يَعِيبُهَا فَنَزَعَ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ وَالْأَرْشِ) لِقَطْعِهِ الْخِيَارَ بِتَعْيِيبِهِ بِالِاخْتِبَارِ (وَإِنْ سَلَّمَهَا بِنَعْلِهَا أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى قَبُولِ النَّعْلِ) إذْ لَا مِنَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي طَلَبُ قِيمَتِهَا فَإِنَّهَا حَقِيرَةٌ فِي مَعْرِضِ رَدِّ الدَّابَّةِ (فَلَوْ سَقَطَتْ اسْتَرَدَّهَا) الْمُشْتَرِي لِأَنَّ تَرْكَهَا إعْرَاضٌ لَا تَمْلِيكٌ (وَإِنْ لَمْ يَعِبْهَا نَزْعُهَا لَمْ يُجْبَرْ) أَيْ الْبَائِعُ (عَلَى قَبُولِهَا) بِخِلَافِ الصُّوفِ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ زِيَادَتَهُ تُشْبِهُ زِيَادَةَ السَّمْنِ بِخِلَافِ النَّعْلِ فَيَنْزِعُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَزْعِهَا هُنَا وَالْإِنْعَالُ فِي مُدَّةِ طَلَبِ الْخَصْمِ أَوْ الْحَاكِمِ إنَّ ذَاكَ اشْتِغَالٌ يُشْبِهُ الْحَمْلَ عَلَى الدَّابَّةِ وَهَذَا تَفْرِيغٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي إنَّ اشْتِغَالَهُ بِجَزِّ الصُّوفِ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ بَلْ يَرُدُّ ثُمَّ يَجُزُّ (فَرْعٌ وَإِنْ صَبَغَ) الْمُشْتَرِي (الثَّوْبَ أَوْ قَصَّرَهُ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ) ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ (فَإِنْ سَمَحَ) لِلْبَائِعِ (بِالصَّبْغِ) مَثَلًا (صَارَ مِلْكًا لِلْبَائِعِ) لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِلثَّوْبِ وَلَا تُزَايِلُهُ (بِخِلَافِ النَّعْلِ) فَلَا يَمْلِكُهَا الْبَائِعُ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ رَدَّ) الْمُشْتَرِي (الثَّوْبَ وَطَلَبَ قِيمَةَ الصَّبْغِ أَوْ) رَدَّهُ (لِيَبْقَ شَرِيكًا) لِلْبَائِعِ (بِالصَّبْغِ) وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ (لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ وَ) لَكِنْ (لَهُ الْأَرْشُ) عَنْ الْعَيْبِ فَالْمُجَابُ فِيهِمَا الْبَائِعُ وَاسْتَشْكَلَ حُكْمَ الثَّانِيَةِ بِنَظِيرِهَا مِنْ الْفَلَسِ وَالْغَصْبِ حَيْثُ جَعَلُوا الْمُفْلِسَ وَالْغَاصِبَ شَرِيكَيْنِ لِلْمَرْدُودِ عَلَيْهِ بِالصَّبْغِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْفَلِسَ وَالْغَاصِبَ مَقْهُورَانِ عَلَى الرَّدِّ فَلَا وَجْهَ لِتَضْيِيعِ حَقِّهِمَا بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي هُنَا فَإِنَّهُ الْمُخْتَارُ لِلرَّدِّ فَلَا يَسْتَفِيدُ بِاخْتِيَارِهِ الشَّرِكَةَ (وَلَوْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ وَقَالَ الْبَائِعُ رُدَّ الثَّوْبَ لَا غَرِمَ لَك قِيمَةَ الصَّبْغِ أُجِيبَ الْبَائِعُ وَسَقَطَ أَرْشُ الْمُشْتَرِي) عَنْ الْعَيْبِ كَعَكْسِهِ السَّابِقِ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا طَلَبَ التَّقْرِيرَ وَأَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَطَلَبَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ وَأَرْشَ الْحَادِثِ يُجَابُ الْمُشْتَرِي وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا وَإِنَّمَا نَظِيرُهُمَا أَنْ لَا يَغْرَمَ الْمُشْتَرِي شَيْئًا بِأَنْ يَطْلُبَ الْبَائِعُ الرَّدَّ بِدُونِ أَرْشِ الْحَادِثِ وَهَذِهِ لَا يُجَابُ فِيهَا الْمُشْتَرِي بَلْ الْبَائِعُ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ فَصْلُ الصَّبْغِ بِغَيْرِ نَقْصٍ فِي الثَّوْبِ فَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَصَلَهُ وَرَدَّ الثَّوْبَ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمَعْنَى يَرُدُّ ثُمَّ يَفْصِلُهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الصُّوفِ (فَرْعٌ وَمَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ كَالرُّمَّانِ) وَالْبِطِّيخِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ (إذَا كَسَرَهُ) الْمُشْتَرِي (كَسْرًا لَا يُعْرَفُ عَيْبُهُ) الْقَدِيمُ (بِدُونِهِ فَلَهُ رَدُّهُ) وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ مَا حَدَثَ لِعُذْرِهِ فِي تَعَاطِيهِ لِاسْتِكْشَافِ الْعَيْبِ كَمَا فِي الْمُصْرَاةِ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ لِذَلِكَ وَكَأَنَّ الْبَائِعَ بِالْبَيْعِ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَسَرَهُ كَسْرًا يُعْرَفُ الْعَيْبُ بِدُونِهِ (فَهُوَ عَيْبٌ حَادِثٌ) يَمْنَعُ الرَّدَّ لِانْتِفَاءِ عُذْرِهِ (وَمَا خَرَجَ) مِنْ الْمَبِيعِ (فَاسِدًا لَا قِيمَةَ لَهُ كَبَيْضِ غَيْرِ النَّعَامِ الْمَذَرِ) وَالْبِطِّيخِ الشَّدِيدِ التَّغَيُّرِ (بِأَنَّ فَسَادَ الْبَيْعِ) فِيهِ لِوُرُودِهِ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ (فَيَخْتَصُّ الْبَائِعُ بِالْقُشُورِ) كَمَا يَخْتَصُّ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَلْزَمُهُ تَنْظِيفُ الْمَكَانِ مِنْهَا لِاخْتِصَاصِهَا بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَيَلْزَمُ بِنَقْلِهَا قَطْعًا (وَتُعْرَفُ حُمُوضَةُ الْبِطِّيخِ بِالْغَرْزِ) لِشَيْءٍ فِيهِ فَتَقْوِيرُهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَكَذَا التَّقْوِيرُ الْكَبِيرُ إذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهَا بِالصَّغِيرِ (وَلَا يُعْرَفُ تَدْوِيدُهُ إلَّا بِالتَّقْوِيرِ وَقَدْ يَحْتَاجُ) فِي مَعْرِفَتِهِ (الشِّقَّ) أَيْ إلَيْهِ (وَلَا بُدَّ) فِي مَعْرِفَةِ عَيْبِ الْجَوْزِ (مِنْ كَسْرِ الْجَوْزِ) وَمِثْلُهُ اللَّوْزُ وَنَحْوُهُ (وَقَدْ تَكْفِي اللَّقْلَقَةُ) وَفِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ يَغْرَمُ الْمِثْلَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ بَانَ الْعَيْبُ وَقَدْ أَنْعَلَ الدَّابَّةَ وَالنَّزْعُ لِلنَّعْلِ يَعِيبُهَا فَنَزَعَ] (وَقَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي إنَّ اشْتِغَالَهُ بِجَزِّ الصُّوفِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ نَزْعِ النَّعْلِ وَجَزِّ الصُّوفِ وَاضِحٌ [فَرْعٌ صَبَغَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ أَوْ قَصَّرَهُ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ] (قَوْلُهُ وَلَوْ رَدَّ الثَّوْب وَطَلَبَ قِيمَةَ الصَّبْغِ إلَخْ) لَوْ كَانَ غَزْلًا فَنَسَجَهُ ثُمَّ رَأَى بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَلَهُ الْأَرْشُ فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِهِ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّهِ مَنْسُوجًا وَلَا أَجْرَ لَهُ وَبَيْنَ إمْسَاكِهِ مَعِيبًا لِأَنَّ النَّسْجَ أَثَرٌ لَا عَيْنٌ وَالثَّانِي وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ بَذْلِ أُجْرَةِ النَّسْجِ وَأَخْذِهِ وَغَرَامَةِ الْأَرْشِ لِأَنَّ النَّسْجَ عَمَلٌ مُقَابَلٌ بِعِوَضٍ. اهـ. وَأَظْهَرُهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِمَا مَرَّ إلَخْ) وَهُنَا أَوْلَى لِأَنَّ فِي إجَابَةِ الْبَائِعِ إخْرَاجَ عَيْنٍ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَهْرًا (قَوْلُهُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذِهِ إلَخْ) وَأَيْضًا الصَّبْغُ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ الرَّدِّ بِخِلَافِ حُدُوثِ الْعَيْبِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّبْغَ كَزِيَادَةِ الْعَيْنِ بِسِمَنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ [فَرْعٌ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ كَالرُّمَّانِ إذَا كَسَرَهُ الْمُشْتَرِي كَسْرًا لَا يُعْرَفُ عَيْبُهُ بِدُونِهِ هَلْ لَهُ رَدُّهُ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ وَمَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ إلَخْ) كَلَامُهُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا كَثِيرًا مِمَّا مَثَّلَ بِهِ وَكَسَرَهُ كُلَّهُ أَوْ قَوَّرَهُ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا ذَكَرَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا كَسَرَ بَيْضَةً أَوْ جَوْزَةً أَوْ بِطِّيخَةً فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً أَنْ لَا يَتَجَاوَزَهَا إلَى غَيْرِهِ لِلْوُقُوفِ عَلَى الْعَيْبِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ إحْدَاثُ عَيْبٍ بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ لَكِنْ قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ الْوُقُوفُ عَلَى ذَلِكَ الْفَسَادِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْكَسْرِ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ثُمَّ رَأَيْت الشَّاسِيَّ قَالَ فِي الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ مَعْرِفَةُ الْعَيْبِ بِأَنَّهُ يَفْتَحُ مِنْهُ وَاحِدَةً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 نُسْخَةٍ الْقَلْقَلَةُ وَهِيَ بِمَعْنَاهَا (فِي) مَعْرِفَةِ عَيْبِ (الْبَيْضِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحُمُوضَةَ فِي الرُّمَّانِ لَيْسَتْ عَيْبًا فَلَوْ شَرَطَ فِيهِ الْحَلَاوَةَ فَبَانَ حَامِضًا بِالْغَرْزِ رُدَّ أَوْ بِالشَّقِّ فَلَا (فَرْعٌ إذَا اشْتَرَى) ثَوْبًا (مَطْوِيًّا وَقَدْ جَعَلُوهُ مِنْ صُوَرِ بَيْعِ الْغَائِبِ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَيُخَالِفُ مَا قَالُوهُ هُنَا مِمَّا يَأْتِي (وَلَعَلَّهُ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَعَلَّهُ أَيْ مَا قَالُوهُ هُنَا فِيمَا إذَا (سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ أَوْ طَوَى طَاقَيْنِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ) وَجْهَاهُ كَكِرْنَاسٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ رُؤْيَةَ أَحَدِ وَجْهَيْهِ كَافِيَةٌ (أَوْ نُشِرَ مَرَّتَيْنِ) مَرَّةً قَبْلَ الْبَيْعِ وَمَرَّةً بَعْدَهُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي (لِلْحَاجَةِ فَنَقَصَ بِالنَّشْرِ الْمُطْلِعِ عَلَى الْعَيْبِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (فَلَهُ الرَّدُّ بِلَا أَرْشٍ) لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ لِمَا مَرَّ فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ (وَمُؤْنَةُ الطَّيِّ عَلَيْهِ) إنْ لَمْ يُحْسِنْ طَيَّهُ وَالصُّورَةُ الثَّالِثَةُ فِي كَلَامِهِ دَاخِلَةٌ فِي الْأُولَى وَلَفْظَةُ لِلْحَاجَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهِيَ مُضِرَّةٌ (فَصْلٌ لَا يُفْرَدُ بَعْضُ الْمَبِيعِ فِي صَفْقَةٍ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَهْرًا) وَإِنْ زَالَ الْبَاقِي عَنْ مِلْكِهِ (فَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْعَيْبَ لَمْ يَرُدَّ) قَهْرًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَشْقِيصِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ (وَلَا أَرْشَ) لَهُ لِلْبَاقِي وَلَا لِلزَّائِلِ (لِعَدَمِ الْيَأْسِ) مِنْ الرَّدِّ وَقِيلَ لَهُ الْأَرْشُ الْبَاقِي لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ وَلَا يَنْتَظِرُ عَوْدَ الزَّائِلِ لِيَرُدَّ الْكُلَّ كَمَا لَا يَنْتَظِرُ زَوَالَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنَقْلِ الرَّافِعِيِّ لَهُ عَنْ تَصْحِيحِ التَّهْذِيبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى التَّعْلِيلِ بِاسْتِدْرَاكِ الظَّلَّامَةِ لَا بِعَدَمِ الْيَأْسِ وَأَمَّا تَعَذُّرُ الرَّدِّ فَإِنَّمَا هُوَ فِي الْحَالِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ الْجَمِيعَ فَلَا أَرْشَ لَهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِالْيَأْسِ وَمَا قَالُوهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُفْتَى بِهِ وَإِنْ تَبِعَتْ الْأَصْلَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَمَّا فِيهِ إلَى مَا قَالَهُ حَسَنٌ مُتَعَيَّنٌ وَشَمِلَ قَوْلَهُ كَغَيْرِهِ بَاعَ بَعْضَهُ مَا لَوْ بَاعَهُ لِلْبَائِعِ فَلَا رَدَّ لَهُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْهُمَا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ وَقْتُ الرَّدِّ لَمْ يَرُدَّ كَمَا تَمَلَّكَ وَبِهِ أَفْتَيْت لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي لَهُ الرَّدُّ عَلَى الْمَذْهَبِ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَبْعِيضٌ عَلَى الْبَائِعِ وَاقْتَصَرَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُ. وَكَذَا السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي بِنَاءُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ الضَّرَرُ فَيَرُدُّ أَوْ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ فَيَتَخَرَّجُ عَلَى تَفْرِيقِهَا انْتَهَى وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ مِنْ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ فِيمَا لَا يَنْقُصُ بِتَبْعِيضِهِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الْأَصْلِ حَيْثُ قَالَ أَمَّا مَا لَا يَنْقُصُ بِالتَّبْعِيضِ كَالْحُبُوبِ فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ ضَرَرُ التَّبْعِيضِ أَوْ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ (وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلَانِ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ فَلِأَحَدِهِمَا رَدُّ نَصِيبِهِ بِالْعَيْبِ) لِأَنَّهُ رَدَّ جَمِيعَ مَا مَلَكَ (وَتَبْطُلُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا) فَيَخْلُصُ لِلْمُمْسِكِ مَا أَمْسَكَ وَلِلرَّادِّ مَا اسْتَرَدَّ (وَإِنْ وَرِثَاهُ) أَيْ ابْنَا الْمُشْتَرِي مَثَلًا (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رَدُّ نَصِيبِهِ) لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ وَلِهَذَا لَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ الثَّمَنِ لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ تَسْلِيمُ النِّصْفِ إلَيْهِ (وَإِنْ اشْتَرَى رَجُلَانِ عَبْدًا مِنْ رَجُلَيْنِ فَكُلٌّ) مِنْهُمَا (مُشْتَرٍ مِنْ كُلٍّ) مِنْ الْبَائِعَيْنِ (رُبْعَ الْعَبْدِ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ عُقُودٍ فَلِكُلٍّ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ كُلٍّ عَلَيْهِ (وَإِنْ اشْتَرَاهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَكُلٌّ) مِنْهُمْ (مُشْتَرٍ مِنْ كُلٍّ) مِنْ الْبَائِعِينَ (تُسْعَهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ تِسْعَةُ عُقُودٍ فَلِكُلٍّ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ كُلٍّ عَلَيْهِ (وَإِنْ اشْتَرَى بَعْضَ عَبْدٍ فَرَهَنَهُ ثُمَّ بَانَ مَعِيبًا فَاشْتَرَى الْبَاقِي ثُمَّ فَدَى الْمَرْهُونَ) أَيْ فَكَّهُ (فَلَهُ رَدُّهُ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْبَاقِي لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ وَتَصْوِيرُهَا بِالرَّهْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مِثَالٌ وَالضَّابِطُ مَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الرَّدُّ حَالًّا كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ ثُمَّ يَزُولُ بَعْدَ شِرَاءِ الْبَاقِي (فَصْلٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِهِ وَقِدَمِهِ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ) لِلْآخَرِ (حَدَثَ عِنْدَك وَدَعْوَاهُمَا) فِيهِ (مُمْكِنَةٌ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ شِرَاء الثَّوْب مَطْوِيًّا مِنْ صُوَرِ بَيْعِ الْغَائِبِ] قَوْلُهُ فَرْعٌ إذَا اشْتَرَى مَطْوِيًّا إلَخْ) وَنَشَرَهُ وَعَلِمَ عَيْبًا لَا عِلْمَ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ دَاخِلَةٌ فِي الْأُولَى) هِيَ أَخَصُّ مِنْ الْأُولَى لِتَعَدُّدِ النَّشْرِ فِيهَا (قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهِيَ مُضِرَّةٌ) هِيَ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ لِتَعْلِيلِ النَّشْرِ الثَّانِي [فَصْلٌ لَا يُفْرَدُ بَعْضُ الْمَبِيعِ فِي صَفْقَةٍ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ] (وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِالْيَأْسِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ رَدُّ الْجَمِيعِ وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ مَا بَاعَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْعَيْبِ الْحَادِثِ لِأَنَّ الْعَيْبَ هُنَاكَ قَائِمٌ بِالْمَبِيعِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ وَالْأَصْلُ عَدَمُ زَوَالِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ بَعْضِ الصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ وَمَا قَالُوهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ بَاعَ بَعْضَهُ) مَا لَوْ بَاعَهُ لِلْبَائِعِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَيَلْحَقُ بِالْبَائِعِ وَارِثُهُ أَوْ نَحْوُهُ (قَوْلُهُ فَلَا رَدَّ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ مَاتَ مَنْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الرَّدَّ وَخَلَفَ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمُشْتَرِي هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَخِيهِ نَصِيبَهُ الظَّاهِرُ نَعَمْ وَلَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي فِي بَعْضِ الْعَيْنِ فَهَلْ يَنْفَسِخُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا لَيْسَ لَهُ إفْرَادُهُ بِالرَّدِّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَوْ قَالَ رَدَدْت الْمَعِيبَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا لَهُمَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا بَلْ هُوَ لَغْوٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ أَمَّا مَالَ يَنْقُصُ بِالتَّبْعِيضِ كَالْحُبُوبِ فَوَجْهَانِ إلَخْ) صَحَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ تَبَعًا لِلنَّصِّ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رَدُّ نَصِيبِهِ) لَوْ اشْتَرَى عَبْدَ رَجُلَيْنِ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْبَائِعِ يُوجِبُ تَعَدُّدَ الصَّفْقَةِ وَلِرَدِّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَوَائِدُ مِنْهَا لَوْ وَفَّى حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يُزَاحِمْهُ صَاحِبُهُ فِيهَا وَمِنْهَا لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَسْتَوْفِ حِصَّتَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِشَيْءٍ وَمِنْهُ لَوْ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَزَادَتْ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا زِيَادَةً كَانَتْ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ [فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِ الْعَيْب وَقِدَمِهِ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ لِلْآخَرِ حَدَثَ عِنْدَك فِي الْبَيْع] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِهِ إلَخْ) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي حُدُوثِهِ عَنْ زَوَالِهِ كَأَنْ وَجَدَ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ بَيَّاضَةُ مَثَلًا وَحَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَيَّاضَةُ قَرِيبَةٌ مِنْهَا وَزَالَتْ إحْدَاهُمَا وَاخْتَلَفَا فِيهَا فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وَفِي الثَّالِثِ يَتَحَالَفَانِ فَيَسْتَفِيدُ الْبَائِعُ بِحَلِفِهِ عَدَمَ الرَّدِّ وَيَسْتَفِيدُ الْمُشْتَرِي طَلَبَ الْأَرْشِ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ كَاتِبًا فَمَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 بِأَنْ احْتَمَلَ قِدَمُهُ وَحُدُوثُهُ كَبَرَصٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَيْبِ وَدَوَامُ الْعَقْدِ وَلَا يَثْبُتُ بِيَمِينِهِ حُدُوثُ الْعَيْبِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا صَلَحَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَلَا تَصْلُحُ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَلَوْ فُسِخَ الْبَيْعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَحَالُفٍ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ الْآنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ قَالَهُ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي وُجُودَ عَيْبَيْنِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَاعْتَرَفَ بِأَحَدِهِمَا وَادَّعَى حُدُوثَ الْآخَرِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الرَّدَّ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ النَّصِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ نَكَلَ لَمْ تُرَدَّ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُرَدُّ إذَا كَانَتْ تُثْبِتُ لِلْمَرْدُودِ عَلَيْهِ حَقًّا لَهُ هُنَا نَعَمْ لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَابَّةً ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الرَّاكِبُ أَعَرْتنِيهَا وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ آجَرْتُكهَا وَمَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَصَدَّقْنَا الْمَالِكَ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا تُرَدُّ انْتَهَى. أَمَّا مَا لَا يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ وَشَيْنِ شَجَّةٍ مُنْدَمِلَةٍ وَقَدْ جَرَى الْبَيْعُ أَمْسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ وَمَا لَا يُحْتَمَلُ قِدَمُهُ كَشَجَّةٍ طَرِيَّةٍ وَقَدْ جَرَى الْبَيْعُ وَالْقَبْضُ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ (فَإِنْ قَالَ) فِي جَوَابِ قَوْلِ الْمُشْتَرِي إنَّ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأُرِيدُ رَدَّهُ (لَا يَلْزَمُنِي الرَّدُّ) أَيْ قَبُولُهُ أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ الرَّدَّ عَلَيَّ بِهَذَا الْعَيْبِ أَوْ إنِّي أَقْبِضُهُ وَمَا بِهِ عَيْبٌ (وَحَلَفَ كَذَلِكَ) أَيْ كَجَوَابِهِ (كَفَى) لِمُطَابَقَةِ الْحَلِفِ الْجَوَابَ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ فِي الْأَخِيرَةِ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ عَلَيْهِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ وَلَا يُكَلَّفُ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِعَدَمِ الْعَيْبِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَا يَوْمَ الْقَبْضِ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَقْبَضَهُ مَعِيبًا وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ أَوْ أَنَّهُ رَضِيَ بِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ نَطَقَ بِهِ صَارَ مُدَّعِيًا مُطَالَبًا بِالْبَيِّنَةِ (وَلَوْ تَعَرَّضَ) فِي الْجَوَابِ (لِنَفْيِ قِدَمِهِ نَفَاهُ) لُزُومًا (فِي الْيَمِينِ) لِيُطَابِقَ الْجَوَابَ وَكَذَا فِي سَائِرِ أَجْوِبَةِ الدَّعَاوَى (بَتًّا) فَيَحْلِفُ لَقَدْ بِعْته وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ (لَا عِلْمًا) أَيْ لَا نَفْيَ عِلْمٍ فَلَا يَكْفِيهِ بِعْته وَمَا أَعْلَمُ بِهِ هَذَا الْعَيْبَ (وَلَهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ السَّلَامَةِ إنْ لَمْ يَظُنَّ خِلَافَهُ) وَإِنْ لَمْ يَخْتَبِرْ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَعْلَمْ خَفَايَا أَمْرِهِ (فَرْعٌ) لَوْ (اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الْعَيْبِ أَوْ فِي صِفَةٍ هَلْ هِيَ عَيْبٌ) أَوْ لَا (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَيْبِ وَدَوَامُ الْعَقْدِ هَذَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْحَالَ مِنْ غَيْرِهِمَا وَإِلَّا فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَكْفِي) أَيْ فِي مَعْرِفَةِ حَالِهِ (إلَّا قَوْلُ عَدْلَيْنِ عَارِفَيْنِ) بِذَلِكَ كَمَا جَزَمَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْقَفَّالُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ يَكْفِي وَاحِدٌ وَلَمْ يُرَجِّحْ الْأَصْلُ شَيْئًا بَلْ حَكَى الْأَوَّلَ عَنْ التَّتِمَّةِ وَالثَّانِيَ عَنْ التَّهْذِيبِ فَبَيَانُ الرَّاجِحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعَ عِلْمَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ أَوْ تَقْصِيرَهُ فِي الرَّدِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ مِثْلُ الْعَيْبِ يَخْفَى عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَإِنْ كَانَ لَا يَخْفَى كَقَطْعِ أَنْفٍ أَوْ يَدٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ لَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ ثُمَّ قَالَ إنَّمَا رَضِيت بِهِ لِأَنِّي اعْتَقَدْته الْعَيْبَ الْفُلَانِيَّ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ اشْتِبَاهُهُ بِهِ وَكَانَ الْعَيْبُ الَّذِي بَانَ أَعْظَمَ ضَرَرًا فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ اشْتَرَى   [حاشية الرملي الكبير] قَبْلَ أَنْ يَخْتَبِرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ دَعْوَى الْعَيْبِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ) عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ لَفْظًا وَمَعْنًى (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَيْبِ وَدَوَامُ الْعَقْدِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ الثَّانِي تَصْدِيقُ الْبَائِعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي حُدُوثَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِيَرُدَّ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ يَمِينَهُ صَلَحَتْ إلَخْ) نَظِيرُهُ الْوَكِيلُ إذَا ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ إلَى مُوَكِّلِهِ صَدَقَ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا وَغَرِمَ الْوَكِيلُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْغُرْمِ عَلَى مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ فَسَخَ الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَحَالُفٍ مَثَلًا إلَخْ) وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ سَالِمًا مِنْ الْعَيْبِ حَمْلًا عَلَى تَجَدُّدِ الْعَيْبِ فِي يَدِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ مَعِيبًا. (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ ذَلِكَ قَاعِدَةً حَيْثُ كَانَ الْعَيْبُ يُثْبِتُ الرَّدَّ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَحَيْثُ كَانَ يُبْطِلُهُ فَالْمُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ ظَاهِرٌ مُتَّجَهٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُتَعَيَّنٌ وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَابْنُ يُونُسَ فِي التَّعْجِيزِ وَمَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا قَدْ رَآهُ وَهُوَ غَائِبٌ وَأَبْرَأَهُ مِنْ عَيْبِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْعَيْبَ زَادَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَمَا إذَا تَقَايَلَا ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ فِي عَيْبٍ يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ وَقِدَمُهُ عَلَى الْإِقَالَةِ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ عِنْدَك قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ أَفْتَيْت فِيهَا بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ غُرْمِ أَرْشِ الْعَيْبِ وَكَتَبَ أَيْضًا الَّذِي قَالَهُ مُتَعَيَّنٌ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الْعِمَادِ فَقَالَ هَذَا كَلَامٌ مُتَهَافِتٌ وَمَا قَالَهُ فِي الْمُطَارَحَاتِ فِيهِ شُذُوذٌ لِأَنَّا إذَا صَدَّقْنَا الْمُشْتَرِيَ فِي عَدَمِ الْحُدُوثِ أَثْبَتِنَا الرَّدَّ وَفِي ذَلِكَ فَسْخُ الْعَقْدِ فَلَا يَصْدُقُ وَيَصْدُقُ الْبَائِعُ لِدَعْوَاهُ مَضَاءَ الْعَقْدِ وَيُوَافِقُهُ الْأَصْلُ فَإِنَّ كُلَّ حَادِثٍ يُقَدِّرُ فِيهِ أَقْرَبَ زَمَانٍ وَيَغْرَمُ أَرْشَ مَا اعْتَرَفَ بِقِدَمِهِ لِلْمُشْتَرِي. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ حَسَنٌ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ ثُبُوتِ الرَّدِّ فَسْخُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلرَّدِّ وَهُوَ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْبَائِعُ يَدَّعِي حُدُوثَ مَانِعٍ لِلرَّدِّ بَعْدَ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِيهِ بِعْته وَمَا أَعْلَمُ بِهِ هَذَا الْعَيْبَ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهُ [فَرْعٌ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الْعَيْبِ أَوْ فِي صِفَةٍ هَلْ هِيَ عَيْبٌ أَوْ لَا] (قَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ) وَيَشْهَدُ لَهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي الدِّيَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ الْحَمْلِ مِنْ قَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ هُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَسَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ فَإِنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ الْمَرَضُ وَلَيْسَ بِمَالٍ اهـ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْعَيْبَ فِي النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ) أَيْ وَالْفُورَانِيُّ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 شَيْئًا رَأَى فِيهِ شَيْئًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ عَيْبٌ فَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ صَدَقَ (فَرْعٌ) لَوْ (اشْتَرَى مَعِيبًا وَقَبَضَهُ سَلِيمًا فَلَا رَدَّ) لِأَنَّ مَدَارَ الرَّدِّ عَلَى التَّعَيُّبِ عِنْدَ الْقَبْضِ (بَلْ مَهْمَا زَالَ) الْعَيْبُ (قَبْلَ الرَّدِّ بَطَلَ الْخِيَارُ) لِزَوَالِ مُقْتَضِيهِ (فَصْلٌ الْفَسْخُ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ) وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ لَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْعَطِفُ حُكْمُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَكَذَا الْفَسْخُ (فَرْعٌ وَطْءُ الثَّيِّبِ) أَوْ الْغَوْرَاءِ مَعَ بَقَاءِ بَكَارَتِهَا مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ (لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ) كَمَا لَا يَمْنَعُهُ الِاسْتِخْدَامُ (إلَّا أَنْ كَانَ) الْوَطْءُ (زِنًا) مِنْهَا (وَلَوْ) كَانَ الْوَطْءُ فِيهِ (مِنْ الْبَائِعِ) لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَادِثٌ (وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ) بَعْدَ الْقَبْضِ (تَعْيِيبٌ) فَيَمْنَعُ الرَّدَّ (وَ) قَبْلَهُ (جِنَايَةٌ) عَلَى الْمَبِيعِ (فَهُوَ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ الْبَائِعِ هَدَرٌ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ (وَمِنْ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ لِلْبَكَارَةِ فَقَطْ) فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا فَإِنْ قَبَضَهَا لَزِمَهُ الثَّمَنُ بِكَمَالِهِ وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهَا لَزِمَهُ قَدْرُ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ (وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْأَرْشَ) إنْ كَانَ افْتِضَاضُهُ بِغَيْرِ وَطْءِ شُبْهَةٍ (فَإِنْ كَانَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ لَزِمَهُ مَهْرُ بِكْرٍ) مِثْلَهَا بِلَا إفْرَادِ أَرْشٍ وَيَكُونُ (لِلْمُشْتَرِي إنْ أَجَازَ) الْعَقْدَ (وَإِلَّا فَقَدْرُ الْأَرْشِ مِنْهُ) أَيْ الْمَهْرِ (لِلْبَائِعِ لِعَوْدِهَا) إلَيْهِ (نَاقِصَةً) وَالْبَاقِي لِلْمُشْتَرِي (فَرْعٌ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ) بِالْمَبِيعِ (كَالسِّمَنِ وَالتَّعَلُّمِ) لِقُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ (تَتْبَعُ الْأَصْلَ فِي الرَّدِّ) لِعَدَمِ إمْكَانِ إفْرَادِهَا (وَالْمُنْفَصِلَةُ كَالْأُجْرَةِ وَالْمَهْرِ) وَالْكَسْبِ (لِلْمُشْتَرِي) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ وَلِأَنَّ «رَجُلًا ابْتَاعَ مِنْ آخَرَ غُلَامًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ اسْتَعْمَلَ غُلَامِي فَقَالَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَمَعْنَاهُ أَنَّ فَوَائِدَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي فِي مُقَابَلَةِ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْمَغْصُوبَ وَالْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ تَلِفَ تَحْتَ يَدِ ذِي الْيَدِ ضَمِنَهُ وَلَيْسَ لَهُ خَرَاجُهُ وَأُجِيبُ عَنْهُمَا بِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا مُعْتَبَرٌ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ الضَّمَانُ الْمَعْهُودُ فِي الْخَبَرِ وَوُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى ذِي الْيَدِ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ لِكَوْنِهِ مِلْكَهُ بَلْ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِطَرِيقٍ مُضَمَّنٍ وَعَنْ الثَّانِي أَيْضًا بِقَصْرِ الْخَبَرِ عَلَى سَبَبِهِ وَهُوَ فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ (وَكَذَا الْوَلَدُ) الْمُنْفَصِلُ (الْحَادِثُ) بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ نَقَصَتْ الْأُمُّ بِالْوِلَادَةِ امْتَنَعَ الرَّدُّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْأَمَةِ وَوَلَدِهَا إنْ كَانَ فِي سِنٍّ يَحْرُمُ فِيهِ التَّفْرِيقُ وَلَمْ تَنْقُصْ أُمُّهُ بِالْوِلَادَةِ (بِالرَّدِّ لِلْحَاجَةِ) وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ الْمَنَاهِي إنَّ هَذَا وَجْهٌ وَإِنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْصُوصَ الْمَنْعُ وَلَا تَصْحِيحَ فِي الْأَصْلِ هُنَا وَعَلَى الْأَصَحِّ قَالُوا يَتَعَيَّنُ الْأَرْشُ لِأَنَّ الرَّدَّ كَمَا كَالْمَأْيُوسِ مِنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا قَدَّمْته فِيمَا إذَا بَاعَ بَعْضَ الْمَبِيعِ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا (فَرْعٌ) لَوْ (اشْتَرَى) أَمَةً أَوْ بَهِيمَةً (حَامِلًا فَوَضَعَتْ فَإِنْ نَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ ثُمَّ بَانَتْ مَعِيبَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ) قَهْرًا كَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ نَعَمْ إنْ جَهِلَ الْحَمْلَ وَاسْتَمَرَّ إلَى الْوَضْعِ فَلَهُ الرَّدُّ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَادِثَ بِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ كَالْمُتَقَدِّمِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ بِالْوِلَادَةِ (رَدَّهَا) لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي بِلَا مَانِعٍ (مَعَ الْوَلَدِ كَثَمَرَةٍ) لِشَجَرَةٍ اشْتَرَاهَا وَثَمَرَتُهَا غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ ثُمَّ (أَبَّرَهَا) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ تَأَبَّرَتْ بِنَفْسِهَا فَإِنَّهَا تُرَدُّ مَعَ الشَّجَرَةِ بِظُهُورِ عَيْبٍ فِيهَا (لِأَنَّ الْحَمْلَ) فِيمَا ذُكِرَ (يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْلَمُ (فَإِنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ اشْتَرَى مَعِيبًا وَقَبَضَهُ سَلِيمًا] قَوْلُهُ لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا وَقَبَضَهُ سَلِيمًا إلَخْ) لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا قَدْ عَرَفَ عَيْبَهُ ثُمَّ قَالَ الْعَيْبُ أَكْثَرُ مِمَّا قَدَّرْته حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ يَوْمَ رَآهُ وَالْآنَ وَقَفَ عَلَيْهِ أَوْ حَلَفَ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا عَرَفْته رَدَّهُ قَهْرًا [فَصْلٌ الْفَسْخُ فِي الْبَيْع يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ] (قَوْلُهُ الْفَسْخُ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ) الْمُرَادُ بِارْتِفَاعِهِ مِنْ حِينِهِ ارْتِفَاعُ الْمِلْكِ فِي الْمَبِيعِ فَقَطْ دُونَ زَوَائِدِهِ وَفَوَائِدِهِ [فَرْعٌ وَطْءُ الثَّيِّبِ أَوْ الْغَوْرَاءِ مَعَ بَقَاءِ بَكَارَتِهَا مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ] (قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَ زِنًا مِنْهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَشْهُورَةً بِالزِّنَا بِحَيْثُ لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِهَذِهِ الزَّنْيَةِ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا حَادِثًا وَقِيلَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالزِّنَا وَاشْتَرَاهَا عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ الْإِبَاقُ أَوْ السَّرِقَةُ وَقَدْ حَدَثَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ جِنْسِ الْعَيْبِ السَّابِقِ فَالْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا (قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَهْرُ بِكْرٍ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَجَازَ إلَخْ) وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ لِلْبَائِعِ وَجْهًا وَاحِدًا كَمَا لَوْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ يَدَهَا ثُمَّ مَاتَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ. اهـ. وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِعَوْدِهَا إلَيْهِ نَاقِصَةً. اهـ. [فَرْعٌ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْمَبِيعِ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ إلَخْ) إطْلَاقُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الزِّيَادَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمُثَمَّنِ وَلَا فِي الْفَسْخِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا ح كُلُّ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إذَا حَدَثَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رُدَّ بِالْعَيْبِ كَانَ لَهُ (قَوْلُهُ وَالْمُنْفَصِلَةُ إلَخْ) عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ وَالْكَسْبُ) وَكَوَرِقِ التُّوتِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَلَدُ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ وَضَعَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثَانِيَ التَّوْأَمَيْنِ دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا قَدَّمْته إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ قَالَ شَيْخُنَا إذْ مَا مَرَّ فِيمَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ الرَّدِّ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَمَا هُنَا إنَّمَا امْتَنَعَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ خَارِجٍ عَنْهُ [فَرْعٌ اشْتَرَى أَمَةً أَوْ بَهِيمَةً حَامِلًا فَوَضَعَتْ فَإِنْ نَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ ثُمَّ بَانَتْ مَعِيبَةً] (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا أَطْلَقَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ حَالَةِ الْعِلْمِ وَحَالَةِ الْجَهْلِ وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ هَهُنَا حَصَلَ بِسَبَبٍ جَرَى عِنْدَ الْبَائِعِ وَهُوَ الْحَمْلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ السَّابِقَةِ أَوْ الْقَطْعِ بِالْجِنَايَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ النَّقْصَ هَهُنَا حَصَلَ لِسَبَبِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْحَمْلُ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ مَا نَقَصَ بِالْوِلَادَةِ وَأَمَّا الْقَتْلُ وَالْقَطْعُ فَلَمْ يَحْصُلَا بِسَبَبِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَأَيْضًا فَالْحَمْلُ يَتَزَايَدُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْوَضْعِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا مَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِمَرَضٍ سَابِقٍ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 فَلِلْبَائِعِ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَلَا يُبَاعُ قَبْلَ الْقَبْضِ) وَيَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ بِحِصَّتِهِ إنْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ (كَأُمِّهِ) فِي الثَّلَاثِ بِنَاءً عَلَى مَا قُلْنَا أَمَّا إذَا بَانَتْ مَعِيبَةً وَلَمْ تَضَعْ بَعْدُ فَيَرُدُّهَا حَامِلًا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ (وَإِذَا حَمَلَتْ) بَعْدَ الشِّرَاءِ (قَبْلَ الْقَبْضِ وَرُدَّتْ بِالْعَيْبِ حَامِلًا فَالْوَلَدُ لِلْمُشْتَرِي) لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ فَإِنَّ الْوَلَدَ لِلْبَائِعِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ ثَمَّ نَشَأَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ تَرْكُهُ تَوْفِيَةَ الثَّمَنِ وَهُنَا مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ ظُهُورُ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ ثُمَّ رَأَيْت مَنْ فَرَّقَ بِذَلِكَ وَبِمَا فِيهِ نَظَرٌ وَإِذَا قُلْنَا الْحَمْلُ هُنَا لِلْمُشْتَرِي قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ فَلَهُ حَبْسُ أُمِّهِ حَتَّى تَضَعَ (وَكَذَا) إذَا حَمَلَتْ بِهِ (بَعْدَ الْقَبْضِ) يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي لِمَا مَرَّ (لَكِنَّ حَمْلُ الْأَمَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ يَمْنَعُ الرَّدَّ كُرْهًا) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَمْلَ فِيهَا عَيْبٌ (وَكَذَا) يَمْنَعُ الرَّدَّ (غَيْرُهَا) أَيْ حَمْلُ غَيْرِهَا بَعْدَ الْقَبْضِ (إنْ نَقَصَ بِهِ) كَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ (وَإِنْ أَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ فِي يَدِهِ فَرَدَّهَا) بِعَيْبٍ (فَلِمَنْ) يَكُونُ (الطَّلْعُ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لِلْبَائِعِ تَبَعًا لِلنَّخْلَةِ وَثَانِيهِمَا لِلْمُشْتَرِي وَصَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ كَالْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ وَالْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ كَالْحَمْلِ (وَالصُّوفُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْعَقْدِ يُرَدُّ مَعَ الْأَصْلِ) وَإِنْ جُزَّ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَبِيعِ (وَكَذَا الْحَادِثُ) مِنْهُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْعَقْدِ يُرَدُّ تَبَعًا (مَا لَمْ يُجَزَّ) فَإِنْ جُزَّ لَمْ يُرَدَّ كَالْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ بَلْ قِيَاسُ الْحَمْلِ أَنَّ مَا لَمْ يَجُزَّ لَا يُرَدُّ أَيْضًا وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ اللَّبَنَ الْحَادِثَ وَالْأَوَّلُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ هُوَ مَا فِي فَتَاوِيهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْخُوَارِزْمِيُّ وَهُوَ وَإِنْ وُجِّهَ بِأَنَّهُ كَالسِّمَنِ فَالثَّانِي أَوْجَهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي النَّقْلِ عَنْهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الْأَصْوَبُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقِيَاسُ إلْحَاقُ الْبَيْضِ بِالْحَمْلِ قَالَ السُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا وَلَوْ جَزَّ الصُّوفَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ طَالَ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا صَارَ بِالرَّدِّ بَيْنَهُمَا شَرِكَةً وَقَدْ يَقَعُ نِزَاعٌ فِي مِقْدَارِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ عَيْبٌ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ (بِخِلَافِ الْحَادِثِ مِنْ أُصُولِ الْكُرَّاثِ) وَنَحْوِهِ التَّابِعَةِ لِلْأَرْضِ فِي بَيْعِهَا (فَإِنَّهُ لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ لَيْسَ تَبَعًا لِلْأَرْضِ أَلَا تَرَى أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا فِي ابْتِدَاءِ الْبَيْعِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ (فَصْلُ الْإِقَالَةِ) وَهِيَ مَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْعَقْدِ الْمَالِيِّ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ (جَائِزَةٌ وَتُسَنُّ لِنَادِمٍ) أَيْ لِأَجْلِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ نَادِمًا أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ» (وَهِيَ فَسْخٌ لَا بَيْعٌ) وَإِلَّا لَصَحَّتْ مَعَ غَيْرِ الْبَائِعِ وَبِغَيْرِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِهَا فَسْخًا مَسَائِلَ فَقَالَ (فَيَجُوزُ تَفْرِيقُ الْمُتَقَايِلَيْنِ) أَيْ تَفَرُّقُهُمَا مِنْ مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ (فِي الصَّرْفِ قَبْلَ التَّقَابُضِ وَلَا تَتَجَدَّدُ بِهَا شُفْعَةٌ وَتَصِحُّ فِي الْمَبِيعِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ ثَمَّ نَشَأَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَخْ) الثَّانِي أَنَّ مِلْكَ الْمُفْلِسِ عَلَى الْعَيْنِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ الثَّالِثُ أَنَّ رُجُوعَ الْبَائِعِ فِي الْفَلَسِ قَهْرِيٌّ بِسَبَبِ زَوَالِ الْمُقَابِلِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ وَالرَّدِّ بِالِاخْتِيَارِ وَالْقَهْرِيُّ يُسْتَتْبَعُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ الرَّابِعُ أَنَّا لَوْ قُلْنَا يَرْجِعُ فِي الْأُمِّ دُونَ الْحَمْلِ لَكِنَّا قَدْ حَجَرْنَا عَلَى الْبَائِعِ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ بَيْعُ الْأُمِّ حَتَّى تَضَعَ الْحَمْلَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَامِلِ بِحَمْلِ الْغَيْرِ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّوْزِيعِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِالرَّدِّ الْخَامِسُ أَنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِالرُّجُوعِ فِي الْفَلَسِ لَانْتَفَتْ فَائِدَةُ التَّقْدِيمِ وَعَدَمُ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّا لَوْ أَثْبَتْنَا الْحَمْلَ لِلْمُفْلِسِ فَقَدْ أَثْبَتْنَا لِلْغُرَمَاءِ الْمُزَاحَمَةَ مَعَ الْبَائِعِ فِيمَا بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يُزَاحِمُهُ فَلِهَذَا قُلْنَا يَتْبَعُ الْوَلَدُ فِي الْفَلَسِ دُونَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ السَّادِسُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا مَعَ حَمْلِهَا لَزِمَ تَأْخِيرُ رُجُوعِهِ حَتَّى رُجُوعِهِ فِي الْحَالِ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَيَلْزَمُ مِنْهُ النَّفَقَةُ عَلَى غَيْرِ مِلْكِهِ وَهُوَ الْحَمْلُ فَتَعَارَضَ ضَرَرَانِ فَلِذَا يَرْجِعُ فِيهَا مَعَ حَمْلِهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ السَّابِعُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى وَفَاءِ الثَّمَنِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَحِينَئِذٍ فَيُقَدِّرُ أَنَّ الْمَبِيعَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِ بَائِعِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظُهُورُ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ) فَالتَّدْلِيسُ فِيهِ جَاءَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ فَلَهُ حَبْسُ أَمَةٍ حَتَّى تَضَعَ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ حَالَ كَوْنِهِ وَلَدًا مُنْفَصِلًا فَلَا يَشْكُلُ بِمَا مَرَّ وَلَا بِمَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ التَّفْرِيقِ بِالْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ فِي التَّوَسُّطِ الْأَصَحُّ الِانْدِرَاجُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحَّ (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهِ اللَّبَنَ الْحَادِثَ) الرَّاجِحُ أَنَّ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ كَالْحَمْلِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَقَدْ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً مُتَمَيِّزَةً كَكَسْبِ عَبْدٍ وَوَلَدٍ وَلَبَنٍ وَصُوفٍ وَشَعْرِ حَيَوَانٍ وَنَحْوِهِ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ دُونَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فُصِلَتْ أَوْ لَا (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ [فَصْلُ الْإِقَالَةِ] (فَصْلٌ الْإِقَالَةُ جَائِزَةٌ) (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ فِي الْمَبِيعِ) لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجَّرَهُ فَهَلْ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ الْأَقْرَبُ الْمَنْعُ ع وَقَوْلُهُ فَهَلْ تَجُوزُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَجَّرَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ ثُمَّ تَقَايَلَا فَلَهُ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ أَبُو زُرْعَةَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُهِمَّاتِ قَالَ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَا لَمْ أَقِفْ فِيهَا عَلَى نَقْلٍ وَسُئِلْت عَنْهَا وَتَرَدَّدْت فِيهَا ثُمَّ اسْتَقَرَّ جَوَابِي عَلَى إلْحَاقِهَا بِصُورَةِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ يَحْصُلُ بَعْدَهَا تَحَالُفٌ وَانْفِسَاخٌ الْمَبِيعِ وَالْحُكْمُ فِي تِلْكَ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ خِلَافًا لِمَا فِي التَّتِمَّةِ وَالْبَحْرِ مِنْ إيجَابِ الْأَرْشِ هُنَاكَ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُؤَجَّرًا وَقِيمَتِهِ غَيْرَ مُؤَجَّرٍ وَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيمَا أَعْتَقِدُ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ بِالْإِجَارَةِ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَعْلَمَ لِأَنَّ صُورَةَ التَّلَفِ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِيهَا مَعَ الْعِلْمِ وَإِقَامَةِ الْبَدَلِ فِيهَا مَقَامَهُ وَفِي الْعَيْبِ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ غَرَامَةَ الْأَرْشِ وَقَيَّدَ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْبَائِعُ عَالِمًا وَمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ أَرْجَحُ كَمَا فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ وَكَمَا فِي صُورَةِ التَّحَالُفِ وَلَكِنْ يَبْقَى فِي صُورَةِ الْجَهْلِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا جَهِلَ الْبَائِعُ الْإِجَارَةَ وَحَصَلَتْ الْإِقَالَةُ مَعَ جَهْلِهِ بِالْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالْإِجَارَةِ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِقَالَةَ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا فَسْخٌ فَهَذَا فَسْخٌ لِلْفَسْخِ اهـ. قُلْت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَ التَّلَفِ) لَهُمَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْآبِقَ فَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّالِفِ بِخِلَافِ رَدِّهِ بِعَيْبٍ لِأَنَّ الرَّدَّ يُرَدُّ عَلَى الْمَرْدُودِ وَلَا مَرْدُودَ وَيَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْمَوْهُوبِ الْآبِقِ مِنْ يَدِ الْمُتَّهَبِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَيَرُدُّ) الْمُشْتَرِي (مِثْلَهُ) أَيْ التَّالِفَ (فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتَهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ) كَنَظَائِرِهِ (وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ) فِي الْمَبِيعِ (بَعْدَهَا) أَيْ الْإِقَالَةِ (قَبْلَ الْقَبْضِ) إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الثَّمَنَ فَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي فِي الْبَابِ الْآتِي. وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي حَبْسَ الْمَبِيعِ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ (وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِقَالَةُ (بِتَلَفِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ أَوْ إتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ (بَلْ يَضْمَنُهُ) لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِحُكْمِ الْعِوَضِ كَالْمَأْخُوذِ قَرْضًا وَسَوْمًا وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا (بِأَقَلَّ قِيمَتَيْ) وَقْتَيْ (الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ) لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي اعْتِبَارِ الْأَرْشِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَقَلَّ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَفِيمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَقَلِّ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ يَوْمِ التَّلَفِ (وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ) الْمُشْتَرِي (بَعْدَ الْإِقَالَةِ) وَقَبْلَ الْقَبْضِ (لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَلَيْسَ) لِلْبَائِعِ (فِيهَا رَدٌّ بِعَيْبٍ) حَدَثَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي (قَبْلَهَا) وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أَرْشُ الْعَيْبِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلِلْمُشْتَرِي الْحَبْسُ) لِلْمَبِيعِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ (لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ) سَوَاءٌ أَقُلْنَا إنَّهَا فَسْخٌ أَمْ بَيْعٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الْقَاضِي قَالَ إنْ قُلْنَا بَيْعٌ فَلِلْبَائِعِ الْحَبْسُ أَوْ فَسْخٌ فَكَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَهُ الْحَبْسُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي الْخِيَارِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِدِ بَعْدَ التَّفَاسُخِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ الْحَبْسُ بَلْ إذَا طَالَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لَزِمَ الْآخَرُ الدَّفْعَ إلَيْهِ ثُمَّ مَا كَانَ بِيَدِهِ بِخِلَافِ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْبُدَاءَةِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّ لِكُلٍّ حَبْسَ مَا بِيَدِهِ حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ الْآخَرُ لِأَنَّ الْفَسْخَ هُنَا رَفْعُ حُكْمِ الْعَقْدِ وَبَقِيَ التَّسْلِيمُ بِحُكْمِ الْيَدِ وَهِيَ تُوجِبُ الرَّدَّ وَهُنَاكَ التَّسْلِيمُ بِالْعَقْدِ وَهُوَ يُوجِبُ التَّسْلِيمَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ انْتَهَى فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا حَبْسَ فِي جَمِيعِ الْفُسُوخِ فَعَلَيْهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِ نُفُوذِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ فِيمَا مَرَّ بِكَلَامِ الْمُتَوَلِّي السَّابِقِ وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ نُفُوذَ التَّصَرُّفِ سَاقَ فِيهِ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي مَسَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ (وَلَفْظُهَا) أَيْ الْإِقَالَةِ قَوْلُ الْعَاقِدَيْنِ (تَقَايَلْنَا أَوْ تَفَاسَخْنَا أَوْ) قَوْلُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (أَقَلْتُك وَنَحْوَهُ فَيَقْبَلُ الْآخَرُ وَلَا يُشْتَرَطُ) لِصِحَّتِهَا (ذِكْرُ الثَّمَنِ) وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِمَا إذَا كَانَ مَعْلُومًا وَأَيَّدَ بِالنَّصِّ الْآتِي لَكِنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ الْآتِيَ يُنَافِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُهُمْ فِيمَا يَأْتِي يَقْتَضِيهِ وَلَعَلَّ النَّصَّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ لَا فَسْخٌ وَإِنْ نَصَّ قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ (وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الثَّمَنِ (فَإِنْ زَادَ) فِيهِ (أَوْ نَقَصَ) عَنْهُ (أَوْ شَرَطَ) فِيهَا (أَجَلًا أَوْ أَخْذَ صِحَاحٍ عَنْ مُكَسَّرَةٍ) أَوْ عَكْسَهُ (بَطَلَتْ) وَبَقِيَ الْعَقْدُ بِحَالِهِ (وَتَصِحُّ مِنْ الْوَارِثِ) لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْعَاقِدِ وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَوْ اسْتَأْجَرُوا مَنْ يُحِجَّ مُوَرِّثَهُمْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ الْوَاجِبَةَ وَلَمْ يَكُنْ أَوْصَى بِهَا ثُمَّ تَقَايَلُوا مَعَ الْأَجِيرِ لَمْ تَصِحَّ الْإِقَالَةُ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ لِمُوَرِّثِهِمْ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ عِنْدَ الْإِقَالَةِ لِمُوَرِّثِهِمْ لَا لَهُمْ بِخِلَافِهِ فِيمَا تَقَرَّرَ قَالَ السُّبْكِيُّ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي لَوْ أَقَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ حُسِبَتْ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَقِيمَتُهُ أَضْعَافُ ثَمَنِهِ حُسِبَتْ مِنْ الثُّلُثِ كَابْتِدَاءِ الْبَيْعِ بِالْمُحَابَاةِ. (وَ) تَصِحُّ (فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ) كَمَا تَصِحُّ فِي كُلِّهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأُولَى قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إذَا لَمْ تَلْزَمْ جَهَالَةٌ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا بَيْعٌ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ الْبَعْضِ وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا فَسْخٌ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحِصَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُقَايِلِ بَعْدَ نَصِّهِ عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ قُلْت وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ (لَكِنْ إنْ) أَقَالَهُ فِي الْبَعْضِ لِيُعَجِّلَ لَهُ الْبَاقِيَ أَوْ عَجَّلَ لَهُ (بَعْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِيُقِيلَهُ فِي الْبَاقِي فَهِيَ فَاسِدَةٌ) كَمَا لَوْ تَقَايَلَا   [حاشية الرملي الكبير] مَا ذَكَرَهُ آخِرًا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا كَانَ حَدَثَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِقَالَةِ فَلَا رَدَّ لَهُ إنْ قُلْنَا فَسْخٌ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي فِي الْبَابِ الْآتِي) جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ يَوْمِ التَّلَفِ) الْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ لِأَنَّهُ كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَهَا بِهَذَا الْقَدْرِ وَلَمْ يَرِدْ عَلَى هَذَا الضَّمَانِ مَا يُزِيلُهُ وَلَا مَا يُغَيِّرُهُ قَالَ شَيْخُنَا فَإِنْ حَدَثَ زِيَادَةٌ بَعْدَ الْإِقَالَةِ لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بَعْدَهَا بِحُكْمِ الْأَمَانَةِ فَهُوَ مَضْمُونٌ ضَمَانَ عَقْدٍ لَا ضَمَانَ يَدٍ كَذَا فُهِمَ (قَوْلُهُ مَسَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ) إنَّمَا سَاقَهُ مَسَاقَ الْمَذْهَبِ وَعِبَارَتُهُ الْأَوَّلُ الْمَضْمُونُ بِالْقِيمَةِ وَيُسَمَّى ضَمَانُ الْيَدِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِيهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا صَارَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ بِعَقْدٍ مَفْسُوخٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَ عَبْدًا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا وَفَسَخَ الْبَيْعَ كَانَ لِلْبَائِعِ بَيْعُ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَيَقْبِضَهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي إذَا لَمْ يُؤَدِّ الثَّمَنَ فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي حَبْسَهُ إلَى اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَهُ قَالَ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا. اهـ. وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَلَا تَسْلِيمٍ وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ اسْتِرْدَادُ الْمَدْفُوعِ وَحَبْسُهُ إلَى اسْتِيفَاءِ الْعِوَضِ الْآخَرِ وَالْعَقْدُ لَمْ يُفِدْ مِلْكًا أَوْ أَفَادَ مِلْكًا ضَعِيفًا بِخِلَافِ الْفَسْخِ بِغَيْرِ الْخِيَارِ فَيَثْبُتُ الْحَبْسُ فِي جَمِيعِ الْفُسُوخِ بِالْخِيَارِ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَوْ تَفَاسَخَا الْإِجَارَةَ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ لِقَبْضِ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَخَذَهَا عَلَى مُقَابَلَةِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ حُسِبَتْ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ حُسِبَتْ الْمُحَابَاةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ جَهَالَةٌ) كَمَا فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ (قَوْلُهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ نَصِّهِ عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ) فَعَلَى هَذَا مِنْ أَحْكَامِ كَوْنِهَا فَسْخًا وَهُوَ يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِبُطْلَانِهَا لِلْجَهْلِ كَمَا قَطَعَ بِالْبُطْلَانِ أَنْ قُلْنَا بِيعَ لِلْجَهْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 بِأَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ (وَلَوْ تَقَايَلَا أَوْ تَفَاسَخَا بِعَيْبٍ) أَوْ تَحَالُف (ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي) قَدْرِ (الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (وَكَذَا) الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (إذَا احْتَاجَا إلَى مَعْرِفَتِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (لِتَقْدِيرِ الْأَرْشِ) الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ عَنْ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي) وُجُودِ (الْإِقَالَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُنْكِرِهَا) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ قَبْلَهَا لِلْمُشْتَرِي) وَالْمُتَّصِلَةُ لِلْبَائِعِ تَبَعًا إلَّا الْحَمْلَ الْحَادِثَ قَبْلَهَا فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي (وَإِنْ بَاعَهُ مُؤَجَّلًا وَتَقَايَلَا بَعْدَ الْحُلُولِ) لِلْأَجَلِ (وَالْقَبْضِ) لِلثَّمَنِ (اسْتَرَدَّ) الْمُشْتَرِي (الثَّمَنَ بِلَا مُهْلَةٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَصْبِرَ قَدْرَ الْأَجَلِ (وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ) أَيْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ (سَقَطَ) عَنْ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ أَكَانَ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا (وَبَرِئَا جَمِيعًا) لِزَوَالِ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُمَا (فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ) تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ (الْأُولَى الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ كَالْمَبِيعِ) فِيمَا مَرَّ (فَيُفْسَخُ) الْبَيْعُ (بِعَيْبِهِ) كَأَنْ خَرَجَ مَعِيبًا بِخُشُونَةٍ أَوْ سَوَادٍ أَوْ وَجَدَهُ مُخَالِفًا لِسِكَّةِ النَّقْدِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ (وَإِنْ خَرَجَ) كُلُّهُ (نُحَاسًا) بِضَمِّ النُّونِ أَوْ نَحْوِهِ كَالرَّصَاصِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا (وَقَدْ شَرَطَ كَوْنَهُ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا بَطَلَ الْعَقْدُ) لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ غَيْرُ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ (أَوْ) خَرَجَ (بَعْضُهُ) نُحَاسًا مَثَلًا وَقَدْ شَرَطَ مَا ذَكَرَ (تَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ) فَيَبْطُلُ فِيمَا بَانَ نُحَاسًا وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي (وَتَخَيَّرَ) بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ لِلتَّشْقِيصِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ) إذَا خَرَجَ عَلَى خِلَافِ مَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ (يَسْتَبْدِلُ بِهِ وَإِنْ خَرَجَ نُحَاسًا) أَوْ نَحْوَهُ (وَلَا يَفْسَخُ) بِهِ لِبَقَاءِ حَقِّهِ فِي الذِّمَّةِ (الثَّانِيَةِ) لَوْ (وَقَعَ الصَّرْفُ عَلَى الْعَيْنِ عَلَى أَنَّهَا فِضَّةٌ أَوْ ذَهَبٌ وَخَرَجَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا نُحَاسًا) أَوْ نَحْوَهُ (بَطَلَ) الْعَقْدُ لِمَا مَرَّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَالْمُغَلَّبُ فِيهِمَا الْعِبَارَةُ لَا الْإِشَارَةُ وَلَا يَشْكُلُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ قِطْعَةَ أَرْضٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ فَخَرَجَتْ دُونَهَا وَفِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك فَرَسِي هَذَا وَهُوَ بَغْلٌ. وَفِيمَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذَا الْغُلَامَ وَأَشَارَ إلَى ابْنَتِهِ لِأَنَّ الْأُولَى وُجِدَ فِيهَا جِنْسُ الْعِوَضِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَالثَّانِيَةَ لَا تُشْبِهُ مَسْأَلَتَنَا لِأَنَّ جُمْلَةَ وَهُوَ بَغْلٌ مِنْ كَلَامِ الْبَائِعِ فَلَا يُؤَثِّرُ كَمَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي هَذِهِ وَسَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا وَإِنَّمَا تُشْبِهُهَا أَنْ لَوْ قَالَ بِعْتُك فَرَسِي هَذَا فَبَانَ بَغْلًا وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالثَّالِثَةُ لَمَّا كَانَ التَّزْوِيجُ فِيهَا لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى الْأُنْثَى أَلْغَى وَصْفَ الذُّكُورَةِ وَنَزَلَ الْعَقْدُ عَلَى مَا يَقْبَلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِمَا فَيَبْطُلُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ (أَوْ) خَرَجَ (بَعْضُهُ) نُحَاسًا أَوْ نَحْوَهُ (صَحَّ) الْعَقْدُ (فِي الْبَاقِي) دُونَهُ (بِالْقِسْطِ) إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْجِنْسُ الرِّبَوِيُّ وَيَتَمَيَّزَ عَنْ الْجِنْسِ الْآخَرِ فَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مَدِّ عَجْوَةٍ (وَلِصَاحِبِهِ) أَيْ الْبَاقِي (الْخِيَارُ) بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ (وَإِنْ خَرَجَ) كُلُّهُ (مَعِيبًا) بِخُشُونَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (أَوْ بَعْضُهُ) كَذَلِكَ (تَخَيَّرَ وَلَمْ يَسْتَبْدِلْ) بِهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى عَيْنِهِ فَلَا يَتَجَاوَزُ الْحَقَّ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَرَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ الْأَحْكَامُ السَّابِقَةُ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ لَا تَخْتَصُّ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَرُدَّ الْعَقْدَ عَلَى مُعَيَّنٍ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ وَلَوْ بِغَيْرِ صِيغَةِ الشَّرْطِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ كَغَيْرِهَا (وَإِنْ وَقَعَ) الصَّرْفُ عَلَى مَا (فِي الذِّمَّةِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا) أَوْ كِلَاهُمَا (نُحَاسًا) أَوْ نَحْوَهُ (قَبْلَ التَّفَرُّقِ) مِنْ الْمَجْلِسِ وَبَعْدَ التَّقَابُضِ (اسْتَبْدَلَ) بِهِ (أَوْ) خَرَجَ كَذَلِكَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ (بَطَلَ) الْعَقْدُ لِعَدَمِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ غَيْرُ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ. (أَوْ) خَرَجَ كُلُّهُ (مَعِيبًا) بِخُشُونَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (أَوْ بَعْضُهُ) كَذَلِكَ (اسْتَبْدَلَ) بِهِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ إذَا خَرَجَ مَعِيبًا لِأَنَّ الْقَبْضَ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ إذْ لَوْ رَضِيَ بِهِ جَازَ وَالْبَدَلُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَيَجِبُ أَخْذُ الْبَدَلِ (فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ وَإِنْ فَارَقَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ) قِيَاسًا عَلَى أَصْلِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ (وَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ كَالصَّرْفِ) أَيْ كَعِوَضِهِ فِيمَا مَرَّ (فَإِنْ كَانَ) رَأْسُ الْمَالِ (مُعَيَّنًا وَبَانَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ تَلَفِهِ سَقَطَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِقَدْرِ نَقْصِ الْعَيْبِ) مِنْ قِيمَةِ رَأْسِ الْمَالِ (أَوْ) كَانَ (فِي الذِّمَّةِ) وَعَيَّنَ وَبَانَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ تَلَفِهِ (غَرِمَ التَّالِفَ) عِنْدَهُ (وَاسْتَبْدَلَ) بِهِ سَوَاءٌ تَفَرَّقَا أَمْ لَا وَيَجِبُ أَخْذُ الْبَدَلِ (فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ) وَلَوْ وَجَدَ أَحَدُ الْمُتَصَارِفَيْنِ أَوْ أَحَدُ مُتَبَايِعَيْ طَعَامٍ بِطَعَامٍ بِمَا أَخَذَهُ عَيْبًا بَعْدَ تَلَفِهِ فَإِنْ وَرَدَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَالْجِنْسُ مُخْتَلِفٌ فَكَبَيْعِ عَرَضٍ بِنَقْدٍ وَإِنْ كَانَ مُتَّفِقًا فَكَمَا مَرَّ فِي الْحُلِيِّ أَوْ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ غَرِمَ التَّالِفَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ إلَخْ) تَرَدَّدَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهَا فِيمَا بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ بَابِ التَّحَالُفِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ (فَرْعٌ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ وَتَقَدُّمُهُ عَلَى الْإِقَالَةِ فَقَالَ الْبَائِعُ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ حَدَثَ عِنْدَك فَأَفْتَيْت فِيهَا بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي صُورَةِ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْعَيْبِ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا الْإِقَالَةُ بَيْعٌ فَالْمُشْتَرِي هُنَا كَالْبَائِعِ وَالْأَصْلُ لُزُومُ الْعَقْدِ وَإِنْ قُلْنَا فَسْخٌ فَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ أَرْشِ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِبَابِ الْبَيْع] (فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ) (قَوْلُهُ وَقَدْ شَرَطَ كَوْنَهُ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا) أُخِذَ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِهِ مَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ (قَوْلُهُ وَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ) أَيْ بِالْحِصَّةِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ جُمْلَةَ وَهُوَ بَغْلٌ مِنْ كَلَامِ الْبَائِعِ فَلَا يُؤَثِّرُ) وَنَظِيرُهَا هَا هُنَا أَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَا الدِّرْهَمَ وَهُوَ نُحَاسٌ فَيَصِحُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 عِنْدَهُ وَاسْتَبْدَلَ بِهِ سَوَاءٌ تَفَرَّقَا أَمْ لَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَوْ اشْتَرَى) شَيْئًا (بِمُكَسَّرَةٍ) فِي الذِّمَّةِ (وَأَدَّى) عَنْهَا (صِحَاحًا وَفَسَخَ) بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (اسْتَرَدَّ الصِّحَاحَ) لِأَنَّهَا الْمَدْفُوعَةُ وَمِثْلُهُ الْعَكْسُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (الثَّالِثَةُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفٍ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبًا وَرَدَّ) عَلَيْهِ (الْعَبْدَ بِعَيْبٍ رَجَعَ) عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي (بِالْأَلْفِ لَا بِالثَّوْبِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ وَلِأَنَّ الثَّوْبَ مَمْلُوكٌ بِعَقْدٍ آخَرَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الصِّحَاحَ فِيهِ كَالْمُكَسَّرَةِ فِي وُجُوبِ قَبُولِهَا لِاتِّحَادِهَا مَعَهَا جِنْسًا وَنَوْعًا مَعَ زِيَادَةِ صِفَةٍ لَا تَتَمَيَّزُ وَلَوْ بَانَ الْعَيْبُ بِالثَّوْبِ رَدَّهُ وَرَجَعَ بِالْأَلْفِ لَا بِالْقِيمَةِ (وَكَذَا) يَرْجِعُ بِالْأَلْفِ (لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ) الْمَبِيعُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِانْفِسَاخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ (الرَّابِعَةُ) لَوْ (بَاعَ عَصِيرًا فَبَانَ بِهِ عَيْبٌ وَقَدْ صَارَ خَمْرًا تَعَيَّنَ الْأَرْشُ) لِلْمُشْتَرِي لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ صَارَ كَالتَّالِفِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا أَرْشَ لِعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْخَمْرِ خَلًّا مَمْنُوعٌ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ تَعَيُّبِ الْمَبِيعِ مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا (فَإِنْ تَخَلَّلَ) بَعْدَ تَخَمُّرِهِ وَقَبْلَ أَخْذِ الْأَرْشِ (فَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ وَرَدُّ الثَّمَنِ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ) وَلَا يَضُرُّ الْخُرُوجُ فِي الْبَيِّنِ عَنْ صِفَةِ الْمَبِيعِ (وَإِنْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا بِدَرَاهِمَ) مَثَلًا (ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ) وَحْدَهُ (ثُمَّ عَلِمَ) الْمُشْتَرِي (بِهَا) أَيْ بِالْخَمْرِ (عَيْبًا فَلَا رَدَّ) لَهُ (بَلْ لِلْمُشْتَرِي الْأَرْشُ) لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ فِي ذَلِكَ (وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فَلَهُ الرَّدُّ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَتَمَلَّكُ الْخَمْرَ بَلْ نُزِيلُ يَدَهُ عَنْهَا (الْخَامِسَةُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ) لِلْمَبِيعِ (بَعْدَ الْفَسْخِ) بِالْعَيْبِ أَوْ غَيْرِهِ كَالْفَسْخِ بِالْخِيَارِ (عَلَى الْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَبِيعِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيَدُهُ ضَامِنَةٌ) وَمَا كَانَ مَضْمُونَ الْعَيْنِ فَهُوَ مَضْمُونُ الرَّدِّ لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَكَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ (السَّادِسَةُ لَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدٍ) مَثَلًا (وَأَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ جَارِيَةً وَيُعْتِقَهَا) عَنْهُ الْوَصِيُّ (فَفَعَلَ) الْوَصِيُّ ذَلِكَ (وَرَدَّ) عَلَيْهِ (الْعَبْدَ بِعَيْبٍ فَلَهُ بَيْعُهُ ثَانِيًا لِرَدِّ الثَّمَنِ) أَيْ لِيَرُدَّهُ إلَى الْمُشْتَرِي (وَلَوْ فَرَضَ الرَّدَّ) لِلْمَبِيعِ (بِالْعَيْبِ عَلَى وَكِيلٍ لَمْ يَبِعْهُ) ثَانِيًا (إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ) لِأَنَّهُ امْتَثَلَ الْمَأْمُورَ وَهَذَا مِلْكٌ جَدِيدٌ فَاحْتَاجَ فِيهِ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ وَيُخَالِفُ الْإِيصَاءَ فَإِنَّهُ تَوْلِيَةٌ وَتَفْوِيضٌ كُلِّيٌّ (وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ) شَخْصٌ (فِي بَيْعٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي) مَثَلًا (فَامْتَثَلَ وَرَدَّهُ) عَلَيْهِ (الْمُشْتَرِي) لَا يَبِيعُهُ ثَانِيًا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ زَالَ وَعَادَ فَهُوَ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (فَلَوْ بَاعَهُ الْوَصِيُّ) ثَانِيًا فِيمَا ذَكَرَ (بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَذَاكَ) ظَاهِرٌ (وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ) مِنْهُ (فَالْغُرْمُ) لِلنَّقْصِ (عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا أُمِرَ بِشِرَاءِ الْجَارِيَةِ بِثَمَنِ الْعَبْدِ لَا بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ (بَلْ لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الرَّدِّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ عَلَيْهِ إنْ غَرِمَ النَّقْصَ لَوْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ (غَرِمَ جَمِيعَ الثَّمَنِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ الْجَارِيَةَ إلَّا بِالْمَبْلَغِ الْأَقَلِّ فَهُوَ بِتَرْكِ الْبَحْثِ مُقَصِّرٌ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا غَرِمَهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى التَّرِكَةِ (وَإِنْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ) فَإِنْ كَانَ (لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ أَوْ لِرَغْبَةٍ) فِيهِ (سَلَّمَ الثَّمَنَ) الْأَوَّلَ أَيْ قَدْرَهُ (لِلْمُشْتَرِي وَالزِّيَادَةُ لِلْوَرَثَةِ وَإِلَّا بَانَ أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ لِلْغَبْنِ وَيَبْطُلُ شِرَاءُ الْجَارِيَةِ وَعِتْقُهَا إنْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنِ ثَمَنِ الْعَبْدِ وَإِنْ اشْتَرَاهَا فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ) الْعَقْدُ (لَهُ وَعَتَقَتْ عَنْهُ ثُمَّ) فِي الْحَالَيْنِ (إنْ كَانَ عَالِمًا) بِالْغَبْنِ (انْعَزَلَ) عَنْ الْإِيصَاءِ لِخِيَانَتِهِ كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ فَلَا يُمْكِنُهُ شِرَاءُ جَارِيَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَنَحْوِهِمَا لَا يَنْعَزِلُونَ بِمِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا وَلِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَحْيَاءُ يَحْتَاطُونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فِيهِمَا (وَإِلَّا اشْتَرَى جَارِيَةً) أُخْرَى (بِثَمَنِ الْعَبْدِ وَأَعْتَقَهَا عَنْ الْمُوصِي) لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ (فَرْعٌ) ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ لَوْ اشْتَرَى الْوَلِيُّ لِطِفْلَةٍ شَيْئًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِهِ فَبَاطِلٌ أَوْ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ لِلْوَلِيِّ وَلَوْ اشْتَرَاهُ فَتَعَيَّبَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ الْحَظُّ فِي الْإِبْقَاءِ أَبْقَى وَإِلَّا رَدَّ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ بَطَلَ إنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِهِ وَإِلَّا انْقَلَبَ إلَى الْوَلِيِّ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ وَأَطْلَقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يُطَالَبُ بِالْأَرْشِ لِأَنَّ الرَّدَّ مُمْكِنٌ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ لِلْمَصْلَحَةِ وَلَمْ يَفْصِلَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَارَ كَالتَّالِفِ حِسًّا) إذْ هُوَ تَالِفٌ شَرْعًا (قَوْلُهُ فَإِنْ تَخَلَّلَ فَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ لَهُ طَلَبُ إعْطَاءِ الْأَرْشِ وَتَوَافَقَا عَلَيْهِ جَازَ وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ الْخَلَّ غَيْرُ الْعَصِيرِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ فَهُوَ بِتَرْكِ الْبَحْثِ مُقَصِّرٌ) ثُمَّ هُوَ ضَامِنٌ بِسَبَبِ تَفْرِيطِهِ وَإِذَا صَارَ ضَامِنًا بِسَبَبِ التَّفْرِيطِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الضَّمَانِ حَتَّى يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ جَارِيَةً وَيُعْتِقَهَا وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّضْمِينِ بَيْنَ أَنْ يَتْلَفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيْعِهِ أَمْ لَا وَلَا يُنَافِيهِ تَقْيِيدُ الرَّافِعِيِّ التَّضْمِينَ بِقَوْلِهِ كَمَا رَدَّ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مِنْهُ التَّضْمِينَ فِيمَا إذَا مَاتَ بَعْدَ تَأْخِيرِ بَيْعِهِ عَنْ الرَّدِّ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ فَلَوْ بَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً أَنْ يَضْمَنَ مِثْلَ الثَّمَنِ وَ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا غَرِمَهُ إلَخْ) مَا اسْتَظْهَرَهُ مَمْنُوعٌ إذْ لَا رُجُوعَ (قَوْلُهُ وَعَتَقَتْ عَنْهُ) قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الطَّرَفَ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْمُوصَى لَهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ عَنْ الْمَيِّتِ وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِعِتْقِهِ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ ثَمَّ (قَوْلُهُ كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ) لَوْ بَاعَ الْعَدْلُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ صَارَ ضَامِنًا وَيَسْتَرِدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ وَالْوَكِيلُ لَوْ تَعَدَّى كَأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ ضَمِنَ قَطْعًا وَلَا يَنْعَزِلُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَا الْعَامِلُ فِي الْقِرَاضِ إذَا تَعَدَّى بِالسَّفَرِ أَوْ نَحْوِهِ صَارَ ضَامِنًا وَلَا يَنْعَزِلُ بَلْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ [فَرْعٌ اشْتَرَى الْوَلِيُّ لِطِفْلَةٍ شَيْئًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا] (قَوْلُهُ وَلَمْ يَفْصِلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 بَيْنَ الْعَيْبِ الْمُقَارَنِ وَالْحَادِثِ انْتَهَى وَعَلَى مَا فِي التَّتِمَّةِ اقْتَصَرَ السُّبْكِيُّ (وَلَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِأَلْفٍ) مَثَلًا فِي الذِّمَّةِ (فَسَلَّمَهُ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ) مُتَبَرِّعًا (ثُمَّ رَدَّ السِّلْعَةَ بِعَيْبٍ رَدَّ الْبَائِعُ الْأَلْفَ عَلَى الْمُشْتَرِي) كَمَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ فَإِذَا رَدَّ الْمَبِيعَ رَدَّ إلَيْهِ مَا قَابَلَهُ وَقِيلَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ الدَّافِعُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا رَجَّحَهُ هُنَا خَالَفَهُ فِي بَابِ الصَّدَاقِ حَيْثُ اقْتَضَى كَلَامُهُ أَنْ يَفْصِلَ فِيهِ كَالصَّدَاقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَرِّعُ أَبًا وَالْمُتَبَرِّعُ عَنْهُ صَغِيرًا أَيْ أَوْ نَحْوَهُ فَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَنْهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ فَيُرَدُّ إلَى الْمُتَبَرِّعِ وَالْأَوْجَهُ مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَيْهِ وَقَدْ جُعِلَ كَأَصْلِهِ فِي الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ ضَمِنَ شَخْصٌ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَأَدَّاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَرَدَّ الْمَبِيعَ أَوْ غَيْرَهُ أَنَّهُ كَالصَّدَاقِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ وَخَالَفَ الْوَلِيُّ غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُ لِمُوَلِّيهِ مِنْ نَفْسِهِ فَدَفْعُهُ عَنْهُ تَمْلِيكٌ لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَمَا دَفَعَهُ وَإِنْ قَدَّرَ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ مَنْ دَفَعَهُ عَنْهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِسْقَاطُ لَا التَّمْلِيكُ وَالْمِلْكُ إنَّمَا قُدِّرَ لِضَرُورَةِ الْإِيفَاءِ وَمَا أَطْلَقَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ كَالشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ وَأَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَنَّ الرَّدَّ فِي الصَّدَاقِ لِلزَّوْجِ مَحْمُولٌ عَلَى تَفْصِيلِ غَيْرِهِمْ (فَإِنْ بَانَتْ) أَيْ السِّلْعَةُ (مُسْتَحَقَّةً رَدَّ الْأَلْفَ لِلْأَجْنَبِيِّ) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنْ لَا ثَمَنَ وَلَا بَيْعَ (فَصْلٌ وَأَسْبَابُ الْفَسْخِ) لِلْبَيْعِ (سَبْعَةٌ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَالْخَلْفِ) لِلشَّرْطِ الْمَقْصُودِ (وَالْعَيْبِ وَالْإِقَالَةِ) كَمَا مَرَّ بَيَانُهَا (وَالتَّحَالُفُ وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ) كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُمَا وَبَقِيَ مِنْ أَسْبَابِ الْفَسْخِ أَشْيَاءُ وَإِنْ عُلِمَتْ مِنْ أَبْوَابِهَا وَأَمْكَنَ رُجُوعُ بَعْضِهَا إلَى السَّبْعَةِ فَمِنْهَا إفْلَاسُ الْمُشْتَرِي وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَغَيْبَةُ مَالِ الْمُشْتَرِي إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَبَيْعُ الْمَرِيضِ مُحَابَاةً لِوَارِثٍ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ وَقَدْ جَمَعَ فِي تَنْقِيحِ اللُّبَابِ أَكْثَرَ الْأَسْبَابِ وَبَيَّنْتُهَا فِي شَرْحِهِ مَعَ زِيَادَةٍ (وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ) الْمُعَيَّنَ (بَعْدَ قَبْضِهِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ) الْمُشْتَرِي (بِالْمَبِيعِ عَيْبًا فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا لِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ وَالثَّانِي نَعَمْ وَفَائِدَتُهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِبَدَلِ الثَّمَنِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّدَاقِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَيَّدَ بِبَعْدِ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْهِبَةَ قَبْلَهُ لَا تَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي وَذَكَرَ ثَمَّ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الثَّمَنِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ مَعَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْجِعُ بِبَدَلِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَفَائِدَتُهُ التَّخَلُّصُ عَنْ عُهْدَةِ الْبَيْعِ (وَيَجْرِيَانِ فِي) وُجُوبِ (الْأَرْشِ) عَلَى الْبَائِعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْمَبِيعِ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ وُجُوبُهُ وَهَذَا أَيْضًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ هُنَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَقَبَضَهُ وَسَلَّمَ ثَمَنَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِالثَّوْبِ عَيْبًا قَدِيمًا فَرَدَّهُ فَوَجَدَ الثَّمَنَ مَعِيبًا نَاقِصَ الصِّفَةِ بِأَمْرٍ حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَخَذَهُ نَاقِصًا وَلَا شَيْءَ لَهُ بِسَبَبِ النَّقْصِ (بَابٌ حُكْمُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَهُ) وَصِفَةُ الْقَبْضِ (الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) بِمَعْنَى انْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِتَلَفِهِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ بِتَعَيُّبِهِ وَبِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ (فَإِنْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ انْفَسَخَ) الْبَيْعُ (وَسَقَطَ الثَّمَنُ) عَنْ الْمُشْتَرِي لِتَعَذُّرِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ كَالتَّفْرِيقِ قَبْلَهُ فِي الصَّرْفِ سَوَاءٌ أَعَرَضَهُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ أَمْ لَا   [حاشية الرملي الكبير] بَيْنَ الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ وَالْحَادِثِ) هُوَ الْأَصَحُّ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي الْحَجْرِ (قَوْلُهُ وَمَا رَجَّحَهُ هُنَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَيْهِ) لَا يَتَأَتَّى هَذَا الْحَمْلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْتَنِيَ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيُقَالُ الْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ أَيْ عَنْ الْعَقْدِ بِمَعْنَى أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ وَقَعَ لِغَيْرِهِ وَأَنَّ الثَّمَنَ لَازِمٌ لِذَلِكَ الْغَيْرِ فَيَشْمَلُ حِينَئِذٍ الْأَبَ وَنَحْوَهُ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا فِي الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ وَقَدْ جُعِلَ كَأَصْلِهِ فِي الضَّمَانِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَسْتَدْعِي تَرَادَّ الْعِوَضَيْنِ إلَى الْعَاقِدَيْنِ جَمِيعًا وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ فَإِنَّ الْفَسْخَ إنْ وَقَعَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَسْتَدْعِي تَرَادَّ عِوَضٍ وَالْبَيْعُ يَقْتَضِيهِ دَائِمًا وَشَاهِدُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَصْدَقَ عَنْ عَبْدِهِ ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ وَطَلَّقَ أَوْ فَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ عَادَ الشَّطْرُ إلَيْهِ وَالْمَهْرُ دُونَ السَّيِّدِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الضَّمَانِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ هُوَ أَنَّ الْوَاقِعَ فِيهِ تَبَرُّعٌ بِالضَّمَانِ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ بِالدَّفْعِ لِأَنَّ الدَّفْعَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَقَامَ فِي وُجُوبِ الدَّفْعِ مَقَامَ الْمُشْتَرِي فَرَجَعَ الثَّمَنُ إلَيْهِ كَمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ قَدْ تَبَرَّعَ بِنَفْسِ الدَّفْعِ وَالْمُتَبَرِّعُ لَا يُنَاسِبُ الرُّجُوعُ فِيمَا تَصَدَّقَ بِهِ وَتَبَرَّعَ بِدَفْعِهِ ت [فَصْلٌ أَسْبَابُ الْفَسْخِ لِلْبَيْعِ سَبْعَةٌ] (قَوْلُهُ وَقَدْ جَمَعَ فِي تَنْقِيحِ اللُّبَابِ أَكْثَرَ الْأَسْبَابِ إلَخْ) وَخِيَارُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الدَّوَامِ وَكَذَا فِي الِابْتِدَاءِ إنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ فِيمَا رَآهُ قَبْلَ الْعَقْدِ إذَا تَغَيَّرَ عَنْ صِفَتِهِ وَلِجَهْلِ الْغَصْبِ مَعَ قُدْرَةِ الِانْتِزَاعِ وَلِطَرَيَانِ الْعَجْزِ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ وَلِجَهْلِ كَوْنِ الْمَبِيعِ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَزْرُوعًا وَلِلِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ غَيْرِ الْعِتْقِ وَالْقَطْعُ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ صَلَاحِهَا مِنْ صَاحِبِ الْأَصْلِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلِتَعَذُّرِ قَبْضِ الْمَبِيعِ بِجَحْدٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فِي ظُهُورِ زِيَادَةِ الثَّمَنِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَلِلْمُشْتَرِي فِي اخْتِلَاطِ الثَّمَرَةِ إنْ لَمْ يَهَبْ الْبَائِعُ لَهُ مَا تَجَدَّدَ وَبِتَعْيِيبِ الثَّمَرَةِ بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ وَلَهُ الْخِيَارُ أَيْضًا فِي صُورَةِ الْأَحْجَارِ الْمَدْفُونَةِ فِي الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ إذَا كَانَ الْقَلْعُ وَالتَّرْكُ مُضِرَّيْنِ أَوْ كَانَ الْقَلْعُ مُضِرًّا وَلَمْ يَتْرُكْ الْبَائِعُ الْأَحْجَارَ وَالْخِيَارُ بِالتَّعْزِيرِ الْفِعْلِيِّ مِنْ التَّصْرِيَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ وَالثَّانِي نَعَمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [بَابٌ حُكْمُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَهُ وَصِفَةُ الْقَبْضِ] (بَابٌ حُكْمُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَهُ إلَخْ) (قَوْلُهُ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ وَبَعْدَهُ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ وَلَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ الْحُرِّيَّةَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَصَدَّقْنَا وَحُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ كَالتَّالِفِ فِيمَا نَظُنُّهُ (قَوْلُهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) . قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الْقَبْضَ لَا يَجِبُ فِي الْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الضَّمَانِ وَالْقِسْمَةُ لَا ضَمَانَ فِيهَا فَلَا يَجِبُ فِيهَا التَّحْوِيلُ. اهـ. لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا قَالَ شَيْخُنَا فِي الْعُرْفِ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي إلَخْ) وَإِنْ كَانَ مَعِيبًا وَجَبَ رَدُّهُ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا عَلَى الْبَائِعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ إذَا كَانَ مُسْتَمِرًّا بِيَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ وَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْقَبْضُ وَيَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ قَالَ وَكَذَا يَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِهِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مُكَاتِبِهِ أَوْ مُوَرِّثِهِ شَيْئًا ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ نَفْسُهُ أَوْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَإِذَا أَبْرَأهُ الْمُشْتَرِي) عَنْ ضَمَانِ الْمَبِيعِ لَوْ تَلِفَ (لَمْ يَبْرَأْ) لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ (وَانْفِسَاخُهُ) بِتَلَفِ الْمَبِيعِ يُقَدِّرُ بِهِ انْتِقَالَ الْمِلْكِ فِيهِ إلَى الْبَائِعِ (قُبَيْلَ التَّلَفِ لَا مِنْ الْعَقْدِ) كَالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ (فَتَجْهِيزُهُ عَلَى الْبَائِعِ) لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهِ إلَيْهِ (وَزَوَائِدُهُ) الْمُنْفَصِلَةُ الْحَادِثَةُ عِنْدَهُ كَثَمَرَةٍ وَلَبَنٍ وَبَيْضٍ وَصُوفٍ وَكَسْبٍ (وَرِكَازٍ يَجِدُهُ الْعَبْدُ) أَوْ الْأَمَةُ وَمَوْهُوبٍ مُوصًى بِهِ لَهُمَا (لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ (وَهِيَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ) لِأَنَّ يَدَهُ لَمْ تَحْتَوِ عَلَيْهِ لِتَمَلُّكِهِ كَالْمُسْتَامِ وَلَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ كَالْمُسْتَعِيرِ وَلَا لِلتَّعَدِّي فِيهِ كَالْغَاصِبِ وَسَبَبُ الضَّمَانِ عِنْدَهُمْ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ وَمُرَادُهُمْ بِذَلِكَ ضَمَانُ الْيَدِ فَلَا يَرِدُ ضَمَانُ الْعَقْدِ (لَا خِيَارَ بِتَلَفِهَا) عِنْدَ الْبَائِعِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَبِيعَةً (وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَلَوْ جَاهِلًا) بِهِ (قَبْضٌ) لَهُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مِلْكَهُ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إتْلَافُهُ لِصِيَالِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ أَوْ لِرِدَّتِهِ وَالْمُشْتَرِي الْإِمَامُ كَمَا سَيَأْتِي قَبْلَ الدِّيَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ الْإِمَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إلَيْهِ وَلَا يَشْكُلُ بِأَنَّ لِلسَّيِّدِ قَتْلَ رَقِيقِهِ الْمُرْتَدِّ كَالْإِمَامِ إذْ بِتَقْدِيرِ الِانْفِسَاخِ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ قَتَلَ رَقِيقَ غَيْرِهِ وَلَا بِأَنْ قَتَلَ الْمُرْتَدَّ لَا ضَمَانَ فِيهِ فَكَيْفَ يَكُونُ قَبْضًا مُقَرِّرًا لِلثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ ضَمَّانِي الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ إذْ الْمُرْتَدُّ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنَانِ بِالْقِيمَةِ وَيَضْمَنَانِ بِالثَّمَنِ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمَوْقُوفُ بِالْعَكْسِ وَيُقَاسُ بِالْمُرْتَدِّ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ بِأَنْ زَنَى كَافِرٌ حُرٌّ ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ وَلَوْ قَتَلَهُ الْمُشْتَرِي قِصَاصًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَنَّهُ كَالْآفَةِ وَلِكَوْنِ الْحَقِّ لَهُ خَالَفَ الْمُرْتَدَّ وَفِي مَعْنَى إتْلَافِ الْمُشْتَرِي مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَطِئَهَا أَبَاهُ قَبْلَ قَبْضِهَا وَأَحْبَلَهَا لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ وَطْءَ أَبِيهِ كَوَطْئِهِ حَيْثُ رَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ ثُمَّ مَحَلُّ مَا ذَكَرَ فِي إتْلَافِهِ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْقَبْضِ فَلَوْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالْقِيَاسُ أَنَّ إتْلَافَهُ لَيْسَ بِقَبْضٍ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ وَقَدْ يَحْصُلُ التَّقَاصُّ إذَا أَتْلَفَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ وَأَمَّا إتْلَافُ الْوَكِيلِ فَكَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَا يَنْفَسِخُ) الْبَيْعُ (بِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) الْمَبِيعَ لِقِيَامِ بَدَلِهِ مَقَامَهُ (بَلْ يَتَخَيَّرُ) الْمُشْتَرِي (بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ) أَوْ الْمِثْلِ وَإِذَا اخْتَارَ الْفَسْخَ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِالْبَدَلِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْإِجَارَةِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا الْخِيَارُ بِغَصْبِ الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ بَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَا الْمَالُ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْجَانِي فَتَعَدَّى الْعَقْدُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى بَدَلِهَا بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى مُتْلِفِهَا فَلَمْ يَتَعَدَّ الْعَقْدُ مِنْهَا إلَى بَدَلِهَا (وَ) حَيْثُ أَجَازَ (لَيْسَ لِلْبَائِعِ طَلَبُ الْقِيمَةِ لِلْحَبْسِ) لَهَا (فِي الثَّمَنِ) كَالْمُشْتَرِي إذَا أَتْلَفَ الْمَبِيعَ لَا يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِيَحْبِسَهَا الْبَائِعُ وَلِأَنَّ الْحَبْسَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْعَقْدِ حَتَّى يَنْتَقِلَ إلَى الْبَدَلِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِيَارِ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ وَفِيمَا إذَا كَانَ الْأَجْنَبِيُّ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ وَلَمْ يَكُنْ إتْلَافُهُ بِحَقٍّ أَمَّا فِي الرِّبَوِيِّ أَوْ فِي غَيْرِهِ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ حَرْبِيًّا أَوْ كَانَ إتْلَافُهُ بِحَقٍّ كَقِصَاصٍ فَكَالْآفَةِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ (وَمَتَى أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ أَوْ أَعْتَقَ بَاقِيَهُ) الَّذِي   [حاشية الرملي الكبير] فَالْأَصَحُّ عَوْدُهُ وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ سَقَطَ اسْتِحْقَاقُهُ الثَّمَنَ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا فَيَنْقَلِبُ الْمِلْكُ فِيهِ إلَى الْمُشْتَرِي كَمَا يَنْقَلِبُ مِلْكُ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَانْفِسَاخُهُ قُبَيْلَ التَّلَفِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَجْهُهُ أَنَّ رُجُوعَ الْمَبِيعِ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ بِانْفِسَاخٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَمْرٌ قَهْرِيٌّ شَبِيهٌ بِالْإِرْثِ وَإِنْ كَانَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ فَلِهَذَا قَدَّرَ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فِي كُلِّ ذَلِكَ قُبَيْلَهُ وَفَائِدَتُهُ الْغُنْمُ وَالْغُرْمُ (قَوْلُهُ وَمُرَادُهُمْ بِذَلِكَ ضَمَانُ الْيَدِ إلَخْ) وَضَمَانُ الْأَصْلِ بِالْعَقْدِ وَلَمْ يُوجَدْ الْعَقْدُ فِي الزَّوَائِدِ (قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا (قَوْلُهُ أَوْ لِرِدَّتِهِ) وَالْمُشْتَرِي الْإِمَامُ أَوْ مَأْذُونُهُ (قَوْلُهُ إذْ بِتَقْدِيرِ الِانْفِسَاخِ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ قَتَلَ رَقِيقَ غَيْرِهِ) وَبِهَذَا تَنْدَفِعُ دَعْوَى الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْبَغَوِيّ إنَّمَا بَنَى الْفَرْقَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى عَبْدِهِ أَنَّ (قَوْلَهُ وَيُقَاسُ بِالْمُرْتَدِّ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ تَفَقُّهًا مَا لَوْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُشْتَرِي فِي الصَّلَاةِ فَقَتَلَهُ لِلدَّفْعِ وَمَا لَوْ قَاتَلَ مَعَ الْبُغَاةِ أَوْ أَهْلِ الرِّدَّةِ فَقَتَلَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَتَلَهُ الْمُشْتَرِي قِصَاصًا إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الْقِصَاصُ لِغَيْرِهِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْإِمَامُ أَوْ مَأْذُونُهُ فَقَتَلَهُ لِحَقِّ الْمُقْتَصِّ (قَوْلُهُ رَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ فَتَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ) صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ اقْتَضَضْتُكِ (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنَّ إتْلَافَهُ لَيْسَ بِقَبْضٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الْجِنَايَاتِ وَإِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ قَبْضٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إتْلَافُ الْوَكِيلِ إلَخْ) سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْقَبْضِ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ بِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) وَلَوْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ (قَوْلُهُ بَلْ يَتَخَيَّرُ فَوْرًا أَوْ مُتَرَاخِيًا وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا (قَوْلُهُ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى مُتْلِفِهَا إلَخْ) وَأَيْضًا الْمَنَافِعُ لَا وُجُودَ لَهَا بِنَفْسِهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْغَاصِبُ فَقَدْ تَلِفَتْ بِنَفْسِهَا فَالْحُكْمُ كَالتَّلَفِ بِالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ وَإِنْ اسْتَعْمَلَ فَإِنَّمَا أَوْجَدَ مَا يَخُصُّهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَفَرْق بَيْنَ مَوْجُودٍ أُتْلِفَ وَبَيْنَ مَعْدُومٍ لَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ لَكِنْ عَيْنُ وُجُودِهِ عَيْنُ تَلَفِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِيَارِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيَنْتَظِرْ فِيمَا لَوْ أَكَلَهُ مُضْطَرًّا أَوْ مُؤَجَّرًا أَوْ مُكْرَهًا وَالظَّاهِرُ فِي غَيْرِ الْمُؤَجَّرِ كَرِهَانِهِ أَنَّهُ كَالْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ إتْلَافُهُ بِحَقٍّ) بِأَنْ لَا يَضْمَنَهُ بِالْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَ بَاقِيَهُ) شَمِلَ مَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ بَاقِيهِ كَأَنْ أَعْتَقَ مِنْ نِصْفِهِ الْبَاقِي سُدُسًا فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى ثُلُثِهِ ثُمَّ إلَى نِصْفِهِ قَالَ النَّاشِرِيُّ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الثَّمَنِ بِمَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَقَدْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ وَخَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَاقِيًا أَوْ كَانَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لَمْ يُعْتَبَرْ يَسَارُ الْبَائِعِ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ أَطْلَقُوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 لَمْ يَبِعْهُ (وَهُوَ مُوسِرٌ) بِالثَّمَنِ (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ (كَالْآفَةِ) وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَغْرِيمُهُ بَدَلَ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ أَمَّا لَوْ أَتْلَفَهُ بِآفَةٍ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ فِي الْخِيَارِ فَلَا انْفِسَاخَ إلَّا إذَا قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ فَالصَّحِيحُ انْفِسَاخُهُ بِذَلِكَ (فَرْعٌ) لَوْ (انْقَلَبَ الْعَصِيرُ) الْمَبِيعُ (خَمْرًا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ حُكْمُ الْبَيْعِ فَمَتَى عَادَ خَلًّا عَادَ حُكْمُهُ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) لِأَنَّ الْخَلَّ دُونَ الْعَصِيرِ وَهَذَا الْفَرْعُ مَوْجُودٌ هُنَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ هُنَا مَعَ نَقْلِهِ هَذَا عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ تَخَمُّرَ الْعَصِيرِ كَالتَّالِفِ وَإِنْ عَادَ خَلًّا (فَرْعٌ لَا أُجْرَةَ عَلَى الْبَائِعِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَهُ كَالْآفَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَزَالَ بَكَارَةَ الْأَمَةِ لَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ وَلَا يُنَافِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى بِحَبْسِهِ مُدَّةً لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ ذَاكَ مَعَ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِقْبَاضِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الِانْتِفَاعِ فَمُطْلَقُ التَّعَدِّي لَا يُوجِبُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَمَا قِيلَ إنَّ وُجُوبَهَا بِالِانْتِفَاعِ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحَبْسِ فِيهِ نَظَرٌ (فَرْعٌ إتْلَافُ الْأَعْجَمِيِّ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ بِأَمْرِ الْأَجْنَبِيِّ (كَإِتْلَافِهِ) فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْبَائِعِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ أَوْ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي كَانَ قَبْضًا أَوْ بِأَمْرِ الْأَجْنَبِيِّ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فَلَوْ أَمَرَهُ الثَّلَاثَةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِي الثُّلُثِ وَالتَّخْيِيرُ فِي الثُّلُثِ وَالِانْفِسَاخُ فِي الثُّلُثِ أَمَّا إتْلَافُ الْمُمَيِّزِ بِأَمْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَكَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ بِلَا أَمْرٍ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ (وَإِذْنُ الْمُشْتَرِي لِلْأَجْنَبِيِّ أَوْ لِلْبَائِعِ فِي إتْلَافِهِ لَغْوٌ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ) أَيْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فِي إتْلَافِهِ لِاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ ثُمَّ وَمَسْأَلَةُ إذْنِ الْمُشْتَرِي لِلْأَجْنَبِيِّ نَقَلَهَا الْأَصْلُ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ لَكِنَّ الْقَاضِيَ أَجَابَ مَرَّةً أُخْرَى بِخِلَافِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي فَقَالَ وَجِنَايَةُ الْأَجْنَبِيِّ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي كَجِنَايَتِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِي الْقَبْضِ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْبَائِعِ بِأَمْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا لَهُ فِي الْقَبْضِ نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ثُمَّ قَالُوا وَهَذَا أَحْسَنُ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْإِتْلَافُ مُحَرَّمًا فَفِيهِ احْتِمَالٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ (وَإِتْلَافُ عَبْدِ الْبَائِعِ) وَلَوْ بِإِذْنِهِ (كَالْأَجْنَبِيِّ) أَيْ كَإِتْلَافِهِ. (وَكَذَا عَبْدُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ أَجَازَ) الْبَيْعَ (جُعِلَ قَابِضًا) كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِنَفْسِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ وَإِنْ فَسَخَ اتَّبَعَ الْبَائِعُ الْجَانِيَ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْحَقْ عَبْدُ الْبَائِعِ بِعَبْدِ الْمُشْتَرِي فِي التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ لِشِدَّةِ تَشَوُّقِ الشَّارِعِ إلَى بَقَاءِ الْعُقُودِ (وَإِنْ أَتْلَفَتْهُ دَابَّتُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي كَأَنْ كَانَ عَلَفًا فَأَكَلَتْهُ (نَهَارًا انْفَسَخَ) الْبَيْعُ (أَوْ لَيْلًا فَلَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ فَسَخَ طُولِبَ بِمَا أَتْلَفَتْ) أَيْ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِبَدَلِ مَا أَتْلَفَهُ وَإِنْ أَجَازَ فَقَابِضٌ (وَ) إنْ أَتْلَفَتْهُ (بَهِيمَةُ الْبَائِعِ) فَهُوَ (كَالْآفَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ كَإِتْلَافِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُفَرِّقْ فِيهَا بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ كَبَهِيمَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ إتْلَافَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِتَفْرِيطٍ مِنْ الْبَائِعِ فَآفَةٌ وَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ إتْلَافَهُ كَالْآفَةِ بِخِلَافِ إتْلَافِ بَهِيمَةِ الْمُشْتَرِي فَنَزَلَ بِالنَّهَارِ مَنْزِلَةَ إتْلَافِ الْبَائِعِ لِتَفْرِيطِهِ بِخِلَافِهِ لَيْلًا فَإِنْ قُلْت إتْلَافُهَا لَيْلًا إمَّا بِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ قَبْضًا أَوْ لَا فَيَكُونُ كَالْآفَةِ فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ فَلَا وَجْهَ لِتَخْيِيرِهِ قُلْت هُوَ بِتَقْصِيرِهِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ إتْلَافُهَا صَالِحًا لِلْقَبْضِ خُيِّرَ فَإِنْ أَجَازَ فَقَابِضٌ أَوْ فَسَخَ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالْبَدَلِ كَمَا تَقَرَّرَ فَمَا قِيلَ إنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا وَإِلَّا فَإِتْلَافُهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ مَعَ تَقْصِيرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَوْ كَانَ مَعَهَا غَيْرُهُ فَإِتْلَافُهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَعْبِيرِ الْقَفَّالِ الْمَذْكُورِ فِي الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَلَفًا فَاعْتَلَفَهُ حِمَارُ الْمُشْتَرِي إلَى مَا قَالَهُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِثَالٌ لَا تَقْيِيدٌ (فَرْعٌ لَوْ صَالَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي) أَوْ غَيْرِهِ   [حاشية الرملي الكبير] ذِكْرَ الْيَسَارِ فَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَالْمُتَّجَهُ مَا ذَكَرْته (قَوْلُهُ وَهُوَ مُوسِرٌ بِالثَّمَنِ) أَيْ الَّذِي قَبَضَهُ وَتَلِفَ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ (قَوْلُهُ انْفَسَخَ كَالْآفَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ أُكْرِهَ الْبَائِعُ عَلَى إتْلَافِهِ هَلْ يَكُونُ كَالْمُخْتَارِ عَلَى الْمُرَجَّحِ أَوْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَمُطَالَبَةِ الْمُكْرَهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا [فَرْعٌ انْقَلَبَ الْعَصِيرُ الْمَبِيعُ خَمْرًا قَبْلَ الْقَبْضِ] (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ [فَرْعٌ لَا أُجْرَةَ عَلَى الْبَائِعِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ] (قَوْلُهُ مَا أَفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى إلَخْ) قَالَ لِأَنَّهُ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَضَاعَ بِعُدْوَانِ الْبَيْعِ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الِانْتِفَاعَ عُدْوَانٌ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ امْتِنَاعٌ (قَوْلُهُ فَمَا قِيلَ إنَّ وُجُوبَهَا بِالِانْتِفَاعِ إلَخْ) فَالْأَصَحُّ عَدَمُ لُزُومِهَا وَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ بَنَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَهُ أَنَّ إتْلَافَهُ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِكَوْنِهِ غَيْرِ مَالِكٍ [فَرْعٌ إتْلَافُ الْأَعْجَمِيِّ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِأَمْرِ أَحَد الْعَاقِدَيْنِ أَوْ بِأَمْرِ الْأَجْنَبِيِّ] (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْقَبْضُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّا نَقُولُ فِعْلُهُ اقْتَضَى ذَلِكَ وَهُوَ أَمْرُ مَنْ ذَكَرَ بِالْإِتْلَافِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ رِضَاهُ بِتَفْرِيقِهَا (قَوْلُهُ أَوْ لَيْلًا) أَوْ وَهُوَ مَعَهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَتْهُ بَهِيمَةُ الْبَائِعِ إلَخْ) لَوْ أَكَلَتْ الدَّابَّةُ الْمَبِيعَةُ ثَمَنَهَا قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا انْفَسَخَ الْبَيْعُ ثُمَّ إنْ كَانَتْ حِينَئِذٍ مَعَ الْبَائِعِ ضَمِنَهُ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَكَلَتْهُ بَعْدَ قَبْضِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ ثُمَّ إنْ كَانَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا بَلْ أَفْرَزَهُ الْمُشْتَرِي لِيُسَلِّمَهُ لَمْ يَنْفَسِخْ فَإِنْ أَكَلَتْهُ لَا فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ أَوْ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ وَلَوْ ابْتَلَعَ الثَّمَنَ حَيَوَانٌ وَهُوَ لَا يَتْلَفُ بِالِابْتِلَاعِ فَإِنْ رُجِيَ خُرُوجُهُ مِنْهُ فَكَالْإِبَاقِ وَإِلَّا انْفَسَخَ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا لَمْ يُشَقَّ جَوْفُهُ وَيَضْمَنُهُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَإِلَّا فَكَمَا فِي الْغَصْبِ كَذَا حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ لَيْلٍ وَنَهَارٍ (قَوْلُهُ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَلَمْ يَعْرُجْ فِيهِ عَلَى الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَإِتْلَافُهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ إلَخْ) أَيْ فَيَتَخَيَّرُ كَمَا مَرَّ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَوْ كَانَتْ مَعَ غَيْرِهِ فَالْإِتْلَافُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ [فَرْعٌ صَالَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَتَلَهُ الْمُشْتَرِي دَفْعًا لِصِيَالِهِ] (قَوْلُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ) كَرَقِيقِهِ أَوْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 (فَقَتَلَهُ) الْمُشْتَرِي (دَفْعًا) لِصِيَالِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) ثَمَنَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قَبْضًا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ الْمَبِيعُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ عَبْدَهُ الْمَغْصُوبَ دَفْعًا لِصِيَالِهِ لَا يَكُونُ قَبْضًا وَإِنْ عَلِمَ عَبْدَهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَبِيعِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ الْمَبِيعِ (فَرْعٌ وَإِتْلَافُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ) إتْلَافًا مُضَمِّنًا (فِي يَدِ مُشْتَرٍ قَبَضَهُ) مِنْهُ (عُدْوَانًا بِأَنْ اسْتَحَقَّ) الْبَائِعُ (حَبْسَهُ كَاسْتِرْدَادِهِ) أَيْ يُجْعَلُ مُسْتَرِدًّا لَهُ بِالْإِتْلَافِ كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِي قَابِضٌ بِالْإِتْلَافِ وَقِيلَ لَا بَلْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِاسْتِقْرَارِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فِيهِ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (لَكِنْ) إذَا جُعِلَ مُسْتَرِدًّا لَهُ (هَلْ يَنْفَسِخُ) الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ الْمُعْتَبَرِ كَالْآفَةِ (أَوْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَهُ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ (وَجْهَانِ وَالظَّاهِرُ) مِنْهُمَا (عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي) وَاَلَّذِي يَجِيءُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ إتْلَافَهُ كَالْآفَةِ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (فَرْعٌ وُقُوعُ الدُّرَّةِ) وَنَحْوَهَا (فِي الْبَحْرِ) إذَا لَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهَا مِنْهُ (وَانْفِلَاتُ الصَّيْدِ الْمُتَوَحِّشِ) وَالطَّيْرِ إذَا لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ قَبْلَ قَبْضِهَا (تَلَفٌ) فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ لِتَعَذُّرِ قَبْضِهَا (وَلَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ) بِالْمَاءِ (أَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهَا صُخُورٌ) أَوْ رَكِبَهَا رَمْلٌ قَبْلَ قَبْضِهَا (فَهُوَ عَيْبٌ لَا تَلَفٌ) فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَلَا يُنَاقِضُهُ مَا فِي الشُّفْعَةِ مِنْ أَنَّ تَغْرِيقَ الْأَرْضِ تَلَفٌ لَا عَيْبٌ حَتَّى لَوْ حَصَلَ فِي بَعْضِهَا لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ إلَّا بِالْحِصَّةِ وَلَا مَا فِي الْإِجَازَةِ مِنْ أَنَّهُ كَانْهِدَامِ الدَّارِ فَيَكُونُ تَلَفًا لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَتْلَفْ وَالْحَيْلُولَةُ لَا تَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ تَالِفَةً فِيمَا ذُكِرَ أَمَّا فِي الشُّفْعَةِ فَلِأَنَّ الشَّفِيعَ مُتَمَلِّكٌ وَالتَّالِفُ مِنْهَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَلِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي بَيْعِ الْآبِقِ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَلِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ لِحَيْلُولَةِ الْمَاءِ وَلَا يُمْكِنُ تَرَقُّبُ زَوَالِهِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَتْلَفُ وَلَا تُضْمَنُ (فَرْعٌ وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ) أَوْ ضَلَّ (أَوْ غُصِبَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ لِرَجَاءِ الْعَوْدِ (فَإِنْ أَجَازَ) الْبَيْعَ (لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ) فَلَهُ الْفَسْخُ (مَا لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ الْعَبْدُ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَأَجَازَ ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ كُلَّ سَاعَةٍ فَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّرَاخِي (وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ) قَبْلَ عَوْدِ الْعَبْدِ وَإِنْ أَجَازَ (فَإِنْ سَلَّمَهُ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مَا لَمْ يَفْسَخْ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ (وَلَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ (الْأَجْنَبِيُّ فَأَجَازَ) الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ (بَطَلَ خِيَارُهُ) لِأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ فَأَشْبَهَ الْحَوَالَةَ وَهَذَا بَحْثٌ لِلْقَاضِي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ مِثْلَ مَا مَرَّ آنِفًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّضَا فِي الْحَوَالَةِ بِأَنَّ الرِّضَا فِيهَا وَقَعَ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَإِنْ جَحَدَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ) وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُشْتَرِي (فَلَهُ الْخِيَارُ لِلتَّعَذُّرِ) أَيْ لِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ حَالًّا كَمَا فِي الْآبِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي فَسْخِهِ بِمُجَرَّدِ الْجَحْدِ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ وَقْفَةٌ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ (فَرْعٌ لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ آخَرَ) وَسَلَّمَهُ (وَغَلَبَ عَلَيْهِ) بِأَنْ عَجَزَ الْبَائِعُ عَنْ انْتِزَاعِهِ مِنْهُ وَتَسْلِيمِهِ لِلْأَوَّلِ (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ كَإِتْلَافِهِ لَهُ (فَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَوَّلًا عِلْمَ الثَّانِي بِشِرَائِهِ) لَهُ قَبْلَهُ (أَوْ قُدْرَةَ الْبَائِعِ عَلَى انْتِزَاعِهِ) لَهُ مِنْ الثَّانِي (سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ عَلَيْهِمَا فَيَحْلِفَانِ فَإِنْ نَكَلَا حَلَفَ هُوَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَأَخَذَ الْمَبِيعَ مِنْ الثَّانِي فِي الْأُولَى وَحَبَسَ الْبَائِعَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ أَوْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِعَجْزِهِ فِي الثَّانِيَةِ (فَصْلٌ وَإِنْ تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ (قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ) كَحُمَّى وَشَلَلٍ (ثَبَتَ) لِلْمُشْتَرِي (الْخِيَارُ) كَمَا مَرَّ (بِلَا أَرْشٍ) لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ (وَكَذَا) لَهُ الْخِيَارُ (بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ) لِأَنَّهَا كَالْآفَةِ كَمَا مَرَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَقَتَلَهُ دَفْعًا لَمْ يَضْمَنْ) لَوْ قَتَلَ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي أَوْ ابْنِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُشْتَرِي نَفْسَهُ فَاقْتَصَّ مِنْهُ الْمُشْتَرِي فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَوْ وَارِثُهُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَسْتَقِرَّ الثَّمَنُ [فَرْعٌ إتْلَافُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ فِي يَدِ مُشْتَرٍ قَبَضَهُ مِنْهُ عُدْوَانًا] (قَوْلُهُ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ) فَهُوَ الْمَذْهَبُ [فَرْعٌ وُقُوعُ الدُّرَّةِ فِي الْبَحْرِ وَانْفِلَاتُ الصَّيْدِ الْمُتَوَحِّشِ تَلَفٌ يَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ وُقُوعُ الدُّرَّةِ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) وَاخْتِلَاطُ غَيْرِ الْمُتَمَاثِلِ كَثَوْبٍ أَوْ شَاةٍ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ وَسَرِقَتُهُ إذَا لَمْ يُعْرَفْ سَارِقُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ إلَخْ) فَإِنْ رُجِيَ انْحِسَارُ الْمَاءِ لَكِنَّهُ مَحَا حُدُودَهَا وَلَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ غَيْرِهَا فَكَاخْتِلَاطِ الصُّبْرَةِ بِغَيْرِهَا قَالَ شَيْخُنَا حَاصِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ وُقُوعِ الدُّرَّةِ فِي الْبَحْرِ وَانْفِلَاتِ الصَّيْدِ إتْلَافٌ إنْ لَمْ يُمْكِنْ حُصُولُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ وَلَوْ بِعُسْرٍ فَلَا وَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَمِثْلُهُ وُقُوعُ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى الْمَبِيعِ فَإِنْ أَمْكَنَ رَفْعُهَا كَانَ تَعْيِيبًا وَإِلَّا انْفَسَخَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ هَذَا عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمَا بِلَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا أَيْ بِلَا كَبِيرِ مَشَقَّةٍ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ) لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَذْهَبْ وَلَمْ تَتْلَفْ وَالْحَيْلُولَةُ لَا تَقْتَضِي الْفَسْخَ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ وَالْغَصْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَالتَّالِفُ مِنْهَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ) إمَّا لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَتْلَفُ وَلَا تُضْمَنُ) وَإِنَّمَا قِيلَ وَلَا تُضْمَنُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا غُصِبَتْ الدَّابَّةُ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ [فَرْعٌ أَبَقَ الْعَبْدُ أَوْ ضَلَّ أَوْ غُصِبَ قَبْلَ الْقَبْضِ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ بُعِثَ الْبَائِعُ فِي شُغْلٍ إلَى قَرْيَةٍ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْغَيْبَةُ مِمَّا لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَهُ الْفَسْخُ وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا غَائِبًا كَانَ قَدْ رَآهُ وَوَفَّى الثَّمَنَ فَلَا فَسْخَ لَهُ فِي الْحَالِ لِرِضَاهُ بِذَلِكَ لَمَّا عَلِمَ كَوْنَهُ غَائِبًا وَلَهُ الْفَسْخُ إذَا مَضَى زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ إحْضَارُهُ وَلَمْ يُحْضِرْهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا كَالْمَقْبُوضَةِ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَهَذَا بَحْثٌ لِلْقَاضِي إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّضَا فِي الْحَوَالَةِ إلَخْ) الْفَرْقُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ إذْ الْجَامِعُ الرِّضَا بِمَا فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ تَجَدُّدِ ضَرَرٍ (قَوْلُهُ أَوْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لِعَجْزِهِ فِي الثَّانِيَةِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَجْزُهُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْحَالِفِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي فَإِذَا كَانَتْ بَيِّنَةً بِعَجْزِهِ غَرِمَ لَهُ قِيمَتَهُ [فَصْلٌ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ] (قَوْلُهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ بِلَا أَرْشٍ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ ضَمِنَ الشَّيْءَ بِثَمَنِهِ لَا يَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِهِ عِنْدَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 بِخِلَافِ جِنَايَتِهِ كَمَا قَالَ (فَإِنْ قَطَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهُ) مَثَلًا (فَيُجْعَلُ قَابِضًا لِبَعْضِ الْمَبِيعِ) أَيْ لِمَا قَطَعَهُ (حَتَّى يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ إتْلَافَهُ قَبْضٌ وَبِهَذَا فَارَقَ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِيمَا لَوْ عَيَّبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَمَا لَوْ جَبَّتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ زَوْجِهَا إذْ لَا يُتَخَيَّلُ إنَّ ذَلِكَ قَبْضٌ (فَإِنْ تَلِفَ) الْعَبْدُ (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) أَوْ قَبْلَهُ بِغَيْرِ الْقَطْعِ (وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُشْتَرِي الْيَدَ بِأَرْشِهَا الْمُقَدَّرِ وَلَا بِمَا يَنْقُصُ مِنْ الْقِيمَةِ بَلْ) يَضْمَنُهَا (بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ) كَمَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ (فَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ صَحِيحًا ثُمَّ مَقْطُوعًا) وَيَعْرِفُ التَّفَاوُتَ (فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ) فَلَوْ قُوِّمَ صَحِيحًا بِثَلَاثِينَ وَمَقْطُوعًا بَخَمْسَةَ عَشَرَ لَزِمَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ وَلَوْ قُوِّمَ مَقْطُوعًا بِعِشْرِينَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الثَّمَنِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ ثُمَّ بِالْوَاوِ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ قَطَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَيَغْرَمُ) الْأَجْنَبِيُّ (لِلْمُشْتَرِي إنْ أَجَازَ) الْعَقْدَ (وَقَبَضَ) الْمَبِيعَ (أَوْ لِلْبَائِعِ إنْ فَسَخَ) الْمُشْتَرِي (الْعَقْدَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ) فِيهِمَا عَلَى الْقِيَاسِ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ نَعَمْ إنْ غَصَبَهُ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ لَزِمَهُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ النِّصْفِ وَالنَّقْصِ فَلَوْ نَقَصَ بِقَطْعِهَا ثُلُثَا الْقِيمَةِ لَزِمَهُ ثُلُثَاهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْغَصْبِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَقَبَضَ مَا لَوْ أَجَازَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ فَلَا غُرْمَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِجَوَازِ مَوْتِ الْعَبْدِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَانْفِسَاخِ الْبَيْعِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّاهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ لِتَحَقُّقِ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يُتْرَكُ لِأَمْرٍ مُتَوَهَّمٍ قَالَ ثُمَّ مُقْتَضَاهُ إنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْآنَ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةُ الْأَجْنَبِيِّ وَيُلْزِمُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَمْلِكْ أَحَدُهُمَا الْمُطَالَبَةَ بِهِ انْتَهَى (وَإِنْ تَلِفَ سَقْفُ الدَّارِ وَنَحْوَهُ) كَبَعْضِ أَبْنِيَتِهَا (فَكَتَلَفِ أَحَدِ عَبْدَيْ الصَّفْقَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ) أَنَّهُ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي فَكَذَا هُنَا (لَا كَالتَّعَيُّبِ) بِسُقُوطِ الْيَدِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ السَّقْفَ وَنَحْوَهُ يُمْكِنُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الْيَدِ وَنَحْوِهَا فَكَانَتْ كَالتَّعَيُّبِ بِفَوَاتِ وَصْفٍ فَلَا يُقَابِلُ سُقُوطَهَا بِعِوَضٍ (فَصْلٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا الِاشْتِرَاكُ فِيهِ وَ) لَا (التَّوْلِيَةُ) مَنْقُولًا كَانَ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ لِخَبَرِ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَا أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مِثْلُهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضَهُ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ إسْنَادُهُ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ وَلِضَعْفِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِدَلِيلِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِالتَّلَفِ قَبْلَهُ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِلَا يَصِحُّ نَصَّ عَلَى الْغَرَضِ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِلَا يَجُوزُ (وَكَذَا) لَا تَصِحُّ (الْكِتَابَةُ وَالْهِبَةُ) وَالصَّدَقَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ (وَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ وَالْإِقْرَاضُ) لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَلَا جَعْلُهُ عِوَضًا) فِي نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهَا لِضَعْفِ الْمِلْكِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ) كَانَ الْبَيْعُ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ (مِنْ الْبَائِعِ) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَلِضَعْفِ الْمِلْكِ لَكِنَّ مَحَلَّ مَنْعِ الرَّهْنِ مِنْهُ إذَا رَهَنَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ وَكَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ (إلَّا أَنْ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ مَا بَاعَهُ إذْ هُوَ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَيَصِحُّ) نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ. وَالْمُتَوَلِّي وَإِنْ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ لَكِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَنَقَلَ عَنْ آخَرِينَ أَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ فَأَخَذَ الشَّيْخَانِ بِالْأُولَى وَقَدْ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَبَنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْمَعْنَى وَالْأَصْحَابُ تَارَةً يَعْتَبِرُونَ اللَّفْظَ وَهُوَ الْأَكْثَرُ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِلَا ثَمَنٍ لَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا وَلَا هِبَةً عَلَى الصَّحِيحِ وَكَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِكَذَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا لَا سَلَمًا عَلَى الصَّحِيحِ وَتَارَةً يَعْتَبِرُونَ الْمَعْنَى كَمَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ فَلَمْ يُطْلِقُوا الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ بَلْ يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ بِقُوَّةِ الْمُدْرِكِ كَالْإِبْرَاءِ فِي أَنَّهُ إسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ وَفِي أَنَّ النَّذْرَ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الْوَاجِبِ أَوْ الْجَائِزِ وَفِي أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يُزِيلُ الْمِلْكَ أَوْ لَا هَذَا وَقَدْ نُقِلَ فِي الْأَنْوَارِ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي تَعْلِيقِهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ بَيْعٌ فَلَا يَصِحُّ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ثُمَّ كَلَامُهُمْ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّ الْإِقَالَةَ تَصِحُّ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَالْمَعْرُوفِ   [حاشية الرملي الكبير] كَالْبَائِعِ لَمَّا ضَمِنَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ دُونَ قِيمَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَرْشَ مَا حَدَثَ مِنْ نَقْصِهِ فِي يَدِهِ وَكَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا بِآفَةٍ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فَذَاكَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ نَقْصِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُهُ بِثَمَنِهِ وَأَمَّا مَنْ ضَمِنَ الشَّيْءَ بِقِيمَتِهِ فَيَضْمَنُ أَرْشَ مَا حَدَثَ مِنْ النُّقْصَانِ فِي يَدِهِ كَالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَطَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهُ إلَخْ) أَيْ عَيَّبَهُ تَعَيُّبًا يَضْمَنُ لَا لِدَفْعٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُتَخَيَّلُ أَنَّ ذَلِكَ قَبْضٌ) أَوْضَحَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ وَالْمَرْأَةَ لَمْ يَتَصَرَّفَا فِي مِلْكِهِمَا بَلْ فِيمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمَا فَلَا يَكُونَانِ بِذَلِكَ مُسْتَوْفِيَيْنِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَهُمَا أَجْنَبِيٌّ) لَوْ كَانَ الْقَاطِعُ ابْنَ الْمُشْتَرِي فَمَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ وَانْتَقَلَ الْإِرْثُ لِلْقَاطِعِ فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ لِحَقِّ الْإِرْثِ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلرُّويَانِيِّ فَإِنْ أَجَازَ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَقَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ [فَصْلٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ) مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَلَا بَعْدَهُ مَا بَقِيَ خِيَارُ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْكِتَابَةُ وَالْهِبَةُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ يُقْصَدُ بِهِ تَمْلِيكُ الْمَالِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ) أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَلَهُ إجَارَتُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَنَافِعُ وَهِيَ لَا تَصِيرُ مَقْبُوضَةً بِقَبْضِ الْعَيْنِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا قَبْضُ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ الْبَائِعِ) أَمَّا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ لِلْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ (قَوْلُهُ يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَارَةً يَعْتَبِرُونَ الْمَعْنَى إلَخْ) وَتَارَةً لَا يَعْتَبِرُونَ اللَّفْظَ وَلَا الْمَعْنَى كَمَا لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا وَلَا سَلَمًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 بِعَيْنِهِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ كَانَ قَدْ تَلِفَ (وَيَنْفُذُ) مِنْ الْمُشْتَرِي (قَبْلَ الْقَبْضِ الْعِتْقُ وَالِاسْتِيلَادُ وَالتَّزْوِيجُ وَالْوَقْفُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ قَبُولًا) وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَلِهَذَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْآبِقِ وَيُفَارِقُ إعْتَاقَ الْمَرْهُونِ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ بِأَنَّ الرَّاهِنَ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَالِاسْتِيلَادُ وَالْوَقْفُ الْمَذْكُورُ فِي مَعْنَى الْعِتْقِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ الْمُحْتَاجِ إلَى الْقَبُولِ بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ كَالْبَيْعِ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ هُنَا لَكِنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ فِي السَّرِقَةِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ النَّصِّ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ فَيَنْفُذُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَمَّا التَّزْوِيجُ فَلِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ لِصِحَّةِ تَزْوِيجِ الْآبِقَةِ وَيَصِحُّ أَيْضًا بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَتَدْبِيرُهُ وَإِبَاحَتُهُ لِلْفُقَرَاءِ فِيمَا سَيَأْتِي (وَيَصِيرُ) الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْوَقْفِ (قَابِضًا) لِلْمَبِيعِ وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ (لَا) بِالتَّزْوِيجِ وَلَا (بِوَطْءِ الزَّوْجِ) قَالَ الْبَغَوِيّ وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ أَيْضًا بِاسْتِيلَادِ أَبِيهِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ الْبَائِعُ يَدَهُ بَعْدَ الْوَقْفِ) وَالِاسْتِيلَادِ (ضَمِنَهُ) بِالْقِيمَةِ لَا بِالثَّمَنِ (وَيَصِيرُ) الْمُشْتَرِي (قَابِضًا) أَيْضًا (لِصُبْرَةٍ اشْتَرَاهَا جُزَافًا وَأَبَاحَهَا لِلْمَسَاكِينِ إنْ قَبَضُوهَا) وَخَرَجَ بِ جُزَافًا مَا لَوْ اشْتَرَاهَا مُقَدَّرَةً بِكَيْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ قَبْضُهَا إلَّا كَذَلِكَ وَبِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ قَبَضُوهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضُوهَا فَلَا يَكُونُ قَابِضًا وَفَارَقَ صِحَّةَ الْإِبَاحَةِ عَدَمُ صِحَّةِ التَّصَدُّقِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَمْلِيكًا بِخِلَافِ التَّصَدُّقِ (فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ فَقَبَضَ الثَّوْبَ وَبَاعَهُ ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ) عِنْدَهُ (قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (فِي الْعَبْدِ) لِتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (دُونَ الثَّوْبِ) لَا يَنْفَسِخُ فِيهِ (وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الثَّوْبَ مُشْتَرِيهِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ (وَضَمِنَ) الْبَائِعُ (قِيمَتَهُ لِمُشْتَرِي الْعَبْدَ) لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ (فَإِنْ تَلِفَ الثَّوْبُ أَيْضًا فِي يَدِهِ) قَبْلَ قَبْضِهِ (غَرِمَ قِيمَتَهُ لِبَائِعِهِ) وَهُوَ مُشْتَرِي الْعَبْدَ (وَيَرُدُّ ثَمَنَهُ لِمُشْتَرِيهِ) مِنْهُ [فَصْلٌ يَصِحُّ بَيْعُ مَالِهِ وَهُوَ تَحْتَ يَدِ الْغَيْرِ بِأَمَانَةٍ] (فَصْلٌ يَصِحُّ بَيْعُ مَالِهِ) وَهُوَ (تَحْتَ يَدِ الْغَيْرِ بِأَمَانَةٍ) لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَوْ تَلِفَ تَلِفَ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ وَذَلِكَ (كَوَدِيعَةٍ) بِيَدِ الْمُودَعِ (وَمَالِ شَرِكَةٍ) بِيَدِ الشَّرِيكِ (أَوْ) مَالِ (قِرَاضٍ) بِيَدِ الْعَامِلِ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ الْفَسْخِ وَالْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَرْبَحَ وَفِيهِمَا نَظَرٌ (وَمَا تَحْتَ يَدِ وَكِيلٍ) بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَمَرْهُونٍ) بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ (بَعْدَ انْفِكَاكٍ) لِلرَّهْنِ (وَمُسْتَأْجَرٍ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ) وَهُوَ بِيَدِ مُسْتَأْجِرِهِ (وَمَا فِي يَدِ الْقَيِّمِ) أَيْ الْقَائِمِ بِأَمْرِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ (بَعْدَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ رَشِيدًا) أَوْ رُشْدِ السَّفِيهِ أَوْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ (وَكَسْبِ الْعَبْدِ) الْحَاصِلِ بِاحْتِطَابٍ وَغَيْرِهِ (وَوَصِيَّةٍ قَبِلَهَا) الْعَبْدُ وَالْمُرَادُ مَا كَسَبَهُ أَوْ قَبِلَهُ بِالْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ سَيِّدُهُ (وَالْمُوصَى بِهِ لِمَنْ قَبِلَهُ) (بَعْدَ الْمَوْتِ) وَلَمْ يَقْبِضْهُ (وَارِثٌ) بِمَعْنَى مَوْرُوثٍ (يَمْلِكُ الْمَالِكُ بَيْعَهُ) وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْوَارِثُ بِخِلَافِ مَا لَا يَمْلِكُ الْمَالِكُ بَيْعَهُ بِأَنْ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ (وَمَا اشْتَرَاهُ مِنْ مُوَرِّثِهِ وَمَاتَ) مُوَرِّثُهُ (قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ) مُوَرِّثُهُ (مَدْيُونًا وَدَيْنُ الْغَرِيمِ) فِي صُورَةِ الدَّيْنِ (مُتَعَلِّقٌ بِالثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِمُوَرِّثِهِ (وَارِثٌ آخَرُ لَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ) ذَلِكَ (فِي قَدْرِ نَصِيبِ الْآخَرِ) مِنْهُ لَوْ وَرِثَهُ (حَتَّى يَقْبِضَهُ وَكَذَا) يَصِحُّ بَيْعُ (مَا كَانَ) لَهُ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ (مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ) أَوْ بِالْمِثْلِ لِمَا مَرَّ (وَيُسَمَّى ضَمَانُ الْيَدِ كَالْمَفْسُوخِ بِعَيْبٍ) أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ بَاقٍ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَمَحَلُّهُ (بَعْدَ رَدِّ الثَّمَنِ) لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي حَبْسَهُ إلَى اسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ (وَمَغْصُوبٍ) فَيَصِحُّ بَيْعُهُ (لِقَادِرٍ) عَلَى انْتِزَاعِهِ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ الْغَاصِبِ (وَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ فُسِخَ) لِانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ غَيْرِهِ (وَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ هُنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ قَبْلَ الْقَبْضِ الْعِتْقُ) يَمْتَنِعُ الْعِتْقُ عَلَى مَالِ أَوْ عَنْ كَفَّارَةِ الْغَيْرِ (قَوْله وَالتَّزْوِيجُ لِلْمَبِيعِ) عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ وَالْوَقْفُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ قَبُولًا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ احْتَاجَ قَبُولًا (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ) وَيَصِيرُ بِهِ قَابِضًا كَمَا سَيَأْتِي وَلِهَذَا لَوْ كَانَ بِعِوَضٍ اسْتَقَرَّ بِهِ الْعِوَضُ وَالْعِوَضُ لَا يَسْتَقِرُّ إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ قَبَضَاهَا إلَخْ) وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَلْحَقَ بِهِ كُلَّ اسْتِهْلَاكٍ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي مُبَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ يَصِحُّ بَيْعُ مَالِهِ تَحْتَ يَدِ الْغَيْرِ بِأَمَانَةٍ) شَمِلَ الْأَمَانَةَ الشَّرْعِيَّةَ كَمَا لَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ بَاعَ مَالَهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَمَانَةً فَهَلْ لِلْبَائِعِ وِلَايَةَ الِانْتِزَاعِ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِ الْمُشْتَرِي لِيَتَخَلَّصَ مِنْ الضَّمَانِ وَيَسْتَقِرَّ الْعَقْدُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ نَعَمْ بَلْ يَجِبُ لِتَوَجُّهِ التَّسْلِيمِ عَلَى الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ نَعَمْ بَلْ يَجِبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِيهِ) وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَفَقْدِ عِلَّةِ الْمُعَاوَضَةِ (قَوْلُهُ وَفِيهِمَا نَظَرٌ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَرْدُودٌ) لِأَنَّهُ بَعْدَ فَسْخِ الْعَقْدِ لَيْسَ مَالَ قِرَاضٍ وَإِنَّ الْعَامِلَ لَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِظُهُورِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْأَصَحُّ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ وَمَرْهُونٌ بَعْدَ انْفِكَاكٍ لِلرَّهْنِ) إنَّمَا يَكُونُ أَمَانَةً إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّدِّ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مَضْمُونٌ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا عُمُومَ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ بَعْدَ انْفِكَاكٍ فَإِنَّ مَا قَبْلَهُ كَذَلِكَ إذَا أُذِنَ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَمْلِكُ الْمَالِكُ بَيْعَهُ إلَخْ) لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ فِي يَدِ بَائِعِهِ بِأَمَانَةٍ بَلْ هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا) لِجَعْلِ الْوَارِثِ قَابِضًا حُكْمًا (قَوْلُهُ وَكَذَا مَا كَانَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ) شَمِلَ الْمُعَارَ بِيَدِ الْمُسْتَعِيرِ إذَا كَانَ أَرْضًا وَقَدْ غَرَسَهَا (قَوْلُهُ وَمَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ فَاسِدَيْنِ) اقْتَضَى أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ مَضْمُونَةٌ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الصَّغِيرِ فِي اتِّهَابِ الْمُحْرِمِ لِلصَّيْدِ لَكِنْ أَطْلَقَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا خِلَافًا فِي بَابِ الْهِبَةِ فَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ عَدَمَ الضَّمَانِ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُهُمَا فِي الْوَصَايَا وَالْعِتْقِ وَكَذَا فِي التَّيَمُّمِ فِي هِبَةِ الْمَاءِ بَعْدَ الْوَقْتِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ فَاسِدِ الْعُقُودِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ فِي الْحَوَاشِي مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْهَا الْمُتَّهِبُ وَإِلَّا ضَمِنَهُ قَطْعًا وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ صَرِيحٌ فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 لِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ نَحْوِهِ (لَا الْمَضْمُونُ ضَمَانَ عَقْدٍ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ (كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَا عِوَضُ النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْقَوَدِ) وَنَحْوِهَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (فَرْعٌ لَوْ أَفْرَزَ لَهُ السُّلْطَانُ عَطَاءً) يَسْتَحِقُّهُ وَرَضِيَ بِهِ (جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِلرِّفْقِ بِالْجُنْدِ وَلِأَنَّ يَدَ السُّلْطَانِ فِي الْحِفْظِ يَدُ الْمُفْرَزِ لَهُ (وَكَذَا يَصِحُّ بَيْعُ) أَحَدِ الْغَانِمِينَ لِقَدْرٍ (مَعْلُومٍ مِلْكُهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَائِعًا) وَمِلْكُ الْغَنِيمَةِ يَحْصُلُ بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ كَمَا سَيَأْتِي فِي السِّيَرِ (وَ) كَذَا بَيْعُ (مَوْهُوبٍ رَجَعَ فِيهِ الْوَلَدُ) يَصِحُّ قَبْلَ الْقَبْضِ (لَا) بَيْعُ (شِقْصٍ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ) وَلَمْ يُقْبَضْ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا مُعَاوَضَةٌ (وَلَهُ بَيْعُ مَقْسُومٍ قِسْمَةَ إفْرَازٍ) قَبْلَ قَبْضِهِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا صَارَ لَهُ فِيهَا مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَ) لَهُ (بَيْعُ ثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ) قَبْلَ أَخْذِهِ وَكَذَا سَائِرُ غَلَّاتِ وَقْفٍ حَصَلَتْ لِجَمَاعَةٍ وَعَرَفَ كُلٌّ قَدْرَ حِصَّتِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ (لَا بَيْعُ ثَوْبٍ اسْتَأْجَرَ) مَالِكُهُ (مَنْ يَصْبُغُهُ أَوْ يُقَصِّرُهُ) فَلَا يَصِحُّ (قَبْلَ الْعَمَلِ وَلَا بَعْدَهُ قَبْلَ أَدَاءِ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ) أَيْ الْأَجِيرَ (يَسْتَحِقُّ الْحَبْسَ لَهَا) أَيْ لِلْأُجْرَةِ أَيْ لِعَمَلِ مَا يَسْتَحِقُّهَا بِهِ فِي الْأُولَى وَلِاسْتِيفَائِهِ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى غَنَمَهُ أَوْ لِيَحْفَظَ مَتَاعَهُ الْمُعَيَّنَ شَهْرًا كَانَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ لِأَنَّ حَقَّ الْأَجِيرِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِ إذْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ انْتَهَى وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ أَوْ لَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّبْغِ وَالْقَصَّارَةِ عَيْنٌ فَنَاسَبَ حَبْسَهُ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ بِخِلَافِ الرَّعْيِ وَالْحِفْظِ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ أَسَلَّمَ الثَّوْبَ لِلْأَجِيرِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ لَا فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ ذَلِكَ بِتَسْلِيمِهِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَلِهَذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ (وَقِسْ عَلَيْهِ) صَوْغَ الذَّهَبِ وَرِيَاضَةَ الدَّابَّةِ وَنَسْجَ الثَّوْبِ وَنَحْوَهَا (وَإِزَالَةُ امْتِنَاعِ الصَّيْدِ قَبْضٌ لَهُ) حُكْمًا فَبَيْعُهُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ قَبْضِهِ لَا قَبْلَهُ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ (فَرْعٌ لَهُ بَيْعُ زَوَائِدِ الْمَبِيعِ) كَوَلَدٍ وَثَمَرَةٍ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى الْبَائِعِ لَوْ عَرَضَ انْفِسَاخٌ (فَرْعٌ يَبْطُلُ بَيْعُ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ) وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ (قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَلَفِهِ) قَبْلَ قَبْضِهِ (وَرَدَّهُ بِالْعَيْبِ) كَمَا فِي الْمَبِيعِ وَمَا تَقَدَّمَ فِيهِ يَأْتِي هُنَا (ثُمَّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) بِأَنْ أَبْدَلَهُ بِجِنْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (كَالْبَيْعِ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ) فَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ كَانَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ أَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ [فَصْلٌ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ كُلِّ دَيْنٍ لَيْسَ بِثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ] (فَصْلٌ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ كُلِّ دَيْنٍ لَيْسَ بِثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ) كَدَيْنِ قَرْضٍ وَإِتْلَافٍ وَبَدَلِ خُلْعٍ لِاسْتِقْرَارِهِ بِخِلَافِ دَيْنِ الْمُسْلِمِ كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ كَانَ) الدَّيْنُ (مُؤَجَّلًا) فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ فَيَجُوزُ اسْتِبْدَالُ الْحَالِ عَنْهُ وَكَانَ صَاحِبُهُ عَجَّلَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْأَجَلِ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُ الْمُؤَجَّلِ عَنْ الْحَالِّ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ (وَكَذَا) يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ (عَنْ الثَّمَنِ) الَّذِي فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدًا لِخَبَرِ «ابْنِ عُمَرَ كُنْت أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ فَأَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَسَوَاءٌ أَقَبَضَ الثَّمَنَ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ أَيْ مِنْ عَقْدِ الِاسْتِبْدَالِ لَا مِنْ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِقَرِينَةِ رِوَايَةٍ أُخْرَى تَدُلُّ لِذَلِكَ (فَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الْقَرْضِ) بِمَعْنَى الْمُقْرِضِ (وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ) وَإِنْ كَانَ قَبْلَ تَلَفِهِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فِي الذِّمَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَيْنِهِ (لَا) الِاسْتِبْدَالَ (عَنْ الثَّمَنِ) الَّذِي فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ (وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ) وَنَحْوُهُ كَالْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعَ تَعَيُّنِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَمَعَ كَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ أَوْلَى وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَنِ بِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ بِانْقِطَاعِهِ لِلِانْفِسَاخِ أَوْ الْفَسْخِ وَبِأَنَّ عَيْنَهُ تُقْصَدُ بِخِلَافِ الثَّمَنِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَفْرَزَ لَهُ السُّلْطَانُ عَطَاءً يَسْتَحِقُّهُ وَرَضِيَ بِهِ] قَوْلُهُ لِلرِّفْقِ بِالْجُنْدِ) لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ وَلِأَنَّ بَيْعَ الْغَانِمِ الْقَدْرَ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُ الْإِمَامُ قَبُولٌ مِنْهُ لَا سِيَّمَا إذَا وُجِدَ مِنْهُ الرِّضَا بِقِسْمَةِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَلَهُ بَيْعٌ مَقْسُومٌ) وَقِسْمَةُ مَبِيعٍ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ ثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ إلَخْ) إذَا كَانَ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْإِجَازَةِ) فَالرَّاجِحُ جَوَازُ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِهِ أَوْ يُسْلَمَ الْأَجِيرُ نَفْسَهُ وَيَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّبْغِ إلَخْ) هَذَا مُنْتَقِضٌ بِصَوْغِ الدَّهْبِ وَرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ وَنَسْجِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي الْأَخِيرِ عَلَى تَصَرُّفِهِ بَعْدَ الْإِبْدَالِ بَلْ تَعْلِيلُهُ دَالٌّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) مِنْ كُلِّ عَمَلٍ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ بِهِ أَثَرٌ بِخِلَافِ الرَّعْيِ وَالْحِفْظِ (فَرْعٌ) يَبْطُلُ بَيْعُ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ مَا بَقِيَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي [فَرْعٌ بَيْعُ زَوَائِدِ الْمَبِيعِ كَوَلَدٍ وَثَمَرَةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ لَهَا] (فَصْلٌ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ إلَخْ) (قَوْلُهُ عَنْ كُلِّ دَيْنٍ لَيْسَ بِثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ) يُسْتَثْنَى عَقْدُ الصَّرْفِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ الِاسْتِبْدَالُ لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ قَبْضَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ أَيْضًا وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَبَدَلِ خُلْعٍ وَدَيْنِ الضَّمَانِ) وَلَوْ ضَمَانُ الْمُسْلِمِ فِيهِ كَمَا أَوْضَحَتْهُ فِي الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا) قَالَ الْفَتَى قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا عَقِبَ قَوْلِهِ لَيْسَ بِثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ فَسَّرَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِدَيْنِ الْقَرْضِ وَالْإِتْلَافِ وَهُمَا لَا يَتَأَجَّلَانِ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ) لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَذَا عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ لَا عَنْ الْمُثَمَّنِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ) رُوِيَ الدَّارَقُطْنِيُّ «مِنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَا أَسْلَفَ فِيهِ أَوْ رَأْسَ مَالِهِ» وَالْحِيلَةُ فِي الِاعْتِيَاضِ أَنْ يَفْسَخَا السِّلْمَ ثُمَّ يَعْتَاضَ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَيَعْتَبِرُ أَنْ يَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ لِئَلَّا يَصِيرَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 فِيهِمَا هَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ أَمَّا غَيْرُهُ كَرِبَوِيٍّ بِيعَ بِمِثْلِهِ وَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ إذْ لَمْ يُوجَدْ قَبْضُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَسَيُعْلَمُ مِنْ بَابِ السَّلَمِ (فَرْعٌ الثَّمَنُ هُوَ النَّقْدُ) إنْ قُوبِلَ بِغَيْرِهِ لِلْعُرْفِ (فَإِنْ كَانَا نَقْدَيْنِ أَوْ عَرَضَيْنِ فَمَا الْتَصَقَ بِهِ الْبَاءُ) الْمُسَمَّاةُ بِبَاءِ الثَّمَنِيَّةِ هُوَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ مَا يُقَابِلُهُ (فَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِعَبْدٍ وَوَصَفَهُ فَالْعَبْدُ مَبِيعٌ) لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ (وَالدَّرَاهِمُ ثَمَنٌ) وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْأَصْلِ بِهَذَا الْعَبْدِ إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ الْمُثَمَّنَ فِي الذِّمَّةِ (أَوْ) بِعْتُك (هَذَا الثَّوْبَ بِعَبْدٍ وَوَصَفَهُ فَالْعَبْدُ ثَمَنٌ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ لَا عَنْ الثَّوْبِ) لِأَنَّهُ مُثَمَّنٌ بَلْ وَمُعَيَّنٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ بِدَرَاهِمَ سَلَمًا كَانَتْ ثَمَنًا وَصَحَّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا لِأَنَّهَا ثَمَنٌ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا لِأَنَّهَا مُسْلَمٌ فِيهَا وَقَدْ يُجَابُ بِالْتِزَامِ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الثَّمَنِ عَلَى الْغَالِبِ (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ الِاسْتِبْدَالِ (تَعْيِينُ بَدَلِ الدَّيْنِ فِي الْمَجْلِسِ) سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ عِلَّتُهُمَا فِي الرِّبَا أَمْ لَا لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (لَا) فِي (الْعَقْدِ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِيهِ كَمَا لَوْ تَصَارَفَا فِي الذِّمَّةِ (فَلَوْ اتَّفَقَتْ عِلَّتُهُمَا فِي الرِّبَا) كَدَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ أَوْ عَكْسَهُ (لَمْ يَكْفِ التَّعْيِينُ) فِي الْمَجْلِسِ (عَنْ الْقَبْضِ) لِلْبَدَلِ (فِيهِ) بَلْ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِيهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَتَّفِقْ عِلَّتُهُمَا فِي الرِّبَا كَثَوْبٍ عَنْ دَرَاهِمَ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّوْبِ فِيهِ (وَالِاسْتِبْدَالُ بَيْعُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ) كَمَا تَقَرَّرَ (وَهُوَ) أَيْ وَبَيْعُهُ (مِنْ غَيْرِهِ) كَأَنْ اشْتَرَى عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو (جَائِزٌ) لِاسْتِقْرَارِهِ كَبَيْعِهِ مِمَّنْ عَلَيْهِ (بِشَرْطِ قَبْضِ الْبَدَلِ وَالدَّيْنِ فِي الْمَجْلِسِ) وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَحَكَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ النَّصِّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ عَدَمَ جَوَازِهِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَدْيُونُ مَلِيًّا مُقِرًّا وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا مُسْتَقِرًّا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا لَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِهِمَا بَطَلَ الْبَيْعُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ كَالْبَغَوِيِّ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِ يُخَالِفُهُ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَاخْتَارَهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ فَقَالَ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَبْضِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ جَعَلَهُ كَالْحَوَالَةِ انْتَهَى وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الرِّبَوِيِّ وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ عَلَى الرِّبَوِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى إنْسَانٍ وَلِآخَرَ مِثْلُهُ عَلَى ذَلِكَ الْإِنْسَانِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مَالَهُ عَلَيْهِ بِمَا لِصَاحِبِهِ لَمْ يَصِحَّ اتَّفَقَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» انْتَهَى رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَفَسَّرَ بِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَقَدْ يُقَالُ عَلَى بَعْدَ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ ثُمَّ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ إنْ اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْقَبْضِ (الرُّجُوعُ فِي حَقِيقَةِ الْقَبْضِ إلَى الْعُرْفِ) فِيهِ لِعَدَمِ مَا يَضْبِطُهُ شَرْعًا أَوْ لُغَةً كَالْأَحْيَاءِ وَالْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ (فَمَا لَمْ يُنْقَلْ) عَادَةً (كَالْأَرْضِ وَالثَّمَرَةِ) الْمَبِيعَةِ عَلَى الشَّجَرَةِ قَبْلَ أَوَانِ الْجُذَاذِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ (فَقَبْضُهُ التَّخْلِيَةُ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ الْبَائِعِ (مَعَ تَسْلِيمِ مِفْتَاحِ الدَّارِ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَهُ مِفْتَاحٌ (وَتَفْرِيغُهَا مِنْ مَتَاعٍ) وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِمَتَاعِ الْبَائِعِ إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ مَتَاعَهُ وَمَتَاعَ غَيْرِهِ لَكِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَرْعُ الثَّمَنِ هُوَ النَّقْدُ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ وَمِمَّا مَرَّ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الذِّمَّةِ لَا يُسْتَبْدَلُ عَنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الدِّينَارَ بِكَذَا مِنْ الْفُلُوسِ فَالنَّقْدُ الثَّمَنُ وَمُقَابِلُهُ مَبِيعٌ فِي الذِّمَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْفُلُوسِ بِفِضَّةٍ وَلَا غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِهَا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ إلَخْ) لَيْسَ ذَلِكَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فَقَدْ أَطْلَقُوا امْتِنَاعَ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَضَابِطُهُمْ الْمَذْكُورُ لَيْسَ السَّلَمُ دَاخِلًا فِيهِ إذْ الْمُثَمَّنُ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ نَقْدًا وَالثَّمَنُ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ) وَشَرْحِ الْمَذْهَبِ هُنَا (قَوْلُهُ مَلِيًّا مُقِرًّا) مِثْلُهُ الْمُنْكِرُ إذَا تَيَسَّرَ ثُبُوتُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ كَالْبَغَوِيِّ) قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْبَغَوِيّ وَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الرِّبَوِيِّ إلَخْ) هَذَا الْحَمْلُ لَا يَتَأَتَّى مَعَ تَصْوِيرِ الشَّيْخَيْنِ كَغَيْرِهِمْ الْمَسْأَلَةُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِمِائَةٍ وَإِنَّمَا يَأْتِي فِي نَحْوِ مَا إذَا كَانَ لَهُ مِائَةٌ عَلَى زَيْدٍ فَاشْتَرَى مِنْ عَمْرٍو شَيْئًا بِتِلْكَ الْمِائَةِ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْقَبْضِ لِلْمَبِيعِ وَالرُّجُوعُ فِي حَقِيقَةِ الْقَبْضِ إلَى الْعُرْفِ] (فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْقَبْضِ) (قَوْلُهُ قَبْلَ أَوَانِ الْجُذَاذِ إلَخْ) تَقْيِيدُهُ بِأَوَانِ الْجُذَاذِ يُشْعِرُ بِأَنَّ دُخُولَ وَقْتِ قَطْعِهَا يُلْحِقُهَا بِالْمَنْقُولَاتِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ ح قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضْ غَيْرُ الشَّيْخَيْنِ لِهَذَا الْقَيْدِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْتَفَتَ عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ الْجُذَاذِ عَلَى مَنْ تَكُونُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهَا قَبْلَ أَوَانِ الْجُذَاذِ أَوْ بَعْدَهُ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمَا قَبْلَ أَوَانِ الْجُذَاذِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الثَّمَرَةَ الْمَبِيعَةَ فِي أَوَانِ الْجُذَاذِ قَبْضُهَا بِالْقَطْعِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ بِعَدَمِ وَضْعِ الْجَوَائِحِ وَمَذْهَبُهُ الْجَدِيدُ أَنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَوَانِ الْجُذَاذِ وَغَيْرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الثِّمَارِ بِالتَّخْلِيَةِ مُطْلَقًا وَبَيْعُ الزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ حَيْثُ جَازَ حُكْمُهُ حُكْمُ الثَّمَرَةِ وَقَوْلُهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الثِّمَارِ بِالتَّخْلِيَةِ مُطْلَقًا قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ الْبَائِعِ) قَالَ شَيْخُنَا حَيْثُ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ (قَوْلُهُ مَعَ تَسْلِيمِ مِفْتَاحِ الدَّارِ إلَخْ) بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَانِعٌ حِسِّيٌّ وَلَا شَرْعِيٌّ إذَا أُكْرِهَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَبْضِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ إنْ أَكْرَهَهُ الْبَائِعُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَالَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْضُهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَشَمِلَ قَوْلُهُ فَقَبَضَهُ التَّخْلِيَةَ مَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا بِالثَّمَنِ. (قَوْلُهُ وَتَفْرِيغُهَا مِنْ مَتَاعٍ) وَقِيلَ يَصِحُّ قَبْضُهَا مَشْحُونَةً كَبَيْعِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَتَاعُ الْمُشْتَرِي فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْرِيغُ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّخْلِيَةِ كَمَا فِي الْأَصْلِ لَكَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُفَسِّرَ الْقَبْضَ بِالْإِقْبَاضِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ الْمَبِيعَ وَلَا دُخُولُ الْمُشْتَرِي وَلَا تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَشُقُّ (لَا) تَفْرِيغُ (زَرْعٍ مِنْ أَرْضٍ) مَبِيعَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّخْلِيَةِ بِخِلَافِ الدَّارِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ تَفْرِيغَ الدَّارِ مُتَأَتٍّ فِي الْحَالِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّخْلِيَةِ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ وَيَكْفِي التَّفْرِيغُ (بِلَا إعْجَالٍ فَوْقَ الْعَادَةِ) اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ جَمَعَ) الْبَائِعُ (الْأَمْتِعَةَ) الَّتِي فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ (بِمَخْزَنٍ مِنْهَا) وَخَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا (فَمَا سِوَاهُ) أَيْ الْمَخْزَنِ (مَقْبُوضٌ) فَإِنْ نَقَلَ مِنْهُ الْأَمْتِعَةَ إلَى مَكَان آخَرَ صَارَ قَابِضًا لِلْجُمْلَةِ وَالْمَخْزَنُ بِفَتْحِ الزَّايِ مَا يُخْزَنُ فِيهِ الشَّيْءُ (وَلَوْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ) مَبِيعٍ (غَائِبٍ غَيْرِ مَنْقُولٍ أَوْ مَنْقُولٍ فِي يَدِهِ) أَمَانَةً أَوْ مَضْمُونًا (وَمَضَى زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ) بِأَنْ يُمْكِنَ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى الْمَبِيعِ وَالتَّخْلِيَةُ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَالنَّقْلُ فِي الْمَنْقُولِ (كَفَى) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْحُضُورُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ الزَّمَنِ لِأَنَّ الْحُضُورَ الَّذِي كُنَّا نُوجِبُهُ وَلَا الْمَشَقَّةَ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِهَذَا الزَّمَنِ فَلَمَّا أَسْقَطْنَاهُ لِمَعْنًى آخَرَ لَيْسَ مَوْجُودًا فِي الزَّمَنِ بَقِيَ اعْتِبَارُ الزَّمَنِ وَخَرَجَ بِالْغَائِبِ الْحَاضِرُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَا أَمْتِعَةَ فِيهِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَقْبُوضًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلَا يُفْتَقَرُ فِيهِ وَفِي الْغَائِبِ إلَى إذْنِ الْبَائِعِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَإِلَّا افْتَقَرَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وِفَاقًا لِلشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي هَكَذَا افْهَمْ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا يُخَالِفُهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ تَبَعًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ فِي الرَّهْنِ غَيْرِ مَنْقُولٍ أَوْ مَنْقُولٍ فِي يَدِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ الْغَائِبُ بِيَدِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّخْلِيَةِ أَوْ النَّقْلِ (وَمَا يُنْقَلُ) مِنْ سَفِينَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَبِالنَّقْلِ) لَهُ رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ جِزَافًا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ» . وَقِيسَ بِالطَّعَامِ غَيْرُهُ (فَيَأْمُرُ الْعَبْدَ بِالِانْتِقَالِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَيَقُودُ الدَّابَّةَ) أَوْ يَسُوقُهَا (وَلَا يَكْفِي رُكُوبُهَا وَاقِفَةً) وَلَا اسْتِعْمَالُ الْعَبْدِ كَذَلِكَ (وَلَا وَطْءُ الْجَارِيَةِ) لَكِنْ فِي الرَّافِعِيِّ فِي الْغَصْبِ لَوْ رَكِبَ الْمُشْتَرِي الدَّابَّةَ أَوْ جَلَسَ عَلَى الْفِرَاشِ حَصَلَ الضَّمَانُ ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ وَإِلَّا فَلَا وَيَكْفِي فِي قَبْضِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ التَّنَاوُلُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ قَبْضٌ لَهُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي الْقِسْمَةِ إلَى قَبْضٍ وَإِنْ جُعِلَتْ بَيْعًا إذْ لَا ضَمَانَ فِيهَا حَتَّى يَسْقُطَ بِالْقَبْضِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالنَّقْلِ أَنَّ الدَّابَّةَ مَثَلًا لَوْ تَحَوَّلَتْ بِنَفْسِهَا ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا اسْتَوْلَى عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الرَّافِعِيِّ (فَإِنْ حَوَّلَ) الْمُشْتَرِي (الْمَبِيعَ) مِنْ مَكَانِهٍ (فِي مَكَان لِلْبَائِعِ) مِلْكًا أَوْ غَيْرَهُ كَعَارِيَّةٍ (بِإِذْنِهِ) فِي التَّحْوِيلِ لِلْقَبْضِ (فَهُوَ قَبْضٌ) وَكَأَنَّ الْمُشْتَرِي اسْتَعَارَ مَا نَقَلَ إلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ أَوْ أَذِنَ فِي مُجَرَّدِ التَّحْوِيلِ وَكَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ (فَلَا) يَكُونُ قَبْضًا مُجَوِّزًا لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فِيهِ وَلِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ قَبْضًا (بَلْ يَضْمَنُهُ) أَيْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى مَكَان لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ كَمَسْجِدٍ وَشَارِعٍ وَمِلْكٍ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ قَبْضٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُمْكِنَ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى الْمَبِيعِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَكْفِي مُضِيُّ زَمَنٍ تُحْمَلُ فِيهِ التَّخْلِيَةُ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَمُضِيُّ زَمَنٍ فِي الْمَنْقُولِ وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَالِيًا اُعْتُبِرَ زَمَنٌ تُمْكِنُ فِيهِ التَّخْلِيَةُ لَوْ كَانَ مُشْتَغِلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذَا إنْ عَطَفْت كَلَامَهُ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَمَّا لَوْ قَدَّرَ كَلَامَهُ عَلَى الْمُضَافِ بِأَنْ يُقَالَ وَالتَّخْلِيَةُ أَيْ تُعْتَبَرُ أَيْ مَا أَدَّى ذَلِكَ فَلَا إيهَامَ (قَوْلُهُ وَمَا يُنْقَلُ مِنْ سَفِينَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ تُوهِمُ إلْحَاقَ السَّفِينَةِ بِالْعَقَارِ وَهِيَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ تَحْوِيلِهَا إنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ فِي الصَّغِيرَةِ وَفِي كَبِيرَةٍ فِي الْمَاءِ الَّذِي تَسِيرُ فِيهِ أَمَّا الْكَبِيرَةُ فِي الْبَرِّ فَكَالْعَقَارِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالتَّخْلِيَةِ وَالِاسْتِيلَاءِ لِعُسْرِ النَّقْلِ أَب دَخَلَ فِي الْمَنْقُولِ الصُّبْرَةُ الْكَبِيرَةُ وَالْأَحْمَالُ الثَّقِيلَةُ وَقَوْلُهُ إنَّمَا يُتَّجَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا مَا بَحَثَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ صَحِيحٌ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الرَّافِعِيِّ لَوْ رَكِبَ إلَخْ) ذَكَرَهُ إلْزَامًا ثُمَّ نَقَضَهُ لَا نَقْلًا فَرَاجِعْهُ ت وَلَفْظُهُ أَمَّا الْمَنْقُولُ فَالْأَصْلُ فِيهِ النَّقْلُ لَكِنْ لَوْ رَكِبَ دَابَّةَ الْغَيْرِ أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ فَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ كَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ وَأَصَحُّهُمَا يَكُونُ غَاصِبًا لِحُصُولِ غَايَةِ الِاسْتِيلَاءِ بِصِفَةِ الِاعْتِدَاءِ وَلِمَنْ تَصَوَّرَهُ أَنْ يُجِيبَ عَنْ احْتِجَاجِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْبَيْعِ لَهُ حُكْمَانِ أَحَدُهُمَا دُخُولُهُ فِي ضَمَانِهِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالرُّكُوبِ وَالْجُلُوسِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ وَالثَّانِي تَمَكُّنُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فَالرُّكُوبُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ دُونَ إذْنِهِ فَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ فَالتَّمَكُّنُ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَلَا تَمَكُّنَ لَكِنَّ الْحُكْمَ فِي النَّقْلِ بِغَيْرِ إذْنِ مِثْلِهِ فَإِذًا لَا فَرْقَ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ هَذَا أَنَّ مُجَرَّدَ الرُّكُوبِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ قَبْضٌ لِلْمَبِيعِ (قَوْلُهُ فِي مَكَان لِلْبَائِعِ مِلْكًا) وَلَوْ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَكَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِأَنْ وَفَّاهُ الثَّمَنَ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعِرْهُ الْبُقْعَةَ الَّتِي نَقَلَ إلَيْهَا وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الشَّيْءَ الثَّقِيلَ لَا يُعَدُّ مُجَرَّدُ احْتِوَاءِ الْيَدِ عَلَيْهِ فِي الْعُرْفِ قَبْضًا مَا لَمْ يَنْقُلْهُ إلَى مَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَصْلُحُ قَرَارًا لَهُ فَاحْتِوَاؤُهَا عَلَيْهِ حَالَةَ الْإِشَالَةِ كَالْعَدَمِ لِاضْطِرَارِهِ إلَى وَضْعِهِ عَنْ قُرْبٍ. (قَوْلُهُ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ) قَالَ السُّبْكِيُّ لَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَلَكِنْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يُطَالَبَ بِهِ إذَا خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ قَالَ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَالْبَغَوِيِّ غَيْرُ صَرِيحَةٍ فِي ضَمَانِ الْعَقْدِ أَيْ فِي أَنَّهُ الْمُرَادُ وَمَا صَرَّحْت بِهِ مِنْ أَنَّهُ الْمُرَادُ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا لَكِنْ فَهِمْته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (وَلَوْ اشْتَرَى الْأَمْتِعَةَ مَعَ الدَّارِ) صَفْقَةً (فَلَا بُدَّ) فِي صِحَّةِ قَبْضِهَا (مِنْ نَقْلِهَا) كَمَا لَوْ أُفْرِدَتْ وَقِيلَ لَا تَبَعًا لِقَبْضِ الدَّارِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَزَادَ إنَّهُ لَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً ثُمَّ اشْتَرَى مَكَانَهَا قَامَتْ التَّخْلِيَةُ فِيهِ مَقَامَ قَبْضِهَا. اهـ. وَتَابَعَهُ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ الْعُمْرَانِيُّ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ لَكِنْ ضَعَّفَهُ الشَّاشِيُّ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمِلْكِ مَوْضِعِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فِي دَارِهِ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذِهِ لَا قَبْضَ فِيهَا أَصْلًا وَتِلْكَ فِيهَا قَبْضُ الْعَقَارِ فَاسْتَتْبَعَ قَبْضَ الْمَنْقُولِ لَكِنَّهَا تَشْكُلُ بِشِرَاءِ الْمَنْقُولِ مَعَ الدَّارِ صَفْقَةً وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحُدُوثَ أَقْوَى مِنْ الْمَعْنَى هَذَا وَلَكِنْ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا قَاسَهُ عَلَى مَا قَالَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ قَدْ يُلَوِّحُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ خِلَافَ مَا قَالَهُ وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ تَرَكَهُ (فَرْعٌ) لَوْ (امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَبْضِ أُجْبِرَ) أَيْ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَفَائِدَتُهُ مَعَ أَنَّ الْوَضْعَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَافٍ كَمَا سَيَأْتِي خُرُوجُ الْبَائِعِ عَنْ عُهْدَةِ اسْتِقْرَارِ ضَمَانِ الْيَدِ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الِامْتِنَاعِ (نَوَّبَ) أَيْ أَنَابَ (عَنْهُ الْحَاكِمُ) مَنْ يَقْبِضُهُ عَنْهُ (كَالْغَائِبِ وَإِنْ وَضَعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ أَوْ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ مَنْ لَهُ الْقَبْضُ (بِأَمْرِهِ كَفَى وَكَذَا لَوْ) سَكَتَ أَوْ (نَهَاهُ) كَأَنْ قَالَ لَا تُقْبِضنِيهِ أَوْ قَالَ لَا أُرِيدُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ كَمَا فِي الْغَصْبِ بِخِلَافِ الْإِيدَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ (وَيَدْخُلُ) الْمَوْضُوعُ (بِهَذَا) الْوَضْعِ (أَيْضًا فِي ضَمَانِهِ) حَتَّى لَوْ تَلِفَ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ (لَا إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا) فَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَكْفِي لِضَمَانِ الْغَصْبِ بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ مَسَافَةُ التَّخَاطُبِ فَأَتَى بِهِ الْبَائِعُ إلَى أَقَلَّ مِنْ نِصْفِهَا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا أَوْ إلَى نِصْفِهَا فَوَجْهَانِ أَوْ إلَى أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا كَانَ قَبْضًا قَالَ وَيَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَضَعَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى مَسَافَةٍ تَنَالُهُ يَدُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى قِيَامٍ وَانْتِقَالٍ وَلَوْ وَضَعَهُ الْبَائِعُ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَالْمُشْتَرِي تِلْقَاءَ وَجْهِهِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا. اهـ. (فَرْعٌ وَإِنْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ لَمْ يَكُنْ مُقْبِضًا) لَهُ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ (وَلَا ضَامِنًا لِلظَّرْفِ) لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ (وَيَضْمَنُهُ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (فِي السَّلَمِ) لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ (وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَهُ) الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ (لِيَجْعَلَ) الْبَائِعُ (الْمَبِيعَ فِيهِ) كَأَنْ قَالَ لَهُ أَعِرْنِي ظَرْفَك وَاجْعَلْ الْمَبِيعَ فِيهِ فَفَعَلَ لَمْ يَصِرْ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَلَا ضَامِنًا لِلظَّرْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِهِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ هُوَ الْبَائِعُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي مَسْأَلَةِ جَعْلِهِ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ (وَلَا بُدَّ مَعَ النَّقْلِ) لَمَّا بِيعَ مِقْدَارٌ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ (مِنْ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ) أَوْ الْعَدِّ أَوْ الذَّرْعِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ إلَّا بِالْكَيْلِ وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ إجْمَاعًا فَتَعَيَّنَ فِيمَا قَدَّرَ بِكَيْلٍ وَقِيسَ بِهِ الْبَقِيَّةُ وَذَلِكَ (فِي نَحْوِ بِعْتُك عَشَرَةَ آصُعٍ أَوْ أَرْطَالٍ مِنْ هَذِهِ الْعِشْرِينَ) صَاعًا أَوْ رَطْلًا كُلَّ صَاعٍ أَوْ رَطْلٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ بِعْتُك هَذِهِ الْأَغْنَامَ كُلَّ رَأْسٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ الْعِشْرِينَ كَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْعِلْمَ بِكَمِّيَّةِ ذَلِكَ شَرْطٌ وَأَنَّ تَفْرِيقَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَلَيْسَ ذَلِكَ صَحِيحًا (فَإِنْ قَبَضَهُ جُزَافًا أَوْ وَزْنَ مَا اشْتَرَاهُ كَيْلًا أَوْ عَكْسَ أَوْ أَخْبَرَهُ الْمَالِكُ) بِقَدْرِهِ (وَصَدَّقَهُ وَقَبَضَ) أَيْ أَخَذَهُ (فَهُوَ ضَامِنٌ) لَهُ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ (لَا قَابِضٌ) لَهُ قَبْضًا مُجَوِّزًا لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَفِي انْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ صَحَّحَ الْمُتَوَلِّي مِنْهُمَا الْمَنْعَ لِتَمَامِ الْقَبْضِ وَحُصُولِ الْمَالِ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا بَقِيَ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ تَصْحِيحُ الِانْفِسَاخِ بِخِلَافِ   [حاشية الرملي الكبير] مِنْ فِقْهِ الْبَابِ فَاعْتَمِدْهُ وَإِطْلَاقُ الْمِنْهَاجِ ظَاهِرٌ فِيهِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ أَمَّا مَا كَانَ قَبْضُهُ بِالْيَدِ كَثِيَابٍ يَتَنَاوَلُهَا وَيَضَعُهَا شَيْئًا فَشَيْئًا فَقَبْضُهُ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ تَنَاوُلِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا تَبَعًا لِقَبْضِ الدَّارِ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ وَزَادَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْأَصَحُّ فِي الْكُلِّ وُجُوبُ التَّحْوِيلِ وَلِذَلِكَ أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيِهِ الْمَرْجُوحِ فِي مَسْأَلَةِ شِرَائِهِمَا صَفْقَةً (قَوْلُهُ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ خِلَافَ مَا قَالَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَبْضِ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ لَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَبْضِ أُجْبِرَ) لَوْ جَاءَ الْبَائِعُ بِالْمَبِيعِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْبَيْعِ فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ الْمُشْتَرِي يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ وَلَا مُؤْنَةَ لَهُ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ لُحُوقِ ضَرَرٍ عَلَى الْمُشْتَرِي كَاتِبَهُ (قَوْلُهُ نَوَّبَ عَنْهُ الْحَاكِمُ كَالْغَائِبِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ فَلَا طَرِيقَ إلَى إسْقَاطِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ) بِأَنْ كَانَ بِحَيْثُ تَصِلُ يَدُهُ إلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ غَافِلٍ وَلَا نَائِمٍ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ إلَى الْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي بِمَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا فَلَا يَضْمَنْهُ) وَإِنْ أَمَرَهُ بِوَضْعِهِ (قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ) أَيْ بِالْفِعْلِ [فَرْعٌ جَعَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ] (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ مُقْبِضًا لَهُ) نَعَمْ إنْ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَفَى أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي السَّلَمِ) مِثْلُهُ الْمُقْتَرِضُ (قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إذْ فَاعِلُ اسْتَعَارَهُ فِي كَلَامِهِ الْبَائِعُ لَا الْمُشْتَرِي كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ دَاخِلَةٌ إلَخْ) الْآمِرُ فِي تِلْكَ الْمُشْتَرِي وَالْجَاعِلُ الْبَائِعُ وَالْآمِرُ فِي هَذِهِ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ بِعْتُك عَشَرَةَ آصُعٍ) لَوْ اشْتَرَى قَفِيزًا أَوْ صَاعًا فَاكْتَالَ بِالْمَكُّوكِ أَوْ بِالْمُدِّ وَهُوَ رُبْعُ الْقَفِيزِ وَالصَّاعِ فَهَلْ يَصِحُّ وَجْهَانِ وَأَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ صَحَّحَ الْمُتَوَلِّي مِنْهُمَا الْمَنْعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ إنَّمَا سَكَتَا عَنْ تَرْجِيحِهِ لِأَنَّهُمَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي بَابِ الرِّبَا وَقَدْ أَوْضَحْته [فَرْعٌ مُؤْنَةُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ الْمُفْتَقِرِ إلَيْهِمَا الْقَبْضُ] ثَمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 مَا لَوْ أَتْلَفَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ إتْلَافَهُ قَبْضٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ كَوْنُ الْمَقْبُوضِ مَرْئِيًّا فَإِنْ لَمْ يَرَهُ قَالَ الْإِمَامُ خَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّقَابُضِ جُزَافًا وَرَأَى هُوَ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ (وَإِنْ تَنَازَعَا) فِيمَنْ يَكِيلُ (نَصَبَ الْحَاكِمُ كَيَّالًا) أَمِينًا يَتَوَلَّاهُ وَيُقَاسُ بِالْكَيْلِ غَيْرُهُ وَفِي الْأَصْلِ هُنَا زِيَادَةُ حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهَا مَذْكُورَةٌ مَعَ تَفْصِيلٍ فِيهَا فِي بَابِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (فَرْعٌ مُؤْنَةُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ) الْمُفْتَقِرِ إلَيْهِمَا الْقَبْضُ (عَلَى مَنْ أَوْفَى) بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا كَمُؤْنَةِ إحْضَارِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ الْغَائِبَيْنِ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ أَيْ تِلْكَ الْمَحَلَّةَ وَأَمَّا مُؤْنَةُ نَقْلِهِمَا الْمُفْتَقِرُ إلَيْهِ الْقَبْضُ فَعَلَى الْمُسْتَوْفِي عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا يَنْفَرِدُ عَنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ اللَّذَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا الْقَبْضُ بِمَا إذَا لَمْ يَفْتَقِرْ ذَلِكَ إلَى كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَكَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فِيمَا ذُكِرَ الْعَدُّ وَالذَّرْعُ (وَ) مُؤْنَةُ (النَّقْدِ عَلَى الْمُسْتَوْفِي) لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ إظْهَارُ عَيْبٍ إنْ كَانَ لِيَرُدَّ بِهِ وَقَيَّدَهُ الْعُمْرَانِيُّ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ بِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَعَلَى الْمُوَفِّي وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا سَيَأْتِي فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعُ صَدَقَ بِيَمِينِهِ وَفِي السَّلَمِ يَصْدُقُ الْمُسْلِمُ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ قَالَ وَلَوْ أَخْطَأَ النَّقَّادُ فَظَهَرَ بِمَا نَقَدَهُ غِشٌّ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا أَطْلَقَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ مُتَبَرِّعًا فَإِنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ فَيَضْمَنُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلنَّسْخِ فَغَلَطَ فِي حَالِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَيَغْرَمُ أَرْشَ الْوَرَقِ انْتَهَى (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) بَكْرٌ (لِغَرِيمِهِ لِي عَلَى زَيْدٍ طَعَامٌ) مِثْلُ طَعَامِك (فَاكْتَلْهُ وَاقْبِضْهُ لِنَفْسِك أَوْ اُحْضُرْ مَعِي لِأَكْتَالَهُ وَأَقْبِضَهُ) أَنَا (لَك فَفَعَلَ فَسَدَ الْقَبْضُ) لَهُ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُجْرَى فِيهِ الصَّاعَانِ يَعْنِي صَاعَ الْبَائِعِ وَصَاعَ الْمُشْتَرِي رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رُوِيَ مَوْصُولًا مِنْ أَوْجُهٍ إذَا ضُمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ قَوِيَ مَعَ مَا ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ (وَضَمِنَهُ الْقَابِضُ) لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ لِغَرَضِهِ (وَبَرِئَ زَيْدٌ) مِنْ حَقِّ بَكْرٍ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ فِي الْأُولَى وَقَبَضَهُ بِنَفْسِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ حَذَفَ الِاكْتِيَالَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَبْضِ فِيمَا مَرَّ وَفِيمَا يَأْتِي كَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (اقْبِضْهُ لِي ثُمَّ لِنَفْسِك أَوْ أَحْضِرْ) مَعِي (لِأَقْبِضَهُ لِي ثُمَّ لَك) فَفَعَلَ (صَحَّ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ) إذْ لَا مَانِعَ (دُونَ الثَّانِي) لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَضَمِنَهُ الْقَابِضُ وَبَرِئَ زَيْدٌ مِنْ حَقِّ بَكْرٍ. (فَإِنْ اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ قَبَضَهُ) الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ كَالْأَصْلِ بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ وَثُمَّ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِ بَكْرٍ لِغَرِيمِهِ وَلَا الْقَبْضُ مُتَرَاخِيًا عَنْ الِاكْتِيَالِ أَيْ وَلَوْ اكْتَالَهُ بَكْرٌ وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ (ثُمَّ كَالَهُ لَهُ) أَيْ لِغَرِيمِهِ (وَأَقْبَضَهُ) لَهُ (صَحَّا) أَيْ الْقَبْضَانِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمَقْبُوضِ وَلِجَرَيَانِ الصَّاعَيْنِ (فَإِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ) حِينَ كَالَهُ ثَانِيًا (بِمَا يَتَفَاوَتُ بِالْكَيْلِ) أَيْ بِقَدْرٍ يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ (لَمْ يُؤَثِّرْ) فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ (أَوْ بِمَا لَا يَتَفَاوَتُ) بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ (فَالْكَيْلُ الْأَوَّلُ غَلَطٌ فَيَسْتَدْرِكُ) أَيْ فَيَرُدُّ بَكْرٌ الزِّيَادَةَ وَيَرْجِعُ بِالنَّقْصِ (وَكَذَا) يَصِحُّ الْقَبْضَانِ (لَوْ قَبَضَهُ فِي الْمِكْيَالِ) بِأَنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهُ (وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فِيهِ) أَيْ إلَى غَرِيمِهِ فِي الْمِكْيَالِ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ فِي الْمِكْيَالِ كَابْتِدَاءِ الْكَيْلِ (فَإِنْ قَالَ) لِغَرِيمِهِ (اشْتَرِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمَ لِي) مِثْلَ (مَا تَسْتَحِقُّهُ) عَلَيَّ (وَاقْبِضْهُ لِي ثُمَّ لِنَفْسِك) فَفَعَلَ (صَحَّ الشِّرَاءُ وَالْقَبْضُ الْأَوَّلُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِي لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَلِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ (أَوْ) قَالَ وَ (اقْبِضْهُ لِنَفْسِك) فَفَعَلَ (فَسَدَ الْقَبْضُ) لِأَنَّ حَقَّ الْإِنْسَانِ لَا يَتَمَكَّنُ غَيْرُهُ مِنْ قَبْضِهِ لِنَفْسِهِ (وَضَمِنَهُ) الْغَرِيمُ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ (وَبَرِئَ الدَّافِعُ) مِنْ حَقِّ الْمُوَكِّلِ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ (أَوْ) قَالَ (اشْتَرِ) بِهَا ذَلِكَ (لِنَفْسِك فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ) إذْ كَيْفَ يَشْتَرِي بِمَالِ الْغَيْرِ لِنَفْسِهِ (وَالدَّرَاهِمُ أَمَانَةٌ) بِيَدِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا لِيَتَمَلَّكَهَا وَلَا يَشْكُلُ ذَلِكَ بِمَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ لِي مِنْ مَالِكِ كَذَا بِكَذَا صَحَّ شِرَاؤُهُ لِلْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ ثَمَّ قَرْضٌ بِخِلَافِهِ هُنَا لِأَنَّ الْغَرَضَ إيفَاءُ مَا عَلَى الْمُوَكِّلِ (وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِهَا بَطَلَ) أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ عَنْهُ وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ (وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ اكْتَلْ حَقَّك مِنْ صُبْرَتِي لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الْكَيْلَ أَحَدُ رُكْنَيْ الْقَبْضِ وَقَدْ صَارَ نَائِبًا فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ مُتَأَصِّلًا لِنَفْسِهِ (فَرْعٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ الْمُفْتَقِر إلَيْهِمَا الْقَبْضُ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ جُزَافًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ فَإِنَّ أُجْرَتَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالنَّقْدُ عَلَى الْمُسْتَوْفِي) بَائِعًا أَوْ كَانَ مُشْتَرِيًا (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ) الْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَيَغْرَمُ أَرْشَ الْوَرَقِ) الْفَرْقُ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الضَّمَانِ وَاضِحٌ لِأَنَّ النَّاسِخَ عَيْبُ الْوَرَقِ وَلَا تَعَيُّبَ مِنْ النُّقَّادِ أَب قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُعْتَمَدُ مَا أَطْلَقَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَبِهِ أَفْتَيْت [فَرْعٌ قَالَ بَكْرٌ لِغَرِيمِهِ لِي عَلَى زَيْدٍ طَعَامٌ مِثْلُ طَعَامِك فَاكْتَلْهُ وَاقْبِضْهُ لِنَفْسِك] (قَوْلُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ إلَخْ) رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي» وَلَمْ يَقِفْ الْإِمَامُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ الصَّاعَانِ ثُمَّ قَالَ أَرَادَ صَاعَ الْبَائِعِ وَصَاعَ الْمُشْتَرِي وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِأَنَّ الْإِقْبَاضَ هُنَا مُتَعَدِّدٌ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ الْكَيْلُ فَلَزِمَ تَعَدُّدُ الْكَيْلِ وَالْكَيْلَاتِ قَدْ يَقَعُ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فَلَمْ يَجُزْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْكَيْلِ الْأَوَّلِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَوْ جَدَّدَهُ لَظَهَرَ فِيهِ تَفَاوُتٌ (قَوْلُهُ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ فِي الْأُولَى) لِأَنَّ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ عَنْ الْمَدِينِ مُسْتَلْزِمٌ لِقَبْضِهِ عَنْ الْإِذْنِ وَالْإِذْنُ فِي الْمُسْتَلْزِمِ إذْنٌ فِي لَازِمِهِ فَيَصِحُّ فِي اللَّازِمِ وَإِنْ فَسَدَ فِي الْمَلْزُومِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِ بَكْرٍ لِغَرِيمِهِ) مَا هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى صِحَّةِ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ فِي الْمِكْيَالِ إلَخْ) دَوَامُهُ فِي الْمِيزَانِ وَالذِّرَاعِ كَدَوَامِهِ فِي الْمِكْيَالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 لَا يَجُوزُ) لِلْمُسْتَحِقِّ (أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْقَبْضِ مَنْ يَدُهُ يَدُ الْمُقْبَضِ كَعَبْدِهِ) وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ الْمُقْبَضَ (بِخِلَافِ ابْنِهِ) وَأَبِيهِ (وَمُكَاتَبِهِ) فَيَجُوزُ لَهُ تَوْكِيلُهُمْ فِي الْقَبْضِ (وَإِنْ قَالَ) لِغَرِيمِهِ (وَكِّلْ مَنْ يَقْبِضُ) لِي مِنْك (أَوْ) قَالَ لِغَيْرِهِ وَكِّلْ مَنْ (يَشْتَرِي لِي مِنْك فَفَعَلَ صَحَّ) وَيَكُونُ وَكِيلًا لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْقَبْضِ أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهُ (وَإِنْ وَكَّلَ الْبَائِعُ رَجُلًا فِي الْإِقْبَاضِ ثُمَّ وَكَّلَهُ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ) تَوْلِيَتُهُ لَهُمَا مَعًا لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ كَأَصْلِهِ بِالْوَاوِ بَدَلَ ثُمَّ (فَرْعٌ لِلْأَبِ) وَإِنْ عَلَا إذَا اشْتَرَى لَهُ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ أَوْ عَكْسَهُ (أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ) أَيْ كَمَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَيَحْتَاجُ النَّقْلُ) أَيْ إلَيْهِ كَمَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ وَقَدْ يَتَوَلَّى الشَّخْصُ طَرَفَيْ الْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ فِي مَسَائِلِ أُخَرَ تَأْتِي مُفَرَّقَةً فِي مَحَالِّهَا وَقَدْ جَمَعَ الزَّرْكَشِيُّ أَكْثَرَهَا هُنَا فِي الْخَادِمِ (فَرْعٌ قَبْضُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ بِقَبْضِ الْجَمِيعِ) لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ لَكِنْ إنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِ (وَالزَّائِدُ أَمَانَةٌ) بِيَدِهِ بِخِلَافِ الزَّائِدِ فِي عَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَدَدًا أَخَذَهَا الدَّائِنُ مِمَّنْ لَزِمَتْهُ فَوَازَنَتْ أَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ (وَيُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ) إلَيْهَا (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِأَنَّا إنْ جَعَلْنَاهَا إفْرَازًا فَظَاهِرٌ أَوْ بَيْعًا فَالرِّضَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيهَا إذْ الشَّرِيكُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ الرِّضَا جَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ الْقَبْضُ كَالشُّفْعَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُجَابُ لِقِسْمَةِ الرَّدِّ لِاعْتِبَارِ الرِّضَا فِيهَا (فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الِاسْتِقْلَالُ بِالْقَبْضِ إنْ سَلَّمَ الثَّمَنَ) لِلْبَائِعِ كَمَا تَسْتَقِلُّ الزَّوْجَةُ بِقَبْضِ الصَّدَاقِ إذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا (أَوْ كَانَ) الثَّمَنُ (مُؤَجَّلًا) لِرِضَا الْبَائِعِ بِالتَّأْخِيرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الثَّمَنَ وَكَانَ حَالًّا (فَلَا) يَسْتَقِلُّ بِقَبْضِهِ وَإِنْ سَلَّمَ بَعْضَهُ فَإِنْ اسْتَقَلَّ بِهِ حِينَئِذٍ لَزِمَهُ الرَّدُّ (إذْ لِلْبَائِعِ حَبْسُهُ) إنْ خَافَ فَوْتَ الثَّمَنِ (حَتَّى يَقْبِضَهُ كُلَّهُ أَوْ) يَقْبِضَ (عِوَضَهُ إنْ صَالَحَ عَنْهُ) عَلَى مَالٍ (وَلِلْمُشْتَرِي) أَيْضًا (حَبْسُ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ كُلَّهُ) إنْ خَافَ فَوْتَهُ (فَإِذَا) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (امْتَنَعَ كُلٌّ) مِنْهُمَا مِنْ التَّسْلِيمِ لِلْآخَرِ (حَتَّى يُسَلِّمَ) لَهُ (الْآخَرُ) وَكَانَ الْعَقْدُ لَازِمًا وَالثَّمَنُ مُعَيَّنًا كَالْمَبِيعِ (أُجْبِرَا عَلَى التَّسْلِيمِ) لِاسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ بِأَنْ يَأْمُرَهُمَا الْحَاكِمُ بِتَسْلِيمِ مَا عَلَيْهِمَا إلَيْهِ أَوْ (إلَى عَدْلٍ) لِيُسَلِّمَ هُوَ أَوْ الْعَدْلُ كُلًّا مِنْهُمَا حَقَّهُ كَمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ عِنْدَ الْآخَرَ وَدِيعَةٌ وَتَنَازَعَا فِي الْبُدَاءَةِ وَلَا تَضُرُّ الْبُدَاءَةُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ. (وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (فِي الذِّمَّةِ) وَلَمْ يَخَفْ الْبَائِعُ فَوْتَهُ (أُجْبِرَ الْبَائِعُ) عَلَى التَّسْلِيمِ (أَوَّلًا) لِرِضَاهُ بِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالذِّمَّةِ وَلِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي الثَّمَنِ بِالْحَوَالَةِ وَالِاعْتِيَاضِ فَأُجْبِرَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِيَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ وَسَيَأْتِي فِي الْمُفْلِسِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إذَا بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ لَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ (ثُمَّ) إذَا أُجْبِرَ الْبَائِعُ أُجْبِرَ (الْمُشْتَرِي) عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إنْ حَضَرَ فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا (فَإِنْ غَابَ مَالُهُ عَنْ الْمَجْلِسِ) وَكَانَ فِيمَا دُونَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْقَبْضِ مَنْ يَدُهُ يَدُ الْمُقْبَضِ] قَوْلُهُ وَمُكَاتَبُهُ) مِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ إذَا قَبَضَ فِي نَوْبَتِهِ [فَرْعٌ لِلْأَبِ إذَا اشْتَرَى لَهُ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ أَوْ عَكْسَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْقَبْضِ] (قَوْلُهُ لِلْأَبِ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ) أَيْ وَفِي النِّكَاحِ إذَا أَصْدَقَ فِي مَالِ وَلَدِهِ أَوْ فِي مَالِ وَلَدِ وَلَدِهِ لِبِنْتِ ابْنِهِ وَفِي صُورَةِ الْخُلْعِ إذَا خَالَعَهَا عَلَى طَعَامٍ فِي ذِمَّتِهَا بِصِفَةِ السَّلَمِ وَأَذِنَ لَهَا فِي صَرْفِهِ لِوَلَدِهِ مِنْهَا فَصَرَفَتْهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطِ قَبْضِ صَاحِبِ الْمَالِ فَإِنَّهَا تَبْرَأُ إلَّا فِي احْتِمَالٍ لِابْنِ الصَّبَّاغِ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ وَنَقَلَ الْجُورِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَلَوْ قَالَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَطْعِمْ عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَأَطْعَمَ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبْضِ وَيُجْعَلُ قَبْضُ الْمَسَاكِينِ كَقَبْضِهِ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ فِي مَسْأَلَةِ الظَّفْرِ الْمَشْهُورَةِ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْغَاصِبَ أَوْ الْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ فِي قَبْضِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَقَبِلَ صَحَّ وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَتَأَتَّى فِيهَا الْقَبْضُ بَرِئَ الْغَاصِبُ وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الضَّمَانِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ الْمُقَرَّرِ فِي أَنَّ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ قَابِضًا مُقْبِضًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَّرَ دَارًا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ أَذِنَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي صَرْفِهَا فِي الْعِمَارَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَفِي الْإِشْرَافِ لَوْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ مَالٌ فَأَذِنَ لَهُ فِي إسْلَامِهِ فِي كَذَا قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ يَصِحُّ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ وَالزَّائِدُ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ) إنْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَأَذِنَ فِيهِ وَإِلَّا فَمَضْمُونٌ (قَوْلُهُ كَالشُّفْعَةِ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ [فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الِاسْتِقْلَالُ بِالْقَبْضِ إنْ سَلَّمَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ] (فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الِاسْتِقْلَالُ بِالْقَبْضِ) (قَوْلُهُ إنْ سَلَّمَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ) أَوْ أُحِيلَ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فِي الْعَقْدِ) وَإِنْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ وَكَانَ حَالًّا) أَوْ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَقَلَّ بِهِ حِينَئِذٍ لَزِمَهُ الرَّدُّ) وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَيَعْصِي وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ لَمْ يَسْقُطْ الثَّمَنُ وَلَوْ تَعَيَّبَ لَمْ يَثْبُتْ الرَّدُّ وَلَوْ رَدَّ إلَى الْبَائِعِ أَوْ اسْتَرَدَّ فَتَلِفَ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ ضَمَانُ الْعَقْدِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ ضَمَانُ الْيَدِ (قَوْلُهُ أَوْ عَوَّضَهُ إنْ صَالَحَ عَنْهُ) لِأَنَّ عِوَضَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي الثَّمَنِ بِالْحَوَالَةِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مِلْكِ غَيْرِهِ وَالْمُشْتَرِيَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مِلْكِ نَفْسِهِ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَوَقَّعُ الْفَسْخَ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ وَالْبَائِعُ آمِنٌ مِنْهُ لِكَوْنِ حَقِّهِ فِي الذِّمَّةِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ مَبْنِيًّا عَلَى الِاحْتِيَاطِ كَالْمُكَاتَبِ وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي حَالَةَ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْزِعْهُ الْبَائِعُ قَطْعًا وَأَنْ يَتَمَكَّنَ كُلٌّ مِنْ التَّسْلِيمِ وَأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ كَالْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ أَوْ وَكَالَةٌ إلَخْ) فَلَوْ تَبَايَعَ وَكِيلَانِ أُجْبِرَ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ كَالْوَكِيلِ (قَوْلُهُ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ عَيْنُهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَنَوْعُهُ الَّذِي يُقْضَى مِنْهُ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يُسَمَّى عَيْنًا إلَّا مَجَازًا (قَوْلُهُ إنْ حَضَرَ فِي الْمَجْلِسِ) عِبَارَةُ الْمُهَذَّبِ وَالْمُعْتَمَدِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنْ كَانَ مَالُهُ حَاضِرًا أُجْبِرَ وَهِيَ أَحْسَنُ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ قَوْلُهُ أُجْبِرَ كَذَا بِخَطِّهِ وَلَعَلَّ صَوَابَهُ أَجْبَرَا كَاتِبَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 مَسَافَةِ الْقَصْرِ (حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَبِيعِ (وَفِي جَمِيعِ أَمْوَالِهِ) وَإِنْ كَانَتْ وَافِيَةً بِدُيُونِهِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ الثَّمَنَ لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا يُبْطِلُ حَقَّ الْبَائِعِ وَهَذَا يُسَمَّى بِالْحَجْرِ الْغَرِيبِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَجْرِ الْفَلَسِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ نَقْصُ مَالِهِ مَعَ الْمَبِيعِ عَنْ الْوَفَاءِ أَنَّ الْمُفْلِسَ سَلَّطَهُ الْبَائِعُ عَلَى الْمَبِيعِ بِاخْتِيَارِهِ وَرَضِيَ بِذِمَّتِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا سَلَّمَ بِإِجْبَارِ الْحَاكِمِ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَجُزْ الْفَسْخُ إذَا وَفَّى الْمَبِيعَ بِالثَّمَنِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالرَّافِعِيِّ الْإِطْلَاقُ انْتَهَى هَذَا (إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ) بِفَلَسٍ وَإِلَّا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ أَيْضًا هَذَا الْحَجْرَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لَكِنَّ الْبَائِعَ فِي هَذِهِ يَرْجِعُ فِي عَيْنِ مَالِهِ بِشَرْطٍ فَلَا يَكُونُ مِنْ هَذَا الْبَابِ (وَأَلْزَمَ) الْمُشْتَرِي مَعَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ (التَّسْلِيمَ) لِلثَّمَنِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَهَذَا حَجْرٌ) يُخَالِفُ حَجْرَ الْفَلَسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ (لَا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعَيْنِ) أَيْ عَيْنِ الْمَبِيعِ (وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ضِيقِ الْمَالِ) عَنْ الْوَفَاءِ وَلَا عَلَى سُؤَالِ الْغَرِيمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ الْحَجْرَ لَا يَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ فَكِّ الْقَاضِي كَمَا فِي حَجْرِ الْفَلَسِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ لَكِنْ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ كَالْإِمَامِ بِخِلَافِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْمُشْتَرِي (مُعْسِرًا) بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الْمَبِيعِ يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ أَمْ لَا وَحَجَرَ عَلَيْهِ (فَسَخَ) الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الْمَبِيعَ (وَكَذَا لَوْ كَانَ مَالُهُ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) وَحَجَرَ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ تَحْصِيلِ الثَّمَنِ وَلَا يُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى إحْضَارِهِ لِتَضَرُّرِهِ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِ (فَإِنْ صَبَرَ فَالْحَجَرُ بَاقٍ) بِحَالِهِ (وَاخْتِلَافُ الْمُكْرِي وَالْمُسْتَأْجِرِ) فِي الِابْتِدَاءِ بِالتَّسْلِيمِ (كَذَلِكَ) أَيْ كَاخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلَمَ إلَيْهِ كَذَلِكَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْإِجْبَارَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ اللُّزُومِ كَمَا مَرَّ وَالسَّلَمُ إنَّمَا يَلْزَمُ بَعْدَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَالتَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (الْحَبْسُ بِمُؤَجَّلٍ حَلَّ) قَبْلَ التَّسْلِيمِ لِرِضَاهُ بِتَأْخِيرِهِ أَوَّلًا وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّ لَهُ الْحَبْسَ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ حِكَايَةِ الْمُزَنِيّ رُدَّ بِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ تَخْرِيجٌ لِلْمُزَنِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الطَّيِّبِ نَفْسُهُ. وَحَكَاهُ عَنْهُ الرُّويَانِيُّ ثُمَّ قَالَ وَكَمْ مِنْ تَخْرِيجٍ لِلْمُزَنِيِّ رَدَّهُ الْأَئِمَّةُ وَجَعَلُوا الْمَذْهَبَ خِلَافَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى خِلَافِهِ وَلَا يُطَالِبُ الْمُشْتَرِي بِرَهْنٍ وَلَا كَفِيلٍ وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا (وَلَا اسْتِرْدَادِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (إنْ سَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي) مُتَبَرِّعًا (وَلَوْ عَارِيَّةً) لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِالتَّسْلِيمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُرَادُ مِنْ الْعَارِيَّةِ نَقْلُ الْيَدِ كَمَا قَالُوا فِي إعَارَةِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ وَإِلَّا فَكَيْفَ تَصِحُّ الْإِعَارَةُ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ وَقَالَ غَيْرُهُ صُورَتُهَا أَنْ يُؤَجِّرَ عَيْنًا وَيَبِيعَهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ يَكْتَرِيَهَا مِنْ الْمُكْتَرِي وَيُعِيرَهَا لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ (إلَّا إنْ أَوْدَعَهُ) لَهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إذْ لَيْسَ لَهُ فِي الْإِيدَاعِ تَسْلِيطٌ بِخِلَافِ الْإِعَارَةِ وَتَلَفُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِيدَاعِ كَتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الشُّفْعَةِ وَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ أَيْضًا فِيمَا إذَا خَرَجَ الثَّمَنُ زُيُوفًا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ اشْتَرَى بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ) شَيْئًا وَوَفَّى نِصْفَ الثَّمَنِ عَنْ أَحَدِهِمَا (فَلِلْبَائِعِ الْحَبْسُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْكُلَّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ (أَوْ بَاعَ لَهُمَا) أَيْ مِنْهُمَا (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفٌ فَأَعْطَى أَحَدُهُمَا) الْبَائِعُ (النِّصْفَ) مِنْ الثَّمَنِ (سَلَّمَ) إلَيْهِ الْبَائِعُ (حِصَّتَهُ) مِنْ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَهَذِهِ غَيْرُ الَّتِي فِي الْأَصْلِ وَكَأَنَّهُ أَبْدَلَهَا بِهَذِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرَى بِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ فِيهَا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَقْرِيرُ كَلَامِهِمْ بِهَا وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ فِيهَا وَلَوْ بَاعَ بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ فَإِذَا أَخَذَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا مِنْ الثَّمَنِ   [حاشية الرملي الكبير] لَكِنْ إذَا كَانَ الْحَاضِرُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ اسْتَوْفَى مِنْهُ بِطَرِيقِهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا كَانَ مَالُهُ بِالْبَلَدِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُتَيَسِّرًا فَلَوْ عَجَزَ عَنْهُ فَيَنْبَغِي الْفَسْخُ كَالْغَيْبَةِ (قَوْلُهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا سَلَّمَ بِإِجْبَارِ الْحَاكِمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَجُزْ الْفَسْخُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لَوْ كَانَ جَائِزًا وَذَلِكَ فِي صُورَةِ يَسَارِهِ الْآتِيَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّارِحُ هُنَا اسْتِطْرَادًا لِحِكَايَةِ كَلَامِ السُّبْكِيّ بِرُمَّتِهِ (قَوْلُهُ إذَا وَفَّى الْمَبِيعَ بِالثَّمَنِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى الْمَبِيعِ بِاخْتِيَارِهِ وَرَضِيَ بِذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ كَالْإِمَامِ) أَيْ وَابْنُ دَاوُد بِخِلَافِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَالُهُ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَحُجِرَ عَلَيْهِ إلَخْ) لِلْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَيْسَ فِيهَا حَجْرٌ إلَّا إذَا صَبَرَ. قَالَ شَيْخُنَا فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ حُجِرَ عَلَيْهِ هُنَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلَ ذَلِكَ بِنَحْوِ سَطْرٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَيْضًا وَلَعَلَّ الشَّارِحَ سَرَى لَهُ ذَلِكَ مِنْ رَأْيٍ ضَعِيفٍ فِي الرَّوْضَةِ ظَنَّ أَنَّهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَعِبَارَتُهَا وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا فَسْخَ بَلْ يَرُدُّ الْمَبِيعَ إلَى الْبَائِعِ وَيَحْجُرُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُمْهِلُ إلَى الْإِحْضَارِ وَزَعَمَ فِي الْوَسِيطِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ. هَذَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْحَجْرِ الْخَاصِّ هَذَا الْمُسَمَّى بِالْغَرِيبِ (قَوْلُهُ كَاخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ) فَالْعَيْنُ الْمُسْتَوْفَى مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ وَالْأُجْرَةُ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى خِلَافِهِ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ رَاجَعْت كَلَامَ الْمُزَنِيّ فَوَجَدْته مِنْ تَفَقُّهِهِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِالتَّسْلِيمِ) وَلَمْ يَخَفْ فَوْتًا لِلثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ أَوْ يَحْجُرُ الْحَاكِمُ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَيْفَ تَصِحُّ الْإِعَارَةُ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ) وَيَجِيءُ هَذَا فِي صُورَةِ الْإِيدَاعِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لَهُ فِي الْإِيدَاعِ تَسْلِيطٌ) هَذَا فِي الْوَدِيعَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ مَا لَوْ كَانَ مُودَعًا عِنْدَهُ حَالَةَ الْبَيْعِ فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَا حَبْسَ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ كَتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَالَهُ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَقْرِيرُ كَلَامِهِ بِهَا) بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ إلَى الْوَكِيلِ بَاعَ اثْنَيْنِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ بِوَكَالَةٍ مُنَوَّنًا وَقَوْلُهُ اثْنَيْنِ مَفْعُولُ بَاعَ فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ الثَّانِي لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ حِينَئِذٍ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَيَنْدَفِعُ أَيْضًا بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ أَيْ بِتَوْكِيلِهِ اثْنَيْنِ فِي بَيْعِ مَالِهِ فَيَكُونُ إسْنَادُ الْبَيْعِ إلَيْهِ مَجَازًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ النِّصْفِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي التَّهْذِيبِ وَفِيهِ كَلَامَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إذَا بَاعَاهُ فَفِي انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِأَخْذِ نَصِيبِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَجْهَانِ فَكَانَ أَخْذُ الْوَكِيلِ لِأَحَدِهِمَا مَبْنِيًّا عَلَى ثُبُوتِ الِانْفِرَادِ لَوْ بَاعَا بِأَنْفُسِهِمَا وَالثَّانِي إنَّا إذَا قُلْنَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ وَاتِّحَادِهَا بِالْعَاقِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَسْلِيمُ النِّصْفِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَخَذَ الْبَائِعُ بَعْضَ الثَّمَنِ هَلْ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ قِسْطِهِ مِنْ الْمَبِيعِ وَفِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ نَحْوَهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ النِّصْفِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَقْدِ وَأَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَخَذَ بَعْضَ الثَّمَنِ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ قِسْطِهِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى مَسْأَلَةِ الِاتِّحَادِ فِي التَّصْحِيحِ فَيُمْشَى عَلَى مَا فِي التَّهْذِيبِ وَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةً مِمَّا اسْتَشْكَلَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ شِرَائِهِ بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ بِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِيهَا بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ (بَابُ التَّوْلِيَةِ) أَصْلُهَا تَقْلِيدُ الْعَمَلِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَتْ فِيمَا يَأْتِي (وَالْإِشْرَاكُ) مَصْدَرُ أَشْرَكَهُ أَيْ صَيَّرَهُ شَرِيكًا (مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَقَالَ لِعَالِمٍ بِالثَّمَنِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ لِجَاهِلٍ بِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ (وَلَّيْتُك الْعَقْدَ فَقَبِلَ مَلَكَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (دُونَ زَوَائِدِهِ الْمُنْفَصِلَةِ) كَالْمُشْتَرَى بِغَيْرِ تَوْلِيَةٍ (بِمِثْلِ الثَّمَنِ) الْأَوَّلِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً (أَوْ بَعْضَهُ إنْ حُطَّ عَنْهُ) بِضَمِّ الْحَاءِ (الْبَعْضُ) الْآخَرُ وَلَوْ قَبْلَ لُزُومِ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَ التَّوْلِيَةِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ حَطَّ الْبَائِعِ وَوَارِثِهِ وَوَكِيلِهِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ إنْ حَطَّ عَنْهُ الْبَائِعُ وَلَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (فَإِنْ حَطَّ) عَنْهُ (الْكُلَّ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ) وَلَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ لُزُومِهَا (لَمْ تَصِحَّ) التَّوْلِيَةُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْعٌ بِلَا ثَمَنٍ وَقَوْلُ السُّبْكِيّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ إنْ كَانَ الْحَطُّ بَعْدَ اللُّزُومِ أَيْ لِلْبَيْعِ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ فَتُتَّجَهُ الصِّحَّةُ فِيهِ نَظَرًا لِأَنَّ الْحَطَّ فِي الْمَعْنَى إبْرَاءٌ بَلْ عَبَّرَ عَنْهُ الْمُتَوَلِّي بِهِ وَلَمْ يَقُولُوا فِيهِ بِذَلِكَ (أَوْ بَعْدَهَا) وَبَعْدَ لُزُومِهَا (صَحَّتْ وَانْحَطَّ) الثَّمَنُ عَنْ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا جَدِيدًا فَخَاصِّيَّتُهَا التَّنْزِيلُ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ فَهِيَ فِي حَقِّ الثَّمَنِ كَالْبِنَاءِ وَفِي حَقِّ نَقْلِ الْمِلْكِ كَالِابْتِدَاءِ حَتَّى تَتَجَدَّدَ فِيهِ الشُّفْعَةُ كَمَا سَيَأْتِي (وَيَلْزَمُ التَّوْلِيَةَ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْبَيْعِ لَكِنَّ الْعِلْمَ بِالثَّمَنِ يَكْفِي عَنْ ذِكْرِهِ) لِأَنَّ خَاصِّيَّتَهَا الْبِنَاءُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَإِذَا لَزِمَهَا أَحْكَامُ الْبَيْعِ (فَتَتَجَدَّدُ بِهَا الشُّفْعَةُ) إذَا كَانَ الْمَبِيعُ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَعَفَا الشَّفِيعُ وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا بَيْعًا أَنَّ لِلْمَوْلَى مُطَالَبَةَ الْمُتَوَلِّي بِالثَّمَنِ مُطْلَقًا لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ يَنْقَدِحُ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ حَتَّى يُطَالِبَهُ بَائِعُهُ إذَا قُلْنَا يَلْحَقُهُ الْحَطُّ وَتَوَقَّفَ فِي أَنَّهُ هَلْ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الْمُتَوَلِّي (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ) فِي التَّوْلِيَةِ (كَوْنُ الثَّمَنِ مِثْلِيًّا) لِيَأْخُذَ الْمَوْلَى مِثْلَ مَا بَذَلَ (فَإِنْ اشْتَرَى) وَفِي نُسْخَةٍ اشْتَرَاهُ (بِعَرَضٍ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُوَلِّيَهُ) أَيْ الْعَقْدَ (إلَّا مَنْ انْتَقَلَ الْعَرَضُ إلَيْهِ) مِلْكًا (فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي بِالْعَرَضِ قَامَ عَلَيَّ) بِكَذَا وَقَدْ وَلَّيْتُك الْعَقْدَ بِمَا قَامَ عَلَيَّ (وَذَكَرَ الْقِيمَةَ) مَعَ الْعَرَضِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُرَابَحَةِ (جَازَ) وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ وَقَالَ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَقَدْ وَلَّيْتُك الْعَقْدَ بِمَا قَامَ عَلَيَّ أَوْ وَلَّتْ الْمَرْأَةُ فِي صَدَاقِهَا بِلَفْظِ الْقِيَامِ أَوْ الرَّجُلُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ فَوَجْهَانِ (فَلَوْ كَذَبَ) الْمَوْلَى فِي إخْبَارِهِ بِالثَّمَنِ (فَكَالْكَذِبِ) فِيهِ (فِي الْمُرَابَحَةِ) وَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْفَتْوَى حَاصِلُ قَوْلِ الْأَصْلِ فَقِيلَ كَالْكَذِبِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَقِيلَ يَحُطُّ قَوْلًا وَاحِدًا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّوْلِيَةِ بَيْنَ كَوْنِ الثَّمَنِ حَالًّا وَكَوْنِهِ مُؤَجَّلًا وَفِيمَا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا وَوَقَعَتْ بَعْدَ الْحُلُولِ نَظَرٌ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَكُونُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الثَّانِي مِنْ وَقْتِهَا وَأَنْ يُقَالَ يَكُونُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ حَالًّا وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ لِأَنَّ الْأَجَلَ مِنْ صِفَاتِ الثَّمَنِ وَقَدْ شَرَطُوا الْمِثْلِيَّةَ فِي الصِّفَةِ انْتَهَى (فَصْلٌ وَالِاشْتِرَاكُ هُوَ أَنْ يَقُولَ) الْمُشْتَرِي لِمَنْ مَرَّ فِي التَّوْلِيَةِ (أَشْرَكْتُك فِي الْمَبِيعِ) وَهُوَ بَيْعٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ثُبُوتِ الِانْفِرَادِ إلَخْ) وَهُوَ الْأَصَحُّ [بَابُ التَّوْلِيَةِ] (بَابُ التَّوْلِيَةِ) (قَوْلُهُ وَلَّيْتُك الْعَقْدَ) سَوَاءٌ أَقَالَ بِمَا اشْتَرَيْت أَمْ سَكَتَ أَوْ وَلَّيْتُك كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهُ إنْ حَطَّ عَنْهُ إلَخْ) لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَّيْتُك الْعَقْدَ لَا أُطَالِبُ إلَّا بِمَا أُطَالِبُ بِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَطَّ إنَّمَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ التَّمَاثُلُ (قَوْلُهُ وَوَارِثُهُ وَوَكِيلُهُ) أَيْ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثَّمَنِ وَالْمُحْتَالُ بِهِ وَالسَّيِّدُ بَعْدَ تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسَهُ وَمُوَكِّلُ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَعِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ) أَيْ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ حَطَّ الْكُلَّ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ لَمْ تَصِحَّ) لَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ الْحَطِّ بِالسُّقُوطِ لَشَمِلَ مَا لَوْ وَرِثَ الْمَوْلَى الثَّمَنَ أَوْ بَعْضَهُ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْمُتَوَلِّي كَمَا يَسْقُطُ بِالْبَرَاءَةِ وَعَلَيْهِ لَوْ وَرِثَ الْكُلَّ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ لَمْ تَصِحَّ س (قَوْلُهُ وَبَعْدَ لُزُومِهَا) وَقَعَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ رَجُلًا بَاعَ وَلَدَهُ دَارًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ أَسْقَطَ عَنْهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ فَأُجِيبُ فِيهَا بِأَنَّهُ يَصِيرُ كَمَنْ بَاعَ بِلَا ثَمَنٍ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَتَسْتَمِرُّ الدَّارُ عَلَى مِلْكِ الْوَالِدِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا بَيْعًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) وَضَعَّفَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمُتَوَقَّعَ لَيْسَ كَالْوَاقِعِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ الْعَقْدُ هُنَا لِلْجَهَالَةِ لَوْ اطَّلَعَ الْمَوْلَى عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ بِالْمَبِيعِ فَهَلْ يَرُدُّ عَلَى الْمَوْلَى أَوْ عَلَى بَائِعِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِي ذَلِكَ وَفِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ يَرُدُّ عَلَى الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ. اهـ. لَا يَرُدُّهُ إلَّا عَلَى الْمَوْلَى (قَوْلُهُ وَتَوَقَّفَ فِي أَنَّهُ هَلْ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الْمُتَوَلِّي) لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ [فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي التَّوْلِيَةِ كَوْنُ الثَّمَنِ مِثْلِيًّا] (قَوْلُهُ فَوَجْهَانِ) وَفِي كَلَامِ السُّبْكِيّ مَا يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ وَبِهَا صَرَّحَ ابْنُ السِّرَاجِ الْيَمَنِيُّ فِي شَرْحِ الْحَاوِي وَهِيَ الْأَصَحُّ [فَرْعٌ لَا فَرْقَ فِي التَّوْلِيَةِ بَيْنَ كَوْنِ الثَّمَنِ حَالًّا وَكَوْنِهِ مُؤَجَّلًا] (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَكُونُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الثَّانِي مِنْ وَقْتِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ الِاشْتِرَاكُ هُوَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِمَنْ مَرَّ فِي التَّوْلِيَةِ أَشْرَكْتُك فِي الْمَبِيعِ] (قَوْلُهُ هُوَ أَنْ يَقُولَ أَشْرَكْتُك فِي الْمَبِيعِ) لَوْ بَاعَ الْوَلِيُّ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ مَالَ الطِّفْلِ ثُمَّ قَالَهُ لَهُ الْمُشْتَرِي أَشْرَكْتُك فِي هَذَا الْعَقْدِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَارَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 فَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ (فَإِنْ صَرَّحَ بِالْمُنَاصَفَةِ أَوْ غَيْرِهَا) مِنْ الْكُسُورِ كَقَوْلِهِ أَشْرَكْتُك فِي نِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ (صَحَّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ) الْإِشْرَاكَ يَصِحُّ (وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا) أَيْ الْمُنَاصَفَةِ كَالْإِقْرَارِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْعَقْدِ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَلَا بُدَّ فِي الْإِشْرَاكِ مِنْ ذِكْرِ الْبَيْعِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْرَكْتُك فِي بَيْعِ هَذَا أَوْ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ أَشْرَكْتُك فِي هَذَا وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَأَقَرَّهُ وَعَلَيْهِ أَشْرَكْتُك فِي هَذَا كِنَايَةٌ (وَقَوْلُهُ أَشْرَكْتُك بِالنِّصْفِ) أَوْ مُنَاصَفَةً (يَقْتَضِي) أَنَّهُ بَاعَهُ (النِّصْفَ) بِنِصْفِ الثَّمَنِ (أَوْ) أَشْرَكْتُك (فِي النِّصْفِ يَقْتَضِي) أَنَّهُ بَاعَهُ (الرُّبُعَ) بِرُبُعِ الثَّمَنِ نَعَمْ إنْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِي نِصْفِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ تَعَيَّنَ النِّصْفُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ لِمُقَابَلَتِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا بِالرُّبُعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِأَنَّ جُمْلَةَ الْمَبِيعِ مُقَابَلَةٌ بِالثَّمَنِ فَنِصْفُهُ بِنِصْفِهِ (بَابُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ) وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الرِّبْحِ وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ (مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَقَالَ لِآخَرَ بَعْدَ عِلْمِهِمَا بِالثَّمَنِ وَعِلْمُهُمَا بِهِ شَرْطٌ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُوَضِّحَةٌ لِمَا قَبْلَهَا (بِعْتُكَهُ) (بِمَا اشْتَرَيْت أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ) أَوْ بِمَا قَامَ عَلَيَّ أَيْ بِمِثْلِهِ أَوْ نَحْوِهَا (وَرِبْحِ ده يازده أَوْ رِبْحِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ أَوْ فِي) أَوْ عَلَى (كُلِّ عَشَرَةٍ صَحَّ) بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا فِي الْأَصْلِ (بِزِيَادَةِ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ) لِخَبَرِ «فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ» وَلِأَنَّهُ ثَمَنٌ مَعْلُومٌ فَكَانَ كَبِعْتُكَ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بده يازده وَدَّهُ دوازده وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ وَدَّهُ بِالْفَارِسِيَّةِ عَشَرَةٌ ويازده أَحَدَ عَشَرَ أَيْ كُلُّ عَشَرَةٍ رِبْحُهَا دِرْهَمٌ وَدَّهُ دوازده كُلُّ عَشَرَةٍ رِبْحُهَا دِرْهَمَانِ وَكَمَا تَصِحُّ الْمُرَابَحَةُ تَصِحُّ الْمُحَاطَّةُ لِذَلِكَ وَيُقَالُ لَهَا الْمُوَاضَعَةُ وَالْمُخَاسَرَةُ (فَلَوْ قَالَ) لِآخَرَ بَعْدَ عِلْمِهِمَا بِالثَّمَنِ بِعْتُك بِمَا اشْتَرَيْت أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ نَحْوِهِمَا (بِحَطِّ ده يازده أَوْ بِحَطِّ دِرْهَم لِكُلِّ عَشَرَةٍ أَوْ فِي) أَوْ عَلَى (كُلِّ عَشَرَةٍ انْحَطَّ مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ) كَمَا أَنَّ الرِّبْحَ فِي مُرَابَحَةِ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ فَلَوْ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ فَالثَّمَنُ تِسْعُونَ وَعَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ أَوْ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ فَالثَّمَنُ مِائَةٌ (فَلَوْ قَالَ بِحَطِّ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ فَالْمَحْطُوطُ الْعَاشِرُ) لِأَنَّ مِنْ تَقْتَضِي إخْرَاجَ وَاحِدٍ مِنْ الْعَشَرَة بِخِلَافِ اللَّامِ وَفِي. وَعَلَى وَالظَّاهِرُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الصِّحَّةُ بِلَا رِبْحٍ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهَا إلَّا أَنْ يُرِيدَا بِمِنْ التَّعْلِيلُ فَتَكُونُ كَاللَّامِ وَنَحْوِهَا وَلَهُ أَنْ يَضُمَّ إلَى الثَّمَنِ شَيْئًا ثُمَّ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْت بِمِائَةٍ وَقَدْ بِعْتُك بِمِائَتَيْنِ وَرِبْحِ دِرْهَمٍ فِي كُلٍّ) أَوْ لِكُلِّ (عَشَرَةٍ) كَانَ أَنْسَبَ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ مَثَلًا وَبِعْتُكَهُ بِأَحَدِ عَشَرَ وَلَمْ يَقُلْ مُرَابَحَةً لَا يَكُونُ عَقْدَ مُرَابَحَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ كَاذِبًا فَلَا خِيَارَ وَلَا حَطَّ وَبِذَلِكَ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ لَكِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَكَالْمُرَابَحَةِ فِي ذَلِكَ الْمُحَاطَّةُ (تَنْبِيهٌ) قَدْ عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَرَاهِمَ أَوْ حِنْطَةً مُعَيَّنَةً غَيْرَ مَعْلُومَةِ الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الدَّرَاهِمِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ عِلْمِهِمَا الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْعِلْمَ بِالْوَزْنِ وَالْكَيْلِ (فَصْلٌ لَا يَدْخُلُ بِقَوْلِهِ بِعْت بِمَا اشْتَرَيْت أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ إلَّا الثَّمَنُ) وَهُوَ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ (فَإِنْ قَالَ) بِعْت (بِمَا قَامَ عَلَيَّ دَخَلَ فِيهِ) مَعَ الثَّمَنِ (أُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَالْجَمَّالِ وَالدَّلَّالِ وَالْقَصَّارِ وَسَائِرِ مُؤَنِ الِاسْتِرْبَاحِ) كَأُجْرَةِ الْحَارِسِ وَالرَّفَّاءِ وَالْخَتَّانِ وَالْمُطَيِّنِ وَالصَّبَّاغِ وَقِيمَةِ الصَّبْغِ (حَتَّى الْمَكْسِ   [حاشية الرملي الكبير] كَالْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ. اهـ. يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) قَالَ شَارِحُ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ وَلَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِي الْعَبْدِ بِالنِّصْفِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَيْعَ أَوْ الْعَقْدَ بَطَلَ الْإِشْرَاكُ جَزْمًا وَصَوَّرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَالْبَسِيطِ وَالْفُورَانِيُّ فِي الْإِبَانَةِ مَسْأَلَةَ الْإِشْرَاكِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَتَصِحُّ التَّوْلِيَةُ وَالْإِشْرَاكُ فِي الْمُسْتَأْجَرِ لَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ تَعَدَّدَ الشُّرَكَاءُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الشَّرِيكُ نِصْفَ مَالِهِمْ أَوْ مِثْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا لَوْ اشْتَرَيَا شَيْئًا ثُمَّ أَشْرَكَا ثَالِثًا فِيهِ فَهَلْ لَهُ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثُهُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي [بَابُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ] (بَابُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ) (قَوْلُهُ وَعِلْمُهُمَا بِهِ شَرْطٌ) الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَلَا تَكْفِي الْمُعَايَنَةُ وَإِنْ كَفَتْ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً غَيْرَ مَوْزُونَةٍ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَرِبْحُ ده يازده) قَالَ الْبَطَلْيُوسِيُّ فِي شَرْحِ الْفَصِيحِ الْإِضَافَةُ فِي لُغَةِ الْعَجَمِ مَقْلُوبَةٌ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الصِّحَّةُ بِلَا رِبْحٍ) لَا تَرَدُّدَ فِي الصِّحَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ بِلَا رِبْحٍ فَمَرْدُودٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إلْغَاءِ قَوْلِهِ وَرِبْحُ دِرْهَمٍ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِزِيَادَةِ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ وَتَكُونُ مِنْ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ بِمَعْنَى فِي أَوْ عَلَى بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَرِبْحُ دِرْهَمٍ [فَصْلٌ لَا يَدْخُلُ بِقَوْلِهِ بِعْت بِمَا اشْتَرَيْت أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ] (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ بِمَا قَامَ) أَوْ نَحْوِهِ كَثَبَتْ عَلَيَّ أَوْ حَصَلَ عَلَيَّ أَوْ بِمَا هُوَ عَلَيَّ (قَوْلُهُ دَخَلَ فِيهِ) مَعْنَى قَوْلِهِ دَخَلَ أَنَّهُ يَضُمُّهَا إلَى الثَّمَنِ فَيَقُولُ: قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بِمُطْلَقِ ذَلِكَ تَدْخُلُ جَمِيعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَعَ الْجَهْلِ بِهَا (قَوْلُهُ أُجْرَةُ الْكَيَّالِ) صُورَةُ أُجْرَةِ الْكَيَّالِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَكِيلًا أَوْ يَلْتَزِمُ الْمُشْتَرِي مُؤْنَةَ كَيْلِ الْمَبِيعِ مُعَيَّنَةً أَوْ يَتَرَدَّدُ فِي صِحَّةِ مَا اكْتَالَ الْبَائِعُ فَيَسْتَأْجِرُ مَنْ يَكْتَالُهُ ثَانِيًا لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ نَقْصٌ أَوْ يَشْتَرِيَهُ جُزَافًا ثُمَّ يَكِيلُهُ بِأُجْرَةٍ لِيَعْرِفَ قَدْرَهُ أَوْ يَشْتَرِيَ مَعَ غَيْرِهِ صُبْرَةً ثُمَّ يَقْسِمَانِهَا كَيْلًا فَأُجْرَةُ الْكَيَّالِ عَلَيْهِمَا وَصُورَةُ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا فَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَعْرِضُهُ لِلْبَيْعِ ثُمَّ اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِهِ أَوْ يَلْتَزِمُ الْمُشْتَرِي أُجْرَةَ دَلَالَةِ الْمَبِيعِ مُعَيَّنَةً وَمَحَلُّ دُخُولِ أُجْرَةِ مَنْ ذَكَرَ إذَا لَزِمَتْ الْمَوْلَى وَأَدَّاهَا (قَوْلُهُ حَتَّى الْمَكْسِ) أَيْ الَّذِي يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ أَوْ وَالْبَارِيَّةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 وَأُجْرَةُ بَيْتِ الْمَتَاعِ) لِأَنَّهَا مِنْ مُؤَنِ التِّجَارَةِ (لَا مَا اسْتَرْجَعَهُ) أَيْ الْمَبِيعُ (بِهِ إنْ غَصَبَ) أَوْ أَبَقَ وَلَا فِدَاءِ الْجِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَا نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَعَلَفٍ وَسَائِسٍ) أَيْ مُؤْنَتُهُ وَلَا سَائِرِ مَا يُقْصَدُ بِهِ اسْتِبْقَاءُ الْمِلْكِ دُونَ الِاسْتِرْبَاحِ فَلَا يَدْخُلُ وَتَقَعُ فِي مُقَابَلَةِ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَوْفَاةِ مِنْ الْمَبِيعِ (وَيَدْخُلُ عَلَفُ التَّسْمِينِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ) وَثَمَنُ الدَّوَاءِ (لِمَرَضِ يَوْمِ الشِّرَاءِ لَا) لِلْمَرَضِ (الْحَادِثِ) بَعْدَهُ لِمَا مَرَّ (وَلَا تَدْخُلُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ) بِنَفْسِهِ أَوْ مَمْلُوكِهِ (وَبَيْتِهِ) وَمَا تَطَوَّعَ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْعَيْنَ إنَّمَا تُعَدُّ قَائِمَةً عَلَيْهِ بِمَا بَذَلَهُ (فَإِنْ أَرَادَهَا) لِتَدْخُلَ (قَالَ) اشْتَرَيْته مَثَلًا بِكَذَا (وَعَمِلْت) فِيهِ (بِكَذَا وَيَذْكُرُ الْأُجْرَةَ) ثُمَّ يَقُولُ وَقَدْ بِعْتُكَهُ بِذَلِكَ وَرِبْحِ كَذَا أَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا وَأُجْرَةِ عَمَلِي أَوْ بَيْتِي أَوْ عَمَلِ الْمُتَطَوِّعِ عَنِّي وَهِيَ كَذَا وَرِبْحُ كَذَا (فَصْلٌ وَلْيَصَدَّقْ) أَيْ الْبَائِعُ وُجُوبًا (فِي إخْبَارِهِ) بِقَدْرِ مَا اشْتَرَى بِهِ أَوْ مَا قَامَ بِهِ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَمَانَةِ لِاعْتِمَادِ الْمُشْتَرِي نَظَرَ الْبَائِعِ وَاسْتِقْصَاءَهُ وَرِضَاهُ لِنَفْسِهِ مَا رَضِيَهُ الْبَائِعُ مَعَ زِيَادَةٍ أَوْ حَطٍّ (فَإِنْ اشْتَرَى) شَيْئًا (بِثَمَنٍ وَبَاعَهُ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَخَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ (ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْهُ (أَخْبَرَ بِالْأَخِيرِ) مِنْهُمَا (وَلَوْ) كَانَ (فِي لَفْظِ قَامَ عَلَيَّ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ (فَلَوْ بَانَ الْكَثِيرُ) مِنْ الثَّمَنِ فِي بَيْعٍ (عَنْ مُوَاطَأَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ كَمَا فِي الْأَصْلِ تَنْزِيهًا وَقِيلَ تَحْرِيمًا (فَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (الْخِيَارُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْقَائِلُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَمْ يَقُلْ بِالْكَرَاهَةِ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ لِأَنَّ مَا أَثْبَتَ الْخِيَارَ يَجِبُ إظْهَارُهُ كَالْعَيْبِ قَالَ وَعَلَيْهِ فَفِي جَزْمِ النَّوَوِيِّ بِالْكَرَاهَةِ مَعَ تَقْوِيَتِهِ الْقَوْلَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ نَظَرٌ (فَرْعٌ الثَّمَنُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَيَلْحَقُهُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ قَبْلَ لُزُومِهِ) أَيْ الْعَقْدِ (فَإِنْ حَطَّ) مِنْهُ بَعْضَهُ (بَعْدَ لُزُومِهِ وَبَاعَ بِلَفْظِ) مَا (اشْتَرَيْت لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَطُّ وَلَوْ) بَاعَ (بِلَفْظِ) مَا (قَامَ عَلَيَّ) أَوْ رَأْسِ الْمَالِ (أَخْبَرَ بِالْبَاقِي فَإِنْ انْحَطَّ الْكُلُّ لَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً بِلَفْظِ قَامَ عَلَيَّ) أَوْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَلَا لَهُ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ (بَلْ بِاشْتَرَيْتُ وَالْحَطُّ) لِلْكُلِّ أَوْ لِلْبَعْضِ (بَعْدَ جَرَيَانِ الْمُرَابَحَةِ لَمْ يَلْحَقْ) مَنْ اشْتَرَى بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ ابْتِنَاءَهُمَا عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ أَقْوَى مِنْ ابْتِدَاءِ الْمُرَابَحَةِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ الزِّيَادَةَ بِخِلَافِ الْمُرَابَحَةِ (فَرْعٌ) مَا ذُكِرَ مِنْ إلْحَاقِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي الثَّمَنِ جَارٍ فِي إلْحَاقِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارِ وَزِيَادَةِ الْمَبِيعِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَنُقْصَانِهَا وَكَذَا فِي الصَّدَاقِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِمَا (فَرْعٌ وَيُخْبِرُ) الْبَائِعُ وُجُوبًا بِالشِّرَاءِ (بِالْعَرَضِ وَقِيمَتُهُ) حِينَ الشِّرَاءِ (مَعًا) إنْ اشْتَرَى بِهِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ يُشَدِّدُ فِي الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ فَوْقَ مَا يُشَدِّدُ فِيهِ بِالنَّقْدِ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِبَيْعِهِ بِلَفْظِ الشِّرَاءِ وَرَأْسِ الْمَالِ كَمَا خَصَّهُ الْمُتَوَلِّي بَلْ يَجْرِي فِي بَيْعِهِ بِلَفْظِ الْقِيَامِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ بَعْدُ فِي عَبْدٍ هُوَ أُجْرَةٌ أَوْ عِوَضُ خُلْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ صُولِحَ بِهِ عَنْ دَمٍ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ هُنَا الْمُتَقَوِّمُ فَالْمِثْلِيُّ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ مُرَابَحَةً وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ بِقِيمَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ لِمَرَضِ يَوْمِ الشِّرَاءِ) مِثْلُهَا أُجْرَةُ رَدٍّ مَنْ اشْتَرَاهُ مَغْصُوبًا أَوْ آبِقًا وَفِدَاءُ مَنْ اشْتَرَاهُ جَانِيًا جِنَايَةً أَوْجَبَتْ الْقَوَدَ (قَوْلُهُ وَلَا تَدْخُلُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ) لَوْ صَبَغَهُ بِنَفْسِهِ حُسِبَتْ قِيمَةُ الصَّبْغِ فَقَطْ وَمِثْلُهُ ثَمَنُ الصَّابُونِ فِي الْقَصَّارَةِ [فَصْلٌ وَلْيَصَدَّقْ الْبَائِعُ وُجُوبًا فِي إخْبَارِهِ بِقَدْرِ مَا اشْتَرَى بِهِ أَوْ مَا قَامَ بِهِ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ] (قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَا اشْتَرَى بِهِ وَصِفَتُهُ إنْ تَفَاوَتَتْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ انْحَطَّ سِعْرُ السِّلْعَةِ وَكَانَ قَدْ اشْتَرَاهَا بِقِيمَتِهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ ذَلِكَ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ أَخْبَرَ بِالْأَخِيرِ) أَيْ وُجُوبًا وَكَتَبَ أَيْضًا وَإِنْ سَاوَتْهُ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ) كَمَا فِي الْأَصْلِ تَنْزِيهًا هُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ فَلَهُ الْخِيَارُ) قَالَ شَيْخُنَا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَاعَهُ مُرَابَحَةً وَعِبَارَةُ الْحِجَازِيِّ وَيُكْرَهُ أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ فَيَبِيعَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ لِيَبِيعَهُ مُرَابَحَةً فَإِنْ فَعَلَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ ثَبَتَ لِمُشْتَرِيهِ الْخِيَارُ وَخَالَفَ غَيْرُهُ قَالَ قَوْلُ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَقْوَى (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْقَائِلُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ إلَخْ) لَا إشْكَالَ إذْ الْمَكْرُوهُ الْمُوَاطَأَةُ وَالْوَاجِبُ الْإِخْبَارُ بِمَا جَرَى وَقَدْ قَالَ الدِّزَّمَارِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ الْكَرَاهَةُ رَاجِعَةٌ إلَى الْمُوَاطَأَةِ لَا إلَى الْإِخْبَارِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ غِشٌّ وَخَدِيعَةٌ وَلَا يَقْصُرُ عَنْ كِتْمَانِ الْعَيْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَجِبُ الْإِخْبَارُ بِهِ [فَرْعٌ الثَّمَنُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ] (قَوْلُهُ الثَّمَنُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ) سَوَاءٌ أَبَاعَهُ بِلَفْظِ مَا اشْتَرَيْت أَمْ بِلَفْظِ الْقِيَامِ أَمْ بِلَفْظِ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَالْحَطُّ بَعْدَ جَرَيَانِ الْمُرَابَحَةِ لَمْ يَلْحَقْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ الصَّوَابُ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةُ (قَوْلُهُ وَيُخْبِرُ بِالْعِرَضِ وَبِقِيمَتِهِ مَعًا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ يَوْمَ الِاسْتِقْرَارِ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ. اهـ. وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ يَذْكُرُ قِيمَةَ الْعَرَضِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَلَا مُبَالَاةَ بِارْتِفَاعِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ قِيمَةُ الْعَقْدِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ) وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ غَلَطٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ إذَا بَاعَ بِلَفْظِ الْقِيَامِ يَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ الْقِيمَةِ قَالَ وَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَا قَالَا مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ الْعَرَضِ بِالنَّقْدِ هُوَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ قَالَ وَجَزَمَ فِي الْكِفَايَةِ بِجَوَازِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ شِرَائِهِ بِعَرَضٍ وَلَمْ يَعْرُجْ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَا أَثْبَتَهُ وَجْهًا بِالْكُلِّيَّةِ. اهـ. قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ كَلَامَ الْقَاضِي صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِالْعَرَضِ فِي صُورَةِ مَا إذَا قَالَ قَامَ عَلَيَّ وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ عَنْهُ يَقْطَعُ كُلَّ احْتِمَالٍ قَالَ فَاَلَّذِي فَهِمَهُ الرَّافِعِيُّ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ جَرَى صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ أَيْ فِي ذِكْرِ الْعَرَضِ فِي الصُّورَتَيْنِ فَالْمُغَلِّطُ غَالِطٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (وَ) يُخْبِرُ بِالشِّرَاءِ (بِالدَّيْنِ) الَّذِي كَانَ لَهُ (عَلَى الْبَائِعِ) الْمُمَاطِلِ أَوْ الْمُعْسِرِ (إنْ اشْتَرَى بِهِ) لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي شِرَائِهِ مِنْ الْمُمَاطِلِ أَوْ الْمُعْسِرِ أَنْ يَزِيدَ لِلْخَلَاصِ مِنْهُ (لَا) إنْ اشْتَرَى بِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْبَائِعُ (مَلِيءٌ غَيْرُ مُمَاطِلٍ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ هَذَا إنْ اشْتَرَاهُ بِدَيْنِهِ الْحَالِّ أَمَّا بِدَيْنِهِ الْمُؤَجَّلِ فَيَجِبُ الْإِخْبَارُ بِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَيُخْبِرُ بِالْأَجَلِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبِقَدْرِهِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِمَا (فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَ) بِلَفْظِ قَامَ عَلَيَّ أَوْ رَأْسِ الْمَالِ (أَحَدَ عَيْنَيْ الصَّفْقَةِ مُرَابَحَةً بِالْقِسْطِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُوَزَّعِ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ) أَيْ قِيمَتَيْهِمَا (يَوْمَ الشِّرَاءِ جَازَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ بِلَفْظِ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ الْحَالَ وَلَوْ اشْتَرَى عَيْنًا فَبَاعَ بَعْضَهَا مُرَابَحَةً بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت نِصْفَهَا أَوْ قَامَ عَلَيَّ بِمِائَةٍ وَبِعْتُكَهُ بِهَا وَكَانَ اشْتَرَاهَا بِمِائَتَيْنِ لَمْ يَجُزْ لِلْكَذِبِ فِي الْأَوَّلِ وَلِلنَّقْصِ بِالتَّشْقِيصِ فِي الثَّانِي فَيَلْزَمُهُ الْإِخْبَارُ بِالْأَصْلِ فَيَقُولُ اشْتَرَيْتهَا أَوْ قَامَتْ عَلَيَّ بِمِائَتَيْنِ وَبِعْتُك نِصْفَهَا بِمِائَةٍ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْلِ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مِثْلِيًّا كَقَفِيزِ بُرٍّ وَبَاعَ بَعْضَهُ فَيَصِحُّ بِالْقِسْطِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْحَالَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ إذْ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ بِالتَّشْقِيصِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْفَزَارِيّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِتَقْوِيمِهِ لِنَفْسِهِ بَلْ يَرْجِعُ إلَى مُقَوِّمَيْنِ عَدْلَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَكْتَفِي بِذَلِكَ إنْ كَانَ عَارِفًا وَإِلَّا فَهَلْ يَكْفِي عَدْلٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ نَعَمْ لَوْ جَرَى نِزَاعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ (فَرْعٌ وَيُخْبِرُ) أَيْضًا (بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ) عِنْدَهُ بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَلِأَنَّ الْحَادِثَ يَنْقُصُ بِهِ الْمَبِيعُ عَمَّا كَانَ حِينَ الْبَيْعِ (فَإِنْ أَخَذَ أَرْشَ عَيْبٍ) لِحُدُوثِ آخَرَ (وَبَاعَ بِلَفْظِ قَامَ عَلَيَّ حَطَّ الْأَرْشَ أَوْ) بِلَفْظِ (مَا اشْتَرَيْت ذَكَرَ صُورَةَ الْحَالِ) أَيْ مَا جَرَى بِهِ الْعَقْدُ مَعَ الْعَيْبِ وَأَخْذَهُ الْأَرْشَ لِأَنَّ الْأَرْشَ الْمَأْخُوذَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ أَخَذَ الْأَرْشَ عَنْ جِنَايَةٍ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ) وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَنَقَصَ ثَلَاثِينَ أَوْ سِتِّينَ مَثَلًا (فَأَخَذَ) مِنْ الْجَانِي (نِصْفَ الْقِيمَةِ) خَمْسِينَ (فَالْمَحْطُوطُ) مِنْ الثَّمَنِ (الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ النَّقْصِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ إنْ بَاعَ بِلَفْظِ قَامَ) عَلَيَّ (فَإِنْ كَانَ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ) مِنْ الْأَرْشِ الْمُقَدَّرِ حَطَّ مَا أَخَذَ مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ (أَخْبَرَ بِقِيَامِهِ عَلَيْهِ بِالْبَاقِي وَبِنَقْصِ الْقِيمَةِ) أَيْ وَبِأَنَّهُ نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ كَذَا وَلَوْ قَالَ أَخْبَرَ مَعَ إخْبَارِهِ بِقِيَامِهِ عَلَيْهِ بِالْبَاقِي وَبِنَقْصِ الْقِيمَةِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِالْأَوَّلِ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ (وَإِنْ بَاعَ بِلَفْظِ مَا اشْتَرَيْت ذَكَرَ صُورَةَ الْحَالِ) أَيْ الثَّمَنِ وَالْجِنَايَةِ (فَرْعٌ وَيُخْبِرُ بِالشِّرَاءِ مِنْ ابْنِهِ الطِّفْلِ) وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي شِرَائِهِ مِنْ مُوَلِّيهِ أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ نَظَرًا لَهُ وَتَحَرُّزًا عَنْ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ شِرَائِهِ مِنْ أَبِيهِ وَابْنِهِ الرَّشِيدِ لَا يَجِبُ الْإِخْبَارُ بِهِ كَالشِّرَاءِ مِنْ زَوْجَتِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَكَذَا يُخْبِرُ بِالشِّرَاءِ (بِالْغَبْنِ لَوْ غَبَنَ) لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (لَا بِوَطْءِ الثَّيِّبِ وَأَخْذِ مَهْرٍ) لَهَا وَاسْتِعْمَالٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَبِيعِ (وَ) أَخْذِ (زِيَادَاتٍ مُنْفَصِلَةٍ حَادِثَةٍ) كَلَبَنٍ وَوَلَدٍ وَصُوفٍ وَثَمَرَةٍ لِأَنَّهَا لَمْ تَأْخُذْ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ (وَيَحُطُّ) مِنْهُ (قِسْطَ مَا أَخَذَ مِنْ لَبَنٍ وَصُوفٍ وَحَمْلٍ وَثَمَرَةٍ) وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا (حَالَ الْعَقْدِ) لِأَنَّهُ أَخَذَ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ حَادِثَةٍ (فَصْلٌ إذَا بَانَ كَذِبُهُ بِزِيَادَةٍ وَلَوْ غَلَطًا) كَأَنْ قَالَ اشْتَرَيْته بِمِائَةٍ وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِتِسْعِينَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ (سَقَطَتْ الزِّيَادَةُ وَرِبْحُهَا) لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِاعْتِبَارِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ (وَلَا خِيَارَ لَهُمَا) أَمَّا الْبَائِعُ فَلِتَدْلِيسِهِ وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّهُ إذَا رَضِيَ بِالْأَكْثَرِ فَبِالْأَقَلِّ أَوْلَى سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ بَاقِيًا أَمْ تَالِفًا وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ لِأَنَّ التَّغْرِيرَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَمَا لَوْ رَوَّجَ عَلَيْهِ مَعِيبًا وَتَعْبِيرُهُ كَالرَّوْضَةِ بِالسُّقُوطِ أَوْلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا) وَتَعْلِيلُهُمْ صَرِيحٌ فِي مُوَافَقَتِهِ (قَوْلُهُ وَيُخْبِرُ بِالْأَجَلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبِقَدْرِهِ إلَخْ) إلَّا أَنْ يَجْرِيَ الْعُرْفُ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فِي آجَالِ السِّلَعِ بِالْأَسْوَاقِ. اهـ. وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ [فَرْعٌ بَاعَ بِلَفْظِ قَامَ عَلَيَّ أَوْ رَأْسِ الْمَالِ أَحَدَ عَيْنَيْ الصَّفْقَةِ مُرَابَحَةً بِالْقِسْطِ] (قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ بِالْقِسْطِ مُطْلَقًا) أَيْ بِلَفْظِ الْقِيَامِ أَوْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِ يَصِحُّ بِالْقِسْطِ أَنَّ مُرَادَهُ الْجَوَازُ بِدَلِيلِ مَا سَبَقَ وَإِلَّا فَالصِّحَّةُ ثَابِتَةٌ هُنَا وَفِيمَا قَبْلَهَا الْمُعَبَّرُ فِيهَا بِعَدَمِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَكْتَفِي بِذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهَلْ يَكْفِي عَدْلٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ) تَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ فِي الدِّيَاتِ عِنْدَ ذِكْرِ الْخِلْفَاتِ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ عِنْدَ فَرْضِ النِّزَاعِ كَمَا يُطْلَبُ مُقَوِّمَانِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَيُخْبِرُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ) وَبِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ ثُمَّ عَلِمَ وَرَضِيَ بِهِ وَشَمِلَ الْعَيْبُ مَا يُنْقِصُ الْعَيْنَ فَقَطْ كَالْخِصَاءِ (قَوْلُهُ وَيُخْبِرُ بِالشِّرَاءِ مِنْ ابْنِهِ الطِّفْلِ وَنَحْوِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ كَوْنِهِمْ فِي حِجْرِهِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَهَلْ غَيْرُ الْأَبِ مِنْ الْأُصُولِ كَالْأَبِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا قَالَ النَّاشِرِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا بِالْغَبْنِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لِغَرَضٍ خَاصٍّ [فَصْلٌ قَالَ اشْتَرَيْته بِمِائَةٍ وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِتِسْعِينَ بِبَيِّنَةٍ] (قَوْلُهُ كَأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت بِمِائَةٍ وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً) كَأَنْ قَالَ بِعْتُك بِرَأْسِ مَالِي وَهُوَ مِائَةٌ وَرِبْحِ كَذَا فَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْته بِمِائَةٍ وَبِعْتُكَهُ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ فَلَا حَطَّ وَلَا خِيَارَ لِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي بِتَصْدِيقِهِ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَفِي النِّهَايَةِ مَا يُخَالِفُهُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَنْ قَصْدٍ وَقَدْ مَرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَزِيَادَاتٌ مُنْفَصِلَةٌ حَادِثَةٌ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَوْ اشْتَرَاهَا حَائِلًا فَحَمَلَتْ وَوَلَدَتْ ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهَا مُرَابَحَةً فَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ أُصُولُنَا أَنَّهُ إنْ زَالَ نَقْصُ الْوِلَادَةِ قَبْلَ بَيْعِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَحْذُورُ التَّفْرِيقِ لَمْ يَجِبْ الْإِخْبَارُ بِمَا جَرَى وَإِنْ لَمْ يَزُلْ وَجَبَ الْإِخْبَارُ بِهِ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ تَفْرِيقٌ مُحَرَّمٌ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 مِنْ تَعْبِيرِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ بِالْحَطِّ لِأَنَّا نَتَبَيَّنُ أَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا وَقَعَ بِمَا بَقِيَ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ حَطٍّ بِخِلَافِ اسْتِرْجَاعِ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَإِنَّهُ إنْشَاءُ حَطٍّ مِنْ الثَّمَنِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَرَدَ عَلَى مَعِيبٍ فَمُوجِبُ الْعَيْبِ الرَّدُّ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّ الْأَرْشَ بَدَلٌ عَنْ الرَّدِّ إذَا تَعَذَّرَ قَالَهُ الْإِمَامُ (فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْأَجَلَ وَالْعَيْبَ) أَوْ شَيْئًا آخَرَ مِمَّا يَجِبُ ذِكْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) لِتَدْلِيسِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ بِتَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا سُقُوطَ فِي غَيْرِ الْكَذِبِ بِالزِّيَادَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَنْدَفِعُ ضَرَرُ الْمُشْتَرِي بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِالسُّقُوطِ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَ بِالثَّمَنِ حَالًّا أَوْ تَرَكَ الْإِخْبَارَ بِهِ فَبَاعَ بِهِ حَالًّا فَبَانَ مُؤَجَّلًا قُوِّمَ الْمَبِيعُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا بِذَلِكَ الْأَجَلِ وَسَقَطَ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ التَّفَاوُتِ فِي الْقِيمَةِ فَلَوْ قُوِّمَ حَالًّا بِمِائَةٍ وَمُؤَجَّلًا بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ فَالتَّفَاوُتُ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْقِيمَةِ فَيَسْقُطُ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ (فَرْعٌ لَوْ غَلِطَ) الْبَائِعُ (فَنَقَصَ) مِنْ الثَّمَنِ كَأَنْ قَالَ اشْتَرَيْته بِمِائَةٍ وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً ثُمَّ قَالَ غَلِطْت إنَّمَا اشْتَرَيْته بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ (وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ) كَعَكْسِهِ (وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) لِعُذْرِهِ بِالْغَلَطِ (لَا إلْحَاقُ الزِّيَادَةِ) وَضَرَرُهُ يَنْدَفِعُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ (وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي نَظَرْت فَإِنْ ذَكَرَ لِغَلَطِهِ وَجْهًا) مُحْتَمَلًا (كَقَوْلِهِ زَوَّرَ عَنِّي وَكِيلِي) عِبَارَةُ الْأَصْلِ اشْتَرَاهُ وَكِيلِي وَأَخْبَرْت أَنَّ الثَّمَنَ مِائَةٌ فَبَانَ خِلَافُهُ أَوْ وَرَدَ عَلَيَّ مِنْهُ كِتَابٌ فَبَانَ مُزَوَّرًا (أَوْ رَاجَعْت جَرِيدَتِي فَغَلِطْت مِنْ ثَمَنٍ إلَى ثَمَنٍ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ) أَيْ لِتَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ عِنْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ (وَكَذَا) تُسْمَعُ (بَيِّنَتُهُ) بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَزْيَدَ مِمَّا غَلِطَ بِهِ كَمَا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ وَلِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ يُحَرِّكُ ظَنَّ صِدْقِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لِغَلَطِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا (فَلَا) تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ لِتَكْذِيبِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَهُمَا (وَلَوْ ادَّعَى عِلْمَ الْمُشْتَرِي) بِصِدْقِهِ (حَلَفَ يَمِينَ) نَفْيِ (الْعِلْمِ) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ هُوَ) عَلَى الْبَتِّ (وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) قَالَ الشَّيْخَانِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِنَا إنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ أَنْ يَعُودَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا حَالَةَ التَّصْدِيقِ أَيْ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْحَقُّ قَالَ وَمَا ذَكَرَاهُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّي وَالْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ أَوْرَدُوا أَنَّهُ كَالتَّصْدِيقِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْكَثِيرُ لِحُكْمِ الرَّدِّ وَلَمْ أَجِدْ ثُبُوتَ الْخِيَارِ إلَّا فِي الشَّامِلِ (تَنْبِيهٌ) اقْتَصَرُوا فِي حَالَةِ النَّقْصِ عَلَى الْغَلَطِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الزِّيَادَةِ ذِكْرُ التَّعَمُّدِ وَلَعَلَّهُمْ تَرَكُوهُ لِأَنَّ جَمِيعَ التَّفَارِيعِ لَا تَأْتِي فِيهِ (فَرْعٌ الدَّرَاهِمُ فِي قَوْلِهِ) اشْتَرَيْته بِكَذَا وَبِعْتُكَهُ بِهِ (وَرِبْحُ دِرْهَمٍ تَكُونُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ (أَوْ لَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ مَعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْمُرَابَحَةِ بِعْتُك بِكَذَا يَقْتَضِي كَوْنَ الرِّبْحِ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَكِنْ يَجُوزُ جَعْلُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ بِالتَّعْيِينِ أَمَّا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْجِنْسِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ أَيْ كَمَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ (فَصْلٌ) لَوْ (اتَّهَبَ بِشَرْطِ الثَّوَابِ ذَكَرَهُ وَبَاعَ بِهِ مُرَابَحَةً أَوْ اتَّهَبَهُ بِلَا عِوَضٍ) أَوْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (ذَكَرَ الْقِيمَةَ) وَبَاعَ بِهَا مُرَابَحَةً وَلَا يَبِيعُ بِلَفْظِ الْقِيَامِ وَلَا الشِّرَاءِ وَلَا رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ (وَلَهُ أَنْ يَقُولَ فِي عَبْدٍ هُوَ أُجْرَةٌ أَوْ عِوَضُ خُلْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَمٍ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا أَوْ يَذْكُرَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) فِي الْإِجَارَةِ (وَمَهْرِهِ) فِي الْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ (وَالدِّيَةِ) فِي الصُّلْحِ بِأَنْ يَقُولَ قَامَ عَلَيَّ بِمِائَةٍ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِ دَارٍ مَثَلًا أَوْ مَهْرُ مِثْلِ امْرَأَةٍ أَوْ صُلْحٌ عَنْ دِيَةٍ وَبِعْتُكَهُ بِهَا (وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْت) وَلَا رَأْسِ الْمَالِ كَذَا لِأَنَّهُ كَذِبٌ [بَابٌ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ] (بَابٌ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ) التَّرْجَمَةُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ الْأُصُولُ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ وَالثِّمَارُ جَمْعُ ثَمَرٍ وَهُوَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ وَيَأْتِي   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ غَلِطَ الْبَائِعُ فَنَقَصَ مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ قَالَ غَلِطْت وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي] قَوْلُهُ لَوْ غَلِطَ فَنَقَصَ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي) أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيِّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ لِإِلْحَاقِ الزِّيَادَةِ) قَالَ السُّبْكِيُّ الرَّافِعِيُّ وَفَّى بِمُقْتَضَى التَّسْوِيَةِ الْجَهَالَةَ وَأَمَّا النَّوَوِيُّ فَلَا سَلَكَ التَّنَزُّلَ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا حَتَّى يُثْبِتَ الزِّيَادَةَ وَلَا التَّنْزِيلَ عَلَى الْمُسَمَّى مُطْلَقًا فَيُلْغِي الزِّيَادَةَ وَطَرِيقَتُهُ مُشْكِلَةٌ وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ حَيْثُ رَاعَى هُنَا الْمُسَمَّى وَهُنَاكَ الْعَقْدَ. اهـ. وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَدْ أَقَرَّا وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ تِسْعُونَ فَلَا يُمْكِنُ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى الزِّيَادَةِ فَتَعَيَّنَ النَّظَرُ إلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ مَا يُنَافِي دَعْوَاهُ وَالْمُشْتَرِيَ مُصَدِّقٌ لَهُ. اهـ. وَلَيْسَ بِالْوَاضِحِ وَفَرَّقَ الْغَزِّيِّ بِأَنَّ الْبَائِعَ هُنَاكَ نَقَصَ حَقَّهُ فَنَزَّلْنَا الثَّمَنَ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهَهُنَا يَزِيدُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ مُحْتَمَلًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ) وَإِذَا سُمِعَتْ فَهُوَ كَمَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لِتَكْذِيبِ قَوْلِ الْأَوَّلِ لَهُمَا) لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارٍ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) بَيْنَ إمْضَاءِ الْعَقْدِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْفَسْخِ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا يَثْبُتُ (قَوْلُهُ وَيَعُودُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا حَالَةَ التَّصْدِيقِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوْ كَانَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا التَّفْرِيعِ جَمِيعَ الْقَائِلِينَ بِالْخِلَافِ الْأَوَّلِ وَتَفَارِيعِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَالْقَائِلُونَ بِالصِّحَّةِ هُنَاكَ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَةً تُصَحِّحُهُ بِالزِّيَادَةِ مَعَ رِبْحِهَا وَتُثْبِتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ وَهُمْ الْقَائِلُونَ هُنَا بِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ إنْ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ وَفِرْقَةً قَالَتْ هُنَاكَ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَثْبُتُ وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ. اهـ. (قَوْلُهُ اقْتَصَرُوا فِي حَالَةِ النَّقْصِ عَلَى الْغَلَطِ) لِأَنَّ دَعْوَاهُ عِنْدَ التَّعَمُّدِ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ [فَرْعٌ الدَّرَاهِمُ فِي قَوْلِهِ اشْتَرَيْته بِكَذَا وَبِعْتُكَهُ بِهِ وَرِبْحُ دِرْهَمٍ] (قَوْلُهُ تَكُونُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مِنْهُ أَمْ لَا فَيَكُونُ الْأَصْلُ مِثْلَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ [فَصْلٌ اتَّهَبَ بِشَرْطِ الثَّوَابِ ذَكَرَهُ وَبَاعَ بِهِ مُرَابَحَةً أَوْ اتَّهَبَهُ بِلَا عِوَضٍ أَوْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ] (بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 مَعَ ذَلِكَ غَيْرُهُ (اللَّفْظُ الْمُتَنَاوِلُ غَيْرَهُ) فِي عَقْدِ الْبَيْعِ (سِتَّةٌ الْأَوَّلُ الْأَرْضُ وَمِثْلُهَا الْبُقْعَةُ وَالسَّاحَةُ وَالْعَرْصَةُ فَإِنْ بَاعَهَا أَوْ رَهَنَهَا بِمَا فِيهَا مِنْ أَشْجَارٍ وَأَبْنِيَةٍ دَخَلَتْ) فِي الْعَقْدِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ بِعْتُك أَوْ رَهَنْتُك الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا أَوْ عَلَيْهَا أَوْ بِهَا أَوْ بِحُقُوقِهَا (وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا) كَبِعَّتِك أَوْ رَهَنْتُك الْأَرْضَ دُونَ مَا فِيهَا (خَرَجَتْ) أَيْ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) كَبِعْتُكَ أَوْ رَهَنْتُك الْأَرْضَ (دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ) لِأَنَّهَا لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ فِي الْأَرْضِ فَأَشْبَهَتْ جُزْأَهَا فَتَتَبَّعَهَا كَمَا فِي الشُّفْعَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْأَشْجَارِ بِالرَّطْبَةِ فَتَخْرُجُ الْيَابِسَةُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّجَرَ لَا يَتَنَاوَلُ غُصْنَهُ الْيَابِسَ وَلَا يَشْكُلُ بِتَنَاوُلِ الدَّارِ مَا أُثْبِتَ فِيهَا مِنْ وَتَدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ ذَلِكَ أَثْبَتُ فِيهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مُثَبَّتًا فَصَارَ كَجُزْئِهَا بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ نَعَمْ إنْ عُرِّشَ عَلَيْهَا عَرِيشٌ لِعِنَبٍ وَنَحْوِهِ أَوْ جُعِلَتْ دِعَامَةً لِجِدَارٍ أَوْ غَيْرِهِ صَارَتْ كَالْوَتَدِ فَتَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ (لَا) فِي (الرَّهْنِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ قَوِيٌّ يَنْقُلُ الْمِلْكَ فَيَسْتَتْبِعُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْوَقْفُ وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الثَّانِي الدَّارِمِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا وَالْعَارِيَّةُ كَالرَّهْنِ وَكَذَا الْإِقْرَارُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِهِ (وَلَا يَدْخُلُ) فِي بَيْعِ الْأَرْضِ (مَسِيلُ الْمَاءِ وَشِرْبُهَا) بِكَسْرِ الشِّينِ أَيْ نَصِيبُهَا (مِنْ الْقَنَاةِ) وَالنَّهْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ (حَتَّى) يَشْرِطَهُ كَأَنْ (يَقُولَ بِحُقُوقِهَا) وَالْمُرَادُ الْخَارِجُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ الْأَرْضِ أَمَّا الدَّاخِلُ فِيهَا فَلَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَاهَا لِزَرْعٍ أَوْ غِرَاسٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ (فَصْلٌ لَا يَدْخُلُ فِي) بَيْعِ (الْأَرْضِ) مِنْ الزَّرْعِ (مَا يُؤْخَذُ دَفْعُهُ كَزَرْعٍ) يُوهِمُ أَنَّ مَا بَعْدَهُ لَيْسَ بِزَرْعٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ (وَنَحْوِهِ مِنْ الْفُجْلِ وَالْجَزَرِ وَقُطْنِ خُرَاسَانَ) وَالثُّومِ وَغَيْرِهَا (وَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا) لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّوَامِ فَأَشْبَهَ مَنْقُولَاتِ الدَّارِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ أَزْدِرَاعَهَا) بِأَنْ رَآهَا قَبْلَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لَمْ يَشْتَرِهَا الزَّرْعَ لِتَأَخُّرِ انْتِفَاعِهِ نَعَمْ إنْ تَرَكَهُ لَهُ الْبَائِعُ أَوْ قَصُرَ زَمَنُ التَّفْرِيغِ سَقَطَ خِيَارُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْبَذْرِ أَمَّا الْعَالِمُ بِذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ نَعَمْ إنْ ظَهَرَ أَمْرٌ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْحَصَادِ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ بَيْعَ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ صَحِيحٌ كَبَيْعِ دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ (وَيَصِحُّ قَبْضُهَا مَزْرُوعَةً) فَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ قَبْضِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ (لِتَعَذُّرِ التَّفْرِيغِ) هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ (وَيَتْرُكُ) الزَّرْعَ (إلَى) أَوَّلِ إمْكَانِ (الْحَصَادِ) دُونَ نِهَايَتِهِ (بِلَا أُجْرَةٍ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ مَا فِيهَا مِنْ أَشْجَارٍ) وَلَوْ أَشْجَارِ الْمَوْزِ فَقَدْ عَدَّهَا الْبَغَوِيّ مِمَّا يَنْدَرِجُ عَلَى أَصَحِّ الطُّرُقِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَتْ جُزْأَهَا إلَخْ) وَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ لَفْظَ الْأَرْضِ يَشْمَلُ الْأُسَّ وَالْمُغْرِسَ فَلَوْ بَقِيَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ لِلْبَائِعِ لَخَلَا الْأُسُّ وَالْمُغْرِسُ عَنْ الْبُقْعَةِ وَتَكُونُ مَنْفَعَتُهُمَا مُسْتَثْنَاةً لَا إلَى غَايَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَلْعُ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ يُرَادُ لِلْبَقَاءِ وَلَا تَبْقِيَتُهُ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ حِينَ أَحْدَثَهُ أَحْدَثَهُ فِي مِلْكِهِ فَإِذَا كَانَ الْأُسُّ وَالْمُغْرِسُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُفْرَدًا بِالِاتِّفَاقِ فَوَجَبَ إذَا ضُمَّ إلَى مَبِيعٍ خَلَا عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ لِلْجَهَالَةِ بِالثَّمَنِ فَلَمَّا أَفْضَى الْأَمْرُ إلَى هَذَا الْمَحْذُورِ حُكِمَ بِالِانْدِرَاجِ حِرْصًا عَلَى تَصْحِيحِ الْعَقْدِ كَمَا أُدْرِجَ الْحَمْلُ وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الرَّهْنِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِهِ حَتَّى يَكُونَ اسْتِثْنَاءُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مُخْرِجًا لِلْعَقْدِ عَنْ وَضْعِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْأَشْجَارِ بِالرَّطْبَةِ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ بِهَا الدَّوَامَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ دُخُولِ الشَّجَرِ بِجُمْلَتِهِ مَا إذَا كَانَ يُقْطَعُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَالْحَوَرِ بِالْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ قِسْمِ مَا يُجَزُّ مِنْ الْبُقُولِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَنَحْوِهَا فَيَدْخُلُ أَصْلُهُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الْأَرْضِ وَمَا عَلَا مِنْهُ وَارْتَفَعَ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ يَكُونُ لِلْبَائِعِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي أَغْصَانِ الْخِلَافِ الَّتِي تُجَزُّ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَقَدْ يَغْفُلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ إلَخْ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا تَدْخُلُ جَزْمًا (قَوْلُهُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّجَرَ إلَخْ) لَا شَكَّ فِي أَنَّ دُخُولَ الْغُصْنِ فِي اسْمِ الشَّجَرَةِ أَقْرَبُ مِنْ دُخُولِ الشَّجَرَةِ فِي اسْمِ الْأَرْضِ وَلِهَذَا يَدْخُلُ الْغُصْنُ الرَّطْبُ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الثَّانِي الدَّارِمِيُّ) وَبِالْأَوَّلِ ابْنُ رَضْوَانَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ فَقَالَ إذَا وَقَفَ الْأَرْضَ دَخَلَ كُلُّ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا إلَّا الثَّمَرَةَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْوَصِيَّةُ) وَنَحْوُهُمَا مِنْ كُلِّ عَقْدٍ يُزِيلُ الْمِلْكَ كَجَعْلِهَا صَدَاقًا أَوْ أُجْرَةً أَوْ جَعَالَةً أَوْ قَرْضًا إنْ جَوَّزْنَا قَرْضَ الْعَقَارِ وَكَذَا الْإِجَازَةُ لِأَنَّهَا لَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِهِ) وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِبِنَائِهِ عَلَى الْيَقِينِ وَإِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ أَمَّا الدَّاخِلُ فِيهَا فَلَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ السَّوَّاقِي الَّتِي تَشْرَبُ مِنْهَا وَأَنْهَارُهَا وَعَيْنُ مَاءَهَا [فَصْلٌ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ مَا يُؤْخَذُ دَفْعُهُ] (قَوْلُهُ مِنْ الْفُجْلِ) بِضَمِّ الْفَاءِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّوَامِ) لِأَنَّهُ نَمَاءٌ ظَاهِرٌ يُرَادُ لِلنَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ دُونَ الْبَقَاءِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لَمْ يَسْتُرْهَا الزَّرْعُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ رُؤْيَةٍ مَعَ الْجَهْلِ بِالزَّرْعِ أَوْ يَرَاهَا مَزْرُوعَةً وَلَمْ يَمْنَعْ الزَّرْعُ الرُّؤْيَةَ وَيُظَنُّ حَصَادُ مَا فِيهَا وَيَتَبَيَّنُ بَقَاؤُهُ (قَوْلُهُ وَيُتْرَكُ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ) إلَّا أَنْ تَجْرِيَ الْعَادَةُ بِأَخْذِهِ قَصِيلًا رَطْبًا وَكَتَبَ أَيْضًا مُقْتَضَى كَلَامِهِ اسْتِحْقَاقِ الْبَائِعِ لَا بَقَائِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا شَرَطَ الْإِبْقَاءَ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ فَفِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهِ تَرَدُّدٌ لِلْأَصْحَابِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرَ أَنَّهُ جَزَمَ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِوُجُوبِ الْقَطْعِ إذَا شَرَطَهُ وَهُوَ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ) لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً لِمُدَّةِ التَّفْرِيغِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ إمَّا بِإِعَارَةٍ مِنْهُ أَوْ بِنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ بِغَصْبٍ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْأُجْرَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ لِلْبَائِعِ ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 عَلَى الْبَائِعِ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ وَلِأَنَّ الْبَائِعَ زَرَعَ مِلْكَ نَفْسِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ قَبْلَ أَوَانِهِ (وَعَلَيْهِ) بَعْدَ الْقَلْعِ (تَسْوِيَةُ) حُفَرِ (الْأَرْضِ) الْحَاصِلَةِ بِهِ (وَقَلْعُ عُرُوقٍ مُضِرَّةٍ) بِهَا (كَالذُّرَةِ) وَالْقُطْنِ تَشْبِيهًا بِمَا إذَا كَانَ فِي الدَّار أَمْتِعَةٌ لَا يَتَّسِعُ لَهَا بَابُ الدَّارِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ وَعَلَى الْبَائِعِ ضَمَانُهُ (تَنْبِيهٌ) عَدَّ الشَّيْخَانِ مِمَّا يُؤْخَذُ دَفْعَةً السِّلْقَ بِكَسْرِ السِّينِ وَاعْتَرَضَهُمَا جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ مِمَّا يُجَزُّ مِرَارًا وَأَجَابَ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ نَوْعَانِ نَوْعٌ يُؤْخَذُ دَفْعَةً وَهُوَ مَا أَرَادَهُ الشَّيْخَانِ وَنَوْعٌ مِمَّا يُجَزُّ مِرَارًا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِمِصْرَ وَأَكْثَرِ بِلَادِ الشَّامِ (فَصْلٌ وَمَا يَتَكَرَّرُ ثَمَرُهُ) بِأَنْ يُؤْخَذَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (فِي سَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ) بَلْ أَوْ أَقَلَّ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ (كَالْقُطْنِ الْحِجَازِيِّ وَالنِّرْجِسِ) وَالْبَنَفْسَجِ (أَوْ يُجَزُّ مِرَارًا كَالْكُرَّاثِ) وَالنَّعْنَاعِ وَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ (وَالْقَتِّ) بِالْقَافِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ وَهُوَ مَا يُقْطَعُ لِلدَّوَابِّ يُسَمَّى الْقُرْطَ وَالرَّطْبَةَ وَالْقَضْبَ بِإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ (فَالْأُصُولُ مِنْهُ كَالشَّجَرِ) فَتَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ (وَالثَّمَرَةُ الظَّاهِرَةُ لِلْبَائِعِ) فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ بِخِلَافِ الْكَامِنَةِ لِكَوْنِهَا كَجُزْءٍ مِنْ الشَّجَرِ فَدَخَلَتْ مَعَهَا فِي بَيْعِ الْأَرْضِ (وَكَذَا الْجِزَّةُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (الْمَوْجُودَةُ) عِنْدَ بَيْعِ الْأَرْضِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى مَا يُجَزُّ مِرَارًا لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَوْجُودَةِ (وَيُشْتَرَطُ) وُجُوبًا (عَلَى الْبَائِعِ قَطْعُهَا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ أَوَانَ الْجَزِّ) لِئَلَّا تَزِيدَ فَيَشْتَبِهَ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ وَزَادَ هُنَا قَوْلَهُ (بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ) أَيْ الَّتِي لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ أَمَّا غَيْرُهَا فَكَالْجِزَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ كَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ وَاعْتِبَارُ كَثِيرِ وُجُوبِ الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ شَرْطِهِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِمْ الْآتِي آخِرَ الْبَابِ (قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إلَّا الْقَصَبَ) أَيْ الْفَارِسِيَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ (فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعُهُ حَتَّى يَنْفَعَ) أَيْ يَكُونَ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ (وَشَجَرُ الْخِلَافِ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ (كَالْقَصَبِ) فِي ذَلِكَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الِانْتِفَاعُ فِي الْكُلِّ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْكُلِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ بِخِلَافِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا ظَهَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَبِيعًا يَصِيرُ كَمَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ اهـ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَبْضَ هُنَا مُتَأَتٍّ بِالتَّخْلِيَةِ وَهُنَاكَ مُتَعَذِّرٌ شَرْعًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالنَّقْلِ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْقَطْعِ الْمُفْضِي إلَى النَّقْصِ نَعَمْ يُجَابُ عَنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ بِأَنَّ تَكْلِيفَ الْبَائِعِ قَطْعَ مَا اسْتَثْنَى يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَا بُعْدَ فِي تَأْخِيرِ وُجُوبِ الْقَطْعِ حَالًّا لِمَعْنًى بَلْ قَدْ عُهِدَ تَخَلُّفُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَذَلِكَ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (فَرْعٌ لِلْبَذْرِ) الْكَامِنِ (فِي الْأَرْضِ حُكْمُ نَابِتِهِ) فِيمَا مَرَّ (فَيَدْخُلُ) فِي بَيْعِهَا (بَذْرُ النَّخْلِ وَالْقَضْبِ) بِمُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ أَوْ بِمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ (وَنَحْوِهِ) مِمَّا يَدُومُ كَنَوَى الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَبِزْرِ الْكُرَّاثِ وَالنَّعْنَاعِ (لَا بَذْرَ مَا يُؤْخَذُ دَفْعَةً) كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ (بَلْ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ) لِلْمُشْتَرِي (إنْ جَهِلَ) الْبَذْرَ وَيُتْرَكُ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ إلَى الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ مِثْلَ مَا مَرَّ (إلَّا أَنْ تَرَكَهُ لَهُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَهُمَا جَمَاعَةٌ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا خَطَأٌ فَإِنَّ السِّلْقَ لَا يُحْصَدُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَلَا يَبْقَى سِنِينَ بَلْ وَلَا سَنَةً وَإِنَّمَا تُحْصَدُ أَوْرَاقُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَكُلُّ مَا حُصِدَ لَا يَخْلُفُ [فَصْلٌ وَمَا يَتَكَرَّرُ ثَمَرُهُ فِي سَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَالْأُصُولُ مِنْهُ كَالشَّجَرِ] (قَوْلُهُ بَلْ أَوْ أَقَلَّ) سَوَاءٌ أَبَقِيَ سَنَةً فَقَطْ أَمْ أَقَلَّ كَالْهِنْدَبَا (قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ) جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ كَالْقُطْنِ الْحِجَازِيِّ) خَرَجَ بِالْحِجَازِيِّ قُطْنُ خُرَاسَانَ وَبَغْدَادَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الزَّرْعِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَوْجُودَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ الْمَبِيعِ بِأَنَّ الطَّلْعَ لَهُ أَمَدٌ يَنْتَهِي إلَيْهِ وَلَا أَمَدَ لِلرَّطْبَةِ وَبِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلْمُشْتَرِي فِي قَطْعِ الثَّمَرَةِ وَلِلْبَائِعِ مَنْفَعَةٌ فِي تَرْكِ قَطْعِهَا فَائِدَةٌ لِلْمُشْتَرِي وَفِي تَرْكِ قَطْعِهَا فَائِدَةٌ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إلَّا الْقَصَبَ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ وُجُوبِ الْقَطْعِ لَا مِنْ شَرْطٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ الْقَصَبَ الْفَارِسِيَّ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ تَحْوِيلُهُ إلَى وَقْتِ قَطْعِهِ فِي الْعَادَةِ وَهُوَ زَمَنُ الشِّتَاءِ فَإِنْ قُطِعَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ تَلِفَ فَلَمْ يَصْلُحْ لِشَيْءٍ وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْبَغَوِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ اقْتَضَضْتُكِ (قَوْلُهُ وَشَجَرُ الْخِلَافِ كَالْقَصَبِ) قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ الْخِلَافُ نَوْعَانِ مَا يُقْطَعُ مِنْ أَصْلِهِ كُلَّ سَنَةٍ فَكَالْقَصَبِ وَنَحْوِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَمَا يُتْرَكُ سَاقُهُ وَتُؤْخَذُ أَغْصَانُهُ فَكَالثِّمَارِ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ تَنْزِيلُ اخْتِلَافِ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ لِلْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ حُكْمُ نَبَاتِهِ إلَخْ) لَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ اعْلَمْ أَنَّ الزَّرْعَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ هُوَ الْمَسْتُورُ إمَّا بِالْأَرْضِ كَالْفُجْلِ أَوْ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهَا كَالْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا وَالْبَذْرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهُ هُوَ مَا لَمْ يَرَهُ أَوْ تَغَيَّرَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَإِنْ أَمْكَنَ إفْرَادُهُ كَالْقَصِيلِ الَّذِي لَمْ يُسَنْبِلْ أَوْ سَنْبَلَ وَثَمَرَتُهُ ظَاهِرَةٌ كَالذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَكَالْبَذْرِ الَّذِي رَآهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ وَحِينَئِذٍ فَنَقُولُ الْمُصَنِّفُ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ رَاجِعٌ إلَى الزَّرْعِ وَالْبَذْرِ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الضَّمِيرَ وَلَمْ يَقُلْ يُفْرَدَانِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْعَطْفِ بِأَوْ إفْرَادُ الضَّمِيرِ. اهـ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ لَا يُفْرَدُ قَيْدٌ فِي الْبَذْرِ وَالزَّرْعِ وَيُتْرَكُ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ إلَى الْحَصَادِ هَذَا فِيمَا الْعَادَةُ فِيهِ الْإِبْقَاءُ (قَوْلُهُ بِلَا أُجْرَةِ مِثْلِ مَا مَرَّ) لَمْ يَفْصِلْ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْحِجَارَةِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ يُتَخَيَّلُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا لَهُ الْخِيَارُ مُطْلَقًا تَضَرَّرَ أَمْ لَا إذَا كَانَ جَاهِلًا فَيَزُولُ ضَرَرُهُ بِالْخِيَارِ وَفِي الْحِجَارَةِ لَا خِيَارَ لَهُ إلَّا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يَزُولُ ضَرَرُهُ إلَّا بِطَلَبِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَرَكَهُ لَهُ الْبَائِعُ) وَهُوَ إعْرَاضٌ لِتَرْكِ الْخُصُومَةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْأَحْجَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 الْبَائِعُ (أَوْ) قَالَهُ أَنَّهُ أَفْرَغَ الْأَرْضَ وَ (قَصُرَ زَمَنُ التَّفْرِيغِ) بِحَيْثُ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ فِي الْأُولَى وَتَدَارُكِهِ حَالًا فِي الثَّانِيَةِ (كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ رَأَى فِي سَقْفِهَا خَلَلًا يَسِيرًا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ فِي الْحَالِ أَوْ كَانَتْ مُنْسَدَّةَ الْبَالُوعَةِ فَقَالَ الْبَائِعُ أَنَا أُصْلِحُهُ) أَيْ السَّقْفَ (وَأُنَقِّيهَا) أَيْ الْبَالُوعَةَ (فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) وَيَلْزَمُهُ الْقَبُولُ فِي مَسْأَلَةِ التَّرْكِ وَلَا نَظَرَ لِلْمِنَّةِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ لَا تُفْسَخُ وَنُقَدِّمُك بِالثَّمَنِ بِأَنَّ الْمِنَّةَ ثَمَّ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الْعَقْدِ فَلَا تُحْتَمَلُ وَبِأَنَّهُ رُبَّمَا يَظْهَرُ غَرِيمٌ آخَرُ فَيُزَاحِمُ الْبَائِعَ فِيمَا أَخَذَهُ فَيَتَضَرَّرُ بِخِلَافِهِمَا هُنَا (فَصْلٌ وَتَدْخُلُ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ وَالْمُثَبَّتَةُ فِي الْأَرْضِ) فِي بَيْعِهَا لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَائِهَا (وَقَدْ تَكُونُ عَيْبًا) بِالْأَرْضِ (فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ إنْ أَضَرَّتْ بِالْغَرْسِ وَالزَّرْعِ إنْ اُشْتُرِيَتْ) أَيْ الْأَرْضُ (لِذَلِكَ) التَّصْرِيحُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ مَعَ شَرْطِهِ مَنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدُ مَعَ أَنَّهُ غَيَّرَ هُنَا عِبَارَةَ الْأَصْلِ بِمَا يُفَوِّتُ الْغَرَضَ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَتْ تَضُرُّ بِالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ فَهُوَ عَيْبٌ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تُقْصَدُ لِذَلِكَ (وَلَا تَدْخُلُ الْحِجَارَةُ الْمَدْفُونَةُ) فِيهَا فِي بَيْعِهَا كَالْأَقْمِشَةِ وَالْكُنُوزِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْمُطَالَبَةُ بِقَلْعِهَا) وَفِي نُسْخَةٍ بِنَقْلِهَا تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ لَهُ أَمَدًا يَنْتَظِرُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي (ثُمَّ إنْ كَانَ عَالِمًا) بِهَا (فَلَا خِيَارَ لَهُ) وَإِنْ ضَرَّ قَلْعُهَا نَعَمْ إنْ جَهِلَ ضَرَرَهَا وَكَانَ لَا يَزُولُ بِالْقَلْعِ أَوْ تَتَعَطَّلُ بِهِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَهُ الْخِيَارُ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَشْهَدُ لَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ (لَكِنْ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى تَفْرِيغِ مِلْكِهِ) وَلِلْبَائِعِ التَّفْرِيغُ أَيْضًا بِغَيْرِ رِضَا الْمُشْتَرِي وَلَوْ سَمَحَ لَهُ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ. (وَ) عَلَى (تَسْوِيَةِ) حُفَرِ (الْأَرْضِ) الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ وَهِيَ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ أَنْ يُعِيدَ التُّرَابَ الْمُزَالَ بِالْقَلْعِ مِنْ فَوْقِ الْحِجَارَةِ مَكَانَهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْتَوِ (وَلَا أُجْرَةَ لِلْمُشْتَرِي مُدَّةَ الْقَلْعِ) وَالتَّفْرِيغِ (وَإِنْ طَالَتْ) وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ لِعِلْمِهِ بِالْحَالِ فَجَعَلَ زَمَنَ قَلْعِهَا مُسْتَثْنًى وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ أَيْضًا لِذَلِكَ (كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا فِيهَا أَقْمِشَةٌ يَعْلَمُهَا) فَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ نَقْلِهَا وَإِنْ طَالَتْ (وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا وَالْحِجَارَةُ لَا تَضُرُّ) الْمُشْتَرِي (تَرْكًا وَلَا نَقْلًا) بِأَنْ قَصُرَ زَمَنُ الْقَلْعِ وَالتَّسْوِيَةِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ أُجْرَةٌ وَلَمْ تَنْقُصْ الْأَرْضُ بِهَا (فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَكَذَا لَوْ ضَرَّ تَرْكُهَا وَقَصُرَ زَمَنُ الْقَلْعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ عَلَى الْبَذْرِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (وَلِلْبَائِعِ النَّقْلُ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ (وَلِلْمُشْتَرِي إجْبَارُهُ عَلَيْهِ) وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) لَهُ عَلَيْهِ (أُجْرَةُ) مِثْلِ (مُدَّةِ النَّقْلِ) إنْ كَانَ (بَعْدَ الْقَبْضِ) سَهْوٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ (وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّهَا) ذَكَّرَ الضَّمِيرَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ أَوْ تَذْكِيرُهُ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ إنْ ضَرَّهُ الْقَلْعُ سَوَاءٌ أَضَرَّ الْأَرْضَ بِأَنْ نَقَصَ قِيمَتَهَا أَمْ لَا بِأَنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَإِنْ أَجَازَ فَلَهُ الْأُجْرَةُ وَالْأَرْشُ إنْ كَانَ النَّقْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَسْقُطُ) خِيَارُهُ (بِقَوْلِ الْبَائِعِ أَنَا أَغْرَمُ لَك الْأُجْرَةَ وَالْأَرْشَ) لِلْمِنَّةِ. (فَلَوْ تَرَكَ لَهُ الْحِجَارَةَ وَتَرْكُهَا لَا يَضُرُّ) الْمُشْتَرِي (سَقَطَ خِيَارُهُ) وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنَّةٌ وَتُفَارِقُ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْمِنَّةَ فِيهَا حَصَلَتْ بِمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْبَيْعِ يُشْبِهُ جُزْأَهُ بِخِلَافِهَا فِي تِلْكَ فَإِنْ ضَرَّ تَرْكُهَا فَسَيَأْتِي (وَهَذَا التَّرْكُ إعْرَاضٌ) لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ (لَا تَمْلِيكٌ) لِلْمُشْتَرِي (فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (الرُّجُوعُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا تَرَكَهُ مِنْ الْأَحْجَارِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فِيهَا (وَيَعُودُ بِرُجُوعِهِ) فِيهَا (خِيَارُ الْمُشْتَرِي فَلَوْ وَهَبَهَا لَهُ بِشُرُوطِ الْهِبَةِ حَصَلَ الْمِلْكُ) فِيهَا لِلْمُشْتَرِي (وَلَا رُجُوعَ) لِلْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ شُرُوطِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إعْرَاضٌ كَالتَّرْكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ بَقِيَ الْعُمُومُ وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ (وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ وَالْقَلْعُ مُضِرَّيْنِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ سَوَاءٌ جَهِلَ الْأَحْجَارَ أَوْ) الْأَوْلَى أَمْ (ضَرَرَهَا) فِي   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ تَدْخُلُ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ وَالْمُثَبَّتَةُ فِي الْأَرْضِ فِي بَيْع الْأَرْض] قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) وَإِنْ كَانَتْ تَضُرُّ بِالْغَرْسِ دُونَ الزَّرْعِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَشَيْخِهِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَسُلَيْمٍ وَقِيلَ لَا لِكَمَالِ الْمَنْفَعَةِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا تَدْخُلُ الْحِجَارَةُ الْمَدْفُونَةُ إلَخْ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَلَا مُتَّصِلَةً بِهَا وَلَوْ شَرَطَ دُخُولَهَا فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً مَرْئِيَّةً صَحَّ وَدَخَلَتْ وَإِلَّا فَيَبْطُلُ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا خِيَارَ لَهُ) فَارَقَ صِحَّةَ الْبَيْعِ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْحِجَارَةِ بُطْلَانُهُ فِيمَا إذَا عَلِمَ بِأَنَّ تَحْتَ الصُّبْرَةِ الْمَبِيعَةِ دَكَّةً بِمَنْعِهَا تَخْمِينِ قَدْرِ الْمَبِيعِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ) هَذَا مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَعَلَى تَسْوِيَةِ حُفَرِ الْأَرْضِ إلَخْ) لِأَنَّهُ أَحْدَثَ الْحَفْرَ لِتَخْلِيصِ الْحِجَارَةِ (قَوْلُهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ نَقْلِهَا وَإِنْ طَالَتْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ إمَّا بِإِعَارَةٍ مِنْهُ أَوْ بِنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ بِغَصْبٍ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْأُجْرَةَ كَذَلِكَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ضَرَّ تَرْكُهَا وَقَصُرَ زَمَنُ الْقَلْعِ) لِأَنَّ بِالْقَلْعِ يَزُولُ الضَّرَرُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا فَلَحِقَ سَقْفَهَا خَلَلٌ يَسِيرٌ قَبْلَ الْقَبْضِ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ فِي الْحَالِ أَوْ كَانَتْ مُفْسِدَةَ الْبَالُوعَةِ فَقَالَ الْبَائِعُ أَنَا أُصْلِحُهَا أَوْ اشْتَرَى مَغْصُوبًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى انْتِزَاعِهِ. (قَوْلُهُ وَلَهُ أُجْرَةُ مُدَّةِ النَّقْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ) لِتَفْوِيتِهِ مَنْفَعَةَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَيَشْكُلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّرْعِ فَإِنْ قِيلَ الزَّرْعُ يَجِبُ إبْقَاؤُهُ وَالْحِجَارَةُ لَا يَجِبُ قُلْنَا مُدَّةُ تَفْرِيغِ الْحِجَارَةِ كَمُدَّةِ تَفْرِيغِ الزَّرْعِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ يُجَابُ بِأَنَّ زَرْعَ الْأَرْضِ لَمَّا كَانَ كَالضَّرُورِيِّ اقْتَضَى أَنْ لَا غُرْمَ بِسَبَبِ تَفْرِيغِ الْأَرْضِ مِنْهُ بِخِلَافِ دَفْنِ الْحِجَارَةِ (قَوْلُهُ سَهْوٌ) لَيْسَ بِسَهْوٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّهَا قَيْدٌ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلِلَّتِي بَعْدَهَا (قَوْلُهُ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّهَا) بِأَنْ نَقَصَ قِيمَتَهَا أَوْ مَنْفَعَتَهَا بِأَنْ اُحْتِيجَ إلَى مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ تَذْكِيرُهُ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّرْكُ إعْرَاضٌ) قَالَ شَيْخُنَا فَيَنْتَفِعُ بِهِ كَالْإِبَاحَةِ بِلَا بَيْعٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ أَوْ ضَرَرُهَا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 الشِّقِّ الثَّانِي الْمُقْتَضِي لِعِلْمِهِ بِالْأَحْجَارِ تَسَمُّحٌ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ صَحِيحًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ جَاهِلًا بِهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ فِيهِ مَا لَوْ جَهِلَ ضَرَرَ قَلْعِهَا دُونَ ضَرَرِ تَرْكِهَا وَعَكْسَهُ وَعِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ مُخْرِجَةٌ لِلْعَكْسِ فَإِنَّهُمَا قَيَّدَا بِضَرَرِ الْقَلْعِ وَاسْتَدْرَكَهُ النَّشَائِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ عَلَيْهِمَا بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِمَا ثُبُوتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَطْمَعُ فِي أَنَّ الْبَائِعَ يَتْرُكُهَا لَهُ فَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ التَّقْيِيدَ لِيُوَافِقَ كَلَامَ غَيْرِهِمَا وَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا إذْ لَا يَصْلُحُ طَمَعُهُ فِي تَرْكِهَا عِلَّةً لِثُبُوتِ الْخِيَارِ وَلَا يُقَاسُ ثُبُوتُهُ عَلَى ثُبُوتِهِ فِيمَا ضَرَّ تَرْكُهَا دُونَ قَلْعِهَا كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ ثَمَّ جَاهِلٌ بِهَا وَهُنَا عَالِمٌ بِهَا. (وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لَا تَفْسَخْ وَأَغْرَمُ لَك أُجْرَةَ) مِثْلِ (مُدَّةِ النَّقْلِ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ) كَمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لَا تَفْسَخْ بِالْعَيْبِ لِأَغْرَمَ لَك الْأَرْشَ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ لَهُ الْأَحْجَارَ لِأَنَّ بَقَاءَهَا مُضِرٌّ كَمَا شَمِلَهُ صَدْرُ كَلَامِهِ وَأَفْهَمَهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَتَرْكُهَا لَا يَضُرُّ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (فَإِنْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي) حَيْثُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (لَزِمَ الْبَائِعُ التَّفْرِيغَ وَالتَّسْوِيَةَ) سَوَاءٌ أَفْرَغَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ (وَ) لَزِمَهُ (أُجْرَةُ) مِثْلِ (مُدَّةِ النَّقْلِ) أَيْ التَّفْرِيغِ (وَأَرْشُ عَيْبٍ إنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ وَكَانَ ذَلِكَ (بَعْدَ الْقَبْضِ) لِتَفْوِيتِهِ مَنْفَعَةَ تِلْكَ الْمُدَّةِ (لَا قَبْلَهُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ جِنَايَةَ الْبَائِعِ حِينَئِذٍ كَالْآفَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُدَّةَ تَفْرِيغِ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ كَمُدَّةِ تَفْرِيغِهَا مِنْ الْحِجَارَةِ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ كَمَا مَرَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْضَاءَ أَوْ كَانَ فِيهَا غِرَاسٌ عِنْدَ الْبَيْعِ وَبِيعَ مَعَهَا (فَإِنْ أَحْدَثَ) فِيهَا (الْمُشْتَرِي غَرْسًا وَهُوَ جَاهِلٌ) بِالْأَحْجَارِ (ثُمَّ عَلِمَ) بِهَا (فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْقَلْعِ) تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِحَالَةِ الْجَهْلِ (وَيَضْمَنُ الْبَائِعُ نَقْصًا حَدَثَ بِهِ) أَيْ بِالْقَلْعِ (فِي الْغِرَاسِ وَلَا خِيَارَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (إنْ اخْتَصَّ النَّقْصُ) الْمَذْكُورُ (بِالْغِرَاسِ) لِأَنَّ الضَّرَرَ رَاجِعٌ إلَى غَيْرِ الْمَبِيعِ وَلِأَنَّ الْغِرَاسَ عَيْبٌ فِي الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ (فَإِنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ) أَيْضًا (بِالْأَحْجَارِ فَلَهُ الْقَلْعُ) لِلْغِرَاسِ. (وَالْفَسْخُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْغَرْسِ وَقَلْعُهُ) أَيْ الْمَغْرُوسِ (نَقْصٌ) فِي الْأَرْضِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ بِذَلِكَ نَقْصٌ فِيهَا (فَهُوَ عَيْبٌ حَدَثَ) عِنْدَهُ (يَمْنَعُ الرَّدَّ وَيُوجِبُ) لَهُ (الْأَرْشَ وَإِنْ أَحْدَثَ الْغَرْسَ عَالِمًا بِالْأَحْجَارِ فَلِلْبَائِعِ قَلْعُهَا وَلَا يَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِ الْغِرَاسِ وَلَوْ كَانَ فَوْقَ الْأَحْجَارِ زَرْعٌ لِأَحَدِهِمَا تُرِكَ إلَى) أَوَانِ (الْحَصَادِ) لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الْغِرَاسِ (بِلَا أُجْرَةٍ) لِمُدَّةِ بَقَائِهِ وَإِذَا قَلَعَهَا الْبَائِعُ بَعْدَ الْحَصَادِ فَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (اللَّفْظُ الثَّانِي الْبُسْتَانُ وَالْبَاعُ) بِمَعْنَاهُ وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ (وَالْكَرْمُ) وَمِثْلُهَا الْحَدِيقَةُ وَالْجُنَيْنَةُ (فَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا (الْأَرْضُ وَالْأَشْجَارُ وَالْحَائِطُ) الْمُحِيطُ بِهِ (وَكَذَا بِنَاءٌ فِيهِ وَعَرِيشُ قُضْبَانِهِ) أَيْ عَرِيشٌ تُوضَعُ عَلَيْهِ قُضْبَانُ الْعِنَبِ وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ الْعَرِيشُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَكَذَا الْغَزَالِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ الْبُسْتَانُ دَخَلَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ جَمِيعًا أَوْ قَالَ هَذَا الْحَائِطُ الْبُسْتَانُ أَوْ هَذِهِ الْمُحَوَّطَةُ دَخَلَ الْحَائِطُ الْمُحِيطُ وَمَا فِيهِ مِنْ شَجَرٍ وَبِنَاءٍ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَ (فَرْعٌ اسْمُ الْقَرْيَةِ وَالدَّسْكَرَةِ) وَتُقَالُ لِقَصْرٍ حَوْلُهُ بُيُوتٌ وَلِلْقَرْيَةِ وَلِلْأَرْضِ الْمُسْتَوِيَةِ وَلِلصَّوْمَعَةِ وَلِبُيُوتِ الْأَعَاجِمِ يَكُونُ فِيهَا الشَّرَابُ وَالْمَلَاهِي (يَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي اسْمِهِمَا (السُّوَرُ وَمَا فِيهِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَالسَّاحَاتِ) بِخِلَافِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ (وَكَذَا) تَدْخُلُ (الْأَشْجَارُ) الْمَغْرُوسَةُ (فِيهَا لَا الْمَزَارِعُ) وَالْأَشْجَارُ الَّتِي   [حاشية الرملي الكبير] فِي بَعْضِ النُّسَخِ ضَرَرُ قَلْعِهَا. (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَزِمَ الْبَائِعُ التَّفْرِيغَ وَالتَّسْوِيَةَ) تَكَلَّمَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يُوجِبُوا عَلَى هَادِمِ الْجِدَارِ إعَادَتَهُ بَلْ أَوْجَبُوا تَسْوِيَةَ الْحَفْرِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْغَاصِبِ وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ طَمَّ الْحَفْرِ لَا يَكَادُ يَتَفَاوَتُ وَهَيْئَاتُ الْأَبْنِيَةِ تَتَفَاوَتُ فَشَبَّهَ الطَّمَّ بِذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَالْجِدَارَ بِذَوَاتِ الْقِيَمِ حَتَّى لَوْ وَقَعَ لَبِنَةٌ أَوْ لَبِنَتَانِ مِنْ رَأْسِ الْجِدَارِ وَأَمْكَنَ الرَّدُّ مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ فِي الْهَيْئَةِ فَهُوَ كَطَمِّ الْحُفْرَةِ وَهَذَا الْجَوَابُ لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَعَ اللَّبِنَةِ وَاللَّبِنَتَيْنِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهَذَا كُنْت بَحَثْته فِي قَوْلِهِمْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى هَادِمِ الْجِدَارِ إعَادَتُهُ وَقُلْت يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافِ هَيْئَةٍ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ جِنَايَةَ الْبَائِعِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ بَاعَ الْبَائِعُ الْأَحْجَارَ لِغَيْرِهِ بِحَيْثُ صَحَّ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةٍ مُعْتَبَرَةٍ سَابِقَةٍ فَهَلْ حَلَّ الْمُشْتَرِي مَحَلَّ الْبَائِعِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْبَيْعِ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي وَاسْتَشْكَلَ السُّبْكِيُّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّرْعِ فَإِنْ قِيلَ الزَّرْعُ يَجِبُ إبْقَاؤُهُ وَالْحِجَارَةُ لَا يَجِبُ إبْقَاؤُهَا قُلْنَا مُدَّةُ تَفْرِيغِ الْحِجَارَةِ كَمُدَّةِ تَفْرِيغِ الزَّرْعِ. اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ كَمَا مَرَّ) قَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَرْضُ) إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ. (قَوْلُهُ وَالْأَشْجَارُ الرَّطْبَةُ) وَكَتَبَ أَيْضًا فِي مَعْنَى الشَّجَرِ أَصْلُ مَالِهِ مِنْ أَصْلٍ ثَابِتٍ مِنْ النَّبَاتِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ دُخُولَ الْأَرْضِ إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ وَدُخُولَ الشَّجَرِ إذَا كَانَ مِمَّا يُرَادُ لِلْبَقَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَالْيَابِسِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَدَمُ دُخُولِهِ بِخِلَافِ الْحَائِطِ إذَا هُدِمَ وَبَقِيَ أَصْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْدَرِجُ حَيْثُ يَنْدَرِجُ الْجِدَارُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ مُمْكِنٌ فَهُوَ مَقْصُودٌ لِلدَّوَامِ وَلَوْ بَاعَ قَوْسًا فَفِي دُخُولِ الْوِتْرِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا بِنَاءٌ فِيهِ وَعَرِيشُ قُضْبَانِهِ) لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهِ كُلُّ مَا لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الشَّجَرَةِ وَمَا دَخَلَ فِي بَيْعِهَا دَخَلَ فِي بَيْعِهِ وَلَوْ شَرَطَ دُخُولَ مَا لَا يَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دَخَلَ أَوْ خُرُوجَ مَا يَدْخُلُ خَرَجَ (قَوْلُهُ أَيُّ عَرِيشٍ يُوضَعُ عَلَيْهِ قُضْبَانُ الْعِنَبِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي بِلَادِ مِصْرَ بِالْمُكَعَّبِ (قَوْلُهُ وَمَا فِيهِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَرْيَةِ سُوَرٌ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَا اخْتَلَطَ بِبُنْيَانِهَا مِنْ الْأَرَاضِيِ وَالسَّاحَاتِ وَالْمَسَاكِنِ وَأَبْنِيَتِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا الْأَشْجَارُ فِيهَا) وَحَرِيمُهَا (قَوْلُهُ لَا الْمَزَارِعُ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ إذَا قَالَ بِعْتُك الْقَرْيَةَ بِأَرْضِهَا دَخَلَتْ الْمَزَارِعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 (حَوْلَهَا وَلَوْ قَالَ) بِعْتُكهَا (بِحُقُوقِهَا) لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَقْتَضِي دُخُولَهَا وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْقَرْيَةَ بِدُخُولِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُوَرٌ دَخَلَ مَا اخْتَلَطَ بِبِنَائِهَا مِنْ الْمَسَاكِنِ وَالْأَبْنِيَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَذِكْرُ السُّوَرِ وَالتَّقْيِيدُ بِحَوْلِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (اللَّفْظُ الثَّالِثُ الدَّارُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَرْضُ وَالْأَبْنِيَةُ) بِأَنْوَاعِهَا حَتَّى الْحَمَّامِ الْمَعْدُودِ مِنْ مَرَافِقِهَا وَفِي نُسْخَةٍ زِيَادَةُ وَالْحَمَّامِ فَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ وَحَمَلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ لَا يَدْخُلُ الْحَمَّامُ عَلَى حَمَّامَاتِ الْحِجَازِ الْمَنْقُولَةِ (وَكَذَا) يَدْخُلُ (شَجَرٌ) مَغْرُوسٌ (فِيهِ) الْأَوْلَى فِيهَا (وَمَا أُثْبِتَ) فِيهَا (لِتَتِمَّتِهَا) لِيَبْقَى فِيهَا (كَالسَّقْفِ وَالْأَبْوَابِ) الْمَنْصُوبَةِ (وَالْغِلَاقِ الْمُثَبَّتِ) عَلَيْهَا وَنَحْوُهُ مِنْ الْحَلْقِ وَالسَّلَاسِلِ (وَكَذَا مَا أُثْبِتَ) فِيهَا (وَلَيْسَ مِنْهَا كَالدِّنَانِ) أَيْ الْخَوَابِي (وَالْإِجَّانَاتِ) وَالرُّفُوفِ (الْمُثَبَّتَة وَالسَّلَالِمِ الْمُسَمَّرَةِ) أَوْ الْمُطَيَّنَةِ وَالْأَوْتَادِ الْمُثَبَّتَةِ فِي الْأَرْضِ أَوْ الْجِدَارِ (وَالْأَسْفَلِ) الْمُثَبَّتِ (مِنْ الرَّحَى بِأَعْلَاهُ) أَيْ مَعَهُ (وَقَدْرُ الْحَمَّامِ) وَخَشَبِ الْقَصَّارِ وَمِعْجَنِ الْخَبَّازِ لِثَبَاتِهَا فِيهَا فَصَارَتْ مَعْدُودَةً مِنْ أَجْزَائِهَا (لَا الْمَنْقُولَاتِ كَالسَّرِيرِ وَالدَّلْوِ وَالْبَكْرَةِ) بِإِسْكَانِ الْكَافِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا (وَالدَّفَائِنِ) وَالرُّفُوفِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى الْأَوْتَادِ وَالسَّلَالِمِ الَّتِي لَمْ تُسَمَّرْ وَلَمْ تُطَيَّنْ (وَتَدْخُلُ أَلْوَاحُ الدَّكَاكِينِ) وَمِفْتَاحُ الْمِغْلَاقِ الْمُثَبَّتِ وَكُلُّ مُنْفَصِلٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ نَفْعُ مُتَّصِلٍ كَرَأْسِ التَّنُّورِ وَصُنْدُوقِ الْبِئْرِ وَالطَّاحُونِ وَآلَاتِ السَّفِينَةِ (فَرْعٌ لَا يَدْخُلُ) فِي بَيْعِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ بِهَا بِئْرُ مَاءٍ (مَاءُ الْبِئْرِ الْحَاصِلِ) حَالَةَ الْبَيْعِ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَمَاءِ الصِّهْرِيجِ (فَلَوْ لَمْ يَشْرِطْهُ) أَيْ دُخُولَهُ فِي الْعَقْدِ (فَسَدَ الْعَقْدُ لِاخْتِلَاطِهِ بِالْحَادِثِ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَحْدَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ دُخُولِهِ لِيَصِحَّ الْبَيْعُ (وَيَدْخُلُ) فِي بَيْعِ ذَلِكَ (الْمَعَادِنُ الْبَاطِنَةُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا الظَّاهِرَةُ كَالْمِلْحِ وَالنُّورَةِ وَالْكِبْرِيتِ وَهِيَ) أَيْ الظَّاهِرَةُ (كَالْمَاءِ) الْحَاصِلِ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا ذَكَرَ وَلَا تَدْخُلُ هِيَ فِيهِ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهَا (وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا (حَرِيمُهَا بِشَجَرِهِ) الْمَغْرُوسِ فِيهِ (إنْ كَانَتْ) أَيْ الدَّارُ (فِي شَارِعٍ لَا يَنْفُذُ) بِالْمُعْجَمَةِ وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلَانِ وَكَالدَّارِ الْقَرْيَةُ وَنَحْوُهَا وَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِالطَّرِيقِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَافِذًا وَقَدْ لَا يَكُونُ وَالشَّارِعُ لَا يَكُونُ إلَّا نَافِذًا (اللَّفْظُ الرَّابِعُ الْحَيَوَانَاتُ) الشَّامِلَةُ لِلْعَبْدِ وَلِغَيْرِهِ فَتَعْبِيرُهُ بِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْعَبْدِ (فَالْعَبْدُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَالْعَبْدُ (لَا يَمْلِكُ) شَيْئًا وَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ كَمَا لَا يَمْلِكُ بِالْإِرْثِ وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَأَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلْمِلْكِ (فَإِنْ بَاعَهُ وَمَا فِي يَدِهِ) مِنْ الْمَالِ وَإِنْ مَلَّكَهُ لَهُ (لَزِمَ فِي الْمَالِ شُرُوطُ الْمَبِيعِ مِنْ نَفْيِ الْجَهَالَةِ وَالرِّبَا) وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ مَبِيعٌ كَالْعَبْدِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ اُعْتُبِرَ فِي الْمَالِ شُرُوطُ الْمَبِيعِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَجْهُولًا أَوْ غَائِبًا أَوْ دَيْنًا وَالثَّمَنُ دَيْنٌ أَوْ ذَهَبًا وَالثَّمَنُ ذَهَبٌ لَمْ يَصِحَّ (وَيَدْخُلُ) فِي بَيْعِ نَاقَةٍ وَدَابَّةٍ وَفِي نُسْخَةٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ (بَرَّةُ النَّاقَةِ) وَهِيَ حَلَقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَنْفِهَا (وَنَعْلُ الدَّابَّةِ إنْ لَمْ يَكُونَا ذَهَبًا) أَوْ فِضَّةً وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلَانِ لِلْعُرْفِ فِيهِمَا وَلِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهِمَا حِينَئِذٍ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الشَّرْطِ فِي النَّعْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا الْعَذَارُ) وَالْمِقْوَدُ (وَالسَّرْجُ) وَاللِّجَامُ فَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّابَّةِ اقْتِصَارًا عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ (وَلَا) تَدْخُلُ (ثِيَابُ الْعَبْدِ) فِي بَيْعِهِ وَلَوْ كَانَتْ سَاتِرَةَ الْعَوْرَةِ لِذَلِكَ وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَمِثْلُهُمَا الْخُنْثَى (اللَّفْظُ الْخَامِسُ الشَّجَرُ وَتَدْخُلُ فِيهِ الْأَغْصَانُ الرَّطْبَةُ) لِأَنَّهَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَائِهِ بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ إذَا كَانَ الشَّجَرُ رَطْبًا لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْقَطْعُ كَالثَّمَرَةِ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ أَغْصَانَ شَجَرِ الْخِلَافِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعٍ وَصَرَّحَ بِهِ آخَرُ بِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ لِأَنَّهَا تُقْصَدُ لِلْقَطْعِ كَالثَّمَرَةِ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ اللَّفْظُ الثَّالِثُ الدَّارُ) وَالْبَيْتُ وَالْخَانُ وَالدُّكَّانُ وَالْحَمَّامُ وَالرَّحَى وَشِبْهُهَا (قَوْلُهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْأَرْضُ إلَخْ) إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَالْمُحْتَكَرَةِ وَالْمَوْقُوفَةِ لَمْ تَدْخُلْ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا كَانَ جَاهِلًا كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ بَنَى عَلَى سَابَاطٍ رِوَاقًا ثُمَّ قَالَ لِشَخْصٍ بِعْتُك الرِّوَاقَ فَهَلْ يَدْخُلُ السَّابَاطُ فِي الْبَيْعِ كَمَا تَدْخُلُ الْأَرْضُ فِي بَيْعِ الدَّارِ لِأَنَّهُ قَرَارُ الرِّوَاقِ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَالظَّاهِرُ الدُّخُولُ. اهـ. لَا يَدْخُلُ قَطْعًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَلَوْ اتَّصَلَ بِهَا سَابَاطٌ عَلَى حَائِطِهَا فَفِي دُخُولِهِ أَوْجُهُ ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ جُذُوعُهُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ عَلَى حَائِطِهَا دَخَلَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ عَلَى حَمَّامَاتِ الْحَجَّارِ الْمَنْقُولَةِ) بِخِلَافِ الْمُثَبَّتَةِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ (قَوْلُهُ وَالْمِغْلَاقُ الْمُثَبَّتُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ لِمِفْتَاحِهِ (قَوْلُهُ لَا الْمَنْقُولَاتُ كَالسَّرِيرِ إلَخْ) هَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ جَهِلَ كَوْنَهَا فِي الدَّارِ وَاحْتَاجَ نَقْلُهَا لِمُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثُبُوتُهُ لَهُ [فَرْعٌ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا مَاءُ الْبِئْرِ الَّذِي بِهَا الْحَاصِلِ حَالَةَ الْبَيْعِ] (قَوْلُهُ وَمَاءُ الصِّهْرِيجِ) قَالَ شَيْخُنَا جَعَلَ مَاءَ الصِّهْرِيجِ مُشَبَّهًا بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَاؤُهُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ لَا أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الصِّحَّةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّعَرُّضِ لِدُخُولِهِ كَالْبِئْرِ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ دُخُولِهِ لِيَصِحَّ الْبَيْعُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي الْبَلَدِ بِحَيْثُ لَوْ قَصَدَ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ بِئْرِ غَيْرِهِ لَا يُمْنَعُ فَلَا نَجْعَلُ لِلْمَاءِ حُكْمًا وَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَعَلَى هَذَا نَزَلَ قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ دَارًا بِدَارٍ فِيهِمَا بِئْرَانِ صَحَّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ حَرِيمُهَا) أَيْ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مِنْ السِّكَّةِ الْمُنْسَدَّة الْأَسْفَلِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ أَنَّ الدَّارَ الْمَحْفُوفَةَ بِالْمَسَاكِنِ لَا حَرِيمَ لَهَا أَرَادَ بِهِ غَيْرَ الْحَرِيمِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلْمِلْكِ) وَإِلَّا لَنَفَاهُ جَعَلَهُ لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُونَا ذَهَبًا إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَالْمَعْنَى فِي اسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ حَرَامٌ وَمَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ لَا يُتْبَعُ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَرَّةِ بَلْ النَّعْلُ كَذَلِكَ وَكُنَّا لَوْ اتَّخَذَ لِلْعَبْدِ حُلِيًّا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ كَالطَّوْقِ وَالدَّمْجِ لَا يَدْخُلُ وَكَذَا لَوْ حَلَّى الشَّاةَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَبَاعَهَا فَإِنَّ تَحْلِيَتُهَا حَرَامٌ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ أَشَارَ إلَيْهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 إنَّ الْخِلَافَ نَوْعَانِ مَا يُقْطَعُ مِنْ أَصْلِهِ فَتَدْخُلُ أَغْصَانُهُ وَمَا يُتْرَكُ سَاقُهُ وَتُؤْخَذُ أَغْصَانُهُ فَلَا تَدْخُلُ (وَ) تَدْخُلُ فِيهِ (الْأَوْرَاقُ وَلَوْ مِنْ فِرْصَادٍ وَسِدْرٍ وَحِنَّاءٍ) التَّرْجِيحُ فِي وَرَقِ الْحِنَّاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا تَرْجِيحَ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الدُّخُولِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذْ لَا ثَمَرَةَ لَهُ غَيْرُ الْوَرَقِ قَالَ الْقَمُولِيِّ وَمِثْلُهُ وَرَقُ النِّيلَةِ (وَ) تَدْخُلُ أَيْضًا (الْكِمَامُ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَهِيَ أَوْعِيَةُ الطَّلْعِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ ثَمَرُهَا مُؤَبَّرًا لِأَنَّهَا تَبْقَى بِبَقَاءِ الْأَغْصَانِ وَمِثْلُهَا الْعُرْجُونُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ أَنَّهُ لِمَنْ لَهُ الثَّمَرَةُ (وَالْعُرُوقُ) إنْ لَمْ يَشْرِطْ قَطْعَ الشَّجَرِ (وَيَجُوزُ بَيْعُ الْأَشْجَارِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَا يَدْخُلُ) فِيهَا حِينَئِذٍ (الْعُرُوقُ) بَلْ تُقْطَعُ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ (بِخِلَافِ شَرْطِ الْقَلْعِ) لَهَا أَوْ الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهَا الْعُرُوقُ (وَإِنْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ قَطْعًا وَلَا قَلْعًا وَلَا إبْقَاءً (وَجَبَ إبْقَاءُ الشَّجَرِ الرَّطْبِ) لَا الْيَابِسِ بَلْ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي تَفْرِيغَ الْأَرْضِ مِنْهُ لِلْعَادَةِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ شَرَطَ قَطْعًا أَوْ قَلْعًا أَوْ إبْقَاءً اتَّبَعَ الشَّرْطَ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَقَطْ) تَأْكِيدٌ لَلرُّطَب (وَالْمَغْرَسُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَهُوَ مَحَلُّ غَرْسِ الشَّجَرِ (لَا يَتْبَعُ الشَّجَرَ فِي بَيْعِهِ وَ) لَا فِي (اسْتِثْنَائِهِ) مِنْ الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ لِأَنَّ اسْمَ الشَّجَرِ لَا يَتَنَاوَلُهُ (لَكِنْ يَجِبُ) عَلَى مَالِكِهِ (إبْقَاؤُهَا) فِيهِ بِحُكْمِ اسْتِتْبَاعِ الْمَنْفَعَةِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ فَلَوْ انْقَلَعَتْ أَوْ قُلِعَتْ لَمْ يَكُنْ لِمَالِكِهَا أَنْ يَغْرِسَ فِيهِ بَدَلَهَا (وَلَوْ بَذَلَ مَالِكُهُ أَرْشَ الْقَطْعِ) لِمَالِكِهَا وَأَرَادَ قَطْعَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إبْقَاؤُهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ الْقَلْعُ وَهِيَ أَوْلَى (وَإِنْ شَرَطَ إبْقَاءَ الْيَابِسَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً مُؤَبَّرَةً وَشَرَطَ عَدَمَ قَطْعِهَا عِنْدَ الْجُذَاذِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي إبْقَائِهَا غَرَضٌ مَقْصُودٌ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ مُجَاوِرَةً لِأَرْضِهِ وَقَصَدَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهَا جِذْعًا أَوْ بِنَاءً أَوْ نَحْوَهُ كَعَرِيشٍ فَيُظْهِرُ الصِّحَّةَ كَالْجِدَارِ (فَصْلٌ أَمَّا ثَمَرُ الْمَبِيعِ) وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَلَوْ مَشْمُومًا كَالْوَرْدِ (فَيَتْبَعُ فِيهِ الشَّرْطَ) مِنْ كَوْنِهِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ الظَّاهِرُ لِلْبَائِعِ وَغَيْرُهُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ بِالْعَكْسِ إلَّا أَنَّ غَيْرَهُ فِي الْعَكْسِ إذَا لَمْ يَنْعَقِدْ لَا يَصِحُّ شَرْطُهُ لِلْبَائِعِ (وَ) أَمَّا (عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) فَقُلْ (أَبِّرْ النَّخْلَ) يَعْنِي شُقَّ طَلْعَهُ (أَوْ تَشَقَّقَ) بِنَفْسِهِ (وَلَوْ) كَانَ النَّخْلُ الْمَذْكُورُ (فُحَّالُهُ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْحَاءِ أَيْ ذُكُورُ النَّخْلِ الْمَبِيعِ (أَوْ بَرَزَتْ ثَمَرَةُ الْعِنَبِ وَالتِّينِ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوَ كُلٍّ مِنْهُمَا (أَوْ تَفَتَّحَ كِمَامُ الْوَرْدِ أَوْ تَنَاثَرَ نُورٌ) أَيْ زَهْرٌ (نَحْوَ رُمَّانٍ وَمِشْمِشٍ انْعَقَدَ أَوْ ظَهَرَ يَاسِمِينَ) بِكَسْرِ السِّين وَنَحْوه (فَلِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْرِطَهَا الْبَائِعُ وَكَوْنُهَا فِي الْأَوَّلِ صَادِقٌ بِأَنْ تَشْرِطَهُ لَهُ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذَلِكَ وَكَوْنُهَا فِي الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي صَادِقٌ بِذَلِكَ وَأُلْحِقَ بِالنَّخْلِ سَائِرُ الثِّمَارِ وَبِتَأْبِيرِ كُلِّهَا تَأْبِيرِ بَعْضِهَا بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُؤَبَّرِ لِمَا فِي تَتْبَعُ مِنْ الْعُسْرِ وَالتَّأْبِيرُ وَيُقَال لَهُ التَّلْقِيحُ تَشْقِيقُ طَلْعِ الْإِنَاثِ وَذَرِّ طَلْعِ الذُّكُورِ   [حاشية الرملي الكبير] الْأَرْضِ فَقَالَ وَلَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ أَشْجَارُ خِلَافٍ تُقْطَعُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ فَهِيَ كَالْقَصَبِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا ثَمَرٌ وَلَا وَرْدٌ كَالْخِلَافِ وَشِبْهِهِ فَإِذَا بَاعَهَا مُطْلَقًا دَخَلَتْ الْأَوْرَاقُ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَ فِرْصَادًا أَوْ نَبْقًا اهـ وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِعَدَمِ دُخُولِ وَرَقِ التُّوتِ وَرَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِكَلَامِهِمَا عَلَى تَرْجِيحِ عَدَمِ دُخُولِ وَرَقِ الْحِنَّاءِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ أَنَّهُ لِمَنْ لَهُ الثَّمَرَةُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِمَنْ لَهُ الثَّمَرَةُ اهـ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِقَطْعِهِ مَعَ الثَّمَرَةِ وَالْأَوَّلُ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي تَفْرِيغُ الْأَرْضِ مِنْهُ إلَخْ) لَوْ لَمْ يُفَرِّغْهَا لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ إذَا قَصَّرَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى مَالِكِهِ بَقَاؤُهَا) لَوْ تَفَرَّخَتْ مِنْهَا شَجَرَةٌ أُخْرَى فَهَلْ يُسْتَحَقُّ إبْقَاؤُهَا كَالْمُتَجَدِّدِ مِنْ عُرُوقِ الْأَصْلِ وَغِلَظِهَا أَمْ لَا لِحُدُوثِهَا أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا تَجْرِي الْعَادَةُ بِاسْتِخْلَافِهِ وَمَا لَمْ تَجْرِ بِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ كَذَا فِي الْمَطْلَبِ بَقِيَ احْتِمَالٌ رَابِعٌ وَهُوَ إبْقَاؤُهَا مُدَّةَ بَقَاءِ الْأَصْلِ فَإِذَا زَالَ أُزِيلَتْ ثُمَّ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ مَا يُعْلَمُ اسْتِخْلَافُهُ كَالْمَوْزِ فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ بَقَائِهِ (قَوْلُهُ بِحُكْمِ اسْتِتْبَاعِ الْمَنْفَعَةِ إلَخْ) فَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي مُدَّةِ بَقَائِهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ انْقَلَعَتْ أَوْ قُلِعَتْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا أَنْ يَبِيعَ الشَّجَرَ أَوْ الْبِنَاءَ وَالْأَرْضُ فِي إجَارَتِهِ وَلَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ وَعَلِمَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ فَهَلْ نَقُولُ يَسْتَحِقُّ الْإِبْقَاءَ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ بِالْأُجْرَةِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ أَوْ مَجَّانًا كَالْمَمْلُوكَةِ قَالَ فَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهَا فَيُشْبِهُ أَنَّهَا كَالْمَمْلُوكَةِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مِلْكُهُ دَائِمًا تُورَثُ عَنْهُ وَأَقُولُ بَلْ الْأَشْبَهُ أَنَّ الْمُؤَجَّرَةَ وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً كَذَلِكَ تِلْكَ الْمُدَّةُ ش وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً مُؤَبَّرَةً) أَيْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (قَوْلُهُ فَتَظْهَرُ الصِّحَّةُ كَالْجِدَارِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَاضِحٌ [فَصْلٌ ثَمَرُ الْمَبِيعِ] (قَوْلُهُ أَوْ الظَّاهِرُ لِلْبَائِعِ إلَخْ) وَإِذَا شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ وَهِيَ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ لَمْ يُشْتَرَطْ شَرْطُ الْقَلْعِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَبِيعَةٍ وَقِيلَ نَعَمْ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا فَإِنْ قِيلَ لَوْ بَاعَ حَامِلًا وَاسْتَثْنَى حَمْلَهَا لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَكَذَا لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهَا لِنَفْسِهِ شَهْرًا فِي الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ وَبِجَوَازِ إفْرَادِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ كَمَا إذَا بَاعَ الطَّلْعَ فِي قِشْرِهِ وَهُوَ مَقْطُوعٌ أَوْ عَلَى النَّخْلِ فِي الْأَصَحِّ وَأَمَّا الْمَنْفَعَةُ فَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اسْتِثْنَائِهَا خُلُوُّ الْمَبِيعِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ فِي مُدَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَوْ بَاعَ نَخْلَةً عَلَيْهَا مُؤَبَّرَةً فَهِيَ لِلْبَائِعِ فَلَوْ حَدَثَ طَلْعٌ جَدِيدٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى ذَلِكَ لَفْظًا لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ فَلِلْبَائِعِ) فَإِنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي حُصُولَ مَا ذَكَرَ خُيِّرَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي) هَذَا التَّفْصِيلُ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَيْعِ بَلْ يَجْرِي فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ كَأَنْ يَجْعَلَ النَّخْلَ صَدَاقًا أَوْ أُجْرَةً أَوْ عَنْ صُلْحٍ وَلَا يُتْبَعُ فِي الرُّجُوعِ بِالطَّلَاقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 فِيهِ لِيَجِيءَ رَطْبُهَا أَجْوَدَ مِمَّا لَمْ يُؤَبَّرْ وَالْعَادَةُ الِاكْتِفَاءُ بِتَأْبِيرِ الْبَعْضِ وَالْبَاقِي يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ. وَيَنْبَثُّ رِيحُ الذُّكُورِ إلَيْهِ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ شَيْءٌ وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْمُؤَبَّرِ اعْتِبَارًا بِظُهُورِ الْمَقْصُودِ وَطَلْعُ الذُّكُورِ يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ وَلَا يُشَقَّقُ غَالِبًا (وَلَا يُعْتَبَرُ تَشَقُّقُ الْقِشْرِ الْأَعْلَى مِنْ نَحْوِ الْجَوْزِ) بَلْ هُوَ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا لِاسْتِتَارِهِ بِمَا هُوَ مِنْ صَلَاحِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ بِتَشَقُّقِ الْأَعْلَى عَنْهُ (وَإِنْ أُبِّرَتْ نَخْلَةٌ وَلَوْ ذَكَرًا) أَوْ فِي طَلْعٍ وَاحِدٍ (تَبِعَهَا فِي الْحُكْمِ جَمِيعُ الثَّمَرَةِ الْحَادِثَةِ) تَأْبِيرًا وَإِطْلَاعًا إذْ فِي إفْرَادِ كُلٍّ بِحُكْمِ عُسْرٍ أَوْ ضَرَرٍ مُشَارَكَةٌ وَلِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ وَلَمْ يَعْكِسْ لِأَنَّ الْبَاطِنَ سَائِرٌ إلَى الظُّهُورِ وَكَمَا يَتْبَعُ بَاطِنُ الصُّبْرَةِ ظَاهِرَهَا فِي الرُّؤْيَةِ هَذَا (إنْ اتَّحَدَ) فِي الْمُؤَبَّرِ وَغَيْرِهِ (بُسْتَانٌ وَعَقْدٌ وَجِنْسٌ) فَإِنْ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْهَا بِأَنْ اشْتَرَى فِي عَقْدِ نَخْلٍ بُسْتَانَيْنِ وَلَوْ مُتَلَاصِقَيْنِ أَوْ نَخْلًا وَعِنَبًا أَوْ فِي عَقْدَيْنِ نَخْلًا الْمُؤَبَّرُ مِنْ ذَلِكَ فِي أَحَدِهِمَا وَغَيْرُهُ فِي الْآخِرَةِ فَلَا تَبَعِيَّةَ لِانْقِطَاعِهَا وَاخْتِلَافِ زَمَنِ التَّأْبِيرِ وَانْتِفَاءِ عُسْرِ الْإِفْرَادِ وَضَرَرِ الْمُشَارَكَةِ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ بِخِلَافِ اخْتِلَافِ النَّوْعِ لَا يُؤَثِّرُ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ نَخْلَةً وَبَقِيَ ثَمَرُهَا لَهُ ثُمَّ خَرَجَ طَلْعٌ آخَرُ كَانَ لِلْبَائِعِ. وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ (وَتَشَقُّقِ جَوْزٍ عُطْبٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ إسْكَانِ ثَانِيهِ وَضَمِّهِ أَيْ قُطْنٍ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (يَبْقَى) أَصْلُهُ (سِنِينَ) أَيْ سَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ (لَا تَشَقُّقُ وَرْدٍ كَتَأْبِيرِ النَّخْلِ) فَيَتْبَعُ الْمُسْتَتِرُ غَيْرَهُ إنْ اتَّحَدَ فِيهِمَا مَا ذَكَرَ بِخِلَافِ تَشَقُّقِ الْوَرْدِ لِأَنَّ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ يُجْنَى فِي الْحَالِ فَلَا يَخَافُ اخْتِلَاطَهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ التَّهْذِيبِ وَاَلَّذِي فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْبَائِعِ كَالْجَوْزِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُسْخَةٍ فَقَالَ بَدَلَ لَا تَشَقُّقِ وَرْدٍ وَكَذَا تَفَتُّحُ وَرْدٍ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ كَالْوَرْدِ فِي ذَلِكَ الْيَاسَمِينُ وَنَحْوُهُ (وَمَا لَا يَبْقَى) مِنْ أَصْلِ الْعُطْبِ (أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إنْ بِيعَ قَبْلَ تَكَامُلِ قُطْنِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) كَالزَّرْعِ سَوَاءٌ أَخْرَجَ الْجَوْزَ أَمْ لَا ثُمَّ إنْ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى خَرَجَ الْجَوْزُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِعُمُومِ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي (أَوْ) بِيعَ (بَعْدَ تَكَامُلِهِ نَظَرْت فَإِنْ تَشَقَّقَ جَوْزُهُ صَحَّ) الْعَقْدُ (لِظُهُورِ الْمَقْصُودِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ وَدَخَلَ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ لَا تَدْخُلُ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ مَقْصُودَةٌ لِثِمَارِ جَمِيعِ الْأَعْوَامِ وَلَا مَقْصُودَ هُنَا سِوَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَهُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ شَيْخَ الْبَغَوِيّ قَدْ جَزَمَ بِعَدَمِ دُخُولِ ذَلِكَ وَبِأَنَّهُ لِلْبَائِعِ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَصْحِيحُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَشَقَّقْ جَوْزُهُ (بَطَلَ الْعَقْدُ لِاسْتِتَارِ قُطْنِهِ) بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْجَوْزِ كَمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا تَتِمَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الْقَاضِي يَصِحُّ وَلَا يَدْخُلُ الْقُطْنُ وَكُلٌّ بَنَى عَلَى أَصْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَالْمُتَوَلِّي مُوَافِقٌ لِلْقَاضِي (وَغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَفِي نُسْخَةٍ وَغَيْرِهِمَا أَيْ غَيْرِ الْقُطْنِ وَمَا قَبْلَهُ وَفِي أُخْرَى وَغَيْرِهَا أَيْ غَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ (كَالْقِثَّاءِ وَنَحْوِهِ) كَالْبِطِّيخِ (لَا يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا) لِأَنَّهَا بُطُونٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تُعَدُّ حَمْلًا وَاحِدًا (وَمَا ظَهَرَ مِنْ التِّينِ وَالْعِنَبِ) فَهُوَ (لِلْبَائِعِ وَغَيْرُهُ لِلْمُشْتَرِي) قَالَهُ الْبَغَوِيّ (وَفِيهِ نَظَرٌ) وَمَا تَوَقَّفَ فِيهِ كَالْأَصْلِ صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّخْلِ بِأَنَّ ثَمَرَةَ النَّخْلِ ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ وَهِيَ لَا تَحْمِلُ فِيهِ إلَّا مَرَّةً وَالتِّينُ يَحْمِلُ حَمْلَيْنِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَكَانَتْ الْأُولَى لِلْبَائِعِ وَالثَّانِيَةُ لِلْمُشْتَرِي وَبِهِ رُبَّمَا فِي نَحْوِ الْقِثَّاءِ يُفَرِّقُ أَيْضًا بَيْنَ النَّخْلِ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِيمَا يُجَزُّ مِرَارًا مِنْ أَنَّ الْجِزَّةَ الظَّاهِرَةَ لِلْبَائِعِ دُونَ مَا عَدَاهَا وَكَالتِّينِ فِيمَا ذَكَرَ الْجُمَّيْزُ وَنَحْوُهُ (فَصْلٌ وَلَا يُكَلَّفُ الْبَائِعُ) فِيمَا إذَا بَاعَ شَجَرَةً وَبَقِيَتْ لَهُ الثَّمَرَةُ (قَطْعَ ثَمَرَتِهِ عَنْ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ) لِقَطْعِهَا (قَبْلَ وَقْتِ الْعَادَةِ) عَمَلًا بِهَا بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ النُّضْجِ كُلِّفَ الْقَطْعَ عَلَى الْعَادَةِ (إلَّا إذَا تَعَذَّرَ السَّقْيُ) لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ (وَعِظَمِ الضَّرَرِ) لِلشَّجَرِ (بِبَقَائِهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ (أَوْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ وَلَمْ يَبْقَ فِي تَرْكِهَا فَائِدَةٌ) فَيُكَلَّفُ قَطْعَهَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا إذَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ) لَوْ أَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ ثَانِيًا فِي الْعَامِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَانَ الطَّلْعُ الثَّانِي لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ كَوْنِ التَّوْأَمِ الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ الطَّالِعُ لَهُ. (قَوْلُهُ وَكَمَا يَتْبَعُ بَاطِنَ الصُّبْرَةِ إلَخْ) وَقِيَاسًا عَلَى الْبَهِيمَةِ وَالْجَارِيَةِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ بَاعَ الْقُطْنَ بَعْدَ تَشَقُّقِ الْجَوْزِ حَيْثُ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَيَدْخُلُ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّجَرَةَ مَقْصُودَةٌ لِثِمَارِ سَائِرِ الْأَعْوَامِ وَلَا مَقْصُودَ فِي الْقُطْنِ سِوَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ (قَوْلُهُ وَعَقْدٌ وَجِنْسٌ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَمَالِكٌ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الْعَقْدِ مَعَ تَعَدُّدِ الْمَالِكِ وَذَلِكَ بِالْوَكَالَةِ عَلَى تَصْحِيحِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوَكِيلُ وَلَوْ شَرَطَ دُخُولَ مَا لَا يَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ خُرُوجَ مَا يَدْخُلُ دَخَلَ مَا لَا يَدْخُلُ وَخَرَجَ مَا يَدْخُلُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ وَدَخَلَ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِظُهُورِ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ تَشَقَّقَ جَوْزُهُ) لَوْ تَشَقَّقَ بَعْضُهُ صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَرِ وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ هَذَا إذَا بَاعَ الْجَوْزَ فَقَطْ فَإِنْ بَاعَ الْأَصْلَ وَقَدْ تَشَقَّقَ بَعْضُ الْجَوْزِ كَانَ الْأَصْلُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ مَا تَشَقَّقَ مِنْ الْجَوْزِ وَمَا لَمْ يَتَشَقَّقْ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ ثَمَرَةَ النَّخْلِ إلَخْ) وَبِأَنَّ التِّينَ يُؤْخَذُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا فَلَا يَحْصُلُ اخْتِلَاطٌ بِخِلَافِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ فَإِنَّهَا تَخْتَلِطُ وَلَا تَتَمَيَّزُ فَاحْتَجْنَا إلَى جَعْلِهِ تَابِعًا [فَصْلٌ لَا يُكَلَّفُ الْبَائِعُ فِيمَا إذَا بَاعَ شَجَرَةً وَبَقِيَتْ لَهُ الثَّمَرَةُ] (قَوْلُهُ كُلِّفَ الْقَطْعَ عَلَى الْعَادَةِ) لَوْ اخْتَلَفَ عُرْفُ النَّاسِ فِي الثَّمَرِ بِأَنْ يَتْرُكَهُ قَوْمٌ حَتَّى يَصِيرَ رَطْبًا وَقَوْمٌ تَمْرًا فَفِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارَمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِ الْبَائِعِ قَالَ وَعِنْدِي يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ عُرْفُ تِلْكَ الثَّمَرَةِ التَّبْقِيَةَ إلَى آخِرِ الثِّمَارِ فَلَهُ ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 قَلَّ الضَّرَرُ بِبَقَائِهَا وَالتَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ ظَاهِرَ نَصِّ الْأُمِّ يُخَالِفُهُ (وَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهَا شَيْئًا شَيْئًا بَعْدَ وَقْتِ الْعَادَةِ) وَلَا التَّأْخِيرُ إلَى نِهَايَةِ النُّضْجِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَمَّا إذَا شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ قَطْعَهَا فَيَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يُسَامِحَ الْمُشْتَرِي بِتَرْكِهَا إلَى بُدُوِّ صَلَاحِهَا (فَرْعٌ السَّقْيُ لِحَاجَةِ الثِّمَارِ) الْمَذْكُورَةِ (عَلَى الْبَائِعِ) لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ) عَلَى الْقَطْعِ (إنْ تَضَرَّرَ وَالشَّجَرُ) بِبَقَاءِ الثِّمَارِ لِامْتِصَاصِهَا رُطُوبَتَهُ أَوْ نَقْصِهَا لِحَمْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ نَقْصًا كَثِيرًا (وَيُمَكَّنُ) الْبَائِعُ (مِنْ الدُّخُولِ) لِلْبُسْتَانِ لِسَقْيِ ثِمَارِهِ وَتَعَهُّدِهَا (إنْ كَانَ أَمِينًا) وَإِلَّا نَصَبَ الْحَاكِمُ أَمِينًا لِلسَّقْيِ وَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَسْقِي بِالْمَاءِ الْمُعَدِّ لِسَقْيِ تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ حَقٌّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيِّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَلَوْ قَالَ أُرِيدُ أَنْ آخُذَ الْمَاءَ الَّذِي كُنْت أَسْتَحِقُّهُ لِسَقْيِ ثَمَرَتِي فَأَسْقِي بِهِ غَيْرَهَا لَمْ يُمَكَّنْ وَكَذَا لَوْ أَخَذَ ثَمَرَتَهُ قَبْلَ جُذَاذِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ يَسْتَحِقُّهُ إلَى وَقْتِ الْجُذَاذِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْمَاءِ مَا فِيهِ صَلَاحُ تِلْكَ الثَّمَرَةِ دُونَ غَيْرِهَا (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السَّقْيُ إنْ نَفَعَهُمَا) لِأَنَّ مَنْعَهُ حِينَئِذٍ سَفَهٌ. وَعِبَارَةُ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْآخَرُ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا عَدَمُ الْمَنْعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَالنَّفْعِ لِأَنَّهُ تَعَنُّتٌ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إذْ لَا غَرَضَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ تَمْكِينُهُ (لَا إنْ ضَرَّهُمَا) مَعًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّقْيُ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ عَلَيْهِ ضَرَرًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ يُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ وَإِنْ رَضِيَ الْآخَرُ فَفِي ذَلِكَ إفْسَادُ الْمَالِ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ يَرْتَفِعُ بِالرِّضَا وَيَبْقَى ذَلِكَ كَتَصَرُّفِهِ فِي خَاصِّ مِلْكِهِ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى قُوَّةُ الِاعْتِرَاضِ وَلَا يَكْفِي فِي رَدِّهِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَقْصُودِ لَا جَرَمَ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ الِاعْتِرَاضَ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَهُ حَيْثُ حَذَفَ قَوْلَ الْأَصْلِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّقْيُ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ فَصَارَ الْمَعْنَى فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّقْيُ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ قَدْ يُخَالِفُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ حَيْثُ قَالَ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السَّقْيُ لِمِلْكِهِ إنْ لَمْ يَضُرَّ مِلْكَ الْآخَرِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِامْتِنَاعُ (وَلَوْ ضَرَّ أَحَدَهُمَا وَنَفَعَ الْآخَرَ وَتَنَازَعَا) فِي السَّقْيِ (فَسَخَ الْعَقْدُ) أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ (إنْ لَمْ يُسَامِحْ الْآخَرُ) إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَإِنْ سَامَحَهُ فَلَا فَسْخَ لِزَوَالِ النِّزَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَأْتِي فِيهِ الِاعْتِرَاضُ بِإِفْسَادِ الْمَالِ كَمَا تُوُهِّمَ بَلْ هُوَ إحْسَانٌ وَمُسَامَحَةٌ نَعَمْ الْكَلَامُ فِي مَالِكَيْنِ مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ لَا مَنْ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ أَيْ أَوْ لِنَفْسِهِ لَكِنَّ غَيْرَ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ ضَرَّ السَّقْيُ أَحَدَهُمَا وَمَنَعَ تَرْكَهُ حُصُولُ زِيَادَةٍ لِلْآخَرِ لِاسْتِلْزَامِ مَنْعِ حُصُولِهَا لَهُ انْتِفَاعُهُ بِالسَّقْيِ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْلُ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ لِلْإِمَامِ (اللَّفْظُ السَّادِسُ الثِّمَارُ) وَهُوَ يَتَنَاوَلُ نَوَاهَا وَقَمْعَهَا (فَبَيْعُ مَا لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ مِنْهَا دُونَ الشَّجَرِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ (جَائِزٌ) وَلَوْ (مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ) بِأَنْ يُطْلِقَ أَوْ يَشْرِطَ إبْقَاءَهُ أَوْ قَطْعَهُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأُصُولُ لِأَحَدِهِمَا أَمْ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَيَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَالْمَعْنَى الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَمْنُ الْعَاهَةِ بَعْدَهُ غَالِبًا وَقَبْلَهُ تُسْرِعُ إلَيْهِ لِضَعْفِهِ فَيَفُوتُ بِتَلَفِهِ الثَّمَنُ وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» لَا بَيْعَهُ مَعَ مَا يَحْدُثُ فَغَيْرُ جَائِزٍ لِوُرُودِهِ عَلَى مَعْدُومٍ (وَيَسْتَحِقُّ بِهِ) أَيْ بِالْبَيْعِ لِمَا ذُكِرَ (الْإِبْقَاءَ) إلَى وَقْتِ (الْجُذَاذِ إنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ) لِلْعُرْفِ فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ إلَّا أَنْ يُسَامِحَ الْبَائِعُ بِالتَّرْكِ إلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ الْقَطْعُ حَيْثُ لَا مُسَامَحَةَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ طَالَبَهُ بِالْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ. (وَالشَّجَرَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي) لِتَعَذُّرِ تَسَلُّمِ الثَّمَرَةِ بِدُونِهَا (بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى سَمْنًا) أَوْ نَحْوَهُ (فَقَبَضَهُ فِي ظَرْفٍ) لِلْبَائِعِ (فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّسَلُّمِ فِي غَيْرِهِ (وَأَمَّا) بَيْعُهُ (قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا يَجُوزُ) لِمَا مَرَّ (إلَّا فِي مُنْتَفِعٍ بِهِ) كَحِصْرِمٍ وَبَلَحٍ وَلَوْزٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ ظَاهِرٌ إذْ لَا مُقْتَضَى لِإِشْغَالِ شَجَرِ الْغَيْرِ بِلَا فَائِدَةٍ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيِّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السَّقْيُ إنْ نَفَعَهُمَا) هَذِهِ عِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ) لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ الثَّمَرَةِ آخُذُ الْمَاءَ الَّذِي أَسْقِي بِهِ الثَّمَرَةَ لِأَسْقِيَ بِهِ غَيْرَهَا أَوْ آخُذُ ثَمَرَتَهُ قَبْلَ أَوَانِ جُذَاذِهَا لِيَسْقِيَ بِهِ مَوْضِعًا آخَرَ لَمْ يَجُزْ ع (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ إلَخْ) أَيْ فَيَحْرُمُ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَضُرُّهُمَا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ ع قَالَ شَيْخُنَا وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الضَّرَرَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَاغْتُفِرَ عِنْدَ الْإِذْنِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ إلَخْ) وَقِيلَ الْمُتَضَرِّرُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّحَالُفِ حَتَّى يَكُونَ الْأَصَحُّ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ تَعَاطِيَهُ انْتَهَى لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ فِي اخْتِلَاطِ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ بِغَيْرِهَا أَنَّهُ لَا يَفْسَخُ إلَّا الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ وَقِيلَ الْمُتَضَرِّرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ) لَوْ لَمْ يُوفِ الْمُشْتَرِي بِالْقَطْعِ فَهَلْ يُجْبَر عَلَيْهِ أَوْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ كَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يُجْبَرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسَامِحَ الْبَائِعُ بِالتَّرْكِ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَأْمَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ بِالْقَطْعِ بَعْدَ الرِّضَا فَلْيَسْتَأْجِرْ الْأَرْضَ لِيَأْمَنَ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بَيْعُهُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا خَرَجَ بِبَيْعِهِ هِبَتُهُ فَيَجُوزُ وَحْدَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَبِدُونِ شَرْطِهِ قَطْعُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الْهِبَةِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي مُنْتَفَعٍ بِهِ) لَا يُقَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمَنْفَعَةِ فِي كُلِّ مَبِيعٍ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا اشْتِرَاطٌ زَائِدٌ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْحَالِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِتَرْبِيَتِهِ عَلَى الشَّجَرِ ر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 (بِشَرْطِ الْقَطْعِ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (مُنَجَّزًا) فَيَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ الْمُخَصِّصِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَ كُمَّثْرَى وَسَفَرْجَلٍ وَجَوْزٍ وَمَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَبِيعَ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ بِيعَ بِشَرْطِهِ مُعَلَّقًا وَوَجْهُ الْمَنْعِ فِي الْأَخِيرَةِ تَضَمُّنُ التَّعْلِيقِ التَّبْقِيَةَ (وَلَوْ) بِيعَ (مِنْ مَالِكِ الشَّجَرَةِ) كَأَنْ بَاعَهَا بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بَاعَ الثَّمَرَةَ مِنْهُ أَوْ أَوْصَى بِالثَّمَرَةِ لِإِنْسَانٍ فَبَاعَهَا لِمَالِكِ الشَّجَرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ مُنَجَّزًا لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى (لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْوَفَاءُ) إذْ لَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِهِ قَطْعَ ثَمَرِهِ عَنْ شَجَرِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ بَيْعُهَا لَهُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي مِلْكِهِ فَيُشْبِهُ مَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ (وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ) أَيْ شَرَطَهُ (فِي) بَيْعِ (ثَمَرَةِ نَخْلَةٍ مَقْطُوعَةٍ) لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى عَلَيْهَا فَيَصِيرُ كَشَرْطِ الْقَطْعِ وَلِأَنَّهَا لَا تَنْمُو (وَلَا يُغْنِي اعْتِيَادُ الْقَطْعِ عَنْ شَرْطِهِ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ. (وَإِنْ شَرَطَ) قَطْعَ الثَّمَرِ (وَتَرَكَ عَنْ تَرَاضٍ) مِنْهُمَا (فَلَا بَأْسَ) وَيَكُونُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ كَكِبَرِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا مَا لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَلَوْ بَاعَ الثَّمَرَ مَعَ الشَّجَرِ لَمْ يَجُزْ بِشَرْطِ) وَفِي نُسْخَةٍ شَرْطِ (الْقَطْعِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مِلْكِهِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالتَّبَعِيَّةِ فَيَجُوزُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ لِتَبَعِيَّتِهِ لِمَا تُؤْمَنُ فِيهِ الْعَاهَةُ (فَإِنْ فَصَلَ الثَّمَنَ) كَأَنْ قَالَ بِعْتُك الشَّجَرَةَ بِدِينَارٍ وَالثَّمَرَةَ بِعَشَرَةٍ (وَجَبَ) شَرْطُ الْقَطْعِ لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْمُسَاقَاةِ اسْتِشْهَادًا وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ (وَلَوْ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ الثَّمَرَةَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ لَمْ يَجِبْ شَرْطُ الْقَطْعِ) لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِدَامَةٌ لِمِلْكِهَا فَلَهُ الْإِبْقَاءُ إلَى وَقْتِ الْجُذَاذِ وَلَوْ صَرَّحَ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَمِنْ جَوَازِ التَّصْرِيحِ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ هُوَ أَحَدُ نَصَّيْنِ لِلشَّافِعِيِّ كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ يَطَّلِعْ بَعْضُهُمْ عَلَى هَذَا النَّصِّ فَزَعَمَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ خِلَافُهُ (فَرْعٌ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي شَجَرَةٍ) وَلَوْ فِي حَبَّةٍ (يَسْتَتْبِعُ الْكُلَّ إذَا اتَّحَدَ الْبُسْتَانُ) وَالْعَقْدُ وَالْجِنْسُ (كَمَا فِي التَّأْبِيرِ) وَقَدْ مَرَّ فَيَتْبَعُ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مَا بَدَا صَلَاحُهُ إذَا اتَّحَدَ فِيهِمَا الثَّلَاثَةُ وَاكْتَفَى بِبُدُوِّ صَلَاحِ بَعْضِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَنَّ عَلَيْنَا فَجَعَلَ الثِّمَارَ لَا تَطِيبُ دَفْعَةً وَاحِدَةً إطَالَةً لِزَمَنِ التَّفَكُّهِ فَلَوْ اعْتَبَرْنَا فِي الْبَيْعِ طِيبَ الْجَمِيعِ لَأَدَّى إلَى أَنْ لَا يُبَاعَ شَيْءٌ أَوْ تُبَاعَ الْحَبَّةُ بَعْدَ الْحَبَّةِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا حَرَجٌ (فَرْعٌ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي الْأَشْيَاءِ صَيْرُورَتُهَا إلَى الصِّفَةِ الَّتِي تُطْلَبُ فِيهَا غَالِبًا فَفِي الثِّمَارِ ظُهُورُ أَوَّلِ الْحَلَاوَةِ) فَفِي غَيْرِ الْمُتَلَوِّنِ (بِأَنْ يَتَمَوَّهَ وَيَلِينَ وَفِي الْمُتَلَوِّنِ بِانْقِلَابِ) وَفِي نُسْخَةٍ بِاخْتِلَافِ (اللَّوْنِ) كَأَنْ احْمَرَّ أَوْ اصْفَرَّ أَوْ اسْوَدَّ (وَفِي نَحْوِ الْقِثَّاءِ بِأَنْ يُجْنَى مِثْلُهُ) غَالِبًا (لِلْأَكْلِ وَفِي الْحُبُوبِ بِاشْتِدَادِهَا وَفِي وَرَقِ الْفِرْصَادِ) وَهُوَ التُّوتُ الْأَحْمَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْأَبْيَضُ لِأَنَّهُ الَّذِي يُبَاعُ لِتَرْبِيَةِ دُودِ الْقَزِّ فَلَوْ عَبَّرَ بِالتُّوتِ لَكَانَ أَقْرَبَ إلَى الْمُرَادِ (بِتَنَاهِيهِ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرُوِيَ فَقِيلَ لِأَنَسٍ مَا تُزْهِي قَالَ تَحْمَرُّ أَوْ تَصْفَرُّ» وَكُلٌّ صَحِيحٌ فَإِنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ مَرَّةً وَتَرَك رَفْعَهُ أُخْرَى مُسْتَنِدًا إلَى مَا سَمِعَهُ (فَرْعٌ الْبِطِّيخُ وَالْبَاذِنْجَانُ وَنَحْوُهُ) أَيْ نَحْوَ كُلٍّ مِنْهُمَا (لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْهَا (قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ بِيعَ مِنْ مَالِكِ الْأُصُولِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ) قَالَ فِي الْكَافِي لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ الْقَطْعُ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ إنْ كَانَ طَالَبَهُ بِالْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا وَأَطْلَقَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ عَدَمَ الْوُجُوبِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْكَافِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِقَيْدٍ زَادَهُ إلَخْ) تَبَعًا لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ أَوْ بَيْعٍ بِشَرْطٍ مُعَلَّقًا) كَأَنْ شَرَطَ الْقَطْعَ بِعَدَمِ يَوْمٍ. (قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِالثَّمَرَةِ لِإِنْسَانٍ إلَخْ) أَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ وَهَبَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْوَفَاءُ) لَيْسَ لَنَا شَرْطٌ تَجِبُ ذَكَرَهُ لِتَصْحِيحِ الْعَقْدِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ إلَّا هَذَا (قَوْلُهُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا صَحَّحَهُ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي بَاقِي كُتُبِهِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ أَيْضًا فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ فِي ثَمَرَةِ نَخْلَةٍ مَقْطُوعَةٍ) أَوْ جَافَّةٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُغْنِي اعْتِيَادُ الْقَطْعِ عَنْ شَرْطِهِ) وَلَا يَكُونُ الْمَعْهُودُ كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا لَا فِي الْبَيْعِ وَلَا فِي الْقَرْضِ وَلَا فِي الرَّهْنِ وَلَا فِي غَيْرِهَا حَتَّى لَوْ جَرَتْ عَادَةُ قَوْمٍ بِانْتِفَاعِ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ وَعَقْدِ الرَّهْنِ بِلَا شَرْطِ انْتِفَاعِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ لَفْظًا لَمْ يَفْسُدْ الرَّهْنُ وَلَوْ أَقْرَضَ شَخْصًا مَشْهُورًا بِرَدِّ الزِّيَادَةِ بِلَا شَرْطِهَا لَفْظًا وَرَدَّ زَائِدًا لَمْ يَحْرُمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرَةِ إلَخْ) دَخَلَ فِي إطْلَاقِهِ صُورَتَانِ أَنْ يَبِيعَ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرَةِ بِالصَّرِيحِ أَوْ يَبِيعَ الشَّجَرَةَ مُطْلَقًا وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ فَتَدْخُلُ كَالْحَمْلِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ وَثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ لِتَبَعِيَّتِهِ إلَخْ) لِخَبَرِ «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ إدْخَالِهَا فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يَفْصِلْ وَقِيسَ عَلَى النَّخْلِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي حَبِّهِ) أَوْ عُنْقُودِهِ أَوْ بُسْرِهِ أَوْ بِطِّيخِهِ أَوْ سُنْبُلِهِ (قَوْلُهُ لَأَدَّى إلَى أَنْ لَا يُبَاعَ شَيْءٌ) لِأَنَّ السَّابِقَ يَتْلَفُ (قَوْلُهُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي الْأَشْيَاءِ إلَخْ) جَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْسَامٍ أَحَدِهَا بِاللَّوْنِ كَصُفْرَةِ الْمِشْمِشِ وَحُمْرَةِ الْعُنَّابِ وَمِنْهُ اصْفِرَارُ الْبَلَحِ وَاحْمِرَارُهُ الثَّانِي الطَّعْمِ كَحَلَاوَةِ قَصَبِ السُّكَّرِ وَحُمُوضَةِ الرُّمَّانِ إذَا زَالَتْ الْمَرَارَةُ الثَّالِثِ النُّضْجِ فِي التِّينِ وَالْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِمَا وَذَلِكَ بِأَنْ تَلِينَ صَلَابَتُهُ الرَّابِعِ بِالْقُوَّةِ وَالِاشْتِدَادِ كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ الْخَامِسِ بِالطُّولِ وَالِامْتِلَاءِ كَالْعَلَفِ وَالْبُقُولِ السَّادِسِ بِالْكِبَرِ كَالْقِثَّاءِ السَّابِعِ بِاشْتِقَاقِ كِمَامِهِ كَالْقُطْنِ وَالْجَوْزِ الثَّامِنِ بِانْفِتَاحِهِ كَالْوَرْدِ وَوَرَقِ التُّوتِ وَضَبَطَ الصَّيْمَرِيُّ بُدُوَّ صَلَاحِ وَرَقِ التُّوتِ بِأَنْ يَنْفَتِحَ كَأَرْجُلِ الْبَطَّةِ [فَرْعٌ الْبِطِّيخُ وَالْبَاذِنْجَانُ وَنَحْوُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ] (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ بِيعَ مِنْ مَالِكِ الْأُصُولِ) لِمَا مَرَّ فَإِنْ بَاعَهُ مَعَ الْأَرْضِ جَازَ تَبَعًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا بَاعَ زَرْعًا قَصِيلًا بِشَرْطِ الْقَطْعِ ثُمَّ بَاعَ الْأَرْضَ مِنْ مُشْتَرِيهِ هَلْ يَسْقُطُ حَقُّ الْقَطْعِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ تَوْجِيهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسْقُطُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 لِمَا مَرَّ (فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) وَلَوْ لِبَعْضِهِ (دُونَ الشَّجَرِ) أَيْ الْأُصُولِ (أَوْ) بَاعَ (الشَّجَرَ) أَيْ الْأُصُولَ (دُونَهُ وَغَلَبَ الِاخْتِلَاطُ) أَيْ اخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِالْمَوْجُودِ (لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) لِأَنَّ بَيْعَهُ بِدُونِ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى تَعَذُّرِ إمْضَاءِ الْعَقْدِ (إلَّا إنْ أَمِنَ الِاخْتِلَاطَ) فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ كَذَلِكَ بِأَنْ نَدَرَ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ (وَيُشْتَرَطُ الْقَطْعُ) أَوْ الْقَلْعُ أَيْ شَرَطَ أَحَدَهُمَا (فِي بَيْعِهِ) أَيْ الْأَصْلَ (قَبْلَ أَنْ يُثْمِرَ) كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فَلَوْ بَاعَهُ كَذَلِكَ فَاتَّفَقَ بَقَاؤُهُ حَتَّى خَرَجَ الثَّمَرُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِمَا مَرَّ فِي فَصْلِ أَمَّا ثَمَرُ الْمَبِيعِ وَفِي إطْلَاقِهِ الشَّجَرَ عَلَى أُصُولِ الْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِ تَسَمُّحٌ (وَقَالَ الْإِمَامُ) وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ (إنْ بَاعَ الْبِطِّيخَ وَنَحْوَهُ مَعَ أُصُولِهِ وَجَبَ شَرْطُ الْقَطْعِ) لِتَعَرُّضِهِمَا لِلْعَاهَةِ (بِخِلَافِ الشَّجَرِ) مَعَ الثَّمَرِ (لَا إنْ بَاعَهُمَا مَعَ الْأَرْضِ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ فَالْأَرْضُ كَالشَّجَرِ (وَهُوَ) أَيْ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ وُجُوبِ شَرْطِ الْقَطْعِ فِيمَا إذَا بَاعَ الْبِطِّيخَ وَنَحْوَهُ مَعَ الْأُصُولِ (مُخَالِفٌ لِلْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا) وَهِيَ عَدَمُ وُجُوبِ شَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرَةِ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَحْدَهَا عِنْدَ أَمْنِ الِاخْتِلَاطِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ وُجُوبِ شَرْطِ الْقَطْعِ فِيمَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ جَرَى سَلِيمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ الْمَنْقُولُ وَالْإِمَامُ لَمْ يُبْدِ الْأَوَّلَ إلَّا تَفَقُّهًا لَا نَقْلًا كَمَا يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ لَفْظِهِ (فَرْعٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ نِصْفِ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ مُشَاعًا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَلَوْ) بِيعَ (مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ) أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ (إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ) وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّبَا تَبَعًا لِتَصْحِيحِ أَصْلِهِ (لِأَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ لَازِمٌ لَهُ) وَلَا يُمْكِنُ قَطْعُ النِّصْفِ إلَّا بِقَطْعِ الْكُلِّ فَيَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ بِقَطْعِ غَيْرِ الْمَبِيعِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ نِصْفًا مُعَيَّنًا مِنْ سَيْفٍ أَمَّا إذَا قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ لِإِمْكَانِ قَطْعِ النِّصْفِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَخَرَجَ بِقَبْلِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ الْبَيْعُ بَعْدَهُ فَيَصِحُّ إنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ فَإِنْ شَرَطَهُ فَفِيهِ مَا تَقَرَّرَ (وَيَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ نِصْفَ الثَّمَرِ (مَعَ الشَّجَرِ) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَيَكُونُ الثَّمَرُ تَابِعًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَرْطِ قَطْعِهِ وَعَدَمِهِ لَا يُقَالُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ بَاعَ جَمِيعَ الثَّمَرِ مَعَ الشَّجَرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْقَطْعِ لِأَنَّا نَقُولُ لَا قِسْمَةَ ثَمَّ لِأَنَّ الثَّمَرَ كُلَّهُ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِهِ هُنَا وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفَهِمَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ فِيهِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ (وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْ الثَّمَرِ قَبْلَ) بُدُوِّ (صَلَاحِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الشَّجَرِ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) كَغَيْرِ الشَّرِيكِ (وَتَصِيرُ كُلُّ الثَّمَرَةِ لَهُ وَكُلُّ الشَّجَرِ لِلْآخَرِ فَيَتَعَيَّنُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (قَطْعُ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ) لِأَنَّهُ بِذَلِكَ الْتَزَمَ قَطْعَ مَا اشْتَرَاهُ وَتَفْرِيغُ الشَّجَرِ لِصَاحِبِهِ (فَإِنْ اشْتَرَاهَا) أَيْ الثَّمَرَةَ أَيْ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْهَا (بِغَيْرِ نَصِيبِهِ) مِنْ الشَّجَرِ (لَمْ يَصِحَّ) وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لِتَكْلِيفِ الْمُشْتَرِي قَطْعَ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ الْمُسْتَقِرِّ لَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَمِثْلُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي زَرْعٍ وَأَرْضٍ مُشْتَرِكَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ لِلْآخَرِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَبْلِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَبِغَيْرِ نَصِيبِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ لِأَحَدِهِمَا وَالثَّمَرُ بَيْنَهُمَا فَاشْتَرَى مَالِكُ الشَّجَرِ نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْ الثَّمَرِ بِنِصْفِ الشَّجَرِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ جَازَ أَيْ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إلَى آخِرِهِ (فَرْعٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ زَرْعٍ لَمْ يَشْتَدَّ حَبُّهُ وَ) بَيْعُ (بُقُولٍ وَإِنْ كَانَتْ تُجَزُّ مِرَارًا إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ الْقَلْعِ) كَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (أَوْ مَعَ الْأَرْضِ) كَالثَّمَرِ مَعَ   [حاشية الرملي الكبير] بِالتَّرَاضِي قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا عَلَى بِنَاءَهُ عَلَى مُسْلِمٍ وَحُكِمَ بِالْهَدْمِ ثُمَّ بَاعَهُ لِمُسْلِمٍ هَلْ يَسْقُطُ حَقُّ الْهَدْمِ فِيهِ مِثْلُ هَذَا الْخِلَافِ وَتَرَكَ مَسْأَلَةَ مَا إذَا أَسْلَمَ هُوَ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ دَارَتْ بَيْنَ نَظَائِرَ كَمَسْأَلَةِ الْمُحْرِمِ يَرِثُ الصَّيْدَ فَيُؤْمَرُ بِالْإِرْسَالِ فَيَحِلُّ قَبْلَهُ وَكَالذِّمِّيِّ إذَا وَرِثَ عَبْدًا مُسْلِمًا فَأَمَرْنَاهُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَكَمَنْ عِنْدَهُ عَصِيرٌ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ وَكَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ أَعْنِي الْخَمْرَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي أَمْ لَا وَقَوْلُهُ هَلْ يَسْقُطُ حَقُّ الْقَطْعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَحْدَهَا إلَخْ) عِبَارَتُهُ أَنَّهُ إذَا أَفْرَدَ أُصُولَهُ بِالْبَيْعِ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ يَجُوزُ وَلَا حَاجَةَ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ إذَا لَمْ يَخَفْ الِاخْتِلَاطَ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَنْقُولُ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْأَنْوَارِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ الصِّحَّةُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ [فَرْعٌ بَيْعُ نِصْفِ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ مُشَاعًا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ] (قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ لَازِمٌ) لُزُومَ الْقَطْعِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ) وَهُوَ الرَّاجِحُ إذْ الْخَرْصُ يَدْخُلُ فِيهَا [فَرْعٌ بَيْعُ زَرْعٍ لَمْ يَشْتَدَّ حَبُّهُ وَبَيْعُ بُقُولٍ] (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ زَرْعٍ لَمْ يَشْتَدَّ حَبُّهُ إلَخْ) لَوْ اشْتَرَى الزَّرْعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَمْ يُقْطَعْ حَتَّى زَادَ فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ حَتَّى إذَا سَنْبَلَ كَانَتْ السَّنَابِلُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَلْعِ فَلَمْ يُقْلَعْ حَتَّى تَسَنْبَلَ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ الزَّرْعِ الَّذِي يَحْدُثُ مِنْهُ الزِّيَادَةُ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ اشْتَرَى الزَّرْعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ حَتَّى زَادَ فَالزِّيَادَةُ حَتَّى السَّنَابِلِ لِلْبَائِعِ وَقَدْ اخْتَلَطَ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ اخْتِلَاطًا لَا يَتَمَيَّزُ وَذَلِكَ لِأَنَّ زِيَادَةَ الزَّرْعِ زِيَادَةُ قَدْرٍ لَا زِيَادَةُ صِفَةٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إجْزَاؤُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَلْعِ فَلَمْ يَقْلَعْ حَتَّى زَادَ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ فَمَا ظَهَرَ يَكُونُ لَهُ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِرَعْيِ الْبَهَائِمِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِشَرْطِ الْقَلْعِ ثُمَّ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ وَكَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي فِي شَرْطِ الْقَطْعِ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ الْقُطْنُ الَّذِي لَا يَبْقَى أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ كَالزَّرْعِ فَإِذَا بَاعَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْجَوْزَقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَكَامُلِ الْقُطْنِ وَجَبَ شَرْطُ الْقَطْعِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَقْطَعْ حَتَّى خَرَجَ الْجَوْزَقُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ ظَاهِرُ النَّصِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 الشَّجَرِ (فَإِنْ اشْتَدَّ حَبُّ الزَّرْعِ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَطْعُ) وَلَا الْقَلْعُ كَالثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي التَّأْبِيرِ بِطَلْعٍ وَاحِدٍ وَفِي بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِحَبَّةٍ وَاحِدَةٍ الِاكْتِفَاءُ هُنَا بِاشْتِدَادِ سُنْبُلَةٍ وَاحِدَةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ انْتَهَى (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ) لِبَيْعِ الزَّرْعِ بَعْدَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ وَبَيْعِ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (ظُهُورُ الْمَقْصُودِ) لِيَكُونَ مَرْئِيًّا كَتِينٍ وَعِنَبٍ وَشَعِيرٍ (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحِنْطَةِ وَالسِّمْسِمِ وَنَحْوِهِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا كَالْعَدَسِ (فِي سُنْبُلِهِ دُونَهُ) الْأَوْلَى فِي سُنْبُلِهَا لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ (وَلَا بَيْعُهَا مَعَهَا) الْأَوْلَى مَعَهُ لِيُنَاسِبَ دُونَهُ وَذَلِكَ لِاسْتِتَارِهَا شَبِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهَا وَأَمَّا خَبَرُ «نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ» أَيْ يَشْتَدَّ فَيَجُوزُ بَعْدَ اشْتِدَادٍ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى سُنْبُلِ الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ (وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ الْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَنَحْوِهِ) كَالثُّومِ وَالْبَصَلِ (فِي الْأَرْضِ) لِاسْتِتَارِ مَقْصُودِهَا وَعَدُّ الْأَصْلِ مَعَهَا السِّلْقَ مَحْمُولٌ عَلَى أَحَدِ نَوْعَيْهِ وَهُوَ مَا يَكُونُ مَقْصُودُهُ مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ أَمَّا مَا يَظْهَرُ مَقْصُودُهُ عَلَى وَجْهِهَا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِأَكْثَرِ بِلَادِ مِصْرَ وَالشَّامِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْبَقْلِ (وَيَجُوزُ بَيْعُ وَرَقِهِ) الْأَوْلَى وَرَقِهَا أَيْ الظَّاهِرِ (بِشَرْطِ الْقَطْعِ) كَالْبُقُولِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْعِنَبِ وَالتِّينِ) وَنَحْوِهِمَا (فِي الشَّجَرِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّلْتِ وَكَذَا الذُّرَةُ فِي السُّنْبُلِ) لِعَدَمِ اسْتِتَارِهَا وَالتَّصْرِيحُ بِالذُّرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا الْمَسْتُورُ بِمَا لَا يُزَالُ إلَّا عِنْدَ الْأَكْلِ كَالرُّمَّانِ وَالْعَدَسِ وَكَذَا طَلْعُ النَّخْلِ مَعَ قِشْرِهِ وَالْأُرْزُ فِي سُنْبُلِهِ) . لِاسْتِتَارِهَا بِمَا هُوَ مِنْ صَلَاحِهَا وَلَا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ فِي الْعَدَسِ وَالْأُرْزِ عَدَمُ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَإِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِصِحَّتِهِ فِي الْأُرْزِ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ بِخِلَافِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ الصِّفَاتِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْغَرَضَ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْقِشْرِ خِفَّةً وَرَزَانَةً وَلِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ فَلَا يَضُمُّ إلَيْهِ غَرَرًا آخَرَ بِلَا حَاجَةٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلِذَلِكَ جَوَّزَ بَيْعَ الْمَعْجُونَاتِ دُونَ السَّلَمِ فِيهَا (وَمَا يُزَالُ أَحَدُ كِمَامَيْهِ) أَيْ قِشْرَيْهِ وَيَبْقَى فِي الْآخَرِ (لِلِادِّخَارِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبَاقِلَا) أَيْ الْفُولَ كَمَا مَرَّ (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فِي) قِشْرِهِ (الْأَعْلَى) لِأَعْلَى الشَّجَرِ وَلِأَعْلَى الْأَرْضِ (وَلَوْ رَطْبًا) لِاسْتِتَارِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَسْفَلِ نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُ قَصَبِ السُّكَّرِ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَوُجِّهَ بِأَنَّ قِشْرَهُ الْأَسْفَلَ كَبَاطِنِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُمَصُّ مَعَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي قِشْرٍ وَاحِدٍ كَالرُّمَّانِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَمَرَ الرَّبِيعَ بِبَغْدَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ الْبَاقِلَاءَ الرَّطْبَ رُدَّ بِأَنَّ هَذَا نَصَّهُ فِي الْقَدِيمِ لِكَوْنِهِ كَانَ بِبَغْدَادَ وَنَصَّ فِي الْجَدِيدِ عَلَى خِلَافِهِ وَبِأَنَّ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ تَوَقُّفًا لِأَنَّ الرَّبِيعَ إنَّمَا صَحِبَ الشَّافِعِيَّ بِمِصْرَ لَا بِبَغْدَادَ لَكِنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ كَثِيرُونَ وَالْكَتَّانُ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ جَوَازُ بَيْعِهِ لِأَنَّ مَا يُغْزَلُ مِنْهُ ظَاهِرٌ وَالسَّاسُ فِي بَاطِنِهِ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ لَكِنْ هَذَا لَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ التَّمْرِ وَالنَّوَى وَفِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ بِالْكِمَامِ تَسَمُّحٌ فَإِنَّهُ كَالْأَكِمَّةِ وَالْأَكْمَامُ الْأَكَامِيمُ جَمْعُ كِمَامَةٍ وَكِمٍّ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالْمُرَادُ الْمُفْرَدُ فَلَوْ قَالَ أَحَدُ كِمَامَتَيْهِ أَوْ كِمَّيْهِ كَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لِلِادِّخَارِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَمَعَ الْأَرْضِ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا ذُكِرَ أَيْضًا مَعَ الْأَرْضِ لِمَا مَرَّ. (كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْبَذْرِ) أَوْ الزَّرْعِ الَّذِي لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ وَلَا يَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (مَعَ الْأَرْضِ) كَالْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَرْضِ أَيْضًا لِلْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ وَتَعَذَّرَ التَّوْزِيعُ أَمَّا إذَا كَانَ يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ بِأَنْ رُئِيَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِمَا وَكَذَا إنْ كَانَ يَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَيَكُونُ ذِكْرُهُ تَأْكِيدًا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَبَيْعِ الْجَارِيَةِ وَحَمْلِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَصِحُّ (فَإِنْ أَكَلَ) مَالَهُ قَشِرَانِ (بِقِشْرِهِ الْأَعْلَى قَبْلَ انْعِقَادِ الْأَسْفَلِ كَاللَّوْزِ صَحَّ) بَيْعُهُ حِينَئِذٍ فَإِنَّهُ مَأْكُولٌ كُلُّهُ كَالتُّفَّاحِ (فَصْلٌ) لَوْ (بَاعَ الْحِنْطَةَ فِي سُنْبُلِهَا بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْحِنْطَةِ) الْخَالِصَةِ (لَمْ يَصِحَّ وَيُسَمَّى بَيْعُ الْمُحَاقَلَةِ) مِنْ الْحَقْلِ جَمْعُ حَقْلَةٍ وَهِيَ السَّاحَةُ الطَّيِّبَةُ الَّتِي لَا بِنَاءَ فِيهَا وَلَا شَجَرَ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَاقَلَةِ» وَفُسِّرَ بِمَا ذُكِرَ وَالْمَعْنَى فِيهِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمَبِيعِ مَسْتُورٌ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ (فَلَوْ بَاعَ شَعِيرًا فِي سُنْبُلِهِ بِحِنْطَةٍ خَالِصَةٍ وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ) جَازَ لِأَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] ش الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالْقُطْنِ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ الْجَوْزَقَ ثَمَرَةٌ كَمَا أَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْ الثَّمَرَةِ يَسْتَتْبِعُ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا (قَوْلُهُ الِاكْتِفَاءُ هُنَا بِاشْتِدَادِ سُنْبُلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الْأَنْوَارِ وَفِي الْحُبُوبِ فِي سُنْبُلِهِ [فَرْعٌ يُشْتَرَطُ لِبَيْعِ الزَّرْعِ بَعْدَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ وَبَيْعِ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ] (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحِنْطَةِ وَالسِّمْسِمِ إلَخْ) وَبِزْرِ الْكَتَّانِ فِي جَوْزِهِ (قَوْلُهُ كَالثُّومِ) وَالْقُلْقَاسِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الذُّرَةُ فِي السُّنْبُلِ) الذُّرَةُ نَوْعَانِ بَارِزُ الْحَبَّاتِ كَالشَّعِيرِ وَفِي كِمَامٍ كَالْحِنْطَةِ (قَوْلُهُ وَالْأُرْزُ فِي سُنْبُلِهِ) أَيْ قِشْرِهِ الْأَصْفَرِ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ مِنْ تِبْنِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ السَّلَمِ إلَخْ) وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّ الْمَعْجُونَاتِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا قَطْعًا وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ أَيْ الْفُولُ كَمَا مَرَّ) وَاللُّوبْيَا (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ قِشْرَهُ الْأَسْفَلَ إلَخْ) وَبِأَنَّ قِشْرَهُ لَيْسَ سَاتِرًا لِجَمِيعِهِ بَلْ يَسْتُرُهُ مِنْ الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ فَرُؤْيَةُ الْبَعْضِ دَالَّةٌ عَلَى الْبَاقِي (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ جَمْعُ كِمَامَةٍ وَكُمٍّ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُحْكَمِ أَنَّ الْكِمَامَ مُفْرَدٌ فَإِنَّهُ قَالَ كِمَامُ كُلِّ نَوْعٍ وِعَاؤُهُ وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ وَأَكَامِيمُ (قَوْلُهُ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ) بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ قَوِّ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ كَبَيْعِ الْجَارِيَةِ وَحَمْلِهَا) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَقِيسَ سَبَقَ لَهُ حَالٌ يَصِحُّ بَيْعُهُ فِيهِ فَسُومِحَ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحَمْلَ غَيْرُ مُتَحَقِّقِ الْوُجُودِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْحَمْلِ [فَصْلٌ بَاعَ الْحِنْطَةَ فِي سُنْبُلِهَا بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْحِنْطَةِ الْخَالِصَةِ] (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 الْمَبِيعَ مَرْئِيٌّ وَالْمُمَاثَلَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ (أَوْ بَاعَ زَرْعًا قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ) بِحَبٍّ (جَازَ لِأَنَّ الْحَشِيشَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ رِبَوِيًّا كَأَنْ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ كَالْحُلْبَةِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بِحَبِّهِ وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ (فَصْلٌ يَصِحُّ بَيْعُ الْعَرَايَا فِي الرَّطْبِ وَالْعِنَبِ عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا) وَلَوْ بِخَرْصِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (بِقَدْرِهِ مِنْ الْيَابِسِ فِي الْأَرْضِ كَيْلًا) هَذَا مُسْتَثْنَى مِنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَفُسِّرَ بِبَيْعِ الرَّطْبِ عَلَى الشَّجَرِ بِالتَّمْرِ وَفِيهِمَا عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا» وَقِيسَ الْعِنَبُ بِالرَّطْبِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا زَكَوِيٌّ يُمْكِنُ خَرْصُهُ وَيُدَّخَرُ يَابِسُهُ وَكَالرَّطْبِ الْبُسْرُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ كَهِيَ إلَى الرَّطْبِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَبِتَقْيِيدِهِمَا لَهُ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ عُلِمَ غَلَطُ مَنْ نَقَلَ ذَلِكَ بِلَا تَقْيِيدٍ وَأَلْحَقَ بِهِ الْحِصْرِمَ وَقَوْلُهُ فِي الْأَرْضِ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ وَإِنْ اعْتَبَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ فَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ (لَا) بَيْعُ ذَلِكَ بِقَدْرِهِ (مِنْ الرَّطْبِ) لِانْتِفَاءِ حَاجَةِ الرُّخْصَةِ إلَيْهِ وَلَا بَيْعُهُ عَلَى الْأَرْضِ بِقَدْرِهِ مِنْ الْيَابِسِ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَعَانِي بَيْعِ الْعَرَايَا أَكْلَهُ طَرِيًّا عَلَى التَّدْرِيجِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي ذَلِكَ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ كَيْلًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بِقَدْرِهِ يَابِسًا خَرْصًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِئَلَّا يَعْظُمَ الْغَرَرُ فِي الْبَيْعِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَرَايَا (فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ بِمِثْلِهِ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» شَكَّ دَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ أَحَدُ رُوَاتِهِ فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِالْأَقَلِّ (لَا إذَا بَلَغَهَا) بِتَقْدِيرِ جَفَافِهِ فِي صَفْقَةٍ وَفِي نُسْخَةٍ بَلَغَتْهَا أَيْ بَلَغَتْ الْعَرَايَا الْخَمْسَةُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ وَلَا يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِأَنَّهُ صَارَ بِالزِّيَادَةِ مُزَابَنَةٌ فَبَطَلَ فِي الْجَمِيعِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا دُونَهَا (بِشَرْطِ التَّقَابُضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي التَّمْرَ الْيَابِسَ بِالْكَيْلِ وَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّخْلِ) كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الرِّبَا (وَإِنْ عَقَدَا وَالتَّمْرُ غَائِبٌ فَأُحْضِرَ) أَوْ حَضَرَاهُ وَقُبِضَ (قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ) كَمَا لَوْ تَبَايَعَا بُرًّا بِبُرٍّ غَائِبَيْنِ وَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَذَكَرَ الْأَصْلُ مَعَ ذَلِكَ مَا لَوْ غَابَا عَنْ النَّخْلِ وَحَضَرَا عِنْدَهُ فَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الْقَبْضَ بِالتَّخْلِيَةِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْحُضُورِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ جُفِّفَ) الرَّطْبُ (وَبِأَنْ تَفَاوَتَ لَا يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْكَيْلِ بَطَلَ) الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَبِنْ تَفَاوُتٌ كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ قَدْرًا يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْكَيْلِ أَوْ تَلِفَ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَبْطُلْ (وَلَا يَصِحُّ) بَيْعُ الْعَرَايَا (فِي سَائِرِ الثِّمَارِ) أَيْ بَاقِيهَا كَجَوْزٍ وَلَوْزٍ لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقٌ مَسْتُورٌ بِالْأَوْرَاقِ فَلَا يُمْكِنُ خَرْصُهَا (وَلَهُ بَيْعُ الْكَثِيرِ) أَيْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ (فِي صَفَقَاتٍ) كُلُّ صَفْقَةٍ دُونَ خَمْسَةٍ (وَتَتَعَدَّدُ) الصَّفْقَةُ (بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي. وَكَذَا) بِتَعَدُّدِ (الْبَائِعِ) عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا نَظَرُوا هُنَا إلَى جَانِبِ الْمُشْتَرِي أَكْثَرَ حَيْثُ قَطَعُوا فِيهِ بِالتَّعَدُّدِ دُونَ جَانِبِ الْبَائِعِ عَكْسِ مَا قَالُوهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الرَّطْبَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَالتَّمْرُ تَابِعٌ وَلَوْ بَاعَ رَجُلَانِ لِرَجُلَيْنِ صَفْقَةً جَازَ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ لَا فِيمَا فَوْقَهُ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِدُونِ عَشْرَةٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ سَبْقُ قَلَمٍ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ هُنَا فِي حُكْمِ أَرْبَعَةِ عُقُودٍ كَمَا مَرَّ (وَلَا يَخْتَصُّ) بَيْعُ (الْعَرَايَا بِالْفُقَرَاءِ) بَلْ يَجْرِي فِي الْأَغْنِيَاءِ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ فِيهِ وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ فَضْلُ قُوتِهِمْ مِنْ التَّمْرِ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ» أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهَذَا حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَمَا فِي الرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ قَوْمًا بِصِفَةٍ سَأَلُوا فَرَخَّصَ لَهُمْ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ فَقْرَهُمْ أَوْ سُؤَالَهُمْ وَالرُّخْصَةُ عَامَّةٌ فَلَمَّا أُطْلِقَتْ فِي أَخْبَارٍ أُخَرَ تَبَيَّنَ أَنَّ سَبَبَهَا السُّؤَالُ كَمَا لَوْ سَأَلَ غَيْرُهُمْ وَأَنَّ مَا بِهِمْ مِنْ الْفَقْرِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ إذْ لَيْسَ فِي لَفْظِ الشَّارِعِ مَا يَدُلُّ لِاعْتِبَارِهِ وَالْعَرَايَا جَمْعُ عَرِيَّةٍ وَهِيَ لُغَةً النَّخْلَةُ وَوَزْنُهَا فَعِيلَةٌ قَالَ الْجُمْهُورُ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ لِأَنَّهَا عَرِيَتْ بِإِعْرَاءِ مَالِكِهَا أَيْ إفْرَادِهِ لَهَا مِنْ بَاقِي النَّخِيلِ فَهِيَ عَارِيَّةٌ وَقَالَ آخَرُونَ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ عَنْ عَرَاءٍ يَعْرُوهُ إذَا أَتَاهُ لِأَنَّ مَالِكَهَا يَعْرُوهَا أَيْ يَأْتِيهَا فَهِيَ مَعْرُوَّةٌ وَأَصْلُهَا عَرَيْوَةٌ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فَتَسْمِيَةُ الْعَقْدِ بِذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَجَازٌ عَنْ أَصْلِ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ بَيْعُ الْعَرَايَا] قَوْلُهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْعَرَايَا فِي الرَّطْبِ وَالْعِنَبِ) إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِمَا زَكَاةٌ وَالْعَرَايَا شَرْعًا بَيْعُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِالرَّطْبِ وَالْعِنَبِ عَلَى رَأْسِ النَّخِيلِ وَالْكُرُومِ تَخْمِينًا (قَوْلُهُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي خَثْمَةَ إلَخْ) بِفَتْحِ الْخَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالثَّمَرُ الْأَوَّلُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالثَّانِي بِالْمُثَنَّاةِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ وَإِنْ اعْتَبَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ إلَخْ) قَدْ صَرَّحَ بِاعْتِبَارِهِ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إذْ بَيْعُ الْعَرَايَا رُخْصَةٌ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا (قَوْلُهُ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي النَّقْصِ عَنْهَا مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ حَتَّى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَكْفِي نَقْصُ رُبُعِ مُدٍّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ عَلَى تَفَاوُتِ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ فَإِنَّ رُبُعَ الْمُدِّ يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ غَالِبًا لَا سِيَّمَا فِي الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ فس ر وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَكْفِي أَيُّ قَدْرٍ كَانَ (قَوْلُهُ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِدُونِ عَشَرَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ فَيَكُونُ لِلِاثْنَيْنِ دُونَ الْعِشْرِينَ (نَاجٍ) وَكَتَبَ أَيْضًا إنَّمَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ بِالْعَشَرَةِ لِأَنَّهُمَا فَرَّعَاهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الصَّفْقَةَ هُنَا لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 (فَصْلٌ عَلَى مَنْ بَاعَ ثَمَرَ شَجَرٍ) يَعْتَادُ سَقْيَهُ (بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) بِغَيْرِ شَرْطِ قَطْعِ (السَّقْيِ إلَى) أَوَانِ (الْجُذَاذِ) بِقَدْرِ مَا يَنْمُو بِهِ وَيَسْلَمُ مِنْ الْفَسَادِ لِأَنَّ السَّقْيَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ وَتَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِقَدْرِ مَا يَنْمُو بِهِ وَيَسْلَمُ مِنْ الْفَسَادِ أَضْبَطُ مِنْ تَعْبِيرِهِ هُوَ بِإِلَى الْجُذَاذِ (فَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْعَقْدُ) لِأَنَّهُ خِلَافُ قَضِيَّتِهِ أَمَّا إذَا بَاعَهُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا سَقْيَ عَلَى الْبَائِعِ لِانْقِطَاعِ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُمَا بِاشْتِرَاطِ الْقَطْعِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَا سَقْيَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ مَا يَدُلُّ لَهُ (وَيَتَسَلَّطُ الْمُشْتَرِي عَلَى) التَّصَرُّفِ فِي (الثَّمَرَةِ بِتَخْلِيَةِ الْبَائِعِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِهَا وَتَقَدَّمَ فِي الْقَبْضِ عَنْ الْأَصْلِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ بَعْدَ أَوَانِ الْجُذَاذِ لَمْ يَحْصُلْ قَبْضُهَا إلَّا بِالنَّقْلِ فَلَا يَتَسَلَّطُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ (وَإِذَا) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ فَإِنْ (تَلِفَتْ) كُلُّهَا (بِجَائِحَةٍ) كَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَحَرِيقٍ (قَبْلَ التَّخْلِيَةِ فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ أَوْ بَعْضُهَا انْفَسَخَ فِيهِ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي كَمَا مَرَّ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا (أَوْ) تَلِفَتْ بِذَلِكَ (بَعْدَهَا فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ قَطْعَهُ لِقَبْضِهِ بِالتَّخْلِيَةِ وَالْأَمْرُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى مَا قَبْلَ التَّخْلِيَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (تَلِفَتْ مِنْ الْعَطَشِ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ لِاسْتِنَادِ التَّلَفِ إلَى تَرْكِ السَّقْيِ الْمُسْتَحَقِّ كَمَا فِي قَتْلِ الْعَبْدِ بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ (وَإِنْ تَعَيَّبَتْ بِهِ) أَيْ بِالْعَطَشِ (فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) وَإِنْ قُلْنَا الْجَائِحَةُ مِنْ ضَمَانِهِ لِاسْتِنَادِ التَّعَيُّبِ إلَى تَرْكِ السَّقْيِ الْمُسْتَحَقِّ فَالتَّعَيُّبُ بِتَرْكِهِ كَالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ بِأَنْ غَارَتْ الْعَيْنُ وَانْقَطَعَ النَّهْرُ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْجُوَيْنِيِّ فِي السِّلْسِلَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَ مَاءٍ آخَرَ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (آلَ) التَّعَيُّبُ (إلَى التَّلَفِ وَهُوَ) أَيْ وَالْمُشْتَرِي (عَالِمٌ) بِهِ (وَلَمْ يَفْسَخْ فَهَلْ يَغْرَمُ لَهُ الْبَائِعُ) الْبَدَلَ لِعُدْوَانِهِ (أَمْ لَا) لِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي بِتَرْكِ الْفَسْخِ مَعَ الْقُدْرَةِ (وَجْهَانِ) لَا تَرْجِيحَ فِيهِمَا وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ هُنَا إمَّا الْيَدُ وَقَدْ زَالَتْ أَوْ الْجِنَايَةُ وَتَرْكُ السَّقْيِ لَيْسَ بِجِنَايَةٍ مُضَمَّنَةٍ كَمَا لَوْ أَخَذَ مَاءَ غَيْرِهِ بِمَفَازَةٍ فَمَاتَ عَطَشًا لَمْ يَضْمَنْهُ فَإِنْ فَرَّقَ بِأَنَّ السَّقْيَ مُلْتَزِمٌ بِحُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ وَتَرْكُهُ يُؤَدِّي إلَى تَلَفِ الثَّمَرَةِ غَالِبًا بِدَلِيلِ ضَمَانِهَا فِيمَا مَرَّ ضَمَانَ عَقْدٍ قُلْنَا عَارِضَةُ تَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي مَا ذَكَرَ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا انْفَسَخَ الْعَقْدُ (وَإِنْ قَبَضَ جُزَافًا مَا اشْتَرَاهُ مُكَايَلَةً فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَفِي انْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْكَيْلِ بَيْنَهُمَا فَلَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ وَالثَّانِي لَا لِوُجُودِ الْقَبْضِ الْمُفْسِدِ لِنَقْلِ الضَّمَانِ وَتَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقَبْضِ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ صَحَّحَ الثَّانِيَ وَأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ (فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرِ فَتَلِفَتْ الثَّمَرَةُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (فِيهَا لَا فِي الشَّجَرِ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ [فَرْعٌ اشْتَرَى ثَمَرَةً يَغْلِبُ فِيهَا الِاخْتِلَاطُ] (فَرْعٌ) لَوْ (اشْتَرَى ثَمَرَةً يَغْلِبُ فِيهَا الِاخْتِلَاطُ) أَيْ اخْتِلَاطُ حَادِثُهَا بِالْوُجُودِ النَّاشِئِ ذَلِكَ مِنْ غَلَبَةِ تَلَاحُقِهَا كَتِينٍ وَقِثَّاءَ وَخِيفَ الِاخْتِلَاطُ (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهَا لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ (إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) أَيْ قَطْعِ الثَّمَرَةِ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ بِأَنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ اللَّاحِقِ وَالسَّابِقِ صَحَّ الْبَيْعُ فِيمَا بَدَا صَلَاحُهُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ (فَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ قَطْعَهَا (فَلَمْ تُقْطَعْ أَوْ كَانَتْ مِمَّا يَنْدُرُ اخْتِلَاطُهَا) أَوْ مِمَّا يَتَسَاوَى فِيهَا الْأَمْرَانِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَهَا (وَاخْتَلَطَتْ) فِي الْأَرْبَعِ (بِالْحَادِثَةِ وَلَوْ بَعْدَ) الْأُولَى قَبْلَ (التَّخْلِيَةِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَإِمْكَانِ التَّسْلِيمِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ بَاعَ ثَمَرَ شَجَرٍ يَعْتَادُ سَقْيَهُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ] قَوْلُهُ عَلَى مَنْ بَاعَ ثَمَرَ شَجَرٍ) أَوْ زَرْعًا (قَوْلُهُ السَّقْيُ إلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ) هُوَ الْمُرَجَّحُ وَقِيلَ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ زَمَنًا لَا يُنْسَبُ الْمُشْتَرِي إلَى تَوَانٍ بِتَرْكِهِ الثَّمَرَ عَلَى الشَّجَرِ وَقِيلَ إلَى نَفْسِ الْجُذَاذِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَا يَنْمُو بِهِ وَيَسْلَمُ مِنْ الْفَسَادِ) قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَسْقِيَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ عَدَدًا مَعْلُومًا بَطَلَ الْبَيْعُ لِأَنَّ السَّقْيَ يَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا بَاعَهُ) قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَوْ بَعْدَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ فَلَا سَقْيَ عَلَى الْبَائِعِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ كَثُرَ الثَّمَرُ وَكَانَ لَا يَتَأَتَّى قَطْعُهُ إلَّا فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ يَحْتَاجُ فِيهِ لِلسَّقْيِ فَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ لِلْعَادَةِ ر (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِهَا) لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مَتْرُوكَةً إلَى مُدَّةٍ جَعَلْنَا قَبْضَهَا قَبْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ بِالتَّخْلِيَةِ لِشَبَهِهَا فِيهَا بِالْعَقَارِ وَكَتَبَ أَيْضًا حَيْثُ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ السَّقْيُ وَقُلْنَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ بِالتَّخْلِيَةِ فَالْيَدُ لَهُمَا عِ (قَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْقَبْضِ عَنْ الْأَصْلِ إلَخْ) قَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي قَبْضِ الْعَقَارِ (قَوْلُهُ فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) وَقِيلَ أَنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لِأَنَّهَا لَمَّا شَرَطَ فِيهَا الْقَطْعَ صَارَ قَبْضُهَا بِتَلَفِهَا اهـ (قَوْلُهُ لِقَبْضِهِ بِالتَّخْلِيَةِ) لِأَنَّ التَّخْلِيَةَ كَافِيَةٌ فِي قَرَارِ التَّصَرُّفِ فَكَانَتْ كَافِيَةً فِي نَقْلِ الضَّمَانِ كَالْعَقَارِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ ضَمَانِهَا) فِيمَا مَرَّ ضَمَانَ عَقْدٍ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى شَجَرَةً وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ لِلْبَائِعِ يَغْلِبُ تَلَاحُقُهَا (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا لِوُجُودِ الْقَبْضِ الْمُفِيدِ لِنَقْلِ الضَّمَانِ) إنَّمَا سَكَتَا عَنْ تَرْجِيحِهِ لِأَنَّهُمَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي بَابِ الرِّبَا وَقَدْ أَوْضَحْته ثَمَّ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَالرَّاجِحُ الِانْفِسَاخُ [فَرْعٌ بَاعَ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرِ فَتَلِفَتْ الثَّمَرَةُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ] (قَوْلُهُ اشْتَرَى ثَمَرَةً يَغْلِبُ فِيهَا الِاخْتِلَاطُ) فِي مَعْنَى الثَّمَرَةِ الزَّرْعُ فَإِنْ أَرَادَ شِرَاءَ الْحَشِيشِ رَطْبًا لِتَأْكُلَهُ الْمَوَاشِي فَطَرِيقُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ثُمَّ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ حَتَّى تَكُونَ الْعُرُوقُ مَمْلُوكَةً لَهُ فَمَا يَحْدُثُ مِنْ الزِّيَادَةِ يَكُونُ مِلْكًا لَهُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِ الْمُشْتَرِي ثَمَرَتَهُ وَفَائِدَةُ ذِكْرُهُ لِلْمُشْتَرِي التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ الْقَطْعِ عَلَيْهِ كَمُؤْنَةِ النَّقْلِ فَلَوْ شُرِطَتْ عَلَى الْبَائِعِ بَطَلَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ حُصُولِ الْقَبْضِ بِالتَّخْلِيَةِ وَيَضْمَنُ بِهَا الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 بِمَا يَأْتِي (بَلْ يَثْبُتُ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (الْخِيَارُ) إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ الْإِبَاقِ هَذَا (إنْ لَمْ يَسْمَحْ) لَهُ (الْبَائِعُ بِالْحَادِثَةِ) فَإِنْ سَمَحَ لَهُ بِهَا هِبَةً أَوْ إعْرَاضًا فَلَا خِيَارَ لَهُ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيَمْلِكُهَا بِالْإِعْرَاضِ عَنْ السَّنَابِلِ وَإِنَّمَا لَمْ يَمْلِكْ النَّعْلَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا لِأَنَّ عَوْدَهَا إلَى الْبَائِعِ مُتَوَقَّعٌ وَلَا سَبِيلَ هُنَا إلَى تَمَيُّزِ حَقِّ الْبَائِعِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْأَصْلِ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ. ثُمَّ إنْ سَمَحَ لَهُ الْبَائِعُ سَقَطَ خِيَارُهُ جَوَازُ مُبَادَرَةِ الْمُشْتَرِي لِلْفَسْخِ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ الْبَائِعُ وَيَسْمَحَ وَيَسْقُطُ خِيَارُهُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُبَادَرَةُ لِذَلِكَ بَعْدَ مُشَاوَرَةِ الْبَائِعِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ يَحْتَمِلُ الْأَوَّلَ وَيَحْتَمِلُ الثَّانِيَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إنْ سَأَلَ الْبَائِعَ لِيَسْمَحَ لَهُ فَلَمْ يَسْمَحْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَعْنَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ وَيَكُونُ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي يَفْسَخُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْهُمَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّهُ لِقَطْعِ النِّزَاعِ لَا لِلْعَيْبِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُوهِمُ خِلَافَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِهِ لِقَطْعِ النِّزَاعِ أَنَّهُ لَيْسَ فَوْرِيًّا كَالْفَسْخِ بَعْدَ التَّحَالُفِ انْتَهَى وَرَدَّ بِأَنَّ مَا نَقَلَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ فِي بَابِ التَّحَالُفِ هُوَ الَّذِي يَفْسَخُ أَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ فَلَا يَفْسَخُ إلَّا الْمُشْتَرِي كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنْ لَا يَنْحَصِرَ الْفَسْخُ هَهُنَا فِي الْمُشْتَرِي كَنَظِيرِهِ ثَمَّ وَمَالَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَتَقَدَّمَ لَهُ نَظِيرُهُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى حُلِيَّ ذَهَبٍ بِوَزْنِهِ ذَهَبًا فَبَانَ مَعِيبًا وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ عَيْبًا بَلْ هُوَ عَيْبٌ لِصِدْقِ تَعْرِيفِهِ عَلَيْهِ وَلَا دَخْلَ لِلْحَاكِمِ فِي الرَّدِّ بِهِ بِخِلَافِهِ فِي بَابِ التَّحَالُفِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَهُ وَعَلَى هَذَا فَالْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ أَمَّا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي. وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ دُونَ أَصْلِهِ (فَإِنْ تَرَاضَيَا) بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ وَلَوْ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ لَا كَمَا قَيَّدَهُ الْأَصْلُ بِمَا بَعْدَهَا (عَلَى قَدْرٍ مِنْ الثَّمَرِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ) بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ حَقِّ الْآخَرِ (وَهَلْ الْيَدُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ كِلَيْهِمَا فِيهِ أَوْجُهٌ) ثَلَاثَةٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ الثَّانِي لِبِنَائِهِ لَهُ مَعَ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ الْجَوَائِحَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَعَلَى الثَّالِثِ يُقْسَمُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْلِيفُ صَاحِبِهِ كَمَا يُعْرَفُ مِنْ بَابِ الدَّعَاوَى (وَيَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ فِي) بَيْعِ (الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ) وَمُتَمَاثِلِ الْأَجْزَاءِ حَيْثُ (يَخْتَلِطُ بِحِنْطَةِ الْبَائِعِ) فَلَا انْفِسَاخَ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ الْبَائِعُ وَوَقَعَ الِاخْتِلَاطُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ لَهُ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ (لَكِنَّ الْيَدَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ (لِلْمُشْتَرِي) لِوُجُودِ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ لُغَةً وَشَرْعًا وَقِيلَ لِلْبَائِعِ اعْتِبَارًا بِكَوْنِ يَدِهِ كَانَتْ ثَابِتَةً قَبْلُ (إلَّا) وَفِي نُسْخَةٍ لَا (إنْ أَوْدَعَهَا) أَيْ الْمُشْتَرِي الْحِنْطَةَ (الْبَائِعَ) بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ اخْتَلَطَتْ (فَالْيَدُ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ اخْتَلَطَ نَحْوُ الثِّيَابِ) مِنْ الْمُتَقَوِّمَاتِ (بِمِثْلِهَا) بَعْدَ الْعَقْدِ (انْفَسَخَ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الِاشْتِبَاهَ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ لَوْ فُرِضَ ابْتِدَاءً وَفِي نَحْوِ الْحِنْطَةِ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ الْإِشَاعَةُ وَهِيَ غَيْرُ مَانِعَةٍ (وَلَوْ اشْتَرَى جَرَّةً مِنْ الرَّطْبَةِ) بِشَرْطِ الْقَطْعِ (فَطَالَتْ) وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ (فَكَاخْتِلَاطِ الثَّمَرِ) فِيمَا ذُكِرَ (فَرْعٌ فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (اشْتَرَى الشَّجَرَةَ وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ لِلْبَائِعِ) يَغْلِبُ تَلَاحُقُهَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِ الْبَائِعِ ثَمَرَتَهُ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ فَإِنْ شَرَطَ فَلَمْ يَقْطَعْ أَوْ كَانَتْ مِمَّا يَنْدُرُ تَلَاحُقُهَا (وَجَرَى الِاخْتِلَاطُ كَمَا سَبَقَ) فِي ثِمَارِ الْمُشْتَرِي (لَمْ يَنْفَسِخْ بَلْ مَنْ سَمَحَ بِحَقِّهِ) لِصَاحِبِهِ (أُجْبِرَ صَاحِبُهُ) عَلَى الْقَبُولِ (وَإِنْ تَشَاحَّا فُسِخَ) الْعَقْدُ (بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ) قَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَفْظُ الْعَبْدِ يَتَنَاوَلُ الْأَمَةَ قَالَ الْإِمَامُ وَتَصَرُّفَاتُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا لَا يَنْفُذُ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ كَالْوِلَايَاتِ وَالشَّهَادَاتِ وَمَا يَنْفُذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَالْعِبَادَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ كَمَا قَالَ (لَيْسَ لِلْعَبْدِ) الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا (أَنْ يَتَّجِرَ أَوْ يَتَصَرَّفَ) بِبَيْعٍ أَوْ إيجَارٍ أَوْ نَحْوَهُ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِنَقْصٍ كَالسَّفِيهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَلَا لِمَوْلَاهُ بِعِوَضٍ   [حاشية الرملي الكبير] فَإِنْ قِيلَ قَدْ ذَكَرْتُمْ فِي الْغَصْبِ أَنَّ الْخَلْطَ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ يَكُونُ هَلَاكًا فَهَلَّا كَانَ هَلَاكًا فِي الْمَبِيعِ حَتَّى يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا تَعَدَّى بِالْغَصْبِ غَلَظَ عَلَيْهِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ لِأَنَّ الثُّبُوتَ فِي الذِّمَّةِ آكَدُ لِحَقِّ الْمَالِكِ الثَّانِي أَنَّ فِي إبْطَالِ الْبَيْعِ إضْرَارًا بِالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي جَمِيعًا وَإِبْطَالُ الْعُقُودِ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ هَهُنَا (قَوْلُهُ بَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُعَلِّقِينَ عَلَى الرَّوْضَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ اللَّفْظِ الْخَامِسِ أَنَّهُ إذَا بَاعَ شَجَرَةً وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ أَنَّ الثَّمَرَةَ تَبْقَى لِلْبَائِعِ وَأَنَّ مَا يَحْدُثُ مِنْ الطَّلْعِ يَتْبَعُ الْمُؤَبَّرَ لِيَكُونَ لِلْبَائِعِ فَكَيْفَ هَذِهِ الصُّورَةُ فَأَجَابَ وَالِدِي بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ الْمُؤَبَّرُ مِنْهُ وَمَا لَمْ يَطْلُعْ بَعْدُ حَمْلًا وَاحِدًا وَهُنَا شَرَطَ الشَّيْخُ أَنَّ الشَّجَرَةَ تَحْمِلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ كُلُّ حَمْلٍ مُسْتَقِلًّا فَلَا سَبِيلَ إلَى أَنْ يَتْبَعَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَمْلِكْ النَّعْلَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا إلَخْ) صُورَةُ النَّعْلِ أَنْ يَشْرِطَا عَدَمَ دُخُولِهَا فِي الْبَيْعِ أَوْ يَحْدُثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْبَائِعِ الْمُشْتَرِي إذًا بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْأَصْلِ) وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاج وَالْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ جَوَازُ مُبَادَرَةِ الْمُشْتَرِي لِلْفَسْخِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فَرَّعَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحُّ [فَرْعٌ اشْتَرَى الشَّجَرَةَ وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ لِلْبَائِعِ يَغْلِبُ تَلَاحُقُهَا] (قَوْلُهُ يَغْلِبُ تَلَاحُقُهَا) وَهِيَ مِمَّا يُثْمِرُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ [بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ] (بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبْدِ) (قَوْلُهُ بِبَيْعٍ أَوْ تَصَرُّفٍ أَوْ إيجَارٍ أَوْ نَحْوِهِ) لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُ الْعَبْدِ فِي الشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ نَعَمْ لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ مَالًا آخَرُ صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَلَا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ حُصُولِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ لِغَيْرِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْآخَرُ (إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى) فَلَهُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ وَارْتِفَاعِ الْمَانِعِ مِنْ تَصَرُّفِهِ بِالْإِذْنِ (لَا بِسُكُوتِهِ) عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي نِكَاحِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ قَدْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَ الْمَأْذُونُ مَعَ مَالِهِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ إذْنٍ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَظْهَرِ فِي النِّهَايَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِ مَحْجُورِهِ فِي التِّجَارَةِ إذَا كَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ دَخَلَ) فِيهِ (لَوَازِمُهَا كَالْمُخَاصَمَةِ) فِي الْعُهْدَةِ (وَالنَّشْرِ وَالطَّيِّ) لِلثِّيَابِ وَحَمْلِ الْمَتَاعِ إلَى الْحَانُوتِ (وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَيُؤَجِّرُ مَالَ التِّجَارَةِ) كَعَبِيدِهَا وَثِيَابِهَا وَدَوَابِّهَا لِعَادَةِ التُّجَّارِ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مِنْ فَوَائِدِ الْمِلْكِ فَيَمْلِكُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا كَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ (لَا نَفْسَهُ) لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُ إجْبَارَهَا كَمَا لَا يَتَنَاوَلُ بَيْعَهَا (وَلَا يَتَزَوَّجُ) لِذَلِكَ وَفِي تَنَاوُلِهِ الِافْتِرَاضَ تَرَدُّدٌ لِلْقَاضِي (وَلَا يُوَكِّلُ) أَجْنَبِيًّا كَالْوَكِيلِ لَا يُوَكِّلُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي نَوْعٍ أَوْ زَمَنٍ أَوْ بَلَدٍ لَمْ يُجَاوِزْهُ) كَالْوَكِيلِ فَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى شَيْءٍ تَصَرَّفَ فِي كُلِّ الْأَنْوَاعِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبُلْدَانِ (فَإِنْ قَالَ) لَهُ (اتَّجِرْ فِي هَذَا الْأَلْفِ لَمْ يَشْتَرِ فِي ذِمَّتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ) قَالَ (اجْعَلْهُ رَأْسَ مَالِ تِجَارَةٍ) أَوْ رَأْسَ مَالِكِ وَاتَّجِرْ (اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ مَا) يَعْنِي بِمَا (شَاءَ) وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِعَيْنِ الْأَلْفِ وَفِي الذِّمَّةِ (وَلَوْ أَذِنَ الْمَأْذُونُ لِعَبْدِهِ) الَّذِي اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ (فِي تَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ) كَشِرَاءِ ثَوْبٍ (جَازَ) لِأَنَّهُ يَصْدُرُ عَنْ رَأْيِهِ وَلِأَنَّهُ لَا غِنَى بِهِ عَنْ ذَلِكَ وَفِي مَنْعِهِ مِنْهُ تَضْيِيقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ مَنْعُهُ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِ غَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ فَلِهَذَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ وَإِضَافَةِ عَبْدِ التِّجَارَةِ إلَى الْمَأْذُونِ لِتَصَرُّفِهِ فِيهِ (لَا فِي التِّجَارَةِ) فَلَا يَجُوزُ (إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ) وَيَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ السَّيِّدِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَزِعْهُ مِنْ يَدِ الْأَوَّلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَهُوَ وَاضِحٌ (وَلَا يَتَبَرَّعُ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَا يَتَصَدَّقُ (وَلَا يَتَّخِذُ دَعْوَةً) بِتَثْلِيثِ الدَّالِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَفَتْحُهَا أَشْهَرُ وَهِيَ الطَّعَامُ الْمَدْعُوُّ إلَيْهِ (وَلَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ) مَالِ (التِّجَارَةِ) لِأَنَّهُ مِلْكُ السَّيِّدِ فَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَعَلَيْهِ الْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ فِي غَيْبَةِ سَيِّدِهِ فِي الْأَخِيرَةِ لَكِنْ قَيَّدَهَا ابْنُ الرِّفْعَةِ بِحَالَةِ اجْتِمَاعِ سَيِّدِهِ مَعَهُ أَمَّا فِي غَيْبَتِهِ عَنْهُ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِهِ (وَلَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ) وَلَا مَأْذُونًا لَهُ آخَرَ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لِسَيِّدِهِ وَيَدُ رَقِيقِ السَّيِّدِ كَيَدِ السَّيِّدِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِمَا مَرَّ فِيهِ (وَلَا يَتَّجِرُ فِي أَكْسَابِهِ)   [حاشية الرملي الكبير] وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ أَوْ حِيلَ بَيْنَهُمَا بِحَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالْقِيَاسُ صِحَّةُ شِرَائِهِ مَا تَمَسُّ حَاجَتُهُ إلَيْهِ كَمَا فِي السَّفِيهِ وَأَوْلَى وَفِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ شَيْءٌ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ فِي شُغْلٍ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ فَلَهُ فِيمَا يَظْهَرُ شِرَاءُ قُوتِهِ وَمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ اهـ قَالَ الدَّارِمِيُّ لَوْ اشْتَرَى غَيْرُ الْمَأْذُونِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ هَلْ لَهُ أَوْ لِسَيِّدِهِ وَجْهَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِسَيِّدِهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ امْتَنَعَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) قَالَ الْإِمَامُ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى شِرَاءٍ وَضَمَانٍ لَمْ يَصِحَّ بِالِاتِّفَاقِ إذْ لَا حُكْمَ لَهُ عَلَى ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ لَتَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ التَّعَلُّقُ بِالْكَسْبِ دُونَ التَّعَلُّقِ بِالذِّمَّةِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ) بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَهُوَ فِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ وَفِي غَيْرِهَا كَالْقِنِّ فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ فِيهَا وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَصِحُّ عَنْ قَصْدِهِ نَفْسَهُ أَوْ يَصِحُّ وَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ يَجْرِي خِلَافٌ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَلَهُ كَوْنُهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي التَّنْبِيهِ بِاشْتِرَاطِ الرُّشْدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَمِنْهُمْ النَّوَوِيُّ حَيْثُ قَالَ وَشَرَطَ فِيهِ إطْلَاقَ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ لَا بِسُكُوتِهِ عَلَى ذَلِكَ) لِأَنَّ مَا الْإِذْنُ فِيهِ شَرْطٌ لَا يَكُونُ السُّكُوتُ فِيهِ إذْنًا (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ سَيِّدَهُ لَوْ بَاعَهُ لَمْ يَصِرْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْمَوْلَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ أَنَّهُ يُعَيَّنُ لَهُ مَا يَتَحَرَّ فِيهِ (قَوْلُهُ كَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْعُهْدَةِ) الْعُهْدَةُ هِيَ الْمُطَالَبَةُ النَّاشِئَةُ عَنْ الْمُعَامَلَةِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَقْيِيدِ الْمُخَاصَمَةِ بِكَوْنِهَا فِي الْعُهْدَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَاصِمُ الْغَاصِبَ وَالسَّارِقَ وَنَحْوَهُمَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا وَقَعَ فِي الْمَطْلَبِ هُنَا يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ ح. (قَوْلُهُ لَا نَفْسَهُ) يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ إجَارَةِ نَفْسِهِ مَا إذَا تَعَلَّقَ حَقٌّ ثَالِثٌ بِكَسْبِهِ بِسَبَبِ نِكَاح بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ ضَمَانِهِ بِإِذْنِهِ فَإِنَّ لِلْمَأْذُونِ وَغَيْرِهِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ لِلْقَاضِي) الرَّاجِحُ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي نَوْعٍ إلَخْ) احْتَرَزَ مِنْ الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالْحُلُولِ فَإِنَّ الْحَالَ قَدْ يَقْتَضِي إبْدَالَ ذَلِكَ بِالْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي الْوَكِيلِ قَالَهُ ابْنُ الْخَيَّاطِ قَالَ وَكَانَ شَيْخِي رَضِيُّ الدِّينِ يَقُولُ وَالنَّوْعُ وَالْمُدَّةُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ اتَّجِرْ فِي هَذَا الْأَلْفِ) أَوْ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَذِنَ الْمَأْذُونُ لِعَبْدِهِ فِي تَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ جَازَ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ عَبْدَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ خَصَّهُ الْغَزَالِيُّ بِعَبْدِهِ وَأَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ قَالَ فِي الْوَسِيطِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي آحَادِ التَّصَرُّفَاتِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْوَجْهَانِ فِيمَا لَا يَعْجِزُ عَنْهُ أَمَّا الْمَحْجُوزُ عَنْهُ فَيَجُوزُ قَطْعًا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَبَرَّعُ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَا السَّيِّدِ بِهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ أَمَّا فِي غَيْبَتِهِ عَنْهُ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 بِنَحْوِ احْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ وَقَبُولِ هِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِالتِّجَارَةِ وَلَا سَلَّمَهُ لَهُ السَّيِّدُ لِيَكُونَ رَأْسَ مَالٍ وَقِيلَ يَتَّجِرُ فِيهَا لِأَنَّهَا مِنْ الْأَكْسَابِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ (وَلَا يَنْعَزِلُ بِالْإِبَاقِ) لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَلَا يُوجِبُ الْحَجْرَ فَلَهُ التَّصَرُّفُ حَتَّى بِمَحَلِّ الْإِبَاقِ إلَّا إذَا خَصَّ الْإِذْنَ بِغَيْرِهِ (وَلَوْ أَذِنَ لِأَمَتِهِ فِي التِّجَارَةِ فَاسْتَوْلَدَهَا لَمْ تَنْعَزِلْ) لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ مَنَافِعَهَا (وَإِقْرَارُهُ بِدَيْنِ التِّجَارَةِ مَقْبُولٌ) كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِقْرَارِ (حَتَّى) يُقْبَلَ إقْرَارُهُ (لِبَعْضِهِ) مِنْ وَالِدِ وَلَدٍ كَإِقْرَارِ الْمَرِيضِ لَهُمَا (وَلَا يَبِيعُ بِنَسِيئَةٍ وَ) لَا (غَبْنٍ) أَيْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ (وَلَا يُسَافِرُ) بِمَالِ التِّجَارَةِ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ كَالْوَكِيلِ فِي الثَّلَاثَةِ أَمَّا شِرَاؤُهُ بِالنَّسِيئَةِ فَجَائِزٌ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالْعَرَضِ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ حَيْثُ قَالَ وَيُفَارِقُ الْمَأْذُونُ الْعَامِلَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَحَدِهَا أَنَّ الْخُسْرَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ وَفِي الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالثَّانِي الرُّجُوعِ بِالْعَهْدِ عَلَى الْمَأْذُونِ وَفِي الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالثَّالِثِ أَنَّ الْمَأْذُونَ إذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ الشِّرَاءُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْعَامِلُ إذَا اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَوْلُهُ الْخُسْرَانُ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ السَّيِّدَ وَالْعَبْدَ لَا يَثْبُتُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْءٌ (وَلَا يَعْزِلُ نَفْسَهُ) لِأَنَّ التَّصَرُّفَ حَقٌّ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى إبْطَالِهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ إذْ الْحَقُّ فِيهِ لَهُ وَبِخِلَافِ الْوَكِيلِ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ طَاعَةُ مُوَكِّلِهِ وَالرَّقِيقُ عَلَيْهِ طَاعَةُ سَيِّدِهِ (وَمَنْ لَهُ سَيِّدَانِ اُشْتُرِطَ إذْنُهُمَا) كَمَا فِي النِّكَاحِ فَيَكُونُ مَأْذُونًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَوَكِيلًا لَهُ بِإِذْنِ الْآخَرِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فَأَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي نَوْبَتِهِ قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى أَنَّ الْأَكْسَابَ النَّادِرَةَ هَلْ تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ وَفِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَصَحُّهُمَا نَعَمْ فَيَكْفِي إذْنُهُ فِي أَنْ يَتَّجِرَ قَدْرَ نَوْبَتِهِ (فَرْعٌ إذَا لَمْ نَعْرِفْ رِقَّ رَجُلٍ فَلَنَا مُعَامَلَتُهُ) إذْ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ (لَا إنْ عَلِمْنَاهُ) أَيْ رِقَّهُ وَنُعَامِلُهُ حِفْظًا لِمَالِنَا (حَتَّى نَعْلَمَ الْإِذْنَ) لَهُ (بِالْبَيِّنَةِ أَوْ سَمَاعِ السَّيِّدِ) أَيْ أَوْ بِسَمَاعِنَا مِنْهُ الْإِذْنَ لَهُ (وَكَذَا بِالْإِشَاعَةِ) لَهُ بَيْنَ النَّاسِ (لَا بِقَوْلِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ وَإِنْ ظَنَنَّا صِدْقَهُ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ وِلَايَةً وَكَمَا لَوْ زَعَمَ الرَّاهِنُ إذْنَ الْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى الْوَكَالَةِ بَلْ تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ يَدٍ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي خَبَرُ عَدْلٍ وَاحِدٍ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِي لِحُصُولِ الظَّنِّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلْحَاقًا لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَكَمَا أَنَّ سَمَاعَهُ مِنْ السَّيِّدِ وَالشُّيُوعِ وَقَوْلُ الْوَكِيلِ كَذَلِكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ بِالنِّسَاءِ وَبِالْمَرْأَةِ وَبِالْعَبْدِ وَلَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمَطْلَبِ خِلَافُهُ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ بَلْ اسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِخَبَرِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ بَلْ خَبَرُ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ عَبْدٍ وَامْرَأَةٍ بَلْ يَظْهَرُ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ شُيُوعٍ لَا يَعْرِفُ أَصْلَهُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ مَا تُقَامُ بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ أَوْ إخْبَارِ عَدْلَيْنِ لَهُ الظَّاهِرُ الثَّانِي. (فَإِذَا عَامَلَ رَقِيقًا) وَجَهِلَ الْإِذْنَ لَهُ (أَوْ مَنْ أَنْكَرَ) هُوَ (وَكَالَتَهُ فَبَانَ مَأْذُونًا) لَهُ فِي الْأُولَى (أَوْ وَكِيلًا) فِي الثَّانِيَةِ (صَحَّ) كَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ عَامَلَ مَنْ عُرِفَ سَفَهُهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ انْفَكَّ حَجْرُهُ (وَلَا تَصِحُّ مُعَامَلَتُهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَهُ (وَلَا) مُعَامَلَةُ (الْوَكِيلِ إنْ قَالَ حَجَرَ عَلَيَّ) أَيْ حَجَرَ عَلَيَّ سَيِّدِي أَوْ مُوَكِّلِي (وَلَوْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ وَالْمُوَكِّلُ) فِي ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَمْ أَحْجُرْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ بِزَعْمِ الْعَاقِدِ فَلَا يُعَامَلُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ وَتَكْذِيبُ السَّيِّدِ أَوْ الْمُوَكِّلِ لَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً لَا أَمْنَعُك مِنْ التَّصَرُّفِ لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَ الْمَنْعِ أَعَمُّ مِنْ الْإِذْنِ نَعَمْ لَوْ قَالَ كُنْت أَذِنْت لَهُ وَأَنَا بَاقٍ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنْ يَحِلَّ مَنْعَ مُعَامَلَتِهِ فِيمَا إذَا كَذَّبَهُ السَّيِّدُ أَنْ يَكُونَ الْمُعَامِلُ لَهُ سَمِعَ الْإِذْنَ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ وَإِلَّا جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ حَيْثُ ظَنَّ كَذِبَ الْعَبْدِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِالْإِبَاقِ) وَإِنْكَارِ الرِّقِّ وَالتَّدْبِيرِ وَالرَّهْنِ وَلَا بِأَنْ يُغْصَبَ (قَوْلُهُ وَإِقْرَارُهُ بِدَيْنِ التِّجَارَةِ مَقْبُولٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ وَإِنَّمَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمُعَامَلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ وَذَكَرَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ فِي رَوْضَتِهِ أَنَّهُ لَوْ أَحَاطَتْ بِالْمَأْذُونِ الدُّيُونُ فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ أَنَّهُ لِسَيِّدِهِ اسْتَعَارَهُ مِنْهُ قُبِلَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَحَدُهَا أَنَّ الْخُسْرَانَ) يَعْنِي دُيُونَ التِّجَارَةِ (فَرْعٌ) عَبْدَانِ مَأْذُونَانِ لِاثْنَيْنِ اشْتَرَى كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ وَجَهِلَ السَّابِقُ بَطَلَا كَتَزْوِيجِ وَلِيَّيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَأَصَحُّهُمَا نَعَمْ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ حَتَّى نَعْلَمَ الْإِذْنُ) الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ غَلَبَةُ الظَّنِّ (قَوْلُهُ لَا بِقَوْلِهِ إلَخْ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَكْفِي قَوْلُهُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ (قَوْلُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ بِحَالَةِ جَهْلِهِ بِحَالِهِ وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ مَا تَوَلَّى بَيْعَهُ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ لَوْ سَكَتَ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ وَلَوْ عَلِمَ الْحَالَ وَلَمْ يَدَّعِ الْوَكَالَةَ لِوُجُودِ الْيَدِ الشَّاهِدَةِ بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَمَا أَنَّ سَمَاعَهُ مِنْ السَّيِّدِ وَالشُّيُوعِ وَقَوْلِ الْوَكِيلِ كَذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ يُكْتَفَى بِالسَّمَاعِ مِمَّنْ ذُكِرَ أَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يَكْفِي عِنْدَهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ أَوْ سَمَاعُهُ مِنْ السَّيِّدِ كا (قَوْلُهُ بَلْ خَبَرَ مَنْ يَثِقُ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ قَالَ حُجِرَ عَلَيَّ إلَخْ) مَا الْحُكْمُ إذَا جَحَدَ إذْنَ السَّيِّدِ لَهُ أَيَكُونُ كَالْوَكِيلِ أَمْ كَقَوْلِهِ حَجَرَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ وَلِمَ لَا يُفَرَّقُ فِي الْجَحْدِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِغَرَضٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَمْ لَا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْرِيقِ وَيَكُونُ كَقَوْلِهِ حَجَرَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ كُنْت أَذِنْتُ لَهُ وَأَنَا بَاقٍ جَازَتْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَذَّبَهُ السَّيِّدُ) أَوْ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ سَمِعَ الْإِذْنَ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ) أَوْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَيْثُ ظَنَّ كَذِبَ الْعَبْدِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَلِمَنْ عَلِمَهُ مَأْذُونًا وَعَامَلَهُ أَنْ لَا يُسَلِّمَ إلَيْهِ) الْعِوَضَ (حَتَّى يَثْبُتَ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً (بِالْإِذْنِ) خَوْفًا مِنْ خَطَرِ إنْكَارِ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ صَدَقَ مُدَّعِي الْوَكَالَةَ بِقَبْضِ الْحَقِّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى يَشْهَدَ بِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا عَلِمَ الْإِذْنَ بِغَيْرِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ عَلِمَهُ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ وَالْأَصْلُ دَوَامُ الْإِذْنِ (فَصْلٌ) لَوْ (خَرَجَ مَا بَاعَهُ) الْمَأْذُونُ (مُسْتَحَقًّا وَقَدْ تَلِفَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ) بَلْ أَوْ فِي غَيْرِهَا (طُولِبَ) بِبَدَلِهِ (وَإِنْ عَتَقَ) لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ وَلِتَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ عِتْقِهِ (وَيُطَالَبُ بِهِ السَّيِّدُ أَيْضًا) وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَفَاءٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِشَيْءٍ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ مُطَالَبَةِ الْقَرِيبِ بِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ وَالْمُوسِرِ بِنَفَقَةِ الْمُضْطَرِّ وَاللَّقِيطِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُطَالَبُ لِيُؤَدِّيَ مِمَّا فِي يَدِ الْعَبْدِ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ مِمَّا كَسَبَهُ الْعَبْدُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَصَارَ كَالْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ يُطَالَبُ بِالْوَفَاءِ بِقَدْرِهَا فَقَطْ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَفَائِدَةُ مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْعَبْدِ مَالٌ احْتِمَالٌ أَنَّهُ يُؤَدِّيهِ لِأَنَّ لَهُ بِهِ عَلَقَةً فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْ ذِمَّتُهُ فَإِنْ أَدَّاهُ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْعَبْدِ وَإِلَّا فَلَا وَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْضًا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مَعَ إلْحَاقِ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ بِهِمَا وَمَسْأَلَةُ الْإِلْحَاقِ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ فَالْمَأْذُونُ فِي الْفَاسِدِ كَغَيْرِ الْمَأْذُونِ فَيَتَعَلَّقُ الثَّمَنُ بِذِمَّتِهِ لَا بِكَسْبِهِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ (وَمِثْلُهُ) فِيمَا ذَكَرَ (الْمُوَكِّلُ وَرَبُّ مَالِ الْقِرَاضِ) فَيُطَالَبَانِ بِذَلِكَ كَمَا يُطَالَبُ بِهِ الْوَكِيلُ وَالْعَامِلُ وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِمَا سَوَاءٌ أَدَفَعَ رَبُّ الْمَالِ إلَيْهِمَا الثَّمَنَ أَمْ لَا (وَلَوْ غَرِمَ) الْعَبْدُ ذَلِكَ (بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى السَّيِّدِ) لِأَنَّ مَا غَرِمَهُ مُسْتَحَقٌّ بِالتَّصَرُّفِ السَّابِقِ عَلَى عِتْقِهِ وَتَقَدُّمُ السَّبَبِ كَتَقَدُّمِ الْمُسَبَّبِ فَالْمُغَرَّمُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَالْمُغَرَّمِ قَبْلَهُ وَهَذَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الَّذِي آجَرَهُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي بَعْدَ الْعِتْقِ (فَصْلٌ لَوْ أَعْطَاهُ) سَيِّدُهُ (أَلْفًا) مَثَلًا (لِلتِّجَارَةِ) فِيهِ (فَاشْتَرَى) شَيْئًا (فِي ذِمَّتِهِ لَا بِعَيْنِهِ ثُمَّ تَلِفَ) الْأَلْفُ (قَبْلَ تَسْلِيمِهِ) لِلْبَائِعِ (لَمْ يَنْفَسِخْ) عَقْدُهُ (بَلْ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يُوفِهِ السَّيِّدُ) وَقِيلَ يَنْفَسِخُ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْإِذْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يُطَالَبْ السَّيِّدُ عَلَى الْأَوَّلِ بِبَدَلِ الْأَلْفِ كَمَا هُوَ وَجْهٌ كَسَائِرِ دُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ لِانْقِطَاعِ الْعَلَقَةِ هُنَا بِتَلَفِ مَا دَفَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْلُفَهُ شَيْءٌ مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُونِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ وَالْوَكِيلِ حَيْثُ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وُقُوعَ الْعَقْدِ لِلْأَوَّلِ وَنَقَلَ الْمُتَوَلِّي وُقُوعَهُ لِلثَّانِي فِي وَجْهٍ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَيَدُهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ بِخِلَافِ الْعَامِلِ وَالْوَكِيلِ وَلَمْ يُرَجِّحْ الْأَصْلُ فِي مَسْأَلَتَيْهِمَا شَيْئًا بَلْ وَلَمْ يَحْكِ مَا صَحَّحَهُ هُنَا مِنْ التَّخْيِيرِ فِي مَسْأَلَةِ الْقِرَاضِ وَجْهًا (وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ شَيْئًا بِعَرَضٍ فَتَلِفَ الشَّيْءُ ثُمَّ خَرَجَ الْعَرَضُ مُسْتَحَقًّا فَالْقِيمَةُ فِي كَسْبِهِ أَمْ عَلَى السَّيِّدِ وَجْهَانِ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِيُفِيدَ التَّرْجِيحَ فَإِنَّهُ كَنَظَائِرِهِ فَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْحَقُّ مُتَعَلِّقٌ بِمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ (فَصْلٌ تَتَعَلَّقُ دُيُونُ التِّجَارَةِ) الْمَأْذُونِ فِيهَا لِلرَّقِيقِ (بِمَا فِي يَدِهِ) مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ الْحَاصِلَةِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ أَصْلًا وَرِبْحًا لِأَنَّهَا لَزِمَتْ بِمُعَاوَضَةٍ بِالْإِذْنِ كَالنَّفَقَةِ فِي النِّكَاحِ (وَكَذَا بِأَكْسَابِهِ) الْغَالِبَةِ وَالنَّادِرَةِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَاحْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ وَقَبُولِ هِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْمَهْرُ وَمُؤَنُ النِّكَاحِ (وَلَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) لِلُزُومِهَا بِرِضَا مُسْتَحِقِّهَا كَاقْتِرَاضِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (وَأَرْشِ جِنَايَتِهِ) أَيْ وَلَا بِأَرْسِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَأْذُونِ لِأَنَّهُ بَدَلُ رَقَبَتِهِ (وَلَا مَهْرِهَا)   [حاشية الرملي الكبير] أَيْ أَوْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَصْوِيرُهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ خَرَجَ مَا بَاعَهُ الْمَأْذُونُ مُسْتَحَقًّا وَقَدْ تَلِفَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ] (قَوْلُهُ وَلَوْ مِمَّا كَسَبَهُ الْعَبْدُ بَعْدَ الْحَجْرِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْغَايَةُ رَاجِعَةٌ لِمَا بَعْدَ لَا وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا كَسَبَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا يُؤَدِّي مِنْهُ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ) أَيْ كَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ [فَصْلٌ أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ أَلْفًا لِلتِّجَارَةِ فَاشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ تَلِفَ الْأَلْفُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْبَائِعِ] (قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ إلَخْ) فَرَّقَ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنَّ دَيْنَ الْوَكِيلِ يَلْزَمُ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ إذْ لَيْسَ هُنَاكَ مَحَلٌّ آخَرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَإِنَّ أَكْسَابَ الْوَكِيلِ لَيْسَتْ لَهُ وَأَمَّا دُيُونُ الْمَأْذُونِ فَلَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ عَيَّنَ لِدُيُونِهِ مَحَلًّا يَتَّسِعُ لِلدُّيُونِ وَتَتَعَلَّقُ بِهِ وَإِذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ لِوُجُودِ مَحَلٍّ تَتَعَلَّقُ بِهِ أَمَرْنَاهُ بِالْقَضَاءِ مِنْ الْكَسْبِ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ انْقِلَابَ الْعَقْدِ إلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ فِي عَدَمِ احْتِيَاطِهِ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الرِّبْحُ وَيُخَالِفُ الْوَكِيلَ فَإِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يُنَاسِبُ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ بِإِلْزَامِ مَا أَوْقَعَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فِي وَجْهٍ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ) الْأَصَحُّ عَدَمُ وُقُوعِ الْعَقْدِ لِلْعَامِلِ وَالْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ إلَخْ) فَإِنْ عَادَ الْأَلْفُ إلَى الْعَبْدِ بِفَسْخٍ طَرَأَ فَهَلْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِلَا إذْنٍ جَدِيدٍ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ [فَصْلٌ تَتَعَلَّقُ دُيُونُ التِّجَارَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا لِلرَّقِيقِ] (قَوْلُهُ تَتَعَلَّقُ دُيُونُ التِّجَارَةِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَزِمَهُ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ كَمَا حَكَاهُ الْجُورِيُّ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ (قَوْلُهُ بِمَا فِي يَدِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَالْقَرْضِ فَلَا يُؤَدِّي مِنْهُ لَكِنْ فِي تَصْوِيرِهِ عُسْرٌ لِأَنَّهُ إنْ اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَالْقَرْضُ فَاسِدٌ أَوْ لِلتِّجَارَةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَقَرِيبٌ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّي مِنْهُ لِأَنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ عِ (قَوْلُهُ الْحَاصِلَةُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ) لَا مَا تَاجَرَ فِيهِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ أَيْ بِأَنْ أَحْدَثَ لَهُ إذْنًا فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَا مَهْرَهَا) مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ عَدَمِ التَّعَلُّقِ بِالْمَهْرِ وَجَزَمَ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْبَابِ خِلَافَهُ قَدْ جَزَمَ بِعَكْسِهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَسَتَعْرِفُ لَفْظَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَرَاجِعْهُ اهـ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ هُنَاكَ وَإِذَا كَانَ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَمَةٌ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَزَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْعَبْدِ دُونَ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَوَطْؤُهُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ كَالتَّزْوِيجِ وَإِذَا وَطِئَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ فَهَلْ عَلَيْهِ الْمَهْرُ فِيهِ وَجْهَانِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت لَعَلَّ أَصَحَّهُمَا الْوُجُوبُ لِأَنَّ مَهْرَهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ اهـ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَا تَخَالُفَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ فَإِنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي مَهْرِ الْمَأْذُونَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 أَيْ الْمَأْذُونَةِ (إنْ كَانَتْ أَمَةً) لِأَنَّهُ بَدَلُ بُضْعِهَا وَهُوَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الدُّيُونُ فَكَذَا بَدَلُهُ وَلَا تَتَعَلَّقُ أَيْضًا بِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ كَأَوْلَادِ الْمَأْذُونَةِ (وَلَا بِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ) أَوْ بَاعَهُ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا بِكَسْبِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ (بَعْدَ الْحَجْرِ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالُ التِّجَارَةِ وَلَا كَسْبُ الْمَأْذُونِ قَبْلَ الْحَجْرِ (فَإِنْ تَصَرَّفَ السَّيِّدُ فِي الْمَالِ) الَّذِي بِيَدِ الْمَأْذُونِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ (بِغَيْرِ إذْنِ الْعَبْدِ) الْمَأْذُونِ (أَوْ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَصِحَّ) تَصَرُّفُهُ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ لِلْغُرَمَاءِ وَلَمْ يَرْضَ الْجَمِيعُ (وَغَرِمَهُ) يَعْنِي غَرِمَ بَدَلَ الْمَالِ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ وَإِلَّا غَرِمَ بِقَدْرِهِ (أَوْ) تَصَرَّفَ فِيهِ (بِإِذْنِهِمْ) أَيْ الْعَبْدُ وَالْغُرَمَاءُ (جَمِيعًا صَحَّ) لِارْتِفَاعِ الْمَانِعِ (وَتَعَلَّقُوا) أَيْ الْغُرَمَاءُ (بِذِمَّةِ الْعَبْدِ) فَيُطَالِبُونَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لِتَوَجُّهِ مُطَالَبَتِهِ قِبَلَهُ وَلِأَنَّ مُعَامِلَهُ لَمَّا رَضِيَ بِمُعَامَلَتِهِ مَعَهُ فَكَأَنَّهُ رَضِيَ بِكَوْنِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ إلَى عِتْقِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ وَلَا مَالُ تِجَارَةٍ (كَمَا يَتَعَلَّقُ) بِذِمَّتِهِ مَا (يَفْضُلُ عَلَيْهِ مِنْ دُيُونِهَا) فَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَالٌ وَقَتَلَهُ السَّيِّدُ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ بِقَتْلِهِ) وَإِنْ فَوَّتَ الذِّمَّةَ كَمَا لَوْ قَتَلَ حُرًّا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ (وَلِلسَّيِّدِ بَيْعُ مَا فِي يَدِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ (حَيْثُ لَا دَيْنَ) عَلَيْهِ وَلَمْ يُقَدِّمْ عَلَيْهِ حَجْرًا وَكَالْبَيْعِ سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ (فَرْعٌ لَا يَشْتَرِي) الْمَأْذُونُ (مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَوْ خَالَفَ لَمْ يَصِحَّ لِتَضَرُّرِ سَيِّدِهِ بِعِتْقِهِ الْمُتَضَمِّنِ فَوَاتَ الثَّمَنِ بِلَا مُقَابِلٍ (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (صَحَّ) الشِّرَاءُ (وَهَلْ يُعْتَقُ) عَلَيْهِ أَوْ لَا يَنْظُرُ (إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا) قَالَ فِي الْأَصْلِ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَقُ وَالثَّانِي يُعْتَقُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ (فِيهِ التَّفْصِيلُ فِي إعْتَاقِ الرَّاهِنِ) لِلْمَرْهُونِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْقِرَاضِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْيُونًا عَتَقَ (وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ بَاعَ السَّيِّدُ الْمَأْذُونَ (أَوْ أَعْتَقَهُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ) لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ اسْتِخْدَامٌ وَقَدْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّتِهِ لَا تَوْكِيلٌ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ كُلُّ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَهِبَةٍ وَوَقْفٍ وَفِي كِتَابَتِهِ وَجْهَانِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَار بِأَنَّهَا حَجْرٌ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ إجَارَتَهُ كَذَلِكَ (وَتَحِلُّ دُيُونُهُ الْمُؤَجَّلَةُ) عَلَيْهِ (بِمَوْتِهِ) كَمَا تَحِلُّ الدُّيُونُ الَّتِي عَلَى الْحُرِّ بِمَوْتِهِ فَتُؤَدَّى مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِهِ (فَرْعٌ) لَوْ (أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ وَلَمْ يُعْطِهِ مَالًا وَلَمْ يُعَيِّنْ) لَهُ (نَوْعًا يَتَّجِرُ فِيهِ جَازَ) فَيَشْتَرِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَيَبِيعَ كَالْوَكِيلِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ [فَصْلٌ قَبِلَ الرَّقِيقُ وَلَوْ سَفِيهًا هِبَةً أَوْ وَصِيَّةً بِلَا إذْنٍ] (فَصْلٌ لَوْ قَبِلَ الرَّقِيقُ) وَلَوْ سَفِيهًا (هِبَةً أَوْ وَصِيَّةً بِلَا إذْنٍ صَحَّ) وَإِنْ نَهَاهُ سَيِّدُهُ عَنْ الْقَبُولَةِ لِأَنَّهُ اكْتِسَابٌ لَا يَعْقُبُ عِوَضًا كَالِاحْتِطَابِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ أَوْ الْمُوصَى بِهِ بَعْضًا لِلسَّيِّدِ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ حَالَ الْقَبُولِ لِنَحْوِ زَمَانَةٍ أَوْ صِغَرٍ لَمْ يَصِحَّ الْقَبُولُ وَنَظِيرُهُ قَبُولُ الْوَلِيِّ لِمُوَلِّيهِ ذَلِكَ (وَدَخَلَ مِلْكَ السَّيِّدِ قَهْرًا) كَعِوَضِ الْخُلْعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيُسَلِّمُ الْمَالَ لَهُ لَا لِلرَّقِيقِ (وَلَوْ اشْتَرَى أَوْ اقْتَرَضَ) بِلَا إذْنٍ (لَمْ يَصِحَّ) لِمَا عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ (وَلِلْمَالِكِ اسْتِرْدَادُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُقْرَضِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِيَدِ الرَّقِيقِ أَمْ بِيَدِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ (وَإِنْ أَتْلَفَهُ) الرَّقِيقُ مُطْلَقًا أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ (تَعَلَّقَ) الضَّمَانُ (بِذِمَّتِهِ) فَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ السَّيِّدُ وَضَابِطُ تَعَلُّقِ الْحُقُوقِ بِالرَّقِيقِ أَنَّهَا إنْ ثَبَتَتْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ أَرْبَابِهَا كَإِتْلَافٍ وَتَلَفٍ بِغَصْبٍ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِاخْتِيَارِهِمْ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ عِتْقِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ وَكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ كَمَا مَرَّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَحَيْثُ قُلْنَا تَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَكْتَسِبَ لِلْفَاضِلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْمُفْلِسِ (وَإِنْ قَبَضَهُ) مِنْهُ (السَّيِّدُ وَتَلِفَ) وَلَوْ فِي غَيْرِهِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ (مُطَالَبَةُ السَّيِّدِ) لِوَضْعِ يَدِهِ (وَكَذَا الْعَبْدُ إنْ عَتَقَ) لِذَلِكَ (وَإِنْ أَدَّى) الرَّقِيقُ (الثَّمَنَ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ (وَلَا ضَمَانَ عَلَى سَيِّدِهِ) وَإِنْ (رَأَى الْمَبِيعَ) مَثَلًا مَعَ عَبْدِهِ (فَلَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ وَلَمْ يَأْذَنْ هُوَ فِيهِ (فَرْعٌ لِلْعَبْدِ تَأْجِيرُ) الْمَعْرُوفِ إجَارَةً أَوْ إيجَارَ (نَفْسِهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَكَذَا بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا) إذْ لَا مَانِعَ (وَلَوْ تَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ فِيمَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ عُهْدَةٌ) كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (لَمْ يَصِحَّ) لِتَعَلُّقِ الْعُهْدَةِ بِالْوَكِيلِ بِخِلَافِهِ فِيمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ كَطَلَاقٍ وَقَبُولِ نِكَاحٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَلْزَمُ ذِمَّتَهُ عُهْدَةٌ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ   [حاشية الرملي الكبير] نَفْسِهَا وَاَلَّذِي فِي النِّكَاحِ فِي أَمَةِ الْمَأْذُونِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ فَإِنَّ أَمَةَ الْمَأْذُونِ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونَةِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ أَيْ الْمَأْذُونَةُ) خَرَجَ بِمَهْرِ الْمَأْذُونَةِ مَهْرُ أَمَةِ التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ دُيُونُ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَصَرَّفَ السَّيِّدُ فِي الْمَالِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ إنْفَاذُ عِتْقِهِ إذَا كَانَ مُوسِرًا حَيْثُ يَنْفُذُ إعْتَاقُ الرَّاهِنِ وَالْوَارِثِ وَمَالِكِ الْجَانِي وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّ الْعَبْدَ يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِلْغُرَمَاءِ بِنَفْسِ الدَّيْنِ وَلَا الْحَاكِمَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ كَانَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ يَتَوَقَّفُ فِيهَا وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي أَمْوَالِ الْعَبْدِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ وَلِحَقِّ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الدَّيْنَ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ مَا بِيَدِهِ [فَرْعٌ يَشْتَرِي الْمَأْذُونُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ] (قَوْلُهُ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهَا حَجْرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ [فَرْعٌ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ وَلَمْ يُعْطِهِ مَالًا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ نَوْعًا يَتَّجِرُ فِيهِ] (قَوْلُهُ كَعِوَضِ الْخُلْعِ) يُنْظَرُ فِيمَا إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ مَعَ الْعِتْقِ أَيَمْلِكُهُ السَّيِّدُ أَوْ الْعَتِيقُ (فَرْعٌ) لَوْ دَفَعَ دَابَّةً إلَى مَأْذُونِ السَّيِّدِ فِي حِفْظِ دَوَابِّ النَّاسِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا لِيَحْفَظَهَا فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ رَكِبَهَا ثُمَّ تَلِفَتْ ضَمِنَهَا وَتُعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ أَتْلَفَهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْدَعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ الْعَبْدُ فَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ رَأَى الْمَبِيعَ إلَخْ) فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ) بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ إذَا تَرَكَهَا فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَتْ يَضْمَنُهَا فِي الْأَصَحِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 [فَصْلٌ مَلَّكَهُ أَيْ الْقِنَّ السَّيِّدُ أَوْ غَيْرُهُ مَالًا] (فَصْلٌ إذَا مَلَّكَهُ) أَيْ الْقِنَّ (السَّيِّدُ) أَوْ غَيْرُهُ الْمَفْهُومُ بِالْأُولَى (مَالًا لَمْ يَمْلِكْهُ) لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ (وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ) وَأُمُّ الْوَلَدِ (كَالْقِنِّ) فَلَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا لِذَلِكَ (وَإِنْ مَلَكَ) الْمُبَعَّضُ (بِبَعْضِهِ الْحُرِّ مَالًا فَاشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً مَلَكَهَا) لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْمِلْكِ (وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا) وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّ بَعْضَهُ مَمْلُوكٌ وَالْوَطْءُ يَقَعُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ لَا بِبَعْضِهِ الْحُرِّ فَقَطْ (وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ التَّسَرِّي وَلَوْ بِالْإِذْنِ) لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَلِلْخَوْفِ مِنْ هَلَاكِ الْأَمَةِ بِالطَّلْقِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ التَّسَرِّي بِالْوَطْءِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ لِاعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ فِيهِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ بِنَاءِ أَصْلِهِ ذَلِكَ مَعَ الْإِذْنِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَبَرُّعِهِ لِإِشْعَارِهِ بِرُجْحَانِ الْجَوَازِ لِأَنَّهُ الصَّحِيحُ فِي التَّبَرُّعِ بِالْإِذْنِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ الْمَنْعُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ ثَمَّ وَمَسْأَلَتُنَا الْمُبَعَّضُ وَالْمُكَاتَبُ مَذْكُورَتَانِ فِي بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ أَيْضًا بَلْ الثَّانِيَةُ مَذْكُورَةٌ أَيْضًا فِي بَابِ الْكِتَابَةِ (بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ) أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا (هُوَ أَنْ يَخْتَلِفَا أَوْ) يَخْتَلِفَ (وَارِثَاهُمَا) أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ (بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ) كَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ (أَوْ صِفَتِهِ) كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ (أَوْ جِنْسِهِ) كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ (أَوْ الْخِيَارِ أَوْ الْأَجَلِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الضَّمِينِ) أَوْ قَدْرِ كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَصِحُّ شَرْطُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعِوَضَانِ بَاقِيَيْنِ أَمْ لَا قُبِضَا أَوْ لَمْ يُقْبَضَا (وَكَذَا) إنْ اخْتَلَفَا (فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ) أَوْ صِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ (بِأَنْ قَالَ) الْبَائِعُ (بِعْتُك الْعَبْدَ بِأَلْفٍ) مَثَلًا (فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ) بِعْتنِي بِهَا (الْعَبْدَ وَالْجَارِيَةَ فَيَتَحَالَفَانِ) بِأَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا حَلِفُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ مُدَّعٍ وَاحْتَجَّ لَهُ أَيْضًا بِخَبَرِ «إذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ فَهُوَ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ أَوْ يَتَتَارَكَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَمَعْنَى التَّتَارُكِ أَنْ يَتْرُكَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا يَدَّعِيهِ وَذَلِكَ بِالْفَسْخِ وَأَمَّا أَنَّهُ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَلِأَنَّ الدَّعْوَى وَاحِدَةٌ وَمَنْفَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي ضِمْنٍ مُثْبَتَةٍ فَجَازَ التَّعَرُّضُ فِي الْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ لِلنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَلِأَنَّهَا أَقْرَبُ لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ (لَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ خِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ الْمَجْلِسِ فَلَا يَتَحَالَفَانِ لِإِمْكَانِ الْفَسْخِ بِالْخِيَارِ كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي وَأَجَابَ عَنْهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ التَّحَالُفَ لَمْ يُوضَعْ لِلْفَسْخِ بَلْ عَرَضَتْ الْيَمِينُ رَجَاءَ أَنْ يُنَكَّلَ الْكَاذِبُ فَيَتَقَرَّرُ الْعَقْدُ بِيَمِينِ الصَّادِقِ ثُمَّ مَالَ إلَى مُوَافَقَتِهِ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَالنَّشَائِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ بِالتَّحَالُفِ فِي الْكِتَابَةِ مَعَ جَوَازِهَا مِنْ جَانِبِ الرَّقِيقِ وَعَلَى هَذَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِجِهَتَيْنِ فَيَتَحَالَفَانِ مُطْلَقًا (إنْ لَمْ يَكُنْ) لِأَحَدِهِمَا (بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَتْ) لَهُ بَيِّنَةٌ (قَضَى) لَهُ (بِهَا) كَمَا فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) وَلَمْ تُؤَرَّخَا بِتَارِيخَيْنِ (تَسَاقَطَتَا وَكَأَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ) فَيَتَحَالَفَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ لَا تَحَالُفَ بَلْ يُقْضَى بِمُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ أَيْ بَعْدَ اعْتِرَافِهِمَا بِهَا مَا إذَا لَمْ يَعْتَرِفَا بِهَا فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَصْدُقُ مُدَّعِي الصِّحَّةَ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ مَعَ قَيْدِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ فَقَالَ) الْبَائِعِ (بِعْتُك الْعَبْدَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الْجَارِيَةَ) وَاتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ (وَالثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَتَحَالَفَا) لِأَنَّ الثَّمَنَ لَيْسَ بِمُعَيَّنٍ حَتَّى يَرْبُطَ بِهِ الْعَقْدَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ لِلْعَبْدِ تَأْجِيرُ الْمَعْرُوفِ إجَارَةً أَوْ إيجَارَ نَفْسِهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ] قَوْلُهُ إذَا مَلَّكَهُ السَّيِّدُ مَالًا لَمْ يَمْلِكْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] وَكَمَا لَا يَمْلِكُ بِالْإِرْثِ وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ كَالْبَهِيمَةِ [بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا] (بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَابِعَيْنِ) (قَوْلُهُ هُوَ أَنْ يَخْتَلِفَا إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى بَيْعٍ صَحِيحٍ وَعِوَضٍ مُعَيَّنٍ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا وَيَخْتَلِفَا فِيمَا سِوَاهُ كَانَ أَوْلَى قَالَ الْغَزِّيِّ وَمَا فِي الذِّمَّةِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ) لَوْ تَعَدَّدَ الْوَارِثُ فَصَدَّقَ بَعْضُهُمْ وَأَنْكَرَ بَعْضٌ قَالَ السُّبْكِيُّ فَيَظْهَرُ جَوَازُ التَّحَالُفِ بَيْنَ الْمُنْكِرِ وَالْعَاقِدِ الْآخَرِ وَجَعَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ بِالتَّحَالُفِ فِيمَا إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عِ ر وَقَوْلُهُ فَيَظْهَرُ جَوَازُ التَّحَالُفِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَوَارِثُ الْآخَرِ) شَمِلَ الْإِمَامُ فِي إرْثِ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ) وَقَدْ بَقِيَ إلَى وَقْتِ التَّنَازُعِ فَلَوْ تَقَايَلَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَلَوْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ) شَمِلَ مَا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً فَاطَّلَعَ بِهَا عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ وَأَرَادَ رَدَّهَا بِهِ فَقَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْتهَا مَعَ سِلْعَةٍ أُخْرَى صَفْقَةً وَاحِدَةً فَرَدَّهَا مَعَهَا وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أَشْتَرِ مِنْك إلَّا هَذِهِ السِّلْعَةَ وَحْدَهَا وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الْعِرَاقِيِّ فِيهَا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَيَتَحَالَفَانِ) شَرْطُ التَّحَالُفِ أَنْ يَكُونَ مُدَّعَى الْبَائِعِ أَكْثَرَ حَيْثُ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ وَكَتَبَ أَيْضًا شَرْطُ التَّحَالُفِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكِّمٍ وَأَوْرَدَ عَلَى الضَّابِطِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ وَلِيُّ مَحْجُورٍ مَعَ مُسْتَقِلٍّ وَكَانَ الْمَبِيعُ تَالِفًا وَكَانَتْ الْقِيمَةُ الَّتِي يَرْجِعُ إلَيْهَا عِنْدَ الْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ أَكْثَرَ مِنْ الشَّيْءِ الَّذِي سَمَّاهُ فَإِنَّهُ لَا تَحَالُفَ وَيُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ كَمَا ذَكَرَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الصَّدَاقِ فس (قَوْلُهُ إمَّا حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) وَلِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْعُقُودِ يَكْثُرُ وَمَبْنَى الْمُعَاوَضَاتِ عَلَى تَسَاوِي الْمُتَعَارِضَيْنِ وَفِي تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا إضْرَارٌ بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ لَا مِنْ زَمَنِ الْخِيَارِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَاضِي) وَأَبْطَلَ بِأَنَّهُ وَافَقَ عَلَى التَّحَالُفِ فِي الْقِرَاضِ مَعَ جَوَازِهِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً إلَخْ) لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَنَّهُ بَاعَهُ كَذَا فِي سَاعَةِ كَذَا وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ كَانَ سَاكِتًا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يَتَحَرَّكُ وَلَا يَعْمَلُ شَيْئًا فَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا قَبُولُهَا وَوُجِّهَ أَنَّ النَّفْيَ الْمَحْصُورَ كَالْإِثْبَاتِ فِي إمْكَانِ الْإِحَاطَةِ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ إلَخْ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الثَّمَنِ وَاتَّفَقَا عَلَى عَيْنِ الْمَبِيعِ تَحَالَفَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 (بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِي عَلَيْهِ وَلَا فَسْخَ) وَتَرْجِيحُهُ عَدَمُ التَّحَالُفِ فِي ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ فَإِنَّهُ رَجَّحَهُ مُسْتَنِدًا إلَى نَصٍّ فِي الْبُوَيْطِيِّ يَدُلُّ لَهُ الْتِزَامًا وَلِعَدَمِ التَّحَالُفِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فِي السَّلَمِ مُطَابَقَةً وَلَكِنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى خِلَافِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ فِي مَسْأَلَتِنَا حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ أَحَدِهِمَا مَا مَرَّ وَالْآخَرِ يَتَحَالَفَانِ كَمَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا تَرْجِيحَهُ صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُنَا وَالنَّوَوِيُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّدَاقِ فِي قَوْلِهِ أَصْدَقْتُك أَبَاك فَقَالَتْ بَلْ أُمِّي وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ لَكِنْ تِلْكَ تُفَارِقُ مَا هُنَا بِأَنَّ الْعِوَضَيْنِ فِيهَا مُعَيَّنَانِ (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ (بِحَالِهَا وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً) بِدَعْوَاهُ (سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لِلْمُشْتَرِي) عَمَلًا بِبَيِّنَتِهِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَثْبَتَتْ عَقْدًا لَا يَقْتَضِي نَفْيَ غَيْرِهِ. قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّحَالُفِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَالُفِ وَهُوَ الَّذِي يَقْوَى عَلَى مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ فَيُقَوِّي التَّعَارُضَ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ (وَأَمَّا الْعَبْدُ) فَقَدْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِبَيْعِهِ وَقَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَقَرَّ عِنْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا شَاءَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ إلَّا بِالْوَطْءِ لَوْ كَانَ أَمَةً وَاسْتَشْكَلَ السُّبْكِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ جَوَّزَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْحُكْمُ مُحَالٌ عَلَى حَقِيقَةِ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْبَائِعِ (فَهَلْ يُجْبَرُ) مُشْتَرِيهِ (عَلَى قَبُولِهِ) لِإِقْرَارِ الْبَائِعِ لَهُ بِهِ (أَوْ يُتْرَكُ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يَدَّعِيَهُ) لِأَنَّهُ يُنْكِرُ مِلْكَهُ فِيهِ (وَجْهَانِ) وَبِالثَّانِي جَزَمَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ السُّلَمِيُّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ (وَ) إذَا أَخَذَهُ الْقَاضِي (يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ) إنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ نَعَمْ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعه وَحِفْظِ ثَمَنِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ (بِيعَ) أَيْ بَاعَهُ (إنْ رَآهُ) بِأَنْ رَأَى الْحَظَّ فِي بَيْعِهِ (وَحِفْظِ ثَمَنِهِ) وَقِيلَ يَبْقَى فِي يَدِ الْبَائِعِ عَلَى قِيَاسِ مَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَدَّعِيَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. أَمَّا إذَا فَرَّعْنَا عَلَى التَّحَالُفِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنْ يُقَالَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تُؤَرَّخْ الْبَيِّنَتَانِ بِتَارِيخَيْنِ وَإِلَّا قَضَى بِمُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ (وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا تَحَالَفَا) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مَعًا كَأَنْ قَالَ بِعْتُك الْعَبْدَ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الْجَارِيَةَ بِدِينَارٍ فَلَا تَحَالُفَ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ قَوْلِ الْآخَرِ قَالَهُ الْإِمَامُ هُنَا وَفِي الصَّدَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِمَا كَمَا مَرَّ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِي عَلَيْهِ) قَالَ بِعْتُك بِأَلْفَيْنِ مِنْ دَيْنِك فَقَالَ بَلْ بِأَلْفٍ فَلَا تَحَالُفَ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفَيْنِ وَأَطْلَقَ فَقَالَ بَلْ بِأَلْفٍ تَحَالَفَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ بِأَلْفَيْنِ مِنْ دَيْنِك عَلَيَّ فَقَدْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُدَّعَى بِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفَيْنِ وَقَبَضَتْهُمَا فَقَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ فَلَا تَحَالُفَ وَهَذَا بِخِلَافِ الدَّعْوَى الْمُطْلَقَةِ فَإِنَّهَا لَا تَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالْقَبْضِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي الثَّمَنِ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ كَانَ التَّصْوِيرُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُطَالِبُهُ بِالْأَلْفِ الزَّائِدِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ يُطَالِبُهُ فِي صُورَتَيْ الدَّيْنِ وَقَبْضِ الْأَلْفَيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَلَا فَسْخَ) قَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا قَالَ وَلَا فَسْخَ لِيُفِيدَ بِهِ أَنَّ الْوَاقِعَ بَيْنَهُمَا حَلِفٌ لَا تَحَالُفٌ وَالْفَسْخُ ثَمَرَةُ التَّحَالُفِ لَا الْحَلِفُ هَذَا مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ) فَإِنَّهُ رَجَّحَهُ فِي مُهِمَّاتِهِ (قَوْلُهُ وَالْآخَرُ يَتَحَالَفَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُنَا) وَصَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ نَصُّ الْأُمِّ يَشْهَدُ لَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَنَصُّ الْبُوَيْطِيِّ مُحْتَمَلٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ عَلَى مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ التَّحَالُفُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَثْبَتَ عَقْدًا لَا يَقْتَضِي نَفْيَ غَيْرِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ لَا تَتَّفِقَ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ قَالَ شَيْخُنَا فَلَا تَعَارُضَ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ تَسَاقَطَتَا وَرَجَعَ لِلتَّحَالُفِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ السُّبْكِيّ عَلَى الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لِوُجُودِ التَّعَارُضِ وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ فَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَالُفِ إلَخْ) وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِالتَّحَالُفِ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الدَّعَاوَى أَنَّهُ إذَا قَالَ أَكَرِيَتك هَذَا الْبَيْتَ مِنْ الدَّارِ شَهْرًا بِعَشْرَةٍ فَقَالَ الْمُكْتَرِي بَلْ جَمِيعُ الدَّارِ بِالْعَشَرَةِ أَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكِرَاءَ بِعَشْرَةٍ وَالْآخَرُ بِعِشْرِينَ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُمَا تَتَعَارَضَانِ وَالزِّيَادَةُ الْمُرَجِّحَةُ هِيَ الْمُشْعِرَةُ بِمَزِيدِ عِلْمٍ وَوُضُوحِ حَالٍ وَالزِّيَادَةُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا هِيَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَتُفَارِقُ بَيِّنَةَ الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ فَإِنَّهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ لِأَنَّ الَّتِي تَشْهَدُ بِالْأَلْفِ لَا تَنْفِي الْأَلْفَ الْأُخْرَى وَهَهُنَا الْعَقْدُ وَاحِدٌ وَكُلُّ كَيْفِيَّةٍ تُنَافِي الْكَيْفِيَّةَ الْأُخْرَى فَنَشَأَ التَّعَارُضُ فَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا مِنْ الْحُكْمِ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَتَانِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا عَلَى عَدَمِ التَّحَالُفِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْقَوْلُ بِالتَّعَارُضِ هُنَا مُنَاسِبٌ لِلْقَوْلِ بِالتَّحَالُفِ وَعَدَمُهُ مُنَاسِبٌ لِعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ إلَّا بِالْوَطْءِ) لَوْ كَانَ أَمَةً لِاعْتِرَافِهِ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ إلَخْ) قَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّدَاقِ أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا وَهُوَ يُنْكِرُهُ يُحْكَمُ بِدُخُولِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّمَنُ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازُ تَصَرُّفِهِ بِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِغَيْرِهِ فَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنَّهُ يُقِرُّ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَيَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ كَمَا يُشْعِرُ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُهَذَّبِ حَيْثُ قَالَ فِي تَوْجِيهِهِ إنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِمِلْكِهِ فَإِذَا رَدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَبْقَى فِي يَدِ الْبَائِعِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهَلْ يُسَلِّمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي أَوْ إلَى الْقَاضِي أَوْ يُقِرُّ فِي يَدِهِ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 إشَارَةٌ إلَى أَنَّ شَرْطَ التَّحَالُفِ أَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ أَكْثَرَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ وَالْوَلِيُّ ثَمَّ كَالْبَائِعِ هُنَا قُلْت قَدْ فَرَضَهَا ثُمَّ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ فَنَظِيرُهُ هُنَا أَنْ يَفْرِضَ فِي اخْتِلَافِ وَلِيِّ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (فَرْعٌ يَجْرِي التَّحَالُفُ فِي جَمِيعِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ حَتَّى الْقِرَاضِ وَالْجِعَالَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ) طَرْدًا لِلْمَعْنَى وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَةِ كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى الْفَسْخِ فِي الْأَوَّلَيْنِ بِلَا تَحَالُفٍ لِمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ وَلَا لِعَدَمِ رُجُوعِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى عَيْنِ حَقِّهِ فِي الثَّالِثِ كَمَا سَيَتَّضِحُ (ثُمَّ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ) مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ (يُفْسَخُ الْعَقْدُ بَعْدَ التَّحَالُفِ كَمَا سَيَأْتِي) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (وَبَعْدَ الْفَسْخِ يَرْجِعُ) الْعَاقِدُ فِي غَيْرِ الصَّدَاقِ وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي إلَى عَيْنِ حَقِّهِ كَمَا سَيَأْتِي وَيَرْجِعُ (فِي الصَّدَاقِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ) وَالْعِتْقِ بِعِوَضٍ كَكِتَابَةٍ (إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ) فِي الْأَوَّلَيْنِ (وَ) إلَى (الدِّيَةِ) فِي الصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ وَإِلَى الْقِيمَةِ فِي الْعِتْقِ بِعِوَضٍ فَأَثَرُ الْفَسْخِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَظْهَرُ فِيمَا عُقِدَ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ الْبُضْعُ فِي الصَّدَاقِ لِلزَّوْجَةِ وَلَا فِي الْخُلْعِ لِلزَّوْجِ وَلَا الدَّمُ لِوَلِيِّهِ فِي الصُّلْحِ عَنْهُ وَلَا الْعَتِيقُ لِلسَّيِّدِ فِي الْعِتْقِ بِعِوَضٍ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي بَدَلِهِ كَمَا عُرِفَ (وَفَائِدَتُهُ) أَيْ التَّحَالُفِ أَيْ طَلَبِهِ (فِي الْقِرَاضِ) وَنَحْوِهِ مِمَّا يَجُوزُ فَسْخُهُ بِلَا تَحَالُفٍ (تَقْرِيرُ الْعَقْدِ بِالنُّكُولِ) مِنْ أَحَدِهِمَا بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ وَحَلِفِ الْآخَرِ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ وَهَبَتْنِي أَوْ رَهَنَتْنِي فَلَا تَحَالُفَ) إذْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى عَقْدٍ (بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (لِلْآخَرِ) عَلَى نَفْيِ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ثُمَّ يَرُدُّ مُدَّعِي الْبَيْعِ الْأَلْفَ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِهَا (وَيَسْتَرِدُّ الْعَيْنَ بِزَوَائِدِهَا) فَيَلْزَمُ الْآخَرَ رَدُّ ذَلِكَ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا وَاسْتُشْكِلَ رَدُّ الزَّوَائِدِ فِي الْأُولَى مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى حُدُوثِهَا فِي مِلْكِ الرَّادِّ بِدَعْوَاهُ الْهِبَةَ وَإِقْرَارِ الْبَائِعِ لَهُ بِالْبَيْعِ فَهُوَ كَمَنْ وَافَقَ عَلَى الْإِقْرَارِ لَهُ بِشَيْءٍ وَخَالَفَ فِي الْجِهَةِ وَأُجِيبَ بِمَنْعِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ دَعْوَى الْهِبَةِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمِلْكَ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَبْضِ بِالْإِذْنِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِمَنْعِ ذَلِكَ لِمَا ذُكِرَ بَلْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ أَثْبَتَ بِيَمِينِهِ نَفْيَ دَعْوَى الْآخَرِ فَتَسَاقَطَتَا وَلَوْ سُلِّمَ عَدَمُ تَسَاقُطِهِمَا فَمُدَّعِي الْهِبَةِ لَمْ يُوَافِقْ الْمَالِكَ عَلَى مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ كَالْمَسْأَلَةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا فَالْعِبْرَةُ بِالتَّوَافُقِ عَلَى نَفْسِ الْإِقْرَارِ لَا عَلَى لَازِمِهِ. (وَإِنْ قَالَ رَهَنْتُك) كَذَا (بِأَلْفٍ قَرْضًا) لَك عَلَيَّ (فَقَالَ بَلْ بِعْتنِي) إيَّاهُ بِهَا (صُدِّقَ الْمَالِكُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَيْعِ وَيَرُدُّ الْأَلْفَ وَيَسْتَرِدُّ الْعَيْنَ بِزَوَائِدِهَا وَلَا يَمِينَ عَلَى الْآخَرِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّ الرَّهْنَ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ وَالْخِيَرَةُ لَهُ فِي قَبُولِهِ وَالْعِمْرَانِيُّ لِأَنَّ الرَّهْنَ زَالَ بِإِنْكَارِهِ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِإِنْكَارِ الْمُرْتَهِنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَلَا رَهْنَ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيه) قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِي رَدِّ الْأَلْفِ إلَيْهِ وَهُوَ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَهَا نَظَرٌ قُلْت هُوَ مُدَّعٍ لِاسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ الْمُقَابَلَةِ عِنْدَهُ بِالْأَلْفِ فَلَمَّا تَعَذَّرَ إبْقَاؤُهَا رَدَّ عَلَيْهِ مُقَابِلَهَا الَّذِي بَذَلَهُ كَمَا هُوَ شَأْنُ تَرَادِّ الْعِوَضَيْنِ عِنْدَ الْفَسْخِ أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْلِفُ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا لَكِنْ تَعَقَّبَ ذَلِكَ الْعِمْرَانِيُّ فَقَالَ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْآخَرِ وَعَلَّلَهُ بِمَا قَدَّمْته قَالَ وَلَوْ قَالَ رَهَنَتْنِي كَذَا بِأَلْفٍ أَقْبَضْتُكهَا فَقَالَ بَلْ بِأَلْفٍ لَمْ أَقْبِضْهَا صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ فَإِذَا حَلَفَ بَطَلَ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِحَقٍّ فِي الذِّمَّةِ وَمَا قَالَهُ فِي هَذِهِ نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَصَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَنْكَرَ الدَّيْنَ جُمْلَةً فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ وَادَّعَى أَنَّ الرَّهْنَ كَانَ قَبْلَ ثُبُوتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ (فَرْعٌ لَوْ) اخْتَلَفَا مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ عَلَى صِحَّةِ عَقْدٍ بِأَنْ (ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْفَسَادَ) وَالْآخَرُ الصِّحَّةَ (صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُكَلَّفِ اجْتِنَابُهُ الْفَاسِدَ وَقُدِّمَ عَلَى الْأَصْلِ لِاعْتِضَادِهِ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى انْبِرَامِ الْعُقُودِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ فِي الْجُمْلَةِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ وَهُمَا يَعْلَمَانِ   [حاشية الرملي الكبير] وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ اخْتَلَفَ وَلِيُّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ مَعَ مُسْتَقِلٍّ وَكَانَ الْمَبِيعُ تَالِفًا وَكَانَتْ الْقِيمَةٌ الَّتِي يَرْجِعُ إلَيْهَا عِنْدَ الْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ أَكْثَرَ مِنْ الشَّيْءِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُسْتَقِلُّ فَإِنَّهُ لَا تَحَالُفَ وَيُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْفَسْخُ رَجَعَ الْحَالُ إلَى غُرْمِ الْقِيمَةِ الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا ذَكَرَ نَظِيرَ ذَلِكَ فِي الصَّدَاقِ [فَرْعٌ يَجْرِي التَّحَالُفُ فِي جَمِيعِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ] (قَوْلُهُ حَتَّى الْقِرَاضِ وَالْجِعَالَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّحَالُفِ مَعَ الْجَوَازِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقًا إذْ مِنْ شَرْطِ سَمَاعِ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً انْتَهَى قَدْ تَقَدَّمَ فِي جَوَابِ الْإِمَامِ مَا يَرُدُّهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَفَائِدَتُهُ فِي الْقِرَاضِ تَقْرِيرُ الْعَقْدِ بِالنُّكُولِ [فَرْعٌ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ وَهَبَتْنِي أَوْ رَهَنَتْنِي] (قَوْلُهُ فَقَالَ بَلْ وَهَبْتنِي إلَخْ) لِمُدَّعِي الْهِبَةِ أَخْذُهُ بِطَرِيقِ الظَّفِرَانِ كَانَ صَادِقًا وَمِثْلُهُ مُدَّعِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ الْآخَرَ رَدُّ ذَلِكَ) فَإِنْ تَلِفَتْ لَزِمَهُ مِثْلُهَا أَوْ قِيمَتُهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ سُلِّمَ عَدَمُ تَسَاقُطِهِمَا إلَخْ) قِيلَ قَوْلُهُ وَلَوْ سُلِّمَ إلَخْ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَنْكَرَ الدَّيْنَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ اخْتَلَفَا مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ عَلَى صِحَّةِ عَقْدٍ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْفَسَادَ وَالْآخَرُ الصِّحَّةَ] (قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ) وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُفْسِدِ فَجَانِبُ الصِّحَّةِ اجْتَمَعَ فِيهِ أَمْرَانِ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ وَجَانِبُ الْفَسَادِ اعْتَضَدَ بِأَصْلٍ مُجَرَّدٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى عَقْدٍ كَانَ فِي ضِمْنِهِ الِاعْتِرَافُ بِوُجُودِ شَرَائِطِهِ حَتَّى لَا يَسْمَعَ مِنْهُ خِلَافَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ تَأْوِيلًا وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا حَكَمَ فِي وَاقِعَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ اسْتَوْفَى الْأَوْضَاعَ الشَّرْعِيَّةَ فِي حُكْمِهِ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ وَلَا فَرْقَ فِي تَصْدِيقِ مُدَّعِي صِحَّةِ الْعَقْدِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ فِي الْجُمْلَةِ) خَرَجَ بِقَيْدِ الْجُمْلَةِ مَا لَوْ كَانَ الْمُفْسِدُ عَدَمَ الشَّيْءِ كَالرُّؤْيَةِ مِنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 ذُرْعَانَهَا فَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ ذِرَاعًا مُعَيَّنًا وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْإِشَاعَةَ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِإِرَادَتِهِ كَمَا مَرَّ وَمَا إذَا اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ اعْتِرَافٍ فَالْمُصَدَّقُ مُدَّعِي وُقُوعِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَمَا إذَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ أَذِنْت فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ مُطْلَقًا فَالْمُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَلَا مِنْ نَائِبِهِمَا وَمَا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِمَغْصُوبٍ كُنْت أَظُنُّ الْقُدْرَةَ عَلَى تَسَلُّمِهِ وَأَنَا الْآنَ لَا أَقْدِرُ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ لِاعْتِضَادِهِ بِقِيَامِ الْغَصْبِ وَمَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ كَاتَبْتُك وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيَّ وَعُرِفَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ هُنَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا يَكُونُ وُجُودُهُ شَرْطًا كَبُلُوغِ الْبَائِعِ كَأَنَّهُ بَاعَهُ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا حِينَ الْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَاحْتَمَلَ مَا قَالَهُ الْبَائِعُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الطَّلَاقِ وَالْجِنَايَاتِ يُوَافِقُهُ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مَا لَمْ أَرَهُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ صُدِّقَ الْبَائِعُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَا يَنْفَكُّ هَذَا عَنْ خِلَافٍ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ اخْتِلَافِهِمَا فِي مُفْسِدِ الْعَقْدِ وَفِيهَا الْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ فَرَّعَهَا الْغَزَالِيُّ وَتَقَدَّمَتْ فِي الْكِتَابِ آخِرَ الْبَيْعِ وَزَعَمَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَبَحْثًا فَعَلَيْهِ تُسْتَثْنَى هَذِهِ وَفِي عَكْسِهَا بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي رَأَيْته وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا صَحَّحَهُ مِنْ أَنَّ الْمُصَدَّقَ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ بِزِقِّ خَمْرٍ) أَوْ بِحُرٍّ أَوْ أَلْفٍ وَزِقِّ خَمْرٍ أَوْ قَالَ شَرْطنَا شَرْطًا فَاسِدًا فَأَنْكَرَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ بِخَمْسِمِائَةٍ وَزِقِّ خَمْرٍ حَلَفَ) الْبَائِعُ (عَلَى نَفْيِ الْمُفْسِدِ) بِأَنْ يَقُولَ لَمْ يُسَمَّ فِي الْعَقْدِ خَمْرٌ (ثُمَّ تَحَالَفَا) لِبَقَاءِ النِّزَاعِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ بَلْ سَيَأْتِي فِي الرَّهْنِ فِي كَلَامِهِ أَيْ ابْنِ الْمُقْرِي (قَوْلُهُ وَمَا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) قَالَ الشَّيْخَانِ لَوْ قَالَ هَذَا الَّذِي بِعْتنِيهِ حُرُّ الْأَصْلِ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ هُوَ مَمْلُوكٌ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ وَجَعَلَا دَلِيلًا لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي دَعْوَى الشَّرْطِ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَاهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَطْعًا لَكِنَّهُمَا ذَكَرَا بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ وَرِقَّةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ عَصِيرٌ فَوَجَدْنَاهُ خَمْرًا بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ عِنْدَ الشِّرَاءِ خَمْرًا وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَانَ عَلَى الْخِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ قَالَ السُّبْكِيُّ فَيَحْتَاجُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ يَدَ الْبَائِعِ ثَابِتَةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَدَعْوَى الْمُشْتَرِي الْحُرِّيَّةَ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ دَعْوَى الْخَمْرِ فَإِنَّ ثُبُوتَ الْخَمْرِيَّةِ الْآنَ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِهَا فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ الِاسْتِصْحَابِ الْمَعْكُوسِ وَأَيْضًا الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَقْبَلَ قَوْلَ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى الْخَمْرِيَّةِ لَكِنَّ شَاهِدَ الْخَمْرِيَّةِ اقْتَضَى تَصْدِيقَهُ بِالطَّرِيقِ السَّابِقِ وَلَا شَاهِدَ مَعَهُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ فَقَطَعَ فِيهَا بِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ الثَّانِي أَنَّ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ إثْبَاتُ حَقٍّ لِثَالِثٍ وَهُوَ الْعَبْدُ وَالْعَبْدُ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ فَبَطَلَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي قَطْعًا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعَصِيرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إثْبَاتُ حَقٍّ لِثَالِثٍ بَلْ دَعْوَى إزَالَةٍ مُجَرَّدَةٍ (قَوْلُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ دُونَ الصِّحَّةِ اهـ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ إلَخْ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَقَدْ جَرَى صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالشَّيْخَيْنِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَمَّا كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الْجِنَايَاتِ وَالطَّلَاقِ فَلَيْسَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ وَفَارَقَ مَا ذَكَرْنَا مَا سَيَأْتِي فِي الضَّمَانِ بِأَنَّ الْمُعَاوَضَاتِ يُحْتَاطُ فِيهَا غَالِبًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقَعُ بِشُرُوطِهَا وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ قَالَ مُجَلِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الْحَقُّ وَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ اهـ. وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مَا لَمْ أَرَهُ إلَخْ) اخْتِلَافُهُمَا فِي شَرْطِ الْقَطْعِ عِنْدَ بَيْعِ الثَّمَرَةِ أَوْ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرُّؤْيَةِ وَشَرْطُ الرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُتَعَاقِدِينَ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ شَيْءٍ مِنْهُ لِثَالِثٍ فَلَوْ شَرْطَاهُ لَهُ وَتَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ فَفِي الْحَاوِي أَنَّ الْقِرَاضَ صَحِيحٌ وَأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا اسْتِعَارَةَ الِاسْمِ لِيَصِحَّ الْقِرَاضُ وَادَّعَى الْآخَرُ التَّمْلِيكَ لِيَبْطُلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى التَّمْلِيكَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَيَكُونُ الْقِرَاضُ بَاطِلًا قَالَ فِي الْخَادِمِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ بَنَاهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَلَوْ قُلْنَا بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ ذَاكَ حَيْثُ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى مَا ظَاهِرُهُ الْفَسَادُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ يُعَضِّدُهَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ (تَنْبِيهٌ) سَأَلَ الْأَذْرَعِيُّ شَيْخَهُ السُّبْكِيَّ عَنْ رَجُلٍ بَعَثَ إلَى آخَرَ جَارِيَةً فَمَاتَتْ عِنْدَهُ فَقَالَ بَاعِثُهَا إنَّمَا بَعَثْتهَا إلَيْك لِتَشْتَرِيهَا وَقَالَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ هَدِيَّةً فَمَنْ الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا فَأَجَابَهُ الَّذِي يَسْبِقُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَاعِثِ لِأَنَّهُ الدَّافِعُ وَهُوَ أَعْرَفُ بِنِيَّتِهِ لَكِنْ دَعْوَاهُ السَّوْمَ تَقْتَضِي تَضْمِينَ الْقَابِضِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَجُعِلَ الْقَابِضُ مُسْتَامًا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ السَّوْمِ وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعِيدٌ وَقَبُولُ قَوْلِ الْقَابِضِ فِي الْهَدِيَّةِ لَا يُمْكِنُ أَيْضًا فَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَاقِيَةً أَمَرْنَاهُ بِرَدِّهَا وَإِنْ مَاتَتْ فِي يَدِهِ حَلَفَ الْقَابِضُ عَلَى نَفْيِ السَّوْمِ وَبَرِئَ مِنْ قِيمَتِهَا قَالَ النَّاشِرِيُّ وَيُفْهَمُ مِنْ جَوَابِهِ وَتَعْلِيلِهِ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَوْ تَلِفَتْ حَيْثُ ادَّعَى الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَالْقَابِضُ الْهِبَةَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَابِضِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَلَوْ أَخَذَ الْحِنْطَةَ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ وَأَكَلَ وَاخْتَلَفَا بَعْدَ الرُّخْصِ فَقَالَ الدَّافِعُ بِعْتُك بِكَذَا وَقَالَ الْآخِذُ بَلْ كَانَ قَرْضًا صُدِّقَ الْآخِذُ بِيَمِينِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّاجِحُ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ أَنَّ مُدَّعِيَهَا عِنْدَ تَلَفِهَا يَضْمَنُهَا الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ فَيَجْرِي فِي مَسْأَلَتِنَا وَيَجْرِي فِيهَا أَيْضًا خِلَافٌ فِيمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَتَلِفَتْ وَادَّعَى الدَّافِعُ الْقَرْضَ وَالْآخِذُ الْوَدِيعَةَ صُدِّقَ مُدَّعِي السَّوْمِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَقْتَضِي الضَّمَانَ فِي مَسْأَلَتِنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 (فَصْلٌ) لَوْ (رَدَّ) الْمُشْتَرِي (الْمَبِيعَ) الْمُعَيَّنَ (أَوْ) الْبَائِعُ (الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ فَأَنْكَرَ) الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ (كَوْنَهُ مَالِهِ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ (فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَوْ الْمَبِيعُ) فِيمَا ذَكَرَ (فِي الذِّمَّةِ صُدِّقَ الْمُدَّعِي) لِلْعَيْبِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُنْكِرِ وَيُفَارِقُ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُنْكِرِ وَهُنَاكَ اعْتَرَفَ بِقَبْضِهِ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِ الْفَسْخِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ يَتَنَاوَلُ الْمُسَلَّمَ فِيهِ وَغَيْرَهُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِ الْأَصْلِ عَلَى الْمُسَلَّمِ فِيهِ [فَرْعٌ اشْتَرَى طَعَامًا كَيْلًا وَقَبَضَهُ بِهِ أَوْ وَزْنًا وَقَبَضَهُ بِهِ ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى نَقْصًا] (فَرْعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ لَوْ (قَبَضَ الْمَبِيعَ) مَثَلًا (مَكِيلًا) أَوْ مَوْزُونًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بِأَنْ اشْتَرَى طَعَامًا كَيْلًا وَقَبَضَهُ بِهِ أَوْ وَزْنًا وَقَبَضَهُ بِهِ أَوْ أَسْلَمَ فِيهِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ (وَادَّعَى نَقْصًا) فَإِنْ كَانَ قَدْرًا (يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْكَيْلِ) أَوْ الْوَزْنِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِهِ مَعَ عَدَمِ مُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ (وَإِلَّا فَلَا) يُصَدَّقُ لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْقَبْضِ وَالْقَابِضُ يَدَّعِي الْخَطَأَ فِيهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَمَا لَوْ اقْتَسَمَا ثُمَّ جَاءَ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْخَطَأَ فِيهِ تَلْزَمُهُ الْبَيِّنَةُ (وَإِذَا بَاعَهُ أَوْ رَهَنَهُ عَصِيرًا فَوَجَدَهُ خَمْرًا أَوْ وَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً) مَيِّتَةً (وَقَالَ هَكَذَا قَبَضْته فَأَنْكَرَ) الْبَائِعُ (صُدِّقَ الْبَائِعُ) بِيَمِينِهِ (إنْ أَمْكَنَ) صِدْقُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ (اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (كَاتِبًا) مَثَلًا (تَحَالَفَا) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ (أَوْ) اخْتَلَفَا (فِي انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ) فَيُصَدَّقُ مُدَّعِيهِ بِيَمِينِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الْأَجَلِ فَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي ابْتِدَائِهِ وَسَيَأْتِي مُفَصَّلًا آخِرَ الْبَابِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ تَحَالَفَا كَمَا مَرَّ أَوَّلَهُ وَإِنْ سَكَتَا عَنْ قَدْرِهِ فَرُبَّمَا يَبْقَى النِّزَاعُ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ كُلَّمَا ادَّعَى الِانْقِضَاءَ مُدَّعِيهِ أَنْكَرَ الْآخَرُ وَقَدْ قَرَّرَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَا يُوَافِقُ الْأَوَّلَ لَكِنْ لَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِمْ وَلَك أَنْ تَخْتَارَ الْأَخِيرَ وَتَقُولَ يَزُولُ الْمَحْذُورُ فِيهِ بِأَنْ يَذْكُرَ مُدَّعِي الِانْقِضَاءِ قَدْرَ الْأَجَلِ لِيُوَافِقَهُ الْآخَرُ أَوْ يُخَالِفَهُ وَيُرَتَّبُ عَلَيْهِ انْقِطَاعُ النِّزَاعِ نَعَمْ إنْ قَالَ نَسِيت قَدْرَهُ اسْتَمَرَّ النِّزَاعُ إلَى أَنْ يَذْكُرَ مَا قُلْنَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّرَهُ بِمَا يُؤَجِّلُ بِهِ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ غَالِبًا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ. (فَصْلٌ فِي) كَيْفِيَّةِ (التَّحَالُفِ إذَا تَبَادَلَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ عَرَضًا بِعَرَضٍ فَأَبْدَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (عَيْنًا بِعَيْنٍ) يَعْنِي مُعَيَّنًا بِمُعَيَّنٍ (تَسَاوَيَا فِي الْبُدَاءَةِ) بِالْيَمِينِ أَيْ فَيُتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْبُدَاءَةِ بِأَيِّهِمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مَاذَا وَنَاقَشَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ مَأْخَذَ الْبُدَاءَةِ قُوَّةُ جَانِبٍ عَلَى جَانِبٍ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْلِيلِ الْأَقْوَالِ فِيمَنْ يَبْدَأُ بِهِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا وَأُيِّدَ بِأَنَّ الْمُدْرِكَ فِي التَّسَاوِي تَعْيِينُ الثَّمَنِ كَالْمَبِيعِ وَلِهَذَا إذَا تَنَازَعَا فِي الْبُدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ أُجْبِرَا فِي الْأَظْهَرِ وَقَدْ يُمْنَعُ فَقْدُهُ لِأَنَّ جَانِبَ الْبَائِعِ أَقْوَى لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَإِنْ تَسَاوَى الْعِوَضَانِ فِيمَا ذُكِرَ وَبِمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ صَرَّحَ الْقَاضِي مُجَلِّي وَغَيْرُهُ لَكِنْ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَوْجَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ بَاعَ مُعَيَّنًا بِمَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ وَإِنْ صَدَقَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بِعَكْسِهِ وَبِبَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ بِمَا فِي الذِّمَّةِ (بُدِئَ) فِي الْحَلِفِ (بِالْبَائِعِ) لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَعُودُ إلَيْهِ بَعْدَ الْفَسْخِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى التَّحَالُفِ وَلِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَى الثَّمَنِ قَدْ تَمَّ بِالْعَقْدِ وَمِلْكُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلَيْنِ. وَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي فِي صُورَةِ الْعَكْسِ وَأَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ فِي الَّتِي بَعْدَهَا نَظِيرَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَلَا يَبْدَأُ بِالْبَائِعِ إلَّا فِيمَا مَرَّ (اسْتِحْبَابًا) لَا وُجُوبًا لِحُصُولِ الْغَرَضِ مَعَ تَقْدِيمِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا (فَيَحْلِفُ) الْبَائِعُ (يَمِينًا وَاحِدَةً تَجْمَعُ نَفْيًا) لِقَوْلِ غَيْرِهِ (وَإِثْبَاتًا) لِقَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ (مَا بِعْت بِكَذَا وَإِنَّمَا بِعْت بِكَذَا ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي) بِأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ (مَا اشْتَرَيْت بِكَذَا وَإِنَّمَا اشْتَرَيْت بِكَذَا) عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِإِنَّمَا الْمُفِيدَةِ لِلْحَصْرِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ النَّفْيِ فَتَعْبِيرُ الْمِنْهَاجِ كَالشَّاشِيِّ وَغَيَّرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَقَدْ أَوْلَى وَتَقْدِيمُ النَّفْيِ عَلَى الْإِثْبَاتِ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إثْبَاتِ قَوْلِهِ نَفْيُ قَوْلِ صَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّعَرُّضِ لَهُ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ غَيْرُ التَّصْرِيحِ بِهِ وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِالْإِثْبَاتِ فَقَطْ اُكْتُفِيَ بِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَكْتَفُونَ فِي ذَلِكَ بِالصَّرِيحِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى أَيْضًا بِقَوْلِهِ مَا بِعْت   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ أَوْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ فَأَنْكَرَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ] قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ أَوْ رَهَنَهُ عَصِيرًا إلَخْ) فَلَوْ بَاعَ عَصِيرًا أَوْ خَلًّا وَأَقْبَضَهُ وَبَانَ نَجِسًا أَوْ خَمْرًا فَقَالَ الْبَائِعُ تَنَجَّسَ أَوْ تَخَمَّرَ فِي يَدِك وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ فِي يَدِك صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ [فَصْلٌ كَيْفِيَّةِ التَّحَالُفِ إذَا تَبَادَلَا] (قَوْلُهُ وَنَاقَشَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ مَأْخَذَ الْبُدَاءَةِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى إلَخْ) وَلِأَنَّهُ يَأْتِي بِصَدْرِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلَيْنِ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ فِي ثَانِيهِمَا دُونَ أَوَّلِهِمَا (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ إلَخْ) يَحْلِفُ الْوَارِثُ فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى الْبَتِّ وَفِي النَّفْيِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي مَعْنَى الْوَارِثِ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَكِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا) لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي النَّفْيِ وَمُدَّعٍ فِي الْإِثْبَاتِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى إثْبَاتِ قَوْلِهِ عِنْدَ قَرِينَةِ اللَّوْثِ أَوْ نُكُولِ الْخَصْمِ أَوْ إقَامَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 إلَّا بِكَذَا وَمَا اشْتَرَيْت إلَّا بِكَذَا لَكِنْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ بِالِاكْتِفَاءِ بِهِ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ إلَى فَصْلِ الْقَضَاءِ وَيَلْزَمُهُ الِاكْتِفَاءُ أَيْضًا بِإِنَّمَا بِعْت بِكَذَا وَإِنَّمَا اشْتَرَيْت بِكَذَا وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ بَعْدَ مُوَافَقَتِهِ الْجُمْهُورَ وَذَكَرَ نَحْوَهُ السُّبْكِيُّ وَزَادَ فَقَالَ وَوَقَعَ فِي عِبَارَةِ الشَّافِعِيِّ الْإِتْيَانُ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ فِي الْبَائِعِ وَالتَّصْرِيحُ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي الْمُشْتَرِي وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ الْمُعَبِّرِ وَبَيَانِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جَائِزٌ اهـ فَيَنْبَغِي الْأَخْذُ بِهِ. وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِيَمِينَيْنِ وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَكَلَامُ الْأَصْلِ وَكَثِيرٌ يُشْعِرُ بِالْجَوَازِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ أَوَّلَ الْبَابِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَالزَّوْجُ فِي الصَّدَاقِ كَالْبَائِعِ) فَيَبْدَأُ بِهِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِبَقَاءِ التَّمَتُّعِ لَهُ كَمَا قَوِيَ جَانِبُ الْبَائِعِ بِعَوْدِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ وَلِأَنَّ أَثَرَ التَّحَالُفِ يَظْهَرُ فِي الصَّدَاقِ لَا فِي الْبُضْعِ وَهُوَ بَاذِلُهُ فَكَانَ كَبَائِعِهِ (فَرْعٌ لَوْ قَدَّمَ الْإِثْبَاتَ) عَلَى النَّفْيِ (جَازَ) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَلِحُصُولِ الْغَرَضِ بِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (فَلَوْ نَكَلَ) أَحَدُهُمَا (عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ) عَنْ (أَحَدِهِمَا قُضِيَ لِلْحَالِفِ) لِتَمَامِ حُجَّتِهِ (وَلَوْ نَكَلَا جَمِيعًا وَلَوْ عَنْ النَّفْيِ فَقَطْ وُقِفَ أَمْرُهُمَا) وَكَأَنَّهُمَا تَرَكَا الْخُصُومَةَ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ كَتَحَالُفِهِمَا وَنَقَلَهُ عَنْ بَسِيطِ الْغَزَالِيِّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَرَأَيْت فِي الْأُمِّ فِي أَبْوَابِ الْكِتَابَةِ مَا يَشْهَدُ لَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَايَةِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخَانِ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الصَّدَاقِ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَنَّهُ كَتَحَالُفِهِمَا لِنَصِّ الْأُمِّ الْمُشَارِ إلَيْهِ قَالَ وَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ نُكُولِهِ لَمْ يُمَكَّنْ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى لُزُومِ الْعَقْدِ بَعْدَ جَوَازِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا لَا تُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَى الْآخَرِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُعْرَضَ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَمْ يَحْلِفْهُ وَإِلَّا حَلَفَهُ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْعَرْضُ الْمَذْكُورُ مُسْتَحَبًّا (فَصْلٌ لَا يَنْفَسِخُ) الْعَقْدُ (بِالتَّحَالُفِ) مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْبَيِّنَةِ (بَلْ يَعِظُهُمَا) الْحَاكِمُ أَيْ يَدْعُوهُمَا إلَى الْمُوَافَقَةِ (وَإِنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ فَإِنْ (سَمَحَ أَحَدُهُمَا) لِلْآخَرِ بِمَا ادَّعَاهُ (أَجْبَرَ الْآخَرَ) عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَحْ أَحَدُهُمَا (فَسَخَ الْقَاضِي) إنْ اسْتَمَرَّ نِزَاعُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْأَلَاهُ الْفَسْخَ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ بَلْ وَإِنْ أَعْرَضَا عَنْ الْخُصُومَةِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ (أَوْ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا) لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِاسْتِدْرَاكِ الظَّلَّامَةِ فَأَشْبَهَ الْفَسْخَ بِالْعَيْبِ (فَإِنْ فَسَخَا انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَالْإِقَالَةِ وَكَذَا إنْ فَسَخَ الْقَاضِي أَوْ الصَّادِقُ مِنْهُمَا) لِتَعَذُّرِ وُصُولِهِمَا إلَى حَقِّهِمَا كَمَا فِي الْفَسْخِ بِالْإِفْلَاسِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِيمَا عَادَ إلَيْهِ وَتَرْجِيحُ الِانْفِسَاخِ بَاطِنًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ (وَإِنْ فَسَخَ الْكَاذِبُ لَمْ يَنْفَسِخْ بَاطِنًا) لِتَرَتُّبِهِ عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ (وَطَرِيقُ الصَّادِقِ إنْشَاءُ الْفَسْخِ إنْ أَرَادَ الْمِلْكَ فِيمَا عَادَ إلَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ فَإِنْ أَنْشَأَ الْفَسْخَ أَيْضًا فَذَاكَ وَإِلَّا فَقَدْ ظَفِرَ بِمَالِ مَنْ ظَلَمَهُ فَيَتَمَلَّكُهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَإِلَّا فَيَبِيعُهُ لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ تَقَارَّا عَلَى الْعَقْدِ بِلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ جَازَ قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ثُمَّ الْفَسْخُ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ فَوْرِيًّا عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الْمَطْلَبِ لِبَقَاءِ الضَّرَرِ الْمُحَوِّجِ لَهُ وَوَقَعَ فِي نُسَخِهِ بَدَلَ مَا شَرَحْنَا عَلَيْهِ مَا يُخَالِفُ بَعْضَهُ فَاجْتَنِبْهُ (فَرْعٌ إذَا وَقَعَ الْفَسْخُ لَا يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ قَبْلَ الْفَسْخِ) وَلَوْ قَبِلَ الْقَبْضَ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلَةِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْأَصْلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّحَالُفَ يَجْرِي عِنْدَ بَقَاءِ الْعِوَضِ وَتَلَفِهِ وَاعْتُرِضَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي بَعْدَ التَّلَفِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّدَّ يَعْتَمِدُ الْمَرْدُودَ وَالْفَسْخَ يَعْتَمِدُ الْعَقْدَ وَبِأَنَّ الرَّدَّ يَخْلُفُهُ الْأَرْشُ فَلَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْفَسْخِ (فَلَوْ كَانَ) بَاقِيًا بِحَالِهِ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ رَدُّهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ (تَالِفًا أَوْ زَائِلًا عَنْ مِلْكِهِ أَوْ) تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَأَنْ كَانَ (مُكَاتَبًا) كِتَابَةً صَحِيحَةً (غَرِمَ قِيمَتَهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَإِنْ زَادَتْ عَلَى ثَمَنِهِ وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَالْعِبْرَةُ بِقِيمَتِهِ (يَوْمَ التَّلَفِ) أَيْ تَلَفِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا إذْ مَوْرِدُ الْفَسْخِ الْعَيْنُ لَوْ بَقِيَتْ وَالْقِيمَةُ خَلَفٌ عَنْهَا فَلْتُعْتَبَرْ عِنْدَ فَوَاتِ أَصْلِهَا فَلَوْ تَحَالَفَا فِي عَبْدَيْنِ وَقَدْ مَاتَ أَحَدُهُمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ إلَخْ) نَسَبَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِبَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَزْيِيفَهُ وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي إشْعَارِ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ بِهِ نَظَرٌ وَبُعْدٌ (قَوْلُهُ يُشْعِرُ بِالْجَوَازِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالزَّوْجُ فِي الصَّدَاقِ كَالْبَائِعِ) لَوْ قَالَ وَالزَّوْجُ فِي الْعِوَضِ لَكَانَ أَشْمَلَ لِئَلَّا يَخْرُجَ عَنْهُ الِاخْتِلَافُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ ك وَالْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَالْمُسَاقَى وَالْمُقَارَضُ وَالْآجِرُ وَالْمُكَاتَبُ فِي رُتْبَةِ الْبَائِعِ وَأَضْدَادُهُمْ فِي رُتْبَةِ الْمُشْتَرِي وَقِسْ عَلَيْهِ م (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ) وَالشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ [فَصْلٌ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالتَّحَالُفِ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ] (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْبَيِّنَةِ) وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَصَدَ بِيَمِينِهِ إثْبَاتَ الْمِلْكِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ مُوجِبَةً لِلْفَسْخِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ صَحِيحًا بِاتِّفَاقِهِمَا فَلَا يَنْفَسِخُ إلَّا بِالْفَسْخِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ (قَوْلُهُ إنْ اسْتَمَرَّ نِزَاعُهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهَا (قَوْلُهُ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ) عِبَارَةُ إرْشَادِهِ فَإِنْ أَخَّرَا فَلِكُلٍّ وَالْحَاكِمِ فَسْخُ عَقْدٍ وَعِبَارَةُ تَمْشِيَتِهِ وَإِذَا تَحَالَفَا دَعَاهُمَا الْحَاكِمُ إلَى الِاتِّفَاقِ فَإِنْ اتَّفَقَا فَذَاكَ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ مِنْهَا الْفَسْخُ وَلِلْحَاكِمِ إذَا سَأَلَاهُ أَيْضًا الْفَسْخُ وَكَذَا إذَا أَعْرَضَا عَلَى الْأَصَحِّ اهـ أَيْ عَنْ سُؤَالِهِمَا (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ لِي الْقَطْعُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِمَا ع [فَرْعٌ وَقَعَ الْفَسْخُ لَا يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ قَبْلَ الْفَسْخِ] (قَوْلُهُ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ رَدُّهُ) فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ غَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا صَاحِبُ الْمَعِينِ وَقَالَ إنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 أَوْ عَتَقَ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَوْجُودَ وَقِيمَةَ التَّالِفِ وَفَارَقَ اعْتِبَارَهَا بِمَا ذَكَرَ اعْتِبَارَهَا لِمَعْرِفَةِ الْأَرْشِ بِأَقَلِّ قِيمَتَيْ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ النَّظَرَ إلَيْهَا ثَمَّ لَا لِتَغْرَمَ بَلْ لِيُعْرَفَ مِنْهَا الْأَرْشُ وَهُنَا الْمَغْرُومُ الْقِيمَةُ فَكَانَ اعْتِبَارُ حَالَةِ الْإِتْلَافِ أَلْيَقَ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ. (وَالْمَعِيبُ بِنَحْوِ أَبَاقٍ وَافْتِضَاضٍ) لِبِكْرٍ مِمَّا يُثْبِتُ الْخِيَارَ (يَرُدُّهُ بِالْأَرْشِ) أَيْ مَعَهُ وَهُوَ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْكُلَّ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا فَبَعْضُهُ بِبَعْضِهَا فَلَوْ تَحَالَفَا فِي عَبْدٍ وَقَدْ سَقَطَتْ يَدُهُ رَدَّهُ مَعَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا (وَوَطْؤُهُ الثَّيِّبَ لَيْسَ بِعَيْبٍ) فَلَا أَرْشَ لَهُ وَكَذَا أَرْشُ وَطْءِ غَيْرِهِ لَهَا إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ عَيْبًا كَأَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ مِنْهَا (وَكُلُّ أَرْشٍ وَجَبَ فِي مَضْمُونٍ بِالْقِيمَةِ فَهُوَ مَا نَقَصَ مِنْهَا أَوْ) مَضْمُونٍ (بِالثَّمَنِ فِيمَا) أَيْ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِمَا (نَقَصَ مِنْهُ) يُرَدُّ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الضَّابِطِ الْأَوَّلِ مَا لَوْ قَطَعَ مِنْ الرَّقِيقِ مَا لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِمُقَدَّرِهِ لَا بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا فَيَضْمَنُهُ بِالْأَكْثَرِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِ أَصْلِهِ مَا ضَمِنَ كُلَّهُ بِالْقِيمَةِ فَبَعْضُهُ بِبَعْضِهَا لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِهِ مَا لَوْ تَعَيَّبَ الْمُعَجَّلُ فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ لَا أَرْشَ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَمَا لَوْ تَعَيَّبَ الصَّدَاقُ فِي يَدِ الزَّوْجَةِ وَطَلَّقَهَا فَإِنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ إنْ اخْتَارَ الرُّجُوعَ إلَى الشَّطْرِ وَمَا لَوْ رَأَى عَيْبًا بِالْمَبِيعِ فَرَدَّهُ وَقَدْ تَعَيَّبَ الثَّمَنُ بِنَقْصٍ وُصِفَ كَشَلَلٍ فَإِنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ كَمَا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَرْشِ مَعَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ تُضْمَنُ بِتَلَفِهَا وَمِنْ عَكْسِهِ مَا لَوْ اشْتَرَى الْمَغْصُوبَ مِنْ غَاصِبِهِ فَإِنَّهُ لَوْ تَعَيَّبَ فِي يَدِهِ وَغَرِمَ الْأَرْشَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ. وَلَوْ تَلِفَ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ وَمَا لَوْ جَنَى السَّيِّدُ عَلَى مُكَاتَبِهِ كَأَنْ قَطَعَ يَدَهُ فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَلَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا وَأَمَّا مَا قَالَهُ فِي الضَّابِطِ الثَّانِي فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ الْأَرْشَ لَا يُعْتَبَرُ بِمَا نَقَصَ مِنْ الثَّمَنِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا أَرْشَ إذَا لَمْ يَنْقُصْ الثَّمَنُ عَنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ لَوْ كَانَ سَلِيمًا كَمَا مَرَّ مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِكَلَامِهِ فِي الضَّابِطِ الْأَوَّلِ حَذْفُ الْبَاءِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الثَّانِي فَبِمَا (وَإِنْ رَهَنَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ أَوْ انْتَظَرَ الْفِكَاكَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ فِي الصَّدَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَكَانَ الصَّدَاقُ مَرْهُونًا وَقَالَ انْتَظِرْ الْفِكَاكَ لِلرُّجُوعِ فَلَهَا إجْبَارٌ عَلَى قَبُولِ نِصْفِ الْقِيمَةِ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَطَرِ الضَّمَانِ فَالْقِيَاسُ هُنَا إجْبَارُهُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْمُتَوَلِّي انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَدْ حَصَلَ لَهَا كَسْرٌ بِالطَّلَاقِ فَنَاسَبَ جَبْرَهَا بِإِجَابَتِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (وَإِذَا أَجَّرَهُ رَجَعَ فِيهِ مُؤَجَّرًا) لَا فِي قِيمَتِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُؤَجَّرِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى) فِي الْإِجَارَةِ (وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِلْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ إلَى انْقِضَائِهَا (وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَائِعَ) فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْعَ الدَّارِ لِمُسْتَأْجِرِهَا لَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ وَلَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أُجْرَةُ مِثْلُهُ وَلِلْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى (وَالتَّلَفُ قَدْ يَكُونُ حَقِيقِيًّا وَقَدْ يَكُونُ حُكْمِيًّا بِأَنْ) أَزَالَ مِلْكَهُ كَأَنْ (وَقَفَ الْمَبِيعَ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ) وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ فَلَوْ كَانَ تَالِفًا إلَى قَوْلِهِ غَرِمَ قِيمَتَهُ مُكَرَّرٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يَفِي بِالْغَرَضِ كَمَا يُعْرَفُ مِمَّا قَدَّمْته ثُمَّ (وَ) هَذِهِ (التَّصَرُّفَاتُ صَحِيحَةٌ) لِصُدُورِهَا فِي مَحَلِّهَا. (وَالتَّعَيُّبُ) أَيْضًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَوْجُودَ وَقِيمَةَ التَّالِفِ) قَالَ شَيْخُنَا جَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ مُفَرَّعًا عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي رَدِّ الْمَعِيبِ وَإِمْسَاكِ السَّلِيمِ قَهْرًا أَمَّا إذَا قُلْنَا بِالْمَنْعِ فَيَرُدُّ قِيمَةَ الْمَعِيبِ التَّالِفِ وَقِيمَةَ السَّلِيمِ سَلِيمًا وَلِذَا زَادَ فِي الْعُبَابِ أَنَّهُ يَرُدُّ قِيمَةَ الْمَعِيبِ وَالسَّلِيمِ بِالرِّضَا (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ) يُنْتَقَضُ بِأَنَّهُ جَعَلَ النَّظَرَ إلَى قِيمَةِ الثَّمَنِ التَّالِفِ عِنْدَ رَدِّ الْمَعِيبِ حُكْمَ الْأَرْشِ مِنْ اعْتِبَارِهَا أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ مَعَ أَنَّ النَّظَرَ فِيهَا لِتَغْرَمَ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَحَالَفَا فِي عَبْدٍ وَقَدْ سَقَطَتْ يَدُهُ رَدَّهُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِالرِّضَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي تَلَفِ أَحَدِ الْعَيْنَيْنِ (قَوْلُهُ فِيمَا نَقَصَ مِنْهُ) أَيْ الْمَضْمُونِ وَكَتَبَ بِاعْتِبَارِ نَقْصِ قِيمَتِهِ فَهُوَ مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِ أَصْلِهِ إلَخْ) قَدْ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ إلَى مَا قَالَهُ فَسَلِمَ مِمَّا أَوْرَدَ عَلَيْهِ طَرْدًا وَعَكْسًا. (قَوْلُهُ يَرُدُّ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الضَّابِطِ إلَخْ) لَا يَرُدُّ إذْ الْأَرْشُ هُنَا مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ مَا ضَمِنَ كُلَّهُ بِالْقِيمَةِ فَبَعْضُهُ بِبَعْضِهَا) سَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ عَكْسِهِ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّهَا مُنْعَكِسَةٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِهِ مَا لَوْ تَعَيَّبَ الْمُعَجَّلُ إلَخْ) وَالْمَبِيعُ إذَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَأَخَذَهُ الْمُشْتَرِي نَاقِصًا لَا أَرْشَ لَهُ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ عِنْدَ إفْلَاسِ الْمُشْتَرِي وَوَجَدَهُ نَاقِصًا بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِإِتْلَافِ الْبَائِعٍ فَلَا أَرْشَ لَهُ وَإِذَا رَجَعَ الْمُقْرِضُ فِي الْمُقْرَضِ وَقَدْ تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْمُقْتَرِضِ لَا أَرْشَ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقَرْضِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ مَعَ أَرْشِهِ أَوْ يَرْجِعُ فِي بَدَلِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَوْ تَعَيَّبَ فِي يَدِهِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَقَرَارُ الضَّمَانِ حِينَئِذٍ عَلَى الْغَاصِبِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ابْتِدَاءً فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْغَاصِبِ. (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ فِي الصَّدَاقِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي بَابِ الصَّدَاقِ إذَا حَصَلَ الْفِرَاقُ فَوَجَدَهُ مَرْهُونًا مَقْبُوضًا وَقَالَ أَنَا أَصْبِرُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَتَسَلَّمَهُ قَالُوا إنَّ لِلزَّوْجَةِ الِامْتِنَاعَ لِخَطَرِ الضَّمَانِ وَهَذَا الْمَعْنَى يَأْتِي هُنَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَتَسَلَّمُهُ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ جَزْمًا وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي هُنَا وَقَدْ ذَكَرُوهُ هُنَاكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ الطَّلَبُ حَتَّى انْفَكَّ الرَّهْنُ فَفِي تَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِالْعَيْنِ وَجْهَانِ وَهُنَا جَزَمُوا بِأَنَّ لِلْبَائِعِ الصَّبْرَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اتَّفَقَ الِانْفِكَاكُ قَبْلَ الطَّلَبِ كَانَ لَهُ أَخْذُ الْعَيْنِ جَزْمًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ الْوَجْهَانِ وَهُمَا مُحْتَمَلَانِ مِنْ جِهَةِ الْمَانِعِ الْقَائِمِ عِنْدَ الْفِرَاقِ وَالْفَسْخِ هُنَا وَمِنْ جِهَةٍ أَنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا كَانَتْ بَدَلًا فَإِذَا لَمْ يَتَّصِلْ الْمَقْصُودُ بِأَخْذِهَا رَجَعَ إلَى الْأَصْلِ وَهَذَا أَرْجَحُ عَلَى قِيَاسِ قَوَاعِدِ الْإِبْدَالِ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ أَنَّ الْمُطْلَقَةَ إلَخْ) يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ رُجُوعَ الزَّوْجِ فِي الصَّدَاقِ ابْتِدَاءً تَمَلُّكٌ لَا فَسْخٌ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَمَلُّكٍ يَضُرُّهَا بِسَبَبِ خَطَرِ الضَّمَانِ بِخِلَافِ الرُّجُوعِ فِي غَيْرِ الصَّدَاقِ فَإِنَّهُ فَسْخٌ وَهُوَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ بِأَنَّهَا لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي حُصُولِ فُرْقَةِ الطَّلَاقِ أَوْ نَحْوِهِ فَلِهَذَا أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِ نِصْفِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ بِأَنْ وَقَفَ الْمَبِيعَ) شَمِلَ مَا لَوْ وَقَفَهُ عَلَى بَائِعِهِ (قَوْلُهُ مُكَرَّرٌ) أَعَادَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 (قَدْ يَكُونُ) حَقِيقِيًّا وَقَدْ يَكُونُ (حُكْمِيًّا بِأَنَّ) الْأَوْلَى كَأَنْ (زَوَّجَ الرَّقِيقَ) عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً (فَعَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُزَوَّجًا وَخَلِيًّا وَيَعُودُ إلَى الْبَائِعِ) وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَفِيهِ أَنَّهُمَا مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ أَوْ الْأَرْشِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَيْ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (وَإِذَا فَسَخَ) الْعَقْدَ عَلَى الرَّقِيقِ (وَهُوَ آبِقٌ غَرِمَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ لِلْحَيْلُولَةِ) لِتَعَذُّرِ حُصُولِهِ (فَلَوْ رَجَعَ الْآبِقُ رَدَّهُ وَاسْتَرَدَّ الْقِيمَةَ لَا الْمَرْهُونَ وَالْمُكَاتَبَ) كِتَابَةً صَحِيحَةً إذَا لَمْ يَصْبِرْ الْبَائِعُ إلَى زَوَالِ الرَّهْنِ وَالْكِتَابَةِ فَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُمَا لِلْحَيْلُولَةِ بَلْ لِلْفَيْصُولَةِ (فَوُرُودُ الْفَسْخِ فِيهِمَا عَلَى الْقِيمَةِ) لَا عَلَى الْمَبِيعِ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ تَمَلُّكَهُ لِكَوْنِهِ إبْطَالًا لَهُمَا وَهُمَا لَازِمَانِ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ وَالسَّيِّدِ فَكَانَا كَالْبَيْعِ وَتَوَقُّعُ زَوَالِهِمَا كَتَوَقُّعِ عَوْدِ الْمَبِيعِ بِخِلَافِ الْإِبَاقِ وَلِذَلِكَ مَنَعَا رُجُوعَ الْبَائِعِ بِالْإِفْلَاسِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْإِبَاقُ (وَيَتَحَالَفُ الْوَكِيلَانِ) فِي الْعَقْدِ (وَفَائِدَتُهُ الْفَسْخُ) لَا الْإِقْرَارُ (إذْ لَا فَائِدَةَ فِي إقْرَارِهِمَا) لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلَيْنِ. (فَصْلٌ) لَوْ (اخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ عَبْدٍ) مَثَلًا (وَحَلَفَ كُلٌّ) مِنْهُمَا بَعْدَ التَّحَالُفِ أَوْ قَبْلَهُ (بِعِتْقِهِ أَنَّهُ الصَّادِقُ) فِيمَا ادَّعَاهُ بِأَنْ قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت فَهُوَ عَتِيقٌ (لَمْ يَحْكُمْ بِعِتْقِهِ) فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ صَادِقٌ بِزَعْمِهِ (فَإِنْ عَادَ إلَى الْبَائِعِ بِفَسْخٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُكَذَّبٌ) أَيْ بَاقٍ عَلَى تَكْذِيبِهِ (لِلْمُشْتَرِي) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا الْقَيْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ (عَتَقَ) أَيْ حَكَمَ (عَلَيْهِ) بِعِتْقِهِ (ظَاهِرًا) مُطْلَقًا (لَا بَاطِنًا إنْ كَذَبَ) فِيمَا ادَّعَاهُ وَإِنَّمَا عَتَقَ عَلَيْهِ ظَاهِرًا (لِاعْتِرَافِهِ بِعِتْقِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي) فَهُوَ كَمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ (وَإِنْ صَدَقَ) فِيهِ (عَتَقَ عَلَى الْمُشْتَرِي) بَاطِنًا (وَوَقْفُ) حَالَتَيْ الْكَذِبِ وَالصِّدْقِ (وَوَلَاؤُهُ) بَيْنَهُمَا إذْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (وَإِنْ صَدَّقَهُ) أَيْ وَإِنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ كَمَا وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ هَكَذَا (نَظَرْت فَإِنْ تَقَدَّمَتْ يَمِينُهُ بِالْعِتْقِ عَلَى يَمِينِ الْمُشْتَرِي لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ لِتَكْذِيبِهِ إيَّاهُ بِيَمِينِهِ) لِتَأَخُّرِهَا فَهُوَ مُقِرٌّ بِحُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِ (ثُمَّ) لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ وَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى (إنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي عَتَقَ عَلَيْهِ وَبَطَلَ الْفَسْخُ إنْ تَفَاسَخَا) أَيْ إنْ فُسِخَ الْعَقْدُ (وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ) مِنْ زِيَادَتِهِ (كَمَا لَوْ رُدَّ عَبْدٌ بِعَيْبٍ وَاعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي) بَعْدَهُ (بِعِتْقِهِ بَطَلَ الْفَسْخُ وَأَخَذَ الْأَرْشَ) أَيْ أَرْشَ الْعَيْبِ مِنْ الْبَائِعِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَحَكَمَ بِعِتْقِهِ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُ حَقِّهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ قَالَ كُنْت أَعْتَقْته (فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ) فِيمَا ذَكَرَ (بَعْضَ الْعَبْدِ وَعَتَقَ) الْبَعْضُ (عَلَى الْبَائِعِ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ لَمْ يُقَوَّمْ) وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَسْرِ (عَلَيْهِ) الْبَاقِي (لِعَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ الْعِتْقَ) لِأَنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ بِإِقْرَارِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَعَبْدًا فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَعْتَقَهُ أَبِي وَأَنْكَرَ الْآخَرُ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي [فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي وَطْءُ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ حَالَ النِّزَاعِ وَقَبْلَ التَّحَالُفِ] (فَصْلٌ وَلِلْمُشْتَرِي وَطْءُ الْجَارِيَةِ) الْمَبِيعَةِ (حَالَ النِّزَاعِ وَقَبْلَ التَّحَالُفِ) عَلَى الْأَصَحِّ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ (وَ) فِي جَوَازِهِ (فِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ) مُرَتَّبَانِ وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ لِإِشْرَافِهِ عَلَى الزَّوَالِ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ بَلْ قَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ أَيْضًا بَعْدَ الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَزُلْ بِهِ مِلْكُ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَبْلَ الْفَصْلِ السَّابِقِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ) بِيَمِينِهِ (فِي قَدْرِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ) بَعْدَ قَبْضِهِ لَهُ (إنْ فَسَخَ) الْبَيْعَ (بِإِقَالَةٍ أَوْ عَيْبٍ) لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ فِي الْإِقَالَةِ مَعَ زِيَادَةٍ (وَ) الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا (فِي قِيمَةِ التَّالِفِ مِنْ أَحَدِ عَبْدَيْ الصَّفْقَةِ إذَا رَضِيَ بِرَدِّ الْبَاقِي) وَحْدَهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ لِأَنَّهُ مَلَكَ الثَّمَنَ بِالْبَيْعِ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ إلَّا بِمَا أَقَرَّ بِهِ (وَفِي كَوْنِهِ بَاعَ النَّخْلَ مُؤَبَّرًا) بِأَنْ ادَّعَى ذَلِكَ لِتَكُونَ الثَّمَرَةُ لَهُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ لِتَكُونَ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُكهَا مُؤَبَّرَةً فَقَالَ بَلْ غَيْرَ مُطَلَّعَةٍ وَإِنَّمَا اطَّلَعَتْ فِي مِلْكِي لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاسْتُشْكِلَتْ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِيهَا التَّحَالُفُ كَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الْقَطَّانِ وَالصَّيْمَرِيُّ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ إنَّهُ الشَّجَرَةُ فَقَطْ وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ أَنَّهُ الشَّجَرَةُ وَالثَّمَرَةُ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّحَالُفَ إنَّمَا يَأْتِي لَوْ صَحَّ وُرُودُ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا وَادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ وُرُودَهُ عَلَيْهِمَا فَاسِدٌ وَهُوَ إنَّمَا ادَّعَى وُرُودَهُ عَلَى الشَّجَرَةِ وَدُخُولِ الثَّمَرَةِ تَبَعًا فَلَا تَحَالُفَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الشَّيْخِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ عَبْدٍ مَثَلًا وَحَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ التَّحَالُفِ أَوْ قَبْلَهُ بِعِتْقِهِ أَنَّهُ الصَّادِقُ] قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ بَلْ قَضِيَّةُ الْجَوَازِ أَيْضًا إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ) مَمْنُوعٌ إذْ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ فِيهِ أَيْضًا وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ شَامِلَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ لَوْ صَحَّ وُرُودُ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا) قَالَ شَيْخُنَا صُورَةُ عَدَمُ وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَى الثَّمَرَةِ إذَا بَاعَهَا مُنْفَرِدَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِدُونِ شَرْطِ قَطْعِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي وَلَدِ الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ فَقَالَ الْبَائِعُ وَضَعْته قَبْلَ الْعَقْدِ فَهُوَ لِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ بَعْدَهُ صُدِّقَ الْبَائِعُ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَالْمُسَلَّمِ إلَيْهِ) بِيَمِينِهِمَا (فِي بَقَاءِ أَجَلٍ اُخْتُلِفَ فِي ابْتِدَائِهِ) لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّهُمَا فَإِذَا ادَّعَى غَرِيمُهُمَا انْقِضَاءَهُ فَقَدْ ادَّعَى اسْتِحْقَاقَ مُطَالَبَتِهِ وَهُمَا يُنْكِرَانِهِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمَا وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ اخْتَلَفَ مَعَ غَرِيمِهِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ (وَإِنْ) بَاعَ شَيْئًا فَظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ لِابْنِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ فَوَقَعَ اخْتِلَافٌ بِأَنْ (قَالَ الِابْنُ أَوْ الْمُوَكِّلُ بَاعَ أَبِي مَالِي فِي الصِّغَرِ) لِنَفْسِهِ مُتَعَدِّيًا (أَوْ) بَاعَ (وَكِيلِي) مَالِي (مُتَعَدِّيًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ) بَاعَهُ (لِحَاجَتِك أَوْ بِلَا تَعَدٍّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَالْوَكِيلِ أَمِينٌ فَلَا يُتَّهَمُ إلَّا بِحُجَّةٍ وَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ لَا يَخْفَى لَكِنْ قَوْلُهُ بِلَا تَعَدٍّ يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (كِتَابُ السَّلَمِ) وَيُقَالُ لَهُ السَّلَفُ يُقَالُ أَسْلَمَ وَسَلَّمَ وَأَسْلَفَ وَسَلَّفَ وَسُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَسَلَفًا لِتَقْدِيمِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} [البقرة: 282] الْآيَةُ فَسَّرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِالسَّلَمِ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» (وَهُوَ بَيْعُ) شَيْءٍ (مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ بِبَدَلٍ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ) بِمَجْلِسِ الْبَيْعِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ اعْتِبَارَ التَّعْجِيلِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ السَّلَمِ لَا رُكْنٌ فِيهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ رَسْمٌ لَا يَقْدَحُ فِيهِ مَا ذُكِرَ وَقَضِيَّةُ كَوْنِ السَّلَمِ بَيْعًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إسْلَامُ الْكَافِرِ فِي الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنْ صَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ الْقَطْعَ بِصِحَّتِهِ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ (وَهُوَ بَيْعُ) أَيِّ نَوْعٍ مِنْهُ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ (بِشُرُوطٍ) سِتَّةٍ زَائِدَةٍ عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ غَيْرِ الرُّؤْيَةِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ بَيْعٌ مُكَرَّرٌ (الْأَوَّلُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ) إذْ لَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ وَلِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ غَرَرٌ آخَرُ (وَلَوْ اسْتَوْفَى الْمُسَلَّمَ فِيهِ) فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ فِيهِ تَبَرُّعٌ وَالتَّبَرُّعُ لَا يُغَيِّرُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ حُلُولِ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ شَرْطُ تَسْلِيمِهِ فِي الْمَجْلِسِ (وَيَصِحُّ السَّلَمُ وَالصَّرْفُ وَبَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ وَالْعِوَضَانِ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الْعَاقِدُ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا فِي ذِمَّةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَالْآخَرُ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ وَهُمَا (مَوْصُوفَانِ بِصِفَةِ السَّلَمِ) ثُمَّ يُعَيِّنُ وَيُسَلِّمُ فِي الْمَجْلِسِ مَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِيهِ فَلَوْ تَفَارَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ وَكَذَا لَوْ تَخَايَرَا قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الرِّبَا (وَإِذَا تَفَرَّقَا بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ صَحَّ فِيهِ بِقِسْطِهِ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ (وَلَوْ قَبَضَهُ) مِنْهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ (فِي الْمَجْلِسِ وَرَدَّهُ إلَيْهِ عَنْ دَيْنٍ) لَهُ عَلَيْهِ (صَحَّ) كُلٌّ مِنْ الرَّدِّ وَالْعَقْدِ (كَمَا ذَكَرَهُ) الْأَصْلُ (فِي الرِّبَا وَصَحَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) هُنَا لِأَنَّ تَصَرُّفَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فِي مُدَّةِ خِيَارِ الْآخَرِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا كَانَ مَعَ غَيْرِ الْآخَرِ لِأَنَّ صِحَّتَهُ تَقْتَضِي إسْقَاطَ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الْخِيَارِ إمَّا مَعَهُ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ ذَلِكَ إجَازَةً مِنْهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابَيْ الرِّبَا وَالْخِيَارِ. وَاعْتَرَضَ بِهِ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى مَا نَقَلَاهُ هُنَا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ قَبْلَ انْبِرَامِ مِلْكِهِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ حَذَفَ ذَلِكَ وَذَكَرَ بَدَلَهُ الصِّحَّةَ وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ ذَكَرَهُ فِي الرِّبَا أَنَّهُ ذَكَرَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِعَيْنِهِ وَأَفْهَم كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْمُسَلَّمِ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ (وَإِنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ مَا) لَهُ (فِي ذِمَّتِهِ أَوْ صَالَحَ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَصِحَّ) لِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْأَوْلَى وَلِعَدَمِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ فِي الثَّانِيَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ صُدِّقَ الْبَائِعُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ [كِتَابُ السَّلَمِ] (كِتَابُ السَّلَمِ) هَلْ هُوَ عَقْدُ غَرَرٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي أَصَحُّهُمَا نَعَمْ وَهُوَ رُخْصَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) كَالشَّفَقِ أَوْ الْفَجْرِ أَوْ وَسَطِ السَّنَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الثَّمَنِ فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا فَكَذَلِكَ الْمُثَمَّنُ وَلِأَنَّ فِيهِ رِفْقًا فَإِنَّ أَرْبَابَ الضَّيَائِعِ قَدْ يَحْتَاجُونَ إلَى مَا يُنْفِقُونَهُ عَلَى مَصَالِحِهَا فَيَسْتَلِفُونَ عَلَى الْغَلَّةِ وَأَرْبَابُ النُّقُودِ يَنْتَفِعُونَ بِالرُّخْصِ فَجُوِّزَ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَرٌ كَالْإِجَارَةِ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ «مَنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَوْ مَوْزُونٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا» لَا أَنَّهُ حَصَرَهُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ إلَخْ) بِلَفْظِ السَّلَمِ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَخْتَصُّ بِصِيغَةٍ إلَّا هَذَا وَالنِّكَاحُ (قَوْلُهُ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ اعْتِبَارَ إلَخْ) وَعَقْدُ الصَّرْفِ وَالِاسْتِبْدَالِ عَنْ الْمُثَمَّنِ بِمَا يُوَافِقُهُ مِنْ الْمَوْصُوفَاتِ فِي الذِّمَّةِ وَكَذَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ زَائِدَةٌ عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ) الْوَارِدِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا اقْتَضَى اشْتِرَاطَ رُؤْيَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَالصِّيغَةِ فَلَا تَرُدُّ صِحَّةَ سَلَمِ الْأَعْمَى دُونَ شِرَائِهِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ) لِخَبَرِ «مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ» وَالسَّلَفُ التَّقْدِيمُ فَاقْتَضَى التَّعْجِيلَ وَلِأَنَّ السَّلَمَ مُشْتَقٌّ مِنْ اسْتِلَامِ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ تَعْجِيلِهِ وَأَسْمَاءُ الْعُقُودِ الْمُشْتَقَّةِ مِنْ الْمَعَانِي لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ تِلْكَ الْمَعَانِي فِيهَا (قَوْلُهُ وَالتَّبَرُّعُ لَا يُغَيِّرُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ) مُرَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى اشْتِرَاطِ قَبْضِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَهُوَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيُؤَدِّي إلَى تَغْيِيرِ مَوْضُوعِ الْعَقْدِ فَيَبْطُلُ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ حُلُولِ رَأْسِ الْمَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَالصَّرْفِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ التَّعْيِينُ وَمَا وَجَبَ تَعْيِينُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لَكِنْ جَزَمَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ بِنَفْيِهِ وَقَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنَّهُ الصَّحِيحُ اهـ فَهُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ مَا ثَبَتَ لَهُ) أَيْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ) وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَصَارِفَيْنِ لَوْ قَبَضَ مِنْ الْآخَرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 (وَيَجُوزُ جَعْلُ الْمَنْفَعَةِ رَأْسَ مَالٍ) كَغَيْرِهَا (وَتَسْلِيمُهَا بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ) وَاكْتَفَى بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ إذْ قَبْضُهَا بِقَبْضِ الْعَيْنِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ عَقَارًا غَائِبًا وَمَضَى فِي الْمَجْلِسِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُضِيُّ إلَيْهِ وَالتَّخْلِيَةُ صَحَّ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ بِذَلِكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُتَعَلِّقَةً بِبَدَنِهِ كَتَعْلِيمِ سُورَةٍ وَخِدْمَةِ شَهْرٍ صَحَّ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَبَحَثَهُ لَكِنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَمَا اسْتَثْنَاهُ مَرْدُودٌ إذْ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ (فَرْعٌ) لَوْ (أَحَالَ) الْمُسَلِّمُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ (بِرَأْسِ الْمَالِ) وَتَفَرَّقَا (لَمْ يَصِحَّ) السَّلَمُ (وَإِنْ وَفَّاهُ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ (فِي الْمَجْلِسِ) سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الْمُحِيلُ أَمْ لَا لِأَنَّ بِالْحَوَالَةِ يَتَحَوَّلُ الْحَقُّ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَهُوَ يُؤَدِّيهِ عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ لَا عَنْ جِهَةِ الْمُسَلِّمِ نَعَمْ إنْ قَبَضَهُ الْمُسَلِّمُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ بِإِذْنِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ (وَإِنْ أَمَرَهُ الْمُسَلِّمُ بِالتَّسْلِيمِ) إلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَفَعَلَ لَمْ يَكْفِ لِصِحَّةِ السَّلَمِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ لَكِنْ (صَارَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَكِيلًا لِلْمُسَلِّمِ) فِي قَبْضِ ذَلِكَ ثُمَّ السَّلَمُ يَقْتَضِي قَبْضًا آخَرَ وَلَا يَصِحُّ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ مَالٌ كَوَدِيعَةٍ فَأَسْلَمَهُ لَهُ فِي شَيْءٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ بَلْ هُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِمَّنْ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْإِقْبَاضَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَقَدْ قَالُوا فِي الْمُسْتَأْجِرِ يُؤْذَنُ لَهُ فِي الْعِمَارَةِ بِالْأُجْرَةِ فَيَدَّعِيهَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ اهـ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ ثَمَّ لَيْسَ لِكَوْنِهِ وَكِيلًا فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ بَلْ لِكَوْنِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ فَلْيُقْبَلْ قَوْلُهُ هُنَا لِكَوْنِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي الدَّفْعِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْإِذْنُ فِي الدَّفْعِ هُنَا كَالْإِذْنِ فِي الْعِمَارَةِ ثُمَّ وَفِيهِ إذْ الْوَكِيلُ فِي الدَّفْعِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تِلْكَ اُسْتُثْنِيَتْ لِلْحَاجَةِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا (وَإِنْ جَرَتْ الْحَوَالَةُ) مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ (بَطَلَ) الْعَقْدُ وَإِنْ جَعَلْنَا الْحَوَالَةَ قَبْضًا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ وَلِهَذَا لَا يَكْفِي عِنْدَ الْإِبْرَاءِ (نَعَمْ إنْ أَمَرَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ الْمُسَلِّمَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُحْتَالِ (فَفَعَلَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ الْقَبْضُ) وَكَانَ الْمُحْتَالُ وَكِيلًا فِيهِ عَنْ الْمُسَلِّمِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ فِي إحَالَةِ الْمُسَلِّمِ وَالْفَرْقُ مَا وَجَّهُوا بِهِ ذَاكَ مِنْ أَنَّ الْمُقْبَضَ فِيهِ يُقْبَضُ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ السَّلَمِ أَيْ بِخِلَافِهِ هُنَا وَالْحَوَالَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ فَاسِدَةٌ لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهَا عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُحَالِ بِهِ وَعَلَيْهِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَلِأَنَّ صِحَّتَهَا تَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ السَّلَمِ بِغَيْرِ قَبْضٍ حَقِيقِيٍّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا) لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَصِحَّ الْعِتْقُ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ صَحَّ فَالْمُعْتَبَرُ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ وَلَمْ يُوجَدْ (ثُمَّ إنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ الْقَبْضِ بَانَ صِحَّةُ الْعَقْدِ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ (وَفِي) نُفُوذِ (الْعِتْقِ وَجْهَانِ) كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ وَقُلْنَا لَا يَنْفُذُ فَانْفَكَّ الرَّهْنُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَمُقْتَضَاهُ تَصْحِيحُ عَدَمِ النُّفُوذِ وَالصَّحِيحُ النُّفُوذُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَفَّارِ الْقَزْوِينِيُّ فِي عُبَابِهِ وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قِيَاسًا عَلَى عِتْقِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ افْتَرَقَا مِنْ وَجْهٍ (أَوْ) تَفَرَّقَا (قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ) لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ وَلَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرَ الصِّحَّةُ إنْ قَبَضَهُ وَإِلَّا فَلَا (فَرْعٌ وَإِنْ فَسَخَ السَّلَمَ) اقْتَضَى (تَعَيُّنَ رَدِّ رَأْسِ الْمَالِ) إلَى الْمُسَلِّمِ (وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي الْعَقْدِ) لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ (وَإِنْ تَلِفَ فَبَدَلُهُ) وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ (وَإِنْ قَالَ الْمُسَلِّمُ أَقْبَضْتُك) رَأْسَ الْمَالِ (بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَقَالَ) بَلْ (قَبْلَهُ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ) لِأَنَّهَا مَعَ مُوَافَقَتِهَا لِلظَّاهِرِ نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحَبَةٌ سَوَاءٌ أَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ بِيَدِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ أَمْ بِيَدِ الْمُسَلِّمِ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ قَبَضْته قَبْلَ التَّفَرُّقِ ثُمَّ أَوْدَعْتَكَهُ أَوْ غَصَبْته مِنِّي فَعِبَارَتُهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ بِالشِّقِّ الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَرْعٌ) لَوْ (أَسْلَمَ دَرَاهِمَ) أَوْ دَنَانِيرَ (فِي الذِّمَّةِ حُمِلَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) غَالِبٌ بِأَنْ اسْتَوَتْ النُّقُودُ (بَيْنَهُ) أَيْ النَّقْدِ الْمُرَادِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَالثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ (أَوْ) أَسْلَمَ (عَرَضًا) فِي الذِّمَّةِ (وَجَبَ وَصْفُهُ)   [حاشية الرملي الكبير] مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ قَرْضًا ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ عَمَّا بَقِيَ لَهُ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ وَصَحَّحْنَا الصِّحَّةَ وَهُنَا مِثْلُهُ اهـ لَيْسَ ذَاكَ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ جَعْلُ الْمَنْفَعَةِ رَأْسَ مَالٍ) كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهَا ثَمَنًا وَأُجْرَةً وَصَدَاقًا (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إذَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ التَّسْلِيمِ بِغَيْرِ عُذْرٍ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ كَغَصْبِ الدَّارِ وَإِبَاقِ الْعَبْدِ أَوْ بِعُذْرٍ كَالْأَكْلِ لَمْ يُؤَثِّرْ [فَرْعٌ أَحَالَ الْمُسَلِّمُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَتَفَرَّقَا] (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تِلْكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ] (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ الْقَبْضِ بِأَنَّ صِحَّةَ الْعَقْدِ) فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ فَإِنَّهُ قَبَضَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْقَبْضُ دُونَ الْعِتْقِ قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّهُ سُومِحَ فِيهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ النُّفُوذُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَفَّارِ إلَخْ) وَصَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ [فَرْعٌ فَسَخَ السَّلَمَ يَقْتَضِي رَدِّ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُسَلِّمِ] (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ) إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ (قَوْلُهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ) لَوْ قَالَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ تَفَرَّقْنَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَنْكَرَ الْمُسَلِّمُ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مَعَ مُوَافَقَتِهَا لِلظَّاهِرِ نَاقِلَةٌ) لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ وَهُوَ الْقَبْضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 أَيْ ذِكْرُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ (وَإِذَا أَسْلَمَ) الْمَالَ (الْمُعَيَّنَ) مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ وَلَوْ مِثْلِيًّا (جُزَافًا أَوْ كَانَ) رَأْسُ الْمَالِ (جَوْهَرَةً) مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ (صَحَّ) وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِي الْجَوْهَرَةِ اكْتِفَاءً بِالْمُعَايَنَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ صِفَتِهِ وَلَا قَدْرِهِ سَوَاءٌ السَّلَمُ الْحَالُّ وَالْمُؤَجَّلُ وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْعَاقِدَانِ الْقَدْرَ وَالْقِيمَةَ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا أَمْ لَا وَمَا ذُكِرَ فِي الْمِثْلِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ أَحَبَّ الْقَوْلَيْنِ إلَيْهِ الِاشْتِرَاطُ (وَالْقَوْلُ) فِيمَا إذَا اتَّفَقَ فُسِخَ وَتَنَازَعَا (فِي قَدْرِهِ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (الشَّرْطُ الثَّانِي كَوْنُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ دَيْنًا) لِأَنَّهُ الَّذِي وُضِعَ لَهُ لَفْظُ السَّلَمِ (فَإِنْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك أَلْفًا فِي هَذَا) الْعَبْدِ مَثَلًا (أَوْ) أَسْلَمْت إلَيْك (هَذَا) الْعَبْدَ (فِي هَذَا) الثَّوْبِ (فَلَيْسَ بِسَلَمٍ) لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ (وَلَا بَيْعًا) لِاخْتِلَالِ لَفْظِهِ لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ يَقْتَضِي الدَّيْنِيَّةَ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ تَرْجِيحٍ اعْتِبَارًا لِلَّفْظِ وَقَدْ يُرَجِّحُونَ اعْتِبَارَ الْمَعْنَى إذَا قَوِيَ كَتَرْجِيحِهِمْ فِي الْهِبَةِ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ انْعِقَادُهَا بَيْعًا وَالصُّورَةُ الْأُولَى فِي كَلَامِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِذَا قَالَ بِعْتُك بِلَا ثَمَنٍ) أَوْ وَلَا ثَمَنَ لِي عَلَيْك (فَقَبِلَ لَمْ يَكُنْ هِبَةً) اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ وَلَا بَيْعًا لِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ بِرَفْعِ آخِرِهَا أَوَّلَهَا (وَهَلْ يَضْمَنُهُ) الْقَابِلُ (بِالْقَبْضِ وَجْهَانِ) قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنْ اعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ ضَمِنَ أَوْ الْمَعْنَى فَلَا (أَوْ) قَالَ (بِعْتُك وَسَكَتَ) عَنْ الثَّمَنِ فَقَبِلَ لَمْ يَكُنْ هِبَةً نَظَرًا لِلَّفْظِ وَلَا بَيْعًا لِعَدَمِ ذِكْرِ الثَّمَنِ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَإِذَا قَبَضَ الْقَابِلُ الْمَبِيعَ (ضَمِنَهُ) فَيَرُدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا (وَالسَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) الْخَالِي عَنْ لَفْظِ السَّلَمِ كَأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي ذِمَّتِي فَقَالَ بِعْتُك (بِيعَ) نَظَرًا لِلَّفْظِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَقِيلَ سَلَمٌ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْهُ وَعَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالْمُخْتَارُ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَاللَّفْظُ لَا يُعَارِضُهُ إذْ كُلُّ سَلَمٍ بَيْعٌ كَمَا أَنَّ كُلَّ صَرْفٍ بَيْعٌ فَإِطْلَاقُ الْبَيْعِ عَلَى السَّلَمِ إطْلَاقٌ عَلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْإِجَارَةِ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِهِ (لَكِنْ) عَلَى الْأَوَّلِ (يَجِبُ تَعْيِينُ رَأْسِ الْمَالِ) فِي الْمَجْلِسِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ) فَلَا يَجِبُ وَيَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَعَلَى الثَّانِي يَنْعَكِسُ ذَلِكَ (فَصْلٌ يَصِحُّ السَّلَمُ حَالًّا) كَالْمُؤَجَّلِ وَأَوْلَى لِبُعْدِهِ عَنْ الْغَرَرِ وَلَا مَانِعَ وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ «إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» أَيْ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا قَبْلَهُ إذْ الْمَعْنَى فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إنْ كَانَ مَكِيلًا وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إنْ كَانَ مَوْزُونًا بِدَلِيلِ جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ (وَمُؤَجَّلًا) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (وَلَوْ أُطْلِقَ) عَنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ (فَهُوَ حَالٌّ) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ فَلَوْ كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَعْدُومًا عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَلَوْ أَلْحَقَا بِهِ أَجَلًا فِي الْمَجْلِسِ لِحَقٍّ أَوْ ذَكَرَا أَجَلًا ثُمَّ أَسْقَطَاهُ فِي الْمَجْلِسِ سَقَطَ أَوْ حَذَفَا فِيهِ الْمُفْسِدَ لَمْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي الذِّمَّةِ] قَوْلُهُ اكْتِفَاءً بِالْمُعَايَنَةِ) وَقِيلَ لَا تَكْفِي رُؤْيَةُ رَأْسِ الْمَالِ بَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ فَإِنْ عِلْمَاهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ صَحَّ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْعَاقِدَانِ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مَا وَقَعَ مَجْهُولًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالْمَعْرِفَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ حَصَلَ الْعِلْمُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الْعِلْمَ هُنَاكَ لِدَفْعِ الْغَرَرِ فِي الْعَقْدِ وَهُنَا لِأَجْلِ مَا يَرُدُّ عِنْدَ الْفَسْخِ فَكَانَ أَخَفَّ (قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي) الْمُرَادُ بِالشَّرْطِ هُنَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَتَنَاوَلُ جُزْءَ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ كَوْنُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ دَيْنًا) قَالَ شَيْخُنَا لَا تَكْرَارَ فِي هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِهِ وَمِنْ لَازِمِهِ الدَّيْنِيَّةُ لِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالرَّسْمِ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَالِ لَفْظِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالضَّابِطُ الْجَامِعُ أَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّفْظَ إنْ كَانَ مُتَهَافِتًا بِحَيْثُ يُنَاقِضُ آخِرُهُ أَوَّلَهُ كَبِعْتُ بِلَا ثَمَنٍ لَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعًا قَطْعًا وَلَا هِبَةً عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَهَافِتًا وَلَكِنْ كَانَ اللَّفْظُ قَدْ اُشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنًى خَاصٍّ فَإِذَا نُقِلَ إلَى غَيْرِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ فَلَا نَنْظُرُ إلَى الْمَعْنَى عَلَى الْأَصَحِّ كَأَسْلَمْتُ إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ سَلَمًا لِفَقْدِ شَرْطِ الدَّيْنِيَّةِ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَلَا بَيْعًا عَلَى الْأَصَحِّ لِاشْتِهَارِ لَفْظِ السَّلَمِ فِي بُيُوعِ الذِّمَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْمَعْنَى أَرْجَحُ فَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُهُ كَوَهَبْتُكَ بِكَذَا فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعًا عَلَى الْأَصَحِّ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَعْنَى أَرْجَحَ فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الصِّيغَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْمَعْنَى تَابِعٌ كَاشْتَرَيْتُ مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْإِجَارَةِ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِهِ) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِيمَانِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ يَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ بِالسَّلَمِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ تَعْيِينُ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ) نَبَّهَ عَلَيْهِ الْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ امْتِنَاعُ تَأْجِيلِهِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ مُثَمَّنٌ وَالِاعْتِيَاضُ عَنْهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَمَّا إنَّهُ مُثَمَّنٌ وَلَيْسَ بِثَمَنٍ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا إنَّ الثَّمَنَ هُوَ النَّقْدُ فَهُوَ الدَّرَاهِمُ هُنَا وَإِنْ قُلْنَا مَا اتَّصَلَتْ بِهِ الْبَاءُ فَكَذَلِكَ اهـ وَلَعَلَّ هَذَا سَبَبُ حَذْفِ الْمُصَنِّفِ لَهُ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمَبِيعِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ فِي الِاعْتِيَاضِ عَنْ الثَّوْبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ كَلَامُهُمَا فِي الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ يَجِبُ تَعْيِينُهَا فِي الْمَجْلِسِ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا وَقَدْ عُلِمَ مَا ذَكَرْته مِنْ تَصْوِيرِهِ بِإِيرَادِهِ الشِّرَاءَ عَلَى الْمَوْصُوفِ وَإِدْخَالِهِ الْبَاءَ فِي الدَّرَاهِمِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَوْصُوفَ مَبِيعٌ وَأَنَّ الدَّرَاهِمَ ثَمَنٌ [فَصْلٌ يَصِحُّ السَّلَمُ حَالًّا] (قَوْلُهُ وَلَا مَانِعَ) خَرَّجَ بِهِ الْكِتَابَةَ لِعَجْزِ الرَّقِيقِ فِي الْحَالِ عَنْ الْحَالِّ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِلَّا اشْتَرَطَ فِيهِ التَّأْجِيلَ كَالْكِتَابَةِ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَجَلُ غَيْرُهُمَا وَفَائِدَةُ الْعُدُولِ مِنْ الْبَيْعِ إلَى السَّلَمِ الْحَالِّ أَنَّ الْمَالَ رُبَّمَا لَا يَكُونُ حَاضِرًا مَرْئِيًّا فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ الْإِحْضَارِ وَالرُّؤْيَةِ يَبْطُلُ بَيْعُهُ وَإِنْ أَخَّرَ فَيَفُوتُهُ الْمُشْتَرَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 يَنْحَذِفْ فَلَا يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ صَحِيحًا كَمَا قَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَأَعَادَهُ الْأَصْلُ هُنَا (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (فَلَا يُؤَقَّتُ بِالْحَصَادِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ) وَنَحْوِهِمَا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَذَكَرَ مَعَهَا وَقْتَهَا أَمْ لَا إذْ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ وَمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ شَيْئًا إلَى مَيْسَرَتِهِ» فَمَحْمُولٌ إنْ صَحَّ عَلَى زَمَنٍ مَعْلُومٍ عِنْدَهُمْ (وَلَا بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَالْعُطَاسِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ (الْوَقْتَ) أَيْ وَقْتَهَا الْمُعَيَّنَ فَيَصِحُّ (وَيَجُوزُ) التَّأْقِيتُ (بِشُهُورِ الرُّومِ) مَثَلًا كَتَمُّوزَ وَحُزَيْرَانَ (وَأَعْيَادِ كُفَّارٍ) كَالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ يُطْلَقَانِ عَلَى الْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَنْتَهِي الشَّمْسُ فِيهِمَا إلَى أَوَائِلِ بُرْجَيْ الْمِيزَانِ وَالْحَمَلِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ كَشُهُورِ الْعَرَبِ هَذَا (إنْ عَرَفَهَا الْمُسْلِمُونَ) وَلَوْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ (أَوْ الْمُتَعَاقِدَانِ) بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَصَّ الْكُفَّارُ بِمَعْرِفَتِهَا إذْ لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُمْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَّا أَنْ يَبْلُغُوا عَدَدًا يَمْتَنِعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ (وَلَوْ وَقَّتَا بِالنَّفْرِ وَرَبِيعٍ وَالْعِيدِ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا وَلَمْ يُقَيِّدَا بِالْأَوَّلِ وَلَا بِالثَّانِي (صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِهِ وَلَوْ قَالَ كَأَصْلِهِ شَهْرُ رَبِيعٍ كَانَ أَوْلَى لِقَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ لَا يُقَالُ رَبِيعٌ بَلْ شَهْرُ رَبِيعٍ قَالُوا وَلَا يُضَافُ لَفْظُ شَهْرٍ إلَى شَيْءٍ مِنْ الشُّهُورِ إلَّا إلَى رَمَضَانَ وَالرَّبِيعَيْنِ وَيُنَوَّنُ رَبِيعٌ إذَا وُصِفَ بِالْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَلَا يُقَالُ بِالْإِضَافَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ مَالَهُ بِذَلِكَ تَعَلُّقٌ (أَوْ) وَقَّتَا (بِالْقَرِّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ (وَهُوَ حَادِي عَشَرَ) ذِي (الْحِجَّةِ صَحَّ) سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْحُجَّاجَ يُقِرُّونَ فِيهِ بِمِنًى وَيَنْفِرُونَ بَعْدَهُ النَّفْرَيْنِ فِي الثَّانِي عَشَرَ وَالثَّالِثَ عَشَرَ وَالتَّأْجِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ بِأَيَّامِهَا لَا بِهَا نَفْسِهَا لِأَنَّهَا قَدْ تَتَقَدَّمُ وَقَدْ تَتَأَخَّرُ (فَرْعٌ وَالسَّنَةُ) الْمُطْلَقَةُ (تُحْمَلُ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ) دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا عُرْفُ الشَّرْعِ قَالَ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] (فَلَوْ عَقَدَا فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ) وَفِي مَعْنَاهُ لَيْلَتُهُ (فَكُلُّ السَّنَةِ هِلَالِيَّةٌ) فَيُكْتَفَى بِمُضِيِّهَا بَعْدَهُ فَلَا يَكْمُلُ الْيَوْمُ مِمَّا بَعْدَهَا فَإِنَّهَا مَضَتْ عَرَبِيَّةً كَوَامِلَ هَذَا (إنْ نَقَصَ الشَّهْرُ الْأَخِيرُ وَإِنْ كَمُلَ انْكَسَرَ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ) الَّذِي عَقَدَا فِيهِ فَيُكْمَلُ مِنْهُ الْمُنْكَسِرُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْهِلَالِ فِيهِ دُونَ الْبَقِيَّةِ (أَوْ) عَقَدَا فِي آخِرِ (أَوَّلِ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ بَعْدَ (لَحْظَةٍ مِنْ الْمُحْرِمِ) وَأُجِّلَ بِسَنَةٍ مَثَلًا (فَهُوَ مُنْكَسِرٌ وَحْدَهُ) فَيُكْمَلُ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَا يُلْغَى الْمُنْكَسِرُ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ عَنْ الْعَقْدِ أَمَّا إذَا عَقَدَا أَوَّلَ الشَّهْرِ فَيُعْتَبَرُ الْجَمِيعُ بِالْأَهِلَّةِ تَامَّةً كَانَتْ أَوْ نَاقِصَةً (وَإِنْ قَالَ) الْعَاقِدُ (شَمْسِيَّةً) وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبُعُ يَوْمٍ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ يَوْمٍ أَوَّلُهَا الْحَمَلُ وَرُبَّمَا جَعَلَ النَّيْرُوزَ (أَوْ رُومِيَّةً) وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبُعُ يَوْمٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ فَارِسِيَّةً وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَيُزَادُ فِي الْآخِرِ خَمْسَةٌ يُسَمُّونَهَا الْمُسْتَرِقَّةَ أَوْ قَمَرِيَّةً وَيُقَالُ لَهَا الْهِلَالِيَّةُ وَالْعَرَبِيَّةُ وَهِيَ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ وَتَوَقَّفَ الْقَاضِي مُجَلِّي فِي زِيَادَةِ الْكَسْرَيْنِ وَصَحَّحَ الْجِيلِيُّ أَنَّهَا ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَقَرَّرَ الْفَرْغَانِيُّ زِيَادَةَ الْكَسْرَيْنِ بِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذَا قُسِّطَتْ عَلَى السِّنِينَ خَصَّ كُلَّ سَنَةٍ خُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ قَالَ وَهَذَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِاجْتِمَاعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَمَّا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَلَا زِيَادَةَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْقَاضِي مُجَلِّي ثُمَّ قَالَ وَهُوَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) كَعَقِبِ شَهْرِ كَذَا أَوْ عَجْزِهِ (قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ إنْ صَحَّ إلَخْ) وَلَفْظُ النَّسَائِيّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ إلَى يَهُودِيٍّ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ بِثَوْبَيْنِ إلَى الْمَيْسَرَةِ» فَفِيهِ جَوَابٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ بَلْ اسْتَدْعَى وَلِهَذَا لَمْ يَصِفْ الثَّوْبَيْنِ فَإِذًا عَقْدٌ عُقِدَ بِشُرُوطِهِ (قَوْلُهُ يُطْلَقَانِ عَلَى الْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَنْتَهِي الشَّمْسُ فِيهِمَا إلَخْ) لَكِنْ قَالَ الْقَمُولِيِّ النَّيْرُوزُ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ تُوتٍ أَوَّلُ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ وَمَنْزِلُ الشَّمْسِ فِي الْمِيزَانِ وَبَيْنَ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ يَوْمًا (قَوْلُهُ أَوْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي فِي مَعْرِفَةِ الصِّفَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ عَدْلَيْنِ سِوَاهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ بِأَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ فَاحْتُمِلَ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْأَوْصَافِ لِرُجُوعِ ذَلِكَ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا طُمَأْنِينَةَ لِهَذَا الْفَرْقِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الشَّاشِيُّ وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ (قَوْلُهُ وَرَبِيعٌ) وَجُمَادَى (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ) يَعْنِي الَّذِي يَلِي الْعَقْدَ (قَوْلُهُ وَالسَّنَةُ الْمُطْلَقَةُ تُحْمَلُ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ حَمْلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ ظَاهِرٌ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ وَكَذَا غَيْرُهَا إذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عِنْدَهُمْ التَّأْجِيلَ بِهَا أَمَّا لَوْ كَانَ بِبِلَادِ الْفُرْسِ أَوْ الرُّومِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ الْغَالِبُ عِنْدَهُمْ التَّأْقِيتُ بِشُهُورِهِمْ فَيَجِبُ تَنْزِيلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَيْهَا فَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَجَبَ التَّنْصِيصُ ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِيَ شُرَيْحًا الرُّويَانِيَّ قَالَ فِي رَوْضَةِ الْحُكَّامِ إنَّهُ إذَا أَطْلَقَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْهِلَالِيَّ وَلَا الْعَدَدِيَّ إنَّهُ إنْ كَانَ عُرْفُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ الْهِلَالِيَّ انْصَرَفَ إلَيْهِ أَوْ الْعَدَدِيَّ انْصَرَفَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ يَجْرِي بِهِمَا انْصَرَفَ إلَى الْأَغْلَبِ فَإِنْ اسْتَوَيَا لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرُ الْحُسْنِ (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ لَيْلَتُهُ) ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ الْأَخِيرَةَ يَأْتِي بَعْدَهَا يَوْمٌ كَامِلٌ فَيُحْسَبُ وَيُكْمَلُ قَطْعًا بِخِلَافِ بَعْضِ الْيَوْمِ فِسْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا عَقَدَ أَوَّلَ الشَّهْرِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي رُئِيَ فِيهَا الْهِلَالُ اُعْتُبِرَ الْجَمِيعُ بِالْأَهِلَّةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَإِطْلَاقُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ أَوْ قَمَرِيَّةً وَيُقَالُ لَهَا الْهِلَالِيَّةُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَشْهُرُ الْعَرَبِيَّةُ وَاضِحَةٌ شَهْرٌ مِنْهَا ثَلَاثُونَ وَشَهْرٌ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ إلَّا ذَا الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَخُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ فَالسَّنَةُ الْعَرَبِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا تَخْبِيطٌ فَاحِشٌ سَبَبُهُ إدْخَالُهُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَخْصِيصِ ذِي الْحِجَّةِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَعْجَبِ الْعُجَابِ فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 مُنَاقِضٌ لِقَوْلِ الْمُهَذَّبِ فِي الْهِلَالِيَّةِ انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ عَلَى بُعْدٍ لَا مُنَاقَضَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْهِلَالِيَّةَ تَزِيدُ مِنْ حَيْثُ الِاجْتِمَاعِ الْمَذْكُورِ لَا مِنْ حَيْثُ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ عَدَدِيَّةً وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ (صَحَّ) وَتَقَيَّدَ بِمَا قَالَهُ وَأَسْمَاءُ شُهُورِ الْفُرْسِ وَالرُّومِ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ (فَرْعٌ وَإِنْ قَالَ إلَى الْجُمُعَةِ أَوْ إلَى رَمَضَانَ) مَثَلًا (حَلَّ) الْأَجَلُ (بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِهِ وَرُبَّمَا يُقَالُ بِانْتِهَاءِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَبِانْتِهَاءِ شَعْبَانَ وَهُمَا بِمَعْنًى ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (فَإِنْ قَالَ يَحُلُّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ فِي رَمَضَانَ) مَثَلًا (أَوْ إلَى أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ آخِرِهِ لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلًّا مِنْ الْأَوَّلَيْنِ ظَرْفًا فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِهِ وَالثَّالِثُ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَالرَّابِعُ عَلَى جَمِيعِ النِّصْفِ الْآخَرِ وَهَذَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِجَوَازِ تَعْلِيقِهِ بِالْمَجَاهِيلِ وَرَدَّ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْفَرْقَ بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ فِي آخِرِهِ لَا فِي أَوَّلِهِ فَلَمَّا وَقَعَ فِي أَوَّلِهِ اقْتَضَى أَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِيه وَاسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَجَابَ عَنْهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا قَبِلَ التَّعْلِيقَ بِالْمَجْهُولِ كَقُدُومِ زَيْدٍ قَبْلَهُ بِالْعَامِّ وَتَعَلَّقَ بِأَوَّلِهِ وَالسَّلَمُ لَا يُؤَجَّلُ بِمَجْهُولٍ فَلَا يُؤَجَّلُ بِعَامٍّ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ صِحَّةَ التَّأْجِيلِ بِالنَّفْرِ وَنَحْوِهِ بِأَنَّ اسْمَ النَّفْرِ وُضِعَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِعَيْنِهِ وَدَلَالَتِهِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ لَفْظِ الظَّرْفِ عَلَى أَزْمِنَتِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِشَيْءٍ مِنْهَا بَلْ دَلَّ عَلَى زَمَنٍ مِنْهَا مُبْهَمًا وَذَلِكَ أَضْعَفُ مِمَّا وُضِعَ لِعَيْنِهِ فَانْقَطَعَ إلْحَاقُهُ بِهِ انْتَهَى وَالْبَاءُ فِيمَا ذَكَرَ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي إلَى أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ آخِرِهِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَا قَالَ الْإِمَامُ الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيُحْمَلَ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ نِصْفٍ كَمَا فِي النَّفْرِ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَقْوَى وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ الَّذِي يَدُلُّ لَهُ نَصُّهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَذَكَرَ مِثْلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَمَّنْ ذَكَرَ وَغَيْرِهِ وَعَنْ نَصِّ الْأُمِّ قَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ نَقْلًا وَأَقْوَى دَلِيلًا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَمَا عَزَاهُ الشَّيْخَانِ لِلْأَصْحَابِ تَبِعَا فِيهِ الْإِمَامَ (وَإِذَا أَسْلَمَ فِي جِنْسَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً (إلَى أَجَلٍ أَوْ عَكَسَ) بِأَنْ أَسْلَمَ فِي جِنْسٍ إلَى أَجَلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً (صَحَّ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ) لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (وَقْتَ الْوُجُوبِ) لِلتَّسْلِيمِ لَهُ وَهَذَا كَمَا قَالَ الْأَصْلُ لَا يَخْتَصُّ بِالسَّلَمِ بَلْ يَعُمُّ كُلَّ بَيْعٍ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَا مَعَ الِاغْتِنَاءِ عَنْهُ بِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ الْفُرُوعَ الْآتِيَةَ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمَقْصُودُ بَيَانُ مَحَلِّ الْقُدْرَةِ وَهُوَ حَالَةُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَتَارَةً تَقْتَرِنُ بِالْعَقْدِ لِكَوْنِ السَّلَمِ حَالًّا وَتَارَةً تَتَأَخَّرُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مُؤَجَّلًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ أَيْ لِلْمُعَيَّنِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ اقْتِرَانُ الْقُدْرَةِ فِيهِ بِالْعَقْدِ مُطْلَقًا (فَإِنْ أَسْلَمَ فِيمَا يَعْدَمُ فِيهِ) أَيْ وَقْتَ الْحُلُولِ (كَالرُّطَبِ فِي الشِّتَاءِ أَوْ) فِيمَا (يَعِزُّ) وُجُودُهُ إمَّا (لِقِلَّتِهِ كَالصَّيْدِ حَيْثُ يُفْقَدُ وَاللَّآلِئِ الْكِبَارِ) وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلتَّزَيُّنِ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ فَلَا يُحْتَمَلُ إلَّا فِيمَا يُوثَقُ بِهِ (وَيَجُوزُ) السَّلَمُ (فِي) اللَّآلِئِ (الصِّغَارِ) وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلتَّدَاوِي وَضَبَطَهَا الْجُوَيْنِيُّ بِسُدُسِ دِينَارٍ تَقْرِيبًا وَإِنْ قُصِدَتْ لِلتَّزَيُّنِ (إنْ عَمَّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا) وَالْمُنَاسِبُ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ ذِكْرِ اللَّآلِئِ بَعْدَ قَوْلِهِ (أَوْ لِاسْتِقْصَاءِ الْأَوْصَافِ) فِيهِ كَالْيَوَاقِيتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْمَرْجَانِ لِنُدْرَتِهَا بِاسْتِقْصَاءِ أَوْصَافِهَا مِنْ ذِكْرِ حَجْمٍ وَشَكْلٍ وَوَزْنٍ وَصَفَاءٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْبَلُّورِ لِأَنَّ صِفَتَهُ مَضْبُوطَةٌ بِخِلَافِ الْعَقِيقِ فَإِنَّ الْحَجَرَ الْوَاحِدَ مِنْهُ يَخْتَلِفُ. (أَوْ نُدْرَةِ اجْتِمَاعِهَا) بِضَمِّ النُّونِ (مَعَ الْوَصْفِ) الْمُنَاسِبِ أَوْ نُدْرَةِ اجْتِمَاعِهِ بِالْوَصْفِ أَيْ الْمَشْرُوطِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ إلَخْ) وَيَقْرَبُ مِنْهُ مَا أَجَابَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مُسَوَّدَتِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ مِنْ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَا يَرُدُّ عَلَى الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَوْقَعُوا الطَّلَاقَ فِي أَوَّلِهِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي يَوْمِ كَذَا فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ لَا أَنَّهُ يَقْتَضِيه الْوَضْعُ وَالْعُرْفُ وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَيُّ رَجُلٍ كَلَّمَتْهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَلَا نَقُولُ إنَّهُ اقْتَضَاهُ الْإِطْلَاقُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فَلَوْ كَانَ يَقْتَضِي تَعْيِينَ أَوَّلِهِ لَمَا وَقَعَ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ مَنْعُ الْجَامِعِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ السَّلَمَ عَقْدٌ وَالطَّلَاقَ حَلُّ عَقْدٍ وَلَا يَسْتَقِيمُ قِيَاسُ الْعُقُودِ عَلَى الْحُلُولِ لِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا الثَّانِي أَنَّ الْآجَالَ يُقَابِلُهَا قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ فِي يَوْمِ كَذَا شَائِعٌ فِي الْيَوْمِ وَالنَّظَرُ فِيهِ لَا دَلَالَةَ لَهَا بِطَرِيقِ النَّصِّ عَلَى أَوَّلِ الْيَوْمِ فَبَطَلَ الْعَقْدُ لِلْإِبْهَامِ كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ وَأَمَّا الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ فَيَقَعُ بِوُجُودِ شَرْطِهِ وَأَوَّلُ الْيَوْمِ شَامِلٌ لِذَلِكَ فَوَقَعَ فِيهِ لِصِدْقِ اسْمِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ وَهَذَا مِنْ الْوَاضِحَاتِ (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ فِيمَا ذَكَرَ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْأَصْحَابِ لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي طَرِيقَةِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ الْجَزْمُ بِمَقَالَةِ الْإِمَامِ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ) عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فِي آخِرِهِ أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ فَيُحْمَلُ عَلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَمَّنْ ذَكَرَ وَغَيْرِهِ إلَخْ) سَوَّى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بَيْنَ إلَى رَمَضَانَ وَإِلَى غُرَّتِهِ وَإِلَى هِلَالِهِ وَإِلَى أَوَّلِهِ فَإِنْ قَالَ إلَى أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ فَالْمَحْمَلُ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ وَكَذَا الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ) يَأْتِي فِي تَعْبِيرِهِ بِالتَّسْلِيمِ مَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) وَهَذَا السُّؤَالُ يَأْتِي عَلَى قَوْلِهِمْ وَكَوْنُهُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ وَقَوْلُهُمْ وَمَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ لِكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ فِيمَا يَعْدَمُ فِيهِ إلَخْ) لَوْ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا وَكَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ يَنْدُرُ فِيهِ فَفِي الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي صَيْدٍ مِنْ مُحْرِمٍ إلَى وَقْتٍ يَعْلَمُ خُرُوجَهُ مِنْ الْإِحْرَامِ عِنْدَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 (كَجَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا أَوْ أُخْتِهَا وَشَاةٍ وَسَخْلَتِهَا وَكَذَا حَامِلٌ) مِنْ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَصْوِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَمَةِ (وَشَاةٍ لَبُونٍ) وَعَبْدٍ وَوَلَدِهِ أَوْ أَخِيهِ وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ الْجَارِيَةِ مَاشِطَةً حَيْثُ يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ يَنْدُرُ اجْتِمَاعُ ذَلِكَ بِالصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالْمَشْطَ يَسْهُلُ تَحْصِيلُهُمَا بِالتَّعَلُّمِ بِخِلَافِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْأُخُوَّةِ وَنَحْوِهِمَا (أَوْ لِلْبُعْدِ) عَنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ (كَكَوْنِهِ بِمَسَافَةٍ لَا يُجْلَبُ مِثْلُهُ مِنْهَا فِي الْعَادَةِ) الْغَالِبَةِ (لِلْمُعَامَلَةِ) بِأَنْ لَمْ يُجْلَبْ أَوْ يُجْلَبُ نَادِرًا أَوْ غَالِبًا لِلْمُعَامَلَةِ بَلْ لِلْهَدِيَّةِ وَنَحْوِهَا (لَمْ يَصِحَّ) بِخِلَافِ مَا إذَا اُعْتِيدَ جَلْبُهُ غَالِبًا لِلْمُعَامَلَةِ فَيَصِحُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ نَقْلًا عَنْ الْأَئِمَّةِ لَا تُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ هُنَا وَنَازَعَ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهَا بِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ انْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَحَيْثُ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ غَالِبًا لِلْمُعَامَلَةِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ صَحَّ وَإِنْ تَبَاعَدَا بِخِلَافِهَا فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ فَاعْتُبِرَ لِتَخْفِيفِهَا قُرْبُ الْمَسَافَةِ وَاعْتِبَارِي لِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ كَثِيرٍ مَحَلَّ الْعَقْدِ وَإِنْ كُنْت تَبِعْتهمْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. (وَكَذَا لَوْ عَسُرَ تَحْصِيلُهُ كَالْقَدْرِ الْكَثِيرِ مِنْ الْبَاكُورَةِ) وَهِيَ أَوَّلُ الْفَاكِهَةِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعِزَّةِ وُجُودِهِ بِخِلَافِ قَدْرٍ مِنْهَا لَا يَعْسُرُ تَحْمِيلُهُ (فَإِذَا انْقَطَعَ الْمَوْجُودُ) أَيْ مَا يَعُمُّ وُجُودُهُ (بِجَائِحَةٍ) بَعْدَ الْعَقْدِ (قَبْلَ الْحُلُولِ لَمْ يَضُرَّ) فَلَوْ عَلِمَ قَبْلَهُ انْقِطَاعَهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ قَبْلَهُ إذْ لَمْ يَجِئْ وَقْتُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ (أَوْ) انْقَطَعَ (بَعْدَهُ أَوْ عِنْدَهُ وَلَوْ) كَانَ الْحُلُولُ (بِمَوْتِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ثَبَتَ) لِلْمُسَلِّمِ (الْخِيَارُ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (وَلَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَالْوَفَاءُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُمْكِنٌ (فَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (أَجَازَ) الْعَقْدَ (لَمْ يَسْقُطْ الْفَسْخُ وَإِنْ أَسْقَطَهُ) صَرِيحًا كَزَوْجَتَيْ الْمَوْلَى وَالْمُعْسِرِ إذَا رَضِيَتَا وَكَالْمُشْتَرِي إذَا أَجَازَ الْعَقْدَ عِنْدَ إبَاقِ الْعَبْدِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلتَّسْلِيمِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ وَالْإِسْقَاطُ إنَّمَا يُؤْثَرُ فِي الْحَالِ دُونَ مَا يَتَجَدَّدُ فَعُلِمَ أَنَّ الْخِيَارَ عَلَى التَّرَاخِي وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ لَا تَصْبِرْ وَخُذْ رَأْسَ مَالِكِ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ) أَيْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ (بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ غَلَا وَلَوْ) كَانَ تَحْصِيلُهُ (مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ التَّسْلِيمِ (إلَى دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) لِخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى ذَلِكَ فَانْقِطَاعُهُ الْمُثْبِتُ لِلْخِيَارِ عَلَى مَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ أَنْ يُفْقَدَ أَوْ يُوجَدَ بِمَحَلٍّ آخَرَ لَكِنَّهُ يَفْسُدُ بِنَقْلِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا عِنْدَ قَوْمٍ لَا يَبِيعُونَهُ أَوْ يَبِيعُونَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا غَلَا سِعْرُهُ. وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَلَوْ كَانُوا يَبِيعُونَهُ بِثَمَنٍ غَالٍ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُ حِينَئِذٍ فَهُنَا أَوْلَى وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِعُ الْمَوْجُودَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَالْمَعْدُومِ كَمَا فِي الرَّقَبَةِ وَمَاءِ الطَّهَارَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُلُوِّ هُنَا ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ لَا الزِّيَادَةَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي يُشِيرُ إلَيْهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ بِمَنْعِ قِيَاسِ السَّلَمِ عَلَى الْغَصْبِ لِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدٌ وُضِعَ لِطَلَبِ الرِّبْحِ وَالزِّيَادَةِ فَكُلِّفَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ التَّحْصِيلَ لِهَذَا الْغَرَضِ الْمَوْضُوعِ لَهُ الْعَقْدُ وَإِلَّا لَانْتَفَتْ فَائِدَتُهُ بِخِلَافِ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ بَابُ تَعَدٍّ وَالْمُمَاثَلَةُ مَطْلُوبَةٌ فِيهِ فَلَمْ يُكَلَّفْ فِيهِ الزِّيَادَةُ لِآيَةِ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الْتَزَمَ التَّحْصِيلَ بِالْعَقْدِ بِاخْتِيَارِهِ وَقَبَضَ الْبَدَلَ فَالزِّيَادَةُ إنَّمَا هِيَ فِي مُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ النَّمَاءِ الْحَاصِلِ مِمَّا قَبَضَهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ (الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَيَانُ مَحَلٍّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مَكَان (تَسْلِيمِ) الْمُسَلَّمِ فِيهِ (الْمُؤَجَّلِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ) كَانَ الْعَقْدُ (بِمَكَانٍ لَا يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ) لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيمَا يُرَادُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَكَانَ الْعَقْدُ بِمَكَانٍ يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ وَيَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ أُخْتِهَا) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلتَّسَرِّي أَوْ أَحَدِ مُنَاسِبَيْهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا حَامِلٌ إلَخْ) أَوْ خُنْثَى وَأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) اعْتَرَضَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفَرْقِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ قَاعِدَةَ الشَّافِعِيِّ فِي السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مِمَّا يَعُمُّ وُجُودُهُ وَيُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ لَا تَلْحَقُ ذَلِكَ بِمَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ الثَّانِي مِنْ قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ السَّلَمِ حَالًّا فِي عَبْدٍ كَاتِبٍ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا بِالتَّعْلِيمِ فِي يَوْمَيْنِ وَلَا شَهْرَيْنِ وَمَتَى كَانَ التَّعْلِيمُ مُتَعَذِّرًا وَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ السَّلَمُ حَالًّا فِي الْعَبْدِ الْكَاتِبِ وَالْجَارِيَةِ الْمَاشِطَةِ فَظَهَرَ بُطْلَانُ هَذَا الْفَرْقِ بِالسَّلَمِ الْحَالِّ اهـ وَوَجْهٌ فِي التَّتِمَّةِ الْمَنْعُ فِي الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا بِأَنَّهُ إذَا وَصَفَ الْجَارِيَةَ فَالسَّلَمُ فِي وَلَدِهَا سَلَمٌ فِي بَعْضٍ مُعَيَّنٍ وَالسَّلَمُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ لَا يَصِحُّ. (قَوْلُهُ يَسْهُلُ تَحْصِيلُهُمَا بِالتَّعْلِيمِ) وَهَذَا مُتَأَتٍّ وَلَوْ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ بِأَنْ تَكُونَ تِلْكَ الصِّفَةُ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ تَحُلُّ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ وَالْحَاصِلُ إنْ تَيَسَّرَ إحْضَارُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَإِلَّا فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ كَمَا لَوْ أَخْلَفَ الشَّرْطَ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عَسُرَ تَحْصِيلُهُ) بِأَنْ لَا يَحْصُلَ إلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ (قَوْلُهُ فَانْقِطَاعُهُ الْمُثْبِتُ لِلْخِيَارِ إلَخْ) فِي مَعْنَى انْقِطَاعِهِ مَا لَوْ غَابَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَى الْوَفَاءِ مَعَ وُجُودِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي يُشِيرُ إلَيْهِ) حَيْثُ قَالَ إذَا كَانَ جِنْسُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مَوْجُودًا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَلَكِنْ يُبَاعُ بِثَمَنٍ غَالٍ فَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ وَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ مِلْكَهُ فَتَأَخَّرَ التَّسْلِيمُ حَتَّى ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ وَكَذَلِكَ إذَا أَتْلَفَ عَلَى إنْسَانٍ حِنْطَةً فِي زَمَانِ الرُّخْصِ ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْمِثْلَ ارْتَفَعَتْ الْأَسْعَارُ وَغَلَتْ الْحِنْطَةُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمِثْلِ فَكَذَا هُنَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الْتَزَمَ التَّحْصِيلَ بِالْعَقْدِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي ثَمَنِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي مُقَابَلَةِ الْأَجَلِ بِخِلَافِ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَا أَجَلَ فِيهِ (قَوْلُهُ الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَيَانُ مَحَلِّ تَسْلِيمِ الْمُؤَجَّلِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَاهُ بَطَلَ الْعَقْدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 لِلتَّسْلِيمِ لِلْعُرْفِ وَيَكْفِي فِي تَعْيِينِهِ أَنْ يَقُولَ تُسَلِّمْهُ لِي فِي بَلْدَةِ كَذَا إلَّا أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ وَيَكْفِي إحْضَارُهُ فِي أَوَّلِهَا وَلَا يُكَلَّفُ إحْضَارَهُ إلَى مَنْزِلِهِ وَلَوْ قَالَ فِي أَيِّ الْبِلَادِ شِئْت فَسَدَ وَفِي أَيِّ مَكَان شِئْت مِنْ بَلَدِ كَذَا فَإِنْ اتَّسَعَ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ أَوْ بِبَلَدِ كَذَا وَبِبَلَدِ كَذَا فَهَلْ يَفْسُدُ أَوْ يَصِحُّ وَيَنْزِلُ عَلَى تَسْلِيمِ النِّصْفِ بِكُلِّ بَلَدٍ وَجْهَانِ قَالَ الشَّاشِيُّ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَسَلُّمِهِ فِي بَلَدِ كَذَا وَتَسَلُّمِهِ فِي شَهْرِ كَذَا حَيْثُ لَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ اخْتِلَافُ الْغَرَضِ فِي الزَّمَانِ دُونَ الْمَكَانِ (فَلَوْ عَيَّنَهُ فَخَرِبٌ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَخَرَجَ عَنْ صَلَاحِيَّةِ التَّسْلِيمِ (فَأَقْرَبُ مَكَان) وَفِي نُسْخَةٍ مَوْضِعٌ (صَالِحٌ) لَهُ (إلَيْهِ) يَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَقْيَسِ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا بُدَّ أَنْ يُقَالَ مَعَ هَذَا إنْ كَانَ الصَّالِحُ أَبْعَدَ مِنْ الْخَرِبِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الزَّائِدِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقْتَضِهِ وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَاهُ لِغَرَضِ الْمُسْتَحِقِّ فَجَمَعْنَا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ. وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فَيُتَّجَهُ تَخْيِيرُ الْمُسَلِّمِ بَيْنَ أَنْ يَتَسَلَّمَ فِي الْخَرِبِ وَلَا كَلَامَ وَأَنْ يَتَسَلَّمَ فِي الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِ حَطِّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا كَلَامٌ عَجِيبٌ إذْ كَيْفَ يُجْبَرُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ عَلَى النَّقْلِ إلَى مَكَان بَعِيدٍ بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ ذَلِكَ وَكَيْفَ يُسَلَّمُ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ صَارَ الْمُعَيَّنُ مَخُوفًا لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهُ النَّقْلَ إلَى مَكَان آخَرَ وَلَهُ أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ وَهَذَا قَدْ رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ قَالَ فَلَوْ قَالَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ أَنَا أَفْسَخُ السَّلَمَ لِأُؤَدِّيَ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ وَتَبْرَأَ ذِمَّتِي مِمَّا عَلَيَّ فَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ثَمَّ رَهْنٌ يُرِيدُ فَكَّهُ أَوْ ضَامِنٌ يُرِيدُ خَلَاصَهُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْته عَنْ الْأَصْلِ قَبْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ إعَادَةِ مَا خَرِبَ بِخِلَافِ مَا انْقَطَعَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُسَلَّمُ فِيهَا (وَفِي السَّلَمِ الْحَالِّ يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ) لِلتَّسْلِيمِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ أَوْ بِأَنَّ لِحَمْلِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مُؤْنَةً لِلْعُرْفِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ كَالْبَيْعِ وَالتَّصْرِيحُ بِمُطْلَقًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ فَسَّرْته بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ هَذَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ. (فَإِنْ عَيَّنَا غَيْرَهُ جَازَ) وَتَعَيَّنَ (بِخِلَافِ الْمَبِيعِ) الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ فَقُبِلَ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (وَالْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ تِلْكَ النَّاحِيَةُ) أَيْ الْمَحَلَّةُ (لَا نَفْسَ الْمَوْضِعِ) أَيْ مَوْضِعِ الْعَقْدِ (وَالثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ وَ) الثَّمَنُ (الْمُعَيَّنُ كَالْمَبِيعِ) الْمُعَيَّنِ (وَفِي التَّتِمَّةِ كُلُّ عِوَضٍ) مِنْ نَحْوِ أُجْرَةٍ وَصَدَاقٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ (مُلْتَزِمٌ فِي الذِّمَّةِ) غَيْرُ مُؤَجَّلٍ (لَهُ حُكْمُ السَّلَمِ الْحَالِّ) إنْ عُيِّنَ لِتَسْلِيمِهِ مَكَانٌ جَازَ وَتَعَيَّنَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِأَنَّ كُلَّ عِوَضٍ مُلْتَزِمٌ فِي الذِّمَّةِ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ أَيْ فَيُقْبَلُ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ كَمَا مَرَّ (الشَّرْطُ الْخَامِسُ التَّقْدِيرُ بِالْكَيْلِ) فِيمَا يُكَالُ (أَوْ الْوَزْنِ) فِيمَا يُوزَنُ (أَوْ الذَّرْعِ) فِيمَا يُذْرَعُ (أَوْ الْعَدِّ) فِيمَا يُعَدُّ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ مَعَ قِيَاسِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَلَوْ عَيَّنَهُ فَخَرِبَ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَخْرُبْ وَلَكِنْ صَارَ مَخُوفًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ أَحْضَرَهُ فِيهِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ وَلَيْسَ لِلْمُسَلِّمِ أَنْ يُكَلِّفَهُ نَقْلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ بَلْ يُتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يَزُولَ الْخَوْفُ أَوْ يَأْخُذَهُ فِيهِ اهـ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا بُدَّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقْتَضِهِ إلَخْ) قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَاهُ فَلَا أُجْرَةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فَيُتَّجَهُ تَخْيِيرُ الْمُسَلِّمِ إلَخْ) اسْتَبْعَدَهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ إنَّ الْوَجْهَ تَسْلِيمُهُ فِي الصَّالِحِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَلَامٌ عَجِيبٌ إلَخْ) اعْتَرَضَ ابْنُ الْعِمَادِ عَلَى الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمُسْتَحِقِّ الْمُسَلِّمَ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ إنَّهُ يَجِبُ التَّسْلِيمُ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفَرْضَ الَّذِي فَرَضَهُ مِنْ الْمُحَالِ لِأَنَّ الْأَقْرَبَ إلَى مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ أَبْعَدُ فَمَا ذَكَرَهُ فَاسِدُ التَّصْوِيرِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِأُجْرَةِ الزَّائِدِ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا تَوَهَّمَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ فَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الزَّائِدِ بَلْ يُقَالُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الزَّائِدِ وَبِأَنَّهُ أَحَالَ فِي الِاسْتِشْهَادِ عَلَى مَجْهُولٍ وَعَبَّرَ بِنَظَائِرَ وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا وَاحِدًا وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ يَدُلُّ لَهُ مَا اعْتَبَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا اللُّقَطَةُ فِي الْبَادِيَةِ تُعْرَفُ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ وَمِنْهَا الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ فِي الْبَادِيَةِ تُنْقَلُ إلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ وَغَيْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُتَخَيَّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ كَثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي انْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ إلَخْ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَتِلْكَ (قَوْلُهُ فَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ مَنْ يُرِيدُ خَلَاصَهُ) وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ هُنَا وَلَا هُنَاكَ اهـ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا كَأَنْ أَسْلَمَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الشَّعِيرِ وَهُمَا سَائِرَانِ فِي الْبَحْرِ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ) وَهُوَ وَاضِحٌ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَهُوَ حَالٌّ وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ فِي الْحَالِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ صَالِحًا فِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ فِيهِ بِأَنْ كَانَا فِي سَفَرٍ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ إنْ عُيِّنَ لِتَسْلِيمِهِ مَكَانٌ جَازَ) وَتَعَيَّنَ لَوْ عَيَّنَ مَوْضِعًا مَخُوفًا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ فِيهِ وَهَلْ لَهُ تَكْلِيفُهُ النَّقْلَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْجِيلِيُّ أَقْرَبُهُمَا تَكْلِيفُهُ نَقْلَهُ إلَى أَقْرَبِ مَوْضِعٍ إلَيْهِ صَالِحٍ لِلتَّسْلِيمِ لِلْأَمْنِ فِيهِ (قَوْلُهُ التَّقْدِيرُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ فِي كَنْدُوحِ النَّحْلِ وَأَفْرَاخِهَا لَا مَعَ الْكَنْدُوحِ وَلَا بِدُونِهِ لِعَدَمِ الضَّبْطِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَذَرْعًا وَعَدًّا (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ) خَصَّ فِيهِ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ لِغَلَبَتِهِمَا وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى غَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ غَيْرُ مَرْوَ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ مَصْدَرٌ لَا يُمْكِنُ السَّلَمُ فِيهِ فَتَعَيَّنَ التَّقْدِيرُ أَيْ مَنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ فَالْكَيْلُ وَفِي مَوْزُونٍ فَالْوَزْنُ فَلْيَكُنْ كَيْلُهُ وَوَزْنُهُ مَعْلُومًا وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 مَا لَيْسَ فِيهِ عَلَى مَا فِيهِ (وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمَكِيلِ بِالْوَزْنِ وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ فِي الْمَوْزُونِ بِالْكَيْلِ (إنْ أَمْكَنَ) كَيْلُهُ (كَصِغَارِ اللُّؤْلُؤِ) كَمَا مَرَّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الرِّبَوِيَّاتِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ وَثَمَّ الْمُمَاثَلَةُ بِعَادَةِ عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ وَحَمَلَ الْإِمَامُ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ جَوَازَ كَيْلِ الْمَوْزُونِ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا فِيهِ بِخِلَافِ نَحْوِ فُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ لِأَنَّ لِلْقَدْرِ الْيَسِيرِ مِنْهُ مَالِيَّةً كَثِيرَةً وَالْكَيْلُ لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ نَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَسَكَتَ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّآلِئِ الصِّغَارِ إذَا عَمّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِمَامِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَالِفًا لَهُ لِأَنَّ فُتَاتَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَنَحْوِهِمَا إنَّمَا لَمْ يُعَدَّ الْكَيْلُ فِيهَا ضَبْطًا لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ بِالثِّقَلِ عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ تَرْكِهِ وَفِي اللُّؤْلُؤِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ تَفَاوُتٌ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ فَيَصِحُّ فِيهِ بِالْكَيْلِ فَلَا مُخَالَفَةَ فَالْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُ الْإِمَامِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ أَيْضًا فَلَا يُسَلَّمُ فِيهِمَا إلَّا وَزْنًا (لَا بِهِمَا) أَيْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ (مَعًا) فَلَوْ أَسْلَمَ فِي مِائَةٍ صَاعٍ بُرٍّ مَثَلًا عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا كَذَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِزُّ وُجُودُهُ (وَلَا بِالذَّرْعِ وَالْوَزْنِ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ) لِذَلِكَ وَذِكْرُ مَوْصُوفٍ إيضَاحٌ إذْ الْكَلَامُ فِيهِ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي نَحْوِ الْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ وَالْبُقُولِ وَالْبَيْضِ الْوَزْنُ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَضْبِطُهُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ بِالْكَيْلِ لِأَنَّهُ يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ وَلَا بِالْعَدِّ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ فِيهِ وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ بِأَنَّ الْعُمْدَةَ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ وَالْمُرَادُ بِالْبَيْضِ بَيْضُ الدَّجَاجِ وَنَحْوِهِ فَمَا فَوْقَهُ بِخِلَافِ بَيْضِ الْحَمَامِ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ ذُكِرَ مَعَهُ) أَيْ الْوَزْنِ (الْعَدُّ فَسَدَ) الْعَقْدُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى ذِكْرِ الْحَجْمِ وَذَلِكَ يُورِثُ عِزَّةَ الْوُجُودِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى الْجَوَازِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى الْوَزْنِ التَّقْرِيبِيِّ وَحَمْلِ غَيْرِهِ عَلَى التَّحْدِيدِيِّ أَوْ بِحَمْلِهِ عَلَى عَدَدٍ يَسِيرٍ لَا يَتَعَذَّرُ تَحْصِيلُهُ عَلَيْهِ وَحَمْلِ غَيْرِهِ عَلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ وَالْمُرَادُ فِيمَا ذِكْرُ الْوَزْنِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ فِي عَدَدٍ مِنْ الْبِطِّيخِ مَثَلًا كَمِائَةٍ بِالْوَزْنِ فِي الْجَمِيعِ دُونَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي نَحْوِ الْجَوْزِ) مِمَّا لَا يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ وَيُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَبْطًا كَلَوْزٍ وَبُنْدُقٍ وَفُسْتُقٍ (بِالْكَيْلِ وَكَذَا بِالْوَزْنِ) وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِيهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ قُشُورُهُ) غِلَظًا وَرِقَّةً (غَالِبًا) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا اسْتَدْرَكَهُ الْإِمَامُ عَلَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ الْجَوَازَ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ لَكِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهُ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ التَّمَسُّكُ بِمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ لِأَنَّهُ مُسْتَتْبَعٌ لَا مُخْتَصَرٌ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَةَ كَذَا كَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِهَا خِلَافًا فِيمَا بَعْدَهَا دُونَ مَا قَبْلَهَا وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَلِإِيهَامِهَا عَوْدَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ إلَى الْوَزْنِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُقْبَلُ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ فِي قِشْرِهِمَا الْأَسْفَلِ فَقَطْ بَلْ قَالُوا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِمَا إلَّا فِي الْقِشْرِ الْأَسْفَلِ (وَيُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ السَّلَمِ (فِي اللَّبِنِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (ذِكْرُ الْعَدِّ) لَهُ (وَالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالثَّخَانَةِ) لِكُلِّ لَبِنَةٍ (وَ) ذِكْرُ (أَنَّهُ مِنْ طِينٍ مَعْرُوفٍ وَيُسْتَحَبُّ ذِكْرُ وَزْنِ اللَّبِنَةِ لِأَنَّهَا) تُضْرَبُ (بِاخْتِيَارِهِ) فَلَا يَعِزُّ وُجُودُهَا وَالْأَمْرُ فِي وَزْنِهَا عَلَى التَّقْرِيبِ (فَرْعٌ يَبْطُلُ السَّلَمُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا بِتَعْيِينِ مِكْيَالٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ) كَكُوزٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ مَا يَسَعُ لِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ قَبْضِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ الْحَالُّ بِذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِخِلَافِ بَيْعِ مِلْئِهِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِعَدَمِ الْغَرَرِ (وَإِنْ عَيَّنَ) فِي الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ مِكْيَالًا (مُعْتَادًا)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ كَيْلُهُ) بِأَنْ كَانَ لَا يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ وَلَا يَلْتَصِقُ بِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَوْلَى لِرَزَانَتِهَا فِي الْكَيْلِ بِخِلَافِ الْمِسْكِ وَنَحْوِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ ذَلِكَ الْكَلَامَ عِنْدَهُمَا فِيمَا لَهُ خَطَرٌ وَاللَّآلِئُ الصِّغَارُ وَالْمُرَادَةُ لِلتَّدَاوِي قَدْ لَا يَكُونُ لَهَا خَطَرٌ اهـ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُسَلِّمُ فِيهَا إلَّا وَزْنًا) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ وَفِي مَعْنَاهُمَا كُلُّ مَا يَعْظُمُ خَطَرُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُضْبَطُ بِهِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ جَمِيعَ الْفَاكِهَةِ تُوزَنُ (قَوْلُهُ وَإِنْ ذَكَرَ مَعَهُ الْعَدَّ فَسَدَ) نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّهُ جَوَازَ ذِكْرِ وَزْنِ الْخَشَبِ مَعَ صِفَاتِهِ الْمَشْرُوطَةِ لِأَنَّهُ إنْ زَادَ أَمْكَنَ نَحْتُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ ذِكْرَ طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَثِخَنِهِ وَبِالنَّحْتِ تَزُولُ إحْدَى هَذِهِ الصِّفَاتِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَزْنَ عَلَى التَّقْرِيبِ فَلَا تَزُولُ الصِّفَاتُ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا) قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مَمْنُوعٌ لِمَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْحَجْمِ مَعَ الْعَدِّ فَيُؤَدِّي حِينَئِذٍ إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ التَّمَسُّكُ بِمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ) لِأَنَّهُ آخِرُ مُؤَلَّفَاتِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمَا فِي بَابِ الرِّبَا جَوَازَ بَيْعِ الْجَوْزِ بِالْجَوْزِ وَزْنًا وَاللَّوْزِ بِاللَّوْزِ كَيْلًا مَعَ قِشْرِهِمَا وَلَمْ يَشْتَرِطَا فِيهِ هَذَا الشَّرْطَ مَعَ أَنَّ بَابَ الرِّبَا أَضْيَقُ مِنْ السَّلَمِ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمِشْمِشِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوَاهُ بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ اهـ وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ التَّمْرُ بَدَلَ الْمِشْمِشِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَلِهَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قِشْرُهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ السَّلَمِ مِنْ الْأَصْلِ لَا لِاشْتِرَاطِ الْوَزْنِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ مِنْ طِينٍ مَعْرُوفٍ) وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يُعْجَنَ بِنَجِسٍ [فَرْعٌ يَبْطُلُ السَّلَمُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا بِتَعْيِينِ مِكْيَالٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ] (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ الْحَالُّ بِذَلِكَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَيْسَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِالْوَاضِحِ وَالْمُرَادُ بِالتَّعْيِينِ هُنَا تَعْيِينُ الْفَرْدِ مِنْ نَوْعِ الْمَكَايِيلِ أَمَّا تَعْيِينُ نَوْعِ الْمِكْيَالِ بِالْغَلَبَةِ أَوْ بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِهِ كَمَا سَيَأْتِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 بِأَنْ عُرِفَ قَدْرُ مَا يَسَعُ (جَازَ) الْعَقْدُ (وَلَغَا) تَعْيِينُهُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا غَرَضَ فِيهَا وَيَقُومُ مِثْلُ الْمُعَيَّنِ مَقَامَهُ فَلَوْ شَرَطَا أَنْ لَا يُبَدَّلَ بَطَلَ الْعَقْدُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْمُسَابَقَةِ وَتَعْيِينِ الْمِيزَانِ وَالذِّرَاعِ وَالصَّنْجَةِ فِي مَعْنَى تَعْيِينِ الْمِكْيَالِ فَلَوْ شَرَطَ الذَّرْعَ بِذِرَاعِ يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَكَايِيلُ وَالْمَوَازِينُ وَالذُّرْعَانُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ نَوْعٍ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَغْلِبَ نَوْعٌ مِنْهَا فَيُحْمَلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ كَمَا فِي أَوْصَافِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ (وَلَوْ قَالَ) أَسْلَمْت إلَيْك (فِي ثَوْبٍ أَوْ) فِي صَاعِ (شَعِيرٍ مِثْلَ هَذَا) الثَّوْبِ أَوْ الشَّعِيرِ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ الْمُشَارُ إلَيْهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ (أَوْ) قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك فِي ثَوْبٍ (مِثْلَ ثَوْبٍ قَدْ وُصِفَ) قَبْلَ ذَلِكَ (وَلَمْ يَنْسَيَا) وَصْفَهُ (صَحَّ) وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى الْمُعَيَّنِ لَمْ تَعْتَمِدْ الصِّفَةَ (وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي) شَيْءٍ مِنْ (تَمْرَةِ بُسْتَانٍ وَ) لَا ثَمَرَةِ (ضَيْعَةٍ و) لَا ثَمَرَةِ (قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) لِلْغَرَرِ بِتَوَقُّعِ عَدَمِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ بِجَائِحَةٍ فَتَقْطَعُ ثَمَرَتَهَا وَلِأَنَّ التَّعْيِينَ يُنَافِي الدَّيْنِيَّةَ بِتَضْيِيقِ مَحَالِّ التَّحْصِيلِ (وَيَجُوزُ فِي ثَمَرِ نَاحِيَةٍ) أَوْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ (وَلَوْ لَمْ يُفِدْ تَنْوِيعًا) فِي الثَّمَرِ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ غَالِبًا وَلَا تَتَضَيَّقُ بِهِ الْمَحَالُّ وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرَةِ مَا يُؤْمَنُ فِيهَا انْقِطَاعُ ثَمَرِهَا وَبِالصَّغِيرَةِ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ كَجٍّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ فَالْعِبْرَةُ بِكَثْرَةِ الثِّمَارِ وَقِلَّتِهَا وَالثَّمَرَةُ مِثَالٌ فَغَيْرُهَا مِثْلُهَا (الشَّرْطُ السَّادِسُ الْوَصْفُ) بِأَنْ يَذْكُرَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ فِي الْعَقْدِ بِمَا يَنْضَبِطُ بِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعِزُّ وُجُودُهُ (فَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (إلَّا فِيمَا يَنْضَبِطُ وَصْفًا) مَعَ ذِكْرِ مَا يَجِبُ ذِكْرُهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَحْتَمِلُ جَهَالَةَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ عَيْنُ فُلَانٍ لَا يَحْتَمِلُهَا وَهُوَ دَيْنٌ أَوْلَى (فَلَا يَصِحُّ فِي الْمُخْتَلَطَاتِ الْمَقْصُودَةِ) الْأَرْكَانُ (الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ) قَدْرًا وَصِفَةً (كَالْهَرِيسَةِ وَالْحَلْوَى وَالْمَعْجُونَاتِ وَالْغَالِيَةِ) الْمُرَكَّبَةِ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَعُودٍ وَكَافُورٍ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَفِي تَحْرِيرِ النَّوَوِيِّ مُرَكَّبَةٌ مِنْ دُهْنٍ وَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ (وَالتِّرْيَاقِ الْمَخْلُوطِ) فَإِنْ كَانَ نَبَاتًا أَوْ حَجَرًا جَازَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ وَهُوَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ أَوْ دَالٍ مُهْمَلَةٍ أَوْ طَاءٍ كَذَلِكَ مَكْسُورَاتٌ وَمَضْمُومَاتٌ فَفِيهِ سِتُّ لُغَاتٍ ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ وَيُقَالُ دَرَّاقٌ وَطَرَّاقٌ (وَالْقِسِيِّ) الْمُرَكَّبَةِ مِنْ خَشَبٍ وَعَظْمٍ وَعَصَبٍ (وَالنَّبْلِ) أَيْ السِّهَامِ الْعَرَبِيَّةِ (بَعْدَ الْخَرْطِ وَالْعَمَلِ عَلَيْهِ) الشَّامِلِ لِلْخَرْطِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ عَصَبٌ وَرِيشٌ وَنَصْلٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا فَلِلِاخْتِلَاطِ وَلِاخْتِلَافِ وَسَطِهِ وَطَرَفَيْهِ دِقَّةً وَغِلَظًا وَتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ وَإِلَّا فَلِلثَّانِي وَالشِّقُّ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالتَّمْثِيلِ لِلْمُخْتَلَطَاتِ. أَمَّا النَّبْلُ قَبْلَ الْخَرْطِ وَالْعَمَلِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهِ (وَالْخِفَافِ وَالنِّعَالِ) لِاخْتِلَافِ وَجْهَيْهَا وَحَشْوِهَا وَالْعِبَارَةُ لَا تَفِي بِذِكْرِ أَقْدَارِهَا وَأَوْصَافِهَا أَمَّا الْخِفَافُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ وَمِثْلُهَا النِّعَالُ قَالَ السُّبْكِيُّ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِلْدٍ وَمَنَعْنَا السَّلَمَ فِيهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ امْتَنَعَ وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فَيَظْهَرُ جَوَازُهُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ جِلْدُهُ وَقُطِعَ قِطَعًا مَضْبُوطَةً وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِلْدٍ فَكَالثِّيَابِ الْمَخِيطَةِ الَّتِي جَوَّزَ الصَّيْمَرِيُّ السَّلَمَ فِيهَا (فَإِنْ انْضَبَطَتْ) أَيْ الْمُخْتَلَطَاتُ الْمَقْصُودَةُ (كَالْعَتَّابِيِّ) الْمُرَكَّبِ مِنْ قُطْنٍ وَحَرِيرٍ (وَالْخَزِّ) الْمُرَكَّبِ مِنْ إبْرَيْسَمٍ وَوَبَرٍ أَوْ صُوفٍ (وَ) الثَّوْبِ (الْمَعْمُولِ عَلَيْهِ بِالْإِبْرَةِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) كَإِبْرَيْسَمٍ عَلَى قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ (جَازَ) لِسُهُولَةِ ضَبْطِهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِأَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ مَا يَسَعُ) قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا بَعْدَ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا أَيْ وَلَمْ يَعْرِفْ مِقْدَارَهُ (قَوْلُهُ وَتَعْيِينُ الْمِيزَانِ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ عَيَّنَ كَيَّالًا أَوْ وَزَّانًا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ فِي ثَمَرِ بُسْتَانٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي هَذَا بَيْنَ السَّلَمِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ إنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ حَالًّا فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَهَذَا يَجِبُ طَرْدُهُ فِي الْقَرْيَةِ وَالْبُسْتَانِ وَالْكَرْمِ وَأَوْلَى (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِي ثَمَرِ نَاحِيَةٍ إلَخْ) وَهَلْ يَتَعَيَّنُ أَوْ يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِاخْتِلَافِ الْفَرْضِ بِاخْتِلَافِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَذْكُرَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ فِي الْعَقْدِ) بِمَا يَضْبِطُهُ بِهِ بِذِكْرِ الصِّفَاتِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِسَبَبِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ بِالصِّفَاتِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَالضَّوَابِطُ الثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ عَلَى إطْلَاقِهَا لِأَنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ قَوِيًّا فِي الْعَمَلِ وَضَعِيفًا وَكَاتِبًا وَأُمِّيًّا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ صِفَاتٌ يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ وَالْقِيمَةُ بِهِنَّ وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا قَالَ السُّبْكِيُّ فَيُزَادُ فِي الضَّابِطِ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي لَا يَدُلُّ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى عَدَمِهَا أَصْلٌ وَلَا عُرْفٌ فَإِنَّ الضَّعْفَ عَيْبٌ يَدُلُّ الْعُرْفُ عَلَى عَدَمِهِ وَالْكِتَابَةُ وَزِيَادَةُ الْقُوَّةِ فَضِيلَةٌ يَدُلُّ الْأَصْلُ عَلَى عَدَمِهَا وَالْأُمِّيَّةُ يَدُلُّ الْأَصْلُ عَلَيْهَا قَالَ الْغَزِّيِّ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ ذِكْرِ الْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الثُّيُوبَةِ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعِزُّ) أَيْ يَقِلُّ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ فِي الْمُخْتَلَطَاتِ الْمَقْصُودَةِ) قَدْ يُفْهَمُ أَنَّ مَا خَالَطَهُ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ يَصِحُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَاللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِمَاءٍ لَا يَصِحُّ سَلَّمَهُ مَخِيضًا أَوْ غَيْرَهُ كَبَيْعِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ انْضَبَطَتْ كَالْعَتَّابِيِّ إلَخْ) مَا الْمُرَادُ بِالِانْضِبَاطِ هَلْ هُوَ أَنَّ ذَلِكَ يَعْرِفُهُ أَهْلُ الصَّنْعَةِ أَوْ أَنَّهُ تُعْتَبَرُ مَعْرِفَتُهُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ يَخْرُجُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَعَلَّلَ فِي الْمُهَذَّبِ وَجْهَ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ يَعْرِفُ قَدْرَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ السُّبْكِيُّ لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ اللُّحْمَةَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالسَّدَى مِنْ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَأَمَّا مَعْرِفَةُ قَدْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْوَزْنِ فَمَا أَظُنُّهُ يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ بَعْدَ النَّسْجِ لَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِهِ وَيُفْضِي إلَى النِّزَاعِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لِلَّفْظِ يَقْتَضِيه اهـ وَقَوْلُهُ لَعَلَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ اللُّحْمَةَ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَخْ قَالَ مُجَلِّي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ لَكِنَّ كَلَامَ الدَّارِمِيِّ مُصَرِّحٌ بِاعْتِبَارِ مَعْرِفَةِ الْوَزْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ إذْ الْقِيَمُ وَالْأَغْرَاضُ تَتَفَاوَتُ بِذَلِكَ تَفَاوُتًا ظَاهِرًا وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ لِسُهُولَةِ ضَبْطِ أَخْلَاطِهَا وَأَقْدَارِهَا اهـ وَكَلَامُ الْإِمَامِ مُصَرِّحٌ بِاشْتِرَاطِهِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ وَيُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ كَثَوْبٍ مِنْ حَرِيرٍ وَقُطْنٍ فَيَجُوزُ إذَا وَصَفَ كَمْ مِنْ وَاحِدٍ أَيْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَالْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 وَقَيَّدَ الْأَخِيرَةَ بِغَيْرِ الْجِنْسِ لِيَكُونَ مِثَالًا لِلْمُخْتَلَطِ بِغَيْرِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمَعْمُولِ عَلَيْهِ مِنْ الْجِنْسِ إذْ السَّلَمُ فِيهِ جَائِزٌ بِمَفْهُومِ الْأُولَى (وَلَوْ لَمْ يَقْصِدَ الْخَلِيطَ) فِي نَفْسِهِ (كَخَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ) وَهُوَ الْحَاصِلُ مِنْ اخْتِلَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْمَاءِ الْغَيْرِ الْمَقْصُودِ فِي نَفْسِهِ (وَالْجُبْنِ) وَلَوْ يَابِسًا (وَالْأَقِطِ) كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ مَعَ اللَّبَنِ الْمَقْصُودِ الْمِلْحُ وَالْإِنْفَحَةُ مِنْ مَصَالِحِهِ وَيَزِيدُ الْأَقِطُ بِيَسِيرٍ دَقِيقٍ (وَالسَّمَكُ الْمَمْلُوحُ لَمْ يَضُرَّ) لِحَقَارَةِ اخْتِلَاطِهَا فَكُلٌّ مِنْهَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ (لَا الْأَدْهَانُ الْمُطَيَّبَةُ) بِطِيبٍ مِنْ نَحْوِ بَنَفْسَجٍ وَبَانٍ وَوَرْدٍ بِأَنْ خَالَطَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ بِهَا لِأَنَّ الطِّيبَ مَقْصُودٌ وَهُوَ لَا يَنْضَبِطُ. (فَإِنْ تَرَوَّحَ سِمْسِمُهَا بِالطِّيبِ) الْمَذْكُورِ وَاعْتُصِرَ (لَمْ يَضُرَّ وَلَا مَخِيضَ فِيهِ مَاءٌ) فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْحُمُوضَةِ وَلِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ وَفَارَقَ مَاءَ خَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ بِأَنَّ ذَاكَ لَا غِنَى عَنْهُ فَإِنَّ قِوَامَهُ بِهِ بِخِلَافِ الْمَخِيضِ إذْ لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيهِ أَمَّا الْمَخِيضُ الَّذِي لَا مَاءَ فِيهِ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا مَصْلٍ) وَهُوَ الْحَاصِلُ مِنْ اخْتِلَاطِ اللَّبَنِ بِالدَّقِيقِ لِمَا مَرَّ وَلَا كِشْكٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَوْ اخْتَلَطَ) الشَّيْءُ بِغَيْرِهِ (خِلْقَةً كَالشَّهْدِ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا وَهُوَ عَسَلٌ مُشَمَّعٌ (صَحَّ) لِأَنَّ اخْتِلَاطَهُ خِلْقِيٌّ فَأَشْبَهَ النَّوَى فِي التَّمْرِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَعَلَّلَهُ فِي الْأُمِّ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مَا فِيهِ مِنْ الْعَسَلِ وَالشَّمْعِ لِكَثْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ وَثِقَلِهِ وَخِفَّتِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْتَلَطَ الَّذِي يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مَا كَانَ مُنْضَبِطًا بِأَنْ كَانَ اخْتِلَاطُهُ خِلْقِيًّا كَالشَّهْدِ أَوْ صِنَاعِيًّا وَقُصِدَ بَعْضُ أَرْكَانِهِ سَوَاءٌ اسْتَهْلَكَ الْبَاقِيَ كَالْجُبْنِ وَالْأَقِطِ أَمْ لَا كَخَلِّ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ أَوْ قُصِدَتْ أَرْكَانُهُ كُلُّهَا وَانْضَبَطَتْ كَالْعَتَّابِيِّ وَالْخَزِّ بِخِلَافِ مَا لَا يَنْضَبِطُ كَالْمَعَاجِينِ وَالْهَرَائِسِ وَالْأَمْرَاقِ وَالْغَوَالِي وَالْحِنْطَةِ الْمُخْتَلِطَةِ بِالشَّعِيرِ وَالسَّفِينَةِ (فَصْلٌ وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ) لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ قَرْضًا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَرَضَ بَكْرًا» وَقِيسَ عَلَيْهِ السَّلَمُ وَعَلَى الْبَكْرِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَخَبَرُ النَّهْيِ عَنْ السَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ غَيْرُ ثَابِتٍ وَإِنْ خَرَّجَهُ الْحَاكِمُ (فَلْيُذْكَرْ فِي الرَّقِيقِ النَّوْعُ) كَتُرْكِيٍّ أَوْ حَبَشِيٍّ (وَكَذَا) يُذْكَرُ (بِصِنْفِهِ إذَا اخْتَلَفَ) كَخَطَابِيٍّ أَوْ رُومِيٍّ (وَ) يَذْكُرُ (اللَّوْنَ) كَأَبْيَضَ وَأَسْوَدَ (مَعَ صِفَتِهِ) بِأَنْ يَصِفَ بَيَاضَهُ بِسُمْرَةٍ أَوْ شُقْرَةٍ وَسَوَادَهُ بِصَفَاءٍ أَوْ كُدْرَةٍ (إنْ اخْتَلَفَ) اللَّوْنُ فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ كَزِنْجِيٍّ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُهَا (وَ) يَذْكُرُ (الذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ) أَيْ أَحَدَاهُمَا (وَالسِّنَّ كَابْنِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ) مِنْ السِّنِينَ (أَوْ مُحْتَلِمٍ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ مُحْتَلِمًا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى السِّنِّ وَالْأُولَى أَنْسَبُ بِقَوْلِ الْأَصْلِ الرَّابِعِ السِّنُّ فَيَقُولُ مُحْتَلِمٌ أَوْ ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَوَّلُ عَامِ الِاحْتِلَامِ أَوْ وَقْتُهُ وَإِلَّا فَابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً مُحْتَلِمٌ (تَقْرِيبًا فَإِنْ حَدَّدَهُ) كَانَ شَرْطُ كَوْنِهِ ابْنَ سَبْعٍ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ (لَمْ يَجُزْ) لِنُدْرَتِهِ. (وَيَصْدُقُ الْبَالِغُ فِي سِنِّهِ وَاحْتِلَامِهِ) الْأَنْسَبُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ وَيَصْدُقُ الرَّقِيقُ فِي احْتِلَامِهِ وَالرَّقِيقُ الْبَالِغُ فِي سِنِّهِ (وَالسَّيِّدُ) الْبَالِغُ (فِي سِنِّ صَغِيرٍ عِلْمُهُ) وَتَعْبِيرُهُ بِعِلْمِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْله إنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ تَصْدِيقِهَا إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ عَاقِلَيْنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ الرَّقِيقُ وَلَا عَلِمَ السَّيِّدُ سِنَّهُ (فَالنَّخَّاسُونَ) بِنُونٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَهُمْ بَائِعُو الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَأَصْلُهُ مِنْ النَّخْسِ وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْيَدِ عَلَى الْكَفَلِ يَرْجِعُ إلَيْهِمْ فَتُعْتَبَرُ ظُنُونُهُمْ (وَيُسْتَحَبُّ ذِكْرُ مُفَلَّجِ الْأَسْنَانِ أَوْ غَيْرِهِ وَجَعْدِ الشَّعْرِ أَوْ سَبْطِهِ) وَصِفَةُ الْحَاجِبَيْنِ (وَلْيَذْكُرْ الْقَدَّ) أَيْ كَوْنَهُ (طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا أَوْ رَبْعًا) الْمَعْرُوفُ رَبْعُهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ سِتَّةُ أَشْبَارٍ أَوْ خَمْسَةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ خُمَاسِيٌّ أَوْ سُدَاسِيٌّ فَقِيلَ أَرَادَ بِهِ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ أَوْ سِتَّةً وَقِيلَ أَرَادَ خَمْسَ سِنِينَ أَوْ سِتًّا وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ يُقَالُ غُلَامٌ رُبَاعِيٌّ وَخُمَاسِيٌّ وَلَا يُقَالُ سُبَاعِيٌّ لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ سَبْعَةَ أَشْبَارٍ صَارَ رَجُلًا (لَا سَائِرَ الْأَوْصَافِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ) فَلَا يُشْتَرَطُ وَصْفُ كُلِّ عُضْوٍ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ] (فَصْلٌ) وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَرَضَ بَكْرًا» ) «وَأَمَرَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِأَنْ يَأْخُذَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ وَهَذَا سَلَمٌ لَا قَرْضٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَجَلِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ مَهْرًا وَدِيَةً وَثَمَنًا (قَوْلُهُ بِأَنْ يَصِفَ بَيَاضَهُ إلَخْ) فِي الِاسْتِقْصَاءِ لَوْ قَالَ أَبْيَضُ مَشُوبٌ بِحُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ فَقَدْ قِيلَ يَجُوزُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ. اهـ. وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَالذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْخُنْثَى سَوَاءٌ أَكَانَ مُشْكِلًا أَمْ وَاضِحًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِنُدُورِهِ مَعَ الصِّفَاتِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ تَقْرِيبًا) لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ التَّقْرِيبَ إلَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى السِّنِّ خَاصَّةً وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَكُلُّهُ عَلَى التَّقْرِيبِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ إنْ سَاعَدَهُ عَلَيْهِ نَقْلٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ عَلَى التَّقْرِيبِ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا لِغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا خَصُّوا السِّنَّ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةُ التَّحْدِيدِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ عَلَى التَّقْرِيبِ لَكِنْ إنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي اللَّوْنِ وَالْقَدِّ لَا فِي النَّوْعِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَلَا يُقَالُ فِيهَا عَلَى التَّقْرِيبِ فَفِي الْعِبَارَةِ قَلَقٌ وَكَتَبَ أَيْضًا لَيْسَ لَنَا مَا هُوَ تَقْرِيبٌ بِلَا خِلَافٍ سِوَاهُ وَفِي مَعْنَاهُ الْوَكَالَةُ بِشِرَائِهِ أَوْ الْوَصِيَّةُ. (قَوْلُهُ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ عَاقِلَيْنِ) ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ قَوْلَ الْفَاسِقِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ نِزَاعٌ رَجَعَ إلَى النَّخَّاسِينَ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا عَدْلًا وَحَكَى الْبَغَوِيّ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ فِي الْجَلَبِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ سِنَّهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ سِتَّةَ أَشْبَارٍ إلَخْ) أَفْهَمَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ أَوْ سِتَّةً أَنَّهُ يَكْفِي وَكَلَامُ الْوَسِيطِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَكَأَنَّهُ لِلْجَهْلِ بِالْأَشْبَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 عَلَى حِيَالِهِ بِأَوْصَافِهِ الْمَقْصُودَةِ وَإِنْ تَفَاوَتَ بِهِ الْغَرَضُ وَالْقِيمَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ عِزَّةً. (وَ) لَا (الْمُلَاحَةُ وَالدَّعَجُ) وَهُوَ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ سَعَتِهَا وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَعْتَنِي بِهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ وَتُرَغِّبُ فِي الْإِرْقَاءِ كَالْكَحَلِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ أَنْ يَعْلُوَ جُفُونَ الْعَيْنِ سَوَادٌ كَالْكُحْلِ مِنْ غَيْرِ اكْتِحَالٍ وَتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ وَهُوَ اسْتِدَارَتُهُ وَسَمْنِ الْجَارِيَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهَا لِتَسَامُحِ النَّاسِ بِإِهْمَالِهَا غَالِبًا وَيَعُدُّونَ ذِكْرَهَا اسْتِقْصَاءً وَمُبَالَغَةً (وَيَجِبُ) فِي الْأَمَةِ (ذِكْرُ الثِّيَابَةَ وَالْبَكَارَةِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (يَهُودِيًّا أَوْ كَاتِبًا) أَوْ مُزَوَّجًا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَنَحْوُهَا (جَازَ) بِخِلَافِ كَوْنِهِ شَاعِرًا لِأَنَّ الشِّعْرَ طَبْعٌ لَا يُمْكِنُ تَعَلُّمُهُ فَيَعِزُّ وُجُودُهُ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَبِخِلَافِ خِفَّةِ الرُّوحِ وَعُذُوبَةِ الْكَلَامِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ لِلْجَهَالَةِ (وَكَذَا) يَجُوزُ (إنْ شَرَطَهُ زَانِيًا أَوْ سَارِقًا أَوْ قَاذِفًا) أَوْ نَحْوَهَا (لَا) كَوْنَهَا (مُغَنِّيَةً أَوْ عَوَّادَةً) أَوْ نَحْوَهُمَا وَفَرَّقَ بِأَنَّهَا صِنَاعَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَتِلْكَ أُمُورٌ تَحْدُثُ كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا فَرْقٌ لَا يَقْبَلُهُ ذِهْنُك وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ الْفَرْقُ صَحِيحٌ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْغِنَاءَ وَالضَّرْبَ بِالْعُودِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّعَلُّمِ وَهُوَ مَحْظُورٌ وَمَا أَدَّى إلَى الْمَحْظُورِ مَحْظُورٌ بِخِلَافِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهَا عُيُوبٌ تَحْدُثُ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ فَهُوَ كَالسَّلَمِ فِي الْعَبْدِ الْمَعِيبِ لِأَنَّهَا أَوْصَافُ نَقْصٍ تَرْجِعُ إلَى الذَّاتِ وَالْعَيْبُ مَضْبُوطٌ فَصَحَّ قَالَ لَكِنْ يُفَرَّقُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْغِنَاءَ وَنَحْوَهُ لَا بُدَّ فِيهِ مَعَ التَّعَلُّمِ مِنْ الطَّبْعِ الْقَابِلِ لِذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مُكْتَسَبٍ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ شَاعِرٍ بِخِلَافِ الزِّنَا وَنَحْوِهِ انْتَهَى وَعَلَى الْفَرْقِ الثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْغِنَاءِ مَحْظُورًا أَيْ بِآلَةِ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْجَوَازِ فِيمَا إذَا كَانَ الْغِنَاءُ مُبَاحًا وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ الْقَوَّادَةُ بِالْقَافِ وَصَوَابُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ بِالْعَيْنِ وَلِهَذَا عَدَلَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْقَوَّادَةِ بِالْقَافِ بِالزَّانِيَةِ وَنَحْوِهَا (فَرْعٌ لَوْ أَسْلَمَ جَارِيَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ جَازَ) كَإِسْلَامِ الْإِبِلِ فِي كَبِيرِهَا (فَإِنْ كَبِرَتْ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (أَجْزَأْت) عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَإِنْ وَطِئَهَا كَوَطْءِ الثَّيِّبِ وَرَدَّهَا بِالْعَيْبِ وَتَرْجِيحُ الْأَجْزَاءِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ آخِرَ الْبَابِ لَوْ اتَّفَقَ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى صِفَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فَأَحْضَرَهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَجِبُ قَبُولُهُ (وَيَذْكُرُ فِي الدَّوَابِّ) الَّتِي يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا مِنْ إبِلٍ وَغَنَمٍ وَخَيْلٍ وَغَيْرِهَا (الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ مَعَ صِنْفِهِ إنْ اخْتَلَفَ فَيَقُولُ) فِي بَيَانِ النَّوْعِ بَخَاتِيٌّ أَوْ عِرَابٌ أَوْ (مِنْ نِتَاجِ بَنِي فُلَانٍ إنْ لَمْ يَعِزَّ وُجُودُهُ أَوْ بَلَدِ بَنَى فُلَانٍ) كَذَلِكَ وَفِي بَيَانِ الصِّنْفِ الْمُخْتَلِفِ أَرْحَبِيَّةٌ أَوْ مُهْرِيَّةٌ أَوْ مُجَيْدِيَّةٌ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ أَمَّا إذَا عَزَّ وُجُودُهُ كَأَنْ نُسِبَ إلَى طَائِفَةٍ يَسِيرَةٍ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي ثَمَرِ بُسْتَانٍ (وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ يُنْسَبَانِ إلَى الْبَلَدِ) أَوْ غَيْرِهِ وَهَذَا مَعَ قُصُورِهِ عَنْ الْغَرَضِ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ لِتَعْبِيرِهِ فِيهِ بِالدَّوَابِّ وَالْأَصْلُ إنَّمَا أَفْرَدَهُ مَعَ اسْتِيفَاءِ الْغَرَضِ لِتَعْبِيرِهِ أَوَّلًا بِالْإِبِلِ وَالْخَيْلِ فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَمَا لَا يَتَبَيَّنُ نَوْعُهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى قَوْمٍ يُبَيَّنُ بِالْإِضَافَةِ إلَى بَلَدٍ وَغَيْرِهِ. (وَ) يَذْكُرُ فِي الدَّوَابِّ (الذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ) أَيْ إحْدَاهُمَا (وَالسِّنَّ) كَابْنِ مَخَاضٍ وَابْنِ لَبُونٍ (وَاللَّوْنَ) كَأَحْمَرَ وَأَسْوَدَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لَكِنْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي إرْشَادِهِ بِاشْتِرَاطِهِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَلَيْسَ لِلْإِخْلَالِ بِهِ وَجْهٌ قُلْت بَلْ لَهُ وَجْهٌ يُعْرَفُ مِمَّا وَجَّهَ بِهِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الدَّعَجِ وَنَحْوِهِ (وَيُنْدَبُ ذِكْرُ الشِّيَاتِ فِي غَيْرِ الْإِبِلِ) أَيْ أَلْوَانِهِ الْمُخَالِفَةِ لِمُعْظَمِ لَوْنِهِ (كَالْأَغَرِّ وَالْمُحَجَّلِ وَاللَّطِيمِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ مِنْ الْخَيْلِ مَا سَالَتْ غُرَّتُهُ فِي أَحَدِ شِقَّيْ وَجْهِهِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ الَّذِي أَحَدُ شِقَّيْهِ أَبْيَضُ كَأَنَّهُ لُطِمَ بِالْبَيَاضِ وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ شِقَّيْهِ عَلَى شِقَّيْ وَجْهِهِ فَلَا مُخَالَفَةَ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِتَسَامُحِ النَّاسِ بِإِهْمَالِهَا إلَخْ) وَلِأَنَّهَا أَوْصَافٌ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ خَفِيفِ الرُّوحِ) لَوْ قَالَ فِي غُلَامٍ خَفِيفِ الرُّوحِ أَوْ ثَقِيلِهَا أَوْ عَذْبِ الْكَلَامِ أَوْ حَسَنِ الْخُلُقِ أَيْ بِضَمِّ الْخَاءِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ لَا مُغَنِّيَةً أَوْ عَوَّادَةً أَوْ نَحْوَهُمَا) كَكَبْشِ النِّطَاحِ وَدِيكِ الْهِرَاشِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ بَلْ الْفَرْقُ إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمَعْنَى فِي امْتِنَاعِ السَّلَمِ فِي الْمُغَنِّيَةِ وَالْعَوَّادَةِ كَوْنُهَا صِنَاعَةً مَحْظُورَةً فَلَوْ جَوَّزَ السَّلَمَ فِيهِمَا لَكَانَ فِي ذَلِكَ إعَانَةً عَلَى السَّعْيِ فِي تَحْصِيلِهَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] وَالْبَيْعُ لَيْسَ فِيهِ سَعْيٌ فِي التَّحْصِيلِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِي كَبْشِ النِّطَاحِ وَدِيكِ الْهِرَاشِ وَإِنْ جَازَ بَيْعُهُمَا. (قَوْلُهُ وَالْعَيْبُ مَضْبُوطٌ) فَصَحَّ حَتَّى إذَا جَاءَهُ بِهِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ لِرِضَاهُ بِهِ فِي الْعَقْدِ لَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِصِفَةِ النَّقْصِ حَتَّى إذَا جَاءَ بِهِ سَالِمًا لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَوْصَافَ الْمَذْمُومَةَ لَا تُقْصَدُ (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْقَوَّادَةِ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْقَوَّادَةَ هِيَ الَّتِي تَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَلَى الْفَاحِشَةِ [فَرْعٌ أَسْلَمَ جَارِيَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ] (قَوْلُهُ وَالسِّنَّ) يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ فِي بَقَرِ الْوَحْشِ وَحُمُرِهِ بِذِكْرِ الْجُثَّةِ عَنْ السِّنِّ لِعُسْرِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ لَكِنْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي إرْشَادِهِ بِاشْتِرَاطِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ إنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي إرْشَادِهِ فِي الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ) فِي الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ (قَوْلُهُ قَالَ وَلَيْسَ لِلْإِخْلَالِ بِهِ وَجْهٌ) لِأَنَّ مَا يَرْفَعُهُ هَذَا فِي أَثْمَانِهَا أَكْثَرُ مِمَّا يَخْتَلِفُ أَثْمَانُ الْحِنْطَةِ بِصِغَرِ الْحَبَّاتِ وَكِبَرِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ وَنَصُّ الْمُخْتَصَرِ يَقْتَضِيه وَيَجِبُ طَرْدُهُ فِي الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ كَأَصْلِهِ وَالْبَقَرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ الْجَزْمُ بِهِ حَتَّى فِي الْغَنَمِ أَيْضًا قَالَ شَيْخُنَا فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ يُحْمَلُ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ لَا يَخْتَلِفُ بِذِكْرِهِ وَعَدَمِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 كَأَصْلِهِ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْإِبَاقِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ بِخِلَافِ الْأَعْفَرِ وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِ الْإِبِلِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْخَيْلِ (فَلَوْ أَسْلَمَ فِي الطُّيُورِ وَالسَّمَكِ وَلُحُومِهَا جَازَ) وَذِكْرُ السَّمَكِ وَلَحْمِهِ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا يَأْتِي بِزِيَادَةٍ (وَيَذْكُرُ) فِي الطُّيُورِ وَالسَّمَكِ وَلُحُومِهَا (الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَالْجُثَّةَ) صِغَرًا وَكِبَرًا. (وَكَذَا السِّنُّ إنْ عُرِفَ) وَيَرْجِعُ فِيهِ لِلْبَائِعِ كَمَا فِي الرَّقِيقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ السِّنَّ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجُثَّةِ كَمَا فِي الْغَنَمِ وَلِمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ ذِكْرَهَا إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِأَنَّ السِّنَّ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ صِغَرُهَا وَكِبَرُهَا لَا يَكَادُ يُعْرَفُ (وَالذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ) أَيْ إحْدَاهُمَا (إنْ أَمْكَنَ) تَمْيِيزُهَا (وَتَعَلَّقَ بِهِ) أَيْ بِذِكْرِهَا (غَرَضٌ وَ) يَذْكُرُ (مَوْضِعَ اللَّحْمِ فِي كَبِيرٍ) مِنْ الطَّيْرِ أَوْ السَّمَكِ كَالْغَنَمِ وَهَذَا مَحَلُّهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (و) يَذْكُرُ (اللَّوْنَ فِي الطَّيْرِ) كَمَا فِي الْوَسِيطِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيَذْكُرُ فِي السَّمَكِ أَنَّهُ نَهْرِيٌّ أَوْ بَحْرِيٌّ طَرِيٌّ أَوْ مَالِحٌ (وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الرَّأْسِ وَالرِّجْلِ مِنْ الطَّيْرِ و) لَا (الذَّنَبِ) الَّذِي لَا لَحْمَ عَلَيْهِ (مِنْ السَّمَكَةِ) إذَا أَسْلَمَ فِي لُحُومِهَا كَمَا لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الرِّيشِ وَمَا فِي الْجَوْفِ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُ رَأْسِ السَّمَكَةِ لَكِنْ نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهِ وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ جِلْدِ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ وَصَغِيرِ الْجِدَاءِ بِخِلَافِ كَبِيرِهَا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ (وَيَجُوزُ) السَّلَمُ (فِي السَّمَكِ وَالْجَرَادِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا) حَيْثُ عَمَّ وَيَذْكُرُ فِي الْحَيِّ الْعَدَدَ وَفِي غَيْرِهِ الْوَزْنَ (وَيَصِفُ كُلَّ جِنْسٍ مِنْ الْحَيَوَانِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ) مِمَّا يُرَادُ هَذَا تَأْكِيدٌ وَإِيضَاحٌ. (فَائِدَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي النَّحْلِ وَإِنْ جَوَّزْنَا بَيْعَهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُ بِعَدَدٍ وَلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَأَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي أَوَزَّةً وَفِرَاخِهَا وَفِي دَجَاجَةٍ وَفِرَاخِهَا إذَا سَمَّى عَدَدَهَا وَلَا يَتَخَيَّلُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي الدَّابَّةِ أَوْ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا إذْ لَا أَوْصَافَ هُنَا تَخْتَلِفُ وَتُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي عَبِيدٍ صِغَارٍ وَأَمَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ مِنْهُمْ وَأَوْلَى وَمَا قَالَهُ فِي هَذِهِ مَرْدُودٌ إذْ يَعِزُّ وُجُودُ الْأُمِّ وَأَوْلَادِهَا بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي مِنْهَا اللَّوْنُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِمْ حُكْمُ الْبَهِيمَةِ وَوَلَدِهَا حُكْمُ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا (فَصْلٌ يَجُوزُ) السَّلَمُ (فِي اللَّحْمِ جَدِيدِهِ وَقَدِيدِهِ) وَلَوْ مُمَلَّحًا وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ عَيْنُ الْمِلْحِ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ وَفِي كَلَامِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى لَحْمِ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ مَعَ بَعْضِ صِفَاتِهِ الْآتِيَةِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ مَا مَرَّ (وَ) فِي (الشَّحْمِ وَالْكَبِدِ وَنَحْوِهِ) كَالْأَلْيَةِ وَالْكُلْيَةِ وَالطِّحَالِ (وَيَذْكُرُ جِنْسَ حَيَوَانِهِ وَنَوْعَهُ) وَصِنْفَهُ إنْ اخْتَلَفَ وَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَكَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ يَمِيلُ إلَيْهِ (وَذُكُورَتَهُ وَخِصَاءَهُ وَكَوْنَهُ رَضِيعًا أَوْ جَذَعًا أَوْ ثَنِيًّا وَمَعْلُوفًا) وَالْعِبْرَةُ بِأَنْ يُعْلَفَ (عَلَفًا يُؤْثَرُ) فِي لَحْمِهِ (أَوْ ضِدَّهَا) أَيْ أُنُوثَتِهِ وَفُحُولَتِهِ وَكَوْنِهِ فَطِيمًا أَوْ ابْنَ مَخَاضٍ أَوْ ابْنَ لَبُونٍ أَوْ نَحْوَهَا وَرَاعِيًا فَلَوْ كَانَ بِبَلَدٍ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الرَّاعِي وَالْمَعْلُوفُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَلْزَمْ ذِكْرُهُ (وَكَوْنَ اللَّحْمِ مِنْ الْفَخِذِ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (وَنَحْوِهِ) كَالْكَتِفِ وَالْجَنْبِ وَكَوْنَهُ مِنْ سَمِينٍ أَوْ هَزِيلٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مِنْ رَاعٍ أَوْ مَعْلُوفٍ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ لَكِنْ   [حاشية الرملي الكبير] كَأَصْلِهِ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْأَبْلَقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) قَالَ لَوْ أَسْلَمَ فِي فَرَسٍ أَبْلَقَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ قَالَ فِي الْحَاوِي لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْبَلَقَ مُخْتَلِفٌ لَا يَنْضَبِطُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِالْبَرَاذِينِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فِي الْعَتَاقِ وَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ بِبَلَدٍ يَكْثُرُ وُجُودُهَا فِيهِ وَيَكْفِي مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ أَبْلَقَ كَسَائِرِ الصِّفَاتِ قَالَ شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْجَوَازِ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ بِكَثْرَةٍ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَعَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَيَذْكُرُ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَالْجُثَّةَ) يَذْكُرُ فِي الْحَيِّ الْعَدَدَ وَفِي الْمَذْبُوحِ الْوَزْنَ وَيُشْتَرَطُ تَنْقِيَةُ جَوْفِهِ وَإِذَا اخْتَلَفَ صِنْفُ النَّوْعِ مِنْ الطَّيْرِ وَجَبَ بَيَانُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ السِّنَّ إلَخْ) مَا اسْتَظْهَرَهُ مَمْنُوعٌ وَكَذَا مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْوَسِيطِ وَغَيْرِهِ) تَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ وَمُسَوَّدَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارُهُ غَرِيبٌ وَيَظْهَرُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ حَيْثُ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ وَالْقِيمَةُ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (قَوْلُهُ لَكِنْ نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ غَيْرَ حَاكٍ لِلنَّصِّ وَلَا لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ ثُمَّ حَكَى فِيمَا إذَا كَانَ الْحُوتُ صَغِيرًا وَجْهًا أَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُ الرَّأْسِ وَالذَّنَبِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَكْلُهُمَا مَعَهُ ثُمَّ قَالَ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَقَالَ فِي الْمُتَوَسِّطِ الْمُتَّجَهُ فِيمَا تَنَاهَى صِغَرُهُ مِنْ السَّمَكِ قَبُولُ الذَّنَبِ وَالرَّأْسِ وَالْعُرْفُ شَاهِدٌ لَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُ الذَّنَبِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ لَحْمٌ وَمِثْلُهُ الرَّأْسُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِي السَّمَكِ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَيَصِفُ السَّمَكَ بِالسَّمْنِ وَالْهُزَالِ وَمَا صِيدَ بِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَزَمَانَ صَيْدِهِ إنْ كَانَ طَرِيًّا وَزَمَانَ تَمْلِيحِهِ إنْ كَانَ مَمْلُوحًا (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ مَرْدُودٌ إذْ يَعِزُّ وُجُودُ الْأُمِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ] (فَصْلٌ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ إلَخْ) (قَوْلُهُ وَصِنْفَهُ إنْ اخْتَلَفَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَوْنَهُ رَضِيعًا إلَخْ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ وَيُبَيِّنُ نَوْعَ الْعَلَفِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا قَالَ مَعْلُوفَةً لَا يَجِبُ قَبُولُ الرَّاعِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي غَايَةِ السَّمْنِ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ الظَّاهِرُ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ قِيلَ إنَّ الرَّاعِيَةَ سَمِينُهَا أَطْيَبُ مِنْ الْمَعْلُوفَةِ لِأَنَّ الرَّاعِيَةَ تَتَرَدَّدُ فِي الْمَرْعَى وَالْمَعْلُوفَةَ مُقِيمَةٌ فَيَكُونُ سَمِينُهَا أَطْيَبَ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذِكْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَوْنَ اللَّحْمِ مِنْ الْفَخِذِ إلَخْ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ وَكُلَّمَا قَرُبَ مِنْ الْمَاءِ وَالْمَرْعَى فَهُوَ أَطْيَبُ فَلَحْمُ الرَّقَبَةِ أَطْيَبُ لِقُرْبِهِ وَلَحْمُ الْفَخِذِ أَدْوَنُ لِبُعْدِهِ وَهَذَا فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِبَيْعِهِ (قَوْلُهُ وَكَوْنَهُ مِنْ سَمِينٍ أَوْ هَزِيلٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مُرَادُهُمْ بِالْهَزِيلِ غَيْرُ الْمَعِيبِ (قَوْلُهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ) فَهُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ وَيَأْخُذُهُ بِعَظْمٍ مُعْتَادٍ) لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْجِلْدِ عَلَى اللَّحْمِ إلَّا جِلْدَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي اللَّبَنِ مِنْ اعْتِبَارِ ذِكْرِ نَوْعِ الْعَلَفِ اعْتِبَارُهُ هُنَا أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ (وَيَأْخُذُهُ) الْمُسَلِّمُ (بِعَظْمٍ مُعْتَادٍ إنْ لَمْ يَشْرِطْ نَزْعَهُ) لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ فَإِنْ شَرَطَهُ جَازَ وَلَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ (وَالْعَجَفُ عَيْبٌ) عَنْ عِلَّةٍ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّهُ هُزَالٌ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُهُ (وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (إنْ شَرَطَهُ) لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ (وَلَا مَدْخَلَ لِلْخِصَاءِ وَالْعَلَفِ) وَضِدِّهِمَا (فِي لَحْمِ الصَّيْدِ وَلْيَذْكُرْ مَا يُصَادُ بِهِ) مِنْ أُحْبُولَةٍ أَوْ سَهْمٍ أَوْ جَارِحَةٍ وَإِنَّهَا كَلْبٌ أَوْ فَهْدٌ (فَصَيْدُ الْكَلْبِ أَطْيَبُ) لِطِيبِ نَكْهَتِهِ (وَلَا يَجُوزُ) السَّلَمُ (فِي الرُّءُوسِ وَالْأَكَارِعِ) وَإِنْ كَانَتْ نِيئَةً مُنَقَّاةً مِنْ الصُّوفِ وَمَضْبُوطَةً بِالْوَزْنِ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَبْعَاضِ الْمُخْتَلِفَةِ وَيُخَالِفُ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ جُمْلَتُهُ مِنْ غَيْرِ تَجْرِيدِ النَّظَرِ إلَى آحَادِ الْأَعْضَاءِ وَيُقَالُ فِي الْأَكَارِعِ كَوَارِعُ وَأَكْرُعٌ جَمْعُ كُرَاعٍ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ مِنْ الدَّوَابِّ مَا دُونَ كُعُوبِهَا وَالْجَوْهَرِيُّ مُسْتَدَقُّ السَّاقِ وَالشَّائِعُ إطْلَاقُهَا عَلَيْهِمَا مَعًا (فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي مَطْبُوخٍ وَ) لَا (نَاضِجٍ بِالنَّارِ وَلَوْ خُبْزًا) عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهَا فِيهِ وَتَعَذُّرِ الضَّبْطِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَطْبُوخٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِلَحْمٍ مَطْبُوخٍ فَيَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي كُلِّ مَطْبُوخٍ (وَ) لَوْ (سُكَّرًا وَفَانِيذًا وَلِبَأً) وَدِبْسًا وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ حَيْثُ شَبَّهَهُ بِالْخُبْزِ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ وَمَيْلُهُ فِيهَا إلَى الْجَوَازِ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فِي كُلِّ مَا دَاخَلَتْهُ نَارٌ لَطِيفَةٌ وَمَثَّلَ بِالْمَذْكُورَاتِ وَعَلَيْهِ يُفَرِّقُ بَيْنَ بَابَيْ الرِّبَا وَالسَّلَمِ بِضِيقِ بَابِ الرِّبَا لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَلَّ مَنْ وَافَقَهُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ كَغَيْرِهِ إنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ خِلَافُ الْمُشَاهَدِ وَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ بِعَمَلِ السُّكَّرِ وَكَذَا نَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ ثُمَّ قَالَ لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ فِي الرِّبَا إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ الْمَذْكُورَاتِ بِبَعْضٍ وَفِيمَا اسْتَدْرَكَ بِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَرْقِ تَنَافٍ إذْ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَمَا اسْتَدْرَكَ بِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ وَصَرَّحَ الْإِمَامُ بِجَوَازِ بَيْعِ الْمَاءِ الْمَغْلِيِّ بِمِثْلِهِ وَقِيَاسُهُ جَوَازُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَاللُّبَابَا بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ أَوَّلُ مَا يُجْلَبُ وَغَيْرُ الْمَطْبُوخِ مِنْهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ قَطْعًا وَسَيَأْتِي (وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي الْمَاوَرْدِ) لِأَنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدِي وَعِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ (و) يَصِحُّ فِي (الْعَسَلِ الْمُصَفَّى بِالنَّارِ) لِأَنَّ تَصْفِيَتَهُ بِهَا لَا تُؤَثِّرُ لِأَنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلْعَقْدِ بِخِلَافِهَا فِي الدِّبْسِ وَالسُّكَّرِ عَلَى مَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ إلْحَاقُهُ بِهِمَا فِيمَا مَرَّ أَمَّا الْمُصَفَّى بِالشَّمْسِ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ قَطْعًا لِعَدَمِ اخْتِلَافِهِ (وَ) يَصِحُّ السَّلَمُ فِي (الشَّمْعِ وَالْآجُرِّ) لِمَا مَرَّ نَعَمْ يَمْتَنِعُ فِي الْآجُرِّ الْمَلْهُوجِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَكْمُلْ نُضْجُهُ وَاحْمَرَّ بَعْضُهُ وَاصْفَرَّ بَعْضُهُ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاخْتِلَافِهِ وَيَصِحُّ أَيْضًا فِي الْقَنْدِ وَالْخَزَفِ وَالْفَحْمِ لِمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ فِي الْمَسْمُوطِ لِأَنَّ النَّارَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ عَمَلًا لَهُ تَأْثِيرٌ (فَصْلٌ وَيَذْكُرُ فِي التَّمْرِ وَالرُّطَبِ وَالْحُبُوبِ كَالْحِنْطَةِ) وَالشَّعِيرِ (جِنْسًا) التَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] الصِّغَارِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِلَّا جِلْدَ السَّمَكِ وَالطَّيْرِ وَلْيُنْظَرْ فِي جِلْدِ الْغَنَمِ السَّمِيطِ فَإِنْ صَحَّ السَّلَمُ فِيهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّ النَّارَ لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ تَأْثِيرًا لَهُ بَالٌ فَالْأَشْبَهُ قَبُولُ جِلْدِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِاعْتِبَارِ ذِكْرِ لَوْنِ الْحَيَوَانِ الْأَهْلِيِّ الْمُسَلَّمِ فِي لَحْمِهِ وَقَدْ اعْتَبَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي لَحْمِ الْوَحْشِيِّ وَقَالَ إنَّ لِأَلْوَانِهِ تَأْثِيرًا فِي لَحْمِهِ فَيَقْرُبُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ فِي الْأَهْلِيِّ إلَّا أَنْ يَتَّضِحَ فَرْقٌ وَلَا أَخَالُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ [فَصْلٌ السَّلَمُ فِي مَطْبُوخٍ] (قَوْلُهُ وَلَا نَاضِجَ بِالنَّارِ) يَلْحَقُ بِمَا دَخَلَتْهُ النَّارُ مَا دَخَلَهُ السُّوسُ أَوْ الْبَلُّ أَوْ الْعَفَنُ مِنْ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ وَلَوْ سُكَّرًا وَفَانِيدًا إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ السَّلَمُ فِي السُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ وَالدِّبْسِ جَائِزٌ لِأَنَّ لِلنَّارِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَدًّا مَضْبُوطًا (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فِي كُلِّ مَا دَخَلَتْهُ نَارٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَشْهَدُ لِلنَّوَوِيِّ نَصُّ الْأُمِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ الْخَلِيطِ الَّذِي يَجُوزُ السَّلَمُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خَلِيطَيْهِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَمِنْ ذَلِكَ اللَّوْزُ الْمَخْلُوطُ بِالسُّكَّرِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ السَّلَمِ فِي السُّكَّرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَصَاحِبُ الْكَافِي (قَوْلُهُ بِضِيقِ بَابِ الرِّبَا) لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَرْعِيَّةٌ فِيهِ وَتَأْثِيرُ النَّارِ يُفْضِي إلَى الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ أَوْ حَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ وَالْمَرْعِيُّ فِي السَّلَمِ قُرْبُ الضَّبْطِ وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالْعَادَةِ فَنَزَلَ كُلُّ بَابٍ عَلَى مَأْخَذِهِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي الْبَسِيطِ وَالسَّلَمُ يَجُوزُ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَتَنْضَبِطُ بِالْوَصْفِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ فَمِنْ ذَلِكَ اللُّحُومُ وَالثِّمَارُ وَالْفَوَاكِهُ وَالْخُبْزُ دَخَلَتْهُ النَّارُ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ قَطْعًا وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ عَلَى وَجْهٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ بِعَمَلِ السُّكَّرِ) مُرَادُهُ بِلَطِيفَةٍ إنَّهَا مَضْبُوطَةٌ قَالَ الْغَزِّيِّ قَدْ يُقَالُ إنَّ نَفْسَ السُّكَّرِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نَارٍ كَثِيرَةٍ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِتَمْيِيزِ السُّكَّرِ عَنْ الْقَصَبِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدِي إلَخْ) وَقَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ إنَّهُ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ وَالْعَسَلِ الْمُصَفَّى بِالنَّارِ) أَوْ السَّمْنِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَالْآجُرِّ) وَيَذْكُرُ نَوْعَهُ وَطِينَهُ وَلَوْنَهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَسُمْكَهُ وَوَزْنَهُ كَاللَّبِنِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ فِي الْمَسْمُوطِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ يَذْكُرُ فِي التَّمْرِ وَالرُّطَبِ وَالْحُبُوبِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ جِنْسًا فِي السَّلَم] (قَوْلُهُ وَيَذْكُرُ فِي التَّمْرِ) اسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ السَّلَمِ فِي التَّمْرِ التَّمْرَ الْمَكْنُوزَ فِي الْقَوَاصِرِ فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ صِفَتِهِ الْمَشْرُوطَةِ بَعْدَ كِنَازِهِ وَلَوْ شَرَطَ نَزْعَ نَوَى التَّمْرِ فَفِي صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَالزَّبِيبُ كَالتَّمْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ بِشَرْطِ نَزْعِ عَجَمِهِ. اهـ. وَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فِي نَزْعِ نَوَى التَّمْرِ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ كَالْحِنْطَةِ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَمْحِ أَنْ يَذْكُرَ حَبَّهُ صِغَارًا وَكِبَارًا وَوَسَطًا (تَنْبِيهٌ) يَذْكُرُ فِي الدَّقِيقِ آلَتَهُ وَخُشُونَتَهُ وَنُعُومَتَهُ وَقُرْبَ زَمَانِهِ وَبُعْدَهُ وَالسُّكَّرَ وَالنَّاحِيَةَ وَنَوْعَ الْقَصَبِ وَاللَّوْنَ وَالْقُوَّةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 وَنَوْعًا كَمَعْقِلِيٍّ أَوْ بَرْنِيِّ (وَلَوْنًا وَكِبَرًا) أَوْ صِغَرًا (وَبَلَدًا) كَبَغْدَادِيٍّ وَالْقِيَاسُ ذِكْرُ الصِّنْفِ إنْ اخْتَلَفَ (وَكَذَا كَوْنُهَا جَدِيدَةً أَوْ عَتِيقَةً إلَّا فِي الرُّطَبِ) وَيَذْكُرُ أَنَّ الْجَفَافَ عَلَى النَّخْلِ أَوْ بَعْدَ الْجِذَاذِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ أَبْقَى وَالثَّانِيَ أَصْفَى قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُبَيِّنَ عَتِيقَ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ فَإِنْ أَطْلَقَ فَالنَّصُّ الْجَوَازُ وَيَنْزِلُ عَلَى مُسَمَّى الْعَتِيقِ وَهُوَ قَوْلُ الْبَغْدَادِيِّينَ وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ لَا يَصِحُّ (وَيَذْكُرُ لَوْنَ الْعَسَلِ وَبَلَدَهُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ جَبَلِيٌّ أَوْ بَلَدِيٌّ (وَوَقْتَهُ كَالصَّيْفِيِّ) وَالْخَرِيفِيِّ لَا عِتْقَهُ وَحَدَاثَتَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَذْكُرُ مَرْعَاهُ وَقُوَّتَهُ وَرِقَّتَهُ (فَإِنْ رَقَّ لَا لِعَيْبٍ) كَحَرٍّ (أَخَذَهُ) الْمُسَلِّمُ أَيْ لَزِمَهُ قَبُولُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا رَقَّ لِعَيْبٍ أَوْ كَانَ رَقِيقًا خَلْقُهُ وَهُوَ بِخِلَافِ مَا شَرَطَهُ (فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي اللَّبَنِ وَالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ ذِكْرُ جِنْسِ حَيَوَانِهِ وَنَوْعِهِ وَمَا كَوْنُهُ) مِنْ مَرْعًى أَوْ عَلَفٍ مُعَيَّنٍ بِنَوْعِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِهِ اعْتِبَارُ السِّنِّ كَكَوْنِهِ لَبَنَ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَهُ لِذَلِكَ (و) يَذْكُرُ (لَوْنَ السَّمْنِ وَالزُّبْدِ لَا اللَّبَنِ) وَأَمَّا اللَّبَأُ فَيَذْكُرُ فِيهِ مَا يَذْكُرُ فِي اللَّبَنِ وَأَنَّهُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَأَنَّهُ أَوَّلُ بَطْنٍ أَوْ ثَانِيهِ أَوْ ثَالِثُهُ وَلِبَأُ يَوْمِهِ أَوْ أَمْسِهِ كَذَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَيَذْكُرُ فِي السَّمْنِ أَنَّهُ جَدِيدٌ أَوْ عَتِيقٌ) التَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْعَتِيقِ وَالْجَدِيدِ وَجْهَانِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لَا بَلْ الْعَتِيقُ مَعِيبٌ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الْمُتَغَيِّرُ هُوَ الْمَعِيبُ لَا كُلُّ عَتِيقٍ فَيَجِبُ بَيَانُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ نُقِلَ فِي الشَّامِلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْبَيَانِ أَنْ تَخْتَلِفَ الْقِيمَةُ وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا هُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ عَنْهُ فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ مَذْهَبُنَا اهـ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُتَغَيِّرِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَعِيبٌ وَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى أَنَّ السُّبْكِيَّ قَالَ وَنَصُّ الشَّافِعِيُّ يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي. قُلْت فَيَصِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ حَيْثُ اخْتَلَفَ النَّصَّانِ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ مِنْهُمَا أَحَدَهُمَا كَمَا عُرِفَ (وَلَا يَصِحُّ فِي حَامِضِ اللَّبَنِ) لِأَنَّ الْحُمُوضَةَ عَيْبٌ فِيهِ (إلَّا فِي مَخِيضٍ لَا مَاءَ فِيهِ) فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ وَصْفُهُ بِالْحُمُوضَةِ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ (وَاللَّبَنُ) الْمُطْلَقُ (يُحْمَلُ عَلَى الْحُلْوِ وَإِنْ انْعَقَدَ) أَيْ جَفَّ فَلَوْ أَسْلَمَ فِي لَبَنٍ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا بَقِيَ حُلْوًا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ قَالَهُ الْأَصْلُ وَفِي الْأُمِّ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقُولَ حَلِيبًا أَوْ لَبَنَ يَوْمِهِ قَالَ وَالْحَلِيبُ مَا حُلِبَ مِنْ سَاعَتِهِ (وَيَذْكُرُ طَرَاوَةَ الزُّبْدِ وَضِدَّهَا) كَأَنْ يَقُولَ زُبْدُ يَوْمِهِ أَوْ أَمْسِهِ (وَيَجُوزُ) السَّلَمُ (فِي اللَّبَنِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَيُوزَنُ اللَّبَنُ بِرَغْوَتِهِ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْمِيزَانِ (وَلَا يُكَالُ بِهَا وَيَذْكُرُ نَوْعَ الْجُبْنِ وَبَلَدَهُ وَرُطُوبَتَهُ وَيُبْسَهُ) الَّذِي لَا تَغَيُّرَ فِيهِ أَمَّا مَا فِيهِ تَغَيُّرٌ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَعِيبٌ وَعَلَيْهِ مَنَعَ الشَّافِعِيُّ السَّلَمَ فِي الْجُبْنِ الْقَدِيمِ (وَالسَّمْنُ يُوزَنُ وَيُكَالُ وَجَامِدُهُ) الَّذِي يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ (يُوزَنُ كَالزُّبْدِ وَاللِّبَأِ الْمُجَفَّفِ) أَمَّا غَيْرُ الْمُجَفَّفِ فَكَاللَّبَنِ وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الزُّبْدِ كَيْلًا وَوَزْنًا يُحْمَلُ عَلَى زُبْدٍ لَا يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ (فَصْلٌ وَيَذْكُرُ فِي الصُّوفِ وَالْوَبَرِ) وَالشَّعَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا (نَوْعَ أَصْلِهِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَذُكُورَتَهُ وَأُنُوثَتَهُ) أَيْ إحْدَاهُمَا لِأَنَّ صُوفَ الْإِنَاثِ أَنْعَمُ وَاغْتَنَوْا بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ اللِّينِ وَالْخُشُونَةِ (وَبَلَدَهُ وَاللَّوْنَ وَالْوَقْتَ) كَخَرِيفِيٍّ أَوْ رَبِيعِيٍّ (وَالطُّولَ وَالْقِصَرَ) أَيْ أَحَدَهُمَا (وَالْوَزْنَ) وَلَمْ يَذْكُرُوا عِتْقَهُ أَوْ حَدَاثَتَهُ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ وَقَدْ ذَكَرُوهُ فِي الْقُطْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ كَجٍّ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَا يُقْبَلُ إلَّا مُنَقًّى مِنْ بَعْرٍ وَنَحْوِهِ) كَشَوْكٍ (وَيَجُوزُ شَرْطُ غَسْلِهِ إلَّا إنْ عَيَّبَهُ) الْغَسْلُ (وَفِي الْقُطْنِ وَحَلِيجِهِ) بِمَعْنَى مَحْلُوجِهِ (وَغَزْلِهِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا (يَذْكُرُ) مَعَ النَّوْعِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ (الْبَلَدَ وَاللَّوْنَ وَكَثْرَةَ لَحْمِهِ وَقِلَّتَهُ وَنُعُومَتَهُ وَخُشُونَتَهُ وَدِقَّةَ الْغَزْلِ وَغِلَظَهُ) أَيْ أَحَدَ كُلِّ مُتَقَابِلَيْنِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ (وَكَوْنَهُ عَتِيقًا أَوْ جَدِيدًا إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ) وَكَغَزْلِ الْقُطْنِ   [حاشية الرملي الكبير] وَاللِّينَ وَالْحَدَاثَةَ وَالْعِتْقَ وَفِي الْعَفْصِ يَذْكُرُ بَلَدَهُ وَلَوْنَهُ وَوَزْنَهُ وَصِغَرَهُ وَكِبَرَهُ وَجِدَّتَهُ وَعِتْقَهُ وَفِي التِّبْنِ يَذْكُرُ أَنَّهُ تِبْنُ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ وَالْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ لَا يَصِحُّ) وَحَمَلُوا النَّصَّ عَلَى تَمْرِ الْحِجَازِ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَاوَتُ عِتْقُهُ فِي الرَّدَاءَةِ وَسَيَأْتِي عَنْ نَصِّ الْأُمِّ فِي الْحِنْطَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَتَجْرِي هَذِهِ الْأَوْصَافُ فِي الزَّبِيبِ قَالَ فِي الْأُمِّ وَيَصِفُ الْحِنْطَةَ مِنْ صِرَامِ عَامِهَا أَمْ عَامِ أَوَّلٍ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ هَذَا لَمْ يَجُزْ اهـ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فَقَالَ يَصِفُ مُدَّةَ الْحُبُوبِ كَحَصَادِ عَامِ كَذَا إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. اهـ. وَحَكَاهُ عَنْهُ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ لَا عِتْقَهُ) ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ بِخَطِّهِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ بِكَسْرِهَا (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) وَتَبِعَهُ الْعِمْرَانِيُّ (قَوْلُهُ وَيَذْكُرُ مَرْعَاهُ) اشْتَرَطَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَكَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ [فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي اللَّبَنِ وَالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ ذِكْرُ جِنْسِ حَيَوَانِهِ وَنَوْعِهِ وَمَا كَوْنُهُ فِي السَّلَم] (قَوْلُهُ قَالَ وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي) فَفِي آخِرِهِ وَهَذَا فِي كُلِّ مَا يَخْتَلِفُ جَدِيدُهُ وَقَدِيمُهُ مِنْ سَمْنٍ أَوْ حِنْطَةٍ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي الْمُتَوَسِّطِ فَبَانَ أَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي السَّمْنِ لِلْعِتْقِ وَالْحَدَاثَةِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْحَدِيثَ أَشْرَفُ وَأَنَّ الْقَدِيمَ أَنْقَصُ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحُمُوضَةَ عَيْبٌ فِيهِ) إنَّمَا قَالَ فِيهِ لِأَنَّ الْحُمُوضَةَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ الْخَلِّ (قَوْلُهُ وَاللِّبَأِ الْمُجَفَّفِ) وَهُوَ غَيْرُ الْمَطْبُوخِ فَيُوَافِقُ مَا قَدَّمَهُ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ صِحَّتَهُ فِي الْمَطْبُوخِ كَالْمُجَفَّفِ [فَصْلٌ يَذْكُرُ فِي الصُّوفِ وَالْوَبَرِ وَالشَّعَرِ نَوْعَ أَصْلِهِ فِي السَّلَم] (قَوْلُهُ وَاغْتَنَوْا بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ اللِّينِ وَالْخُشُونَةِ) مُقْتَضَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِذِكْرِ اللِّينِ وَالْخُشُونَةِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَوْنَهُ عَتِيقًا أَوْ جَدِيدًا) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنَّهُ لَقَطَ رَطْبًا فَإِنَّهُ أَنْعَمُ أَوْ يَابِسًا فَإِنَّهُ أَقْوَى وَطُولَ شَعْرِهِ وَقِصَرَهُ وَوَقْتَ لَقْطِهِ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ حَيْثُ يَخْتَلِفُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 فِيمَا ذَكَرَ غَزْلَ غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بَعْدُ (وَمُطْلَقُ الْقُطْنِ يُحْمَلُ عَلَى ذِي الْحَبِّ) فَإِذَا أَتَاهُ بِهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْجَافِّ وَعَلَى مَا فِيهِ الْحَبُّ (وَيَجُوزُ) السَّلَمُ (فِي حَبِّهِ) كَمَا يَجُوزُ فِيهِ وَفِي حَلِيجِهِ (لَا فِي الْقُطْنِ مَعَ) عِبَارَةِ الْأَصْلِ فِي (جَوْزِهِ) وَلَوْ بَعْدَ التَّشَقُّقِ لِاسْتِتَارِ الْمَقْصُودِ بِمَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ بِخِلَافِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ (وَفِي الْإِبْرَيْسَمِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الرَّاءِ فِيهِمَا وَبِكَسْرِهِمَا مَعًا وَهُوَ الْحَرِيرُ (يَذْكُرُ الْبَلَدَ وَالدِّقَّةَ وَالْغِلَظَ وَاللَّوْنَ) دُونَ خُشُونَتِهِ أَوْ نُعُومَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا نَاعِمًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَيَذْكُرُ الطُّولَ أَوْ الْقِصَرَ (وَلَا يَجُوزُ فِي الْقَزِّ بِدُودِهِ) أَيْ وَفِيهِ دُودُهُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ وَزْنِ الْقَزِّ أَمَّا بَعْدَ خُرُوجِ دُودِهِ فَيَجُوزُ (فَصْلٌ وَيَذْكُرُ فِي الثِّيَابِ جِنْسَ الْغَزْلِ) كَقُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ (وَنَوْعَهُ وَبَلَدَ النَّسْجِ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ) الْغَرَضُ (وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالدِّقَّةَ وَالْغِلَظَ) وَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْغَزْلِ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالْإِرْشَادُ وَشَرْحُهُ وَالصَّفَاقَةُ وَالرِّقَّةُ وَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّسْجِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ الدِّقَّةُ مَوْضِعَ الرِّقَّةِ وَبِالْعَكْسِ (وَالنُّعُومَةَ وَالْخُشُونَةَ) وَالْمُرَادُ ذِكْرُ أَحَدِ كُلِّ مُتَقَابِلَيْنِ فِي الثَّلَاثَةِ (وَيَجُوزُ شَرْطُ الْقِصَارَةِ) كَالْخَامِ (وَمُطْلَقُهُ يُحْمَلُ عَلَى الْخَامِ) دُونَ الْمَقْصُورِ لِأَنَّ الْقَصْرَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فَإِنْ أَحْضَرَ الْمَقْصُورَ كَانَ أَوْلَى وَقَضِيَّتُهُ يَجِبُ قَبُولُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْغَرَضُ بِهِ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَذْكُرَ نَسْجَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ إضَافَةَ تَعْرِيفٍ مِنْ غَيْرِ إرَادَةِ نَسْجِهِ بِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَيَجُوزُ فِيمَا صَبَغَ) غَزْلَهُ (قَبْلَ النَّسِيجِ) كَالْبُرُودِ (لَا بَعْدَهُ) لِأَنَّ الصَّبْغَ بَعْدَهُ يَسُدُّ الْفُرَجَ فَلَا يَظْهَرُ مَعَهُ الصَّفَاقَةُ خِلَافُهُ قَبْلَهُ (وَ) يَجُوزُ السَّلَمُ (فِي الْقُمَّصُ وَالسَّرَاوِيلِ) وَنَحْوِهِمَا الْجَدِيدَةِ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا وَلَوْ مَغْسُولًا (إنْ ضَبَطَهُ طُولًا وَعَرْضًا وَسَعَةً وَضِيقًا) أَيْ أَحَدَهُمَا (وَلَا يَجُوزُ فِي مَلْبُوسٍ) مِنْ ذَلِكَ مَغْسُولًا أَوْ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ فَأَشْبَهَ الْجِبَابَ وَالْخِفَافَ الْمُطْبَقَةَ وَالْقَلَانِسَ وَالثِّيَابَ الْمَنْقُوشَةَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا أَطْلَقَ هُنَا مِنْ جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَمَا أَطْلَقَ فِي الْخُلْعِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِهِ فِيهِمَا (فَصْلٌ وَفِي الْغَزْلِ يَجُوزُ شَرْطُ صَبْغِهِ أَنْ يُبَيِّنَهُ) أَيْ الصَّبْغَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُبَيِّنُ لَوْنَهُ وَكَوْنَهُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ الصَّيْفِ قَالَ وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْكَتَّانِ عَلَى خَشَبِهِ وَيَجُوزُ بَعْدَ الدَّقِّ فَيَذْكُرُ بَلَدَهُ وَلَوْنَهُ وَطُولَهُ أَوْ قِصَرَهُ وَنُعُومَتَهُ أَوْ خُشُونَتَهُ وَدِقَّتَهُ أَوْ غِلَظَهُ وَعِتْقَهُ أَوْ حَدَاثَتَهُ إنْ اخْتَلَفَ بِذَلِكَ (وَفِي الْخَشَبِ) الَّذِي (لِلْحَطَبِ) يَذْكُرُ (النَّوْعَ وَالْغِلَظَ وَالدِّقَّةُ) أَيْ أَحَدَهُمَا (وَإِنَّهُ مِنْ الشَّجَرَةِ أَوْ) مِنْ (أَغْصَانِهَا وَالْوَزْنَ) وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِرُطُوبَتِهِ وَجَفَافِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّ رُطُوبَتَهُ عَيْبٌ (وَيَقْبَلُهُ وَلَوْ مُعْوَجًّا وَمُطْلَقُهُ يُحْمَلُ عَلَى الْجَافِّ فَإِنْ كَانَ) الْخَشَبُ (لِلْبِنَاءِ وَالْقِسِيِّ) وَالسِّهَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ (وَالْغِرَاسِ) أَيْ لِوَاحِدٍ مِنْهَا أَوْ نَحْوِهَا كَنَصْبِ السَّكَاكِينِ وَالْأَدْوِيَةِ (ذَكَرَ نَوْعَهُ وَعَدَدَهُ وَطُولَهُ وَغِلَظَهُ وَدِقَّتَهُ لَا وَزْنَهُ فَإِنْ ذَكَرَهُ جَازَ) بِخِلَافِهِ فِي الثِّيَابِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَنْحِتَ مِنْهُ مَا يَزِيدُ عَلَى الْقَدْرِ الْمَشْرُوطِ مَعَ أَنَّ ذِكْرَهُ مُسْتَحَبٌّ وَتَسْوِيَتُهُ بَيْنَ الْمَذْكُورَاتِ فِي ذَلِكَ حَسَنَةٌ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ حَذَفَ مِنْ الَّذِي لِلْبِنَاءِ الْعَدَدَ وَمِنْ الَّذِي لِلْقِسِيِّ وَالسِّهَامِ الْعَدَدَ أَيْضًا وَالطُّولَ وَمِنْ الَّذِي لِلْغِرَاسِ الدِّقَّةَ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الَّذِي لِلْقِسِيِّ وَالسِّهَامِ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِكَوْنِهِ سَهْلِيًّا أَوْ جَبَلِيًّا وَيُعَيِّنُ أَرْضَهُ (لَا فِي الْمَخْرُوطِ) كَبَابٍ مَنْحُوتٍ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَنْضَبِطْ) كَأَنْ اخْتَلَفَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلُهُ فَإِنْ انْضَبَطَ صَحَّ كَمَا فِي الْوَسِيطِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَا نِزَاعَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ وَزْنِ الْقَزِّ) وَفَارَقَ جَوَازَ بَيْعِهِ وَزْنًا بِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ وَالْجَهَالَةُ مَعَهَا تَقِلُّ بِخِلَافِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ وَالْغَرَرُ مَعَهُ يَكْثُرُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» فَالْمُدْرَكَانِ مُخْتَلِفَانِ [فَصْلٌ يَذْكُرُ فِي الثِّيَابِ جِنْسَ الْغَزْلِ وَنَوْعَهُ وَبَلَدَ النَّسْجِ فِي السَّلَم] (فَصْلٌ وَيَذْكُرُ فِي الثِّيَابِ إلَخْ) (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ) وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ وَالصَّفَاقَةَ وَالرِّقَّةَ) قَدْ نَصَّ عَلَيْهِمَا الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ وَالنُّعُومَةَ وَالْخُشُونَةَ وَاللَّوْنَ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فِي بَعْضِ الثِّيَابِ كَالْحَرِيرِ وَالْقَزِّ وَالْوَبَرِ وَكَذَا الْقُطْنُ بِبَعْضِ الْبِلَادِ مِنْهُ أَبْيَضُ وَمِنْهُ أَشْقَرُ خِلْقَةً وَهُوَ غَزِيرٌ وَتَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ وَالْقِيَمُ بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقُطْنِ وَيَقُولُ أَبْيَضَ نَقِيًّا أَوْ أَسْمَرَ وَإِطْلَاقُ الْأَئِمَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا يَخْتَلِفُ مِنْ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) فَإِنْ أَحْضَرَ الْمَقْصُورَ كَانَ أَوْلَى وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالشَّامِلُ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا أَعْطَاهُ مَا شَاءَ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا يَسِيرٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَبُولُ الْمَقْصُورِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ) وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْغَرَضُ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِيمَا صُبِغَ قَبْلَ النَّسْجِ) إذَا بَيَّنَ الصَّبْغَ وَكَوْنَهُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ الصَّيْفِ وَاللَّوْنَ وَمَا يُصْبَغُ بِهِ وَبَلَدَ الصَّبْغِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهُ يُنْسَجُ عَلَى صِفَتِهِ كَمَا يُنْسَجُ عَلَى لَوْنِ الْغَزْلِ (قَوْلُهُ وَفِي الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ إلَخْ) وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِأَنَّ الصِّفَةَ تُحِيطُ بِهِ وَفِي الْقَبَاءِ يَذْكُرُ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالضِّيقَ وَالسَّعَةَ وَالدَّوْرَ وَالظِّهَارَةَ وَالْبِطَانَةَ وَالْكُلُّ فِيهِ مَذْرُوعٌ [فَصْلٌ السَّلَمُ فِي الْكَتَّانِ عَلَى خَشَبِهِ] (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَعْدَ الدَّقِّ) الشَّامِلِ لِنَفْضِهِ (قَوْلُهُ وَفِي الْخَشَبِ الَّذِي لِلْحَطَبِ إلَخْ) وَفِي الْقَصَبِ لِلْإِحْرَاقِ وَالسُّقُوفِ وَالْأَخْصَاصِ يَذْكُرُ النَّوْعَ وَالْوَزْنَ وَلِلْغِرَاسِ يَذْكُرُ الْعَدَدَ وَالطُّولَ وَالدَّوْرَ (قَوْلُهُ وَعَدَدَهُ) وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَنْحِتَ مِنْهُ مَا يَزِيدُ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ النَّحْتَ تَزُولُ بِهِ إحْدَى هَذِهِ الصِّفَاتِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَزْنَ عَلَى التَّقْرِيبِ فَلَا تَزُولُ الصِّفَاتُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 فِيهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَيَذْكُرُ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَاللَّوْنَ وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالثِّخَنَ وَالصَّنْعَةَ (فَرْعٌ وَفِي الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا (يَذْكُرُ الْجِنْسَ) التَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالنَّوْعَ وَالْخُشُونَةَ) أَوْ النُّعُومَةَ (وَاللَّوْنَ وَاللِّينَ) أَوْ الْيُبْسَ (وَذُكُورَةَ الْحَدِيدِ وَأُنُوثَتَهُ) أَيْ إحْدَاهُمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَالذَّكَرُ الْفُولَاذُ وَالْأُنْثَى اللِّينُ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ الْأَوَانِي وَنَحْوُهَا (وَالْوَزْنُ) فِي الثَّلَاثَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَعَادِنُهَا ذَكَرَهَا (وَمَا لَا يُوزَنُ بِالْقَبَّانِ لِكِبَرِهِ يُوزَنُ بِالْمَاءِ) أَيْ بِالْعَرْضِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُوضَعَ فِي سَفِينَةٍ فِي الْمَاءِ وَيُعْرَفَ الْقَدْرُ الَّذِي انْتَهَى إلَيْهِ غَوْصُهَا ثُمَّ يُخْرَجَ مِنْهَا وَيُوضَعَ فِيهَا مَا يُوزَنُ كَطَعَامٍ أَوْ رَمْلٍ حَتَّى يَنْزِلَ مِنْهَا فِي الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا نَزَلَ مِنْهَا أَوَّلًا ثُمَّ يُوزَنُ مَا وُضِعَ فِيهَا ثَانِيًا فَيُعْرَفُ قَدْرُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَقَدْ قَدَّمْت الْإِشَارَةَ إلَيْهِ فِي بَابِ الرِّبَا وَإِنْ وُضِعَ فِيهَا ثَانِيًا الصَّنْجُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى وَزْنٍ (فَرْعٌ قَدْ يُغْنِي ذِكْرُ النَّوْعِ) فِيمَا مَرَّ (عَنْ الْجِنْسِ وَالْبَلَدِ) وَتَأْخِيرُ هَذَا إلَى هُنَا أَوْلَى مِنْ ذِكْرِ الْأَصْلِ لَهُ فِي السَّلَمِ فِي الثِّيَابِ (فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ) مَنْثُورَةٌ تَتَعَلَّقُ بِمَا مَرَّ (السَّلَمُ فِي الْمَنَافِعِ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ جَائِزٌ) لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَالْأَعْيَانِ (وَيَجُوزُ إسْلَامُ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَيْنِ (فِيهِمَا) كَغَيْرِهِمَا (لَا) إسْلَامُ (أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ وَلَوْ حَالًّا) وَقُبِضَا فِي الْمَجْلِسِ لِتَضَادِّ أَحْكَامِ السَّلَمِ وَالصَّرْفِ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ قَبْضِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ الْآخَرِ وَالصَّرْفُ يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ قَبْضِهِمَا مَا فِيهِ وَتَعْبِيرُهُ بِالنَّقْدَيْنِ أَعَمُّ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِهِمَا بَلْ الْمَطْعُومَاتُ كَذَلِكَ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَصِحُّ سَلَمًا فَهَلْ يَنْعَقِدُ صَرْفًا يُبْنَى عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهِمَا ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْوِيَا بِالسَّلَمِ عَقْدَ الصَّرْفِ وَالْأَصَحُّ لِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ (وَيَجُوزُ) السَّلَمُ (فِي أَنْوَاعِ الْعِطْرِ) الْعَامَّةِ الْوُجُودِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ كَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَكَافُورٍ وَعَوْدٍ (وَيَذْكُرُ الْوَصْفَ) مِنْ لَوْنٍ وَنَحْوِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْوَزْنَ وَالنَّوْعَ) فَيَقُولُ عَنْبَرٌ أَشْهَبُ أَوْ غَيْرُهُ قِطَاعٌ أَوْ فُتَاتٌ (وَ) يَجُوزُ (فِي الزَّاجِّ) أَيْ الْخَالِصِ لَا الْمَغْشُوشِ قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِ الْمَقْصُودِ كَاللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ (وَالطِّينَ وَالْجِصَّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا أَيْ الْجِبْسَ (وَالنُّورَةَ) أَيْ الْجِيرَ وَلَوْ بَعْدَ طَبْخِهِمَا وَيَذْكُرُ مَا يُمَيِّزُ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ أَرْضِهِ وَلَوْنِهِ وَوَزْنِهِ (وَأَحْجَارِ) كُلٍّ مِنْ (الرَّحَى وَالْبِنَاءِ وَالْأَوَانِي وَيَذْكُرُ نَوْعَهَا وَطُولَهَا وَعَرْضَهَا وَغِلَظَهَا) قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَلَوْنَهَا وَكُلَّ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ (وَلَا يَشْتَرِطُ) فِيهَا (الْوَزْنَ) اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَ (وَلَا يَجُوزُ) السَّلَم (فِي الْحِبَابِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُوَحِّدَتَيْنِ جَمْعُ حُبٍّ بِضَمِّهَا وَهِيَ الْخَابِيَةُ (وَالْكِيزَانِ وَالطِّسَاسِ) بِكَسْرِ الطَّاءِ جَمْعُ طَسٍّ بِفَتْحِهَا وَيُقَالُ فِيهِ طَسْتٌ بِإِبْدَالِ سِينِهِ الْأَخِيرَةِ تَاءً (وَالْقَمَاقِمِ وَالطَّنَاجِيرِ) جَمْعُ طِنْجِيرٍ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَهُوَ الدَّسْتُ (وَالْمَنَائِرِ) بِالْهَمْزِ وَأَصْلُهُ مَنَاوِرُ جَمْعُ مَنَارَةٍ (وَالْبِرَامِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ حِجَارَةٌ تُعْمَلُ مِنْهَا الْقُدُورُ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (الْمَعْمُولَةِ) لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِ الْوَزْنِ مَعَ الصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ (فَإِنْ صُبَّ) شَيْءٌ مِنْ أَصْلِهَا الْمُذَابِ (فِي قَالَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا (أَوْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (سَطْلٌ مُرَبَّعٌ جَازَ) السَّلَمُ فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْمُرَبَّعِ بَلْ الْمُدَوَّرُ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ بَلْ كُلُّ مَا لَا يَخْتَلِفُ مِنْ ذَلِكَ مَضْرُوبًا أَوْ مَنْصُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَجُوزُ السَّلَمُ (فِي قِطَعِ الْجُلُودِ وَزْنًا)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَرْعٌ وَفِي الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ إلَخْ) وَفِي الْمَسَالِّ وَالْإِبَرِ وَالْمَسَامِيرِ يَذْكُرُ نَوْعَهَا وَجِنْسَ الْحَدِيدِ وَنَوْعَهُ وَدِقَّتَهَا وَغِلَظَهَا وَيَجُوزُ فِي الْحُلِيِّ الْمُصَمَّتِ وَالْمُجَوَّفِ دُونَ الْمَحْشُوِّ بِالرَّمْلِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَ النَّقْدَيْنِ (قَوْلُهُ وَالرَّصَاصِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ [فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ مِنْهَا السَّلَمُ فِي الْمَنَافِعِ] (فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ) (قَوْلُهُ السَّلَمُ فِي الْمَنَافِعِ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ جَائِزٌ) قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ أَسْلَمْت إلَيْك كَذَا فِي عَبْدٍ صِفَتُهُ كَذَا وَيَحْفَظُ مِنْ الْقُرْآنِ كَذَا فَلَوْ قَالَ وَأَنْ تُعَلِّمَهُ مِنْ الْقُرْآنِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنَافِعِ إنَّمَا تَحْصُلُ إذَا وَقَعَتْ فِي مِلْكِ الْمُسَلِّمِ وَالْعَبْدُ قَبْلَ قَبْضِهِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَلَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَسَبَقَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُ رَأْسِ الْمَالِ مَنْفَعَةً فَعَلَى هَذَا يَجْتَمِعَانِ كَأَنْ يَقُولَ أَسْلَمْت إلَيْك تَعْلِيمَ عَبْدِك هَذَا سُورَةَ كَذَا فِي تَعْلِيمِ عَبْدِي هَذَا سُورَةَ كَذَا وَيَشْتَرِطُ تَعْلِيمَ عَبْدِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إسْلَامُ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ فِيهِمَا) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَلْ يَخْتَصُّ هَذَا بِالْخَالِصِ أَمْ يَجْرِي فِي الْمَغْشُوشِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَالظَّاهِرُ بِنَاؤُهُ فِي الْمَغْشُوشِ عَلَى جَوَازِ التَّعَامُلِ بِهِ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَكَلَامُ الصَّيْمَرِيِّ الْآتِي فِي الزُّجَاجِ الْمَغْشُوشِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ لِكَوْنِ الْخَلِيطِ لَيْسَ مَقْصُودًا وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْغَصْبِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّا إذَا جَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِهَا جَعَلْنَاهَا مِثْلِيَّةً وَالْمِثْلِيُّ يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ السَّلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْتَضِي إلَخْ) فَتَضَادَّتْ أَحْكَامُهُمَا (قَوْلُهُ فَهَلْ يَنْعَقِدُ صَرْفًا إلَخْ) الرَّاجِحُ عَدَمُ انْعِقَادِهِ صَرْفًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِصِيَغِ الْعُقُودِ وَإِنْ نَوَيَاهُ بِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَبَحْتك إيَّاهُ بِكَذَا وَنَوَيَا بِهِ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ وَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ إلَخْ) وَفِي الرُّخَامِ يَذْكُرُ اللَّوْنَ وَالنَّوْعَ وَالصَّفَاءَ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَدَوْرَهُ إنْ كَانَ مُدَوَّرًا وَالْخُطُوطَ فِيهِ وَفِي حِجَارَةِ الْأَبْنِيَةِ يَذْكُرُ لَوْنَهَا وَطُولَهَا وَعَرْضَهَا وَغِلَظَهَا وَدِقَّتَهَا وَكَوْنَهَا جَبَلِيَّةً أَوْ مَائِيَّةً وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ وَزْنِهَا وَفِي حِجَارَةِ الْأَبْنِيَةِ يَذْكُرُ سَعَةَ ثُقْبَتِهَا وَضِيقَهَا أَيْضًا وَفِي الْجِصِّ وَالنُّورَةِ يَذْكُرُ أَصْلَهُمَا وَلَوْنَهُمَا وَوَزْنَهُمَا وَلَا يَجُوزُ إجْمَالًا (فَرْعٌ) وَفِي النَّفْطِ يَذْكُرُ بَلَدَهُ وَلَوْنَهُ وَنَوْعَهُ وَهُوَ مَكِيلٌ (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَفِي قِطَعِ الْجُلُودِ وَزْنًا) إذَا اسْتَوَتْ جَوَانِبُهَا وَدُبِغَتْ وَفِي قُصَاصَتِهَا لِلْغِرَاءِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 لِانْضِبَاطِهَا لِأَنَّ جُمْلَتَهَا مَقْصُودَةٌ وَمَا فِيهَا مِنْ التَّفَاوُتِ يُجْعَلُ عَفْوًا (لَا فِي الْجُلُودِ عَلَى هَيْئَتِهَا) لِتَفَاوُتِهَا فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْعِبَارَةُ لَا تَفِي بِذَلِكَ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ (وَيُبَيِّنُ فِي الْكَاغَدِ) وَهُوَ الْوَرَقُ (الْعَدَدَ وَالنَّوْعَ وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ) قَالَ الْقَاضِي وَاللَّوْنَ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْجَوْدَةَ أَوْ الرَّدَاءَةَ وَالدِّقَّة أَوْ الْغِلَظَ وَالصَّنْعَةَ قَالَ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ الزَّمَانِ كَصَيْفِيٍّ أَوْ شَتْوِيٍّ انْتَهَى لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ ذِكْرَ الْجُودَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ وَذِكْرُ الْعَرْضِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَيَجُوزُ فِي الدَّقِيقِ) وَيَذْكُرُ فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْحَبِّ إلَّا مِقْدَارَهُ وَيَذْكُرُ أَيْضًا أَنَّهُ يُطْحَنُ بِرَحَى الدَّوَابِّ أَوْ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ وَخُشُونَةَ الطَّحْنِ أَوْ نُعُومَتَهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَيَجُوزُ فِي النُّخَالَةِ إذَا انْضَبَطَتْ بِالْكَيْلِ وَلَمْ يَكْثُرْ تَفَاوُتُهَا فِيهِ بِالِانْكِبَاسِ وَضِدِّهِ وَيَجُوزُ فِي التِّبْنِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَفِي جَوَازِهِ فِي السَّوِيقِ وَالنَّشَاءِ وَجْهَانِ الْمَذْهَبُ الْجَوَازُ كَالدَّقِيقِ (لَا) فِي (الْعَلَسِ وَالْأُرْزِ) إذَا كَانَا (فِي الْقِشْرِ) الْأَعْلَى لِاسْتِتَارِهِمَا بِمَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ (وَلَا فِي الْعَقَارِ) لِأَنَّهُ إنْ عَيَّنَ مَكَانَهُ فَالْمُعَيَّنُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَمَجْهُولٌ (فَرْعٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ بِالْوَزْنِ وَيُشْتَرَطُ قَطْعُ أَعْلَاهُ الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ الْمُزَنِيّ وَأَنَا أَقُولُ وَقَطْعُ مَجَامِعِ عُرُوقِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي اشْتِرَاطِ مَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ عَلَى وَجْهَيْنِ (فَصْلٌ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ) أَيْ إحْدَاهُمَا فِيمَا يُسَلِّمُ فِيهِ وَيُحْمَلُ مُطْلَقُهُ عَلَى الْجَيِّدِ لِلْعُرْفِ (فَإِنْ شَرَطَ) أَوْ أَطْلَقَ (حُمِلَ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَةٍ) لَهُ (كَالصِّفَاتِ) فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ أَتَى بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ كَفَى وَوَجَبَ قَبُولُهُ لِأَنَّ الرُّتَبَ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَهُوَ كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ مَثَلًا (وَلَوْ شَرَطَ رَدِئَ النَّوْعِ أَوْ الْأَرْدَأَ جَازَ) لِانْضِبَاطِهِمَا فَإِنْ بَيَّنَهُ وَكَانَ مُنْضَبِطًا كَقَطْعِ الْيَدِ وَالْعَمَى صَحَّ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَا) إنْ شَرَطَ (الْأَجْوَدَ) لِأَنَّ أَقْصَاهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ (فَصْلُ مَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ الْوَصْفَ وَالْمِكْيَالَ شَرْطٌ) فَلَوْ جَهِلَاهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَكَذَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ غَيْرِهِمَا لَهُمَا (فَلَوْ جَهِلَهُمَا النَّاسُ فَلَا بُدَّ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ (مِنْ مَعْرِفَةِ عَدْلَيْنِ) لِيَرْجِعَ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ (بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْأَجَلِ) مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِمَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَعْرِفَةِ عَدْلَيْنِ فِي التَّأْجِيلِ بِنَحْوِ شُهُورِ الرُّومِ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ وَهُنَا إلَى الْعُقُودِ عَلَيْهِ فَجَازَ أَنْ يُحْتَمَلَ ثُمَّ مَا لَا يُحْتَمَلُ هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّةُ الِاكْتِفَاءِ بِعَدْلَيْنِ ثُمَّ وَبِهِمَا مَعَ الْعَاقِدَيْنِ هُنَا أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ الْوَصْفَ بِدُونِهِمَا ثُمَّ وَمَعَهُمَا هُنَا عَدْلَانِ فَقَطْ كَفَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَقَلُّ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الصَّنْعَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا لَمْ يُرِدْ عَدْلَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ يَغِيبَا فِي وَقْتِ الْمَحَلِّ فَتَتَعَذَّرُ مَعْرِفَتُهُ لَكِنْ الْمُرَادُ أَنْ يُوجَدَ أَبَدًا فِي الْغَالِبِ مِمَّنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ عَدْلَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ وَكَالْمِكْيَالِ فِيمَا ذَكَرَ الْمِيزَانُ وَالذِّرَاعُ (فَصْلٌ وَإِنْ أَدَّى الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ مَا عَلَيْهِ) مِنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ (وَجَبَ قَبُولُهُ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَلَوْ أَجْوَدَ) صِفَةً مِنْ الْمَشْرُوطِ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ عِنَادٌ وَلَا شِعَارَ بِذِلَّةٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِغَيْرِهِ وَذَلِكَ يُهَوِّنُ أَمْرَ الْمِنَّةِ وَلِأَنَّ الْجَوْدَةَ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهَا فَهِيَ تَابِعَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي خَشَبَةٍ عَشْرَةِ أَذْرُعٍ فَجَاءَ بِهَا أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَعَمْ إذَا كَانَ عَلَى الْمُسَلِّمِ ضَرَرٌ فِي قَبُولِهِ كَأَنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْعِبَارَةُ لَا تَفِي بِذَلِكَ) فَيَتَعَذَّرُ ضَبْطُهَا فَإِنَّ جِلْدَ الْوَرِكِ ثَخِينٌ قَوِيٌّ وَجِلْدَ الْبَطْنِ ضَعِيفٌ رَقِيقٌ (قَوْلُهُ وَخُشُونَةَ الطَّحْنِ أَوْ نُعُومَتَهُ) وَقُرْبَ زَمَانِهِ أَوْ بُعْدَهُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِي التِّبْنِ) وَيَذْكُرُ أَنَّهُ تِبْنُ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ وَالْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ (قَوْلُهُ لِاسْتِتَارِهِمَا بِمَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ) فَلَا يُعْرَفُ لَوْنُهُمَا وَلَا صِغَرُ الْحَبَّاتِ وَكِبَرُهَا وَأَمَّا فِي السُّفْلَى وَهِيَ الْقِشْرَةُ الْحَمْرَاءُ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ فِيهَا [فَرْعٌ السَّلَمُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ بِالْوَزْنِ] (قَوْلُهُ قَالَ الْمُزَنِيّ وَأَنَا أَقُولُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ هُوَ الْأَصَحُّ وَيَطْرَحُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقِشْرِ [فَصْلٌ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فِيمَا يُسَلِّمُ] (فَصْلٌ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ) (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ مُطْلَقُهُ عَلَى الْجَيِّدِ لِلْعُرْفِ) وَهُوَ السَّالِمُ مِنْ الْعُيُوبِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ مَا صَحَّحَاهُ صَحِيحٌ إنْ فُسِّرَتْ الْجَوْدَةُ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ فَإِنْ فُسِّرَتْ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهَا كَمَا اقْتَضَاهُ النَّصُّ (قَوْلُهُ كَقَطْعِ الْيَدِ وَالْعَمَى) فِي التَّمْثِيلِ بِهَذَيْنِ نَظَرٌ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُمَا يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِوُجُوبِ قَبُولِ السَّلِيمِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلُ مَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ الْوَصْفَ وَالْمِكْيَالَ فِي السَّلَم] (قَوْلُهُ مَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ الْوَصْفَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مِنْ النَّفَائِسِ فَإِنْ قُلْت مَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ مَعْرِفَةَ الصِّفَاتِ هَلْ هُوَ أَنْ يَعْرِفَهَا عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ أَوْ يَعْرِفَهَا وَلَوْ بِالْوَصْفِ قُلْت أَمَّا الْعَاقِدُ فَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَكْفِيهِ الْمَعْرِفَةُ إجْمَالًا وَلَوْ بِالسَّمَاعِ وَلِهَذَا صَحَّ سَلَمُ الْأَعْمَى وَاحْتَجَّ لَهُ الْعِرَاقِيُّونَ بِصِحَّةِ سَلَمِ الْبَصِيرِ فِيمَا لَمْ يُشَاهِدْهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَهْلِ بَغْدَادَ السَّلَمُ فِي الْمَوْزِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهُ وَلَا لِأَهْلِ خُرَاسَانَ فِي الرُّطَبِ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِمْ لَهُ وَأَمَّا الْعَدْلَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِمَا ذَلِكَ عَنْ مُعَايَنَةٍ وَإِحَاطَةٍ لِيَرْجِعَ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ النَّصُّ وَلَا شَكَّ فِيهِ [فَصْلٌ أَدَّى الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ] (قَوْلُهُ وَجَبَ قَبُولُهُ) فَإِنْ وَجَبَ قَبُولُهُ فَإِنْ أَبَاهُ أُمِرَ بِقَبْضٍ أَوْ إبْرَاءٍ ثُمَّ أَخَذَهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَسْلَمَ فِي لَحْمٍ فَأَتَى بِهِ عَلَى صِفَاتِ السَّلَمِ فَقَالَ الْمُسَلِّمُ هَذَا لَحْمُ مَيْتَةٍ فَلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ وَقَالَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بَلْ مُذَكًّى فَعَلَيْك قَبُولُهُ فَالْمُصَدَّقُ الْمُسَلِّمُ قَطَعَ بِهِ الزُّبَيْرِيُّ فِي الْمُسْكِتِ وَالْعَبَّادِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ وَالْهَرَوِيُّ فِي الْأَشْرَافِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ لِأَنَّ اللَّحْمَ فِي حَالِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ تَحْرِيمِهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الذَّكَاةُ الشَّرْعِيَّةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَجْوَدَ) لِعُمُومِ خَبَرِ «إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 فَجَاءَ بِفَرْعِهِ أَوْ أَصْلِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجِهَا فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَإِنْ جَاءَ بِأَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ فَوَجْهَانِ وَجْهُ الْمَنْعِ إنَّ مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ يَحْكُمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ انْتَهَى وَفِيهِ وَقْفَةٌ (لَا أَرْدَأَ) مِنْ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقَّهُ مَعَ تَضَرُّرِهِ بِهِ (بَلْ يَجُوزُ) قَبُولُهُ (إنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ) لِأَنَّهُ مُسَامَحَةٌ بِصِفَةٍ كَمَا يَجُوزُ دَفْعُ الْأُجُورِ لِذَلِكَ (لَا إنْ اخْتَلَفَ) النَّوْعُ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَجُوزُ قَبُولُ جِنْسٍ أَوْ نَوْعِ بَدَلٍ آخَرَ كَبُرٍّ بَدَلَ شَعِيرٍ وَمَعْقِلِيٍّ بَدَلَ بَرْنِيِّ وَبِالْعَكْسِ بِخِلَافِ الْأَجْوَدِ أَوْ الْأَرْدَأِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَالرُّطَبُ وَالتَّمْرُ وَمَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَمَاءِ الْأَرْضِ وَالْعَبْدُ التُّرْكِيُّ) وَالْعَبْدُ (الْهِنْدِيُّ) التَّفَاوُتُ بَيْنَ كُلِّ مُتَقَابِلَيْنِ مِنْهَا (تَفَاوُتُ نَوْعٍ لَا) تَفَاوُتَ (وَصْفٍ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ الْآخَرِ وَلَا يَجُوزُ (فَرْعٌ لَا يَقْبِضُ كَيْلًا مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا وَلَا عَكْسُهُ) فَإِنْ خَالَفَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ لِفَسَادِ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ قَبَضَهُ جُزَافًا وَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَكَذَا لَوْ اكْتَالَهُ بِغَيْرِ الْكَيْلِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ كَأَنْ بَاعَ صَاعًا فَاكْتَالَهُ بِالْمُدِّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَا يُزَلْزِلُ الْمِكْيَالَ وَلَا يَضَعُ الْكَفَّ عَلَى جَوَانِبِهِ) بَلْ يَمْلَؤُهُ وَيَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ بِقَدْرِ مَا يَحْمِلُ (وَيُسَلِّمُ الْحِنْطَةَ) وَنَحْوَهَا (نَقِيَّةً مِنْ الزُّؤَانِ) وَغَيْرِهِ كَالتِّبْنِ وَالْمَدَرِ وَالتُّرَابِ وَالشَّعِيرِ وَالْقَصِيلِ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مَعَ شَيْءٍ مِنْهَا لَا يَقَعُ مَوْقِعَهُ (وَ) لَكِنْ (قَلِيلُ التُّرَابِ وَدُقَاقُ التِّبْنِ) وَغَيْرُهُمَا مِمَّا ذَكَرَ (يُحْتَمَلُ فِي الْمَكِيلِ) لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ (لَا الْوَزْنُ) لِظُهُورِهِ فِيهِ وَمَعَ احْتِمَالِهِ فِي الْكَيْلِ إنْ كَانَ لِإِخْرَاجِ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ كَمَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَقَرَّهُ (وَيُسَلِّمُ التَّمْرَ جَافًّا) وَلَوْ فِي أَوَّلِ جَفَافِهِ لِأَنَّهُ قَبْلَ جَفَافِهِ لَا يُسَمَّى تَمْرًا وَلَا يُجْزِئُ مَا تَنَاهَى جَفَافُهُ حَتَّى لَمْ تَبْقَ فِيهِ نَدَاوَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا. (وَ) يُسَلِّمُ (الرُّطَبَ غَيْرَ مُشَدَّخٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمَفْتُوحَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْبُسْرُ يُعَالِجُ بِالْغَمِّ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَتَشَدَّخَ أَيْ يَتَرَطَّبَ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمَعْمُولِ فِي بِلَادِ مِصْرَ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَلَا قَبُولُ بُسْرٍ وَلَا مُذَنِّبٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ بُسْرٌ بَدَا التَّرْطِيبُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ ذَنَبِهِ (فَإِنْ عَجَّلَ) الْمَدِينُ (مُؤَجَّلًا فَامْتَنَعَ) الدَّائِنُ وَفِي نُسْخَةٍ فَامْتَنَعَ الْمُسَلِّمُ (مِنْ قَبُولِهِ لِغَرَضٍ كَحَيَوَانٍ يُعْلَفُ) أَيْ يَحْتَاجُ عَلَفًا (أَوْ عَرَضٍ يَحْتَاجُ مَكَانًا) لِحِفْظِهِ (بِمُؤْنَةٍ) كَثِيرَةٍ (أَوْ مَا يُطْلَبُ أَكْلُهُ طَرِيًّا) عِنْدَ مَحَلِّهِ كَثَمَرَةٍ وَلَحْمٍ أَوْ كَانَ مِمَّا يَتَغَيَّرُ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ كَحِنْطَةٍ أَوْ كَانَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي زَمَنِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) قَبُولُهُ لِتَضَرُّرِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ امْتَنَعَ لَا لِغَرَضٍ (لَزِمَهُ) قَبُولُهُ كَالْمُكَاتَبِ يُعَجِّلُ النُّجُومَ لِيُعْتَقَ يُجْبَرُ السَّيِّدُ عَلَى قَبُولِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ غَيْرُ الْبَرَاءَةِ كَفَكِّ رَهْنٍ أَوْ إبْرَاءِ ضَامِنٍ أَوْ خَوْفِ انْقِطَاعِهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ أَمْ لَا لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ الْمَدِينِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ ذَكَرَ فِي بَابِ الْمَنَاهِي أَنَّ الْمَدِينَ إذَا أَسْقَطَ الْأَجَلَ لَا يَسْقُطُ حَتَّى لَا يَتَمَكَّنَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الْإِسْقَاطَ وَسِيلَةٌ إلَى الطَّلَبِ الْمُؤَدِّي لِلْبَرَاءَةِ وَالدَّفْعُ مُحَصِّلٌ لَهَا نَفْسِهَا فَكَانَ أَقْوَى مَعَ أَنَّ الْأَجَلَ لَمْ يَسْقُطْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا تَقَابَلَ غَرَضَاهُمَا يُرَاعَى جَانِبُ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى غَرَضِ الْمُؤَدِّي إلَّا عِنْدَ عَدَمِ غَرَضِ الْمُسْتَحِقِّ (وَيُجْبَرُ) الدَّائِنُ (عَلَى قَبُولِ كُلِّ دَيْنٍ حَالٍّ) إنْ كَانَ غَرَضُ الْمَدِينِ غَيْرَ الْبَرَاءَةِ. وَعَلَيْهِ (أَوْ) عَلَى (الْإِبْرَاءِ عَنْهُ) إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْبَرَاءَةَ قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا إنْ أَحْضَرَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ عَنْ حَيٍّ لَمْ يَجِبْ الْقَبُولُ لِلْمِنَّةِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ الْوَارِثَ وَجَبَ الْقَبُولُ لِأَنَّهُ يُخَلِّصُ التَّرِكَةَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدُ جَوَابٍ لِلْقَاضِي وَمَا قَرَّرْت بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ وَمَا سَلَكَهُ هُوَ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْأَنْوَارِ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الِامْتِنَاعِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَجَاءَ بِفَرْعِهِ أَوْ أَصْلِهِ) أَوْ بِمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا فَرَدَّ أَوْ لَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ قَبَضَهُ جَاهِلًا فَهَلْ يَفْسُدُ قَبْضُهُ وَيَصِحُّ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَهُ بِأَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ) مِنْ النَّسَبِ (قَوْلُهُ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ مِنْ الْحُكَّامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ) وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْ إلَّا مَا أَسْلَفَ فِيهِ أَوْ رَأْسَ مَالِهِ» وَالْحِيلَةُ فِي الِاعْتِيَاضِ أَنْ يَفْسَخَ السَّلَمَ ثُمَّ يَعْتَاضَ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالرُّطَبُ وَالتَّمْرُ إلَخْ) صُورَتُهُ عَلَى الْقَائِلِ بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ فِي النَّوْعِ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي الرُّطَبِ وَزْنًا وَأَعْطَاهُ بِوَزْنِهِ تَمْرًا فَيَكُونُ قَدْ زَادَهُ خَيْرًا أَوْ أَسْلَمَ فِي التَّمْرِ وَزْنًا وَأَعْطَاهُ بِوَزْنِهِ رُطَبًا وَإِلَّا فَالرُّطَبُ مَوْزُونٌ وَالتَّمْرُ مَكِيلٌ وَإِعْطَاءُ الْمَكِيلِ عَنْ الْمَوْزُونِ أَوْ بِالْعَكْسِ اعْتِيَاضٌ [فَرْعٌ لَا يَقْبِضُ كَيْلًا مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا وَلَا عَكْسُهُ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ لَا يَقْبِضُ كَيْلًا مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا إلَخْ) لَوْ قَبَضَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ وَقَدْ تَلِفَ فَهَلْ لَهُ الْأَرْشُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ يَغْرَمُ التَّالِفَ وَيُطَالِبُ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ إذَا قَبَضَهُ جَاهِلًا بِعَيْبِهِ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالرِّضَا بِعَيْبِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَّلَ مُؤَجَّلًا إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ عَجَّلَ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ الْأَصِيلَ بَعْدَ مَوْتِ ضَامِنِهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ مُحْرِمًا وَالْمُسَلَّمُ فِيهِ صَيْدًا فِيمَا يَظْهَرُ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ لِتَضَرُّرِهِ) هَذَا إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَشْرُوطًا ابْتِدَاءً أَمَّا لَوْ كَانَ حَالًّا ابْتِدَاءً ثُمَّ أَجَّلَهُ بِنَذْرٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَيَجِبُ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ إلَّا عَلَى ذَلِكَ وَالتَّأْخِيرُ قَدْ يَضُرُّهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الطِّرَازِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ الْوَارِثَ إلَخْ) بِخِلَافِ لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّيْنِ قَبُولُهُ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي النَّفَقَاتِ وَالْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ) وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِي مَسْأَلَتِنَا اسْتَحَقَّ التَّسْلِيمَ فِيهَا لِوُجُودِ زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ فَامْتِنَاعُهُ مِنْهُ مَحْضُ عِنَادٍ فَضَيَّقَ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْإِبْرَاءِ بِخِلَافِ الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ الْمُحْضَرِ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 فِيمَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ (قَبَضَ لَهُ الْحَاكِمُ) فَعَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى مَالٍ فَجَاءَ الْعَبْدُ بِالْمَالِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ أَنَسٌ فَأَتَى الْعَبْدُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ غَائِبًا فَقِيَاسٌ قَبَضَ الْحَاكِمُ عَنْهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ أَنْ يَقْبِضَ لَهُ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ (فَإِنْ وَجَدَهُ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ) وَالدَّيْنُ حَالٌّ (طَالَبَهُ) بِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ) أَوْ كَانَ وَرَضِيَ بِدُونِهَا فَيُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى الْأَدَاءِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ (وَإِلَّا فَلَا يُطَالِبُهُ بِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ تَسْلِيمَهُ ثَمَّ (وَلَا بِالْقِيمَةِ) لِلْحَيْلُولَةِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ كَمَا مَرَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ لَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَإِلْزَامُهُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ إلَى مَكَانِ التَّسْلِيمِ أَوْ بِالتَّوْكِيلِ وَلَا يُحْبَسُ بَلْ لَهُ الْفَسْخُ وَاسْتِرْدَادُ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ (وَيُخَالِفُ الْغَاصِبَ وَالْمُتْلَفَ) فِيمَا إذَا ظَفِرَ الْمَالِكُ بِهِمَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ (فَإِنَّهُمَا يُطَالِبَانِ بِهَا) لَا بِالْمِثْلِ (وَلَا يَلْزَمُ) الدَّائِنَ فِي السَّلَمِ وَغَيْرِهِ (قَبُولُ مَالِهِ) أَيْ لِحَمْلِهِ (مُؤْنَةٌ) إذَا أَحْضَرَهُ الْمَدِينُ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ لِتَضَرُّرِهِ (لَا) قَبُولَ (غَيْرِهِ بِلَا غَرَضٍ) فَيَلْزَمُهُ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ كَخَوْفٍ هُنَاكَ وَلَوْ قَالَ وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ كَأَنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ كَانَ أَوْضَحَ (بَابٌ) (الْقَرْضُ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا يُطْلَقُ اسْمًا بِمَعْنَى الْإِقْرَاضِ وَهُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ عَلَى أَنْ يُرَدَّ بَدَلُهُ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُقْرِضَ يَقْطَعُ لِلْمُقْتَرِضِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ وَيُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ سَلَفًا (هُوَ قُرْبَةٌ) لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى كَشْفِ كُرْبَةٍ وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَنْ أَقْرَضَ مُسْلِمًا دِرْهَمًا مَرَّتَيْنِ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ صَدَقَتِهِ مَرَّةً «وَاسْتَقْرَضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ مِنْ جَمَاعَةٍ» نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ مَكْرُوهٍ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْوَفَاءَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُقْرَضُ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْوَفَاءِ وَأَرْكَانُهُ عَاقِدٌ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ كَالْبَيْعِ وَيُشْتَرَطُ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَوْنُ الْمُقْرِضِ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ لِأَنَّ الْقَرْضَ فِيهِ شَائِبَةُ التَّبَرُّعِ وَلَوْ كَانَ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً لَجَازَ لِلْوَلِيِّ غَيْرِ الْقَاضِي قَرْضُ مَالِ مُوَلِّيهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي قَرْضِ الرِّبَوِيِّ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَلَجَازَ فِي غَيْرِهِ شَرْطُ الْأَجَلِ وَاللَّوَازِمُ بَاطِلَةٌ (وَيُشْتَرَطُ) لَهُ (الْإِيجَابُ) كَالْبَيْعِ (كَأَقْرَضْتُكَ وَأَسْلَفْتُك وَخُذْهُ بِرَدِّ مِثْلِهِ) الْأَخْضَرُ بِمِثْلِهِ (وَمَلَّكْتُكَهُ بِبَدَلِهِ) أَوْ خُذْهُ وَاصْرِفْهُ فِي حَوَائِجِك وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ خُذْهُ بِكَذَا وَنَحْوَهُ كِنَايَةٌ فِيهِ فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ قَبَضَ لَهُ الْحَاكِمُ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ وَضَعَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُسَلِّمِ بِدُونِ رِضَاهُ لَا يَبْرَأُ فَإِنَّهُ لَوْ بَرِيءَ لَكَانَ الْقَاضِي فِي غَنِيَّةٍ عَنْ قَبْضِهِ لَهُ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ إنْ قُلْنَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ الْحُصُولُ فَإِنَّهُ الْأَصَحُّ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ فَقِيَاسُ قَبْضِ الْحَاكِمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ أَحْضَرَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْبَيْعِ أَوْ أَحْضَرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ قَبْضُهُ مِنْهُ وَكَذَا الْمَالِكُ فِي الْغَصْبِ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ مُؤْنَةُ النَّقْلِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ وَيَجُوزُ شَرْطُ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ وَالْإِشْهَادِ فِي السَّلَمِ وَلَوْ لَمْ يَفِ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ خُيِّرَ الْمُسَلِّمُ وَلَوْ لَمْ يَشْرِطْ فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَلْزَمْهُ لَكِنْ لَوْ تَبَرَّعَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِالرَّهْنِ وَسَلَّمَ أَوْ تَكَفَّلَ شَخْصٌ تَبَرُّعًا لَزِمَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يُطَالِبُهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ أَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ حَيْثُ طُولِبَ بِهِ أَكْثَرَ اهـ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ مَالِهِ مُؤْنَةً) لَوْ بَذَلَهَا الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهَا لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ قَالَ شَيْخُنَا يَمْتَنِعُ وَإِنْ جَرَى فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَلَى مَا يُوهِمُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ إذَا أَحْضَرَهُ الدَّائِنُ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ بِالنَّصْبِ وَاقِعٌ عَلَى الْمُسَلِّمِ وَفَاعِلُ أَحْضَرَ هُوَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمَقَامِ نَحْوُ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا (فَرْعٌ) وَلَوْ اتَّفَقَ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى صِفَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَأَحْضَرَهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَجِبُ قَبُولُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ [بَابٌ الْقَرْضُ] (بَابُ الْقَرْضِ) (قَوْلُهُ وَمَصْدَرًا) كَمَا هُنَا عَلَى حَذْفِ الزَّوَائِدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] (قَوْلُهُ الْقُرْبَةُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ نَفَّسَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» وَالْقُرْبَةُ مَا كَانَ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ رَجَاءَ الثَّوَابِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا ضَبَطَهُ الْقَفَّالُ (قَوْلُهُ وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ إلَخْ) وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ رَأَيْت مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَقُلْت يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ قَالَ لِأَنَّ السَّائِلَ قَدْ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ وَالْمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ» تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّامِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ الصَّدَقَةُ إنَّمَا يُكْتَبُ لَك أَجْرُهَا حِينَ تَتَصَدَّقُ بِهَا وَهَذَا يُكْتَبُ لَك أَجْرُهَا مَا كَانَ عِنْدَ صَاحِبِهِ وَفِي الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «قَرْضُ الشَّيْءِ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَتِهِ» (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ) بَلْ يَحْرُمُ فِي الْأَوَّلِ وَيُكْرَهُ فِي الثَّانِي وَقَدْ يَجِبُ كَالْمُضْطَرِّ وَلَوْ أَقْرَضَ الْمَاءَ لِعَادِمِهِ وَجَبَ قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُقْرِضُ إلَخْ) وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُظْهِرَ الْغِنَى وَيُخْفِيَ الْفَاقَةَ عِنْدَ الْقَرْضِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ إخْفَاءُ الْغِنَى وَإِظْهَارُ الْفَاقَةِ عِنْدَ أَخْذِ الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَوْنُ الْمُقْرِضِ إلَخْ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُقْتَرِضِ إلَّا أَهْلِيَّةُ الْمُعَامَلَةِ (قَوْلُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ) النَّاجِزِ بِالْمَالِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الْإِيجَابُ كَأَقْرَضْتُك) قَالَ أَقْرِضْنِي عَشَرَةً فَقَالَ خُذْهَا مِنْ فُلَانٍ فَهُوَ تَوْكِيلٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ قَرْضِهَا فَلَوْ كَانَ فِي يَدِ فُلَانٍ وَدِيعَةٌ أَوْ غَيْرُهَا صَحَّ الْقَرْضُ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنْ خُذْهُ بِكَذَا إلَخْ) أَمَّا خُذْهُ بِمِثْلِهِ فَصَرِيحَةٌ هُنَا إذْ التَّصْرِيحُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 وَغَيْرُهُ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَأَقْرَضْتُكَ أَنَّهُ لَا حَصْرَ لِلصِّيَغِ فِيمَا قَالَهُ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَقْرَضْتُك إلَى آخِرِهِ (فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلَ) بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَلَّكْتُكَهُ (فَهُوَ هِبَةٌ) فِي الظَّاهِرِ (وَالْقَوْلُ فِي ذِكْرِهِ) أَيْ الْبَدَلِ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ (قَوْلُ الْآخِذِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذِكْرِهِ وَالصِّيغَةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَا ادَّعَاهُ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْعَقْدِ بَيْعًا أَوْ هِبَةً حَيْثُ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ وَحَكَى فِي الرَّوْضَةِ وَجْهًا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الدَّافِعِ قَالَ وَهُوَ مُتَّجِهٌ أَيْ لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَهُ فِي الْأَطْعِمَةِ لَوْ قَالَ أَطْعَمْتُك بِعِوَضٍ فَقَالَ الْمُضْطَرُّ بِلَا عِوَضٍ صَدَقَ الْمُطْعِمُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِكَيْفِيَّةِ بَذْلِهِ وَهَذَا الْوَجْهُ صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَكَذَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) لِمَا ذُكِرَ نَعَمْ الْقَرْضُ الْحُكْمِيُّ كَالْإِنْفَاقِ عَلَى اللَّقِيطِ الْمُحْتَاجِ وَإِطْعَامِ الْجَائِعِ وَكِسْوَةِ الْعَارِي لَا يَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ الِالْتِمَاسَ مِنْ الْمُقْرِضِ كَاقْتَرَضَ مِنِّي يَقُومُ مُقَامَ الْإِيجَابِ وَمِنْ الْمُقْتَرِضِ كَأَقْرِضْنِي يَقُومُ مُقَامَ الْقَبُولِ كَمَا فِي الْبَيْعِ. (وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْقَرْضُ فِيمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ) لِصِحَّةِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لِأَنَّ مَا لَا يَنْضَبِطُ أَوْ يَنْدُرُ وُجُودُهُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ صِحَّةُ إقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ لِصِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا فِي الذِّمَّةِ وَلِأَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ لَكِنْ ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا وَخَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَاخْتَارَ الْجَوَازَ قَالَ بِخِلَافِ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ جُوِّزَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلْإِرْفَاقِ وَيَجُوزُ رَدُّ الزَّائِدِ وَأَخْذُ النَّاقِصِ بِلَا شَرْطٍ فَلَا يُضَايَقُ فِيهِ كَالرِّبَا وَوَافَقَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى اخْتِيَارِ الْجَوَازِ وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا عَرَفَ قَدْرَ غِشِّهَا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا لِلْجَهْلِ بِهَا (وَاسْتَثْنَى) مِنْ عَدَمِ جَوَازِ قَرْضِ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ (جَوَازَ قَرْضِ الْخُبْزِ وَزْنًا) لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ عَلَى فِعْلِهِ فِي الْأَعْصَارِ بِلَا إنْكَارٍ وَهَذَا مَا قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالْمُسْتَظْهَرَيْ وَغَيْرُهُمَا وَاقْتَضَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ تَرْجِيحَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالرَّاجِحُ جَوَازُهُ فَقَدْ اخْتَارَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ عَدَدًا وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الشُّفْعَةِ مِنْ جَوَازِ إقْرَاضِ جُزْءٍ مِنْ دَارٍ فَبَنَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْقِيمَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي أَوْ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَزِدْ الْجُزْءُ عَلَى النِّصْفِ فَإِنَّ لَهُ حِينَئِذٍ مِثْلًا فَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ كَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْعَقَارِ كَمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ. (وَيَحْرُمُ إقْرَاضُ الرُّوبَةِ) لِاخْتِلَافِهَا بِالْحُمُوضَةِ وَهِيَ بِضَمِّ الرَّاءِ خَمِيرَةٌ مِنْ اللَّبَنِ الْحَامِضِ تُلْقَى عَلَى الْحَلِيبِ لِيَرُوبَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَذَكَرَ فِي التَّتِمَّةِ وَجْهَيْنِ فِي إقْرَاضِ الْخَمِيرِ الْحَامِضِ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْعِبْرَةُ بِالْوَزْنِ كَالْخُبْزِ (وَ) يَحْرُمُ إقْرَاضُ (جَارِيَةٍ) لِمَنْ (تَحِلُّ لَهُ) وَلَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ وَإِنْ جَازَ السَّلَمُ فِيهَا لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ يَثْبُتُ فِيهِ الرَّدُّ وَالِاسْتِرْدَادُ وَرُبَّمَا يَطَؤُهَا الْمُقْتَرِضُ ثُمَّ يَرُدُّهَا فَيُشْبِهُ إعَارَةَ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْأَبِ يَهَبُ وَلَدَهُ جَارِيَةً يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا مَعَ جَوَازِ اسْتِرْجَاعِ الْأَبِ لَهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ ثَمَّ مِنْ قِبَلِ الْمُتَمَلِّكِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَلِأَنَّ عَقْدَ الْقَرْضِ مَدْلُولُهُ إعْطَاءُ شَيْءٍ وَالرُّجُوعُ فِيهِ أَوْ فِي بَدَلِهِ فَكَانَ كَالْإِعَارَةِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ أَمَّا مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِمَحْرَمِيَّةٍ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَيَجُوزُ إقْرَاضُهَا لَهُ وَقَضِيَّةُ   [حاشية الرملي الكبير] بِالْمِثْلِ يَصْرِفُهُ إلَى الْقَرْضِ وَلَيْسَتْ كِنَايَةً فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَقَالَ الْغَزِّيِّ وَظَهَرَ لِي أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي الْمُتَقَوِّمِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لِلْقَرْضِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ لَوْ حُمِلَ عَلَيْهِ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَيَحْتَمِلُ الْقَرْضَ وَالْبَيْعَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلَ فَهُوَ هِبَةٌ) كَمَا لَوْ قَالَ خُذْ الْحِنْطَةَ وَازْرَعْهَا لِنَفْسِك أَوْ هَذَا الدِّينَارَ وَاشْتَرِ بِهِ قَمِيصًا لِنَفْسِك (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ فِي ذَكَرَهُ قَوْلُ الْآخِذِ بِيَمِينِهِ) يُوَافِقُ مَا فِي آخِرِ الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ بَعَثَ شَيْئًا إلَى بَيْتِ مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ بَعَثْته بِعِوَضٍ فَأَنْكَرَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ وَمَا فِي آخِرِ الْهِبَةِ مِنْ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا قَالَ وَهَبْتُك بِبَدَلٍ فَقَالَ بِلَا بَدَلٍ أَنَّ الْمُصَدِّقَ الْمُتَّهِبُ وَيُفَارِقُ مَا إذَا قَالَ مَالِكُ الدَّابَّةِ أَجَرْتُكهَا وَقَالَ الْآخَرُ أَعَرْتنِيهَا حَيْثُ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِاتِّفَاقِهِمَا فِيهَا عَلَى عَدَمِ انْتِقَالِ مِلْكِ الْعَيْنِ لِلْآخِذِ وَقَدْ انْتَفَعَ بِهَا وَيَدَّعِي عَدَمَ الْعِوَضِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ سُقُوطِهِ فَإِنَّ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ يَقْتَضِي الْعِوَضَ (قَوْلُهُ وَالصِّيغَةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَا ادَّعَاهُ) أَيْ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُطْعِمُ فِي الْأَصَحِّ) إنَّمَا صُدِّقَ الْمُطْعِمُ حِفْظًا لِنَفْسِ الْمُضْطَرِّ إذْ لَوْ صَدَّقْنَاهُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لَامْتَنَعَ مَالِكُ الطَّعَامِ مِنْ بَذْلِهِ إلَّا بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَقَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى فَوَاتِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ مُتَّصِلًا بِالْإِيجَابِ) مُوَافِقًا لَهُ فِي الْمَعْنَى كَالْبَيْعِ فَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتُك أَلْفًا فَقَبِلَ خَمْسَمِائَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَصِحَّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ الْمُقْرِضَ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يَضُرُّهُ قَبُولُ بَعْضِ الْمُسَمَّى أَوْ الزَّائِدِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ صِحَّةُ اقْتِرَاضِ الدَّرَاهِمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ تَرْجِيحُهُ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَفِي الذَّخَائِرِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ مَحْمُولٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ السَّلَمِ مِنْ جَوَازِهِ فِي الْمَخِيضِ الصَّافِي مِنْ الْمَاءِ وَوَصْفُهُ بِالْحُمُوضَةِ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ الْحُمُوضَةَ مَقْصُودَةٌ فِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخَمِيرَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْعِبْرَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَارِيَةٌ تَحِلُّ لَهُ) يَدْخُلُ فِيهِ الْمُشْتَهَاةُ وَلَوْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ مُتَحَيِّرَةً أَيِسَ مِنْ بُرْئِهَا وَغَيْرُهَا إمَّا لِكَوْنِهَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً أَوْ شَوْهَاءَ وَقَوْلُهُمْ. لِمَنْ تَحِلُّ لَهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا مَسَائِلُ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ وَتَعْلِيلَهُمْ يَقْتَضِيهَا وَهُوَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُقْتَرَضِ بَيْنَ أَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ الْمُقَدِّمَاتِ فَقَطْ كَالْمَمْسُوحِ وَالْعِنِّينِ وَالشَّيْخِ الْهَرِمِ أَوْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَالصَّبِيِّ ح (قَوْلُهُ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِ) كَتَطْلِيقٍ ثَلَاثًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي لَا تَحِلُّ لَهُ فِي الْحَالِ كَأُخْتِ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتِهَا كَذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجِهُ الْمَنْعُ وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يُشْعِرُ بِهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى حِلِّ أُخْتِ زَوْجَتِهِ بِأَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ بِخِلَافِ حِلِّ الْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَيْضًا امْتِنَاعُ إقْرَاضِ الْخُنْثَى لِامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَا قِيلَ مِنْ جَوَازِ إقْرَاضِهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ وَهُوَ كَوْنُهُ جَارِيَةً لَمْ يَتَحَقَّقْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ خَطَأٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْأَمَةِ لِلْخُنْثَى قَالَ السُّبْكِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ وَاضِحًا فَيَطَؤُهَا، وَيَرُدُّهَا، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ الْمَنْعُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ تَمَلُّكُ الْجَارِيَةِ الْمُلْتَقَطَةِ إنْ كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ ثُمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ ظُهُورَ الْمَالِكِ ثَمَّ بَعِيدٌ. (وَ) يَحْرُمُ إقْرَاضُ (مَاءِ الْقَنَاةِ لِلْجَهْلِ بِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي مَنَافِعِ الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ أَمَّا الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ إقْرَاضُهَا لِجَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ. (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْإِقْرَاضِ (الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ) لِيَتَأَتَّى أَدَاؤُهُ فَلَوْ أَقْرَضَهُ كَفًّا مِنْ الدَّرَاهِمِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ أَقْرَضَهُ عَلَى أَنْ يُسْتَبَانَ مِقْدَارُهُ، وَيُرَدُّ مِثْلُهُ صَحَّ ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَذَكَرَ الصِّفَةَ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَيَجُوزُ اقْتِرَاضُ الْمَكِيلِ، وَزْنًا، وَعَكْسُهُ) إنْ لَمْ يَتَجَافَ فِي الْمِكْيَالِ كَالسَّلَمِ (فَصْلٌ) (وَيَبْطُلُ قَرْضٌ) بِشَرْطِ (جَرِّ مَنْفَعَةٍ) أَيْ يَجُرُّهَا إلَى الْمُقْرِضِ (كَشَرْطِ رَدِّ الصَّحِيحِ عَنْ الْمُكَسَّرِ أَوْ رَدِّهِ بِبَلَدٍ آخَرَ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ فِيهِ خَوْفٌ) مِنْ نَهْبٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُقْتَرِضُ (مَلِيءٌ) لِقَوْلِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْقَرْضِ الْإِرْفَاقُ فَإِذَا شَرَطَ فِيهِ لِنَفْسِهِ حَقًّا خَرَجَ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَمَنَعَ صِحَّتَهُ، وَمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنْ يَأْخُذَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ إذْ لَا أَجَلَ فِي الْقَرْضِ كَالصَّرْفِ بِجَامِعِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ بِلَفْظِ «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَشْتَرِيَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ» (وَكَذَا شَرْطُ) رَدِّ (زِيَادَةٍ) فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ (وَلَوْ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ فَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ الرَّدَّ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (بِلَا شَرْطٍ) فِي الْعَقْدِ (اُسْتُحِبَّ) ، وَلَوْ فِي الرِّبَوِيِّ (وَلَمْ يُكْرَهْ أَخْذُهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْرَضَ بَكْرًا وَرَدَّ رَبَاعِيًّا، وَقَالَ إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» وَرُوِيَ وَرَدَّ بَازِلًا، وَرُوِيَ، وَأُمِرَ بِرَدِّ بَكْرٍ، وَهُوَ الْفَتَى مِنْ الْإِبِلِ، وَالرُّبَاعِيُ مِنْهَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ، وَالْبَازِلُ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالزَّايِ مَا لَهُ ثَمَانِ سِنِينَ هَذَا إنْ اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَإِنْ اقْتَرَضَ لِمَحْجُورِهِ أَوْ لِجِهَةِ وَقْفٍ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ زَائِدٍ (وَفِي كَرَاهَةِ الْقَرْضِ) بِمَعْنَى الْإِقْرَاضِ (مِمَّنْ تَعَوَّدَ رَدَّ الزِّيَادَةِ، وَجْهَانِ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ) أَيْ إقْرَاضَهُ لِأَجْلِهَا، وَقِيَاسُ كَرَاهَةِ نِكَاحِ مَنْ عَزَمَ عَلَى أَنَّهُ يُطَلِّقُ إذَا وَطِئَ بِغَيْرِ شَرْطٍ كَرَاهَةُ هَذَا (وَإِنْ شَرَطَ أَجَلًا لَا يَجُرُّ مَنْفَعَةً) لِلْمُقْرِضِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ (أَوْ أَنْ يَرُدَّ الْأَرْدَأَ) أَوْ الْمُكَسَّرَ (أَوْ) أَنْ (يُقْرِضَهُ قَرْضًا آخَرَ لَغَا الشَّرْطُ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الْعَقْدِ لِأَنَّ مَا جَرَّهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لَيْسَ لِلْمُقْرِضِ بَلْ لِلْمُقْتَرِضِ، وَالْعَقْدُ عَقْدُ إرْفَاقٍ فَكَأَنَّهُ زَادَ فِي الْإِرْفَاقِ، وَوَعَدَهُ وَعْدًا حَسَنًا، وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ مِثْلَهُ يُفْسِدُ الرَّهْنَ كَمَا سَيَأْتِي، وَيُجَابُ بِقُوَّةِ دَاعِي الْقَرْضِ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ بِخِلَافِ الرَّهْنِ، وَيُنْدَبُ الْوَفَاءُ بِاشْتِرَاطِ الْأَجَلِ كَمَا فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ الْحَالِّ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَغَيَّرَ الْأَجَلَ مِمَّا ذُكِرَ فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجِهُ الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَيْضًا امْتِنَاعُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْأَمَةِ لِلْخُنْثَى) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ السَّلَمُ فِيهَا فَجَازَ قَرْضُهَا لَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ بَانَتْ ذُكُورَةُ الْخُنْثَى الْمُقْتَرِضِ لِلْجَارِيَةِ أَوْ أُنُوثَةُ الْخُنْثَى الْمُقْتَرِضِ لِلرَّجُلِ فَالْقِيَاسُ بُطْلَانُ الْعَقْدِ إنْ تَبَيَّنَ بِغَيْرِ إخْبَارِهِ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَكَذَا فِي الْأُولَى إنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ أَوْ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا فِي إخْبَارِهِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ نَذَرَ إعْتَاقَ أَمَةٍ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَحَضَرَ وَأَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِالْإِعْتَاقِ حِينَئِذٍ فَاقْتَرَضَهَا وَأَعْتَقَهَا فَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَجُوسِيَّةَ وَالْوَثَنِيَّةَ مَثَلًا كَغَيْرِهِمَا وَإِنْ حَرُمَتَا عَلَيْهِ مَعَ بَقَائِهِمَا عَلَى مِلَّتِهِمَا وَيَحْتَمِلُ غَيْرُهُ ثُمَّ رَأَيْت الرَّافِعِيَّ ذَكَرَ فِي اللُّقَطَةِ أَنَّ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَالْمَجُوسِيَّةِ كَالْعَبْدِ فَيَتَمَلَّكُهَا وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ فَعَلَى قَوْلَيْنِ كَالِاقْتِرَاضِ فَاقْتَضَى كَلَامُهُ جَوَازَ اقْتِرَاضِهِ الْمَجُوسِيَّةَ وَنَحْوَهَا نَظَرًا إلَى الْحَالِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ ظُهُورَ الْمَالِكِ هُنَا بَعِيدٌ وَكَلَامُ الْجُرْجَانِيِّ هُنَا مُصَرِّحٌ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إقْرَاضُ بَعْضِ الْجَارِيَةِ إذَا كَانَ بَاقِيهَا لِغَيْرِ الْمُقْتَرِضِ كَإِقْرَاضِ شِقْصِ الدَّارِ وَقَوْلُهُ فَاقْتَضَى كَلَامُهُ جَوَازَ اقْتِرَاضِهِ الْمَجُوسِيَّةَ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا لَوْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ وَيَمْتَنِعُ الْوَطْءُ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ مَحِلَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْأَقْرَبُ مَا جَمَعَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَمْلِ الْمَنْعِ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَقَارِ كَمَا يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهَا وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهَا وَالْجَوَازُ عَلَى مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ مِنْ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَلِإِمْكَانِ رَدِّ مِثْلِهَا الصُّورِيِّ س [فَرْعٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِقْرَاضِ الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ] (قَوْلُهُ فَلَوْ أَقْرَضَهُ كَفًّا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَخْ) أَوْ بُرًّا مُخْتَلِطًا بِشَعِيرٍ [فَصْلٌ يَبْطُلُ قَرْضٌ بِشَرْطِ جَرِّ مَنْفَعَةٍ] (قَوْلُهُ لِقَوْلِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ إلَخْ) وَرُوِيَ مَرْفُوعًا بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ لَكِنْ صَحَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ رَفَعَهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مَعْنَاهُ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً إلَخْ) أَيْ شَرَطَ فِيهِ مَا يَجُرُّ إلَى الْمُقْرِضِ مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ بِجَامِعِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ) لِأَنَّ الْأَجَلَ يَقْتَضِي جُزْءًا مِنْ الْعِوَضِ (قَوْلُهُ وَكَذَا شَرْطُ زِيَادَةٍ إلَخْ) فِي مَعْنَاهُ الْقَرْضُ لِمَنْ يَسْتَأْجِرُ مِلْكَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ لِأَجَلٍ الْقَرْضِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ شَرْطًا فَحَرَامٌ إجْمَاعًا وَإِلَّا فَيُكْرَهُ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَهُ بِلَا شَرْطٍ إلَخْ) وَلَا يَجُوزُ رُجُوعُهُ فِي الزَّائِدِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ كَرَاهَةِ نِكَاحِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِقُوَّةِ دَاعِي الْقَرْضِ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْقَرْضِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 مَعْنَاهُ. (وَيَصِحُّ) الْإِقْرَاضُ (بِشَرْطِ رَهْنٍ، وَكَفِيلٍ، وَإِشْهَادٍ، وَإِقْرَارٍ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تَوْثِيقَاتٌ لَا مَنَافِعُ زَائِدَةٌ فَلَهُ إذَا لَمْ يُوفِ الْمُقْتَرِضُ بِهَا الْفَسْخُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِغَيْرِ شَرْطٍ كَمَا سَيَأْتِي عَلَى أَنَّ فِي التَّوَثُّقِ بِهَا مَعَ إفَادَتِهِ أَمْنَ الْجَحْدِ فِي بَعْضٍ، وَسُهُولَةَ الِاسْتِيفَاءِ فِي آخِرِ صَوْنِ الْعِرْضِ فَإِنَّ الْحَيَاءَ، وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ مِنْ الرُّجُوعِ بِغَيْرِ سَبَبٍ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ سَبَبٌ فَإِنَّ الْمُقْتَرِضَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْمُقْرِضُ مَعْذُورًا فِي الرُّجُوعِ غَيْرَ مَلُومٍ (لَا) بِشَرْطِ رَهْنٍ، وَكَفِيلٍ، وَإِشْهَادٍ، وَإِقْرَارٍ (بِدَيْنٍ آخَرَ) فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ قَرْضٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ بِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عِلْمُ انْقِسَامِ الشَّرْطِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ صَحِيحٍ، وَفَاسِدٍ مُفْسِدٍ، وَفَاسِدٍ غَيْرِ مُفْسِدٍ. (، وَإِذَا قَبَضَ الْقَرْضَ) أَيْ مَا اقْتَرَضَهُ (مَلَكَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ) كَالْمَوْهُوبِ، وَأَوْلَى لِثُبُوتِهِ بِعِوَضٍ، وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِقَبْضِهِ كُلَّ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ لَمَا مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ (وَعَتَقَ) عَلَيْهِ (إنْ كَانَ بَعْضَهُ) ، وَلَزِمَهُ نَفَقَةُ الْحَيَوَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَكِنْ إنْ رَجَعَ) الْمُقْرِضُ (فِيهِ) أَيْ فِيمَا أَقْرَضَهُ (وَهُوَ مِلْكُهُ) أَيْ الْمُقْتَرِضِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجِّرًا أَوْ مُعَلِّقًا عِتْقَهُ بِصِفَةٍ لِأَنَّ لَهُ تَغْرِيمَ بَدَلِهِ عِنْدَ الْفَوَاتِ فَالْمُطَالَبَةُ بِعَيْنِهِ أَوْلَى نَعَمْ إنْ بَطَلَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَانَ، وَجَدَهُ مَرْهُونًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ أَرْشُ جِنَايَةٍ فَلَا رُجُوعَ، وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ ثُمَّ عَادَ فَوَجْهَانِ، وَقِيَاسُ أَكْثَرِ نَظَائِرِهِ الرُّجُوعُ، وَبِهِ جَزَمَ الْعِمْرَانِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ مَا دَامَ بَاقِيًا، وَإِذَا جَازَ رُجُوعُهُ فَرَجَعَ فِيهِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْمُقْتَرِضَ (رَدُّهُ) ، وَلِلْمُقْتَرِضِ رَدُّ مَا اقْتَرَضَهُ، وَعَلَى الْمُقْرِضِ قَبُولُهُ إلَّا إذَا نَقَصَ فَلَهُ قَبُولُهُ مَعَ الْأَرْشِ أَوْ مِثْلِهِ سَلِيمًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَفِيمَا إذَا وَجَدَهُ مُؤَجَّرًا لَا أَرْشَ لَهُ بَلْ يَأْخُذُهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا أَمَدًا يَنْتَظِرُ فَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَهُ، وَلَوْ زَادَ رَجَعَ فِي زِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ (فَصْلٌ) (وَأَدَاؤُهُ) أَيْ الشَّيْءِ الْمُقْرَضِ صِفَةً، وَمَكَانًا وَزَمَانًا (كَأَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ) فَلَا يَجِبُ قَبُولُ الرَّدِيءِ عَنْ الْجَيِّدِ، وَلَا قَبُولُ الْمِثْلِ فِي غَيْرِ مَكَانِ الْإِقْرَاضِ إنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُقْتَرِضُ أَوْ كَانَ الْمَكَانُ مَخُوفًا، وَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ الدَّفْعُ فِي غَيْرِ مَكَانِ الْإِقْرَاضِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ لَهُ مُؤْنَةٌ، وَتَحَمَّلَهَا الْمُقْرِضُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ (لَكِنْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْإِقْرَاضِ بِقِيمَةِ مَالِهِ) أَيْ لِحَمْلِهِ (مُؤْنَةً) لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِمِثْلِهِ إذَا لَمْ يَتَحَمَّلْ مُؤْنَةَ حَمْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْكُلْفَةِ، وَأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِمِثْلِ مَا لَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَالْمَانِعُ مِنْ طَلَبِ الْمِثْلِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَكَثِيرُ مُؤْنَةِ الْحَمْلِ، وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَوْنُ قِيمَةِ بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ بَلَدِ الْإِقْرَاضِ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، وَتَصْرِيحُ الْمُصَنِّفِ بِمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (بِبَلَدِ الْقَرْضِ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّمَلُّكِ (يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ اسْتِحْقَاقِهَا (وَيَنْقَطِعُ بِهَا) أَيْ بِالْقِيمَةِ (حَقُّهُ) أَيْ الْمُقْرِضِ لِأَنَّهَا لِلْفَيْصُولَة لَا لِلْحَيْلُولَةِ فَلَوْ اجْتَمَعَا بِبَلَدِ الْإِقْرَاضِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ رَدُّهَا، وَطَلَبُ الْمِثْلِ، وَلَا لِلْمُقْتَرِضِ اسْتِرْدَادُهَا (فَرْعٌ لَهُ) بَلْ عَلَيْهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَصْلِ (رَدُّ مِثْلِ مَا اقْتَرَضَ) حَقِيقَةً فِي الْمِثْلِيِّ (وَلَوْ فِي نَقْدٍ بَطَلَ) التَّعَامُلُ بِهِ (وَصُورَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَرَضَ بَكْرًا وَرَدَّ رَبَاعِيًّا» كَمَا مَرَّ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ لَافْتَقَرَ إلَى الْعِلْمِ بِهَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا   [حاشية الرملي الكبير] الرِّفْقُ وَهَذَا مِنْ جُمْلَتِهِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ فِي التَّوَثُّقِ بِهَا مَعَ إفَادَتِهِ أَمْنَ الْجَحْدِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي اقْتَرَضَهَا قَبْلَ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ وَالْمُقْتَرِضِ هَاهُنَا لَمْ يُبَحْ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَّا بِشَرْطٍ صَحِيحٍ وَإِنَّ فِي صِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ حَثًّا لِلنَّاسِ عَلَى فِعْلِ الْقَرْضِ وَتَحْصِيلِ أَنْوَاعِ الْبِرِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ لَمَا مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْ الْمَالِكِ وَلَا وَلِيًّا عَلَيْهِ وَكَالْهِبَةِ لِلْوَلَدِ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ رَجَعَ فِيهِ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا أَسْلَمَ عَبْدٌ كَافِرٌ فَأَقْرَضَهُ مِنْ مُسْلِمٍ فَإِنَّ الْمُتَّجِهَ الِاكْتِفَاءُ بِالْقَرْضِ وَيَحْتَمِلُ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ مُعَلِّقًا عِتْقَهُ بِصِفَةٍ) شَمَلَ الْمُدَبَّرَ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ أَكْثَرِ نَظَائِرِهِ الرُّجُوعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُقْرِضِ قَبُولُهُ) يُسْتَثْنَى مَا لَوْ رَدَّهُ فِي زَمَنِ نَهْبٍ أَوْ إغَارَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ [فَصْلٌ أَدَاء الشَّيْءِ الْمُقْرَضِ صِفَةً وَمَكَانًا وَزَمَانًا كَأَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ] (قَوْلُهُ بِقِيمَةِ مَالِهِ أَيْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةً) الْمُرَادُ بِكَوْنِ النَّقْلِ لَهُ مُؤْنَةً أَنَّهُ تَزِيدُ قِيمَتُهُ بِالنَّقْلِ إلَى بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ لَا أَنَّ مُجَرَّدَ النَّقْلِ لَهُ مُؤْنَةٌ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ نَقْلُ شَيْءٍ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ إلَّا بِمُؤْنَةٍ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ لَأَدَّى إلَى أَنَّهُ لَوْ أَقْرَضَهُ قَفِيزًا بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ ثُمَّ وَجَدَهُ بِأُخْرَى مِنْهَا وَقِيمَتُهُ بِالْمَوْضِعَيْنِ سَوَاءٌ أَوْ فِي بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ أَقْضِي أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِالْقِيمَةِ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَبَقَ وَقَوْلُهُ الْمُرَادُ بِكَوْنِ النَّقْلِ لَهُ مُؤْنَةً إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ قَائِلَ ذَلِكَ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ لَيْسَتْ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً أَمَّا إذَا قُلْنَا بِاسْتِقْلَالِهَا فَمُؤْنَةُ النَّقْلِ وَحْدَهَا كَافِيَةٌ نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مُؤْنَةٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا اخْتِلَافُ غَرَضٍ لَا مُطْلَقُ الْمُؤْنَةِ (قَوْلُهُ فَالْمَانِعُ مِنْ طَلَبِ الْمِثْلِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَكَثِيرٍ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَوْنُ قِيمَتِهِ إلَخْ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ هُنَا إمَّا بِقِيَاسِ الْأَوْلَى أَوْ الْمُسَاوَاةِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ. اهـ. وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا ذَكَرَاهُ فِي الْغَصْبِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ الْغَاصِبَ مُتَعَدٍّ وَلَوْ أَقْرَضَهُ طَعَامًا بِمَكَّةَ فَلَقِيَهُ بِمِصْرَ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِقِيمَةِ مَكَّةَ بَلْ عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَإِنْ تَرَاضَيَا بِقِيمَتِهِ جَازَ قَالَ شَيْخُنَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِمَّا هُوَ عَلَى الْهَامِشِ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَاتِبُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ يُشِيرُ إلَى كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ فَإِذَا أَقْرَضَهُ طَعَامًا أَوْ نَحْوَهُ بِمِصْرَ ثُمَّ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَكَّةَ أَغْلَى كَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَبِأَنَّ فِي نَقْلِهِ إلَى مَكَّةَ ضَرَرًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ فَرْعٌ لَهُ بَلْ عَلَيْهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَصْلِ) كِلَا التَّعْبِيرَيْنِ حَسَنٌ فَإِنَّ قِيمَةَ مِثْلِ الْمُقْرِضِ حَتَّى مَا بَطَلَ مِنْ النَّقْدِ قَدْ تَنْقُصُ وَقَدْ تَزِيدُ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ اعْتِبَارُ مَا فِيهِ مِنْ الْمَعَانِي كَحِرْفَةِ الْعَبْدِ وَعَدْوِ الدَّابَّةِ فَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ اُعْتُبِرَ مَعَ الصُّورَةِ مُرَاعَاةُ الْقِيمَةِ (وَالْقَوْلُ فِي الصِّفَةِ أَوْ الْقِيمَةِ) عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِيهَا (قَوْلُ الْمُسْتَقْرِضِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. (وَإِنْ قَالَ أَقْرَضْتُك أَلْفًا، وَقَبِلَ) الْمُقْتَرِضُ (وَتَفَرَّقَا ثُمَّ سَلَّمَ إلَيْهِ أَلْفًا) فَإِنْ كَانَ (قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ جَازَ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَصَدَ الدَّفْعَ عَنْ الْقَرْضِ (وَإِلَّا فَلَا) يَجُوزُ (وَعَلَّلَهُ فِي الرَّوْضَةِ) تَبَعًا لِلْمُهَذَّبِ (فَقَالَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْبِنَاءُ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ) أَمَّا لَوْ قَالَ أَقْرَضْتُك هَذِهِ الْأَلْفَ مَثَلًا، وَتَفَرَّقَا ثُمَّ سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَيَجُوزُ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ (وَلَا كَرَاهَةَ فِي قَبُولِ هَدِيَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ) بِغَيْرِ شَرْطٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالتَّنَزُّهُ عَنْهُ أَوْلَى قَبْلَ رَدِّ الْبَدَلِ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ فَبَعْضُهُ شَرْطٌ فِيهِ أَجَلٌ، وَبَعْضُهُ مَحْمُولٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الْهَدِيَّةِ فِي الْعَقْدِ (وَإِنْ قَالَ) لِغَيْرِهِ (خُذْ مِنْ مَا) أَيْ الَّذِي (لِي مَعَ زَيْدٍ) يَعْنِي الَّذِي فِي جِهَتِهِ (أَلْفًا قَرْضًا) فَأَخَذَهَا مِنْهُ (وَهُوَ) أَيْ مَا فِي جِهَةِ زَيْدٍ (دَيْنٌ) عَلَيْهِ (لَمْ يَصِحَّ) قَرْضًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ تَوْكِيلٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَرْضٍ جَدِيدٍ (أَوْ عَيْنٌ كَوَدِيعَةٍ صَحَّ) قَرْضًا قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي خَمْسَةً، وَأَدِّهَا عَنْ زَكَاتِي جَازَ، وَهَذَا مِنْهُ بِنَاءً عَلَى مَا جَوَّزَهُ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اقْتَرِضْ لِي مِائَةً، وَلَك عَلَيَّ عَشَرَةٌ فَهُوَ جِعَالَةٌ فَلَوْ أَنَّ الْمَأْمُورَ أَقْرَضَهُ مِائَةً مِنْ مَالِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعَشَرَةَ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ ادْفَعْ مِائَةً قَرْضًا عَلَيَّ إلَى وَكِيلِي فُلَانٍ فَدَفَعَ ثُمَّ مَاتَ الْآمِرُ فَلَيْسَ لِلدَّافِعِ مُطَالَبَةُ الْآخِذِ لِأَنَّ الْآخِذَ لَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ وَكِيلٌ عَنْ الْآمِرِ، وَقَدْ انْتَهَتْ وَكَالَتُهُ بِمَوْتِ الْآمِرِ، وَلَيْسَ لِلْآخِذِ الرَّدُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ رَدَّ ضَمِنَ لِلْوَرَثَةِ، وَحَقُّ الدَّافِعِ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ عُمُومًا لَا بِمَا دَفَعَ خُصُوصًا (الرَّهْنِ) هُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ، وَمِنْهُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ أَيْ الثَّابِتَةُ، وَقَالَ الْإِمَامُ الِاحْتِبَاسُ، وَمِنْهُ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ، وَشَرْعًا جَعَلَ عَيْنَ مَالٍ، وَثِيقَةً بِدَيْنٍ يَسْتَوْفِي مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ، وَفَائِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ فَارْهَنُوا وَاقْبِضُوا لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ جُعِلَ جَزَاءً لِلشَّرْطِ بِالْفَاءِ فَجَرَى مَجْرَى الْأَمْرِ كَقَوْلِهِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4] ، وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ يُقَالُ لَهُ أَبُو الشَّحْمِ عَلَى ثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ لِأَهْلِهِ ثُمَّ قِيلَ إنَّهُ افْتَكَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ» لِخَبَرِ «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يَقْضِيَ» ، وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ «لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ تُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ» ، وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ تَنْزِيهًا لَهُمْ، وَقِيلَ عَلَى مَنْ لَمْ يُخْلِفْ وَفَاءَ الْوَثَائِقِ بِالْحُقُوقِ ثَلَاثَةٌ شَهَادَةٌ، وَرَهْنٌ وَضَمَانٌ فَالشَّهَادَةُ لِخَوْفِ الْجَحْدِ، وَالْآخَرَانِ لِخَوْفِ الْإِفْلَاسِ. (وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْمَرْهُونُ، وَلَهُ شَرْطَانِ الْأَوَّلُ كَوْنُهُ عَيْنًا فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ مَنْفَعَةٍ) كَسُكْنَى دَارٍ سَنَةً، وَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ بِهِ حَالًا لِأَنَّهَا تَتْلَفُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَلَا يَحْصُلُ بِهَا تَوَثُّقٌ (وَلَا) رَهْنُ (دَيْنٍ) ، وَلَوْ مِمَّنْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَالْكَلَامُ فِي إنْشَاءِ الرَّهْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْمَرْهُونِ دَيْنًا بِلَا إنْشَاءٍ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَإِنَّ بَدَلَهُ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ لِامْتِنَاعِ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي. (وَيَصِحُّ رَهْنُ الْمَشَاعِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ اعْتِبَارُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُرَادُ بِالصُّورَةِ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَيْئَتِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ وَفِي التَّتِمَّةِ يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ مَا يَجْمَعُ أَوْصَافَهُ حَتَّى لَا يَفُوتَ شَيْءٌ مِنْ إقْرَاضِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ الرِّفْقِ. اهـ. وَفِي التَّدْرِيبِ وَيَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ وَلَوْ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ وَلَوْ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَالْمُرَادُ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيَمُ حَتَّى لَوْ اقْتَرَضَ عَبْدًا كَاتِبًا رَدَّ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَصَدَ الدَّفْعَ عَنْ الْقَرْضِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْقَرْضَ لَا يَجِبُ إيرَادُهُ عَلَى مُعَيَّنٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَوْصُوفٍ ثُمَّ يُعَيَّنُ. (فَرْعٌ) لَوْ اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً مِنْ آخَرَ فَأَجَازَ الْمُقْرِضُ الْآخِذَ مِنْ مَطْمُورَةٍ أَوْ كَنْدُوجٍ مُعَيَّنٍ فَأَخَذَ وَاخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ صُدِّقَ الْقَابِضُ بِيَمِينِهِ وَلَوْ رَدَّهَا إلَيْهِ بِإِذْنِ الْمُقْرِضِ وَهُنَاكَ حَافِظٌ لَهُ بَرِئَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَمْ يَبْرَأْ وَلَوْ تَلِفَتْ تَلِفَتْ مِنْ ضَمَانِهِ وَلَوْ كَانَتْ وَدِيعَةً أَوْ غَصْبًا وَرَدَّهَا بِإِذْنِهِ بَرِئَ وَلَوْ دَفَعَ أَلْفًا إلَى آخَرَ ثُمَّ قَالَ الْآخِذُ كَانَتْ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ وَقَالَ الدَّافِعُ بَلْ قَرْضًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلدَّافِعِ مُطَالَبَةُ الْآخِذِ إلَخْ) الْمَذْهَبُ أَنَّ لَهُ مُطَالَبَتَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ [كِتَابُ الرَّهْنِ] (قَوْلُهُ رَهِينَةٌ) أَيْ مَحْبُوسَةٌ فِي الْقَبْرِ غَيْرُ مُنْبَسِطَةٍ مَعَ الْأَرْوَاحِ فِي عَالَمِ الْبَرْزَخِ وَفِي الْآخِرَةِ مَعُوقَةٌ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ جَعْلُ عَيْنِ مَالٍ) أَيْ مُتَمَوِّلَةٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَصْدَرُ) أَيْ مُفْرَدُهُ (قَوْلُهُ «رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ» إلَخْ) رَهَنَهُ عِنْدَ الْيَهُودِيِّ لِبَيَانِ جَوَازِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقِيلَ خَشْيَةً مِنْ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ الشَّرِيفَةِ لَوْ عَامَلَ أَصْحَابَهُ وَمَعْنَى مُعَلَّقَةٌ مَحْبُوسَةٌ فِي الْقَبْرِ غَيْرُ مُنْبَسِطَةٍ مَعَ الْأَرْوَاحِ فِي عَالَمِ الْبَرْزَخِ وَفِي الْآخِرَةِ مَعُوقَةٌ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُوَفَّى عَنْهُ [الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الرَّهْن] (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ) لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ وَقَبْضُهُ هُنَا لَا يُصَادِفُ مَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ أَخْذِهِ لَهُ وَإِذَا أَخَذَهُ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي كَوْنُ الْمَرْهُونِ دَيْنًا وَمَنْفَعَةً) كَمَنْ مَاتَ عَنْهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَوْ ضَمِنَ عَبْدَهُ بِصَدَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لَمْ يَصِحَّ رَهْنُهُ بِهِ لِاتِّحَادِ الْوَثِيقَةِ وَالْمَوْثُوقِ فِيهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ إلَخْ) وَمَا إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَخَلَفَ دَيْنًا (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ رَهْنُ الْمَشَاعِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَيْدَانِ وَجُمْلَةُ مَا أَقُولُهُ فِي رَهْنِ الْمَشَاعِ وَقِسْمَتِهِ إنَّهُ إمَّا أَنْ يَصْدُرَ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ مِنْهُمَا وَإِذَا صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَفِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ تَجُوزُ الْقِسْمَةُ حَيْثُ نَقُولُ إنَّهَا إفْرَازٌ وَلَمْ يَحْصُلْ بِهَا نَقْصٌ فَإِنْ حَصَلَ بِهَا نَقْصٌ وَرَضِيَ بِهَا الْمُرْتَهِنُ جَازَتْ وَإِلَّا فَاتَ طَلَبَهَا الرَّاهِنُ أَوْ الشَّرِيكُ الْآخَرُ بَعْدَ رِضَاهُ بِالرَّهْنِ فَلَا يُجَابُ وَإِلَّا فَيُجَابُ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ فَإِنْ طَلَبَهَا الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ وَلَمْ يَرْضَ بِرَهْنِ شَرِيكِهِ أُجِيبَ وَإِنْ طَلَبَهَا الرَّاهِنُ أَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 كَرَهْنِ الْكُلِّ، وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَاقِي لِلرَّاهِنِ أَمْ لِغَيْرِهِ (وَلَوْ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارٍ) مُشْتَرَكَةٍ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ اثْنَيْنِ (وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ الشَّرِيكُ) كَبَيْعِهِ، وَالتَّصْرِيحِ بِالتَّصْحِيحِ فِيمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ خَرَجَ) مَا رَهَنَهُ مِنْ الْبَيْتِ (عَنْ مِلْكِهِ بِالْقِسْمَةِ) لِلدَّارِ بِأَنْ، وَقَعَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ (غَرِمَ قِيمَتَهُ رَهْنًا مَكَانَهُ) لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بَدَلُهُ، وَبِهَذَا فَارَقَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (فَرْعٌ قَبْضُ الْمَشَاعِ بِقَبْضِ كُلِّهِ وَتَجْرِي الْمُهَايَأَةُ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ، وَالشَّرِيكِ كَالشَّرِيكَيْنِ) أَيْ كَجَرَيَانِهَا بَيْنَهُمَا، وَلَا بَأْسَ بِتَبْعِيضِ الْيَدِ بِحُكْمِ الشُّيُوعِ كَمَا لَا بَأْسَ بِهِ لِاسْتِيفَاءِ الرَّاهِنِ الْمَنَافِعَ (وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الشَّرِيكِ) فِي الْقَبْضِ (إلَّا فِيمَا يُنْقَلُ) لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ قَبْضُهُ إلَّا بِالنَّقْلِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ (فَإِنْ امْتَنَعَ، وَتَنَازَعَا وَضَعَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدْلٍ) يَكُونُ فِي يَدِهِ لَهُمَا (وَيُؤَجِّرُهُ) إنْ كَانَ مِمَّا يُؤَجَّرُ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِكَوْنِهِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ جَازَ، وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ (فَصْلٌ) (يَصِحُّ وَيُكْرَهُ رَهْنُ مُصْحَفٍ وَ) رَقِيقٍ (مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرٍ وَسِلَاحٍ مِنْ حَرْبِيٍّ وَجَارِيَةٍ حَسْنَاءَ غَيْرِ صَغِيرَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) إذْ لَا مَانِعَ مِنْ صِحَّتِهِ لَكِنَّ فِيهِ نَوْعَ تَسْلِيطٍ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ فَكُرِهَ لِذَلِكَ، وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، وَتَصْحِيحُهَا فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَالْمُصْحَفِ كُتُبُ الْحَدِيثِ، وَكُتُبُ الْفِقْهِ الَّتِي فِيهَا الْأَخْبَارُ، وَآثَارُ السَّلَفِ قَالَهُ الْقَمُولِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَكَالسِّلَاحِ الْخَيْلُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَتُوضَعُ) هَذِهِ الْأَشْيَاءُ (كُلُّهَا عِنْدَ عَدْلٍ) ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ صِحَّةُ الرَّهْنِ فِي الْأُولَيَيْنِ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِوَضْعِهِمَا عِنْدَ عَدْلٍ (لَا الْجَارِيَةُ) الْأُولَى إلَّا الْجَارِيَةَ أَيْ الْمَذْكُورَةَ فَلَا تُوضَعُ عِنْدَهُ كَغَيْرِهِ (بَلْ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ ثِقَةً، وَلَهُ زَوْجَةٌ أَوْ جَارِيَةٌ) أَوْ مَحْرَمٌ (أَوْ نِسْوَةٌ) ، وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ عِنْدَهُ نِسْوَةٌ أَيْ ثِنْتَانِ فَأَكْثَرُ (يُؤْمَنُ مَعَهُنَّ مِنْهُ عَلَيْهَا تُرِكَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَعِنْدَ مَحْرَمٍ لَهَا أَوْ امْرَأَةٍ) ثِقَةٍ، وَلَوْ مُرْتَهِنًا (أَوْ عَدْلٍ بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ) فِي الْمُرْتَهِنِ سَوَاءٌ الْمُرْتَهِنُ، وَغَيْرُهُ فَإِنْ شَرَطَ وَضْعَهَا عُنِدَ غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ قَالَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالرَّهْنُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَيْسَ لِلْمِلْكِ بَلْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَالصَّغِيرَةُ) غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ (كَالْعَبْدِ لَا) الْكَبِيرَةُ (الْقَبِيحَةُ) الْمَنْظَرِ (وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ) ، وَلَوْ حَذَفَ فِيمَا مَرَّ حَسَنًا لَاغْتَنَى عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ (وَالْخُنْثَى) فِيمَا ذَكَرَ (كَالْأُنْثَى لَكِنْ لَا يُوضَعُ عِنْدَ امْرَأَةٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ غَيْرِهِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فِي الْجَارِيَةِ، وَفِي الْبَيَانِ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَوَاضِحٌ أَوْ كَبِيرًا وُضِعَ عِنْدَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَهُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةٍ لَا عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ وَلَا أَجْنَبِيَّةٍ. (الشَّرْطُ الثَّانِي جَوَازُ بَيْعِهِ) عِنْدَ الْمَحَلِّ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ فَاسْتِيفَاؤُهُ مَقْصُودُ الرَّهْنِ أَوْ مِنْ مَقَاصِدِهِ (فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ) مَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ نَحْوَ (أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ وَوَقْفٍ كَأَرْضِ السَّوَادِ) ، وَهِيَ أَرْضُ الْعِرَاقِ سُمِّيَتْ سَوَادًا لِسَوَادِهَا بِالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا قَدِمُوا لِفَتْحِ الْكُوفَةِ، وَأَبْصَرُوا سَوَادَ النَّخْلِ قَالُوا مَا هَذَا السَّوَادُ، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْخُضْرَةَ تُرَى مِنْ الْبُعْدِ سَوَادًا، وَالسَّوَادُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ لِلشَّجَرِ أَوْ غَيْرِهِ لِمَا ذُكِرَ إلَّا أَنَّهُ صَارَ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ أَرْضِ الْعِرَاقِ لَا غَيْرُهَا غَالِبًا فَصَارَ مُرَادِفًا لِلْعِرَاقِ، وَهُوَ الْإِقْلِيمُ الْمَعْرُوفُ بِإِقْلِيمِ فَارِسَ (فَإِنْ رَهَنَ غَرْسًا، وَنَحْوَهُ) كَبِنَاءٍ (مَمْلُوكًا فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ فَخَرَاجُهُ عَلَى الرَّاهِنِ) لِأَنَّهُ مَضْرُوبٌ عَلَى الْأَرْضِ، وَمِثْلُهُ لَوْ صَالَحَ الْإِمَامُ كُفَّارًا عَلَى خَرَاجٍ يُؤَدُّونَهُ مِنْ أَرَاضِيِهِمْ فَهُوَ كَالْجِزْيَةِ، وَالْأَرْضُ مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ يَصِحُّ رَهْنُهَا، وَالْخَرَاجُ عَلَى مَالِكِهَا (فَإِنْ أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ رَجَعَ بِهِ) عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ (وَإِلَّا فَلَا) رُجُوعَ لَهُ بَلْ هُوَ مُتَبَرِّعٌ (فَصْلٌ) (يَصِحُّ رَهْنُ الْجَارِيَةِ دُونَ وَلَدِهَا) الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا بَاقٍ فَلَا تَفْرِيقَ (وَهُوَ) لِكَوْنِ قِيمَتِهَا تَنْقُصُ بِتَقْوِيمِهَا حَاضِنَةً كَمَا سَيَأْتِي (عَيْبٌ يَفْسَخُ بِهِ الْبَيْعَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الرَّهْنُ إنْ جَهِلَ) الْمُرْتَهِنُ   [حاشية الرملي الكبير] الشَّرِيكُ الَّذِي رَضِيَ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَجِبْ وَإِنْ رَضِيَ جَازَ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَهَذَا تَحْرِيرٌ عَزِيزٌ فَاشْدُدْ عَلَيْهِ يَدَيْك (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ) فَإِنْ نَقَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَصَلَ قَبْضُهُ وَصَارَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ مَضْمُونَةً عَلَى الرَّاهِنِ وَعَلَى مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ النَّقْلُ يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ سَوَاءٌ أَكَانَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَكِنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِإِذْنٍ فَالْمَوْقُوفُ عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ فِي الْمَنْقُولِ حِلُّ الْقَبْضِ لَا صِحَّتُهُ [فَصْلٌ رَهْنُ مُصْحَفٍ وَرَقِيقٍ مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرٍ وَسِلَاحٍ مِنْ حَرْبِيٍّ] (قَوْلُهُ وَكَالسِّلَاحِ الْخَيْلُ) وَكَالْمُسْلِمِ الْمُرْتَدُّ (قَوْلُهُ أَوْ امْرَأَةٍ) أَيْ ثِقَةٍ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ الْمُرْتَهِنُ وَغَيْرُهُ) مَضْرُوبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرَّهْنُ صَحِيحٌ إلَخْ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ أَمَّا عَلَى الْأَظْهَرِ فَيَبْطُلُ الرَّهْنُ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَقَاعِدَةُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ أَنْ تُفْسِدَ الْعَقْدَ إلَّا فِي صُورَةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَإِلَّا فِي الْقَرْضِ إذَا شَرَطَ فِيهِ مُكَسَّرًا عَنْ صَحِيحٍ أَوْ أَنْ يُقْرِضَهُ غَيْرَهُ لَغَا الشَّرْطُ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ اهـ وَإِلَّا فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى فِي الْأَصَحِّ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَمْشِيَتِهِ فَإِنْ شَرَطَ وَضْعًا عِنْدَ غَيْرِ مَنْ ذَكَرْنَاهُ فَسَدَ الشَّرْطُ وَبِفَسَادِهِ يَفْسُدُ الرَّهْنُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَيَانِ إنْ كَانَ صَغِيرًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وُضِعَ عِنْدَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُوضَعُ عِنْدَ مَحْرَمٍ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَهُوَ بَعِيدٌ بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَحْرَمٌ أَصْلًا فَيَتَعَيَّنُ رَدُّهُ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَى يَدِ مَالِكِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي جَوَازُ بَيْعِهِ) وَكَوْنُهُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ حِسًّا وَشَرْعًا كَالْمَبِيعِ وَكَوْنُهُ مَعْلُومَ الْعَيْنِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ [فَصْلٌ رَهْنُ الْجَارِيَةِ دُونَ وَلَدِهَا] (قَوْلُهُ يَصِحُّ رَهْنُ الْجَارِيَةِ دُونَ وَلَدِهَا) حُكْمُ الْوَلَدِ مَعَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا كَحُكْمِهِ مَعَ الْأُمِّ وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ الْأُمِّ فَقَطْ وَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْبَيْعِ وَكَانَ يَفِي الدَّيْنَ بِبَيْعِ رُبْعِهَا يُبَاعُ رُبْعُهَا وَرُبْعُ وَلَدِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 (كَوْنَهَا ذَاتَ وَلَدٍ فَلَوْ اسْتَحَقَّ بَيْعَهَا بِيعَا مَعًا) حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ غُرَمَاءُ) لِلْمُفْلِسِ أَوْ لِلْمَيِّتِ (وُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا لِأَجْلِهِمْ أَوْ لِيَتَصَرَّفَ) أَيْ الرَّاهِنُ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غُرَمَاءُ (فِي ثَمَنِ الْوَلَدِ) لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَرْهُونٍ، وَلَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ عَنْ قَوْلِهِ قِيمَتَهُمَا لَسَلِمَ مِنْ إيهَامِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْمَعْطُوفِ أَيْضًا (فَتَقُومُ وَحْدَهَا حَاضِنَةً) لَهُ لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ (لَا مُنْفَرِدَةً) إيضَاحٌ لِمَا قَبْلَهُ (فَيُقَالُ) قِيمَتُهَا مَثَلًا (مِائَةٌ ثُمَّ تُقَوَّمُ مَعَ الْوَلَدِ فَيُقَالُ) قِيمَتُهُمَا مَثَلًا (مِائَةٌ وَعِشْرُونَ) فَالزِّيَادَةُ بِسَبَبِ الْوَلَدِ، وَهِيَ سُدُسُ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ (فَقِسْطُ الْجَارِيَةِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الثَّمَنِ) ، وَقِسْطُ الْوَلَدِ سُدُسُهُ، وَيَجُوزُ أَيْضًا رَهْنُ الْوَلَدِ وَحْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَيُقَوَّمُ مَحْضُونًا، وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ خَلَا الْعَيْبِ لِأَنَّ قِيمَتَهُ لَا تَنْقُصُ بِذَلِكَ بَلْ تَزِيدُ (وَإِنْ حَدَثَ الْوَلَدُ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ) فِي أُمِّهِ (قُوِّمَتْ غَيْرَ حَاضِنَةٍ) لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ. (وَإِنْ رَهَنَهُ أَرْضًا فَنَبَتَ فِيهَا نَخْلٌ) لِلرَّاهِنِ بِأَنْ دَفَنَ نَوَاهُ فِيهَا أَوْ حَمَلَهُ إلَيْهَا سَيْلٌ أَوْ غَيْرُهُ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ (لَمْ يَقْلَعْ) قَهْرًا فَلَعَلَّهُ يُؤَدِّي الدَّيْنَ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ (لَكِنْ إنْ نَقَصَتْ) قِيمَتُهَا (بِهِ) أَيْ بِالنَّخْلِ (وَقْتَ الْبَيْعِ، وَلَمْ تَفِ بِالدَّيْنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْقَلْعُ) لِيَبِيعَ الْأَرْضَ بَيْضَاءَ (إلَّا أَنْ يَرْضَى الرَّاهِنُ بِبَيْعِ النَّخْلِ) مَعَهَا (أَوْ كَانَ مَحْجُورًا) عَلَيْهِ (بِفَلَسٍ فَيُبَاعَانِ مَعًا) ، وَلَا قَلْعَ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ (وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا) فَمَا قَابَلَ الْأَرْضَ يَخْتَصُّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ، وَمَا قَابَلَ الشَّجَرَ لِلرَّاهِنِ أَوْ الْغُرَمَاءِ (فَإِنْ حَصَلَ) فِيهَا (نَقْصٌ) بِسَبَبِهِ (فَعَلَى الشَّجَرِ لَا الْأَرْضِ) لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْأَرْضِ فَارِغَةً، وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْ الْقَلْعِ لِرِعَايَةِ الرَّاهِنِ أَوْ الْغُرَمَاءِ فَلَا يُهْمِلُ جَانِبَهُ بِالْكُلِّيَّةِ (وَتُقَوَّمُ هُنَا الْأَرْضُ فَارِغَةً) لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ (فَإِنْ ارْتَهَنَهَا) ، وَلَزِمَ الرَّهْنُ (وَقَدْ دَفَنَ فِيهَا النَّوَى) أَوْ حَمَلَهُ إلَيْهَا سَيْلٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَكَانَ (عَالِمًا أَوْ عَلِمَ) بَعْدَ جَهْلِهِ (وَلَمْ يَفْسَخْ) أَيْ الْبَيْعَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الرَّهْنُ (قُوِّمَتْ مَشْغُولَةً) لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ [فَصْلٌ رَهْنُ مَا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ] (فَصْلٌ) يَصِحُّ (رَهْنُ مَا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ إنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ) كَرُطَبٍ وَعِنَبٍ يَتَجَفَّفَانِ، وَتَجْفِيفُهُ عَلَى الْمَالِكِ (أَوْ) لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ لَكِنْ (رُهِنَ بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ) مُؤَجَّلٍ لَكِنْ (يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ، وَلَوْ احْتِمَالًا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فَسَادِهِ قَبْلَ الْحُلُولِ، وَتُفَارِقُ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ رَهْنَ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لَا يَعْلَمُ هَلْ تَتَقَدَّمُ أَوْ تَتَأَخَّرُ حَيْثُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسَادِ ثَمَّ، وَهُوَ التَّعْلِيقُ مَوْجُودٌ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الرَّهْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَبِأَنَّ عَلَامَةَ الْفَسَادِ هُنَا تَظْهَرُ دَائِمًا بِخِلَافِهَا ثُمَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ ثَمَّ أَيْ بَعْدَ صِحَّةِ رَهْنِهِ إنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ أَوْ قَضَى مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَذَاكَ، وَإِلَّا بِيعَ، وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَهَذَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ، وَرُهِنَ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ (لَمْ يَجُزْ) رَهْنُهُ (إلَّا إنْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ عِنْدَ خَوْفِ فَسَادِهِ، وَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ رَهْنًا) ، وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ، وَيَصِيرُ الثَّمَنُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ فِيمَا لَوْ شَرَطَ مَنْعَ بَيْعِهِ، وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ لِمُنَاقَضَتِهِ مَقْصُودَ الرَّهْنِ، وَلَا فِيمَا لَوْ لَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ. وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الْعِرَاقِيِّينَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ عِنْدَ الْحُلُولِ، وَالْبَيْعُ قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الرَّهْنِ، وَقِيلَ يَصِحُّ، وَيُبَاعُ عِنْدَ تَعَرُّضِهِ لِلْفَسَادِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ إفْسَادَ مَالِهِ، وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إنَّهُ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ لِنَقْلِ الرَّافِعِيِّ لَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ قَالَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْرِطْ   [حاشية الرملي الكبير] لَمْ أَرَ لَهُمْ كَلَامًا فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ رَهْنًا عِنْدَ زَيْدٍ وَالْوَلَدُ عِنْدَ عَمْرٍو وَاحْتِيجَ إلَى بَيْعِهِمَا فِي الرَّهْنَيْنِ أَنَّهُمَا هَلْ يُبَاعَانِ مَعًا كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ رَهْنًا هَذَا مَعَ تَأَمُّلٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْجَمْعِ تَنْقِيصٌ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيعَا جَمِيعًا وَإِلَّا بِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. اهـ. وَالرَّاجِحُ بَيْعُهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا) لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَقَدْ الْتَزَمَ بِالرَّهْنِ بَيْعَ الْمَرْهُونِ فَجُعِلَ مُلْتَزِمًا لِمَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِهِ وَهُوَ بَيْعُ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَتَجْفِيفُهُ عَلَى الْمَالِكِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ مُؤْنَتِهِ مِنْهُ بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنْهُ وَجَفَّفَهُ بِثَمَنِهِ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ تَجْفِيفُهُ حَتَّى يَأْذَنَ الرَّاهِنُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ عِنْدَ إمْكَانِ الْمُرَاجَعَةِ عِنْدَ خَوْفِ فَسَادِهِ وَإِلَّا فَتَظْهَرُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ إذَا كَانَ تَجْفِيفُهُ يَنْقُصُهُ وَبَيْعُهُ أَوْفَرُ لِثَمَنِهِ أُجِيبَ طَالِبُ الْبَيْعِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ الرَّهْنِ سَوَاءٌ أَشَرَطَ التَّجْفِيفَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَرَهَنَهُ بِحَالٍّ أَمْ مُؤَجَّلٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُؤَجَّلُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنَّ تَجْفِيفَهُ مَخْصُوصٌ بِالْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَيُبَاعُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا) الَّذِي يَضْبِطُ أَنْ يُقَالَ إذَا اُسْتُكْمِلَتْ الشُّرُوطُ حَالَةَ الْعَقْدِ وَالْمُفْسِدُ مُنْتَظِرٌ فَلَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مُحَقَّقَ الْحُصُولِ فَقَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ وَنَظِيرُهُ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ تَبْدُو مِنْهُ عَوْرَتُهُ عِنْدَ الرُّكُوعِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ مِنْ الْآنِ أَوْ حَتَّى يَرْكَعَ وَلَا يَجْرِي هُنَا الْقَوْلُ بِالْإِبْطَالِ مِنْ أَصْلِهِ لِإِمْكَانِ بَيْعِهِ وَجَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ مُحَقَّقَ الْحُصُولِ وَلَهُ حَالَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إذَا وَقَعَ فَاتَتْ الْمَالِيَّةُ أَصْلًا فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ كَرَهْنِ الْمُدَبَّرِ وَتَارَةً لَا تَفُوتُ أَصْلًا كَرَطْبٍ لَا يَعْلَمُ هَلْ يَفْسُدُ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ لَا فَيَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ. (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الْفَسَادَ هُنَا يَظْهَرُ دَائِمًا إلَخْ) وَبِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمَالِكِ إرَادَةُ بَيْعِهِ عِنْدَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ فَيُبَاعُ إذْ الْعَاقِلُ لَا يَخْتَارُ إتْلَافَ مَالِهِ فَكَانَ كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَقَدْ لَا يُرِيدُ بَيْعَهُ طَلَبًا لِلثَّوَابِ وَبِأَنَّهُ هُنَاكَ يَفُوتُ الْحَقُّ بِالْكُلِّيَّةِ لِفَوَاتِ الرَّقَبَةِ بِالْعِتْقِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمَالِيَّةَ لَا تَبْطُلُ وَبِأَنَّا لَوْ صَحَّحْنَا ذَلِكَ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لَأَدَّى إلَى إبْطَالِ قُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ وَحَقٍّ لِلْعَبْدِ وَهُنَا لَمْ يُؤَدِّ إلَّا إلَى إبْطَالِ مِلْكِ الْمَالِكِ وَقَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ بِالرَّهْنِ (قَوْلُهُ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ) أَوْ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ وَلَا فِيمَا لَوْ لَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِنَقْلِ الرَّافِعِيِّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مُطْلَقَ الْإِذْنِ بِالْبَيْعِ لَا يَقْتَضِي رَهْنَ الثَّمَنِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 رَهْنَ ثَمَنِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَفِيهِ نَظَرٌ (فَلَوْ أَذِنَ) الرَّاهِنُ (لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ فَفَرَّطَ) بِأَنْ تَرَكَهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَتَرَكَ الرَّفْعَ إلَى الْقَاضِي كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ (ضَمِنَ) ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قِيلَ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَهَنِ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ فَيَنْبَغِي حَمْلُ هَذَا عَلَيْهِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ بَيْعَهُ ثَمَّ إنَّمَا امْتَنَعَ فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ لِكَوْنِهِ لِلِاسْتِيفَاءِ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِالِاسْتِعْجَالِ فِي تَرْوِيجِ السِّلْعَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ غَرَضَهُ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ لِيَكُونَ، وَثِيقَةً لَهُ (وَإِنْ رَهَنَ مَا لَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ فَحَدَثَ قَبْلَ الْأَجَلِ مَا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ) كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ، وَتَعَذَّرَ تَجْفِيفُهَا (لَمْ يَنْفَسِخْ) الرَّهْنُ (وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ) إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْآبِقَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَوْ أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ فَكَذَا هُنَا (بَلْ يُبَاعُ) وُجُوبًا (وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا) مَكَانَهُ حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ (فَصْلٌ) (رَهْنُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُحَارِبِ وَالْجَانِي جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ لَا الْمَالَ وَلَوْ دِرْهَمًا) أَوْ أَقَلَّ (صَحِيحٌ) كَبَيْعِهِمْ، وَتَرْجِيحُ الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الْجَانِي مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ رَهْنِهِ بِالْحَالِّ، وَالْمُؤَجَّلِ بَلْ أَطْلَقُوا كَمَا فِي الْمُرْتَدِّ، وَلَمْ يَسْلُكُوا بِهِ مَسْلَكَ مَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ، وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْفَسَادِ مِمَّا يَسْرُعُ فَسَادُهُ حَيْثُ يَفْسُدُ لِأَنَّ ثَمَنَ ذَاكَ يُجْعَلُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ فَكَيْفَ يُقَالُ بِصِحَّةِ رَهْنِهِ، وَالصَّحِيحُ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ مُحْتَمَلَةِ الْمَنْعِ، وَإِنْ قِيلَ هُنَا يَحْتَمِلُ الْعَفْوُ فَهُنَاكَ أَيْضًا يَحْتَمِلُ أَنْ لَا تُوجَدَ الصِّفَةُ انْتَهَى، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ الْعَفْوُ مَعَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فَلِهَذَا أَطْلَقُوا الصِّحَّةَ (وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي) فَسْخِ (بَيْعٍ شَرَطَ فِيهِ رَهْنَهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمْ (إنْ ارْتَهَنَهُ جَاهِلًا) بِعَيْبِهِ (وَلَوْ عَفَا عَنْ الْجَانِي) بِمَالٍ أَوْ مَجَّانًا (لِأَنَّ جِنَايَتَهُ عَيْبٌ) ، وَالْمُرْتَهِنُ مَعْذُورٌ، وَذِكْرُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُحَارَبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ مَاتَ) كُلٌّ مِنْهُمْ (فَوَجْهَانِ) فِي كَوْنِ ذَلِكَ عَيْبًا فِي الْحَالِّ أَمْ لَا إنْ قُلْنَا عَيْبٌ فَلَهُ الْخِيَارُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْقِيَاسُ يَعْتَبِرُ الِابْتِدَاءَ فَيُثْبِتُهُ، وَالْآخَرُ يَنْظُرُ إلَى الْحَالِّ فَلَا يُثْبِتُهُ (وَإِنْ كَانَ عَالِمًا) بِعَيْبِهِ (فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ قُتِلَ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ (وَإِنْ عَلِمَ بِالْجِنَايَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَرَضِيَ ثُمَّ سَرَتْ إلَى النَّفْسِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارٌ) لِرِضَاهُ بِالْعَيْبِ (وَإِنْ عَفَا) عَنْهُ (مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ، وَبَيْعٍ) أَوْ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ وَقُتِلَ (بَطَلَ الرَّهْنُ) لِفَوَاتِ الْعَيْنِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبِعْ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقِيلَ يَبْطُلُ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا إنْ فَدَى أَوْ عَفَا) عَنْهُ (مَجَّانًا) فَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ، وَعَدَمُ ثُبُوتِهِ فِي ذَلِكَ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ ارْتَهَنَ مَرِيضًا، وَهُوَ جَاهِلٌ) بِمَرَضِهِ (فَمَاتَ سَقَطَ خِيَارُهُ) لِأَنَّ الْمَوْتَ بِأَلَمٍ حَادِثٍ بِخِلَافِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ (فَرْعٌ) قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ جَنَى عَبْدٌ عَلَى سَيِّدِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ، وَجَوَّزْنَاهُ كَانَ رَهْنُهُ إيَّاهُ دَلِيلًا مِنْهُ عَلَى عَفْوِهِ عَنْهُ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا (فَرْعٌ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ بَاطِلٌ) وَلَوْ رُهِنَ بِحَالٍّ لِلْغَرَرِ إذْ قَدْ يَمُوتُ سَيِّدُهُ فَجْأَةً قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيْعِهِ، وَلَمَّا كَانَ الْعِتْقُ فِيهِ آكَدَ مِنْهُ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ بَيْعِهِ لَمْ يُلْحِقُوهُ بِهِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمِثْلُهُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ) فَرَهْنُهُ بَاطِلٌ (إلَّا إنْ تُيُقِّنَ حُلُولُهُ) أَيْ الدَّيْنِ بِأَنْ رُهِنَ بِحَالٍّ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ (قَبْلَ وُجُودِهَا) أَيْ الصِّفَةِ بِزَمَنٍ يَسَعُ الْمَبِيعَ، وَإِلَّا إنْ شَرَطَ بَيْعَهُ قَبْلَ وُجُودِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فَيَصِحُّ رَهْنُهُ (وَيُبَاعُ فِيهِ) أَيْ فِي الدَّيْنِ فَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا تُيُقِّنَ الْحُلُولُ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَوْ احْتَمَلَ الْأَمْرَانِ أَوْ عُلِمَتْ الْمُقَارَنَةُ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ بَلْ كَانَتْ مُمْكِنَةً فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِ أَصْلِهِ عَلَى الْأُولَيَيْنِ (فَإِذًا) الْأُولَى فَإِنْ (لَمْ يَبِعْ حَتَّى وُجِدَتْ) أَيْ الصِّفَةُ (عَتَقَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ بِحَالِ التَّعْلِيقِ لَا بِحَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ، وَكَذَا الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْعِتْقِ، وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا بِنَاءً عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (، وَلِلْمُرْتَهِنِ   [حاشية الرملي الكبير] وَإِنَّمَا يَقْتَضِي وَفَاءَ الدَّيْنِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ حَالًّا (قَوْلُهُ فَلَوْ أَذِنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَلَوْ أَذِنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ تُمْكِنْ مُرَاجَعَتُهُ (قَوْلُهُ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ) حَيْثُ قَالَ قَوِيٌّ أَوْ مُتَعَيَّنٌ (قَوْلُهُ بَلْ يُبَاعُ وُجُوبًا إلَخْ) بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَبْلَهُ يَكُونُ بِرِضَاهُمَا أَوْ رِضَى الرَّاهِنِ وَالْمَرَضُ الْمَخُوفُ فِي الْعَبْدِ مُلْحَقٌ بِمَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ فِي الْإِجْبَارِ عَلَى بَيْعِهِ وَجَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا قَالَ الْإِمَامُ وَسَائِرُ الْحَيَوَانِ كَالْعَبْدِ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ أَنَا أَبْذُلُ قِيمَةَ هَذَا الْعَبْدِ لِتَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ وَلَا أَبِيعُهُ هَلْ يُجَابُ الْأَقْرَبُ نَعَمْ [فَصْلٌ رَهْنُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُحَارِبِ وَالْجَانِي جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ] (فَصْلٌ رَهْنُ الْمُرْتَدِّ إلَخْ) (قَوْلُهُ وَالْمُحَارِبُ) أَيْ الْمُسْتَحَقُّ قَتْلُهُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ صَحِيحٌ) كَرَهْنِ الرَّقِيقِ الْمَرِيضِ الْمُدْنِفِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ) وَلَا يَكُونُ بِرَهْنِهِ مُلْتَزِمًا لِفِدَائِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُنْقِصٍ لِعَيْنِهِ وَلَا لِقِيمَتِهِ بِخِلَافِ تَزْوِيجِهِ لِلْجَانِيَةِ (قَوْلُهُ فِي كَوْنِ ذَلِكَ عَيْبًا فِي الْحَالِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ كَوْنَهُ عَيْبًا وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَالْآخَرُ يَنْظُرُ إلَى الْحَالِّ فَلَا يُثْبِتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَبْطُلُ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيُشْبِهُ جَرَيَانَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا. اهـ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَا يَصِيرُ السَّيِّدُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ لِأَنَّهُ حِينَ بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ مُعَيَّنًا بَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيُبَاعُ فِي الْجِنَايَةِ. اهـ. فَلَوْ حَفَرَ عَبْدٌ بِئْرًا عُدْوَانًا فَتَرَدَّى فِيهَا إنْسَانٌ وَتَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ فَفِي تَبَيُّنِ فَسَادِ الرَّهْنِ وَجْهَانِ مُسْتَنَدُهُمَا اسْتِنَادُ التَّعَلُّقِ إلَى أَوَّلِ السَّبَبِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ أَوْ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ صَحِيحًا وَيُقَدَّمُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي وَلِهَذَا لَوْ حَفَرَ ذِمِّيٌّ بِئْرًا عُدْوَانًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَتَرَدَّى فِيهَا إنْسَانٌ وَجَبَتْ دِيَتُهُ فِي مَالِهِ [فَرْعٌ جَنَى عَبْدٌ عَلَى سَيِّدِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ جَنَى عَبْدٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ] (قَوْلُهُ لَمْ يُلْحِقُوهُ بِهِ مُطْلَقًا) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ قَدْ تُوجَدُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيْعِهِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 الْخِيَارُ) بِالْعِتْقِ (فِي) فَسْخِ (الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الرَّهْنُ إنْ جَهِلَ) التَّعْلِيقَ (كَمَا فِي) رَهْنِ (الْجَانِي) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا الْقِيَاسِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ، وَإِنْ رَهَنَ الثَّمَرَ مَعَ الشَّجَرِ صَحَّ مُطْلَقًا إلَّا إنْ كَانَ الثَّمَرُ لَا يُجَفَّفُ فَلَهُ حُكْمُ مَا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ) فَيَصِحُّ تَارَةً، وَيَفْسُدُ أُخْرَى، وَيَصِحُّ فِي الشَّجَرِ مُطْلَقًا، وَوَجْهُهُ عِنْدَ فَسَادِهِ فِي الثَّمَرِ الْبِنَاءُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَخْفَى تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَإِنْ رَهَنَ الثَّمَرَةَ مُفْرَدَةً فَإِنْ كَانَتْ لَا تَتَجَفَّفُ فَهِيَ كَمَا يَتَسَارَعُ فَسَادُهُ) فَيَصِحُّ رَهْنُهَا بِحَالٍّ، وَبِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ، وَلَوْ احْتِمَالًا نَعَمْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ قَبْلَ الْجِذَاذِ، وَأَطْلَقَ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِيمَا إذَا كَانَتْ تَتَجَفَّفُ (وَإِنْ كَانَ تَتَجَفَّفُ جَازَ) رَهْنُهَا (وَلَوْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) وَبِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لَا يَبْطُلُ بِاجْتِيَاحِهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي يَبْطُلُ، وَلِأَنَّ الْحُلُولَ الْمَعْلُومَ اشْتِرَاطُهُ مِمَّا يَأْتِي قَرِينَةٌ نَازِلَةٌ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الْقَطْعِ، وَقَوْلُهُ (صَحَّ) زتد (إلَّا إذَا رَهَنَهُ) الْأَوْلَى رَهَنَهَا (بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ الْجِذَاذِ وَأَطْلَقَ) الرَّهْنَ بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ، وَلَا عَدَمَهُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الثِّمَارِ الْإِبْقَاءُ إلَى الْجِذَاذِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَهَنَ شَيْئًا عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ عِنْدَ الْمَحَلِّ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ. قَالَ السُّبْكِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَوْ اُعْتُبِرَتْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَامْتَنَعَ رَهْنُهَا بِالْحَالِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُلُولِ الْمُقَارَنِ، وَالطَّارِئِ لَا يَظْهَرُ انْتَهَى، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ ثَمَّ مُتَمَكِّنٌ مِنْ بَيْعِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ حَالًّا لِحُلُولِ دَيْنِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ رَهَنَهَا بِحَالٍّ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ وَقْتَ الْجِذَاذِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ لَكِنْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، وَوَقَعَ فِي نُسَخٍ زِيَادَةٌ عَلَى مَا شَرَحْت عَلَيْهِ يُوجِبُ إثْبَاتَهَا تَكْرَارًا، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَثْبَتَ الْجَمِيعَ لِيَضْرِبَ عَلَى بَعْضِهِ فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ ذَلِكَ (وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى إصْلَاحِهَا) مِنْ سَقْيٍ وَجَدَادٍ، وَتَجْفِيفٍ وَنَحْوِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنْهَا، وَأَنْفَقَهُ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّالِثِ (فَلَوْ أَهْمَلَهَا) بِأَنْ تَرَكَ إصْلَاحَهَا (بِرِضَى الْمُرْتَهِنِ جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا بِخِلَافِ عَلْفِ الْحَيَوَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي الْمُتَرَاهِنَيْنِ لِأَنْفُسِهِمَا الْمُطْلَقَيْ التَّصَرُّفِ أَمَّا لَوْ كَانَا وَلِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ مُكَاتَبَيْنِ أَوْ مَأْذُونَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَا الْوَلِيِّ، وَالْعَبْدِ بِمَا فِيهِ الضَّرَرُ بَلْ يُجْبِرُ الْحَاكِمُ الرَّاهِنَ أَوْ هُمَا بِحَسَبِ مَا فِيهِ النَّظَرُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ (وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَنْعُ الْآخَرِ مِنْ قَطْعِهَا وَقْتَ الْجِذَاذِ) بَلْ تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ إنْ حَلَّ، وَإِلَّا أَمْسَكَهَا رَهْنًا (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (الْمَنْعُ) مِنْ قَطْعِهَا (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ وَقْتِ الْجِذَاذِ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ لِتَضَرُّرِهِ بِقَطْعِهَا (وَإِنْ رَهَنَ ثَمَرَةً يَخْشَى اخْتِلَاطَهَا) بِالْحَادِثَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ اخْتِلَاطًا لَا يَتَمَيَّزُ (بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ) مُؤَجَّلٍ (يَحِلُّ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ) . وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ الثَّانِيَةِ (وَكَذَا بَعْدَهُ بِشَرْطِ قَطْعِهَا قَبْلَهُ صَحَّ) إذْ لَا مَانِعَ، وَالْغَرَرُ فِي الْأَخِيرَةِ يَزُولُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ عَدَمَ قَطْعِهَا (وَإِنْ أَطْلَقَ) الرَّهْنَ بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ وَلَا عَدَمَهُ (فَقَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ لِخَوْفِ الِاخْتِلَاطِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ لِإِمْكَانِ الْفَصْلِ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُمَا الْقَوْلَانِ فِي رَهْنِ مَا يَتَسَارَعُ فَسَادُهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ هَلْ يَحِلُّ الدَّيْنُ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ لَا فَيَصِحُّ رَهْنُهَا عَلَى الْأَصَحِّ (فَإِنْ اخْتَلَطَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ) فِي صُورَتَيْ شَرْطِ الْقَطْعِ وَالْإِطْلَاقِ حَيْثُ صَحَّ الْعَقْدُ (انْفَسَخَ) لِعَدَمِ لُزُومِهِ (أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَنْفَسِخْ) لِلُزُومِهِ (بَلْ إنْ اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ) كَالنِّصْفِ (رَهْنًا فَذَاكَ) وَاضِحٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَرْهُونِ هَلْ هُوَ النِّصْفُ مَثَلًا أَوْ غَيْرُهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ فِي قَدْرِهِ) بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ بُرُّهُ الْمَرْهُونُ بِبُرٍّ آخَرَ لَهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْيَدِ هُنَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ دُونَ الرَّهْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ رَهَنْتَنِيهِ، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَإِنْ اخْتَلَطَ بُرُّهُ الْمَرْهُونُ بِبُرِّ الْمُرْتَهِنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي قَدْرِ الْمُخْتَلِطِ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ. (فَرْعٌ رَهْنُ مَا اشْتَدَّ حَبُّهُ مِنْ الزَّرْعِ كَبَيْعِهِ) فَإِنْ رُئِيَتْ حَبَّاتُهُ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ رَهَنَهُ) مَعَ الْأَرْضِ أَوْ مُنْفَرِدًا (وَهُوَ بَقْلٌ فَكَرَهْنِ الثَّمَرَةِ) مَعَ الشَّجَرِ أَوْ مُنْفَرِدَةً (قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) ، وَقَدْ مَرَّ [فَصْلٌ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ أَوْ وَكَّلَهُ مَالِكُهُ لِيَرْهَنَهُ عَنْ نَفْسِهِ] (فَصْلٌ) (مَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ) أَوْ وَكَّلَهُ مَالِكُهُ لِيَرْهَنَهُ عَنْ نَفْسِهِ (جَازَ) لِأَنَّ الرَّهْنَ تَوَثُّقٌ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا لَا يُمْلَكُ بِدَلِيلِ الْإِشْهَادِ وَالْكَفَالَةِ بِخِلَافِ بَيْعِ مِلْكِ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ فَلَا يَمْلِكُ الثَّمَنَ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْمُثَمَّنَ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فَتَصِحُّ إعَارَتُهَا لِذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ الْمُتَّجِهُ، وَإِنْ مَنَعْنَا إعَارَتَهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ رَهَنَ الثَّمَرَ مَعَ الشَّجَرِ] قَوْلُهُ فَيَصِحُّ رَهْنُهَا) بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ (قَوْلُهُ نَعَمْ الظَّاهِرُ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنْهَا) وَأَنْفَقَهُ عَلَيْهَا إذَا انْتَفَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ بِأَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الِاقْتِرَاضُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْحَمَّالِ وَنَظَائِرِهِ ثُمَّ مَحِلُّهُ إنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ بِحَيْثُ لَا تَسْتَوْفِي النَّفَقَةُ أَكْثَرَ ثَمَنِهِ فَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَةً بَاعَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِتَضَرُّرِهِ بِقَطْعِهَا) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى قَطْعِهَا قَبْلَ أَوَانِهِ جَازَ وَبِهِ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ) لِخَوْفِ الِاخْتِلَاطِ هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ بُرُّهُ الْمَرْهُونُ بِبُرٍّ آخَرَ لَهُ) سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ حَالَتَيْنِ تَعَرَّضَ لَهُمَا الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَخْتَلِطَ بِحِنْطَةٍ لِلْمُرْتَهِنِ قَالَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي قَدْرِ الْمُخْتَلَطِ وَالثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ لِأَجْنَبِيٍّ قَالَ فَالْكَلَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّاهِنِ فَإِذَا تَقَرَّرَ شَيْءٌ لِلرَّاهِنِ كَانَ رَهْنًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأُولَى مِنْ تَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ مُشْكِلٌ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ تَصْدِيقُهُ بِأَوْلَى مِنْ تَصْدِيقِ الرَّاهِنِ وَيَنْبَغِي التَّوَقُّفُ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَوْ يَتَرَاضَيَا وَلَمْ يُفْصِحْ بِحُكْمِ الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهَا مَا ذَكَرْنَاهُ [فَرْعٌ رَهْنُ مَا اشْتَدَّ حَبُّهُ مِنْ الزَّرْعِ كَبَيْعِهِ] (قَوْلُهُ فَتَصِحُّ إعَارَتُهَا لِذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمُتَّجِهُ إلَخْ) وَجَرَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 لِغَيْرِ ذَلِكَ (وَكَانَ) عَقْدُ الْإِعَارَةِ مَعَ الرَّهْنِ (ضَمَانًا) لِلدَّيْنِ (مِنْ الْمُعِيرِ فِي رَقَبَةِ الرَّهْنِ) أَيْ الْمَرْهُونِ لَا إعَارَةَ لِأَنَّهُ كَمَا يَمْلِكُ أَنْ يَلْزَمَ ذِمَّتَهُ دَيْنُ غَيْرِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَمْلِكَ إلْزَامَ ذَلِكَ عَيْنُ مَالِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَحَلُّ حَقِّهِ، وَتَصَرُّفِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِلدَّيْنِ بِذِمَّتِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، وَلَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ (فَرْعٌ لَوْ أَذِنَ فِي رَهْنِ عَبْدِهِ) مَثَلًا (فَلَهُ الرُّجُوعُ) عَنْهُ (قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ) لَهُ لِعَدَمِ تَمَامِ الضَّمَانِ، وَعَدَمِ لُزُومِ الرَّهْنِ (ثُمَّ لِلْمُرْتَهِنِ فَسْخُ بَيْعٍ شَرَطَ فِيهِ) الرَّهْنَ (إنْ جَهِلَ) كَوْنَهُ مُعَارًا أَوْ أَنَّ لِمَالِكِهِ الرُّجُوعَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ (أَوْ) رَجَعَ (بَعْدَهُ فَلَا) يَصِحُّ الرُّجُوعُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الرَّهْنِ مَعْنًى إذْ لَا وُثُوقَ بِهِ (وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ) أَيْ الرَّاهِنِ (عَلَى فِكَاكِهِ) أَيْ الرَّهْنِ (وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ) كَمَنْ ضَمِنَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا لَا يُطَالَبُ الْأَصِيلُ بِتَعْجِيلِهِ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ (فَإِذَا حَلَّ) الدَّيْنُ أَوْ كَانَ حَالًّا، وَأَمْهَلَهُ الْمُرْتَهِنُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ (ذَلِكَ) أَيْ إجْبَارُهُ عَلَى فِكَاكِهِ (وَيَأْمُرُ) الْمَالِكُ (الْمُرْتَهِنَ بِالْمُطَالَبَةِ) بِدَيْنِهِ لِيَأْخُذَهُ فَيَنْفَكَّ الرَّهْنُ (أَوْ يَرُدُّ الرَّهْنَ) أَيْ الْمَرْهُونَ إلَيْهِ كَمَا لَوْ ضَمِنَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا، وَمَاتَ الْأَصِيلُ فَلِلضَّامِنِ أَنْ يَقُولَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ طَالِبْ بِحَقِّك أَوْ أَبْرِئْنِي (فَإِنْ طَالَبَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ (وَامْتَنَعَ مِنْ فِدَائِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ أَيْ فِكَاكِهِ (اُسْتُؤْذِنَ الْمَالِكُ) فِي بَيْعِهِ (فَقَدْ يُرِيدُ فِدَاءَهُ) وَلِأَنَّهُ لَوْ رَهَنَ عَلَى دَيْنِ نَفْسِهِ لَوَجَبَ مُرَاجَعَتُهُ فَهُنَا أَوْلَى (فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ) ، وَلَمْ يُوَفِّ الدَّيْنَ (بِيعَ) عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا) كَمَا لَوْ ضَمِنَ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ، وَإِنْ كَانَ الْأَصِيلُ مُوسِرًا (وَيَرْجِعُ) الْمَالِكُ عَلَى الرَّاهِنِ (بِمَا بِيعَ) بِهِ الْمَرْهُونُ كَمَا أَنَّ الضَّامِنَ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّاهُ لَا بِقِيمَتِهِ، وَلِأَنَّهُ ثَمَنُ مِلْكِهِ، وَقَدْ صَرَفَهُ إلَى دَيْنِ الرَّاهِنِ فَيَرْجِعُ بِهِ (وَلَوْ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ) أَوْ نَقَصَ عَنْهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْبَيْعَ عَلَى الْمَالِكِ إنَّمَا يَكُونُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ الصَّادِقِ بِذَلِكَ، وَهُوَ كَمَا تَرَى مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الضَّمَانِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ عَارِيَّةٌ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ إنَّمَا يُحَطُّ فِي الْعُقُودِ دُونَ الْإِتْلَافَاتِ، وَهُوَ فَرْعٌ حَسَنٌ انْتَهَى. (فَرْعٌ لَوْ تَلِفَ) الْمُعَارُ لِلرَّهْنِ بَعْدَ رَهْنِهِ (فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِيعَ فِي جِنَايَةٍ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَلَا عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ الْحَقُّ عَنْ ذِمَّتِهِ (وَمَتَى تَلِفَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ ضَمِنَهُ) لِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ، وَلَمْ يَتِمَّ عَلَيْهِ حُكْمُ الضَّمَانِ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ إنْسَانٌ أُقِيمَ بَدَلُهُ مُقَامَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَالِكُ فَكَإِعْتَاقِ الْمَرْهُونِ) فَيَنْفُذُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ، وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ الْمَالِكُ مُوسِرًا دُونَ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا، وَقِيلَ لَا يَنْفُذُ بَعْدَهُ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ. [فَرْعٌ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لِلرَّهْنِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُعِيرِ جِنْسَ الدَّيْنِ] (فَرْعٌ يَجِبُ) عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لِلرَّهْنِ (أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُعِيرِ جِنْسَ الدَّيْنِ) كَكَوْنِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً (وَقَدْرَهُ) كَعَشَرَةٍ أَوْ مِائَةٍ (وَصِفَتَهُ مِنْ التَّأْجِيلِ) أَصْلًا، وَقَدْرًا (وَغَيْرَهُ) كَحُلُولٍ، وَصِحَّةٍ، وَكَسْرٍ (وَكَذَا) يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ (مَنْ يَرْتَهِنُهُ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ (وَمَتَى خَالَفَ) مَا عَيَّنَهُ لَهُ (بَطَلَ الرَّهْنُ) لِلْمُخَالَفَةِ (إلَّا إنْ رَهَنَ بِأَقَلَّ مِمَّا عَيَّنَهُ) لَهُ كَأَنْ عَيَّنَ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَرَهَنَهُ بِمِائَةٍ فَلَا يَبْطُلُ لِرِضَا الْمُعِيرِ بِهِ فِي ضِمْنِ رِضَاهُ بِالْأَكْثَرِ وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ رَهَنَهُ بِأَزْيَدَ مِمَّا عَيَّنَهُ فَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي الزَّائِدِ فَقَطْ لِلْمُخَالَفَةِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَصِحُّ فِي شَيْءٍ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّا لَوْ أَبْطَلْنَا فِي مَسْأَلَةِ الْغَبْنِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي لَا يُسَاوِي الثَّمَنَ وَحْدَهُ مُلْزَمٌ أَنْ يُبْطِلَ بِإِزَائِهِ مِنْ الثَّمَنِ مَا يُقَابِلُهُ فَيَبْقَى الْقَدْرُ الَّذِي يُسَاوِي الثَّمَنَ بِأَقَلَّ مِمَّا يُسَاوِي فَيُؤَدِّي إلَى إبْطَالِهِ أَيْضًا فَلِهَذَا لَمْ يَخْرُجْ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَالْأَقْرَبُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا إعَارَةَ) لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ يَنْتَفِعُ الْمُسْتَعِيرُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا وَالِانْتِفَاعُ هُنَا بِبَيْعِهَا فِي الدَّيْنِ فَلَمْ تَكُنْ عَارِيَّةً ثُمَّ إنَّنَا رَأَيْنَا الرَّهْنَ قَدْ لَزِمَ بِالْقَبْضِ مَعَ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَالِكِ فَلَا مَحَلَّ لَهُ غَيْرُ الضَّمَانِ فِي رَقَبَةِ مَا أَعْطَاهُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي ضَمَانِ دَيْنِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَتَكُونُ ذِمَّةُ الْمَالِكِ فَارِغَةً فَكَمَا مَلَكَ أَنْ يَلْزَمَ دَيْنُ الْغَيْرِ فِي ذِمَّةِ مَمْلُوكِهِ وَجَبَ أَنْ يَمْلِكَ إلْزَامَ ذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحَلُّ حَقِّهِ وَتَصَرُّفِهِ [فَرْعٌ أَذِنَ فِي رَهْنِ عَبْدِهِ مَثَلًا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ] (قَوْلُهُ فَإِذَا حَلَّ فَلَهُ ذَلِكَ) فَإِنْ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَهَلْ نَقُولُ يَبِيعُ الْقَاضِي مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ مَا يُوَفَّى بِهِ الدَّيْنُ وَلَهُ إجْبَارُ الرَّاهِنِ عَلَى الْبَيْعِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ حَبَسَهُ الْقَاضِي بِإِذْنِ الْمَالِكِ لَمْ يُصَرِّحْ الرَّافِعِيُّ وَلَا أَصْحَابُهُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ وَذَكَرُوا فِي ضَامِنِ الدَّيْنِ بِالْإِذْنِ أَنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الْأَصْلِ بِتَخْلِيصِهِ بِأَدَاءِ الْمَالِ وَهَلْ لَهُ حَبْسُهُ إنْ حَبَسَ وَجْهَانِ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي نَقُولُهُ هُنَا إنَّ الْقَاضِيَ يَحْبِسُ الرَّاهِنَ بِطَلَبِ الْمَالِكِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَالِكَ يَتَضَرَّرُ هُنَا بِتَأَخُّرِ تَصَرُّفِهِ عَنْ عَيْنِهِ وَلَا كَذَلِكَ ضَمَانُ الذِّمَّةِ وَهَذَا فَرْعٌ تَقْدِيرِيٌّ زَادَ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ أَجْلِ تَضَرُّرِ الْمَالِكِ بِتَأَخُّرِ التَّصَرُّفِ فِي عَيْنِهِ الْمَرْهُونَةِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ بِرَدِّ الرَّهْنِ إلَى الْمَرْهُونِ إلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ فَسْخِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ اُسْتُؤْذِنَ الْمَالِكُ فِي بَيْعِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيلَ مَا أَطْلَقُوهُ هُنَا مِنْ إذْنِهِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى خِلَافِ الْمَذْهَبِ فَإِنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِلْوَفَاءِ وَهُنَا لِحِفْظِ ثَمَنِهِ اهـ وَلَعَلَّ هَذَا صَادِرٌ مِمَّنْ يَرَى انْفِرَادَهُ بِالْبَيْعِ بِالْإِذْنِ لِلْوَفَاءِ وَعَلَيْهِ يَتَّجِهُ احْتِمَالُ الرَّافِعِيِّ عَلَى مَا فَهِمَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَمَّا كَوْنُ ذَلِكَ مَفْرُوضًا فِي حَالِ حُضُورِ الرَّاهِنِ فَبَعِيدٌ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْمُمْتَنَعُ انْفِرَادُهُ بِالْبَيْعِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ لَا لِحِفْظِ ثَمَنِهِ رَهْنًا فَإِنَّهُ يَحْرِصُ عَلَى تَوْفِيرِ الثَّمَنِ وَكَثْرَتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِمَا بِيعَ بِهِ الْمَرْهُونُ) وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا [فَرْعٌ تَلِفَ الْمُعَارُ لِلرَّهْنِ بَعْدَ رَهْنِهِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِيعَ فِي جِنَايَةٍ فِي يَدِهِ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ يَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُعِيرِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا عِلْمُهُ بِهِ مُغْنٍ عَنْ بَيَانِهِ كَمَا فِي الْإِسْعَادِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ رَهَنَ بِأَقَلَّ مِمَّا عَيَّنَهُ لَهُ) أَوْ عَيَّنَ غَيْرُ ثِقَةٍ فَرَهَنَ مِنْ ثِقَةٍ قَالَ الكوهكيلوني وَكَذَا إنْ خَالَفَ فِي الصِّفَةِ بِالنُّقْصَانِ كَمَا إذَا اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ بِأَلْفٍ صَحِيحٍ فَرَهَنَهُ بِأَلْفٍ مُكَسَّرٍ وَكَمَا إذَا اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ بِحَالٍّ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ إلَى شَهْرٍ فَرَهَنَهُ بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ إلَى شَهْرَيْنِ. اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 عِنْدِي فِيهَا التَّخْرِيجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَنَظَرَهُ بِالْهُدْنَةِ (فَلَوْ اسْتَعَارَ لِيَرْهَنَ عِنْدَ وَاحِدٍ فَرَهَنَ عِنْدَ اثْنَيْنِ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يَجُزْ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ إذْ فِي الْأُولَى قَدْ يَبِيعُ أَحَدُ الْمُرْتَهِنَيْنِ الْمَرْهُونَ دُونَ الْآخَرِ فَيَتَشَقَّصُ الْمِلْكُ عَلَى الْمُعِيرِ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَنْفَكُّ مِنْهُ شَيْءٌ بِأَدَاءِ بَعْضِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَهُ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يَنْفَكُّ بِأَدَاءِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْمَرْهُونِ (وَلَوْ قَالَ أَعِرْنِي) كَذَا (لِأَرْهَنَهُ بِأَلْفٍ أَوْ عِنْدَ فُلَانٍ فَكَتَقْيِيدِ الْمُعِيرِ) تَنْزِيلًا لِلْإِسْعَافِ عَلَى الِالْتِمَاسِ (وَلَوْ قَالَ) لَهُ الْمَالِكُ (ضَمِنْت مَا لِفُلَانٍ عَلَيْك فِي رَقَبَةِ عَبْدِي مِنْ غَيْرِ قَبُولِ غَرِيمِهِ) ، وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ (كَفَى) ، وَكَانَ كَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ. (فَرْعٌ: وَإِنْ قَضَى الْمُعِيرُ الدَّيْنَ) بِمَالِهِ (انْفَكَّ الرَّهْنُ، وَرَجَعَ) بِهِ (عَلَى الرَّاهِنِ إنْ سَلَمَ) أَيْ قَضَى (بِالْإِذْنِ) أَيْ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ كَمَا لَوْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت الرَّهْنُ بِالْإِذْنِ كَالضَّمَانِ بِهِ فَيَرْجِعُ، وَإِنْ قَضَى بِغَيْرِ الْإِذْنِ أَيْضًا قُلْت مُسَلَّمٌ إنْ قَضَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ كَمَا مَرَّ أَمَّا إذَا قَضَى مِنْ غَيْرِهِ كَمَا هُنَا فَلَا، وَحَاصِلُهُ قَصْرُ الرُّجُوعِ فِيهِمَا عَلَى مَحَلِّ الضَّمَانِ، وَهُوَ هُنَا رَقَبَةُ الْمَرْهُونِ، وَثَمَّ ذِمَّةُ الضَّامِنِ (فَإِنْ أَنْكَرَ) الرَّاهِنُ (الْإِذْنَ فَشَهِدَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ) لِلْمُعِيرِ (قُبِلَ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ، وَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَمَنْ رَهَنَ عَبْدَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ صَحَّ وَرَجَعَ عَلَيْهِ) بِمَا بِيعَ بِهِ (إنْ بِيعَ أَوْ) رَهَنَهُ (بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ) بِشَيْءٍ، وَإِنْ بِيعَ الْعَبْدُ كَنَظِيرِهِ فِي الضَّمَانِ فِيهِمَا، وَالتَّصْرِيحُ بِالْأَوْلَى مِنْ زِيَادَتِهِ. (الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَرْهُونُ بِهِ، وَلَهُ شُرُوطٌ) ثَلَاثَةٌ بَلْ أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ كَوْنُهُ دَيْنًا فَلَا يَصِحُّ) الرَّهْنُ (بِالْأَعْيَانِ) مَضْمُونَةً كَانَتْ أَوْ أَمَانَةً (كَالْمَغْصُوبِ، وَالْمَبِيعِ) ، وَالْمُودَعِ، وَالْمَوْقُوفِ، وَمَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الرَّهْنَ فِي الْمُدَايَنَةِ فَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِهَا، وَلِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِغَرَضِ الرَّهْنِ عِنْدَ الْبَيْعِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْأَعْيَانِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ الشَّرْطِ (الثَّانِي كَوْنُهُ ثَابِتًا فَلَا يَصِحُّ) بِغَيْرِهِ كَالرَّهْنِ (بِثَمَنِ مَا سَيَشْتَرِيهِ أَوْ) بِمَا (يَقْتَرِضُهُ) لِأَنَّهُ وَثِيقَةُ حَقٍّ فَلَا تَقَدُّمَ عَلَيْهِ كَالشَّهَادَةِ فَلَوْ ارْتَهَنَ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ، وَقَبَضَهُ كَانَ مَأْخُوذًا عَلَى جِهَةِ سَوْمِ الرَّهْنِ فَإِذَا اسْتَقْرَضَ أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ لَمْ يَصِرْ رَهْنًا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ (وَيَصِحُّ مَزْجُ الرَّهْنِ) بِسَبَبِ ثُبُوتِ الدَّيْنِ كَمَزْجِهِ (بِالْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ بِشَرْطِ تَأَخُّرِ طَرَفَيْ الرَّهْنِ) يَعْنِي تَأَخُّرَ أَحَدِهِمَا عَنْ طَرَفَيْ الْآخَرِ، وَالْآخَرِ عَنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَيَقُولُ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا أَوْ أَقْرَضْتُك كَذَا، وَارْتَهَنْت بِهِ عَبْدَك فَيَقُولُ الْآخَرُ ابْتَعْت أَوْ اقْتَرَضْت، وَرَهَنْت لِأَنَّ شَرْطَ الرَّهْنِ فِيهِمَا جَائِزٌ فَمَزْجُهُ أَوْلَى لِأَنَّ التَّوَثُّقَ فِيهِ آكَدُ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَفِي بِالشَّرْطِ، وَاغْتُفِرَ تَقَدُّمُ أَحَدِ طَرَفَيْهِ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ لِحَاجَةِ التَّوَثُّقِ قَالَ الْقَاضِي فِي صُورَةِ الْبَيْعِ، وَيُقَدَّرُ وُجُوبُ الثَّمَنِ، وَانْعِقَادُ الرَّهْنِ عَقِبَهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُقَدِّرُ الْمِلْكَ لَهُ ثُمَّ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِاقْتِضَاءِ الْعِتْقِ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ جَوَازِ الْمَزْجِ هُنَا، وَعَدَمِ جَوَازِهِ فِي الْكِتَابَةِ مَعَ الْبَيْعِ كَأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَبِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ قَبِلْت الْكِتَابَةَ، وَالْبَيْعَ بِأَنَّ الرَّهْنَ مِنْ مَصَالِحِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ، وَلِهَذَا جَازَ شَرْطُهُ فِيهِمَا مَعَ امْتِنَاعِ شَرْطٍ عُقِدَ فِي عَقْدٍ، وَلَيْسَ الْبَيْعُ مِنْ مَصَالِحِ الْكِتَابَةِ، وَبِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَصِيرُ أَهْلًا لِمُعَامَلَةِ سَيِّدِهِ حَتَّى تَتِمَّ الْكِتَابَةُ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ تَأَخُّرَ طَرَفَيْ الرَّهْنِ عَمَّا ذَكَرَ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لِيَتَحَقَّقَ سَبَبُ ثُبُوتِ الدَّيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فَلَوْ انْتَفَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَعَلَى مَا قَرَّرْته هُنَا فِي قَوْلِهِ بِشَرْطِ تَأَخُّرِ الطَّرَفَيْنِ يُحْمَلُ كَلَامِي فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ إذْ لَا يَتَأَتَّى تَأَخُّرُ كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الرَّهْنِ عَنْ كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الْآخَرِ. (وَلَوْ قَالَ بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك أَوْ أَجَرْتُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي كَذَا فَقَالَ) الْآخَرُ (اشْتَرَيْت أَوْ تَزَوَّجْت أَوْ تَاجَرْتُ) يَعْنِي اسْتَأْجَرْت (وَرَهَنْت صَحَّ) ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَوَّلُ بَعْدَهُ ارْتَهَنْت أَوْ قَبِلْت (لِتَضَمُّنِ هَذَا الشَّرْطُ الِاسْتِيجَابَ) ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَقُولَ الْأَوَّلُ ذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ. الشَّرْطُ (الثَّالِثُ كَوْنُهُ لَازِمًا فَلَا يَصِحُّ بِدَيْنِ كِتَابَةٍ) لِأَنَّ الرَّهْنَ لِلتَّوَثُّقِ، وَالْمُكَاتَبُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إسْقَاطِ النَّجْمِ مَتَى شَاءَ فَلَا مَعْنَى لِتَوْثِيقِهِ (وَلَا) بِدَيْنِ (جِعَالَةٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ، وَكَذَا) بَعْدَهُ (قَبْلَ الْفَرَاغِ) مِنْ الْعَمَلِ لِأَنَّ لِعَاقِدَيْهَا فَسْخَهَا فَيَسْقُطُ بِهِ الْجُعْلُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ إنْ قَضَى الْمُعِيرُ الدَّيْنَ بِمَالِهِ انْفَكَّ الرَّهْنُ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ] قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ) كَالْأَصِيلِ فِي دَعْوَى الضَّامِنِ الْإِذْنَ فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ وَالْمَوْقُوفُ) لَكِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ فِيمَا إذَا وَقَفَ كِتَابًا أَوْ غَيْرَهُ وَشَرَطَ أَنْ لَا يُعَارَ إلَّا بِرَهْنٍ بِلُزُومِ هَذَا الشَّرْطِ وَضَعَّفَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا كَوْنُهُ رَهْنًا بِالْعَيْنِ الْغَيْرِ الْمَضْمُونَةِ وَلَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِهِ ثَانِيهَا كَوْنُ الرَّاهِنِ أَحَدَ الْمُسْتَحِقِّينَ وَالرَّاهِنُ لَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا ثَالِثُهَا إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّهْنِ الْوَفَاءُ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ عِنْدَ التَّلَفِ وَهَذَا الْمَوْقُوفُ لَوْ تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْهُ فَالْوَجْهُ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ فَاسِدٌ لَا يُتَّبَعُ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ) فَيَدُومُ حَبْسُهُ لَا إلَى غَايَةٍ وَفَارَقَ صِحَّةَ ضَمَانِ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ بِأَنَّ الضَّامِنَ لَهَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهَا فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ) عَبَّرَ بِهَا لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ إذْ غَيْرُ الْمَضْمُونَةِ كَالْوَدِيعَةِ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا قَطْعًا (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وَرَجَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَالَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ الثَّالِثُ كَوْنُهُ لَازِمًا) هَذِهِ الشُّرُوطُ تَنْطَبِقُ عَلَى أَثْمَانِ الْبِيَاعَاتِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ سَلَمٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ حَوَالَةٍ أَوْ ضَمَانٍ أَوْ أُجْرَةٍ أَوْ مَهْرٍ أَوْ عِوَضِ خُلْعٍ أَوْ غَرَامَةِ مُتْلَفٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى جَوَازِ الرَّهْنِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْمَعْنَى فِيهِ كَوْنُهُ حَقًّا ثَابِتًا فَقِيسَ عَلَيْهِ مَا فِي مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا قَبْلَ الْفَرَاغِ) فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ صَحَّ قَطْعًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 وَإِنْ لَزِمَ الْجَاعِلَ بِفَسْخِهِ وَحْدَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَمَلِ، وَفَارَقَ الرَّهْنَ بِالثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بِأَنَّ مُوجِبَ الثَّمَنِ الْبَيْعُ، وَقَدْ تَمَّ بِخِلَافِ مُوجِبِ الْجُعْلِ، وَهُوَ الْعَمَلُ، وَبِأَنَّ الثَّمَنَ وَضَعَهُ عَلَى اللُّزُومِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الْجُعْلِ بَلْ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ أَمَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَيَصِحُّ لِلُزُومِ الدَّيْنِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَلَا يُغْنِي عَنْ الثَّابِتِ اللَّازِمُ لِأَنَّ الثُّبُوتَ مَعْنَاهُ الْوُجُودُ فِي الْحَالِّ، وَاللُّزُومُ، وَعَدَمُهُ صِفَةٌ لِلدَّيْنِ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَوَقَّفُ صِدْقُهُ عَلَى وُجُودِ الدَّيْنِ كَمَا يُقَالُ دَيْنُ الْقَرْضِ لَازِمٌ، وَدَيْنُ الْكِتَابَةِ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّيْنِ اللَّازِمِ لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ مَا سَيَقْتَرِضُهُ، وَنَحْوَهُ مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ (، وَيَصِحُّ بِالْأُجْرَةِ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ) ، وَبِالصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُسْتَقِرَّيْنِ كَالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ الْمُصَرَّحِ بِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ الْأُجْرَةُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لِعَدَمِ لُزُومِهَا. (وَ) يَصِحُّ (بِالْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لَا) بِهَا فِي إجَارَةِ (الْعَيْنِ) لِأَنَّهَا فِي الْأُولَى دَيْنٌ بِخِلَافِهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَ) يَصِحُّ (بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَ) بِهِ (فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ (وَبِمَالِ الْمُسَابَقَةِ لِأَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْعُقُودِ اللُّزُومُ) ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي رَهْنِ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ حَيْثُ قُلْنَا مَلَكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِيَمْلِكَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ الْمَرْهُونُ فِي الثَّمَنِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْخِيَارِ (لَا بِالدِّيَةِ قَبْلَ الْحُلُولِ) لِأَنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ، وَلِهَذَا تَسْقُطُ بِطُرُقِ الْمَوْتِ، وَالْجُنُونِ، وَبِتَلَفِ الْمَالِ بِخِلَافِهَا بَعْدَ الْحُلُولِ لِثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ (وَلَا بِالزَّكَاةِ) ، وَلَوْ بَعْدَ الْحُلُولِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا قَبْلَهُ، وَلِعَدَمِ الدَّيْنِ بَعْدَهُ لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ شَرِكَةً، وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ، وَغَيْرِهِ الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ بَعْدَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ قَدْ تَجِبُ فِي الذِّمَّةِ ابْتِدَاءً كَزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَدَوَامًا بِأَنْ يَتْلَفَ الْمَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَبِتَقْدِيرِ بَقَائِهِ فَالتَّعَلُّقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرِكَةِ الْحَقِيقِيَّةِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ غَيْرِهَا بِغَيْرِ رِضَا الْفُقَرَاءِ قَطْعًا فَصَارَتْ الذِّمَّةُ كَأَنَّهَا مَنْظُورٌ إلَيْهَا، وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لَهُمَا فَلَوْ جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الضَّمَانِ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، وَغَيْرُهُ، وَنَصُّ الْأُمِّ يَشْهَدُ لَهُ، وَهَذَا قَدْ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ. (فَرْعٌ مَا جَازَ الرَّهْنُ بِهِ جَازَ ضَمَانُهُ، وَعَكْسُهُ إلَّا أَنَّ ضَمَانَ رَدِّ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ، وَ) ضَمَانَ (الْعُهْدَةِ جَائِزٌ لَا الرَّهْنَ بِهِمَا) فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الدَّيْنِ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ يُوجِبُ الْحَجْرَ عَلَى الرَّاهِنِ فِي التَّصَرُّفِ، وَالضَّمَانُ لَا يُوجِبُهُ عَلَى الضَّامِنِ فَيَتَضَرَّرُ الرَّاهِنُ دُونَ الضَّامِنِ، وَفِي مَعْنَى مَا اسْتَثْنَى ضَمَانَ إحْضَارِ الْبَدَنِ، وَقَدْ اسْتَثْنَاهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ خَيْرَانَ مَا لَوْ ضَمِنَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِهِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْهُ، وَأَقَرَّهُ. (فَرْعٌ يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ بِالدَّيْنِ) الْوَاحِدِ (رَهْنًا) عَلَى رَهْنٍ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ تَوْثِقَةٍ ثُمَّ هُوَ كَمَا لَوْ رَهَنَهُمَا مَعًا (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ بِالرَّهْنِ الْوَاحِدِ دَيْنًا عَلَى دَيْنٍ مَعَ بَقَاءِ رَهْنِهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ وَفَّى بِهِمَا أَوْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَمَا لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ هَذَا شَغْلٌ مَشْغُولٌ، وَذَاكَ شَغْلٌ فَارِغٌ (لَكِنْ لَوْ جَنَى الْعَبْدُ) الْمَرْهُونُ (فَفَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الثَّمَنَ وَضَعَهُ عَلَى اللُّزُومِ) أَيْ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّيْنِ اللَّازِمِ لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ إلَخْ) لَا يَرُدُّ ذَلِكَ لِخُرُوجِهِ بِالدَّيْنِ إذْ إطْلَاقُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ مَجَازٌ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ دَلَالَةُ الِالْتِزَامِ لَا يُكْتَفَى بِهَا فِي الْمُخَاطَبَاتِ وَهُمَا وَصْفَانِ مَقْصُودَانِ يُحْتَرَزُ بِهِمَا عَنْ عَدَمِ الثُّبُوتِ وَاللُّزُومِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ الْمُصَرَّحِ بِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ إلَخْ) الرَّهْنُ شُرِعَ وَثِيقَةً لِتَحْصِيلِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ وَالْأُجْرَةُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ حَاصِلَةٌ لِاشْتِرَاطِ قَبْضِهَا فِي الْمَجْلِسِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا قَالَ شَيْخُنَا فَصَارَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ وَالْأَعْيَانُ لَا يُرْهَنُ بِهَا. (قَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ) قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ زَوَالِ الْمِلْكِ وَاسْتِحْقَاقِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ إلَخْ) كَلَامُ الْأَصْلِ مَحَلُّهُ إذَا تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ إذْ الْمَرْهُونُ لَا يَكُونُ إلَّا دَيْنًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهَا فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا أَتْلَفَهَا الْمَالِكُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِلذِّمَّةِ وَكَذَلِكَ زَكَاةُ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ) عَجِيبٌ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَالْفِطْرَةِ لَا حَوْلَ لَهَا (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ النَّسَائِيّ فِي نُكَتِهِ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا حَتَّى لَا يَصِحَّ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا إذْ لَا عِلْمَ مَعَ الْإِبْهَامِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَكَوْنُهُ مَعْلُومَ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ كَانَ يَتَوَهَّمُ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَرَهَنَ بِهِ مَالًا حَتَّى إنْ ظَهَرَ الْوُجُوبُ كَانَ مَرْهُونًا بَطَلَ وَإِنْ ظَهَرَ الْوُجُوبُ. اهـ. وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يُمْكِنَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْإِجَارَةِ إذَا شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ كَالْعَيْنِ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِهِ وَكَوْنُهُ غَيْرَ الْمَوْثُوقِ بِهِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ امْرَأَةً بِصَدَاقٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ ضَمِنَهُ السَّيِّدُ عَنْ عَبْدِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَضْمُونٌ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ رَهْنًا فِيهِ لِأَنَّ الْوَثِيقَةَ عَيْنُ الْمَوْثُوقِ بِهِ قَالَ النَّسَائِيّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُنَافِي اسْتِمْرَارَ النِّكَاحِ لِبَقَاءِ مِلْكِ السَّيِّدِ وَعَدَمِ مِلْكِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْبَيْعِ فَبَيْعُهُ أَيْضًا جَائِزٌ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَظَرٌ إذَا قُلْنَا إنَّ الْمَهْرَ لَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ [فَرْعٌ مَا جَازَ الرَّهْنُ بِهِ جَازَ ضَمَانُهُ وَعَكْسُهُ] (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ مَعْلُومًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِهِ إلَخْ) الْوَجْهُ الصِّحَّةُ فِي الرَّهْنِ كَالضَّمَانِ [فَرْعٌ يَزِيدَ بِالدَّيْنِ الْوَاحِدِ رَهْنًا عَلَى رَهْنٍ] (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ بِالرَّهْنِ الْوَاحِدِ دَيْنًا إلَخْ) شَمَلَ كَلَامُهُمْ مَا لَوْ كَانَ الرَّهْنُ مُسْتَعَارًا ثُمَّ رَهَنَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِدَيْنٍ آخَرَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ الظَّاهِرَ الْجَوَازُ وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ أَيْضًا مَا إذَا اخْتَلَفَ جِنْسُ الدَّيْنَيْنِ (قَوْلُهُ مَعَ بَقَاءِ رَهْنِهِ الْأَوَّلِ) بِأَنْ لَمْ يَفْسَخْهُ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ إنَّ هَذَا شَغْلٌ مَشْغُولٌ) أَيْ بِعَقْدٍ فَلَا يَنْتَقِضُ بِمَا إذَا تَكَرَّرَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الرَّقِيقِ الْجَانِي فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ مَعَ اشْتِغَالِ الرَّقَبَةِ بِبَدَلِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 بِالْإِذْنِ) مِنْ الرَّاهِنِ (لِيَكُونَ رَهْنًا بِالْجَمِيعِ) أَيْ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ (جَازَ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الرَّهْنِ) لِتَضَمُّنِهِ اسْتِبْقَاءَهُ، وَلِأَنَّ بِالْجِنَايَةِ صَارَ الرَّهْنُ جَائِزًا فَيَكُونُ كَالْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ يُزَادُ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثْمَنِ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمَرْهُونِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِعَجْزِ الرَّاهِنِ عَنْ النَّفَقَةِ أَوْ غَيْبَتِهِ لِيَكُونَ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيِّ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا قَدَرَ الْمَالِكُ عَلَى الْإِنْفَاقِ إذْ لَا ضَرُورَةَ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ، وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا عَجَزَ (وَإِنْ اعْتَرَفَ) الرَّاهِنُ (أَنَّهُ مَرْهُونٌ بِعِشْرِينَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ) رَهَنَهُ أَوَّلًا (بِعَشَرَةٍ ثُمَّ عَشَرَةٍ) ، وَتَنَازَعَا (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ اعْتِرَافَ الرَّاهِنِ يُقَوِّي جَانِبَهُ، وَلِأَنَّهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ (فَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ) فِي جَوَابِهِ (فَسَخْنَا) الْأَوَّلَ (وَارْتَهَنْت) مِنْك (بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِالْعِشْرِينَ (صَدَقَ الرَّاهِنُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفَسْخِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ، وَمَيْلُ الصَّيْدَلَانِيِّ إلَى تَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ لِاعْتِضَادِهِ بِقَوْلِ الرَّاهِنِ رَهَنَ بِعِشْرِينَ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَكِنَّ الْأَقْوَى عِنْدَ الرُّويَانِيِّ الثَّانِي، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَعَلَّ الْبَغَوِيّ بَنَى مَا صَحَّحَهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ تَصْحِيحِ قَوْلِ مُدَّعِي الْفَسَادِ، وَعَلَّلَ الرُّويَانِيُّ مَا رَجَّحَهُ بِأَنَّ دَعْوَى الرَّاهِنِ أَنَّا عَقَدْنَا ثَانِيًا كَالدَّلِيلِ عَلَى حُصُولِ الْفَسْخِ بَيْنَهُمَا، وَعَضَّدَهُ بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ فِي الصَّدَاقِ إنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَكَحَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ بِأَلْفٍ، وَيَوْمَ السَّبْتِ بِأَلْفٍ، وَطَلَبَتْ أَلْفَيْنِ، وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِذَلِكَ لَزِمَهُ الْأَلْفَانِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنِّي مَا طَلَّقْت بَلْ جَدَّدْت النِّكَاحَ، وَبِمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا يَكُونُ إقْرَارًا بِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مِنْ قَبْلُ (فَلَوْ شَهِدَا) أَيْ شَاهِدَانِ (أَنَّهُ رَهَنَ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ لَمْ تُسْمَعْ) شَهَادَتُهُمَا فَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ (حَتَّى يَقُولَا، وَفَسَخَا) أَيْ الْمُتَرَاهِنَانِ. وَفِي نُسْخَةٍ، وَفَسَخَ (الْأَوَّلُ) ، وَهَذَا رَتَّبَهُ الْبَغَوِيّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِيمَا مَرَّ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَغَيْرُهُ وَنَحْنُ قَدْ ضَعَّفْنَا قَوْلَهُ فِيمَا إذَا سَبَقَ إقْرَارُهُ، وَفِي هَذِهِ لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارٌ فَلَا وَجْهَ إلَّا تَخْرِيجُهَا عَلَى دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَمَنْ صَدَّقَ مُدَّعِي الْفَسَادِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبَغَوِيّ يُنَاسِبُهُ التَّوَقُّفُ فِي الْحُكْمِ حَتَّى يُصَرِّحَ الشَّاهِدَانِ بِالْفَسْخِ، وَمَنْ صَدَّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ يُنَاسِبُهُ أَنْ يُحْكَمَ هُنَا بِأَنَّهُ رَهَنَ بِأَلْفَيْنِ انْتَهَى، وَقَدْ يُقَالُ فِي قَوْلِهِمْ لَمْ يَسْبِقْ فِي هَذِهِ إقْرَارٌ نُظِرَ. (فَرْعٌ: وَإِنْ رَهَنَ) شَيْئًا (بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بِعَشَرَةٍ) لِيَكُونَ رَهْنًا بِهِمَا (وَأَشْهَدَ) شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ مَرْهُونٌ (بِعِشْرِينَ فَشَهِدَا بِالْإِقْرَارِ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ (جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اتَّجَرَ الْحَالَّ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ فِيمَا إذَا عَرَفَاهُ اعْتَقَدَا جَوَازَهُ أَمْ لَا عَمِلَا بِمَا تَحَمَّلَاهُ (وَإِنْ عَلِمَا الْحَالَّ) بِالْمُشَاهَدَةِ (وَاعْتَقَدَا فَسَادَهُ) وَشَهِدَا بِالْعَقْدِ (لَمْ يَشْهَدَا إلَّا بِالْعَشَرَةِ) أَيْ بِأَنَّهُ مَرْهُونٌ بِعَشَرَةٍ لَا بِعِشْرِينَ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لَمْ يَشْهَدَا إلَّا بِمَا جَرَى بَاطِنًا فَتَصَدَّقَ بِأَنَّهُ رَهَنَ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بِعَشَرَةٍ، وَإِنْ اعْتَقَدَا صِحَّتَهُ بَيَّنَا الْحَالَّ، وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِأَنَّهُ مَرْهُونٌ بِعِشْرِينَ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ إلَى الْحَاكِمِ لَا إلَيْهِمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُخَالِفُهُ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ مَا ذَكَرَ فَشَهِدَا بِمَا سَمِعَا حُكِمَ بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ عَلِمَا الْحَالَّ لَمْ يَشْهَدَا إلَّا بِالْعَشَرَةِ فَإِنْ اعْتَقَدَا جَوَازَهُ بَيَّنَا الْحَالَّ، وَإِنْ شَهِدَا بِالْإِقْرَارِ جَازَ مُطْلَقًا، وَهَذِهِ النُّسْخَةُ، وَإِنْ وَافَقَتْ الْأَصْلَ لَكِنَّهُمَا مَعًا مُوهِمَانِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِالْعَقْدِ إذَا سَمِعَ إقْرَارَ الْعَاقِدِ بِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمُتَعَرِّضَانِ لِجَوَازِ الْحُكْمِ بِمَا سَمِعَهُ الشَّاهِدُ أَنَّ حَالَةَ عَدَمِ عِلْمِهِمَا بِالْحَالِّ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بَابِهِ مَعَ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَكَلَّمَا عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِحَالَةِ عِلْمِهِمَا بِالْحَالِّ بَلْ انْتَقَلَا إلَى بَيَانِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالرَّهْنِ، وَعَدَمِ جَوَازِهَا، وَلَعَلَّهُ عَدَلَ عَنْ هَذِهِ النُّسْخَةِ إلَى تِلْكَ لِيَسْلَمَ مِنْ الْإِيهَامِ وَلِيَكُونَ الْكَلَامُ فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ مُسْتَوْفًى، وَهُوَ جَوَازُ الشَّهَادَةِ بِالرَّهْنِ، وَعَدَمُ جَوَازِهَا بِهِ عَلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ خَلَلًا يُعْرَفُ بِمُرَاجَعَةِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ (وَلَوْ رَهَنَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ الْمُسْتَغْرِقَةَ) بَلْ وَغَيْرَ الْمُسْتَغْرِقَةِ (لِلدَّيْنِ) الَّذِي عَلَى مَيِّتِهِ (مِنْ غَرِيمِ الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ) كَالْعَبْدِ الْجَانِي، وَتَنْزِيلًا لِلرَّهْنِ الشَّرْعِيِّ مَنْزِلَةَ الرَّهْنِ الْجُعْلِيِّ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الصِّيغَةُ وَيُشْتَرَطُ) الْأَوْلَى فَيُشْتَرَطُ (الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) كَالْبَيْعِ (وَالْقَوْلُ فِي الْمُعَاطَاةِ وَالِاسْتِيجَابِ) مَعَ الْإِيجَابِ، وَالِاسْتِقْبَالِ مَعَ الْقَبُولِ (فِيهِ) أَيْ فِي الرَّهْنِ (كَالْبَيْعِ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ وَصُورَةُ الْمُعَاطَاةِ هُنَا أَنْ يَقُولَ أَقْرِضْنِي عَشَرَةً لِأُعْطِيَك ثَوْبِي هَذَا رَهْنًا فَيُعْطِيهِ الْعَشَرَةَ وَيُقَبِّضُهُ الثَّوْبَ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي. (وَالرَّهْنُ قِسْمَانِ رَهْنُ تَبَرُّعٍ) ، وَيُسَمَّى رَهْنًا مُبْتَدَأً (وَرَهْنٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلِأَنَّ بِالْجِنَايَةِ صَارَ الرَّهْنُ جَائِزًا إلَخْ) وَلِأَنَّ الْأَرْشَ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّقَبَةِ مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ فَإِذَا رَهَنَهَا بِهِ فَقَدْ عَلَّقَ بِهَا مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهَا (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا عَجَزَ) قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَجْزِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَعَضَّدَهُ بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ فِي الصَّدَاقِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ فَإِنَّ عَدَمَ لُزُومِ صَدَاقٍ بِتَجْدِيدِ النِّكَاحِ مَعَ بَقَائِهِ لَا يَكَادُ يُشْبِهُ عَلَى أَحَدٍ بِخِلَافِ عَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنٍ آخَرَ (قَوْلُهُ فَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ رَهَنَ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ نَعَمْ لَوْ قَالَ عِنْدَ الشَّهَادَةِ كَانَ مَرْهُونًا بِعَشَرَةٍ فَجَعَلْته بِعِشْرِينَ وَنَقَلَ الشَّاهِدَانِ مَا سَمِعَا فَهَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ الْمُعْتَقِدُ لِعَدَمِ الْإِلْحَاقِ بِأَنَّهُ رَهَنَ بِعِشْرِينَ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ [فَرْعٌ رَهَنَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بِعَشَرَةٍ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ بِعِشْرِينَ فَشَهِدَا بِالْإِقْرَارِ] (قَوْلُهُ فَتُصَدَّقُ) أَيْ عِبَارَةُ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الصِّيغَةُ) لَوْ قَالَ دَفَعْت هَذِهِ وَثِيقَةً بِحَقِّك فَقَالَ قَبِلْت صَحَّ رَهْنًا عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَلَا يُغْنِي شَرْطُهُ عَنْ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ مَالِيٌّ فَافْتَقَرَ إلَيْهِمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 مَشْرُوطٌ فِي عَقْدٍ) كَبِعْتُك دَارِي أَوْ أَجَرْتُكهَا بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي بِهَا عَبْدَك فَيَقُولُ اشْتَرَيْت أَوْ اسْتَأْجَرْت وَرَهَنْت، وَقَدْ مَرَّ. [فَرْعٌ شَرَطَ فِي الرَّهْنِ مَا يَقْتَضِيهِ كَبَيْعِهِ] (فَرْعٌ) لَوْ (شَرَطَ فِي الرَّهْنِ مَا يَقْتَضِيهِ كَبَيْعِهِ) أَيْ الرَّهْنِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ (فِي الدَّيْنِ أَوْ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْعَقْدِ كَالْإِشْهَادِ) بِهِ (لَمْ يَضُرَّ) لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (وَكَذَا مَا لَا غَرَضَ فِيهِ كَأَكْلِ الْهَرِيسَةِ) عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ ثَمَّ (وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَنْفَعُ أَحَدَهُمَا وَيَضُرُّ الْآخَرَ كَشَرْطِ الْمَنَافِعِ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ شَرْطِ أَنْ لَا يُبَاعَ يَبْطُلُ بِهِ الرَّهْنُ) لِإِخْلَالِ الشَّرْطِ بِالْغَرَضِ مِنْهُ فِي الثَّانِي، وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فِي الْأَوَّلِ (مَعَ بَيْعٍ شَرَطَ فِيهِ) الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْمَشْرُوطَ اسْتِحْقَاقُهُ يَصِيرُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مَجْهُولٌ (فَإِنْ قَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ) الْمَشْرُوطَةَ لِلْمُرْتَهِنِ (بِسَنَةٍ) مَثَلًا (فَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ) فِي صَفْقَةٍ (وَهُوَ جَائِزٌ) كَمَا مَرَّ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ هَذَا عَلَى طَرِيقَةٍ ضَعِيفَةٍ فِي صُورَةِ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الزَّرْعَ بِشَرْطِ أَنْ تَحْصُدَهُ، وَالْمَذْهَبُ ثَمَّ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ إذَا قَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ ثَمَّ بِمُدَّةٍ بَطَلَ الْعَقْدُ بِخِلَافِهِ هُنَا. (فَرْعٌ) لَوْ (رَهَنَ الْأَصْلَ) مِنْ نَحْوِ شَاةٍ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ عَبْدٍ (وَشَرَطَ كَوْنَ الْحَادِثِ) مِنْهُ (وَمِنْ وَلَدٍ وَثَمَرَةٍ وَكَسْبٍ مَرْهُونًا بَطَلَ الرَّهْنُ) لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَمَعْدُومٌ (وَ) بَطَلَ (بَيْعٌ شَرَطَ فِيهِ) ذَلِكَ لِبُطْلَانِ الشَّرْطِ، وَتَعْبِيرُهُ بِهَذَا أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ فَإِنَّهُ فَرَضَ ذَلِكَ فِي إكْسَابِ الْعَبْدِ (وَلَوْ أَقْرَضَهُ) شَيْئًا (بِشَرْطِ رَهْنٍ) بِهِ (وَتَكُونُ مَنَافِعُهُ) أَيْ الرَّهْنِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ (لِلْمُقْرِضِ بَطَلَ الْقَرْضُ) لِأَنَّهُ جَرَّ مَنْفَعَةً لَهُ (وَ) بَطَلَ (الرَّهْنُ) لِبُطْلَانِ مَا شَرَطَ فِيهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) بِشَرْطِ رَهْنٍ عَلَى (أَنْ تَكُونَ) مَنَافِعُهُ (مَرْهُونَةً) أَيْضًا (بَطَلَ الرَّهْنُ) إذْ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَنَافِعِ كَمَا مَرَّ (لَا الْقَرْضُ) لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ بِذَلِكَ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ، وَيُفَارِقُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ فِيمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَرْعِ بِأَنَّ الْقَرْضَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ. [فَرْعٌ أَقْرَضَهُ أَلْفًا وَشَرَطَ أَنْ يَرْهَنَهُ بِهِ وَبِأَلْفٍ قَدِيمٍ أَوْ بِالْقَدِيمِ فَقَطْ] (فَرْعٌ) لَوْ (أَقْرَضَهُ أَلْفًا وَشَرَطَ أَنْ يَرْهَنَهُ بِهِ، وَبِأَلْفٍ قَدِيمٍ) أَوْ بِالْقَدِيمِ فَقَطْ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَالْقَرْضُ بَاطِلٌ) لِأَنَّهُ جَرَّ مَنْفَعَةً لَهُ (وَالرَّهْنُ بِهِ) أَيْ بِأَلْفِ الْقَرْضِ (لَا يَصِحُّ) لِعَدَمِ الدَّيْنِ (فَإِنْ رَهَنَهُ بِالْأَلْفَيْنِ) كَمَا شَرَطَ (وَقَدْ تَلِفَ أَلْفُ الْقَرْضِ صَحَّ) الرَّهْنُ (فِيهِمَا) لِصَيْرُورَةِ أَلْفِ الْقَرْضِ دَيْنًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ أَلْفُ الْقَرْضِ (فَفِي الْأَلْفِ الْقَدِيمِ) يَصِحُّ الرَّهْنُ كَمَا لَوْ رَهَنَ بِهِ وَحْدَهُ دُونَ أَلْفِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَضْمُونٌ فِي يَدِهِ، وَالْأَعْيَانُ لَا يُرْهَنُ بِهَا كَمَا مَرَّ (وَيَكُونُ) الْمَرْهُونُ (جَمِيعُهُ رَهْنًا بِهِ) أَيْ بِالْأَلْفِ الْقَدِيمِ (لِأَنَّ الرَّهْنَ) بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ (وَثِيقَةٌ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ) وَلَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ بِالْأَلْفِ الْقَدِيمِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الرَّاهِنُ فَسَادَ الشَّرْطِ، وَأَنْ يَظُنَّ صِحَّتَهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدَّى دَيْنًا ظَنَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ لَا يَصِحُّ الْأَدَاءُ لِأَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ يَسْتَدْعِي سَبْقَ ثُبُوتِهِ، وَصِحَّةُ الرَّهْنِ لَا يَسْتَدْعِي سَبْقَ الشَّرْطِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَبِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ بِهِ بَيْعٌ آخَرُ عِنْدَ ظَنِّ صِحَّةِ الشَّرْطِ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ، وَالرَّهْنُ مَقْصُودٌ لِلتَّوَثُّقِ فَهُوَ كَالتَّابِعِ، وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ. (فَصْلٌ كَمَا لَا يَدْخُلُ الشَّجَرُ، وَالْبِنَاءُ فِي رَهْنِ الْأَرْضِ) كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ (لَا يَدْخُلُ الْمَغْرِسُ وَالْأَسُّ وَالثَّمَرُ) ، وَلَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ (وَالصُّوفُ) وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْجَزِّ فِي رَهْنِ الشَّجَرِ وَالْجِدَارِ وَالْغَنَمِ (بِطَرِيقِ الْأَوْلَى) لِضَعْفِ الثَّلَاثَةِ عَنْ الِاسْتِتْبَاعِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّجَرَ وَالْجِدَارَ تَابِعَانِ لِلْمَغْرِسِ وَالْأَسِّ، وَإِنَّ الْغَنَمَ لَا يُرَادُ دَوَامُ صُوفِهَا عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ اللَّذَيْنِ فِيهَا، وَكَالصُّوفِ اللَّبَنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَسِّ هُنَا الْأَرْضُ الَّتِي تَحْتَ الْجِدَارِ لَا الْأَسُّ الَّذِي مِنْ نَفْسِ الْجِدَارِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَغُصْنُ الْخِلَافِ، وَوَرَقُ الْآسِ) ، وَهُوَ الْمُرْسِينُ (وَالْفِرْصَادُ) ، وَهُوَ التُّوتُ الْأَحْمَرُ، وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ التُّوتِ الشَّامِلِ لِغَيْرِ الْأَحْمَرِ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُقْصَدُ غَالِبًا كَوَرَقِ الْحِنَّاءِ، وَالسِّدْرِ (كَالتَّمْرِ) فَلَا يَدْخُلُ فِي رَهْنِ أَصْلِهَا بِخِلَافِ مَا لَا يُقْصَدُ غَالِبًا كَغُصْنِ غَيْرِ الْخِلَافِ (فَصْلٌ) لَوْ (رَهَنَهُ الظَّرْفَ بِمَا فِيهِ) كَأَنْ قَالَ رَهَنْتُك هَذَا الْحُقَّ بِمَا فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ مَا فِيهِ (مَعْلُومٌ) يَقْصِدُ بِالرَّهْنِ (صَحَّ فِيهِمَا، وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا (فَفِي الظَّرْفِ) يَصِحُّ (إنْ كَانَ مَقْصُودًا بِالرَّهْنِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ ثَمَّ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ) إنَّمَا بَطَلَ الشِّرَاءُ هُنَاكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطٍ عَمِلَ لَهُ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ [فَرْعٌ رَهَنَ الْأَصْلَ مِنْ نَحْوِ شَاةٍ وَشَرَطَ كَوْنَ الْحَادِثِ مِنْهُ وَمِنْ وَلَدٍ وَثَمَرَةٍ وَكَسْبٍ مَرْهُونًا] (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ إلَخْ) فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْبَيْعَ يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الثَّمَنِ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ تَوَثُّقٍ فَلَا يُؤَثِّرُ الظَّنُّ فِي الصِّحَّةِ [فَصْلٌ كَمَا لَا يَدْخُلُ الشَّجَرُ وَالْبِنَاءُ فِي رَهْنِ الْأَرْضِ لَا يَدْخُلُ الْمَغْرِسُ وَالْأَسُّ وَالثَّمَرُ] (قَوْلُهُ وَغُصْنُ الْخِلَافِ) أَيْ الْبَانِ (قَوْلُهُ وَوَرَقُ الْآسِ إلَخْ) فِي تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيِّ كُلُّ شَجَرَةٍ يَقْصِدُ وَرَقَهَا كَالْآسِ وَالتُّوتِ أَوْ يَقْصِدُ غُصْنَهَا كَالْخِلَافِ حُكْمُهَا حُكْمُ الصَّدَفِ لَا تَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَلْ يَدْخُلُ الْوَرَقُ مُطْلَقًا أَوْ فِي حَالِ رُطُوبَتِهِ حَتَّى لَوْ رَهَنَ الشَّجَرَ حَالَ جَفَافِهِ فِي الْخَرِيفِ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغُصْنِ الْيَابِسِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ فِي الْأَوْرَاقِ الَّتِي لَا تُقْطَعُ وَلَكِنَّهَا تَتَنَاثَرُ فِي الْخَرِيفِ إنَّ الرَّهْنَ يَتَعَلَّقُ بِهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَإِذَا جَمَعَ مِنْهَا مَا جَمَعَ كَانَ بِمَثَابَةِ مَا يَنْتَقِضُ مِنْ الدَّارِ الْمَرْهُونَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 بِأَنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ تُقْصَدُ بِهِ (وَتَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ) أَيْ فَيَصِحُّ فِي الظَّرْفِ دُونَ الْمَظْرُوفِ (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ) أَيْ الظَّرْفَ بِالرَّهْنِ (فَالْمَرْهُونُ مَا فِيهِ فَقَطْ إنْ عَلِمَ) ، وَكَانَ يَقْصِدُ بِالرَّهْنِ وَالتَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ عَلِمَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ الْمُقَسَّمَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ، وَإِلَّا (وَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ) أَيْ فِي الظَّرْفِ الَّذِي لَا يُقْصَدُ بِالرَّهْنِ (لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ بَطَلَ فِيهِمَا) ، وَفِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ هُنَا خَلَلٌ سَلِمَ مِنْهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (فَإِنْ رَهَنَهُ) أَيْ الظَّرْفَ وَكَانَ يَقْصِدُ بِالرَّهْنِ (دُونَ مَا فِيهِ صَحَّ) الرَّهْنُ فِيهِ (وَإِنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ الْمَقْصُودَ) بِالرَّهْنِ دُونَ مَا فِيهِ (فَإِنْ أَطْلَقَ رَهْنَ الظَّرْفِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا فِيهِ وَمِثْلَهُ) أَيْ الظَّرْفِ مِمَّا (يَقْصِدُ) بِالرَّهْنِ وَحْدَهُ (فَهُوَ الْمَرْهُونُ دُونَ مَا فِيهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ) بِالرَّهْنِ (إنْ تَمَوَّلَ وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ (فَهَلْ يَلْغُو) أَيْ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ (أَمْ يَقَعُ عَلَى الْمَظْرُوفِ) لِأَنَّ ظَرْفَهُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْلِ (، وَيَأْتِي فِي بَيْعِ الْخَرِيطَةِ) مَثَلًا (بِمَا فِيهَا) أَوْ وَحْدَهَا أَوْ مُطْلَقًا (مَا) تَقَرَّرَ (فِي الرَّهْنِ حَرْفًا بِحَرْفٍ) وَهُوَ ظَاهِرٌ. (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْعَاقِدَانِ، وَشَرْطُهُمَا نُفُوذُ التَّصَرُّفِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَنَحْوِهِ لَكِنَّ الرَّهْنَ نَوْعُ تَبَرُّعٍ فَإِنْ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَالِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَالشَّرْطُ وُقُوعُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ كَمَا قَالَ (فَإِنْ رَهَنَ وَلِيٌّ، وَلَوْ أَبًا لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ) بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ (فَشَرْطُهُ الْمَصْلَحَةُ كَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً، وَيَرْهَنَ بِهَا مِنْ أَمِينٍ يَجُوزُ إيدَاعُهُ مَا يُسَاوِي مِائَةً) إذْ الْغِبْطَةُ ظَاهِرَةٌ بِتَقْدِيرِ سَلَامَةِ الْمَرْهُونِ، وَإِنْ تَلِفَ كَانَ فِيمَا اشْتَرَاهُ جَابِرًا (لَا) مَا يُسَاوِي (أَكْثَرَ) مِنْ مِائَةٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ إلَّا بِرَهْنِ مَا يَزِيدُ عَلَيْهَا امْتَنَعَ الشِّرَاءُ إذْ قَدْ يَتْلَفُ الْمَرْهُونُ فَلَا يُوجَدُ جَابِرٌ (وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ) عَادَةً كَعَقَارٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ فِيمَا ذُكِرَ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُسَاوِي مِائَةً لِأَنَّ الرَّهْنَ يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ كَيْفَ كَانَ وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّغَيُّرِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالتَّلَفِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَمِينٍ يَجُوزُ إيدَاعُهُ غَيْرَهُ فَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ مِنْهُ إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُتْلِفَ الْمَرْهُونَ أَوْ يَجْحَدَهُ، وَهَذَا الْقَيْدُ جَارٍ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهَا كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى (أَوْ) كَانَ (يَخَافُ) ، وَفِي نُسْخَةٍ عَطْفًا عَلَى كَأَنْ يَشْتَرِيَ، وَمِثْلَ أَنْ يَخَافَ (تَلَفَهُ) أَيْ تَلَفَ مَالِهِ (بِنَهْبٍ أَوْ حَرِيقٍ) أَوْ نَحْوِهِ. (فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَقَارًا) مِمَّنْ لَا يَمْتَدُّ ذَلِكَ إلَيْهِ (وَيَرْهَنَ بِثَمَنِهِ إنْ اشْتَرَطَ) مَالِكُ الْعَقَارِ (الرَّهْنَ) بِأَنْ لَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِشَرْطِ الرَّهْنِ (وَتَعَذَّرَ الْإِيفَاءُ) لِلثَّمَنِ (حَالًّا) لِأَنَّ الْإِيدَاعَ حِينَئِذٍ مِمَّنْ لَا يَمْتَدُّ ذَلِكَ إلَيْهِ جَائِزٌ فَهَذَا أَوْلَى قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَلَوْ اقْتَرَضَ لَهُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَرَهَنَ بِهِ لَمْ يَجُزْ قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ لِأَنَّهُ يَخَافُ التَّلَفَ عَلَى مَا يَقْتَرِضُهُ خَوْفَهُ عَلَى مَا يَرْهَنُهُ، وَلَك أَنْ تَقُولَ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَوْدِعُهُ، وَوَجَدَ مَنْ يَرْتَهِنُهُ، وَالْمَرْهُونُ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ الْقَرْضِ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ رَهْنُهُ انْتَهَى قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا أَطْلَقَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ مَا يَقْتَرِضُهُ الْوَلِيُّ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ رُبَّمَا امْتَدَّ إلَيْهِ النَّهْبُ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَخَافُ، وَالْمَرْهُونُ رُبَّمَا يَتْلَفُ عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ فَيَبْقَى الدَّيْنُ بِحَالِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ إذَا وَقَعَتْ لِمَنْ لَا يَمْتَدُّ إلَيْهِ النَّهْبُ فَإِنَّهَا إذَا تَلِفَتْ عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ لَا يَبْقَى دَيْنٌ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ، وَلَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِشَرْطِ الرَّهْنِ مِمَّا إذَا بَاعَهُ بِدُونِ ذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ الرَّهْنُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِيدَاعِ الْخَالِي عَنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَالِ (وَمِثْلُ أَنْ يَقْتَرِضَ لِمُؤْنَتِهِ) أَوْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ (أَوْ مُؤْنَةِ مَالِهِ) كَإِصْلَاحِ ضِيَاعِهِ (مُرْتَقِبًا لِغَلَّةٍ، وَحُلُولِ دَيْنٍ وَنَفَاقِ) مَتَاعٍ (كَاسِدٍ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ رَوَاجِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ بِمَا اقْتَرَضَهُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَرْتَقِبْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (بَاعَ مَا يَرْهَنُهُ) ، وَلَا يَقْتَرِضُ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الرَّهْنِ لَهُ أَخَذَ فِي بَيَانِ الِارْتِهَانِ لَهُ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ أَيْضًا الْمَصْلَحَةُ فَقَالَ (وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ التَّقَاضِي) لِدَيْنِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ (أَوْ بَاعَ مَالَهُ مُؤَجَّلًا) فَيَرْتَهِنُ فِيهِمَا وُجُوبًا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ مَالِهِ مُؤَجَّلًا (لِغِبْطَةٍ مِنْ أَمِينٍ غَنِيٍّ، وَبِإِشْهَادٍ) ، وَ (بِأَجَلٍ قَصِيرٍ فِي الْعُرْفِ) فَلَا يَتَقَيَّدُ بِسَنَةٍ (وَبِشَرْطِ كَوْنِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (وَافِيًا بِالثَّمَنِ) فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ بَطَلَ الْبَيْعُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ بُطْلَانُهُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَأَقَرَّهُ (وَإِنْ بَاعَ مَالَهُ) نَسِيئَةً (أَوْ أَقْرَضَهُ لِنَهْبٍ ارْتَهَنَ جَوَازًا) إنْ كَانَ قَاضِيًا، وَإِلَّا فَوُجُوبًا، وَقَوْلُهُ جَوَازًا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ خَافَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ، وَالْحَاكِمُ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِهِ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ) ، وَأَوْلَى   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ رَهَنَهُ الظَّرْفَ بِمَا فِيهِ كَأَنْ قَالَ رَهَنْتُك هَذَا الْحُقَّ بِمَا فِيهِ وَهُوَ أَيْ مَا فِيهِ مَعْلُومٌ يَقْصِدُ بِالرَّهْنِ] قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّهْنَ نَوْعُ تَبَرُّعٍ) لِأَنَّهُ حَبْسُ مَالٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالشَّرْطُ وُقُوعُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ) فَلَا يَرْهَنُ الْوَلِيُّ مَالَ مَحْجُورِهِ وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُ إلَّا لَهَا أَمَّا الرَّهْنُ فَلِأَنَّهُ حَبْسُ مَالِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَأَمَّا الِارْتِهَانُ فَلِأَنَّ الْوَلِيَّ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ لَا يُقْرِضُ وَلَا يَبِيعُ إلَّا بِحَالٍّ مَقْبُوضٍ قَبْلَ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ رَهْنُهُ) وَوَجْهٌ أَنَّ فِيهِ حِفْظًا لِلْقَدْرِ الزَّائِدِ (مِنْهُ) (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا يَقْتَرِضُهُ الْوَلِيُّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ إلَخْ) وَهَذَا وَاضِحٌ فَلْيَتَنَبَّهْ لَهُ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَنْ يَأْخُذُهُ وَدِيعَةُ ضَرَرٍ فِي قَبُولِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ صِيَانَةٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَحِينَئِذٍ يَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ كَمَا أَطْلَقَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَقَدْ صَرَّحَ فِي أَوَّلِ الْوَدِيعَةِ بِأَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ وَغَيْرِهِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَّ جَمَاعَةٌ وَطَلَبَتْ مِنْ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَنَظَائِرِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَاعَ مَا يَرْهَنُهُ) أَيْ بَاعَ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ بُطْلَانُهُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ ارْتَهَنَ جَوَازًا إلَخْ) عَقَارًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَرْهَنُ عَقَارًا فَمَنْقُولًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوُجُوبًا) وَلَا يَقُومُ الضَّامِنُ وَالْكَفِيلُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ) هَذَا فِي جَمِيعِ صُوَرِ ارْتِهَانِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 مِنْ عِبَارَتِهِ قَوْلُ الْأَصْلِ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْتَهِنَ إذَا خِيفَ تَلَفُ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ، وَيَرْفَعُهُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الرَّهْنِ. (وَلِمُتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) فِي الْبَيْعِ، وَنَحْوِهِ، وَهُوَ الْأَبُ، وَالْجَدُّ (أَنْ يَرْهَنَ لِلطِّفْلِ) ، وَنَحْوِهِ مَالَهُمَا مِنْ نَفْسِهِ (وَ) أَنْ (يَرْتَهِنَ) لَهُمَا مَالَهُ (مِنْ نَفْسِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَحَيْثُ جَازَ الرَّهْنُ، وَالِارْتِهَانُ جَازَ لِلْأَبِ، وَالْجَدِّ أَنْ يُعَامِلَا بِهِ أَنْفُسَهُمَا وَيَتَوَلَّيَا الطَّرَفَيْنِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمَا ذَلِكَ [فَصْلٌ رَهْنُ الْمُكَاتَبِ وَارْتِهَانُهُ] (فَصْلٌ) (رَهْنُ الْمُكَاتَبِ، وَارْتِهَانُهُ كَرَهْنِ الْوَلِيِّ) وَارْتِهَانِهِ فِيمَا مَرَّ (وَكَذَا) الْعَبْدُ (الْمَأْذُونُ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ (إنْ أُعْطِيَ مَالًا) لَهَا بِأَنْ أَعْطَاهُ لَهُ سَيِّدُهُ (فَإِنْ اتَّجَرَ بِجَاهِهِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ اتَّجِرْ بِجَاهِك، وَلَمْ يُعْطِهِ مَالًا (فَكَالْمُطْلَقِ) أَيْ فَكَمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فَلَهُ الْبَيْعُ، وَالشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَالرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ مُطْلَقًا (مَا لَمْ يَرْبَحْ) فَإِنْ رَبِحَ بِأَنْ فَضَلَ فِي يَدِهِ مَالٌ كَانَ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ مَالًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ، وَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ يَحُدَّ لَهُ حَدًّا كَأَنْ يَقُولَ لَهُ اشْتَرِ مِنْ دِينَارٍ إلَى مِائَةٍ (فِي) حُكْمِ (الْقَبْضِ) وَالطَّوَارِئِ قَبْلَهُ (لَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلَّا بِقَبْضٍ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ) فِيمَا مَرَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] فَلَوْ لَزِمَ بِدُونِ الْقَبْضِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ فَائِدَةٌ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالْهِبَةِ، وَلَا تُرَدُّ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا فَلِلرَّاهِنِ الرُّجُوعُ عَنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ مَنْ صَحَّ ارْتِهَانُهُ صَحَّ قَبْضُهُ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ (وَ) لَكِنْ (لَا يَسْتَنِيبُ الرَّاهِنَ فِي الْقَبْضِ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقَبِّضِ، وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ وَكِيلًا فِي الرَّهْنِ فَقَطْ أَوْ وَلِيًّا فَرَشَدَ مُوَلِّيهِ أَوْ عَزَلَ هُوَ جَازَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَنِيبَهُ فِي الْقَبْضِ مِنْ الْمَالِكِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ (وَلَا) يَسْتَنِيبُ (رَقِيقَهُ) أَيْ الرَّاهِنُ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ سَوَاءٌ الْمُدَبَّرُ، وَالْمَأْذُونُ لَهُ، وَغَيْرُهُمَا، وَلَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ الْعَبْدَ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ مَوْلَاهُ حَيْثُ يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيمَا لَوْ وَكَّلَ مَوْلَاهُ لِأَنَّ شِرَاءَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ فَلَمْ يَنْظُرُوا فِيهِ إلَى تَنْزِيلِ الْعَبْدِ مَنْزِلَةَ مَوْلَاهُ (إلَّا مُكَاتَبَهُ) لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْأَجْنَبِيِّ. وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ، وَوَقَعَ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ، وَإِنْ وَقَعَ التَّوْكِيلُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَلَمْ يَشْرِطْ فِيهِ الْقَبْضَ فِي نَوْبَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ) الرَّهْنَ (الْمَشْرُوطَ فِي بَيْعٍ فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) لِفَوَاتِ مَا شَرَطَهُ كَمَا مَرَّ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا (وَيُشْتَرَطُ) فِي اللُّزُومِ إقْبَاضُ الرَّاهِنِ أَوْ (الْإِذْنُ) مِنْهُ (فِي الْقَبْضِ فَإِنْ رَهَنَ الْعَيْنَ مِنْ غَاصِبٍ لَهَا أَوْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مُودَعٍ أَوْ وَكِيلٍ صَحَّ) كَالْبَيْعِ (وَاشْتَرَطَ الْإِذْنَ) لَهُ مِنْ الرَّاهِنِ (فِي الْقَبْضِ) لِأَنَّ الْيَدَ كَانَتْ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الرَّهْنِ، وَلَمْ يَقَعْ تَعَرُّضٌ لِلْقَبْضِ عَنْهُ (وَ) اشْتَرَطَ فِيهِ (مُضِيَّ مُدَّةِ إمْكَانِهِ) كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ لَكِنَّهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ وَقْتِ الْإِذْنِ لَا الْعَقْدِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ) صَدَرَ الرَّهْنُ (مِنْ أَبٍ تَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ) أَيْ طَرَفَيْ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ مُضِيُّ الْإِمْكَانِ، وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَقَصْدُهُ لِلْقَبْضِ كَالْإِذْنِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ رَهْنُ الْمُكَاتَبِ وَارْتِهَانُهُ كَرَهْنِ الْوَلِيِّ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا مَا وَقَعَ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ فَقَدْ قَالَ فِي تَنْقِيحِ الْوَسِيطِ إنَّ حُكْمَ الْمُكَاتَبِ حُكْمُ وَلِيِّ الطِّفْلِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. اهـ. وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ وَحَيْثُ مَنَعْنَا فَيُسْتَثْنَى رَهْنُهُ وَارْتِهَانُهُ مَعَ السَّيِّدِ وَمَا لَوْ رَهَنَ عَلَى مَا يُؤَدَّى بِهِ النَّجْمُ الْأَخِيرُ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْعِتْقِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّجَرَ بِجَاهِهِ فَكَالْمُطْلَقِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَيْسَ لَهُ الرَّهْنُ لِنَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَتَوْفِيَةِ مَا لَزِمَهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ لَهُ الضِّيَاعُ لِيَقْتَرِضَ لِإِصْلَاحِهَا [الْبَابُ الثَّانِي حُكْمِ الْقَبْضِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْقَبْضِ) (قَوْلُهُ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ فِيمَا مَرَّ) قَالَ فِي الشَّامِلِ وَإِنْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِ وَفِيهَا قُمَاشٌ لِلرَّاهِنِ صَحَّ التَّسْلِيمُ فِي الدَّارِ لِأَنَّهُ قَبَضَ فِي الْمَبِيعِ. اهـ. وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ ع وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَأَقَرَّهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَوْلُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ تَكْفِي التَّخْلِيَةُ هُنَا فِي دَارٍ مَشْحُونَةٍ كَالْبَيْعِ ضَعِيفٌ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ نَعَمْ لَوْ قَلَّ مَا فِيهَا كَحَصِيرٍ وَمَاعُونٍ يَسِيرٍ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ مَشْحُونَةٌ إنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي التَّسْلِيمِ وَقَدْ أَبْدَاهُ السُّبْكِيُّ بَحْثًا وَلَهُ فِي الْمَشْحُونَةِ بَحْثٌ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ ع (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهَا أَنَّهُ وَصَفَهَا بِالْقَبْضِ فَكَانَ شَرْطًا فِيهِ كَوَصْفِ الرَّقَبَةِ بِالْإِيمَانِ وَالشَّهَادَةِ بِالْعَدَالَةِ وَلِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِالْقَبْضِ وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرَهُ مِنْ الْعُقُودِ وَلَمْ يَصِفْهُ بِهِ فَدَلَّ عَلَى لُزُومِهِ بِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَنْ صَحَّ ارْتِهَانُهُ صَحَّ قَبْضُهُ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مَنْ صَحَّ ارْتِهَانُهُ لِنَفْسِهِ لِئَلَّا يَرُدَّ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ ارْتِهَانُهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ وَكَذَلِكَ الْوَلِيُّ إذَا ارْتَهَنَ عَلَى دَيْنِ السَّفِيهِ ثُمَّ أَذِنَ لِلسَّفِيهِ فِي الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَنِيبُ الرَّاهِنُ فِي الْقَبْضِ) كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَا عَكْسُهُ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَّلْتُك فِي قَبْضِهِ لِنَفْسِك لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ فِي الْحَاوِي وَوَقَعَ كَذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ صَحَّ وَهُوَ إنَابَةٌ فِي الْمَعْنَى اهـ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ إذْنَهُ إقْبَاضٌ مِنْهُ لَا تَوْكِيلٌ ق. (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الْإِذْنُ فِي الْقَبْضِ) وَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِي قَبْضِهِ ثُمَّ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ أَوْ وَكِيلٍ) أَوْ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُسْتَامٍ أَوْ قَابِضٍ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ وَمُضِيُّ مُدَّةِ إمْكَانِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ لَكَانَ اللُّزُومُ مُتَوَقِّفًا عَلَى هَذَا الزَّمَانِ وَعَلَى الْقَبْضِ لَكِنْ سَقَطَ الْقَبْضُ إقَامَةً لِدَوَامِ الْيَدِ مَقَامَ ابْتِدَائِهَا فَبَقِيَ اعْتِبَارُ الزَّمَنِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ حَاضِرًا اُعْتُبِرَ فِي قَبْضِهِ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ نَقْلُهُ إنْ كَانَ مَنْقُولًا وَإِنْ كَانَ عَقَارًا اُعْتُبِرَ مِقْدَارُ التَّخْلِيَةِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ الْمُضِيُّ فِيهِ إلَيْهِ وَنَقَلَهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ الْمُضِيُّ فِيهِ إلَيْهِ وَتَخْلِيَتُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 فِيهِ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْقَبْضِ أَوْلَى مِنْ ضَمِّ الْأَصْلِ إلَى الْإِقْبَاضِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْبَاضِ إذْنٌ حَتَّى يُشْتَرَطَ قَصْدُهُ (وَكَذَا) يَجْرِي ذَلِكَ (فِي الْبَيْعِ) لِشَيْءٍ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ (لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ) لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ، وَانْتِقَالِ الضَّمَانِ (الْإِذْنُ) فِي الْقَبْضِ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ هُنَا فَكَفَى دَوَامُهُ (إلَّا فِيمَا يَسْتَحِقُّ حَبْسَهُ) بِأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ حَالًّا، وَلَمْ يُوَفَّ فَيُشْتَرَطُ الْإِذْنُ فِيهِ قِيلَ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ غَائِبًا، وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ الْإِذْنُ بَلْ الْعَقْدُ قَبْضٌ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي. وَأَقَرَّهُ زَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ لَهُ حَقَّ الْحَبْسِ فَإِنَّ يَدَهُ إنْ كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ فَقَدْ أَدَامَهَا، وَإِلَّا فَالْبَيْعُ جِهَةُ ضَمَانٍ يُسْقِطُ الْقِيمَةَ انْتَهَى، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِ الْمُتَوَلِّي كَمَا رَأَيْت، وَهُوَ مَرْدُودٌ كَمَا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَفِي نُسَخٍ تَقْدِيمُ قَوْلِهِ، وَكَذَا إلَى آخِرِهِ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ مِنْ أَبٍ. (فَرْعٌ) لَوْ (ذَهَبَ) مَنْ ارْتَهَنَ مَا بِيَدِهِ (لِيَقْبِضَ الرَّهْنَ) بِالْفِعْلِ (فَوَجَدَهُ قَدْ ذَهَبَ مِنْ يَدِهِ وَقَدْ أَذِنَ) لَهُ (فِي الْقَبْضِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَهُ طَلَبُهُ، وَأَخْذُهُ) حَيْثُ وَجَدَهُ، وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ لِيَقْبِضَ الرَّهْنَ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ ذَهَبَ إلَيْهِ فَوَجَدَهُ قَدْ ذَهَبَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، وَقَوْلُهُ طَلَبَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيمَا ذَكَرَ (فَلَا) يَطْلُبُهُ، وَلَا يَأْخُذُهُ (حَتَّى يَقْبِضَهُ الرَّاهِنُ، وَيُجَدِّدَ) لَهُ (الْإِذْنُ) لَا يَخْفَى إنْ قَبَضَ الرَّاهِنُ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَضْلًا عَنْ اشْتِرَاطِ ضَمِّ تَجْدِيدِ الْإِذْنِ الْمَزِيدِ عَلَى الْأَصْلِ إلَيْهِ فَإِنْ قُرِئَ قَوْلُهُ يَقْبِضَهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَجُعِلَتْ الْوَاوُ فِي وَيُجَدِّدَ بِمَعْنَى أَوْ زَالَ الْإِشْكَالُ. (فَرْعٌ لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ) مِنْ ضَمَانِ مَا غَصَبَهُ (بِالرَّهْنِ مِنْهُ) لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ عَقْدُ أَمَانَةٍ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّوَثُّقُ، وَهُوَ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ (وَكَذَا الْمُسْتَعِيرُ) لَا يَبْرَأُ بِالرَّهْنِ مِنْهُ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمُعِيرُ الِانْتِفَاعَ لِمَا قُلْنَا (وَلَا يَحْرُمُ) عَلَيْهِ (انْتِفَاعُهُ) بِالْمُعَارِ الَّذِي ارْتَهَنَهُ لِبَقَاءِ الْإِعَارَةِ (إلَّا بِالرُّجُوعِ) أَيْ بِرُجُوعِ الْمُعِيرِ فِيهِ لِزَوَالِهَا (وَلِلْغَاصِبِ إجْبَارُ الرَّاهِنِ عَلَى إيقَاعِ يَدِهِ عَلَيْهِ) لِيَبْرَأَ مِنْ الضَّمَانِ (ثُمَّ يَسْتَعِيدَهُ) مِنْهُ (بِحُكْمِ الرَّهْنِ، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ إجْبَارُهُ عَلَى رَدِّ الْمَرْهُونِ إلَيْهِ لِذَلِكَ) أَيْ لِيُوقِعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْتَعِيدُهُ مِنْهُ الْمُرْتَهِنُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُرْتَهِنِ (وَلَوْ أُودِعَ) الْمَالِكُ (الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ) لِأَنَّ الْإِيدَاعَ ائْتِمَانٌ وَهُوَ يُنَافِي الضَّمَانَ فَإِنَّهُ لَوْ تَعَدَّى فِي الْوَدِيعَةِ لَمْ يَبْقَ أَمِينًا بِخِلَافِ الرَّهْنِ (لَا إنْ أَبْرَأَهُ) مِنْ ضَمَانِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَغْصُوبُ (فِي يَدِهِ) فَلَا يَبْرَأُ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا يَبْرَأُ عَنْهَا إذْ الْإِبْرَاءُ إسْقَاطُ مَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ تَمْلِيكُهُ، وَكَذَا إنْ أَبْرَأَهُ عَنْ ضَمَانِ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَ تَلَفِهِ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَثْبُتْ (أَوْ آجَرَهُ) إيَّاهُ (أَوْ قَارَضَهُ) فِيهِ (أَوْ وَكَّلَهُ) فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (أَوْ زَوَّجَهُ إيَّاهُ) فَلَا يَبْرَأُ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي رَهْنِهِ مِنْهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ بَرِئَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِمَا لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ وَزَالَتْ عَنْهُ يَدُهُ، وَكَالْغَاصِبِ فِيمَا ذُكِرَ كُلُّ مَنْ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَامِ، وَلَوْ قَالَ بَدَلٌ فِي يَدِهِ بَاقٍ كَانَ أَعَمَّ (فَصْلٌ) فِي الطَّوَارِئِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِتَصَرُّفٍ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ) كَبَيْعٍ وَإِعْتَاقٍ وَإِصْدَاقٍ وَهِبَةٍ بِإِقْبَاضٍ لِزَوَالِ مَحَلِّ الرَّهْنِ (وَبِرَهْنٍ بِإِقْبَاضٍ، وَإِحْبَالٍ وَكِتَابَةٍ) لِلرَّقِيقِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِالْعَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَإِحْبَالٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَالْوَطْءِ مَعَ الْإِحْبَالِ، وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِمَا الرَّهْنَ بِالْإِقْبَاضِ وَتَقْيِيدِ الْأَصْلِ الْهِبَةَ بِهِ أَنَّهُمَا بِدُونِهِ لَيْسَا رُجُوعًا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَخْرِيجِ الرَّبِيعِ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَنَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ إنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَكَذَا تَدْبِيرٌ) لِأَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ ضَمِّ الْأَصْلِ إلَيْهِ الْإِقْبَاضَ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَصَدَ الْأَبُ قَبْضًا أَيْ إذَا كَانَ مُرْتَهِنًا وَإِقْبَاضًا أَيْ إذَا كَانَ رَاهِنًا [فَرْعٌ ذَهَبَ مَنْ ارْتَهَنَ مَا بِيَدِهِ لِيَقْبِضَ الرَّهْنَ فَوَجَدَهُ قَدْ ذَهَبَ مِنْ يَدِهِ] (وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ لِيَقْبِضَ الرَّهْنَ لَيْسَ شَرْطًا) غَيْرُهُ مَفْهُومٌ مِنْهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَوْ) وَبِهَا عَبَّرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ [فَرْعٌ لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ ضَمَانِ مَا غَصَبَهُ بِالرَّهْنِ مِنْهُ] (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ) فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ تَعَدَّى فِي الْمَرْهُونِ ضَمِنَهُ مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ فَإِذَا كَانَ لَا يَدْفَعُ الضَّمَانَ فَلَأَنْ لَا يَدْفَعُهُ ابْتِدَاءً أَوْلَى وَشَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَوْ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ الرَّهْنِ فِي إمْسَاكِهِ رَهْنًا وَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَلِلْغَاصِبِ إجْبَارُ الرَّاهِنِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَأْمُرَهُ بِالْقَبْضِ فَإِنْ أَبَى قَبَّضَهُ الْحَاكِمُ أَوْ مَأْذُونُهُ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي أَبْرَأْتُك أَوْ اسْتَأْمَنْتُك أَوْ أَوْدَعْتُك قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي كِتَابِ التَّعْلِيقِ بَرِئَ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْدَعَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَاصِبِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنَّ إحْدَاثَ الْمَالِكِ لَهُ اسْتِئْمَانًا بِمَنْزِلَةِ أَخْذِهِ وَرَدِّهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْغَزِّيِّ سُئِلْت عَمَّنْ فِي يَدِهِ دَابَّةٌ لِغَيْرِهِ وَدِيعَةً فَأَمَرَهُ بِأَنْ يُسَلِّمَهَا لِزَيْدٍ فَلَمَّا حَضَرَ عِنْدَ زَيْدٍ قَالَ لَهُ زَيْدٌ خَلِّهَا مَعَ دَوَابِّك وَهِيَ فِي تَسْلِيمِي فَخَلَّاهَا ثُمَّ تَلِفَتْ فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَزُلْ يَدُ الْأَوَّلِ عَنْهَا فَلَا أَثَرَ لِقَوْلِ الثَّانِي هِيَ فِي تَسْلِيمِي وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَدَفَعَهُ إلَى شَخْصٍ لِيُسَلِّمَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ احْفَظْهُ لِي عِنْدَك فَحَفِظَهُ فَتَلِفَ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمَدِينِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ قَبْضٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَارَضَهُ) فِيهِ صُورَةُ مُقَارَضَةِ الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَهُ نَقْدًا إعَارَةً فَاسِدَةً ثُمَّ يُقَارِضُهُ عَلَيْهِ أَوْ لِلتَّزْيِينِ بِهِ أَوْ لِرَهْنِهِ أَوْ لِلضَّرْبِ عَلَى طَبْعِهِ (قَوْلُهُ أَوْ وَكَّلَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ) أَوْ عَقَدَ الشَّرِكَةَ عَلَيْهِ أَوْ أَعَارَهُ إيَّاهُ [فَصْلٌ الطَّوَارِئِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي الْعَقْدِ قَبْلَ قَبْضِ الرَّهْن] (فَصْلٌ يَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْ الرَّهْنِ إلَخْ) (قَوْلُهُ بِتَصَرُّفٍ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ) الْأَحْسَنُ فِي الضَّبْطِ أَنْ يُقَالَ كُلُّ تَصَرُّفٍ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ طَرَيَانُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاؤُهُ لَا يَفْسَخُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا الرَّهْنَ وَالْهِبَةَ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ (قَوْلُهُ وَكِتَابَةٍ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ الْكِتَابَةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ فَإِنَّ الْفَاسِدَةَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ فَتَلْتَحِقُ بِالتَّدْبِيرِ وَفِي الْبَحْرِ رَهَنَ عَبْدَهُ ثُمَّ قَبْلَ الْإِقْبَاضِ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى صِفَةٍ فَفِي كَوْنِهِ رُجُوعًا عَنْ الرَّهْنِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُ وَالِدِي. اهـ. أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ رُجُوعٌ (قَوْلُهُ إنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ) وَقَالَ فِي الْبَيَانِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَقَدْ رَجَّحَا فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ الرَّهْنَ بِدُونِ الْقَبْضِ رُجُوعٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالصَّوَابُ عَلَى الْمَذْهَبِ حَذْفُ لَفْظِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ، وَهُوَ مُنَافٍ لِلرَّهْنِ (لَا بِتَزْوِيجٍ) إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَوْرِدِ الرَّهْنِ بَلْ رَهْنُ الْمُزَوَّجِ ابْتِدَاءً جَائِزٌ (وَ) لَا (وَطْءَ) بِغَيْرِ إحْبَالٍ، وَإِنْ أَنْزَلَ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ سَبَبًا لِزَوَالِ مِلْكِهِ (وَلَا بِإِجَارَةٍ، وَلَوْ حَلَّ الدَّيْنُ) الْمَرْهُونُ بِهِ (قَبْلَ انْقِضَائِهَا) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ رَهْنِ الْمُؤَجَّرِ وَبَيْعِهِ، وَقَيَّدَهُ الْفَارِقِيُّ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مُؤَجَّرًا لَا تَنْقُصُ عَنْ قَدْرِ الدَّيْنِ، وَإِلَّا كَانَ رُجُوعًا كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِمَا يُخْرِجُ الْمَرْهُونَ عَنْ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الدَّيْنُ كَانَ رُجُوعًا فَكَذَا إذَا كَانَ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ بَعْضِهِ، وَالظَّاهِرُ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَ بِلَازِمٍ (وَلَا بِمَوْتِ عَاقِدٍ) مِنْ رَاهِنٍ وَمُرْتَهِنٍ لِأَنَّ مَصِيرَ الرَّهْنِ إلَى اللُّزُومِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِمَوْتِهِ كَالْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (بَلْ يَقُومُ الْوَارِثُ مُقَامَهُ) فَيَقُومُ وَارِثُ الرَّاهِنِ مُقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ، وَوَارِثُ الْمُرْتَهِنِ مُقَامَهُ فِي الْقَبْضِ (وَلَا بِجُنُونٍ) لِلْعَاقِدِ، وَلَا بِإِغْمَائِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ كَالْمَوْتِ بَلْ أَوْلَى (وَ) لَا (حَجْرِ سَفَهٍ، وَفَلَسٍ بَلْ يَعْمَلُ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ (بِالْمَصْلَحَةِ فَيُجِيزُ) لَهُ (مَالُهُ فِعْلَهُ ابْتِدَاءً فَإِنْ جُنَّ) مَثَلًا (الرَّاهِنُ، وَخَشِيَ الْوَلِيُّ فَسْخَ بَيْعٍ شُرِطَ فِيهِ) الرَّهْنُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ (وَفِيهِ) أَيْ فِي إمْضَائِهِ (غِبْطَةٌ) أَيْ حَظٌّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (سَلَّمَ الرَّهْنَ) فَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَسْخَهُ أَوْ كَانَ الْحَظُّ فِيهِ أَوْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرُورَةٌ أَوْ غِبْطَةٌ لِأَنَّهُمَا يُجَوِّزَانِ رَهْنَ مَالِ الْمَجْنُونِ ابْتِدَاءً فَاسْتِدَامَتُهُ أَوْلَى كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَيُجِيزُ مَالُهُ فِعْلَهُ ابْتِدَاءً، وَإِنْ جُنَّ الْمُرْتَهِنُ قَبَضَ الْوَلِيُّ الرَّهْنَ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الرَّاهِنُ، وَكَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَعَلَى الْأَصْلَحِ مِنْ فَسْخٍ، وَإِجَازَةٍ. (فَرْعٌ يَبْطُلُ حُكْمُ الرَّهْنِ) لِلْعَصِيرِ، وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ (بِانْقِلَابِهِ خَمْرًا) مَا دَامَ خَمْرًا لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ (فَإِذَا تَخَلَّلَ عَادَ رَهْنًا، وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ) كَمَا عَادَ مِلْكًا (وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ) الرَّهْنُ بِانْقِلَابِ الْعَصِيرِ خَمْرًا سَوَاءٌ (تَخَلَّلَ أَمْ لَا) لِنَقْصِ الْخَلِّ عَنْ الْعَصِيرِ فِي الْأَوَّلِ، وَفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ فِي الثَّانِي هَذَا (إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا) إنْ كَانَ (بَعْدَهُ لِأَنَّهُ تَخَمَّرَ فِي يَدِهِ فَلَوْ قَبَضَهُ خَمْرًا، وَتَخَلَّلَ اسْتَأْنَفَ الْقَبْضَ) لِفَسَادِ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ بِخُرُوجِ الْعَصِيرِ عَنْ الْمَالِيَّةِ (لَا الْعَقْدِ) لِوُقُوعِهِ حَالَ الْمَالِيَّةِ (وَلَوْ مَاتَتْ الشَّاةُ) الْمَرْهُونَةُ (فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ) أَوْ الرَّاهِنِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى (فَدَبَغَ الْمَالِكُ جِلْدَهَا لَمْ يَعُدْ رَهْنًا) لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ حَدَثَتْ بِالْمُعَالَجَةِ بِخِلَافِ الْخَلِّ فَإِنْ قُلْت قَدْ يَحْدُثُ بِهَا أَيْضًا كَنَقْلِهِ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَعَكْسِهِ قُلْت نَادِرٌ فَأُلْحِقَ بِالْغَالِبِ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ الْمَالِكَ مُضِرٌّ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَبَغَ جِلْدَ مَيْتَةٍ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَكُونُ مِلْكًا لِلدَّابِغِ نَعَمْ إنْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمَالِكُ فَدَبَغَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ لَهُ، وَخَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ أَبَقَ الْمَرْهُونُ أَوْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ) ، وَلَوْ (قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ) لِاغْتِفَارِ مَا يَقَعُ فِي الدَّوَامِ (وَتَخَمُّرُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَتَخَمُّرِ الْمَرْهُونِ بَعْدَهُ) فِي بُطْلَانِ حُكْمِ الْعَقْدِ وَعَوْدِهِ إذَا عَادَ خَلَّا لَا فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَيْضًا، وَإِنْ اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ (فَصْلٌ) فِي تَخَلُّلِ الْخَمْرِ وَتَخْلِيلِهَا (الْخَمْرُ إنْ قُصِدَ بِعَصِيرِهَا الْخَلُّ فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ لَا تُرَاقُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّ اتِّخَاذَ الْخَلِّ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يَنْقَلِبُ الْعَصِيرُ إلَى الْحُمُوضَةِ إلَّا بِتَوَسُّطِ الشِّدَّةِ فَلَوْ لَمْ تُحْتَرَمْ، وَأُرِيقَتْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِتَعَذُّرِ اتِّخَاذِ الْخَلِّ (وَإِنْ قُصِدَ بِهِ الْخَمْرُ أُرِيقَتْ) لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا، وَلِلْأَمْرِ بِإِرَاقَةِ الْخُمُورِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَتَفْسِيرُ الْمُحْتَرَمَةِ بِمَا ذُكِرَ قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا، وَقَالَا فِي الْغَصْبِ هِيَ مَا اُتُّخِذَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَهُوَ أَعَمُّ، وَأَوْجَهُ كَمَا قَدَّمْته فِي بَابِ النَّجَاسَةِ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُمَا، وَكَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا   [حاشية الرملي الكبير] الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ جَمِيعًا لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مُوهِمَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ رَاهِنٍ وَمُرْتَهِنٍ) أَيْ وَوَكِيلِهَا وَوَكِيلِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ فَيَقُومُ وَارِثُ الرَّاهِنِ مُقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ) قَدْ يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّ إقْبَاضَ الْوَارِثِ يَقُومُ مَقَامَ إقْبَاضِ الرَّاهِنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَتَى كَانَ هُنَاكَ دُيُونٌ لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ مُقَدَّمًا بِهَذَا الرَّهْنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَقَالَ قُلْته تَخْرِيجًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ قَدْ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ بِالْمَوْتِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ التَّخْصِيصُ وَفِي إقْبَاضِهِ تَخْصِيصٌ. اهـ. وَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ الْمُخَصِّصُ فِي الْحَقِيقَةِ عَقْدُ الْمُوَرِّثِ وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِ مَا قَالَهُ [فَرْعٌ رَهَنَ الْعَصِير فَانْقَلَبَ خَمْرًا] (قَوْلُهُ كَمَا عَادَ مِلْكًا) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا زَالَ بِنَفْسِهِ تَبَعًا لِزَوَالِ مِلْكِ الرَّاهِنِ عَادَ بِنَفْسِهِ تَبَعًا لِعَوْدِ مِلْكِهِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ رَهَنَهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ ثُمَّ خَرِسَ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنْ بَقِيَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ لَمْ يَبْطُلْ إذْنُهُ وَإِلَّا بَطَلَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونِ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ قَالَ الطَّبَرِيُّ مِنْ رِوَايَةٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ) هُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَبَقَ الْمَرْهُونُ إلَخْ) لَوْ قُتِلَ الرَّقِيقُ الْمَرْهُونُ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ الْإِمَامُ فَفِي تَعَلُّقِ حَقِّ الْوَثِيقَةِ بِقِيمَتِهِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْمُتْلِفِ الْوَجْهَانِ فِي طُرُوُّ مَا عَرَضَ لِلْفَسَادِ (قَوْلُهُ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ لِاغْتِفَارِ إلَخْ) وَيَصِحُّ قَبْضُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ لَا فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ إلَخْ) قَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِثُبُوتِهِ فِي بَابِ حُكْمِ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِهِ [فَصْلٌ الْخَمْرُ إنْ قُصِدَ بِعَصِيرِهَا الْخَلُّ فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ لَا تُرَاقُ] (قَوْلُهُ وَلَا يَنْقَلِبُ الْعَصِيرُ إلَى الْحُمُوضَةِ إلَّا بِتَوَسُّطِ الشِّدَّةِ إلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ مَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْحَلِيمِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَدْ يَصِيرُ الْعَصِيرُ خَلًّا مِنْ غَيْرِ تَخَمُّرٍ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إحْدَاهَا أَنْ يَصُبَّهُ فِي الدَّنِّ الْمُعَتَّقِ بِالْخَلِّ ثَانِيَتُهَا أَنْ يَصُبَّهُ عَلَى الْخَلِّ فَيَصِيرُ بِمُخَالَطَتِهِ خَلًّا مِنْ غَيْرِ تَخَمُّرٍ ثَالِثَتُهَا أَنْ يُجَرِّدَ حَبَّاتِ الْعِنَبِ مِنْ عَنَاقِيدِهَا وَيَمْلَأَ مِنْهَا الدَّنَّ وَيُطَيِّنَ رَأْسَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُرَاقُ أَيْضًا مَعَ الشَّكِّ فِي أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيَحْتَمِلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا وُجِدَتْ بِأَيْدِي الْفُسَّاقِ س تَحْرُمُ إرَاقَتُهَا عِنْدَ الشَّكِّ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ إتْلَافِهَا قَبْلَ عَصْرِهَا فَيَسْتَصْحِبُ إلَى وُجُودِ مُقْتَضَى جَوَازِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَعَمُّ وَأَوْجَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا يَتَعَيَّنُ اعْتِمَادُهُ فَيَكُونُ الْأَصْلُ الِاحْتِرَامَ إلَّا أَنْ يُوجَدَ قَصْدٌ فَاسِدٌ وَلَيْسَ مَا سَبَقَ بِخِلَافٍ مُحَقَّقٍ فِيمَا أَحْسِبُ وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافٌ عِبَارَةٌ عَنْ مَقْصُودٍ وَاحِدٍ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُحْتَرَمَةَ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْخَمْرِيَّةَ وَغَيْرُهَا مَا قَصَدَ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 مُتَدَافِعَانِ فِي صُورَةِ عَدَمِ الْقَصْدِ، وَحَيْثُ اُعْتُبِرَ الْقَصْدُ فَالْعِبْرَةُ بِالْقَصْدِ الَّذِي يَعْقُبُهُ التَّخَمُّرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي حَتَّى لَوْ عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ ثُمَّ قَبْلَ التَّخَمُّرِ قُصِدَ اتِّخَاذُهُ خَلًّا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَزُولُ الْقَصْدُ الْمُقْتَرِنُ بِالْفِعْلِ بِالْقَصْدِ الْمُجَرَّدِ (فَإِنْ وَقَعَ فِي الْخَمْرِ) وَلَوْ مُحْتَرَمَةً (خَلٌّ أَوْ عَيْنٌ) أُخْرَى غَيْرُ خَمْرٍ (وَلَوْ حَصَاةً) ، وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّخَلُّلِ (ثُمَّ انْقَلَبَتْ خَلًّا لَمْ تَطْهُرْ) لِمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (وَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْعَصِيرِ) عَيْنٌ (فَتَخَمَّرَ) وَانْقَلَبَتْ الْخَمْرَةُ خَلًّا (نَجَّسَتْ) أَيْ الْعَيْنُ الْخَلَّ لِتَنَجُّسِهَا بِالْخَمْرِ، وَتَعْبِيرُهُ بِوَقَعَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِطُرِحَ (وَيَحْرُمُ الِاسْتِعْجَالُ لِذَلِكَ) أَيْ لِلتَّخَلُّلِ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَتَّخِذُ الْخَمْرَ خَلًّا قَالَ لَا» ، وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «إنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ عِنْدِي خُمُورٌ لِأَيْتَامٍ قَالَ أَرِقْهَا قَالَ أَلَا أُخَلِّلُهَا قَالَ لَا» (فَائِدَةٌ) إذَا اسْتَحْكَمَتْ الْخَمْرَةُ الْمُحْتَرَمَةُ، وَأَيِسَ أَهْلُ الصَّنْعَةِ مِنْ عَوْدِهَا خَلًّا إلَّا بِصُنْعِ آدَمِيٍّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ فِيمَا نَظُنُّهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إمْسَاكُهَا (وَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْعَصِيرِ خَلٌّ كَثِيرٌ يَمْنَعُهُ التَّخَمُّرَ لَمْ يَضُرَّ) ، وَالْأَضَرُّ كَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَقَدَّمْت ثَمَّ تَوْجِيهَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ تَعْبِيرَهُ هُنَا بِالْكَثِيرِ، وَثَمَّ بِالْغَالِبِ الْمُعَبَّرِ بِهِ فِي أَصْلِهِ هُنَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا يَمْنَعُ التَّخَمُّرَ، وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ غَالِبًا أَمْ مَغْلُوبًا أَمْ مُسَاوِيًا، وَكَلَامُهُ ثَمَّ كَكَلَامِ أَصْلِهِ هُنَا مُتَدَافِعٌ فِي حَالَةِ التَّسَاوِي إنْ لَمْ يَجْرِ الْكَلَامُ عَلَى الْغَالِبِ (الْبَابُ الثَّالِثُ) (فِي أَحْكَامِ) ، وَفِي نُسْخَةٍ حُكْمِ (الْمَرْهُونِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ) (الْأَوَّلُ الرَّاهِنُ فَبَيْعُهُ وَرَهْنُهُ وَتَزْوِيجُهُ) وَنَحْوُهَا (لِلْمَرْهُونِ بَاطِلٌ) لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهَا لِمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ تَفْوِيتِ التَّوَثُّقِ وَالرَّهْنِ مِنْ زَحْمِ الْمُرْتَهِنِ فِي مَقْصُودِهِ وَالتَّزْوِيجِ وَنَحْوِهِ مِنْ نَقْصِ الْمَرْهُونِ، وَتَقْلِيلِ الرَّغْبَةِ فِيهِ (وَكَذَا إجَارَةُ) لَهُ (يَحِلُّ الدَّيْنُ) الْمَرْهُونُ بِهِ (قَبْلَ انْقِضَائِهَا) بِأَنْ يَكُونَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا يَحِلُّ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، وَإِنْ جَوَّزْنَا بَيْعَ الْمُؤَجَّرِ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ الْقِيمَةَ (وَإِلَّا) بِأَنْ حَلَّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَوْ مَعَهُ (صَحَّتْ) إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عَدْلًا لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ حَالَةَ الْبَيْعِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ صِحَّتُهَا أَيْضًا إذَا احْتَمَلَ التَّقَدُّمَ وَالتَّأَخُّرَ وَالْمُقَارَنَةَ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا بِأَنْ يُؤْجِرَهُ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ كَبِنَاءِ حَائِطٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِطْلَاقُ الصِّحَّةِ فِيمَا ذُكِرَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ نَقْصًا فِي الْقِيمَةِ كَبِنَاءٍ وَغِرَاسٍ أَوْ كَانَتْ مُدَّةُ تَفْرِيغِ الْمَأْجُورِ لَا تَمْتَدُّ إلَى مَا بَعْدَ الْحُلُولِ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا، وَمَا قَالَهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَرْهُونِ بِمَا يَنْقُصُهُ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَوْ حَلَّ) الدَّيْنُ (بِمَوْتِ الرَّاهِنِ لَمْ تَبْطُلْ الْإِجَارَةُ) لِوُقُوعِهَا فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ (فَيَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ) إلَى انْقِضَائِهَا كَمَا يَصِيرُ الْغُرَمَاءُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِتَسْتَوْفِي الْمُعْتَدَّةُ حَقَّ السُّكْنَى جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (وَيُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ) بِدَيْنِهِ فِي الْحَالِّ (وَبَعْدَ انْقِضَائِهَا يَقْضِي بَاقِي دَيْنِهِ مِنْ الرَّهْنِ) بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْغُرَمَاءِ، وَقِيلَ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِالْحُلُولِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ، وَيُضَارِبُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْأُجْرَةِ الْمَدْفُوعَةِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ فَيَصِيرُ إلَى آخِرِهِ بَلْ يُبَاعُ الْمَرْهُونُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ لَمْ يَفِ بِالدَّيْنِ، وَضَارَبَ بِبَاقِيهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَهُوَ لَا يُوَافِقُ مَا فِي الْأَصْلِ، وَلَمْ أَرَ لَهُ فِيهِ سَلَفًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ. (وَمَنْ ارْتَهَنَ شَيْئًا فَلَهُ اسْتِئْجَارُهُ) مُطْلَقًا (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَمَا لَهُ ارْتِهَانُ مُسْتَأْجِرِهِ (فَإِنْ كَانَ)   [حاشية الرملي الكبير] الْخَمْرِيَّةَ وَلَوْ عَصَرَهَا ذِمِّيٌّ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَلَوْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّهُ اقْتَرَنَ بِالْإِمْسَاكِ (قَوْلُهُ ثُمَّ انْقَلَبَتْ خَلًّا) أَيْ وَهِيَ فِيهَا أَوْ كَانَتْ نَجِسَةً وَإِنْ نُزِعَتْ مِنْهَا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً لَا يَمْتَنِعُ إمْسَاكُهَا لِمَنَافِعَ قَدْ تَعْرِضُ مِنْ إطْفَاءِ نَارٍ وَعَجْنِ طِينٍ س [الْبَابُ الثَّالِثُ حُكْمِ الْمَرْهُونِ بَعْدَ الْقَبْضِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ الْمَرْهُونِ إلَخْ) (قَوْلُهُ فَبَيْعُهُ وَرَهْنُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَا رَهْنُهُ لِغَيْرِهِ نَعَمْ يَجُوزُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ يَعْنِي أَنَّهُ يَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ وَيَصِحُّ الثَّانِي وَقَوْلُهُ لِغَيْرِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ مِنْهُ بِدَيْنٍ آخَرَ كَمَا سَبَقَ ر وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ مَا مَنَعْنَاهُ أَيْ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَالِانْتِفَاعَاتِ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ جَوَازُ الرَّهْنِ بِالْإِذْنِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَيَانِ وَيُجْعَلُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ السَّابِقِ كَالْبَيْعِ بِالْإِذْنِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ أَشْكَلَ بِمَا سَبَقَ مِنْ مَنْعِ رَهْنِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الرِّضَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيَكُونَ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْهُ وَيَكُونَ فَسْخًا اهـ قَالَ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَمَنَعَ شَيْخِي وَوَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَوْنَ الرِّضَا بِذَلِكَ يَتَضَمَّنُ فَسْخَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ أَوْ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ الرَّهْنِ الثَّانِي بِخِلَافِ الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ قَالَ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ قَاضِي شُهْبَةَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَزْوِيجُهُ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَلَا الْخَلِيَّةِ عِنْدَ الرَّهْنِ وَالْمُزَوَّجَةِ فَلَوْ خَالَفَ بَطَلَ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَوْ زَوَّجَهَا مِنْهُ صَحَّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) كَكِتَابَتِهِ (قَوْلُهُ لِمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ تَفْوِيتِ التَّوَثُّقِ) فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ لَكِنْ لَهُ قَتْلُهُ قِصَاصًا وَدَفْعًا وَكَذَا بِالرِّدَّةِ وَالْحِرَابَةُ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ إمَامًا. (قَوْلُهُ وَكَذَا إجَارَةٌ لَهُ) لَا لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ الْقِيمَةَ) وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عَدْلًا) أَوْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِيَدِ غَيْرِ الْعَدْلِ وَكَالْمُسْتَأْجَرِ الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ صِحَّتُهَا أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ وَالْبَارِزِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ وَهُوَ نَظِيرُ عَدَمِ بُطْلَانِ السَّلَمِ بِمَوْتِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ الْمَحِلِّ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ فِيمَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَمَنْ ارْتَهَنَ شَيْئًا فَلَهُ اسْتِئْجَارُهُ) إجَارَتُهُ مِنْ وَارِثِ الْمُرْتَهِنِ كَإِجَارَتِهِ مِنْهُ وَكَذَا مِنْ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ تَعْجِيزِهِ أَوْ سَيِّدِ الْمَأْذُونِ بَعْدَ حَجْرِهِ عَلَيْهِ وَالضَّابِطُ إجَارَتُهُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ مَنْ كَانَ وَهَذَا وَاضِحٌ وَقَدْ يَحْمِلُهُ حَامِلٌ عَلَى الْعَاقِدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 الِاسْتِئْجَارُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِلْمَرْهُونِ (فَسَلَّمَهُ عَنْ الْإِجَارَةِ لَمْ يَقَعْ عَنْ الرَّهْنِ) لِأَنَّ قَبْضَهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ (أَوْ) سَلَّمَهُ (عَنْ الرَّهْنِ) وَأَوْجَبْنَا الْبُدَاءَةَ فِي التَّسْلِيمِ فِي الْإِجَارَةِ بِالْمُؤَجَّرِ أَوْ لَمْ نُوجِبْهَا، وَوَفَّى الْمُكْتَرِي الْأُجْرَةَ أَوْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً (وَقَعَ عَنْهُمَا) ، وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ عَنْ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِيهَا مُسْتَحَقٌّ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَإِنْ سَلَّمَهُ عَنْهُمَا وَقَعَ عَنْهُمَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ بِالْأُولَى، وَلَوْ أَطْلَقَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَنْزِيلُهُ عَلَى الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ. (فَرْعٌ إذَا أَعْتَقَ) الرَّاهِنُ الْمَالِكُ (الْمُوسِرُ مَرْهُونًا مَقْبُوضًا عَتَقَ فِي الْحَالِّ) تَشْبِيهًا لِسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِسِرَايَتِهِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إلَى الْآخَرِ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ، وَغَيْرِهَا مَعَ بَقَاءِ حَقِّ الْوَثِيقَةِ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ، وَتَصِيرُ رَهْنًا كَمَا قَالَ (وَغَرِمَ قِيمَتَهُ) أَيْ وَقْتَ إعْتَاقِهِ (وَتَصِيرُ) مِنْ حِينِ غُرْمِهَا (رَهْنًا) أَيْ مَرْهُونَةً مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى عَقْدٍ، وَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ كَمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ، وَهُوَ مُرَادٌ مِنْ عَبَّرَ هُنَا، وَفِي الْفَرْعِ الْآتِي بِأَنَّهَا تُجْعَلُ رَهْنًا (أَوْ تَصَرَّفَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ إنْ حَلَّ) ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّخْيِيرِ فِيمَا إذَا حَلَّ الدَّيْنُ هُوَ الْأَوْجَهُ الْمُوَافِقُ لِبَحْثِ الشَّيْخَيْنِ هُنَا، وَلِإِطْلَاقِهِمَا فِيمَا يَأْتِي فِي أَرْشِ الْبَكَارَةِ لَكِنَّ مَنْقُولَهُمَا هُنَا عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلرَّهْنِ فِي ذَلِكَ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي نُسْخَةٍ، وَتَصَرَّفَ بِالْوَاوِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُوسِرِ الْمُوسِرُ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ فَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِهَا عَتَقَ الْقَدْرُ الَّذِي أَيْسَرَ بِقِيمَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَإِذَا نَفَّذْنَا إعْتَاقَ الْمُوسِرِ كَانَ إقْدَامُهُ عَلَيْهِ جَائِزًا كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ انْتَهَى، وَاقْتَضَاهُ أَيْضًا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِ فِي بَابِ النَّذْرِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ فِي بَحْثِ التَّنَازُعِ فِي جِنَايَةِ الْمَرْهُونِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إقْدَامُهُ عَلَيْهِ (وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ مُعْسِرٍ. وَلَوْ انْفَكَّ الرَّهْنُ) بِإِبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ لِعَجْزِهِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِيَرْهَنَهُ فَرَهَنَهُ ثُمَّ وَرِثَهُ هَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عِتْقٌ قَهْرِيٌّ مِنْ الشَّرْعِ أَوْ لَا لِتَعَلُّقِ الْوَثِيقَةِ بِهِ أَوْ يُقَالُ إنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ، وَإِلَّا فَلَا فِيهِ نَظَرٌ (وَلَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ الرَّاهِنُ الْعِتْقَ (بِفَكَاكِ الرَّهْنِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا (فَانْفَكَّ عَتَقَ) إذْ لَمْ يُوجَدْ حَالَ الرَّهْنِ إلَّا التَّعْلِيقُ، وَهُوَ لَا يَضُرُّ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِصِفَةٍ) أُخْرَى (فَوُجِدَتْ، وَقَدْ انْفَكَّ) الرَّهْنُ بِأَنْ انْفَكَّ مَعَ وُجُودِهَا أَوْ قَبْلَهُ (عَتَقَ) أَيْضًا لِمَا مَرَّ (أَوْ) وُجِدَتْ (وَهُوَ مَرْهُونٌ فَكَعِتْقِهِ) بِمَعْنَى إعْتَاقِهِ فَيَعْتِقُ مِنْ الْمُوسِرِ دُونَ الْمُعْسِرِ (ثُمَّ وَقْفُهُ) أَيْ الرَّاهِنُ لِلْمَرْهُونِ (بَاطِلٌ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (وَإِنْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ ثُمَّ) أَعْتَقَ نِصْفَهُ فَإِنْ (أَعْتَقَ نِصْفَهُ الْمَرْهُونَ عَتَقَ مَعَ بَاقِيهِ عَلَى الْمُوسِرِ) دُونَ الْمُعْسِرِ (أَوْ) أَعْتَقَ نِصْفَهُ (غَيْرَ الْمَرْهُونِ أَوْ أَطْلَقَ عِتْقَ غَيْرِ الْمَرْهُونِ) مِنْ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ (وَسَرَى) إلَى الْمَرْهُونِ (عَلَى الْمُوسِرِ) دُونَ الْمُعْسِرِ لِأَنَّهُ يَسْرِي إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَمِلْكُهُ أَوْلَى (وَيَنْفُذُ عِتْقُ الْمَرْهُونِ مِنْ الْمُوسِرِ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَا) عَنْ (كَفَّارَةِ غَيْرِهِ) بِسُؤَالِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إنْ وَقَعَ بِعِوَضٍ، وَإِلَّا فَهِبَةً، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ فَانْتَقَلَتْ الْعَيْنُ إلَى وَارِثِهِ فَأَعْتَقَهَا عَنْ مُوَرِّثِهِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَرْهَنْهُ، وَلَكِنْ مَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ مَرْهُونًا، وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ إعْتَاقُهُ عَنْ مُوَرِّثِهِ كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ إعْتَاقَهُ كَإِعْتَاقِهِ، وَلَا تُرَدَّانِ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِي إعْتَاقِ الرَّاهِنِ نَفْسَهُ، وَفِي الرَّهْنِ الْجُعْلِيِّ لَا غَيْرُهُمَا ثُمَّ ظَاهِرٌ أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَنْ الْمُرْتَهِنِ جَائِزٌ كَالْبَيْعِ مِنْهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَنْزِيلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ أَعْتَقَ الرَّاهِنُ الْمَالِكُ الْمُوسِرُ مَرْهُونًا مَقْبُوضًا عَتَقَ فِي الْحَالِّ] (قَوْلُهُ عَتَقَ فِي الْحَالِ إلَخْ) لِأَنَّهُ عِتْقٌ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُبَعَّضُ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ فَرَهَنَ عِنْدَهُ بَعْضَهُ صَحَّ وَلَا يَجُوزُ لَهُ إعْتَاقُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ كَالْمُرْتَهِنِ الْأَجْنَبِيِّ د (قَوْلُهُ مِنْ حِينِ غُرْمِهَا) الَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا تَكُونُ رَهْنًا فِي الذِّمَّةِ كَالْأَرْشِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ قِيمَةِ الْعَتِيقِ وَقِيمَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا أَيْضًا قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ حِينِ غُرْمِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ الْآتِي أَنَّ جِنَايَةَ الرَّاهِنِ لَا يَكُونُ بَدَلُهَا رَهْنًا فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَمَسْأَلَتُنَا كَذَلِكَ تَكُونُ قِيمَةُ الْعَتِيقِ رَهْنًا وَلَوْ قَبْلَ غُرْمِهَا (قَوْلُهُ لَكِنَّ مَنْقُولَهُمَا هُنَا إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ خِلَافًا وَمَقْصُودُ الْأَوَّلِينَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِهَا رَهْنًا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ طَلَبَهُ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَقْضِ الرَّاهِنُ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ قَالَ فِي الْمَيْدَانِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ فِيمَا إنْ وَطِئَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَةَ وَغَرَّمْنَاهُ أَرْشَ الْبَكَارَةِ أَنَّهُ إنْ شَاءَ جَعَلَهُ رَهْنًا وَإِنْ شَاءَ صَرَفَهُ إلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُوسِرِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ فَقَدْ بَحَثْت أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِيَسَارِهِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ وَيُوَفَّى حَالًّا قَالَ وَعَلَى هَذَا فَالْمُعْتَبَرُ عِنْدِي فِي هَذَا التَّصْوِيرِ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ وَالدَّيْنِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ التَّحْقِيقُ. وَقَوْلُهُ إنَّهُ التَّحْقِيقُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِذَا نَفَّذْنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ مُعْسِرٍ إلَخْ) لِأَنَّهُ عِتْقٌ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَلِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ حِينَ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ كَالْمَحْجُورِ يُعْتَقُ ثُمَّ يَرْشُدُ (قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ إنْ كَانَ مُوسِرًا إلَخْ) وَهَذَا أَوْجَهُهَا. (تَنْبِيهٌ) لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ ثُمَّ رَهَنَهُ إلَى أَجَلٍ يَحِلُّ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ فَلَمْ يَتَّفِقْ بَيْعُهُ قَبْلَ وُجُودِهَا ثُمَّ وُجِدَتْ فَهَلْ يَعْتِقُ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ أَوْ يَكُونُ كَعِتْقِ الْمَرْهُونِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ وُجُودِ الصِّفَةِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا قَالَ شَيْخُنَا بَعْدُ إنَّ الْحَقَّ قَبْلَ قَوْلِ وَالِدِهِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا لَفْظَةُ قِيلَ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ قَبْلَ هَذَا الْمَحَلِّ بِأَوْرَاقٍ (قَوْلُهُ فَكَعِتْقِهِ) بِمَعْنَى إعْتَاقِهِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَنْجِيزٌ (قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ إعْتَاقَهُ كَإِعْتَاقِهِ) وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ مُوسِرٌ رَقِيقَهُ الْمَرْهُونَ عَنْ كَفَّارَةِ مُوَرِّثِهِ صَحَّ بِخِلَافِ إعْتَاقِ الْأَجْنَبِيِّ عَنْهُ لِاجْتِمَاعِ عَدَمِ النِّيَابَةِ وَبَعْدَ إتْيَانِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 (فَصْلٌ) (يَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (وَطْءُ مَرْهُونَةٍ، وَلَوْ ثَيِّبًا لَا تَحْبَلُ) لِخَوْفِ الْحَبَلِ فِيمَنْ تَحْبَلُ، وَحَسْمًا لِلْبَابِ فِي غَيْرِهَا نَعَمْ لَوْ خَافَ الزِّنَا لَوْ لَمْ يَطَأْهَا فَلَهُ وَطْؤُهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ كَالْمُضْطَرِّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَخَرَجَ بِالرَّاهِنِ الزَّوْجُ بِأَنْ رُهِنَتْ زَوْجَتُهُ، وَلَوْ بِأَنْ يَكُونَ اسْتَعَارَهَا هُوَ لِلرَّهْنِ لَكِنْ قَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَخِيرَةَ بِأَنْ تَكُونَ حَامِلًا مِنْهُ قَالَ فَلَهُ وَطْؤُهَا مَا دَامَتْ حَامِلًا، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ بَقِيَّةُ التَّمَتُّعَاتِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَبِهِ حَرَّمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ، وَغَيْرُهُ بِحُرْمَتِهَا أَيْضًا خَوْفَ الْوَطْءِ، وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا خَافَ الْوَطْءَ وَالْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا أَمِنَهُ (فَإِنْ وَطِئَ) الرَّاهِنُ (لَمْ يَلْزَمْهُ) مَعَ التَّعْزِيرِ بِشَرْطِهِ (سِوَى أَرْشِ الْبَكَارَةِ) فِي الْبِكْرِ لِإِتْلَافِهِ جُزْءَ الْمَرْهُونِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ مِنْ حَدٍّ وَمَهْرٍ لِأَنَّهُ أَصَابَ مِلْكَهُ، وَلِهَذَا لَوْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ كَانَ الْمَهْرُ لَهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ لَوْ وَطِئَهَا سَيِّدُهَا أَوْ غَيْرُهُ كَانَ الْمَهْرُ لَهَا لِاسْتِقْلَالِهَا ثُمَّ الرَّاهِنِ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ الْأَرْشِ (يَرْهَنُهُ أَوْ يَقْضِيهِ) أَيْ يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ، وَفِي نُسَخٍ أَوْ يُقَبِّضُهُ أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ دَيْنِهِ فَيُقْرَأُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ (وَإِحْبَالُهُ كَإِعْتَاقِهِ) فَيَنْفُذُ مِنْ الْمُوسِرِ دُونَ الْمُعْسِرِ. وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا، وَتَكُونُ رَهْنًا أَوْ تُصْرَفُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ إنْ حَلَّ، وَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ نَسِيبٌ، وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهَا الدَّيْنُ (فَيُبَاعُ عَلَى الْمُعْسِرِ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَإِنْ نَقَصَهَا التَّشْقِيصُ) رِعَايَةً لِحَقِّ الْإِيلَادِ، وَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ عَنْ بَاقِيهَا، وَيَسْتَقِرُّ الْإِيلَادُ فِيهَا، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَالْمُوَلِّدِ بِحَسَبِ نَصِيبِهِمَا، وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلَ (بِخِلَافِ غَيْرِهَا) مِنْ نَحْوِ رَقِيقٍ رُهِنَ بِخَمْسِينَ، وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَكَانَ لَا يُشْتَرَى نِصْفُهُ إلَّا بِأَرْبَعِينَ، وَيُشْتَرَى الْكُلُّ بِمِائَةٍ فَلَا يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ بَلْ يُبَاعُ كُلُّهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ (لَكِنْ) لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ الْمُسْتَوْلَدَةِ إلَّا (بَعْدَ أَنْ تَضَعَ وَلَدَهُ) لِأَنَّهَا حَامِلٌ بِحُرٍّ (وَ) بَعْدَ أَنْ (تَسْقِيَهُ اللُّبَا، وَتُوجِدَ مُرْضِعَةً) خَوْفًا مِنْ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا الْمُشْتَرِي فَيَهْلِكُ الْوَلَدُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي إجَارَتِهَا أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُضَارِبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي مُدَّةِ الصَّبْرِ (فَإِنْ اسْتَغْرَقَهَا الدَّيْنُ أَوْ عَدَمُ مُشْتَرِي الْبَعْضِ بِيعَتْ كُلُّهَا) بَعْدَمَا ذَكَرَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي الْأُولَى، وَلِلضَّرُورَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِذَا بِيعَ بَعْضُهَا أَوْ كُلُّهَا عِنْدَ وُجُودِ مُرْضِعَةٍ فَلَا يُبَالِي بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ حُرٌّ (، وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلرَّاهِنِ (أَنْ يَهَبَهَا لِلْمُرْتَهِنِ) بِخِلَافِ الْبَيْعِ (لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا مَلَكَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ) فِي الدَّيْنِ أَوْ انْفَكَّ الرَّهْنُ عَنْهَا بِغَيْرِ بَيْعٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (نَفَذَ اسْتِيلَادُهُ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَقْتَضِي الْعِتْقَ فِي الْحَالِّ فَإِذَا رُدَّ لَغَا، وَالْإِيلَادُ فِعْلٌ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ فِي الْحَالِّ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَإِذَا زَالَ حَقُّ الْغَيْرِ ثَبَتَ حُكْمُهُ. (فَرْعٌ: وَلَوْ مَاتَتْ هَذِهِ) الْأَمَةُ الَّتِي أَوْلَدَهَا الرَّاهِنُ (بِالْوِلَادَةِ أَوْ نَقَصَتْ) بِهَا (وَهُوَ مُعْسِرٌ) حَالَ الْإِيلَادِ (فَأَيْسَرَ طُولِبَ بِقِيمَتِهَا) فِي الْأُولَى، وَكَانَتْ رَهْنًا مَكَانَهَا (أَوْ بِالْأَرْشِ) فِي الثَّانِيَةِ، وَكَانَ رَهْنًا مَعَهَا لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إلَى إهْلَاكِهَا أَوْ نَقْصِهَا بِالْإِحْبَالِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، وَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (، وَمَوْتُ أَمَةِ الْغَيْرِ بِالْوِلَادَةِ مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ لَا زِنَا، وَلَوْ) كَانَ الزِّنَا (إكْرَاهًا) أَيْ بِهِ (يُوجِبُ قِيمَةَ الْأَمَةِ) لِمَا مَرَّ (لَا) مَوْتُ حُرَّةٍ بِالْوِلَادَةِ، وَلَوْ مِنْ شُبْهَةٍ فَلَا يُوجِبُ (دِيَةَ الْحُرَّةِ) لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الرَّاهِنِ وَطْءُ مَرْهُونَةٍ] فَصْلٌ) (قَوْلُهُ فَلَهُ وَطْؤُهَا فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَالَ فِي التَّوَسُّطِ إنَّهُ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَنْ يَكُونَ اسْتَعَارَهَا لِلرَّهْنِ) قَالَ شَيْخُنَا مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَخِيرَةَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ وَرَهَنَهَا وَكَانَتْ حَامِلًا مِنْهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا مَا دَامَتْ حَامِلًا وَإِنْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ أَنْ رَهَنَهَا لِفَقْدِ الْمَحْذُورِ. اهـ. مَا بَحَثَهُ جَارٍ عَلَى غَيْرِ مُرَجَّحِ الشَّيْخَيْنِ أَمَّا عَلَى مُرَجَّحِهِمَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ بَقِيَّةُ التَّمَتُّعَاتِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فِي بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ مَا لَفْظُهُ إنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْمَرْهُونَةِ مُبَاحٌ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُقَبِّلَهَا وَيَلْمِسَهَا حَتَّى قَالَ أَصْحَابُنَا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يَحْمِلُ مِثْلُهَا فَلَهُ أَنْ يَطَأَهَا فَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْأَصْحَابِ مُطْلَقًا ع وَيُشْبِهُ أَنْ يَتَأَوَّلَ كَلَامَ مَنْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الصَّغِيرِ عَلَى مَنْ قَدْ تَحْبَلُ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْأَصْحَابِ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِحَمْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حَالَةٍ وَقَوْلُهُ فَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْأَصْحَابِ مُطْلَقًا قَالَ ع فِي الْخَادِمِ وَهَذَا غَرِيبٌ وَقِيلَ إنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحَ خَلْقٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَنْ لَا تَحْبَلُ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَمِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ هُنَا. (قَوْلُهُ وَقَدْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ يَرْهَنُهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا) أَيْ يَوْمَ الْعَلُوقِ (قَوْلُهُ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ) شَمَلَ مَا لَوْ كَانَتْ مَرْهُونَةً عِنْدَ أَبِيهِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا حَقَّ لَهُ فِي وَلَدِ الْمَرْهُونَةِ بِحَالٍ (قَوْلُهُ فَيُبَاعُ عَلَى الْمُعْسِرِ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ إلَخْ) وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا قَبْلَ بَيْعِهَا لَمْ يَبِعْ وَلَدَهَا وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَوْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُسْتَوْلِدُ مَعَ أَوْلَادِهَا الْحَادِثِينَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ حُكْمُ الْأُمِّ عَلَى الْأَصَحِّ لِانْعِقَادِهِمْ فِي حَالَةِ الْأُمِّ فِيهَا لَيْسَ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ مُتَحَتِّمًا لَهَا فَلَوْ بِيعَ بَعْضُهَا فِي الدَّيْنِ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَدًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَوْلِدُ مَا بِيعَ مِنْهَا وَمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَرِي مِنْ وَلَدِهَا الْحَادِثِ فَإِنَّهُ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَتْ كُلُّهَا وَبَعْضُ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي إجَارَتِهَا أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِيعَتْ كُلُّهَا) لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ بَيْعِهَا فَإِنْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِأَدَائِهِ عَتَقَتْ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ فَهَلْ نَقُولُ هِيَ مَوْرُوثَةٌ أَوْ الْأَمْرُ فِيهَا مَوْقُوفٌ أَوْ نَقُولُ لَا مِيرَاثَ ظَاهِرًا فَإِنْ بِيعَتْ ثَبَتَ الْمِيرَاثُ يَحْتَمِلُ آرَاءٌ أَقَرَّ بِهَا الْأَخِيرُ فَلَوْ اكْتَسَبَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُسْتَوْلِدِ وَقَبْلَ بَيْعِهَا فَإِنْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ فَكَسْبُهَا لَهَا وَإِنْ بِيعَتْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْكَسْبَ لِلْوَارِثِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ) وَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْهِبَةِ (قَوْلُهُ فَإِذَا زَالَ حَقُّ الْغَيْرِ ثَبَتَ حُكْمُهُ) بِدَلِيلِ مَا لَوْ بِيعَتْ فِي الرَّهْنِ ثُمَّ مَلَكَهَا فَإِنَّهُ يَنْفُذُ إيلَادُهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ فِي الْأَمَةِ لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، وَالْعَلُوقُ مِنْ آثَارِهِ فَأَدَمْنَا بِهِ الْيَدَ، وَالِاسْتِيلَاءَ، وَالْحُرَّةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، وَالِاسْتِيلَاءِ أَمَّا الْمَوْتُ بِالْوِلَادَةِ بِالزِّنَا فَلَا يُوجِبُ شَيْئًا لِأَنَّهَا فِي الزِّنَا لَا تُضَافُ إلَى وَطْئِهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَ نَسَبَ الْوَلَدِ عَنْهُ، وَلَوْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ بِالْوِلَادَةِ فَلَا ضَمَانَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُسْتَحَقٍّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (وَالْوَاجِبُ) فِيمَا إذَا أَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ (قِيمَةُ يَوْمِ) ، وَفِي نُسْخَةٍ وَقْتِ (الْإِحْبَالِ) لِأَنَّهُ سَبَبُ التَّلَفِ كَمَا لَوْ جَرَحَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَبَقِيَ ضِمْنًا حَتَّى مَاتَ، وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ لَزِمَهُ مِائَةٌ. (فَصْلٌ) (لِلرَّاهِنِ انْتِفَاعٌ لَا يَنْقُصُ الرَّهْنَ) أَيْ الْمَرْهُونَ (كَرُكُوبٍ، وَسُكْنَى، وَاسْتِخْدَامٍ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا» ، وَلِخَبَرِ «الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ، وَمَحْلُوبٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَهُ (وَلُبْسٍ، وَإِنْزَاءِ فَحْلٍ لَا يَنْقُصَانِهِ) أَيْ الْمَرْهُونَ (وَإِنْزَاءٍ عَلَى أُنْثَى يَحِلُّ الدَّيْنُ قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلِهَا أَوْ تَلِدُ قَبْلَ حُلُولِهِ لَا) إنْ حَلَّ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ ظُهُورِ حَمْلِهَا، وَلَمْ تَلِدْ قَبْلَ الْحُلُولِ فَلَيْسَ لَهُ الْإِنْزَاءُ عَلَيْهَا (لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا دُونَهُ) أَيْ الْحَمْلِ، وَهُوَ غَيْرُ مَرْهُونٍ، وَلَا يُؤَثِّرُ احْتِمَالُ بَيْعِهَا مَعَهُ بِغَيْرِ تَوْزِيعٍ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَحَيْثُ أَنْزَى عَلَيْهَا فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ قَبْلَ الْبَيْعِ امْتَنَعَ بَيْعُهَا دُونَهُ قَبْلَ الْوَضْعِ أَوْ بَعْدَ الْبَيْعِ فَالظَّاهِرُ تَبَيُّنُ بُطْلَانِهِ، وَحَيْثُ أَخَذَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ لِلِانْتِفَاعِ الْجَائِزِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ (وَلَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ، وَإِنْ قَصُرَ سَفَرُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ بِهِ كَأَنْ جَلَا أَهْلُ الْبَلَدِ لِخَوْفٍ أَوْ قَحْطٍ أَوْ نَحْوِهِ كَانَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ (وَلَا الْبِنَاءُ، وَالْغِرَاسُ) فِي الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، وَلَمْ يَلْتَزِمْ قَلْعَهُمَا عِنْدَ فَرَاغِ الْأَجَلِ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَيُشْبِهُ أَنْ يُسْتَثْنَى الْبِنَاءُ الْخَفِيفُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِاللَّبِنِ، وَنَحْوِهِ كَمِظَلَّةِ النَّاطُورِ لِأَنَّهُ يُزَالُ عَنْ قُرْبٍ كَالزَّرْعِ، وَلَا تَنْقُصُ بِهِ الْقِيمَةُ (وَلَهُ زِرَاعَةُ مَا يُدْرِكُ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ) أَوْ مَعَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (إنْ لَمْ تَنْقُصْ) أَيْ الزِّرَاعَةُ (قِيمَةَ الْأَرْضِ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا أَوْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا يُدْرَكُ بَعْدَ الْحُلُولِ (فَلَا) يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِضَرَرِ الْمُرْتَهِنِ (فَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ) فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ (قَبْلَ إدْرَاكِهِ) أَيْ الزَّرْعِ (لِعَارِضٍ تُرِكَ إلَى الْإِدْرَاكِ فَإِنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ) حَيْثُ مَنَعْنَاهُ (لَمْ يَقْلَعْ إلَّا عِنْدَ) دُخُولِ وَقْتِ (الْبَيْعِ) ، وَهُوَ بَعْدَ الْحُلُولِ (إنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا) أَيْ الْأَرْضِ (بِالْقَلْعِ) عَلَى قِيمَتِهَا بِدُونِهِ (فِي قَضَاءِ) دَيْنِ (الْغَرِيمِ) سَوَاءٌ أَحَصَلَ بِالزِّيَادَةِ وَفَاءُ الدَّيْنِ أَمْ لَا فَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ أَوْ حَلَّ، وَلَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ بِالْقَلْعِ أَوْ زَادَتْ عَلَى مَا يَقْضِي الدَّيْنَ لَا يَقْلَعُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ فِي الْأُولَى رُبَّمَا يَقْضِي الدَّيْنَ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ، وَمَحِلِّ قَلْعِهِ فِيمَا قَالَهُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ مَعَ الْأَرْضِ فَإِنْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ مَعَهَا بِيعَا، وَوَزَّعَ الثَّمَنَ كَمَا فِي رَهْنِ الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْأَرْضِ بَيْضَاءَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا مَعَ مَا فِيهَا فَيُكَلَّفُ الْقَلْعَ (فَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (بِفَلَسٍ فَقَدْ مَرَّ) فِي فَصْلٍ يَصِحُّ رَهْنُ الْجَارِيَةِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ مَاتَتْ الْأَمَةُ الَّتِي أَوْلَدَهَا الرَّاهِنُ بِالْوِلَادَةِ أَوْ نَقَصَتْ وَهُوَ مُعْسِرٌ حَالَ الْإِيلَادِ فَأَيْسَرَ] قَوْلُهُ أَمَّا الْمَوْتُ بِالْوِلَادَةِ بِالزِّنَا إلَخْ) وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْغَصْبِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ أَحْبَلَ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَالِكِهَا فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِأَنَّ صُورَتَهُ إذَا حَصَلَ مَعَ الزِّنَا اسْتِيلَاءٌ تَامٌّ عَلَيْهَا بِحَيْثُ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ [فَصْلٌ لِلرَّاهِنِ انْتِفَاعٌ لَا يَنْقُصُ الرَّهْنَ كَرُكُوبٍ وَسُكْنَى وَاسْتِخْدَامٍ] (قَوْلُهُ وَاسْتِخْدَامٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ اسْتِخْدَامَ الْأَمَةِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إذَا مَنَعْنَاهُ الْوَطْءَ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا حَذَرًا مِنْهُ وَيُسَاعِدُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ بِمَنْعِ الْخَلْوَةِ بِهَا وَحِينَئِذٍ تُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَإِنْزَاءٍ عَلَى أُنْثَى) يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ جَوَازُ الْإِنْزَاءِ عَلَى الْأُنْثَى بِلَا إذْنٍ بِمَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ لَا يُعَدُّ فِيهَا عَيْبًا لَوْ ظَهَرَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَحَيْثُ أَخَذَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ لِلِانْتِفَاعِ إلَخْ) لَوْ تَلِفَ إمَّا بِدَعْوَاهُ مَعَ الْيَمِينِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَلَكِنْ لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ كَالْمُرْتَهِنِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ بِيَمِينِهِ مَعَ أَنَّ الرَّاهِنَ ائْتَمَنَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ عَلَى الْعَكْسِ مَعَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُجْبَرٌ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ شَرْعًا اهـ وَفِي الْبَحْرِ التَّصْرِيحُ بِنَفْيِ الضَّمَانِ فَقَالَ فَرْعٌ رَهَنَ الْوَصِيُّ عَبْدَ الْيَتِيمِ ثُمَّ اسْتَعَارَهُ الْوَصِيُّ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ اسْتَعَارَهُ لِلْيَتِيمِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا وَإِنْ اسْتَعَارَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَضَمِنَ وَكَذَا إنْ اسْتَعَارَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اسْتَعَارَهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ بِهِ إلَخْ) وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رَدِّهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَا وَكِيلِهِ وَلَا أَمِينٍ وَلَا حَاكِمٍ وَكَذَا لَوْ وَقَعَ نَهْبٌ أَوْ إغَارَةٌ فِي الْقَرْيَةِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَهَابُهُ إنْ أَقَامَ بِهِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رَدِّهِ إلَى وَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا نَعَمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رَهَنَهُ وَأَقْبَضَهُ فِي السَّفَرِ أَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِهِ إلَى نَحْوِ مَقْصِدِهِ لِلْقَرِينَةِ وَقِسْ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ وَلَا الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ) يُسْتَثْنَى مَا إذَا غَرَسَ مِنْ قُضْبَانِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا مَنْعَ الْغِرَاسِ بِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَبِيعَتْ الْأَرْضُ وَحْدَهَا وَبَيْعُ الْأَرْضِ دُونَ غِرَاسِهَا يَنْقُصُ قِيمَتَهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَنْقُصَ الْغُصْنُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الشَّجَرَةِ قِيمَتَهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَنْقِيصُ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ الثَّانِي أَنْ لَا تَنْقُصَ الْقِيمَةُ بِالْغِرَاسِ الْمُسْتَجِدِّ ع (قَوْلُهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ قَلْعُهُمَا عِنْدَ فَرَاغِ الْأَجَلِ) أَوْ الْتَزَمَهُ وَكَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُسْتَثْنَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَعَهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الدَّارِمِيِّ وَإِنْ زَرَعَهَا وَقُلْنَا يَجُوزُ وَكَانَ يَحْصُدُ مَعَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ صَحَّ وَلَفْظُ الْأُمِّ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الزَّرْعِ الَّذِي يَحِلُّ قَبْلَ الْمَحِلِّ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ) لِضَرَرِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا إنْ قَالَ أَنَا أَقْلَعُهُ عِنْدَ الْمَحِلِّ (قَوْلُهُ لَمْ يَقْلَعْ إلَّا عِنْدَ الْبَيْعِ إلَخْ) شَمَلَ كَلَامُهُمْ مَا إذَا وَقَفَ الرَّاهِنُ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ وَمَا إذَا كَانَ عَلَى الشَّجَرِ ثَمَرَةٌ وَبَاعَهَا بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ إلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ وَحَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَهُ وَمَا إذَا آجَرَ الْبِنَاءَ مُدَّةً وَحَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ مُضِيِّهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 أَنَّهُ لَا يَقْلَعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا فِي الْأَرْضِ، وَأَنَّهُمَا يُبَاعَانِ مَعًا، وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعَلَى مَا رَجَّحَهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي، وَغَيْرُهُمْ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَّلَ قَوْلَهُ فَقَدْ مَرَّ فَوَجْهَانِ فَعَلَيْهَا لَا زِيَادَةَ (فَصْلٌ) (الْيَدُ) عَلَى الْمَرْهُونِ (بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُرْتَهِنِ) لِأَنَّهَا الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ فِي التَّوَثُّقِ (وَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ مِنْهُ) عِنْدَ حَاجَتِهِ لِانْتِفَاعِهِ بِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ بَقَائِهِ (إنْ كَانَ لَهُ مَنْفَعَةٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا، وَهُوَ مَعَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ كَرُكُوبٍ، وَخِدْمَةٍ، وَسُكْنَى بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ ذَلِكَ، وَهُوَ مَعَهُ كَحِرْفَةٍ لِلْعَبْدِ يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَهَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَأْخُذُهُ الرَّاهِنُ لِعَمَلِهَا جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، وَلَهُ أَخْذُهُ لِلْخِدْمَةِ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِتَفْوِيتِهِ كَنَقْدٍ فَلَا يَأْخُذُهُ لِذَلِكَ أَصْلًا (وَلَهُ) إنْ لَمْ يَثِقْ بِهِ كَمَا فِي الْأَصْلِ (تَكْلِيفُهُ الْإِشْهَادَ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ لِئَلَّا يَجْحَدَ الرَّهْنَ (لَا كُلَّ مَرَّةٍ) لِلْمَشَقَّةِ (إنْ كَانَ عَدْلًا) ظَاهِرًا وَإِلَّا فَيُكَلِّفُهُ ذَلِكَ كُلَّ مَرَّةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْعَدْلِ لَكِنْ لَا كُلَّ مَرَّةٍ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَصْلًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَإِذَا أَشْهَدَ قَالَ الشَّيْخَانِ يُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَوْ رَجُلًا، وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّهُ فِي الْمَالِ، وَقَاسَهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ مَعَ الْيَمِينِ كَمَا اكْتَفَى هُوَ بِهِ فِي الْفَسْخِ بِعَيْبِ الْمَبِيعِ كَمَا مَرَّ (وَلَا يُعْطَى) الرَّاهِنُ (الْجَارِيَةَ إلَّا إنْ أُمِنَ غَشَيَانُهُ) لَهَا (لِكَوْنِهِ مَحْرَمًا أَوْ ثِقَةً لَهُ أَهْلٌ) أَوْ نَحْوَهُ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ مَحْرَمٌ أَوْ نِسْوَةٌ يُؤْمَنُ مَعَهُنَّ مِنْهُ عَلَيْهَا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي وَضْعِهَا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ (وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ) بِشَرْطِهِ السَّابِقِ (وَأَمْكَنَ) الِانْتِفَاعُ بِهِ (فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ تَزُلْ يَدُهُ) ، وَإِلَّا أُزِيلَتْ (فَإِنْ أَرَادَ اسْتِخْدَامَهُ فِي شَيْءٍ آخَرَ يُحْوِجُ إلَى خُرُوجِهِ) مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ (أُجِيبَ، وَمَا لَا يَدُومُ اسْتِيفَاءُ مَنَافِعِهِ) عِنْدَ الرَّاهِنِ (يَرُدُّهُ) إلَى الْمُرْتَهِنِ (عِنْدَ الِاكْتِفَاءِ) بِمَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْهُ (فَيَرُدُّ الْخَادِمَ، وَالْمَرْكُوبَ) اللَّذَيْنِ يَنْتَفِعُ بِهِمَا فِي النَّهَارِ (لَيْلًا) أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالرَّاحَةِ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَابْنُ الرِّفْعَةِ لِزَوَالِ حَاجَتِهِ قَالَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرُدَّهُ وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ فِي الصَّيْفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ (وَ) يَرُدُّ (الْحَارِسَ) الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ فِي اللَّيْلِ (نَهَارًا) لِمَا مَرَّ، وَذِكْرُ الْحَارِسِ مِثَالٌ أَمَّا مَا يَدُومُ اسْتِيفَاءُ مَنَافِعِهِ فَلَا رَدَّ فِيهِ (فَرْعٌ لَا تُزَالُ يَدُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَحْبُوسِ بِالثَّمَنِ لِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهِ) لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ (بَلْ يَسْتَكْسِبُ) فِي يَدِهِ لِلْمُشْتَرِي، وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَحْبُوسِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ الْمَحْبُوسِ (فَرْعٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا مَنَعَ مِنْهُ لِأَجْلِهِ نَفَذَ) فِيهِ (تَصَرُّفُهُ) لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِحَقِّهِ، وَقَدْ زَالَ بِإِذْنِهِ (، وَإِحْبَالُهُ) هُوَ دَاخِلٌ فِي تَصَرُّفِهِ (وَبَطَلَ الرَّهْنُ) بِذَلِكَ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْوَطْءِ فَوَطِئَ ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ إلَيْهِ مُنِعَ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ أَوَّلَ مَرَّةٍ إلَّا أَنْ تَحْبَلَ مِنْ تِلْكَ الْوَطْأَةِ فَلَا مَنْعَ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ بَطَلَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ فَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَتَعَاقَبُ قَالَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْيَدُ عَلَى الْمَرْهُونِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُرْتَهِنِ] فَصْلٌ الْيَدُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُرْتَهِنِ) (قَوْلُهُ وَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ مِنْهُ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِالْخِيَانَةِ فَإِنْ كَانَ فَلَيْسَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّهُ إلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ وَإِنْ أَشْهَدَ قَالَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي تَلَفَهُ كَذِبًا ع قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُمُهُ وَيَدَّعِي تَلَفَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ أَوْ إبَاقَهُ أَوْ نَحْوَهَا أَوْ يُتْلِفُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ يُخْفِي مَالَهُ وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ إنَّهُ إذَا كَانَ يَخَافُ مِنْهُ إتْلَافَ الْمَرْهُونِ وَالْخِيَانَةَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يُؤَجِّرَهُ وَيَدْفَعَ الْأُجْرَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ إلَخْ) النَّفْيُ فِي كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْفِعْلِ وَالْقَيْدِ مَعًا مِثْلُ قَوْلِهِ وَلَا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِرُ أَيْ لَا ضَبَّ وَلَا انْجِحَارَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] أَيْ لَا شَفَاعَةَ وَلَا طَاعَةَ وَحِينَئِذٍ يُفِيدُ نَفْيُ أَصْلِ الْفِعْلِ قَالَ الْإِمَامُ وَمَنْ رَاعَى الْإِشْهَادَ قَالَ لَوْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْخِيَانَةِ لَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ وَإِنْ أَشْهَدَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُمُهُ وَيَدَّعِي تَلَفَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ أَوْ إبَاقَهُ وَنَحْوَهَا أَوْ يُتْلِفُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ يُخْفِي مَالَهُ وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلسُّبْكِيِّ نَحْوُهُ. (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ) وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيَشْهَدُ لَا ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَيَشْهَدَانِ اتَّهَمَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ الِاكْتِفَاءَ بِالْإِشْهَادِ أَوَّلَ دَفْعَةٍ وَأَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ لَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَتَكْفِي عَدَالَتُهُ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُحَرَّمًا) أَوْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا كَمُسْلِمٍ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَيَرُدُّ الْخَادِمَ وَالْمَرْكُوبَ لَيْلًا) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ فِي اللَّيْلِ إلَى قَوْلِهِ لَيْلًا لِيُعَرِّفَك أَنَّ رَدَّهُمَا غَيْرُ وَاجِبٍ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ بَلْ فِي وَقْتٍ مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يَرَاحَانِ فِيهِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا} [الإسراء: 1] (قَوْلُهُ فَرْعٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا مَنَعَ مِنْهُ لِأَجَلِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ ظَاهِرُهُ جَوَازُ الرَّهْنِ بِالْإِذْنِ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ الْمُتَقَدِّمِ كَالْبَيْعِ بِالْإِذْنِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ أَشْكَلَ مَا سَبَقَ مِنْ مَنْعِ رَهْنِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الرِّضَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيَكُونَ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْهُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ. اهـ. وَمَنَعَ جَمَاعَةٌ كَوْنَ الرِّضَا بِذَلِكَ يَتَضَمَّنُ فَسْخَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ أَوْ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ الرَّهْنِ الثَّانِي بِخِلَافِ الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ لَا يُشْكِلُ بِذَلِكَ لِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَرْهَنَ بِهِ الْمَرْهُونَ مَعَ بَقَاءِ رَهْنِيَّتِهِ بِالْأَوَّلِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي رَهْنِهِ مَعَ غَيْرِهِ مَعَ بَقَاءِ رَهْنِيَّتِهِ بِدَيْنِهِ قَالَ شَيْخُنَا هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ مَمْنُوعٌ إذْ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ مِنْهُ بِدَيْنٍ آخَرَ إلَّا بَعْدَ فَسْخِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ) وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِعْتَاقِ فَرَدَّ الْإِذْنَ وَقَالَ لَا أَعْتِقُهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ نَفَذَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِحَقِّهِ) وَقَدْ زَالَ بِإِذْنِهِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ ارْتَهَنَ لِنَفْسِهِ وَبَقَاءُ أَهْلِيَّتِهِ إلَى حِينِ التَّصَرُّفِ وَهَذَا فِي الْبَيْعِ لَا لِوَفَاءِ الدَّيْنِ الْحَالِّ أَمَّا لَوْ كَانَ لِأَجَلِهِ فَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ فُسِخَ بِخِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ دَامَ الرَّهْنُ فِيمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ غَيْرِهِ يُفْهِمُ خِلَافَ قَوْلِهِ حَيْثُ قَالَ، وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ مَعَ بَقَاءِ الْمِلْكِ كَالْوَطْءِ إذَا أَذِنَ فِيهِ وَوَطِئَ، وَلَمْ تَحْبَلْ فَلَهُ الرُّجُوعُ أَيْضًا لِيَمْتَنِعَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَهُ (فَإِنْ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ) عَنْ إذْنِهِ لِلرَّاهِنِ (قَبْلَ التَّصَرُّفِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الرَّاهِنُ) الرُّجُوعَ حَتَّى تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إعْتَاقِهِ وَإِيلَادِهِ، وَهُوَ مُوسِرٌ (لَمْ يَنْفُذْ) تَصَرُّفُهُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْإِذْنِ، وَرُجُوعُ الْمُرْتَهِنِ عَنْ إذْنِهِ جَائِزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِبَقَاءِ حَقِّهِ كَمَا أَنَّ لِلْمَالِكِ الرُّجُوعَ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ (وَلِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَ الرَّاهِنُ بِإِذْنِهِ) فِي الْهِبَةِ، وَلَوْ مَعَ الْقَبْضِ (قَبْلَ قَبْضِ الْهِبَةِ) بِمَعْنَى الْمَوْهُوبِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتِمُّ بِالْقَبْضِ، وَمِثْلُهَا الرَّهْنُ (لَا فِيمَا بَاعَ) أَيْ لَا يَرْجِعُ فِيهِ (فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّزُومِ، وَالْخِيَارُ دَخِيلٌ فِيهِ إنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ (وَمَتَى) تَصَرَّفَ كَأَنْ (أَحْبَلَ أَوْ أَعْتَقَ، وَادَّعَى الْإِذْنَ) ، وَأَنْكَرَهُ الْمُرْتَهِنُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ، وَبَقَاءُ الرَّهْنِ فَإِنْ حَلَفَ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَلَوْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ) ، وَكَانَ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِإِذْنِهِ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَتِيقُ، وَالْمُسْتَوْلَدَةُ) لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ الْحَقَّ لِأَنْفُسِهِمَا بِخِلَافِهِ فِي نُكُولِ الْمُفْلِسِ أَوْ وَارِثِهِ حَيْثُ لَا يَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ لِأَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ الْحَقَّ لِلْمُفْلِسِ أَوَّلًا (وَ) إذَا اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ، وَوَرِثَهُ الْآخَرُ (يَحْلِفُ وَرَثَةُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَوَرَثَةُ الرَّاهِنِ عَلَى الْبَتِّ، وَلَا يَثْبُتُ الْإِذْنُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ) فَلَا يَثْبُتُ بِغَيْرِهِمَا كَشَاهِدٍ، وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ، وَيَمِينٍ كَالْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَتَتْ) أَيْ الْأَمَةُ الْمَرْهُونَةُ (بِوَلَدٍ فَادَّعَى الرَّاهِنُ اسْتِيلَادَهَا بِالْإِذْنِ) مِنْ الْمُرْتَهِنِ (صَدَقَ بِلَا يَمِينٍ إنْ اعْتَرَفَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ بِالْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ، وَبِالْوَطْءِ، وَبِمُدَّةِ إمْكَانِ الْوِلَادَةِ) أَيْ بِمُضِيِّهَا (وَبِالْوِلَادَةِ) لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ فَكَيْفَ يَحْلِفُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ لَهُ بِمَجْمُوعِ الْأَرْبَعَةِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَبَقَاءُ الرَّهْنِ. [فَرْعٌ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ] (فَرْعٌ) إذَا (أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ) أَيْ الْمَرْهُونِ فَبَاعَهُ (وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ) عَلَى الرَّاهِنِ مِنْ قِيمَتِهِ لِيَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ لِبُطْلَانِ الرَّهْنِ (أَوْ حَالَ قَضَى) حَقَّهُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ ثَمَنِهِ وَحَمَلَ إذْنَهُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْبَيْعِ فِي غَرَضِهِ لِمَجِيءِ وَقْتِهِ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فَيَكُونُ الرَّاهِنُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ إلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ فَصُورَتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَأْذَنَ فِي بَيْعِهِ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ أَوْ يُطْلِقَ فَإِنْ قَالَ بِعْهُ وَلَا آخُذُ حَقِّي مِنْهُ بَطَلَ الرَّهْنُ (وَإِذَا أَذِنَ) لَهُ (فِي الْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ) بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ (بِشَرْطِ كَوْنِ) أَوْ جَعْلِ (الثَّمَنِ) فِي الْبَيْعِ (أَوْ الْقِيمَةِ) فِي الْعِتْقِ (رَهْنًا بَطَلَ الْبَيْعُ) لِفَسَادِ الْإِذْنِ كَمَا سَيَأْتِي سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا نَعَمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ فِي الْحَالِّ فِيمَا إذَا شَرَطَ كَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ بِخِلَافِهِ فِيمَا إذَا شَرَطَ رَهْنَهُ أَوْ جَعْلَهُ رَهْنًا لِأَنَّ رَهْنَ الْمَرْهُونِ مُحَالٌ (وَ) بَطَلَ (الْإِذْنُ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ أَذِنَ بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَ بِهِ مَالًا آخَرَ (وَ) بَطَلَ (عِتْقُ الْمُعْسِرِ) دُونَ عِتْقِ الْمُوسِرِ لِمَا مَرَّ، وَكَالْإِذْنِ فِي الْإِعْتَاقِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ الْإِذْنُ فِي الْوَطْءِ بِهَذَا الشَّرْطِ إنْ أَحْبَلَ، وَالتَّصْرِيحُ بِبُطْلَانِ عِتْقِ الْمُعْسِرِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ. (وَكَذَا) يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَالْإِذْنُ (لَوْ شَرَطَ أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ لِعَدَمِ لُزُومِ تَعْجِيلِ الْمُؤَجَّلِ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَالِّ وَاسْتَشْكَلَ الْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ وَكَّلَ   [حاشية الرملي الكبير] يَظْهَرُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ يُفْهِمُ خِلَافَ قَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ أَيْضًا لِيَمْتَنِعَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُكَرِّرَ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُرْتَهِنُ عَنْ الْإِذْنِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَرَّةِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَالْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَرَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ إلَخْ) أَوْ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الرَّهْنُ) أَوْ وَطِئَ بِإِذْنِهِ وَلَمْ تَحْبَلْ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) يُفْهِمُ أَنَّهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ الرَّاهِنُ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ شَرَطَهُ لِلْمُرْتَهِنِ كَانَتْ لَهُ سَلْطَنَةُ الرُّجُوعِ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ) هَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ تَعَلَّقَتْ بِهِ جِنَايَةٌ بَعْدَ الرَّهْنِ وَأَنْ لَا يَكُونَ قَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَإِنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ قَدْ تَعَلَّقَ بِالْمَالِ لَكِنْ قَدَّمْنَا حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ وَأَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فَلَوْ كَانَ مُكَاتَبًا وَأَذِنَ لَهُ بِالْإِعْتَاقِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ حَقٌّ قَدْ ثَبَتَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ قَبْلَ أَنْ تَتَصَرَّفَ وَقَالَ الرَّاهِنُ لَمْ تَكُنْ رَجَعْت أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ [فَرْعٌ أَتَتْ الْأَمَةُ الْمَرْهُونَةُ بِوَلَدٍ فَادَّعَى الرَّاهِنُ اسْتِيلَادَهَا بِالْإِذْنِ] (قَوْلُهُ فَصُورَتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) مَا نَسَبَهُ الشَّارِحُ لِلزَّرْكَشِيِّ صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ (قَوْلُهُ بَطَلَ الْبَيْعُ) لِأَنَّهُ رَهْنٌ مَجْهُولٌ وَغَيْرُ مَمْلُوكٍ (قَوْلُهُ لِفَسَادِ الْإِذْنِ) أَيْ بِفَسَادِ الشَّرْطِ وَفَسَادُهُ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِذْنِ وَلَيْسَ الِانْتِقَالُ شَرْطًا كَالِانْتِقَالِ شَرْعًا وَبِهَذَا عُلِمَ جَوَابُ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَرْطِ جَعْلِ الثَّمَنِ رَهْنًا وَبَيْنَ شَرْطِ كَوْنِهِ رَهْنًا وَقَوْلُهُ وَفَسَادُهُ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ إلَخْ كَتَبَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْعِلَّةَ مُنْتَقَضَةً بِمَا إذَا عَيَّنَ الثَّمَنَ لَا جَرَمَ عَلَّلَهُ فِي الْإِبَانَةِ بِأَنَّهُ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَهُ عَيْنًا أُخْرَى وَهِيَ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ ع وَقَوْلُهُ هَذِهِ الْعِلَّةُ مُنْتَقَضَةٌ بِمَا عَيَّنَ الثَّمَنَ كَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا) سَوَاءٌ أَشَرَطَ كَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا أَمْ جَعَلَهُ رَهْنًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ وَكَذَا حَالًّا وَشَرَطَ جَعْلَهُ رَهْنًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَالْبَغَوِيِّ أَمَّا إذَا شَرَطَ فِي الْحَالِّ كَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا فَيَصِحُّ قَطْعًا لِأَنَّهُ زَادَ تَأْكِيدًا لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُهُ إذَا أَطْلَقَ الْإِذْنَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فَقَالُوا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا بِمُقْتَضَى الْبَيْعِ لَا بِالشَّرْطِ وَكَانَ الشَّرْطُ تَأْكِيدًا وَقَالَ شَارِحُ التَّعْجِيزِ هَذَا فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ أَمَّا الْحَالُّ فَيَصِحُّ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ شَرَطَ مَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ فَقَدْ زَادَ تَأْكِيدًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَخَالَفَهُ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ شَرَطَ حَجْرًا عَلَيْهِ فِيمَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 وَكِيلًا بِالْبَيْعِ عَلَى أَنَّ لَهُ عُشْرَ ثَمَنِهِ مَعَ فَسَادِ الشَّرْطِ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَجْعَلْ لِنَفْسِهِ فِي مُقَابَلَةِ إذْنِهِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا شَرَطَ جُعْلًا مَجْهُولًا فَاقْتَصَرَ الْفَسَادُ عَلَيْهِ حَتَّى يَجِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْوَكِيلِ، وَهُنَا الْمُرْتَهِنُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ فِي مُقَابَلَةِ إذْنِهِ رَهْنَ الثَّمَنِ أَوْ تَعْجِيلَ الدَّيْنِ فَبِفَسَادِهِ يَفْسُدُ مُقَابِلُهُ لَكِنْ قَالُوا فِيمَا لَوْ صَالَحَ الرَّاهِنُ عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ صَحَّ، وَكَانَ الْمَأْخُوذُ رَهْنًا، وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الصُّلْحِ رَهْنَ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ يَبْطُلُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ فَإِنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْوَثِيقَةِ هُنَاكَ الْبَدَلُ فَلَمْ يَكُنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَرْشِ وَالْمُصَالَحِ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ فِيهِ نَقْلَ وَثِيقَةٍ مِنْ عَيْنٍ إلَى عَيْنٍ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَكَيْفَ لَا وَالْمَرَاوِزَةُ يَقُولُونَ إنَّ الْأَرْشَ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ مَرْهُونًا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ فِي الْبَيْعِ انْتَهَى، وَقَدْ يُقَالُ يُحْمَلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا هُنَا، وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُقَالَ مَا هُنَاكَ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِهِ) بِأَنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ أَذِنْت بِشَرْطِ أَنْ تَرْهَنَ الثَّمَنَ أَوْ تُوَفِّيَ مِنْهُ الدَّيْنَ، وَهُوَ مُؤَجَّلٌ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ أَذِنْت مُطْلَقًا. (صَدَقَ الْمُرْتَهِنُ بِيَمِينِهِ) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ، وَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ) قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ أَوْ (بَعْدَ الْبَيْعِ وَحَلَفَ الْمُرْتَهِنُ، وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي) أَوْ أَقَرَّ بِالرَّهْنِ، وَصَدَّقَ الرَّاهِنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ) وَالرَّهْنُ بَاقٍ بِحَالِهِ (وَإِنْ أَنْكَرَ أَصْلَ الرَّهْنِ حَلَفَ، وَعَلَى الرَّاهِنِ قِيمَتُهُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ بَيِّنَةً بِالرَّهْنِ فَهُوَ كَإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي بِالرَّهْنِ) فِيمَا ذُكِرَ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ اضْرِبْهُ) أَيْ الْمَرْهُونَ (فَضَرَبَهُ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ) لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مَأْذُونٍ فِيهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي الْوَطْءِ فَوَطِئَ، وَأَحْبَلَ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ) لَهُ (أَدِّبْهُ) فَإِنَّهُ إذَا ضَرَبَهُ فَمَاتَ يَضْمَنُهُ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ هُنَا لَيْسَ مُطْلَقَ الضَّرْبِ بَلْ ضَرْبُ تَأْدِيبٍ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا ضَرَبَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ أَوْ الْإِمَامُ إنْسَانًا تَعْزِيرًا كَمَا سَيَأْتِي فِي ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ [فَصْلٌ التَّرِكَةُ مَرْهُونَةٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ] (فَصْلٌ) (التَّرِكَةُ رَهْنٌ) أَيْ مَرْهُونَةٌ (بِالدَّيْنِ) الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ (وَإِنْ جَهِلَ) فَيَسْتَوِي فِيهِ الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرَقُ، وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْمَيِّتِ، وَأَقْرَبُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ (فَتَصَرُّفُ الْوَرَثَةِ كَتَصَرُّفِ الرَّاهِنِ) فَلَا يَنْفُذُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَرِيمِ (وَلَوْ قَلَّ الدَّيْنُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ إعْتَاقًا أَوْ إيلَادًا، وَهُوَ مُوسِرٌ نَعَمْ لَوْ لَمْ تَفِ التَّرِكَةُ بِالدَّيْنِ فَوَفَّوْا قَدْرَهَا انْفَكَّتْ عَنْ الرَّهْنِيَّةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الرَّهْنِ، وَلَوْ أَدَّى بَعْضُهُمْ بِقِسْطِ مَا وَرِثَ انْفَكَّ نَصِيبُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ مُوَرِّثُهُمْ فَأَدَّى بَعْضُهُمْ بِالْقِسْطِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ، وَمَا ذَكَرَهُ مَحِلُّهُ فِي دَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ أَمَّا دَيْنُ الْوَارِثِ فَقَالَ السُّبْكِيُّ قَدْ غَلِطَ جَمَاعَةٌ فِي زَمَانِنَا فَظَنُّوا أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْهُ بِقَدْرِ إرْثِهِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْهُ مَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ مِنْهُ لَوْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ، وَهُوَ نِسْبَةُ إرْثِهِ مِنْ الدَّيْنِ إنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلتَّرِكَةِ أَوْ أَقَلَّ، وَمِمَّا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ، وَيَسْتَقِرُّ لَهُ نَظِيرُهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَيُقَدِّرُ أَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ ثُمَّ أُعِيدَ إلَيْهِ عَنْ الدَّيْنِ، وَهَذَا سَبَبُ سُقُوطِهِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ مِنْهُ، وَيَرْجِعُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِبَقِيَّةِ مَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ، وَقَدْ يُفْضِي الْأَمْرُ إلَى التَّقَاصِّ إذَا كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثِينَ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَلَوْ تَصَرَّفُوا) وَلَا دَيْنَ (ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ تَقَدَّمَ سَبَبُهُ) عَلَى الْمَوْتِ (كَسَاقِطٍ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا الْمَيِّتُ عُدْوَانًا) ، وَكَرَدِّ مَبِيعٍ بِعَيْبٍ أَتْلَفَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ (لَمْ يَفْسُدْ) تَصَرُّفُهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ جَائِزًا لَهُمْ ظَاهِرًا (بَلْ يُطَالَبُونَ) بِمَا طَرَأَ (فَإِنْ امْتَنَعُوا) مِنْ أَدَائِهِ الْأَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ (فُسِخَ) التَّصَرُّفُ لِيَصِلَ الْمُسْتَحِقُّ إلَى حَقِّهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ فَإِنَّ الصُّلْحَ إلَخْ) وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَأَيْضًا فَإِنَّ الصُّلْحَ هُنَا لَيْسَ كَالْبَيْعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ كُلُّ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ بَدَلٌ عَنْ الْجِنَايَةِ نَفْسِهَا ثُمَّ الْإِشْكَالُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ إذَا كَانَ الصُّلْحُ بَعْدَ وُجُوبِ الْأَرْشِ إمَّا فِي الْخَطَأِ وَإِمَّا فِي الْعَمْدِ بَعْدَ الْعَفْوِ أَوْ حَيْثُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ أَمَّا إذَا صَالَحَ عَنْ الدَّمِ فَبَدَلُ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ لَيْسَ مُسْتَحَقًّا لِلْمُرْتَهِنِ فَلَا يَتَوَجَّهُ مَنْعُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ يُحْمَلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا هُنَا) هَذَا مَا عَبَّرَ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ بِالْقِيَاسِ [فَرْعٌ قَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ اضْرِبْهُ أَيْ الْمَرْهُونَ فَضَرَبَهُ فَمَاتَ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ التَّرِكَةُ رَهْنٌ بِالدَّيْنِ وَإِنْ جَهِلَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الطِّرَازِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِمَنْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِلْحَجْرِ عَلَيْهَا وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْفَسْخَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ وَالْفَكُّ يُفَوِّتُهَا فش تَنَاوَلَ كَلَامُهُمْ مَا لَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ أَزْيَدُ مِنْهُ بِحَيْثُ يَظْهَرُ ظُهُورًا قَوِيًّا أَنَّهُ يُوَفَّى مِنْهُ فَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِبَقِيَّةِ التَّرِكَةِ أَيْضًا وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ يَتَعَلَّقُ تَعَلُّقًا خَاصًّا وَتَعَلُّقًا عَامًّا وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ التَّصَرُّفُ فِي الْبَاقِي وَلَهُ شَاهِدٌ. اهـ. وَالْأَقْرَبُ الِامْتِنَاعُ قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ التَّرِكَةِ فَهَلْ نَقُولُ إنَّهَا رَهْنٌ بِجَمِيعِهِ أَوْ بِقَدْرِهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ أَدَاؤُهُ لَمْ أَجِدْ فِيهِ نَقْلًا وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. اهـ. أَيْ وَإِلَّا لَمَا كَانَتْ تَنْفَكُّ بِإِعْطَاءِ الْوَارِثِ قِيمَتَهَا فَقَطْ مَعَ أَنَّهَا تَنْفَكُّ كَمَا سَيَأْتِي الْمُرَجَّحُ الْأَوَّلُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَلَّ الدَّيْنُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا عَلَى أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ. اهـ. وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا اسْتَدَلَّ بِهِ لِلثَّانِي وَقَوْلُهُ فَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الِامْتِنَاعُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ مُوَرِّثُهُمْ فَأَدَّى بَعْضُهُمْ إلَخْ) وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ رَهْنٌ شَرْعِيٌّ وَالثَّانِيَ وَضْعِيٌّ وَيَتَوَسَّعُ فِي الشَّرْعِيِّ مَا لَا يَتَوَسَّعُ فِي الْوَضْعِيِّ لِكَوْنِ الرَّاهِنِ فِيهِ هُوَ الَّذِي حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَبِأَنَّ الرَّهْنَ فِي الْوَضْعِيِّ تَقَدَّمَ عَلَى انْتِقَالِ التَّرِكَةِ فَقَوِيَ بِتَقَدُّمِهِ بِخِلَافِهِ فِي الشَّرْعِيِّ فَإِنَّهُمَا حَصَلَا مَعًا وَبِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَخْلُفُونَ الْمُوَرِّثَ فِي الْوَضْعِيِّ فَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا كَانَ بِخِلَافِ الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْهُ مَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهُ مِنْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعُوا فَسَخَ التَّصَرُّفَ) أَيْ فَسَخَ الْحَاكِمُ الْعَقْدَ الصَّادِرَ مِنْ الْوَارِثِ ك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 مَحَلَّ الْفَسْخِ فِي غَيْرِ إعْتَاقِ الْمُوسِرِ، وَإِيلَادِهِ أَمَّا فِيهِمَا فَلَا فَسْخَ كَالْمَرْهُونِ بَلْ أَوْلَى لِطَرَيَانِ التَّعَلُّقِ عَلَى التَّصَرُّفِ، وَتَعْبِيرُهُ بِطُرُقِ الدَّيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِظُهُورِهِ. (وَلِلْوَارِثِ أَخْذُ التَّرِكَةِ بِقِيمَتِهَا) وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ (وَالدَّيْنُ أَكْثَرُ) مِنْ التَّرِكَةِ، وَإِنْ أَرَادَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهَا لِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ رَاغِبٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ، وَلِأَنَّ لَهُ غَرَضًا صَحِيحًا فِي ذَلِكَ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ فِيهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ الْمُتَبَرِّعِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ (إلَّا إنْ طُلِبَتْ بِزِيَادَةٍ) فَلَا يَأْخُذُهَا الْوَارِثُ بِقِيمَتِهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا فَلَهُ أَخْذُهَا مُطْلَقًا إذْ لَا حَقَّ لِلْغُرَمَاءِ فِي الزِّيَادَةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ أَخْذِهَا مَا إذَا أَوْصَى الْمُوَرِّثُ بِبَيْعِهَا فِي وَفَاءٍ دَيْنِهِ أَوْ بِدَفْعِهَا لِمَدِينِهِ عِوَضًا عَنْ دَيْنِهِ وَمَا إذَا اشْتَمَلَتْ التَّرِكَةُ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ لِأَنَّ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِهِ، وَمَا إذَا تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِعَيْنِهَا، وَمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْوَصِيَّةِ، وَالْأَخِيرَةُ ذَكَرَهَا فِي الْكِفَايَةِ فِي آخِرِ الْقِرَاضِ عَنْ تَصْرِيحِ الرُّويَانِيِّ (وَزَوَائِدُهَا) أَيْ التَّرِكَةِ كَكَسْبٍ، وَنِتَاجٍ حَدَثَا بَعْدَ الْمَوْتِ (لَهُ) أَيْ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ. (الطَّرَفُ الثَّانِي الْمُرْتَهِنُ، وَالْيَدُ) عَلَى الْمَرْهُونِ (لَهُ كَمَا سَبَقَ شَرَطَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ (وَضْعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ جَازَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ لَا يَثِقُ بِصَاحِبِهِ، وَكَمَا يَتَوَلَّى الْعَدْلُ الْحِفْظَ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ كَالْأَصْلِ بَدَّلَ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ بِثَالِثٍ أَوْ اثْنَيْنِ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّ الْفَاسِقَ كَالْعَدْلِ فِي ذَلِكَ لَكِنَّ مَحِلَّهُ فِيمَنْ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ التَّصَرُّفَ التَّامَّ أَمَّا غَيْرُهُ كَوَلِيٍّ، وَوَكِيلٍ، وَقَيِّمٍ، وَمَأْذُونٍ لَهُ، وَعَامِلِ قِرَاضٍ، وَمُكَاتَبٍ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَةِ مَنْ يُوضَعُ الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ شَرَطَا وَضْعَهُ بَعْدَ اللُّزُومِ عِنْدَ الرَّاهِنِ فَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ كَالصَّرِيحِ فِي الْمَنْعِ قَالَ لِأَنَّ يَدَهُ لَا تَصْلُحُ لِلنِّيَابَةِ عَنْ غَيْرِهِ إذْ هُوَ مُسْتَقِلٌّ بِالْمِلْكِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ صَاحِبِ الْمَطْلَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ فَإِنَّهُ حَمَلَ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ عَلَى ابْتِدَاءِ الْقَبْضِ (وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْعَدْلَيْنِ (أَنْ يَنْفَرِدَ بِحِفْظِهِ) كَنَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ، وَالْوَصِيَّةِ فَيَجْعَلَانِهِ فِي حِرْزٍ لَهُمَا فَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِحِفْظِهِ ضَمِنَ نِصْفَهُ أَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ ضَمِنَا مَعًا النِّصْفَ (إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فَيَجُوزُ الِانْفِرَادُ (فَرْعٌ لِلْعَدْلِ رَدُّهُ إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الْعَاقِدَيْنِ أَوْ إلَى وَكِيلِهِمَا، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إلَى أَحَدِهِمَا بِلَا إذْنٍ (فَإِنْ غَابَا، وَلَا وَكِيلَ) لَهُمَا (فَالرَّدُّ كَالْوَدِيعَةِ) ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِيهَا (فَإِنْ رَدَّهُ إلَى أَحَدِهِمَا بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْآخَرِ (فَتَلِفَ ضَمِنَ) أَيْ ضَمِنَهُ لِلْآخَرِ بِبَدَلِهِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الدَّيْنِ وَرَدَّهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِيَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ (وَالْقَرَارُ عَلَى الْقَابِضِ) لِحُصُولِ التَّلَفِ تَحْتَ يَدِهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ جَاءَ الْكَلَامُ فِي التَّقَاصِّ إنْ كَانَ الرَّدُّ إلَى الْمُرْتَهِنِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا رَدَّهُ لِلرَّاهِنِ، وَلِلْعَدْلِ إذَا غَرِمَهُ الْمُرْتَهِنُ تَكْلِيفُ الرَّاهِنِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلِلْوَارِثِ أَخْذُ التَّرِكَةِ بِقِيمَتِهَا) لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ أَدَاءِ دُيُونِ الْوَارِثِ إلَيْهَا وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ لَمْ يَضْمَنْهَا (قَوْلُهُ وَزَوَائِدُهَا) أَيْ التَّرِكَةِ لَهُ لَوْ مَاتَ وَقَدْ بَرَزَتْ ثَمَرَةٌ لَا كِمَامَ لَهَا فَهِيَ تَرِكَةٌ وَكَذَا إنْ كَانَ لَهَا كِمَامٌ لَكِنْ أُبِّرَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ أَوْ تَرَكَ حَيَوَانًا حَامِلًا فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ أَوَّلًا وَلَوْ مَاتَ عَنْ زَرْعٍ لَمْ يُسَنْبِلْ ثُمَّ سَنْبَلَ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لِلْوَرَثَةِ ع (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ) مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لَوَجَبَ أَنْ يَرِثَهُ مَنْ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ مِنْ أَقَارِبِهِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَأَنْ لَا يَرِثَهُ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ مِنْ الْوَرَثَةِ وَلِأَنَّ تَعَلُّقَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْجَانِي أَوْ الْغُرَمَاءِ بِمَالِ الْمُفْلِسِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ فَكَذَا هُنَا وَلَوْ مَاتَ عَنْ زَرْعٍ لَمْ يُسَنْبِلْ هَلْ يَكُونُ الْحَبُّ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ لِلْوَرَثَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَقْرَبُ الثَّانِي ثُمَّ قَالَ فَلَوْ بَرَزَتْ السَّنَابِلُ فَمَاتَ ثُمَّ صَارَتْ حَبًّا فَهَذَا مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ. اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْوَرَثَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِهَا وَفَصْلُ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ يُقَوَّمَ الزَّرْعُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَقْرَبُ الثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الزِّيَادَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَا وَضْعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ) لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَوْمًا وَفِي يَدِ الْعَدْلِ يَوْمًا جَازَ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْفَاسِقَ كَالْعَدْلِ فِي ذَلِكَ) إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْيَدِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ كَالصَّرِيحِ إلَخْ) وَتَبِعَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ صَاحِبِ الْمَطْلَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ) وَقَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّ عِنْدَنَا يَجُوزُ أَنْ يُعِيدَ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فِيمَا إذَا تَشَاحَّا بَعْدَ أَنْ طَرَأَ عَلَى ثَانِيهِمَا الْفِسْقُ مَثَلًا فَإِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمَا لَوْ رَضِيَا بِوَضْعِهِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا جَازَ. اهـ. وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ فِي الْأُمِّ وَأَكْرَهُ رَهْنَ الْأَمَةِ الْبَالِغِ أَوْ الْمُقَارِبَةِ لِلْبُلُوغِ الَّتِي يَشْتَهِي مِثْلَهَا مِنْ مُسْلِمٍ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُرْتَهِنُ وَيُقِرَّهَا فِي يَدِ مَالِكِهَا أَوْ يَضَعَهَا عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ لِلْجَارِيَةِ فس وَقَوْلُهُ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ فَيَجْعَلَانِهِ فِي حِرْزٍ لَهُمَا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْحِفْظِ وَلَمْ يَكُونَا مُسْتَقِلِّينَ أَنَّهُ يُقَسَّمُ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا رَدَّهُ لِلرَّاهِنِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْعَدْلُ حِينَئِذٍ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا لِقَوْلِهِ لَهُ تَكْلِيفُ الرَّاهِنِ قَضَاءَ الدَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَهُ طَلَبُ الْبَدَلِ مِنْ الرَّاهِنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّ مِلْكَ الْعَدْلِ لَمْ يَزُلْ عَمَّا دَفَعَهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَوْ غَرِمَ الرَّاهِنُ لَجَمَعَ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ نَظِيرَهُ فِيمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ لِأَنَّ الَّذِي غَرِمَ هُنَاكَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ بَدَلٍ وَمُبْدَلٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 قَضَاءَ الدَّيْنِ لِفَكِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ بَاقِيًا فَيُسْتَرَدُّ. (وَلَوْ غَصَبَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْعَدْلِ أَوْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ مِنْ مُؤْتَمَنٍ غَيْرِهِ) كَمُودَعٍ، وَمُسْتَأْجِرٍ، وَمُرْتَهِنٍ (حَصَلَ بَرَاءَةُ الْغَاصِبِ) فِيهِمَا (بِالرَّدِّ إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الْعَدْلِ فِي الرَّهْنِ، وَالْمُؤْتَمَنِ فِي غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ إذْنٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُهَا عَلَى الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ (لَا) بِرَدِّ اللُّقَطَةِ (إلَى الْمُلْتَقِطِ) قَبْلَ تَمَلُّكِهَا (إنْ غُصِبَتْ مِنْهُ اللُّقَطَةُ) لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْتَمِنْهُ سَوَاءٌ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ أَمْ لِلْحِفْظِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي الثَّانِي (أَوْ) غُصِبَتْ الْعَيْنُ (مِنْ ضَامِنٍ مَأْذُونٍ) لَهُ (كَالْمُسْتَعِيرِ، وَالْمُسْتَامِ) ثُمَّ رُدَّتْ إلَيْهِ (فَوَجْهَانِ) لِتَعَارُضِ الضَّمَانِ، وَالْإِذْنِ، وَقَدْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ يَبْرَأُ، وَكَلَامُ الْمَطْلَبِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ حَيْثُ بَنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ هَلْ يَنْعَزِلُ بِالتَّعَدِّي فِيمَا وَكَّلَ فِيهِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ. (فَرْعٌ لَا يُنْقَلُ) الْمَرْهُونُ (إلَى عَدْلٍ آخَرَ) أَوْ فَاسِقٍ (إلَّا إنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ عَلَى ذَلِكَ (وَإِنْ حَدَثَ بِهِ) أَيْ بِالْعَدْلِ (فِسْقٌ، وَلَوْ زِيَادَةً) فِيهِ (وَنَحْوَهُ) أَيْ الْفِسْقِ كَضَعْفِهِ عَنْ الْحِفْظِ، وَمَوْتِهِ، وَحُدُوثِ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا (وَتَنَازَعَا) فِيمَنْ يَكُونُ عِنْدَهُ (نَقَلَهُ الْحَاكِمُ) عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ، وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنْ لَا يُوضَعَ عِنْدَ عَدْلٍ إلَّا بِرِضَا الرَّاهِنِ لِأَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ أَصْلِ الْإِقْبَاضِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعَدْلَ لَا يَنْعَزِلُ عَنْ الْحِفْظِ بِالْفِسْقِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي، وَضَعَهُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ فَيَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ، وَلَوْ وَضَعَاهُ عِنْدَ فَاسِقٍ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْلَهُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي لِأَنَّهُ رَضِيَ بِيَدِهِ مَعَ الْفِسْقِ لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ، وَنَقَلُوهُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ لَهُ رَفْعَ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ رَآهُ أَهْلًا أَقَرَّهُ بِيَدِهِ، وَإِلَّا نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْعَدْلِ قَالَ الدَّارِمِيُّ صُدِّقَ النَّافِي بِلَا يَمِينٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ (وَإِنْ فَسَقَ الْمُرْتَهِنُ، وَهُوَ فِي يَدِهِ فَلِلرَّاهِنِ طَلَبُ نَقْلِهِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَتَغَيَّرَ حَالُهُ أَوْ مَاتَ كَانَ لِلرَّاهِنِ نَقْلُهُ، وَهِيَ أَوْلَى. (فَرْعٌ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَدْلِ) بِيَمِينِهِ (فِي دَعْوَى الْهَلَاكِ وَالرَّدِّ) لِلْمَرْهُونِ كَالْمُودَعِ (فَإِنْ أَتْلَفَهُ خَطَأً أَوْ أَتْلَفَهُ غَيْرُهُ) ، وَلَوْ عَمْدًا (أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ، وَحَفِظَهَا بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ) قَالُوا لِأَنَّ الْمُسْتَحْفِظَ فِي الشَّيْءِ مُسْتَحْفِظٌ فِي بَدَلِهِ (أَوْ) أَتْلَفَهُ (عَمْدًا أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ، وَوُضِعَتْ عِنْدَ آخَرَ) لِتَعَدِّيهِ بِإِتْلَافِ الْمَرْهُونِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَيُطَالَبُ بِمِثْلِهِ قَالَ، وَكَأَنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا أَتْلَفَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا أَمَّا لَوْ أَتْلَفَهُ مُكْرَهًا أَوْ دَفْعًا لِصِيَالٍ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ خَطَأً. (فَصْلٌ) (الْمُرْتَهِنُ مُقَدَّمٌ) بِثَمَنِ الْمَرْهُونِ (فِي الرَّهْنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِأَنَّ ذَلِكَ فَائِدَةُ الرَّهْنِ (وَعِنْدَ الْحُلُولِ) ، وَامْتِنَاعِ الرَّاهِنِ مِنْ بَيْعِ الْمَرْهُونِ (يُجْبَرُ بِالطَّلَبِ) أَيْ بِطَلَبِ الْمُرْتَهِنِ بَيْعَهُ (الرَّاهِنُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الْإِيفَاءِ) لِلدَّيْنِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُرْتَهِنِ (وَ) يُجْبَرُ (الْمُرْتَهِنُ) عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْإِذْنِ فِي بَيْعِهِ (عَلَى الْإِذْنِ) لِلرَّاهِنِ فِيهِ (أَوْ الْإِبْرَاءِ) مِنْ الدَّيْنِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ الْحَاكِمُ ائْذَنْ فِي بَيْعِهِ، وَخُذْ حَقَّك مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ أَبْرِئْهُ دَفْعًا لِضَرَرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَمُودَعٍ وَمُسْتَأْجِرٍ إلَخْ) وَوَكِيلٍ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ لَا إلَى الْمُلْتَقِطِ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا وَلَا إلَى نَائِبِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا بِمَا قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَمَّا بَعْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْرَأَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ رَدَّهَا إلَى مَالِكِهَا وَيَنْبَغِي عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ مَالِكُهَا يَعُودُ الضَّمَانُ كَمَا ذَكَرَ نَظِيرَهُ فِي الْوَكِيلِ يَتَعَدَّى ثُمَّ يَبِيعُ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ يَبْرَأُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَحُدُوثُ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَطَلَبُ نَقْلِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ) تُجْعَلُ صُورَةُ التَّنْبِيهِ فِي التَّنَازُعِ فِيمَنْ يَضَعَانِهِ عِنْدَهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا تَشَاحَّا بَعْدَ أَنْ طَرَأَ عَلَى نَائِبِهِمَا شَيْءٌ مِمَّا سَبَقَ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ فِي الْمُشَاحَّةِ قَبْلَ الْقَبْضِ التَّسْلِيمُ إلَى عَدْلٍ إلَّا بِرِضَاهُمَا سَوَاءٌ أَكَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ أَمْ لَا وَكَيْفَ يُجْبَرُ وَالرَّهْنُ لَمْ يَلْزَمْ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي) أَيْ وَالْإِمَامُ (قَوْلُهُ إنَّ لَهُ رَفْعَ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ) وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْقُلُهُ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا وَتَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُ أَهْلِيَّةِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَدَمُ أَهْلِيَّتِهِ طَارِئًا أَوْ مُقَارِنًا (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ دَفْعًا لِصِيَالٍ) أَيْ إنْ عَدَلَ عَمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ إلَى أَعْلَى مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ [فَصْلٌ الْمُرْتَهِنُ مُقَدَّمٌ بِثَمَنِ الْمَرْهُونِ فِي الرَّهْنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ] (فَصْلٌ الْمُرْتَهِنُ مُقَدَّمٌ) (قَوْلُهُ يُجْبَرُ بِالطَّلَبِ الرَّاهِنُ إلَخْ) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ نَظِيرِهَا فِي التَّفْلِيسِ حَيْثُ لَا يَجْبُرُهُ هُنَاكَ بَلْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ قَالَ بَعْضُ الْمُعَلِّقِينَ عَلَى الْحَاوِي لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْإِجْبَارَ هُنَا وَتَوَلَّى الْبَيْعَ هُنَاكَ وَفَرَّقَ جَمَالُ الدِّينِ الرِّيمِيُّ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَقَالَ الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَالْمُفْلِسِ أَنَّ الرَّاهِنَ هُوَ الْحَاجِرُ عَلَى نَفْسِهِ بِالرَّهْنِ وَفِي الْمُفْلِسِ الْحَاجِزُ الْحَاكِمُ فَيَكُونُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِذَلِكَ وَصَرَّحَ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ إنْ شَاءَ أَجْبَرَهُ وَإِنْ شَاءَ بَاعَ بِنَفْسِهِ قَالَ النَّاشِرِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ الْحَقَّ مُنْحَصِرٌ فِي الْمُرْتَهِنِ وَقَدْ طَلَبَ وَمَالُ الْمُفْلِسِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِيمَنْ حَضَرَ مِنْ الْغُرَمَاءِ لِاحْتِمَالِ غَرِيمٍ آخَرَ فَاحْتَاجَ أَنْ يَتَوَلَّى الْحَاكِمُ بِنَفْسِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الْإِيفَاءِ) لَوْ كَانَ الْوَفَاءُ مِنْ غَيْرِهِ أَسْرَعَ وَطَلَبَهُ الْمُرْتَهِنُ وَجَبَ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَى الْفَوْرِ لَا يَجُوزُ فَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ الْوَجْهُ حَمْلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى غَيْرِ هَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ مُتَعَيَّنٌ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ أُرِيدُ أَدَاءَ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَلْزَمَهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَ قَادِرًا وَإِذَا بِيعَ وَأَرَادَ الرَّاهِنُ أَدَاءَهُ مِنْ غَيْرِ ثَمَنِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَرَادَ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ أَدَائِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ لَمْ يَبِعْهُ أَحَدٌ سَوَاءٌ بَطَلَ الرَّهْنُ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إلَّا الْعَدْلُ أَوْ الْحَاكِمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 الرَّاهِنِ (فَإِنْ أَصَرَّ أَحَدُهُمَا) عَلَى الِامْتِنَاعِ (أَوْ أَثْبَتَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ أَقَامَ حُجَّةً (بِالْحَالِ فِي غَيْبَةِ الرَّاهِنِ بَاعَهُ الْحَاكِمُ) ، وَوَفَّى الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْآخَرِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بَيْعُهُ فَقَدْ يَجِدُ لَهُ مَا يُوَفِّي الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَذَكَرَ مَسْأَلَةَ إصْرَارِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ بَاعَهُ الرَّاهِنُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اسْتِئْذَانِ الْمُرْتَهِنِ وَالْحَاكِمِ فَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ الْخِلَافَ فِي بَيْعِ الْمُرْتَهِنِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الِاسْتِئْذَانِ، وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (بَيِّنَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ) ثَمَّ (حَاكِمٌ فَالْغَيْبَةُ كَالْجُحُودِ، وَقَدْ ظَفِرَ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ فَلَهُ بَيْعُهُ) بِنَفْسِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَأْخَذُ الظَّفَرَ فَيَنْبَغِي طَرْدُهُ فِي حَالَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ بَلْ لَوْ كَانَ مِنْ نَوْعِ حَقِّهِ، وَصِفَتِهِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْهُ بِقَدْرِ حَقِّهِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي حَالَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ مَمْنُوعٌ. (فَرْعٌ لَوْ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ فِي غَيْبَةِ الرَّاهِنِ بِإِذْنِهِ) ، وَدَيْنُهُ حَالٌّ، وَلَمْ يُقَدِّرْ لَهُ الثَّمَنَ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ يَبِيعُهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيُتَّهَمُ فِي الِاسْتِعْجَالِ وَتَرْكِ الِاحْتِيَاطِ (أَوْ بِحُضُورِهِ صَحَّ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ (فَإِنَّ) الْأَوْلَى، وَإِنْ (قَالَ) لِلْمُرْتَهِنِ (بِعْهُ لِي) أَوْ لِنَفْسِك (ثُمَّ اسْتَوْفِ لِي أَوْ لِنَفْسِك) أَوْلَى ثُمَّ لِنَفْسِك (فَكَمَا سَبَقَ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ) فَيَصِحُّ مَا لِلرَّاهِنِ، وَيَبْطُلُ مَا لِلْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ قَالَ بِعْهُ، وَأَطْلَقَ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ بِعْهُ (إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ) هُنَا (حُضُورُ الرَّاهِنِ) الْبَيْعَ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ قَبَّضَ الثَّمَنَ لِلرَّاهِنِ) فِيمَا ذُكِرَ (ثُمَّ نَوَى إمْسَاكَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْ) بَلْ هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ (أَوْ قَبَّضَهُ لِنَفْسِهِ صَارَ مَضْمُونًا) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَبْضٌ فَاسِدٌ فَلَهُ فِي الضَّمَانِ حُكْمُ الصَّحِيحِ (وَأَذِنَ الْوَارِثُ وَالسَّيِّدُ لِلْغُرَمَاءِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ، وَالْعَبْدِ) الْجَانِي أَيْ، وَأَذِنَ الْوَارِثُ لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ، وَالسَّيِّدُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي بَيْعِ الْجَانِي (كَإِذْنِ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ) فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ. (فَرْعٌ: وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَ الْعَدْلُ) الْمَرْهُونَ (عِنْدَ الْمَحِلِّ احْتَاجَ تَجْدِيدَ) أَيْ إلَى تَجْدِيدِ (إذْنِ الْمُرْتَهِنِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ غَرَضُهُ الْإِبْرَاءَ أَوْ الْمُهْلَةَ (لَا) تَجْدِيدَ إذْنِ (الرَّاهِنِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ هَذَا مَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْمُرْتَهِنِ قَطْعًا لِأَنَّ غَرَضَهُ تَوْفِيَةُ الْحَقِّ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ أَيْ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ فَقَدْ يَسْتَبْقِي الْمَرْهُونَ لِنَفْسِهِ فَطَرِيقَتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ إذْنِهِمَا، وَبِهَا جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ فَرَضَ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَا إذْنًا لَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ، وَالْعِرَاقِيُّونَ فَرَضُوهُ فِيمَا إذَا أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فَقَطْ فَيُشْتَرَطُ إذْنُ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ قَبْلُ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ وَالرَّافِعِيُّ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ الطَّرِيقَيْنِ فَتَأَمَّلْ بُعْدَ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى قَالَ السُّبْكِيُّ، وَأَظُنُّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى كَلَامَ الْعِرَاقِيِّينَ مُصَوَّرًا فِي الِاشْتِرَاطِ، وَالشَّرْطُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْهُمَا، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِذْنِ، وَالْجَوَابُ إنْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ فِي الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ (فَرْعٌ يَنْعَزِلُ الْعَدْلُ) عَنْ الْوَكَالَةِ فِي الْبَيْعِ (بِمَوْتِ الرَّاهِنِ وَعَزْلِهِ) لَهُ (لَا إنْ عَزَلَهُ الْمُرْتَهِنُ) أَوْ مَاتَ فَلَا يَنْعَزِلُ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الرَّاهِنِ فَإِنَّهُ الْمَالِكُ، وَإِذْنُ الْمُرْتَهِنِ شَرْطٌ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ (بَلْ) الْأَوْلَى لَكِنْ (يَبْطُلُ إذْنُهُ) بِعَزْلِهِ وَبِمَوْتِهِ (فَإِنْ جَدَّدَهُ) لَهُ (لَمْ يُشْتَرَطْ تَجْدِيدُ تَوْكِيلِ الرَّاهِنِ) لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَزِلْ (فَإِنْ جَدَّدَ الرَّاهِنُ إذْنًا لَهُ) بَعْدَ عَزْلِهِ لَهُ (اُشْتُرِطَ تَجْدِيدُ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ) لِانْعِزَالِ الْعَدْلِ بِعَزْلِ الرَّاهِنِ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ لَا يُعْتَدُّ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ تَوْكِيلِ الرَّاهِنِ، وَلَا بِإِذْنِ الْمَرْأَةِ لِلْوَكِيلِ قَبْلَ تَوْكِيلِ الْوَلِيِّ إيَّاهُ، وَالْكُلُّ مُحْتَمَلٌ انْتَهَى، وَيُؤَيِّدُ اللُّزُومَ فِي الْأُولَى انْعِزَالُ الْعَدْلِ مِنْ جِهَةِ الْمُرْتَهِنِ بِعَزْلِ الرَّاهِنِ، وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ اللُّزُومُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ اشْتِرَاطِ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِوَكِيلِ وَلِيِّهَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ إذْنِهَا لِوَلِيِّهَا فِي النِّكَاحِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُهَا لِوَلِيِّهَا فِي التَّوْكِيلِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ هُنَا عَنْ الْمَطْلَبِ مَرْدُودٌ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُ قَلِيلُ الْجَدْوَى. (فَرْعٌ الثَّمَنُ) الَّذِي بَاعَ بِهِ الْعَدْلُ الْمَرْهُونَ (فِي يَدِ الْعَدْلِ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ) لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَالْعَدْلُ أَمِينُهُ فَمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ (فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَخَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَنْ تَدْعُوَ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَالْعَجْزِ عَنْ مُؤْنَتِهِ أَوْ حِفْظِهِ أَوْ الْحَاجَةِ إلَى مَا زَادَ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ ثَمَنِهِ [فَرْعٌ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُون فِي غَيْبَةِ الرَّاهِنِ بِإِذْنِهِ وَدَيْنُهُ حَالٌّ وَلَمْ يُقَدِّرْ لَهُ الثَّمَنَ] (قَوْلُهُ وَدَيْنُهُ حَالٌّ) مِثْلُهُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَالَ لَهُ بِعْهُ وَاسْتَوْفِ دَيْنَك مِنْ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ) كَمَا لَوْ قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ سَوَاءٌ أَنَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ أَمْ لَا وَكَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُعَيَّنًا قَالَ شَيْخُنَا نَعَمْ لَوْ قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الزِّيَادَةِ وَوَجَدَ رَاغِبًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ مِنْهُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمُشْتَرِيَ وَهُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ الْوَالِدِ تَبَعًا لِابْنِ قَاضِي شُهْبَةَ فِي أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ الْمُشْتَرِيَ فَلَا تُهْمَةَ كا (قَوْلُهُ وَالسَّيِّدُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي بَيْعِ الْجَانِي) وَأَذِنَ الْحَاكِمُ لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ فِي بَيْعِ مَالِهِ فِي حُقُوقِهِمْ وَأَذِنَ الْمَالِكُ لِلْقَصَّارِ أَوْ الصَّبَّاغِ فِي بَيْعِ الثَّوْبِ وَضَابِطُهُ كُلُّ مَنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِالْعَيْنِ إذَا أَذِنَ لَهُ مَالِكُهَا فِي بَيْعِهَا هَلْ يَصِحُّ (قَوْلُهُ هَذَا مَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَالْعِرَاقِيُّونَ فَرَضُوهُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الْعِرَاقِيِّينَ فَرَضُوا ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَذِنَ الرَّاهِنُ فَقَطْ خِلَافَ التَّصْوِيرِ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا وَضَعَاهُ وَشَرَطَا أَنْ يَبِيعَهُ الْعَدْلُ عِنْدَ الْحُلُولِ وَذَلِكَ إذْنٌ مِنْهُمَا لِلْعَدْلِ وَتَوْكِيلٌ وَزِيَادَةٌ ثُمَّ إنَّهُ لَا يُطَابِقُ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا وُجُوبَ الْمُرَاجَعَةِ بِاحْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْإِمْهَالِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مُطَّرِدَةٌ مَعَ وُجُودِ الْإِذْنِ فَوَجَبَتْ الْمُرَاجَعَةُ ثَانِيًا وَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِذْنُ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ إذْنَ الْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِأَنَّهُ جَائِزٌ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَمْنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَكَيْفَ يَأْذَنُ فِيهِ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ اشْتِرَاطُهُ أَوْ مُوَافَقَتُهُ عَلَى الشَّرْطِ الْوَاقِعِ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ إذْنًا م (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ) فَإِنَّهُ يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ فِي الْبَيْعِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ فَيَصِحُّ إذْنُهُ مَعَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَبَعْدَهُ م (قَوْلُهُ وَلَا بِإِذْنِ الْمَرْأَةِ لِلْوَكِيلِ إلَخْ) أَيْ إذَا اعْتَبَرْنَا إذْنَهَا فِي التَّوْكِيلِ بَعْدَ إذْنِهَا لِلْوَلِيِّ فِي التَّزْوِيجِ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَكَتَبَ أَيْضًا اعْتَرَضَ بِأَنَّ صَوَابَهُ وَلَا بِتَوْكِيلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 كَانَ الْعَدْلُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ) لِلْمُشْتَرِي لَكِنَّ الْقَرَارَ عَلَى الرَّاهِنِ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَلَفِهِ بِتَفْرِيطٍ، وَغَيْرِهِ لَكِنْ الدَّارِمِيُّ وَالْإِمَامُ فَرَضَا ذَلِكَ فِي تَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ يَضْمَنُ الْعَدْلُ وَحْدَهُ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّ سَبَبَ تَضْمِينِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ أَقَامَ الْوَكِيلَ مُقَامَهُ، وَجَعَلَ يَدَهُ كَيَدِهِ فَإِذَا فَرَّطَ الْوَكِيلُ فَقَدْ اسْتَقَلَّ بِالْعُدْوَانِ فَلْيَسْتَقِلَّ بِالضَّمَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُرْتَهِنُ إذَا صَحَّحْنَا بَيْعَهُ كَالْعَدْلِ فِيمَا ذُكِرَ (إلَّا إنْ نَصَّبَهُ الْحَاكِمُ) لِلْبَيْعِ لِمَوْتِ الرَّاهِنِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ حَيْثُ لَا تَقْصِيرَ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْحَاكِمِ، وَالْحَاكِمُ لَا يَضْمَنُ، وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ تَقْيِيدِ الرَّوْضَةِ ذَلِكَ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ (وَإِنْ ادَّعَى الْعَدْلُ تَلَفَ الثَّمَنِ فِي يَدِهِ صَدَقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ نَعَمْ إنْ ذَكَرَ سَبَبًا ظَاهِرًا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ (وَإِنْ سَلَّمَ الثَّمَنَ لِلْمُرْتَهِنِ) بِدَعْوَاهُ (وَلَمْ يَشْهَدْ) عَلَيْهِ (وَأَنْكَرَهُ) الْمُرْتَهِنُ صَدَقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسْلِيمِ (وَ) إذَا (غَرِمَ الرَّاهِنُ) لِلْمُرْتَهِنِ (رَجَعَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَدْلِ (وَلَوْ صَدَّقَهُ فِي التَّسْلِيمِ) أَوْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَمَرَهُ بِالْإِشْهَادِ أَمْ لَا، وَإِذَا رَجَعَ عَلَى الْعَدْلِ لَا يَرْجِعُ الْعَدْلُ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَلَمَنِي الْمُرْتَهِنُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ مَنْ ظَلَمَهُ (فَإِنْ قَالَ أَشْهَدْت، وَغَابُوا) أَيْ الشُّهُودُ (أَوْ مَاتُوا وَصَدَّقَهُ) الرَّاهِنُ (لَمْ يَرْجِعْ) عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَذَّبَهُ (فَوَجْهَانِ) كَنَظَائِرِهِمَا فِي الضَّمَانِ، وَالْأَصَحُّ الرُّجُوعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِشْهَادِ، وَمَسْأَلَةُ الْغَيْبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ الْعَدْلُ مُؤَجَّلًا أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِغَبْنٍ لَا يُعْتَادُ لَمْ يَصِحَّ) كَسَائِرِ الْوُكَلَاءِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ بِغَبْنٍ يُعْتَادُ (وَضَمِنَ بِالْإِقْبَاضِ) أَيْ بِإِقْبَاضِ الْمَرْهُونِ لِلْمُشْتَرِي لِتَعَدِّيهِ (فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ) لِكَوْنِهِ بَاقِيًا (فَلَهُ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ) ، وَإِنْ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ (وَ) إذَا بَاعَهُ (يَصِيرُ ثَمَنُهُ) فِي يَدِهِ (أَمَانَةً) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ (وَإِنْ تَلِفَ) الْمَرْهُونُ، وَهُوَ (مَعَ الْمُشْتَرِي) الْمَذْكُورِ (فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ) لِحُصُولِ التَّلَفِ عِنْدَهُ (وَالْعَدْلُ طَرِيقٌ) فِي الضَّمَانِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَالْمُتَّجِهُ إلْحَاقُ الرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنِ بِهِ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا فَيَجُوزُ بِغَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدْلِ قَالَ، وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا نَقَصَ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ الرَّهْنُ يُسَاوِي مِائَةً، وَالدَّيْنُ عَشَرَةً فَبَاعَهُ الْمَالِكُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ بِالْعَشَرَةِ جَازَ قَطْعًا انْتَهَى، وَيُرَدُّ أَوَّلُ كَلَامِهِ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ (فَرْعٌ، وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمُتَرَاهِنَيْنِ (الْبَيْعَ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ، وَالْآخَرُ إلَّا بِالدَّنَانِيرِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْعَدْلِ بِعْهُ بِالدَّرَاهِمِ، وَقَالَ الْآخَرُ لَهُ بِالدَّنَانِيرِ لَمْ يَبِعْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْإِذْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا أَطْلَقَهُ الشَّافِعِيُّ، وَمَحِلُّهُ إذَا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ غَرَضٌ، وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ حَقُّهُ دَرَاهِمَ، وَنَقْدُ الْبَلَدِ دَرَاهِمُ فَقَالَ الرَّاهِنُ بِعْ بِالدَّرَاهِمِ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بِعْ بِالدَّنَانِيرِ فَلَا يُرَاعَى خِلَافُهُ، وَيُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ، وَغَيْرُهُمَا، وَإِذَا لَمْ يَبِعْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (بَاعَ الْحَاكِمُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، وَأَخَذَ بِهِ حَقَّهُ)   [حاشية الرملي الكبير] الْوَلِيِّ قَبْلَ إذْنِ الْمَرْأَةِ لَهُ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْقَرَارَ عَلَى الرَّاهِنِ) لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَهُ فَكَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَكَوْنُ الْعَقْدِ فَاسِدًا لَا يَنْفِي التَّضْمِينَ فَإِنَّ فَاسِدَ الْعَقْدِ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى الثَّمَنِ وَلَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ فَكَيْفَ يَضْمَنُهُ وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ تَعْزِيرٌ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ مُضَمَّنًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْغَصْبِ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ بِلَا خِلَافٍ وَقَدْ ظَهَرَ لِي فِيهِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ لِمُسْتَحِقِّهِ أَوْ نَائِبِهِ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ حَاكِمٍ وَهُوَ مُلْجَأٌ إلَى ذَلِكَ شَرْعًا إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا أَوْ مَحْكُومًا بِصِحَّتِهِ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ فَسَادَهُ وَالْإِلْجَاءُ لَحِقَ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ ظَاهِرًا فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ الْمُلْجِئُ بِتَسَبُّبِهِ فِي الْعَقْدِ إلَى دَفْعِ الْمُشْتَرِي لِلثَّمَنِ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا وَجَبَ عَلَى الْمُلْجِئِ ضَمَانُهُ الثَّانِي أَنَّ قَاعِدَةَ الْبَيْعِ دُخُولُ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ فِي ضَمَانِ صَاحِبِهِ بِقَبْضِهِ فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَوِزَانُهُ أَنْ يَدْخُلَ الثَّمَنُ فِي ضَمَانِ مَنْ حُكِمَ لَهُ بِمِلْكِهِ سَوَاءٌ أَقْبَضَهُ بِنَفْسِهِ أَمْ بِوَكِيلِهِ أَمْ بِالْحَاكِمِ وَلِهَذَا لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ وَكِيلِهِ أَوْ الْحَاكِمِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ. (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ الْمُرْتَهِنِ إذَا لَمْ يَتَسَلَّمْ الثَّمَنَ فَإِنْ تَسَلَّمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ لِلْعَدْلِ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ يَضْمَنُ الْعَدْلُ وَحْدَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَعْلِيلُهُمْ يُرْشِدُ إلَيْهِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَقَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَدْلِ مَا لَمْ يَتَعَدَّ أَوْ يُفَرِّطْ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُرْتَهِنُ إذَا صَحَّحْنَا بَيْعَهُ كَالْعَدْلِ فِيمَا ذُكِرَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ أَمَرَهُ بِالْإِشْهَادِ أَمْ لَا) لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ عَدَمَ الْإِشْهَادِ لَمْ يَضْمَنْ قَطْعًا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ بِغَبْنٍ لَا يُعْتَادُ) أَوْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُنَاكَ مَنْ يَبْذُلُ زِيَادَةً (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَيْعِهِ بِغَبْنٍ يُعْتَادُ) حَيْثُ لَا رَاغِبَ بِأَزْيَدَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ بِالْإِقْبَاضِ) كَمَا يَضْمَنُ لَوْ سَلَّمَ الْبَيْعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ) بِالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ أَقْصَى الْقِيَمِ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يَلْتَحِقُ بِالْغَصْبِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا) زَادَ الْمَاوَرْدِيُّ كَوْنَ الْمَبِيعِ نَاجِزًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خِيَارُ الثَّلَاثِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهَذَا عِنْدَ إطْلَاقِ الْإِذْنِ فَلَوْ عَيَّنَا جِنْسَ الثَّمَنِ أَوْ بَيْعَهُ بِالْعُرُوضِ لَمْ يَتَعَدَّهُ فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ وَإِنْ أَذِنَا لَهُ فِي بَيْعِهِ بِمَا رَأَى مِنْ الْأَثْمَانِ فَلَهُ بَيْعُهُ بِالنَّقْدِ سَوَاءٌ أَبَاعَهُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ أَمْ بِغَيْرِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ بِالْحَبِّ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْأَثْمَانِ يَتَنَاوَلُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ دُونَ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ) تَبَعًا لِابْنِ النَّقِيبِ [فَرْعٌ أَبَى أَحَدُ الْمُتَرَاهِنَيْنِ بَيْعَ الْمَرْهُون إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالْآخَرُ إلَّا بِالدَّنَانِيرِ] (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ غَرَضٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 أَيْ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ (أَوْ) بَاعَ (بِجِنْسِ الدَّيْنِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ (إنْ رَأَى) ذَلِكَ. (فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ الْعَدْلُ) ، وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ (فَزَادَ رَاغِبٌ) يُوثَقُ بِهِ زِيَادَةً لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا (بَعْدَ اللُّزُومِ) لِلْبَيْعِ (اُسْتُحِبَّ أَنْ يَسْتَقِيلَ) الْمُشْتَرِي لِيَبِيعَهُ بِالزِّيَادَةِ لِلرَّاغِبِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ (أَوْ) زَادَ الرَّاغِبُ (فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلْيَفْسَخْ) أَيْ الْعَدْلُ الْبَيْعَ، وَلْيَبِعْهُ لَهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ (فَلَوْ لَمْ يَفْسَخْ انْفَسَخَ) لِأَنَّ زَمَنَ الْخِيَارِ كَحَالَةِ الْعَقْدِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَهُنَاكَ مَنْ يَزِيدُ (فَإِنْ بَدَا لِلرَّاغِبِ) بِأَنْ رَجَعَ عَنْ الزِّيَادَةِ فَإِنْ كَانَ (قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيْعِهِ فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ بِحَالِهِ، وَإِلَّا بَطَلَ، وَاسْتُؤْنِفَ) مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ لِعَدَمِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ (وَلَوْ بَاعَهُ عَلَى) بِمَعْنَى مِنْ (الرَّاغِبِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ كَانَ فَسْخًا) لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ (وَصَحَّ الْبَيْعُ) الثَّانِي، وَهَذَا أَوْلَى وَأَحْوَطُ لِأَنَّهُ قَدْ يَفْسَخُ فَيَرْجِعُ الرَّاغِبُ. (فَصْلٌ مُؤْنَةُ الرَّهْنِ) أَيْ مُؤْنَةُ الْمَرْهُونِ الَّتِي بِهَا بَقَاؤُهُ (عَلَى مَالِكِهِ) كَأُجْرَةِ رَدِّ الرَّقِيقِ الْهَارِبِ، وَأُجْرَةِ سَقْيِ الشَّجَرِ، وَنَفَقَةِ الرَّقِيقِ وَكِسْوَتِهِ، وَغَيْرِهَا (حَتَّى أُجْرَةِ الْحِرْزِ إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ) ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ اسْتِبْقَاءً لِلرَّهْنِ، وَلِخَبَرِ «الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ (فَإِنْ غَابَ) الْمَالِكُ (أَوْ أَعْسَرَ) عَنْ الْمُؤَنِ، وَلَوْ نَادِرَةً (فَكَهَرَبِ الْجَمَّالِ) عَنْ جِمَالِهِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ عَجْزِهِ عَنْ مُؤْنَتِهَا فَيُمَوِّنُ الْحَاكِمُ الْمَرْهُونَ مِنْ مَالِ مَالِكِهِ فِي الْأُولَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمُعْسِرٌ كَمَا فِي الثَّانِيَةِ فَيَقْتَرِضُ عَلَيْهِ أَوْ يَبِيعُ مِنْ الْمَرْهُونِ بِقَدْرِ الْمُؤْنَةِ فَقَوْلُهُ (وَيُبَاعُ مِنْهُ جُزْءٌ لِأُجْرَةِ الْحِرْزِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ مُضِرٌّ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى أُجْرَةِ الْحِرْزِ، وَأَنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عُرِفَ، وَقَدْ أَشَارَ الْأَصْلُ إلَى اسْتِشْكَالِهِ بِقَوْلِهِ كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَائِبِ مَالُ الرَّاهِنِ لَا الرَّاهِنُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَعَ مَا بَعْدَهُ مُكَرَّرًا، وَأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ إذَا غَابَ مَالُهُ دُونَهُ يُبَاعُ الْجُزْءُ، وَيَقْتَرِضُ بِغَيْرِ مُرَاجَعَةِ الرَّاهِنِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ (وَمَتَى أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ) فِيمَا ذُكِرَ عَلَى مَرْهُونٍ لَا كَسْبَ لَهُ يَكْفِيهِ (بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِيَكُونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ، وَالنَّفَقَةِ جَازَ) كَفِدَاءِ مَرْهُونٍ جَنَى عَلَى أَنْ يَكُونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ، وَالْفِدَاءِ (فَإِنْ فَقَدَ الْحَاكِمُ) بِأَنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ (وَأَشْهَدَ) بِالْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ (كَفَى) فَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَلَا رُجُوعَ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ إعَادَةَ مَا تَهَدَّمَ مِنْ دَارٍ مَرْهُونَةٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ فِي الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ بِأَنَّ الْإِنْفَاقَ هُنَا لِحِفْظِ مَا تَلِفَ، وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَهُنَاكَ لِإِبْدَالِ مَعْدُومٍ، وَحِفْظِ الْمَوْجُودِ أَقْرَبُ إلَى مُقْتَضَى الْعَقْدِ مِنْ إبْدَالِ مَعْدُومٍ لِأَنَّهُ فِي حِفْظِ الْمَوْجُودِ لَمْ يُجَدِّدْ لِلْمُسْتَحِقِّ حَقًّا فِي غَيْرِ مَا اسْتَحَقَّهُ لِوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ فِي الْإِبْدَالِ. (وَلِلرَّاهِنِ لَا عَلَيْهِ الْفَصْدُ وَالْحِجَامَةُ وَالْعِلَاجُ) بِالْأَدْوِيَةِ وَالْمَرَاهِمِ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّهُ يَحْفَظُ بِذَلِكَ مِلْكَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ بِجِنْسِ الدَّيْنِ إنْ رَأَى ذَلِكَ) وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِقَدْرِ الْحَقِّ ع قَوِّ (قَوْلُهُ أَوْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلْيُفْسَخْ) لَوْ ارْتَفَعَتْ الْأَسْوَاقُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ كَمَا لَوْ طَلَبَ بِزِيَادَةٍ بَلْ أَوْلَى وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَلَا فَرَّقَ فِي هَذَا بَيْنَ عَدْلِ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوُكَلَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ ر وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَفْسَخْ انْفَسَخَ) لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَدْلُ بِالزِّيَادَةِ حَتَّى لَزِمَ الْبَيْعُ وَهِيَ مُسْتَقِرَّةٌ قَالَ السُّبْكِيُّ الْأَقْرَبُ عِنْدِي تَبَيَّنَ الْفَسْخُ لَكِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ عِنْدِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِفَ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ إلَخْ) فَلَا يُشْكِلُ بِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْوَكِيلِ مَا رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ بِفَسْخٍ مُشْتَرِيهِ بِخِيَارٍ مُخْتَصٍّ بِهِ لِزَوَالِ مِلْكِ مُوَكِّلِهِ عَنْ الْمَبِيعِ فِيهَا [فَصْلٌ مُؤْنَةُ الرَّهْنِ] (فَصْلٌ مُؤْنَةُ الرَّهْنِ إلَخْ) (قَوْلُهُ عَلَى مَالِكِهِ) أَفَادَ أَنَّ مُؤْنَةَ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَعَارِ وَالْمَرْهُونِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَلَى مَالِكِهِمَا لَا عَلَى رَاهِنِهِمَا (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ وَيُبَاعُ مِنْهُ جُزْءٌ لِأُجْرَةِ الْحِرْزِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ) صَرَّحَ بِهِ لِيُسْتَفَادَ مِنْهُ الْبَيْعُ لِبَقِيَّةِ الْمُؤَنِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَفَائِدَةُ تَكْرَارِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّ الْحِفْظَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَيَخْتَصُّ بِالْتِزَامِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ قَالَ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَائِبِ إلَخْ) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَكَانَ لَهُ مَالٌ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَقُومُ بِالْمُؤَنِ مِنْ مَالِهِ بَلْ مِنْ الْمَرْهُونِ وَهُوَ خِلَافُ الْقَوَاعِدِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ شَيْءٌ أَوْ كَانَ غَائِبًا أَيْ وَلَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا حَاضِرًا (قَوْلُهُ كَفِدَاءِ مَرْهُونٍ جَنَى إلَخْ) لِأَنَّ الْأَرْشَ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّقَبَةِ مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ فَإِذَا رَهَنَهَا بِهِ فَقَدْ عَلَّقَ بِالرَّقَبَةِ مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهَا وَلِأَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إبْطَالَ الرَّهْنِ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ الرَّقَبَةِ فَصَارَ بِذَلِكَ كَالرَّهْنِ الْجَائِزِ وَيَجُوزُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْجَائِزِ مَا لَا يَلْحَقُ بِاللَّازِمِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ الرَّهْنِ وَحِفْظِهِ (قَوْلُهُ لِحِفْظِ مَا ثَبَتَ وَهُوَ مَوْجُودٌ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ لِحِفْظِ مَا تَلِفَ مِنْ الْبِنَاءِ بِانْهِدَامِهِ وَهُوَ أَيْ الْمُنْهَدِمُ بِمَعْنَى آلَاتِهِ مَوْجُودٌ لَمْ يَتْلَفْ (قَوْلُهُ وَهُنَاكَ لِإِبْدَالِ مَعْدُومٍ) يَعْنِي الْمَنْفَعَةَ إذْ لَا وُجُودَ لَهَا حَقِيقَةً وَهِيَ الْمَمْلُوكَةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ وَلِلرَّاهِنِ لَا عَلَيْهِ الْفَصْدُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ أَلْحَقُوا الرَّقِيقَ بِالْقَرِيبِ فِي إيجَابِ الْكِفَايَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ثَمَنُ الدَّوَاءِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَرِيبِ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى تَحْصِيلِهِ بِخِلَافِهِ قَالَ وَقَوْلُهُمْ فِي الرَّهْنِ إنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بَلْ فِي عَيْنِ الْمَرْهُونِ بِبَيْعِ جُزْءٍ مِنْهُ لِأَجَلِهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُتَوَلِّي أَجْرَى الْوَجْهَيْنِ فِي نَفَقَةِ الْمَرْهُونِ فِي أَنَّهَا مِنْ عَيْنِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ فِي الْمُدَاوَاةِ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَرْتَضِ الرَّافِعِيُّ الْإِلْحَاقَ وَكَأَنَّهُ لِأَنَّ الْمُدَاوَاةَ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَمَا جَازَ لِلرَّاهِنِ فِعْلُهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْمُتَوَلِّي وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنْ كَانَ فِيهِ خَطَرٌ مَا فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ بِذَلِكَ مِلْكَهُ) وَلِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً وَقَلَّمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ ضَرَرٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 (وَ) لَهُ (الْخِتَانُ) لِلرَّقِيقِ (إنْ لَمْ يَخَفْ) مِنْهُ (وَانْدَمَلَ) أَيْ، وَكَانَ يَنْدَمِلُ (قَبْلَ الْحُلُولِ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْغَالِبُ فِيهِ السَّلَامَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا خِيفَ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَنْدَمِلْ قَبْلَ الْحُلُولِ، وَكَانَ فِيهِ نَقْصٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَسَوَاءٌ فِي جَوَازِ الْخِتَانِ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ كَمَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ، وَصَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ الْمُتَوَلِّي وَسُلَيْمٌ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ، وَأَمَّا عَدُّهُمْ عَدَمُ الْخِتَانِ عَيْبًا فِي الْكَبِيرِ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى كَبِيرٍ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِتَانِ، وَبِأَنَّ التَّعْيِيبَ بِذَلِكَ مُسْتَحَقٌّ كَمَا لَوْ رَهَنَ رَقِيقًا سَارِقًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا (وَلَوْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِي قَطْعِ السِّلْعَةِ، وَ) فِي (الْمُدَاوَاةِ) عَلَى خَطَرِهِمَا (جَازَ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ إصْلَاحٌ بِلَا ضَرَرٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ غَلَبَ التَّلَفُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ أَوْ شَكَّ (فَلَا) يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ فَكَانَ كَجُرْحِهِ بِلَا سَبَبٍ (وَيَتَخَيَّرُ) بَيْنَ الْقَطْعِ، وَعَدَمِهِ (فِي قَطْعِ الْيَدِ الْمُتَآكِلَةِ) أَوْ نَحْوِهَا (إنْ جَرَى الْخَطَرَانِ) خَطَرُ الْقَطْعِ، وَخَطَرُ التَّرْكِ (وَغُلِّبَتْ السَّلَامَةُ) فِي الْقَطْعِ عَلَى خَطَرِهِ، وَإِنْ اسْتَوَى الْخَطَرَانِ أَوْ زَادَ خَطَرُ الْقَطْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُغَلَّبْ السَّلَامَةُ لَا يَجُوزُ الْقَطْعُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمُهَذَّبِ مَنْعَ الْقَطْعِ، وَلَوْ كَانَ الْخَطَرُ فِي التَّرْكِ دُونَ الْقَطْعِ أَوْ لَا خَطَرَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَهُ الْقَطْعُ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأُولَى، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخَطَرُ فِي الْقَطْعِ دُونَ التَّرْكِ، وَغُلِّبَتْ السَّلَامَةُ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَطْعِ السِّلْعَةِ وَالْمُدَاوَاةِ، وَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَطْعِ السِّلْعَةِ أَوْ عُضْوٍ مُتَآكِلٍ لَا غِنَى عَنْ قَوْلِهِ، وَيَتَخَيَّرُ إلَى آخِرِهِ، وَلَشَمَلَ مَا لَوْ كَانَ الْخَطَرُ فِي الْقَطْعِ دُونَ التَّرْكِ، وَغُلِّبَتْ السَّلَامَةُ. (فَرْعٌ لَهُ) أَيْضًا (نَقْلُ الْمُزْدَحِمِ مِنْ النَّخْلِ) إذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ نَقْلُهَا أَنْفَعُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَ) لَهُ (قَطْعُ الْبَعْضِ) مِنْهَا (لِإِصْلَاحِ الْأَكْثَرِ وَالْمَقْطُوعُ) مِنْهَا (رَهْنٌ) أَيْ مَرْهُونٌ (بِحَالِهِ) ، وَكَذَا مَا يَجِفُّ مِنْهَا بِلَا قَطْعٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَمَا يَحْدُثُ مِنْ سَعَفٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَجِفَّ (وَ) مِنْ (لِيفٍ، وَكَرَبٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ، وَالرَّاءِ، وَهُوَ أُصُولُ السَّعَفِ (غَيْرُ مَرْهُونٍ) كَالثَّمَرَةِ (وَفِيمَا كَانَ ظَاهِرًا) مِنْهَا (حَالَ الْعَقْدِ خِلَافٌ) فَفِي التَّتِمَّةِ مَرْهُونٌ، وَفِي الشَّامِلِ وَتَعْلِيقِهِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ لَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَالصُّوفِ بِظَهْرِ الْغَنَمِ كَمَا مَرَّ، وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ مَشَى عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي الصُّوفِ مِنْ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي رَهْنِ الْغَنَمِ. (فَرْعٌ لَهُ) أَيْضًا (رَعْيُ الْمَاشِيَةِ فِي الْأَمْنِ نَهَارًا، وَيَرُدُّهَا لَيْلًا إلَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ، وَلَهُ أَنْ يَنْتَجِعَ) أَيْ يَذْهَبَ (بِهَا) إلَى الْكَلَأِ، وَنَحْوِهِ (لِعَدَمِ الْكِفَايَةِ) لَهَا فِي مَكَانِهَا (وَيَرُدُّهَا لَيْلًا إلَى عَدْلٍ) يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَوْ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (فَإِنْ أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ الِانْتِجَاعَ بِهَا) فَإِنْ كَانَ (لِلضَّرُورَةِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِالْقُرْبِ مَا يَكْفِيهَا (لَمْ يَمْنَعْ) ، وَإِلَّا مَنَعَ (وَكَذَا لَوْ أَرَادَ نَقْلَ الْمَتَاعِ مِنْ بَيْتٍ غَيْرِ مُحَرَّزٍ إلَى مُحَرَّزٍ) لَمْ يَمْنَعْ (فَإِنْ انْتَجَعَا) بِهَا إلَى أَرْضٍ وَاحِدَةٍ فَذَاكَ أَوْ (إلَى بَلَدَيْنِ) يَعْنِي أَرْضَيْنِ (فَلْتَكُنْ) أَيْ الْمَاشِيَةُ (مَعَ الرَّاهِنِ، وَيَتَّفِقَانِ عَلَى عَدْلٍ تَبِيتُ عِنْدَهُ) أَوْ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ كَمَا مَرَّ. [فَرْعٌ الرَّهْنُ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ] (فَرْعٌ الرَّهْنُ أَمَانَةٌ) بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لِخَبَرِ «الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ» أَيْ مِنْ ضَمَانِهِ (لَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ) كَمَوْتِ الْكَفِيلِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ (فَإِنْ اسْتَعَارَهُ) الْمُرْتَهِنُ (أَوْ تَعَدَّى فِيهِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ مَنَعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ رَدِّهِ (بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ) يَعْنِي بَعْدَ سُقُوطِ الدَّيْنِ، وَالْمُطَالَبَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ مَنَعَ فَعُلِمَ أَنَّهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ بَاقٍ عَلَى أَمَانَتِهِ بِيَدِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ رَدِّهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ) لَوْ (ارْتَهَنَ بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ) الْمَرْهُونَ (فَسَدَ) الرَّهْنُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ (وَلَمْ يَضْمَنْ) مَا ارْتَهَنَهُ (إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ، وَعَدَمِهِ) لِأَنَّهُ إنْ اقْتَضَى صَحِيحُهُ الضَّمَانَ فَفَاسِدُهُ أَوْلَى أَوْ عَدَمَهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ لِأَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ أَثْبَتَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِالْعَقْدِ ضَمَانًا فَالْمَقْبُوضُ بِفَاسِدِ بَيْعٍ أَوْ إعَارَةٍ مَضْمُونٌ، وَبِفَاسِدِ رَهْنٍ أَوْ هِبَةٍ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ مَا لَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِي فَهُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً، وَمَا لَوْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا لِي فَهُوَ كَالْقِرَاضِ فَيَكُونُ فَاسِدًا   [حاشية الرملي الكبير] فَلَوْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ مُنِعَ مِنْ الْفَصْدِ دُونَ الْحِجَامَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لِحَدِيثٍ مَرْوِيٍّ قَطْعُ الْعُرُوقِ مَسْقَمَةٌ وَالْحِجَامَةُ خَيْرٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَطْعِ السِّلْعَةِ وَالْمُدَاوَاةِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) هُوَ الْأَصَحُّ (فَرْعٌ) رَهَنَ عِنْدَ شَخْصٍ ثَلَاثَ قَطْعِ بَلَخْشٍ وَثَلَاثَ حَبَّاتِ لُؤْلُؤٍ مَثَلًا وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى بَابِ دَارِ الرَّاهِنِ ثُمَّ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّ قِطْعَةً مِنْ الْبَلْخَشِ وَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ عَلَى بَابِ دَارِ الرَّاهِنِ فَأَفْتَى الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ وَالْكَمَالُ سَلَّارٌ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْيَدَ لَيْسَتْ حِرْزًا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَرْعٌ الرَّهْنُ أَمَانَةٌ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ تَبَعًا لِلْمَحَامِلِيِّ ثَمَانِ مَسَائِلَ إحْدَاهَا الْمَغْصُوبُ إذَا تَحَوَّلَ رَهْنًا. ثَانِيهَا الْمَرْهُونُ إذَا تَحَوَّلَ غَصْبًا. ثَالِثُهَا الْمَرْهُونُ إذَا تَحَوَّلَ عَارِيَّةً. رَابِعُهَا الْمُسْتَعَارُ إذَا تَحَوَّلَ رَهْنًا. خَامِسُهَا الْمَقْبُوضُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا رُهِنَ. سَادِسُهَا الْمَقْبُوضُ بِالسَّوْمِ إذَا رُهِنَ. سَابِعُهَا رَهْنُ مَا بِيَدِهِ بِإِقَالَةٍ أَوْ فَسْخٍ قَبْلَ قَبْضِهِ. ثَامِنُهَا خَالَعَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ رَهَنَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّنْ خَالَفَهُ (قَوْلُهُ كَمَوْتِ الْكَفِيلِ) بِجَامِعِ الْوَثِيقَةِ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِدَيْنٍ لَيْسَ بِعِوَضٍ عَنْهُ فَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا حَبَسَ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ لِقَبْضِ الثَّمَنِ وَتَلِفَ وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ بِعْ الْمَرْهُونَ مِنِّي فَامْتَنَعَ لَمْ يَصِرْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَلَا يُجْعَلُ كَالْآخِذِ سَوْمًا وَلَوْ بَاعَ مِنْهُ ثُمَّ تَفَاسَخَا لَمْ يُعِدْ الرَّهْنَ إلَّا إذَا بَاعَ مِنْهُ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا ثُمَّ فَسَخَ وَإِنْ شَرَطَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَفَسَخَ بَطَلَ الرَّهْنُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ بِتَلَفِهِ لَكَانَ تَضْيِيعًا لَهُ [فَرْعٌ ارْتَهَنَ بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ الْمَرْهُونَ] (قَوْلُهُ أَوْ عَدَمُهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَدَمُ الضَّمَانِ لَا أَنَّهُ أَوْلَى كَاَلَّتِي قَبْلَهَا (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ إلَخْ) اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَقَالَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْقَاعِدَةِ لَا طَرْدًا وَلَا عَكْسًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الضَّمَانُ الْمُقَابِلُ لِلْأَمَانَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَيْنِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى أُجْرَةٍ وَلَا غَيْرُهَا فَالرَّهْنُ صَحِيحُهُ أَمَانَةٌ وَفَاسِدُهُ أَمَانَةٌ وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ وَالْعَارِيَّةُ صَحِيحُهُمَا مَضْمُونٌ وَفَاسِدُهُمَا مَضْمُونٌ فَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ فس ق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً، وَمَا لَوْ صَدَرَ عَقْدُ الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَلَا جِزْيَةَ فِيهِ عَلَى الذِّمِّيِّ، وَمَا لَوْ عَرَضَ الْعَيْنَ الْمُكْتَرَاةَ عَلَى الْمُكْتَرِي فَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهَا إلَى أَنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لَمْ تَسْتَقِرَّ، وَمَا لَوْ سَاقَاهُ عَلَى، وَدِيٍّ مَغْرُوسٍ أَوْ لِيَغْرِسَهُ، وَيَتَعَهَّدَهُ مُدَّةً، وَالثَّمَرُ بَيْنَهُمَا، وَقَدَّرَ مُدَّةً لَا تُتَوَقَّعُ فِيهَا الثَّمَرَةُ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً، وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّانِي الشَّرِكَةَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَلَ الْآخَرِ مَعَ صِحَّتِهَا، وَيَضْمَنُهُ مَعَ فَسَادِهَا، وَمَا لَوْ صَدَرَ الرَّهْنُ أَوْ الْإِجَارَةِ مِنْ مُتَعَدٍّ كَغَاصِبٍ فَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ، وَإِنْ كَانَ الْقَرَارُ عَلَى الْمُتَعَدِّي مَعَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِ الرَّهْنِ، وَالْإِجَارَةِ، وَإِلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَشَارَ الْأَصْحَابُ بِالْأَصْلِ فِي قَوْلِهِمْ الْأَصْلُ إنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ إلَى آخِرِهِ هَذَا كُلُّهُ إذَا صَدَرَ الْعَقْدُ مِنْ رَشِيدٍ فَلَوْ صَدَرَ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَقْتَضِي صَحِيحُهُ الضَّمَانَ كَانَ مَضْمُونًا (فَرْعٌ) لَوْ (رَهَنَهُ أَرْضًا، وَأَذِنَ لَهُ فِي غَرْسِهَا بَعْدَ شَهْرٍ فَهِيَ قَبْلَ الشَّهْرِ أَمَانَةٌ) بِحُكْمِ الرَّهْنِ (وَبَعْدَهُ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ) بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ (وَكَذَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا مَبِيعَةً بَعْدَ شَهْرٍ) فَهِيَ أَمَانَةٌ قَبْلَ الشَّهْرِ لِمَا مَرَّ، وَمَبِيعَةٌ مَضْمُونَةٌ بَعْدَهُ بِحُكْمِ الْبَيْعِ (فَإِنْ غَرَسَ) فِيهَا الْمُرْتَهِنُ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَبْلَ الشَّهْرِ قَلَعَ) مَجَّانًا (أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَقْلَعْ فِي الْأُولَى، وَلَا فِي هَذِهِ مَجَّانًا) لِوُقُوعِهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَجَهْلِهِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِهِ (إلَّا إنْ عَلِمَ فَسَادَ الْبَيْعِ) ، وَغَرَسَ فَيَقْلَعُ مَجَّانًا لِتَقْصِيرِهِ. (فَرْعٌ يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ) بِيَمِينِهِ (كَالْمُسْتَأْجِرِ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَالْمُسْتَأْجِرُ (فِي دَعْوَى التَّلَفِ) لِلْمَرْهُونِ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ ذَكَرَ سَبَبًا ظَاهِرًا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ (لَا) دَعْوَى (الرَّدِّ) لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَالْمُسْتَعِيرِ (وَالْمُرْتَهِنِ مِنْ الْغَاصِبِ يَضْمَنُ) لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَى مَا لَمْ يَأْتَمِنْهُ مَالِكُهُ عَلَيْهِ (وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ (إنْ جَهِلَ) الْغَصْبَ لِتَغْرِيرِهِ إيَّاهُ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَهُوَ غَاصِبٌ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَمِثْلُهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ، وَالْمُضَارِبِ، وَوَكِيلِهِ فِي بَيْعِهِ، وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْهُ، وَالْمُسْتَامُ يُطَالَبَانِ، وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ لِأَنَّهُمَا ضَامِنَانِ، وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِعِلْمِهِ مِنْ بَابِ الْغَصْبِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَعْطَاهُ كِيسَ دَرَاهِمَ لِيَسْتَوْفِيَ) حَقَّهُ (مِنْهُ فَهُوَ أَمَانَةٌ) بِيَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ كَالْمَرْهُونِ (فَإِنْ اسْتَوْفَى مِنْهُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ) أَيْ الْكِيسَ، وَمَا اسْتَوْفَاهُ لِأَنَّ الْكِيسَ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ، وَمَا اسْتَوْفَاهُ أَمْسَكَهُ لِنَفْسِهِ، وَالْقَبْضُ الْمَذْكُورُ فَاسِدٌ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ، وَالْمُقَبِّضِ كَمَا لَوْ قَالَ خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَاشْتَرِ بِهَا جِنْسَ حَقِّك، وَأَقْبِضْهُ لِي ثُمَّ أَقْبِضْهُ لِنَفْسِك (وَإِنْ قَالَ خُذْهُ) أَيْ الْكِيسَ بِمَا فِيهِ (بِدَرَاهِمِك) فَأَخَذَهُ (فَكَذَلِكَ) أَيْ يَضْمَنُهُ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، وَلَا يَمْلِكُهُ (إلَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْرُ مَالِهِ) ، وَلَمْ يَكُنْ سَلَمًا، وَلَا قِيمَةَ لِلْكِيسِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ فَيَمْلِكُهُ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ مَا فِيهِ مَجْهُولًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ مِثْلَهَا، وَلِلْكِيسِ قِيمَةٌ أَوْ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ فَلَا يَمْلِكُهُ لِامْتِنَاعِ ذَلِكَ فِي الرِّبَوِيِّ بَلْ، وَفِي غَيْرِهِ فِي الْأَخِيرَةِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ مُتَدَافِعٌ فِي مَسْأَلَةِ الْأَقَلِّ أَمَّا غَيْرُ الرِّبَوِيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ سَلَمًا فَيَمْلِكُهُ إنْ قَبِلَ، وَإِلَّا فَلَا بَلْ يَضْمَنُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي (وَإِنْ قَالَ خُذْ هَذَا الْعَبْدَ بِحَقِّك فَقَبِلَ، وَلَمْ يَكُنْ سَلَمًا) أَيْ مُسْلَمًا فِيهِ (مَلَكَهُ) كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَلَمًا لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ، وَأَخَذَهُ ضَمِنَ) بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ. [فَصْلٌ الْمُرْتَهِنُ فِي تَصَرُّفِهِ فِي الْمَرْهُونِ كَالْأَجْنَبِيِّ] (فَصْلٌ وَالْمُرْتَهِنُ فِي تَصَرُّفِهِ) فِي الْمَرْهُونِ (كَالْأَجْنَبِيِّ) فِي أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنٍ سَوَاءٌ التَّصَرُّفُ الْقَوْلِيُّ كَالْعِتْقِ، وَالْفِعْلِيُّ كَالرُّكُوبِ إذْ لَيْسَ لَهُ إلَّا حَقُّ التَّوَثُّقِ، وَمَا يَتْبَعُهُ (وَوَطْؤُهُ) لِلْمَرْهُونَةِ (بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ، وَبِغَيْرِ شُبْهَةِ زِنًا) كَوَطْءِ الْمُكْتَرِي فَيُوجِبُ الْحَدَّ، وَيُوجِبُ الْمَهْرَ مَا لَمْ تَكُنْ مُطَاوِعَةً عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ، وَوَلَدُهَا مِنْهُ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ، وَغَيْرُ نَسِيبٍ (وَلَا يُصَدَّقُ فِي) دَعْوَى (الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِهِ) أَيْ الْوَطْءِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَشَارَ الْأَصْحَابُ بِالْأَصْلِ فِي قَوْلِهِمْ الْأَصْلُ إلَخْ) وَإِلَّا فَقَدْ لَا يَسْتَوِيَانِ فِي الضَّامِنِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَلِيُّ لِلصَّبِيِّ عَلَى عَمَلٍ إجَارَةٍ فَاسِدَةً فَفَعَلَهُ الْأَجِيرُ لِلصَّبِيِّ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْوَلِيِّ دُونَ مَالِ الصَّبِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَلَا فِي الْمِقْدَارِ فَإِنَّ صَحِيحَ الْبَيْعِ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ وَفَاسِدَهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ وَصَحِيحَ الْقَرْضِ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا وَفَاسِدَهُ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ وَصَحِيحَ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُسَابَقَةِ وَنَحْوِهَا مَضْمُونٌ بِالْمُسَمَّى وَفَاسِدَهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَذَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ. وَقَوْلُهُ إنَّ صَحِيحَ الْبَيْعِ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ صَحِيحَ الْبَيْعِ لَا ضَمَانَ فِيهِ بِالثَّمَنِ بَلْ الثَّمَنُ فِيهِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْمَبِيعُ عَلَى الْبَائِعِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ ارْتَفَعَ الضَّمَانُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ فَلَوْ صَدَرَ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَقْتَضِي صَحِيحُهُ الضَّمَانَ إلَخْ) لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ فَإِنَّ عَقْدَهُ بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ لِرُجُوعِ الْخَلَلِ إلَى رُكْنِ الْعَقْدِ وَقَدْ فَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ فَقَالُوا إنْ رَجَعَ الْخَلَلُ إلَى رُكْنِ الْعَقْدِ كَبَيْعِ الصَّبِيِّ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ رَجَعَ إلَى شَرْطِهِ أَوْ صِفَتِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ وَفَرَّقُوا بِذَلِكَ بَيْنَ الْعَارِيَّةِ الْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَبَيْنَ الْكِتَابَةِ الْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَبَيْنَ الْخُلْعِ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ [فَرْعٌ رَهَنَهُ أَرْضًا وَأَذِنَ لَهُ فِي غَرْسِهَا بَعْدَ شَهْرٍ] (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ) اسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مَا إذَا لَمْ يَمْضِ بَعْدَهُ زَمَنٌ يَتَأَتَّى فِيهِ الْقَبْضُ وَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ بِحُكْمٍ الْعَارِيَّةِ) لِأَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ عَنْ الْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعِيرًا بَعْدَ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا مَبِيعَةً بَعْدَ شَهْرٍ) وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَوْ شَرَطَ مَا إذَا قَالَ رَهَنْتُك وَإِذَا لَمْ أُقَبِّضْك عِنْدَ الْحُلُولِ فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك فَسَدَ الْبَيْعُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ شَيْئًا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ فَسَادُ الرَّهْنِ أَيْضًا [فَرْعٌ يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ بِيَمِينِهِ كَالْمُسْتَأْجِرِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ] (قَوْلُهُ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ) ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْكَلَامِ وَأَهْمَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ لَا دَعْوَى الرَّدِّ إلَخْ) وَيُخَالِفُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا تُمْكِنُ الْبَيِّنَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَوَطِئَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ) أَيْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِهِ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 (إلَّا إنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ) بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ (أَوْ أَسْلَمَ قَرِيبًا) فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِمَا أَوْ كَانَتْ الْمَرْهُونَةُ لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ جَهِلَ تَحْرِيمَ وَطْئِهَا عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ فِي الْحُدُودِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ (نَعَمْ يُصَدَّقُ) بِيَمِينِهِ (إنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي الْوَطْءِ) فِي (أَنَّهُ جَاهِلٌ بِتَحْرِيمِهِ) ، وَإِنْ نَشَأَ مُسْلِمًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إذْ قَدْ يَخْفَى التَّحْرِيمُ مَعَ الْإِذْنِ (فَيَسْقُطُ) بِهِ (الْحَدُّ) عَنْهُ (ثُمَّ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْحُرِّيَّةُ) لِلْوَلَدِ (وَالْمَهْرُ) لِلشُّبْهَةِ (إلَّا مَهْرَ مُطَاوِعَةٍ فِي وَطْئِهَا) عَالِمَةٍ بِتَحْرِيمِهِ فَلَا يَثْبُتُ لِأَنَّهُ لَا مَهْرَ لِبَغِيٍّ بِخِلَافِ الْمُكْرَهَةِ، وَالْجَاهِلَةِ بِالتَّحْرِيمِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمَهْرِ حَيْثُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ حَقُّ الشَّرْعِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِذْنُ كَالْمُفَوَّضَةِ تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ بِالدُّخُولِ مَعَ تَفْوِيضِهَا (وَتَجِبُ قِيمَةُ الْوَلَدِ) الْحَاصِلِ بِوَطْئِهِ لِلرَّاهِنِ لِتَفْوِيتِهِ الرِّقَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ، وَكَالْوَطْءِ بِالْجَهْلِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ كَأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ أَمَتَهُ (وَإِذَا مَلَكَهَا) الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ إيلَادِهِ لَهَا (لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ لِأَنَّهَا عُلِّقَتْ بِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، وَلَوْ كَانَ أَبًا لِلرَّاهِنِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِالْإِيلَادِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي النِّكَاحِ (فَإِنْ ادَّعَى) بَعْدَ الْوَطْءِ (أَنَّهُ) كَانَ (اشْتَرَاهَا أَوْ اتَّهَبَهَا) مِنْ الرَّاهِنِ، وَقَبَضَهَا بِإِذْنِهِ فِي الثَّانِيَةِ (فَحَلَفَ الرَّاهِنُ) بَعْدَ إنْكَارِهِ (فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ) لَهُ كَأُمِّهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ (فَإِنْ مَلَكَهَا) الْمُرْتَهِنُ (صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ (لِإِقْرَارِهِ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الرَّاهِنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (فَصْلٌ) (أَرْشُ الْمَرْهُونِ، وَقِيمَتُهُ إنْ ضَمِنَ) كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْجِنَايَةِ (رَهْنٌ) أَيْ مَرْهُونٌ بَدَلَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إقَامَةً لَهُ مُقَامَهُ، وَيُجْعَلُ بِيَدِ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ كَانَ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي) فَإِنَّهُ رَهْنٌ، وَإِنْ امْتَنَعَ رَهْنُ الدَّيْنِ ابْتِدَاءً إذْ يَحْتَمِلُ دَوَامًا مَا لَا يَحْتَمِلُ ابْتِدَاءً، وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي قِيمَةِ الْمَوْقُوفِ، وَقِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ حَيْثُ لَا تَصِيرُ الْأُولَى مَوْقُوفَةً، وَالثَّانِيَةُ أُضْحِيَّةً بِأَنَّ الْقِيمَةَ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَرْهُونَةً، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَوْقُوفَةً، وَلَا أُضْحِيَّةً ثُمَّ مَا يَشْتَرِي بِقِيمَةِ الْمَوْقُوفِ إنَّمَا يَصِيرُ مَوْقُوفًا بِإِنْشَاءِ، وَقْفٍ، وَمَا يَشْتَرِي بِقِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ يَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْقِيمَةِ، وَبِنِيَّةِ كَوْنِهِ أُضْحِيَّةً إنْ اشْتَرَى بِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الْوَقْفِ أَنَّ الْوَقْفَ يَحْتَاطُ لَهُ بِاشْتِرَاطِ بَيَانِ الْمَصْرِفِ، وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ، وَبَيْنَ شِقَّيْ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِعَيْنِ الْقِيمَةِ كَانَتْ قَرِينَةً دَالَّةً عَلَى رِضَاهُ فَاكْتَفَى بِنِيَّتِهِ الْأُولَى بِخِلَافِ الشِّرَاءِ بِمَا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ مَحِلُّ كَوْنِ مَا ذَكَرَ رَهْنًا فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ الْجَانِي غَيْرَ الرَّاهِنِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِيرُ مَرْهُونًا إلَّا بِالْغُرْمِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِيمَا إذَا لَزِمَهُ قِيمَةُ مَا أَعْتَقَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي كَوْنِهِ مَرْهُونًا فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِهِ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْجِنَايَةِ مَحِلُّهُ إذَا نَقَصَتْ الْقِيمَةُ بِهَا، وَلَمْ يَزِدْ الْأَرْشُ فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ بِهَا كَأَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ أَوْ نَقَصَتْ بِهَا، وَكَانَ الْأَرْشُ زَائِدًا عَلَى مَا نَقَصَ مِنْهَا فَازَ الْمَالِكُ بِالْأَرْشِ كُلِّهِ فِي الْأُولَى، وَبِالزَّائِدِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ جَهْلُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ يَعْنِي قَالَ ظَنَنْت أَنَّ الِارْتِهَانَ يُبِيحُ الْوَطْءَ وَإِلَّا فَكَدَعْوَى جَهْلِ تَحْرِيمِ الزِّنَا (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ قَرِيبًا) شَرْطُ قَرِيبِ الْإِسْلَامِ أَنْ لَا يَنْشَأَ بِبِلَادِنَا بَلْ قَدِمَ مِنْ بِلَادِ الْحَرْبِ مَثَلًا أَمَّا مَنْ يُخَالِطُنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَهُوَ كَعَوَامِّنَا فِي رَفْعِ الْحَدِّ ع قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّا لَا نُكَلِّفُ أَهْلَ الذِّمَّةِ تَعَلُّمَ أَحْكَامِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ عَوَامِّنَا فَيُحْكَمُ بِتَقْصِيرِهِمْ (قَوْلُهُ لِلشُّبْهَةِ) كَأَنْ كَانَتْ أَمَةَ فَرْعِهِ أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ جَاهِلَةً أَوْ نَائِمَةً أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ أَعْجَمِيَّةً أَوْ ظَنَّتْهُ زَوْجَهَا أَوْ سَيِّدَهَا وَإِنْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ حُدَّ وَلَا أَثَرَ لِمَذْهَبِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَقَالَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي التَّعْلِيقِ وَالْغَزَالِيِّ فِي الْبَسِيطِ إنَّ الْحَدَّ لَا يُدْرَأُ بِالْمَذَاهِبِ وَإِنَّمَا يُدْرَأُ بِقُوَّةِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي يَتَمَسَّكُ بِهَا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ أَوْ اتَّهَبَهَا) أَوْ زَوَّجَهُ إيَّاهَا [فَصْلٌ أَرْشُ الْمَرْهُونِ وَقِيمَتُهُ إنْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْجِنَايَةِ رَهْنٌ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ أَرْشُ الْمَرْهُونِ إلَخْ) شَمَلَ إطْلَاقُهُمْ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ الْمُرْتَهِنُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَفِي صَيْرُورَتِهَا رَهْنًا نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ رَهْنًا لَهُ وَقَوْلُهُ لَا يَكُونُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْقِيمَةَ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَرْهُونَةً إلَخْ) وَبِأَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِ الرَّهْنِ ثَابِتَةٌ لَهَا فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهَا وَعَلَى مَنْعِ الرَّاهِنِ مِنْ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا وَلَا مَعْنَى لِلرَّهْنِ إلَّا هَذَا فَلَا فَائِدَةَ فِي إنْشَاءِ رَهْنِهَا وَقَبْلَ الشِّرَاءِ لَمْ يَصِرْ الْبَدَلُ وَقْفًا وَلَا أُضْحِيَّةً وَقَدْ يَرَى النَّاظِرُ الْمَصْلَحَةَ فِي رَدِّهِ وَوَقْفِ غَيْرِهِ وَبِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْمُرَتَّبَةَ عَلَى الرَّهْنِ مَحْضُ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَالْمِلْكِ فِي الْوَقْفِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّوْسِعَةِ (قَوْلُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي كَوْنِهِ مَرْهُونًا فِي ذِمَّتِهِ إلَخْ) هَذَا مَمْنُوعٌ إذْ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ مَاتَ فَلَا تُزَاحِمُهُ فِيهِ أَرْبَابُ الدُّيُونِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ قِيمَةَ الْعَتِيقِ تَكُونُ رَهْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُعْتِقِ. (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرَهُ وَمَا أَظُنُّ أَنَّهُ يُوَافِقُ عَلَيْهِ وَيُطَالَبُ وَشَبَّهَهُ فِي الْأُولَى بِنَمَاءِ الرَّهْنِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ مَرْدُودٌ فَإِنَّ النَّمَاءَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ عَقْدُ الرَّهْنِ بِخِلَافِ أَبْعَاضِ الْعَبْدِ وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ إنَّ الْمُرْتَهِنَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِمَا يَضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَقَالَ ثَالِثًا إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَهَذَا مَمْنُوعٌ فَجَمِيعُ ذَلِكَ مَضْمُونٌ فِي الْغَصْبِ إلَّا مَا سَقَطَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَلَا نَقْصَ. اهـ. فَالرَّاجِحُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ وَهُوَ تَشْبِيهٌ مَرْدُودٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بَعْدَ هَذَا فَأَرْشُ الْبَكَارَةِ وَأَطْرَافُ الْعَبْدِ مَرْهُونَةٌ لِأَنَّهَا بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ الْمَرْهُونِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِالْجِنَايَةِ أَمَّا لَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ قُطِعَ ذَكَرُ الْعَبْدِ فَفِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ يَفُوزُ بِهِ الرَّاهِنُ كَالثِّمَارِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ وَيَجْرِي اللَّفْظُ عَلَى إطْلَاقِهِ. اهـ. قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَرْدُودٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 (وَيُطَالَبُ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَرْشِ أَوْ الْقِيمَةِ (الرَّاهِنُ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ لَكِنَّهُ لَا يَقْبِضُهُ، وَإِنَّمَا يَقْبِضُهُ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَرْهُونٌ فِي الذِّمَّةِ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُطَالَبَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمُخَاصَمَةِ (وَلِلْمُرْتَهِنِ الْحُضُورُ) عِنْدَ مُطَالَبَةِ الرَّاهِنِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْبَدَلِ ثُمَّ إنْ أَقَرَّ الْجَانِي أَوْ أَقَامَ الرَّاهِنُ بَيِّنَةً أَوْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ (فَإِنْ أَعْرَضَ الرَّاهِنُ) عَنْ الْمُطَالَبَةِ (أَوْ نَكَلَ لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ قَائِمًا مُقَامَهُ) فَلَا يُطَالَبُ، وَلَا يَحْلِفُ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ. (وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَقْتَصَّ) مِنْ الْجَانِي عَلَى الْمَرْهُونِ (فِي الْعَمْدِ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ (وَيَبْطُلُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ) فِيمَا اقْتَصَّ فِيهِ لِفَوَاتِهِ بِلَا بَدَلٍ (وَ) لِلرَّاهِنِ (أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْقِصَاصِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَالٍ (وَلَا يَجِبُ مَالٌ) بِالْعَفْوِ، وَإِنْ أَطْلَقَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُطْلَقَهُ لَا يُوجِبُ مَالًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ) بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُمَا (لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ فَتَأْخِيرُهُ أَوْلَى (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْجِنَايَةُ (خَطَأً) أَوْ عَمْدًا يُوجِبُ مَالًا لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ مَثَلًا (أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ صَارَ) الْمَالُ فِيهَا (رَهْنًا) أَيْ مَرْهُونًا كَمَا مَرَّ (وَلَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ فَلَوْ صَالَحَ عَنْهُ عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَيَصِحُّ، وَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ مَرْهُونًا قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا نَقَلُوهُ، وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِمَا قَدَّمْته مَعَ جَوَابِهِ فِي فَرْعِ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ، وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْمَرْهُونِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ يَحْصُلُ بِهِ انْفِكَاكُ الرَّهْنِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ اطِّرَادَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَعْيَانِ بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَمِ لِأَنَّ مَا فِيهَا لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِقَبْضِهِ أَوْ قَبْضِ بَدَلِهِ (وَإِنْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الْجَانِيَ لَمْ يَبْرَأْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ (وَلَمْ تَسْقُطْ الْوَثِيقَةُ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ كَمَا لَوْ وَهَبَ الْمَرْهُونَ لِغَيْرِهِ (فَصْلٌ) (الزَّوَائِدُ الْمُتَّصِلَةُ) كَسِمَنٍ وَكِبَرِ شَجَرَةٍ (مَرْهُونَةٍ) تَبَعًا لِأَصْلِهَا (لَا الْمُنْفَصِلَةُ) كَثَمَرَةٍ، وَلَبَنٍ، وَبَيْضٍ، وَصُوفٍ، وَمَهْرٍ، وَكُسْبٍ (، وَالْحَمْلُ الْمُقَارِنُ لِلْعَقْدِ لَا لِلْقَبْضِ مَرْهُونٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (فَتُبَاعُ بِحَمْلِهَا) فِي الدَّيْنِ (وَكَذَا إنْ انْفَصَلَ) قَبْلَ الْبَيْعِ، وَقَوْلُهُ لَا لِلْقَبْضِ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ (لَا) الْحَمْلُ (الْحَادِثُ) بَعْدَ الْعَقْدِ (فَلَا تُبَاعُ الْأُمُّ لِلْمُرْتَهِنِ) أَيْ لِحَقِّهِ (حَتَّى تَلِدَهُ) بِقَيْدٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ بِقَوْلِهِ (إنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ) بِوَصِيَّةٍ أَوْ حَجْرِ فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِرَقَبَةِ أُمِّهِ دُونَهُ كَالْجَانِيَةِ، وَالْمُعَارَةِ لِلرَّهْنِ أَوْ نَحْوِهَا، وَذَلِكَ لِتَعَذُّرِ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ أَوْ بِهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أُلْزِمَ الرَّاهِنُ بِالْبَيْعِ أَوْ تَوْفِيَةِ الدَّيْنِ ثُمَّ بَعْدَ الْبَيْعِ إنْ تَسَاوَى الثَّمَنُ، وَالدَّيْنُ فَذَاكَ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْمَالِكُ أَوْ نَقَصَ طُولِبَ بِالْبَاقِي، وَلَوْ رَهَنَ نَخْلَةً ثُمَّ أَطْلَعَتْ اسْتَثْنَى طَلْعَهَا عِنْدَ بَيْعِهَا، وَلَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْحَامِلِ كَمَا عُلِمَ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَبَابِ الْأُصُولِ، وَالثِّمَارِ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ هُنَا. (فَرْعٌ) إذَا (ضَرَبَ) إنْسَانٌ الْأَمَةَ (الْمَرْهُونَةَ فَأَلْقَتْ جَنِينًا) حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الرَّهْنِ فَإِنْ أَلْقَتْهُ (مَيِّتًا فَالْوَاجِبُ) عَلَيْهِ (عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ لِلرَّاهِنِ) فَلَا يَكُونُ مَرْهُونًا لِأَنَّهُ بَدَلُ الْوَلَدِ، وَلَيْسَ مَرْهُونًا لَكِنْ (يُؤْخَذُ مِنْهُ أَرْشُ نَقْصِ الْأُمِّ هُنَا) إنْ نَقَصَتْ فَلَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ آخَرُ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي بَدَلِ الْجَنِينِ نَعَمْ إنْ كَانَ الضَّارِبُ هُوَ الرَّاهِنُ ضَمِنَ النَّقْصَ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ بَدَلَهُ حَتَّى يَدْخُلَ أَرْشُ النَّقْصِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ بِأَنْ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ فَبَدَلُهُ كُلُّهُ لِغَيْرِهِ (وَإِذًا) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ، وَإِنْ (أَلْقَتْهُ حَيًّا، وَمَاتَ) بِالضَّرْبِ (وَجَبَ) عَلَى الضَّارِبِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُطَالَبُ بِهِ الرَّاهِنُ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ كَالْمُؤَجِّرِ وَالْمُعِيرِ وَالْمُودِعِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالرَّاهِنِ لِيَشْمَلَ الْوَلِيَّ وَالْوَصِيَّ وَنَحْوَهُمَا لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ الرَّهْنَ الْمُعَارَ فَإِنَّ الْخَصْمَ فِيهِ الْمُعِيرُ لَا الرَّاهِنُ الْمُسْتَعِيرُ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِعَيْنِ الْمَغْصُوبِ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَقْبِضُهُ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ) قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ إنَّمَا يَتَعَنَّى بِقَبْضِ الْمَالِكِ أَوْ الْمَأْذُونِ مِنْ جِهَتِهِ شَرْعًا وَالْمُرْتَهِنُ عَلَّقْته فِي الْوَثِيقَةِ وَهِيَ فَرْعٌ عَنْ قَبْضِ الْمَالِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يُوصَفُ فِي الذِّمَّةِ بِأَنَّهُ مَرْهُونٌ وَكَذَلِكَ فِي صُورَةِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ قَائِمًا مُقَامَهُ) قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الَّذِي فَهِمْته مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ بَعْدَمَا تَأَنَّقْت فِيهِ أَنَّهُ لَا يُخَاصِمُ الْمُرْتَهِنُ حَيْثُ يَسْتَبِدُّ الرَّاهِنُ بِإِسْقَاطِ الْوَاجِبِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ قِصَاصًا دُونَ مَا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ غَيْرَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ عَنْ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ إنَّهُ قَالَ رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِك مِلْكُ فُلَانٍ رَهَنَهَا مِنِّي أَوْ أَجَرَهَا مِنِّي تُسْمَعُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّك غَصَبْت مِنِّي الْمَرْهُونَ فَهَلَكَ فِي يَدِك تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْضِعٍ تَعَلَّقَ لَهُ حَقٌّ مُعَيَّنٌ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى غَاصِبِهَا وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ مُصَرِّحٌ بِاخْتِيَارِ الْمُخَاصَمَةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَلَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهَا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ بِهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا (قَوْلُهُ فَلَا يُطَالَبُ وَلَا يَحْلِفُ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ) مَحَلُّهُ إذَا تَمَكَّنَ الْمَالِكُ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ أَمَّا لَوْ بَاعَ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْمُخَاصَمَةُ جَزْمًا كَذَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ مَثَلًا) كَكَوْنِ الْجَانِي حُرًّا أَوْ أَبَاهُ [فَصْلٌ الزَّوَائِدُ الْمُتَّصِلَةُ كَسِمَنٍ وَكِبَرِ شَجَرَةٍ مَرْهُونَةٍ تَبَعًا لِأَصْلِهَا لَا الْمُنْفَصِلَةُ] (فَصْلٌ الزَّوَائِدُ الْمُتَّصِلَةُ) (قَوْلُهُ تَبَعًا لِأَصْلِهَا) لِعَدَمِ تَمْيِيزِهَا (قَوْلُهُ لَا الْمُنْفَصِلَةُ) لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ فَلَمْ يَسْرِ إلَيْهَا كَالْإِجَارَةِ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْ الْمُنْفَصِلَةِ بِالْعَيْنِيَّةِ وَالْمُتَّصِلَةِ بِالْوَصْفِيَّةِ. (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى أَبِي شُكَيْلٍ إذَا رَهَنَهُ بَيْضَةً فَتَفَرَّخَتْ هَلْ يَزُولُ الرَّهْنُ أَمْ لَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَزُولُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ التَّفْلِيسِ وَلَا يَبْعُدُ إجْرَاءُ وَجْهٍ فِيهِ مِنْهَا وَرَجَّحَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَسَأَلْت عَمَّنْ رَهَنَ بَذْرًا وَأَقْبَضَهُ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ فِي التَّلَوُّمِ بِهِ فَأَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ هَلْ يَبْقَى رَهْنًا أَمْ لَا فَأَجَبْت نَعَمْ يَبْقَى الرَّهْنُ حَتَّى يَبْقَى الزَّرْعُ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ مَرْهُونًا أَخْذًا مِنْ الْمُفْلِسِ فِي الْبَذْرِ (قَوْلُهُ بِقَيْدٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ) هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَتَوْزِيعُ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْحِمْلَ لَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِرَقَبَةِ أُمِّهِ دُونَهُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 (لِلرَّاهِنِ قِيمَتُهُ) حَيًّا (وَأَرْشُ نَقْصِهَا) إنْ نَقَصَتْ، وَهُوَ (مَرْهُونٌ، وَلَيْسَ فِي جَنِينِ الْبَهِيمَةِ الْمَيِّتِ إلَّا أَرْشُ نَقْصِ الْأُمِّ) إنْ نَقَصَتْ، وَيَكُونُ رَهْنًا لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْئِهَا، وَهُوَ مَرْهُونٌ، وَبِهَذَا فَارَقَ عُشْرَ قِيمَةِ الْأَمَةِ أَمَّا الْحَيُّ إذَا مَاتَ بِالضَّرْبِ فَيَجِبُ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ الْفَكَاكُ) لِلرَّهْنِ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا (وَيَقَعُ) أَيْ يَحْصُلُ (بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ) وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ (وَبِتَلَفِ الْمَرْهُونِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) لِفَوَاتِهِ بِلَا بَدَلٍ (فَإِنْ جَنَى) الْمَرْهُونُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ (قُدِّمَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيَّنٌ فِي الرَّقَبَةِ، وَحَقَّ الْمُرْتَهِنِ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَبِالرَّقَبَةِ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ فَأَوْلَى أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى حَقِّ الْمُتَوَثِّقِ (فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ) الْمُسْتَحِقُّ فِيمَا إذَا أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قِصَاصًا (أَوْ وَجَبَ) بِهَا، وَلَوْ بِالْعَفْوِ عَنْهَا (مَالٌ قَدْرُ قِيمَتِهِ بِيعَ) لِحَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ) فِيهَا، وَفِيمَا قَبْلَهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا وَقَعَ فِيهِ الْقِصَاصُ نَعَمْ إنْ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ بِأَنْ كَانَ تَحْتَ يَدِ غَاصِبٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ بَلْ تَكُونُ قِيمَتُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَلَوْ قَالَ وَبِيعَ بَطَلَ كَانَ أَوْضَحَ (أَوْ) قَدْرُ (بَعْضِهَا بِيعَ) مِنْهُ (بِقَدْرِهِ) ، وَالْبَاقِي مَرْهُونٌ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) بِيعَ بَعْضُهُ (أَوْ نَقَصَ بِالتَّبْعِيضِ) قِيمَتُهُ (بَاعَ الْكُلَّ، وَبَقِيَ الْفَاضِلُ) عَنْ الْأَرْشِ (رَهْنًا فَإِنْ عَفَا) عَنْ الْأَرْشِ (أَوْ فَدَاهُ السَّيِّدُ) أَوْ غَيْرُهُ (بَقِيَ رَهْنًا) بِحَالِهِ (فَلَوْ بِيعَ) فِي الْجِنَايَةِ (وَعَادَ مِلْكُ الرَّاهِنِ فِيهِ لَمْ يَعُدْ رَهْنًا) لِانْفِكَاكِهِ بِالْبَيْعِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ السَّيِّدُ بِالْجِنَايَةِ (فَإِنْ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِالْجِنَايَةِ، وَهُوَ مُمَيِّزٌ فَلَا أَثَرَ لِإِذْنِهِ) فِي شَيْءٍ (إلَّا) فِي (الْإِثْمِ) فَيَأْثَمُ بِهِ (أَوْ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيٌّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ) لِلسَّيِّدِ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ (فَالْجَانِي هُوَ السَّيِّدُ) فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الضَّمَانُ (وَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ مَالٌ) ، وَلَا قِصَاصَ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْآلَةِ فِي الْفِعْلِ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ السَّيِّدِ (أَنَا أَمَرْته) بِالْجِنَايَةِ (فِي حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ قَطْعَ حَقِّهِ عَنْ الرَّقَبَةِ (بَلْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهَا وَعَلَى السَّيِّدِ الْقِيمَةُ) لِتَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ (لِإِقْرَارِهِ) بِأَمْرِهِ بِالْجِنَايَةِ. (فَصْلٌ) (وَإِنْ جَنَى) عَمْدًا (عَلَى طَرَفِ سَيِّدِهِ أَوْ عَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ سَيِّدِهِ (اقْتَصَّ مِنْهُ) انْتِقَامًا، وَزَجْرًا، وَهُوَ أَحْوَجُ إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَجَانِبِ فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ بَطَلَ الرَّهْنُ فِيمَا اقْتَصَّ فِيهِ (وَلَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ) أَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا يُوجِبُ مَالًا (لَمْ يَثْبُتْ) لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ فَيَبْقَى الرَّهْنُ كَمَا كَانَ (وَكَذَا) يَقْتَصُّ مِنْهُ، وَلَا يَثْبُتُ مَالٌ (إنْ قَتَلَ سَيِّدَهُ) أَوْ عَبْدَهُ غَيْرَ الْمَرْهُونِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِمَا مَرَّ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْمَرْهُونِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى طَرَفِ عَبْدِ سَيِّدِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ جَنَى خَطَأً عَلَى طَرَفِ مَنْ يَرِثُهُ السَّيِّدُ) كَأَبِيهِ (أَوْ) طَرَفِ (مُكَاتَبِهِ يَثْبُتُ الْمَالُ، وَلَوْ وَرِثَهُ السَّيِّدُ) فِي الْأُولَى قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ مِنْ الْمُكَاتَبِ بِمَوْتِهِ أَوْ عَجْزِهِ، وَلَوْ قَالَ، وَلَوْ انْتَقَلَ إلَى السَّيِّدِ لَشَمَلَهُمَا (فَيَبِيعُهُ) أَيْ الْعَبْدُ (فِيهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ فِيهِ أَيْ مَالِهَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَيًّا، وَقِيلَ يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ انْتِقَالِهِ إلْحَاقًا لِلِاسْتِدَامَةِ بِالِابْتِدَاءِ فِي امْتِنَاعِ ثُبُوتِ دَيْنٍ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهِ فِي الْمُوَرِّثِ، وَقِيسَ بِهِ الْمُكَاتَبُ. وَاقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَرْجِيحَهُ لِنَقْلِهِ لَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقْلِهِ لِلثَّانِي عَنْ تَصْحِيحِ الصَّيْدَلَانِيِّ وَالْإِمَامِ خَاصَّةً، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ عَنْ دَلِيلِ الثَّانِي بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا إذَا جَنَى عَلَيْهِ عَمْدًا فَيَقْتَصُّ مِنْهُ فَإِنْ عَفَا عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّةِ مَالِكِهَا [فَرْعٌ ضَرَبَ إنْسَانٌ الْأَمَةَ الْمَرْهُونَةَ فَأَلْقَتْ جَنِينًا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الرَّهْنِ] (قَوْلُهُ وَيَقَعُ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ) يُسْتَثْنَى التَّرِكَةُ إذَا قُلْنَا إنَّهَا مَرْهُونَةٌ بِالدَّيْنِ فَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْفَسْخَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ وَالْفَكُّ يُفَوِّتُهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ) لَوْ فَكَّ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فِي بَعْضِ الْمَرْهُونِ انْفَكَّ وَصَارَ الْبَاقِي رَهْنًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ لِفَوَاتِهِ بِلَا بَدَلٍ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَغْصُوبًا وَإِلَّا فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى غَاصِبِهِ بِالْقِيمَةِ وَمِثْلُهُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا فَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُجْعَلُ رَهْنًا وَلَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي ضَرْبِهِ فَتَلِفَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ الرَّهْنُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ نَقَلْت حَقَّك إلَى عَيْنٍ أُخْرَى وَرَضِيَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَنْتَقِلْ بِلَا فَسْخٍ وَعَقْدٍ جَدِيدٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيَّنٌ فِي الرَّقَبَةِ) بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ سَقَطَ حَقُّهُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَغْصُوبًا أَوْ مُسْتَعَارًا أَوْ مَبِيعًا بِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَنْ لَا يُقَدَّمَ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّمَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُشْتَرِي. اهـ. يُقَدَّمُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَيْضًا وَتُؤْخَذُ الْقِيمَةُ وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ. (قَوْلُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ) أَيْ قَهْرًا (قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ) أَيْ فِي النَّفْسِ أَمَّا لَوْ اقْتَصَّ فِي الطَّرَفِ فَالرَّهْنُ يَبْقَى بِحَالِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى السَّيِّدِ الْقِيمَةُ لِإِقْرَارِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَضْمُونَ قَوْلِ الرَّاهِنِ إنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَإِنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ وَقَعَ ظُلْمًا فَكَيْفَ يُجْعَلُ مَا أُخِذَ مِنْهُ رَهْنًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَرْشَ الَّذِي قَوْلُ الرَّاهِنِ إنَّهُ عَلَيْهِ مِلْكُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَدْ أُخِذَ بَدَلَ الرَّهْنِ ظُلْمًا فِي جِنَايَتِهِ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَجُعِلَ الْأَرْشُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مَكَانَهُ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ بِمَالِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلِذَلِكَ أَصْلٌ سَتَعْرِفُهُ فِي بَابِ الضَّمَانِ وَالْحَوَالَةِ وَتَوْجِيهُ الظَّفَرِ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ السَّيِّدِ إنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَبْدِ ظُلْمًا فَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ وَلَهُ عَلَى السَّيِّدِ الْأَرْشُ وَهُوَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ [فَصْلٌ جَنَى عَمْدًا عَلَى طَرَفِ سَيِّدِهِ أَوْ عَبْدِهِ] (قَوْلُهُ وَلَوْ وَرِثَهُ السَّيِّدُ فِي الْأُولَى إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهُ (قَوْلُهُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهِ) عِبَارَتُهُ لَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ عَلَى ابْنِ الرَّاهِنِ أَوْ أَخٍ أَوْ مَوْلًى جِنَايَةً تَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ وَالرَّاهِنُ وَارِثُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلِلرَّاهِنِ الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ فَإِذَا عَفَا عَلَى الدِّيَةِ بِيعَ الْعَبْدُ وَخَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَرْجِيحَهُ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَالَ كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ الْأَصَحُّ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ صَحَّحَهُ فِي فَصْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 مَالٍ ثَبَتَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (وَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ مُوَرِّثُ سَيِّدِهِ أَوْ مُكَاتَبُهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا (فَعَفَا السَّيِّدُ عَلَى مَالٍ وَجَبَ الْمَالُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُوَرِّثِ ثُمَّ يَتَلَقَّاهُ عَنْهُ الْوَارِثُ، وَيُقَاسُ بِالْمُوَرِّثِ الْمُكَاتَبُ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى عَبْدِ مَنْ يَرِثُهُ السَّيِّدُ إذَا مَاتَ الْمُوَرِّثُ كَالْجِنَايَةِ عَلَى مَنْ يَرِثُهُ السَّيِّدُ (وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ عَبْدَيْهِ الْآخَرَ، وَهُمَا مَرْهُونَانِ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا فَلِلسَّيِّدِ الْقِصَاصُ، وَيَبْطُلُ الرَّهْنَانِ) لِفَوَاتِهِمَا (وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَتْ) أَيْ الْجِنَايَةُ (خَطَأً وَجَبَ الْمَالُ) مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ لِحَقِّ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ لِغُرْمٍ لَحِقَ الْمُرْتَهِنِ فَتَعَلُّقُهُ بِعَبْدِهِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْمَالُ فِيمَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ (وَلَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَالِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ بِهِ، وَلَهُ الْعَفْوُ مُطْلَقًا، وَبِلَا مَالٍ، وَلَا يَجِبُ مَالٌ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فَإِذَا عَفَا كَذَلِكَ صَحَّ، وَبَطَلَ رَهْنُ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ، وَبَقِيَ الْقَاتِلُ رَهْنًا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ) بِالْقَتْلِ (أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ مِثْلَهَا بِيعَ، وَجُعِلَ ثَمَنُهُ) مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى قِيمَةِ الْقَتِيلِ (رَهْنًا) عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ فَإِنْ زَادَ جُعِلَ الزَّائِدُ رَهْنًا عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ، وَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْقِيمَةَ رَهْنٌ مِنْ حِينِ الْقَتْلِ فَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ، وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا فِيهِ تَسَمُّحٌ سَلِمَ مِنْهُ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ فَيُبَاعُ، وَثَمَنُهُ رَهْنٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ نَفْسُهُ رَهْنًا لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي مَالِيَّتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ يَتَوَثَّقُ بِهَا مُرْتَهِنُ الْقَاتِلِ (أَوْ) كَانَ الْوَاجِبُ (أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ، وَبَقِيَ الْبَاقِي رَهْنًا، وَأَنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَإِنْ (تَعَذَّرَ بَيْعُ الْبَعْضِ أَوْ نَقَصَهُ التَّشْقِيصُ بِيعَ الْكُلُّ، وَجُعِلَ الزَّائِدُ) عَلَى الْوَاجِبِ (عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ) هَذَا إنْ طَلَبَ مُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ الْبَيْعَ، وَالرَّاهِنُ نَقَلَ الْقَاتِلَ إلَيْهِ فَإِنْ عَكَسَ أُجِيبَ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُرْتَهِنِ فِي عَيْنِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ لَوْ اتَّفَقَ الرَّاهِنُ، وَالْمُرْتَهِنَانِ عَلَى أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ فَهُوَ الْمَسْلُوكُ قَطْعًا (فَإِنْ اتَّفَقَ الرَّاهِنُ، وَمُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ عَلَى النَّقْلِ) لِلْقَاتِلِ أَوْ لِبَعْضِهِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِيَكُونَ رَهْنًا (فَلَيْسَ لِمُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ مُنَازَعَتُهُ) فِيهِ، وَطَلَبُ الْبَيْعِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ ثُمَّ قَالَ، وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ بِتَوَقُّعِ رَاغِبٍ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَا مَرْهُونَيْنِ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ لِوَاحِدٍ فَلَا كَلَامَ) فِي أَنَّ الْوَثِيقَةَ نَقَصَتْ، وَلَا جَابِرَ كَمَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَقَوْلُهُ لِوَاحِدٍ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ فِيمَا ذَكَرَ لَهُ فَائِدَةٌ فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِدَيْنَيْنِ لَهُ) أَيْ لِوَاحِدٍ، وَوَجَبَ الْمَالُ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ. (وَاخْتَلَفَا تَأْجِيلًا، وَحُلُولًا أَوْ) كَانَ (أَحَدُهُمَا أَطْوَلَ أَجَلًا) مِنْ الْآخَرِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ (التَّوَثُّقُ لِدَيْنِ الْقَتِيلِ بِالْقَاتِلِ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَالُّ دَيْنَ الْقَتِيلِ فَقَدْ يُرِيدُ اسْتِيفَاءً مِنْ ثَمَنِهِ فِي الْحَالِّ أَوْ دَيْنِ الْقَاتِلِ فَقَدْ يُرِيدُ التَّوَثُّقَ بِهِ فِي الْمُؤَجَّلِ، وَيُطَالَبُ بِالْحَالِّ، وَقِيسَ بِهِ اخْتِلَافُهُمَا فِي قَدْرِ الْأَجَلِ، وَلَفْظِهِ لَهُ سَاقِطَةٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ لِفَهْمِهَا مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ اتَّفَقَا) فِي الْحُلُولِ، وَالْأَجَلِ، وَقَدْرِهِ (وَاسْتَوَى الدَّيْنَانِ) الْأَوْلَى، وَاسْتَوَيَا أَيْ فِي الْقَدْرِ (فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَتِيلِ أَكْثَرَ) مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَا نَقْلَ) لِلْوَثِيقَةِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ (وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ نَقَلَ مِنْهُ قَدْرَ قِيمَةِ الْقَتِيلِ إلَى دَيْنِ الْقَتِيلِ، وَبَقِيَ الْبَاقِي رَهْنًا) بِحَالِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الدَّيْنَيْنِ، وَتَسَاوَتْ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ أَوْ كَانَ الْقَتِيلُ أَكْثَرَ قِيمَةً وَكَانَ الْمَرْهُونُ) فِيهِمَا (بِالْأَكْثَرِ) مِنْ الدَّيْنَيْنِ (هُوَ الْقَتِيلُ نُقِلَ) التَّوَثُّقُ بِالْقَاتِلِ لِيَصِيرَ ثَمَنُهُ مَرْهُونًا بِالْأَكْثَرِ (أَوْ) كَانَ الْمَرْهُونُ (بِالْأَقَلِّ) هُوَ الْقَتِيلُ (فَلَا) نَقْلَ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ لِأَنَّهُ لَوْ نُقِلَ صَارَ الثَّمَنُ مَرْهُونًا بِالْأَقَلِّ (وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَتِيلِ أَقَلَّ، وَهُوَ مَرْهُونٌ بِأَكْثَرَ نُقِلَ) مِنْ الْقَاتِلِ قَدْرُ قِيمَةِ الْقَتِيلِ إلَى الدَّيْنِ الْآخَرِ (أَوْ بِأَقَلَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ لَا نَقْلَ) لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ (وَالْحَقُّ أَنَّهُ يُنْقَلُ إنْ كَانَ) ثَمَّ (فَائِدَةٌ كَمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْقَتِيلِ مِائَةً، وَهُوَ مَرْهُونٌ بِعَشَرَةٍ، وَقِيمَةُ الْقَاتِلِ مِائَتَيْنِ، وَهُوَ مَرْهُونٌ بِعِشْرِينَ فَيُنْقَلُ مِنْهُ قَدْرُ قِيمَةِ الْقَتِيلِ وَهُوَ مِائَةٌ) تَصِيرُ مَرْهُونَةً بِعَشَرَةٍ (وَيَبْقَى مِائَةٌ مَرْهُونَةٌ بِالْعِشْرِينَ) . وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَائِدَةٌ كَمَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَرْهُونًا بِمِائَتَيْنِ فَلَا نَقْلَ لِأَنَّهُ إذَا نَقَلَ بِيعَ مِنْهُ بِمِائَةٍ، وَصَارَتْ مَرْهُونَةً بِعَشَرَةٍ، وَتَبْقَى مِائَةٌ مَرْهُونَةٌ بِمِائَتَيْنِ فَمَحِلُّ عَدَمِ النَّقْلِ فِيمَا قَالَهُ الْأَصْلُ فِي الْأَخِيرَةِ إذَا لَمْ يَنْقُصْ دَيْنُ الْقَاتِلِ عَنْ قِيمَتِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي النَّقْلِ، وَعَدَمِهِ بِفَرْضِ الْمُرْتَهِنِ إذْ لَوْلَا حَقُّهُ لَمَا تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ (وَحَيْثُ قُلْنَا بِالنَّقْلِ) لِلْقَاتِلِ أَوْ بَعْضِهِ (فَالْمُرَادُ   [حاشية الرملي الكبير] تَزْوِيجِ الْعَبْدِ مِنْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) وَقَدْ شَمَلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالنَّقْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا لَا شَكَّ فِيهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فَإِنَّهُ لَوْ رَهَنَهُمَا عَنْ شَرِيكَيْنِ أَوْ جَمَاعَةٍ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ نَقَلَ مِنْهُ قَدْرَ قِيمَةِ الْقَتِيلِ) قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّ الَّذِي فَهِمْته مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَعْنَى النَّقْلِ إنْشَاءُ نَقْلٍ بِتَرَاضِيهِمَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ نَقْلِ الْوَثِيقَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَنَّ ذَاكَ مَعْنَاهُ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَتَبَدُّلُ الْعَيْنِ حَتَّى لَوْ أُرِيدَ فَسْخُ الْأَوَّلِ وَجَعْلُ الثَّانِي هُوَ الرَّهْنُ جَازَ وَهَذَا الَّذِي هُنَا مِثْلُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَكُّ رَهْنِ الْقَتِيلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَائِدَةٌ إلَخْ) إذَا كَانَ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ ضَامِنٌ فَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ نَقْلَ الْوَثِيقَةِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي بِالضَّامِنِ إلَى الْآخَرِ حَتَّى يَحْصُلَ التَّوَثُّقُ فِيهِمَا أُجِيبَ لِأَنَّهُ غَرَضٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ بِغَرَضِ الْمُرْتَهِنِ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يُعْتَبَرَ غَرَضُ الرَّاهِنِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَإِشْرَافِهِ عَلَى الْمَوْتِ وَطَلَبِ بَيْعِهِ وَجَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا أَوْ كَانَ حَيَوَانًا فَأَرَادَ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِ الْحَيَوَانِ لِتَسْقُطَ عَنْهُ مُؤْنَتُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 بِهِ) أَنَّهُ (يُبَاعُ، وَيَبْقَى ثَمَنُهُ لَا رَقَبَتُهُ مَرْهُونًا) لِمَا مَرَّ (وَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ) إذَا كَانَا بِحَيْثُ لَوْ قُوِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ سَاوَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَصَرَّحَ أَيْضًا كَالرَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الِاسْتِقْرَارِ، وَعَدَمِهِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَوَّضَ مَا يُتَوَقَّعُ رَدُّهُ بِعَيْبٍ أَوْ صَدَاقًا قَبْلَ الدُّخُولِ (وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يُنْقَلُ) الْقَاتِلُ (فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بِيعُوهُ) وَضَعُوا ثَمَنَهُ مَكَانَهُ (فَإِنِّي لَا آمَنُ جِنَايَتَهُ) مَرَّةً أُخْرَى فَتُؤْخَذُ رَقَبَتُهُ فِيهَا، وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ (فَهَلْ يُجَابُ وَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ كَسَائِرِ مَا يُتَوَقَّعُ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ أَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ. (فَصْلٌ) (وَ) كَمَا يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ، وَبِتَلَفِ الْمَرْهُونِ بِآفَةٍ كَمَا مَرَّ (يَنْفَكُّ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ) مِنْ الدَّيْنِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهَا (فَإِنْ اعْتَاضَ عَنْ الدَّيْنِ عَيْنًا انْفَكَّ) الرَّهْنُ لِتَحَوُّلِ الْحَقِّ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى الْعَيْنِ (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ الْعَيْنُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لَهَا (عَادَ) الْمَرْهُونُ (رَهْنًا) كَمَا عَادَ الدَّيْنُ لِبُطْلَانِ الِاعْتِيَاضِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا قُلْنَا بِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ لَا مِنْ حِينِهِ، وَشَاهِدُهُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي إنَّ الْغَاصِبَ لَوْ بَاعَ بِالْوَكَالَةِ مَا غَصَبَهُ صَحَّ، وَبَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ فَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ إنْ قُلْنَا بِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ، وَإِنْ قُلْنَا مِنْ حِينِهِ فَلَا لِأَنَّ الضَّمَانَ فَرْعُ الْمِلْكِ، وَالْمِلْكُ تَجَدُّدٌ انْتَهَى، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الرَّهْنِ عَادَ فَعَادَ مُسَبَّبُهُ، وَالْغَصْبُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ لَمْ يَعُدْ فَلَمْ يَعُدْ مُسَبَّبُهُ (وَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّهْنِ (مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ) لِلْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَكَحَقِّ حَبْسِ الْمَبِيعِ، وَعِتْقِ الْمُكَاتَبِ، وَلِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لِلْكُلِّ، وَلِجُزْئِهِ كَالشَّهَادَةِ فَلَا يَنْفَكُّ مِنْهُ شَيْءٌ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ (إلَّا إنْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ) كَأَنْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ فِي صَفْقَةٍ، وَبَاقِيَهُ فِي أُخْرَى. (أَوْ) تَعَدَّدَ (مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ) كَأَنْ رَهَنَ عَبْدًا مِنْ اثْنَيْنِ بِدَيْنَيْهِمَا عَلَيْهِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ اتَّحَدَتْ جِهَةُ دَيْنَيْهِمَا كَبَيْعٍ، وَإِتْلَافٍ ثُمَّ بَرِئَ عَنْ دَيْنِ أَحَدِهِمَا، وَهَذَا يُشْكِلُ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الدَّيْنِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَكَيْفَ تَنْفَكُّ حِصَّتُهُ مِنْ الرَّهْنِ بِأَخْذِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحِلُّهُ إذَا لَمْ تَتَّحِدْ جِهَةُ دَيْنَيْهِمَا أَوْ إذَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بِالْإِبْرَاءِ لَا بِالْأَخْذِ (أَوْ) تَعَدَّدَ (الْمَدْيُونُ) كَأَنْ رَهَنَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ بِدَيْنِهِ عَلَيْهِمَا ثُمَّ بَرِئَ أَحَدُهُمَا عَمَّا عَلَيْهِ فَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ عَنْهُ (وَلَوْ اتَّحَدَ الْوَكِيلُ) أَيْ وَكِيلُهُمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَتَعَدُّدِهِ وَمَتَى تَعَدَّدَ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ تَعَدَّدَ الدَّيْنُ (بِخِلَافِ الْبَيْعِ) فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِتَعَدُّدِ الْوَكِيلِ، وَاتِّحَادِهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ ضَمَانٍ فَنُظِرَ فِيهِ إلَى الْمُبَاشِرِ لَهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ (فَإِذَا اسْتَعَارَ) الْمَدْيُونُ وَإِنْ تَعَدَّدَ (عَبْدًا أَوْ عَبْدَيْنِ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا مِنْ مَالِكَيْنِ لِيَرْهَنَهُ أَوْ لِيَرْهَنَهُمَا) مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ (فَفَعَلَ ثُمَّ قَضَى النِّصْفَ) مِنْ الدَّيْنِ (قَاصِدًا فَكَاكَ نِصْفِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (أَوْ) فَكَاكَ (أَحَدِهِمَا) أَيْ الْعَبْدَيْنِ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْ ذَلِكَ (انْفَكَّ) الرَّهْنُ عَنْهُ نَظَرًا إلَى تَعَدُّدِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الشُّيُوعَ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْهُمَا أَوْ لَمْ يَعْرِفْ حَالَّهُ. وَقَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَسْأَلَةَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ بِأَنْ يَأْذَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي رَهْنِ نَصِيبِهِ بِنِصْفِ الدَّيْنِ فَيَرْهَنُ الْمُسْتَعِيرُ الْجَمِيعَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَلَوْ قَالَا أَعَرْنَاك الْعَبْدَ لِتَرْهَنَهُ بِدَيْنِك فَلَا يَنْفَكُّ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا رَضِيَ بِرَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَمَا قَالَهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي، وَغَيْرِهِ لَوْ رَهَنَ اثْنَانِ عَبْدَهُمَا بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ لَا تَنْفَكُّ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ رَهْنِ الْمَالِكِ، وَرَهْنِ الْمُسْتَعِيرِ لَائِحٌ، وَصِحَّةُ رَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ عَلَى خِلَافِ إذْنِ الْمَالِكِ مَمْنُوعَةٌ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ، وَاسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا مِثَالٌ لَا قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ (، وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الرَّهْنُ إنْ جَهِلَ) أَنَّ ذَلِكَ لِمَالِكَيْنِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الرَّهْنِ الْمُطْلَقِ أَنْ لَا يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْجَمِيعِ (وَلَوْ رَهَنَهُ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ، وَسَلَّمَ أَحَدَهُمَا) لَهُ (كَانَ مَرْهُونًا بِجَمِيعِ الْمَالِ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُمَا، وَتَلِفَ) أَحَدُهُمَا (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (وَإِنْ فَدَى أَحَدُ الْوَارِثِينَ حِصَّتَهُ مِمَّا رَهَنَ) أَيْ مِمَّا رَهَنَهُ مُوَرِّثُهُ (مِنْ زَيْدٍ) بِقَضَاءِ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ (لَمْ يَنْفَكَّ) نَصِيبُهُ مِنْ الْمَرْهُونِ كَمَا فِي الْمُوَرِّثِ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ صَدَرَ ابْتِدَاءً مِنْ وَاحِدٍ، وَقَضِيَّتُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْ الدَّيْنِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ] (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهَا كَإِرْثِهِ) بِأَنْ كَانَ الرَّاهِنُ وَارِثَ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ) لَهَا أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ بِمُقْتَضَى الْوَضْعِ) لِيَخْرُجَ بِذَلِكَ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا لَوْ فَكَّ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فِي الْبَعْضِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا وَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا الِانْفِكَاكُ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَهُ إسْقَاطُ بَعْضِهِ كَمَا لَهُ إسْقَاطُ كُلِّهِ الثَّانِيَةُ لَوْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَرْهُونِ انْفَكَّ الرَّهْنُ فِيهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ شَرَطَ أَنَّهُ كُلَّمَا قُضِيَ مِنْ الْحَقِّ شَيْءٌ انْفَكَّ مِنْ الرَّهْنِ بِقَدْرِهِ فَسَدَ الرَّهْنُ لِاشْتِرَاطِ مَا يُنَافِيهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ كَأَنْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ فِي صَفْقَةٍ وَبَاقِيَهُ فِي أُخْرَى) ثُمَّ بَرِئَ الرَّاهِنُ عَنْ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ بِالْأَدَاءِ وَنَحْوِهِ فَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ فِي النِّصْفِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ إذَا كَانَ الْأَدَاءُ أَوْ الْإِبْرَاءُ بِقَصْدِ الْبَرَاءَةِ عَنْهُ أَمَّا إذَا قَصَدَ الْأَدَاءَ عَلَى الشُّيُوعِ فَلَا وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى مَا شَاءَ (قَوْلُهُ وَهَذَا يُشْكِلُ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اخْتَصَّ الْقَابِضُ بِمَا أَخَذَهُ بِخِلَافِ الْإِرْثِ وَدَيْنِ الْكِتَابَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُّهُ) وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَصُورَةِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ فُقِدَ الْوَارِثُ جُعِلَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَصِحَّةُ رَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ عَلَى خِلَافِ إذْنِ الْمَالِكِ مَمْنُوعَةٌ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ مِنْ انْفِكَاكِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فِيمَا إذَا قَالَا أَعَرْنَاك الْعَبْدَ لِتَرْهَنَهُ بِدَيْنِك أَوْ رَهَنَّاهُ بِهِ إذْ الْعَقْدُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الرَّاهِنِ وَبِتَعَدُّدِ مَالِكِ الْعَارِيَّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 حَبْسُ كُلِّ الْمَرْهُونِ إلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ الدَّيْنِ (أَوْ) فَدَى (حِصَّتَهُ مِنْ التَّرِكَةِ) بِقَضَاءِ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا (انْفَكَّ) نَصِيبُهُ مِنْهَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِ، وَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ لَا يَلْزَمُ بِأَدَاءِ كُلِّ الدَّيْنِ مِنْ نَصِيبِهِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى وَفَاءِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَأَيْضًا فَإِنْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِالتَّرِكَةِ أَمَّا كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَعَدَّدَ الرَّاهِنُ أَوْ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي فَهُوَ كَمَا لَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ فَأَدَّى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ يَنْقَطِعُ التَّعَلُّقُ عَنْهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ انْفِكَاكُ نَصِيبِهِ إذَا كَانَ ابْتِدَاءُ التَّعَلُّقِ مَعَ ابْتِدَاءِ تَعَلُّقِ الْمُلَّاكِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَوْتُ مَسْبُوقًا بِالْمَرَضِ فَيَكُونُ التَّعَلُّقُ سَابِقًا عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ لِلدَّيْنِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي الْحَجْرِ عَلَى الْمَرِيضِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ رَهَنَهُ الْمُوَرِّثُ زَادَ النَّوَوِيُّ هَذَا خِلَافُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلرَّهْنِ وُجُودٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَرْهَنْ التَّرِكَةَ، وَلَكِنَّهُ مَاتَ عَنْ دَيْنٍ وَلِلْقُونَوِيِّ اعْتِرَاضٌ عَلَى النَّوَوِيِّ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ ابْنَيْنِ فَوَفَّى الرَّاهِنُ لِأَحَدِهِمَا نِصْفَ الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَنَّهُ يَنْفَكُّ نَصِيبُهُ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ، وَنَازَعَهُ السُّبْكِيُّ، وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ ثُمَّ ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ نَصِيبُهُ كَمَا لَوْ وَفَّى مُوَرِّثُهُ بَعْضَ دَيْنِهِ، وَمَا قَالَهُ أَوْجَهُ وَأَوْفَقُ بِمَا مَرَّ فِيمَا إذَا مَاتَ الرَّاهِنُ عَنْ ابْنَيْنِ (فَإِنْ أَرَادَ الرَّاهِنَانِ) الْمَالِكَانِ لِلْمَرْهُونِ (أَوْ مَنْ انْفَكَّ نَصِيبُهُ) مِنْهُمَا (قِسْمَةَ مُسْتَوِي الْأَجْزَاءِ) كَالْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ (جَازَ) تَعَاطِيهَا (وَتَعَيَّنَتْ الْإِجَابَةُ) لِطَالِبِهَا (عَلَى الشَّرِيكِ) الْآخَرِ (وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ) مَا رَهَنَ (بِالْأَجْزَاءِ كَالثِّيَابِ) ، وَالْعَبِيدِ الْمُخْتَلِفَةِ نَوْعًا، وَقِيمَةً كَمَا لَوْ رَهَنَا عَبْدَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ، وَانْفَكَّ الرَّهْنُ عَنْ نِصْفِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَأَرَادَ مَنْ انْفَكَّ نَصِيبُهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَبْدٍ، وَيَنْحَصِرَ الرَّهْنُ فِي عَبْدٍ (لَمْ تَلْزَمْ الْإِجَابَةُ، وَإِنْ كَانَ أَرْضًا مُخْتَلِفَةَ الْأَجْزَاءِ) كَالدَّارِ، وَطَلَبَ مَنْ انْفَكَّ نَصِيبُهُ الْقِسْمَةَ (لَزِمَ الشَّرِيكَ الْإِجَابَةُ) بِنَاءً عَلَى الْإِجْبَارِ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ (وَلِلْمُرْتَهِنِ الِامْتِنَاعُ لِضَرَرِ التَّشْقِيصِ) بِالْقِسْمَةِ حَتَّى لَوْ رَهَنَ وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ، وَقَضَى نَصِيبَ أَحَدِهِمَا ثُمَّ أَرَادَ الْقِسْمَةَ لِيَمْتَازَ مَا بَقِيَ فِيهِ الرَّهْنُ اُشْتُرِطَ رِضَا الْآخَرِ (فَإِنْ قَاسَمَ الْمُرْتَهِنُ) ، وَكَانَ (بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْمَالِكِ جَازَ) ، وَإِلَّا فَلَا (الْبَابُ الرَّابِعُ) (فِي الِاخْتِلَافِ) بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ أَكَانَ) أَيْ أُوجِدَ (أَمْ لَا أَمْ) يَعْنِي أَوْ هُوَ (هَذَا الْعَبْدُ أَمْ الثَّوْبُ أَوْ الْأَرْضُ بِالْأَشْجَارِ أَوْ دُونَهَا أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ أَلْفَيْنِ) وَلَا بَيِّنَةَ (صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ رَهْنِ مَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ (فَإِنْ قَالَ) الْمَالِكُ (لَمْ تَكُنْ الْأَشْجَارُ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ) بَلْ أَحْدَثَتْهَا (فَإِنْ لَمْ يَتَصَوَّرْ حُدُوثَهَا) بَعْدَهُ (فَهُوَ كَاذِبٌ وَطُولِبَ بِجَوَابِ الدَّعْوَى فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى إنْكَارِ الْوُجُودِ) لَهَا عِنْدَ الْعَقْدِ (جُعِلَ نَاكِلًا، وَحَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَإِنْ لَمْ يُصِرَّ) عَلَيْهِ (وَاعْتَرَفَ بِوُجُودِهَا، وَأَنْكَرَ رَهْنَهَا قَبِلْنَا مِنْهُ) إنْكَارَهُ لِجَوَازِ صِدْقِهِ فِي نَفْيِ الرَّهْنِ (وَإِنْ كَانَ قَدْ بَانَ كَذِبُهُ فِي) الدَّعْوَى (الْأُولَى) ، وَهِيَ نَفْيُ الْوُجُودِ أَمَّا إذَا تَصَوَّرَ حُدُوثَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وُجُودُهَا عِنْدَهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ (وَإِنْ أَمْكَنَ وُجُودُهَا، وَعَدَمُهُ) عِنْدَهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ حَلَفَ فَهِيَ كَالْأَشْجَارِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ فِي الْقَلْعِ، وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ) ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهَا هَذَا إنْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ فَدَى أَحَدُ الْوَارِثِينَ حِصَّتَهُ مِمَّا رَهَنَ مِنْ زَيْدٍ بِقَضَاءِ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ] قَوْلُهُ وَلِلْقُونَوِيِّ اعْتِرَاضٌ عَلَى النَّوَوِيِّ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ دَقِيقٌ وَتَقْرِيرُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى قَدْ وَجَّهَ التَّعْلِيقَ دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ مَالِكٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَنْفَكَّ بِأَدَاءِ الْبَعْضِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ مُتَعَدِّدٌ وَلِأَنَّ الْوَرَثَةَ أَنْصِبَاؤُهُمْ مُتَعَدِّدَةٌ فَنَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمْ كَمَالِكٍ فَلَهُ شِبْهٌ بِمَا إذَا رَهَنَا عَبْدَهُمَا وَأَدَّى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَأَوْلَى لِأَنَّ تَعَلُّقَ الرَّهْنِ هَاهُنَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الزَّكَاةِ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِتَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ وَأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ تَعَلُّقَ رَهْنٍ فَبَاعَ الْمَالِكُ النِّصَابَ قَبْلَ إخْرَاجِهَا صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَالثَّانِي أَنَّ تَعَلُّقَ الرَّهْنِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى قَدْ سَبَقَ عَلَى انْتِقَالِ التَّرِكَةِ إلَى الْوَارِثِ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَتَقَدَّمْ تَعَلُّقُ الرَّهْنِ عَلَى مِلْكِهِمْ بَلْ حَصَلَ مِلْكُهُمْ وَالرَّهْنُ دَفْعَةً وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) عِبَارَتُهُ قَالَ الْقُونَوِيُّ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنْ عَنَيْت بِالرَّهْنِ الَّذِي نَفَيْت وُجُودَهُ رَهْنَ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَدَّعِ الرَّافِعِيُّ وُجُودَهُ وَإِنْ عَنَيْت بِهِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ انْتِفَاءَهُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْحَجْرِ عَلَى الْمَرِيضِ. اهـ. وَلِلنَّوَوِيِّ أَنْ يَخْتَارَ الثَّانِيَ وَيَقُولَ حَجْرُ الْمَرَضِ لَيْسَ كَحَجْرِ الرَّهْنِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمَرِيضِ فِي تَرِكَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْهُونِ اهـ عِبَارَةُ الشَّارِحِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ إنَّ كَوْنَ الدَّيْنِ يَقْتَضِي الْحَجْرَ عَلَى الْمَرِيضِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّبَرُّعَاتِ لَا فِي مُطْلَقِ التَّصَرُّفَاتِ وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ تَوْفِيَةُ بَعْضِ الدُّيُونِ وَإِنْ أَدَّى إلَى حِرْمَانِ الْبَاقِينَ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ ع سَبَقَهُ إلَيْهَا فِي الْمُهِمَّاتِ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ أَوْجَهُ وَأَوْفَقُ إلَخْ) بَلْ هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَلِلْمُرْتَهِنِ الِامْتِنَاعُ لِضَرَرِ التَّشْقِيصِ) فَإِنْ رَضِيَ بِهَا صَحَّتْ [الْبَابُ الرَّابِعُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الرَّهْن] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ) (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ إلَخْ) دَخَلَ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْمَرْهُونِ مَا لَوْ قَالَ رَهَنْتنِي الْعَبْدَ عَلَى مِائَةٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ رَهَنْتُك نِصْفَهُ عَلَى خَمْسِينَ وَنِصْفَهُ عَلَى خَمْسِينَ وَأَحْضَرَ لَهُ خَمْسِينَ لِيَفُكَّ نِصْفَ الْعَبْدِ وَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ يَتَحَالَفَانِ فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّالِثُ بَعِيدٌ. اهـ. وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَدَخَلَ فِي اخْتِلَافِهِمَا أَيْضًا مَا إذَا كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَرْهُونِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكُلَ الرَّاهِنُ فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ وَيَقْبِضُهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ) وَإِذَا حَلَفَ وَالِاخْتِلَافُ فِي عَيْنِ الْمَرْهُونِ خَرَجَ الثَّوْبُ عَنْ الرَّهْنِ بِحَلِفِهِ وَالْعَبْدُ بِرَدِّ الْمُرْتَهِنِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمَرْهُونِ بِهِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ رَهَنْتنِي بِالْأَلْفِ الْحَالِّ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ بِالْأَلْفِ الْمُؤَجَّلِ وَكَذَا فِي جِنْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ رَهَنْته بِالدَّنَانِيرِ وَقَالَ بَلْ بِالدَّرَاهِمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَهْنٍ مَشْرُوطٍ فِي بَيْعٍ) بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِهِ فِيهِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ (تَحَالُفًا كَمَا سَبَقَ) بَيَانُهُ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ نَعَمْ إنْ اتَّفَقَا عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِيهِ، وَاخْتَلَفَا فِي أَصْلِهِ فَلَا تَحَالُفَ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْبَيْعِ بَلْ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ، وَلِلْمُرْتَهِنِ الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَرْهَنْ (فَصْلٌ) (وَإِنْ ادَّعَى) عَلَى اثْنَيْنِ (أَنَّهُمَا رَهَنَاهُ عَبْدَهُمَا) بِمِائَةٍ مَثَلًا (وَأَقْبَضَاهُ) إيَّاهُ (فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا) فَنَصِيبُهُ رَهْنٌ بِخَمْسِينَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَذِّبِ فِي نَصِيبِهِ بِيَمِينِهِ (وَ) لَوْ (شَهِدَ) الْمُصَدِّقُ (عَلَى) شَرِيكِهِ (الْآخَرِ) الْمُكَذِّبِ (قَبِلَ) فِي شَهَادَتِهِ لِخُلُوِّهَا عَنْ جَلْبِ نَفْعٍ وَدَفْعِ ضَرَرٍ فَإِنْ شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي ثَبَتَ رَهْنُ الْجَمِيعِ (وَكَذَا لَوْ كَذَّبَهُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (فِي حَقِّهِ) بِأَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَا رَهَنَ نَصِيبَهُ، وَأَنَّ شَرِيكَهُ رَهَنَ أَوْ سَكَتَ عَنْ شَرِيكِهِ (وَشَهِدَ عَلَى الْآخَرِ أَيْضًا) قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فَرُبَّمَا نَسِيَا، وَإِنْ تَعَمَّدَا فَالْكِذْبَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُوجِبُ الْفِسْقَ، وَلِهَذَا لَوْ تَخَاصَمَ اثْنَانِ فِي شَيْءٍ ثُمَّ شَهِدَا فِي حَادِثَةٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فِي التَّخَاصُمِ (فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ) أَوْ يُقِيمُ مَعَهُ شَاهِدًا آخَرَ فَيَثْبُتُ رَهْنُ الْجَمِيعِ، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيمَا إذَا صَدَّقَاهُ أَوْ كَذَّبَاهُ مُطْلَقًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْكَذْبَةَ الْوَاحِدَةَ غَيْرُ مُفَسِّقَةٍ مَحِلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ انْضِمَامِ غَيْرِهَا إلَيْهَا أَمَّا هُنَا فَبِتَقْدِيرِ تَعَمُّدِهِ يَكُونُ جَاحِدًا لِحَقٍّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَيَفْسُقُ بِذَلِكَ، وَرُدَّ بِأَنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْجَحْدِ مُفَسِّقًا أَنْ تَفُوتَ الْمَالِيَّةُ عَلَى الْغَيْرِ، وَهُنَا لَمْ يَفُتْ إلَّا حَقُّ الْوَثِيقَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمُدَّعِي بِظُلْمِهِمَا بِالْإِنْكَارِ بِلَا تَأْوِيلٍ، وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي تَفْسِيقَهُمَا انْتَهَى، وَلَك أَنْ تَمْنَعَ أَنَّهُ بِذَلِكَ ظَهَرَ مِنْهُ هَذَا إذْ لَيْسَ كُلُّ ظُلْمٍ خَالٍ عَنْ تَأْوِيلٍ مُفَسِّقًا بِدَلِيلِ الْغِيبَةِ. (فَرْعٌ، وَإِنْ ادَّعَيَا) عَلَى وَاحِدٍ (أَنَّهُ رَهَنَهُمَا عَبْدَهُ، وَأَقْبَضَهُمَا) إيَّاهُ (وَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا) فَنِصْفُ الْعَبْدِ مَرْهُونٌ عِنْدَ الْمُصَدِّقِ، وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ، وَ (قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ لِلْمُكَذِّبِ) بِرَهْنِ النِّصْفِ لِمَا مَرَّ هَذَا (إنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكُهُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ادَّعَاهُ فَإِنْ كَانَ شَرِيكُهُ فِيهِ كَأَنْ قَالَا رَهَنْته مِنْ مُوَرِّثِنَا أَوْ مِنَّا صَفْقَةً وَاحِدَةً لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لَهُ لِلتُّهْمَةِ فِي دَفْعِ مُزَاحَمَةِ الشَّرِيكِ عَنْ نَفْسِهِ فِيمَا سَلَّمَ لَهُ، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيمَا إذَا صَدَّقَهُمَا أَوْ كَذَّبَهُمَا (فَصْلٌ) (وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ) فِيمَا يَصِحُّ رَهْنُهُ كَعَبْدٍ (رَهْنَاهُمَا عَبْدًا) مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِمِائَةٍ مَثَلًا (وَأَقْبَضَاهُمَا إيَّاهُ وَصَدَّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاحِدًا) مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ فَنِصْفُ الْعَبْدِ مَرْهُونٌ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعُهُ بِرُبْعِ الْمِائَةِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي عَلَى الِاثْنَيْنِ نِصْفَهُ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ إلَّا أَحَدُهُمَا، وَ (قُبِلَتْ شَهَادَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ) إذْ لَا مَانِعَ (وَكَذَا شَهَادَةُ أَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ لِلْآخَرِ حَيْثُ لَا شَرِكَةَ) كَمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَصْلِ، وَلَوْ صَدَّقَا أَحَدَهُمَا ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ، وَكَانَ لَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعُ الْمِائَةِ، وَنِصْفُ نَصِيبِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَرْهُونٌ بِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ صَدَّقَاهُمَا أَوْ كَذَّبَاهُمَا (فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ زَيْدًا رَهَنَهُ عَبْدَهُ وَأَقْبَضَهُ) إيَّاهُ (فَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا قَضَى لَهُ) بِالرَّهْنِ (وَيَحْلِفُ) زَيْدٌ (لِلْمُكَذِّبِ) لِأَنَّهُ عِنْدَ إرَادَةِ تَحْلِيفِهِ قَدْ يُقِرُّ أَوْ يَنْكُلُ فَيَحْلِفُ الْمُكَذِّبُ فَيَغْرَمُ لَهُ الْقِيمَةَ لِتَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّحْلِيفِ خِلَافُ مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَدَلَ عَنْهُ إلَى ذَلِكَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ مَا فِيهَا هُنَا سَهْوٌ أَوْ غَلَطٌ فَإِنَّ الصَّحِيحَ الْمَذْكُورَ فِي الْإِقْرَارِ، وَالدَّعَاوَى أَنَّهُ يَحْلِفُ، وَعَلَّلَهُ بِمَا مَرَّ. قَالَ، وَسَبَبُ ذُهُولِهِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ فِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَحْلِفُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فَأَطْلَقَ النَّوَوِيُّ التَّصْحِيحَ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَإِمْعَانٍ، وَلَمَّا نَقَلَ الرَّافِعِيُّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ عَقَّبَهُ بِمَا يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ حَيْثُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو هَلْ يَغْرَمُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَمَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْبَحْرِ وَالْكَافِي، وَالْمَنْصُوصُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْبُوَيْطِيِّ قَالُوا لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يُفِدْ فَلَمْ يَكُنْ لِوُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ وَجْهٌ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ دَلِيلًا التَّحْلِيفُ انْتَهَى، وَالْمُعْتَمَدُ مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَيُفَارِقُ مَا فِي الْإِقْرَارِ، وَالدَّعَاوَى بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ فِيهِمَا لَبَطَلَ الْحَقُّ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا هُنَا لِأَنَّ لَهُ مَرَدًّا، وَهُوَ الذِّمَّةُ، وَلَمْ يَفُتْ إلَّا التَّوَثُّقُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ (وَإِنْ صَدَّقَهُمَا، وَلَكِنْ قَالَ) فِي جَوَابِ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا السَّبْقُ، وَإِنَّ الرَّاهِنَ عَالِمٌ بِهِ (أَحَدُهُمَا سَبَقَ) الْآخَرَ، وَفِي نُسْخَةٍ أَسْبَقَ (قَبَضَا، وَعَيْنَهُ قَضَى لَهُ، وَإِنْ كَانَ) الْعَبْدُ (فِي يَدِ الْآخَرِ) لِأَنَّ الْيَدَ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الرَّهْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ تَحَالَفَا) كَمَا سَبَقَ وَيَبْدَأُ بِالْبَائِعِ وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ [فَصْلٌ ادَّعَى عَلَى اثْنَيْنِ أَنَّهُمَا رَهَنَاهُ عَبْدَهُمَا بِمِائَةٍ مَثَلًا وَأَقْبَضَاهُ إيَّاهُ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا] (قَوْلُهُ فَالْكَذْبَةُ الْوَاحِدَةُ إلَخْ) أَيْ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا ضَرَرَ (قَوْلُهُ وَرَدَّ بِأَنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْجَحْدِ إلَخْ) وَبِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جُحُودِهِ الْحَقَّ كَوْنُهُ مُتَعَمِّدًا فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ أَوْ نِسْيَانٌ حَمَلَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكَهُ فِيهِ) كَأَنْ كَانَ دَيْنَ قَرْضٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ لِأَنَّ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ بِتَصْدِيقِهِ يُسَلَّمُ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا (قَوْلُهُ كَأَنْ قَالَا رَهَنْته مِنْ مُوَرِّثِنَا) أَوْ اشْتَرَيْنَاهُ مَعًا [فَصْلٌ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ زَيْدًا رَهَنَهُ عَبْدَهُ وَأَقْبَضَهُ إيَّاهُ فَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا] (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ لِلْمُكَذِّبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ظَاهِرُ تَصْحِيحِ الْوَالِدِ عَلَى الْمَتْنِ اعْتِمَادُهُ وَمُخَالَفَةُ الشَّارِحِ لِمَا اعْتَمَدَهُ (قَوْلُهُ هَلْ يَغْرَمُ انْتَهَى) صَحَّحَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ فَلِذَلِكَ صَحَّحَ عَدَمَ التَّحْلِيفِ هُنَا وَصَحَّحَ فِي نَظِيرِ مَسْأَلَتِنَا فِيمَا إذَا أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهِ لِعَمْرٍو أَنَّهَا لَا تَغْرَمُ فَمَشَى عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ) أَيْ وَالزَّرْكَشِيُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 الشَّهَادَةُ بِهَا عَلَيْهِ (وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ) لِمَا مَرَّ، وَهَذَا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ لَهُ، وَأَمَّا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ فَلَا يَحْلِفُ لَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهَا، وَقَوْلُهُ، وَعَيْنَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَوْ قَالَ) ، وَلَمْ يَدَّعِيَا سَبْقًا أَوْ ادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا (نَسِيت السَّابِقَ أَوْ رَهَنْت مِنْ أَحَدِهِمَا، وَنَسِيت فَصَدَّقَاهُ أَوْ كَذَّبَاهُ فَحَلَفَ لَهُمَا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ) السَّابِقَ أَوْ الْآخِذَ تَدَاعَيَا فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا (بَطَلَ الرَّهْنُ) إلَّا إنْ قَالَ عَرَفْت السَّابِقَ، وَنَسِيته فَيَتَوَقَّفُ إلَى الْبَيَانِ كَمَا لَوْ زَوَّجَ وَلِيَّانِ، وَلَمْ يُعْرَفْ السَّابِقُ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا قَضَى لَهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِتَقْدِيرِ تَكْذِيبِهِمَا لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ مَا فِي عِبَارَتِهِ مِنْ الْإِجْحَافِ كَمَا عُلِمَ (وَإِنْ رَدَّ) الْيَمِينَ (عَلَيْهِمَا فَنَكَلَا أَوْ حَلَفَا حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ أَيْضًا، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (قَضَى لَهُ، وَإِنْ اعْتَرَفَ لِهَذَا بِسَبْقِ الْعَقْدِ، وَلِهَذَا بِسَبْقِ الْقَبْضِ قَضَى لِلثَّانِي) لِأَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالْقَبْضِ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ، وَلَكِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَبَقَ قَبَضَا، وَعَيْنَهُ قَضَى لَهُ. (فَرْعٌ) لَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا بِمَتَاعٍ لِيَقْتَرِضَ لَهُ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا، وَيَرْهَنَ بِهِ الْمَتَاعَ فَفَعَلَ ثُمَّ (اخْتَلَفَا فَقَالَ) الْمُقْرِضُ (اقْتَرَضَ لَك رَسُولُك مِنِّي مِائَةً فِي الرَّهْنِ فَقَالَا) أَيْ الْمُرْسِلُ، وَالرَّسُولُ (جَمِيعًا بَلْ خَمْسِينَ) بِأَنْ قَالَ الْمُرْسِلُ لَمْ آذَنْ إلَّا فِيهَا، وَصَدَّقَهُ الرَّسُولُ عَلَى ذَلِكَ (حَلَّفَهُمَا) عَلَى نَفْيِ دَعْوَاهُ لِأَنَّ الْمُرْسِلَ مُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ وَالرَّسُولَ بِالْأَخْذِ (فَإِنْ اعْتَرَفَ الرَّسُولُ بِالْمِائَةِ، وَادَّعَى تَسْلِيمَهَا إلَى الْمُرْسِلِ فَالْقَوْلُ فِي نَفْيِ الزِّيَادَةِ قَوْلُ الْمُرْسِلِ، وَيَلْزَمُ الرَّسُولَ الْغُرْمُ) أَيْ غُرْمُ الزِّيَادَةِ لِلْمُقْرِضِ (إلَّا إنْ صَدَّقَهُ الْمُقْرِضُ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُرْسِلِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُقْرِضُ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ كَذَا ذَكَرُوهُ، وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الرَّسُولَ وَكِيلُ الْمُرْسِلِ، وَبِقَبْضِهِ يَحْصُلُ الْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ حَتَّى يَغْرَمَ لَهُ إنْ تَعَدَّى فِيهِ، وَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَحِينَئِذٍ فَالرُّجُوعُ إنْ كَانَ لِتَعَلُّقِ الْعُهْدَةِ بِالْوَكِيلِ فَلْيَرْجِعْ مُطْلَقًا أَوْ لِأَنَّ لِلْمُقْرِضِ أَخْذَ عَيْنِ الْقَرْضِ فَهَذَا اسْتِرْدَادٌ لَا تَغْرِيمٌ مُطْلَقٌ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَمْ يَرْجِعْ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعَدٍّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرُوهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَنْقُولُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ احْتِمَالٌ لِابْنِ الصَّبَّاغِ قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي عَلَى عَادَتِهِ فِي جَعْلِهِ احْتِمَالَاتِ ابْنِ الصَّبَّاغِ الْمَذْهَبَ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَأَطْلَقَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمَرَاوِزَةِ مُوَافِقٌ لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الدَّفْعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ انْتَهَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَرِّرَ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يَحْمِلَ اللُّزُومَ فِيهِ عَلَى اللُّزُومِ الْمُسْتَقِرِّ. (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الْقَبْضَ بِالْإِذْنِ) مِنْ الرَّاهِنِ (فَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ وَقَالَ) بَلْ (غَصَبْته فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ) بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَالْإِذْنِ (وَكَذَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (لَوْ قَالَ أَعَرْتُك أَوْ آجَرْتُك) أَوْ آجَرْته مِنْ فُلَانٍ فَأَجَرَهُ مِنْك أَوْ نَحْوُهَا لِذَلِكَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَمْ تَقْبِضْهُ عَنْ الرَّهْنِ كَفَى وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ جِهَةً (وَلَوْ جَرَى الْقَبْضُ) بَعْدَ الْإِذْنِ (وَادَّعَى الرَّاهِنُ الرُّجُوعَ قَبْلَهُ صَدَّقَ الْمُرْتَهِنَ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ (أَوْ) أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ، وَادَّعَى (عَدَمَ الْقَبْضِ صَدَّقَ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ) مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْيَدَ وَحْدَهَا فِي الرَّاهِنِ وَمَعَ الْإِذْنِ فِي الْمُرْتَهِنِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى صِدْقِ صَاحِبِهَا. (فَرْعٌ) لَوْ (أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِإِقْبَاضِ) لِمَرْهُونٍ (غَيْرِ مُمَكَّنٍ) كَأَنْ قَالَ رَهَنْته الْيَوْمَ دَارِي بِالشَّامِ وَأَقْبَضْته إيَّاهَا، وَهُمَا بِمَكَّةَ (لَغَا وَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ بِقَبْضٍ) مِنْهُ (مُمَكَّنٌ فَقَالَ أَقْرَرْت بَاطِلًا حَلَفَ لَهُ الْمُقَرُّ لَهُ) أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ (وَلَوْ لَمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلِهَذَا بِسَبْقِ الْقَبْضِ قَضَى لِلثَّانِي) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ رَهْنَ الْمَرْهُونِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْأَوَّلَ رُجُوعٌ عَنْهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْقَبْضِ فِي الثَّانِي لِأَنَّا نَقُولُ يَجُوزُ كَوْنُهُ مُفَرَّعًا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَلَكِنْ إلَخْ) صَرَّحَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ صُورَةَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا سَبَقَ رَهْنًا أَيْضًا (قَوْلُهُ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الرَّسُولَ إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ لِتَعَلُّقِ الْعُهْدَةِ بِهِ وَلَكِنْ يَمْنَعُ مِنْهُ زَعْمُ الْمُقْرِضِ أَنَّهُ مَظْلُومٌ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى ظَالِمِهِ (قَوْلُهُ فَالرُّجُوعُ إنْ كَانَ لِتَعَلُّقِ الْعُهْدَةِ إلَخْ) رُجُوعُ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ عَلَى الرَّسُولِ عِنْدَ تَكْذِيبِهِ فِي الدَّفْعِ لَيْسَ لِأَجْلِ تَوَجُّهِ الْعُهْدَةِ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا لِأَجْلِ أَنَّ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَيْنِ مَا أَقْرَضَهُ بَلْ لِأَنَّ الشَّارِعَ صَدَّقَ الْمُرْسِلَ فِي أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا فِي خَمْسِينَ وَلَمْ يَقْبِضْ زَائِدًا عَلَيْهَا وَلَمْ يُصَدِّقْ الرَّسُولَ فِي الدَّفْعِ إلَى الْمُرْسِلِ وَلَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَآثَرَ ذَلِكَ الْحُكْمَ بِأَنَّهَا فِي يَدِ الرَّسُولِ وَعَدَمُ انْتِقَالِهَا إلَى مِلْكِ الْمُرْسِلِ وَدُخُولُهَا فِي ضَمَانِ الرَّسُولِ لِأَجْلِ تَعَدِّيهِ بِإِمْسَاكِهَا بَعْدَ دَعْوَى الدَّفْعِ إلَى الْمُرْسِلِ وَلِأَنَّ إنْكَارَ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ عَزْلٌ فَيَصِيرُ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ وَحِينَئِذٍ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً فِي يَدِ الرَّسُولِ فَالْمُرْسَلُ إلَيْهِ مُعْتَرِفٌ بِالْمِلْكِ فِيهَا لِلْمُرْسِلِ فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَمَلُّكُهَا بِطَرِيقِ الظَّفَرِ بِمَالِ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ مَالٌ وَهُوَ مِنْ جِنْسِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً فَلَهُ مُطَالَبَةُ الرَّسُولِ بِهَا لِأَنَّهُ غَرِيمٌ لِلْمُرْسِلِ وَالْمُرْسَلِ إلَيْهِ غَرِيمُ الْغَرِيمِ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ إنْكَارُ الْمُرْسِلِ الْمِلْكَ بَلْ هُوَ مُؤَكِّدٌ لَهُ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ عِنْدَ الْكَلَامِ فِيمَا إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ أَذِنْت لَك فِي الْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَقَالَ الْوَكِيلُ بَلْ بِمُؤَجَّلٍ (قَوْلُهُ قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَقَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ) وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ إنَّهُ الصَّحِيحُ [فَرْعٌ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الْقَبْضَ بِالْإِذْنِ مِنْ الرَّاهِنِ فَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ وَقَالَ بَلْ غَصَبْته] (قَوْلُهُ فَرْعٌ وَلَوْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الْقَبْضَ بِالْإِذْنِ إلَخْ) أَوْ أَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ قَبْضَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ لِإِنْكَارِهِ لُزُومَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَمْ يَقْبِضْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِإِقْبَاضٍ لِمَرْهُونٍ غَيْرِ مُمَكَّنٍ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ لَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِإِقْبَاضِ غَيْرِ مُمَكَّنٍ لَغَا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَلِهَذَا قُلْنَا مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَكَّةَ وَهُوَ بِمِصْرَ فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ (قَوْلُهُ حَلَفَ لَهُ الْمُقَرُّ لَهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ التَّحْلِيفِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ فِي يَدِهِ وَإِقْرَارَ الرَّاهِنِ يُصَدِّقُهُ (فَرْعٌ) سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 يُذْكَرْ) لِإِقْرَارِهِ (تَأْوِيلًا، وَلَوْ) كَانَ الْإِقْرَارُ (فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بَعْدَ الدَّعْوَى) عَلَيْهِ لِشُمُولِ الْإِمْكَانِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْوَثَائِقَ فِي الْغَالِبِ يَشْهَدُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَحْقِيقِ مَا فِيهَا، وَالتَّأْوِيلُ كَقَوْلِهِ أَشْهَدْت عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ أَوْ دُفِعَ إلَيَّ كِتَابٌ عَلَى لِسَانِ وَكِيلِي فَتَبَيَّنَ تَزْوِيرُهُ أَوْ أَقَبَضْته بِالْقَوْلِ، وَظَنَنْت أَنَّهُ يَكْفِي قَبْضًا، وَالتَّرْجِيحُ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِإِقْرَارِهِ بَلْ أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَوَجْهَانِ قَالَ الْقَفَّالُ لَا يُحَلِّفُهُ، وَإِنْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يُقِرُّ عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا فَرْقَ لِشُمُولِ الْإِمْكَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ النَّصِّ، وَالْعِرَاقِيِّينَ، وَالْمِنْهَاجِ الثَّانِي انْتَهَى، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهَا كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ إنَّمَا أَقْرَرْت، وَأَشْهَدْت لِيُقْرِضَنِي، وَلَمْ يُقْرِضْنِي صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ) لَوْ دَفَعَ الْمَرْهُونَ إلَى الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ قَصْدِ إقْبَاضِهِ عَنْ الرَّهْنِ هَلْ يَكْفِي عَنْهُ وَجْهَانِ فِي التَّهْذِيبِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ كَدَفْعِ الْمَبِيعِ، وَالثَّانِي لَا بَلْ هُوَ، وَدِيعَةٌ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَاجِبٌ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ (فَإِنْ قَالَ) فِيمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ مِنْهُ (لَمْ أُقِرَّ) بِهِ (أَوْ شَهِدُوا عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْمُقِرَّ لَهُ (قَبَضَ) مِنْهُ لِجِهَةِ الرَّهْنِ (فَلَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ) لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِلشُّهُودِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدْت عَازِمًا عَلَيْهِ إذْ لَا يُعْتَادُ ذَلِكَ. (فَصْلٌ) (الْمُقِرُّ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَرْهُونِ إنْ صَدَّقَهُ الرَّاهِنُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ فَازَ بِالْأَرْشِ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ صَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ دُونَ الرَّاهِنِ (صَارَ الْأَرْشُ رَهْنًا) فَيَأْخُذُهُ، وَيَكُونُ بِيَدِ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ (فَلَوْ اسْتَوْفَى) مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أَبْرَأَ (رَدَّهُ إلَى الْمُقِرِّ لَا إلَى الْقَاضِي) ، وَلَا إلَى الرَّاهِنِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِآخَرَ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ، وَلِأَنَّ الرَّاهِنَ يُنْكِرُهُ، وَلَمْ يَبْقَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ حَقٌّ فَإِنْ اسْتَوْفَى مِنْهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْمُقِرُّ عَلَى الرَّاهِنِ، وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ رَدُّهُ إلَى الْمُقِرِّ بِعَدَمِ رَدِّ مَا قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ مِنْ الْمَهْرِ إلَى زَوْجِهَا فِيمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ طَلَاقِهَا وَطْأَهَا، وَأَنْكَرَتْهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَهْرَ وَجَبَ بِالْعَقْدِ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ إلَّا بِالْوَطْءِ بِخِلَافِ بَدَلِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِهَا، وَلَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهَا الْخَصْمَانِ أَمَّا لَوْ صَدَّقَاهُ أَوْ كَذَّبَاهُ فَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ (وَإِنْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ أَنَّ الْمَرْهُونَ جَنَى) ، وَلَوْ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ، وَافَقَهُ الْمَرْهُونُ أَوَّلًا (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ، وَضَرَرَ الْجِنَايَةِ يَعُودُ إلَيْهِ (وَالْقَوْلُ فِي عَكْسِهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ الْمَرْهُونَ جَنَى بَعْدَ اللُّزُومِ (قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجِنَايَةِ، وَبَقَاءُ الرَّهْنِ (فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ) عَلَى الْمُقِرِّ (لِلْمُقِرِّ لَهُ فِي الْحَالَيْنِ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنْ كَذَبَ فِي إقْرَارِهِ فَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الْمَرْهُونِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَغْرَمُ جِنَايَةَ الْمَرْهُونِ، وَلَمْ يُتْلِفْ بِالرَّهْنِ شَيْئًا لِلْمُقِرِّ لَهُ لِكَوْنِ الرَّهْنِ سَابِقًا عَلَى الْجِنَايَةِ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ حَيْثُ يَغْرَمُ لِلْمُقِرِّ لَهُ، وَإِنْ سَبَقَ الْإِيلَادُ الْجِنَايَةَ لِأَنَّ السَّيِّدَ يَغْرَمُ جِنَايَةَ أُمِّ الْوَلَدِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ. (وَإِذَا) رَهَنَ أَوْ آجَرَ عَبْدًا ثُمَّ (أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ بِجِنَايَةٍ) مِنْ الْعَبْدِ (مُتَقَدِّمَةٍ) عَلَى اللُّزُومِ (أَوْ قَالَ كُنْت غَصَبْته أَوْ بِعْته، وَنَحْوُهُ) مِمَّا يَمْنَعُ الرَّهْنَ أَوْ الْإِجَارَةَ كَأَعْتَقْتُه (وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعِي) أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ وَكَذَّبَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا، وَفِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَنْفَعَةِ خَاصَّةً (صِيَانَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ) مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا حَاجَةَ فِي صُورَةِ الْعِتْقِ إلَى تَصْدِيقِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْمُقَرِّ لَهُ فِي بَاقِي الصُّوَرِ ذَكَرَهُ مَا عَدَا الْفَرْقَ فِي الْأَصْلِ، وَيُقَاسُ بِالْعِتْقِ الْإِيلَادُ، وَكَذَا الْوَقْفُ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ أَوْ عَيَّنَهُ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ فَالرَّهْنُ أَوْ الْإِجَارَةُ بِحَالِهِ أَوْ صَدَّقَهُ هُوَ، وَالْمُرْتَهِنَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ خَرَجَ عَنْ الرَّهْنِيَّةِ أَوْ الْإِجَارَةِ، وَلِلْمُرْتَهِنِ الْمُقْرَضُ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ فِيمَا ذُكِرَ (فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِمَا ادَّعَى بِهِ، وَيَسْتَمِرُّ الرَّهْنُ أَوْ الْإِجَارَةُ (ثُمَّ يَغْرَمُ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ) لِلْمُقِرِّ لَهُ (الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَالْأَرْشَ) فِي مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ وَقِيمَتَهُ فِي غَيْرِهَا مَا عَدَا مَسْأَلَتَيْ الْعِتْقِ، وَالْإِيلَادِ، وَإِنَّمَا غَرِمَ   [حاشية الرملي الكبير] آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَحُكِمَ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِتَحْلِيفِ الْمُقَرِّ لَهُ يُحَرَّرُ قَالَ شَيْخُنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ دَفَعَ الْمَرْهُونَ إلَى الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ قَصْدِ إقْبَاضِهِ عَنْ الرَّهْنِ هَلْ يَكْفِي عَنْهُ] (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ [فَصْلٌ الْمُقِرُّ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَرْهُونِ إنْ صَدَّقَهُ الرَّاهِنُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ] (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَهْرَ وَجَبَ بِالْعَقْدِ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ حَكَاهُ الشَّارِحُ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ مَرْدُودٌ وَلَكِنَّ الْإِشْكَالَ غَيْرُ وَارِدٍ إذْ لَيْسَتْ مَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا وَإِنَّمَا نَظِيرُهَا مِنْ مَسْأَلَتِنَا أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ بِيَدِ الرَّاهِنِ لِكَوْنِ الْأَصْلِ كَانَ بِيَدِهِ وَهُوَ حِينَئِذٍ لَا يَرُدُّ إلَى الْمُقِرِّ إذْ الْجَامِعُ الْمُعْتَبَرُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ مُنْكِرٌ لَهُ وَمُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَيُقِرُّ الْمَالَ فِي يَدِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي الْحَالَيْنِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ تَسْلِيمُ ذَلِكَ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْعَهَا فِي جِنَايَتِهِ وَقَدْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَيَغْرَمُ لَهُ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يُجْبَرُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُرْتَهِنِ الثَّمَنَ. اهـ. مَا بَحَثَهُ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الرَّهْنِ سَابِقًا عَلَى الْجِنَايَةِ) فَإِنْ مَلَكَ يَوْمًا لَزِمَ تَسْلِيمُهُ فِي الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَى اللُّزُومِ) قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ أَنْ يُقِرَّ بِجِنَايَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَى الرَّهْنِ (قَوْلُهُ صِيَانَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ مِنْ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ يُوَاطِئُ مُدَّعِي الْجِنَايَةِ أَوْ غَيْرَهُ لِغَرَضِ إبْطَالِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَقْفُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ عَيَّنَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ أَوْ صَدَّقَهُ وَلَمْ يَدَعْهُ (قَوْلُهُ فَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ بِحَالِهِ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَيَّدُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إذْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الْأُولَى الَّتِي ذَكَرَهَا الْمَاتِنُ غَيْرَ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِلْمُقِرِّ فِيهَا دُونَ الثَّانِيَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 (لِلْحَيْلُولَةِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ، وَأَمَّا غُرْمُ الْأَقَلِّ فَلِأَنَّهُ اللَّازِمُ فِي الْفِدَاءِ (فَإِذَا نَكَلَ) الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى الْمُقَرُّ لَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (لَا الرَّاهِنُ) ، وَلَا الْمُؤَجِّرُ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَدَّعِيَانِ لِأَنْفُسِهِمَا شَيْئًا، وَمَسْأَلَةُ الْإِجَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْبَيْعِ وَغَيْرِ الْإِجَارَةِ وَالْعِتْقِ الْمَعْلُومَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ، وَنَحْوُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّلَاثَةِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ بَعْدَ، وَإِذَا حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ خَرَجَ الْعَبْدُ عَنْ الرَّهْنِيَّةِ أَوْ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ كَانَ جَانِيًا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَا إجَارَتُهُ (وَسَقَطَ خِيَارُ الْمُرْتَهِنِ فِي فَسْخِ بَيْعٍ شَرَطَ فِيهِ) الرَّهْنَ لِأَنَّ فَوَاتَهُ حَصَلَ بِنُكُولِهِ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ عَنْ الْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِهِ فِيمَا إذَا صَدَقَ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ رَجَعَ إلَى الْحَقِّ ظَاهِرًا فَلَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا بِخِلَافِهِ هُنَا (وَكَأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ ارْتَهَنَهُ جَانِيًا فَسَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الرَّهْنِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ إيضَاحٌ لِمَا قَبْلَهُ (فَإِنْ نَكَلَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى الْمُقَرُّ لَهُ (سَقَطَتْ دَعْوَاهُ) وَانْتَهَتْ الْخُصُومَةُ فَلَا يَغْرَمُ لَهُ الرَّاهِنُ، وَلَا الْمُؤَجِّرُ شَيْئًا لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ حَصَلَتْ بِنُكُولِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (فَرْعٌ) لَوْ (أَقَرَّ عَلَى عَبْدِهِ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مَقْبُولٌ، وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ، وَأَضَرَّ ذَلِكَ بِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فَإِنْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَالٍ سَقَطَ الْقِصَاصُ بِهِ، وَوَجَبَ الْمَالُ، وَقَدِمَ بِهِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَ (فَإِنْ قَالَ) السَّيِّدُ جَنَى جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ (وَعَفَا عَلَى مَالٍ فَكَمَا سَبَقَ مِنْ إقْرَارِهِ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُ الْمَالَ) فَيَجِبُ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ لِحَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَإِقْرَارُهُ بِالْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ كَإِنْشَائِهِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا فَيُقْبَلُ مِنْ الْمُوسِرِ دُونَ الْمُعْسِرِ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ إنْشَاءَ أَمْرٍ قُبِلَ إقْرَارُهُ بِهِ، وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِيلَادِ زَادَهَا هُنَا مَعَ أَنَّهَا تَأْتِي قَرِيبًا. [فَرْعٌ وَطِئَ جَارِيَةً لَهُ وَرَهَنَهَا] (فَرْعٌ) لَوْ (وَطِئَ جَارِيَةً) لَهُ (وَرَهَنَهَا جَازَ) وَلَا يَمْنَعُ احْتِمَالُ الْحَمْلِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا (فَإِنْ) رَهَنَهَا ثُمَّ (أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ) بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ (لَحِقَهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ، وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ مَرْهُونًا فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ ادَّعَاهُ) بِأَنْ قَالَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي، وَكُنْت وَطِئْتهَا قَبْلَ لُزُومِ الرَّهْنِ (وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ) عَلَى ذَلِكَ (أَوْ ثَبَتَ) بِبَيِّنَةٍ (بَطَلَ الرَّهْنُ) لِثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ (فَإِنْ شَرَطَ) رَهْنَهَا (فِي بَيْعٍ فَلَهُ الْفَسْخُ) لِلْبَيْعِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُرْتَهِنُ، وَلَا بَيِّنَةَ (فَكَإِقْرَارِهِ بِأَنَّهَا كَانَتْ مُسْتَوْلِدَةً) أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ اللُّزُومِ فَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ لِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْمُهِمَّاتِ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إطْلَاقُهُ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ دُخُولِ الْحَمْلِ الْمُقَارَنِ فِي رَهْنِ الْأَمَةِ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ أَنَّهُ يَدْخُلُ، وَكَانَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ فَهُوَ مَرْهُونٌ كَأُمِّهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ، وَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لَهُ (وَإِذَا أَقَرَّ بِاسْتِيلَادِهَا بَعْدَ اللُّزُومِ نَفَذَ إنْ كَانَ مُوسِرًا) لَا مُعْسِرًا. (فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ عَبْدًا أَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ) كَأَنْ (غَصَبَهُ أَوْ بَاعَهُ) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَالْكِتَابَةَ كَالْإِصْدَاقِ (لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَهُوَ مَرْدُودٌ ظَاهِرًا (وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي) وَالْمُكَاتَبُ (بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي) أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ (لَا الْبَائِعُ) ، وَالسَّيِّدُ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ نَكَلَ فَهَلْ الرَّدُّ عَلَى الْمُدَّعِي أَمْ عَلَى الْمُقِرِّ الْبَائِعِ قَوْلَانِ. [فَصْلٌ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ فَبَاعَ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ فَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ رُجُوعَهُ] (فَصْلٌ) لَوْ (أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ) لِلرَّاهِنِ (فِي الْبَيْعِ) فَبَاعَ (وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ) رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ (فَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ رُجُوعَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ (وَإِنْ صَدَّقَهُ) فِي رُجُوعِهِ عَنْ الْإِذْنِ (لَكِنْ قَالَ رَجَعْت) عَنْهُ (بَعْدَ الْبَيْعِ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بَلْ قَبْلَهُ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَيْعِ، وَالرُّجُوعُ فِي الْوَقْتِ الْمُدَّعَى إيقَاعُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ فَيَتَعَارَضَانِ، وَيَبْقَى الرَّهْنُ (فَصْلٌ) لَوْ كَانَ (عَلَيْهِ لِرَجُلٍ دَيْنَانِ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ) أَوْ نَحْوُهُ كَكَفِيلٍ (فَقَصْدُهُ بِالْقَضَاءِ وَقَعَ عَنْهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ، وَكَيْفِيَّةِ أَدَائِهِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي نِيَّتِهِ أَمْ لَفْظِهِ فَالْعِبْرَةُ فِي جِهَةِ الْأَدَاءِ بِقَصْدِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِذَا نَكَلَ حَلَفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) أَيْ وَيُبَاعُ الْعَبْدُ فِي الْجِنَايَةِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فَوَاتَهُ حَصَلَ بِنُكُولِهِ) لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى إبْقَاءِ الرَّهْنِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَمَحَلُّ بَيْعِ جَمِيعِهِ إذَا اسْتَغْرَقَتْ الْجِنَايَةُ قِيمَتَهُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا ثُمَّ الْأَصَحُّ أَنَّ بَاقِيَهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا لِأَنَّ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ عَلَى الْأَظْهَرِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ عَلَى قَوْلٍ بِأَنَّهُ كَانَ جَانِيًا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ شَيْءٍ مِنْهُ [فَرْعٌ أَقَرَّ عَلَى عَبْدِهِ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ] (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ إنَّهُ حُرٌّ بِمَعْنَى كَوْنِهِ حُرًّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَرَقِيقٌ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ (قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْمُهِمَّاتِ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إطْلَاقُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّ ذَاكَ فِي الْحَامِلِ بِرَقِيقٍ وَهَاهُنَا حَامِلٌ بِحُرٍّ فَكَيْفَ يُتَخَيَّلُ فِيهِ ذَلِكَ [فَرْعٌ بَاعَ عَبْدًا أَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ كَأَنْ غَصَبَهُ أَوْ بَاعَهُ] (قَوْلُهُ لَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ فِي الْبَيْعِ فَبَاعَ) أَوْ فِي الْإِعْتَاقِ فَأَعْتَقَ أَوْ فِي الْوَطْءِ فَوَطِئَ وَأَحْبَلَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الرُّجُوعِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالًا لِحَقِّ الْغَيْرِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِيَ أَوْ عَيَّنَهُ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ أَوْ عَادَ إلَى الرَّاهِنِ بِفَسْخٍ وَغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْقَى الرَّهْنُ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَالْمَرْهُونِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَعَلَى الرَّاهِنِ بَدَلُهُ فَإِنْ نَكَلَا وَحَلَفَ الْمُرْتَهِنُ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالْإِعْتَاقُ وَالْإِيلَادُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا [فَصْلٌ عَلَيْهِ لِرَجُلٍ دَيْنَانِ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ أَوْ نَحْوُهُ كَكَفِيلٍ فَقَصْدُهُ بِالْقَضَاءِ] (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ كَكَفِيلٍ) أَوْ هُوَ ثَمَنٌ مَبِيعٌ مَحْبُوسٌ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ اعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ تَصْدِيقِ الدَّافِعِ صُوَرٌ إحْدَاهَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حَالًّا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا ثُمَّ قَالَ الرَّاهِنُ أَقْبَضْته عَنْ الْمُؤَجَّلِ فَانْفَكَّ الرَّهْنُ فَلَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى الْأَدَاءِ عَنْ الْحَالِّ وَلَا تَخْيِيرَ لَهُ وَلِهَذَا لَوْ أَتَى بِالْأَلْفِ ابْتِدَاءً وَقَالَ خُذْهَا عَنْ الْمُؤَجَّلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 الْمُؤَدِّي حَتَّى يَبْرَأَ بِقَصْدِهِ الْوَفَاءَ، وَيَمْلِكُهُ الدَّائِنُ، وَإِنْ ظَنَّ الدَّائِنُ إيدَاعَهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ، وَكَمَا أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِقَصْدِهِ فَكَذَا الْخِيَرَةُ إلَيْهِ فِيهِ ابْتِدَاءً إلَّا فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ فَأَرَادَ الْأَدَاءَ عَنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ، وَالسَّيِّدُ الْأَدَاءَ عَنْ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ فَيُجَابُ السَّيِّدُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْكِتَابَةِ، وَتُفَارِقُ غَيْرَهَا مِمَّا ذُكِرَ بِأَنَّ دَيْنَ الْكِتَابَةِ فِيهَا مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ قَصْدُ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِلْجِهَةِ لِتَقْصِيرِ السَّيِّدِ بِعَدَمِ التَّعْيِينِ ابْتِدَاءً (بَلْ لَوْ دَفَعَ، وَلَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا) مِنْهُمَا (عَيَّنَهُ) أَيْ الْمَدْفُوعُ (لِمَا شَاءَ) مِنْهُمَا كَمَا فِي زَكَاةِ الْمَالَيْنِ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ دَفَعَ عَنْهُمَا فَسَقَطَ عَلَيْهِمَا أَيْ بِالسَّوِيَّةِ لَا بِالْقِسْطِ أَخْذًا مِمَّا رَجَّحَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا دَفَعَ، وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، وَقُلْنَا لَا يُرَاجَعُ بَلْ يَقَعُ عَنْهُمَا فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ قَامَ وَارِثُهُ مُقَامَهُ. كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ بِأَحَدِهِمَا كَفِيلٌ قَالَ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جَعَلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِذَا عَيَّنَ فَهَلْ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ أَوْ التَّعْيِينِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ (وَلَوْ تَبَايَعَ مُشْرِكَانِ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ، وَسَلَّمَ) مَنْ الْتَزَمَ الزِّيَادَةَ (دِرْهَمًا ثُمَّ أَسْلَمَا فَإِنْ قَصَدَ) بِتَسْلِيمِهِ (الزِّيَادَةَ لَزِمَ) هـ (الْأَصْلُ) ، وَكَانَ الْمَقْبُوضُ عَنْهَا فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ بِالْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ قَصَدَ الْأَصْلَ (بَرِئَ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ قَصَدَهُمَا، وَزَّعَ) عَلَيْهِمَا (وَسَقَطَ بَاقِي الزِّيَادَةِ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ) شَيْئًا (عَيَّنَهُ لِمَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَلَوْ سَلَّمَ) الْمَدْيُونَ (إلَى وَكِيلِ غَرِيمِهِ، وَأَطْلَقَ عَيَّنَهُ لِمَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَلَوْ أَمَرَ) هُوَ (هَذَا الْوَكِيلَ بِالتَّسْلِيمِ) أَيْ بِتَسْلِيمِهِ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ (إلَى أَحَدِهِمَا، وَعَيَّنَهُ صَارَ وَكِيلًا فِي الْأَدَاءِ لَهُ لَا لِمَنْ وَكَّلَهُ فِي الْقَبْضِ) مِنْهُ لِانْعِزَالِهِ عَنْ وَكَالَتِهِ بِالْقَبْضِ (فَلِلْمَدْيُونِ تَعْيِينُهُ لِلْآخَرِ مَا لَمْ يُقَبِّضْهُ) الْمُعَيَّنَ (الْأَوَّلَ) ، وَيَصِيرُ أَيْضًا وَكِيلًا لَهُ فَقَطْ فِيمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِمَا، وَلَهُ تَعْيِينُ أَحَدِهِمَا مَا لَمْ يُسَلِّمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (وَإِنْ تَلِفَ) الْمَقْبُوضُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ (تَلِفَ مَعَ وَكِيلِهِ فِي الْأَدَاءِ) فَيَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْمَدِينِ، وَالدَّيْنُ بَاقٍ عَلَيْهِ ثُمَّ إنْ لَمْ يُقَصِّرْ الْوَكِيلُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ لِلْمَدِينِ (وَإِنْ) أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ مِنْ أَحَدِ دَيْنَيْهِ عَلَيْهِ، وَبِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ مَثَلًا ثُمَّ (اخْتَلَفَا فَقَالَ) الْمَدِينُ (أَبْرَأْتنِي مِنْ دَيْنِ الرَّهْنِ فَقَالَ) الدَّائِنُ (بَلْ مِنْ الْحَالِيِّ) عَنْهُ (صُدِّقَ الْمُبْرِئُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ (فَصْلٌ) (وَلَوْ قَبَضَ) الْمُرْتَهِنُ (الْعَصِيرَ) الْمَرْهُونَ فِي ظَرْفٍ (أَوْ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ مَلْفُوفًا) بِثَوْبٍ (وَقَالَ قَبَضْته) أَيْ الْعَصِيرَ (خَمْرًا أَوْ وَفِيهِ فَأْرَةٌ) مَيِّتَةٌ (أَوْ) قَبَضْت (الْعَبْدَ مَيِّتًا) فَلِي فَسْخُ الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ رَهْنُ ذَلِكَ، وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ حَصَلَ تَخْمِيرُ الْعَصِيرِ أَوْ وُقُوعُ الْفَأْرَةِ فِيهِ أَوْ مَوْتُ الْعَبْدِ عِنْدَك (صُدِّقَ الرَّاهِنُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَكَذَا) يُصَدَّقُ (لَوْ قَالَ) الْمُرْتَهِنُ (رَهَنْته، وَهُوَ كَذَلِكَ) فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ، وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ حَصَلَ ذَلِكَ عِنْدَك فَهُوَ صَحِيحٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي هَذِهِ مَعَ ذِكْرِ مَسْأَلَتَيْ   [حاشية الرملي الكبير] حَتَّى يَفُكَّ الرَّهْنَ وَامْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يُجْبَرْ بَلْ لَهُ أَخْذُهُ عَنْ الْحَالِّ الثَّانِيَةُ لَوْ كَانَ الدَّيْنَانِ مُؤَجَّلَيْنِ وَأَجَلُ أَحَدِهِمَا أَطْوَلُ مِنْ الْآخَرِ فَقَالَ الدَّافِعُ قَصَدْت الْأَطْوَلَ لِيَنْفَكَّ الرَّهْنُ مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ لَا خِيرَةَ لَهُ فِي الدَّفْعِ إذْ هُوَ غَيْرُ وَاجِبِهِ الثَّالِثَةُ إذَا كَانَ دَيْنُ الرَّهْنِ مُسْتَقِرًّا وَالدَّيْنُ الَّذِي بِلَا رَهْنٍ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ كَالسَّلَمِ فَدَفَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَقَالَ قَصَدْت بِهِ دَيْنَ الرَّهْنِ لِيَنْفَكَّ وَلَمْ يُصَدِّقْ الْمُسَلِّمُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ الرَّابِعَةُ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ بِأَلْفٍ مُكَسَّرَةٍ وَلَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ مُنَجَّمٌ بِلَا رَهْنٍ فَدَفَعَ أَلْفًا صَحِيحَةً وَقَالَ قَصَدْت دَيْنَ الرَّهْنِ وَتَبَرَّعْت بِالزَّائِدِ لِيَنْفَكَّ الرَّهْنُ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ الْخَامِسَةُ لَوْ كَانَ دَيْنُ الرَّهْنِ يَسْتَحِقُّهُ وَدَيْنُ غَيْرِ الرَّهْنِ لِمَحْجُورِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ أَحَدُهُمَا لِلْوَكِيلِ وَالْآخَرُ لِلْمُوَكِّلِ وَبِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ فَادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ دَفَعَ عَنْ دَيْنِ الرَّهْنِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْآخِذُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الرَّاهِنِ. فَإِنَّ الْوَكِيلَ وَالْوَلِيَّ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ نِيَّتِهِ فِي أَخْذِهِ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمَحْجُورِ أَوْ لِنَفْسِهِ فَمِنْ هُنَا تَتَعَارَضُ نِيَّةُ الدَّافِعِ وَالْمَدْفُوعِ لَهُ نَعَمْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالْقَبْضُ فَاسِدٌ فَلْيَسْتَأْنِفَا قَبْضًا صَحِيحًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ وَكَيْفِيَّةِ أَدَائِهِ) وَلِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْهُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ بِالسَّوِيَّةِ لَا بِالْقِسْطِ إلَخْ) جَزَمَ الْإِمَامُ بِأَنَّ التَّقْسِيطَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنَيْنِ (قَوْلُهُ قَامَ وَارِثُهُ مُقَامَهُ) لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَيُورَثُ وَهَلْ يَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحَاكِمِ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ مَحْجُورِينَ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ بِأَحَدِهِمَا كَفِيلٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَعَ فِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفَانِ مَثَلًا أَحَدُهُمَا بِكَفِيلٍ فَدَفَعَ الْمَدِينُ أَلْفًا وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا ثُمَّ مَاتَ فَتَنَازَعَ الْكَفِيلُ وَالدَّائِنُ فَهَلْ يَرْجِعُ إلَى الْوَارِثِ أَوْ إلَى رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ الْكَفِيلِ أَوْ يَقْسِطُ عَلَيْهِمَا فَتَوَقَّفْت فِيهَا وَأَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِ الْعَصْرِ بِأَنَّ الْوَرَثَةَ تَقُومُ مُقَامَهُ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَهُ عَمَّا شَاءَ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ وَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جَعَلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَعْيِينِ الْوَارِثِ وَقْفَةً إذَا كَانَ الْمَيِّتُ مُفْلِسًا أَوْ مُوسِرًا وَلَا رُجُوعَ لِلضَّامِنِ لِمَا فِيهِ مِنْ شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِجَمِيعِ الْكَفَالَةِ مَعَ الشَّكِّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ يَقْسِطُ هُنَا وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِهِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا سِيَّمَا حَيْثُ لَا تَرِكَةَ وَمِنْ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي شَيْءٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَتِهِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ وَنَصِيبَ غَيْرِهِ فِي عَبْدٍ ثُمَّ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ فَهَلْ نَقُولُ النَّظَرُ إلَى قَصْدِ الدَّافِعِ وَعِنْدَ عَدَمِ قَصْدِهِ يَجْعَلُهُ عَمَّا شَاءَ أَوْ نَقُولُ هَذِهِ الصُّورَةُ الْقَبْضُ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَيَطْرُقُهَا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَعِنْدَ عَدَمِ الْقَصْدِ يَظْهَرُ إجْرَاءُ الْحَالِ عَلَى سَدَادِ الْقَبْضِ وَيُلْغَى الزَّائِدُ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ وَقَدْ سَأَلْت عَنْ ذَلِكَ فِي وَقْفٍ مِنْهُ حِصَّةٌ لِرَجُلٍ وَمِنْهُ حِصَّةٌ لِبِنْتِهِ الَّتِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَالنَّظَرُ فِي حِصَّتِهِ لَهُ وَفِي حِصَّةِ بِنْتِهِ لِلْحَاكِمِ وَقَبَضَ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ كَيْفَ يَعْمَلُ فِيهِ وَكَتَبْت مُقْتَضَى الْمَنْقُولِ وَمَا أَرْدَفْته بِهِ وَهُوَ حَسَنٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ وُجُودُ الْفَأْرَةِ فِي الْعَصِيرِ، وَمَوْتُ الْعَبْدِ عِنْدَ الرَّهْنِ فِيهِمَا، وَعِنْدَ الْقَبْضِ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ نَعَمْ ذَكَرَ الْأَصْلُ الْأَوْلَى بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ مُعَبِّرًا فِيهَا بِالْمَائِعِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْعَصِيرِ، وَالْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ (وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ إحْضَارُ الرَّهْنِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (قَبْلَ الْقَضَاءِ) لِلدَّيْنِ (وَلَا بَعْدَهُ بَلْ عَلَيْهِ التَّمْكِينُ) مِنْهُ (كَالْمُودَعِ، وَعَلَى الرَّاهِنِ مُؤْنَةُ إحْضَارِهِ) ، وَلَوْ (لِلْمَبِيعِ) فِي الدَّيْنِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ (وَلَوْ رَهَنَ مَعِيبًا، وَحَدَثَ) بِهِ (مَعَ الْمُرْتَهِنِ عَيْبٌ آخَرُ) أَوْ مَاتَ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ (لَمْ يَلْزَمْ) الرَّاهِنَ (الْأَرْشُ) لِيَكُونَ مَرْهُونًا (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ بَيْعٍ شَرَطَ فِيهِ رَهْنَهُ) كَمَا لَوْ جَرَى ذَلِكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَهَذِهِ ذَكَرَهَا كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا (وَإِنْ رَهَنَ عَبْدَيْنِ، وَسَلَّمَ أَحَدَهُمَا أَوْ مَاتَ أَوْ تَعَيَّبَ) فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ (وَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ خِيَارٌ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ) فِيهِ الرَّهْنُ (لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ عَلَى حَالِهِ) ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ (كِتَابُ التَّفْلِيسِ) هُوَ لُغَةً النِّدَاءُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَشَهْرُهُ بِصِفَةِ الْإِفْلَاسِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْفُلُوسِ الَّتِي هِيَ أَخَسُّ الْأَمْوَالِ وَشَرْعًا جَعْلُ الْحَاكِمِ الْمَدْيُونَ مُفْلِسًا، يَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ وَبَاعَ مَالَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ وَقَسَّمَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَأَصَابَهُمْ خَمْسَةَ أَسْبَاعِ حُقُوقِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ ثُمَّ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ وَقَالَ: لَعَلَّ اللَّهَ يُجْبِرُك وَيُؤَدِّي عَنْك دَيْنَك فَلَمْ يَزَلْ بِالْيَمَنِ حَتَّى تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (الْمُفْلِسُ) لُغَةً الْمُعْسِرُ، وَيُقَالُ مَنْ صَارَ مَالُهُ فُلُوسًا، وَ (شَرْعًا مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِنَقْصِ مَالِهِ عَنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِآدَمِيٍّ) بِخِلَافِ دَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَقْيِيدُهُ بِالْحَجْرِ وَبِدَيْنِ الْآدَمِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَجْرَ حُكْمٌ عَلَى الْمُفْلِسِ فَلَا يُؤْخَذُ قَيْدًا فِيهِ وَدَيْنُ اللَّهِ إنَّمَا لَمْ يَحْجِزْ بِهِ إذَا لَمْ يَكُ فَوْرِيًّا كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَكَفَّارَةٍ لَمْ يَعْصِ بِسَبَبِهَا (وَمَنْ مَاتَ هَكَذَا) أَيْ نَاقِصًا مَالُهُ عَنْ الدَّيْنِ (فَلَهُ حُكْمُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) بِالْفَلَسِ (فِي الرُّجُوعِ إلَى الْأَعْيَانِ) كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ لِخَبَرِ «أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ إذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ مَا لَمْ يَخْلُفُ وَفَاءً» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (بِخِلَافِ غَيْرِهِ) مِمَّنْ مَاتَ وَلَمْ يَنْقُصْ مَالُهُ عَنْ ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ لِتَيَسُّرِ أَخْذِ مُقَابِلِ الْعَيْنِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَلِمَفْهُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْإِفْلَاسِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْحَجْرِ، أَوْ الْمَوْتِ (وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ نَقَصَ مَالُهُ عَنْ ذَلِكَ (إلَّا الْحَاكِمُ) لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَأَمَّا أَصْلُ الْحَجْرِ فَلِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْغُرَمَاءِ فَقَدْ يَخُصُّ بَعْضَهُمْ بِالْوَفَاءِ فَيَضُرُّ الْبَاقِينَ وَقَدْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ فَيُضَيِّعُ حَقَّ الْجَمِيعِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَلْ يَكْفِي فِي لَفْظِ الْحَجْرِ مَنْعُ التَّصَرُّفِ أَوْ يُعْتَبَرُ أَنْ يَقُولَ حَجَرْت بِالْفَلَسِ إذْ مَنْعُ التَّصَرُّفِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ فَلَا يَقَعُ بِهِ الْحَجْرُ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْحَجْرُ إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُهُ قَالَ: وَقَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا فَلِلْقَاضِي الْحَجْرُ لَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ مَخْبَرٌ فِيهِ أَيْ بَلْ إنَّهُ جَائِزٌ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ قَبْلَ الْإِفْلَاسِ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْوَاجِبِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا تَعَذَّرَ الْبَيْعُ حَالًا، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي عَدَمُ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ بِلَا فَائِدَةٍ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ لَهُ فَوَائِدُ مِنْهَا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا عَسَاهُ يَحْدُثُ بِاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِ وَلَا يُحْجَرُ إلَّا (بِدَيْنٍ) لَازِمٍ (حَالٌّ زَائِدٌ عَلَى مَالِهِ) فَلَا حَجْرَ بِالْجَائِزِ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ طَلَبَ السَّيِّدُ الْحَجْرَ لِتَمَكُّنِ الْمَدِينِ مِنْ إسْقَاطِهِ وَلَا بِالْمُؤَجَّلِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ فِي ظَرْفٍ أَوْ مَلْفُوفًا بِثَوْبٍ] قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ إحْضَارُ الرَّهْنِ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَتَأَتَّ الْبَيْعُ إلَّا بِالْإِحْضَارِ وَلَمْ يَثِقْ الْمُرْتَهِنُ بِالرَّاهِنِ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ بَلْ يَبْعَثُ الْحَاكِمُ مُعْتَمَدًا لِيُحْضِرَهُ وَأُجْرَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ وَلَوْ قَالَ أُرِيدُ أَدَاءَ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَلْزَمَهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَ قَادِرًا وَإِذَا بِيعَ وَأَرَادَ الرَّاهِنُ أَدَاءً مِنْ غَيْرِ ثَمَنِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَرَادَ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ أَدَائِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ إذَا حَلَّ الدَّيْنُ لَا يَبِيعُهُ أَحَدٌ سِوَاهُ بَطَلَ الرَّهْنُ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إلَّا الْعَدْلُ أَوْ الْحَاكِمُ [كِتَابُ التَّفْلِيسِ] (كِتَابُ التَّفْلِيسِ) (قَوْلُهُ يَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ) فَإِنَّهُ يُمْتَنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَّا فِي شَيْءٍ تَافِهٍ (قَوْلُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَجْرَ حُكْمٌ عَلَى الْمُفْلِسِ فَلَا يُؤْخَذُ قَيْدًا فِيهِ) يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُفْلِسَ شَرْعًا: هُوَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْفَلَسِ فَمَدْلُولُهُ ذَاتٌ وَقَعَ عَلَيْهَا الْحَجْرُ فَلَا بُدَّ فِي تَحْقِيقِ مَاهِيَّتِه مِنْ ذِكْرِهِ وَقَدْ فَسَّرَهُ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمْ فَإِنَّهُ مَتَى لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فَتَصَرُّفَاتُهُ صَحِيحَةٌ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَدَيْنُ اللَّهِ إنَّمَا لَمْ يَحْجِزْ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فَوْرِيًّا إلَخْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَفْلَسَ) أَيْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ تَعْبِيرًا بِالسَّبَبِ عَنْ الْمُسَبَّبِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ إلَّا الْحَاكِمُ) شَمِلَ كَلَامُهُ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ (قَوْلُهُ فَلِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْغُرَمَاءِ فَقَدْ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَالُهُ مَرْهُونًا امْتَنَعَ الْحَجْرُ وَلَمْ أَرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَالِ رَقِيقٌ وَقُلْنَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا اهـ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ يَأْذَنُ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ، أَوْ يَفُكُّ الرَّهْنَ فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ نَعَمْ إنْ فَرَضَهُ مَرْهُونًا عِنْدَ كُلِّ الْغُرَمَاءِ اُتُّجِهَ بَعْضَ اتِّجَاهٍ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا فَإِنَّ بَعْضَ الْغُرَمَاءِ قَدْ يُبْرِئُ مِنْ دَيْنِهِ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يُبْرِئَ فَقَدْ تَكُونُ حِصَّتُهُ مِنْ الْمَرْهُونِ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِ فَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ عَنْهُ فَيَحْصُلُ الْمَحْذُورُ ع (قَوْلُهُ وَهَلْ يَكْفِي فِي لَفْظِ الْحَجْرِ مَنْعُ التَّصَرُّفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجْهَانِ) وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ وَنَحْوِهَا وَهَذَا كَانْعِقَادِ الْبَيْعِ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْحَجْرُ إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُهُ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ وَمَا إذَا كَانَ بِسُؤَالِ الْمُفْلِسِ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ فِي الثَّانِي، وَالْوُجُوبُ مَعْلُومٌ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا إذَا جَازَ وَجَبَ (قَوْلُهُ لِتَمَكُّنِ الْمَدِينِ مِنْ إسْقَاطِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحِقَ بِهِ دُيُونَ الْمُعَامَلَةِ لِلسَّيِّدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَسْقُطُ بِتَعْجِيزِهِ نَفْسِهِ كَالنُّجُومِ، وَفِيهِ اخْتِلَافُ تَرْجِيحٍ وَالْأَصَحُّ سُقُوطُهَا بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 وَالْمُسَاوِي لِمَالِهِ وَالنَّاقِصِ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُرَادُ بِمَالِهِ مَالُهُ الْعَيْنِيُّ الْمُتَمَكِّنُ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْهُ أَمَّا الْمَنَافِعُ وَمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْهُ كَمَغْصُوبٍ وَغَائِبٍ فَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِمَا زِيَادَةُ الدَّيْنِ عَلَيْهِمَا وَأَمَّا الدَّيْنُ فَيَظْهَرُ اعْتِبَارُهَا فِيهِ إنْ كَانَ حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ بِهِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَالْإِقْرَارِ الْبَيِّنَةُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَرْهُونًا فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا. وَالْفِقْهُ مَنَعَ الْحَجْرَ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ لَهُ فَوَائِدَ بِمِثْلِ مَا مَرَّ فَيَقَعُ الْحَجْرُ فِيهِ كَغَيْرِهِ (إنْ الْتَمَسَهُ الْغُرَمَاءُ) لِأَنَّهُ لَحِقَهُمْ وَهُمْ أَهْلُ رُشْدٍ (أَوْ) لَمْ يَلْتَمِسُوهُ لَكِنْ (كَانَ) الدَّيْنُ (لِغَيْرِ رَشِيدٍ) مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لِمَصْلَحَتِهِمْ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِمَسْجِدٍ أَوْ جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ (وَكَذَا لَوْ الْتَمَسَهُ الْمُفْلِسُ أَوْ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ إذَا لَمْ يَفِ مَالُهُ.) أَيْ الْمُفْلِسُ (بِدَيْنِ الْجَمِيعِ) وَإِنْ وَفَّى بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ غَرَضًا ظَاهِرًا قَالَ الرَّافِعِيُّ رُوِيَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مُعَاذٍ كَانَ بِطَلَبِهِ انْتَهَى وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ كَانَ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ اعْتِبَارِ دَيْنِ الْجَمِيعِ هُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَوَّاهُ وَاَلَّذِي فِيهَا كَأَصْلِهَا قَبْلَ ذَلِكَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ اعْتِبَارُ دَيْنِهِ فَقَطْ فَقَالَ: فَلَوْ الْتَمَسَهُ بَعْضُهُمْ وَدَيْنُهُ قَدْرٌ يُحْجَرُ بِهِ حَجَرَ، وَإِلَّا فَلَا. ثُمَّ لَا يَخْتَصُّ أَثَرُ الْحَجْرِ بِالْمُلْتَمِسِ بَلْ يَعُمُّهُمْ وَلَا يُحْجَرُ لِدَيْنِ الْغَائِبِينَ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي مَالَهُمْ فِي الذِّمَمِ. قَالَ الْفَارِقِيُّ: وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ ثِقَةً مَلِيًّا، وَإِلَّا لَزِمَ الْحَاكِمَ قَبْضُهُ قَطْعًا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ: وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ بِهِ رَهْنٌ يَقْبِضُهُ الْحَاكِمُ، وَلَوْ كَانَ الْمُفْلِسُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالشَّرْعِ كَصَبِيٍّ فَالْمُتَّجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ يُحْجَرُ فِي مَالِهِ عَلَى وَلِيِّهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ فَقَالَ: قَدْ يُقَالُ يَجُوزُ مَنْعًا لَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا عَسَاهُ يَحْدُثُ بِاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَالْقِيَاسِ إذْ مَا يَحْدُثُ لَهُ إنَّمَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ وَمَا جَازَ تَبَعًا لَا يَجُوزُ قَصْدًا (وَالْمُؤَجَّلُ لَا يُحْجَرُ بِهِ) إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِ فِي الْحَالِ وَقَدْ يَجِدُ مَا يَفِي بِهِ عِنْدَ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ وَكَذَا لَوْ حَلَّ بَعْضُهُ، وَكَانَ الْحَالُّ قَدْرًا لَا يُحْجَرُ بِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلَا يَحِلُّ) الْمُؤَجَّلُ (بِالْحَجْرِ وَالْجُنُونِ) لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ مَقْصُودٌ لِلْمَدْيُونِ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَمْنَعَا ابْتِدَاءَ الْأَجَلِ فَدَوَامُهُ أَوْلَى وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَصْحِيحٌ أَنَّهُ يَحِلُّ بِالْجُنُونِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ سَهْوٌ فَقَدْ صَحَّحَ فِي تَنْقِيحِهِ عَدَمَ الْحُلُولِ بِهِ، وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمَوْتِ أَوْ بِالرِّدَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ (وَيُبَاعُ مَالُ الْمُفْلِسِ) أَيْ يَبِيعُهُ الْقَاضِي بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ (وَلَوْ مَا اشْتَرَاهُ بِمُؤَجَّلٍ) لِخَبَرِ مُعَاذٍ السَّابِقِ (وَيُقَسَّمُ) ثَمَنُهُ (عَلَى أَصْحَابِ الْحَالِّ) بِنِسْبَةِ دُيُونِهِمْ (وَلَمْ) الْأَوْلَى وَلَا (يُدَّخَرْ) مِنْهُ (شَيْءٌ لِلْمُؤَجَّلِ وَلَا يُسْتَدَامُ لَهُ الْحَجْرُ) كَمَا لَا يُحْجَرُ بِهِ (فَلَوْ لَمْ يُقَسَّمْ حَتَّى حَلَّ) الْمُؤَجَّلُ (اُلْتُحِقَ بِالْحَالِّ، وَرَجَعَ) الْمَالِكُ (فِي الْعَيْنِ) إنْ لَمْ تُبَعْ (وَمَنْ سَاوَى دَيْنُهُ مَالَهُ) أَوْ نَقَصَ عَنْهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَلَوْ بِالْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَاةِ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا) بَلْ كَانَ يُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الطَّلَبِ وَالْوَفَاءِ. (فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى حَجْرِ الْمُفْلِسِ) وَأَنْ يُشَهِّرَ النِّدَاءَ عَلَيْهِ (لِتُحْذَرَ مُعَامَلَتُهُ، وَيُمْتَنَعُ) عَلَيْهِ (بِالْحَجْرِ كُلُّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ مُفَوِّتٍ فِي الْحَيَاةِ بِالْإِنْشَاءِ مُبْتَدَأٍ) كَمَا سَيَتَّضِحُ (فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ وَطَلَاقُهُ وَاسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ وَنَحْوَهُ) كَقَوَدٍ وَعَفْوٍ عَنْهُ (وَيَصِحُّ احْتِطَابُهُ وَاتِّهَابُهُ وَالشِّرَاءُ) وَالْبَيْعُ (فِي ذِمَّتِهِ) إذْ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بَلْ فِيهِ نَفْعُهُمْ قَالَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ: وَيَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ أَيْ كَالْمَرِيضِ وَالسَّفِيهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَالِيِّ وَشَمِلَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِمَالِهِ مَالُهُ الْعَيْنِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْمَنَافِعُ إلَخْ) بَلْ كَلَامُهُمْ فِي وُجُوبِ إجَارَةِ وَقْفَةٍ وَأُمِّ وَلَدِهِ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ الْمَنَافِعِ نَعَمْ لَا تُعْتَبَرْ مَنْفَعَةُ نَفْسِهِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَرْهُونًا إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ مَوْرُوثًا، وَعَلَى مُورَثِهِ دَيْنٌ، أَوْ جَانِيًا تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ لِغَيْرِ رَشِيدٍ إلَخْ) هَذَا إنْ كَانَ يَلِي أَمْرَهُمْ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ وَلِيٌّ خَاصٌّ فَبِسُؤَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ حَجَرَ الْحَاكِمُ، وَقَدْ ذَكَرُوا مِثْلَ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِمُفْلِسٍ، وَلَمْ يَطْلُبْهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ الْتَمَسَهُ الْمُفْلِسُ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَصُورَتُهُ أَنْ يَثْبُتَ الدَّيْنُ بِدَعْوَى الْغُرَمَاءِ وَالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي فَيَطْلُبُ الْمَدْيُونُ الْحَجْرَ دُونَ الْغُرَمَاءِ، وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ طَلَبُهُ، وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ الْغُرَمَاءُ فَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَخْرِيجُ الْحَجْرِ عَلَى الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ اهـ (قَوْلُهُ، وَفِي النِّهَايَةِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ (قَوْلُهُ اعْتِبَارُ دَيْنِهِ فَقَطْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأُمِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَجْهَهُ أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ بَابِ مَصْلَحَةِ الْحَاضِرِ بِفَكِّ الْحَجْرِ عَنْ مِلْكِهِ بِلَا سَبَبٍ لَا مِنْ حَيْثُ قَبْضُ دَيْنِ الْغَائِبِ كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَالْقِيَاسِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ رَأَيْته مَجْزُومًا بِهِ فِي شَرَائِطِ الْأَحْكَامِ لِابْنِ عَبْدَانَ فَقَالَ: الَّذِي يُوجِبُ الْحَجْرَ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ فَذَكَرَهَا إلَى أَنْ قَالَ: الْخَامِسُ: أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ وَلَا مَالَ لَهُ، وَيُخَافُ عَلَيْهِ إذَا اكْتَسَبَ مَالًا أَنْ يُتْلِفَهُ فَيَحْجُرُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ حَتَّى إذَا صَارَ فِي يَدِهِ مَالٌ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ وَكَانَ هُوَ مَمْنُوعًا مِنْ إتْلَافِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَمَا جَازَ تَبَعًا لَا يَجُوزُ قَصْدًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ وَيَنْبَغِي بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْحَجْرَ هَلْ هُوَ عَلَى مَالِهِ أَوْ نَفْسِهِ وَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ قُلْنَا عَلَى نَفْسِهِ اُتُّجِهَ بَحْثُ الرَّافِعِيِّ، وَإِلَّا فَلَا لَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مَالِهِ فَحَيْثُ لَا مَالَ لَا حَجْرَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ صَحَّحَ فِي تَنْقِيحِهِ عَدَمَ الْحُلُولِ بِهِ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ (قَوْلُهُ أَوْ بِالرِّدَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ) أَوْ الِاسْتِرْقَاقِ. [فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى حَجْرِ الْمُفْلِسِ] (قَوْلُهُ كَمَا يَتَّضِحُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ: وَيَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ إلَخْ) لَعَلَّهُمَا فَرَّعَاهُ عَلَى النُّفُوذِ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ عَدَمَ نُفُوذِهِ، وَعَلَيْهِ جَرَى الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) كَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِ مَا اسْتَظْهَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْوَجْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 كَلَامُهُمْ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ حَتَّى لَا يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَتَصِحُّ إجَازَتُهُ لِمَا فَعَلَ مُورِثُهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَنْفِيذٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَرَهْنُهُ وَكِتَابَتُهُ) وَنَحْوُهَا كَشِرَائِهِ بِالْعَيْنِ وَلَوْ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِالْأَعْيَانِ كَالرَّهْنِ وَلِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ عَلَى مُرَاغَمَةِ مَقْصُودِ الْحَجْرِ كَالسَّفِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ الشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ مَا لَوْ دَفَعَ لَهُ الْحَاكِمُ كُلَّ يَوْمٍ نَفَقَةً لَهُ وَلِعِيَالِهِ فَاشْتَرَى بِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ جَزْمًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ (وَيَصِحُّ تَدْبِيرُهُ وَوَصِيَّتُهُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ) لِتَعَلُّقِ التَّفْوِيتِ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ (وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ) مِنْ مُعَامَلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَكَإِقْرَارِ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ يَزْحَمُ غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ وَلِعَدَمِ التُّهْمَةِ الظَّاهِرَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِنْشَاءِ وَالْإِقْرَارِ أَنَّ مَقْصُودَ الْحَجْرِ مَنَعَ التَّصَرُّفَ فَأُلْغِيَ إنْشَاؤُهُ، وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ وَالْحَجْرُ لَا يَسْلُبُ الْعِبَارَةَ عَنْهُ (وَيَثْبُتُ) عَلَيْهِ الدَّيْنُ (بِنُكُولِهِ) عَنْ الْحَلِفِ (مَعَ حَلِفِ الْمُدَّعِي) كَإِقْرَارِهِ (فَإِذَا عَزَاهُ) أَيْ الدَّيْنَ الْمَقَرَّ بِهِ أَيْ أَسْنَدَهُ (إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ) وَلَوْ مُعَامَلَةً (أَوْ إلَى إتْلَافٍ) وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ (زُوحِمَ بِهِ الْغُرَمَاءُ) لَا إنْ أَسْنَدَهُ إلَى مُعَامَلَةٍ بَعْدَ الْحَجْرِ لِتَقْصِيرٍ مِنْ مُعَامَلَةٍ وَ (لَا إنْ أَطْلَقَ) الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ بِأَنْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى مُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ أَوْ أَسْنَدَهُ إلَى مُعَامَلَةٍ وَلَمْ يُسْنِدْهُ إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ، وَلَا إلَى مَا بَعْدَهُ (وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ) فَلَا يُزَاحِمُ بِهِ الْغُرَمَاءُ بَلْ يَنْزِلُ الْإِقْرَارُ بِهِ عَلَى أَقَلِّ الْمَرَاتِبِ وَهُوَ مَا بَعْدَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ فَيَبْطُلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ عَنْ مُعَامَلَةٍ بَعْدِ الْحَجْرِ أَمَّا إذَا لَمْ تَتَعَذَّرْ مُرَاجَعَتُهُ فَيُرَاجَعُ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ إلَى آخِرِهِ أَيْ فَيُزَاحِمُ بِهِ الْغُرَمَاءُ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِتَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ، وَصَوَابُهُ مَا بَعْدَ الْحَجْرِ كَمَا تَقَرَّرَ. (وَإِذَا أَقَرَّ بِعَيْنٍ) كَقَوْلِهِ غَصَبْتهَا أَوْ اسْتَعَرْتهَا أَوْ اسْتَوْدَعْتهَا (سُلِّمَتْ لِصَاحِبِهَا) لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِهَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ إتْلَافٍ أَوْ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ، وَأَسْنَدَهُ إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ فَلَوْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ يَمِينَ الْمُقِرِّ لَهُ حَلَفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ فِيمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ كَذَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَقَرَّهُ (وَلَوْ اتَّهَبَ مَالًا أَوْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ دَخَلَ فِي الْحَجْرِ وَقُسِّمَ فِي الْغُرَمَاءِ) أَيْ بَيْنَهُمْ فَيَتَعَدَّى الْحَجْرُ إلَى أَمْوَالِهِ الْحَادِثَةِ بَعْدَهُ لِعُمُومِ مَقْصُودِهِ وَهُوَ الْوَفَاءُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ تَعَدِّيهِ إذَا كَانَ مِلْكُهُ مُسْتَقِرًّا أَمَّا لَوْ وَهَبَ لَهُ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَقَبِلَ وَقَبَضَ الْمَوْهُوبُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ تَعَلُّقٌ بِهِ وَكَذَا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ فِيمَا لَوْ أَصَدَقَتْ الْمَحْجُورَةُ إيَّاهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَدِّي الْحَجْرِ إلَى الْحَادِثِ، وَلَوْ زَادَ مَالُهُ بِهِ عَلَى الدُّيُونِ فَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى النَّقْصِ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. (وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ الْبَيْعِ (إنْ جَهِلَ) الْإِفْلَاسَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ لِتَقْصِيرِهِ (وَإِنْ جَنَى) جِنَايَةً تُوجِبُ وَلَوْ بِالْعَفْوِ مَالًا (وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ ضُورِبَ) أَيْ ضَارَبَ مُسْتَحِقُّ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (بِالْأَرْشِ) إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ فَيَبْعُدُ تَكْلِيفُهُ الِانْتِظَارَ (كَدَيْنٍ حَادِثٍ تَقَدَّمَ مُوجِبُهُ) عَلَى الْحَجْرِ كَانْهِدَامِ مَا آجَرَهُ الْمُفْلِسُ وَقَبَضَ أُجْرَتَهُ وَأَتْلَفَهَا سَوَاءٌ أَحْدَثَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَمْ بَعْدَهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ: وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ زِيَادَةُ إيضَاحٍ (وَمُؤْنَةُ الْمَالِ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ وَالْحَمَّالِ) وَكَذَا الْبَيْتُ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ (مُقَدِّمَةٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِأَنَّهَا لِمَصْلَحَةِ الْحَجْرِ هَذَا (إنْ عَدِمَ مُتَبَرِّعٌ) بِهَا (وَلَمْ يَتَّسِعْ بَيْتُ الْمَالِ) وَإِلَّا فَلَا يُصْرَفُ إلَيْهَا مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ شَيْءٌ (وَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ إنْ كَانَ) فِيهِ (غِبْطَةٌ) وَلَيْسَ كَمَا لَوْ بَاعَ بِهَا لِأَنَّ الْفَسْخَ لَيْسَ تَصَرُّفًا مُبْتَدَأً فَيُمْنَعُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ الَّذِي لَمْ يَشْمَلْهُ الْحَجْرُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ رَدِّهِ حِينَئِذٍ دُونَ لُزُومِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالدَّارِمِيُّ؛ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتٌ لِحَاصِلٍ وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ مِنْ الِاكْتِسَابِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى فِي صِحَّتِهِ شَيْئًا ثُمَّ مَرِضَ وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ، وَالْغِبْطَةُ فِي رَدِّهِ، وَلَمْ يَرُدَّ حَسَبَ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ الثُّلُثِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ تَفْوِيتٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَاشْتَرَى بِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ جَزْمًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ بَاعَهُمْ مُتَّهَمٌ بِدَيْنِهِمْ (قَوْلُهُ: وَوَصِيَّتُهُ) وَتَصَرُّفُهُ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ التَّفْوِيتِ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ) ثُمَّ إنْ فَضَلَ الْمَالُ بَعْدَ دُيُونِهِ نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا يَنْفُذُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُعَامَلَةً) أَيْ وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ وَإِنْ تَأَخَّرَ لُزُومُهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: زُوحِمَ بِهِ الْغُرَمَاءُ) كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَكَإِقْرَارِ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ يُزَاحَمُ بِهِ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ وَلِضَعْفِ التُّهْمَةِ؛ إذْ الضَّرَرُ فِي حَقِّهِ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا بَعْدَ الْحَجْرِ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ، وَدَيْنُ الْمُعَامَلَةِ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِتَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ فِيمَا قَبْلَ الْحَجْرِ) عِبَارَتُهَا بِخَطِّهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ، وَلَمْ يَنْسُبْهُ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ التَّنْزِيلُ عَلَى الْأَقَلِّ وَجَعْلُهُ كَإِسْنَادِهِ إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ. (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ غَصَبْتهَا إلَخْ) أَوْ سَرَقْتهَا (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ إتْلَافٍ أَوْ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ إلَخْ) مَتَى قَبِلَ إقْرَارَهُ فَطَلَبَ الْغُرَمَاءُ تَحْلِيفَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الْأَصَحِّ؛ إذْ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَقَرَّهُ) الْأَصَحُّ أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ تَحْلِيفُهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُمْ فِيمَا إذَا أَقَرَّ لَهُ الْمُفْلِسُ بِعَيْنٍ، وَقُلْنَا بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهَا (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ) أَيْ أَوْ وَرِثَهُ (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ أَصَدَقَتْ الْمَحْجُورَةُ أَبَاهَا) أَوْ أَوْصَى لَهَا بِهِ أَوْ وَرِثَتْهُ (قَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اُشْتُهِرَ إلَخْ) الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ الْإِفْلَاسَ) فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ لَمْ يُزَاحِمْ الْغُرَمَاءَ بِالثَّمَنِ فَقَدْ قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ فَإِنْ قُلْنَا لَا خِيَارَ لَهُ أَوْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَمْ يَفْسَخْ فَفِي مُضَارَبَتِهِ بِالثَّمَنِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا اهـ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلِبَائِعِهِ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ فَإِنْ عَلِمَ أَوْ أَجَازَ لَمْ يُزَاحِمْ الْغُرَمَاءَ بِالثَّمَنِ لِحُدُوثِهِ بِرِضَاهُ اهـ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُضَارِبْ بِحَالٍ بَلْ يَرْجِعُ فِي الْعَيْنِ إنْ جَهِلَ قَالَ شَيْخُنَا: وَوَقَعَ لِلشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ رَدِّهِ حِينَئِذٍ دُونَ لُزُومِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 وَقَضِيَّتُهُ لُزُومِ الرَّدِّ هُنَا وَفَرَّقَ بِأَنَّ حَجْرَ الْمَرَضِ أَقْوَى بِدَلِيلِ أَنَّ إذْنَ الْوَرَثَةِ فِي تَصَرُّفِ الْمَرِيضِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا وَإِذْنُ الْغُرَمَاءِ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْمُفْلِسُ يُفِيدُهُ الصِّحَّةَ، وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الضَّرَرَ اللَّاحِقَ لِلْغُرَمَاءِ بِتَرْكِ الرَّدِّ قَدْ يُجْبَرُ بِالْكَسْبِ بَعْدُ بِخِلَافِ الضَّرَرِ اللَّاحِقِ لِلْوَرَثَةِ بِذَلِكَ، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِرَدِّ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْحَجْرِ وَمَا اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَهُ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ لِقُصُورِهِ عَلَى الْأُولَى أَمَّا إذَا كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الْإِبْقَاءِ فَلَا رَدَّ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ بِلَا غَرَضٍ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ غِبْطَةً أَصْلًا لَا فِي الرَّدِّ وَلَا فِي الْإِبْقَاءِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِيهَا مُتَدَافِعٌ (فَإِنْ حَدَثَ) بِالْمَبِيعِ (عَيْبٌ آخَرُ) عِنْدَ الْمُفْلِسِ (اُمْتُنِعَ الرَّدُّ) الْقَهْرِيُّ (وَوَجَبَ) لَهُ (الْأَرْشُ) لِمَا مَرَّ فِي خِيَارِ النَّقْصِ (وَلَمْ يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ) لِلتَّفْوِيتِ (وَلَهُ الْفَسْخُ بِالْخِيَارِ وَالْإِجَازَةِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْغِبْطَةِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ تَصَرُّفًا مُبْتَدَأً. (فَصْلٌ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ لَا يَحْلِفُونَ إنْ نَكَلَ الْوَارِثُ) عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ أَوْ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ أَوْ مَعَ الشَّاهِدِ؛ إذْ لَيْسَ لَهُمْ إثْبَاتُ حَقِّ غَيْرِهِمْ لِمَصْلَحَتِهِمْ بَلْ إذَا ثَبَتَ تَعَلُّقُ حَقِّهِمْ بِهِ (وَكَذَا غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ) لَا يَحْلِفُونَ إنْ نَكَلَ عَمَّا ذُكِرَ لِذَلِكَ، وَكَلَامُهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ ابْتِدَاءُ الدَّعْوَى؛ إذْ تَرَكَهَا الْوَارِثُ أَوْ الْمُفْلِسُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (فَصْلٌ وَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْحَالِّ) وَلَوْ ذِمِّيًّا (مَنْعُ) الْمَدْيُونِ (الْمُوسِرِ بِالطَّلَبِ مِنْ السَّفَرِ) الْمَخُوفِ وَغَيْرِهِ بِأَنْ يُشْغِلَهُ عَنْهُ بِرَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ وَمُطَالَبَتِهِ (حَتَّى يُوفِيَهُ) دَيْنَهُ؛ لِأَنَّ أَدَاءَهُ فَرْضُ عَيْنٍ بِخِلَافِ السَّفَرِ نَعَمْ إنْ اسْتَنَابَ مَنْ يُؤَدِّيهِ مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمُوسِرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا صَاحِبِ الْمُؤَجَّلِ) فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ (وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ مَخُوفًا) كَجِهَادٍ أَوْ الْأَجَلُ قَرِيبًا؛ إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِ فِي الْحَالِّ (وَلَا يُكَلَّفُ) مَنْ عَلَيْهِ الْمُؤَجَّلُ (رَهْنًا وَ) لَا (كَفِيلًا وَلَا إشْهَادًا) لِأَنَّ صَاحِبَهُ هُوَ الْمُضَيَّعُ لِحَظِّ نَفْسِهِ حَيْثُ رَضِيَ بِالتَّأْجِيلِ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ وَكَفِيلٍ وَإِشْهَادٍ (وَلَهُ السَّفَرُ صُحْبَتَهُ) لِيُطَالِبَهُ عِنْدَ حُلُولِهِ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يُلَازِمَهُ) مُلَازَمَةَ الرَّقِيبِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِهِ. (فَصْلٌ يَحْرُمُ حَبْسُ مَنْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ وَمُلَازَمَتُهُ وَيَجِبُ إنْظَارُهُ) حَتَّى يُوسِرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَثْبُتْ إعْسَارُهُ يَجُوزُ حَبْسُهُ وَمُلَازَمَتُهُ إلَى أَنْ يَثْبُتَ إعْسَارُهُ (وَعَلَى الْمُوسِرِ الْأَدَاءُ) لِلدَّيْنِ الْحَالِّ فَوْرًا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (إنْ طُولِبَ) بِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» إذْ لَا يُقَالُ   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ شَيْئًا) قَطْعًا (قَوْلُهُ: يُفِيدُ الصِّحَّةَ) أَيْ عَلَى رَأْيٍ أَوْ انْضَمَّ إلَى إذْنِهِمْ إذْنُ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَمَا اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُتَّجَهُ التَّسْوِيَةُ وَابْنُ النَّقِيبِ بَلْ الرَّدُّ فِيهِ أَوْلَى وَلَعَلَّ سُكُوتَهُمْ عَنْهُ لِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا: وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الرَّدِّ لِتَلَفِ حَقِّهِمْ بِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْحَجْرِ أَنَّ الرَّدَّ هُنَاكَ يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ الثَّمَنِ لِلْغُرَمَاءِ، وَهُنَا يَفُوتُ عَلَيْهِمْ مَجَّانًا، وَقَوْلُهُمْ: إنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الرَّدِّ قَدْ يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْغِبْطَةَ لِلْمُفْلِسِ وَحْدَهُ فس خَرَجَ بِقَوْلِهِمْ إنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الرَّدِّ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ عَالِمٍ بِحَجْرِهِ أَوْ جَاهِلٍ بِهِ وَأَجَازَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَإِنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ لِتَلَفِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ مَعَ عَدَمِ مُزَاحَمَةِ بَائِعِهِ لَهُمْ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ) أَيْ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ وَالْحَاوِي وَقَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يُرَدُّ أَيْضًا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ تَكُنْ غِبْطَةً أَصْلًا إلَخْ) بِأَنْ كَانَ مَعِيبًا أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِيهِ مُتَدَافِعٌ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَنْقُولُ فِي نَظِيرِهِ وَهُوَ الرَّدُّ بِالْخِيَارِ تَفْرِيعًا عَلَى اعْتِبَارِ الْغِبْطَةِ فِيهِ الْجَوَازُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ قَالَ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ عَلَى الْمَبِيعِ دُونَ زَمَنِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْفَسْخُ بِالْخِيَارِ وَالْإِجَازَةِ مُطْلَقًا) قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مُزَلْزَلٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ يَضْعُفُ التَّعَلُّقُ بِهِ. [فَصْلٌ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ لَا يَحْلِفُونَ إنْ نَكَلَ الْوَارِثُ] (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ ابْتِدَاءُ الدَّعْوَى إذَا تَرَكَهَا الْوَارِثُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا أَحَالَ بِدَيْنِهِ عَلَى إنْسَانٍ وَمَاتَ الْمُحِيلُ بِلَا وَارِثٍ فَادَّعَى الْمُحْتَالُ، أَوْ وَارِثُهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى وَارِثِهِ بِالدَّيْنِ الْمُحَالِ فِيهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَيْنَ الْمُحِيلِ، وَلَمْ يَكُنْ بِهِ إلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ، فَهَلْ لِلْمُحْتَالِ الْحَلِفُ مَعَهُ أَمْ هُوَ كَمَسْأَلَةِ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ أَوْ الْمُفْلِسِ لَمْ أَجِدْ فِيهِ نَقْلًا صَرِيحًا لَكِنْ فِي أَوَائِلِ فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ رَجُلٌ اشْتَرَى سَهْمًا شَائِعًا مِنْ مِلْكٍ وَغَابَ الْبَائِعُ فَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمِلْكَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَزَلْ مِلْكَ أَبِي الْبَائِعِ إلَى أَنْ مَاتَ وَخَلَفَهُ لِوَرَثَتِهِ وَأَثْبَتَ حَصْرَهُمْ وَأَنَّ الْبَائِعَ يَخُصُّهُ مِنْ الْمِلْكِ الْقَدْرُ الْمَبِيعُ فَادَّعَى أَخُو الْبَائِعِ أَنَّ أَبَاهُ وَهَبَهُ ذَلِكَ الْمِلْكَ جَمِيعَهُ هِبَةً صَحِيحَةً مَقْبُوضَةً وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ أَنَّ الْأَبَ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فِي ذَلِكَ وَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ أَمْ لَا فَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْهُ فِي ذَلِكَ، وَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّهُ يَدَّعِي مِلْكًا لِغَيْرِهِ مُنْتَقِلًا مِنْهُ إلَيْهِ فَهُوَ كَالْوَارِثِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ مِلْكٍ لِمُورَثِهِ اهـ وَقَوْلُهُ فَهَلْ لِلْمُحْتَالِ الْحَلِفُ مَعَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ. [فَصْلٌ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْحَالِّ مَنْعُ الْمَدْيُونِ الْمُوسِرِ بِالطَّلَبِ مِنْ السَّفَرِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: وَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْحَالِّ مَنْعُ الْمُوسِرِ إلَخْ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ السَّفَرُ إلَّا بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ مُلَازَمَةُ الرَّقِيبِ) أَيْ الْحَافِظِ. [فَصْلٌ يَحْرُمُ حَبْسُ مَنْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ وَمُلَازَمَتُهُ] (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُوسِرِ الْأَدَاءُ إنْ طُولِبَ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إذَا كَانَ عَلَى الْمَحْجُورِ دَيْنٌ وَجَبَ عَلَى الْوَلِيِّ قَضَاؤُهُ إنْ ثَبَتَ وَطَالَبَهُ بِهِ صَاحِبُهُ فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ، وَكَانَ مَالُ الْمَحْجُورِ نَاضًّا أَلْزَمَهُ الْوَلِيُّ قَبْضَ دَيْنِهِ أَوْ الْإِبْرَاءَ مِنْهُ خَوْفَ تَلَفِهِ، وَإِنْ كَانَ عَقَارًا تَرَكَهُ إلَى خِيرَتِهِ فِي الطَّلَبِ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ مَالُهُ مَنْقُولًا، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُهُ بِالنَّاضِّ ثُمَّ مَحَلُّ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا كَانَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ رَشِيدًا فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ حُرِّمَ التَّأْخِيرُ، وَقَالَ الْأَصْحَابُ فِي الْجَنَائِزِ: تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إلَى وَفَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ تَبْرِئَةً لِذِمَّتِهِ وَخَوْفًا مِنْ تَلَفِ مَالِهِ وَيُتَّجَهُ تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ مُكَلَّفًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَانَ عَلَى خِيرَةِ مَالِكِهِ اهـ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ الصَّبِيَّ تَشْتَغِلُ ذِمَّتُهُ كَمَا تَشْتَغِلُ ذِمَّةُ الْبَالِغِ، وَصَرَّحَ الشَّيْخُ نَصْرٌ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْغُسْلِ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لِكَثْرَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 مَطْلُهُ إلَّا إذَا طَالَبَهُ فَدَافَعَهُ (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ أَدَائِهِ (أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ) وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَفِي مَنْعِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (بَاعَ الْحَاكِمُ) عَلَيْهِ (مَالَهُ) إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (أَوْ أَكْرَهَهُ بِالتَّعْزِيرِ) أَيْ مَعَ التَّعْزِيرِ بِحَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى الْبَيْعِ) وَوَفَّى الدَّيْنَ وَالْمُرَادُ بَيْعُ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ لَا بَيْعُ جَمِيعِهِ مُطْلَقًا أَمَّا إذَا لَمْ يُطَالَبْ بِهِ فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُ الدَّيْنِ مَعْصِيَةً، وَلَا يُنَافِيهِ الْوُجُوبُ فِي هَذِهِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْوُجُوبِ لِلْحُلُولِ وَالتَّخْيِيرِ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِكْرَاهِ قَالَ السُّبْكِيُّ: يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي حَقَّهُ بِغَيْرِ تَعْيِينٍ فَلَوْ عَيَّنَ طَرِيقًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِلْحَاكِمِ فِعْلُ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُ بِسُؤَالِهِ، وَكَلَامُ الْقَفَّالِ الْكَبِيرِ يُشْعِرُ بِهِ. (وَلَوْ الْتَمَسَ غَرِيمُ الْمُمْتَنِعِ) مِنْ الْأَدَاءِ (الْحَجْرَ عَلَيْهِ) فِي مَالِهِ (أُجِيبُ لِئَلَّا يُتْلَفَ مَالُهُ) وَلِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ أَنَّهُ قَالَ أَلَا إنَّ الْأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ بِأَنْ يُقَالَ سَبَقَ الْحَاجُّ فَادَّانَ مُعْرِضًا أَيْ عَنْ الْوَفَاءِ فَأَصْبَحَ وَقَدْ دِينَ بِهِ أَيْ غَلَبَ عَلَيْهِ فَمَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَحْضُرْ غَدًا فَإِنَّا بَايَعُوا مَالَهُ وَقَاسَمُوهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ ثُمَّ إيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ، وَآخِرُهُ حَرْبٌ، وَلَيْسَ هَذَا الْحَجْرُ حَجْرَ فَلَسٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةُ الدَّيْنِ عَلَى مَالِهِ (فَإِنْ أَخْفَاهُ) بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي نُسْخَةٍ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ مَعْلُومٌ) أَيْ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَطَلَبَ غَرِيمُهُ حَبْسَهُ (حُبِسَ) حُجِرَ عَلَيْهِ أَوَّلًا (حَتَّى يُظْهِرَهُ) لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِتَوْفِيَةِ الْحَقِّ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ وَفِي الْبَيْهَقِيّ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَبَسَ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ فِي قِيمَةِ الْبَاقِي» وَفِي الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا وَأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ أَيْ مَطْلُ الْقَادِرِ، وَيُحِلُّ ذَمَّهُ وَتَعْزِيرَهُ وَحَبْسَهُ» (فَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ) بِالْحَبْسِ (وَرَأَى) الْحَاكِمُ (ضَرْبَهُ) أَوْ غَيْرَهُ (فَعَلَ) ذَلِكَ وَإِنْ زَادَ مَجْمُوعُهُ عَلَى الْحَدِّ وَلَا يُعَزِّرْهُ ثَانِيًا حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ الْأَوَّلِ وَقَدْ يُقَالُ فِي تَعَيُّنِ الْحَبْسِ أَوَّلًا نَظَرٌ بَلْ الْقِيَاسُ خِلَافُهُ كَسَائِرِ التَّعَازِيرِ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَاكَ فِي تَعْزِيرٍ لِمَحْضِ التَّأْدِيبِ لَا فِي تَعْزِيرٍ لِتَوْفِيَةِ حَقٍّ امْتَنَعَ مَنْ عَلَيْهِ مِنْ أَدَائِهِ فَيَتَعَيَّنُ مَا عَيَّنَهُ وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا مَرَّ عَنْ السُّبْكِيّ وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ لَهُ غَيْرَ الْحَبْسِ تَعَيَّنَ فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَ مَالِهِ، وَأَنَّهُ مُعْسِرٌ طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ (فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِتَلَفِهِ قُبِلَتْ) وَلَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَهَا (وَكَذَا) تُقْبَلُ إنْ أَقَامَهَا وَلَوْ فِي الْحَالِّ (بِإِعْسَارِهِ) وَوَقَعَتْ الشَّهَادَةُ بِهِ (مِنْ خَبِيرٍ بِبَاطِنِهِ) بِطُولِ الْجِوَارِ وَكَثْرَةِ الْمُخَالَطَةِ فَإِنَّ الْأَمْوَالَ تَخْفَى وَإِنَّمَا سُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالنَّفْيِ لِلْحَاجَةِ كَشَهَادَةِ أَنْ لَا وَارِثَ وَغَيْرَهُ (وَيُعْتَمَدُ قَوْلُهُ) أَيْ الشَّاهِدِ بِإِعْسَارِهِ (أَنَّهُ خَبِيرٌ) بِبَاطِنِهِ وَإِنْ عَرَفَهُ الْحَاكِمُ كَفَى. (وَإِنْ ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِعْسَارَ فَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ) كَشِرَاءٍ وَقَرْضٍ (فَهُوَ كَدَعْوَى هَلَاكِهِ) فَيُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمُعَامَلَةُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ (فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) سَوَاءٌ أَلْزَمَهُ بِاخْتِيَارِهِ كَضَمَانٍ وَصَدَاقٍ أَمْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَغَرَامَةِ مُتْلَفٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ وَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ قَالَ فِي الْبَيَانِ: لَا يَحْلِفُهُ ثَانِيًا لِثُبُوتِ إعْسَارِهِ بِالْيَمِينِ الْأُولَى، وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ فَكَالْحَجْرِ فَلَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ ادَّعَى الْإِعْسَارَ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِذَهَابِ مَالِهِ. (فَرْعٌ يَثْبُتُ الْإِعْسَارُ بِشَاهِدَيْنِ) يَشْهَدَانِ (أَنَّهُ مُعْسِرٌ لَا يَمْلِكُ إلَّا قُوتَ يَوْمِهِ وَثِيَابَ بَدَنِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَالِكًا لِغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ مُعْسِرٌ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ وَلِأَنَّ قُوتَ يَوْمِهِ قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْكَسْبِ، وَثِيَابُ بَدَنِهِ قَدْ تَزِيدُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ فَيَصِيرُ مُوسِرًا بِذَلِكَ فَالطَّرِيقُ   [حاشية الرملي الكبير] فَلْيَتَحَمَّلْ عَنْ الْمَيِّتِ الْوَارِثُ أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمَالُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ تَرْتَبِطُ بِمَالِهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي آخِرِ بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَرَمُهُمْ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِامْتِنَاعِ تَصَرُّفِهِ فِيمَا لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَبِيعُ جَمِيعَهُ مُطْلَقًا) أَيْ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ رَاغِبًا فِي شِرَاءِ الْبَعْضِ فَيَبِيعَ الْكُلَّ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْقَفَّالِ الْكَبِيرِ يُشْعِرُ) بِهِ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ حَقَّ الْمُدَّعِي فِي تَخْلِيصِ حَقِّهِ لَا فِي طَرِيقٍ بِعَيْنِهِ فَالْحَقُّ أَنَّ الْخِيَرَةَ فِي ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ وَلَوْ عَيَّنَ الْمُدَّعِي طَرِيقًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ ع وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ: كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ زِيَادَةُ الدَّيْنِ عَلَى مَالِهِ) شَمِلَ مَا لَوْ زَادَ مَالُهُ عَلَى دَيْنِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَجْرِ إفْلَاسٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْعِنَادِ وَالْمُمَانَعَةِ، وَقَصْدُهُ الْإِضْرَارُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَ مَالِهِ وَأَنَّهُ مُعْسِرٌ طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ) لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ تَلَفَهُ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: مِنْ خَبِيرٍ بِبَاطِنِهِ) قَالَ الْإِمَامُ: قَالَ الْأَئِمَّةُ: تُعْتَبَرُ الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ فِي ثَلَاثِ شَهَادَاتٍ: الشَّهَادَةُ عَلَى أَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْعَدَالَةِ وَالْإِعْسَارِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا وَقَعَتْ بِهِ الْمُعَامَلَةُ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِ مَا يَبْقَى أَمَّا مَا لَا يَبْقَى كَاللَّحْمِ وَنَحْوِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ) أَيْ وَلَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ (قَوْلُهُ: كَضَمَانٍ وَصَدَاقٍ) أَيْ وَأُجْرَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْبَيَانِ إلَخْ) وَارْتَضَاهُ ابْنُ عُجَيْلٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِذَهَابِ مَالِهِ) أَوْ بِالْوَجْهِ الَّذِي صَارَ بِهِ مُفْلِسًا، وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَهَابَ مَالِهِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَهَابَ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْلَمُ ذَهَابَهُ لَكِنْ يَعْلَمُ ذَهَابَ مَالِهِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ. [فَرْعٌ يَثْبُتُ الْإِعْسَارُ بِشَاهِدَيْنِ] (قَوْلُهُ يَثْبُتُ الْإِعْسَارُ بِشَاهِدَيْنِ إلَخْ) لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي إعْسَارَهُ جَازَ الْحُكْمُ بِهِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: أَبْرِئْنِي فَإِنِّي مُعْسِرٌ فَأَبْرَأَهُ ثُمَّ بَانَ يَسَارُهُ بَرِئَ، وَلَوْ قُيِّدَ الْإِبْرَاءُ بِعَدَمِ ظُهُورِ الْمَالِ لَمْ يَبْرَأْ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ إلَخْ) أَوْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ جَاحِدٍ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى إثْبَاتِهِ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ أَوْ آبِقٌ، وَحَصِيرٌ وَلِبَدٌ قَلِيلَا الْقِيمَةِ أَوْ مَغْصُوبٌ (قَوْلُهُ فَالطَّرِيقُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 أَنْ يَشْهَدَا أَنَّهُ مُعْسِرٌ عَاجِزٌ الْعَجْزَ الشَّرْعِيَّ عَنْ وَفَاءِ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ أَوْ مَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ انْتَهَى وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُمْ بِشَاهِدَيْنِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَلَا شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ثَلَاثَةٌ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «لِمَنْ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ جَائِحَةً أَصَابَتْ مَالَهُ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الِاحْتِيَاطِ (وَلَا يَقْتَصِرَانِ) فِي شَهَادَتِهِمَا بِالْإِعْسَارِ (عَلَى أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ) حَتَّى لَا تَتَمَحَّضَ شَهَادَتُهُمَا نَفْيًا (وَيَجِبُ) مَعَ الْبَيِّنَةِ (تَحْلِيفُهُ) عَلَى إعْسَارِهِ (بِاسْتِدْعَاءِ الْخَصْمِ) أَيْ طَلَبِهِ لِجَوَازِ اعْتِمَادِ الشَّاهِدَيْنِ الظَّاهِرَ فَإِنْ لَمْ يُسْتَدْعَ الْخَصْمُ لَمْ يَحْلِفْ كَيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَلَهُ تَحْلِيفُ الْغُرَمَاءِ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ إعْسَارَهُ) إذَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِمْ (فَإِنْ نَكَلُوا) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ وَثَبَتَ إعْسَارُهُ وَإِنْ حَلَفُوا حُبِسَ وَإِنْ ادَّعَى ثَانِيًا وَثَالِثًا) وَهَكَذَا (أَنَّهُ بَانَ لَهُمْ إعْسَارُهُ حَلَفُوا حَتَّى يَظْهَرَ) لِلْحَاكِمِ (أَنَّ قَصْدَهُ الْإِيذَاءُ) وَعَكْسُهُ لَوْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ فَادَّعَوْا بَعْدَ أَيَّامٍ أَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا وَبَيَّنُوا الْجِهَةَ الَّتِي اسْتَفَادَ مِنْهَا فَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ قَصْدُ الْإِيذَاءِ، وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِقَبُولِ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ مَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى. (فَصْلٌ يَأْمُرُ الْقَاضِي) وُجُوبًا (مَنْ يَبْحَثُ) أَيْ اثْنَيْنِ يَبْحَثَانِ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ (عَنْ حَالِ) الْمَحْبُوسِ (الْغَرِيبِ) الَّذِي لَا تُمْكِنُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِإِعْسَارِهِ (لِيُتَوَصَّلَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) بِإِعْسَارِهِ (إلَى الشَّهَادَةِ بِإِعْسَارِهِ كَيْ لَا يَتَخَلَّدَ حَبْسُهُ فَإِنْ وُجِدَ فِي يَدِ الْمُعْسِرِ مَالٌ فَأَقَرَّ بِهِ لِرَجُلٍ وَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ) مِنْهُ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْغُرَمَاءِ (وَلَا يَحْلِفُ الْمُعْسِرُ أَنِّي مَا وَاطَأْته) أَيْ الْمُقِرَّ لَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يُقْبَلْ (وَإِنْ كَذَّبَهُ) الْمُقِرُّ لَهُ (أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ وَلَمْ) الْأَوْلَى وَلَا (يُلْتَفَتْ إلَى إقْرَارِهِ بِهِ لِآخَرَ) لِظُهُورِ كَذِبِهِ فِي صَرْفِهِ عَنْهُ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِغَائِبٍ انْتَظَرَ قُدُومَهُ) فَإِنْ صَدَّقَهُ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الطِّفْلَ وَنَحْوَهُ كَالْغَائِبِ انْتَهَى، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ فَلَا انْتِظَارَ، وَأَنَّ الْمُفْلِسَ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لِمَجْهُولٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ (وَالْوَالِدُ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (لَا يُحْبَسُ بِدَيْنِ الْوَلَدِ) كَذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَوْ صَغِيرًا وَزَمَنًا؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَلَا يُعَاقَبُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَقِيلَ يُحْبَسُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دَيْنِ النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا وَكَذَا لَا يُحْبَسُ الْمُكَاتَبُ بِالنُّجُومِ كَمَا يَأْتِي فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ وَكَذَا الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَيْنُهُ وَتَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْحَبْسِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ كَالْمُرْتَهِنِ، وَلِأَنَّ الْعَمَلَ مَقْصُودٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَبْسِ لَيْسَ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ بَلْ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى غَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ اسْتَعْدَى عَلَى مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَيْنُهُ وَكَانَ حُضُورُهُ لِلْحَاكِمِ يُعَطِّلُ حَقَّ الْمُسْتَأْجِرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْضُرَ، وَلَا يَعْتَرِضُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى إحْضَارِ الْمَرْأَةِ الْبَرْزَةِ وَحَبْسِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً لِأَنَّ لِلْإِجَارَةِ أَمَدًا يُنْتَظَرُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَالَهُ أَنَّ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ كَالْمُسْتَأْجَرِ إنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَإِلَّا فَكَالزَّوْجَةِ. (فَرْعٌ لَا يَأْثَمُ الْمَحْبُوسُ الْمُعْسِرُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ) وَالْجَمَاعَةِ الْمَفْهُومَةِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَلِلْقَاضِي مَنْعُ الْمَحْبُوسِ مِنْهَا إنْ اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ، وَمِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ وَمُحَادَثَةِ الْأَصْدِقَاءِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَنْوَارِ وَلَا تَرْجِيحَ فِيهَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا بَلْ نَقَلَ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ إلَخْ) أَوْ أَشْهَدُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ لَا مَالَ لَهُ يَجِبُ وَفَاءُ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَيْنٌ بَلْ الْمُرَادُ ثُبُوتُ الْإِعْسَارِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى خُصُوصِ دَيْنٍ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ الْإِعْسَارَ الَّذِي تَحْرُمُ مَعَهُ الْمُطَالَبَةُ بِشَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَا تَتَمَحَّضَ شَهَادَتُهُمَا نَفْيًا) فَإِنْ تَمَحَّضُوا فَفِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِلْعُبَيْلِيِّ أَنَّهُ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ اهـ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الشَّاهِدِ بِحَصْرِ الْوَرَثَةِ أَنَّهُ يَقُولُ: لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ، وَلَا يُمَحَّضُ النَّفْيُ بِأَنْ يَقُولَ: لَا وَارِثَ فَلَوْ مَحَّضَهُ فَقَدْ أَخْطَأَ وَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُسْتَدْعَ الْخَصْمُ لَمْ يَحْلِفْ) كَيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ لِغَائِبٍ أَوْ جِهَةٍ عَامَّةٍ لَمْ تَتَوَقَّفْ الْيَمِينُ عَلَى الطَّلَبِ وَإِنَّمَا يَكْتَفِي بِبَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ إذَا لَمْ تُعَارِضْهَا بَيِّنَةُ يَسَارِهِ، فَإِنْ عَارَضَتْهَا بَيِّنَةُ يَسَارِهِ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عِنْدَ الْفَقِيهِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عُجَيْلٍ وَالْفَقِيهِ عَلِيِّ بْنِ قَاسِمٍ الْحَكَمِيِّ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمُقْنِعِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ وَالْجِيلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ وَقَالَ الْفَقِيهُ عَلِيُّ بْنُ مَسْعُودٍ وَالْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَضْرَمِيُّ: إنَّهُ إنْ جُهِلَتْ حَالُهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْيَسَارِ، وَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ قَبْلَ ذَلِكَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ) وَثَبَتَ إعْسَارُهُ كَمَا يَثْبُتُ بِحُكْمِ الْقَاضِي بِهِ إذَا عَلِمَهُ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. [فَصْلٌ يَأْمُرُ الْقَاضِي مَنْ يَبْحَثُ عَنْ حَالِ الْمَحْبُوسِ الْغَرِيبِ الَّذِي لَا تُمْكِنُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِإِعْسَارِهِ] (قَوْلُهُ فَإِنْ وُجِدَ فِي يَدِ الْمُعْسِرِ مَالٌ فَأَقَرَّ بِهِ لِرَجُلٍ، وَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ إلَخْ) لَوْ شَهِدَا بِأَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لِلْمُفْلِسِ وَأَقَرَّ هُوَ لِغَيْرِهِ قُدِّمَ الْإِقْرَارُ قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ: وَالْإِبَانَةُ، وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ لَهُ طِفْلًا أَوْ مَجْنُونًا فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ، وَتَسْقُطَ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ فِي الْحَالِ، وَلَوْ قَالَ: هَذَا الْمَالُ لَيْسَ لِي، وَلَمْ يُعَيِّنْ شَخْصًا فَلِلْغُرَمَاءِ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: أَبْرِئْنِي فَإِنِّي مُعْسِرٌ فَأَبْرَأَهُ ثُمَّ بَانَ يَسَارُهُ بَرِئَ، وَلَوْ قَيَّدَ الْإِبْرَاءَ بِعَدَمِ ظُهُورِ الْمَالِ لَمْ يَبْرَأْ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الطِّفْلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ فَلَا انْتِظَارَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمُفْلِسَ لَوْ أَقَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يُحْبَسُ الْمُكَاتَبُ بِالنُّجُومِ) وَلَا الْمَرِيضُ وَالْمُخَدَّرَةُ وَابْنُ السَّبِيلِ بَلْ يُوَكِّلُ بِهِمْ لِيَتَرَدَّدُوا وَيَتَمَحَّلُوا وَلَا الطِّفْلُ وَالْمَجْنُونُ وَلَا أَبُوهُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُقِيمُ، وَالْوَكِيلُ فِي دَيْنٍ لَمْ يَجِبْ بِمُعَامَلَتِهِمْ، وَلَا الْعَبْدُ الْجَانِي، وَلَا سَيِّدُهُ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْضُرَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَالَهُ أَنَّ الْمُوصِيَ بِمَنْفَعَتِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ لَا يَأْثَمُ الْمَحْبُوسُ الْمُعْسِرُ] (قَوْلُهُ: وَلِلْقَاضِي مَنْعُ الْمَحْبُوسِ مِنْهَا) لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْفَلَ عَلَى الْمَحْبُوسِ بَابُ السِّجْنِ، وَلَا أَنْ يُجْعَلَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ، وَلَا يُؤْذَى بِحَالٍ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ الْكَسْبِ بِجُلُوسِهِ فِي الْحَبْسِ وَلَوْ هَرَبَ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْحَاكِمِ طَلَبُهُ فَإِنْ وَجَدَهُ خَصْمُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 عَنْ فَتَاوَى صَاحِبِ الشَّامِلِ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ، وَعَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّ الرَّأْيَ فِيهِ لِلْقَاضِي لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ جَزَمَ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ بِأَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْ ذَلِكَ وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ ثَمَّ الْقَوْلَ بِالثَّانِي، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ فَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْبَابَيْنِ عَلَى الْحَالَيْنِ (لَا) مِنْ (دُخُولِهَا لِحَاجَةٍ) كَحَمْلِ طَعَامٍ (وَ) لَهُ مَنْعُهُ (مِنْ شَمِّ الرَّيَاحِينِ لِلتَّرَفُّهِ) فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةِ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ جَازَ (لَا) مَنْعُهُ (مِنْ عَمَلِ صَنْعَةٍ) فِي الْحَبْسِ وَإِنْ كَانَ مُمَاطِلًا (وَنَفَقَتُهُ) وَاجِبَةٌ (عَلَى نَفْسِهِ) وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْحَبْسِ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمَكَانِ. (وَإِنْ حُبِسَتْ امْرَأَةٌ فِي دَيْنٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الزَّوْجُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) مُدَّةَ الْحَبْسِ (وَلَوْ ثَبَتَ) الدَّيْنُ (بِالْبَيِّنَةِ) كَمَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَاعْتَدَّتْ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ وَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِاسْتِدَانَةِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا إنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهَا انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَيُفَارِقُ عَدَمَ سُقُوطِهَا فِيمَا لَوْ صَامَتْ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً نَذَرَتْ صَوْمَهَا بَعْدَ النِّكَاحِ بِإِذْنِ الزَّوْجِ بِأَنَّ صَوْمَهَا وَجَبَ عَلَيْهَا عَيْنًا مَضِيقًا بِإِذْنِهِ مَعَ النَّذْرِ الَّذِي يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ حَبْسِهَا (وَيَخْرُجُ الْمَحْبُوسُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى) عَلَيْهِ مِنْ آخَرَ ثُمَّ يُرَدُّ إلَى الْحَبْسِ (فَإِنْ لَزِمَهُ حَقٌّ آخَرُ حُبِسَ بِهِمَا وَلَمْ يُطْلَقْ بِقَضَاءِ أَحَدِهِمَا) دُونَ الْآخَرِ (وَيَخْرُجُ الْمَجْنُونُ) مِنْ الْحَبْسِ مُطْلَقًا (وَالْمَرِيضُ) إنْ لَمْ يَجِدْ مُمَرِّضًا (فَإِنْ وَجَدَ مُمَرِّضًا فَوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي الشَّافِي لِلْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ (وَمَنْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ أَخْرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَرِيمِ) لِزَوَالِ الْمُقْتَضَى. (فَصْلٌ وَيُبَادِرُ) الْحَاكِمُ (نَدْبًا) فِي مَسْأَلَةِ الْمَدِينِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مُمْتَنِعًا مِنْ الْأَدَاءِ (بِبَيْعِ مَالِهِ وَقِسْمَتِهِ) أَيْ قِسْمَةِ ثَمَنِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ (لِئَلَّا يُطَالَ حَبْسُهُ) إنْ حُبِسَ وَمُبَادَرَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَإِيصَالِ الْحَقِّ لِذَوِيهِ وَذَكَرَ حُكْمَ الْمُمْتَنِعِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَسْتَعْجِلُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ: وَلَا يُفَرِّطُ فِي الِاسْتِعْجَالِ (فَيُبَاعُ بِبَخْسٍ وَيُسْتَحَبُّ الْبَيْعُ بِحُضُورِ الْمُفْلِسِ وَالرَّاهِنِ) فِيمَا إذَا بِيعَ الْمَرْهُونُ (وَالْغُرَمَاءُ أَوْ وَكِيلُهُمْ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْفَى لِلتُّهْمَةِ وَأَطْيَبُ لِلْقُلُوبِ وَلِيُخْبَرَ الْمُفْلِسَ بِمَا فِي مَالِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فَلَا يَرُدُّ، وَمِنْ الصِّفَاتِ الْمَطْلُوبَةِ فَتَكْثُرُ فِيهِ الرَّغَبَاتُ، وَلِأَنَّ الْغُرَمَاءَ قَدْ يَزِيدُونَ فِي السِّلْعَةِ، وَذَكَرَ وَكِيلُ الْغُرَمَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْأَوْلَى: أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ الْمَالِكُ أَوْ وَكِيلُهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْتَاجَ إلَى بَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ لَا بُدَّ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ مِلْكُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَاضِي وَبَيْعُ الْحَاكِمِ حُكْمٌ بِأَنَّهُ لَهُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الْفَرَائِضِ: قَسْمُ الْحَاكِمِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ، وَحَكَى السُّبْكِيُّ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ وَرَجَّحَ الِاكْتِفَاءَ بِالْيَدِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ الْعَبَّادِيِّ وَكَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ كَالْأَذْرَعِيِّ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِمَا يُوَافِقُهُ، وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ عَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] فِي عَمَلِ الْقَاضِي لَزِمَهُ إحْضَارُهُ وَحَبْسُهُ إنْ سَأَلَهُ خَصْمُهُ وَعَزَّرَهُ إنْ لَمْ يُبْدِ عُذْرًا فِي هَرَبِهِ كَإِعْسَارِهِ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ جَازَ) قَالَ بَعْضُ أَكَابِرِ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَبْسُ لِلتَّأْدِيبِ وَيَقْتَضِي نَظَرَ الْحَاكِمِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ التَّأْدِيبِ وَهَذَا حَسَنٌ ع. (قَوْلُهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الزَّوْجُ إلَخْ) وَإِنْ مَكَّنَاهُ مِنْ دُخُولِ الْحَبْسِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ حِرْزِهِ، وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ السَّفَرَ بِهَا فَأَقَرَّتْ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ فَلَهُ حَبْسُهَا وَمَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ زَوْجِهَا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إنَّ قَصْدَهَا بِالْإِقْرَارِ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْمُسَافِرَةِ، وَلَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً لَمْ تُقْبَلْ؛ إذْ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُمْنَعُ مِنْ إرْضَاعِ وَلَدِهَا) وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْهَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهَا اهـ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا تَمْتَنِعُ الْمُتَزَوِّجَةُ مِنْهُ إذَا حُبِسَتْ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ وَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْعِ الْحَاكِمِ لَهُ مِنْهُ إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجُهُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا فِي الشَّافِي لِلْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمُقْتَضَى) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا أُشْهِدَ اثْنَانِ وَلَمْ يُعَدَّلَا فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ قَبْلَ تَعْدِيلِهِمَا، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ خِلَافُهُ. [فَصْلٌ يُبَادِرُ الْحَاكِمُ نَدْبًا فِي مَسْأَلَةِ الْمَدِينِ بِبَيْعِ مَالِهِ وَقِسْمَتِهِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: يُبَادِرُ نَدْبًا) لَا شَكَّ فِي وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ إلَى بَيْعِ مَا يُخْشَى فَسَادُهُ أَوْ نَهْبٍ أَوْ اسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ أَوْ نَحْوِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِبَيْعِ مَالِهِ) شَمِلَ مُدَبَّرَهُ (قَوْلُهُ وَقِسْمَتِهِ) أَيْ بَيْنَ غُرَمَائِهِ بِنِسْبَةِ دُيُونِهِمْ (قَوْلُهُ وَلْيُخْتَبَرْ الْمُفْلِسُ بِمَا فِي مَالِهِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِثَمَنِ مَالِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ غَبْنٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْغُرَمَاءَ قَدْ يَزِيدُونَ إلَخْ) أَوْ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ عَيْنَ مَالِهِ فَيَأْخُذُهُ (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْحَاكِمِ حُكْمٌ بِأَنَّهُ لَهُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لَا خِلَافَ أَنَّ بَيْعَ الْقَاضِي، أَوْ تَزْوِيجَهُ لَيْسَ حُكْمًا بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَالتَّزْوِيجِ، وَمَنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ فَقَدْ غَلِطَ بَلْ لِغَيْرِهِ إذَا رُفِعَ ذَلِكَ إلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ بِمَذْهَبِهِ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِلْكَمَالِ التَّفْلِيسِيِّ حِينَ كَانَ نَائِبَ الْحُكْمِ بِدِمَشْقَ وَقَصَدَ إبْطَالَ نِكَاحٍ تَعَاطَاهُ مَنْ يَعْتَقِدُهُ وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِحُكْمٍ وَاسْتَفْتَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَأَظْهَرَ هُوَ نُقُولًا مِنْ كُتُبِ الْأَصْحَابِ تَشْهَدُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَأَوْدَعَهَا تَصْنِيفًا لَطِيفًا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ مُدَّةٍ وَذَلِكَ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مُتَأَخِّرَةٌ فِي الرُّتْبَةِ عَنْ الْعَقْدِ، وَالْحُكْمُ بِهَا مُتَأَخِّرٌ عَنْهَا فَكَيْفَ يَكُونُ هُوَ الْعَقْدَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَيْهِ بِمَرْتَبَتَيْنِ وَأَيْضًا كَيْفَ يَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ عَارِضًا وَمَعْرُوضًا وَالْحُكْمُ عَارِضٌ وَالْعَقْدُ مَعْرُوضٌ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ الصَّغِيرَةَ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ بَلْ عَقَدَهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَحَكَى السُّبْكِيُّ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ وَرَجَّحَ) أَيْ كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَقَوْلُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْيَدِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ عَلَيْهِ) وَهُوَ مَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْعَبَّادِيِّ وَنُقِلَ فِي الْأَشْرَافِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ مَا يَدُلُّ لَهُ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَالْأَوْلَى لِلْقَاضِي أَنْ لَا يُبَاشِرَ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ وَلَا بِنَائِبِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ صِيَانَةً لِفِعْلِهِ عَنْ النَّقْضِ فَإِنْ قِيلَ قَالَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي أَيْدِي جَمَاعَةِ دَارٍ، وَطَلَبُوا مِنْ الْحَاكِمِ قِسْمَتَهَا لَمْ يُجِبْهُمْ إنْ لَمْ يُقِيمُوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 (وَيُبَاعُ أَوَّلًا مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) وَلَوْ غَيْرَ مَرْهُونٍ لِئَلَّا يَضِيعَ (ثُمَّ الْمَرْهُونُ وَالْجَانِي) لِيَتَعَجَّلَ حَقَّ مُسْتَحَقِّيهِمَا (فَإِنْ بَقِيَ لِلْمُرْتَهِنِ) مِنْ دَيْنِهِ (شَيْءٌ ضَارَبَ بِهِ) سَائِرَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ ضُمَّ إلَى الْمَالِ (وَيُقَدَّمُ) أَيْضًا بَعْدَمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ (مَالُ الْقِرَاضِ لِيُؤْخَذَ) مِنْهُ (الرِّبْحُ الْمَشْرُوطُ) وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِمَا ذَكَرَ بَلْ سَائِرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ كَذَلِكَ وَهُوَ مَا يُقَدَّمُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ (ثُمَّ الْحَيَوَانُ) لِحَاجَتِهِ إلَى النَّفَقَةِ وَلِكَوْنِهِ عُرْضَةً لِلْهَلَاكِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُدَبَّرُ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَتَعَذَّرَ الْأَدَاءُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُؤَخَّرُ عَنْ الْكُلِّ صِيَانَةً لِلتَّدْبِيرِ عَنْ الْإِبْطَالِ انْتَهَى (ثُمَّ الْمَنْقُولَاتُ) أَيْ سَائِرُهَا لِخَوْفِ ضَيَاعِهَا (ثُمَّ الْعَقَارُ) وَإِنَّمَا أُخِّرَ لِأَنَّهُ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْ التَّلَفِ وَالسَّرِقَةِ وَلِيُشَهِّرَ بَيْعُهُ فَيَظْهَرَ الرَّاغِبُونَ، وَيُبْدَأُ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ فَيُقَدَّمُ فِي الْمَنْقُولَاتِ الْمَلْبُوسُ عَلَى النُّحَاسِ وَنَحْوِهِ وَفِي الْعَقَارِ الْبِنَاءُ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي غَيْرِ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَغَيْرِ الْحَيَوَانِ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَقَدْ تَقْتَضِي الْمَصْلَحَةُ تَقْدِيمَ بَيْعِ الْعَقَارِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ نَحْوِهِ فَالْأَحْسَنُ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ. وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا: وَالْمَرْهُونُ يُبَاعُ قَبْلَ الْجَانِي قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إذَا فَاتَ لَمْ يُبْطِلْ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ الْجَانِي فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ بَيْعَهُ لِذَلِكَ، وَيُبَاعُ نَدْبًا (كُلُّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ) لِأَنَّ طَالِبَهُ فِيهِ أَكْثَرُ، وَالتُّهْمَةُ فِيهِ أَبْعَدُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِي نَقْلِهِ مُؤْنَةٌ كَبِيرَةٌ فَإِنْ كَانَتْ وَرَأَى الْحَاكِمُ الْمَصْلَحَةَ فِي اسْتِدْعَاءِ أَهْلِ السُّوقِ إلَيْهِ فَعَلَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الزِّيَادَةِ فِي غَيْرِ سُوقِهِ (فَإِنْ بَاعَهُ فِي غَيْرِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ صَحَّ) الْبَيْعُ مُطْلَقًا (وَإِنَّمَا يَبِيعُ) بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ (حَالًّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ) كَالْوَكِيلِ نَعَمْ إنْ رَضِيَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: جَازَ وَتَوَقَّفَ فِيهِ السُّبْكِيُّ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ يَطْلُبُ دَيْنَهُ فِي الْحَالِ، وَلَوْ رَأَى الْحَاكِمُ الْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ بِمِثْلِ حُقُوقِهِمْ جَازَ، وَلَوْ بَاعَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ وُجُوبُ الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ، وَفَسْخُ الْبَيْعِ، وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ (فَإِنْ كَانَ) نَقْدُ الْبَلَدِ (غَيْرَ) جِنْسِ (دَيْنِهِمْ) وَلَمْ يَرْضُوا إلَّا بِجِنْسِ دَيْنِهِمْ (اشْتَرَاهُ) لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبُهُمْ (أَوْ عَاوَضَهُمْ بِهِ إنْ رَضَوْا إلَّا إنْ كَانَ سَلَمًا) فَلَا يُعَاوِضُهُمْ وَإِنْ رَضَوْا لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ (وَلَا يُسَلِّمُ) الْحَاكِمُ أَوْ مَأْذُونُهُ (مَا بِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ) كَالْوَكِيلِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِمُؤَجَّلٍ، وَإِنْ حَلَّ قَبْلَ أَوَانِ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بِمُؤَجَّلٍ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ. (فَصْلٌ وَالْأَوْلَى) لِلْحَاكِمِ (أَنْ يُقَسِّمُ مَا نَضَّ) يَعْنِي مَا قَبَضَهُ مِنْ أَثْمَانِ أَمْوَالِهِ عَلَى التَّدْرِيجِ لِتَبْرَأَ مِنْهُ ذِمَّتُهُ وَيَصِلَ إلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّ بَلْ إنْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ الْقِسْمَةَ وَجَبَتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ الْآتِي (فَإِنْ تَعَسَّرَتْ قِسْمَتُهُ لِقِلَّتِهِ) وَكَثْرَةِ الدُّيُونِ (فَلَهُ التَّأْخِيرُ) لَهَا لِتَجْتَمِعَ (وَلَوْ طَالَبُوا) بِهَا وَتَبِعَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُطَالَبَةِ بَحْثُ الشَّيْخَيْنِ فَإِنَّهُمَا قَالَا: فَإِنْ أَبَوْا التَّأْخِيرَ فَفِي النِّهَايَةِ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجِيبُهُمْ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ: بَلْ الظَّاهِرُ   [حاشية الرملي الكبير] بَيِّنَةً بِمِلْكِهِمْ لَهَا قِيلَ أَيْنَ أَحَدُ الْبَابَيْنِ مِنْ الْآخَرِ فَإِنَّهُ هُنَا لَوْ لَمْ يَبِعْ الْحَاكِمُ لَتَعَطَّلَتْ الْحُقُوقُ وَضَاعَتْ التَّرِكَاتُ وَهُنَاكَ لَوْ لَمْ تُقَسَّمُ لَبَقِيَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْهِمَا عَلَى حَالِهَا وَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ وَيُبَاعُ أَوَّلًا مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) ثُمَّ مَا يُخْشَى فَسَادُهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا يُقَدَّمُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ) لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَحَجٌّ فَوْرِيٌّ فَيَظْهَرُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَنْ مَاتَ وَلَمْ يَفِ مَالُهُ بِالْحَقَّيْنِ فس (قَوْلُهُ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّرْتِيبَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ بَيْعَهُ لِذَلِكَ) يُجَابُ بِأَنَّ بَيْعَ الْمَرْهُونِ إنَّمَا قُدِّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ. (قَوْلُهُ وَيُبَاعُ نَدْبًا إلَخْ) نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَ بِالسُّوقِ غَرَضٌ مُعْتَبَرٌ لِلْمُفْلِسِ أَوْ الْغُرَمَاءِ فَيَجِبُ فس (قَوْلُهُ كُلُّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ) فِي حَالِ قِيَامِ ذَلِكَ السُّوقِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُقِيمُ الْحَاكِمُ دَلَّالًا ثِقَةً يُنَادِي عَلَى الْمَالِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَرْضَاهُ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ وَلَوْ رَضُوا بِغَيْرِ ثِقَةٍ لَمْ يُقِمْهُ فَإِنْ تَطَوَّعَ الدَّلَّالُ فَذَاكَ وَإِلَّا اُسْتُؤْجِرَ بِأَقَلِّ مَا يُوجَدُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَوْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ جَعْلًا مَشْرُوطًا، أَوْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ جَازَ ثُمَّ إنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَضْلٌ صُرِفَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَإِلَّا فَمِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ، وَالْأَوْلَى حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ تَقْرِيرُ الْأُجْرَةِ مِنْ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ أَبَوْا فَعَلَهُ الْحَاكِمُ، وَكَذَا أُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَلَوْ اخْتَارَ الْمُفْلِسُ دَلَّالًا وَالْغُرَمَاءُ دَلَّالًا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ثِقَةً دُونَ الْآخَرِ أَقَرَّ الْحَاكِمُ الثِّقَةَ وَإِنْ كَانَا ثِقَتَيْنِ وَأَحَدُهُمَا مُتَطَوِّعٌ دُونَ الْآخَرِ أَقَرَّ الْمُتَطَوِّعَ، وَإِنْ كَانَا مُتَطَوِّعَيْنِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَإِلَّا اخْتَارَ أَوْثَقَهُمَا وَأَعْرَفَهُمَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَبِيعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ) فَأَكْثَرَ حَالًّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ لِغَيْرِهِ فَوَجَبَ فِيهِ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ مَا ذَكَرَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ مَا لَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُمْلَةً وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ (قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) قَالَ شَيْخُنَا أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي جَازَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ إلَخْ) قَدْ ذَكَرُوا فِي عَدْلِ الرَّهْنِ وَالْوَكَالَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْسَخْ انْفَسَخَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ سَائِرَ مَا يُمْتَنَعُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَالسَّلَمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْلَمُ مَا بِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ) اسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ عِنْدَ الْمُقَاسَمَةِ مِثْلُ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ فَأَكْثَرُ قَالَ فَالْأَحْوَطُ بَقَاءُ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ لَا أَخْذُهُ وَإِعَادَتُهُ إلَيْهِ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ مَعَ ظُهُورِهِ اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يُسْتَثْنَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ حَبْسِ دَيْنِهِ جَاءَ التَّقَاصُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ وَرَضِيَ بِهِ حَصَلَ الِاعْتِيَاضُ فَلَمْ يَحْصُلْ تَسْلِيمُ قَبْضِ الثَّمَنِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 مَا فِي النِّهَايَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عِنْدَ الطَّلَبِ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ مَصْلَحَةٌ فِي التَّأْخِيرِ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ الرَّافِعِيِّ بِمُخَالَفَتِهِ إطْلَاقَ النِّهَايَةِ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ مِثْلَ مَا فِي النِّهَايَةِ وَعَنْ الْمَاوَرْدِيِّ خِلَافَهُ اهـ وَالْأَوْجَهُ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ مِنْ حَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ فِي التَّأْخِيرِ، وَمَا فِي النِّهَايَةِ عَلَى خِلَافِهِ فَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ وَاحِدًا سَلَّمَهُ إلَيْهِ أَوَّلًا فَأَوَّلًا؛ لِأَنَّ إعْطَاءَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَوْلَى مِنْ إقْرَاضِهِ أَوْ إيدَاعِهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقِسْمَةِ عَلَيْهِمْ الْمُكَاتَبُ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ نُجُومٌ وَأَرْشُ جِنَايَةٍ وَدَيْنُ مُعَامَلَةٍ فَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ ثُمَّ الْأَرْشِ ثُمَّ النُّجُومِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا حَجْرَ بِالنُّجُومِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَدْيُونِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ كَيْفَ شَاءَ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى صِحَّةِ التَّصَرُّفِ لَكِنْ يَنْبَغِي إذَا اسْتَوَوْا وَطَالَبُوا حَقَّهُمْ عَلَى الْفَوْرِ أَنْ تَجِبَ التَّسْوِيَةُ، وَإِذَا تَأَخَّرَتْ قِسْمَةُ مَا قَبَضَهُ الْحَاكِمُ (فَيُقْرِضُهُ أَمِينًا مُوسِرًا) قَالَ السُّبْكِيُّ: يَرْتَضِيهِ الْغُرَمَاءُ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُ مُمَاطِلٍ (فَإِنْ فُقِدَ أَوْدَعَهُ ثِقَةً تَرْتَضِيهِ الْغُرَمَاءُ) وَالتَّقْيِيدُ بِالْفَقْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْقَصْدُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ لَا يَضَعَهُ عِنْدَ نَفْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التُّهْمَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْإِقْرَاضِ رَهْنٌ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّ الْمُوسِرَ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَيْهِ، وَهُوَ إنَّمَا قَبِلَهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُفْلِسِ وَفِي تَكْلِيفِهِ الرَّهْنَ سَدٌّ لَهَا، وَبِذَلِكَ خَالَفَ اعْتِبَارَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الطِّفْلِ وَنَحْوِهِ (فَإِنْ اخْتَلَفُوا) فِيمَنْ يُودَعُ عِنْدَهُ أَوْ عَيَّنُوا غَيْرَ ثِقَةٍ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَمَنْ رَآهُ الْقَاضِي) مِنْ الْعُدُولِ أَوْلَى (فَإِنْ تَلِفَ مَعَهُ) أَيْ الْمُودِعِ (فَمِنْ ضَمَانِ الْمُفْلِسِ وَلَوْ بَعْدَ مَمَاتِهِ) لَا مِنْ ضَمَانِ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُودِعِ. (فَرْعٌ لَا يَلْزَمُ الْغُرَمَاءَ) عِنْدَ الْقِسْمَةِ (الْإِثْبَاتُ) أَيْ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ أَوْ إخْبَارٌ مِنْ حَاكِمٍ (بِنَفْيِ غَيْرِهِمْ) أَيْ بِأَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ لِاشْتِهَارِ الْحَجْرِ فَلَوْ كَانَ ثَمَّ غَرِيمٌ لَظَهَرَ، وَيُخَالِفُ نَظِيرَهُ فِي الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ أَضْبَطُ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَهَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ يَعْسُرُ مَدْرَكُهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِهَا فِي الْأَضْبَطِ اعْتِبَارُهَا فِي غَيْرِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلِأَنَّ الْغَرِيمَ الْمَوْجُودَ تَيَقُّنًا اسْتِحْقَاقُهُ لِمَا يَخُصُّهُ وَشَكَكْنَا فِي مُزَاحِمِهِ، وَهُوَ بِتَقْدِيرِ وُجُودِهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ اسْتِحْقَاقِهِ لَهُ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا تَتَحَتَّمُ مُزَاحَمَةُ الْغَرِيمِ فَإِنَّهُ لَوْ أَبْرَأَ أَوْ أَعْرَضَ أَخَذَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ وَالْوَارِثُ يُخَالِفُهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالْإِثْبَاتِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (فَإِنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ) بَعْدَ الْقِسْمَةِ (لَمْ تَنْقَضِ الْقِسْمَةُ بَلْ يُشَارِكُهُمْ فِيمَا قَبَضُوهُ بِالْحِصَّةِ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْمُسَوِّغِ لَهَا ظَاهِرًا وَفَارَقَ نَقْضَهَا فِيمَا لَوْ ظَهَرَ بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَارِثٌ بِأَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ فِي عَيْنِ الْمَالِ بِخِلَافِ حَقِّ الْغَرِيمِ فَإِنَّهُ فِي قِيمَتِهِ فَلَوْ قَسَمَ مَالَ الْمُفْلِسِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى غَرِيمَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عِشْرُونَ وَلِلْآخَرِ عَشَرَةُ فَأَخَذَ الْأَوَّلُ عَشَرَةَ، وَالْآخَرُ خَمْسَةً ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ لَهُ ثَلَاثُونَ رَجَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ مَا أَخَذَهُ. (فَإِنْ أَعْسَرَ أَحَدُهُمْ جَعَلَ) مَا أَخَذَهُ (كَالْمَعْدُومِ وَشَارَكَ) مَنْ ظَهَرَ (الْبَاقِينَ فَإِنْ أَيْسَرَ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِالْحِصَّةِ) فَلَوْ أَتْلَفَ أَحَدُ الْغَرِيمَيْنِ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ مَا أَخَذَهُ وَكَانَ مُعْسِرًا كَانَ مَا أَخَذَهُ الْآخَرُ كَأَنَّهُ كُلُّ الْمَالِ فَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ آخِذَ الْخَمْسَةِ اسْتَرَدَّ الْحَاكِمُ مِنْ آخِذِ الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهَا لِمَنْ ظَهَرَ ثُمَّ إذَا أَيْسَرَ الْمُتْلِفُ أَخَذَ مِنْهُ الْآخَرَانِ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ وَقَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ دَيْنَيْهِمَا، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ ظَهَرَ الثَّالِثُ وَظَهَرَ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ قَدِيمٌ أَوْ حَادِثٌ بَعْدَ الْحَجْرِ صُرِفَ مِنْهُ إلَيْهِ بِقِسْطِ مَا أَخَذَهُ الْأَوَّلَانِ وَالْفَاضِلُ يُقَسَّمُ عَلَى الثَّلَاثَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ دَيْنُهُ حَادِثًا فَلَا مُشَارَكَةَ لَهُ فِي الْمَالِ الْقَدِيمِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا تَقَدَّمَ سَبَبُهُ فَكَالْقَدِيمِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَلَوْ غَابَ غَرِيمٌ وَعَرَفَ قَدْرَ حَقِّهِ قُسِّمَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ، وَلَمْ تُمْكِنْ مُرَاجَعَتُهُ وَلَا حُضُورُهُ رَجَعَ فِي قَدْرِهِ إلَى الْمُفْلِسِ فَإِنْ حَضَرَ وَظَهَرَ لَهُ زِيَادَةٌ فَهُوَ كَظُهُورِ غَرِيمٍ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَجَبَ الْإِرْسَالُ إلَيْهِ قَالَ: وَلَوْ تَلِفَ بِيَدِ الْحَاكِمِ مَا أَفْرَزَ لِلْغَائِبِ بَعْدَ أَخْذِ الْحَاضِرِ حِصَّتَهُ أَوْ إفْرَازِهَا فَعَنْ الْقَاضِي أَنَّ الْغَائِبَ لَا يُزَاحَمُ مِنْ قَبْضٍ (فَإِنْ ظَهَرَ) لِلْمُفْلِسِ، وَلَوْ (بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ) عَنْهُ (مَالٌ قَدِيمٌ) أَيْ مَوْجُودٌ قَبْلَهُ (وَحَدَثَ لَهُ) قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (مَالٌ) بِاحْتِطَابٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَغُرَمَاءُ فَالْقَدِيمُ) الْمَذْكُورُ (لِلْقُدَمَاءِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهِ قَبْلَ الْفَكِّ وَلِأَنَّا تَبَيَّنَّا بِذَلِكَ بَقَاءَ الْحَجْرِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ نَعَمْ الْحَادِثُ مِنْهُ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا يُشَارِكُ فِيهِ الْغَرِيمُ الْحَادِثُ مِنْهُمْ بَعْدَ حُدُوثِهِ أَوْ مَعَهُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْأَوْلَى لِلْحَاكِمِ أَنْ يُقَسِّمُ مَا قَبَضَهُ مِنْ أَثْمَانِ أَمْوَالِ الْمُفْلِس] قَوْلُهُ: وَعَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) أَيْ وَالْعِمْرَانِيُّ وَأَبِي حَامِدٍ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ) لِأَنَّ لِلْأَرْشِ وَالنُّجُومِ تَعَلُّقًا آخَرَ بِتَقْدِيرِ الْعَجْزِ عَنْهُمَا، وَهُوَ الرَّقَبَةُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَرْشُ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِرُّ، وَالنُّجُومُ مُتَعَرِّضَةٌ لِلسُّقُوطِ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ يَرْتَضِيهِ الْغُرَمَاءُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْإِقْرَاضِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَمَنْ رَآهُ الْقَاضِي مِنْ الْعُدُولِ أَوْلَى) لَوْ اتَّفَقَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى وَضْعِ الْمَرْهُونِ عِنْدَ غَيْرِ عَدْلٍ لَمْ يَعْتَرِضْهُمَا الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ فِي الْمَرْهُونِ بِخِلَافِ مَالِ الْمُفْلِسِ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمُتَرَاهِنَيْنِ لَا يَتَجَاوَزُهُمَا، وَحَقُّ الْغُرَمَاءِ قَدْ يَتَجَاوَزُهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ، وَهُوَ غَرِيمٌ آخَرُ غَائِبٌ فَجَازَ لِحَقِّهِ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَيْهِمْ فِي الِاخْتِيَارِ. (قَوْلُهُ وَفَارَقَ نَقْضَهَا فِيمَا لَوْ ظَهَرَ بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ إلَخْ) شَمِلَتْ قِسْمَةُ التَّرِكَةِ مَا لَوْ قَسَّمَهَا الْحَاكِمُ، وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قِيَاسُ مَسْأَلَتِنَا أَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ قَسَّمَ التَّرِكَةَ ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ الْتِحَاقُهُ بِقِسْمِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قُسِّمَ مَالُ الْمُفْلِسِ إلَخْ) لَوْ قَسَّمَ اثْنَانِ تَرِكَةَ مُورَثِهِمَا وَتَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَلِصَاحِبِهِ أَخْذُهُ مِنْ نَصِيبِ الْمُوسِرِ ثُمَّ إذَا أَيْسَرَ الْمُعْسِرُ رَجَعَ عَلَيْهِ الْمُوسِرُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَجَبَ الْإِرْسَالُ إلَيْهِ) فَإِنْ انْتَفَى مَا تَقَدَّمَ لَمْ يُقَسِّمْ الْحَاكِمُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 غَيْرَهُ. (وَالْحَادِثُ) الْمَذْكُورُ (لِلْجَمِيعِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْمُرَادُ بِالْجَمِيعِ أَرْبَابُ الدُّيُونِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى حُدُوثِ الْمَالِ أَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ قَدِيمٌ وَحَدَثَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ التَّلَفِ فَلَا تَعَلُّقَ لِأَحَدٍ بِهِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمَدِينُ كَيْفَ شَاءَ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ أَبْدَلَ بَعْدَ ب قَبْلَ وَزَادَ ذَلِكَ بَعْدَ وَحَدَثَ لَهُ كَانَ أَوْلَى وَأَوْضَحَ. (فَرْعٌ) لَوْ (خَرَجَ مَا بَاعَهُ) الْمُفْلِسُ (قَبْلَ الْحَجْرِ مُسْتَحِقًّا وَالثَّمَنُ) الْمَقْبُوصُ (غَيْرُ بَاقٍ فَكَدَيْنٍ قَدِيمٍ ظَهَرَ) مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ، وَهُوَ أَنْ يُشَارِكَ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ مِنْ غَيْرِ نَقْضِ الْقِسْمَةِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ، فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ حَادِثٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبُهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: قَدِيمٌ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِذَا اسْتَحَقَّ مَا بَاعَهُ الْحَاكِمُ أَوْ أَمِينُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ) وَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ غَيْرُ بَاقٍ (قُدِّمَ) الْمُشْتَرِي بِبَدَلِهِ (عَلَى الْغُرَمَاءِ) وَلَا يُضَارِبُ بِهِ مَعَهُمْ لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ شِرَاءِ مَالِ الْمُفْلِسِ فَكَانَ التَّقْدِيمُ مِنْ مَصَالِحِ الْحَجْرِ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ (وَلَيْسَ الْحَاكِمُ وَلَا أَمِينُهُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ. (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (وَيُنْفِقُ) الْحَاكِمُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُفْلِسِ (وَعَلَى قَرِيبِهِ) الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ (وَزَوْجَتِهِ الْقَدِيمَةِ) وَمَمْلُوكِهِ كَأُمِّ وَلَدِهِ (مِنْ مَالِهِ) مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ آخَرُ كَرَهْنٍ وَجِنَايَةٍ (يَوْمًا بِيَوْمٍ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ وَيَكْسُوهُمْ) بِالْمَعْرُوفِ لِإِطْلَاقِ خَبَرِ «ابْدَأْ بِنَفْسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» مَعَ مُنَاسَبَةِ الْحَالِ لِذَلِكَ وَفِي نُسْخَةٍ وَكِسْوَتُهُمْ فَتُفِيدُ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ يَكْسُوهُمْ كِسْوَةَ الْمُعْسِرِينَ وَخَرَجَ بِالْقَدِيمَةِ الْمَزِيدَةُ عَلَى الْأَصْلِ الْمُتَجَدِّدَةُ فِي زَمَنِ الْحَجْرِ فَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَفَارَقَتْ الْوَلَدَ الْمُتَجَدِّدَ بِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَإِنْ قِيلَ لَوْ أَقَرَّ السَّفِيهُ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَأُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَهَلْ يَكُونُ الْمُفْلِسُ كَذَلِكَ قُلْنَا لَا فَإِنَّ إقْرَارَ السَّفِيهِ بِالْمَالِ وَبِمَا يَقْتَضِيهِ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمُفْلِسِ فَإِنَّهُ مَقْبُولٌ عَلَى الصَّحِيحِ فَغَايَتُهُ هُنَاكَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ، وَإِقْرَارُهُ بِهِ مَقْبُولٌ وَيَجِبُ أَدَاؤُهُ فَبِالْأَوْلَى وُجُوبُ الْإِنْفَاقِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَبَعًا كَثُبُوتِ النَّسَبِ تَبَعًا لِثُبُوتِ الْوِلَادَةِ بِشَهَادَةِ النِّسْوَةِ اهـ وَيُفَارِقُ إقْرَارُهُ بِالنَّسَبِ تَجْدِيدَهُ الزَّوْجَةَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ وَاجِبٌ بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فِي ذِمَّتِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ وَأَوْلَدَهَا وَقُلْنَا بِنُفُوذِ إيلَادِهِ هَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهَا كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ الْحَادِثَةِ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لَا لِقُدْرَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى الْفَسْخِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يُنْفِقُ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ أَنَّهُ يُنْفِقُ نَفَقَةَ الْمُوسِرِينَ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ لَمَا أَنْفَقَ عَلَى الْقَرِيبِ رُدَّ بِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُعْتَبَرَ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ غَيْرُ الْمُعْتَبَرِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَبِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بِخِلَافِ الْقَرِيبِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الْأَوَّلِ انْتِفَاءُ الثَّانِي وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي وَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ فَلْيَكُنْ هُنَا مِثْلَهُ بَلْ أَوْلَى لِمُزَاحَمَةِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ، وَإِنَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَيَكْسُوهُمْ مِنْ مَالِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ) لَائِقٌ بِهِ وَإِلَّا فَلَا بَلْ يُنْفِقُ وَيَكْسُو مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ رُدَّ إلَى الْمَالِ أَوْ نَقَصَ كَمُلَ مِنْ الْمَالِ فَإِنْ اُمْتُنِعَ مِنْ الْكَسْبِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَالْمَطْلَبِ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَاخْتَارَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلَّى خِلَافُهُ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَوَّلُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ خَرَجَ مَا بَاعَهُ الْمُفْلِسُ قَبْلَ الْحَجْرِ مُسْتَحِقًّا وَالثَّمَنُ الْمَقْبُوصُ غَيْرُ بَاقٍ] قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَحَقَّ مَا بَاعَهُ الْحَاكِمُ أَوْ أَمِينُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إذَا قُلْنَا: إنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُفْلِسِ فَكَيْفَ تَنْهَضُ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِهِ وَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ بَاعَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ وَقَفَهُ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ مِنْهُ. [فَصْلٌ يُنْفِقُ الْحَاكِمُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَعَلَى قَرِيبِهِ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَرِيبِهِ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَيُمَوِّنُ بَدَلَ وَيُنْفِقُ لِيَشْمَلَ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ وَالْإِسْكَانَ وَالْإِخْدَامَ وَتَكْفِينَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: وَزَوْجَتِهِ الْقَدِيمَةِ) وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ ثُمَّ رَاجَعَهَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَرَهْنٍ وَجِنَايَةٍ) أَيْ وَحَبْسٍ بِالثَّمَنِ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِمْ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ يُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ أَنَّ مَا يَنَامُ عَلَيْهِ الْمُفْلِسُ وَيَأْكُلُ فِيهِ وَيَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ يَبْقَى لَهُ فِي مُدَّةِ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ إنَّمَا تَجِبُ إذَا فَضَلَتْ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَكْسُوهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) لَوْ كَسَا أُمَّ وَلَدِهِ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ مَنَعْنَاهُ وَكَسَوْنَاهَا مَا يَلِيقُ بِخِلَافِ مَا إذَا فَعَلَهُ بِالزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ (قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ خَبَرٍ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ مُوسِرٌ مَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ الْوَلَدَ الْمُتَجَدِّدَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فِي الذِّمَّةِ، وَقُلْنَا: لَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ أَنَّهُ كَالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ بِاخْتِيَارِهِ، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ، وَقَالَ فِي الْخَادِمِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلْيَنْظُرْ إلَخْ) أَيْ كَالنَّاشِرِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَهُوَ الْحَقُّ (قَوْلُهُ رُدَّ بِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُعْتَبَرَ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُوسِرُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ مَنْ يَفْضُلُ مَالُهُ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ وَفِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ مَنْ يَكُونُ دَخْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَرْجِهِ فس قَالَ بَعْضُهُمْ: وَوَجَدْنَا الْمُعْسِرَ قَدْ يُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ فِي صُوَرٍ مِنْهَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ عَقَارٌ لَا يَكْفِيهِ دَخْلُهُ فَإِنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ مِسْكِينٌ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الزَّكَاةِ، وَهُوَ مُعْسِرٌ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ يُبَاعُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَمِنْهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَسْكَنٌ، وَخَادِمٌ فَإِنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ مِسْكِينٌ، وَهُوَ مُعْسِرٌ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ، وَيُبَاعُ فِيهَا الْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ، وَمِنْهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَالٌ، وَلَهُ كَسْبٌ وَاسِعٌ فَنَفَقَةُ قَرِيبِهِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُعْسِرٌ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ لَائِقٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ رَضِيَ لِنَفْسِهِ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ مُبَاحٌ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ وَكَفَانَا مُؤْنَتَهُ (قَوْلُهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَالْمَطْلَبِ أَنَّهُ يُنْفِقُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ) وَقَالَ غَيْرُهُمَا لَوْ فَصَّلَ بَيْنَ أَنْ يَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 أَنْسَبُ بِقَاعِدَةِ الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِتَحْصِيلِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ وَيَسْتَمِرُّ الْإِنْفَاقُ وَالْكِسْوَةُ مِنْ مَالِهِ (حَتَّى تُقَسَّمَ) ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ مَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ. (وَيُبَاعُ مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ وَلَوْ احْتَاجَهُ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا (وَمَرْكُوبُهُ) وَلَوْ احْتَاجَهُ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَهَا بِالْكِرَاءِ سَهْلٌ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَيُفَارِقُ الْكَفَّارَةُ الْمُرَتَّبَةَ حَيْثُ يَعْدِلُ مَنْ لَزِمَتْهُ إلَى الصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهَا إلَى الْإِعْتَاقِ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَهَا بَدَلٌ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ، وَالدَّيْنُ بِخِلَافِهِ وَبِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ - تَعَالَى - مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ احْتَاجَهُ مُوفٍ بِقَوْلِ أَصْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى مَنْ يَخْدُمُهُ وَبِمَا فَسَّرْنَاهُ بِهِ يَكُونُ أَعَمَّ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ: وَلَوْ احْتَاجَهُمَا كَانَ أَوْلَى، وَأَوْلَى مِنْهُ أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ احْتَاجَهَا وَيُؤَخِّرُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَمَرْكُوبِهِ (وَيَتْرُكُ لَهُ) إنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ فِي مَالِهِ (أَوْ يَشْتَرِي) لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ (دُسَتَ ثَوْبٍ لَائِقٍ) بِهِ مِمَّا يَعْتَادُهُ (مِنْ قَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ وَمِنْدِيلٍ وَمُكَعَّبٍ) أَيْ مَدَاسٍ قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَمَنْعَلٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ وَهَمٌ (وَيُزَادُ جُبَّةً) أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ فَرْوَةٍ (فِي الشِّتَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ وَلَا يُؤَخَّرُ غَالِبًا وَذَكَرَ الْمِنْدِيلَ فِي زِيَادَتِهِ (وَيُتْرَكُ لَهُ عِمَامَةٌ وَطَيْلَسَانٌ وَخُفٌّ وَدُرَّاعَةٌ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ يَلْبَسُهَا (فَوْقَ الْقَمِيصِ) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَلِيقُ بِهِ (إنْ لَاقَتْ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ (بِهِ) لِئَلَّا يَحْصُلَ الْإِرْدَاءُ بِمَنْصِبِهِ، وَتُزَادُ الْمَرْأَةُ مِقْنَعَةً وَغَيْرَهَا مِمَّا يَلِيقُ بِهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسُكُوتُهُمْ عَمَّا يُلْبَسُ عَلَى الرَّأْسِ تَحْتَ الْعِمَامَةِ يُشْعِرُ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ إيجَابُهُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَيُقَالُ لِمَا تَحْتَهَا الْقَلَنْسُوَةُ وَكَأَنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِذِكْرِ الْعِمَامَةِ عَنْ ذِكْرِهِ. ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِيَ ذَكَرَ أَنَّهُ تُتْرَكُ لَهُ الْقَلَنْسُوَةُ وَهُوَ وَاضِحٌ وَمِثْلُهُ تِكَّةُ السَّرَاوِيلِ اهـ (وَيُرَدُّ إلَى اللَّائِقِ) بِهِ حَالَ إفْلَاسِهِ (أَنْ تَعُودَ) قَبْلَهُ (الْأَشْرَفُ فِي اللُّبْسِ) أَيْ فَوْقَ مَا يَلِيقُ بِهِ (لَا) أَنْ تَعُودَ قَبْلَهُ (التَّقْتِيرُ) فَلَا يُرَدُّ إلَى اللَّائِقِ بِهِ بَلْ إلَى مَا تَعَوَّدَهُ مِنْ التَّقْتِيرِ (وَيُتْرَكُ لِعِيَالِهِ مِنْ الثَّوْبِ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا تُرِكَ لَهُ (وَيُبَاعُ الْبُسُطُ وَالْفُرُشُ وَيُتَسَامَحُ فِي حَصِيرٍ وَلِبْدٍ حَقِيرَيْنِ) أَيْ قَلِيلَيْ الْقِيمَةِ (وَيُتْرَكُ لَهُمْ) أَيْضًا (قُوتُ يَوْمِ الْقِسْمَةِ وَسُكْنَاهُ) وَإِنْ كَانَ بَاقِيهِ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ فِي أَوَّلِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ وَلِأَنَّ حُقُوقَهُمْ لَمْ تَجِبْ فِيهِ أَصْلًا وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِالْيَوْمِ لَيْلَتَهُ أَيْ اللَّيْلَةَ الَّتِي بَعْدَهُ (وَ) يُتْرَكُ (مَا يُجَهَّزُ بِهِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ قَبْلَهُ مُقَدَّمًا) بِهِ (عَلَى الْغُرَمَاءِ) قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَيُتْرَكُ لِلْعَالِمِ كُتُبُهُ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ تَفَقُّهًا: يُتْرَكُ لِلْجُنْدِيِّ الْمُرْتَزِقِ خَيْلُهُ وَسِلَاحُهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْمُتَطَوِّعِ بِالْجِهَادِ فَإِنَّ وَفَاءَ الدَّيْنِ أَوْلَى إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ وَلَا يَجِدُ غَيْرَهُمَا أَمَّا الْمُصْحَفُ فَيُبَاعُ قَالَ السُّبْكِيُّ: لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُرَاجَعَتِهِ وَيَسْهُلُ السُّؤَالُ عَنْ الْغَلَطِ مِنْ الْحَفَظَةِ بِخِلَافِ كُتُبِ الْعِلْمِ. (فَصْلٌ لَا يُؤْمَرُ مُفْلِسٌ بِكَسْبٍ) لِوَفَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ وَلَا إيجَارُ نَفْسِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] أَمَرَ بِإِنْظَارِهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِاكْتِسَابِهِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ مُعَاذٍ السَّابِقِ «لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» وَقَاعِدَةُ الْبَابِ لَا يُؤْمَرُ بِتَحْصِيلِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ (إلَّا غَاصِبٌ وَنَحْوُهُ) مِمَّنْ تَعَدَّى بِسَبَبِ الدَّيْنِ فَيُؤْمَرُ بِالْكَسْبِ وَلَوْ بِإِيجَارِ نَفْسِهِ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَاوِيِّ   [حاشية الرملي الكبير] ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْ لَا لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ وَيَسْتَمِرُّ الْإِنْفَاقُ وَالْكِسْوَةُ مِنْ مَالِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيمَا أَخَذَهُ لِلنَّفَقَةِ فَإِنْ صَرَفَهُ فِيمَا يَنْفَعُ الْغُرَمَاءَ كَأَنْ اشْتَرَى بِهِ شَيْئًا صَحَّ، أَوْ فِيمَا يَضُرُّهُمْ كَأَنْ وَهَبَهُ اُمْتُنِعَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ) قَالَ شَيْخُنَا: يُمْكِنُ أَنْ يَحْمِلَ التَّعَذُّرَ عَلَى مُطْلَقِ مَا يَجِبُ لَهُ فَلَا يَكُونُ شَامِلًا لِمَا إذَا احْتَاجَ لِلرُّكُوبِ لِمَنْصِبٍ وَنَحْوِهِ حَيْثُ لَا يَشْتَرِي لَهُ، وَقَوْلُهُ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَيْ عِنْدَ تَعَذُّرِ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ إيجَابُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُرَدُّ إلَى اللَّائِقِ بِهِ إلَخْ) لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ فَفِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيَتَسَامَحُ فِي حَصِيرٍ وَلِبَدٍ) وَكِسَاءٍ خَلِيعٍ ع (قَوْلُهُ أَيْ اللَّيْلَةُ الَّتِي بَعْدَهُ) فَلَوْ قَسَّمَ لَيْلًا تَرَكَ لَهُ قُوتَهَا وَقُوتَ الْيَوْمِ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ وَمَا يُجَهَّزُ بِهِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ) شَمِلَ الْوَاجِبَ فِي تَجْهِيزِهِ، وَكَذَا الْمَنْدُوبُ إنْ لَمْ تَمْنَعْهُ الْغُرَمَاءُ (قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ) وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَذَكَرَهُ غَيْرُ الْعَبَّادِيِّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَمْ أَرَ مَا يُخَالِفُهُ، وَفِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ مَا يُوَافِقُهُ اهـ قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَلَا يَتْرُكُ لَهُ رَأْسَ مَالٍ يَتَّجِرُ فِيهِ، وَعَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ مَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى تَحْصِيلِ قُوتِهِ إذَا كَانَ لَا يُحْسِنُ الِاكْتِسَابَ إلَّا بِالتِّجَارَةِ وَزَيَّفُوهُ وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُ الْعَبَّادِيِّ: إنَّهُ يَتْرُكُ لِلْفَقِيهِ كُتُبَ الْفِقْهِ دُونَ الْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ تَفَقُّهًا يَتْرُكُ لِلْجُنْدِيِّ الْمُرْتَزِقِ خَيْلَهُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْفَقِيهِ بِالْإِبْقَاءِ فَإِنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلْجِهَادِ بِسَبَبِ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. [فَصْلٌ لَا يُؤْمَرُ مُفْلِسٌ بِكَسْبٍ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا يُؤْمَرُ مُفْلِسٌ بِكَسْبٍ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ إلَخْ) فَلَوْ وُجِدَ عَيْنٌ مَالِيَّةٌ عِنْدَ مُفْلِسٍ وَطَلَبَ الْغُرَمَاءُ أَخْذَهَا فَأَبَى الْمُفْلِسُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ نُصَّ عَلَيْهِ وَكُتِبَ أَيْضًا فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُجُوبِ الْكَسْبِ لِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ بِأَنَّ قَدْرَهَا يَسِيرٌ مَضْبُوطٌ وَبِأَنَّ فِيهَا إحْيَاءَ بَعْضِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ: وَتُبَاعُ آلَاتُ حِرْفَتِهِ إنْ كَانَ مَجْنُونًا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَا تُبَاعُ إنْ كَانَ عَاقِلًا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَالْأَصَحُّ خِلَافًا عِبَارَةُ الْفَتَاوَى: الْمُفْلِسُ إذَا كَانَ مُحْتَرِفًا تُبَاعُ عَلَيْهِ آلَةُ حِرْفَتِهِ فِي الدَّيْنِ اهـ وَلَعَلَّ النُّسْخَةَ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَانَ فِيهَا تَحْرِيفٌ فَاشْتَبَهَ لَفْظُ الْمُحْتَرِفِ بِالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ إلَخْ) كَمَا لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَاوِيِّ) وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الدَّارَكِيِّ وَفِي بَابِ التَّوْبَةِ مِنْ الْإِحْيَاءِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ، وَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى أَفْلَسَ فَعَلَيْهِ الْخُرُوجُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ مِنْ الْحَلَالِ قَدْرَ الزَّادِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ لِيُصْرَفَ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ الصَّدَقَةِ مَا يَحُجُّ بِهِ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِمَّا قَالَهُ الْفَرَاوِيُّ فَإِنَّ الْحَجَّ حَقٌّ لِلَّهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ ذَلِكَ وَاجِبَةٌ وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ عَلَى الرَّدِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَعِيدٍ وَقَدْ أَوْجَبُوا عَلَى الْكَسُوبِ كَسْبَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ وَجَعَلُوهُ غَنِيًّا بِذَلِكَ انْتَهَى وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ لَيْسَ لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ بَلْ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ (وَلَا يُمْكِنُ مِنْ تَفْوِيتِ حَاصِلٍ) لِمُنَافَاتِهِ غَرَضَ الْحَجْرِ، وَفَرَّعَ عَلَى لَا يُؤْمَرُ إلَى آخِرِهِ قَوْلُهُ (فَلَا يَلْزَمُهُ تَرْكُ الْقِصَاصِ) الْوَاجِبِ لَهُ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَرَقِيقِهِ (لِلْأَرْشِ) أَيْ لِأَجْلِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْكَسْبِ (وَلَيْسَ لَهُ) وَلَا لِوَارِثِهِ (الْعَفْوُ عَنْ الْمَالِ) الْوَاجِبِ لَهُ بِجِنَايَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْحَاصِلِ (وَلَا الْمُسَامَحَةُ بِصِفَةٍ) مَقْصُودَةٍ مَشْرُوطَةٍ فِي الْمُسْلِمِ فِيهِ أَوْ نَحْوِهِ (عِنْدَ التَّقَاضِي) لَهُ (وَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَجِّرَ لَهُمْ) أَيْ لِأَجْلِهِمْ (مُسْتَوْلَدَتَهُ وَمَوْقُوفًا عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْمَالِ مَآلٌ كَالْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْحُرِّ فَيَصْرِفُ بَدَلَ مَنْفَعَتِهِمَا لِلدَّيْنِ وَيُؤْجَرَانِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى الْبَرَاءَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا إدَامَةُ الْحَجْرِ إلَى الْبَرَاءَةِ وَهُوَ كَالْمُسْتَبْعَدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لَهُ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْمَوْقُوفِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إجَارَةِ الْوَقْفِ أَيْ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ تَفَاوُتٌ بِسَبَبِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ إلَى حَدٍّ لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ فِي غَرَضِ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ انْتَهَى وَمِثْلُهُ الْمُسْتَوْلَدَةُ. (فَصْلٌ لَا يَفُكُّ هَذَا الْحَجْرَ إلَّا الْحَاكِمُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِثْبَاتِهِ فَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِرَفْعِهِ كَحَجْرِ السَّفَهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ فَلَا يَنْفَكُّ بِنَفْسِهِ وَإِنْ قُسِّمَتْ أَمْوَالُهُ وَلَا بِاتِّفَاقِ الْغُرَمَاءِ عَلَى رَفْعِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ) لِاحْتِمَالِ غَرِيمٍ آخَرَ فَاعْتُبِرَ نَظَرُ الْحَاكِمِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَكِّهِ لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَلَهُ فِيهَا نَصٌّ آخَرُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْفَكُّ بِنَفْسِهِ (فَلَوْ بَاعَ) الْمُفْلِسُ (مَالَهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ) بِدَيْنِهِمْ أَوْ بِبَعْضِهِ أَوْ بِعَيْنٍ (أَوْ) مِنْ (غَيْرِهِمْ بِإِذْنِهِمْ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ (إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ) لِاحْتِمَالِ غَرِيمٍ آخَرَ. (فَصْلٌ وَمَنْ وَجَدَ مِنْ الْغُرَمَاءِ) عِنْدَ الْمُفْلِسِ (عَيْنَ مَالِهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ عَيْنَ مَا أَقْرَضَ) لَهُ (فَلَهُ الْفَسْخُ) لِلْعَقْدِ وَاسْتِرْدَادُ الْعَيْنِ (وَلَوْ بِلَا حَاكِمٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ» وَقِيَاسًا عَلَى خِيَارِ الْمُسْلِمِ بِانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَعَلَى الْمُكْتَرِي بِانْهِدَامِ الدَّارِ بِجَامِعِ تَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ، وَلَوْ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ فُسِخَ فِيمَا يُقَابِلُ بَعْضَهُ الْآخَرَ، وَقَدْ يَجِبُ الْفَسْخُ بِأَنْ يَقَعَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ التَّصَرُّفُ بِالْغِبْطَةِ كَأَنْ يَكُونَ مُكَاتَبًا أَوْ وَلِيًّا وَالْغِبْطَةُ فِي الْفَسْخِ وَسَيَأْتِي ضَابِطُ مَا يُفْسَخُ فِيهِ وَذَكَرُوا مَسْأَلَةَ الْقَرْضِ هُنَا مَعَ ذِكْرِهِمْ لَهَا فِي بَابِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ فِي الْعَيْنِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ (وَهُوَ) أَيْ الْفَسْخُ (عَلَى الْفَوْرِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ) بِجَامِعِ دَفْعِ الضَّرَرِ (فَإِنْ أَخَّرَهُ جَاهِلًا جَوَازَهُ) أَيْ الْفَسْخِ (فَوَجْهَانِ) هَذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْأَصْلُ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِالْوَجْهَيْنِ فِي جَهْلِ بُطْلَانِ الصُّلْحِ فِيمَا يَأْتِي، وَأَوْجَهُهُمَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى غَالِبًا بِخِلَافِ ذَاكَ أَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِجَوَازِهِ فَيَبْطُلُ حَقُّهُ لِتَقْصِيرِهِ (فَإِنْ صُولِحَ عَنْهُ) أَيْ الْفَسْخِ (بِمَالٍ لَمْ يَصِحَّ) الصُّلْحُ (وَبَطَلَ حَقُّهُ) مِنْ الْفَسْخِ فِي حَقِّ الْعَالِمِ بِبُطْلَانِ الصُّلْحِ (لَا) فِي حَقِّ (الْجَاهِلِ) بِهِ كَمَا فِي الصُّلْحِ عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَقَدْ مَرَّ (وَلَوْ حَكَمَ بِمَنْعِ الْفَسْخِ حَاكِمٌ لَمْ يُنْقَضْ) حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي الْفَسْخِ إلَى حَاكِمٍ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْحُكْمَ إذَا عَارَضَ النَّصَّ أَوْ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ يُنْقَضُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِمَا ذُكِرَ لَمْ يُخَالِفْ النَّصَّ الْمَذْكُورَ؛ إذْ مُفَادُ النَّصِّ أَنَّ الْبَائِعَ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ   [حاشية الرملي الكبير] تَنْبِيهٌ) مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ تَعَدَّى بِهِ أُخِذَ مِنْ ثَوَابِ حَسَنَاتِهِ بِقَدْرِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ طُرِحَ عَلَيْهِ مِنْ عِقَابِ سَيِّئَاتِ الدَّائِنِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ ثَوَابِ حَسَنَاتِهِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا تُؤْخَذُ أَمْوَالُهُ فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَصِيرَ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ وَلَا يُؤْخَذُ ثَوَابُ إيمَانِهِ كَمَا لَا يُؤْخَذُ فِي الدُّنْيَا ثِيَابُ بَدَنِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ لَمْ يُطْرَحْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ سَيِّئَاتِ خَصْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْصِ قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَجِّرَ لَهُمْ مُسْتَوْلَدَتَهُ) وَمَوْقُوفٌ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشْرِطْ وَاقِفُهُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ، وَإِلَّا فَلَا يُؤَجَّرُ، وَإِجَارَةُ أُمِّ الْوَلَدِ لَا تَخْتَصُّ بِالْمَحْجُورِ بَلْ تَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَدْيُونٍ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ مَا إذَا كَانَ مَا يَحْصُلُ مِنْهُمَا لَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ مَنْ يُمَوِّنُهُ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ: وَيُؤَجَّرَانِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى الْبَرَاءَةِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: أَوْ يُؤَجَّرُ دَفْعَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَقَضِيَّةُ هَذَا إدَامَةُ الْحَجْرِ إلَى الْبَرَاءَةِ) وَهُوَ كَالْمُسْتَبْعَدِ، وَفِي الصَّغِيرِ أَنَّهُ بَعِيدٌ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: وَغَيْرُهُ إنَّمَا مُقْتَضَاهُ فَكُّهُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ الْمَأْجُورِ وَقَدْ ذَكَرَا نَظِيرَهُ. [فَصْلٌ لَا يَفُكُّ الْحَجْرَ عَلَى الْمُفْلِس إلَّا الْحَاكِمُ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا يَفُكُّ هَذَا الْحَجْرَ إلَّا الْحَاكِمُ) لَوْ فَكَّ الْحَاكِمُ عَنْهُ الْحَجْرَ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ أَخْفَاهُ تَبَيَّنَّا اسْتِمْرَارَ الْحَجْرِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُتَفَطَّنَ إلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُمْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَبَاعَهُمْ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ. [فَصْلٌ وَمَنْ وَجَدَ مِنْ الْغُرَمَاءِ عِنْدَ الْمُفْلِسِ عَيْنَ مَالِهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ عَيْنَ مَا أَقْرَضَ] (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ» إلَخْ) وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ» وَفِي حُكْمِ الْحَجْرِ بِالْفَلَسِ الْمَوْتُ مُفْلِسًا فَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ» اهـ وَيَجُوزُ لَهُ الْفَسْخُ فِي بَعْضِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْفَسْخُ عَلَى الْفَوْرِ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْقَرْضِ الْفَوْرُ بَلْ أَفْرَدَهُ بِفَرْعٍ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ وَرَقَةٍ فَقَالَ: اقْتَرَضَ مَالًا ثُمَّ أَفْلَسَ فَلِلْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ فِيهِ اهـ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ بَلْ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهَا؛ لِأَنَّهَا تَقَدَّمَتْ فِي بَابِهَا بَلْ قَوْلُهُ فَأَفْلَسَ يُفْهِمُ اشْتِرَاطَهُ كَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ جَاهِلًا جَوَازَهُ فَوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا إبْقَاءُ حَقِّهِ (قَوْلُهُ: وَأَوْجَهُهُمَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ) لِكَثْرَةِ الْخِلَافِ فِيهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 هُوَ نَصًّا فِي الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِعَيْنِ مَتَاعِهِ، وَأَنَّهُ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَظْهَرَ (وَالْفَسْخُ أَنْ يَقُولَ فَسَخْت الْبَيْعَ أَوْ نَقَضْته أَوْ رَفَعْته) أَوْ نَحْوَهَا (وَلَوْ قَالَ رَدَدْت الثَّمَنَ أَوْ فَسَخْت الْبَيْعَ فِيهِ كَفَى) فِي الْفَسْخِ (وَإِنْ أَعْتَقَهُ) أَيْ مَالَهُ الَّذِي وَجَدَهُ (أَوْ بَاعَهُ) مَثَلًا (لَمْ يَكُنْ فَسْخًا) كَمَا لَا يَكُونُ فَسْخًا فِي الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ وَتَلْغُو هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ لِمُصَادَفَتِهَا مِلْكَ الْغَيْرِ. (فَرْعٌ لَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ أَوْ الْوَارِثُ) أَيْ غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ أَوْ وَارِثُهُ لِمَنْ وُجِدَ مَالُهُ عِنْدَهُ (نَحْنُ نُقَدِّمُك بِالثَّمَنِ وَلَا تَفْسَخْ لَمْ تَلْزَمْهُ) إجَابَتُهُ لِلْمِنَّةِ وَخَوْفِ ظُهُورِ مُزَاحِمٍ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ سَاوَى الدَّيْنُ مَالَهُ وَقُلْنَا يُحْجَرْ بِهِ حَيْثُ يُمْنَعُ الْوَاجِدُ لِمَالِهِ مِنْ الْفَسْخِ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَعَ وُجُودِ خَوْفِ الْمُزَاحَمَةِ قُلْت فِي تِلْكَ إذَا ظَهَرَ مُزَاحِمُهُ وَزَاحَمَهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ بَلْ يَرْجِعُ فِيمَا يُقَابِلُ مَا زُوحِمَ بِهِ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ الرُّجُوعِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِي الْمَالِ مَا يُوَفِّي حَقَّهُ (وَكَذَا) لَا تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ (إنْ تَبَرَّعَ بِهِ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ) أَوْ كُلُّهُمْ (أَوْ أَجْنَبِيٌّ) لِلْمِنَّةِ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إسْقَاطِ حَقِّهِ فَكَانَ كَالزَّوْجَةِ إذَا تَمَكَّنَتْ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ لِإِعْسَارِ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ فَتَبَرُّعُ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ بِهَا لَا يَلْزَمُهَا الْقَبُولُ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ هَذَا فِي الْحَيِّ أَمَّا لَوْ تَبَرَّعَ مُتَبَرِّعٌ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ فَلِلْقَاضِي فِيهِ جَوَابَانِ، وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ رَبَّ الدَّيْنِ الْقَبُولُ أَوْ الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَوْتِ آيِسٌ مِنْ الْقَضَاءِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَيَاةِ لَا يُلَاقِي مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ أَنَّ رَبَّ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ (فَإِنْ أَجَابَ) الْمُتَبَرِّعِينَ بِالثَّمَنِ (وَقَدَّمُوهُ) بِهِ (ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ) آخَرُ (لَمْ يُزَاحِمْهُ) فِيمَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي وَجْهٍ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ وَفِي وَجْهٍ يَدْخُلُ فِيهِ لَكِنْ ضِمْنًا، وَحُقُوقُ الْغُرَمَاءِ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِمَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ أَصَالَةً أَمَّا لَوْ أَجَابَ غَيْرُ الْمُتَبَرِّعِينَ فَلِلَّذِي ظَهَرَ أَنْ يُزَاحِمَهُ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا يُقَابِلُ مَا زُوحِمَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِتَرْكِ حَقِّهِ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ كُلَّ الثَّمَنِ وَلَمْ يُسَلِّمْ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ حَيْثُ أَخَّرَ حَقَّ الرُّجُوعِ مَعَ احْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ يُزَاحِمُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَطْلَبِ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَوْجَهُ وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَيْهِ لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ الْآتِي الْأَوَّلُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَدَّمُوهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ رُبَّمَا يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ (فَلَوْ قَالَ) لَهُ (وَارِثُ الْمُشْتَرِي: أَنَا أُعْطِيك) الثَّمَنَ (مِنْ مَالِي) وَلَا تَفْسَخْ (لَزِمَ) هـ (الْقَبُولُ) ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمُورِثِ فَلَهُ تَخْلِيصُ الْمَبِيعِ، وَلِأَنَّهُ يَبْغِي بِذَلِكَ بَقَاءَ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ. (فَرْعٌ) تَضَمَّنَ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الْغُرَمَاءُ الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْمَرْهُونِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ وَيُفَرِّقُ بِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَيْنِ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي بَدَلِهَا (وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوْ غَابَ أَوْ مَاتَ وَهُوَ مَلِيءٌ) فِي الثَّلَاثِ (وَامْتَنَعَ الْوَارِثُ) مِنْ التَّسْلِيمِ فِي الْأَخِيرَةِ (لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ الْبَائِعُ (فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ) لِعَدَمِ عَيْبِ الْإِفْلَاسِ الَّذِي هُوَ مَنَاطُ جِوَارِ الرُّجُوعِ وَلِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ بِالسُّلْطَانِ فَإِنْ فُرِضَ عَجْزٌ فَنَادِرٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مَلِيءٍ فَيَرْجِعُ فِيهَا (وَلَا يَرْجِعُ) فِيهَا (إنْ انْقَطَعَ جِنْسُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ لَهُ الِاعْتِيَاضَ عَنْهُ) وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إذَا فَاتَ جَازَ الْفَسْخُ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي فَوَاتِ الْمَبِيعِ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ إتْلَافَ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ كَإِتْلَافِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْتَضِيَ التَّخْيِيرَ، وَإِذَا جَازَ الْفَسْخُ لِفَوَاتِ عَيْنِهِ مَعَ إمْكَانِ الرُّجُوعِ إلَى جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ فَالْفَوَاتُ الْجِنْسُ أَوْلَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَا قَوِيٌّ؛ إذْ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ فَبَعْدَ الْفَسْخِ وَهُنَاكَ الْمِلْكُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مُعَيَّنٌ وَأَنَّهُ فَاتَ بِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَاغَ الْفَسْخُ بَلْ فِيهَا قَوْلٌ أَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ. (فَرْعٌ لَوْ كَانَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ ضَمِينٌ مَلِيءٌ لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ (وَلَوْ) كَانَ الضَّمَانُ (بِلَا إذْنٍ) لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى الثَّمَنِ مِنْ الضَّامِنِ فَلَمْ يَحْصُلْ التَّعَذُّرُ بِالْإِفْلَاسِ وَلِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ وَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ فَالْوُصُولُ إلَيْهِ مِنْهُ كَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْمُتَبَرِّعِ بِهِ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى مَا لَوْ ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ وَذَكَرَ فِيهِ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ فَالتَّرْجِيحُ فِيهِ، وَذَكَرَ حُكْمَ الضَّمَانِ بِالْإِذْنِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا التَّقْيِيدُ بِمَلِيءٍ وَقَدْ قَيَّدَ بِهِ وَبِمُقِرٍّ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ: فَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ جَاحِدًا، وَلَا بَيِّنَةَ فَيَرْجِعُ لِتَعَذُّرِ الثَّمَنِ بِالْإِفْلَاسِ، وَالتَّرْجِيحُ الْمَذْكُورُ هُوَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ فَسَخْت الْبَيْعَ فِيهِ) أَيْ وَرَجَعْت فِي الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا) لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقْوَى عَلَى رَفْعِ الْمِلْكِ الْمُسْتَقِرِّ بِخِلَافِهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ. [فَرْعٌ قَالَ غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ لِمَنْ وُجِدَ مَالُهُ عِنْدَهُ نَحْنُ نُقَدِّمُك بِالثَّمَنِ وَلَا تَفْسَخْ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي وَجْهٍ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ حَيْثُ أَخَّرَ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ فِي الْعَالَمِ بِالْمُزَاحَمَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ وَارِثُ الْمُشْتَرِي: أَنَا أُعْطِيك مِنْ مَالِي لَزِمَهُ الْقَبُولُ) شَمِلَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي تَرِكَةٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يَبْغِي بِذَلِكَ بَقَاءَ مِلْكِهِ) ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ مِلْكُهُ فَأَشْبَهَ فَكَّ الْمَرْهُونِ وَفِدَاءَ الْجَانِي. (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إذَا فَاتَ بِجِنَايَةٍ) مُضَمَّنَةٍ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَا أَقْوَى) أُجِيبُ بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ فِي الْعَقْدِ ثَمَّ لَمَّا أَتْلَفَهُ الْأَجْنَبِيُّ ثَبَتَ التَّخْيِيرُ فِيهِ وَهُنَا لَمْ يَحْصُلْ إتْلَافٌ مِنْهُ وَلَا مِنْ عَاقِدٍ بَلْ انْقَطَعَ جِنْسُهُ، وَالذِّمَّةُ قَابِلَةٌ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ فِيهَا، وَالْعَوْدُ مُمْكِنٌ، وَالْيَسَارُ لِلْمَدْيُونِ حَاصِلٌ، وَالِاسْتِبْدَالُ مُمْكِنٌ فَإِثْبَاتُ التَّخْيِيرِ لِلْبَائِعِ لَا وَجْهَ لَهُ بَلْ إنْ شَاءَ صَبَرَ لِيَأْخُذَ الْجِنْسَ أَوْ اسْتَبْدَلَ فَلَا يَخْتَارُ الْفَسْخَ لِذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّ جَوَازَ الْفَسْخِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَا حَجْرَ وَهُوَ وَاضِحٌ كَانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الِانْقِطَاعِ بَعْدَ الْحَجْرِ، وَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ، وَقَدْ تَزِيدُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً تَزِيدُ عَلَى أَضْعَافِ ثَمَنِهَا، وَفِي الْفَسْخِ إضْرَارٌ بِالْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ. (قَوْلُهُ لَوْ كَانَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ ضَمِينٌ مَلِيءٌ إلَخْ) أَيْ مُقِرٌّ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ يُمْكِنُ الْأَخْذُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَيَّدَ بِهِ وَبِمُقِرِّ الْأَذْرَعِيِّ) أَيْ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ لِتَعَذُّرِ الثَّمَنِ بِالْإِفْلَاسِ) وَلِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا عَلَى الْمُفْلِسِ، وَضَمِنَهُ ضَامِنٌ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ هَلْ يَكُونُ كَالْحَالِّ عَلَيْهِمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ تَرَجُّحُ الرُّجُوعِ كَمَا فِي الْمُتَبَرِّعِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي بَابِ الضَّمَانِ: لَوْ أَفْلَسَ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ وَأَرَادَ الْحَاكِمُ بَيْعَ مَالِهِمَا فِي دَيْنِهِمَا فَقَالَ الضَّامِنُ: ابْدَأْ بِمَالِ الْأَصِيلِ وَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: أَبِيعُ مَالَ أَيِّكُمَا شِئْت بِدَيْنِي فَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ كَانَ الضَّمَانُ بِالْإِذْنِ فَالْمُجَابُ الضَّامِنُ وَإِلَّا فَرَبُّ الدَّيْنِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَدْرَكَ هُنَا تَعَذُّرُ أَخْذِ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَتَعَذَّرْ، وَثَمَّ شَغْلُ ذِمَّةِ كُلٍّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ (وَكَذَا) لَا يَرْجِعُ (لَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ يَفِي بِهِ وَلَوْ مُسْتَعَارًا) لِمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَفِ بِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا يُقَابِلُ مَا بَقِيَ لَهُ وَذَكَرَ مَسْأَلَةَ الرَّهْنِ غَيْرِ الْمُعَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا التَّرْجِيحُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُعَارِ مَعَ قَوْلِهِ يَفِي بِهِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. (فَصْلٌ لَهُ الْفَسْخُ فِي كُلِّ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ) لِمَا مَرَّ فَخَرَجَ بِالْمُعَاوَضَةِ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا، وَبِالْمَحْضَةِ غَيْرُهَا كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ الْعِوَضِ فِي الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا وَلِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ فِي الْبَقِيَّةِ نَعَمْ لِلزَّوْجَةِ بِإِعْسَارِ زَوْجِهَا بِالْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ فَسْخُ النِّكَاحِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ لَكِنْ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْحَجْرِ (فَيَفْسَخُ الْمُسْلِمُ) عَقْدَ السَّلَمِ (إنْ وَجَدَ رَأْسَ مَالِهِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ (فَلَوْ فَاتَ) بِتَلَفٍ أَوْ نَحْوِهِ (لَمْ يَفْسَخْ) كَمَا لَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ فِي الْبَيْعِ (بَلْ يُضَارِبُ) الْغُرَمَاءَ (بِقِيمَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ثُمَّ يَشْتَرِي لَهُ) مِنْهُ بِمَا يَخُصُّهُ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ نَعَمْ إنْ وَجَدَ فِي الْمَالِ صَرَفَ إلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هَذَا إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ الْمُسْلَمُ فِيهِ (فَلَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَلَهُ الْفَسْخُ) لِثُبُوتِهِ حِينَئِذٍ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُفْلِسِ فَفِي حَقِّهِ أَوْلَى وَكَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (وَ) لَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ (الْمُضَارَبَةُ بِرَأْسِ الْمَالِ) كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَكَيْفِيَّةُ الْمُضَارَبَةِ إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ. (فَلَوْ قَوَّمْنَا الْمُسْلَمَ فِيهِ) فَكَانَتْ قِيمَتُهُ (عِشْرِينَ وَالدُّيُونُ ضِعْفُ الْمَالِ فَأَفْرَزْنَا لَهُ) أَيْ لِلْمُسْلِمِ مِنْ الْمَالِ (عَشَرَةً وَرُخِّصَ السِّعْرُ) قَبْلَ الشِّرَاءِ (اشْتَرَى لَهُ) بِهَا (جَمِيعَ حَقِّهِ) إنْ وَفَتْ بِهِ وَإِلَّا قَبَضَهُ (وَالْفَاضِلُ) إنْ كَانَ (لِلْغُرَمَاءِ) وَإِنَّمَا اشْتَرَى لَهُ الْجَمِيعَ اعْتِبَارًا بِيَوْمِ الْقِسْمَةِ (؛ لِأَنَّ الْمُفْرَزَ) لَهُ صَارَ (كَالْمَرْهُونِ) بِحَقِّهِ وَانْقَطَعَ بِهِ حَقُّهُ مِنْ حِصَصِ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ مِمَّا عِنْدَ الْغُرَمَاءِ وَبَقِيَ حَقُّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ (وَلَوْ ارْتَفَعَ السِّعْرُ) قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَمْ يُوجَدْ الْمُسْلَمُ فِيهِ إلَّا بِأَرْبَعِينَ مَثَلًا (لَمْ يَزِدْ) عَلَى مَا أُفْرِزَ لَهُ فَلَا يُزَاحِمُهُمْ اعْتِبَارًا بِمَا مَرَّ (وَإِنْ حَدَثَ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَزَوَالِ الْحَجْرِ) عَنْهُ (ثُمَّ أُعِيدَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَقَدْ أُعْطِيَ الْمُسْلِمُ) قَبْلَ زَوَالِ الْحَجْرِ (قَدْرًا مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ) وَاحْتِيجَ إلَى الْمُضَارَبَةِ ثَانِيًا (قَوَّمْنَاهُ) أَيْ الْمُسْلَمَ فِيهِ لِيُعْرَفَ قَدْرُ مَا يَخُصُّ الْمُسْلِمَ مِمَّا بَقِيَ لَهُ مِنْهُ (بِقِيمَةِ وَقْتِ الْحَجْرِ الثَّانِي وَأَخْذِ حِصَّتِهِ) مِنْ الْمَالِ بِحَسَبِ تِلْكَ الْقِيمَةِ (وَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا) أَوْ غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ الْمُتَقَوِّمَاتِ (اشْتَرَى لَهُ) الْحَاكِمُ أَوْ مَأْذُونُهُ (بِحِصَّتِهِ شِقْصًا) مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا مَرَّ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي لَهُ بَعْضَ الْمُتَقَوِّمِ لِلتَّشْقِيصِ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) شِقْصٌ (فَلَهُ الْفَسْخُ فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ) وَكَانَ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ وَبَقِيَ بَعْضُهُ الْآخَرُ (رَجَعَ فِي الْبَاقِي) مِنْهُ (وَضَارَبَ بِبَاقِي الْمُسْلَمِ) فِيهِ. (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ أَرْضًا وَأَفْلَسَ) قَبْلَ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ الْحَالَّةِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ (فَلِلْمُؤَجِّرِ الْفَسْخُ) تَنْزِيلًا لِلْمَنَافِعِ مَنْزِلَةَ الْأَعْيَانِ فِي الْبَيْعِ (فَإِنْ أَجَازَ) الْعَقْدَ أَوْ فُسِخَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ (ضَارَبَ) الْغُرَمَاءَ (بِكُلِّ الْأُجْرَةِ) إنْ أَجَازَ (أَوْ الْبَعْضَ) إنْ فَسَخَ (وَيُؤَجِّرُ الْحَاكِمُ) عَلَى الْمُفْلِسِ (الْعَيْنَ) الْمُؤَجَّرَةَ إنْ كَانَتْ فَارِغَةً (لِلْغُرَمَاءِ) أَيْ لِأَجْلِهِمْ أَمَّا لَوْ كَانَ الْحَالُّ بَعْضَ الْأُجْرَةِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْمُسْتَحَقِّ فِيهَا أُجْرَةٌ كُلَّ شَهْرٍ عِنْدَ مُضِيِّهِ فَلَا فَسْخَ فِيهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ كَوْنُ الْعِوَضِ حَالًّا، وَالْمُعَوَّضِ بَاقِيًا فَلَا يَأْتِي الْفَسْخُ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لِعَدَمِ الْحُلُولِ، وَلَا بَعْدَهُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ فَهُوَ كَتَلَفِ الْمَبِيعِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ   [حاشية الرملي الكبير] أَمْ لَهُ الْفَسْخُ هُنَا مُطْلَقًا. [فَصْلٌ لَلْمُفْلِسُ الْفَسْخُ فِي كُلِّ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: لَهُ الْفَسْخُ فِي كُلِّ مُعَارَضَةٍ مَحْضَةٍ) مِنْ شُرُوطِهِ - أَيْضًا - أَنْ لَا يَقُومَ بِالْبَائِعِ مَانِعٌ كَمَنْ أَحْرَمَ، وَالْمَبِيعُ صَيْدٌ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ الْكَافِرِ، وَالْمَبِيعُ مُسْلِمٌ كَمَا فِي الزَّوَائِدِ وَالْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ مُجَلِّيٍّ فَتَأَمَّلْ الْفَرْقَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيْدِ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ، وَلَا يَزُولُ بِنَفْسِهِ قَطْعًا بِخِلَافِ الصَّيْدِ مَعَ الْمُحْرِمِ ع. [فَصْلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ أَرْضًا وَأَفْلَسَ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ] (قَوْلُهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ أَرْضًا وَأَفْلَسَ فَلِلْمُؤَجِّرِ الْفَسْخُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ، وَلَمْ يَخْلُفْ تَرِكَةً، وَلَمْ يَفْسَخْ الْمُؤَجِّرُ فَانْتَفَعَ الْوَارِثُ فَاَلَّذِي أَفْتَيْت بِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِأُجْرَةِ مَا اسْتَوْفَاهُ لَا بِأَزْيَدَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي اسْتَوْفَاهُ هُوَ التَّرِكَةُ، وَالتَّرِكَةُ دَيْنٌ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ الْوَفَاءُ بِقَدْرِ التَّرِكَةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ امْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَلَهُ نَظِيرٌ فِي الْمُسَاقَاةِ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَهُ م (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ فَقَطْ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ فِي تَصْوِيرِهِمَا لِلْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِمَا قَبْلَ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ أَوْ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَنَافِعَ بَاقِيَةٌ، وَأَنَّ الْأُجْرَةَ حَالَّةٌ، وَمِنْ قَوْلِهِمَا أَيْضًا: إنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَحِلُّ بِالْحَجْرِ، وَالْأُجْرَةُ الْمُؤَجَّلَةُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ م (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَرْطَهُ كَوْنُ الْعِوَضِ حَالًّا) قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: يُتَصَوَّرُ الْفَسْخُ مَعَ كَوْنِ الْأُجْرَةِ كُلِّهَا لَيْسَتْ حَالَّةً بِأَنْ تَكُونَ مُقَسَّطَةً لَكِنْ لَمْ يُجْعَلْ كُلُّ قِسْطٍ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْمُدَّةِ بَلْ جُعِلَتْ أُجْرَةُ السَّنَةِ مَثَلًا عَلَى قِسْطَيْنِ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالْآخَرُ سَلَخَ السَّنَةَ، وَلَمْ يُجْعَلْ الْقِسْطُ الْأَوَّلُ فِي مُقَابَلَةِ السِّتَّةِ الْأُولَى وَلَا الثَّانِي فِي مُقَابَلَةِ الثَّانِيَةِ فَإِذَا حُجِرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ حُلُولِ الْقِسْطِ الْأَوَّلِ وَقَدْ بَقِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ الْحَالَّ وَهُوَ نِصْفُهَا، وَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ فِي جَمِيعِهَا؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ الَّتِي حَلَّتْ وَاَلَّتِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 نَعَمْ لَوْ آجَرَ شَيْئًا بِأُجْرَةٍ بَعْضُهَا حَالٌّ وَبَعْضُهَا مُؤَجَّلٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَفْسَخُ فِي الْحَالِّ بِالْقِسْطِ (وَإِنْ فَسَخَ مُؤَجِّرُ الدَّابَّةِ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أَوْ مُؤَجِّرُ الْأَرْضِ وَهِيَ مَزْرُوعَةٌ فَعَلَيْهِ) فِي الْأُولَى (حَمْلُ الْمَتَاعِ) مِنْ غَيْرِ مَأْمَنٍ (إلَى الْمَأْمَنِ) لِئَلَّا يَضِيعَ (بِأُجْرَةِ مِثْلٍ يُقَدِّمُ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ لِصِيَانَةِ الْمَالِ وَإِيصَالِهِ إلَى الْغُرَمَاءِ فَأَشْبَهَ أُجْرَةَ الْكَيَّالِ. (وَيَضَعُهُ) وُجُوبًا فِي الْمَأْمَنِ (عِنْدَ الْحَاكِمِ) إنْ لَمْ يَجِدْ الْمَالِكَ أَوْ وَكِيلَهُ لِيَحْفَظَ لَهُ (فَإِنْ وَضَعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ فَوَجْهَانِ كَنَظَائِرِهِ) فِي الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا فَالْأَصَحُّ الضَّمَانُ (وَعَلَيْهِ) فِي الثَّانِيَةِ (تَبْقِيَةُ الزَّرْعِ إلَى) وَقْتِ (الْحَصَادِ) إنْ لَمْ يُسْتَحْصَدْ (وَلِلْمُؤَجِّرِ) أَقَامَ فِيهِ الظَّاهِرَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ أَيْ وَلَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) عَلَى الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ (يُقَدَّمُ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِمَا مَرَّ هَذَا (إنْ أَرَادَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ إبْقَاءَهُ) وَإِلَّا فَإِنْ أَرَادُوا قَطْعَهُ فَذَاكَ (وَإِنْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْقَطْعَ) وَبَعْضُهُمْ الْإِبْقَاءَ (وَلِلْمَقْطُوعِ قِيمَةٌ أُجِيبَ) مُرِيدُ الْقَطْعِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُهُ تَأْخِيرُ حَقِّهِ بِرِضَا غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُفْلِسَ لَيْسَ عَلَيْهِ تَنْمِيَةُ مَالِهِ لَهُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ الصَّبْرُ إلَى النَّمَاءِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْطُوعِ قِيمَةٌ (فَلَا) يُجَابُ مُرِيدُ الْقَطْعِ بَلْ مُرِيدُ الْإِبْقَاءِ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ لِمُرِيدِ الْقَطْعِ فِيهِ أَمَّا إذَا اُسْتُحْصِدَ الزَّرْعُ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَصَادِ وَتَفْرِيغِ الْأَرْضِ (فَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ لَمْ يَأْخُذْ الْأُجْرَةَ الْمَاضِيَةَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمَقْطُوعِ قِيمَةٌ (فَهُوَ غَرِيمٌ فَلَهُ طَلَبُ الْقَطْعِ) وَحَيْثُ وَجَبَ بَقَاءُ الزَّرْعِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَالسَّقْيُ وَسَائِرُ الْمُؤَنِ إنْ تَطَوَّعَ بِهَا الْغُرَمَاءُ أَوْ بَعْضُهُمْ أَوْ اتَّفَقُوا عَلَيْهَا بِقَدْرِ دُيُونِهِمْ فَذَاكَ وَإِنْ اتَّفَقَ بَعْضُهُمْ لِيَرْجِعَ اُعْتُبِرَ إذْنُ الْحَاكِمِ أَوْ اتِّفَاقُ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفْلِسِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: (وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الزَّرْعِ لِيَرْجِعَ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ بِاتِّفَاقِ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفْلِسِ وَحِينَئِذٍ يُقَدَّمُ) الْمُنْفِقُ (بِهِ) أَيْ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لِإِصْلَاحِ الزَّرْعِ. (فَلَوْ أَنْفَقُوا) عَلَيْهِ بِقَدْرِ دُيُونِهِمْ لِيَرْجِعُوا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ (ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ قَدَّمُوا) عَلَيْهِ (بِمَا أَنْفَقُوا) وَقَوْلِي بِإِذْنِ الْحَاكِمِ قُلْته تَفَقُّهًا فَلَا يَكْفِي إذْنُ الْمُفْلِسِ لِقُصُورِ رَأْيِهِ عَنْ رَأْيِ الْحَاكِمِ (فَلَوْ أَنْفَقُوا) عَلَيْهِ (مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ) بِإِذْنِهِ أَوْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ (جَازَ) لِحُصُولِ الْفَائِدَةِ لَهُ وَلَهُمْ (وَإِنْ أَنْفَقَ أَحَدُهُمْ بِإِذْنِ الْمُفْلِسِ) فَقَطْ (لِيَرْجِعَ) بِمَا أَنْفَقَهُ جَازَ وَ (لَزِمَ ذِمَّتَهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ (وَلَا يُضَارِبُ بِهِ) الْغُرَمَاءَ لِحُدُوثِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ (أَوْ) أَنْفَقَ (بِإِذْنِ بَاقِي الْغُرَمَاءِ) فَقَطْ (لِيَرْجِعَ) عَلَيْهِمْ (رَجَعَ) عَلَيْهِمْ (فِي مَالِهِمْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَلِلشَّافِعِيِّ نَصٌّ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْغُرَمَاءَ مَتَى طَلَبُوا إبْقَاءَ الزَّرْعِ وَتَطَوَّعُوا بِالسَّقْيِ أُجِيبُوا لَكِنَّهُ مُؤَوَّلٌ بِمَا إذَا وَافَقَهُمْ الْمُفْلِسُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي إدَامَةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ النَّصَّ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمَقْطُوعِ قِيمَةٌ؛ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ وَطَلَبُوا الْإِبْقَاءَ أُجِيبُوا وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُمْ الْمُفْلِسُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَالنَّصُّ إنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حُمِلَ عَلَيْهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ. (فَصْلٌ يُشْتَرَطُ قَبْضُ عِوَضِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ فِي الْمَجْلِسِ) ؛ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ (وَبَعْدَ قَبْضِهِ لَا أَثَرَ لِلْفَلَسِ) لِقَبْضِ الْمُؤَجِّرِ حَقَّهُ (فَلَوْ فُرِضَ الْفَلَسُ فِي الْمَجْلِسِ) وَتَفَرَّقَا وَقَبَضَ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بَعْضَ الْعِوَضِ (صَحَّ) الْعَقْدُ (فِيمَا قُبِضَ بِقِسْطِهِ) وَبَطَلَ فِي الْبَاقِي تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَوْ فُرِضَ الْفَلَسُ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ أَثْبَتْنَا خِيَارَ الْمَجْلِسِ فِيهَا اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا الْخِيَارِ وَإِلَّا فَهِيَ كَإِجَارَةِ الْعَيْنِ أَيْ فَلِلْمُؤَجِّرِ الْفَسْخُ. (فَصْلٌ وَإِذَا أَفْلَسَ مُؤَجِّرُ الْعَيْنِ فَلَا فَسْخَ) لِمُسْتَأْجَرِهَا (وَيُقَدَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَنْفَعَتِهَا) كَمَا يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِحَقِّهِ (وَتُبَاعُ) الْعَيْنُ (لِلْغُرَمَاءِ مُؤَجَّرَةً) بِطَلَبِهِمْ أَوْ طَلَبِ الْمُفْلِسِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُؤَجِّرِ وَلَا يُبَالِي بِمَا يَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِهَا بِسَبَبِ الْإِجَارَةِ؛ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ الصَّبْرُ لِتَنْمِيَةِ الْمَالِ (فَإِنْ الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ عَمَلًا) كَنَقْلِ مَتَاعٍ إلَى بَلَدٍ (ثُمَّ أَفْلَسَ، وَالْأُجْرَةُ فِي يَدِهِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّجُوعُ فِيهَا) بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ (فَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ يُفْسَخْ وَضَارَبَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) كَنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ، وَلَا تُسَلِّمُ إلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنْهَا بِالْمُضَارَبَةِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إجَارَةِ الذِّمَّةِ سَلَمٌ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ (وَحَصَلَ لَهُ بَعْضُ الْمَنْفَعَةِ الْمُلْتَزَمَةِ إنْ كَانَتْ تَتَبَعَّضُ بِلَا ضَرَرٍ) كَحَمْلِ مِائَةِ رِطْلٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ لَا تَتَبَعَّضُ أَوْ تَتَبَعَّضُ بِضَرَرٍ كَقِصَارَةِ ثَوْبٍ وَرِيَاضَةِ دَابَّةٍ وَرُكُوبٍ إلَى بَلَدٍ وَلَوْ نُقِلَ إلَى نِصْفِ الطَّرِيقِ لَبَقِيَ ضَائِعًا (فَسَخَ وَضَارَبَ بِالْأُجْرَةِ الْمَبْذُولَةِ) وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ بِلَا ضَرَرٍ   [حاشية الرملي الكبير] لَمْ تَحُلَّ كِلَاهُمَا فِي مُقَابَلَةِ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ فَلَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ فِيمَا بَقِيَ بِمَا تَقَابُلُهُ الْأُجْرَةُ الَّتِي لَمْ تَحُلَّ إلَى الْآنَ، وَإِنَّمَا يَفْسَخُ فِيمَا يُقَابِلُ الْحَالَّ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: وَيَضَعُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ) أَيْ الْأَمِينِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلِي بِإِذْنِ الْحَاكِمِ قُلْتُهُ تَفَقُّهًا إلَخْ) هَذَا التَّفَقُّهُ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إمَّا إذْنُ الْحَاكِمِ، أَوْ اتِّفَاقُ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفْلِسِ، وَهُوَ الْوَجْهُ صِيَانَةً لِمَالِ الْمُفْلِسِ. [فَصْلٌ يُشْتَرَطُ قَبْضُ عِوَضِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ فِي الْمَجْلِسِ] (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ) لِمَا ذُكِرَ أَنَّ شَرْطَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ قَبْضُ عِوَضِهَا فِي الْمَجْلِسِ رُبَّمَا تُوُهِّمَ مِنْهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ عِنْدَ انْتِفَاءِ قَبْضِ بَعْضِهِ فِيهِ فَدَفَعَ هَذَا الْوَهْمَ بِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ كَإِجَارَةِ الْعَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ أَفْلَسَ مُؤَجِّرُ الْعَيْنِ] (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَدَقُّ إلَخْ) النَّصُّ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ؛ إذْ الدَّابَّةُ الْمُلْتَزَمَةُ فِي الذِّمَّةِ لَا يُبَدِّلُهَا الْمُؤَجِّرُ إلَّا لِتَلَفِهَا أَوْ تَعَيُّبِهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ سَلَّمَ) لَهُ الْمُلْتَزِمُ (عَيْنًا لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا) الْمَنْفَعَةَ الْمُلْتَزَمَةَ (فَلَهُ) فِيهَا (حُكْمُ الْمُعَيَّنَةِ) فِي الْعَقْدِ فَلَا فَسْخَ لَهُ وَيُقَدَّمُ بِمَنْفَعَتِهَا قَالَ السُّبْكِيُّ: وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: لَوْ تَكَارَوْا مِنْهُ حُمُولَةً مَضْمُونَةً يَعْنِي فِي الذِّمَّةِ وَدَفَعَ إبِلًا بِأَعْيَانِهَا كَانَ لَهُ نَزْعُهَا وَإِبْدَالُهَا، وَإِنْ أَفْلَسَ، وَثَمَّ غُرَمَاءُ غَيْرُهُمْ ضَرَبُوا مَعَهُمْ وَحَاصُّوهُمْ، وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ لَهُ وَجْهٌ لَكِنْ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَدَقُّ وَأَقْرَبُ إلَى قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ. (فَصْلٌ) لَوْ (بَاعَ عَيْنًا وَاسْتَوْفَى ثَمَنَهَا وَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا أَوْ هَرَبَ فَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ) كَمَا لَوْ أَبَقَ الْمَبِيعُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَا لِعَدَمِ عَيْبِ الْإِفْلَاسِ كَمَا لَوْ هَرَبَ الْمُشْتَرِي (وَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ) بَعْدَ إفْلَاسِ الْمُؤَجِّرِ، وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ وَقَبْضِهِ الْأُجْرَةَ (وَلَوْ) كَانَ انْهِدَامُهَا (بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَضَارَبَ) الْمُسْتَأْجِرُ (بِالْأُجْرَةِ إنْ لَمْ يَمْضِ بَعْضُ الْمُدَّةِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ مَضَى بَعْضُهَا (فَبِمَا بَقِيَ) ضَارَبَ وَذِكْرُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً بِعَبْدٍ وَتَقَابَضَا فَأَفْلَسَ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ) وَحُجِرَ عَلَيْهِ (وَهَلَكَتْ) فِي يَدِهِ (أَوْ وَهَبَهَا) وَلَوْ (لِبَائِعِهَا فَرَدَّ) بَائِعُهَا (الْعَبْدَ بِعَيْبٍ ضَارَبَ بِقِيمَتِهَا) كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ (وَلَمْ يُقَدِّمْ) عَلَيْهِمْ بِهَا، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: أَوْ وَهَبَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَصْلٌ شَرْطُ الرُّجُوعِ فِي الْعِوَضِ بَقَاؤُهُ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ) خَالِيًا عَنْ تَعَلُّقِ حَقٍّ لَازِمٍ وَقْتَ الرُّجُوعِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ مَعَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ تَقْدِيمِ الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالْعَيْنِ (فَلَوْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَ أَوْ بِيعَ أَوْ أُعْتِقَ أَوْ رُهِنَ) أَوْ وُهِبَ وَقُبِضَ فِيهِمَا أَوْ وُقِفَ أَوْ جُنَّ أَوْ كُوتِبَ أَوْ أُولِدَ (فَلَا رُجُوعَ) فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ لِسَبْقِ حَقِّهِ عَلَيْهَا نَعَمْ لَوْ أَقْرَضَهُ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ وَأَقْبَضَهُ إيَّاهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ، أَوْ بَاعَهُ وَحُجِرَ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِيهِ كَالْمُشْتَرِي ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ مَا لَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَتَاعَ لِوَلَدِهِ وَأَقْبَضَهُ لَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِيهِ كَالْوَاهِبِ لَهُ، قَالَ: وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ ثُمَّ أَفْلَسَا وَحُجِرَ عَلَيْهِمَا كَانَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ وَلَا بُعْدَ فِي الْتِزَامِهِ انْتَهَى (وَكَذَا) لَا رُجُوعَ (لَوْ كَانَ) الْعِوَضُ (صَيْدًا فَأَحْرَمَ الْبَائِعُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِتَمَلُّكِهِ حِينَئِذٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ كَانَ كَافِرًا فَأَسْلَمَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعُ كَافِرٌ رَجَعَ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِهِ جَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِمَا فِي الْمَنْعِ مِنْهُ مِنْ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ (وَإِنْ دَبَّرَهُ أَوْ زَوَّجَ) هـ الْمُشْتَرِيَ أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ (رَجَعَ) فِيهِ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ (وَكَذَا) يَرْجِعُ فِيهِ (لَوْ أَجَّرَ) هـ الْمُشْتَرِي (إنْ رَضِيَ بِهِ) الْبَائِعُ (بِلَا مَنْفَعَةٍ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُؤَجِّرِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِخِلَافِهِ فِي التَّحَالُفِ بَعْدَ الْإِيجَارِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهَا لِمَا قَدَّمْته مَعَ نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ فَرَاجِعْهُ. (فَصْلٌ لَوْ زَالَ الْمِلْكُ) أَيْ مِلْكُ الْمُشْتَرِي عَنْ الْمَبِيعِ (ثُمَّ عَادَ) إلَيْهِ، وَلَوْ بِعِوَضٍ، وَحَجْرُهُ بَاقٍ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ (لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ) الْبَائِعُ لِتَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَخَلَّلَتْ حَالَةَ تَمَنُّعِ الرُّجُوعِ فَيُسْتَصْحَبُ حُكْمُهَا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْهِبَةِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الرُّجُوعُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَكَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ يَقْتَضِيهِ لِأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِنَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْمُصَحَّحِ فِيهِ الرُّجُوعُ وَيُوَافِقُهُ جَوَازُ الرُّجُوعِ فِي الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ وَمَا فَرَّقُوا بِهِ بَيْنَ الرُّجُوعِ ثَمَّ وَعَدَمِهِ فِي الْهِبَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الصَّدَاقِ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى شَيْءٍ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ بَاعَ عَيْنًا وَاسْتَوْفَى ثَمَنَهَا وَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا أَوْ هَرَبَ الْمُفْلِسُ] قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ الْأَصَحُّ ثُبُوتُ الْفَسْخِ وَمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَ نَظِيرَ صُورَةِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَاكَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يُوجَدْ عَيْبُ الْإِفْلَاسِ، وَهَا هُنَا الْمَبِيعُ عَيْنُ تَعَذُّرِ وُصُولِ الْمُشْتَرِي إلَيْهَا فَثَبَتَ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ كَمَا لَوْ غُصِبَتْ. [فَصْلٌ شَرْطُ الرُّجُوعِ فِي الْعِوَضِ بَقَاؤُهُ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ شَرْطُ الرُّجُوعِ فِي الْعِوَضِ) قَالَ الْفَتَى: تَعْبِيرُهُ بِالْعِوَضِ لَيْسَ بِالْجَيِّدِ فَإِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ الْمُعَوَّضُ، وَهِيَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ هُوَ الثَّمَنُ وَقَدْ عَبَّرَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالْعِوَضِ، وَقَدْ أَنْكَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْحَاوِي تَعْبِيرَهُ فِي حَبْسِ الْبَيْعِ بِقَوْلِهِ: لَهُ حَبْسُ عِوَضِهِ، وَعَبَّرَ فِي الْإِرْشَادِ بِمُعَوَّضِهِ فَزِدْت فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ مِيمًا فَقُلْت: الْمُعَوَّضُ، وَقَالَ شَيْخُنَا: يَصِحُّ إطْلَاقُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الثَّمَنِ كَ (قَوْلُهُ: أَوْ أَوْلَدَ) وَقَعَ فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ وَهُوَ سَهْوٌ فَإِنَّهُ قَالَ فِي التَّصْحِيحِ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ فِي الِاسْتِيلَادِ مِنْهُ ح وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا اسْتَوْلَدَهَا بَعْدَ الْحَجْرِ وَالْفَلَسِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ فِي نُفُوذِهِ حِينَئِذٍ قَوْلِي: عِتْقُهُ إذَا قُلْنَا: اسْتِيلَادُ الرَّاهِنِ كَعِتْقِهِ ع وَقَوْلُهُ: قَدْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِيهِ كَالْمُشْتَرِي) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِبَائِعِهِ، أَوْ لَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ مَا لَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَتَاعَ إلَخْ) وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ كَانَ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ قُلْت فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَمْلِكْ الْمَوْهُوبُ لَهُ تِلْكَ الْعَيْنَ وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِحَالٍ ع قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ وَأَقْبَضَهُ بَعِيدٌ وَلَعَلَّ مَنْ اخْتَارَهُ فِي الْقَرْضِ بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالتَّصَرُّفِ اهـ الرَّاجِحُ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الصَّدَاقِ أَنَّ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعَ إنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ قُلْنَا لِلْمُشْتَرِي فَلَا اهـ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الثَّالِثَةِ وَالثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِتَمَلُّكِهِ حِينَئِذٍ) فَلَوْ حَلَّ رَجَعَ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ) جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيْدِ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ وَلَا يَزُولُ بِنَفْسِهِ قَطْعًا بِخِلَافِ الصَّيْدِ مَعَ الْمُحْرِمِ ع. [فَصْلٌ زَالَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي عَنْ الْمَبِيعِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ وَحَجْرُهُ بَاقٍ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ] (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ الرُّجُوعُ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 فَالرُّجُوعُ إلَى عَيْنِ مَالِهِ أَوْلَى بِخِلَافِ الْهِبَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الصَّدَاقِ يَحْصُلُ فِي الْأَصْلِ بِغَيْرِ رُجُوعٍ وَبِأَنَّ الرُّجُوعَ ثَمَّ لَا يَحْصُلُ بِهِ ضَرَرٌ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالرُّجُوعِ لَوْ عَادَ الْمِلْكُ بِعِوَضٍ وَلَمْ يُوفُوا الثَّمَنَ إلَى بَائِعِهِ الثَّانِي فَهَلْ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِسَبْقِ حَقِّهِ أَوْ الثَّانِي لِقُرْبِ حَقِّهِ أَوْ يَشْتَرِكَانِ وَيُضَارِبُ كُلٌّ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَيْ إنْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ فِيهِ أَوْجُهٌ فِي الْأَصْلِ بِلَا تَرْجِيحٍ رَجَّحَ مِنْهَا ابْنُ الرِّفْعَةِ الثَّانِيَ وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُمَا. (وَإِنْ انْفَكَّ الْمَرْهُونُ أَوْ الْجَانِي أَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ رَجَعَ) الْبَائِعُ فِيهِ كَمَا لَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ بِالْمَبِيعِ بَعْدَ رَهْنِهِ ثُمَّ انْفَكَّ الرَّهْنُ لَهُ الرَّدُّ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الِانْفِكَاكِ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُرْتَهِنِ: أَنَا أَدْفَعُ إلَيْك حَقَّك وَآخُذُ عَيْنَ مَالِي فَهَلْ يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ لَا وَجْهَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ طَرْدُهُمَا فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ (وَلَوْ) كَانَ الْمَبِيعُ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ حَتَّى (أَفْلَسَ مُشْتَرِي الشِّقْصِ) وَحُجِرَ عَلَيْهِ (أَخَذَهُ الشَّفِيعُ لَا الْبَائِعُ) لِسَبْقِ حَقِّهِ (وَثَمَنُهُ لِلْغُرَمَاءِ كُلِّهِمْ) يُقَسِّمُ بَيْنَهُمْ بِنِسْبَةِ دُيُونِهِمْ (وَإِنْ حَصَلَ) فِي الْمَبِيعِ (نَقْصٌ) بِتَلَفٍ مَا (لَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ وَلَا يَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ) وَكَانَ حُصُولُهُ (بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَكَذَا بِجِنَايَةِ الْمُشْتَرِي) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يَضْمَنُهَا كَحَرْبِيٍّ (أَخَذَهُ الْبَائِعُ مَعِيبًا أَوْ ضَارَبَ) الْغُرَمَاءَ بِالثَّمَنِ كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ بَلْ قَبَضَهُ يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي مَعِيبًا بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ بِفَسْخٍ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ النَّقْصُ حِسِّيًّا كَسُقُوطِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَالْعَمَى أَوْ غَيْرِهِ كَنِسْيَانِ حِرْفَةٍ وَتَزْوِيجٍ وَإِبَاقٍ وَزِنًا وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ كَأَصْلِهِ وَلَا يَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ (أَوْ) حَصَلَ النَّقْصُ (بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ) الَّذِي يَضْمَنُ جِنَايَتَهُ (فَلِلْمُفْلِسِ الْأَرْشُ وَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ مَعِيبًا وَيُضَارِبُ بِمِثْلِ نِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ) إلَيْهَا وَإِنْ كَانَ لِلْجِنَايَةِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ؛ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ اسْتَحَقَّ بَدَلًا لِمَا فَاتَ وَكَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْبَائِعِ لَوْ بَقِيَ فَلَا يَحْسُنُ تَضْيِيعُهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ كُلَّ مَضْمُونٍ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَجَزَاؤُهُ مَضْمُونٌ بِبَعْضِهِ. وَمَحَلُّهُ فِي جِنَايَةِ الْبَائِعِ إذَا جَنَى بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ جَنَى قَبْلَهُ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ فَلَا أَرْشَ لَهُ فَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَتَانِ أَوْ خَمْسُونَ بِمِائَةٍ فَقَطَعَ الْبَائِعُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ إحْدَى يَدَيْهِ فَنَقَصَ عَنْ قِيمَتِهِ ثُلُثَهَا فَعَلَى الْقَاطِعِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلْمُفْلِسِ وَلِلْبَائِعِ ثُلُثُ الثَّمَنِ يُضَارِبُ بِهِ، وَإِنَّمَا ضَارَبَ بِنِسْبَةِ نَقْصِ الْقِيمَةِ دُونَ التَّقْدِيرِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ مُخْتَصٌّ بِالْجِنَايَاتِ، وَالْأَعْوَاضُ يَتَقَسَّطُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَلَوْ ضَارَبَ بِالْمُقَدَّرِ لَزِمَ رُجُوعُهُ إلَى الْعَبْدِ مَعَ قِيمَتِهِ أَوْ ثَمَنِهِ فِيمَا إذَا قَطَعَ يَدَيْهِ وَهُوَ مُحَالٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ الْقِيمَةِ مُتَعَلِّقٌ بِنَقْصٍ وَقَوْلُهُ مِنْ الثَّمَنِ مُتَعَلِّقٌ بِمِثْلِ (وَإِنْ تَلِفَ مَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ وَيَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ كَعَيْنَيْنِ) اشْتَرَاهُمَا فَتَلِفَتْ إحْدَاهُمَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَأَفْلَسَ (فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (الرُّجُوعُ فِي) الْعَيْنِ (الْبَاقِيَةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَالْمُضَارَبَةِ) مَعَ الْغُرَمَاءِ (بِالْأُخْرَى) أَيْ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْبَاقِيَةِ مَعَ الْأُخْرَى فَلَمْ يَسْقُطْ بِتَلَفِهَا بَلْ لَوْ بَقِيَ جَمِيعُ الْمَبِيعِ وَأَرَادَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ فِي بَعْضِهِ مُكِّنَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْغُرَمَاءِ مِنْ الْفَسْخِ فِي كُلِّهِ فَكَانَ كَمَا لَوْ رَجَعَ الْأَبُ فِي بَعْضِ مَا وَهَبَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَلَا يُلْتَفَتُ هُنَا إلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ لَا يَبْقَى بَلْ يُبَاعُ كُلُّهُ فَلَا أَثَرَ لِتَفْرِيقِهَا فِيهِ، وَلِأَنَّ الضَّرَرَ عَلَى الرَّاجِعِ فَقَطْ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ كَأَصْلِهِ، وَيَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ نَظِيرَ مَا مَرَّ (وَإِذَا كَانَ قَدْ قَبَضَ نِصْفَ ثَمَنِهِمَا وَقِيمَتِهِمَا سَوَاءٌ رَجَعَ فِي نِصْفِهِمَا إنْ بَقِيَا مَعًا، وَإِلَّا) بِأَنْ بَقِيَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ (فَفِي) الْعَيْنِ (الْبَاقِيَةِ كُلِّهَا) يَرْجِعُ (بِالْبَاقِي) مِنْ الثَّمَنِ لِانْحِصَارِهِ فِيهَا، وَيَكُونُ مَا قَبَضَهُ فِي مُقَابَلَةِ التَّالِفَةِ كَمَا لَوْ ارْتَهَنَ عَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ وَأَخَذَ خَمْسِينَ وَتَلِفَ أَحَدُهُمَا فَالْبَاقِي مِنْهُمَا مَرْهُونٌ بِالْبَاقِي مِنْ الْمِائَةِ بِجَامِعِ أَنَّ لَهُ التَّعَلُّقَ بِكُلِّ الْعَيْنِ إنْ بَقِيَ كُلُّ الْحَقِّ فَكَذَا بِالْبَاقِي إنْ بَقِيَ بَعْضُهُ وَأَمَّا خَبَرُ الدَّارَقُطْنِيِّ «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ. (فَرْعٌ وَإِنْ أَغْلَى زَيْتًا أَوْ عَصِيرًا فَنَقَصَهُ) بِالْإِغْلَاءِ وَأَفْلَسَ (فَكَتَلَفِ بَعْضِهِ) بِغَيْرِ الْإِغْلَاءِ كَمَا لَوْ انْصَبَّ لَا كَتَعَيُّبِهِ فَلَوْ ذَهَبَ نِصْفُهُ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَضَارَبَ بِنِصْفِهِ أَوْ ذَهَبَ ثُلُثُهُ أَخَذَهُ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَضَارَبَ بِثُلُثِهِ وَوَقَعَ فِي الْغَصْبِ مَا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ هُنَا فِي الْعَصِيرِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ثَمَّ (فَإِنْ أَغْلَى أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ) مِنْ ذَلِكَ (قِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ فَهَلْ يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ لَا وَجْهَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ الشَّفِيعُ لَا الْبَائِعُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ عَفَا الشَّفِيعُ عَنْ الْأَخْذِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ اهـ وَقَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُضَارِبُ بِمِثْلِ نِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ إلَيْهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْمُفْلِسُ الْأَرْشَ مِنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ اسْتَحَقَّ بَدَلًا لِمَا فَاتَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُوهِمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا أَخَذَ الْبَدَلَ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْغَرَضُ أَنَّهُ تَوَجَّهَ لَهُ الْبَدَلُ عَلَى الْجَانِي الْمُلْتَزِمِ سَوَاءٌ أَخَذَهُ أَمْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ بِالْكُلِّيَّةِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْجَانِي غَيْرَ مُلْتَزِمٍ كَالْحَرْبِيِّ أَوْ الدَّافِعِ لِلصَّائِلِ فَكَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَدْ أُورِدَ عَلَى التَّعْلِيلِ أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الْأَرْشَ وَأَجَابَ صَاحِبُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ مَا قَابَلَ ذَلِكَ الْجُزْءَ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا أَتْلَفَ جَمِيعَ الْمَبِيعِ لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ بِمَا وَجَبَ عَلَى الْجَانِي مِنْ الْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ كَانَ الْأَرْشُ بَاقِيًا عَلَى الْجَانِي لَمْ يَأْخُذْهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَخْتَصَّ بِأَخْذِهِ، وَلَا تُشَارِكُهُ فِيهِ الْغُرَمَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ، وَاسْتَهْلَكَهُ ضُرِبَ الْبَائِعُ بِقَدْرِ الْأَرْشِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ تَقَدَّمَ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 فَرَجَعَتْ ثَلَاثَةَ أَرْطَالٍ ضَارَبَ) مَعَ رُجُوعِهِ فِيهَا (بِرُبُعِ الثَّمَنِ مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (ثُمَّ لَوْ سَاوَتْ) أَيْ الْأَرْطَالُ الثَّلَاثَةُ (أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَقُلْنَا الصَّنْعَةُ عَيْنٌ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (فَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِدِرْهَمٍ) وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْطَالِ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ الْإِغْلَاءِ كَذَا حَكَاهُ الْأَصْلُ قَالَ الْبَارِزِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ شَرِيكٌ بِالزَّائِدِ عَلَى مَا يَخُصُّ ثَلَاثَةَ أَرْطَالٍ مِنْ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْإِغْلَاءِ وَهُوَ دِرْهَمَانِ وَرُبُعٌ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا أَوْرَدَهُ فِي النِّهَايَةِ (أَوْ سَاوَتْ ثَلَاثَةً) مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقُلْنَا الصَّنْعَةُ عَيْنٌ (فَبِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ دِرْهَمٍ) هُوَ شَرِيكٌ؛ لِأَنَّهَا قِسْطُ الرِّطْلِ الذَّاهِبِ وَهُوَ مَا زَادَ بِالطَّبْخِ فِي الْبَاقِي وَإِنْ قُلْنَا: الصَّنْعَةُ أَثَرٌ فَازَ الْبَائِعُ بِمَا زَادَ بِهَا (أَوْ) سَاوَتْ (دِرْهَمَيْنِ فَلَا أَثَرَ لَهُ) يَعْنِي لِلنَّقْصِ بَلْ يَكْفِي مَا ذُكِرَ مِنْ الرُّجُوعِ فِيهَا، وَالْمُضَارَبَةُ بِرُبُعِ الثَّمَنِ، وَوَقَعَ فِي نُسَخٍ سُوِّيَتْ بَدَلَ سَاوَتْ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، وَمَا قِيلَ: إنَّ سُوِّيَتْ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ رَدَّهُ الْأَزْهَرِيُّ بِأَنَّ اللُّغَةَ لَمْ تَرِدْ بِهِ (وَانْهِدَامُ الدَّارِ) الْمَبِيعَةِ (عَيْبٌ) إنْ لَمْ يَتْلَفْ بَعْضُ الْآلَةِ فَيَأْخُذُهَا الْبَائِعُ مَعِيبَةً أَوْ يُضَارِبُ بِثَمَنِهَا (فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الْآلَةِ) أَوْ كُلُّهَا بِاحْتِرَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَكَتَلَفِ أَحَدِ الْعَيْنَيْنِ) فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَالْمُضَارَبَةُ بِحِصَّةِ الْآخَرِ مِنْهُ. (فَصْلٌ وَيَرْجِعُ) جَوَازًا (فِي الْعَيْنِ بِالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ) بِهَا (كَالسِّمَنِ) وَتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ وَكِبَرِ الشَّجَرِ وَالْحَمْلِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ لَهَا، وَكَذَا حُكْمُ الزِّيَادَةِ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ إلَّا الصَّدَاقَ فَإِنَّ الزَّوْجَ إذَا فَارَقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَرْجِعُ فِي النِّصْفِ الزَّائِدِ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ كَمَا سَيَأْتِي (لَا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْحَادِثَةُ كَاللَّبَنِ وَالْوَلَدِ) الْحَادِثَيْنِ الْمُنْفَصِلَيْنِ (وَالثَّمَرَةِ) الْحَادِثَةِ الْمُؤَبَّرَةِ فَلَا يَرْجِعُ فِيهَا مَعَ الْأَصْلِ (فَلَوْ كَانَ وَلَدُ الْجَارِيَةِ) الْمَبِيعَةِ (صَغِيرًا) غَيْرَ مُمَيِّزٍ (بِيعَا مَعًا) حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ هَذَا (إنْ لَمْ يَبْذُلْ الْبَائِعُ قِيمَتَهُ) وَإِلَّا أَخَذَهُ مَعَ أُمِّهِ لِانْتِفَاءِ مَحْذُورِ التَّفْرِيقِ (وَ) إذَا بِيعَا مَعًا (أَخَذَ) الْبَائِعُ (حِصَّةَ الْأُمِّ) وَالْمُفْلِسُ حِصَّةَ الْوَلَدِ فَلَوْ سَاوَتْ مِائَةً وَمَعَ الْوَلَدِ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَقِيمَةُ الْوَلَدِ السُّدُسُ فَإِذَا بِيعَا كَانَ سُدُسُ الثَّمَنِ لِلْمُفْلِسِ وَالْبَاقِي لِلْبَائِعِ (وَالْعِبْرَةُ) فِي انْفِصَالِ الزِّيَادَةِ (بِالِانْفِصَالِ) لَهَا (وَقْتَ الرُّجُوعِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ: وَالِاعْتِبَارُ فِي الِانْفِصَالِ بِحَالِ الرُّجُوعِ دُونَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُفْلِسِ بَاقٍ إلَى أَنْ يَرْجِعَ الْبَائِعُ (وَلَوْ بَاعَهُ بَذْرًا أَوْ بَيْضًا أَوْ عَصِيرًا أَوْ زَرْعًا أَخْضَرَ) فَزُرِعَ الْبَذْرُ وَنَبَتَ وَتَفَرَّخَ الْبَيْضُ وَتَخَلَّلَ الْعَصِيرُ، وَلَوْ بَعْدَ تَخَمُّرِهِ وَاشْتَدَّ الْحَبُّ وَأَفْلَسَ (رَجَعَ فِيهِ) الْبَائِعُ (نَبَاتًا) فِي الْأُولَى (وَفِرَاخًا) فِي الثَّانِيَةِ (وَخَلًّا) فِي الثَّالِثَةِ (وَمُشْتَدَّ الْحَبِّ) فِي الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ أَوْ هِيَ عَيْنُ مَالِهِ اكْتَسَبَتْ صِفَةً أُخْرَى فَأَشْبَهَتْ الْوَدِيَّ إذَا صَارَ نَخْلًا (وَإِذَا اشْتَرَاهَا) أَيْ الْعَيْنَ (حَامِلًا فَوَلَدَتْ أَوْ حَائِلًا فَحَمَلَتْ) عِنْدَهُ (رَجَعَ فِيهَا) الْبَائِعُ (مَعَ الْوَلَدِ) فِي الْأُولَى كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (وَ) مَعَ (الْحَمْلِ) فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَّبِعُ فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي الرُّجُوعِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ الرُّجُوعِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ وَضَعَتْ أَحَدَ تَوْأَمَيْنِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَجَعَ الْبَائِعُ قَبْلَ وَضْعِ الْآخَرِ هَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ تَضَعْ شَيْئًا أَوْ يُعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ الْمَوْلُودُ أَوْ لَا مَعَ بَقَاءِ حَمْلِ الْمُجْتَنِّ، أَوْ لَا فَرْقَ انْتَهَى وَقِيَاسُ الْبَابِ مَعَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ تَوَقُّفِ الْأَحْكَامِ عَلَى تَمَامِ انْفِصَالِ التَّوْأَمَيْنِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْحَالَيْنِ. (فَرْعٌ التَّأْبِيرُ) وَعَدَمُهُ (فِي الثَّمَرَةِ كَالْوَضْعِ) وَعَدَمِهِ (فِي الْحَمْلِ) فَإِذَا كَانَتْ عَلَى النَّخْلِ الْمَبِيعِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَغْلَى زَيْتًا أَوْ عَصِيرًا فَنَقَصَهُ بِالْإِغْلَاءِ وَأَفْلَسَ] قَوْلُهُ قَالَ الْبَارِزِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ شَرِيكٌ إلَخْ) الصَّوَابُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَغْلِيِّ قَدْرُ عَيْنِهِ قَبْلَ الْإِغْلَاءِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ حِينَئِذٍ عِنْدَ الْإِمْكَانِ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُ الْمُفْلِسِ، وَفَارَقَتْ هَذِهِ مَا بَعْدَهَا بِأَنَّ اعْتِبَارَهَا فِيهَا يُؤَدِّي إلَى إحْبَاطِ عَمَلِ الْمُفْلِسِ. [فَصْلٌ وَيَرْجِعُ فِي الْعَيْنِ بِالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فِي بَيْعُ مَالِ الْمُفْلِسِ] (قَوْلُهُ وَتَعَلُّمُ الصَّنْعَةِ) جَزْمُ الشَّيْخَيْنِ هُنَا بِأَنَّ الصَّنْعَةَ يَفُوزُ الْبَائِعُ بِهَا يُخَالِفُهُ تَصْحِيحُهُمَا مِنْ بَعْدِ أَنَّهَا كَالْقِصَارَةِ وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ، وَفِي الْمُهِمَّاتِ الثَّانِي وَجَمَعَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى التَّعَلُّمِ بِنَفْسِهِ كَمَا تُفْهِمُهُ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ حَيْثُ عَبَّرَ بِتَعَلُّمِ الْحِرْفَةِ بِضَمِّ اللَّامِ مَصْدَرُ تَعَلَّمَ الْعَبْدُ بِنَفْسِهِ تَعَلُّمًا وَهَذِهِ كَالسَّمْنِ؛ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ فِعْلٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَعَبَّرَ هُنَاكَ بِالتَّعْلِيمِ، مَصْدَرُ عَلَّمَهُ تَعْلِيمًا ثُمَّ ذَكَرَ ضَابِطَ الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ: وَضَبَطَ صُورَةَ الْقَوْلَيْنِ أَنْ يَصْنَعَ بِالْمَبِيعِ مَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَظَهَرَ بِهِ أَثَرٌ فِيهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا حُكْمُ الزِّيَادَةِ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ إلَّا فِي الصَّدَاقِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ بِطَرِيقِ فَسْخِ الْعَقْدِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَخَذَهُ مَعَ أُمِّهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَلْ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يَأْخُذُ الْوَلَدَ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالْبَيْعِ، أَوْ يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِ عِبَارَتِهِمْ، فِيهِ نَظَرٌ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا إذَا أَرَادَ الْمُعِيرُ التَّمَلُّكَ وَيَأْتِي هُنَاكَ ذِكْرُ مَا قِيلَ فِيهِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ فِي الْأُمِّ رُجُوعُهُ فِي الْوَلَدِ أَيْضًا حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ أَمْ يَكْفِي اشْتِرَاطُهُ، وَالِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ بَعْدَ الشَّرْطِ وَالِاتِّفَاقِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ يُنْقَضُ الرُّجُوعُ أَوْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ: يَأْتِي هُنَاكَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَتْ الْوَدِيَّ) أَيْ أَوْ النَّوِيَّ (قَوْلُهُ: أَوْ يُعْطِي كُلٌّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ الْبَابِ مَعَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ إلَخْ) قِيَاسُ الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فِي نَظِيرِهَا إعْطَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: حَيْثُ قُلْنَا: يَرْجِعُ فِي الْوَلَدِ فَذَاكَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا، فَإِنْ فُقِدَ ضَارَبَ بِقِيمَتِهِ حَمْلًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ حِينَ أَقْبَضَهُ فَتُقَوَّمُ الْأُمُّ حَامِلًا ثُمَّ حَائِلًا فَمَا بَيْنَهُمَا يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: فَرْعٌ التَّأْبِيرُ فِي الثَّمَرَةِ كَالْوَضْعِ فِي الْحَمْلِ، فَإِذَا كَانَتْ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمُؤَبَّرَةِ ثَمَرَةُ النَّخْلِ، وَأَمَّا ثَمَرَةُ غَيْرِهِ، فَمَا لَا يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الشَّجَرِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُؤَبَّرَةِ وَمَا يَدْخُلُ كَغَيْرِهَا فَوَرَقُ الْفِرْصَادِ وَالنَّبْقِ وَالْحِنَّاءِ وَالْآسِ إنْ حُدِجَ وَالْوَرْدِ الْأَحْمَرِ إنْ تَفَتَّحَ وَالْيَاسَمِينِ وَالتِّينِ وَالْعِنَبِ إنْ خَرَجَ وَالْمِشْمِشِ وَمَا أَشْبَهَهُ إنْ انْعَقَدَ وَتَنَاثَرَ نَوْرُهُ وَالرُّمَّانِ وَالْجَوْزِ إنْ ظَهَرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 عِنْدَ الْبَيْعِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، وَعِنْدَ الرُّجُوعِ كَذَلِكَ أَوْ مُؤَبَّرَةً أَوْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَلَمْ تَكُنْ مُؤَبَّرَةً عِنْدَ الرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا مَعَ النَّخْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُبِّرَتْ فِي الْأَخِيرَةِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا هَلْ رَجَعَ) الْبَائِعُ (قَبْلَ التَّأْبِيرِ) فَتَكُونُ الثَّمَرَةُ لَهُ (أَوْ بَعْدَهُ) فَتَكُونُ لِلْمُفْلِسِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُفْلِسِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ، وَبَقَاءُ الثَّمَرَةِ لَهُ (وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِسَبْقِ الرُّجُوعِ عَلَى التَّأْبِيرِ لَا عَلَى نَفْيِ السَّبَقِ فَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهِ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا قَالَهُ الْقَاضِي فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي مَحَلِّهِ (فَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُفْلِسَ لَمْ يَعْلَمْ) تَارِيخَ الرُّجُوعِ (لَمْ يَحْلِفْ) ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقُهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ فَتَبْقَى الثَّمَرَةُ لَهُ (وَمَتَى نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ الْبَائِعُ لَا الْغُرَمَاءُ) وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْمُفْلِسُ دَيْنًا عَلَى غَيْرِهِ، وَأَقَامَ شَاهِدًا وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ لَا يَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ (وَأَخَذَهَا) أَيْ الْبَائِعُ الثَّمَرَةَ سَوَاءٌ أَجَعَلْنَا الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ أَمْ كَالْبَيِّنَةِ. (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (فَكَحَلِفِ الْمُفْلِسِ) فِي أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِيهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةِ هَذَا إنْ كَذَّبَ الْغُرَمَاءُ الْبَائِعَ كَمَا كَذَّبَهُ الْمُفْلِسُ (وَإِنْ صَدَّقَ الْغُرَمَاءُ الْبَائِعَ فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِيهَا) لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا لَهُ فَإِذَا حَلَفَ الْمُفْلِسُ أَخَذَهَا وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا لِلْحَجْرِ وَاحْتِمَالِ غَرِيمٍ آخَرَ (وَ) لَكِنْ (لِلْمُفْلِسِ إجْبَارُهُمْ عَلَى أَخْذِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ أَوْ) عَلَى (الْإِبْرَاءِ) لِذِمَّتِهِ (عَنْ قَدْرِهَا) كَمَا لَوْ جَاءَ الْمُكَاتَبُ بِالنَّجْمِ فَزَعَمَ السَّيِّدُ أَنَّهُ غَصَبَهُ فَيُقَالُ لَهُ: خُذْهُ أَوْ أَبْرِئْهُ عَنْهُ (فَإِنْ أَخَذُوهَا) وَلَوْ إجْبَارًا (فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا) مِنْهُمْ (لِإِقْرَارِهِمْ فَلَوْ بَاعَهَا) الْحَاكِمُ (لَهُمْ) أَيْ لِأَجْلِهِمْ (بِجِنْسِ حَقِّهِمْ) وَصَرَفَهُ إلَيْهِمْ (لَمْ يَأْخُذْهُ بَائِعُ النَّخْلِ) مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا لَهُ بِهِ (بَلْ عَلَيْهِمْ رَدُّهُ إلَى مُشْتَرِيهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ (فَإِنْ رَدَّهُ) مُشْتَرِيهَا بَلْ أَوْ لَمْ يَرُدَّهُ فِيمَا يَظْهَرُ (فَمَالٌ ضَائِعٌ فَلَوْ شَهِدَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ) أَوْ كُلُّهُمْ (لِلْبَائِعِ) فَإِنْ كَانَ (قَبْلَ تَصْدِيقِهِ إيَّاهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ) أَوْ بَعْدَهُ فَلَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى أَخْذِ الثَّمَرَةِ فَهُمْ بِشَهَادَتِهِمْ يَدْفَعُونَ ضَرَرَ أَخْذِهَا وَضَيَاعِهَا بِأَخْذِ الْبَائِعِ لَهَا (فَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ إلَّا بَعْضُهُمْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْأَخْذِ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِهِ لِكَوْنِ الْبَائِعِ يَأْخُذُ مِنْهُ مَا أَخَذَ وَالْمُفْلِسُ لَا يَتَضَرَّرُ بِعَدَمِ الصَّرْفِ إلَيْهِ لِإِمْكَانِ الصَّرْفِ إلَى مَنْ كَذَّبَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (بَلْ يَخُصُّ بِهَا الْمُكَذِّبِينَ) بِخِلَافِ مَا إذَا صَدَّقَهُ الْجَمِيعُ (وَإِنْ بَقِيَ لَهُمْ) أَيْ لِلْمُكَذِّبِينَ (شَيْءٌ) مِنْ حُقُوقِهِمْ (ضَارَبُوا الْمُصَدِّقِينَ) فِي بَاقِي الْأَمْوَالِ بِبَقِيَّةِ حُقُوقِهِمْ لَا بِجَمِيعِهَا مُؤَاخَذَةً لَهُمْ بِزَعْمِهِمْ قَالَ فِي الْأَصْلِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا كَذَّبَ الْمُفْلِسُ الْبَائِعَ فَلَوْ صَدَّقَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْغُرَمَاءُ أَيْضًا قَضَى لَهُ وَإِنْ كَذَّبُوهُ وَزَعَمُوا أَنَّهُ أَقَرَّ بِمُوَاطَأَةٍ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي إقْرَارِهِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ إنْ قُلْنَا لَا يُقْبَلُ فَلِلْبَائِعِ تَحْلِيفُ الْغُرَمَاءِ أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ رُجُوعَهُ قَبْلَ التَّأْبِيرِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ تَحْلِيفُ الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ. (فَصْلٌ وَمَتَى رَجَعَ) الْبَائِعِ (فِي الْأَصْلِ) مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ (وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ الزَّرْعُ لِلْمُفْلِسِ فَلَهُمْ) أَيْ لِلْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ (تَرْكُهَا) الْأَوْلَى تَرْكُهُ (إلَى) وَقْتِ (الْجُذَاذِ بِلَا أُجْرَةٍ) ؛ إذْ لَا تَعَدِّيَ مِنْهُمْ، وَهَذَا كَمَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا مَزْرُوعَةً فَإِنَّ لَهُ تَرْكَ الزَّرْعِ إلَى الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا، وَزَرَعَ فِيهَا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ وَفَسَخَ الْمُكْرِي الْإِجَارَةَ فَإِنَّهُ يَتْرُكُ الزَّرْعَ إلَى الْحَصَادِ بِالْأُجْرَةِ، وَالْفَرْقُ بِوَجْهَيْنِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّ الْمُكْتَرِيَ دَخَلَ فِي الْإِجَارَةِ لِتَضَمُّنِ الْمَنَافِعِ فَأَلْزَمَ بَدَلَهَا بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي، وَأَفْقَهُهُمَا أَنَّ مَوْرِدَ الْبَيْعِ الرَّقَبَةُ وَهِيَ تَحْصُلُ بِالْفَسْخِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُجْرَةً، وَمَوْرِدُ الْإِجَارَةِ الْمَنَافِعُ فَإِذَا فَاتَتْ هِيَ وَبَدَلُهَا خَلَا الْفَسْخُ عَنْ الْفَائِدَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ (وَالْقَوْلُ فِي) طَلَبِ (قَطْعِ مَالِهِ قِيمَةٌ عَلَى مَا سَبَقَ) فِي فَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ أَرْضًا. (فَرْعٌ حَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فِي الثَّمَرَةِ مَعَ الشَّجَرَةِ فَتَلِفَتْ الثَّمَرَةُ) بِجَائِحَةٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (أَخَذَ) الْبَائِعُ (الشَّجَرَةَ بِحِصَّتِهَا) مِنْ الثَّمَنِ (وَضَارَبَ) مَعَ الْغُرَمَاءِ (بِحِصَّةِ الثَّمَرَةِ) مِنْهُ (فَتُقَوَّمُ) الشَّجَرَةُ (مُثْمِرَةً فَيُقَالُ) قِيمَتُهَا (مِائَةٌ مَثَلًا وَغَيْرَ مُثْمِرَةٍ فَيُقَالُ) قِيمَتُهَا (تِسْعُونَ) مَثَلًا (فَيُضَارِبُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ) بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا مُثْمِرَةً إلَيْهَا (وَالْمُعْتَبَرُ فِي الثَّمَرَةِ أَقَلُّ قِيمَتَيْ يَوْمِ الْعَقْدِ وَ) يَوْمِ (الْقَبْضِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّ مَا نَقَصَ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَى الْمُفْلِسِ، وَمَا زَادَ قَبْلَهُ يَزِيدُ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ فَلَا تَعَلُّقَ لِلْبَائِعِ بِهِ عِنْدَ التَّلَفِ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي الشَّجَرِ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ) أَيْ قِيمَتَيْ يَوْمَيْ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْنَهُمَا مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَنُقْصَانُهُ   [حاشية الرملي الكبير] مُؤَبَّرَةٌ وَإِلَّا فَلَا فَمَا لَا يَظْهَرُ حَالَةَ الشِّرَاءِ وَكَانَ كَالْمُؤَبَّرَةِ حَالَةَ الرُّجُوعِ بَقِيَ لِلْمُفْلِسِ، وَمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ رَجَعَ فِيهِ كوهكيلوني (قَوْلُهُ فَإِنْ رَدَّهُ) الْأَوْلَى مَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ. [فَصْلٌ رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الْأَصْلِ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ الزَّرْعُ لِلْمُفْلِسِ] (قَوْلُهُ حَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فِي الثَّمَرَةِ مَعَ الشَّجَرَةِ إلَخْ) فَالتَّصْرِيحُ بِبَيْعِهَا مَعَ الشَّجَرَةِ أَوْ بِأَنْ يَشْتَرِيَ نَخْلًا عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ وَكَانَتْ عِنْدَ الرُّجُوعِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ أَيْضًا أَوْ كَانَتْ ثَمَرَتُهَا عِنْدَ الشِّرَاءِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ وَعِنْدَ الرُّجُوعِ مُؤَبَّرَةً، وَجَعَلَ الْأَصْلَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَا إذَا كَانَتْ النَّخْلَةُ عِنْدَ الشِّرَاءِ غَيْرَ مُطَلَّعَةٍ وَاطَّلَعَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَكَانَتْ يَوْمَ الرُّجُوعِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ نُسِبَ فِيهِ إلَى الْغَلَطِ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ وَالصِّحَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَقْسَامَ الْحَمْلِ وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَتِهِ أَنَّهُ إذَا بَاعَهَا حَامِلًا ثُمَّ حَمَلَتْ وَانْفَصَلَ الْوَلَدُ قَبْلَ الرُّجُوعِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي قَطْعًا ذِكْرُ أَحْوَالِ الشَّجَرَةِ وَالثَّمَرَةِ، وَأَحَالَهُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي أَقْسَامِ الْحَمْلِ فَكُلُّ مَوْضِعٍ أَثْبَتْنَا الرُّجُوعَ رَجَعَ عِنْدَ تَلَفِ الْحَمْلِ بِالْأَرْشِ إلَّا فِي الْحَمْلِ الْحَادِثِ إذَا انْفَصَلَ، وَتَلِفَ قَبْلَ الرُّجُوعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 وَزِيَادَتُهُ لِلْمُشْتَرِي فَمَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَكْثَرُ لِيَكُونَ النُّقْصَانُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ مَا يَبْقَى لِلْمُفْلِسِ، وَيُضَارِبُ الْبَائِعُ بِثَمَنِهِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَقَلُّ لِيَكُونَ النُّقْصَانُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ أَيْضًا، وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ فِي الشَّجَرِ قِيمَةُ يَوْمِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَهُ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ فَيَفُوزُ بِهَا الْبَائِعُ وَلَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الشَّجَرِ يَوْمَ الْعَقْدِ عِشْرِينَ وَ) قِيمَةُ (الثَّمَرَةِ) فِيهِ (عَشَرَةً فَنَقَصَا) الْأَوْلَى فَنَقَصَتَا (يَوْمَ الْقَبْضِ النِّصْفَ ضَارَبَ بِخُمْسِ الثَّمَنِ) وَأَخَذَ الشَّجَرَ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ، وَهِيَ هُنَا عِشْرُونَ وَفِي الثَّمَرَةِ أَقَلُّهُمَا وَهِيَ هُنَا خَمْسَةٌ، وَمَجْمُوعُهُمَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَنِسْبَةُ الْخَمْسَةِ إلَيْهَا خَمْسٌ، وَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ إلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ (وَإِنْ لَمْ يَنْقُصَا) شَيْئًا (ضَارَبَ بِالثُّلُثِ) مِنْ الثَّمَنِ، وَأَخَذَ الشَّجَرَ بِثُلُثَيْهِ؛ إذْ مَجْمُوعُ الْقِيمَتَيْنِ ثَلَاثُونَ، وَنِسْبَةُ الْعَشَرَةِ إلَيْهَا ثُلُثٌ وَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ إلَيْهَا ثُلُثَانِ وَهَكَذَا سَبِيلُ التَّوْزِيعِ فِي كُلِّ صُورَةٍ تَلِفَ فِيهَا أَحَدُ الْمَبِيعِينَ وَاخْتَلَفَتْ الْقِيمَةُ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِي الْبَاقِي قَالَهُ فِي الْأَصْلِ، وَفِيهِ قَالَ الْإِمَامُ وَإِذَا اعْتَبَرْنَا فِي الثَّمَرَةِ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ فَتَسَاوَتَا لَكِنْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا نَقْصٌ فَإِنْ كَانَ لِانْخِفَاضِ السُّوقِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ أَوْ لِعَيْبٍ طَرَأَ، وَزَالَ فَكَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا يَسْقُطُ بِزَوَالِهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَإِنْ لَمْ يَزُلْ لَكِنْ عَادَتْ قِيمَتُهُ إلَى مَا كَانَتْ لِارْتِفَاعِ السُّوقِ فَاَلَّذِي أَرَاهُ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَالِارْتِفَاعُ بَعْدَهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجْبُرُهُ قَالَ يَعْنِي الْإِمَامَ وَإِذَا اعْتَبَرْنَا فِي الشَّجَرِ أَكْثَرَ الْقِيَمِ فَكَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعَقْدِ مِائَةً وَيَوْمَ الْقَبْضِ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَيَوْمَ رُجُوعِ الْبَائِعِ مِائَتَيْنِ أَوْ مِائَةً اُعْتُبِرَ يَوْمُ الرُّجُوعِ، وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ مَا طَرَأَ مِنْ الزِّيَادَةِ وَزَالَ لَيْسَ ثَابِتًا يَوْمَ الْعَقْدِ حَتَّى يَقُولَ: إنَّهُ وَقْتُ الْمُقَابَلَةِ، وَلَا يَوْمَ رُجُوعِ الْبَائِعِ حَتَّى يُحْسَبَ عَلَيْهِ انْتَهَى وَلِلرَّافِعِيِّ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ لَوْ (غَرَسَ) الْمُشْتَرِي (فِي الْأَرْضِ أَوْ بَنَى) فِيهَا (ثُمَّ رَجَعَ) يَعْنِي أَرَادَ (الْبَائِعُ) الرُّجُوعَ فِيهَا (فَإِنْ اتَّفَقَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ عَلَى الْقَلْعِ) لِلْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ قَلَعُوا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لَا يَعْدُوهُمْ، وَرَجَعَ فِيهَا الْبَائِعُ وَإِذَا قَلَعُوا (لَزِمَ) وَفِي نُسْخَةٍ لَزِمَهُمْ (أَرْشُ نَقْصِ الْأَرْضِ) مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ إنْ نَقَصَتْ بِالْقَلْعِ (وَ) لَزِمَ (تَسْوِيَتُهَا) أَيْ تَسْوِيَةُ حَفْرِهَا مِنْ مَالِهِ (وَهَلْ يُقَدِّمُ) الْبَائِعُ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (بِهِ) أَيْ بِمُلْزِمٍ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ وَإِصْلَاحِهِ (أَوْ يُضَارِبُ) بِهِ كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ فِيهِ (وَجْهَانِ) الْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُمْ أَخْذَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ لِيَتَمَلَّكَهُمَا مَعَ الْأَرْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ اخْتَلَفُوا) بِأَنْ طَلَبَ الْمُفْلِسُ الْقَلْعَ وَالْغُرَمَاءُ أَخْذَ الْقِيمَةِ مِنْ الْبَائِعِ لِيَتَمَلَّكَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَطَلَبَ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ، وَبَعْضُهُمْ الْقِيمَةَ مِنْ الْبَائِعِ (عَمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ) وَعِبَارَتُهُ لِشُمُولِهَا لِلصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ وَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ الْقَلْعِ لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَخْذُ الْأَرْضِ وَحْدَهَا) وَإِبْقَاءُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ لَهُمْ لِلضَّرَرِ بِنَقْصِ قِيمَتِهِمَا بِلَا أَرْضٍ بَلْ (يَتَخَيَّرُ بَيْنَ) ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ (الْمُضَارَبَةِ بِالثَّمَنِ وَتَمَلُّكِ الْجَمِيعِ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعِ بِالْأَرْشِ) لِلنَّقْصِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ مَبِيعٌ كُلُّهُ وَالضَّرَرُ يَنْدَفِعُ بِكُلٍّ مِنْهَا فَأُجِيبَ الْبَائِعُ لِمَا طَلَبَهُ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ زَرَعَ الْمُشْتَرِي الْأَرْضَ وَرَجَعَ الْبَائِعُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا يُنْتَظَرُ فَسَهُلَ احْتِمَالُهُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ يُضَارِبُ بِالثَّمَنِ أَوْ يَعُودُ إلَى بَدَلِ قِيمَتِهِمَا أَوْ قَلْعِهِمَا مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَتَبَ النَّوَوِيُّ عَلَى حَاشِيَةِ الرَّوْضَةِ: قَوْلُهُ يَعُودُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ اُمْتُنِعَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ مُكِّنَ (فَإِنْ رَضُوا بِأَخْذِهِ الْأَرْضَ وَبَاعُوا مَا فِيهَا) مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ (وَامْتَنَعَ) هُوَ (مِنْ بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَهُمْ) بَعْدَ أَخْذِهِ لَهَا (فَتَخَيُّرُهُ) بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ (بَاقٍ) فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ إفْرَادَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ بِالْبَيْعِ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ صَبَغَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا وَافَقَ عَلَى بَيْعِهَا مَعَهُمْ فَظَاهِرٌ وَطَرِيقُ التَّوْزِيعِ مَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِصِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ، وَفِيهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلِلرَّافِعِيِّ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: هَذَا إنْ اسْتَقَامَ فِي طَرَفِ الزِّيَادَةِ تَخْرِيجًا عَلَى أَنَّ مَا يَفُوزُ بِهِ الْبَائِعُ مِنْ الزِّيَادَةِ الْحَادِثَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يُقَدَّرُ كَالْمَوْجُودِ عِنْدَ الْبَيْعِ لَا يَسْتَقِيمُ فِي طَرَفِ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّعَيُّبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا رَجَعَ الْبَائِعُ إلَى الْعَيْنِ الْمَعِيبَةِ لَا يُطَالَبُ لِلْعَيْبِ بِشَيْءٍ، وَفِي اسْتِقَامَةِ ذَلِكَ فِي طَرَفِ الزِّيَادَةِ تَخْرِيجًا عَلَى مَا قَالَهُ نَظَرٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ تَعْبِيرُهُ بِأَنَّ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الزِّيَادَةِ هُنَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَفُوزَ الْعَائِدُ بِزِيَادَةٍ فَلَا يُنَاسِبُ مَا خَرَجَ عَلَيْهِ. [فَصْلٌ غَرَسَ الْمُشْتَرِي فِي الْأَرْضِ أَوْ بَنَى فِيهَا ثُمَّ رَجَعَ الْبَائِع] (فَصْلٌ غَرَسَ فِي الْأَرْضِ إلَخْ) (قَوْلُهُ قَلَعُوا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لَا يَعْدُوهُمْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْلَعَ إلَّا بَعْدَ رُجُوعِهِ فِي الْأَرْضِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعِمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا فَقَدْ يُوَافِقُهُمْ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ فَيَتَضَرَّرُوا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ لَهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ رُجُوعِهِ، وَقَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُقَدِّمُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُقَدِّمُ بِهِمَا الْبَائِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَأَنْكَرَ عَلَى الرَّافِعِيِّ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِيهِ وَأَوَّلَهُ ح (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمُضَارَبَةِ بِالثَّمَنِ وَتَمَلُّكِ الْجَمِيعِ بِالْقِيمَةِ) ، وَعِبَارَةُ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَنْ يَتَمَلَّكَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ عَلَى خِلَافِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يُشْتَرَطُ الْإِتْيَانُ بِهِ مَعَ الرُّجُوعِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ أَمْ يَكْفِي الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ وَعَلَى كِلَا الْأَمْرَيْنِ إذَا لَمْ يَفْعَلْ بَعْدَ الشَّرْطِ أَوْ الِاتِّفَاقِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ يُنْقَضُ الرُّجُوعُ أَوْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الثَّانِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 إشْكَالٌ يُعْرَفُ مِمَّا مَرَّ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِيمَا إذَا بَاعَا عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْأَظْهَرَ الْبُطْلَانُ انْتَهَى، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ تَابِعٌ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مَقَرُّهُ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ مَعَ أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى بَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ فِي الْجُمْلَةِ (وَ) إذَا امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهَا مَعَهُمْ فَبَاعُوا مَا فِيهَا ثَبَتَ (لِلْمُشْتَرِي) مِنْهُمْ (الْخِيَارَانِ جَهِلَ) حَالَ مَا اشْتَرَاهُ. (وَإِنْ اشْتَرَى الْأَرْضَ مِنْ رَجُلٍ وَالْغِرَاسَ مِنْ آخَرَ) وَغَرَسَهُ فِيهَا (فَلِكُلٍّ) مِنْ الْبَائِعَيْنِ (الرُّجُوعُ) فِيمَا بَاعَهُ فَإِنْ رَجَعَا وَأَرَادَ صَاحِبُ الْغِرَاسِ الْقَلْعَ مُكِّنَ مِنْهُ وَكَذَا إنْ أَرَادَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَضَمِنَ أَرْشَ النَّقْصِ (فَإِنْ قَلَعَ صَاحِبُ الْغِرَاسِ فَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ) حَفْرِ (الْأَرْضِ، وَأَرْشُ نَقْصِهَا) إنْ نَقَصَتْ (أَوْ) قَلَعَ (صَاحِبُ الْأَرْضِ ضَمِنَ أَرْشَ) نَقْصِ (الْغِرَاسِ) إنْ نَقَصَ (فَإِنْ أَرَادَ الْقَلْعَ مَجَّانًا فَهَلْ يُجَابُ) إلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْغِرَاسِ بَاعَهُ مُنْفَرِدًا فَيَأْخُذُهُ كَذَلِكَ أَوْ لَا يُجَابُ؛ لِأَنَّهُ غَرْسٌ مُحْتَرَمٌ كَغَرْسِ الْمُفْلِسِ فِيهِ (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الثَّانِي، وَبِهِ جَزَمَ الشَّاشِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي صَاحِبِ الْغِرَاسِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَاكَ مَالِكٌ لِلْغِرَاسِ فَلَهُ قَلْعُهُ، وَإِنْ قَالَ: اقْلَعْهُ مَجَّانًا فَإِذَا قَلَعَهُ ضَمِنَ الْأَرْشَ إنْ حَصَلَ نَقْصٌ بِخِلَافِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لَهُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْقَلْعِ إذَا قَالَ: أَقْلَعُ مَجَّانًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ امْتَنَعَ صَاحِبُ الْغِرَاسِ مِنْ قَلْعِهِ وَبَذَلَ صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَتَهُ قَائِمًا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْغِرَاسِ إقْرَارُهُ بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ قَلْعِهِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ وَلَوْ امْتَنَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْ بَذْلِ الْقِيمَةِ، وَصَاحِبُ الْغِرَاسِ مِنْ الْقَلْعِ فَإِنْ رَضِيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِإِقْرَارِهِ كَانَ مُقِرًّا لَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ مَا بَقِيَ فِي أَرْضِهِ (فَصْلٌ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ (الرُّجُوعُ فِي) قَدْرِ الْمَبِيعِ مِنْ (مِثْلِيٍّ) كَزَيْتٍ خُلِطَ (بِمِثْلِهِ وَبِأَرْدَأَ مِنْهُ) أَيْ بِهِمَا مَعًا أَوْ بِأَحَدِهِمَا لِبَقَائِهِ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ بِغَيْرِ تَعَلُّقِ حَقٍّ لَازِمٍ بِهِ وَيَكُونُ فِي صُورَةِ الْأَرْدَأِ مُسَامَحًا بِعَيْبِهِ كَعَيْبِ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ (لَا) إنْ خُلِطَ بِشَيْءٍ (أَجْوَدَ) مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ فِي عَيْنِهِ مَعَ تَضَرُّرِ الْمُفْلِسِ فَتَتَعَيَّنُ الْمُضَارَبَةُ بِالثَّمَنِ نَعَمْ إذَا قَلَّ الْأَجْوَدُ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ بِهِ زِيَادَةٌ فِي الْحِسِّ وَيَقَعُ مِثْلُهُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ قَالَ الْإِمَامُ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالرُّجُوعِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَا) رُجُوعَ لَهُ (فِي) مَا خُلِطَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِثْلُ (زَيْتٍ خُلِطَ بِشَيْرَجٍ) لِعَدَمِ جَوَازِ الْقِسْمَةِ لِانْتِفَاءِ التَّمَاثُلِ فَهُوَ كَالتَّالِفِ (وَلَهُ الْإِجْبَارُ عَلَى قِسْمَةِ مَا رَجَعَ فِيهِ) مَعَ مَا خُلِطَ بِهِ كَالْمُشْتَرَكِ الْمِثْلِيِّ (لَا عَلَى بَيْعِهِ) كَمَا لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْبَيْعِ (فَصْلٌ وَإِنْ اشْتَرَى حِنْطَةً فَطَحَنَهَا أَوْ ثَوْبًا فَقَصَّرَهُ أَوْ خَاطَهُ بِخُيُوطٍ مِنْهُ) أَوْ بِخُيُوطٍ اشْتَرَاهَا مَعَهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ (فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ) فِيمَا بَاعَهُ (وَلَا شَيْءَ لَهُ) مَعَهُ (إنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَتُهُ بِالطَّحْنِ أَوْ الْقَصْرِ أَوْ الْخِيَاطَةِ عَنْ قِيمَتِهِ قَبْلَهُ كَمَا فِي رُجُوعِهِ فِيمَا خُلِطَ بِالْأَرْدَأِ (أَوْ سَاوَتْ) هَا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَوْجُودٌ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ (وَإِنْ زَادَتْ) عَلَيْهَا (فَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالزِّيَادَةِ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ بِفِعْلٍ مُحْتَرَمٍ مُتَقَوِّمٍ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، وَيُفَارِقُ سِمَنَ الدَّابَّةِ بِالْعَلَفِ وَكِبَرِ الْوَدِيِّ بِالسَّقْيِ بِأَنَّ الْقَصَّارَ مَثَلًا إذَا قَصَّرَ صَارَ الثَّوْبُ مَقْصُورًا، وَالْعَلَفُ وَالسَّقْيُ يُوجَدَانِ كَثِيرًا، وَلَا يَحْصُلُ السِّمَنُ وَالْكِبَرُ فَكَانَ الْأَثَرُ فِيهِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ إلَى فِعْلِهِ بَلْ هُوَ مَحْضُ صُنْعِ اللَّهِ - تَعَالَى، وَلِهَذَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لِتَسْمِينِ الدَّابَّةِ وَتَكْبِيرِ الْوَدِيِّ بِخِلَافِهِ لِلْقِصَارَةِ وَنَحْوِهَا (وَكَذَا) يَكُونُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ (لَوْ اشْتَرَى دَقِيقًا فَخَبَزَهُ أَوْ لَحْمًا فَشَوَاهُ أَوْ شَاةً فَذَبَحَهَا أَوْ أَرْضًا فَضَرَبَ مِنْ تُرَابِهَا لَبِنًا أَوْ عَرْصَةً وَآلَاتِ الْبِنَاءِ فَبَنَى بِهَا دَارًا أَوْ عَلَّمَ الْعَبْدَ الْقُرْآنَ وَالْحِرْفَةَ) كَكِتَابَةٍ وَشَعْرٍ مُبَاحٍ وَرِيَاضَةِ دَابَّةٍ (وَالضَّابِطُ) لِذَلِكَ (أَنَّ كُلَّ صَنْعَةٍ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا، وَيَظْهَرُ لَهَا أَثَرٌ تُعَدُّ عَيْنًا لَا أَثَرًا فَلَا أَثَرَ لِسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ وَحِفْظِهَا) فِي مُشَارَكَةِ الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُمَا لَا يَظْهَرُ لَهُمَا أَثَرٌ فِيهَا وَإِذَا عُدَّا لِأَثَرِ الْمَذْكُورِ عَيْنًا (فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ غَيْرَ مَقْصُورٍ خَمْسَةً وَمَقْصُورًا سِتَّةً رَجَعَ) الْمُفْلِسُ (بِسُدُسِ الثَّمَنِ فَإِنْ ارْتَفَعَ السُّوقُ بِقِيمَةِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الثَّوْبِ وَالْقِصَارَةِ (اخْتَصَّ) الْأَخذ (بِالزِّيَادَةِ أَوْ بِهِمَا) أَيْ بِقِيمَتِهِمَا (فَبِالنِّسْبَةِ) تَكُونُ الزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا وَهَذَا يَأْتِي فِي الْفَرْعِ الْآتِي أَيْضًا وَلَوْ قَالَ فَإِنْ ارْتَفَعَتْ أَوْ انْخَفَضَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا بِالسُّوقِ اُخْتُصَّ بِالزِّيَادَةِ أَوْ النَّقْصِ أَوْ قِيمَتِهِمَا فَبِالنِّسْبَةِ كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَقَ بِكَلَامِ الْأَصْلِ (وَلِلْأَجِيرِ عَلَى الْقِصَارَةِ وَنَحْوِهَا حَقُّ الْحَبْسِ) لِلثَّوْبِ الْمَقْصُورِ وَنَحْوِهِ بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ (لِيَسْتَوْفِيَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ الرُّجُوعُ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ مِنْ مِثْلِيٍّ] قَوْلُهُ: وَيَكُونُ فِي صُورَةِ الْأَرْدَأِ مُسَامِحًا بِعَيْنِهِ إلَخْ) هَذَا إذَا خَلَطَهُ الْمُشْتَرِي فَلَوْ خَلَطَهُ أَجْنَبِيٌّ ضَارَبَ الْبَائِعَ بِنَقْصِ الْخَلْطِ كَمَا فِي الْعَيْبِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَاقَضَ الْإِسْنَوِيُّ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ: فِي بَابِ الْغَصْبِ وَالْخَلْطِ هَلَاكٌ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ، وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّا إذَا لَمْ تَثْبُتْ الشَّرِكَةُ هُنَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْبَائِعِ تَمَامُ حَقِّهِ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْمُضَارَبَةِ وَفِي الْغَصْبِ يَحْصُلُ لِلْمَالِكِ تَمَامُ الْبَدَلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 الْأُجْرَةَ) كَمَا أَنَّ لِلْبَائِعِ حَبْسَ الْمَبِيعِ لِيَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِصَارَةَ وَنَحْوَهَا عَيْنٌ وَقَيَّدَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ بِالْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ بِالْقِصَارَةِ، وَإِلَّا فَلَا حَبْسَ فَيَأْخُذُهُ الْمَالِكُ كَمَا لَوْ عَمِلَ الْمُفْلِسُ فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ ضَارَبَ الْأَجِيرُ بِأُجْرَتِهِ وَإِلَّا طَالَبَهُ بِهَا (فَرْعٌ وَإِنْ صَبَغَ) الْمُفْلِسُ (الثَّوْبَ بِصَبْغِهِ أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ وَلَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَتُهُ بِالصَّنْعَةِ عَلَى قِيمَتِهِ بِدُونِهَا بِأَنْ نَقَصَتْ عَنْهَا أَوْ سَاوَتْهَا (وَرَجَعَ الْبَائِعُ) فِيهِ (فَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ) كَمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ (وَإِنْ زَادَتْ) قِيمَتُهُ عَلَى تِلْكَ (وَوَفَتْ بِالْقِيمَتَيْنِ) كَأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَرْبَعَةً وَقِيمَةُ الصَّبْغِ دِرْهَمَيْنِ فَصَارَتْ بَعْدَ الصَّبْغِ سِتَّةً (أَخَذَ كُلٌّ) مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ (حَقَّهُ) فَكُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ وَكُلُّ الصَّبْغِ لِلْمُفْلِسِ كَمَا لَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ وَهَذَا مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالصَّبْغِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ كَخَلْطِ الزَّيْتِ وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ لَمْ تَفِ) قِيمَتُهُ بِالْقِيمَتَيْنِ كَأَنْ صَارَتْ قِيمَتُهُ فِي مِثَالِنَا خَمْسَةً (فَالنَّقْصُ عَلَى الصَّبْغِ) ؛ لِأَنَّهُ هَالِكٌ فِي الثَّوْبِ، وَالثَّوْبُ قَائِمٌ بِحَالِهِ (وَإِنْ زَادَتْ) قِيمَتُهُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ كَأَنْ صَارَتْ قِيمَتُهُ ثَمَانِيَةً (فَالزِّيَادَةُ وَالصَّبْغُ لِلْمُفْلِسِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّنْعَةَ عَيْنٌ فَيُجْعَلُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (وَلِلْبَائِعِ إمْسَاكُ الثَّوْبِ وَبَذْلُ مَا لِلْمُفْلِسِ مِنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ) وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلْفَصْلِ كَمَا يَبْذُلُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ: إنَّهُ شَرِيكٌ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَ الْمُفْلِسِ تُبَاعُ إمَّا لِلْبَائِعِ أَوْ لِغَيْرِهِ. (فَإِنْ اشْتَرَى الصَّبْغَ مِنْ بَائِعِ الثَّوْبِ أَوْ مِنْ آخَرَ أَوْ كَانَ الثَّوْبُ لِلْمُفْلِسِ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَةُ الثَّوْبِ) مَصْبُوغًا عَلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ كَأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَرْبَعَةً فَصَارَتْ بَعْدَ الصَّبْغِ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً (فَالصَّبْغُ مَفْقُودٌ يُضَارِبُ بِهِ) أَيْ بِثَمَنِهِ (صَاحِبُهُ) وَصَاحِبُ الثَّوْبِ وَاجِدٌ لَهُ فَيَأْخُذُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ زَادَتْ) قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا عَلَى تِلْكَ (وَلَمْ تَفِ بِقِيمَتِهِمَا) كَأَنْ صَارَتْ خَمْسَةً (فَالصَّبْغُ نَاقِصٌ فَإِنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ) بَائِعُهُ (وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِثَمَنِهِ وَإِنْ زَادَتْ) قِيمَتُهُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ كَأَنْ صَارَتْ ثَمَانِيَةً (فَالزِّيَادَةُ) وَهِيَ فِي الْمِثَالِ دِرْهَمَانِ (لِلْمُفْلِسِ، وَيَجُوزُ لَهُ وَلِلْغُرَمَاءِ قَلْعُ الصَّبْغِ إنْ اتَّفَقُوا) عَلَيْهِ (وَيَغْرَمُونَ نَقْصَ الثَّوْبِ) كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ (وَكَذَا) يَجُوزُ (لِصَاحِبِ الصَّبْغِ) الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُفْلِسُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ الثَّوْبِ (قَلْعُهُ وَيَغْرَمُ نَقْصَ الثَّوْبِ أَيْضًا) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. وَكَذَا يَجُوزُ قَلْعُهُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ مَعَ غُرْمِ نَقْصِ الصَّبْغِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ قَلْعُهُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَإِلَّا فَيُمْنَعُونَ مِنْهُ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ فِي الْأُولَى، وَفِي مَعْنَاهُ الْأَخِيرَتَانِ (وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَصَّار) لِلثَّوْبِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَى قَصْرِهِ مُشْتَرِيهِ (يُضَارِبُ) بِأُجْرَتِهِ تَارَةً وَ (بِمَا نَقَصَ) مِنْهَا أُخْرَى كَمَا سَيَأْتِي وَكَالْقَصَّارِ الصَّبَّاغُ وَنَحْوُهُ (مِثَالُهُ ثَوْبٌ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، وَقِيمَةُ) أَيْ أُجْرَةُ (صَبْغِهِ) بِفَتْحِ الصَّادِ (أَوْ قِصَارَتِهِ دِرْهَمٌ فَقُوِّمَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلِصَاحِبِ الثَّوْبِ عَشَرَةٌ وَلِلصَّبْغِ أَوْ الْقِصَارَةِ دِرْهَمٌ وَأَرْبَعَةٌ لِلْمُفْلِسِ) هَذَا إنْ فَسَخَ الصَّبَّاغُ أَوْ الْقَصَّارُ، وَإِلَّا ضَارَبَ بِدِرْهَمٍ (فَلَوْ كَانَتْ الْقِصَارَةُ) مَثَلًا أَيْ أُجْرَتُهَا (خَمْسَةً وَسَاوَى) الثَّوْبَ (مَقْصُورًا أَحَدَ عَشْرَةَ فَإِنْ فَسَخَ الْأَجِيرُ) الْإِجَارَةَ (فَلِلْبَائِعِ عَشَرَةٌ وَلِلْأَجِيرِ دِرْهَمٌ، وَيُضَارِبُ بِأَرْبَعَةٍ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ (ضَارَبَ بِخَمْسَةٍ) كَمَا يُضَارِبُ بِهَا إذَا لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ بِالْقِصَارَةِ (وَالدِّرْهَمُ لِلْمُفْلِسِ) وَالْعَشَرَةُ لِلْبَائِعِ لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ كَوْنِ الْقِصَارَةِ عَيْنًا أَنَّ الزَّائِدَ بِهَا لِلْقَصَّارِ كَزِيَادَةِ الْمَبِيعِ الْمُتَّصِلَةِ وَأَنَّ النَّاقِصَ عَنْ الْأَجْرِ يَقْنَعُ بِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ كَالصَّبْغِ فِي نَظِيرِ مَسْأَلَتِنَا نَاقِصًا قَنَعَ بِهِ أَوْ ضَارَبَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْقِصَارَةُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عَيْنًا تُفْرَدُ بِالْبَيْعِ وَالْأَخْذِ وَالرَّدِّ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ بَلْ صِفَةً تَابِعَةً لِلثَّوْبِ وَلِهَذَا لَمْ نَجْعَلْ الْغَاصِبَ شَرِيكًا لِلْمَالِكِ بِهَا كَمَا جَعَلْنَاهُ شَرِيكًا لَهُ إذَا صَبَغَهُ. وَإِنَّمَا شُبِّهَتْ بِالْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِهَا مُتَقَوِّمَةٌ مُقَابَلَةٌ بِعِوَضٍ فَلَا تَضِيعُ عَلَى الْمُفْلِسِ كَالْأَعْيَانِ وَأَمَّا فِي حَقِّ الْأَجِيرِ فَلَيْسَتْ مَوْرِدَ الْإِجَارَةِ حَتَّى يُرْجَعَ إلَيْهَا بَلْ مَوْرِدُهَا الصَّنْعَةُ وَلَا يُتَصَوَّرُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا فَجُعِلَ الْحَاصِلُ بِهَا لِاخْتِصَاصِهِ بِهَا مُتَعَلَّقَ حَقِّهِ كَالْمَرْهُونِ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِلْمُفْلِسِ مَرْهُونَةٌ بِحَقِّ الْأَجِيرِ فَلَا يَزِيدُ حَقُّهُ بِزِيَادَةِ قِيمَةِ الْمَقْصُورِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ بِنَقْصِهَا كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمَرْهُونِ فَإِنْ قُلْت: قَضِيَّةُ كَوْنِهَا مَرْهُونَةً بِحَقِّهِ، وَأَنَّ لَهُ حَقَّ الْحَبْسِ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُضَارِبُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ اشْتَرَى حِنْطَةً فَطَحَنَهَا أَوْ ثَوْبًا فَقَصَّرَهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ] قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ بِالْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْبَارِزِيُّ وَغَيْرُ إلَخْ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ. [فَرْعٌ صَبَغَ الْمُفْلِسُ الثَّوْبَ بِصَبْغِهِ أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ وَلَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ] (قَوْلُهُ فَكُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ وَكُلُّ الصَّبْغِ لِلْمُفْلِسِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ) وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْغَصْبِ وَارْتَضَاهُ فِي الْمَطْلَبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِمَا فَالزِّيَادَةُ لِلْمُفْلِسِ) لَوْ كَانَتْ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ بِارْتِفَاعِ سُوقِ الْمَبِيعِ، أَوْ الزِّيَادَةُ اخْتَصَّتْ (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَصَّارَ يُضَارِبُ بِأُجْرَتِهِ تَارَةً وَبِمَا نَقَصَ مِنْهَا أُخْرَى إلَخْ) لَوْ سَلَّمَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ لِلْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ أُجْرَتِهِ ثُمَّ أَفْلَسَ صَاحِبُهُ كَانَ لِلْقَصَّارِ التَّقَدُّمُ بِأُجْرَتِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْأَصْحَابُ لَكِنْ يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ: الْقِصَارَةُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عَيْنًا تُفْرَدُ بِالْبَيْعِ) قَالَ الْقَمُولِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِصَارَةِ هُنَا تَصْفِيَةُ الثَّوْبِ بِالْغَسْلِ، وَأَمَّا الْقِصَارَةُ الَّتِي تَعْهَدُهَا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَهِيَ عَيْنٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا أَعْيَانٌ تُجْعَلُ فِي الثَّوْبِ بَعْدَ تَصْفِيَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 بِالْأُجْرَةِ سَوَاءٌ أَفَسَخَ أَمْ لَا، قُلْت: إذَا لَمْ يَفْسَخْ فَهُوَ مُقَصِّرٌ فَسَقَطَ حَقُّهُ إمَّا مِنْ الْحَبْسِ وَالرَّهْنِيَّةِ، أَوْ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ فَقَطْ، وَبَقِيَ حَقُّ الْحَبْسِ كَمَا هُوَ فِي حَقِّ حَبْسِ الْمَبِيعِ (وَلَا يَزِيدُ حَقُّ الْقَصَّارِ بِزِيَادَةِ رَاغِبٍ بِخِلَافِ صَاحِبِ الصَّبْغِ) يَزِيدُ حَقُّهُ بِزِيَادَتِهِ؛ لِأَنَّ الصَّبْغَ مُسْتَحَقٌّ لِلصَّبَّاغِ بِخِلَافِ الْقِصَارَةِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ لِلْقَصَّارِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَرْهُونَةٌ بِحَقِّهِ فَلَا يَسْتَوْفِي مِنْهَا زِيَادَةً عَلَى مَا رُهِنَ بِهَا، وَهُوَ الْأُجْرَةُ (فَلَوْ رَغِبَ رَاغِبٌ فِي مِثَالِنَا) الْمُسَاوِي فِيهِ الثَّوْبُ مَصْبُوغًا أَوْ مَقْصُورًا خَمْسَةَ عَشَرَ (فَاشْتَرَاهُ بِثَلَاثِينَ فَلِصَاحِبِ الثَّوْبُ عِشْرُونَ وَلِلصَّبْغِ) فِي صُورَتِهِ (دِرْهَمَانِ أَوْ الْقِصَارَةُ) فِي صُورَتِهَا (دِرْهَمٌ وَثَمَانِيَةٌ لِلْمُفْلِسِ) فِي الْأُولَى (أَوْ تِسْعَةٌ) فِي الثَّانِيَةِ لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَلَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ لِلْقَصَّارِ) أَوْ الصَّبَّاغِ (نُقَدِّمُك بِالْأُجْرَةِ) وَدَعْنَا نَكُنْ شُرَكَاءَ صَاحِبِ الثَّوْبِ (لَمْ يُجْبَرْ) صَوَابُهُ أُجْبِرَ (عَلَى الْقَبُولِ) . وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أُجْبِرَ عَلَى الْأَصَحِّ كَالْبَائِعِ إذَا قَدَّمَهُ الْغُرَمَاءُ بِالثَّمَنِ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَرْجِيحِ جَوَازِ الْفَسْخِ عِنْدَ تَقْدِيمِهِمْ بِالثَّمَنِ وَبِأَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ كَالْبَائِعِ إلَى آخِرِهِ تَعْلِيلًا لِلْإِجْبَارِ بَلْ لِمُقَابِلِهِ وَرَجَّحَ الْإِجْبَارَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِصَارَةَ مَمْلُوكَةٌ لِلْمُفْلِسِ مَرْهُونَةٌ بِحَقِّ الْأَجِيرِ وَالْمُرْتَهِنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْمَرْهُونَ بَعْدَ أَدَاءِ حَقِّهِ فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنْ يَزِيدَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالثَّانِي لَا كَالْبَائِعِ إلَى آخِرِهِ انْتَهَى وَعَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ الْقَصَّارَ يُجْبَرُ دُونَ الْبَائِعِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حَقَّ الْقَصَّارِ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ تَعَلُّقَ الرَّهْنِ، فَإِذَا أَدَّى حَقَّهُ زَالَ تَعَلُّقَهُ بِهَا فَأُجْبِرَ بِخِلَافِ حَقِّ الْبَائِعِ، وَمَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ اعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَالَ الْغُرَمَاءُ فِي الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ نُقَدِّمُك مِنْ مَالِنَا لَيْسَ بِشَيْءٍ (فَصْلٌ وَإِنْ أَخْفَى رَجُلٌ) مَدْيُونٌ (مَالِهِ) أَيْ بَعْضَهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ وَنَقَصَ الْمَوْجُودُ عَنْ دَيْنِهِ (فَحُجِرَ عَلَيْهِ) وَرَجَعَ الْبَائِعُ فِي عَيْنِ مَالِهِ (وَتَصَرَّفَ الْقَاضِي) فِي بَاقِي مَالِهِ بِبَيْعِهِ وَقِسْمَةِ ثَمَنِهِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ ثُمَّ (بَانَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لَمْ يُنْقَضْ) تَصَرُّفُهُ (؛ إذْ لِلْقَاضِي بَيْعُ مَالِ الْمُمْتَنِعِ) مِنْ أَدَاءِ دَيْنِهِ وَصَرْفُهُ فِي دَيْنِهِ (وَرُجُوعُ الْبَائِعِ فِي الْعَيْنِ) الْمَبِيعَةِ (لِامْتِنَاعِ الْمُشْتَرِي) مِنْ أَدَاءِ الثَّمَنِ (مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَدْ حَكَمَ) بِهِ (الْقَاضِي مُعْتَقِدُ نُفُوذِهِ) أَيْ الْحَاكِمُ أَيْ جَوَازُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ فَيُنْقَضُ تَصَرُّفُهُ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ مِنْ تَفَقُّهِ الشَّيْخَيْنِ فَإِنَّهُمَا قَالَا: فَإِذَا حَكَمَ بِهِ الْقَاضِي نَفَذَ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ رُبَّمَا لَا يَعْتَقِدُ جَوَازَ ذَلِكَ انْتَهَى، وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ قَبْلَ الْبَابِ الثَّانِي مَا يُؤَيِّدُ التَّوَقُّفَ فَالْمُعْتَمَدُ التَّقْيِيدُ. [كِتَاب الْحَجْرِ] (كِتَاب الْحَجْرِ) هُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَشَرْعًا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا} [البقرة: 282] الْآيَةَ وَالسَّفِيهُ الْمُبَذِّرُ وَالضَّعِيفُ الصَّبِيُّ وَاَلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ وَالْحَجْرُ نَوْعَانِ نَوْعٌ شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ كَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ لِلْغُرَمَاءِ وَالرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْمَرْهُونِ وَالْمَرِيضِ لِلْوَرَثَةِ فِي ثُلْثَيْ مَالِهِ وَالْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ وَالْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ وَلِلَّهِ - تَعَالَى، وَالْمُرْتَدِّ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَهَا أَبْوَابٌ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا، وَبَعْضُهَا يَأْتِي وَنَوْعٌ شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ حَجْرُ الْجُنُونِ وَالصِّبَا وَالسَّفَهِ، وَكُلٌّ مِنْهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا يَزِيدُ حَقُّ الْقَصَّارِ بِزِيَادَةِ رَاغِبٍ بِخِلَافِ صَاحِبِ الصَّبْغِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ غَرِيبٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْفَرْعِ أَنَّا إذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ الْقِصَارَةَ عَيْنٌ وَزَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَائِعِ وَالْأَجِيرِ الرُّجُوعَ إلَى عَيْنِ مَالِهِ فَجَعَلَاهُ مُسْتَحِقًّا لَهُ فَكَيْفَ يَجِيءُ هَذَا، وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ أَنَّ الْأَجِيرَ يَرْجِعُ فِي زِيَادَةٍ عَلَى أُجْرَتِهِ بَلْ قَالَ هُنَاكَ: إنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُفْلِسِ اهـ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: هَذَا لَا يُعَارِضُ مَا سَبَقَ، وَالِاسْتِدْلَالُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ مَا سَبَقَ هُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ خَمْسَةً، وَالثَّوْبُ بِعَشَرَةٍ، وَبَعْدَ الْقِصَارَةِ يُسَاوِي أَحَدَ عَشَرَ فَإِنْ فَسَخَ الْأَجِيرُ الْإِجَارَةَ فَعَشَرَةٌ لِلْبَائِعِ، وَدِرْهَمٌ لِلْأَجِيرِ، وَيُضَارِبُ بِأَرْبَعَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِصَارَةَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنْ لَا يَزِيدَ الثَّوْبُ بِسَبَبِهَا فَتَتَعَيَّنُ الْمُضَارَبَةُ، وَصَاحِبُهَا فَاقِدٌ كَمَا أَنَّ صَاحِبَ الصَّبْغِ فَاقِدٌ، إذَا لَمْ تَزِدْ الْعَيْنُ الثَّانِي أَنْ يَزِيدَ الثَّوْبُ بِمِقْدَارِ الْأُجْرَةِ أَوْ أَقَلَّ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَجِيرُ إنْ فَسَحَ فَيُضَارِبُ بِالْبَاقِي مِنْ الْأَجِرَّةِ فِي صُورَةِ النَّقْصِ الثَّالِثُ: أَنْ يَزِيدَ عَلَى قِيمَةِ الْقِصَارَةِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَجِيرِ إلَّا مِقْدَارُ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: صَوَابُهُ أَجِيرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أُجْبِرَ عَلَى الْأَصَحِّ) كَمَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى قَبُولِ قَبْضِ دَيْنِهِ إذَا قَالَ لَهُ الْغُرَمَاءُ: خُذْ دَيْنَك وَدَعْ الْعَيْنَ، وَكَمَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى عَدَمِ الْفَسْخِ إذَا قَالَ لَهُ الْوَارِثُ: خُذْ الثَّمَنَ مِنْ مَالِي عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) اعْتَرَضَ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ لَا تَخَالُفَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَإِنَّ الْمَذْكُورَ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَالَ الْغُرَمَاءُ لِلْقَصَّارِ: خُذْ أُجْرَتَك مِنْ مَالِنَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ كَمَا إذَا قَدَّمَهُ الْغُرَمَاءُ بِالثَّمَنِ يَعْنِي مِنْ مَالِهِمْ فَيُجْبَرُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ فِي إجْبَارِ الْبَائِعِ فِي هَذِهِ غَلَطٌ فَإِنَّ لَهُ الْفَسْخَ فِيهَا قَطْعًا. [فَصْلٌ بِيعَ مَالُ الْمُفْلِسِ إذَا أَخْفَى رَجُلٌ مَدْيُونٌ مَالَهُ] (كِتَابُ الْحَجْرِ) (قَوْلُهُ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] نَبَّهَ عَلَى الْحَجْرِ بِالِابْتِلَاءِ وَكَنَّى عَنْ الْبُلُوغِ بِالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ كَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ لِلْغُرَمَاءِ إلَخْ) قَدْ أَنْهَاهُ بَعْضُهُمْ إلَى نَحْوِ سَبْعِينَ صُورَةً بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا بَابٌ وَاسِعٌ لَا تَنْحَصِرُ إفْرَادُ مَسَائِلِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمَرِيضُ الْمُورَثُ فِي ثُلُثَيْ مَالِهِ) حَيْثُ لَا دَيْنَ، وَفِي جَمِيعِهَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمُلَقَّنِ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ كَالْقَمُولِيِّ لَكِنْ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي الْوَصَايَا أَنَّ الْمَرِيضَ لَوْ وَفَّى دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ إنْ وَفَّى الْمَالُ بِجَمِيعِ الدُّيُونِ وَكَذَا إنْ لَمْ يُوفِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ حَجْرُ الْجُنُونِ) وَبِهِ تُسْلَبُ الْوِلَايَاتُ الثَّابِتَةُ بِالشَّرْعِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ أَوْ بِالتَّفْوِيضِ كَالْإِيصَاءِ وَالْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُدَبِّرْ أَمْرَ نَفْسِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَاعْتِبَارُ الْأَقْوَالِ لَهُ، وَعَلَيْهِ سَوَاءٌ تَعَلَّقَتْ بِالدِّينِ كَالْإِسْلَامِ أَمْ بِالدُّنْيَا كَالْمُعَامَلَاتِ لِعَدَمِ قَصْدِهِ، وَأَمَّا أَفْعَالُهُ فَمِنْهَا مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ كَإِحْبَالِهِ وَإِتْلَافِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 أَعَمُّ مِمَّا بَعْدَهُ وَقَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِمْ لِمَصْلَحَتِهِمْ ثَلَاثَةٌ الْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ وَالسَّفِيهُ وَيَنْقَطِعُ حَجْرُ الْجُنُونِ) الثَّابِتِ بِمُجَرَّدِ الْجُنُونِ (بِالْإِفَاقَةِ) مِنْهُ بِغَيْرِ فَكٍّ، وَأَلْحَقَ الْقَاضِي بِالْمَجْنُونِ النَّائِمَ وَالْأَخْرَسَ الَّذِي لَا يَفْهَمُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا يَتَخَيَّلُ أَحَدٌ أَنَّ النَّائِمَ يَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ، وَأَمَّا الْأَخْرَسُ الْمَذْكُورُ فَإِنَّهُ لَا يَعْقِلُ وَإِنْ احْتَجَّ إلَى إقَامَةِ أَحَدِ مَقَامِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْحَاكِمَ، وَفِي نُسْخَةٍ قَبْلَ قَوْلِهِ: وَيَنْقَطِعُ فَصْلٌ. (وَمَنْ لَهُ أَدْنَى تَمْيِيزٍ فَكَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ) فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ (وَيَنْقَطِعُ الْحَجْرُ عَنْ الصَّبِيِّ بِالْبُلُوغِ رَشِيدًا) بِغَيْرِ فَكٍّ لِآيَةِ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْبُلُوغِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَيْسَ هَذَا اخْتِلَافًا مُحَقَّقًا بَلْ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ أَرَادَ الْإِطْلَاقَ الْكُلِّيَّ، وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي أَرَادَ حَجْرَ الصِّبَا وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصِّبَا سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ بِالْحَجْرِ، وَكَذَا التَّبْذِيرُ، وَأَحْكَامُهُمَا مُتَغَايِرَةٌ، وَمَنْ بَلَغَ مُبَذِّرًا فَحُكْمُ تَصَرُّفِهِ حُكْمُ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ لَا حُكْمُ تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ انْتَهَى (وَالْبُلُوغُ) يَحْصُلُ إمَّا (بِاسْتِكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةِ سَنَةً قَمَرِيَّةً) تَحْدِيدِيَّةً لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ «عُرِضْت عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْت وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي وَرَآنِي بَلَغْت» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْوَلَدِ (أَوْ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ لِإِمْكَانِهِ) أَيْ لِوَقْتِ إمْكَانِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59] وَلِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» وَالْحُلُمُ الِاحْتِلَامُ وَهُوَ لُغَةً مَا يَرَاهُ النَّائِمُ تَقُولُ مِنْهُ حَلَمَ بِالْفَتْحِ وَاحْتَلَمَ وَتَقُولُ حَلَمْت بِكَذَا وَحَلَمْته أَيْضًا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا خُرُوجُ الْمَنِيِّ فِي نَوْمٍ أَوْ يَقَظَةٍ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَأَقَلُّهُ) أَيْ وَقْتِ إمْكَانِهِ (تِسْعُ سِنِينَ) قَمَرِيَّةً أَيْ اسْتِكْمَالُهَا بِالِاسْتِقْرَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقْرِيبٌ كَمَا فِي الْحَيْضِ وَلَوْ ادَّعَى الْبُلُوغَ بِهِ أَوْ ادَّعَتْ الصَّبِيَّةُ الْبُلُوغَ بِالْحَيْضِ صُدِّقَا بِلَا يَمِينٍ، وَلَوْ فِي خُصُومَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِمَا وَلِأَنَّهُمَا إنْ صُدِّقَا فَلَا تَحْلِيفَ وَإِنْ كُذِّبَا فَكَيْفَ يَحْلِفَانِ، وَاعْتِقَادُ الْمُكَذِّبِ أَنَّهُمَا صَغِيرَانِ نَعَمْ إنْ كَانَ مِنْ الْغُزَاةِ وَطَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتَلَةِ، أَوْ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ حَلَفَ عِنْدَ التُّهْمَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي السِّيَرِ (وَإِنْبَاتُ شَعْرِ الْعَانَةِ الْخَشِنِ) الَّذِي يَحْتَاجُ فِي إزَالَتِهِ إلَى حَلْقٍ (دَلِيلٌ) لِلْبُلُوغِ (فِي حَقِّ الْكُفَّارِ) وَمَنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ «لِخَبَرِ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ كُنْت مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَانُوا يَنْظُرُونَ مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ لَمْ يُقْتَلْ وَكَشَفُوا عَانَتِي فَوَجَدُوهَا لَمْ تُنْبِتْ فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَفَادَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بُلُوغًا حَقِيقَةً بَلْ دَلِيلٌ لَهُ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّ عُمْرَهُ دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يَحْكُمْ بِبُلُوغِهِ بِالْإِنْبَاتِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ دَلِيلٌ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَحَكَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ دَلِيلٌ لِلْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ دَلِيلٌ لِلْبُلُوغِ   [حاشية الرملي الكبير] مَالَ الْغَيْرِ وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ بِوَطْئِهِ وَتَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَى إرْضَاعِهِ، وَعَمْدُهُ عَمْدٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَمِنْهَا مَا هُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَالصَّدَقَةِ، وَلَوْ أَحْرَمَ ثُمَّ أَتْلَفَ صَيْدًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْجَزَاءُ، وَالصَّبِيُّ كَالْمَجْنُونِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ إلَّا أَنَّ الصَّبِيَّ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِي الْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ وَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ، وَلَهُ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ كَالْبَالِغِ (قَوْلُهُ وَالْأَخْرَسُ الَّذِي لَا يَفْهَمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَتَخَيَّلُ أَحَدٌ أَنَّ النَّائِمَ إلَخْ) مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي: أَنَّ النَّائِمَ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَأَنَّ الْأَخْرَسَ الْمَذْكُورَ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَأَنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ: الْأَخْرَسُ إنْ كَانَ لَهُ إشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ حَلَّتْ ذَبِيحَتُهُ وَإِلَّا فَكَالْمَجْنُونِ ذَكَرَهُ فِي التَّهْذِيبِ وَكَذَا سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَهُ أَدْنَى تَمْيِيزٍ فَكَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ) اعْتَرَضَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ إنْ زَالَ عَقْلُهُ فَمَجْنُونٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مُكَلَّفٌ، وَتَصَرُّفَاتُهُ صَحِيحَةٌ، فَإِنْ بَذَرَ فَسَفِيهٌ، وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ: وَيَنْقَطِعُ الْحَجْرُ عَنْ الصَّبِيِّ بِالْبُلُوغِ رَشِيدًا بِغَيْرِ فَكٍّ) وَإِنْ كَانَ وَلِيُّهُ الْحَاكِمَ (قَوْلُهُ تَحْدِيدِيَّةٌ) حَتَّى لَوْ نَقَصَتْ يَوْمًا لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ «ابْنِ عُمَرَ عُرِضْت عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ» إلَخْ) قَالَ الْقَمُولِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ «رَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا، وَهُمْ أَبْنَاءُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُمْ بَلَغُوا، وَعُرِضُوا عَلَيْهِ وَهُمْ أَبْنَاءُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَهُمْ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَابْنُ عُمَرَ» (قَوْلُهُ: وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً) الْمُرَادُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً أَيْ طَعَنْت فِيهَا، وَبِقَوْلِهِ: وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ أَيْ اسْتَكْمَلْتهَا؛ لِأَنَّ غَزْوَةَ أُحُدٍ كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَالْخَنْدَقِ كَانَتْ فِي جُمَادَى سَنَةَ خَمْسٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ لِإِمْكَانِهِ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي تَحَقُّقَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، فَلَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ الصَّبِيِّ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ لَا يَحْكُمُ بِبُلُوغِهِ بِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ اللِّعَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ وَالْبُلُوغُ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَحَقُّقِهِ وَحَكَى الْجُورِيُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي يَكُونُ بَالِغًا وَأَجْرَاهُمَا فِي أَنَّهُ هَلْ يَسْتَقِرُّ بِهِ كُلُّ الْمَهْرِ، أَوْ لَا وَقَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ اللِّعَانِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهُ تِسْعُ سِنِينَ) وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ خُرُوجِ الْوَلَدِ، وَسَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ فِي الذَّكَرِ: نِصْفُ الْعَاشِرَةِ وَقِيلَ تَمَامُهَا وَقِيلَ فِي الْأُنْثَى بِأَوَّلِ التَّاسِعَةِ وَقِيلَ نِصْفُهَا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ: إنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَتَنَاوَلُ مَنِيَّ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ مِنْهَا كَحَيْضِهَا، وَمَا ضَعَّفَهُ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقْرِيبٌ كَمَا فِي الْحَيْضِ) قَالَ شَيْخُنَا: الْأَصَحُّ هُنَا أَنَّهَا تَحْدِيدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا) فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ فَقَالَ: شِئْت يَصْدُقُ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْبَاتُ شَعْرِ الْعَانَةِ) يَقْتَضِي أَنَّ الْعَانَةَ هِيَ الْمَنْبَتُ لَا النَّابِتُ، وَفِيهِ خِلَافٌ لِأَهْلِ اللُّغَةِ قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: هِيَ الشَّعْرُ النَّابِتُ فَوْقَ الْفَرْجِ، وَقِيلَ هِيَ الْمَنْبَتُ، وَإِنَّمَا اسْمُ النَّابِتِ الشِّعْرَةُ بِالْكَسْرِ، قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ عَنْ الْأَزْهَرِيِّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ) قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ (مِنْهُ) (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ (قَوْلُهُ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ دَلِيلٌ لِلْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا) هُوَ الظَّاهِرُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 بِأَحَدِهِمَا. وَإِنَّمَا يَكُونُ دَلِيلًا فِي حَقِّ الْخُنْثَى إذَا كَانَ عَلَى فَرْجَيْهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (لَا) فِي حَقِّ (الْمُسْلِمِينَ) لِسُهُولَةِ مُرَاجَعَةِ آبَائِهِمْ وَأَقْرِبَائِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ وَلِأَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ فِي الْإِنْبَاتِ فَرُبَّمَا تَعَجَّلَهُ بِدَوَاءٍ دَفْعًا لِلْحَجْرِ وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يُفْضِي بِهِمْ إلَى الْقَتْلِ أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالطِّفْلُ الَّذِي تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ أَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ لِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ حُكْمُهُمْ كَذَلِكَ وَوَقْتُ إمْكَانِ إنْبَاتِ الْعَانَةِ وَقْتُ إمْكَانِ الِاحْتِلَامِ (لَا) إنْبَاتُ (شَعْرِ الْإِبْطِ وَاللِّحْيَةِ) فَلَيْسَ دَلِيلًا لِلْبُلُوغِ (لِنُدُورِهِمَا دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ) سَنَةً، وَلِأَنَّ إنْبَاتَهُمَا لَوْ دَلَّ عَلَى الْبُلُوغِ لَمَا كَشَفُوا الْعَانَةَ فِي وَقْعَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِمَا مَعَ التَّعْلِيلِ بِمَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفِي مَعْنَاهُمَا الشَّارِبُ وَثِقَلُ الصَّوْتِ وَنُهُودُ الثَّدْيِ وَنُتُوُّ طَرَفِ الْحُلْقُومِ وَانْفِرَاقُ الْأَرْنَبَةِ وَغَيْرُهَا (وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْعَانَةِ لِلشَّهَادَةِ) بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَةِ الْبُلُوغِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ (وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ) عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ السِّنِّ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَنَبَاتِ الْعَانَةِ (بِالْحَيْضِ) لِوَقْتِ إمْكَانِهِ بِالْإِجْمَاعِ (وَبِالْوِلَادَةِ) ؛ لِأَنَّهَا مَسْبُوقَةٌ بِالْإِنْزَالِ، وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِالْحَبَلِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ بُلُوغًا، وَإِنَّمَا الْبُلُوغُ بِالْإِنْزَالِ، وَالْوِلَادَةُ الْمَسْبُوقَةُ بِالْحَبَلِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ (: وَيَحْكُمُ بِالْبُلُوغِ قَبْلَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ فَلَوْ أَتَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِوَلَدٍ يَلْحَقُ الزَّوْجَ حَكَمْنَا بِالْبُلُوغِ) لَهَا (قَبْلَ الطَّلَاقِ) . (فَرْعٌ لَوْ أَمْنَى الْخُنْثَى مِنْ ذَكَرِهِ وَحَاضَ مِنْ فَرْجِهِ حَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ) ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرٌ أَمْنَى أَوْ أُنْثَى حَاضَتْ (لَا إنْ وُجِدَ) أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا (مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ فَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ الْآخَرِ مَا يُعَارِضُهُ قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الْإِمَامُ: يَنْبَغِي الْحُكْمُ بِبُلُوغِهِ بِأَحَدِهِمَا كَمَا يَحْكُمُ بِالِاتِّضَاحِ بِهِ ثُمَّ يُغَيِّرُ إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَهُوَ الْحَقُّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إنْ وَقَعَ ذَلِكَ مَرَّةً لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ حَكَمْنَا بِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ غَرِيبٌ انْتَهَى، فَإِنْ قُلْت: لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحَيْضِ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَرِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، قُلْت: ذَاكَ مَحَلُّهُ مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا (فَرْعٌ الرُّشْدُ إصْلَاحُ الدَّيْنِ وَالْمَالِ حَتَّى مِنْ الْكَافِرِ) كَمَا فُسِّرَ بِهِ آيَةُ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] (وَيُعْتَبَرُ) فِي رُشْدِ الْكَافِرِ (دِينُهُ) ثُمَّ بَيَّنَ إصْلَاحَ الدِّينِ بِقَوْلِهِ (فَلَا يَرْتَكِبُ مُحَرَّمًا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ) مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ، وَإِصْلَاحَ الْمَالِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُضَيِّعُ الْمَالَ) بِإِلْقَائِهِ فِي بَحْرٍ أَوْ بِصَرْفِهِ فِي مُحَرَّمٍ أَوْ (بِاحْتِمَالِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ) فِي الْمُعَامَلَةِ وَنَحْوِهَا وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ (وَلَيْسَ صَرْفُهُ فِي الْخَيْرِ) كَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ (تَبْذِيرًا) ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَرَضًا وَهُوَ الثَّوَابُ، وَلَا سَرَفَ فِي الْخَيْرِ كَمَا لَا خَيْرَ فِي السَّرَفِ (وَلَا) صَرْفُهُ (فِي الثِّيَابِ وَالْأَطْعِمَةِ النَّفِيسَةِ) وَإِنْ لَمْ تَلْقَ بِحَالِهِ (وَشِرَاءِ الْجَوَارِي وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهِنَّ) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يُتَّخَذُ لِيُنْتَفَعَ وَيُلْتَذَّ بِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ نَعَمْ إنْ صَرَفَهُ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاقْتِرَاضِ لَهُ فَحَرَامٌ كَمَا مَرَّ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ. (فَرْعٌ لَا بُدَّ مِنْ الِاخْتِبَارِ) لِرُشْدِ الصَّبِيِّ فِي الْمَالِ لِيُعْرَفَ رُشْدُهُ وَعَدَمُ رُشْدِهِ (فَلْيُخْتَبَرْ وَلَدُ التَّاجِرِ فِي الْمُمَاكَسَةِ) فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِأَنْ يَنْقُصَ عَمَّا طَلَبَهُ مُعَامِلُهُ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ (وَوَلَدُ الزُّرَّاعِ) وَفِي نُسْخَةِ الزَّارِعِ (فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْقُوَّامِ بِهَا)   [حاشية الرملي الكبير] الْخِلَافِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ أَنْبَتَ الْكَافِرُ، وَقَالَ: اسْتَعْجَلْته بِالدَّوَاءِ فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ بُلُوغٌ لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: دَلِيلٌ حَلَفَ وَلَمْ يَحْكُمْ بِبُلُوغِهِ هَذَا فِي وَلَدِ الْحَرْبِيِّ إذَا سُبِيَ وَأُرِيدَ قَتْلُهُ فَادَّعَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ وَلَدُ ذِمِّيٍّ وَطُولِبَ بِالْجِزْيَةِ فَادَّعَى مِثْلَ ذَلِكَ فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَوَقْتُ إمْكَانِ إنْبَاتِ الْعَانَةِ وَقْتُ إمْكَانِ الِاحْتِلَامِ) ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ وَنَزِيدُ الْمَرْأَةَ بِالْحَيْضِ) لَوْ اسْتَعْمَلَتْ الْمَرْأَةُ دَوَاءً حَتَّى حَاضَتْ كَانَ ذَلِكَ بُلُوغًا عَلَى الْأَصَحِّ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهَا لَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً حَتَّى حَاضَتْ لَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ (قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ) وَاحْتَجَّ لَهُ أَيْضًا بِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَسْمَاءِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ: إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُرَى مِنْهَا إلَّا هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ» فَعَلَّقَ وُجُوبَ السِّتْرِ بِالْمَحِيضِ وَذَلِكَ نَوْعُ تَكْلِيفٍ س (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مَسْبُوقَةٌ بِالْإِنْزَالِ) وَلِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهَا لَا تَحْبَلُ إلَّا بَعْدَ حَيْضٍ (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِالْحَبَلِ إلَخْ) فِي كَوْنِ الْحَبَلِ بُلُوغًا حَقِيقَةً أَوْ دَلِيلًا عَلَيْهِ خِلَافٌ، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ فَقَدْ وَهَمَ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ تُفْهِمُ الثَّانِيَ، قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ وَيُحْكَمُ بِالْبُلُوغِ قَبْلَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ) أَيْ لَحْظَةٍ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْحَقُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَغْيِيرُ الْحُكْمِ فِيمَا يُمْكِنُ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي تَبْقَى مَعَهَا الْحَيَاةُ ظَاهِرٌ، لَكِنْ إذَا حَكَمْنَا بِالْبُلُوغِ رَتَّبْنَا عَلَيْهِ آثَارَهُ مِنْ الْقَتْلِ قَوَدًا وَرِدَّةً وَغَيْرَهُمَا مَعَ بَقَاءِ الشَّكِّ فِي الْبُلُوغِ، وَفِيهِ بُعْدٌ، وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالْبُلُوغِ بِذَلِكَ وَبَيْنَ حُكْمِنَا بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ بِهِ فَقَالَ: لَا نَحْكُمُ بِالْبُلُوغِ بِذَلِكَ، وَإِنْ حَكَمْنَا بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ بِهِ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ ذُكُورَتِهِ مُسَاوٍ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ فَإِذَا ظَهَرَتْ صُورَةُ مَنِيٍّ أَوْ حَيْضٍ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الذُّكُورَةُ أَوْ الْأُنُوثَةُ فَتَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا غَايَةَ بَعْدَهُ مُحَقَّقَةٌ تُنْتَظَرُ، وَلَا نَحْكُمُ بِالْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّبَا فَلَا نُبْطِلُهُ بِمَا يَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ بَعْدَهُ مَا يَقْدَحُ فِي تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ لَنَا غَايَةً تُنْتَظَرُ، وَهِيَ اسْتِكْمَالُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. (قَوْلُهُ كَمَا فَسَّرَ بِهِ آيَةَ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ وَهِيَ لِلْعُمُومِ (قَوْلُهُ أَوْ إصْرَارٌ عَلَى صَغِيرَةٍ) أَيْ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ صَرَفَهُ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاقْتِرَاضِ لَهُ) أَيْ وَهُوَ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ مِنْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ بَلْ مِنْ الزَّكَاةِ. [فَرْعٌ الِاخْتِبَارِ لِرُشْدِ الصَّبِيِّ فِي الْمَالِ لِيُعْرَفَ رُشْدُهُ مِنْ عَدَمِهِ] (قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاخْتِبَارِ لِرُشْدِ الصَّبِيِّ فِي الْمَالِ إلَخْ) أَمَّا فِي الدَّيْنِ فَبِمُشَاهَدَةِ حَالِهِ فِي الْعِبَادَاتِ بِقِيَامِهِ بِالْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِهِ الْمَحْظُورَاتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 وَهُمْ الَّذِينَ اُسْتُؤْجِرُوا عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الزَّرْعِ كَالْحَرْثِ وَالْحَصْدِ وَالْحِفْظِ (وَالْمَرْأَةُ فِي الْقُطْنِ وَالْغَزْلِ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ حِفْظٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَصَوْتُ الْأَطْعِمَةِ عَنْ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ) وَنَحْوِهِمَا (وَحِفْظُ مَتَاعِ الْبَيْتِ) وَوَلَدُ الْأَمِيرِ وَنَحْوِهِ فِي الْإِنْفَاقِ مُدَّةً فِي خُبْزٍ وَمَاءٍ وَلَحْمٍ وَنَحْوِهَا وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ (مَرَّاتٍ) يَعْنِي مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلَا يَكْفِي مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ فِيهَا اتِّفَاقًا (وَكُلٌّ) مِنْ الْمَذْكُورِينَ وَغَيْرِهِمْ يُخْتَبَرُ (بِمَا يَلِيقُ بِهِ) لَوْ قَدَّمَ هَذَا كَأَصْلِهِ عَلَى قَوْلِهِ فَلْيُخْتَبَرْ كَانَ أَوْلَى (حَتَّى) وَفِي نُسْخَةٍ بِحَيْثُ (يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِالرُّشْدِ وَذَلِكَ) أَيْ الِاخْتِبَارُ (قَبْلَ الْبُلُوغِ) لِآيَةِ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] وَالْيَتِيمُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْدَهُ لَأَدَّى إلَى أَنْ يُحْجَرَ عَلَى الْبَالِغِ الرَّشِيدِ إلَى أَنْ يُخْتَبَرَ وَهُوَ بَاطِلٌ (وَيُسَلِّمَ إلَيْهِ الْمَالَ لِيُمَاكِسَ لَا لِيَعْقِدَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ فَإِذَا أَرَادَ الْعَقْدَ عَقَدَ الْوَلِيُّ (فَإِنْ تَلِفَ) الْمَالُ (فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ الْوَلِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (لَوْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ (مُصْلِحًا لِمَالِهِ لَا دَيْنِهِ) أَوْ عَكْسُهُ أَوْ غَيْرَ مُصْلِحٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فُهِمَا بِالْأَوْلَى (لَمْ يَنْفَكُّ حَجْرُهُ) بَلْ يُسْتَدَامُ وَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مَنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِلْمَعْنَى الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ وَلِمَفْهُومِ آيَةِ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] وَالْإِينَاسُ هُوَ الْعِلْمُ وَالْمُرَادُ بِالْحَجْرِ الْجِنْسُ لَا حَجْرُ الصَّبِيِّ لِانْقِطَاعِهِ بِالْبُلُوغِ عَلَى مَا مَرَّ وَيُسَمَّى مَنْ بَلَغَ كَذَلِكَ بِالسَّفِيهِ الْمُهْمَلِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ حِسًّا (فَلَوْ أَصْلَحَهُمَا) مَنْ بَلَغَ بِأَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لَهُمَا أَوْ غَيْرَ مُصْلِحٍ ثُمَّ صَارَ مُصْلِحًا لَهُمَا (انْفَكَّ) حَجْرُهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ، وَلَوْ امْرَأَةً (بِلَا حَاكِمٍ) لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ كَحَجْرِ الْجُنُونِ نَعَمْ إنْ أَنْكَرَ وَلِيُّهُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا لَمْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ، وَلَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ كَالْقَاضِي وَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا أَمِينٌ ادَّعَى انْعِزَالَهُ، وَلِأَنَّ الرُّشْدَ يُوقَفُ عَلَيْهِ بِالِاخْتِبَارِ فَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ آخَذْنَاهُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ فِي رَفْعِ وِلَايَتِهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ يُعَضِّدُ قَوْلَهُ بَلْ الظَّاهِرُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي قَرِيبِي الْعَهْدِ بِالْبُلُوغِ عَدَمُ الرُّشْدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي دَوَامِ الْحَجْرِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِالرُّشْدِ (وَلَوْ عَادَ) أَيْ صَارَ بَعْدَ رُشْدِهِ (مُبَذِّرًا حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي) فَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَا يَعُودُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ، وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِآيَةِ {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] أَيْ أَمْوَالَهُمْ لِقَوْلِهِ {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: 5] وَلِخَبَرِ «خُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَجَرَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ حِفْظٍ وَغَيْرِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَيْ فِي بَيْتِهَا إنْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً، وَإِنْ كَانَتْ بَرْزَةً فَفِي بَيْعِ الْغَزْلِ وَشِرَاءِ الْقُطْنِ، أَمَّا بَنَاتُ الْمُلُوكِ وَنَحْوِهِمْ فَلَا يُخْتَبَرُونَ بِالْغَزْلِ وَالْقُطْنِ بَلْ بِمَا يَعْمَلُهُ أَمْثَالُهَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَيْ فِي بَيْتِهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ وَكُلٌّ بِمَا يَلِيقُ بِهِ) وَيُخْتَبَرُ الْخُنْثَى بِمَا يُخْتَبَرُ بِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَتَخْتَبِرُ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ وَالْمَحَارِمَ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَالْبُوَيْطِيِّ ثُمَّ قَالَ: فَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: يَكْفِي أَمَّا النِّسَاءُ الثِّقَاتُ أَوْ الْمَحَارِمُ أَيُّهُمَا كَانَ أَجْزَأَ، وَظَاهِرُ النَّصِّ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَجَانِبِ لَهَا بِالرُّشْدِ، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ خَلِّكَانَ وَخَالَفَهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ، وَقَالَ: إنَّمَا تَعَرَّضَ الشَّافِعِيُّ لِلطَّرِيقِ الْغَالِبِ فِي الِاخْتِبَارِ دُونَ الشَّهَادَةِ، وَالْمُحْتَرَفُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحِرْفَتِهِ أَيْ حِرْفَةِ أَبِيهِ وَأَقَارِبِهِ، كَمَا قَالَهُ فِي الْكَافِي وَقَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَالْبُوَيْطِيِّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقِيلَ يَكْفِي أَمَّا النِّسَاءُ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ وَخَالَفَهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ قَبْلَ الْبُلُوغِ) الْمُرَادُ بِالْقَبْلِيَّةِ الزَّمَنُ الْقَرِيبُ لِلْبُلُوغِ بِحَيْثُ يَظْهَرُ رُشْدُهُ لِيُسَلِّمَ إلَيْهِ الْمَالَ أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ. [فَصْلٌ الْحَجْرُ عَلَى الصَّبِيِّ فِيمَا إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ مُصْلِحًا لِمَالِهِ لَا دَيْنِهِ أَوْعَكْسُهُ] (قَوْلُهُ لَمْ يَنْفَكَّ حَجْرُهُ) بَلْ يُسْتَدَامُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَلَّقَ دَفْعَ الْمَالِ إلَيْهِ بِالْبُلُوغِ وَإِينَاسِ الرُّشْدِ فَكَمَا لَا يَرْتَفِعُ الْحَجْرُ إذَا رَشَدَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يَرْتَفِعُ إذَا بَلَغَ قَبْلَ الرُّشْدِ، وَلِأَنَّ الْحَجْرَ إنَّمَا ثَبَتَ لِلْحَاجَةِ إلَى حِفْظِ الْمَالِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى مَنْ بَلَغَ كَذَلِكَ بِالسَّفِيهِ الْمُهْمَلِ) الْمَشْهُورُ إطْلَاقُ هَذَا الِاسْمِ عَلَى مَنْ ذَرَّ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَصْلَحَهُمَا انْفَكَّ بِلَا حَاكِمٍ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ وَلِيُّهُ الْحَاكِمَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَنْكَرَ وَلِيُّهُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا لَمْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ) حَكَى فِي التَّوْشِيحِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ أَفْتَى فِي يَتِيمٍ غَائِبٍ عَلِمَ وَلِيُّهُ أَنَّهُ بَلَغَ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ بَلَغَ رَشِيدًا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ، وَلَهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الْحَجْرِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ إذَا أَجَّرَ الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ لَمْ يَصِحَّ فِيمَا زَادَ عَلَى الْبُلُوغِ قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَكْتَفُونَ فِي الْعُقُودِ بِالْأَصْلِ اهـ وَمَا أَفْتَى بِهِ مَمْنُوعٌ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي اُسْتُشْهِدَ بِهَا؛ لِأَنَّ صُورَتَهَا فِي بُلُوغِهِ رَشِيدًا كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ قَالَ الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى: وَلَوْ بَاعَ مَالَ مُرَاهِقٍ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِالْبُلُوغِ قَبْلَ بَيْعِ الْقَيِّمِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْبُلُوغِ لَا تَزُولُ بِهِ الْوِلَايَةُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا تَمْنَعُ الْوَلِيَّ مِنْ التَّصَرُّفِ قِيَاسًا عَلَى الْوَكِيلِ يَتَصَرَّفُ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّ مُوَكِّلَهُ عَزَلَهُ نَعَمْ إنْ ظَهَرَ رُشْدُهُ كَانَ كَتَصَرُّفِ وَكِيلٍ ظَهَرَ عَزْلُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِالرُّشْدِ) إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالسَّفَهِ وَبَيِّنَةٌ بِالرُّشْدِ أَجَابَ ابْنُ عُجَيْلٍ بِأَنَّهُ تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ السَّفَهِ كَالْبَيِّنَةِ الْخَارِجَةِ، وَأَجَابَ أَحْمَدُ بْنُ حَسَنٍ الْحِلِّيُّ بِأَنَّهُمَا إنْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ مُخْتَلِفٍ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرُّشْدِ وَإِنْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ عِنْدَ تَصَرُّفِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ السَّفَهِ قَالَ: وَعَرَضْت هَذَا عَلَى ابْنِ عُجَيْلٍ فَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ فِيهِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُمَا إنْ أُطْلِقَتَا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرُّشْدِ وَذَكَرَ فِي بَابِ الدَّعَاوَى أَنَّ بَيِّنَةَ السَّفَهِ مُقَدَّمَةٌ إذَا شَهِدَتْ بِأَنَّ سَفَهَهُ مُقَارِنٌ لِلْعَقْدِ كَالْخَارِجَةِ، وَإِنْ قَالَتْ: غَيْرُ رَشِيدٍ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرُّشْدِ اهـ لَعَلَّهُ فِيمَنْ جُهِلَ حَالُهُ مِنْ قَبْلُ فَلَوْ عَلِمْنَا فَالنَّاقِلَةُ مُقَدَّمَةٌ، فَإِذَا عَلِمْنَا سَفَهَهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرُّشْدِ، أَوْ عَلِمْنَا تَقْدِيمَ رُشْدِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ السَّفَهِ وَقَوْلُهُ لَعَلَّهُ فِيمَنْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ عَادَ مُبَذِّرًا حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي وُجُوبًا) لِأَنَّهُ مَعْنَى لَوْ قَارَنَ الْبُلُوغَ لَمُنِعَ فَكُّ الْحَجْرِ، فَإِذَا طَرَأَ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ وَجَبَ إعَادَتُهُ كَالْجُنُونِ (فَائِدَتُهُ) يُقَالُ سَفُهَ بَعْدَ رُشْدِهِ بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ صَارَ سَفِيهًا وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهَا؛ لِأَنَّهُ ضِدُّ عَلِمَ قَالَهُ ابْنُ طُرَيْفٍ فِي الْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: 5] وَإِنَّمَا أَضَافَهَا لِلْأَوْلِيَاءِ لِتَصَرُّفِهِمْ فِيهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 عَلَيْهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ أَمْرَهُ إلَى الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسَائِرُ الْعَصَبَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ أَشْفَقُ (وَهُوَ) أَيْ الْقَاضِي (وَلِيُّهُ دُونَ الْأَبِ وَالْجَدِّ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُعِيدُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ وِلَايَةَ غَيْرِهِ قَدْ زَالَتْ فَيَنْظُرُ مَنْ لَهُ النَّظَرُ الْعَامُّ (وَلَا يَرْتَفِعُ الْحَجْرُ إلَّا بِهِ) أَيْ بِالْقَاضِي كَمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِهِ (وَلَا حَجْرَ بِعَوْدِ الْفِسْقِ) بِلَا تَبْذِيرٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ لَمْ يَحْجُرُوا عَلَى الْفَسَقَةِ وَيُفَارِقُ اسْتِدَامَتَهُ بِالْفِسْقِ الْمُقْتَرِنِ بِالْبُلُوغِ بِأَنَّ الْأَصْلَ ثَمَّ بَقَاؤُهُ، وَهُنَا ثَبَتَ الْإِطْلَاقُ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَيُفَارِقُ الْحَجْرُ بِعَوْدٍ التَّبْذِيرَ بِأَنَّ الْفِسْقَ لَا يَتَحَقَّقُ بِهِ إتْلَافُ الْمَالِ وَلَا عَدَمُ إتْلَافِهِ بِخِلَافِ التَّبْذِيرِ (وَلَا) حَجْرَ (بِالْغَبْنِ فِي تَصَرُّفٍ دُونَ تَصَرُّفٍ) لِبُعْدِ اجْتِمَاعِ الْحَجْرِ وَعَدَمِهِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ تَرْجِيحُ جَوَازِ الْحَجْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَقْرُبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْبَعْضُ الَّذِي يُغْبَنُ فِيهِ أَكْثَرَ حُجِرَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، أَوْ أَقَلَّ فَلَا مُطْلَقًا وَإِنْ اسْتَوَيَا فَتَرَدُّدٌ (وَلَا) حَجْرَ (بِالشُّحَّةِ عَلَى النَّفْسِ) مَعَ الْيَسَارِ لِيُنْفِقَ بِالْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقِيلَ يُحْجَرُ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْقَائِلُ بِهِ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الْحَجْرِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَلَكِنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ إخْفَاءَ مَالِهِ لِشِدَّةِ شُحِّهِ فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَشَدُّ مِنْ التَّبْذِيرِ (فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ مِنْ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) شَرْعًا أَوْ حِسًّا (عَقْدٌ مَالِيٌّ) كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَوْ بِغِبْطَةٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْكِتَابَةِ (وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ الْمُوَكِّلِ وَتَقْدِيرِ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ بِتَقْدِيرِ (الْعِوَضِ) وَفِي أُخْرَى، وَلَوْ قَدَّرَ الْعِوَضَ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَهَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مَعْنَى الْحَجْرِ وَلِأَنَّهَا إتْلَافٌ أَوْ مَظِنَّةُ الْإِتْلَافِ وَلِلْآيَةِ وَالْخَبَرِ السَّابِقَيْنِ بِخِلَافِ الِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالظِّهَارِ وَنَحْوِهَا كَمَا سَيَأْتِي (وَيَصِحُّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَفْوِيتٍ بَلْ تَحْصِيلٍ (لَا) قَبُولُهُ (الْوَصِيَّةَ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَكِنْ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ الصِّحَّةُ أَيْضًا، وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَلِي بِهِمَا أُسْوَةٌ، وَعَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ الْمَوْهُوبِ وَالْمُوصَى بِهِ إلَيْهِ، فَإِنْ سَلَّمَهُمَا إلَيْهِ ضَمِنَ الْمُوصَى بِهِ دُونَ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُوصَى بِهِ بِقَبُولِهِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ وَبَحَثَ فِي الْمَطْلَبِ جَوَازَ تَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ إلَيْهِ إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُ عَقِبَ تَسَلُّمِهِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ. وَيَصِحُّ تَدْبِيرُهُ وَوَصِيَّتُهُ وَقَبْضُهُ دَيْنَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْخُلْعِ، وَعَقْدُهُ الْجِزْيَةَ بِدِينَارٍ، وَصُلْحُهُ مِنْ قَوَدٍ لَزِمَهُ عَلَى شَيْءٍ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ صِيَانَةً لِلرُّوحِ، وَتَوْكِيلُهُ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ دُونَ إيجَابِهِ وَنِكَاحِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ تَبَعٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي مَحَالِّهَا قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ وَعَسِرَتْ مُرَاجَعَتُهُ فِي الْمَطَاعِمِ وَنَحْوِهَا وَانْتَهَى إلَى الضَّرُورَةِ فَالْوَجْهُ عِنْدِي الْقَطْعُ بِجَوَازِ تَصَرُّفِهِ بِحَسَبِهَا (وَيَضْمَنُ الْقَابِضُ مِنْ السَّفِيهِ) مَا قَبَضَهُ مِنْهُ فِي مُعَامَلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَتَلِفَ عِنْدَهُ (وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا) بِحَالِهِ كَمَا فِي الْقَابِضِ مِنْ الصَّبِيِّ (لَا هُوَ) أَيْ السَّفِيهُ فَلَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِهِ (إنْ أَقْبَضَهُ) لَهُ (رَشِيدٌ وَتَلِفَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ) لَهُ (بِرَدِّهِ وَلَوْ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ) أَوْ كَانَ الْمُقْبِضُ لَهُ جَاهِلًا؛ لِأَنَّهُ الْمُضَيِّعُ لَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْهُ بَعْدَ انْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَجْرٌ ضُرِبَ لِمَصْلَحَتِهِ فَأَشْبَهَ الصَّبِيَّ لَكِنَّهُ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لَكِنْ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بَعْدَ انْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّبِيِّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أَقْبَضَهُ لَهُ غَيْرُ رَشِيدٍ وَتَلِفَ مُطْلَقًا أَوْ رَشِيدٌ وَتَلِفَ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِرَدِّهِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْهُ (ضَمِنَ) كَنَظِيرِهِ فِي الصَّبِيِّ، وَالتَّقْيِيدُ بِ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الصَّيْدَلَانِيُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي مَعْنَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَبَعُدَ اجْتِمَاعُ الْحَجْرِ وَعَدَمِهِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ) حَدِيثُ ابْنِ مُنْقِذٍ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُخْدَعُ فِي بَعْضِ الْبِيَاعَاتِ، وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ شَرْعًا أَوْ حِسًّا عَقْدٌ مَالِيٌّ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ] (فَصْلٌ) وَلَا يَصِحُّ مِنْ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَقْدٌ مَالِيٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلِي بِهِمَا أُسْوَةٌ) إنَّمَا لَمْ يَصِحَّ قَبُولُهُ لِلْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِتَمَلُّكِهِ بِعَقْدٍ، وَقَبُولُهَا مُمَلَّكٌ، وَلَيْسَ فَوْرِيًّا فَأُنِيطَ بِالْوَلِيِّ، وَصَحَّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَتِهِ لِاشْتِرَاطِ اتِّصَالِ قَبُولِهَا بِإِيجَابِهَا مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ بِمُمَلَّكٍ، وَقَدْ يُوجَدُ إيجَابُهَا مَعَ غَيْبَةِ وَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمَ كَوْنُهُ عَلَى هَذَا بَلْ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ قَبُولِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَعَقْدُهُ الْجِزْيَةَ بِدِينَارٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ مُفَادَاتَهُ نَفْسَهُ بِالْمَالِ كَذَلِكَ قَوِيٌّ وَعَقْدُ الْهُدْنَةِ كَالْجِزْيَةِ وَيَصِحُّ عَفْوُهُ عَمَّا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِصَاصِ، وَلَوْ مَجَّانًا، وَإِجَارَتُهُ نَفْسَهُ بِمَالِهِ الْمُتَبَرِّعِ بِهِ مِنْ مَنَافِعِهِ، وَلَوْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ اسْتَحَقَّ الْجَعْلَ، وَلَوْ فَتَحْنَا بَلَدًا لِلسُّفَهَاءِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لَنَا وَيُؤَدُّونَ خَرَاجَهَا جَازَ كَالْجِزْيَةِ، وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى قَلْعَةٍ فَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ فَدَلَّهُ سَفِيهٌ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ عِنْدِي الْقَطْعُ بِجَوَازِ تَصَرُّفِهِ بِحَبْسِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ع وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَجْرِهِ. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بَعْدَ انْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ) حَكَاهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَجْهًا وَضَعَّفَاهُ بِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ بَاطِنًا لَمْ تَمْتَنِعْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ ظَاهِرًا أَمَّا لَوْ بَقِيَ بَعْدَ رُشْدِهِ ثُمَّ أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ، وَكَذَا لَوْ تَلِفَ، وَقَدْ أَمْكَنَهُ رَدُّهُ بَعْدَ رُشْدِهِ فَلَوْ قَالَ مَالِكُهُ: إنَّمَا أَتْلَفَهُ بَعْدَ رُشْدِهِ، وَقَالَ آخُذُهُ: بَلْ قَبْلَهُ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرُشْدِهِ حَالَ إتْلَافِهِ غَرِمَهُ، وَإِلَّا فَالْمُتَبَادَرُ تَصْدِيقُ آخِذِهِ بِيَمِينِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَكُلُّ ذَلِكَ تَفَقُّهٌ فَتَأَمَّلْهُ اهـ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّبِيِّ) قَدْ مَرَّ هُنَاكَ أَنَّهُ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الصَّيْدَلَانِيُّ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي مَعْنَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 الرَّشِيدِ مَنْ سَفِهَ بَعْدَ رُشْدِهِ، وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ حَجْرُ الْقَاضِي فَإِنَّ الْأَصَحَّ نُفُوذُ تَصَرُّفَاتِهِ كَالرَّشِيدِ إلَى أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَفِي مَعْنَاهُ أَيْضًا مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَأَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي الْإِقْبَاضِ (وَيَلْغُو إقْرَارُهُ بِمَالٍ) وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ (وَكَذَا بِجِنَايَةِ تَوْجِيهٍ) كَالصَّبِيِّ، وَلَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ بَعْدَ انْفِكَاكِ الْحَجْرِ، وَمَحَلُّهُ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ حِينَئِذٍ إنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ (لَا) إقْرَارُهُ (بِمَا يُوجِبُ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا) فَلَا يَلْغُو (وَإِنْ عَفَا) عَنْ الْقِصَاصِ (عَلَى مَالٍ) لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ وَلِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَلُزُومِ الْمَالِ فِي الْعَفْوِ يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِ غَيْرِهِ لَا بِإِقْرَارِهِ (وَيُقْبَلُ) إقْرَارُهُ (فِي السَّرِقَةِ لِلْقَطْعِ لَا لِلْمَالِ) كَالْعَبْدِ (وَ) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ (فِي الْوَطْءِ لِلنَّسَبِ لَا) لِثُبُوتِ (الِاسْتِيلَادِ) لِلْمَوْطُوءَةِ (وَالنَّفَقَةِ) عَلَيْهِ لِلْوَلَدِ بَلْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نَعَمْ إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا فِرَاشٌ لَهُ وَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِ (وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنَ مُعَامَلَةٍ) لَزِمَهُ (قَبْلَ الْحَجْرِ فَإِنْ لَزِمَهُ بِالْبَيِّنَةِ) يَعْنِي أُقِيمَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ (ثَبَتَ وَإِلَّا فَلَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ وَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ لَاغٍ كَمَا مَرَّ. (فَصْلٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَرَجْعَتُهُ وَخُلْعُهُ) وَلَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَظِهَارُهُ وَنَفْيُهُ النَّسَبَ) بِلِعَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَنَحْوُهَا؛ لِأَنَّهَا مَا عَدَا الْخُلْعَ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْمَالِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ، وَأَمَّا الْخُلْعُ فَكَالطَّلَاقِ بَلْ أَوْلَى، وَهُوَ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ إطْلَاقَهُ نَفْيَ السَّبَبِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ لَهُ بِاللِّعَانِ (فَإِنْ كَانَ مِطْلَاقًا سَرَّى بِجَارِيَةٍ) صَوَابُهُ جَارِيَةً قَالَهُ النَّوَوِيُّ مَعَ أَنَّهُ عَبَّرَ فِي مَوَاضِعَ بِالْأَوَّلِ (إنْ احْتَاجَ) إلَى الْوَطْءِ (فَإِنْ كَرِهَهَا أُبْدِلَتْ) وَسَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ بَيَانُ الْمِطْلَاقِ (وَحُكْمُهُ فِي الْعِبَادَاتِ) الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ الْبَدَنِيَّةِ (لَا) فِي (صَرْفِ الزَّكَاةِ كَالرَّشِيدِ) لِاجْتِمَاعِ الشَّرَائِطِ فِيهِ بِخِلَافِ صَرْفِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ وِلَايَةٌ وَتَصَرُّفٌ مَالِيٌّ نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ وَعَيَّنَ لَهُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ صَحَّ صَرْفُهُ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَكَمَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ تَوْكِيلُهُ فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ أَوْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتْلِفُ الْمَالَ إذَا خَلَا بِهِ أَوْ يَدَّعِي صَرْفَهُ كَاذِبًا وَكَالزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ وَنَحْوُهَا. (وَإِحْرَامُهُ بِالْحَجِّ قَدْ سَبَقَ) بَيَانُهُ (فِيهِ وَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ فِي الذِّمَّةِ بِالْمَالِ لَا بِعَيْنِ مَالِهِ) هَذَا مُقَيِّدٌ لِمَا أَطْلَقَهُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ النَّذْرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ نَذْرُ الْقُرَبِ الْمَالِيَّةِ ثُمَّ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّ الْمُرَادَ بِصِحَّةِ نَذْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ (وَيُكَفِّرُ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ) كَالْيَمِينِ (بِالصَّوْمِ) كَالْمُعْسِرِ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُهُ بِخِلَافِ الْقَتْلِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يَعْتِقُ عَنْهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ فِعْلٌ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الرَّفْعَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَالتَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْجُورِيُّ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ، وَالْأَصْلُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ، وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ أَنَّهُ يُكَفِّرُ فِيهَا بِالْمَالِ وَالْفَرْقُ ذَكَرَهُ الْجُورِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُمْ السُّبْكِيُّ وَأَقَرَّهُ، وَجَزَمَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِكَفَّارَةِ الْجِمَاعِ، وَإِنَّمَا فَرَّقُوا بِهِ بَيْنَ كَفَّارَتَيْ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَكُلُّ مَا يَلْزَمُهُ فِي الْحَجِّ مِنْ الْكَفَّارَاتِ الْمُخَيَّرَةِ لَا يُكَفَّرُ عَنْهُ إلَّا بِالصَّوْمِ وَمَا كَانَ مُرَتَّبًا يُكَفَّرُ عَنْهُ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ فِعْلٌ أَيْ مَعَ تَرَتُّبٍ، وَإِلَّا فَمَا قَبْلَهُ سَبَبُهُ فِعْلٌ أَيْضًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُكَفَّرُ عَنْهُ فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ بِالْمَالِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَفِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِالصَّوْمِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَجَعَلَهُ كَالْيَمِينِ لَكِنْ رَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَكَرَّرُ عَادَةً   [حاشية الرملي الكبير] الرَّشِيدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ أَيْضًا مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَأَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي الْإِقْبَاضِ) هَذَا مَمْنُوعٌ إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ فِيهِ كَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَيَلْغُو إقْرَارُهُ بِالْمَالِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ أَقَرَّ بِنَسَبٍ ثَبَتَ وَيُنْفَقُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اهـ هَذَا يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ عَبْدَهُ قَالَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ فَقَالَ هَذَا ابْنِي، وَأَمْكَنَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ فِي مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ، وَيَكُونُ ابْنَهُ بِإِقْرَارِهِ؛ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ إبْطَالُ نَسَبٍ قَدْ أَقَرَّ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ وَيُعْتَقُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ حَقُّ بَدَنٍ وَالْحُرِّيَّةُ تَتْبَعُهُ؛ وَلِهَذَا نُوقِعُ طَلَاقَهُ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ حَقُّ الْبَدَنِ، وَالْمَالُ تَبَعٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ حِينَئِذٍ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ سَبَبُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْحَجْرِ أَوْ مُضَمِّنًا لَهُ فِيهِ. [فَصْلٌ طَلَاقُ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَرَجْعَتُهُ وَخُلْعُهُ] (قَوْلُهُ وَكَالزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ إنْ قُلْنَا يُكَفِّرُ بِالْمَالِ أَمَّا إذَا قُلْنَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِيمَا عَدَا الْقَتْلَ فَلَا إلْحَاقَ نَعَمْ يُحْمَلُ عَلَى كَفَّارَةٍ لَزِمَتْ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ وَكَانَتْ مُرَتَّبَةً وَلَا يُنَافِيهِ مَا تَقَرَّرَ فِي جَوَازِ دَفْعِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الزَّكَاةَ إذَا عُيِّنَ آخِذُهُ، وَدُفِعَ مَا مَرَّ فِي السَّاعِي أَنَّهُ إذَا عُيِّنَ لَهُ آخُذُهُ وَدَفَعَ، اُشْتُرِطَ فِيهِ مَعَ الْإِسْلَامِ التَّكْلِيفُ؛ لِأَنَّهُ وِلَايَةٌ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ وَمَا هُنَا رِسَالَةٌ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ وَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ فِي الذِّمَّةِ بِالْمَالِ) نَقَلَا هُنَا عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ أَنَّ الْحَجَّ الْمَنْذُورَ بَعْدَ الْحَجْرِ كَالْمَنْذُورِ قَبْلَهُ إنْ سَلَكْنَا بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَإِلَّا فَكَحَجِّ التَّطَوُّعِ، وَاخْتَارَ فِي الزَّوَائِدِ فِي الرَّجْعَةِ أَنْ لَا يُطْلَقَ فِي مَسْلَكِهِ تَرْجِيحٌ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي النَّذْرِ حَمْلَهُ عَلَى الْوَاجِبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَيْضًا لَكِنَّهُ اسْتَثْنَى الْعِتْقَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: الْأَرْجَحُ غَالِبًا حَمْلُهُ عَلَى الْوَاجِبِ اهـ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فَصَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ بِتَشَهُّدٍ أَوْ تَشَهُّدَيْنِ جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ، وَلَوْ نَذَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ صَوْمَ يَوْمِهِ جَازَ (قَوْلُهُ ثُمَّ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ فِعْلٌ) أَيْ حَصَلَ بِهِ قَتْلُ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ لِحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - بِدَلِيلِ مَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْجُورِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ غَيْرَ الْقَتْلِ كَالْمُعْسِرِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ زَجْرًا لَهُ عَنْ الْقَتْلِ لِتَضَرُّرِهِ بِإِخْرَاجِ مَالِهِ فِي كَفَّارَتِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا عِظَمُهَا لِمَا يَحْصُلُ بِهَا مِنْ حِفْظِ النُّفُوسِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِ فِيهَا كَالْمُعْسِرِ جَعْلُهُ كَذَلِكَ فِي الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَأَطَالَ فِي الِاحْتِجَاجِ لَهُ وَسَأَحْكِيهِ عَنْهُ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ (فَإِذَا لَمْ يَصُمْ حَتَّى انْفَكَّ الْحَجْرُ) عَنْهُ (لَمْ يَجْزِهِ) أَيْ الصَّوْمُ (إنْ كَانَ مُوسِرًا) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْأَدَاءِ (فَصْلٌ يَلِي أَمْرَ الصَّبِيِّ وَمَنْ بِهِ جُنُونٌ وَلَوْ طَرَأَ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ (ثُمَّ وَصِيُّهُمَا) أَيْ وَصِيُّ مَنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ مِنْهُمَا (ثُمَّ الْقَاضِي) لِخَبَرِ «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَالْمُرَادُ قَاضِي بَلَدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ، وَمَالُهُ بِآخَرَ فَوَلِيُّ مَالِهِ قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ تَرْتَبِطُ بِمَالِهِ كَمَالِ الْغَائِبِينَ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَالتَّعَهُّدِ وَبِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ مِنْ الْغِبْطَةِ اللَّائِقَةِ إذَا أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ قُبَيْلَ كِتَابِ الْقِسْمَةِ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ النَّظَرُ فِي حَالِ مَحْجُورِهِمْ وَتَوَلِّي حِفْظِهِ لَهُ (وَيَكْفِي فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ) وَلَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا فَإِنَّ الْكَافِرَ يَلِي مَالَ وَلَدِهِ الْكَافِرِ لَكِنْ إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا لَمْ نُقِرَّهُمْ وَنَلِي نَحْنُ أَمْرَهُمْ بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِوِلَايَةِ الْمَالِ الْأَمَانَةُ وَهِيَ فِي الْمُسْلِمِينَ أَقْوَى، وَالْمَقْصُودُ بِوِلَايَةِ النِّكَاحِ الْمُوَالَاةُ، وَهِيَ فِي الْكَافِرِ أَقْوَى قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَا وِلَايَةَ لِلْأُمِّ) قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ وَكَذَا لَا وِلَايَةَ لِسَائِرِ الْعَصَبَةِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ نَعَمْ لَهُمْ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ لِتَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ فَسُومِحَ بِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ (وَيَتَصَرَّفُ لَهُمَا) الْوَلِيُّ (بِالْمَصْلَحَةِ) وُجُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] وَقَوْلُهُ {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] (وَلَوْ وَجَدَ بِمَا اشْتَرَاهُ عَيْبًا وَبِهِ غِبْطَةٌ أَمْسَكَهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْغِبْطَةِ (وَيَشْتَرِي) الْوَلِيُّ (لَهُ) أَيْ لِمَحْجُورِهِ جَوَازًا بَلْ نَدْبًا كَمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا (الْعَقَارَ) بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ إذَا حَصَلَ مِنْ رِيعِهِ الْكِفَايَةُ هَذَا (إنْ لَمْ يَخَفْ جَوْرًا) مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ خَرَابًا) لِلْعَقَارِ (أَوْ) لَمْ يَجِدْ بِهِ (ثِقَلُ خَرَاجٍ وَيَبْنِي لَهُمَا) عَقَارَهُمَا (بِالْآجُرِّ) أَيْ الطُّوبِ الْمُحْرَقِ (وَالطِّينِ لَا اللَّبِنِ) أَيْ الطُّوبِ الَّذِي لَمْ يُحْرَقْ بَدَلَ الْآجُرِّ (وَالْجِصِّ) أَيْ الْجِبْسِ بَدَلَ الطِّينِ؛ لِأَنَّ اللَّبِنِ قَلِيلُ الْبَقَاءِ وَيَنْكَسِرُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى النَّقْضِ بِخِلَافِ الْآجُرِّ وَالْجِصِّ كَثِيرُ الْمُؤْنَةِ، وَلَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ عِنْدَ النَّقْضِ بَلْ يَلْتَصِقُ بِالطُّوبِ فَيُفْسِدُهَا بِخِلَافِ الطِّينِ، وَالسَّفِيهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَرَّرَ (وَاخْتَارَ كَثِيرٌ) مِنْ الْأَصْحَابِ (الْبِنَاءَ) أَيْ جَوَازَهُ (عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ) كَيْفَ كَانَ (وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُ) أَيْ عَقَارَ مَحْجُورِهِ؛ إذْ لَا حَظَّ لَهُ فِيهِ (إلَّا لِثِقَلِ خَرَاجٍ أَوْ خَوْفِ خَرَابٍ) وَالتَّصْرِيحُ بِخَوْفِ الْخَرَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا قَبْلَهُ جَعَلَهُ الْأَصْلُ مِنْ جُمْلَةِ الْغِبْطَةِ الْآتِيَةِ (وَلَهُ بَيْعُهُ لِحَاجَةِ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ) وَنَحْوُهُمَا (إنْ لَمْ يَجِدْ قَرْضًا يَنْتَظِرُ مَعَهُ غَلَّةً) مِنْ الْعَقَارِ وَنَحْوِهِ تَفِي بِالْقَرْضِ فَإِنْ وَجَدَ قَرْضًا كَذَلِكَ اقْتَرَضَ لَهُ وَامْتَنَعَ بَيْعُ الْعَقَارِ وَشَرْطُهُ الْمَذْكُورُ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ لَمْ يَرَ الْمَصْلَحَةَ فِي الْقَرْضِ (أَوْ لِغِبْطَةٍ كَزِيَادَةِ الثَّمَنِ) الَّذِي أُرِيدَ بَيْعُهُ بِهِ عَلَى ثَمَنٍ مِثْلِهِ (وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِهِ) أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِكُلِّهِ وَكَالْعَقَارِ فِيمَا ذُكِرَ آنِيَةُ الْقُنْيَةِ مِنْ صُفْرٍ وَغَيْرِهِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عِنْدَ الْبَنْدَنِيجِيِّ قَالَ: وَمَا عَدَاهُمَا لَا يُبَاعُ أَيْضًا إلَّا لِغِبْطَةٍ أَوْ حَاجَةٍ لَكِنْ يَجُوزُ لِحَاجَةٍ يَسِيرَةٍ وَرِبْحٍ قَلِيلٍ لَائِقٍ بِخِلَافِهِمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَوْ تَرَكَ عِمَارَةَ عَقَارِهِ حَتَّى خَرِبَ مَعَ الْقُدْرَةِ أَثِمَ، وَهَلْ يَضْمَنُ كَمَا فِي تَرْكِ عَلَفِ الدَّابَّةِ أَوْ لَا كَمَا فِي تَرْكِ التَّلْقِيحِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ تَرَكَ إيجَارَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَأَوْجَهُهُمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ وَيُكَفِّرُ السَّفِيهُ فِي الظِّهَارِ وَفِي الْيَمِينِ بِالصَّوْمِ دُونَ الْمَالِ. [فَصْلٌ يَلِي أَمْرَ الصَّبِيِّ وَمَنْ بِهِ جُنُونٌ وَلَوْ طَرَأَ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَلِي أَمْرَ الصَّبِيِّ وَمَنْ بِهِ جُنُونٌ إلَخْ) قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْمَذْكُورَيْنِ عَلَى مَالِ الْأَجِنَّةِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْفَرَائِضِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ) إنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُمَا لِبَاقِي الْعَصَبَةِ كَالنِّكَاحِ لِقُصُورِ نَظَرِهِمْ فِي الْمَالِ وَكَمَالِهِ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْقَاضِي) أَيْ الْعَدْلُ الْأَمِينُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا) إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ أَوْ الْمَجْنُونُ إلَّا مُسْلِمًا نَعَمْ إنْ أَسْلَمَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ وَابْنُهُ بَالِغٌ مُسْتَمِرُّ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَانَ وَلِيَّهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْكَافِرَ يَلِي مَالَ وَلَدِهِ الْكَافِرِ) وَلِهَذَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ عَلَيْهِ إلَى كَافِرٍ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ قِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي وِلَايَةِ الْإِجْبَارِ فِي النِّكَاحِ: إنَّ شَرْطَهُمَا عَدَمُ الْعَدَاوَةِ أَنْ يَطَّرِدَ ذَلِكَ فِي وِلَايَةِ الْمَالِ، وَقَدْ نَقَلَا فِي بَابِ الْوَصَايَا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَآخَرِينَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيِّ عَدَمُ الْعَدَاوَةِ، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ قِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ إلَخْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ خَرَابًا لِلْعَقَارِ) أَيْ بِزِيَادَةِ الْمَاءِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَيُبْنَى لَهُمَا بِالْآجُرِّ) قَالَ فِي الْبَيَانِ هَذَا فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي يَعِزُّ فِيهَا وُجُودُ الْحِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ تُوجَدُ فِيهَا الْحِجَارَةُ كَانَتْ أَوْلَى مِنْ الْآجُرِّ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ بَقَاءً وَأَقَلُّ مُؤْنَةً وَفِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ: أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ الْبِنَاءِ أَنْ لَا يَجِدَ الْوَلِيُّ عَقَارًا يُبَاعُ بِأَرْخَصَ مِنْ الْبِنَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاعْتَبَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَوْنَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مُسَاوِيًا لِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ أَرْضُ الْبَلَدِ نَدِيَّةً لَا يَثْبُتُ فِيهَا إلَّا الْحَجَرُ (قَوْلُهُ وَالْجِصُّ) الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ إلَّا لِثِقَلِ خَرَاجٍ) قَالَ الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى إذَا كَانَ يَسْتَأْصِلُ بِالْخَرَاجِ جَازَ بَيْعُهُ بِثَمَنٍ تَافِهٍ وَلَوْ دِرْهَمًا (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) كَأَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ بَلَدِهِ، وَيَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ فِي تَجْهِيزِ مَنْ يَجْمَعُ غَلَّتَهُ فَيَبِيعُهُ وَيَشْتَرِي بِبَلَدِهِ عَقَارًا (قَوْلُهُ أَوْ لِغِبْطَةٍ كَزِيَادَةِ الثَّمَنِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَظْهَرُ جَوَازُ بَيْعِهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ دَفْعًا لِرُجُوعِ الْوَاهِبِ إذَا كَانَ أَصْلًا لَهُ، وَفِي دُخُولِهِ فِي الْغِبْطَةِ نَظَرٌ اهـ قَالَ وَالِدِي: وَالظَّاهِرُ دُخُولُهُ فِي الْغِبْطَةِ فَإِنَّهَا كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ حَسَنُ الْحَالِ قَالَ الْإِمَامُ: وَضَابِطُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ أَنْ لَا يَسْتَهِينَ بِهَا الْعُقَلَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى شَرَفِ الْعَقَارِ فس وَقَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَظْهَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ تَرَكَ إيجَارَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 عَدَمُ الضَّمَانِ فِيهِمَا وَيُفَارِقُ تَرْكَ الْعَلَفِ بِأَنَّ فِيهِ إتْلَافَ رُوحٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا. قَالَ الْقَفَّالُ: وَيَضْمَنُ وَرَقَ الْفِرْصَادِ إذَا تَرَكَهُ حَتَّى فَاتَ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَطْعِمَةِ (وَلَا يَبِيعُ) لَهُ (بِعَرَضٍ وَنَسِيئَةٍ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) يَرَاهَا فِيهِمَا لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْله تَعَالَى {إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] فَمِنْ مَصَالِحِ الْعَرَضِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ رِبْحٌ وَمِنْ مَصَالِحِ النَّسِيئَةِ أَنْ تَكُونَ بِزِيَادَةٍ أَوْ لِخَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ نَهْبٍ أَوْ إغَارَةٍ (وَيَشْهَدُ) وُجُوبًا (عَلَى النَّسِيئَةِ وَزِيَادَتِهَا وَيَرْتَهِنُ) كَذَلِكَ بِالثَّمَنِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَرْتَهِنُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً كَمَا فِي إقْرَاضِ مَالِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ ثَمَّ مِنْ الْمُطَالَبَةِ مَتَى شَاءَ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقَدْ يُسْرِعُ مَنْ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي ضَيَاعِ مَالِهِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ فَاحْتِيجَ إلَى التَّوَثُّقِ بِالرَّهْنِ أَيْ مُطْلَقًا (رَهْنًا وَافِيًا) بِهِ لِلِاحْتِيَاطِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ (ضَمِنَ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَبَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ وَقَالَ الْإِمَامُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مَلِيًّا انْتَهَى، وَكَلَامُ الْأَصْلِ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ (وَلَا يُجْزِئُ الْكَفِيلُ) عَنْ الِارْتِهَانِ (وَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ وَالْجَدَّ الِارْتِهَانُ) مِنْ نَفْسِهِمَا (لَهُ وَالدَّيْنُ عَلَيْهِمَا) كَأَنْ بَاعَا مَالَهُ لِنَفْسِهِمَا نَسِيئَةً؛ لِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ فِي حَقِّهِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ، وَإِذَا بَاعَ مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ نَسِيئَةً لَا يَحْتَاجُ إلَى رَهْنٍ مِنْ نَفْسِهِ (وَيُسَجِّلُ الْقَاضِي بِبَيْعِهِمَا) مَالَ وَلَدِهِمَا أَيْ يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ إذَا رَفَعَاهُ إلَيْهِ. (وَإِنْ لَمْ يُثْبِتَا) أَنَّ بَيْعَهُمَا وَقَعَ (بِالْمَصْلَحَةِ) لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ فِي حَقِّ وَلَدِهِمَا (وَفِي وُجُوبِ إثْبَاتِهِمَا) أَيْ إقَامَتِهِمَا الْبَيِّنَةَ (بِالْعَدَالَةِ) لِيُسَجَّلَ لَهُمَا (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا اكْتِفَاءَ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ كَشُهُودِ النِّكَاحِ وَالثَّانِي نَعَمْ كَمَا يَجِبُ إثْبَاتُ عَدَالَةِ الشُّهُودِ لِيَحْكُمَ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْأَصَحَّ بِخِلَافِ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي جَوَازِ تَرْكِ الْحَاكِمِ لَهُمَا عَلَى الْوِلَايَةِ وَهَذَا فِيمَا إذَا طَلَبَا مِنْهُ أَنْ يُسَجِّلَ لَهُمَا (بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ) فَإِنَّهُ يَجِبُ إقَامَتُهُمَا الْبَيِّنَةَ بِالْمَصْلَحَةِ، وَبِعَدَالَتِهِمَا، وَالتَّصْرِيحُ بِالْحُكْمِ فِي عَدَالَتِهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا بَاعَا) مَالَهُ وَلَوْ غَيْرَ عَقَارٍ (بِلَا مَصْلَحَةٍ) فَتَلْزَمُهُمَا الْبَيِّنَةُ (لَا عَلَى الْأَبِ وَالْجَدِّ) فَلَا تَلْزَمُهُمَا الْبَيِّنَةُ بَلْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُتَّهَمَانِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا، وَقَضِيَّتُهُ قَبُولُ قَوْلِ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً، وَكَذَا مَنْ فِي مَعْنَاهَا كَآبَائِهَا، وَمَا ذُكِرَ فِي الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ أَمَّا فِيهَا فَالظَّاهِرُ قَبُولُ قَوْلِهِمَا لِعُسْرِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِمَا (وَدَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَلِيِّ كَدَعْوَاهُ عَلَى الْوَلِيِّ) فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ إنْ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا إنْ اشْتَرَى مِنْهُمَا وَسَكَتَ عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى الْقَاضِي وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْإِيصَاءِ. (فَرْعٌ لَا يُعَامِلُ الطِّفْلَ وَصِيٌّ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ: لَيْسَ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ مَالِهِ لِنَفْسِهِ، وَلَا مَالِ نَفْسِهِ لَهُ وَالْقَاضِي وَأَمِينُهُ كَالْوَصِيِّ، وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهِ كَالطِّفْلِ، أَمَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ فَلَهُمَا ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَيَأْتِي فِي الْأُمِّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً وَمَنْ فِي مَعْنَاهَا مَا تَقَدَّمَ   [حاشية الرملي الكبير] أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ التَّلْقِيحِ بِأَنَّ التَّرْكَ فِيهِمَا يُفَوِّتُ الْمَنْفَعَةَ، وَالتَّرْكُ فِيهَا يُفَوِّتُ الْأَحْوَرِيَّةَ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الْخُلْعِ: إذَا خَالَعَ السَّفِيهُ وَقَبَضَ الْمَالَ وَتَرَاكَهُ الْوَلِيُّ فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ اهـ أَيْ وَأَصَحُّهُمَا الضَّمَانُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ عَلَى لُقَطَةِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ: وَيَضْمَنُ وَرَقَ الْفِرْصَادِ إذَا تَرَكَهُ حَتَّى فَاتَ) جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبِيعُ بِعَرَضٍ وَنَسِيئَةٍ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) يُشْتَرَطُ لِبَيْعِ مَالِهِ نَسِيئَةً كَوْنُهُ مِنْ مُوسِرٍ ثِقَةٍ وَقَصُرَ الْأَجَلُ عُرْفًا وَزِيَادَةً لَائِقَةً بِهِ، وَكَوْنُ الرَّهْنِ وَفِيًّا، وَالْإِشْهَادُ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ وَيَرْتَهِنُ بِالثَّمَنِ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَبَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ وَالْجَدَّ الِارْتِهَانُ مِنْ نَفْسِهِمَا لَهُ، وَالدَّيْنُ عَلَيْهِمَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ هَذَا إذَا كَانَ مِلِّيًّا، وَإِلَّا فَهُوَ مُضَيِّعٌ، وَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ يَقْتَضِي تَفَرُّدَ الْبَغَوِيّ بِهِ، وَأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ، وَلِلْمَسْأَلَةِ شُرُوطٌ أُخَرُ ذَكَرَهَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي ثِقَةً مُوسِرًا، وَالْأَجَلُ قَصِيرًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ، قَالَ: فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا بَاعَ مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ إلَخْ) وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ أَيْضًا بَيْعَ الْوَلِيِّ لِلْمُضْطَرِّ نَسِيئَةً وَهُوَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي نَعَمْ كَمَا يَجِبُ إثْبَاتُ عَدَالَةِ الشُّهُودِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِيمَا إذَا طَلَبَا مِنْهُ أَنْ يُسَجِّلَ لَهُمَا) ؛ لِأَنَّ التَّسْجِيلَ يَسْتَدْعِي ثُبُوتَهُ عِنْدَهُ وَالثُّبُوتُ يَحْتَاجُ إلَى التَّزْكِيَةِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَمْنَعُ الشُّرَكَاءَ مِنْ قِسْمَةِ دَارٍ بِأَيْدِيهِمْ وَلَا يُجِيبُهُمْ إلَيْهَا إلَّا بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمِلْكِهِمْ لَهَا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَسْتَدْعِي الْحُكْمَ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا بَاعَا بِلَا مَصْلَحَةٍ إلَخْ) لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ بَاعُوا بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أُمَنَاءُ وَلِأَنَّهُمْ مُدَّعُونَ صِحَّةَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ لَا عَلَى الْأَبِ وَالْجَدِّ) سَكَتَ عَنْ الدَّعْوَى عَلَى الْقَاضِي وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ الْعَقَارَ أَيْ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ مِنْ غَيْرِ غِبْطَةٍ وَلَا ضَرُورَةٍ فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ جَدًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا أَيْ بِيَمِينِهِمَا لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةِ التُّهْمَةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: لَمْ أَرَ لِلْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا بِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ كَانَ فِي زَمَنِ حُكْمِهِ وَتَوَقَّفَ فِيمَا إذَا كَانَ مَعْزُولًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَحَكَى عَنْهُ وَلَدُهُ فِي التَّوْشِيحِ أَنَّهُ قَالَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا هَذَا نَصُّهُ هَذَا مَا ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْآنَ أَنَّهُ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِ الْحَاكِمِ مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّدَادِ حَتَّى يُعْلَمَ فَسَادُهَا فَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا عَلَى وِلَايَتِهِ أَوْ لَا، وَأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَصَرُّفِهِ كَانَ نَائِبَ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ قَبُولُ قَوْلِ الْإِمَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ قَبُولُ قَوْلِهِمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِعُسْرِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا يَتَكَرَّرُ وَيَعْسُرُ مَعَهُ الْإِشْهَادُ أَمَّا مَالُ تِجَارَةٍ لَا يَتَكَرَّرُ كَثِيرًا فَهُوَ كَغَيْرِهِ. [فَرْعٌ لَا يُعَامِلُ الطِّفْلَ وَصِيٌّ] (قَوْلُهُ: لَا يُعَامِلُ الطِّفْلَ وَصِيٌّ) شَمِلَ مُعَامَلَتَهُ لِنَفْسِهِ وَلِمَحْجُورِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 فِيهِمَا قَبْلَ الْفَرْعِ (وَلَا يَقْتَصُّ لَهُ وَلِيٌّ) وَلَوْ أَبًا (وَلَا يَعْفُو) عَنْ الْقِصَاصِ؛ إذْ قَدْ يَخْتَارُ مَحْجُورُهُ بَعْدَ زَوَالِ حَجْرِهِ غَيْرَ مَا اخْتَارَهُ هُوَ نَعَمْ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى الْأَرْشِ فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ الْفَقِيرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ؛ إذْ لَا غَايَةَ لِلْجُنُونِ بِخِلَافِ الصِّبَا (وَلَا يُعْتَقُ) عَنْهُ رَقِيقُهُ فِي غَيْرِ الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ، وَلَوْ بِعَرَضٍ (وَلَا يُكَاتِبُ) هـ (وَلَا يَهَبُ) مَالَهُ (بِثَوَابٍ وَلَا غَيْرِهِ) لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَلِأَنَّ الْهِبَةَ وَالْعِتْقَ لَا يَقْصِدُ بِهِمَا الْعِوَضَ نَعَمْ إنْ شَرَطَ ثَوَابًا مَعْلُومًا فِي الْهِبَةِ بِغِبْطَةٍ جَازَتْ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِي الْخِيَارِ مِنْ أَنَّهَا إذَا قُيِّدَتْ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ كَانَتْ بَيْعًا، وَلَا يُدَبِّرُ رَقِيقَهُ، وَلَا يُعَلِّقُ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَنْعِهِ مِنْ كِتَابَتِهِ (وَلَا يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ وَلَا يُخَالِعُهَا) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ، وَلَا بِصَرْفِ مَالِهِ لِلْمُسَابَقَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا. وَلَا يُشْتَرَى لَهُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مُرْبِحًا، وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ لَهُ (وَلَا يَشْتَرِي لَهُ إلَّا مِنْ ثِقَةٍ) فَقَدْ يَخْرُجُ الْمَبِيعُ مُسْتَحِقًّا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَظْهَرُ جَوَازُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ لَهُ لِلتِّجَارَةِ لِغَرَرِ الْهَلَاكِ (وَيَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ) فِي الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِفِعْلِهَا، وَيَتْرُكُ الْأَخْذَ عِنْدَ عَدَمِهَا فِيهِ، وَإِنْ عُدِمَتْ فِي التَّرْكِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالنَّصُّ يُفْهِمُهُ وَالْآيَةُ تَشْهَدُ لَهُ يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] (فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ) وُجُودِ (الْغِبْطَةِ) فِي الْأَخْذِ (لَا) مَعَ (عَدَمِهَا وَبَلَغَ) أَيْ الطِّفْلُ (أَخَذَهَا) ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْوَلِيِّ حِينَئِذٍ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وِلَايَتِهِ فَلَا يَفُوتُ بِتَصَرُّفِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَهَا لِعَدَمِ الْغِبْطَةِ وَلَوْ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ مَعًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ فَعِبَارَتُهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ، وَلَمْ يُعَبِّرْ أَصْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ بِالْغِبْطَةِ بَلْ بِالْمَصْلَحَةِ وَهِيَ أَعَمُّ وَلَوْ أَخَذَ الْوَلِيُّ مَعَ الْغِبْطَةِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَرَادَ الرَّدَّ لَمْ يُمْكِنْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ بَعْدَ زَوَالِ حَجْرِهِ فِي أَنَّ الْوَلِيَّ تَرَكَ الْأَخْذَ مَعَ الْغِبْطَةِ فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ الْبَيِّنَةُ (إلَّا عَلَى أَبٍ أَوْ جَدٍّ قَالَ: إنَّهَا تُرِكَتْ لِغَيْرِ غِبْطَةٍ) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ (وَلَا أُجْرَةَ لِلْوَلِيِّ) وَلَا نَفَقَةَ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ (فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا، وَشُغِلَ) بِسَبَبِهِ (عَنْ الِاكْتِسَابِ أَخَذَ الْأَقَلَّ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالنَّفَقَةِ بِالْمَعْرُوفِ) قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] وَكَالْأَكْلِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُؤَنِ، وَإِنَّمَا خُصَّ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وُجُوهِ الِانْتِفَاعَاتِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَاكِمِ أَمَّا الْحَاكِمُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ وِلَايَتِهِ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ حَتَّى أَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَلَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا نَقَصَ أَجْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْأُمِّ - إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً - عَنْ نَفَقَتِهِمْ وَكَانُوا فُقَرَاءَ يُتَمِّمُونَهَا مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِمْ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ بِلَا عَمَلٍ فَمَعَ الْعَمَلِ أَوْلَى (وَلَا يَضْمَنُهُ) أَيْ مَا أَخَذَهُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِأَنَّهُ بَدَلُ عَمَلِهِ كَالْإِمَامِ إذَا أَخَذَ الرِّزْقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَعَلَيْهِ اسْتِمْنَاءُ مَالِهِ قَدْرَ الْمُؤَنِ إنْ أَمْكَنَ بِلَا مُبَالَغَةٍ) فِي ذَلِكَ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ إلَّا بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ الشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ) فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهُ قَدَّمَ نَفْسَهُ (وَإِنْ تَضَجَّرَ الْأَبُ) وَإِنْ عَلَا (فَلَهُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي لِيُنَصِّبَ قَيِّمًا بِأُجْرَةٍ) مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ (وَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ أَنْ يُنَصِّبَ غَيْرَهُ بِهَا (بِنَفْسِهِ) وَسَتَأْتِي زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا ذَكَرَ قَوْلَهُ وَعَلَيْهِ اسْتِمْنَاءُ مَالِهِ إلَى آخِرِهِ ثَمَّ (فَصْلٌ وَلِلْوَلِيِّ خَلْطُ مَالِهِ بِمَالُ الصَّبِيِّ) كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِيصَاءِ أَيْضًا (وَمُؤَاكَلَتُهُ) لِلْإِرْفَاقِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: 220] هَذَا إنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ فِيهِ حَظٌّ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] (وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِينَ خَلْطُ أَزْوَادِهِمْ وَإِنْ تَفَاوَتُوا فِي الْأَكْلِ) لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ وَرَدَتْ فِيهِ (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ وَيَكْسُوهُ) وُجُوبًا (بِالْمَعْرُوفِ وَيُخْرِجُ) وُجُوبًا (الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ وَأَرْشَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ) ذَلِكَ مِنْهُ (وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ إنْ طُلِبَتْ) مِنْهُ لِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْقَرِيبُ طِفْلًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْإِرْسَالِ كَزَمِنٍ أَخْرَجَهَا بِلَا طَلَبٍ لَكِنْ إنْ كَانَ لَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا يَقْتَصُّ لَهُ وَلِيٌّ، وَلَوْ أَبًا) شَمِلَ مَا لَوْ وَرِثَهُ، وَمَا لَوْ جَنَى عَلَى طَرَفِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى الْأَرْشِ فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ الْغَيْرِ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْوَصِيُّ كَمَا نَقَلَاهُ، وَأَقَرَّاهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعِوَضٍ عَلَى الرَّقِيقِ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَنْهُ فِي الْمَرْتَبَةِ أَيْضًا إلَّا فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ بِغِبْطَةٍ) أَيْ بِمَصْلَحَةٍ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَظْهَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِغَرَرِ الْهَلَاكِ) قَالَ شَيْخُنَا: يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رَأَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ حَيَوَانًا مَذْبُوحًا، وَيُمْكِنُ بَيْعُهُ بِسُرْعَةٍ جَازَ شِرَاؤُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عُدِمَتْ فِي التَّرِكَةِ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَطَعُوا هُنَا بِوُجُوبِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَحَكَوْا وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا بِيعَ شَيْءٌ بِغِبْطَةٍ هَلْ يَجِبُ شِرَاؤُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ، وَفِي الْإِهْمَالِ تَفْوِيتٌ، وَالتَّفْوِيتُ مُمْتَنَعٌ بِخِلَافِ الِاكْتِسَابِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ اخْتَلَفَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ وَأَنَّ وَلِيَّهُ تَرَكَ الْأَحَظَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ تَرَكَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَظِّ (تَنْبِيهٌ) زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ الْمُعَجَّلَ مِنْ صَدَاقِهَا بِإِذْنِهَا لَهُ فِي ذَلِكَ فَأَفْتَى الْبُرْهَانُ الْمَرَاغِيَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَبْسٌ فَكَالْحَجْرِ عَنْهَا، وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا تَحْتَ حَجْرِهِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ فِيمَنْ لَهُ بِنْتٌ بَالِغَةٌ تَحْتَ حَجْرِهِ فَاسْتَدَانَ شَيْئًا وَضَمِنَتْهُ الْبِنْتُ بِإِذْنِ أَبِيهَا فَقَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ مُتَضَمِّنًا لِفَكِّ الْحَجْرِ عَنْهَا، وَلَوْ سَعَى شَخْصٌ فِي فِكَاكِ أَسِيرٍ وَكَانَ يَجْمَعُ لَهُ الْمَالَ مِنْ الصَّدَقَاتِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ فَقِيرٌ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ (قَوْلُهُ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: 6] الْآيَةَ، وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ مَنْ لَا تُمْكِنُ مُوَافَقَتُهُ فَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَعَامِلِ الصَّدَقَاتِ (قَوْلُهُ فَلَهُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي لِيُنَصَّبَ قَيِّمًا بِأُجْرَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا فَلَوْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ أُجْرَةً لَمْ يُجِبْهُ لَا يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِأَخْذِ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّرَ لَهُ أُجْرَةً لَصَارَتْ لَازِمَةً لَا تَسْقُطُ بِخِلَافِ أَخْذِهِ فَإِنَّ كُلَّ مُدَّةٍ مَضَتْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 وَلِيٌّ خَاصٌّ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ طَلَبِهِ وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ، وَفِيمَا يَأْتِي فِي الْفَرْعِ وَالْفَصْلِ الْآتِيَيْنِ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ، وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ إخْرَاجِهَا عَلَى الْوَلِيِّ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَرَى وُجُوبَهَا، وَفِي وُجُوبِ إخْرَاجِهَا وَإِخْرَاجِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِلَا طَلَبٍ نَظَرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ أَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ بِالطَّلَبِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ ثَبَتَ بِالِاخْتِيَارِ فَتَوَقَّفَ وُجُوبُ أَدَائِهِ عَلَى طَلَبِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (فَرْعٌ وَيَجُوزُ) لَهُ (السَّفَرُ وَالتَّسْفِيرُ بِمَالِهِ مَعَ ثِقَةٍ وَلَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ) مِنْ نَحْوِ حَرِيقٍ أَوْ نَهْبٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ قَدْ تَقْتَضِي ذَلِكَ، وَالْوَلِيُّ مَأْمُورٌ بِهَا بِخِلَافِ الْمُودِعِ إذَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةُ هَذَا إنْ سَافَرَ أَوْ سَفَّرَ بِمَالِهِ (فِي طَرِيقٍ آمِنٍ) وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي حَالَتَيْ الضَّرُورَةِ وَعَدَمِهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلُهُ هُنَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي حَالَةِ عَدَمِهَا فَقَطْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْبَلَدُ أَخْوَفَ جَازَ ذَلِكَ، أَوْ الطَّرِيقُ فَلَا، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَتَرَدَّدَ وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ (لَا) فِي (بَحْرٍ) وَإِنْ غَلَبَتْ سَلَامَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ عَدَمِهَا (وَلَا يَرْكَبُ بِالصَّبِيِّ الْبَحْرَ) وَإِنْ غَلَبَتْ سَلَامَتُهُ (كَمَالِهِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ وَهُوَ قِيَاسٌ حَسَنٌ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ وَلِيَّهُ يَمْنَعُ مِنْ قَطْعِ سِلْعَتِهِ إنْ لَمْ يَزِدْ خَطَرُ تَرْكِهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ عَلَى بُعْدٍ بِأَنَّهُ إنَّمَا حُرِّمَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ لِمُنَافَاتِهِ غَرَضَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِهِ وَتَنْمِيَتِهِ بِخِلَافِهِ هُوَ فَيَجُوزُ أَنْ يُرْكِبَهُ الْبَحْرَ إذَا غَلَبَتْ سَلَامَتُهُ كَمَا يَجُوزُ إرْكَابُ نَفْسِهِ وَقَاسَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى مَا ذُكِرَ أَيْضًا تَحْرِيمَ رُكُوبِ الْحَامِلِ حَتَّى تَضَعَ الْحَمْلَ وَتَسْقِيَهُ اللِّبَأَ بَلْ وَتَفْطِمُهُ إنْ تَعَيَّنَتْ لِلْإِرْضَاعِ، وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ: وَقِيَاسُهُ أَيْضًا تَحْرِيمُ إرْكَابِ الْبَهَائِمِ وَكَذَا الزَّوْجَةُ وَالْأَرِقَّاءُ الْبَالِغُونَ عِنْدَ عَدَمِ رِضَاهُمْ إلَّا إنْ كَانَ الْإِرْكَابُ لِنَقْلِهِمْ مِنْ دَارِ الشِّرْكِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَيَجُوزُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالصَّوَابُ عَدَمُ تَحْرِيمِ إرْكَابِ الْبَهَائِمِ وَالْأَرِقَّاءِ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ، وَكَذَا رُكُوبُ الْحَامِلِ (فَصْلٌ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الصَّبِيِّ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَسَفَرٍ) أَوْ نَهْبٍ أَمَّا الْقَاضِي فَلَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنَّ لِلْأَبِ ذَلِكَ كَالْقَاضِي، وَإِذَا أَقْرَضَهُ الْقَاضِي أَوْ غَيْرُهُ (فَيُقْرِضُهُ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَيُقْرِضُهُ (مَلِيًّا أَمِينًا وَيَأْخُذُ رَهْنًا إنْ رَأَى) فِي أَخْذِهِ مَصْلَحَةً، وَإِلَّا تَرَكَهُ (وَلَا يُودِعُهُ أَمِينًا إلَّا إنْ عُدِمَ ذَلِكَ) أَيْ التَّمَكُّنُ مِنْ إقْرَاضِهِ (فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ) لِلْقَاضِي (أَنْ يَشْهَدَ عَلَى حَجْرِ السَّفِيهِ) إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ (وَإِنْ رَأَى النِّدَاءَ عَلَيْهِ لِيُجْتَنَبَ) فِي الْمُعَامَلَةِ (فِعْلٌ وَيُجْبِرُ الصَّبِيَّ وَالسَّفِيهَ عَلَى الِاكْتِسَابِ) إنْ كَانَ لَهُمَا كَسْبٌ لِيَرْتَفِقَا بِهِ فِي النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا (وَلِلسَّفِيهِ) إذَا وَجَبَ لَهُ قِصَاصٌ (أَنْ يَقْتَصَّ وَأَنْ يَعْفُوَ) بِمَالٍ وَبِدُونِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ بِجِنَايَةِ الْعَمْدِ الْقِصَاصُ عَيْنًا (فَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ قَبَضَهُ وَلِيُّهُ) لَا هُوَ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ كَمَا مَرَّ د. [كِتَابُ الصُّلْحِ وَفِيهِ ثَلَاثَة أَبْوَاب] [الْبَاب الْأَوَّل أَحْكَام الصُّلْح] (كِتَابُ الصُّلْحِ) وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مِنْ التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ وَالتَّنَازُعِ فِيهَا وَالصُّلْحُ لُغَةً قَطْعُ النِّزَاعِ وَشَرْعًا عَقْدٌ يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنْوَاعٌ صُلْحٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَبَيْنَ الْإِمَامِ وَالْبُغَاةِ، وَبَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَ الشِّقَاقِ، وَصُلْحٌ فِي الْمُعَامَلَةِ، وَهُوَ مَقْصُودُ الْبَابِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] وَخَبَرُ «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَالْكُفَّارُ كَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ لِانْقِيَادِهِمْ إلَى الْأَحْكَامِ غَالِبًا، وَلَفْظُهُ يَتَعَدَّى لِلْمَتْرُوكِ بِ مِنْ وَعَنْ وَلِلْمَأْخُوذِ بِ عَلَى وَالْبَاءِ (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِهِ   [حاشية الرملي الكبير] وَلَمْ يَأْخُذْ فِيهَا شَيْئًا سَقَطَ حُكْمُهَا. [فَصْلٌ خَلْطُ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مَالِهِ بِمَالِ الصَّبِيِّ] (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَلِكَ ثَبَتَ بِالِاخْتِبَارِ فَتَوَقَّفَ وَاجِبُهُ عَلَى الطَّلَبِ إلَخْ) وَيُوَفِّي عَنْهُ دَيْنَ الْآدَمِيِّ إذَا طَلَبَهُ صَاحِبُهُ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ فَإِنْ كَانَ مَالُ الْمَحْجُورِ نَاضًّا أَلْزَمَهُ قَبْضَ دَيْنِهِ أَوْ الْإِبْرَاءَ مِنْهُ خَوْفًا مِنْ تَلَفِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ عَقَارًا تَرَكَهُ عَلَى خِيَارِهِ فِي الْمُطَالَبَةِ إذَا شَاءَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ كَانَ الدَّيْنُ لِرَشِيدٍ فَإِنْ كَانَ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَيْضًا حَرُمَ التَّأْخِيرُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ عَلَى بُعْدٍ بِأَنَّهُ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ جَوَّزُوا إرْكَابَ الصَّبِيِّ وَإِحْضَارَهُ صَفَّ الْقِتَالِ لِيَعْتَادَ الْجِهَادَ، وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَالسَّبْيُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّمْرِينِ عَلَى الْعِبَادَةِ فَإِرْكَابُهُ الْبَحْرَ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ؛ إذْ هُوَ الْغَرَضُ لِتَمْرِينِهِ وَاعْتِيَادِهِ فَيَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مَصَالِحِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ مِنْ حَجٍّ وَتِجَارَةٍ إذَا بَلَغَ سِيَّمَا إذَا كَانَتْ حِرْفَتُهُ بِرُكُوبِهِ كَيْفَ لَا يَجُوزُ، وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ فِي السَّفَرِ بِمَالِهِ؛ إذْ لَا تَمْرِينَ فِيهِ مَعَ التَّغْرِيرِ، وَالْمُرُورُ تَحْتَ الْحَائِطِ الْمَائِلِ جَائِزٌ إذَا غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فَإِذَا غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِي رُكُوبِ الْحَوَامِلِ الْبَحْرَ كَيْفَ لَا يَجُوزُ رُكُوبُهُنَّ. [فَصْلٌ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الصَّبِيِّ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَسَفَرٍ أَوْ نَهْبٍ] (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي الْقَضَاءِ عَلَى إلَخْ) هُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ بِهِ رَهْنًا إنْ رَأَى فِي أَخْذِهِ مَصْلَحَةً، وَإِلَّا تَرَكَهُ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِجَزْمِهِ فِي بَابِ الرَّهْنِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي إقْرَاضِ مَالِهِ أَخْذُ الرَّهْنِ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الرَّهْنِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَرْضِ بِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِهِ مَتَى شَاءَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَقَدْ يُسْرِعُ مَنْ عَلَيْهِ فِي ضَيَاعِ مَالِهِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ فَاحْتِيجَ إلَى الِاسْتِيثَاقِ بِالرَّهْنِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ بُسْتَانٌ فَأَجَّرَ وَلِيُّهُ بَيَاضَ أَرْضِهِ بِأُجْرَةٍ بَالِغَةٍ وَافِيَةٍ بِمِقْدَارِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَقِيمَةِ الثَّمَرَةِ ثُمَّ سَاقَى عَلَى الشَّجَرِ عَلَى سَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ، وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ، وَذَكَرَهَا الْإِسْنَوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَلْغَازِ عَنْهُ وَقَالَ هِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ وَحُكْمُهَا مُتَّجَهٌ. [فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَشْهَدَ عَلَى حَجْرِ السَّفِيهِ] (كِتَابُ الصُّلْحِ) (قَوْلُهُ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا إلَخْ) الصُّلْحُ الَّذِي يُحِلُّ الْحَرَامَ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ مِنْ دَرَاهِمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا، وَاَلَّذِي يُحَرِّمُ الْحَلَالَ أَنْ يُصَالِحَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَمِنْهُ الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي كَاذِبًا فَقَدْ اسْتَحَلَّ بِهِ مَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَقَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ مَالُهُ الْحَلَالُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَا يَدَّعِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 فَلَا يَصِحُّ مَعَ الْإِنْكَارِ) أَوْ السُّكُوتِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَلَوْ فِي صُلْحِ الْحَطِيطَةِ) إذْ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ التَّمْلِيكِ مَعَ ذَلِكَ لِاسْتِلْزَامِهِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُدَّعِي مَا لَا يَمْلِكُهُ وَيَتَمَلَّكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا يَمْلِكُهُ (وَلَا) يَصِحُّ (مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ) بَيْنَهُمَا فَلَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِهَا: صَالِحْنِي عَنْ دَارِك عَلَى كَذَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ خُصُومَةٍ (إلَّا إنْ نَوَيَا بِهِ الْبَيْعَ) فَيَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ خُصُومَةٌ فَعُلِمَ أَنَّهُ كِتَابَةٌ. (وَهُوَ) أَيْ الصُّلْحُ (نَوْعَانِ الْأَوَّلُ صُلْحُ مُعَاوَضَةٍ وَهُوَ بَيْعٌ) مِنْ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْعِوَضُ عَيْنًا (فَمَنْ خُوصِمَ فِي دَارٍ، وَأَقَرَّ بِهَا) لِلْمُدَّعِي (ثُمَّ صَالَحَ عَنْهَا بِثَوْبٍ وَنَحْوِهِ فَقَدْ اشْتَرَاهَا بِهِ فَتَلْزَمُ) فِيهِ (أَحْكَامُ الْبَيْعِ كُلُّهَا مِنْ الْبُطْلَانِ بِالْغَرَرِ وَالْجَهْلِ) وَغَيْرِهِمَا، وَلَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ: كَالْغَرَرِ بَلْ لَوْ قَالَ: كَالْبُطْلَانِ بِالْغَرَرِ كَانَ أَوْلَى؛ إذْ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ أَيْضًا ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ وَالْخِيَارِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَمَنْعِ التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْقَبْضِ (، وَحُكْمُ الرِّبَا) أَيْ وَيَلْزَمُ فِيهِ أَيْضًا حُكْمُ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ (وَ) بَيْعِ (الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ) نَصَّ عَلَيْهِمَا مَعَ دُخُولِهِمَا فِيمَا قَبْلَهُمَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ دُخُولِهِمَا فِيهِ لِخُرُوجِهِمَا عَنْ سَائِرِ الْبُيُوعِ (فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةً) وَصَالَحَ عَلَيْهَا (مُدَّةً مَعْلُومَةً فَهُوَ إجَارَةٌ) فَيَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُهَا (وَإِنْ صَالَحَ عَنْ دَيْنٍ) غَيْرِ دَيْنِ السَّلَمِ (صَحَّ وَلَوْ بِدَيْنٍ) كَذَلِكَ (لَكِنْ بِشَرْطِ تَعْيِينِهِ) أَيْ الدَّيْنِ (فِي الْمَجْلِسِ) لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ) فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ (إنْ اجْتَنَبَ الرِّبَا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْعِوَضَانِ رِبَوِيَّيْنِ، وَإِلَّا اُشْتُرِطَ الْقَبْضُ فِيهِ أَيْضًا. النَّوْعُ (الثَّانِي صُلْحُ الْحَطِيطَةِ فَمَنْ صَالَحَ عَنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ بِالنِّصْفِ أَوْ بِالثُّلُثِ) مَثَلًا (فَهُوَ فِي الْعَيْنِ هِبَةٌ لِلْبَعْضِ) الْبَاقِي (فَيُشْتَرَطُ) فِيهِ (الْقَبُولُ وَالْقَبْضُ بِالْإِذْنِ) فِيهِ (وَفِي الدَّيْنِ إبْرَاءٌ) عَنْ الْبَاقِي فَتَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهُ (وَيَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ) لِأَنَّ خَاصِّيَّتَهُ، وَهِيَ سَبْقُ الْخُصُومَةِ قَدْ وُجِدَتْ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ أَوَّلِ كَلَامِهِ كَمَا عُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ الْهِبَةِ بِذَلِكَ (فَلَوْ قَالَ: صَالَحْتُك عَنْ الْأَلْفِ الَّذِي عَلَيْك بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّ وَاشْتَرَطَ الْقَبُولَ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يَقْتَضِيهِ (بِخِلَافِ لَفْظِ الْإِبْرَاءِ) وَنَحْوِهِ كَالْإِسْقَاطِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ كَ أَبْرَأْتُكَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ الَّذِي عَلَيْكَ أَوْ حَطَطْتهَا عَنْك أَوْ أَسْقَطْتهَا عَنْك وَصَالَحْتُك بِالْبَاقِي (، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْبَاقِي) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ قَبْضُ الْبَاقِي (فِي الْمَجْلِسِ فَلَوْ كَانَتْ الْخَمْسُمِائَةِ) الْمُصَالَحُ بِهَا (مُعَيَّنَةً لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ تَعْيِينَهَا يَقْتَضِي كَوْنَهَا عِوَضًا فَيَصِيرُ بَائِعًا لِأَلْفٍ بِخَمْسِمِائَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً، وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ كَالْإِسْنَوِيِّ الْإِمَامَ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ الصِّحَّةُ، وَأَنَّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ ضَعِيفٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ عَقِبَهُ: وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَمْنَعَهُ وَيَقُولَ: الصُّلْحُ مِنْهُ عَلَى بَعْضِهِ إبْرَاءٌ لِلْبَعْضِ وَاسْتِيفَاءٌ لِلْبَاقِي، وَعَلَى الصِّحَّةِ جَرَى الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ (وَأَمَّا) الصُّلْحُ (عَلَى الْإِنْكَارِ فَلَا يَصِحُّ فِي الْحَالَيْنِ) أَيْ حَالَيْ تَعْيِينِ الْخَمْسِمِائَةِ وَعَدَمِ تَعْيِينِهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا، وَكَذَا قَوْلُهُ قَبْلُ فَلَا يَصِحُّ مَعَ الْإِنْكَارِ، وَلَوْ فِي صُلْحِ الْحَطِيطَةِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ كَأَصْلِهِ عَقْدٌ فِيمَا يَأْتِي لِلصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ فَصْلًا (وَلَا يَصِحُّ) الصُّلْحُ (بِأَلْفِ حَالٍّ أَوْ صَحِيحٍ عَنْ أَلْفٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ مُكَسَّرٍ) ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ مِنْ الْمَدْيُونِ بِإِسْقَاطِ الْأَجَلِ وَالتَّكْسِيرِ، وَهُمَا لَا يَسْقُطَانِ (وَلَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَصِحُّ بِأَلْفٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ مُكَسَّرٍ عَنْ أَلْفٍ حَالٍّ أَوْ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ مِنْ الدَّائِنِ بِإِلْحَاقِ الْأَجَلِ وَالتَّكْسِيرِ وَهُمَا لَا يَلْحَقَانِ (لَكِنْ مَنْ عَجَّلَ مُؤَجَّلًا) أَوْ أَدَّى صَحِيحًا عَنْ مُكَسَّرٍ (جَازَ) لِلدَّائِنِ (قَبُولُهُ) فَيَسْقُطُ الْأَجَلُ وَالتَّكْسِيرُ لِصُدُورِ الْإِيفَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ مِنْ أَهْلِهِمَا نَعَمْ إنْ ظَنَّ الْمُؤَدِّي صِحَّةَ الصُّلْحِ لَمْ يَسْقُطْ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِيمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعًا فِي بَيْعٍ وَأَتَى بِالثَّانِي عَلَى ظَنِّ الصِّحَّةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِاسْتِلْزَامِهِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُدَّعِي مَا لَا يَمْلِكُهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ إنْ كَانَ كَاذِبًا فَقَدْ اسْتَحَلَّ مَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ حَرَامٌ، أَوْ صَادِقًا فَقَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ مَالُهُ الْحَلَالُ فَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) وَمَا زَعَمَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ أَنَّ اللَّفْظَ مُنَافٍ لِلْمَعْنَى مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ لَا يُنَافِي الْبَيْعَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ لِفَقْدِ شَرْطِهِ بِخِلَافِ، وَهَبْتُكَهُ بِعَشَرَةٍ، فَإِنَّ لَفْظَ الْهِبَةِ يُنَافِي الْبَيْعَ فَاسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ فِيهَا فِي غَيْرِ مَعْنَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَفِي قَوْلِهِ: صَالِحْنِي اسْتَعْمَلَهُ فِي مَعْنَاهُ لَكِنْ بِدُونِ شَرْطِهِ وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّأْيِ الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ انْعِقَادِ الْهِبَةِ ذَاتِ الثَّوَابِ. [أَنْوَاع الصُّلْح نَوْعَانِ] [النَّوْع الْأَوَّل صُلْحُ مُعَاوَضَةٍ] (قَوْلُهُ فَمَنْ خُوصِمَ فِي دَارٍ إلَخْ) لَوْ صَالَحَ مِنْ عَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ بَيْعٌ، أَوْ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مَثَلًا مَوْصُوفٍ بِصِفَةِ السَّلَمِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ سَلَمٌ وَسَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَقَالَ: صَالَحَنِي مِنْهَا عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَوَهَبَنِي خَمْسَمِائَةٍ وَلِي بَيِّنَةٌ، وَعَجَزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ: فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَقَدْ يُصَالِحُ عَلَى الْإِنْكَارِ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى وَفْقِ قَوْلِهِ لَا يُحْكَمُ بِالْبَاقِي اهـ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَهَبَنِي كَذَا كَقَوْلِهِ: أَبْرَأَنِي (قَوْلُهُ وَحُكْمِ الرَّبَّا) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْبُطْلَانِ أَوْ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى: أَحْكَامُ (قَوْلُهُ فَهُوَ إجَارَةٌ) فَيَصِحُّ بِلَفْظِهَا وَلَفْظِ الصُّلْحِ لَا الْبَيْعِ (قَوْلُهُ غَيْرُ دَيْنِ السَّلَمِ) أَيْ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ. [النَّوْع الثَّانِي صُلْحُ الْحَطِيطَةِ] (قَوْلُهُ: وَالْقَبْضُ بِالْإِذْنِ فِيهِ) أَيْ بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِهِ مِنْهُ وَيَثْبُتُ الرُّجُوعُ لِمُدَّعِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ كَالْإِسْقَاطِ) أَيْ وَالْهِبَةِ وَالْحَطِّ وَالتَّرْكِ وَالْإِحْلَالِ وَالتَّحْلِيلِ وَالْعَفْوِ وَالْوَضْعِ (قَوْلُهُ: وَصَالَحْتُك بِالْبَاقِي) قَالَ شَيْخُنَا: إنَّمَا قَالَ: وَصَالَحْتُك بِالْبَاقِي مَعَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ الْإِبْرَاءِ كَفَى؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا يَأْتِي فِيهِ أَحْكَامُ الصُّلْحِ كَسَبْقِ الْخُصُومَةِ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ شُرُوطُ الصُّلْحِ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ بِآخِرِهِ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي) فَقَالَ: وَأَصَحُّهُمَا يَصِحُّ نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَإِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِيفَاءٌ لِلْبَعْضِ، وَإِسْقَاطٌ لِلْبَعْضِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ) وَقَدْ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالسُّقُوطِ لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ هَذَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 (وَمَنْ صَالَحَ عَنْ أَلْفٍ حَالٍّ بِخَمْسِمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَلَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ) بَلْ هُوَ مُسَامَحَةٌ بِحَطِّ خَمْسِمِائَةٍ وَبِإِلْحَاقِ أَجَلٍ بِالْبَاقِي وَالْأَوَّلُ سَائِغٌ دُونَ الثَّانِي (فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ) مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ (لَا التَّأْجِيلُ، وَفِي عَكْسِهِ) بِأَنْ صَالَحَ عَنْ أَلْفٍ مُؤَجَّلٍ بِخَمْسِمِائَةٍ حَالَّةٍ (يَبْطُلُ) ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ الْمِقْدَارِ لَيَحْصُلَ الْحُلُولُ فِي الْبَاقِي، وَالصِّفَةُ بِانْفِرَادِهَا لَا تُقَابَلُ بِعِوَضٍ، وَلِأَنَّ صِفَةَ الْحُلُولِ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهَا بِالْمُؤَجَّلِ، وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مَا تَرَكَ مِنْ الْقَدْرِ لِأَجْلِهِ لَمْ يَصِحَّ التَّرْكُ. (فَرْعٌ لَا يَصِحُّ صُلْحُ الْحَطِيطَةِ، وَلَا الصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ) فِي نَفْسٍ أَوْ دُونَهَا (وَلَا صُلْحُ الْكُفَّارِ) عَنْ الْكَفِّ عَنْ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ (عَلَى مَالٍ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) ؛ إذْ لَا دَخْلَ لَهُ فِيهَا، وَلِأَنَّ الْعَيْنَ فِي الْأُولَى مِلْكُ الْمُدَّعِي فَإِذَا بَاعَهَا بِبَعْضِهَا فَقَدْ بَاعَ مِلْكَهُ بِمِلْكِهِ أَوْ بَاعَ الشَّيْءَ بِبَعْضِهِ، وَهُوَ مُحَالٌ (بِخِلَافِ غَيْرِهَا) مِنْ بَقِيَّةِ صُوَرِ صُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ، وَتَعْبِيرُهُ بِمَالٍ فِي صُلْحِ الْكُفَّارِ قَاصِرٌ بِخِلَافِ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ كَفَكِّ أَسْرَى مِنَّا فِي أَيْدِيهِمْ (وَلَوْ صَالَحَ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ لَمْ يَصِحَّ) لِجَهْلِ صِفَتِهَا كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ لَمْ يَصِفْهُ. (فَرْعٌ وَإِنْ تَرَكَ الْوَارِثُ حَقَّهُ لِأَخِيهِ) مَثَلًا كَأَنْ قَالَ: تَرَكْتُ حَقِّي (مِنْ التَّرِكَةِ) لَك (فَقِيلَ لَمْ يَصِحَّ) وَحَقُّهُ بِحَالِهِ لِتَعَيُّنِ التَّمْلِيكِ وَالْقَبُولِ فِي أَعْيَانِهَا وَالْإِبْرَاءِ فِي دُيُونِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كِنَايَةً حَتَّى تَصِحَّ مَعَ النِّيَّةِ (وَإِنْ صَالَحَ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا مُعَيَّنَةً بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَتْ دَيْنًا) لَهُ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ فَصَالَحَ عَنْهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ (جَازَ لِاسْتِيفَاءِ الْأَلْفِ وَالِاعْتِيَاضِ عَنْ الذَّهَبِ بِالْأَلْفِ الْآخَرِ) أَشَارَ بِهِ إلَى قَوْلِ أَصْلِهِ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَبْلَغُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَقْدِيرِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِ فَيُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا لِأَحَدِ الْأَلْفَيْنِ وَمُعْتَاضًا عَنْ الدَّنَانِيرِ الْأَلْفِ الْآخَرِ وَإِذَا كَانَ مُعَيَّنًا كَانَ الصُّلْحُ عَنْهُ اعْتِيَاضًا، فَكَأَنَّهُ بَاعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَهُوَ مِنْ صُوَرِ مُدِّ عَجْوَةٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْإِمَامِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ فِيهَا صُلْحُ حَطِيطَةٍ فَبَعُدَ فِيهَا الِاعْتِيَاضُ. (فَرْعٌ) لَوْ (صَالَحَهُ عَنْ الدَّارِ الْمُدَّعَاةِ بِسُكْنَاهَا سَنَةً فَعَارِيَّةٌ لَهَا يَرْجِعُ فِيهَا) مَتَى شَاءَ (وَلَا أُجْرَةَ) لَهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْعَارِيَّةِ (أَوْ) صَالَحَهُ عَنْهَا (عَلَى) أَيْ بِشَرْطِ (سُكْنَاهَا سَنَةً بِمَنْفَعَةِ عَبْدِهِ سَنَةً فَإِجَارَةٌ بِمَنْفَعَةٍ) وَقَدْ عُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ ذَكَرَ مَنْ أَقْسَامِ الصُّلْحِ خَمْسَةً الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالْهِبَةَ وَالْإِبْرَاءَ وَالْعَارِيَّةَ وَبَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ أُخَرُ مِنْهَا السَّلَمُ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمُدَّعَى بِهِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ، وَالْجَعَالَةُ كَصَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى رَدِّ عَبْدِي وَالْخُلْعُ كَصَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي طَلْقَةً وَالْمُعَاوَضَةُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ كَصَالَحْتُكَ مِنْ كَذَا عَلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيَّ أَوْ عَلَى مَا أَسْتَحِقُّهُ عَلَيْك مِنْ الْقِصَاصِ وَالْفِدَاءِ كَقَوْلِهِ لِلْحَرْبِيِّ: صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى إطْلَاقِ هَذَا الْأَسِيرِ وَالْفَسْخِ كَأَنْ صَالَحَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، وَكَأَنَّهُ تَرَكَهَا كَغَيْرِهِ لِأَخْذِهَا مِنْ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ. (فَصْلٌ الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ بَاطِلٌ) لِمَا مَرَّ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَنْكَرَ الْخُلْعَ وَالْكِتَابَةَ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَى شَيْءٍ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بَعْدَ الْإِنْكَارِ صَحَّ الصُّلْحُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ بِهَا كَثُبُوتِهِ بِالْإِقْرَارِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَوَافَقَهُ الْغَزَالِيُّ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ، وَاسْتَشْكَلَهُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ سَبِيلًا إلَى الطَّعْنِ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَقَالَ: رَدَدْتهَا إلَيْك ثُمَّ صَالَحَهُ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: إنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ أَمَانَةً لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فَيَكُونُ صُلْحًا عَلَى إنْكَارٍ وَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً فَقَوْلُهُ فِي الرَّدِّ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَقَدْ أَقَرَّ بِالضَّمَانِ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ وَيُحْتَمَلُ بُطْلَانُهُ فَإِنَّهُ لَمْ يُقِرَّ أَنَّ عَلَيْهِ شَيْئًا وَإِذَا صَالَحَ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَكَانَ الْمُدَّعِي مُحِقًّا فَيَحِلُّ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - أَنْ يَأْخُذَ مَا بَذَلَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِي صُلْحِ الْحَطِيطَةِ، وَفِيهِ فَرْضُ كَلَامِهِ، فَأَمَّا إذَا صَالَحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعِي فَفِيهِ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الظُّفُرِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ: وَلَوْ أَنْكَرَ فَصُولِحَ، ثُمَّ أَقَرَّ الصُّلْحُ بَاطِلًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِلْمَصَالِحِ حِينَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ الصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ فِي نَفْسٍ أَوْ دُونَهَا] قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ كَفَكِّ أَسْرَى مِنَّا إلَخْ) هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأُولَى. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كِنَايَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ صَالَحَهُ عَنْ الدَّارِ الْمُدَّعَاةِ بِسُكْنَاهَا سَنَةً] (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ أُخَرُ مِنْهَا السَّلَمُ إلَخْ) وَفَاتَهُ أَرْبَعَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهَا: أَنْ تَقَعَ فَرْضًا لِلْمُفَوِّضَةِ، وَأَنْ تَقَعَ مُتْعَةً، وَأَنْ تَقَعَ رَهْنًا كَقَوْلِهِ: صَالِحْنِي مِنْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ عَلَى أَنْ تَكُونَ رَهْنًا عِنْدِي عَلَى مَالِي عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ، وَأَنْ تَقَعَ قَرْضًا كَقَوْلِهِ: صَالِحْنِي مِنْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ عَلَى أَنْ أَصْرِفَهَا فِي حَوَائِجِي، وَأَرُدَّ لَكَ بَدَلَهَا فَيَقُولَ: صَالَحْتُك أَوْ أَقْرَضْتُك إيَّاهَا، وَتَقَعُ أَيْضًا قُرْبَةً فِي أَرْضٍ وُقِفَتْ مَسْجِدًا فَادَّعَاهَا شَخْصٌ، وَأَنْكَرَ الْوَقْفَ فَصَالَحَهُ آخَرُ مِنْهَا عَلَى مَالِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا (قَوْلُهُ كَصَالَحْتُكَ مِنْ هَذَا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي) لَوْ قَالَ الزَّوْجُ صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى طَلْقَةٍ فَيُتَّجَهُ أَيْضًا صِحَّتُهُ. [فَصْلٌ الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ بَاطِلٌ) سَوَاءٌ أُجْرِيَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَمْ عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعَى بِهِ، أَوْ بَعْضِهِ لَا يُقَالُ: إنَّهُ يَصِحُّ عَلَى بَعْضِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِلْمُدَّعِي، وَلَكِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَالْمُدَّعِي يَزْعُمُ اسْتِحْقَاقَ الْكُلِّ وَأَنَّهُ وَهَبَ النِّصْفَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْكِسُ ذَلِكَ، وَاخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِهَةِ لَا يَمْنَعُ الْأَخْذَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إذَا اخْتَلَفَ الدَّافِعُ وَالْقَابِضُ فِي الْجِهَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ وَهُوَ يَقُولُ: إنَّمَا بَذَلْت الْبَعْضَ لِدَفْعِ الْأَذَى عَنِّي حَتَّى لَا يَرْفَعَنِي إلَى قَاضٍ، وَيُقِيمُ عَلَيَّ بَيِّنَةَ زُورٍ، وَالْبَذْلُ لِهَذِهِ الْجِهَةِ بَاطِلٌ، وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ مَا لَوْ تَدَاعَيَا وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ، فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ لِأَيِّكُمَا هِيَ أَوْ دَارًا فِي يَدِهِمَا، وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً ثُمَّ اصْطَلَحَا، وَمِنْ ذَلِكَ اصْطِلَاحُ الْوَرَثَةِ فِيمَا وُقِفَ بَيْنَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي إذَا لَمْ يَبْذُلْ أَحَدٌ عِوَضًا مِنْ خَالِصِ مِلْكِهِ، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ، وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَوَقَفَ لَهُمَا نَصِيبَ زَوْجَةٍ فَاصْطَلَحَتَا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بَعْدَ الْإِنْكَاحِ صَحَّ) وَكَذَا إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ (قَوْلُهُ: وَوَافَقَهُ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) وَجَزَمَ صَاحِبُ الْكَافِي بِهَذَا (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ) أَيْ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ بَعْدَ إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 الصُّلْحِ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ جَرَى بِشُرُوطِهِ فِي عِلْمِهِمَا أَوْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ شَرْطُ صِحَّةِ الصُّلْحِ الْإِقْرَارُ، وَهُوَ مُنْتَفٍ حَالَ الْعَقْدِ (وَلَوْ قَالَ: صَالِحْنِي عَنْ الْعَيْنِ) الَّتِي تَدَّعِيهَا أَوْ الدَّيْنِ الَّذِي تَدَّعِيهِ (لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا) لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ قَطْعَ الْخُصُومَةِ فَالصُّلْحُ بَعْدَهُ صُلْحٌ عَلَى إنْكَارٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَاك الْكَاذِبَةِ، أَوْ عَنْ دَعْوَاك بَلْ الصُّلْحُ عَنْ الدَّعْوَى بَاطِلٌ مَعَ الْإِقْرَارِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا يُعْتَاضُ عَنْهَا وَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا (وَإِنْ قَالَ بِعْنِي) أَوْ هَبْنِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ زَوِّجْنِي) هَذِهِ (أَوْ أَبْرِئْنِي مِنْهُ) أَيْ مِمَّا تَدَّعِيهِ (فَإِقْرَارٌ) لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْتِمَاسِ التَّمَلُّكِ (أَوْ) قَالَ (: أَعِرْنِي أَوْ أَجِّرْنِي فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إقْرَارٌ كَقَوْلِهِ: بِعْنِي، وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَسْتَعِيرُ مِلْكَهُ وَيَسْتَأْجِرُهُ مِنْ مُسْتَأْجَرِهِ، وَمِنْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ، وَهَذَا أَوْجَهُ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ (وَيَصِحُّ إبْرَاءُ الْمُنْكِرِ، وَلَوْ بَعْدَ التَّحْلِيفِ) لِأَنَّ الْمُبْرِئَ يَسْتَقِلُّ بِالْإِبْرَاءِ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إلَى الْقَبُولِ فَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى تَصْدِيقِ الْغَرِيمِ (وَلَوْ تَصَالَحَا بَعْدَ التَّحْلِيفِ لَمْ يَجُزْ) بِمَعْنَى لَمْ يَحِلَّ، وَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ تَصَالَحَا قَبْلَهُ، وَلِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَسْتَقِلُّ بِالصُّلْحِ (وَلَوْ اخْتَلَفَا هَلْ اصْطَلَحَا عَنْ إقْرَارٍ) أَوْ إنْكَارٍ (صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الصِّحَّةِ. (فَصْلٌ وَإِنْ صَالَحَ عَنْ الْمُقِرِّ أَجْنَبِيٌّ عَنْ بَعْضِ الْعَيْنِ) الْمُدَّعَاةِ (أَوْ عَنْ كُلِّهَا بِعَيْنٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ بِعَشَرَةٍ) مَثَلًا (فِي ذِمَّتِهِ بِوَكَالَةٍ) لِلْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ بِأَخْبَارِهِ (صَحَّ) الصُّلْحُ عَنْ الْمُوَكِّلِ بِمَا، وَكَّلَهُ بِهِ، وَصَارَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ صَالَحَ عَنْهُ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ (فَلَا) يَصِحُّ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ فَهُوَ شِرَاءُ فُضُولِيٍّ، وَقَدْ مَرَّ وَتَرَكَ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ هُنَا صُلْحَ الْحَطِيطَةِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ: عَلَى نِصْفِ الْمُدَّعِي، وَذَكَرَ بَدَلَهُ الصُّلْحَ عَنْ بَعْضِ الْعَيْنِ، وَتَعْبِيرُهُ بِعَيْنٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِعَبْدِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْوَكِيلُ صَالَحَ عَنْ الْمُقِرِّ (عَلَى عَيْنٍ، وَالْمَالُ لِلْوَكِيلِ) أَوْ عَلَى دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ (فَكَشِرَائِهِ لِغَيْرِهِ) بِإِذْنِهِ (بِمَالِ نَفْسِهِ وَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُهُ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ، وَبَيَّنْت ثَمَّ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ، وَيَقَعُ لِلْآذِنِ، وَأَنَّ الْمَدْفُوعَ قَرْضٌ لَا هِبَةٌ (وَإِنْ صَالَحَ لِنَفْسِهِ) بِعَيْنِ مَالِهِ أَوْ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ (صَحَّ) لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ مَعَهُ خُصُومَةٌ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ تَرَتَّبَ عَلَى دَعْوَى وَجَوَابٍ (وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا فَقَالَ الْأَجْنَبِيُّ: وَكَّلَنِي) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِمُصَالَحَتِك عَلَى نِصْفِهِ أَوْ ثَوْبِهِ هَذَا) فَصَالَحَهُ (صَحَّ) كَمَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا (أَوْ عَلَى ثَوْبِي هَذَا لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ بِدَيْنِ غَيْرِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ قَبْلَهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ صُوَرِ الْعَيْنِ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَقَعُ لِلْآذِنِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْخَلَاقَ فِيهِمَا سَوَاءٌ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ إلْحَاقِ هَذِهِ بِتِلْكَ فَيَصِحُّ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ كَمَنْ ضَمِنَ دَيْنًا وَأَدَّاهُ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ لَا تَصْحِيحَ لَهُ فِي هَذِهِ، وَإِنَّمَا التَّصْحِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ النَّوَوِيِّ (وَلَوْ صَالَحَ لِوَكِيلٍ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الدَّيْنِ (لِنَفْسِهِ) بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ (لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّهُ ابْتِيَاعُ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الصِّحَّةِ وَيُوَافِقُ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ عَدَمِهَا كَمَا قَدَّمْته ثَمَّ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ سَالِمَةٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ صَالَحَ لِنَفْسِهِ عَلَى عَيْنٍ، أَوْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَهُوَ ابْتِيَاعُ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ (فَإِنْ صَالَحَهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ أَلْفٍ بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ جَائِزٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعْيِينِ الْخَمْسِمِائَةِ وَعَدَمِ تَعْيِينِهَا وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ الْمُخَالِفِ لِكَلَامِ الْإِمَامِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا مَرَّ (وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ الْمُنْكَرِ) ظَاهِرًا (وَقَالَ أَقَرَّ عِنْدِي) وَلَمْ يُظْهِرْهُ خَوْفًا مِنْ أَخْذِك لَهُ (وَوَكَّلَنِي فِي مُصَالَحَتِك) لَهُ فَصَالَحَهُ (صَحَّ) ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْإِنْسَانِ الْوَكَالَةَ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولَةٌ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ إذَا لَمْ يُعِدْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ شَرْطُ صِحَّةِ الصُّلْحِ الْإِقْرَارُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَتَخَرَّجُ عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ حَيٌّ فَبَانَ أَنَّهُ مَيِّتٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي صَارَ مُشْتَرِيًا يَدَّعِي الْعَيْنَ لِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يُعَاوِضُ مِلْكَهُ بِمِلْكِهِ عَلَى مُعْتَقِدِهِ ظَاهِرًا، فَمِنْ أَجْلِ هَذَا إقْرَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ لَهُ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَقْرِمَ ثُمَّ يُصَالِحَ فَلَمَّا قَصَّرَ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا بِخِلَافِ الْبَائِعِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ حَيٌّ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ لَا يَدَّعِي الْعَيْنَ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مِنْهُ تَقْصِيرٌ فَجَرَى فِيهِ الْخِلَافُ وَالْأَصَحُّ فِيهِ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَاك الْكَاذِبَةِ إلَخْ) أَيْ أَوْ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ أَوْهِبْنِي) أَيْ أَوْ مَلِّكْنِي (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ إقْرَارٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) لَوْ أُبْرِئَ الْمَدْيُونُ ثُمَّ ادَّعَى الْجَهْلَ بِقَدْرِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ إنْ بَاشَرَ سَبَبَ الدَّيْنِ بِنَفْسِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَوْ رُوجِعَ إلَيْهِ عِنْدَ السَّبَبِ كَالثَّيِّبِ فِي الصَّدَاقِ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِلَّا فَيُقْبَلُ قَالَ شَيْخُنَا: فَإِنْ ادَّعَى طُرُوُّ النِّسْيَانِ عَلَيْهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمُنْكِرُ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُهُ عَنْ إنْكَارٍ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى الْإِنْكَارِ ثُمَّ قَالَ: بَرِئْت مِنْ الْحَقِّ أَوْ أَبْرَأْتُك عَنْهُ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فَقَالَ مَلَّكَنِيهَا فَلَهُ الْعَوْدُ إلَى الدَّعْوَى وَلَا مُؤَاخَذَةَ بِالْإِقْرَارِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ إلَى مَا جَرَى. [فَصْلٌ صَالَحَ عَنْ الْمُقِرِّ أَجْنَبِيٌّ عَنْ بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ بِعَيْنٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا] (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَالَحَ عَنْ الْمُقِرِّ أَجْنَبِيٌّ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: شَرْطُ صِحَّةِ الصُّلْحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ أَنْ لَا يُعِيدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِنْكَارَ بَعْدَ دَعْوَى الْوَكَالَةِ، وَإِلَّا كَانَ عَزْلًا، وَأَصْلُهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ إلْحَاقِ هَذِهِ بِتِلْكَ إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِشِدَّةِ الضَّعْفِ فِي هَذِهِ بِسَبَبِ كَوْنِ الْمَصَالِحِ عَنْهُ دَيْنًا وَكَوْنِ الْمَصَالِحِ عَلَيْهِ مِلْكًا لِغَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ يُخَالِفُ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الصِّحَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَقَرَّ عِنْدِي) لَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْإِقْرَارِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ بَلْ لَوْ قَالَ: وَكَّلَنِي فِي مُصَالَحَتِك، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَك صَحَّ الصُّلْحُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَأَقَرَّهُ فِي التَّصْحِيحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ دَعْوَى الْإِنْسَانِ الْوَكَالَةَ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولَةٌ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 الْإِنْكَارَ بَعْدَ دَعْوَى الْوَكَالَةِ فَلَوْ أَعَادَهُ كَانَ عَزْلًا فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهُ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: وَقَالَ: أَقَرَّ عِنْدِي مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَكَّلَنِي فِي مُصَالَحَتِك لَهُ فَلَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَنَّ قَوْلَهُ: صَالِحْنِي عَمَّا تَدَّعِيهِ لَيْسَ إقْرَارًا وَبِقَوْلِهِ وَوَكَّلَنِي فِي مُصَالَحَتِك لَهُ مَا لَوْ تَرَكَهُ فَهُوَ شِرَاءُ فُضُولِيٍّ فَلَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ قَالَ أَنْكَرَ) الْخَصْمُ (وَهُوَ مُبْطِلٌ) فِي إنْكَارِهِ (فَصَالِحْنِي لَهُ بِعَبْدِي هَذَا) لِتَنْقَطِعَ الْخُصُومَةُ بَيْنَكُمَا (صَحَّ) الصُّلْحُ (عَنْ الدَّيْنِ لَا) عَنْ (الْعَيْنِ) إذْ لَا يَتَعَذَّرُ قَضَاءُ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِخِلَافِ تَمْلِيكِهِ الْعَيْنَ (أَوْ) فَصَالِحْنِي (لِنَفْسِي وَالْمُدَّعَى عَيْنٌ فَكَشِرَاءِ الْمَغْصُوبِ) فَيُفَرَّقُ بَيْنَ قُدْرَتِهِ عَلَى انْتِزَاعِهِ وَعَدَمِهَا لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا فَهُوَ ابْتِيَاعُ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُوَ مُبْطِلٌ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: هُوَ مُنْكِرٌ، وَلَا أَعْلَمُ صِدْقَك، وَصَالَحَهُ لَمْ يَصِحَّ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ لَهُ أَمْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ الْمُدَّعِي وَهُوَ مُنْكِرٌ قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى وَرَثَةِ مَيِّتٍ دَارًا مِنْ تَرِكَتِهِ فَأَقَرُّوا لَهُ جَازَ لَهُمْ مُصَالَحَتُهُ فَإِنْ دَفَعُوا لِبَعْضِهِمْ ثَوْبًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ لِيُصَالِحَ عَلَيْهِ جَازَ، وَكَانَ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ وَوَكِيلًا لِلْبَاقِينَ، وَلَوْ قَالُوا لِوَاحِدٍ: صَالِحْهُ عَنَّا بِثَوْبِك فَصَالَحَهُ عَنْهُمْ. فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ فِي الصُّلْحِ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْهُ وَإِلَّا فَفِي إلْغَاءِ التَّسْمِيَةِ وَجْهَانِ فَإِنْ لَمْ تَلْغُ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْهُمْ وَهَلْ الثَّوْبُ هِبَةٌ لَهُمْ أَمْ قَرْضٌ عَلَيْهِمْ وَجْهَانِ، وَإِنْ أُلْغِيَتْ فَهَلْ يَصِحُّ الصُّلْحُ كُلُّهُ لِلْعَاقِدِ أَوْ يَبْطُلُ فِي نَصِيبِ الشُّرَكَاءِ، وَيَخْرُجُ نَصِيبُهُ عَلَى قَوْلِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَجْهَانِ، وَإِنْ صَالَحَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَالِهِ لَهُ دُونَ إذْنِ الْبَاقِينَ لِيَتَمَلَّكَ الْجَمِيعُ جَازَ أَوْ عَلَى أَنْ تَكُونَ الدَّارُ لَهُ وَلَهُمْ لَغَا ذِكْرُهُمْ وَعَادَ الْوَجْهَانِ فِي أَنَّ الْجَمِيعَ يَقَعُ لَهُ أَوْ يَبْطُلُ فِي نَصِيبِهِمْ وَيَخْرُجُ نَصِيبُهُ عَلَى قَوْلِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. (فَصْلٌ وَإِنْ اسْتَوْقَفَ مَالٌ إلَى التَّبَيُّنِ، أَوْ اصْطِلَاحُ الْمُتَنَازِعِينَ فِيهِ كَمَالِ وُقِفَ لِزَوْجَتَيْنِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا) وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَهِيَ بَائِنٌ (أَوْ) مَالٌ وُقِفَ (لِشَخْصَيْنِ) عِنْدَ وَدِيعٍ وَقَدْ (أُشْكِلَ عَلَى الْوَدِيعِ مُسْتَحَقُّهُ مِنْهُمَا فَاصْطَلَحَا) أَيْ الزَّوْجَتَانِ، أَوْ الشَّخْصَانِ (عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ أَحَدُهُمَا وَيُعْطِيَ الْآخَرُ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهُ وَشَرْطُهُ تَحَقُّقُ الْمِلْكِ فِي الْعِوَضَيْنِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ (أَوْ عَلَى أَنْ يَتَفَاضَلَا فِيهِ جَازَ) لِلضَّرُورَةِ وَلِأَنَّهُ نُزُولٌ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ وَسَيَأْتِي مَا لَهُ بِهَذَا تَعَلُّقٌ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ. [مَسَائِلُ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَابِ الصُّلْح] (مَسَائِلُ) مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَابِ لَوْ (صَالَحَهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلُهُ (عَنْ الدَّارِ) مَثَلًا (عَلَى) نَحْوِ (عَبْدٍ) مُعَيَّنٍ (فَرَدَّهُ بِعَيْبٍ أَوْ اسْتَحَقَّ) لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي أَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (انْفَسَخَ الْعَقْدُ) فِي تَعْبِيرِهِ بِالِانْفِسَاخِ تَسْمَحُ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ) لِلْعَبْدِ (بِتَلَفٍ وَنَحْوِهِ) كَتَعَيُّبٍ فِي يَدِهِ (رَجَعَ فِي جُزْءٍ مِنْ الدَّارِ) بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِعَبْدٍ (وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ) الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ (فِي الذِّمَّةِ) بِأَنْ صُولِحَ عَلَيْهِ، وَقَبَضَهُ الْمُدَّعِي، وَرَدَّهُ بِعَيْبٍ أَوْ اسْتَحَقَّ (اُسْتُبْدِلَ بِهِ) أَيْ أَخَذَ بَدَلَهُ (وَلَا فَسْخَ) وَلَا انْفِسَاخَ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْعِوَضِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالدَّرَاهِمِ. (وَإِنْ وَقَفَ أَرْضًا) مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَهُ (وَأَقَرَّ بِهَا لِمُدَّعٍ) لَهَا (غَرِمَ لَهُ الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَتَهَا لِإِحَالَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِوَقْفِهِ (فَإِنْ أَنْكَرَ وَصَالَحَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ جَازَ) الصُّلْحُ (؛ لِأَنَّهُ بَذْلُ مَالٍ فِي قُرْبَةٍ) وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ عَلَى الْوَاقِفِ لِكَوْنِهِ وُقِفَ، وَالصُّلْحُ عَمَّا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ جَائِزٌ، وَتَعْبِيرُهُ بِوَقْفِ الْأَرْضِ أَنَصُّ فِي الْمُرَادِ وَأَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِبِنَائِهَا مَسْجِدًا. (وَإِنْ صَالَحَ مُتْلِفُ الْعَيْنِ) مَالِكَهَا (بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا) مِنْ حَبْسِهَا (أَوْ بِمُؤَجَّلٍ لَمْ يَصِحَّ) الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ حَالَّةً فَلَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ، وَلَا عَلَى مُؤَجَّلٍ كَمَنْ غَصَبَ دِينَارًا فَصَالَحَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ عَلَى مُؤَجَّلٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّبَا بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا. (وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِمُجْمَلٍ فَصَالَحَهُ عَنْهُ وَهُمَا يَعْرِفَانِهِ صَحَّ) الصُّلْحُ (وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ) أَحَدٌ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك الشَّيْءَ الَّذِي أَعْرِفُهُ أَنَا وَأَنْتَ (وَإِنْكَارُ حَقِّ الْغَيْرِ حَرَامٌ فَلَوْ بَذَلَ لِلْمُنْكِرِ مَالًا لِيُقِرَّ) بِالْمُدَّعِي (فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) الصُّلْحُ لِبِنَائِهِ عَلَى فَاسِدٍ (بَلْ بَذْلُهُ) أَيْ الْمَالِ لِذَلِكَ (وَأَخْذُهُ حَرَامٌ، وَهَلْ يَكُونُ بِذَلِكَ مُقِرًّا وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا لَا، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِشَرْطٍ (فَلَوْ وَكَّلَ) الْمُنْكِرُ (فِي الصُّلْحِ عَنْهُ) أَجْنَبِيًّا (جَازَ) التَّوْكِيلُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (كَالْوَارِثِ يَجْهَلُ أَمْرَ التَّرِكَةِ فَلَهُ التَّوْكِيلُ فِي الصُّلْحِ لِإِقَالَةِ الشُّبْهَةِ) عَنْهُ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ)   [حاشية الرملي الكبير] ثُمَّ إنْ كَانَ كَاذِبًا فِي دَعْوَى الْوَكَالَةِ فَهُوَ شِرَاءُ فُضُولِيٍّ (قَوْلُهُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ قُدْرَتِهِ عَلَى انْتِزَاعِهِ وَعَدَمِهَا) وَبَيْنَ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْغَيْرِ، وَمَا لَا يَجُوزُ كَالْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَيَكْفِي لِلصِّحَّةِ قَوْلُهُ: أَنَا قَادِرٌ عَلَى انْتِزَاعِهَا فِي الْأَصَحِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقُدْرَةِ هُنَا، وَفِي بَيْعِ الْمَغْصُوبِ حَيْثُمَا ذُكِرَ مَحْضَ تَغَلُّبٍ بَلْ الْمُرَادُ التَّغَلُّبُ أَنْ يَثْبُتَ الْغَصْبُ قَبْلُ، وَالتَّمَكُّنُ مِنْ الْإِثْبَاتِ ثُمَّ الِانْتِزَاعُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ قَالَ هُوَ مُنْكِرٌ، وَلَا أَعْلَمُ صِدْقَهُ) ، مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: هُوَ مُحِقٌّ، أَوْ قَالَ: صَالَحَنِي فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفِي إلْغَاءِ التَّسْمِيَةِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ (قَوْلُهُ وَهَلْ الثَّوْبُ هِبَةٌ لَهُمْ أَمْ قَرْضٌ عَلَيْهِمْ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ فَهَلْ يَصِحُّ كُلُّهُ لِلْعَاقِدِ أَوْ يَبْطُلُ إلَخْ) أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا. [فَصْلٌ اسْتَوْقَفَ مَالٌ إلَى التَّبَيُّنِ كَمَالٍ وُقِفَ لِزَوْجَتَيْنِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبَيَانِ] (فَرْعٌ) قَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا اشْتَرَى أَرْضًا وَبَنَاهَا مَسْجِدًا فَادَّعَاهَا فَإِنْ صَدَّقَهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا وَإِنْ كَذَّبَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ جِيرَانِ الْمَسْجِدِ فَصَالَحَهُ صَحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَالَهُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ، وَقَالَ الدَّارِمِيُّ: إذَا وَقَفَ مِلْكًا أَوْ جَعَلَهُ مَسْجِدًا أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا فَأَقَرَّ بِهِ لَمْ يَبْطُلْ عَمَلُهُ فَإِنْ صَالَحَهُ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُصَالِحْهُ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْقِيمَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْأَظْهَرُ نَعَمْ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا: لَا وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) رَجَّحَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَعْتَقِدَ فَسَادَ الصُّلْحِ فَيَصِحَّ أَوْ يَجْهَلَهُ فَلَا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الْمُنْشَآتِ عَلَى الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 (الطَّرِيقُ النَّافِذُ) بِالْمُعْجَمَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالشَّارِعِ (مُبَاحٌ لَا يَمْلِكُ) لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمْ (فَتْحُ بَابٍ) مِنْ مِلْكِهِ (إلَيْهِ) كَيْفَ شَاءَ (وَلِكُلِّ مُسْلِمٍ) التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا لَا يَضُرُّ الْمَارَّةَ فَلَهُ (إشْرَاعُ) أَيْ إخْرَاجُ (جَنَاحٍ) أَيْ رَوْشَنٍ (وَسَابَاطٍ فِيهِ) أَيْ سَقِيفَةٍ بَيْنَ حَائِطَيْهِ (لَا يَشُقُّ ظَلَامَهُ، وَلَا يَضُرُّ الْمَارَّ) الْمَاشِيَ (الْمُنْتَصِبَ تَحْتَهُ) وَعَلَى رَأْسِ الْحُمُولَةِ الْعَالِيَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الطَّرِيقُ وَاسِعَةً أَمْ ضَيِّقَةً لَا تَمُرُّ فِيهَا الْقَوَافِلُ وَالْفَوَارِسُ وَسَوَاءٌ أَذِنَ الْإِمَامُ فِيهِ أَمْ لَا لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى فِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ، وَتَقْيِيدُهُ الظَّلَامَ بِالْمَشَقَّةِ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ، وَفِي التَّتِمَّةِ: إنْ انْقَطَعَ الضَّوْءُ كُلُّهُ أَثَرٌ، وَإِنْ نَقَصَ فَلَا، وَتَصْرِيحُهُ بِالْمُسْلِمِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا) لَا يَضُرُّ مَعَ ذَلِكَ (بِالْمَحْمَلِ مَعَ كَنِيسَةٍ) أَيْ أَعْوَادٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَيْهِ مُعَدَّةٍ؛ لَأَنْ يُوضَعَ عَلَيْهَا سُتْرَةٌ تَقِي الرَّاكِبَ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَتَسْتُرُهُ (عَلَى الْبَعِيرِ إنْ كَانَتْ) أَيْ الطَّرِيقُ (جَادَّةً) أَيْ وَاسِعَةً تَمُرُّ فِيهَا الْقَوَافِلُ وَالْفَوَارِسُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا فَقَدْ يَتَّفِقُ، وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَبَ بِيَدِهِ مِيزَابًا فِي دَارِ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ. وَقَالَ: إنَّ الْمِيزَابَ كَانَ شَارِعًا لِمَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّ بِالْمَارِّ فَمُمْتَنَعٌ لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ حَسَنٌ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» وَلِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَيْسَ لَهُ خَاصَّةً (وَلَوْ أَحْوَجَ) الْإِشْرَاعُ (إلَى وَضْعِ الرُّمْحِ عَلَى الْكَتِفِ) أَيْ كَتِفِ الرَّاكِبِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى نَصْبُهُ (لَمْ يَضُرَّ) فِي جَوَازِ الْإِشْرَاعِ؛ لِأَنَّ وَضْعَهُ عَلَى كَتِفِهِ لَيْسَ بِعَسِيرٍ، وَلَا يَضُرُّ أَيْضًا ضَرَرٌ يُحْتَمَلُ عَادَةً كَعَجْنِ الطِّينِ إذَا بَقِيَ مِقْدَارُ الْمُرُورِ لِلنَّاسِ، وَإِلْقَاءُ الْحِجَارَةِ فِيهِ لِلْعِمَارَةِ إذَا تُرِكَتْ بِقَدْرِ مُدَّةِ نَقْلِهَا، وَرَبْطُ الدَّوَابِّ فِيهِ بِقَدْرِ حَاجَةِ النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ، وَقَوْلُهُ: يُضِرُّ بِالْمَارِّ بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَضَرَّ بِهِ إضْرَارًا بِخِلَافِ يَضُرُّهُ مِنْ ضَرَّهُ ضَرَرًا فَإِنَّهُ بِفَتْحِهَا (وَلَا يُحْدِثُ فِيهِ دَكَّةً) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ مَسْطَبَةً (وَ) لَا (شَجَرَةً وَلَوْ اتَّسَعَ) الطَّرِيقُ وَأَذِنَ الْإِمَامُ وَانْتَفَى الضَّرَرُ لِمَنْعِهِمَا الطُّرُوقَ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ، وَقَدْ تَزْدَحِمُ الْمَارَّةُ فَيَصْطَكُّونَ بِهِمَا وَلِأَنَّهُ إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ أَشْبَهَ مَوْضِعُهُمَا الْأَمْلَاكَ، وَانْقَطَعَ أَثَرُ اسْتِحْقَاقِ الطُّرُوقِ فِيهِ بِخِلَافِ الْأَجْنِحَةِ وَنَحْوِهَا وَاسْتُشْكِلَ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ بِجَوَازِ غَرْسِ الشَّجَرَةِ بِالْمَسْجِدِ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَالثَّانِي بِجَوَازِ فَتْحِ الْبَابِ إلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍّ إذَا سَمَّرَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ غَرْسِ الشَّجَرَةِ بِالْمَسْجِدِ إذَا كَانَ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ الْأَكْلِ مِنْ ثِمَارِهَا، وَإِنْ غَرَسَهَا لِلْمَسْجِدِ لِيَصْرِفَ رِيعَهَا لَهُ فَالْمَصْلَحَةُ عَامَّةٌ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الشَّارِعِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْحَقَّ فِي الدَّرْبِ الْمُنْسَدِّ لِخَاصٍّ، وَالْخَاصُّ قَائِمٌ عَلَى مِلْكِهِ، وَحَافِظٌ لَهُ بِخِلَافِ الشَّارِعِ، فَانْقِطَاعُ الْحَقِّ فِيهِ عِنْدَ طُولِ الْمُدَّةِ أَقْرَبُ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ مَنْعُ إحْدَاثِ الدَّكَّةِ، وَإِنْ كَانَ بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي جَوَازُهُ حِينَئِذٍ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَرِيمِ مِلْكِهِ وَلِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ (، وَلَوْ انْهَدَمَ جَنَاحُهُ فَسَبَقَهُ جَارُهُ إلَى بِنَاءِ جَنَاحٍ) فِي مُحَاذَاتِهِ وَلَوْ بِحَيْثُ لَا تُمْكِنُ مَعَهُ إعَادَةُ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ صَاحِبُهُ عَلَى عَزْمِ إعَادَتِهِ (صَارَ أَحَقَّ) بِهِ كَمَا لَوْ قَعَدَ لِاسْتِرَاحَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ يَجُوزُ لِغَيْرِهِ الِارْتِفَاق بِهِ، وَيَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ فَإِنْ قُلْت: قِيَاسُ اعْتِبَارِ الْإِعْرَاضِ فِي الْقُعُودِ فِيهِ لِلْمُعَامَلَةِ بَقَاءُ حَقِّهِ هُنَا إلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ قُلْت: الْمُعَامَلَةُ لَا تَدُومُ بَلْ الِانْتِقَالُ عَنْهَا ثُمَّ الْعَوْدُ إلَيْهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ الطَّرِيقُ النَّافِذُ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ وَقَفَ مِلْكَهُ شَارِعًا (قَوْلُهُ إشْرَاعُ جَنَاحٍ) الْمُرَادُ بِهِ إبْرَازُ الْخَشَبِ إلَى هَوَاءِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: لَا يَشُقُّ ظَلَامَهُ) بِأَنْ لَا يُؤَثِّرَ فِيهِ بِإِظْلَامِ الْمَوْضِعِ فَإِنْ أَثَّرَ فِيهِ مُنِعَ (قَوْلُهُ الْغَالِبَةُ) قَالَ الْأُشْمُونِيُّ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (تَنْبِيهٌ) فَإِنْ قِيلَ إذَا جَازَ الْجَنَاحُ فَلَهُ نَصْبُهُ وَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ هَوَاءِ السِّكَّةِ، وَقَالُوا فِي الْمِيزَابِ: لَهُ تَطْوِيلُهُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى نِصْفِ السِّكَّةِ فَلِلْجَارِ الْمُقَابِلِ مَنْعُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي، قِيلَ: الْفَرْقُ أَنَّ الْجَارَ مُحْتَاجٌ إلَى الْمِيزَابِ فَكَانَ حَقُّهُ فِيهِ كَحَقِّ الْجَارِ فَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ نَصْبِ الْجَنَاحِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ هَكَذَا ظَنَنْته ع (قَوْلُهُ: أَمَّا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّ بِالْمَارِّ فَمُمْتَنَعٌ) وَالْمُزِيلُ لَهُ الْحَاكِمُ لَا كُلُّ أَحَدٍ عَلَى أَشْبَهِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَطْلَبِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوَقُّعِ الْفِتْنَةِ نَعَمْ لِكُلِّ أَحَدٍ مُطَالَبَتُهُ بِإِزَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ قَالَهُ سُلَيْمٌ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ وَإِلْقَاءُ الْحِجَارَةِ فِيهِ لِلْعِمَارَةِ إلَخْ) يَمْنَعُ مِنْ طَرْحِ الْكُنَاسَةِ عَلَى جَوَادِ الطَّرِيقِ وَتَبْدِيدِ قُشُورِ الْبِطِّيخِ وَرَشِّ الْمَاءِ بِحَيْثُ يُزْلَقُ بِهِ، وَيُخْشَى مِنْهُ السُّقُوطُ، وَإِرْسَالُ الْمَاءِ مِنْ الْمَيَازِيبِ إلَى الطَّرِيقِ الضَّيِّقَةِ، وَإِلْقَاءِ النَّجَاسَةِ بَلْ هُوَ فِي مَعْنَى التَّخَلِّي فِي الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ غَرْسِ الشَّجَرِ بِالْمَسْجِدِ إلَخْ) وَبِأَنَّ شَجَرَةَ الْمَسْجِدِ يَتَمَكَّنُ الْإِمَامُ مِنْ قَطْعِهَا إذَا رَأَى فِي ذَلِكَ الْمَصْلَحَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَاكَ، وَشَجَرَةُ الْمَالِكِ لَا يَجُوزُ قَطْعُهَا إلَّا بِإِذْنِهِ، وَفِيهِ تَحَجُّرٌ عَلَى الْمَارَّةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا) أَيْ فَإِنَّهَا مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا غَرَسَهَا لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ مَنْعُ إحْدَاثِ الدِّكَّةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي جَوَازُهُ إلَخْ) وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا أَبْدَاهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَفِي كَوْنِ الدَّارِ فِي الشَّارِعِ لَهَا حَرِيمٌ كَلَامٌ، وَقَدْ صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِمَنْعِ بِنَاءِ الدِّكَّةِ عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَالدِّكَكُ إنَّمَا تُبْنَى غَالِبًا فِي أَفَنِيَّةِ الدُّورِ لَا عَلَى أَبْوَابِهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدِّكَّةِ الْعَالِيَةِ وَغَيْرِهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ ذَكَرَا فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّ لِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ مَدْخَلًا فِي الشَّوَارِعِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَقْطَعِ أَنْ يُبْنَى فِيهِ وَيَتَمَلَّكَهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ إطْلَاقِهِمَا كَغَيْرِهِمَا الْمَنْعُ مِنْ بِنَاءِ الدِّكَّةِ، وَيَنْبَغِي حَمْلُ مَا فِي الْجِنَايَاتِ عَلَى مَا زَادَ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِلطُّرُوقِ وَمَا هُنَا عَلَى بِنَاءِ الدِّكَّةِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ أَوْ فِيمَا زَادَ بِغَيْرِ إذْنٍ أَوْ إقْطَاعٍ مِنْ الْإِمَامِ فَيَكُونُ إقْطَاعُ الْإِمَامِ فِيمَا زَادَ رَافِعًا لِلْمَنْعِ فِيهِ أب قَالَ شَيْخُنَا: حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ أَنَّهُ إنْ أَقْطَعَهُ لِلِارْتِفَاقِ وَبِلَا عِوَضٍ جَازَ أَوْ بِعِوَضٍ أَوْ لِلتَّمَلُّكِ امْتَنَعَ، وَإِنْ زَادَ عَلَى حَاجَةِ الطُّرُوقِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْجِنَايَاتِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: قُلْت: الْمُعَامَلَةُ لَا تَدُومُ إلَخْ) فَرَّقَ فِي الْمَطْلَبِ بِفَرْقَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ إشْرَاعَ الْجَنَاحِ إنَّمَا يَكُونُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لِاسْتِحْقَاقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 ضَرُورِيٌّ فَاعْتُبِرَ الْإِعْرَاضُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَاعْتُبِرَ الِانْهِدَامُ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ بَنَى دَارًا فِي مَوَاتٍ وَأَخْرَجَ لَهَا جَنَاحًا ثُمَّ بَنَى آخَرُ دَارًا تُحَاذِيهِ وَاسْتَمَرَّ الشَّارِعُ فَإِنَّ حَقَّ الْأَوَّلِ يَسْتَمِرُّ، وَإِنْ انْهَدَمَ جَنَاحُهُ فَلَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يُخْرِجَ جَنَاحَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ لِسَبْقِ حَقِّهِ بِالْأَحْيَاءِ (وَلَهُ إخْرَاجُ جَنَاحٍ تَحْتَ جَنَاحِ صَاحِبِهِ) إذْ لَا ضَرَرَ (أَوْ فَوْقَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارِّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى جَنَاحِ صَاحِبِهِ (أَوْ مُقَابِلِهِ إنْ لَمْ يَبْطُلْ انْتِفَاعُهُ) أَيْ انْتِفَاعُ صَاحِبِهِ (وَمَنْ سَبَقَ إلَى أَكْثَرِ الْهَوَاءِ) بِأَنْ أَخَذَ أَكْثَرَ هَوَاءِ الطَّرِيقِ (لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ) بِأَنْ يُطَالِبَهُ بِتَقْصِيرِ جَنَاحِهِ وَرَدِّهِ إلَى نِصْفِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ سَبَقَ إلَيْهِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (فَرْعٌ الطَّرِيقُ مَا جُعِلَ عِنْدَ إحْيَاءِ الْبَلَدِ أَوْ قَبْلَهُ) طَرِيقًا (أَوْ وَقَفَهُ الْمَالِكُ) وَلَوْ بِغَيْرِ إحْيَاءٍ كَذَلِكَ وَصَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِي ذَلِكَ إلَى لَفْظٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَحَلُّهُ فِيمَا عَدَا مِلْكَهُ أَمَّا فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَصِيرُ بِهِ وَقْفًا عَلَى قَاعِدَةِ الْأَوْقَافِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ مَعَ وُضُوحِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَاعْتِبَارُ اللَّفْظِ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَأَمَّا ثِنْيَاتُ الطَّرِيقِ الَّتِي يَعْرِفُهَا الْخَوَاصُّ، وَيَسْلُكُونَهَا فَتَرَدَّدَ الْجُوَيْنِيُّ فِي أَنَّهَا تَصِيرُ طَرِيقًا بِذَلِكَ، أَوْ لَا حَكَاهُ عَنْهُ الْأَصْلُ، وَحَكَاهُ عَنْهُ أَيْضًا الْقَمُولِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا تَصِيرُ طَرِيقًا بِذَلِكَ، وَيَجُوزُ إحْيَاؤُهَا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْمَوَاتِ لَا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي هَذَا، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الطَّرِيقَ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ (فَحَيْثُ وَجَدْنَا طَرِيقًا اعْتَمَدْنَا) فِيهِ (الظَّاهِرَ) وَلَا نَلْتَفِتُ إلَى مُبْتَدَأٍ جَعَلَهُ طَرِيقًا (وَلْيُجْعَلْ) أَيْ الطَّرِيقُ (سَبْعَةَ أَذْرُعٍ إنْ اخْتَلَفُوا عِنْدَ الْإِحْيَاءِ فِي تَقْدِيرِهِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي الطَّرِيقِ أَنْ يُجْعَلَ عَرْضُهُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ: وَهَذَا التَّحْدِيدُ تَابَعَ فِيهِ النَّوَوِيُّ إفْتَاءَ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ اعْتِبَارُ قَدْرِ الْحَاجَةِ. وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ عُرْفُ الْمَدِينَةِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَمَّا إذَا اتَّفَقُوا عَلَى شَيْءٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ عَلَى الْأَوَّلِ بِالسَّبْعَةِ، وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ كَأَنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا ثَلَاثَةً، وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً أَوْ أَحَدُهُمَا تِسْعَةً، وَالْآخَرُ عَشَرَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْمَلَ بِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مَعْنًى (فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ) مِنْ سَبْعَةٍ أَوْ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ عَلَى مَا مَرَّ (لَمْ يُغَيِّرْ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ قَلَّ (وَيَجُوزُ إحْيَاءُ مَا حَوْلَهُ) مِنْ الْمَوَاتِ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالْمَارِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ كَانَتْ الطَّرِيقُ مِنْ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ يُسَبِّلُهَا مَالِكُهَا فَتَقْدِيرُهَا إلَى خِيرَتِهِ وَالْأَفْضَلُ تَوْسِيعُهَا، وَعَنْهُ احْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: عِنْدَ الْإِحْيَاءِ (وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ إشْرَاعِ الْجَنَاحِ فِي شَارِعِ الْمُسْلِمِينَ) وَإِنْ جَازَ لَهُ اسْتِطْرَاقُهُ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ إعْلَاءِ بِنَائِهِ عَلَى بِنَائِهِمْ، وَاسْتِطْرَاقُهُ لَهُ لَيْسَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مِلْكٍ بَلْ إمَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ بِمَا بَذَلَهُ مِنْ الْجِزْيَةِ إذَا قُلْنَا: إنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ سُكْنَى الدَّارِ، قَالَهُ فِي الْمَطَالِبِ، وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ فِي مَحَالِّهِمْ وَشَوَارِعِهِمْ الْمُخْتَصَّةِ بِهِمْ فِي دَارِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي رَفْعِ الْبِنَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ مَا قَرُبَ مِنْهُ كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ (وَيَهْدِمُ) وُجُوبًا الْجَنَاحَ (إنْ فَعَلَ) أَيْ إنْ فَعَلَهُ ذِمِّيٌّ أَوْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ وَهَلْ يَخْتَصُّ هَدْمُهُ بِالْحَاكِمِ أَوْ لَا وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي الْمَطْلَبِ وَقَالَ: الْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ. (فَصْلٌ الطَّرِيقُ غَيْرُ النَّافِذِ مِلْكُ مَنْ نَفِدَتْ أَبْوَابُهُمْ إلَيْهِ) لَا مَنْ لَاصَقَهُ جُدْرَانُهُمْ مِنْ غَيْرِ نُفُوذِ أَبْوَابِهِمْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ أُولَئِكَ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلِانْتِفَاعِ فَهُمْ الْمُلَّاكُ دُونَ غَيْرِهِمْ لَا يُقَالُ: لَوْ كَانَ مِلْكُهُمْ لَمَا جَازَ لِغَيْرِهِمْ دُخُولُهُ   [حاشية الرملي الكبير] الطُّرُوقِ، وَعِنْدَ السُّقُوطِ اسْتِحْقَاقُ الطُّرُوقِ ثَابِتٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَكَذَلِكَ مَنْ سَبَقَ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مَا لَمْ يَعْرِضْ الثَّانِي أَنَّ مَقَاعِدَ الْأَسْوَاقِ اخْتِصَاصٌ بِالْأَرْضِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُمَلَّكَ بِالْإِحْيَاءِ قَصْدًا فَقَوِيَ الْحَقُّ وَلَمْ يُمْكِنْ تَمَلُّكُهُ لِتَعَلُّقِ الْحُقُوقِ بِهِ فَكَذَلِكَ ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُهُ مَا دَامَ مُقِيمًا عَلَيْهِ، وَالِاخْتِصَاصُ بِالْهَوَاءِ اخْتِصَاصٌ بِمَا لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ فَضَعُفَ الْحَقُّ فِيهِ فَلِذَلِكَ زَالَ بِزَوَالِهِ أَيْ فَيَرْجِعُ مَعْنَاهُ إلَى أَنَّ الرَّوْشَنَ وَالْجَنَاحَ مُتَعَلِّقٌ بِالْهَوَاءِ لَا مَكَانَ لَهُ، وَلَا تَمَكُّنَ، وَمَقَاعِدُ الْأَسْوَاقِ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْأَرْضِ فَلَهَا مَكَانٌ وَتَمَكُّنٌ فس وَفَرَّقَ غَيْرُ صَاحِبِ الْمَطْلَبِ بِفَرْقٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ حَقَّ الْجَنَاحِ تَابِعٌ لِلْمِلْكِ لَا لِلْمُرُورِ وَلَا لِلشَّارِعِ، وَإِذَا سَبَقَ وَاحِدٌ وَأَخْرَجَ جَنَاحًا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ مُؤَبَّدٌ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى إبْطَالِ حَقِّ صَاحِبِهِ الْمُقَابِلِ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ مُؤَبَّدٌ فَإِذَا سَقَطَ جَنَاحُهُ كَانَ لِجَارِهِ أَنْ يُخْرِجَ جَنَاحَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ لَهُ الْآنَ وَأَمَّا مَقَاعِدُ الْأَسْوَاقِ فَالِاسْتِحْقَاقُ فِيهَا لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْمِلْكِ بَلْ هُوَ دَائِرٌ عَلَى السَّبْقِ فَمَنْ سَبَقَ لَمْ يُعَارِضْهُ غَيْرُهُ فِي السَّبْقِ بِخِلَافِ الدَّارَيْنِ الْمُتَقَابِلَيْنِ فَإِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِيهِمَا سَابِقٌ عَلَى السَّبْقِ إلَى وَضْعِ الْجَنَاحِ وَالْمِيزَابِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بُنَيَّاتُ الطَّرِيقِ الَّتِي يَعْرِفُهَا الْخَوَاصُّ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْبُنَيَّاتُ بِالْمُثَلَّثَةِ الْمَضْمُومَةِ جَمْعُ بُنَيَّةٍ مُصَغَّرًا قَالَ فِي التَّوَسُّطِ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ وَالضَّبْطُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ غَلَطٌ صَرِيحٌ وَتَحْرِيفٌ قَبِيحٌ وَالصَّوَابُ بُنَيَّاتُ الطَّرِيقِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَضْمُومَةِ ثُمَّ النُّونُ جَمْعُ بُنَيَّةٍ مُصَغَّرًا، وَهِيَ الطَّرِيقُ الْخَفِيَّةُ فِي الْوَادِي اهـ وَفِي الصِّحَاحِ بُنَيَّاتُ الطَّرِيقِ هِيَ الطُّرُقُ الصِّغَارُ تَنْشَعِبُ مِنْ الْجَادَّةِ (قَوْلُهُ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ إشْرَاعِ الْجَنَاحِ فِي شَارِعِ الْمُسْلِمِينَ) لَوْ اشْتَرَى الذِّمِّيُّ دَارًا لَهَا أَجْنِحَةٌ فَكَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا عَالِيَةً عَلَى دُورِهِمْ (قَوْلُهُ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ إعْلَاءِ بِنَائِهِ عَلَى بِنَائِهِمْ) وَأَفْتَيْت بِمَنْعِهِ مِنْ الْبُرُوزِ بِبَنَاتِهِ فِي الْبَحْرِ وَالْخُلْجَانِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ قِيَاسًا عَلَى مَنْعِ الْإِعْلَاءِ وَالْجَنَاحِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا ع وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ يُمْنَعُونَ مِنْ حَفْرِ آبَارِ حُشُوشِهِمْ فِي أَفَنِيَّةِ دُورِهِمْ الَّتِي هِيَ بَيْنَ دُورِنَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ جَازَ لَهُمْ سُلُوكُهُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ فِي مَحَالِّهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ نَعَمْ لِكُلِّ أَحَدٍ مُطَالَبَتُهُ بِإِزَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ قَالَهُ سُلَيْمٌ وَهُوَ صَحِيحٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 لِأَنَّا نَقُولُ: جَازَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَلَالِ الْمُسْتَفَادِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدُّخُولُ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِ الْإِبَاحَةِ مِنْهُ، وَمِنْ وَلِيِّهِ، وَقَدْ تَوَقَّفَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي مَسَائِلَ قَرِيبَةٍ مِنْ ذَلِكَ كَالشُّرْبِ مِنْ أَنْهَارِهِمْ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ: الْجَوَازُ وَإِنْ كَانَ الْوَرَعُ خِلَافَهُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمُرُورُ بِمِلْكِ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَصِرْ بِهِ طَرِيقًا لِلنَّاسِ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْأَكْثَرِينَ الْجَوَازَ وَظَاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِالْمُرُورِ فِيهِ (وَشَرِكَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ) مِنْ رَأْسِ السِّكَّةِ (إلَى بَابِهِ) لَا إلَى آخِرِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّ تَرَدُّدِهِ غَالِبًا بِخِلَافِ بَاقِيهَا (وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ وَلَا لِمَنْ دَارُهُ بِأَعْلَى السِّكَّةِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَيُقَالُ: لَهَا الدَّرْبُ وَالزُّقَاقُ (إشْرَاعُ جَنَاحٍ فِيهِ) وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ (إلَّا بِرِضَاهُمْ) جَمِيعِهِمْ فِي الْأُولَى، وَبَاقِيهِمْ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الشَّخْصِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَفِي الْمُشْتَرَكِ إنَّمَا يَجُوزُ بِرِضَا مَالِكِهِ وَبِرِضَا شَرِيكِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: بِأَعْلَى السِّكَّةِ شَامِلٌ لِلْعُلُوِّ الْمُطْلَقِ وَالْعُلُوِّ النِّسْبِيِّ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ مَا لَيْسَ بِأَقْرَبَ إلَى آخِرِهَا مَعَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْمَلْ النِّسْبِيَّ لَفُهِمَ حُكْمُهُ بِالْمُسَاوَاةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُكْتَرِي لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ أَبِي الْفَضْلِ التَّمِيمِيِّ اعْتِبَارُهُ أَيْضًا إنْ تَضَرَّرَ بِهِ وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ وَيُقَاسُ بِهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ. (وَيَجُوزُ لِلْأَقْرَبِ إلَى آخِرِ السِّكَّةِ إشْرَاعُهُ) أَيْ الْجَنَاحِ لِأَنَّهُ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ (وَلَهُمْ قِسْمَةُ صَحْنِهِ) أَيْ صَحْنِ الطَّرِيقِ غَيْرِ النَّافِذِ كَسَائِرِ الْمُشْتَرَكَاتِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ (فَإِنْ أَرَادَ الْأَسْفَلُونَ لَا الْأَعْلَوْنَ سَدَّ مَا يَلِيهِمْ أَوْ قِسْمَتَهُ جَازَ) لِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِي مِلْكِهِمْ بِخِلَافِ الْأَعْلَيْنَ، وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ السَّدِّ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى سَدِّ رَأْسِ السِّكَّةِ) لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ لِذَلِكَ وَ (لَمْ يَفْتَحْهُ بَعْضُهُمْ) بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ نَعَمْ إنْ سَدَّ بِآلَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَلَهُ فَتْحُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ سَدِّهِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِينَ السَّدُّ (فَإِنْ وَقَفَ أَحَدُهُمْ دَارِهِ مَسْجِدًا) أَوْ وُجِدَ ثَمَّ مَسْجِدٌ قَدِيمٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (شَارَكَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمُرُورِ) إلَيْهِ فَيُمْنَعُونَ مِنْ السَّدِّ وَالْقِسْمَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِهِ لَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ عِنْدَ الضَّرَرِ، وَإِنْ رَضِيَ أَهْلُ السِّكَّةِ لِحَقِّ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ الْإِشْرَاعِ الَّذِي لَا يَضُرُّ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُهَا، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَسْجِدُ حَادِثًا، وَإِلَّا فَإِنْ رَضِيَ بِهِ أَهْلُهَا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُمْ الْمَنْعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ؛ إذْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ إبْطَالُ حَقِّ الْبَقِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ وَكَالْمَسْجِدِ فِيمَا ذُكِرَ مَا سُبِّلَ أَوْ وُقِفَ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَبِئْرٍ وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَوْ فَتَحَ أَحَدُهُمْ) فِيهِ (بَابًا) آخَرَ (أَوْ مِيزَابًا) آخَرَ (أَسْفَلَ بَابِهِ) أَوْ مِيزَابِهِ (مُنِعَ) أَيْ مَنَعَهُ مِنْ الْمَفْتُوحِ بَيْنَ بَابِهِ وَرَأْسِ السِّكَّةِ سَوَاءٌ أَسُدَّ الْأَوَّلُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ بَابُهُ بَيْنَ الْمَفْتُوحِ وَرَأْسِ السِّكَّةِ، أَوْ مُقَابِلُ الْمَفْتُوحِ كَمَا صَرَّحَ بِالْأُولَى فِي الْأَصْلِ وَبِالثَّانِيَةِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ، وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِيهَا بِأَنَّ الْمُقَابِلَ لِلْمَفْتُوحِ مُشَارِكٌ فِي الْقَدْرِ الْمَفْتُوحِ فِيهِ فَلَهُ الْمَنْعُ (أَوْ) فَتْحُ مَا ذُكِرَ (أَعْلَى) ذَلِكَ (اُشْتُرِطَ) لِجَوَازِهِ (سَدُّ الْأَوَّلِ) وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَسُدَّ الْأَوَّلَ مُنِعَ لِتَضَرُّرِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ بِزِيَادَةِ الزَّحْمَةِ بِانْضِمَامِهِ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ بِوَسَطِ السِّكَّةِ وَأُخْرَى بِآخِرِهَا فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ دَارُهُ بَيْنَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ تَقْدِيمِ بَابِ الْمُتَوَسِّطَةِ أَيْ إلَى آخِرِ السِّكَّةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ شَرِيكًا فِي الْجَمِيعِ لَكِنْ شَرِكَتُهُ بِسَبَبِهَا إنَّمَا هُوَ إلَيْهَا خَاصَّةً وَقَدْ يَبِيعُ لِغَيْرِهِ فَيَسْتَفِيدُ زِيَادَةَ اسْتِطْرَاقِ. (فَرْعٌ) لَهُ فِي سِكَّةٍ قِطْعَةُ أَرْضٍ فَبَنَاهَا دُورًا، وَفَتَحَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَابًا جَازَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ (وَلَيْسَ لَهُ فَتْحُ بَابٍ بَيْنَ دَارَيْهِ إنْ كَانَ بَابُهُمَا جَمِيعًا أَوْ) بَابُ (أَحَدِهِمَا) الْأَوْلَى إحْدَاهُمَا (إلَى طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ) أَيْ لَيْسَ لِمَنْ لَهُ دَارَانِ يُفْتَحَانِ إلَى طَرِيقَيْنِ غَيْرِ نَافِذَيْنِ أَوْ غَيْرِ نَافِذٍ وَشَارِعٍ فَتْحُ بَابٍ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لَهُ مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ مَمَرًّا إلَى الدَّارِ الَّتِي لَيْسَتْ بِهِ هَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَفِيهَا عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ رَفْعَ الْحَائِطِ بَيْنَهُمَا وَجَعْلَهُمَا دَارًا وَاحِدَةً وَتَرَكَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى حَالِهِمَا جَازَ قَطْعًا انْتَهَى، وَهُوَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ: أَمَّا إذَا قَصَدَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الطَّرِيقُ غَيْرُ النَّافِذِ مِلْكُ مَنْ نَفِدَتْ أَبْوَابُهُمْ إلَيْهِ] قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشَرِكَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ إلَى بَابِهِ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ النَّفَقَةُ لِجَمَاعَةٍ فَاقْتَسَمُوهَا وَبَنَى كُلُّ وَاحِدٍ دَارًا وَتَرَكُوا الْمَمَرَّ بِلَا قِسْمَةٍ أَوْ كَانَتْ مِلْكَ شَخْصٍ فَبَنَى فِيهَا دَارًا وَتَرَكَ الْمَمَرَّ ثُمَّ انْتَقَلَتْ السِّكَّةُ وَدُورُهَا عَنْهُ فَالطَّرِيقُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ وَلَا لِمَنْ دَارُهُ إلَخْ) دَارُهُ مِثَالٌ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ فِيهِ فُرْنٌ أَوْ حَانُوتٌ أَوْ نَحْوُهَا كَانَ كَالدَّارِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ أَبِي الْفَضْلِ التَّمِيمِيِّ اعْتِبَارُهُ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ) أَيْ وَنَحْوُهُ. (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مُقَابِلُ الْمَفْتُوحِ) هُوَ الْأَوَّلُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَصْلِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ وَبِالثَّانِيَةِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ) أَيْ وَأَقَرَّهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمُرَادُ مَنْ هُوَ مُقَابِلُ الْبَابِ الْأَوَّلِ كَذَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ يُوهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْبَابُ الْجَدِيدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَكَانَ الْمَنْعُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ. اهـ. فس (قَوْلُهُ لِتَضَرُّرِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ) أَيْ الَّذِينَ أَسْفَلَ مِنْهُ أَوْ يُقَابِلُونَهُ (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ إلَى آخِرِ السِّكَّةِ) لَا يَتَقَيَّدُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ بِمَا فَسَّرَهُ بِهِ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ غَيْرُ نَافِذَيْنِ أَوْ غَيْرُ نَافِذٍ وَشَارِعٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَمْلُوكَيْنِ أَوْ مَمْلُوكٍ وَشَارِعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ النُّفُوذِ الْمِلْكُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ فِي الْفَضَاءِ مَسْجِدٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَلَوْ كَانَتْ إحْدَى الدَّارَيْنِ مِلْكَهُ، وَالْأُخْرَى فِي يَدِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ وَرَضِيَ الْمَالِكُ بِفَتْحِ بَابٍ مِنْ إحْدَى الدَّارَيْنِ إلَى الْأُخْرَى فَكَالْمَمْلُوكِينَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 اتِّسَاعَ مِلْكِهِ وَنَحْوَهُ فَلَا مَنْعَ أَيْ قَطْعًا، وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالرَّافِعِيِّ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ عَكْسَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مُصَادِفٌ لِلْمِلْكِ (وَلَيْسَ لِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ) فِي السِّكَّةِ (إحْدَاثُ جَنَاحٍ أَوْ بَابٍ) لِلِاسْتِطْرَاقِ إلَّا بِرِضَا أَهْلِهَا كَمَا مَرَّ وَمَسْأَلَةُ إحْدَاثِ الْجَنَاحِ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا، فَإِنَّهُ قَدَّمَهَا (فَلَوْ سَمَّرَهُ) أَيْ الْبَابَ الَّذِي فَتَحَهُ (جَازَ) وَالْمُرَادُ أَنَّ فَتْحَهُ لِيُسَمِّرَهُ جَائِزٌ. وَكَذَا فَتْحُهُ لِلِاسْتِضَاءَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ لَهُ رَفْعَ جَمِيعِ الْجِدَارِ فَبَعْضُهُ أَوْلَى، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فَتْحَهُ يُشْعِرُ بِثُبُوتِ حَقِّ الِاسْتِطْرَاقِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَفْقَهُ وَمُنِعَ بِمَا مَرَّ مِنْ تَعْلِيلِ الْجَوَازِ وَسُمِرَ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَيَجُوزُ تَشْدِيدُهَا (وَلَوْ أَذِنُوا) فِي إحْدَاثِ جَنَاحٍ أَوْ بَابٍ لِمَنْ يَتَوَقَّفُ فَتْحُهُ عَلَى إذْنِهِمْ (فَلَهُمْ الرُّجُوعُ) عَنْ الْإِذْنِ مَتَى شَاءُوا (كَالْعَارِيَّةِ) نَعَمْ لَا يَجُوزُ لِلشُّرَكَاءِ الرُّجُوعُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَنَاحِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى قَلْعِهِ مَجَّانًا لِوَضْعِهِ بِحَقٍّ، وَلَا إلَى قَلْعِهِ مَعَ غُرْمِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَهُوَ لَا يُكَلِّفُ ذَلِكَ، وَلَا إلَى إبْقَائِهِ بِأُجْرَةٍ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا أُجْرَةَ لَهُ، وَهَذَا لَا يَرِدُ عَلَى كَلَامِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْأَلَةِ فَتْحِ الْبَابِ، وَذَلِكَ لَا يَأْتِي فِيهِ، وَاقْتَصَرَ أَيْضًا عَلَى فَتْحِهِ مِمَّنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي السِّكَّةِ وَنُقِلَ فِيهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ بِالرُّجُوعِ شَيْءٌ بِخِلَافِ رُجُوعِهِ فِي أَرْضٍ أَعَارَهَا لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْلَعُ مَجَّانًا قَالَ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا فَرْقَ، وَفَرَّقَ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ هُنَا بَنَى فِي مِلْكِهِ وَالْمَبْنَى بَاقٍ بِحَالِهِ لَا يَزَالُ فَلَا غُرْمَ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّ الْمُعِيرَ يَقْلَعُ فَغَرِمَ الْأَرْشَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الرُّجُوعَ هُنَاكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْقَلْعُ، وَهُوَ خَسَارَةٌ فَلَمْ يَجُزْ الرُّجُوعُ مَجَّانًا بِخِلَافِهِ هُنَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ خَسَارَةٌ لِعَدَمِ اقْتِضَائِهِ لُزُومَ سَدِّ الْبَابِ وَخَسَارَةُ فَتْحِهِ إنَّمَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِذْنِ لَا عَلَى الرُّجُوعِ مَعَ أَنَّ فَتْحَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ، وَإِنَّمَا الْمُتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الِاسْتِطْرَاقُ. (وَيَجُوزُ مُصَالَحَتُهُمْ) لِمَنْ يَتَوَقَّفُ فَتْحُهُ عَلَى إذْنِهِمْ (عَلَى) بِمَعْنَى عَنْ إحْدَاثِ (الْبَابِ) بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِالْأَرْضِ (لَا) عَنْ إحْدَاثِ (الْجَنَاحِ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا يُبَاعُ) مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى إحْدَاثِهِ فِي الشَّارِعِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي مَبْحَثِهِ (وَيَكُونُ) الْمُصَالِحُ (شَرِيكَهُمْ) فِي السِّكَّةِ بِقَدْرِ مَا مَلَكَ بِالْمُصَالَحَةِ فَهِيَ بَيْعٌ (إلَّا إنْ قَدَّرَ مُدَّةً فَهِيَ إجَارَةٌ) وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا أَطْلَقُوا، وَبِمَا إذَا شَرَطُوا التَّأْبِيدَ، وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَوَازَ فِيهِمَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِالسِّكَّةِ مَسْجِدٌ أَوْ نَحْوُهُ كَدَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ؛ إذْ الْبَيْعُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَوْقُوفِ وَحُقُوقِهِ، قَالَ: وَأَمَّا الْإِجَارَةُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَيُتَّجَهُ فِيهَا تَفْصِيلٌ لَا يَخْفَى عَلَى الْفَقِيهِ اسْتِخْرَاجُهُ (وَيَجُوزُ لِمَنْ دَارُهُ فِي آخِرِ السِّكَّةِ تَقْدِيمُ بَابِهِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَجَعْلُ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ آخِرِهَا وَبَابِهِ (دِهْلِيزًا) بِكَسْرِ الدَّالِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ (وَإِنْ صَالَحَهُ) غَيْرُهُ بِمَالٍ (لِيُجْرِيَ نَهْرًا فِي أَرْضِهِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ لَهُ) أَيْ لِلْمُصَالِحِ (لِمَكَانِ النَّهْرِ بِخِلَافِ) الصُّلْحِ عَنْ (إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى السَّقْفِ وَ) عَنْ (فَتْحِ بَابٍ إلَى دَارِ الْجَارِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَيْسَ تَمْلِيكًا) لِشَيْءٍ مِنْ السَّقْفِ وَالدَّارِ (؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا) فِي عَقْدِ الصُّلْحِ (عَيْنُ الْإِجْرَاءِ وَالِاسْتِطْرَاقِ) مَعَ كَوْنِهِمَا لَا يَقْصِدُ مِنْهُمَا ذَلِكَ فِي ذَاتِهِمَا بِخِلَافِ الْأَرْضِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي فَرْقَ الْأَصْلِ بَيْنَ عَدَمِ الْمِلْكِ فِيهِمَا وَالْمِلْكِ فِي السِّكَّةِ بِالصُّلْحِ عَنْ فَتْحِ بَابٍ فِيهَا بِأَنَّهَا لَا تُرَادُ إلَّا لِلِاسْتِطْرَاقِ فَإِثْبَاتُهُ فِيهَا يَكُونُ نَقْلًا لِلْمِلْكِ بِخِلَافِهِمَا، فَإِنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِمَا الِاسْتِطْرَاقَ وَإِجْرَاءَ الْمَاءِ. وَلَوْ قُرِئَ غَيْرُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءُ لَمْ يَحْتَجْ لِلْعِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ (وَمُشْتَرِي حَقِّ إجْرَاءِ النَّهْرِ فِيهِمَا) أَيْ فِي السَّقْفِ وَالدَّارِ (كَمُشْتَرِي حَقِّ الْبِنَاءِ) عَلَيْهِمَا فِي أَنَّ الْعَقْدَ لَيْسَ بَيْعًا مَحْضًا، وَلَا إجَارَةً مَحْضَةً بَلْ فِيهِ شَائِبَةُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا لَكِنْ فِي تَعْبِيرِهِ بِالنَّهْرِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ إجْرَاءَ مَائِهِ لَا يَأْتِي فِي السَّقْفِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ قَالَ فِيهَا بِلَا مِيمٍ أَيْ فِي الْأَرْضِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ. (فَرْعٌ لِلْمَالِكِ إحْدَاثُ الْكَوَّاتِ وَالشَّبَابِيكِ) وَلَوْ لِغَيْرِ الِاسْتِضَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَكْسُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَهُ فَتْحُ بَابٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فَتْحَهُ إلَخْ) نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ جَمْعٍ أَنَّهُ إنْ وَضَعَ عَلَيْهِ شِبَاكًا أَوْ نَحْوَهُ جَازَ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَسَمَرَهُ) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَيَجُوزُ تَشْدِيدُهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَمَّرَهُ بِالتَّشْدِيدِ أَوْثَقَهُ بِالْمِسْمَارِ وَالتَّخْفِيفُ لُغَةٌ قَالَهُ الْمُطَرِّزِيُّ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ شَرِيكٌ) وَهُوَ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ؛ إذْ الشَّرِيكُ لَا يَزَالُ مِلْكَهُ مِنْ مِلْكِهِ. (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ هُنَا إلَخْ) اُعْتُرِضَ مِنْ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ لِلْبِنَاءِ قَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْقَلْعِ، وَإِذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ يَضْمَنُ لَهُ الْمَالِكُ الْأَرْشَ فَبِالْأَوْلَى إنْ لَمْ يُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى الرُّجُوعِ، وَلِأَنَّ الْبِنَاءَ فِي مِلْكِهِ لَا يَمْنَعُ أَرْشَ تَعَيُّبِ الْجِدَارِ بِالنَّقْبِ، وَأَيْضًا فَهُوَ غَيْرُ مُطَّرَدٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ التَّتِمَّةِ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا أَعَارَ أَرْضًا لِلدَّفْنِ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ الْحَفْرِ، وَقَبْلَ وَضْعِ الْمَيِّتِ أَنَّ الْمُعَيَّرَ يَغْرَمُ الْأُجْرَةَ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ مَعَ أَنَّهُ لَا نَقْصَ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَفْوِيتُ مَنْفَعَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الرُّجُوعِ هُنَاكَ إلَخْ) هَذَا إيضَاحٌ لِفَرْقِ الْمَطْلَبِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ إحْدَاثِهِ فِي الشَّارِعِ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُصَالِحُ الْإِمَامَ أَمْ غَيْرَهُ لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّهُ إنْ ضَرَّ لَمْ يَجُزْ فِعْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ فَالْمُخْرِجُ يَسْتَحِقُّهُ، وَمَا يَسْتَحِقُّهُ الْإِنْسَانُ فِي الطَّرِيقِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ كَالْمُرُورِ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا أَطْلَقُوا أَوْ بِمَا إذَا شَرَطُوا التَّأْبِيدَ) فَهُوَ بَيْعُ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ الدَّرْبِ، وَجَعْلُ الْفَاتِحِ كَأَحَدِهِمْ كَمَا لَوْ صَالَحَ رَجُلًا عَلَى مَالٍ لِيُجْرِيَ فِي أَرْضِهِ نَهْرًا كَانَ ذَلِكَ تَمْلِيكًا لِلنَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَوَازَ فِيهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ فِيهِ شَائِبَةُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ إلَخْ) جَوَّزَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي حُقُوقِ الْأَمْلَاكِ كَحَقِّ الْمُرُورِ وَمَجْرَى الْمَاءِ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ كَمَا جَوَّزَ الْعَقْدَ عَلَى الْمَنَافِعِ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً لِلضَّرُورَةِ إرْفَاقًا بِالنَّاسِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالشَّائِبَةِ صَوَابٌ، وَإِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الدَّقَائِقِ: إنَّهُ تَصْحِيفٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ فِيهَا بِلَا مِيمٍ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ. (قَوْلُهُ فَرْعٌ لِلْمَالِكِ إحْدَاثُ الْكَوَّاتِ إلَخْ) قَيَّدَهُ صَاحِبُ الشَّافِي بِمَا إذَا كَانَتْ عَالِيَةً لَا يَقَعُ النَّظَرُ فِيهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 وَالْكَوَّاتُ جَمْعُ كَوَّةٍ بِفَتْحِ الْكَافِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا وَهِيَ الطَّاقَةُ (وَ) لَهُ (حَفْرُ سِرْدَابٍ أَحْكَمَهُ بَيْنَ دَارَيْهِ تَحْتَ الطَّرِيقِ النَّافِذِ) لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ (لَا) تَحْتَ الطَّرِيقِ (الْمَسْدُودِ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، أَوْ فِي مُشْتَرَكٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بِغَيْرِ إذْنٍ كَمَا مَرَّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الطَّرِيقَ يُقَالُ عَلَى النَّافِذِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّارِعِ عُمُومٌ مُطْلَقٌ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ عَامٌّ فِي الصَّحَارِيِ وَالْبُنْيَانِ وَالنَّافِذِ وَغَيْرِهِ وَالشَّارِعُ خَاصٌّ بِالْبُنْيَانِ وَبِالنَّافِذِ. (فَصْلٌ لَهُ مَنْعُ جَارِهِ مِنْ وَضْعِ جِذْعٍ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ خَشَبَةٍ، وَمِنْ بِنَاءٍ (عَلَى جِدَارِهِ) لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» وَلِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِمِلْكِ الْغَيْرِ فَأَشْبَهَ الْبِنَاءَ فِي أَرْضِهِ وَالْحَمْلَ عَلَى بَهِيمَتِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَبِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي جِدَارِهِ لِجَارِهِ لِقُرْبِهِ أَيْ لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً فِي جِدَارِ نَفْسِهِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ مِنْ جِهَةِ مَنْعِ الضَّوْءِ وَالْهَوَاءِ وَرُؤْيَةِ الْأَمَاكِنِ الْمُسْتَظْرَفَةِ وَنَحْوِهَا وَخَشَبَةٍ رُوِيَ بِالْإِفْرَادِ مُنَوَّنًا، وَالْأَكْثَرُ بِالْجَمْعِ مُضَافًا (وَلَوْ أَعَارَهُ) لَهُ لِذَلِكَ (فَلَهُ الرُّجُوعُ) قَبْلَ الْوَضْعِ وَالْبِنَاءِ وَبَعْدَهُمَا كَسَائِرِ الْعَوَارِيِّ (فَيَقْلَعُ) ذَلِكَ إنْ شَاءَ (بِالْأَرْشِ) أَيْ مَعَ غُرْمِ أَرْشِ نَقْصِهِ (أَوْ يَبْقَى) ذَلِكَ (بِالْأُجْرَةِ) كَمَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ (وَلَيْسَ لَهُ التَّمَلُّكُ) لِذَلِكَ بِقِيمَتِهِ بِخِلَافِ مَنْ أَعَارَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ فَإِنَّ لَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِقِيمَتِهِ (؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ أَصْلٌ فَلَا تَتْبَعُ الْبِنَاءَ) بَلْ تَسْتَتْبِعُهُ وَالْجِدَارُ تَابِعٌ فَلَا يَسْتَتْبِعُ فَتَعْلِيلُ الْمُصَنِّفِ مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ (بِخِلَافِ مَنْ أَعَارَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ) وَلَا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ هُنَا مَا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعَارَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنْ أَرْضٍ لِلْبِنَاءِ ثُمَّ رَجَعَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَلْعِ مَعَ الْأَرْشِ لِمَا فِيهِ مِنْ إلْزَامِ الْمُسْتَعِيرِ تَفْرِيغُ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْقَلْعِ هُنَا تَوَجَّهَتْ إلَى مَا مَلَكَ غَيْرُهُ بِجُمْلَتِهِ، وَإِزَالَةُ الظَّرْفِ عَنْ مِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ جَاءَتْ بِطَرِيقِ اللَّازِمِ بِخِلَافِ الْحِصَّةِ مِنْ الْأَرْضِ فَنَظِيرُ مَا هُنَاكَ إعَارَةٌ الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ (وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى) بِمَعْنَى عَنْ (وَضَعَهُ) أَيْ الْجِذْعَ عَلَى الْجِدَارِ بِمَالٍ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِالْجِدَارِ وَهُوَ إمَّا بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا (بِخِلَافِ) الصُّلْحِ عَنْ إشْرَاعِ (الْجَنَاحِ؛ لِأَنَّهُ هَوَاءٌ مَحْضٌ) أَيْ لِأَنَّهُ صُلْحٌ عَنْ هَوَاءٍ مَحْضٍ، وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ وَجَدْنَاهُ) أَيْ الْجِذْعَ (مَوْضُوعًا) عَلَى الْجِدَارِ، وَلَمْ يُعْلَمْ كَيْفَ وُضِعَ (فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ) وُضِعَ (بِحَقٍّ فَلَا يُنْقَضُ وَيُقْضَى) لَهُ (بِاسْتِحْقَاقِهِ) دَائِمًا فَلَوْ سَقَطَ الْجِدَارُ وَأُعِيدَ فَلَهُ إعَادَةُ الْجِذْعِ وَلِمَالِك الْجِدَارِ نَقْضُهُ إنْ كَانَ مُسْتَهْدِمًا، وَإِلَّا فَلَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَصْلٌ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ) بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ (تَتْرِيبُ الْكُتَّابِ مِنْ الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ) بَيْنَهُمَا (وَ) لَا (إحْدَاثُ كَوَّةٍ وَوَتِدٍ فِيهِ) بِكَسْرِ التَّاءِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُضَايِقُ فِيهِ عَادَةً كَمَا لَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِسَائِرِ الْمُشْتَرَكَاتِ بِغَيْرِ إذْنٍ إمَّا بِالْإِذْنِ فَلَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بِعِوَضٍ فِي مَسْأَلَةِ الْكَوَّةِ وَإِلَّا كَانَ صُلْحًا عَنْ الضَّوْءِ وَالْهَوَاءِ الْمُجَرَّدِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ: وَإِذَا فَتَحَ بِالْإِذْنِ فَلَيْسَ لَهُ السَّدُّ أَيْضًا إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ (وَلَهُ الِاسْتِنَادُ وَإِسْنَادُ الْمَتَاعِ) إلَى جِدَارِ شَرِيكِهِ (وَإِلْصَاقُ جِدَارٍ بِهِ) إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا (لَا يَثْقُلُهُ) وَنَحْوُ   [حاشية الرملي الكبير] عَلَى دَارِ جَارِهِ وَرُدَّ بِتَصْرِيحِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ بِجَوَازِ فَتْحِ كَوَّةٍ فِي مِلْكِهِ مُشْرِفَةٍ عَلَى جَارِهِ، وَعَلَى حَرِيمِهِ وَلَا يَكُونُ لِلْجَارِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ رَفْعَ جَمِيعِ الْحَائِطِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ فَإِذَا رَفَعَ بَعْضَهُ لَمْ يُمْنَعْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَيَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنْ الْجَارِ بِأَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِهِ جِدَارًا يُقَابِلُ الْكَوَّةَ وَيَسُدُّ ضَوْأَهَا وَرُؤْيَتَهَا، فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا، وَلَهُ نَصْبُ شُبَّاكٍ عَلَيْهَا بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنْ خَرَجَ هُوَ أَوْ غِطَاؤُهُ كَانَ كَالْجَنَاحِ قَالَ السُّبْكِيُّ: فَلْيُتَنَبَّهْ لِهَذَا، فَإِنَّ الْعَادَةَ أَنْ يُعْمَلَ فِي الطَّاقَاتِ أَبْوَابٌ تَخْرُجُ فَتَمْنَعُ مِنْ هَوَاءِ الدَّرْبِ، وَقَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ لَهُ مَنْعُ جَارِهِ مِنْ وَضْعِ جِذْعٍ وَمِنْ بِنَاءٍ عَلَى جِدَارِهِ] (قَوْلُهُ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ) لِقُوَّةِ الْعُمُومَاتِ الْمُعَارِضَةِ لَهُ وَيُؤَيِّدُهُ إعْرَاضُ مَنْ أَعْرَضَ فِي زَمَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي جِدَارِهِ لِجَارِهِ الْقَرِيبِ أَيْ لَا يَمْنَعُهُ إلَخْ) وَيَتَأَيَّدُ بِأَنَّهُ الْقِيَاسُ الْفِقْهِيُّ، وَالْقَاعِدَةُ النَّحْوِيَّةُ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ الْأَوَّلِ فَوَجَبَ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعَارَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ) يَسْتَفِيدُ بِهَا الْمُسْتَعِيرُ الْوَضْعَ مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَّى لَوْ رَفَعَ جُذُوعَهُ أَوْ سَقَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ سَقَطَ الْجِدَارُ فَبَنَاهُ صَاحِبُهُ بِتِلْكَ الْآلَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْوَضْعُ ثَانِيًا فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا تَنَاوَلَ مَرَّةً لَوْ وَضَعَ أَحَدُ مَالِكَيْ الْجِدَارِ جُذُوعَهُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ انْهَدَمَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ تَجُوزُ لَهُ إعَادَةُ الْجُذُوعِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجِدَارِ الْمُخْتَصِّ وَالْمُشْتَرَكِ فِي أَنَّهُ لَا تَجُوزُ لَهُ إعَادَةُ الْجُذُوعِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَجْهًا ثَانِيًا (قَوْلُهُ فَيُقْلَعُ بِالْأَرْشِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِ مِلْكِهِ إلَّا بِتَخْرِيبِ جُمْلَةِ الْبِنَاءِ فَضَمِنَهُ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ فَصِيلًا مِلْكَ إنْسَانٍ وَكَبَّرَ وَصَارَ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِقَلْعِ الْبَابِ فَإِنَّ لِمَالِكِهِ قَلْعَ الْبَابِ وَغُرْمَ النُّقْصَانِ فَكَذَا هُنَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ أَعَارَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُعِيرِ إلَّا الْقَلْعُ أَوْ التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ وَلِمَا صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْقَلْعُ أَوْ التَّبْقِيَةُ بِأُجْرَةٍ (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: لَوْ انْهَدَمَ السَّقْفُ، وَبَقِيَ الْحَائِطُ بِحَالِهِ فَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ فِي وَضْعِ جِذْعٍ بِعَيْنِهِ عَلَى الْحَائِطِ فَأَرَادَ وَضْعَ غَيْرِهِ وَكَانَ الثَّانِي أَكْبَرَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَأَثْقَلَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُعِيدَ ذَلِكَ الْجِذْعَ بِعَيْنِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْجِذْعُ مُعَيَّنًا بَلْ كَانَ مَوْصُوفًا وَأَرَادَ وَضْعَ جِذْعٍ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ جَدِيدٍ أَمْ لَا الْمَذْهَبُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَدِّرَ الزَّمَانَ أَوْ الْمَسَافَةَ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا مَا لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ كَانَ يَتْرُكُ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي زَمَنِ اللَّيْلِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 ذَلِكَ مِمَّا لَا يُضَايَقُ فِيهِ عَادَةً؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ (وَلَوْ مُنِعَ) مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عِنَادٌ مَحْضٌ (وَهَكَذَا جِدَارُ الْغَيْرِ) لَهُ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ لِمَا ذُكِرَ، وَهُوَ كَالِاسْتِضَاءَةِ بِسِرَاجِ غَيْرِهِ وَالِاسْتِظْلَالِ بِجِدَارِهِ (وَلَهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (قِسْمَتُهُ عَرْضًا فِي كَمَالِ الطُّولِ وَعَكْسِهِ) أَيْ قِسْمَتُهُ طُولًا فِي كَمَالِ الْعَرْضِ (بِالتَّرَاضِي) لَا بِالْجَبْرِ فَلَوْ طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ لَمْ يُجْبَرْ لِاقْتِضَاءِ الْإِجْبَارِ الْقُرْعَةَ، وَهِيَ مُمْتَنِعَةٌ هُنَا؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا أَخْرَجَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَضُرُّ الْآخَرَ فِي انْتِفَاعِهِ بِمِلْكِهِ فَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَقَطْ) تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ (وَالِارْتِفَاعُ) لِلْجِدَارِ مِنْ الْأَرْضِ (سَمْكٌ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالنُّزُولُ مِنْهُ إلَيْهَا عُمْقٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ (لَا طُولٌ وَعَرْضٌ) لَهُ بَلْ طُولُهُ امْتِدَادُهُ مِنْ زَاوِيَةِ الْبَيْتِ إلَى زَاوِيَتِهِ الْأُخْرَى مَثَلًا، وَعَرْضُهُ هُوَ الْبُعْدُ النَّافِذُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْهِ إلَى الْآخَرِ (وَ) كَيْفَ يُقَسَّمُ الْجِدَارُ (هَلْ يُشَقُّ) بِالْمِنْشَارِ (أَوْ يُعَلَّمُ) بِعَلَامَةٍ كَخَطٍّ فِيهِ (وَجْهَانِ) الظَّاهِرُ جَوَازُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا نَظَرَ فِي الْأَوَّلِ إلَى أَنَّ شَقَّ الْجِدَارِ إتْلَافٌ لَهُ وَتَضْيِيعٌ؛ لِأَنَّهُمَا يُبَاشِرَانِ الْقِسْمَةَ لِأَنْفُسِهِمَا فَهُوَ كَمَا لَوْ هَدَمَاهُ وَاقْتَسَمَا النَّقْضَ (وَيُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ عَرْضِهِ) أَيْ الْجِدَارِ قَبْلَ بِنَائِهِ أَوْ بَعْدَ هَدْمِهِ إذَا طَلَبَهَا مِنْهُ شَرِيكُهُ (وَلَوْ) كَانَتْ (عَرْضًا) فِي كَمَالِ (طُولٍ لِيَخْتَصَّ كُلٌّ) مِنْهُمَا فِيمَا إذَا اقْتَسَمَا عَرْضًا فِي كَمَالِ الطُّولِ (بِمَا يَلِيهِ) فَلَا يَقْتَسِمَانِ فِيهِ بِالْقُرْعَةِ لِئَلَّا يَخْرُجَ بِهَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَلِي الْآخَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَسَمَا طُولًا فِي كَمَالِ الْعَرْضِ، وَقَوْلُهُ: لِيَخْتَصَّ كُلٌّ بِمَا يَلِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ فِي عَرْصَةِ الْجِدَارِ مَا مَرَّ فِيهِ بِأَنَّهَا مُسْتَوِيَةٌ، وَيَتَيَسَّرُ قِسْمَتُهَا غَالِبًا بِخِلَافِ الْجِدَارِ. (فَصْلٌ لَوْ هَدَمَهُ) أَيْ الْجِدَارَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ اثْنَيْنِ (أَحَدُهُمَا) بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ لِاسْتِهْدَامِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَفِي نُسْخَةٍ لَوْ هَدَمَهُ أَحَدٌ (لَزِمَهُ الْأَرْشُ) أَيْ أَرْشُ النَّقْصِ لَا إعَادَةُ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ لَيْسَ مِثْلِيًّا، وَعَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَإِنْ نَصَّ فِي غَيْرِهِ عَلَى لُزُومِ الْإِعَادَةِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَلَا إجْبَارَ عَلَى إعَادَةِ الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ) وَفِي نُسْخَةٍ الْمَالِكَيْنِ (وَلَا) عَلَى إعَادَةِ (الْبَيْتِ الْمُشْتَرَكِ إذَا انْهَدَمَ) كُلٌّ مِنْهُمَا، وَلَوْ بِهَدْمِ الشَّرِيكَيْنِ لَهُ لِاسْتِهْدَامِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ كَمَا لَا يُجْبَرُ عَلَى زَرْعِ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ يَتَضَرَّرُ أَيْضًا بِتَكْلِيفِهِ الْعِمَارَةَ نَعَمْ يُجْبَرُ فِي الْأَرْضِ عَلَى إجَارَتِهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهَا يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ، وَذِكْرُ الْبَيْتِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي النَّهْرِ وَالْقَنَاةِ وَالْبِئْرِ الْمُشْتَرَكَةِ وَاِتِّخَاذِ سُتْرَةٍ بَيْنَ سَطْحَيْهِمَا، وَإِصْلَاحِ دُولَابٍ بَيْنَهُمَا تَشْعَثُ إذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ التَّنْقِيَةِ أَوْ الْعِمَارَةِ (وَلَا عَلَى سَقْيِ النَّبَاتِ) مِنْ شَجَرٍ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَصَرَّحَ الْجُورِيُّ بِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَنَقَلَ فِي الْمَطْلَبِ الْمَقَالَتَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَوْفَقُ بِكَلَامِهِمْ فِي أَوَاخِرِ النَّفَقَاتِ كَلَامُ الْقَاضِي (وَلَا عَلَى إعَادَةِ السُّفْلِ) اسْتِقْلَالًا، أَوْ مُعَاوَنَةً (لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ) أَيْ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فَلَوْ كَانَ عُلُوُّ الدَّارِ لِوَاحِدٍ، وَسُفْلُهَا لِآخَرَ وَانْهَدَمَتْ فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ إجْبَارُ الثَّانِي عَلَى إعَادَةِ السُّفْلِ وَلَا لِلثَّانِي إجْبَارُ الْأَوَّلِ عَلَى مُعَاوَنَتِهِ فِي إعَادَتِهِ، وَالسُّفْلُ وَالْعُلُوُّ بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِ. (بَلْ) انْتِقَالِيَّةٌ لَا إبْطَالِيَّةٌ (لِلشَّرِيكِ فِي الْجِدَارِ) الْمُشْتَرَكِ (بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ بِنَاؤُهُ بِمَالِهِ) أَيْ بِآلَتِهِ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ بِخِلَافِ بِنَائِهِ بِآلَةِ الْآخَرِ أَوْ بِالْآلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ ثُمَّ مَا أَعَادَهُ بِآلَتِهِ مِلْكُهُ يَضَعُ عَلَيْهِ مَا شَاءَ وَيَنْقُضُهُ إذَا شَاءَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِنَاءٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ فَإِنْ قِيلَ: أَسَاسُ الْجِدَارِ بَيْنَهُمَا فَكَيْفَ جَوَّزْتُمْ لَهُ بِنَاءَهُ بِآلَتِهِ، وَأَنْ يَنْفَرِدَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ يُغَيِّرُ إذْنَ شَرِيكِهِ قُلْنَا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ تَتْرِيبُ الْكُتَّابِ مِنْ الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا] قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عِنَادٌ مَحْضٌ) التَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ لَا يُثْقِلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ عِنَادٌ مَحْضٌ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِظْلَالُ بِجِدَارِهِ) أَيْ وَالْمُرُورُ فِي أَرْضِهِ إذَا لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا بِاِتِّخَاذِهَا طَرِيقًا. [فَصْلٌ هَدَمَ الْجِدَارَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ] (قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا) وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَحَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ قَاطِبَةً، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الصُّلْحِ وَالْغَصْبِ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ التَّسْوِيَةَ فِي الْبِنَاءِ مُمْكِنَةٌ إذَا كَانَ بِغَيْرِ طِينٍ وَنَحْوِهِ بَيْنَ الْأَحْجَارِ بَلْ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضِ مَوْضُوعًا عَلَى هَيْئَةِ الْبِنَاءِ، وَقَالَ: إنَّهُ يُجْبَرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى إعَادَتِهِ كَمَا فِي طَمِّ الْبِئْرِ بِتُرَابِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَفِي الْقَوَاعِدِ مِثْلُ هَذَا وَزَادَ فَقَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ رَفَعَ خَشَبَةً مِنْ جِدَارٍ أَوْ حَجَرًا مِنْ بَيْنِ أَحْجَارٍ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ تَسْوِيَةَ الْحَفْرِ تَنْزِيلًا لِتَمَاثُلِ التَّأْلِيفِ مَنْزِلَةَ تَمَاثُلِ الْمِثْلِيَّاتِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ هَذَا كَلَامُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ مُرَادَ الشَّافِعِيِّ وَلَيْسَ بَيْنَ مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَبَيْنَ مَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ مُخَالَفَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقِيَاسَ الْجَارِيَ عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا غَصَبَ أَوْ الْمُتْلِفَ إذَا أَتْلَفَ مِثْلِيًّا لَزِمَهُ مِثْلُهُ، وَأَنَّهُ إذَا غَصَبَ شَيْئًا وَفَرَّقَ أَجْزَاءَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَجْزَاءَ الْجِدَارِ كُلَّهَا مِثْلِيَّةٌ فَالْهَادِمُ لِلْجِدَارِ إنْ أَتْلَفَ أَجْزَاءَهُ لَزِمَهُ غَرَامَةُ مِثْلِهَا، وَإِنْ هَدَمَهُ فَقَطْ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ كَلَّفَهُ رَدَّهُ كَمَا كَانَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ وَإِنْ شَاءَ غَرَّمَهُ أَرْشَ مَا نَقَصَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْبُوَيْطِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا إجْبَارَ عَلَى إعَادَةِ الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فَلَوْ كَانَ بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَمَصْلَحَتُهُ فِي الْعِمَارَةِ وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ الْمُوَافَقَةُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْوَقْفِ أَمَّا الْوَقْفُ فَإِنَّ الشَّرِيكَ فِيهِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْعِمَارَةُ فَلَوْ قَالَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ: لَا أُعَمِّرُ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْعِمَارَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَقَاءِ عَيْنِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَلشَّرِيكِ فِي الْجِدَارِ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ بِنَاؤُهُ بِمَالِهِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ بِمَالِهِ مَا إذَا أَرَادَ إعَادَتَهُ بِنَقْضِهِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّ لِلْآخَرِ مَنْعَهُ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَفْهَمَ جَوَازُ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَنْعِ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِهِمْ بِلَا شَكٍّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بِنَائِهِ بِآلَةِ الْآخَرِ أَوْ بِالْآلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ) أَيْ فَإِنَّ لَهُ مَنْعَهُ وَسَكَتَا عَمَّا لَوْ بَنَاهُ هَلْ لَهُ نَقْضُهُ، وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْإِمَامُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ تَمْكِينُهُ لِأَجْلِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ. (قَوْلُهُ قُلْنَا: لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 فَكَانَ لَهُ الْإِعَادَةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ قَالَ الْآخَرُ: لَا تَنْقُضُهُ لَا غُرْمَ لَك نِصْفُ الْقِيمَةِ لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ كَابْتِدَاءِ الْعِمَارَةِ وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى الْبِئْرِ وَالنَّهْرِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ الشَّرِيكِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَاءِ بِسَقْيِ الزَّرْعِ وَغَيْرِهِ، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالدُّولَابِ وَالْبَكْرَةِ الْمُحْدَثَيْنِ (فَإِنْ كَانَ لِشَرِيكِهِ عَلَيْهِ) أَيْ الْجِدَارِ الْمُنْهَدِمِ (جِذْعُ خُيِّرَ الْبَانِي) لَهُ (بَيْنَ تَمْكِينِ الشَّرِيكِ مِنْ إعَادَتِهِ) أَيْ الْجِذْعِ (أَوْ نَقْضِ) الْوَجْهِ وَنَقْضِ (بِنَائِهِ) الَّذِي أَعَادَهُ لِيُبْنَى مَعَهُ الْآخَرُ وَيُعِيدُ جِذْعَهُ. (وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ بِنَاؤُهُ) أَيْ السُّفْلِ (بِمَالِهِ فَقَطْ، وَيَكُونُ) الْمُعَادُ (مِلْكَهُ) وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ: فَقَطْ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ (، وَلِصَاحِبِ السُّفْلِ السُّكْنَى) فِي الْمُعَادِ؛ لِأَنَّ الْعَرْصَةَ مِلْكُهُ وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِفَتْحِ كَوَّةٍ وَغَرْزِ وَتِدٍ وَنَحْوِهِمَا (وَلِلْأَعْلَى هَدْمُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (وَكَذَا لِلْأَسْفَلِ) هَدْمُهُ (إنْ بَنَاهُ) أَيْ الْأَعْلَى (قَبْلَ امْتِنَاعِهِ) أَيْ الْأَسْفَلِ مِنْ الْبِنَاءِ (مَا لَمْ يَبْنِ) الْأَعْلَى (عُلُوَّهُ فَإِنْ بَنَاهُ فَلِلْأَسْفَلِ تَمَلُّكُ السُّفْلِ بِالْقِيمَةِ) وَلَيْسَ لَهُ هَدْمُهُ أَمَّا إذَا بَنَى السُّفْلَ بَعْدَ امْتِنَاعِ الْأَسْفَلِ فَلَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُ وَلَا هَدْمُهُ لِتَقْصِيرِهِ سَوَاءٌ أَبَنَى عَلَيْهِ الْأَعْلَى عُلُوَّهُ أَمْ لَا رُبَّمَا قَالَهُ كَغَيْرِهِ يُؤْخَذُ أَنَّ لَهُ الْبِنَاءَ بِآلَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْأَسْفَلُ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ الشَّرِيكُ فِي الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ وَنَحْوِهِ، وَفِي ذَلِكَ وَقْفَةٌ. (فَرْعٌ) لَوْ (تَعَاوَنَ الشَّرِيكَانِ) بِبَدَنِهِمَا أَوْ بِإِخْرَاجِ مَالٍ (فِي الْعِمَارَةِ) لِلْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَعْدَ انْهِدَامِهِ (بِنِقْضِهِ) بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا (وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ) بَيْنَهُمَا فِيهِ (لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ عِوَضٍ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ (فَلَوْ أَعَادَهُ أَحَدُهُمَا بِهِ) أَيْ بِنَقْضِهِ (أَوْ بِآلَةِ نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْآخَرِ) فِيهِمَا (لِيَكُونَ لَهُ الثُّلُثَانِ) مِنْهُ (جَازَ) وَكَانَ السُّدُسُ الزَّائِدُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ فِي الْأُولَى وَثُلُثِ آلَتِهِ وَعَمَلِهِ فِي مُقَابَلَةِ سُدُسِ الْعَرْصَةِ فِي الثَّانِيَةِ هَذَا (إنْ شَرَطَ لَهُ السُّدُسَ مِنْ النَّقْضِ) فِي الْأُولَى، وَمِنْ الْعَرْصَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلِلْآخَرِ فِيهَا ثُلُثُ الْآلَةِ (فِي الْحَالِ وَعُلِمَتْ الْآلَةُ وَ) عُلِمَ (وَصْفُ الْجِدَارِ) بِالْوَجْهِ إلَّا آتَى بَيَانَهُ فَإِنْ شَرَطَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ الْآلَةُ، أَوْ وَصْفُ الْجِدَارِ، وَلَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلِعَدَمِ صِحَّةِ تَأْجِيلِ الْأَعْيَانِ فِي الْأُولَى. [فَصْلٌ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ وَضْعُ الْأَثْقَالِ الْمُعْتَادَةِ عَلَى السَّقْفِ] (فَصْلٌ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ وَضْعُ الْأَثْقَالِ الْمُعْتَادَةِ عَلَى السَّقْفِ) الْمَمْلُوكِ لِلْآخَرِ أَوْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا (وَلِلْآخَرِ التَّعْلِيقُ الْمُعْتَادُ) بِهِ كَثَوْبٍ (وَلَوْ بِوَتِدٍ يَتِدُهُ) فِيهِ وَكَذَا الِاسْتِكَانُ بِهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْ ذَلِكَ لِعَظْمِ الضَّرَرِ وَتَعَطَّلَتْ الْمَنَافِعُ (بِخِلَافِ الْجِدَارِ) الْمُشْتَرَكِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَثَلًا أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ مَا يُضَايَقُ فِيهِ عَادَةً كَمَا مَرَّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِاتِّبَاعِ الْعُرْفِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَعْلَى ثَبَتَ لَهُ الِانْتِفَاعُ قَطْعًا فَثَبَتَ لِلْأَسْفَلِ ذَلِكَ تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا، وَفِي الْجِدَارِ لَمْ يَثْبُتْ لِأَحَدِهِمَا ذَلِكَ فَلَمْ يَثْبُتْ لِلْآخَرِ تَسْوِيَةٌ بَيْنَهُمَا (وَفِي جَوَازِ) غَرْزِ (الْوَتِدِ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ) فِيمَا يَلِيهِ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ كَالْأَسْفَلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالثَّانِي لَا لِنُدُورِ حَاجَتِهِ بِخِلَافِ التَّعْلِيق. (فَرْعٌ تَجُوزُ إعَارَةٌ لِعُلُوٍّ) مِنْ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ (لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ وَإِجَارَتِهِ) لِذَلِكَ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الَّتِي تُعَارُ وَتُؤْجَرُ (فَإِنْ بَاعَهُ حَقَّ الْبِنَاءِ أَوْ الْعُلُوِّ) بِأَنْ قَالَ لَهُ بِعْتُك حَقَّ الْبِنَاءِ أَوْ الْعُلُوِّ (لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ اسْتَحَقَّهُ) أَيْ حَقَّ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ وَشَرَطَ أَنْ لَا يَبْنِيَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِمَا عَدَا الْبِنَاءَ مِنْ مُكْثٍ وَغَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ (وَهُوَ) أَيْ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ (مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْبَيْعِ) لِكَوْنِهِ مُؤَبَّدًا (وَالْإِجَارَةِ) لِوُرُودِهِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَلَا تُمْلَكُ بِهِ عَيْنٌ وَإِنْ أَوْهَمَ خِلَافَهُ تَعْبِيرُ الشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِبَيْعِ السَّقْفِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] فَكَانَ لَهُ الْإِعَادَةُ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ بِنَاءُ السُّفْلِ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ بِآلَتِهِ فَجَوَازُهُ فِي الْمُشْتَرَكِ أَوْلَى، وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ بِنَاءٌ وَلَا جُذُوعٌ لَا يَكُونُ لَهُ إعَادَتُهُ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَهُ حَقُّ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ وَفِي الذَّخَائِرِ لَا يَمْنَعُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ انْتِفَاعٌ بِعَرْصَةِ شَرِيكِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي إعَادَتِهِ وَالْحَمْلِ عَلَيْهِ فَكَانَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ يُرِيدُ يَبْتَدِئُ الِانْتِفَاعَ، وَقَالَ فِي الْخَادِمِ يُجَابُ بِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْأُسِّ يَقَعُ تَابِعًا لَا مَقْصُودًا، وَالْمَقْصُودُ بِالِانْتِفَاعِ إنَّمَا هُوَ الْجِدَارُ فَلِهَذَا مَكَّنَّاهُ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك الدَّارَ وَأُسَّهَا دَخَلَ الْأُسُّ تَبَعًا، وَلَمْ يَكُنْ بَيْعَ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَكَانَ الضَّرَرُ فِيهِ أَخَفَّ بِخِلَافِ الْجِدَارِ، فَإِنَّ الضَّرَرَ فِيهِ يَعْظُمُ ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ صُورَتَهَا مَا إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ لَلَبَّانِي وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى الْجَوَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا لَا يُحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَتَبْقَى الْمَسْأَلَةُ عَلَى عُمُومِهَا، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ بَعْضُهُمْ: إعَادَةُ مَا انْهَدَمَ بِآلَةِ نَفْسِهِ لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ مَنْ رَخَّصَ الشَّارِعُ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ حَيْثُ انْحَصَرَ كَوْنُ هَذَا التَّصَرُّفِ طَرِيقًا إلَى الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ كَمَا رَخَّصَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مَدْيُونِهِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْأَدَاءِ إذَا ظَفِرَ بِهِ، وَمَنْ قَالَ: إنَّمَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْإِعَادَةُ بِآلَةِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ حَيْثُ يَخْتَصُّ الْأُسُّ بِهِ؛ إذْ رُبَّمَا يُرِيدُ شَرِيكُهُ الِانْتِفَاعَ بِوَجْهٍ آخَرَ فَقَدْ سَهَا؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ شَرِيكًا فِي النَّقْضِ مِنْ غَيْرِ شَرِكَةٍ فِي الْأُسِّ إذَا أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ النَّقْضِ يَصِيرُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْأُسِّ وَعَنْ الْآلَةِ الَّتِي يُعِيدُهَا شَرِيكُهُ وَالْمَبْحَثُ إعَادَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَمَنْعُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ لَا مَنْعُ الْأَجْنَبِيِّ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالدُّولَابِ وَالْبَكْرَةِ الْمُحْدَثَيْنِ) قَالَ شَيْخُنَا لَوْ كَانَ الْبِئْرُ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا دَلْوًا وَاحِدًا وَرِشَاءً وَاحِدًا قِيلَ لَهُ إمَّا أَنْ تُمَكِّنَ الشَّرِيكَ مِنْ الِاسْتِقَاءِ بِهِمَا وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَهُمَا عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ لِيَنْصِبَ هُوَ رِشَاءً أَوْ دَلْوًا فَلَوْ فَعَلَ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ الشَّرِيكُ وَطَلَبَ رَفْعَهُمَا لِيَنْصِبَ هُوَ رِشَاءً أَوْ دَلْوًا لَزِمَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبِمَا قَالَهُ كَغَيْرِهِ يُؤْخَذُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 (فَلَوْ عَقَدَ) عَلَى ذَلِكَ (بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ صَحَّ وَتَأَبَّدَ) الْحَقُّ (إنْ لَمْ يُؤَقَّتْ) بِوَقْتٍ، وَإِلَّا فَلَا يَتَأَبَّدُ وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْإِجَارَةِ، وَجَازَ تَأْبِيدُ هَذِهِ الْحُقُوقِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا عَلَى التَّأْبِيدِ كَالنِّكَاحِ وَالْعَقْدِ فِي صُورَةِ الْإِجَارَةِ الَّتِي لَا تَأْقِيتَ فِيهَا عَقْدُ إجَارَةٍ اُغْتُفِرَ فِيهِ التَّأْبِيدُ لِمَا ذُكِرَ (وَمَنْ هَدَمَ السُّفْلَ) مَالِكُهُ أَوْ غَيْرُهُ (طُولِبَ بِقِيمَةِ حَقِّ الْبِنَاءِ) عَلَى الْعُلُوِّ (لِلْحَيْلُولَةِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ سَوَاءٌ أَبَنَى الْأَعْلَى أَمْ لَا (مَعَ) غُرْمِ (الْأَرْشِ) لَهُ أَيْ أَرْشِ نَقْصِ الْبِنَاءِ (إنْ كَانَ قَدْ بَنَى) وَإِلَّا فَلَا أَرْشَ (فَإِنْ أُعِيدَ السُّفْلَ اُسْتُعِيدَتْ الْقِيمَةُ) لِزَوَالِ الْحَيْلُولَةِ، وَلَهُ الْبِنَاءُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَنَى، وَإِعَادَتُهُ إنْ كَانَ قَدْ بَنَى، وَكَذَا لَوْ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ، وَأُعِيدَ فَلَا يَنْفَسِخُ هَذَا الْعَقْدُ بِعَارِضِ هَدْمٍ وَانْهِدَامٍ لِالْتِحَاقِهِ بِالْبُيُوعِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (تَنْبِيهٌ) لَا يَغْرَمُ الْهَادِمُ أُجْرَةً لِبِنَاءٍ لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ قَالَ الْإِمَامُ: لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَى التَّأْبِيدِ وَمَا يَتَقَدَّرُ لَا يَنْحَطُّ مِمَّا لَا يَتَنَاهَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى الْوُجُوبِ فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى مُدَّةٍ وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأُجْرَةِ لِلْحَيْلُولَةِ إنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ قِيَامِ الْعَيْنِ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِوُجُوبِ إعَادَةِ الْجِدَارِ عَلَى مَالِكِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ هَدَمَهُ مَالِكُهُ عُدْوَانًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ وَإِنْ هَدَمَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ مَالِكُهُ، وَقَدْ اسْتُهْدِمَ لَمْ تَجِبْ لَكِنْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ. (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ الْإِذْنِ فِي الْبِنَاءِ (بَيَانُ مَكَان الْبِنَاءِ) لِيَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ يَجِبُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ طُولًا وَعَرْضًا؛ إذْ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ مَكَانِ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا بَيَانُ قَدْرِهِ طُولًا وَعَرْضًا فَمَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ (وَكَذَا سَمْكُهُ) أَيْ الْبِنَاءِ (وَطُولُهُ وَعَرْضُهُ وَصِفَتُهُ) كَكَوْنِهِ مُنَضَّدًا أَوْ خَالِي الْجَوْفِ، وَكَوْنُهُ مِنْ آجُرٍّ وَجِصٍّ أَوْ مِنْ لَبِنٍ وَطِينٍ وَنَحْوِهَا (وَكَيْفِيَّةِ السَّقْفِ الْمَحْمُولِ) عَلَى الْبِنَاءِ كَكَوْنِهِ خَشَبًا أَوْ قَصَبًا أَوْ جَرِيدًا أَوْ إزْجًا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (سَوَاءٌ كَانَ) الْإِذْنُ فِيهِ (بِعِوَضٍ أَمْ لَا) وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِوَزْنِ مَا يَبْنِيهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَحْسَبُهُ (وَتُغْنِي مُشَاهَدَةُ الْآلَةِ عَنْ كُلِّ وَصْفٍ) هَذَا كُلُّهُ إذَا أَذِنَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى غَيْرِ الْأَرْضِ مِنْ جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَإِنْ بَنَى) يَعْنِي فَإِنْ أَذِنَ فِي الْبِنَاءِ (عَلَى الْأَرْضِ كَفَى بَيَانُ مَكَانِ الْبِنَاءِ) لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ إلَّا بِقَدْرِ مَكَانِ الْبِنَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَسَكَنُوا عَنْ حَفْرِ الْأَسَاسِ، وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ بَيَانِ قَدْرِهِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ فَإِنَّ الْمَالِكَ قَدْ يَحْفِرُ سِرْدَابًا أَوْ غَيْرَهُ تَحْتَ الْبِنَاءِ لِيَنْتَفِعَ بِأَرْضِهِ وَيَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مُزَاحَمَةَ تَعْمِيقِ الْأَسَاسِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إيجَارُ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَلَا بَيْعُ حَقِّ الْبِنَاءِ فِيهَا إلَّا بَعْدَ حَفْرِ الْأَسَاسِ لِيَرَى مَا يُؤْجَرُهُ أَوْ يَبِيعُهُ أَوْ يَبِيعُ حُقُوقَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الْأَرْضِ صَخْرَةً لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُحْفَرَ لِلْبِنَاءِ أَسَاسٌ أَوْ يَكُونَ الْبِنَاءُ خَفِيفًا لَا يَحْتَاجُ إلَى أَسَاسٍ، وَالْبَحْثُ الْأَخِيرُ مَحَلُّهُ إذَا آجَرَهُ لِيَبْنِيَ عَلَى الْأَسَاسِ لَا فِيمَا إذَا آجَرَهُ الْأَرْضَ لِيَبْنِيَ عَلَيْهَا وَيُبَيِّنَ لَهُ مَوْضِعَ الْأَسَاسِ، وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَعُمْقَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّامِلِ الْآتِي عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. (فَصْلٌ) لَوْ (تَنَازَعَا فِي سُفْلٍ عَلَيْهِ عُلُوٌّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ لِلْمُدَّعِي فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَبْنِيَ) الْمُدَّعِي (عَلَى الْعُلُوِّ) وَيَكُونُ السُّفْلُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَهُوَ بَيْعٌ لِلسُّفْلِ بِحَقِّ الْبِنَاءِ) عَلَى الْعُلُوِّ (أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بَيْتًا فَأَقَرَّ) لَهُ (بِهِ وَتَصَالَحَا عَلَى أَنْ يَبْنِيَ الْمُقِرُّ عَلَى سَطْحِهِ) أَيْ الْبَيْتِ (فَهُوَ عَارِيَّةٌ) لَهُ [فَصْلٌ بَيْعُ حَقِّ إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ لَا غَيْرِهِ عَلَى سَطْحِ الْبَائِعِ لِيَنْزِلَ الطَّرِيقُ] (فَصْلٌ يَجُوزُ بَيْعُ حَقِّ إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ لَا غَيْرِهِ) مِنْ سَطْحِ الْمُشْتَرِي (عَلَى السَّطْحِ) أَيْ سَطْحِ الْبَائِعِ لِيَنْزِلَ الطَّرِيقُ (وَإِجَارَتُهُ وَإِعَارَتُهُ) كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْأَرْضِ هَذَا (إنْ عُرِفَتْ السُّطُوحُ الَّتِي يَجْرِي) الْمَاءُ (مِنْهَا وَإِلَيْهَا) وَمَجْرَى الْمَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهَا وَلَا بَأْسَ بِالْجَهْلِ بِقَدْرِ مَاءِ الْمَطَرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ، وَهَذَا عَقْدٌ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ، وَخَرَجَ بِمَاءِ الْمَطَرِ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: لَا غَيْرِهِ كَمَاءِ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أُرِيدَ سَقْيُ الْأَرْضِ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي مَاءِ الْغُسَالَةِ (فَإِنْ بَنَى) عَلَى سَطْحِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ (مَا يَمْنَعُ النُّفُوذَ) لِمَاءِ الْمَطَرِ (نَقَبَهُ الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرُ) وَأَجْرَيَا الْمَاءَ فِيهِ لِمِلْكِهِمَا الْمَنْفَعَةَ (لَا الْمُسْتَعِيرُ) ؛ لِأَنَّ بِنَاءَ ذَلِكَ رُجُوعٌ فِي الْعَارِيَّةِ (وَلَا يَجِبُ عَلَى مُسْتَحِقِّ إجْرَاءِ الْمَاءِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ مُشَارَكَتُهُ) أَيْ الْغَيْرِ (فِي الْعِمَارَةِ) لَهُ إذَا انْهَدَمَ، وَلَوْ بِسَبَبِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْآلَاتِ، وَهِيَ لِمَالِكِهَا وَلِأَنَّ الِانْهِدَامَ بِسَبَبِ الْمَاءِ تَوَلَّدَ مِنْ مُسْتَحِقٍّ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ إعَارَةٌ لِعُلُوٍّ مِنْ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ وَإِجَارَتُهُ] قَوْلُهُ فَلَوْ عَقَدَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ صَحَّ وَتَأَيَّدَ إنْ لَمْ يُؤَقِّتْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ كَانَتْ الدَّارُ وَقْفًا عَلَيْهِ وَأَجَّرَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّةِ قَطْعًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ (قَوْلُهُ أَيْ أَرْشُ نَقْصِ الْبِنَاءِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَهْدُومًا (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ وَهُوَ الَّذِي يُشْعِرُ بِهِ سِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَتَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ وَاخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَأَمَّا إذَا أَجَّرَهُ إجَارَةً مُؤَقَّتَةً فَيَنْبَغِي تَخْرِيجُ الْفَسْخِ عَلَى الْخِلَافِ فِي انْهِدَامِ الدَّارِ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِذْنِ فِي الْبِنَاءِ بَيْن الشَّرِيكَيْنِ بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ طُولًا وَعَرْضًا] (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ بَيَانِ قَدْرِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ تَنَازَعَا فِي سُفْلٍ عَلَيْهِ عُلُوٌّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ لِلْمُدَّعِي] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَجُوزُ بَيْعُ حَقِّ إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ لَا غَيْرِهِ إلَخْ) شَرْطُ الْمُصَالَحَةِ عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَصْرِفٌ إلَى الطَّرِيقِ إلَّا بِمُرُورِهِ عَلَى سَطْحِ جَارِهِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَيَجْرِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ، وَالْمُسْتَأْجَرَةِ كَمَا قَالَهُ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ وَغَيْرِهِ قَالَ لَكِنْ يُعْتَبَرُ هُنَا أَمْرَانِ التَّأْقِيتُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ فَلَا يُمْكِنُهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، وَأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إحْدَاثُ سَاقِيَةٍ فِيهَا ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ أَشْكَلَ بِذَلِكَ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا إنَّمَا حُمِلَتْ عَلَى التَّأْبِيدِ فِي مَسْأَلَةِ الْبِنَاءِ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى دَوَامِهِ وَلِلتَّضَرُّرِ بِهَدْمِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَرْضَ الْمَوْقُوفَةَ وَالْمُسْتَأْجَرَةَ كَمَا قَالَهُ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ وَغَيْرُهُ قَالَ: لَكِنْ يُعْتَبَرُ هُنَا أَمْرَانِ التَّأْقِيتُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ فَلَا يُمْكِنُهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، وَأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إحْدَاثُ سَاقِيَةٍ فِيهَا ابْتِدَاءً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 (وَأَمَّا الْأَرْضُ فَلَا حَاجَةَ فِي الْعَارِيَّةِ) لَهَا (إلَى بَيَانٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ) فِيهَا (مَتَى شَاءَ وَالْأَرْضُ تَحْمِلُ) مَا تَحْمِلُ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا) لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهَا (وَجَبَ بَيَانُ مَوْضِعِ السَّاقِيَّةِ) وَهِيَ الْمُجْرَاةُ (وَطُولُهَا وَعَرْضُهَا وَعُمْقُهَا وَقَدْرُ الْمُدَّةِ) إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِهَا وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِهَا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ فَإِنْ بَقِيَ الْكَلَامُ عَلَى عُمُومِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَشْكَلَ بِذَلِكَ قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَوْ صَالَحَ عَلَى أَنْ يُجْرِيَ الْمَاءُ فِي سَاقِيَةٍ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَهِيَ إجَارَةٌ قَالَ فِي الْأُمِّ: وَيَجِبُ تَقْدِيرُ الْمُدَّةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَتْ السَّاقِيَةُ مَحْفُورَةً، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَمْلِكُ الْحَفْرَ وَلِأَنَّ ذَلِكَ إجَارَةٌ لِسَاقِيَةٍ غَيْرِ مَوْجُودَةٍ فَاشْتِرَاطُهُ كَوْنَ السَّاقِيَةِ مَحْفُورَةً إنَّمَا ذُكِرَ فِي الْعَقْدِ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ فِي سَاقِيَةٍ لَا فِي الْعَقْدِ عَلَى إجْرَائِهِ فِي أَرْضٍ كَمَا صَنَعَ الْأَصْلُ بَلْ وَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجَامِعُ اشْتِرَاطَ بَيَانِ مَوْضِعِ السَّاقِيَةِ وَطُولِهَا وَعَرْضِهَا وَعُمْقِهَا؛ فَلِهَذَا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَوْلُ الشَّامِلِ: إنَّ هَذَا إجَارَةٌ يُخَالِفُهُ كَلَامُ الْكِفَايَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهُ بَيْعٌ قَالَ سَوَاءٌ وَجَّهَ الْعَقْدَ إلَى الْحَقِّ بِأَنْ قَالَ: صَالَحْتُك عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ أَمْ إلَى الْعَيْنِ بِأَنْ قَالَ: صَالَحْتُك عَلَى مُسَبَّلِ الْمَاءِ وَالْأَوْجَهُ فِيمَا إذَا وَجَّهَهُ إلَى الْحَقِّ أَنَّهُ عَقْدٌ فِيهِ شَائِبَةُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَذَكَرَ الْأَصْلُ أَنَّهُ إنْ بَاعَهَا فَإِنْ قَالَ: بِعْتُك مَسِيلَ الْمَاءِ وَجَبَ بَيَانُ طُولِهَا وَعَرْضِهَا لَا عُمْقِهَا، أَوْ بِعْتُك حَقَّ مَسِيلِ الْمَاءِ فَكَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ تَرَكَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ. (وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ) فِي الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا (دُخُولُ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا إلَّا لِلتَّنْقِيَةِ) لِلنَّهْرِ (وَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَرْضِهِ مَا يُخْرِجَهُ مِنْ النَّهْرِ) تَفْرِيغًا لِمِلْكِ غَيْرِهِ (وَلَيْسَ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي إجْرَاءِ) مَاءٍ (الْمَطَرِ) عَلَى السَّطْحِ (طَرْحُ الثَّلْجِ) عَلَيْهِ وَلَا أَنْ يَتْرُكَ الثَّلْجَ حَتَّى يَذُوبَ، وَيَسِيلَ إلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (وَلَا أَنْ يُجْرِيَ) فِيهِ (مَاءَ الْغُسَالَاتِ) لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ بَلْ (وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى طَرْحِ الثَّلْجِ عَلَيْهِ وَإِجْرَاءِ مَاءِ الْغُسَالَاتِ عَلَيْهِ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ، وَفِيهِمَا جَهَالَةٌ، وَفِي الْأَوَّلِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ (، وَمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي إلْقَاءِ الثَّلْجِ لَا يُجْرِي الْمَطَرَ) وَلَا غَيْرَهُ (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ يُجْرِي مَاءً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً قُبِلَ قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ. [فَرْعٌ الْمُصَالَحَةُ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَطَرْحِ الْقُمَامَةِ] (فَرْعٌ الْمُصَالَحَةُ عَلَى) بِمَعْنَى عَنْ (قَضَاءِ الْحَاجَةِ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ (وَطَرْحِ الْقُمَامَةِ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ الْكُنَاسَةِ وَلَوْ زِبْلًا (فِي مِلْكِ الْغَيْرِ عَلَى مَالِ إجَارَةٍ بِشُرُوطِهَا) الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: عَقْدٌ فِيهِ شَائِبَةُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، أَوْ يُقَالَ: بَيْعٌ بِشَرْطِهِ، أَوْ إجَارَةٌ بِشَرْطِهَا، وَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ بِذَلِكَ لِلْحَاجَةِ، وَتَعْبِيرُهُ فِي الْأُولَى بِالْمِلْكِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْحَشِّ (وَكَذَا) تَكُونُ الْمُصَالَحَةُ (عَلَى) بِمَعْنَى عَنْ (الْمَبِيتِ عَلَى سَقْفٍ) لِغَيْرِهِ بِمَالِ إجَارَةٍ بِشُرُوطِهَا، وَفِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا (وَلِمُشْتَرِي الدَّارِ) الَّتِي اسْتَأْجَرَ، أَوْ اشْتَرَى بَائِعُهَا حَقَّ إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهَا، أَوْ حَقَّ الْمَبِيتِ عَلَيْهِ (مَا لِبَائِعِهَا مِنْ إجْرَاءِ الْمَاءِ لَا الْمَبِيتِ) لِأَنَّ الْإِجْرَاءَ مِنْ مَرَافِقِ الدَّارِ بِخِلَافِ الْمَبِيتِ (فَرْعٌ لَهُ تَحْوِيلُ أَغْصَانِ شَجَرَةٍ) لِغَيْرِهِ مَالَتْ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ الْخَاصِّ أَوْ الْمُشْتَرَكِ وَقَدْ (امْتَنَعَ الْمَالِكُ) لَهَا (مِنْ تَحْوِيلِهَا عَنْ هَوَائِهِ وَ) لَهُ (قَطْعُهَا) وَلَوْ (بِلَا) إذْنِ (قَاضٍ إنْ لَمْ تَتَحَوَّلْ) أَيْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْوِيلُهَا، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: إنَّ مُسْتَحِقَّ مَنْفَعَةِ الْمِلْكِ بِوَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ إجَارَةٍ كَمَالِكِ الْعَيْنِ فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ يُخَاصَمُ، وَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ إلَى تَعْبِيرِهِ بِهَوَائِهِ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَوْ صَالَحَ إلَخْ) مَا حَكَاهُ عَنْ الشَّامِلِ مِنْ وُجُوبِ الْحَفْرِ حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ وَالْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ فِيهِ إلَخْ) بَلْ هُوَ مُنَاسِبٌ لَهُ وَيُجَامِعُ الِاشْتِرَاطَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ بَيَانُ مَوْضِعِ السَّاقِيَةِ) أَيْ الْمُجْرَاةِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّامِلِ: إنَّ هَذَا إجَارَةٌ يُخَالِفُهُ كَلَامُ الْكِفَايَةِ إلَخْ) هُوَ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْكِفَايَةِ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا عُقِدَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ جَارِيًا فِيمَا إذَا عُقِدَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّامِلِ عَلَى مَا إذَا عُقِدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فَلَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ لَا عُمْقُهَا) ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَرْضًا مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا إلَى الْقَرَارِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ وَفِيهِمَا جَهَالَةٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا الْمَانِعُ مِنْهُ إذَا بَيَّنَ قَدْرَ الْجَارِي إذَا كَانَ عَلَى السَّطْحِ، وَبَيَّنَ مَوْضِعَ الْجَرَيَانِ إذَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ، وَالْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى الْبِنَاءِ فَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَبْنِي، وَغَسْلُ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِكُلِّ النَّاسِ أَوْ الْغَالِبِ، وَهُوَ بِلَا شَكَّ يَزِيدُ عَلَى حَاجَةِ الْبِنَاءِ فَمَنْ بَنَى حَمَّامًا وَبِجَانِبِهِ أَرْضٌ لِغَيْرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ حَقَّ مَمَرِّ الْمَاءِ فَلَا تَوَقُّفَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ بَلْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ حَاجَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ فَلَعَلَّ مُرَادَ الْمُتَوَلِّي مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ عَلَى السَّطْحِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي إلْقَاءِ الثَّلْجِ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ الْبَيَانُ فِي قَدْرِ مَا يُصِيبُ. [فَرْعٌ كَانَ يُجْرِي مَاءً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً] (قَوْلُهُ: أَوْ يُقَالُ بِيعَ بِشَرْطِهِ) مَوْرِدُ الْبَيْعِ الْعَيْنُ لَا الْمَنْفَعَةُ، وَإِنَّمَا قِيلَ بِهِ فِي حَقِّ الْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْحَشِّ) أَيْ الْمِرْحَاضِ (قَوْلُهُ فَرْعٌ لَهُ تَحْوِيلُ أَغْصَانِ شَجَرَةٍ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ تَحْوِيلِهَا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قَطْعَهَا ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةِ مَالِكِهَا بِالْقَطْعِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ كَانَتْ يَابِسَةً لَا تَلِينُ جَازَ، وَلَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَتْ رَطْبَةً ضَمِنَ مَا نَقَصَ بِقَطْعِ الْغُصْنِ مِنْهَا وَحَيْثُ يَجُوزُ الْقَطْعُ فَتَوَلَّاهُ صَاحِبُ الدَّارِ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى مَالِكِ الْأَغْصَانِ بِأُجْرَةِ الْقَطْعِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ بِالتَّفْرِيغِ قَالَهُ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَنْتَقِلْ إلَيْهِ الدَّارُ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرَةِ أَوْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ قَبْلَ انْتِشَارِهَا عَلَى دَارِهِ فَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ مِنْهُ بَعْدَ إشْرَافِهَا عَلَى دَارِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا تَزَالُ الشَّجَرَةُ؛ لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ مَعِيبَةً، وَمَنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَلَا حَقَّ لَهُ، وَكَذَا لَوْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ انْتِشَارِهَا عَلَى دَارِهِ ثُمَّ عَظُمَتْ حَتَّى أَضَرَّتْ وَلَوْ غَرَسَ غِرَاسًا فِي أَرْضٍ، وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا كَبِرَ انْتَشَرَتْ أَغْصَانُهُ إلَى مِلْكِ جَارِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ فِي الْحَالِ، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ حَفْرَ بِئْرٍ فِي مِلْكِهِ وَكَانَتْ نَدَاوَةُ الْبِئْرِ تَصِلُ إلَى حَائِطِ الْجَارِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ حَفْرِهَا (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ يُخَاصِمُ) لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 بِهَوَاءِ مِلْكِهِ قَدْ يُوَافِقُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْأَغْصَانِ أَيْ إبْقَائِهَا بِمَالٍ إنْ لَمْ تَسْتَنِدُ إلَى جِدَارٍ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ مُجَرَّدِ الْهَوَاءِ (وَكَذَا لَوْ اسْتَنَدَتْ إلَى جِدَارٍ) وَهِيَ رَطْبَةٌ (لِزِيَادَتِهَا) فَلَا يُعْرَفُ قَدْرُهَا وَثِقَلُهَا (بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ) وَالْمُرَادُ بِاسْتِنَادِهَا إلَيْهِ اعْتِمَادُهَا عَلَيْهِ بِثِقَلِهَا لَا مُجَرَّدُ اسْتِنَادِهَا إلَيْهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَانْتِشَارُ الْعُرُوقِ) فِي أَرْضِهِ (كَانْتِشَارِ الْأَغْصَانِ) فِي هَوَاءِ مِلْكِهِ (وَكَذَا مَيْلُ الْجِدَارِ إلَى هَوَاءِ الْجَارِ) فَيَأْتِي فِيهِمَا مَا تَقَرَّرَ فِي الْأَغْصَانِ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَيْسَ لَهُ إذَا تَوَلَّى الْقَطْعَ وَالْهَدْمَ بِنَفْسِهِ طَلَبُ أُجْرَةٍ عَلَى ذَلِكَ قَالَ: وَلَوْ دَخَلَ الْغُصْنُ الْمَائِلُ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ فِي بَرْنِيَّةِ، وَنَبَتَ فِيهَا أُتْرُجَّةٌ، وَكَبِرَتْ قَطَعَ الْغُصْنَ وَالْأُتْرُجَّةَ لِتَسْلَمَ الْبَرْنِيَّةُ لِاسْتِحْقَاقِ قَطْعِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ثُمَّ قَالَا: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَلَعَ حَيَوَانُ غَيْرِهِ جَوْهَرَةً لَهُ لَا يُذْبَحُ؛ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّنَازُعِ) (مَتَى ادَّعَى) شَخْصٌ (عَلَى اثْنَيْنِ دَارًا) فِي يَدِهِمَا (فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا) فِي أَنَّ نَصِيبَهُ لَهُ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ (وَصَالَحَهُ) الْمُصَدِّقُ (بِمَالٍ فَلِلْمُكَذِّبِ الشُّفْعَةُ) فِيهَا، وَإِنْ مَلَكَاهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ كَإِرْثٍ وَشِرَاءٍ مَعًا؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا فِي الظَّاهِرِ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ، وَلَا يَبْعُدُ انْتِقَالُ مِلْكِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَإِنْ مَلَكَا بِسَبَبٍ (إلَّا أَنْ صَدَرَ مِنْهُ) أَيْ الْمُكَذِّبِ (مَا يَقْتَضِي أَنَّ الشَّرِيكَ) الْمُصَدِّقَ (مَالِكٌ) لِنَصِيبِهِ (فِي الْحَالِ) فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِاعْتِرَافِهِ بِبُطْلَانِ الصُّلْحِ وَاسْتُشْكِلَ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِمَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ فِي دَارٍ بِيَدِ اثْنَيْنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا، وَالْآخَرُ نِصْفَهَا فَصَدَّقْنَا الثَّانِيَ بِيَمِينِهِ لِلْيَدِ ثُمَّ بَاعَ الْأَوَّلُ نَصِيبَهُ الثَّالِثَ، فَأَرَادَ الْآخَرُ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي مِلْكَهُ مِنْ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ وَيَمِينُهُ أَفَادَتْ نَفْيَ مَا يَدَّعِيهِ شَرِيكُهُ لَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ لَهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا لَمْ يُنْكِرْ مِلْكَ الْمُكَذِّبِ، وَهُنَاكَ أَنْكَرَهُ لَكَ مُدَّعِي النِّصْفِ فَلَيْسَ لِمُدَّعِيهِ الْأَخْذُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ أَجَابَ بِذَلِكَ. (وَإِنْ ادَّعَيَا عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ عَلَى ثَالِثٍ (مِلْكَ دَارٍ فِي يَدِهِ بِالْإِرْثِ أَوْ الشِّرَاءِ) مَثَلًا (مَعًا فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهَا اشْتَرَكَا) أَيْ الْمُدَّعِيَانِ (فِيهِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَوْرُوثِ وَالْمُشْتَرِي مُشْتَرِكٌ فَالْخَالِصُ مِنْهُ مُشْتَرَكٌ كَمَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ، وَبَقِيَ بَعْضُهُ (لَا إنْ كَانَا ادَّعَيَا) مَعَ ذَلِكَ (الْقَبْضَ) لَهُ بِأَنْ قَالَا: وَرِثْنَاهُ أَوْ اشْتَرَيْنَاهُ مَعًا، وَقَبَضْنَاهُ ثُمَّ غَصَبْنَاهُ فَلَا مُشَارَكَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ فِي يَدِهِمَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَابِضًا لِحَقِّهِ، وَانْقَطَعَ حَقُّهُ عَمَّا فِي يَدِ الْآخَرِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَيَاهُ وَتَعَرَّضَا لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ أَوْ أَطْلَقَا نَعَمْ إنْ رُوجِعَ الْمُقِرُّ لَهُ فِي الْأَخِيرَةِ فَادَّعَى اتِّحَادَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ مَعَ صَاحِبِهِ أَوَّلًا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ: وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ دَفْعَتَيْنِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فَإِنَّ الشِّرَاءَ يَتَمَيَّزُ عَنْ الشِّرَاءِ تَمْيِيزَ الشِّرَاءِ عَنْ الْهِبَةِ، وَالتَّمْيِيزُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَيُقَاسُ بِمَا قَالَهُ الْإِرْثُ فَلَفْظَةُ مَعًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعَةٌ إلَى الْإِرْثِ وَالشِّرَاءِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَا فِي الْإِرْثِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْعِبْرَةُ فِي اتِّحَادِ الْإِرْثِ بِاتِّحَادِ الْمُورَثِ وَفِي اتِّحَادِ الشِّرَاءِ بِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَإِنْ قَالَا: اتَّهَبْنَا مَعًا وَقَبَضْنَا مَعًا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَالْإِرْثِ. وَالثَّانِي لَا مُشَارَكَةَ (وَحَيْثُ شَرِكْنَا) بَيْنَ الِاثْنَيْنِ (فَصَالَحَهُ) أَيْ الثَّالِثُ (الْمُصَدَّقُ بِإِذْنِ الْمُكَذَّبِ) بِفَتْحِ ثَالِثِهِمَا بِمَالٍ (صَحَّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ (بَطَلَ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ) الْمُكَذَّبِ (وَتَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ، وَإِنْ أَقَرَّ) الثَّالِثُ (لِأَحَدِهِمَا بِالْكُلِّ وَقَدْ اعْتَرَفَ الْمُقِرُّ لَهُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا) كَمَا قَالَ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّنَازُعِ] ِ) (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِمَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُنْكِرَ هَاهُنَا مُعْتَرِفٌ لِلْمُقِرِّ بِالنِّصْفِ، وَمِنْ لَازِمِ اعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ بِلَازِمِ قَوْلِهِ الثَّانِي: أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ هَا هُنَا قَدْ حَصَلَ ضِمْنًا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلصُّلْحِ وَحُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهِ بِخِلَافِ مَنْ فِي يَدِهِ الدَّارُ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ اعْتِرَافٌ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ هُنَاكَ إلَى تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ فِي الصُّلْحِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَدَّعِيَ النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُكَذِّبِ لِثَالِثٍ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَبَطَلَ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ أَنْ يَكُونَ لِثَالِثٍ انْحَصَرَ الْمِلْكُ فِي الْمُكَذِّبِ بِلَازِمِ قَوْلِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكْلِيفُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمِلْكِ لِيَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِانْحِصَارِ الْمِلْكِ لِلْآخَرِ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لِثَالِثٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ أَجَابَ بِذَلِكَ) هَذَا الْفَرْقُ إنَّمَا يَتَمَشَّى فِي صُورَةِ إقْرَارِ الْمُشْتَرِي بِصِدْقِ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ دُونَ تَعَرُّضٍ فِي إقْرَارِهِ لِنَصِيبِ شَرِيكِهِ أَمَّا فِي صُورَةِ إقْرَارِهِ بِاسْتِحْقَاقِ الْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ بِكَمَالِهِ فَقَدْ أَجَابَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ بِالْفَرْقِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ إنَّمَا ثَبَتَ لِلْبَائِعِ الْمِلْكُ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي وَبِشِرَائِهِ تَعَلَّقَ حَقُّ الشَّرِيكِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يُصْلَحُ إقْرَارُهُ الْمُثْبِتُ لِمِلْكِ الْبَائِعِ الَّذِي يَسْتَنِدُ إلَيْهِ الشِّرَاءُ أَنْ يَكُونَ مُثْبِتًا حَقًّا لَهُ فِي دَفْعِ الشُّفْعَةِ لِتَنَافِيهِمَا وَإِنَّمَا يَسْتَوِي الْمَعْنَيَانِ لَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ أَوْ الشِّرَاءِ مَثَلًا) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الدَّيْنِ فِي آخِرِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَا فِي الْإِرْثِ مِنْ زِيَادَتِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ قَالَا اشْتَرَيْنَا مَعًا (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَالْإِرْثِ) أَيْ فَلَا يُشَارِكُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ: لِأَنَّ أَصْلَهُ إنَّمَا ذَكَرَهَا لِبَيَانِ الْخِلَافِ وَكَتَبَ أَيْضًا إلْحَاقَ الْهِبَةِ بِالشِّرَاءِ وَالْإِرْثِ نَازَعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ: أَمَّا الْهِبَةُ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى فِيهَا إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ، فَإِنْ صَحَّ إجْرَاءُ الْخِلَافِ فِي الْمُشَارَكَةِ فِيهَا كَانَ بِلَا شَكٍّ مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْإِرْثِ وَالْبَيْعِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ فَلَا يَظْهَرُ إلْحَاقُ الْهِبَةِ بِهِمَا بَلْ يَجْزِمُ عِنْدَ نِسْبَتِهِمَا الْمِلْكَ إلَى هِبَةٍ وَاحِدَةٍ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ لَا جَرَمَ كَانَتْ طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْقَاضِي تَخْصِيصَ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي الْمُشَارَكَةِ بِحَالَةِ عَدَمِ اعْتِرَافِهِمَا بِالْقَبْضِ وَالْجَزْمِ فِي حَالَةِ الِاعْتِرَافِ بِالْقَبْضِ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذِكْرِ الْهِبَةِ لِوُضُوحِ حُكْمِهَا مِمَّا ذَكَرُوهُ اهـ وَلَعَلَّ هَذَا سَبَبُ حَذْفِ الْمُصَنِّفُ لَهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 الْكُلُّ بَيْنَنَا (شَارَكَهُ) فِيهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ الْمُقِرُّ لَهُ بِذَلِكَ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى دَعْوَى النِّصْفِ (أَخَذَ الْجَمِيعَ إنْ صَدَقَ الْمُقِرُّ بَعْدَ الْإِقْرَارِ) بِالْكُلِّ (وَلَا يَضُرُّ اقْتِصَارُهُ عَلَى دَعْوَى النِّصْفِ أَوَّلًا) فَلَعَلَّهُ إنَّمَا ادَّعَاهُ لِكَوْنِ الْبَيِّنَةِ لَا تُسَاعِدُهُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ يَخَافُ الْجُحُودَ الْكُلِّيَّ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ تَصْدِيقُ الْمُقِرِّ لَهُ الْمُقِرَّ هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إلَّا عَدَمُ تَكْذِيبِهِ لَهُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ مَعَ الْآخَرِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا النِّصْفَ فَاعْتُبِرَ تَصْدِيقُهُ لِرَفْعِ ذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِي النِّصْفِ) الْآخَرِ (بَلْ أَقَرَّ بِهِ لِصَاحِبِهِ أَخْذُهُ) صَاحِبَهُ لِتَعَيُّنِهِ لَهُ بِإِسْقَاطِ الْآخَرِينَ حَقَّهُمَا مَعَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمْ (وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِهِ أَيْضًا (بِهِ وَقَفَ النِّصْفُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْإِقْرَارِ. (وَإِنْ تَدَاعَيَا جِدَارًا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا (وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِجِدَارِ أَحَدِهِمَا) اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ بِنَاءِ جِدَارِهِ بِأَنْ اتَّصَلَ بِهِ (اتِّصَالَ تَدَاخُلٍ) لِنِصْفِ لَبِنَاتٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ (فِي جَمِيعِ السَّمْكِ) الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا (أَوْ) كَانَ لَهُ عَلَيْهِ (أَزَجٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالزَّايِ وَبِالْجِيمِ أَيْ عَقْدٌ (قَدْ أُمِيلَ مِنْ أَصْلِهِ) قَلِيلًا قَلِيلًا (أَوْ بَنَى) الْجِدَارَ الَّذِي بَيْنَهُمَا (عَلَى خَشَبَةٍ طَرَفُهَا فِي مِلْكِهِ) أَيْ مِلْكِ أَحَدِهِمَا (فَالْيَدُ لَهُ) عَلَيْهِ وَعَلَى الْخَشَبَةِ الْمَذْكُورَةِ لِظُهُورِ أَمَارَةِ الْمِلْكِ بِذَلِكَ فَيَحْلِفُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِالْمِلْكِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ، وَلَوْ كَانَ الْجِدَارُ مَبْنِيًّا عَلَى تَرْبِيعِ أَحَدِ الْمِلْكَيْنِ زَائِدًا، أَوْ نَاقِصًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مِلْكِ الْآخَرِ فَهُوَ كَالْمُتَّصِلِ بِجِدَارِ أَحَدِهِمَا اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ كَمَا ذُكِرَ بِأَنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْ جِدَارَيْهِمَا، أَوْ مُتَّصِلًا بِهِمَا اتِّصَالًا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ أَوْ لَا يُمْكِنُ أَوْ مُتَّصِلًا بِأَحَدِهِمَا اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بِأَنْ وُجِدَ الِاتِّصَالُ فِي بَعْضِهِ، أَوْ أُمِيلَ الْأَزَجُ الَّذِي عَلَيْهِ بَعْدَ ارْتِفَاعِهِ أَوْ بَنَى الْجِدَارَ عَلَى خَشَبَةٍ طَرَفَاهَا فِي مِلْكَيْهِمَا (فَلَهُمَا) الْيَدُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ فَقَوْلُهُ. (وَلَوْ اتَّصَلَ بِجِدَارَيْهِمَا فَهُوَ فِي يَدِهِمَا، وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَّصِلْ) تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ، وَلَعَلَّهُمَا نُسْخَتَانِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ بِهِ، وَإِلَّا حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي يَسْلَمُ لَهُ، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا جُعِلَ الْجِدَارُ بَيْنَهُمَا بِظَاهِرِ الْيَدِ، وَإِنْ حَلَفَ مَنْ اُبْتُدِئَ بِيَمِينِهِ، وَنَكَلَ الْآخَرُ حَلَفَ الْأَوَّلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، وَقُضِيَ لَهُ بِالْكُلِّ، وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ وَرَغِبَ الثَّانِي فِي الْيَمِينِ فَقَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ يَمِينُ النَّفْيِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ، وَيَمِينُ الْإِثْبَاتِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ فَيَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَجْمَعُ فِيهَا النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ فِي الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ (وَلَا تَرْجِيحَ بِالنَّقْشِ) بِظَاهِرِ الْجِدَارِ كَالصُّورَةِ وَالْكِتَابَاتِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ جِصٍّ أَوْ آجُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ (وَالطَّاقَاتِ) وَالْمَحَارِيبِ الَّتِي بِبَاطِنِهِ (وَالْجُذُوعِ وَتَوْجِيهِ الْبِنَاءِ) أَيْ جَعْلِ أَحَدِ جَانِبَيْهِ وَجْهًا كَأَنْ يُبْنَى بِلَبِنَاتٍ مُقَطَّعَةٍ وَتُجْعَلُ الْأَطْرَافُ الصِّحَاحُ إلَى جَانِبٍ وَمَوْضِعُ الْكَسْرِ إلَى جَانِبٍ (وَمَعَاقِدُ الْقِمْطِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ، وَبِضَمِّهِمَا لَكِنَّهُ بِضَمِّهِمَا جَمْعُ قِمَاطٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَعْنَى الْقِمْطِ، وَهُوَ حَبْلٌ رَقِيقٌ يُشَدُّ بِهِ الْجَرِيدُ وَنَحْوُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُرَجَّحْ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْجِدَارِ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ عَلَامَةٌ قَوِيَّةٌ فِي الِاشْتِرَاكِ فَلَا يُغَيَّرُ بِأَسْبَابٍ ضَعِيفَةٍ مُعْظَمُ الْقَصْدِ بِهَا الزِّينَةُ كَالتَّحْصِيصِ وَالتَّزْوِيقِ وَلِأَنَّ الْجُذُوعَ تُشْبِهُ الْأَمْتِعَةَ فِيمَا لَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ دَارًا بِيَدِهِمَا، وَلِأَحَدِهِمَا فِيهَا أَمْتِعَةٌ، فَإِذَا حَلَفَا بَقِيَتْ الْجُذُوعُ بِحَالِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ مِنْ إعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَضَاءِ قَاضٍ يَرَى الْإِجْبَارَ عَلَى الْوَضْعِ، وَاَلَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنْهَا الْإِعَارَةُ؛ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ الْأَسْبَابِ فَلِمَالِكِ الْجِدَارِ قَلْعُ الْجُذُوعِ بِالْأَرْشِ أَوْ الْإِبْقَاءُ بِالْأُجْرَةِ (وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ فِي سَقْفٍ لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ) بَعْدَ بِنَاءِ الْعُلُوِّ (كَالْأَزَجِ) الَّذِي لَا يُمْكِنُ عَقْدُهُ عَلَى وَسَطِ الْجِدَارِ بَعْدَ امْتِدَادِهِ فِي الْعُلُوِّ (فَالْيَدُ لِلْأَسْفَلِ) عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُهُ بِأَنْ يَكُونَ السَّقْفُ عَالِيًا فَيَنْقُبُ وَسَطَ الْجِدَارِ، وَتُوضَعُ رَأْسُ الْجُذُوعِ فِي النَّقْبِ (فَلَهُمَا) الْيَدُ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ فِي الْجِدَارِ (أَوْ) تَنَازَعَا (فِي الدِّهْلِيزِ أَوْ الْعَرْصَةِ فَمِنْ الْبَابِ إلَى الْمَرْقَى) مُشْتَرَكٌ (بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَدًا وَتَصَرُّفًا بِالِاسْتِطْرَاقِ، وَوَضْعُ الْأَمْتِعَةِ وَغَيْرِهَا (وَالْبَاقِي لِلْأَسْفَلِ) لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ يَدًا وَتَصَرُّفًا (وَالسُّلَّمُ) الْكَائِنُ (فِي الْمَرْقَى) أَيْ مَوْضِعِ الرُّقِيِّ (لِلْأَعْلَى وَلَوْ لَمْ يُسَمَّرْ) لِعَوْدِ مَنْفَعَتِهِ إلَيْهِ، وَمَا قَالَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُسَمَّرْ هُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قَضَى لَهُ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْيَدِ، وَتَكُونُ الْعَرْصَةُ لَهُ تَبَعًا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي يُسَلِّمُ لَهُ) أَيْ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِإِثْبَاتِهِ لَهُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ النَّصِّ وَقَالَا: إنَّهُ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: وَنَكَلَ الْآخَرُ) أَيْ عَنْ يَمِينِ الْإِثْبَاتِ أَوْ النَّفْيِ أَوْ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ فَيَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَجْمَعُ فِيهَا النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ إلَخْ) فَيَحْلِفُ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ، وَلَا حَقَّ لِصَاحِبِهِ فِيهِ، أَوْ يَقُولُ: لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرِ لِي (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْجُذُوعَ تُشْبِهُ الْأَمْتِعَةَ إلَخْ) يُخَالِفُ التَّرْجِيحَ بِالْجِدَارِ عَلَى الْأُسِّ فِي الْأَظْهَرِ بِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْمِلْكِ وَالْيَدِ، وَتَرْجِيحُ رَاكِبِ الدَّابَّةِ عَلَى الْآخِذِ بِلِجَامِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ بِاقْتِضَاءِ الرُّكُوبِ الْيَدَ بِخِلَافِ وَضْعِ الْجُذُوعِ فَإِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يُجَوِّزُهُ قَهْرًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ فِي سَقْفٍ إلَخْ) لَوْ انْهَدَمَ السَّقْفُ الْحَامِلُ وَلَمْ يَبِنْ مَوْضِعُهُ مِنْ الْبِنَاءِ، وَكَانَ ارْتِفَاعُ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا مَثَلًا فَقَالَ صَاحِبُ السُّفْلِ: ارْتِفَاعُهُ مِنْ جِهَةِ السُّفْلِ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَارْتِفَاعُ الْعُلُوِّ خَمْسٌ وَادَّعَى عَكْسَهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ السُّفْلِ مِنْ أَسْفَلِ الْجِدَارِ خَمْسًا وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ مِنْ أَعْلَاهُ خَمْسًا وَاخْتَلَفَا فِي الْعَشَرَةِ الْوُسْطَى فَيَحْلِفَانِ وَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، وَيُجْعَلُ السَّقْفُ فِي وَسَطِ الْبِنَاءِ عَلَى السَّوَاءِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي بِنَاءِ السَّقْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا فَيَخْتَصَّ بِبِنَائِهِ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي حِيطَانِ السُّفْلِ الَّتِي عَلَيْهَا الْغُرْفَةُ فَالْمُصَدَّقُ صَاحِبُ السُّفْلِ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ أَوْ فِي حِيطَانِ الْغُرْفَةِ فَالْمُصَدَّقُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِي الْجِدَارِ) وَلِشَرِكَةِ الِانْتِفَاعِ فَإِنَّهُ أَرْضُ الْأَعْلَى وَسَمَاءُ الْأَسْفَلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ خَيْرَانَ أَنَّهُ لِلْأَسْفَلِ كَسَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَهُوَ الْوَجْهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْمُسَمَّرِ فِي بَيْتٍ لِلْأَسْفَلِ فَهُوَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي غُرْفَةٍ لِلْأَعْلَى فَفِي يَدِهِ (وَالْبَيْتُ) الَّذِي (تَحْتَ الدَّرَجَةِ) أَيْ دَرَجَةِ السُّلَّمِ (بَيْنَهُمَا فَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ مَوْضِعُ حُبٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ أَيْ خَابِيَةٍ (أَوْ جَرَّةٍ فَلِلْأَعْلَى) مَا قَالَهُ فِي الْبَيْتِ وَمَا بَعْدَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا مُطَابِقَ لِأُصَلِّهِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ الْأَصْلُ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمَرْقَى حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْمَرْقَى مُثَبَّتًا كَسُلَّمٍ مُسَمَّرٍ فَلِلْأَعْلَى لِعَوْدِ نَفْعِهِ إلَيْهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ مَبْنِيًّا إذَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ بَيْتٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا كَسَائِرِ السُّقُوفِ، أَوْ مَوْضِعِ حُبٍّ، أَوْ جَرَّةٍ فَلِلْأَعْلَى عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مَعَ ضَعْفِ مَنْفَعَةِ الْأَسْفَلِ. (كِتَابُ الْحَوَالَةِ) هِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا مِنْ التَّحَوُّلِ وَالِانْتِقَالِ يُقَالُ: حَالَتْ الْأَسْعَارُ إذَا انْتَقَلَتْ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَفِي الشَّرْعِ عَقْدٌ يَقْتَضِي نَقْلَ دَيْنٍ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ، وَتُطْلَقُ عَلَى انْتِقَالِهِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أُخْرَى وَالْأَصْلُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» بِإِسْكَانِ التَّاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَيْ فَلْيَحْتَلْ كَمَا رَوَاهُ هَكَذَا الْبَيْهَقِيُّ وَلَهَا سِتَّةُ أَرْكَانٍ مُحِيلٌ وَمُحْتَالٌ وَمُحَالٌ عَلَيْهِ وَدَيْنٌ لِلْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحِيلِ وَدَيْنٌ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي، وَإِنْ سَمَّى بَعْضَهَا شُرُوطًا (يُسْتَحَبُّ قَبُولُهَا عَلَى مَلِيءٍ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، وَصَرْفُهُ عَنْ الْوُجُوبِ الْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ وَخَبَرُ «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي اسْتِحْبَابِ قَبُولِهَا عَلَى مَلِيءٍ كَوْنُهُ وَفِيًّا وَكَوْنُ مَالِهِ طَيِّبًا لِيُخْرِجَ الْمُمَاطَلَ، وَمَنْ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ (وَهِيَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ) وَلِهَذَا لَمْ يُعْتَبَرْ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنَانِ رِبَوِيَّيْنِ فَهِيَ بَيْعٌ؛ لِأَنَّهَا إبْدَالُ مَالٍ بِمَالٍ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ يَمْلِكُ بِهَا مَا لَمْ يَمْلِكْهُ قَبْلَهَا (لَا اسْتِيفَاءَ) لِحَقٍّ بِأَنْ يُقَدَّرَ أَنَّ الْمُحْتَالَ اسْتَوْفَى مَا كَانَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ وَأَقْرَضَهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ (وَشُرُوطُهَا ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ) لِأَنَّ لِلْمُحِيلِ إيفَاءَ الْحَقِّ مِنْ حَيْثُ شَاءَ فَلَا يَلْزَمُ بِجِهَةٍ، وَحَقُّ الْمُحْتَالِ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِرِضَاهُ كَمَا فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ وَمَعْرِفَةِ رِضَاهُمَا بِالصِّيغَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَعَبَّرَ كَغَيْرِهِ هُنَا بِالرِّضَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْتَالِ الرِّضَا بِالْحَوَالَةِ وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (لَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ) فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْحَقِّ وَالتَّصَرُّفِ كَالْعَبْدِ الْمَبِيعِ وَلِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُحِيلِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِالِاسْتِيفَاءِ (وَالرِّضَا) أَيْ الْمُرَادُ بِهِ (هُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْحَوَالَةِ بَلْ هُوَ أَوْ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ كَ نَقَلْتُ حَقَّك إلَى فُلَانٍ أَوْ جَعَلْت مَا أَسْتَحِقُّهُ عَلَى فُلَانٍ لَك أَوْ مَلَّكْتُك الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ بِحَقِّك (وَقَوْلُهُ أَحِلْنِي كَقَوْلِهِ بِعْنِي) فَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ وَظَاهِرُ الْخَبَرِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ إنْ أَتْبَعْتُك عَلَى فُلَانٍ كَأَحَلْتُك عَلَيْهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَهَلْ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ إنْ رَاعَيْنَا اللَّفْظَ لَمْ تَنْعَقِدْ أَوْ الْمَعْنَى انْعَقَدَتْ كَالْبَيْعِ بِلَفْظِ السَّلَمِ، وَلَوْ قَالَ: أَحَلْتُك عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا، وَلَمْ يَقُلْ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ فَهُوَ كِنَايَةٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَوَاخِرَ الْبَابِ وَصَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ بِتَصْحِيحِهِ. الشَّرْطُ (الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ) الْحَوَالَةُ (بِدَيْنٍ) مِثْلِيٍّ أَوْ مُتَقَوِّمٍ (لَازِمٍ) كَالثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) وَهُوَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ أَصْلُهُ بِكَوْنِهِ مُسْتَقِرًّا (أَوْ) بِدَيْنٍ (أَصْلُهُ اللُّزُومُ) كَالثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَلَا تَصِحُّ بِالْعَيْنِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَسَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ مَا قَالَهُ فِي الْبَيْتِ، وَمَا بَعْدَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا مُطَابِقٌ لِأَصْلِهِ) هُوَ صَحِيحٌ وَمُطَابِقٌ لِأَصْلِهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَالْبَيْتِ مَجْرُورٌ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمَرْقَى، وَقَوْلُهُ: تَحْتَ الدَّرَجَةِ حَالٌ مِنْ الْبَيْتِ وَفِيهِ إقَامَةُ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ وَقَوْلُهُ بَيْنَهُمَا خَبَرُ قَوْلِهِ السُّلَّمُ الْمُقَدَّرُ فَصَارَ تَقْدِيرُهُ وَالسُّلَّمُ فِي الْبَيْتِ حَالَ كَوْنِ الْبَيْتِ تَحْتَهُ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُهُ فَلِلْأَعْلَى خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ عَائِدٍ عَلَى الدَّرَجَةِ [كِتَابُ الْحَوَالَةِ] (كِتَابُ الْحَوَالَةِ) (قَوْلُهُ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» ) أَيْ فَيَفْسُقُ بِهِ إذَا تَكَرَّرَ (قَوْلُهُ بِإِسْكَانِ التَّاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ) أَوْ بِتَشْدِيدِهَا فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ) كَمَا جُوِّزَ الْقَرْضُ مَعَ كَوْنِهِ بَيْعَ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ مِنْ غَيْرِ تَقَابُضٍ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَمْ يُعْتَبَرْ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ إلَخْ) وَلَا تَجُوزُ فِيهَا الْإِقَالَةُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ وَكَذَلِكَ الْقَمُولِيُّ وَالسُّبْكِيُّ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ فَنَقَلَ جَوَازَهَا فِيهَا عَنْ كَافِي الْخُوَارِزْمِيَّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: الْحَوَالَةُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ، وَلَوْ فُسِخَتْ لَا تَنْفَسِخُ، وَقَوْلُهُ كَمَا جَزْم بِهِ الرَّافِعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَا اسْتِيفَاءَ لِحَقٍّ) قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: إنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى قَوْلِ الْبَيْعِ لَمْ أَرَهُ مُسْتَمِرًّا فِي أَكْثَرِ الْمَسَائِلِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ: إنَّ مِنْ تَأَمَّلَ مَسَائِلَ الْبَابِ عَرَفَ أَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى قَوْلِ الْبَيْعِ لَا يَسْتَمِرُّ. [شُرُوط الْحَوَالَةِ] (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ كَانَ شَخْصٌ وَلِيَّ طِفْلَيْنِ وَثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ فَأَحَالَ الْوَلِيَّ بِالدَّيْنِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى طِفْلِهِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَالَهُ الْمَرْعَشِيُّ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْحَظُّ فِيهِ فَلَوْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُعْسِرًا أَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهَنَ أَرْضَ مَنْ لَمْ يُجِزْ ع وَقَوْلُهُ: قَالَ الْمَرْعَشِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ رَاعَيْنَا اللَّفْظَ لَمْ تَنْعَقِدْ) هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْعُقُودِ بِاللَّفْظِ لَا بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ فَهُوَ كِنَايَةٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَوَاخِرَ الْبَابِ إلَخْ) كَلَامُهُمْ ثَمَّ مُصَرِّحٌ بِصَرَاحَتِهِ مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ غَيْرَهَا، وَإِنْ حَكَى الْخُوَارِزْمِيَّ فِيهَا وَجْهَيْنِ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ: أَحَلْتُك عَلَى فُلَانٍ هَلْ تَنْعَقِدُ وَكَالَةً وَجْهَانِ أَشْبَهَهُمَا الْمَنْعُ. (قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ بِدَيْنٍ لَازِمٍ) فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَى التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهَا أَعْيَانٌ وَتَصِحُّ عَلَى الْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْبَارِزِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ غَيْرَ جَائِزٍ بِأَنْ كَانَ مِمَّا لَا يَجُوزُ التَّفَرُّقُ عَنْهُ قَبْلَ التَّقَابُضِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إذَا كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ كَمَا إذَا بَاعَ نَقْدًا بِنَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ وَلَا عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 بِدَيْنٍ وَلَا بِالدَّيْنِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ وَلَا بِدَيْنٍ غَيْرِ لَازِمٍ، وَلَا أَصْلُهُ اللُّزُومُ كَدَيْنِ الْجَعَالَةِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَلَا بِمَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَدَيْنِ السَّلَمِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَا تَصِحُّ بِدَيْنِ السَّلَمِ، وَلَا عَلَيْهِ، وَتَصِحُّ بِثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ) بِأَنْ يُحِيلَ بِهِ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى ثَالِثٍ (وَعَلَيْهِ) بِأَنْ يُحِيلَ الْبَائِعُ غَيْرَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي (وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ، وَالْخِيَارُ عَارِضٌ فِيهِ فَيُعْطَى حُكْمَ اللُّزُومِ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اسْتِقْرَارِهِ بِمَعْنَى أَنَّا لَا نَأْمَنُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ فِيهِ بِتَلَفِ مُقَابِلِهِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْنِي بِاسْتِقْرَارِهِ هُنَا الْأَمْنَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ جَوَازَ بَيْعِهِ (وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ فِي الْحَوَالَةِ بِالثَّمَنِ) لِتَرَاضِي عَاقِدِيهَا؛ وَلِأَنَّ مُقْتَضَاهَا اللُّزُومُ فَلَوْ بَقِيَ الْخِيَارُ فَاتَ مُقْتَضَاهَا (وَكَذَا) فِي الْحَوَالَةِ (عَلَيْهِ) يَبْطُلُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ لِرِضَاهُ بِهَا وَلِمُقْتَضَاهَا السَّابِقِ (لَا فِي حَقِّ مُشْتَرٍ لَمْ يَرْضَ) بِهَا فَإِنْ رَضِيَ بِهَا بَطَلَ فِي حَقِّهِ أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ الْخِيَارُ فِيمَا ذُكِرَ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَاسْتُشْكِلَ صِحَّةُ الْحَوَالَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَحَالَ فَقَدْ أَجَازَ فَوَقَعَتْ الْحَوَالَةُ مُقَارِنَةً لِلْمِلْكِ، وَذَلِكَ كَافٍ، فَإِنْ قُلْت: هَذَا يُشْكِلُ بِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إذَا كَانَ لَهُ قُلْت: لَمَّا تَوَسَّعُوا فِي بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ تَوَسَّعُوا فِي بَيْعِهِ فِيمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ (فَإِنْ فَسَخَ) الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ (بَطَلَتْ) لِارْتِفَاعِ الثَّمَنِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى مَا فَرَّعَهُ الْأَصْلُ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ بُطْلَانِ الْخِيَارِ فِيمَا ذُكِرَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِعُمُومِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْحَوَالَةَ عَلَى الثَّمَنِ لَا تَبْطُلُ بِالْفَسْخِ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَاكَ الْفَسْخُ بِالْخِيَارِ، وَهُوَ بَعِيدٌ. (وَتَصِحُّ) حَوَالَةُ الْمُكَاتِبِ سَيِّدَهُ (بِمَالِ الْكِتَابَةِ) لِوُجُودِ اللُّزُومِ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَيَتِمُّ الْغَرَضُ مِنْهَا وَلِصِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لَكِنْ جَرَى الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ فَتَشْكُلُ صِحَّةُ الْحَوَالَةِ بِهِ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا بِدَيْنِ السَّلَمِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْعِتْقِ، وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ السَّيِّدَ إذَا احْتَالَ بِمَالُ الْكِتَابَةِ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ أَنْ يَصِيرَ الدَّيْنُ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَبَضَهُ قَبْلَ التَّعْجِيزِ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ الْمُكَاتَبِ، وَصَارَ بِالتَّعْجِيزِ لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ دَيْنِ السَّلَمِ قَدْ يَنْقَطِعُ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا يَصِلَ الْمُحْتَالُ إلَى حَقِّهِ (لَا) حَوَالَةُ السَّيِّدِ غَيْرَهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ فَلَا تَصِحُّ لِعَدَمِ لُزُومِهِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ إذْ لَهُ إسْقَاطُهُ فَلَا يُمْكِنُ إلْزَامُهُ الدَّفْعَ لِلْمُحْتَالِ (وَلَوْ أَحَالَ) السَّيِّدُ (بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ عَلَى مُكَاتَبِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ بِخِلَافِ مَالِ الْكِتَابَةِ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِهَا حَيْثُ قَالَ - نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي -: إنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ أَحَالَ الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ جَازَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (وَالْحَوَالَةُ بِإِبِلِ الدِّيَةِ وَعَلَيْهَا لَا تَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ) بِصِفَاتِهَا (وَلَا) تَصِحُّ الْحَوَالَةُ (لِلسَّاعِي) وَلَا لِلْمُسْتَحِقِّ (بِالزَّكَاةِ) مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ وَلَا عَكْسُهُ وَإِنْ تَلِفَ النِّصَابُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ (لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا وَلَا) الْحَوَالَةُ فِي (الْجَعَالَةِ) بِدَيْنِهَا أَوْ عَلَيْهِ (قَبْلَ التَّمَامِ) لِلْعَمَلِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ دَيْنِهَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ بَعْدَ التَّمَامِ (فَرْعٌ) لَوْ (أَحَالَ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ) الْحَوَالَةُ (وَلَوْ رَضِيَ) بِهَا لِعَدَمِ الِاعْتِيَاضِ؛ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَجْعَلُهُ عِوَضًا عَنْ حَقِّ الْمُحْتَالِ (فَإِنْ تَطَوَّعَ) بِأَدَاءِ دَيْنِ الْمُحِيلِ (كَانَ قَاضِيًا دَيْنَ غَيْرِهِ وَهُوَ جَائِزٌ) . الشَّرْطُ (الثَّالِثُ اتِّفَاقُ الدَّيْنَيْنِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَحُلُولًا وَتَأْجِيلًا وَصِحَّةً وَتَكَسُّرًا وَجَوْدَةً وَرَدَاءَةً) وَلَوْ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَيْسَتْ عَلَى حَقِيقَةِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُعَاوَضَةُ إرْفَاقٍ جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ فَاعْتُبِرَ فِيهَا الِاتِّفَاقُ كَمَا فِي الْقَرْضِ وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِاتِّفَاقِهِمَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ بِإِبِلِ الدِّيَةِ، وَعَلَيْهَا فَلَوْ جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدَهُمَا لَمْ تَصِحَّ الْحَوَالَةُ، وَإِنْ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلَهُ: وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) إنَّمَا تَصِحُّ إذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ كَذَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ح (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ) أَيْ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ فَسَخَ بَطَلَتْ) قَالَ الْمُصَنِّفُ إذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِهِ بِالدَّيْنِ الَّذِي لِلْمُشْتَرِي فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْمُشْتَرِي بَاعَ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ بِالثَّمَنِ الَّذِي لِلْبَائِعِ فِي ذِمَّتِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا وَلِأَنَّ تَرَاضِيهِمَا عَلَى الْحَوَالَةِ اخْتِيَارٌ لِإِمْضَاءِ الْعَقْدِ أَمَّا إذَا أَحَالَ الْبَائِعُ أَجْنَبِيًّا عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ فَحَوَالَتُهُ عَلَيْهِ تَقَعُ إجَازَةً وَبَيْعًا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُشْتَرِي فِي الْخِيَارِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ ثَابِتٍ حَالَ الْبَيْعِ نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا إذَا أَذِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي فِي بَيْعِ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا مُقْتَضَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا قُلْنَا: إنَّ الْحَوَالَةَ مُعَاوَضَةٌ فَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ التَّصَرُّفِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَحُكْمُ الثَّمَنِ حُكْمُ الْمَبِيعِ اهـ قُلْت: وَهَذَا حُكْمُ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ لَكِنَّهُمَا حَكَمَا بِأَنَّ الْبَيْعَ إجَازَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَهَا هُنَا فِي الْحَوَالَةِ ذَكَرُوا خِلَافًا فِي كَوْنِهَا إجَازَةً وَنَقَلَا عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إجَازَةً بَلْ لَوْ اتَّفَقَ فَسْخُ الْبَيْعِ انْقَطَعَتْ الْحَوَالَةُ، وَهُوَ مُبَايِنٌ لِمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ فَرَّعَ أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ لَمْ يُصَرِّحَا بِتَرْجِيحِهِ بَلْ قَالَا عَقِبَهُ: إنَّ مَنْقُولَ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَاخْتِيَارَهُ بُطْلَانَ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْحَوَالَةِ اللُّزُومُ فَلَوْ بَقِيَ الْخِيَارُ فَاتَ مُقْتَضَاهَا اهـ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِتَرْجِيحِهِمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ بَيْعٌ، وَأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ الْمُشْتَرِي إجَازَةٌ فَلْيَكُنْ هُوَ الرَّاجِحَ عِنْدَهُمَا أَنَّ (قَوْلُهُ وَهُوَ بَعِيدٌ) لَيْسَ بِبَعِيدٍ لِمَا عَلَّلُوا بِهِ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا صَحَّتْ لِإِفْضَاءِ الْبَيْعِ إلَى اللُّزُومِ فَإِنْ لَمْ يُفْضِ إلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ قَالَا نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي إنْ قُلْنَا إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَبْقَ لَهُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ عَلَى مُكَاتَبِهِ دَيْنٌ (قَوْلُهُ وَلِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا) وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَاعْتُبِرَ أَدَاؤُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 بِحَالِ الْعِوَضَيْنِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُهُمَا فِي الرَّهْنِ، وَلَا فِي الضَّمَانِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ لَوْ أَحَالَهُ بِدَيْنٍ أَوْ عَلَى دَيْنٍ بِهِ رَهْنٌ أَوْ ضَامِنٌ انْفَكَّ الرَّهْنُ، وَبَرِئَ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَبْضِ بِدَلِيلِ سُقُوطِ حَبْسِ الْمَبِيعِ وَالزَّوْجَةِ فِيمَا إذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَالزَّوْجُ بِالصَّدَاقِ، وَيُفَارِقُ الْمُحْتَالُ الْوَارِثَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ مُورَثِهِ فِيمَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الْحُقُوقِ (وَلَوْ شَرَطَ) الْعَاقِدُ فِي الْحَوَالَةِ (رَهْنًا أَوْ ضَمِينًا) مِنْ الْمُحِيلِ أَوْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَسْقُطَ حَقُّ الْمُحْتَالِ بِقَبْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (جَازَ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ بَيْعُ عَيْنٍ بِدَيْنٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ كَمَا مَرَّ، وَعَلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ - كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ - عَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ. (فَصْلٌ الْمُحِيلُ يَبْرَأُ بِالْحَوَالَةِ) عَنْ دَيْنِ الْمُحْتَالِ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ يَبْرَأُ عَنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ (وَيَلْزَمُ الدَّيْنَ) الْمُحَالَ بِهِ (الْمُحَالُ عَلَيْهِ) لِلْمُحْتَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ فَائِدَةُ الْحَوَالَةِ، وَتَعْبِيرُهُ بِاللُّزُومِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالتَّحَوُّلِ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي - ظَاهِرًا - كَوْنَهَا بَيْعًا، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَقْتَضِي أَنَّ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ غَيْرُ الَّذِي كَانَ لَهُ وَالتَّحَوُّلُ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَوَّلَ بَاقٍ بِعَيْنِهِ لَكِنْ تَغَيَّرَ مَحَلِّهِ (فَإِنْ أَفْلَسَ) الْمُحَالُ عَلَيْهِ (أَوْ مَاتَ) مُفْلِسًا (أَوْ جَحَدَ) الْحَوَالَةَ أَوْ دَيْنَ الْمُحِيلِ وَحَلَفَ (فَلَا رُجُوعَ) لِلْمُحْتَالِ (عَلَى الْمُحِيلِ) كَمَا لَا رُجُوعَ لَهُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا، وَغَبَنَ فِيهِ، أَوْ أَخَذَ عِوَضًا عَنْ دَيْنِهِ، وَتَلِفَ عِنْدَهُ، وَلِأَنَّهُ أَوْجَبَ فِي الْخَبَرِ اتِّبَاعَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، أَوْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ لَمَا كَانَ لِذِكْرِ الْمُلَاءَةِ فِي الْخَبَرِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَقِّهِ رَجَعَ بِهِ فَعُلِمَ بِذَكَرِهَا أَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ انْتِقَالًا لَا رُجُوعَ بِهِ وَأَنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِهَا حِرَاسَةُ الْحَقِّ لَا يُقَالُ بَلْ فَائِدَتُهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ عَلَى غَيْرِ الْمَلِيءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ تِلْكَ صَحِيحَةٌ بِالْإِجْمَاعِ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: مِنْ فَوَائِدِهِ عَدَمُ نَدْبِ قَبُولِهَا حِينَئِذٍ، وَيُفَارِقُ عَدَمُ رُجُوعِهِ هُنَا رُجُوعَهُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا، وَأَفْلَسَ بِالثَّمَنِ بِأَنَّ الْعَلَقَةَ ثَمَّ بَاقِيَةٌ فِي الثَّمَنِ وَهُنَا لَا عَلَقَةَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَوْ قَبِلَ الْمُحْتَالُ الْحَوَالَةَ بِغَيْرِ اعْتِرَافٍ بِالدَّيْنِ كَانَ قَبُولُهُ مُتَضَمِّنًا لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ فَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، وَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُحِيلِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بَرَاءَتَهُ فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَوْجَهُهُمَا نَعَمْ (فَإِنْ شَرَطَ) فِي الْحَوَالَةِ (الرُّجُوعَ بِذَلِكَ) أَيْ بِشَيْءٍ مِنْهُ (لَمْ تَصِحَّ الْحَوَالَةُ) لِاقْتِرَانِهَا بِشَرْطٍ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهَا، وَقِيلَ: تَصِحُّ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ بَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُعْسِرًا فَلَا خِيَارَ) لِلْمُحْتَالِ لِمَا مَرَّ (وَلَوْ شُرِطَ يَسَارُهُ) إذْ لَوْ اخْتَارَ عِنْدَ الشَّرْطِ لَاخْتَارَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ الْإِعْسَارَ نَقْصٌ فِي الذِّمَّةِ كَالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ، وَكَذَا لَا خِيَارَ لَهُ (إنْ بَانَ) الْمُحَالُ عَلَيْهِ (عَبْدًا لِغَيْرِهِ) أَيْ الْمُحِيلِ كَمَا لَوْ بَانَ مُعْسِرًا (بَلْ يُطَالِبُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ) وَإِنْ بَانَ عَبْدًا لَهُ لَمْ تَصِحَّ الْحَوَالَةُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ قَبْلَ مِلْكِهِ لَهُ لِسُقُوطِهِ عَنْهُ بِمِلْكِهِ (فَرْعٌ لَوْ صَالَحَهُ) أَيْ الْمُدَّعِيَ (أَجْنَبِيٌّ مِنْ دَيْنٍ عَلَى عَيْنٍ ثُمَّ جَحَدَهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ الصُّلْحَ قَبْلَ قَبْضِهَا وَحَلَفَ (رَجَعَ) الْمُدَّعِي (عَلَى صَاحِبِهِ) إنْ فُسِخَ الصُّلْحُ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ وَيُفَارِقُ الْحَوَالَةَ بِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا صَارَ مَقْبُوضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُصَالِحَهُ لِقَطْعِ النِّزَاعِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا إذَا اعْتَرَفَ الْأَجْنَبِيُّ فَإِنْ صَالَحَهُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ ابْتِيَاعُ دَيْنٍ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَعَنْدَ النَّوَوِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْبَيْعِ أَمَّا إذَا صَالَحَهُ مِنْ دَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ فَبَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ بِغَيْرِ حَوَالَةٍ [فَرْعٌ فُسِخَ الْعَقْدُ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَة أَوْ تَحَالُفٍ وَقَدْ أُحِيلَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ] (فَرْعٌ وَإِنْ فُسِخَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ الْمَبِيعِ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ تَحَالُفٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَقَدْ أُحِيلَ) الْبَائِعُ (بِالثَّمَنِ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ) لِارْتِفَاعِ الثَّمَنِ بِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْفَسْخُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَمَالِ الْحَوَالَةِ أَوْ قَبْلَهُ (وَعَادَ الثَّمَنُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي، وَيَرُدُّهُ الْبَائِعُ إلَيْهِ إنْ كَانَ قَدْ قَبَضَهُ) وَهُوَ بَاقٍ (أَوْ بَدَلَهُ إنْ تَلِفَ) فَلَا يَرُدُّهُ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنْ رَدَّهُ إلَيْهِ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقَدْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ بِإِذْنِهِ فَإِذَا لَمْ يَقَعْ عَنْ الْبَائِعِ يَقَعُ عَنْهُ وَيَتَعَيَّنُ حَقُّهُ فِيمَا قَبَضَهُ الْبَائِعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ حَتَّى لَا يَجُوزَ إبْدَالُهُ إنْ بَقِيَتْ عَيْنُهُ وَإِبْرَاءُ الْبَائِعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ السَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ مُعَلَّقًا وَلَا مُوَقَّتًا وَلَا مَشْرُوطًا بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ أَوْ ضَمِينٍ أَوْ خِيَارٍ، وَإِلَّا فَيَبْطُلُ اهـ الْأَصَحُّ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ إذْ شَرْطُ الرَّهْنِ وَالضَّمِينِ سَائِغٌ لِعِوَضٍ فِي الذِّمَّةِ، وَقَدْ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ: لَوْ احْتَالَ عَلَى شَخْصٍ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ رَهْنًا أَوْ يَكُونَ بِهِ ضَامِنٌ فَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ، أَوْ إرْفَاقٌ، فَإِنْ قُلْنَا: بَيْعٌ صَحَّ، وَإِلَّا بَطَلَ الشَّرْطُ، وَفِي بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ وَجْهَانِ اهـ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَمُولِيُّ وَعِبَارَةُ جَامِعِ الْمُخْتَصَرَاتِ وَلَوْ شَرَطَ رَهْنًا أَوْ ضَامِنًا وَجَعَلَتْ بَيْعًا صَحَّ اهـ فَالْجَوَازُ فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَعَدَمِهِ فِي اشْتِرَاطِهِ عَلَى الْمُحِيلِ؛ إذْ الدَّيْنُ الْمَرْهُونُ بِهِ أَوْ الْمَضْمُونُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا. [فَصْلٌ الْمُحِيلُ يَبْرَأُ بِالْحَوَالَةِ عَنْ دَيْنِ الْمُحْتَالِ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ يَبْرَأُ عَنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ] (قَوْلُهُ فَإِنْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ مُفْلِسًا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَا ذَكَرُوهُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَقُّ لِلْمُحْتَالِ أَمَّا لَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ يَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ بِوِلَايَةٍ فَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ بَانَ فَسَادُهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: بَلْ تَدُومُ الصِّحَّةُ وَلَكِنْ يَضْمَنُ الْوَلِيُّ لِتَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ أَقْرَضَ مَالَ الطِّفْلِ مِنْ غَيْرِ مَلِيءٍ وَجَوَّزْنَاهُ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ) ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِهِمَا أَمَّا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمُحِيلَ قَبَضَ مِنْهُ دَيْنَهُ قَبْلَ الْحَوَالَةِ فَإِنَّ الْمُحْتَالَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ (قَوْلُهُ: وَأَوْجَهُهُمَا نَعَمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) وَهُوَ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ لِسُقُوطِهِ عَنْهُ بِمِلِكِهِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ الَّذِي يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْحَوَالَةِ لَوْ قِيلَ بِصِحَّتِهَا مَعَ تَبَيُّنِ كَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ أَمَّا الدَّيْنُ الثَّابِتُ فِي ذِمَّةِ الرَّقِيقِ فَلَا يَسْقُطُ بِمِلْكِ رَبِّ الدَّيْنِ لَهُ. (قَوْلُهُ وَإِذَا فُسِخَ الْعَقْدُ وَقَدْ أُحِيلَ بِالثَّمَنِ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ اسْتِيفَاءٌ؛ لِأَنَّهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ نَوْعُ إرْفَاقٍ وَمُسَامَحَةٍ فَإِذَا بَطَلَ الْأَصْلُ بَطَلَتْ هَيْئَةُ الْإِرْفَاقِ التَّابِعَةُ لَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِمُكَسَّرَةٍ وَتَطَوَّعَ بِأَدَاءِ الصِّحَاحِ ثُمَّ رَدَّهُ بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ بِتَرَدُّدِ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) وَقَدْ أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 مِنْ الدَّيْنِ قَبْلَ الْفَسْخِ كَقَبْضِهِ لَهُ فِيمَا ذُكِرَ فَلِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَتُهُ بِمِثْلِ الْمُحَالِ بِهِ (وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي (فَإِنْ قَبَضَهُ ضَمِنَ) فَلَا يَقَعُ قَبْضُهُ عَنْ الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ الْحَوَالَةِ وَالْوَكَالَةِ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ وَالْوَكَالَةُ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ يَصِحُّ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي التَّصَرُّفِ عَنْ الْإِذْنِ، وَإِذْنُهُ بَاقٍ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ إنَّمَا كَانَ فِي قَبْضِ الْبَائِعِ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ الْإِذْنِ، وَقَدْ ارْتَفَعَ بِمَا ذُكِرَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالضَّمَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَحَالَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ) عَلَى الْمُشْتَرِي (لِثَالِثٍ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ أَيْ ثَالِثًا ثُمَّ فُسِخَ الْعَقْدُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ) وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُحْتَالُ مَالَهَا لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَيَبْعُدُ ارْتِفَاعُهَا بِفَسْخٍ يَخْتَصُّ بِالْعَاقِدَيْنِ كَمَا لَا يَفْسَخُ لِذَلِكَ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ ثُمَّ فُسِخَ الْعَقْدُ (لَكِنْ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ) بِالثَّمَنِ (إلَّا بَعْدَ التَّسْلِيمِ) أَيْ تَسْلِيمِهِ لِلْمُحْتَالِ (بَلْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِطَلَبِ الْقَبْضِ) مِنْهُ (لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ كَالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْقَبْضِ حَقِيقَةً لَا حُكْمًا، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: بَلْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ لَوْ أَحَالَهَا) زَوْجُهَا (بِصَدَاقِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) قَبْلَهُ (بِرِدَّتِهَا أَوْ بِعَيْبٍ) أَوْ بِخُلْفِ شَرْطٍ (لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ) بِخِلَافِهَا فِيمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أُحِيلَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ أَثْبَتُ مِنْ غَيْرِهِ؛ وَلِهَذَا لَوْ زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ إلَّا بِرِضَاهَا بِخِلَافِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ (وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِالنِّصْفِ) مِنْ الصَّدَاقِ (إنْ طَلَّقَ أَوْ الْكُلِّ إنْ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَحَالَ) الْبَائِعُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بِثَمَنِ عَبْدٍ) بَاعَهُ مِنْهُ (فَتَصَادَقَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى حُرِّيَّتِهِ) إمَّا ابْتِدَاءً أَوْ بِزَعْمِ الْعَبْدِ أَنَّهُ حُرٌّ (لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ) لِتَعَلُّقِهَا بِثَالِثٍ فَلِلْمُحْتَالِ أَخْذُ الْمُحَالِ بِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي (وَيَرْجِعُ) الْمُشْتَرِي بِالْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ الْأَخْذِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِإِذْنِهِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الْحَوَالَةُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا، وَهُوَ مَتْرُوكٌ فِي نُسَخٍ اكْتِفَاءً بِمَا سَيَأْتِي (إلَّا إنْ صَدَّقَهُمَا الْمُحْتَالُ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ) بِحُرِّيَّتِهِ فَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُمْ؛ لِأَنَّهُ بَانَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ أَنْ لَا ثَمَنَ حَتَّى يُحَالَ بِهِ فَيُرَدَّ الْمُحْتَالُ مَا أَخَذَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَبْقَى حَقُّهُ كَمَا كَانَ، وَالْبَيِّنَةُ (لِلْعَبْدِ) بِأَنْ يُقِيمَهَا هُوَ (أَوْ) تَشْهَدَ (حِسْبَةٌ) وَمَحَلُّ إقَامَتِهِ لَهَا إذَا تَصَادَقَ الْعَاقِدَانِ بَعْدَ بَيْعِهِ بِأَنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ كَمَا صَوَّرَهَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ إقَامَتُهُ لَهَا قَبْلَ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ بِتَصَادُقِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ الْمُحْتَالُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَمِثْلُهُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُقَامُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ قَبْلَ الْبَيْعِ (لَا لِلْعَاقِدَيْنِ) بِأَنْ يُقِيمَاهَا لِعَدَمِ تَصَوُّرِهَا مِنْهُمَا (لِأَنَّهُمَا كَذَبَاهَا بِالْبَيْعِ) . قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ خِلَافُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الَّذِي أَقَامَهَا صَرَّحَ بِمِلْكِ الْمَبِيعِ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَيْعِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ الرُّويَانِيُّ خِلَافُ مَا قَالَهُ هُنَا وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الدَّعَاوَى صَرِيحٌ فِيهِ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا فَإِنْ ذَكَرَهُ كَأَنْ قَالَ أَعْتَقْته وَنَسَبْت أَوْ اشْتَبَهَ عَلَيَّ بِغَيْرِهِ فَيَنْبَغِي سَمَاعُهَا قَطْعًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ: لَا شَيْءَ لِي عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ نَسَبَهُ، أَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدُ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُ قَدْ بَحَثُوا ذَلِكَ (وَلَهُمَا تَحْلِيفُ الْمُحْتَالِ) إنْ كَذَّبَهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ (يَمِينٍ) نَفَى (الْعِلْمَ) بِالْحُرِّيَّةِ فَبِقَوْلِ وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ حُرِّيَّتَهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ قَاعِدَةُ الْحَلِفِ عَلَى النَّفْيِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَتَعْبِيرُهُمْ قَدْ يُوهِمُ تَوَقُّفَ الْحَلِفِ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا وَالْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ أَنَّهُ يَحْلِفُ لِمَنْ اسْتَحْلَفَهُ مِنْهُمَا أَمَّا الْبَائِعُ فَلِغَرَضِ بَقَاءِ مِلْكِهِ فِي الثَّمَنِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِغَرَضِ دَفْعِ الْمُطَالَبَةِ نَعَمْ إذَا حَلَفَهُ أَحَدُهُمَا فَهَلْ لِلثَّانِي تَحْلِيفُهُ أَيْضًا أَوْ لَا لِيَكُونَ خُصُومَتُهُمَا وَاحِدَةً فِيهِ نَظَرٌ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَوْجَهُ فِيمَا نَظَرٌ فِيهِ أَنَّ لِلثَّانِي تَحْلِيفَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فَإِنْ حَلَفَ بَقِيَتْ الْحَوَالَةُ فِي حَقِّهِ (فَلَوْ سَلَّمَ) لَهُ (الْمُشْتَرِي)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ) وَهُوَ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ الثَّمَنُ فَلَمْ يَبْطُلُ حَقُّهُ بِفَسْخِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي الثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بِعَيْبِهِ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ لَا يَبْطُلُ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بَعْدَ التَّسْلِيمِ) وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ. [فَرْعٌ أَحَالَهَا زَوْجُهَا بِصَدَاقِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ قَبْلَهُ] (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا) وَاقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ تَرْجِيحَهُ، وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّهُ الْحَقُّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بَانَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ أَنْ لَا ثَمَنَ حَتَّى يُحَالَ بِهِ) وَكَذَا كُلُّ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَالْبَيِّنَةُ لِلْعَبْدِ بِأَنْ يُقِيمَهَا هُوَ) مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ لَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ طَلَبُ الْمُحْتَالِ بِإِقَامَةِ الْعَاقِدَيْنِ الْبَيِّنَةَ يَأْتِي أَيْضًا فِي الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالرِّقِّ حِينَ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ فَهُوَ مُكَذِّبٌ لِبَيِّنَتِهِ صَرِيحًا فَهُوَ أَقْوَى مِنْ تَكْذِيبِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالدُّخُولِ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ تَخَيَّلَ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَقُّ اللَّهِ - تَعَالَى فَتُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ مَعَ التَّكْذِيبِ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ نَعَمْ تَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ صَغِيرًا حِينَ الْبَيْعِ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَظُنُّ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى إنْسَانًا شِرَاءً فَاسِدًا مَلَكَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا كَذَبَاهَا بِالْبَيْعِ) وَقَالَ الْإِمَامُ فِي الضَّمَانِ: مَنْ أَقْدَمَ عَلَى عَقْدٍ كَانَ فِي ضِمْنِهِ الِاعْتِرَافُ بِوُجُودِ شُرُوطِهِ حَتَّى لَا تُسْمَعَ مِنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُ قَدْ بَحَثُوا ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ أَنَّهُ يَحْلِفُ لِمَنْ اسْتَحْلَفَهُ مِنْهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْبَائِعُ إلَخْ) سَمَاعُ دَعْوَى الْبَائِعِ عَلَى الْمُحْتَالِ بِمَاذَا فَإِنَّهُ بَعْدَ وُقُوعِ الْحَوَالَةِ غَيْرُ مُطَالَبٍ وَلَا حَقَّ لَهُ بِزَعْمِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي حَتَّى إذَا بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ رَجَعَ بِهِ، وَأَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْبَائِعَ لَهُ إجْبَارُ مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى قَبْضِهِ عَلَى الصَّحِيحِ فَيُحْضِرُهُ إلَيْهِ وَيَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ قَبْضِهِ لِيَحْكُمَ بِبُطْلَانِ الْحَوَالَةِ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ الَّذِي أَحَالَ بِثَمَنِهِ (قَوْلُهُ فَلِغَرَضِ انْتِفَاءِ مِلْكِهِ) قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا الْمَحَلُّ مِنْ إصْلَاحِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي أَصْلِ النُّسَخِ فَلِغَرَضِ بَقَاءٍ وَلَا مَعْنًى لَهُ (قَوْلُهُ أَوَّلًا لِكَوْنِ خُصُومَتِهِمَا وَاحِدَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 مَا احْتَالَ بِهِ عَلَيْهِ (رَجَعَ) بِهِ (عَلَى الْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِإِذْنِهِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الْحَوَالَةُ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: ظَلَمَنِي الْمُحْتَالُ بِمَا أَخَذَهُ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى ظَالِمِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَكَذَا ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ (فَإِنْ نَكَلَ الْمُحْتَالُ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ الْمُشْتَرِي) عَلَى الْحُرِّيَّةِ (وَبَطَلَتْ الْحَوَالَةُ) بِالْمَعْنَى السَّابِقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَحْلِفُ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَيُوَجَّهُ بِمَا وَجَّهَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ صِحَّةَ دَعْوَاهُ عَلَى الْمُحْتَالِ مِنْ أَنَّ لَهُ إجْبَارَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ عَلَى قَبْضِهِ عَلَى الصَّحِيحِ فَيُحْضِرُهُ لَهُ، وَيَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ قَبْضِهِ فَيَحْكُمُ بِبُطْلَانِ الْحَوَالَةِ بِالْحُرِّيَّةِ وَكَالْحُرِّيَّةِ فِيمَا ذُكِرَ جَمِيعُ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ هَذَا كُلُّهُ إذَا وَقَعَ التَّعَرُّضُ لِكَوْنِ الْحَوَالَةِ بِالثَّمَنِ وَإِلَّا (فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: الْحَوَالَةُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِدَيْنٍ) آخَرَ لِي عَلَيْهِ (غَيْرَ الثَّمَنِ فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي أَصْلَ الدَّيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (وَإِنْ صَدَّقَهُ وَأَنْكَرَ الْحَوَالَةَ) بِهِ (فَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهِ) بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُحْتَالُ: الْحَوَالَةُ لَمْ تَكُنْ بِالثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ الْحَوَالَةِ، وَالْعَاقِدَانِ يَدَّعِيَانِ فَسَادَهَا قَالَهُ الْقَاضِيَانِ أَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لَك مَنْ لَهُ عَلَيْك دَيْنٌ (أَحَلْتنِي) بِهِ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا (فَقُلْت بَلْ وَكَّلْتُك) لِتَقْبِضَهُ لِي (فَالْقَوْلُ قَوْلُك) بِيَمِينِك؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَقَّيْنِ (وَكَذَا لَوْ قُلْت أَرَدْت الْوَكَالَةَ بِقَوْلِي أَحَلْتُك وَقَدْ قُلْت) أَحَلْتُك (بِمِائَةٍ) مَثَلًا لِذَلِكَ وَلِأَنَّك أَعْرَفُ بِإِرَادَتِك وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذَ أَنَّ أَحَلْتُك فِيمَا ذُكِرَ كِنَايَةٌ، وَقَدْ قَدَّمْته فَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إرَادَةٌ فَلَا حَوَالَةَ وَلَا وَكَالَةَ (لَا إنْ قُلْت) أَحَلْتُك (بِالْمِائَةِ الَّتِي لَك عَلَيَّ) فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا لَا يَحْتَمِلُ إلَّا حَقِيقَةَ الْحَوَالَةِ (فَلَوْ حَلَفْت) فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ (لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ) عَنْك سَوَاءٌ أَقَبَضَ أَمْ لَا فَلَهُ مُطَالَبَتُك بِحَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ وَكِيلًا فَظَاهِرٌ، أَوْ مُحْتَالًا فَقَدْ أَحَلْت بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِجَحْدِك وَحَلِفِك (وَمَنْعِ الْقَبْضِ) إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ انْدَفَعَتْ وَصَارَ مَعْزُولًا عَنْ الْوَكَالَةِ بِإِنْكَارِهِ وَلَك مُطَالَبَةُ زَيْدٍ بِحَقِّك (فَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ بَرِئَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ) لِدَفْعِهِ إلَى وَكِيلٍ أَوْ مُحْتَالٍ (وَلَزِمَ) الْقَابِضَ (رَدُّ الْمَقْبُوضِ إلَيْك) إنْ كَانَ بَاقِيًا (فَإِنْ خَشِيَ امْتِنَاعَك مِنْ التَّسْلِيمِ) لَهُ (فَلَهُ) فِي الْبَاطِنِ (أَخْذُهُ وَجَحْدُك) لِأَنَّهُ ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِك، وَهُوَ يَخْشَى ضَيَاعَهُ (وَلَوْ تَلِفَ) الْمَقْبُوضُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْقَابِضِ (بِلَا تَفْرِيطٍ) مِنْهُ (لَمْ تُطَالِبْهُ) أَنْتَ إذْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (لِزَعْمِك الْوَكَالَةَ) وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ (وَلَمْ يُطَالِبْك لِزَعْمِهِ الِاسْتِيفَاءَ أَوْ) تَلِفَ مَعَهُ (بِتَفْرِيطِ طَالِبَتِهِ) لِأَنَّهُ صَارَ ضَامِنًا (وَبَطَلَ حَقُّهُ) لِزَعْمِهِ اسْتِيفَاءَهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قُلْت: أَحَلْتُك) عَلَى زَيْدٍ (فَقَالَ) بَلْ (وَكَّلْتنِي) لَا قَبْضَ لَك مِنْهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ سَوَاءٌ (جَرَى لَفْظُ الْحَوَالَةِ أَوْ لَا) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَقَّيْنِ (فَإِنْ حَلَفَ) وَلَمْ يَقْبِضْ (طَالَبَك) بِحَقِّهِ (وَلَا يَسْقُطُ حَقُّك) عَنْ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ وَكِيلًا فَلَمْ يَقْبِضْ فَيَبْقَى حَقُّك أَوْ مُحْتَالًا فَقَدْ ظَلَمَك بِأَخْذِهِ مِنْك إنْ كَانَ قَدْ أَخَذَ وَمَا عَلَى زَيْدٍ حَقُّهُ فَلَكَ أَخْذُهُ عِوَضًا عَمَّا ظَلَمَك بِهِ وَقِيلَ يَسْقُطُ حَقُّك عَنْهُ؛ لِأَنَّك اعْتَرَفْت بِتَحَوُّلِ مَا عَلَيْهِ إلَى غَيْرِك، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَهُ) مِنْ زَيْدٍ (فَلَهُ أَخْذُهُ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ قَالَ لَك مَنْ لَهُ عَلَيْك دَيْنٌ أَحَلْتنِي بِهِ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا فَقُلْت بَلْ وَكَّلْتُك لِتَقْبِضَهُ لِي] قَوْلُهُ قَالَ: أَحَلْتنِي فَقُلْت بَلْ وَكَّلْتُك فَالْقَوْلُ قَوْلُك إلَخْ) لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّ زَيْدًا أَحَالَنِي عَلَيْك فَإِنْ كَانَ زَيْدٌ حَاضِرًا وَجَبَ صِدْقُهُ وَتَسْلِيمُ الْمَالِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ صُدِّقَ زَيْدٌ بِيَمِينِهِ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمَدْيُونِ بِدَيْنِهِ، وَسَقَطَتْ مُطَالَبَةُ الْمُدَّعِي عَنْ زَيْدٍ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَإِنْ صَدَّقَهُ لَزِمَهُ التَّسْلِيمُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِذَا رَجَعَ الْغَائِبُ فَإِنْ صُدِّقَ الطَّالِبُ أَوْ كُذِّبَ فَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَأَخَذَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ الْغَائِبُ دَيْنَ الْمُدَّعِي، وَالْحَوَالَةُ وَعَدَمُ الدَّيْنِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي الْفَتَاوَى: وَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ عَشَرَةً، وَأَقَامَ بَيِّنَةً، أَوْ أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَدَّيْتهَا فَقَالَ الْمُدَّعِي: لَمْ تَكُنْ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَكَانَ لِي عَلَيْك عَشَرَةٌ أُخْرَى فَالْقَوْلُ لِلدَّافِعِ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَحَلْت عَلَيَّ زَيْدًا بِهَا فَقَالَ الْمُدَّعِي: تِلْكَ عَشَرَةٌ غَيْرُ هَذِهِ صُدِّقَ الْمُدَّعِي بِيَمِينِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَوَالَةَ إيفَاءٌ وَهُوَ مُنْكِرٌ أَنَّهُ أَحَالَهُ بِمَا يَدَّعِي، وَأَمَّا ثَمَّ فَإِنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُؤَدِّي فِي جِهَةِ الْأَدَاءِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَقَّيْنِ) وَلِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي صِفَةِ الْإِذْنِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ وَسَوَاءٌ أَتَنَازَعَا فِي أَنَّ الصَّادِرَ لَفْظُ الْوَكَالَةِ أَوْ لَفْظُ الْحَوَالَةِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الصَّادِرَ أَقَبْضُ مِنْ زَيْدٍ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّك أَعْرَفُ بِإِرَادَتِك) أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ الْقَوْلَانِ فِيمَا إذَا قَدَّمَا فَرْقًا ثُمَّ اخْتَلَفَ هُوَ وَوَارِثُهُ فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ كَذَلِكَ هُنَا الْأَصْلُ بَقَاءُ حَقِّ الْمُحِيلِ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَفْظُ أَحَلْتُك حَقِيقَةٌ فِي التَّحَوُّلِ مُخْتَصَرُ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إرَادَةٌ فَلَا حَوَالَةَ وَلَا وَكَالَةَ) قُدِّمْت أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْحَوَالَةِ حِينَئِذٍ، وَالِاحْتِمَالُ فِي قَوْلِهِ: أَحَلْتُك بِالْمِائَةِ أَوْ بِالْمِائَةِ الَّتِي لِي عَلَى عَمْرٍو فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَفْظُ الْحَوَالَةِ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْوَكَالَةُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَالثَّانِي: لَفْظُ مِائَةٍ فَإِنَّهَا مُبْهَمَةٌ لَا تَتَعَيَّنُ لِلْمِائَةِ الَّتِي عَلَيْهِ بَلْ هِيَ صَالِحَةٌ لَهَا وَلِغَيْرِهَا عَلَى السَّوَاءِ، فَإِذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهَا لَمْ يَنْتَظِمْ فِيهِ مَعْنَى الْحَوَالَةِ فَيَخْرُجُ عَنْ مَوْضُوعِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ بِمَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَكَانَ كِنَايَةً فِي الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ أَحَلْت بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ إلَخْ) وَالْحَيْلُولَةُ مُوجِبَةٌ لِلضَّمَانِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ إنَّمَا اعْتَرَفَ بِبَرَاءَتِك فِي مُقَابَلَةِ مَا ثَبَتَ لَهُ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ رَجَعَ إلَى حَقِّهِ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ فِي نَظِيرِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَقَالَ فِي الْأُمِّ فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِأَخٍ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ: لَا يَثْبُتُ الْإِرْثُ وَقَاسَهُ عَلَى مَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفٍ وَأَنْكَرَ الْبَيْعَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا ثَبَتَ لَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 أَيْ تَمَلُّكُهُ (بِحَقِّهِ) إنْ كَانَ بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّهُ مِلْكُهُ (وَإِنْ تَلِفَ) مَعَهُ (بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ أَمِينٌ (أَوْ بِتَفْرِيطٍ ضَمِنَ وَتَقَاصَّا) أَيْ وَوَقَعَ بَيْنَهُمَا التَّقَاصُّ؛ لِأَنَّ لَك عَلَيْهِ مِثْلَ مَا لَهُ عَلَيْك. (مَسَائِلُ) مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَابِ (لِلْمُحْتَالِ أَنْ يُحِيلَ) غَيْرَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَأَنْ (يَحْتَالَ) مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى مَدِينِهِ (وَكَذَا فُرُوعُهُ) أَيْ الْمُحْتَالِ أَوْ كُلٍّ مِنْهُ، وَمِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَوْ أَحَلْت زَيْدًا عَلَى عَمْرٍو فَأَحَالَ زَيْدٌ بَكْرًا عَلَى عَمْرٍو فَأَحَالَ بَكْرٌ آخَرَ عَلَى عَمْرٍو، أَوْ أَحَلْت زَيْدًا عَلَى عَمْرٍو فَأَحَالَهُ عَمْرٌو عَلَى بَكْرٍ فَأَحَالَهُ بَكْرٌ عَلَى آخَرَ أَوْ أَحَلْت زَيْدًا عَلَى عَمْرٍو ثُمَّ ثَبَتَ لِعَمْرٍو عَلَيْك مِثْلَ ذَلِكَ الدَّيْنِ فَأَحَالَ زَيْدًا عَلَيْك جَازَ (وَلَوْ أَقْرَضْتهمَا) أَيْ اثْنَيْنِ (مِائَةً) مَثَلًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُونَ (وَتَضَامَنَا فَأَحَلْت بِهَا لِرَجُلٍ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ أَيْ رَجُلًا عَلَيْهِمَا (عَلَى أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ جَازَ) وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مُطَالَبَةُ وَاحِدٍ فَلَا يَسْتَفِيدُ بِالْحَوَالَةِ زِيَادَةَ صِفَةٍ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا زِيَادَةَ فِي الْقَدْرِ، وَلَا فِي الصِّفَةِ، وَتَرْجِيحُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَمِمَّنْ رَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْإِطْلَاقُ كَافٍ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَفِي الْأَصْلِ لَوْ أَحَالَك أَحَدُهُمَا بِالْمِائَةِ بَرِئَا جَمِيعًا أَوْ أَحَلْت عَلَى أَحَدِهِمَا بِهَا بَرِئَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَبْضِ أَوْ أَحَلْت عَلَيْهِمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُحْتَالُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ جَازَ، وَيَبْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَّا ضَمِنَ انْتَهَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَوْ أَحَالَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِخَمْسِينَ فَهَلْ تَنْصَرِفُ إلَى الْأَصْلِيَّةِ أَوْ تُوَزَّعُ أَوْ يَرْجِعُ إلَى إرَادَةِ الْمُحِيلِ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا صَرَفَهُ بِنِيَّتِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَفَائِدَتُهُ فِكَاكُ الرَّهْنِ الَّذِي بِأَحَدِهِمَا انْتَهَى، وَالْقِيَاسُ الرُّجُوعُ إلَى إرَادَتِهِ (وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ غَرِيمَهُ) الدَّائِنَ (أَحَالَ عَلَيْهِ فُلَانًا الْغَائِبَ سُمِعْت) وَسَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُ لَهُ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً صُدِّقَ غَرِيمُهُ بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَهَلْ يُقْضَى بِهَا) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ (لِلْغَائِبِ) بِأَنْ ثَبَتَتْ بِهَا الْحَوَالَةُ فِي حَقِّهِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ (إنْ قَدَّمَ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ لَا؛ إذْ لَا يُقْضَى بِالْبَيِّنَةِ لِلْغَائِبِ، وَالثَّانِي وَهُوَ احْتِمَالٌ لِابْنِ الصَّبَّاغِ نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَدَّمَ يَدَّعِي عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَا الْمُحِيلِ وَهُوَ مُقِرٌّ لَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ. . (كِتَابُ الضَّمَانِ) هُوَ لُغَةً الِالْتِزَامُ وَشَرْعًا يُقَالُ: لِالْتِزَامِ حَقٍّ ثَابِتٍ فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ، أَوْ إحْضَارِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ وَيُقَالُ لِلْعَقْدِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ وَيُسَمَّى الْمُلْتَزِمُ لِذَلِكَ ضَامِنًا وَضَمِينًا وَحَمِيلًا وَزَعِيمًا وَكَافِلًا وَكَفِيلًا وَصَبِيرًا وَقَبِيلًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: غَيْرَ أَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِأَنَّ الضَّمِينَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَمْوَالِ، وَالْحَمِيلُ فِي الدِّيَاتِ وَالزَّعِيمُ فِي الْأَمْوَالِ الْعِظَامِ وَالْكَفِيلُ فِي النُّفُوسِ وَالصَّبِيرُ فِي الْجَمِيعِ وَكَالضَّمِينِ فِيمَا قَالَهُ الضَّامِنُ وَكَالْكَفِيلِ الْكَافِلُ وَكَالصَّبِيرِ الْقَبِيلُ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالزَّعِيمُ لُغَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْحَمِيلُ لُغَةُ أَهْلِ مِصْرَ وَالْكَفِيلُ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} [القلم: 40] وَقَوْلُهُ {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وَكَانَ حِمْلُ الْبَعِيرِ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا إذَا وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ، وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ ذَلِكَ كَخَبَرِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَخَبَرِ الْحَاكِمِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحَمَّلَ عَنْ رَجُلٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ» وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ: هَلْ تَرَكَ شَيْئًا، قَالُوا: لَا قَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعَلَيَّ دَيْنُهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ» وَذَكَرْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مَا لَهُ بِهَذَا الْخَبَرِ تَعَلُّقٌ (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ) مِنْهُمَا (فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ)   [حاشية الرملي الكبير] [مَسَائِلُ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَابِ الْحَوَالَة] قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ الرُّجُوعُ إلَى إرَادَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ فَقَالَ الْآخَرُ: لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ أَحَلْتُك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنَّكَ إذَا أَخَذْت مِنْهُ فَأَنْت مِنِّي بَرِيءٌ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: لَا يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا وَكَالَةٌ؛ إذْ لَا يَصِحُّ حَوَالَةً وَلَا هِبَةً فَإِذَا مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ وَإِنْ مَاتَ الْمُحِيلُ بَطَلَتْ وَلَوْ أَحَالَهُ عَلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ دَفَعَ الْمُحِيلُ الْمَالَ إلَى الْمُحْتَالِ صَحَّ قَضَاؤُهُ الدَّيْنَ عَنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي الْفَتَاوَى: لَوْ ادَّعَى عَشَرَةً، وَأَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَعْطَيْتُكَهَا فَقَالَ الْمُدَّعِي: تِلْكَ عَشَرَةٌ كَانَتْ لِي عَلَيْك غَيْرَ هَذِهِ صُدِّقَ الدَّافِعُ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَحَلْت عَلَيَّ زَيْدًا بِهَا فَقَالَ: تِلْكَ عَشَرَةٌ غَيْرُ هَذِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَوَالَةَ إيفَاءٌ وَهُوَ مُنْكِرٌ أَنَّهُ أَخَذَ مَا يَدَّعِي، وَأَمَّا ثَمَّ فَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّهُ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُؤَدَّى فِي جِهَةِ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) وَهُوَ احْتِمَالٌ لِابْنِ الصَّبَّاغِ تَابَعَهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَقَوْلُهُ: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [كِتَابُ الضَّمَانِ وَفِيهِ بَابَانِ] [الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الضَّمَان] (كِتَابُ الضَّمَانِ) (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا: يُقَالُ: لِالْتِزَامِ حَقٍّ ثَابِتٍ فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ) الضَّمَانُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ فَقَطْ وَهُوَ وَاضِحٌ ثَانِيهَا: يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَالْعَيْنِ كَمَا إذَا قَالَ: ضَمِنْت دَيْنَك عَلَى أَنْ أُؤَدِّيَهُ مِنْ هَذِهِ الْعَيْنِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا ثَالِثُهَا: بِالْعَيْنِ فَقَطْ كَمَا إذَا قَالَ: ضَمِنْت دَيْنَك فِي هَذِهِ الْعَيْنِ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ قَالَ الْأَصْحَابُ: ذِمَّةُ الْمَيِّتِ صَحِيحَةٌ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ ذِمَّتَهُ مُرْتَهَنَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ قَدْ خَرِبَتْ فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ صَلَاحِيَّةِ الْمُطَالَبَةِ فِي الدُّنْيَا لَا أَنَّهَا لَيْسَتْ صَالِحَةً لِلشَّغْلِ بِالدُّيُونِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا يَتَجَدَّدُ لَهَا الشَّغْلُ بِنَحْوِ رَدِّ مَبِيعٍ بِعَيْبٍ وَتَرَدِّي بَهِيمَةٍ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا فِي مَحَلِّ عُدْوَانٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَوْلُهُ كَذَا صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ كَذَا جَزْمُ بِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الرَّهْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعَارَهُ عَيْنًا لِيَرْهَنَهَا عَلَى دَيْنِهِ صَحَّ وَكَانَ ضَمَانًا فِي رَقَبَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ الضَّمَانِ فِي الْعَيْنِ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى كا (قَوْلُهُ وَذَكَرْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مَا لَهُ بِهَذَا الْخَبَرِ تَعَلُّقٌ) عِبَارَتُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ) لِجَوَازِ التَّبَرُّعِ بِأَدَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَعْرِفَتِهِ (فَيَصِحُّ) الضَّمَانُ (عَنْ الْمَيِّتِ) وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً لِخَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ السَّابِقِ (وَكَذَا) يَصِحُّ (عَمَّنْ لَمْ يَعْرِفْهُ) الضَّامِنُ وَلَوْ بِعَيْنِهِ لِمَا مَرَّ (الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَضْمُونُ لَهُ) وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ (وَمَعْرِفَتُهُ) بِأَنْ يَعْرِفَ الضَّامِنُ عَيْنَهُ (شَرْطٌ) لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ تَشْدِيدًا وَتَسْهِيلًا، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ مَعْرِفَةَ وَكِيلِ الْمَضْمُونِ لَهُ كَمَعْرِفَتِهِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ بِخِلَافِهِ (لَا رِضَاهُ) لِأَنَّ الضَّمَانَ مَحْضُ الِالْتِزَامِ لَمْ يُوضَعْ عَلَى قَوَاعِدِ الْمُعَاقَدَاتِ (وَلَوْ ضَمِنَ أَوْ قَضَى) شَخْصٌ (دَيْنَ رَجُلٍ) أَيْ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ (بِإِذْنِهِ لَا بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِهِ (لَزِمَ الْغَرِيمَ) وَهُوَ رَبُّ الدَّيْنِ (قَبُولُ الْمَالِ) الَّذِي يُؤَدِّيهِ لَهُ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدِّيهِ فِي حُكْمِ مِلْكِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلِلْغَرِيمِ أَنْ يَقْبَلَ، وَأَنْ يَمْتَنِعَ، وَلَهُ فِي صُورَةِ الضَّمَانِ أَنْ يُطَالِبَ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ، وَأَنْ يَتْرُكَهُ (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الضَّامِنُ وَشَرْطُهُ) لِيَصِحَّ ضَمَانُهُ (صِحَّةُ الْعِبَارَةِ وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) مِنْهُ وَالْقَيْدُ الثَّانِي يُغْنِي عَنْ الْأَوَّلِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ إلَّا السَّكْرَانَ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَا ضَمَانُ الْمُكْرَهِ، وَلَوْ رَقِيقًا بِإِكْرَاهِ سَيِّدٍ وَلَا ضَمَانُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ كَمَا سَيَأْتِي وَإِذَا شَرَطَ ذَلِكَ (فَيَصِحُّ) الضَّمَانُ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِهِ (وَلَوْ بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ وَكِتَابَتِهِ عِنْدَ الْقَرِينَة الْمُشْعِرَةِ) بِالضَّمَانِ وَإِنْ أَحْسَن الْإِشَارَة بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ، وَلَا كِتَابَةٌ تُشْعِرُ بِالْمُرَادِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ ثُمَّ إنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِ إشَارَتِهِ فَطِنُونَ فَهِيَ كِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَصَرِيحَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ (وَكَذَا كِتَابَةُ نَاطِقٍ نَوَى) بِهَا الضَّمَانَ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ نَوَى مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ كِتَابَةَ النَّاطِقِ كِنَايَةٌ، وَكِتَابَةُ الْأَخْرَسِ بِالْقَرِينَةِ صَرِيحَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (فَإِنْ قَالَ ضَمِنْت وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ صِبَاهُ) فِي الْأُولَى عِنْدَ ضَمَانِهِ (أَوْ سَبَقَ لَهُ جُنُونٌ) فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمْكَنَ عِنْدَهُ بِأَنْ عُرِفَ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً، وَإِلَّا صُدِّقَ الْمَضْمُونُ لَهُ بِيَمِينِهِ، وَفَارَقَ مَا إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ حَيْثُ صَدَّقَ الزَّوْجَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ بِأَنَّ الْأَنْكِحَةَ يُحْتَاطُ فِيهَا غَالِبًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقَعُ بِشُرُوطِهَا (وَيَصِحُّ ضَمَانُ سَكْرَانَ بِمُحَرَّمٍ) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ (لَا بِمُبَاحٍ) كَالْمَجْنُونِ (وَلَا يَصِحُّ) الضَّمَانُ (مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَتَبَرُّعُهُ لَا يَصِحُّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ (وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْمُفْلِسِ فِي الذِّمَّةِ) كَشِرَائِهِ فِيهَا، وَيُطَالَبُ بِمَا ضَمِنَهُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ (وَالْمَرِيضُ إنْ ضَمِنَ) شَخْصًا (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (فَمِنْ الثُّلُثِ) مُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَبَرُّعٌ كَمَا مَرَّ (أَوْ بِإِذْنٍ) مِنْهُ، وَوَجَدَ الضَّامِنُ مَرْجِعًا (فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ) مُعْتَبَرٌ (لَا يَرْجِعُ بِهِ) أَيْ لَا يَرْجِعُ وَارِثُهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَالْمُوَافِقُ لِأَصْلِهِ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ أَيْ لِأَنَّ الضَّامِنَ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهُ النُّونُ وَالْهَاءُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ مَسْأَلَةَ الْمَرِيضِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُهَا مَعَ مَا لَهَا بِهِ تَعَلُّقٌ. (فَرْعٌ لَوْ ضَمِنَ الْعَبْدُ) وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (لَمْ يَصِحَّ) ضَمَانُهُ   [حاشية الرملي الكبير] امْتِنَاعُهُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ شَفَاعَةٌ وَشَفَاعَتُهُ مَقْبُولَةٌ، وَنَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُتَعَلِّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ قَالَ جَابِرٌ فِي رِوَايَتِهِ: كَانَ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، وَفِي قِلَّةٍ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ الْفُتُوحَ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَنْ خَلَّفَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ خَلَّفَ كَلًّا أَوْ دَيْنًا فَكُلُّهُ إلَيَّ وَدَيْنُهُ عَلَيَّ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَى كُلِّ إمَامٍ بَعْدَك قَالَ: وَعَلَى كُلِّ إمَامٍ بَعْدِي» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ عَلَى كُلِّ إمَامٍ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَعِدَّاتِهِ بِدَلِيلِ قَضَائِهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَيُحْمَلُ الْخَبَرُ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَلَى تَأَكُّدِ نَدْبِ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ش (قَوْلُهُ بِأَنْ يَعْرِفَ الضَّامِنُ عَيْنَهُ) وَجْهُ الِاكْتِفَاءِ بِمَعْرِفَةِ عَيْنِهِ أَنَّ الظَّاهِرَ عِنْوَانُ الْبَاطِنِ فَيَظُنُّهُ بِهَا إنْ طَلَبَهُ لِلدَّيْنِ عَلَى وَجْهِ السُّهُولَةِ فَيَضْمَنُ أَوْ عَلَى وَجْهِ الشِّدَّةِ فَلَا يَضْمَنُ وَكَتَبَ أَيْضًا أَفَلَا تَكْفِي مَعْرِفَتُهُ نَسَبَهُ، وَبِهَذَا قَطَعَ فِي الْبَسِيطِ وَالْبَيَانِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُعِينِ وَادَّعَى جَمَالُ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: مَعْرِفَةُ مُعَامَلَتِهِ، وَبِهِ قَطَعَ الْمَحَامِلِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ قَاسِمٍ الْحَكَمِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عُجَيْلٍ وَإِسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ الرِّيمِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدِي؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي مُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ مُعَامَلَتَهُ، وَقَوْلُهُ: وَبِهَذَا قَطَعَ فِي الْبَسِيطِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ مَعْرِفَةَ وَكِيلِ الْمَضْمُونِ لَهُ كَمَعْرِفَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ الصِّحَّةُ وَأَحْكَامُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ اهـ وَبِهَا أَفْتَيْت وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَكْفِي رِضَا وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ لَا رِضَاهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مَحْضُ الْتِزَامٍ إلَخْ) فَيَصِحُّ مَعَ سُكُوتِهِ وَيَرْتَدُّ إنْ رَدَّهُ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ إيجَابٌ مَالِيٌّ بِعَقْدٍ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ كِتَابَةَ النَّاطِقِ كِنَايَةٌ إلَخْ) لَيْسَ ذَلِكَ قَضِيَّةَ كَلَامِ أَصْلِهِ، وَلَا كَلَامِهِ؛ إذْ مَعْنَى قَوْلِهِ عِنْدَ الْقَرِينَةِ الْمُشْعِرَةِ أَنْ يَكْتُبَ أَنَّهُ نَوَى بِهَا لِضَمَانٍ فَالْكِتَابَةُ كِنَايَةٌ، وَلَوْ مِنْ الْأَخْرَسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ مَجْنُونٍ) أَيْ أَوْ مُبَرْسَمٍ (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ صِبَاهُ فِي الْأُولَى) هَذَا إذَا كَانَ بُلُوغُهُ بِالِاحْتِلَامِ، فَإِنْ كَانَ بِالسِّنِّ رَجَعَ إلَى تَارِيخِ الْوِلَادَةِ فَإِنْ وَقَعَ فِيهِ نِزَاعٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الضَّامِنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ) وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَنْكِحَةَ) أَيْ وَنَحْوَهَا مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ، وَسَكَتُوا عَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ فَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِدَعْوَى الصِّبَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إقْدَامُهُ عَلَى الضَّمَانِ مُتَضَمِّنٌ لِدَعْوَاهُ الرُّشْدَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ سَفِيهًا بِخِلَافِ الصِّبَا، وَقَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِدَعْوَى الصِّبَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَنْ سَفُهَ بَعْدَ رُشْدِهِ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْمُفْلِسِ فِي الذِّمَّةِ) ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ فِيهِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ مَسْأَلَةَ الْمَرِيضِ كَانَ أَوْلَى) هِيَ مَتْرُوكَةٌ فِي نُسَخٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ، وَفَارَقَ صِحَّةَ خُلْعِ الْأَمَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الضَّمَانِ، وَالْأَمَةُ قَدْ تَحْتَاجُ إلَى الْخُلْعِ لِسُوءِ الْعِشْرَةِ (أَوْ بِإِذْنٍ) مِنْهُ (صَحَّ حَتَّى عَنْ السَّيِّدِ) لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا كَانَ لِحَقِّهِ، وَقَدْ زَالَ بِالْإِذْنِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَلْ تُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ السَّيِّدِ قَدْرَ الدَّيْنِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ اشْتِرَاطُهُ بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِهِ بِمَالِ السَّيِّدِ لَا بِذِمَّةِ الْعَبْدِ (لَا لَهُ) أَيْ لِسَيِّدِهِ أَيْ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ، وَهُوَ لِسَيِّدِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ ضَمِنَ الْمُسْتَحِقُّ لِنَفْسِهِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ، وَكَلَامُهُ الْآتِي فِي صِحَّةِ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ (فَإِنْ عَيَّنَ السَّيِّدُ لِلْأَدَاءِ جِهَةً) كَكَسْبِ الْعَبْدِ أَوْ مَا فِي يَدِهِ لِلتِّجَارَةِ (تَعَيَّنَتْ) لِلْأَدَاءِ لِرِضَا السَّيِّدِ بِهَا (وَإِلَّا تَعَلَّقَ) غُرْمُ الضَّمَانِ (بِحَادِثِ كَسْبِهِ) أَيْ بِكَسْبِهِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْإِذْنِ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَبِهِ (مَعَ مَالِ تِجَارَةٍ فِي يَدِهِ وَرِبْحِهَا) إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِيهَا كَمَا فِي الْمَهْرِ، فَإِنْ قُلْت: لِمَ اعْتَبَرُوا فِي الْكَسْبِ هُنَا حُدُوثَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ وَثَمَّ حُدُوثَهُ بَعْدَ النِّكَاحِ قُلْت لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمَضْمُونَ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الضَّمَانِ فَعُلِّقَ بِمَا بَعْدَ الْإِذْنِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ وَسَائِرِ مُؤَنِ النِّكَاحِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَعْيِينَ جِهَةِ الْأَدَاءِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا اتَّصَلَ بِالْإِذْنِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. (فَلَوْ كَانَ) الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (مَدْيُونًا فَبِالْفَاضِلِ عَنْ) حُقُوقِ (الْغُرَمَاءِ) يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ (وَأُمُّ الْوَلَدِ) وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ (وَالْمُبَعَّضُ كَالْقِنِّ) فِيمَا ذُكِرَ، وَمَحَلُّهُ الْمُبَعَّضُ إذَا لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ أَوْ جَرَتْ وَضَمِنَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ (فَإِنْ جَرَتْ مُهَايَأَةٌ صَحَّ) الضَّمَانُ (فِي نَوْبَةِ الْمُبَعَّضِ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْمُكَاتَبِ بِالْإِذْنِ) مِنْ سَيِّدِهِ (فَقَطْ) أَيْ لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَا فِي سَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ فَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: يَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِعَدَمِ صِحَّةِ ضَمَانِهِ إذَا قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ دُونَ مَنْفَعَتِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ كَالْقِنِّ لَكِنْ هَلْ الْمُعْتَبَرُ إذْنُ مَالِكِ الرَّقَبَةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ يُلْتَفَتُ إلَى أَنَّ ضَمَانَ الْقِنِّ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِذِمَّتِهِ أَوْ بِكَسْبِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا فَلَا سَبِيلَ إلَى التَّعَلُّقِ بِكَسْبِهِ بِإِذْنِ مَالِكِ الرَّقَبَةِ بِمُفْرَدِهِ، فَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ إذْنُهُمَا جَمِيعًا أَوْ لَا يَصِحُّ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ إذْنِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ بِنَاءً عَلَى الشِّقِّ الْأَخِيرِ مِنْ كَلَامِ الْمَطْلَبِ (وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ (الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهَا (فَرْعٌ لَوْ أَدَّى) الْعَبْدُ الضَّامِنُ (مَا ضَمِنَهُ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ بِالْإِذْنِ) مِنْهُ وَمِنْ سَيِّدِهِ (بَعْدَ الْعِتْقِ فَحَقُّ الرُّجُوعِ لَهُ) أَوْ قَبْلَ عِتْقِهِ فَحَقُّ الرُّجُوعِ لِسَيِّدِهِ (أَوْ) أَدَّى مَا ضَمِنَهُ (عَنْ السَّيِّدِ فَلَا رُجُوعَ) لَهُ. وَإِنْ أَدَّاهُ بَعْدَ عِتْقِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي الْمُدَّةِ لَا يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِمَا بَقِيَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيمَا إذَا أَدَّاهُ بَعْدَ عِتْقِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفَارَقَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ فِيهَا وَقَعَتْ لِلسَّيِّدِ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَاهَا حَالَ رِقِّهِ كَمَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ بِخِلَافِهَا فِي تِلْكَ فَإِنَّهَا وَقَعَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ فَكَانَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ (وَيَضْمَنُ) جَوَازًا السَّيِّدُ (عَنْ عَبْدِهِ) دَيْنًا ثَبَتَ عَلَيْهِ بِمُعَامَلَةٍ كَالْأَجْنَبِيِّ (لَا لَهُ) أَيْ لِعَبْدِهِ أَيْ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ سَيِّدِهِ لَهُ (إلَّا إنْ كَانَ مَأْذُونًا) لَهُ فِي مُعَامَلَةٍ وَثَبَتَ عَلَيْهِ بِهَا دَيْنٌ فَيَصِحُّ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يُشِيرُ إلَيْهِ، وَفِي نُسْخَةٍ إلَّا إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ تِجَارَةٍ فَيَصِحُّ وَفِي تَعْبِيرِهِ فِيهَا كَأَصْلِهِ بِالتِّجَارَةِ قُصُورٌ فَالتَّعْبِيرُ بِالْمُعَامَلَةِ كَمَا عَبَّرْت بِهَا أَوْلَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ضَمَانَهُ لَهُ يَصِحُّ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِغَيْرِ مُعَامَلَةٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِمَا فِيهِ فِي الْأُولَى مِنْ تَوْفِيَةِ مَا عَلَى الْعَبْدِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ ضَمِنَ لِنَفْسِهِ؛ وَلِهَذَا صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا وَفَّى دَيْنَهُ فِي الْأُولَى بَرِئَ السَّيِّدُ مِنْ ضَمَانِهِ لِانْتِفَاءِ فَائِدَةِ بَقَائِهِ (الرُّكْنُ الرَّابِعُ) الْحَقُّ (الْمَضْمُونُ وَيُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ ضَمَانِهِ (كَوْنُهُ ثَابِتَا لَازِمًا مَعْلُومًا) مُعَيَّنًا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ   [حاشية الرملي الكبير] مُعْتَمَدَةٍ. (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ اشْتِرَاطُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ السَّيِّدُ بِقَدْرِ الْمَالِ الَّذِي أَذِنَ فِي ضَمَانِهِ، وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعْجِزَ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا فِي يَدِهِ لِلتِّجَارَةِ) إذَا عَيَّنَ لِلْأَدَاءِ مَالَ التِّجَارَةِ فَلَمْ يَكُنْ وَافِيًا بِالدَّيْنِ تَعَلَّقَ الْبَاقِي بِالْمُسْتَقْبَلِ مِنْ كَسْبِهِ كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُقْتَصَرُ عَلَى مَا عَيَّنَهُ وَيُتْبَعُ بِالْبَاقِي إذَا عَتَقَ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُقَصِّرُ الطَّمَعَ عَلَى مَا عُيِّنَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخَانِ لِلْمَسْأَلَةِ، وَقَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَاب إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ بِكَسْبِهِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْإِذْنِ لَهُ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْكَسْبُ مُعْتَادًا أُمّ نَادِرًا (قَوْلُهُ: قُلْت: لِأَنَّ الْمَضْمُونَ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الضَّمَانِ إلَخْ) وَأَيْضًا الضَّمَانُ غَرَامَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ د وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ مَالُ تِجَارَةٍ فِي يَدِهِ، وَرِبْحُهَا كَسْبُ يَدِهِ بِاحْتِطَابٍ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَطْلَبِ بِعَدَمِ دُخُولِهِ كَذَا قِيلَ، وَيَرُدُّهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِحَادِثِ كَسْبِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ فَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: يَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِعَدَمِ صِحَّةِ ضَمَانِهِ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنٍ أَمَّا ضَمَانُهُ بِإِذْنِ مَالِكِ مَنْفَعَتِهِ فَصَحِيحٌ. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الشِّقِّ الْأَخِيرِ مِنْ كَلَامِ الْمَطْلَبِ) الْمُعْتَبَرُ إذْنُهُمَا مَعًا وَهُوَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ؛ إذْ التَّعَلُّقُ بِكَسْبِهِ شَامِلٌ لِلْمُعْتَادِ مِنْهُ وَالنَّادِرِ فَإِنْ أَذِنَ فِيهِ مَالِكُ الرَّقَبَةِ فَقَطْ صَحَّ، وَتَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ النَّادِرِ أَوْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ صَحَّ وَتَعَلَّقَ بِالْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُ السَّيِّدُ عَنْ عَبْدِهِ دَيْنًا إلَخْ) ثُمَّ إنْ أَدَّاهُ السَّيِّدُ عَنْهُ قَبْلَ عِتْقِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَكَذَا فِي الْأَصَحِّ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ ثَابِتًا) لَازِمًا مَعْلُومًا أَيْ لِلضَّامِنِ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا (قَوْلُهُ يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ) هَذَا الشَّرْطُ ضَرَرُهُ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ فَإِنَّهُ يَرِدُ عَلَى طَرْدِهِ حَقُّ الْقَسْمِ لِلْمَظْلُومَةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، وَيَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ لِلْمَرْأَةِ، وَعَلَى عَكْسِهِ دَيْنُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ يَصِحُّ ضَمَانُهُ، وَلَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 كَمَا سَيَأْتِي بَيْنَهُمَا (فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنٍ لَمْ يَجِبْ) كَدَيْنِ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ سَيَقَعُ (وَكَذَا نَفَقَةُ مَا بَعْدَ الْيَوْمِ لِلزَّوْجَةِ وَخَادِمِهَا) وَإِنْ جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهَا لِأَنَّهُ تَوْثِقَةٌ فَلَا يَتَقَدَّمُ ثُبُوتَ الْحَقِّ كَالشَّهَادَةِ وَيَكْفِي ثُبُوتُهُ بِاعْتِرَافِ الضَّامِنِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ شَخْصٌ: لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفٌ، وَأَنَا ضَامِنُهُ، فَأَنْكَرَ عَمْرٌو فَلِزَيْدٍ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ (وَيَصِحُّ) الضَّمَانُ (بِنَفَقَةِ الْيَوْمِ، وَمَا قَبْلَهُ) لِوُجُوبِهَا فَإِنَّهَا تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ أَمْ الْمُعْسِرِينَ (لَا بِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَنْ الْيَوْمِ أَمْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ سَبِيلَهَا سَبِيلُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ؛ وَلِهَذَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَبِضِيَافَةِ الْغَيْرِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي ضَمَانِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ عَنْ الْيَوْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَفِي كَلَامِ أَصْلِهِ إشَارَةٌ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: بَلْ يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ، وَفِي نُسْخَةٍ لَا نَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِمُسْتَقْبَلٍ وَلِيَوْمِهِ وَجْهَانِ فَعَلَيْهَا لَا زِيَادَةَ (فَصْلٌ يَصِحُّ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ) وَيُسَمَّى ضَمَانَ الدَّرَكِ، وَهُوَ التَّبِعَةُ أَيْ الْمُطَالَبَةُ وَالْمُؤَاخَذَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ ثَابِتٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَهُوَ ضَمَانُ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مَغْصُوبًا) أَيْ مُسْتَحَقًّا (أَوْ) إنْ (أُخِذَ بِشُفْعَةٍ سَابِقَةٍ) عَلَى الْبَيْعِ بِبَيْعٍ آخَرَ وَشَمِلَ قَوْلُهُ مَغْصُوبًا مَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ (وَ) يَصِحُّ (ضَمَانُ نَقْصِ الصَّنْجَةِ) الَّتِي وُزِنَ بِهَا الثَّمَنُ (وَالرَّدَاءَةِ) أَيْ وَضَمَانُ رَدَاءَتِهِ (لِلْبَائِعِ) وَلَا يَخْتَصُّ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ بِالثَّمَنِ بَلْ يَجْرِي فِي الْمَبِيعِ فَيَضْمَنُهُ لِلْبَائِعِ إنْ خَرَجَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُسْتَحَقًّا، أَوْ أُخِذَ وَيَضْمَنُ لِلْمُشْتَرِي رَدَاءَتَهُ وَنَقَصَ الصَّنْجَةَ الَّتِي يُوزَنُ هُوَ بِهَا (وَلَوْ اخْتَلَفَ الضَّامِنُ وَالْبَائِعُ فِي نَقْصِهَا) أَيْ الصَّنْجَةِ (صُدِّقَ الضَّامِنُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ (أَوْ) اخْتَلَفَ (الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي) فِي نَقْصِهَا (صُدِّقَ الْبَائِعُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُشْتَرِي كَانَتْ مَشْغُولَةً بِخِلَافِ الضَّامِنِ فِيمَا ذُكِرَ (فَلَوْ حَلَفَ) الْبَائِعُ (طَالَبَ) بِالنَّقْصِ (الْمُشْتَرِي لَا الضَّامِنُ) إلَّا إذَا اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ (وَلَوْ ضَمِنَ عُهْدَةَ فَسَادِ الْبَيْعِ) بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ (أَوْ) عُهْدَةَ (الْعَيْبِ أَوْ التَّلَفِ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ (صَحَّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَلَا يَنْدَرِجُ) ذَلِكَ (تَحْتَ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ) بِأَنْ يَقُولَ ضَمِنْت لَك عُهْدَةَ أَوْ دَرَكَ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ اسْتِحْقَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ الرُّجُوعُ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَسُمِّيَ مَا ذُكِرَ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ لِالْتِزَامِ الضَّامِنِ مَا فِي الْعُهْدَةِ، وَهِيَ الصَّكُّ الْمَكْتُوبُ فِيهِ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ وَضَمَانُ الدَّرَكِ لِالْتِزَامِهِ الْغُرْمَ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ (فُرُوعٌ) أَحَدُهَا فِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ وَكَيْفِيَّتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ (أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي ضَمِنْت لَك عُهْدَةَ الثَّمَنِ أَوْ دَرَكَهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا (أَوْ خَلَاصَك مِنْهُ فَإِنْ قَالَ) ضَمِنْت لَك (خَلَاصَ الْمَبِيعِ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِتَخْلِيصِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ (وَإِنْ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ كَفِيلًا بِخَلَاصِ الْمَبِيعِ بَطَلَ) الْبَيْعُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ كَفِيلًا بِالثَّمَنِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ضَمِنَ الْعُهْدَةَ) أَيْ عُهْدَةَ الثَّمَنِ (وَخَلَاصَ الْمَبِيعِ مَعًا صَحَّ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ لَا) ضَمَانُ (خَلَاصِ الْمَبِيعِ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (وَلَوْ خَصَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ بِنَوْعٍ كَخُرُوجِ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا فَلَا يُطَالَبُ بِجِهَةٍ أُخْرَى، وَإِنْ عَيَّنَ) جِهَةً (غَيْرَ) جِهَةِ (الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ يُطَالَبْ عِنْدَ) ظُهُورِ (الِاسْتِحْقَاقِ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ عَيَّنَ إلَى آخِرِهِ لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ (الْفَرْعُ الثَّانِي يُشْتَرَطُ أَنْ يَضْمَنَ مِنْ بَعْدِ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) الَّذِي يُرَادُ ضَمَانُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلَزِمَهُ رَدُّهُ بِتَقْدِيرِ مَا ذُكِرَ (وَ) بَعْدَ (الْعِلْمِ) أَيْ عِلْمِهِ (بِهِ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْرُهُ فِي الْمُرَابَحَةِ مَعْلُومًا (الْفَرْعُ الثَّالِثُ يَصِحُّ ضَمَانُ عُهْدَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ) لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ (بَعْدَ الْأَدَاءِ) أَيْ أَدَائِهِ لِلْمُسْلَمِ (إنْ اسْتَحَقَّ رَأْسَ الْمَالِ) الْمُعَيَّنِ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْأَدَاءِ لِمَا مَرَّ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُسْلَمِ إنْ اسْتَحَقَّ   [حاشية الرملي الكبير] غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ الَّذِي لِلْمَرِيضِ الْمُعْسِرِ أَوْ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَلَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ فس (قَوْلُهُ: كَدَيْنِ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ فَيَقَعُ) وَنُجُومُ كِتَابَةٍ وَدَيْنُهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْأَصْلِ إشَارَةٌ إلَيْهِ) وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالْمَضْمُونُ فِي هَذَا الْفَصْلِ لَيْسَ هُوَ رَدَّ الْعَيْنِ، وَإِلَّا لَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَجِبَ قِيمَتُهُ عِنْدَ التَّلَفِ بَلْ الْمَضْمُونُ إنَّمَا هُوَ مَالِيَّتُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّهِ حَتَّى لَوْ بَانَ الِاسْتِحْقَاقُ وَالثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا يُطَالَبُ الضَّامِنُ بِقِيمَتِهِ قَالَ: وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدِي، وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا (قَوْلُهُ بِبَيْعٍ آخَرَ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: بِبَيْعٍ سَابِقٍ عَمَّا لَوْ ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْبَيْعِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الضَّامِنِ وَلَوْ ظَهَرَ مَرْهُونًا مَقْبُوضًا فَهَلْ هُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مِنْ فُرُوعِ الْوَجْهَيْنِ أَوْ يُقْطَعُ بِأَنَّ الضَّامِنَ غَارِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ، وَيَكُونَ كَالشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ السَّابِقِ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَكُونُ غَارِمًا، وَفِي الْمَطْلَبِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مِنْ فُرُوعِ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ عِنْدِي غَيْرُ مُسَلَّمٍ [فَرْعٌ فِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ وَكَيْفِيَّتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ] (قَوْلُهُ بِخَلَاصِ الْمَبِيعِ) أَيْ أَوْ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ عَيَّنَ إلَى آخِرِهِ لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ) لَيْسَ كَذَلِكَ لِشُمُولِهِ مَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ كَمَا لَوْ ضَمِنَ فَسَادَ الْبَيْعِ بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ عُهْدَةِ الْعَيْبِ أَوْ تَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: الثَّانِي: أَنْ يَضْمَنَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ: بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ مَا لَوْ ثَبَتَ دَيْنٌ عَلَى غَائِبٍ فَبَاعَ الْحَاكِمُ عَقَارَهُ مِنْ الْمُدَّعِي بِدِينِهِ، وَضَمِنَ لَهُ الدَّرَكَ شَخْصٌ إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ، وَنَحْوُهُ مَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ لَوْ أَجَّرَ الْمَدْيُونُ وَقْفًا عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ، وَضَمِنَ ضَمَانَ الدَّرَكِ، ثُمَّ بَانَ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ لِمُخَالَفَتِهَا شَرْطَ الْوَاقِفِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانَ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ أُجْرَةٌ بِحَالِهِ فَلَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ ضَمَانِ الدَّرَكِ فِي الْإِجَارَةِ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَالسُّبْكِيُّ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِلْبَائِعِ: لَا أَعْرِفُك فَائْتِنِي بِمَنْ يَعْرِفُك فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَعْرِفُهُ ثُمَّ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةُ الرَّجُلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 الْمُسْلَمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ، وَالِاسْتِحْقَاقُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَقْبُوضِ (وَلَوْ بَانَ) فِي صُورَةِ ضَمَانِ عُهْدَةِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي (فَسَادُ الْعَقْدِ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ) غَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ (أَوْ فُسِخَ) الْعَقْدُ (بِعَيْبٍ أَوْ وَجَبَ بِهِ أَرْشٌ) لِحُدُوثِ مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِهِ كَحُدُوثِ عَيْبٍ عِنْدَهُ (أَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ) بِتَلَفِ الْمَبِيعِ أَوْ نَحْوِهِ (لَمْ يُطَالَبْ) بِالثَّمَنِ أَوْ الْأَرْشِ (ضَامِنُ الْعُهْدَةِ) بَلْ الْبَائِعُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ ضَمَانِهَا إنَّمَا هُوَ الرُّجُوعُ عَلَى الضَّامِنِ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا مَرَّ، وَقَيَّدَ الْأَخِيرَةَ بِقَبْلِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَبَعْدَ الْقَبْضِ كَذَلِكَ كَالْفَسْخِ بِخِيَارِ شَرْطٍ، أَوْ مَجْلِسٍ أَوْ تَقَايُلٍ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا يُطَالَبُ الضَّامِنُ كَالْبَائِعِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ هُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ خُرُوجَهُ مَرْهُونًا أَوْ نَحْوَهُ دَاخِلٌ فِي خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا (وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا طُولِبَ الضَّامِنُ بِقِسْطِ الْمُسْتَحِقِّ) مِنْ الثَّمَنِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ سَوَاءٌ أَفَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ أَمْ أَجَازَهُ (الْفَرْعُ الرَّابِعُ) لَوْ (ضَمِنَ) فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (عُهْدَةَ) ثَمَنِ (الْأَرْضِ وَأَرْشَ نَقْصِ مَا يُغْرَسُ وَيُبْنَى فِيهَا إنْ قُلِعَ بِاسْتِحْقَاقِهَا) فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا شَخْصٌ وَغَرَسَ فِيهَا أَوْ بَنَى ثُمَّ ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً (لَمْ يَصِحَّ ضَمَانُ الْأَرْشِ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عِنْدَ ضَمَانِهِ (وَفِي الْعُهْدَةِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ) وَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ وَقَوْلُهُ: إنْ قَلَعَ بِاسْتِحْقَاقِهَا تَصْوِيرٌ لِوُجُوبٍ الْأَرْشِ وَلَوْ ضَمِنَ الْأَرْشَ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَلْعِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُمَا صَحَّ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ وَمِمَّا يَأْتِي (وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ بِهِمَا) أَيْ بِعُهْدَةِ الْأَرْضِ وَالْأَرْشِ فِيمَا ذُكِرَ (كَفِيلًا فِي الْبَيْعِ فَكَشَرْطِ رَهْنٍ فَاسِدٍ فِي الْبَيْعِ) فَيَبْطُلُ، وَقَوْلُهُ: بِهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِ كَفِيلًا، وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى [فَصْلٌ ضَمَانُ الدَّيْنِ غَيْرِ اللَّازِمِ] (فَصْلٌ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ) الدَّيْنِ (غَيْرِ اللَّازِمِ) إذَا لَمْ يَؤُلْ إلَى اللُّزُومِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (كَنُجُومِ الْمُكَاتَبِ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا كَمَا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِلتَّوَثُّقِ (وَيَصِحُّ) الضَّمَانُ (عَنْهُ بِغَيْرِهَا) لِأَجْنَبِيٍّ (لَا لِلسَّيِّدِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ غَيْرَهَا يَسْقُطُ أَيْضًا عَنْ الْمُكَاتَبِ بِعَجْزِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَيَصِحُّ) الضَّمَانُ (بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لِأَنَّهُ بَعْدَهَا لَازِمٌ وَقَبْلَهَا آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ عَنْ قُرْبٍ فَاحْتِيجَ فِيهِ إلَى التَّوَثُّقِ، وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ تَصْحِيحَ الضَّمَانِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ أَمَّا إذَا مَنَعَهُ فَهُوَ ضَمَانٌ مَا لَمْ يَجِبْ، وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ الْمُتَّجَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ (وَ) يَصِحُّ (بِالصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ) لِلُزُومِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا، وَلَا نَظَرَ فِيهِ، وَفِيمَا ضَمِنَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إلَى احْتِمَالِ سُقُوطِهِمَا كَمَا لَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ سُقُوطِ اللَّازِمِ وَالْمُسْتَقِرِّ بِالْإِبْرَاءِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِمَا (لَا) ضَمَانُ (مَالِ الْجَعَالَةِ) فَلَا يَصِحُّ (وَلَوْ شَرَعَ) فِي الْعَمَلِ كَالرَّهْنِ بِهِ (، وَضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ) الثَّابِتَةِ (فِي الذِّمَّةِ كَالْمَالِ) فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا (فَصْلٌ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَجْهُولِ) وَلَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ، وَلَا مَا لَا يُتَبَرَّعُ بِهِ كَقِصَاصٍ وَشُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ كَالْبَيْعِ، وَبِهِ مَعَ مَا مَرَّ أَيْضًا يُعْلَمُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ (وَلَا) يَصِحُّ (الْإِبْرَاءُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَجْهُولِ (لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ) لِلْمَدِينِ مَا فِي ذِمَّتِهِ (لَا إسْقَاطٌ) كَالْإِعْتَاقِ (فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا) أَيْ الْمُبْرِئِ وَالْمُبْرَأِ (بِالدَّيْنِ) كَمَا فِي عَاقِدَيْ الْهِبَةِ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ هُنَا لَكِنَّهُ تَبِعَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ أَوْ أَخَّرَ الصَّدَاقَ، وَتَصْحِيحُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُبْرَأِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ انْتَهَى، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ، وَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا، الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِسْقَاطُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ فِي مُقَابَلَةِ طَلَاقٍ اُعْتُبِرَ عِلْمُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى مُعَاوَضَةٍ فَيَخُصُّ كَلَامَهُمْ بِمَا لَا عِوَضَ فِيهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّجْعَةِ مِنْ الرَّوْضَةِ قَالَ الْمُخْتَارُ: إنَّ كَوْنَ الْإِبْرَاءِ تَمْلِيكًا أَوْ إسْقَاطًا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُطْلَقُ فِيهَا تَرْجِيحٌ بَلْ يَخْتَلِفُ الرَّاجِحُ بِحَسَبِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ وَضَعْفِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ تَصْحِيحَ الضَّمَانِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي الْمُخَالِفُ لَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ مِلْكَ الْمَبِيعُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَلَامُ الْإِمَامِ [فَصْلٌ ضَمَانُ الْمَجْهُولِ] (قَوْلُهُ: وَبِهِ مَعَ مَا مَرَّ أَيْضًا يُعْلَمُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ) لَوْ ضَمِنَ دَيْنًا وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ فَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ وَيَلْزَمُهُ عَلَى صِفَتَيْهِ مِنْ الْحُلُولِ أَوْ التَّأْجِيلِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ حَكَاهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا (فَرْعٌ) هَلْ قَوْلُهُ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ كَذَا صَرِيحٌ فِي الْإِبْرَاءِ أَوْ كِنَايَةٌ فِيهِ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَخُصُّ كَلَامُهُمْ بِمَا لَا عِوَضَ فِيهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ هُنَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ كَصُلْحِ الْحَطِيطَةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمُبْرَأِ مِنْهُ كَمَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ، وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ اللَّفْظَ بِوَضْعِهِ يَقْتَضِيهِ أَيْ لِقِيَامِ صُورَةِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْدَفِعُ التَّنَاقُضُ (قَوْلُهُ بَلْ يَخْتَلِفُ الرَّاجِحُ بِحَسَبِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ وَضَعْفِهِ) أَيْ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوا تَعْلِيقَهُ بِالشَّرْطِ وَأَبْطَلُوهُ مِنْ الْمَجْهُولِ، وَمَنَعُوا إبْهَامَ الْمَحَلِّ فِيمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا دَيْنٌ فَقَالَ: أَبْرَأْت أَحَدَكُمَا، وَلَوْ كَانَ إسْقَاطًا لَصَحَّ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَرَجَّحُوا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمَدْيُونِ بِهِ، وَلَا قَبُولُهُ وَأَنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لَشُرِطَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلِهَذَا تَوَسَّطَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فَقَالَ: إنَّهُ تَمْلِيكٌ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ إسْقَاطٌ فِي حَقِّ الْمَدْيُونِ وَذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُبْرِئَ مِنْ مَجْهُولٍ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَذْكُرَ عَدَدًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ مَثَلًا فَيَقُولُ: أَبْرَأْتُك مِنْ مِائَةٍ، وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك مِنْ الدَّعْوَى، وَلَمْ يَبْرَأْ، وَلَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا وَيَكْفِي فِي الْإِبْرَاءِ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْوَكِيلِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ (وَإِنْ مَلَّكَهُ) أَيْ مَدِينُهُ (مَا فِي ذِمَّتِهِ بَرِئَ) مِنْهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ (وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ كَالْإِبْرَاءِ) وَاحْتَجَّ الْمُتَوَلِّي بِذَلِكَ لِكَوْنِ الْإِبْرَاءِ تَمْلِيكًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ تَمْلِيكًا لَافْتَقَرَ إلَى نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: مَلَّكْتُك رَقَبَتَك أَوْ لِزَوْجَتِهِ مَلَّكْتُك نَفْسَكَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ الْقَبُولُ فِي الْإِبْرَاءِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ أَبْرَأَ أَحَدَ خَصْمَيْهِ) مُبْهَمًا (لَمْ يَصِحَّ أَوْ) أَبْرَأَ وَارِثٌ (عَنْ دَيْنِ مُوَرِّثٍ) لَهُ (لَمْ يَعْلَمْ مَوْتَهُ صَحَّ) كَمَا فِي الْبَيْعِ فِيهِمَا (فَرْعٌ) لَوْ (اسْتَحَلَّ مِنْهُ مِنْ غِيبَةٍ) اغْتَابَهَا لَهُ وَ (لَمْ يُبَيِّنْهَا) لَهُ (فَأَحَلَّهُ) مِنْهَا (فَهَلْ يَبْرَأُ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ كَمَنْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْ عَبْدٍ ثُمَّ عَفَا سَيِّدُهُ عَنْ الْقِصَاصِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ الْمَقْطُوعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رِضَاهُ، وَلَا يُمْكِنُ الرِّضَا بِالْمَجْهُولِ، وَيُفَارِقُ الْقِصَاصَ بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ بِخِلَافِ إسْقَاطِ الْمَظَالِمِ (وَجْهَانِ) جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِالثَّانِي، قَالَ: لِأَنَّهُ قَدْ يُسَامَحُ بِشَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ، وَزَعَمَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ وَغَيْرِهِ الْجَزْمُ بِهِ (وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْأَرْشِ) بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (كَالْإِبْرَاءِ عَنْهُ وَلَوْ) كَانَ الْمَضْمُونُ أَوْ الْمُبْرَأُ عَنْهُ (إبِلًا) حَتَّى إبِلَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةُ السِّنِّ وَالْعَدَدِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ اُغْتُفِرَ جَهْلُ صِفَتِهَا فِي إثْبَاتِهَا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي فَيُغْتَفَرُ فِي ضَمَانِهَا وَالْإِبْرَاءِ عَنْهَا تَبَعًا لَهُ، وَيَرْجِعُ فِي صِفَتِهَا إلَى غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ، وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَبِإِبِلِ الدِّيَةِ (وَيَرْجِعُ) ضَامِنُهَا إنْ ضَمِنَهَا بِالْإِذْنِ، وَغَرِمَهَا (بِمِثْلِهَا لَا الْقِيمَةِ) كَمَا فِي الْقَرْضِ، وَقِيلَ: الْعَكْسُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدِّيَةِ عَنْ الْعَاقِلَةِ قَبْلَ الْحُلُولِ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ ثَابِتَةٍ بَعْدُ وَلَوْ سُلِّمَ ثُبُوتُهَا فَلَيْسَتْ لَازِمَةً وَلَا آيِلَةً إلَى اللُّزُومِ عَنْ قُرْبٍ بِخِلَافِ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ (وَلَوْ ضَمِنَ أَوْ أَبْرَأَ) مِنْ الدَّيْنِ (مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ، أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ صَحَّ) كُلٌّ مِنْ الضَّمَانِ وَالْإِبْرَاءِ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ (وَتَعَيَّنَ) لِلضَّمَانِ أَوْ لِلْإِبْرَاءِ (مَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ) بِقَوْلِهِ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ، أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ، فَيَتَعَيَّنُ فِي الْأُولَى تِسْعَةٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثَمَانِيَةٌ كَمَا يَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الْإِقْرَارِ لَكِنَّهُ ذُكِرَ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ وَقَعَ ثَلَاثٌ، وَقِيَاسُهُ تَعَيُّنُ الْعَشَرَةِ فِي الْأُولَى هُنَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا، وَعَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلنَّوَوِيِّ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَالظَّاهِرُ اسْتِيفَاؤُهُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ الَّذِي يُضْمَنُ وَيُبْرَأُ مِنْهُ (وَإِنْ قَالَ جَاهِلًا) بِقَدْرِ الدَّيْنِ (ضَمِنْت) لَك (دَرَاهِمَك) الَّتِي (عَلَيْهِ فَهَلْ يَصِحُّ) ضَمَانُهُ (فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا) لِدُخُولِهَا فِي اللَّفْظِ بِكُلِّ حَالٍ (وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَجَّرْتُك كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ هَلْ يَصِحُّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ قَالَ: وَمِثْلُهُ الْإِبْرَاءُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ تَصْحِيحُ الْمَنْعِ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِي التَّفْوِيضِ فِي الصَّدَاقِ يَقْتَضِي تَصْحِيحَ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ أَبْطَلَ الْإِبْرَاءَ فِي غَيْرِ الْمُتَيَقَّنِ، وَجَعَلَ الْمُتَيَقَّنَ عَلَى وَجْهَيْنِ مِنْ تَفْرِيق الصَّفْقَةِ، هَذَا وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ: أَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ يَقُولُ: الْمُتَيَقَّنُ دِرْهَمَانِ فَعَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمَانِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الضَّامِنُ مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ، وَمَا قَالَهُ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْإِبْرَاءِ (فَرْعٌ لَوْ ضَمِنَ عَنْهُ زَكَاتَهُ صَحَّ) كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ (وَيُعْتَبَرُ الْإِذْنُ عِنْدَ الْأَدَاءِ) كَمَا لَوْ أَخْرَجَ عَنْهُ غَيْرُهُ زَكَاتَهُ بِلَا ضَمَانٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الضَّمَانِ عَنْ الْحَيِّ أَمَّا الْمَيِّتُ فَيَجُوزُ أَدَاءُ الزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، وَإِنْ انْتَفَى الْإِذْنُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَهُ ضَمَانٌ أَمْ لَا قَالَ: ثُمَّ إنْ كَانَتْ الزَّكَاةُ فِي الذِّمَّةِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعَيْنِ فَيَظْهَرُ صِحَّتُهَا أَيْضًا كَمَا أَطْلَقُوهُ   [حاشية الرملي الكبير] لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إنَّمَا يَكُونُ تَمْلِيكًا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الدَّيْنَ مَالٌ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ مَالًا فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ فَإِنَّ أَحْكَامَ الْمَالِيَّةِ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي حَقِّهِ اهـ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: اشْتِرَاطُ عِلْمِ الْمَدْيُونِ مُفَرَّعٌ عَلَى اعْتِبَارِ قَبُولِهِ أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ عِلْمُهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ الْقَبُولُ فِي الْإِبْرَاءِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا صَحَّحَهُ يُشْكَلُ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَقْفِ وَهُوَ أَنَّا إذَا شَرَطْنَا الْقَبُولَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ لَمْ نَشْرِطْهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا هُنَاكَ: إذَا رَدَّ يَبْطُلُ حَقُّهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْرَاءِ يَمْلِكُ الدَّيْنَ فِي ذِمَّةِ مَنْ عَلَيْهِ، وَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ وَقَدْ نَفَذَ الْإِبْرَاءُ فَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِحُصُولِهِ فِي مِلْكِ الْمَدْيُونِ قَهْرًا مِمَّنْ كَانَ يَمْلِكُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ التَّصَرُّفَ فِيمَا وَقَفَهُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَارْتَدَّ بِرَدِّهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ قَبُولُهُمْ لَبَعُدَ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ، وَالْوَقْفُ تَمْلِيكٌ لِلرِّيعِ (قَوْلُهُ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِالثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: وَلَوْ أَنَّهُ حَلَّلَهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَجَبَ لَهُ لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يُبَيِّنَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ حَلَّلَهُ مِنْ كَذَا إلَى كَذَا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَمِنَ أَوْ أَبْرَأَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ قَالَ: أُعْطُوهُ مِنْهُ وَاحِدًا إلَى عَشَرَةٍ، وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْحِسَابَ فَلِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّهُ الْحَاصِلُ مِنْ جَمْعِ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ عَلَى تَوَالِي الْعَدَدِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ: لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُطَّرِدٌ فِي الْإِقْرَارِ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ وَلَا يَكُونُ وَجْهًا ثَالِثًا فَمَتَى ثَبَتَ أَنَّهُ أَرَادَهُ لَزِمَهُ الْجُمْلَةُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ تَصْحِيحُ الْمَنْعِ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَهُ فِي التَّفْوِيضِ فِي الصَّدَاقِ يَقْتَضِي تَصْحِيحَ الصِّحَّةِ) هُوَ الرَّاجِحُ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ انْتَهَى فَيَجِبُ تَقْيِيدُ الْعَيْنِ هُنَا بِمَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهَا، وَلَمْ يُؤَدِّهَا، وَفِي مَعْنَى الزَّكَاةِ الْكَفَّارَةُ (فَصْلٌ) فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ، وَتُسَمَّى أَيْضًا كَفَالَةَ الْوَجْهِ (تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ يَصِحُّ ضَمَانُهُ، وَلَوْ جَهِلَ) قَدْرَهُ، أَوْ كَانَ زَكَاةً لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا وَاسْتُؤْنِسَ لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} [يوسف: 66] وَخَرَجَ بِمَنْ عَلَيْهِ مَالٌ يَصِحُّ ضَمَانُهُ التَّكَفُّلُ بِبَدَنِ غَيْرِهِ كَالتَّكَفُّلِ بِبَدَنِ مُكَاتَبٍ لِلنُّجُومِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْعِلْمَ بِقَدْرِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ بِالْبَدَنِ لَا بِالْمَالِ، وَقَوْلُهُ: كَأَصْلِهِ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ يُوهِمُ أَنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عِنْدَهُ مَالٌ لِغَيْرِهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ تَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي: أَوْ اسْتَحَقَّ إحْضَارَهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِبَدَنِ الْمَحْبُوسِ وَالْغَائِبِ وَإِنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْغَرَضِ مِنْهُمَا حَالًا (أَوْ) بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ (عُقُوبَةٌ لِآدَمِيٍّ) كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ لِأَنَّهَا حَقٌّ لَازِمٌ كَالْمَالِ وَلِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ (لَا) بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ (لِلَّهِ) تَعَالَى لِبِنَاءِ حَقِّهِ - تَعَالَى عَلَى الدَّرْءِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْعُقُوبَةِ فِي حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ فِيهِ بِالْحَدِّ لِشُمُولِهِ التَّعْزِيرَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْمَنْعِ حَيْثُ لَا يَتَحَتَّمُ اسْتِيفَاءُ الْعُقُوبَةِ فَإِنْ تَحَتَّمَ. وَقُلْنَا: لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالصِّحَّةِ (وَالضَّابِطُ) لِصِحَّةِ الْكَفَالَةِ (صِحَّتُهَا) أَيْ وُقُوعِهَا (بِالْإِذْنِ) مِنْ الْمَكْفُولِ مَعَ مَعْرِفَةِ الْكَفِيلِ لَهُ؛ إذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ إلْزَامُ غَيْرِهِ بِالْحُضُورِ إلَى الْحَاكِمِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إذْنُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلَا مَعْرِفَتُهُ لِجَوَازِ التَّبَرُّعِ بِأَدَاءِ دَيْنٍ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَعْرِفَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذُكِرَ مَعْرِفَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْمَضْمُونِ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ (بِمَنْ) أَيْ بِبَدَنِ مَنْ (لَزِمَهُ إجَابَةٌ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ اسْتَحَقَّ إحْضَارَهُ) إلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِعْدَادِ لِلْحَقِّ (كَدَعْوَى زَوْجِيَّتِهَا) أَيْ كَالْكَفَالَةِ بِبَدَنِ امْرَأَةٍ يَدَّعِي رَجُلٌ زَوْجِيَّتَهَا؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ إلَى مَا ذُكِرَ لَازِمَةٌ لَهَا، وَلِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهَا (وَعَكْسُهُ) أَيْ وَكَالْكَفَالَةِ بِبَدَنِ رَجُلٍ تَدَّعِي امْرَأَةٌ زَوْجِيَّتَهُ لِذَلِكَ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا الْكَفَالَةُ بِهَا) أَيْ بِالْمَرْأَةِ (لِمَنْ ثَبَتَتْ زَوْجِيَّتُهُ) وَكَذَا عَكْسُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مُولِيًا (وَ) تَصِحُّ (بِبَدَنِ آبِقٍ) لِمَالِكِهِ (وَأَجِيرٍ) لِمُسْتَأْجَرِهِ لِمَا ذَكَر وَقَيَّدَهُ الْأَصْلُ بِالْعَيْنِ فَإِنْ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمُشْتَرَكِ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ أَوْ عَنْ الْمُبْهَمِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي (وَ) بِبَدَنِ (مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ) لِمَا ذُكِرَ وَلِأَنَّ مُعْظَمَ الْكَفَالَاتِ إنَّمَا يَقَعُ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَهَذَا يَشْمَلُ بَعْضَ مَنْ تَقَدَّمَ (وَكَذَا) بِبَدَنِ (مَيِّتٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) فِي الْأَخِيرَيْنِ (وَالْوَرَثَةِ) فِي الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ إحْضَارَهُمْ (لِيَشْهَدَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى صُورَتِهِمْ إذَا تَحَمَّلَ الشُّهُودُ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَعْرِفُوا اسْمَهُمْ وَنَسَبَهُمْ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ فَإِنْ دُفِنَ لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ، وَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ ضَمِنَ عَنْهُ زَكَاتَهُ] قَوْلُهُ كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ: وَفِي تَشْبِيهِ ضَمَانِ عَيْنِ مَالِ الزَّكَاةِ بِضَمَانِ رَدِّ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَنَحْوِهَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ هُوَ غَلَطٌ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْعَيْنَ إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا قَطْعًا. اهـ. يُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَيْهِمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْأَوَّلِ صُدُورُ ضَمَانِهَا بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إخْرَاجِهَا، وَصُورَةُ الثَّانِي قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ [فَصْلٌ فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ] فَصْلٌ (قَوْلُهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: هَذَا التَّعْبِيرُ قَاصِرٌ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي جَوَازُ الْكَفَالَةِ بِالْحُقُوقِ كَالْمَرْأَةِ لِمَنْ يَدَّعِي زَوْجِيَّتَهَا، وَلِهَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ حَقٌّ تَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ ثَابِتًا فِي الظَّاهِرِ أَمْ لَا وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ مَالِيٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ صِحَّتُهَا إذَا صَحَّ ضَمَانُ ذَلِكَ فِي الذِّمَّةِ. اهـ. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ ضَمَانُ الزَّكَاةِ بِإِذْنِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْأَدَاءُ بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى مُعَامَلَةِ الْغَرِيبِ وَلَا يُوثَقُ بِمِلْكِهِ وَيُخَافُ عَدَمُ الظَّفَرِ بِهِ وَلَوْ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ إنْ لَمْ يَخْرُجْ مُسْتَحَقًّا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ خَرَجَ بَانَ وُجُوبُ رَدِّ الثَّمَنِ وَصِحَّةُ الضَّمَانِ، وَلَا جَهَالَةَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَعْلُومٌ فَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ فَهُوَ بَعْضُ مَا ضَمِنَهُ فَلَا يَضُرُّ جَهَالَتُهُ كَصِحَّةِ الْبَيْعِ فِيمَا إذَا خَرَجَ بَعْضُ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهَا فِي الْإِعْصَارِ كَالْمَالِ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِالْعَبَّاسِ تَكَفَّلَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي سُفْيَانَ (قَوْلُهُ كَالتَّكَفُّلِ بِبَدَنِ مُكَاتَبٍ لِلنُّجُومِ) أَوْ بِبَدَنِ مَنْ أَخَذَهُ ظَالِمٌ لِيُصَادِرَهُ. (قَوْلُهُ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) مَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا يَدْخُلُهُ الْمَالُ كَالْقِصَاصِ أَوْ لَا كَالْقَذْفِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ إلَخْ مَا تَفَقَّهَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ فَيُؤْخَذُ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَاسْتُشْكِلَ تَصْوِيرُ الْكَفَالَةِ بِحَدِّ اللَّهِ - تَعَالَى؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَهُ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ، وَأُجِيبَ بِتَصْوِيرِهِ بِأَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا مِثْلًا فِي وَقْتٍ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ فِيهِ كَالْحَرِّ الشَّدِيدِ وَنَحْوِهِ فَيَجِيءُ مَنْ يَتَكَفَّلُ بِبَدَنِهِ لِيَتْرُكَهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الِاسْتِعْدَادِ لِلْحَقِّ) أَيْ لِإِثْبَاتِهِ أَوْ اسْتِيفَائِهِ (قَوْلُهُ وَبِبَدَنِ آبِقٍ وَأَجِيرٍ) أَيْ وَغَائِبٍ، وَمَحَلُّهُ فِي الْمُمْكِنِ حُضُورُهُ فَأَمَّا الْمُنْقَطِعُ الْخَبَرِ فَلَا يَجُوزُ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّجْرِيدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ فَوْقَهَا وَلَكِنْ تَكَفَّلَ بِإِحْضَارِهِ إلَى مَكَان يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ فِيهِ. اهـ. مَا بَحَثَهُ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ الْمُبْهَمِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: أَرَادَ بِهِ مُقَابِلَ الْمُبْهَمِ، وَأَتَى بِهِ هُنَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِالْمُعَيَّنِ غَيْرُ الْمُشْتَرَكِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُعَيَّنَ تَحْتَهُ أَمْرَانِ مُعَيَّنٌ خَاصٌّ وَمُشْتَرَكٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا بِبَدَنِ مَيِّتٍ) قَالَ فِي الْقُوتِ: الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ الدَّفْنِ، وَعِنْدَ الْأَمْنِ مِنْ التَّغَيُّرِ بِالتَّأْخِيرِ وَعِنْدَ عَدَمِ النَّقْلِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَإِنْ أَذِنَ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي بِلَا نَقْلٍ، وَقَوْلُهُ: قَالَ فِي الْقُوتِ: الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 لَمْ يَتَغَيَّرْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ الْآتِي فِيمَا إذَا تَكَفَّلَ بِبَدَنِ الْحَيِّ فَمَاتَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ (وَيُطَالِبُونَ) أَيْ الْوَلِيَّ وَالْوَرَثَةَ (بِالْإِحْضَارِ) عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَاعْتِبَارُ إذْنِ الْوَرَثَةِ وَمُطَالَبَتُهُمْ بِالْإِحْضَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَدَخَلَ فِي الْوَرَثَةِ بَيْتُ الْمَالِ وَبَقِيَ مَا لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ وَانْتَقَلَ مَالُهُ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَأَمَّا السَّفِيهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ إذْنِهِ وَمُطَالَبَتِهِ دُونَ وَلِيِّهِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ إذْنُ وَلِيِّهِ لَا إذْنُهُ (فَرْعٌ) يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ مُعَيَّنًا كَمَا فِي ضَمَانِ الدَّيْنِ فَلَوْ (كَفَلَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا (بِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ) مُبْهَمًا أَيْ بِبَدَنِهِ (لَمْ تَصِحَّ) كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ فَإِنْ قُلْت كَفَّلَ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] فَلِمَ عَدَّاهُ الْمُصَنِّفُ بِغَيْرِهِ قُلْت ذَاكَ بِمَعْنَى عَالٍ وَمَا هُنَا بِمَعْنَى ضَمِنَ وَالْتُزِمَ، وَاسْتِعْمَالُ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَهُ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ مُؤَوَّلٌ فَإِنَّ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَغَيْرَهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ لَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ إلَّا مُتَعَدِّيًا بِغَيْرِهِ (فَصْلٌ يَصِحُّ ضَمَانُ رَدِّ كُلِّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ) عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ (كَمَغْصُوبٍ أَوْ مَبِيعٍ لَمْ يَقْبِضْ وَمُسْتَعَارٍ) كَمَا يَصِحُّ بِالْبَدَنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا الْمَالُ (وَيَبْرَأُ) الضَّامِنُ (بِرَدِّهَا) لِلْمَضْمُونِ لَهُ (وَكَذَا) يَبْرَأُ (بِتَلَفِهَا) فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا كَمَا لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الدَّيْنُ (وَلَوْ ضَمِنَ الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَةَ الْعَيْنِ (إنْ تَلِفَتْ لَمْ يَصِحَّ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ قِيمَةَ الْعَيْنِ بِتَلَفِهَا وَلِعَدَمِ ثُبُوتِ الْقِيمَةِ، وَمَحَلُّ صِحَّةِ ضَمَانِ الْعَيْنِ إذَا أَذِنَ فِيهِ وَاضِعُ الْيَدِ أَوْ كَانَ الضَّامِنُ قَادِرًا عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْهُ نَقَلَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَلَوْ تَكَفَّلَ بِعَبْدٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ جَازَ) كَمَا يَجُوزُ بِبَدَنِ الْحُرِّ وَبِسَائِرِ الْأَعْيَانِ السَّابِقَةِ (وَأَمَّا) الْعَيْنُ (غَيْرُ الْمَضْمُونَةِ) عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ (كَالْوَدِيعَةِ) وَالْوَصِيَّةِ وَالْمُؤَجَّرِ وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ (فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا) لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةِ الْعَيْنِ وَالرَّدِّ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْأَمِينِ التَّخْلِيَةُ فَقَطْ (وَلَا) يَصِحُّ (ضَمَانُ تَسْلِيمِ الْمَرْهُونِ) لِلْمُرْتَهِنِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ (وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ) أَيْ عُهْدَةِ الثَّمَنِ (وَالثَّمَنُ مُعَيَّنٌ) بَاقٍ بِيَدِ الْبَائِعِ (ضَمَانُ عَيْنٍ) وَتَعْبِيرِي بِعُهْدَةِ الثَّمَنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّافِعِيِّ بِعُهْدَةِ الْمَبِيعِ، وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ أَنَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ يَكُونُ ضَمَانَ عَيْنٍ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا بَاقِيًا بِيَدِ الْبَائِعِ وَضَمَانُ ذِمَّةٍ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا وَغَيْرَ مُعَيَّنٍ فَإِنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ لَهُ وَإِذَا قَبَضَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ تَعَيَّنَ، وَلَا أَثَرَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ فِي الْعَقْدِ قُلْت: بَلْ لَهُ أَثَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا بِخِلَافِهِ فِي الْمُعَيَّنِ فَالْمَضْمُونُ هُنَا رَدُّ الْعَيْنِ الْوَاجِبَةِ فِي الْعَقْد عَيْنًا حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ بَدَلُهَا كَمَا مَرَّ، وَالْمَضْمُونُ ثَمَّ مَالِيَّةُ الْعَيْنِ الَّتِي لَيْسَتْ كَذَلِكَ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّهَا حَتَّى لَوْ بَقِيَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ، وَخَرَجَ الْمُقَابِلُ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ بَدَلُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ تَفَقُّهًا (فَإِنْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ بَعْدَ تَلَفِهِ) أَيْ الثَّمَنِ بِيَدِ الْبَائِعِ (فَكَمَا) لَوْ كَانَ (فِي الذِّمَّةِ) وَضَمِنَ الْعُهْدَةَ فَيَكُونُ ضَمَانَ ذِمَّةٍ (فَصْلٌ وَإِنْ عَيَّنَ) الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ (لِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ) أَيْ لِتَسْلِيمِهِ لِلْمَكْفُولِ لَهُ (مَكَانًا تَعَيَّنَ وَمَتَى أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى مَوْضِعِ الْعَقْدِ) كَمَا فِي السَّلَمِ فِيهِمَا، وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ مَوْضِعُ التَّكَفُّلِ كَاللُّجَّةِ أَوْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ الْوَلِيُّ) فَلَوْ زَالَ الْحَجْرُ أَوْ انْعَزَلَ بَطَلَتْ مُطَالَبَتُهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ) اُعْتُبِرَ فِي الْمَطْلَبِ إذْنُ الْوَارِثِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: يُتَّجَهُ اشْتِرَاطُ إذْنِ كُلِّ الْوَرَثَةِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ يُعْتَبَرُ إذْنُ الْوَلِيِّ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَقُولُ: إنَّهُ إذَا مَاتَ عَنْ أَبٍ وَزَوْجَةٍ وَأَوْلَادٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إذْنُ الْجَمِيعِ وَلَا يَكْفِي إذْنُ الْأَبِ فِي ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ فِي حِجْرِهِ لِسَفَهٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ أَنَّهُ يَكْفِي إذْنُ وَارِثٍ وَاحِدٍ فَقَطْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَيِّتَ إذَا مَاتَ، وَعَلَيْهِ صَوْمٌ وَصَامَ عَنْهُ الْأَجْنَبِيُّ كَفَاهُ أَنْ يَصُومَ بِإِذْنِ قَرِيبٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ ضَمَانُ رَدِّ كُلِّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَصِحُّ ضَمَانُ رَدِّ كُلِّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ) وَإِنْ لَمْ تَلْزَمُ مُؤْنَةٌ رَدَّهَا (قَوْلُهُ نَقَلَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ عَنْ الْأَصْحَابِ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمَضْمُونَةِ كَالْوَدِيعَةِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّهَا إلَخْ) وَلَا تَصِحُّ بِإِحْضَارِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَغْصُوبَةِ الْبَاقِيَةِ الَّتِي لَا مُؤْنَةَ لِرَدِّهَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ [فَصْلٌ عَيَّنَ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ لِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ] (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَيَّنَ لِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ مَكَانًا تَعَيَّنَ إنْ كَانَ صَالِحًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا أَذِنَ فِيهِ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ وَرَضِيَ بِهِ وَإِلَّا فَالْجَزْمُ بِفَسَادِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ) الْفَرْقُ: أَنَّ وَضْعَ السَّلَمِ التَّأْجِيلُ، وَوَضْعُ الضَّمَانِ الْحُلُولُ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْقِيتُ الْكَفَالَةِ وَذَاكَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَهَذَا بَابُ غَرَامَةٍ فَافْتَرَقَا وَيُشْتَرَطُ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ، وَإِلَّا فَتَفْسُدُ الْكَفَالَةُ وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ مُطْلَقُ الْإِذْنِ فِي الْكَفَالَةِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إذَا كَانَ صَالِحًا، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَوْضِعٍ فَإِنْ أَطْلَقَ فَسَدَتْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ ع (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ مَحْبُوسًا بِحَقٍّ) لَوْ قَالَ: ضَمِنْت إحْضَارَهُ كُلَّمَا طَلَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ فَهَذَا قَدْ يَتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ مَا دَامَ طَلَبُهُ ثَابِتًا عَلَى الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ السَّدِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَأَنَّهُ يَكُونُ مُقْتَضَى التَّكْرِيرِ تَعْلِيقَ الضَّمَانِ عَلَى طَلَبِ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَتَعْلِيقُ الضَّمَانِ بَاطِلٌ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الضَّمَانِ، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّكَرُّرِ وَعَدَمِهِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: ضَمِنْت إحْضَارَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ أَخْذًا بِمَفْهُومِ كَلَامِهِمْ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَالتَّكَفُّلُ مَحْضُ الْتِزَامٍ (فَإِنْ أَحْضَرَهُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الْمُعَيَّنِ فِي الْأُولَى، وَمَوْضِعِ الْعَقْدِ فِي الثَّانِيَةِ (فَامْتَنَعَ) الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ تَسَلُّمِهِ (لِغَرَضٍ) كَفَوْتِ حَاكِمٍ أَوْ مُعَيَّنٍ (جَازَ) امْتِنَاعُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ امْتَنَعَ لَا لِغَرَضٍ (تَسَلَّمَهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ) لِأَنَّ التَّسَلُّمَ حِينَئِذٍ لَازِمٌ لَهُ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ نَابَ عَنْهُ الْحَاكِمُ فِيهِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَأَشْهَدَ) بِهِ شَاهِدَيْنِ (وَيَبْرَأُ) الْكَفِيلُ (بِتَسْلِيمِهِ) لِلْمَكْفُولِ لَهُ (مَحْبُوسًا بِحَقٍّ) لِإِمْكَانِ إحْضَارِهِ وَمُطَالَبَتِهِ بِالْحَقِّ (لَا) مَحْبُوسًا بِغَيْرِ حَقٍّ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ وَلَا غَيْرَ مَحْبُوسٍ (مَعَ مُتَغَلِّبٍ) لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِتَسْلِيمِهِ (وَ) يَبْرَأُ (بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ نَفْسَهُ) لِلْمَكْفُولِ لَهُ (عَنْ جِهَتِهِ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ سَلَّمْت نَفْسِي إلَيْك عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ كَمَا يَبْرَأُ الضَّامِنُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ الدَّيْنَ (لَا) بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ (عَنْ غَيْرِهَا) أَيْ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ هُوَ، وَلَا أَحَدٍ عَنْ جِهَتِهِ حَتَّى لَوْ ظَفِرَ بِهِ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَلَوْ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَادَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ. وَأَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ قَوْلُ أَصْلِهِ: وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ نَفْسَهُ عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ لِتَنَاوُلِهِ مَا لَوْ سَلَّمَهُ لَا عَنْ جِهَةِ أَحَدٍ (وَ) يَبْرَأُ (بِتَسْلِيمِ أَجْنَبِيٍّ لَهُ) إنْ سَلَّمَهُ (عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ وَبِإِذْنِهِ وَلَا يَلْزَمُ) الْمَكْفُولَ لَهُ (قَبُولُهُ إنْ سَلَّمَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْكَفِيلِ) وَلَوْ عَنْ جِهَتِهِ لَكِنْ لَوْ قَبِلَ عَنْ جِهَتِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ (وَلَوْ كَفَلَ بِهِ رَجُلَانِ مَعًا) أَوْ مُرَتَّبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَأَحْضَرَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ سَلَّمَهُ (لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ، وَإِنْ قَالَ: سَلَّمْته عَنْ صَاحِبِي) كَمَا لَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنَانِ فَانْفَكَّ أَحَدُهُمَا لَا يَنْفَكُّ الْآخَرُ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَضَى أَحَدُ الضَّامِنَيْنِ الدَّيْنَ حَيْثُ يَبْرَأُ الْآخَرُ بِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ يُبْرِئُ الْأَصِيلَ، وَإِذَا بَرِئَ بَرِئَ كُلُّ ضَامِنٍ وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ لِرَجُلَيْنِ فَسَلَّمَ إلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْ حَقِّ الْآخَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ تَكَافَلَا) أَيْ الْكَفِيلَانِ ثُمَّ أَحْضَرَ أَحَدُهُمَا الْمَكْفُولَ بِهِ (بَرِئَ مُحْضِرُهُ مِنْ الْكَفَالَتَيْنِ) أَيْ كَفَالَتِهِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ (وَالْآخَرُ) يَبْرَأُ (مِنْ الْأُخْرَى) أَيْ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ كَفِيلَهُ سَلَّمَ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأُولَى لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ هُوَ، وَلَا أَحَدٌ عَنْ جِهَتِهِ (وَإِنْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ) لِلْكَفِيلِ (أَبْرَأْتُك) مِنْ حَقِّي (بَرِئَ) كَمَا يَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ (أَوْ) قَالَ (لَا حَقَّ لِي عَلَى الْأَصِيلِ) ، أَوْ قِبَلَهُ (فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ) لِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ (وَالثَّانِي يُرَاجَعُ فَإِنْ فُسِّرَ بِشَيْءٍ) مِنْهُ نَفْيُ الدَّيْنِ أَوْ نَفْيُ الْوَدِيعَةِ أَوْ الشَّرِكَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا (قُبِلَ) قَوْلُهُ. (فَإِنْ كَذَّبَاهُ) أَوْ أَحَدُهُمَا فِي تَفْسِيرِهِ بِنَفْيِ الْوَدِيعَةِ أَوْ نَحْوِهَا (حَلَفَ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا دَعْوَى لِي عَلَى زَيْدٍ وَقَالَ: أَرَدْت فِي عِمَامَتِهِ وَقَمِيصِهِ لَا فِي دَارِهِ وَبُسْتَانِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ظَاهِرًا (وَيُطَالَبُ) الْكَفِيلُ (بِإِحْضَارِ غَائِبٍ عَلِمَ) هُوَ، وَالطَّرِيقُ آمِنٌ وَأَمْكَنَهُ إحْضَارُهُ عَادَةً (مَكَانَهُ وَلَوْ بَعُدَ) بِأَنْ كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ أَغَابَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ أَمْ كَانَ غَائِبًا عِنْدَهَا (أَوْ مَاتَ) أَيْ الْغَائِبُ وَكَذَا الْحَاضِرُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى (مَا لَمْ يُدْفَنْ لِيَرَاهُ الشُّهُودُ) فَيَشْهَدُونَ عَلَى صُورَتِهِ كَمَا لَوْ تَكَفَّلَ ابْتِدَاءً بِبَدَنِ مَيِّتٍ (وَيُمْهَلُ) الْكَفِيلُ (مُدَّةَ إحْضَارِهِ) أَيْ الْغَائِبِ ذَهَابًا وَإِيَابًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ مُدَّةُ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ   [حاشية الرملي الكبير] إنْ طَلَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ ش وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَا مَعَ مُتَغَلِّبٍ) لَوْ ادَّعَى الْكَفِيلُ تَسْلِيمَهُ، وَلَيْسَ هُنَاكَ حَائِلٌ، وَقَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ مَا أَسْلَمْت إلَّا وَهُنَاكَ حَائِلٌ فَمِنْ الْقَوْلِ قَوْلُهُ: وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الدَّبِيلِيُّ وَيَجْرِيَانِ فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ إذَا اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ قَالَ: وَلَوْ سَلَّمَهُ فِي مَوْضِعٍ تُمْكِنُهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْحَقِّ ثُمَّ أَخَذَهُ بِالْقَهْرِ بَرِئَ مِنْ ضَمَانِ الْبَيْعِ، وَقَوْلُهُ: وَجْهَانِ حَكَاهُمَا إلَى آخِرِهِ قَالَ شَيْخُنَا أَصَحُّهُمَا تَصْدِيقُ الْكَفِيلِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَم وُجُودِ الْحَائِلِ (قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ إلَخْ) تَسْلِيمُ الْوَلِيِّ كَتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ إذَا سَلَّمَا أَنْفُسَهُمَا عَنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ كَفَى، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ قَبِلَ حَصَلَ التَّسْلِيمُ، وَإِلَّا فَلَا د، وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَنْ جِهَتِهِ) بِأَنْ عَيَّنَ تِلْكَ الْجِهَةَ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَشْهَدَ الْمَكْفُولَ أَنَّهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ عَنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ، وَبَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْهَا، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ ثُمَّ الْإِشْهَادُ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ يُسَلِّمَانِ أَنْفُسَهُمَا عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ؛ إذْ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِمَا، وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ قُبِلَ حَصَلَ التَّسْلِيمُ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ فَإِنْ أَحْضَرَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ، وَإِنْ قَالَ: سَلَّمْت عَنْ صَاحِبِي) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمَكْفُولُ لَهُ وَلَمْ يَأْذَنْ الْكَفِيلُ فَأَمَّا إذَا قَبِلَ أَوْ أَذِنَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْرَأَ كَمَا لَوْ أَحْضَرَهُ أَجْنَبِيٌّ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَيْسَ عَلَيْهِ حَقٌّ فِي الْإِحْضَارِ بِخِلَافِ الِاثْنَيْنِ يَتَكَفَّلَانِ فَإِنَّهُ إذَا أَحْضَرَهُ أَحَدُهُمَا فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ فَلَا يَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ الْحَقُّ الْمُتَعَلِّقُ بِصَاحِبِهِ قَالَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ لَا يَقَعُ إلَّا وَاجِبًا عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يُقْبَلُ اشْتِرَاكُهُ عَنْ صَاحِبِهِ فَكَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَتَقْيِيدُ الْبُلْقِينِيِّ مَرْدُودٌ، وَقَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا رَهَنَ بِالدَّيْنِ رَهْنَانِ فَانْفَكَّ أَحَدُهُمَا) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِإِسْقَاطِ الْمُسْتَحِقِّ حَقَّهُ مِنْ تِلْكَ الْوَثِيقَةِ بِفَكِّ الرَّهْنِ، وَإِلَّا فَبِالْأُولَى لَا يُتَصَوَّرُ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُطَالَبُ بِإِحْضَارِ غَائِبٍ عُلِمَ مَكَانُهُ) وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَكَانُهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَغَابَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ أَمْ كَانَ غَائِبًا عِنْدَهَا) سَوَاءٌ أَكَانَ بِبَلَدِ الْمَكْفُولِ حَاكِمٌ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ مَعَ الْكَفِيلِ حِينَئِذٍ لِإِذْنِهِ لَهُ فِي الْكَفَالَةِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ أَمْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ مُدَّةُ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ إمْهَالُهُ لِانْتِظَارِ رُفْقَةٍ يَأْمَنُ مَعَهُمْ وَعِنْدَ الْأَمْطَارِ وَالثُّلُوجِ الشَّدِيدَةِ وَالْأَوْحَالِ الْمُؤْذِيَةِ الَّتِي لَا تُسْلَكُ عَادَةً وَلَا يُرْهَقُ وَلَا يُحْبَسُ مَعَ هَذِهِ الْأَعْذَارِ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 لِلِاسْتِرَاحَةِ وَتَجْهِيزِ الْمَكْفُولِ، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ بِخِلَافِ مَا دُونَهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ: فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ، وَلَمْ يَحْضُرْ حُبِسَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَيْ إنْ لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ، قَالَ: فَلَوْ أَدَّاهُ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَهُ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا غَرِمَهُ لِلْفُرْقَةِ وَإِذَا حُبِسَ أُدِيمَ حَبْسُهُ إلَى أَنْ يَتَعَذَّرَ إحْضَارُ الْغَائِبِ بِمَوْتٍ أَوْ جَهْلٍ بِمَوْضِعِهِ أَوْ إقَامَتِهِ عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا حَذَفَ ذِكْرَ جَوَازِ الْحَبْسِ اكْتِفَاءً بِمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي أَوْ لِأَنَّهُ يَرَى خِلَافَهُ تَبَعًا لِجَمْعٍ. فَقَدْ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ وَالْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالْمَنْعِ قَبْلَ حِكَايَتِهِمْ الْجَوَازَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ: إنَّ الْمَنْعَ أَقْرَبُ، قَالَ: وَالْقَائِلُونَ بِالْحَبْسِ قَاسُوهُ عَلَى الْمَالِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ فَإِنَّهُ هُنَا فِي حُكْمِ الْمُعْسِرِ الْمَدْيُونِ وَمِثْلُهُ لَا يُحْبَسُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إحْضَارِهِ (فَلَوْ مَاتَ) الْمَكْفُولُ بِهِ (أَوْ تَسَتَّرَ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْكَفِيلَ (الْمَالُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ كَمَا لَوْ ضَمِنَ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَانْقَطَعَ لَا يُطَالَبُ بِرَأْسِ الْمَالِ (بَلْ لَوْ شَرَطَ إلْزَامَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ: الْتِزَامَهُ (إيَّاهُ بَطَلَتْ) كَفَالَتُهُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ، وَبَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ صَيَّرَ الضَّمَانَ مُعَلَّقًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ: هَلَّا بَطَلَ الشَّرْطُ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ بِشَرْطِ رَدِّ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ أَوْ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَوْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ بِشَرْطِ الْحُلُولِ بِجَامِعِ أَنَّهُ زَادَ خَيْرًا انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَشْرُوطَ فِي تِلْكَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَفِي هَذِهِ أَصْلٌ يُفْرَدُ بِعَقْدٍ وَالتَّابِعُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ قَالَ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ: كَفَلْت بِدَيْنِهِ بِشَرْطِ الْغُرْمِ أَوْ عَلَى أَنِّي أَغْرَمُ أَوْ نَحْوَهُ فَلَوْ قَالَ: كَفَلْت بَدَنَهُ، فَإِنْ مَاتَ فَعَلَى الْمَالِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ، وَبَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الشَّرْطَ أَيْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ أَيْضًا، وَقَدْ يُمْنَعُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ، وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ عَلَى مَا مَرَّ. (وَلَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ لَمْ تَبْطُلْ) أَيْ الْكَفَالَةُ وَبَقِيَ الْحَقُّ لِوَرَثَتِهِ كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ (فَإِنْ خَلَّفَ وَرَثَةً وَغُرَمَاءَ وَوَصِيًّا بِتَفْرِيقِ الثُّلُثِ) لِمَالِهِ (لَمْ يَبْرَأْ) أَيْ الْكَفِيلُ (إلَّا بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْجَمِيعِ، وَهَلْ يَكْفِي) التَّسْلِيمُ إلَى (الْمُوصَى لَهُ عَنْ) التَّسْلِيمِ إلَى (الْوَصِيِّ) حَتَّى يَكْفِيَ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ مَعَ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ الْمَالَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَإِنَّمَا الْوَصِيُّ نَائِبٌ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةً عَلَى أَهْلِ الْوَصَايَا فَصَارَ كَوَلِيِّ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِ مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِيصَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّهُ فِي الْمُوصَى لَهُ الْمَحْصُورِ لَا كَالْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ (فَصْلٌ يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَكْفُولِ بِهِ) لِمَا مَرَّ فِي ضَابِطِ الْكَفَالَةِ (لَا) رِضَا (الْمَكْفُولِ لَهُ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ (فَلَوْ كَفَلَ بِهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ) أَيْ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ مُطَالَبَتُهُ، وَإِنْ طَالَبَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَقِيلَ: تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ إنْ طَالَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ: أَخْرِجْ عَنْ حَقِّي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّوْكِيلَ فِيهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَمَا رَجَّحَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَجِّهْ أَمْرَهُ بِطَلَبِهِ قَالَ: وَتَوْجِيهُ اللُّزُومِ بِتَضَمُّنِ الْمُطَالَبَةِ التَّوْكِيلَ بَعِيدٌ (إلَّا إنْ سَأَلَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ إحْضَارَهُ) كَأَنْ قَالَ لَهُ: أَحْضِرْهُ (إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ) إذَا أَحْضَرَهُ بِاسْتِدْعَاءِ الْقَاضِي لَهُ (يُجِيبُ) وُجُوبًا لَا بِسَبَبِ الْكَفَالَةِ بَلْ (لِأَنَّهُ وَكِيلُ صَاحِبِ الْحَقِّ) فِي إحْضَارِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ. وَقَدْ اسْتَدْعَاهُ الْقَاضِي، وَعَلَى هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَسَافَةِ الْعَدَوِيِّ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْت اسْتِدْعَاءَ الْقَاضِي تَبَعًا لِلْقَاضِي وَابْنِ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْحَقِّ لَوْ طَلَبَ إحْضَارَ خَصْمِهِ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ مَعَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْحَقِّ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِاعْتِبَارِ إحْضَارِهِ إلَى الْقَاضِي مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَلَا حَبْسَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُ) فِيمَا إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ لِأَنَّهُ حُبِسَ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فَلَوْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هَذَا عَلَى الْمُسْتَثْنَى لَوَافَقَ أَصْلَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَصَدَ تَأْخِيرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَعَ اسْتِدْعَاءِ الْقَاضِي، وَقَدْ يُشِيرُ كَلَامُهُ إلَى أَنَّ الْكَفِيلَ بِالْإِذْنِ يُحْبَسُ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُ وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (الرُّكْنُ الْخَامِسُ) لِلضَّمَانِ الشَّامِلِ لِلْكَفَالَةِ (صِيغَةُ لِالْتِزَامِ) لِتَدُلَّ عَلَى الرِّضَا وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ فَيَشْمَلُ اللَّفْظَ وَالْكِتَابَةَ وَإِشَارَةَ الْأَخْرَسِ (كَضَمِنْتُ مَا لَكَ عَلَى فُلَانِ أَوْ تَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِإِحْضَارِ بَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ) أَوْ بِإِحْضَارِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ كَفِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ ضَامِنٌ أَوْ حَمِيلٌ أَوْ قَبِيلٌ) أَوْ صَبِيرٌ أَوْ ضَمِينٌ أَوْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْبَكْرِيُّ: فِيهِ تَطْوِيلٌ الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ. اهـ. الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْأَدَاءِ لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ ع رَدَّهُ وَالِدِي بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ، وَإِنَّمَا بَذَلَهُ لِلْحَيْلُولَةِ فس قَالَ شَيْخُنَا: عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَرَدَّ مِنْهُ هُوَ الْمَكْفُولُ لَهُ عِنْدَ تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ لَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَ أَوْ تَسَتَّرَ) أَيْ أَوْ هَرَبَ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ: هَلَّا بَطَلَ الشَّرْطُ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ إلَخْ) شَرْطُ الْمُكَسَّرِ عَنْ الصَّحِيحِ، وَشَرْطُ أَنْ يُقْرِضَهُ غَيْرَهُ لَا يُنَافِي الْقَرْضَ بَلْ هُوَ ضَمُّ إرْفَاقٍ إلَى إرْفَاقٍ، وَوَعْدٌ بِإِحْسَانٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، فَإِنَّ اشْتِرَاطَ الْغُرْمِ فِيهَا مُنَافٍ لِمَوْضُوعِ الْكَفَالَةِ، وَكَذَلِكَ شَرْطُ ضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا فَإِنَّهُ تَبَرَّعَ بِالْتِزَامِ التَّعْجِيلِ كَمَا تَبَرَّعَ بِأَصْلِ الْكَفَالَةِ فَلَا تَنَافِيَ فس (قَوْلُهُ وَقَدْ يُمْنَعُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ رَجَعَ إلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ أَيْضًا كَمَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ، وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّهُ فِي الْمُوصَى لَهُ الْمَحْصُورِ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِسَبَبِ مَالٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِسَبَبِهِ فَالْمُسْتَحِقُّ لِلْكَفَالَةِ الْوَارِثُ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إنْ قَصَدَ تَأْخِيرَهُ لِيُفِيدَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُشِيرُ كَلَامُهُ إلَى أَنَّ الْكَفِيلَ بِالْإِذْنِ يُحْبَسُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَضَمِنْتُ مَالَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ تَكَفَّلْت بِهِ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 كَافِلٌ وَكُلُّهَا صَرَائِحُ وَفِي الْأَصْلِ لَفْظَةُ لَك بَعْدَ ضَمِنْت فَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ (وَقَوْلُهُ خَلِّ عَنْهُ وَالْمَالُ) الَّذِي لَك عَلَيْهِ (عَلَيَّ صَرِيحٌ) لِأَنَّ عَلَى لِلِالْتِزَامِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) قَوْلُهُ خَلِّ عَنْهُ وَالْمَالُ (عِنْدِي وَإِلَيَّ) أَيْ أَوْ إلَيَّ أَوْ مَعِي فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ لِاحْتِمَالِهِ غَيْرَ الِالْتِزَامِ، وَقَدْ تُسْتَشْكَلُ الثَّلَاثُ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ خَلِّ عَنْ مُطَالَبَتِهِ فَشَرْطٌ فَاسِدٌ، وَإِلَّا فَضَمَانٌ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ، وَهُوَ فَاسِدٌ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ: أَبْرِئْ الْكَفِيلَ، وَأَنَا كَافِلُ الْمَكْفُولِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ خَلِّ عَنْ مُطَالَبَتِهِ الْآنَ أَيْ قَبْلَ الضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ خَلِّ عَنْهَا أَبَدًا لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَقَوْلُهُ أُؤَدِّي) الْمَالَ (وَأُحْضِرُ) أَيْ أَوْ أُحْضِرُ الْمَالَ أَوْ الشَّخْصَ (وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ) الْوَفَاءُ بِهِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَا تُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ نَعَمْ إنْ صَحِبَهُ قَرِينَةُ الْتِزَامٍ فَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْمَطْلَبِ صِحَّتُهُ (وَقَوْلُ كَفِيلٍ أَبْرَأَهُ الْمُسْتَحِقُّ) ثُمَّ وَجَدَهُ مُلَازِمًا لِلْخَصْمِ خَلِّهِ وَ (أَنَا بَاقٍ عَلَى الْكَفَالَةِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَنَا عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَالَةِ (كَافٍ) فِي أَنَّهُ صَارَ كَفِيلًا لِأَنَّهُ إمَّا مُبْتَدِئٌ بِالْكَفَالَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ مُخْبِرٌ بِهِ عَنْ كَفَالَةٍ وَاقِعَةٍ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ فَقَالَ السَّيِّدُ: أَقْرَرْتُك عَلَى الْكِتَابَةِ حَيْثُ لَمْ تَعُدْ الْكِتَابَةُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الضَّمَانَ مَحْضُ غَرَرٍ وَغَبْنٍ فَكَفَى فِيهِ ذَلِكَ مِنْ الْمُلْتَزِمِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا (فَصْلٌ وَيَبْطُلُ الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ) الْوَاقِعَانِ (بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلضَّامِنِ) فِي الْأُولَى (وَالْكَفِيلِ) فِي الثَّانِيَةِ لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَهُمَا، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ فِيهِمَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْغَرَرِ أَمَّا شَرْطُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ فَلَيْسَ بِمُبْطِلٍ؛ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ فِي الْإِبْرَاءِ وَالطَّلَبِ إلَيْهِ أَبَدًا، وَشَرْطُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ كَشَرْطِهِ لِلضَّامِنِ (وَ) يَبْطُلَانِ (بِالتَّوْقِيتِ) كَضَمِنْتُ أَوْ كَفَلْت إلَى رَجَبٍ (وَالتَّعْلِيقُ) بِوَقْتٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ: إذَا جَاءَ رَجَبٌ، أَوْ إنْ لَمْ يُؤَدِّ مَا لَكَ غَدًا فَقَدْ ضَمِنْت أَوْ كَفَلْت كَالْبَيْعِ فِيهِمَا (وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ ضَمِنَ) أَوْ كَفَلَ (بِشَرْطِ خِيَارٍ) مُفْسِدٍ (وَبِتَوْقِيتٍ) فَكَذَّبَهُ الْمُسْتَحِقُّ (صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ) بِيَمِينِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَبْعِيضِ الْإِقْرَارِ، وَقَوْلُهُ: وَبِتَوْقِيتٍ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ (وَإِنْ قَالَ) الضَّامِنُ أَوْ الْكَفِيلُ (لَا حَقَّ عَلَى مَنْ) ضَمِنْت أَوْ (كَفَلْت بِهِ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْكَفَالَةَ لَا يَكُونَانِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ أَيْ غَالِبًا، وَالتَّرْجِيحُ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ نَكَلَ) الْمُسْتَحِقُّ (حَلَفَ) الضَّامِنُ وَ (الْكَفِيلُ وَبَرِئَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَالْمَكْفُولِ بِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: وَحْدَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي هَذِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ الْكَفِيلُ: بَرِئَ الْمَكْفُولُ وَأَنْكَرَ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ (وَيَبْطُلُ) مَا ذُكِرَ (بِشَرْطِ زِيَادَةٍ عَلَى الْمَالِ لَا الْمُتَبَرَّعِ) أَيْ الزِّيَادَةِ (مِنْ الدَّيْنِ) كَأَنْ ضَمِنَ رَجُلًا بِأَلْفٍ وَشَرَطَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمًا، وَلَا يَحْسِبُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا حَاجَةَ مَعَ قَوْلِهِ زِيَادَةٍ عَلَى الْمَالِ إلَى مَا بَعْدَهُ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ إذْ لَيْسَ لَنَا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ لِيُسْتَثْنَى مِنْ الدَّيْنِ فَلَوْ قَالَ بِشَرْطِ إعْطَاءِ مَالٍ لَا آخَرَ مِنْ الدَّيْنِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ (وَ) تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ (بِقَوْلِهِ كَفَلْت بِزَيْدٍ فَإِنْ أَحْضَرْته وَإِلَّا فَبِعَمْرٍو) كَفَلْت أَمَّا كَفَالَةُ زَيْدٍ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهَا وَكَأَنَّهُ قَالَ كَفَلْت بِبَدَنِ هَذَا أَوْ ذَاكَ وَأَمَّا كَفَالَةُ عَمْرٍو فَلِتَعْلِيقِهَا (وَبِقَوْلِهِ) لِلْمَكْفُولِ لَهُ (أَبْرِئْ الْكَفِيلَ، وَأَنَا كَفِيلُ الْمَكْفُولِ) لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ بِشَرْطِ إبْرَاءِ الْكَفِيلِ، وَهُوَ فَاسِدٌ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَأَنَا كَافِلٌ بِالْمَالِ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِلْأَصْلِ الْأُولَى (فَصْلٌ لَوْ نَجَّزَ الْكَفَالَةَ وَأَجَّلَ الْإِحْضَارَ بِمَعْلُومٍ) نَحْوُ أَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ أُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ ضَمِنْت إحْضَارَهُ بَعْدَ شَهْرٍ (جَازَ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَلِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ فَجَازَ مُؤَجَّلًا كَالْعَمَلِ فِي الْإِجَارَةِ (فَإِنْ أَحْضَرَهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْأَجَلِ (فَكَمَا سَبَقَ فِي الْمَكَانِ) الَّذِي شَرَطَ التَّسْلِيمَ فِيهِ، وَقَدْ مَرَّ وَخَرَجَ بِالْمَعْلُومِ مَا لَوْ أَجَّلَ بِمَجْهُولٍ كَالْحَصَادِ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ (وَلَوْ ضَمِنَ الْحَالَّ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ عَكَسَ) أَيْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ حَالًّا (صَحَّ) إذْ الضَّمَانُ تَبَرُّعٌ فَيُحْتَمَلُ فِيهِ اخْتِلَافُ الدَّيْنَيْنِ فِي الصِّفَةِ لِلْحَاجَةِ (وَلَزِمَ الْوَفَاءُ) فِي   [حاشية الرملي الكبير] لَوْ تَكَفَّلَ بِالْمَالِ وَالْبَدَنِ فَقَالَ ضَمِنْت مَالَك عَلَى فُلَانٍ وَتَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ صَحَّ وَيَكُونُ ضَامِنًا وَكَفِيلًا وَلَوْ تَكَفَّلَ بِدَيْنٍ بِرَهْنٍ صَحَّ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنَّ صِحَّتَهُ قَرِينَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: لَكِنَّ الْقَرَائِنَ لَا تَنْفُلُ اللَّفْظَ إلَى الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْمَطْلَبِ صِحَّتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِكَلَامٍ لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنَّ الْعَامِّيَّ يَقْصِدُ بِهِ الِالْتِزَامَ فَإِذَا اعْتَرَفَ بِقَصْدِهِ بِهِ الضَّمَانَ أَوْ الْكَفَالَةَ أُلْزِمَ بِذَلِكَ. اهـ. قَالَ وَالِدِي: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ: لَوْ قَالَ: دَارِي لِزَيْدٍ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، فَإِنْ قَالَ: قَصَدْت بِالْإِضَافَةِ كَوْنَهَا مَعْرُوفَةً بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ فس، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ: أُطَلِّقُ وَأَرَادَتْ الْإِنْشَاءَ فَإِنَّهُ يَقَعُ حَالًّا، وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَوْ قَالَ: خَلِّ عَنْ فُلَانِ، وَالدَّيْنُ الَّذِي لَك عَلَيْهِ إلَيَّ أَوْ مَعِي أَوْ عِنْدِي فَهُوَ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَنَا عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَالَةِ) مِثْلُهُ فَقَدْ عُدْت إلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الضَّمَانَ مَحْضُ غَرَرٍ وَغَبْنٍ إلَخْ) وَبِأَنَّ مُعْظَمَ الِاعْتِمَادِ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى التَّعْلِيقِ، وَهَذَا اللَّفْظُ لَا يَصْلُحُ لَهُ بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ [فَصْلٌ الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ الْوَاقِعَانِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلضَّامِنِ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْكَفَالَةَ لَا يَكُونَانِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْكَفِيلَ بِإِقْدَامِهِ عَلَى الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ مُصَدِّقٌ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَصْدِيقَ الْمَكْفُولِ لَهُ لَا أَنَّ تَقَدُّمَ الثُّبُوتِ فِي الظَّاهِرِ شَرْطٌ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِثُبُوتِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ الْمُرَادُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ [فَصْلٌ نَجَّزَ الْكَفَالَةَ وَأَجَّلَ الْإِحْضَارَ بِمَعْلُومٍ نَحْوُ أَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ أُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ] (قَوْلُهُ فَكَمَا سَبَقَ فِي الْمَكَانِ) فَيُنْظَرُ هَلْ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ كَتَأْجِيلِ الدَّيْنِ أَوْ غَيْبَةِ الْبَيِّنَةِ أَمْ لَا غَرَضَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ ضَمِنَ الْحَالَّ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ عَكَسَ صَحَّ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 الْأُولَى (بِالتَّأْجِيلِ) فَلَا يُطَالَبُ الضَّامِنُ إلَّا كَمَا الْتَزَمَ وَلَا نَقُولُ اُلْتُحِقَ الْأَجَلُ بِالدَّيْنِ الْحَالِّ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا ابْتِدَاءً وَلَا يَبْعُدُ الْحُلُولُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ دُونَ الْكَفِيلِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ (لَا التَّعْجِيلِ) فِي الثَّانِيَةِ أَيْ لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ الْأَصِيلُ التَّعْجِيلَ وَلِأَنَّهُ فَرْعُ الْأَصِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَعَلَى هَذَا هَلْ يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ مَقْصُودًا أُمّ تَبَعًا لِقَضَاءِ حَقِّ الْمُشَابَهَةِ وَجْهَانِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِيمَا لَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ. وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ يَحِلُّ عَلَيْهِ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ فَالرَّاجِحُ الثَّانِي كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي شَرْحِهِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ الْحَالَّ حَالًا أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ حَالًّا أَوْ الْمُؤَجَّلَ مُؤَجَّلًا بِأَجَلِهِ أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ لِأَجَلِهِ (أَوْ) ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ مُؤَجَّلًا (بِأَجَلٍ أَقْصَرَ) مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ (فَكَالْمُؤَجَّلِ) أَيْ فَكَضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ (حَالًّا) بَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْصَرِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ (وَيَحِلُّ عَلَيْهِ) الدَّيْنُ (بِمَوْتِ الْأَصِيلِ) مُطْلَقًا فِي الْمُنْظَرِ بِهَا وَبَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْصَرِ فِي الْمُنْظَرَةِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ أَجَّلَ بِأَجَلٍ أَطْوَلَ لَزِمَهُ لِأَجَلِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ تَكَفَّلَ كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً بِبَدَنِ مَنْ تَكَفَّلَ بِغَيْرِهِ كَفَالَةً حَالَّةً صَحَّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلَوْ تَكَفَّلَ بِالْبَدَنِ أَوْ النَّفْسِ أَوْ الرُّوحِ) أَوْ الْجِسْمِ (وَكَذَا بِعُضْوٍ لَا يَبْقَى) الشَّخْصُ (دُونَهُ كَالرَّأْسِ وَالْقَلْبِ) وَالْكَبِدِ وَالدِّمَاغِ (أَوْ جُزْءٍ شَائِعٍ كَالرُّبْعِ وَالثُّمُنِ صَحَّ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُ ذَلِكَ إلَّا بِتَسْلِيمِ كُلِّ الْبَدَنِ فَكَانَ كَالتَّكَفُّلِ بِكُلِّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُحْتَمَلَ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِلْحَاجَةِ (لَا) مَا يَبْقَى الشَّخْصُ دُونَهُ (كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ) وَالْوَجْهِ وَالْعَيْنِ وَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْحَاوِي مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ كَالرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ وَلَا يُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ الْمَعْنَى نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِهَا النَّفْسُ صَحَّ لَكِنَّهُ لَا يُلَائِمُ مَا قَرَنَهَا بِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ الَّتِي لَا يَبْقَى الشَّخْصُ بِدُونِهَا أَوْ التَّرْجِيحُ فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ وَفِي التَّفْصِيلِ فِي الْعُضْوِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ فِيهِمَا فِي الْأَنْوَارِ وَرَجَّحَهُ فِي الثَّانِي فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ وَصَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَحَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ قَطْعِ الْمَاوَرْدِيِّ (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ) (الْأَوَّلُ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَحِقِّ لَهُمَا) أَيْ لِلضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ بِأَنْ يُطَالِبَهُمَا جَمِيعًا أَوْ يُطَالِبَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالْجَمِيعِ أَوْ يُطَالِبَ أَحَدَهُمَا بِبَعْضِهِ وَالْآخَرَ بِبَاقِيهِ أَمَّا الضَّامِنُ فَلِخَبَرِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَأَمَّا الْأَصِيلُ فَلِأَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ عَلَيْهِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُسْتَحِقِّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمَضْمُونِ لَهُ لِتَنَاوُلِهِ الْوَارِثَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ أَفْلَسَ الضَّامِنُ وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ فَقَالَ الضَّامِنُ لِلْحَاكِمِ بِعْ أَوَّلًا مَالَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَقَالَ الْمَضْمُونُ لَهُ أُرِيدُ أَبِيعُ مَالَ أَيِّكُمَا شِئْت قَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ كَانَ الضَّمَانُ بِالْإِذْنِ أُجِيبَ الضَّامِنُ وَإِلَّا فَالْمَضْمُونُ لَهُ (فَلَوْ شَرَطَ) فِي الضَّمَانِ (بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ بَطَلَتْ) صِيغَتُهُ لِمُنَافَاةِ الشَّرْطِ مُقْتَضَاهَا (وَإِنْ ضَمِنَ بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ وَالْأَوْلَى ضَمِنَهُ (أَوْ كَفَلَ) بِالْكَفِيلِ كَفِيلٌ (آخَرُ وَبِالْآخَرِ آخَرُ وَهَكَذَا طَالَبَهُمْ) الْمُسْتَحِقُّ بِمَا الْتَزَمُوا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى الِالْتِزَامِ (فَإِنْ بَرِئَ الْأَصِيلُ) بِإِبْرَاءٍ أَوْ أَدَاءً أَوْ حَوَالَةٍ مِنْهُ، أَوْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ غَيْرِهَا (بَرِءُوا) كُلُّهُمْ لِسُقُوطِ الْحَقِّ   [حاشية الرملي الكبير] يَسْأَلُ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا إذَا رَهَنَ عَنْ الدَّيْنِ الْحَالِّ، وَشَرَطَ فِي الرَّهْنِ أَجَلًا لَمْ يَصِحَّ وَلَا عَكْسُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالضَّمَانُ وَالرَّهْنُ كِلَاهُمَا وَثِيقَةٌ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الرَّهْنَ عَيْنٌ فَلَا يَدْخُلُهُ التَّأْجِيلُ وَالْحُلُولُ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ مَا فِي الذِّمَمِ (قَوْلُهُ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ قَالَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي شَرْحِهِ) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُؤَجَّلُ مُؤَجَّلًا إلَخْ) يُشْتَرَطُ فِي الْمُؤَجَّلِ مَعْرِفَتُهُ بِقَدْرِ الْأَجَلِ، وَلَوْ قَالَ: كَفَلْت مُؤَجَّلًا، وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ مُعَجَّلًا، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَاهِدًا فَهَلْ يَكُونُ مُؤَجَّلًا أَوْ يَحْلِفُ كُلٌّ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى مُؤَجَّلًا قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ عَلَيْهِ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ) يَحِلُّ عَلَى مَنْ مَاتَ دُونَ مَنْ جُنَّ وَيَحِلُّ أَيْضًا بِاسْتِرْقَاقِ الْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ كَالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ الْأَعْضَاءِ الْوَجْهُ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ بِهِ صَحِيحَةٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ قَالَ تَعَالَى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص: 88] . اهـ. قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَإِنْ قَالَ: تَكَفَّلْت بِيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ أَوْ وَجْهِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ فَسَدَتْ (قَوْلُهُ لَا مَا يَبْقَى الشَّخْصُ بِدُونِهِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفِي قَوْلِهِ لَا يُعَبَّرُ بِالْيَدِ عَنْ الْجُمْلَةِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى الْيَدِ كَانَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْيَدِ عَنْ الْجُمْلَةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمَيْدَانِ: مُرَادُ صَاحِبِ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الرَّأْسَ وَالرَّقَبَةَ كِلَاهُمَا يُعَبِّرُ عَنْ الشَّخْصِ نَفْسِهِ فَيُقَالُ: مِائَةُ رَأْسٍ وَمِائَةُ رَقَبَةٍ وَوَرَدَ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَأَمَّا الْيَدُ فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِيهَا اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ، وَإِنْ صَحَّ اسْتِعْمَالُهُ مَجَازًا وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَا قَالُوهُ هُنَا وَفِي كِتَابِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِيهِمَا صَاحِبُ الْأَنْوَارِ) أَيْ وَغَيْرُهُ [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الضَّمَان] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ) (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُسْتَحِقِّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ إلَخْ) أَمَّا الْمُحْتَالُ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ بَرِئَتْ بِالْحَوَالَةِ نَعَمْ الْمَضْمُونُ لَا يَشْمَلُ مَنْ يَرْجِعُ لَهُ الضَّمَانُ فِي الظَّاهِرِ وَمَنْ يَثْبُتُ لَهُ الدَّيْنُ فِي الْبَاطِنِ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى مَنْ يَثْبُتُ لَهُ الدَّيْنُ بَاطِنًا، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ ضَمِنَ دَيْنًا لِآخَرَ ثُمَّ أَقَرَّ مِنْ الدَّيْنِ بِاسْمِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ الثَّالِثُ فَهَلْ لِمَنْ ثَبَتَ لَهُ الدَّيْنُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ أَنْ يُطَالِبَ الضَّامِنَ الْمَذْكُورَ بِأَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَحِقٍّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ كَانَ الضَّمَانُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَرِئَ الْأَصِيلُ بَرُؤَا) اسْتَثْنَى فِي الْخَادِمِ مَا لَوْ جَنَى عَبْدٌ عَلَى حُرٍّ جِنَايَةً أَرْشُهَا مَثَلًا دِينَارٌ فَضَمِنَهُ السَّيِّدُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُمَّ رُهِنَ الْعَبْدَ عِنْدَهُ عَلَى الدِّينَارِ فَذَكَرَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ الْإِيضَاحِ لِلصَّيْمَرِيِّ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَدْ أَبْرَأَ الْعَبْدَ مِنْ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ أَيْ بَعْدَ أَنْ ضَمِنَهُ السَّيِّدُ جَازَ رَهْنُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبْرَأَهُ مِنْ ضَمَانِهَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ رَهْنًا بِالْجِنَايَةِ، وَإِنَّمَا تَأَكَّدَ بِهِ ذَلِكَ بِضَمَانِ السَّيِّدِ، وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَالسَّيِّدُ ضَامِنٌ، وَلَا يَبْرَأُ بِإِبْرَاءِ الْعَبْدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 (أَوْ) بَرِئَ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْأَصِيلِ مِنْ الْمُلْتَزِمِينَ بِإِبْرَاءٍ (بَرِئَ) هُوَ (وَمَنْ بَعْدَهُ) لِأَنَّهُ فَرْعُهُ فَيَبْرَأُ بِبَرَاءَتِهِ (لَا مِنْ قَبْلِهِ) لِأَنَّ الْأَصِيلَ لَا يَبْرَأُ بِبَرَاءَةِ فَرْعِهِ؛ لِأَنَّهَا سُقُوطُ تَوْثِقَةٍ فَلَا يَسْقُطُ بِهَا الْحَقُّ كَفَكِّ الرَّهْنِ أَمَّا بَرَاءَتُهُ بِغَيْرِ الْإِبْرَاءِ فَيَبْرَأُ بِهَا مِنْ قَبْلِهِ أَيْضًا (وَيَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ) فِي غَيْرِ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا بِأَقْصَرَ (عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا) وَلَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْآخَرِ لِارْتِفَاقِهِ بِالْأَجَلِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ، وَيُسْتَثْنَى مَعَ مَا ذَكَرْته مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَهَنَ مِلْكَهُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِغَيْرِهِ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ دَيْنٍ فِي عَيْنٍ لَا فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْدِيلِ بِخَرَابِ الذِّمَّةِ (وَلِلضَّامِنِ) بِالْإِذْنِ (مُطَالَبَةُ الْمُسْتَحِقِّ بِإِبْرَائِهِ أَوْ طَلَبِ حَقِّهِ مِنْ التَّرِكَةِ) أَيْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ لِأَنَّهَا قَدْ تَتْلَفُ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إذَا غَرِمَ (وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ ضَامِنٍ سَلَّمُوا) الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ (مُطَالَبَةٌ) لِلْمَضْمُونِ عَنْهُ (قَبْلَ الْحُلُولِ لِلدَّيْنِ) (الْحُكْمُ الثَّانِي) فِي مُطَالَبَةِ الضَّامِنِ الْأَصِيلَ بِالْأَدَاءِ وَعَدَمِهَا مَعَ مَا ذُكِرَ مَعَهُمَا (لِلضَّامِنِ بِالْإِذْنِ) مِنْ الْأَصِيلِ (الْمُطَالَبَةُ) لَهُ (بِخَلَاصِهِ) بِأَنْ يُؤَدِّيَ الْحَقَّ لِمُسْتَحِقِّهِ لِيَبْرَأَ هُوَ بِبَرَاءَتِهِ (إنْ طُولِبَ) بِهِ كَمَا أَنَّهُ يَغْرَمُهُ إذَا غَرِمَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُطَالِبْ بِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا وَلَا طُولِبَ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ الْمُعِيرِ لِلرَّهْنِ لَهُ طَلَبُ فَكِّهِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ عَنْهُ بِالْحَقِّ وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَوْ كَانَ الْأَصِيلُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِصِبًا فَلِلضَّامِنِ - بِإِذْنِ وَلِيِّهِ إنْ طُولِبَ طَلَبُ الْوَلِيِّ بِتَخْلِيصِهِ مَا لَمْ يَزُلْ الْحَجْرُ فَإِنْ زَالَ تَوَجَّهَ الطَّلَبُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَيُقَاسُ بِالصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الضَّمَانُ بِإِذْنِهِمَا قَبْلَ الْجُنُونِ وَالْحَجْرِ أَمْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا بَعْدُ (لَا) الْمُطَالَبَةُ (بِالْمَالِ) لِيَدْفَعَهُ أَوْ بَدَلَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ (مَا لَمْ يُسَلِّمْ وَلَوْ حَبَسَ) إذْ لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ شَيْءٌ، وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ حُبِسَ أَوْ لَمْ يُحْبَسْ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأُولَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْأَصِيلِ، وَإِنْ حُبِسَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ، وَلَا مُلَازَمَتُهُ؛ إذْ لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَلَوْ حُبِسَ لَمْ يَحْبِسْهُ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِلْأَصْلِ لَكِنَّ الْأُولَى أَكْثَرُ فَائِدَةً، وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ جَوَازِ حَبْسِهِ لَهُ، وَإِنْ حُبِسَ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْمُطَالَبَةِ بِخَلَاصِهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَالِي بِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا لَا تَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ بَلْ مِنْ فَوَائِدِهَا إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَتَفْسِيقُهُ إذَا امْتَنَعَ بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْوَلَدِ مُطَالَبَةَ وَالِدِهِ بِدَيْنِهِ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ، أَمَّا إذَا سَلَّمَ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ وَحَبْسُهُ وَمُلَازَمَتُهُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَصِيلُ الْمَالَ بِلَا مُطَالَبَةٍ، وَقُلْنَا: لَا يَمْلِكُهُ أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ وَيَضْمَنُهُ إنْ هَلَكَ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَلَوْ قَالَ لَهُ: اقْضِ بِهِ مَا ضَمِنْت عَنِّي فَهُوَ وَكِيلٌ، وَالْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ (وَلَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنُ الْأَصِيلَ أَوْ صَالَحَهُ عَمَّا سَيَغْرَمُ) فِيهِمَا (أَوْ رَهَنَهُ الْأَصِيلُ) شَيْئًا بِمَا ضَمِنَهُ (أَوْ كَفَلَ) أَيْ أَقَامَ بِهِ كَفِيلًا (لَمْ يَصِحَّ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلضَّامِنِ عَلَيْهِ حَقٌّ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بَدَلَ كَفَلَ يَضْمَنُ وَكُلٌّ صَحِيحٌ (وَلَوْ شَرَطَهُ) أَيْ شَرَطَ الضَّامِنُ (فِي) ابْتِدَاءِ (الضَّمَانِ) أَنْ يَرْهَنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا بِمَا يَضْمَنُهُ، أَوْ يُقِيمَ لَهُ بِهِ ضَامِنًا (فَسَدَ) الضَّمَانُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ، وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِشَرْطِ الرَّهْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ صَالَحَهُ عَمَّا سَيَغْرَمُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ: صَالَحَهُ عَنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي سَيَغْرَمُهَا عَلَى خَمْسَةٍ (الْحُكْمُ الثَّالِثُ الرُّجُوعُ وَلَا يَرْجِعُ ضَامِنٌ بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ الْأَصِيلِ سَوَاءٌ أَدَّى بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالضَّمَانِ، وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِتَبَرُّعِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ لَمَا صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَيِّتِ بِضَمَانِ أَبِي قَتَادَةَ لِبَقَاءِ الْحَقِّ (وَ) لَا (مُتَبَرِّعٍ) بِالْأَدَاءِ بِأَنْ (أَدَّى بِلَا إذْنٍ) لِتَبَرُّعِهِ بِخِلَافِ مَنْ أَوْجَرَ طَعَامَهُ لِمُضْطَرٍّ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ بَرِئَ وَمَنْ بَعْدَهُ لَا مَنْ قَبْلَهُ) وَلَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنَ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ؛ لِأَنَّ إبْرَاءَهُ إسْقَاطٌ لِلْوَثِيقَةِ، وَهِيَ لَا تَقْتَضِي سُقُوطَ أَصْلِ الدَّيْنِ قَالَ فِي الْخَادِمِ: أَطْلَقَ الْإِبْرَاءَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ إبْرَاءٌ مِنْ الضَّمَانِ أَوْ الدَّيْنِ لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ إبْرَاؤُهُ مِنْ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْرَأَ الْأَصِيلُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ مَحَالُّهُ وَلَمْ أَرَ لَهُمْ فِيهِ تَصْرِيحًا قَالَ شَيْخُنَا لَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى بَعْضَ الدَّيْنِ وَأَبْرَأَهُ مِنْ بَاقِيهِ لَمْ يَبْرَأْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْوَثِيقَةِ، وَلَا مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ لِتَنْزِيلِهَا عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَرَّعَهُ فَيَبْرَأُ بِبَرَاءَتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ يَسْقُطُ بِسُقُوطِ أَصْلِهِ كَمَا يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِالْبَرَاءَةِ (فَرْعٌ) لَوْ وَكَّلَ رَبُّ الدَّيْنِ الضَّامِنَ فِي أَنْ يُبْرِئَ الْأَصِيلَ صَحَّ وَبَرِئَا جَمِيعًا، وَإِنْ وَكَّلَ الْأَصِيلَ فِي أَنْ يُبْرِئَ الضَّامِنَ صَحَّ وَبَرِئَ دُونَ الْأَصِيلِ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا) مِثْلُ الْمَوْتِ الِاسْتِرْقَاقُ (قَوْلُهُ: مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ ضَامِنٍ سَلَّمُوا مُطَالَبَةٌ قَبْلَ الْحُلُولِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَيْسَ دَيْنٌ يَثْبُتُ بِغَيْرِ عَقْدٍ، وَلَا إتْلَافٍ مُؤَجَّلًا إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَدِّ دَيْنِي إذَا حَلَّ فَأَدَّاهُ قَبْلَ الْحُلُولِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَرْجِعُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ) أَيْ بِفَوَاتِ يَدِ مَالِكِهِ عَنْهُ وَمَنْعِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْأَصِيلِ، وَلَوْ حُبِسَ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: لَكِنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ: احْبِسُوا الْأَصِيلَ مَعِي قَالَ شَيْخُنَا: لَعَلَّهُ مِنْ بَابِ إرْهَاقِهِ إلَى خَلَاصِهِ عِنْدَ تَعَيُّنِهِ طَرِيقًا لَهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مُعَانَدَتُهُ لَهُ كا (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْوَلَدِ مُطَالَبَةَ وَالِدِهِ بِدَيْنِهِ) وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ، وَأَنَّ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ مُطَالَبَتَهُ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ وَكِيلٌ، وَالْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ كَانَ الضَّامِنُ وَكِيلَ صَاحِبِ الدَّيْنِ فِي الْقَبْضِ فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَقَبَضَهُ لِمُوَكِّلِهِ كَانَ أَمِينًا وَقَدْ كَتَبْت عَلَيْهَا فَتْوَى فِي الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ ضَامِنٌ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْأَصِيلِ) شَمِلَ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْمَدْيُونُ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ فَضَمِنَهُ وَأَدَّى مِنْ جِهَةِ الضَّمَانِ، وَمَا لَوْ قَالَ: أَدِّ عَنِّي مَا ضَمِنْتُهُ لِتَرْجِعَ بِهِ عَلَيَّ قَالَ شَيْخُنَا: عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ لَوْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ رَجَعَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 إبْقَاءً لِلْمُهْجَةِ (فَلَوْ أَدَّيَا) أَيْ الضَّامِنُ بِغَيْرِ إذْنٍ وَالْمُتَبَرِّعُ بِالْأَدَاءِ (بِالْإِذْنِ رَجَعَ الْمُتَبَرِّعُ) لِلْعُرْفِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْغَسَّالِ وَنَحْوِهِ بِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْأَعْيَانِ، وَمُرَادُهُ بِهَذَا الْمُتَبَرِّعُ الْمُؤَدِّي بِلَا ضَمَانٍ وَإِلَّا فَالْمَأْذُونُ لَهُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ فَفِي إطْلَاقِ الْمُتَبَرِّعِ عَلَيْهِ تَجَوُّزٌ (لَا الضَّامِنُ) أَيْ لَا يَرْجِعُ كَمَا قَدَّمَهُ، وَكَأَنَّهُ أَعَادَهُ لِيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ قَوْلَهُ (إلَّا إنْ أَدَّى بِشَرْطِ الرُّجُوعِ) فَيَرْجِعُ كَغَيْرِ الضَّامِنِ وَلَوْ أَدَّى الْوَلِيُّ دَيْنَ مَحْجُورٍ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَوْ ضَمِنَهُ عَنْهُ كَذَلِكَ رَجَعَ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ (وَالضَّامِنُ بِالْإِذْنِ يَرْجِعُ، وَلَوْ أَدَّى بِلَا إذْنٍ) لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي سَبَبِ الْأَدَاءِ نَعَمْ إنْ ثَبَتَ الضَّمَانُ بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ مُنْكِرٌ كَأَنْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ وَغَائِبٍ أَلْفًا، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَمِنَ مَا عَلَى الْآخَرِ بِإِذْنِهِ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً، وَغَرَّمَهُ لَمْ يَرْجِعْ زَيْدٌ عَلَى الْغَائِبِ بِالنِّصْفِ لِكَوْنِهِ مُكَذِّبًا لِلْبَيِّنَةِ فَهُوَ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَحَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ حَتَّى يَرْجِعَ فِي الْمُتَقَوِّمِ بِمِثْلِهِ صُورَةً وَمَحَلُّ رُجُوعِ الضَّامِنِ إذَا أَدَّى مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ كَمَا قَدَّمَهُ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ (فَرْعٌ مِنْ الْأَدَاءِ أَنْ يُحِيلَ الضَّامِنُ) الْمُسْتَحِقَّ عَلَى غَيْرِهِ (أَوْ يُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ يَصِيرَ) الْحَقُّ (إرْثًا لَهُ أَوْ يُصَالِحَ عَنْهُ) الْمُسْتَحِقَّ بِعِوَضٍ فَيَرْجِعَ بِهِ الضَّامِنُ بِالْإِذْنِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهَا دُونَ الضَّامِنِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ عَلَى مَا مَرَّ إلَّا فِي صَيْرُورَتِهِ إرْثًا لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ مُطْلَقًا لِكَوْنِهِ صَارَ لَهُ وَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ (فَلَوْ صَالَحَ) الضَّامِنُ الْمُسْتَحِقَّ (عَنْ الْأَلْفِ) الْمَضْمُونَةِ (بِعَبْدٍ رَجَعَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِلْعُرْفِ فِي الْمُعَامَلَاتِ) وَلِأَنَّهُ صَرَفَ مَالَهُ إلَى مَنْفَعَةِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: اعْلِفْ دَابَّتِي فَعَلَفَهَا فِي مِلْكِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَرْجِعُ كَمَا قَدَّمَهُ) مَا قَدَّمَهُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ انْتِقَاءِ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَدَّى بِشَرْطِ الرُّجُوعِ فَيَرْجِعُ) أَيْ فِي الْمِثْلِيِّ بِالْمِثْلِ، وَالْمُتَقَوِّمُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ فَيَرْجِعُ بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ عَلَى الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا بِأَنَّ الْأَدَاءَ فِي ضِمْنِهِ إقْرَاضُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ، وَقَالَ الْقَمُولِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ مِثْلِيًّا رَجَعَ بِمِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ فِيهِ وَجْهَانِ كَالْقَرْضِ (قَوْلُهُ وَالضَّامِنُ بِالْإِذْنِ يَرْجِعُ) لَوْ نَهَاهُ عَنْ الْأَدَاءِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ نَهَاهُ بَعْدَ الضَّمَانِ لَمْ يُؤَثِّرْ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْ الْإِذْنِ فَهُوَ رُجُوعٌ أَوْ اتَّصَلَ بِهِ أَوْ أَفْسَدَهُ، وَقَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَتَّجِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَذِنَ إنْسَانٌ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ الضَّامِنُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُؤَدِّيَ دَيْنَ فُلَانٍ فَإِذَا طُولِبَ وَأَدَّى هَلْ يَرْجِعُ لَمْ نَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَقِيَاسُ الْفِقْهِ يَقْتَضِي أَنْ لَا رُجُوعَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ - تَعَالَى، وَوَفَاءً بِنَذْرِهِ لَا عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ، وَهُوَ فَرْعٌ حَسَنٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. أَمَّا لَوْ قَالَ الضَّامِنُ بِالْإِذْنِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُؤَدِّيَ دَيْنَ فُلَانٍ وَلَا أَرْجِعَ بِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ قَالَ شَيْخُنَا وَوَجْهُهُ أَنَّهُ صَارَ قُرْبَةً مُسْتَحَبَّةً تَنْعَقِدُ بِالنَّذْرِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ إنْ حُمِلَ عَلَى نَذْرٍ صَدَرَ مِنْهُ بَعْدَ إذْنِ الْأَصِيلِ وَقَبْلَ الضَّمَانِ أَوْ بَعْدَهُمَا وَقَصَدَ بِالْأَدَاءِ غَيْرَ جِهَةِ الضَّمَانِ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ بَعْدَ الضَّمَانِ صَارَ الدَّيْنُ لَازِمًا لَهُ فَنَذْرُ أَدَائِهِ مِنْ بَابِ نَذْرِ الْوَاجِب وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كا. (تَنْبِيهٌ) وَلَوْ ضَمِنَ عَبْدٌ دَيْنًا عَلَى سَيِّدِهِ بِإِذْنِهِ وَأَدَّاهُ، وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَمِنَ السَّيِّدُ دَيْنًا عَلَى عَبْدِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِهِ وَأَدَّاهُ قَبْلَ عِتْقِهِ، أَوْ عَلَى مُكَاتَبِهِ بِإِذْنِهِ وَأَدَّاهُ بَعْدَ تَعْجِيزِهِ لَمْ يَرْجِعْ، وَلَوْ ضَمِنَ فَرْعٌ عَنْ أَصْلِهِ صَدَاقَ زَوْجَتِهِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ طَرَأَ إعْسَارُهُ بِحَيْثُ وَجَبَ الْإِعْفَافُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَامْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ الصَّدَاقَ فَأَدَّاهُ الضَّامِنُ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ أَيْسَرَ الْمَضْمُونُ وَكَذَا لَوْ ضَمِنَهُ عَنْهُ عِنْدَ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ أَدَّى (قَوْلُهُ فَهُوَ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ) مِثْلُهُ لَوْ قَالَ الضَّامِنُ: أَقَبَضَك الْأَصِيلُ، وَأَنْكَرَ الْأَصِيلُ وَلَمْ يَثْبُتْ، وَسَلَّمَ الضَّامِنُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ رُجُوعِ الضَّامِنِ إذَا أَدَّى مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ مِنْ الْأَدَاءِ أَنْ يُحِيلَ الضَّامِنُ أَوْ يُحَالُ عَلَيْهِ) قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ فَهَذِهِ فِيهَا وَقْفَةٌ كَبِيرَةٌ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْءٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِالرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ هَذَا إبْرَاءٌ مِنْ غَيْرِ صَاحِب الدَّيْنِ، وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ وَهَذَا الثَّانِي أَرْجَحُ، قَالَ شَيْخُنَا: لَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ: قَرِينَةٌ أَنَّ مِنْ الْأَدَاءِ الْحَوَالَةَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا الرُّجُوعُ فَمَحَلُّهُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يُبْرِئْ الْمُسْتَحِقُّ الضَّامِنَ فَإِنْ أَبْرَأَهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا، وَقَوْلُهُ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَرْجِعُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ إلَّا فِي صَيْرُورَتِهِ إرْثًا لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ مُطْلَقًا إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: يُمْكِنُ تَنْزِيلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى صُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: أَنْ يَدْفَعَ الضَّامِنُ الدَّيْنَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَهُ الضَّامِنُ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِسَبَبِ عَوْدِهِ إلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ لَمْ تَغْرَمْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي دَفَعْته عَادَ إلَيْك؛ لِأَنَّ لِلضَّامِنِ أَنْ يَقُولَ: اخْتَلَفَ السَّبَبُ لِأَنِّي دَفَعْته بِسَبَبِ الضَّمَانِ، وَصَارَ إلَيَّ بِسَبَبِ الْإِرْثِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَتَعْبِيرُ الرَّافِعِيِّ بِالصَّيْرُورَةِ دُونَ الِانْتِقَالِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ الصُّورَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا بِوَرَقَتَيْنِ فِيمَا لَوْ أَدَّى الضَّامِنُ الدَّيْنَ ثُمَّ وَهَبَهُ رَبُّ الْمَالِ لَهُ فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى مَا لَوْ وَهَبَتْ الصَّدَاقَ مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْأَصَحُّ الرُّجُوعُ وَالتَّعْبِيرُ بِالصَّيْرُورَةِ يَشْمَلُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الصَّدَاقُ وَسَائِرُ التَّمْلِيكَاتِ؛ لِأَنَّ الصَّيْرُورَةَ مَعْنَاهَا ذَهَابُ الشَّيْءِ، وَعَوْدُهُ إلَى مَا كَانَ الثَّانِيَةُ: ضَامِنُ الضَّامِنِ إذَا وَرِثَ دَيْنَ الْمَضْمُونِ لَهُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِجِهَةِ الْإِرْثِ، وَيَبْرَأُ هُوَ مِنْ الضَّمَانِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِ فَتُنَزَّلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ بِالْإِرْثِ مَنْزِلَةَ بَرَاءَتِهِ بِالْأَدَاءِ، فَيَرْجِعُ حِينَئِذٍ عَلَى الضَّامِنِ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ، وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَجِيءُ هَذَا فِي الضَّامِنِ لِرَبِّ الدَّيْنِ؛ إذْ لَا وَاسِطَةَ يَرْجِعُ إلَيْهِ بِجِهَةِ الضَّمَانِ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ. اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ الْعِمَادِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ صَالَحَ عَنْ الْأَلْفِ الْمَضْمُونَةِ بِعَبْدٍ إلَخْ) شَمِلَ دَيْنَ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ، وَإِنَّمَا وَقَعَ عَنْ نَظِيرِهِ، وَكَذَلِكَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُك الْعَبْدَ بِمَا ضَمِنْته لَك صَحَّ فِي الْأَصَحِّ وَأَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَهُ وَلَوْ كَانَ قَرْضًا لَرَجَعَ بِمَا بَاعَ بِهِ هَكَذَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 مِنْ الْأَلْفِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْأَدَاءِ وَقِسْ عَلَيْهِ فَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ أَوْ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِخَمْسَةٍ؛ لِأَنَّهَا الْمَغْرُومَةُ فِي الْأُولَى، وَلِتَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَلَوْ بَاعَهُ الْعَبْدُ بِالدَّيْنِ) الَّذِي ضَمِنَهُ (رَجَعَ بِالدَّيْنِ) عَلَى الْأَصِيلِ وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ دَخَلَ بِالْبَيْعِ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ وَفُهِمَ مِمَّا قَالَهُ بِالْأُولَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِأَلْفٍ وَتَقَاصَّا رَجَعَ بِالْأَلْفِ، وَمَا قَالَهُ فِي الْأُولَى هُوَ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ: الْوَجْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ الْأَرْدَبِيلِيُّ فِيمَا شَرَحَهُ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَا انْتَهَى وَقَدْ يُفَرَّقُ بِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْآتِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَلَوْ أَدَّى مُكَسَّرَةً عَنْ صِحَاحٍ رَجَعَ بِالْمُكَسَّرَةِ) لِأَنَّهَا الَّتِي غَرِمَهَا (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ أَدَّى صِحَاحًا عَنْ مُكَسَّرَةٍ فَلَا يَرْجِعُ بِالصِّحَاحِ لِتَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ نَعَمْ إنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا (مَسَائِلُ) تَتَعَلَّقُ بِالرُّجُوعِ لَوْ (صَالَحَهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقَّ (الضَّامِنُ) مِنْ الدَّيْنِ (عَلَى الْبَعْضِ) مِنْهُ (أَوْ أَدَّى الْبَعْضَ) لَهُ (وَأَبْرَأَهُ) الْمُسْتَحِقُّ (مِنْ الْبَاقِي رَجَعَ بِمَا أَدَّى) وَبَرِئَ فِيهِمَا (وَبَرِئَ الْأَصِيلُ عَنْ الْبَاقِي فِي صُورَةِ الصُّلْحِ فَقَطْ) أَيْ لَا فِي صُورَةِ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الضَّامِنِ لَا تَسْتَلْزِمُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ، وَإِنَّمَا بَرِئَ فِي تِلْكَ، وَإِنْ كَانَ صُلْحُ الْحَطِيطَةِ إبْرَاءً فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُ مُسَلَّمٌ فِيمَنْ جَرَى الصُّلْحُ مَعَهُ لَا مُطْلَقًا، وَفَرَّقَ غَيْرُهُمْ بِأَنَّ الصُّلْحَ يَقَعُ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ، وَبَرَاءَةُ الضَّامِنِ إنَّمَا تَقَعُ عَنْ الْوَثِيقَةِ (وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ مُسْلِمٍ دَيْنًا فَصَالَحَ صَاحِبَهُ عَلَى خَمْرٍ لَغَا) الصُّلْحُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ أَدَاءَ الضَّامِنِ لِلْمُسْتَحِقِّ يَتَضَمَّنُ إقْرَاضَ الْأَصِيلِ مَا أَدَّاهُ وَتَمْلِيكَهُ إيَّاهُ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا فَلَا يَبْرَأُ الْمُسْلَمُ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ (وَلَوْ وَهَبَ) الْمُسْتَحِقُّ (لِلضَّامِنِ مَا أَدَّى) لَهُ (رَجَعَ بِهِ) كَمَا لَوْ وَهَبَتْ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ لِلضَّامِنِ: وَهَبْتُك الدَّيْنَ الَّذِي ضَمِنْته لِي كَانَ كَالْإِبْرَاءِ فَلَا رُجُوعَ (وَلَوْ ضَمِنَ رَجُلٌ عَنْ الضَّامِنِ وَأَدَّى) الدَّيْنَ لِلْمُسْتَحِقِّ (فَرُجُوعُهُ) إنْ ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الضَّامِنِ الْأَوَّلِ لَا عَلَى الْأَصِيلِ، وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ لَمْ يَثْبُتْ بِأَدَائِهِ الرُّجُوعُ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ، وَبِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ فَرَجَعَ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِشَرْطِهِ، وَبِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ شَخْصٌ الضَّامِنَ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ رَجَعَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ وَبِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ رَجَعَ مَنْ أَدَّى مِنْهُمَا عَلَيْهِ لَا عَلَى الْآخَرِ، وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِبَعْضِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَقَالَ فِي نُسْخَةٍ: فَرُجُوعُهُ عَلَيْهِ كَرُجُوعِ الضَّامِنِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَوْ ضَمِنَ الْفَرْعُ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَفِي أُخْرَى يَدُلُّ هَذَا الْأَخِيرُ فَلَوْ ضَمِنَ الْفَرْعُ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ (أَوْ) ضَمِنَ (عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ (بِإِذْنِهِمَا) وَأَدَّى (رَجَعَ عَلَى مَنْ شَاءَ) مِنْهُمَا بِمَا شَاءَ (وَإِنْ ضَمِنَ اثْنَانِ عَنْ رَجُلٍ عَشَرَةً) بِأَنْ ضَمِنَ (كُلٌّ) مِنْهُمَا (خَمْسَةً وَتَضَامَنَا فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا الْعَشَرَةَ طَالَبَ الْأَصِيلَ بِخَمْسَةٍ وَصَاحِبَهُ بِخَمْسَةٍ) وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْجَمِيعِ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَصِيلُ أَذِنَ لَهُ فِي الضَّمَانِ الْآخَرِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (أَدَّى) أَحَدُهُمَا (خَمْسَةً رَجَعَ عَلَى مَنْ أَدَّاهَا عَنْهُ) مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (فَرْعٌ) لَوْ قَالَا: ضَمِنَّا الْعَشَرَةَ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِكُلِّهَا كَمَا لَوْ قَالَ رَهَنَّا عَبْدَنَا هَذَا بِالْأَلْفِ الَّتِي لَك عَلَى فُلَانٍ فَإِنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ أَوْ لِنِصْفِهَا كَقَوْلِهِمَا اشْتَرَيْنَا عَبْدَك بِالْأَلْفِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمُتَوَلِّي الْأَوَّلُ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَبِهِ أَفْتَيْت؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَوْثِقَةٌ كَالرَّهْنِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَيُخَالِفُ الشِّرَاءَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضُ الْمِلْكِ فَبِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْمِلْكِ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ، وَقَالَ بِالثَّانِي الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالرُّويَانِيُّ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ) فَرَّقَ الْغَزِّيِّ بِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ قَابَلَهُ بِالدَّيْنِ فَكَأَنَّهُ وَزَنَهُ وَفِي الْمُصَالَحَةِ سَامَحَهُ بِتَرْكِ بَعْضِ الْحَقِّ. اهـ. وَضَعَّفَهُ وَالِدِي بِأَنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ أَيْضًا فس [مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالرُّجُوعِ فِي الْكَفَالَة] (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ وَهَبَتْ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ إلَخْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الزَّائِدَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ رَجَعَ مَنْ أَدَّى مِنْهُمَا عَلَيْهِ لَا عَلَى الْآخَرِ) صُورَتُهَا أَنْ يَضْمَنَ عَنْ الْأَصِيلِ وَحْدَهُ مَعَ وُجُودِ الضَّامِنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ ضَمِنَ عَنْهُمَا) إمَّا عَلَى التَّرْتِيبِ أَوْ دَفْعَةً (قَوْلُهُ رَجَعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ رَهَنَّا عَبْدَنَا هَذَا بِالْأَلْفِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَوْثِقَةٌ كَالرَّهْنِ وَلِأَنَّهُمَا لَوْ كَفَلَا رَجُلًا لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا إحْضَارُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ) قَالَ شَيْخُنَا عَلَى رَأْيٍ فِيهِ وَالْأَصَحُّ فِيهِ أَيْضًا التَّقْسِيطُ (قَوْلُهُ أَوْ لِنِصْفِهَا كَقَوْلِهِمَا اشْتَرَيْنَا عَبْدَك إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَفْتَى بِهِ فُقَهَاءُ عَصْرِ السُّبْكِيّ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: لَا وَجْهَ لِهَذَا. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ إلَخْ) وَبِهِ أَفْتَيْت عِنْدَ دَعْوَى الضَّامِنَيْنِ ذَلِكَ، وَحَلِفِهِمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِيهِ فس وَبِالتَّبْعِيضِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ فَقَالَ إنَّ رَجُلَيْنِ لَوْ ضَمِنَا لِرَجُلٍ أَلْفًا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِخَمْسِمِائَةٍ وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا لِكُلِّ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّجُلَيْنِ مَعَ الرَّجُلِ بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدَيْنِ، وَمِثْلُهُ مَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَيْنِ كَالْعَاقِدَيْنِ فَذَلِكَ يَتَبَعَّضُ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ إذَا كَانَا فِي عَقْدٍ كَانَ مُتَبَعِّضًا كَالضَّامِنَيْنِ وَتَابَعَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ فَقَالَ فِي ثَلَاثَةٍ ضَمِنُوا أَلْفًا: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ إلَّا ثُلُثُ الْأَلْفِ إلَّا أَنْ يَقُولُوا: إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ لِجَمِيعِهِ، وَمِثْلُهُ مَا فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ لِلصَّيْمَرِيِّ لَوْ ضَمِنَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَشَغْلُ ذِمَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِالزَّائِدِ مَشْكُوكٌ فِيهِ (وَإِنْ ضَمِنَ الثَّمَنَ) مَثَلًا لِلْبَائِعِ (بِالْإِذْنِ وَأَدَّاهُ) لَهُ (ثُمَّ انْفَسَخَ الْعَقْدُ) بِتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بِرَدِّهِ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ) بِمَا أَدَّاهُ (وَ) رَجَعَ (الْأَصِيلُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَخَذَهُ) بِأَنْ يَرْجِعَ فِيهِ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبِبَدَلِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (إمْسَاكُهُ) أَيْ مَا أَخَذَهُ (وَرَدُّ بَدَلِهِ) كَمَا لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَعَيَّنَ ثَمَنَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَأَرَادَ إمْسَاكَهُ وَرَدَّ مِثْلِهِ وَلِلتَّعْلِيلِ الْآتِي (وَلَيْسَ لِلضَّامِنِ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ) بِمَا أَخَذَهُ (لِأَنَّ الْأَدَاءَ) مِنْهُ (يَتَضَمَّنُ إقْرَاضَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ) مَا أَدَّاهُ (وَتَمَلَّكَهُ) إيَّاهُ. (وَإِنْ ضَمِنَ) الثَّمَنَ وَفِي نُسْخَةٍ ضَمِنَهُ (بِلَا إذْنٍ) وَأَدَّاهُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ انْفَسَخَ الْعَقْدُ (لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَصِيلِ وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّهُ وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الصَّدَاقِ الْمُتَبَرَّعِ بِهِ) إذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَرُدُّ إلَى الْأَصِيلِ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ نَحْوَهُ وَالْمُتَبَرِّعُ أَبًا وَإِلَّا فَإِلَى الْمُتَبَرِّعِ وَتَقَدَّمَ إيضَاحُهُ فِي أَوَاخِرِ بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ أَمَّا إذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّامِنِ فَيَبْرَأُ هُوَ وَالْأَصِيلُ (وَإِنْ أَقْرَضَهُمَا) مَثَلًا (عَشَرَةً وَتَضَامَنَا) بِأَنْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ (بِالْإِذْنِ) مِنْهُ (فَلَهُ مُطَالَبَتُهُمَا) جَمِيعًا، أَوْ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا بِهَا (فَإِنْ أَدَّاهَا أَحَدُهُمَا بَرِئَا وَطَالَبَ صَاحِبَهُ بِخَمْسَةٍ) لِإِذْنِهِ لَهُ فِي ضَمَانِهِ (وَإِنْ أَدَّى كُلٌّ) مِنْهُمَا (خَمْسَةً عَنْ نَفْسِهِ بَرِئَ) وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ (أَوْ) أَدَّاهَا (عَنْ صَاحِبِهِ تَقَاصَّا) وَبَرِئَا (وَلَوْ أَدَّى أَحَدُهُمَا خَمْسَةً وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) مِنْ نَفْسِهِ وَصَاحِبِهِ (صَرَفَهَا عَمَّنْ شَاءَ) مِنْهُمَا وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ بَرِئَ مِمَّا عَلَيْهِ وَصَاحِبُهُ مِنْ ضَمَانِهِ وَبَقِيَ عَلَى صَاحِبِهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَالْمُؤَدِّي ضَامِنٌ لَهُ، أَوْ قَصَدَ صَاحِبَهُ رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَصَاحِبُهُ ضَامِنٌ لَهُ أَوْ قَصَدَهُمَا فَلِكُلٍّ نِصْفُ حُكْمِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (وَلَوْ قَالَ) الْمُؤَدِّي لَهَا قَصَدْت نَفْسِي فَقَالَ لَهُ (الْمُسْتَحِقُّ) بَلْ (قَصَدْت صَاحِبَك فَحَلَفَ لَهُ الْمُؤَدِّي لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ خَمْسَةُ صَاحِبِهِ) وَبَرِئَ مِنْ خَمْسَتِهِ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بَدَلَ فَحَلَفَ إلَى آخِرِهِ بِقَوْلِهِ: صَدَقَ الْمُؤَدِّي بِيَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِمَّا عَلَيْهِ لَكِنْ لِرَبِّ الدَّيْنِ مُطَالَبَتُهُ بِخَمْسَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ عَلَيْهِ خَمْسَةً أُخْرَى إمَّا بِالْأَصَالَةِ، وَإِمَّا بِالضَّمَانِ. (وَإِنْ أَبْرَأَ) الْمُسْتَحِقُّ (أَحَدَهُمَا عَنْ الْعَشَرَةِ) بَرِئَ أَصْلًا وَضَمَانًا وَ (بَقِيَ عَلَى صَاحِبِهِ خَمْسَةٌ) أَيْ الْخَمْسَةُ الْمُتَأَصِّلَةُ عَلَيْهِ وَبَرِئَ مِنْ الْأُخْرَى (وَإِنْ أَبْرَأهُ عَنْ الْخَمْسَةِ الْمُتَأَصِّلَةِ) عَلَيْهِ بَرِئَ مِنْهَا وَصَاحِبُهُ مِنْ ضَمَانِهَا وَ (طَالَبَ) الْمُسْتَحِقُّ (بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا أَوْ) أَبْرَأَهُ (عَنْ خَمْسَةِ الضَّمَانِ) بَرِئَ مِنْهَا (وَبَقِيَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ الْأَصْلِ وَعَلَى صَاحِبِهِ الْجَمِيعُ) أَيْ الْأَصْلُ وَالضَّمَانُ (وَإِنْ جَعَلَهَا) أَيْ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْخَمْسَةِ (عَنْ الْجِهَتَيْنِ) أَيْ الْأَصْلِ وَالضَّمَانِ (طَالَبَهُ) أَيْ الْمُبْرَأُ (بِخَمْسَةٍ) فَقَطْ لِبَرَاءَتِهِ مِنْ نِصْفِ الْأَصْلِ وَنِصْفِ الضَّمَانِ (وَ) طَالَبَ (صَاحِبَهُ بِسَبْعَةٍ وَنِصْفٍ) فَقَطْ لِبَرَاءَتِهِ مِنْ نِصْفِ الضَّمَانِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا صَرَفَهَا إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَلَوْ قَالَ الْمُبْرِئُ: أَبْرَأْتُك عَنْ الضَّمَانِ، فَقَالَ: بَلْ عَنْ الْأَصْلِ صُدِّقَ الْمُبْرِئُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ، وَتَصْدِيقُ الْمُبْرِئِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ عِلْمُ الْمُبْرَأِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ لِتَضَمُّنِهِ صِحَّتَهَا مَعَ الْإِبْهَامِ، وَالْحُكْمُ فِي الْأَمْرَيْنِ وَاحِدٌ (وَإِنْ ادَّعَى أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ) مَثَلًا (عَلَى حَاضِرٍ وَغَائِبٍ وَأَنَّهُمَا تَضَامَنَا) بِالْإِذْنِ أَوْ أَنَّ الْحَاضِرَ فَقَطْ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً، أَوْ أَقَرَّ الْحَاضِرُ، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً لِلْإِثْبَاتِ عَلَى الْغَائِبِ (فَسَلَّمَ) لَهُ (الْحَاضِرُ الْأَلْفَ رَجَعَ عَلَى الْغَائِبِ بِالنِّصْفِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَكْذِيبٌ لِلْبَيِّنَةِ) وَإِلَّا كَأَنْ قَالَ مَا اشْتَرَيْنَا شَيْئًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ فَلَا يُطَالِبُ غَيْرَ ظَالِمِهِ (فَرْعٌ) لَوْ (أَدَّى الضَّامِنُ) مَا ضَمِنَهُ فِي غَيْبَةِ الْأَصِيلِ (وَلَمْ يَشْهَدْ) بِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ الْغَرِيمُ (لَمْ يَرْجِعْ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْأَصِيلُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِأَدَائِهِ إذْ الطَّلَبُ بِحَالِهِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ الشِّقُّ الثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْأَدَاءُ (بِحُضُورِهِ) أَيْ الْأَصِيلِ (أَوْ أَقَرَّ الْغَرِيمُ رَجَعَ) الضَّامِنُ لِأَنَّ الْأَصِيلَ إذَا كَانَ حَاضِرًا كَانَ أَوْلَى بِالِاحْتِيَاطِ فَالتَّقْصِيرُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِتَرْكِهِ فَتَرَكَهُ وَإِذَا أَقَرَّ الْغَرِيمُ بِالْأَدَاءِ   [حاشية الرملي الكبير] عَشَرَةٌ عَنْ زَيْدٍ لِعَمْرٍو أَلْفًا كَانَتْ بَيْنَهُمْ عَلَى رُءُوسِهِمْ إلَّا أَنْ يَشْرِطُوا ذَلِكَ مُتَفَاضِلًا فَيَجُوزُ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ، وَأَنَا وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ، وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى التَّقْسِيطِ وَلَزِمَهُ مَا يَخُصُّهُ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: الصَّحِيحُ عِنْدِي، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَلَا أَعْلَمُ لِلْأَوَّلِ وَجْهًا فَإِنَّ الضَّمَانَ إنْشَاءُ عَقْدٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَا: اشْتَرَيْنَا عَبْدَك بِأَلْفٍ وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُمَا جَمِيعًا ضِمْنًا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَمِنْت جَمِيعَ الْأَلْفِ لَلَزِمَ مِثْلُهُ فِي الشِّرَاءِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْمُتَّجَهُ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَشَغْلُ ذِمَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالزَّائِدِ مَشْكُوكٌ فِيهِ. [فَرْعٌ أَدَّى الضَّامِنُ مَا ضَمِنَهُ فِي غَيْبَةِ الْأَصِيلِ وَلَمْ يَشْهَدْ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ أَدَّى الضَّامِنُ وَلَمْ يَشْهَدْ لَمْ يَرْجِعْ) أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ الْأَصِيلُ: لَا تَشْهَدْ فَلَمْ يَشْهَدْ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا، قَالَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ أَوْ أَقَرَّ الْغَرِيمُ إلَخْ) وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ أَوْ وَرَثَتُهُ الْمُطْلَقُو التَّصَرُّفِ، وَهَلْ تَصْدِيقُ الْإِمَامِ حَيْثُ يَكُونُ الدَّيْنُ لِبَيْتِ الْمَالِ كَتَصْدِيقِ الْوَارِثِ الْخَاصِّ أَوْ تَصْدِيقِ غُرَمَاءِ مَنْ مَاتَ مُفْلِسًا كَتَصْدِيقِ رَبِّ الدَّيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، وَهُوَ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ قَالَ وَالِدِي: وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ فس وَقَوْلُهُ: قَالَ وَالِدِي وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) لَوْ ادَّعَى الضَّامِنُ أَنَّ الْمَضْمُونَ لَهُ أَبْرَأَهُ عَنْ ضَمَانِهِ، وَأَنْكَرَهُ فَأَحْضَرَ الضَّامِنُ شَاهِدَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمَضْمُونُ عَنْهُ فَفِي الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالضَّمَانِ عَنْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ، وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: لَوْ ضَمِنَ مَالًا وَدَفَعَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ وَطَالَبَ الْأَصِيلَ بِالْحَقِّ فَإِنَّ الضَّامِنَ يَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ اسْتَوْفَى الْحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ، وَلَا يَقُولُ: مِنِّي كَالرُّفْقَةِ يَشْهَدُونَ عَلَى جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى هَؤُلَاءِ تُقْبَلُ، وَلَوْ قَالُوا: عَلَيْنَا لَمْ تُقْبَلْ قَالَ شَيْخُنَا: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الضَّمَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ عَنْ الْأَصِيلِ فَإِنَّهُ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْأَدَاءُ بِحُضُورِ الْأَصِيلِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ الْغَرِيمُ (فَلَا) رُجُوعَ لِلضَّامِنِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ مَعَ كَوْنِ الْأَصْلِ هُوَ مَا يَدَّعِيهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا يَرْجِعُ) إنْ أَشْهَدَ (وَلَوْ أَشْهَدَ وَاحِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ) ؛ إذْ الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ حُجَّةٌ كَافِيَةٌ وَلَا يَضُرُّ احْتِمَالُ الرَّفْعِ إلَى حَنَفِيٍّ كَمَا لَا يَضُرُّ غَيْبَتُهُ وَلَا مَوْتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ (أَوْ) أَشْهَدَ (مَسْتُورَيْنِ فَبَانَا فَاسِقَيْنِ) لِإِتْيَانِهِ بِحُجَّةٍ وَلِتَعَذُّرِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْبَاطِنِ فَكَانَ مَعْذُورًا (فَلَوْ قَالَ أَشْهَدْت) بِالْأَدَاءِ شُهُودًا (وَمَاتُوا) أَوْ غَابُوا أَوْ طَرَأَ فِسْقُهُمْ (فَكَذَّبَهُ الْأَصِيلُ) فِي الْإِشْهَادِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَصِيلِ) بِيَمِينِهِ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ الْإِشْهَادِ بِخِلَافِ مَا إذَا صَدَّقَهُ الْأَصِيلُ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ (وَإِنْ كَذَّبَهُ الشُّهُودُ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَشْهَدْ) فَلَا يَرْجِعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ بِنِكَاحٍ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ فَكَذَّبَاهَا لَا يَقْدَحُ فِي إقْرَارِهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِحَقٍّ عَلَيْهَا فَلَمْ يَلْغُ بِإِنْكَارِهِمَا، وَهَذَا يُرِيدُ أَنْ يُثْبِتَ لَهُ حَقًّا (وَإِنْ قَالُوا) لَا نَدْرِي وَرُبَّمَا (نَسِينَا فَتَرَدَّدَ) الْإِمَامُ فِيهِ ثُمَّ رَجَّحَ عَدَمَ الرُّجُوعِ، وَجَعَلَهُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ دَعْوَاهُ مَوْتَ الشَّاهِدِ (وَلَا يَكْفِي إشْهَادُ مَنْ يُسَافِرُ قَرِيبًا) ؛ إذْ لَا يُفْضِي إلَى الْمَقْصُودِ، وَمَتَى لَمْ يَشْهَدْ بِالْأَدَاءِ (فَإِنْ حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ) عَلَى عَدَمِهِ (وَأَخَذَ مِنْ الْأَصِيلِ فَذَاكَ) وَاضِحٌ (أَوْ مِنْ الضَّامِنِ) مَرَّةً (ثَانِيَةً رَجَعَ) الضَّامِنُ عَلَى الْأَصِيلِ (بِأَقَلِّهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهُوَ مُدَّعَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ مَظْلُومٌ بِالثَّانِي أَوْ الثَّانِيَ فَهُوَ الْمُبْرِئُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مِنْ الزَّائِدِ وَكَالضَّامِنِ فِيمَا ذُكِرَ الْمُؤَدِّي بِالْإِذْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَصْلٌ ضَمَانُ الْمَرِيضِ) مَرَضَ الْمَوْتِ مُعْتَبَرٌ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا) إنْ كَانَ الضَّمَانُ (عَنْ) شَخْصٍ (مُعْسِرٍ) عِنْدَ مَوْتِ الضَّامِنِ (أَوْ حَيْثُ لَا رُجُوعَ فَإِنَّهُ) مُعْتَبَرٌ (مِنْ الثُّلُثِ) كَمَا مَرَّ ذَلِكَ مَا عَدَا مَسْأَلَةَ الْمُعْسِرِ أَوَائِلَ الْبَابِ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَوْتُ الْمُعْسِرِ، وَإِنْ اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ (فَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ مَا ضَمِنَهُ (مِنْ الثُّلُثِ صَحِيحٌ فِيهِ فَقَطْ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (وَيَبْطُلُ) الضَّمَانُ (بِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ) الَّذِي عَلَى الضَّامِنِ وَفِي نُسْخَةٍ وَيَبْطُلُ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ يَسْتَغْرِقُ (التَّرِكَةَ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا مَرْدُودٌ بَلْ الْقَاعِدَةُ تَقْتَضِي صِحَّتَهُ وَيَتَوَقَّفُ تَنْفِيذُهُ عَلَى وَقْتِ الْمَوْتِ، فَإِنْ حَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ مَالٍ آخَرَ أَوْ أَجَازَهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ اسْتَمَرَّتْ صِحَّتُهُ، وَإِلَّا حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ، وَمَا قَالَهُ يَأْتِي فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا الْبَعْضُ، وَلَعَلَّ مَا قَالَهُ هُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالْبُطْلَانِ (فَإِنْ ضَمِنَ الْمَرِيضُ) بِالْإِذْنِ (تِسْعِينَ ثُمَّ مَاتَ وَخَلَّفَ مِثْلَهَا وَخَلَّفَ الْأَصِيلُ) بَعْدَ مَوْتِهِ (نِصْفَهَا) خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ (فَإِنْ شَاءَ الْغَرِيمُ أَخَذَ تَرِكَةَ الْأَصِيلِ وَأَخَذَ ثُلُثَ تَرِكَةِ الضَّامِنِ وَهِيَ) الْأَوْلَى وَهُوَ أَيْ ثُلُثُهَا (ثَلَاثُونَ وَفَاتَ) عَلَيْهِ (الْبَاقِي) وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَعَلَيْهِ لَا دَوْرَ. (وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ سِتِّينَ وَضَارَبَ بِهَا وَرَثَتَهُ) مَعَ الْغَرِيمِ (فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ فَيَأْخُذُونَ ثَلَاثِينَ وَيَأْخُذُ) هُوَ (خَمْسَةَ عَشَرَ) وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا يَغْرَمُهُ وَرَثَةُ الضَّامِنِ يَرْجِعُ إلَيْهِمْ مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ بِالْمُضَارَبَةِ فَتَزِيدُ تَرِكَةُ الْمَرِيضِ فَيَزِيدُ الْمَغْرُومُ فَيَزِيدُ الرَّاجِعُ وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِهِ أَنْ يَقُولَ: الْمَأْخُوذُ   [حاشية الرملي الكبير] لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ لِظُهُورِ تُهْمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَشْهَدَ وَاحِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: لِيَحْلِفَ مَعَهُ عَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ، فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ الْمُرَادُ امْتِنَاعَهُ مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ لَا الْعَزْمَ عَلَى عَدَمِ الْحَلِفِ عِنْدَ الْأَدَاءِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: وَكَانَ الْمُرَادُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلِتَعَذُّرِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْبَاطِنِ إلَخْ) لِأَنَّ طَلَبَ الِاسْتِزْكَاءَ، وَمَعْرِفَةَ بَاطِنِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ مِنْ مَنْصِبِ الْحَاكِمِ فَلَا يُنْسَبُ فِي تَرْكِهِ إلَى تَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ فَتَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ فِيهِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ التَّرَدُّدَ لِلْأَصْحَابِ؛ وَلِهَذَا صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ بِأَنَّهُمَا وَجْهَانِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَّحَ عَدَمَ الرُّجُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ دَعْوَاهُ مَوْتَ الشَّاهِدِ) قَالَ شَيْخُنَا: مَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي مَوْتِ الشَّاهِدِ رُجُوعُهُ لِكَوْنِهِمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ أَوْلَى لَا تَسْتَلْزِمُ مُسَاوَاةَ حُكْمِ مَا بَعْدَهَا لِمَا قَبْلَهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ [فَصْلٌ ضَمَانُ الْمَرِيضِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ ضَمَانُ الْمَرِيضِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَكِنْ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَثْبُتُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْأَجَلِ، وَقَدْ تَبَرَّعَ هُوَ بِالْأَدَاءِ فَهَلْ نَقُولُ: يَكُونُ كَالْبَيْعِ بِالْمُؤَجَّلِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ إذَا انْفَسَخَ هُنَاكَ الْبَيْعُ لَا يَعُودُ بِخِلَافِ هَذَا هَذَا مُحْتَمَلٌ، وَهُوَ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ، وَقَوْلُهُ: فَهَلْ نَقُولُ: يَكُونُ كَالْبَيْعِ بِالْمُؤَجَّلِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا مَرْدُودٌ إلَخْ) اعْتِرَاضُهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ حَقِيقَةَ التَّرِكَةِ الْمَالُ الْمَتْرُوكُ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهِ فَمَعْنَى اسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهَا أَنَّ صَاحِبَهُ أَخَذَ جَمِيعَهَا بِدَيْنِهِ وَلَمَّا كَانَ هَذَا مَعْنَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَضَّحَهُ الْمُصَنِّفُ بِتَعْبِيرِهِ عَنْهُ بِالْمَصْدَرِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ الْفِعْلُ، وَكَتَبَ أَيْضًا مُرَادَهُ بِأَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا مُسْتَغْرِقًا أَيْ حَالَةَ الْمَوْتِ لَمْ يَبْرَأْ عَنْهُ صَاحِبُهُ وَلَيْسَ مُرَادُهُ حَالَةَ الضَّمَانِ فَإِنَّا لَا نَدْرِي هَلْ يَبْقَى الدَّيْنُ أَمْ لَا وَهَلْ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ أَمْ لَا فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ الْمَوْتِ، وَالْمَالُ يَغْدُو وَيَرُوحُ غ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ الدَّوْرُ) قَالَ الكوهكيلوني يَدْفَعُ الدَّوْرَ رُبَّمَا سَنَحَ لِي، وَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ مَخْرَجَ الْكَسْرِ الَّذِي حَصَلَتْ النِّسْبَةُ بِهِ بَيْنَ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ وَالدَّيْنِ، وَتَأْخُذَ الْكَسْرَ مِنْهُ وَتَنْسُبَهُ إلَى الْبَاقِي مِنْ الْمَخْرَجِ وَتَزِيدَ عَلَى ثُلُثِ تَرِكَةِ الضَّامِنِ تِلْكَ النِّسْبَةَ، وَيَدْفَعَ إلَى الْمَضْمُونِ لَهُ فَفِي الْأُولَى تَنْسُبُ وَاحِدًا إلَى وَاحِدٍ، وَتَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ مِثْلَهُ فَيُدْفَعُ إلَى الْمَضْمُونِ لَهُ فَيَكُونُ سِتِّينَ، وَفِي الثَّانِيَةِ تَنْسُبُ وَاحِدًا إلَى اثْنَيْنِ، وَتَزِيدُ نِصْفَ ثُلُثِ التَّرِكَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَيَدْفَعُهَا إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) ضَابِطُهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ مَا يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِهَا بِمِقْدَارِ نِسْبَتِهِ إلَى كُلِّ الْمَأْخُوذِ كَنِسْبَةِ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ إلَى الدَّيْنِ وَطَرِيقُهُ أَنْ يُزَادَ مِنْ الثُّلُثِ بِعَدَدِ الْكَسْرِ الَّذِي نَاسَبَتْ بِهِ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ الدَّيْنَ عَلَى الثُّلُثِ مَا فَوْقَ ذَلِكَ الْكَسْرِ بِعَدَدِهِ، فَإِنْ كَانَتْ النِّسْبَةُ بِالنِّصْفِ يُزَادُ عَلَى الثُّلُثِ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ بِالثُّلُثِ يُزَادُ عَلَى الثُّلُثِ نِصْفٌ وَإِنْ كَانَتْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 شَيْءٌ وَالرَّاجِعُ مِثْلُ نِصْفِهِ؛ إذْ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ نِصْفُ تَرِكَةِ الضَّامِنِ فَالْبَاقِي تِسْعُونَ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ مِثْلَ مَا فَاتَ بِالضَّمَانِ وَهُوَ نِصْفُ شَيْءٍ فَمَثَلًا شَيْءٌ فَالْبَاقِي يَعْدِلُ شَيْئًا فَإِذَا جَبَرْنَا وَقَابَلْنَا عَدَلَتْ تِسْعُونَ شَيْئًا وَنِصْفًا فَيَكُونُ الشَّيْءُ سِتِّينَ فَيَكُونُ دَيْنًا لِوَرَثَةِ الضَّامِنِ عَلَى الْأَصِيلِ وَقَدْ بَقِيَ لِلْغَرِيمِ ثَلَاثُونَ فَيَتَضَارَبُونَ بِمَالِهِمْ فِي تَرِكَتِهِ بِسَهْمَيْنِ وَسَهْمٍ، وَتَرِكَتُهُ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَأْخُذُ مِنْهَا الْوَرَثَةُ ثَلَاثِينَ وَالْغَرِيمُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَيَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ قَدْرُهَا وَيَكُونُ الْحَاصِلُ لِلْوَرَثَةِ سِتِّينَ نِصْفُهَا بَقِيَ عِنْدَهُمْ، وَنِصْفُهَا مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ، وَذَلِكَ مَثَلًا مَا فَاتَ عَلَيْهِمْ وَيَقَعُ الْفَائِتُ فِي حَالَتَيْ الدَّوْرِ وَعَدَمِهِ تَبَرُّعًا إذَا لَمْ يَجِدُوا مَرْجِعًا (وَإِنْ خَلَّفَ الْأَصِيلُ ثَلَاثِينَ فَأَخَذَهَا) الْغَرِيمُ (أَعْطَى مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ ثَلَاثِينَ) وَلَا دَوْرَ (وَإِنْ أَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ أَخَذَ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ وَرَجَعَ وَرَثَتُهُ فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ بَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَالْبَاقِي لِلْغَرِيمِ) وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ الدَّوْرُ، وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ الْمَأْخُوذُ شَيْءٌ وَالرَّاجِعُ مِثْلُ ثُلُثِهِ؛ إذْ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ ثُلُثُ تَرِكَةِ الضَّامِنِ فَالْبَاقِي تِسْعُونَ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ يَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا فَاتَ بِالضَّمَانِ وَهُوَ ثُلُثَا شَيْءٍ فَمِثْلَاهُ شَيْءٌ وَثُلُثٌ فَالْبَاقِي يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثًا فَإِذَا جَبَرْنَا وَقَابَلْنَا عَدَلَتْ تِسْعُونَ شَيْئَيْنِ فَيَكُونُ الشَّيْءُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ وَيَكُونُ دَيْنًا لِوَرَثَةِ الضَّامِنِ عَلَى الْأَصِيلِ. وَيَبْقَى مِثْلُهُ لِلْغَرِيمِ فَيَتَضَارَبُونَ بِمَا لَهُمْ فِي تَرِكَتِهِ بِسَهْمٍ وَسَهْمٍ فَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَيَكُونُ الْحَاصِلُ لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَمَعَهُمْ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَذَلِكَ مَثَلًا مَا فَاتَ عَلَيْهِمْ، وَيَقَعُ الْفَائِتُ تَبَرُّعًا لِمَا مَرَّ (فَإِنْ خَلَّفَ الْأَصِيلُ سِتِّينَ وَأَخَذَهَا) الْغَرِيمُ (أَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ ثَلَاثِينَ، أَوْ أَخَذَ كُلَّ تَرِكَةِ الضَّامِنِ وَأَخَذَ وَرَثَتُهُ) أَيْ الضَّامِنِ (كُلَّ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ) وَيَقَعُ الْبَاقِي تَبَرُّعًا وَلَا دَوْرَ مُطْلَقًا لِوَفَاءِ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ فَمَحَلُّ لُزُومِ الدَّوْرِ إذَا ضَمِنَ الْمَرِيضُ بِالْإِذْنِ وَأَخَذَ الْغَرِيمُ أَوَّلًا مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَمْ تَفِ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ (تَنْبِيهٌ) قَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ أَوَّلًا لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّ تَسَلُّطَ الْمُوصَى لَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسَلُّطِ الْوَرَثَةِ عَلَى مِثْلَيْ مَا تَسَلَّطَ هُوَ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَبَاقِي مَالِهِ غَائِبٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَرْجِعَ الْمَوْجُودَ هُنَا حَاضِرٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَغِبْ بَاقِي مَالِهِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ (فَرْعٌ) بَاعَ مِنْ اثْنَيْنِ شَيْئًا وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِلْآخَرِ بَطَلَ الْبَيْعُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَرَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ فِي حِسْبَتِهِ يَمْنَعُ أَهْلَ سُوقِ الرَّقِيقِ مِنْ الْبَيْعِ مُسْلِمًا، وَمَعْنَاهُ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي بِمَا يَلْحَقُ الْبَائِعَ مِنْ الدَّلَالَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالرَّقِيقِ وَهَذَا إذَا كَانَ مَجْهُولًا فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا فَلَا وَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ ضَمَانِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ لِلْآخَرِ لَا يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنَّهُ هُنَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَمْرًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ كَذَا إلَى جِهَةِ كَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبْطِلًا مُطْلَقًا (كِتَابُ الشِّرْكَةِ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَحُكِيَ فَتْحُ الشِّينِ وَكَسْرُ الرَّاءِ وَإِسْكَانُهَا وَشِرْكٌ بِلَا هَاءٍ، وَهِيَ لُغَةً: الِاخْتِلَاطُ، وَشَرْعًا: ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ «السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ شَرِيكَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْمَبْعَثِ وَافْتَخَرَ بِشَرِكَتِهِ بَعْدَ الْمَبْعَثِ» وَخَبَرُ «يَقُولُ اللَّهُ أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْت مِنْ بَيْنِهِمَا» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُمَا وَالْمَعْنَى أَنَا مَعَهُمَا بِالْحِفْظِ وَالْإِعَانَةِ فَأَمُدُّهُمَا بِالْمَعُونَةِ فِي أَمْوَالِهِمَا وَإِنْزَالِ الْبَرَكَةِ فِي تِجَارَتِهِمَا فَإِذَا وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا الْخِيَانَةُ رَفَعْت الْبَرَكَةَ وَالْإِعَانَةَ عَنْهُمَا وَهُوَ مَعْنَى خَرَجْت مِنْ بَيْنِهِمَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ هُوَ الْحَقُّ الْمُشَاعُ بَيْنَ مُتَعَدِّدٍ، وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (هِيَ كُلُّ حَقٍّ مُشَاعٍ بَيْنَ عَدَدٍ مُشْتَرَكٍ) وَلَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ فَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ هِيَ لَاسْتَقَامَتْ وَوَافَقَتْ قَوْلَ أَصْلِهِ: كُلُّ ثَابِتٍ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَصَاعِدًا عَلَى الشُّيُوعِ يُقَالُ: هُوَ مُشْتَرَكٌ ثُمَّ بَيَّنَ الْحَقَّ بِقَوْلِهِ (مِنْ عَيْنِ مَالٍ وَمَنْفَعَةٍ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَمَنْفَعَةِ كَلْبِ صَيْدٍ (وَغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَشُفْعَةٍ وَكَلْبِ صَيْدٍ (وَقَدْ تَحْدُثُ) الشِّرْكَةُ (قَهْرًا كَالْإِرْثِ أَوْ بِاخْتِيَارٍ كَالشِّرَاءِ وَهُوَ) أَيْ مَا يَحْدُثُ بِالِاخْتِيَارِ مِنْ حَيْثُ ابْتِغَاءُ الرِّبْحِ (مَقْصُودُ الْبَابِ) وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (هُنَا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَلَا يَصِحُّ مِنْ الشِّرْكِ) هُوَ إمَّا لُغَةً فِي الشِّرْكَةِ كَمَا مَرَّ أَوْ بِكَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ جَمْعُ شِرْكَةٍ وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الشِّرْكَةِ أَيْ لَا يَصِحُّ مِنْ أَنْوَاعِهَا الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ   [حاشية الرملي الكبير] بِالْخَمْسِينَ يُزَادُ عَلَى الثُّلُثِ ثُلُثَاهُ وَعَلَى هَذَا (قَوْلُهُ وَيَقَعُ لِلْبَاقِي تَبَرُّعًا) قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ: فَائِدَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهَا إذَا مَاتَ إنْسَانٌ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لَا يَفِي بِهَا مَالُهُ وَكَانَ بِبَعْضِهَا ضَامِنٌ فَضَارَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَعَ الْغُرَمَاءِ وَأَخَذَ بِالْحِصَّةِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الضَّامِنِ بِالْقَدْرِ الْبَاقِي فَلَهُ ذَلِكَ وَإِذَا غَرِمَ وَكَانَ الضَّمَانُ بِحَيْثُ يَثْبُتُ الرُّجُوعُ لَا رُجُوعَ فِيمَا ظَهَرَ لِي وَشَاهِدُهُ قَوْلُهُمْ فِي ابْتِدَاءِ الْفَصْلِ: إنَّهُ إذَا شَاءَ أَخَذَ تَرِكَةَ الْأَصِيلِ كُلَّهَا وَرَجَعَ عَلَى وَرَثَةِ الضَّامِنِ بِالْبَاقِي، وَيَقَعُ ذَلِكَ تَبَرُّعًا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا مَرْجِعًا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ لَا يُجْعَلَ كَغَرِيمٍ ظَهَرَ حَتَّى يَصِيرَ شَرِيكًا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَخَذَهُ وَيَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي الْمُفْلِسِ إذَا قَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَكَانَ عَلَى بَعْضِهِمْ ضَامِنٌ فَرَجَعَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَا يُجْعَلُ ذَلِكَ كَدَيْنٍ حَادِثٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْخَصْمُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ رُجُوعِ الضَّامِنِ زِيَادَةُ صَاحِبِ الدَّيْنِ الَّذِي بِهِ ضَامِنٌ عَلَى الدُّيُونِ الَّتِي لَا ضَامِنَ بِهَا وَذَلِكَ مُحَالٌ [كِتَابُ الشِّرْكَةِ] [أَرْكَان الشَّرِكَة] (كِتَابُ الشِّرْكَةِ) (قَوْلُهُ وَشَرْعًا ثُبُوتُ الْحَقِّ إلَخْ) الشِّرْكَةُ لَيْسَتْ عَقْدًا مُسْتَقِلًّا بَلْ هِيَ وَكَالَةٌ بِلَا عِوَضٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 (إلَّا شِرْكَةَ الْعِنَانِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ إمَّا لِأَنَّهَا أَظْهَرُ الْأَنْوَاعِ، أَوْ لِأَنَّهُ ظَهَرَ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مَالُ الْآخَرِ أَوْ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إمَّا لِاسْتِوَاءِ الشَّرِيكَيْنِ فِي وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ وَالْفَسْخِ وَاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ كَاسْتِوَاءِ طَرَفَيْ الْعِنَانِ أَوْ لِمَنْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ التَّصَرُّفَ كَمَا يَشَاءُ كَمَنْعِ الْعِنَانِ الدَّابَّةَ أَوْ لِمَنْعِ الشَّرِيكِ نَفْسَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ كَمَنْعِ الْآخِذِ لِعِنَانِ الدَّابَّةِ إحْدَى يَدَيْهِ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا كَيْفَ شَاءَ، وَيَدُهُ الْأُخْرَى مُطْلَقَةٌ يَسْتَعْمِلُهَا كَيْفَ شَاءَ وَقِيلَ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ عَرَضَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ عَرَضَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْآخَرَ، وَقِيلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ أَيْ سَحَابِهِ؛ لِأَنَّهَا عَلَتْ كَالسَّحَابِ بِصِحَّتِهَا وَشُهْرَتِهَا وَلِهَذَا اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّتِهَا، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ: أَنَّهُ بِالْفَتْحِ أَيْضًا مِنْ عَنَّ إذَا ظَهَرَ (وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ) وَزَادَ بَعْضُهُمْ رَابِعًا وَهُوَ الْعَمَلُ (الْأَوَّلُ الْعَاقِدَانِ وَشَرْطُهُمَا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ بِالْمِلْكِ، وَفِي مَالِ الْآخَرِ بِالْإِذْنِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُوَكِّلٌ وَوَكِيلٌ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمَحَلُّهُ إذَا أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ فِي الْآذِنِ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَفِي الْمَأْذُونِ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّوَكُّلِ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ أَعْمَى دُونَ الثَّانِي، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الشِّرْكَةِ لِلْوَلِيِّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ وَلِلْمُكَاتَبِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَقَدْ يُقَالُ بِمَنْعِهَا فِي الْأُولَى لِاسْتِلْزَامِهَا خَلْطَ مَالِ مَحْجُورِهِ قَبْلَ عَقْدِهَا بِلَا مَصْلَحَةٍ نَاجِزَةٍ بَلْ تُورِثُ نَقْصًا، وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِيَةِ الْمَنْعُ إنْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ الْمُكَاتَبَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ بِعَمَلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، قُلْت: بَلْ هُوَ قَوِيٌّ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى: الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ كَالْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ فِيهِ إخْرَاجَ جُزْءٍ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ، وَهُوَ الرِّبْحُ بِخِلَافِ الشِّرْكَةِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، وَلَهُ طِفْلٌ وَرَأَى الْوَلِيُّ الْمَصْلَحَةَ فِي الشِّرْكَةِ اسْتَدَامَهَا (وَتُكْرَهُ مُشَارَكَةُ ذِمِّيٍّ وَمَنْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ الرِّبَا وَنَحْوِهِ) وَإِنْ كَانَ الْمُتَصَرِّفُ مُشَارِكَهُمَا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ لِمَا فِي أَمْوَالِهِمَا مِنْ الشُّبْهَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ شَارَكَ لِمَحْجُورِهِ اُعْتُبِرَ كَوْنُ الشَّرِيكِ عَدْلًا يَجُوزُ إيدَاعُ مَالِ الْمَحْجُورِ عِنْدَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الرُّكْنُ (الثَّانِي الصِّيغَةُ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (فِي التَّصَرُّفِ) بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِيَحْصُلَ لَهُ التَّسَلُّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ، وَفِي مَعْنَى اللَّفْظِ الْكِتَابَةُ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ (فَإِنْ قَالَا: اشْتَرَكْنَا لَمْ يَكُنْ إذْنًا، وَلَمْ يَتَصَرَّفْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَّا فِي نَصِيبِهِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ ذَلِكَ إخْبَارًا عَنْ حُصُولِ الشِّرْكَةِ فِي الْمَالِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِهَا جَوَازُ التَّصَرُّفِ بِدَلِيلِ الْمَالِ الْمَوْرُوثِ شِرْكَةً نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِذَلِكَ الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ كَانَ إذْنًا كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ (فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ (فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اتَّجِرْ) أَوْ تَصَرَّفْ (اتَّجَرَ فِي الْجَمِيعِ فِيمَا شَاءَ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ) لَهُ (فِيمَا شِئْت) كَالْقِرَاضِ (وَلَا يَتَصَرَّفُ الْآخَرُ) الْأَوْلَى الْقَائِلُ (إلَّا فِي نَصِيبِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) الْآخَرُ فَيَتَصَرَّفُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا وَمَتَى عَيَّنَ لَهُ جِنْسًا أَوْ نَوْعًا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَفَرَضَهُ فِي الْجِنْسِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيمَا عَيَّنَهُ أَنْ يَعُمَّ وُجُودُهُ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ ذَكَرَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ الرُّكْنُ (الثَّالِثُ الْمَالُ) الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ (وَتَجُوزُ الشِّرْكَةُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ) بِالْإِجْمَاعِ (وَلَوْ مَغْشُوشَةً) إنْ (رَاجَتْ) عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِهَا فِي الْقِرَاضِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ ثَمَّ (وَكَذَا) فِي سَائِرِ (الْمِثْلِيَّاتِ) كَالْبُرِّ وَالْحَدِيدِ؛ لِأَنَّهَا إذَا اخْتَلَطَتْ بِجِنْسِهَا ارْتَفَعَ مَعَهَا التَّمْيِيزُ فَأَشْبَهَتْ النَّقْدَيْنِ (وَمِنْهَا التِّبْرَانِ) أَيْ تِبْرُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَتَصِحُّ الشِّرْكَةُ فِيهِمَا فَمَا أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُونَ هُنَا مِنْ مَنْعِ الشِّرْكَةِ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُمَا مُتَقَوِّمَانِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحُلِيِّ وَالسَّبَائِكِ فِي ذَلِكَ (لَا فِي الْمُتَقَوِّمَاتُ) غَيْرِ الْمُشَاعَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ رَابِعًا وَهُوَ الْعَمَلُ) أَيْ وَهُوَ التِّجَارَةُ إلَّا فِي الْحُبُوبِ وَالْمَوَاشِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْمُشَارَكَةُ عَلَيْهَا لِلزِّرَاعَةِ وَالرِّعَايَةِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُهُمَا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ) أَيْ فِي الْمَالِ فَإِنَّ لِلسَّفِيهِ أَهْلِيَّةَ التَّوَكُّلِ وَالتَّوْكِيلِ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا يَسْتَقِلُّ بِالشِّرْكَةِ جَزْمًا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الشِّرْكَةِ لِلْوَلِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ قَدْ يُورِثُ نَقْصًا) الْغَرَضُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ اقْتَضَتْ الشِّرْكَةَ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِيَةِ الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ الْمُكَاتَبَ إلَخْ) كَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ بِهِ فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُهُ بِجُعْلٍ لَا يَفِي بِأُجْرَتِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى: الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ الرِّبَا وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ هُوَ الْمُتَصَرِّفَ دُونَ مَا إذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فس، وَقَالَ الْغَزِّيِّ: هُوَ مَرْدُودٌ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَا: اشْتَرَكْنَا لَمْ يَكُنْ إذْنًا) قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ حَقِيقَةِ الشِّرْكَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُرَادَةِ هُنَا (قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَتَعْلِيلُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لَوْ عَقَدَا الشِّرْكَةَ عَلَى أَنْ يُنِيبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي التَّصَرُّفِ فَسَدَتْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ شَرْطَ إنَابَةِ خَادِمِهِ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ كَالْقِرَاضِ وَيَجُوزُ كَوْنُ الْمَالِ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ شَرَطَ تَفَرُّدَ الْمُتَصَرِّفِ بِالْيَدِ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَمَتَى عَيَّنَ لَهُ جِنْسًا أَوْ نَوْعًا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُمَا إنْ شَرَطَا فِي عَقْدِ الشِّرْكَةِ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ إلَّا فِي نَوْعٍ مَخْصُوصٍ فَسَدَتْ الشِّرْكَةُ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ بِمَالِهِ إلَّا نَوْعًا مَخْصُوصًا مِنْ الْمَالِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا أَصَحُّ. اهـ. وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إذَا اخْتَلَطَتْ إلَخْ) وَقِيمَتُهَا مُسْتَوِيَةٌ عِنْدَ الِارْتِفَاعِ وَالِانْخِفَاضِ غَالِبًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي؛ إذْ لَا يُمْكِنُ الْخَلْطُ فِيهَا فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا مَعْنَى الشِّرْكَةِ (وَيُشْتَرَطُ خَلْطُ الْمَالَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ) لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الشِّرْكَةِ (لَا كَدَرَاهِمَ سُودٍ) خُلِطَتْ (بِبِيضٍ وَحِنْطَةٍ حَمْرَاءَ) خُلِطَتْ (بِبَيْضَاءَ) لِإِمْكَانِ التَّمْيِيزِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ عُسْرٌ (فَإِنْ لَمْ يُخْلَطَا) كَذَلِكَ (وَتَلِفَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا تَلِفَ عَلَيْهِ فَقَطْ وَتَعَذَّرَتْ الشِّرْكَةُ فِي الْبَاقِي وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَتَقَدَّمَ الْخَلْطُ عَلَى الْعَقْدِ) فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَهُ وَلَوْ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَا اشْتَرَاكَ حَالَ الْعَقْدِ. (وَالْوَرَثَةُ شُرَكَاءُ فِي الْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا) مِمَّا وَرِثُوهُ وَكَذَا لَوْ تَمَلَّكَهَا جَمَاعَةٌ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُمْ فِيهَا شُرَكَاءُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ الْخَلْطِ؛ إذْ مَا مِنْ جُزْءٍ فِيهِ إلَّا وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ بِخِلَافِهِ فِي الْخَلْطِ فَإِذَا انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ ثُمَّ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَمَنْ أَرَادَ الشِّرْكَةَ) مَعَ غَيْرِهِ (فِي الْعُرُوضِ) الْمُتَقَوِّمَةِ (بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ عَرَضِهِ بِنِصْفِ عَرَضِ صَاحِبِهِ وَتَقَابَضَا) أَوْ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْضَ عَرَضِهِ لِصَاحِبِهِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَتَقَاصَّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَأَذِنَ) بَعْدَ ذَلِكَ (كُلٌّ) مِنْهُمَا (لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ) سَوَاءٌ أَتَجَانَسَ الْعَرَضَانِ أَمْ اخْتَلَفَا وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ التَّقَابُضُ لِيَسْتَقِرَّ الْمِلْكُ وَعَلَيْهِ فَيُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ النِّصْفِ بِالْبَعْضِ كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ خَلَطَ) مَالَيْهِمَا حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا (مَجْهُولًا) لَكِنَّ (مَعْرِفَتَهُ مُمْكِنَةٌ) بِمُرَاجَعَةِ حِسَابٍ أَوْ وَكِيلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَأَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (صَحَّ) الْعَقْدُ (وَلَوْ تَصَرَّفَا قَبْلَ الْمَعْرِفَةِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا مَعَ إمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ بَعْدُ بِخِلَافِ مَا لَا تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ وَلَوْ اشْتَبَهَ ثَوْبَاهُمَا لَمْ يَكْفِ لِلشِّرْكَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (خَلَطَا قَفِيزًا) مُقَوَّمًا (بِمِائَةٍ بِقَفِيزٍ) مُقَوَّمٍ (بِخَمْسِينَ فَالشِّرْكَةُ أَثْلَاثٌ) بِنَاءً عَلَى قَطْعِ النَّظَرِ فِي الْمِثْلِيِّ عَنْ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ فِي الْقِيمَةِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ هَذَا الْقَفِيزُ مِثْلًا لِذَلِكَ الْقَفِيزِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فِي نَفْسِهِ (وَإِنْ كَانَ لِهَذَا دَنَانِيرُ) كَعَشَرَةٍ (وَهَذَا دَرَاهِمُ) كَمِائَةٍ (فَاشْتَرَيَا بِهِمَا شَيْئًا) كَعَبْدٍ (قُوِّمَ غَيْرُ نَقْدِ الْبَلَدِ) مِنْهُمَا (بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَعُرِفَ التَّسَاوِي وَالتَّفَاضُلُ) . فَإِنْ اسْتَوَيَا بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ كَأَنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَقِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَالشِّرْكَةُ مُنَاصَفَةٌ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَتَيْنِ فَبِالْأَثْلَاثِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عَبْدٌ فَبَاعَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ كَالْمَبِيعِ وَقَدْ صَحَّحُوا بُطْلَانَهُ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْ الثَّمَنِ مَجْهُولَةٌ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ تُعْلَمُ بِالتَّقْوِيمِ وَهُنَا كُلٌّ يَجْهَلُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ الْبُطْلَانَ، وَهَذَا التَّخْرِيجُ وَاضِحٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِ النَّقْدِ وَعَزَاهُ لِلْأَصْحَابِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا أَرَادَ الْقِيمَةَ نُظِرَ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ فَقَوَّمَا الْمَبِيعَ بِهِ وَقَوَّمَا مَالَ الْآخَرِ بِهِ وَيَكُونُ التَّقْوِيمُ حِينَ صَرْفِ الثَّمَنِ انْتَهَى، وَالتَّخْرِيجُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ مَا مَرَّ وَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ وَغَيْرُهُ. وَهُوَ الْوَجْهُ فَمَا قَالَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ خَلْطُ الْمَالَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ) صُورَةُ الْخَلْطِ الْمَانِعِ مِنْ التَّمْيِيزِ أَنْ يَتَّحِدَ الْمَالَانِ جِنْسًا وَنَوْعًا وَصِفَةً وَكَتَبَ أَيْضًا: وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَعْرِفُ مَالَهُ بِعَلَامَةٍ جَعَلَهَا عَلَيْهِ كَدَرَاهِمَ لَا يَعْرِفُهَا غَيْرُهُمَا، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّمْيِيزِ هَلْ تَصِحُّ الشِّرْكَةُ نَظَرًا إلَى حَالِ النَّاسِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى حَالِهِمَا، قَالَ فِي الْبَحْرِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ اهـ وَالْمَنْعُ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَالِ تَلِفَ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ وَتَعَذَّرَ إثْبَاتُ الشِّرْكَةِ ع وَقَوْلُهُ أَوَّلًا نَظَرًا إلَى حَالِهِمَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا اشْتَرَاكَ حَالَةَ الْعَقْدِ إلَخْ) لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْعُقُودِ الْمُشْتَقَّةَ مِنْ الْمَعَانِي يَجِبُ تَحَقُّقُ تِلْكَ الْمَعَانِي فِيهَا، وَمَعْنَى الشِّرْكَةِ الِاخْتِلَاطُ وَالِامْتِزَاجُ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزٌ عَنْ مَالِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَالْوَرَثَةُ شُرَكَاءُ فِي الْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا مِمَّا وَرِثُوهُ، وَكَذَا لَوْ تَمَلَّكَهَا جَمَاعَةٌ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ: وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الِاشْتِرَاكِ مِنْ خَلْطِ الْمَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ جُزْءٍ هَاهُنَا إلَّا، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَهُنَاكَ، وَإِنْ وَجَدَ الْخَلْطَ فَمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُمْتَازٌ عَنْ مَالِ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَرَادَ الشِّرْكَةَ فِي الْعُرُوضِ بَاعَ إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطَا فِي التَّبَايُعِ الشِّرْكَةَ فَإِنْ شَرَطَاهَا فَسَدَ الْبَيْعُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَأَقَرَّهُ، وَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَرَضًا، وَهُمَا مُتَّفِقَانِ فِي الْوَصْفِ وَالْقِيمَةِ كَثَوْبَيْنِ وَالْتَبَسَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ الْتِبَاسًا مَأْيُوسَ الزَّوَالِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شِرْكَةً (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْضَ عَرَضِهِ لِصَاحِبِهِ إلَخْ) أَوْ اشْتَرَيَا السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَدْفَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَرَضَهُ بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ التَّقَابُضُ لِيَسْتَقِرَّ الْمِلْكُ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبْلَهُ لَا يَصِحُّ فَوَكِيلُهُ أَوْلَى وَكَتَبَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ إمَّا بِمِلْكٍ أَوْ بِإِذْنٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ (قَوْلُهُ مَجْهُولًا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَوْنُهُ مَفْعُولًا بِهِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى قَطْعِ النَّظَرِ إلَخْ) أَيْ صَحَّ الْعَقْدُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لِهَذَا دَنَانِيرُ وَهَذَا دَرَاهِمُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: الْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ بِرِعَايَةِ الْجَوَابِ عَنْهُ الْآتِي فِي خَلْطِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَيْعَ) أَيْ الصَّحِيحَ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَخْرِيجَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّخْرِيجُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الِاحْتِمَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ سَاقِطٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقَوْلَيْنِ أَنْ لَا يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَخُصُّهُ حَالَةَ الْعَقْدِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ عَلِمَاهُ أَوْ عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا صَحَّ الْبَيْعُ قَطْعًا، وَهَذَا مَشْهُورٌ حَتَّى فِي التَّنْبِيهِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَبْدَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ فَبَاعَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالَهُ أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَمَسْأَلَتُنَا هَذِهِ إنْ اتَّفَقَتْ قِيمَةُ النَّقْدَيْنِ فَقَدْ عَلِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مَالَهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ النَّقْدَانِ فَمَنْ لَهُ نَقْدُ الْبَلَدِ فَقَدْ عَلِمَ مَالَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَالثَّمَنُ هُنَا كَالثَّمَنِ هُنَاكَ. وَقَوْلُهُ فِي الشَّامِلِ: إنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بِالْعَيْنِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَوْ اشْتَرَيَاهُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ يَكُونُ الْحُكْمُ هُوَ الصِّحَّةَ، وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْوِيمِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ إذَا وُصِفَ اسْتَغْنَى عَنْ التَّقْوِيمِ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ قَوْلُهُ: فَمَنْ لَهُ نَقْدُ الْبَلَدِ فَقَدْ عَلِمَ مَالَهُ حَالَةَ الْعَقْدِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُخَرَّجِ عَلَيْهَا، وَمَا أُجِيبَ بِهِ مِنْ أَنَّ التَّخْرِيجَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الِاثْنَيْنِ هُنَا مُشْتَرٍ نِصْفَ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا ثُمَّ لَيْسَ مُشْتَرِيًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفَ مِنْ الْعَبْدَيْنِ بَلْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَبْدَهُ، وَالثَّمَنُ مَجْهُولٌ فَبَطَلَ الْبَيْعُ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا، وَمِنْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَصَوُّرٌ بِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ مِنْ وَكِيلِهِمَا لِتَتَّحِدَ الصَّفْقَةُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ الشِّرَاءُ مُنَاصَفَةً عَلَى مَا قَالَهُ الْمُجِيبُ فَلَا تَقْوِيمَ، وَشِرَاءُ وَكِيلِ الِاثْنَيْنِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا عُلِمَ مَا لِكُلٍّ مِنْ مُوَكِّلَيْهِ مِنْ الْمَبِيعِ نَعَمْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الثَّمَنِ النَّقْدِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِ النَّقْدَيْنِ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بِالْعَيْنِ وَكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ (وَأَمَّا شِرْكَةُ الْأَبْدَانِ وَهِيَ) أَنْ يَتَّفِقَ مُحْتَرِفَانِ (عَلَى) أَنَّ (مَا يَكْتَسِبَانِ بِأَبْدَانِهِمَا) بَيْنَهُمَا مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاوِتًا مَعَ اتِّفَاقِ الصَّنْعَةِ أَوْ اخْتِلَافِهَا (وَشِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ) وَهِيَ أَنْ يَتَّفِقَا (عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا يَكْتَسِبَانِ وَيَرْبَحَانِ) بِأَبْدَانِهِمَا أَوْ أَمْوَالِهِمَا (وَمَا يَلْتَزِمَانِ مِنْ غُرْمٍ وَيَحْصُلُ مِنْ غُنْمٍ بَيْنَهُمَا) (وَشِرْكَةُ الْوُجُوهِ) وَهِيَ أَنْ يَتَّفِقَ وَجِيهَانِ عِنْدَ النَّاسِ لِيَشْتَرِيَا فِي الذِّمَّةِ بِمُؤَجَّلٍ (عَلَى أَنَّ مَا يَشْتَرِيَانِ بِوُجُوهِهِمَا بِمُؤَجَّلٍ) يَكُونُ بَيْنَهُمَا يَبِيعَانِهِ، وَيُؤَدِّيَانِ الْأَثْمَانَ وَيَكُونُ الْفَاضِلُ بَيْنَهُمَا (أَوْ) أَنْ يَتَّفِقَ وَجِيهٌ وَخَامِلٌ (عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَجِيهُ فِي الذِّمَّةِ وَيَبِيعَ الْخَامِلُ) وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا (أَوْ) عَلَى أَنْ (يَعْمَلَ الْوَجِيهُ، وَالْمَالُ لِلْخَامِلِ وَهُوَ فِي يَدِهِ) وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ أَنْ يَدْفَعَ خَامِلٌ مَالًا إلَى وَجِيهٍ لِيَبِيعَهُ بِزِيَادَةٍ، وَيَكُونَ لَهُ بَعْضُ الرِّبْحِ، وَأَشْهَرُ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ الثَّلَاثَةِ الْأَوَّلُ انْتَهَى، وَجَوَابُ أَمَّا قَوْلُهُ (فَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ) لِخُلُوِّهَا عَنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ وَلِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهَا لَا سِيَّمَا شِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ لَمْ تَكُنْ شِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ بَاطِلَةً فَلَا بَاطِلَ أَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا إشَارَةً إلَى كَثْرَةِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَاتِ فِيهَا وَسُمِّيَتْ مُفَاوَضَةً مِنْ قَوْلِهِمْ: تَفَاوَضَا فِي الْحَدِيثِ إذَا شَرَعَا فِيهِ جَمِيعًا وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ: قَوْمٌ فَوْضَى بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ مُتَسَاوُونَ فَكُلُّ مَنْ اكْتَسَبَ شَيْئًا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بِتَفَاسِيرِ الثَّالِثِ فَهُوَ لَهُ يَخْتَصُّ بِرِبْحِهِ وَخُسْرِهِ وَلَا شِرْكَةَ فِيهِ لِلْآخَرِ (إلَّا إذَا وُكِّلَ) هـ وَفِي نُسْخَةٍ وُكِّلَ أَحَدُهُمَا (أَنْ يَشْتَرِيَ فِي الذِّمَّةِ لَهُمَا عَيْنًا وَقَصَدَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ) أَيْ الشِّرَاءَ لَهُمَا (فَإِنَّهُمَا يَصِيرَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الْعَيْنِ الْمَأْذُونِ فِيهَا) وَإِلَّا إذَا حَصَلَ شَيْءٌ فِي النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ اكْتِسَابِ الْمُشْتَرِكَيْنِ لَهُ مُجْتَمِعَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا بِحَسَبِ الشَّرْطِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأَوَّلِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الثَّانِي، وَرُبَّمَا تَقَرَّرَ عِلْمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ مِنْهُ فِي كَلَامِ أَصْلِهِ كَمَا يَعْرِفُهُ الْوَاقِفُ عَلَيْهِمَا وَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنْ كُنْت تَبِعْت الْأَصْلَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَوْلُهُ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ مُوَكِّلُهُ بَلْ هُوَ الْوَجْهُ (فَإِنْ أَرَادَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ شِرْكَةَ الْعِنَانِ) كَأَنْ قَالَا تَفَاوَضْنَا أَوْ اشْتَرَكْنَا شِرْكَةَ عِنَانٍ (جَازَ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ (فَرْعٌ) لَوْ (أَخَذَ جَمَلًا لِرَجُلٍ وَرَاوِيَةً لِآخَرَ لِيَسْتَقِيَ) الْمَاءَ بِاتِّفَاقِهِمْ (وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمْ لَمْ يَصِحَّ) عَقْدُ الشِّرْكَةِ؛ لِأَنَّهَا مَنَافِعُ أَشْيَاءَ مُتَمَيِّزَةٍ (وَالْمَاءُ) الْحَاصِلُ بِالِاسْتِقَاءِ (لِلْمُسْتَقِي إنْ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ مُبَاحًا وَقَصَدَهُ لِنَفْسِهِ) أَوْ أَطْلَقَ (وَعَلَيْهِ) لِكُلٍّ مِنْ صَاحِبَيْهِ (الْأُجْرَةُ) أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِ مَالِهِ (وَلَوْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ بِالِاسْتِقَاءِ) فِي الْمُبَاحِ وَفِي نُسْخَةٍ فِي الِاسْتِقَاءِ (فَالْمُبَاحُ بَيْنَهُمْ) لِجَوَازِ النِّيَابَةِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ (وَقِسْمَتُهُ) تَكُونُ (عَلَى قَدْرِ أَجْرِ أَمْثَالِهِمْ) لِحُصُولِهِ بِمَنَافِعَ مُخْتَلِفَةٍ (بِلَا تَرَاجُعٍ) بَيْنَهُمْ وَقِيلَ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ اتِّبَاعًا لِلْقَصْدِ   [حاشية الرملي الكبير] فِي التَّوَسُّطِ وَمَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ مِنْ الِاحْتِمَالِ ظَاهِرُ الْحَسَنِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصَةً فِي الْبُوَيْطِيِّ وَنَقَلَهَا هُوَ وَغَيْرُهُ وَسَكَتُوا عَلَيْهَا وَلَعَلَّ مَا فِي الْبُوَيْطِيِّ مِنْ تَفَارِيعِ ذَلِكَ الْقَوْلِ فِي الْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الِاثْنَيْنِ مُشْتَرٍ نِصْفَ الْعَبْدِ) التَّنْصِيفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ لَمْ يُعَيَّنْ الثَّمَنُ أَمَّا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَلْيَكُنْ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ (قَوْلُهُ نَعَمْ قَدْ يُجَابُ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ بِالنِّسْبَةِ حَالَ الشِّرَاءِ؛ إذْ الْغَالِبُ مَعْرِفَةُ نِسْبَةِ النَّقْدِ غَيْرِ الْغَالِبِ مِنْ الْغَالِبِ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ؛ إذْ الْقِيمَةُ فِيهَا لَا تَكَادُ تَنْضَبِطُ (قَوْلُهُ وَشِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَخْ) وَجْهُ بُطْلَانِهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَنَهْيُهُ عَنْ الْغُرُورِ، وَهَذَا غُرُورٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدْرِي أَيَكْسِبُ صَاحِبُهُ شَيْئًا أَمْ لَا وَكَمْ قَدْرُ كَسْبِهِ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِيهَا الْعَمَلُ كَمَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي شِرْكَةِ الْعِنَانِ الْمَالُ، وَالْمَالُ لَوْ كَانَ مَجْهُولًا فِيهَا لَمْ تَصِحَّ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَمَلُ مَجْهُولًا فِي هَذِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَدْفَعَ خَامِلٌ مَالًا إلَى وَجِيهٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالشِّرْكَةِ أَوْ قَصْدِهَا (قَوْلُهُ أَشَارَ إلَى كَثْرَةِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَاتِ فِيهَا) وَلِأَنَّهَا مَعْقُودَةٌ عَلَى أَنْ يُشَارِكَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِسَبَبِهِ فَلَمْ تَصِحَّ كَمَا لَا تَصِحُّ عَلَى مَا يَرِثَانِ أَوْ يَتَّهِبَانِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ خَالَفَ مُوجِبُهُ مُوجِبَ سَائِرِ الْعُقُودِ فِي الْأُصُولِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ) قَالَ شَيْخُنَا: وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ، فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ خَلْطٍ كَفَى، وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ لَفْظُ شِرْكَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ فِي الشِّرْكَةِ فِي الْعُرُوضِ: أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ عَرَضِهِ بِبَعْضِ عَرَضِ الْآخَرِ، وَيَأْذَنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ، وَلَيْسَ مِنْهُ لَفْظُ شِرْكَةٍ بِخِلَافِ لَفْظِ الشِّرْكَةِ، وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعِنَانِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ [فَرْعٌ أَخَذَ جَمَلًا لِرَجُلٍ وَرَاوِيَةً لِآخَرَ لِيَسْتَقِيَ الْمَاءَ بِاتِّفَاقِهِمْ وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمْ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ أَخَذَ جَمَلًا لِرَجُلٍ، وَرَاوِيَةً لِآخَرَ لِيَسْتَقِيَ، وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ إلَخْ) لَوْ دَفَعَ بَهِيمَةً أَوْ سَفِينَةً إلَى آخَرَ لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا، وَمَا رَزَقَهُ اللَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا فَهِيَ شِرْكَةٌ فَاسِدَةٌ، وَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا الْآنَ، وَلَوْ دَفَعَ شَبَكَةً أَوْ كَلْبًا إلَى آخَرَ لِيَصْطَادَ، وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا فَسَدَتْ الشِّرْكَةُ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ، وَلِلْمَالِكِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْآلَةِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلْيَكُنْ الْحُكْمُ كَمَا فِي الِاسْتِقَاءِ مِنْ الْمُبَاحِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى وَلَا يُنْكَرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 فَيَرْجِعُ الْمُسْتَقِي عَلَى كُلٍّ مِنْ صَاحِبَيْهِ بِثُلُثِ أُجْرَةِ مَنْفَعَتِهِ؛ إذْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ مِنْهُ إلَّا الثُّلُثُ، وَيَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ صَاحِبَيْهِ بِثُلْثَيْ أُجْرَةِ مَا لَهُ عَلَى صَاحِبهِ، وَعَلَى الْمُسْتَقِي، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ الْجَمَلَ) مِنْ وَاحِدٍ (وَالرَّاوِيَةَ) مِنْ آخَرَ (وَالْمُسْتَقِي) لِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ (وَالْمَاءُ مُبَاحٌ) فَإِنْ اسْتَأْجَرَ (كُلًّا) مِنْهُمْ (فِي عَقْدٍ صَحَّ) الْعَقْدُ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُمْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَسَدَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ كَشِرَاءِ عَبِيدِ جَمْعٍ بِثَمَنِ وَاحِدٍ (وَ) عَلَيْهِ (لِكُلٍّ) مِنْهُمْ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَالْمَاءُ لِلْمُسْتَأْجِرِ) فِي الصُّورَتَيْنِ (وَلَوْ قَصَدَ الْمُسْتَقِي) بِهِ (نَفْسَهُ) وَلَا أَثَرَ لِلْفَسَادِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمْ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ لِلْمُسْتَأْجِرِ (وَإِنْ أَلْزَمَ ذِمَّتَهُمْ الِاسْتِقَاءَ بِمَالٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بِأَلْفٍ (صَحَّ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ؛ إذْ لَيْسَتْ هُنَا أَعْيَانٌ مُخْتَلِفَةٌ تُفْرَضُ جَهَالَةً فِي أُجُورِهَا، وَإِنَّمَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُ الْعَمَلِ، وَزَادَ عَلَى الرَّوْضَةِ قَوْلَهُ الِاسْتِقَاءُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الرَّافِعِيِّ وَلِيَرْفَعَ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ إيهَامِ صِحَّةِ الْعَقْدِ فِيمَا لَوْ أَلْزَمَ ذِمَّةَ رَجُلٍ جَمَلًا وَآخَرَ رَاوِيَةً وَآخَرَ الِاسْتِقَاءَ مَعَ أَنَّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُبْطِلَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ مَوْجُودٌ فِيهِ (وَإِنْ أَلْزَمَ) مَالِكُ بُرٍّ فِيمَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ بَيْتُ رَحَى، وَلِآخَرَ حَجَرُهَا وَلِآخَرَ بَغْلٌ يُدِيرُهُ وَآخَرُ يَطْحَنُ فِيهَا (ذِمَّةَ الطَّحَّانِ وَمُلَّاكَ بَيْتِ الرَّحَى وَ) حَجَرِ (الرَّحَى وَالْبَغْلِ طَحْنَ بُرٍّ فِي عَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ وَكَانَ الْمُسَمَّى) مِنْ الْأُجْرَةِ (بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا وَيَتَرَاجَعُونَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَمْلُوكَةَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ قَدْ اسْتَوْفَى رُبُعَهَا حَيْثُ أَخَذَ رُبُعَ الْمُسَمَّى، وَانْصَرَفَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا إلَى أَصْحَابِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ اسْتَوَتْ أُجَرُهُمْ حَصَلَ التَّقَاصُّ، وَإِلَّا رَجَعَ مَنْ زَادَتْ أُجْرَتُهُ بِالزَّائِدِ، وَقَوْلُهُ فِي الذِّمَّةِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْأَعْيَانَ) أَيْ الطَّحَّانَ وَالْآلَاتِ الْمَذْكُورَةَ. (وَكُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ (صَحَّ) الْعَقْدُ (بِالْمُسَمَّى) فِيهِ (أَوْ) اسْتَأْجَرَهَا (مَعًا فَسَدَ) الْعَقْدُ كَشِرَاءِ عَبِيدِ جَمْعٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ كَمَا مَرَّ (وَالْحُكْمُ) فِيهِ (كَمَا سَبَقَ) فِي مَسْأَلَةِ اسْتِئْجَارِ الْجَمَلِ وَالرَّاوِيَةِ وَالْمُسْتَقِي مِنْ أَنَّ لِكُلٍّ عَلَيْهِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ، وَإِنْ أَلْزَمَ مَالِكُ الْبُرِّ ذِمَّةَ الطَّحَّانِ الطَّحْنَ لَزِمَهُ، وَعَلَيْهِ إذَا اسْتَعْمَلَ مَا لِأَصْحَابِهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْهُمْ إجَارَةً صَحِيحَةً فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (وَلَوْ اشْتَرَكَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَالْبُذُورِ وَآلَةِ الْحَرْثِ مَعَ رَابِعٍ يَعْمَلُ عَلَى أَنَّ الْغَلَّةَ بَيْنَهُمْ) لَمْ تَصِحَّ شِرْكَةً لِعَدَمِ اخْتِلَاطِ مَالَيْنِ، وَلَا إجَارَةً لِعَدَمِ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْأُجْرَةِ وَلَا قِرَاضًا؛ إذْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ رَأْسُ مَالٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ الِانْفِسَاخِ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ مِنْ فَائِدَتِهِ لَا مِنْ عَيْنِهِ، وَلَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهَا (فَالزَّرْعُ لِمَالِكِ الْبَذْرِ، وَلَهُمْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إنْ حَصَلَ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ بِأَنْ أَصَابَتْهُ آفَةٌ (فَلَا) أُجْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُحَصِّلُوا لَهُ شَيْئًا حَتَّى يَسْتَحِقُّوا بَدَلَهُ، وَاسْتُشْكِلَ بِاتِّفَاقِهِمْ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ عَلَى أَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْمُسَمَّى بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا وَيَتَرَاجَعُونَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ) أَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَعْمَالِ فَقَالَ: لَيْسَ هُنَا أَعْيَانٌ مُخْتَلِفَةٌ نَفْرِضُ جَهَالَةً فِي أُجُورِهَا، وَإِنَّمَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتُهُ مِنْ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَكَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ وَرَقٌ وَلِآخَرَ بَزْرُ الْقَزِّ فَشَارَكَهُمَا ثَالِثٌ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ وَيَكُونَ الْفَيْلَجُ بَيْنَهُمْ لَمْ يَصِحَّ وَالْفَيْلَجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَعَلَيْهِ ثَمَنُ الْوَرَقِ وَأُجْرَةُ الْعَمَلِ وَلَوْ اشْتَرَكُوا فِي الْبَذْرِ أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمْ بَعْضَ الدُّودِ مِنْ صَاحِبِهِ لَا يَشْتَرِكُونَ فِي الْفَيْلَجِ، وَلَا نَظَرَ إلَى التَّفَاوُتِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الدُّودِ كَمَا لَا يَنْظُرُ فِي الْبَذْرِ الْمُشْتَرِكِ إلَى التَّفَاوُتِ فِيمَا يَنْبُتُ وَمَا لَا يَنْبُتُ قَالَ الْقَاضِي فِي الْفَتَاوَى: وَلَوْ عَقَدَ الشِّرْكَةَ عَلَى أَنَّ مِنْ أَحَدِهِمَا الْعَمَلَ، وَمِنْ الْآخَرِ الْوَرَقُ لَمْ يَصِحَّ، وَالْفَيْلَجُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى صَاحِبِ الْوَرَقِ نِصْفُ أُجْرَةِ الْعَمَلِ وَعَلَى الْعَامِلِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَرَقِ فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا وَالْوَرَقُ بَيْنَهُمَا صَحَّ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْوَرَقِ أَوْ فِي الْعَمَلِ رَجَعَ صَاحِبُ الزِّيَادَةِ بِالزِّيَادَةِ وَإِنْ صَحَّتْ الشِّرْكَةُ، وَلَوْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا بِغِرَاسٍ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالْغِرَاسُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: وَلَيْسَ هَذَا شِرْكَةً وَلَا قِرَاضًا فَتَكُونُ الْأَرْضُ لِرَبِّهَا، وَالْغِرَاسُ لِلْعَامِلِ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ أُجْرَةُ أَرْضِهِ فَإِنْ طَالَبَهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِالْقَلْعِ فَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِهِ لَزِمَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَنْقُصُ فَلِرَبِّهَا مُطَالَبَتُهُ بِهِ، وَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى إبْقَاءِ الْغِرَاسِ بِأُجْرَةٍ فَذَاكَ، وَإِنْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: اقْلَعْ غِرَاسَكَ، وَعَلَيَّ مَا نَقَصَ وَقَالَ رَبُّ الْغِرَاسِ: أُقِرُّهُ بِالْأُجْرَةِ قَدَّمْنَا قَوْلَ رَبِّ الْأَرْضِ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْغِرَاسِ: اقْلَعْ وَعَلَيْك مَا نَقَصَ، وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: أُقِرُّهُ بِالْأُجْرَةِ قَدَّمْنَا قَوْلَ صَاحِبِ الْغِرَاسِ وَيُقَالُ لِلْآخَرِ: إنْ اخْتَرْت أَنْ تُقِرَّهُ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَإِلَّا فَاقْلَعْ وَعَلَيْك مَا نَقَصَ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: أُعْطِيك قِيمَةَ الْغِرَاسِ، فَقَالَ رَبُّ الْغِرَاسِ: اقْلَعْ وَعَلَيْك مَا نَقَصَ أَجَبْنَاهُ، وَلَوْ قَالَ الْغَارِسُ: أَعْطِنِي قِيمَةَ غِرَاسِي، وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: بَلْ اقْلَعْ وَعَلَيَّ مَا نَقَصَ أَجَبْنَاهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ وَالْأُجْرَةِ، فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: خُذْ الْقِيمَةَ فَيَكُونُ الْكُلُّ لِي، وَقَالَ الْغَارِسُ: بَلْ أُقِرُّهُ وَلَك الْأُجْرَةُ أَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: أَعْطِنِي الْأُجْرَةَ وَأُقِرُّهُ، وَقَالَ: بَلْ أَعْطِنِي الْقِيمَةَ، وَيَكُونُ الْكُلُّ لَك لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَطْلُبُهُ الْآخَرُ، وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْغِرَاسِ زَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ مُطَالَبَتُهُ بِقَلْعِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَى الْحَصَادِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ بِاتِّفَاقِهِمْ فِي الْقِرَاضِ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ إلَّا حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحِ وَهُوَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ إذَا لَمْ يَتْلَفْ الْمَالُ فِي يَدِهِ بِآفَةٍ فَإِنْ تَلِفَ بِهَا فِي يَدِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَكَذَا الْعَامِلُ فِي الْفَاسِدِ وَمِثْلُهُ الْعَامِلُ فِي الْجَعَالَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى أَوْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَطْلُوبُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ، فَلَوْ رُدَّ الْآبِقُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَمَاتَ عَلَى بَابِ دَارِ مَالِكِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَهُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ كَمَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمْ تَلِفَتْ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ، وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً تَحْتَ أَيْدِيهِمْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَهَا إذَا حَصَلَ لَهُ نَفْعٌ بِالزَّرْعِ لِدُخُولِ مَنْفَعَتِهِمْ بِوَاسِطَتِهِ فِي ضَمَانِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 الْعَامِلَ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ رِبْحٍ وَعَدَمِ حُصُولِهِ وَالْمَعْنَى الَّذِي هُنَا مَوْجُودٌ ثَمَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ وُجِدَ فِيهِ صُورَةُ الْقِرَاضِ، وَمَا هُنَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَا صُورَةُ شِرْكَةٍ، وَلَا إجَارَةٍ بَلْ أَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ بِهِ الْجَعَالَةُ الْفَاسِدَةُ وَالْعَامِلُ فِيهَا إنَّمَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إذَا وُجِدَ فِيهَا الْغَرَضُ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ (فَصْلٌ الشَّرِيكُ كَالْوَكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ فَلَا يُسَافِرُ) بِالْمَالِ (وَلَا يُبْضِعُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ مُتَبَرِّعًا وَلَا يَبِيعُ نَسِيئَةً وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ (بِلَا إذْنٍ) فِي الْجَمِيعِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الشِّرْكَةَ فِي الْحَقِيقَةِ تَوْكِيلٌ، وَتَوَكُّلٌ وَمَعَ الْإِذْنِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ نَعَمْ لَا يَسْتَفِيدُ رُكُوبَ الْبَحْرِ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْقِرَاضِ (وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ) الْمُشْتَرَكِ (أَوْ بَاعَهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) فِيهِمَا (صَحَّ فِي نَصِيبِهِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَانْفَسَخَتْ الشِّرْكَةُ فِي نَصِيبِهِ (وَصَارَ الْمُشْتَرِي) فِي الثَّانِيَةِ، وَالْبَائِعُ فِي الْأُولَى (شَرِيكَ شَرِيكِهِ) سُمِّيَ الثَّانِي شَرِيكَهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ (وَإِنْ اشْتَرَى بِالْغَبْنِ) الْمَذْكُورِ (فِي الذِّمَّةِ اخْتَصَّ) الشِّرَاءُ (بِهِ) فَيَزِنُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِتَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْغَبْنِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ، وَمِثْلُهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ نَسِيئَةً، وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ بِلَا إذْنٍ بِخِلَافِ مَا إذَا سَافَرَ بِهِ أَوْ أَبْضَعَهُ بِلَا إذْنٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ نَعَمْ إنْ عَقَدَ الشِّرْكَةَ بِمَفَازَةٍ فَلَا ضَمَانَ بِالسَّفَرِ بِهِ إلَى مَقْصِدِهِ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَلَا أَهْلُ الْبَلَدِ لِقَحْطٍ أَوْ عَدُوٍّ، وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ الشَّرِيكِ أَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِالْمَالِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْوَدِيعَةِ (فَصْلٌ لِكُلٍّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (فَسْخُهَا) أَيْ الشِّرْكَةِ مَتَى شَاءَ (فَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا بَطَلَتْ) كَالْوَكَالَةِ فِيهِمَا (وَانْعَزَلَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْآخَر لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ (وَإِنْ عَزَلَ) أَحَدُهُمَا (صَاحِبَهُ) كَأَنْ قَالَ: عَزَلْتُك عَنْ التَّصَرُّفِ أَوْ لَا تَتَصَرَّفْ فِي نَصِيبِي (لَمْ يَنْعَزِلْ الْعَازِلُ) بَلْ مُخَاطَبُهُ فَقَطْ؛ إذْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي عَزْلَهُ بِخِلَافِ مُخَاطَبِهِ [فَصْلٌ تَنْفَسِخُ الشِّرْكَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ] (فَصْلٌ تَنْفَسِخُ) الشِّرْكَةُ (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) كَالْوَكَالَةِ وَلَا يَنْتَقِلُ الْحُكْمُ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِ فَإِذَا أَفَاقَ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَاسْتِئْنَافِ الشِّرْكَةِ، وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ، أَوْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا (وَعَلَى وَلِيِّ الْوَارِثِ) غَيْرِ الرَّشِيدِ فِي الْأُولَى (وَالْمَجْنُونِ) فِي الثَّانِيَةِ (اسْتِئْنَافُهَا لَهُمَا) وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ (عِنْدَ الْغِبْطَةِ) فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَتْ الْغِبْطَةُ فِيهَا فَعَلَيْهِ الْقِسْمَةُ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْوَلِيِّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْوَارِثُ رَشِيدًا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَاسْتِئْنَافِ الشِّرْكَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِوَلِيِّ غَيْرِ الرَّشِيدِ اسْتِئْنَافُهَا إلَّا (بَعْدَ قَضَاءِ) مَا هُنَاكَ مِنْ (دَيْنٍ وَوَصِيَّةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ) كَالْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ حِينَئِذٍ كَالْمَرْهُونِ، وَالشِّرْكَةُ فِي الْمَرْهُونِ بَاطِلَةٌ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَارِثِ الرَّشِيدِ، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي وَلِيِّ الْوَارِثِ غَيْرِ الرَّشِيدِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ كَمَا تَقَرَّرَ (وَلِلْمُعَيَّنِ) اسْتِئْنَافُهَا مَعَ الْوَارِثِ أَوْ وَلِيِّهِ وَشَرِيكِهِ (إنْ عُرِفَتْ مُشَارَكَتُهُمْ) أَيْ الثَّلَاثَةِ (فِيهَا) أَيْ فِي وَصِيَّتِهِ أَيْ مَحَلِّهَا بِأَنْ كَانَتْ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ، وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ لِمُعَيَّنٍ فَهُوَ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ أَيْ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ رَشِيدًا وَكَوْنِهِ غَيْرَ رَشِيدٍ، وَهَذِهِ مُوَافِقَةٌ لِعِبَارَةِ الْأَصْلِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ الْإِجْحَافِ وَيَنْفَسِخُ أَيْضًا بِطُرُقِ الْحَجْرِ بِالسَّفَهِ وَالْفَلَسِ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا كَنَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ أَيْضًا بِطُرُقِ الِاسْتِرْقَاقِ وَالرَّهْنِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) الْمُجِيبُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ) هَذَا الْجَوَابُ حَسَنٌ [فَصْلٌ الشَّرِيكُ كَالْوَكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ الشَّرِيكُ كَالْوَكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ) أَيْ بِالْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَشْتَرِي بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا أَثَرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا غَبْنٌ مَا كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَعَدْلُ الرَّهْنِ وَنَحْوُهُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ هُوَ مَا كَانَ شَرْعًا عَامًّا كَمَا فِي التَّيَمُّمِ إذَا وُجِدَ الْمَاءُ يُبَاعُ بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَلَا تَلْزَمُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مَا وَصَفَهُ الشَّارِعُ وَهُوَ حَقٌّ لَهُ بُنِيَ عَلَى الْمُسَامَحَةِ (قَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ فِي الْجَمِيعِ) لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: بِعْ بِمَا تَرَى وَجَبَ مُرَاعَاةُ النَّظَرِ، أَوْ بِمَا شِئْت فَلَهُ الْبَيْعُ بِالْمُحَابَاةِ قَالَهُ فِي التَّجْرِيَةِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِمَا تَرَى تَفْوِيضٌ إلَى الرَّأْيِ، وَهُوَ الِاجْتِهَادُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ بِمَا شِئْت سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقِرَاضِ أَنَّهُ يَبِيعُ بِالْعَرَضِ وَالْوَجْهُ أَنَّ الشَّرِيكَ كَذَلِكَ، وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ إنْ رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْبَابَيْنِ الرِّبْحُ، وَلَمَّا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ اعْتِبَارَهُمْ النَّقْدَ قَالَ: هَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الرِّبْحُ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِنَقْدِ الْبَلَدِ بَلْ يَكُونُ فِي الْعُرُوضِ كَالْقِرَاضِ (فَرْعٌ) وَإِنْ اشْتَرَى بِلَا غَبْنٍ وَقَعَ لِلشَّرِكَةِ، وَطُولِبَ بِكُلِّ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ فَإِنْ سَلَّمَهُ مِنْ مَالِهِ لِعَدَمِ نَضُوضِ مَالِهَا طَالَبَهُ شَرِيكُهُ بِحِصَّتِهِ، أَوْ وَقَدْ نَضَّ فَهَلْ يُطَالِبُهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ مُطَالَبَتَهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ عَقَدَ الشِّرْكَةَ بِمَفَازَةٍ) كَانَا مِنْ أَهْلِ النُّجْعَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فَسْخُهَا أَيْ الشِّرْكَةِ مَتَى شَاءَ] (قَوْلُهُ وَإِغْمَائِهِ) مَحَلُّ الْفَسْخِ بِالْإِغْمَاءِ إذَا طَالَ زَمَنُهُ بِحَيْثُ أَسْقَطَ عَنْهُ صَلَاةً وَاحِدَةً لِمُرُورِ وَقْتِهَا، فَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ كَالْمَاوَرْدِيِّ قَالَ شَيْخُنَا: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ) قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَإِذَا أَذِنَ الْوَارِثُ الرَّشِيدُ لَلشَّرِيكِ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ أَذِنَ الْوَلِيُّ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا أَوْ نَقْدًا؛ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ إنَّمَا لَا تَجُوزُ ابْتِدَاءً عَلَى الْعُرُوضِ، وَهَذَا اسْتِدَامَةُ شِرْكَةٍ، وَلَيْسَ بِابْتِدَاءِ عَقْدٍ. اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَلَيْهِ يُنَزَّلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ، وَلَكِنْ فِي عِبَارَتِهِمَا إيهَامٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَنْفَسِخَ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 (فَصْلٌ الرِّبْحُ) وَالْخُسْرَانُ (فِيهَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ) بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لَا الْأَجْزَاءِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ شُرِطَ ذَلِكَ أَمْ لَا (لَا) عَلَى قَدْرِ (الْعَمَلِ) وَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهِ؛ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَا شَيْئًا مِنْهُمَا فِي مُقَابَلَتِهِ لَخَالَفْنَا وَضْعَ الشِّرْكَةِ (فَشَرْطُ التَّفَاضُلِ) فِيهِمَا مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالَيْنِ أَوْ بِالْعَكْسِ (يُبْطِلُهَا) ، وَالتَّصَرُّفُ صَحِيحٌ لِلْإِذْنِ وَيُقَسَّمُ الرِّبْحُ عَلَى قَدْر الْمَالَيْنِ (وَلَوْ شُرِطَ زِيَادَةٌ) فِي الرِّبْحِ (لِلْأَكْثَرِ) مِنْهُمَا (عَمَلًا) مُبْهَمًا كَانَ نَحْوَ: عَلَى أَنَّ لِلْأَكْثَرِ مِنَّا عَمَلًا كَذَا أَوْ مُعَيَّنًا نَحْوَ عَلَى أَنَّ لَكَ كَذَا إنْ كُنْت أَكْثَرَ عَمَلًا مِنِّي (بَطَلَ الشَّرْطُ) كَمَا لَوْ شُرِطَ التَّفَاوُتُ فِي الْخُسْرَانِ فَإِنَّهُ يَلْغُو، وَيُوَزَّعُ الْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ قِرَاضًا فَإِنَّ الْعَمَلَ يَقَعُ ثَمَّ مُخْتَصًّا بِمَالِ الْمَالِكِ، وَهُنَا بِمَالَيْهِمَا وَلِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الشِّرْكَةِ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةَ الْمُسَاقَاةِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَرَةِ (وَوَجَبَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (أُجْرَةُ عَمَلِهِ) عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ (وَكَذَا) يَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ذَلِكَ (عِنْدَ فَسَادِ الشِّرْكَةِ) بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ (لِبَقَاءِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ. فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي أُجْرَةِ الْعَمَلِ وَقَعَ التَّقَاصُّ) فِي الْجَمِيعِ إنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَالِ أَيْضًا، وَفِي بَعْضِهِ إنْ تَفَاوَتَا فِيهِ كَأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفَانِ، وَلِلْآخَرِ أَلْفٌ، وَأُجْرَةُ عَمَلِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةٌ فَثُلُثَا عَمَلِ الْأَوَّلِ فِي مَالِهِ، وَثُلُثُهُ عَلَى الثَّانِي، وَعَمَلُ الثَّانِي بِالْعَكْسِ فَيَكُونُ لِلْأَوَّلِ عَلَيْهِ ثُلُثُ الْمِائَةِ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ ثُلُثَاهُ فَيَقَعُ التَّقَاصُّ بِثُلُثَيْهَا، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِثُلُثِهَا (وَلَوْ اسْتَوَيَا مَالًا لَا عَمَلًا) كَأَنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَلْفٌ وَسَاوَى عَمَلُ أَحَدِهِمَا مِائَتَيْنِ وَالْآخَرِ مِائَةً (وَشُرِطَ زِيَادَةٌ لِمَنْ عَمِلَ) مِنْهُمَا (أَكْثَرَ قَاصَصَ) صَاحِبَهُ بِرُبُعِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ (وَرَجَعَ) عَلَيْهِ (بِمَا زَادَ) وَهُوَ رُبُعُهَا؛ لِأَنَّ نِصْفَ عَمَلِهِ مِائَةٌ، وَنِصْفُ عَمَلِ صَاحِبِهِ خَمْسُونَ فَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ التَّقَاصِّ خَمْسُونَ، وَإِنْ شُرِطَتْ الزِّيَادَةُ لِمَنْ عَمِلَ أَقَلَّ فَلَا رُجُوعَ لِلْآخَرِ بِشَيْءٍ لِتَبَرُّعِهِ بِمَا زَادَ مِنْ عَمَلِهِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِأَصْلِ التَّصَرُّفِ لَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالْوَجْهُ فِي قَوْلِهِ التَّقَاصُصِ وَقَاصَصَ الْإِدْغَامُ (فَإِنْ شُرِطَتْ) أَيْ الزِّيَادَةُ (لِوَاحِدٍ) مِنْهُمَا (إنْ زَادَ عَمَلُ الْآخَرِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا) يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ (وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ) لِتَبَرُّعِهِ بِمَا زَادَ مِنْ عَمَلِهِ فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفَانِ، وَقِيمَةُ عَمَلِهِ مِائَتَانِ، وَلِلْآخَرِ أَلْفٌ، وَقِيمَةُ عَمَلِهِ مِائَةٌ فَلِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الْمِائَةِ عَلَيْهِ وَقَدْرُهُمَا مُتَّفِقٌ فَيَتَقَلَّصَانِ. وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ عَمَلِ صَاحِبِ الْأَقَلِّ مِائَتَيْنِ وَالْآخَرِ مِائَةً فَلِصَاحِبِ الْأَقَلِّ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الْمِائَةِ عَلَيْهِ فَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ التَّقَاصُّ مِائَةٌ وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ شُرِطَتْ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَقْطُوعٌ عَنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ اسْتَوَيَا مَالًا لِيَصْلُحَ جَعْلُ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ غَايَةً لَهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ فَرَضَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الزِّيَادَةُ مُعَيَّنًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَالِحٌ لَهُ وَلِلْمُبْهَمِ، كَمَا تَقَرَّرَ إلَّا الْمَزِيدَةَ فَإِنَّهُ فَرَضَهَا فِي مُعَيَّنٍ (فَصْلٌ يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدُ أَمَانَةٍ كَالْمُودِعِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالْخِيَانَةِ وَغَيْرِهِمَا) مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَمِنْهُ لَوْ ادَّعَى التَّلَفَ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ كَحَرِيقٍ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ بِالسَّبَبِ ثُمَّ يُصَدَّقُ فِي التَّلَفِ بِهِ بِيَمِينِهِ (وَيُصَدَّقُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِيَمِينِهِ فِي تَخْصِيصِهِ) وَعَدَمِ تَخْصِيصِهِ (بِمَا فِي يَدِهِ) عَمَلًا بِهَا (وَ) فِي أَنَّ (مَا اشْتَرَاهُ لِلشِّرْكَةِ أَوْ لِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ وَهَذِهِ يُغْنِي عَنْهَا مَا قَبْلَهَا (لَا إنْ ادَّعَى مِلْكَهُ بِالْقِسْمَةِ) مَعَ قَوْلِ الْآخَرِ هُوَ بَاقٍ عَلَى شَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقِسْمَةِ (وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (مِلْكَ الْعَبْدِ) مَثَلًا (بِالْقِسْمَةِ) وَهُوَ فِي يَدِهِمَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ فِي الشِّرْكَة عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ] فَصْلٌ) (قَوْلُهُ الرِّبْحُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ ثَمَرَتُهَا فَكَانَ عَلَى قَدْرِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ، فَأَثْمَرَتْ أَوْ شَاةٌ فَنَتَجَتْ (قَوْلُهُ: لَخَالَفْنَا وَضْعَ الشِّرْكَةِ) أَيْ وَاخْتَلَطَ عَقْدُ الشِّرْكَةِ بِالْقِرَاضِ (فَرْعٌ) إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى التَّفَاوُتِ بِإِقْرَارِهِمَا فَادَّعَى صَاحِبُ الْقَلِيلِ أَنَّ لَهُ زَائِدًا عَلَى رَأْسِ مَالِ حِصَّتِهِ بِسَبَبِ رِبْحٍ حَدَثَ وَقَالَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ لَمْ يَحْدُثْ رِبْحٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ قَاصَصَ وَرَجَعَ بِمَا زَادَ) ؛ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ عَقْدٌ يَقْصِدُ بِهِ الرِّبْحَ فَاسْتَحَقَّ الْعِوَضَ فِيهِ عَنْ الْعَمَلِ عِنْدَ فَسَادِهِ كَالْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ) هَذَا الْمِثَالُ لَا رُجُوعَ فِيهِ لِمَنْ زَادَ عَمَلُهُ لِتَبَرُّعِهِ بِمَا زَادَ مِنْهُ؛ إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ شُرِطَتْ لِصَاحِبِهِ إنْ زَادَ عَمَلُهُ فَلَيْسَتْ مُسْتَثْنَاةً مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ [فَصْلٌ يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يَدُ أَمَانَةٍ] (قَوْلُهُ: كَالْمُودِعِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ) الْمُرَادُ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي رَدِّ نَصِيبِ الشَّرِيكِ بَعْدَ تَمْيِيزِهِ بِالْقِسْمَةِ أَمَّا لَوْ ادَّعَى رَدَّ الْكُلِّ، وَأَرَادَ طَلَبَ نَصِيبِهِ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي طَلَبِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: أَفَادَهُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُصَدَّقُ فِي التَّلَفِ بِهِ بِيَمِينِهِ) إذَا حَلَفَ أَنَّهُ تَلِفَ فَأَقَامَ شَرِيكُهُ بَيِّنَةً أَنَّهَا رَأَتْهُ فِي يَوْمٍ بَعْدَهُ فَهَلْ تَبْطُلُ يَمِينُهُ وَيَغْرَمُ أَوْ لَا بَلْ يَسْأَلُ فَإِنْ ذَكَرَ مَا تَسْلَمُ مَعَهُ يَمِينُهُ كَمَا إذَا قَالَ عَادَ إلَيَّ بَعْدَ التَّلَفِ ثُمَّ عَدِمْتُهُ لَمْ يَغْرَمْ، وَإِلَّا غَرِمَ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ تَخْصِيصِهِ) بِأَنْ قَالَ ذُو الْيَدِ: هُوَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ مُخْتَصٌّ بِي (قَوْلُهُ: وَفِي أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ لِلشِّرْكَةِ أَوْ لِنَفْسِهِ) سَوَاءٌ ادَّعَى أَنَّهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَوْ نَوَاهُ (فَرْعٌ) لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَظَهَرَ كَوْنُهُ مَعِيبًا وَأَرَادَ رَدَّ حِصَّتِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهُ لِلشِّرْكَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْعِمْرَانِيُّ (تَنْبِيهٌ) ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا، وَأَقَامَ بَيِّنَةً، فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الْأَلْفَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ لَمْ يَكُنْ دَافِعًا لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ إلَّا أَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا فِيهِ فَيَضْمَنُهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَلَوْ قَالَ: أَنَا وَفُلَانٌ شَرِيكَانِ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَلَوْ قَالَ: لِلْمُقَرِّ لَهُ الرُّبْعُ مَثَلًا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَسْمَعُ، وَيَحْلِفُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَا يَقُولُهُ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي: لَا، وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْخُلْعِ بِالْأَوَّلِ فَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا شَرِيكَانِ فِي هَذَا الْمَالِ اُسْتُفْسِرَتْ الْبَيِّنَةُ عَنْ مِقْدَارِ النَّصِيبَيْنِ فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ، وَالْمَالُ فِي يَدِهِمَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَالْمُتَّجَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 أَوْ يَدِ أَحَدِهِمَا بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا هَذَا نَصِيبِي مِنْ الْمُشْتَرَكِ وَأَنْتَ أَخَذْت نَصِيبك حَلِفًا (وَ) إذَا (حَلَفَا) أَوْ نَكَلَا (جُعِلَ) الْعَبْدُ (مُشْتَرَكًا) بَيْنَهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ (فَلِلْحَالِفِ) الْعَبْدُ (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى الْمُشْتَرِي مِنْ شَرِيكٍ مَأْذُونٍ) لَهُ فِي بَيْعِهِ (تَسْلِيمَ الثَّمَنِ) مَعَ إنْكَارِ الْبَائِعِ (فَصَدَّقَهُ شَرِيكُهُ) فِي دَعْوَاهُ (سَقَطَ حَقُّهُ عَنْ الْمُشْتَرِي) لِاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَتِهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ) بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَتَسَلَّمْ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ (فَإِنْ حَلَفَ أَوْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَنَكَلَ أَخْذ حَقَّهُ مِنْهُ) بِيَمِينِهِ فِي الْأُولَى وَمُؤَاخَذَةً لِلْمُشْتَرِي بِاعْتِرَافِهِ بِلُزُومِ الْحَقِّ لَهُ بِالشِّرَاءِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ قَضَاءً بِنُكُولِهِ فِيهَا (وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ مَا أَخَذَهُ الْآنَ ظُلْمٌ (بَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ شَرِيكِهِ الْبَائِعَ) بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِزَعْمِهِ أَنَّهُ قَبَضَهُ (وَتَحْلِيفِهِ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا مَا قَبَضَ بِالْخُصُومَةِ) الْجَارِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا حَلَفَ الْمُشْتَرِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ فَتَنْقَطِعُ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالتَّسْلِيمِ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ، فَلَوْ شَهِدَ لَهُ شَرِيكُ الْبَائِعِ لَمْ يُقْبَلْ فِي نَصِيبِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ جَرِّ مَنْفَعَةٍ لَهُ، وَهُوَ مُطَالَبَتُهُ الْبَائِعَ بِحِصَّتِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ هُنَا (فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ) فِي خُصُومَتِهِ مَعَ صَاحِبِهِ حَلَفَ صَاحِبُهُ (وَ) إذَا (حَلَفَ صَاحِبُهُ غَرِمَ لَهُ الْبَائِعُ) حِصَّتَهُ (وَلَمْ يَرْجِعْ) بِهَا (عَلَى الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ شَرِيكَهُ ظَلَمَهُ (وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُحَلِّفَهُ هُنَا) أَيْ فِي خُصُومَتِهِ مَعَ صَاحِبِهِ. (وَإِنْ كَانَ قَدْ نَكَلَ هُنَاكَ) أَيْ فِي خُصُومَتِهِ مَعَ الْمُشْتَرِي (لِأَنَّ هَذِهِ خُصُومَةٌ أُخْرَى) مَعَ آخَرَ (وَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ سَلَّمَ) الثَّمَنَ (إلَى) الشَّرِيكِ (الَّذِي لَمْ يَبِعْ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ) مَعَ إنْكَارِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ (فَإِنْ كَانَ) الَّذِي لَمْ يَبِعْ (مَأْذُونًا لَهُ) مِنْ الْبَائِعِ (فِي الْقَبْضِ) لِلثَّمَنِ (فَالْبَائِعُ هُنَا كَصَاحِبِهِ) الَّذِي لَمْ يَبِعْ (هُنَاكَ) أَيْ فِيمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَرْعِ فِي أَنَّهُ (يَسْقُطُ حَقُّهُ) عَنْ الْمُشْتَرِي لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ وَكِيلَهُ قَبَضَهُ، وَفِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَتَسَلَّمْ الثَّمَنَ فَإِنْ حَلَفَ أَوْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَنَكَلَ أَخَذَ حَقَّهُ مِنْهُ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ الْبَائِعُ بَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَتَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا مَا قَبَضَ بِالْخُصُومَةِ وَإِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ انْقَطَعَتْ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ وَلَوْ شَهِدَ لَهُ الْبَائِعُ لَمْ يُقْبَلْ فِي نَصِيبِهِ فَإِنْ نَكَلَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ فِي خُصُومَتِهِ مَعَ صَاحِبِهِ، وَحَلَفَ صَاحِبُهُ غَرِمَ لَهُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حِصَّتَهُ، وَلَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلِلَّذِي لَمْ يَبِعْ أَنْ يَحْلِفَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ نَكَلَ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ خُصُومَةٌ أُخْرَى مَعَ آخَرَ فَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (وَإِنْ كَانَ) الَّذِي لَمْ يَبِعْ (غَيْرَ مَأْذُونٍ) لَهُ فِي الْقَبْضِ (لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْبَائِعِ) عَنْ الْمُشْتَرِي (فَيُطَالِبُ) هـ (بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حَقُّ الَّذِي لَمْ يَبِعْ أَيْضًا فَيُطَالِبُهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْقَبْضِ. (ثُمَّ إنْ كَانَ الْبَائِع مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقَبْضِ) لِلثَّمَنِ (لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُ الْجَمِيعِ) أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ (لِأَنَّهُ انْعَزَلَ بِإِقْرَارِهِ عَلَى الشَّرِيكِ بِقَبْضِ نَصِيبِهِ فَإِنْ قَبَضَ) الْبَائِعُ (حَقَّهُ لَمْ يُشَارِكْهُ الشَّرِيكُ) فِيمَا قَبَضَهُ (لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ) عَنْ الْوَكَالَةِ بِمَا ذُكِرَ (بَلْ يُطَالِبُ) الشَّرِيكُ (الْمُشْتَرِيَ بِحَقِّ نَفْسِهِ) وَقِيلَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَهُ وَيَأْخُذَ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ شَائِعٌ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْإِرْثِ فَعَلَى هَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الشَّرِيكِ بِقَبْضِهِ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِهَا شِرْكَةَ صَاحِبِهِ فِيمَا أَخَذَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ تُقْبَلُ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ تَرْجِيحِ الْأَصْلِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَبْضَ نَصِيبِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ الْآتِيَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمَا يَأْتِي، وَفِي نُسْخَةٍ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ إلَّا إنْ جَدَّدَ لِصَاحِبِهِ وَكَالَةً، فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِالْجَمِيعِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي جَدَّدَ لِلَّذِي لَمْ يَبِعْ وَفِي فَإِنَّهُ لِلْبَائِعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُقِرٌّ بِقَبْضِ شَرِيكِهِ الثَّمَنَ فَكَيْف يَتَوَكَّلُ لَهُ فِي قَبْضِ مَا لَيْسَ لَهُ بِزَعْمِهِ فَالْوَجْهُ جَعْلُ الضَّمِيرِ الْأَوَّلِ لِلْبَائِعِ وَالثَّانِي لِلَّذِي لَمْ يَبِعْ وَفِي التَّعْبِيرِ بِالتَّجَدُّدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَائِعِ مَجَازٌ (وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مَنْهِيًّا عَنْ الْقَبْضِ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ ادَّعَى الْمُشْتَرِي مِنْ شَرِيكٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي بَيْعِهِ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ] قَوْلُهُ: فَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ: سَقَطَ حَقُّهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَيَسْقُطُ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) الْأَوْلَى مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَإِنَّهُ مُرَادُ أَصْلِهِ بِدَلِيلِ قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَهُمَا عَبْدٌ بَاعَهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ قُلْنَا لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ قَبْضُ الثَّمَنِ؛ إذْ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْقَبْضِ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ مُوَكِّلُهُ مَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ، فَقَوْلُ أَصْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقَبْضِ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ نَهْيِ شَرِيكِهِ لَهُ عَنْ قَبْضِ نَصِيبِهِ. (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ لَوْ بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ مِنْ الْغَرْسِ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يُطَالِبَ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا اهـ قَالَ الْغَزِّيِّ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِقَرَارِ الضَّمَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي. اهـ. مَا اسْتَظْهَرَهُ مَرْدُودٌ وَإِنَّمَا قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَتَبَ أَيْضًا بِهَامِشِ الْبَابِ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ مَا نَصُّهُ: قَالَ الْغَزِّيِّ: سُئِلَتْ عَنْ شَرِيكٍ فِي يَدِهِ فَرَسٌ مُشْتَرَكٌ فَقَالَ لِشَرِيكِهِ: عَزَمْت عَلَى بَيْعِ نَصِيبِي فَقَالَ لَهُ: بِعْهُ مِمَّنْ شِئْت فَبَاعَهُ، وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَظَهَرَ لِي أَنَّ مُجَرَّدَ إذْنِ الشَّرِيكِ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ إذْنًا فِي التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ حِصَّةِ الشَّرِيكِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ شَرِيكِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ كَمَا قَالَ. (تَنْبِيهٌ) إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَ هَذَا مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ بِكَذَا وَقَبَضَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَخَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: لَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَسْتَحِقَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِيَمِينِهِ قَبْضُهُ وَتَلَفُهُ، وَالرُّجُوعُ ثَبَتَ بِسَبَبِ أَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ كَمَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ، وَإِذَا شَهِدْنَ بِالْوِلَادَةِ ثَبَتَ وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقَبْضِ (قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِلْمُشْتَرِي) عَلَى الشَّرِيكِ بِقَبْضِهِ الثَّمَنَ كَمَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ (وَلَوْ بَاعَا عَبْدَهُمَا صَفْقَةً) أَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَبَاعَهُ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (قَبْضُ نَصِيبِهِ) مِنْ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِالْبَيْعِ فَلَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيمَا قَبَضَهُ. وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْمُشْتَرَكِ مِنْ إرْثٍ وَدَيْنِ كِتَابَةٍ أَنَّهُ يُشَارِكُهُ فِيهِ لِاتِّحَادِهِمَا فِي الْحَقِّ كَمَا هُوَ وَجْهٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَيُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّ الثَّمَنَ مُشْتَرَكٌ بَلْ كُلٌّ يَمْلِكُ مِنْهُ نَصِيبَهُ مُنْفَرِدًا وَلَوْ سُلِّمَ فَيُجَابُ بِأَنَّ الِاتِّحَادَ الْمُقْتَضِيَ لِلْمُشَارَكَةِ فِيمَا يُقْبَضُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِالِاسْتِحْقَاقِ لِنَصِيبِهِ فِيمَا اشْتَرَكَا فِيهِ كَمَا فِي ذَيْنِك بِخِلَافِ هَذِهِ نَعَمْ قَدْ تُشْكَلُ هَذِهِ بِالْمُشْتَرَكِ بِالشِّرَاءِ مَعًا إذَا ادَّعَيَاهُ، وَهُوَ فِي يَدِ ثَالِثٍ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهِ فَإِنَّ الْآخَرَ يُشَارِكُهُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ مَعَ أَنَّ شِرَاءَ أَحَدِهِمَا يَتَأَتَّى انْفِرَادُهُ عَنْ شِرَاءِ الْآخَرِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ ثَمَّ نَفْسُ الْمُدَّعِي، وَهُنَا بَدَلُهُ فَأُلْحِقَ ذَاكَ بِذَيْنِك، وَإِنْ تَأَتَّى الِانْفِرَادُ فِيهِ (وَإِنْ أَزَالَ غَاصِبٌ يَدَ أَحَدِهِمَا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْعَبْدِ أَيْ عَنْ نَصِيبِهِ فِيهِ بِأَنْ نَزَّلَ نَفْسَهُ مَنْزِلَتَهُ (فَبَاعَهُ) أَيْ الْعَبْدَ (الْغَاصِبُ وَالشَّرِيكُ صَحَّ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ) فَقَطْ (لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِالْبَائِعِ) أَيْ بِتَعَدُّدِهِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَيْعُ نَصِيبِهِ إلَّا لِلْغَاصِبِ أَوْ الْقَادِرِ عَلَى انْتِزَاعِهِ مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا الْأَصْلُ أَيْضًا (كِتَابُ الْوَكَالَةِ) هِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَةً: التَّفْوِيضُ، شَرْعًا: تَفْوِيضُ شَخْصٍ أَمْرَهُ إلَى آخَرَ فِيمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ} [الكهف: 19] وَقَوْلُهُ {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا} [يوسف: 93] وَهَذَا شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا وَوَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} [النساء: 35] الْآيَةَ، وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ السُّعَاةَ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ» وَخَبَرِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ السَّابِقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَقَدْ «وَكَّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فِي نِكَاحِ أُمِّ حَبِيبَةَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا فَهِيَ جَائِزَةٌ بَلْ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: إنَّهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَلِخَبَرِ «اللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ: الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهَا، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ: مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوْكِيلُ وَلَهُ شُرُوطٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ الْمِلْكُ) لِلْمُوَكِّلِ (فَلَا يَصِحُّ) التَّوْكِيلُ (فِي طَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا وَتَزْوِيجِ مَنْ سَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا وَنَحْوِهِ) كَبَيْعِ عَبْدٍ سَيَمْلِكُهُ أَوْ إعْتَاقِ مَنْ سَيَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَا وُكِّلَ فِيهِ حَالَ التَّوْكِيلِ نَعَمْ لَوْ جَعَلَ مَا لَا يَمْلِكُهُ تَبَعًا لِمَا يَمْلِكُهُ كَتَوْكِيلِهِ بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَمَا سَيَمْلِكُهُ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلرَّافِعِيِّ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الْمَوْجُودِ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ وَأَنْ يُبْتَاعَ بِثَمَنِهِ كَذَا صَحَّ الشَّرْطُ (الثَّانِي قَبُولُ النِّيَابَةِ) ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَابَةٌ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ فِيمَا يَقْبَلُهَا (فَلَا يَصِحُّ) التَّوْكِيلُ (فِي الشَّهَادَاتِ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ لِاعْتِبَارِ أَلْفَاظِهَا مَعَ عَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى قَبُولٍ، وَلِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مَنُوطٌ بِعِلْمِ الشَّاهِدِ، وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ   [حاشية الرملي الكبير] الشَّرِيكَيْنِ عَيْنًا لِلشِّرْكَةِ فِي ذِمَّتِهِ فَطُولِبَ بِثَمَنِهِ، فَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ أَدَّاهُ لِعَدَمِ نَضُوضِ مَالِ الشِّرْكَةِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ نَضُوضِهِ فَفِي رُجُوعِهِ بِهَا وَجْهَانِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى تَفَاوُتٍ بِإِرْثٍ بِإِقْرَارِهِمَا فَادَّعَى صَاحِبُ الْقَلِيلِ أَنَّ لَهُ زَائِدًا عَلَى مَا خَصَّهُ بِسَبَبِ رِبْحٍ حَدَثَ وَقَالَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ: لَمْ يَحْدُثْ رِبْحٌ، وَالْبَاقِي بَعْدَ حِصَّةِ صَاحِبِ الْقَلِيلِ لِي، فَهَذِهِ وَقَعَتْ فِي الْبُرُلُّسِ وَأَفْتَيْت بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ صَاحِبِ الْكَثِيرِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّبْحِ، فَإِنْ قُلْت: فَفِي عَامِلِ الْقِرَاضِ إذَا ادَّعَى رِبْحًا، وَقَالَ الْمَالِكُ: لَا رِبْحَ فَإِنَّك تُصَدِّقُ الْعَامِلَ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّبْحِ، فَمَا الْفَرْقُ، قُلْت: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَالِكَ أَثْبَتَ لِلْعَامِلِ عَلَى مَالِهِ عَمَلًا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَلَوْ صَدَّقْنَا الْمَالِكَ لَفَاتَ حَقُّ الْعَامِلِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ وَلِهَذَا صَارَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَى أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ. وَالصَّوَابُ عِنْدِي خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّبْحِ، وَعَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ هَذَا هُوَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ الشَّرْعِيَّةُ وَالشَّوَاهِدُ الْمَرْضِيَّةُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مَا صَحَّحُوهُ مِنْ تَصْدِيقِ الْعَامِلِ سَبَبُهُ أَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي أَنَّ الْعَامِلَ قَدْ اسْتَوْلَى عَلَى قَدْرٍ، وَالْعَامِلُ يُنْكِرُهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِيلَاءِ فَصُدِّقَ الْعَامِلُ بِخِلَافِ الشِّرْكَةِ فَإِنَّهُمَا قَدْ اعْتَرَفَا بِأَنَّ مَالَ الشِّرْكَةِ بَيْنَهُمَا كَذَا، وَبِأَنَّ رَأْسَ مَالِ أَحَدِهِمَا مِنْهُ كَذَا [كِتَابُ الْوَكَالَةِ وَفِيهَا ثَلَاثَة أَبْوَاب] [الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الْوَكَالَة] (كِتَابُ الْوَكَالَةِ) (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا: تَفْوِيضُ شَخْصٍ أَمْرَهُ إلَى آخَرَ) أَيْ لِيَفْعَلَهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ الْإِيصَاءُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ وَكَّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ إلَخْ) وَأَبَا رَافِعٍ فِي نِكَاحِ مَيْمُونَةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (قَوْلُهُ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُحْسِنُ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ مَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ) قَدَّمَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُهِمُّ فِي الْبَابِ، وَعَلَيْهِ تَحْسُنُ إقَامَةُ الْأَدِلَّةِ الَّتِي هِيَ قَوَاعِدُ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ) هَذَا فِيمَنْ يُوَكِّلُ فِي مَالِهِ، وَإِلَّا فَالْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ وَكُلُّ مَنْ جَوَّزْنَا لَهُ التَّوْكِيلَ فِي مَالِ الْغَيْرِ لَا يَمْلِكُونَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْمُوَكِّلُ عَنْهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّصَرُّفُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ لَا مَحَلُّ التَّصَرُّفِ. اهـ. قَالَ شَيْخِي وَوَالِدِي: وَمَا قَالَهُ هُوَ الْعَجِيبُ بَلْ الْمُرَادُ مَحَلُّ التَّصَرُّفِ بِلَا شَكٍّ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا الْكَلَامُ عَلَى التَّصَرُّفِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ فَسَيَأْتِي فِي الرُّكْنِ الثَّانِي فس (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَا وُكِّلَ فِيهِ حَالَ التَّوْكِيلِ) سَيَأْتِي فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ أَنَّهُ لَوْ وُكِّلَ فِي حَالِ إحْرَامِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ أَوْ الْمَرْأَةِ لِيُزَوِّجَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَأُطْلِقَ صَحَّ تَزْوِيجُهَا إذَا قَالَتْ لِوَلِيِّهَا، وَهِيَ فِي نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ: أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي، إذَا فَارَقَنِي زَوْجِي أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْإِذْنُ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَأَفْتَى بِهَا ابْنُ رَزِينٍ (تَنْبِيهٌ) حَكَى ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْأَصْحَابِ الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ ثَمَرَةٍ قَبْلَ إثْمَارِهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا إنَّمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الْوَجْهُ الْمَرْجُوحُ (قَوْلُهُ إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ) ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ يَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ الشَّاهِدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 لِلْوَكِيلِ وَهَذَا غَيْرُ تَحَمُّلِهَا الْجَائِزَ بِاسْتِرْعَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (وَ) لَا فِي (الْأَيْمَانِ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ لِتَعَلُّقِ حُكْمِهَا بِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَوْ ظِهَارًا) ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ لِتَعَلُّقِهِ بِأَلْفَاظٍ وَخَصَائِصَ كَالْيَمِينِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ عَلَى مُوَكِّلِي كَظَهْرِ أُمِّهِ، أَوْ جَعَلْت مُوَكِّلِي مُظَاهِرًا مِنْك قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَقُولَ: مُوَكِّلِي يَقُولُ: أَنْتِ عَلَيْهِ كَظُهْرِ أُمِّهِ، وَمَا ادَّعَى أَنَّهُ الْأَشْبَهُ ظَاهِرٌ أَنَّ الْأَشْبَهَ خِلَافُهُ (وَ) لَا فِي (النَّذْرِ، وَتَعْلِيقُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ) لِمَا مَرَّ قَبْلَهُ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْجُمْهُورُ، وَنَقَلَ الْمُتَوَلِّي فِيهِ أَوْجُهًا ثَالِثُهَا إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِقَطْعِيٍّ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا فَإِنَّهُ يَمِينٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَفِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ التَّدْبِيرُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الْقَاضِي: وَعَلَى الْمَنْعِ هَلْ يَصِيرُ بِتَوْكِيلِهِ مُعَلَّقًا وَمُدَبَّرًا وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِمْ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِتَعْلِيقِ غَيْرِهِمَا كَتَعْلِيقِ الْوِصَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ قَيَّدُوا بِهِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ (وَ) لَا فِي (مُلَازَمَةِ مَجْلِسِ الْخِيَارِ) فَلَوْ اصْطَرَفَ اثْنَانِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُفَارِقَ الْمَجْلِسَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَوَكَّلَ وَكِيلًا فِي مُلَازَمَتِهِ لَمْ يَصِحَّ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِمُفَارَقَةِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ فِي الْعَقْدِ مَنُوطٌ بِمُلَازَمَةِ الْعَاقِدِ (وَ) لَا فِي (الْمَعَاصِي) كَالْقَتْلِ وَالْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا يَخْتَصُّ بِمُرْتَكِبِهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ مَقْصُودٌ بِالِامْتِنَاعِ مِنْهَا (وَ) لَا فِي (مَا لَا يَقْبَلُهَا) أَيْ النِّيَابَةَ (مِنْ الْعِبَادَاتِ) كَالصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّ مُبَاشِرَهَا مَقْصُودٌ بِعَيْنِهِ ابْتِلَاءً بِخِلَافِ مَا يَقْبَلُهَا كَمَا سَيَأْتِي (وَيَجُوزُ فِي عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ) كَبَيْعٍ وَسَلَمٍ وَصَرْفٍ وَتَوْلِيَةٍ لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ (وَ) فِي (الْفُسُوخِ) كَفَسْخِ عَيْبٍ وَإِقَالَةٍ وَتَحَالُفٍ قِيَاسًا عَلَى الْعُقُودِ، وَالْمُرَادُ الْفَسْخُ الَّذِي لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى الْفَوْرِ وَحَصَلَ عُذْرٌ لَا يُعَدُّ بِهِ التَّأْخِيرُ بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ تَقْصِيرًا (وَ) فِي (الْإِبْرَاءِ وَالْوَصِيَّةِ) وَنَحْوِهَا كَالْوَقْفِ (وَ) فِي (مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالْحَجِّ) وَالْعُمْرَةِ وَتَوَابِعِهِمَا (وَالصَّدَقَةِ) وَتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ (وَالذَّبَائِحِ) كَالْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ وَالْعَقِيقَةِ لِأَدِلَّةٍ مَعْرُوفَةٍ فِي أَبْوَابِهَا وَمِنْ ذَلِكَ تَجْهِيزُ الْمَوْتَى وَحَمْلُهُمْ وَدَفْنُهُمْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ فِعْلَ الْغَاسِلِ يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ كَالْجِهَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى (وَفِي النِّكَاحِ وَتَنْجِيزِ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ) وَنَحْوِهَا بِالنَّصِّ فِي النِّكَاحِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي (لَا فِي التَّعْيِينِ لِلطَّلَاقِ) وَالْعَتَاقِ (وَالنِّكَاحِ) أَيْ لِمَحَالِّهَا (مِمَّنْ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ) أَوْ أَعْتَقَ إحْدَى إمَائِهِ (أَوْ أَسْلَمَ عَنْ) بِمَعْنَى عَلَى (خَمْسٍ) أَوْ أَكْثَرَ لِتَعَلُّقِهِ بِالشَّهْوَةِ وَالْمَيْلِ (إلَّا إنْ عَيَّنَ لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ الَّتِي يَخْتَارُهَا لِلطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ أَوْ اللَّاتِي يَخْتَارُهُنَّ لِلنِّكَاحِ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى (وَيَجُوزُ فِي الْقَبْضِ) لِلْحَقِّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ كَتَوْكِيلِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ فِي قَبْضِهَا لَهُمْ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَ) فِي (الْإِقْبَاضِ) لَهُ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَ عَيْنًا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا بِنَفْسِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمُتَوَلِّي لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ دَفْعُهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا فَلَوْ سَلَّمَهَا لِوَكِيلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا كَانَ مُفَرِّطًا لَكِنَّهَا إذَا وَصَلَتْ إلَى يَدِ مَالِكِهَا خَرَجَ الْمُوَكِّلُ عَنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا فِي الْأَيْمَانِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ) ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْيَمِينِ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِين) وَلِأَنَّهُ مُنْكَرٌ وَمَعْصِيَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ وَلَكِنْ سَيَأْتِي فِي الظِّهَارِ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الطَّلَاقِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ غَلَّبُوا مَعْنَى الْيَمِينِ وَفِي بَعْضِهَا مَعْنَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَقُولَ مُوَكِّلِي إلَخْ) كَمَا قَالَهُ سَلِيمٌ فِي الدَّعْوَى أَنَّ الْوَكِيلَ يَقُولُ مُوَكِّلِي فُلَانٌ يَدَّعِي عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَنْعِ هَلْ يَصِيرُ بِتَوْكِيلِهِ مُعَلَّقًا وَمُدَبَّرًا وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ الثَّالِثُ: أَيْ مِنْ شُرُوطِ الْوَكَالَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مَا يُوَكَّلُ فِيهِ إقْرَارًا وَيَكُونَ بِنَفْسِ التَّوْكِيلِ مُقِرًّا، وَلَيْسَتْ لَنَا مَسْأَلَةٌ يَحْصُلُ فِيهَا الْمَقْصُودُ بِمُجَرَّدِ التَّوْكِيلِ مِنْ غَيْرِ تَعَاطِي فِعْلٍ سِوَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَلَا تَصِحُّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَلَغَا التَّعْلِيقُ إنْ فُعِلَ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي الْمَعَاصِي) قَالَ فِي التَّدْرِيبِ: إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَا يُوصَفُ بِالصِّحَّةِ كَبَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي، وَوَقْتِ النِّدَاءِ لِمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَقِيَاسُهُ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ بِالطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ، وَحُرِّمَ لِعَارِضٍ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ فِيهِ، وَمَا كَانَ مُحَرَّمًا بِأَصْلِ الشَّرْعِ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِي عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ) لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ فِي غَيْبَةِ مَالِكِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْفَوْرِ) وَحَصَلَ عُذْرٌ لَا يُعَدُّ بِهِ التَّأْخِيرُ بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ مُقَصِّرًا فَإِذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَهُوَ يَأْكُلُ أَوْ فِي حَمَّامٍ أَوْ لَيْلٍ لَمْ تَلْزَمْهُ الْمُبَادَرَةُ فَلَوْ وَكَّلَ لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا، وَلَوْ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي كَانَ تَقْصِيرَا، وَأَمَّا مَا هُوَ عَلَى التَّرَاخِي كَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ فَوَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالْحَجِّ) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْوَقْفِ أَيْضًا فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ يُقَالُ عَلَيْهِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْعِبَادَةُ لَا الْقُرْبَةُ وَالْعِبَادَةُ أَخَصُّ؛ لِأَنَّهَا مَا تُعُبِّدَ بِهِ بِشَرْطِ النِّيَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ، وَالْقُرْبَةُ مَا تُقُرِّبَ بِهِ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ، فَالْقُرْبَةُ تُوجَدُ بِدُونِ الْعِبَادَةِ فِي الْقُرَبِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا شَارَكَ الْوَقْفَ كَالْعِتْقِ، وَقَوْلُهُ: يُقَالُ عَلَيْهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَنْجِيزُ الطَّلَاقِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: شَرْطُهُ التَّعْيِينُ فَلَوْ وَكَّلَهُ بِتَطْلِيقِ إحْدَى نِسَاؤُهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِي الْقَبْضِ) شَمِلَ كَلَامُهُ التَّوْكِيلَ فِي قَبْضِ الرِّبَوِيِّ، وَرَأْسَ مَالِ السَّلَمِ إذَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُوَكِّلِ الْمَجْلِسَ، وَشَمِلَ أَيْضًا الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ (قَوْلُهُ: قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمُتَوَلِّي لَمْ يَصِحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ سَلَّمَهَا لِوَكِيلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا كَانَ مُفَرِّطًا) جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ صَحِيحٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 عُهْدَتِهَا، وَصَرَّحَ الْجُورِيُّ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ عِيَالِهِ لِلْعُرْفِ (وَلَوْ) كَانَ الْوَكِيلُ فِي الْإِقْبَاضِ (مُسْلِمًا) عَنْ ذِمِّيٍّ (فِي جِزْيَةٍ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَ لَحْيَيْهِ وَضَرْبَ لِهْزِمَتَيْهِ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ (وَ) يَجُوزُ (فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ وَإِحْيَاءِ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ كَإِحْيَاءِ (الْمَوَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالشِّرَاءِ فَيَمْلِكُهَا الْمُوَكِّلُ إذَا قَصَدَهُ الْوَكِيلُ لَهُ (لَا) فِي (الِالْتِقَاطِ) كَمَا فِي الِاغْتِنَامِ فَلَوْ وَكَّلَهُ فِيهِ فَالْتَقَطَ كَانَ لَهُ دُونَ الْمُوَكِّلِ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْوِلَايَةِ لَا لِشَائِبَةِ الِاكْتِسَابِ (وَلَا) يَجُوزُ (التَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ) بِأَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ: وَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَيَقُولُ الْوَكِيلُ: أَقْرَرْت عَنْهُ بِكَذَا أَوْ جَعَلْته مُقِرًّا بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ فَلَا يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ كَالشَّهَادَةِ (لَكِنَّ التَّوْكِيلَ فِيهِ إقْرَارٌ) مِنْ الْمُوَكِّلِ لِإِشْعَارِهِ بِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَيْسَ بِإِقْرَارٍ كَمَا أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِبْرَاءِ لَيْسَ إبْرَاءً، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قَالَ: وَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا، فَلَوْ قَالَ: أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ لَهُ عَلَيَّ كَانَ إقْرَارًا قَطْعًا، وَلَوْ قَالَ: أَقِرَّ لَهُ عَلَيَّ بِأَلْفٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا قَطْعًا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ (وَيَصِحُّ فِي الْخُصُومَاتِ) مِنْ جَانِب الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رِضَا الْخَصْمِ أَوْ لَا سَوَاءٌ أَكَانَ فِي مَالٍ أَمْ عُقُوبَةٍ لِغَيْرِ اللَّهِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي لِآيَةِ {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} [النساء: 35] وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَوْكِيلٌ فِي خَالِصِ حَقِّهِ فَيُمْكِنُ مِنْهُ كَالتَّوْكِيلِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ بِغَيْرِ رِضَا مَنْ هُوَ عَلَيْهِ (وَفِي اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَاتِ وَكَذَا الْحُدُودُ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» وَفِي غَيْرِهَا «وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّوْكِيلُ فِي قِصَاصِ الطَّرَفِ وَحَدِّ الْقَذْفِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِمَا، وَذِكْرُ الْعُقُوبَاتِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ وَكَأَنَّهُ ذَكَرَهَا وَأَرَادَ بِهَا حُدُودَ اللَّهِ - تَعَالَى لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ (لَا) فِي إثْبَاتِهَا فَلَا يَصِحُّ لِبِنَائِهَا عَلَى الدَّرْءِ نَعَمْ قَدْ يَقَعُ إثْبَاتُهَا بِالْوَكَالَةِ تَبَعًا بِأَنْ يَقْذِفَ شَخْصٌ آخَرَ فَيُطَالِبَهُ بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلَهُ أَنْ يَدْرَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِإِثْبَاتِ زِنَاهُ بِالْوَكَالَةِ وَبِدُونِهَا فَإِذَا ثَبَتَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ (الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْعِلْمُ بِهِ) أَيْ بِمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوْكِيلُ (بِوَجْهٍ مَا) أَيْ بِحَيْثُ يَقِلُّ مَعَهُ الْغَرَرُ؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَ الْوَكَالَةِ لِلْحَاجَةِ يَقْتَضِي الْمُسَامَحَةَ فِيهِ فَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مِنْ وَجْهٍ يَقِلُّ مَعَهُ الْغَرَرُ لِلْوَكِيلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَثُرَ (فَقَوْلُهُ: وَكَّلْتُك فِي كُلِّ أُمُورِي، أَوْ تَصَرَّفْ فِي أَمْوَالِي كَيْفَ شِئْت) أَوْ نَحْوُهُ كَقَوْلِهِ: وَكَّلْتُك فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْ أُمُورِي أَوْ فَوَّضْت إلَيْك جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ (بَاطِلٌ) لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهِ (وَيَجُوزُ) التَّوْكِيلُ بِقَوْلِهِ: وَكَّلْتُك (فِي بَيْعِ أَمْوَالِي وَاسْتِيفَاءِ دُيُونِي وَاسْتِرْدَادِ وَدَائِعِي، وَمُخَاصَمَةِ خُصَمَائِي وَلَوْ جَهِلَ الْخُصُومَ وَمَا فِيهِ الْخُصُومَةُ) وَالْأَمْوَالَ وَالدُّيُونَ وَالْوَدَائِعَ وَمَنْ هِيَ عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَهُ لِقِلَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ (لَا بَيْعِ بَعْضِ مَالِي) أَوْ طَائِفَةٍ مِنْهُ أَوْ سَهْمٍ (وَلَا) بِعْ (هَذَاك أَوْ هَذَا) فَلَا يَجُوزُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهِ وَفَارَقَتْ الْأُولَى الصُّوَرَ الْآتِيَةَ عَلَى الْأَثَرِ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ فِيهِ هُنَا مُبْهَمٌ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ لَا عُمُومَ فِيهِ، وَلَا خُصُوصَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ؛ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ عَامَّةٌ مَخْصُوصَةٌ، وَفَارَقَتْ الثَّانِيَةَ قَوْلُهُ: بِعْ أَحَدَ عَبِيدِي بِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَجِدْ فِيهَا مَوْرِدًا يَتَأَثَّرُ بِهِ؛ لِأَنَّ أَوْ لِلْإِبْهَامِ بِخِلَافِ الْأَحَدِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ. (وَلَوْ قَالَ بِعْ أَوْ هَبْ مِنْ مَالِي مَا شِئْت) أَوْ اقْبِضْ مِنْ دُيُونِي مَا شِئْت (أَوْ أَعْتِقْ) أَوْ بِعْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الْآتِي (مِنْ عَبِيدِي مَنْ شِئْت)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْجُورِيُّ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ عِيَالِهِ لِلْعُرْفِ) ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَنْ أَرْسَلَهُ مَعَهُ مِنْ الْعِيَالِ أَهْلًا لِلتَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ لَا فِي الِالْتِقَاطِ) يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى التَّوْكِيلِ عَلَى الْعُمُومِ، وَأَمَّا مَا يَأْتِي فِي اللُّقَطَةِ فَصُورَتُهُ فِي اللَّقْطِ بَعْدَ أَنْ يُوجَدَ فَهُوَ خُصُوصٌ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا أَنَّهُ يَجِبُ الِالْتِقَاطُ بَعْدَ أَنْ يُوجَدَ وَلَيْسَ لَنَا وَجْهٌ بِوُجُوبِهَا قَبْلَ أَنْ تُوجَدَ فَافْتَرَقَتْ أَحْكَامُ اللُّقَطَةِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الِاغْتِنَامِ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَا رَجَّحَهُ هُنَا أَقْوَى لِقُوَّةِ شُبْهَةِ الِاغْتِنَامِ مِنْ جِهَةِ اسْتِمْرَارِ الْمِلْكِ لِصَاحِبِ الْمُلْتَقَطِ وَاسْتِمْرَارِهِ لِصَاحِبِ الْمَغْنَمِ، وَإِنْ أَزَالَتْهُ بِالْيَدِ الْجَدِيدَةِ فَاخْتَصَّتْ بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ الِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لِإِشْعَارِهِ ثُبُوتَ الْحَقِّ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِأَنْ يُخْبِرَ عَنْهُ بِشَيْءٍ إلَّا وَهُوَ ثَابِتٌ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: بِعْنِي هَذِهِ الْعَيْنَ كَانَ إقْرَارًا لَهُ بِالْمِلْكِ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ بِمَالِكِيَّةِ الْبَيْعِ لَا بِمَالِكِيَّةِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ كَانَ إقْرَارًا قَطْعًا) حَمْلًا لَهُ عَلَى الصِّدْقِ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِي اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَاتِ) وَكَذَا الْحُدُودُ وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِهَا (قَوْلُهُ لِبِنَائِهَا عَلَى الدَّرْءِ) فَالتَّوْكِيلُ فِي إثْبَاتِهَا مُنَافٍ لِلْمَقْصُودِ وَلِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَوْ جَازَتْ فِيهِ لَكَانَتْ فِي الدَّعْوَى بِهَا، وَهِيَ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ: وَكَّلْتُك فِي كُلِّ أُمُورِي إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي نَحْوِ كُلِّ أُمُورِي وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِمُعَيَّنٍ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ بِأَنَّ التَّابِعَ ثَمَّ الْمُعَيَّنُ بِخِلَافِهِ هُنَا لَكِنَّ الْأَوْفَقَ بِمَا مَرَّ مِنْ الصِّحَّةِ فِي: وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ كَذَا وَكُلٌّ مُسَلِّمٌ صِحَّةَ ذَلِكَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ. اهـ. ش الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهَا (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهِ) فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ أُمُورٌ لَوْ عَرَضَ تَفْصِيلُهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ لَأَنْكَرَهَا كَتَطْلِيقِ زَوْجَاتِهِ، وَإِعْتَاقِ أَرِقَّائِهِ وَالصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ، وَقَدْ مَنَعَ الشَّارِعُ بَيْعَ الْغَرَرِ، وَهُوَ أَخَفُّ خَطَرًا مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ: وَاسْتِيفَاءِ دُيُونِي) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ قَبْضُ عِوَضِ الصَّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَالْأُجْرَةُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ، وَكَتَبَ أَيْضًا: أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ دَخَلَ فِيهِ مَا يَتَجَدَّدُ مِنْ الْحُقُوقِ لَكِنْ قَالَ الْجُورِيُّ: لَوْ وَكَّلَهُ فِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ دَيْنٌ ثُمَّ حَدَثَ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُوَكِّلٍ إلَّا فِيمَا كَانَ وَاجِبًا يَوْمئِذٍ. اهـ. لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا؛ إذْ عَدَمُ الدُّخُولِ فِي مَسْأَلَةِ الْجُورِيُّ إنَّمَا هُوَ لِوَصْفِ الْحَقِّ فِيهَا بِكَوْنِهِ لِلْمُوَكِّلِ حَالَ التَّوْكِيلِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَضُرُّنَا وُجُودُ الْإِضَافَةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا أَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَمَا فِي التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَقَوِيَتْ فِيهَا بِاللَّامِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمِلْكِ فَلَمْ يَدْخُلْ الْمُتَجَدِّدُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتِقْ مِنْ عَبِيدِي مَنْ شِئْت أَوْ مَنْ رَأَيْت) وَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ هُنَا رُؤْيَا الْقَلْبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 قَالَ الْقَاضِي: أَوْ طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شِئْت (صَحَّ) فِي الْبَعْضِ (لَا فِي الْجَمِيعِ) فَلَا يَأْتِي الْوَكِيلُ بِالْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُ: وَلَوْ قَالَ: طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شَاءَتْ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ كُلَّ مَنْ شَاءَتْ الطَّلَاقَ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَشِيئَةَ فِي هَذِهِ مُسْتَنِدَةٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ فَلَا تَصْدُقُ مَشِيئَةُ وَاحِدَةٍ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا فَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى أَيُّ امْرَأَةٍ شَاءَتْ مِنْهُنَّ الطَّلَاقَ طَلِّقْهَا بِخِلَافِهَا فِي تِلْكَ فَإِنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ إلَى الْوَكِيلِ فَصَدَقَتْ مَشِيئَتُهُ فِيمَا لَا يَسْتَوْعِبُ الْجَمِيعَ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مَشِيئَتِهِ فِيمَا يَسْتَوْعِبُهُ احْتِيَاطًا (وَيَصِحُّ) التَّوْكِيلُ بِقَوْلِهِ (تَزَوَّجْ لِي مَنْ شِئْت) كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْ مِنْ مَالِي مَا شِئْت (فَرْعٌ لَا يَكْفِي فِي شِرَاءِ الرَّقِيقِ قَوْلُهُ: اشْتَرِ لِي رَقِيقًا حَتَّى يُبَيِّنَ النَّوْعَ) كَتُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ (وَلِلذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ) تَقْلِيلًا لِلْغَرَرِ فَإِنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (وَتَبْيِينُ الْأَثْمَانِ لَيْسَ شَرْطًا) إذْ تَعَلُّقُ الْغَرَضِ بِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ مِنْ ذَلِكَ نَفِيسًا أَوْ خَسِيسًا غَيْرُ بَعِيدٍ (وَلَا يَصِحُّ) التَّوْكِيلُ بِقَوْلِهِ (اشْتَرِ لِي عَبْدًا كَمَا تَشَاءُ) لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي الْقِرَاضِ اشْتَرِ مَنْ شِئْت مِنْ الْعَبِيدِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الرِّبْحُ، وَالْعَامِلُ أَعْرَفُ بِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ (اسْتِقْصَاءُ الْأَوْصَافِ) أَيْ أَوْصَافِ السَّلَمِ وَلَا مَا يَقْرُبُ مِنْهَا. (فَإِنْ تَبَايَنَتْ أَوْصَافُ نَوْعِ ذِكْرِ الصِّنْفِ) كَحَطَّابِيٍّ وَقَفْجَاقِيٍّ فِي الرَّقِيقِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذِكْرُ نَوْعٍ وَلَا غَيْرِهِ بَلْ يَكْفِي اشْتَرِ مَا شِئْت مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ مَا فِيهِ حَظٌّ كَالْقِرَاضِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَأَقَرَّهُ (وَيُبَيِّنُ) فِي تَوْكِيلِهِ (فِي) شِرَاءِ (الدَّارِ الْمَحَلَّةَ) أَيْ الْحَارَةَ (وَالسِّكَّةَ) أَيْ الزُّقَاقَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِلْمَ بِالْبَلَدِ وَنَحْوِهَا مِنْ ضَرُورَةِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ (وَفِي) شِرَاءِ (الْحَانُوتِ السُّوقَ) لِيَقِلَّ الْغَرَرُ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ (وَإِذَا عَلِمَ الْمُوَكِّلُ فِي الْإِبْرَاءِ قَدْرَ الدَّيْنِ صَحَّ) التَّوْكِيلُ فِيهِ (وَلَوْ جَهِلَهُ الْوَكِيلُ وَالْمَدْيُونُ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِي عِلْمِهِمَا بِهِ عَكْسَ الْبَيْعِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ بِعْ عَبْدِي بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْوَكِيلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ تَتَعَلَّقُ بِهِ ثَمَّ وَلَا عُهْدَةَ فِي الْإِبْرَاءِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (أَبْرِهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَيْنِي أَبْرَأَهُ عَنْ قَلِيلٍ مِنْهُ) أَيْ عَنْ أَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّيْءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَيُفَارِقُ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَقْدُ غَبْنٍ فَتُوُسِّعَ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (أَوْ) أَبْرِهِ (عَمَّا شِئْت مِنْهُ) أَيْ مِنْ دَيْنِي (فَلْيُبْقِ) الْوَكِيلُ (شَيْئًا مِنْهُ) بَعْدَ إبْرَائِهِ عَمَّا عَدَاهُ، وَلَزِمَ مِنْهُ اغْتِفَارُ جَهْلِ الْمُوَكِّلِ بِقَدْرِ الْمُبْرَأِ إذَا كَانَ جَمِيعُ الدَّيْنِ مَعْلُومًا (أَوْ) أَبْرِهِ (عَنْ الْجَمِيعِ فَأَبْرَاهُ عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ صَحَّ) بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِبَعْضِ مَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ نَحْوِهِ لِتَضَمُّنِ التَّشْقِيصِ فِيهِ الْغَرَرَ؛ إذْ لَا يَرْغَبُ عَادَةً فِي شِرَاءِ الْبَعْضِ نَعَمْ إنْ بَاعَهُ بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ صَحَّ قَطْعًا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَقَدْ يَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِمَا يَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْجَمِيعِ بِقَدْرٍ يُقْطَعُ فِي الْعَادَةِ بِأَنَّهُ يَرْغَبُ فِي الْبَاقِي بِهِ (الرُّكْنُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ وَيُشْتَرَطُ) فِيهِمَا (صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِمَا) الْمُوَكَّلَ فِيهِ أَيْ مُبَاشَرَةُ الْمُوَكِّلِ إيَّاهُ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ، وَمُبَاشَرَةُ الْوَكِيلِ إيَّاهُ لِنَفْسِهِ (فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ) صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمَى عَلَيْهِ وَنَائِمٍ فِي التَّصَرُّفَاتِ، وَلَا تَوْكِيلُ فَاسِقٍ فِي إنْكَاحِ ابْنَتِهِ وَلَا تَوْكِيلُ (امْرَأَةٍ وَمُحْرِمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ (فِي نِكَاحٍ وَلَا إنْكَاحٍ) إذْ لَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُمْ لِذَلِكَ، وَصُورَةُ تَوْكِيلِ الْمُحْرِمِ أَنْ يُوَكَّلَ لِيَعْقِدَ لَهُ أَوْ لِمُوَلِّيَتِهِ حَالَ الْإِحْرَامِ، فَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَعْقِدَ لَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ، أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ دُونَ الْإِذْنِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ وَطَرَدَهُ الْقَاضِي فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ هَذَا الْخَمْرَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ مَسْأَلَةِ الْمُوَكِّلِ فِي الْإِحْرَامِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا) تَوْكِيلُ (عَبْدٍ فِي إيجَابِهِ) أَيْ النِّكَاحِ، وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ بِنْتَهُ فَبِنْتُ غَيْرِهِ أَوْلَى (وَيَصِحُّ) تَوْكِيلُهُ (فِي قَبُولِهِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي: أَوْ طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شِئْت) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: صَحَّ فِي الْبَعْضِ) لِأَنَّهُ وَكَّلَ الْأَمْرَ فِي التَّعْيِينِ إلَيْهِ فَخَفَّ الْغَرَرُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي مَعَ مَا مَرَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَزَوَّجْ لِي مَنْ شِئْت) لَوْ وَكَّلَهُ فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّانِي وَإِنْ رَجَّحَ فِي زِيَادَتِهَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ، وَقَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ بِالِاشْتِرَاطِ قَالَ شَيْخُنَا: وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَزَوَّجْ لِي امْرَأَةً وَبَيْنَ تَزَوَّجْ لِي مَنْ شِئْت ظَاهِرٌ لِجَعْلِهِ الْأَمْرَ رَاجِعًا إلَى رَأْيِ الْوَكِيلِ فِي صُورَةِ مَنْ شِئْت مَعَ عُمُومِ اللَّفْظِ، (قَوْلُهُ: إذَا تَعَلَّقَ الْغَرَضُ بِعَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: يَكُونُ إذْنًا فِي أَعْلَى مَا يَكُونُ مِنْهُ وَيُرَاعَى حَالُ الْمُوَكِّلِ فَيَنْزِلُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الرَّافِعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ) وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ يُبْرِئُهُ عَمَّا شَاءَ بِشَرْطِ أَنْ يُبْقِيَ شَيْئًا غَلَطٌ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي أَنْ تُبْرِئَ فُلَانًا عَنِّي، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ كَذَا لَمْ يَصِحَّ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهًا أَنَّهُ يَصِحُّ قَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك لِتَكُونَ مُخَاصِمًا عَنِّي لَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: جَعَلْتُك مُخَاصِمًا وَمُحَاكِمًا (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْرِئْهُ عَمَّا شِئْت مِنْهُ) قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ حَذَفَ مِنْهُ، وَقَالَ أَبْرِهِ: عَمَّا شِئْت أَبْقَى شَيْئًا احْتِيَاطًا لِلْمُوَكِّلِ؛ إذْ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ بَاعَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ) مَحَلُّ عَدَمِ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الصَّبِيِّ فِيمَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ مُبَاشَرَتُهُ فَيَجُوزُ تَوَكُّلُهُ فِي حَجِّ تَطَوُّعٍ وَذَبْحِ أُضْحِيَّةٍ وَتَفْرِقَةِ زَكَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ فس (قَوْلُهُ وَلَا تَوْكِيلَ امْرَأَةٍ إلَخْ) وَلَا خُنْثَى قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ بَانَ ذَكَرًا فَعَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَالُ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا (قَوْلُهُ: إذْ لَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُمْ لِذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ أَقْوَى مِنْ تَصَرُّفِهِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ لَهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ، فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَقْوَى لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَضْعَفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَطَرَدَهُ الْقَاضِي فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ هَذَا الْخَمْرَ بَعْدَ تَخَلُّلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ لَا يُقَالُ هُوَ فِي مَعْدُومٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ مَوْجُودٌ مَنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ فَانْتَظَرْنَا تَبَدُّلَ صِفَتِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَلَا عَبْدٍ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 كَمَا يَقْبَلُهُ لِنَفْسِهِ (وَلَوْ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي قَبُولِهِ لِنَفْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْتِزَامِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ (وَجُوِّزَ تَوْكِيلُ الْأَعْمَى لِغَيْرِهِ فِي عَقْدِ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا تُوقَفُ صِحَّتُهُ عَلَى الرُّؤْيَةِ كَالْإِجَارَةِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (لِلضَّرُورَةِ) فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ عَكْسِ اعْتِبَارِ صِحَّةِ مُبَاشَرَةِ الْمُوَكِّلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ، وَيُسْتَثْنَى مَعَهُ صُوَرٌ مِنْهَا مَا لَوْ وَكَّلَ الْمُسْتَحِقُّ لِقِصَاصِ طَرَفٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ بِاسْتِيفَائِهِ وَمَا لَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ مَنْ يَقْبِضُ الثَّمَنَ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَمَا لَوْ وَكَّلَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لَا عَنْهَا بَلْ عَنْهُ، أَوْ مُطْلَقًا فِي إنْكَاحِ مُوَلِّيَتِهِ وَمَا لَوْ وُكِّلَ مُحْرِمٌ بِالنِّكَاحِ لِيَعْقِدَ لَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا تَقَرَّرَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِهِ صُوَرٌ مِنْهَا غَيْرُ الْمُجْبَرِ إذَا أَذِنَتْ لَهُ مُوَلِّيَتُهُ فِي النِّكَاحِ وَنَهَتْهُ عَنْ التَّوْكِيلِ فِيهِ لَا يُوَكَّلُ بِهِ، وَالظَّافِرُ بِحَقِّهِ لَا يُوَكِّلُ بِكَسْرِ الْبَابِ أَوْ نَحْوِهِ وَأَخْذِ حَقِّهِ وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ عِنْدَ عَجْزِهِ، وَالْمُسْلِمُ لَا يُوَكِّلُ كَافِرًا فِي اسْتِيفَاءِ قِصَاصٍ مِنْ مُسْلِمٍ، وَالْوَكِيلُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّوْكِيلِ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَالسَّفِيهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ بِهِ، فَإِنَّ حَجْرَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ إلَّا عَنْ مُبَاشَرَتِهِ، وَكَذَا الْعَبْدُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَعْضِ ذَلِكَ (وَيُوَكَّلُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ) وَالْقَيِّمُ (فِي بَيْعِ مَالِ الطِّفْلِ عَنْ الطِّفْلِ وَعَنْ نَفْسِهِ) أَيْ عَنْهُمَا مَعًا أَوْ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ثُمَّ قَالَ فِي جَوَازِهِ عَنْ الطِّفْلِ نَظَرٌ وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ الطِّفْلِ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ رَشِيدًا لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَكِيلُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ، وَذِكْرُ الْبَيْعِ وَالطِّفْلِ مِثَالٌ فَكَالْبَيْعِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَكَالطِّفْلِ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ تَوْكِيلِ الْوَصِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ لَا يُوَكَّلُ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ أَيْ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ فَعَلَيْهِ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى ذَاكَ لَكِنَّ الظَّاهِرَ الْإِطْلَاقُ (وَتَوْكِيلُ غَيْرِ الْمُجْبَرِ قَبْلَ الْإِذْنِ) لَهُ مِنْ مُوَلِّيَتِهِ (مَذْكُورٌ فِي النِّكَاحِ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ الصَّبِيِّ) الْمُمَيَّزِ الْمَأْمُونِ (فِي إذْنِ الدُّخُولِ) أَيْ فِي الْإِذْنِ فِيهِ (وَ) فِي (إيصَالِ الْهَدِيَّةِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَفِي إخْبَارِهِ غَيْرَهُ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْوَلِيمَةِ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ (فَيُوَكِّلُ الصَّبِيُّ) غَيْرَهُ (فِيهِمَا حَيْثُ) يَجُوزُ (لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ) فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ وَكِيلًا وَمُوَكِّلًا فَهُوَ بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ مُسْتَثْنَى مِنْ عَكْسِ اعْتِبَارِ صِحَّةِ مُبَاشَرَةِ الْوَكِيلِ وَيُسْتَثْنَى مَعَهُ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ بِالطَّلَاقِ وَسَيَأْتِي وَتَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ كَافِرًا بِشِرَاءِ مُسْلِمٍ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَتَوْكِيلُ الْوَلِيِّ امْرَأَةً لِتُوَكِّلَ رَجُلًا فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ، وَتَوْكِيلُ مُعْسِرٍ مُوسِرًا بِنِكَاحِ أَمَةٍ، وَتَوْكِيلُ شَخْصٍ بِقَبُولِ نِكَاحِ أُخْتِهِ أَوْ نَحْوِهَا حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلْوِلَايَةِ (وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الرَّقِيقِ وَالسَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ) الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمَا (فِيمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ) كُلٌّ   [حاشية الرملي الكبير] فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ وَفَاسِقٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ بِنْتَهُ فَبِنْتُ غَيْرِهِ أَوْلَى وَالْمُبَعَّضُ فِي ذَلِكَ كَالْعَبْدِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مَوْجُودَةٌ فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِصِحَّةِ تَوَكُّلِ الْمُكَاتَبِ فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ. اهـ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ تَجْوِيزُهُ لِلْمُكَاتَبِ فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ وَكَّلَ مُسْلِمًا فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ الْكَافِرَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ لَمْ يُزَوِّجْهَا، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِتَزْوِيجِ أَمَتِهِ الْكَافِرَةِ جَازَ؛ لِأَنَّ لَهُ تَزْوِيجَهَا، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا لَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنٍ الْبَائِعَ إلَخْ) وَالْمُشْتَرِي الْبَائِعَ وَالْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ فِي أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ وَكَّلَ مُحْرِمٌ بِالنِّكَاحِ إلَخْ) وَالْحَلَالُ مُحْرِمًا فِي التَّوْكِيلِ فِيهِ وَالْوَكِيلُ فِي التَّوْكِيلِ وَمَالِكَةُ الْأَمَةِ تُوَكِّلُ وَلِيَّهَا فِي تَزْوِيجِهَا (قَوْلُهُ: وَالْمُسْلِمُ لَا يُوَكِّلُ كَافِرًا فِي اسْتِيفَاءِ قِصَاصٍ مِنْ مُسْلِمٍ) وَكَذَا تَوْكِيلُهُ فِي قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْعَبْدُ إلَخْ) وَكَذَا مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الِاخْتِيَارِ إلَّا إذَا عَيَّنَ لِلْوَكِيلِ الْمُخْتَارَاتِ، وَمِثْلُهُ مَنْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ، أَوْ أَعْتَقَ أَحَدَ رَقِيقَيْهِ، وَالتَّوْكِيلُ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَالتَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ وَيُوَكِّلُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ فِي بَيْعِ مَالِ الطِّفْلِ) أَيْ عَدْلًا (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَهُ فِي جَوَازِهِ عَنْ الطِّفْلِ نَظَرٌ) وَجْهُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ شَخْصٍ أَهْلٍ لِلتَّصَرُّفِ، وَلَيْسَ الْيَتِيمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ، فَإِسْنَادُ الْوَكَالَةِ إلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لَكِنَّ جَوَابَ هَذَا أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ لَا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْمُوصِي بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَكَلَامُ صَاحِبِ الْبَيَانِ مُصَرِّحٌ بِذَلِكَ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ بِأَنَّ الْوَصِيَّ يُوَكِّلُ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ دُونَ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ عَنْ الْوَلِيِّ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ وَكَّلَهُ عَنْهُمَا وَبَلَغَ رَشِيدًا انْعَزَلَ عَنْ الْوَلِيِّ دُونَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَيَتَصَرَّفُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَكَالطِّفْلِ الْمَجْنُونُ إلَخْ) يُعْتَبَرُ فِي الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ الْعَدَالَةُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ تَوْكِيلِ الْوَصِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا يُوَكَّلُ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَالْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ الصَّبِيِّ الْمُمَيَّزِ الْمَأْمُونِ فِي إذْنِ الدُّخُولِ إلَخْ) لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانُ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ» قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ اعْتِمَادُ الصَّبِيِّ فِيمَا يُرْسَلُ فِيهِ مِنْ حَمْلِ هَدِيَّةٍ وَطَلَبِ حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ. اهـ. وَكَانَ يُرْسِلُ أَنَسًا فِي حَوَائِجِهِ، وَهُوَ صَبِيٌّ وَدَفَعَ لِلنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَيْشًا مِنْ الطَّائِفِ لِيَدْفَعَهُ لِأُمِّهِ قَالَ: فَأَكَلْتُهُ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ: مَا فَعَلْت بِهِ فَقُلْت: أَكَلْته فَسَمَّانِي غَنْدَرَ وَيَتَصَرَّفُ الْمَهْدِيُّ إلَيْهِ فِي الْهَدِيَّةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً اسْتَبَاحَ وَطْأَهَا وَكَتَبَ أَيْضًا الْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ كَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الرَّقِيقِ وَالسَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ أَيْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمْ مُوَكِّلًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَكِنْ لَوْ وَكَّلَ عَبْدًا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ السَّفِيهِ إلَخْ لَيْسَا مِمَّا دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي كَوْنِهِ وَكِيلًا بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ كَوْنَ الْمُفْلِسِ وَكِيلًا بَعْدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 مِنْهُمْ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ (لَا بِإِذْنٍ) مِنْ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ وَالْغَرِيمِ لَكِنْ لَوْ وَكَّلَ عَبْدًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ نَفْسَهُ أَوْ مَالًا آخَرَ مِنْ مَوْلَاهُ صَحَّ وَلَيْسَ مِنْ لَازِمِ وُجُودِ الْإِذْنِ لِمَنْ ذُكِرَ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ فَلَا يَرِدُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ السَّفِيهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَمَّا مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَحَدُهُمْ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ السَّفِيهِ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِهِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْعَبْدِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ خِلَافَهُ (وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُفْلِسِ، وَلَوْ لَزِمَهُ عُهْدَةً) فِيمَا لَوْ وَكَّلَ فِيهِ كَمَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ (وَ) يَصِحُّ (تَوْكِيلُ السَّكْرَانِ بِمُحَرَّمٍ) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ بِمُبَاحٍ كَدَوَاءٍ فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ مُطْلَقًا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا فَلَوْ قَالَ: أَذِنْت لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: وَكَّلْت أَحَدَكُمَا بِبَيْعِ دَارِي لَمْ يَصِحَّ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْحَجِّ، وَفِي وَكِيلِ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ عَدْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا (فَرْعٌ وَلَوْ وَكَّلَ امْرَأَةً فِي طَلَاقِ غَيْرِهَا جَازَ) وَلَوْ سَفِيهَةً كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُفَوِّضَ إلَيْهَا طَلَاقَ نَفْسِهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهَا فِي رَجْعَةِ نَفْسِهَا وَلَا رَجْعَةِ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ لَا يُسْتَبَاحُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ اهـ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الرَّجْعَةِ مَحَلُّهُ فِي الرَّجُلِ (لَا) فِي (اخْتِيَارِ فِرَاقِ خَامِسَةِ مَنْ أَسْلَمَ) بِإِضَافَةِ خَامِسَةٍ إلَى مَا بَعْدَهَا بِأَنْ أَسْلَمَ عَلَى خَمْسٍ مَثَلًا، وَوَكَّلَ امْرَأَةً فِي اخْتِيَارٍ الْخَامِسَةِ لِلْفِرَاقِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ اخْتِيَارَهَا الْأَرْبَعَ لِلنِّكَاحِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فَفُهِمَ مِمَّا قَالَهُ بِالْأُولَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهَا فِي الِاخْتِبَارِ لِلنِّكَاحِ وَسَوَاءٌ أَعَيَّنَ لَهَا الْمُوَكِّلُ مَنْ تَخْتَارُهَا أَمْ لَا وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى، فَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِيمَا إذَا عَيَّنَهَا الْمُوَكِّلُ مَحَلُّهُ فِي تَوْكِيلِ الرَّجُلِ (وَتَوْكِيلُ الْمُرْتَدِّ) غَيْرَهُ (كَتَصَرُّفِهِ) فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ إنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ وُقِفَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ لَمْ يَصِحَّ، وَالتَّوْكِيلُ عَقْدٌ لَا يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ عَلَى الْجَدِيدِ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إنَّهُ يُوقَفُ كَمِلْكِهِ وَمِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ يَنْبَغِي صِحَّتُهُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ الْمُوَكِّلُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّوْكِيلِ بَلْ يُوقَفُ كَمِلْكِهِ بِأَنْ يُوقَفَ اسْتِمْرَارُهُ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ ارْتِدَادَهُ عَزْلٌ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ (وَلَوْ وَكَّلَهُ) أَيْ الْمُرْتَدَّ (أَحَدٌ صَحَّ تَصَرُّفُهُ) لِوُقُوعِهِ لِغَيْرِهِ وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ الْوَكِيلُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّوْكِيلِ (وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ كَافِرٍ فِي نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ) وَلَوْ لِمُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نِكَاحَهَا لِنَفْسِهِ (وَكَذَا) فِي (طَلَاقِ مُسْلِمَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ طَلَاقَهَا كَأَنْ أَسْلَمَتْ كَافِرَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْخُلْعِ (لَا فِي نِكَاحِهَا) إيجَابًا وَقَبُولًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نِكَاحَهَا بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ تَوْكِيلِهِ فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ أَوْ مُسْلِمَةٍ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ، وَكَلَامُهُ أَوْلَى مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ لِشُمُولِهِ مَنْعَ التَّوْكِيلِ فِي الْإِيجَابِ (وَلَا فِي) اسْتِيفَاءِ (قِصَاصِ مُسْلِمٍ) وَلَوْ لِكَافِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَهُ لِنَفْسِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُكَاتَبِ) غَيْرَهُ (فِي التَّبَرُّعَاتِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ وَيَصِحُّ بِالْإِذْنِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِنَفْسِهِ فِيهِمَا، وَخَرَجَ بِالتَّبَرُّعَاتِ غَيْرُهَا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي   [حاشية الرملي الكبير] هَذَا (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ مُطْلَقًا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا إلَخْ) نَعَمْ لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ كَذَا مَثَلًا وَكُلُّ مُسْلِمٍ صَحَّ فِيمَا يَظْهَرُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ ش (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْحَجِّ) وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ: وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ أَحَدٍ فِيهَا اعْتِمَادًا عَلَى هَذَا إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ فِي شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْوَكِيلِ فِيهِ غَرَضٌ كَالتَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِتَعْيِينِهِ غَرَضٌ مِنْ الْعُهْدَةِ وَالرُّجُوعِ وَنَحْوِهِمَا فَلَوْ كَانَ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ كَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ فَإِذَا قَالَ: وَكَّلْت كُلَّ مَنْ أَرَادَ فِي عِتْقِ عَبْدِي هَذَا، أَوْ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِي هَذِهِ فَلَا مَنْعَ مِنْ الصِّحَّةِ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا أَنَّ تَعْمِيمَ الْمُوَكِّلِ فِيهِ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي مُخَاصَمَةِ الْخُصَمَاءِ لِعَدَمِ الْغَرَرِ فَكَذَا هَذَا قَالَ وَمِنْ الْمَسَائِلِ الْوَاقِعَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ تَأْذَنَ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا لِكُلِّ عَاقِدٍ فِي الْبَلَدِ فِي تَزْوِيجِهَا وَقَدْ أَنْتَجَ هَذَا الْبَحْثُ الَّذِي ذَكَرْته صِحَّةَ هَذَا الْإِذْنِ إذْ لَا غَرَضَ لَهَا فِي أَعْيَانِ الْعِقَادِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ يَنْبَغِي إنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا عَيَّنَتْ الزَّوْجَ وَلَمْ تُفَوِّضْ إلَّا صِيغَةَ الْعَقْدِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادٌ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا إذَا أَذِنَتْ فِي أَنْ يُزَوِّجَهَا الْعَاقِدُ فِي الْبَلَدِ مِنْ زَوْجٍ مُعَيَّنٍ بِكَذَا بِأَنَّهُ إنْ اقْتَرَنَ بِإِذْنِهَا قَرِينَةٌ تَقْتَضِي التَّعْيِينَ بِأَنْ سَبَقَ ذِكْرٌ مُعَيَّنٌ أَوْ كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنْ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ لَمْ يَجُزْ لِكُلِّ عَاقِدٍ تَزْوِيجُهَا وَإِلَّا جَازَ. اهـ. وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ التَّوْكِيلُ فِي الدَّعْوَى وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْوَكِيلِ غَرَضٌ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ لَكِنْ اصْطَلَحَ الشُّهُودُ أَنْ يَكْتُبُوا وَوَكَّلَا فِي ثُبُوتِهِ وَطَلَبِ الْحُكْمِ بِهِ وَكَانَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَيَقُولُ: لَيْسَ فِيهِ تَوْكِيلٌ لِمُعَيَّنٍ وَلَا لِمُبْهَمٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَكْتُبُوا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ نُقَبَاءِ الْحُكْمِ وَشُهُودِهِ وَغَيْرِهِمْ وَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ وَكِّلْ عَنَى صَحَّ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ الْمُوَكِّلُ فس، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ أَنْتَجَ هَذَا الْبَحْثُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ صِحَّةَ هَذَا الْإِذْنِ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 تَصِحُّ مِنْهُ فَيَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ غَيْرَهُ مُطْلَقًا (وَكَذَا) لَا يَصِحُّ (تَوَكُّلُهُ بِجُعْلٍ لَا يَفِي بِأُجْرَتِهِ) لِتَبَرُّعِهِ بِعَمَلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَفِي بِهَا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ: وَلَوْ وَكَّلَ مُكَاتَبًا بِجُعْلٍ يَفِي بِأُجْرَتِهِ جَازَ وَبِغَيْرِ جُعْلٍ لَهُ حُكْمُ تَبَرُّعِهِ (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ فَيُشْتَرَطُ) لِلْوَكَالَةِ (الْإِيجَابُ كَوَكَّلْتُكَ) بِكَذَا (وَفَوَّضْت إلَيْك) كَذَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَطَلِّقْ (وَبِعْ وَأَعْتِقْ) ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ (وَيَصِحُّ الْقَبُولُ بِالرِّضَا وَالِامْتِثَالِ) لِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ، وَلَوْ (عَلَى التَّرَاخِي) كَالْوَصِيَّةِ نَعَمْ لَوْ وَكَّلَهُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ، أَوْ عَرَضَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ عِنْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ اُعْتُبِرَ الْقَبُولُ بِالِامْتِثَالِ فَوْرًا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَانِ لَا يُسْتَثْنَيَانِ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَا تَوْكِيلٌ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ، وَالثَّانِي إنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ الْفَوْرُ لِإِلْزَامِ الْحَاكِمِ إيفَاءَ حَقِّ الْغَرِيمِ لَا لِلْوَكَالَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالِامْتِثَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَأَفَادَ بِهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْقَبُولَ يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (وَلَوْ لَمْ يَتَلَفَّظْ) بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا سَوَاءٌ أَوُجِدَ الرِّضَا أَمْ لَا كَأَنْ أَكْرَهَهُ حَتَّى تَصَرَّفَ لَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إبَاحَةٌ وَرَفْعُ حَجْرٍ كَإِبَاحَةِ الطَّعَامِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ نَعَمْ لَوْ كَانَ لِإِنْسَانٍ عَيْنٌ مُعَارَةٌ أَوْ مُؤَجَّرَةٌ أَوْ مَغْصُوبَةٌ فَوَهَبَهَا لِآخَرَ فَقَبِلَهَا، وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهَا ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَكَّلَ فِي قَبْضِهَا الْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ أَوْ الْغَاصِبَ اُشْتُرِطَ قَبُولُهُ لَفْظًا وَلَا يُكْتَفَى بِالْفِعْلِ، وَهُوَ الْإِمْسَاكُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِمَا سَبَقَ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الرِّضَا بِقَبْضِهِ عَنْ الْغَيْرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ مَعَ مَا فِيهِ (فَإِنْ رَدَّهَا) أَيْ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ (وَنَدِمَ جُدِّدَتْ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ تَرْتَفِعُ فِي الدَّوَامِ بِالْفَسْخِ فَارْتِدَادُهَا بِالرَّدِّ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْلَى. (وَلَوْ وَكَّلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ صَحَّ) التَّوْكِيلُ كَمَا أَنَّ الْعَزْلَ يَنْفُذُ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ لِلْوَكِيلِ (وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْعِلْمِ كَبَيْعِ مَنْ ظَنَّ حَيَاةَ أَبِيهِ) مَا لَهُ فَبَانَ مَيِّتًا فَيَصِحُّ (وَتَكْفِي الْكِتَابَةُ وَالرِّسَالَةُ) فِي الْوَكَالَةِ (وَلَوْ عَلَّقَهَا بِشَرْطٍ) كَقَوْلِهِ: إذَا قَدِمَ زَيْدٌ، أَوْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ وَكَّلْتُك بِكَذَا، أَوْ فَأَنْتَ وَكِيلِي فِيهِ (بَطَلَتْ) لِلشَّرْطِ (وَنَفَذَ تَصَرُّفٌ صَادَفَ الْإِذْنَ) فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ، وَكَذَا حَيْثُ فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ فَاسِدًا كَقَوْلِهِ: وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي فَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ النِّكَاحَ فَيَنْفُذُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فِي نَحْوِ: إذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ بِنْتِي فَقَدْ وَكَّلْتُك بِتَزْوِيجِهَا بِخِلَافِ نَحْوِ: وَكَّلْتُك بِتَزْوِيجِهَا ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا (وَلَا يَضُرُّ تَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ) فَقَطْ كَقَوْلِهِ: وَكَّلْتُك بِبَيْعِ عَبْدِي وَبِعْهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ، وَلَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بَعْدَ الشَّهْرِ. (فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك وَمَتَى) أَوْ إذَا أَوْ مَهْمَا (عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي) أَوْ فَقَدْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ وَكَّلَ امْرَأَةً فِي طَلَاقِ غَيْرِهَا] قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي التَّتِمَّةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ سَكِرَ أَحَدُهُمَا أَوْ ارْتَدَّ أَوْ نَامَ لَمْ يَنْعَزِلْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمِلْكَ يُتَصَوَّرُ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْكِحَ مُسْلِمَةً ابْتِدَاءً فَكَأَنَّهُ مَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ فِي نِكَاحِهَا أَصْلًا وَنِيَابَةً. اهـ. وَفُرِّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْبَيْعَ أَوْسَعُ مِنْ النِّكَاحِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَنْكِحُ الْمُسْلِمَةَ قَطْعًا (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُخْرِجُ مِنْ عِبَارَاتِ الْأَئِمَّةِ إنْ شَرَطَا لِوَكِيلٍ صِحَّةَ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ فِي جِنْسِ مَا وُكِّلَ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ فِي عَيْنِهِ فَيَسْقُطُ اسْتِثْنَاءُ كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ الْإِيجَابُ إلَخْ) وَجْهُ اعْتِبَارِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَنَّهَا إثْبَاتُ حَقِّ السَّلْطَنَةِ وَالتَّصَرُّفِ لِلْوَكِيلِ، فَأَشْبَهَتْ سَائِرَ التَّمْلِيكَاتِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ الْقَبُولُ بِالرِّضَا إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ: الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ، فَإِذَا تَصَرَّفَ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْقَبُولَ حَصَلَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ لِيَكُونَ بَعْدَ الْقَبُولِ الْوَكَالَةُ، وَإِنَّمَا حَصَلَ الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهَا أَمْرٌ لِلْوَكِيلِ، وَقَبُولُ الْأَمْرِ امْتِثَالُهُ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالتَّصَرُّفِ كَالْوَدِيعَةِ، وَخَالَفَ بَقِيَّةَ الْعُقُودِ كَالْهِبَةِ بِأَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِتَمْلِيكِ عَيْنٍ. اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: مَا مَعْنَى قَوْلِكُمْ: الْوَكَالَةُ تَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ وَتُجَوِّزُونَ بَيْعَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ قُلْنَا: لَهُ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ الدَّيْنِ لِلْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ لَزِمَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبُولِ لَا قَبْلَهُ إلَّا إنْ طَالَبَهُ، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ قَبْلَهُ لِبَرَاءَتِهِ بِهِ الثَّانِيَةُ: إذَا وَصَلَتْ الْعَارِيَّةُ لِيَدِ الْوَكِيلِ فِي قَبْضِهَا، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا هِيَ زَالَ الضَّمَانُ عَنْ الْمُسْتَعِيرِ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْوَكَالَةِ، وَلَا يَزُولُ إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ وَكَّلَهُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ إلَخْ) أَوْ عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ زَمَانَ الْعَمَلِ وَخِيفَ فَوْتُهُ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا وَكَّلَ مَنْ يَطْلُبُ لَهُ الْمَاءَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ يَشْتَرِي لَهُ السُّتْرَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ كَانَ كَأَنَّ الْمُوَكَّلُ فِيهِ يَخْشَى فَوَاتَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ إلَى بَيْعِهِ كَالثَّلْجِ وَالرَّطْبِ عِنْدَ خَوْفِ الْفَسَادِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ بِهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْقَبُولَ يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) مَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالْفِعْلِ فِي الْقَبُولِ الْوَكَالَةُ بِغَيْرِ جُعْلٍ فَالْوَكِيلُ بِجُعْلٍ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ لَفْظًا إنْ كَانَ الْإِيجَابُ بِصِيغَةِ الْعَقْدِ دُونَ صِيغَةِ الْأَمْرِ كَالْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ فِيهَا مُسْتَحَقٌّ يَقِينًا عِنْدَ وُجُودِ الْعَمَلِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ مَضْبُوطًا لِتَكُونَ الْوَكَالَةُ بِالْجُعْلِ إجَارَةً كَمَا نَقَلَاهُ فِي بَابِ الْجَعَالَةِ عَنْ بَعْضِ التَّصَانِيفِ أَنَّ (قَوْلَهُ فَسَدَتْ لِلشَّرْطِ) ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ يَمْلِكُ بِهِ التَّصَرُّفَ فِي الْحَيَاةِ لَمْ يُبْنَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ، وَيُؤَثِّرُ فِيهِ الْجَهَالَةُ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ وَالْقِرَاضَ (قَوْلُهُ: فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ) أَيْ الْخَالِي عَنْ الْمُفْسِدِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ، وَشَرَطَ لَهُ جُعْلًا فَاسِدًا فَإِنَّ الْوَكَالَةَ فَاسِدَةٌ، وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ النِّكَاحَ فَيَنْفُذُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ إلَخْ) كَمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِالْإِذْنِ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ، وَهُوَ خَطَأٌ صَرِيحٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِمَامُ: إذَا عَيَّنَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجًا سَوَاءٌ شَرَطْنَا التَّعْيِينَ أَمْ لَا فَلْيَذْكُرْهُ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَزَوَّجَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا لَوْ زَوَّجَهُ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ الْمُطْلَقَ مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مُعَيَّنٌ فَاسِدٌ، وَأَيْضًا فَلَوْ اخْتَلَطَتْ مُحْرِمَةٌ بِنِسْوَةٍ مَحْصُورَاتٍ فَعَقَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُنَّ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ ظَهَرَ كَوْنُهَا أَجْنَبِيَّةً، وَكَذَلِكَ لَوْ عَقَدَ عَلَى خُنْثَى فَبَانَ امْرَأَةً لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ قَبِلَ النِّكَاحَ لِزَيْدٍ بِوَكَالَةٍ فَأَنْكَرَهَا زَيْدٌ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَلَوْ اشْتَرَى لَهُ بِوَكَالَةٍ فَأَنْكَرَهَا صَحَّ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ، وَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ إذْنًا فَاسِدًا فِي النِّكَاحِ لَمْ يَسْتَفِدْ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ ت (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ تَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ) تَصِحُّ الْوَكَالَةُ الْمُؤَقَّتَةُ فِي الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِ: وَكَّلْتُك فِي كَذَا شَهْرَ كَذَا وَإِذَا قَالَ النَّاظِرُ: إذَا مَاتَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ مَكَانَهُ فِي وَظِيفَتِهِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْ تَعْلِيقِهَا وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: يَكُونُ نَائِبًا عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ مُسْتَقِلًّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالْجِوَارِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ جُعِلَ تَبَعًا لِلْأَوَّلِ فَتَظْهَرُ صِحَّتُهُ إذَا كَانَ أَهْلًا إلَّا أَنْ يَصْدُرَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَيَتَمَثَّلُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ اتِّبَاعًا لِلْأَمْرِ لَا لِصِحَّةِ الْوِلَايَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 وَكَّلْتُك (صَحَّتْ فِي الْحَالِ) لِوُجُودِ الْإِذْنِ (فَلَوْ عَزَلَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ) أَيْ الْوَكَالَةُ بَلْ تَقَعُ فَاسِدَةً لِلتَّعْلِيقِ (إلَّا أَنَّهُ إنْ تَصَرَّفَ نَفَذَ) تَصَرُّفُهُ (لِلْإِذْنِ لَا إنْ كَرَّرَ عَزْلَهُ) بِأَنْ قَالَ عَزَلْتُك أَوْ أَدَارَهُ كَالْوَكَالَةِ كَأَنْ قَالَ: مَتَى أَوْ إذَا أَوْ مَهْمَا عُدْت وَكِيلِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ، أَوْ فَقَدْ عَزَلْتُك فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ إمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ بِمَا ذُكِرَ لَا يَقْتَضِي عَوْدَهَا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِتُقَاوِمَ التَّوْكِيلَ وَالْعَزْلَ وَاعْتِضَادَ الْعَزْلِ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ الْحَجْرُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ (فَفَائِدَةُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ) مَعَ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ فِي فَاسِدِهَا (اسْتِقْرَارُ) الْجُعْلِ (الْمُسَمَّى) إنْ كَانَ بِخِلَافِهِ فِي الْفَاسِدَةِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ، وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ فِي النِّكَاحِ يُفْسِدُ الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى، وَيُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي النِّكَاحِ، وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ كَرَّرَ عَزْلَهُ انْعَزَلَ، فَفَائِدَةُ فَسَادِ الْوَكَالَةِ سُقُوطُ الْمُسَمَّى، وَوُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَالْكُلُّ صَحِيحٌ لَكِنَّ الثَّانِيَةَ أَوْفَقُ بِكَلَامِ الْأَصْلِ (فَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي تَكَرَّرَ الْإِذْنُ بِتَكَرُّرِ الْعَزْلِ) لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا التَّكْرَارَ (فَطَرِيقُهُ) فِي أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِالْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ (أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِي عَزْلِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ عَزْلُ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ قَدْ قَالَ: عَزَلْتُك أَوْ عَزَلَك أَحَدٌ عَنِّي فَلَا يَكْفِي التَّوْكِيلُ بِالْعَزْلِ بَلْ يَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ. (أَوْ يَقُولُ كُلَّمَا عُدْت وَكِيلِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ) فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ وَاسْتُشْكِلَتْ إدَارَةُ الْعَزْلِ بِأَنَّهَا تَفْرِيعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ كَمَا فَرَّعَهَا عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَالْمُصَنِّفُ لَا يُفَرِّعُ عَلَى الضَّعِيفِ، وَبِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ لِلْعَزْلِ عَلَى الْوَكَالَةِ فَهُوَ تَعْلِيقٌ قَبْلَ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْعَزْلَ عَنْ الْوَكَالَةِ الَّتِي لَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: إنْ مَلَكْت فُلَانَةَ أَوْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ طَالِقٌ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْوَكَالَةَ، وَإِنْ فَسَدَتْ بِالتَّعْلِيقِ فَالتَّصَرُّفُ نَافِذٌ لِلْإِذْنِ فَاحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ لِيَبْطُلَ الْإِذْنُ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْعَزْلَ الْمُعَلَّقَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا يَثْبُتُ فِيهِ التَّصَرُّفُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ السَّابِقِ عَلَى لَفْظِ الْعَزْلِ لَا فِيمَا يَثْبُتُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ؛ إذْ لَا يَصِحُّ إبْطَالُ الْعُقُودِ قَبْلَ عَقْدِهَا (وَتَعْلِيقُ الْعَزْلِ) كَقَوْلِهِ: إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَنْتَ مَعْزُولٌ (كَالْوَكَالَةِ) الْمُعَلَّقَةِ فَيَفْسُدُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ (وَهُوَ أَوْلَى) مِنْهَا (بِالصِّحَّةِ) إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولٌ قَطْعًا، أَوْ التَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ وَعَلَى الْمُرَجَّحِ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْمَنْعِ كَمَا أَنَّ التَّصَرُّفَ يَنْفُذُ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ بِالتَّعْلِيقِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ (وَيَصِحُّ تَوْقِيتُ الْوَكَالَةِ كَ وَكَّلْتُكَ شَهْرًا) فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ امْتَنَعَ عَلَى الْوَكِيلِ التَّصَرُّفُ (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ) (وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْمُوَافَقَةُ) فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ (لِمُقْتَضَى اللَّفْظِ) الصَّادِرِ مِنْ الْمُوَكِّلِ (أَوْ الْقَرِينَةِ) فَإِنَّهَا قَدْ تَقْوَى فَيُتْرَكُ لَهَا إطْلَاقُ اللَّفْظِ كَمَا فِي أَمْرِهِ لَهُ فِي الصَّيْفِ بِشِرَاءِ الْجَمْدِ كَمَا سَيَأْتِي، وَكَمَا لَوْ كَانَ يَأْكُلُ الْخُبْزَ فَقَالَ لِغَيْرِهِ: اشْتَرِ لِي لَحْمًا حُمِلَ عَلَى الْمَشْوِيِّ لَا عَلَى النِّيءِ (فَيَبِيعُ) وُجُوبًا (عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) لِلْوَكَالَةِ بِأَنْ لَمْ تُقَيَّدْ بِثَمَنٍ وَلَا حُلُولٍ وَلَا تَأْجِيلٍ وَلَا نَقْدٍ (بِثَمَنِ الْمِثْلِ) فَأَكْثَرَ (حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْبَيْعِ لَا بَلَدِ التَّوْكِيلِ نَعَمْ إنْ سَافَرَ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ إلَى بَلَدٍ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَبَاعَهُ فِيهَا اُعْتُبِرَ نَقْدُ بَلَدٍ حَقُّهُ أَنْ يَبِيعَ فِيهَا (فَإِنْ كَانَ) بِالْبَلَدِ (نَقْدَانِ فَبِأَغْلَبِهِمَا) يَبِيعُ (ثُمَّ أَنْفَعِهِمَا) لِلْمُوَكِّلِ (ثُمَّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا) فَإِنْ بَاعَ بِهِمَا مَعًا قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: جَازَ وَإِنْ كَانَ فِي عَقْدٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: إنْ مَلَكْت فُلَانَةَ أَوْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ طَالِقٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُقَالُ عَلَيْهِ الْمُوَكِّلُ مَالِكٌ لِلْمَحَلِّ الْمُوَكَّلِ فِيهِ، وَمَالِكٌ لِلتَّصَرُّفِ فِيمَا يُوَكِّلُ فِيهِ فَمَلَكَ أَنْ يُعَلِّقَ عَزْلَ الْوَكِيلِ عَلَى التَّوْكِيلِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ التَّوْكِيلُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ مَلَكْت عَبْدَ فُلَانٍ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لِمَحَلِّ الْعِتْقِ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ فَكَانَ تَعْلِيقُ عِتْقِهِ عَلَى مِلْكِهِ بَاطِلًا وَجَوَابٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ فِي صُورَةِ التَّوْكِيلِ صَدَرَ قَوْلُهُ وَكَّلْتُك صَحِيحًا فَكَانَ مَا ذَكَرَهُ بَعْد ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَلْتُك صَحِيحًا وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَبَعًا صِحَّةُ تَعْلِيقِ الْعَزْلِ عَلَى التَّوْكِيلِ فَصَارَ كَقَوْلِك وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ مَا هُوَ فِي مِلْكِي مِنْ الْعَبِيدِ وَمَا سَأَمْلِكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ الْإِذْنُ الْوَاقِعُ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا قَطَعُوا بِاعْتِبَارِهِ، الثَّانِي: قَطَعُوا بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ، الثَّالِثُ: حَكَوْا فِيهِ خِلَافًا، وَجَعَلُوا الرَّاجِحَ اعْتِبَارَهُ الرَّابِعَ حَكَوْا فِيهِ خِلَافًا، وَجَعَلُوا الرَّاجِحَ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ، وَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَلَى تَمْثِيلِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهُ قَطَعَ بِاعْتِبَارِهِ فِيمَا إذَا قَالَ بِعْ كَذَا عَلَى أَنَّ لَك الْعُشْرَ مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَقَطَعَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَرَجَّحَ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فِي الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَرَجَّحَ عَدَمَ سُقُوطِ الْوَثِيقَةِ فِيمَا إذَا أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الْجَانِيَ (قَوْلُهُ كَالْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ) كَقَوْلِهِ وَكَّلْتُك فِي تَطْلِيقِ امْرَأَتِي إنْ رَضِيَ بِهِ أَخِي أَوْ فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِي إنْ رَضِيَ بِهِ خَالِي، وَالتَّعْلِيقُ فِي الصُّورَةِ لَا فِي الْمَعْنَى هَلْ يَمْتَنِعُ كَمَا إذَا قَالَ: إنْ كَانَ مَالِي قَدْ قَدِمَ فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي بَيْعِهِ وَكَانَ قَدْ قَدِمَ فَفِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ النِّكَاحِ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ كَانَ وُلِدَ لِي ابْنَةٌ فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي نِكَاحِهَا وَكَانَتْ قَدْ وُلِدَتْ فَفِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَجْهَانِ وَالْوَكَالَةُ يَنْبَغِي أَنْ تُرَتَّبَ وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ) (قَوْلُهُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُوَكِّلِ) عُمُومًا وَخُصُوصًا وَإِطْلَاقًا وَتَقْيِيدًا (قَوْلُهُ وَالْقَرِينَةُ) أَيْ الْحَالِيَّةُ أَوْ الْمَقَالِيَّةُ (قَوْلُهُ وَلْيَبِعْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَخْ) لَوْ وَكَّلَهُ بِصُلْحِ مُعَاوَضَةٍ لَمْ يُصَالِحْ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ كَالْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ صُلْحَ حَطِيطَةٍ وَجَبَ بَيَانُ مَا يُصَالَحُ عَلَيْهِ كَالْإِبْرَاءِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِصُلْحِ الْحَطِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ: اُجْتُهِدَ فِي تَقْلِيلِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ وَانْتِقَاصِهِ مَا أَمْكَنَ (قَوْلُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ) هُوَ نِهَايَةُ رَغَبَاتِ الْمُشْتَرِينَ، وَإِنْ قَالَ بِقَلِيلِ الثَّمَنِ وَكَثِيرِهِ (قَوْلُهُ حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي الْبَيْعِ يَقْتَضِي الْحُلُولَ وَكَوْنَهُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَكَذَلِكَ الْإِطْلَاقُ فِي التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ: لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ لَيْلًا فَإِنْ كَانَ الرَّاغِبُونَ فِيهِ مِثْلَ النَّهَارِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: جَازَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْفُلُوسُ لَهَا حُكْمُ الْعُرُوضِ إنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 وَاحِدٍ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَا بِمُؤَجَّلٍ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ مِنْ عَرَضٍ وَنَقْدٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ، وَقِيَاسًا عَلَى الْوَصِيِّ (فَإِنْ خَالَفَ) شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ (ضَمِنَ) الْمَبِيعَ (بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي) لَهُ بِإِقْبَاضِهِ لِتَعَدِّيهِ بِالْإِقْبَاضِ فَيَسْتَرِدُّهُ إنْ بَقِيَ، وَإِلَّا غَرَّمَ الْمُوَكِّلُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَمِثْلَهُ فِي الْمِثْلِيِّ. وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِذَا اسْتَرَدَّهُ فَلَهُ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ كَمَا فِي بَيْعِ الْعَدْلِ الرَّهْنَ بِخِلَافِ مَا لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ فُسِخَ الْبَيْعُ الْمَشْرُوطُ فِيهِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لَا يَبِيعُهُ ثَانِيًا بِالْإِذْنِ السَّابِقِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ أَمَّا قَبْلَ إقْبَاضِهِ فَلَا ضَمَانَ لِعَدَمِ التَّعَدِّي فِيهِ (وَلَا يَضُرُّ غَبْنٌ يَسِيرٌ) وَهُوَ مَا يُتَغَابَنُ بِهِ (فِي الْعُرْفِ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ لَا بِثَمَانِيَةٍ وَيَخْتَلِفُ الْعُرْفُ بِاخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ) مِنْ الْأَمْوَالِ فَلَا تُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْعَشَرَةُ إنْ سُومِحَ بِهَا فِي الْمِائَةِ فَلَا يُسَامَحُ بِالْمِائَةِ فِي الْأَلْفِ، وَلَا بِالْأَلْفِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ (وَلَا يَصِحُّ) بَيْعُ الْوَكِيلِ (بِثَمَنِ الْمِثْلِ إنْ وَجَدَ زِيَادَةً) لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا بِأَنْ وُجِدَ رَاغِبٌ بِهَا مَوْثُوقٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْمَصْلَحَةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّاغِبُ مُمَاطِلًا، وَلَا مُتَجَوِّهًا وَلَا مَالُهُ أَوْ كَسْبُهُ حَرَامٌ (وَالْفَسْخُ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (لِأَجْلِهَا ذَكَرْنَاهُ فِي) بَيْعِ عَدْلٍ (الرَّهْنَ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثَمَّ (فَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الصَّيْفِ فِي شِرَاءِ جَمْدٍ لَمْ يَشْتَرِهِ فِي الشِّتَاءِ) وَلَا فِي الصَّيْفِ بَعْدَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (لِمُقْتَضَى الْقَرِينَةِ) (فَرْعٌ) قَوْلُهُ: (بِعْ بِكَمْ شِئْت إذْنٌ فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ) فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ بِهِ (فَقَطْ) فَلَا يَبِيعُ بِالنَّسِيئَةِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. (وَ) قَوْلُهُ بِعْ (بِمَا شِئْت) أَوْ بِمَا تَيَسَّرَ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (إذْنٌ فِي الْعَرْضِ) فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ بِهِ لَا بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَلَا بِالنَّسِيئَةِ (وَ) قَوْلُهُ بِعْ (كَيْفَ شِئْت إذْنٌ فِي النَّسِيئَةِ) فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ بِهَا لَا بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (وَ) قَوْلُهُ: بِعْ (بِمَا عَزَّ وَهَانَ إذْنٌ فِي الْغَبْنِ) الْفَاحِشِ (وَالْعَرْضِ) فَيَبِيعُ بِهِمَا لَا بِالنَّسِيئَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَمْ لِلْعَدَدِ فَشَمِلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَمَا لِلْجِنْسِ فَشَمِلَ النَّقْدَ، وَالْعَرَضَ لَكِنَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ لَمَّا قَرَنَ بِعَزْوِهَا شَمِلَ عُرْفًا الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ أَيْضًا، وَكَيْف لِلْحَالِ فَشَمِلَ الْحَالَ وَالْمُؤَجَّلَ، وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي مَا تَبَعًا لِلْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمَا كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْمُتَوَلِّي فِي النِّكَاحِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ مِنْ جَوَازِ الْبَيْعِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ فَلْيَكُنْ هُوَ الصَّحِيحَ إلَّا إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ (فَرْعٌ لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ اشْتَرَى مِنْ أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ الْبَالِغِينَ) الرُّشَدَاءِ (أَوْ مُكَاتَبِهِ جَازَ) كَمَا يَجُوزُ مِنْ صَدِيقِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَنْ يُوَلِّيَ الْقَضَاءَ مَنْ شَاءَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَفْوِيضُهُ إلَى أُصُولِهِ وَلَا فُرُوعِهِ؛ لِأَنَّ لَنَا هُنَا مَرَدًّا ظَاهِرًا، وَهُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ (وَلَا يَجُوزُ) بَيْعُهُ، وَلَا شِرَاؤُهُ (مِنْ نَفْسِهِ وَطِفْلِهِ) وَنَحْوٍ مِنْ مَحَاجِيرِهِ (وَلَوْ أَذِنَ) لَهُ فِيهِ لَتَضَادَّ غَرَضَيْ الِاسْتِرْخَاصِ لَهُمْ وَالِاسْتِقْصَاءِ لِلْمُوَكِّلِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَوَازِ اتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ وَإِنْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ لِيَهَبَ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ لِاتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ كَمَا يَأْتِي، وَالتَّرْجِيحُ فِي صُورَةِ الْإِذْنِ فِي الطِّفْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ فِي الْهِبَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ) وَالدَّيْنِ (مِنْ نَفْسِهِ) لَا يَجُوزُ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا لِذَلِكَ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ مَنْعِ تَوْكِيلِ السَّارِقِ فِي الْقَطْعِ سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، وَقَدْ يُحْمَلُ الْحَدُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ هَذَا (أَوْ يُوَكِّلُ فِي الطَّرَفَيْنِ) مِنْ عَقْدٍ وَنَحْوِهِ كَمُخَاصَمَةٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا (وَلَهُ اخْتِيَارُ طَرَفٍ) مِنْهُمَا فَيَأْتِي بِهِ (وَيَصِحُّ) تَوَكُّلُهُ (فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي الْإِبْرَاءِ (وَ) فِي (إعْتَاقِهَا) أَيْ نَفْسَهُ (وَ) فِي (الْعَفْوِ عَنْهَا) مِنْ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ. (فَرْعٌ وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي   [حاشية الرملي الكبير] رَاجَعْت رَوَاجَ النُّقُودِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ مِنْ عَرَضٍ وَنَقْدٍ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْبَيْعِ التِّجَارَةَ، فَإِنْ قَصَدَهَا فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ الْمَبِيعَ) أَيْ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّسْلِيمِ، وَلَوْ مِثْلِيًّا قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لِلشَّارِحِ هُنَا، وَقَدْ جَزَمَ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ بِضَمَانِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ مِثْلِيًّا، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ نَحْوِ صَفْحَةٍ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَوَجْهُهُ إنْ غَرِمَ الْوَكِيلُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ فَلِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ بَيْنَ مُطَالَبَتِهِ بِهَا وَبَيْنَ مُطَالَبَةِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، فَإِنْ طَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِهِ، وَغَرِمَهُ فَذَاكَ، وَإِنْ طَالَبَ الْوَكِيلُ بِالْقِيمَةِ، وَأَخَذَهَا مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهَا، وَلِلْمُوَكِّلِ الْمُطَالَبَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ مِنْ الْقِيمَةِ حِينَئِذٍ كا (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ غَبْنٌ يَسِيرٌ فِي الْعُرْفِ) ؛ لِأَنَّ الْبُيُوعَ لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْمُغَابَنَاتِ الْيَسِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّاغِبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثُمَّ إنَّهُ يَلْزَمُهُ الْفَسْخُ) فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْهُ انْفَسَخَ وَكَتَبَ أَيْضًا الِانْفِسَاخُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوَكِّلُ الْمُشْتَرِيَ، وَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَالَ بَاذِلِ الزِّيَادَةِ حَرَامٌ، وَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ مُضْطَرًّا، وَبَاذِلُ الزِّيَادَةِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ، وَإِلَّا فَلَا انْفِسَاخَ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الكوهكيلوني: لَفْظُهُمْ لَا يَدُلُّ عَلَى تَعْمِيمِ الْحُكْمِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَظَنِّي أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ ثُمَّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ظَهَرَ مَنْ يَبِيعُ مِنْهُ أَمْثَلَ مَا اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ بِهِ الْأَوَّلُ يَنْفَسِخُ، وَلَفْظُهُ: لَوْلَا تَصْرِيحُهُ فِي الْعُجَابِ دَلَّ عَلَى التَّعْمِيمِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِيمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ اشْتَرَى مِنْ أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ الْبَالِغِينَ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ) أَيْ أَوْ الْوَصِيُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ) أَيْ وَقَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ وَنَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ أَوْ قَالَ لَهُ بِعْ بِمَا تَرَاهُ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ (قَوْلُهُ لِاتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ) أَيْ بِغَيْرِ جِهَةِ الْأُبُوَّة فَلَوْ كَانَ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ فِي وِلَايَةِ غَيْرِهِ وَقَدَّرَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ وَمَنَعَ مِنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ إذْ لَا تُهْمَةَ وَلَا تُوَلِّي الطَّرَفَيْنِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ فس قَالَ شَيْخُنَا هُوَ وَاضِحٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيحُ فِي صُورَةِ الْإِذْنِ فِي الطِّفْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ) سَيَأْتِي هُنَاكَ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ قَالَ: لَا تَخَالُفَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُحْمَلُ الْحَدُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ هَذَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ وَإِعْتَاقِهَا وَالْعَفْوِ عَنْهَا) وَيَجِبُ تَعْجِيلُهُ فَإِنْ أَخَّرَ لَمْ يَصِحَّ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ وَكَّلَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 الْبَيْعِ نَسِيئَةً جَازَ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ) عَمَلًا بِالْإِذْنِ (وَ) إذَا لَمْ يُبَيِّنْهَا لَهُ (يُعْتَمَدُ الْعُرْفُ) فِي مِثْلِ الْمَبِيعِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمَعْهُودِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ اُعْتُمِدَ (الْأَنْفَعُ لِلْمُوَكِّلِ) ثُمَّ يَتَخَيَّرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي النَّقْدَيْنِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ مِنْ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً وُجُوبُهُ هُنَا، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي (وَلَا يُطَالَبُ) الْمُشْتَرِي (بِالثَّمَنِ) إذَا حَلَّ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ حِينَئِذٍ إلَّا بِإِذْنٍ مُسْتَأْنَفٍ (بَلْ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ) لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ؛ إذْ لَا حَبْسَ بِالْمُؤَجَّلِ (أَوْ) وَكَّلَهُ (فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا فَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ الْحَالِّ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْبَيْعِ هَذَا (إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ) الْمُوَكِّلُ مِنْ قَبْضِهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ (وَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ) وُجُوبًا إنْ كَانَ بِيَدِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ لِمَا مَرَّ آنِفًا وَلِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي وَلَا حَقَّ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمَّا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ التَّسْلِيمُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِمَا (وَلَوْ قَالَ) لَهُ (امْنَعْ الْمَبِيعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي (فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ) ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْحَقِّ عَمَّنْ يَسْتَحِقُّ إثْبَاتَ يَدِهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ. (وَصَحَّ الْبَيْعُ بِالْإِذْنِ) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ فَسَدَتْ إلَى آخِرِهِ فَشَرْطٌ فَاسِدٌ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (لَا تُسَلِّمْ) أَيْ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي (لَمْ تَفْسُدْ) أَيْ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ أَصْلِ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ بَلْ مِنْ تَسْلِيمِهِ بِنَفْسِهِ وَفَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا تُسَلِّمْهُ إلَيْهِ وَقَوْلِهِ امْنَعْهُ مِنْهُ (وَ) عَلَى هَذَا (يُسَلَّمُ) الْمَبِيعُ وَفِي نُسْخَةٍ يُسَلِّمُهُ أَيْ يُسَلِّمُهُ الْمُوَكِّلُ لِلْمُشْتَرِي (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْوَكِيلِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ وَإِنْ سَلَّمَ) الْوَكِيلُ (الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ الْحَالِّ غَرِمَ الْوَكِيلُ الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَةَ الْمَبِيعِ يَوْمَ التَّسْلِيمِ لِتَقْصِيرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ الْقَاضِي: وَمَعَ هَذَا لِلْمُوَكِّلِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِاسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ بَاقِيًا (ثُمَّ) بَعْدَ غُرْمِهِ الْقِيمَةَ (إنْ قَبَضَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (سَلَّمَهُ) لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (وَاسْتَرَدَّ مَا غَرِمَ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا غَرِمَ لِلْحَيْلُولَةِ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي غُرْمِ الْقِيمَةِ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قَالُوهُ فِي ضَمَانِ الْحَيْلُولَةِ (وَمَنْ وَكَّلَ فِي إثْبَاتِ حَقٍّ لَهُ لَمْ يَسْتَوْفِهِ) عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا (وَكَذَا عَكْسُهُ) بِأَنْ وَكَّلَ فِي اسْتِيفَاءِ حَقٍّ لَمْ يُثْبِتْهُ إذَا أَنْكَرَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَقْتَضِي الْآخَرَ، وَقَدْ يَرْضَاهُ الْمُوَكِّلُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَوْ قَالَ لَهُ: بِعْ نَصِيبِي مِنْ كَذَا أَوْ قَاسِمْ شُرَكَائِي، أَوْ خُذْ بِالشُّفْعَةِ فَأَنْكَرَ الْخَصْمُ مِلْكَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِثْبَاتُ (فَرْعٌ) لَوْ (أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ وَأَعْطَاهُ الثَّمَنَ) وَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ (فَلَهُ تَسْلِيمُهُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ) لَا قَبْلَهُ كَنَظِيرِهِ فِي أَمْرِهِ لَهُ بِالْبَيْعِ وَإِعْطَائِهِ الْمَبِيعَ (فَرْعٌ) لَوْ (اشْتَرَى مَعِيبًا عَالِمًا) بِعَيْبِهِ (وَلَوْ بِتَعْيِينِ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَقَعْ عَنْ الْمُوَكِّلِ) وَإِنْ سَاوَى الثَّمَنَ نَظَرًا لِلْعُرْفِ نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِعَيْبِ مَا عَيَّنَهُ وَقَعَ لَهُ (وَبَطَلَ) الشِّرَاءُ (إنْ كَانَ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ) لِتَقْصِيرِ الْوَكِيلِ مَعَ شِرَائِهِ بِمَا ذُكِرَ (وَإِلَّا) بِأَنْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ عَيْبَهُ فِيمَا إذَا عَيَّنَهُ (وَقَعَ عَنْ الْوَكِيلِ) لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ (وَلَوْ سَاوَى الثَّمَنَ) ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ وَلَا عُذْرَ؛ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي إلَّا السَّلِيمَ مِنْ الْعَيْبِ، وَيُخَالِفُ عَامِلَ الْقِرَاضِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ الرِّبْحُ، وَقَدْ يُتَوَقَّعُ فِي شِرَاءِ الْمَعِيبِ وَهُنَا الْمَقْصُودُ الِاقْتِنَاءُ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ هُنَا الرِّبْحَ جَازَ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَشَرِيكِ التِّجَارَةِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا، وَبِهِ جَزَمَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ اشْتَرَاهُ جَاهِلًا) بِعَيْبِهِ (وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ لَمْ يُسَاوِ الثَّمَنَ) كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ جَاهِلًا، وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِأَنَّ الْغَبْنَ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَيَتَضَرَّرُ الْمُوَكِّلُ (وَلِلْمُوَكِّلِ) حِينَئِذٍ (وَكَذَا الْوَكِيلُ الرَّدُّ) لِلْمَبِيعِ أَمَّا الْمُوَكِّلُ فَلِأَنَّهُ الْمَالِكُ وَالضَّرَرُ لَاحِقٌ بِهِ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ فَلِأَنَّهُ نَائِبُهُ؛ وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْهُ لَهُ فَقَدْ لَا يَرْضَى بِهِ الْمُوَكِّلُ فَيَتَعَذَّرُ الرَّدُّ لِكَوْنِهِ فَوْرِيًّا وَيَبْقَى لِلْوَكِيلِ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّا إذَا لَمْ نُجَوِّزْهُ لَهُ   [حاشية الرملي الكبير] أَنْ يُصَالِحَ عَنْ نَفْسِهِ فَوَجْهَانِ كَمَا فِي تَوْكِيلِهِ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ مَا يُصَالِحُ عَلَيْهِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لِمَ يَجُزْ إلَّا عَلَى شَيْءٍ تَكُونُ قِيمَتُهُ قَدْرَ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ إذَا حَلَّ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْمُعِينِ هَذَا إذَا عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ الْمُشْتَرِيَ أَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا، وَإِلَّا فَيَقْبِضُ الثَّمَنَ قَطْعًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ. اهـ. (قَوْلُهُ بَلْ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ) وَعَلَيْهِ بَيَانُ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ: وَيُسَلَّمُ الْمَبِيعُ بَعْدَهُ) بَلْ لِلْمُشْتَرِي الِاسْتِقْلَالُ بِقَبْضِهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي، وَلَا حَقَّ يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَمَّا الْوَكِيلُ فِي الْهِبَةِ فَلَيْسَ لَهُ التَّسْلِيمُ قَطْعًا [فَرْعٌ سَلَّمَ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ] (قَوْلُهُ لِتَقْصِيرِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذَا سَلَّمَهُ مُخْتَارًا أَمَّا لَوْ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَكَانَ الْحَاكِمُ يَرَى ذَلِكَ مَذْهَبًا بِالدَّلِيلِ أَوْ تَقْلِيدًا مُعْتَبَرًا فَلَا ضَمَانَ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْبَحْرِ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ الأنبوردي أَنَّهُ الْأَشْبَهُ ثُمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ أَلْزَمَهُ جَهْلًا أَوْ عُدْوَانًا أَوْ أَكْرَهَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرُهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَتَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ كُرْهًا فَيَضْمَنُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قَالُوهُ فِي ضَمَانِ الْحَيْلُولَةِ) وَلِلْمُوَكِّلِ التَّصَرُّفُ فِيهَا، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِي الثَّمَنِ وَلَوْ أَخَذَ الزُّيُوفَ غَرِمَ الْقِيمَةَ حَتَّى يَدْفَعَ السَّلِيمَ (قَوْلُهُ وَمَنْ وَكَّلَ فِي إثْبَاتِ حَقٍّ لَهُ لَمْ يَسْتَوْفِهِ، وَكَذَا عَكْسُهُ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ لَفْظًا وَلَا عُرْفًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْضَاهُ لِلْإِثْبَاتِ دُونَ الْقَبْضِ لِانْتِفَاءِ أَمَانَتِهِ وَلِلْقَبْضِ دُونَ الْإِثْبَاتِ لِقُصُورِ حُجَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ هُنَا الرِّبْحَ جَازَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَاهُ جَاهِلًا وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ) لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ لِإِطْلَاقِهِ وَلَا تَقْصِيرَ مِنْ جِهَةِ الْوَكِيلِ لِجَهْلِهِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمَالِكِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّهِ نَعَمْ لَوْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ لِي عَبْدًا سَلِيمًا لَمْ يَقَعْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا لَتُمْكِنَهُ مَعْرِفَتُهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُوَكِّلِ) وَكَذَا الْوَكِيلُ الرَّدُّ كَذَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الطَّارِئِ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّا إذَا لَمْ نُجَوِّزْهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَيُنَازَعُ فِي بَعْضِ الْأَسْئِلَةِ، وَيُسَلَّمُ بَعْضُهَا إذَا تُؤُمِّلَ أَيْ وَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 كَانَ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْ الْعَقْدِ فَلَا أَثَرَ لِتَأْخِيرِهِ وَبِأَنَّ مَنْ لَهُ الرَّدُّ قَدْ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ فَهَلَّا كَانَ مُشَاوَرَتُهُ الْمُوَكِّلَ عُذْرًا، وَبِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَلَا يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمُوَكِّلِ إذَا سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ نَوَاهُ، وَيُجَابُ عَنْ إشْكَالِهِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَا قَالَهُ فِيهِ لَا يُنَافِي مَقْصُودَ التَّعْلِيلِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا اسْتَقَلَّ بِالْبَيْعِ عَنْ مُوَكِّلِهِ اسْتَقَلَّ بِتَوَابِعِهِ فَلَا يُعَدُّ التَّأْخِيرُ لِلْمُشَاوَرَةِ عُذْرًا، وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهِ فَلَا يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمُوَكِّلِ إذَا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ أَوْ نَوَاهُ لَا يَسْتَلْزِمُ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْوَكِيلِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَرُدَّهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ أَوْ يَقُولَ اخْتَرْت رَدَّهُ وَلَوْ سُلِّمَ اسْتِلْزَامُهُ لَهُ فَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ عَنْهُ إذَا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ دُونَ مَا إذَا كَذَّبَهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا كَذَّبَهُ يَرُدُّ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْبَائِعِ (لَا إنْ اشْتَرَى) الْمَعِيبَ (بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ) فَلَا رَدَّ لَهُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ لَهُ بِحَالٍ فَلَا يَتَضَرَّرُ بِهِ (فَإِنْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ وَرَضِيَ بِهِ الْمُوَكِّلُ أَوْ قَصَّرَ) فِي الرَّدِّ (لَمْ يَرُدَّهُ الْوَكِيلُ) بِخِلَافِ نَظِيرِ الْأُولَى فِي الْفَسْخُ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْوَكِيلِ وَبِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ عَلَى مَا سَيَأْتِي لَحْظَةً فِي الرِّبْحِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قَصَّرَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْوَكِيلُ أَوْ قَصَّرَ) فِي الرَّدِّ (رَدَّهُ الْمُوَكِّلُ) لِبَقَاءِ حَقِّهِ هَذَا (إنْ سَمَّاهُ) الْوَكِيلُ فِي الشِّرَاءِ (أَوْ نَوَاهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ، وَإِلَّا وَقَعَ) الشِّرَاءُ (لِلْوَكِيلِ) ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ مَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمُوَكِّلُ فَانْصَرَفَ إلَيْهِ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ الْبَائِعُ) لِلْوَكِيلِ: (أَخِّرْ الرَّدَّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ لَمْ تَلْزَمْهُ) إجَابَتُهُ لِتَضَرُّرِهِ وَلِأَنَّهُ حَقُّهُ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ أَخَّرَ الرَّدَّ (فَقَدْ قَصَّرَ) فَلَا رَدَّ لَهُ وَالشِّرَاءُ وَاقِعٌ لِلْمُوَكِّلِ وَلَهُ الرَّدُّ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ سَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ ضَرُورَةَ أَنَّهُمْ مُتَصَادِقُونَ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لَهُ وَهَذَا مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ وَصَرَّحَ بِهِ الْجُمْهُورُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ الْبَغَوِيّ فَقَالَ: الْمَبِيعُ لِلْوَكِيلِ، وَرَدَّهُ الْأَصْلُ بِمَا ذُكِرَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ مَا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ، وَلَا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ تَقْصُرُ عَنْ مُرَادِهِ، وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ أَيْ بِزَعْمِك انْتَهَى (فَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِالْعَيْبِ وَاحْتَمَلَ) رِضَاهُ بِهِ بِاحْتِمَالِ بُلُوغِ الْخَبَرِ إلَيْهِ (فَحَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِرِضَا الْمُوَكِّلِ (رَدَّ) الْمَبِيعَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَاهُ (فَلَوْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَ الْبَائِعَ) فِي دَعْوَاهُ (فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ مِنْهُ لِمُوَافَقَتِهِ إيَّاهُ عَلَى الرِّضَا قَبْلَ الرَّدِّ (وَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ) وَحَلَفَ الْبَائِعُ (لَمْ يَرُدَّ) أَيْ الْوَكِيلُ لِتَقْصِيرِهِ بِالنُّكُولِ ثُمَّ إنْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَ الْبَائِعَ فَذَاكَ وَإِنْ كَذَّبَهُ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ وَلَهُ الرَّدُّ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ (فَرْعٌ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْوَكِيلِ وَ) عَلَى (الْمُوَكِّلِ) ثُمَّ الْوَكِيلُ إذَا رُدَّ عَلَيْهِ يَرُدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ (وَلَوْ حَطَّ الْوَكِيلُ الْأَرْشَ) مِنْ الثَّمَنِ لِلْعَيْبِ (لَمْ يَنْحَطَّ) لِتَضَمُّنِهِ الْإِبْرَاءَ بِلَا إذْنٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَار فَيَنْحَطُّ إنْ رَأَى الْوَكِيلُ فِيهِ مَصْلَحَةً بِأَنْ كَانَ فِي السِّلْعَةِ رِبْحٌ وَخَافَ إنْ لَمْ يَحُطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ فَسْخَ الْمُشْتَرِي (فَلَوْ أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ قَدَّمَ الْعَيْبَ) وَزَعَمَ حُدُوثَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (وَاعْتَرَفَ) بِهِ (الْوَكِيلُ لَزِمَهُ وَحْدَهُ) أَيْ رَدَّ عَلَى الْوَكِيلِ لَا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَا يَرُدُّ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ (وَلَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَهُ رَدُّهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ قَبْلَ رِضَاهُ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا لَا رَدَّ لَهُ كَمَا مَرَّ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ (فَرْعٌ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ (فِيمَا لَا يُحْسِنُهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ) إذْ تَفْوِيضُ مِثْلِ ذَلِكَ إلَيْهِ إنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الِاسْتِنَابَةُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ التَّوْكِيلِ عِنْدَ جَهْلِ الْمُوَكِّلِ بِحَالِهِ، أَوْ اعْتِقَادِهِ خِلَافَ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَلَوْ كَثُرَ) الْمُوَكَّلُ فِيهِ، وَلَمْ يُمْكِنْ الْوَكِيلَ الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِهِ (وَكَّلَ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ) الْإِتْيَانُ بِهِ لِدُعَاءِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ (فَقَطْ) أَيْ لَا فِيمَا يُمْكِنُهُ   [حاشية الرملي الكبير] أَنْ يُمْكِنَ تَوْجِيهُ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ بِمَا وَجَّهَهُ فِي الْوَسِيطِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ أَخَّرَ الرَّدَّ فَرُبَّمَا لَا يَرْضَى بِهِ الْمُوَكِّلُ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ تَتَعَلَّقُ الْعُهْدَةُ بِهِ إذَا كَذَّبَهُ الْبَائِعُ فِي دَعْوَاهُ الْوَكَالَةَ، وَتَوْجِيهُ الْأُولَى أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْعَقْدِ وَمَصَالِحِهِ فَمِلْكُهُ الْوَكِيلَ كَالْفَسْخِ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِلَا سَبَبٍ وَوَجَّهَهُ فِي الْمُهَذَّبِ بِأَنَّهَا ظَلَامَةٌ حَصَلَتْ بِعَقْدٍ فَجَازَ لَهُ دَفْعُهَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ، وَطَرَدَ الْمُتَوَلِّي الْخِلَافَ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ لَا غَبْنَ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَا ظَلَامَةَ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى اسْتِدْرَاكِهَا، وَحَكَاهُ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِقَدْرِ الثَّمَنِ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ، وَوَجْهُ عَدَمِ الرَّدِّ بِأَنَّ فِيهِ إحْبَاطَ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِيَّةِ عَلَيْهِ قَالَ: وَتَوَقَّعَ الْوَكِيلُ أَنْ يَرُدَّ الْعَبْدُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرْضَهُ الْمُوَكِّلُ لَا يُعَارِضُ تَأَخُّرَ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ عَنْ مِلْكِ الزِّيَادَةِ الَّتِي يُحْبِطُهَا رَدُّهُ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي مَقْصُودَ التَّعْلِيلِ) إذْ مَقْصُودُهُ أَنَّ لِلْوَكِيلِ الرَّدَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ: اخْتَرْت رَدَّهُ) قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ لَا أَرْضَاهُ فَيَرْتَدُّ عَنْ الْمُوَكِّلِ بِذَلِكَ، وَلَا يُرْفَعُ بِهِ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ ثُمَّ إنْ رَدَّ الْوَكِيلُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مُبْطِلٌ لِرَدِّهِ ارْتَفَعَ الْعَقْدُ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ لِلْوَكِيلِ [فَرْعٌ قَالَ الْبَائِعُ لِلْوَكِيلِ أَخِّرْ الرَّدَّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ] (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ الْجُمْهُورُ) كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ ادَّعَى الْإِمَامُ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الْمُوَكِّلِ بِإِبْطَالِ الْوَكِيلِ فَبِتَأْخِيرِهِ أَوْلَى، وَلَمْ يُورِدْ الْخُوَارِزْمِيَّ صَاحِبُ الْبَغَوِيّ فِي الْكَافِي سِوَاهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ لَمْ يَرُدَّ) لِتَقْصِيرِهِ بِالنُّكُولِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَفِيهِ الْإِشْكَالُ السَّابِقُ يَعْنِي أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ الرَّدَّ، وَلَوْ رَضِيَ الْوَكِيلُ بِالْعَيْبِ، وَالْبَائِعُ هُنَا مُصَدِّقٌ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْمُوَكِّلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْإِشْكَالُ هُنَا لِتَضَمُّنِ نُكُولِ الْوَكِيلِ إقْرَارَهُ بِرِضَا مُوَكِّلِهِ بِهِ، وَهُوَ تَقْصِيرٌ فَيَلْزَمُ بِالْعَقْدِ، وَلَا رَدَّ لِمُوَكِّلِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْبَائِعِ نَاجِزًا بِالْوَكِيلِ [فَرْعٌ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْوَكِيلِ وَعَلَى الْمُوَكِّلِ] (قَوْلُهُ لِتَضَمُّنِهِ الْإِبْرَاءَ بِلَا إذْنٍ) صُورَتُهُ الْحَطُّ بِالتَّرَاضِي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إلَخْ) إقْدَامُهُ عَلَى شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ لَا يُقْصَدُ فِيهِ مَا يُقْصَدُ فِي عَبْدِ الْخِدْمَةِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ [فَرْعٌ تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ فِيمَا لَا يُحْسِنُهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَا يُحْسِنُهُ إلَخْ) حَيْثُ وُكِّلَ لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ أَوْ يَعْجَزُ عَنْهُ لِكَثْرَتِهِ فَإِنَّمَا يُوَكِّلُ عَنْ مُوَكِّلِهِ فَإِنْ وَكَّلَ عَنْ نَفْسِهِ بَطَلَ عَلَى الْأَصَحِّ أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ عَنْ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ التَّوْكِيلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ كَثُرَ وَكَّلَ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِ غَيْرِهِ وَلَا ضَرُورَةَ وَلَوْ وَكَّلَهُ فِيمَا يُمْكِنُهُ عَادَةً وَلَكِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِي حَالِ عِلْمِهِ بِسَفَرِهِ أَوْ مَرَضِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَإِنْ طَرَأَ الْعَجْزُ فَلَا خِلَافًا لِلْجُورِيِّ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَكَطُرُقِ الْعَجْزِ مَا لَوْ جَهِلَ الْمُوَكِّلُ حَالَ تَوْكِيلِهِ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَلَهُ التَّوْكِيلُ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ (فَإِنْ قَالَ لَهُ: وَكِّلْ عَنْ نَفْسِك) فَوَكَّلَ (كَانَ الْوَكِيلُ وَكِيلَهُ) عَمَلًا بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ (فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ) لَهُ (وَانْعِزَالُهُ) بِمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ (وَكَذَا) يَنْعَزِلُ (بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ) لَهُ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ كَمَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ وَلِأَنَّهُ فَرْعُ فَرْعِهِ فَيَكُونُ فَرْعَهُ (أَوْ) قَالَهُ لَهُ (وَكِّلْ عَنِّي فَهُمَا وَكِيلَانِ) لَهُ. (وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَنْك) أَمَّا الْأَوَّلُ فِيهِمَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فِي الْأَوَّلِ فَعَمَلًا بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ تَوْكِيلَ الثَّانِي لَهُ تَصَرُّفٌ وَقَعَ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ فَوَقَعَ عَنْهُ فَلَهُ فِيهِمَا عَزْلُ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَلَا يَعْزِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ (فَلَوْ وَكَّلَهُ) فِيهِمَا (عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ فَسَقَ) الْوَكِيلُ الثَّانِي فِيهِمَا (لَمْ يَعْزِلْهُ إلَّا الْمُوَكِّلُ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي لِنَائِبِهِ اسْتَنِبْ فَاسْتَنَابَ فَإِنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ لَا عَنْ مُنِيبِهِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ نَاظِرٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْوَكِيلُ نَاظِرٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ إنَابَةِ الْغَيْرِ ثَمَّ إعَانَتُهُ فَكَانَ هُوَ الْمُرَادَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَكَانَ الْمُرَادُ الْمُوَكِّلَ (وَحَيْثُ مَلَكَ) الْوَكِيلُ (التَّوْكِيلَ اُشْتُرِطَ أَنْ يُوَكِّلَ أَمِينًا) رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْمُوَكِّلِ (إلَّا إنْ عَيَّنَ لَهُ) الْمُوَكِّلُ غَيْرَهُ فَيُوَكِّلُهُ لِإِذْنِهِ فِيهِ نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ فِسْقَ الْمُعَيَّنِ دُونَ الْمُوَكِّلِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مُعَيَّنٍ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ دُونَ الْمُوَكِّلِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ: وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّعْيِينِ أَنَّهُ لَوْ عَمَّمَ فَقَالَ: وَكِّلْ مَنْ شِئْت لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ غَيْرِ الْأَمِينِ لَكِنَّهُمْ قَالُوا فِي النِّكَاحِ: إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت جَازَ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْأَكْفَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيَاسُهُ الْجَوَازُ هُنَا بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ يَصِحُّ وَلَا خِيَارَ لَهَا وَهُنَا يُسْتَدْرَكُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَ الْفَاسِقَ فَبَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا يَصِحُّ أَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا ثَبَتَ الْخِيَارُ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّوْكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ حِفْظُهَا، وَتَحْصِيلُ مَقَاصِدِ الْمُوَكِّلِ فِيهَا، وَهَذَا يُنَافِيهِ تَوْكِيلُ الْفَاسِقِ بِخِلَافِ الْكَفَاءَةِ فَإِنَّهَا صِفَةُ كَمَالٍ وَقَدْ تُسَامِحُ الْمَرْأَة بِتَرْكِهَا لِحَاجَةِ الْقُوتِ أَوْ غَيْرِهِ. وَقَدْ يَكُونُ غَيْرُ الْكُفْءِ أَصْلَحَ لَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ هُنَا إنَّمَا قَصَدَ التَّوْسِعَةَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ النَّظَرِ لَهُ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ فَاسِقًا فَزَادَ فِسْقُهُ فَيَظْهَرُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ زَادَ فَاسِقٌ عِدْلَ الرَّهْنِ (فَرْعٌ لَيْسَ قَوْلُهُ لِلْوَكِيلِ) فِي تَوْكِيلِهِ بِشَيْءٍ (افْعَلْ) فِيهِ (مَا شِئْت) أَوْ وَكِّلْ مَا تَصْنَعُ فِيهِ جَائِزٌ (إذْنًا فِي التَّوْكِيلِ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا شِئْت مِنْ التَّوْكِيلِ وَمَا شِئْت مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ فَلَا يُوَكَّلُ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ كَمَا لَا يَهَبُ (فَصْلٌ فِي التَّقْيِيدِ لِلْوَكَالَةِ) لَوْ (قَالَ: بِعْ مِنْ زَيْدٍ لَمْ يَبِعْ مِنْ عَمْرٍو) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْصَدُ تَخْصِيصُهُ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ، وَرُبَّمَا كَانَ مَالُهُ أَبْعَدَ عَنْ الشُّبْهَةِ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الرِّبْحِ، وَأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي التَّعْيِينِ إلَّا ذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ جَوَازُ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (أَوْ) قَالَ (بِعْ أَوْ أَعْتِقْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) مَثَلًا (لَمْ يَجُزْ) لَهُ الْبَيْعُ   [حاشية الرملي الكبير] بِأَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَوْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ بِكُلْفَةِ عَظِيمَةٍ؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْعَجْزِ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى التَّوْكِيلِ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ دُونَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ أُبْقِيَ اللَّفْظُ عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَصُرِفَ عَنْ مُقْتَضَاهُ فِي الْمَعْجُوزِ عَنْهُ لِأَجْلِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ وَكَتَبَ أَيْضًا شَمِلَ مَا لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي بَيْعِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ وَكِّلْ عَنِّي فَهُمَا وَكِيلَانِ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَنْك شَمِلَ مَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ شَخْصًا وَمَا إذَا عَيَّنَ (قَوْلُهُ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ نَاظِرٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَوْلَى) فَإِنَّ تَصَرُّفَاتِهِ كُلَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ نَائِبٌ عَنْهُمْ وَلِهَذَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ وَعَلَيْهِ وَالْغَرَضُ مِنْ الِاسْتِنَابَةِ مُعَاوَنَتُهُ (قَوْلُهُ: وَالْوَكِيلُ نَاظِرٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ) فَحَمَلَ الْإِطْلَاقَ عَلَى إرَادَتِهِ. (قَوْلُهُ وَحَيْثُ مَلَكَ التَّوْكِيلَ اُشْتُرِطَ أَنْ يُوَكِّلَ أَمِينًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا اقْتَصَرَا عَلَى الْأَمَانَةِ زَادَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ وَكَافِيًا، وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْوَصِيِّ، وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَى الْعَاجِزِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إتْيَانَ الْمُوَكِّلِ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ كَقَوْلِهِ وَكِّلْ مَنْ شِئْت (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ عَيَّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ إلَخْ) أَيْ فِي مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّعْيِينِ أَنَّهُ لَوْ عَمَّمَ فَقَالَ وَكِّلْ مَنْ شِئْت لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ غَيْرِ الْأَمِينِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ إلَخْ) وَبِأَنَّ بِضْعَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ تَحْتَ يَدِ الْوَكِيلِ فَلَا يُخْشَى فَوَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَمْتَنِعُ مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى تَقْبِضَ الْمَهْرَ، وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ مَدْخَلٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَيَظْهَرُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لَيْسَ قَوْلُهُ لِلْوَكِيلِ افْعَلْ مَا شِئْت إذْنًا فِي التَّوْكِيلِ) لَوْ قَالَ: جَعَلْت لَك أَنْ تُوَكِّلَ فِي بَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَا تَبِعْهَا بِنَفْسِك فَقِيَاسُ الْمَنْعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ النِّكَاحِ إذَا قَالَتْ أَذِنْت لَك فِي التَّوْكِيلِ وَلَا تُزَوِّجْنِي بِنَفْسِك أَنْ لَا يَصِحَّ التَّوْكِيلُ وَلَا الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِهِ [فَصْلٌ فِي التَّقْيِيدِ لِلْوَكَالَةِ] (فَصْلٌ فِي التَّقْيِيدِ) (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الرِّبْحِ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِ الْمُعَيِّنِ يَرْغَبُ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ كَقَوْلِ التَّاجِرِ لِغُلَامِهِ بِعْ ذَا عَلَى السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَغَيْرُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَرْشَدَهُ إلَى الرَّاغِبُ فِي السِّلْعَةِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ غَيْرِهِ ع (فُرُوعٌ) مِنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَحَدُهَا: قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ، وَكَانَ فُلَانٌ قَدْ بَاعَهُ فَلِلْوَكِيلِ شِرَاؤُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ: طَلِّقْ زَوْجَتِي ثُمَّ طَلِّقْهَا فَلِلْوَكِيلِ طَلَاقُهَا أَيْضًا فِي الْعِدَّةِ وَسَيَأْتِيَانِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الثَّانِي: قَالَ: احْمِلْ هَذَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَبِعْهُ فِيهِ فَحَمَلَ إلَى الْمَوْضِعِ وَرَدَّهُ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالرَّدِّ فَإِنْ حَمَلَهُ ثَانِيًا، فَبَاعَهُ صَحَّ الْبَيْعُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ رَدَّهُ إلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بَاقٍ الثَّالِثُ: وَكَّلَهُ فِي الصَّيْفِ لِيَشْتَرِيَ لَهُ ثَلْجًا فَجَاءَ الشِّتَاءُ قَبْلَ الشِّرَاءِ، فَأَرَادَ فِي الصَّيْفِ الثَّانِي الشِّرَاءَ لَمْ يَجُزْ لِلْعَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى الْمُوَكِّلُ النَّوْعَ الَّذِي وَكَّلَ فِي شِرَائِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ شِرَاءِ الْوَكِيلِ لَهُ، وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ صَارَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 أَوْ الْعِتْقُ (قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ) مُرَاعَاةً لِتَخْصِيصِ الْمُوَكِّلِ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ انْحِصَارُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي الَّذِي يَلِيهِ حَتَّى لَا يَجُوزَ ذَلِكَ فِي مِثْلِهِ مِنْ جُمُعَةٍ أُخْرَى (وَكَذَا الطَّلَاقُ) إذَا قُيِّدَ بِيَوْمٍ لَا يَقَعُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ لِمَا مَرَّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ نَقْلًا عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ وَأَشَارَ إلَيْهِ هُنَا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الدَّارَكِيِّ أَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فِيهِ مُطَلَّقَةٌ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ وَمَا قَالَهُ الدَّارَكِيُّ غَرِيبٌ مُخَالِفٌ لِنَظَائِرِهِ (وَإِنْ عَيَّنَ لِلْبَيْعِ مَكَانًا) كَبَلَدٍ وَسُوقٍ (تَعَيَّنَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ فِي ذَلِكَ (غَرَضٌ) ظَاهِرٌ كَكَثْرَةِ الرَّاغِبِينَ وَجَوْدَةِ النَّقْدِ لِمَا مَرَّ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ تَعَيُّنِ الْمَكَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ غَرَضٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الرَّاجِحُ عَدَمُ التَّعْيِينِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَمْعٌ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَعَلَى الْأَوَّلِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ (فَإِنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْمَكَانُ إلَّا إنْ نَهَاهُ) عَنْ الْبَيْعِ فِي غَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْبَيْعُ فِيهِ (وَإِنْ عَيَّنَ لِلْبَيْعِ بَلَدًا) أَوْ سُوقًا (فَنَقَلَهُ) أَيْ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ (إلَى غَيْرِهِ ضَمِنَ الْمُثَمَّنَ وَالثَّمَنَ) وَإِنْ قَبَضَهُ وَعَادَ بِهِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْقِرَاضِ لِلْمُخَالَفَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: بَلْ لَوْ أَطْلَقَ التَّوْكِيلَ فِي الْبَيْعِ فِي بَلَدٍ فَلْيَبِعْ فِيهِ فَإِنْ نَقَلَ ضَمِنَ (فُرُوعٌ) لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ وَكَانَ فُلَانٌ قَدْ بَاعَهُ فَلِلْوَكِيلِ شِرَاؤُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ: طَلِّقْ زَوْجَتِي ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَلِلْوَكِيلِ طَلَاقُهَا أَيْضًا فِي الْعِدَّةِ قَالَهُمَا الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ لَيْلًا فَإِنْ كَانَ الرَّاغِبُونَ فِيهِ مِثْلَ النَّهَارِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لَهُ (بِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَنْقُصْ) عَنْهَا لِلْمُخَالَفَةِ فَلَا يَبِيعُ إلَّا بِهَا أَوْ بِأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ عُرْفًا مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مَنْعُ النَّقْصِ (فَلَوْ بَذَلَ رَاغِبٌ أَكْثَرَ) مِنْ مِائَةٍ (لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْمِائَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاحْتِيَاطِ وَالْغِبْطَةِ (إلَّا إنْ نَهَاهُ) عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا (أَوْ عَيَّنَ شَخْصًا) بِأَنْ قَالَ: بِعْهُ لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ فَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا لِمَنْعِ الْمَالِكِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا فِي الْأُولَى، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا قُصِدَ إرْفَاقُ الْمُعَيَّنِ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الْخُلْعِ بِمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخُلْعَ يَقَعُ غَالِبًا عَنْ شِقَاقٍ، وَذَلِكَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ قَصْدِ الْمُحَابَاةِ، وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الثَّانِيَةَ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمِائَةُ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ لِظُهُورِ قَصْدِ الْمُحَابَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ثَمَنَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ (أَوْ) قَالَ لَهُ: (اشْتَرِ بِمِائَةٍ لَمْ يَزِدْ) عَلَيْهَا فَلَا يَشْتَرِي إلَّا بِهَا أَوْ بِأَقَلَّ إلَّا أَنْ يَنْهَاهُ عَنْ الشِّرَاءِ بِأَقَلَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (نَعَمْ) لَهُ أَنْ (يَشْتَرِيَ مِنْ الْمُعَيَّنِ) فِي نَحْوِ قَوْلِهِ: اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بِمِائَةٍ (بِأَقَلَّ مِنْ الْمِائَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ) كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ مُمْكِنًا مِنْ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ كَانَ تَعْيِينُهُ ظَاهِرًا فِي قَصْدِ إرْفَاقِهِ، وَشِرَاءُ الْمُعَيَّنِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ غَيْرِ الْمَذْكُورِ ضَعُفَ احْتِمَالُ ذَلِكَ الْقَصْدِ، وَظَهَرَ قَصْدُ التَّعْرِيفِ، وَمَا فَرَّقَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ مِنْ أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ مَمْنُوعٌ مِنْ قَبْضِ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ فَلَا يَجُوزُ قَبْضُ مَا نُهِيَ عَنْهُ، وَفِي الشِّرَاءِ مَأْمُورٌ بِدَفْعِ مِائَةٍ، وَدَفْعُ الْوَكِيلِ بَعْضَ الْمَأْمُورِ بِهِ جَائِزٌ نَقَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا مَنَعَهُ مِنْ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمِائَةِ مَعَ انْتِفَاءِ مَا ذَكَرَهُ، وَبِمَا لَوْ قَالَ: بِعْ بِمِائَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِيَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ قَبْضُ الزَّائِدِ إذَا جَازَ لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَبِأَنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ: بِعْهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مَعَ وُجُودِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لَهُ (لَا تَبِعْ أَوْ لَا تَشْتَرِ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ) مَثَلًا (فَاشْتَرَى أَوْ بَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُوَ مِائَةٌ أَوْ دُونَهَا لَا أَكْثَرُ جَازَ) لِإِتْيَانِهِ بِمَا أَمَرَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى أَوْ بَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ: (بِعْ بِمِائَةٍ لَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ لَمْ يَجُزْ النَّقْصُ عَنْ   [حاشية الرملي الكبير] مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالرَّدِّ قَالَ شَيْخُنَا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الضَّمَانِ بِالرَّدِّ عِنْدَ قِيَامِ قَرِينَةٍ تُشْعِرُ بِعَدَمِ رِضَا مَالِكِهِ بِعَوْدِهِ، (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ: لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ جَمْدًا فِي الصَّيْفِ فَجَاءَ الشِّتَاءُ قَبْلَ الشِّرَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شِرَاؤُهُ فِي الصَّيْفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الدَّارَكِيِّ) ضَبَطَ بِالْقَلَمِ الدَّالَ بِالْفَتْحِ وَكَذَا الرَّاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَفِي قَوْلِهِ وَمَا قَالَهُ الدَّارَكِيُّ غَرِيبٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَيَّنَ لِلْبَيْعِ مَكَانًا تَعَيَّنَ) وَلَوْ بَاعَ فِي غَيْرِهِ صَحَّ، وَفَائِدَةُ الْمَنْعِ صَيْرُورَتُهُ ضَامِنًا فَقَطْ، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ صِحَّةَ بَيْعِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةٍ يَتَأَتَّى فِيهَا الْوُصُولُ إلَى الْمَأْذُونِ فِيهَا (قَوْلُهُ: هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْمَكَانُ) وَإِنْ لَمْ نُجَوِّزْ الْبَيْعَ بِالْمُعَيَّنِ مَعَ وُجُودِ رَاغِبٍ بِالزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ بَيْعُهُ بِالْمُعَيَّنِ مَعَ تَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ لَا مَعَ تَوَهُّمِهَا (قَوْلُهُ قَالَهُمَا الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ [فَصْلٌ لَوْ قَالَ لَهُ بِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهَا فِي الْوَكَالَة] (قَوْلُهُ: قَالَ بِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهَا) أَيْ وَلَوْ بِمُحْتَمَلٍ كَحَبَّةٍ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنَ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مِائَةً (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ نَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ النُّطْقَ أَبْطَلَ حُكْمَ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَيَّنَ شَخْصًا) بِأَنْ قَالَ: بِعْهُ لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ، وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ إرْفَاقَ الْمُعَيَّنِ فِي الثَّانِيَةِ) قَالَ الْغَزَالِيُّ: إلَّا إذَا عُلِمَ خِلَافُهُ بِالْقَرِينَةِ كَأَنْ قَالَ: بِعْهُ لَهُ بِمِائَةٍ وَهُوَ يُسَاوِي خَمْسِينَ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخُلْعَ يَقَعُ غَالِبًا عَنْ شِقَاقٍ إلَخْ) وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْمُغَابَنَةِ تَارَةً وَالْمُحَابَاةِ أُخْرَى، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ بِهِ التَّخَلُّصُ وَالِاسْتِقْلَالُ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ ع، وَلِأَنَّ تَعْيِينَهَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: اشْتَرِ لِي عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الثَّانِيَةَ بِمَا إذَا كَانَ الْمِائَةُ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ إلَخْ) كَلَامُهُمْ فِيهِ عَلَى إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ وَاشْتَرِ بِمِائَةٍ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا، وَلَوْ حَبَّةً) فَإِنْ اشْتَرَى بِمِائَةٍ وَحَبَّةٍ وَعَقَدَ بِالْعَيْنِ بَطَلَ، وَإِنْ عَقَدَ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ سَمَّى الْمُوَكِّلَ فِي الْعَقْدِ، أَوْ لَمْ يُسَمِّهِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ: لَا تَبِعْ أَوْ لَا تَشْتَرِ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ، قَالَ: لَا تَبِعْ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ بَاعَ بِهَا أَوْ بِدُونِهَا، وَهُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ أَوْ اشْتَرِ بِمِائَةٍ فَلَهُ النَّقْصُ إنْ لَمْ يَنْهَهُ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: ادْفَعْ هَذَا لِمَنْ رَأَيْتُهُ أَوَّلًا فَرَأَى رَجُلًا فَأَبَى قَبْضَهُ فَفِي جَوَازِ دَفْعَهُ لِمَنْ رَآهُ ثَانِيًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ جَوَازِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 الْمِائَةِ وَلَا اسْتِكْمَالُ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ، وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ مَا عَدَاهُ، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِمِائَةٍ لَا بِخَمْسِينَ جَازَ الشِّرَاءُ بِالْمِائَةِ وَبِمَا بَيْنَهَا بَيْنَ الْخَمْسِينَ لَا بِمَا عَدَا ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لَهُ (بِعْ مُؤَجَّلًا) وَبَيَّنَ لَهُ قَدْرَ الْأَجَلِ أَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُعْتَادِ (فَبَاعَ حَالًّا أَوْ بِأَجَلٍ دُونَ الْمُقَدَّرِ) لَفْظًا أَوْ عَادَةً (بِقِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ) بِالْأَجَلِ الْمُقَدَّرِ (أَوْ) بَاعَ (بِمَا رَسَمَ) بِهِ الْمُوَكِّلُ (وَلَا غَرَضَ لَهُ) فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ فِيهِمَا (صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ بِالْمُقَدَّرِ أَوْ بِمَا رُسِمَ بِهِ الْمُوَكِّلُ أَوْ بَاعَ بِهِمَا، وَلِلْمُوَكِّلِ غَرَضٌ كَأَنْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَا يَأْمَنُ مَنْ نَحْوِ نَهْبٍ أَوْ كَانَ لِحِفْظِهِ مُؤْنَةٌ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَجَلِ الْمُقَدَّرِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الْمُشْتَرِيَ (فَلَا) يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ، وَفِي الثَّانِي فَوَّتَ عَلَيْهِ غَرَضَهُ (وَكَذَا لَوْ قَالَ) لَهُ: (اشْتَرِ حَالًّا فَاشْتَرَى مُؤَجَّلًا بِقِيمَتِهِ حَالًّا) صَحَّ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ غَرَضٌ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا أَوْ بِقِيمَتِهِ مُؤَجَّلًا لَمْ يَصِحَّ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ وَمَا قَدَّرْتُهُ مِنْ الشَّرْطِ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِهِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْغَرَضِ وَعَدَمِهِ كَمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ إنْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَا يُؤْمَنُ النَّهْبُ وَالسَّرِقَةُ أَوْ كَانَ لِحِفْظِهِ مُؤْنَةٌ فِي الْحَالِّ، قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ مُطْلَقًا نَسِيئَةً بِثَمَنِ مِثْلِهِ نَقْدًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا وَلِلْمُوَكِّلِ تَفْرِيغُ ذِمَّتِهِ بِالتَّعْجِيلِ انْتَهَى وَزَادَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ إلَى شَهْرٍ فَاشْتَرَى إلَى شَهْرَيْنِ (فَرْعٌ إذَا وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ شَاةٍ مَوْصُوفَةٍ بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى) بِهِ (شَاتَيْنِ تُسَاوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ دِينَارًا صَحَّ) الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ غَرَضَهُ وَزَادَ خَيْرًا وَيَشْهَدُ لَهُ خَبَرُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ السَّابِقُ فِي الْبَيْعِ (وَكَذَا) يَصِحُّ (إنْ سَاوَتْ إحْدَاهُمَا دِينَارًا) دُونَ الْآخَرِ لِمَا مَرَّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُسَاوِ إحْدَاهُمَا دِينَارًا (فَلَا) يَصِحُّ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا جَمِيعًا عَلَيْهِ لِفَوَاتِ مَا وُكِّلَ فِيهِ (وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا) وَلَوْ بِدِينَارٍ لِيَأْتِيَ بِهِ، وَبِالْأُخْرَى إلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ فَعَلَ عُرْوَةُ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ، وَأَمَّا عُرْوَةُ فَلَعَلَّهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي بَيْعِ مَا رَآهُ مَصْلَحَةً مِنْ مَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْوَكَالَةُ فِي بَيْعِ مَا سَيَمْلِكُهُ تَبَعًا لِبَيْعِ مَا هُوَ مَالِكُهُ صَحِيحَةٌ كَمَا مَرَّ (فَرْعٌ مَتَى قَالَ) لَهُ (بِعْ الْعَبْدَ بِمِائَةٍ فَبَاعَهُ بِمِائَةٍ وَثَوْبٍ أَوْ) وَ (دِينَارٍ صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ غَرَضَهُ، وَزَادَ خَيْرًا وَقَوْله وَثَوْبٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ أَصْلُهُ وَثَوْبٍ يُسَاوِي مِائَةً (وَلَوْ قَالَ بِعْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَ بِأَلْفِ دِينَارٍ لَمْ يَصِحَّ) إذْ الْمَأْتِيُّ بِهِ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ وَلَا مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ [فَصْلٌ وَإِقْرَارُ الْوَكِيلِ فِي الْخُصُومَةِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ بِالِاعْتِرَافِ] (فَصْلٌ وَإِقْرَارُ الْوَكِيلِ فِي الْخُصُومَةِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ بِالِاعْتِرَافِ) مِنْ مُوَكِّلِهِ بِمَا يُبْطِلُ حَقَّهُ مِنْ قَبْضٍ وَتَأْجِيلٍ (وَنَحْوِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَا قَدَّرْتُهُ آخِرًا أَوْ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى: " إقْرَارُ الْوَكِيلِ " أَيْ وَنَحْوُ الْإِقْرَارِ بِمَا ذُكِرَ كَالْإِبْرَاءِ وَالْمُصَالَحَةِ (لَا يَصِحُّ) ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْخُصُومَةِ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَلِأَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يَفْعَلُ مَا فِيهِ الْحَظُّ لِمُوَكِّلِهِ (وَيَنْعَزِلُ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ لِتَضَمُّنِهِ الِاعْتِرَافَ بِأَنَّهُ ظَالِمٌ فِي الْخُصُومَةِ (وَلَا يَنْعَزِلُ بِإِبْرَائِهِ الْخَصْمَ) وَلَا بِمُصَالَحَتِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَضَمَّنَانِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَيَنْعَزِلُ بِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَيَنْعَزِلُ وَكِيلُ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ، وَوَكِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِالْحَقِّ (وَوَكِيلُ الْمُدَّعِي يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ وَيُثْبِتُ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً (بِالْعَدَالَةِ) لَهَا (وَيُحَلِّفُ الْخَصْمَ، وَيَطْلُبُ الْحُكْمَ) وَيَفْعَلُ سَائِرَ مَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى الْإِثْبَاتِ كَالدَّعْوَى (وَوَكِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ وَيَطْعَنُ فِي الشُّهُودِ وَيُدَافِعُ جَهْدَهُ وَلَا يَصِحُّ تَعْدِيلُهُ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي) ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِقْرَارِ فِي كَوْنِهِ قَاطِعًا لِلْخُصُومَةِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ قَطْعُ الْخُصُومَةِ بِالِاخْتِيَارِ فَلَوْ عَدَلَ انْعَزَلَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَكَذَا لَهُ) فِيمَا لَيْسَ وَكِيلًا فِيهِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ (لَا فِيمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِإِثْبَاتِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ (فَلَوْ عُزِلَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَا انْتَصَبَ خَصْمًا وَلَا يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ حَقًّا فَهُوَ كَمَا لَوْ شُهِدَ لَهُ فِي غَيْرِهَا (لَا) إنْ عُزِلَ (بَعْدَهَا) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِإِظْهَارِ صِدْقِهِ (وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ الْحِفْظِ) لِمَتَاعِهِ (أَوْ غَيْرِهِمَا) كَبَيْعٍ وَطَلَاقٍ وَوِصَايَةٍ (لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا) بِالِاسْتِقْلَالِ (إلَّا بِإِذْنٍ) فِيهِ مِنْ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِنَظَرِ أَحَدِهِمَا (فَرْعٌ تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ بِاعْتِرَافِ الْخَصْمِ) كَالْبَيِّنَةِ بَلْ أَوْلَى فَلَهُ مُخَاصَمَتُهُ لَكِنْ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْوَكَالَةِ كَمَا قَالَهُ الْهَرَوِيُّ كَالنِّكَاحِ يَنْعَقِدُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ بِشَهَادَةِ مَسْتُورِي الْعَدَالَةِ، وَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ الْمَجْحُودُ عِنْدَ الْقَاضِي   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ قَالَ لَهُ بِعْ مُؤَجَّلًا وَبَيَّنَ لَهُ قَدْرَ الْأَجَلِ فَبَاعَ حَالًّا أَوْ بِأَجَلٍ دُونَ الْمُقَدَّرِ] قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ بِهِمَا وَلِلْمُوَكِّلِ غَرَضٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَيْهِمَا حَالًّا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ غُرَمَاءُ يَأْخُذُونَهُ إذَا وَجَدُوهُ فِي يَدِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ [فَرْعٌ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ شَاةٍ مَوْصُوفَةٍ بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ تُسَاوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ دِينَارًا] (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا إلَخْ) ثُمَّ إنْ اشْتَرَاهُمَا بِعَيْنِ الدِّينَارِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِلَّا وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ، وَإِنْ سَمَّى الْمُوَكِّلَ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ قَطْعُ الْخُصُومَةِ بِالِاخْتِيَارِ) لِأَنَّ شَهَادَتَهُ مُكَذِّبَةٌ لَدَعْوَاهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ شَهَادَتَهُ بَعْدَ أَنْ خَاصَمَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 بِشَهَادَتِهِمَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ (وَلَهُ الِامْتِنَاعُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِوَكَالَتِهِ (كَالْمَدْيُونِ) حَيْثُ (يَعْتَرِفُ لِلْوَكِيلِ) أَيْ لِمُدَّعِي الْوَكَالَةِ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ (وَلَا بَيِّنَةَ) فَإِنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ إقْبَاضِهِ الدَّيْنَ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَتَهُ بِوَكَالَتِهِ لِاحْتِمَالِ تَكْذِيبِ رَبِّ الدَّيْنِ لَهُ فِي الْوَكَالَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَفَائِدَةُ جَوَازِ الْمُخَاصَمَةِ مَعَ جَوَازِ الِامْتِنَاعِ مِنْهَا إلْزَامُ الْحَقِّ لِلْمُوَكِّلِ لَا دَفْعُهُ لِلْوَكِيلِ قُلْت: وَلَعَلَّ مِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِوَكَالَتِهِ لَا يَحْتَاجُ الْحَاكِمُ فِي إلْزَامِهِ الْخَصْمَ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ إلَى إعَادَةِ الدَّعْوَى أَمَّا لَوْ كَذَّبَهُ الْخَصْمُ فِي دَعْوَاهُ الْوَكَالَةَ فَلَا يُخَاصِمُهُ نَعَمْ لِمُدَّعِيهَا تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهَا قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَفَصَّلَ الْقَاضِي فَقَالَ: لَهُ تَحْلِيفُهُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْخُصُومَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُ الْحَقِّ إلَيْهِ، وَكَلَامُ الْهَرَوِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْأَمْرَيْنِ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (وَلِلْوَكِيلِ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ فِي غَيْبَةِ الْخَصْمِ) وَلَوْ بِالْبَلَدِ (وَلَوْ لَمْ يَنْصِبْ الْقَاضِي مُسَخَّرًا) بِفَتْحِ الْخَاءِ يَنُوبُ عَنْ الْغَائِبِ لِيُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فِي وَجْهِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ تَقَدُّمُ دَعْوَى حَقِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْخَصْمِ فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ عَلَيْهِ (وَلَا يَنْعَزِلُ مَنْ وُكِّلَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي) بِخُصُومَةٍ (بِانْقِضَائِهِ) أَيْ الْمَجْلِسِ (لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ عِنْدَ الْقَاضِي مَجْهُولًا) بِأَنْ لَمْ يُعْرَفْ اسْمُهُ، وَلَا نَسَبُهُ (وَغَابَ) عَنْهُ (أَثْبَتَ الْمُدَّعِي أَنَّ الَّذِي وَكَّلَهُ هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ) لِتَجُوزَ مُخَاصَمَتُهُ عَنْهُ، وَالْحُكْمُ بِالدَّفْعِ لَهُ اعْتِمَادًا عَلَى ذِكْرِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا عِنْدَ الْقَاضِي لَمْ يَحْتَجْ فِيمَا ذُكِرَ إلَى هَذَا الْإِثْبَاتِ قَالَ الْقَاضِي: وَإِذَا سَمِعَ الْقَاضِي دَعْوَى الْوَكِيلِ قَبْلَ إثْبَاتِهِ الْوَكَالَةَ ظَانًّا أَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَثْبَتَ وَكَالَتَهُ اسْتَأْنَفَ الدَّعْوَى (وَلَوْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي الْمَالَ فِي وَجْهِ وَكِيلِ الْغَائِبِ فَحَضَرَ وَادَّعَى عَزْلَهُ) أَوْ أَنْكَرَ وَكَالَتَهُ (لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ (فَصْلٌ) لَوْ (وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ) أَوْ شِرَاءٍ (فَاسِدٍ) كَأَنْ قَالَ: بِعْ، أَوْ اشْتَرِ إلَى وَقْتِ الْعَطَاءِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ (لَغَا) فَلَا يَمْلِكُ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ، وَلَا الْفَاسِدَ لِمَنْعِ الشَّرْعِ مِنْهُ لَا يُقَالُ: قَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ، وَتَصَرَّفَ الْوَكِيلُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ فَلِمَ لَمْ يَصِحَّ هُنَا قُلْنَا هُنَاكَ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الشِّرَاءِ الصَّحِيحِ وَهُنَا نَهَاهُ عَنْهُ ضِمْنًا (أَوْ) وَكَّلَهُ (فِي الْخُلْعِ أَوْ الْعَفْوِ) أَيْ الصُّلْحِ (عَنْ الدَّمِ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا (فَفَعَلَ صَحَّ) الْخُلْعُ أَوْ الْعَفْوُ، وَفَسَدَ الْعِوَضُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْمُوَكِّلُ بَدَلَ الْبِضْعِ وَالدَّمِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (وَمَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ فِي الْأُولَى كَمَا لَوْ فَعَلَهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِوَضِ صَحِيحٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخُلْعِ وَالْقِصَاصِ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ صَحَّ لَا أَنَّا نُصَحِّحُ التَّوْكِيلَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ عَلَى أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالصِّحَّةِ تَوَسُّعًا سَلِمَ مِنْهُ تَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِالْحُصُولِ (فَلَوْ خَالَفَ) مُوَكِّلَهُ كَأَنْ وَكَّلَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى خَمْرٍ فَخَالَفَهُ (وَعَقَدَ عَلَى غَيْرِهِ) كَخِنْزِيرٍ أَوْ مَالٍ (لَغَا) لِلْمُخَالَفَةِ فَتَبْقَى الزَّوْجِيَّةُ وَالْقِصَاصُ كَمَا كَانَا وَمَا ذُكِرَ فِي الصُّورَتَيْنِ يَجْرِي فِي النِّكَاحِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ جَرَى فِي الْكِتَابَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ عِنْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ حِينَئِذٍ يُنْصَبُ إلَى مَحْضِ التَّعْلِيقِ، وَالتَّوْكِيلُ فِي التَّعْلِيقِ بَاطِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ التَّوْكِيلُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِيهَا غَيْرُ مَرْعِيٍّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ فِيهَا عَنْ النُّجُومِ بَرِئَ وَعَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا عِتْقَ فِيهَا إلَّا بِحُصُولِ الصِّفَةِ وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُحَصِّلَهُ الْوَكِيلُ (فَرْعٌ) فِي مُخَالَفَتِهِ مُوَكِّلَهُ لَوْ (أَعْطَاهُ أَلْفًا وَقَالَ) لَهُ (اشْتَرِ) كَذَا (بِعَيْنِهِ فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي ذِمَّتِهِ لِيَنْقُدَ الْأَلْفُ فِي الثَّمَنِ (لَمْ يَقَعْ) أَيْ الشِّرَاءُ (لِلْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ حَتَّى لَا يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ بِغَيْرِهِ فَأَتَى بِمَا لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ فَيُطَالَبُ بِغَيْرِهِ بَلْ لَمْ يَقَعْ لِلْوَكِيلِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ وَخَرَجَ بِعَيْنِهِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ بِهَذَا أَوْ بِهِ أَوْ نَحْوَهُ فَيَقَعُ الشِّرَاءُ فِيمَا ذُكِرَ لِمُوَكِّلِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا وَقَالَ: اشْتَرِ بِهِ شَاة فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ وَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ جَزَمَ الْإِمَامُ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ (وَكَذَا عَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ بِهِ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ اُنْقُدْهُ عَنْ الثَّمَنِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَيْ وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ إلَخْ) صَرَّحَ بِهَذَا الْقَاضِي فِي تَعْلِيلِهِ وَالرَّافِعِيُّ فِي بَابِ مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِوَكَالَتِهِ وَيَحْكُمَ الْقَاضِي بِهَا) لَكِنْ لَوْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي: أَجِبْ فَهُوَ حُكْمٌ بِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْأَمْرَيْنِ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالْمَدْيُونِ يَعْتَرِفُ لِلْوَكِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ مُنْكِرِ وَكَالَتِهِ، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ فَإِنَّهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِهَا لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلِلْوَكِيلِ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ إلَخْ) وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَصْلَيْ الْوَكِيلِ أَوْ فَرْعِيِّهِ، وَفِي أَصْلِ الْمُوَكِّلِ أَوْ فَرْعِيِّهِ لَهُ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ عَدَمُ قَبُولِهَا، وَيُقْبَلَانِ عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ [فَصْلٌ وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدٍ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ لَغَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَاسِدٍ فَاشْتَرَاهُ، وَسَلَّمَهُ لِلْمُوَكِّلِ هَلْ يَسْقُطُ الضَّمَانُ، وَلَوْ كَانَتْ جَارِيَةً وَوَطِئَهَا الْمُوَكِّلُ هَلْ يَكُونُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِنَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَدُ حُرًّا، وَتَجِبَ قِيمَتُهُ، فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالْحِصَّةِ تَوَسُّعًا إلَخْ) سَيَأْتِي فِي الْخُلْعِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ حَيْثُ بَانَتْ، وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِالْفَسَادِ عِوَضُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُهُ وَلَوْ جَرَى فِي الْكِتَابَةِ فَالظَّاهِرُ إلَخْ الظَّاهِرُ خِلَافُ مَا قَالَهُ؛ إذْ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُغَلَّبُ فِيهَا التَّعْلِيقَ كَمَا أَنَّ الْخُلْعَ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَقَدْ يُغَلَّبُ [فَرْعٌ فِي مُخَالَفَتِهِ مُوَكِّلَهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ كَذَا بِعَيْنِهِ فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ مَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ وَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُرِيدُ تَحْصِيلَ الْمُوَكَّلِ فِيهِ، وَإِنْ تَلِفَ الْمُعَيَّنُ وَلَا لِلْوَكِيلِ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَبَاعَ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَلَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَقُلْ بِعَيْنِهِ وَلَا فِي الذِّمَّةِ (تَخَيَّرَ) بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ، وَفِي الذِّمَّةِ لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُمَا. (فَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ) وَقَدْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالشِّرَاءِ فِيهَا، أَوْ أُطْلِقَ (وَقَعَ عَنْ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ إنْ سَلِمَ الثَّمَنُ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ) وَكَانَ أَمَرَهُ بِتَسْلِيمِ الْأَلْفِ فِي الثَّمَنِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (فَمُتَبَرِّعٌ) بِذَلِكَ (لَا يَرْجِعُ بِهِ) وَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْأَلْفِ إلَى الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَسْلِيمِهِ فِي الثَّمَنِ فَيَرْجِعُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالشِّرَاءِ حِينَئِذٍ يَتَضَمَّنُ أَمْرَهُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَتَهُ بِالثَّمَنِ وَالْعُهْدَةِ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ مُشْكِلٌ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ دَفْعُ مَا دُفِعَ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ كَضَيَاعِ مِفْتَاحِ صُنْدُوقِهِ أَوْ حَانُوتِهِ أَوْ أَرْهَقَ بِالْحَاكِمِ إلَى دَفْعٍ وَلَمْ يُمَكَّنْ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى مَحَلِّ الْمَدْفُوعِ لَهُ فَأَدَّى مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ رَجْعَ مَمْنُوعٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ أَدَّى عَنْهُ لِيَرْجِعَ أَوْ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ الْحَاكِمَ (وَإِنْ تَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ) قَرْضًا عَلَيْهِ (فِيمَا أَعْطَاهُ الْمُوَكِّلُ) لَهُ (ثُمَّ اشْتَرَى لَهُ بِغَيْرِهِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ) بَلْ عَنْ الْوَكِيلِ لِانْعِزَالِهِ ظَاهِرًا بِتَلَفِ مَا وُكِّلَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ سَوَاءٌ أَقَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ بِعَيْنِهِ أَمْ فِي الذِّمَّةِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي آخِرِ الْحُكْمِ الثَّالِثِ (فَإِنْ عَادَ) إلَيْهِ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ (وَاشْتَرَى لَهُ) أَيْ لِمُوَكِّلِهِ (بِهِ جَازَ) أَيْ وَقَعَ لَهُ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ انْعِزَالِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِتَعَدِّيهِ ثُمَّ لَا يَضْمَنُ مَا اشْتَرَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ فَلَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ عَادَ الضَّمَانُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيمَا عَادَ إلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَتَزَوَّجَ لَهُ امْرَأَةً فَتَزَوَّجَهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِمُوَكِّلِهِ، وَأَقُولُ: لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّهُ بِتَزَوُّجِهِ لَهَا انْعَزَلَ عَنْ الْوَكَالَةِ وَهُنَا لَمْ يَنْعَزِلْ بِتَصَرُّفِهِ لِبَقَاءِ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْمُوَكِّلِ (فَصْلٌ يُشْتَرَطُ) فِي الصِّيغَةِ (أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ) لِلْوَكِيلِ (بِعْتُك أَوْ بِعْتُك لِمُوَكِّلِك) فَيَقُولُ اشْتَرَيْت لِمُوَكِّلِي أَوْ نَحْوِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِعْتُك لِمُوَكِّلِك مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ (فَإِنْ قَالَ بِعْت مُوَكِّلَك) فَقَالَ اشْتَرَيْت لَهُ (لَمْ يَصِحَّ) الشِّرَاءُ وَإِنْ وَقَعَ التَّصَرُّف عَلَى وَفْقِ الْإِذْنِ لِعَدَمِ الْخِطَابِ (بِخِلَافِ) نَظِيرِهِ فِي (النِّكَاحِ) يَصِحُّ بِذَلِكَ بَلْ لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ فِيهِ سِفَارَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِهَا فِي الْبَيْعِ إذْ لَهُ أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمَجْلِسِ وَإِنَّمَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا بِالْمُتَعَاقِدِينَ فَاعْتُبِرَ جَرَيَانُ الْخِطَابِ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مِنْ زَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ (بِخِلَافِ) نَظِيرِهِ فِي (النِّكَاحِ) يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ نَقْلَ الْمِلْكِ وَالْبَيْعُ يَقْبَلُهُ وَلِهَذَا يَقُولُ وَكِيلُ النِّكَاحِ زَوِّجْ مُوَكِّلِي وَلَا يَقُولُ زَوِّجْنِي لِمُوَكِّلِي وَفِي الْبَيْعِ يَقُولُ بِعْنِي لِمُوَكِّلِي وَلَا يَقُولُ بِعْ مُوَكِّلِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ صِحَّةُ الْبَيْعِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مِمَّنْ لَا يَتَعَاطَى الشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ كَالسُّلْطَانِ صَحَّ الْبَيْعُ مِنْ وَكِيلِهِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إنَّمَا يَقْصِدُ بِقَوْلِهِ بِعْ هَذَا لِلسُّلْطَانِ مَثَلًا ذَلِكَ لَا مُخَاطَبَتَهُ بِالْبَيْعِ. قَالَ: وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ جَرَى الْعَقْدُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْدِرُ فِيهِ دُخُولُ الْمِلْكِ فِي مِلْكِ الْوَكِيلِ صَحَّ (وَعِنْدَ الْمُخَالَفَةِ) أَيْ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مُوَكِّلَهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ (إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ) كَأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ كَذَا بِعَيْنِ هَذِهِ الْمِائَةِ فَاشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مِائَةٍ أُخْرَى مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ (بَطَلَ) الشِّرَاءُ لِلْمُخَالَفَةِ (أَوْ) اشْتَرَى (فِي ذِمَّتِهِ) كَأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِهِ بِخَمْسَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ (وَقَعَ لِلْوَكِيلِ وَلَوْ سَمَّى الْمُوَكِّلَ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُسَمِّهِ فَالْخِطَابُ مَعَهُ وَنِيَّتُهُ لَاغِيَةٌ لِلْمُخَالَفَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ سَمَّاهُ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك فَقَالَ اشْتَرَيْته لِمُوَكِّلِي فَلِأَنَّ التَّسْمِيَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الشِّرَاءِ فَإِذَا سَمَّاهُ وَتَعَذَّرَ صَرْفُ الْعَقْدِ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ. (فَرْعٌ وَكِيلُ الْمُتَّهَبِ يُسَمِّيهِ) وُجُوبًا (فِي الْقَبُولِ) وَإِلَّا فَيَقَعُ الْعَقْدُ لَهُ لِجَرَيَانِ الْخِطَابِ مَعَهُ أَيْ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْمُوَكِّلِ (وَلَا تُجْزِئُ النِّيَّةُ) فِي وُقُوعِ الْعَقْدِ لِمُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَوْ أَطْلَقَ) كَأَنْ قَالَ: اشْتَرِ بِهَذَا (قَوْلُهُ تَخَيَّرَ) أَيْ إنْ اسْتَوَيَا فِي الْمَصْلَحَةِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ رِعَايَةُ الْأَغْبَطِ لِمُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَى) أَيْ بِالْعَيْنِ وَسَمَّى الْمُوَكِّلَ أَوْ نَوَاهُ أَوْ نَفْسَهُ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ وَوَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْت لِنَفْسِي بَطَلَ الْبَيْعُ وَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَعَ عَنْ الْمُوَكِّلِ) سَوَاءٌ أَسَمَّاهُ أَمْ نَوَاهُ أَمْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى نَفْسَهُ وَقَعَ لَهُ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ فَمُتَبَرِّعٌ لَا يَرْجِعُ بِهِ) ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِتَسْلِيمِ الْأَلْفِ فِي الثَّمَنِ مُتَضَمِّنٌ لِنَهْيِهِ عَنْ بَذْلِهِ مِنْ مَالِهِ فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ هَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَحَدُ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فِي مُطَالَبَةِ الْوَكِيلِ؛ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْوَكِيلَ كَضَامِنٍ، وَالْمُوَكِّلُ كَأَصِيلٍ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ بِعَيْنِهِ أَمْ فِي الذِّمَّةِ إلَخْ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ لَهُ: اشْتَرِ بِعَيْنِهِ [فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الصِّيغَةِ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْوَكِيلِ بِعْتُك أَوْ بِعْتُك لِمُوَكِّلِك] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ إلَخْ) لَوْ قَالَ: بِعْنِي هَذَا لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ بِعْتُك قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ بِعْت مُوَكِّلَك) أَوْ بِعْتُك لِنَفْسِك (قَوْلُهُ وَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مِنْ زَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) أَيْ وَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ وَصَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ، وَلَوْ مَاتَ زَيْدٌ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ رَغْبَتُهُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ انْعَكَسَ التَّصْوِيرُ فَإِنْ قَالَ بِعْ مِنْ وَكِيلِ زَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ زَيْدٍ فَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا، وَاَلَّذِي يُظْهِرُ الْبُطْلَانَ أَيْ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَنْقُولِ إلَّا إذَا لُمِحَ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَعَ هَذَا مِنْ أَيْتَامِ زَيْدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْبَيْعِ لِوَلِيِّهِمْ، وَلَا نَقُولُ التَّوْكِيلُ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الْمُخَالَفَةِ إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ) أَيْ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 يُسْمَحُ بِالتَّبَرُّعِ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ نَعَمْ إنْ نَوَاهُ الْوَاهِبُ أَيْضًا وَقَعَ عَنْهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (بِخِلَافِ الشِّرَاءِ) لَا يَجِبُ فِيهِ عَلَى وَكِيلِ الْمُشْتَرِي تَسْمِيَتُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْعِوَضُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَيْسَ لَنَا مَا يَجِبُ فِيهِ ذِكْرُ الْمُوَكِّلِ إلَّا ثَلَاثَ صُوَرٍ: صُورَةُ الْهِبَةِ وَالنِّكَاحِ وَمَا لَوْ وُكِّلَ عَبْدٌ لِيَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: اشْتَرَيْت نَفْسِي صَرِيحٌ فِي اقْتِضَاءِ الْعِتْقِ لَا يَنْدَفِعُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ نَعَمْ الْقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي الْهِبَةِ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِعَارَةِ وَالرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا عِوَضَ فِيهِ انْتَهَى وَلَا يَنْحَصِرُ ذَلِكَ فِيمَا لَا عِوَضَ فِيهِ فَقَدْ أَوْجَبُوا ذِكْرَهُ فِي صُورَةٍ أُخْرَى مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا مَثَلًا فَفَعَلَ وَمَا لَوْ وَكَّلَ الْعَبْدُ غَيْرَهُ لِيَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ فَفَعَلَ وَسَتَأْتِيَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْوَاهِبَ لَوْ قَالَ لِلْمُخَاطَبِ: وَهَبْتُك فَقَالَ: قَبِلْت لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ إنَّمَا أَوْجَبَ لِلْوَكِيلِ وَقَصَدَهُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ أَقْوَى مِنْ النِّيَّةِ وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ شَيْئًا بِنِيَّةِ الثَّوَابِ لَمْ تَلْزَمْهُ إثَابَةٌ لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ: إنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا بِدِرْهَمٍ، وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفًا مَثَلًا فَقَالَ: قَبِلْت وَنَوَى الشِّرَاءَ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ إنَّمَا سَمَحَ بِبَيْعِهِ بِدِرْهَمٍ لِلْمُخَاطَبِ خَاصَّةً لَا لِغَيْرِهِ انْتَهَى، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْهِبَةَ وَقَعَتْ هُنَا فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ بِخِلَافِهَا فِيمَا ذُكِرَ (الْحُكْمُ الثَّانِي) مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ (الْأَمَانَةُ وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ وَإِنْ كَانَ بِجُعْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ فَكَانَتْ يَدُهُ كَيَدِهِ وَلِأَنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدُ إرْفَاقٍ، وَالضَّمَانُ مُنَافٍ لَهُ وَمُنَفِّرٌ عَنْهُ (فَإِنْ تَعَدَّى فِي الْعَيْنِ) بِرُكُوبٍ أَوْ لُبْسٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (ضَمِنَهَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ فِيهِمَا (وَلَمْ يَنْعَزِلْ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، وَالْأَمَانَةُ حُكْمٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِفَاعِهَا ارْتِفَاعُ أَصْلِهَا كَالرَّهْنِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهَا ائْتِمَانٌ مَحْضٌ نَعَمْ إنْ كَانَ وَكِيلًا لِوَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَغَيْرُهُ فَالْمُتَّجَهُ انْعِزَالُهُ كَالْوَصِيِّ يَفْسُقُ؛ إذْ لَا يَجُوزُ إبْقَاءُ مَالٍ مَحْجُورٍ بِيَدِ غَيْرِ عَدْلٍ، وَمَا قَالُوهُ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ لَا يَمْنَعُ الْوَكَالَةَ، وَإِنْ مَنَعَ الْوِلَايَةَ نَعَمْ الْمَمْنُوعُ بَقَاءُ الْمَالِ بِيَدِهِ (فَإِنْ عَاوَضَ بِهَا) أَيْ اعْتَاضَ بِالْعَيْنِ الَّتِي تَعَدَّى فِيهَا غَيْرُهَا (فَالْعِوَضُ) وَهُوَ غَيْرُهَا (أَمَانَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ وَزَالَ عَنْهُ ضَمَانُ الْعَيْنِ بِتَسْلِيمِهَا لِلْمُعْتَاضِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ بِإِذْنِ مَالِكِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ (فَإِنْ رُدَّتْ) عَلَيْهِ (بِعَيْبٍ عَادَ الضَّمَانُ) لِعَوْدِ الْيَدِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: لَا نَصَّ فِيهِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَعُودُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ إنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ جُبِرَ إلَّا إنْ اسْتَرَدَّهُ اخْتِيَارًا انْتَهَى وَالْمُعْتَمَدُ عَوْدُ الضَّمَانِ وَالْفَسْخِ، وَأَنَّ رَفْعَ الْعَقْدِ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ أَصْلِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِسَفَرِهِ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ، وَبَاعَهُ فِيهِ ضَمِنَ ثَمَنَهُ، وَإِنْ تَسَلَّمَهُ وَعَادَ مِنْ سَفَرِهِ فَيَكُونُ مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَالْعِوَضُ أَمَانَةٌ (فَرْعٌ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ) الْمَالَ إذَا طَالَبَهُ الْمُوَكِّلُ بِرَدِّهِ (بِالِامْتِنَاعِ مِنْ التَّخْلِيَةِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ كَالْمُودِعِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَكَوْنِهِ فِي الْحَمَّامِ أَوْ مَشْغُولًا بِطَعَامٍ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ عَنْهُمْ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ ضَمِنَ، وَإِنَّمَا جَازَ التَّأْخِيرُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ قَالَ: وَهُوَ مُنْقَدِحٌ إذَا كَانَ التَّلَفُ بِسَبَبِ التَّأْخِيرِ انْتَهَى فَيَكُونُ مَا نَقَلَهُ مَعَ مَا قُيِّدَ بِهِ تَقْيِيدًا لِكَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالرَّاجِحُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ لِمَا سَتَعْرِفُهُ فِي الْوَدِيعَةِ (الْحُكْمُ الثَّالِثُ فِي الْعُهْدَةِ الْمِلْكِ) لِلْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ فِي عَقْدِ الْوَكِيلِ (يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ) كَمَا فِي شِرَاءِ الْأَبِ لِطِفْلِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ ابْتِدَاءً لَعَتَقَ عَلَيْهِ أَبُوهُ إذَا اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ وَلَا يُعْتَقُ قَطْعًا (لَكِنَّ أَحْكَامَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْ الْخِيَارِ وَالتَّقَابُضِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ يَقْصِدُ بِتَبَرُّعِهِ الْمُخَاطَبَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ قِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي الْهِبَةِ يَجْرِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا مِمَّا لَا عِوَضَ فِيهِ) أَيْ كَالْحَوَالَةِ وَالضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَالْقِرَاضِ، وَفِي الْأَمَانَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ لِمَنْ قَبِلَهَا أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مُقَامَهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْوَاهِبَ إلَخْ) التَّعْلِيلُ السَّابِقُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ قَالَ شَيْخُنَا لَا سِيَّمَا وَلَمْ تَقَعْ مُطَابَقَةٌ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَيُعْلِمُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ: بِعْتُك بِكَذَا وَأَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ الْمُوَكِّلَ فَقَالَ: قَبِلْت ذَلِكَ لِمُوَكِّلِي صَحَّ فَإِنْ قَصَدَ الْمَالِكُ إيقَاعَهُ لِلْوَكِيلِ لَمْ يَصِحَّ لِانْتِفَاءِ الْمُطَابَقَةِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ شَيْئًا بِنِيَّةِ الثَّوَابِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَدَّى فِي الْعَيْنِ بِرُكُوبٍ إلَخْ) وَمِنْ التَّعَدِّي أَنْ يَضِيعَ مِنْهُ الْمَالُ وَلَا يَدْرِي كَيْفَ ضَاعَ، وَكَذَا لَوْ وَضَعَهُ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ نَسِيَهُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا لِيُسَلِّمَهُ إلَى غَرِيمِهِ فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ: احْفَظْهُ لِي، وَهَلَكَ عِنْدَهُ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الدَّافِعِ لَا مِنْ ضَمَانِ الْغَرِيمِ (قَوْلُهُ ضَمِنَهَا) ثُمَّ إنْ ادَّعَى تَلَفَهَا قَالَ الْقَفَّالُ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَتِهَا، وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: لَمْ يُقْبَلْ، وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ مَحْمَلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَدَّعِ تَلَفَهَا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ لَمْ يُعْلَمْ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا ادَّعَاهُ بِظَاهِرٍ لَمْ يُعْلَمْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْعَزِلْ بِذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ قَدْ قَرَّرُوا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ فِيمَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَيُجَابُ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ أَوْ يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّعَدِّي الْفِسْقُ فَإِنْ حَصَلَ بِهِ فِسْقٌ انْعَزَلَ ش (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِفَاعِهَا ارْتِفَاعُ أَصْلِهَا) كَالرَّهْنِ فَلَا يُرْفَعُ مَقْصُودُهُ، وَهُوَ التَّوَثُّقُ بِبُطْلَانِ حُكْمِهِ، وَهُوَ الْأَمَانَةُ (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ انْعِزَالُهُ كَالْوَصِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَالُوهُ مَرْدُودٌ إلَخْ) رَدُّهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ فَاسِقًا فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ فِيمَا الْعَدَالَةُ شَرْطٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَكَوْنِهِ فِي الْحَمَّامِ أَوْ مَشْغُولًا بِطَعَامٍ لَمْ يُضْمَنْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الْمِلْكُ يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ) وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ لِي كَذَا بِدَرَاهِمِك فَفَعَلَ حَصَلَ الْمِلْكُ لِلْآمِرِ، وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالْمِثْلِ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِيَغْرَمَ لَهُ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي شِرَاءِ الْأَبِ لِطِفْلِهِ) وَكَمَا أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ تَجِبُ عَلَى الْجَانِي ابْتِدَاءً ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 وَنَحْوِهِمَا) كَالرُّؤْيَةِ وَالتَّفَرُّقِ (تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ) دُونَ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً (فَلَهُ الْفَسْخُ) بِخِيَارَيْ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ (وَإِنْ أَجَازَ الْمُوَكِّلُ) بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ لَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ إذَا رَضِيَ بِهِ الْمُوَكِّلُ؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ وَلَيْسَ مَنُوطًا بِاسْمِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَمَا نِيطَ بِهِ فِي الْفَسْخِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ بِخَبَرِ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» وَبِخِيَارِ الشَّرْطِ بِالْقِيَاسِ عَلَى خِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَشُمُولُ كَلَامِهِ لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ وَالثَّمَنُ فِي يَدِهِ طُولِبَ) بِهِ سَوَاءٌ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ أَمْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِهِ، وَالْعُرْفُ يَقْتَضِيهِ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالشِّرَاءِ بِعَيْنِ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ بِأَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ وَيُسَلِّمَهُ لِلْبَائِعِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ (فَلَا) يُطَالَبُ بِهِ. (إنْ اشْتَرَى بِمُعَيَّنٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهِ، وَحَقُّ الْبَائِعِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ فَلِلْبَائِعِ مُطَالَبَتُهُمَا) أَيْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ أَيْ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا (إنْ صَدَقَ الْوَكِيلُ) فِي وَكَالَتِهِ (وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ بِيَدِ الْوَكِيلِ) أَوْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ لَكِنَّ الْوَكِيلَ نَائِبُهُ وَوَقَعَ الْعَقْدُ مَعَهُ لِذَلِكَ جَوَّزْنَا مُطَالَبَتَهُمَا وَقِيلَ إنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ لَمْ يُطَالَبْ وَبِهِ جَزَمَ الْإِمَامُ كَمَا لَوْ قَبِلَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ لِرَجُلٍ لَا يَصِيرُ مُلْتَزِمًا لِلْمَهْرِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا مِنْ أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةَ الْمُوَكِّلِ، وَالثَّمَنُ بِيَدِ الْوَكِيلِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ لَكِنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ بِيَدِ الْوَكِيلِ لَا يَصْلُحُ غَايَةً لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ قِسْمٌ فِي الظَّاهِرِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا أَمَّا لَوْ كَذَّبَهُ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي أَهْوَ وَكِيلٌ أَمْ لَا فَيُطَالِبُهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ مَعَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا وَلِيُّ الطِّفْلِ إذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْعَقْدِ كَانَ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ، وَلَا يَضْمَنُهُ الطِّفْلُ فِي ذِمَّتِهِ لَكِنْ يَنْقُدُهُ الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ، وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ شِرَاءَ الْوَلِيِّ لَازِمٌ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ الْوَلِيَّ ضَمَانُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ انْتَهَى، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ضَمَانِ الْمُوَكِّلِ الثَّمَنَ وَعَدَمِ ضَمَانِ الطِّفْلِ لَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْوَلِيُّ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَذِنَ بِخِلَافِ الطِّفْلِ وَهَذَا الْفَرْقُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأُسْقِطَ مِنْ كَلَامِهِ الْفَرْقُ السَّابِقُ. (وَالْوَكِيلُ فِي الرُّجُوعِ قَبْلَ الْغُرْمِ) أَيْ غُرْمِهِ لِلْبَائِعِ (وَبَعْدَهُ كَالضَّامِنِ) وَالْمُوَكِّلُ كَالْأَصِيلِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْوَكِيلُ إلَّا بَعْدَ غُرْمِهِ وَبَعْدَ إذْنِهِ لَهُ فِي الْأَدَاءِ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ مَا يَشْتَرِي بِهِ وَأَمَرَهُ بِتَسْلِيمِهِ فِي الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَالْوَكَالَةُ تَكْفِي عَنْ الْإِذْنِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ وَإِذَا غَرِمَ الْوَكِيلُ رَجَعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَالضَّامِنِ بِالْإِذْنِ (وَلَوْ اسْتَحَقَّ مَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بُعْدَ تَلَفِهِ) وَلَوْ (فِي يَدِهِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ وَالْوَكِيلِ وَكَذَا الْمُوَكِّلُ) بِبَدَلِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ غَاصِبُهُ الْأَوَّلُ حَقِيقَةً وَالْآخَرَانِ حُكْمًا (وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا غَرِمَ الْبَائِعُ أَوْ الْوَكِيلُ رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِتَلَفِ الْعَيْنِ تَحْتَ يَدِ أَمِينِهِ فَكَأَنَّهَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ إذَا سَلَّمَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ فِيمَا ذُكِرَ فَهَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا عِنْدَ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ الْمَنْعُ وَعِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ كَذَلِكَ إنْ اُسْتُحِقَّ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ لِانْقِضَاءِ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ (أَوْ) اُسْتُحِقَّ (مَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ وَتَلِفَ الثَّمَنُ) وَلَوْ (فِي يَدِهِ) وَالْمُشْتَرِي مُعْتَرِفٌ بِالْوَكَالَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (طُولِبَا) أَيْ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ (بِهِ) أَيْ بِالثَّمَنِ لِمَا مَرَّ فِي مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ لَهُمَا (وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُوَكِّلِ) لِمَا مَرَّ (وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَقَبَضَهُ) وَدَفَعَهُ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ (وَخَرَجَ مُسْتَحِقُّهُ أَوْ رَدَّهُ الْمُوَكِّلُ بِعَيْبٍ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي) بِالثَّمَنِ لِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ. (وَ) مُطَالَبَةُ (الْوَكِيلِ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسَلِّمًا لِلْمَبِيعِ قَبْلَ أَخْذِ عِوَضِهِ (وَهَلْ يُطَالَبُ الْوَكِيلُ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ (أَمْ بِالثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ انْتَقَلَ مِنْهَا إلَيْهِ بِالْبَيْعِ (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَصْلُهُ بَعْدُ وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ فَصْلٍ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ (فَإِنْ قُلْنَا) يُطَالِبُهُ (بِالْقِيمَةِ فَأَخَذَهَا) مِنْهُ (طَالَبَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ وَ) إذَا أَخَذَهُ مِنْهُ (دَفَعَهُ لِلْمُوَكِّلِ وَاسْتَرَدَّ) مِنْهُ (الْقِيمَةَ) ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُخِذَتْ لِلْحَيْلُولَةِ (وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ) شَيْئًا (بِمُعَيَّنٍ) يَعْنِي بِعَيْنِ مَالِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (فَتَلِفَ) فِي يَدِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الشِّرَاءِ (انْعَزَلَ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ) كَمَا فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَنُوطًا بِاسْمِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إلَخْ) إذْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ حَرِيمُ الْعَقْدِ جَعَلَهُ الشَّرْعُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَالْعَقْدُ لَا يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ فَلِذَلِكَ اخْتَصَّ حُكْمُ الْمَجْلِسِ بِمُتَوَلِّي الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ مُوَكِّلُهُ مَعَهُ، وَلَا كَذَلِكَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْعَقْدِ مُنْقَطِعٌ عَنْهُ يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِهِ فَلَا عُذْرَ فِي إثْبَاتِهِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنْ لَهُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى مَا ظَنَّهُ رَقِيقًا فَبَانَ حُرًّا بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ الثَّمَنَ فَهَلْ لِلْمُوَكِّلِ تَغْرِيمُهُ يُنْظَرُ إنْ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ كَانَ لِلْمُوَكِّلِ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ تَغْرِيمُ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ بِإِذْنِهِ وَلِلْمُوَكِّلِ مُطَالَبَةُ مَنْ قَبَضَ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قِسْمٌ فِي الظَّاهِرِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا) هُوَ غَايَةٌ لِمَا قَبْلَهُ إذْ قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ إنْ اشْتَرَى بِمُعَيَّنٍ بَلْ هُوَ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَحَقَّ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَلَهُ مُطَالَبَتَهُ) الْأَصَحُّ أَنْ لَهُ مُطَالَبَتَهُ بِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَحَقَّ مَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ وَتَلِفَ الثَّمَنُ وَلَوْ فِي يَدِهِ إلَخْ) لَوْ خَرَجَ مَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ مُسْتَحَقًّا بَعْدَ قَبْضِهِ الثَّمَنَ، وَتَلَفُهُ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ فَفِي مُطَالَبَتِهِ الْوَكِيلَ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَصَحَّ الْمُطَالَبَةُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مَنْصُوبًا مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْحَاكِمِ، وَهُوَ لَا يُطَالَبُ فَكَذَا نَائِبُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 الْوَكِيلِ (أَوْ) أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا (فِي الذِّمَّةِ) وَلَوْ مَعَ الْأَمْرِ بِصَرْفِ مَا دَفَعَ إلَيْهِ فِي الثَّمَنِ فَفَعَلَ، وَقَدْ تَلِفَ الْمَدْفُوعُ لَهُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوْ قَبْلَهُ (لَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ الْعَقْدُ (وَلِمَنْ يَقَعُ) أَيْ الْعَقْدُ (فِيهِ خِلَافٌ) قِيلَ لِلْوَكِيلِ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَقِيلَ لِلْمُوَكِّلِ وَيَلْزَمُهُ مِثْلُ الْمَدْفُوعِ وَقِيلَ يُقَالُ لَهُ إنْ أَرَدْتَهُ فَادْفَعْ مِثْلَ الْمَدْفُوعِ، وَإِلَّا فَيَقَعُ عَنْ الْوَكِيلِ، وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ بَعْضِ الْمَرَاوِزَةِ جَرَى عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ، وَأَمَّا طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ فَالْوَكِيلُ يَنْعَزِلُ بِتَلَفِ الْمَدْفُوعِ سَوَاءٌ أَقَالَ اشْتَرِ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ. قُلْت: كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَقَطَعَ فِي الْحَاوِي بِأَنَّهُ إذَا قَالَ: اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ بِعَيْنِهِ فَتَلِفَ انْفَسَخَتْ الْوَكَالَةُ وَانْعَزَلَ فَإِذَا اشْتَرَى بَعْدَهُ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ انْتَهَى وَقَطَعَ بِهِ أَيْضًا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا وَصَرَّحُوا إلَّا ابْنَ الصَّبَّاغِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ أَيْضًا كَنَظِيرِهِ فِي الْقِرَاضِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ: وَلَوْ تَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ إلَى آخِرِهِ لَكِنَّهُ كَأَصْلِهِ جَرَى فِي تِلْكَ عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ (فَرْعٌ الْمَقْبُوضُ) لِلْوَكِيلِ (بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ) سَوَاءٌ أَتَلِفَ فِي يَدِهِ، أَمْ فِي يَدِ مُوَكِّلِهِ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ، وَفِي نُسْخَةٍ يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ إنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ (وَيَرْجِعُ) إذَا غَرِمَ (عَلَى الْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَقَالَ: لَا وَجْهَ لَهُ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ الْفَاسِدَ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ فَلَا عِبْرَةَ بِالْإِذْنِ، وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيُجَابُ بِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَبِأَنَّ يَدَهُ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ كَيَدِ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَامِلَةٌ لِمَسْأَلَتَيْ الِاسْتِحْقَاقِ السَّابِقَتَيْنِ (فَرْعٌ وَكِيلُ الْمُسْتَقْرِضِ كَوَكِيلِ الْمُشْتَرِي فَيُطَالَبُ وَيَرْجِعُ بَعْدَ الْغُرْمِ) عَلَى الْمُوَكِّلِ (الْحُكْمُ الرَّابِعُ الْجَوَازُ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَابَةٌ فَلَا تَلْزَمُ لِلْإِضْرَارِ (فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعَزْلُ إنْ لَمْ يَكُنْ) عَقْدُ الْوَكَالَةِ (بِاسْتِئْجَارٍ) فَإِنْ كَانَ بِاسْتِئْجَارٍ بِأَنْ عُقِدَتْ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فَهُوَ لَازِمٌ لَا يَقْبَلُ الْعَزْلَ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ عُقِدَتْ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ وَشُرِطَ فِيهَا جُعْلٌ مَعْلُومٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ: أَمْكَنَ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا وَهَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ نَقَلَهُمَا الرُّويَانِيُّ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْغَالِبَةِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ) الْوَكِيلُ (عَزَلْت نَفْسِي أَوْ فَسَخْت الْوَكَالَةَ أَوْ خَرَجْت مِنْهَا أَوْ نَحْوَهُ) كَأَبْطَلْتُهَا (أَوْ عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ فَسَخَهَا) بِقَوْلِهِ: فَسَخْتهَا أَوْ نَقَضْتهَا أَوْ أَزَلْتهَا أَوْ صَرَفْتهَا أَوْ رَفَعْتهَا أَوْ نَحْوَهَا (وَعَلِمَ) الْوَكِيلُ بِالْعَزْلِ أَوْ الْفَسْخِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِهِ (انْعَزَلَ) وَإِنْ كَانَتْ صِيغَةُ الْمُوَكِّلِ صِيغَةَ أَمْرٍ كَ بِعْ وَأَعْتِقْ لِدَلَالَةِ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِزَالِهِ بِعَزْلِهِ نَفْسَهُ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِيمَا ذُكِرَ عِلْمُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ رَفْعُ عَقْدٍ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرِّضَا فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْعِلْمِ كَالطَّلَاقِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ جُنَّ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ غَائِبٌ بِخِلَافِ انْعِزَالِ الْقَاضِي لَا يَحْصُلُ إلَّا بِعِلْمِهِ لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِهِ وَبِخِلَافِ النَّسْخِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِبُلُوغِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ. وَهُوَ يَعْتَمِدُ الْعِلْمَ إذْ لَا تَكْلِيفَ بِمُحَالٍ بِخِلَافِ الْعَزْلِ وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقِيلَ لِلْمُوَكِّلِ) وَيَلْزَمُهُ مِثْلُ الْمَدْفُوعِ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَخْ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تِلْكَ فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرِ بِعَيْنِهِ وَهَذِهِ فِيمَا إذَا أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّة فَانْدَفَعَتْ دَعْوَى التَّنَاقُضِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَلْزَمُ لِلْإِضْرَارِ) ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَرْكِ مَا وَكَّلَ فِيهِ أَوْ فِي تَوْكِيلٍ آخَرَ، وَالْوَكِيلُ قَدْ لَا يَتَفَرَّغُ فَيَكُونُ اللُّزُومُ مُضِرًّا بِهِمَا (قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعَزْلُ) ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ إرْفَاقٍ عَلَى تَصَرُّفٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِهَا تَقْدِيرُ عَمَلٍ وَلَا زَمَنٍ فَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا كَالْجَعَالَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ غَابَ الْمُوَكِّلُ وَعَلِمَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَاسْتَهْلَكَ الْمَالَ قَاضٍ جَائِرٌ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْوَكَالَةِ إلَى حُضُورِ مُوَكِّلِهِ أَوْ أَمْنِهِ عَلَى الْمَالِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيِّ اهـ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اللُّزُومِ مُتَعَيَّنٌ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَمْكَنَ بِتَخْرِيجِهِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَكَالَةَ إنَابَةٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ، وَوَضْعُهَا الْجَوَازُ، وَالْإِجَارَةُ لَيْسَ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهَا نَائِبًا عَنْ الْمُؤَجِّرِ فَلَمْ يَتَّفِقْ اللَّفْظُ وَلَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَصُحِّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ، وَجَزَمَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَابْنُ السِّرَاجِ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ كَأَبْطَلْتُهَا) ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَزْلِ أَبْطَلَ مَا صَدَرَ مِنْ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ جَنَى أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ غَائِبٌ) وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ أَوْ إعْتَاقِهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ أَوَأَعْتَقَهُ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ، وَانْعَزَلَ الْوَكِيلُ ضِمْنًا، وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِالْحَالِ وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ بُلُوغُ الْخَبَرِ فِي الْعَزْلِ الضِّمْنِيِّ فَفِي صَرِيحِ الْعَزْلِ أَوْلَى (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِهِ) أَيْ فَيَعْظُمُ الضَّرَرُ بِنَقْضِ الْأَحْكَامِ وَفَسَادِ الْأَنْكِحَةِ وَإِبْطَالِ التَّصَرُّفَاتِ الْعَامَّةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ فِي وَاقِعَةٍ خَاصَّةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَكِيلِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّ الْوَكِيلَ الْعَامَّ كَوَكِيلِ السُّلْطَانِ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ لِعُمُومِ نَظَرِهِ كَالْقَاضِي وَلَمْ يَذْكُرُوهُ فس الْأَحْسَنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا عَنْ الْإِمَامِ ع قَالَ شَيْخُنَا: الْأَوْجَهُ أَنَّ الْحَاكِمَ وَلَوْ فِي قَضِيَّةٍ خَاصَّةٍ لَا يَكُونُ كَالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ مِنْ شَأْنِهِ مَا تَقَرَّرَ وَأَنَّ الْوَكِيلَ الْعَامَّ كَالْخَاصِّ كا (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ الْفَسْخِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِبُلُوغِ الْخَبَرِ) أَيْ وَالتَّمَكُّنُ مِنْ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ، وَهُوَ يَعْتَمِدُ الْعِلْمَ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ بِنَاءُ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ يُكْتَفَى فِيهِ إمَّا بِالْفِعْلِ أَوْ الِاعْتِقَادِ وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا مَعَ الْإِمْكَانِ، وَلَا إمْكَانَ مَعَ الْجَهْلِ بِوُرُودِ النَّاسِخِ، وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي أَنْ يَعْلَمَ بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ بُطْلَانَ تَصَرُّفِهِ قَبْلَهُ (تَنْبِيهٌ) وَلَوْ عَزَلَ الْمُودِعُ الْمُودَعَ لَمْ يَنْعَزِلْ حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ أَنَّ الْمُودِعَ أَمِينٌ، وَالْوَكِيلُ مُتَصَرِّفٌ، وَالْعَزْلُ يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَارِيَّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 بِأَنَّ الِاعْتِدَادَ بِالْعِبَادَةِ حَقٌّ لِلَّهِ - تَعَالَى، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - شَرَطَ الْعِلْمَ فِي الْأَحْكَامِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّفُ بِالْمُسْتَحِيلِ، وَالْعُقُودُ حَقٌّ لِلْمُوَكِّلِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعِلْمَ (وَلَا يُصَدَّقُ) مُوَكِّلُهُ (بَعْدَ التَّصَرُّفِ) فِي قَوْلِهِ كُنْت عَزَلْته (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى عَزْلِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَصُورَتُهُ إذَا أَنْكَرَ الْوَكِيلُ الْعَزْلَ فَإِنْ وَافَقَهُ لَكِنْ قَالَ كَانَ بَعْدَ التَّصَرُّفِ فَهُوَ كَدَعْوَى الزَّوْجِ تَقَدُّمَ الرَّجْعَةِ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ مَعْرُوفٌ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ انْتَهَى، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الثَّالِثِ كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ فَلَا يُصَدَّقُ الْمُوَكِّلُ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَوْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِعَزْلِهِ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَهُ لِبَقَاءِ الْأَمَانَةِ، وَقَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ يَضْمَنُهُ كَالْوَكِيلِ إذَا قَتَلَ بَعْدَ الْعَفْوِ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ، وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّاشِيِّ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَبِالْحَجْرِ عَلَيْهِ) بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ جُنُونٍ (فِيمَا لَا يَنْفُذُ مِنْهُ وَبِالْإِغْمَاءِ) لِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِانْعِزَالٍ بَلْ تَنْتَهِي الْوَكَالَةُ بِهِ كَالنِّكَاحِ وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَنَّ الْوَكِيلَ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ لَا يَنْعَزِلُ بِإِغْمَاءِ الْمُوَكِّلِ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ بَعْدَ تَوَكُّلِهِ فِي قَبُولِ نِكَاحٍ لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا وَيَنْعَزِلُ أَيْضًا بِالْفِسْقِ فِيمَا الْعَدَالَةُ شَرْطٌ فِيهِ (وَبِخُرُوجِ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ) أَوْ بِالشِّرَاءِ بِهِ (عَنْ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ) كَالْهِبَةِ مَعَ الْقَبْضِ (وَكَذَا بِتَزْوِيجِ الْجَارِيَةِ وَالْإِجَارَةِ) لِإِشْعَارِهِمَا بِالنَّدَمِ عَلَى الْبَيْعِ وَخَرَجَ بِالْجَارِيَةِ الْعَبْدُ (لَا بِالتَّوْكِيلِ) وَكِيلٌ (آخَرُ) وَلَا بِالْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (وَفِي انْعِزَالِهِ بِطَحْنِ الْحِنْطَةِ) الْمُوَكِّلِ بِبَيْعِهَا أَيْ بِطَحْنِ الْمُوَكِّلِ لَهَا (وَجْهَانِ) قَالَ الْمُتَوَلِّي: أَصْلُهُمَا مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الْحِنْطَةَ فَأَكَلَهَا بَعْدَ الطَّحْنِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الِانْعِزَالِ، وَوَجَّهَهُ الرَّافِعِيُّ بِبُطْلَانِ اسْمِ الْحِنْطَةِ وَإِشْعَارِ طَحْنِهَا بِالْإِمْسَاكِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا عِلَّتَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَرْكِيبِ الْعِلَّةِ، وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ الْحِنْطَةِ كَأَنْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ هَذَا لَمْ يَكُنْ عَزْلًا، وَقَضِيَّةُ الثَّانِي خِلَافُهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَيَنْعَزِلُ بِالرَّهْنِ مَعَ الْقَبْضِ وَكَذَا بِالْكِتَابَةِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْرَبُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالتَّدْبِيرَ وَتَعْلِيقَ الْعِتْقِ عَزْلٌ (وَلَوْ رَدَّهَا) أَيْ رَدَّ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ (ارْتَدَّتْ بِخِلَافِ الْمُبَاحِ لَهُ) طَعَامٌ (إذَا رَدَّ الْإِبَاحَةَ) لَا تَرْتَدُّ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّ هَذَا مَقْطُوعٌ بِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَكَلَامُ الْمُهَذَّبِ يَقْتَضِي ارْتِدَادَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخَائِرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّهُ الْأَظْهَرُ (وَلَوْ وَكَّلَ عَبْدَهُ) فِي تَصَرُّفٍ وَلَوْ بِصِيغَةِ عَقْدٍ كَ وَكَّلْتُكَ (ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ) أَوْ كَاتَبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (انْعَزَلَ) لِأَنَّ إذْنَ سَيِّدِهِ لَهُ اسْتِخْدَامٌ لَا تَوْكِيلٌ، وَقَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ قَبْلَ عِتْقِهِ: عَزَلْت نَفْسِي لَغَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (لَا عَبْدُ غَيْرِهِ) فَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ (لَكِنَّ الْعَبْدَ) أَيْ عَبْدَ غَيْرِهِ، وَإِنْ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ (يَعْصِي) بِهِ (إنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ مُشْتَرِيَهُ) فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ (وَلَوْ جَحَدَ أَحَدُهُمَا الْوَكَالَةَ عَامِدًا وَلَا غَرَضَ) لَهُ فِي الْجَحْدِ مِنْ خَوْفِ ظَالِمٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَهُوَ عَزْلٌ) ؛ لِأَنَّ الْجَحْدَ حِينَئِذٍ رَدٌّ لَهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ نَسِيَهَا أَوْ جَحَدَهَا لِغَرَضٍ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ حِينَ ادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِقَبُولِهِ لَهَا (فَلَا) عَزْلَ وَتَسْوِيَتُهُ بَيْنَ جَحْدَيْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ تَبِعَ فِيهِ الرَّوْضَةُ لَكِنَّهُ أَطْلَقَ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ أَنَّ جَحْدَ   [حاشية الرملي الكبير] أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَنْعَزِلْ حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ وَلَوْ وَكَّلَ عَشَرَةً ثُمَّ قَالَ: عَزَلْت أَكْثَرَهُمْ انْعَزَلَ سِتَّةٌ، وَإِذَا عَيَّنَهُمْ فَفِي تَصَرُّفِ الْبَاقِينَ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ نُفُوذِهِ قَالَ شَيْخُنَا: مُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ التَّصَرُّفَ الصَّادِرَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ التَّعْيِينِ لَا يَنْفُذُ؛ إذْ مَا وَقَعَ بَاطِلًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا (قَوْلُهُ: قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ) قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ أَنْ يَضْمَنَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ أَوْ فَلَسٌ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا لَا يَنْفُذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ الِانْعِزَالِ بِحَجْرِ الْفَلَسِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوَكِّلِ لَا لِلْوَكِيلِ نَعَمْ يُتَصَوَّرُ فِيهِ بِأَنْ يُوَكِّلَهُ فِي أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كَذَا بِثَوْبٍ، فَإِنَّ الثَّوْبَ يَكُونُ قَرْضًا عَلَى الْمُوَكِّلِ فَإِذَا حَجَرَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْفَلَسِ هُنَا انْعَزَلَ (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَارَنَ مَنْعَ الِانْعِقَادِ، فَإِذَا طَرَأَ قَطْعُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ سَكِرَ أَحَدُهُمَا، أَوْ ارْتَدَّ أَوْ نَامَ لَمْ يَنْعَزِلْ. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَالصَّوَابُ: أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِانْعِزَالٍ إلَخْ) لَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ فِي غَيْرِ التَّعَالِيقِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَائِدَةُ عَزْلِ الْوَكِيلِ بِمَوْتِهِ انْعِزَالُ مَنْ وَكَّلَهُ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ يُوهِمُ إلَخْ) كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ لَا يُوهِمُهُ بَلْ يُفْهِمُ صِحَّةَ قَبُولِهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْهُ بِتَوَكُّلِهِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَبِخُرُوجِ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ عَنْ الْمِلْكِ إلَخْ) لِاسْتِحَالَةِ بَقَاءِ الْوِلَايَةِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ (قَوْلُهُ: وَالْإِجَارَةُ) أَيْ وَإِنْ جَازَ بَيْعُ الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّ مُرِيدَ الْبَيْعِ لَا يُؤَجِّرُ غَالِبًا لِقُلِّهِ الرَّغَبَاتِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْجَارِيَةِ الْعَبْدُ) أَفَادَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الِانْعِزَالَ بِتَزْوِيجِ الْعَبْدِ الْمُوَكَّلِ فِي بَيْعِهِ بِالْأَوْلَى، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَخَرَجَ بِالْجَارِيَةِ الْعَبْدُ أَيْ لَفْظًا لَا حُكْمًا فَهُوَ مُلْحَقٌ بِهَا بِالْأَوْلَى كَمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الِانْعِزَالِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَطَحْنُ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ كَطَحْنِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكْفِي فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ وُجُودُ عِلَّةِ مَنْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إلَخْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّهُ الْأَظْهَرُ) قَالَ الْإِمَامُ: لَا أَعْرِفُ خِلَافًا أَنَّ مَنْ أَبَاحَ لِغَيْرِهِ طَعَامًا فَقَالَ الْمُبَاحُ لَهُ: رَدَدْت الْإِبَاحَةَ، وَكَانَ الْمُبِيحُ لَهُ مُسْتَمِرًّا عَلَى إبَاحَتِهِ فَلِلْمُبَاحِ لَهُ الِاسْتِبَاحَةُ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ رَدَدْت الْإِبَاحَةَ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْعَبْدَ يَعْصِي إلَخْ) أَيْ إنْ احْتَاجَ فِيهِ إلَى تَرَدُّدٍ وَسَعَى بِمَنْعِ الْخِدْمَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَعْصِي إذْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ الِاعْتِرَاضُ عَلَى عَبْدِهِ فِي تَصَرُّفٍ لَا يَضَادُّ الْخِدْمَةَ، وَلَا يَمْنَعُهَا؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ لَا يَتْعَبُ فِيهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ السَّيِّدُ مِنْ مَنْعِهِ مِنْهُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ عَلَى اسْتِئْذَانِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ مُشْتَرِيهِ) أَيْ فِيمَا يَفْتَقِرُ فِيهِ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ بِأَنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْلَالُ بِمِثْلِهِ كَمَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ نَسِيَهَا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 الْمُوَكِّلِ عَزْلٌ، وَحَمَلَهُ ابْنُ النَّقِيبِ عَلَى مَا هُنَا وَالرَّافِعِيُّ لَمَّا ذَكَرَ التَّفْصِيلَ فِي جَحْدِ الْوَكِيلِ قَالَ: وَأَوْرَدَ فِي النِّهَايَةِ قَرِيبًا مِنْهُ فِي جَحْدِ الْمُوَكِّلِ انْتَهَى، وَاَلَّذِي فِي النِّهَايَةِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ جَحْدَ الْمُوَكِّلِ عَزْلٌ أَوْ لَا أَصَحُّهُمَا: لَا، وَأَشْهَرُهُمَا: نَعَمْ. ثُمَّ أَبْدَى التَّفْصِيلَ احْتِمَالًا وَبِالْأَشْهَرِ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ انْتَهَى، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَقْوَى عَلَى رَفْعِ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ غَالِبًا وَلِأَنَّ مُعْظَمَ الْحَظِّ فِيهَا لَهُ وَبِأَنَّ جَحْدَ الْوَكِيلِ قَدْ يَجِبُ حِفْظًا لِمَالِ مُوَكِّلِهِ فَجُعِلَ عُذْرًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ جَحْدِ الْمُوَكِّلِ الْمَالِكِ، وَأُلْحِقَ بِهِ جَحْدُ الْمُوَكِّلِ النَّائِبِ عَنْ غَيْرِهِ (وَإِنْ عَزَلَ) الْمُوَكِّلُ (أَحَدَ وَكِيلَيْهِ) مُبْهَمًا (لَمْ يَتَصَرَّفَا) أَيْ لَمْ يَتَصَرَّفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَوْ تَصَرَّفَ لَمْ يَنْفُذْ (حَتَّى يُبَيِّنَ) يَعْنِي يُعَيِّنَ لِلشَّكِّ فِي أَهْلِيَّتِهِ (مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ إنْ وَكَّلَهُ بِبَيْعٍ فَبَاعَ ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ) بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يَبِعْ ثَانِيًا) كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ قَبْلَ بَابِ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَعَ زِيَادَةِ تَقْيِيدٍ فَلَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى مَا هُنَاكَ كَانَ أَوْلَى مَعَ سَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ (وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِمُبَايَعَةٍ) أَيْ مُعَاقَدَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ (وَلَهُ شَرْطُهُ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُوَكِّلَهُ (وَإِنْ أَمَرَهُ بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْخِيَارِ (لَمْ يَنْعَقِدْ) بِعَقْدِهِ (مُطْلَقًا) لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَهُ (فَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ أَوْ شِرَائِهِ لَمْ يَعْقِدْ عَلَى بَعْضِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ فِي بَعْضِهِ لِضَرَرِ التَّبْعِيضِ، وَإِنْ فُرِضَتْ فِيهِ غِبْطَةٌ نَعَمْ إنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ وَبَاعَ الْبَعْضَ بِمَا قَدَّرَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِيَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا فَلِأَنَّ مَنْ رَضِيَ بِبَيْعِ الْجَمِيعِ بِمِائَةٍ رَضِيَ بِبَيْعِ الْبَعْضِ بِمِائَةٍ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْقَاضِي وَذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِيمَةِ فَقَالَ: يُسْتَثْنَى مَا إذَا بَاعَ الْبَعْضَ بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ انْتَهَى، وَهُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجَمِيعِ أَلْفًا، وَقَالَ: بِعْهُ بِأَلْفَيْنِ فَبَاعَ بَعْضَهُ بِأَلْفٍ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا الصِّحَّةَ (أَوْ) أَمَرَهُ (أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ (ثَوْبًا فَاشْتَرَا) هـ (بِبَعْضِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّ مَنْ رَضِيَ بِشِرَاءِ الثَّوْبِ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ فَبِبَعْضِهِ أَشَدُّ رِضًا نَعَمْ إنْ عَيَّنَ الْبَائِعَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِقَصْدِهِ مُحَابَاتَهُ (فَإِنْ قَالَ بِعْ) هَذِهِ (الْأَعْبُدَ) أَوْ اشْتَرِهِمْ (فَرَّقَ) هُمْ فِي عُقُودٍ (وَجَمَعَ) هُمْ فِي عَقْدٍ أَيْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ؛ إذْ لَا ضَرَرَ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَحَظُّ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ وَلِهَذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ: عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ الْأَحَظَّ مِنْهُمَا فَإِنْ عَدَلَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ (فَإِنْ قَالَ) : بِعْهُمْ أَوْ اشْتَرِهِمْ (صَفْقَةً لَمْ يُفَرِّقْهَا) لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَهُ (أَوْ) قَالَ: بِعْهُمْ (بِأَلْفٍ لَمْ يَبِعْ وَاحِدًا بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ) لِجَوَازِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ أَحَدٌ الْبَاقِينَ بِبَاقِي الْأَلْفِ فَلَوْ بَاعَهُ بِأَلْفٍ صَحَّ، وَقَدْ يَلْحَقُ بِهِ مَا قَدَّمْتُهُ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي (ثُمَّ لَهُ بَيْعُ الْبَاقِينَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ) وَالتَّصْرِيحُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (اُطْلُبْ حَقِّي مِنْ زَيْدٍ فَمَاتَ) زَيْدٌ (لَمْ يُطَالِبْ وَارِثَهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ (أَوْ) اُطْلُبْ حَقِّي (الَّذِي عَلَى زَيْدٍ طَالَبَهُمْ) أَيْ وَرَثَتَهُ وَلَوْ قَالَ طَالَبَهُ كَانَ أَنْسَبَ بِمَا قَبْلَهُ (فَإِنْ لَمْ يَمُتْ جَازَ) لَهُ (الْقَبْضُ مِنْ وَكِيلِهِ) كَيْفَ كَانَ؛ لِأَنَّ دَفْعَ وَكِيلِهِ كَدَفْعِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجُوزُ لَهُ مُطَالَبَتُهُ (وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ مُؤَجَّلًا) فَبَاعَ (فَعَلَيْهِ بَيَانُ الْغُرْمِ) لِئَلَّا يَكُونَ مُضَيِّعًا لِحَقِّهِ (لَا مُطَالَبَتَهُ) فَلَا تَلْزَمُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْأَجَلِ بَلْ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِذْنٍ (وَإِنْ قَالَ: أَعْطِ هَذَا الذَّهَبَ صَائِغًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ تَنْبِيهٍ) بَعْدَ مُطَالَبَةِ الْمُوَكِّلِ لَهُ بِتَبْيِينِهِ (صَارَ ضَامِنًا لَهُ) حَتَّى لَوْ بَيَّنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِ الصَّائِغِ ضَمِنَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ تَلِفَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ وَالِامْتِنَاعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَمْ يَضْمَنْ (وَلَوْ قَالَ بِعْ عَبْدَك مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ عَلَيَّ لَمْ يَصِحَّ الْتِزَامُهُ) ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ وَلَا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ فَلَوْ بَاعَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ لِاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ مَالِكِ الْمَبِيعِ نَعَمْ إنْ تَوَلَّى الْآمِرُ الْعَقْدَ صَحَّ لَكِنْ إنْ تَوَلَّاهُ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُشْتَرِي لَهُ، وَإِلَّا وَقَعَ لَهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ فِيهِمَا، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ فِي الْأُولَى نَقَلَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ إلَّا اسْتِحْقَاقَ الرُّجُوعِ فَسَكَتَ عَنْهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ (أَوْ) قَالَ: بِعْهُ مِنْهُ (بِأَلْفٍ وَأَنَا أَدْفَعُهُ) لَك (فَهَذَا وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ) فَلَوْ بَاعَ صَحَّ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ (أَوْ) قَالَ (اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا) مَثَلًا (فَفَعَلَ مَلَكَهُ الْآمِرُ) وَيُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ إلَيْهِ فِي الثَّوْبِ قَرْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا يَكْفِي هُنَا نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى النِّيَّةِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ كَمَا فِي الْأَصْلِ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيع، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا ثَمَّ لَكِنْ شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ فِيهِ مَا لَيْسَ مُرَادًا كَمَا بَيَّنْتُهُ ثَمَّ (وَرَجَعَ الْمَأْمُورُ) عَلَى الْآمِرِ (بِقِيمَةِ الثَّوْبِ)   [حاشية الرملي الكبير] أَيْ أَوْ جَهِلَهَا (قَوْلُهُ وَحَمَلَهُ ابْنُ النَّقِيبِ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا عَزَلَ أَحَدَ وَكِيلَيْهِ لَمْ يَتَصَرَّفَا حَتَّى يُبَيِّنَ) أَوْ أَكْثَرَ الْوُكَلَاءِ الْعَشَرَةِ أَيْ عَلَى الِاجْتِمَاعِ انْعَزَلَ سِتَّةٌ وَإِذَا عَيَّنَهُمْ فَفِي تَصَرُّفِ الْبَاقِينَ وَجْهَانِ وَإِذَا وَكَّلَ زَيْدًا بِبَيْعٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ قَالَ وَكَّلْت عَمْرًا بِمَا وَكَّلْت بِهِ زَيْدًا فَقِيلَ هُوَ عَزْلٌ لِلْأَوَّلِ وَالْأَصَحُّ لَا [مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْوَكَالَة] (قَوْلُهُ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَخِيَارِ شَرْطٍ مَأْذُونٍ فِيهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَبِعْ ثَانِيًا) أَيْ لِزَوَالِ مِلْكِ مُوَكِّلِهِ عَنْ الْمَبِيعِ بِبَيْعِهِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صَحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ بِمِائَةٍ فَبَاعَ بَعْضَهُ مِنْهُ بِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَصَدَ تَخْصِيصَ الشِّرَاءِ فِي الْمُعَيَّنِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُقَدَّرِ فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا الصِّحَّةَ) كَلَامُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا مَعَ تَقْدِيرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَظُّ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ قَالَ أَعْطِ هَذَا الذَّهَبَ صَائِغًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ امْتَنَعَ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ امْتِنَاعُهُ بِسَبَبِ نِسْيَانِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ إلَخْ) مَا تَفَقُّهُهُ وَاضِحٌ وَلَكِنَّ كَلَامَهُمْ غَيْرُ شَامِلٍ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا مَثَلًا إلَخْ) أَيْ أَوْ بِدَرَاهِمِك وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ وَكَالَةٌ فِيهِ قَرْضٌ فَيَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الثَّمَنِ وَيُغْتَفَرُ الْجَهَالَةُ بِالْمُقْرِضِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، وَإِنَّمَا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ مَعَ أَنَّهُ قَرْضٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَرْضًا حَقِيقِيًّا بَلْ تَقْدِيرِيٌّ (وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ غَرِمَ الثَّمَنَ) مِنْ مَالِهِ (حَبْسُ الْمَبِيعِ) لِيَغْرَمَ لَهُ مُوَكِّلُهُ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ) عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ (وَإِنْ قَالَ) الْمَدْيُونُ (لِوَكِيلِ غَرِيمِهِ خُذْ) هَذَا (وَاقْضِهِ) بِهِ (صَارَ وَكِيلًا لِلْمَدْيُونِ) فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مَا دَامَ بِيَدِ الْوَكِيلِ، وَلَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ بَقِيَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَدْيُونِ (أَوْ) قَالَ لَهُ (خُذْ) هـ (عَمَّا تُطَالِبُنِي بِهِ لِغَرِيمِي) فَأَخَذَهُ (بَرِئَ) الْمَدْيُونُ وَلَا اسْتِرْدَادَ لَهُ (وَكَذَا) يَبْرَأُ (لَوْ قَالَ) لَهُ (خُذْهُ قَضَاءً) لِدَيْنِ غَرِيمِي وَفِي نُسْخَةٍ خُذْهُ قَضَاءً أَيْ الْغَرِيمَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ غَرِيمُهُ فِي إرَادَةِ التَّوْكِيلِ صُدِّقَ وَلَيْسَ مُرَادًا فَقَدْ صَرَّحَ أَصْلُهُ بِأَنَّ الْمُصَدَّقَ فِيهِ الْمَدْيُونُ بِيَمِينِهِ (وَإِنْ أَعْطَى) شَخْصٌ (وَكِيلَهُ) شَيْئًا (لِيَتَصَدَّقَ) بِهِ (فَنَوَى) التَّصَدُّقَ (عَنْ نَفْسِهِ وَقَعَ لِلْآمِرِ) وَلَغَتْ النِّيَّةُ (وَلَوْ وَكَّلْت) أَنْت (عَبْدًا يَشْتَرِي لَك نَفْسَهُ) أَوْ مَالًا آخَرَ مِنْ سَيِّدِهِ (صَحَّ) كَمَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهِ، (وَلَزِمَهُ التَّصْرِيحُ بِاسْمِك) بِأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْت نَفْسِي أَوْ كَذَا مِنْك لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ (كَمَا يَلْزَمُك التَّصْرِيحُ بِاسْمِهِ إنْ وَكَّلَك فِي شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ) بِأَنْ تَقُولَ: اشْتَرَيْت عَبْدَك مِنْك لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالِاسْمِ فِيهِمَا (وَقَعَ عَقْدُهُ لَهُ) لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ الْعِتْقَ فَلَا يَنْدَفِعُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ (وَ) وَقَعَ (عَقْدُك لَك) ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ لَا يَرْضَى بِعَقْدٍ يَتَضَمَّنُ الْإِعْتَاقَ قَبْلَ تَوْفِيرِ الثَّمَنِ وَصَوَّرَ الْقَفَّالُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى بِأَنْ يُوَكِّلَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ إذْنٌ لَهُ فِي الشِّرَاءِ (وَلَوْ قَالَ أَسْلِمْ لِي فِي كَذَا) وَأَدِّ رَأْسَ الْمَالِ (مِنْ مَالِك وَارْجِعْ عَلَيَّ) بِهِ فَفَعَلَ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالْإِقْبَاضِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ قَبْضٌ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ كَدَيْنِهِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ وَبِأَنَّ الْمُوَكِّلَ هُنَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَدَعْوَى أَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الْآمِرِ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ التَّقْدِيرِيَّةَ لَا تُعْطَى حُكْمَ الْأَشْيَاءِ الْمُحَقَّقَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُضَيَّقِ فِيهَا، وَهَذَا كَمَا أَنَّا فِي بَابِ الرِّبَا لَا نَكْتَفِي بِالْمُمَاثَلَةِ التَّقْدِيرِيَّةِ فَكَذَا هُنَا لَا نَكْتَفِي بِالْقَبْضِ التَّقْدِيرِيِّ وَلِهَذَا لَوْ أَحَالَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَكْفِ كَمَا مَرَّ وَفِي النَّفْسِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ (وَإِذَا أَبْرَأَ وَكِيلُ الْمُسْلِمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَبْرَأْ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَبْرَ وَوَجْهُهُ أَنْ يُقَدَّرَ دُخُولُ الْجَازِمِ بَعْدَ إبْدَالِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: لَسْت وَكِيلًا، وَالسَّلَمُ لَك) وَأَبْرَأْتنِي مِنْهُ (نَفَذَ الْإِبْرَاءُ ظَاهِرًا أَوْ تَعَطَّلَ) بِذَلِكَ (حَقُّ الْمُسْلِمِ وَغَرِمَ) لَهُ (الْوَكِيلُ بِرَأْسِ الْمَالِ) أَيْ قِيمَتَهُ (لِلْحَيْلُولَةِ) فَلَا يَغْرَمُ بَدَلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَيْ لَا يَكُونَ اعْتِيَاضًا عَنْهُ (وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي طَعَامًا حُمِلَ) فِي كُلِّ مَكَان (عَلَى الْعُرْفِ) فِيهِ (إنْ كَانَ) فِيهِ عُرْفٌ كَالْحِنْطَةِ بِمَكَّةَ، أَوْ مِصْرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ كَمَا فِي طَبَرِسْتَانَ لَمْ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي مَجْهُولٍ (وَإِنْ قَالَ أَبْرِي غُرَمَائِي) وَكَانَ مِنْ غُرَمَائِهِ (لَمْ يُبْرِ نَفْسَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ أَمْرِ الْمُخَاطِبِ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ قَالَ وَإِنْ شِئْت فَأَبْرِ نَفْسَك فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وُكِّلَ الْمَدْيُونُ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ (أُعْطِ ثُلُثِي لِلْفُقَرَاءِ أَوْ) أَعْطِهِ (نَفْسَك إنْ شِئْت لَمْ يُعْطِ نَفْسَهُ) لِمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (لِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) ، قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ مَعَ أَنَّهُ قَرْضٌ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ. اهـ. وَأَشَارَ بِهِ إلَى الْخِلَافِ فِي الْقَرْضِ الْمُتَقَوِّمِ هَلْ الْوَاجِبُ الْمِثْلُ الصُّورِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الْقِيمَةُ فَالْوَاجِبُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ الْمِثْلُ لَا الْقِيمَةُ وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ وَالْحِجَازِيِّ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ بِبَدَلِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِوَكِيلِ غَرِيمِهِ: خُذْ هَذَا وَاقْضِهِ بِهِ) أَيْ أَوْ ادْفَعْهُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ غَرِيمُهُ إلَخْ) لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا قَضِيَّتُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْت نَفْسِي إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ تَقَدُّمِ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ قَبْلَ الشِّرَاءِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: أَسْلِمْ كَذَا مِنْ مَالِك إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَكِنْ لَوْ قَالَ اسْتَلِفْ لِي كَذَا فِي الذِّمَّةِ وَأَسْلِمْهُ لِي فِي كُرٍّ مِنْ طَعَامٍ فَلَمَّا تَمَّ قَالَ: اقْضِ هَذَا الثَّمَنَ عَنِّي مِنْ مَالِك فَفَعَلَ صَحَّ (فَرْعٌ) وَلَوْ وَكَّلَا رَجُلًا فِي بَيْعٍ وَقَالَا: لَا تَبِعْ إلَّا بِحَضْرَةِ فُلَانٍ أَوْ بِعْ بِحَضْرَتِهِ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْبَتِهِ بَطَلَ وَلَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا فِي ذِمَّتِك فَاشْتَرَى صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ عُيِّنَ الْعَبْدُ، أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ وَبَرِئَ مِنْ دَيْنِهِ وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ تَلِفَ مِنْ ضَمَانِ الْآمِرِ، وَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا فَأَخَذَ الْوَكِيلُ فَرَسًا، وَبَعَثَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ عَلَى يَدِ ثَالِثٍ وَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالِاسْتِيَامِ فَاسْتَامَ وَبَعَثَهُ ضَمِنَهُ الْمُوَكِّلُ فَقَطْ وَلَوْ رَكِبَهُ الثَّالِثُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْمُوَكِّلُ وَاسْتَامَ بِنَفْسِهِ وَبَعَثَ ضِمْنَ وَلَوْ رَكِبَهُ الثَّالِثُ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَمَرَهُ الْبَائِعُ بِالْبَعْثِ بِلَا اسْتِيَامٍ، وَلَمْ يَرْكَبْ الثَّالِثُ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ رَكِبَ الثَّالِثُ ضَمِنَ. وَلَوْ قَالَ: رَكِبْت بِالْإِذْنِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ دَفَعَ شَيْئًا إلَى آخَرَ لِيَحْمِلَهُ إلَى بَلَدٍ وَيَبِيعَهُ، وَرَدَّهُ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ ثَانِيًا بِلَا رَدٍّ إلَى الْمَالِكِ، وَلَا إذْنٍ جَدِيدٍ صَارَ ضَامِنًا وَلَوْ بَاعَ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَوْ دَفَعَ دِينَارًا إلَى آخَرَ لِيَدْفَعَهُ لِغَرِيمِهِ فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ احْفَظْهُ لِي فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الدَّافِعِ لَا مِنْ ضَمَانِ الْغَرِيمِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَقَالَ لِلْمَدْيُونِ: اشْتَرِ كُلَّ يَوْمٍ شَعِيرًا بِدِرْهَمٍ، وَأَطْعِمْهُ حِمَارِي فَقَالَ الْمَأْمُورُ: اشْتَرَيْت وَأَطْعَمْت، وَأَنْكَرَ الْآمِرُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَوْ دَفَعَ دَابَّةً إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهَا فَرَكِبَهَا لِلِانْتِفَاعِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَلَبِسَهُ أَوْ ارْتَدَى بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ يَخَافُ الضَّيَاعَ لَوْ لَمْ يَلْبَسْ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى بَزَّازٍ لِيَبِيعَهُ جَازَ لَهُ الدَّفْعُ إلَى الدَّلَّالِ لِيَعْرِضَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا فِي ذِمَّتِك فَاشْتَرَى صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ كَتَبَ عَلَيْهِ الْأَصَحُّ عَدَمُ وُقُوعِهِ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ لِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) أَيْ الْإِقْبَاضَ وَالْقَبْضَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ الْآتِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 بِأَوْ أَنَّ ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ، وَلَا حَرَجَ، وَيُحْتَمَلُ جَعْلُهَا لِلتَّخْيِيرِ فَيَكُونُ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً فَيُوَافِقُ قَوْلَ الْأَصْلِ، وَلَوْ قَالَ فَرِّقْ ثُلُثِي عَلَى الْفُقَرَاءِ وَإِنْ شِئْت أَنْ تَضَعَهُ فِي نَفْسِك فَافْعَلْ فَعَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ الْمَنْعِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا أَمَّا النَّقْلُ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْجَوَازِ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ وَرَجَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَأَمَّا التَّوْجِيهُ فَالرَّافِعِيُّ وَجَّهَ الْحُكْمَ ثَمَّ بِتَوْجِيهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَضَادُّ الْغَرَضَيْنِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا بَلْ فِيهِ وَفَاءٌ بِمَقْصُودِ الْآذِنِ، وَالثَّانِي: اتِّحَادُ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تَوْكِيلٌ فِي صِيغَةِ عَقْدٍ فَيُؤَدِّي إلَى الِاتِّحَادِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا (وَإِنْ قَالَ: بِعْ هَذَا ثُمَّ هَذَا لَزِمَهُ التَّرْتِيبُ) امْتِثَالًا لِأَمْرِ مُوَكِّلِهِ فَلَوْ عَكَسَ فَسَدَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَكَانَ كَالْعَدَمِ، وَصَحَّ الثَّانِي كَمَا لَوْ بَاعَهُ أَوَّلًا، وَهَلْ لَهُ بَيْعُ الْآخَرِ بَعْدُ، فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ نَعَمْ (وَيَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ جُعْلَهُ) إنْ شَرَطَ لَهُ مُوَكِّلُهُ جُعْلًا (وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ) أَيْ الثَّمَنُ (مَعَهُ) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِالْعَمَلِ وَقَدْ عَمِلَ (وَإِنْ بَلَغَهُ أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَهُ وَصَدَّقَ) الْمُخْبِرَ (تَصَرَّفَ) بِالْوَكَالَةِ جَوَازًا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْحَاكِمُ قَوْلَ الْمُخْبِرِ (لَا إنْ كَذَّبَ) الْمُخْبِرَ فَلَا يَتَصَرَّفُ بِالْوَكَالَةِ (وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ وَكَذَا إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ بَلْ تَرَدَّدَ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ (وَإِنْ سَأَلَ) الْوَكِيلُ (مِنْ الْمُوَكِّلِ الْإِشْهَادَ) عَلَى نَفْسِهِ بِتَوْكِيلِهِ فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ (حَيْثُ يُضْمَنُ) يَعْنِي فِيمَا يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ (بِجُحُودِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبْضِ الْمَالِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ (لَزِمَهُ) بَعْدَ التَّصَرُّفِ أَوْ إنْ أَرَادَ بَقَاءَ الْوَكَالَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَا يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ بِجُحُودِ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ كَإِثْبَاتِ الْحَقِّ وَطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَمُقَاسَمَةِ الشَّرِيكِ (فَلَا) يَلْزَمُهُ (وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ جَارِيَةٍ لِيَطَأَهَا لَمْ يَشْتَرِ لَهُ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ) كَأُخْتِهِ وَأُخْتِ مَوْطُوءَتِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَحُذِفَ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ هُنَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ أَنْ يُعَيِّنَهَا لِذِكْرِهِ لَهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الْأَنْسَبِ بِهِ [الْبَابُ الثَّالِثِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ وَصِفَتِهَا] (الْبَابُ الثَّالِثِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ وَصِفَتِهَا) (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي) أَصْلِ (الْوَكَالَةِ) كَأَنْ قَالَ وَكَّلْتنِي فِي كَذَا فَأَنْكَرَ (أَوْ فِي صِفَتِهَا) كَأَنْ قَالَ وَكَّلْتنِي فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً أَوْ الشِّرَاءِ بِعِشْرِينَ فَقَالَ بَلْ نَقْدًا أَوْ بِعَشَرَةٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْوَكِيلُ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَعْرَفُ بِحَالِ الْإِذْنِ الصَّادِرِ مِنْهُ. (فَرْعٌ) لَوْ (اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِعِشْرِينَ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ إنَّمَا أَذِنْت بِعَشَرَةٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِمَا مَرَّ (وَبَطَلَ الشِّرَاءُ إنْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ، وَ) كَانَ (الشِّرَاءُ لَهُ بِعَيْنِ مَالِهِ وَسَمَّاهُ) الْوَكِيلُ (فِي الْعَقْدِ، وَقَالَ) فِيهِ (الْمَالُ لَهُ وَكَذَا) يَبْطُلُ الشِّرَاءُ (إنْ نَوَاهُ) الْأَوْفَقُ بِكَلَامٍ أَصْلُهُ إنْ لَمْ يُسَمِّهِ فِي الْعَقْدِ، وَقَالَ بَعْدَهُ اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ وَالْمَالُ لَهُ (وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالتَّسْمِيَةِ فِي الْأُولَى وَبِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الْعَقْدَ لِلْمُوَكِّلِ وَثَبَتَ بِيَمِينِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي التَّصَرُّفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتَبْقَى الْجَارِيَةُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ إنْ أَخَذَهُ وَلَا رَيْبَ أَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ مُلْحَقَةٌ بِمَا ذُكِرَ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ بَطَلَ أَيْضًا، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ إذَا لَمْ يُوَافِقْ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى وَكَالَتِهِ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا فَالْجَارِيَةُ بِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ التَّلَطُّفُ الْآتِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ. (وَإِنْ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ) فِيمَا قَالَ بِأَنْ قَالَ لَسْت وَكِيلًا فِي الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ (وَحَلَفَ) أَيْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ (فَيُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ) لِلشِّرَاءِ (ظَاهِرًا لِلْوَكِيلِ وَيُسَلِّمُ لَهُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ نَعَمْ) هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ لَا إنْ كَذَبَ الْمُخْبِرُ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ) يَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِأَنْ تَسْبِقَ دَعْوَاهُ الْوَكَالَةُ وَطَلَبَ الشَّهَادَةَ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ لَوْ تَعَلَّقَ بِشَخْصٍ وَقَالَ: أَنْت وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَكَالَتِهِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقٌّ لَهُ فَكَيْفَ تُقَامُ بِهَا بَيِّنَةٌ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَشْهُورُ لَهُ قَدْ ادَّعَى غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى الْوَكَالَةَ لَا يُمْكِنُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ بِصِدْقِ الشَّاهِدَيْنِ وَكَذِبِهِمَا وَبِأَنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ قَبُولَهَا عِنْدَ زَيْدٍ خَبَرٌ، وَعِنْدَ الْحَاكِمِ شَهَادَةٌ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ حِسْبَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ عَمْرًا الْغَائِبَ وَكَّلَ زَيْدًا فَإِذَا رَدَّ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُمَا لِلْمُبَادَرَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى زَيْدٍ الْعَمَلُ بِالْوَكَالَةِ بِخَبَرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ خُصُوصِ الشَّهَادَةِ بُطْلَانُ عُمُومِ كَوْنِ ذَلِكَ خَبَرًا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ لِزَيْدٍ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَنْ يَعْمَلَ بِمُقْتَضَى الْوَكَالَةِ وَيَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ فَرْعٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ بَادَرَ عَدْلٌ وَاحِدٌ، وَشَهِدَ فَرَدَّهُ الْحَاكِمُ وَوَقَعَ فِي قَلْبِ زَيْدٍ صِدْقُهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي التَّوْكِيلِ يَجُوزُ كَمَا قَالُوهُ فِي نَقْلِ الْإِذْنِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا مَثَّلَ الرَّافِعِيُّ بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ لِكَوْنِهَا وِلَايَةً (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الِاخْتِلَافِ) (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ) صُورَةٌ لِمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْإِخْلَافُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ فَيُخَاصِمُهُ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْوَكَالَةَ فَأَنْكَرَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِنَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ انْعَزَلَ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْفَارِقِيِّ، وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَعْرَفُ بِحَالِ الْإِذْنِ الصَّادِرِ) ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي شَيْءٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهَا بِجُعْلٍ أَمْ لَا فَفِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ. [فَرْعٌ اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِعِشْرِينَ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ إنَّمَا أَذِنْت بِعَشَرَةٍ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِعِشْرِينَ) أَيْ، وَهِيَ تُسَاوِي عِشْرِينَ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الشِّرَاءُ لَهُ بِعَيْنِ مَالِهِ) مِثْلَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِ مَالِهِ مَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْته لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ) ، وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ وَحَلَفَ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 أَيْ لِلْبَائِعِ (الْوَكِيلُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ وَيَرُدُّ لِلْمُوَكِّلِ مِثْلَ مَالِهِ) الَّذِي سَلَّمَهُ لِلْبَائِعِ وَحُذِفَ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ مَا قَدَّرْته بَعْدُ وَحَلَفَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَالْحَلِفُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى حَسْبِ الْجَوَابِ، وَهُوَ إنَّمَا أَجَابَ بِالْبَتِّ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَيْضًا الِاقْتِصَارُ عَلَى تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ الْوَكَالَةِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَهَا وَاعْتَرَفَ بِأَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ كَانَ كَافِيًا فِي إبْطَالِ الْبَيْعِ فَيَنْبَغِي الْحَلِفُ عَلَيْهِمَا كَمَا يُجِيبُ بِهِمَا بَلْ يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَى الْمَالِ وَحْدَهُ لِمَا ذَكَرْنَا لَكِنْ أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْإِثْبَاتَ إذَا اسْتَلْزَمَ النَّفْيَ جَازَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تَحْلِيفَهُ عَلَى الْبَتِّ يَسْتَلْزِمُ مَحْذُورًا، وَهُوَ تَحْلِيفُهُ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَسْت وَكِيلًا فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ غَيْرَك لَمْ يُوَكِّلْك وَأُجِيبَ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْمَالُ لِلْوَكِيلِ بِمُقْتَضَى الْأَصْلِ، وَهُوَ ثُبُوتُ يَدِهِ عَلَيْهِ فَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ أَنَّهُ لِلْغَيْرِ بِمَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ (وَإِنْ كَانَ) الشِّرَاءُ لَهُ (فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّهِ) الْوَكِيلُ فِي الْعَقْدِ (بَلْ نَوَاهُ، وَقَعَ لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (ظَاهِرًا) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ بَطَلَ الشِّرَاءُ كَنَظِيرِهِ الْآتِي وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلُ فَلَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ ذَلِكَ (وَإِنْ سَمَّاهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ) فِي تَسْمِيَتِهِ (بَطَلَ) الشِّرَاءُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لِلْغَيْرِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِيَمِينِ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ. (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَائِعُ بَلْ كَذَّبَهُ بِأَنْ قَالَ أَنْتَ مُبْطِلٌ فِي تَسْمِيَتِهِ أَوْ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ (وَقَعَ) الشِّرَاءُ (لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (ظَاهِرًا ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ صَادِقًا فَالْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ بَاطِنًا) وَلِلْوَكِيلِ عَلَيْهِ الثَّمَنُ (أَوْ) كَانَ (كَاذِبًا وَالشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ فَالْمِلْكُ لَهُ أَوْ بِالْعَيْنِ فَلِلْبَائِعِ) الْمِلْكُ (وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ) حَيْثُ حَكَمَ بِالشِّرَاءِ لِلْوَكِيلِ (أَنْ يَرْفُقَ بِالْمُوَكِّلِ) أَيْ يَتَلَطَّفَ بِهِ (فَيَبِيعَهَا) أَيْ الْجَارِيَةَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَكِيلِ (بِالْعِشْرِينِ) فَإِذَا قَبِلَ الْبَيْعَ مَلَكَهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَذَا فِي الْأَصْلِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِمَا قِيلَ إنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهَا ظَاهِرًا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ كَذِبِ الْوَكِيلِ فَالْجَارِيَةُ لَيْسَتْ لَهُ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا بَلْ لِلْبَائِعِ فَيَحْتَاجُ فِيهِ الْحَاكِمُ إلَى تَلَطُّفِهِ بِالْبَائِعِ أَيْضًا، وَكَذَا فِيمَا لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِي أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِعِشْرِينَ فَالْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ (وَلَا يَكُونُ) بَيْعُ الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورُ (إقْرَارًا) بِمَا قَالَهُ الْوَكِيلُ وَلَوْ أُخِّرَ هَذَا عَمَّا بَعْدَهُ كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ لَشَمَلَهُ أَيْضًا لَكِنَّ حُكْمُهُ مَفْهُومٌ مِنْ الْأَوَّلِ بِالْأَوْلَى (وَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ إنْ كُنْت أَذِنْت لَك) فِي شِرَائِهَا (بِعِشْرِينَ فَقَدْ بِعْتُكهَا بِعِشْرِينَ) فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبِلْت (صَحَّ) الشِّرَاءُ (وَاحْتُمِلَ) هَذَا التَّعْلِيقُ فِي الْمَبِيعِ (لِلضَّرُورَةِ) ؛ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ بِعْتُك إنْ كَانَ مِلْكِي وَيُفَارِقُ عَدَمَ صِحَّةِ النِّكَاحِ فِيمَا لَوْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ فَقَالَ إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا بِاخْتِصَاصِ النِّكَاحِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَبِأَنَّهُ نَزَعَ عِرْقًا مِنْ الْعِبَادَةِ. (فَلَوْ امْتَنَعَ) الْمُوَكِّلُ مِنْ الْإِجَابَةِ أَوْ لَمْ يَرْفُقْ بِهِ الْحَاكِمُ فَقَدْ ظَفِرَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَهُوَ الْجَارِيَةُ (فَلَهُ بَيْعُهَا) بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْحَاكِمِ (وَأَخْذُ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهَا وَكَذَا إنْ اشْتَرَى جَارِيَةً، وَقَالَ الْمُوَكِّلُ) إنَّمَا (أَمَرْت بِغَيْرِهَا) فَيَأْتِي فِيهَا مَا تَقَرَّرَ. (فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ) الْوَكِيلُ (مُؤَجَّلًا) وَزَعَمَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَذِنَ   [حاشية الرملي الكبير] وَلِكُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ اجْتَمَعَا عَلَى الدَّعْوَى حَلَفَ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً وَإِنْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِالدَّعْوَى سُمِعَتْ فَإِنْ نَكَلَ فِي الصُّورَتَيْنِ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ لَا الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ وَحُذِفَ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ مَا قَدَّرْته بَعْدُ وَحَلَفَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ إلَخْ) أَجَابَ الْغَزِّيِّ عَنْهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّزَاعَ وَقَعَ فِي دَعْوَى الْوَكِيلِ عَمَلَهُ بِالْوَكَالَةِ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ حِينَئِذٍ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا أَمَّا إذَا وَقَعَ النِّزَاعُ فِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَا فَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَلِفَ مُطَابِقٌ لِلْجَوَابِ فَإِنَّهُ أَجَابَ بِنَفْيِ التَّوْكِيلِ، وَالْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَيْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ وَلِهَذَا لَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِ فَقَالَ أَبْرَأَنِي حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْبَرَاءَةِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا ادَّعَى ثُبُوتَ الْوَكَالَةِ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَى لِزَيْدٍ بِعَيْنِ مَالِهِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَقَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْت لِنَفْسِك وَالْمَالُ لَك كَانَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمًا لِنَفْيِ الْأَمْرَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَمْ يُوَكِّلْك زَيْدٌ وَلَمْ يُعْطِك مَالًا، وَإِذَا كَانَ الْإِثْبَاتُ مُسْتَلْزِمَ النَّفْيِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مَشْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ وَكِيلٌ وَادَّعَى الْبَائِعُ إنَّك شَرَيْت لِنَفْسِك، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ إذْ النِّيَّةُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا غَيْرُهُ فَلِذَلِكَ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ لَا عَلَى نَفْيِ الشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ إلَخْ) جَزَمَ الْقَمُولِيُّ بِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْته لَهُ وَالْمَالُ لَهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَنَّ الْعَقْدَ يَبْطُلُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ لِلْمُوَكِّلِ وَثُبُوتِ كَوْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِيَمِينِهِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّ وَكِيلَهُ بَاعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَنَازَعَهُ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَمَّاهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ بَطَلَ) مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ قَبْلَهُ مِنْ تَصْحِيحِ الْوُقُوعِ عَنْ الْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ الْمُخَالِفِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَسُمِّيَ الْمُوَكِّلُ وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْمُوَكِّلِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الشِّرَاءِ فَإِذَا سَمَّاهُ وَلَمْ يُمْكِنْ صَرْفُهُ إلَيْهِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْهَبَ هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ فَإِنَّهَا مَفْرُوضَةٌ هُنَا فِي تَصْدِيقِهِ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لِلْغَيْرِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بَلْ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَاحْتُمِلَ هَذَا التَّعْلِيقُ فِي الْبَيْعِ لِلضَّرُورَةِ) هَذِهِ الصُّورَةُ كَمَا خَرَجَتْ عَنْ قَاعِدَةِ الْبَيْعِ بِالتَّعْلِيقِ كَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ مَجْلِسٍ وَلَا شَرْطٍ لِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ بِأَنَّهَا لِلْوَكِيلِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ لِغَيْرِ الْوَكِيلِ وَلِذَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ بَيْعُهَا، وَأَخْذُ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهَا) ، وَأَنْ يُؤَجِّرَهَا وَيَأْخُذَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ ثُمَّ يَرُدَّهَا لِلْمُوَكِّلِ ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 لَهُ فِيهِ فَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ كَمَا مَرَّ (وَ) إذَا (حَلَفَ الْمُوَكِّلُ) أَنَّهُ (مَا أَذِنَ لَهُ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي) ، وَقَدْ أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ أَنَّهُ (مَا عَلِمَهُ وَكِيلًا أَوْ) لَمْ يَحْلِفْ لَكِنْ (نَكَلَ الْمُوَكِّلُ عَنْ) الْيَمِينِ (الْمَرْدُودَةِ) عَلَيْهِ مِنْ الْمُشْتَرِي (قُرِّرَ الْبَيْعُ) لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَ) إذَا قُرِّرَ الْبَيْعُ فِيمَا ذُكِرَ (غَرِمَ الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ الْقِيمَةَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ أَوْ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (وَعِنْدَ الْحُلُولِ) لِلْأَجَلِ إذَا لَمْ يَرْجِعْ الْوَكِيلُ عَنْ قَوْلِ الْأَوَّلِ (يُطَالَبُ) الْمُشْتَرِي (بِالثَّمَنِ) فَلَا يُطَالِبُهُ قَبْلَهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِمُقْتَضَى تَصَرُّفِهِ (وَيَسْتَوْفِي مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ (مَا غَرِمَ) لِلْمُوَكِّلِ (فَإِنْ زَادَ) الثَّمَنُ عَلَى مَا غَرِمَ (فَهُوَ مُقِرٌّ بِالزَّائِدِ لِمَنْ لَا يَدَّعِيهِ) ، وَهُوَ الْمُوَكِّلُ (وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ) فِي الْإِقْرَارِ (وَإِنْ رَجَعَ الْوَكِيلُ) عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ (وَصَدَّقَ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ فَهُوَ مُوجَبٌ عَقْدِهِ فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فِيمَا يَلْزَمُ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْغَيْرِ أَوْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ، وَهِيَ مَا غَرِمَهُ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اعْتَرَفَ آخِرًا بِفَسَادِ الْعَقْدِ (وَإِنْ اعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ وَصَدَّقَ الْمُوَكِّلَ) فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ فِي الْبَيْعِ مُؤَجَّلًا (أَوْ كَذَّبَهُ وَحَلَفَ الْمُوَكِّلُ حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ) فَعَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ فَإِنْ تَلِفَ فَالْمُوَكِّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ غَرَّمَ الْوَكِيلَ لِتَعَدِّيهِ، وَإِنْ شَاءَ غَرَّمَ الْمُشْتَرِيَ، وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُوَكِّلُ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَبَقِيَ الْعَقْدُ لَهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (فَصْلٌ) لَوْ (ادَّعَى الْوَكِيلُ التَّصَرُّفَ) كَمَا أَذِنَ الْمُوَكِّلُ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ تَصَرُّفَهُ (فَالْقَوْلُ بَعْدَ عَزْلِهِ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ) بِيَمِينِهِ (وَكَذَا قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّصَرُّفِ؛ وَلِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي الْأُولَى غَيْرُ مَالِكٍ لِلتَّصَرُّفِ (وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى التَّصَرُّفِ) وَلَكِنْ (قَالَ) الْمُوَكِّلُ (عَزَلْتُك قَبْلَهُ) ، وَقَالَ الْوَكِيلُ بَلْ بَعْدَهُ (فَكَدَعْوَى) الْمُطَلِّقِ زَوْجَتَهُ رَجْعِيًّا (أَنَّهُ رَاجَعَ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (وَهِيَ تُنْكِرُهَا) أَيْ تُنْكِرُ الْمُرَاجَعَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَفِي نُسْخَةٍ، وَقَالَتْ بَعْدَهَا فَيُقَالُ إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْعَزْلِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ الْوَكِيلُ بِعْت قَبْلَهُ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَهُ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ فِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْبَيْعَ قَبْلُ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْبَيْعِ وَاخْتَلَفَا فِي الْعَزْلِ فَالْمُصَدَّقُ الْوَكِيلُ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ بَلْ اقْتَصَرَا عَلَى تَقْدِيمِ الْبَيْعِ وَتَأْخِيرِهِ عَنْ الْعَزْلِ صُدِّقَ مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى، وَلَوْ وَقَعَ كَلَامُهُمَا مَعًا صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِتَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا لَوْ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ فَبَاعَ وَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ الْإِذْنِ وَاخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ رَجَعْت قَبْلَ الْبَيْعِ، وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ بَعْدَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ وَضْعُهُ التَّصَرُّفُ مِنْ حَيْثُ الْوَكَالَةُ فَقَوِيَ جَانِبُهُ فَصُدِّقَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ مِنْ حَيْثُ الرَّهْنِيَّةُ لَيْسَ وَضْعُهُ ذَلِكَ بَلْ وَضْعُهُ وَفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ الرَّهْنِ أَوْ غَيْرِهِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا لَيْسَتْ شَبِيهَةً بِمَسْأَلَةِ الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَهُنَا حَصَلَ التَّصَرُّفُ وَتَعَلَّقَ الْحَقُّ بِثَالِثٍ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُوَكِّلِ مَعَ الْوَكِيلِ لَا فِيهِ مَعَ الْمُشْتَرِي. (وَإِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ بِعْت عَلَى) بِمَعْنَى مِنْ (زَيْدٍ فَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ) الْبَيْعَ (وَصَدَّقَ زَيْدٌ الْمُوَكِّلَ حُكِمَ بِالْبَيْعِ) مِنْهُ (وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ زَيْدٍ. (فَرْعٌ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَلَوْ بِجُعْلٍ مَقْبُولٌ) بِيَمِينِهِ (فِي) دَعْوَى (التَّلَفِ وَرَدِّ الْمُعَوَّضِ وَالْعِوَضِ عَلَى الْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي؛ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِلَا جُعْلٍ فَقَدْ أُخِذَ الْمَالُ لِمَحْضِ غَرَضِ الْمَالِكِ كَالْمُودَعِ أَوْ بِجُعْلِ فُلَانَةَ إنَّمَا أَخْذُ الْعَيْنِ لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ وَانْتِفَاعِهِ هُوَ إنَّمَا هُوَ بِالْعَمَلِ فِيهَا لَا بِهَا نَفْسِهَا (وَ) فِي   [حاشية الرملي الكبير] مَا لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ كَاذِبًا وَاشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ غُرْمٌ لِلْمُوَكِّلِ وَقَدْ أَخَذَ الْبَائِعُ مَالَهُ وَتَعَذَّرَ الرَّدُّ. [فَرْعٌ بَاعَ الْوَكِيلُ مُؤَجَّلًا وَزَعَمَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَذِنَ لَهُ فِيهِ فَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ] (قَوْلُهُ: وَإِذَا حَلَفَ الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ لَهُ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي مَا عَلِمَهُ وَكِيلًا) أَيْ وَلَا بَيِّنَةَ تَشْهَدُ لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ وَلَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ لَهُ بِهِ قُبِلَ الْبَيْعُ مِنْ الْمُنْكِرِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) سَيَأْتِي هَذَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ) قَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. [فَصْلٌ ادَّعَى الْوَكِيلُ التَّصَرُّفَ كَمَا أَذِنَ الْمُوَكِّلُ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ تَصَرُّفَهُ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّصَرُّفِ) ؛ وَلِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ بِتَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ إلَخْ) وَجْهُ تَصْدِيقِهِ أَنَّ الْأَصْلَ لَا بَيْعَ قَبْلَ الرُّجُوعِ وَلَا رُجُوعَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيَتَعَارَضَانِ وَسُلِّمَ أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الرَّهْنِ. [فَرْعٌ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَلَوْ بِجُعْلٍ مَقْبُولٌ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ] (قَوْلُهُ: فَرْعُ قَوْلِ الْوَكِيلِ إلَخْ) دَخَلَ فِي عِبَارَتِهِ الْوَكِيلُ الَّذِي هُوَ ضَامِنٌ لِمُوَكِّلِهِ دَيْنًا وَبِهِ أَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ وَجَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ قَالَ وَلَا يُتَخَيَّلُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ الدَّيْنَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ ثُبُوتُ قَبْضِهِ إمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِتَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّ وَكِيلَهُ بَاعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجُعْلٍ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِجُعْلٍ إلَى الْخِلَافِ لَكِنَّهُ فِي الرَّدِّ لَا التَّلَفِ (قَوْلُهُ: فِي دَعْوَى التَّلَفِ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُودَعِ (قَوْلُهُ: وَرَدِّ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ) قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا إذَا ادَّعَى الرَّدَّ مَعَ بَقَاءِ وِلَايَتِهِ أَمَّا لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ عَزْلِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ مُتَابِعٌ لِشَيْخِهِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ مَحَلُّهُ حَالَ قِيَامِ الْوَكَالَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعَزْلِ فَلَا وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَدَمُ الْفَرْقِ. اهـ. وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُودَعِ، وَهُوَ نَظِيرُهُ وَكُتِبَ عَلَى قَوْلِ السُّبْكِيّ وَيَعْضُدُهُ قَوْلُ الْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ إنَّ قَيِّمَ الْوَقْفِ إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي الِاسْتِدَانَةِ مَا دَامَ قَيِّمًا فَإِذَا انْعَزَلَ لَا يُقْبَلُ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، وَكَتَبَ أَيْضًا مَحَلُّ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ إذَا لَمْ تَبْطُلْ أَمَانَتُهُ أَمَّا لَوْ طَالَبَهُ الْمُوَكِّلُ فَقَالَ مَا قَبَضْته مِنْك فَأَقَامَ الْمُوَكِّلُ بَيِّنَةً بِقَبْضِهِ فَقَالَ رَدَدْته إلَيْك أَوْ تَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي الرَّدِّ وَدَعْوَى الْجَابِي تَسْلِيمَ مَا جَبَاهُ لِلَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَى الْجِبَايَةِ مَقْبُولٌ وَكُتِبَ أَيْضًا مِثْلُ الْوَكِيلِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَاهُ عَلَى غَيْرِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 دَعْوَى الرَّدِّ (عَلَى رَسُولِهِ) بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ رَسُولِهِ بِيَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الرَّدَّ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْتَمِنْهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ الْوَكِيلُ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ قَبَضْته وَتَلِفَ) فِي يَدِي أَوْ دَفَعْته إلَى مُوَكِّلِي (فَكَذَّبَهُ) الْمُوَكِّلُ (حَلَفَ الْمُوَكِّلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِقَبْضِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ (وَ) إذَا حَلَفَ (طَالَبَ الْغَرِيمَ) بِالدَّيْنِ (وَلَا رُجُوعَ لِلْغَرِيمِ عَلَى الْوَكِيلِ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ. (وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ وَادَّعَى قَبْضَ الثَّمَنِ وَتَلِفَ) فِي يَدِهِ أَوْ دَفَعَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ فَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ (فَإِنْ كَانَ) اخْتِلَافُهُمَا (قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ) بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا (أَوْ بَعْدَهُ وَالثَّمَنُ حَالٌّ صُدِّقَ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَدَّعِي خِيَانَتَهُ بِالتَّسْلِيمِ) لِلْمَبِيعِ (قَبْلَ الْقَبْضِ) وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ طَالَبْتُك بِرَدِّ الْمَالِ فَامْتَنَعْت مُقَصِّرًا إلَى أَنْ تَلِفَ، وَقَالَ الْوَكِيلُ لَمْ تُطَالِبْنِي أَوْ لَمْ أُقَصِّرْ (بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي إقْبَاضِهِ) لِلْمَبِيعِ (قَبْلُ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ (أَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ) بَعْدَ الْأَجَلِ فَالْمُصَدَّقُ الْمُوَكِّلُ لِعَدَمِ خِيَانَةِ الْوَكِيلِ بِالتَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ (فَإِذَا) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (حَلَفَ) فِيمَا صُدِّقَ فِيهِ (فَفِي بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي) مِنْ الثَّمَنِ (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ نَعَمْ؛ لِأَنَّا قَبِلْنَا قَوْلَ الْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ فَكَيْفَ نُوجِبُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي قَالَ، وَهُوَ مَا حَكَاهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ لَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ، وَإِنَّمَا قَبِلْنَا قَوْلَ الْوَكِيلِ فِي حَقِّهِ لِائْتِمَانِهِ إيَّاهُ وَعَلَى نَقْلِ هَذَا اقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (فَإِنْ خَرَجَ) الْمَبِيعُ (مُسْتَحَقًّا رَجَعَ) الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ (عَلَى الْوَكِيلِ) ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُوَكِّلِ لِإِنْكَارِهِ قَبْضَ الثَّمَنِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْعُهْدَةِ مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةَ كُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ مَا هُنَا يُخَالِفُ مَا هُنَاكَ. (وَلَا رُجُوعَ لِلْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ بِيَمِينِهِ) الَّتِي دَفَعَتْ عَنْهُ الْغُرْمَ (لَا تُثْبِتُ لَهُ حَقًّا عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ بَانَ) الْمَبِيعُ (مَعِيبًا وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكِّلِ وَغَرَّمَهُ) الثَّمَنَ (لَمْ يَرْجِعْ) بِهِ (عَلَى الْوَكِيلِ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا (وَكَذَا عَكْسُهُ) بِأَنْ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ وَغَرَّمَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِنَا الْوَكِيلَ فِي الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ بِيَمِينِهِ أَنْ نُثْبِتَ لَهُ بِهَا حَقًّا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَتَيْ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ جَارٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ، وَهُوَ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ تَغْرِيمٌ عَلَى الثَّانِي وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِبَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي وَبِأَنَّ مَعِيبًا إلَى آخِرِهِ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لَكِنْ قَدَّمَهُ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا، وَقَدَّمَ مِنْهُمَا الثَّانِيَةَ. وَالْوَجْهُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ تَفْرِيعُهَا بِالْأَوَّلِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَصِحُّ اخْتِصَاصُ تَفْرِيعِهَا بِهِ نَظَرًا لِجَوَازِ التَّغْرِيمِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الثَّانِي لَكِنَّ التَّغْرِيمَ لَيْسَ هُوَ الْحُكْمُ الْمَطْلُوبُ. (وَإِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ) لِلْوَكِيلِ (قَبَضْت الثَّمَنَ) فَادْفَعْهُ لِي فَأَنْكَرَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِهِ (وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي لِاعْتِرَافِهِ بِقَبْضِ وَكِيلِهِ لَكِنْ إنْ تَعَدَّى الْوَكِيلُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ غَرَّمَهُ) الْمُوَكِّلُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ لِلْحَيْلُولَةِ فَلَا يُشْكِلُ بِكَوْنِ الْقِيمَةِ قَدْ تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي لَا يُسْتَحَقُّ غَيْرُهُ. [فَصْلٌ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ بِمَالٍ دَفَعَهُ لَهُ فَقَضَاهُ فِي غَيْبَتِهِ فَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ] (فَصْلٌ) لَوْ (وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ) بِمَالٍ دَفَعَهُ لَهُ (فَقَضَاهُ فِي غَيْبَتِهِ) بِدَعْوَاهُ (فَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ) صُدِّقَ الْغَرِيمُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْ الْوَكِيلَ حَتَّى يَلْزَمَهُ تَصْدِيقُهُ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدَّفْعِ، وَإِذَا حَلَفَ طَالَبَ الْمُوَكِّلَ بِحَقِّهِ لَا الْوَكِيلَ، وَإِذَا أَخَذَ مِنْهُ (ضَمِنَ) الْوَكِيلُ (لِلْمُوَكِّلِ) ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْقَضَاءِ (إذَا لَمْ يَشْهَدْ) بِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ (لَا إنْ دَفَعَ) الْوَكِيلُ (بِحَضْرَتِهِ) فَلَا يَضْمَنُ لَهُ شَيْئًا لِنِسْبَةِ التَّقْصِيرِ حِينَئِذٍ إلَى الْمُوَكِّلِ (وَالْقَوْلُ) فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ دَفَعَ بِحَضْرَتِهِ (قَوْلُ الْمُوَكِّلِ) بِيَمِينِهِ فِي (أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَضْرَةِ. (وَإِنْ أَشْهَدَ) الْوَكِيلُ شُهُودًا (وَغَابُوا) أَوْ مَاتُوا أَوْ جُنُّوا أَوْ أَشْهَدَ وَاحِدًا أَوْ مَسْتُورِينَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ إلَخْ) لَوْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الدَّفْعِ إلَى رَسُولِهِ فَهَلْ يَغْرَمُ الْوَكِيلُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ التَّرْجِيحِ فِي نَظَائِرِهِ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ. [فَصْلٌ قَالَ الْوَكِيلُ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ قَبَضْته وَتَلِفَ فِي يَدِي فَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَدَّعِي خِيَانَتَهُ إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَمِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّسْلِيمِ تَصْدِيقُ الْمُوَكِّلِ فِيمَا إذَا وَجَدْنَا السِّلْعَةَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَلَكِنْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ انْتَزَعَهَا مِنْ وَكِيلِهِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الرَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ:، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْعُهْدَةِ إلَخْ) إيضَاحُهُ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَاكَ فِيمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ دَعْوَى قَبْضٍ، وَإِنْكَارٍ مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِيمَا إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ وَتَلِفَ، وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ فَهُنَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِإِنْكَارِهِ الْقَبْضَ، وَكَيْفَ يُتَخَيَّلُ الرُّجُوعُ عَلَى شَخْصٍ لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضٍ، وَلَا إقْبَاضٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِنَا الْوَكِيلَ فِي الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ بِيَمِينِهِ إلَخْ) هَذَا أَصْلٌ بَنِي الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ مَسَائِلَ كَثِيرَةً، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ يَمِينٍ كَانَتْ لِدَفْعِ شَيْءٍ لَا تَتَعَدَّى إلَى إثْبَاتِ غَيْرِهِ حَيْثُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْغَيْرُ مَوْجُودًا. وَمِنْ نَظَائِرِهَا مَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ حُدُوثَ الْعَيْبِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي قِدَمَهُ وَصَدَّقْنَا الْبَائِعَ بِيَمِينِهِ فَلَوْ حَصَلَ انْفِسَاخٌ بِتَحَالُفٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَخْذِ الْأَرْشِ، وَمَا إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ وَطِئَ فِي صُورَةٍ لِعُنَّةٍ فَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الْفَسْخِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَ الْوَطْءِ فَإِذَا حَلَفَ ثُمَّ طَلَّقَ، وَأَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتُوا أَوْ جُنُّوا) أَيْ أَوْ فَسَقُوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 فَبَانَ فِسْقُهُمْ (فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي رُجُوعِ الضَّامِنِ) عَلَى الْأَصِيلِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْإِشْهَادِ أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ الْغَرِيمُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ (وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ الْيَتِيمِ) وَلَوْ حَاكِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (رَدَّ مَالِهِ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدَّفْعِ، وَهُوَ لَمْ يَأْتَمِنْهُ حَتَّى يَلْزَمَهُ تَصْدِيقُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَيِّمِ الْيَتِيمِ وَالْوَصِيِّ لِسَلَامَتِهِ مِنْ إيهَامِ أَنَّ الْجَدَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْأَبُ مَعَ وَلَدِهِ كَذَلِكَ وَالسَّفِيهُ وَالْمَجْنُونُ كَالْيَتِيمِ وَالرُّشْدُ وَالْإِفَاقَةُ كَالْبُلُوغِ. (وَلَوْ امْتَنَعَ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ) كَالْمُودِعِ وَالْوَكِيلِ وَلَوْ بِجُعْلٍ (مِنْ التَّسْلِيمِ) أَيْ تَسْلِيمِ الْمَالِ لِمَالِكِهِ (إلَّا بِالْإِشْهَادِ) عَلَيْهِ بِالرَّدِّ (لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِي الرَّدِّ (وَلِلْغَاصِبِ، وَ) كُلِّ (مَنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) فِي الرَّدِّ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمَدِينِ (الِامْتِنَاعُ) مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى يَشْهَدَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْسِهِ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ بِالرَّدِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ هَذَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْأَخْذِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ صَحَّحَ الْبَغَوِيّ الِامْتِنَاعَ، وَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ بِعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ انْتَهَى وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْمَرَاوِزَةُ وَالْمَاوَرْدِيُّ مَعَ أَنَّهُ عِرَاقِيٌّ وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاسْتُشْكِلَ جَوَازُ التَّأْخِيرِ لِلْغَاصِبِ بِوُجُوبِ التَّوْبَةِ عَلَى الْفَوْرِ، وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الرَّدِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ زَمَنٌ يَسِيرٌ فَاغْتُفِرَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ. (فَصْلٌ: مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ فِي يَدِهِ عَيْنٌ لِغَيْرِهِ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا) الْأَوْلَى تَسْلِيمُهُ أَيْ أَحَدِهِمَا أَوْ تَسْلِيمُهُمَا (لِمَنْ صَدَّقَهُ) فِي دَعْوَاهُ (بِأَنَّهُ وَارِثٌ) لِلْمُسْتَحَقِّ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ (أَوْ مُحْتَالٌ) مِنْهُ (أَوْ وَصِيٌّ) لَهُ (أَوْ مُوصًى لَهُ) مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ بَيِّنَةً لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُهُ حَقَّهُ (لَا إنْ أَنْكَرَ) ذَلِكَ، الْأَوْلَى لَا إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ بِلَا بَيِّنَةٍ (وَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ لِلْوَكِيلِ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً) بِوَكَالَتِهِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَيْهَا لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا (لَكِنْ يَجُوزُ) لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ (إنْ صَدَّقَهُ) عَلَيْهَا، وَهَذَا مُسَلَّمٌ فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مِلْكَهُ أَمَّا فِي الْعَيْنِ فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَإِنْ سَلَّمَ إلَيْهِ) الْحَقَّ (وَأَنْكَرَ) الْمُسْتَحِقُّ (وَكَالَتَهُ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا) وَبَقِيَتْ أَخَذَهَا أَوْ أَخَذَهَا الدَّافِعُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ. (وَ) إنْ (تَلِفَتْ طَالَبَ بِهَا) أَيْ بِبَدَلِهَا (مَنْ شَاءَ) مِنْهُمَا (ثُمَّ لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ) بِهِ إذَا غَرِمَهُ (لِاعْتِرَافِهِمَا أَنَّ الظَّالِمَ غَيْرُهُمَا) فَلَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى ظَالِمِهِ (إلَّا إنْ قَصَّرَ الْقَابِضُ) لَهَا (فَتَلِفَتْ وَغَرِمَ) الْمُسْتَحَقَّ (الدَّافِعُ) لَهَا (فَإِنَّهُ) أَيْ الدَّافِعُ (يَرْجِعُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عِنْدَهُ وَالْوَكِيلُ يَضْمَنُ بِالتَّقْصِيرِ وَالْمُسْتَحِقُّ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْهُ وَمَالُهُ فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ فَيَسْتَوْفِيهِ بِحَقِّهِ وَزَادَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ إلَّا أَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ عَلَى الْقَابِضِ لَوْ أَنْكَرَ الْمَالِكُ أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطِ الْقَابِضِ فَيَرْجِعُ الدَّافِعُ حِينَئِذٍ. (وَإِنْ كَانَ) الْحَقُّ (دَيْنًا لَمْ يُطَالِبْ) بِهِ الْمُسْتَحِقُّ (إلَّا غَرِيمَهُ) فَلَا يُطَالِبُ الْقَابِضَ؛ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ بِزَعْمِهِ وَالْمَقْبُوضُ لَيْسَ حَقَّهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَالُ الْمَدْيُونِ (فَإِنْ أَلْزَمَ) الْغَرِيمَ (تَسْلِيمَهُ) لِلْمُسْتَحِقِّ (ثَانِيًا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَإِذَا غَرِمَهُ (فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الْقَابِضِ) لَهُ إنْ بَقِيَ وَصَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي زَعْمِهِ (لِأَنَّهُ مَالُ مَنْ ظَلَمَهُ) ، وَقَدْ ظَفِرَ بِهِ (فَإِنْ تَلِفَ) فَإِنْ كَانَ (بِلَا تَفْرِيطٍ) مِنْهُ (لَمْ يَغْرَمْهُ) ، وَإِلَّا غَرِمَهُ (هَذَا) كُلُّهُ (إنْ صَرَّحَ بِتَصْدِيقِهِ) فِي دَعْوَاهُ الْوَكَالَةَ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَصْدِيقِهِ بَلْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ (فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ) أَيْ مُطَالَبَتُهُ (وَالرُّجُوعُ) عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا (وَإِنْ بَانَ الْمُسْتَحِقُّ) فِي صُورَةِ الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُوصَى لَهُ (حَيًّا وَطَالَبَهُ) أَيْ الْغَرِيمُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَغَرَّمَهُ (رَجَعَ) الْغَرِيمُ (عَلَى الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُوصَى لَهُ) بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِمْ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِمْ بِخِلَافِ صُورَةِ الْوَكَالَةِ لَا رُجُوعَ فِيهَا فِي بَعْضِ صُوَرِهَا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ، وَإِنْكَارُ الْمُسْتَحِقِّ لَا يَرْفَعُ تَصْدِيقَهُ وَصُدِّقَ الْوَكِيلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ ثُمَّ جَحَدَ، وَهُنَا بِخِلَافِهِ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَكَالْوَكَالَةِ فِي ذَلِكَ الْحَوَالَةُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَجَحْدُ الْمُحِيلِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِي الْإِشْهَادِ) الْأَصَحُّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَاكِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْقَاضِي الْعَدْلِ الْأَمِينِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَمِينِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ) أَيْ كَالدَّارِمِيِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) فَإِنْ أَخَّرَ لِلْإِشْهَادِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: صَحَّحَ الْبَغَوِيّ الِامْتِنَاعَ) وَجَزَمَ الْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِتَرْجِيحِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهَا وَيُرَجَّحُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا رَفَعَهُ إلَى قَاضٍ يَرَى الِاسْتِفْصَالَ كَالْمَالِكِيِّ فَيَسْأَلُهُ هَلْ غَصَبْت أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ بِعَدَمِهِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ. [فَصْلٌ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ فِي يَدِهِ عَيْنٌ لِغَيْرِهِ] (قَوْلُهُ: لِمَنْ صَدَّقَهُ بِأَنَّهُ وَارِثٌ) أَيْ أَوْ مَالِكُ اللُّقَطَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ) أَيْ، وَهُوَ رَشِيدٌ (فَرْعٌ) قَالَ لَك عَلَى فُلَانٍ الْمَيِّتِ أَلْفٌ دَيْنٌ، وَلَهُ فِي يَدِي أَلْفٌ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ وَارِثٌ قَالَ الْقَفَّالُ يَجِبُ تَسْلِيمُ الْمَالِ إلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ إرْثًا يُسْتَحَقُّ بِالدَّيْنِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقِرَّ بِإِرْثٍ وَبَيْنَ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْعَيْنِ فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا تَصَرَّفَ فِيهِ بِتَسْلِيمِهِ لِوَكِيلِ مَالِكِهِ عِنْدَهُ وَبِأَنَّ التَّقْسِيمَ الْمَذْكُورَ عَقَبَهُ بِرَدِّهِ، وَكَتَبَ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ فَإِنْ غَلَبَ جَازَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُطَالِبُ الْقَابِضَ) بَاقِيًا عِنْدَهُ أَوْ تَالِفًا (قَوْلُهُ: وَكَالْوَكَالَةِ فِي ذَلِكَ الْحَوَالَةُ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى الْوَارِثِ ثُمَّ بَانَ حَيَاةُ الْمَالِكِ غَرَّمَ الدَّافِعَ وَرَجَعَ بِالْمَدْفُوعِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْحَوَالَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 الْحَوَالَةَ كَجَحْدِ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّافِعَ مُصَدِّقٌ لِلْقَابِضِ عَلَى أَنَّ مَا قَبَضَهُ صَارَ لَهُ بِالْحَوَالَةِ وَأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَلَمَهُ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَى الْقَابِضِ فَتُخَالِفُ الْحَوَالَةُ الْوَكَالَةَ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَطَالَبَهُ، وَقَوْلَ أَصْلِهِ وَغَرَّمَهُ لَيْسَا عَلَى إطْلَاقِهِمَا، وَإِنْ كَانَ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُمَا فِي الْعَيْنِ، وَإِنْ تَلِفَ أَمَّا فِي الدَّيْنِ فَيَنْبَغِي رُجُوعُ الْغَرِيمِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمُسْتَحِقُّ وَلَمْ يُغَرِّمْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ مِلْكُهُ. (فَصْلٌ: وَإِنْ صَرَّحَ الْوَكِيلُ بِجُحُودِ الْوَكَالَةِ أَوْ الْقَبْضِ) مِنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْغَرِيمِ فَأَقَامَ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِمَا يُخَالِفُ جُحُودَهُ (ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِقَبْلِ الْجُحُودِ (أَوْ التَّلَفِ قَبْلَ الْجُحُودِ لَمْ يُصَدَّقْ) لِمَصِيرِهِ خَائِنًا (بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ وَنَحْوِهِ) كَقَوْلِهِ مَا لَك عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ كَمَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى مِمَّا يَأْتِي إذْ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ (فَلَوْ أَقَامَ الْمُصَرِّحُ) بِجُحُودِ مَا ذُكِرَ (بَيِّنَةً) بِمَا ادَّعَاهُ (سُمِعَتْ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي لَسَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ فَكَذَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ (وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ الْجُحُودِ التَّلَفَ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ التَّلَفَ بَعْدَ الْجُحُودِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ فِي الْحَبْسِ) وَلِتَنْقَطِعَ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ بِرَدِّ الْعَيْنِ لَكِنْ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِخِيَانَتِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى الْغَاصِبُ التَّلَفَ وَمَا عَلَّلَ بِهِ هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا عَلَّلْتُ بِهِ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَازِمًا لِلثَّانِي. (فَرْعٌ: لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْخِيَانَةِ حَتَّى يُبَيِّنَهَا) بِأَنْ يُبَيِّنَ مَا خَانَ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ بِعْت بِعَشَرَةٍ وَمَا دَفَعْت إلَّا خَمْسَةً (فَصْلٌ: وَلَوْ صَدَّقَ الْمُوَكِّلُ) بِقَبْضِ دَيْنٍ أَوْ اسْتِرْدَادِ وَدِيعَةٍ أَوْ نَحْوِهِ (مُدَّعِيَ التَّسْلِيمِ إلَى وَكِيلِهِ الْمُنْكِرِ) لِذَلِكَ (لَمْ يُغَرِّمْهُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ مُدَّعِيَ التَّسْلِيمِ (بِتَرْكِهِ الْإِشْهَادَ) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ تَرَكَ الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ الْإِشْهَادَ حَيْثُ يُغَرِّمُهُ الْمُوَكِّلُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِذَا تَرَكَهُ غَرِمَ بِخِلَافِ الْغَرِيمِ (وَيَجُوزُ عَقْدُ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ) وَنَحْوِهِمَا (بِالْمُصَادَفَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ) بِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْعَقْدِ (إنْ كَذَّبَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ) بِأَنْ قَالَ لَمْ أَكُنْ مَأْذُونًا فِيهِ (لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِنْ وَافَقَهُ الْمُشْتَرِي) فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ عَلَى التَّكْذِيبِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ (إلَّا إنْ أَقَامَ) الْمُشْتَرِي (بَيِّنَةً بِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا) لَهُ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ فَيُؤَثِّرُ فِيهِ كَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ كُلُّ مَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ لَهُ. (كِتَابُ الْإِقْرَارِ) هُوَ لُغَةً الْإِثْبَاتُ مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ يَقِرُّ قَرَارًا إذَا ثَبَتَ وَشَرْعًا إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَيُسَمَّى اعْتِرَافًا أَيْضًا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135] وَفُسِّرَتْ شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِقْرَارِ، وَقَوْلُهُ {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا} [آل عمران: 81] ، وَقَوْلُهُ {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282] إلَى قَوْلِهِ {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] أَيْ فَلْيُقِرَّ بِالْحَقِّ دَلَّ أَوَّلُهُ عَلَى صِحَّةِ إقْرَارِ الرَّشِيدِ عَلَى نَفْسِهِ وَآخِرُهُ عَلَى صِحَّةِ إقْرَارِ الْوَلِيِّ عَلَى مُوَلِّيهِ، وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «اُغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَالْقِيَاسُ لِأَنَّا إذَا قَبِلْنَا الشَّهَادَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلَأَنْ نَقْبَلَ الْإِقْرَارَ أَوْلَى. (وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّافِعَ مُصَدِّقٌ لِلْقَابِضِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ صَرَّحَ الْوَكِيلُ بِجُحُودِ الْوَكَالَةِ أَوْ الْقَبْضِ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِمَا يُخَالِفُ جُحُودَهُ] (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ الْجُحُودِ التَّلَفَ إلَخْ) لَوْ اعْتَرَفَ بِالْأَصْلِ وَقَالَ أَرُدُّ أَوْ أَدْفَعُ دَفْعًا آخَرَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ تَالِفًا، وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى التَّلَفِ السَّابِقِ سُمِعَتْ وَحَلَفَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا وَسَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ. (قَوْلُهُ: لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْخِيَانَةِ حَتَّى يُبَيِّنَهَا إلَخْ) لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ طَالَبَتْك بِرَدِّ الْمَالِ أَوْ بِالثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ فَامْتَنَعْت مُقَصِّرًا إلَى أَنْ تَلِفَ وَقَالَ الْوَكِيلُ لَمْ تَطْلُبْ، وَلَمْ أَكُ مُقَصِّرًا أَوْ مُتَمَسِّكًا مِنْ الرَّدِّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ دَفَعَ مَالًا إلَى آخَرَ لِيُودَعَهُ غَيْرَهُ ثُمَّ جَاءَ وَطَالَبَهُ فَأَنْكَرَ تَسْلِيمَ الْوَكِيلِ إلَيْهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ سَلَّمَ مَالًا إلَى آخَرَ وَقَالَ اقْضِ بِهِ دَيْنَ فُلَانٍ عَلَيَّ كَانَ لِلدَّائِنِ مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى وَقَالَ اشْتَرَيْت لَك وَقَالَ بَلْ لِنَفْسِك صُدِّقَ الْوَكِيلُ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَكَالَةً ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا، وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَضَاهُ أَلْفًا، وَلَمْ يُعْلَمْ التَّارِيخُ فَبَيِّنَةُ الْقَضَاءِ أَوْلَى. وَلَوْ أَنْكَرَ الْقَرْضَ مِنْ أَصْلِهِ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْإِقْرَاضِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَضَاءِ فَبَيِّنَةُ الْإِقْرَاضِ أَوْلَى وَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ. [فَصْلٌ صَدَّقَ الْمُوَكِّلُ بِقَبْضِ دَيْنٍ أَوْ اسْتِرْدَادِ وَدِيعَةٍ مُدَّعِيَ التَّسْلِيمِ إلَى وَكِيلِهِ الْمُنْكِرِ لِذَلِكَ] (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ إلَخْ) وَبِأَنَّ حَقَّ الْوَدِيعَةِ الْإِخْفَاءُ بِخِلَافِ أَدَاءِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَقْدُ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ بِالْمُصَادَقَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي الْعُقُودِ عَلَى قَوْلِ الْعَاقِدِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ بِالْمُدَافَعَةِ وَتَعَذُّرِ الْإِثْبَاتِ عِنْد أَنْفُسِهِمْ لَكِنْ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجِ بِالْوَكَالَةِ إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ، وَكَذَا عِلْمُ الْوَلِيِّ بِوَكَالَةِ وَكِيلِ الزَّوْجِ نَعَمْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يُحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ الْمُحَكَّمِ فَإِنَّهُ بِمَعْزِلٍ مِنْ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ الْإِذْنَ أَوْ أَقَرَّ بِهِ، وَأَقَامَ الْعَاقِدُ بَيِّنَةً عَلَى إنْكَارِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ حُكِمَ فِي النِّكَاحِ بِالْبُطْلَانِ وَسُقُوطِ الصِّدْقِ إذَا حَلَفَ وَفِي خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ كَاذِبًا وَفِي الْبَيْعِ بِوُقُوعِهِ لِلْوَكِيلِ وَفِي صُورَةِ الْبَيِّنَةِ إذَا أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ التَّوْكِيلَ انْدَفَعَ النِّكَاحُ وَيَلْزَمُهُ الصَّدَاقُ، وَلَا يُصَدَّقُ بِالْيَمِينِ لِسُقُوطِهِ. [كِتَابُ الْإِقْرَارِ وَفِيهِ أَرْبَعَة أَبْوَاب] (كِتَابُ الْإِقْرَارِ) . (قَوْلُهُ وَشَرْعًا إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ) أَيْ عَلَى الْمُخْبِرِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ فَدَعْوَى أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَشَهَادَةٌ، وَهَذِهِ أَقْسَامُ الْخَبَرِ عَنْ خَاصٍّ وَضَبَطَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِضَابِطٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ إنْ كَانَ ضَارًّا لِقَائِلِهِ فَهُوَ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَارًّا بِهِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَافِعًا لَهُ أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ الدَّعْوَى وَالثَّانِي الشَّهَادَةُ. اهـ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي الْإِخْبَارُ عَنْ عَامٍّ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ عَامًّا لَا يَخْتَصُّ بِغَيْرِهِ وَيَنْحَصِرُ أَيْضًا فِي ثَلَاثَةٍ الرِّوَايَةُ وَالْحُكْمُ وَالْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ خَبَرًا عَنْ مَحْسُوسٍ فَهُوَ الرِّوَايَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ كَانَ فِيهِ إلْزَامٌ فَهُوَ الْحُكْمُ، وَإِلَّا فَالْفَتْوَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّا إذَا قَبِلْنَا الشَّهَادَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلَأَنْ نَقْبَلَ الْإِقْرَارَ أَوْلَى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 الْأَوَّلُ الْمُقِرُّ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ صَبِيٍّ وَزَائِلِ الْعَقْلِ بِعُذْرٍ) كَشُرْبِ دَوَاءٍ، وَإِكْرَاهٍ عَلَى شُرْبِ خَمْرٍ، وَإِغْمَاءٍ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُمَا مُلْغَاةٌ (وَسَنَذْكُرُ السَّكْرَانَ) أَيْ حُكْمَهُ (فِي) كِتَابِ (الطَّلَاقِ) . (تَنْبِيهٌ) مَنْ قَدَرَ عَلَى الْإِنْشَاءِ قَدَرَ عَلَى الْإِقْرَارِ وَمَنْ لَا فَلَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْلُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالتَّصَرُّفِ إذَا أَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ فَلَا يَنْفُذُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ إنْشَاؤُهُ وَمِنْ الثَّانِي إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ وَالْمَجْهُولِ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ رِقِّهِ وَبِنَسَبِهِ وَالْمُفْلِسِ بِبَيْعِ الْأَعْيَانِ وَالْأَعْمَى بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَالْوَارِثِ بِدَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِ وَالْمَرِيضِ بِأَنَّهُ كَانَ وَهَبَ وَارِثَهُ وَأَقْبَضَهُ فِي الصِّحَّةِ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَصِحُّ إقْرَارُهُمْ بِمَا ذُكِرَ وَلَا يُمْكِنُهُمْ إنْشَاؤُهُ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُمْ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ هُوَ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَبِالْعَكْسِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَهُ بَاطِنًا فَهُوَ مِلْكُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ. (وَيُصَدَّقُ) الشَّخْصُ (فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ) الْمُمْكِنِ فِي الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ (أَوْ الْحَيْضِ الْمُمْكِنِ) فِي الْأُنْثَى (بِلَا يَمِينٍ) فِيهِمَا، وَإِنْ فُرِضَ ذَلِكَ فِي خُصُومِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ فَقَالَ شِئْت وَنُوَزِّعُ فِي أَنَّهُ إنَّمَا شَاءَ غَيْرَ الْعِتْقِ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ؛ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْيَمِينِ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ يَمِينَ الصَّبِيِّ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ (وَلَا يُقْبَلُ) قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ (بِالسِّنِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ كَانَ غَرِيبًا) لِإِمْكَانِهَا وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نَوْعًا فَفِي تَصْدِيقِهِ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُخْتَارُ اسْتِفْسَارُهُ (وَلَوْ طَلَبَ غَازٍ سَهْمَهُ) عَنْ الْمُقَاتَلَةِ (وَادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ حَلَفَ) وُجُوبًا إنْ اُتُّهِمَ وَأَخَذَ السَّهْمَ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي الدَّعَاوَى وَحَكَى فِيهِ أَصْلَهُ هُنَا وَجْهَيْنِ بِلَا تَصْحِيحٍ وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَحْلِيفَهُ لِاسْتِحْقَاقِهِ السَّهْمَ بِعَدَمِ تَحْلِيفِهِ لِثُبُوتِ الْبُلُوغِ، وَإِنْ فُرِضَتْ مُخَاصَمَةٌ كَمَا مَرَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأُولَى فِي وُجُوبِ الْبُلُوغِ فِي الْحَالِ وَفِي الثَّانِيَةِ فِي وُجُودِهِ فِيمَا مَضَى؛ لِأَنَّ صُورَتَهَا أَنَّ تَنَازُعَ الصَّبِيِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فِي بُلُوغِهِ حَالَةَ الْحَرْبِ. (وَإِقْرَارُ الْمُفْلِسِ مَقْبُولٌ) فِيمَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاؤُهُ (كَمَا سَبَقَ) فِي بَابِهِ وَفِي نُسْخَةٍ مَقْبُولٌ فِي النِّكَاحِ، وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ لِكَلَامِ الْأَصْلِ لَكِنَّ الْأُولَى أَوْلَى لِشُمُولِهَا غَيْرَ النِّكَاحِ كَمَا سَبَقَ. ثُمَّ (لَا) إقْرَارُ (السَّفِيهِ) فَلَا يَصِحُّ بِمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاؤُهُ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَجْرِ (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ السَّفِيهَةِ بِالنِّكَاحِ) لِمَنْ صَدَّقَهَا كَالرَّشِيدَةِ إذْ لَا أَثَرَ   [حاشية الرملي الكبير] لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ وَلِهَذَا يَبْدَأُ الْحَاكِمُ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ قَبْلَ السُّؤَالِ عَنْ الشَّهَادَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حُكِمَ بِالْإِقْرَارِ وَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ. [الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الْإِقْرَار] (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الْمُقِرُّ) فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ مُخْتَارًا، وَأَنْ لَا يُكَذِّبَهُ حِسٌّ، وَلَا شَرْعٌ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالتَّصَرُّفِ إذَا أَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ) ، وَإِقْرَارُ وَلِيِّ الثَّيِّبِ بِنِكَاحِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفُذُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ إنْشَاؤُهُ) فَيُزَادُ فِي الْحَدِّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَشَارَ الْوَلِيُّ إلَى عَيْنٍ لِمَحْجُورِهِ، وَأَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِ مَحْجُورِهِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ السَّبَبَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ بَاعَهَا صَحَّ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَالْمَرِيضِ بِأَنَّهُ كَانَ وَهَبَ وَارِثَهُ، وَأَقْبَضَهُ فِي الصِّحَّةِ) ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا كَانَتْ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ أَنَّهُ، وَهَبَ أَجْنَبِيًّا، وَأَقْبَضَهُ فِي الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ) الْمُرَادُ بِالِاحْتِلَامِ الْإِنْزَالُ فِي يَقَظَةٍ أَوْ مَنَامٍ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ) فَقَالَ شِئْت فَإِنَّ الْمَشِيئَةَ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْصُلُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ لَكِنَّ إرَادَةَ الطَّلَاقِ بِذَلِكَ اللَّفْظِ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَةِ اللَّافِظِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُولُ شِئْت وَيَقُولُ نَوَيْت بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ فَلَا بُدَّ مِنْ إرَادَةِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ، وَإِرَادَةُ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَقَدْ يَقُولُ شِئْت ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّهُ شَاءَ عَدَمَ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ بِالسِّنِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَوْ كَانَ غَرِيبًا) قَالَ الْقَفَّالُ، وَلَا يُقْبَلُ إلَّا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَى أَنَّهُ بَالِغٌ، وَلَمْ يُعَيِّنَ بِأَيِّ وَجْهٍ بَلَغَ سُمِعَتْ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ بَالِغٌ بِالسِّنِّ لَزِمَ الْبَيَانُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَقَوْلُهُ سَمِعْت أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: لَزِمَ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ فَفِي تَصْدِيقِهِ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي إلَخْ) أَصَحُّهُمَا قَبُولُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُخْتَارُ اسْتِفْسَارُهُ) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَ غَازٍ سَهْمَهُ) عَنْ الْمُقَاتَلَةِ أَوْ طَلَبَ وَلَدُ الْمُرْتَزِقِ إثْبَاتَ سَهْمِهِ فِي الدِّيوَانِ (قَوْلُهُ وَادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ حَلَفَ) سَأَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ أَسْلَمَ، وَلَهُ فَرْعٌ يُمْكِنُ بُلُوغُهُ بِالِاحْتِلَامِ فَادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ الِاحْتِلَامَ فَهَلْ يَحْلِفُ أَمْ لَا فَأَجَابَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِي تَحْلِيفِهِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي وَلَدِ الْمُرْتَزِقِ إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ وَطَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ أَرْجَحُهُمَا التَّحْلِيفُ فَإِنْ نَكَلَ قَضَى بِإِسْلَامِهِ لَا بِالنُّكُولِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ. (فَرْعٌ) لَوْ بَاعَ شَيْئًا فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ صَغِيرٌ وَالْبَيْعُ فَاسِدٌ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْلِفَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُقِرٌّ بِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ لِصِغَرِهِ فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا حِينَئِذٍ حَلَفَ. وَقَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَنْبَغِي إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْعَقْدِ يُكَذِّبُ دَعْوَاهُ الصِّبَا (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأُولَى إلَخْ) جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخَيْنِ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْتُك، وَأَنْت الْآنَ صَبِيٌّ فَقَالَ بَلْ أَنَا بَالِغٌ لَمْ يَحْلِفْ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُعْتَرِفٌ بِعَدَمِ صِحَّةِ يَمِينِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ عَلَى مُعَامَلَتِهِ كَانَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنًا لِعَدَمِ صِحَّةِ دَعْوَاهُ الصِّبَا فَأَشْبَهَ الْمَرْأَةَ إذَا أَذِنَتْ فِي النِّكَاحِ ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَنَا رَضَاعٌ مُحَرَّمٌ فَإِنَّهُ لَا يُسْمَعُ مِنْهَا، وَكَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا بِخِلَافِ الْغَازِي الَّذِي حَضَرَ الْوَقْعَةَ إذَا ادَّعَى السَّهْمَ فَإِنَّا لَمْ نُحَلِّفْهُ عَلَى الصِّبَا، وَلَا عَلَى الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْبُلُوغِ مَقْبُولٌ، وَإِنَّمَا حَلَّفْنَاهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ السَّهْمِ احْتِيَاطًا وَيَمِينُهُ مُوَافِقَةٌ لِدَعْوَاهُ لَا مُعَارِضَ لَهَا وَتَصْحِيحُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْطَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا اعْتَرَفَ بِالْبُلُوغِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَالْحِيَازَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ قَطْعًا أَوْ يُعْكَسُ التَّصْحِيحُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ إقْرَارُ السَّفِيهَةِ بِالنِّكَاحِ) بِأَنْ تَقُولَ زَوَّجَنِي مِنْهُ وَلِيٌّ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ وَرِضَايَ إنْ كَانَ شَرْطًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 لِلسَّفَهِ فِي النِّكَاحِ مِنْ جَانِبِهَا وَسَيَأْتِي فِيهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَيُفَارِقُ إقْرَارُ السَّفِيهَةِ إقْرَارَ السَّفِيهِ بِأَنَّ فِي إقْرَارِهَا تَحْصِيلَ مَالٍ وَفِي إقْرَارِهِ تَفْوِيتَ مَالٍ. (وَ) يُقْبَلُ إقْرَارُ (الرَّشِيدِ بِجِنَايَتِهِ فِي الصِّغَرِ) كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهٍ يَسْقُطُ عَنْ الْمَحْجُورِ وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ كَالْمُقْتَرَضِ وَالْمَبِيعِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَاخَذَ بِهِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْجِنَايَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِإِتْلَافِهِ مَالًا. (وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِمَالٍ وَكَذَّبَهُ) الْأَوْلَى وَلَمْ يُصَدِّقْهُ (السَّيِّدُ اخْتَصَّ) أَيْ الْمَالُ أَيْ نَفْسُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنًا وَبَدَلُهُ إنْ كَانَ عَيْنًا وَلَوْ بَاقِيَةً (بِذِمَّتِهِ) يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ لَا بِرَقَبَتِهِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ؛ وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ (إلَّا) إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ وَأَقَرَّ (بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ وَصَرَّحَ بِهَا الْمَأْذُونُ) لَهُ (قَبْلَ الْحَجْرِ) عَلَيْهِ فَلَا يَخْتَصُّ بِذِمَّتِهِ بَلْ يُؤَدِّيهِ مِنْ كَسْبِهِ وَمَا فِي يَدِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إقْرَارَ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَلَوْ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ، وَإِقْرَارَ الْمَأْذُونِ لَهُ بِمَا لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا كَالْقَرْضِ، وَإِقْرَارَهُ الْمُطْلَقَ بِأَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَمْ يُعَيِّنْ جِهَتَهُ، وَإِقْرَارَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ أَضَافَهُ إلَى مَا قَبْلَهُ فَمَا أَقَرَّ بِهِ فِيهَا مُخْتَصٌّ بِذِمَّتِهِ فَلَا يُقْبَلُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي حَقِّ سَيِّدِهِ، وَإِنَّمَا قُبِلَ إقْرَارُ الْمُفْلِسِ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِدَيْنٍ وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ يُقْضَى مِنْ مَالِهِ وَيُطَالَبُ بِهِ أَيْضًا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ، وَهُوَ حَاصِلٌ قَطْعًا عَنْ قُرْبٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْإِقْرَارِ الْمُطْلَقِ مَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إذَا تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ، وَإِلَّا فَلْيُرَاجَعْ لِقَبُولِ إقْرَارِهِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْمُفْلِسِ أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ السَّيِّدُ فَإِقْرَارُهُ مَقْبُولٌ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ وَأَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ لِتَقْصِيرِ مُعَامَلَةٍ، (وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ بِمُوجِبِ الْحَدِّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ كَزِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ (وَ) مُوجِبِ (الْقِصَاصِ) كَقَتْلٍ، وَقَطْعِ طَرَفٍ (مَقْبُولٌ) مِنْهُ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ نَفْسٍ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْحَيَاةِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ الْآلَامِ؛ وَلِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَطَعَ عَبْدًا بِإِقْرَارِهِ (وَالدَّعْوَى) تَكُونُ (عَلَيْهِ فِيهِ) أَيْ فِيمَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ (وَحَيْثُ) أَيْ وَمَا (لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) بِهِ كَالْمَالِ الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ إذَا صَدَّقَهُ السَّيِّدُ (فَالدَّعْوَى) فِيهِ (عَلَى السَّيِّدِ) ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا الْمَالُ حَقُّهُ (إلَّا أَنْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي بَيِّنَةٌ فَتُسْمَعُ) الدَّعْوَى (عَلَيْهِمَا) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَى الْعَبْدِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الدَّعَاوَى نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ سَيَأْتِي فِيهِ ثَمَّ مَزِيدُ كَلَامٍ. (فَلَوْ) أَقَرَّ بِقِصَاصٍ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ (عَفَا الْمُقْتَصُّ بِمَالٍ تَعَلَّقَ) الْمَالُ (بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِالْعُقُوبَةِ وَالْمَالُ ثَبَتَ بِالْعَفْوِ وَاحْتِمَالُ تُهْمَةِ الْمُوَاطَأَةِ أَضْعَفَتْهُ الْمُخَاطَرَةُ. (وَإِذَا أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ تُوجِبُ الْقَطْعَ قُطِعَ) كَمَا مَرَّ (وَلَمْ يُنْزَعْ الْمَالُ) الْمَسْرُوقُ (مِنْ يَدِهِ) وَلَا مِنْ يَدِ سَيِّدِهِ إنْ كَانَ فِيهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (إلَّا بِتَصْدِيقِ سَيِّدِهِ) فَيُنْزَعُ كَمَا لَوْ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ (فَإِنْ تَلِفَ وَصَدَّقَهُ السَّيِّدُ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ) لِتَعَلُّقِ الْمَالِ بِرَقَبَتِهِ كَمَا لَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ فِدَاءَهُ (وَلَا يُتْبَعُ بَعْدَ الْعِتْقِ) عَلَى الْجَدِيدِ (بِمَا زَادَ) مِنْ الْمَالِ (عَنْ قِيمَتِهِ) إنْ زَادَ إذْ لَا يَجْتَمِعُ التَّعَلُّقُ بِالرَّقَبَةِ مَعَ التَّعَلُّقِ بِالذِّمَّةِ أَمَّا إذَا كَذَّبَهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ بَلْ بِالذِّمَّةِ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ كَمَا مَرَّ. (وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ) وَأَقَرَّ بِدَيْنِ إتْلَافٍ (يَلْزَمُهُ نِصْفُ مَا أَقَرَّ بِإِتْلَافِهِ) وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فَيَتَعَلَّقَ نِصْفُ مَا أَقَرَّ بِهِ بِجُزْئِهِ الرَّقِيقِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ فَحَيْثُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ قُبِلَ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ وَقُضِيَ مِمَّا فِي يَدِهِ، وَإِلَّا فَإِقْرَارُهُ كَإِقْرَارِ الْعَبْدِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ. وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ فِي نِصْفِهِ الرَّقِيقِ لَا يَجِبُ تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ بِهِ إلَى الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُخِّرَتْ فِي كَامِلِ الرِّقِّ لِعَدَمِ مِلْكِهِ وَالْمُبَعَّضُ يَمْلِكُ. (فَرْعٌ: لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى عَبْدِهِ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ كَقَتْلٍ، وَقَطْعِ طَرَفٍ وَزِنًا (وَدَيْنِ مُعَامَلَةٍ وَيُقْبَلُ) إقْرَارُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) مَا بَحَثَهُ وَاضِحٌ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَاخَذَ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِمَالٍ إلَخْ) لَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ بِمَالٍ وَبَانَ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا صَحَّ الْإِقْرَارُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ إلَّا بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ) فِي نُسْخَةٍ غَيْرِ قَرْضٍ. اهـ. وَمِثْلُ الْقَرْضِ الشِّرَاءُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ (قَوْلُهُ، وَإِقْرَارَ الْمَأْذُونِ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَالْقَرْضِ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ الْغَزِّيِّ بِأَنَّهُ إنْ اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَالْقَرْضُ فَاسِدٌ أَوْ لِلتِّجَارَةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ. اهـ. كَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ اقْتَرَضَهُ لِحَظِّ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ) فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ حَقِّ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْمُفْلِسِ) أَجَابَ عَنْهُ الْقَايَاتِيُّ بِأَنَّ الْعَبْدَ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ السَّيِّدُ) أَيْ، وَلَمْ يَكُنْ مَرْهُونًا، وَلَا جَانِيًا (قَوْلُهُ فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ لِتَقْصِيرِ مُعَامِلِهِ) أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ صَغِيرًا أَوْ نَحْوَهُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْبَدَلُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. (تَنْبِيهٌ) الْقَاعِدَةُ أَنَّ ضَمَانَ الْمَالِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْعَبْدِ إنْ وَجَبَ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَإِبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ دُونَ سَيِّدِهِ كَبَدَلِ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ دُونَ كَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ، وَإِنْ وَجَبَ بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّ وَالسَّيِّدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تِجَارَةً كَالنِّكَاحِ وَالضَّمَانِ وَالشِّرَاءِ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ أَكْسَابِهِ، وَمَالِ تِجَارَتِهِ، وَإِنْ كَانَ تِجَارَةً تَعَلَّقَ بِرَأْسِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ، وَأَكْسَابِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الْبَغَوِيّ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ إلَخْ) إقْرَارُ الْمُكَاتَبِ فِي الْبَدَنِ وَالْمَالِ كَالْحُرِّ وَيُؤَدِّيهِ مِمَّا فِي يَدِهِ فَإِنْ عَجَزَ نَفْسُهُ، وَلَا مَالَ مَعَهُ فَدُيُونُ مُعَامَلَاتِهِ يُؤَدِّيهَا بَعْدَ عِتْقِهِ، وَأَرْشُ جِنَايَتِهِ فِي رَقَبَتِهِ تُؤَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ فِي نِصْفِهِ الرَّقِيقِ إلَخْ) مَا بَحَثَهُ مَرْدُودٌ إذْ مَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ فِي نِصْفِهِ الرَّقِيقِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا مَلَكَهُ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ. [فَرْعٌ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى عَبْدِهِ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ] (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى عَبْدِهِ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ فِي اللَّطِيفِ: إقْرَارُ الْإِنْسَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 عَلَيْهِ (بِدَيْنِ جِنَايَةٍ وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) فَلَوْ بِيعَ فِيهِ وَبَقِيَ شَيْءٌ لَمْ يُطَالِبْ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ، وَقَوْلُ الْأَصْلِ أَنَّهُ يُطَالِبُ بِهِ إنْ صَدَّقَهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَدِيمِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ. (وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ بِإِتْلَافٍ) لِمَالٍ لِغَيْرِهِ (قَبْلَهُ يَلْزَمُهُ) بِهِ الْمَالُ لَا سَيِّدَهُ (وَ) لَوْ ثَبَتَ (بِالْبَيِّنَةِ) أَنَّهُ كَانَ جَنَى (يَلْزَمُ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَالْأَرْشُ وَالدَّعْوَى) عَلَى الْعَبْدِ (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ) كَدَيْنِ مُعَامَلَةٍ (كَالدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ) فَلَا تُسْمَعُ وَجَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ التَّشْبِيهَ فِي عَدَمِ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. [فَرْعٌ يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ] (فَرْعٌ: يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ) مَرَضَ الْمَوْتِ بِالنِّكَاحِ وَمُوجِبِ الْعُقُوبَاتِ وَبِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ (لِلْأَجْنَبِيِّ) كَالصَّحِيحِ (وَيُسَاوِي) إقْرَارُهُ (الْبَيِّنَةَ) فِي الْقَبُولِ (وَكَذَا) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ (لِلْوَارِثِ) وَيُسَاوِي الْبَيِّنَةَ كَالصَّحِيحِ؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُحِقٌّ وَلَا يَقْصِدُ حِرْمَانَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةٍ يَصْدُقُ فِيهَا الْكَذُوبُ وَيَتُوبُ فِيهَا الْفَاجِرُ، وَالتَّصْرِيحُ بِذَكَرِهِ مُسَاوَاةَ إقْرَارِهِ لِلْبَيِّنَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ) كَانَ إقْرَارُهُ لَهُ (بِهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ) لَهُ (فِي الصِّحَّةِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِتَحْصِيلِ الْبَرَاءَةِ بِتَقْدِيرِ صِدْقِهِ وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ أَيْضًا بِهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ فِي الْمَرَضِ لَكِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ كَمَا سَيُعْلَمُ فِي الْوَصِيَّةِ. (وَلَا يُقَدَّمُ) فِيمَا لَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ وَفِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ (إقْرَارُ الصِّحَّةِ) عَلَى إقْرَارِ الْمَرَضِ بَلْ يَتَسَاوَيَانِ كَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ (بَلْ لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ) عَلَى الْمُوَرِّثِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ أَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ لِآخَرَ (أَوْ حَدَثَ ضَمَانٌ) لِإِنْسَانٍ عَلَيْهِ (مِنْ حَفْرٍ تَعَدَّى بِهِ حَيًّا شَارَكَ صَاحِبَهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الدَّيْنِ وَالضَّمَانِ (الْغُرَمَاءَ) ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ فِعْلُ الْمَرِيضِ، وَإِقْرَارُ وَارِثِهِ كَإِقْرَارِهِ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ مُسْتَغْرِقًا أَمْ لَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِمُشَارِكِهِ فِي الْإِرْثِ، وَهُمَا مُسْتَغْرِقَانِ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ، وَهِيَ مُصَدِّقَةٌ لَهُ ضَارَبَتْ بِسَبْعَةِ أَثْمَانِ الدَّيْنِ مَعَ أَصْحَابِ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ صَدَرَ مِمَّنْ عِبَارَتُهُ نَافِذَةٌ فِي سَبْعَةِ أَثْمَانٍ فَعَمِلَتْ عِبَارَتُهُ فِيهَا كَعَمَلِ عِبَارَةِ الْحَائِزِ فِي الْكُلِّ. (وَإِنْ صَدَّقَ الْوَارِثُ) فِيمَا لَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّ الْمُوَرِّثَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ مَثَلًا وَآخَرُ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ (مُدَّعِيَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ مُدَّعِيَ الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ صَدَّقَ مُدَّعِيَ الدَّيْنِ ثُمَّ مُدَّعِيَ الْوَصِيَّةِ (أَوْ صَدَّقَهُمَا مَعًا قُدِّمَ الدَّيْنُ) عَلَى الْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ) لِإِنْسَانٍ (بِدَيْنٍ) وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا (ثُمَّ) لِآخَرَ (بِعَيْنٍ قُدِّمَ صَاحِبُهَا) كَعَكْسِهِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ؛ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ لَا يَتَضَمَّنُ حَجْرًا فِي الْعَيْنِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهَذَا يُشْعِرُ بِنُفُوذِ التَّبَرُّعَاتِ مِنْ الْمَرِيضِ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ صُرِّحَ بِعَدَمِ النُّفُوذِ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا لَا تَبَرُّعَ فِيهِ نَعَمْ لَوْ قَضَى فِي مَرَضِهِ دُيُونَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ الْمَالُ بِجَمِيعِ الدُّيُونِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ (أَوْ) أَقَرَّ (بِإِعْتَاقِ أَخِيهِ فِي الصِّحَّةِ عَتَقَ وَوَرِثَ) إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ غَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (أَوْ) أَقَرَّ (بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ فِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ) لِتَرِكَتِهِ (عَتَقَ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ لَا تَبَرُّعٌ. (وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمُكْرَهِ) بِمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] جَعَلَ الْإِكْرَاهَ مُسْقِطًا لِحُكْمِ الْكُفْرِ فَبِالْأَوْلَى مَا عَدَاهُ وَصُورَةُ إقْرَارِهِ أَنْ يُضْرَبَ لِيُقِرَّ (فَلَوْ ضُرِبَ لِيُصَدَّقَ) فِي الْقَضِيَّةِ (فَأَقَرَّ) حَالَ الضَّرْبِ أَوْ بَعْدَهُ (لَزِمَهُ) مَا أَقَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا إذْ الْمُكْرَهُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُنَا إنَّمَا ضُرِبَ لِيُصَدَّقَ وَلَا يَنْحَصِرُ الصِّدْقُ فِي الْإِقْرَارِ (وَ) لَكِنْ (يُكْرَهُ إلْزَامُهُ حَتَّى يُرَاجِعَ وَيُقِرَّ ثَانِيًا) نَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ ذَلِكَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ثُمَّ قَالَ، وَقَبُولُ إقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْمُكْرَهِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا وَعَلَّلَهُ بِمَا قَدَّمْته ثُمَّ قَالَ، وَقَبُولُ   [حاشية الرملي الكبير] عَلَى نَفْسِهِ مَقْبُولٌ وَعَلَى غَيْرِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ إذَا أَقَرَّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِوَارِثٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَحِقَ مَنْ أَقَرُّوا عَلَيْهِ قَالَ وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ يَضُرُّ بِغَيْرِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَتَلَ أَوْ قَطَعَ أَوْ سَرَقَ فَإِنَّ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ ضَرَرَ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: فَرْعٌ يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَيُسَاوِي الْبَيِّنَةَ، وَكَذَا لِلْوَارِثِ) أَيْ كَإِقْرَارِ الزَّوْجَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا بِقَبْضِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا، وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ كَانَ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ أَنْ يُقِرَّ لِي بِهِ لِكَوْنِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفُوا وَبَطَلَ ع وَبِهَذَا أَفْتَيْت، وَإِنْ قَالَ الْقَفَّالُ لَوْ أَرَادَ الْوَارِثُ تَحْلِيفَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ مِلْكُهُ لِلْعَيْنِ فِي حَالَةِ مَرَضِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهَا مُطْلَقًا وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ عَنْ هِبَةٍ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ عَنْ مُعَاوَضَةٍ لَا مُحَابَاةَ فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُعَاوَضَةِ، وَهِيَ نَظِيرُ الْأَبِ يُقِرُّ لِوَلَدِهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ يُفَسِّرُهُ بِالْهِبَةِ لِيَرْجِعَ فِيهِ فَيُقْبَلُ فِي الْأَصَحِّ حَمْلًا لِلْإِقْرَارِ عَلَى أَضْعَفِ الْمِلْكَيْنِ، وَأَدْنَى السَّبَبَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُحِقٌّ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ فِي الصِّحَّةِ لَنَفَذَ، وَكَذَا فِي الْمَرَضِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلَا تُهْمَةَ فَإِنَّهُ مُشْرِفٌ عَلَى الْآخِرَةِ فَهُوَ أَدْعَى لِصِدْقِهِ، وَإِنْ سَلَّمَ فَالتُّهْمَةُ أَيْضًا مَوْجُودَةٌ فِيمَا إذَا أَقَرَّ لِأَخِيهِ، وَلَا وَلَدَ لَهُ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ ثُمَّ مَاتَ، وَقَدْ سَلَّمَ الْخَصْمُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ لَهُ وَمُنْتَفِيَةٌ عَمَّا لَوْ أَقَرَّ لِأَخِيهِ، وَلَهُ، وَلَدٌ فَمَاتَ وَصَارَ الْأَخُ وَارِثَهُ وَقَالَ إنَّ الْإِقْرَارَ يَبْطُلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ لَهُ فِي الصِّحَّةِ) فَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالصِّحَّةِ بَلْ أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ بِأَنَّهُ، وَهَبَ وَارِثَهُ كَذَا أَوْ قَالَ فِي عَيْنٍ عُرِفَ أَنَّهَا كَانَتْ لِلْمَرِيضِ هَذِهِ مِلْكٌ لِوَارِثِي نَزَلَ ذَلِكَ عَلَى حَالَةِ الْمَرَضِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِمُشَارِكِهِ إلَخْ) وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ، وَهُوَ مِنْ النَّفَائِسِ. (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا لَا تَبَرُّعَ فِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ وَقَبُولُ إقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 إقْرَارِهِ بَعْدَ الضَّرْبِ فِيهِ نَظَرٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إعَادَةُ الضَّرْبِ إنْ لَمْ يُقِرَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ إقْرَارِهِ فِي الْحَالَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ اعْتِمَادُهُ فِي هَذِهِ الْأَمْصَارِ مَعَ ظُلْمِ الْوُلَاةِ وَشِدَّةِ جَرَاءَتِهِمْ عَلَى الْعُقُوبَاتِ، وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَبَالَغَ فَقَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ. (الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُقَرُّ لَهُ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ الِاسْتِحْقَاقِ) لِلْمُقَرِّ بِهِ (فَالْإِقْرَارُ لِلدَّابَّةِ) كَأَنْ قَالَ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ أَوْ لِدَابَّةِ فُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا (بَاطِلٌ) نَعَمْ لَوْ أَضَافَهُ إلَى مُمْكِنٍ كَالْإِقْرَارِ بِمَالٍ مِنْ وَصِيَّةٍ وَنَحْوِهَا صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي الْمَمْلُوكَةِ أَمَّا لَوْ أَقَرَّ لِخَيْلٍ مُسَبَّلَةٍ فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَالْإِقْرَارِ لِمُقْبَرَةٍ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ غَلَّةٍ، وَقَفَ عَلَيْهَا أَوْ وَصِيَّةٍ لَهَا، وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ (فَلَوْ قَالَ عَلَيَّ لِمَالِكِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ (بِسَبَبِهَا أَلْفٌ) مَثَلًا (قُبِلَ) وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ اكْتَرَاهَا أَوْ اسْتَعْمَلَهَا مُتَعَدِّيًا وَيَكُونُ الْمُقَرُّ بِهِ مِلْكًا لِمَالِكِهَا حِينَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِمَالِكِهَا لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ لِمَالِكِهَا فِي الْحَالِ وَلَا لِمَالِكِهَا مُطْلَقًا بِأَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ فَأَتْلَفَتْ لِإِنْسَانٍ شَيْئًا بَلْ يُسْأَلُ وَيُحْكَمُ بِمُوجِبِ بَيَانِهِ، وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ بِسَبَبِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذُكِرَ. (وَالْإِقْرَارُ لِلْعَبْدِ إقْرَارٌ لِلسَّيِّدِ) حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ أَوْ اكْتَرَاهُ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ مُتَعَدِّيًا وَالْإِضَافَةُ إلَيْهِ كَالْإِضَافَةِ فِي الْهِبَةِ وَسَائِرِ الْإِنْشَاءَاتِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَضِيَّةُ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ لِسَيِّدِهِ مَا أُقِرَّ بِهِ لَهُ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ اسْتِنَادُهُ إلَى أَمْرٍ فِي حَالِ رِقِّ ذَلِكَ السَّيِّدِ فَقَدْ يَكُونُ ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهِ فِي حَالِ حُرِّيَّتِهِ وَكُفْرِهِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَلَا يَسْقُطُ كَمَا سَيَأْتِي فِي السِّيَرِ فَكَيْفَ يُصْرَفُ لِسَيِّدِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ فِي حَالِ رِقِّ غَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ وَلَوْ رَدَّ الْقِنُّ الْإِقْرَارَ وَكَانَ مَأْذُونًا لَهُ ارْتَدَّ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا قَالُوهُ الْمُكَاتَبُ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ لَهُ وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ وَالْمَوْقُوفُ فَيَكُونُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ لَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ بِنِسْبَتَيْ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَيَخْتَصَّ بِذِي النَّوْبَةِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ. (وَإِنْ أَقَرَّ لِحَمْلٍ) بِشَيْءٍ (وَأَسْنَدَهُ إلَى إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يُمْكِنُ فِي حَقِّهِ (لَزِمَهُ) ؛ لِأَنَّ مَا أَسْنَدَهُ إلَيْهِ مُمْكِنٌ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ (إذَا أَطْلَقَ) أَيْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى شَيْءٍ حَمْلًا عَلَى الْجِهَةِ الْمُمْكِنَةِ فِي حَقِّهِ (لَا إنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ بَاطِلَةٍ كَالْبَيْعِ) وَالْإِقْرَاضِ كَقَوْلِهِ بَاعَنِي بِهِ شَيْئًا أَوْ أَقْرَضَنِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِكَذِبِهِ، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ فِيهِ طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ وَالثَّانِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَطَرِيقَةُ التَّخْرِيجِ جَزَمَ بِهَا أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَطَرِيقَةُ الْقَطْعِ بِالصِّحَّةِ ذَكَرَهَا الْمَرَاوِزَةُ وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مَمْنُوعٌ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَطَعَ بِإِلْغَاءِ الْإِقْرَارِ وَمَا عَزَاهُ لِلْمُحَرِّرِ بَنَاهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرِّرِ، وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فَلَغْوٌ مِنْ أَنَّهُ أَرَادَ فَالْإِقْرَارُ لَغْوٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُرَادُهُ فَالْإِسْنَادُ لَغْوٌ بِقَرِينَةِ كَلَامِ الشَّرْحَيْنِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالزَّرْكَشِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا انْحَصَرَ الصِّدْقُ فِيهِ وَعَلِمَهُ الْمُكْرِهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَلِّيهِ إلَّا بِهِ قَالَ الْعَلَائِيُّ: وَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِهَذَا الْإِقْرَارِ أَثَرٌ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَقَرَّ حَالَ الضَّرْبِ أَوْ بَعْدَهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِرَّ ضُرِبَ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُقَرِّ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِدُونِهِ كَذِبٌ (قَوْلُهُ فَالْإِقْرَارُ لِلدَّابَّةِ بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا، وَلَا تَسْتَحِقُّهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ) كَالْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا إلَخْ) أَوْ جَنَتْ عَلَى مَالِ الْمَالِكِ فِي حَالِ رُكُوبِ الْمُقِرِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الْمُقَرُّ بِهِ مِلْكًا لِمَالِكِهَا حِينَ الْإِقْرَارِ) ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ أَنْ يُرِيدَ مَالِكًا آخَرَ قَبْلَهُ إلَّا أَنْ تَدُلَّ الْحَالُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا أَوْ اتَّهَبَهَا أَوْ قَبِلَ الْوَصِيَّةِ بِهَا فَقَالَ قَائِلٌ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ ذَلِكَ فَلَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى مَالِكِهَا الْآنَ قَطْعًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِمَالِكِهَا إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْإِمَامَ نَقَلَ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ حَمَلُوهُ عَلَى مَالِكِهَا فِي الْحَالِ ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُقَرَّ لَهُ وَظَاهِرُ الْوَسِيطِ وَالْوَجِيزِ يُوَافِقُ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ. اهـ. وَحِينَئِذٍ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مُوَافِقٌ لِبَحْثِ الْإِمَامِ دُونَ مَنْقُولِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِقْرَارُ لِلْعَبْدِ إقْرَارٌ لِلسَّيِّدِ) لِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ لِعَبِيدٍ مَوْقُوفِينَ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ كَمَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ رِبَاطًا أَوْ غَيْرِهِمَا إذْ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَالْإِيصَاءُ لَهُمْ صَحِيحَانِ وَيُصْرَفُ فِي مُؤَنِهِمْ، وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا بَيَّنَ جِهَةَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَاشِيَةِ الْمُسَبَّلَةِ، وَأَوْلَى (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَضِيَّةُ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ، وَلَوْ رَدَّ الْقِنُّ الْإِقْرَارَ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُ مَا قَالَاهُ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْقَمُولِيِّ فِي جَوَاهِرِهِ، وَهِيَ وَلَوْ رَدَّ الْعَبْدُ الْإِقْرَارَ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا ارْتَدَّ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ. اهـ. فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْإِذْنِ فِي الرَّدِّ فَلَا إشْكَالَ، وَكَذَا إنْ حُمِلَ عَلَى إقْرَارٍ بِقِصَاصٍ أَوْ نَحْوِهِ. (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالتَّذْكَارِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِعَبْدٍ بِالنِّكَاحِ أَوْ الْقِصَاصِ صَحَّ، وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ لَا لِلسَّيِّدِ وَقَالَ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَصْدِيقِهِ وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ (قَوْلُهُ: وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ) الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى تَفْسِيرِهِ فَقَدْ يَكُونُ لِمَالِكِ رَقَبَتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) كَأَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ اسْتَدَنْته أَوْ غَصَبْته، وَلَمْ يَقُلْ مِنْهُ، وَلَا مِنْ أَبِيهِ (قَوْلُهُ بَاعَنِي بِهِ شَيْئًا أَوْ أَقْرَضَنِيهِ إلَخْ) فَإِنْ قَدَّمَ ذِكْرَ السَّبَبِ فَقَالَ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ ابْتَعْته مِنْ الْحَمْلِ عَلَى أَلْفٍ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ يَشْهَدُ لِمَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ) ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَقْوَى (قَوْلُهُ وَذَكَرَ مِثْلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالزَّرْكَشِيُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعَجِيبٌ مِنْ فَهْمِ الْمُصَنِّفِ عَلَى جَلَالَتِهِ خِلَافَهُ. (تَنْبِيهٌ) وَلَوْ أَقَرَّ لِمَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ بِمَالٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِحَمْلٍ كَمَا سَيَأْتِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 وَهُوَ حَسَنٌ. وَإِذَا صَحَّ الْإِقْرَارُ لَهُ فِيمَا ذُكِرَ (فَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِرْثِ) وَغَيْرِهِمَا مِمَّا أُسْنِدَ إلَيْهِ (وَيَكُونُ) الْمُقَرُّ بِهِ فِيمَا إذَا أَسْنَدَهُ إلَى ذَلِكَ (لِلْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ الْمُوَرِّثِ أَوْ الْمُوصِي أَوْ لِغَيْرِهِمْ مِمَّا أُسْنِدَ إلَيْهِ، وَإِنْ أَطْلَقَهُ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ (أَوْ) انْفَصَلَ (حَيًّا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ اسْتَحَقَّ) ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا وُجُودَهُ يَوْمَئِذٍ، وَقَوْلُهُمْ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ صَوَابُهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حِينِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْحَمْلِ عِنْدَ الْإِقْرَارِ مَعَ عَدَمِهِ عِنْدَ السَّبَبِ لَا يُفِيدُ (وَكَذَا لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) صَوَابُهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ (إنْ لَمْ تَكُنْ أُمُّهُ فِرَاشًا) لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ أَوْ لَا سَبَبَ يُحَالُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لِتَيَقُّنِ عَدَمِهِ يَوْمَئِذٍ (فَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى) وَاحِدَةً (وَهُوَ) أَيْ الْمُقَرُّ بِهِ (إرْثٌ مِنْ أَبٍ) لَهَا مَثَلًا (أُعْطِيت النِّصْفَ أَوْ) وَلَدَتْ (ذَكَرًا) وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُقَرُّ بِهِ إرْثًا أَوْ وَصِيَّةً (أَوْ) وَلَدَتْ أُنْثَى وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَالْمُقَرُّ بِهِ (وَصِيَّةً فَالْكُلُّ) لِلْوَلَدِ، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ إنْ أَسْنَدَهُ إلَى وَصِيَّةٍ وَأَثْلَاثًا إنْ أَسْنَدَهُ إلَى إرْثٍ وَاقْتَضَتْ جِهَتُهُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَضَتْ التَّسْوِيَةَ كَوَلَدَيْ أُمٍّ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي الثُّلُثِ. (وَفِي مُطْلَقِ الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ) لِلْحَمْلِ إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بَلْ (يُسْتَفْهَمُ) الْمُقِرُّ عَنْ الْجِهَةِ وَيُحْكَمُ بِمُقْتَضَاهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَيْسَ لِهَذَا الِاسْتِفْهَامِ طَالِبٌ مُعَيَّنٌ وَكَانَ الْقَاضِي يَسْتَفْهِمُ حِسْبَةً لِيَصِلَ الْحَقُّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ (فَإِنْ مَاتَ) الْمُقِرُّ (قَبْلَ الْبَيَانِ فَكَمَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ فَرَدَّهُ) أَيْ فَيَبْطُلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ أَمَّا إذَا انْفَصَلَ حَيًّا لِلْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فَالْكُلُّ لَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ انْفَصَلَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى فَهُوَ لَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ أَوْ حَيٌّ وَمَيِّتٌ فَالْمَيِّتُ كَالْمَعْدُومِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَصَرَّحَ أَيْضًا بِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُسْنَدَ إلَى جِهَةٍ بَاطِلَةٍ إذَا قُلْنَا بِصِحَّتِهِ كَالْإِقْرَارِ الْمُطْلَقِ فِيمَا ذُكِرَ (أَوْ) مُطْلَقِ الْإِقْرَارِ (بِالْإِرْثِ، وَقَدْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى سُئِلَ) الْمُقِرُّ (عَنْ جِهَةِ الْإِرْثِ) وَحُكِمَ بِمُقْتَضَاهَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَابْنُ الصَّبَّاغِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا نُقِلَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ فَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَلَمْ يُورِدْ الْبَغَوِيّ وَالْفُورَانِيُّ سِوَاهُ وَوَجَّهَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ التَّسَاوِي حَتَّى يُعْلَمَ سَبَبُ التَّفَاضُلِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) سُؤَالُهُ (سُوِّيَ بَيْنَهُمَا) . (فَرْعٌ: وَإِنْ أَقَرَّ بِحَمْلِ دَابَّةٍ) مِنْ أَمَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ (فَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى وَصِيَّةٍ) أَوْ نَحْوِهَا كَوَقْفٍ (صَحَّ وَكَذَا إذَا أَطْلَقَ) أَيْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى شَيْءٍ (لَا) إنْ أَسْنَدَهُ (إلَى جِهَةٍ فَاسِدَةٍ) لِمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ لَهُ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثُمَّ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ أَسْنَدَ إلَى جِهَةٍ بَاطِلَةٍ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ قَوْلَانِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْإِسْنَادِ إلَى فَاسِدٍ طَرِيقَانِ فَمَا قِيلَ إنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ ثُمَّ عَلَى الصِّحَّةِ، وَهُنَا عَلَى الْمَنْعِ لَا يَقْتَضِي اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ (وَانْفِصَالِهِ) هُنَا (لِلْإِمْكَانِ عَلَى مَا سَبَقَ) ثُمَّ (وَسُئِلَ عَنْ حَمْلِ الْبَهِيمَةِ أَهْلُ الْخِبْرَةِ) بِهِ (وَلَوْ أَقَرَّ) مَعَ إقْرَارِهِ بِهِ لِوَاحِدٍ (بِالْأُمِّ لِآخَرَ جَازَ) الْإِقْرَارَانِ. (وَإِقْرَارُهُ لِمَسْجِدٍ وَمَقْبَرَةٍ) وَنَحْوِهِمَا كَرِبَاطٍ (كَإِقْرَارِهِ لِحَمْلٍ إذْ لَهُمَا غَلَّةُ الْوَقْفِ) وَنَحْوُهَا كَالْوَصِيَّةِ وَأَفَادَ بِالتَّعْلِيلِ أَنَّ الْإِقْرَارَ لِكَنِيسَةٍ أَوْ بِيعَةٍ بَاطِلٌ بِكُلِّ حَالٍ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ قَالَ لِهَذَا الْمَيِّتِ عَلَيَّ كَذَا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُخْتَصَرِ جَوَازُ الْإِقْرَارِ بِتَقْدِيرِ كَانَ لَهُ عَلَيَّ. (فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ (عَدَمُ تَكْذِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ) الْمُقِرَّ (فَلَوْ كَذَّبَهُ) فِيهِ (بَطَلَ) فِي حَقِّهِ (وَتُرِكَ) الْمُقَرُّ بِهِ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا (مَعَ الْمُقِرِّ) ؛ لِأَنَّ يَدَهُ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ ظَاهِرًا وَالْإِقْرَارُ الطَّارِئُ عَارَضَهُ التَّكْذِيبُ فَسَقَطَ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَذَّبَهُ فِي الْأَصْلِ فَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ فَقَالَ لَا بَلْ مِنْ ثَمَنِ أَمَةٍ فَالْأَصَحُّ لُزُومُهُ وَلَا يَضُرُّ التَّحَالُفُ فِي الْجِهَةِ ثُمَّ إذَا بَطَلَ إقْرَارُهُ بِالتَّكْذِيبِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ خَلَا الْوَطْءَ لِاعْتِرَافِهِ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى يَرْجِعَ. انْتَهَى.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ) أَيْ إنْ لَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الْمُدَّةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ إلَخْ) فَالِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الْمَوْتِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِرَاثَةِ بِوَقْتِ الْإِيصَاءِ فِي صُورَةِ الْوَصِيَّةِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْقَفَّالُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَفِي تَجْرِيدِ ابْنِ كَجٍّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَجَازَ أَنْ يَكُونَ حَلَقَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَجَازَ أَنْ يَكُونَ حَلَقَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ) أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فِي الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْقَاضِي يَسْتَفْهِمُ حِسْبَةً إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يُمْكِنُ تَوْجِيهُ مُطَالَبَةِ الْحَاكِمِ بِالتَّفْسِيرِ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَا وَارِثَ لَهُ إلَّا بَيْتَ الْمَالِ أَوْ بَيْتَ الْمَالِ وَغَيْرَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِفْسَارُ لِيَجُوزَ حَقُّ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ سَوَّى بَيْنَهُمَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ فِيمَا لَوْ انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ مَا يُؤَيِّدُهُ. [فَرْعٌ أَقَرَّ بِحَمْلِ دَابَّةٍ مِنْ أَمَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ] (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُخْتَصَرِ جَوَازُ الْإِقْرَارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي كَذَا صَحَّ، وَكَانَ إقْرَارَ الْوَارِثَةِ وَتُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرِكَةٌ. [فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ عَدَمُ تَكْذِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ الْمُقِرَّ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ يَدَهُ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ ظَاهِرًا إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّا لَا نَعْرِفُ مَالِكَهُ وَنَرَاهُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَهُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِحِفْظِهِ قَالَ الْقَمُولِيُّ. وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى أَنَّ يَدَهُ يَدُ مِلْكٍ، وَهُوَ مَا فِي الْمُهَذَّبِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ عِنْدَ رُجُوعِهِ عَنْ التَّكْذِيبِ. وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ يَدَهُ يَدُ اسْتِحْفَاظٍ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ إنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِلْكًا يَتَوَقَّفُ فِيهِ ع، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ أَشْجَارًا، وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ أَوْ حَيَوَانًا، وَلَهُ نَمَاءٌ أَوْ كَسْبٌ لِمَنْ يَكُونُ، وَقَوْلُهُ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ظَانًّا أَنَّ الْمَالَ لِلْمُقَرِّ لَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ، وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ (صَدَّقَهُ) بَعْدَ تَكْذِيبِهِ (لَمْ يَنْزِعْ) مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ يَدِهِ (إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ) ؛ لِأَنَّ نَفْيَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُطَابَقَةِ بِخِلَافِ الْمُقِرِّ فَإِنَّ نَفْيَهُ لَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِالِالْتِزَامِ فَكَانَ أَضْعَفَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَكْذِيبَ وَارِثِ الْمُقَرِّ لَهُ كَتَكْذِيبِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ لِمَيِّتٍ أَوْ لِمَنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَكَذَّبَهُ الْوَارِثُ لَمْ يَصِحَّ أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَيَصِحُّ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ عَلَى الْمَرْهُونِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ الْمَالِكِ صَحَّ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى يَتَوَثَّقَ بِأَرْشِهَا. (وَيَنْزِعُ الْقَاضِي) مِنْ الْمُقِرِّ (عَيْنًا أَقَرَّ بِهَا لِمَجْهُولٍ) بِأَنْ قَالَ بِيَدِي مَالٌ لَا أَعْرِفُ مَالِكَهُ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِمَالٍ ضَائِعٍ فَهُوَ إقْرَارٌ صَحِيحٌ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَيَّ مَالٌ لِرَجُلٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لِفَسَادِ الصِّيغَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ مَا هُنَا فِي الْعَيْنِ وَمَا هُنَاكَ فِي الدَّيْنِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ أَجَابَ بِهِ. (وَلَوْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي حَالِ إنْكَارِ الْمُقَرِّ لَهُ) بَلْ أَوْ بَعْدَهُ (وَقَالَ كَذَبْت) فِي الْإِقْرَارِ (أَوْ غَلِطْت) فِيهِ (صَحَّ رُجُوعُهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَالَ يُتْرَكُ بِيَدِهِ، وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ بِالتَّكْذِيبِ بَطَلَ الْإِقْرَارُ (وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِعَبْدٍ فَرَدَّهُ) أَيْ أَنْكَرَهُ (لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِرِقِّهِ فَلَا يُرْفَعُ إلَّا بِيَقِينٍ بِخِلَافِ اللَّقِيطِ فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ بِالدَّارِ فَإِذَا أَقَرَّ وَنَفَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ (وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَعَيَّنَهُ فَرَدَّهُ وَعَيَّنَ الْآخَرَ لَمْ يُصَدَّقْ) فِيمَا عَيَّنَهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَصَارَ مُكَذِّبًا لِلْمُقِرِّ فِيمَا عَيَّنَهُ لَهُ (أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ، وَكَذَّبَهُ سَقَطَا) وَفِي نُسْخَةٍ سَقَطَ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ الْإِقْرَارُ فِي حَقِّهِ (وَكَذَا حَدُّ سَرِقَةٍ وَفِي الْمَالِ مَا مَرَّ) مِنْ أَنَّهُ يُتْرَكُ بِيَدِ الْمُقِرِّ (وَإِنْ أَقَرَّتْ) لَهُ امْرَأَةٌ (بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ سَقَطَ فِي حَقِّهِ) قَالَ الْمُتَوَلِّي حَتَّى لَوْ رَجَعَ بَعْدُ وَادَّعَى نِكَاحَهَا لَمْ تُسْمَعْ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ نِكَاحًا مُجَدَّدًا وَكَأَنَّهُ اُحْتِيجَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ لَهَا فَاحْتِيطَ لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَقَامَ) مَنْ لَزِمَهُ حَقٌّ (بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ غَرِيمِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ) لَهُ (وَأَقَامَ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ) الْوَاقِعِ (بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ إقَامَةِ بَيِّنَتِهِ (بِعَدَمِهِ) أَيْ الِاسْتِيفَاءِ (سُمِعَتْ) بَيِّنَتُهُ (وَطَالَبَهُ) ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ الْغَرِيمِ بِالِاسْتِيفَاءِ فَقَدْ قَامَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ كَذَّبَهُ فَيَبْطُلُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ وَيَبْقَى الْحَقُّ عَلَى مَنْ لَزِمَهُ (وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مَالٌ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ) أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْمَجْهُولِينَ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ مَالٌ لِوَاحِدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ (لَمْ يَصِحَّ) الْإِقْرَارُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِمُعَيَّنٍ فَكَذَّبَهُ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ لَا طَالِبَ لَهُ فَيَبْقَى بِيَدِهِ (فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ أَنَا هُوَ) أَيْ الْمُرَادُ بِالْإِقْرَارِ (لَمْ يُصَدَّقْ) بَلْ الْمُصَدِّقُ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مُعَيَّنًا نَوْعَ تَعْيِينٍ بِحَيْثُ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الدَّعْوَى وَالطَّلَبُ كَقَوْلِهِ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ عَلَيَّ كَذَا. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُقَرُّ بِهِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ) حِينَ يُقِرُّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ إزَالَةَ مِلْكٍ بَلْ إخْبَارٌ عَنْ كَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْمُخْبَرِ عَنْهُ عَلَى الْخَبَرِ (فَإِنْ قَالَ دَارِي) أَوْ دَارِي هَذِهِ أَوْ ثَوْبِي (أَوْ ثَوْبِي هَذَا لِزَيْدٍ لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ لَهُ فَيُنَافِي الْإِقْرَارَ بِهِ لِغَيْرِهِ إذْ هُوَ إخْبَارٌ سَابِقٌ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْوَعْدِ بِالْهِبَةِ وَلَوْ قَالَ الدَّارُ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي أَوْ وَرِثْتهَا مِنْ أَبِي مِلْكٌ لِزَيْدٍ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِقْرَارَ فَيَصِحَّ وَكَذَا لَوْ قَالَ دَارِي لِفُلَانٍ وَأَرَادَ الْإِقْرَارَ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ إضَافَةَ سُكْنَى ذَكَرَ ذَلِكَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ فِي الْأُولَيَيْنِ إذْ لَمْ يَرُدَّهُ بِأَنَّ الْمِلْكَيْنِ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُوَافِقَ لِقَاعِدَةِ الْبَابِ مِنْ الْأَخْذِ بِالْيَقِينِ كَمَا سَيَأْتِي عَدَمُ الصِّحَّةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْبَغَوِيّ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُسْتَفْسَرَ عِنْدَ إطْلَاقِهِ وَيُعْمَلَ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ دَارِي الَّتِي هِيَ مِلْكِي لَهُ لِلتَّنَاقُضِ الصَّرِيحِ (أَوْ) قَالَ (مَسْكَنِي أَوْ مَلْبُوسِي) لِفُلَانٍ (صَحَّ) إذْ لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْكُنُ وَيَلْبَسُ مِلْكَ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَلْبُوسِي مِنْ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا يَصِحُّ إنْ قَالَ هُوَ لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت) بِهِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ كَلَامِهِ إقْرَارٌ وَآخِرَهُ لَغْوٌ فَيُطْرَحُ آخِرُهُ وَيُعْمَلُ بِأَوَّلِهِ كَمَا لَوْ قَالَ هُوَ لَهُ لَيْسَ لَهُ وَلَوْ عَكَسَ بِأَنْ قَالَ هُوَ مِلْكِي هُوَ لِفُلَانٍ أَوْ هُوَ لِي وَكَانَ مِلْكَ زَيْدٍ إلَى أَنْ أَقْرَرْت صَحَّ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ إقْرَارٌ بَعْدَ إنْكَارٍ (وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ هَكَذَا) أَيْ بِأَنَّ زَيْدًا أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا مِلْكُ عَمْرٍو وَكَانَ مِلْكَ زَيْدٍ إلَى أَنْ أَقَرَّ بِهِ (لَمْ تُقْبَلْ) وَفَارَقَتْ الْمُقِرَّ بِأَنَّهَا تَشْهَدُ عَلَى غَيْرِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا إذَا لَمْ يَتَنَاقَضْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ظَانًّا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَكْذِيبَ وَارِثِ الْمُقَرِّ لَهُ كَتَكْذِيبِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ مَا هُنَا فِي الْعَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِعَبْدٍ فَرَدَّهُ لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ هَذَا الْعَبْدُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ [فَرْعٌ أَقَامَ مَنْ لَزِمَهُ حَقٌّ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ غَرِيمِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ وَأَقَامَ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً عَلَى عَدَمِهِ] (قَوْلُهُ: الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُقَرُّ بِهِ) حَدُّ الْمُقَرِّ بِهِ مَا جَازَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَقِيلَ مَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَصَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْقَمُولِيُّ، وَهُوَ أَصَحُّ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى هَذَا لِزَيْدٍ) أَيْ أَوْ مَالِي مَالُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكِيَّةَ إلَخْ) أَيْ، وَمَا أَتَى بِهِ جُمْلَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: فَيُنَافِي الْإِقْرَارَ بِهِ لِغَيْرِهِ) يَعْنِي؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِزَيْدٍ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِفَادَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَهُ مَا يُلْغِيهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: دَارِي أَوْ دَارِي هَذِهِ أَوْ ثَوْبِي أَوْ ثَوْبِي هَذَا فَبَطَلَ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَنَظِيرُهُ مَا إذَا قَالَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِقْرَارِ طَرْحُ الشَّكِّ، وَالْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ وَعَدَمُ النَّظَرِ إلَى الْغَلَبَةِ فَظَاهِرُ الْإِضَافَةِ عِنْدَهُ تُحْمَلُ عَلَى الْمِلْكِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِدُخُولِ دَارٍ يَمْلِكُهَا، وَمَعَ الْحَمْلِ عَلَى الْحَقِيقَةِ يُنَاقِضُ آخِرُ الْكَلَامِ أَوَّلَهُ وَآخِرُهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِفَادَةِ فَأُلْغِيَ (قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ فِي الْأُولَيَيْنِ) هُمَا، وَلَوْ قَالَ الدَّارُ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي أَوْ وَرِثْتهَا ع (قَوْلُهُ فَيُطْرَحُ آخِرُهُ وَيُعْمَلُ بِأَوَّلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى جُمْلَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ إذْ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا صِفَةً لِلْأُخْرَى (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ) وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ هَكَذَا لَمْ يُقْبَلْ) لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ حَالَ الْإِقْرَارِ تُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ الْمُقِرَّ بِأَنَّهَا تَشْهَدُ عَلَى غَيْرِهَا إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 وَالْمُقِرُّ يُشْهِدُ عَلَى نَفْسِهِ فَيُؤَاخَذُ بِمَا يَصِحُّ مِنْ كَلَامِهِ. (وَقَوْلُهُ دَيْنِي) الَّذِي (عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو بَاطِلٌ) لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ دَارِي أَوْ ثَوْبِي لِزَيْدٍ (أَوْ) قَالَ الدَّيْنُ (الَّذِي كَتَبْته عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو صَحِيحٌ) فَلَعَلَّهُ كَانَ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْمُعَامَلَةِ الَّتِي أَوْجَبَتْ الدَّيْنَ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِهِ فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لِزِيَادَةِ لَفْظَةِ لِي حَيْثُ قَالَ وَلَوْ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ فَهُوَ إقْرَارٌ صَحِيحٌ، وَقَيَّدَ فِي التَّهْذِيبِ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ بِمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ لِلْمُقِرِّ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ بِالْكَذِبِ (لَا فِي نَحْوِ صَدَاقٍ وَخُلْعٍ وَ) أَرْشِ (جِنَايَةٍ عَقِبَ ثُبُوتِهَا) لِلْمُقِرِّ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِالصَّدَاقِ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَلَا إقْرَارُ الزَّوْجِ بِبَدَلِ الْخُلْعِ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجَةِ وَلَا إقْرَارُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ عَقِبَ ثُبُوتِ الثَّلَاثَةِ لَهُمْ بِحَيْثُ لَا يُحْتَمَلُ جَرَيَانُ نَاقِلٍ، وَسَوَاءٌ فِيمَا قَالَهُ الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ حَتَّى وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَقِبَ عِتْقِهِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ لَمْ يَصِحَّ إذْ أَهْلِيَّةُ الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ إلَّا فِي الْحَالِ وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا مَا يُوجِبُ الْمَالَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِمَ لَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ إذَا اُحْتُمِلَ تَصَوُّرُ الْمِلْكِ لَهُ قَبْلَ الرِّقِّ أَمَّا السَّيِّدُ فَقَدْ يُقَالُ إذَا مَلَكَهُ سَقَطَ دَيْنُهُ عَنْهُ، وَإِذَا صَحَّ الْإِقْرَارُ بِقَوْلِهِ الدَّيْنُ الَّذِي كَتَبْته عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو فَطَالَبَ عَمْرٌو زَيْدًا فَأَنْكَرَ (فَإِنْ شَاءَ عَمْرٌو أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْمُقِرِّ (أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي كَتَبَهُ عَلَى زَيْدٍ لَهُ يَثْبُتُ عَلَى زَيْدٍ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً عَلَيْهِ (بِالدَّيْنِ) الْمُقَرِّ بِهِ (وَإِنْ شَاءَ عَكَسَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالدَّيْنِ ثُمَّ بَيِّنَةً بِالْإِقْرَارِ. (فَرْعٌ: لَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمُقِرِّ (بِمَا فِي يَدِ الْغَيْرِ حَتَّى يَصِيرَ فِي يَدِهِ) إذْ يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ بِثُبُوتِ مِلْكِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ تَحْتَ يَدِ الْمُقِرِّ وَتَصَرُّفِهِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا، وَإِلَّا كَانَ كَلَامُهُ إمَّا دَعْوَى عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ شَهَادَةٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا لَكِنَّهُ إذَا حَصَلَ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ قَالَ هَذَا، وَهُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ رَهْنُ زَيْدٍ) أَيْ مَرْهُونٌ عِنْدَهُ (فَحَصَلَ فِي يَدِهِ بَيْعٌ فِي دَيْنِ زَيْدٍ) عَمَلَا بِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ (وَإِنْ قَالَ) فِي عَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ (هُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ) صَحَّ تَنْزِيلًا لِلْعَقْدِ عَلَى قَوْلِ مَنْ صَدَّقَهُ الشَّرْعُ، وَهُوَ الْبَائِعُ لِكَوْنِهِ ذَا يَدٍ أَوْ اسْتِنْقَاذًا لِلْعَبْدِ مِنْ أَسْرِ الرِّقِّ، وَإِذَا صَحَّ شِرَاؤُهُ (نَظَرْت فَإِنْ) كَانَ (قَالَ أَعْتَقَهُ) مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ (عَتَقَ وَكَانَ ذَلِكَ) الشِّرَاءُ (مِنْهُ فِدَاءً) لِلْعَبْدِ لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الشِّرَاءِ (وَمِنْ الْبَائِعِ بَيْعًا) عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ (فَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ لَا لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَانِ) خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ (وَالْفَسْخُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا فَدَاهُ) فَلَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْبَائِعُ بَاعَ وَثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ فَلَوْ رَدَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَرَدَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ لَا يَسْتَرِدُّ الْعَبْدَ بَلْ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عِتْقِهِ. (وَوَلَاؤُهُ) فِيمَا ذُكِرَ (مَوْقُوفٌ) ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِعِتْقِهِ وَالْمُشْتَرِيَ لَمْ يُعْتِقْهُ (فَإِنْ مَاتَ) الْعَبْدُ (بِلَا وَارِثٍ) بِغَيْرِ الْوَلَاءِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً (فَصَدَّقَ الْبَائِعُ) الْمُشْتَرِيَ (بِعِتْقِهِ وَرِثَهُ) الْبَائِعُ (وَرَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ   [حاشية الرملي الكبير] وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ فِي مِلْكِهِ إلَى أَنْ أَقَرَّ لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ كَذَا قَالَ الْهَرَوِيُّ فِي الْأَشْرَافِ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي كَتَبْته عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو صَحِيحٌ) حَتَّى لَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ لَمْ يَنْفَكَّ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَقَلَ الدَّيْنُ بِالْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ، وَقَيَّدَ فِي التَّهْذِيبِ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا فِي نَحْوِ صَدَاقٍ إلَخْ) كَالْمُتْعَةِ وَالْحُكُومَةِ وَالْمَهْرِ الْوَاجِبِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَأُجْرَةِ بَدَنِ الْحُرِّ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَكُسْوَتِهَا، وَقَالَ الْقَفَّالُ إذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ آخَرَ فَالْجُمْلَةُ أَنَّ كُلَّ مَالٍ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَصْلِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ حُكِمَ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي أَصْلِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِهِ فَذَلِكَ الْإِقْرَارُ بَاطِلٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ إلَخْ) أَيْ الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّةِ الزَّوْجَةِ) أَيْ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: عَقِبَ ثُبُوتِ الثَّلَاثَةِ لَهُمْ) بِحَيْثُ لَا يُحْتَمَلُ جَرَيَانُ نَاقِلٍ، وَكَذَا سَائِرُ الدُّيُونِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُقَالُ عَلَيْهِ لَيْسَتْ سَائِرُ الدُّيُونِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ وَقَعَتْ الْمُعَامَلَةُ مَعَهُ فِي الظَّاهِرِ وَكِيلًا فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ لَهُ فِي الْبَاطِنِ فَيَصِحُّ أَنْ يُقِرَّ بِهِ عَقِبَ الْمُعَامَلَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِمَالِ جَرَيَانِ نَاقِلٍ. (فُرُوعٌ) لَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ فَادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ لَمْ تُسْمَعْ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ، وَقَدْ اشْتَرَيْته مِنْهُ أَوْ جَاءَ بَعْدَ زَمَانٍ يُحْتَمَلُ الشِّرَاءُ وَادَّعَى سُمِعَتْ، قَالَ الْبَغَوِيّ فِي الْفَتَاوَى، وَلَوْ قُسِمَتْ تَرِكَةٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَقَرَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي الْمَجْلِسِ بِمَا يَخُصُّهُ لِآخَرَ بَطَلَ، وَلَوْ ادَّعَى مِلْكِيَّةَ شَيْءٍ لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِإِنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَ الْإِقْرَارَيْنِ مَا يَتَضَمَّنُ نَقْلَ الْمِلْكِ فَإِقْرَارُهُ مَقْبُولٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا السَّيِّدُ فَقَدْ يُقَالُ إذَا مَلَكَهُ سَقَطَ دَيْنُهُ عَنْهُ) قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُهُمْ فِي سُقُوطِ دَيْنِ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ تَفْصِيلٍ أَمَّا سُقُوطُ دَيْنٍ لِعَبْدٍ عَلَى مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَفِي كَلَامِهِمْ فِي السِّيَرِ مَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ السُّقُوطِ كا. [فَرْعٌ لَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ أَيْ الْمُقِرِّ بِمَا فِي يَدِ الْغَيْرِ] (قَوْلُهُ: تَحْتَ يَدِ الْمُقِرِّ وَتَصَرُّفِهِ) خَرَجَ بِهِ الْمَرْهُونُ وَنَحْوُهُ، وَمَا فِي يَدِهِ لِغَيْرِهِ كَمَحْجُورِهِ وَوَقْفٌ هُوَ نَاظِرُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ مَسَائِلُ. الْأُولَى: مَا إذَا بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَ الْغَائِبِ بِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ ثُمَّ قَدِمَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّدَاقِ عَنْ النَّصِّ وَحَكَى قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ. الثَّانِيَةُ: مَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ ادَّعَاهُ رَجُلٌ فَأَقَرَّ الْبَائِعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ قَالَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْإِقْرَارِ. الثَّالِثَةُ: وَهَبَ لِوَلَدِهِ عَيْنًا ثُمَّ أَقْبَضَهُ إيَّاهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لِآخَرَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَاهِبِ رُجُوعٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعُلِمَ مِنْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْمُقِرُّ كَافِرًا، وَالْعَبْدُ مُسْلِمًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 (فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي) إنْ كَانَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا كَاذِبٌ فِي حُرِّيَّتِهِ فَكُلُّ الْكَسْبِ لَهُ أَوْ صَادِقٌ فَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ إرْثًا بِالْوَلَاءِ، وَقَدْ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الثَّمَنِ مِنْهُ وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ، وَقَدْ ظَفِرَ بِمَا لَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالُوا وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْمَبْذُولِ فِدْيَةً وَقُرْبَةً كَمَا لَوْ فُدِيَ أَسِيرٌ بِيَدِ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ اسْتَوْلَيْنَا عَلَى بِلَادِهِمْ وَوَجَدَ الْبَاذِلُ عَيْنَ مَالِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا فَلَهُ مِنْ مِيرَاثِهِ مَا يَخُصُّهُ وَفِي الْبَاقِي مَا مَرَّ، وَإِلَّا فَجَمِيعُ مِيرَاثِهِ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَائِعُ يَرِثُ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ كَأَنْ كَانَ أَخًا لِلْعَبْدِ لَمْ يَرِثْ بَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ كَمَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ كَانَ قَالَ هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ أَوْ حُرٌّ) بِعِتْقِ غَيْرِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ (قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَهُوَ افْتِدَاءٌ) مِنْهُ أَيْضًا وَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ (فَإِنْ مَاتَ) وَخَلَّفَ مَالًا وَوَرَثَةً (فَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ أَوْ) لَمْ يُخَلِّفْ وَرَثَةً فَمَالُهُ (لِبَيْتِ الْمَالِ) وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ، وَإِطْلَاقُهُ الْوَرَثَةَ هُنَا أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ أَصْلِهِ لَهُمْ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ لِصِدْقِ كَلَامِ أَصْلِهِ حِينَئِذٍ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ أَصْلًا وَبِمَا إذَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ بِالْوَلَاءِ، وَهَذَا الثَّانِي لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ فِيهِ بِأَنَّ الْمَالَ لِبَيْتِ الْمَالِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَفْصَلَ الْمُقِرُّ وَيُعْمَلَ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ صَارَ كَعَتِيقٍ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَارِثٌ بِالْوَلَاءِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ. ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ حُرِّ الْأَصْلِ أَمَّا فِي الْأُخْرَى فَإِنْ أَضَافَ إلَى ذَلِكَ أَنَّك اشْتَرَيْته وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ أَوْ تَعْلَمُ وَلَمْ تَعْمَلْ بِعِلْمِك فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَتِهِ قَدْرَ الثَّمَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرَ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنَّهُ عَبَّرَ بَدَلَ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِثُمَّ عَلِمْت وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِهِمَا بِقَوْلِهِمَا وَأَنْتَ إلَى آخِرِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ أَقَلَّ الثَّمَنَيْنِ لَا قَدْرَ الثَّمَنِ (وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ (اسْتَرَدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ) إنْ كَانَ سَلَّمَهُ لَهُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرِّيَّةَ فِي زَعْمِهِ، وَقَدْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ وَعِتْقُهُ، وَقَعَ قَبْضًا وَلَوْ قَالَ إنَّهُ حُرٌّ فَيَنْبَغِي اسْتِفْسَارُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ. (فَرْعٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ كَانَ بِيَدِ كُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عَبْدٌ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ قَدْ أَعْتَقْت عَبْدَك فَأَنْكَرَ ثُمَّ تَبَادَلَا أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ بِالْآخِرِ فَإِنْ قُلْنَا هُوَ فِدَاءٌ صَحَّ أَوْ بَيْعٌ فَحَكَى أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ لِاعْتِقَادِهِمَا وُرُودَ الْعَقْدِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَحَكَى أَبُو سَهْلٍ الْأَبِيوَرْدِيُّ الصِّحَّةَ حَكَاهُ عَنْهُ الْمُتَوَلِّي فِي الصُّلْحِ. انْتَهَى. وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ صِحَّتِهِ وَيَكُونُ فِدَاءٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ عَبْدَ الْآخَرِ حُرٌّ لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ لِغَيْرِهِ فَاسْتَأْجَرَهَا أَوْ نَكَحَهَا لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ) فِي الْأُولَى (وَ) لَزِمَهُ (الْمَهْرُ) فِي الثَّانِيَةِ (وَلَيْسَ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا) بِغَيْرِ رِضَاهَا (وَكَذَا) لَيْسَ لَهُ (وَطْؤُهَا إلَّا إنْ كَانَ نَكَحَهَا بِإِذْنِهَا، وَهُوَ) أَيْ سَيِّدُهَا (عِنْدَهُ وَلِيٌّ بِالْوَلَاءِ) أَوْ بِغَيْرِهِ بِأَنْ قَالَ أَنْتَ أَعْتَقْتهَا أَوْ أَعْتَقَهَا مَنْ انْجَرَّ إلَيْك مِنْهُ الْوَلَاءُ أَوْ كَانَ أَخَاهَا مَثَلًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَسَوَاءٌ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ أَمْ لَا أَيْ لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهَا، وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تُبَاحُ لَهُ الْأَمَةُ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَهَا يُسْتَرَقُّونَ كَأُمِّهِمْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ بِإِذْنِهَا مَا لَوْ نَكَحَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا فَلَا يَصِحُّ، وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَتِهِ) شَمِلَ قَوْلُهُ تَرِكَتِهِ مَا اكْتَسَبَهُ، وَمَا وَرِثَهُ مِنْ أَقَارِبِهِ بِالْحُرِّيَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَمَا مَلَكَهُ بِالْهِبَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ أَوْ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِحُضُورِهِ الْوَقْعَةَ أَوْ مِنْ الزَّكَاةِ بِسَبَبِ الْفَقْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَادِقٌ فَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْبَائِعُ وَوَرِثَهُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يَأْخُذُ كُلَّ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِحُرِّيَّتِهِ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الْمُقِرِّ بِإِرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ حَتَّى تَكُونَ أَكْسَابُهُ فِي حَالَةِ الرَّهْنِ أَوْ الْجِنَايَةِ، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ كَانَ الْمَهْرُ لَهَا أَوْ حَدَثَ مَا يُوجِبُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ كَانَتْ الْمَنَافِعُ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ وَقْفٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا وَبَنَاهَا مَسْجِدًا فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَاهَا وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ قِيمَتُهَا، وَلَوْ شَهِدَ لِرَجُلٍ بِضَيْعَةٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِنَفْسِهِ، وَلَهُ شَرِيكٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ يَجِبُ بِالْعَقْدِ لَا بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَحَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ إنَّمَا يَجِبُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَحَقُّ الشَّفِيعِ أَسْبَقُ؛ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ مَلَكَهُ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الشَّفِيعِ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِهِ؛ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ يُقْبَلُ فِي حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ فِي الزِّيَادَاتِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِهَذَا الْعَبْدِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ قُبِلَ فَادَّعَى رَجُلٌ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَأَنْكَرَهُ الْوَارِثُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بِهِ بَيِّنَةً، وَبِيعَ الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى الْوَارِثُ ذَلِكَ الْعَبْدَ أَوْ وَرِثَهُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ أَخْذَهُ مِنْهُ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُخَلِّفْ وَرَثَةً فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَنْبَغِي إطْلَاقُ أَنَّ الْمَالَ لِبَيْتِ الْمَالِ فِي صُورَةِ أَعْتَقَهُ غَيْرُك بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَفْصِلَ الْمُقِرُّ وَيَعْمَلَ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ صَارَ كَعَتِيقٍ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَارِثٌ بِالْوَلَاءِ. ثَانِيهِمَا قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ يَنْبَغِي فِي صُورَةِ أَعْتَقَهُ غَيْرُك إنْ أَضَافَ إلَى ذَلِكَ إنَّك اشْتَرَيْته، وَأَنْتَ لَا تَدْرِي وَظُلِمْت بِأَخْذِ الثَّمَنِ ثُمَّ عَلِمْت، وَلَمْ تَعْمَلْ بِمُقْتَضَاهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَتِهِ قَدْرَ الثَّمَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقُّ التَّرِكَةِ غَيْرَ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِهِمَا، وَأَنْتَ إلَخْ) ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ كَانَ بِيَدِ كُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عَبْدٌ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ قَدْ أَعْتَقْت عَبْدَك فَأَنْكَرَا] (قَوْلُهُ، وَقَضِيَّةُ تَرْجِيحِ صِحَّتِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ لِغَيْرِهِ فَاسْتَأْجَرَهَا أَوْ نَكَحَهَا] (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَسَوَاءٌ إلَخْ) يُحْمَلُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَى الْآيِسَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ، وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَضَمَّنُ الْفِدَاءَ الْمُطْلَقَ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ صِحَّتُهَا مِنْ جِهَةِ مُطَالَبَةِ الْمُكْتَرِي بِالْأُجْرَةِ دُونَ حِلِّ انْتِفَاعِهِ لَا مَانِعَ مِنْهَا، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ فِدَاءٌ مِنْ جِهَةِ الْمُكْتَرِي فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا مُدَّةَ الْإِجَارَةِ فَالْفِدَاءُ كَمَا يَكُونُ فِي الرَّقَبَةِ يَكُونُ فِي الْمَنْفَعَةِ. (وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ عَمْرًا غَصَبَ عَبْدًا مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ) مِنْ عَمْرٍو (صَحَّ) الشِّرَاءُ اسْتِنْقَاذًا لِمِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا يُسْتَنْقَذُ الْحُرُّ، وَقَوْلُهُ (وَأَخَذَهُ) أَيْ الْعَبْدَ (زَيْدٌ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ، وَقَالُوا لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَانِ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَثْبُتَانِ لِمَنْ يَطْلُبُ بِالشِّرَاءِ مِلْكًا لِنَفْسِهِ أَيْ أَوْ لِمُسْتَنِيبِهِ، وَقَالَ إنَّهُ حَسَنٌ مُتَّجَهٌ. [فَرْعٌ أَقَرَّ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ لِزَيْدٍ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ لِعَمْرٍو] (فَرْعٌ لَوْ أَقَرَّ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ لِزَيْدٍ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ لِعَمْرٍو سُلِّمَ لِزَيْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ لَا فِي يَدِ نَفْسِهِ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ) زَيْدٌ (فَوَلَاؤُهُ لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ فَلَيْسَ لِعَمْرٍو تَسَلُّمُ رَقَبَتِهِ وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ وَلَاءِ زَيْدٍ (وَهَلْ أَكْسَابُهُ) الْحَاصِلَةُ بَعْدَ عِتْقِهِ (لِعَمْرٍو) أَوْ لَا؟ فِيهِ (وَجْهَانِ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الْأَكْسَابَ) أَيْ اسْتِحْقَاقَهَا (فَرْعُ الرِّقِّ) وَلَمْ يَثْبُتْ فَهِيَ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْعَتِيقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَجَّحُ. (الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الصِّيغَةُ فِي الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ) ظَاهِرًا (عَلَيَّ وَفِي ذِمَّتِي) كَقَوْلِهِ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي كَذَا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُمَا عُرْفًا لَكِنَّهُمْ قَبِلُوا التَّفْسِيرَ فِي عَلَيَّ الْوَدِيعَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) لِلْإِقْرَارِ (بِالْعَيْنِ عِنْدِي وَمَعِي) وَلَدَيَّ كَذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا لِلْعَيْنِ أَنَّهَا تُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهَا أَدْنَى الْمَرَاتِبِ حَتَّى وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ وَدِيعَةً وَتَلِفَتْ أَوْ رَدَّهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ لَا مَعْنَى لِاقْتِصَارِهِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْوَدِيعَةِ بَلْ التَّفْسِيرُ بِالْمَغْصُوبَةِ كَذَلِكَ لَمْ يَقَعْ فِي مَحَلِّهِ إذْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِي التَّفْسِيرِ بَلْ فِي أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى مَاذَا (وَ) لِلْإِقْرَارِ (بِهِمَا لِزَيْدٍ كَذَا فِي قِبَلِي) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ لِصَلَاحِيَّتِهِ لَهُمَا، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ بَحْثًا بَعْدَ نَقْلِهِمَا عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لِلدَّيْنِ وَسَبَقَهُمَا إلَى مَا بَحْثَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ قَوِيٌّ. وَلَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ كَعَلَيَّ، وَرَدَّ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا لَا يَصْلُحُ لِلرَّدِّ قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ وَلَوْ أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْعَيْنِ وَآخَرَ عَلَى الدَّيْنِ كَأَنْ قَالَ لَهُ وَمَعِي عَشَرَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ وَبَعْضِهِ بِالدَّيْنِ، وَقَوْلُ الْأَصْلِ لِفُلَانٍ كَذَا صِيغَةُ إقْرَارٍ وَجَّهَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ اللَّامَ تَدُلُّ لِلْمِلْكِ قَالَ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مُعَيَّنًا فَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ لَهُ إنْ كَانَ بِيَدِهِ وَانْتَقَلَ إلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نُسْخَةٍ مِنْ الرَّوْضَةِ وَبِهِمَا لِزَيْدٍ كَذَا أَوْ قِبَلِي وَفِي نُسْخَةٍ وَقِبَلِي بِالْوَاوِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِمَا (فَإِنْ قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ) فِي جَوَابِهِ (خُذْهُ أَوْ زِنْهُ) أَوْ اسْتَوْفِهِ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ (أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِك أَوْ هِيَ صِحَاحٌ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتِهْزَاءٌ) لَا الْتِزَامٌ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (قَالَ) فِي جَوَابِهِ (نَعَمْ أَوْ بَلَى أَوْ صَدَقْت) أَوْ أَجَلْ أَوْ جَيْرِ أَوْ أَيْ بِمَعْنَى نَعَمْ (فَإِقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلتَّصْدِيقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالُوا وَلَوْ قَالَ لَعَمْرِي فَإِقْرَارٌ وَلَعَلَّ الْعُرْفَ يَخْتَلِفُ فِيهِ. انْتَهَى. (إلَّا إنْ صَدَّرَ) الْإِقْرَارَ بِأَنْ أُدِّيَ أَوْ رُدَّ (بِصُورَةِ الِاسْتِهْزَاءِ) وَالتَّكْذِيبِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ صِحَّتُهَا مِنْ جِهَةِ مُطَالَبَةِ الْمُكْتَرِي بِالْأُجْرَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَكَانَ الْمُرَادُ إلْزَامَهُ الْأُجْرَةَ مُؤَاخَذَةً لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تُصَوَّرَ بِأَنْ يَأْذَنَ لَهَا سَيِّدُهَا بِأَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا (قَوْلُهُ: وَجْهُ الْمَنْعِ إلَخْ) ، وَهُوَ أَصَحُّهُمَا (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَجَّحُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ لِئَلَّا يَتَجَدَّدَ رِقٌّ بَعْدَ عِتْقٍ؛ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِالرِّقِّ. (قَوْلُهُ: الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الصِّيغَةُ إلَخْ) قَالَ لِشَاهِدَيْنِ اشْهَدَا عَلَيَّ بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي كَذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إقْرَارًا، وَلَا تَجُوزُ لَهُمَا الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهُ صِيغَةُ أَمْرٍ لَا صِيغَةُ إخْبَارٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا تَعْلَمَانِهِ قَبْلَ ذَلِكَ نَقَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ هُنَا قَدْ ذَكَرُوا فِي الْوَقْفِ مَا يُخَالِفُهُ فَقَالَ فِي فَتَاوِيهِ: إذَا قَالَ لِلشُّهُودِ اشْهَدُوا عَلَيَّ إنَّنِي وَقَفْت جَمِيعَ أَمْلَاكِي وَذَكَرَ مَصَارِفَهَا صَارَتْ الْجَمِيعُ وَقْفًا، وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الشُّهُودِ بِالْحُدُودِ، وَلَا سُكُوتُهُ عَنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ، وَمَهْمَا شَهِدُوا عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ ثَبَتَ الْوَقْفُ قَالَ شَيْخُنَا وَبِمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْوَالِدُ وَشَيْخُهُ الشَّارِحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى اعْتِمَادِهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالْوَقْفِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مَحْضُ إخْبَارٍ وَالثَّانِيَ إنْشَاءٌ عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ فِي فَتَاوِيهِ سَوَّى بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالْوَقْفِ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ بِمَا ذُكِرَ، وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - آخِرًا فِي فَتَاوِيهِ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ بِصِيغَةِ اشْهَدُوا بِلَفْظِ الْجَمِيعِ أَوْ التَّثْنِيَةِ عَلَيَّ بِكَذَا كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ بَعْدَ وَرَقَةٍ. (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا ظُرُوفٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ بَحْثًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَلَا بُدَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَوْ نَحْوِهِمَا، وَإِلَّا فَهُوَ خَبَرٌ لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَ حَقٍّ عَلَى الْمُخْبِرِ، وَلَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ فِي جَوَابِهِ نَعَمْ إلَخْ) ، وَكَذَا نَعَمْ جَوَابًا لِقَوْلِ الْقَاضِي مَا تَقُولُ فِيمَا ادَّعَاهُ عَلَيْك فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِيمَا ادَّعَاهُ عَلَيْك فَتَرَدُّدٌ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَى) كَوْنُ الْجَوَابِ بِبَلَى بَعْدَ الْإِثْبَاتِ إقْرَارًا نَظَرًا لِلْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَتْ قَاعِدَةُ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهَا لَا يُجَابُ بِهَا إلَّا بَعْدَ النَّفْيِ نَعَمْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي «قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْتَ الَّذِي لَقِيتَنِي بِمَكَّةَ فَقَالَ بَلَى لَكِنَّهُ قَلِيلٌ» (قَوْلُهُ أَوْ أَجَلْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ زَمَانِنَا لَا يَعْرِفُ مَعْنَى أَجَلْ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ بِإِطْلَاقِهَا بَلْ يَجِبُ اسْتِفْسَارُ مُطْلَقِهَا. اهـ.، وَلَا شَكَّ أَنَّ جَيْرِ كَذَلِكَ فس (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ صَدَّرَ بِصُورَةِ الِاسْتِهْزَاءِ فَفِيهَا تَرَدُّدٌ) قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ انْضَمَّ إلَى الصَّرِيحِ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي الِاسْتِهْزَاءَ كَتَحْرِيكِ الرَّأْسِ وَالْإِشَارَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْحَاوِي لِلِاسْتِهْزَاءِ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَا هُوَ عِبَارَةُ ابْنِ الْوَرْدِيِّ قُلْت، وَإِنْ انْضَمَّ إلَى الصَّرِيحِ مَا يُفْهِمُ الِاسْتِهْزَاءَ فَلَيْسَ مُلْزِمًا. وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَاعْلَمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 كَتَحْرِيكِ الرَّأْسِ تَعَجُّبًا، وَإِنْكَارًا (فَفِيهَا تَرَدُّدٌ) أَيْ خِلَافٌ لِتَعَارُضِ اللَّفْظِ وَالْقَرِينَةِ كَمَا لَوْ قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ مُسْتَهْزِئًا لَك أَلْفٌ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ حَكَى فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الْأَصَحَّ اللُّزُومُ فَإِنَّهُ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَأَصْلُهُمَا إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ وَصَلَهُ بِمَا يَرْفَعُهُ أَيْ نَحْوَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْعِمَادِ لَمْ يَقُلْ الْمُتَوَلِّي ثُمَّ وَصَلَهُ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ ثُمَّ قَرَنَ بِهِ مَا يَرْفَعُهُ أَيْ نَحْوَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَلْفٌ فَلَا تَلْزَمُهُ الْأَلْفُ سَهْوٌ إذْ لَمْ يَقُلْ الْمُتَوَلِّي إلَّا مَا قُلْنَاهُ وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ لَا يَحْصُلُ مَا ادَّعَاهُ لِتَعْبِيرِهِ بِثُمَّ (وَقَوْلُهُ) فِي الْجَوَابِ (أَنَا مُقِرٌّ بِهِ أَوْ لَسْت مُنْكِرًا لَهُ أَوْ لَا أُنْكِرُ دَعْوَاك) أَوْ مَا تَدَّعِيهِ (إقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا أُنْكِرُ أَنْ تَكُونَ مُحِقًّا لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمُدَّعَى لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ بِشَيْءٍ آخَرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْآتِي فِي أَنَا مُقِرٌّ تَقْيِيدُ حُكْمِ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ بِمَا إذَا خَاطَبَهُ فَقَالَ أَنَا مُقِرٌّ لَك بِهِ، وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ الْإِقْرَارُ بِهِ لِغَيْرِهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَى الْأَلْفِ الَّتِي لَهُ أَيْ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ أَرَدْت بِهِ غَيْرَك كَمَا لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ لِدَرَاهِمَ بِالنَّاقِصَةِ إذَا لَمْ يَصِلْهَا بِالْكَلَامِ وَكَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ تَامَّةً إذْ الْجَوَابُ مُنَزَّلٌ عَلَى السُّؤَالِ (لَا إنْ تَرَكَ الصِّلَةَ) كَقَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ أَوْ لَسْت مُنْكِرًا (أَوْ الْمَفْعُولَ) كَقَوْلِهِ لَا أُنْكِرُ (أَوْ قَالَ لَا أُقِرُّ لَك بِهِ وَلَا أُنْكِرُهُ) فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ بِبُطْلَانِ الدَّعْوَى أَوْ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالثَّانِيَ وَالثَّالِثَ يَحْتَمِلَانِ عَدَمَ الْإِنْكَارِ لِأَحَدِ هَذَيْنِ، وَالرَّابِعَ فِي مَعْنَى السُّكُوتِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الثَّالِثِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنَا أُقِرُّ لَك بِهِ) لَا يَكُونُ إقْرَارًا لِاحْتِمَالِهِ الْوَعْدَ بِالْإِقْرَارِ فِي ثَانِي الْحَالِ وَفَرَّقَ الْهَرَوِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ مَعَ احْتِمَالِهِ الْوَعْدَ بِأَنَّ الْعُمُومَ إلَى النَّفْيِ أَسْرَعُ مِنْهُ إلَى الْإِثْبَاتِ بِدَلِيلِ النَّكِرَةِ فَإِنَّهَا تَعُمُّ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ هَبْ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ مَتِينٌ لَكِنَّهُ لَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ، وَقَاعِدَةُ الْبَابِ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ. انْتَهَى. وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَفْهُومَ عُرْفًا مِنْ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِخِلَافِ أُقِرُّ لَك بِهِ. (وَقَوْلُهُ) فِي الْجَوَابِ (أَبْرَأْتنِي مِنْهُ أَوْ قَدْ قَضَيْتُك إقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اعْتَرَفَ بِالشَّغْلِ وَادَّعَى الْإِسْقَاطَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَعَلَيْهِ بِنِيَّةِ الْإِبْرَاءِ وَالْقَضَاءِ وَكَأَبْرَأْتَنِي مِنْهُ أَبْرِئْنِي مِنْهُ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ بِخِلَافِ أَبْرَأْتنِي أَوْ أَبْرِئْنِي مِنْ دَعْوَاك ذَكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيُّ وَالْقَفَّالُ كَمَا لَوْ قَالَ صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَاك (لَا) قَوْلُهُ (قَدْ أَقْرَرْت) لِي (بِالْبَرَاءَةِ وَالِاسْتِيفَاءِ) مِنِّي فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِشَيْءٍ، وَقَدْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا (وَلَا) قَوْلُهُ (أَظُنُّ وَعَسَى وَلَعَلَّ) وَأَحْسَبُ وَأُقَدِّرُ؛ لِأَنَّهُ لَا جَزْمَ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ الْوَعْدُ بِالْإِقْرَارِ فِي ثَانِي الْحَالِ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ أَشْهَدُ) أَوْ فِي عِلْمِي أَوْ شَهَادَتِي فَإِنَّهُ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي عِلْمِ فُلَانٍ أَوْ فِي قَوْلِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ رَوْضَةِ الْحُكَّامِ (وَقَوْلُهُ بَلَى أَوْ نَعَمْ فِي جَوَابِ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك) كَذَا (إقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُمَا وَقِيلَ نَعَمْ لَيْسَ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلتَّصْدِيقِ فَيَكُونُ مُصَدِّقًا لِلنَّفْيِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ الِاسْتِفْهَامُ بِخِلَافِ بَلَى فَإِنَّهُ لِرَدِّ النَّفْيِ، وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] لَوْ قَالُوا نَعَمْ كَفَرُوا وَرُدَّ بِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْإِقْرَارِ إلَى الْعُرْفِ وَأَهْلُهُ يَفْهَمُونَ الْإِقْرَارَ بِنَعَمْ فِيمَا ذُكِرَ (وَ) قَوْلُهُ فِي جَوَابِ دَعْوَى عَيْنٍ بِيَدِهِ (اشْتَرَيْتهَا وَمَلَكْتهَا) أَيْ أَوْ مَلَكْتهَا (مِنْك أَوْ مِنْ وَكِيلِك إقْرَارٌ) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ الْمِلْكِ لِلْمُخَاطَبِ عُرْفًا وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ وَلَا إلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْوَكِيلِ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِ الْمُخَاطَبِ لِبُعْدِهِ عَنْ الْمَقَامِ، وَالتَّصْرِيحُ بِاشْتَرَيْتُهَا مِنْك وَبِمَلَكْتُهَا مِنْ وَكِيلِك مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) قَوْلُهُ (مَلَكْتهَا عَلَى يَدِك) فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ كُنْت وَكِيلًا فِي تَمْلِيكِهَا. (وَنَعَمْ إقْرَارٌ) بِالْعَبْدِ (لِمَنْ قَالَ اشْتَرِ عَبْدِي) كَمَا أَنَّهُ إقْرَارٌ بِهِ لِمَنْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدِي (لَا) لِمَنْ قَالَ اشْتَرِ هَذَا (الْعَبْدَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ) لَهُ (إلَّا بِكَوْنِهِ يَمْلِكُ بَيْعَهُ لَا نَفْسَهُ أَوْ) قَالَ (مَا لَك عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الزَّائِدِ عَلَيْهِ لَا يُوجِبُ إثْبَاتَهُ وَلَا إثْبَاتَ مَا دُونَهُ (وَجَوَابُك لِلْمُتَقَاضِي) لِلدَّيْنِ كَأَنْ قَالَ لَك اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك (بِنَعَمْ أَوْ) بِقَوْلِك (أَقْضِيك غَدًا أَوْ أَمْهِلْنِي   [حاشية الرملي الكبير] أَنَّ اللَّفْظَ، وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فِي الْإِقْرَارِ فَقَدْ تَنْضَمُّ إلَيْهِ قَرِينَةٌ أَوْ قَرَائِنُ تَصْرِفُهُ إلَى الِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّكْذِيبِ كَتَحْرِيكِ الرَّأْسِ الدَّالِّ عَلَى شِدَّةِ التَّعَجُّبِ وَالْإِنْكَارِ. اهـ. قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ اتِّبَاعِ الْقَرَائِنِ سَدِيدٌ، وَقَوْلُهُ قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنَا أُقِرُّ لَك بِهِ إلَخْ) وَخَالَفَ قَوْلَ الشَّاهِدِ أَشْهَدُ بِكَذَا فَإِنَّهُ إقَامَةٌ لِلشَّهَادَةِ، وَإِنْ أَتَتْ صِيغَةُ وَعْدٍ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهَا لَا تَتَأَتَّى إلَّا بِهَذَا اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِنْكَارَ وَالْإِقْرَارَ نَقِيضَانِ، وَإِنْ انْتَفَى أَحَدُهُمَا ثَبَتَ الْآخَرُ فَلِذَلِكَ قَطَعُوا بِكَوْنِهِ مُقِرًّا (قَوْلُهُ: وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ) فَلَوْ قَالَ مَا مَا لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ مَا مَا بِعْته هَذِهِ الْعَيْنَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ صَارَ التَّقْدِيرُ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ وَبِعْته هَذِهِ الْعَيْنَ وَسَبَبُهُ أَنَّ التَّأْسِيسَ خَيْرٌ مِنْ التَّأْكِيدِ نَعَمْ إنْ ادَّعَى الْمُقِرُّ أَنَّهُ أَرَادَهُ قُبِلَ مِنْهُ كَمَا لَوْ كَرَّرَ أَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْإِقْرَارِ لِلْعُرْفِ إلَخْ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ نَحْوِيًّا وَالْحَقِيقَةُ الْعُرْفِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَلَكْتهَا مِنْك) أَيْ أَوْ عَلَيْك. (قَوْلُهُ وَنَعَمْ إقْرَارٌ لِمَنْ قَالَ اشْتَرِ عَبْدِي) تَخْصِيصُهُ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ اسْتَأْجِرْ عَبْدِي هَذَا أَوْ ارْتَهِنْهُ أَوْ اسْتَعِرْهُ أَوْ تَزَوَّجْ مِنِّي جَارِيَتِي هَذِهِ فَقَالَ نَعَمْ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَوَابُك لِلْمُتَقَاضِي بِنَعَمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَوْ قَالَ اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك فَقَالَ أَعْطِنِي غَدًا أَوْ ابْعَثْ مَنْ يَأْخُذُهُ أَوْ أَمْهِلْنِي حَتَّى أَضْرِبَ الدَّرَاهِمَ أَوْ أَفْتَحَ الصُّنْدُوقَ أَوْ اُقْعُدْ حَتَّى تَأْخُذَ أَوْ لَا أَجِدُ الْيَوْمَ أَوْ لَا تُدِمْ الْمُطَالَبَةَ أَوْ مَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَى أَوْ وَاَللَّهِ لَأَقْضِيَنَّكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ اللُّزُومِ فِي أُعْطِي غَدًا وَنَحْوِهِ مِمَّا عُرِّيَ عَنْ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ إلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 يَوْمًا أَوْ حَتَّى أَقْعُدَ أَوْ أَفْتَحَ) الْكِيسَ أَوْ نَحْوَهُ (أَوْ أَجِدَ) الْمِفْتَاحَ مَثَلًا أَوْ نَحْوَهُمَا كَابْعَثْ مَنْ يَأْخُذُهُ أَوْ أَمْهِلْنِي حَتَّى أَصْرِفَ الدَّرَاهِمَ أَوْ اُقْعُدْ حَتَّى تَأْخُذَ أَوْ لَا أَجِدُ الْيَوْمَ أَوْ لَا تُدِمْ الْمُطَالَبَةَ أَوْ مَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَى أَوْ وَاَللَّهِ لَأَقْضِيَنَّكَ كَمَا صَرَّحَ بِهَا أَصْلُهُ (إقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهَا عُرْفًا لَكِنْ مَا نَقَلَ الْأَصْلُ هَذِهِ الصُّورَةَ قَالَ وَجَمِيعُهَا إقْرَارٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَمُخْتَلِفُونَ فِيهَا وَالْمَيْلُ إلَى مُوَافَقَتِهِ فِي أَكْثَرِهَا. انْتَهَى. وَالصُّوَرُ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ وَحَكَمَ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا إقْرَارٌ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَحَكَمَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّ بَقِيَّةَ الصُّوَرِ كَذَلِكَ إلَّا قَوْلَهُ لَا تُدِمْ الْمُطَالَبَةَ وَمَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَى فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِإِقْرَارٍ لِعَدَمِ صَرَاحَتِهِمَا فِيهِ وَعَلَيْهِمَا يُحْمَلُ مَفْهُومُ كَلَامِ الْأَصْلِ السَّابِقِ هَذَا، وَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ بَعْدَ إيرَادِهِ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ: وَالْأَشْبَهُ عِنْدِي فِي غَيْرِ نَعَمْ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَقَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَمِثْلُهُ أَسْرِجْ دَابَّةَ فُلَانٍ هَذِهِ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ أَخْبَرَنِي زَيْدٌ أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفًا فَقَالَ نَعَمْ أَوْ مَتَى تَقْضِي حَقِّي فَقَالَ غَدًا (وَلَوْ قَالَ كَانَتْ لَك أَوْ كَانَ لَك عِنْدِي دَارٌ) مَثَلًا (فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَرِفُ فِي الْحَالِ بِشَيْءٍ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَانَ مِلْكُك أَمْسِ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ وَقَعَ جَوَابًا لِلدَّعْوَى، وَهُنَا بِخِلَافِهِ فَطُلِبَ فِيهِ الْيَقِينُ، وَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ لَك عِنْدِي مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذَكَرَهُ الْقَمُولِيُّ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ أَصْلِهِ أَوْ كَانَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِمَا زَادَهُ وَبِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ. (أَوْ) قَالَ (أَسْكَنْتُك) هَذِهِ (الدَّارَ حِينًا ثُمَّ أَخْرَجْتُك) مِنْهَا فَهُوَ (إقْرَارٌ بِالْيَدِ) ؛ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِثُبُوتِهَا مِنْ قَبْلُ وَادَّعَى زَوَالَهَا وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَانَ فِي يَدِك أَمْسِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ هُنَا بِيَدٍ صَحِيحَةٍ بِقَوْلِهِ أَسْكَنْتُكهَا بِخِلَافِهِ ثُمَّ لِاحْتِمَالِ كَلَامِهِ أَنَّ يَدَهُ كَانَتْ مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَوْمٍ أَوْ نَحْوِهِ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ دَارِي إلَى قَوْلِهِ الدَّارُ لِقَوْلِ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ فِي التَّعْبِيرِ بِدَارِي نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْإِقْرَارِ لَا يَجْتَمِعَانِ كَمَا لَوْ قَالَ دَارِي لِزَيْدٍ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مَحَلُّهُ إذَا أَقَرَّ بِمِلْكٍ أَمَّا بِيَدٍ فَلَا، إذْ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا أَوْ فَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِأَنَّ الْعَيْنَ لَهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ (وَلَوْ قَالَ مُعْسِرٌ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ أَيْسَرْت وَأَمْكَنَ اسْتِفْهَامُهُ اُسْتُفْهِمَ) أَيْ اُسْتُفْسِرَ فَإِنْ فَسَّرَ بِالتَّأْجِيلِ صَحَّ أَوْ بِالتَّعْلِيقِ لَغَا (وَإِلَّا) بِأَنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ (فَإِقْرَارٌ) نُقِلَ تَصْحِيحُهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْعُدَّةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْهَرَوِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فَرَاغُ الذِّمَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ مِثْلَهُ. انْتَهَى. وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ مَا أَرَدْت شَيْئًا وَيُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ (وَقَوْلُهُ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ) وَلَوْ وَاحِدًا بِشَيْءٍ (هُوَ صَادِقٌ أَوْ عَدْلٌ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ حَتَّى يَقُولَ فِيمَا شَهِدَ بِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت فِي لُزُومِهِ بِقَوْلِهِ عَدْلٌ يَعْنِي فِيمَا شَهِدَ بِهِ نَظَرٌ، (وَقَوْلُهُ إذَا شَهِدَا) أَيْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ شَاهِدَانِ (عَلَيَّ بِكَذَا) كَأَلْفٍ (فَهُمَا صَادِقَانِ لَا صَدَّقْتهمَا إقْرَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ صَادِقَيْنِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَلْفُ الْآنَ فَيَلْزَمُهُ بِخِلَافِ صَدَقَتِهِمَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الصَّادِقِ قَدْ يُصَدَّقُ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ وَعْدٌ وَخَرَجَ بِكَذَا مَا لَوْ قَالَ مَا يَشْهَدُ بِهِ شَاهِدَانِ عَلَيَّ فَهُمَا صَادِقَانِ عَدْلَانِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بَلْ تَزْكِيَةٌ وَتَعْدِيلٌ، كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي التَّزْكِيَةِ عَنْ الْهَرَوِيِّ وَأَقَرَّهُ كَذَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ الشَّهَادَةِ بَلْ قَالَ إذَا قَالَ زَيْدٌ إنَّ لِعَمْرٍو عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ صَادِقٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ. (وَإِنْ قَالَ أَقْرَضْتُك كَذَا فَقَالَ كَمْ ثَمَنٌ بِهِ عَلَيَّ أَوْ لَا اقْتَرَضْت مِنْك) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَاَللَّهِ لَا اقْتَرَضْت مِنْك (غَيْرَهُ، فَإِقْرَارٌ) قَالَ فِيهَا، وَإِنْ قَالَ مَا أَعْجَبَ هَذَا أَوْ نَتَحَاسَبُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ (لَا) إنْ قَالَ لِمَنْ قَالَ لَهُ لِي عَلَيْك كَذَا (لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَك) بِفَتْحِ اللَّامِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَالَهُ اسْتِهْزَاءً أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ الْحُرْمَةِ وَالْكَرَامَةِ أَكْثَرُ مِمَّا لَك بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَكْثَرُ مِنْ مَالِك بِكَسْرِ اللَّامِ أَوْ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ أَكْثَرُ مِنْ مَالِك أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا ادَّعَيْت فَإِقْرَارٌ فِيهَا لِزَيْدٍ. وَسَتَأْتِي الثَّانِيَةُ فِي الْبَابِ الْآتِي وَالثَّالِثَةُ فِي الدَّعَاوَى فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا هُنَا؛ لِأَنَّهَا مَسَائِلُ مُخْتَلِفَةٌ وَاَلَّتِي هُنَا أَعَادَهَا كَأَصْلِهِ فِي الدَّعَاوَى وَلَوْ قَالَ لِي مَخْرَجٌ مِنْ دَعْوَاك فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا وَالْمُصَنِّفُ فِي الدَّعَاوَى. (وَلَوْ كَتَبَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ كَتَبَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ) لِشُهُودٍ (اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا   [حاشية الرملي الكبير] الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ مَرْدُودٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ التَّصْوِيرُ عِنْدَ انْضِمَامِ الضَّمِيرِ كَقَوْلِهِ أَعْطِيهِ وَنَحْوِهِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ أَنَا مُقِرٌّ أَوْ لَسْت مُنْكِرًا أَوْ أَنَا أُقِرُّ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَنَا مُوَافِقُهُمْ فِي الْأَكْثَرِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ هَذِهِ الصُّورَةِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَمَا اسْتَدْرَكَهُ لَا يَبْعُدُ أَيْضًا مَعَ الضَّمِيرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَقْضِيهِ يَحْتَمِلُ أَقْضِيهِ غَيْرَك فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَقْضِيهِ لَك وَالْوَجْهُ إجْرَاءُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اقْضِ هَذَا جَوَابٌ لِقَوْلِهِ اقْضِ الْأَلْفَ الَّتِي لِي عَلَيْك وَالسُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ تَقْدِيرًا، وَإِلَّا فَالظُّهُورُ مِنْهُ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ مَا أَكْثَرَ مَا نَتَقَاضَى؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ تَتَقَاضَى مِنِّي أَوْ غَيْرِي، وَقَوْلُهُ فَالْوَجْهُ إجْرَاءُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا اللُّزُومَ فِي أُعْطِي غَدًا وَنَحْوِهِ مِمَّا عَرَا عَنْ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَالِ مَرْدُودٌ فَيَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُهُ بِوُجُودِ الضَّمِيرِ كَأُعْطِيهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ بِدُونِ بِهِ فَكَانَ الرَّافِعِيُّ احْتَرَزَ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ) أَيْ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ إنَّهُمَا لَيْسَا بِإِقْرَارٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَإِقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَدْيُونُ الْمُعْسِرُ يَجِبُ إمْهَالُهُ إلَى يَسَارِهِ حُمِلَ قَوْلُهُ إنْ أَيْسَرْت عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ أَدَاءِ الْأَلْفِ لَا لِوُجُوبِهِ (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لَا لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مَالِك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) لَوْ قَالَ مَا لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْمِائَةِ، وَلَا بِمَا فَوْقَهَا، وَلَا بِمَا دُونَهَا؛ لِأَنَّ نَفْيَ الزَّائِدِ عَلَى الْمِائَةِ لَا يُوجِبُ إثْبَاتَ الْمِائَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ قَائِلٌ غَصَبْت ثَوْبِي فَقَالَ مَا غَصَبْت مِنْ أَحَدٍ قَبْلَك، وَلَا بَعْدَك لَا يَكُونُ مُقِرًّا؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْغَصْبِ مِنْ غَيْرِهِ لَا يُوجِبُ الْغَصْبَ مِنْهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 فِيهِ لَغَا) ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ بِلَا لَفْظٍ لَيْسَتْ إقْرَارًا، وَظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الضَّمَانِ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ أَيْضًا وَأَنَّ كِتَابَةَ الْأَخْرَسِ عِنْدَ الْقَرِينَةِ الْمُشْعِرَةِ لَيْسَتْ لَغْوًا (وَكَذَا) يَلْغُو (قَوْلُهُ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ مِتَّ أَوْ قَدِمَ زَيْدٌ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَالْوَاقِعُ لَا يُعَلَّقُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسْتَفْسَرْ كَمَا مَرَّ فِي تَعْلِيقِ الْمُعْسِرِ بِيَسَارِهِ؛ لِأَنَّ حَالَ الْمُعْسِرِ يُشْعِرُ بِطَلَبِ الصَّبْرِ عَلَيْهِ الْمُشْعِرِ بِلُزُومِ مَا قَالَهُ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّالِثِ أَنَّ مَحَلَّ مَا هُنَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّأْجِيلَ (فَلَوْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ كَذَا (إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي لَزِمَهُ) ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً، وَهَذَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَلَعَلَّ الْأَصَحَّ لُزُومُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَفِي الْأَشْرَافِ لِلْهَرَوِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ. انْتَهَى. وَيُؤَيِّدُهُ تَصْحِيحُهُمْ عَدَمَ انْعِقَادِ النَّذْرِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْأَمْرِ بِمُجَرَّدِ الْخِبْرَةِ يُنَافِي الِالْتِزَامَ. (وَإِنْ لُقِّنَ إقْرَارٌ أَوْ غَيْرُهُ) مِنْ الْعُقُودِ أَوْ غَيْرِهَا (بِغَيْرِ لُغَتِهِ، وَقَالَ لَمْ أَفْهَمْهُ وَأَمْكَنَ) عَدَمُ فَهْمِهِ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعَ أَهْلِ تِلْكَ اللُّغَةِ اخْتِلَاطٌ (حَلَفَ) أَيْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (وَإِنْ) أَقَرَّ ثُمَّ (قَالَ أَقْرَرْت صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا وَأَمْكَنَ) الصِّبَا (أَوْ عَهْدُ) الْجُنُونِ (أَوْ كَانَتْ أَمَارَةٌ) عَلَى الْإِكْرَاهِ مِنْ حَبْسٍ أَوْ تَرْسِيمٍ أَوْ نَحْوِهِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِظُهُورِ مَا قَالَهُ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الصِّبَا وَلَمْ يُعْهَدْ الْجُنُونُ وَلَمْ تَكُنْ أَمَارَةٌ لَمْ يُصَدَّقْ، وَالْأَمَارَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِاعْتِرَافِ الْمُقَرِّ لَهُ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، وَإِكْرَاهُهُ لِزَيْدٍ لَا يَقْدَحُ فِي إقْرَارِهِ لِغَيْرِهِ (لَا إنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (بِكَوْنِهِ) أَيْ الْمُقِرِّ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إقْرَارِهِ (بَالِغًا) فِي الْأُولَى (أَوْ عَاقِلًا) فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ مُخْتَارًا) فِي الثَّالِثَةِ فَلَا يُصَدَّقُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْذِيبِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ وَتَعَرَّضُوا لِبُلُوغِهِ وَصِحَّةِ عَقْلِهِ وَاخْتِيَارِهِ فَادَّعَى الْمُقِرُّ خِلَافَهُ لَمْ يُقْبَلْ (وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِذَلِكَ) أَيْ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالِاخْتِيَارِ (وَلَا لِلْحُرِّيَّةِ وَالرُّشْدِ) وَفِي نُسْخَةٍ مَعَ الْحُرِّيَّةِ وَالرُّشْدِ (فِي الشَّهَادَةِ) بِذَلِكَ بَلْ يُكْتَفَى بِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ الصَّحِيحِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْأَصْحَابُ وَمَا يُكْتَبُ فِي الْوَثَائِقِ أَنَّهُ أَقَرَّ طَائِعًا فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ وَبُلُوغِهِ احْتِيَاطٌ (فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) مِنْ الْمُقِرِّ (بِالْإِكْرَاهِ) لَهُ (اُشْتُرِطَ) فِي الشَّهَادَةِ بِهِ (تَفْصِيلُهَا) لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ فَرُبَّ شَيْءٍ يَكُونُ إكْرَاهًا عِنْدَ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ (وَقُدِّمَتْ) بَيِّنَةٌ لِإِكْرَاهٍ عَلَى بَيِّنَةِ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ نَعَمْ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الِاخْتِيَارِ بِأَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا وَزَالَ الْإِكْرَاهُ ثُمَّ أَقَرَّ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ لِذَلِكَ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ مَعَ مِائَةٍ لَمْ تَجِبْ الْأَلْفُ وَلَا الْمِائَةُ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ هَذِهِ زَوْجَةُ فُلَانٍ حُكِمَ بِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ) أَيْ الْمَجْهُولِ (فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) سَوَاءٌ أَكَانَ ابْتِدَاءً أَمْ جَوَابًا عَنْ دَعْوَى؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَالشَّيْءُ يُخْبَرُ عَنْهُ مُفَصَّلًا تَارَةً وَمُجْمَلًا أُخْرَى إمَّا لِلْجَهْلِ بِهِ أَوْ لِثُبُوتِهِ مَجْهُولًا بِوَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَيُخَالِفُ الْإِنْشَاءَانِ حَيْثُ لَا تُحْتَمَلُ الْجَهَالَةُ احْتِيَاطًا لِابْتِدَاءِ الثُّبُوتِ وَتَحَرُّزًا عَنْ الْغَرَرِ (مِثْلُ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ وَيُفَسِّرُهُ) وُجُوبًا (بِمَا شَاءَ) ، وَإِنْ لَمْ يُتَمَوَّلْ (وَلَوْ حَبَّةَ شَعِيرٍ) وَقِمْعَ بَاذِنْجَانَةٍ (وَحَدَّ قَذْفٍ وَحَقَّ شُفْعَةٍ وَدِيعَةً وَنَجَسًا يُقْتَنَى كَكَلْبٍ) مُعَلَّمٍ أَوْ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ (وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ) لَصُدِّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالشَّيْءِ مَعَ كَوْنِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكِتَابَةَ بِلَا لَفْظٍ لَيْسَتْ إقْرَارًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَلَفَّظَ بِهِ كَانَ إقْرَارًا، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا مَا فِي فَتَاوِيهِ إذَا قَالَ لِلشُّهُودِ اشْهَدُوا عَلَيَّ إنَّنِي وَقَفْت جَمِيعَ أَمْلَاكِي وَذَكَرَ مَصَارِفَهَا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا صَارَتْ الْجَمِيعُ وَقْفًا، وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الشُّهُودِ بِالْحُدُودِ، وَلَا سُكُوتُهُ عَنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ قَالَ شَيْخُنَا فَالْمُعْتَمَد أَنَّهُ لَوْ تَلَفَّظَ بِمَا هُنَا كَانَ إقْرَارًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِأَنَّ عَلَيَّ لِزَيْدٍ كَذَا أَوْ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِأَنِّي، وَقَفْت كَذَا عَلَى كَذَا كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ آخِرًا، وَقَوْلُهُ وَذَكَرَ مَصَارِفَهَا كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْضًا ذِكْرُ الْمَصَارِفِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ، وَلَعَلَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ إقْرَارٌ مُتَعَيَّنٌ، وَلَا الْتِفَاتَ إلَى قَوْلِهِ فِي الِاعْتِرَاضِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ إذَا رَأَى نَصًّا أَنْ يَهْجُمَ عَلَى الْأَخْذِ بِهِ وَالْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ سَبَرُوا نُصُوصَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرَجَّحُوا مِنْهَا مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ وَوَجْهُ تَرْجِيحِ اللُّزُومِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْقِيَاسُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي مَعْنَاهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِي وَالْبَدَاءُ مَعْنَاهُ الظُّهُورُ فَإِنْ كَانَ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَسَادُ الْإِقْرَارِ فَلَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ تَعْقِيبٌ لِلْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَأَرْجِعُ عَنْ الْإِقْرَارِ فَفَاسِدٌ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ إلَّا أَنْ أَشَاءَ فَأَشَاءُ الْإِقْرَارَ أَوْ عَدَمَهُ لَزِمَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْإِكْرَاهِ اُشْتُرِطَ تَفْصِيلُهَا) فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ كَذَا مُكْرَهًا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ وَالشَّهَادَةِ إلَّا مُفَصَّلَةً، وَإِذَا فَصَّلَا، وَكَانَ أَقَرَّ فِي كِتَابِ التَّبَايُعِ بِالطَّوَاعِيَةِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِأَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالطَّوَاعِيَةِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ) (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِلْحَاجَةِ لِحِفْظِ الْحُقُوقِ إذْ لَوْ أَلْغَيْنَا إقْرَارَهُ لَأَضْرَرْنَا بِالْمُقَرِّ لَهُ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِفَاسِدِهَا شَيْءٌ ثَابِتٌ (قَوْلُهُ: مِثْلُ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ مَا لَوْ قَالَ لَهُ فِي ذِمَّتِي شَيْءٌ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ حَبَّةِ حِنْطَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِمَّنْ يَرَى بَيْعَ الْكَلْبِ كَالشَّاةِ، وَقَوْلُهُ شَيْءٌ هُوَ أَعَمُّ النَّكِرَاتِ (قَوْلُهُ: وَيُفَسِّرُهُ بِمَا شَاءَ، وَلَوْ حَبَّةَ شَعِيرٍ إلَخْ) سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْيَمِينِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ لَا يَصِحُّ وَظَاهِرُ النَّصِّ أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ مَا فَسَّرَ بِهِ (قَوْلُهُ: مُعَلَّمٍ) لَوْ قَالَ بَدَلَ مُعَلَّمٍ يُقْتَنَى لَدَخَلَ كَلْبُ الْمَاشِيَةِ وَنَحْوُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 مُحْتَرَمًا وَعَطَفَ عَلَى مَا شَاءَ أَوْ عَلَى حَبَّةٍ قَوْلَهُ (لَا رَدَّ سَلَامٍ وَعِيَادَةً) لِمَرِيضٍ فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِهِمَا لِبُعْدِ فَهْمِهِمَا فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِمَا (إلَّا) أَيْ لَكِنْ (إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ حَقٌّ) قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِهِمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالتَّوْجِيهُ الْمَذْكُورُ يُنَافِيهِ مَعَ عُسْرِ الْفَرْقِ فَإِنَّ الْحَقَّ أَخَصُّ مِنْ الشَّيْءِ فَكَيْفَ يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَخَصِّ مَا لَا يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَعَمِّ وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْحَقَّ يُطْلَقُ عُرْفًا عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الشَّيْءِ فَيُقَالُ نَفْيُ الْعُرْفِ لَهُ عَلَى حَقٍّ وَيُرَادُ ذَلِكَ وَفِي الْخَبَرِ «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ وَذَكَرَ مِنْهَا عِيَادَةَ الْمَرْضَى وَرَدَّ السَّلَامِ» . فَاعْتِبَارُ الْإِقْرَارِ بِمَا يُطَالَبُ بِهِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَشِعْ اللَّفْظُ عُرْفًا أَوْ شَرْعًا فِيمَا لَا يُطَالَبُ بِهِ (وَأَمَّا مَا يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ كَالْخِنْزِيرِ وَمَا لَا يَنْفَعُ كَجِلْدِ الْكَلْبِ وَالْكَلْبِ الَّذِي لَا يَنْفَعُ وَالْخَمْرِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ فَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِهَا) إذْ لَيْسَ فِيهَا حَقٌّ وَلَا اخْتِصَاصٌ وَلَا يَلْزَمُ رَدُّهَا، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَبُولُ تَفْسِيرِهِ بِالْخَمْرَةِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّ عَلَى غَاصِبِهَا مِنْهُ رَدَّهَا عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتَظَاهَرْ بِهَا وَلَا يَضُرُّ فِي كَوْنِهَا غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ بِمَعْنَى أَنَّهَا عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ كَوْنُهَا فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ مُحْتَرَمَةً بِمَعْنَى أَنَّ عَلَى غَاصِبِهَا رَدَّهَا فَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّهَا كُلَّهَا فِي حَقِّهِ مُحْتَرَمَةٌ وَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَيْتَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لِمُضْطَرٍّ قَالَ الْقَاضِي لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ عَلَى ذَلِكَ وَرَجَّحَ الْإِمَامُ خِلَافَهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ غَصَبْت مِنْهُ شَيْئًا قُبِلَ) تَفْسِيرُهُ (بِمَا) يُقْبَلُ بِهِ (فِي الصُّوَرِ السَّابِقَةِ) بِالْأَوْلَى، وَقَيَّدَهُ بِمَا (إذَا احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ احْتِرَازًا مِنْ) تَفْسِيرِهِ بِنَحْوِ (حَقِّ الشُّفْعَةِ الْوَدِيعَةِ وَيُقْبَلُ) تَفْسِيرُهُ (بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ) إذْ الْغَصْبُ لَا يَقْتَضِي الْتِزَامًا وَثُبُوتَ مَالٍ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي الْأَخْذَ قَهْرًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ عَلَيَّ (قَالُوا وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ وَفَسَّرَهُ بِخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ قُبِلَ) ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ مِمَّا عِنْدَهُ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالُوا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مُتَبَرِّئٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ (وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك مَا تَعْلَمُ) أَوْ غَصَبْتُك كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (لَغَا إذْ قَدْ يُرِيدُ نَفْسَهُ) لَكِنَّهُ إنْ قَالَ أَرَدْت غَيْرَ نَفْسِك فَظَاهِرٌ أَنَّا نَقْبَلُهُ؛ لِأَنَّهُ غِلَظٌ عَلَى نَفْسِهِ (لَا) إنْ قَالَ (غَصَبْتُك شَيْئًا) ثُمَّ قَالَ أَرَدْت نَفْسَك فَلَا يَلْغُو وَلَا تُقْبَلُ إرَادَتُهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ غَصَبْتُك شَيْئًا تَعْلَمُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي غَصَبْتُك مَا تَعْلَمُ بِأَنَّ شَيْئًا اسْمٌ تَامٌّ ظَاهِرٌ فِي الْمُغَايَرَةِ بِخِلَافِ مَا. (فَصْلٌ: لَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَفْسِيرِ الْمُبْهَمِ) وَلَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَتُهُ بِغَيْرِ مُرَاجَعَتِهِ (حُبِسَ) لِلتَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ حُبِسَ كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا وُصُولَ لِمَعْرِفَتِهِ إلَّا مِنْهُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ إذْ يُمْكِنُ أَدَاؤُهُ بِأَنْ يَبِيعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ أَمَّا إذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهُ بِغَيْرِ مُرَاجَعَتِهِ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ مِنْ الدَّرَاهِمِ زِنَةُ هَذِهِ الصَّنْجَةِ أَوْ قَدْرُ مَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ فَلَا يُحْبَسُ بَلْ يُرْجَعُ إلَى مَا أَحَالَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ. (وَإِنْ فَسَّرَهُ بِبَعْضِ الْجِنْسِ الْمُدَّعَى) بِهِ (كَمِائَةٍ وَدَعْوَاهُ) أَيْ الْمُقَرِّ لَهُ (مِائَتَانِ، وَقَالَ الْمُدَّعِي) ، وَهُوَ الْمُقَرُّ لَهُ أَرَادَ الْمُقِرُّ بِالْمُبْهَمِ الْمِائَةَ تَثْبُتُ بِاتِّفَاقِهِمَا وَحَلَفَ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ بَابِ الدَّعَاوَى وَمِمَّا يَأْتِي عَلَى الْأَثَرِ، وَإِنْ قَالَ (أَرَادَهُمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ، وَ) عَلَى (نَفْيِ الْإِرَادَةِ) لَهُمَا (يَمِينًا وَاحِدَةً) لِاتِّحَادِ الدَّعْوَى (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ) لَهُمَا (لَا) عَلَى (إرَادَتِهِ) أَيْ الْمُقَرِّ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إذَا ادَّعَتْ إرَادَةَ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ بِالْكِنَايَةِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَيْثُ تَحْلِفُ مَعَ أَنَّهَا لَا تَطَّلِعُ عَلَيْهَا وَفَرَّقَ الْإِمَامُ بِأَنَّهَا تَدَّعِي عَلَيْهِ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ وَالْمُقَرُّ لَهُ لَا يَدَّعِي عَلَى الْمُقِرِّ إثْبَاتَ حَقٍّ لَهُ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُثْبِتُ حَقًّا، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ حَتَّى وَلَوْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ. (وَإِذَا مَاتَ) الْمُقِرُّ قَبْلَ تَفْسِيرِهِ طُولِبَ بِهِ الْوَارِثُ فَإِنْ امْتَنَعَ (وُقِفَتْ التَّرِكَةُ) كُلُّهَا إلَّا أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ مِنْهَا (حَتَّى يُفَسِّرَ الْوَارِثُ) ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي التَّفْسِيرِ مُرْتَهِنَةٌ بِالدَّيْنِ وَلَا يُخَالِفُهُ صِحَّةُ التَّفْسِيرِ بِالسِّرْجِينِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّا لَمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْحَقَّ يُطْلَقُ عُرْفًا إلَخْ) بَلْ الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ لَيْسَ بِأَعَمَّ مِنْ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ شَيْءٌ يُطَالِبُنِي بِهِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ مِنْهَا عِيَادَةَ الْمَرْضَى إلَخْ) وَالْإِحْسَانَ وَالصُّحْبَةَ وَنَحْوَهُمَا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) ، وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ قَبُولُ تَفْسِيرِهِ بِالْخَمْرَةِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ) أَيْ وَالْخِنْزِيرِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ الْإِمَامُ خِلَافَهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ أَقَرَّ بِأَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ شَيْئًا] (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ) أَيْ وَالنَّجَاسَةِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ غَصْبُ الْخَمْرَةِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ وَالْمَيْتَةِ قُلْنَا يُتَصَوَّرُ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ بِأَنْ يَقْصِدَ بِالْمَيْتَةِ أَنْ يُطْعِمَهَا لِلْجَوَارِحِ كَبُزَاتِهِ وَنُسُورِهِ وَبِالْخَمْرِ أَنْ يُطْفِئَ بِهَا نَارًا أَوْ يَبُلَّ بِهَا تُرَابًا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالْمُهَذَّبِ، وَإِنَّمَا الْإِثْبَاتُ الْمُحَرَّمُ أَنْ يَقْصِدَ إمْسَاكَهَا لَا لِمَنْفَعَةٍ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّا نَقْبَلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ امْتَنَعَ الْمُقِرّ مِنْ تَفْسِيرِ الْمُبْهَمِ وَلَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَتُهُ بِغَيْرِ مُرَاجَعَتِهِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: لَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَفْسِيرِ الْمُبْهَمِ حُبِسَ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ عِنْدَ دَعْوَى الْجَهْلِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى نَفْيِ الْإِرَادَةِ لَهُمَا) فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ إلَّا الْمِائَةَ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ فِي حَلِفِهِ إلَى نَفْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَى الزِّيَادَةَ وَاعْتَرَفَ بِالْإِرَادَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ لَزِمَهُ الْحَقُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَيْهَا) يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى عِلَّةِ أَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ بِنَا إلَى الْحَلِفِ عَلَيْهَا حَتَّى تَخْرُجَ مَسْأَلَةُ الذِّرَاعِ مِنْ الْأَرْضِ إذَا بِيعَ، وَقَالَ الْبَائِعُ عَنَيْنَا التَّعْيِينَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الْإِشَاعَةُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ، وَإِذَا صَدَّقْنَا الْمُشْتَرِيَ فَلَا مَنْدُوحَةَ لَنَا عَنْ الْحَلِفِ عَلَى الْإِرَادَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي التَّفْسِيرِ مُرْتَهِنَةٌ بِالدَّيْنِ) وَعَلَّلَهُ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يَأْتِي التَّفْسِيرُ عَلَى جَمِيعِهَا (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ مَا ادَّعَاهُ فُلَانٌ فِي تَرِكَتِي فَهُوَ حَقٌّ فَهَلْ هُوَ إقْرَارٌ صَحِيحٌ أَوْ إقْرَارٌ بِمَجْهُولٍ يُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ فِيهِ تَرَدُّدٌ الْأَصَحُّ الثَّانِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 نَتَيَقَّنْ عَدَمَ إرَادَةِ الْمَالِ فَيَمْتَنِعَ التَّصَرُّفُ فِي الْجَمِيعِ احْتِيَاطًا. فَإِنْ قَالَ الْوَارِثُ لَا أَعْلَمُ قَدْرَ مَا أُقِرُّ بِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُدَّعَى بِهِ وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَهُ إذْ الْوَارِثُ فِي تَقْدِيرِ النَّاكِلِ وَأَلْحَقَ الْهَرَوِيُّ الْمَجْنُونَ بِالْمَيِّتِ ثُمَّ حَكَى عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ فِي حَالِ جُنُونِهِ أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ. انْتَهَى. الْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالْغَائِبِ، وَقَدْ نَقَلَ أَعْنِي الْهَرَوِيَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مِقْدَارًا وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ أَرَادَهُ بِإِقْرَارٍ وَيَأْخُذُهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي اشْتِرَاطِ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهُ بِإِقْرَارٍ. وَإِذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ زِيَادَةً عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْوَارِثُ فَالْمُصَدَّقُ الْوَارِثُ بِيَمِينِهِ كَالْمُقِرِّ (وَ) تَكُونُ (يَمِينُهُ عَلَى نَفْيِ الْإِرَادَةِ) أَيْ إرَادَةِ مُوَرِّثِهِ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطَّلِعُ مِنْ حَالِ مُوَرِّثِهِ عَلَى مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ (بِخِلَافِ تَفْسِيرِهِ الْوَصِيَّةَ) حَيْثُ أَوْصَى بِمَجْهُولٍ وَفَسَّرَهُ الْوَارِثُ وَزَعَمَ الْمُوصِي لَهُ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ (فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِيهَا عَلَى نَفْيِ عِلْمِ الِاسْتِحْقَاقِ) لِلزِّيَادَةِ (لَا) عَلَى نَفْيِ (الْإِرَادَةِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، وَقَدْ يُطَّلَعُ عَلَيْهِ وَالْوَصِيَّةُ إنْشَاءُ أَمْرٍ عَلَى الْجَهَالَةِ وَبَيَانُهُ إذَا مَاتَ الْمُوصِي إلَى الْوَارِثِ (وَإِنْ فَسَّرَهُ الْمُقِرُّ بِغَيْرِ الْجِنْسِ الْمُدَّعَى) بِهِ (وَصَدَّقَهُ) الْمُقَرُّ لَهُ (فِي الْإِرَادَةِ) بِإِقْرَارِهِ لِمَا فُسِّرَ بِهِ فَقَالَ هُوَ لِي عَلَيْهِ وَلِي عَلَيْهِ مَعَهُ كَذَا ثَبَتَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ وَصُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي نَفْيِ غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَيُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَنْفِ إلَى آخِرِهِ (وَ) إنْ (قَالَ) مَعَ تَصْدِيقِهِ فِي الْإِرَادَةِ (مَا دَيْنِي) عَلَيْهِ (إلَّا غَيْرَهُ فَهُوَ رَدٌّ لِلْإِقْرَارِ) وَكَانَ مُدَّعِيًا عَلَيْهِ غَيْرَهُ (وَإِنْ) كَذَّبَهُ فِي الْإِرَادَةِ بِأَنْ (قَالَ) إنَّمَا (أَرَدْت) بِإِقْرَارِك (مَا ادَّعَيْت) أَنَا (حَلَفَ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْيِ الْمُدَّعَى) بِهِ (وَ) نَفْيِ (الْإِرَادَةِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَنْفِ الْمُقَرُّ لَهُ مَا فَسَّرَ بِهِ) الْمُقِرُّ (ثَبَتَ لَهُ) ، وَإِنْ نَفَاهُ بَطَلَ الْإِقْرَارُ هَذَا إنْ ادَّعَى مَعَ الْإِرَادَةِ الِاسْتِحْقَاقَ. (فَلَوْ ادَّعَى الْإِرَادَةَ فَقَطْ) بِأَنْ قَالَ مَا أَرَدْت بِإِقْرَارِك مَا فَسَّرْته بِهِ، وَإِنَّمَا أَرَدْت بِهِ كَذَا إمَّا مِنْ جِنْسِ الْمُقَرِّ بِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (لَمْ يُسْمَعْ) مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ وَالْإِرَادَةَ لَا يُثْبِتَانِ حَقًّا لَهُ بَلْ الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَ الْحَقَّ نَفْسَهُ، وَهُوَ مَا أَرَادَهُ بِقَوْلِهِ (حَتَّى يَدَّعِيَ الْمَالَ) أَيْ فَيُسْمَعَ فَدَعْوَى الْإِرَادَةِ مَعَ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ مَسْمُوعَةٌ وَدَعْوَاهَا وَحْدَهَا غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ (كَمَا أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِكَذَا) بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَ الْحَقَّ نَفْسَهُ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ الدَّائِنُ اسْتَوْفَيْت مِنْ فُلَانٍ أَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ قَدْ أَوْفَيْتُك فَقَالَ بَلَى ثُمَّ ادَّعَاهُ فِي الْبَعْضِ صُدِّقَ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي مِنْ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ. [فَصْلٌ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ فِي الْإِقْرَار] (فَصْلٌ: لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ أَوْ مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ) أَوْ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ أَوْ نَفِيسٌ أَوْ نَحْوُهَا (أَوْ حَقِيرٌ) أَوْ قَلِيلٌ أَوْ خَسِيسٌ أَوْ طَفِيفٌ أَوْ نَحْوُهَا (أَوْ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَوْ مِمَّا فِي يَدِهِ أَوْ مِمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ، وَكَذَا مِمَّا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ) عَلَى فُلَانٍ (ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ قُبِلَ) ، وَإِنْ كَثُرَ مَالُ فُلَانٍ لَصَدَقَ اسْمُ الْمَالِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ عَظِيمًا وَنَحْوِهِ مِنْ حَيْثُ إثْمِ غَاصِبِهِ وَكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ وَبِكَوْنِهِ حَقِيرًا وَنَحْوَهُ مِنْ حَيْثُ احْتِقَارُ النَّاسِ لَهُ أَوْ فَنَاؤُهُ وَبِكَوْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ كَذَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَحَلَّ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ دَيْنٌ لَا يَتَعَرَّضُ لِلتَّلَفِ وَذَلِكَ عَيْنٌ تَتَعَرَّضُ لَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ أَلْزَمَ الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ أَيْ مَا غَلَبَ عَلَى النَّاسِ، وَإِلَى مَا قَالَهُ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ فِي كَلَامِهِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ الْقَوِيَّ وَلِهَذَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَا أُلْزِمُهُ إلَّا ظَاهِرَ مَا أَقَرَّ بِهِ بَيْنَنَا، وَإِنْ سَبَقَ إلَى الْقَلْبِ غَيْرَ ظَاهِرٍ مَا قَالَهُ، وَقَالَ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ الشَّافِعِيُّ يَلْزَمُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْيَقِينِ وَبِالظَّنِّ الْقَوِيِّ لَا بِمُجَرَّدِ الظَّنِّ وَالشَّكِّ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَخَرَجَ بِالْمُتَمَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ، وَهُوَ مَا يَسُدُّ مَسَدًّا أَوْ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ جَلْبِ نَفْعِ أَوْ دَفْعِ ضَرَرِ مَا لَيْسَ مُتَمَوَّلًا كَالْكَلْبِ وَالسِّرْجِينِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ لِمُبَايَنَتِهِ اسْمَ الْمَالِ لَكِنَّ تَعْبِيرَهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ بِمَالٍ مُتَمَوَّلٍ كَتَمْرَةٍ وَحَبَّةِ بُرٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقْبَلُ بِهِ، وَكُلُّ مُتَمَوَّلٍ مَالٌ، وَلَا يَنْعَكِسُ، ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَفِيهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ لَا بِمَا وُقِفَ عَلَيْهِ وَحَذَفَهُمَا الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ فِيهِمَا أَنْ يَقُولَ عِنْدِي مَالٌ وَالصُّورَةُ إنَّمَا هِيَ فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا مِنْ أَنَّ حَبَّةَ الْبُرِّ وَنَحْوَهَا مَالٌ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهَا لَا تُعَدُّ مَالًا فَإِنْ كَوْنَهَا لَا تُعَدُّ مَالًا لِعَدَمِ تَمَوُّلِهَا لَا يَنْفِي كَوْنَهَا مَالًا كَمَا يُقَالُ زَيْدٌ لَا يُعَدُّ مِنْ الرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَ رَجُلًا. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ فَالْإِبْهَامُ فِي الْجِنْسِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالْغَائِبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ قَالَ الدَّائِنُ اسْتَوْفَيْت مِنْ فُلَانٍ أَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ قَدْ أَوْفَيْتُك فَقَالَ بَلَى] (قَوْلُهُ: أَوْ نَفِيسٌ أَوْ نَحْوُهَا) كَوَافِرٍ أَوْ غَيْرِ تَافِهٍ أَوْ مَالٍ، وَأَيِّ مَالٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ) قِيلَ الْمُتَمَوَّلُ مَا يَسُدُّ مَسَدًّا أَوْ يَقَعُ مَوْقِعًا يَحْصُلُ بِهِ جَلْبُ نَفْعٍ أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ أَثِمَ غَاصِبُهُ، وَكَفَرَ مُسْتَحِلُّهُ) أَيْ وَثَوَابُ بَاذِلِهِ لِمُضْطَرٍّ وَنَحْوِهِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَقِيرِ أَوْ الشَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَلَا أُلْزِمُهُ إلَّا ظَاهِرَ مَا أَقَرَّ بِهِ بَيْنَنَا إلَخْ) ، وَكَذَلِكَ لَا أَلْتَفِتُ إلَى سَبَبِ مَا أَقَرَّ بِهِ إذَا كَانَ لِكَلَامِهِ ظَاهِرٌ يَحْتَمِلُ خِلَافَ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُجِيبُ عَلَى خِلَافِ السَّبَبِ الَّذِي كُلِّمَ عَلَيْهِ لِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا بَيْنَ الْعِبَادِ عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ وَبِالظَّنِّ الْقَوِيِّ) كَشَهَادَةِ الزُّورِ (قَوْلُهُ: وَحَبَّةِ بُرٍّ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلْحَاقُهُ حَبَّةَ الْبُرِّ بِالتَّمْرَةِ مَمْنُوعٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ حَبَّةَ الْبُرِّ لَا تَسُدُّ مَسَدًّا فِي عُمُومِ الْأَشْخَاصِ بِخِلَافِ التَّمْرَةِ وَنَحْوِهَا. اهـ. يُجَابُ بِأَنَّ لَهَا وَقْعًا فِي نَفَقَةِ عُصْفُورِهِ إذْ تَسُدُّ مِنْهَا مَسَدًّا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقْبَلُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَكْثُرُ التَّمْرُ كَالْبَصْرَةِ فَأَمَّا حَيْثُ يَقِلُّ فَيُقْبَلُ قَطْعًا. (قَوْلُهُ وَفِيهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ) مِثْلُ الْمُسْتَوْلَدَةِ الْمُكَاتَبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ أَوْ) لَهُ عَلَيَّ (أَكْثَرُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَالِ فُلَانٍ (عَدَا فَالْإِبْهَامُ كَذَلِكَ) أَيْ فِي الْمَذْكُورَاتِ (إلَّا فِي الْقَدْرِ) فَلَا إبْهَامَ فِيهِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَالُ فُلَانٍ مِائَةَ دِينَارٍ فَفُسِّرَ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ غَيْرِهَا قُبِلَ دُونَ مَا إذَا فُسِّرَ بِأَقَلَّ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ مَا عَلِمْت أَنَّ لَهُ إلَّا كَذَا مِمَّا يُوَافِقُ مَا فُسِّرَ بِهِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ عَدَدٌ لَزِمَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْبَغَوِيّ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فَالْإِبْهَامُ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى (أَوْ) لَهُ عَلَيَّ (مِنْ الذَّهَبِ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ فَالْإِبْهَامُ فِي النَّوْعِ وَالْقَدْرِ) دُونَ الْجِنْسِ (أَوْ) لَهُ عَلَيَّ (مِنْ صِحَاحِ الذَّهَبِ) أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ (فَالْإِبْهَامُ فِي الْقَدْرِ فَقَطْ، وَإِنْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (أَكْثَرُ مِنْ دَرَاهِمِ فُلَانٍ فَهَلْ يَجِبُ) عَلَيْهِ (أَدْنَى شَيْءٍ) كَمَا لَوْ قَالَ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ (أَوْ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِهَا) بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ (مِنْ أَيِّ جِنْسٍ فُسِّرَ) لِذِكْرِهِ الْجَمْعَ فِيهِ (وَجْهَانِ) اقْتَصَرَ الْأَصْلُ عَلَى الثَّانِي، وَقَالَ كَذَا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ. قَالَ: وَهُوَ يُخَالِفُ مَا سَبَقَ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا إلْزَامُ ذَلِكَ الْعَدَدِ وَالثَّانِي إلْزَامُ زِيَادَةٍ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِلْأَكْثَرِيَّةِ يَنْفِيهَا جَمِيعًا. انْتَهَى. فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَخَذَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ هَذَا الْإِشْكَالِ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَعَ كَلَامِ التَّهْذِيبِ عَنْ الْقَاضِي وَالْإِمَامِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِثْلُ عَدَدِهَا إنْ عُرِفَ قَدْرُهَا، وَإِلَّا فَثَلَاثَةٌ، وَهُوَ الْأَوْجُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَ فُلَانٍ شَيْءٌ لَزِمَهُ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ (وَلَوْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (مِنْ الدَّرَاهِمِ أَكْثَرُ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَمَعَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لَزِمَتْهُ) بِلَا زِيَادَةٍ حَمْلًا لِلْأَكْثَرِ عَلَى مَا مَرَّ وَلَوْ فُسِّرَ بِدُونِهَا لَمْ يُقْبَلْ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ خِلَافًا لِلْجُوَيْنِيِّ، وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ هُوَ الْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ وَزِيَادَةُ أَقَلِّ مَا يُتَمَوَّلُ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ السَّابِقَةِ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا (أَوْ) وَمَعَهُ (أَكْثَرُ) مِنْ ثَلَاثَةٍ كَعَشَرَةٍ (وَقَالَ) الْمُقِرُّ (ظَنَنْتهَا ثَلَاثَةً) أَوْ عَلِمْت أَنَّهَا أَكْثَرُ وَنَسِيت عِنْدَ الْإِقْرَارِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ وَظَنَنْتهَا ثَلَاثَةً يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَعَلِمْتهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ قُلْت ذَاكَ فِيمَا إذَا عُبِّرَ بِالْمُفْرَدِ، وَهَذَا فِيمَا إذَا عُبِّرَ بِالْجَمْعِ ثُمَّ قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ظَنَنْتهَا ثَلَاثَةً وَنَحْوَهُ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ لَزِمَهُ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ. (فَرْعٌ قَوْلُهُ لَهُ عَلَيَّ كَذَا مِثْلُ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ) فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهَا بِمَا يُقْبَلُ بِهِ تَفْسِيرُهُ؛ لِأَنَّهَا أَيْضًا مُبْهَمَةٌ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ كَافِ التَّشْبِيهِ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ ثُمَّ نُقِلَتْ فَصَارَتْ يُكَنَّى بِهَا عَنْ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ (وَ) قَوْلُهُ (كَذَا كَذَا بِلَا عَطْفٍ تَأْكِيدٌ) فَهُوَ كَقَوْلِهِ كَذَا (وَمِثْلُهُ شَيْءٌ شَيْءٌ) بِلَا عَطْفٍ نَعَمْ إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ فَهُوَ كَمَا لَوْ عَطَفَ، صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي (فَإِنْ عَطَفَ) فَقَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا، وَكَذَا أَوْ شَيْءٌ وَشَيْءٌ (فَشَيْئَانِ) يَلْزَمُهُ التَّفْسِيرُ بِهِمَا مُتَّفِقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ بِحَيْثُ يُقْبَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي تَفْسِيرِ كَذَا؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ (وَيَجِبُ) عَلَيْهِ (بِقَوْلِهِ) لَهُ عَلَيَّ (كَذَا دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ) عَلَى أَنَّهُ عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ بَدَلٌ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ (دِرْهَمٌ) لِكَوْنِ الدِّرْهَمِ تَفْسِيرًا لِمَا أَبْهَمَهُ بِقَوْلِهِ كَذَا (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ (لَوْ نَصَبَ أَوْ خَفَضَ أَوْ سَكَّنَ) الدِّرْهَمَ (أَوْ كَرَّرَ كَذَا بِلَا عَاطِفٍ) فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ لِذَلِكَ وَلِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ فِي الْأَخِيرَةِ الْمُصَرَّحِ بِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَإِنْ اقْتَضَى النَّصْبُ لُزُومَ عِشْرِينَ لِكَوْنِهِ أَوَّلَ عَدَدٍ مُفْرَدٍ يُنْصَبُ الدِّرْهَمُ عَقِبَهُ إذْ لَا نَظَرَ فِي تَفْسِيرِ الْمُبْهَمِ إلَى الْإِعْرَابِ بِدَلِيلِ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ مِائَةٍ بِقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ وَلَا يُؤَثِّرُ اللَّحْنُ فِي الْإِقْرَارِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ (وَمَتَى كَرَّرَهَا وَعَطَفَ بِالْوَاوِ أَوْ بِثُمَّ وَنَصَبَ الدِّرْهَمَ) كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَوْ كَذَا ثُمَّ كَذَا دِرْهَمًا (تَكَرَّرَ) الدِّرْهَمُ بِعَدَدِ كَذَا فَيَلْزَمُهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمِثَالَيْنِ دِرْهَمَانِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ عَدًّا) أَوْ وَزْنًا (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْقَدْرِ) أَوْ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ كَانَ أَخْصَرَ) أَيْ نَظَرًا لِلْكَلِمَاتِ لَا لِلْحُرُوفِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمَيْدَانِ وَالْخَادِمِ كَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى عَدَدٍ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَخْ) قَدْ ذُكِرَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ النُّقْرَةَ حُرِّرَتْ فَوُجِدَ أَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مِنْهَا يَعْدِلُ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ الْمُتَعَامَلِ بِهَا الْآنَ (قَوْلُهُ: يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَعَلِمْتهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهَا بِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ظَنَنْتهَا ثَلَاثَةً وَنَحْوَهُ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَحِينَئِذٍ فَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ مَتَى قَالَ عَلَيَّ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَكْثَرُ مِنْ دَرَاهِمِ زَيْدٍ وَعُلِمَ عَدَدُهَا، وَلَمْ يَقُلْ أَرَدْت ثَلَاثَةً لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت ثَلَاثَةً أَوْ أَطْلَقَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فَثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: قَالَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ لَزِمَهُ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجُهُ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَطَفَ فَشَيْئَانِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَشْيَاءُ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ قَالَ الْإِمَامُ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِثْلُ مَا فِي يَدِ فُلَانٍ لَزِمَهُ مِثْلُ مَا فِي يَدِهِ جِنْسًا، وَقَدْرًا وَصِفَةً، وَلَوْ قَالَ مِثْلُ مَا لِزَيْدٍ جِنْسًا حُمِلَ عَلَى الْجِنْسِ دُونَ الْعَدِّ، وَإِنْ قَالَ قَدْرًا حُمِلَ عَلَى الْقَدْرِ دُونَ الْجِنْسِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي عَلَيْك مِائَةُ دِينَارٍ فَقَالَ لَك أَكْثَرُ مِنْهَا ثُمَّ بَيَّنَ دِرْهَمًا قُبِلَ، وَلَوْ قَالَ أَكْثَرُ مِنْهَا عَدَدًا تَلْزَمُهُ زِيَادَةُ الْعَدَدِ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ كَانَ، وَلَوْ قَالَ أَكْثَرُ مِنْهَا جِنْسًا وَعَدَدًا لَزِمَهُ أَدْنَى زِيَادَةٍ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ: أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ) أَوْ مُبْتَدَأٌ، وَلَهُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَكَذَا حَالٌ، وَقَالَ السَّيِّدُ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ يَكُونَ كَذَا مُبْتَدَأً وَدِرْهَمٌ بَدَلًا مِنْهُ أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ، وَلَهُ خَبَرٌ وَعِنْدِي ظَرْفٌ لَهُ (قَوْلُهُ: تَكَرَّرَ الدِّرْهَمُ بِعَدَدِ كَذَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ التَّأْكِيدَ أَوْ يُطْلِقَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ فِيهِ كَدِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ التَّمْيِيزَ الْوَاقِعَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ قَطْعًا بِخِلَافِ وَدِرْهَمٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمُبْهَمَيْنِ وَعَقَّبَهُمَا بِالدِّرْهَمِ مَنْصُوبًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِمُقْتَضَى الْعَطْفِ غَيْرَ أَنَّا نُقَدِّرُهُ فِي صِنَاعَةِ الْإِعْرَابِ تَمْيِيزًا لِأَحَدِهِمَا وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ لِلْآخَرِ؛ وَلِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَصْفٌ، وَهُوَ يَعُودُ إلَى الْمُتَعَاطِفَاتِ قَبْلَهُ (لَا إنْ خَفَضَهُ أَوْ رَفَعَهُ) أَوْ سَكَّنَهُ فَلَا يَتَكَرَّرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ تَمْيِيزًا لِمَا قَبْلَهُ، وَإِنْ صَلَحَ فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِغَيْرِهِ وَالْمَعْنَى فِي الرَّفْعِ هُمَا دِرْهَمٌ وَالْخَفْضُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَطْفَ بِالْفَاءِ إذَا أَرَادَ بِهَا كَالْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ وَلَوْ قَالَ كَذَا بَلْ كَذَا فَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَالثَّانِي شَيْئَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسُوغُ رَأَيْت زَيْدًا بَلْ زَيْدًا إذَا عَنَى الْأَوَّلَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ إذَا عَنَى غَيْرَهُ وَذِكْرُ ثُمَّ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ. (فَصْلٌ) وَلَوْ (قَالَ لَهُ) عَلَيَّ (خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَالْكُلُّ دَرَاهِمُ) ؛ لِأَنَّهُمَا اسْمَانِ جُعِلَا اسْمًا وَاحِدًا فَالدِّرْهَمُ تَفْسِيرٌ لَهُ (أَوْ) قَالَ (لَهُ) عَلَيَّ (أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ فَالْأَلْفُ مُجْمَلٌ) فَلَهُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ الدِّرْهَمِ أَوْ الثَّوْبِ مِنْ الْمَالِ كَأَلْفِ فَلْسٍ كَمَا فِي عَكْسِهِ، وَهُوَ دِرْهَمٌ وَأَلْفٌ أَوْ ثَوْبٌ وَأَلْفٌ؛ وَلِأَنَّ الْعَطْفَ إنَّمَا وُضِعَ لِلزِّيَادَةِ وَلَمْ يُوضَعْ لِلتَّفْسِيرِ نَعَمْ لَوْ قَالَ أَلْفٌ وَدِرْهَمُ فِضَّةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ أَيْضًا فِضَّةً لِلْعَادَةِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ. (وَلَوْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا أَوْ أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا) أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا (أَوْ أَلْفٌ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ فَالْكُلُّ دَرَاهِمُ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الدِّرْهَمَ تَمْيِيزًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ بِمُقْتَضَى الْعَطْفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الدِّرْهَمَ أَوْ نَصَبَهُ فِي الْأَخِيرَةِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ فِيهِ اللَّحْنُ وَأَنَّهُ لَوْ رَفَعَهُ أَوْ نَصَبَهُ فِيهَا لَكِنْ مَعَ تَنْوِينَ نِصْفٍ أَوْ رَفْعِهِ أَوْ خَفْضِهِ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ لَزِمَهُ مَا عَدَّدَهُ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ مَنُونِينَ مَرْفُوعِينَ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (نِصْفٌ وَدِرْهَمٌ فَالنِّصْفُ مُجْمَلٌ) كَالْأَلْفِ فِي لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ وَأَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ) أَلْفٌ وَ (ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ فَالْكُلُّ دَنَانِيرُ) فِي الْأُولَى (أَوْ ثِيَابٌ) فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ، وَقَفِيرُ حِنْطَةٍ فَالْأَلْفُ مُجْمَلٌ) بِخِلَافِهِ فِي لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قَالَ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ تَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلْكُلِّ وَالْحِنْطَةَ لَا تَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ أَلْفُ حِنْطَةٍ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (أَلْفُ دِرْهَمٍ) حَالَةَ كَوْنِهِمَا (مُنَوَّنَيْنِ مَرْفُوعِينَ وَجَبَ مَا عَدَدُهُ أَلْفٌ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمٌ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَهُمَا أَوْ خَفَضَهُمَا مَنُونِينَ أَوْ رَفَعَ الْأَلْفَ مُنَوَّنًا وَنَصَبَ الدِّرْهَمَ أَوْ خَفَضَهُ أَوْ سَكَّنَهُ أَوْ نَصَبَ الْأَلْفَ مُنَوَّنًا رَفَعَ الدِّرْهَمَ أَوْ خَفَضَهُ أَوْ سَكَّنَهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الْأَلْفَ أَوْ نَصَبَهُ أَوْ خَفَضَهُ وَلَمْ يُنَوِّنْهُ وَنَصَبَ الدِّرْهَمَ أَوْ رَفَعَهُ أَوْ خَفَضَهُ أَوْ سَكَّنَهُ لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَوْ سَكَّنَ الْأَلْفَ، وَأَتَى فِي الدِّرْهَمِ بِالْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ إلَى الْأَوَّلِ أَقْرَبُ. (فَصْلٌ: الْمُعْتَبَرُ) فِي الدَّرَاهِمِ الْمُقَرِّ بِهَا (دَرَاهِمُ الْإِسْلَامِ) ، وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ أَكْثَرَ مِنْهَا وَزْنًا مَا لَمْ يُفَسِّرْهَا الْمُقِرُّ بِمَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ كَمَا سَيَأْتِي وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مِقْدَارِ الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ فِي بَابِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَا إنْ خَفَضَهُ أَوْ رَفَعَهُ) فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ وَالْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَالْإِنْشَاءَ أَقْوَى، وَأَسْرَعُ نُفُوذًا وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّ الْيَوْمَ بِدِرْهَمٍ وَغَدًا بِدِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، وَلَوْ تَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ فِي، وَقْتَيْنِ وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ. الثَّانِي: أَنَّ الدَّرَاهِمَ يَدْخُلُهَا التَّفْضِيلُ فَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ فَدِرْهَمٌ أَجْوَدُ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأُ أَوْ الطَّلَاقُ لَا يُوصَفُ بِجَوْدَةٍ، وَلَا رَدَاءَةٍ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي شَيْئَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ. [فَصْلٌ قَالَ الْمُقِرّ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا] (فَصْلٌ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَالْكُلُّ دَرَاهِمُ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَدَانِقًا بِالنَّصْبِ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِسَبْعَةِ دَرَاهِمَ وَخَمْسَةِ دَوَانِيقَ قَالَ الْمُتَوَلِّي يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ، وَلَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَدَانِقًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا فَإِذَا كَانَ عَطْفًا فَيَقْتَضِي وُجُوبَ زِيَادَةٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ، وَإِنْ كَانَ تَفْسِيرًا لَا يَقْتَضِي إيجَابَ زِيَادَةٍ بَلْ يَكُونُ تَقْدِيرُهُ عَلَيَّ اثْنَا عَشَرَ عَدَدًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّوَانِيقِ وَغَايَةُ مَا يُطْلَقُ اسْمُ الدَّوَانِيقِ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا يُسَمَّى دِرْهَمًا فَتُجْعَلُ خَمْسَةٌ مِنْ الْعَدَدِ دَوَانِيقَ تَبْقَى سَبْعَةٌ فَتَكُونُ دَرَاهِمَ فَيَكُونُ الْمَبْلَغُ ثَمَانِيَةً إلَّا دَانِقًا فَهَذَا الْقَدْرُ الْيَقِينُ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَلَا نُلْزِمُهُ بِالشَّكِّ شَيْئًا (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ أَيْضًا فِضَّةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الدِّرْهَمَ تَمْيِيزًا أَيْ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ التَّمْيِيزَ كَالْوَصْفِ، وَهُوَ يَعُودُ إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الدِّرْهَمَ أَوْ نَصَبَهُ فِي الْأَخِيرَةِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ رَفَعَهُ) أَيْ الدِّرْهَمَ، وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ مَا عَدَدُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نِصْفٌ وَدِرْهَمٌ فَالنِّصْفُ مُجْمَلٌ) ، وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ أَوْ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسٌ فَالْكُلُّ دَرَاهِمُ فِي الْأَصَحِّ، وَأَمَّا إذَا قَالَ وَسُدُسًا بِالنَّصْبِ فَالْأَصَحُّ كَذَلِكَ أَيْ مِنْ لُزُومِ اثْنَيْ عَشَرَ وَسُدُسِ دِرْهَمٍ، وَلَا يَضُرُّهُ اللَّحْنُ إنْ لَمْ يَكُنْ نَحْوِيًّا، وَإِنْ كَانَ نَحْوِيًّا لَزِمَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا كَأَنَّهُ قَالَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَاثْنَا عَشَرَ سُدُسًا، وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَلْزَمُهُ سَبْعَةُ دَرَاهِمَ كَأَنَّهُ قَالَ اثْنَيْ عَشَرَ فِي الدَّرَاهِمِ وَالْأَسْدَاسِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ رَأَيْت اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا وَامْرَأَةً تَنْزِيلًا عَلَى النِّصْفِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِسَبْعَةِ دَرَاهِمَ وَخَمْسَةِ أَسْدَاسِ دِرْهَمٍ تَقْدِيرُهُ اثْنَا عَشَرَ عَدَدًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْأَسْدَاسِ، وَغَايَةُ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأَسْدَاسِ خَمْسَةٌ، وَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا سُدُسًا سُمِّيَ دِرْهَمًا فَجَعَلَهُ خَمْسَةً مِنْ الْعَدَدِ أَسْدَاسًا يَبْقَى سَبْعَةٌ فَتَكُونُ دَرَاهِمَ فَيَكُونُ الْمَبْلَغُ سَبْعَةً وَخَمْسَةَ أَسْدَاسٍ قَالَ هَذَا هُوَ الْمُتَيَقَّنُ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا تَلْزَمُهُ بِالشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَهُمَا إلَى قَوْلِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الْأَلْفَ إلَى قَوْلِهِ لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ. [فَصْلٌ الْمُعْتَبَرُ فِي الدَّرَاهِمِ الْمُقَرِّ بِهَا] (قَوْلُهُ: الْمُعْتَبَرُ دَرَاهِمُ الْإِسْلَامِ) قَدْ ذُكِرَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ النُّقْرَةَ حُرِّرَتْ فَوُجِدَ أَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مِنْهَا يَعْدِلُ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا الْآنَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 (فَإِنْ فَسَّرَهَا) أَيْ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا (بِفُلُوسٍ لَمْ يُقْبَلْ) وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ قَبُولُ التَّفْسِيرِ بِهَا، وَإِنْ فَصَلَهُ عَنْ الْإِقْرَارِ إذَا غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهَا بِبَلَدٍ بِحَيْثُ هُجِرَ التَّعَامُلُ بِالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ عِوَضًا عَنْ الْفُلُوسِ كَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ (أَوْ بِنَاقِصَةٍ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الدَّرَاهِمِ الْإِسْلَامِيَّةِ كَدِرْهَمٍ شَامِيٍّ (أَوْ مَغْشُوشَةٍ وَدَرَاهِمِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْإِقْرَارِ (كَذَلِكَ) أَيْ نَاقِصَةٍ أَوْ مَغْشُوشَةٍ (قُبِلَ مُتَّصِلًا) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ وَالْعُرْفَ يَصْرِفَانِهِ إلَيْهِ (وَكَذَا مُنْفَصِلًا) حَمْلًا عَلَى الْمَعْهُودِ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ فَلَوْ لَمْ يُفَسِّرْهَا وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالصَّوَابُ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ؛ وَلِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ وَلَا يُغْتَرُّ بِمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَيْ فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ نَقْلِ مَنْ يُخَالِفُهُ. انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَقَضِيَّةُ الثَّانِي خِلَافُهُ (أَوْ) فَسَّرَهَا بِمَا ذُكِرَ وَدَرَاهِمُ الْبَلَدِ (تَامَّةٌ أَوْ نُقْرَةٌ قُبِلَ مُتَّصِلًا لَا مُنْفَصِلًا) كَالِاسْتِثْنَاءِ فِيهِمَا؛ وَلِأَنَّ لَفْظَ الدِّرْهَمِ صَرِيحٌ فِيهِ وَضْعًا وَعُرْفًا فَلَا يُقْبَلُ مُنْفَصِلًا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ (أَوْ فَسَّرَهُ) أَيْ مَا أُقِرَّ بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ فَسَّرَهَا (مِنْ الْفِضَّةِ بِجِنْسٍ رَدِيءٍ أَوْ) بِدَرَاهِمَ (سِكَّتُهَا غَيْرُ جَارِيَةٍ فِي) ذَلِكَ (الْبَلَدِ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ) كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِجِنْسٍ رَدِيءٍ أَوْ بِمَا لَا يَعْتَادُ أَهْلُ الْبَلَدِ لُبْسَهُ وَيُخَالِفُ تَفْسِيرَهُ بِالنَّاقِصِ لِرَفْعِ بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَيُخَالِفُ الْبَيْعَ حَيْثُ يُحْمَلُ عَلَى سِكَّةِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنْشَاءُ مُعَامَلَةٍ، وَالْغَالِبُ أَنَّهَا فِي كُلِّ بَلَدٍ تَقَعُ بِمَا يَرُوجُ فِيهَا، وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ يُحْتَمَلُ ثُبُوتُهُ بِمُعَامَلَةٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَيُرْجَعُ إلَى إرَادَتِهِ. (وَقَوْلُهُ) لَهُ عَلَيَّ (دُرَيْهِمٌ) بِالتَّصْغِيرِ (أَوْ دِرْهَمٌ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ كَدِرْهَمٍ) عَارٍ عَلَى ذَلِكَ (وَالْجَمْعُ) الْمَوْصُوفُ بِتَصْغِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ دُرَيْهِمَاتٌ أَوْ دَرَاهِمُ صِغَارٌ أَوْ كِبَارٌ (كَالْجَمْعِ) الْعَارِي عَنْ ذَلِكَ فَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِهِ بِالنَّقْصِ وَغَيْرِهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ وَلَيْسَ التَّقْيِيدُ بِالصِّغَرِ كَالتَّقْيِيدِ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الدِّرْهَمِ صَرِيحٌ فِي الْوَازِنِ وَالْوَصْفُ بِالصِّغَرِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الشَّكْلِ، وَأَنْ يَكُونَ بِالْإِضَافَةِ إلَى غَيْرِهِ وَقِسْ بِذَلِكَ الْوَصْفَ بِغَيْرِ الصِّغَرِ. (فَرْعٌ: يَجِبُ بِقَوْلِهِ) لَهُ عَلَيَّ (دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ قَلِيلَةٌ ثَلَاثَةٌ) كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِيهَا فِي الْوَزْنِ) بَلْ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ زِنَةَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ (وَ) يَجِبُ (بِقَوْلِهِ) لَهُ عَلَيَّ (أَقَلُّ عَدَدِ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمَانِ) ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ هُوَ الْمَعْدُودُ، وَكُلُّ مَعْدُودٍ مُتَعَدِّدٌ فَيَخْرُجُ عَنْهُ الْوَاحِدُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (وَ) يَجِبُ (بِقَوْلِهِ) لَهُ عَلَيَّ (مِائَةُ دِرْهَمٍ عَدَدٌ أَنْ تَكُونَ وَازِنَةً بِوَزْنِ الْإِسْلَامِ صِحَاحًا) فَلَا يُقْبَلُ مِائَةٌ بِالْعَدَدِ نَاقِصَةُ الْوَزْنِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْدُ الْبَلَدِ) عَدَدًا (نَاقِصًا فَيُقْبَلُ مِنْهُ) حَمْلًا عَلَى الْمَعْهُودِ (وَ) يَجِبُ فِي إقْرَارِهِ (بِمِائَةٍ عَدَدٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْعَدَدُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مِائَةُ دِرْهَمٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَقَلَّ الْعَدَدِ اثْنَانِ فَالْقِيَاسُ لُزُومُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ نَاقِصَةٍ إنْ كَانَ عَدَدٌ مَجْرُورًا بِالْإِضَافَةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ وَكَذَا إنْ كَانَ مَنْصُوبًا؛ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْمِائَةِ، وَإِنْ كَانَ مَرْفُوعًا فَالْقِيَاسُ أَنَّ الْمِائَةَ مُبْهَمَةٌ وَيَلْزَمُهُ تَفْسِيرُهَا بِمَا لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ عَنْ دِرْهَمَيْنِ عَدَدًا لَا وَزْنًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ أَلْفُ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ قَبُولُ التَّفْسِيرِ بِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّنْجَانِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ إنْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَيْسَ لَهُمْ نَقْدٌ إلَّا الْفُلُوسَ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِهَا فَإِنْ سَاعَدَهُ النَّقْلُ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلِلِاحْتِمَالِ فِيهِ مَجَالٌ، قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْعِرَاقِيِّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَقْلِ مَا يُخَالِفُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ دَرَاهِمُ) جَمْعُ كَثْرَةٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ تَفْسِيرُهَا إلَّا بِأَحَدَ عَشَرَ. وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا لَهُ صِيغَتَانِ إحْدَاهُمَا لِلْكَثْرَةِ وَالْأُخْرَى لِلْقِلَّةِ أَمَّا مَا لَا صِيغَةَ لَهُ إلَّا جَمْعَ الْكَثْرَةِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ يُطْلَقُ عَلَى الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَدَرَاهِمُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَلِذَا عَمِلُوا الْقِلَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا لَهُ صِيغَتَانِ كَأَفْلُسٍ وَفُلُوسٍ أَنْ يَلْزَمَ فِيهِ أَحَدَ عَشَرَ. وَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الْمُتَيَقَّنِ مُطْلَقًا كَا (قَوْلِهِ: وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِيهِمَا فِي الْوَزْنِ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِسِتَّةِ دَوَانِيقَ كَمَا فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ بِقَوْلِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَدَدٌ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ عَدَدٌ، وَفِي بَعْضِهَا عَدَدًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَتَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَشَرْحِ التَّلْخِيصِ وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَقَلَّ الْعَدَدِ اثْنَانِ إلَخْ) ، وَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ مَرْدُودٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ مَعْدُودَةٌ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ، وَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ مِائَةٌ مَعْدُودَةٌ أَيْ لَيْسَتْ وَازِنَةً، وَكَتَبَ أَيْضًا اعْتِرَاضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. أَحَدُهُمَا حُكْمُهُ عَلَى عَدَدِ الْمُمَيِّزِ لِلْمِائَةِ بِأَنَّهُ جَمْعٌ أَقَلُّهُ اثْنَانِ حَتَّى يَلْزَمَهُ مِائَتَانِ خَطَأٌ صَرِيحٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمِائَةَ تُمَيَّزُ بِمُفْرَدٍ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ فَعَدَدُ الْمُمَيِّزِ لَيْسَ جَمْعًا دَائِمًا بِمَعْنَى مَعْدُودِ الثَّانِي أَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ بَيْنَ عَدَدِ الْمُمَيِّزِ الْمَنْصُوبِ وَبَيْنَ الْمَجْرُورِ فَرْقًا مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ كَمَا تَقُولُ رِطْلٌ زَيْتًا وَرِطْلُ زَيْتٍ نَعَمْ فَرَّقَ ابْنُ قُتَيْبَةَ بَيْنَ الْمَجْرُورِ وَالْمَنْصُوبِ فِي الظَّرْفِ وَالْمَظْرُوفِ فَقَالَ إذَا قَالَ عِنْدِي ظَرْفٌ عَسَلًا كَانَ إقْرَارًا بِالْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ، وَإِنْ قَالَ ظَرْفُ عَسَلٍ كَانَ إقْرَار بِالظَّرْفِ دُونَ الْمَظْرُوفِ، وَذَلِكَ الْمَعْنَى لَا يَأْتِي هُنَا. وَأَمَّا اسْتِشْهَادُهُ بِمِائَةِ ثَوْبٍ فَخَارِجٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ ثَوْبًا لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْعَدَدِ الثَّالِثِ، قَوْلُهُ: إنَّهُ إذَا رَفَعَ الْمِائَةَ وَالدِّرْهَمَ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ يَلْزَمُ تَفْسِيرُ الْمِائَةِ بِمَا لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ عَنْ دِرْهَمَيْنِ خَطَأٌ بِنَاءً عَلَى الْفَسَادِ السَّابِقِ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ مِائَةٌ مَعْدُودَةٌ فَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ مِائَةٌ مَعْدُودَةٌ أَيْ لَيْسَتْ وَازِنَةً، وَلَيْسَ هَذَا نَظِيرَ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ أَلْفُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ دِرْهَمًا مُفْرَدٌ، وَهُوَ عَطْفُ بَيَانٍ لِلْأَلْفِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَلْفٌ لَا تَنْقُصُ عَنْ دِرْهَمٍ وَتِلْكَ الْأَلْفُ قِيمَتُهَا دِرْهَمٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 دِرْهَمٍ بِرَفْعِهِمَا وَتَنْوِينِهِمَا، وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا لَزِمَهُ الْأَقَلُّ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ بَنَاهُ عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ مِنْ كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ عَدَدًا جَمْعٌ، وَتَمْيِيزُ الْمِائَةِ لَا يَقَعُ جَمْعًا وَمَا تَوَهَّمَهُ فَاسِدٌ إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ جَمْعٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا بَلْ هُوَ مُفْرَدٌ فَيَصِحُّ كَوْنُهُ تَمْيِيزًا لِلْمِائَةِ كَزَوْجٍ وَشَفْعٍ. (فَرْعٌ: قَوْلُهُ) لَهُ عَلَيَّ (مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ) بِهِ (تِسْعَةٌ) إخْرَاجًا لِلطَّرَفِ الْأَخِيرِ، وَإِدْخَالًا لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ (وَ) قَوْلُهُ لَهُ عِنْدِي أَوْ بِعْتُك (مِنْ الْجِدَارِ إلَى الْجِدَارِ) يَلْزَمُهُ بِهِ (مَا بَيْنَهُمَا) إخْرَاجًا لِلطَّرَفَيْنِ (وَالْفَرْقُ) بَيْنَ هَذِهِ وَتِلْكَ (أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ) هُنَا (السَّاحَةُ وَلَيْسَ الْجِدَارُ مِنْهَا بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذِكْرُ الْجِدَارِ مِثَالٌ فَالشَّجَرَةُ كَذَلِكَ بَلْ لَوْ قَالَ مِنْ هَذَا الدِّرْهَمِ إلَى هَذَا الدِّرْهَمِ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّحْدِيدُ لَا التَّعْدِيدُ (وَ) قَوْلُهُ لَهُ عَلَيَّ (مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ أَوْ) مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ (إلَى عَشَرَةٍ) يَلْزَمُهُ بِهِ (ثَمَانِيَةٌ) ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا لَا يَشْمَلُهُمَا (وَ) قَوْلُهُ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ) يَلْزَمُهُ بِهِ (لِمُرِيدِ الْحِسَابِ) إذَا فُهِمَ مَعْنَاهُ (عَشَرَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا مُوجَبَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُفْهَمْ مَعْنَاهُ، وَإِنْ أَرَادَ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ إذْ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ مَا لَا يَفْهَمُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ (وَ) يَلْزَمُ بِهِ (لِمُرِيدٍ) مَعْنَى (مَعَ) بِأَنْ قَالَ أَرَدْت مَعَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَهُ (أَحَدَ عَشَرَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْحَاصِلُ بِضَمِّهِمَا وَوَرَدَتْ فِي بِمَعْنَى مَعَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] أَيْ مَعَهُمْ وَبِمَا فُسِّرَتْ بِهِ الْمَعِيَّةُ انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ دِرْهَمٌ وَيُرْجَعَ فِي تَفْسِيرِ الْعَشَرَةِ إلَيْهِ كَنَظِيرِهِ فِي أَلْفٍ وَدِرْهَمٍ (وَ) يَلْزَمُ بِهِ (لِمُرِيدِ الظَّرْفِيَّةِ أَوْ الْمُطْلِقِ) بِكَسْرِ اللَّامِ بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ (دِرْهَمٌ) أَخْذًا بِالْيَقِينِ. (فَصْلٌ: الظَّرْفُ وَالْمَظْرُوفُ لَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِهِ وَالْإِقْرَارُ يَعْتَمِدُ الْيَقِينَ كَمَا مَرَّ (فَيَجِبُ بِقَوْلِهِ) لَهُ عِنْدِي (سَيْفٌ فِي غِمْدٍ وَزَيْتٌ فِي جَرَّةٍ) وَنَحْوِهِمَا (الْمَظْرُوفُ لَا الظَّرْفُ وَبِعَكْسِهِ عَكْسُهُ) فَيَجِبُ بِقَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي غِمْدٌ فِيهِ سَيْفٌ وَجَرَّةٌ فِيهَا زَيْتٌ وَنَحْوُهُمَا الظَّرْفُ لَا الْمَظْرُوفُ (وَكَذَا) الْحُكْمُ فِي لَهُ عِنْدِي (فَرَسٌ عَلَيْهِ سَرْجٌ وَعَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ وَخَاتَمٌ فِيهِ) أَوْ عَلَيْهِ (فَصٌّ وَجَارِيَةٌ فِي بَطْنِهَا حَمْلٌ وَفَرَسٌ فِي حَافِرِهَا نَعْلٌ وَقُمْقُمَةٌ عَلَيْهَا عُرْوَةٌ وَعَكْسُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ كَقَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي سَرْجٌ عَلَى فَرَسٍ وَعِمَامَةٌ عَلَى عَبْدٍ وَفَصٌّ فِي خَاتَمٍ وَحَمْلٌ فِي بَطْنِ جَارِيَةٍ وَنَعْلٌ فِي حَافِرِ فَرَسٍ وَعُرْوَةٌ عَلَى قُمْقُمَةٍ فَتَجِبُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى الْفَرَسُ وَالْعَبْدُ وَالْخَاتَمُ وَالْجَارِيَةُ وَالْقُمْقُمَةُ لَا السَّرْجُ وَالْعِمَامَةُ وَالْفَصُّ وَالْحَمْلُ وَالنَّعْلُ وَالْعُرْوَةُ وَفِي صُوَرِ عَكْسِهَا عَكْسُ ذَلِكَ. (أَوْ) قَالَ (لَهُ عِنْدِي جَارِيَةٌ) فَكَانَتْ حَامِلًا   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ قَوْلُهُ: مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ مِنْ عَشَرَةٍ إلَى دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ، وَإِدْخَالًا لِلْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالثَّانِي وَمِنْ لَازِمِهِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ) أَيْ أَوْ الْمَبِيعُ السَّاحَةُ إلَخْ عُلِمَ مِنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ إلَى هَذِهِ النَّخْلَةِ كَقَوْلِهِ مِنْ هَذَا الْجِدَارِ إلَى هَذَا الْجِدَارِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ النَّخْلَةَ إلَى هَذِهِ النَّخْلَةِ دَخَلَتْ النَّخْلَةُ الْأُولَى فِي الْإِقْرَارِ دُونَ الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ) وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ مِنْ هُنَا إلَى هُنَا (قَوْلُهُ بَلْ لَوْ قَالَ مِنْ هَذَا الدِّرْهَمِ إلَى هَذَا الدِّرْهَمِ) فَكَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْفَرْقِ يَقْتَضِي خِلَافَ إنْ أَرَادَ الدَّرَاهِمَ، وَقَوْلُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلِمُرِيدٍ مَعَ أَحَدَ عَشَرَ) اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ جَزْمًا لِاحْتِمَالِ مَعَ دِرْهَمٍ لِي فَمَعَ نِيَّةِ مَعَ أَوْلَى وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِ وُجُوبِ أَحَدَ عَشَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ دِرْهَمٌ وَيَرْجِعَ فِي تَفْسِيرِ الْعَشَرَةِ إلَيْهِ قَالَ فَلْيُحْمَلْ ذَلِكَ عَلَى مَا لَوْ قَالَ مَعَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَهُ، وَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ. اهـ. وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُرِدْ الظَّرْفَ، وَإِلَّا اتَّحَدَ الْقِسْمَانِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ أَحَدَ عَشَرَ بِخِلَافِ مَعَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ مَعَ دِرْهَمٍ لِي، وَهُوَ مَعْنَى الظَّرْفِ. اهـ. وَأَجَابَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ قَصْدَ الْمَعِيَّةِ بِمَثَابَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَالتَّقْدِيرُ لَهُ دِرْهَمٌ وَعَشَرَةٌ، وَلَفْظُ الْمَعِيَّةِ مُرَادِفٌ لِحَرْفِ الْعَطْفِ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِهِمْ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو بِقَوْلِهِمْ مَعَ عَمْرٍو بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ فَإِنَّ مَعَ فِيهِ لِمُجَرَّدِ الْمُصَاحَبَةِ، وَهِيَ تَصْدِيقٌ بِمُصَاحَبَةِ دِرْهَمٍ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُقَدَّرُ فِيهَا عَطْفٌ بِالْوَاوِ وَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَعَ دِرْهَمٍ آخَرَ يَلْزَمُنِي فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ، وَأَيْضًا دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ صَرِيحٌ فِي الْمَعِيَّةِ وَدِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ صَرِيحٌ فِي الظَّرْفِ فَإِذَا نَوَى بِالثَّانِيَةِ الْمَعِيَّةَ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْمَعِيَّةَ لَمْ يَصِحَّ تَقْدِيرُ الْمَعِيَّةِ بِالْمُصَاحَبَةِ لِدِرْهَمٍ آخَرَ لِغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ الْمُجَاوِزِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ مُسْتَفَادَةٌ لَا مِنْ اللَّفْظِ بَلْ مِنْ نِيَّتِهِ، وَلَوْ قُدِّرَ مَعَهُ مَجَازُ الْإِضْمَارِ لَكَثُرَ الْمَجَازُ، وَأَمَّا دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ آخَرَ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمَعِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ قَوْلِهِ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ وَبَيْنَ مَسْأَلَتِنَا بِأَنَّ الْعَطْفَ فِي الْأَلْفِ وَدِرْهَمٌ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي مَسْأَلَتِنَا وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ أَلْفًا وَدِرْهَمًا فِيهِ عَطْفُ الدِّرْهَمِ عَلَى الْأَلْفِ، وَالْأَلْفُ مُبْهَمٌ، وَهُنَا بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ عَطْفُ الْعَشَرَةِ تَقْدِيرًا عَلَى الدِّرْهَمِ، وَهُوَ غَيْرُ مُبْهَمٍ فَكَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مُشَارَكَةُ الْمَعْطُوفِ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فس. وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ مِنْ أَقْسَامِ الْمَسْأَلَةِ الضَّرْبَ، وَهُوَ تَضْعِيفُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِقَدْرِ مَا فِي الْعَدَدِ الْآخَرِ مِنْ الْآحَادِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْعَشَرَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ. (قَوْلُهُ: وَبِمَا فُسِّرَتْ بِهِ الْمَعِيَّةُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا مُقْتَضَى تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَرَدْت الْمَعِيَّةَ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ عَدِمَ لُزُومَ أَحَدَ عَشَرَ لَهُ، وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ. [فَصْلٌ الظَّرْفُ وَالْمَظْرُوفُ لَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي الْإِقْرَارِ] (فَصْلٌ) الظَّرْفُ وَالْمَظْرُوفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا يَتَّصِلُ بِظَرْفِهِ خِلْقَةً وَعَادَةً، وَمَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ أَضَافَ الظَّرْفَ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ صُرَّةُ تَمْرٍ وَغِمْدُ سَيْفٍ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ إقْرَارٌ بِهِمَا (قَوْلُهُ: وَفَصٌّ فِي خَاتَمٍ) أَيْ مُرَكَّبٌ فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 (أَوْ) لَهُ عِنْدِي (خَاتَمٌ) فَكَانَ فِيهِ فَصٌّ (دَخَلَ الْفَصُّ) فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْخَاتَمَ يَتَنَاوَلُهُ فَلَوْ قَالَ لَمْ أُرِدْ الْفَصَّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ فِي خَاتَمٍ فِيهِ فَصٌّ لِقَرِينَةِ الْوَصْفِ الْمُوقِعِ فِي الشَّكِّ (لَا الْحَمْلُ) فِي الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ لَا تَتَنَاوَلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ كَمَا مَرَّ وَرُبَّمَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ لَهُ دُونَ الْحَمْلِ بِأَنْ كَانَ مُوصًى بِهِ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّابَّةُ لِفُلَانٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّ وَلَوْ قَالَ بِعْتُكهَا إلَّا حَمْلَهَا لَمْ يَصِحَّ وَالشَّجَرَةُ كَالْجَارِيَةِ وَالثَّمَرَةُ كَالْحَمْلِ فِيمَا ذُكِرَ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ: وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْبَيْعِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِقْرَارِ وَمَا لَا فَلَا إلَّا الثَّمَرَةَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ وَالْحَمْلَ وَالْجِدَارَ أَيْ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَلَا تَدْخُلُ فِي الْإِقْرَارِ لِبِنَائِهِ عَلَى الْيَقِينِ وَبِنَاءِ الْبَيْعِ عَلَى الْعُرْفِ (فَإِنْ قَالَ) لَهُ عِنْدِي (فَرَسٌ بِسَرْجَةٍ أَوْ عَبْدٌ بِعِمَامَتِهِ لَزِمَ) الْمُقِرَّ (الْجَمِيعُ، وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ بِقَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي (ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ) ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا مَرَّ وَالطِّرَازُ جُزْءٌ مِنْ الْمُطَرَّزِ، وَإِنْ رَكِبَ عَلَيْهِ بَعْدَ نَسْجِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ طِرَازٌ كَقَوْلِهِ مُطَرَّزٌ. انْتَهَى. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَخَاتَمٍ عَلَيْهِ فَصٌّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا (لَا فَرَسٌ مُسْرَجٌ) أَوْ دَارٌ مَفْرُوشَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْفَرَسُ وَالدَّارُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِالسَّرْجِ وَالْفِرَاشِ وَلَيْسَتَا شَبِيهَتَيْنِ بِمَا قَبْلَهُمَا (وَبِقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي هَذَا الْكِيسِ يَلْزَمُهُ أَلْفٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ) لِاقْتِضَاءِ عَلَيَّ اللُّزُومَ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا عَقِبَهُ بِهِ (وَيُتَمِّمُهُ) وُجُوبًا (لَوْ نَقَصَ) مَا فِيهِ عَنْ الْأَلْفِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ لَزِمَهُ الْأَلْفُ. (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (الْأَلْفُ الَّذِي فِي الْكِيسِ فَلَا تَتْمِيمَ) لَوْ نَقَصَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ إلَّا مَا فِي الْكِيسِ لِجَمْعِهِ بَيْنَ التَّعْرِيفِ وَالْإِضَافَةِ إلَى الْكِيسِ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ قَدْ تَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ فِي الْكِيسِ بِتَرْكِ الَّذِي، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي الْكِيسِ، وَإِنْ افْتَرَقَا بِالتَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ (وَلَا غُرْمَ لَوْ لَمْ يَكُنْ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِشَيْءٍ فِي ذِمَّتِهِ أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَفُرِّقَ أَيْضًا بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ بِأَنَّ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمُنَكَّرِ الْمَوْصُوفِ فِي قُوَّةِ خَبَرَيْنِ فَأَمْكَنَ قَبُولُ أَحَدِهِمَا، وَإِلْغَاءُ الْآخَرِ، وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْمُعَرَّفِ الْمَوْصُوفِ يَعْتَمِدُ الصِّفَةَ فَإِذَا كَانَتْ مُسْتَحِيلَةً بَطَلَ الْخَبَرُ كُلُّهُ، قَالَ السُّبْكِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حَالَتَيْ التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الصِّيغَةُ عَلَيَّ كَمَا فَرَضَهُ الْإِمَامُ وَالرَّافِعِيُّ، وَأَنْ تَكُونَ عِنْدِي كَمَا فَرَضَهُ الْغَزَالِيُّ؛ لِأَنَّ عِنْدِي، وَإِنْ حُمِلَتْ عَلَى الْوَدِيعَةِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهَا حِينَ الْإِقْرَارِ نَعَمْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِي أَنَّ فِي عَلَيَّ إذَا أَلْزَمْنَاهُ الْإِتْمَامَ أَوْ الْجَمْعَ كَانَ إلْزَامَ ضَمَانٍ وَفِي عِنْدِي يَكُونُ أَمَانَةً وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ تَلِفَ الْمَوْجُودُ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ بِعَيْنِهِ حَتَّى لَوْ حَجَرَ عَلَى الْمُقِرِّ لَمْ يُزَاحِمْهُ الْغُرَمَاءُ فِيهِ انْتَهَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عِنْدِي أَلْفٌ فِي هَذَا الْكِيسِ بِالتَّنْكِيرِ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ عَلَيَّ؛ لِأَنَّهَا الْتِزَامٌ لِلدَّيْنِيَّةِ. (فَصْلٌ: قَالَ لِفُلَانٍ أَلْفٌ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَوْ مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ) أَوْ فِيهِ فَهُوَ لَفْظٌ مُجْمَلٌ فَيُسْأَلُ وَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَفَسَّرَهُ بِجِنَايَةٍ) صَدَرَتْ (مِنْهُ) عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى مَالِهِ أَرْشُهَا أَلْفٌ (قُبِلَ) وَتَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ (أَوْ) فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (وَصِيٌّ لَهُ مِنْ ثَمَنِهِ بِأَلْفٍ قُبِلَ وَبِيعَ لِأَجَلِهِ وَتَعَيَّنَ ثَمَنُهُ) لِلصَّرْفِ لَهُ فَلَيْسَ لِلْمُقِرِّ إمْسَاكُهُ وَدَفْعُ الْأَلْفِ مِنْ مَالِهِ امْتِثَالًا لِشَرْطِ الْمُوصِي قَالَ السُّبْكِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنْ رَضِيَ الْمُقَرُّ لَهُ جَازَ وَاَلَّذِي قَالَهُ مُتَعَيَّنٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَ عَدَمِ الرِّضَا هُنَا وَجَازَ فِي الْعَبْدِ الْجَانِي مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ يَثْبُتُ مَعَ حَقِّ الْوَارِثِ يَعْنِي فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ وَقْتُ الْمَوْتِ وَحَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَقِّ السَّيِّدِ فَكَانَ أَضْعَفَ وَالْفَاضِلُ عَنْ الْأَلْفِ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ لِلْمُقِرِّ، وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنُهُ أَلْفًا لَمْ يَلْزَمْهُ تَتْمِيمُهُ (أَوْ) فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (أَقْرَضَنِي فِي ثَمَنِهِ أَلْفًا قُبِلَ، وَكَذَا إنْ قَالَ هُوَ رَهْنٌ عِنْدَهُ بِهِ) قُبِلَ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَلَهُ تَعَلُّقٌ ظَاهِرٌ بِالْمَرْهُونِ فَصَارَ كَالتَّفْسِيرِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ (، وَإِنْ قَالَ وَزْنُهَا) أَيْ الْأَلْفِ (فِي ثَمَنِهِ وَلَمْ آذَنْ فَالْعَبْدُ) كُلُّهُ (لِلْمُقَرِّ لَهُ أَوْ) قَالَ (وَزَنْت مِثْلَهُ) أَيْ أَلْفًا (لَكِنَّ لَهُ الْعُشْرَ) مَثَلًا فِي الْعَبْدِ بِأَنْ قَالَ وَزَنَ فِي ثَمَنِ عُشْرِهِ أَلْفًا وَوَزَنْت أَنَا أَلْفًا فِي تِسْعَةِ أَعْشَارِهِ (قُبِلَ، وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْنَاهُ دَفْعَتَيْنِ) لِاحْتِمَالِهِ فَيَكُونُ لَهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ عُشْرُهُ وَلَا نَظَرَ إلَى قِيمَتِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى بِالْغَايَةِ دَفْعَهُ وَفِي نُسْخَةٍ إنْ بِدُونِ الْوَاوِ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِلْأَصْلِ لَكِنَّ الْأُولَى أَكْثَرُ فَائِدَةً (وَإِلَّا) بِأَنْ قَالَ وَزَنْت مِثْلَهُ فَقَطْ (كَانَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ إلَخْ) ، وَقَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ يَظْهَرُ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَخَاتَمٍ عَلَيْهِ فَصٌّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِشَيْءٍ فِي ذِمَّتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمَعْرِفَةِ الْمَوْصُوفَةِ يَعْتَمِدُ الصِّفَةَ فَإِذَا كَانَتْ مُسْتَحِيلَةً بَطَلَ الْإِخْبَارُ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَخْ) الظَّاهِرُ خِلَافُهُ. [فَصْلٌ قَالَ الْمُقِرّ لِفُلَانٍ أَلْفٌ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَوْ مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ فِيهِ] (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنْ رَضِيَ الْمُقَرُّ لَهُ جَازَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا قَالَ هُوَ رَهْنٌ عِنْدَهُ بِهِ) إذَا لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْأَلْفِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَعَارَ لِمَنْ رَهَنَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ احْتِمَالُ الْعَارِيَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ لُزُومِهِ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّ أَصَحَّ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الْمُعِيرَ ضَامِنٌ دَيْنَ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ فِي رَقَبَةِ مَالِهِ، وَقَضِيَّةُ الضَّمَانِ أَنَّ الْأَلْفَ لَازِمَةٌ لَهُ فِي الْعَبْدِ فَمَا ذُكِرَ مِنْ الِاحْتِمَالِ لَا يَمْنَعُ الْإِلْزَامَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ وَزْنُهَا فِي ثَمَنِهِ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهُ، وَهَبَ لِي أَلْفًا اشْتَرَيْته بِهِ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ كَانَ قَرْضًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ لَكِنَّ لَهُ الْعَشَرَةَ إلَخْ) قَالَ الْفَتَى قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ لَهُ الْعَشَرَةَ قُبِلَ إنْ قَالَ اشْتَرَيْنَاهُ دَفْعَتَيْنِ، وَإِلَّا كَانَ بَيْنَهُمَا أَيْ إذَا اشْتَرَيَاهُ دَفْعَةً وَفِي قَوْلِهِ بَيْنَهُمَا اخْتِصَارٌ، وَإِيهَامٌ أَمَّا الْإِبْهَامُ فَإِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ قَدْرِ مَا وَزَنَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 الْعَبْدُ (بَيْنَهُمَا) نِصْفَيْنِ فَإِنْ قَالَ وَزَنْت مِثْلَيْهِ أَوْ نِصْفَهُ مَثَلًا كَانَ الِاشْتِرَاكُ بِحِسَابِهِ فَلَهُ فِي الْأُولَى ثُلُثَاهُ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ ثُلُثُهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ (وَإِنْ قَالَ أَعْطَانِي أَلْفًا) لِأَشْتَرِيَ لَهُ الْعَبْدَ (وَ) قَدْ (اشْتَرَيْته لَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ فَالْعَبْدُ لَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ بَطَلَ) إقْرَارُهُ (فِي الْعَبْدِ، وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ) الَّتِي أَقَرَّ بِهَا هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ (فَإِنْ قَالَ) لَهُ (عَلَيَّ أَلْفٌ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ) أَوْ مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ فِيهِ (فَأَلْفٌ) تَلْزَمُهُ (بِكُلِّ حَالٍ) حَتَّى تَلْزَمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنُ الْعَبْدِ أَوْ قِيمَتُهُ أَلْفًا. قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنَّ التَّفْسِيرَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ أَوْ الشِّرَاءِ لَا يَجِيءُ هُنَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِإِتْيَانِهِ بِعَلَيَّ وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي عَبْدِي قَالَ السُّبْكِيُّ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ فِي هَذَا الْعَبْدِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ التَّفْسِيرُ بِالْمُشَارَكَةِ أَوْ بِالشِّرَاءِ لِلْمُقَرِّ لَهُ. (فَرْعٌ: قَوْلُهُ) لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ كَأَلْفٍ) أَيْ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (فِي) هَذَا (الْعَبْدِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ (إلَّا أَنْ يُرِيدَهُمَا مَعًا) فَيَلْزَمَانِهِ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَدِرْهَمٌ) فَقَطْ يَلْزَمُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ يَأْتِيَانِ فِي لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَيْضًا. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ أَوْ) لَهُ (فِي هَذِهِ الدَّارِ نِصْفُهَا فَإِقْرَارٌ) فِي الْأُولَى (عَلَى الْأَبِ) بِأَلْفٍ فِي الْمِيرَاثِ (وَ) فِي الثَّانِيَةِ (بِنِصْفِ الدَّارِ) وَاسْتُشْكِلَتْ الْأُولَى بِأَنَّ قِيَاسَ مَا فُسِّرَ بِهِ فِي لَهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ فِيهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ إقْرَارٌ بِتَعَلُّقِ الْأَلْفِ بِعُمُومِ الْمِيرَاثِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الْخُصُوصِ بِتَفْسِيرِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُفَسَّرَ بِجِنَايَتِهِ أَوْ رَهْنِهِ مَثَلًا لَوْ تَلِفَ ضَاعَ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ فِي الْأَوَّلِ وَانْقَطَعَ حَقُّ تَعَلُّقِهِ بِعَيْنٍ مِنْ التَّرِكَةِ فِي الثَّانِي فَيَصِيرُ كَالرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِمَا يُرْفَعُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ فُسِّرَ هُنَا بِمَا يَعُمُّ الْمِيرَاثَ، وَأَمْكَنَ قُبِلَ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ ثُمَّ وَلَهُ عَبِيدٌ لَهُ فِي هَذِهِ الْعَبِيدِ أَلْفٌ وَفُسِّرَ بِجِنَايَةِ أَحَدِهِمْ لَمْ يُقْبَلْ وَخَرَجَ أَحَدُهُمْ لَمْ يُقْبَلْ وَخَرَجَ بِالْأَلْفِ الْجُزْءُ الشَّائِعُ كَقَوْلِهِ لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثُهُ فَلَا يَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْأَبِ، وَإِلَّا لَتَعَلَّقَ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِذَلِكَ الْجُزْءِ وَقَبِلَهُ، وَأَجَازَهُ الْوَارِثُ إنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ وَمَا قَالَهُ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ السُّبْكِيّ إنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي نِصْفُهُ كَقَوْلِهِ لَهُ فِي مِيرَاثِي نِصْفُهُ، وَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَهُ فِيهِ ثُلُثُهُ إقْرَارًا لَهُ بِالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ (أَوْ) قَالَ لَهُ (فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي) أَلْفٌ (أَوْ) فِي (دَارِي) نِصْفُهَا (أَوْ) فِي (مَالِي) أَلْفٌ فَهُوَ (وَعْدٌ) لِهِبَةٍ (لَا يَلْزَمُ) فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ إذَا لَمْ يُرِدْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْكُلَّ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يَنْتَظِمْ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِبَعْضِهِ كَمَا لَا يَنْتَظِمُ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِكُلِّهِ فِي قَوْلِهِ دَارِي لِفُلَانٍ وَفَارَقَتْ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مَا مَرَّ فِي مِيرَاثِ أَبِي بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ أَثْبَتَ حَقَّ الْمُقَرِّ لَهُ فِي الْمِيرَاثِ، وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ التَّبَرُّعَ إذْ لَا تَبَرُّعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَفِي هَذِهِ أَضَافَ الْمِيرَاثَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ جَعَلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا فَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ تَبَرُّعًا، وَاسْتَشْكَلَ الْقَاضِي الْفَرْقَ بِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ فَإِضَافَتُهُ إلَى نَفْسِهِ لَا تَمْنَعُ كَوْنَهُ إقْرَارًا عَلَى أَبِيهِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ فَإِنَّهُمْ لَا يُضِيفُونَ إلَى أَنْفُسِهِمْ الْمِيرَاثَ إلَّا فِي الْمُسْتَقِرِّ. (فَإِنْ كَانَ) مَا ذُكِرَ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (بِصِيغَةٍ مُلْزِمَةٍ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ فِي مِيرَاثِي) أَلْفٌ (أَوْ لَهُ فِي مَالِي أَلْفٌ بِحَقٍّ لَزِمَنِي أَوْ) بِحَقٍّ (ثَابِتٍ) أَوْ لَهُ فِي دَارِي نِصْفُهَا بِحَقٍّ لَزِمَنِي أَوْ ثَابِتٍ (لَزِمَهُ) مَا أَقَرَّ بِهِ (سَوَاءٌ بَلَغَ الْمِيرَاثُ) أَوْ الْمَالُ (أَلْفًا أَوْ نَقَصَ عَنْهُ لِاعْتِرَافِهِ بِلُزُومِهِ) لَهُ وَبِمَا قَرَّرْته عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ بِحَقٍّ لَزِمَنِي أَوْ ثَابِتٍ قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ. (فَرْعٌ) فِي التَّأْكِيدِ وَالْعَطْفِ وَنَحْوِهِمَا (التَّكْرَارُ بِلَا عَاطِفٍ تَأْكِيدٌ فَيَلْزَمُهُ بِقَوْلِهِ) لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ، وَإِنْ زَادَ التَّكْرِيرُ دِرْهَمٌ وَبِقَوْلِهِ) لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ ثَلَاثَةٌ) لِاقْتِضَاءِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَرْعٌ قَوْلُهُ دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ كَأَلْفٍ فِي الْعَبْدِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَذَا التَّشْبِيهُ لَا يُطَابِقُ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي فِي التَّهْذِيبِ لَوْ قَالَ لَهُ دِرْهَمٌ فِي هَذَا الدِّينَارِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَلْفٌ فِي هَذَا الْعَبْدِ، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ فِي دِينَارٍ لِي إلَّا أَنْ يُرِيدَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِينَارٌ فَيَلْزَمُهُ كِلَاهُمَا نَعَمْ كَانَ الرَّافِعِيُّ تَابَعَ الْإِمَامَ فَإِنَّهُ قَالَ هُوَ كَالْعَبْدِ فِيمَا سَبَقَ إلَّا فِي الْجِنَايَةِ فَإِنَّهَا لَا تُتَصَوَّرُ هُنَا، وَكَذَا قَالَ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ قَالَ الْمُقِرّ لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ أَوْ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ نِصْفُهَا] (قَوْلُهُ فَإِقْرَارٌ عَلَى الْأَبِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَائِزًا، وَكَذَّبَهُ الْبَاقُونَ لَمْ يَغْرَمْ إلَّا بِالْحِصَّةِ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمَطْلَبِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ هُنَا بِمَا يَعُمُّ الْمِيرَاثَ، وَأَمْكَنَ قُبِلَ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ الْقَاضِي الْفَرْقَ إلَخْ) وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمَطْلَبِ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ عَلَى أَبِيهِ بِالْأَلْفِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ لَهُ بِوَصِيَّةٍ أَوْ بِرَهْنٍ عَلَى دَيْنِ الْغَيْرِ كَقَوْلِهِ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ، وَأَجَابَ بِمَا لَا مُقْنِعَ فِيهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَخْتَصُّ بِالثُّلُثِ، وَقَوْلُهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي يَعُمُّ جَمِيعَ الْمَالِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَخْتَصُّ بِالثُّلُثِ، وَقَوْلُهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي يَعُمُّ الْكُلَّ، وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِاقْتِضَاءِ لَفْظِ الْمُقِرِّ كُلَّ الْمِيرَاثِ الشَّامِلِ لِكُلِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْأَبِ، وَهُوَ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ رَهْنًا بِدَيْنِ الْغَيْرِ، وَأَيْضًا لَيْسَ فِي كَلَامِهِ، وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ فِي ذِمَّةِ الْأَبِ، وَقَدْ يُقْصَدُ تَعَلُّقُهُ بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ إذْ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ هُنَا. اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ لَا يُضِيفُونَ إلَى أَنْفُسِهِمْ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ الِانْتِقَالَ وَالتَّعَلُّقَ حُكْمَانِ شَرْعِيَّانِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُقِرِّ حَيْثُ أَضَافَ الْمِيرَاثَ إلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ اسْتَقَلَّ بِهِ وَصَارَ مِثْلَ الْمُوَرَّثِ فِيهِ لَا تَعَلُّقَ لِأَحَدٍ بِهِ فَيُنَاقِضُهُ إثْبَاتُ التَّعَلُّقِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ التَّكْرِيرُ) أَيْ أَلْفَ مَرَّةٍ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ التَّأْكِيدِ وَسَوَاءٌ كَرَّرَهُ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ الْغَزِّيِّ: وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَرُدُّ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الطَّلَاقِ أَنَّ التَّأْكِيدَ لَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ. اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ أَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ فَيَلِيقُ بِهِ التَّكْرَارُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 الْعَطْفِ التَّغَايُرَ (فَإِنْ أَكَّدَ الثَّانِيَ بِالثَّالِثِ فَدِرْهَمَانِ) يَلْزَمَانِهِ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (لَا إنْ قَالَ أَرَدْت) بِالثَّانِي أَوْ بِالثَّالِثِ (تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ لِعَدَمِ اتِّفَاقِ اللَّفْظَيْنِ فِيهِمَا وَتَخَلُّلِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ، وَهَاتَانِ دَاخِلَتَانِ كَحَالَةِ الْإِطْلَاقِ وَحَالَةِ إرَادَةِ الِاسْتِئْنَافِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ فَلَا حَاجَةَ لِإِفْرَادِهِمَا بِالذِّكْرِ (وَالْعَطْفُ بِثُمَّ كَالْوَاوِ) فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِاخْتِلَافِ حَرْفِ الْعَطْفِ (وَمَتَى قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ مَعَ) دِرْهَمٍ (أَوْ فَوْقَ) دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ لِي أَوْ مَعَهُ (دِرْهَمٌ) أَوْ فَوْقَهُ دِرْهَمٌ أَوْ تَحْتَهُ دِرْهَمٌ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (دِرْهَمٌ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُرِيدُ مَعَ أَوْ فَوْقَ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ لِي أَوْ مَعَهُ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ دِرْهَمٌ لِي أَوْ يُرِيدُ فَوْقَهُ فِي الْجَوْدَةِ وَتَحْتَهُ فِي الرَّدَاءَةِ وَمَعَهُ فِي أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ لِمَا يَأْتِي (أَوْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ قَبْلَ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمَانِ) يَلْزَمَانِهِ لِاقْتِضَاءِ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ الْمُغَايَرَةَ وَتَعَذُّرِ التَّأْكِيدِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْفَوْقِيَّةِ وَالتَّحْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ بِأَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ إلَى الْمَكَانِ فَيَتَّصِفُ بِهِمَا نَفْسُ الدِّرْهَمِ وَالْقَبْلِيَّةُ وَالْبَعْدِيَّةُ تَرْجِعَانِ إلَى الزَّمَانِ وَلَا يَتَّصِفُ بِهِمَا نَفْسُ الدِّرْهَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ وَلَيْسَ إلَّا الْوُجُوبُ عَلَيْهِ، وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُمَا تَرْجِعَانِ إلَى الرُّتْبَةِ وَغَيْرِهَا أَيْضًا وَلَوْ سُلِّمَ فَلَا يَلْزَمُ رُجُوعُهُمَا إلَى الْوُجُوبِ فَقَدْ يُرِيدُ دِرْهَمًا مَضْرُوبًا قَبْلَ دِرْهَمٍ وَنَحْوَهُ وَلَوْ سُلِّمَ فَقَدْ يُرِيدُ لِزَيْدٍ دِرْهَمٌ قَبْلَ وُجُوبِ دِرْهَمٍ لِغَيْرِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَبْلَ وَبَعْدَ صَرِيحَانِ أَوْ ظَاهِرَانِ فِي الزَّمَانِ فَالْحَمْلُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمَرْتَبَةِ وَغَيْرِهَا بَعِيدٌ، وَالْحَمْلُ عَلَى غَيْرِ الْوَاجِبِ مُنَافٍ لِعَلَيَّ الْمَوْضُوعَةِ لِلِالْتِزَامِ وَاحْتِمَالُ إرَادَةِ قَبْلَ وُجُوبَ دِرْهَمٍ لِغَيْرِهِ مُنَافٍ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ لَهُ وَلَيْسَ كُلُّ احْتِمَالٍ مَقْبُولًا. (وَمَتَى قَالَ) لَهُ (عَلَيَّ) أَوْ عِنْدِي (دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ فَقَفِيرُ حِنْطَةٍ وَجَبَ) عَلَيْهِ (دِرْهَمٌ) فَقَطْ (إنْ لَمْ يُرِدْ) بِالْفَاءِ (الْعَطْفَ) ؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي لِغَيْرِهِ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ يَقَعُ طَلْقَتَانِ وَفَرَّقُوا بِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي أَوْ أَجْوَدُ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ لَا يَنْقَدِحُ فِي الطَّلَاقِ وَبِأَنَّ الْإِنْشَاءَ أَقْوَى، وَأَسْرَعُ نُفُوذًا وَلِهَذَا يَتَعَدَّدُ بِالتَّلَفُّظِ بِهِ فِي يَوْمَيْنِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ، وَاعْتَرَضَ الرَّافِعِيُّ الْفَرْقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ فَطَالِقٌ مَهْجُورَةٌ أَوْ لَا تُرَاجَعْ أَوْ خَيْرٌ مِنْك أَوْ نَحْوَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ صَرْفٌ لِلصَّرِيحِ عَنْ مُقْتَضَاهُ أَمَّا إذَا أَرَادَ بِالْفَاءِ الْعَطْفَ فَيَلْزَمُهُ فِي الْأُولَى دِرْهَمَانِ وَفِي الثَّانِيَةِ دِرْهَمٌ، وَقَفِيرُ حِنْطَةٍ كَمَا فِي الْعَطْفِ بِالْوَاوِ (وَفِي) قَوْلِهِ (بِعْتُك بِدِرْهَمٍ فَدِرْهَمُ الثَّمَنِ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ) وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ يُمْكِنُ أَنْ يَعْقُبَ بَعْضُهُ بَعْضًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ إذْ الشَّيْءُ إذَا بِيعَ بِدِرْهَمٍ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِدِرْهَمٍ آخَرَ قَالَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك بِدِرْهَمٍ ثُمَّ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ وَنَحْنُ نَلْتَزِمُهُ بِخِلَافِ دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ لِدَلَالَةِ الْوَاوِ عَلَى الْجَمْعِ بِلَا تَرْتِيبٍ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ لَا بَلْ) أَوْ لَكِنْ (دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ) يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ الِاسْتِدْرَاكَ فَيَذْكُرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَيُعِيدُ الْأَوَّلَ أَوْ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ (أَوْ لَا بَلْ) أَوْ لَكِنْ (دِرْهَمَانِ فَدِرْهَمَانِ) يَلْزَمَانِهِ لِتَعَذُّرِ نَفْيِ مَا قَبْلَ بَلْ أَوْ لَكِنْ لِاشْتِمَالِ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ نَفْيُ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا قَبْلَهَا، وَإِثْبَاتُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ وَاسْتَشْكَلَهُ بِأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ حَيْثُ تَقَعُ الثَّلَاثُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ فَإِذَا أَنْشَأَ طَلْقَةً ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْهَا إلَى إنْشَاءِ طَلْقَتَيْنِ لَا يُمْكِنُ إنْشَاءُ إعَادَةِ الْأُولَى مَعَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ مُحَالٌ، وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ فَإِذَا أَخْبَرَ بِالْبَعْضِ ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْ الْإِخْبَارِ بِهِ إلَى إخْبَارٍ بِالْكُلِّ جَازَ دُخُولُ الْبَعْضِ فِي الْكُلِّ هَذَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الدِّرْهَمَيْنِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْجِنْسُ (فَإِنْ عَيَّنَهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ مِثْلُ) قَوْلِهِ (لَهُ عِنْدِي هَذَا) الدِّرْهَمُ (بَلْ هَذَانِ) الدِّرْهَمَانِ (أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ فَالْكُلُّ) يَلْزَمُهُ لِعَدَمِ دُخُولِ مَا قَبْلَ بَلْ فِيمَا بَعْدَهَا وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ وَكَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ اخْتِلَافُ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ (أَوْ) قَالَ لَهُ عِنْدِي (عَشَرَةٌ بَلْ تِسْعَةٌ فَعَشَرَةٌ) تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الْأَكْثَرِ لَا يُقْبَلُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَقَلُّ (أَوْ) لَهُ عِنْدِي (دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ) أَوْ لَا بَلْ دِرْهَمٌ (فَدِرْهَمَانِ) تَلْزَمَانِهِ (أَوْ) قَالَ (دِرْهَمٌ وَدِرْهَمَانِ أَوْ) قَالَ (قَفِيزٌ، وَقَفِيزَانِ) أَوْ دِينَارٌ بَلْ دِينَارَانِ بَلْ ثَلَاثَةٌ (فَثَلَاثَةٌ) مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْأَقْفِزَةِ وَالدَّنَانِيرِ تَلْزَمُهُ وَلَوْ قَالَ دِينَارٌ بَلْ دِينَارَانِ بَلْ قَفِيزٌ بَلْ قَفِيزَانِ لَزِمَهُ دِينَارَانِ، وَقَفِيزَانِ وَلَوْ قَالَ دِينَارٌ وَدِينَارَانِ بَلْ   [حاشية الرملي الكبير] لِتَوَهُّمِ عَدَمِ السَّمَاعِ لِذُهُولٍ أَوْ بُعْدٍ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ إنْشَاءٌ فس يُرَدُّ بِأَنَّ التَّأْكِيدَ فِي الطَّلَاقِ أَكْثَرُ فَإِنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ التَّخْوِيفُ وَالتَّهْدِيدُ؛ وَلِأَنَّهُ يُؤَكَّدُ بِالْمَصْدَرِ فَيُقَالُ هِيَ طَالِقٌ طَلَاقًا وَالْإِقْرَارُ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَمْلُ عَلَى غَيْرِ الْوَاجِبِ مُنَافٍ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِالْمَضْرُوبِ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كُلُّ احْتِمَالٍ مَقْبُولًا) فَإِنَّ اللَّفْظَ الظَّاهِرَ مَعْمُولٌ بِهِ عَلَى حُكْمِ ظُهُورِهِ كَمَا قَالَ لَهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ، وَأَقَرَّهُ) ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَمَنْعُ الْبُلْقِينِيِّ مَمْنُوعٌ وَمِثْلُ الْفَاءِ ثُمَّ، قَالَ فِي الْخَادِمِ وَمِنْ هُنَا صَارَ الْعَبَّادِيُّ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّرْتِيبِ بَلْ لِلْجَمْعِ؛ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ لَا تَرْتِيبَ فِيهِ. (قَوْلُهُ إذْ الشَّيْءُ إذَا بِيعَ بِدِرْهَمٍ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِدِرْهَمٍ آخَرَ) قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ إلْحَاقُ الدِّرْهَمِ الثَّانِي بِهِ فِي زَمَنِ خِيَارٍ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك بِدِرْهَمٍ ثُمَّ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَبِلَ الْبَيْعُ لُحُوقَ زِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ فِي زَمَنِ خِيَارِ فَلَأَنْ يَقْبَلَ لُحُوقَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ بِالْأَوْلَى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 قَفِيزٌ، وَقَفِيزَانِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ وَثَلَاثَةُ أَقْفِزَةٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ. (فَصْلٌ: لَا يَتَعَدَّدُ) الْمُقَرُّ بِهِ (بِالتَّكْرَارِ) لِلْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَتَعَدُّدُهُ لَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْمُخْبَرِ عَنْهُ إلَّا إذَا عَرَضَ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ (فَالْإِقْرَارُ أَمْسِ بِأَلْفٍ وَالْيَوْمَ بِأَلْفٍ يُوجِبُ أَلْفًا) فَقَطْ (، وَإِنْ كَتَبَ بِكُلٍّ) مِنْهُمَا (صَكًّا) ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ (فَإِنْ عَزَا) أَيْ نَسَبَ (كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْإِقْرَارَيْنِ (لَا أَحَدَهُمَا إلَى سَبَبٍ) كَأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ، وَأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ جَارِيَةٍ (أَوْ وَصْفٍ) كَأَلْفٍ صِحَاحٍ، وَأَلْفٍ مُكَسَّرَةٍ أَوْ أَلْفٍ حَالَّةٍ، وَأَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ (تَعَدَّدَ) الْمُقَرُّ بِهِ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَزَا أَحَدَهُمَا إلَى ذَلِكَ لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ (وَإِنْ أَقَرَّ أَمْسِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَغَدًا) وَفِي نُسْخَةٍ وَغَدَهُ (بِأَلْفٍ دَخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ) ؛ لِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ أَلْفٌ يَصِحُّ أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّ عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ، وَمَنْ اقْتَرَضَ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ اقْتَرَضَ مِثْلَهَا يَصِحُّ إخْبَارُهُ بِالْأَلْفِ بَعْدَ إخْبَارِهِ بِالْخَمْسِمِائَةِ (فَإِنْ قَالَ طَلَّقْت) زَوْجَتِي (أَمْسِ وَطَلَّقْت) هَا (الْيَوْمَ أَوْ قَبَضْت مِنْك الْيَوْمَ) أَلْفًا (وَقَبَضْت) مِنْك (أَمْسِ) أَلْفًا (تَعَدَّدَ) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ) أَوْ بِغَصْبِهِ (أَمْسِ وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ) أَوْ بِغَصْبِهِ (الْيَوْمَ لُفِّقَتْ شَهَادَتُهُمَا) وَأُثْبِتَ الْأَلْفُ وَالْغَصْبُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُوجِبُ حَقًّا بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ ثَابِتٍ فَيُنْظَرُ إلَى الْمُخْبَرِ عَنْهُ، وَإِلَى اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُ (لَا إنْ اخْتَلَفَ الْوَصْفُ أَوْ السَّبَبُ) فِيهَا لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ لَكِنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُعَيِّنَ أَحَدَهُمَا وَيَسْتَأْنِفَ الدَّعْوَى بِهِ وَيَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ بِهِ وَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُمَا وَيَحْلِفَ مَعَ كُلٍّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (وَلَا تُلَفَّقُ) شَهَادَتُهُمَا (فِي الْإِنْشَاءِ كَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ وَالْقَرْضِ) كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ أَمْسِ أَوْ بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ غَدِهِ أَوْ بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ هُوَ إخْبَارًا حَتَّى يُنْظَرَ إلَى الْمَقْصُودِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ (وَنُلَفِّقُهَا فِي الْإِقْرَارِ) لَا إنْ اخْتَلَفَ الْوَصْفُ أَوْ السَّبَبُ كَمَا مَرَّ. (وَلَوْ أَقَرَّ يَوْمَ السَّبْتِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا طَلْقَةً وَيَوْمَ الْأَحَدِ) أَنَّهُ طَلَّقَهَا (طَلْقَتَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا طَلْقَتَانِ وَتُلَفَّقُ الشَّهَادَتَانِ) فِي الْإِقْرَارِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ اخْتَلَفَ اللُّغَتَانِ) كَأَنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِإِقْرَارِهِ بِأَلْفٍ بِالْعَرَبِيَّةِ وَآخَرُ بِإِقْرَارِهِ بِأَلْفٍ بِالْعَجَمِيَّةِ (لَا فِي الشَّهَادَةِ بِنَفْسِ الْقَذْفِ) كَأَنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَنَّهُ قَذَفَ يَوْمَ السَّبْتِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَآخَرُ أَنَّهُ قَذَفَ يَوْمَ الْأَحَدِ بِالْعَجَمِيَّةِ فَلَا تُلَفَّقُ الشَّهَادَتَانِ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ إنْشَاءٌ (وَلَا فِيمَا إذَا شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ يَوْمَ السَّبْتِ قَذَفَهُ أَوْ) أَنَّهُ (قَذَفَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَالْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ يَوْمَ الْأَحَدِ قَذَفَهُ أَوْ) أَنَّهُ (قَذَفَهُ بِالْعَجَمِيَّةِ) ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ التَّكْرَارِ كَمَا أَشَرْت إلَى بَعْضِهِ (وَلَا تُلَفَّقُ) لِذَلِكَ (شَهَادَتَا الْإِيفَاءِ وَالْإِبْرَاءِ) كَأَنْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ مِنْ غَرِيمِهِ وَآخَرُ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ نَعَمْ إنْ قَالَ الشَّاهِدُ بِالْإِبْرَاءِ أَرَدْت بِهِ الْإِيفَاءَ أَيْ إبْرَاءَهُ بِفِعْلِ الْإِيفَاءِ لُفِّقَتْ الشَّهَادَتَانِ، قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ (وَفِي تَلْفِيقِ شَهَادَتَيْ الْإِبْرَاءِ وَالْبَرَاءَةِ تَرَدُّدٌ) كَأَنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَهُ وَآخَرُ بِأَنَّهُ بَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ أَصْلِهِ أَنْ يَقُولَ شَهَادَتَيْ الْإِيفَاءِ وَالْبَرَاءَةِ ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِهِ تَرْجِيحُ التَّلْفِيقِ حَيْثُ قَالَ وَالْعِبَارَةُ لِلرَّافِعِيِّ: قَالَ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ تُلَفَّقُ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الْبَرَاءَةِ إلَى الْمَدْيُونِ عِبَارَةٌ عَنْ إيفَائِهِ وَقِيلَ بِخِلَافِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ الْبَرَاءَةِ بِمَعْنَى الْإِيفَاءِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِبْرَاءِ وَالْبَرَاءَةِ عَيْنُ الْإِيفَاءِ وَالْبَرَاءَةِ، فَيَلْزَمُ عَلَى تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْإِبْرَاءِ بَدَلَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ لَا يَتَعَدَّدُ الْمُقَرُّ بِهِ بِالتَّكْرَارِ لِلْإِقْرَارِ] قَوْلُهُ فَالْإِقْرَارُ أَمْسِ بِأَلْفٍ وَالْيَوْمَ بِأَلْفٍ يُوجِبُ أَلْفًا فَقَطْ) ، وَهَذَا يَنْقُضُ قَاعِدَةَ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى قَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا صِرْنَا لِمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ اُعْتُضِدَ هُنَا بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ عَمَّا زَادَ عَلَى الشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ إمَامِنَا (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ) يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَمَّا إذَا كَانَ الْمُقَيَّدُ لَا يَقْتَضِي نَقْصًا أَمَّا إذَا اقْتَضَاهُ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ قَالَ إنَّهَا طَبَرِيَّةٌ أَوْ مَغْشُوشَةٌ أَوْ عَدَدِيَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ إلَخْ) حَيْثُ تَطَابَقَ الشَّهَادَتَانِ لَفْظًا وَمَعْنًى وَمَحَلًّا سُمِعَتْ، وَلُفِّقَتْ وَحَيْثُ لَا فَلَا وَحَيْثُ تَطَابَقَا فِي الْمَعْنَى وَتَخَالَفَا فِي اللَّفْظِ سُمِعَتْ أَيْضًا وَلُفِّقَتْ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ) ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْوَصْفِ أَوْ السَّبَبِ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمَوْصُوفِ وَالْمُسَبَّبِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُلَفَّقُ فِي الْإِنْشَاءِ كَالْبَيْعِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ ادَّعَى أَلْفًا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ضَمِنَ أَلْفًا وَالْآخَرُ أَنَّهُ ضَمِنَ خَمْسَمِائَةٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَفِي ثُبُوتِ خَمْسِمِائَةٍ قَوْلَانِ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ التَّخْرِيجِ فِي الْإِنْشَاءَاتِ أَوْ هُوَ هُوَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَمَا ذَكَرَهُ مَرْدُودٌ فَإِنَّ مَنْ ضَمِنَ أَلْفًا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ ضَمِنَ خَمْسَمِائَةٍ قَطْعًا وَيُصَدَّقُ أَيْضًا إطْلَاقُ لَفْظِ ضَمِنَ مَا دَامَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِأَلْفٍ، وَأَقَرَّ آخَرُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّ الْخَمْسَمِائَةِ تَثْبُتُ. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوَسُّطِ بِأَنَّ دَعْوَاهُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ مَرْدُودٌ وَغَيْرُ صَحِيحٍ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ نَاقِلٌ، وَهُوَ الثِّقَةُ وَالثَّانِي أَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ هُوَ التَّخْرِيجُ فِي الْإِنْشَاءَاتِ، وَهُوَ هُوَ بِلَا شَكٍّ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ ظَاهِرٌ فِيهِ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْحَامِلُ لَهُ عَلَى هَذَا الْإِيرَادِ الْعَجِيبِ إمَّا عَدَمُ تَأَمُّلٍ أَوْ عَدَمُ فَهْمٍ فَإِنَّ الضَّمَانَ مِنْ قَبِيلِ الْإِنْشَاءِ قَطْعًا فَيَأْتِي فِيهِ التَّخْرِيجُ، وَقَوْلُهُ مَنْ ضَمِنَ أَلْفًا ضَمِنَ خَمْسَمِائَةٍ يُقَالُ أَيْضًا فِي الْخُلْعِ وَالصَّدَاقِ وَسَائِرِ الْإِنْشَاءَاتِ؛ لِأَنَّ مَنْ شَهِدَ بِالْأَكْثَرِ شَهِدَ بِالْأَقَلِّ. اهـ. وَقَوْلُهُ يُقَالُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْعَبَّادِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ عَلَى تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْإِبْرَاءِ بَدَلَ الْإِيفَاءِ تَكْرَارٌ مَحْضٌ) لَا تَكْرَارٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّرَدُّدَ جَارٍ فِي تَلْفِيقِ شَهَادَتَيْ الْإِبْرَاءِ وَالْبَرَاءَةِ وَالْإِيفَاءِ وَالْبَرَاءَةِ وَالرَّاجِحُ فِيهِمَا التَّلْفِيقُ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ الْقَاصِّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ: وَلَوْ جَاءَ بِصَكٍّ فِيهِ إقْرَارٌ، وَأَتَى الْمُقِرُّ بِصَكٍّ فِيهِ إبْرَاءٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَارِيخٌ أَوْ تَارِيخُهُمَا وَاحِدٌ أَوْ تَارِيخُ الْبَرَاءَةِ مُتَأَخِّرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ تَارِيخُ الْإِقْرَارِ مُتَأَخِّرًا لَزِمَ، قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلْيَكُنْ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّكَّيْنِ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ، وَإِلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 الْإِيفَاءِ تَكْرَارٌ مَحْضٌ. (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى ثَلَاثِينَ فَشَهِدَ) لَهُ (وَاحِدٌ بِهَا وَآخَرُ بِعِشْرِينَ ثَبَتَتْ الْعِشْرُونَ وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ) الشَّاهِدِ (الْأَوَّلِ فَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى بِعِشْرِينَ فَشَهِدَ) لَهُ وَاحِدٌ بِهَا وَآخَرُ (بِثَلَاثِينَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فِي الْعَشَرَةِ) ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ (فَلَوْ أَعَادَهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ (بِعَشَرَةٍ) بَعْدَ الدَّعْوَى بِهَا وَالِاسْتِشْهَادِ (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (وَإِنْ ادَّعَاهَا) الْمُدَّعِي (فِي الْمَجْلِسِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا. [فَرْعٌ لَهُ مَسْطُورٌ بِإِقْرَارٍ بِأَلْفَيْنِ اسْتَوْفَى أَلْفًا وَادَّعَى الْآخَرَ فَكَيْفَ يَشْهَدُ الشُّهُودُ] (فَرْعٌ) لَهُ مَسْطُورٌ بِإِقْرَارٍ بِأَلْفَيْنِ اسْتَوْفَى أَلْفًا وَادَّعَى الْآخَرَ فَكَيْفَ يَشْهَدُ الشُّهُودُ، وَهُمْ شَهِدُوا بِالْإِقْرَارِ بِالْجَمْعِ فَقِيلَ يَشْهَدُونَ بِأَلْفٍ مِنْ أَلْفَيْنِ وَقِيلَ بِإِقْرَارِهِ بِأَلْفٍ مِنْ أَلْفَيْنِ لَا بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ شَهِدُوا بِهِمَا بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ وَفِي الْبَاقِي قَوْلَا تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا كُلُّهُ خَبْطٌ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ عَيْنَ الْحَقِّ بَلْ طَرِيقٌ إلَيْهِ وَتُسْمَعُ الشَّهَادَةُ بِهِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ الدَّعْوَى بِالْإِقْرَارِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا إنْ أَفْرَدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَشْهُورِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَشْهَدُونَ بِمَا سَمِعُوهُ وَالْحَاكِمُ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ؛ لِأَنَّهَا تَنْفَعُ فِي الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ وَيُرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَلَيْسَ الشَّهَادَةُ بِالْأَلْفَيْنِ شَهَادَةً قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَسْأَلُهُمْ الشَّهَادَةَ بِمَا جَرَى لِكَوْنِهِ طَرِيقًا فِي إثْبَاتِ دَعْوَاهُ وَلَا يَسْأَلُهُمْ الشَّهَادَةَ بِمَا ادَّعَاهُ وَلَوْ سَأَلَهُمْ ذَلِكَ لَمْ يَلْتَفِتُوا إلَيْهِ بَلْ يُعْرِضُونَ عَنْهُ إلَى أَنْ يَسْأَلَهُمْ سُؤَالًا صَحِيحًا وَلَقَدْ كُنْت أَسْمَعُ بَعْضَ الْحُكَّامِ يَقُولُ لِلشَّاهِدِ اشْهَدْ بِمَا ادَّعَاهُ، وَهَذِهِ غَفْلَةٌ صَادِرَةٌ عَنْ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ دُونَ أَسْرَارِهِ. (مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ) لَوْ (قَالَ: مَا يُنْسَبُ إلَيَّ أَوْ مَا فِي يَدِي لِزَيْدٍ ثُمَّ قَالَ) ، وَقَدْ نَازَعَهُ زَيْدٌ فِي عَيْنٍ هَلْ كَانَتْ فِي يَدِهِ حِينَئِذٍ (لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْعَيْنُ فِي يَدِي صُدِّقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ) وَعَلَى الْمُقَرِّ لَهُ الْبَيِّنَةُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَيْسَ لِي مِمَّا فِي يَدِي إلَّا أَلْفُ وَبَاقِيهِ لِزَيْدٍ وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ فِيمَا يَظْهَرُ نَعَمْ لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ وَمَا فِيهَا لِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ وَتَنَازَعَ وَارِثُهُ وَالْمُقَرُّ لَهُ فِي بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ فَقَالَ الْوَارِثُ لَمْ يَكُنْ هَذَا فِي الدَّارِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ وَعَاكَسَهُ الْمُقَرُّ لَهُ صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا وَبِمَا فِيهَا وَوَجَدْنَا الْمَتَاعَ فِيهَا فَالظَّاهِرُ وُجُودُهُ فِيهَا يَوْمَ الْإِقْرَارِ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ وَكَالْوَارِثِ فِي هَذَا الْمُقِرُّ (وَإِنْ قَالَ زَيْدٌ لَا حَقَّ لِي فِيمَا فِي يَدِ عَمْرٍو ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ) ، وَقَدْ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ عَمْرٍو (لَمْ أَعْلَمْ كَوْنَ هَذِهِ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ حِينَ الْإِقْرَارِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ (وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ لَزِمَهُ أَحَدُهُمَا وَطُولِبَ بِالتَّعْيِينِ) ؛ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِالْإِقْرَارِ، وَأَبْهَمَ الْمُقَرَّ بِهِ فَيَلْزَمُهُ تَعْيِينُهُ (وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ عَلَى زَيْدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِلشَّكِّ فِي الْإِخْبَارِ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَوْ لَا) بِإِسْكَانِ الْوَاوِ (عَلَى سَبِيلِ الْإِقْرَارِ لَمْ تَطْلُقْ) لِذَلِكَ (أَوْ) عَلَى سَبِيلِ (الْإِنْشَاءِ طَلُقَتْ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِق طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْهَرَوِيُّ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْإِخْبَارِ حَتَّى لَا يَقَعَ لِلشَّكِّ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ، قَالَ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ مُنْقَاسٌ (أَوْ) قَالَ (لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو) عَلَيَّ (أَلْفُ دِينَارٍ لَزِمَتْهُ الدَّرَاهِمُ فَقَطْ) وَكَلَامُهُ الْآخَرُ لِلتَّأْكِيدِ أَيْ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ إنَّمَا يُذْكَرُ فِي مَعْرِضِ النَّذْرِ غَالِبًا (وَإِنْ أَقَرَّ لِابْنِهِ) ، وَإِنْ نَزَلَ (بِعَيْنٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ) فِيهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُ الْهِبَةَ فَنَزَلَ الْإِقْرَارُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ الْمِلْكَيْنِ كَمَا يَنْزِلُ عَلَى أَقَلِّ الْمِقْدَارَيْنِ، وَتَرْجِيحُ مَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَدْ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَفِيهَا أَنَّ الْأُمَّ وَالْجَدَّةَ فِي ذَلِكَ كَالْأَبِ. (وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] فَالْحُكْمُ بِالْكِتَابِ الْمُجَرَّدِ مُسْتَبْعَدٌ، وَكَذِبٌ أَيْضًا أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِ زَيْدٍ لَهُ بِدَيْنٍ فَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا وَتَارِيخُهُمَا وَاحِدٌ بِأَنَّا نَحْكُمُ بِبَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِهَا الشَّغْلُ وَشَكَّكْنَا فِي رَفْعِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ثُمَّ اسْتَدَلَّ لَهُ، وَقَوْلُهُ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ ادَّعَى ثَلَاثِينَ فَشَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ بِهَا وَآخَرُ بِعِشْرِينَ] (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا كُلُّهُ خَبْطٌ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَهَذِهِ غَفْلَةٌ صَادِرَةٌ عَنْ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ دُونَ أَسْرَارِهِ) قَالَ فِي الْمَيْدَانِ وَيَخْرُجُ مِمَّا تَقَدَّمَ آنِفًا أَنَّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْأَلْفِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِأَلْفَيْنِ فَقَدْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ كَمَا أَنَّ مَنْ أَقْرَضَ أَلْفَيْنِ فَقَدْ أَقْرَضَ أَلْفًا سِيَّمَا إذَا جَوَّزْنَا لِمَنْ سَمِعَ الْإِقْرَارَ أَنْ يَشْهَدَ بِالِاسْتِحْقَاقِ كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. [مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْإِقْرَار] (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ زَيْدٌ لَا حَقَّ لِي فِيمَا فِي يَدِ عَمْرٍو إلَخْ) لَوْ اسْتَأْجَرَ عَيْنًا وَسَلَّمَ الْأُجْرَةَ، وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ثُمَّ بَانَ فَسَادُ الْإِجَارَةِ فَلَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ، وَلَا يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّهُ أَشْهَدَ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ، وَإِقْدَامُهُ عَلَى الْإِجَارَةِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى اعْتِقَادِهِ صِحَّتَهَا فَيَكُونُ بِحَقٍّ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِبُطْلَانِهَا أَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا) بِإِسْكَانِ الْوَاوِ عَلَى سَبِيلِ الْإِقْرَارِ لَمْ تَطْلُقْ لِكَوْنِهِ شَاكًّا فِي ثُبُوتِ الْإِقْرَارِ وَسُقُوطِهِ وَالْإِقْرَارُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ بِالْيَقِينِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْهَرَوِيُّ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ مُنْقَاسٌ) هَذَا بَنَاهُ الْهَرَوِيُّ عَلَى اعْتِقَادِهِ السَّابِقِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ مُعْسِرٌ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ مَالًا، وَقُلْنَا يُسْتَفْسَرُ فَإِنْ فَسَّرَ بِالتَّأْجِيلِ صَحَّ أَوْ بِالتَّعْلِيقِ لَغَا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَفْسِرَهُ فَلَا يُحْكَمُ بِالْوُجُوبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ صَاحِبَ الْعُدَّةِ قَالَ إنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ يَكُونُ إقْرَارًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُنْقَاسُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْإِنْشَاءِ حَمْلٌ عَلَى التَّأْسِيسِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الْإِلْغَاءِ وَالْإِبْطَالِ ت (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِابْنِهِ، وَإِنْ نَزَلَ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ رَشِيدًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَنْزِلُ عَلَى أَقَلِّ الْمِقْدَارَيْنِ) ، وَأَصْلُ بَقَاءِ مِلْكِ الِابْنِ عَارَضَهُ أَصْلُ بَقَاءِ تَصَرُّفِ الْمُقِرِّ وَعَدَمُ انْقِطَاعِ سَلْطَنَتِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ) وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْهَرَوِيُّ رَجَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَأَفْتَى بِهِ وَعِبَارَتُهُ إنْ كَانَ قَدْ أَسْنَدَ الْمِلْكَ فِي إقْرَارِهِ إلَى الْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ مَعَهَا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ كَانَ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ فِيهَا فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ فَإِذَا حَلَفَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ تَنَازَعَا فِي الْجِهَةِ صُدِّقَ الْأَصْلُ بِيَمِينِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 زَيْدٍ ثُمَّ خَصَّصَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ) كَانَ لَهُ إنَّمَا أَرَدْت فِي عِمَامَتِهِ، وَقَمِيصِهِ لَا فِي دَارِهِ وَبُسْتَانِهِ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ (وَ) لَكِنْ (لَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ (مَا عَلِمَهُ قَصَدَ ذَلِكَ) وَيُفَارِقُ قَبُولَ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ لَا حَقَّ لِي السَّابِقَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ فَدَعْوَاهُ لَهُ ثَمَّ مُوَافَقَةٌ لِلْأَصْلِ وَبِأَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ غَالِبٌ عَلَى الْإِنْسَانِ كَالنِّسْيَانِ، وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى نِسْيَانِ عَيْنٍ بِقَبُولِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِالْإِرَادَةِ فِي ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ بِلَا قَرِينَةٍ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ قَالَ أَرَدْت بَعْضَهُنَّ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا بِلَا قَرِينَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ إنَّمَا لَمْ يَجْرِ ذَلِكَ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ الْعَامَّ فِيهَا نَصٌّ فِي إفْرَادِهِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ لَا النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ بِخِلَافِهِ فِي تَيْنِكَ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ؛ وَلِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا لِمَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِخِلَافِهِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى قَوْلِ الْهَرَوِيِّ الْقِيَاسُ قَبُولُ قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّمَا هُوَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، وَأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ لَا حَقَّ لِي وَنَحْوِهَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِإِقَامَتِهَا، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ بَلْ هُوَ مُقْتَضَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُرَابَحَةِ وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِمَا قَدَّمْته آنِفًا، وَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لِتَكْذِيبِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَهَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّعِي تَأْوِيلًا ظَاهِرًا كَإِرَادَةِ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَالْإِشْهَادِ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ وَالْجَهْلِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ وَلَوْ مَعَ دَعْوَى ظُهُورِ مُسْتَنَدٍ يَشْهَدُ لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا لِلتَّحْلِيفِ هَكَذَا فُهِمَ. (وَإِنْ أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ كَوَزْنِ هَذِهِ الصَّنْجَةِ دَرَاهِمَ، وَقَدْرِ مَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ صَحَّ) وَيُرْجَعُ إلَى مَا أَحَالَ عَلَيْهِ (وَكَقَوْلِهِ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا نِصْفَ مَا لِعَمْرٍو) عَلَيَّ (وَلِعَمْرٍو عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا ثُلُثَ مَا لِزَيْدٍ) عَلَيَّ (فَلِزَيْدٍ سِتُّمِائَةٍ وَلِعَمْرٍو ثَمَانِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ إلَّا نِصْفَ ثَمَانِمِائَةٍ وَثَمَانِمِائَةِ أَلْفٍ إلَّا ثُلُثَ سِتُّمِائَةٍ) وَذَكَرَ الْأَصْلُ لِذَلِكَ ثَلَاثَةَ طُرُقٍ أَوَّلُهَا أَنْ تَفْرِضَ لِزَيْدٍ شَيْئًا وَتَقُولَ لِعَمْرٍو أَلْفٌ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ فَتُسْقِطُ نِصْفَهُ مِنْ أَلْفِ زَيْدٍ يَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ وَسُدُسُ شَيْءٍ يَعْدِلُ الشَّيْءَ تُسْقِطُ سُدُسَ شَيْءٍ بِمِثْلِهِ تَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تَعْدِلُ خَمْسَمِائَةٍ فَالشَّيْءُ سِتُّمِائَةٍ، وَهُوَ مَا لِزَيْدٍ وَلِعَمْرٍو ثَمَانِمِائَةٍ ثَانِيهَا: أَنْ تَفْرِضَ لِزَيْدٍ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ لِاسْتِثْنَائِهِ الثُّلُثَ مِمَّا لَهُ وَتُسْقِطَ ثُلُثَهَا مِنْ أَلْفِ عَمْرٍو يَصِيرُ أَلْفًا إلَّا شَيْئًا ثُمَّ تُزِيدُ نِصْفَهُ عَلَى مَا فُرِضَ لِزَيْدٍ يَصِيرُ مَعَهُ خَمْسُمِائَةٍ وَشَيْئَانِ وَنِصْفُ شَيْءٍ يَعْدِلُ أَلْفًا فَتَسْقُطُ خَمْسُمِائَةٍ بِمِثْلِهَا تَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ مِائَتَانِ فَلِزَيْدٍ سِتُّمِائَةٍ. وَلَك أَنْ تَقُولَ أَخْذًا مِنْ الطَّرِيقِ السَّابِقِ بَعْدَ قَوْلِهِمْ يَصِيرُ أَلْفًا إلَّا شَيْئًا ثُمَّ تُسْقِطُ نِصْفَهَا خَمْسَمِائَةٍ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ مِنْ أَلْفِ زَيْدٍ يَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ وَنِصْفُ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ الْمَفْرُوضَ فَتُسْقِطُ نِصْفَ شَيْءٍ بِمِثْلِهِ يَبْقَى شَيْئَانِ وَنِصْفُ شَيْءٍ يَعْدِلُ خَمْسَمِائَةٍ فَالشَّيْءُ مِائَتَانِ فَلِزَيْدٍ سِتُّمِائَةٍ. ثَالِثُهَا: أَنْ تَضْرِبَ مَخْرَجَ النِّصْفِ فِي مَخْرَجِ الثُّلُثِ يَكُونُ سِتَّةً فَتُنْقِصُ مِنْهَا الْحَاصِلَ مِنْ ضَرْبِ أَحَدِ الْجُزْأَيْنِ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ وَاحِدٌ يَبْقَى خَمْسَةٌ تُسَمِّيهَا الْمَقْسُومَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَضْرِبُ مَا يَبْقَى مِنْ مَخْرَجِ كُلٍّ بَعْدَ إسْقَاطِ جُزْئِهِ فِي مَخْرَجِ الْآخَرِ فَيَبْقَى مِنْ مَخْرَجِ النِّصْفِ وَاحِدٌ تَضْرِبُهُ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ تَضْرِبُهَا فِي الْأَلْفِ تَحْصُلُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ تَقْسِمُهَا عَلَى الْخَمْسَةِ يَخْرُجُ سِتُّمِائَةٍ، وَهِيَ مَا لِزَيْدٍ وَيَبْقَى مِنْ مَخْرَجِ الثُّلُثِ اثْنَانِ تَضْرِبُهُمَا فِي مَخْرَجِ النِّصْفِ بِأَرْبَعَةٍ تَضْرِبُهَا فِي الْأَلْفِ تَحْصُلُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ تَقْسِمُهَا عَلَى الْخَمْسَةِ تَخْرُجُ ثَمَانِمِائَةٍ، وَهِيَ مَا لِعَمْرٍو (وَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثُلُثَيْ مَا لِعَمْرٍو) عَلَيَّ (وَلِعَمْرٍو) عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ مَا لِزَيْدٍ) عَلَيَّ (فَلِزَيْدٍ سِتَّةٌ وَثُلُثَا وَاحِدٍ وَلِعَمْرٍو خَمْسَةٌ) . وَطَرِيقُهُ بِالثَّالِثِ أَنْ تَضْرِبَ الْمَخْرَجَ فِي الْمَخْرَجِ يَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ تَضْرِبَ أَحَدَ الْجُزْأَيْنِ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ تُسْقِطُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ تَبْقَى سِتَّةٌ ثُمَّ تَضْرِبَ الْبَاقِيَ مِنْ مَخْرَجِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ إسْقَاطِ بَسْطِهِ مِنْهُ فِي مَخْرَجِ الْآخَرِ فَيَبْقَى مِنْ مَخْرَجِ الثُّلُثِ وَاحِدٌ تَضْرِبُهُ فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ تَضْرِبُهَا فِي الْعَشَرَةِ بِأَرْبَعِينَ تَقْسِمُهَا عَلَى السِّتَّةِ يَخْرُجُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَهِيَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ تَضْرِبُ وَاحِدًا، وَهُوَ الْبَاقِي مِنْ مَخْرَجِ الرُّبْعِ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ تَضْرِبُهَا فِي الْعَشَرَةِ بِثَلَاثِينَ تَقْسِمُهَا عَلَى السِّتَّةِ يَخْرُجُ خَمْسَةٌ، وَهِيَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو، وَهَذَا الطَّرِيقُ لَا يَطَّرِدُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْمَبْلَغُ فِي الْإِقْرَارَيْنِ كَالْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا نِصْفَ مَا لِعَمْرٍو) عَلَيَّ (وَلِعَمْرٍو) عَلَيَّ (سِتَّةٌ إلَّا رُبْعَ مَا لِزَيْدٍ) عَلَيَّ (فَلِزَيْدٍ ثَمَانِيَةٌ وَلِعَمْرٍو أَرْبَعَةٌ) . وَطَرِيقُهُ بِالْأَوَّلِ أَنْ تَفْرِضَ لِزَيْدٍ شَيْئًا وَتَقُولَ لِعَمْرٍو سِتَّةٌ إلَّا رُبْعَ شَيْءٍ   [حاشية الرملي الكبير] عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهَبْت لَك كَذَا وَخَرَّجْت مِنْهُ إلَيْك فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْإِقْبَاضِ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ الْخُرُوجَ مِنْهُ بِالْهِبَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ فَإِنْ وُجِدَ فِي يَدِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْإِقْبَاضِ عَلَى النَّصِّ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاصِّ فِي تَلْخِيصِهِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي الْهِبَةِ عَنْ النَّصِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِفَرْعٍ فِي الرَّهْنِ. (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى نِسْيَانِ عَيْنٍ بِقَبُولِ قَوْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فِي تَيْنِكَ) هُمَا نِسَائِي طَوَالِقُ وَكُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّمَا هُوَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، وَأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةٍ لَاحِقٌ لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 فَتُسْقِطَ نِصْفَهُ مِنْ الْعَشَرَةِ يَبْقَى سَبْعَةٌ وَثُمُنُ شَيْءٍ يَعْدِلُ الشَّيْءَ فَتُسْقِطَ ثُمُنَ شَيْءٍ بِمِثْلِهِ يَبْقَى سَبْعَةُ أَثْمَانِ شَيْءٍ تَعْدِلُ سَبْعَةً فَالشَّيْءُ ثَمَانِيَةٌ، وَهُوَ مَا لِزَيْدٍ وَلِعَمْرٍو أَرْبَعَةٌ (وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ) عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إلَّا نِصْفَ مَا لِعَمْرٍو) عَلَيَّ (وَلِعَمْرٍو) عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إلَّا رُبْعَ مَا لِزَيْدٍ) عَلَيَّ (فَلِزَيْدٍ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعٍ وَلِعَمْرٍو ثَمَانِيَةٌ، وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ، وَإِنْ قَالَ زَيْدٌ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا نِصْفَ مَا لَك عَلَى عَمْرٍو، وَقَالَ عَمْرٌو وَلَك عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا ثُلُثَ مَا لَك عَلَى زَيْدٍ صَحَّ) وَاسْتِخْرَاجُ ذَلِكَ ظَاهِرٌ لِمَنْ عَرَفَ الطُّرُقَ السَّابِقَةَ (وَخَرِّجْ) أَنْتَ (عَلَى ذَلِكَ) مَا شِئْت مِنْ الْأَمْثِلَةِ، وَقَدْ بَسَّطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ تَبَعًا لَهَا مَعَ زِيَادَةٍ. (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يُغَيِّرُهُ) مِنْ اسْتِثْنَاءٍ وَغَيْرِهِ. (فَإِنْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا يُبْطِلُ حُكْمَ الْإِقْرَارِ شَرْعًا (وَقَدَّمَ الْأَلْفَ) عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ (لَا إنْ أَخَّرَهُ) عَنْهُ (لَزِمَهُ) الْأَلْفُ (إنْ انْفَصَلَ وَكَذَا إذَا اتَّصَلَ) ؛ لِأَنَّهُ عَقَّبَ إقْرَارَهُ بِمَا يَرْفَعُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِي بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي اللُّزُومِ بِذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا إنَّمَا نُقِرُّهُمْ عَلَى مَا نُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا (وَإِنْ قَالَ مُتَّصِلًا لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ) أَوْ هَذَا الْعَبْدِ (ثُمَّ ادَّعَى مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ الْعَبْدَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ آخِرًا هُنَا لَا يَرْفَعُ الْأَوَّلَ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ؛ وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِالْعَبْدِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ قَبْضِهِ (لَا إنْ فَصَلَ) قَوْلَهُ (مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ) عَنْ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي أَلْفًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ قُبِلَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ قَالَ هُوَ ثَمَنُ خَمْرٍ وَظَنَنْته يَلْزَمُنِي فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ الْمُقَرَّ لَهُ عَلَى نَفْيِهِ رَجَاءَ أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَيَحْلِفَ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته أَوْ لَا يَلْزَمُنِي أَوْ أَلْفٌ لَا لَزِمَهُ) الْأَلْفُ؛ لِأَنَّهُ عَقَّبَ إقْرَارَهُ بِمَا يَرْفَعُهُ وَالْأُولَى قَدَّمَهَا لَكِنْ فِي جَوَابِ لِي عَلَيْك أَلْفٌ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ أَوْ لَا) بِإِسْكَانِ الْوَاوِ (أَوْ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ (أَوْ إنْ شِئْت) أَوْ شَاءَ فُلَانٌ (لَمْ يَلْزَمْهُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْأَلْفُ) عَلَى الْمَشِيئَةِ (أَوْ تَأَخَّرَ) عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالِالْتِزَامِ. وَالْأَوْلَى نَظِيرُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِقْرَارِ لَمْ تَطْلُقْ (أَوْ) قَالَ ابْتِدَاءً (كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته لَمْ يَلْزَمْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ فِي الْحَالِ بِشَيْءٍ وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ إقْرَارٌ سَوَاءٌ أَذَكَرَ قَضَيْتُهُ أَمْ لَا (أَوْ) قَالَ (لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ) أَوْ نَحْوُهُ كَإِذَا قَدِمَ زَيْدٌ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) لِمَا مَرَّ وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَدَّمَ التَّعْلِيقَ فَقَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَلِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ (إلَّا إنْ قَصَدَ التَّأْجِيلَ) وَلَوْ بِأَجَلٍ فَاسِدٍ فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ (وَ) لَكِنْ (مَنْ عَقَّبَ إقْرَارَهُ بِذِكْرِ أَجَلٍ صَحِيحٍ مُتَّصِلًا ثَبَتَ الْأَجَلُ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا كَقَوْلِهِ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ، وَقَوْلُهُ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَقْرَضَنِيهِ مُؤَجَّلًا وَمَا إذَا كَانَ صَحِيحًا لَكِنْ ذَكَرَهُ مُنْفَصِلًا، وَفَارَقَ عَدَمُ اللُّزُومِ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يُغَيِّرُهُ مِنْ اسْتِثْنَاءٍ وَغَيْرِهِ] الْبَابُ الثَّالِثُ: فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يُغَيِّرُهُ) (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ، وَقَدَّمَ الْأَلْفَ لَا إنْ أَخَّرَهُ لَزِمَهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ لُزُومِهِ هُنَا وَبَيْنَ عَدَمِ لُزُومِهِ فِي قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ دُخُولَ الشَّرْطِ عَلَى الْجُمْلَةِ يُصَيِّرُ الْجُمْلَةَ جُزْءًا مِنْ الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ تَغْيِيرُ مَعْنَى أَوَّلِ الْكَلَامِ، وَقَوْلُهُ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ لَا يُغَيِّرُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ بَيَانُ جِهَتِهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إلْغَاءِ الْإِقْرَارِ عِنْدَ التَّعْلِيقِ وَعَدَمِ تَبْعِيضِهِ حَذَرًا مِنْ جَعْلِ جُزْءِ الْجُمْلَةِ جُمْلَةً بِرَأْسِهَا أَنْ لَا يَتَبَعَّضَ فِي الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا نَعَمْ لَوْ قَالَ ظَنَنْته يَلْزَمُنِي فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى نَفْيِهِ رَجَاءَ أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَيَحْلِفَ الْمُقِرُّ، وَلَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقِرِّ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَحَلَفَ لَزِمَهُ الْمُقَرُّ بِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الْمُنَافِي فَلَا يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَى مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ:) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَشْكَلُ بِمَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ تَحَمُّلِ عَقْلٍ ثُمَّ فَصَلَ، وَقَالَ هُوَ مُؤَجَّلٌ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَازِمُهُ التَّأْجِيلُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحُلُولِ كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ. قَالَ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَا يُنَافِي مُطْلَقَ مَا أَقَرَّ بِهِ أَوَّلًا فَقُبِلَ مَفْصُولًا، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ التَّأْجِيلَ يُنَافِي مُطْلَقَ إقْرَارِهِ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحُلُولِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّاشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَا أَظُنُّ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ خِلَافٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ قَالَ هُوَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ إلَخْ) أَوْ أَقَرَّ الْحَنَفِيُّ بِأَنَّ لِزَيْدٍ عَلَيْهِ مِائَةً قِيمَةَ نَبِيذٍ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ لَمْ يُلْزِمْهُ الشَّافِعِيُّ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ رَفْعَ حُكْمِ الْإِقْرَارِ فَلَا يَكُونُ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ كَذَا بَحَثَهُ فِي التَّوْشِيحِ ثُمَّ قَالَ رُفِعَ إلَيَّ حَنَفِيٌّ أَقَرَّ بِأَنَّ لِزَوْجَتِهِ عَلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ صَدَاقًا زَادَهُ عَلَى مَبْلَغِ صَدَاقِهَا بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ بِالصَّدَاقِ الْأَوَّلِ فَقِيلَ لِي، وَأَخَذَهُ بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِي عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَأَسْقَطَ قَوْلَهُ صَدَاقًا إلَخْ فَلَمْ أُلْزِمْهُ لِمَا ذَكَرْته، وَقَوْلُهُ كَذَا بَحَثَهُ فِي التَّوْشِيحِ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ مَنْ عَقَّبَ إقْرَارَهُ بِذِكْرِ أَجَلٍ صَحِيحٍ مُتَّصِلًا ثَبَتَ الْأَجَلُ) قَالَ الكوهكيلوني لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ مُؤَجَّلًا لَا يُقْبَلُ هَذَا التَّأْجِيلُ يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظَةُ عَلَيَّ فِي الْكِتَابِ؛ وَلِأَنَّ عِنْدِي تُسْتَعْمَلُ فِي الْعَيْنِ لَا فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ فِيهِ نَقْلًا. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَقْرَضَنِيهِ مُؤَجَّلًا) قَالَ النَّاشِرِيُّ الْقَرْضُ قَدْ يَتَأَجَّلُ بِنَذْرٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَلِمَ لَا يُقْبَلُ تَنْزِيلًا لِلْإِقْرَارِ عَلَى الْيَقِينِ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَوْضُوعِهِ، وَأَيْضًا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُلُولِهِ فِي مَسْأَلَةِ النَّذْرِ وَالْوَصِيَّةِ، وَلَكِنْ امْتَنَعَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 فِي مَسَائِلِ التَّعْلِيقِ اللُّزُومَ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ بِأَنَّ دُخُولَ الشَّرْطِ عَلَى الْجُمْلَةِ يُصَيِّرُهَا جُزْءًا مِنْ الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ فَيَتَغَيَّرُ مَعْنَاهَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ لَا يُغَيِّرُ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ جِهَتِهِ. (فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ) لِامْرَأَةٍ (بِعْتُك أَوْ أَعْتَقْتُك أَوْ خَالَعْتكِ بِكَذَا فَلَمْ تَقْبَلِي فَقَالَتْ) بَلْ (قَبِلْت صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ عَقَّبَ إقْرَارَهُ بِمَا رَفَعَهُ (وَلَوْ وَاطَأَ الشُّهُودَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ) أَوْ عَلَيْهِ (ثُمَّ أَقَرَّ) بِشَيْءٍ (لَزِمَهُ) مَا أَقَرَّ بِهِ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِي وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِذَا قَالَ لَهُ مَعِي) أَوْ عِنْدِي (أَوْ عَلَيَّ أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ وَلَوْ مُنْفَصِلًا بِوَدِيعَةٍ قُبِلَ) قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَمَّا فِي الْأُولَيَيْنِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِاحْتِمَالِ إرَادَةِ وُجُوبِ حِفْظِهَا وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَالِكِهَا وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَعَدَّى فِيهَا حَتَّى صَارَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ عَلَيَّ قَدْ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى عِنْدَ (فَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ) هُوَ وَدِيعَةٌ لَكِنْ (لِي عَلَيْك أَلْفٌ آخَرُ دَيْنًا، وَهُوَ الَّذِي أَرَدْت) بِإِقْرَارِك (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ) لِذَلِكَ. (وَكَذَا لَوْ قَالَ أَخَذْته مِنْهُ ثُمَّ فَسَّرَ) هـ (الْوَدِيعَةِ) قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (فَإِنْ تَلِفَ) وَلَوْ بِدَعْوَاهُ (لَمْ يَضْمَنْ) كَمَا فِي سَائِرِ الْوَدَائِعِ؛ وَلِأَنَّ لَفْظَهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ضَمَانٍ وَلَا عَلَى دَيْنِيَّةٍ (لَا إنْ قَالَ) لَهُ أَلْفٌ (فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنٌ عَلَيَّ) فَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ الْوَدِيعَةِ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ إذْ الْعَيْنُ لَا تُوصَفُ بِكَوْنِهَا دَيْنًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ (وَدِيعَةً دَيْنًا أَوْ مُضَارَبَةً دَيْنًا لَزِمَهُ) الْأَلْفُ (مَضْمُونًا) عَلَيْهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ دَيْنًا عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِهِ مَضْمُونًا (فَإِنْ قَالَ) فِي تَفْسِيرِهِ (مُنْفَصِلًا أَرَدْت أَنَّهُ أَوْدَعَنِي) أَوْ قَارَضَنِي (بِشَرْطِ الضَّمَانِ) إنْ تَلِفَ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ فِي الْأَمَانَةِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ (وَإِنْ اتَّصَلَ) ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ (قُبِلَ) إلْغَاءً لِلضَّمَانِ بِهَذَا الْقَوْلِ كَذَا فَهِمَهُ كَشَيْخِنَا الْحِجَازِيِّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ فُسِّرَ مُتَّصِلًا فَفِيهِ قَوْلَا تَبْعِيضِ الْإِقْرَارِ، وَلَيْسَ مُوَافِقًا لَهُ بَلْ الْمُوَافِقُ لَهُ وَكَذَا إنْ اتَّصَلَ فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَالَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ حَيْثُ قَالُوا إنْ قَالَهُ مُنْفَصِلًا لَمْ يُقْبَلْ أَوْ مُتَّصِلًا فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَظْهَرِ. (وَإِنْ قَالَ) فِي شَيْءٍ (وَهَبْته لَهُ وَخَرَّجْت إلَيْهِ مِنْهُ) أَوْ وَمَلَكَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ) لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ الْخُرُوجَ إلَيْهِ مِنْهُ بِالْهِبَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ كَانَ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْهِبَةِ (إلَّا إنْ قَالَ، وَأَقْبَضْته) لَهُ (وَأَمْكَنَ) فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ قَالَ، وَهَبْته لَهُ، وَقَبَضَهُ بِغَيْرِ رِضَايَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّضَا نَصَّ عَلَيْهِ (وَالْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ هُنَا كَالْإِقْرَارِ بِهِ فِي الرَّهْنِ) فَإِذَا قَالَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَوْهُوبَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا (أَوْ) قَالَ (لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ عَارِيَّةً ضَمِنَهُ) سَوَاءٌ أَصَحَّحْنَا عِبَارَةَ الدَّرَاهِمِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ (وَمَتَى قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَك عَارِيَّةٌ) بِالرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ أَوْ الْجَرِّ أَوْ الْإِسْكَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (أَوْ هِبَةُ عَارِيَّةٍ أَوْ هِبَةُ سُكْنَى بِالْإِضَافَةِ) فِيهِمَا (فَهِيَ عَارِيَّةٌ) بِإِقْرَارِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَلَمْ يَجْعَلْ فِي الْأُولَى   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ قَالَ لِامْرَأَةٍ بِعْتُك أَوْ أَعْتَقْتُك أَوْ خَالَعْتكِ بِكَذَا فَلَمْ تَقْبَلِي فَقَالَتْ بَلْ قَبِلْت] قَوْلُهُ: وَلَوْ وَاطَأَ الشُّهُودَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَقَرَّ لَزِمَهُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ مَا طَلَّقْت امْرَأَتِي، وَلَكِنْ أُقِرُّ بِطَلَاقِهَا أَوْ أُرِيدُ أَنْ أُقِرَّ بِطَلَاقِهَا قَدْ طَلَّقْت امْرَأَتِي ثَلَاثًا. (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْعَزِيزِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ عَلَى إنْسَانٍ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ كُنْت عَازِمًا عَلَى الْإِتْلَافِ فَقَدَّمْت الْإِشْهَادَ عَلَى الْإِتْلَافِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ بِحَالٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ قَالَ كُنْت عَازِمًا عَلَى أَنْ أَسْتَقْرِضَ مِنْهُ فَقَدَّمْت الْإِشْهَادَ عَلَى الْإِقْرَاضِ قُبِلَ؛ لِأَنَّ هَذَا مُعْتَادٌ وَذَاكَ غَيْرُ مُعْتَادٍ. اهـ. وَحُذِفَتْ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ وَسَتَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَالَ شَيْخُنَا، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا بِظَاهِرِهِ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ، وَقَالَ فَعَلْته عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ فَإِنَّ الْيَمِينَ فِي جِهَةِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ صُورَةَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ أَقْرَضَ بِالْقَبْضِ وَاعْتَرَفَ لَهُ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي عَدَمِهِ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا تَحْلِيفُ خَصْمِهِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ قَوْلِهِ وَصُورَةُ مَا هُنَا أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ اقْتَرَضَ مِنْ فُلَانٍ كَذَا ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَ قَبْضِ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ قَرْضٌ، وَهُوَ فِي يَدِ مُقْرِضِهِ فَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ مَا يُنَافِي قَوْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ عَلَى تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى عِنْدَ) وَفُسِّرَ بِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء: 14] . (قَوْلُهُ فَإِنْ تَلِفَ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ تَلِفَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا قَالَ أَقْرَرْت بِهِ ظَانًّا بَقَاءَهُ ثُمَّ بَانَ لِي أَوْ ذَكَرْت تَلَفَهُ أَوْ أَنِّي رَدَدْته قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (فَرْعٌ) أَفْتَى الْغَزَالِيُّ فِيمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَقَالَ صَدَقَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّنَانِيرُ بِقَوْلِهِ صَدَقَ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالشَّاشِيُّ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى إقْرَارِهِ فَقَالَ هُوَ ثَمَنُ خَمْرٍ لَمْ يُقْبَلْ، وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ مُطْلَقًا فَالظَّاهِرُ ثُبُوتُ الْأَلْفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ نَعَمْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْتَفْسِرَ الشُّهُودَ عَنْ الْوَجْهِ الَّذِي لَزِمَ بِهِ الْأَلْفُ (قَوْلُهُ: بَلْ الْمُوَافِقُ لَهُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّظِيرِ الْمَذْكُورِ وَاضِحٌ. (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ الْخُرُوجَ إلَيْهِ مِنْهُ بِالْهِبَةِ) ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِدُ الْمِلْكَ بِالْعَقْدِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ، وَقَوْلُهُ وَيُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ وَهَبْته لَهُ، وَقَبَضَهُ بِغَيْرِ رِضَايَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ:) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا قَالَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ إلَخْ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي بَعْدَ تَوَجُّهِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ قَالَ أَقْبَضْته لَا عَنْ جِهَةِ الْهِبَةِ قُبِلَ قَوْلُهُ. (قَوْلُهُ: وَمَتَى قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَك عَارِيَّةٌ إلَخْ) أَوْ لَك سُكْنَاهَا فَإِقْرَارٌ بِمِلْكِ السُّكْنَى بِإِجَارَةٍ فَإِنْ ادَّعَاهَا وَطَلَبَ الْأُجْرَةَ لَزِمَ الْمُقَرَّ لَهُ دَفْعُهَا إنْ قَبِلَ الْإِقْرَارَ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَقَوْلُهُ فَإِقْرَارٌ بِمِلْكِ السُّكْنَى أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِاحْتِمَالِهِ الْعَارِيَّةَ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذِهِ لَك وَعَارِيَّةٍ؛ لِأَنَّ اللَّامَ لِلِاخْتِصَاصِ فَإِذَا قُيِّدَ بِهِ جِهَةٌ صَالِحَةٌ وَرَاءَ الْمِلْكِ حُمِلَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَعَلَى الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ وُجُوهِ الِاخْتِصَاصِ (وَإِذَا أَقَرَّ بِعَقْدٍ) كَبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَادَّعَى فَسَادَهُ) لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ قَالَ أَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ وَمَعَ ذَلِكَ (فَلَهُ التَّحْلِيفُ) لِلْمُقَرِّ لَهُ لِاحْتِمَالِ مَا يَدَّعِيهِ، وَقَدْ يَخْفَى الْمُفْسِدُ أَوْ يُغْفَلُ عَنْهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقِرُّ وَحُكِمَ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ. (وَإِنْ أَقَرَّ بِإِتْلَافٍ) ، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ (وَقَالَ أَشْهَدْت لِعَزْمِي عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِتْلَافِ (لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ بِخِلَافِ) نَظِيرِهِ فِي (الْقَرْضِ) وَنَحْوِهِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ (فَإِنَّهُ يُسْمَعُ) قَوْلُهُ (لِلتَّحْلِيفِ) ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ (وَإِنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ بَلْ) أَوْ ثُمَّ (لِعَمْرٍو أَوْ غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ) بَلْ مِنْ عَمْرٍو أَوْ (وَغَصَبَهَا زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو وَسَلَّمَهَا لِزَيْدٍ) لِسَبْقِ الْإِقْرَارِ لَهُ (وَغَرِمَ لِعَمْرٍو الْقِيمَةَ وَصَلَ) إقْرَارَهُ الثَّانِيَ بِالْأَوَّلِ (أَوْ فَصَلَ) سَلَّمَهَا لِزَيْدٍ بِنَفْسِهِ أَوْ سَلَّمَهَا لَهُ الْحَاكِمُ لِلْحَيْلُولَةِ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ، وَالْحَيْلُولَةُ تُوجِبُ الضَّمَانَ كَالْإِتْلَافِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ عَبْدًا ثُمَّ أَبَقَ عِنْدَهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مِثْلِيًّا غَرِمَ الْقِيمَةَ أَيْضًا. (فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ) عَيْنًا لِشَخْصٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَتَقَابَضَا (ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ الْخِيَارِ) الَّذِي لَا يَخُصُّ الْمُشْتَرِيَ (بِالْبَيْعِ) أَيْ بِبَيْعِهَا (لِآخَرَ أَوْ بِالْغَصْبِ) أَيْ بِغَصْبِهَا (مِنْهُ لَمْ يَبْطُلْ) بَيْعُهُ لِلْأَوَّلِ (وَغَرِمَ) قِيمَتَهَا (لِلْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ بِتَصَرُّفِهِ، وَإِقْبَاضِهِ؛ وَلِأَنَّهُ اسْتَوْفَى عِوَضَهُ وَلِلْعِوَضِ مَدْخَلٌ فِي الضَّمَانِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ فَنَكَحَهَا، وَأَحْبَلَهَا ثُمَّ أُجْهِضَتْ بِجِنَايَةٍ يَغْرَمُ الْمَغْرُورُ قِيمَةَ الْجَنِينِ لِمَالِك أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْغُرَّةَ وَلَوْ أَجْهَضَتْ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ لَمْ يَغْرَمْ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَعَدَمِ قَبْضِهِ، وَقَضِيَّةُ الثَّانِي وَكَلَامُ الْأَصْلِ أَنَّ ذَلِكَ يَتَقَيَّدُ بِقَبْضِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي (فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ) أَيْ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ (الْمُشْتَرِي فَلِلْمُقَرِّ لَهُ دَعْوَى الْقِيمَةِ عَلَى الْبَائِعِ مَعَ بَقَائِهَا) أَيْ الْعَيْنِ (فِي يَدِ الْمُشْتَرِي) بِنَاءً عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ يَغْرَمُ لَهُ الْقِيمَةَ بِإِقْرَارِهِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ عَلَى وَجْهِ الْبِنَاءِ لِبَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَخَرَجَ بَعْدَ الْخِيَارِ الْمَذْكُورِ مَا لَوْ أَقَرَّ فِي زَمَنِهِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ إلَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ. (أَوْ) قَالَ (هَذِهِ) الْعَيْنُ الَّتِي (فِي تَرِكَةِ مُوَرِّثِي لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو سُلِّمَتْ لِزَيْدٍ وَفِي غُرْمِهِ لِعَمْرٍو خِلَافٌ) أَيْ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَنَظَائِرِهِ السَّابِقَةِ وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِأَنْ لَا غُرْمَ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَا مَعْذُورٌ لِعَدَمِ كَمَالِ اطِّلَاعِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ قَالَ غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ وَغَصَبْتهَا مِنْ عَمْرٍو فَهَلْ هُوَ كَقَوْلِهِ غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو حَتَّى تُسَلَّمَ إلَيْهِمَا فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَمَال السُّبْكِيُّ إلَى الْمَنْعِ قَالَ؛ لِأَنَّهُمَا إقْرَارَانِ بِغَصْبَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَطَفَ وَلَمْ يُعِدْ الْعَامِلَ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ وَاحِدٌ لَهُمَا مَعًا (أَوْ) قَالَ هَذِهِ (لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو فَهِيَ نِصْفَانِ) وَفِي نُسْخَةٍ قَسَمْتهَا (بَيْنَهُمَا وَمَتَى اُنْتُزِعَتْ عَيْنٌ مِنْ) يَدِ (رَجُلٍ بِيَمِينٍ لِنُكُولِهِ ثُمَّ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ (بِهَا آخَرُ) بَيِّنَةً (غَرِمَ لَهُ) الرَّجُلُ الْقِيمَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ (وَإِنْ قَالَ غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ، وَهِيَ مِلْكُ عَمْرٍو) أَوْ هِيَ مِلْكٌ لِعَمْرٍو وَغَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (سُلِّمَتْ لِزَيْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِالْيَدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِيهَا (وَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِ (لِعَمْرٍو) إذْ لَا مُنَافَاةَ هُنَا بَيْنَ الْإِقْرَارَيْنِ (لِاحْتِمَالِ أَنَّ زَيْدًا مُسْتَأْجِرٌ) أَوْ مُرْتَهِنٌ أَوْ مُوصًى لَهُ بِالْمَنَافِعِ فَيَكُونُ الْآخِذُ غَاصِبًا مِنْهُ. قَالَ السُّبْكِيُّ وَفَهِمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ تُرَدُّ عَلَيْهِ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ قَالَ بَلْ ذَلِكَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ قُلْت، وَهَذَا صَحِيحٌ وَلَا يُنَافِي قَوْلَنَا إنَّهُمَا لَا يُخَاصَمَانِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ وَأَطْلَقُوا فِي قَوْلِهِ غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ بَلْ عَمْرٍو غُرْمَ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْغَصْبِ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالْمِلْكِ، وَهُنَا بِخِلَافِهِ فَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنْ يُجْعَلَ التَّصْوِيرُ ثَمَّ فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِالْمِلْكِ أَوْ يُقَالُ إطْلَاقُ الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ يَقْتَضِي الْإِقْرَارَ بِالْمِلْكِ، وَهُنَا لَمْ يُطْلَقْ بَلْ ضُمَّ إلَيْهِ الْإِقْرَارُ بِالْمِلْكِ لِغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا تَتَقَيَّدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا بِكَلَامِهِ. انْتَهَى. (وَلَوْ شَهِدَ الْمُقِرُّ بِهَا لِعَمْرٍو لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُ (لِأَنَّهُ غَاصِبٌ) أَيْ فَهُوَ فَاسِقٌ وَعَلَى هَذَا فَقَضِيَّتُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: بَلَى مِنْ عَمْرٍو أَوْ ثُمَّ مِنْ عَمْرٍو) أَوْ وَغَصَبْتهَا مِنْ عَمْرٍو (قَوْلُهُ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مِثْلِيًّا غَرِمَ الْقِيمَةَ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ بَاعَ عَيْنًا لِشَخْصٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ الْخِيَارِ بِبَيْعِهَا لِآخَرَ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ بَاعَ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ الْخِيَارِ بِالْبَيْعِ لِآخَرَ أَوْ بِالْغَصْبِ مِنْهُ لَمْ يَبْطُلْ وَغَرِمَ لِلْآخَرِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَحْتَاجُ إلَى تَفْصِيلٍ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ كُنْت بِعْتهَا لِفُلَانٍ إمَّا أَنْ يَقُولَ بَعْدَهُ، وَلَمْ يَقْبِضْهَا أَوْ قَبَضَهَا أَوْ يُطْلِقُ فَإِنْ قَالَ لَمْ يَقْبِضْهَا فَهَذَا إتْلَافُ بَائِعٍ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَهُوَ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ الثَّمَنُ إنْ كَانَ قَبَضَهُ، وَإِنْ كَانَ قَالَ قَبَضَهَا وَغَصَبْتهَا مِنْهُ فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي عَطَفَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ، وَلَمْ يُطَّلَعْ عَلَى مُرَادِهِ فَلَا غُرْمَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْقِيمَةِ نَعَمْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدَّعِيَ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ أَقْبَضَهُ وَيَحْلِفُ مُنْكِرُ قَبْضِهِ إنْ كَانَ الْمُقِرَّ أَوْ الْوَارِثَ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ، وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا لَهُ كَنَظَائِرِهِ السَّابِقَةِ) وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِأَنْ لَا غُرْمَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَمَالَ السُّبْكِيُّ إلَى الْمَنْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَتَى اُنْتُزِعَتْ عَيْنٌ مِنْ يَدِ رَجُلٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ اسْتَعَرْتهَا مِنْ زَيْدٍ وَمِلْكُهَا لِعَمْرٍو أَوْ مِلْكُهَا لِعَمْرٍو وَاسْتَعَرْتهَا مِنْ زَيْدٍ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهَا لِزَيْدٍ وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ بِأَنَّهَا مِلْكُ عَمْرٍو (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ وَفَهِمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُقَالُ إطْلَاقُ الْإِقْرَارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا تَتَقَيَّدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا فَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 إنْ شَهِدَ بِذَلِكَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ (أَوْ) قَالَ (غَصَبْتهَا مِنْ أَحَدِكُمَا وَجَهِلْت) هـ (حَلَفَ لَهُمَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى جَهْلِهِ بِأَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إنْ كَذَّبَاهُ (وَ) حَيْثُ كَذَّبَاهُ وَحَلَفَ لَهُمَا أَوْ صَدَّقَاهُ (وُقِفَتْ) أَيْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا (حَتَّى يُبَيِّنَ) الْمَالِكُ (أَوْ يَصْطَلِحَا، وَإِذَا عَيَّنَ أَحَدَهُمَا) سَلَّمَهَا لَهُ، وَ (حَلَفَ لِلْآخَرِ فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَ الْآخَرُ غَرِمَ لَهُ الْقِيمَةَ) . (فَصْلٌ) فِي الِاسْتِثْنَاءِ (الِاسْتِثْنَاءُ) ، وَهُوَ إخْرَاجُ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ فِيمَا قَبْلَهُ بِإِلَّا أَوْ نَحْوِهَا (جَائِزٌ) فِي الْإِقْرَارِ وَغَيْرِهِ لِكَثْرَةِ وُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ هَذَا (إنْ اتَّصَلَ) بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مَعَهُ كَلَامًا وَاحِدًا (وَلَمْ يَسْتَغْرِقْهُ) كَعَشَرَةٍ إلَّا ثَلَاثَةً أَوْ إلَّا سَبْعَةً (فَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (فَصَلَهُ) بِسُكُوتٍ أَوْ (بِأَجْنَبِيٍّ) عَمَّا هُوَ فِيهِ (وَلَوْ) بِقَوْلِهِ (أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بَطَلَ) الِاسْتِثْنَاءُ نَعَمْ يُغْتَفَرُ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ بِسَكْتَةِ تَنَفُّسٍ أَوْ عِيٍّ أَوْ تَذَكُّرٍ أَوْ انْقِطَاعِ صَوْتٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْفَصْلَ بِأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ يُبْطِلُ الِاسْتِثْنَاءَ تَبِعَ فِيهِ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ وَنَظَرِ الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ فِيهَا أَنَّ تَخَلُّلَ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ يُبْطِلُ الِاسْتِثْنَاءَ قَالَ هَكَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا، وَقَالَ صَاحِبَا الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَّا مِائَةً صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لَنَا أَنَّهُ فَصْلٌ يَسِيرٌ فَصَارَ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ أَلْفٌ يَا فُلَانُ إلَّا مِائَةً وَمَا نَقَلَاهُ فِيهِ نَظَرٌ. انْتَهَى. وَنَظَرُهُ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْمَقِيسِ فَجَوَابُهُ مَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ أَنَّ قَوْلَهُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ اسْتِدْرَاكٌ لِمَا سَبَقَ مِنْهُ فَكَانَ مُلَائِمًا لِلِاسْتِثْنَاءِ فَلَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَلَا بُدَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَصْدِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِقْرَارِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ عَدَمُ الِاسْتِغْرَاقِ (فَعَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِمَا أَثْبَتَهُ (وَعَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً صَحِيحٌ) ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. (فَرْعٌ: الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ) ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الثَّنْيِ، وَهُوَ الصَّرْفُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الصَّرْفُ مِنْ الْإِثْبَاتِ إلَى النَّفْيِ وَبِالْعَكْسِ (فَإِنْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ تِسْعَةٌ) إذْ الْمَعْنَى إلَّا تِسْعَةً لَا تَلْزَمُنِي إلَّا ثَمَانِيَةً تَلْزَمُنِي فَتَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ وَالْوَاحِدُ الْبَاقِي مِنْ الْعَشَرَةِ (فَإِنْ قَالَ) لَهُ مَعَ ذَلِكَ (إلَّا سَبْعَةً، وَهَكَذَا إلَى الْوَاحِدِ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ) وَطَرِيقُ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ أَنْ تُسْقِطَ الْأَعْدَادَ الْمَنْفِيَّةَ مِنْ الْمُثْبَتَةِ وَالْبَاقِي هُوَ اللَّازِمُ أَوْ تُخْرِجَ الْمُسْتَثْنَى الْأَخِيرَ مِمَّا قَبْلَهُ وَمَا بَقِيَ مِنْهُ يُخْرَجُ مِمَّا قَبْلَهُ، وَهَكَذَا إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْأَصْلِ عَقِبَ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَعْرِفَةُ الْمُثْبَتِ أَنَّ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا إنْ كَانَ شَفْعًا فَالْأَشْفَاعُ مُثْبَتَةٌ وَالْأَوْتَارُ مَنْفِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ وِتْرًا فَبِالْعَكْسِ، وَشَرْطُهُ أَنْ تَكُونَ الْأَعْدَادُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى التَّوَالِي الْمُعْتَادِ إذْ يَتْلُو كُلُّ شَفْعٍ وِتْرًا وَبِالْعَكْسِ (وَإِنْ قَالَ لَيْسَ) لَهُ (عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةً لَزِمَتْهُ) الْخَمْسَةُ (أَوْ) قَالَ (لَيْسَ) لَهُ (عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ عَشَرَةً إلَّا خَمْسَةً خَمْسَةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ بِجَعْلِ النَّفْيِ الْأَوَّلِ مُتَوَجِّهًا إلَى مَجْمُوعِ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ (وَيَلْزَمُهُ بِعَشَرَةٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ (إلَّا خَمْسَةً إلَّا خَمْسَةً) أَوْ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا عَشَرَةً (خَمْسَةٌ) وَيَلْغُو مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ (فَلَوْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً إلَّا أَرْبَعَةً وَجَبَتْ أَرْبَعَةٌ) إذْ الْكَلَامُ بِآخِرِهِ وَآخِرُهُ يُخْرِجُهُ عَنْ الِاسْتِغْرَاقِ؛ لِأَنَّ عَشَرَةً إلَّا أَرْبَعَةً سِتَّةٌ وَيَكُونُ الْمُقَرُّ بِهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِقْرَار] فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ) (قَوْلُهُ: فِي الْإِقْرَارِ وَغَيْرِهِ) قَالَ صَاحِبُ الدِّرَايَةِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَفِي الْمُحِيطِ الْأَمْرُ لَا يَرْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَفِي الْجَوَامِعِ مَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِهِ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ قَالَ مَرِيضٌ أَعْتِقُوا عَنِّي فُلَانًا بَعْدَ مَوْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ الْإِيصَاءُ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْأَمْرِ بَاطِلٌ فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْ عَبْدِي إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلِلْغَيْرِ بَيْعُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَمْ يَحْضُرْنِي لِأَصْحَابِنَا فِي هَذَا شَيْءٌ، وَقَوْلُهُ قَالَ صَاحِبُ الدِّرَايَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ فَصَلَهُ بِأَجْنَبِيٍّ) ، وَلَوْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بَطَلَ، وَمَا يُحْكَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ صَحَّ فَمُؤَوَّلٌ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا فِي الْمَقِيسِ فَجَوَابُهُ مَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَلَامُهُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْمَأْخَذَ مَا ذَكَرَهُ لَا الْفَصْلُ الْيَسِيرُ. (قَوْلُهُ فَعَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً بَاطِلٌ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لِمَ خَرَّجُوهُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مَا يَجُوزُ، وَمَا لَا يَجُوزُ، وَأَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّفْظَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ مُتَهَافِتٌ فَأَلْغَيْنَا مَا نَشَأَ مِنْهُ التَّهَافُتُ، وَهُوَ الِاسْتِثْنَاءُ بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ مَا يَجُوزُ، وَمَا لَا يَجُوزُ فَإِنَّ الصِّيغَةَ صَحِيحَةٌ الثَّانِي أَنَّ مَا يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ مِمَّا لَا يَجُوزُ مَعْلُومٌ، وَهُنَا جَمِيعُ الْأَعْدَادِ، وَأَجْزَائِهَا صَالِحَةٌ لِلْإِخْرَاجِ، وَإِخْرَاجُ بَعْضٍ دُونَ غَيْرِهِ تَحَكُّمٌ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا أَرْبَعَةً لَزِمَهُ سَبْعَةٌ وَيَجِيءُ فِي التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ هُنَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مَا فِي الطَّلَاقِ مِنْ اشْتِرَاطِ قَصْدِ التَّعْلِيقِ، وَإِلْحَاقِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ إلَّا سَبْعَةً) ، وَهَكَذَا إلَى الْوَاحِدِ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ الْمُثْبَتَ ثَلَاثُونَ وَالْمَنْفِيَّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ قَالَ شَيْخُنَا إذْ الِاسْتِثْنَاءُ الْأَخِيرُ مُسْتَغْرِقٌ لِمَا قَبْلَهُ فَأُلْغِيَ وَاعْتُبِرَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ) صُورَةُ الْقَاعِدَةِ إذَا بَدَأَ بِنَفْيٍ عَامٍّ كَلَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا عَشَرَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ خَاصًّا كَلَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَقَالَ الكوهكيلوني، وَلَك أَنْ تَقُولَ الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ الْمُتَّصِلُ، وَهُوَ مَا يَجِبُ دُخُولُ مَا بَعْدَ الْأَدَاةِ فِيمَا قَبْلَهَا لَوْلَا الْإِخْرَاجُ وَفِي الْأُولَى لَوْلَا الِاسْتِثْنَاءُ لَدَخَلَتْ الْخَمْسَةُ فِي الشَّيْءِ الْمَنْفِيِّ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْعَشَرَةِ نَفْيُ الْخَمْسَةِ لِإِمْكَانِ انْتِفَائِهَا بِانْتِفَاءِ تِسْعَةٍ هَذَا مَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَشَايِخِي. اهـ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يُمَثِّلْ الْمُصَنِّفُ بِمَا إذَا أَتَى بِعَدَدَيْنِ مَعْطُوفَيْنِ ثُمَّ اسْتَثْنَى عَدَدًا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا إذَا قَالَ لَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةٌ إلَّا سِتَّةً وَنَحْوَ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ بِمُقْتَضَى الْقَرِينَةِ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ إلَّا أَرْبَعَةٌ، وَقَدْ حَكَى الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ، وَمَتَى أَخَذْنَا بِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْأَخِيرِ حَتَّى يَكُونَ الْإِقْرَارُ فِي لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً إلَّا دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمَيْنِ، وَإِلَّا ثَلَاثَةً بِثَلَاثَةٍ وَالتَّصْرِيحُ بِتَرْجِيحِ وُجُوبِ الْأَرْبَعَةِ فِيمَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا. (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً، وَإِلَّا ثَلَاثَةً) أَوْ ثَلَاثَةً (لَزِمَهُ اثْنَانِ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَيَيْنِ مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ الْعَشَرَةِ لِلْعَاطِفِ الْمُشْرِكِ (وَلَوْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إلَّا سَبْعَةً وَثَلَاثَةً) أَوْ، وَإِلَّا ثَلَاثَةً (لَزِمَتْهُ ثَلَاثَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَالثَّانِيَ مِثْلُ الْعَدَدِ الْبَاقِي فَهُوَ الْمُسْتَغْرَقُ (وَلَا يُجْمَعُ مُفَرَّقٌ) بِالْعَطْفِ (فِي الْمُسْتَثْنَى أَوْ) فِي (الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَوْ فِيهِمَا إنْ حَصَلَ بِجَمْعِهِ اسْتِغْرَاقٌ أَوْ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّ وَاوَ الْعَطْفِ، وَإِنْ اقْتَضَتْ الْجَمْعَ لَا تُخْرِجُ الْكَلَامَ عَنْ كَوْنِهِ ذَا جُمْلَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ، وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى جَمِيعِ الْمَعْطُوفَاتِ لَا إلَى الْأَخِيرِ فَقَطْ (فَقَوْلُهُ) لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمَانِ وَدِرْهَمٌ) أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ (إلَّا دِرْهَمًا يُوجِبُ ثَلَاثَةً) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إذَا لَمْ يُجْمَعْ مُفَرَّقُهُ كَانَ الدِّرْهَمُ الْوَاحِدُ مُسْتَثْنًى مِنْ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَيُسْتَغْرَقُ فَيَلْغُو (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمَيْنِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى إذَا لَمْ يُجْمَعْ مُفَرَّقُهُ لَمْ يَلْغُ إلَّا مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ، وَهُوَ دِرْهَمَانِ (وَفِي عَكْسِهِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا يَلْزَمُهُ (دِرْهَمٌ) لِذَلِكَ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا فَثَلَاثَةٌ) تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُجْمَعْ مُفَرَّقُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَانَ الْمُسْتَثْنَى دِرْهَمًا مِنْ دِرْهَمٍ فَيَلْغُو. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً لَزِمَهُ أَرْبَعَةٌ) ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ الزَّائِدَ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَحَلُّهُ إذَا تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ لِيُوَافِقَ مَا قَالُوهُ فِيمَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ وَفِيمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْ أَنَّهُ يُعَيِّنُ لَا يُقَالُ بَلْ يَلْزَمُهُ فِي مَسْأَلَتِنَا خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ عَشَرَةً وَاسْتَثْنَى خَمْسَةً وَشَكَّكْنَا فِي اسْتِثْنَاءِ الدِّرْهَمِ السَّادِسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُخْتَارُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَيَانُ مَا لَمْ يُرَدْ بِأَوَّلِ الْكَلَامِ لَا أَنَّهُ إبْطَالُ مَا ثَبَتَ (وَ) قَوْلُهُ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ غَيْرُ دَانِقٍ كَإِلَّا) أَيْ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ إلَّا (دَانِقٌ) الْأَوْلَى دَانِقًا فَتَلْزَمُهُ خَمْسَةُ دَوَانِقَ (وَلَوْ رَفَعَ غَيْرَ) أَوْ جَرَّهُ أَوْ سَكَّنَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ لَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ. (فَرْعٌ: وَيَصِحُّ) الِاسْتِثْنَاءُ (مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) أَيْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 77] ، وَقَوْلُهُ {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157] وَنَحْوُهُمَا (كَأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا وَتُخْرَجُ قِيمَتُهُ) أَيْ الثَّوْبِ مِنْ الْأَلْفِ إنْ فُسِّرَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ دُونَ الْأَلْفِ (فَلَوْ فُسِّرَ بِثَوْبٍ تَسْتَغْرِقُ) قِيمَتُهُ الْأَلْفَ (لَزِمَ الْأَلْفُ) ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ مَا أَرَادَهُ بِاللَّفْظِ فَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِهِ، وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ قَالَ السُّبْكِيُّ قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ لَوْ لَزِمَهُ لِرَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَهُ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدٍ أَوْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَيَخَافُ إنْ أَقَرَّ لَهُ جَحَدَهُ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَبْدًا أَيْ قِيمَتَهُ أَوْ إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَسْمَعُ إقْرَارَهُ وَيَسْتَفْسِرُهُ فَإِنْ فَسَّرَ بِأَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ بِأَنَّ قَوَّمَ ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ حَلَّفَهُ أَنَّ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ ذَلِكَ ثُمَّ أَلْزَمَهُ بِالْبَاقِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى فِي مَسَائِلِ الظَّفَرِ مَا يُنَازِعُ فِي هَذَا (وَإِنْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ إلَّا شَيْئًا أَوْ عَكَسَ) فَقَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا أَلْفًا (فَالْأَلْفُ وَالشَّيْءُ مُجْمَلَانِ فَيُفَسِّرُهُمَا وَيَجْتَنِبُ) فِي تَفْسِيرِهِ (الِاسْتِغْرَاقَ) وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْعَكْسِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَإِنْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا فَالْأَلْفُ مُجْمَلٌ) فَلْيُفَسِّرْهُ بِمَا فَوْقَ الدِّرْهَمِ (فَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ فَمَا دُونَ) هـ (لَغَا الِاسْتِثْنَاءُ وَالتَّفْسِيرُ) لِلِاسْتِغْرَاقِ (وَكَذَا) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (شَيْءٌ إلَّا شَيْئًا) أَوْ مَالٌ إلَّا مَالًا أَوْ نَحْوَهُ فَكُلٌّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَالْمُسْتَثْنَى مُجْمَلٌ فَلْيُفَسِّرْهُمَا فَإِنْ فَسَّرَ الثَّانِيَ بِأَقَلَّ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ الْأَوَّلَ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَإِلَّا لَغَا وَقِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي ذَلِكَ بَاطِلٌ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا فَيَلْزَمُهُ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ) يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْمُعَيَّنِ كَمَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ فَلَوْ (قَالَ هَذَا الْخَاتَمُ إلَّا فَصَّهُ لِفُلَانٍ أَوْ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ) لَهُ أَوْ غَصَبْتهمْ مِنْهُ (إلَّا وَاحِدًا صَحَّ) وَرُجِعَ إلَيْهِ فِي التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمُرَادِهِ (فَإِنْ مَاتُوا) بِقَتْلٍ أَوْ بِدُونِهِ (إلَّا وَاحِدًا، وَقَالَ، وَهُوَ الْمُسْتَثْنَى قُبِلَ) قَوْلُهُ (بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِهِ (وَقَوْلُهُ هَذَا) الْأَوْلَى هَذِهِ (الدَّارُ لِفُلَانٍ، وَهَذَا الْبَيْتُ مِنْهَا لِي) أَوْ لِفُلَانٍ أَوْ هَذَا الْخَاتَمُ لَهُ وَفَصُّهُ لِي أَوْ لِفُلَانٍ (مَقْبُولٌ) ؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجُ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ فَكَانَ   [حاشية الرملي الكبير] فَلَا اتِّفَاقَ. اهـ. وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِتَرْجِيحِ وُجُوبِ الْأَرْبَعَةِ فِيمَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا) وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى جَمِيعِ الْمَعْطُوفَاتِ لَا الْأَخِيرَةِ فَقَطْ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِينَارٍ إلَّا خَمْسِينَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ أَرَادَ بِالْخَمْسِينَ جِنْسًا آخَرَ غَيْرَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ قُبِلَ، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدَ الْجِنْسَيْنِ أَوْ هُمَا قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ فَاتَ بَيَانُهُ عَادَ إلَى الْمَالَيْنِ وَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَعُودُ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا يُسْتَثْنَى مِنْ الْأَلْفِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَمِنْ الْمِائَةِ خَمْسُونَ دِينَارًا وَالثَّانِي يَعُودُ إلَيْهِمَا فَيُسْتَثْنَى مِنْ الدَّرَاهِمِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَمِنْ الدَّنَانِيرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَفِي الْوَجْهَيْنِ نَظَرٌ أَقُولُ لَوْ قِيلَ بِعَوْدِهِ إلَى الْمِائَةِ فَقَطْ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ لَكَانَ أَوْلَى نَاشِرِيٌّ. [فَرْعٌ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً] (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَحَلُّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَار مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ] (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157] ، وَقَوْلُهُ {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلا سَلامًا} [مريم: 62] (قَوْلُهُ: فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 (كَالِاسْتِثْنَاءِ) . [فَرْعٌ أَقَرَّ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ بِمَالٍ وَكَانَ هُوَ أَحَدَهُمْ] (فَرْعٌ) لَوْ أَقَرَّ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ بِمَالٍ وَكَانَ هُوَ أَحَدَهُمْ لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ ثُمَّ قَالَ، وَهَذَا إنْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَصَّ عَلَى نَفْسِهِ فَقِيلَ يَكُونُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ وَقِيلَ يَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا، وَهَذَا أَوْجَهُ. (فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ) تَتَعَلَّقُ بِالْإِقْرَارِ لَوْ (قَالَ بِعْتُك الْجَارِيَةَ) الَّتِي فِي يَدِك بِكَذَا وَسَلَّمْتهَا لَك فَأَدِّ الثَّمَنَ (فَقَالَ بَلْ زَوَّجْتنِيهَا) بِصَدَاقِ كَذَا، وَهُوَ عَلَيَّ (وَحَلَفَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (لِلْآخَرِ) عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِيهِ (سَقَطَ الثَّمَنُ وَالنِّكَاحُ وَلَا مَهْرَ، وَإِنْ وَطِئَهَا) ذُو الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَهْرِ لِمَنْ كَانَ مَالِكًا فَهُوَ مُنْكِرٌ لَهُ (وَتُرَدُّ) الْجَارِيَةُ (إلَى مُدَّعِي الْبَيْعِ ثُمَّ هَلْ يَمْلِكُهَا كَالْمُعَادَةِ لِلْإِفْلَاسِ) أَيْ كَالْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ الْمُعَادَةِ إلَى الْبَائِعِ لِإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ (فَيُفْسَخُ) وَلَوْ بِدُونِ الْحَاكِمِ كَأَنْ يَقُولَ اسْتَرْجَعْتهَا أَوْ فَسَخْت الْبَيْعَ وَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا (أَمْ يَكُونُ ظَافِرًا بِمَالِ مَنْ ظَلَمَهُ) بِزَعْمِهِ أَنَّهُ بَاعَهَا لَهُ (فَيَبِيعُهَا) وَيَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهَا وَيَرُدُّ الْفَاضِلَ لِذِي الْيَدِ إنْ أَخَذَهُ، وَإِلَّا فَمَوْقُوفٌ وَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا (وَجْهَانِ) أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ وَيَنْبَغِي جَرَيَانُهُمَا فِي رَدِّ الْعَيْنِ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكهَا فَقَالَ بَلْ، وَهَبْتنِيهَا وَحَلَفَا (وَإِنْ نَكَلَ مُدَّعِي الثَّمَنِ) عَنْ يَمِينِهِ عَلَى نَفْيِ التَّزْوِيجِ (حَلَفَ الْآخَرُ) ، وَهُوَ ذُو الْيَدِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ عَلَى النِّكَاحِ فَيَحْلِفُ يَمِينًا لِنَفْيِ مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ وَيَمِينًا لِإِثْبَاتِ مَا يَدَّعِيهِ هُوَ وَلَا يُكْتَفَى مِنْهُ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ يُجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ خِلَافًا لِلْقَاضِي (وَحُكِمَ لَهُ بِالنِّكَاحِ وَبِرَقَبَتِهَا لِلْآخَرِ فَإِنْ ارْتَفَعَ النِّكَاحُ) بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (حَلَّتْ لِلْبَائِعِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا إلَّا إنْ كَانَ كَاذِبًا) فِي دَعْوَاهُ فَتَحِلُّ لَهُ بَاطِنًا أَيْضًا (وَإِنْ نَكَلَ مُدَّعِي الزَّوْجِيَّةِ عَنْ) يَمِينِهِ عَلَى (نَفْيِ الشِّرَاءِ حَلَفَ الْمُدَّعِي) لِلثَّمَنِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ عَلَى الشِّرَاءِ فَيَحْلِفُ يَمِينَيْنِ نَظِيرَ مَا مَرَّ آنِفًا (وَوَجَبَ) لَهُ (الثَّمَنُ) ، وَإِنْ نَكَلَا مَعًا عَنْ الْيَمِينِ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَهُوَ نُكُولٌ عَنْ يَمِينِ نَفْيٍ، وَإِنْكَارٍ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى إثْبَاتِ دَعْوَاهُ فَإِنْ نَكَلَا أَيْضًا لَمْ يُحْكَمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا ادَّعَى وَحَرُمَتْ عَلَى الْوَاطِئِ لِنُكُولِهِ عَمَّا ادَّعَاهُ، وَهَلْ تَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ وَجْهَانِ، وَإِنْ حَلَفَ الْمَالِكُ وَنَكَلَ الْوَاطِئُ حُكِمَ بِالشِّرَاءِ وَلُزُومِ الثَّمَنِ لِلْوَاطِئِ، وَإِنْ حَلَفَ الْوَاطِئُ وَنَكَلَ الْمَالِكُ حُكِمَ بِالتَّزْوِيجِ. فَإِنْ حَلَفَا مَعًا حُكِمَ بِالشِّرَاءِ وَلُزُومِ الثَّمَنِ لِلْوَاطِئِ؛ لِأَنَّ تَزَوُّجَهُ بِهَا لَا يَمْنَعُ جَوَازَ ابْتِيَاعِهَا وَزَادَ عَلَى ذَلِكَ أَشْيَاءَ وَنَقَلَهَا عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَوَسُّطِهِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُوَلِّدْهَا مُدَّعِي النِّكَاحِ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا مُدَّعِي النِّكَاحِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَالْوَلَدُ حُرٌّ لِاعْتِرَافِ الْمَالِكِ بِالْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْلِدُ قَدْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الشِّرَاءِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ) لِلْمَالِكِ (الْأَقَلُّ مِنْ الْمَهْرِ وَالثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ بِالْمَهْرِ، وَهُوَ يَدَّعِي الثَّمَنَ فَالْأَقَلُّ مِنْهُمَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (أَمْ لَا) يَلْزَمُهُ لَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ الثَّمَنَ عَنْ نَفْسِهِ بِيَمِينِهِ وَالْمَهْرُ الَّذِي يُقِرُّ بِهِ لَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ (وَجْهَانِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُسْتَحَقٌّ لِلْمَالِكِ بِكُلِّ حَالٍ، وَالِاخْتِلَافُ فِي الْجِهَةِ لَا يَضُرُّ كَمَا فِي مَنْ شَهِدَ بِأَنَّ مَالِكَ الْعَبْدِ أَعْتَقَهُ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ تَرِكَتِهِ قَدْرَ الثَّمَنِ، فَكَذَا هُنَا، وَصَحَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الثَّانِيَ. انْتَهَى. وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ تَصْحِيحَهُ أَيْضًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الدَّارِمِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهَلْ لِذِي الْيَدِ تَحْلِيفُ الْمَالِكِ عَلَى نَفْيِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الشِّرَاءِ طَمَعًا فِي أَنَّهُ يَنْكُلُ فَيَحْلِفُ وَيَثْبُتُ لَهُ النِّكَاحُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى مِلْكَهَا وَتَزْوِيجَهَا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْآخَرِ لَمْ يُقْبَلْ فَكَيْفَ يَحْلِفُ عَلَى مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ؟ ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ وَلَا وَجْهَ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّا، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ النُّكُولَ وَالْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّ مِلْكَهَا بَاقٍ لِلْبَائِعِ لَمْ تُسْمَعْ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَ هَذِهِ سَهْوًا إذْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَمِمَّا قَبْلَهَا وَجْهَانِ فَانْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ وَجْهَيْ تِلْكَ إلَى وَجْهَيْ هَذِهِ (وَإِنْ نَكَلَ) الْمُسْتَوْلِدُ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى نَفْيِ الشِّرَاءِ (وَحَلَفَ الْمَالِكُ) الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ عَلَى الشِّرَاءِ (اسْتَحَقَّ الثَّمَنَ وَلَمْ تُنْزَعْ) أَيْ الْجَارِيَةُ (مِنْ يَدِهِ) فَإِنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتُهُ (وَلَهُ وَطْؤُهَا بَاطِنًا وَكَذَا ظَاهِرًا وَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ) مَوْتِ (الْمُسْتَوْلِدِ مَاتَتْ قِنَّةً وَلِلْبَائِعِ أَخْذُ) قَدْرِ (الثَّمَنِ مِنْ) مَا تَرَكَتْهُ مِنْ (أَكْسَابِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَهُ) قَبْلُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلِدَ يَقُولُ إنَّهَا بِأَسْرِهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْمُعَيَّنِ فِي الْإِقْرَار] قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْإِقْرَارِ] (قَوْلُهُ: ثُمَّ هَلْ يَمْلِكُهَا كَالْمُعَادَةِ لِلْإِفْلَاسِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ قِيلَ دَعْوَى السَّيِّدِ بِالثَّمَنِ مُتَوَّجَةٌ فَمَا وَجْهُ دَعْوَى الزَّوْجِ وَالْجَارِيَةُ فِي يَدِهِ قُلْت وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَنْكَرَ الشِّرَاءَ نَفَى عَنْ نَفْسِهَا الْمِلْكَ، وَقَضِيَّتُهُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقِرِّ عَلَى وَجْهٍ فَاحْتَاجَ النَّافِي لِلْبَيْعِ أَنْ يَدَّعِيَ التَّزْوِيجَ، وَإِنْ قُلْنَا تُسَلَّمُ لِلْقَاضِي فَقَدْ يُقَالُ لَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى عَلَى مَنْ لَمْ يَدَّعِ مِلْكًا، وَلَا لَهُ يَدٌ، وَقَدْ يُقَالُ تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا سُلِّمَتْ لِلْقَاضِي ثُمَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ فِي مُقَابَلَتِهَا شَيْئًا فَائِتًا عَلَيْهِ وَهَا هُنَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهَا لِلْغَيْرِ إلَّا بِبَدَلٍ ثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ كَانَ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْآخَرِ لِفَوَاتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَهَاهُنَا أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْمُدَّعِي لِلْبَيْعِ إمَّا بِطَرِيقِ الْفَسْخِ أَوْ الظَّفَرِ، وَإِذَا كَانَتْ رَاجِعَةً إلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ سُمِعَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِالزَّوْجِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهَا لَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا. (قَوْلُهُ: أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُؤَيِّدُ وَجْهَ الْحِلِّ أَنَّ شَخْصًا لَوْ قَالَ: لَك هَذِهِ الْعَيْنُ بِحُكْمِ الْبَيْعِ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ كَانَ لَهُ أَخْذُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي التَّحَالُفِ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكهَا إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ يَمِينًا لِنَفْيِ مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَ هَذِهِ سَهْوًا إلَخْ) حَذَفَهَا اكْتِفَاءً بِمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِذِي الْيَدِ حِينَئِذٍ تَحْلِيفُ الْمَالِكِ عَلَى نَفْيِ الزَّوْجِيَّةِ لِسُكُوتِهِ عَنْهُ فَيَكُونُ مُرَجِّحًا لِلْوَجْهِ الثَّانِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 لَهُ، وَهُوَ يَقُولُ إنَّهَا لِلْمُسْتَوْلِدِ وَلَهُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهَا. (وَيُوقَفُ الْفَاضِلُ) مِنْهَا (لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ) وَتَعْبِيرُهُ بِالثَّمَنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِالْقِيمَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ. (وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ) مَوْتِ (الْمُسْتَوْلِدِ لَمْ يَأْخُذْهُ) أَيْ الثَّمَنَ (مِنْ تَرِكَتِهَا؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ - بِزَعْمِهِ -) لِعِتْقِهَا بِمَوْتِ الْمُسْتَوْلِدِ، وَالثَّمَنُ - بِزَعْمِهِ - عَلَيْهِ فَلَا يَأْخُذُهُ مِمَّا جَمَعْته بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ (بَلْ تُوقَفُ) تَرِكَتُهَا (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ) إذْ الْوَلَاءُ لَا يَدَّعِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (هَذَا) كُلُّهُ (إنْ أَصَرَّا) عَلَى كَلَامَيْهِمَا (فَإِنْ رَجَعَ الْمَالِكُ وَصَدَّقَ صَاحِبَ الْيَدِ لَمْ يَبْطُلْ الِاسْتِيلَادُ وَالْحُرِّيَّةُ) لِلْوَلَدِ (وَمَلَكَ أَكْسَابَهَا) مَا دَامَ الْمُسْتَوْلِدُ حَيًّا فَإِذَا مَاتَتْ عَتَقَتْ وَكَانَتْ أَكْسَابُهَا لَهَا (وَإِنْ رَجَعَ صَاحِبُ الْيَدِ وَصَدَّقَ الْبَائِعَ لَزِمَهُ الثَّمَنُ وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ، وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَارِثِينَ عَلَى التَّرِكَةِ بِدَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ) بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ (لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا قِسْطُهُ) مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ عَنْ نَفْسِهِ بَلْ عَنْ مُوَرِّثِهِ بِحُكْمِ الْخِلَافَةِ عَنْهُ فَيَتَقَيَّدُ بِقَدْرِهَا وَكَمَا فِي إقْرَارِ الشَّرِيكِ فِي عَبْدٍ بِجِنَايَتِهِ. وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَوْصَى بِرُبْعِ مَالِهِ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ رُبْعُ مَا بِيَدِهِ لِلْمُوصَى لَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَبِأَنَّ التَّرِكَةَ مَرْهُونَةٌ عَلَيْهِ، وَهُنَا مَقْبُوضًا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ جَمِيعِ الدَّيْنِ مِنْ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِتَعَلُّقِ جَمِيعِ الدَّيْنِ بِهَا وَمَا لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ بِيَدِ ثَالِثٍ مُدَّعٍ لَهَا أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ لِلْمَيِّتِ فَأَقَامَ أَحَدُ الْوَارِثِينَ شَاهِدًا بِالْمُدَّعَى وَحَلَفَ مَعَهُ وَنَكَلَ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي مِنْ نَصِيبِ الْحَالِفِ جَمِيعَ الدَّيْنِ تَنْزِيلًا لِلنَّاكِلِ مَنْزِلَةَ الْمُعْسِرِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ الَّذِينَ اقْتَسَمُوا ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ، وَأَحَدُ الْآخِذِينَ مُعْسِرٌ وَالْآخَرُ مُوسِرٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْمُوسِرِ بِنِسْبَةِ أَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ كُلُّ الْمَالِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ. (وَلَا يُجَاوِزُ فِي الْوَصِيَّةِ ثُلُثَ نَصِيبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهَا فَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِعَشَرَةٍ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ تَعَلَّقَ نِصْفُهَا بِثُلُثِ نَصِيبِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَجَازَ الْمُقِرُّ جَاوَزَ فِيهَا ثُلُثَ نَصِيبِهِ، وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ بِالْإِقْرَارِ إلَّا الْقِسْطُ (فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) عَلَى مُوَرِّثِهِ وَلَوْ بَعْدَ إقْرَارِهِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ (نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ) الَّتِي أَقَرَّ بِهَا (بِعَيْنٍ وَخَرَجَتْ) بِالْقِسْمَةِ أَوْ نَحْوِهَا (لِلْمُقِرِّ أَخَذَهَا الْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْمُنْكِرِ فَلِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يُغَرِّمَ الْمُقِرَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ بِالْقِسْمَةِ (وَإِنْ شَهِدَ الْمُقِرُّ) لِلْمُوصَى لَهُ (وَانْتُزِعَتْ) أَيْ الْعَيْنُ مِنْ يَدِ الْمُنْكِرِ (غَرِمَ لِلْمُنْكِرِ نِصْفَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ) لِلْمُوصَى لَهُ فَيَغْرَمُ لِلْمُنْكِرِ مَا يُقَابِلُ مَا أَخَذَهُ بِالْقِسْمَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ نِصْفُ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلُ، وَأَوْلَى مِنْهُ، وَأَخْصَرُ بَدَلَ النِّصْفِ (وَلَوْ مَاتَ الْمُنْكِرُ فَوَرِثَهُ الْمُقِرُّ لَزِمَهُ جَمِيعُ الدَّيْنِ) لِحُصُولِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ فِي يَدِهِ. (فَرْعٌ) عَلَى إقْرَارِ أَحَدِ الْوَارِثِينَ، وَإِنْ خَالَفَهُ حُكْمًا. (لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ) لِثَالِثٍ (بِنِصْفِ الْأَلْفِ الْمُشْتَرَكِ) بَيْنَهُمَا (تَعَيَّنَ) مَا أَقَرَّ بِهِ (فِي نَصِيبِهِ) بِخِلَافِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ قَاعِدَةِ الْحَصْرِ وَالْإِشَاعَةِ وَفِيهَا اضْطِرَابٌ، وَالْمُرَجَّحُ فِي الْخُلْعِ الْإِشَاعَةُ خِلَافَ الْمُرَجَّحِ هُنَا وَفِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَاقِ وَالْعِتْقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ فِيهَا تَرْجِيحٌ بَلْ يُخْتَلَفُ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ وَالْمَآخِذِ كَمَا فِي الرَّجْعَةِ وَالنَّذْرِ وَنَظَائِرِهِمَا قَالَ، وَقَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ الْأَفْقَهُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَصْرِ خِلَافَ مَا قَالَهُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ فِي الْإِقْرَارِ بِالنِّصْفِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ أَنَّ الرَّاجِحَ حَمْلُهُ عَلَى الْإِشَاعَةِ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى التَّفْصِيلِ لِقُوَّةِ مُدْرَكِهِ أَوْ عَلَى الْإِشَاعَةِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْحَقُّ لِنَقْلِهِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَأَمَّا الْمَذْكُورُ هُنَا فَلَا وَجْهَ لَهُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَوَاعِدُ الْفِقْهِ تَقْتَضِي تَرْجِيحَ حَمْلِ مَا هُنَا عَلَى الْإِشَاعَةِ (وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ مِنْ عَبْدٍ) لَهُ (نَفْسَهُ) وَلَوْ بَيْعًا ضِمْنِيًّا كَأَنْ قَالَ لَهُ أَعْتَقْتُك عَلَى أَلْفٍ (أَوْ) أَنَّهُ بَاعَ (مَنْ حُرٍّ أَبَاهُ بِأَلْفٍ فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُدَّعِي (وَسَقَطَ الْمَالُ) لِاعْتِرَافِهِ بِالْحُرِّيَّةِ (وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا بِضَمَانٍ فَقَالَ بَلْ بِإِتْلَافٍ لَزِمَهُ) الْأَلْفُ إذْ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي الْجِهَةِ كَمَا مَرَّ. (وَإِنْ أَقَرَّ بِدَارٍ مُبْهَمَةٍ وَمَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْوَارِثُ) الدَّارَ كَالْمَوْرُوثِ (عَيَّنَهَا الْمُدَّعِي فَإِنْ أَنْكَرَ الْوَارِثُ) ذَلِكَ (وَحَلَفَ أَنَّهَا غَيْرُ مَا أَرَادَ) مُوَرِّثُهُ (لَزِمَهُ التَّعْيِينُ وَحُبِسَ لَهُ) إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ حَتَّى يُعَيِّنَ (، وَإِنْ بَاعَ دَارًا وَادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهَا) بِغَيْرِ إذْنٍ (وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا، وَأَنَّهَا الْآنَ مِلْكُهُ سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ بِعْتُك دَارِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى مِنْ نَصِيبِ الْحَالِفِ جَمِيعُ الدَّيْنِ) أَيْ يُقْضَى فِي الْأَخِيرَةِ مِنْ نَصِيبِ الْحَالِفِ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ جَمِيعُ مَا عَلَى مُوَرِّثِهِ مِنْ الدَّيْنِ أَيْ حَيْثُ وَفَّى بِهِ. (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي بَابِ الْفَلَسِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَاسْتِثْنَاءُ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: جَاوَزَ فِيهَا ثُلُثَ نَصِيبِهِ) الْمُجَاوَزَةُ إنَّمَا جَاءَتْ مِنْ الْإِجَازَةِ لَا مِنْ الْإِقْرَارِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 أَوْ مِلْكِي) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَقْتَضِي أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ وَعُدِلَ إلَى مَا قَالَهُ عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ، وَهِيَ مِلْكُهُ إلَى الْآنَ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهَا الْآنَ مِلْكٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَيْسَ مُرَادٌ إذْ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ مِلْكَ الْغَيْرِ (وَإِنْ قَالَ غَصَبْت دَارَهُ) وَلَوْ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ (وَقَالَ أَرَدْت دَارَةَ الشَّمْسِ) أَوْ الْقَمَرِ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ غَصْبَ ذَلِكَ مُحَالٌ فَلَا تُقْبَلُ إرَادَتُهُ (وَإِنْ أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِثِيَابِ بَدَنِهِ دَخَلَ) فِيهِ (كُلُّ مَا يَلْبَسُهُ) مِنْ قَمِيصٍ وَطَيْلَسَانٍ وَلِحَافٍ، وَقَلَنْسُوَةٍ وَغَيْرِهَا (حَتَّى الْفَرْوَةِ لَا الْخُفِّ) وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ فِي الْمُهِمَّاتِ مِمَّا يَقْتَضِي عَدَمَ دُخُولِ الْفَرْوَةِ وَاللِّحَافِ وَالْقَلَنْسُوَةِ، وَهِيَ مَا يُغَطِّي الرَّأْسَ مِنْ قُبْعٍ وَطَاقِيَّةٍ وَنَحْوِهِمَا رَدُّوهُ عَلَيْهِ (وَإِنْ أَقَرَّ) الْبَائِعُ (بِالْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِأَحَدٍ انْفَسَخَ الْبَيْعُ) ؛ لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْفَسْخِ. (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ) (يُشْتَرَطُ صُدُورُهُ مِنْ أَهْلِ الْإِقْرَارِ) فِي الْجُمْلَةِ فَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ السَّفِيهِ (وَهُوَ قِسْمَانِ الْأَوَّلُ أَنْ يُلْحِقَ الْمَنْسُوبَ بِنَفْسِهِ) كَهَذَا ابْنِي أَوْ أَنَا أَبُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِكَوْنِ الْإِضَافَةِ فِيهِ إلَى الْمُقِرِّ (فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُعْلَمَ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ) ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ بِهِ لِأَنَّ النَّسَبَ الثَّابِتَ مِنْ شَخْصٍ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ فَالشَّرْعُ مُكَذِّبٌ لَهُ نَعَمْ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ النَّافِي أَنْ يَسْتَلْحِقَ الْمَنْفِيَّ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ اللِّعَانِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِلْحَاقُ وَلَدِ الزِّنَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (وَإِنْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ) فَلَوْ كَانَ فِي سِنٍّ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ مِنْهُ أَوْ كَانَ قَدْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ مِنْ زَمَنٍ يَتَقَدَّمُ عَلَى زَمَنِ الْعُلُوقِ بِهِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّ الْحِسَّ يُكَذِّبُهُ (فَإِنْ قَدِمَتْ كَافِرَةٌ بِطِفْلٍ وَادَّعَاهُ مُسْلِمٌ) الْأَوْلَى رَجُلٌ (وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا) بِأَنْ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ خَرَجَ إلَيْهَا أَوْ أَنَّهَا قَدِمَتْ إلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ أَنْفَذَ إلَيْهَا مَاءَهُ فَاسْتَدْخَلَتْهُ (لَحِقَهُ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ اجْتِمَاعُهُمَا لَمْ يَلْحَقْهُ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ كَبِيرًا) حَيًّا عَاقِلًا (فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ أَوْ الْبَيِّنَةِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ، وَهُوَ أَعْرَفُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ. وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّكُوتِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ بِأَنَّ أَمْرَ النَّسَبِ خَطَرٌ (فَإِنْ كَذَّبَهُ) أَوْ سَكَتَ، وَأَصَرَّ (وَلَا بَيِّنَةَ حَلَّفَهُ) الْمُدَّعِي (فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي ثَبَتَ النَّسَبُ) ، وَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ الدَّعْوَى (وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ ادَّعَاهُ أَبًا فَكَذَّبَهُ) أَوْ سَكَتَ وَلَا بَيِّنَةَ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِلْحَاقُ (وَلَوْ سَقَطَ صَغِيرًا أَوْ ذَا جُنُونٍ وَلَوْ طَرَأَ) الْجُنُونُ (فَلَمَّا بَلَغَ) الصَّغِيرُ (أَوْ أَفَاقَ) الْمَجْنُونُ (كَذَّبَهُ لَمْ يَنْدَفِعْ النَّسَبُ) ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لَهُ فَلَا يَنْدَفِعُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: إذْ لَا تَصِحُّ دَعْوَى مِلْكِ الْغَيْرِ) إذْ تَمَامُ تَصْوِيرِهَا أَنْ يَقُولَ، وَهِيَ الْآنَ مِلْكِي فَإِرْثٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَدَّعِي بِمِلْكِ الْغَيْرِ، وَلَوْ حُذِفَتْ مِنْ الرَّوْضَةِ لَفْظَةُ إلَى الدَّاخِلَةُ عَلَى الْآنَ لَاسْتَقَامَ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ دُخُولِ الْفَرْوَةِ فِي اسْمِ الثِّيَابِ، وَأَنَّهُ لَا شَكَّ فِيهِ عَجِيبٌ وَذُهُولٌ عَنْ الْمَنْقُولِ فَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِدُخُولِهَا فِي الْمَلْبُوسِ فَقَالَ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ بِلُبْسِ السَّرَاوِيلِ ثُمَّ قَالَ، وَلَا يَحْنَثُ بِلُبْسِ الْجُلُودِ، وَلَا بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهَا، وَلَا بِلُبْسِ الْقَلَنْسُوَةِ هَذِهِ لَفْظَةُ ثُمَّ قَالَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا حَنِثَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَالْقَلَنْسُوَةُ هِيَ الْقُبَعُ وَالطَّاقِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَالَهُ هُنَاكَ إنَّ الْقَلَنْسُوَةَ لَا تَدْخُلُ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَعْنِي فِي الْإِقْرَارِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَاتِ. وَرَأَيْت فِي كِتَابِ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَتَغَطَّى بِلِحَافٍ لَمْ يَحْنَثْ. اهـ. وَاعْتَرَضَ مِنْ أَوْجُهٍ. أَحَدُهُمَا تَعَجُّبُهُ مِنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِي دُخُولِ الْفَرْوَةِ فِي اسْمِ الثِّيَابِ هُوَ الْعَجَبُ، وَدَعْوَاهُ أَنَّهُ ذُهُولٌ عَنْ الْمَنْقُولِ هُوَ الذُّهُولُ فَإِنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا وَبَيْنَ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْوَةِ مَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِلُبْسِهَا فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ جُلُودِ الضَّأْنِ وَالسِّنْجَابِ وَالسِّنَّوْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بِشَعْرِهِ أَوْ بِصُوفِهِ، وَالْفَرْوَةُ وَإِنْ لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهَا اسْمُ الثَّوْبِ فَهِيَ تَدْخُلُ فِي عُمُومِ الثِّيَابِ عُرْفًا وَاسْتِعْمَالًا، وَتُعَدُّ مِنْ ثِيَابِ الْبَدَنِ بِلَا شَكٍّ، وَالْمُرَادُ بِالْجُلُودِ هُنَاكَ الْمَنْزُوعُ عَنْهَا الشَّعْرُ أَوْ الصُّوفُ، وَهَذِهِ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِلُبْسِهَا فِي غَيْرِ الْخِفَافِ وَالرَّانَّاتِ، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِجَعْلِ الْجُلُودِ الْمُجَرَّدَةِ ثِيَابًا. الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ إنَّ الْقَلَنْسُوَةَ تُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَاتِ خِلَافَ الْمَنْقُولِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ كَمَا ذَكَرَاهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ. الثَّالِثُ: مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ لَا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ دُخُولِ اللِّحَافِ فِي الْإِقْرَارِ بِثِيَابِ بَدَنِهِ الْحِنْثُ بِاللِّحَافِ فِيمَا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْبَسُ لَهُ ثَوْبًا؛ لِأَنَّ اللِّحَافَ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ لُبْسًا، وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْإِحْرَامِ بِأَنَّهُ إذَا نَامَ وَارْتَدَى بِالثَّوْبِ الْمِخْيَطِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لُبْسًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِأَحَدٍ انْفَسَخَ الْبَيْعُ) لَوْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ عَيْنًا ثُمَّ أَقْبَضَهُ إيَّاهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لِآخَرَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَسَبَبُهُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَاهِبِ رُجُوعٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ) (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُعْلَمَ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ) فَلَوْ أَقَرَّ مَنْ أُمُّهُ حُرَّةٌ بِأَنَّهُ عَتِيقُ فُلَانٍ لَغَا إقْرَارُهُ (قَوْلُهُ: الْمَنْفِيَّ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ) بِخِلَافِ الْمَوْلُودِ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ رَقِيقًا لِلْمُقِرِّ عَتَقَ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَضَمُّنِهِ الْإِقْرَارَ بِحُرِّيَّتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ أَنْفَذَ إلَيْهَا مَاءَهُ فَاسْتَدْخَلَتْهُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ اللُّحُوقِ فِي هَذِهِ مَرْدُودٌ إنَّمَا هُوَ رَأْيٌ لِأَبِي حَامِدٍ غَلَّطَهُ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ إحْبَالٌ بِالْمُرَاسَلَةِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ، ذِكْرُهُمْ دَارَ الْحَرْبِ مِثَالٌ فَإِنَّ كُلَّ بَلَدٍ بَعِيدٍ كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ قَدِمَتْ مَغْرِبِيَّةٌ إلَى الشَّرْقِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَلْحَقَ صَغِيرًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّسَبِ فِيهَا عُسْرٌ وَالشَّارِعُ قَدْ اعْتَنَى بِهِ، وَأَثْبَتَهُ بِالْإِمْكَانِ فَلِذَلِكَ أَثْبَتْنَاهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 بِالْإِقْرَارِ كَالثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ وَكَمَا لَوْ كَذَّبَهُ قَبْلَ كَمَالِهِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ حُكِمَ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ بِظَاهِرِ الدَّارِ ثُمَّ بَلَغَ وَاعْتَرَفَ بِالْكُفْرِ حَيْثُ يُقَرُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِتَبَعِيَّةِ الدَّارِ أَضْعَفُ مِنْ الْحُكْمِ بِالنَّسَبِ بِالْإِقْرَارِ. (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمُقَرِّ بِهِ (تَحْلِيفُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَمْ يُقْبَلْ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَجْنُونِ يُخَالِفُهُ مَا لَوْ قَالَ لِمَجْنُونٍ هَذَا أَبِي حَيْثُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ حَتَّى يُفِيقَ وَيُصَدِّقَهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَمَا أَدْرِي مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ الِابْنُ بَعْدَ الْجُنُونِ يَعُودُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي صِبَاهُ بِخِلَافِ الْأَبِ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ مَيِّتًا وَلَوْ كَبِيرًا لَحِقَهُ وَوَرِثَهُ) هُوَ وَلَا نَظَرَ إلَى تُهْمَةِ الْإِرْثِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ النَّسَبِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ؛ وَلِأَنَّهُ أَصْلٌ وَالْإِرْثُ فَرْعٌ، وَقَدْ ثَبَتَ الْأَصْلُ (وَلَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ (إنْ قَتَلَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ) (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى جَمَاعَةٌ بَالِغًا) عَاقِلًا أَيْ نَسَبَهُ (لَحِقَ مَنْ صَدَّقَهُ) ؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ قَدْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ صَارَتْ الْأُمُّ فِرَاشًا لَهُمْ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا عُرِضَ عَلَى الْقَافَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ (أَوْ صَغِيرًا أَوْ كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (عَبْدًا) أَوْ عَتِيقًا (أَوْ امْرَأَةً فَسَيَأْتِي) حُكْمُهُ (فِي) بَابِ (اللَّقِيطِ) . (فَرْعٌ) لَوْ (اسْتَلْحَقَ) شَخْصٌ (عَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ عَتِيقَهُ لَمْ يُقْبَلْ) إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ (فَإِنْ صَدَّقَهُ الْكَبِيرُ) الْعَاقِلُ (قُبِلَ) وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ، وَالتَّرْجِيحُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ تَرْجِيحِ الْأَصْلِ لَهُ فِي بَابِ اللَّقِيطِ وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالسُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مُحَافَظَةً عَلَى مَا مَرَّ لِلسَّيِّدِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْعَبْدُ بَاقٍ عَلَى رِقِّهِ لِعَدَمِ التَّنَافِي بَيْنَ النَّسَبِ وَالرِّقِّ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْحُرِّيَّةَ وَالْحُرِّيَّةُ لَمْ تَثْبُتْ (أَوْ) اسْتَلْحَقَ (عَبْدَهُ) أَيْ عَبْدًا بِيَدِهِ (وَلَمْ يُمْكِنْ) لُحُوقُهُ بِهِ كَأَنْ كَانَ أَمِنَ مِنْهُ (لَغَا) قَوْلُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ (لَحِقَهُ الصَّغِيرُ) وَالْمَجْنُونُ (وَالْمُصَدِّقُ) لَهُ وَعَتَقُوا (لَا ثَابِتُ النَّسَبِ) مِنْ غَيْرِهِ (وَ) لَا (الْمُكَذِّبُ) لَهُ فَلَا يَلْحَقَانِهِ (وَيُعْتَقَانِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِمَا وَقِيلَ لَا يُعْتَقَانِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا يَرِثَانِ) مِنْهُ كَمَا لَا يَرِثُ مِنْهُمَا، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ بَالِغًا) عَاقِلًا (وَصَدَّقَهُ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَسْقُطْ النَّسَبُ) ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ الْمَحْكُومَ بِثُبُوتِهِ لَا يَرْتَفِعُ بِالِاتِّفَاقِ كَالثَّابِتِ بِالْفِرَاشِ وَقِيلَ يَسْقُطُ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِوَلَدِ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ) والمستفرشة لَهُ (هَذَا وَلَدِي مِنْهَا) وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِي (ثَبَتَ النَّسَبُ) بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ (لَا الِاسْتِيلَادُ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ ثُمَّ مَلَكَهَا وَاسْتُشْكِلَ بِمَا لَوْ أَتَتْ امْرَأَةُ رَجُلٍ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِاسْتِقْرَارِ الْمَهْرِ مَعَ إنْكَارِ الزَّوْجِ الْوَطْءَ تَمَسُّكًا بِالظَّاهِرِ، وَهُوَ الْعُلُوقُ بِالْوَطْءِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى احْتِمَالِ اسْتِدْخَالِ الْمَاءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعُلُوقَ مِنْ الِاسْتِدْخَالِ نَادِرٌ فَوَجَبَ الْمَهْرُ حَمْلًا عَلَى الْوَطْءِ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ الْحَمْلِ مِنْهُ، وَأَمَّا كَوْنُ الْأَمَةِ فِي الْمِلْكِ حَالَ عُلُوقِهَا بِالْوَلَدِ فَلَيْسَ ظَاهِرًا حَتَّى يُعْمَلَ بِهِ بَلْ هُوَ وَعَدَمُهُ مُحْتَمَلَانِ عَلَى السَّوَاءِ (فَإِنْ مَاتَ) السَّيِّدُ عَنْهَا (وَرِثَهَا الِابْنُ) مَعَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ إنْ كَانُوا (وَعَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرُ مَا وَرِثَ) مِنْهَا (وَلَمْ يَسْرِ) إلَى بَقِيَّتِهَا لِدُخُولِ مَا وَرِثَهُ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا (فَإِنْ قَالَ) هَذَا وَلَدِي (عَلِقَتْ بِهِ) فِي مِلْكِي (أَوْ اسْتَوْلَدْتهَا) بِهِ (فِي مِلْكِي أَوْ قَالَ هُوَ وَلَدِي مِنْهَا وَلَهَا فِي مِلْكِي عَشْرُ سِنِينَ) مَثَلًا (وَكَانَ ابْنَ سَنَةٍ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) لِانْتِفَاءِ الِاحْتِمَالِ نَعَمْ لَوْ كَانَ مُكَاتَبًا قَبْلَ إقْرَارِهِ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيلَادُ حَتَّى يَنْفِيَ احْتِمَالَهُ أَنَّهُ أَحْبَلَهَا زَمَنَ كِتَابَتِهِ؛ لِأَنَّ إحْبَالَ الْمُكَاتَبِ لَا يُثْبِتُ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ. (وَلَوْ) كَانَ قَوْلُهُ ذَلِكَ (فِي الْمَرَضِ) ؛ لِأَنَّ إنْشَاءَ الِاسْتِيلَادِ نَافِذٌ فِيهِ كَمَا فِي الصِّحَّةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَيَلْغُو الْإِقْرَارُ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ أَوْ مُسْتَفْرَشَةً لَهُ بِأَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا فَيَلْحَقَهُ بِالِاسْتِفْرَاشِ لَا بِالْإِقْرَارِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» . (فَرْعٌ) لَوْ (اسْتَلْحَقَ أَحَدَ وَلَدَيْ أَمَتَيْهِ، وَهُمَا مُزَوَّجَتَانِ) أَوْ مُسْتَفْرَشَتَانِ لَهُ (لَغَا) الِاسْتِلْحَاقُ لِلُحُوقِ وَلَدِ كُلِّ أَمَةٍ بِزَوْجِهَا فِي الْأُولَى وَلُحُوقِهِمَا بِهِ فِي الثَّانِيَةِ بِالِاسْتِفْرَاشِ لَا بِالِاسْتِلْحَاقِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: حَتَّى يُفِيقَ وَيُصَدِّقَهُ) أَيْ بِالِاسْتِلْحَاقِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُقَرُّ بِهِ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ، وَلَوْ أَبَا عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا شَمِلَهُ عُمُومُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ، وَمَا أَدْرِي مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) وَتَبِعَهُ عَلَى اسْتِشْكَالِهِ آخَرُونَ، وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ مِنْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ الْكَبِيرِ الْمَيِّتِ، وَلَا مَنْ طَرَأَ جُنُونُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَاقِلًا فَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا ع. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَلْحَقَ مَيِّتًا، وَلَوْ كَبِيرًا إلَخْ) أَوْ قَتَلَهُ لَكِنْ لَا يَرِثُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا قِصَاصَ إنْ قَتَلَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ) ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ مَالٌ وَالْمُسْتَلْحِقُ فَقِيرٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَتَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُ. [فَرْعٌ ادَّعَى جَمَاعَةٌ بَالِغًا عَاقِلًا نَسَبَهُ] (قَوْلُهُ: لَحِقَ مَنْ صَدَّقَهُ، وَلَا يَحْلِفُ لِلْآخَرِ) ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ ادَّعَيَا عَلَى شَخْصٍ شَيْئًا فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا أَنَّهُ يَحْلِفُ لِلْآخَرِ. [فَرْعٌ اسْتَلْحَقَ شَخْصٌ عَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ عَتِيقَهُ] (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالسُّبْكِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ تَصْحِيحِهِ عَنْ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَمْ يُقْبَلْ، وَهُوَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. [فَصْلٌ قَالَ لِوَلَدِ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ والمستفرشة لَهُ هَذَا وَلَدِي مِنْهَا] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعُلُوقَ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْجَارِيَةَ يُمْكِنُهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الِاسْتِيلَادِ فِي الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ تَعَسُّرٍ، وَلَا تَعَذُّرٍ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ سَهْلَةٌ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَيَعْسُرُ عَلَيْهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَطْءِ وَبِأَنَّ دَعْوَى الرَّجُلِ اسْتِدْخَالَ الْمَاءِ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ فَالزَّوْجُ مُدَّعٍ وَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الْوَطْءَ يُوَافِقُ الظَّاهِرَ فَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا فَيُصَدَّقُ بِيَمَنِيِّهِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ ثُمَّ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ أَنْ تَدَّعِيَ الْمَرْأَةُ الْوَطْءَ فَإِنْ لَمْ تَدَّعِهِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ ثُبُوتِهِ لِعَدَمِ دَعْوَاهَا مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ هَذَا وَلَدِي مِنْ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَمْ تَدَّعِ الْأَجْنَبِيَّةُ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الِاحْتِمَالِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِنِكَاحٍ إلَخْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ رَهْنًا ثُمَّ أَوْلَدَهَا، وَهُوَ مُعْسِرٌ فَبِيعَتْ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا، وَقُلْنَا لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ، وَأَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الِاحْتِمَالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (أَوْ) كَانَتْ (إحْدَاهُمَا) غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ أَوْ مُسْتَفْرَشَةٍ دُونَ الْأُخْرَى (أَوْ هُمَا غَيْرُ مُزَوَّجَتَيْنِ وَلَا مُسْتَفْرَشَتَيْنِ) لَهُ (لَزِمَهُ التَّعْيِينُ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَإِذَا عَيَّنَ أَحَدَهُمَا رُتِّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ مِنْ نَسَبٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ ادَّعَتْ الْأُخْرَى أَنَّهَا الْمُسْتَوْلَدَةُ، وَوَلَدُهَا الْمُسْتَلْحَقُ أَوْ بَلَغَ الْوَلَدُ وَادَّعَاهُ صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَقُضِيَ بِمُقْتَضَى يَمِينِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (وَإِنْ قَالَ هَذَا وَلَدِي مِنْ أَمَتِي) وَلَيْسَتْ مُزَوَّجَةً وَلَا مُسْتَفْرَشَةً لَهُ (ثُمَّ زَادَ مِنْ زِنًا لِيَنْفِيَهُ) عَنْهُ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ مِنْ زِنًا (وَإِنْ اتَّصَلَ) بِإِقْرَارِهِ فَيَثْبُتْ النَّسَبُ دُونَ الِاسْتِيلَادِ، وَهَذَا فِي حَالَةِ الِاتِّصَالِ مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ أَيْضًا وَالْبَحْثُ قَوِيٌّ وَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْهُ فِيهِ نَظَرٌ (وَإِنْ مَاتَ) السَّيِّدُ وَلَمْ يُعَيِّنْ (عَيَّنَ الْوَرَثَةُ) ؛ لِأَنَّهُمْ خَلِيفَتُهُ (وَتَعْيِينُهُمْ كَإِقْرَارِهِ) أَيْ كَتَعْيِينِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (فِي ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ وَالنَّسَبِ) وَالْإِرْثِ (فَإِنْ قَالُوا لَا نَعْلَمُ) كَيْفَ اسْتَوْلَدَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ كَمَا فِي الْأَصْلِ (فَالْقَائِفُ) يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْوَلَدَانِ وَيَسْتَدِلُّ بِالْعَصَبَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ رَأَى الْمُسْتَلْحَقَ (فَإِنْ فُقِدَ) الْقَائِفُ (أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ) الْأَمْرُ (أَوْ أَلْحَقَهُمَا بِهِ أَوْ نَفَاهُمَا عَنْهُ فَالْقُرْعَةُ) يُرْجَعُ إلَيْهَا (لِيُعْرَفَ) بِهَا (الْحُرُّ) مِنْهُمَا وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُمَا لِيَنْتَسِبَا، كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ. بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي وَلَدٍ وَلَا قَائِفَ؛ لِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ هُنَا فِي أَنَّ الْوَلَدَ أَيُّهُمَا فَلَوْ اعْتَبَرْنَا الِانْتِسَابَ رُبَّمَا انْتَسَبَا جَمِيعًا إلَيْهِ فَدَامَ الْإِشْكَالُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (أَمَّا النَّسَبُ) وَالْإِرْثُ (فَلَا يَثْبُتُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِهَا) ؛ لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ الْخَبَرُ بِهَا فِي الْعِتْقِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (وَيَثْبُتُ بِهَا الْوَلَاءُ) تَبَعًا لِلْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُهَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيلَادُ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ لَا وَلَاءَ عَلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَلَا يُوقَفُ نَصِيبُ ابْنٍ) بَيْنَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ إشْكَالٌ، وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ زَوَالِهِ فَأَشْبَهَ غَرَقَ الْمُتَوَارِثِينَ إذَا لَمْ تُعْلَمْ مَعِيَّةٌ وَلَا سَبْقٌ (وَالِاسْتِيلَادُ يَثْبُتُ بِالْقُرْعَةِ إنْ صَدَرَ مِنْ السَّيِّدِ مَا يَقْتَضِيهِ) بِأَنَّ اعْتَرَفَ بِاسْتِيلَادِهَا فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْحُرِّيَّةُ وَالْقُرْعَةُ عَامِلَةٌ فِيهَا فَكَمَا تُفِيدُ حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ تُفِيدُ حُرِّيَّةَ أُمِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يَقْتَضِيهِ لَمْ يَثْبُتْ. (فَرْعٌ: حَيْثُ يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ فَالْوَلَدُ حُرُّ الْأَصْلِ) لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ حُرًّا (وَكَذَا إنْ كَانَ قَالَ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) تَقْتَضِي حُرِّيَّتَهُ فَهُوَ حُرُّ الْأَصْلِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ وَلَدَ الْمُسْتَوْلَدَةِ مُلْحَقٌ بِالْمُقِرِّ دُونَ وَلَدِ الْأُخْرَى (هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ إحْدَاهُمَا فِرَاشًا لَهُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا (فَإِنْ كَانَتْ) كَذَلِكَ (فَعَيَّنَ وَلَدَ الْأُخْرَى لَحِقَاهُ جَمِيعًا) الْمُعَيَّنُ بِالْإِقْرَارِ وَالْآخَرُ بِالْفِرَاشِ. (فَرْعٌ: لِأَمَتِهِ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا) لَهُ (وَلَا مُزَوَّجَةً) قَبْلَ وِلَادَتِهِمْ (وَقَالَ أَحَدُهُمْ وَلَدِي) طُولِبَ بِالتَّعْيِينِ فَمَنْ عَيَّنَهُ مِنْهُمْ فَهُوَ نَسِيبٌ حُرٌّ وَارِثٌ (فَإِنْ عَيَّنَ الْأَوْسَطَ وَلَمْ يَكُنْ إقْرَارُهُ يَقْتَضِي الِاسْتِيلَادَ فَالْآخَرَانِ رَقِيقَانِ، وَإِنْ اقْتَضَاهُ بِأَنْ اعْتَرَفَ بِاسْتِيلَادِهَا فِي مِلْكِهِ لَحِقَهُ الْأَصْغَرُ أَيْضًا) دُونَ الْأَكْبَرِ (لِلْفِرَاشِ إلَّا إنْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءَهَا) بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَوْسَطِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ (فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ حِينَئِذٍ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ نَسَبَ مِلْكِ الْيَمِينِ يَنْتَفِي بِالِاسْتِبْرَاءِ   [حاشية الرملي الكبير] الْمَذْكُورِ قَبْلَ ذَلِكَ لَا كُلِّ الِاحْتِمَالِ. [فَرْعٌ اسْتَلْحَقَ أَحَدَ وَلَدَيْ أَمَتَيْهِ وَهُمَا مُزَوَّجَتَانِ أَوْ مُسْتَفْرَشَتَانِ لَهُ] (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي حَالَةِ الِاتِّصَالِ مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ عَلَى قَوْلِ تَبْعِيضَ الْإِقْرَارِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا؛ لِأَنَّ تَفْسِيرَهُ اعْتَضَدَ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ عَدَمُ مَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَرُدُّهُ، وَلَا كَذَلِكَ مَا أُلْحِقَ بِهِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَبُولُ تَفْسِيرِهِ بِالنِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَثْبُتُ أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ عَلَى رَأْيٍ وَلِمِثْلِ ذَلِكَ قَطَعَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا قَالَ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَمَنْ خَرَّجَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ مَثَّلَ بِقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ، وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِذَلِكَ، أَيْ لِاعْتِرَاضِ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ فِي التَّهْذِيبِ بِمَا إذَا كَانَ التَّفْسِيرُ مُنْفَصِلًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ لَهُ أَمَتَانِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَلَدٌ فَقَالَ أَحَدُ هَذَيْنِ الْوَلَدَيْنِ وَلَدِي، يُؤْمَرُ بِالتَّفْسِيرِ فَإِذَا عَيَّنَ فِي أَحَدِهِمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ نُظِرَ إنْ قَالَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ قَالَ اسْتَوْلَدْتهَا بِمِلْكِ النِّكَاحِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ قَالَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فِيهِ قَوْلَانِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَوْلَانِ أَيْضًا، وَإِنْ قَالَ اسْتَوْلَدْتهَا بِالزِّنَا لَمْ يُقْبَلْ هَذَا التَّفْسِيرُ، وَهُوَ كَالْإِطْلَاقِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ هَذَا وَلَدِي صَدَرَ مِنْهُ مُنْفَصِلًا فِي أَوَّلِ لَفْظِهِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى قَوْلِهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَوْلَدْتهَا بِالزِّنَا يَرْفَعُ ذَلِكَ وَيَرْفَعُ أَيْضًا كَوْنَ الْوَلَدِ حُرًّا نَسِيبًا فَكَانَ مِثْلَ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ثُمَّ يَقُولُ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَيَلْزَمُهُ قَوْلٌ وَاحِدٌ نَعَمْ لَوْ قَالَهُ مُتَّصِلًا اُتُّجِهَ التَّخْرِيجُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَفْظُ التَّهْذِيبِ، وَإِنْ قَالَ اسْتَوْلَدْتهَا بِالزِّنَا لَا يُقْبَلُ هَذَا التَّفْسِيرُ، وَهُوَ كَالْإِطْلَاقِ فَإِنْ وَصَلَ اللَّفْظَ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَلَا أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ. اهـ. فَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ سَهْوٌ أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ مِنْ التَّهْذِيبِ قَوْلُهُ: فَإِنْ وَصَلَ اللَّفْظَ إلَخْ، وَقَدْ سَاقَ فِي الْمَطْلَبِ كَلَامَ التَّهْذِيبِ عَلَى الصَّوَابِ. اهـ. وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ ثُمَّ قَالَ وَالْبَحْثُ الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قَوِيٌّ وَذَلِكَ اسْتَوْلَدْتهَا إقْرَارٌ صَحِيحٌ ثُمَّ قَوْلُهُ: مِنْ زِنًا تَعْقِيبُ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ النَّسَبُ قَطْعًا، وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلَيْ تَبْعِيضِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُمَا فِي كَلَامٍ لَا يَجْتَمِعُ أَوَّلُهُ مَعَ آخِرِهِ شَرْعًا كَقَوْلِهِ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، وَكَذَا أَلْفٌ قَضَيْتهَا عَلَى أَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ بِخِلَافِ أَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ مَا سَلَّمَهُ عَلَى أَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ، وَلَا تَنَافِيَ هُنَا لِجَوَازِ كَوْنِ تِلْكَ الْأَمَةِ لِابْنِهِ فَوَطِئَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا فَالْوَطْءُ حَرَامٌ فَهُوَ زِنًا، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَثْبُتُ بِهَا) إذَا حَكَمْنَا بِالْقُرْعَةِ ثُمَّ وَجَدْنَا ثَمَّةَ قَافَةً فَفِي الِاسْتِذْكَارِ فِي بُطْلَانِ الْقُرْعَةِ وَجْهَانِ فَإِنْ أَبْطَلْنَاهَا فَإِنْ بَيَّنَتْ الْقَافَةُ كَبَيَانِ الْقُرْعَةِ زِدْنَاهُ النَّسَبَ، وَإِنْ بَيَّنَتْ لِلْآخَرِ ثَبَتَ وَرَجَعَ الْآخَرُ رَقِيقًا (قَوْلُهُ: مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ تَقْتَضِي حُرِّيَّتَهُ) بِأَنْ ظَنَّهَا أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ حُرُّ الْأَصْلِ) ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْوَلَاءُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي جَرَيَانِ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ نَظَرٌ وَوَقْفَةٌ كَبِيرَةٌ وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا الْقَطْعُ بِعَدَمِ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ عَلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ عَلَيْهِ مِلْكًا لِوَالِدِهِ، وَلَا لِغَيْرِهِ وَالْوَلَاءُ لَا يَثْبُتُ بِالْمُحْتَمَلِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 (وَيَكُونُ كَأُمِّهِ) فَيُعْتَقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ كَأُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ، وَهُوَ يُعْتَقُ بِذَلِكَ، وَإِنْ عَيَّنَ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ الْأَكْبَرَ أَوْ الْأَصْغَرَ أَوْ فِي الثَّانِي الْأَصْغَرَ فَالْآخَرَانِ رَقِيقَانِ، وَإِنْ عَيَّنَ فِي الثَّانِي الْأَكْبَرَ لَحِقَهُ الْآخَرَانِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ عَلَى مَا قَالَهُ لَكِنْ مَا قَالَهُ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ يَمْنَعُ اللُّحُوقَ بِالسَّيِّدِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ فِرَاشَهُ بِهَا يَزُولُ بِالِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَالَ بِهِ لَزَالَ بِالْوِلَادَةِ الدَّالَّةِ عَلَى فَرَاغِ الرَّحِمِ قَطْعًا. وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لَحِقَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ فَالْوَجْهُ حَذْفُ الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ. (وَإِنْ مَاتَ) السَّيِّدُ (قَبْلَ التَّعْيِينِ عَيَّنَ الْوَارِثُ) ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) التَّعْيِينُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ أَوْ كَانَ، وَقَالَ لَا أَعْلَمُ (فَالْقَائِفُ) يُعْرَضُونَ عَلَيْهِ لِيُعَيِّنَ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) مَعْرِفَتُهُ بِأَنْ فُقِدَ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ أَوْ أَلْحَقَهُمْ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ بِهِ أَوْ نَفَاهُمْ عَنْهُ (فَالْقُرْعَةُ) يُرْجَعُ إلَيْهَا لِيُعْرَفَ بِهَا الْحُرُّ مِنْهُمْ (ثُمَّ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ لَا يَقْتَضِي الِاسْتِيلَادَ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِوَاحِدٍ عَتَقَ وَحْدَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَلَا يُوقَفُ) مِنْ مِيرَاثِ السَّيِّدِ (نَصِيبُ ابْنٍ) بَيْنَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَالْآخَرِينَ لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِلْحَاقِ أَحَدِ وَلَدَيْ أَمَتَيْهِ (وَإِنْ اقْتَضَاهُ) أَيْ إقْرَارَهُ الِاسْتِيلَادَ (وَلَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ) قَبْلَ وِلَادَةِ الصَّغِيرِ (فَالصَّغِيرُ نَسِيبٌ) حُرٌّ (عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ) ؛ لِأَنَّهُ إمَّا الْمُقَرُّ لَهُ أَوْ وَلَدُ الْمُسْتَفْرَشَةِ بِالْوِلَادَةِ فَإِنْ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ وَحَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَيَكُونُ كَأُمِّهِ عَلَى مَا مَرَّ. (وَيَدْخُلُ) الصَّغِيرُ (فِي الْقُرْعَةِ) ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا بِكُلِّ تَقْدِيرٍ (لِيُرَقَّ غَيْرُهُ إنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِهِ عَتَقَ مَعَهُ) . (الْقَسَمُ الثَّانِي) فِي إلْحَاقِ النَّسَبِ بِغَيْرِهِ (إلْحَاقُ النَّسَبِ بِغَيْرِهِ) مِمَّنْ يَتَعَدَّى النَّسَبُ مِنْهُ إلَيْهِ (كَأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ) أَوْ أَخِيهِ (جَائِزٌ) وَدَلِيلُهُ مِنْ السُّنَّةِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي غُلَامٍ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَخِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ فَانْظُرْ إلَى شَبَهِهِ بِهِ، وَقَالَ عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ هَذَا أَخِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِنْ وَلِيدَتِهِ فَنَظَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى شَبَهِهِ فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ فَقَالَ هُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ فَلَمْ تَرَهُ سَوْدَةُ قَطُّ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «هُوَ أَخُوك يَا عَبْدُ، وَإِنَّمَا أَمَرَ زَوْجَتَهُ سَوْدَةَ بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهَا شَرْعًا تَوَرُّعًا لِأَجْلِ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ» وَمِنْ الْمَعْنَى أَنَّ الْوَارِثَ يَخْلُفُ مُوَرِّثَهُ فِي حُقُوقِهِ وَالنَّسَبُ مِنْ جُمْلَتِهَا فَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ (بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ) فِي الْإِلْحَاقِ بِنَفْسِهِ (وَبِأَنْ يَكُونُ الْمُلْحَقُ بِهِ مَيِّتًا لَا) حَيًّا وَلَوْ (مَجْنُونًا) لِاسْتِحَالَةِ ثُبُوتِ نَسَبِ الْأَصْلِ مَعَ وُجُودِهِ بِإِقْرَارِ غَيْرِهِ (وَأَنْ يَكُونَ الْمُلْحِقُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (وَارِثًا حَائِزًا) لِتَرِكَةِ الْمُلْحَقِ بِهِ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ كَأَنْ أَقَرَّ بِعَمٍّ، وَهُوَ حَائِزٌ تَرِكَةَ أَبِيهِ الْحَائِزِ تَرِكَةَ جَدِّهِ الْمُلْحَقِ بِهِ فَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ جَدِّهِ فَلَا وَاسِطَةَ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ يُفْهِمُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُقِرِّ حَائِزًا لِمِيرَاثِ الْمُلْحَقِ بِهِ لَوْ قُدِّرَ مَوْتُهُ حِينَ الْإِلْحَاقِ. وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا ثُمَّ مَاتَ الْمُسْلِمُ وَتَرَكَ ابْنًا مُسْلِمًا، وَأَسْلَمَ عَمُّهُ الْكَافِرُ فَحَقُّ الْإِلْحَاقِ بِالْجَدِّ لِابْنِ ابْنِهِ الْمُسْلِمِ لَا لِابْنِهِ الَّذِي أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ كَانَ كَمَا قِيلَ لَكَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ كَوْنُهُ وَارِثًا حَائِزًا؛ لِأَنَّهُ الْقَائِمُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ، وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ كَانَ امْرَأَةً وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُلْحَقُ بِهِ رَجُلًا؛ لِأَنَّ اسْتِلْحَاقَ الْمَرْأَةِ لَا يَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي اللَّقِيطِ فَبِالْأَوْلَى اسْتِلْحَاقُ وَارِثِهَا، وَإِنْ كَانَ رَجُلًا؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ اللَّبَّانِ وَنَقَلَ عَنْهُ الْعِمْرَانِيُّ فِي زَوَائِدِهِ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْأُمِّ لَا يَصِحُّ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ حَذْفُ الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُحْمَلُ الِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ عَلَى مَا إذَا مَنَعَ مِنْ نُفُوذِ إيلَادِهَا مَانِعٌ كَأَنْ عَلِقَتْ بِالْأَوْسَطِ فِي مِلْكِهِ، وَهِيَ مَرْهُونَةٌ ثُمَّ بِيعَتْ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الدَّيْنِ فَوَلَدَتْ الْأَصْغَرَ مِنْ زَوْجٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مَعَ الْأَصْغَرِ، وَقَوْلُهُ يُحْمَلُ الِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْقُرْعَةُ) قَالَ الكوهكيلوني وَظَنِّي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْقُرْعَةِ مِنْ التَّوْأَمَيْنِ إلَّا وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ) أَوْ بِالرَّدِّ لِفَسَادِ بَيْتِ الْمَالِ كَأَنْ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ فَقَطْ، وَأَوْرَدَ عَلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ حَائِزًا حَدِيثَ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَائِزًا، وَمَعَ ذَلِكَ قُبِلَ إقْرَارُهُ، وَأَجَابَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ سَوْدَةَ كَانَتْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهَا فَلَمْ تَكُنْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَارِثَةً إذْ ذَاكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ زَمْعَةَ كَانَ اسْتَلْحَقَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ عَبْدٍ عَهِدَ إلَيَّ فِيهِ وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَوَّلَ عَلَى الْفِرَاشِ لَا عَلَى مُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّفْهُمْ بِإِثْبَاتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَوَّلَ عَلَى مُجَرَّدِ إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا يُفْهَمُ إلَخْ) ، وَهُوَ كَذَلِكَ مَعَ اعْتِبَارِ أَنْ لَا يَكُونَ بِالْمُلْحَقِ مَانِعٌ مِنْ مِيرَاثِ الْمُلْحَقِ بِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ وَاضِحٌ) قَالَ فِي الْخَادِمِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا أَمَّا النَّقْلُ فَمَا ذَكَرْنَاهُ أَيْ مِنْ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ مُوَافَقَةُ الزَّوْجِ لِبَقِيَّةِ وَرَثَتِهَا فِي إلْحَاقِهِمْ بِهَا، وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا التَّوْجِيهُ فَلِأَنَّ إلْحَاقَ النَّسَبِ بِغَيْرِهِ أَوْسَعُ بَابًا مِنْ إلْحَاقِهِ بِنَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تُلْحِقُ النَّسَبَ بِغَيْرِهَا، وَلَا تُلْحِقُهُ بِنَفْسِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْتَظِمُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى امْتِنَاعِ اسْتِلْحَاقِهَا، وَأَيْضًا فَقَدْ يَثْبُتُ لِلْفَرْعِ مَا لَا يَثْبُتُ لِلْأَصْلِ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ، وَمَاتَ وَخَلَفَ وَارِثًا فَأَقَرَّ بِهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ. اهـ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ يُسْتَلْحَقُ الْأَخُ لِلْأُمِّ ثُمَّ وَجَّهَ الْبُلْقِينِيُّ صِحَّةَ إلْحَاقِ الْوَارِثِ بِهَا مَعَ عَدَمِ إلْحَاقِهَا بِأَنَّ الْإِلْحَاقَ بِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْوِرَاثَةِ فَإِذَا أَلْحَقَهُ بِهَا جَمِيعُ وَرَثَتِهَا صَحَّ، وَإِلْحَاقُهَا بِنَفْسِهَا لَيْسَ مَبْنَاهُ عَلَى الْوِرَاثَةِ بَلْ عَلَى مُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَالشَّافِعِيُّ لَا يُثْبِتُ لَهَا دَعْوَةً إمَّا؛ لِأَنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى الْوِلَادَةِ مُمْكِنٌ، وَإِمَّا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْإِلْحَاقِ بِصَاحِبِ الْفِرَاشِ، وَهَذَا لَا يَأْتِي فِي إلْحَاقِ وَرَثَتِهَا. اهـ. وَقَوْلُهُ فِي الْخَادِمِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 كَمَا فِي اسْتِلْحَاقِ الْمَرْأَةِ نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَأَقَرَّهُ (فَيَصِحُّ) اسْتِلْحَاقُ الْوَارِثِ الْحَائِزِ (وَلَوْ نَفَاهُ الْمَيِّتُ) الْمُلْحَقُ بِهِ أَوْ وَارِثُهُ كَمَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بَعْدَمَا نَفَاهُ (وَلَا يَصِحُّ) الِاسْتِلْحَاقُ (مِنْ غَيْرِ وَارِثٍ كَالْقَاتِلِ وَالْكَافِرِ) وَالْعَبْدِ وَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ (وَلَا تُعْتَبَرُ مُوَافَقَتُهُ) أَيْ غَيْرِ الْوَارِثِ لِلْمُسْتَلْحَقِ. (وَيَصِحُّ إلْحَاقُ الْمُسْلِمِ الْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ وَعَكْسُهُ) أَيْ إلْحَاقُ الْكَافِرِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ (وَلَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ) جَمِيعِ (مَنْ وَرِثَ وَلَوْ بِزَوْجِيَّةٍ وَوَلَاءٍ) عَلَى الِاسْتِلْحَاقِ لِيَكُونَ الْمُسْتَلْحَقُ حَائِزًا (وَيُنْتَظَرُ الصَّغِيرُ) أَيْ بُلُوغُهُ (وَالْغَائِبُ) أَيْ قُدُومُهُ لِيُوَافِقَا عَلَى الِاسْتِلْحَاقِ (فَإِنْ مَاتَا) قَبْلَ الْمُوَافَقَةِ (فَمُوَافَقَةُ وَارِثِهَا) تُعْتَبَرُ (وَكَذَا وَارِثُ وَارِثٍ أَنْكَرَ) أَوْ سَكَتَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَوْ حَلَفَ ابْنَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ أَوْ سَكَتَ ثُمَّ مَاتَ وَخَلَّفَ وَارِثًا اُعْتُبِرَ مُوَافَقَتُهُ نَعَمْ إنْ لَمْ يَرِثْ الصَّغِيرُ وَالْغَائِبُ وَالْمُنْكِرُ إلَّا الْمُقِرَّ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَائِزًا فَالْحِيَازَةُ مُعْتَبَرَةٌ حَالًا أَوْ مَآلًا وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْغَائِبِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَالصَّغِيرِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَجْنُونُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَلَوْ وَرِثَهُ الْمُسْلِمُونَ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُلْحِقَ) النَّسَبَ بِالْمَيِّتِ (وَ) لَهُ أَنْ (يُوَافِقَ) فِيهِ (غَيْرَ الْحَائِزِ) إنْ وَرِثَ مَعَهُ كَبِنْتٍ، وَأَفَادَ بِذِكْرِ الْإِرْثِ وَالتَّصْرِيحِ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا، وَهُوَ وَاضِحٌ. (فَرْعٌ: لَوْ أَقَرَّ الِابْنُ الْحَائِزُ بِأَخٍ مَجْهُولٍ فَأَنْكَرَهُ الْمَجْهُولُ لَمْ يُؤَثِّرْ) فِيهِ إنْكَارُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ فِيهِ لَبَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ الثَّابِتِ بِقَوْلِ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِقَوْلِ الْمُقِرِّ إلَّا لِكَوْنِهِ حَائِزًا وَلَوْ بَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ لَثَبَتَ نَسَبُ الْمُقِرِّ وَذَلِكَ دَوْرٌ (فَلَوْ أَقَرَّا) جَمِيعًا (بِثَالِثٍ فَأَنْكَرَ الثَّالِثُ نَسَبَ الثَّانِي سَقَطَ) نَسَبُهُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ نَسَبُ الثَّالِثِ فَاعْتُبِرَ مُوَافَقَتُهُ فِي ثُبُوتِ نَسَبِ الثَّانِي (وَلَوْ أَقَرَّ بِهِمَا) أَيْ بِأَخَوَيْنِ مَجْهُولَيْنِ (مَعًا فَكَذَّبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ) أَوْ صَدَّقَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (ثَبَتَ نَسَبُهُمَا) لِوُجُودِ الْإِقْرَارِ مِنْ الْحَائِزِ (وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَكَذَّبَهُ) الْآخَرُ (سَقَطَ الْمُكَذَّبُ) بِفَتْحِ الذَّالِ أَيْ نَسَبُهُ دُونَ نَسَبِ الْمُصَدَّقِ (إنْ لَمْ يَكُونَا تَوْأَمَيْنِ) ، وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِتَكْذِيبِ الْآخَرِ (لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِأَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ مُقِرٌّ بِالْآخَرِ. فَرْعٌ: لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ) الْحَائِزَيْنِ (دُونَ الْآخَرِ بِثَالِثٍ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُقِرِّ مُشَارَكَتُهُ) فِي الْإِرْثِ (ظَاهِرًا) ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ فَرْعُ النَّسَبِ وَلَمْ يَثْبُتْ كَمَا مَرَّ (لَكِنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُقِرِّ (بِنْتُهُ) أَيْ الْمُقَرِّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهَا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَكْثَرِ نُسَخِهِ، وَيُقَاسُ بِالْبِنْتِ مَا فِي مَعْنَاهَا (وَفِي عِتْقِ حِصَّتِهِ) أَيْ الْمُقِرِّ (إنْ كَانَ) الْمُقَرُّ بِهِ (مِنْ التَّرِكَةِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِعَبْدٍ فِي التَّرِكَةِ إنَّهُ ابْنُ أَبِينَا (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ النَّسَبِ وَلَمْ يَثْبُتْ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُقِرِّ إذَا كَانَ صَادِقًا (مُشَارَكَتُهُ) أَيْ الْمُقَرِّ بِهِ (بَاطِنًا) لِعِلْمِهِ بِاسْتِحْقَاقِهِ (بِثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ) مِنْ التَّرِكَةِ فَإِنَّ حَقَّهُ بِزَعْمِ الْمُقِرِّ شَائِعٌ فِيمَا بِيَدِهِ وَيَدِ الْمُنْكِرِ فَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَطَرِيقُ التَّصْحِيحِ أَنْ تُعْمِلَ فَرِيضَتَيْ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ ثُمَّ تَنْظُرَ مَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَمَاثَلَتَا اكْتَفَيْت بِإِحْدَاهُمَا أَوْ تَدَاخَلَتَا فَبِأَكْثَرِهِمَا أَوْ تَوَافَقَتَا فَبِالْحَاصِلِ مِنْ ضَرْبِ وَفْقِ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى أَوْ تَبَايَنَتَا فَبِالْحَاصِلِ مِنْ ضَرْبِ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ حِصَّتَيْ الْمُقِرِّ بِتَقْدِيرَيْ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَكَذَا لَوْ تَعَدَّدَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ كَابْنٍ وَبِنْتٍ أَقَرَّ الِابْنُ بِبِنْتٍ، وَالْبِنْتُ بِابْنٍ فَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَفَرِيضَةُ إقْرَارِ الِابْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَفَرِيضَةُ إقْرَارِ الْبِنْتِ مِنْ خَمْسَةٍ، وَهِيَ مُتَبَايِنَةٌ فَتَصِحُّ مِنْ سِتِّينَ فَيَرُدُّ الِابْنُ عَشَرَةً لِلْمُقَرِّ لَهَا وَالْبِنْتُ ثَمَانِيَةً   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَأَقَرَّهُ) قَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَارٍ عَلَى رَأْيِهِ السَّابِقِ مِنْ أَنَّ وَارِثَ الْمَرْأَةِ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ فَكَذَا هُنَا. (قَوْلُهُ كَالْقَاتِلِ إلَخْ) أَيْ وَبِنْتُ الْأَخِ أَوْ الْعَمِّ وَفِي تَوَارُثِ الْمُقَرِّ بِهِ وَالْقَائِفِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِزَوْجِيَّةٍ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَصُورَتُهُ فِي الزَّوْجِ أَنْ تُلْحِقَ وَرَثَتُهَا بِهَا، وَلَدًا بَعْدَ مَوْتِهَا مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ فَيُشْتَرَطُ مُوَافَقَةُ الزَّوْجِ لَهُمْ لِأَجْلِ الْمِيرَاثِ وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ وَرَثَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَدًا بِالْمَرْأَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهَا النَّسَبَ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ بِذِكْرِ الْإِرْثِ وَالتَّصْرِيحِ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا، وَهُوَ وَاضِحٌ) فَإِنْ كَانَ كَافِرًا لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ لَمْ يَنْتَقِلْ لِبَيْتِ الْمَالِ إرْثًا بَلْ مَصْلَحَةً فَالْإِمَامُ لَيْسَ وَارِثًا، وَلَا نَائِبًا عَنْهُ بَلْ التَّوْكِيلُ فِي الِاسْتِلْحَاقِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي الْإِقْرَارِ. ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ إنْ كَانَ نَقْلًا فَالْكَلَامُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ تَفَقُّهًا فَهُوَ فَاسِدٌ لِوَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا أَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ بِوَارِثٍ فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ نَائِبٌ فِي الْقَبْضِ عَنْ الْوَارِثِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَذَلِكَ يَنُوبُ فِي الْقَبْضِ عَمَّنْ لَا وَارِثَ لَهُ ظَاهِرًا مِنْ الْكَافِرِينَ وَالْإِمَامُ إذَا اسْتَلْحَقَ وَارِثًا أَعْطَاهُ مَالَ الْمُلْحَقِ بِهِ فَإِذَا اسْتَلْحَقَ ذِمِّيًّا بِذِمِّيٍّ أَعْطَاهُ مَالَهُ هَذَا الَّذِي يُتَّجَهُ مَجِيئُهُ عَلَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَنَّ مَأْخَذَ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ التَّرِكَةَ الصَّائِرَةَ إلَى بَيْتِ الْمَالِ هَلْ يَثْبُتُ لَهَا حَقِيقَةُ الْمِيرَاثِ قَالَ، وَلَوْ صَرَفْنَا طَائِفَةً مِنْ مَالِ كَافِرٍ إلَى أَهْلِ الْفَيْءِ لَمْ يُعْتَبَرْ إقْرَارُ الْإِمَامِ عَنْ أَهْلِ الْفَيْءِ بِنَسَبٍ بِلَا خِلَافٍ فَإِنَّ ذَاكَ لَيْسَ وَارِثُهُ قَطْعًا وَالْمُدَّعَى خِلَافَةُ الْوِرَاثَةِ. [فَرْعٌ أَقَرَّ الِابْنُ الْحَائِزُ بِأَخٍ مَجْهُولٍ فَأَنْكَرَهُ الْمَجْهُولُ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ: لَوْ أَقَرَّ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قَالَ فُلَانٌ عَصَبَتِي وَوَارِثِي إنْ مِتَّ مِنْ غَيْرِ عَقِبٍ لَمْ يُؤَثِّرْ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ إنْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ فَلَا فَائِدَةَ لِهَذَا الْإِقْرَارِ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَهُ؛ لِأَنَّ الْأَخَ عَصَبَةٌ وَالْعَمَّ عَصَبَةٌ وَابْنَ الْعَمِّ عَصَبَةٌ أَيْضًا فَإِنْ فَسَّرَهُ، وَقَالَ هَذَا أَخِي وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ جَمِيعَ وَارِثِ أَبِيهِ، وَإِنْ قَالَ هُوَ عَمِّي وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ جَمِيعَ وَارِثِ جَدِّهِ، وَإِنْ قَالَ هُوَ ابْنُ عَمِّي وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ جَمِيعَ وَارِثِ عَمِّهِ، وَلَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ فُلَانٌ عَمٍّ، وَهُوَ وَلِيٌّ فِي النِّكَاحِ وَوَارِثِي إنْ مِتَّ فَمَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا، وَلَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا أَلْحَقَتْ نَسَبًا بِجَدِّهَا، وَلَيْسَتْ وَارِثَةً لِجَمِيعِ مَالِ الْجَدِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 لِلْمُقَرِّ لَهُ وَفِي الْمِثَالِ السَّابِقِ فَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ اثْنَيْنِ، وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ فَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ ثَلَاثَةٌ لِلْمُنْكِرِ وَاثْنَانِ لِلْمُقِرِّ وَوَاحِدٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ. (وَلَوْ أَقَرَّ بِنَسَبِ مَنْ يَحْجُبُهُ كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ) لِلْمَيِّتِ (ثَبَتَ النَّسَبُ) ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ الْحَائِزَ فِي الظَّاهِرِ قَدْ اسْتَلْحَقَهُ (لَا الْإِرْثُ لِلدَّوْرِ) الْحُكْمِيِّ، وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ إثْبَاتِ الشَّيْءِ نَفْيُهُ، وَهُنَا يَلْزَمُ مِنْ إرْثِ الِابْنِ عَدَمُ إرْثِهِ فَإِنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَحَجَبَ الْأَخَ فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا فَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ (فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ وَالزَّوْجَةُ لَمْ يَرِثْ مَعَهُمَا) لِذَلِكَ (وَإِنْ خَلَّفَ بِنْتًا أَعْتَقَتْهُ فَأَقَرَّتْ بِأَخٍ لَهَا فَهَلْ يَرِثُ) فَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا أَوْ لَا (وَجْهَانِ) عَلَّلَهُمَا بِقَوْلِهِ (لِأَنَّهُ لَا يَحْجُبُهَا بَلْ يَمْنَعُهَا عُصُوبَةَ الْوَلَاءِ) وَكَأَنَّهُ قَالَ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُبُهَا حِرْمَانًا وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهَا عُصُوبَةَ الْوَلَاءِ أَيْ الْإِرْثَ بِهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَلَوْ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَأُخْتٍ فَأَقَرَّتَا بِابْنٍ لَهُ سُلِّمَ لِلْأُخْتِ نَصِيبُهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَحَجَبَهَا، ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى) مَجْهُولٌ (عَلَى أَخِي الْمَيِّتِ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ فَأَنْكَرَ الْأَخُ وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَ الْمُدَّعِي) الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ (ثَبَتَ النَّسَبُ وَلَمْ يَرِثْ) لِمَا مَرَّ فِي إقْرَارِ الْأَخِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَبَطَلَ نُكُولُ الْأَخِ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي. [فَرْعٌ إقْرَارُ الْوَرَثَةِ بِالزَّوْجِيَّةِ] (فَرْعٌ: إقْرَارُ الْوَرَثَةِ بِالزَّوْجِيَّةِ) بِأَنْ أَقَرُّوا بِزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ لِلْمَيِّتِ (مَقْبُولٌ فَإِنْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ فَالتَّوْرِيثُ) أَيْ حُكْمُهُ (كَمَا) مَرَّ فِي نَظِيرِهِ (فِي النَّسَبِ) فَيُشَارِكُ الْمُقَرُّ بِهِ الْمُقِرُّ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا. [فَرْعٌ أَقَرَّ بِأَخٍ وَقَالَ مُنْفَصِلًا أَرَدْت مِنْ الرَّضَاعِ] (فَرْعٌ: لَوْ أَقَرَّ بِأَخٍ، وَقَالَ) مُنْفَصِلًا (أَرَدْت مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ يُقْبَلْ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ؛ وَلِهَذَا لَوْ فَسَّرَ بِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُقْبَلْ وَاسْتُشْكِلَ بِقَوْلِ الْعَبَّادِيِّ لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَخُوهُ لَا يُكْتَفَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ بِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ (وَمَنْ أَقَرَّ عَلَى أَبِيهِ بِالْوَلَاءِ) فَقَالَ هُوَ عَتِيقُ فُلَانٍ (ثَبَتَ عَلَيْهِ) الْوَلَاءُ (إنْ كَانَ الْمُقِرُّ حَائِزًا) قَالَ الْقَفَّالُ وَلَمْ تُعْرَفْ لَهُ أُمٌّ حُرَّةُ الْأَصْلِ، وَإِلَّا فَإِقْرَارُهُ لَغْوٌ (وَإِنْ أَقَرَّ اثْنَانِ) مِنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ (بِأَخٍ) لَهُمْ (وَشَهِدَا لَهُ عِنْدَ إنْكَارِ الثَّالِثِ) قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا بِشَرْطِهَا؛ لِأَنَّهَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ شَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمَا فِيهَا ضَرَرًا. [كِتَابُ الْعَارِيَّةِ وَفِيهِ بَابَانِ] (كِتَابُ الْعَارِيَّةِ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَقَدْ تُخَفَّفُ وَفِيهَا لُغَةٌ ثَالِثَةٌ عَارَةٌ بِوَزْنِ نَاقَةٍ وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُعَارُ وَلِعَقْدِهَا مِنْ عَارَ إذَا ذَهَبَ وَجَاءَ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْغُلَامِ الْخَفِيفِ عِيَارٌ لِكَثْرَةِ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ وَقِيلَ مِنْ التَّعَاوُرِ، وَهُوَ التَّنَاوُبُ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ؛ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَعَيْبٌ وَحَقِيقَتُهَا شَرْعًا إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] فَسَّرَهُ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ بِمَا يَسْتَعِيرُهُ الْجِيرَانُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعَارَ فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فَرَكِبَهُ» وَخَبَرُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعَارَ دِرْعًا مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ أَغَصْبٌ يَا مُحَمَّدُ وَرُوِيَ أَغَصْبًا فَقَالَ بَلْ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ» قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَكَانَتْ وَاجِبَةً أَوَّلَ الْإِسْلَامِ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهَا فَصَارَتْ مُسْتَحَبَّةً أَيْ أَصَالَةً وَإِلَّا فَقَدْ تَجِبُ كَإِعَارَةِ الثَّوْبِ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَإِعَارَةِ الْحَبْلِ لِإِنْقَاذِ غَرِيقٍ وَالسِّكِّينِ لِذَبْحِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ يُخْشَى مَوْتُهُ، وَقَدْ تَحْرُمُ كَإِعَارَةِ الصَّيْدِ مِنْ الْمُحْرِمِ وَالْأَمَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَدْ تُكْرَهُ كَإِعَارَةُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ مِنْ كَافِرٍ كَمَا سَيَأْتِي. (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْمُعِيرُ وَيُشْتَرَطُ) فِيهِ (صِحَّةُ تَبَرُّعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَبَرُّعٌ بِالْمَنْفَعَةِ فَلَا تَصِحُّ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ كَصَبِيٍّ وَسَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ وَمُكَاتَبٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (وَ) يُشْتَرَطُ فِيهِ (مِلْكُهُ الْمَنْفَعَةَ) وَلَوْ بِوَصِيَّةٍ أَوْ، وَقْفٍ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ الْعَيْنَ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَرِدُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ إثْبَاتِ الشَّيْءِ نَفْيُهُ) بِأَنْ يُوجِبَ شَيْءٌ حُكْمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ مُتَمَانِعَيْنِ يَنْشَأُ الدَّوْرُ مِنْهُمَا وَالدَّوْرُ اللَّفْظِيُّ أَنْ يَنْشَأَ الدَّوْرُ مِنْ لَفْظِ اللَّافِظِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ السُّرَيْجِيَّةِ، وَمَسْأَلَةِ تَعْلِيقِ الْعَزْلِ بِإِدَارَةِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: وَهُنَا يَلْزَمُ مِنْ إرْثِ الِابْنِ عَدَمُ إرْثِهِ) نَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَرِثَ أَخٌ عَبْدَيْنِ فَأَعْتَقَهُمَا فَشَهِدَا بِابْنٍ لِلْمُوَرِّثِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ، وَلَا يَرِثُ شَيْئًا لِلدَّوْرِ لَوْ قَالَ بِشَهَادَةِ الْعَتِيقِ مِنْ الْإِرْثِ كَانَ أَوْلَى إذْ لَوْ شَهِدَ عَتِيقُ أَخٍ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ كَانَ حُكْمُهُ أَنْ لَا يَرِثَ فَلَا تُشْتَرَطُ شَهَادَةُ الْعَتِيقِ فِي عَدَمِ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) وَرَجَّحَهُ فِي الْبَيَانِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. [فَرْعٌ ادَّعَى مَجْهُولٌ عَلَى أَخِي الْمَيِّتِ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ فَأَنْكَرَ الْأَخُ وَنَكَلَ الْيَمِينِ] (كِتَابُ الْعَارِيَّةِ) . (قَوْلُهُ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ إلَخْ) رَدَّهُ الرَّاغِبُ بِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ بِدَلِيلِ تَعَاوَرْنَا الْعَوَارِيَّ وَالْعَارُ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ بِدَلِيلِ عَيَّرْته بِكَذَا، وَقَوْلُ الْعَامَّةِ غَيْرَهُ لَحْنٌ وَرَدَّهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ الشَّارِعَ فَعَلَهَا (قَوْلُهُ: وَحَقِيقَتُهَا شَرْعًا إبَاحَةُ إلَخْ) فَلَيْسَتْ هِبَةً لِلْمَنَافِعِ فَلَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ التَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى إلَخْ) وقَوْله تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] (قَوْلُهُ: كَإِعَارَةِ الثَّوْبِ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) وَإِعَارَةُ كُلِّ مَا فِيهِ إحْيَاءُ مُهْجَةٍ مُحْتَرَمَةٍ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ كَمَا لَوْ خَشِيَ الْهَلَاكَ مِنْ الْعَطَشِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ وَوَجَدَ بِئْرًا وَمَعَ غَيْرِهِ دَلْوٌ أَوْ رِشَاءٌ يَكْتَفِي مِنْهُ بِدَلْوٍ مَثَلًا أَوْ أَوْصَى أَنْ تُعَارَ دَارُهُ مِنْ زَيْدٍ سَنَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ تَنْفِيذُهُ وَكَمَا فِي عَارِيَّةِ كِتَابٍ كَتَبَ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ سَمَاعَ غَيْرِهِ أَوْ كُتِبَ بِإِذْنِهِ أَفْتَى بِهِ أَبُو عُبَيْدٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْإِعَارَةَ لَا تَجِبُ عَيْنًا بَلْ هِيَ أَوْ النَّقْلُ إنْ كَانَ النَّاقِلُ ثِقَةً وَكَعَارِيَّةِ الْمُصْحَفِ لِمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعَلِّمُهُ، وَهُوَ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ قَالَ شَيْخُنَا الْوُجُوبُ مُسَلَّمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ إذَا وَجَدَ مَنْ يُعِيرُهُ أَمَّا عَلَى الْمَالِكِ فَلَا. وَقَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقِيَاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَحْرُمُ كَإِعَارَةِ الصَّيْدِ مِنْ الْمُحْرِمِ إلَخْ) أَيْ وَالسِّلَاحِ وَالْخَيْلِ مِنْ الْحَرْبِيِّ وَالْمُصْحَفِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْكَافِرِ كَبَيْعِهَا مِنْهُ. [الْبَابُ الْأَوَّل أَرْكَانِ الْعَارِيَّة] (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِيهِ صِحَّةُ تَبَرُّعِهِ) أَيْ النَّاجِزِ لِيَخْرُجَ السَّفِيهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ بِالْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ كَصَبِيٍّ وَسَفِيهٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَالْمَأْخُوذُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ وَالْأُجْرَةِ سِوَى النَّفْسِ فَإِنَّهَا لَا تُضْمَنُ إلَّا بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَمِلْكُهُ الْمَنْفَعَةَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ جَوَازَ الْإِعَارَةِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِمَا إذَا كَانَ نَاظِرًا (فَتَصِحُّ) الْإِعَارَةُ (مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ (لَا) مِنْ (الْمُسْتَعِيرِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لَهَا، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ وَالْمُسْتَبِيحُ لَا يَمْلِكُ نَقْلَ الْإِبَاحَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الضَّيْفَ لَا يُبِيحُ لِغَيْرِهِ مَا قُدِّمَ لَهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ صَحَّتْ الْإِعَارَةُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ثُمَّ إنْ لَمْ يُسَمِّ مَنْ يُعِيرُ لَهُ فَالْأَوَّلُ عَلَى عَارِيَّتِهِ، وَهُوَ الْمُعِيرُ مِنْ الثَّانِي وَالضَّمَانُ بَاقٍ عَلَيْهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، وَإِنْ رَدَّهَا الثَّانِي عَلَيْهِ بَرِئَ، وَإِنْ سَمَّاهُ انْعَكَسَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ (لَكِنَّ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَعِيرِ (اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِوَكِيلِهِ) كَأَنْ يُرْكِبَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ وَكِيلَهُ فِي حَاجَتِهِ أَوْ زَوْجَتَهُ أَوْ خَادِمَهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ رَاجِعٌ إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الْمُبَاشِرِ وَأُورِدَ عَلَى قَيْدِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ صِحَّةُ إعَارَةِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ وَصِحَّةُ إعَارَةٍ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ الْمَنْذُورَيْنِ مَعَ خُرُوجِهِمَا عَنْ مِلْكِهِ وَصِحَّةُ إعَارَةِ الْإِمَامِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ أَرْضٍ وَغَيْرِهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لَهُ، وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَيْسَتْ عَارِيَّةً حَقِيقَةً بَلْ شَبِيهَةٌ بِهَا وَبِأَنَّهُمْ أَرَادُوا هُنَا بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ مَا يَعُمُّ الِاخْتِصَاصَ بِهَا وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا لَا بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَعَلَى هَذَا لَا يَرِدُ مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ إعَارَةِ الصُّوفِيِّ وَالْفَقِيهِ سَكَنَهُمَا بِالرِّبَاطِ وَالْمَدْرَسَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا. (وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُعِيرَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ فِي خِدْمَةٍ لَهَا أُجْرَةٌ أَوْ تَضُرُّ بِهِ) الْخِدْمَةُ كَمَا لَا يُعِيرُ مَالَهُ بِخِلَافِ خِدْمَةٍ لَيْسَتْ كَذَلِكَ كَأَنْ يُعِيرَهُ لِيَخْدُمَ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَجْنُونُ وَالْبَالِغُ السَّفِيهُ كَذَلِكَ. (الرُّكْنُ الثَّانِي: الْمُسْتَعِيرُ وَشَرْطُهُ صِحَّةُ عِبَارَتِهِ وَالتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ) فَلَا تَصِحُّ لِمَنْ لَا عِبَارَةَ لَهُ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَبَهِيمَةٍ كَمَا لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ مِنْهُمْ، وَقَوْلُهُ صِحَّةُ عِبَارَتِهِ مُغَنٍّ عَمَّا بَعْدَهُ، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ بِعَقْدٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ اسْتِعَارَةِ السَّفِيهِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ صِحَّةُ قَبُولِهِ الْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ لَكِنْ كَيْفَ تَصِحُّ اسْتِعَارَتُهُ مَعَ أَنَّهَا مُضَمَّنَةً لَا جَرَمَ، جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا. انْتَهَى. وَقَضِيَّتُهُ صِحَّتُهَا مِنْهُ، وَمِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِعَقْدِ وَلِيِّهِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُضَمَّنَةً كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمُعَارُ وَشَرْطُهُ وُجُودُ الِانْتِفَاعِ الْمُبَاحِ) فَلَا يُعَارُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَحِمَارٍ زَمِنٍ وَلَا مَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعًا مُحَرَّمًا كَجَارِيَةٍ لِلتَّمَتُّعِ وَآلَاتِ الْمَلَاهِي (مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) كَعَبْدٍ وَدَارٍ وَثَوْبٍ (فَلَا يُعَارُ الْمَطْعُومُ) وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ إنَّمَا هُوَ بِالِاسْتِهْلَاكِ فَانْتَفَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعَارَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَيَدْخُلُ فِي الضَّابِطِ مَا لَوْ اسْتَعَارَ قَيِّمُ الْمَسْجِدِ أَحْجَارًا أَوْ أَخْشَابًا لِيَبْنِيَ بِهَا الْمَسْجِدَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَوَارِيِّ جَوَازُ اسْتِرْدَادِهَا وَالشَّيْءُ إذَا صَارَ مَسْجِدًا لَا يَجُوزُ اسْتِرْدَادُهُ. (وَلَا) يُعَارُ (النَّقْدَانِ) إذْ مَنْفَعَةُ التَّزَيُّنِ بِهِمَا وَالضَّرْبِ عَلَى طَبْعِهِمَا مَنْفَعَةٌ ضَعِيفَةٌ قَلَّمَا تُقْصَدُ، وَمُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِمَا فِي الْإِنْفَاقِ وَالْإِخْرَاجِ (إلَّا لِلتَّزَيُّنِ) أَوْ الضَّرْبِ عَلَى طَبْعِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ بِأَنْ صَرَّحَ بِإِعَارَتِهِمَا لِذَلِكَ أَوْ نَوَاهَا فِيمَا يَظْهَرُ فَتَصِحُّ لِاِتِّخَاذِهِ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ مَقْصِدًا، وَإِنْ ضَعُفَتْ، وَيَنْبَغِي عَوْدُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْمَطْعُومِ أَيْضًا (وَحَيْثُ لَمْ نُصَحِّحْهَا) أَيْ الْعَارِيَّةَ فَجَرَتْ (ضُمِنَتْ) ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ الصَّحِيحَةَ مَضْمُونَةٌ وَلِلْفَاسِدِ حُكْمُ الصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ (وَقَبْضُ مَالِ الْغَيْرِ بِإِذْنٍ) مِنْهُ (لِغَيْرِ انْتِفَاعٍ -   [حاشية الرملي الكبير] فَقَطْ الْإِعَارَةُ إلَّا مِمَّنْ يَجُوزُ إيدَاعُ تِلْكَ الْعَيْنِ عِنْدَهُ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا وَقَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ جَوَازَ الْإِعَارَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ ثُمَّ إنْ لَمْ يُسَمِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (فَرْعٌ) اسْتَعَارَ كِتَابًا فَرَأَى فِيهِ خَطَأً لَا يُصْلِحُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قُرْآنًا فَيَجِبُ كَذَا رَأَيْته فِي زِيَادَاتِ الْعَبَّادِيِّ وَتَقْيِيدُهُ بِالْإِصْلَاحِ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى نَقْصِ قِيمَتِهِ لِرَدَاءَةِ خَطِّهِ أَوْ نَحْوِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ إفْسَادٌ لِمَالِيَّتِهِ لَا إصْلَاحٌ أَمَّا الْكِتَابُ الْمَوْقُوفُ فَيَصْلُحُ جَزْمًا خُصُوصًا مَا كَانَ خَطَأً مَحْضًا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] . وَقَوْلُهُ وَتَقْيِيدُهُ بِالْإِصْلَاحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ لَهُ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ) وَلَوْ بِوَكِيلِهِ وَلَيْسَ لِمَنْ أُبِيحَ لَهُ الطَّعَامُ أَنْ يُبِيحَ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجَتَهُ) فِي الْبَيَانِ إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيُرْكِبَهَا زَوْجَتَهُ زَيْنَبَ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُرْكِبَ غَيْرَهَا إنْ كَانَتْ مِثْلَهَا أَوْ دُونَهَا وَجْهَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ أَنَّهُ يُرْكِبُهَا زَوْجَتَهُ زَيْنَبَ، وَهِيَ بِنْتُ الْمُعِيرِ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ نَحْوُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إرْكَابُ ضَرَّتِهَا مَكَانَهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُعِيرَ لَا يَسْمَحُ بِهَا لِضَرَّتِهَا، وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ: وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَصَحُّهُمَا نَعَمْ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ لِمَنْ لَا عِبَارَةَ لَهُ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَسَفِيهٍ وَلَا ضَمَانَ بِالتَّلَفِ وَلَا بِإِتْلَافِهِمْ وَكَوْنِهِ مُعَيَّنًا فَلَوْ أَعَارَ مِنْ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ بَطَلَتْ وَلَوْ أَعَارَ لَهُ الْأَخِيرُ وَالْحُكْمُ لِمَنْ خُصِّصَ بِهِ وَلَوْ اسْتَعْمَلَا ضَمِنَا ضَمَانَ الْغَصْبِ فَلَوْ أَجَازَهُمَا جَمِيعًا فَكُلُّ وَاحِدٍ مُسْتَعِيرٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الصَّحِيحَ صِحَّةُ قَبُولِهِ الْهِبَةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ الرَّاجِحُ عَدَمُ صِحَّةِ قَبُولِهِ الْوَصِيَّةَ (قَوْلُهُ: جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ صِحَّتُهَا مِنْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ وُجُودُ الِانْتِفَاعِ الْمُبَاحِ) أَيْ الْجَائِزِ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ بِإِعَارَةِ الدِّرْعِ وَالْفَحْلِ وَالْفَرَسِ وَقِسْنَا عَلَيْهِ الْبَاقِيَ (قَوْلُهُ: كَجَارِيَةٍ لِلتَّمَتُّعِ) فَإِنْ وَطِئَ عَالِمًا فَزَانٍ أَوْ جَاهِلًا فَشُبْهَةٌ وَيَنْبَغِي إلْحَاقُهُ بِوَطْءِ الْمُرْتَهِنِ بِالْإِذْنِ إذْ لَا فَرْقَ وَقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلْحَاقُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالضَّرْبُ عَلَى طَبْعِهِمَا مَنْفَعَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَالضَّرْبُ عَلَى طَبْعِهِمَا جَوَازُ اسْتِعَارَةِ الْخَطِّ وَالثَّوْبِ الْمُطَرَّزِ لِيَكْتُبَ وَيُخَاطَ عَلَى صُورَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الضَّرْبِ عَلَى طَبْعِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: أَوْ نَوَاهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ لِاِتِّخَاذِ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ مَقْصِدًا) وَإِنْ ضَعُفَتْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ شَاعَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ أَيْ لَفْظَةُ الْإِعَارَةِ فِي قَرْضِهِمَا فِي بُقْعَةٍ كَمَا شَاعَتْ فِي الْحِجَازِ كَانَ قَرْضًا. اهـ. قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إنْ جَرَى ذَلِكَ فِي بَلَدٍ يَسْتَعْمِلُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي مَعْنَى الْقَرْضِ كَانَ قَرْضًا (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي عَوْدُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْمَطْعُومِ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 أَمَانَةٌ) فِي يَدِهِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ أَصْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ تَعْلِيلٍ لِشَيْءٍ، وَعِبَارَتُهُ، وَقِيلَ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِعَارِيَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا فَاسِدَةٍ، وَمَنْ قَبَضَ مَالَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ لَا لِمَنْفَعَةٍ كَانَ أَمَانَةً (وَتَحْرُمُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ لِخِدْمَتِهِ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَيُفَارِقُ هَذَا جَوَازَ إجَارَتِهَا وَالْوَصِيَّةِ بِمَنْفَعَتِهَا لَهُ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُومُ كَلَامِهِمْ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ وَالْمُوصَى لَهُ يَمْلِكَانِ الْمَنْفَعَةَ فَيُعِيرَانِ، وَيُؤَجِّرَانِ لِمَنْ يَخْلُو بِهَا إنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِمَا الِانْتِفَاعُ بِأَنْفُسِهِمَا وَالْإِعَارَةُ إبَاحَةٌ لَهُ فَقَطْ، وَإِذَا لَمْ يَسْتَبِحْ لِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ وَخَرَجَ بِالْأَجْنَبِيِّ الْمَحْرَمُ، وَفِي مَعْنَاهُ الْمَرْأَةُ وَالْمَمْسُوحُ وَزَوْجُ الْجَارِيَةِ، وَمَالِكُهَا كَأَنْ يَسْتَعِيرَهَا مِنْ مُسْتَأْجِرِهَا أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا إذْ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَسَكَتُوا عَنْ إعَارَةِ الْعَبْدِ لِلْمَرْأَةِ، وَهُوَ كَعَكْسِهِ بِلَا شَكٍّ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُعَارُ خُنْثَى امْتَنَعَ احْتِيَاطًا وَالْمَفْهُومُ مِنْ الِامْتِنَاعِ فِيهِ، وَفِي الْأَمَةِ الْفَسَادُ كَالْإِجَارَةِ لِلْمَنْفَعَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ فِي صُورَةِ الْأَمَةِ وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ بِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ وَنَفَى الْجَوَازَ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْغَزَالِيِّ الصِّحَّةَ وَبِهَا جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَعَلَّلَهَا بِأَنَّ الْمَنْعَ فِي ذَلِكَ لِغَيْرِهِ كَالْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ وَجَعَلَ فَائِدَةَ الصِّحَّةِ عَدَمَ وُجُوبَ الْأُجْرَةِ. وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُهَا فِي الْفَاسِدَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ فَاسِدَ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ، وَعَدَمِهِ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَبَّهَ عَلَى هَذَا (لَا) إعَارَةَ (صَغِيرَةٍ وَشَوْهَاءَ) بِالْمَدِّ أَيْ قَبِيحَةٍ (يُؤْمَنُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا تَحْرُمُ لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمَنْعَ فِيهِمَا، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ الْجَوَازُ فِي الصَّغِيرَةِ لِجَوَازِ الْخَلْوَةِ بِهَا دُونَ الْكَبِيرَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَلْتَحِقُ بِالْمُشْتَهَاةِ الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ لَا سِيَّمَا مِمَّنْ عُرِفَ بِالْفُجُورِ. (وَلَوْ اسْتَعَارَ أَوْ اسْتَأْجَرَ وَالِدًا) لَهُ، وَإِنْ عَلَا (لِلْخِدْمَةِ أَوْ) اسْتَعَارَ أَوْ اسْتَأْجَرَ (كَافِرٌ مُسْلِمًا جَازَ) إذْ لَا مَانِعَ (وَكُرِهَ) صِيَانَةً لَهُمَا عَنْ الْإِذْلَالِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِاسْتِعَارَةِ وَالِدِهِ وَاسْتِئْجَارِهِ لِذَلِكَ تَوْفِيرَهُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِمَا بَلْ هُمَا مُسْتَحَبَّانِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ فِي صُورَةِ الِاسْتِعَارَةِ وَكَمَا يُكْرَهُ لِلْكَافِرِ اسْتِعَارَةُ الْمُسْلِمِ وَاسْتِئْجَارُهُ تُكْرَهُ إعَارَتُهُ، وَإِجَارَتُهُ لَهُ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَتَقَدَّمَ ثُمَّ جَوَازُ اسْتِئْجَارِهِ وَذَكَرَهُ هُنَا مَعَ كَرَاهَتِهِ، وَجَوَازُ اسْتِعَارَتِهِ وَكَرَاهَتُهَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَأَمَّا إجَارَةُ وَإِعَارَةُ الْوَالِدِ نَفْسَهُ لِوَلَدِهِ فَلَيْسَتَا مَكْرُوهَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ قَالَ الْفَارِقِيُّ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْخِدْمَةِ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ فِي جَانِبِ الْوَلَدِ لِمَكَانِ الْوِلَادَةِ فَلَمْ تَتَعَدَّ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ إعَارَةِ الصَّيْدِ مِنْ الْمُحْرِمِ فَإِنَّ الْعِبَادَةَ يَجِبُ احْتِرَامُهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ شَامِلٌ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ. (فَرْعٌ: لَوْ اسْتَعَارَ الْحَلَالُ مِنْ الْمُحْرِمِ صَيْدًا) لَمْ يُرْسِلْهُ فِي إحْرَامِهِ (فَتَلِفَ) فِي يَدِهِ (لَمْ يَضْمَنْهُ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ (وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْجَزَاءُ) لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْإِعَارَةِ إذْ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ (فَإِنْ اسْتَعَارَهُ الْمُحْرِمُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَلَالِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ (ضَمِنَ الْجَزَاءَ) لِلَّهِ تَعَالَى (وَالْقِيمَةَ) لِلْحَلَالِ. (فَرْعٌ: تَجُوزُ إعَارَةُ فَحْلٍ لِلضِّرَابِ وَكَلْبٍ لِلصَّيْدِ) ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مُعَاوَضَةٌ (وَلَوْ أَعَارَهُ شَاةً) أَوْ دَفَعَهَا لَهُ، وَهُوَ مَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (وَمَلَّكَهُ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ) مِنْهَا (لَمْ يَصِحَّ) شَيْءٌ مِنْ الْإِعَارَةِ وَالتَّمْلِيكِ (وَلَمْ يَضْمَنْ) آخِذُهَا (الدَّرَّ وَالنَّسْلَ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُمَا بِهِبَةٍ فَاسِدَةٍ (وَيَضْمَنُ الشَّاةَ) بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ الْفَاسِدَةِ (فَلَوْ أَبَاحَهُمَا) لَهُ (أَوْ اسْتَعَارَ) مِنْهُ (الشَّاةَ لِأَخْذِ ذَلِكَ) أَوْ الشَّجَرَةَ لِيَأْخُذَ ثَمَرَهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (جَازَ) وَكَانَ إبَاحَةً لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَالثَّمَرِ، وَإِعَارَةً لِلشَّاةِ وَالشَّجَرَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَعَلَى هَذَا قَدْ تَكُونُ الْعَارِيَّةُ لِاسْتِفَادَةِ عَيْنٍ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مُجَرَّدَ الْمَنْفَعَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ. انْتَهَى. فَالشَّرْطُ فِي الْعَارِيَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا اسْتِهْلَاكُ الْمُعَارِ لَا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ (فَإِنْ شَرَطَ عَلَفَهَا) فِيمَا إذَا مَلَّكَهُ دَرَّهَا وَنَسْلَهَا أَوْ أَبَاحَهُمَا لَهُ (فَذَلِكَ) أَيْ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ (بَيْعٌ، وَإِجَارَةٌ فَاسِدَانِ فَيَضْمَنُ الرِّيعَ) مِنْ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (دُونَ الشَّاةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ (كَمَنْ أَعْطَى سَقَّاءً شَيْئًا لِيَشْرَبَ) فَأَعْطَاهُ كُوزًا (فَانْكَسَرَ الْكُوزُ فِي يَدِهِ) فَإِنَّهُ (يَضْمَنُ الْمَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَاءُ أَكْثَرَ مِمَّا يَشْرَبُهُ لَمْ يَضْمَنْ الزَّائِدَ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِأَجْنَبِيٍّ) وَلَوْ شَيْخًا أَوْ مُرَاهِقًا أَوْ خَصِيًّا وَكَتَبَ أَيْضًا إذَا مَرِضَ رَجُلٌ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدُمُهُ إلَّا امْرَأَةً فَإِنَّهَا تَخْدُمُهُ لِلضَّرُورَةِ فَلَوْ اسْتَعَارَهَا، وَالْحَالَةُ هَذِهِ صَحَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَطْفَالٌ بِبَلَدٍ آخَرَ أَوْ بِمَحَلَّةٍ أُخْرَى فَاسْتَعَارَ أَمَةً لِخِدْمَتِهِمْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَهَذَا خَارِجٌ عَنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي إعَارَتِهَا لِخِدْمَةِ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهُ الْمَرْأَةُ) وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ كَافِرَةً وَالْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ الِامْتِنَاعِ فِيهِ وَفِي الْأَمَةِ الْفَسَادُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ فَاسِدَ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ) قَدْ قَدَّمْت فِي الرَّهْنِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْمُخَالَفَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ الْحَقُّ الْمَنْعُ فِي الْعَجُوزِ وَالشَّوْهَاءِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَلْتَحِقُ بِالْمُشْتَهَاةِ الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرٌ مُسْلِمًا) جَازَ هَذَا إذَا اسْتَعَارَهُ لِغَيْرِ الْخِدْمَةِ وَلَمْ يَخْشَ عَلَيْهِ الِافْتِتَانَ فَإِنْ اسْتَعَارَهُ لِلْخِدْمَةِ فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ وَصَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَآخَرُونَ وَكَذَا لَوْ خَشِيَ عَلَيْهِ الِافْتِتَانَ سَوَاءٌ أَكَانَ صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا لَا سِيَّمَا قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: بَلْ هُمَا مُسْتَحَبَّانِ) أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ الْبِرِّ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ اسْتَعَارَ الْحَلَالُ مِنْ الْمُحْرِمِ صَيْدًا لَمْ يُرْسِلْهُ فِي إحْرَامِهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ وَفِي مِلْكِهِ صَيْدٌ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ فَإِنْ وَرِثَهُ فِي إحْرَامِهِ صَحَّتْ إعَارَتُهُ، وَعَلَى الْحَلَالِ الْقِيمَةُ إنْ تَلِفَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَزُولُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَعَارَهُ الْمُحْرِمُ مِنْهُ ضَمِنَ الْجَزَاءَ وَالْقِيمَةَ) قَدْ أَلْغَزَ بِذَلِكَ ابْنُ الْوَرْدِيُّ فِي قَوْلِهِ عِنْدِي سُؤَالٌ حَسَنٌ مُسْتَظْرَفُ فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ قَدْ تَفَرَّعَا قَابِضُ شَيْءٍ بِرِضَا مَالِكِهِ وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ مَعًا. [فَرْعٌ إعَارَةُ فَحْلٍ لِلضِّرَابِ وَكَلْبٍ لِلصَّيْدِ] (قَوْلُهُ: أَوْ الشَّجَرَةَ لِيَأْخُذَ ثَمَرَهَا) أَوْ بِئْرًا لِلِاسْتِقَاءِ مِنْهَا أَوْ جَارِيَةً لِلْإِرْضَاعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي (لَا الْكُوزَ) أَيْ لَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ (فَإِنْ سَقَاهُ مَجَّانًا) فَانْكَسَرَ الْكُوزُ (فَعَكْسُهُ) أَيْ فَيَضْمَنُ الْكُوزَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِعَارِيَّةٍ فَاسِدَةٍ لَا الْمَاءَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِهِبَةٍ فَاسِدَةٍ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَعِرْنِي دَابَّةً فَقَالَ خُذْ إحْدَى دَوَابِّي صَحَّتْ) أَيْ الْعَارِيَّةُ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُعَارِ عِنْدَ الْإِعَارَةِ وَخَالَفَ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ وَالْغَرَرُ لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا. (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ، وَيَكْفِي لَفْظٌ مِنْ جَانِبٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ) فِي الِانْتِفَاعِ كَأَعَرْتُكَ أَوْ أَبَحْتُك مَنْفَعَةَ هَذَا مَعَ فِعْلٍ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَإِنْ تَرَاخَى أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ (فَلَوْ قَالَ أَعِرْنِي فَأَعْطَاهُ أَوْ) قَالَ لَهُ (أَعَرْتُك فَأَخَذَ صَحَّتْ) أَيْ الْعَارِيَّةُ كَمَا فِي إبَاحَةِ الطَّعَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ اللَّفْظُ مِنْ جَانِبِ الْمُعِيرِ بِخِلَافِهِ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ أَصْلَ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ الضَّمَانُ فَلَا يَزُولُ إلَّا بِلَفْظٍ مِنْ جَانِبِهِ، الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ فَاحْتِيجَ إلَى لَفْظٍ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِلَفْظٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَأَيْضًا فَالْوَدِيعَةُ مَقْبُوضَةٌ لِغَرَضِ الْمَالِكِ وَغَرَضُهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِلَفْظٍ مِنْ جَانِبِهِ وَالْعَارِيَّةُ بِالْعَكْسِ فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِلَفْظِ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا يَكْفِي الْفِعْلُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ إلَّا فِيمَا كَانَ عَارِيَّةً ضِمْنًا كَظَرْفِ الْهَدِيَّةِ الْآتِي وَظَرْفِ الْمَبِيعِ إذَا تَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ (فَلَوْ رَآهُ عَارِيًّا فَأَلْبَسَهُ قَمِيصًا أَوْ فَرَشَ لَهُ مُصَلَّى أَوْ وِسَادَةً) أَوْ نَحْوَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِ (فَهُوَ إبَاحَةٌ) لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ إبَاحَةٍ عَارِيَّةٌ، وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا اللَّفْظُ قَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَخَلَ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشٍ مَبْسُوطٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ انْتِفَاعَ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ وَالْعَارِيَّةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَعْيِينِ الْمُسْتَعِيرِ. وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَقْرِيرَ الْمُتَوَلِّي عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ عَارِيَّةٌ لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ لَهُ، وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ اشْتِرَاطِ اللَّفْظِ، وَمُسَاوِيًا لِلْإِبَاحَةِ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى لَفْظٍ فَكُلٌّ مِنْ النُّسْخَتَيْنِ صَحِيحٌ لَكِنَّ الثَّانِيَةَ أَوْلَى (وَإِنْ أَكَلَ هَدِيَّةً مِنْ ظَرْفِهَا ضَمِنَهُ) بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِهَا مِنْهُ كَأَكْلِ الطَّعَامِ مِنْ الْقَصْعَةِ الْمَبْعُوثِ فِيهَا، وَإِلَّا فَبِحُكْمِ الْغَصْبِ (لَا إنْ كَانَ لَهَا عِوَضٌ، وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ) فَلَا يَضْمَنُهُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ ضَمِنَهُ بِحُكْمِ الْغَصْبِ، وَهَذَا قَدْ يُسْتَشْكَلُ بِظَرْفِ الْمَبِيعِ إذَا تَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي فِيهِ حَيْثُ جُعِلَ عَارِيَّةً، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ هُنَا بِالْأَكْلِ مِنْ ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ قُدِّرَ أَنَّ عِوَضَهَا مُقَابِلٌ لَهَا مَعَ مَنْفَعَةِ ظَرْفِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ فَكَانَ عَارِيَّةً فِيهِ عَلَى الْأَصْلِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا ضَمِنَهُ أَنَّ الضَّمَانَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فَأَمَّا قَبْلَهُ فَأَمَانَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِلَا عِوَضٍ، وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْهِبَةِ، وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَرَجَّحَ أَنَّ ذَلِكَ هِبَةٌ لِمَنْفَعَةِ الظَّرْفِ لَا إعَارَةٌ لَهُ كَمَا أَنَّ هِبَةَ مَنَافِعِ الدَّارِ لَيْسَتْ إعَارَةً لِلدَّارِ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ وَهَبَ الْمَنَافِعَ بِخِلَافِهِ هُنَا. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَعَرْتُك حِمَارِي لِتُعِيرَنِي كَذَا أَوْ) دَابَّتِي (لِتَعْلِفَهَا) أَوْ عَلَى أَنْ تَعْلِفَهَا (أَوْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِجَارَةٌ) لَا إعَارَةٌ نَظَرًا لِلْمَعْنَى (فَاسِدَةٌ) لِلتَّعْلِيقِ فِي الْأُولَى وَلِجَهْلِ الْعَلَفِ فِي الثَّانِيَةِ وَالْمُدَّةِ فِي الثَّالِثَةِ فَيَجِبُ فِي الثَّلَاثِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِعَدَمِ الْقَبْضِ مُدَّةَ الْإِمْسَاكِ، وَلَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ (فَإِنْ قَدَّرَ مَعَ) ذِكْرِ (الدَّرَاهِمِ) فِي الثَّالِثَةِ (مُدَّةً) مَعْلُومَةً كَأَنْ قَالَ أَعَرْتُك دَارِي شَهْرًا مِنْ الْيَوْمِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ (فَعَارِيَّةٌ فَاسِدَةٌ أَوْ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ، وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِاللَّفْظِ أَوْ الْمَعْنَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ الثَّانِي اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى كَمَا صَحَّحَهُ فِيهَا بِدُونِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَعْطَاهُ حَانُوتًا وَدَرَاهِمَ أَوْ أَرْضًا وَبَذْرًا، وَقَالَ اتَّجَرَ) بِالدَّرَاهِمِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحَانُوتِ (أَوْ ازْرَعْهُ) أَيْ الْبَذْرَ (فِيهَا) أَيْ فِي الْأَرْضِ (لِنَفْسِك فَالْأَرْضُ) فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ الْحَانُوتُ) فِي الْأُولَى (عَارِيَّةٌ، وَهَلْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الْبَذْرُ قَرْضٌ أَوْ هِبَةٌ، وَجْهَانِ) قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِكَذَا فَفَعَلَ مَلَكَهُ الْآمِرُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ بِبَدَلِ مَا دَفَعَهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ وَلِيَّ الدِّينِ الْعِرَاقِيَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَزَادَ فِي الْأَنْوَارِ بَعْدَ قَوْلِهِ فِيهِ وَجْهَانِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْقَصْدِ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ أَعِرْنِي دَابَّةً فَقَالَ خُذْ إحْدَى دَوَابِّي] قَوْلُهُ: وَيَكْفِي لَفْظٌ إلَخْ) وَفِي مَعْنَاهُ الْكِتَابَةُ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ (قَوْلُهُ: فَكُلٌّ مِنْ النُّسْخَتَيْنِ صَحِيحٌ) لَكِنَّ الثَّانِيَةَ أَوْلَى إنَّمَا حَكَى الْأَصْلُ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي رَأْيًا مَرْجُوحًا مُقَابِلًا لِمَا صَحَّحَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَالنُّسْخَةُ الْأُولَى هِيَ الْجَارِيَةُ عَلَى الْأَصَحِّ. (تَنْبِيهٌ) هَلْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِبَاحَةِ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ مِنْ الْبَحْرِ لَوْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ أَبَحْت لَك فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَيُشْبِهُ تَرْجِيحَ الْجَوَازِ إذْ لَا تَمْلِيكَ فِيهَا. اهـ. بَلْ هُوَ الْأَصَحُّ [فَرْعٌ قَالَ أَعَرْتُك حِمَارِي لِتُعِيرَنِي كَذَا أَوْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ] (قَوْلُهُ: وَلِجَهْلِ الْعَلَفِ فِي الثَّانِيَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ نَفَقَةَ الْمُعَارِ عَلَى مَالِكِهِ لَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ شَرْطُهُ مُفْسِدًا وَبِهِ جَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ خِلَافًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْقَرْضِ إنَّ نَفَقَةَ الْحَيَوَانِ الْمُقْرَضِ عَلَى الْمُقْرِضِ إنْ قُلْنَا يَحْصُلُ الْمِلْكُ بِالتَّصَرُّفِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهَا عَلَى الْمَالِكِ، وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ قُبَيْلَ الصَّوْمِ عَنْ الْمَذْهَبِ فَقَالَ عِنْدَنَا لَا نَفَقَةَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إنَّمَا هِيَ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَعْنَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ أَعْطَاهُ حَانُوتًا وَدَرَاهِمَ أَوْ أَرْضًا وَبَذْرًا وَقَالَ اتَّجِرْ لِنَفْسِك] (قَوْلُهُ: وَهَلْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الْبَذْرُ قَرْضٌ أَوْ هِبَةٌ وَجْهَانِ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَالْأَصَحُّ هُنَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ وَلِيَّ الدِّينِ الْعِرَاقِيَّ) نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْعَارِيَّةَ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ. الْأَوَّلُ الضَّمَانُ لَهَا (وَلَوْ لِلْأَجْزَاءِ) مِنْهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «الْعَارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ» ؛ وَلِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ رَدُّهُ لِمَالِكِهِ فَيُضْمَنُ عِنْدَ تَلَفِهِ كَالْمَأْخُوذِ بِجِهَةِ السَّوْمِ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الْغَاصِبِ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ. وَلَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ أَمَانَةً لَمَّا اسْتَقَرَّ كَالْمُودَعِ مِنْ الْغَاصِبِ (فَيَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ) فِي يَدِهِ (بِآفَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ (أَوْ أَتْلَفَهَا) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ (أَوْ قَرَحَ) أَيْ جَرَحَ (ظَهْرَهَا) بِالِاسْتِعْمَالِ (تَعَدِّيًا) بِأَنْ حَصَلَ بِاسْتِعْمَالٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ (فَإِنْ تَلِفَتْ) هِيَ أَوْ أَجْزَاؤُهَا (بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ) فِيهِ (كَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ الْمُعْتَادِ) كُلٌّ مِنْهُمَا (لَمْ يَضْمَنْ الْأَجْزَاءَ وَالْعَيْنَ) لِحُصُولِ التَّلَفِ بِسَبَبٍ مَأْذُونٍ فِيهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ اُقْتُلْ عَبْدِي، وَقَدْ يَعْرِضُ لِلْعَارِيَّةِ مَا يَمْنَعُ ضَمَانَهَا كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ وَنَحْوِهِ وَسَيَأْتِي أَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ وَتَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ (وَتُضْمَنُ الْعَارِيَّةُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ لَا بِقِيمَةِ يَوْمِ الْقَبْضِ وَلَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ إلَى يَوْمِ التَّلَفِ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ أَحَدُهُمَا لَأَدَّى إلَى تَضْمِينِ الْأَجْزَاءِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لُزُومُ قِيمَةِ الْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً كَخَشَبٍ وَحَجَرٍ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَاقْتَضَاهُ بِنَاءُ الرُّويَانِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا ضَمَانَ الْمِثْلِيِّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمُتَقَوِّمِ حَيْثُ قَالُوا إنْ اعْتَبَرْنَا أَقْصَى الْقِيَمِ أَوْجَبْنَا الْمِثْلَ أَوْ قِيمَةَ يَوْمِ التَّلَفِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالْقِيمَةُ، وَخَالَفَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فَضَمَّنَ الْمِثْلِيَّ بِالْمِثْلِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى الْقِيمَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْعَارِيَّةَ مُتَقَوِّمَةٌ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمِ غَيْرُ قَوِيمٍ (وَكَذَا) يُضْمَنُ (الْمَقْبُوضُ بِالسَّوْمِ) بِقِيمَةِ يَوْمِ تَلَفِهِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا (وَاشْتِرَاطُ كَوْنِهَا أَمَانَةً لَغْوٌ) فَلَوْ أَعَارَهُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ أَمَانَةً لَغَا الشَّرْطُ، وَكَانَتْ مَضْمُونَةً وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِصِحَّتِهَا وَلَا لِفَسَادِهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْقِيَاسُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا إذَا أَقْرَضَهُ صِحَاحًا بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّ عَنْهَا مُكَسَّرًا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ، وَإِلَيْهِ يُومِئُ تَعْبِيرُهُمْ بِأَنَّ الشَّرْطَ لَغْوٌ. (فَرْعٌ) لَوْ أَعَارَ عَيْنًا بِشَرْطِ ضَمَانِهَا عِنْدَ تَلَفِهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ قَالَ الْمُتَوَلِّي فَسَدَ الشَّرْطُ دُونَ الْعَارِيَّةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ (وَلَوْ وَلَدَتْ) فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ (فَالْوَلَدُ أَمَانَةٌ وَلَوْ سَاقَهَا الْمُسْتَعِيرُ فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا وَالْمَالِكُ سَاكِتٌ يَنْظُرُ فَالْوَلَدُ أَمَانَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بَلْ لِتَعَذُّرِ حِفْظِهِ بِدُونِ أُمِّهِ وَذَلِكَ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ كَمَا لَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهِ فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهِ فَلَمْ يَرُدَّهُ ضَمِنَهُ، وَقَوْلُهُ يُنْظَرُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ أَبْدَلَهُ بِقَوْلِهِ يُعْلَمُ كَانَ أَوْلَى. (فَرْعٌ مُؤْنَةُ الرَّدِّ) لِلْعَارِيَّةِ إنْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ (عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الضَّمَانُ) قَالَ الْأَصْحَابُ كُلُّ مَنْ أَخَذَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الْغَاصِبِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ رَدِّهَا فَوَجَبَ ضَمَانُهَا كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَتْ فِي اسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ سُقُوطُ الدَّابَّةِ فِي بِئْرٍ حَالَ السَّيْرِ تَلَفٌ بِغَيْرِ اسْتِعْمَالٍ هَكَذَا رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ وَقِيَاسُهُ أَنَّ عُثُورَ الدَّابَّةِ فِي حَالِ الِاسْتِعْمَالِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: كَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ إلَخْ) أَيْ وَانْكِسَارِ السَّيْفِ الْمُسْتَعَارِ لِلْقِتَالِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَتُضْمَنُ الْعَارِيَّةُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ رَدُّ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الْقِيمَةُ بِالْفَوَاتِ، وَهُوَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالتَّلَفِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ الْمَضْمُونَاتُ فِي الشَّرِيعَةِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ يُرَدُّ فِيهِ الْمِثْلُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْقَرْضُ وَقِسْمٌ تُرَدُّ فِيهِ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ الْعَارِيَّةُ وَقِسْمٌ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَامِ وَالْمُشْتَرِي فَاسِدًا عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ. اهـ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ مَسَائِلُ مِنْهَا جِلْدُ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ فَإِعَارَتُهُ جَائِزَةٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ لَمْ يَضْمَنْ لِابْتِنَاءِ يَدِهِ عَلَى يَدِ مَنْ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَمِنْهَا الْمُسْتَعَارُ لِلرَّهْنِ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَمِنْهَا لَوْ اسْتَعَارَ صَيْدًا مِنْ مُحْرِمٍ لَمْ يَضْمَنْهُ فِي الْأَصَحِّ وَمِنْهَا إعَارَةُ الْإِمَامِ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِمَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَمِنْهَا اسْتِعَارَةُ الْفَقِيهِ كِتَابًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. (فَرْعٌ) لَوْ اسْتَعَارَ عَبْدًا مُرْتَدًّا فَتَلِفَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ قَالَ فِي الْخَادِمِ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ فَكَذَا إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا وَقَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لُزُومُ قِيمَةِ الْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً إلَخْ) ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَبِهِ أَفْتَيْت قَالَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّ رَدَّ عَيْنِ مِثْلِهَا مَعَ اسْتِعْمَالِ جُزْءٍ مِنْهَا بِالْإِذْنِ مُتَعَذِّرٌ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمِثْلِيِّ الْمَفْقُودِ فَرَجَعَ إلَى الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَضْمَنُ الْمَضْمُونَ بِالسَّوْمِ بِقِيمَةِ يَوْمِ تَلَفِهِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا) قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ لَا يَضْمَنُهُ بِالْمِثْلِ بِلَا خِلَافٍ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَبِهِ أَفْتَيْت؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي ضَمَانِ الْمُعَارِ جَارٍ فِي ضَمَانِ الْمَقْبُوضِ بِالسَّوْمِ وَالصَّحِيحُ كَالصَّحِيحِ، وَإِنْ جَرَى الْبُلْقِينِيُّ عَلَى أَنَّ الْمِثْلِيَّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْقِيَاسُ تَخْرِيجُهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ لَيْسَ لَنَا شَرْطٌ فَاسِدٌ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَيَصِحُّ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى، قَالَ شَيْخُنَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَرْجَحَ هُنَا فَسَادُهَا أَيْضًا. [فَرْعٌ أَعَارَ عَيْنًا بِشَرْطِ ضَمَانِهَا عِنْدَ تَلَفِهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ] (قَوْلُهُ: قَالَ الْمُتَوَلِّي فَسَدَ الشَّرْطُ دُونَ الْعَارِيَّةِ) أَيْ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِ لَهَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ فَسَادُهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَاقَهَا الْمُسْتَعِيرُ فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِالْأُمِّ بِدُونِهِ فَيَضْمَنُهُ أَيْضًا وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا أَطْلَقَهُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْوَلَدِ التَّابِعِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا عَلِمَ الْمَالِكُ بِأَنَّ الْوَلَدَ قَدْ تَبِعَ أُمَّهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَكَالْحَادِثِ، وَأَوْلَى بِوُجُوبِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِي إخْرَاجِهِ عَنْ حَوْزَةِ الْمَالِكِ وَيَدِهِ. اهـ. قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهِ فَلَمْ يَرُدَّهُ ضَمِنَهُ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الرَّدِّ عَلَيْهِ حَتَّى تَلْزَمَهُ مُؤْنَتُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ عَلَى الْمَالِكِ فَكَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِوُجُوبِ التَّخْلِيَةِ، وَإِعْلَامِ الْمَالِكِ عَلَى الْفَوْرِ. [فَرْعٌ مُؤْنَةُ الرَّدِّ لِلْعَارِيَّةِ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) هَذَا مِنْ إفْرَادِ قَاعِدَةِ كُلُّ مَا كَانَ مَضْمُونُ الْعَيْنِ كَانَ مَضْمُونَ الرَّدِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ؛ وَلِأَنَّ الْإِعَارَةَ بِرٌّ، وَمَكْرُمَةٌ فَلَوْ لَمْ تُجْعَلْ الْمُؤْنَةُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْهَا، وَخَرَجَ بِمُؤْنَةِ الرَّدِّ مُؤْنَةُ الْعَارِيَّةِ فَتَلْزَمُ الْمَالِكَ لَا الْمُسْتَعِيرَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَاقْتَضَاهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعَرْتُك دَابَّتِي لِتَعْلِفَهَا كَانَ إجَارَةً فَاسِدَةً (وَإِنَّمَا يَبْرَأُ) مِنْ ضَمَانِهَا (بِالرَّدِّ) لَهَا (إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ) فِيهِ أَوْ الْحَاكِمِ عِنْدَ غَيْبَتِهِ أَوْ حَجْرِهِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ فَلَوْ رَدَّ الدَّابَّةَ لِلْإِصْطَبْلِ أَوْ الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ لِلْبَيْتِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِهِ الْمَالِكُ أَوْ يُخْبِرَهُ بِهِ ثِقَةٌ، كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي هُنَا وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَأَقَرَّهُ، وَكَذَا (لَا) يَبْرَأُ بِالرَّدِّ إلَى (وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَالِكَ أَوْ وَكِيلَهُ (بَلْ يَضْمَنَانِ) بِالرَّدِّ إلَيْهِمَا لِعَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ (فَإِنْ أَرْسَلَاهَا الْمَرْعَى وَتَلِفَتْ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِمَا) لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِمَا حَتَّى لَوْ غَرِمَا لَمْ يَرْجِعَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَلَوْ غَرِمَ الْمُسْتَعِيرُ رَجَعَ عَلَيْهِمَا. (وَلَوْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَمُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ فَتَلِفَتْ الْعَيْنُ (لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ، وَهُوَ أَمِينٌ؛ وَلِأَنَّ هَذَا الِانْتِفَاعَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْمَالِكِ فَأَشْبَهَ انْتِفَاعَ الْمُسْتَأْجِرِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ إجَارَةً فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ مُعِيرَهُ ضَامِنٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ فِعْلُ مَا لَيْسَ لَهُ قَالَ وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَلَا يُقَالُ حُكْمُ الْفَاسِدَةِ حُكْمُ الصَّحِيحَةِ فِي كُلِّ مَا تَقْتَضِيهِ بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ لَا بِمَا اقْتَضَاهُ حُكْمُهَا (وَعَلَيْهِ الْمُؤْنَةُ) لِلرَّدِّ (إنْ رَدَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) كَمَا فِي سَائِرِ الْعَوَارِيِّ (وَتَجِبُ) الْمُؤْنَةُ (عَلَى الْمَالِكِ إنْ رُدَّ إلَيْهِ) كَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ. (فَرْعٌ: عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) لِلْعَيْنِ (مِنْ الْغَاصِبِ) إنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ (قَرَارُ ضَمَانِ قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّلَفِ، وَكَذَا قَرَارُ) بَدَلِ (مَنَافِعَ اسْتَوْفَاهَا) لِمُبَاشَرَتِهِ إتْلَافَهَا (وَلَا يَضْمَنُ زِيَادَةً) كَانَتْ (فِي يَدِ الْمُعِيرِ) لَهُ (وَلَا فِي يَدِهِ إنْ تَلِفَتْ بِنَفْسِهَا) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ التَّالِفَةَ فِي يَدِهِ أَصْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَضْمَنُهَا لَكِنَّ قَرَارَ ضَمَانِهَا عَلَى الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَعِيرِ فِي الْمَنَافِعِ لَيْسَتْ يَدَ ضَمَانٍ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَإِنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ مِنْ غَاصِبٍ ضَمِنَ وَرَجَعَ) بِمَا غَرِمَهُ (عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْغَاصِبِ) . [فَرْعٌ أَرْكَبَ مَالِكُ دَابَّةٍ دَابَّتَهُ وَكِيلَهُ فِي حَاجَتِهِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ] (فَرْعٌ: لَوْ أَرْكَبَ) مَالِكُ دَابَّةٍ (دَابَّتَهُ وَكِيلَهُ) فِي حَاجَتِهِ (أَوْ حَافِظَ مَتَاعِهِ) الَّذِي (عَلَيْهَا أَوْ الرَّائِضَ) لِيُرَوِّضَهَا أَيْ يُعَلِّمَهَا السَّيْرَ (وَتَلِفَتْ) فِي يَدِهِ (بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْكَبْهَا إلَّا لِغَرَضِ الْمَالِكِ (أَوْ) أَرْكَبَهَا (مُنْقَطِعًا) فِي الطَّرِيقِ تَقَرُّبًا (لِلَّهِ تَعَالَى) فَتَلِفَتْ (ضَمِنَ) سَوَاءٌ الْتَمَسَ الرَّاكِبُ أَمْ ابْتَدَأَهُ الْمُرْكِبُ كَسَائِرِ الْعَوَارِيِّ وَالتَّصْرِيحُ بِلِلَّهِ تَعَالَى مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَرْدَفَهُ) أَيْ أَرْكَبهُ مَعَهُ عَلَيْهَا فَتَلِفَتْ بِغَيْرِ الرُّكُوبِ (فَنِصْفُ الضَّمَانِ) عَلَى الرَّدِيفِ (وَإِنْ وَضَعَ مَتَاعَهُ عَلَى دَابَّةِ رَجُلٍ، وَقَالَ) لَهُ (سَيِّرْهَا فَفَعَلَ فَتَلِفَتْ) بِغَيْرِ الْوَضْعِ (ضَمِنَهَا) كَسَائِرِ الْعَوَارِيِّ (وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا مَتَاعٌ لِغَيْرِهِ) فَتَلِفَتْ بِذَلِكَ (ضَمِنَ مِنْهَا قِسْطَ مَتَاعِهِ) أَيْ بِقِسْطِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ مِنْهَا بِقِسْطِهِ مِمَّا (عَلَيْهَا) حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهَا مِثْلُ مَتَاعِهِ ضَمِنَ نِصْفَهَا (وَإِنْ سَيَّرَهَا) مَالِكُهَا (بِغَيْرِ أَمْرِهِ) أَيْ الْوَاضِعِ فَتَلِفَتْ (لَمْ يَضْمَنْ الْوَاضِعُ) ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَ يَدِ مَالِكِهَا (بَلْ يَضْمَنُ الْمَالِكُ مَتَاعَهُ إذْ لَهُ طَرْحُهُ عَنْهَا، وَإِنْ حَمَلَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَتَاعَك) فَإِنْ كَانَ (بِسُؤَالِك فَهُوَ مُعِيرٌ) لَك كُلَّ الدَّابَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ مَتَاعِك (أَوْ بِسُؤَالِهِ فَهُوَ وَدِيعٌ) أَوْ مُسْتَوْدَعٌ مَتَاعَك، وَلَا تَدْخُلُ الدَّابَّةُ فِي ضَمَانِك. قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ لِمَ جَعَلَ ذَلِكَ مَعَ سُؤَالِك عَارِيَّةً، وَمَعَ سُؤَالِهِ وَدِيعَةً مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصِحُّ بِالِاسْتِيجَابِ وَالْإِيجَابِ وَلَمْ نَجِدْ مَا يُمَيِّزُ أَحَدَهُمَا عَنْ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْغَرَضُ فِي الِانْتِفَاعِ فِي تِلْكَ لِصَاحِبِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ) لَوْ اسْتَعَارَ مُصْحَفًا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا مِنْ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ وَطَلَبَهُ لَمْ يَجُزْ رَدُّهُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْغَصْبِ) ، وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ. ثُمَّ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ كَمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ) أَيْ وَمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُسْتَحَقَّةً لِشَخْصٍ اسْتِحْقَاقًا لَازِمًا وَلَيْسَتْ الرَّقَبَةُ لَهُ فَإِذَا أَعَارَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ مِنْهُ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ مَنْفَعَةً أَوْ جَعَلَهَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَأَنْظَارِهَا إذَا أَعَارَ مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ شَخْصًا فَتَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ الْإِعَارَةُ إلَّا مِمَّنْ يَجُوزُ إيدَاعُ تِلْكَ الْعَيْنِ عِنْدَهُ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الْمُؤْنَةُ عَلَى الْمَالِكِ إنْ رَدَّ إلَيْهِ) كَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا حَيْثُ تَكُونُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ مِنْ عِنْدِهِ كَهِيَ مِنْ عِنْدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَّا لَوْ أَجَّرَهُ شَيْئًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي مَنْزِلِهِ، وَهُوَ جَارُ الْمُؤَجِّرِ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ فَأَجَّرَهُ لِآخَرَ فِي طَرَفِ الْبَلَدِ فَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا مَعْنَى لِلتَّوَقُّفِ فِي هَذَا وَالِاعْتِبَارُ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ فَعَلَى هَذَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ فِي الزَّائِدِ عَنْهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الصَّدَاقِ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِبَغْدَادَ [فَرْعٌ الْمُسْتَعِيرِ لِلْعَيْنِ مِنْ الْغَاصِبِ إنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ] (قَوْلُهُ: أَوْ الرَّائِضَ وَتَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ) هَذَا إذَا رَكِبَهَا فِي الرِّيَاضَةِ فَإِنْ رَكِبَهَا فِي غَيْرِهَا فَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ: وَهَكَذَا لَوْ دَفَعَ غُلَامَهُ لِيُعَلِّمَهُ حِرْفَةً فَاسْتَعْمَلَهُ فِيهَا لَمْ يَضْمَنْهُ أَوْ فِي غَيْرِهَا ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْعَوَارِيّ) كَأَنْ اسْتَعَارَ ثَوْرَيْنِ وَاسْتَعَانَ بِمَالِكِهِمَا يَحْرُثُ عَلَيْهِمَا وَكَأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ وَمَالِكُهَا يَسُوقُهَا أَوْ يَقُودُهَا. (فَرْعٌ) قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ أَعْطِ فَرَسَك لِفُلَانٍ لِيَجِيءَ مَعِي فِي شُغْلِي فَهُوَ مُسْتَعِيرٌ، وَإِنْ قَالَ لِيَجِيءَ مَعِي فِي شُغْلِهِ فَالرَّاكِبُ مُسْتَعِيرٌ إنْ كَانَ الْقَائِلُ صَادِقًا وَقَدْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَسْتَعِيرَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ كَالْوَكِيلِ فِي السَّوْمِ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَالْمُسْتَعِيرُ الْمُلْتَمِسُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا ضَمِنَا وَالْقَرَارُ عَلَى الرَّاكِبِ، وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُضْفِ الشُّغْلَ لِأَحَدٍ فَإِنْ كَانَ الشُّغْلُ لَهُ فَهُوَ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ لِلرَّاكِبِ وَبِإِذْنِهِ فَالرَّاكِبُ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَا، وَالْقَرَارُ عَلَى الرَّاكِبِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ الْغَرَضُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 الْمَتَاعِ فَجُعِلَتْ عَارِيَّةً، وَفِي هَذِهِ لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ فَحُمِلَ عَلَى الْوَدِيعَةِ. انْتَهَى. وَتُفَارِقُ هَذِهِ مَسْأَلَةَ مَا لَوْ أَرْكَبَهَا مُنْقَطِعًا بِأَنَّ الدَّابَّةَ ثَمَّ تَحْتَ يَدِ الرَّاكِبِ بِخِلَافِهَا هُنَا. (فَرْعٌ: وَإِنْ جَاوَزَ الْمُسْتَعِيرُ الْمَكَانَ) بِالدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا إلَيْهِ (ضَمِنَ أُجْرَةَ ذَهَابِ الْمُجَاوَزَةِ) أَيْ مُجَاوَزَتِهَا عَنْهُ (وَإِيَابِهَا) إلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ (ثُمَّ هَلْ لَهُ الْإِيَابُ بِهَا) مِنْهُ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي اسْتَعَارَهَا مِنْهُ أَوْ لَا (، وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ قَدْ انْقَطَعَ بِالْمُجَاوَزَةِ وَثَانِيهِمَا نَعَمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي قَالَ كَمَا لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ عَنْ وَكَالَتِهِ بِتَعَدِّيهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جَائِزٌ قَالَ وَتَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَ يَقْتَضِي أَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا أُذِنَ لَهُ فِي الْإِيَابِ أَيْضًا إذْ لَوْ أَطْلَقَ كَانَ فِي رُكُوبِهِ فِي الرُّجُوعِ، وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمُتَوَلِّي، وَقَرَّبَهُمَا مِنْ خِلَافِ الْمُعَاطَاةِ فِي الْبَيْعِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمَنْعُ كَمَا فِي الْمُعَاطَاةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْتَارُ فِيهَا خِلَافَهُ لَكِنَّ مَجِيءَ ذَلِكَ الِاخْتِيَارِ هُنَا بَعِيدٌ لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا. وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ الْإِيَابَ بِهَا غَيْرَ رَاكِبٍ لَهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَإِنْ قُلْنَا لَا) إيَابَ لَهُ بِهَا (سَلَّمَهَا إلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ الَّذِي اسْتَعَارَ إلَيْهِ) فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ. (فَرْعٌ: وَإِنْ أَوْدَعَهُ) ثَوْبًا (ثُمَّ أَذِنَ) لَهُ (فِي اللُّبْسِ فَلَبِسَ صَارَ عَارِيَّةً) فَإِنْ لَمْ يَلْبَسْهُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى كَوْنِهِ وَدِيعَةً (وَإِنْ اسْتَعَارَ صُنْدُوقًا فَوَجَدَ فِيهِ دَرَاهِمَ) مَثَلًا (فَهِيَ أَمَانَةٌ) عِنْدَهُ كَمَا لَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي دَارِهِ (فَإِنْ أَتْلَفَهَا وَلَوْ جَاهِلًا) بِهَا (ضَمِنَهَا بِالْإِتْلَافِ) وَبِالتَّلَفِ بِتَقْصِيرِهِ. (الْحُكْمُ الثَّانِي التَّسْلِيطُ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ التَّسَلُّطُ لِلْمُسْتَعِيرِ (عَلَى الِانْتِفَاعِ الْمَأْذُونِ) فِيهِ (فَإِنْ اسْتَعَارَ أَرْضًا لِزَرْعِ) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ زَرَعَهُ، وَمِثْلُهُ فَمَا دُونَ) هـ فِي الضَّرَرِ فَلَوْ قَالَ ازْرَعْ الْبُرَّ فَلَهُ زَرْعُ الشَّعِيرِ وَالْبَاقِلَا وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ ضَرَرَهَا فِي الْأَرْضِ دُونَ ضَرَرِ الْبُرِّ لَا الذَّرَّةِ وَالْقُطْنِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ ضَرَرَهَا فَوْقَ ضَرَرِهِ (إلَّا أَنْ يَنْهَاهُ) عَنْ غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ فَلَا يَزْرَعُ غَيْرَهُ اتِّبَاعًا لِنَهْيِهِ (فَإِنْ خَالَفَ) فَزَرَعَ مَا لَيْسَ لَهُ زَرْعُهُ (قَلَعَ) الْمُعِيرُ جَوَازًا (مَجَّانًا) فَلَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَمَا الَّذِي يَلْزَمُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ يُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَكَذَا هُنَا أَوْ مَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ هُنَا بِمَا بَيْنَ زِرَاعَةِ الْبُرِّ وَزِرَاعَةِ الذَّرَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ بَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ اسْتَوْفَى مَا كَانَ يَمْلِكُهُ مِمَّا لَا يَقْبَلُ الرَّدَّ بِزِيَادَةٍ، وَالْمُسْتَعِيرُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فَهُوَ بِعُدُولِهِ عَنْ الْجِنْسِ كَالرَّادِّ لِمَا أُبِيحَ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ بِإِزَائِهِ عَنْهُ شَيْءٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا الثَّانِي أَرْجَحُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الْكِفَايَةِ وَاقْتَضَاهُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَكَالْغَاصِبِ. انْتَهَى. وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ مَعَ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ شَيْئًا تَرَكَهُ فِي الْمَطْلَبِ هُنَا مَعَ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ. (أَوْ) اسْتَعَارَهَا (لِمُطْلَقِ الزِّرَاعَةِ) بِأَنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَزْرُوعَ (زَرَعَ مَا شَاءَ) لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ، وَمِثْلُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى لَوْ أَعَارَهَا لِيَزْرَعَ مَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ لَا مُطْلَقٌ وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ مِمَّا اُعْتِيدَ زَرْعُهُ هُنَاكَ وَلَوْ نَادِرًا حَمْلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ (وَلَمْ يَغْرِسْ وَلَمْ يَبْنِ) مَنْ اسْتَعَارَ لِلزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ لَيْسَا مِنْ نَوْعِهِ وَضَرَرُهُمَا أَكْثَرُ (أَوْ) اسْتَعَارَ (لِلْغِرَاسِ أَوْ لِلْبِنَاءِ زَرَعَ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّرْعُ مِنْ نَوْعِهِمَا؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَخَفُّ فَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ امْتَنَعَ. (أَوْ) اسْتَعَارَ (لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَأْتِ بِالْآخَرِ) لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الضَّرَرِ إذْ ضَرَرُ الْبِنَاءِ بِظَاهِرِ الْأَرْضِ أَكْثَرُ وَضَرَرُ الْغِرَاسِ بِبَاطِنِهَا أَكْثَرُ لِانْتِشَارِ عُرُوقِهِ (وَلَا يَجِبُ التَّصْرِيحُ بِجِهَةِ الِانْتِفَاعِ فِي   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ جَاوَزَ الْمُسْتَعِيرُ الْمَكَانَ بِالدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا إلَيْهِ] قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعٍ وَجَاوَزَهُ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ وَلَزِمَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَأَرْشُ النَّقْصِ إلَى أَنْ تَصِلَ إلَى يَدِ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ أَطْلَقَ كَانَ فِي رُكُوبِهِ فِي الرُّجُوعِ وَجْهَانِ إلَخْ) فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي أَوَاخِرِ الْإِجَارَةِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ أَنَّ لَهُ الرُّكُوبَ فِي الرُّجُوعِ، وَأَقَرَّاهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إلَى مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ رُكُوبُهَا فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّدَّ لَازِمٌ لِلْمُسْتَعِيرِ فَالْإِذْنُ مُتَنَاوِلٌ لِرُكُوبِهَا فِي الْعَوْدِ بِالْعُرْفِ وَالْمُسْتَأْجِرُ لَا رَدَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ (فَرْعٌ) لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً مُطْلَقًا بِلَا تَقْدِيرِ زَمَانٍ وَلَا مَسَافَةٍ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ إلَى الرُّجُوعِ وَيُتْرَكُ بِاللَّيْلِ وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى بَلَدٍ سَمَّاهُ فَلَهُ الرُّكُوبُ ذَهَابًا، وَإِيَابًا. [فَرْعٌ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي اللُّبْسِ فَلَبِسَ] (قَوْلُهُ: زَرَعَهُ وَمِثْلَهُ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ هَلَّا مُنِعَ مِنْ إبْدَالِ زَرْعٍ بِزَرْعٍ مِثْلِهِ كَمَا مُنِعَ مِنْ أَنْ يُعِيرَ مَا اسْتَعَارَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَ انْتِفَاعُ غَيْرِهِ كَانْتِفَاعِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ وَاضِعِي الْأَيْدِي وَلَا كَذَلِكَ فِي الزَّرْعِ الْمُتَسَاوِي. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ بَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ أَرْجَحُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِمُطْلَقِ الزِّرَاعَةِ زَرَعَ مَا شَاءَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ قِيلَ يَصِحُّ وَلَا يَزْرَعُ إلَّا أَقَلَّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا لَكَانَ مَذْهَبًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ الْمُطْلَقَاتِ إنَّمَا تَنْزِلُ عَلَى الْأَقَلِّ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَصَحَّ، وَهُنَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى أَقَلِّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ، وَالْعُقُودُ تُصَانُ عَنْ ذَلِكَ وَحَيْثُ أَعَارَ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لِلْغِرَاسِ أَوْ لِلْبِنَاءِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَعِيرِ ذَلِكَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَوْ قَلَعَ مَا غَرَسَهُ أَوْ بَنَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إعَادَتُهُ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ لَهُ بِالتَّجْدِيدِ مَرَّةً أُخْرَى صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا قَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْغِرَاسِ أَوْ لِلْبِنَاءِ زَرَعَ) كَانَ الْغَرَضُ فِيمَا إذَا كَانَتْ تَصْلُحُ لِلْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ أَوْ الْعُرْفُ جَارٍ بِهِ فِي مِثْلِهَا أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَصْلُحُ إلَّا لِأَحَدِهَا أَوْ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِغَيْرِ مَا أَذِنَ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَعَدَّاهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَعَدَّاهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إذْ ضَرَرُ الْبِنَاءِ بِظَاهِرِ الْأَرْضِ أَكْثَرُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذَا كَانَ الْبِنَاءُ مُحْكَمًا بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ وَيَحْتَاجُ إلَى حَفْرِ أَسَاسٍ أَمَّا الْبِنَاءُ الْخَفِيفُ بِالْخَشَبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 نَحْوِ بِسَاطٍ لَا يَصْلُحُ إلَّا لِلْفَرْشِ) مِنْ كُلِّ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ عَادَةً لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا بِالتَّعَيُّنِ (وَإِنْ تَعَدَّدَتْ) جِهَةُ الِانْتِفَاعِ (كَالْأَرْضِ) تَصْلُحُ لِلزَّرْعِ وَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَكَالدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ (وَجَبَ) كَالْإِجَارَةِ (التَّصْرِيحُ بِالْجِهَةِ أَوْ بِالتَّعْمِيمِ كَقَوْلِهِ انْتَفِعْ) بِهِ (كَيْفَ شِئْت) أَوْ افْعَلْ بِهِ مَا بَدَا لَك فَالْإِعَارَةُ فِي التَّعْمِيمِ صَحِيحَةٌ، وَقِيلَ بَاطِلَةٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ. وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِعَارَةَ الْمُطْلَقَةَ لِمَا لَهُ مَنَافِعُ بَاطِلَةٌ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ صِحَّتَهَا قَالَ وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْإِجَارَةِ (وَيَنْتَفِعُ) فِي صُورَةِ التَّعْمِيمِ (بِمَا هُوَ الْعَادَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمُعَارِ، وَقِيلَ يَنْتَفِعُ بِهِ كَيْفَ شَاءَ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ فِيمَا فَرَّعَهُ عَلَى قَوْلِ الصِّحَّةِ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ. (الْحُكْمُ الثَّالِثُ: الْجَوَازُ) لِلْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا إرْفَاقٌ فَلَا يَلِيقُ بِهَا الْإِلْزَامُ (فَلِكُلٍّ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ (الرُّجُوعُ) فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً وَالْمُدَّةُ بَاقِيَةٌ (لَا فِي مَقْبَرَةٍ قَبْلَ الِانْدِرَاسِ) لِلْمَيِّتِ الْمُحْتَرَمِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ مُوَارَاتِهِ بِالتُّرَابِ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهِ أَمَّا بَعْدَ انْدِرَاسِهِ أَوْ قَبْلَهُ، وَقَبْلَ مُوَارَاتِهِ وَلَوْ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الْقَبْرِ فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الْقَبْرِ، وَصُورَةُ ذَلِكَ بَعْدَ الِانْدِرَاسِ إذَا أَذِنَ الْمُعِيرُ فِي تَكْرَارِ الدَّفْنِ، وَإِلَّا فَقَدْ انْتَهَتْ الْعَارِيَّةُ وَذِكْرُ مَنْعِ رُجُوعِ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاسْتَفَدْنَا مِنْ مَنْعِ رُجُوعِ الْمُعِيرِ قَبْلَ الِانْدِرَاسِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ أَيْضًا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ غَيْرُ قَاضٍ بِهِ وَالْمَيِّتُ لَا مَالَ لَهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُعِيرِ (سَقْيُ شَجَرِهَا) أَيْ الْمَقْبَرَةِ (إنْ أَمِنَ ظُهُورَ) شَيْءٍ مِنْ (الْمَيِّتِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْمَنْهُ وَلَوْ أَظْهَرَهُ السَّيْلُ مِنْ قَبْرِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ تَجِبُ إعَادَتُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ حَقًّا لَهُ مُؤَبَّدًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ دَفْنَهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَفِي تَأْخِيرِهِ إلَى حَفْرِ غَيْرِهِ وَنَقْلِهِ إلَيْهِ تَأْخِيرٌ لِلْوَاجِبِ نَعَمْ إنْ كَانَ السَّيْلُ حَمَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ مُبَاحٍ يُمْكِنُ دَفْنُهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُعِيرِ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ (مُؤْنَةُ حَفْرِ مَا رَجَعَ فِيهِ قَبْلَ الدَّفْنِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ فِيهِ. وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّ الْمُعِيرَ لَوْ بَادَرَ إلَى زِرَاعَةِ الْأَرْضِ بَعْدَ تَكْرِيبِ الْمُسْتَعِيرِ لَهَا لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَةُ التَّكْرِيبِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا قُلْت: وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْبَغَوِيِّ أَيْضًا قَالَهُ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الدَّفْنَ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْحَفْرِ بِخِلَافِ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّهَا مُمْكِنَةٌ بِدُونِ التَّكْرِيبِ (وَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ الطَّمُّ) لِمَا حَفَرَهُ؛ لِأَنَّهُ حَفَرَ بِالْإِذْنِ وَلَوْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِيَحْفِرَ فِيهَا بِئْرًا صَحَّتْ الْإِعَارَةُ فَإِذَا نَبَعَ الْمَاءُ جَازَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يُسْتَبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ قَصَدَ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ الْمُعِيرُ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِقَاءِ، وَإِنْ أَرَادَ طَمَّهَا، وَيَغْرَمُ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْمُؤْنَةِ جَازَ أَوْ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا بِالْبَدَلِ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا عَيْنٌ كَآجُرٍّ وَخَشَبٍ جَازَ كَمَا فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَإِلَّا فَإِنْ قُلْنَا الْقُصَارَةُ وَنَحْوُهَا كَالْأَعْيَانِ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا أَوْ أَرَادَ التَّقْرِيرَ بِأُجْرَةٍ فَإِنْ كَانَ الِاسْتِقَاءُ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِطْرَاقٍ أَيْ أَوْ نَحْوِهِ فِي مِلْكِهِ، وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِطْرَاقِ أَيْ أَوْ نَحْوِهِ جَازَ أَوْ أَرَادَ أَخْذَ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَسْتَفِيدُ مِنْ الْمَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ أَوْ فِي مُقَابَلَةِ تَرْكِ الطَّمِّ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ الْمَالَ فِي مُقَابَلَةِ تَرْكِ الضَّرَرِ وَالْإِجَارَةُ مَوْضُوعَةٌ لِجَلْبِ   [حاشية الرملي الكبير] وَالْقَصَبِ وَنَحْوِهِمَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَالْأَقْرَبُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ ضَرَرًا مِنْ الْغِرَاسِ، وَتَفْرِيغُ الْأَرْضِ مِنْهُ أَقْرَبُ مُدَّةً فَأَشْبَهَ الزَّرْعَ وَقَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ جَوَازُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ) وَصَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ وَقَدْ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ الصِّحَّةَ فَالْعَارِيَّةُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: الْحُكْمُ الثَّالِثُ الْجَوَازُ) فَائِدَةُ الْجَوَازِ يُطْلَقُ فِي أَلْسِنَةِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ عَلَى أُمُورٍ أَحَدُهَا رَفْعُ الْحَرَجِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مَكْرُوهًا الثَّانِي عَلَى مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ، وَهُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ الثَّالِثُ عَلَى مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَهُوَ اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ فِي الْعُقُودِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إرْفَاقٌ فَلَا يَلِيقُ بِهَا الْإِلْزَامُ) وَلِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ بِالْمَنَافِعِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَالتَّبَرُّعُ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِالْقَبْضِ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ؛ وَلِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ إبَاحَةَ مَنْفَعَةٍ لَا تَلْزَمُ كَإِبَاحَةِ الطَّعَامِ، وَإِنْ كَانَتْ هِبَةً فَالتَّبَرُّعُ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ (قَوْلُهُ: لَا فِي مَقْبَرَةٍ قَبْلَ الِانْدِرَاسِ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُقَيَّدَةً وَمَا لَوْ رَضِيَ وَلِيُّهُ بِنَقْلِهِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ) فَلَا رُجُوعَ فِي عَارِيَّةٍ لِدَفْنِ نَبِيٍّ أَوْ شَهِيدٍ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ) . قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ يُوَافِقُهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ. اهـ. لِأَنَّهُ بِوَضْعِهِ فِيهِ اسْتَحَقَّ الْبُقْعَةَ فَلَا يَجُوزُ إزْعَاجُهُ مِنْهَا، وَإِنْ أَوْصَى بِنَقْلِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ حَفْرِ مَا رَجَعَ فِيهِ قَبْلَ الدَّفْنِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا أَطْلَقُوهُ مِنْ لُزُومِ مُؤْنَةِ الْحَفْرِ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا حَفَرَهَا الْوَارِثُ أَوْ غَيْرُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ تَعْبِيرُهُ بِوَلِيِّ الْمَيِّتِ أَمَّا لَوْ حَفَرَهَا الْمَيِّتُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ عَلَى الْمُعِيرِ بِالْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَكُنْ حَالَةَ الْحَفْرِ أَحَقَّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا اسْتِحْقَاقٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا أَطْلَقُوهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ فِيهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّصِلَ لَهُ بِذَلِكَ مَقْصُودٌ وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ مَقْصُودُ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ مُحْتَرَمٌ، وَأَنَّهُ ظَاهِرٌ جَارٍ مَجْرَى الْأَعْيَانِ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الدَّفْنَ إلَخْ) الدَّفْنُ وَاجِبٌ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى الْوَلِيِّ بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى خِبْرَتِهِ فَيَغْرَمُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي قَالَ شَيْخُنَا مُقْتَضَى الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ أَعَارَ لِغِرَاسٍ أَوْ بِنَاءٍ مِنْ لَازِمِهِ الْحَفْرُ أَوْ زَرْعِ شَيْءٍ مِنْ لَازِمِهِ الْحَرْثُ وَرَجَعَ بَعْدَهُ قَبْلَ الْفِعْلِ أَنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ أُجْرَةَ الْحَفْرِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْنَا الْقِصَارَةُ وَنَحْوُهَا كَالْأَعْيَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 النَّفْعِ. وَإِنْ كَانَ الْبِئْرُ بِئْرَ حُشٍّ أَوْ يَجْتَمِعُ فِيهَا مَاءُ الْمَزَارِيبِ فَإِنْ أَرَادَ الطَّمَّ أَوْ التَّمَلُّكَ فَالْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْنَا أَوْ التَّقْرِيرُ بِعِوَضٍ فَكَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِهِ بِمَالٍ. (وَالرُّجُوعُ) مِنْ الْمُعِيرِ (فِي حَائِطٍ) أَعَارَهُ (لِوَضْعِ الْجُذُوعِ) عَلَيْهِ (تَقَدَّمَ) جَوَازُهُ مَعَ بَيَانِ فَائِدَتِهِ (فِي الصُّلْحِ وَلَا) يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ (فِي ثَوْبٍ كَفَّنَ فِيهِ) الْمُعِيرُ (أَجْنَبِيًّا) قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ أَحْرَمَ فِيهِ عَارٍ بِمَكْتُوبَةٍ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ الْحُرْمَةِ فَتَلْزَمُ الْإِعَارَةُ مِنْ جِهَتِهِمَا فِي هَاتَيْنِ، وَفِيمَا لَوْ أَعَارَهُ سَفِينَةً فَطَرَحَ فِيهَا مَالًا، وَهِيَ فِي اللُّجِّيَّةِ، وَفِيمَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِدَفْنِ مَيِّتٍ كَمَا مَرَّ أَوْ أَعَارَ آلَةً لِسَقْيِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ يُخْشَى هَلَاكُهُ، وَمِنْ جِهَةِ الْمُعِيرِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَعِيرُوا دَارِي بَعْدَ مَوْتِي لِزَيْدٍ شَهْرًا أَوْ نَذَرَ أَنْ يُعِيرَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ أَنْ لَا يَرْجِعَ (وَتَلْزَمُ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ فِي إسْكَانِ مُعْتَدَّةٍ) ، وَفِيمَا لَوْ اسْتَعَارَ آلَةَ الِاسْتِقَاءِ لِوُضُوءٍ أَوْ إزَالَةِ نَجَسٍ، وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ، وَقَوْلُهُ وَلَا فِي ثَوْبٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ مَعَ مَا زِدْته الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنَّهُمْ ذَكَرُوا بَعْضَ ذَلِكَ فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ جِهَةِ الْمُعِيرِ فَقَطْ وَتَبِعْتهمْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَمَا ذَكَرْته هُنَا أَنْسَبُ. (وَتَنْفَسِخُ) الْعَارِيَّةُ (بِمَوْتِ وَاحِدٍ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ (وَجُنُونٍ، وَإِغْمَاءٍ وَحَجْرِ سَفَهٍ) مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ وَبِحَجْرٍ فَلَيْسَ عَلَى الْمُعِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) إذَا انْفَسَخَتْ أَوْ انْتَهَتْ، وَجَبَ (عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) إنْ كَانَ حَيًّا (أَوْ الْوَرَثَةِ) إنْ كَانَ مَيِّتًا (رَدُّهَا فَوْرًا) ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ الْمُعِيرُ كَمَا لَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهِ لَكِنَّ الرَّدَّ فِي تِلْكَ بِالتَّخْلِيَةِ فَإِنْ أَخَّرَهُ الْوَرَثَةُ فَإِنْ كَانَ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْهُ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ فِي تَرِكَةِ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا أُجْرَةَ، وَإِلَّا فَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِمْ مَعَ الْأُجْرَةِ. وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَيْهِمْ، وَفِي الْأُولَى عَلَى التَّرِكَةِ وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ هُنَا وَالْفَوْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَفِي مَعْنَى مَوْتِهِ جُنُونُهُ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ بِسَفَهِهِ. (فَصْلٌ إذَا أَعَارَ) غَيْرَهُ أَرْضًا (لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً فَلَهُ فِعْلُهُمَا مَا لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ الْمُعِيرُ (لَكِنْ) لَا يَفْعَلُهُمَا إلَّا (مَرَّةً وَاحِدَةً) وَغَيْرُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي مَعْنَاهُمَا (فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ قَلَعَ مَجَّانًا وَكُلِّفَ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ) كَالْغَاصِبِ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ، وَكَمَالِكِ مَا نَبَتَ بِحَمْلِ السَّيْلِ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ (وَمَا بَنَى وَغَرَسَ قَبْلَ الرُّجُوعِ) مِنْ الْمُعِيرِ (إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ الْقَلْعُ قُلِعَ، وَإِنْ نَقَصَهُ فَلَا يُقْلَعُ مَجَّانًا) ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ أَيْ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الْقَلْعُ مَجَّانًا (وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَلْعُ مَجَّانًا وَ) لَا (التَّسْوِيَةُ) لِلْأَرْضِ (إلَّا بِاشْتِرَاطٍ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَيَلْزَمُهُ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَلْعِ قَلَعَهُ الْمُعِيرُ مَجَّانًا (أَوْ بِاخْتِيَارِ الْقَلْعِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّ نَزْعَ الْأَكْفَانِ بَعْدَ لَفِّهَا عَلَى الْمَيِّتِ فِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ؛ وَلِأَنَّ تَغْيِيبَهُ فِي الْكَفَنِ كَدَفْنِهِ فِي الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحْرَمَ فِيهِ عَارٍ) أَوْ فَرَشَهُ عَلَى نَجَاسَةٍ وَقَوْلُهُ بِمَكْتُوبَةٍ أَيْ إنْ اسْتَعَارَهُ لِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الصَّلَاةِ وَيَنْزِعُهُ وَيَبْنِي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَزَمَنُ الصَّلَاةِ يَسِيرٌ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ كَحَبَّةِ الْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبَةِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا لَوْ أَعَارَهُ سَفِينَةً فَطَرَحَ فِيهَا مَالًا، وَهِيَ فِي اللُّجِّيَّةِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ كَمَا لَوْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِزَرْعٍ لَا يُقْصَلُ فَرَجَعَ قَبْلَ انْتِهَائِهِ أَوْ أَعَارَهُ جِذْعًا لِيُمْسِكَ بِهِ جِدَارًا مَائِلًا لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ خَوْفَ سُقُوطِهِ فَإِنْ رَجَعَ فَفِي طَلَبِ الْأُجْرَةِ مَا فِي الرُّجُوعِ عَنْ رِعَايَةِ وَضْعِ الْجُذُوعِ، قَالَهُ فِي الْبَحْرِ. وَالضَّابِطُ كُلُّ مَوْضِعٍ تَجِبُ فِيهِ الْعَارِيَّةُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَعَارَهُ آلَةً لِسَقْيِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ إلَخْ) لَوْ أَعَارَهُ دَابَّةً أَوْ سِلَاحًا وَنَحْوَهُمَا لِلْغَزْوِ وَالْتَقَى الزَّحْفَانِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا حَتَّى يَنْكَشِفَ الْقِتَالُ أَوْ اسْتَعَارَ سِلَاحًا أَوْ نَحْوَهُ لِيَدْفَعَ بِهِ عَمَّا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي كِتَابِ الصِّيَالِ أَوْ اسْتَعَارَ مَا يَدْفَعُ بِهِ أَذَى الْحَرِّ وَالْبَرْدِ الْمُهْلِكَيْنِ أَوْ مَا يَنْجُو بِهِ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ يُطْفِئُ بِهِ الْحَرِيقَ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَا فِي مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ أَنْ يُعِيرَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً إلَخْ) أَوْ أَعَارَهُ لِلرَّهْنِ وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ. (قَوْلُهُ: وَبِحَجْرٍ فَلَيْسَ عَلَى الْمُعِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ أَعَارَ غَيْرَهُ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: إذَا اسْتَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ) لَوْ عَبَّرَ بِالْغَرْسِ بِإِسْقَاطِ الْأَلْفِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَأَخْصَرَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِ التَّنْبِيهِ وَوَقَعَ فِيهِ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ فِي الْمُطْلَقَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُقَيَّدَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي وَكَانَ الْإِطْلَاقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَرَّةِ إلَّا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ بِتَأْقِيتِ الزَّمَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ يَظْهَرُ مِنْ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَبَاعَهَا مَرَّةً بَيْعًا صَحِيحًا ثُمَّ مَلَكَهَا الْمُوَكِّلُ لَا بِطَرِيقِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَا يُفْسَخُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَيْعُهُ مَرَّةً ثَانِيَةً بِلَا خِلَافٍ تَنْزِيلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى الْمَرَّةِ وَلَوْ وَقَّتَ بِأَنْ قَالَ وَكَّلْتُك إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ تِلْكَ الْعَيْنَ ثُمَّ عَادَتْ إلَى مِلْكِ الْمُوَكِّلِ كَانَ كَالْمُطْلَقَةِ بِاقْتِضَاءِ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُؤَقَّتِ فِي التَّوْكِيلِ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّهُ فِي التَّوْقِيتِ فِي التَّوْكِيلِ إنَّمَا مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُوَكِّلِ قَدْ زَالَ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَفِيدَ الْفَرْعُ زِيَادَةً عَلَى الْأَصْلِ، وَالِانْعِزَالُ لَا عَوْدَ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا هَذَا الْمَعْنَى فَدَلَّتْ قَرِينَةُ التَّوْقِيتِ عَلَى إبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ إلَى انْتِهَاءِ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: وَمَا بَنَى وَغَرَسَ قَبْلَ الرُّجُوعِ إنْ لَمْ يَنْقُصْهُ الْقَلْعُ قَلَعَ) فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الْقَلْعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْقَلْعُ مَجَّانًا وَالتَّسْوِيَةُ إلَّا بِاشْتِرَاطٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُمَا مَجَّانًا يُوهِمُ بَلْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الْقَلْعَ وَلَمْ يَقُلْ مَجَّانًا وَنَحْوَهَا لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَمْ أَرَهَا إلَّا فِي النِّهَايَةِ وَفُرُوعِهَا، وَعِبَارَةُ الْأَصْحَابِ إنْ شُرِطَ الْقَلْعُ قَلَعَ، وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُصَرِّحَ بِقَوْلِهِ مَجَّانًا أَوْ لَا وَمِمَّنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالدَّارِمِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ، وَأَصْحَابُ الْحَاوِي وَالْمُهَذَّبِ وَالتَّتِمَّةِ وَالشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْجُوَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْأُمِّ فِي الْإِعَارَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِمُدَّةٍ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا احْتَرَزَا بِهِ عَمَّا لَوْ شَرَطَ الْقَلْعَ وَغَرَامَةَ الْأَرْشِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالشَّرْطِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَتَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ دُونَ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي مُدَّةِ الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ فَأَشْبَهَ انْسِحَاقَ الثَّوْبِ. انْتَهَى. وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بِإِمْكَانِ عَوْدِ الْأَرْضِ لِمَا كَانَتْ بِخِلَافِ الثَّوْبِ، وَفِي تَأْثِيرِ فَرْقِهِ نَظَرٌ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) أَيْ شَيْءٌ مِنْ الِاشْتِرَاطِ وَاخْتِيَارِ الْقَلْعِ (خُيِّرَ الْمُعِيرُ بَيْنَ الْقَلْعِ بِضَمَانِ) أَيْ مَعَ ضَمَانِ (الْأَرْشِ) ، وَهُوَ قَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا، وَمَقْلُوعًا (وَالتَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ) حِينَ التَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مَكْرُمَةٌ فَلَا يَلِيقُ بِهَا مَنْعُ الْمُعِيرِ وَلَا تَضْيِيعَ مَالِ الْمُسْتَعِيرِ فَأَثْبَتَنَا الرُّجُوعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا خَيَّرْنَا الْمُعِيرَ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْسِنُ؛ وَلِأَنَّ الْأَرْضَ أَصْلٌ لِمَا فِيهَا وَلَا بُدَّ فِي اعْتِبَارِ قِيمَتِهِ مِنْ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ مُسْتَحَقَّ الْأَخْذِ فَإِنَّ قِيمَتَهُ قَائِمًا بِهَذَا التَّقْدِيرِ أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ قَائِمًا بِدُونِهِ ذَكَرَهُ الْعِمْرَانِيُّ. (وَإِنْ طَلَبَ) الْمُعِيرُ (الْأُجْرَةَ لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْتَعِيرَ) إجَابَتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَارَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ السَّابِقَيْنِ تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ فَإِنْ أَبَى كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُعِيرِ التَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَاَلَّذِي فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، وَخَيَّرَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بَيْنَ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ وَالْقَلْعِ بِالْأَرْشِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَمَا زَعَمَهُ الشَّيْخَانِ بَلْ الْكُلُّ مُتَّفِقُونَ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثِ، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي الصُّلْحِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَيْ كَالشُّفْعَةِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ، وَقَوْلُهُمَا فِي الْإِجَارَةِ إنَّهَا كَالْعَارِيَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهَا كَهِيَ فِي اخْتِيَارِ الْخَصْلَتَيْنِ فَقَطْ عَلَى مَا صَحَّحَاهُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ لَكِنَّهُمَا قَدْ يُفَرِّقَانِ بَيْنَ الْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ غَيْرَهَا مَلَكَ فِيهِ الْبَانِي وَالْغَارِسُ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ فَسَاغَ إلْزَامُهُمَا بِهَا بِخِلَافِهِمَا فِي الْعَارِيَّةِ ثُمَّ مَحِلُّ التَّخْيِيرِ إذَا لَمْ يُوقَفْ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ، وَإِلَّا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ فَيَتَعَيَّنُ تَبْقِيَتُهُمَا بِالْأُجْرَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَلْعِهِمَا بِالْأَرْشِ، وَالْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْكِتَابِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْقَلْعُ بِالْأَرْشِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ تُوقَفْ الْأَرْضُ، وَإِلَّا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثِ لَكِنْ لَا يَقْلَعُ بِالْأَرْشِ إلَّا إذَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ مِنْ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ وَلَا يَتَمَلَّكُ بِالْقِيمَةِ إلَّا إذَا كَانَ فِي شَرْطِ الْوَقْفِ جَوَازُ تَحْصِيلِ مِثْلِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مِنْ رِيعِهِ، وَبِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الْغِرَاسِ كَمَا قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَتَّجِهُ التَّخْيِيرُ إلَّا بَعْدَ الْجِذَاذِ كَمَا فِي الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّمَلُّكِ مِنْ عَقْدٍ وَلَا يَلْحَقُ بِالشَّفِيعِ (وَبِالتَّمَانُعِ) بِأَنْ امْتَنَعَ الْمُعِيرُ مِنْ التَّخْيِيرِ وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ بَذْلِ الْأُجْرَةِ، وَقَدْ طَلَبَهَا الْمُعِيرُ (يُعْرَضُ عَنْهُمَا) إلَى أَنْ يَخْتَارَ الْمُعِيرُ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ (وَلِلْمُعِيرِ) حِينَئِذٍ (الدُّخُولُ) لِلْأَرْضِ وَالِانْتِفَاعُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (وَالِاسْتِظْلَالُ بِالْبِنَاءِ) وَالْغِرَاسِ؛ لِأَنَّهُ جَالِسٌ فِي مِلْكِهِ (لَا لِلْمُسْتَعِيرِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ دُخُولُهَا لِتَفَرُّجٍ أَوْ لَا لِغَرَضٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُعِيرِ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ. (فَلَوْ دَخَلَ لِسَقْيٍ) لِلْغِرَاسِ (أَوْ إصْلَاحٍ) لَهُ أَوْ لِلْبِنَاءِ (جَازَ) صِيَانَةً لِمِلْكِهِ عَنْ الضَّيَاعِ، وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى جَوَازُ دُخُولِهِ لِأَخْذِ الثِّمَارِ، وَفُهِمَ مِمَّا قَالَهُ فِي الْمُعِيرِ عَدَمُ جَوَازِ الِاسْتِنَادِ إلَى الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَحَكَاهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بِمَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ مِنْ جَوَازِ هَذَا فِي جِدَارِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَلَامُ الْأَصْحَابِ مُصَرِّحٌ بِالتَّصْوِيرِ فِي الْحُفَرِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْقَلْعِ بَعْدَ زَوَالِ الْعَارِيَّةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُلَقَّنِ فِي الْحُفَرِ إذَا كَانَتْ عَلَى قَدْرِ حَاجَةِ الْقَلْعِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ طَمُّ الزَّائِدِ قَطْعًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ شَرَطَ تَمَلُّكَهُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الرُّجُوعِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ لَزِمَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: خُيِّرَ الْمُعِيرُ بَيْنَ الْقَلْعِ بِضَمَانِ الْأَرْشِ وَالتَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ رَمْزٌ إلَى تَرَدُّدٍ فِي أَنَّ مُؤْنَةَ الْقَلْعِ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ عَلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْبَعْضَ وَيُبْقِيَ الْبَعْضَ بِأُجْرَةٍ أَوْ يَقْلَعَهُ بِالْأَرْشِ وَيُبْقِيَ الْبَعْضَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِكَثْرَةِ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَلِأَنَّ مَا جَازَ فِيهِ التَّخْيِيرُ لَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهُ كَالْكَفَّارَةِ. اهـ. وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ شَرَطَ تَمَلُّكَهُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الرُّجُوعِ فَفِي الْإِيضَاحِ لِلصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَلْ الْكُلُّ مُتَّفِقُونَ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَالشُّفْعَةِ وَالْهِبَةِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ فِي رُجُوعِ الْأَبِ فِي هِبَتِهِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ كَالْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ فَيَتَعَيَّنُ تَبْقِيَتُهُمَا بِالْأُجْرَةِ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ أَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمُتَبَقِّيَةِ بِأُجْرَةٍ وَالْقَلْعِ مَعَ إعْطَاءِ الْأَرْشِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْوَالِدُ وَغَيْرُهُمَا. اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. . (قَوْلُهُ: وَالزَّرْكَشِيُّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَتَّجِهُ التَّخْيِيرُ إلَّا بَعْدَ الْجِذَاذِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ التَّخْيِيرُ فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَلُّكَ مَلَكَ الثَّمَرَةَ أَيْضًا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، وَإِبْقَاءَهَا إلَى الْجِذَاذِ إنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّمَلُّكِ مِنْ عَقْدٍ) فَإِنَّهُ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى اخْتِيَارِ الْمُعِيرِ فِي الْخِصَالِ الثَّلَاثِ قَالَ مِنْهُ الِاخْتِيَارُ، وَمِنْ الْمُسْتَعِيرِ الرِّضَا، وَإِسْعَافُهُ لِمَا طَلَبَ فَإِنْ لَمْ يُسْعِفْهُ كَلَّفْنَاهُ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ، وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَخْتَارَ الْمُعِيرُ مَا لَهُ) اخْتِيَارُهُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ لَهُ التَّبْقِيَةَ فَإِذَا اخْتَارَهَا لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَالِسٌ فِي مِلْكِهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبِنَاءُ مَسْطَبَةً امْتَنَعَ الْجُلُوسُ عَلَيْهَا، وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ إلَخْ) ، وَهُوَ فَرْقٌ دَقِيقٌ وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ هُنَا بِأَنَّ الْمُعِيرَ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَمِ اخْتِيَارِهِ فَلِهَذَا مُنِعَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 هُنَا فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ وَالْمُودَعُ عِنْدَهُ لَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ الْوَدِيعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْمَالِكُ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ، وَفِيمَا فَرَّقَ بِهِ نَظَرٌ وَالْأَوْلَى حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا فِيهِ ضَرَرٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ (وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الدُّخُولِ إنْ تَعَطَّلَتْ الْمَنْفَعَةُ بِدُخُولِهِ) عَلَى الْمُعِيرِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الدُّخُولِ إلَّا بِهَا (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (بَيْعُ مَا لَهُ مِنْ الْآخَرِ بَلْ) لَهُ بَيْعُهُ (لِثَالِثٍ أَيْضًا) كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي بَيْعِ الْمُسْتَعِيرِ تَمَكُّنُ الْمُعِيرِ مِنْ تَمَلُّكِهِ مَا لَهُ كَتَمَكُّنِ الشَّفِيعِ مِنْ تَمَلُّكِ الشِّقْصِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ) الْحَالَ (وَلَهُ حُكْمُ مَنْ بَاعَ مِنْهُ) مِنْ مُعِيرٍ، وَمُسْتَعِيرٍ فِيمَا مَرَّ لَهُمَا (وَمَتَى بَاعَاهُمَا بِثَمَنٍ) وَاحِدٍ (جَازَ لِلضَّرُورَةِ وَوُزِّعَ) الثَّمَنُ (عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِالْغَرْسِ) بِمَعْنَى الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ (وَ) عَلَى (قِيمَةِ مَا فِيهَا وَحْدَهُ) فَحِصَّةُ الْأَرْضِ لِلْمُعِيرِ وَحِصَّةُ مَا فِيهَا لِلْمُسْتَعِيرِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يُوَزَّعُ كَمَا فِي الرَّهْنِ كَذَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ مُقَدِّمًا كَلَامَ الْمُتَوَلِّي فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَمَا بَنَاهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِلَا إذْنٍ قُلِعَ مَجَّانًا) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بِنَاءِ الْمُشْتَرِي فِي الْمَشْفُوعِ. (فَرْعٌ لَيْسَ لِشَرِيكٍ رَجَعَ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الْبِنَاءِ) أَوْ الْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ (إلَّا الْأُجْرَةُ) أَيْ إلَّا التَّبْقِيَةُ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ الْقَلْعُ بِأَرْشِ النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ قَلْعَ بِنَاءِ الْمَالِكِ وَغِرَاسِهِ مِنْ مِلْكِهِ وَلَا أَنْ يَتَمَلَّكَ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ لَلَبَّانِي وَالْغَارِسِ فِي الْأَرْضِ مِثْلَ حَقِّهِ (فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا) أَيْ بِالْأُجْرَةِ (أَعْرَضَ عَنْهُمَا) إلَى أَنْ يَرْضَى (وَإِنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُقَيَّدَةً بِمُدَّةٍ غَرَسَ) الْمُسْتَعِيرُ (وَبَنَى) جَوَازًا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ) الْمُدَّةُ (أَوْ يَرْجِعَ الْمُعِيرُ، وَمَتَى انْقَضَتْ) أَيْ الْمُدَّةُ (أَوْ رَجَعَ فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ) فِي الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ. (فَصْلٌ وَلَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ بَقَّاهُ) وُجُوبًا (بِأُجْرَةٍ إلَى الْحَصَادِ) أَمَّا تَبْقِيَتُهُ؛ فَلِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْظَرُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَأَمَّا أَنَّهَا بِالْأُجْرَةِ؛ فَلِأَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ لَهُ الْمَنْفَعَةَ إلَى وَقْتِ الرُّجُوعِ فَأَشْبَهَ مَنْ أَعَارَ دَابَّةً إلَى بَلَدٍ ثُمَّ رَجَعَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّ عَلَيْهِ نَقْلَ مَتَاعِهِ إلَى مَأْمَنٍ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ هَذَا (إنْ لَمْ يُعْتَدْ قَطْعُهُ) قَبْلَ إدْرَاكِهِ أَوْ اُعْتِيدَ كَالْبَاقِلَاءِ وَلَمْ يَبْلُغْ أَوْ إنَّ قَطْعُهُ عَادَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ اُعْتِيدَ قَطْعُهُ وَبَلَغَ ذَلِكَ تَحْكِيمًا لِلْعَادَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَنْقُصْ بِالْقَطْعِ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ قَطْعُهُ (وَكَذَا) تَلْزَمُهُ تَبْقِيَتُهُ بِالْأُجْرَةِ إلَى الْحَصَادِ (إنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ) وَلَمْ يُقَصِّرْ الْمُسْتَعِيرُ بِتَأْخِيرِ الزَّرْعِ كَمَا فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ سَوَاءٌ أَسْنَدَ عَدَمَ الْإِدْرَاكِ لِعُرُوضِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ أَمْ لِقِلَّةِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا أَمْ لَا كَأَكْلِ الْجَرَادِ رُءُوسَ الزَّرْعِ فَيَنْبُتُ ثَانِيًا (لَا إنْ قَصَّرَ بِالتَّأْخِيرِ) فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ الْقَطْعُ مَجَّانًا وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ، وَكَذَا إنْ قَصَّرَ بِالزَّرْعِ، وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ بِالتَّأْخِيرِ كَأَنْ عَلَا الْأَرْضَ سَيْلٌ أَوْ ثَلْجٌ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ مَعَ الزَّرْعِ ثُمَّ زَرَعَ بَعْدَ نُضُوبِهِ، وَهُوَ لَا يُدْرَكُ فِي الْمُدَّةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ إذَا أَبْدَلَ الزَّرْعَ الْمُعَيَّنَ بِغَيْرِهِ كَانَ كَالتَّقْصِيرِ بِالتَّأْخِيرِ، وَيَأْتِي هُنَا أَيْضًا مِثْلُهُ. (وَإِنْ أَعَارَهُ) أَرْضًا (لِفَسِيلٍ) أَيْ لِغَرْسِهِ، وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا (يُعْتَادُ نَقْلُهُ فَكَالزَّرْعِ، وَإِلَّا فَكَالْبِنَاءِ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَسَكَتُوا عَنْ الْبُقُولِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُ عُرُوقِهِ بِالْغِرَاسِ كَمَا فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْقَلُ أَصْلُهُ فَيَكُونُ كَالْفَسِيلِ الَّذِي يُنْقَلُ. (فَرْعٌ: لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ) أَوْ نَحْوُهُ كَهَوَاءٍ (حَبَّاتٍ أَوْ نَوًى) لِغَيْرِهِ إلَى أَرْضِهِ (وَكَذَا) لَوْ حَمَلَ إلَيْهَا (مَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَحَبَّةٍ) أَوْ نَوَاةٍ (لَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا الْمَالِكُ) لَهَا (لَزِمَهُ رَدُّهَا لِلْمَالِكِ) إنْ حَضَرَ (وَإِنْ غَابَ فَالْقَاضِي) يَرُدُّهَا، وَعَدَلَ إلَى هَذَا عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ لَزِمَهُ رَدُّهَا لِمَالِكِهَا إنْ عَرَفَهُ، وَإِلَّا فَيَدْفَعُهَا إلَى الْقَاضِي لِيُفِيدَ أَنَّهُ يَدْفَعُهَا إلَى الْقَاضِي عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَالِكِ، وَإِنْ عَرَفَهُ، وَعِنْدَ حُضُورِهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَإِنْ نَبَتَ) الْأَوْلَى نَبَتَتْ (فِي أَرْضِهِ لَمْ يَمْلِكْهَا، وَعَلَى مَالِكِهَا الْقَلْعُ) ؛ لِأَنَّ مَالِكَ الْأَرْضِ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ انْتَشَرَتْ أَغْصَانُ شَجَرَةِ غَيْرِهِ فِي هَوَاءِ دَارِهِ (وَ) عَلَيْهِ (التَّسْوِيَةُ) لِلْأَرْضِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ، وَجَزَمَ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ الْقَلْعِ، وَإِنْ كَثُرَتْ لِعَدَمِ الْفِعْلِ مِنْهُ أَمَّا إذَا أَعْرَضَ عَنْهَا مَالِكُهَا، وَكَانَ مِمَّنْ يَصِحُّ إعْرَاضُهُ فَهِيَ لِمَالِك الْأَرْضِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى حَمْلُ مَا هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ الْمُصَنِّفِ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ (قَوْلُهُ: وَمَا بَنَاهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِلَا إذْنٍ قُلِعَ مَجَّانًا) ؛ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ أَسْقَطَ حُرْمَتَهُ. (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لِشَرِيكٍ) أَيْ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ أَوْ فِي رَقَبَتِهَا (قَوْلُهُ: وَمَتَى انْقَضَتْ إلَخْ) أَمَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ فَلِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ وَلَمْ يَشْرِطْ نَقْضَهُ فَلَا يُنْقَضْ مَجَّانًا وَبَيَانُ الْمُدَّةِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْقَلْعِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِمَنْعِ إحْدَاثِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ أَوْ لِطَلَبِ الْأُجْرَةِ، وَأَمَّا قَبْلَهَا فَلِأَنَّ وَضْعَ الْعَوَارِيّ عَلَى الْجَوَازِ وَالتَّأْقِيتِ وَعْدٌ فَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ. [فَصْلٌ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ] (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَنْقُصْ بِالْقَطْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ قَطْعُهُ) كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْغِرَاسِ إذْ لَا مَحْذُورَ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يُشِيرُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ الْقَلْعُ مَجَّانًا) حَيْثُ يُمْكِنُ الْقَلْعُ مَجَّانًا فَلَهُ الْإِبْقَاءُ بِالْأُجْرَةِ وَالتَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ تَرَاضِيًا لَا إجْبَارًا بِخِلَافِ الْقَلْعِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي هُنَا أَيْضًا مِثْلُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِفَسِيلَةٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُ عُرُوقِهِ بِالْغِرَاسِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ حَمَلَ السَّيْلُ أَوْ نَحْوُهُ كَهَوَاءٍ حَبَّاتٍ أَوْ نَوًى لِغَيْرِهِ إلَى أَرْضِهِ] (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ رَدُّهَا لِلْمَالِكِ إنْ حَضَرَ) ؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ تَحَوَّلَتْ إلَى صِفَةٍ أُخْرَى، وَمَعْنَى لُزُومِ رَدِّهَا التَّخْلِيَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَالِكِهَا أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَالِكِهَا الْقَلْعُ؛ لِأَنَّ مَالِكَ الْأَرْضِ إلَخْ) كَلَامُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَلْعُ إلَّا بِمُطَالَبَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ فِي وُجُوبِهِ عِنْدَ عَدَمِ شُعُورِ الْمَالِكِ نَظَرٌ ح (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ) هُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَالِكَ الْأَرْضِ لَوْ بَاشَرَ الْقَلْعَ أَوْ أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ لَمْ تَلْزَمْهُ التَّسْوِيَةُ ح (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ إلَخْ) وَذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 (فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ) بَيْنَ الْمَالِكِ وَذِي الْيَدِ لَوْ (قَالَ الْمَالِكُ) لِدَابَّةٍ مَثَلًا (آجَرْتُك) هَا (وَقَالَ الْمُتَصَرِّفُ) فِيهَا (أَعَرْتنِي) هَا (صُدِّقَ) الْمُتَصَرِّفُ بِيَمِينِهِ (إنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ) وَلَمْ تَتْلَفْ الْعَيْنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا حَتَّى نَجْعَلَهُ مُدَّعِيًا لِسُقُوطِ بَدَلِهِ (وَيَحْلِفُ مَا آجَرْتنِي) لِتَسْقُطَ عَنْهُ الْأُجْرَةُ، وَيَرُدُّ الْعَيْنَ إلَى مَالِكِهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَالِكُ يَمِينَ الرَّدِّ وَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ (وَمَتَى مَضَتْ مُدَّةٌ) لَهَا أُجْرَةٌ (صُدِّقَ الْمَالِكُ) بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ أَكَلَ طَعَامَ غَيْرِهِ، وَقَالَ كُنْت أَبَحْته لِي، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ؛ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْذَنُ فِي الِانْتِفَاعِ غَالِبًا بِمُقَابِلٍ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ هَذِهِ، وَمَا لَوْ قَالَ الْغَسَّالُ أَوْ الْخَيَّاطُ فَعَلْت بِالْأُجْرَةِ، وَمَالِكُ الثَّوْبِ مَجَّانًا حَيْثُ لَا يُصَدَّقُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ بَلْ مَالِكُ الثَّوْبِ بِأَنَّ الْعَامِلَ فَوَّتَ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ ثُمَّ ادَّعَى عِوَضًا عَلَى الْغَيْرِ، وَالْمُتَصَرِّفُ فَوَّتَ مَنْفَعَةَ مَالِ غَيْرِهِ، وَطَلَبَ إسْقَاطَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يُصَدَّقْ. (وَيَحْلِفُ) الْمَالِكُ (مَا أَعَرْتُك بَلْ آجَرْتُك) لِيَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى نَفْيِ الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ أَصْلَ الْإِذْنِ حَتَّى يَتَوَصَّلَ إلَى إثْبَاتِ الْمَالِ بِنَفْيِ الْإِذْنِ وَنِسْبَتِهِ إلَى الْغَصْبِ فَإِذَا اعْتَرَفَ بِأَصْلِ الْإِذْنِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمَالُ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ. (وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) لَا الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِجَارَةِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ كَانَ الْوَاجِبُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَبِالْأَوْلَى إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِجَارَةِ (فَلَوْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (لَمْ يَحْلِفْ الْمُتَصَرِّفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي إلَّا الْإِعَارَةَ، وَهِيَ لَا تَلْزَمُ فَإِنْ تَلِفَتْ فَالرَّاكِبُ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكَرٍ لَهَا) ، وَهُوَ (يَدَّعِي الْأُجْرَةَ) إنْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ (فَيُعْطَى قَدْرَهَا) أَيْ الْأُجْرَةِ (مِنْهَا) أَيْ الْقِيمَةِ (بِلَا يَمِينٍ، وَيَحْلِفُ لِلزَّائِدِ) فِيمَا لَوْ زَادَتْ عَلَى الْقِيمَةِ (وَمَتَى قَالَ) لَهُ الْمَالِكُ (غَصَبْتنِي) فَقَالَ بَلْ أَعَرْتنِي (وَهُنَاكَ مُدَّةٌ) لَهَا أُجْرَةٌ وَلَمْ تَتْلَفْ الْعَيْنُ (صُدِّقَ) الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فَلِلْمَالِكِ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ فَلَا مَعْنَى لِلنِّزَاعِ إذْ لَمْ تَفُتْ الْعَيْنُ وَلَا الْمَنْفَعَةُ (فَلَوْ تَلِفَتْ) تَلَفًا يُوجِبُ ضَمَانَ الْعَارِيَّةِ (فَلَهُ أَخْذُ قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ بِلَا يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَصَرِّفَ مُقِرٌّ لَهُ بِهَا (وَلَا يَأْخُذُ الْأُجْرَةَ) فِيمَا إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ (وَ) لَا (الزَّائِدَ) عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ مِمَّا اقْتَضَاهُ الْغَصْبُ (إلَّا بِيَمِينٍ وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ غَصَبْتنِي، وَقَالَ الرَّاكِبُ آجَرْتنِي صُدِّقَ الْمَالِكُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ فَيَسْتَرِدُّ الْعَيْنَ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً (وَلَهُ) فِيمَا إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ (أَخْذُ الْمُسَمَّى) أَيْ قَدْرِهِ (بِلَا يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ مُقِرٌّ لَهُ بِهِ (وَيَحْلِفُ لِبَاقِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَيْ لِلزَّائِدِ عَلَى الْمُسَمَّى بَلْ وَلِقِيمَةِ الْعَيْنِ إنْ تَلِفَتْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ أَخْذَ مَا يُقِرُّ لَهُ بِهِ بِلَا يَمِينٍ، وَأَخْذَ مَا يُنْكِرُهُ بِالْيَمِينِ (وَإِنْ قَالَ الرَّاكِبُ آجَرْتنِي، وَقَالَ الْمَالِكُ أَعَرْتُك صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ) لِمَا مَرَّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَيَسْتَرِدُّ الْعَيْنَ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ الْآخَرُ) الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ (وَاسْتَوْفَى الْمُدَّةَ، وَإِنْ حَلَفَ) الْمَالِكُ (وَهُنَاكَ مُدَّةٌ) لَهَا أُجْرَةٌ (فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ) الرَّاكِبُ (بِأُجْرَةٍ) ، وَهُوَ (يُنْكِرُهَا) ، وَقَدْ عُرِفَ حُكْمُهُ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) فِي ذَلِكَ (بَعْدَ التَّلَفِ) لِلْعَيْنِ (وَ) بَعْدَ (مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ فَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَكْثَرَ) مِنْ الْقِيمَةِ (أَخَذَ مِنْهَا قَدْرَ الْقِيمَةِ أَوْ مُسَاوِيَةٍ) لَهَا (أَوْ أَقَلَّ) مِنْهَا (أَخَذَهَا) أَيْ الْأُجْرَةَ أَيْ قَدْرَهَا (بِلَا يَمِينٍ فَإِنْ نَقَصَتْ) أَيْ الْأُجْرَةُ عَنْ الْقِيمَةِ (حَلَفَ لِلْبَاقِي) . وَلَوْ قَالَ بَدَلَ فَاتَ إلَى آخِرِهِ وَحَلَفَ فِي الْأَخِيرَةِ لِلْبَاقِي كَانَ أَوْضَحَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّلَفِ، وَقَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ حَلَفَ الْمَالِكُ، وَأَخَذَ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ أَتْلَفَهَا، وَيَدَّعِي مُسْقِطًا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. (وَإِنْ قَالَ الْمَالِكُ غَصَبْتنِي فَقَالَ) ذُو الْيَدِ (بَلْ أَوْدَعْتنِي صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ) ، وَأَخَذَ الْقِيمَةَ إنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ وَأُجْرَةَ الْمِثْلِ إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَجَزَمَ الْهَرَوِيُّ بِأَنَّ الْمُصَدَّقَ ذُو الْيَدِ قَالَ: وَيُوَافِقُهُ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَخَذْت مِنْهُ أَلْفًا، وَفَسَّرَهَا الْوَدِيعَةِ، وَقَالَ الْمُقَرِّ لَهُ بَلْ غَصَبْتهَا صُدِّقَ الْمُقِرُّ قَالَ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَنْ لَا يُوجَدَ اسْتِعْمَالٌ يُخَالِفُ دَعْوَى الْوَدِيعَةِ فَإِنْ وُجِدَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْحَلِفِ، وَيَأْخُذُ الْمَالِكُ الْقِيمَةَ عِنْدَ التَّلَفِ وَأُجْرَةَ الْمِثْلِ لِمَا بَعْدَ التَّعَدِّي قَالَ فَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِعَارَةَ وَالْآخَرُ الْوَدِيعَةَ فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الْوَدِيعَةِ حَتَّى يَنْتَفِيَ عَنْهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ بِالْإِذْنِ وَاخْتَلَفَا فِي الْمُضَمَّنِ، وَالْأَمَانَةُ هُنَا مَقْصُودَةٌ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، وَقَدْ أَفْتَى الْبَغَوِيّ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا فَتَلِفَتْ فَادَّعَى الدَّافِعُ الْقَرْضَ وَالْآخَرُ الْوَدِيعَةَ بِأَنَّ الْمُصَدَّقَ الْقَابِضُ، وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ. انْتَهَى.   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَارِيَّة بَيْنَ الْمَالِكِ وَذِي الْيَدِ] فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ) (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَالِكُ آجَرْتُكَهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْأَصْلِ مُدَّةَ كَذَا بِكَذَا. اهـ. مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي دَعْوَى الْمَالِكِ مِنْ تَعْيِينِ الْأُجْرَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ إنْ أَوْجَبْنَا الْمُسَمَّى وَجَبَ ذِكْرُهُ، وَإِلَّا كَفَاهُ ذِكْرُ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَمَتَى مَضَتْ مُدَّةٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ) الْمُرَادُ تَصْدِيقُهُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ لَا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ الْآخَرُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ أَوْ أَثْنَائِهَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْذَنُ فِي الِانْتِفَاعِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا كَالْأَعْيَانِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعَيْنِ بَعْدَ هَلَاكِهَا فَقَالَ الْمَالِكُ بِعْتُكهَا وَقَالَ بَلْ، وَهَبْتنِيهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ فَكَذَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَكَلَ لَمْ يَحْلِفْ الْمُتَصَرِّفُ إلَخْ) هَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ لَا يَحْلِفُ عَلَى دَعْوَى الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِهَا شَيْئًا، وَأَمَّا عَلَى نَفْيِ اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ فَلَا مَحِيصَ عَنْهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَعَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ رَمَزَ إلَى أَنَّهُمَا أَيْ الرَّاكِبَ وَالزَّارِعَ يَحْلِفَانِ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ الْغُرْمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ الْمَالِكُ غَصَبَتْنِي) أَيْ أَوْ بِعْتُك بِكَذَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ وَيُوَافِقُهُ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْحَلِفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى الْبَغَوِيّ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا إلَخْ) الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُصَدَّقَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ أَيْضًا الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِائْتِمَانِ النَّافِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 وَقَدْ يُجَابُ عَمَّا قَالَهُ مِنْ مُوَافَقَةِ مَا فِي الْإِقْرَارِ لِكَلَامِ الْهَرَوِيِّ بِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَا لَمْ يُعْرَفْ ابْتِدَاءً مِنْ قِبَلِ ذِي الْيَدِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْإِقْرَارِ الْيَقِينُ غَالِبًا، وَمَا بَحَثَهُ فِي الثَّانِيَةِ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي الْأُولَى، وَإِلَّا فَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ أَيْضًا وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ وَذُو الْيَدِ الْغَصْبَ فَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ الْعَيْنُ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ صُدِّقَ ذُو الْيَدِ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ مَضَتْ فَالْمَالِكُ مُدَّعٍ لِلْمُسَمَّى وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ لَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْمُسَمَّى عَلَيْهَا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا حَلَفَ لِلزَّائِدِ، وَإِنْ تَلِفَتْ فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مُدَّعٍ لِلْمُسَمَّى وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ لَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا حَلَفَ لِلزَّائِدِ وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِعَارَةَ وَذُو الْيَدِ الْغَصْبَ فَلَا مَعْنَى لِلنِّزَاعِ فِيهَا إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ، وَإِنْ مَضَتْ فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِالْأُجْرَةِ لِمُنْكِرِهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَقْصَى الْقِيَمِ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ أَخَذَ الْقِيمَةَ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا فَالزِّيَادَةُ مُقِرٌّ بِهَا ذُو الْيَدِ لِمُنْكِرِهَا، وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ فَالْأُجْرَةُ مُقِرٌّ بِهَا ذُو الْيَدِ لِمُنْكِرِهَا. (فَرْعٌ:) لَوْ (رَكِبَ) الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ الْمُعَارَةَ (جَاهِلًا بِرُجُوعِ الْمُعِيرِ لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ) وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْجَهْلِ، وَعَدَمِهِ، وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ ذَاكَ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ، وَهُنَا بِخِلَافِهِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ تَسْلِيطِهِ وَبِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ بِتَرْكِ الْإِعْلَامِ قَالَ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ بِأَنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ وَالْإِعَارَةَ إبَاحَةٌ، وَإِذْنٌ وَلَا يُشْكِلُ الْجَوَابُ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْوَكِيلِ إذَا اقْتَصَّ جَاهِلًا بِعَفْوِ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَوَكُّلِهِ فِي الْقَوَدِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ إذْ الْعَفْوُ مَطْلُوبٌ فَضَمِنَ زَجْرًا لَهُ عَنْ التَّوَكُّلِ فِيهِ (وَبِمَوْتِهِ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (يَلْزَمُ الْوَارِثَ) لَهُ (الرَّدُّ) لِلْعَارِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمُعِيرُ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ عَقْدٌ جَائِزٌ، وَقَدْ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِ الْمُسْتَعِيرِ، وَالْمُعِيرُ لَمْ يَرْضَ بِيَدِ الْوَارِثِ وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ بِزِيَادَةٍ. (كِتَابُ الْغَصْبِ) . الْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] أَيْ لَا يَأْكُلُ بَعْضُكُمْ مَالَ بَعْضٍ بِالْبَاطِلِ، وَقَوْلِهِ {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] ، وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» ، وَخَبَرُ «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعَ أَرَضِينَ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ (هُوَ) لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا، وَقِيلَ أَخْذُهُ ظُلْمًا جَهَارًا وَشَرْعًا (الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا) وَلَا يَصِحُّ قَوْلُ مَنْ قَالَ هُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ الْكَلْبَ وَالسِّرْجِينَ، وَجِلْدَ الْمَيْتَةِ، وَخَمْرَ الذِّمِّيِّ وَسَائِرَ الِاخْتِصَاصَاتِ كَحَقِّ التَّحَجُّرِ وَاخْتَارَ الْإِمَامُ أَنَّهُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَالَ لَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْعُدْوَانِ بَلْ يَثْبُتُ الْغَصْبُ وَحُكْمُهُ   [حاشية الرملي الكبير] لِلضَّمَانِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا مَعْنَى لِلنِّزَاعِ) إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ. [فَرْعٌ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ الْمُعَارَةَ جَاهِلًا بِرُجُوعِ الْمُعِيرِ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لَوْ رَكِبَ جَاهِلًا بِرُجُوعِ الْمُعِيرِ لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَرَجَّحَ الْجُمْهُورُ وُجُوبَ الْأُجْرَةِ فِيمَا لَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ وَاسْتَعْمَلَهَا الْمُسْتَعِيرُ جَاهِلًا. اهـ. وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ بِتَرْكِ الْإِعْلَامِ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَعَارَ ثُمَّ جُنَّ وَامْتَنَعَ الْمُسْتَعِيرُ فِي مُدَّةِ جُنُونِ الْمُعِيرِ غَيْرَ عَالِمٍ بِجُنُونِهِ فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ: وَبِمَوْتِهِ يَلْزَمُ الْوَارِثَ الرَّدُّ لِلْعَارِيَّةِ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ وَجُنُونُهُ كَمَوْتِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ، وَهَلَكَتْ وَجَبَ الضَّمَانُ فِي التَّرِكَةِ، وَإِنْ قَدَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالرَّدِّ هُنَا وُجُوبُ مُبَاشَرَتِهِ وَتَحَمُّلُ مُؤْنَتِهِ كَمَا فِي الْمُسْتَعِيرِ (فَرْعٌ) لَوْ أَوْدَعَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ فَكَإِيدَاعِ الْمُودَعِ الْوَدِيعَةَ. [كِتَابُ الْغَصْبِ وَفِيهِ بَابَانِ] (كِتَابُ الْغَصْبِ) . (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ» إلَخْ) أَيْ يُكَلَّفُ حَمْلَهُ وَقِيلَ يُجْعَلُ فِي عُنُقِهِ كَالطَّوْقِ وَرَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَالْغَصْبُ كَبِيرَةٌ قَيَّدَهُ الْعَبَّادِيُّ وَشُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِغَصْبِهِ مَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ رُبْعَ مِثْقَالٍ كَمَا يُقْطَعُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ عَنْ الْهَرَوِيِّ، وَأَقَرَّهُ أَنَّ شَرْطَ كَوْنِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ بُلُوغُهُ نِصَابًا فَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَهُوَ صَغِيرَةٌ، وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ غَصْبَ الْحَبَّةِ وَسَرِقَتَهَا كَبِيرَةٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ. (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا) فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَأْخُوذُ بِسَرِقَةٍ أَوْ مُحَارَبَةٍ أَوْ اخْتِلَاسٍ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ تُسَمَّى غَصْبًا، وَإِنْ اخْتَصَّتْ بِأَسْمَاءِ كَمَا يُسَمَّى بَيْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ صَرْفًا، وَإِنْ شَمِلَهُ اسْمُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ إلَخْ) إدْخَالُ أَلْ عَلَى غَيْرِ مُمْتَنِعٍ، وَإِنْ كَثُرَ فِي أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إنْ أَرَادَ بِالْحَقِّ مَا وَجَبَ لَهُ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَنَحْوِهِ خَرَجَ بِهِ الْوَكِيلُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُودَعُ وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْعَيْنِ، وَإِنْ أَرَادَ الْحَقَّ الْجَائِزَ مُسَاوٍ لِلتَّعْبِيرِ بِالْعُدْوَانِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَأَقْرَبُ شَيْءٍ فِيهِ أَنْ يُقَالَ أَرَادَ الْحَقَّ الْمُسَوِّغَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا اعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ قَوْلُ مَنْ قَالَ هُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ) اعْتَذَرَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَالِ بِأَنَّهُ سَيَتَكَلَّمُ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْغَصْبِ أَمْرَانِ الرَّدُّ وَالضَّمَانُ، وَهُمَا إنَّمَا يَتَحَقَّقَانِ فِي الْمَالِ بِخِلَافِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ وَاجِبَهُ الرَّدُّ خَاصَّةً وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ هُوَ حَقِيقَةً ضَمَانًا وَعِصْيَانًا. الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِعُدْوَانٍ وَحُكْمًا ضَمَانًا فَقَطْ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ بِلَا عُدْوَانٍ كَالْقَبْضِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَاسْتِعْمَالُ الْأَمَانَةِ غَلَطًا، وَعِصْيَانًا فَقَطْ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا كَالسِّرْجِينِ وَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالْخَمْرِ الْمُحْتَرَمَةِ وَالْحَبَّةِ وَالْحَبَّتَيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا. (تَنْبِيهٌ) فِي الْكَافِي لَوْ رَأَى مَالَ غَيْرِهِ يَغْرَقُ أَوْ يَحْتَرِقُ فَأَخَذَهُ حِسْبَةً لِيَرُدَّهُ فَتَلِفَ قَبْلَ إمْكَانِ الرَّدِّ أَوْ اسْتَنْقَذَ شَاةً مِنْ الذِّئْبِ لِيَرُدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا، وَهُوَ يَعْرِفُهُ فَتَلِفَتْ قَبْلَ إمْكَانِ الرَّدِّ أَوْ وَقَعَتْ بَقَرَةٌ فِي الْوَحْلِ فَجَرَّهَا لِمَالِكِهَا فَمَاتَتْ لَا بِسَبَبِ الْجَرِّ فَفِي الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَجْهَانِ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَجْهًا وَاحِدًا وَقَوْلُهُ: قَالَ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 بِغَيْرِ عُدْوَانٍ كَأَخْذِهِ مَالَ غَيْرِهِ بِظَنِّهِ مَالَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالْأَشْبَهُ التَّقْيِيدُ بِهِ وَالثَّابِتُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمُ الْغَصْبِ لَا حَقِيقَتُهُ وَأُورِدَ عَلَى التَّعْرِيفِ السَّرِقَةُ فَإِنَّهُ صَادِقٌ بِهَا وَلَيْسَتْ غَصْبًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِالِاسْتِيلَاءِ فَإِنَّهُ يُبْنَى عَلَى الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْحَقُّ أَنَّهَا غَصْبٌ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا سَرِقَةٌ يُرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمٌ زَائِدٌ عَلَى الْغَصْبِ بِشَرْطِهِ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّعْرِيفِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ لَكِنْ اخْتَارَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ ذُهُولٌ، وَصَوَابُهُ عُدْوَانًا لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ مُوَافَقَةِ الرَّافِعِيِّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا قَصَدَ الِانْتِقَادَ عَلَى مَنْ عَبَّرَ بِالْمَالِ قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يُذْهَلْ بَلْ قَصَدَ ذَلِكَ لِيُدْخِلَ الصُّورَةَ الَّتِي قَالَهَا الْإِمَامُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ وَافَقَ الرَّافِعِيَّ عَلَى الْفَرْقِ، وَإِنَّمَا نَقَلَ كَلَامَهُ عَلَى عَادَتِهِ ثُمَّ اخْتَارَ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ حَمْلُ قَوْلِهِمْ عُدْوَانًا عَلَى قَوْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيَكُونُ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الْغَصْبِ عِنْدَهُ وَلَا يُؤَثِّرُ عَدَمُ الْإِثْمِ فِي نَحْوِ صُورَةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِثْمَ كَمَا لَا يَسْتَلْزِمُهُ ارْتِكَابُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ. (وَفِيهِ بَابَانِ. الْأَوَّلُ فِي الضَّمَانِ، وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ الْأَوَّلُ فِي مُوجِبِ الضَّمَانِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبُهُ أَيْ فِي مُوجِبِ دُخُولِ الْمَالِ فِي ضَمَانِهِ (وَلَا يَنْحَصِرُ) مُوجِبُهُ (فِي الْغَصْبِ بَلْ الْإِتْلَافُ وَالِاسْتِعَارَةُ وَالِاسْتِيَامُ وَغَيْرُهَا مَضْمُونَةٌ) الْأَوْلَى وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ أَصْلِهِ مُضَمَّنَةٌ وَالْإِتْلَافُ هُوَ التَّفْوِيتُ بِمُبَاشَرَةٍ، وَهِيَ مَا يُحَصِّلُ الْهَلَاكَ كَالْقَتْلِ أَوْ سَبَبٍ، وَهُوَ مَا يَحْصُلُ الْهَلَاكُ بِهِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْقَتْلِ أَوْ شَرْطٍ، وَهُوَ مَا لَا يُحَصِّلُهُمَا لَكِنْ يُحَصِّلُ الْهَلَاكَ بِهِ كَحَفْرِ بِئْرٍ عُدْوَانًا وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهَا فِي الْجِنَايَاتِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ كَأَصْلِهِ أَرَادَ بِالسَّبَبِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الشَّرْطَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَإِنْ فَتَحَ رَأْسَ زِقٍّ غَيْرَ مُنْتَصِبٍ فَسَالَ) مَا فِيهِ بِفَتْحِهِ وَتَلِفَ (أَوْ مُنْتَصِبٍ فَسَقَطَ بِفِعْلِهِ) كَأَنْ حَرَّكَ الْوِكَاءَ، وَجَذَبَهُ (أَوْ بِتَقَاطُرِ مَا فِيهِ وَابْتِلَالِ أَسْفَلِهِ بِهِ) أَيْ بِمَا تَقَاطَرَ مِنْهُ (وَلَوْ) كَانَ التَّقَاطُرُ (بِإِذَابَةِ شَمْسٍ) أَوْ حَرَارَةِ رِيحٍ مَعَ مُرُورِ الزَّمَانِ فَسَالَ مَا فِيهِ وَتَلِفَ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ الْإِتْلَافَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالْإِتْلَافُ نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِهِ فِي الْبَاقِي سَوَاءٌ أَحَضَرَ الْمَالِكُ، وَأَمْكَنَهُ التَّدَارُكُ فَلَمْ يَفْعَلْ أَمْ لَا كَمَا لَوْ حَرَقَ ثَوْبَهُ أَوْ قَتَلَ عَبْدَهُ، وَأَمْكَنَهُ الدَّفْعُ فَلَمْ يَفْعَلْ ذَكَرَهُ الْقَمُولِيُّ (لَا إنْ أَسْقَطَتْهُ) بَعْدَ فَتْحِهِ لَهُ (رِيحٌ عَارِضَةٌ) أَوْ نَحْوُهَا كَزَلْزَلَةٍ وَوُقُوعِ طَائِرٍ (أَوْ جُهِلَ الْحَالُ) فَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ سُقُوطِهِ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ وَلَيْسَ فِعْلُهُ فِي الْأُولَى مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْعَارِضِ وَلِلشَّكِّ فِي الْمُوجِبِ فِي الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ يَضْمَنُ فِيهَا وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَفَارَقَ حُكْمُ الْأُولَى حُكْمَ إذَابَةِ الشَّمْسِ بِأَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مُحَقَّقٌ فَلِذَلِكَ قَدْ يَقْصِدُهُ الْفَاتِحُ بِخِلَافِ الرِّيحِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّ الرِّيحَ لَوْ كَانَتْ هَابَّةً عِنْدَ الْفَتْحِ ضَمِنَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، وَمِنْ تَفْرِقَتِهِمْ بَيْنَ الْمُقَارِنِ وَالْعَارِضِ فِيمَا إذَا أَوْقَدَ نَارًا فِي أَرْضِهِ فَحَمَلَهَا الرِّيحُ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. (فَلَوْ أَذَابَهُ آخَرُ) غَيْرُ الْفَاتِحِ (بِنَارٍ) قَرَّبَهَا إلَيْهِ (أَوْ نَكَّسَهُ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ أَيْ قَلَبَ الزِّقَّ (وَهُوَ) أَيْ مَا فِيهِ (يَتَقَاطَرُ فَالضَّمَانُ مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذَابَتِهِ أَوْ تَنْكِيسِهِ أَيْ ضَمَانُ التَّلَفِ بِهِمَا (عَلَيْهِ) دُونَ الْفَاتِحِ كَالْحَازِّ مَعَ الْجَارِحِ (وَكَذَا يَضْمَنُ بِالسَّبَبِ) كَالْمُبَاشَرَةِ، وَقَدْ مَرَّ مِثْلُهُ فِي فَتْحِ الزِّقِّ، وَمَثَّلَ لَهُ هُنَا أَيْضًا بِأَمْثِلَةٍ فَقَالَ (كَمَا لَوْ أَزَالَ وَرَقَ الْعِنَبِ فَفَسَدَتْ عَنَاقِيدُهُ) بِالشَّمْسِ (أَوْ ذَبَحَ شَاةَ رَجُلٍ أَوْ حَمَامَتَهُ فَهَلَكَ الْفَرْخُ) فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ السَّخْلَةُ) فِي الْأُولَى لِفَقْدِ مَا يَعِيشَانِ بِهِ، وَيُفَارِقُ عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ حَبَسَ الْمَالِكُ عَنْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى تَلِفَتْ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ التَّالِفَ هُنَا جُزْءٌ أَوْ كَالْجُزْءِ مِنْ الْمَذْبُوحِ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ مَعَ مَالِكِهَا وَبِأَنَّهُ هُنَا أَتْلَفَ غِذَاءَ الْوَلَدِ الْمُتَعَيِّنِ لَهُ بِإِتْلَافِ أُمِّهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ (أَوْ قَرَّبَ النَّارَ إلَى جَامِدٍ) فِي زِقٍّ مَفْتُوحٍ (فَذَابَ، وَخَرَجَ) وَتَلِفَ. (فَرْعٌ) لَوْ (حَلَّ رِبَاطَ سَفِينَةٍ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَاب الْأَوَّل فِي الضَّمَان] قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا يُحَصِّلُ الْهَلَاكَ) كَأَنْ أَتْلَفَ مَنْ يَضْمَنُهُ مَالًا فِي يَدِ مَالِكِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: فَسَقَطَ بِفِعْلِهِ) قَالَ الْإِمَامُ لَوْ اتَّصَلَ بِفَتْحِهِ سُقُوطُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لَنَا أَنَّ سُقُوطَهُ بِسَبَبِ الْفَتْحِ فَقَدْ أَطْلَقَ الْأَئِمَّةُ الضَّمَانَ لِعِلْمِنَا بِأَنَّ سَبَبَ سُقُوطِهِ الْفَتْحُ (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَسْقَطَتْهُ رِيحٌ عَاصِفَةٌ) شَمِلَ غَيْرَ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً حَالَ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّلَفَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ) وَوَجَّهَهُ الْفَارِقِيُّ بِأَنَّ فِعْلَهُ شَرْطٌ وَالرِّيحُ عِلَّةٌ فَهُوَ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْجَارِحِ قَالَ وَكَذَا نَقُولُ فِيمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَأَلْقَتْ الرِّيحُ فِيهَا رَجُلًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّ الرِّيحَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) لَوْ دَخَلَ دُكَّانَ حَدَّادٍ، وَهُوَ يَطْرُقُ الْحَدِيدَ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ، وَأَحْرَقَتْ ثَوْبَهُ فَهَدَرٌ، وَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِ الْحَدَّادِ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْفَارِقِيُّ فَقَالَ، وَهَكَذَا لَوْ فَتَحَ فِي وَقْتِ هُبُوبِ الرِّيحِ أَوْ شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (فُرُوعٌ) لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ يَخْتَصُّ بِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ فِي مَوَاتٍ وَطَارَ الشِّرَارُ إلَى بَيْتِ غَيْرِهِ أَوْ كَدَّسَهُ أَوْ زَرَعَهُ، وَأَحْرَقَتْهُ فَلَا ضَمَانَ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ فِي قَدْرِ النَّارِ وَلَمْ يُوقِدْ فِي رِيحٍ عَاصِفَةٍ، وَإِنْ جَاوَرَ أَوْ أَوْقَدَ فِي عَاصِفَةٍ ضَمِنَ وَلَوْ عَصَفَتْ بَغْتَةً فَلَا ضَمَانَ ثُمَّ إنْ تَحَقَّقْنَا الْمُجَاوَزَةَ أَثْبَتْنَا الضَّمَانَ، وَإِنْ تَحَقَّقْنَا الِاقْتِصَادَ نَفَيْنَا الضَّمَانَ، وَإِنْ شَكَكْنَا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الْمُجَاوَزَةُ فَفِيهِ تَرَدَّدَ اجْتِمَاعُ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرُ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَا يَضْمَنُ إيقَادَ النَّارِ الْقَلِيلَةِ فِي يَوْمِ الرِّيحِ فِي الْعَرَائِشِ وَبُيُوتِ الْقَصَبِ كَإِيقَادِ النَّارِ الْعَظِيمَةِ الْمُجَاوِزَةِ لِلْحَدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ قَرَّبَ النَّارَ إلَى جَامِدٍ فَذَابَ) وَخَرَجَ وَتَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ دُونَ الْفَاتِحِ وَفَارَقَ مَا لَوْ فَتَحَ رَأْسَ زِقٍّ فَأَخَذَ مَا فِيهِ فِي الْخُرُوجِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَنَكَّسَهُ حَيْثُ ضَمِنَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ بِأَنَّ صُورَةَ التَّنْكِيسِ اجْتَمَعَ فِيهَا مُبَاشَرَتَانِ، وَهُنَا سَبَبَانِ فَأُحِيلَ الضَّمَانُ عَلَى أَقْوَاهُمَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 فَغَرِقَتْ بِحَلِّهِ ضَمِنَ أَوْ بِحَادِثِ رِيحٍ) أَوْ غَيْرِهِ (فَلَا) يَضْمَنُ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَادِثٌ فَوَجْهَانِ) فِي الضَّمَانِ أَحَدُهُمَا الْمَنْعُ كَالزِّقِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِلشَّكِّ فِي الْمُوجِبِ وَالثَّانِي يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ أَحَدُ الْمُتْلِفَاتِ. (فَرْعٌ) لَوْ (فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ) الْأَوْلَى طَيَّرَ (فَطَارَ فِي الْحَالِ) ، وَإِنْ لَمْ يُهَيِّجْهُ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّ طَيَرَانَهُ فِي الْحَالِ يُشْعِرُ بِتَنْفِيرِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَقَفَ ثُمَّ طَارَ (فَلَا) يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ طَيَرَانَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ (وَإِنْ أَخَذَتْهُ هِرَّةٌ بِمُجَرَّدِ الْفَتْحِ) ، وَقَتَلَتْهُ، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ الْقَفَصَ أَوْ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ طَارَ فَصَدَمَهُ جِدَارٌ) فَمَاتَ (أَوْ كَسَرَ) فِي خُرُوجِهِ (قَارُورَةً أَوْ الْقَفَصَ ضَمِنَ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ مِنْ فِعْلِهِ؛ وَلِأَنَّ فِعْلَهُ فِي الْأُولَى فِي مَعْنَى إغْرَاءِ الْهِرَّةِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً، وَإِلَّا فَهُوَ كَعُرُوضِ رِيحٍ بَعْدَ فَتْحِ الزِّقِّ فَلَا يَضْمَنُ وَبِهِ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا أَخَذَتْهُ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي عَنْهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحِمَارِ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا يَأْتِي عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ، وَمَسْأَلَةُ صَدْمِ الطَّائِرِ جِدَارًا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ فَطَارَ فِي الْحَالِ ضَمِنَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَوْ أَمَرَ طِفْلًا أَوْ مَجْنُونًا بِإِرْسَالِ طَائِرٍ فِي يَدِهِ فَأَرْسَلَهُ فَهُوَ كَفَتْحِهِ الْقَفَصَ عَنْهُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ حَلَّ رِبَاطَ سَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ بِحَلِّهِ] قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ أَحَدُ الْمُتْلِفَاتِ) هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ حَلَّ رِبَاطِ السَّفِينَةِ وَلَا رِيحَ فِي اللُّجَّةِ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي إحَالَةِ الْغَرَقِ عَلَى الْفِعْلِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ وَطَارَ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الزِّقِّ فَلَيْسَ فَتْحُهُ سَبَبًا ظَاهِرًا لِسُقُوطِهِ. [فَرْعٌ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ فَطَارَ فِي الْحَالِ] (قَوْلُهُ: فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ إلَخْ) إطْلَاقُهُ الْفَتْحَ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ مَفْتُوحًا فَسَدَّهُ ثُمَّ جَاءَ وَفَتَحَهُ وَخَرَجَ الطَّائِرُ عَقِبَهُ وَبِهِ أَجَابَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ: فَطَارَ فِي الْحَالِ) لَوْ كَانَ الطَّائِرُ فِي أَقْصَى الْقَفَصِ فَأَخَذَ يَمْشِي قَلِيلًا قَلِيلًا ثُمَّ طَارَ فَحُكْمُهُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ حُكْمُ مَا لَوْ طَارَ عَقِبَ الْفَتْحِ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ نَحْوَهُ أَيْضًا وَقَالَ أَيْضًا الْقَاضِي لَوْ كَانَ الْقَفَصُ مَفْتُوحًا فَمَشَى إنْسَانٌ عَلَى بَابِهِ فَفَزِعَ الطَّائِرُ وَخَرَجَ ضَمِنَهُ. (قَوْلُهُ: يُشْعِرُ بِتَنْفِيرِهِ) إذْ مِنْ طَبْعِهِ النُّفُورُ مِمَّنْ قَرُبَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ طَيَرَانَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ) إذْ لَهُ اخْتِيَارٌ بِدَلِيلِ تَوَقِّيهِ الْمَكَارِهِ وَطَلَبِهِ الْمَرْعَى وَقَدْ وُجِدَ مِنْ الْفَاتِحِ سَبَبٌ غَيْرُ مُلْجِئٍ؛ لِأَنَّ الطَّائِرَ قَدْ يَأْلَفُ الْقَفَصَ فَلَا يَخْرُجُ عَقِبَ الْفَتْحِ، وَمِنْ الطَّائِرِ مُبَاشَرَةٌ فَقُدِّمَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنْ مَحَلَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً) أَيْ حِينَ الْفَتْحِ، وَهُوَ عَالِمٌ بِهَا (قَوْلُهُ: هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَفَتْحِهِ الْقَفَصَ عَنْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ أَفْتَاهُ الْمُفْتِي بِإِتْلَافٍ فَأَتْلَفَ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ ضَمِنَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُفْتِي وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْعُلَمَاءِ ضَيْعَةً تُصْرَفُ إلَيْهِمْ غَلَّتُهَا ثُمَّ خَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً رَجَعَ مُسْتَحِقُّهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا عَلَى وَاضِعِ يَدِهِ عَلَيْهَا، وَرَجَعَ هُوَ بِمَا دَفَعَهُ مِنْهَا عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ. وَلَوْ بَعَثَ عَبْدَهُ فِي شُغْلٍ فَضَرَبَهُ ظَالِمٌ فَأَبَقَ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ الْمُجَرَّدَ لَيْسَ بِاسْتِيلَاءٍ وَلَوْ هَرَبَ مِنْ الظَّالِمِ وَلَمْ يَهْتَدِ إلَى دَارِ سَيِّدِهِ ضَمِنَ وَلَوْ دَعَا عَبْدًا لِتَنْقِيَةِ السَّطْحِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَسَقَطَ مِنْ السُّلَّمِ، وَهَلَكَ ضَمِنَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأُجْرَةٍ وَلَوْ سَقَطَ عَلَى مَتَاعٍ لِصَاحِبِ الدَّارِ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ وَلَوْ كَانَ السُّلَّمُ مُخْتَلًّا بِحَيْثُ لَا يُطِيقُ الْعَبْدَ، وَالْعَبْدُ جَاهِلٌ وَجَبَ ضَمَانُ الْعَبْدِ لَا الْمَتَاعِ وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَ دَنٍّ لِلْآخَرِ بِإِذْنِهِ وَرَفَعَ الْحِنْطَةَ وَتَرَكَ رَأْسَهُ مَفْتُوحًا فَدَخَلَ حِمَارُ صَاحِبِ الْبَيْتِ، وَأَكَلَهَا، وَهَلَكَ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ الدَّابَّةَ وَلَا الْحِنْطَةَ، وَلَوْ أَدْخَلَ الْحِمَارَ فِيهَا ضَمِنَهَا وَلَوْ آجَرَ دَارًا إلَّا بَيْتًا مُعَيَّنًا فَأَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِيهِ وَتَرَكَ بَابَهُ مَفْتُوحًا فَخَرَجَتْ، وَأَتْلَفَتْ مَالًا لِلْمُسْتَأْجِرِ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ وَتَرَكَ الْمَتَاعَ بِلَا حَافِظٍ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْبَابَ مَفْتُوحٌ فَهُوَ مُضَيِّعٌ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ضَمِنَهُ الْمُؤَجِّرُ، وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْ جُحْرِ فَارَّةٍ أَوْ شَقٍّ، وَأَفْسَدَ زَرْعَ غَيْرِهِ أَوْ أَرْضَهُ أَوْ دَارِهِ فَلَا ضَمَانَ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ فِي قَدْرِ الْمَاءِ، وَإِنْ جَاوَزَ أَوْ كَانَ عَالِمًا بِالْجُحْرِ أَوْ الشَّقِّ وَلَمْ يَحْفَظْ وَلَمْ يُتَعَهَّدْ أَوْ كَانَتْ أَرْضُهُ عَالِيَةً، وَأَرْضُ جَارِهِ مُسْتَقِلَّةً وَلَمْ يَسُدَّ النَّهْرَ ضَمِنَ وَالنَّائِمُ مُقَصِّرٌ إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ الِاحْتِيَاطُ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِصَلَابَةِ الْأَرْضِ وَرَخَاوَتِهَا، وَعُلُوِّهَا وَسُفْلِهَا. وَلَوْ سَاقَ بَهِيمَةً فِي بَيْتِ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ، وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا ضَمِنَ وَلَوْ سَاقَ ثَوْرًا فِي مَسْرَحِ آخَرَ فَسَاقَهُ السَّارِحُ مَعَ الْبَقَرِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ لَمْ يَسُقْهُ وَلَكِنْ انْسَاقَ مَعَ الْبَقَرِ وَوَقَفَ فِي مَوْضِعٍ فَتَرَكَهُ الْبَقَّارُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ خَرَجَ الْحَمَامُ مِنْ الْبُرْجِ وَالْتَقَطَ حَبَّ الْغَيْرِ أَوْ النَّحْلَ مِنْ الْكِوَارَةِ، وَأَهْلَكَتْ بَهِيمَةً فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ انْفَلَتَتْ الْخُيُولُ فَتَفَرَّقَتْ حَتَّى تَعَسَّرَ جَمْعُهَا فَلَا ضَمَانَ لِمَا أَتْلَفَتْ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا وَلَوْ رَأَى بَقَرَةً وَاقِفَةً فَسَاقَهَا ثُمَّ تَرَكَهَا دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ عَرَفَ مَالِكَهَا أَوْ لَمْ يَعْرِفْ وَلَوْ دَخَلَتْ بَقَرَةٌ دَارَ إنْسَانٍ وَخَرَجَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَخْرَجَهَا صَاحِبُ الدَّارِ وَتَرَكَهَا حَتَّى ذَهَبَتْ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ سَتَرَهَا بَعْدَ إخْرَاجِهَا ضَمِنَ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ أَخْرَجَهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا إلَى الْمَالِكِ أَوْ الْحَاكِمِ ضَمِنَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِمَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي الْفَتَاوَى لَوْ أَنَّ عَبْدًا هَرَبَ مِنْ مَوْلَاهُ وَدَخَلَ دَارَ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا، وَأَقَامَ لَيْلًا وَخَرَجَ بِلَا إذْنِهِ وَهَرَبَ، وَعَلِمَ صَاحِبُ الدَّارِ سَيِّدَهُ وَلَمْ يُخْبِرْهُ ضَمِنَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِمَا أَوْرَدَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ وُجُوهٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى حَلِّ قَيْدِ الْعَبْدِ بَلْ لَا يُسَاوِيهِ وَقَدْ مَضَى. الثَّانِي: أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ إذَا وَقَعَ فِي دَارِ غَيْرِهِ حَيْثُ حُكِمَ بِوُجُوبِ الْحِفْظِ وَالرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ فِي الثَّوْبِ وَفِي الطُّيُورِ وَالْبَقَرِ فَلَا. الثَّالِثُ: جَوَازُ الْإِخْرَاجِ عَنْ مِلْكِهِ كَيْفَ وَلَمْ يَخْرُجْ. الرَّابِعُ: قَالَ الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّك غَصَبْت امْرَأَتِي لَمْ تُسْمَعْ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّ عَبْدِي هَرَبَ مِنِّي وَدَخَلَ دَارَك. الْخَامِسُ: عَدَمُ وُجُوبِ إخْبَارِ الْمَالِكِ، وَإِعْلَامِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي الْفَتَاوَى: وَلَوْ أَوْدَعَ عَبْدًا عِنْدَ إنْسَانٍ فَأَبَقَ، وَلَمْ يُخْبِرْ الْمُودَعُ مَالِكَهُ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا بِهِ كَمَا لَوْ مَرِضَ وَلَمْ يُخْبِرْ السَّيِّدَ لِيُدَاوِيَهُ حَتَّى مَاتَ وَفِي الْمُذَهَّبِ وَالْحَاوِي وَتَذْكَارِ الْمُنْتَهَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ طَيْرٌ فِي دَارِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ حِفْظُهُ وَلَا إعْلَامُ مَالِكِهِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ. قَالُوا: وَلَوْ دَخَلَ فِي بُرْجَهُ، وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ وَنَوَى إمْسَاكَهُ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَلَا وَيُقَاسُ بِهِ إغْلَاقُ الْبَابِ عَلَى الدَّوَابِّ وَفِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا لَوْ فُرِضَ إخْرَاجُ صَاحِبِ الدَّارِ إيَّاهُ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ إخْرَاجِ الْبَهِيمَةِ وَحَلِّ قَيْدِ الْعَبْدِ، وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ أَغْلَبُ لِجَوَازِ إخْرَاجِ الدَّاخِلِ دَارَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ حَيْثُ جُوِّزَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 فَيُنْظَرُ هَلْ يَطِيرُ عَقِبَ الْإِرْسَالِ أَوْ لَا. (وَحَلُّ رِبَاطِ الْبَهِيمَةِ وَالْعَبْدِ الْمَجْنُونِ) ، وَفَتْحُ بَابِ مَكَانِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (كَفَتْحِ الْقَفَصِ) فِيمَا ذُكِرَ، وَفِي مَعْنَى الْمَجْنُونِ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ (لَا) الْعَبْدُ (الْعَاقِلُ، وَلَوْ) كَانَ (آبِقًا) ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحُ الِاخْتِيَارِ فَخُرُوجُهُ عَقِبَ مَا ذُكِرَ مُحَالٌ عَلَيْهِ. (وَلَوْ حَلَّ رِبَاطًا عَنْ شَعِيرٍ) فِي جِرَابٍ (فَأَكَلَهُ فِي الْحَالِ حِمَارٌ بِجَنْبِهِ ضَمِنَ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَجَزَمَ الرُّويَانِيُّ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ ثُمَّ قَالَ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَعَدَمُ الضَّمَانِ مَنْسُوبٌ إلَى الْعِرَاقِيِّينَ، وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ كَالْمَاوَرْدِيِّ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَّ رِبَاطَ بَهِيمَةٍ فَأَكَلَتْ عَلَفًا، وَكَسَرَتْ إنَاءً لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِأَكْلٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا الْمُتْلِفَةُ قَالَ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ نَصٌّ فِي الْأُمِّ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ لَكِنْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي تِلْكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي التَّالِفِ بَلْ فِي الْمُتْلِفِ عَكْسُ مَسْأَلَتِنَا. (فَلَوْ خَرَجَتْ الْبَهِيمَةُ) عَقِبَ فَتْحِ الْبَابِ وَلَوْ (لَيْلًا فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا) أَوْ غَيْرَهُ (لَمْ يَضْمَنْهُ) الْفَاتِحُ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ حِفْظُ بَهِيمَةِ الْغَيْرِ عَنْ ذَلِكَ وَتَرْجِيحُ عَدَمِ الضَّمَانِ لَيْلًا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَالَ إنَّهُ أَقْرَبُ إلَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ. وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ قَالَ الْقَفَّالُ: إنْ كَانَ نَهَارًا لَمْ يَضْمَنْ أَوْ لَيْلًا ضَمِنَ كَدَابَّةِ نَفْسِهِ، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لَا يَضْمَنُ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ بِمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الرَّوْضِ بَدَلُ لَمْ يَضْمَنْهُ ضَمِنَهُ، وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلِمَنْ خَالَفَ الْعِرَاقِيِّينَ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ تَضْمِينُهُ لِتَرْكِ الْحِفْظِ بَلْ لِلتَّسْلِيطِ عَلَى الْإِتْلَافِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِإِخْرَاجِهَا بِخِلَافِ الْإِنْسَانِ فِي دَابَّةِ نَفْسِهِ. قَالَ وَسُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الْمَرْعَى ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا فَجَاءَتْ إلَى الْجُرْنِ فَرَدَّهَا الْحَارِسُ فَرَفَصَتْهُ فَكَسَرَتْ أَسْنَانَهُ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مَعَهَا وَذَلِكَ بِالنَّهَارِ فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَا عَلَى الَّذِي رَكِبَهَا بِخِلَافِ مَا صَوَّبْته هُنَا وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعَدِّيَ تَمَّ بِالْإِخْرَاجِ بِخِلَافِ مَنْ وَجَدَهَا خَارِجَةً، وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ. (وَإِنْ رَمَى طَائِرًا) وَلَوْ فِي هَوَاءِ دَارِهِ فَقَتَلَهُ (ضَمِنَهُ) إذْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ هَوَاءِ دَارِهِ (لَا إنْ نَفَّرَهُ عَنْ جِدَارِهِ) فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ جِدَارِهِ (وَإِنْ فَتَحَ الْحِرْزَ، وَأَخَذَ غَيْرُهُ) مَا فِيهِ (أَوْ حَبَسَ رَجُلًا) وَلَوْ ظُلْمًا (عَنْ مَاشِيَتِهِ فَهَلَكَتْ) جُوعًا أَوْ عَطَشًا بِسَبَبِ حَبْسِهِ، وَإِنْ قَصَدَ مَنْعَهُ عَنْهَا (أَوْ دَلَّ عَلَيْهَا) أَيْ الْعَيْنَ (اللُّصُوصَ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ إذْ لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَى الْمَالِ وَتَسَبُّبُهُ بِالْفَتْحِ فِي الْأُولَى قَدْ انْقَطَعَ بِالْمُبَاشَرَةِ نَعَمْ لَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ، وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ أَوْ مِمَّنْ يَرَى طَاعَةَ آمِرِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ لَا عَلَى الْآخِذِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْجِنَايَاتِ وَلَوْ بَنَى دَارًا فَأَلْقَتْ الرِّيحُ فِيهَا ثَوْبًا وَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ. (وَكَذَا لَوْ مَنَعَهُ مِنْ سَوْقِ الْمَاءِ إلَى زَرْعِهِ فَتَلِفَ) لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي حَبْسِ غَيْرِهِ عَنْ مَاشِيَتِهِ (وَلَوْ غَصَبَ بَقَرَةً أَوْ هَادِيًا) لِلْقَطِيعِ، وَهُوَ الْمَاشِي أَمَامَهُ (فَتَبِعَهُ الْعِجْلُ) فِي الْأُولَى (أَوْ الْقَطِيعُ) فِي الثَّانِيَةِ (لَمْ يَضْمَنْ التَّابِعَ) مَا لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَأَعَادَ الْمَسْأَلَةَ فِي السَّرِقَةِ وَحَكَى فِيهَا، وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَالرَّاجِحُ الضَّمَانُ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِيَدِهِ دَابَّةٌ، وَخَلْفَهَا وَلَدُهَا فَأَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ كَمَا يَضْمَنُ مَا تُتْلِفُهُ أُمُّهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيمَا إذَا غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ فَتَبِعَهَا النَّحْلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَجْهًا وَاحِدًا لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا. انْتَهَى. وَمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ لَا شَاهِدَ فِيهِ لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْوَلَدِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ بِقَرِينَةٍ مَا نَظَرَ بِهِ. (فَرْعٌ: لَوْ نَقَلَ صَبِيًّا حُرًّا إلَى مَسْبَعَةٍ   [حاشية الرملي الكبير] مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ وَلَوْ أَبَقَ عَبْدٌ وَظَفِرَ بِهِ صِدِّيقٌ لِمَالِكِهِ فَأَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ فَهَرَبَ مِنْ عِنْدِهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ وَالْمُرَافَعَةِ إلَى الْحَاكِمِ وَبِلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَلَا ضَمَانَ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي تِلْكَ) أَيْ فِيمَا لَوْ حَلَّ رِبَاطَ الْبَهِيمَةِ فَأَكَلَتْ عَلَفًا (قَوْلُهُ: وَتَرْجِيحُ عَدَمِ الضَّمَانِ لَيْلًا مِنْ زِيَادَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَأَفْتَيْت أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَبَسَ رَجُلًا وَلَوْ ظُلْمًا إلَخْ) مَنْ سَعَى بِغَيْرِهِ إلَى ظَالِمٍ فَصَادَرَهُ فَفِي لُزُومِهِ بَاطِنًا تَرَدُّدٌ، الرَّاجِحُ عَدَمُ لُزُومِهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ عَبْدًا فَأَقَرَّهُ السَّيِّدُ مَعَهُ حَتَّى تَلِفَ فَفِي تَضْمِينِهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا تَضْمِينُهُ لِتَعَدِّيهِ. وَلَوْ أَخَذَ عَبْدَ إنْسَانٍ ظَنَّهُ عَبْدَ نَفْسِهِ فَقَالَ أَنَا حُرٌّ فَتَرَاكَهُ، وَأَبَقَ وَجَبَ الضَّمَانُ وَلَوْ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ مَتَاعًا لِيَحْمِلَهُ إلَى بَيْتِهِ فَأَبَقَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ، وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ بِإِذْنِهِ فَأَبَقَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ. وَلَوْ بَعَثَ الزَّوْجُ عَبْدَ زَوْجَتِهِ فِي شُغْلٍ بِلَا إذْنِهَا أَوْ بِالْعَكْسِ فَأَبَقَ ضَمِنَ مُمَيِّزًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ اسْتَامَ عَبْدٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثَوْبًا وَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ السَّيِّدُ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ بَالِغٍ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ كَانَ يَشْتَرِي مَتَاعًا مِنْ آخَرَ وَيَبِيعُ وَيُؤَدِّي الثَّمَنَ إلَيْهِ فَبَانَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا أَبَقَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ. وَلَوْ أَرْسَلَ الدَّابَّةَ الْمُؤْذِيَةَ فِي الطَّرِيقِ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُؤْذِيَةً وَاتَّفَقَ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ أُدْخِلَتْ الدَّابَّةُ حَائِطًا مُشْتَرَكًا فَعَضَّتْ دَابَّةً لِلشَّرِيكِ فَإِنْ أَدْخَلَ دُونَ إذْنِ الشَّرِيكِ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ بِالْعَضِّ وَلَوْ أَلْقَى أَحَدُهُمَا فِيهِ حَشِيشًا مُضِرًّا فَأَكَلَتْ دَابَّةُ الْآخَرِ، وَهَلَكَتْ ضَمِنَ وَلَوْ دَفَعَ غُلَامَهُ إلَى آخَرَ لِيُعَلِّمَهُ الْحِرْفَةَ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلٍ مِنْ مَصَالِحِ الْحِرْفَةِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهِ ضَمِنَهُ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَابَّةً لِيُرَوِّضَهَا فَرَكِبَهَا لِغَيْرِ الرِّيَاضَةِ وَلَوْ أَدْخَلَهُ الصِّرْعَ فَسَقَطَ عَلَى مَالِ آخَرَ وَتَلِفَ ضَمِنَ. وَلَوْ وَقَعَتْ بَهِيمَةٌ فِي الْوَحْلِ فَجَاءَ رَجُلٌ، وَأَخْرَجَهَا حِسْبَةً فَمَاتَتْ مِنْ جَرِّهِ ضَمِنَهَا فَإِنْ شَكَّ أَنَّهَا مَاتَتْ مِنْ الْجَرِّ أَوْ مِنْ الْوَحْلِ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيمَا إذَا غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ حَمْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 فَافْتَرَسَهُ سَبُعٌ لَمْ يَضْمَنْ) هـ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَرَكَةِ إحَالَةً لِلْهَلَاكِ عَلَى اخْتِيَارِ الْحَيَوَانِ، وَمُبَاشَرَتِهِ؛ وَلِأَنَّ النَّقْلَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِإِهْلَاكٍ وَلَمْ يُلْجِئْ السَّبُعَ إلَيْهِ بَلْ غَالِبُ حَالِهِ الْفِرَارُ مِنْ النَّاسِ نَعَمْ إنْ أَلْقَاهُ فِي زُبْيَتِهِ، وَهُوَ فِيهَا فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى قَتْلِهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي الْبَالِغِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الصَّبِيَّ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ أَمَّا الرَّقِيقُ فَمَضْمُونٌ بِالْيَدِ وَالْمَسْبَعَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْبَاءِ اسْمٌ لِلْأَرْضِ الْكَثِيرَةِ السِّبَاعِ، وَيَجُوزُ ضَمُّ الْمِيمِ، وَكَسْرُ الْبَاءِ أَيْ ذَاتُ سِبَاعٍ قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ. [فَصْلٌ يَضْمَنُ ذُو الْيَدِ الْعَادِيَةِ فِي الْغَصْبَ الْأَصْلَ وَزَوَائِدَهُ الْمُنْفَصِلَةَ] (فَصْلٌ: يَضْمَنُ) ذُو الْيَدِ الْعَادِيَةِ (الْأَصْلَ وَزَوَائِدَهُ الْمُنْفَصِلَةَ) كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ (وَالْمُتَّصِلَةِ كَالسَّمْنِ وَتَعَلُّمُ الصَّنْعَةِ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ عُدْوَانًا عَلَى الْأَصْلِ) مُبَاشَرَةً، وَعَلَى الزَّوَائِدِ تَسَبُّبًا إذْ إثْبَاتُهَا عَلَى الْأَصْلِ سَبَبٌ لِإِثْبَاتِهَا عَلَى زَوَائِدِهِ نَعَمْ لَوْ اصْطَادَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ صَيْدًا فَفِي الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ لَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ إلَّا أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ ثُمَّ إثْبَاتُ الْيَدِ يَكُونُ فِي الْمَنْقُولِ وَالْعَقَارِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ مُبْتَدِئًا بِالْمَنْقُولِ فَقَالَ (بِنَقْلِ الْمَنْقُولِ) فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا بِدُونِ نَقْلِهِ إلَّا فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَكَذَا لَوْ جَلَسَ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ فِرَاشٍ وَلَمْ يَنْقُلْ) فَإِنَّهُ يَكُونُ غَاصِبًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِحُصُولِ غَايَةِ الِاسْتِيلَاءِ بِصِفَةِ الِاعْتِدَاءِ نَعَمْ إنْ حَضَرَهُ الْمَالِكُ وَلَمْ يُزْعِجْهُ لَكِنَّهُ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعَقَارِ أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا لِنِصْفِهِ فَقَطْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَكَرُكُوبِ الدَّابَّةِ اسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ ثُمَّ ثَنَّى الْمُصَنِّفُ بِالْعَقَارِ فِي صُوَرٍ فِيهَا أَشْيَاءُ لَيْسَتْ قُيُودًا كَمَا سَأُشِيرُ إلَى بَعْضِهَا فَقَالَ (أَوْ أَضَافَ إلَى مِلْكِهِ مِلْكًا لِغَيْرِهِ بِبِنَاءٍ وَنَحْوِهِ) كَأَنْ اقْتَطَعَ أَرْضًا مُلَاصِقَةً لِأَرْضِهِ وَبَنَى عَلَيْهَا حَائِطًا، وَأَضَافَهَا إلَى مِلْكِهِ فَيَكُونُ غَاصِبًا لَهَا لِوُجُودِ الِاسْتِيلَاءِ، وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ أَزْعَجَ الْمَالِكَ) أَيْ أَخْرَجَهُ (عَنْ دَارِهِ وَدَخَلَهَا بِعِيَالِهِ) أَوْ بِدُونِهِمْ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (عَلَى هَيْئَةِ السَّاكِنِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ) ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ يُغْنِي عَنْ قَصْدِهِ (أَوْ أَزْعَجَهُ) عَنْهَا (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهَا) إذْ لَا يُعْتَبَرُ فِي قَبْضِهَا دُخُولُهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا (أَوْ دَخَلَ) هَا (بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ وَلَمْ يَكُنْ) مَالِكُهَا (فِيهَا) فَهُوَ غَاصِبٌ لَهَا، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا وَالْمَالِكُ قَوِيًّا لِوُجُودِ الِاسْتِيلَاءِ، وَأَثَرُ قُوَّةِ الْمَالِكِ إنَّمَا هُوَ فِي سُهُولَةِ النَّزْعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَبَ قَلَنْسُوَةَ مِلْكٍ فَإِنَّهُ غَاصِبٌ، وَإِنْ سَهُلَ عَلَى الْمَالِكِ نَزْعُهَا (فَإِنْ مَنَعَهُ شَيْئًا مِنْهَا) كَأَنْ سَكَنَ بَيْتًا مِنْهَا، وَمَنَعَهُ مِنْهُ دُونَ بَاقِيهَا (فَغَاصِبٌ لَهُ) دُونَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَوْلَى عَلَيْهِ (أَوْ شَارَكَهُ فِي الِاسْتِيلَاءِ فَغَاصِبٌ لِنِصْفِهَا) لِاجْتِمَاعِ يَدِهِمَا وَاسْتِيلَائِهِمَا (لَا إنْ دَخَلَ) هَا لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ بَلْ (لِيَنْظُرَ هَلْ تَصْلُحُ لَهُ) أَوْ لِيَتَّخِذَ مِثْلَهَا أَوْ لِنَحْوِهِمَا فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا لَهَا وَلَا يَضْمَنُهَا. (وَلَوْ تَلِفَتْ، وَهُوَ فِيهَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ الْمَنْقُولَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مَالِكِهِ لِذَلِكَ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً فَلَا يَحْتَاجُ فِي إثْبَاتِ حُكْمِهَا إلَى قَرِينَةٍ، وَعَلَى الْعَقَارِ حُكْمِيَّةً فَلَا بُدَّ فِي تَحْقِيقِهَا مِنْ قَرِينَةِ قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ فِي رَفْعِ الْمَنْقُولِ فَقَدْ قَالَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَفِي الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ لَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ جَلَسَ عَلَى دَابَّةٍ، وَإِنْ لَمْ يُسَيِّرْهَا) وَفِي الْبَيْعِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا إلَّا بِالنَّقْلِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ الْبَائِعُ فِي الرُّكُوبِ فَيَكْفِي مِنْ غَيْرِ تَسْيِيرٍ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْقُلْ فَإِنَّهُ يَكُونُ غَاصِبًا) كَلَامُهُ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ مِنْ النَّقْلِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فَقَالَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمَنْقُولِ النَّقْلُ إلَّا فِي الدَّابَّةِ وَالْفِرَاشِ فَإِنَّ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِمَا يَتِمُّ بِالرُّكُوبِ وَالْجُلُوسِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَا فِيهِ جُعِلَتْ الْيَدُ لَهُ. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ نَقْلِ الْمَنْقُولِ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ مَحَلُّهُ فِي مَنْقُولٍ لَيْسَ بِيَدِهِ أَمَّا مَنْقُولٌ هُوَ بِيَدِهِ كَوَدِيعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَنَفْسُ إنْكَارِهِ غَصْبٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَفِي الْمُهِمَّاتِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْقَاضِيَ صَرَّحَ بِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ يَزْجُرُهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ، وَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَالْبَاقِي مِثْلُهُ. اهـ. وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْجَالِسُ أَقْوَى مِنْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَكَرُكُوبِ الدَّابَّةِ اسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا فِيهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالْمَالِكِ مِثَالٌ، وَأَنَّ حُضُورَ مَنْ يَخْلُفُهُ مِنْ مُكْتَرٍ وَحَافِظٍ، وَمُسْتَعِيرٍ كَحُضُورِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ بِهَا وَلَمْ يُزْعِجْهُمْ لِعَدَمِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا كُلِّهَا، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ غَاصِبٌ لَهَا) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الدَّارَ، وَمَا فِيهَا، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَفِي الْبَحْرِ لَوْ غَصَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعٌ وَلَمْ يَنْقُلُهُ هَلْ يَصِيرُ غَاصِبًا لَهُ وَجْهَانِ وَذَكَرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ دَارًا، وَمَنَعَ الْمَالِكَ مِنْ نَقْلِ أَمْتِعَتِهِ كَانَ غَاصِبًا لِلدَّارِ وَالْأَمْتِعَةِ. قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَنْقُولَ لَا يَتَوَقَّفُ غَصْبُهُ عَلَى نَقْلِهِ إذَا كَانَ تَابِعًا وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الظَّرْفِ اسْتِيلَاءٌ عَلَى الْمَظْرُوفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِ أَوْ مَنَعَ الْمَالِكَ مِنْ أَخْذِهِ كَانَ غَاصِبًا، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَغَاصِبٌ لِنِصْفِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ الْفَرْضُ إذَا كَانَ الْمَالِكُ بِمُفْرَدِهِ فِي الدَّارِ مَعَ الْغَاصِبِ لَا غَيْرُ أَمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَالِكِ، وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ مَعَهُمَا فِي الدَّارِ؟ وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ كَوْنِ الدَّارِ مَعْرُوفَةً بِمِلْكِ صَاحِبِهَا أَمْ لَا؟ . لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا. اهـ. قَالَ الكوهكيلوني: إذَا سَاكَنَ الدَّاخِلُ السَّاكِنَ بِالْحَقِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعَ الدَّاخِلِ أَهْلٌ مُسَاوُونَ لِأَهْلِ السَّاكِنِ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ دَخَلَ غَاصِبٌ، وَمَعَ السَّاكِنِ مِنْ أَهْلِهِ عَشَرَةٌ لَزِمَهُ النِّصْفُ وَلَوْ كَانَ السَّاكِنُ بِالْحَقِّ اثْنَيْنِ كَانَ ضَامِنًا لِلثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةٌ مِنْ أَهْلِهِ وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا فَرْقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ الْمَنْقُولَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مَالِكِهِ لِذَلِكَ) لِيَنْظُرَ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لَا يَضْمَنُ، وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مَا يُوَافِقُهُ لَكِنْ لَوْ خَطَا بِهِ خُطُوَاتٍ فَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي يَضْمَنُ، وَفِي فَتَاوِيهِ لَا يَضْمَنُ (وَشَرْطُ غَصْبِ الضَّعِيفِ الدَّارَ دُخُولُهُ) لَهَا (فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ) فَإِنْ دَخَلَهَا فِي حَضْرَتِهِ وَلَوْ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا وَلَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ مَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَحْقِيقِهِ فَلَا يَكُونُ فِي صُورَةِ الْمُشَارَكَةِ السَّابِقَةِ غَاصِبًا لِلنِّصْفِ فَإِنْ قِيلَ لَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ فِي مَفَازَةٍ لَا يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ اُعْتُبِرَ قَصْدُهُ حَتَّى لَا يَتَرَخَّصَ فَلِمَ خَالَفَ مَا هُنَا؟ . قُلْنَا رِعَايَةً لِلْأَصْلِ فِيهِمَا إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ التَّرَخُّصِ، وَعَدَمُ الضَّمَانِ؛ وَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ فِي الْمَفَازَةِ ثَمَّ مُمْكِنَةٌ فِي زَمَانٍ يَسِيرٍ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَاءِ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ كَالسُّبْكِيِّ، وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَكَانَ الْمَالِكُ ضَعِيفًا وَالدَّاخِلُ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ قَوِيًّا كَانَ غَاصِبًا لِلْجَمِيعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ الضَّعِيفِ مَوْجُودَةٌ فَلَا مَعْنَى لِإِلْغَائِهَا بِمُجَرَّدِ قُوَّةِ الدَّاخِلِ. انْتَهَى. وَقَدْ يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ فِي الدَّاخِلِ الضَّعِيفِ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ. (فَصْلٌ: يَدُ مَنْ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (ضَامِنَةٌ) ، وَإِنْ جَهِلَ صَاحِبُهَا الْغَصْبَ، وَكَانَ أَمِينًا كَالْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَأْتِي، وَيُسْتَثْنَى الْحَاكِمُ وَنَائِبُهُ؛ لِأَنَّهُمَا نَائِبَانِ عَنْ الْمَالِكِ، وَمَنْ انْتَزَعَهُ لِيَرُدَّهُ لِمَالِكِهِ إنْ كَانَ الْغَاصِبُ حَرْبِيًّا أَوْ رَقِيقًا لِلْمَالِكِ، وَكَذَا الزَّوْجُ كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ عَلِمَ) مِنْ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ الْغَصْبَ (فَغَاصِبَةٌ) يَدُهُ لِوُجُودِ حَدِّ الْغَصْبِ فِيمَا تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ (فَلَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ) عَلَى الْغَاصِبِ (وَلَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَ) مِنْ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ (قَبْلَ وُقُوعِ يَدِهِ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ فِي يَدِهِ (فَإِنْ تَلِفَتْ مَعَ الثَّانِي الْجَاهِلِ، وَكَانَتْ يَدُهُ فِي الْأَصْلِ ضَامِنَةً كَالْمُشْتَرِي وَالْمُقْتَرِضِ وَالْمُتَّهِبِ) وَالْمُسْتَعِيرِ (فَقَرَارُ ضَمَانِ يَدِهِ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي عَقْدِ الْهِبَةِ عَلَى التَّمَلُّكِ، وَفِي غَيْرِهَا عَلَى الضَّمَانِ بَلْ، وَعَلَى التَّمَلُّكِ فِي بَعْضِهِ فَلَمْ يَغُرَّهُ الْغَاصِبُ، وَعَدَّهُ الْمُتَّهِبُ مِمَّنْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ ضَمَانٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَجَّحُ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لِمَا قُلْنَا (أَوْ) كَانَتْ (غَيْرَ ضَامِنَةٍ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْوَكِيلِ وَالْمُودَعِ فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ دُونَهُ) ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدِ الْغَاصِبِ (لَكِنَّهُ طَرِيقٌ) فِي الضَّمَانِ (إلَّا الزَّوْجَ) فَلَيْسَ طَرِيقًا فِيهِ فَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ الْغَاصِبِ فَتَلِفَتْ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْهَا بِخِلَافِ الْمُودَعِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا فِي حِيَالِ الزَّوْجِ لَيْسَ كَحُلُولِ الْمَالِ فِي الْيَدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُهَا كَمَا لَوْ أَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ، وَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الرَّهْنِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَضَافَهُ) أَيْ الْغَاصِبُ غَيْرَهُ (طَعَامًا مَغْصُوبًا) فَأَكَلَهُ (فَقَرَارُ الضَّمَانِ) عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوِيهِ لَا يَضْمَنُ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى وُجُوبِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا إلَخْ) قَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ الضَّعِيفِ مَوْجُودَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ فِي الدَّاخِلِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ. (تَنْبِيهٌ) يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ وَقَدْ لَا يَجِبُ الرَّدُّ كَأَنْ يَغْصِبَ خَيْطًا فَيَخِيطَ بِهِ جُرْحَ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّ قِيمَتَهُ وَلَا يَنْزِعُهُ أَوْ يَغْصِبَ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا، وَهُوَ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَلَا يَرُدُّهُ أَوْ يَغْصِبَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَيُولِدَهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُهَا وَقِيمَتُهَا وَقَدْ تَجِبُ مَعَ الرَّدِّ الْقِيمَةُ كَمَا لَوْ غَصَبَ أَمَةً فَحَمَلَتْ فِي يَدِهِ بِحُرٍّ ثُمَّ رَدَّهَا لِمَالِكِهَا تَجِبُ قِيمَتُهَا لِلْحَيْلُولَةِ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ بِحُرٍّ لَا تُبَاعُ، ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. (فَرْعٌ) لَوْ غَصَبَ شَيْئًا فَجَاءَ عَبْدُ الْمَالِكِ فَأَتْلَفَهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ وَلَا يَرْجِعُ بِبَدَلِهِ عَلَى الْعَبْدِ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ أَتْلَفَهُ حَرْبِيٌّ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. [فَصْلٌ يَدُ مَنْ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ بِشِرَاءِ أَوْ غَيْره ضَامِنه] (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَعِيرِ) الَّذِي يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْغَاصِبِ وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ هُوَ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ أَمَّا الزَّائِدُ بِسَبَبِ أَقْصَى الْقِيَمِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ بَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَكَذَا الْمُسْتَامُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ. قَالَ الْغَزِّيِّ: وَإِذَا غَرَّمَ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَعِيرَ مِنْهُ أَوْ الْمُسْتَامَ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ حِينِ الْأَخْذِ مِنْ الْغَاصِبِ إلَى التَّلَفِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ. اهـ. وَالْأَرْجَحُ فِي الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَامِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ يَدَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ غَيْرَ ضَامِنَةٍ كَالْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ) لَوْ ضَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَاصِبِ فَالْتَقَطَهُ إنْسَانٌ جَاهِلٌ بِمَالِكِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ لِلْحِفْظِ أَوْ مُطْلَقًا فَيَدُهُ يَدَ أَمَانَةٍ وَكَذَا إنْ أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ وَلَمْ يَتَمَلَّكْهُ فَإِنْ تَمَلَّكَهُ فَهِيَ يَدُ ضَمَانٍ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي لَوْ رَأَى مَالَ غَيْرِهِ يَغْرَقُ أَوْ يُحْرَقُ فَأَخَذَهُ حِسْبَةً لِيَرُدَّهُ فَتَلِفَ قَبْلَ إمْكَانِ الرَّدِّ أَوْ وَقَعَتْ بَقَرَةٌ فِي الْوَحْلِ فَجَاءَ رَجُلٌ، وَأَخْرَجَهَا، وَمَاتَتْ لَا بِسَبَبِ الْجَرِّ أَوْ اسْتَنْقَذَ شَاةً مِنْ الذِّئْبِ لِيَرُدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا، وَهُوَ يَعْرِفُهُ وَتَلِفَتْ قَبْلَ إمْكَانِ الرَّدِّ لَمْ يَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْغَزِّيِّ لَوْ كَانَتْ فَرَسٌ فِي يَدِ شَرِيكٍ فَبَاعَ نَصِيبَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهَا لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَتَلِفَتْ فَيُتَّجَهُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْحَالَ أَوْ يَظُنَّ أَنَّهَا كُلَّهَا لِلْمَالِكِ الْبَائِعِ كَمَا نَذْكُرُهُ فِي الْفَرْعِ. وَقَوْلُهُ: فَيَتَّجِهُ أَنْ يُفَرَّقَ إلَخْ ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لَوْ بَاعَ شَرِيكٌ نَصِيبَهُ فِي الْفَرَسِ وَسَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يُطَالِبَ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَرَارَ عَلَى مَنْ وَقَالَ فِيمَا إذَا عَامَلَ عَامِلُ الْقِرَاضِ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ وَتَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ الثَّانِي أَنَّ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَةَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الثَّانِي إنْ عَلِمَ فَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَعَلَى الْأَوَّلِ. اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّ يَدَ الْمُقَارِضِ يَدُ أَمَانَةٍ وَيَدَ الشَّرِيكِ مِثْلُهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَكَلَامُ الْكِتَابِ يَقْتَضِيهِ أَيْضًا. (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ اسْتَعَارَ حُلِيًّا وَجَعَلَهُ فِي عُنُقِ ابْنِهِ ثُمَّ أَمَرَ رَجُلًا بِنَزْعِهِ وَوَضْعِهِ فِي بَيْتِ الْمَأْمُورِ فَسُرِقَ فَإِنْ عَلِمَ الرَّجُلُ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ ظَنَّ مِلْكَ الْآمِرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَوْدَعَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ فَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. [فَرْعٌ أَضَافَهُ الْغَاصِبُ غَيْرَهُ طَعَامًا مَغْصُوبًا فَأَكَلَهُ] (قَوْلُهُ: أَضَافَهُ طَعَامًا مَغْصُوبًا إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَكْلِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 الضَّيْفِ إنْ عَلِمَ (أَنَّهُ مَغْصُوبٌ، وَكَذَا إنْ جَهِلَ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ، وَإِلَيْهِ عَادَتْ مَنْفَعَتُهُ فَإِنْ ضَمِنَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ رَجَعَ عَلَيْهِ (وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ هُوَ مِلْكِي) فَالْقَرَارُ عَلَى الْآكِلِ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْغَاصِبِ (لَكِنْ بِهَذِهِ) الْمَقَالَةِ (إنْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّ ظَالِمَهُ غَيْرُهُ) فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ (وَإِذَا قَدَّمَهُ لِعَبْدٍ) وَلَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ (فَالْأَكْلُ جِنَايَةٌ) مِنْهُ (يُبَاعُ فِيهَا) لِتَعَلُّقِ مُوجِبِهَا بِرَقَبَتِهِ فَلَوْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ رَجَعَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ (لَا) إنْ قَدَّمَهُ (لِبَهِيمَةٍ) فَأَكَلَتْهُ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ (فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ) ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ (، وَمُطِيعُ الْغَاصِبِ فِي ذَبْحِ الشَّاةِ) الْمَغْصُوبَةِ بِأَنْ قَالَ لَهُ اذْبَحْهَا فَذَبَحَهَا (لَا فِي قَتْلِهَا جَاهِلًا) بِالْغَصْبِ (يَرْجِعُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَبَحَ لَهُ لَا لِنَفْسِهِ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَا اسْتَعَانَ بِهِ الْغَاصِبُ كَطَحْنِ الْحِنْطَةِ، وَخَبْزِ الْعَجِينِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ بِخِلَافِ الذَّبْحِ، وَخَرَجَ بِالْجَاهِلِ الْعَالِمُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بَلْ الْغَاصِبُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا ضَمِنَ. (فَرْعٌ: يَبْرَأُ) الْغَاصِبُ (مِنْ الْمَغْصُوبِ بِإِطْعَامِهِ الْمَالِكَ أَوْ إعَارَتِهِ إيَّاهُ) أَوْ بَيْعِهِ أَوْ إقْرَاضِهِ لَهُ (وَلَوْ) كَانَ (جَاهِلًا) بِأَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ أَخْذَ مَالِهِ بِاخْتِيَارِهِ (وَتَمْكِينِهِ) أَيْ، وَيَبْرَأُ بِتَمْكِينِهِ مِنْهُ (بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ عَالِمًا) بِأَنَّهُ لَهُ لَا جَاهِلًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَابِضًا لَهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا بِإِيدَاعِهِ وَرَهْنِهِ، وَإِجَارَتِهِ وَتَزْوِيجِهِ) مِنْهُ وَالْقِرَاضِ مَعَهُ فِيهِ (جَاهِلًا) بِأَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيطَ فِيهَا غَيْرُ تَامٍّ، وَكَمَا لَا يَتَقَرَّرُ الضَّمَانُ فِيهَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَالِمًا، وَكَلَامُهُ فِي التَّزْوِيجِ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (مَا لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا) فَإِنْ اسْتَوْلَدَهَا أَيْ وَتَسَلَّمَهَا بَرِئَ الْغَاصِبُ (وَلَا) يَبْرَأُ (إنْ صَالَ) الْمَغْصُوبُ عَلَى مَالِكِهِ (فَقَتَلَهُ الْمَالِكُ دَفْعًا) لِصِيَالِهِ سَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِذَلِكَ كَإِتْلَافِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَدُّ وَالْبَاغِي كَذَلِكَ إذَا قَتَلَهُ سَيِّدُهُ الْإِمَامُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (وَلَوْ قَالَ الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ أَعْتِقْهُ أَوْ أَعْتِقْهُ عَنْك فَأَعْتَقَهُ وَلَوْ جَاهِلًا) بِأَنَّهُ لَهُ (عَتَقَ) ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَنْدَفِعُ بِالْجَهْلِ (وَبَرِئَ) لِانْصِرَافِهِ إلَى جِهَةٍ صَرَفَهُ الْمَالِكُ إلَيْهَا بِنَفْسِهِ، وَعَادَتْ مَصْلَحَتُهَا إلَيْهِ (وَكَذَا) يُعْتَقُ، وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ (لَوْ قَالَ) لِلْمَالِكِ أَعْتِقْهُ (عَنِّي) فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ وَلَوْ جَاهِلًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ، وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمَالِكِ لَا عَنْ الْغَاصِبِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْأَوْجَهُ مَعْنًى أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْغَاصِبِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا ضِمْنِيًّا إنْ ذُكِرَ عِوَضٌ، وَإِلَّا فَهِبَةٌ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا (وَكَذَا) يُعْتَقُ، وَيَبْرَأُ (إنْ أَمَرَهُ الْمَالِكُ) بِعِتْقِهِ بِأَنْ قَالَ أَعْتِقْهُ أَوْ أَعْتِقْهُ عَنْك أَوْ عَنِّي، وَمَسْأَلَةُ أَعْتِقْهُ عَنْك فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذَكَرَهَا الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْإِعْتَاقِ الْوَقْفُ وَنَحْوُهُ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْمَضْمُونِ الْمَضْمُونُ مَالٌ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْحُرُّ) أَمَّا الْحُرُّ (فَيَضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ (فِي الدِّيَاتِ، وَ) أَمَّا (الْمَالُ) فَهُوَ (أَعْيَانٌ، وَمَنَافِعُ فَالْأَعْيَانُ تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ وَبِالدُّخُولِ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَةِ فَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ جُزْءَ الرَّقِيقِ غَيْرَ الْمُقَدَّرِ) وَاجِبُهُ (مِنْ الْحُرِّ) كَذَهَابِ الْبَكَارَةِ وَالْهُزَالِ، وَجُرْحِ الْبَدَنِ (بِنَقْصِ الْقِيمَةِ) كَمَا فِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَاسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي مَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِيمَا يَتَقَدَّرُ كَالْيَدِ، وَكَانَ النَّاقِصُ أَكْثَرَ مِنْ مُقَدَّرِهِ أَوْ مِثْلَهُ فَلَا يُوجِبُ جَمِيعُهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَزِيدَ عَلَى مُوجِبِ الْجِنَايَةِ أَوْ يُسَاوِيهِ بِإِدْخَالِ خَلَلٍ فِي الْعُضْوِ عَلَى نَفْسِ الْعُضْوِ لَكِنَّ الْحَاكِمَ يُوجِبُ فِيهِ حُكُومَةً بِاجْتِهَادِهِ، قَالَ: وَهَذَا تَفْصِيلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَمَا اسْتَثْنَاهُ إنَّمَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْغَاصِبِ أَمَّا فِيهِ فَيَضْمَنُ بِالنَّقْصِ مُطْلَقًا وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِيهِ. (وَ) يَضْمَنُ جُزْأَهُ (الْمُقَدَّرَ) وَاجِبُهُ مِنْ الْحُرِّ (كَيَدِ الْعَبْدِ) وَلَوْ مُكَاتَبًا، وَمُدَبَّرًا وَأُمَّ وَلَدٍ (بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِهِ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ إنْ جَنَى عَلَيْهِ) لِاجْتِمَاعِ السَّبَبَيْنِ فَلَوْ كَانَ النَّاقِصُ بِقَطْعِهَا ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لَزِمَاهُ النِّصْفُ بِالْقَطْعِ وَالسُّدُسُ بِالْيَدِ الْعَادِيَةِ نَعَمْ إنْ قَطَعَهَا الْمَالِكُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ الزَّائِدَ عَلَى النِّصْفِ فَقَطْ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَالْمُبَعَّضُ يُعْتَبَرُ بِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَفِي قَطْعِ يَدِهِ مَعَ رُبْعِ الدِّيَةِ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رُبْعِ الْقِيمَةِ وَنِصْفِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الْمَغْصُوبِ بِإِطْعَامِهِ الْمَالِكَ أَوْ إعَارَتِهِ إيَّاهُ] قَوْلُهُ: يَبْرَأُ مِنْ الْمَغْصُوبِ بِإِطْعَامِ الْمَالِكِ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا قَدَّمَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ فَلَوْ غَصَبَ سَمْنًا، وَعَسَلًا وَدَقِيقًا وَصَنَعَهُ حَلْوَى وَقَرَّبَهُ لِمَالِكِهِ فَأَكَلَهُ لَمْ يَبْرَأْ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ بِالْخَلْطِ صَارَ كَالتَّالِفِ وَانْتَقَلَ الْحَقُّ إلَى الْقِيمَةِ وَلَا تَسْقُطُ الْقِيمَةُ عِنْدَنَا بِبَدَلِ غَيْرِهَا إلَّا بِرِضَا مُسْتَحِقِّهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ قَالَهُ الزُّبَيْرِيُّ فِي الْمُسْكِتِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَبْرَأْ قَطْعًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِإِيدَاعِهِ وَرَهْنِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ إلَى يَدِ مَالِكِهِ بِجِهَةِ ضَمَانٍ بَرِئَ أَوْ بِجِهَةِ أَمَانَةٍ لَمْ يَبْرَأْ. (قَوْلُهُ: وَإِجَارَتِهِ) فِي الْإِجَارَةِ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْمَنَافِعِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَتَسَلُّمُهَا) تَسْلِيمُهَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ اسْتِيلَادِهِ فَيَبْرَأُ بِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَدُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إذَا قَتَلَهُ سَيِّدُهُ الْإِمَامُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَالرِّدَّةُ حَدَثَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ) وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لِلْغَيْرِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَلِهَذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَعْنًى أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْغَاصِبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْإِعْتَاقِ الْوَقْفُ وَنَحْوُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: بِنَقْصِ الْقِيمَةِ) فَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ:، وَهَذَا تَفْصِيلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ يَنْبَغِي) أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْرِيعًا عَلَى ضَمَانِ الْمُقَدَّرِ بِمُقَدَّرِهِ خَاصَّةً فَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى ضَمَانِهِ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمُقَدَّرِ، وَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ ضَمِنَ هُنَا مَا نَقَصَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ زِيَادَةُ أَرْشِ بَعْضِ الْعُضْوِ عَلَى جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى جَمِيعِهِ لَزَادَ أَرْشُهَا عَلَى هَذَا ع. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى ضَمَانِهِ بِالْأَكْثَرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 الْأَرْشِ. (فَرْعٌ) لَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا مِنْهُ زَائِدَةً وَبَرِئَ وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَ، وَيُقَوَّمُ قَبْلَ الْبُرْءِ وَالدَّمُ سَائِلٌ لِلضَّرُورَةِ (وَإِنْ تَلِفَتْ) يَدُهُ (بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَبِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَوَدٌ وَلَا كَفَّارَةٌ وَلَا يُضْرَبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِحَالٍ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَمْوَالِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ قَدْرُ النُّقْصَانِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُقَدَّرِ كَانَ هُوَ الْوَاجِبَ بِالْإِتْلَافِ، وَكَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ مَا لَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ عَلَى يَدِ آخَرَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ قَوَدًا قَالَهُ الْإِمَامُ (وَإِنْ أَتْلَفَهَا غَيْرُ غَاصِبٍ) لَهُ (ضَمِنَهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ) ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَمَا تُضْمَنُ يَدُ الْحُرِّ بِنِصْفِ دِيَتِهِ (وَالْمَنَافِعُ) الْمُتَقَوِّمَةُ تُضْمَنُ (بِالتَّفْوِيتِ) كَأَنْ سَكَنَ الدَّارَ وَاسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ وَرَكِبَ الدَّابَّةَ (وَكَذَا بِالْفَوَاتِ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَةِ) كَأَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَتُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْأَعْيَانِ (إلَّا مَنْفَعَةَ الْحُرِّ وَالْبُضْعِ) فَلَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ (وَسَيَأْتِيَانِ فَمَنْ غَصَبَ عَيْنًا) تُؤَجَّرُ (ضَمِنَ مَنْفَعَتَهَا) إذَا بَقِيَتْ فِي يَدِهِ مُدَّةً لَهَا أُجْرَةٌ (وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا كَمَا يَضْمَنُ عَيْنَهَا) الْأَوْلَى تَضَمَّنَهَا (وَإِنْ لَمْ يُتْلِفْهَا) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا التَّنْظِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (حَتَّى) لَوْ غَصَبَ (الْمِسْكَ وَالْكِتَابَ) ضَمِنَ مَنْفَعَتَهُمَا (وَتَجِبُ) الْأَوْلَى فَتَجِبُ (أُجْرَتُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (وَإِنْ لَمْ يَشُمَّهُ) أَيْ الْمِسْكَ (وَلَمْ يُطَالِعْهُ) أَيْ الْكِتَابَ (وَيَجِبُ أَعْلَى أُجْرَةِ صَنَائِعِ الْمَغْصُوبِ) إذَا كَانَ لَهُ صَنَائِعُ فَلَا تَجِبُ أُجْرَةُ الْجَمِيعِ لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ عَمَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي، وَقْتٍ وَاحِدٍ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا لَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ مَعَهُ بِصَنْعَةٍ أُخْرَى فَإِنْ أَمْكَنَ كَالْخِيَاطَةِ مَعَ الْحِرَاسَةِ ضَمِنَ الْأُخْرَى أَيْضًا قَالَ وَسَيَأْتِي فِي صَيْدِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحُرِّ أَمَّا الْحُرُّ فَلَا يَضْمَنُ فِيهِ إلَّا أُجْرَةَ مِثْلِ مَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي. وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ (وَإِنْ غَصَبَ أَرْضًا تَنْقُصُ بِتَرْكِ الزِّرَاعَةِ لَنَبَتَ الْحَشِيشُ) فِيهَا إذَا لَمْ تُزْرَعْ كَأَرْضِ الْبَصْرَةِ (فَلَمْ يَزْرَعْ) هَا (فَعَلَيْهِ قَلْعُهُ) أَيْ الْحَشِيشِ وَرَدُّهُ (مَعَ الْأُجْرَةِ، وَأَرْشِ النَّقْصِ) التَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْقَلْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ ذَكَرَ مَعَهُ الرَّدَّ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَصْلُهُ كَانَ أَوْلَى أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ لَا تُؤَجَّرُ كَمَسْجِدٍ وَشَارِعٍ، وَمَقْبَرَةٍ فَلَا تُضْمَنُ مَنْفَعَتُهَا إلَّا بِالتَّفْوِيتِ (وَأَمَّا الْحُرُّ وَالْبُضْعُ فَلَا تُضْمَنُ مَنْفَعَتُهُمَا إلَّا بِالتَّفْوِيتِ) كَأَنْ اسْتَخْدَمَ وَوَطِئَ فَلَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ (لِأَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ تَحْتَ الْيَدِ) شَرْعًا فَالْيَدُ فِي مَنْفَعَةِ الْحُرِّ لَهُ، وَفِي بُضْعِ الْحُرَّةِ لَهَا بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَزْوِيجِ الْمَغْصُوبَةِ وَدَعْوَى كُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ نِكَاحَهَا عَلَيْهَا لَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ؛ وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ تُسْتَحَقُّ اسْتِحْقَاقَ ارْتِفَاقٍ لِلْحَاجَةِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ نَقْلَهَا أَصْلًا بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَنَافِعِ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَحَقُّ اسْتِحْقَاقَ مِلْكٍ تَامٍّ، وَمَحَلُّ ضَمَانِ تَفْوِيتِ مَا ذُكِرَ حَيْثُ لَا رِدَّةَ مُتَّصِلَةٌ بِالْمَوْتِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِهَا أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَ أَمَةً مُرْتَدَّةً عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مُرْتَدًّا عَلَى عَمَلٍ، وَمَاتَا عَلَى الرِّدَّةِ لَا مَهْرَ لَهَا وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِ الْمُرْتَدِّ أَوْ وَقْفِهِ (نَعَمْ لَوْ اسْتَأْجَرَ) شَخْصٌ (الْحُرَّ فَلَهُ تَأْجِيرُهُ) يَعْنِي إجَارَتَهُ (وَيَسْتَحِقُّ) عَلَيْهِ الْحُرُّ (الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ) لَهُ (وَلَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ) بِنَاءً لِذَلِكَ عَلَى الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ كَوْنِ مَنْفَعَةِ الْحُرِّ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ مَنْعُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ بِهِ الْقَفَّالُ. (فَرْعٌ: عَلَى نَاقِلِ الْحُرِّ) صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا (قَهْرًا) مِنْ مَكَانِهِ إلَى مَكَان آخَرَ (مُؤْنَةُ رَدِّهِ) إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا لِتَعَدِّيهِ هَذَا (إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْحُرِّ (غَرَضٌ فِي الرُّجُوعِ) إلَى مَكَانِهِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ نُقِلَ ذَلِكَ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَذَكَرَ مِثْلَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ، وَقَالَ فِي آخَرَ لَا تَجِبُ لَكِنْ إذَا كَانَ النَّقْلُ إلَى بَرِّيَّةٍ مُهْلِكَةٍ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى الْعُمْرَانِ يَعْنِي الْمَأْمَنَ حِسْبَةً مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ جُمْلَةُ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ سَوَاءٌ وَذَكَرَ الْإِمَامُ مِثْلَهُ (وَلَوْ غَصَبَ جَارِحَةً أَوْ شَبَكَةً أَوْ قَوْسًا) فَاصْطَادَ بِهَا صَيْدًا (فَالصَّيْدُ لَهُ) لَا لِصَاحِبِهَا؛ لِأَنَّهَا آلَاتٌ لِلصَّائِدِ (وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ) أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا (لَا فِي الْكَلْبِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ (بَلْ يَجِبُ رَدُّهُ) مَعَ مُؤْنَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ (وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَاصْطَادَ لَهُ) صَيْدًا (فَالصَّيْدُ لِسَيِّدِهِ) لِاسْتِقْلَالِ الْعَبْدِ بِهِ وَلَوْ أَمَرَ عَبْدًا لَا يُمَيِّزُ بِذَلِكَ فَفَعَلَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الصَّيْدَ لِمَالِكِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ لَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَبِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ: فِيمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَنْقُصْ كَمَا لَوْ سَقَطَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ عَدَمِ تَنْقِيصِ الْقِيمَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ قَطْعًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَحَاوَلَ الرَّافِعِيُّ تَخْرِيجَ وَجْهٍ فِيهِ فِي (قَوْلِهِ فَمَنْ غَصَبَ عَيْنًا تُؤَجَّرُ) وَلَوْ رَقِيقًا وَجَبَ قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى الْمِسْكَ) أَيْ أَوْ الْعَنْبَرَ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُقْصَدُ شَمُّهُ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ ثُمَّ إنْ انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ ضَمِنَ كَمَالَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ جُرْمَ الْمِسْكِ دُونَ الرَّائِحَةِ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَإِنْ انْتَقَصَتْ الرَّائِحَةُ ضَمِنَ مَا نَقَصَ مِنْهَا إذَا كَانَ ذَلِكَ قَدْرًا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَوَاتِ أَمَّا لَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي بَعْضِهَا فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ أَمْ يَجِبُ أَعْلَاهَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَسِيَاقُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي الثَّانِيَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحُرُّ وَالْبُضْعُ فَلَا تُضْمَنُ مَنْفَعَتُهُمَا إلَّا بِالتَّفْوِيتِ) مِثْلُهُمَا الْمَسْجِدُ وَالرِّبَاطُ وَالْمَدْرَسَةُ وَالشَّوَارِعُ، وَعَرَفَةُ وَالْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى دَفْنِ الْمَوْتَى وَنَحْوُهَا وَلَوْ تَعَلَّقَ بِبَدَنِ الْحُرِّ حَقٌّ لِلْغَيْرِ كَمَا لَوْ آجَرَهُ عَبْدَهُ سَنَةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَوْ أَوْصَى بِمَنَافِعِهِ أَبَدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ فَحَبَسَهُ حَابِسٌ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ فَفَاتَتْ مَنَافِعُهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَنْفَعَتَهُ هُنَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ تَحْتَ الْيَدِ شَرْعًا) أَيْ إنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ النَّقْلَ مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ كَمَا تَقْبَلُهُ الْأَمْوَالُ (قَوْلُهُ: لَا مَهْرَ لَهَا وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِنَاءً إلَخْ) وَكَذَا سَائِرُ أَكْسَابِهِمَا حَالَ رِدَّتِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 اخْتِيَارًا فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ (وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ أُجْرَتَهُ) فِي زَمَنِ صَيْدِهِ أَيْضًا قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ مَالِكِهِ رُبَّمَا اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ مَا اشْتَغَلَ بِهِ فَلَا تَدْخُلُ الْأُجْرَةُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ وَبِمَا قَالَهُ يَنْدَفِعُ إشْكَالُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ أَعْلَى مَنَافِعِ الْعَبْدِ الِاصْطِيَادَ، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ لَمَّا رَأَى الْإِشْكَالَ قَوِيًّا زَادَ لَفْظَةَ لَهُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ اصْطَادَ لِسَيِّدِهِ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ أُجْرَتَهُ بَلْ تَدْخُلُ فِيمَا ذَكَرَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ، وَجَوَابُ الْإِشْكَالِ مَا قُلْنَا. (فَرْعٌ: يَجِبُ أَرْشُ نَقْصِ الْمَغْصُوبِ) الْحَاصِلِ بِغَيْرِ كَسَادِ السُّوقِ (وَأُجْرَتُهُ وَضَمَانُ جِنَايَتِهِ وَزَوَائِدِهِ، وَإِنْ أَبِقَ وَسَلِمَتْ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ) حَالَةَ إبَاقِهِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْغَصْبِ (وَتَكُونُ) الْأُجْرَةُ (بَعْدَ) حُدُوثِ (النَّقْصِ أُجْرَةَ نَاقِصٍ) بِخِلَافِهَا قَبْلَ حُدُوثِهِ فَإِنَّهَا أُجْرَةُ تَامٍّ (سَوَاءٌ) فِي وُجُوبِ الْأَرْشِ مَعَ الْأُجْرَةِ (حَدَثَ النَّقْصُ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُوجِبِ لِلْأُجْرَةِ) كَأَنْ لَبِسَ الثَّوْبَ فَأَبْلَاهُ (أَمْ لَا) كَأَنْ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَسُقُوطِ عُضْوِ الْعَبْدِ بِمَرَضٍ لَا يُقَالُ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ النُّقْصَانُ نَشَأَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ، وَقَدْ قُوبِلَ الِاسْتِعْمَالُ بِالْأُجْرَةِ فَلَا يَجِبُ لَهُ ضَمَانٌ آخَرُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْأُجْرَةُ لَا تَجِبُ لِلِاسْتِعْمَالِ بَلْ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْمَالِكِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اسْتِعْمَالٌ فَلِمَ يَلْزَمُ ضَمَانَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ. (فَصْلٌ: لَا يَضْمَنُ) أَحَدٌ (خَمْرًا) وَلَوْ مُحْتَرَمَةً (وَخِنْزِيرًا) لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ (وَ) لَكِنْ (يَجِبُ رَدُّ) الْخَمْرِ (الْمُحْتَرَمَةِ، وَخَمْرِ ذِمِّيٍّ غَيْرِ مُتَظَاهِرٍ بِهَا) شُرْبًا أَوْ بَيْعًا أَوْ غَيْرَهُمَا مَعَ مُؤْنَةِ رَدِّهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ فِي الْجِزْيَةِ لِاحْتِرَامِهِمَا بِخِلَافِ مَا عَدَاهُمَا لَا تُرَدُّ بَلْ تُرَاقُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ، وَيَجُوزُ كَسْرُ إنَائِهَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إرَاقَتِهَا إلَّا بِهِ أَوْ كَانَ إنَاؤُهَا ضَيِّقَ الرَّأْسِ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِإِرَاقَتِهَا أَدْرَكَهُ الْفُسَّاقُ، وَمَنَعُوهُ أَوْ كَانَ يَضِيعُ زَمَانُهُ، وَيَتَعَطَّلُ شُغْلُهُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ قَالَ وَلِلْوُلَاةِ كَسْرُ آنِيَةِ الْخَمْرِ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا دُونَ الْآحَادِ وَالنَّبِيذُ كَالْخَمْرِ فِي حُكْمِهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُرِيقُهُ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ مُجْتَهِدٍ لِئَلَّا يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ فَإِنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَالٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحَاكِمَ الْمُقَلِّدَ لِمَنْ يَرَى إرَاقَتَهُ كَالْمُجْتَهِدِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ الْحَشِيشَةُ مُسْكِرَةٌ فَعَلَيْهِ يَتَّجِهُ إلْحَاقُهَا بِالْخَمْرِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. (فَرْعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ (يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ الْقَادِرَ كَسْرُ الْأَصْنَامِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالصَّلِيبِ (وَآلَاتِ الْمَلَاهِي) كَالْبَرْبَطِ وَالطُّنْبُورِ إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ إذْ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَلَا حُرْمَةَ لِصَنْعَتِهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَقُومَ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ» فَلَا يَلْزَمُ بِكَسْرِهَا شَيْءٌ إذَا كَسَرَهَا (كَسْرًا تَصِيرُ بِهِ إعَادَتُهَا) فِي إنَالَةِ الصَّانِعِ التَّعِبِ (كَإِحْدَاثِهَا) بِأَنْ تَفَصَّلَ لِتَعُودَ كَمَا قَبْلَ التَّأْلِيفِ فَلَا يَكْفِي قَطْعُ الْأَوْتَارِ؛ لِأَنَّهَا مُجَاوِرَةٌ لَهَا مُنْفَصِلَةٌ (فَلَوْ رَضَّهَا أَوْ أَحْرَقَهَا ضَمِنَ مَا سِوَى) الْكَسْرِ (الْمَشْرُوعِ) أَيْ الزَّائِدِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ رَضَاضَهَا مُتَمَوَّلٌ وَلِزِيَادَتِهِ عَلَى مَا يَزُولُ بِهِ الِاسْمُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَكْسِرَهَا الْكَسْرَ الْفَاحِشَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْآحَادِ أَمَّا الْإِمَامُ فَلَهُ ذَلِكَ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي إنَاءِ الْخَمْرِ بَلْ أَوْلَى (وَيُعَذَّرُ فِي) كَسْرِ (الزَّائِدِ) عَلَى الْكَسْرِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَلَا تَدْخُلُ الْأُجْرَةُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبِ فَاسْتِعْمَالُهُ فِيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى مَالِكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَمْنَعُ الْأُجْرَةَ بِتَعَدِّيهِ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا، وَعَلَّمَهُ صَنْعَةً فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ مَعَ الْأُجْرَةِ لِمُدَّةِ التَّعْلِيمِ وَالْغَصْبِ وَكَمَا لَوْ غَصَبَ حَبًّا، وَأَرْضًا وَزَرَعَهُ فِيهَا كَانَ الزَّرْعُ لِمَالِكِهَا وَتَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْمُصَنِّفُ لَمَّا رَأَى الْإِشْكَالَ قَوِيًّا زَادَ لَفْظَةَ لَهُ إلَخْ) زَادَهَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ إنْ اصْطَادَ لِلْغَاصِبِ يَكُونُ الصَّيْدُ لَهُ وَلِيُفِيدَ مَا عَدَاهُ بِالْأَوْلَى. [فَرْعٌ أَرْشُ نَقْصِ الْمَغْصُوبِ الْحَاصِلِ بِغَيْرِ كَسَادِ السُّوقِ] (قَوْلُهُ: وَأُجْرَتُهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَتَهُ؛ لِأَنَّ مَا ضُمِنَ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَبِالْبَدَلِ فِي الْفَاسِدِ ضُمِنَ بِالْغَصْبِ كَالْأَعْيَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ غَيْرُ الْغَاصِبِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ غَيْرُهُ ضَمِنَ الْأُجْرَةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَجْهًا وَاحِدًا، وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ. [فَصْلٌ لَا يَضْمَنُ أَحَدٌ خَمْرًا وَلَوْ مُحْتَرَمَةً وَخِنْزِيرًا] (فَصْلٌ: لَا يَضْمَنُ خَمْرًا وَخِنْزِيرًا) (قَوْلُهُ: كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ) وَلِأَنَّ خَمْرَ الذِّمِّيِّ لَوْ ضُمِنَتْ أَدَّى إلَى تَفْضِيلِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِسَبَبِ كُفْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ رَدُّ الْمُحْتَرَمَةِ) قَالَ الشَّيْخَانِ هُنَا، وَهِيَ مَا اُتُّخِذَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَيَدْخُلُ فِيهَا مَا عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَلِّ أَوْ بِقَصْدِ شُرْبِ عَصِيرِهَا أَوْ طَبِيخِهِ دِبْسًا أَوْ عُصِرَ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ، وَمَا لَوْ اُنْتُهِبَتْ أَوْ اُشْتُرِيَتْ أَوْ حَدَثَتْ مِنْ إرْثِ مَنْ جُهِلَ قَصْدُهُ أَوْ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ عَصَرَهَا مَنْ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ فِي الْعَصِيرِ كَصَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ أَوْ عَصَرَهَا لِلْخَمْرِ ثُمَّ مَاتَ أَوْ عَصَرَهَا لِلْخَمْرِ كَافِرٌ، وَإِنْ أَسْلَمَ وَالِاتِّحَادُ يَكُونُ فِي الِابْتِدَاءِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطْرَأَ بَعْدَهُ قَصْدٌ يُفْسِدُهُ فَلَوْ طَرَأَ قَصْدُ الْخَمْرِيَّةِ زَالَ الِاحْتِرَامُ أَوْ قَصْدُ الْخَلِيَّةِ حَصَلَ الِاحْتِرَامُ وَقَوْلُهُمْ عَلَى الْغَاصِبِ إرَاقَةُ الْخَمْرِ مَحِلُّهُ إذَا عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا، وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ لَهُ إرَاقَتُهَا، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّ وُجُوبَ إرَاقَتِهَا ظَاهِرٌ مُتَّجِهٌ؛ لِأَنَّ الْعَصِيرَ لَمَّا انْقَلَبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَزِمَهُ مِثْلُهُ، وَانْتَقَلَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْعَصِيرِ الَّذِي قَدْ صَارَ خَمْرًا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْغَاصِبِ قَصْدٌ صَحِيحٌ وَذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُتَظَاهِرٍ بِهَا) إذَا انْفَرَدُوا بِقَرْيَةٍ مَثَلًا لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِمْ إذَا تَظَاهَرُوا بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهَا وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ الْمَعَازِفِ، وَإِظْهَارِ اسْتِعْمَالِهَا بِحَيْثُ يَسْمَعُهَا مَنْ لَيْسَ فِي دُورِهِمْ قَالَهُ الْإِمَامُ وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ الصَّلِيبِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُمَا) أَيْ كَنَقْلِهَا (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: قَالَ وَلِلْوُلَاةِ كَسْرُ آنِيَةِ الْخَمْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ الْحَشِيشَةُ مُسْكِرَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ يَتَّجِهُ إلْحَاقُهَا بِالْخَمْرِ) قَالَ شَيْخُنَا كَأَنَّهَا لِكَوْنِهَا مُسْكِرَةً، وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لِإِتْلَافِ الْمُسْكِرِ انْتَفَى الضَّمَانُ فَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ كَوْنُهَا ظَاهِرَةً يَصِحُّ بَيْعُهَا (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ الْقَادِرَ كَسْرُ الْأَصْنَامِ] (قَوْلُهُ: كَالْبَرْبَطِ) آلَةٌ تُشْبِهُ الْعُودَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ فِي الْآحَادِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُعَذَّرُ فِي الزَّائِدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 الْمَشْرُوعِ (إنْ دُوفِعَ) عَنْ كَسْرِهِ؛ لِأَنَّ دَافِعَهُ مُقَصِّرٌ وَلَوْ أَتْلَفَ جِلْدًا غَيْرَ مَدْبُوغٍ فَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ مُذَكًّى وَالْغَاصِبُ أَنَّهُ مَيْتَةٌ صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَاقَ مَاءَ عِنَبٍ وَاخْتَلَفَا فِي تَخَمُّرِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَالِيَّتِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالثَّانِيَةِ مَا لَوْ قَالَ الْكَاسِرُ هُنَا لَمْ يُمْكِنْ الْكَسْرُ إلَّا بِالرَّضِّ أَوْ الْإِحْرَاقِ، وَخَالَفَهُ الْمَالِكُ فَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ قُلْت وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُهُ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِقْدَامَ عَلَى إزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْإِمَامُ لَوْ أَبْرَزَ خَمْرًا وَزَعَمَ أَنَّهَا خَمْرُ خَلٍّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ طَوَائِفُ وَلَوْ اطَّلَعْنَا عَلَى خَمْرٍ، وَمَعَهَا مُخَايِلُ تَشْهَدُ بِأَنَّهَا خَمْرُ خَلٍّ فَالْمَذْهَبُ أَنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهَا. (وَلِلصَّبِيِّ) الْمُمَيِّزِ (وَغَيْرِ الْكَامِلِ) مِنْ امْرَأَةٍ، وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ أَوْ فِسْقٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ هَذَا وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَكِلَا اللَّفْظَيْنِ يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ (كَسْرُهَا، وَيُثَابُ الصَّبِيُّ) ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ عَلَى كَسْرِهَا (كَالْبَالِغِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مِنْ إزَالَةِ سَائِرِ الْمُنْكَرَاتِ كَمَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُ الْبَالِغِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبِ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي قَدْرِ) الْبَدَلِ (الْوَاجِبِ فَالْمِثْلِيُّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ) لِآيَةِ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّالِفِ؛ وَلِأَنَّ الْمِثْلَ كَالنَّصِّ؛ لِأَنَّهُ مَحْسُوسٌ وَالْقِيمَةُ كَالِاجْتِهَادِ وَلَا يُصَارُ لِلِاجْتِهَادِ إلَّا عِنْدَ فَقْدِ النَّصِّ (وَالْمِثْلِيُّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ، وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ) فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ مَا يُعَدُّ كَالْحَيَوَانِ أَوْ يُذَرَّعُ كَالثِّيَابِ وَبِجَوَازِ السَّلَمِ فِيهِ الْغَالِيَةُ وَالْمَعْجُونُ وَنَحْوُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ ثُبُوتِ ذَلِكَ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدِ السَّلَمِ مَانِعٌ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالتَّلَفِ وَالْإِتْلَافِ، وَشَمِلَ التَّعْرِيفُ الرَّدِيءَ نَوْعًا أَمَّا الرَّدِيءُ عَيْبًا فَلَيْسَ بِمِثْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ، وَأَوْرَدَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَيْهِ الْقَمْحَ الْمُخْتَلِطَ بِالشَّعِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْمِثْلُ فَيَخْرُجُ الْقَدْرُ الْمُحَقَّقُ مِنْهُمَا، وَيُجَابُ بِأَنَّ إيجَابَ رَدِّ مِثْلِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ مِثْلِيًّا كَمَا فِي إيجَابِ رَدِّ مِثْلِ الْمُتَقَوِّمِ فِي الْقَرْضِ (فَالتُّرَابُ وَالنُّحَاسُ وَالْحَدِيدُ وَالتِّبْرُ وَالْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ وَالْكَافُورُ وَالثَّلْجُ وَالْجَمْدُ وَالْقُطْنُ) وَلَوْ بِحَبِّهِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ (وَالْعِنَبُ وَالرُّطَبُ وَالْفَوَاكِهُ الرَّطْبَةُ وَالدَّقِيقُ وَاللَّحْمُ الطَّرِيُّ) وَنَحْوُهَا كَالنُّخَالَةِ كَمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ (كُلُّهَا مِثْلِيَّةٌ) لِصِدْقِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهَا، وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ مِثْلِيَّانِ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ (لَا الْخُبْزُ) وَكُلُّ مَا دَخَلَتْهُ النَّارُ لِطَبْخٍ أَوْ قَلْيٍ أَوْ شَيٍّ فَلَيْسَ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ (ثُمَّ الْمَاءُ وَالْحُبُوبُ) الْجَافَّةُ (وَالْخُلُولُ) الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ (وَالْأَدْهَانُ) وَالْأَلْبَانُ (وَالسَّمْنُ وَالْمَخِيضُ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ) الْخَالِصَةُ وَنَحْوُهَا (مِثْلِيَّةٌ، وَكَذَا) الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ (الْمَغْشُوشَةُ وَالْمُكَسَّرَةُ وَالسَّبِيكَةُ) وَلَوْ عَطَفَ الْمَاءَ وَالْمَذْكُورَاتِ بَعْدَهُ بِالْوَاوِ، وَقَدَّمَهَا عَلَى قَوْلِهِ كُلُّهَا مِثْلِيَّةٌ كَانَ أَوْلَى، وَأَخْصَرَ وَالْمُرَادُ بِالْمَاءِ الْمَاءُ الْبَارِدُ إذْ الْحَارُّ مُتَقَوِّمٌ لِدُخُولِ النَّارِ فِيهِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَهَذَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُطْرَقُ غَيْرُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ إذَا حَمِيَتْ بِالنَّارِ. (فَصْلٌ) لَوْ (غَصَبَ مِثْلِيًّا فَتَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ بِلَا غَصْبٍ وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ فَلَمْ يَغْرَمُ حَتَّى عَدَمَ الْمِثْلَ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ أَوْ، وَجَدَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ مَانِعٌ (فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) مِنْ بَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ الْإِتْلَافِ (لَزِمَهُ أَقْصَى الْقِيَمِ) لِلْمَغْصُوبِ أَوْ الْمُتْلَفِ، وَقِيلَ لِلْمِثْلِ، وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ (مِنْ)   [حاشية الرملي الكبير] إنْ دُوفِعَ عَنْ كَسْرِهِ) كَمَا لَا يَضْمَنُ بِالْإِحْرَاقِ إنْ تَعَيَّنَ لِلْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ إلَخْ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ، وَمِنْ شَرْطِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَنْ يَكُونَ الْمُنْكِرُ مُسْلِمًا. (قَوْلُهُ: فَالْمِثْلِيُّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ) وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ، وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَكَانِ إذَا قُلْنَا لَا يُطَالَبُ بِالْمِثْلِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ إنَّ الْعَوْدَ إلَى الْمَكَانِ الْأَوَّلِ مُمْكِنٌ فَجَازَ انْتِظَارُهُ وَرَدُّ الزَّمَانِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَقَنَعْنَا بِصُورَةِ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَثَلًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ التَّسَاوِيَ فِي الْقِيمَةِ مُعْتَبَرٌ فِي الْمِثْلَيْنِ وَلِلزَّمَانِ أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي تَفَاوُتِهَا (فَرْعٌ) لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الْقِيمَةِ مَعَ إمْكَانِ الْمِثْلِ فَوَجْهَانِ رَجَّحَ السُّبْكِيُّ الْجَوَازَ وَقَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَوْرَدَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِلَفْظِ قِيلَ ثُمَّ قَالَ، وَهَذَا عَجِيبٌ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْمِثْلُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَدْ يُمْنَعُ رَدُّ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالِاخْتِلَاطِ انْتَقَلَ مِنْ الْمِثْلِيِّ إلَى الْمُتَقَوِّمِ لِلْجَهْلِ بِالْقَدْرِ. اهـ. وَاعْتَمَدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي فَتَاوِيهِ كَوْنَهُ مُتَقَوِّمًا، وَمِثْلُهُ الْأَرُزُّ الْمُخْتَلِطُ بِالدِّنِيبَةِ أَوْ الْقِيشَةِ الْكَبِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ إيجَابَ إلَخْ) وَبِأَنَّ امْتِنَاعَ السَّلَمِ فِي جُمْلَتِهِ لَا يُوجِبُ امْتِنَاعَهُ فِي جُزْأَيْهِ الْبَاقِيَيْنِ بِحَالِهِمَا وَرَدُّ الْمِثْلِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمَا وَالسَّلَمُ فِيهِمَا جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَالْقُطْنُ وَلَوْ بِحَبِّهِ) كَنَوَى التَّمْرِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ) وَكَذَا الَّتِي فِيهَا مَاءٌ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ السَّلَمِ فِي خَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِمَا كَذَا قِيلَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ، قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمَاءِ الْمَاءُ الْبَارِدُ) عَذْبًا أَوْ مَالِحًا (قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِمْ وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ فِي بَابِ الرِّبَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْمَاءِ الْمُسَخَّنِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ فس فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْحَارَّ مِثْلِيٌّ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَوْ غَصَبَ مَاءً حَارًّا فَبَرَدَ فِي يَدِهِ رَدَّهُ، وَأَرْشَ النُّقْصَانِ. [فَصْلٌ غَصَبَ مِثْلِيًّا فَتَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ بِلَا غَصْبٍ وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ فَلَمْ يَغْرَمُ حَتَّى عَدَمَ الْمِثْلَ] (فَصْلٌ: غَصَبَ مِثْلِيًّا فَتَلِفَ) (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِلْمِثْلِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ) وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْحِيحُهُمْ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْإِعْوَازِ وَقَاسَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ عَلَى مَا لَوْ أَتْلَفَ صَيْدًا لَهُ مِثْلٌ، وَعُدِمَ تَجِبُ قِيمَةُ الْمِثْلِ ثُمَّ يَصْرِفُهَا لِلطَّعَامِ وَفِي اعْتِبَارِ قِيمَةِ الْأَصْلِ إشْكَالٌ فَإِنَّ الذِّمَّةَ بَرِئَتْ مِنْهُ بِالِانْتِقَالِ إلَى الْمِثْلِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْأَوَّلِ الْأَقْصَى إلَى انْقِطَاعِ الْمِثْلِ، وَعَلَى الثَّانِي الْأَقْصَى مِنْ يَوْمِ الْغَصْبِ إلَى يَوْمِ التَّلَفِ وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ ر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 وَقْتِ (الْغَصْبِ) فِي الْأَوَّلِ (أَوْ) وَقْتِ (الْإِتْلَافِ) فِي الثَّانِي (إلَى) ، وَقْتِ (الْإِعْوَازِ) لِلْمِثْلِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمِثْلِ كَبَقَاءِ الْعَيْنِ فِي لُزُومِ تَسْلِيمِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَلَا نَظَرَ إلَى مَا بَعْدَ الْعَدَمِ كَمَا لَا نَظَرَ إلَى مَا بَعْدَ تَلَفِ الْمُتَقَوِّمِ. (فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ أَنَا أَصْبِرُ) عَنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ (إلَى وُجُودِ الْمِثْلِ أُجِيبَ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (وَلَوْ تَلِفَ) الْمِثْلِيُّ (أَوْ أَتْلَفَهُ وَالْمِثْلُ مَفْقُودٌ، وَهُوَ غَاصِبٌ) فِيهِمَا (فَأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ) يَلْزَمُ (أَوْ) ، وَهُوَ (غَيْرُ غَاصِبٍ) فِي الثَّانِيَةِ (فَقِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ) تَلْزَمُ، وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْإِتْلَافِ فِي الْغَصْبِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ غَرِمَ) الْغَاصِبُ أَوْ الْمُتْلِفُ الْقِيمَةَ لِفَقْدِ الْمِثْلِ هُنَا، وَفِيمَا مَرَّ (ثُمَّ وَجَدَ الْمِثْلَ لَمْ يُرْجَعْ إلَيْهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَمْ يَرْجِعْ الْغَارِمُ إلَى دَفْعِهِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْقِيمَةِ وَلَا الْمَالِكُ إلَى أَخْذِهِ مَعَ رَدِّ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ انْفَصَلَ بِالْبَدَلِ كَالْيَسَارِ بَعْدَ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ (غَصَبَ مِثْلِيًّا) مِنْ بَلَدٍ (وَنَقَلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ طُولِبَ بِالرَّدِّ) إلَى بَلَدِ الْغَصْبِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ لِيَرُدَّهُ كَمَا أَخَذَهُ (وَبِالْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ إنْ كَانَ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ، وَإِلَّا فَلَا يُطَالَبُ إلَّا بِالرَّدِّ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا قَدْ يَظْهَرُ فِيمَا إذَا لَمْ يَخَفْ هَرَبَ الْغَاصِبِ أَوْ تَوَارِيهِ، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ (وَحِينَ يَرُدُّهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (يَسْتَرِدُّهَا) أَيْ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ لِلْحَيْلُولَةِ، وَقَدْ زَالَتْ (فَإِنْ تَلِفَ) فِي الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ (طَالَبَهُ بِمِثْلِهِ) حَيْثُ ظَفِرَ بِهِ (فِي أَيِّ الْبَلَدَيْنِ شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِرَدِّ الْعَيْنِ فِيهِمَا، وَكَذَا يُطَالِبُهُ بِهِ فِي أَيِّ بُقْعَةٍ شَاءَ مِنْ الْبِقَاعِ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا بِهِ فِي طَرِيقِهِ بَيْنَهُمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ (فَإِنْ فُقِدَ) الْمِثْلُ (أَوْ وُجِدَ بِزِيَادَةٍ) عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ مَانِعٌ (غَرِمَ) لِلْمَالِكِ (قِيمَتَهُ فِي أَكْثَرِهِمَا) أَيْ الْبَلَدَيْنِ (قِيمَةً) بَلْ فِي أَكْثَرِ الْبِقَاعِ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا الْمَغْصُوبُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ فِيهِ (وَإِنْ ظَفِرَ بِهِ) أَيْ الْغَاصِبُ (فِي بَلَدٍ وَلَمْ يَنْقُلْهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (إلَيْهِ، وَهُوَ مِمَّا لَا مُؤْنَةَ فِي نَقْلِهِ كَالدَّرَاهِمِ) الْيَسِيرَةِ وَالطَّرِيقُ آمِنٌ (طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِينَئِذٍ (وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْغَاصِبَ (تَحْصِيلُهُ) لِوُجُودِ الضَّرَرِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا كَانَ أَوْضَحَ، وَأَخْصَرَ، وَأَنْسَبَ بِكَلَامِ أَصْلِهِ. (وَلَا) يَلْزَمُ (الْمَالِكَ قَبُولُهُ) أَيْ الْمِثْلَ عِنْدَ الْمُؤْنَةِ أَوْ الْخَوْفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ (بَلْ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ قِيمَةُ بَلَدِ التَّلَفِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَذَّرَ عَلَى الْمَالِكِ الرُّجُوعُ إلَى الْمِثْلِ فَيَرْجِعُ إلَى الْقِيمَةِ كَالْفَقْدِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْمِثْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكْلِيفُهُ مُؤْنَةَ النَّقْلِ قَالَ السُّبْكِيُّ كَالْبَغَوِيِّ وَلَوْ أَخَذَ الْمِثْلَ عَلَى أَنْ يَغْرَمَ لَهُ مُؤْنَةَ لَمْ يَجُزْ (ثُمَّ) إذَا أَخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ (لَوْ اجْتَمَعَا فِي بَلَدِ التَّلَفِ لَمْ يَرْجِعَا إلَى الْمِثْلِ) لِمَا مَرَّ فِيمَا إذَا أَخَذَهَا لِفَقْدِ الْمِثْلِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْقُلْهُ إلَيْهِ مَا لَوْ نَقَلَهُ إلَى بَلَدٍ وَظَفِرَ بِهِ الْمَالِكُ فِي بَلَدٍ ثَالِثٍ وَحُكْمُهُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ فِيهِ لَكِنْ فِيمَا لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ. أَمَّا مَا لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ فَيَلْزَمُ فِيهِ قِيمَةُ أَكْثَرِ الْبِقَاعِ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا الْمَغْصُوبُ قِيمَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِقِيمَةِ أَكْثَرِ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ نَقَلَهُ إلَيْهِ فَيُطَالِبُهُ مَالِكُهُ بِمِثْلِهِ فِي أَيِّ بُقْعَةٍ شَاءَ مِنْ الْبِقَاعِ الَّتِي، وَصَلَ إلَيْهَا الْمَغْصُوبُ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ وُجِدَ الْمِثْلُ فَحَدَثَ) فِيهِ (غَلَاءٌ أَوْ رُخْصٌ لَمْ يُؤَثِّرْ) فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَالِكِ لَهُ فَلَوْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا فِي وَقْتِ الرُّخْصِ فَلَهُ طَلَبُ الْمِثْلِ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ، وَأَتَى بِهِ فِي وَقْتِ الرُّخْصِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ. (نَعَمْ إنْ خَرَجَ) الْمِثْلُ (عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ قِيمَةٌ كَمَنْ غَصَبَ جَمْدًا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ غَصَبَ مِثْلِيًّا مِنْ بَلَدٍ وَنَقَلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ] قَوْلُهُ: وَبِالْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ) الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا، وَهُوَ مِلْكُ قَرْضٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْإِمَامُ، وَعَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ) وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَعِيدَةِ وَالْقَرِيبَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الْمَشْهُورَةُ (قَوْلُهُ: وَحِينَ يَرُدُّهُ يَسْتَرِدُّهَا) قَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ يَجِبُ رَدُّ الْقِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ الْآبِقَ قَبْلَ عَوْدِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً فَمَاتَ الْمَالِكُ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ السُّبْكِيُّ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُ عَنْ قِيمَةِ الْحَيْلُولَةِ جَارِيَةً، وَعَوَّضَهَا الْغَاصِبُ لَهُ جَازَ، وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ تَفَقُّهًا مِنْ عِنْدِهِ إنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ الْقِيمَةَ لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا بِنَظَرٍ وَلَا قُبْلَةٍ، وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ وَلَمْ أَرَ فِيهِ مَنْقُولًا هَلْ يَكُونُ مِلْكًا تَامًّا مُسَلَّطًا عَلَى الْوَطْءِ، وَقَالَ النَّاشِرِيُّ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْقَرْضِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُهَا هُنَا عِوَضًا لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِيهَا كَقَرْضِهَا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَجْهَانِ. فَإِنْ الْمَاوَرْدِيَّ قَالَ فِيمَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ الْمَغْصُوبِ مَعْلُومًا إنَّ الْمَالِكَ يَمْلِكُ الْقِيمَةَ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا وَحَكَى فِي اسْتِقْرَارِهِ إذَا كَانَ مَجْهُولًا وَجْهَيْنِ وَقَضِيَّةُ الِاسْتِقْرَارُ حِلُّ الْوَطْءِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ إنَّهُ يَمْلِكُهَا (7) ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ عَلَى حُكْمِ رَدِّ الْعَيْنِ أَيْ مِنْ زَوَائِدِهَا الْمُتَّصِلَةِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ (قَوْلُهُ: طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِينَئِذٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلنِّهَايَةِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْبَلَدِ مِثْلَ قِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ أَوْ أَقَلَّ طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَجَزَمَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ وَذَكَرَ الزَّبِيلِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ؛ لِأَنَّا لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمِثْلِ لَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، وَإِتْلَافُ مَالٍ لِاخْتِلَافِ الْأَسْعَارِ إلَى أَنْ قَالَ فَقَدْ تَظَافَرَتْ النُّقُولُ وَسَاعَدَهُ الْمَعْنَى لِفَقْدِ الضَّرَرِ، وَحَمْلُ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ سَهْلٌ بِلَا مَانِعٍ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَتَعْلِيلُ الْمَسْأَلَةِ صَرِيحٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ خَرَجَ الْمِثْلُ عَنْ أَنْ تَكُونَ لَهُ قِيمَةٌ كَمَنْ غَصَبَ جَمْدًا إلَخْ) فَإِنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ وَلَوْ يَسِيرَةً وَجَبَ الْمِثْلُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ فِي الْبَحْرِ كُلُّ مِثْلِيٍّ تَلِفَ بِمَوْضِعٍ لَهُ قِيمَةٌ خَطِيرَةٌ وَغَرِمَ بِمَوْضِعٍ قِيمَتُهُ فِيهِ حَقِيرَةٌ فَكَالْمَالِ اهـ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَقِيمَةٍ حَقِيرَةٍ نَعَمْ لَفْظُ الْكَافِي إذَا وَجَبَ الْمِثْلُ ثُمَّ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُتَقَوِّمًا بِتَبَدُّلِ (7) هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 فِي الصَّيْفِ أَوْ مَاءً فِي مَفَازَةٍ) وَتَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ هُنَاكَ بِلَا غَصْبٍ (فَاجْتَمَعَا) أَيْ الْمَالِكُ وَالْغَاصِبُ أَوْ الْمُتْلِفُ (فِي الشِّتَاءِ) فِي الْأُولَى (أَوْ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ) فِي الثَّانِيَةِ (لَزِمَهُ قِيمَةُ الْمِثْلِ فِي الصَّيْفِ) فِي الْأُولَى (أَوْ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَفَازَةِ) فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ إذَا اجْتَمَعَا فِي الصَّيْفِ أَوْ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَفَازَةِ فَلَا تَرَادَّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ هُنَا. (فَصْلٌ: لَوْ غَصَبَ حُلِيًّا) مِنْ ذَهَبٍ (وَزْنُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَتَلِفَ ضَمِنَ التِّبْرَ بِمِثْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ كَمَا مَرَّ (وَالصَّنْعَةَ) بِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ (مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْحُلِيِّ وَلَا رِبًا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْعُقُودِ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَنُقِلَ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، وَصَحَّحَهُ لَكِنَّهُ قَالَ إنَّ قَوْلَ الْبَغَوِيّ أَحْسَنُ مِنْهُ تَرْتِيبًا، وَمِنْ هُنَا جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ، وَيُوَافِقُهُ مَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى (فَإِنْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ مُحَرَّمَةً كَالْإِنَاءِ ضَمِنَهُ بِوَزْنِهِ) أَيْ بِمِثْلِهِ وَزِنًا (كَالسَّبِيكَةِ) وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا صَنْعَةَ فِيهِ كَالتِّبْرِ. [فَصْلٌ صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا وَكَذَا عَكْسُهُ ثُمَّ تَلِفَ عِنْدَهُ أَيْ الْمَغْصُوبُ] (فَصْلٌ: لَوْ صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا، وَ) كَذَا (عَكْسُهُ) بِأَنْ صَارَ الْمُتَقَوِّمُ مِثْلِيًّا (أَوْ) صَارَ الْمِثْلِيُّ (مِثْلِيًّا آخَرَ كَجَعْلِهِ الشَّاةَ لَحْمًا) مِثَالٌ لِلثَّانِي (وَالدَّقِيقَ خُبْزًا) مِثَالٌ لِلْأَوَّلِ (وَالسِّمْسِمَ شَيْرَجًا) مِثَالٌ لِلثَّالِثِ (ثُمَّ تَلِفَ) عِنْدَهُ (أَخَذَ) الْمَالِكُ (الْمِثْلَ) فِي الثَّلَاثَةِ مُخَيَّرًا فِي الثَّالِثِ مِنْهَا بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَغْبَطَ) أَيْ أَكْثَرَ قِيمَةً فَيُؤْخَذُ هُوَ فِي الثَّالِثِ، وَقِيمَتُهُ فِي الْأُولَيَيْنِ أَمَّا إذَا صَارَ الْمُتَقَوِّمُ مُتَقَوِّمًا كَحُلِيٍّ صِيغَ مِنْ إنَاءٍ غَيْرِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ فَيَجِبُ فِيهِ أَقْصَى الْقِيَمِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ. (فَصْلٌ) لَوْ (جَنَى عَلَى غَيْرِ مِثْلِيٍّ ضَمِنَهُ الْمُتْلِفُ غَيْرُ الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ) ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ مَعْدُومٌ وَضَمَانُ الزَّائِدِ قَبْلَهُ فِي الْمَغْصُوبِ إنَّمَا كَانَ بِالْيَدِ الْعَادِيَةِ وَلَمْ تُوجَدْ هُنَا، وَأَمَّا «رَدُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِنَاءَ بَدَلَ الْإِنَاءِ الَّذِي كَسَرَتْهُ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْإِنَاءَيْنِ كَانَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَرَادَ بِهَذَا الْإِصْلَاحَ وَالْمَعُونَةَ لَا حَقِيقَةَ التَّضْمِينِ هَذَا (إنْ لَمْ يَنْقُصْ بِالْجِنَايَةِ، وَإِلَّا) كَأَنْ جَنَى عَلَى حَيَوَانٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ ثُمَّ مَاتَ، وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ (فَيَوْمَ) أَيْ فَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ (الْجِنَايَةِ) ؛ لِأَنَّا إذَا اعْتَبَرْنَا الْأَقْصَى فِي الْيَدِ الْعَادِيَةِ فَفِي نَفْسِ الْإِتْلَافِ أَوْلَى (وَيَضْمَنُ بَعْضَهُ بِمَا نَقَصَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ قِيمَتِهِ كَأَنْ قَطَعَ يَدَ حَيَوَانٍ فَيَلْزَمُهُ أَرْشُ مَا نَقَصَ بِالْقَطْعِ، وَهَذَا قَدَّمَهُ الْأَصْلُ فِي أَوَائِلِ الطَّرَفِ الثَّانِي (وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَيَضْمَنُ التَّالِفَ) غَيْرَ الْمِثْلِيِّ (بِأَكْثَرِ قِيَمِهِ مِنْ) حِينِ (الْغَصْبِ إلَى) حِينِ (التَّلَفِ) لِتَوَجُّهِ الرَّدِّ عَلَيْهِ حَالَ الزِّيَادَةِ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالزِّيَادَةِ بَعْدَ التَّلَفِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِالنَّقْصِ بِالْكَسَادِ وَتَكُونُ قِيمَتُهُ (مِنْ نَقْدِ بَلَدِ التَّلَفِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحِلُّ وُجُوبِ الضَّمَانِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْقُلْهُ، وَإِلَّا فَيَتَّجِهُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ اعْتِبَارُ نَقْدِ الْبَلَدِ أَيْ الَّذِي تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ، وَهُوَ أَكْثَرُ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ مَا يُقَارِبُهُ عَمَلًا بِمَحِلِّ وُجُوبِ الضَّمَانِ الْحَقِيقِيِّ (فَلَوْ غَصَبَهُ، وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ فَصَارَتْ بِالْغَلَاءِ مِائَتَيْنِ ثُمَّ) صَارَتْ بِالرُّخْصِ (مِائَةً ثُمَّ) صَارَتْ بِالْغَلَاءِ (مِائَتَيْنِ ثُمَّ تَلِفَ ثُمَّ صَارَتْ) بِالْغَلَاءِ (ثَلَثَمِائَةٍ لَزِمَهُ مِائَتَانِ) ؛ لِأَنَّهُمَا أَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ غَصْبِهِ إلَى تَلَفِهِ (وَلَا أَثَرَ لِلتَّكَرُّرِ) أَيْ تَكَرُّرِ غُلُوِّ السِّعْرِ وَرُخْصِهِ حَتَّى لَا يَضْمَنَ كُلَّ زِيَادَةٍ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ (وَلَا لِلزِّيَادَةِ) فِي السِّعْرِ (بَعْدَ التَّلَفِ) لِلْمَغْصُوبِ إذْ لَا وُجُودَ لَهُ وَلَوْ قَدَّمَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَلَى الْمِثَالِ السَّابِقِ كَانَ أَنْسَبَ، وَمَحَلُّ الضَّمَانِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى التَّكَرُّرِ فِي الْأَعْيَانِ دُونَ الْمَنَافِعِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيَضْمَنُ) أَيْ الْمَنْفَعَةَ (كُلَّ) أَيْ فِي كُلِّ (مُدَّةٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا) فِيهَا. (فَصْلٌ) لَوْ (أَبَقَ الْمَغْصُوبُ أَوْ سُرِقَ الْمِثْلِيُّ) بَلْ أَوْ الْمُتَقَوِّمُ أَوْ غَيَّبَهُ الْغَاصِبُ أَوْ ضَاعَ (فَلِلْمَالِكِ -   [حاشية الرملي الكبير] زَمَانٍ أَوْ مَكَان فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بِاعْتِبَارِ مَكَانِ الْإِتْلَافِ يَعْنِي أَوْ زَمَانِهِ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْبَلَدِ وَالشِّتَاءِ قِيمَةٌ أَلْبَتَّةَ فَإِنْ كَانَتْ وَلَوْ يَسِيرَةً وَجَبَ الْمِثْلُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمِثْلُ، وَإِنَّمَا يُعْدَلُ عَنْهُ إذَا لَمْ يَصِرْ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مَالِيَّةٌ وَلَا نَظَرَ إلَى زِيَادَةِ قِيمَةِ الْمِثْلِ وَنَقْصِهَا كَمَا لَا نَظَرَ إلَى تَفَاوُتِ الْأَسْعَارِ عِنْدَ رَدِّ الْعَيْنِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ سَقَى أَرْضَهُ بِمَاءٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ فَفِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ مَعَ جَزْمِهِ بِأَنَّ الْمَاءَ مِثْلِيٌّ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ مُحَصَّلًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ مِنْ قَنَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَقَدْ يُقَالُ عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ إذَا غَصَبَ مَاءً فِي الصَّيْفِ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ إلَى السَّقْيِ وَاجْتَمَعَا فِي الشِّتَاءِ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ السَّقْيِ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ. وَفِي الْكَافِي لَوْ غَصَبَ جَمْدًا فَذَابَ رَدَّ الْمَاءَ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ أَوْ مَاءً مُسَخَّنًا فَبَرَدَ فَسَخَّنَهُ الْغَاصِبُ لَمْ يَنْجَبِرْ مَا ذَهَبَ مِنْ الْحَرَارَةِ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ غَصَبَ دَارًا فَانْهَدَمَتْ فَبَنَاهَا بِتِلْكَ الْآلَةِ أَحْسَنَ مَا كَانَتْ ضَمِنَ الْهَدْمَ. [فَصْلٌ غَصَبَ حُلِيًّا مِنْ ذَهَبٍ وَزْنُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَتَلِفَ] (قَوْلُهُ: كَحُلِيٍّ صِيغَ مِنْ إنَاءٍ غَيْرِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْإِنَاءَ الَّذِي لَمْ يُصَبَّ فِي قَالِبٍ وَلَيْسَ مِنْ الْأَسْطَالِ الْمُرَبَّعَةِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ فَهُوَ مُتَقَوِّمٌ، وَالصَّنْعَةُ فِي الْحُلِيِّ مُتَقَوِّمَةٌ [فَصْلٌ جَنَى عَلَى غَيْرِ مِثْلِيٍّ الْمَغْصُوبَ] (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) هَلْ الْقِيمَةُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْمُتَقَوِّمِ أَوْ هِيَ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ رَغَبَاتُ الرَّاغِبِينَ فِي ابْتِيَاعِهِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَالْأَظْهَرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَيَضْمَنُ التَّالِفَ بِأَكْثَرِ قِيَمِهِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ) لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ التَّالِفُ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ أَوْ كَانَ الْغَاصِبُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ فَلَا ضَمَانَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِمَّنْ يَجِبُ قَتْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ فَعَلَى مُتْلِفِهِ الْقِيمَةُ إلَّا فِي الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ قَالَ الْقَفَّالُ وَكَذَا الْقَاتِلُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَزَادَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَيْهِ تَارِكَ الصَّلَاةِ وَالزَّانِيَ الْمُحْصَنَ إذَا كَانَ ذِمِّيًّا وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتُرِقَّ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا الصَّائِلُ فِي حَالِ صِيَالِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَقْدِ بَلَدِ التَّلَفِ) إلَّا إذَا كَانَ لَا يَصْلُحُ كَالْمَفَازَةِ فَيُعْتَبَرُ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَتَّجِهُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ أَبَقَ الْمَغْصُوبُ أَوْ سُرِقَ الْمِثْلِيُّ أَوْ الْمُتَقَوِّمُ أَوْ غَيَّبَهُ الْغَاصِبُ أَوْ ضَاعَ] (قَوْلُهُ: فَلِلْمَالِكِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ) فِي الْحَالِ (لِلْحَيْلُولَةِ) ، وَيُعْتَبَرُ فِيهَا (أَقْصَى مَا كَانَتْ مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْمُطَالَبَةِ) ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ بَعْدَ هَذَا أَنْ يُطَالِبَ بِالزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ (وَيَمْلِكُهَا) الْمَالِكُ كَمَا يَمْلِكُهَا عِنْدَ التَّلَفِ فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا وَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ كَمَا لَا يَمْلِكُ نِصْفَ الْعَبْدِ إذَا قَطَعَ إحْدَى يَدَيْهِ وَغَرِمَ وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ يَمْلِكُهَا مِلْكَ قَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا عَلَى حُكْمِ رَدِّهَا أَوْ رَدِّ بَدَلِهَا عِنْدَ رَدِّ الْعَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَقًّا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَلْزَمَهُ قَبُولُهُ (وَ) لِهَذَا (لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْهَا فَلَوْ ظَفِرَ الْغَاصِبُ بِالْآبِقِ أَوْ الْمَسْرُوقِ فَلَمْ يَحْبِسْهُ لِلْقِيمَةِ) أَيْ لِاسْتِرْدَادِهَا كَمَا لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا حَبْسُ الْمَبِيعِ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ (بَلْ يَرُدُّهُ) لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ حَقِّهِ، وَيَسْتَرِدُّ قِيمَتَهُ كَمَا أَنَّ الْمَالِكَ يَرُدُّهَا، وَيَسْتَرِدُّهُ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى تَرْكِ التَّرَادِّ هُنَا، وَفِيمَا مَرَّ مِنْ نَظِيرِهِ فِي فَرْعِ غَصْبِ مِثْلِيًّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعٍ لِيَصِيرَ الْمَغْصُوبُ لِلْغَاصِبِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا أَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ رَدِّهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَجَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا حَاجَةَ إلَى عَقْدٍ قُلْت، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ فَكَفَى فِيمَا ذُكِرَ ذَلِكَ بِخِلَافِهَا بَعْدَ رَدِّهِ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بَاقِيَةً) بِيَدِ الْمَالِكِ وَلَوْ بِزِيَادَةٍ (رَدَّهَا بِزَوَائِدِهَا الْمُتَّصِلَةِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ) . وَتُتَصَوَّرُ زِيَادَتُهَا بِأَنْ يَدْفَعَ عَنْهَا حَيَوَانًا فَيُنْتِجَ أَوْ شَجَرًا فَيُثْمِرَ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ أَوْ بِأَنْ يَكُونَا بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُ أَهْلُهُ بِالْحَيَوَانِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ (وَلَمْ يَجُزْ إبْدَالُهَا) بِغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ كَنَظَائِرِهِ مِنْ الْقَرْضِ وَاللُّقَطَةِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَاقِيَةً (وَجَبَ) إبْدَالُهَا بِمِثْلِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ عَنْهَا مُتَقَوِّمًا، وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ (فَإِنْ أَفْلَسَ الْمَالِكُ) ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ (فَالْغَاصِبُ أَحَقُّ) مِنْ غَيْرِهِ (بِالْقِيمَةِ) الَّتِي دَفَعَهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْفَلَسِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارٍ، وَهُنَا بِمُجَرَّدِ عَوْدِ الْمَغْصُوبِ يَنْتَقِضُ الْمِلْكُ فِي الْقِيمَةِ فِيمَا يَظْهَرُ قُلْت وَبِهِ صَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْقِيمَةُ بَاقِيَةً قَدَّمَ الْغَاصِبُ بِبَدَلِهَا مِنْ ثَمَنِ الْمَغْصُوبِ نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ النَّصِّ. (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ وَلَوْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ لَوْ (اخْتَلَفَا فِي تَلَفِ الْمَغْصُوبِ أَوْ) فِي (كَوْنِهِ كَاتِبًا أَوْ مُحْتَرِفًا أَوْ فِي مَالِكِ ثِيَابِ الْعَبْدِ) أَهُوَ مَالِكُهُ أَوْ غَاصِبُهُ (أَوْ فِي تَخَلُّلِ الْخَمْرِ الْمُحْتَرَمَةِ قَبْلَ تَلَفِهَا) بِأَنْ قَالَ صَاحِبُهَا تَلِفَتْ بَعْدَ تَخَلُّلِهَا، وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ قَبْلَهُ (صُدِّقَ الْغَاصِبُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى قَدْ يَكُونُ صَادِقًا، وَيَعْجِزُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَلَوْ لَمْ يُصَدَّقْ لَأَدَّى إلَى تَخْلِيدِ حَبْسِهِ، وَيَدُهُ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَثِيَابُهُ وَالْأَصْلُ فِيمَا عَدَاهُمَا بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَعَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الْمَالِكُ، وَإِذَا حَلَفَ الْغَاصِبُ فِي الْأُولَى فَلِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ الْبَدَلَ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا حَاجَةَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى تَقْيِيدِ الْخَمْرِ بِالْمُحْتَرَمَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْخَلَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَمْرَيْنِ، وَخَرَجَ بِالْعَبْدِ مَا لَوْ غَصَبَ حُرًّا صَغِيرًا مَثَلًا وَاخْتَلَفَ هُوَ وَالْوَلِيُّ فِي ثِيَابِهِ فَإِنَّ الْمُصَدَّقَ وَلِيُّهُ فَيُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ لِيَحْلِفَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَدَ غَاصِبِهِ لَا تَثْبُتُ عَلَى ثِيَابِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَكَذَا) يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ (لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ) الْمُسْتَحَقَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ. وَعَلَى مَالِكِهِ الْبَيِّنَةُ (وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ) بِقِيمَتِهِ (إلَّا إنْ قُدِّرَتْ الْقِيمَةُ وَلَا تُقْبَلُ) بَيِّنَتُهُ (عَلَى الْوَصْفِ) أَيْ وَصْفِ الْمَغْصُوبِ   [حاشية الرملي الكبير] تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ) إنَّمَا لَمْ يَغْرَمْ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّرَادِّ فَقَدْ يُرْفَعُ السِّعْرُ وَيَنْخَفِضُ فَيَلْزَمُ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَلْ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْمَالِكَ لِيُحْضِرَ الْآبِقَ الْمَعْرُوفَ مَكَانَهُ بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ إنَّهُ إذَا عَرَفَ مَوْضِعَهُ فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ يُمْكِنُ رَدُّهُ فِي زَمَانٍ يَسِيرٍ وَقَالَ الْغَاصِبُ أَرُدُّهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بَذْلِ الْقِيمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَعُدَ (قَوْلُهُ: وَتُتَصَوَّرُ زِيَادَتُهَا إلَخْ) صُورَةُ زِيَادَةِ النَّقْدِ الْمُتَّصِلَةِ أَنْ يَكُونَ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً فَيَضْرِبُهَا صِحَاحًا فَهَذِهِ قَدْ زَادَتْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا تَزِيدُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مِنْ نَقْدٍ نَاقِصِ الْقِيمَةِ كَالدَّرَاهِمِ الْمَسْعُودِيَّةِ فَضَرَبَهَا عَلَى سِكَّةٍ تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ السِّكَّةِ الْأُولَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فَصُورَتُهَا إذَا ضَرَبَ الْقِيمَةَ الْمَأْخُوذَةَ حُلِيًّا وَاسْتُعْمِلَ بِالْإِجَارَةِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ فَإِنَّ الْمَالِكَ يَفُوزُ بِالْأُجْرَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَنَّ الظَّاهِرَ جَوَازُ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا إنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ فِي الْغَصْبِ كَاسْتِحْقَاقِ بَدَلِ الْمُتْلَفِ وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ بَدَلِ الْمُتْلَفِ قَالَ فِي الْخَادِمِ، وَمَا عَزَاهُ لِلْأَصْحَابِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى قَدْ يَكُونُ صَادِقًا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا فَإِنْ ذَكَرَ سَبَبًا ظَاهِرًا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِالسَّبَبِ كَالْمُودَعِ وَقَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا هَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا فَإِنْ ذَكَرَهُ فَكَالْمُودَعِ، وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ يَدُهُ يَدُ ضَمَانٍ (قَوْلُهُ: وَيَدُهُ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَثِيَابُهُ) هُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ إنَّ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا بِالْعِمَامَةِ مَنْ قَالَ عِنْدِي عَبْدٌ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ بَلْ صُورَةُ هَذَا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ وَرَدَّهُ لِمَالِكِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْعِمَامَةَ لَهُ وَقَالَ مَالِكُهُ: هُوَ وَهِيَ لِي فَمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيهَا وَيُحْمَلُ الْمَذْكُورُ هُنَا عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ اسْتَثْنَى الثِّيَابَ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ وَيُحْمَلُ مَا فِي الْإِقْرَارِ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَسْتَثْنِ الثِّيَابَ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ كَذَا قَالَهُ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى عُجَيْلٌ وَلَا مُخَالَفَةَ إذَنْ (قَوْلُهُ: فَلِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ الْبَدَلَ عَلَى الْأَصَحِّ) قَالَ الْفَارِقِيُّ وَلِلْغَاصِبِ إجْبَارُ الْمَالِكِ عَلَى أَخْذِ الْبَدَلِ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى تَقْيِيدِ الْخَمْرِ بِالْمُحْتَرَمَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَيَّدُوهَا بِالْمُحْتَرَمَةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَيْسَتْ مَغْصُوبَةً عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْيَدِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا مَغْصُوبَةً بِاعْتِبَارِ مُدَّعِيهَا فَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّقْيِيدِ تَصْدِيقُ الْغَاصِبِ فِيهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 لِيُقَوِّمَهُ الْمُقَوِّمُونَ بِذَلِكَ الْوَصْفِ؛ لِأَنَّ الْمَوْصُوفِينَ بِالصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْقِيَمِ لِتَفَاوُتِهِمْ فِي الْمَلَاحَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصْفِ (لَكِنْ) يَسْتَفِيدُ الْمَالِكُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَصْفِ أَنَّهُ (إنْ قَدَّرَهَا) أَيْ الْقِيمَةَ (الْغَاصِبُ بِحَقِيرٍ يُنَافِي مُقْتَضَى الْوَصْفِ لَمْ يُسْمَعْ) تَقْدِيرُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِصِفَاتٍ فِيمَا غَصَبَهُ تَقْتَضِي النَّفَاسَةَ ثُمَّ قَدَّرَهُ بِحَقِيرٍ لَا يَلِيقُ بِهَا لَمْ يُسْمَعْ تَقْدِيرُهُ بَلْ يُؤْمَرُ بِالزِّيَادَةِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ حَدًّا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِيمَةً لِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَوْصُوفِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ عَدَمِ إثْبَاتِ الْوَصْفِ بِالشَّهَادَةِ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ عَبْدًا بِصِفَةِ كَذَا فَمَاتَ اسْتَحَقَّ قِيمَتَهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَةَ الْقَبُولِ ثَمَّ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ تَقْدِيرُ الْغَاصِبِ بِحَقِيرٍ يُنَافِي مُقْتَضَى الصِّفَةِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ تِلْكَ فِيمَا إذَا ذَكَرَ الشُّهُودُ قِيمَتَهَا وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ (فَإِنْ قَالَ الْغَاصِبُ لَا أَعْرِفُهَا) أَيْ الْقِيمَةَ أَيْ قَدْرَهَا (لَكِنَّهَا دُونَ مَا ادَّعَى) بِهِ الْمَالِكُ عَلَيَّ (لَمْ يُسْمَعْ) قَوْلُهُ حَتَّى يُبَيِّنَ قَدْرًا فَإِذَا بَيَّنَهُ حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَاسْتَحَقَّهُ (أَوْ قَالَ شُهُودُ الْمَالِكِ هِيَ أَكْثَرُ مِمَّا قَدَّرَ) الْغَاصِبُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ (سُمِعَتْ) شَهَادَتُهُمْ. وَفَائِدَةُ سَمَاعِهَا مِنْهُمْ مَعَ عَدَمِ تَقْدِيرِهِمْ لَهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَكُلِّفَ) أَيْ الْغَاصِبُ (الزِّيَادَةَ) عَلَى مَا قَدَّرَهُ (إلَى حَدٍّ لَا يَقْطَعُونَ) أَيْ الشُّهُودُ (بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَوْ، وَصَفَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (الْغَاصِبُ بِعَيْبٍ خِلْقِيٍّ كَالْكَمَهِ) ، وَعَدَمِ الْيَدِ خِلْقَةً، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ (صُدِّقَ) الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَعَدَمُ ذَلِكَ الْعُضْوِ وَالْمَالِكُ يُمْكِنُهُ الْإِثْبَاتُ بِالْبَيِّنَةِ (لَا إنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ وَاخْتَلَفَا فِي) عَيْبٍ (حَادِثٍ كَالْعَمَى) كَأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ كَانَ أَعْمَى أَوْ أَقْطَعَ أَوْ سَارِقًا، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ (صُدِّقَ الْمَالِكُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ السَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ وَتَصْرِيحُهُ بِالتَّقْيِيدِ بِتَلَفِ الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ رَدَّهُ الْغَاصِبُ أَعْمَى) مَثَلًا (وَقَالَ هَكَذَا غَصَبْته) ، وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ حَدَثَ عِنْدَك (صُدِّقَ الْغَاصِبُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ عَمَّا يَزِيدُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ. وَقَدْ يُقَالُ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ بَلْ لَوْ تَلِفَ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَمِنْ مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ الْآتِيَةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي التَّلَفِ قَدْ لَزِمَهُ الْغُرْمُ فَضَعُفَ جَانِبُهُ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الرَّدِّ. (وَإِنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ دَارٍ بِالْكُوفَةِ أَوْ بِجَارِيَةٍ) أَيْ بِغَصْبِهَا (فَقَالَ) الْمَالِكُ (لَا بَلْ بِالْمَدِينَةِ) فِي الْأُولَى (أَوْ) غَصَبْت (عَبْدًا) فِي الثَّانِيَةِ (حَلَفَ الْغَاصِبُ) أَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْ دَارَ الْمَدِينَةِ وَلَا الْعَبْدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَصْبِهِ لَهُمَا (وَسَقَطَتْ دَارُ الْمَدِينَةِ أَوْ الْعَبْدُ) أَيْ سَقَطَ (بِيَمِينِهِ) حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (وَدَارُ الْكُوفَةِ أَوْ الْجَارِيَةُ) أَيْ وَسَقَطَ حَقُّهُ أَيْضًا مِنْ كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ (بِرَدِّ الْإِقْرَارِ) أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمَالِكُ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ فَيَثْبُتُ (وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ) لِلْغَاصِبِ، وَقَدْ غَصَبَ مِنْهُ طَعَامًا (طَعَامِي) الَّذِي غَصَبْته (جَدِيدٌ، وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ عَتِيقٌ صُدِّقَ الْغَاصِبُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَصْبِ الْجَدِيدِ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ مِنْ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي حَادِثٍ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ ثَمَّ مُتَّفِقَانِ عَلَى تَعْيِينِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا بِقَرِينَةِ مَسْأَلَةِ دَارِ الْكُوفَةِ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَالِكُ) ، وَأَخَذَ الْجَدِيدَ (وَلَهُ أَخْذُ الْعَتِيقِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ) . (فَصْلٌ) لَوْ (اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ بِاعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ يَمِينِ) نَفْيِ (الْعِلْمِ) أَيْ عِلْمِهِ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ (مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي) الْمَرْدُودَةِ (لَمْ يَرْجِعْ) بِالثَّمَنِ (عَلَى الْبَائِعِ) لِتَقْصِيرِهِ بِاعْتِرَافِهِ مَعَ شِرَائِهِ أَوْ بِنُكُولِهِ، وَخَرَجَ بِالْمُشْتَرِي الْبَائِعُ فَلَا يُقْبَلُ اعْتِرَافُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَيَبْقَى الْبَيْعُ بِحَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اعْتِرَافُهُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِصِفَاتٍ فِيمَا غَصَبَهُ تَقْتَضِي النَّفَاسَةَ) كَقَوْلِهِ مُورِدُ الْخَدَّيْنِ أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ، وَهَذَا عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ فِيمَا إذَا شَهِدَ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ عَبْدًا بِصِفَةِ كَذَا ثُمَّ تَلِفَ الْعَبْدُ فَشَهَادَتُهُمَا بِالصِّفَةِ لَمْ تَكُنْ لِأَجْلِ التَّقْوِيمِ عَيْنًا بَلْ لِلرَّدِّ أَوْ قِيمَةِ الْحَيْلُولَةِ. وَمَسْأَلَتُنَا فِيمَا إذَا تَلِفَ ثُمَّ شَهِدَا لِتَقْوِيمِ الْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا غَرَّمَهُ هُنَاكَ الْقِيمَةَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لِثُبُوتِ تِلْكَ الصِّفَةِ ابْتِدَاءً وَقَدْ جَمَعَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ هُنَا فَقَالَ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا كَانَتْ تُرْكِيَّةً بِنْتَ عَشْرِ سِنِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهَا لَمْ يُقَوَّمْ بِالصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَتَيْنِ قَدْ تَتَّفِقَانِ فِي الصِّفَاتِ الَّتِي تَذْكُرُهَا الشُّهُودُ وَتَخْتَلِفَانِ فِي الْقِيمَةِ لِكَوْنِ إحْدَاهُمَا أَخَفَّ رُوحًا، وَأَكْمَلَ عَقْلًا، وَأَحْلَى لِسَانًا، وَأَبَشَّ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ وَرَقَةٍ وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَةً صِفَتُهَا كَذَا قَضَى لَهُ بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ الَّذِي شَهِدَا بِهِ مَعْلُومٌ فِي الْجُمْلَةِ وَيَرْجِعُ إلَى الشَّاهِدَيْنِ فِي قِيمَةِ الْجَارِيَةِ فَإِنْ ذَكَرَا قِيمَتَهَا لَزِمْته فَإِنْ مَاتَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ قِيمَتِهَا فَإِنَّهُ غَارِمٌ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مَا لَا يُحْتَمَلُ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قِيمَتُهَا دِرْهَمٌ فَلَا يُقْبَلُ وَيَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ شُهُودُ الْمَالِكِ إلَخْ) لَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً بِقِيمَتِهِ قَبْلَ الْغَصْبِ لَمْ تُسْمَعْ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْغَاصِبِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ دَارٍ بِالْكُوفَةِ أَوْ بِجَارِيَةٍ إلَخْ) لَوْ أَحْضَرَ الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ ثَوْبًا وَقَالَ هَذَا هُوَ الَّذِي غَصَبْته مِنْك وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ غَيْرَهُ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَالْمُعْتَمَدُ عِنْدِي جَعْلُ الْمَغْصُوبِ كَالتَّالِفِ، وَإِلْزَامُ الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ فَإِذَا قَالَ الْمَالِكُ غَصَبْت مِنِّي ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ الْغَاصِبُ هُوَ هَذَا الثَّوْبُ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةٌ فَإِلْزَامُ الْغَاصِبِ بِخَمْسَةٍ لِلْمَالِكِ قَالَ شَيْخُنَا يُحَرَّرُ كَلَامُهُ فَعِنْدِي فِيهِ وَقْفَةٌ هَذَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ بِثَوْبٍ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَيَبْقَى فِي يَدِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمَالِكِ وَيَرُدُّ كَلَامُهُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ وَقَدْ غَصَبَ مِنْهُ طَعَامًا إلَخْ مَعَ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْغَصْبِ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ طَعَامِي جَدِيدٌ وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ عَتِيقٌ صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا شَيْءَ لِلْمَالِكِ. [فَصْلٌ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ بِاعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ] (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُشْتَرِي الْبَائِعُ فَلَا يُقْبَلُ اعْتِرَافُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَخْ) لَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَصْبِ فَإِنْ كَانَ حِينَ الْبَيْعِ اعْتَرَفَ بِالْمِلْكِ لَمْ تُسْمَعْ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا لَفْظُ الْبَيْعِ سُمِعَتْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيُجْعَلُ فَسْخًا لِلْبَيْعِ ثُمَّ لَوْ عَادَ الْمَبِيعُ إلَى الْبَائِعِ بِإِرْثٍ أَوْ بِغَيْرِهِ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ لِلْمُدَّعِي كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا (فَإِنْ اسْتَحَقَّ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِتَصْدِيقِهِمَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي لِلْمُدَّعِي (رَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبِبَدَلِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ (وَإِنْ صَدَّقَاهُ) عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ، وَكَانَ عَبْدًا (وَقَدْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ، وَإِنْ وَافَقَهُمَا الْعَبْدُ) عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ؛ لِأَنَّ فِي عِتْقِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا سُمِعَتْ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ عَلَيْهِ (بِخِلَافِ مُوَافَقَةِ الْمُكَاتَبِ) مِنْ الْمُشْتَرِي (لَهُمَا) عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ (لِأَنَّهَا) أَيْ الْكِتَابَةَ (تَقْبَلُ الْفَسْخَ) بِخِلَافِ الْعِتْقِ، وَيُفَارِقُ حُكْمُهُ بُطْلَانَ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِحُرِّيَّتِهِ بِالدَّارِ إذَا أَقَرَّ بِرِقِّهِ لِإِنْسَانٍ بِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ الْجَعْلِيَّةَ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيَّةِ لَا سِيَّمَا حُرِّيَّةَ الدَّارِ (وَلِلْمُدَّعِي) فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ (مُطَالَبَتُهُمَا) أَيْ مُطَالَبَةُ مَنْ صَدَّقَهُ مِنْهُمَا فَيُطَالِبُ الْبَائِعَ إنْ صَدَّقَهُ وَحْدَهُ وَالْمُشْتَرِيَ كَذَلِكَ، وَيُطَالِبُهُمَا مَعًا إنْ صَدَّقَاهُ (بِالْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ (وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ لِلرِّقِّ (لَكِنْ لَا يُطَالَبُ) بِفَتْحِ اللَّامِ (بِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ) الَّتِي كَانَتْ (فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ، وَقَدْ اكْتَسَبَ) شَيْئًا (فَهُوَ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ آدَمِيٍّ) ، وَقَدْ تَوَافَقُوا عَلَى أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لَهُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ (لَكِنْ لَا يُطَالِبُهُ) أَيْ الْعَتِيقُ أَيْ وَاضِعُ يَدِهِ عَلَى مَا اكْتَسَبَهُ (بِكَسْبٍ يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْمَالِكُ وَالْغَاصِبُ (فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ حَيًّا) بِأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ رَدَدْته حَيًّا، وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ مَاتَ عِنْدَك (وَتَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ) لَهُمَا فِي ذَلِكَ (سَقَطَتَا، وَصُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ) فَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءَ الْغَصْبِ (وَإِنْ قَالَ) إنْسَانٌ (غَصَبْنَا) مِنْ زَيْدٍ (أَلْفًا ثُمَّ قَالَ كُنَّا عَشَرَةً) ، وَخَالَفَهُ زَيْدٌ (صُدِّقَ) الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا زَادَ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي الطَّوَارِئِ عَلَى الْمَغْصُوبِ) (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ. الْأَوَّلُ فِي النَّقْصِ) لِلْقِيمَةِ أَوْ الْجُزْءِ أَوْ الصِّفَةِ (وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَ الْقِيمَة بِالرُّخْصِ) كَأَنْ غَصَبَ مَا يُسَاوِي عَشْرَةً وَرَدَّهُ بِحَالِهِ، وَهُوَ يُسَاوِي دِرْهَمًا (إلَّا عِنْدَ التَّلَفِ أَوْ ذَهَابِ جُزْءٍ، وَصِفَةٍ) فَيَضْمَنُ نَقْصَ الْقِيمَةِ بِأَقْصَى الْقِيَمِ، وَفِي اسْتِثْنَاءِ هَذَا مِمَّا قَبْلَهُ نَوْعُ قَلَاقَةٍ (فَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا قِيمَتُهُ) مِنْ الدَّنَانِيرِ (عَشَرَةٌ فَعَادَتْ بِالرُّخْصِ دِينَارًا ثُمَّ تَلِفَ لَزِمَهُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ) بَعْدَ الرُّخْصِ (بَلْ عَادَتْ) قِيمَتُهُ (بِاللُّبْسِ) لِلثَّوْبِ (أَوْ نِسْيَانِ الصَّنْعَةِ) لِلْعَبْدِ (إلَى نِصْفِ دِينَارٍ لَزِمَهُ مَعَ رَدِّ) هـ (خَمْسَةٌ) لِنِصْفِهِ التَّالِفِ بِاللُّبْسِ أَوْ النِّسْيَانِ؛ لِأَنَّهَا أَقْصَى قِيمَةٍ وَالنَّقْصُ الْبَاقِي، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ سَبَبُهُ الرُّخْصُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَيَجِبُ مَعَ الْخَمْسَةِ أُجْرَةُ اللُّبْسِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (وَإِنْ عَادَتْ الْعَشَرَةُ) الَّتِي هِيَ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَوْ الْعَبْدِ (بِالرُّخْصِ إلَى خَمْسَةٍ وَ) بَعْدَهُ (بِاللُّبْسِ أَوْ النِّسْيَانِ إلَى دِينَارَيْنِ وَرَدَّهُ لَزِمَهُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ) مِنْهُ بِذَلِكَ (ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ) فَيَغْرَمُهَا بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ أَقْصَى الْقِيَمِ، وَهِيَ السِّتَّةُ (فَلَوْ عَادَتْ الْعَشَرَةُ بِاللُّبْسِ) أَوْ النِّسْيَانِ (إلَى خَمْسَةٍ ثُمَّ بِالْغَلَاءِ إلَى عِشْرِينَ لَزِمَهُ) مَعَ رَدِّهِ (خَمْسَةٌ) فَقَطْ، وَهِيَ الْفَائِتَةُ بِاللُّبْسِ أَوْ النِّسْيَانِ (لِامْتِنَاعِ تَأْثِيرِ الزِّيَادَةِ) الْحَاصِلَةِ (بَعْدَ التَّلَفِ) بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ كُلُّهُ ثُمَّ زَادَتْ الْقِيمَةُ لَمْ يَغْرَمْ الزِّيَادَةَ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْمَالِكُ وَالْغَاصِبُ (هَلْ حَدَثَ الْغَلَاءُ قَبْلَ التَّلَفِ) بِاللُّبْسِ أَوْ النِّسْيَانِ (أَوْ بَعْدَهُ) بِأَنْ قَالَ الْمَالِكُ حَدَثَ قَبْلَهُ، وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ بَعْدَهُ (صُدِّقَ الْغَاصِبُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ كَمَا لَوْ تَلِفَ كُلُّهُ وَاخْتَلَفَا فِي أَنَّ الْقِيمَةَ زَادَتْ قَبْلَ التَّلَفِ أَوْ بَعْدَهُ. (فَصْلٌ: وَإِنْ نَقَصَتْ الصِّفَةُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ (كَمَنْ ذَبَحَ شَاةً أَوْ طَحَنَ حِنْطَةً) أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا لَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ (رَدَّهَا) لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» (مَعَ الْأَرْشِ) وَلَوْ كَانَ قَدَّرَ الْقِيمَةَ كَقَطْعِ يَدَيْ الْعَبْدِ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ تَرْكُ الْمَغْصُوبِ عِنْدَهُ وَتَغْرِيمُ بَدَلِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مِلْكِهِ (فَإِنْ فَعَلَ) بِالْمَغْصُوبِ (مَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ كَحِنْطَةٍ بَلَّهَا فَتَعَفَّنَتْ أَوْ جَعَلَهَا هَرِيسَةً فَكَالتَّالِفِ) لِإِشْرَافِهِ عَلَى التَّلَفِ وَلَوْ تُرِكَ بِحَالِهِ لَفَسَدَ فَكَأَنَّهُ تَالِفٌ (فَيَغْرَمُ الْبَدَلَ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْفَلَسِ حَيْثُ جُعِلَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُفْلِسِ وَلَمْ يُجْعَلْ كَالتَّالِفِ بِأَنَّا لَوْ لَمْ نُثْبِتْ لَهُ الشَّرِكَةَ لَمَا حَصَلَ لَهُ تَمَامُ حَقِّهِ بَلْ احْتَاجَ إلَى الْمُضَارَبَةِ، وَهُنَا يَحْصُلُ لِلْمَالِكِ تَمَامُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُوَافَقَةِ الْمُكَاتَبِ لَهُمَا) ؛ لِأَنَّهَا تَقْبَلُ الْفَسْخَ أَمَّا إذَا لَمْ يُوَافِقْ الْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْفَسِخُ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الرَّهْنِ لَوْ رَهَنَ، وَأَقْبَضَ ثُمَّ قَالَ كُنْت غَصَبْته وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُرْتَهِنُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ وَقَدْ اكْتَسَبَ شَيْئًا إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ نَسِيبٌ يَرِثُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ غَصَبْنَا أَلْفًا ثُمَّ قَالَ كُنَّا عَشَرَةً صُدِّقَ) فِي رَوْضَةِ شُرَيْحٍ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى نَفْسِهِ، وَإِلَى رَجُلَيْنِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَلَا تَنْفَعُهُ الْإِشَارَةُ، وَأَظْهَرُهُمَا يَلْزَمُهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ لَكُمْ عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَالَ أَرَدْت بِذَلِكَ وَلِفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ وَكَانَا غَائِبَيْنِ فَقَالَ الْمُخَاطَبُ كُلُّ الْأَلْفِ لِي قَالَ جَدِّي: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ فِيمَا أَرَادَ، وَعِنْدِي أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْمُخَاطَبِ فَقَدْ يُخَاطَبُ الْوَاحِدُ بِخِطَابِ الْجَمَاعَةِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الطَّوَارِئِ عَلَى الْمَغْصُوبِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الطَّوَارِئِ عَلَى الْمَغْصُوبِ) (قَوْلُهُ: وَلَا يُضْمَنُ نَقْصُ الْقِيمَةِ بِالرُّخْصِ) احْتَرَزَ بِالنُّقْصَانِ عَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ قِيمَةٌ أَصْلًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَغَصْبِ الْمَاءِ فِي الْمَفَازَةِ وَالْجَمْدِ وَالْفَحْمِ إذَا رَدَّهُمَا فِي الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ. [فَصْلٌ نَقَصَتْ الصِّفَةُ فَقَطْ فِي الْمَغْصُوبَ] (قَوْلُهُ: كَحِنْطَةٍ بَلَّهَا إلَخْ) وَكَأَنْ صَبَّ الْمَاءَ فِي الزَّيْتِ وَتَعَذَّرَ تَخْلِيصُهُ أَوْ وَضَعَ الْحِنْطَةَ فِي مَكَان نَدِيٍّ فَعَفِنَتْ عَفَنًا غَيْرَ مُتَنَاهٍ قَالَ فِي الْخَادِمِ تَمْثِيلُهُ يُفْهِمُ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِالْمِثْلِيِّ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَطْعُ صَاحِبِ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ فِي الْعَبْدِ الْمَجْرُوحِ جِرَاحَةً لَا يُعْلَمُ مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَلِّطُ الْمَالِكَ عَلَى طَلَبِ الْقِيمَةِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إتْمَامًا لِلتَّشْبِيهِ بِالتَّالِفِ) ؛ لِأَنَّهُ غُرْمٌ لِلْمَالِكِ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْحِنْطَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَبْقَى لِلْمَالِكِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الظُّلْمُ حَقَّهُ) وَكَمَا لَوْ قَتَلَ شَاةً يَكُونُ الْمَالِكُ أَحَقَّ بِجِلْدِهَا (قَوْلُهُ: رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ) وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجِلْدِ بِأَنَّ الْمَالِيَّةَ هُنَا بَاقِيَةٌ وَفِي الشَّاةِ غَيْرُ بَاقِيَةٍ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ) وَقَالَ لَا وَجْهَ لِمُقَابِلِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 الْبَدَلِ (وَهَلْ يَمْلِكُهَا) أَيْ الْحِنْطَةَ (الْغَاصِبُ) إتْمَامًا لِلتَّشْبِيهِ بِالتَّالِفِ أَوْ تَبْقَى لِلْمَالِكِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الظُّلْمُ حَقَّهُ (وَجْهَانِ) رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ، وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْتَارُ عِنْدَهُ مَا اسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ إلَى النَّصِّ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ جَعْلِهَا كَالتَّالِفِ وَبَيْنَ أَخْذِهَا مَعَ أَرْشِ عَيْبٍ سَارٍ أَيْ شَأْنُهُ السِّرَايَةُ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَرْشِ عَيْبٍ وَاقِفٍ (وَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ مَرَضُ الْعَبْدِ) الْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ سَارِيًا عَسُرَ الْعِلَاجُ كَالسُّلِّ وَالِاسْتِسْقَاءِ لِاحْتِمَالِ الْبُرْءِ بِخِلَافِ عَفَنِ الْحِنْطَةِ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُفْضِي إلَى الْفَسَادِ قَطْعًا. (وَلَوْ نَجَّسَ) الْغَاصِبُ (زَيْتَهُ) أَيْ زَيْتَ الْمَالِكِ (غَرِمَ) لَهُ (بَدَلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ صَيَّرَهُ كَالتَّالِفِ (وَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِزَيْتِهِ) ، وَيُفَارِقُ الْحِنْطَةَ فِيمَا مَرَّ بِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ بِالتَّنَجُّسِ فَصَارَ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا فَلَا مَحْذُورَ فِي إعَادَتِهَا لِلْمَالِكِ بِخِلَافِ الْحِنْطَةِ لَا تَخْرُجُ بِالْعَفَنِ وَنَحْوِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ فَفِي إعَادَتِهَا لِلْمَالِكِ مَحْذُورٌ، وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُبْدَلِ وَالْبَدَلِ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِيمَا لَوْ خَلَطَ الزَّيْتَ أَوْ نَحْوَهُ بِجِنْسِهِ (وَلَوْ تَعَفَّنَ الطَّعَامُ بِنَفْسِهِ) عِنْدَ الْغَاصِبِ لِطُولِ الْمُدَّةِ (أَخَذَهُ الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ) وَلَمْ يُجْعَلْ كَالتَّالِفِ نَظِيرَ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ التَّعَفُّنَ هُنَا حَصَلَ بِلَا جِنَايَةٍ بِخِلَافِهِ ثُمَّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ صَارَ الْمَغْصُوبُ هَرِيسَةً بِنَفْسِهِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ. (فَصْلٌ) فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ وَبَدَأَ بِبَيَانِ جِنَايَتِهِ فَقَالَ (وَإِنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ) بِجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْمَالِ أَوْ لِلْقِصَاصِ، وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ (فَدَاهُ الْغَاصِبُ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْمَغْصُوبِ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ (بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ، وَقِيمَتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ الْقِيمَةَ فَهُوَ الَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ أَوْ الْمَالَ الْمُتَعَلِّقَ بِرَقَبَتِهِ فَهُوَ الْوَاجِبُ (وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْفِدَاءِ غَرِمَ لِلْمَالِكِ أَكْثَرَ الْقِيَمِ) مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ كَسَائِرِ الْمَغْصُوبَاتِ (وَغَرِمَ) أَيْضًا (لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ وَالْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ جِنَايَةَ الْمَغْصُوبِ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ (وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ التَّعَلُّقُ مِمَّا غَرِمَ) الْغَاصِبُ (لِلْمَالِكِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالرَّقَبَةِ يَوْمَئِذٍ فَتَعَلَّقَ بِبَدَلِهَا كَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ كَانَتْ قِيمَتُهُ رَهْنًا (ثُمَّ) إذَا أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ الْقِيمَةِ يَكُونُ (لِلْمَالِكِ الرُّجُوعُ) عَلَى الْغَاصِبِ (بِمَا أَخَذَ) أَيْ أَخَذَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ بَلْ أُخِذَ مِنْهُ بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْغَاصِبِ، وَهَذَا (كَمَا يَرْجِعُ) الْمَالِكُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ لِلْجِنَايَةِ (حِينَ يَرُدُّهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَغْرَمَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (إذَا بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ) ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ حِينَ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمَالِكِ الرُّجُوعُ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الْمَالِكُ مِنْ الْغَاصِبِ الْأَرْشَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ مِنْهُ لَا يُجَابُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ، وَعَلَّلَهُ بِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يُبَرِّئُ الْغَاصِبَ ثُمَّ مَا يَأْخُذُهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَدْ يَكُونُ كُلَّ الْقِيمَةِ بِأَنْ كَانَ الْأَرْشُ مِثْلَهَا، وَقَدْ يَكُونُ بَعْضَهَا بِأَنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَلْفًا وَالْأَرْشُ خَمْسَمِائَةٍ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ وَلَا يَرْجِعُ الْمَالِكُ إلَّا بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ قَدْ سُلِّمَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَرَجَعَ بِانْخِفَاضِ السِّعْرِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ جَنَى، وَمَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ. (وَلَوْ كَانَ أَرْشُ جِنَايَتِهِ أَكْثَرَ) مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ (وَزَادَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ يَوْمِ الْجِنَايَةِ فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (إلَّا ذَلِكَ) أَيْ قَدْرَ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ تَخَلَّلَ الْغَصْبُ وَالرَّدُّ) لِلْعَبْدِ (بَيْنَ الْجِنَايَةِ وَالْبَيْعِ) فِيهَا (فَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ) ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَصَلَتْ، وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (جَنَى الْمَغْصُوبُ جِنَايَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ وَالْأُولَى) مِنْهُمَا (فِي يَدِ الْمَالِكِ) وَالْأُخْرَى فِي يَدِ الْغَاصِبِ (بِيعَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِمَا وَاقْتَسَمَاهُ) أَيْ ثَمَنَهُ نِصْفَيْنِ إنْ تَسَاوَى الْأَرْشَانِ (ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ) ؛ لِأَنَّ إحْدَى الْجِنَايَتَيْنِ وُجِدَتْ وَالْعَبْدُ فِي ضَمَانِهِ (وَ) حِينَئِذٍ (لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوَّلًا أَخْذُهَا وَلَا يَرْجِعُ بِهَا) الْأَوْلَى أَخَذُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْمَالِكُ (عَلَى الْغَاصِبِ) ؛ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ بِجِنَايَةٍ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ الْغَصْبُ، وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى حَقِّهِ فَلَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَفَّنَ الطَّعَامُ بِنَفْسِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَالِكُ تَعَفَّنَ بِنَفْسِهِ لِيَأْخُذَهَا، وَأَرْشَهَا وَقَالَ الْغَاصِبُ عَفَّنْتهَا لِيَمْلِكَهَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ كا. [فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ] (قَوْلُهُ: فَدَاهُ الْغَاصِبُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ وَقِيمَتِهِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَيْضًا أَرْشُ مَا نَقَصَ بِعَيْبِ الْجِنَايَةِ (فَرْعٌ) لَوْ حُمَّ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَرَدَّهُ كَذَلِكَ وَدَامَ حَتَّى مَاتَ فِي يَدِ الْمَالِكِ يَلْزَمُهُ كَمَالُ قِيمَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهُ الْمُسْتَامُ أَوْ الْمُسْتَعِيرُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْصِ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّهُمَا لَا يَضْمَنَانِ الْعَيْنَ ضَمَانَ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَرْجِعُ حِينَ يَرُدُّهُ إذَا بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ بِمُقْتَضَى قَاعِدَةِ الْبَابِ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الثَّمَنَ بِجُمْلَتِهِ وَكَانَ ذَلِكَ دُونَ أَقْصَى الْقِيَمِ فَاَلَّذِي يَرْجِعُ بِهِ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ أَقْصَى الْقِيَمِ وَلَا يَقْتَصِرُ رُجُوعُهُ عَلَى مَا بِيعَ بِهِ فَإِنْ قُلْت إذَا رَدَّهُ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ عُهْدَةِ الْقِيمَةِ فَاللَّازِمُ مَا بِيعَ بِهِ لَا أَقْصَى الْقِيَمِ قُلْت لَا يَصِحُّ لِوَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي تَفْرِيعِ ابْنِ الْحَدَّادِ مِنْ رُجُوعِ الْمَالِكِ عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَالثَّانِي إنْ رَدَّهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَخْرُجُ الْغَاصِبُ عَنْ عُهْدَةِ الْقِيمَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْعَبْدَ مَحْمُومًا مَثَلًا وَدَامَتْ الْحُمَّى حَتَّى مَاتَ فِي يَدِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ كَمَالُ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وُجِدَتْ صُورَةُ الرَّدِّ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي فَصَّلْته لَا بُدَّ مِنْهُ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ اسْتَعَارَ عَيْنًا لِيَرْهَنَهَا وَبِيعَتْ فِي الدَّيْنِ وَقُلْنَا إنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهَا حُكْمُ الْعَوَارِيِّ فَكَانَ الثَّمَنُ مِثْلَ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ فَقَالَ الْجُمْهُورُ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ إذْ هُوَ شَأْنُ الْعَوَارِيّ، وَقَالَ الْقَاضِي يَغْرَمُ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَفَّى بِهِ دَيْنَهُ، وَهُوَ بَدَلُ سِلْعَةِ الْمُعِيرِ، وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُوبِ الْأَقْصَى فِي الْغَصْبِ لِمَكَانِ التَّغْلِيظِ، وَمَا صَوَّبَهُ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ جَنَى الْمَغْصُوبُ جِنَايَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ] (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 يَأْخُذُ مِمَّا وَجَبَ بِهِ شَيْئًا كَمَا لَوْ جَنَى عَبْدٌ عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ جَنَى عَلَى آخَرَ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ مَاتَ سِرَايَةً فَإِنَّ أَرْشَ الْيَدِ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ثَانِيًا شَيْئًا لِوُجُوبِهِ بِالْقَطْعِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوَّلًا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ قَالَ فِيهَا كَأَصْلِهَا: وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْجِنَايَتَيْنِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلِلْمَالِكِ طَلَبُ الْقِيمَةِ مِنْهُ وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِمَا أَخْذُهَا فَإِذَا أَخَذَاهَا فَلِلْمَالِكِ الرُّجُوعُ بِنِصْفِهَا عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَهَا بِجِنَايَةٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَإِذَا رَجَعَ بِهِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوَّلًا أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ. وَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ مَرَّةً أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِجِنَايَةٍ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْغَاصِبِ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذُكِرَ (وَلَوْ جَنَى فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوَّلًا ثُمَّ فِي يَدِ الْمَالِكِ، وَهُمَا) أَيْ الْجِنَايَتَانِ (مُسْتَغْرِقَتَانِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَغْرِقَةٌ قِيمَتَهُ (بِيعَ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِمَا (وَقُسِّمَ) ثَمَنُهُ (بَيْنَهُمَا) نِصْفَيْنِ (وَلِلْمَالِكِ الرُّجُوعُ) عَلَى الْغَاصِبِ (بِالنِّصْفِ) أَيْ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لِلْجِنَايَةِ الْمَضْمُونَةِ عَلَيْهِ (وَلِلْأَوَّلِ التَّعَلُّقُ بِهِ) كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ (ثُمَّ) إذَا أَخَذَهُ مِنْ الْمَالِكِ (يَرْجِعُ) بِهِ الْمَالِكُ (عَلَى الْغَاصِبِ مَرَّةً أُخْرَى) ، وَيَسْلَمُ لَهُ الْمَأْخُوذُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَخَذَ تَمَامَ الْقِيمَةِ وَالثَّانِيَ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُ إلَّا بِالنِّصْفِ، وَقَدْ أَخَذَهُ (وَإِنْ غَصَبَهُ ثَانِيًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَتَلَهُ أَوْ مَاتَ مَعَهُ) فِي عِبَارَتِهِ قَلْبٌ فَكَانَ الْأَوْلَى لِيُوَافِقَ أَصْلَهُ أَنْ يَقُولَ وَمَاتَ عِنْدَهُ أَوْ قَتَلَهُ أَيْ بِلَا غَصْبٍ (أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ، وَقُسِّمَتْ) بَيْنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِمَا (ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَالِكُ بِالنِّصْفِ) ؛ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ بِسَبَبِ جِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ (فَيَأْخُذُهُ) مِنْهُ (الْأَوَّلُ ثُمَّ يَرْجِعُ) بِهِ عَلَيْهِ الْمَالِكُ (مَرَّةً أُخْرَى، وَيُسَلِّمُ لَهُ) الْمَأْخُوذَ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ (، وَقَدْ غَرِمَ) الْغَاصِبُ فِي هَذِهِ (قَيِّمَتَيْنِ) إحْدَاهُمَا بِالْجِنَايَةِ وَالْأُخْرَى بِالتَّلَفِ. (فَصْلٌ: وَإِنْ ارْتَدَّ أَوْ قَتَلَ الْمَغْصُوبُ إنْسَانًا فَقُتِلَ) وَلَوْ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِرِدَّتِهِ أَوْ قَتْلِهِ (لَزِمَ الْغَاصِبَ أَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْقَتْلِ) ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْفَوَاتِ حَصَلَ فِي يَدِهِ (وَإِنْ قَطَعَ) عُضْوَ غَيْرِهِ (أَوْ سَرَقَ فَقُطِعَ) بِقَطْعِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ (فِي يَدِ الْغَاصِبِ) أَوْ غَيْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (غَرِمَ نَقْصَ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ أَوْ الرِّدَّةُ) ، وَقَعَتْ (فِي يَدِ الْمَالِكِ وَالْعُقُوبَةُ) لِمَنْ، وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ (فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَمْ يَضْمَنْ) كَمَنْ اشْتَرَى مُرْتَدًّا أَوْ سَارِقًا فَقُتِلَ أَوْ قُطِعَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَالْجِنَايَةُ تَشْمَلُ الْقَتْلَ وَالْقَطْعَ وَالسَّرِقَةَ فَتَعْبِيرُهُ بِهَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالسَّرِقَةِ. (وَيَضْمَنُ) الْغَاصِبُ (فِي عَكْسِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ أَوْ الرِّدَّةُ فِي يَدِهِ وَالْعُقُوبَةُ فِي يَدِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْفَوَاتِ حَصَلَ فِي يَدِهِ، وَهَذَا يَشْمَلُ بَعْضَ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ. ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَقَالَ (وَإِنْ قَتَلَهُ عَبْدٌ) عَمْدًا (وَاقْتَصَّ الْمَالِكُ) مِنْهُ (بَرِئَ الْغَاصِبُ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ حَقِّهِ وَلَا نَظَرَ مَعَ الْقِصَاصِ إلَى تَفَاوُتِ الْقِيمَةِ كَمَا لَا نَظَرَ فِي الْأَحْرَارِ إلَى تَفَاوُتِ الدِّيَةِ (وَإِنْ قَتَلَهُ حُرٌّ طَالَبَهُمَا) أَيْ الْمَالِكَ الْغَاصِبَ وَالْجَانِيَ أَيْ أَيَّهُمَا شَاءَ (وَ) لَكِنَّ (قَرَارَ ضَمَانِ قِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ) أَيْ الْقَتْلِ (عَلَى الْجَانِي) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ لَهُ (وَالزَّائِدُ) عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَتْلِ (عَلَى الْغَاصِبِ) بِحُكْمِ الْيَدِ (وَإِنْ قَتَلَهُ عَبْدٌ خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَآلَ الْأَمْرُ إلَى مَالٍ (تَعَلَّقَ) الْمَالُ (بِرَقَبَتِهِ) أَيْ الْجَانِي (وَبِالْغَاصِبِ) فَيَتَخَيَّرُ مَالِكُهُ بَيْنَهُمَا (وَ) لَكِنَّ (الْقَرَارَ فِي رَقَبَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ (وَالزَّائِدُ) عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَتْلِ (عَلَى الْغَاصِبِ) بِحُكْمِ الْيَدِ فَلَوْ غَرَّمَهُ الْمَالِكُ ابْتِدَاءً الْقِيمَةَ رَجَعَ بِهَا عَلَى سَيِّدِ الْجَانِي إلَّا مَا لَا يُطَالَبُ بِهِ إلَّا الْغَاصِبُ (وَكَذَا فِي الْجِرَاحَةِ) يُطَالِبُهُمَا، وَ (الْقَرَارُ) لِبَدَلِهَا الْمُقَدَّرِ وَغَيْرِهِ (عَلَى الْجَانِي) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا لَكِنَّهُ فِي الْعَبْدِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ (وَفِي النَّقْصِ) لِلْقِيمَةِ يَكُونُ النَّقْصُ (الزَّائِدُ عَلَى) الْجِرَاحَةِ (الْمُقَدَّرَةِ) أَيْ عَلَى أَرْشِهَا الْمُقَدَّرِ (عَلَى الْغَاصِبِ بِخِلَافِ مَا ذَهَبَ) مِنْ الْمَغْصُوبِ كَيَدِهِ (بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَإِنَّ الزَّائِدَ) بِتَقْدِيرِ الْجِنَايَةِ (عَنْ) بِمَعْنَى عَلَى (نُقْصَانِ الْقِيمَةِ يَسْقُطُ عَلَى الْغَاصِبِ) يَعْنِي لَا يُطَالَبُ بِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الطَّرَفِ الثَّانِي. (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ الْجِرَاحَةُ (مُقَدَّرَةً) أَيْ أَرْشُهَا مُقَدَّرًا (فَالْمُعْتَبَرُ) فِي النَّقْصِ (نَقْصُ الْقِيمَةِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ نَقْصٌ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَفِي الْمُطَالَبَةِ بِأَرْشِ الْمُقَدَّرَةِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ الْقَوْلَانِ فِي) الْجِنَايَةِ عَلَى (الْحُرِّ) وَسَيَأْتِي فِيهَا أَنَّ الْمُرَجَّحَ الْمَنْعُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ نَقْصٍ بِسَرَيَانٍ إلَى نَفْسٍ أَوْ شَرِكَةِ جَارِحٍ (وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا فَكَالْآفَةِ) أَيْ فَهَلْ هُوَ كَذَهَابِهَا بِالْآفَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَلَفٌ لَا بَدَلَ لَهُ (أَوْ الْجِنَايَةُ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ ارْتَدَّ أَوْ قَتَلَ الْمَغْصُوبُ إنْسَانًا فَقُتِلَ بِرِدَّتِهِ أَوْ قَتْلِهِ] قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ تَامٌّ قَابِلٌ لِلتَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمِلْكِ التَّامِّ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْيَدِ الْعَادِيَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 يُشْبِهُهَا مِنْ حَيْثُ حُصُولُهُ بِالِاخْتِيَارِ (، وَجْهَانِ) وَالْمُرَادُ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ النَّقْصِ أَوْ الْأَكْثَرُ مِنْهُ، وَمِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ قَطَعَ أَوْ سَرَقَ فَقُطِعَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَرِمَ نَقْصَ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَرَجَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ. (فَرْعٌ: وَإِنْ قَتَلَ) الْعَبْدُ (الْمَغْصُوبُ إنْسَانًا ثُمَّ قَتَلَهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ عَبْدٌ لِآخَرَ) أَيْ لِغَيْرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (فَاقْتَصَّ) مِنْهُ (السَّيِّدُ) أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ (سَقَطَ) بِهِ (الضَّمَانُ عَنْ الْغَاصِبِ وَبَطَلَ حَقُّ وَرَثَةِ) الْإِنْسَانِ (الْمَقْتُولِ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْجَانِيَ إذَا هَلَكَ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ عِوَضٌ يَضِيعُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلَوْ حَذَفَ بَطَلَ كَانَ أَخْصَرَ، وَأَوْفَقَ بِعِبَارَةِ الْأَصْلِ حَيْثُ عَبَّرَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالسُّقُوطِ (نَعَمْ إنْ حَدَثَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَغْصُوبِ (عَيْبٌ بَعْدَ الْجِنَايَةِ) مِنْهُ (غَرِمَهُ) أَيْ أَرْشَ الْعَيْبِ (الْغَاصِبُ وَتَعَلَّقَ بِهِ الْوَرَثَةُ) أَيْ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ (أَوْ) حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ (قَبْلَهَا فَازَ بِهِ) أَيْ بِأَرْشِهِ (الْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ الْمُقَابِلَ لِلْأَرْشِ كَانَ مَفْقُودًا عِنْدَ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ عَفَا) الْمَالِكُ عَنْ الْقِصَاصِ (عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَ الْوَاجِبُ) بِالْجِنَايَةِ (مَالًا تَعَلَّقَ بِهِ الْوَرَثَةُ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْجَانِي عَلَى مُوَرِّثِهِمْ. (وَ) إذَا أَخَذُوهُ (رَجَعَ بِهِ) الْمَالِكُ (عَلَى الْغَاصِبِ ثَانِيًا) ؛ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ بِسَبَبِ جِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ (وَيَسْلَمُ لَهُ) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَإِنْ قَتَلَ) الْمَغْصُوبُ (غَاصِبَهُ فَقَتَلَهُ وَرَثَتُهُ) وَلَوْ بَعْدَ رَدِّهِ لِلْمَالِكِ (أَوْ أَخَذُوا الدِّيَةَ مِنْ رَقَبَتِهِ غَرِمُوا قِيمَتَهُ) لِسَيِّدِهِ (مِنْ التَّرِكَةِ، وَإِنْ عَفَوْا عَنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنْ الْغَاصِبِ فِي الْمَالِ، وَإِنْ قَتَلَ سَيِّدَهُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ اقْتَصَّ وَرَثَتُهُ مِنْهُ رَجَعُوا بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ صَالَ الْمَغْصُوبُ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ دَفْعًا) عَنْهُ (فَالضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْقَاتِلِ وَلَوْ صَالَ عَلَى الْغَاصِبِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا عَنْهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَتَلَفِهِ بِآفَةٍ فَيَضْمَنُهُ. (فَصْلٌ: وَإِنْ نَقَلَ تُرَابُ أَرْضِ غَيْرِهِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ بِكَشْطِ وَجْهِهَا أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ فِيهَا (أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ عَلَى رَدِّهِ) إلَى مَحَلِّهِ (كَمَا كَانَ) قَبْلَ نَقْلِهِ مِنْ انْبِسَاطٍ وَارْتِفَاعٍ وَلَوْ غَرِمَ عَلَيْهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ هَذَا إنْ بَقِيَ (وَإِنْ تَلِفَ فَمِثْلُهُ) أَيْ فَيَجْبُرُهُ عَلَى رَدِّ مِثْلِهِ كَمَا كَانَ هُوَ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ مِثْلِيٌّ كَمَا مَرَّ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّ مِثْلِهِ غَرِمَ الْأَرْشَ (فَإِنْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (لَمْ يُطَالِبْ) هـ الْمَالِكُ بِرَدِّهِ (فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ) بِغَيْرِ إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ (إلَّا أَنْ يَضِيقَ مِلْكُهُ أَوْ مِلْكُ غَيْرِهِ أَوْ) كَانَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ (شَارِعًا، وَخَشِيَ التَّعَثُّرَ بِهِ) أَيْ خَشِيَ مِنْهُ ضَمَانًا (فَلَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِرَدِّهِ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَانَ نَقْلُهُ مِنْهَا إلَى مَوَاتٍ أَوْ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهَا إلَى الْآخَرِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِرَدِّهِ كَمَا شَمِلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَلَوْ اسْتَقَلَّ بِرَدِّهِ فَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى نَقْلِهِ ثَانِيًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا) يَسْتَقِلُّ بِهِ (إنْ زَالَ بِهِ نَقْصُ الْأَرْضِ إلَّا إنْ أَبْرَأَهُ) الْمَالِكُ (عَنْ الْأَرْشِ) فَلَا يَسْتَقِلُّ بِرَدِّهِ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ الرُّويَانِيُّ وَحَيْثُ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي رَدِّهِ فَرَدَّهُ فَمَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ بَسْطِهِ لَمْ يَبْسُطْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَبْسُوطًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَلَوْ كَانَ الْمَحْفُورُ بِئْرًا فَلِلْغَاصِبِ طَمُّهَا) بِتُرَابِهَا إنْ بَقِيَ وَبِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ لِيَنْدَفِعَ عَنْهُ ضَمَانُ التَّرَدِّي فِيهَا (فَإِنْ طَالَبَ) هـ (الْمَالِكُ بِهِ لَزِمَهُ، وَإِنْ رَضِيَ) الْمَالِكُ (بِاسْتِدَامَتِهَا فَإِنْ كَانَ لَا ضَرَرَ) عَلَى الْغَاصِبِ (إلَّا خَوْفَ ضَمَانِ مَنْ يَقَعُ فِيهَا انْدَفَعَ عَنْهُ الضَّمَانُ بِرِضَاهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ طَمُّهَا) لِخُرُوجِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ جِنَايَةً وَتَعَدِّيًا (فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ الطَّمِّ) وَلَمْ يَقُلْ رَضِيت بِبَقَائِهَا (فَهَلْ يَكُونُ كَالرِّضَا) بِاسْتِدَامَتِهَا لِتَضَمُّنِ مَنْعِهِ لَهُ مِنْ الطَّمِّ ذَلِكَ فَيَنْدَفِعُ عَنْهُ ضَمَانُ التَّرَدِّي أَوْ لَا لِعَدَمِ تَصْرِيحِهِ بِالرِّضَا (، وَجْهَانِ)   [حاشية الرملي الكبير] [الْجِنَايَة عَلَى الْمَغْصُوب] قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّوَابُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ بِمُقْتَضَى الدَّلِيلِ وَالتَّعْلِيلِ وَكَتَبَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْمُقَدَّرِ إنَّمَا يَكُونُ بِقَطْعٍ مُضَمَّنٍ وَالْأَصْلُ فِي الْعَبْدِ ضَمَانُ النَّقْصِ خَرَجَ الْقَطْعُ الْمُضَمَّنُ بِالدَّلِيلِ الَّذِي اقْتَضَى التَّقْدِيرَ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِمَا خَرَجَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ بَلْ هُوَ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ. [فَرْعٌ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ إنْسَانًا فَاقْتَصَّ مِنْهُ السَّيِّدُ أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ] (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَ سَيِّدَهُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ اقْتَصَّ وَرَثَتُهُ إلَخْ) أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ مَالِكُهُ قِصَاصًا بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى غَصْبِهِ فَإِنَّ غَاصِبَهُ يَبْرَأُ بِهِ كَمَا مَرَّ. [فَصْلٌ نَقَلَ تُرَابَ أَرْضِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِكَشْطِ وَجْهِهَا أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ فِيهَا] (قَوْلُهُ: أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ عَلَى رَدِّهِ كَمَا كَانَ) كَلَامُهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إعَادَتِهَا كَمَا كَانَتْ إلَّا بِزِيَادَةِ تُرَابٍ آخَرَ لَزِمَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ لَكِنْ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ قَطْعًا وَلَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْقُمَامَاتِ الَّتِي تَجْتَمِعُ فِي الدُّورِ فَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ضَمَانٌ عِنْدَ التَّلَفِ؛ لِأَنَّهَا مُحْتَقَرَةٌ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ وُجُوبُ رَدِّهَا، وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَ فَمِثْلُهُ) لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَفْرُوشَةً بِالسَّمَادِ وَتَلِفَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ تَعَيَّنَ أَنْ يَضْمَنَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَلَا يُكَلَّفُ رَدَّ مِثْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ تَعَيَّنَ أَنْ يَضْمَنَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِرَدِّهِ) ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ أَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك مِنْ ضَمَانِهِ أَوْ رَضِيت بِمَا فَعَلْته بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَفْرِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ حَفْرَهُ فِي أَرْضِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ، وَنَقْلَهُ التُّرَابَ إلَى الشَّارِعِ أَوْ نَحْوِهِ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ نَقَلَهُ مِنْهَا إلَى مَوَاتٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَطْلَبِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ (قَوْلُهُ: فَلِلْغَاصِبِ طَمُّهَا بِتُرَابِهَا) حَكَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ هُنَا وُجُوبَ التَّسْوِيَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: لِيَنْدَفِعَ عَنْهُ ضَمَانِ التَّرَدِّي فِيهَا) انْدَفَعَ بِهَذَا التَّعْلِيلِ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ التُّرَابَ إذَا تَلِفَ وَجَبَ فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ مِثْلُهُ وَالْوَاجِبُ فِي الذِّمَّةِ إنَّمَا يُمْلَكُ بِقَبْضٍ صَحِيحٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ هُنَا وَحِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ الرَّدُّ بِدُونِ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيَ بِاسْتِدَامَتِهَا) أَيْ أَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك عَنْ ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَكُونُ كَالرِّضَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 أَوْجُهُهُمَا الْأَوَّلُ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ غَيْرُ خَوْفِ ضَمَانِ مَنْ يَقَعُ فِيهَا فَلَهُ طَمُّهَا (وَإِنْ طَوَى الْغَاصِبُ الْبِئْرَ) بِآلَتِهِ (فَلَهُ أَخْذُ آلَتِهِ) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (وَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ أَخْذَهَا) تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ (وَلَوْ تَرَكَهَا لَهُ) هِبَةً أَوْ إعْرَاضًا إذْ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا (، وَعَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (أُجْرَةُ الْأَرْضِ لِمُدَّةِ الْحَفْرِ وَالرَّدِّ) ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فِيهَا نَقْصٌ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا بِسَبَبٍ مُتَعَدٍّ فِيهِ (وَ) عَلَيْهِ مَعَهَا (أَرْشُ نَقْصٍ إنْ بَقِيَ) لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا (وَحَيْثُ قُلْنَا لَهُ الرَّدُّ) لِلتُّرَابِ (مِنْ الشَّارِعِ، وَمِلْكِهِ) بَلْ، وَمِلْكُ غَيْرِهِ (فَوَجَدَ فِي طَرِيقِهِ) أَوْ فِي غَيْرِهِ وَلَمْ تَزِدْ مَشَقَّتُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ تَرَدُّدٍ نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَئِمَّةِ (مَوَاتًا) أَوْ نَحْوَهُ (وَاقْتَصَرَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَدِّهِ إلَى الْمَوَاتِ أَوْ نَحْوِهِ (إلَّا إنْ طَلَبَ الْمَالِكُ الرَّدَّ) لَهُ إلَى مَحَلِّهِ فَيَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ. (فَصْلٌ: إذَا خَصَى الْغَاصِبُ الْعَبْدَ) الْمَغْصُوبَ بِأَنْ قَطَعَ أُنْثَيَيْهِ دُونَ ذَكَرِهِ (لَزِمَهُ قِيمَتُهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ جِرَاحَ الْعَبْدِ تَتَقَدَّرُ، وَهُوَ الْجَدِيدُ فَلَوْ قَطَعَ جَمِيعَ ذَلِكَ لَزِمَهُ قِيمَتَاهُ (إلَّا) أَيْ لَكِنْ (إنْ حَصَلَ ذَلِكَ بِآفَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ (لَكِنْ إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ) بِذَلِكَ (ضَمِنَ النَّقْصَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَغْلَى الْغَاصِبُ دُهْنًا) غَصَبَهُ (فَنَقَصَ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ رَدَّهُ وَغَرِمَ مِثْلَ الذَّاهِبِ) ؛ لِأَنَّ لِلدُّهْنِ بَدَلًا مُقَدَّرًا، وَهُوَ الْمِثْلُ فَأَوْجَبْنَاهُ، وَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ بِالْإِغْلَاءِ حَتَّى جَبَرَتْ النَّقْصَ كَخِصَاءِ الْعَبْدِ (أَوْ عَكْسِهِ) أَيْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ دُونَ عَيْنِهِ (غَرِمَ) مَعَ رَدِّهِ (الْأَرْشَ) لِلنَّقْصِ كَغَيْرِهِ (أَوْ) نَقَصَا (مَعًا غَرِمَ) مَعَ رَدِّ الْبَاقِي (مِثْلَ الذَّاهِبِ وَنَقْصِ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ) مِنْ قِيمَةِ الذَّاهِبِ كَمَا لَوْ كَانَ صَاعًا يُسَاوِي دِرْهَمًا فَرَجَعَ بِالْإِغْلَاءِ إلَى نِصْفِ صَاعٍ يُسَاوِي أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ فَلَا أَرْشَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ غَيْرُ الرَّدِّ. (وَإِنْ كَانَ) الْمَغْصُوبُ (عَصِيرًا) فَأَغْلَاهُ (فَنَقَصَ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ) مِثْلُ الذَّاهِبِ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ مِنْهُ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا وَالذَّاهِبُ مِنْ الدُّهْنِ دُهْنٌ مُتَقَوِّمٌ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْفَلَسِ حَيْثُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ لِلْبَائِعِ كَالزَّيْتِ بِأَنَّ مَا زَادَ بِالْإِغْلَاءِ ثُمَّ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ حِصَّةٌ فَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ لَأَجْحَفْنَا بِالْبَائِعِ، وَالزَّائِدُ بِالْإِغْلَاءِ هُنَا لِلْمَالِكِ فَانْجَبَرَ بِهِ الذَّاهِبُ. (وَكَذَا الرُّطَبُ يَصِيرُ تَمْرًا) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْعَصِيرُ يَصِيرُ خَلًّا إذَا نَقَصَتْ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ لَا يُضْمَنُ مِثْلُ الذَّاهِبِ، وَأَجْرَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي اللَّبَنِ إذَا صَارَ جُبْنًا وَنَقَصَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجُبْنَ لَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ حَتَّى تُعْرَفَ نِسْبَةُ نَقْصِهِ مِنْ عَيْنِ اللَّبَنِ. انْتَهَى. نَعَمْ تُعْرَفُ النِّسْبَةُ بِوَزْنِهِمَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الذَّاهِبَ مِمَّا ذُكِرَ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ مِنْهُ عَيْنُهُ، وَقِيمَتُهُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ كَالدُّهْنِ. (فَصْلٌ: لَوْ هَزِلَتْ) الدَّابَّةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا (ثُمَّ سَمِنَتْ فَعَادَتْ الْقِيمَةُ لَمْ يَنْجَبِرْ) نَقْصُهَا فَيَرُدُّهَا مَعَ أَرْشِ السِّمَنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْعَائِدَ غَيْرُ الْأَوَّلِ، وَعَوْدُ الْحُسْنِ كَعَوْدِ السِّمَنِ لَا كَتَذَكُّرِ الصَّنْعَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَكَذَا لَوْ كَسَرَ) الْغَاصِبُ (الْحُلِيَّ) أَوْ الْإِنَاءَ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ (ثُمَّ أَعَادَهُ) لَمْ يَنْجَبِرْ نَقْصُهُ فَيَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ صَنْعَةٌ أُخْرَى، وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِهَا (وَلَوْ) نَسِيَ الْمَغْصُوبُ صَنْعَةً فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ (تَذَكَّرَ الصَّنْعَةَ) أَوْ تَعَلَّمَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْ قِيمَتِهِ الْأُولَى) بَلْ سَاوَاهَا أَوْ زَادَ عَلَيْهَا (انْجَبَرَتْ) أَيْ الصَّنْعَةُ أَيْ نَقْصُهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ شَيْئًا جَدِيدًا بِخِلَافِ السِّمَنِ أَمَّا إذَا نَقَصَ عَنْ قِيمَتِهِ الْأُولَى فَيَضْمَنُ مَا بَقِيَ مِنْ النَّقْصِ، وَيَنْجَبِرُ الْبَاقِي فَلَوْ عَلَّمَهُ سُورَةً أَوْ حِرْفَةً مِرَارًا، وَهُوَ يَنْسَاهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ ضَمِنَ أَكْثَرَ الْمَرَّاتِ نَقْصًا. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ الصَّنْعَةَ فِي يَدِ الْمَالِكِ انْجَبَرَتْ أَيْضًا حَتَّى يَسْتَرِدَّ مِنْهُ الْغَاصِبُ الْأَرْشَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْجُهُهُمَا الْأَوَّلُ إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَزِدْ مَشَقَّتُهُ) بِأَنْ تَكُونَ مَسَافَتُهُ كَمَسَافَةِ أَرْضِ الْمَالِكِ أَوْ أَقَلَّ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ خَصَى الْغَاصِبُ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ] (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ كَالدُّهْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَتَلَخَّصَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحِلَّ عَدَمِ ضَمَانِ نَقْصِ عَيْنِ الْعَصِيرِ مَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ فَإِنْ نَقَصَا ضَمِنَ الْعَيْنَ أَيْضًا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ نَقْصَ عَيْنِهِ لَا يَحْسُنُ تَوْجِيهُ الضَّمَانِ لَهُ اسْتِقْلَالًا لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ فَإِنْ وُجِدَ الضَّمَانُ بِسَبَبِ الْقِيمَةِ ضُمِنَتْ الْعَيْنُ تَبَعًا لَهَا. [فَصْلٌ هَزِلَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا ثُمَّ سَمِنَتْ فَعَادَتْ الْقِيمَةُ] (قَوْلُهُ: فَيَرُدُّهَا مَعَ أَرْشِ السِّمَنِ الْأَوَّلِ) كَمَا لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ ثُمَّ عَادَ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ الْإِبَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَذَكَّرَ الصَّنْعَةَ وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْ قِيمَتِهِ الْأُولَى انْجَبَرَتْ) تَفْرِقَتُهُ بَيْنَ عَوْدِ السِّمَنِ وَتَذَكُّرِ الصَّنْعَةِ وَاضِحٌ لَكِنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الصَّدَاقِ بِالنِّسْبَةِ لِرُجُوعِ الزَّوْجِ عِنْدَ الْفِرَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَرَّرَ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ صَحَّحَ أَنَّ السِّمَنَ بَعْدَ الْهُزَالِ مَانِعٌ، وَهُوَ وَاضِحٌ ثُمَّ أَلْحَقَ بِهِ تَذَكُّرَ الصَّنْعَةِ، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ هُنَا أَنْ لَا يَلْحَقَ بِهِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلُهُ: تَفْرِقَتُهُ إلَخْ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ قَالَ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ بِمَا إذَا هَزَلَتْ الْجَارِيَةُ الْمَمْهُورَةُ فِي يَدِهَا ثُمَّ سَمِنَتْ يَرْجِعُ فِي نِصْفِهَا، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ وَجَعَلُوا هَذَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ ثُمَّ فَرَّقُوا بَيْنَ السِّمَنِ، وَإِعَادَةِ الصَّنْعَةِ بِأَنَّ عَوْدَ الصَّنْعَةِ لَا صُنْعَ لَهَا فِيهِ وَالصَّنْعَةُ عَادَتْ بِصُنْعِهَا وَالْتِزَامِهَا لِلْمُؤْنَةِ. وَإِلَى هَذَا أَشَارَ فِي الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ حُصِلَتْ بِاخْتِيَارِهَا وَلَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَآخَرُونَ أَنَّ مَسْأَلَةَ السِّمَنِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا، وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ، وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا هَزَلَتْ الْجَارِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ ثُمَّ سَمِنَتْ هَلْ يَغْرَمُ الْغَاصِبُ نُقْصَانَ الْهُزَالِ أَمْ يُقَامُ السِّمَنُ الثَّانِي مَقَامَ الْأَوَّلِ فَلَا فَرْقَ إذَنْ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا إذَا نَسِيَ الْحِرْفَةَ ثُمَّ تَعَلَّمَهَا. اهـ. وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَعَلَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ هُنَا فِيمَا إذَا نَسِيَ الصَّنْعَةَ عِنْدَ الزَّوْجِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا بَعْدَ الْإِصْدَاقِ فَتَكُونُ مَانِعَةً عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ فِي بَابِ الْغَصْبِ إلَى نَقْصِ الْقِيمَةِ، وَعَدَمِهِ وَالنَّظَرَ فِي الصَّدَاقِ إلَى حُصُولِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَطْلَبِ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ رَدَّهُ مَرِيضًا ثُمَّ بَرِئَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَرِئَ عِنْدَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَسَكَتَ يَعْنِي صَاحِبُ الْمَطْلَبِ عَنْ تَعَلُّمِهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ فِيهِ عَدَمُ الِاسْتِرْدَادِ. (لَا بِتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ أُخْرَى) وَلَا بِإِحْدَاثِهَا فِي الْحُلِيِّ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ فِي إعَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ شَيْئًا جَدِيدًا وَلِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ (وَلَوْ سَمِنَتْ) عِنْدَهُ الدَّابَّةُ فَزَادَتْ قِيمَتُهَا عَمَّا كَانَتْ (ثُمَّ هَزِلَتْ) فَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا (مَرَّتَيْنِ) بِأَنْ سَمِنَتْ بَعْدَ هُزَالِهَا الثَّانِي ثُمَّ هَزِلَتْ (ضَمِنَ) مَعَ رَدِّهَا أَرْشَ نَقْصِ (السَّمْنَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً فَبَلَغَتْ بِالسِّمَنِ أَلْفًا ثُمَّ بِتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ أَلْفَيْنِ فَنَسِيَتْهَا) أَيْ الصَّنْعَةَ (وَهَزِلَتْ) أَيْ الدَّابَّةُ (فَعَادَتْ) قِيمَتُهَا (مِائَةً ضَمِنَ) مَعَ رَدِّهَا (أَلْفًا وَتِسْعَمِائَةٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْصَى قِيَمِ الذَّاهِبِ مِنْهَا. (وَلَا يُضْمَنُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَهُوَ (سِمَنٌ مُفْرِطٌ) قَائِمٌ (بِجَارِيَةٍ لَا يُنْقِصُ فَوَاتُهُ الْقِيمَةَ) إذَا فَاتَ وَلَوْ بِتَفْوِيتِهِ؛ لِأَنَّ السِّمَنَ لَيْسَ لَهُ بَدَلٌ مُقَدَّرٌ بِخِلَافِ الْأُنْثَيَيْنِ فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ بِأَنْ كَانَتْ مُعْتَدِلَةً فَسَمِنَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ سِمَنًا مُفْرِطًا وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ حَقِيقَةً وَلَا عُرْفًا كَذَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الطَّبَرِيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ. (فَرْعٌ: لَوْ تَعَلَّمَتْ) الْجَارِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ (الْغِنَاءَ) فَزَادَتْ قِيمَتُهَا (ثُمَّ نَسِيَتْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ كَمَا فِي كَسْرِ الْمَلَاهِي، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غِنَاءٍ يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَيُفَارِقُ صِحَّةَ بَيْعِهَا فِيمَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِأَلْفَيْنِ، وَقِيمَتُهَا سَاذَجَةٌ أَلْفٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى نَفْسِهَا لَا عَلَى الْغِنَاءِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا بِأَلْفٍ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْعَيْنِ، وَقَدْ رَدَّهَا، وَكَالْجَارِيَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْعَبْدُ، وَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ فِيهِ مِنْ لُزُومِ تَمَامِ قِيمَتِهِ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ (أَوْ أَتْلَفَ دِيكَ الْهِرَاشِ) أَوْ كَبْشَ النِّطَاحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (ضَمِنَهُ غَيْرَ مُهَارِشٍ) أَوْ نَاطِحٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ. (فَرْعٌ: مَرَضُ الرَّقِيقِ) الْمَغْصُوبِ (وَتَمَعُّطُ شَعْرِهِ وَسُقُوطُ سِنِّهِ يَنْجَبِرُ بِعَوْدِهِ كَمَا كَانَ وَلَوْ) عَادَ (بَعْدَ الرَّدِّ) لِلْمَالِكِ (لَا) سُقُوطُ (صُوفِ الشَّاةِ وَوَرَقِ الشَّجَرِ) فَلَا يَنْجَبِرَانِ بِعَوْدِهِمَا كَمَا كَانَا؛ لِأَنَّهُمَا مُتَقَوِّمَانِ فَيَغْرَمُهُمَا، وَصِحَّةُ الرَّقِيقِ، وَشَعْرُهُ وَسِنُّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ، وَإِنَّمَا يَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ بِفَقْدِهَا، وَقَدْ زَالَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ فِي الْأَخِيرَيْنِ عَنْ الْبَغَوِيّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَعَلَّ عَوْدَهُمَا أَوْلَى بِعَدَمِ الْجَبْرِ مِنْ السِّمَنِ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي سُقُوطِ سِنِّ الْمَثْغُورِ فِي الْجِنَايَاتِ ثُمَّ عَوْدِهَا قَدْ يُنَازَعُ فِيمَا قَالَهُ قَالَ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ قَالَ هُنَا، وَفِي مَسْأَلَةِ السِّنِّ نَظَرٌ يُتَلَقَّى مِنْ أَنَّ سِنَّ الصَّغِيرِ إذَا قُلِعَ ثُمَّ عَادَ هَلْ تَجِبُ مَعَهُ حُكُومَةٌ أَوْ لَا. (فَصْلٌ) لَوْ (غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ) عِنْدَهُ (ضَمِنَهُ) عَصِيرًا لِفَوَاتِ مَالِيَّتِهِ (وَعَلَيْهِ إرَاقَتُهَا) أَيْ الْخَمْرِ إنْ عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ إرَاقَتُهَا لِاحْتِرَامِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ عَادَتْ خَلًّا) عِنْدَهُ (رَدَّهُ) لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ مِنْ صِفَةٍ إلَى أُخْرَى (بِالْأَرْشِ) أَيْ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ الْعَصِيرِ لِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ (وَاسْتَرَدَّ) مِنْهُ (مَا غَرِمَ) لَهُ مِنْ الْعَصِيرِ لِوُصُولِهِ إلَى عَيْنِ مَالِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَلَوْ غَصَبَ بَيْضَةً فَتَفَرَّخَتْ) عِنْدَهُ (أَوْ بَذْرًا فَزَرَعَهُ) وَنَبَتَ أَوْ بَذْرَ قَزٍّ فَصَارَ قَزًّا (أَخَذَهُ الْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ مِلْكِهِ (وَيَغْرَمُ) لَهُ الْغَاصِبُ (أَرْشَ النَّقْصِ إنْ كَانَ) لِمَا مَرَّ (وَلَوْ أَخَذَ خَمْرًا أَوْ جِلْدَ مَيِّتَةٍ فَتَخَلَّلَتْ) أَيْ الْخَمْرَةُ (وَدَبَغَهُ) أَيْ الْجِلْدَ (لَزِمَهُ رَدُّهُمَا) أَيْ الْخَلِّ وَالْجِلْدِ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُمَا فَرْعُ مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ. وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إخْرَاجُ الْخَمْرَةِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْإِمَامُ وَسَوَّى الْمُتَوَلِّي بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَوْجُهُ (إلَّا إنْ أَعْرَضَ) الْمَالِكُ (عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْخَمْرِ وَالْجِلْدِ فَلَا يَلْزَمُ الْآخِذَ رَدُّهُمَا وَلَيْسَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَسَكَتَ يَعْنِي صَاحِبَ الْمَطْلَبِ عَنْ تَعَلُّمِهَا) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بَعْدَ عَوْدِهِ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الِاسْتِرْدَادِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُضْمَنُ سِمَنٌ مُفْرِطٌ بِجَارِيَةٍ) أَيْ أَوْ عَبْدٍ أَمَّا الْمَأْكُولَةُ فَإِفْرَاطُ سِمَنِهَا زِيَادَةٌ فِي قِيمَتِهَا وَكَذَا غَيْرُهَا كَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ) قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ الضَّمَانُ ع يُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَاكَ فِي سِمَنٍ مُعْتَدِلٍ لَا يُنْقِصُ الْقِيمَةَ بَلْ يَزِيدُهُ فِيهَا، وَهَذَا فِي سِمَنٍ مُفْرِطٍ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ ش قَالَ فِي الْخَادِمِ عَلَى قِيَاسِهِ إنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ سِلْعَةٌ أَوْ يَدٌ زَائِدَةٌ وَنَحْوُهَا مِنْ سِنٍّ شَاغِيَةٍ فَسَقَطَتْ فَرَادَتْ الْقِيمَةُ أَوْ لَمْ تَنْقُصْ فَلَا ضَمَانَ وَقَوْلُهُ: قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ الضَّمَانُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ تَعَلَّمَتْ الْجَارِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ الْغِنَاءَ فَزَادَتْ قِيمَتُهَا ثُمَّ نَسِيَتْهُ] (قَوْلُهُ: وَكَالْجَارِيَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْعَبْدُ) أَيْ الْأَمْرَدُ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ الْفَسَادُ. [فَرْعٌ مَرَضُ الرَّقِيقِ الْمَغْصُوبِ وَتَمَعُّطُ شَعْرِهِ وَسُقُوطُ سِنِّهِ] (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي سُقُوطِ سِنِّ الْمَثْغُورِ فِي الْجِنَايَاتِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا، وَمَا فِي الْجِنَايَاتِ ظَاهِرٌ إذْ الْمَدَارُ هُنَا عَلَى مَا لَا يُتَقَوَّمُ. [فَصْلٌ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ عِنْدَهُ] (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إرَاقَتُهَا) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الَّذِي صَرَّحَ بِأَنَّ الْخَمْرَ تُرَاقُ هُوَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَيْ، وَمَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ إرَاقَةُ الْخَمْرِ، وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً، وَمَذْهَبُ الْمَرَاوِزَةِ أَنَّ الْمُحْتَرَمَةَ لَا تُرَاقُ (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْلُ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ جُعِلَتْ مُحْتَرَمَةً كَمَا لَوْ تَخَمَّرَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِلَا قَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ لَكَانَ جَائِزًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَإِذَا صَارَ الْعَصِيرُ خَمْرًا عِنْدَ الْغَاصِبِ وَكَانَ الْمَالِكُ قَدْ عَصَرَهُ بِقَصْدِ الْخَلِّ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ إرَاقَتُهَا بَلْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِلَا شَكٍّ قَالَ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ التَّخَمُّرَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا مُحْتَرَمَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّخَمُّرِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ الْمَالِكِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُتَّجَهُ وُجُوبُ إرَاقَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا نَقَلَاهُ؛ لِأَنَّ الْعَصِيرَ لَمَّا انْقَلَبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَزِمَهُ مِثْلُهُ وَانْتَقَلَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْعَصِيرِ الَّذِي قَدْ صَارَ خَمْرًا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْغَاصِبِ قَصْدٌ صَحِيحٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَخَمَّرَ فِي يَدِ الْمَالِكِ فِي حَالِ عَدَمِ الْقَصْدِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يُوجِبُوا رَدَّهَا مَعَ غَرَامَةِ الْمِثْلِ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ رَدُّهَا إلَى الْمَالِكِ فَلَا قَرَارَ لَهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ إرَاقَتُهَا لِزَوَالِ الْحُرْمَةِ عَنْهَا فس (قَوْلُهُ: وَسَوَّى الْمُتَوَلِّي بَيْنَهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْجُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَكَذَا غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ فِي الْأَصَحِّ. (فَرْعٌ) لَوْ هَلَكَتْ الْبَهِيمَةُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَتَسْلِيمُ الْمَيِّتَةِ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ رَدِّهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 لِلْمَالِكِ اسْتِرْدَادُهُمَا. (فَرْعٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَوْ غَصَبَ وَثِيقَةً أَوْ سِجِلًّا، وَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ قِيمَةَ الْكَاغَدِ، وَإِنْ بَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَلَوْ مَحَاهُ فَقَطْ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَنْقُصَ قِيمَةُ الْكَاغَدِ فَيَغْرَمَ نَقْصَهُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الزِّيَادَةِ، وَهِيَ عَيْنٌ، وَأَثَرٌ فَالْأَثَرُ لَا حَقَّ لِلْغَاصِبِ فِيهِ) لِتَعَدِّيهِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ (وَهُوَ كَالْقِصَارَةِ وَالْحِيَاكَةِ وَالْخِيَاطَةِ بِخَيْطٍ لِلْمَالِكِ) لَا بِخَيْطٍ لِغَيْرِهِ (وَغَزْلِ الْقُطْنِ) أَوْ نَحْوِهِ (وَضَرْبِ النُّقْرَةِ) أَيْ الْفِضَّةِ (دَرَاهِمَ) مَثَلًا وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَضَرْبِ الطِّينِ لِبِنَاءٍ وَذَبْحِ الشَّاةِ وَشَيِّهَا (وَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى إعَادَتِهِ كَمَا كَانَ إنْ أَمْكَنَ) كَإِعَادَةِ الدَّرَاهِمِ سَبَائِكَ وَاللَّبِنَ طِينًا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَالْقِصَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُ عَلَيْهَا بَلْ يَأْخُذُهُ بِحَالِهِ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ عَمَّا كَانَ قَبْلَ الزِّيَادَةِ (وَإِنْ رَضِيَ) الْمَالِكُ (بِهِ) أَيْ بِمَا يُمْكِنُ إعَادَتُهُ بِحَالِهِ (أُجْبِرَ) الْغَاصِبُ (عَلَى تَسْلِيمِهِ) لَهُ بِحَالِهِ (وَ) عَلَى غُرْمِ (أَرْشِ النَّقْصِ) إنْ كَانَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ فِي الْإِعَادَةِ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ نَسَجَ الثَّوْبَ) مِنْ الْغَزْلِ (أَوْ ضَرَبَ النُّقْرَةَ دَرَاهِمَ) مَثَلًا (كَانَ لِلْمَالِكِ أَخْذُهُ) مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ إنْ كَانَ (وَلَا يُكَلَّفُ) الْغَاصِبُ (نَقْصَ النَّسْجِ إلَّا فِي الْخَزِّ) وَنَحْوِهِ فَيُكَلَّفُ نَقْصُهُ (إنْ رَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ) فِي الْخَزِّ وَنَحْوِهِ دُونَ غَيْرِهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ إنْ رَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِ الْغَزْلِ) إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِنَقْضِهِ عَنْ قِيمَتِهِ فِي الْأَصْلِ (لَا) أَرْشُ نَقْصِ (الصَّنْعَةِ) . وَهِيَ النَّسْجُ (إلَّا إنْ نَقَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ) لَهُ (فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا) أَيْضًا لِعَدَمِ الْإِذْنِ (وَلَوْ خَشِيَ) عَلَى نَفْسِهِ مِنْ بَقَائِهَا (ضَرَرًا) مِنْ تَعْزِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ (كَمَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ السُّلْطَانِ) أَوْ عَلَى غَيْرِهِ عِيَارَهُ (فَلَهُ إبْطَالُهَا، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ) بِهِ الْمَالِكُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَ سَوَاءٌ أَرَضِيَ الْمَالِكُ بِبَقَائِهَا أَمْ سَكَتَ عَنْ الرِّضَا وَالْمَنْعِ وَلَوْ ضَرَبَ الشَّرِيكُ الطِّينَ الْمُشْتَرَكَ لَبِنًا أَوْ السَّبَائِكَ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَيَجُوزُ لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ أَنْ يَنْقُضَهُ، وَإِنْ رَضِيَ شَرِيكُهُ بِالْبَقَاءِ لِيَنْتَفِعَ بِمِلْكِهِ كَمَا كَانَ (وَأَمَّا الْعَيْنُ فَكَالصَّبْغِ) لِلثَّوْبِ (وَنُقَدِّمُ عَلَيْهِ صُورَتَيْنِ) لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِمَا (إحْدَاهُمَا أَنْ يَغْصِبَ أَرْضًا فَيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ فَيَقْلَعُ مَجَّانًا) لِتَعَدِّيهِ وَلَوْ أَرَادَ الْقَلْعَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ) لِلْأَرْضِ، وَإِنْ قَلَعَ (وَفِي) وُجُوبِ (الْأَرْشِ) مَعَهَا (وَالتَّسْوِيَةِ) عَلَيْهِ (مَا سَبَقَ فِي نَقْلِ التُّرَابِ) فَيَجِبَانِ عَلَيْهِ (وَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ التَّمَلُّكَ) لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ (بِالْقِيمَةِ أَوْ الْإِبْقَاءَ) لَهُ (بِالْأُجْرَةِ لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إجَابَتُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَلْعِ بِلَا غَرَامَةٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ (وَإِنْ غَصَبَ) مِنْ غَيْرِهِ (أَرْضَهُ وَبَذْرَهُ وَبَذَرَهَا بِهِ فَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ إخْرَاجَ الْبَذْرِ) مِنْهَا (وَأَرْشُ النَّقْصِ، وَإِنْ رَضِيَ) الْمَالِكُ (بِهِ) أَيْ بِبَقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ (لَمْ يُخْرِجْ) هـ الْغَاصِبُ مِنْهَا. (الثَّانِيَةُ لَوْ زَوَّقَ) الْغَاصِبُ (الدَّارَ الْمَغْصُوبَ بِمَا لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ) بِقَلْعِهِ (لَمْ يَجُزْ) لَهُ (قَلْعُهُ، وَإِنْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ بِبَقَائِهِ (الْمَالِكُ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ) كَالثَّوْبِ إذَا قَصَّرَهُ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَقْوَى أَنَّ لَهُ إجْبَارَهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ حَقِّهِ وَلَيْسَ أَثَرًا مَحْضًا كَالْقِصَارَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصِّلَ فِيهِ كَالْأَثَرِ بَيْنَ مَا يُمْكِنُ قَلْعُهُ، وَمَا لَا يُمْكِنُ قَلْعُهُ (فَإِنْ تَحَصَّلَ) مِنْهُ شَيْءٌ بِقَلْعِهِ (فَلَهُ قَلْعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْمَقْلُوعِ قِيمَةٌ أَمْ لَا (وَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ) عَلَى قَلْعِهِ (وَلَوْ تَرَكَهُ) الْغَاصِبُ (لِلْمَالِكِ) لِيَدْفَعَ عَنْهُ كُلْفَةَ الْقَلْعِ (فَفِي إجْبَارِهِ عَلَى قَبُولِهِ، وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الصَّبْغِ فِي الْفَرْعِ الْآتِي إذَا ثَبَتَ   [حاشية الرملي الكبير] إلَى الْمَالِكِ بَلْ يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَلَوْ غَصَبَ خَشَبًا أَوْ غَيْرَهُ فَأَحْرَقَهُ فَالرَّمَادُ لَهُ أَوْ لِلْمَالِكِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ وَبِالثَّانِي أَفْتَى الْبَغَوِيّ وَفِي مُؤْنَةِ الرَّدِّ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ غَصَبَ وَثِيقَةً أَوْ سِجِلًّا وَأَتْلَفَهُ] (قَوْلُهُ: وَأَثَرٌ) هُوَ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ لِظُهُورِهِ إلَى عَيْنٍ تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَحِلِّ أَوْ يَحْتَاجُ وَلَا تَبْقَى فِيهِ بَلْ تَزُولُ وَيَبْقَى الْأَثَرُ وَسَوَاءٌ عَمِلَهُ بِنَفْسِهِ أَمْ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى إعَادَتِهِ كَمَا كَانَ إنْ أَمْكَنَ) إلْحَاقًا لِرَدِّ الصِّفَةِ بِرَدِّ الْعَيْنِ لِتَعَدِّيهِ بِفِعْلِهِ وَشَمِلَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ غَرَضٌ فِيهِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ: أُجْبِرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَهُ بِحَالِهِ) فَلَيْسَ لَهُ إعَادَتُهُ كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي التُّرَابِ الْمَنْعُ مِنْ الْإِعَادَةِ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَغْصِبَ أَرْضًا فَيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ مَغْصُوبِينَ مِنْ آخَرَ فَلِكُلٍّ مِنْ مَالِكَيْ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إلْزَامُ الْغَاصِبِ بِالْقَلْعِ، وَإِنْ كَانَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ قَلْعُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَالَبَهُ بِالْقَلْعِ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ لَزِمَهُ قَلْعُهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِتَعَدِّيهِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَلَوْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ وَقَلَعَ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي فَتَاوِيهِ غَرِمَ الْأَرْشَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ وَفِي النَّظَرِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ احْتِرَامِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ لَا مُطْلَقًا فس، وَقَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ الْقَلْعَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ مَنْعُهُ) وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِشَرْطِ الْقَلْعِ صَحَّ أَوْ الْإِبْقَاءِ فَلَا أَوْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ أَوْ لِمَالِكِ الْأَرْضِ سَقَطَ أَرْشُ نَقْصِ الْقَلْعِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ كَانَ الْغِرَاسُ فِيهَا فَقَلَعَهُ الْغَاصِبُ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا ضَمِنَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا، وَمَقْلُوعًا أَوْ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْأَرْضِ مَغْرُوسَةً، وَمُفْرَغَةً أَوْ أَكْثَرَهُمَا وُجُودًا وَمُسْتَهْلَكًا ضَمِنَ عَلَى الْأَوَّلِ أَعْلَى قِيَمِهِ قَائِمًا، وَعَلَى الثَّانِي نَقْصَ الْأَرْضِ، وَعَلَى الثَّالِثِ الْأَكْثَرَ وَقَوْلُهُ: مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا، وَمَقْلُوعًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَصَبَ أَرْضَهُ وَبَذْرَهُ إلَخْ) أَوْ مِنْ ثَالِثٍ وَاشْتَرَاهُ مَالِكُهَا كَلَّفَهُ الْقَلْعَ وَرَجَعَ بِنَقْصِهِ دُونَ الْأَرْضِ وَلَوْ هَرَبَ وَتَشَاحَّا فِي مُؤْنَةِ الْقَلْعِ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ وَجْهَانِ (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِيهِ إلَخْ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: فَفِي إجْبَارِهِ عَلَى قَبُولِهِ وَجْهَانِ) ذَكَرَ الْقَاضِي ضَابِطًا فِيمَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ فَقَالَ الْهِبَةُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 هَذَا (عُدْنَا إلَى الصَّبْغِ فَإِذَا صَبَغَ) الْغَاصِبُ (الثَّوْبَ) الْمَغْصُوبَ (بِصَبْغِهِ، وَكَانَ) الْحَاصِلُ (تَمْوِيهًا لَا يَحْصُلُ مِنْهُ بِالِانْصِبَاغِ عَيْنُ مَالٍ فَكَالتَّزْوِيقِ) فِيمَا مَرَّ (وَإِنْ حَصَلَ) مِنْهُ ذَلِكَ (وَلَمْ يُمْكِنْ فَصْلُهُ اشْتَرَكَا) فِي الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالٍ انْضَمَّ إلَى مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِخِلَافِ نَحْوِ السِّمَنِ وَالْقِصَارَةِ وَالطَّحْنِ فَإِنَّهُ أَثَرٌ مَحْضٌ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَشَرَةً، وَصَارَ الثَّوْبُ مَصْبُوغًا يُسَاوِي عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ فَهِيَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِالصَّنْعَةِ لِلْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ ثُمَّ شَرِكَتُهُمَا فِيمَا ذَكَرَ لَيْسَتْ عَلَى الْإِشَاعَةِ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمْلِكُ مَا كَانَ لَهُ مَعَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الزَّائِدِ. (وَلَوْ حَصَلَ) فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا (نَقْصٌ أَوْ زِيَادَةٌ لِانْخِفَاضِ سِعْرِ أَحَدِهِمَا) فِي النَّقْصِ (أَوْ ارْتِفَاعِهِ) فِي الزِّيَادَةِ (عُمِلَ بِهِ) فَيَكُونُ النَّقْصُ أَوْ الزِّيَادَةُ لَاحِقًا لِمَنْ انْخَفَضَ أَوْ ارْتَفَعَ سِعْرُ مَالِهِ (أَوْ) حَصَلَ ذَلِكَ (بِسَبَبِ اجْتِمَاعِهِمَا) أَيْ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ أَيْ بِسَبَبِ الْعَمَلِ (فَالنَّقْصُ) فِي صُورَتِهِ (عَلَى الصَّبْغِ) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ هُوَ الَّذِي عَمِلَ (وَالزِّيَادَةُ) فِي صُورَتِهَا (بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ إذَا أُسْنِدَتْ إلَى الْأَثَرِ الْمَحْضِ تُحْسَبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ (وَإِنْ نَقَصَتْ بِهِ قِيمَةُ الثَّوْبِ) عَنْ قِيمَتِهِ بِلَا صَبْغٍ (غَرِمَ) مَعَ رَدِّهِ (الْأَرْشَ) لِتَقْصِيرِهِ (وَلِلْغَاصِبِ فَصْلُهُ) أَيْ الصَّبْغِ عَنْ الثَّوْبِ (إنْ أَمْكَنَ وَلَوْ نَقَصَ) بِهِ (الثَّوْبُ) وَرَضِيَ الْمَالِكُ بِإِبْقَائِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ يَجْبُرُهُ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي (وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ) لِلنَّقْصِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (بَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ الْفَصْلِ (لَوْ طَلَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ) كَمَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إبْقَائِهِ) فِي الثَّوْبِ (بَقِيَ مُشْتَرَكًا كَمَا سَبَقَ) فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ فَصْلُهُ. (فَرْعٌ: لَوْ وَهَبَ) الْغَاصِبُ (لَهُ) أَيْ لِمَالِكِ الثَّوْبِ (الصَّبْغَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ) كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ بِخِلَافِ نَعْلِ الدَّابَّةِ الْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (وَلَوْ بَذَلَ صَاحِبُ الثَّوْبِ) لِلْغَاصِبِ (قِيمَتُهُ) أَيْ الصَّبْغِ لِيَتَمَلَّكَهُ عَلَيْهِ (لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ) سَوَاءٌ أَمْكَنَ فَصْلُهُ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الْعَارِيَّةِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَلْعِ مَجَّانًا بِخِلَافِ الْمُعِيرِ؛ وَلِأَنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ عَسِرٌ بِخِلَافِ بَيْعِ الثَّوْبِ (وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الِانْفِرَادَ بِبَيْعِ مِلْكِهِ) لِثَالِثٍ (لَمْ يَجُزْ) إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَحْدَهُ كَبَيْعِ دَارٍ لَا مَمَرَّ لَهَا (نَعَمْ لَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَ الثَّوْبِ لَزِمَ الْغَاصِبَ الْبَيْعُ) لِلصَّبْغِ (مَعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضُرَّ بِالْمَالِكِ (لَا عَكْسَهُ) بِأَنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ الصَّبْغِ فَلَا يَلْزَمُ مَالِكَ الثَّوْبِ الْبَيْعُ مَعَهُ لِئَلَّا يَسْتَحِقَّ الْمُتَعَدِّي بِتَعَدِّيهِ إزَالَةَ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلَيْ الْحُكْمَيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّبْغُ لِثَالِثٍ لَمْ يَكُنْ كَالْغَاصِبِ فِيهِمَا، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي آخِرَ الْفَرْعِ (وَإِنْ كَانَ الصَّبْغُ مَغْصُوبًا مِنْ آخَرِ اشْتَرَكَا) فِيهِ، وَفِي الثَّوْبِ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَ الصَّبْغُ لِلْغَاصِبِ (فَإِنْ حَصَلَ) فِي الْمَصْبُوغِ (نَقْصٌ بِاجْتِمَاعِهِمَا) أَيْ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ أَيْ بِعَمَلِ الْغَاصِبِ (اخْتَصَّ) النَّقْصُ (بِالصَّبْغِ كَمَا سَبَقَ) فِيمَا إذَا كَانَ الصَّبْغُ لَهُ (وَغَرِمَ الْغَاصِبُ لِصَاحِبِ الصَّبْغِ) قِيمَةَ صَبْغِهِ (وَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُهُ فَلَهُمَا تَكْلِيفُ الْغَاصِبِ) الْفَصْلَ (وَكَذَا لِصَاحِبِ الثَّوْبِ) وَحْدَهُ كَمَا أَنَّ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الصَّبْغِ وَحْدَهُ أَيْضًا، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَإِذَا حَصَلَ بِالْفَصْلِ نَقْصٌ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا غَرِمَهُ الْغَاصِبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) فَصْلُهُ (بِأَنْ كَانَ) الْحَاصِلُ (تَمْوِيهًا فَكَمَا سَبَقَ فِي التَّزْوِيقِ، وَإِنْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى مَصْبَغَةِ رَجُلٍ) مَثَلًا (فَانْصَبَغَ اشْتَرَكَا) فِي الْمَصْبُوغِ مِثْلُ مَا مَرَّ (وَلَمْ يُكَلَّفْ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ، وَ) لَا (الْفَصْلَ، وَ) لَا (الْأَرْشَ) إنْ حَصَلَ نَقْصٌ إذْ لَا تَعَدِّيَ وَذِكْرُ حُكْمِ بَيْعِ الثَّوْبِ مِنْ زِيَادَتِهِ. [فَرْعٌ حَيْثُ كَانَ الصَّبْغُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ فَالزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ بِهِ لَهُ لَا لِلْغَاصِبِ] (فَرْعٌ: حَيْثُ كَانَ الصَّبْغُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ فَالزِّيَادَةُ) الْحَاصِلَةُ بِهِ (لَهُ) لَا لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهَا أَثَرٌ مَحْضٌ (وَالنَّقْصُ عَلَى الْغَاصِبِ) فَيَغْرَمُ أَرْشَهُ (وَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى فَصْلِهِ إنْ أَمْكَنَ) وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فَصْلُهُ إذَا رَضِيَ الْمَالِكُ بِالْإِبْقَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَقِيَاسُهُ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا سَكَتَ الْمَالِكُ. [فَرْعٌ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَصَبَغَهُ بِصَبْغٍ لَهُ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ] (فَرْعٌ) لَوْ (غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، وَصَبَغَهُ بِصَبْغٍ لَهُ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَبَلَغَتْ بِاجْتِمَاعِهِمَا) -   [حاشية الرملي الكبير] أَحَدُهَا أَنْ يَهَبَ لَهُ عَيْنًا مُتَمَيِّزَةً عَنْ مَالِهِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا بِلَا خِلَافٍ الثَّانِي أَنْ يَهَبَ لَهُ مَنْفَعَةً مُتَعَلِّقَةً بِمَالِهِ فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا كَأَنْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ رَقِيقًا فَسَمِنَ أَوْ تَعَلَّمَ صَنْعَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَرَضِيَتْ بِتَسْلِيمِ نِصْفِهِ لَهُ زَائِدًا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ. الثَّالِثُ أَنْ يَهَبَ لَهُ عَيْنًا مُتَّصِلَةً بِمَالِهِ مِثْلَ الصَّبْغِ فِي الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ وَالْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ فَفِي الْقَبُولِ وَجْهَانِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ مَحِلُّهُ إذَا خَلَا عَنْ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ لِلْمُتَّهِبِ، وَإِلَّا فَيَجِبُ الْقَبُولُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَرِكَتُهُمَا فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَتْ عَلَى الْإِشَاعَةِ إلَخْ) نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ، وَأَوْضَحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ إنَّهُ حَاصِلُ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ وَارْتَضَاهُ قَالَ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ لَوْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا فَازَ بِهِ صَاحِبُهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ هَلْ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ فِيهِ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ لَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ بَقِيَ كُلٌّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ لَامْتَنَعَ بَيْعُ الثَّوْبِ جُمْلَةً وَاحِدَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي الصَّبْغِ الْمَصْبُوغِ بِهِ فَادَّعَاهُ الْغَاصِبُ، وَأَنْكَرَهُ الْمَالِكُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إنْ كَانَ يُمْكِنُ فَصْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى صَبْغِ الثَّوْبِ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الصَّبَّاغُ أَجِيرًا مُنْفَرِدًا فَالْمُصَدَّقُ رَبُّ الثَّوْبِ، وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَالْمُصَدَّقُ الصَّبَّاغُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْيَدَ فِي الْأَجِيرِ الْمُنْفَرِدِ لِرَبِّ الثَّوْبِ وَفِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لِلْأَجِيرِ [فَرْعٌ وَهَبَ الْغَاصِبُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ الصَّبْغَ] (قَوْلُهُ: غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَصَبَغَهُ بِصَبْغٍ لَهُ إلَخْ) لَوْ اتَّجَرَ الْغَاصِبُ بِالْمَغْصُوبِ أَوْ بِمَالُ الْغَيْرِ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً أَوْ رَهْنًا أَوْ سَوْمًا أَوْ عَارِيَّةً بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فَإِنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ بَطَلَ وَلَا يَمْلِكُ الْعِوَضَ، وَإِذَا تَسَلَّمَ وَفَاتَ غَرِمَ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ، وَمَا حَصَلَ مِنْ الرِّبْحِ إنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِ كُلِّ عَقْدٍ رَدَّهُ، وَإِلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 بِعَمَلِهِ (ثَلَاثِينَ فَفَصَلَهُ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمَالِكِ (غَرِمَ نَقْصَ الثَّوْبِ عَنْ الْعَشَرَةِ أَوْ) فَصَلَهُ (بِلَا إذْنٍ فَعَنْ) أَيْ فَيَغْرَمُ نَقْصَ الثَّوْبِ عَنْ (الْخَمْسَةَ عَشَرَ) نِصْفِ الثَّلَاثِينَ (فَإِنْ عَادَتْ قِيمَتُهُ) مَصْبُوغًا (عَشَرَةً لِلرُّخْصِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ (عَلَى نِسْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُمَا) أَيْ الْمَالِكُ وَالْغَاصِبُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَصْبُوغِ (سَوَاءٌ) كَمَا كَانَ (وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ تَفَاوُتَ الْقِيمَةِ مَعَ رَدِّ الْعَيْنِ فَإِنْ فَصَلَهُ) بَعْدَ عَوْدِ الْقِيمَةِ إلَى عَشَرَةٍ (عُدْوَانًا فَسَاوَى الثَّوْبُ أَرْبَعَةً لَزِمَهُ خُمُسُ الثَّوْبِ مِنْ أَقْصَى قِيَمِهِ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِنْ فَصَلَهُ بِإِذْنٍ) مِنْ مَالِكِ الثَّوْبِ (فَخُمُسُ الْعَشَرَةِ) يَلْزَمُهُ. (فَصْلٌ: وَمَتَى خَلَطَ الْغَاصِبُ الزَّيْتَ أَوْ الشَّيْرَجَ) أَوْ نَحْوَهُ (بِجِنْسِهِ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ صَارَ كَالْهَالِكِ) لَا مُشْتَرَكًا سَوَاءٌ أَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَمْ بِأَجْوَدَ أَمْ بِأَرْدَأَ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ (وَمَلَكَهُ) الْغَاصِبُ (وَلَهُ إبْدَالُهُ أَوْ إعْطَاؤُهُ مِمَّا خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَجْوَدَ) مِنْهُ (لَا بِأَرْدَأَ) ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ (إلَّا بِرِضَاهُ) فَلَهُ ذَلِكَ (وَيَسْقُطُ) عَنْهُ (الْأَرْشُ) كَمَا لَوْ أَخَذَ الْأَرْدَأَ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ، وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ إلَى آخِرِهِ تَنَازَعَهُ إبْدَالُهُ، وَإِعْطَاؤُهُ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ إنْ خَلَطَ الدَّرَاهِمَ بِمِثْلِهَا بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ هَلَاكٌ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ، وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مُتَمَيِّزٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الزَّيْتِ وَنَحْوِهِ مُنْتَقَضٌ بِالْحُبُوبِ. وَلَوْ غَصَبَ وَرَقًا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ كَانَ كَالْهَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِحَالِهِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالصَّبْغِ فِيمَا مَرَّ (وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ غَصَبَ مِنْ اثْنَيْنِ) رَقِيقَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا (وَخَلَطَهُمَا) فَيَكُونُ الْمَخْلُوطُ كَالْهَالِكِ، وَيَمْلِكُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ أَوْفَقُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ. وَمِمَّا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ فِيهِ، وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِيَ يَتَخَيَّرَانِ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَالْمُطَالَبَةِ بِالْمِثْلِ (وَلَوْ اخْتَلَطَا) أَيْ الزَّيْتَانِ أَوْ نَحْوُهُمَا (بِانْثِيَالٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ بِانْصِبَابٍ (وَنَحْوِهِ) كَصَبِّ بَهِيمَةٍ (أَوْ بِرِضَاهُمَا) أَيْ مَالِكَيْهِمَا (فَمُشْتَرَكٌ) لِعَدَمِ التَّعَدِّي، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ (فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْدَأَ أُجْبِرَ صَاحِبُهُ عَلَى قَبُولِ الْمُخْتَلِطِ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ عَيْنُ حَقِّهِ وَبَعْضَهُ خَيْرٌ مِنْهُ (لَا صَاحِبُ الْأَجْوَدِ) فَلَا يُجْبَرُ (أَخْذًا وَبَذْلًا) أَيْ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ الْمُخْتَلِطِ وَالْبَذْلِ مِنْهُ (فَإِنْ أَخَذَ) مِنْهُ عَلَى قَوْلِ الشَّرِكَةِ فِي صُورَةِ الْغَصْبِ (فَلَهُ الْأَرْشُ) لِلنَّقْصِ لِتَعَدِّي الْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ إذَا خَلَطَ بِالْأَرْدَأِ فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا رَجَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوطِ لَا أَرْشَ لَهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ (وَإِلَّا بَيْعَ) الْمُخْتَلِطِ (وَقُسِّمَ الثَّمَنُ) بَيْنَهُمَا (بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ صَاعِهِ دِرْهَمَيْنِ، وَقِيمَةُ صَاعِ الْآخَرِ دِرْهَمًا قُسِّمَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا (فَإِنْ أَرَادَ قِسْمَةَ) عَيْنِ (الْمُتَفَاضِلَيْنِ فِي الْقِيمَةِ عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ لَمْ تَجُزْ لِلتَّفَاضُلِ فِي الْكَيْلِ وَنَحْوِهِ) ، وَقَوْلُهُ هُنَا فَإِنْ كَانَ إلَى آخِرِهِ، وَفِيمَا يَأْتِي فَإِنْ اتَّفَقَا إلَى آخِرِهِ إنَّمَا فَرَّعَهُ الْأَصْلُ عَلَى قَوْلِ الشَّرِكَةِ فِي صُورَةِ الْغَصْبِ فَفَرَّعَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ الِانْثِيَالِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ إلَّا فِي أَخْذِ الْأَرْشِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ (وَإِنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَزَيْتٍ بِشَيْرَجٍ وَدَقِيقِ حِنْطَةٍ بِدَقِيقِ شَعِيرٍ فَهَالِكٌ) أَيْ فَكَالْهَالِكِ لِمَا مَرَّ وَلِبُطْلَانِ فَائِدَةِ خَاصِّيَّتِهِ (يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ) قَدْ (غُصِبَ وَانْثَالَ) عَلَى الْآخَرِ (فَمُشْتَرَكٌ) لِمَا مَرَّ فِي اخْتِلَاطِ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ. (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قِسْمَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ، وَقِسْمَةِ الثَّمَنِ) بَيْنَهُمَا (جَازَ) إذْ التَّفَاضُلُ جَائِزٌ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ (وَلَتُّ السَّوِيقِ) بِالزَّيْتِ وَنَحْوِهِ (كَصَبْغِ الثَّوْبِ) فِيمَا مَرَّ (وَإِنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ كَإِخْرَاجِ الْحِنْطَةِ الْحَمْرَاءِ مِنْ السَّمْرَاءِ وَالزَّيْتِ مِنْ الْمَاءِ) أَوْ مِنْ الزَّيْتِ كَأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ رَقِيقٌ وَاخْتَلَفَا لَوْنًا وَأُزِيلُ مَا بَيْنَهُمَا بِرِفْقٍ (وَجَبَ) عَلَى الْغَاصِبِ التَّمْيِيزُ، وَإِنْ شَقَّ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا تَمْيِيزُ بَعْضِهِ وَجَبَ، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ (وَوَجَبَ) عَلَيْهِ (أَرْشُ النَّقْصِ) إنْ   [حاشية الرملي الكبير] فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ وَلَوْ أَسْلَمَ أَوْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ الْمَغْصُوبَ صَحَّ الْعَقْدُ وَفَسَدَ التَّسْلِيمُ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَمْلِكُ الْغَاصِبُ مَا أَخَذَ، وَأَرْبَاحَهُ. [فَصْلٌ خَلَطَ الْغَاصِبُ الزَّيْتَ أَوْ الشَّيْرَجَ أَوْ نَحْوَهُ بِجِنْسِهِ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ] (فَصْلٌ: وَمَتَى خَلَطَ الْغَاصِبُ الزَّيْتَ أَوْ الشَّيْرَجَ) (قَوْلُهُ: بِجِنْسِهِ) أَيْ مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ) قَالَ الْفَتَى هَذِهِ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ تُفْسِدُ التَّصْوِيرَ فَإِنَّهُ مُتَعَذِّرٌ بِلَا شَكٍّ فَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ فَحَذَفْتهَا فَلْتُحْذَفْ مِنْ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: صَارَ كَالْهَالِكِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يُعْطِيَ الْمَالِكَ بَدَلَهُ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ فس، وَقَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَّكَهُ إيَّاهُ بِعِوَضٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَلْ لِمَالِكِهِ حَقُّ الْحَبْسِ حَتَّى يَرْضَى بِذِمَّتِهِ فَكَيْفَ إذَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ (قَوْلُهُ: لَا مُشْتَرَكًا) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْلِسِ إذَا خَلَطَ الْمَبِيعَ حَيْثُ جَعَلْنَا الْبَائِعَ شَرِيكًا فِيهِ أَنَّا لَوْ لَمْ نُثْبِتْ الشَّرِكَةَ لَمْ يَصِلْ الْبَائِعُ إلَى حَقِّهِ تَامًّا بَلْ احْتَاجَ إلَى الْمُضَارَبَةِ، وَهَاهُنَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الْبَدَلَ كُلَّهُ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ مُفْلِسًا وَخَلَطَ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَوْلَى بِثُبُوتِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَمَلَكَهُ الْغَاصِبُ) أَيْ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِمِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ خَلْطَ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَدْ رَوَى الْبُوَيْطِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الزَّيْتِ وَذَلِكَ جَارٍ فِي كُلِّ مِثْلِيٍّ (قَوْلُهُ: كَانَ كَالْهَالِكِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ إلَخْ) وَقَدْ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي الِاسْتِدْلَالِ. اهـ. وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ إنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْبَرُ أَخْذًا وَبَذْلًا) ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ جَعَلَهُ كَالتَّالِفِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ انْثَالَتْ حِنْطَةٌ عَلَى حِنْطَةٍ مَبِيعَةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ تَلِفَتْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ إلَّا فِي أَخْذِ الْأَرْشِ إلَخْ) هُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا بِجَعْلِ ضَمِيرِ الْمُثَنَّى فِي قَوْلِهِ اخْتَلَطَا رَاجِعًا إلَى الْمَغْصُوبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: أَوْ بِرِضَاهُمَا إذْ رِضَاهُمَا بِاخْتِلَاطِهِمَا لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا مَغْصُوبَيْنِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ جَعْلِ قَوْلِهِ أَوْ بِرِضَاهُمَا لَا غَصْبَ مَعَهُ يَكُونُ قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَرْشُ رَاجِعًا إلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 حَصَلَ نَقْصٌ (فَإِنْ سَرَى) الْخَلْطُ (إلَى التَّلَفِ فَكَمَا سَبَقَ) فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ (وَإِنْ غَصَبَ لَوْحًا) مَثَلًا (وَبَنَى عَلَيْهِ) لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (إخْرَاجُهُ) وَرَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ (إنْ بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ، وَيَرُدُّ مَعَهُ الْأَرْشَ) لِلنَّقْصِ إنْ كَانَ (وَالْأُجْرَةَ) أَيْضًا (وَبِتَعَفُّنِهِ إنْ لَمْ تَبْقَ لَهُ قِيمَةٌ يَصِيرُ هَالِكًا) أَيْ كَالْهَالِكِ (فَلَوْ كَانَ) اللَّوْحُ (فِي سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ لَمْ يُنْزَعْ) مِنْهَا (حَتَّى يُؤْمَنَ عَلَيْهَا، وَ) عَلَى (مَا فِيهَا مِنْ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ، وَمَالٍ) مُحْتَرَمٍ (وَلَوْ لِلْغَاصِبِ) فَيُنْزَعُ مِنْهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْزَعْ مِنْهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدُومُ فِي الْبَحْرِ فَيَسْهُلُ الصَّبْرُ إلَى الشَّطِّ أَوْ نَحْوِهِ كَرَقْرَاقٍ بِخِلَافِ هَدْمِ الْبِنَاءِ لِرَدِّ اللَّوْحِ (بَلْ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ) إلَى تَيَسُّرِ النَّزْعِ، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَنَفْسِ الْحَرْبِيِّ وَمَالِهِ. (فَرْعٌ: وَإِنْ خَاطَ) شَيْئًا (بِمَغْصُوبٍ نَزَعَهُ) مِنْهُ وُجُوبًا وَرَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ (إنْ لَمْ يَبْلَ) فَإِنْ بَلِيَ فَكَالْهَالِكِ (لَا مِنْ جُرْحِ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمٍ يُخَافُ بِهِ) أَيْ بِالنَّزْعِ (هَلَاكُهُ أَوْ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ) أَيْ لَا يَجُوزُ نَزْعُهُ مِنْهُ إبْقَاءً لِحُرْمَتِهِ (إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ) فِي ذَلِكَ (الشَّيْنُ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ) بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ، وَلَوْ شَدَّ بِمَغْصُوبٍ جَبِيرَةً كَانَ كَمَا لَوْ خَاطَ بِهِ جُرْحًا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي (وَلَا يُذْبَحُ لِنَزْعِهِ مَأْكُولًا، وَلَوْ) كَانَ (لِلْغَاصِبِ) كَغَيْرِ الْمَأْكُولِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلِهِ (وَيَضْمَنُهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ (وَإِنْ خِيطَ) أَيْ خَاطَ (بِهِ) الْغَاصِبُ جُرْحًا (لِآدَمِيٍّ) بِإِذْنِهِ (فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَلَوْ جَهِلَ) الْغَصْبَ (كَمَنْ قُرِّبَ لَهُ الطَّعَامُ الْمَغْصُوبُ فَأَكَلَهُ) فَإِنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ (وَيُنْزَعُ) الْخَيْطُ (مِنْ الْمَيِّتِ وَلَوْ آدَمِيًّا) ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْزَعْ فِي الْحَيَاةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ (وَ) يُنْزَعُ (مِنْ حَيٍّ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ كَكَلْبٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَمُرْتَدٍّ، وَكَذَا الزَّانِي الْمُحْصَنُ) وَالْمُحَارِبُ (وَحَيْثُ لَا يَجُوزُ نَزْعُهُ مِنْ الْمُحْتَرَمِ يَجُوزُ غَصْبُهُ لَهُ) ابْتِدَاءً لِيُخَاطَ بِهِ جُرْحُهُ (إنْ لَمْ يُوجَدْ خَيْطٌ حَلَالٌ) وَحَيْثُ يَجُوزُ نَزْعُهُ لَا يَجُوزُ غَصْبُهُ لِيُخَاطَ بِهِ الْجُرْحُ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُحْتَرَمِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (فَرْعٌ: وَإِنْ وَقَعَ فَصِيلٌ فِي بَيْتٍ أَوْ دِينَارٍ فِي مَحْبَرَةٍ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِكَسْرٍ) لِلْمِحْبَرَةِ (أَوْ هَدْمٍ) لِلْبَيْتِ فُعِلَ ذَلِكَ (فَإِنْ كَانَ) الْوُقُوعُ (بِفِعْلِ صَاحِبِهِمَا) أَيْ الْبَيْتِ وَالْمَحْبَرَةِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَالْمُرَادُ بِتَفْرِيطِهِ (فَلَا غُرْمَ عَلَى الْمَالِكِ) لِلْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ (وَإِلَّا غَرِمَ) الْأَرْشَ؛ لِأَنَّ الْكَسْرَ أَوْ الْهَدْمَ إنَّمَا فُعِلَ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ وَشَمِلَ هَذَا مَا لَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِتَفْرِيطِهِمَا لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَغْرَمُ النِّصْفَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّفْرِيطِ كَالْمُتَصَادَمِينَ. (فَرْعٌ: وَإِنْ أَدْخَلَتْ بَهِيمَةٌ رَأْسَهَا فِي قِدْرٍ) وَلَمْ تَخْرُجْ إلَّا بِكَسْرِهَا (كُسِرَتْ لِتَخْلِيصِهَا) وَلَا تُذْبَحُ الْمَأْكُولَةُ لِذَلِكَ (وَوَجَبَ الْأَرْشُ) عَلَى مَالِكِهَا (إنْ صَحِبَهَا مَالِكُهَا) لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ حِفْظِهَا (وَإِلَّا فَإِنْ تَعَدَّى) مَالِكُ الْقِدْرِ (بِوَضْعِ الْقِدْرِ بِمَوْضِعٍ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ) قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوَّلُهُ فِيهِ حَقٌّ لِكَوْنِهِ قَدَرَ عَلَى دَفْعِ الْبَهِيمَةِ فَلَمْ يَدْفَعْهَا (فَلَا أَرْشَ) لِكَسْرِهَا عَلَى مَالِكِ الْبَهِيمَةِ (وَإِلَّا وَجَبَ) عَلَيْهِ الْأَرْشُ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى كُلٌّ مِنْهُمَا لَزِمَ مَالِكَ الْبَهِيمَةِ الْأَرْشُ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ حُكْمُهُ كَمَا قَالَ الْقَمُولِيُّ حُكْمُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ (وَإِنْ ابْتَلَعَتْ) بَهِيمَةٌ (جَوْهَرَةً لَمْ تُذْبَحْ) لِتَخْلِيصِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً (بَلْ يَغْرَمُ) مَالِكُهَا (الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَةَ الْجَوْهَرَةِ (لِلْحَيْلُولَةِ) ، وَإِنْ ابْتَلَعَتْ مَا يَفْسُدُ بِالِابْتِلَاعِ غَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْفَيْصُولَةِ هَذَا (إنْ فَرَّطَ) فِي حِفْظِهَا حَتَّى ابْتَلَعَتْ ذَلِكَ (وَإِنْ ابْتَاعَهَا بِطَعَامٍ مُعَيَّنٍ فَأَكَلَتْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بِوَجْهٍ مَضْمُونٍ عَلَى الْبَائِعِ اسْتَقَرَّ الْعَقْدُ) وَوَقَعَ ذَلِكَ قَبْضًا لِلثَّمَنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ مِنْهُ (أَوْ) بِوَجْهٍ (غَيْرِ مَضْمُونٍ) عَلَيْهِ (انْفَسَخَ) الْعَقْدُ كَنَظَائِرِهِ (أَوْ) أَكَلَتْهُ (بَعْدَ قَبْضِهِ لَقَدْ أَتْلَفَتْ مَالًا لِلْبَائِعِ) فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ. (فَرْعٌ) لَوْ غَصَبَ لُؤْلُؤَةً وَدَجَاجَةً فَابْتَلَعَتْ الدَّجَاجَةُ اللُّؤْلُؤَةَ يُقَالُ لَهُ إنْ لَمْ تَذْبَحْ الدَّجَاجَةَ غَرَّمْنَاك قِيمَةَ اللُّؤْلُؤَةِ، وَإِنْ ذَبَحَتْهَا غَرَّمْنَاك أَرْشَ الدَّجَاجَةِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِنْ غَصَبَ لَوْحًا مَثَلًا) أَيْ فَالْحَجَرُ وَالْآجُرُّ وَنَحْوُهُمَا كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ شَيْئًا كَانَ أَعَمَّ (قَوْلُهُ: وَالْأُجْرَةَ أَيْضًا) وَلَوْ كَانَتْ مَنَارَةَ مَسْجِدٍ تَطَوَّعَ بِهَا غَرِمَ نَقْصَهَا لِلْمَسْجِدِ لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: يَصِيرُ هَالِكًا) فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَقِيمَتُهُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ النَّزْعُ) بِأَنْ خَافَ مِنْ نَزْعِهَا مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إلَّا الشَّيْنَ وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ قَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي الْخَيْطِ الْمَغْصُوبِ، وَهَذَا مِثْلُهُ وَاعْتَرَضَهُ شَيْخِي وَوَالِدِي بِأَنَّ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْخَيْطِ الْمَغْصُوبِ يَرُدُّ الِاسْتِثْنَاءَ فَإِنَّهُمَا قَالَا وَفِي مَعْنَى خَوْفِ الْهَلَاكِ كُلُّ مَحْذُورٍ وَيَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ وِفَاقًا وَخِلَافًا ثُمَّ قَالَا إنَّ الْحَيَوَانَ غَيْرَ الْمَأْكُولِ لَهُ حُكْمُ الْآدَمِيِّ إلَّا أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِبَقَاءِ الشَّيْنِ. اهـ. فس [فَرْعٌ خَاطَ شَيْئًا بِمَغْصُوبٍ] (قَوْلُهُ: إبْقَاءً لِحُرْمَتِهِ) ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَيَوَانِ آكَدُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يَنْجَبِرُ بِرَدِّ بَدَلِهِ وَحَقُّ الْحَيَوَانِ لَا جَابِرَ لَهُ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا لِحِفْظِهِ (قَوْلُهُ: وَيُنْزَعُ مِنْ حَيٍّ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِكَوْنِ الْحَيَوَانِ مُحْتَرَمًا حَالَةَ إرَادَةِ النَّزْعِ لَا حَالَ الْخِيَاطَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَ فَصِيلٌ فِي بَيْتٍ إلَخْ) شَمِلَ دُخُولَهُ فِيهِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ بِأَنَّ الْهَدْمَ وَالْكَسْرَ إنَّمَا فُعِلَ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا غَرِمَ) قَالَ الْفَتَى شَمِلَ، وَإِلَّا فِعْلَ الْأَجْنَبِيِّ فَاقْتَضَى أَنَّ مَالِكَ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ يَغْرَمُ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا ذَلِكَ، وَإِنَّمَا فِيهَا فِعْلُ صَاحِبِ الدِّينَارِ وَالْفَصِيلِ فَيَغْرَمُ أَوْ وَقَعَ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْ أَحَدٍ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ أَيْضًا فَهُوَ سَاكِتٌ عَنْ فِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْرَمَ هُوَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ بِفِعْلِهِمَا بِدَلِيلِ تَشْبِيهِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ قِيَاسَ التَّفْرِيطِ بِالِاصْطِدَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُذْبَحُ مَأْكُولَةٌ لِذَلِكَ) لِاحْتِرَامِهَا وَلَوْ دَخَلَتْ أُتْرُجَّةٌ مِنْ شَجَرَةٍ إنَاءً وَكَبِرَتْ وَلَا تَخْرُجُ إلَّا بِكَسْرِ الْإِنَاءِ أَوْ بِكَسْرِ الْأُتْرُجَّةِ فَإِنْ صَبِيًّا بِكَسْرِ الْإِنَاءِ أَوْ بِكَسْرِ الْأُتْرُجَّةِ فِيهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَكَإِدْخَالِ الْبَهِيمَةِ رَأْسَهَا. [فَرْعٌ غَصَبَ لُؤْلُؤَةً وَدَجَاجَةً فَابْتَلَعَتْ الدَّجَاجَةُ اللُّؤْلُؤَةَ] (قَوْلُهُ: فَابْتَلَعَتْ الدَّجَاجَةُ اللُّؤْلُؤَةَ إلَخْ) ، وَإِنْ ابْتَلَعَهَا الْغَاصِبُ أَوْ دَابَّتُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شُرْبُ دَوَاءٍ لِإِخْرَاجِهَا وَلَمْ تُذْبَحْ الدَّابَّةُ بَلْ يَغْرَمُ بَدَلَهَا لِلْفُرْقَةِ وَلَوْ بَاعَ دَارًا وَفِيهَا حَبٌّ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِنَقْضِ الْبَابِ نُقِضَ، وَعَلَى مَالِكِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 (فَصْلٌ: وَلَوْ أَتْلَفَ) شَخْصٌ (خُفًّا) مِنْ زَوْجَيْ خُفٍّ أَوْ غَصَبَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ (فَنَقَصَ الثَّانِي، وَجَبَ أَرْشُهُ، وَقِيمَةُ التَّالِفِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا عَشَرَةً فَبَقِيَتْ قِيمَةُ الثَّانِي ثَلَاثَةً لَزِمَهُ سَبْعَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا الْفَائِتَةُ بِالْإِتْلَافِ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ (لَوْ غَصَبَهُمَا وَرَدَّ وَاحِدًا) ، وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَةٌ وَتَلِفَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَغْصُوبِ تَلِفَ وَبَعْضَهُ نَقَصَ (وَلَوْ أَتْلَفَهُمَا رَجُلَانِ مَعًا لَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (خَمْسَةٌ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَالِكِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ لَوْ غَرَّمْنَا الْمُتْلِفَ خَمْسَةً (وَإِنْ تَعَاقَبَا) فِي الْإِتْلَافِ (لَزِمَ الْأَوَّلَ سَبْعَةٌ) وَالثَّانِيَ ثَلَاثَةٌ (وَلَا يُتَمَّمُ لِسَارِقِهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (النِّصَابُ بِالْأَرْشِ) فَلَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا بِسَرِقَةٍ، وَقِيمَتُهُ مَعَ نَقْصِ الْبَاقِي نِصَابٌ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ: فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَصَرُّفِ الْغَاصِبِ فَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ بِعَيْنِ الْمَغْصُوبِ بَاطِلٌ) كُلٌّ مِنْهُمَا، وَفِي الذِّمَّةِ صَحِيحٌ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَيْعِ (فَإِنْ نَقَدَهُ عَمَّا اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ مَلَكَهُ) أَيْ مَا اشْتَرَاهُ وَلَوْ قَالَ لَمْ يُمْنَعْ مِلْكُهُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ النَّقْدِ (وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ ثَمَنِهِ) بِمَا نَقَدَهُ. (فَصْلٌ: وَإِنْ وَطِئَ) الْغَاصِبُ الْأَمَةَ (الْمَغْصُوبَةَ جَاهِلَيْنِ) بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ (لِقُرْبِ عَهْدِهِ) بِالْإِسْلَامِ (أَوْ بُعْدٍ عَنْ بَلْدَةِ الْإِسْلَامِ) ، وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ بُعْدِ بَلَدٍ عَنْ الْإِسْلَامِ (أَوْ عَالِمَيْنِ) بِالتَّحْرِيمِ (وَأَكْرَهَهَا) عَلَى الْوَطْءِ (أَوْ جَاهِلَةً) وَحْدَهَا بِالتَّحْرِيمِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْمَهْرُ) لِسَيِّدِهَا (لَا إنْ طَاوَعَتْهُ عَالِمَةً) بِالتَّحْرِيمِ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ (وَلَوْ جَهِلَ) التَّحْرِيمَ إذْ لَا مَهْرَ لِلزَّانِيَةِ لِسُقُوطِ الْحُرْمَةِ بِزِنَاهَا (فَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا) وَوَجَبَ مَهْرٌ (فَمَهْرُ ثَيِّبٍ) أَيْ فَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلِهَا ثَيِّبًا (وَأَرْشُ بَكَارَةٍ) لَا مَهْرُ مِثْلِهَا بِكْرًا لِوُجُوبِهِمَا بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَانْفِكَاكِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مَعَ نَظَائِرِهِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (وَلَا يَسْقُطُ أَرْشُهَا) أَيْ أَرْشُ بَكَارَتِهَا (بِمُطَاوَعَتِهَا) كَمَا لَا يَسْقُطُ أَرْشُ طَرَفِهَا بِإِذْنِهَا فِي قَطْعِهِ (وَيَلْزَمُ الْعَالِمَ) بِالتَّحْرِيمِ (الْحَدُّ لَا الْمُكْرَهَةَ) عَلَى الْوَطْءِ كَالْكُرْهِ عَلَيْهِ (وَوَطْءُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ) لِلْمَغْصُوبَةِ (كَوَطْئِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ فِي الْحَدِّ وَالْمَهْرِ (لَكِنَّ جَهْلَهُ) التَّحْرِيمَ بِوَاسِطَةِ جَهْلِهِ (بِغَصْبِهِ مُمْكِنٌ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَا مَرَّ مِنْ قُرْبِ عَهْدِ الْإِسْلَامِ إلَى آخِرِهِ (وَيُطَالَبَانِ) أَيْ الْغَاصِبُ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ أَيْ يُطَالِبُهُمَا الْمَالِكُ (بِالْمَهْرِ وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْءُ الْمُكْرَهِ) لَهَا (الْعَالِمِ) بِالتَّحْرِيمِ (تَكَرَّرَ الْمَهْرُ) لِتَعَدُّدِ الْإِتْلَافِ مَعَ تَعَدُّدِ الشُّبْهَةِ الَّتِي هِيَ الْإِكْرَاهُ هُنَا (لَا) إنْ تَكَرَّرَ وَطْءُ (الْجَاهِلِ) وَلَمْ يُؤَدِّ الْمَهْرَ قَبْلَ التَّكَرُّرِ فَلَا يَتَكَرَّرُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ شُبْهَةٌ وَاحِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ فَأَشْبَهَ الْوَطْءَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ مِرَارًا، وَإِنْ وَطِئَهَا مَرَّةً عَالِمًا، وَمَرَّةً جَاهِلًا، وَجَبَ مَهْرَانِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَحْبَلَهَا) الْغَاصِبُ أَوْ (الْمُشْتَرِي) مِنْهُ (عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) لِلْوَطْءِ (فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ) لِلسَّيِّدِ (غَيْرُ نَسِيبٍ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِنًا (فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا، وَمَاتَ ضَمِنَهُ) لِسَيِّدِهِ (أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَبَدَلُهُ لِسَيِّدِهِ) أَوْ بِلَا جِنَايَةٍ فَفِي وُجُوبِ ضَمَانِهِ عَلَى الْمُحْبِلِ، وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ الْوُجُوبُ لِثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْأُمِّ وَالثَّانِي الْمَنْعُ وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ حَيَاتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي حَمْلِ الْبَهِيمَةِ الْمَغْصُوبَةِ إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا فَإِنْ أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ فَهُوَ قِيمَةُ يَوْمِ الِانْفِصَالِ لَوْ كَانَ حَيًّا ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ وَبِالثَّانِي، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ فَقَالَ، وَمَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَلَا، وَكَذَا حَمْلُ الْبَهِيمَةِ وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ تَرْجِيحِ الرَّافِعِيِّ لَكِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ انْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] الْحَبِّ إصْلَاحُهُ وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا وَشَقَّهُ نِصْفَيْنِ وَتَلِفَ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ فَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ بِالشَّقِّ ضَمِنَ نِصْفَهَا، وَإِلَّا ضَمِنَ النَّقْصَ أَيْضًا. [فَصْلٌ أَتْلَفَ شَخْصٌ خُفًّا مِنْ زَوْجَيْ خُفٍّ أَوْ غَصَبَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَنَقَصَ الثَّانِي] (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتْلَفَ خُفًّا) نَبَّهَ بِالْخُفَّيْنِ عَلَى إجْرَاءِ الْحُكْمِ فِي كُلِّ فَرْدَيْنِ لَا يَصْلُحُ أَحَدُهُمَا إلَّا بِالْآخَرِ كَزَوْجَيْ النَّعْلِ، وَمِصْرَاعَيْ الْبَابِ، وَأَجْرَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي زَوْجَيْ الطَّائِرِ إذَا كَانَ يُسَاوِي مَعَ زَوْجِهِ أَكْثَرَ وَلَوْ أَتْلَفَ وَلَدَ بَهِيمَةِ غَيْرِهِ وَانْقَطَعَ لَبَنُهَا وَلَمْ تَكُنْ تَحْلُبُ إلَّا عَلَيْهِ فَأَجَابَ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى عُجَيْلٌ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَلُوبًا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا وَلَا لَبَنَ لَهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْخُفِّ. (قَوْلُهُ: بَاطِلٌ كُلٌّ مِنْهُمَا) شَمِلَ مَا لَوْ كَثُرَ تَصَرُّفُهُ، وَعَسُرَ تَتَبُّعُهُ بِالنَّقْضِ. [فَصْلٌ وَطِئَ الْغَاصِبُ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ] (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ لِسَيِّدِهَا) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ تُضْمَنُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَتُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ تَعَدِّيًا كَالْأَعْيَانِ بَلْ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا زَانِيَةٌ وَقَدْ نُهِيَ عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ، وَهِيَ الزَّانِيَةُ وَالْمَهْرُ، وَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ فَقَدْ عَهِدْنَا أَنَّهُ يَتَأَثَّرُ بِفِعْلِهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ أَرْضَعَتْ إرْضَاعًا مُفْسِدًا (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْعَالِمَ الْحَدُّ) ؛ لِأَنَّهُ زِنًا وَيُسْتَثْنَى الْأَبُ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ: وَوَطْءُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ كَوَطْئِهِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا، وَمَاتَ) أَيْ فِي يَدِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ اسْتَرْضَعَهَا الْمُشْتَرِي غَرِمَ أُجْرَةَ مِثْلِهَا، وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِهَا، وَلَا يَجِبُ مِثْلُ اللَّبَنِ، وَلَا قِيمَتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَاةً مَغْصُوبَةً فَوَلَدَتْ فَاسْتَرْضَعَهَا سَخْلَتَهُ حَيْثُ غَرِمَ اللَّبَنَ، وَإِنْ انْصَرَفَ إلَى السَّخْلَةِ، وَعَادَ نَفْعُهُ إلَى الْمَالِكِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَلَفًا فَعَلَفَهُ بَهِيمَةَ مَالِكِهِ، وَإِذَا مَاتَتْ السَّخْلَةُ فِي يَدِهِ غَرِمَ قِيمَتَهَا وَرَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ غَصَبَ فَحْلًا، وَأَنْزَاهُ عَلَى شَاةٍ فَالْوَلَدُ لِلْغَاصِبِ وَلَا شَيْءَ لِلْإِنْزَاءِ وَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ لَزِمَ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي الْمَنْعُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ إنَّ مَا ذَكَرَهُ غَلَطٌ صَرِيحٌ فَإِنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي نُقِلَ عَنْهُ إنَّمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ فِي الْعَالِمِ وَلَفْظُ الرَّافِعِيِّ هُنَاكَ. السَّادِسَةُ: لَوْ زَوَّجَ الْغَاصِبُ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ جَاهِلًا إلَى أَنْ قَالَ، وَإِنْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ مَيِّتًا إلَخْ وَقَالَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ فَالْوَلَدُ نَسِيبٌ حُرٌّ لِلشُّبْهَةِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِ الْجَارِيَةِ يَوْمَ الِانْفِصَالِ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا، وَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَالْمَشْهُورُ أَيْ وَالْمَنْصُوصُ، وَعَلَيْهِ جَرَى الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا حَيَاةً غَيْرَ مُسْتَقِرَّةٍ ثُمَّ مَاتَ هَلْ يَكُونُ كَمَنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا أَمْ لَا. اهـ. وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ فِيمَا إذَا خَرَجَ مَيِّتًا بِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ حَيَاتَهُ وُجُوبُ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 مَسْأَلَةٍ إلَى أُخْرَى. (وَإِنْ أَحَبَلَهَا الْغَاصِبُ) أَوْ الْمُشْتَرِي (جَاهِلًا) بِالتَّحْرِيمِ (فَهُوَ حُرٌّ نَسِيبٌ) لِلشُّبْهَةِ (وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ) لِمَالِك الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقَّهُ بِظَنِّهِ (يَوْمَ انْفِصَالِهِ) إنْ انْفَصَلَ (حَيًّا) ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ قَبْلَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ. (لَا) إنْ انْفَصَلَ (مَيِّتًا) ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ حَيَاتَهُ، وَأَنَّ الْمُحْبِلَ أَتْلَفَهُ (إلَّا إنْ كَانَ) انْفِصَالُهُ مَيِّتًا (بِجِنَايَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْجَانِي غُرَّةٌ) ؛ لِأَنَّ الِانْفِصَالَ عَقِبَ الْجِنَايَةِ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا، وَمَاتَ بِهَا (وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ) أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ يُقَوَّمُ لَهُ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ (بِعُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ) ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ الرَّقِيقَ بِهِ يُضْمَنُ (فَيَأْخُذُهُ الْمَالِكُ إنْ سَاوَى قِيمَةَ الْغُرَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْغُرَّةُ) أَيْ قِيمَتُهَا (أَكْثَرَ فَالزَّائِدُ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ ضَمِنَ الْغَاصِبُ) أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ (لِلْمَالِكِ عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ كَامِلًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَصَلَ مُتَقَوِّمًا كَانَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا؛ وَلِأَنَّ بَدَلَهُ إنَّمَا نَقَصَ عَنْ الْعُشْرِ بِسَبَبِ الْحُرِّيَّةِ الْحَاصِلَةِ بِظَنِّهِ (وَإِنْ مَاتَ) الْمُحْبِلُ (قَبْلَ الْجِنَايَةِ فَالْغُرَّةُ لِأَبِيهِ) إنْ كَانَ هُوَ الْوَارِثُ (وَهَلْ يَضْمَنُ) أَبُوهُ مَا كَانَ يَضْمَنُهُ هُوَ لَوْ كَانَ حَيًّا أَوْ لَا (، وَجْهَانِ) ، وَعَلَى الضَّمَانِ جَرَى الْقَاضِي وَوَجَّهَ الْإِمَامُ الْمَنْعَ بِأَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْ وَلَمْ يُفَوِّتْ وَلَا أُثْبِتَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ غَاصِبٍ وَالْأَوْجَهُ الضَّمَانُ مُتَعَلِّقًا بِتَرِكَةِ الْمُحْبِلِ. (وَدَعْوَى الْجَهْلِ مِنْهُمَا بِتَحْرِيمِ وَطْءِ الْمَغْصُوبَةِ لَا تُقْبَلُ إلَّا مِنْ قَرِيبِ عَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا دَعْوَى الْجَهْلِ) بِهِ بِوَاسِطَةِ جَهْلِهِ (بِكَوْنِهَا مَغْصُوبَةً فَتُقْبَلُ مِنْ الْمُشْتَرِي) مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يُحْبِلْ. (وَيَضْمَنُ) الْمُحْبِلُ فِي حَالَتَيْ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ (أَرْشَ) نَقْصِ (الْوِلَادَةِ فَإِنْ مَاتَتْ بِهَا وَلَوْ بَعْدَ رَدِّهَا) لِمَالِكِهَا (سَقَطَ كُلُّ أَرْشٍ) أَيْ أَرْشِ الْبَكَارَةِ، وَأَرْشِ نَقْصِ الْوِلَادَةِ لِدُخُولِهِمَا فِي الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ (وَضَمِنَ الْقِيمَةَ) كَالْمَهْرِ وَالْأُجْرَةِ. (فَرْعٌ: إذْنُ الْمَالِكِ) لِلْغَاصِبِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ (بِالْوَطْءِ هَلْ يُسْقِطُ الْمَهْرَ) فِيهِ (قَوْلَانِ أَوْ) يُسْقِطُ (قِيمَةَ الْوَلَدِ فِيهِ طَرِيقَانِ) رَجَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَدَمَ سُقُوطِ الْمَهْرِ، وَهُوَ قِيَاسُ نَظِيرِهِ فِي الرَّهْنِ، وَقِيَاسُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ سُقُوطِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَفِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالسُّقُوطِ تَسَمُّحٌ وَالْمُرَادُ هَلْ يَجِبُ ذَلِكَ أَوْ لَا. (فَصْلٌ: فِيمَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي الْجَاهِلُ) بِالْغَصْبِ (عَلَى الْغَاصِبِ) إذَا غَرَّمَهُ الْمَالِكُ (فَالْمُشْتَرِي يَضْمَنُ أَكْثَرَ الْقِيَمِ فِي يَدِهِ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ إلَى يَوْمِ التَّلَفِ كَالْغَاصِبِ (وَلَا يَرْجِعُ) عَلَيْهِ (إلَّا بِالثَّمَنِ) الَّذِي غَرَّمَهُ لَهُ (وَلَوْ نَقَصَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْقِيمَةِ الَّتِي يَغْرَمُهَا لِلْمَالِكِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ الَّتِي دَفَعَهَا لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ عَقْدُ ضَمَانٍ فَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى بَائِعِهِ بِهَا (وَيَرْجِعُ) عَلَيْهِ (إذَا غَرِمَ) لِلْمَالِكِ بَدَلَ (مَنَافِعَ، وَفَوَائِدَ لَمْ يَسْتَوْفِهَا) بِخِلَافِ مَا غَرِمَهُ لَهُ مِنْ بَدَلِ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْهَا فَلَا يَرْجِعُ بِهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ عَادَتْ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِإِتْلَافِهَا (وَيَرْجِعُ بِنَقْصِ الْوِلَادَةِ) أَيْ بِأَرْشِهِ (وَقِيمَةِ الْوَلَدِ الْمُنْعَقِدِ حُرًّا) إذَا غَرِمَهُمَا لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ لَا يَغْرَمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الْمُنْعَقِدِ حُرًّا سَبْقُ قَلَمٍ (لَا مَا ضَمِنَ) لَهُ (مِنْ أَرْشِ عَيْبٍ وَتَلَفِ عُضْوٍ) فَلَا يَرْجِعُ بِهِ كَمَا لَا يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ تَلَفِ الْكُلِّ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْجُمْلَةِ وَالْأَجْزَاءِ (وَلَوْ قَلَعَ الْمَالِكُ غِرَاسَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (وَبِنَاءَهُ رَجَعَ بِالْأَرْشِ عَلَى الْغَاصِبِ) لِشُرُوعِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَى ظَنِّ السَّلَامَةِ، وَالضَّرَرُ إنَّمَا جَاءَ بِتَغْرِيرِ الْغَاصِبِ (لَا بِنَفَقَةِ عَبْدٍ) وَنَحْوِهِ (وَخَرَاجِ أَرْضٍ) ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الشِّرَاءِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهَا (وَفِي رُجُوعِ الْمُتَّهَبِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ (بِقِيمَةِ الْوَلَدِ) الَّتِي غَرِمَهَا لِلْمَالِكِ (، وَجْهَانِ) ، وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْوَاهِبَ مُتَبَرِّعٌ وَالْبَائِعَ ضَامِنُ سَلَامَةِ الْوَلَدِ بِلَا غُرْمٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُتَّهِبَ كَالْمُشْتَرِي. (فَرْعٌ: يُطَالَبُ زَوْجُ مَغْصُوبَةٍ وَطِئَهَا جَاهِلًا) بِالْغَصْبِ (بِمَهْرِ مِثْلِهَا) أَيْ يُطَالِبُهُ بِهِ مَالِكُهَا (وَلَا يَرْجِعُ بِهِ) عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِيهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ الْمَهْرَ (وَكَذَا) لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ (بِأُجْرَتِهَا) الْفَائِتَةِ (عِنْدَهُ) إنْ اسْتَخْدَمَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ بِالتَّزْوِيجِ عَلَى الِاسْتِخْدَامِ (فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْدِمْهَا رَجَعَ) بِأُجْرَتِهَا (وَالضَّابِطُ) فِي ذَلِكَ (أَنَّ مَا غَرِمَهُ) الشَّخْصُ (وَقَدْ أُثْبِتَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ جَاهِلًا) بِالْغَصْبِ (فَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الضَّمَانُ مُتَعَلِّقًا بِتَرْكِهِ الْمُحْبِلَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِ الْوِلَادَةِ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَضْمَنُ رَاجِعٌ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ، وَهُوَ الْجَاهِلُ بِكَوْنِهَا مَغْصُوبَةً، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَكْثَرُ فَائِدَةً فَإِنَّ وُجُوبَ الْأَرْشِ عَلَى الْمُحْبِلِ شَامِلٌ لِحَالَةِ عِلْمِهِ وَجَهْلِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَتْ بِهَا وَلَوْ بَعْدَ رَدِّهَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ رَدَّهَا، وَهِيَ حُبْلَى فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ فِي الْمُطَارَحَاتِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ حَتَّى يُقَالَ مَاتَتْ بِوِلَادَةِ وَلَدِهِ وَنَقَلَ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ قَوْلَيْنِ، وَأَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الرَّاجِحُ مَعَ الْجَهْلِ وُجُوبُ الضَّمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ تَصْحِيحُهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الرَّهْنِ، وَمَعَ الْعِلْمِ فَقِيَاسُ الْمَذْكُورِ هُنَاكَ أَيْضًا عَدَمُ الْوُجُوبِ وَتَصْحِيحُ النَّوَوِيِّ هُنَا ذُهُولٌ عَمَّا سَبَقَ فَوَقَعَ فِي التَّنَاقُضِ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَلَوْ مَاتَتْ الْمَزْنِيُّ بِهَا بِالطَّلْقِ فَلَا ضَمَانَ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً. [فَرْعٌ إذْنُ الْمَالِكِ لِلْغَاصِبِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ بِالْوَطْءِ هَلْ يُسْقِطُ الْمَهْرَ] (قَوْلُهُ: رَجَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَدَمَ سُقُوطِ الْمَهْرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ تَرْجِيحُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُهُمَا. (فَرْعٌ) لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ تَقْتَضِي حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ كَمَا لَوْ ظَنَّهَا الْوَاطِئُ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فَظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ إلْحَاقُهَا بِوَطْءِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ وَقَالَ صَاحِبُ الْإِقْلِيدِ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا فَالشُّبْهَةُ عَارِضَةٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. [فَصْلٌ فِيمَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي الْجَاهِلُ بِالْغَصْبِ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا غَرَّمَهُ الْمَالِكُ] (قَوْلُهُ: وَخَرَاجِ أَرْضٍ زَرَعَهَا) أَوْ غَرَسَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُتَّهِبَ كَالْمُشْتَرِي) الْأَصَحُّ عَدَمُ رُجُوعِهِ بِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَمُنَاقِضٌ لِمَا قَدَّمَهُ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ لَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجِبَ لِلْبَائِعِ بَيْعًا فَاسِدًا عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْوَلَدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ. وَالْغَاصِبُ، وَإِنْ كَانَ غَارًّا فَالْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْغُرُورِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 دَخَلَ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ) كَالنَّفَقَةِ وَالْخَرَاجِ وَالْمَهْرِ (لَمْ يَرْجِعْ بِهِ) عَلَى الْغَاصِبِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَى أَنْ لَا يَضْمَنُهُ كَأُجْرَةِ الْمَنَافِعِ (رَجَعَ) بِهِ (إنْ لَمْ يَسْتَوْفِهِ لَا إذَا اسْتَوْفَاهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ) عَلَيْهِ (بِلَبَنٍ) أَيْ بَدَلِ لَبَنِ شَاةٍ (رَضَعَتْهُ سَخْلَةُ الْمَالِكِ) وَغَرِمَ بَدَلَهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ وَلَا عَادَ نَفْعُهُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا غَرَّمَهُ الْمَالِكُ اللَّبَنَ مَعَ أَنَّهُ انْصَرَفَ إلَى سَخْلَةِ الشَّاةِ، وَعَادَ نَفْعُهُ لِمَالِكِهَا تَشْبِيهًا بِمَا لَوْ غَصَبَ عَلَفًا، وَعَلَفَ بِهِ بَهِيمَةَ مَالِكِهِ. (فَلَوْ اسْتَرْضَعَ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ وَلَدَهُ) أَيْ أَرْضَعَ (مِنْهَا) وَلَدَهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا (أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ وَلَدِهِ (غَرِمَ لِلْمَالِكِ الْأُجْرَةَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ) كَالْمَهْرِ وَلَا يَجِبُ بَدَلُ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْآدَمِيَّاتِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ (وَيَرْجِعُ) عَلَيْهِ (مُسْتَأْجِرٌ) لِلْمَغْصُوبِ (غَرِمَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) لِلْمَالِكِ (بِالْمُسَمَّى) فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ (وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ مِنْ الْغَاصِبِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِلْمَنَافِعِ الْفَائِتَةِ تَحْتَ يَدِهِ (وَيَرْجِعُ) مِنْهَا عَلَى الْغَاصِبِ (بِمَا لَمْ يَسْتَوْفِهِ) مِنْهَا بِخِلَافِ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْهَا. [فَرْعٌ مَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُتَلَقِّي لِلْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ عَلَى الْغَاصِبِ] (فَرْعٌ: مَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُتَلَقِّي) لِلْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ (عَلَى الْغَاصِبِ لَا يَرْجِعُ بِهِ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ إنْ غَرِمَهُ) لِلْمَالِكِ كَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَأُجْرَةِ الْمَنَافِعِ الْفَائِتَةِ تَحْتَ يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْقَرَارَ عَلَيْهِ (وَيَرْجِعُ) عَلَيْهِ (بِمَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ) إنْ غَرِمَهُ لِلْمَالِكِ كَقِيمَةِ الْعَيْنِ وَالْأَجْزَاءِ وَالْمَنَافِعِ الَّتِي اسْتَوْفَاهَا. [مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْغَصْب] (مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ) لَوْ (أَسْنَدَ خَشَبَةً إلَى جِدَارِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ مَالِكِهِ (فَسَقَطَ بِإِسْنَادِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ (ضَمِنَهُ وَ) ضَمِنَ (مَا يَحْدُثُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ سُقُوطِهِ (مِنْ تَلَفٍ) لِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْنَدَهَا إلَيْهِ بِإِذْنِهِ (وَكَذَا) يَضْمَنُ (مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ) الْخَشَبَةُ الَّتِي أَسْنَدَهَا إلَى جِدَارٍ (فِي الْحَالِ) ، وَأَتْلَفَتْهُ (وَإِنْ كَانَ الْجِدَارُ مِلْكَهُ) بِخِلَافِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ لَا فِي الْحَالِ كَفَتْحِ رَأْسِ الزِّقِّ سَوَاءٌ أَكَانَ الْإِسْنَادُ إلَى جِدَارِ غَيْرِهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ أَمْ لَا (وَإِنْ غَصَبَ دَارًا، وَهَدَمَهَا) ، وَأَتْلَفَ النَّقْضَ (فَهَلْ يَضْمَنُ) مَعَ النَّقْضِ، وَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ (الْأُجْرَةَ) أَيْ أُجْرَةَ مِثْلِهَا دَارًا (إلَى) وَقْتِ (الْهَدْمِ أَوْ إلَى) وَقْتِ (الرَّدِّ، وَجْهَانِ) جَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ بِالْأَوَّلِ وَبِأَنَّهُ يَضْمَنُ بَعْدَ ذَلِكَ أُجْرَةَ مِثْلِهَا عَرْصَةً. (وَلَوْ وَلَدَتْ) الْأَمَةُ (الْمَغْصُوبَةُ رَقِيقًا رَدَّهُمَا وَضَمِنَ أَرْشَ النَّقْصِ) الْحَاصِلِ (بِالْوِلَادَةِ وَالْغَاصِبُ) لِشَابٍّ كَبِرَ عِنْدَهُ أَوْ جَارِيَةٍ نَاهِدٍ تَدَلَّى ثَدْيُهَا أَوْ أَمْرَدَ الْتَحَى أَوْ فَحْلٍ ضَرَبَ أُنْثَى (يَضْمَنُ نَقْصَ الشَّابِّ بِالْكِبَرِ وَتَدَلِّيَ) أَيْ وَنَقْصَ النُّهُودِ بِتَدَلِّي (الثَّدْيِ النَّاهِدِ، وَ) نَقْصَ الْمُرُودَةِ (بِالْتِحَاءِ الْأَمْرَدِ وَنَقْصَ الْفَحْلِ بِالضِّرَابِ وَنَحْوِهِ) أَيْ وَنَحْوِ ذَلِكَ (ثُمَّ الْوَلَدُ) الْحَاصِلُ بِضَرْبِ الْفَحْلِ (لِمَالِك الْأُمِّ) ، وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبَ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ لِلْإِنْزَاءِ بِلَا نَقْصٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ (وَإِنْ جَعَلَ) الْخَشَبَ (الْمَغْصُوبَ بَابًا) وَسَمَّرَهُ (بِمَسَامِيرَ لَهُ وَنَزَعَهَا) مِنْهُ (ضَمِنَ نَقْصَ قِيمَتِهِ فَلَوْ بَذَلَهَا) لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ (لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهِ (قَبُولُهَا، وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَتَنَجَّسَ) عِنْدَهُ (لَمْ يَجُزْ لَهُ تَطْهِيرُهُ) بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ (وَلَا يُكَلَّفُ تَطْهِيرُهُ فَإِنْ طَهَّرَهُ) فَنَقَصَ (ضَمِنَ النَّقْصَ) أَيْ أَرْشَهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ (فَعَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ) أَيْ التَّطْهِيرِ (وَأَرْشُهُ) أَيْ أَرْشُ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ (وَتَنْجِيسُ مَائِعٍ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ إهْلَاكٌ فَيَضْمَنُهُ، وَإِنْ غَصَبَ) شَخْصٌ (مِنْ الْغَاصِبِ) مَا غَصَبَهُ (فَأَبْرَأَ الْمَالِكُ) الْغَاصِبَ (الْأَوَّلَ) عَنْ ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ التَّالِفِ (صَحَّ الْإِبْرَاءُ) ؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِقِيمَتِهِ فَهُوَ كَدَيْنٍ عَلَيْهِ (أَوْ مَلَّكَهُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ بَرِئَ وَانْقَلَبَ الضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي) لِلْأَوَّلِ. (وَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ (لِغَاصِبِ الْغَاصِبِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الضَّمَانِ) لِلْمَغْصُوبِ التَّالِفِ (أَوْ وَهَبَهُ لَهُ، وَأَقْبَضَهُ) الْمَوْهُوبَ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ (وَكَذَا لَوْ أَوْدَعَهُ) عِنْدَهُ (بَرِئَ) الْغَاصِبُ (الْأَوَّلُ لَا إنْ رَهَنَهُ) عِنْدَ الثَّانِي أَوْ زَوَّجَهُ مِنْهُ أَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ فَلَا يَبْرَأُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (وَلَوْ رَدَّ) الْغَاصِبُ (الدَّابَّةَ إلَى الْإِصْطَبْلِ) أَيْ إصْطَبْلِ مَالِكِهَا (وَعَلِمَ) بِهِ (الْمَالِكُ) وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ (بَرِئَ) بِخِلَافِ مَا قَبْلَ عِلْمِهِ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَأْمُرَهُ بِالْقَبْضِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبْضِ نَصَبَ نَائِبًا عَنْهُ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاكِمٌ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ أَلْقَاهُ فِي حِجْرِهِ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ يُطَالَبُ زَوْجُ مَغْصُوبَةٍ وَطِئَهَا جَاهِلًا بِالْغَصْبِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا] قَوْلُهُ: وَإِنْ غَصَبَ دَارًا، وَهَدَمَهَا فَهَلْ يَضْمَنُ الْأُجْرَةَ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ وُجُوبِ إعَادَةِ الْجِدَارِ وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَيَجْرِي هَذَا فِي هَدْمِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِوُجُوبِهَا قَالَ وَلَا يَأْتِي فِيهِ ضَمَانُ الْأَرْشِ كَمَا قِيلَ فِي الْجِدَارِ الْمَمْلُوكِ وَالْمَوْقُوفِ وَقْفًا غَيْرَ تَحْرِيرٍ؛ لِأَنَّهُمَا مَالَانِ وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ بِمَالٍ بَلْ هُوَ كَالْحُرِّ وَلِذَلِكَ لَا تَجِبُ أُجْرَتُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ حَتَّى تُسْتَوْفَى مَنْفَعَتُهُ. اهـ. وَأَقُولُ بَلْ الْوَاجِبُ فِيهِ الْأَرْشُ أَيْضًا كَمَا مَرَّ كَالْحُرِّ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى وَقْتِ الرَّدِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى بِالنَّقْضِ جُعِلَتْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فَتَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا دَارًا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ إذَا غَصَبَ عَبْدًا، وَأَبَقَ فِي يَدِهِ وَغَرَّمْنَاهُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ فَفِي وُجُوبِ أُجْرَتِهِ وَجْهَانِ وَلَوْ عَيَّبَهُ الْغَاصِبُ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْحَيْلُولَةِ لَزِمَهُ مَعَ ذَلِكَ الْأُجْرَةُ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا عَيَّبَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَهُوَ بَاقٍ فِي يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ الضَّمَانُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْآبِقِ فِي وَجْهٍ (قَوْلُهُ: جَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ بِالْأَوَّلِ وَبِأَنَّهُ يَضْمَنُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَلَّكَهُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ) أَيْ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى انْتِزَاعِهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبْضِ نَصَبَ نَائِبًا عَنْهُ) فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَأَخَذَهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ فَهَلْ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَجْهَانِ أَقْيَسُهُمَا الْبَرَاءَةُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ بِرَدِّهِ إلَى مَالِكِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ وَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ فِي التَّدْرِيبِ يَتَخَلَّصُ الْغَاصِبُ مِنْ عُهْدَةِ مَا غَصَبَهُ بِالرَّدِّ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ فَيَرُدُّ الْمَغْصُوبَ إلَى مَنْ لَهُ تَسْلِيمُهُ شَرْعًا يَتَخَلَّصُ حَتَّى الْقَاضِي مَعَ رُشْدِ الْمَالِكِ. اهـ. فَشَمِلَ رَدَّهُ إلَى الْمُسْتَعِيرِ أَوْ إلَى أَمِينٍ غَيْرِ مُلْتَقِطٍ غَصَبَ مِنْهُ كَعَبْدِ الْمَالِكِ فِيمَا أَخَذَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ اخْتَصَّ بِهِ كَثِيَابِهِ وَآلَةِ حِرْفَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ فَوَضَعَ بَدَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ غَيْرُ مِلْكِهِ بِخِلَافِ بَدَلِهِ. (وَإِنْ شَغَلَ) شَخْصٌ (بِمَتَاعِهِ بُقْعَةً مِنْ الْمَسْجِدِ لَزِمَهُ أُجْرَتُهَا) إنْ لَمْ يُغْلِقْهُ (فَإِنْ أَغْلَقَهُ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْكُلِّ) كَمَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ أَجْزَائِهِ بِالْإِتْلَافِ، (وَعَلَى الْمُشْتَرِي) مِنْ الْغَاصِبِ (ضَمَانُ مَا وَلَدَتْهُ) الْعَيْنُ (الْمَغْصُوبَةُ حَيًّا، وَ) ضَمَانُ (ثِمَارِ الشَّجَرَةِ) تَبَعًا لِأَصْلَيْهِمَا (فَإِنْ أَكَلَهَا) أَيْ الثِّمَارَ يَعْنِي أَتْلَفَهَا (لَمْ يَرْجِعْ) بِبَدَلِهَا (وَإِنْ تَلِفَتْ رَجَعَ) بِهِ. (كِتَابُ الشُّفْعَةِ) بِإِسْكَانِ الْفَاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَهِيَ لُغَةً الضَّمُّ عَلَى الْأَشْهَرِ مِنْ شَفَعْت الشَّيْءَ ضَمَمْته فَهِيَ ضَمُّ نَصِيبٍ إلَى نَصِيبٍ وَمِنْهُ شَفْعُ الْأَذَانِ، وَشَرْعًا حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يَثْبُتُ لَلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الْحَادِثِ فِيمَا مَلَكَ بِعِوَضٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فِي أَرْضٍ، أَوْ رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «قُضِيَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكٍ لَمْ يُقْسَمْ رَبْعَةٍ، أَوْ حَائِطٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِنْ بَاعَهُ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» وَالْمَعْنَى فِيهِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِحْدَاثِ الْمَرَافِقِ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَيْهِ وَالرَّابِعَةُ تَأْنِيثُ الرَّبْعِ وَهُوَ الْمَنْزِلُ وَالْحَائِطُ وَالْبُسْتَانُ وَمَفْهُومُ الْخَبَرِ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْذَنَ شَرِيكَهُ فِي الْبَيْعِ فَأَذِنَ لَهُ لَا شُفْعَةَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَمْ يَصِرْ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا تَمَسُّكًا بِبَقِيَّةِ الْأَخْبَارِ قَالَ وَالْخَبَرُ يَقْتَضِي إيجَابَ اسْتِئْذَانِ الشَّرِيكِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهَذَا الْخَبَرُ لَا مَحِيدَ عَنْهُ وَقَدْ صَحَّ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَاضْرِبُوا بِمَذْهَبِي عَرْضَ الْحَائِطِ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ عَدَمِ الْحِلِّ فِي الْخَبَرِ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى وَالْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ. (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ: الْأَوَّلُ فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ) الشُّفْعَةُ (وَلَهُ) الْأَوْلَى وَلَهَا (ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ) وَالصِّيغَةُ إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِلْمِلْكِ كَمَا سَيَأْتِي (الْأَوَّلُ الْمَأْخُوذُ فَلَا تَثْبُتُ إلَّا فِي أَرْضٍ وَتَوَابِعِهَا الْمُثَبَّتَةِ) فِيهَا (لِلدَّوَامِ كَالْبِنَاءِ وَتَوَابِعِهِ الدَّاخِلَةِ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ مِنْ الْأَبْوَابِ وَالرُّفُوفِ) وَالْمَسَامِيرِ وَالْمَفَاتِيحِ وَنَحْوِهَا (وَحَجَرَيْ الطَّاحُونَةِ وَالْأَشْجَارِ) فَلَا تَثْبُتُ فِي مَنْقُولٍ غَيْرِ تَابِعٍ لِمَا ذُكِرَ، وَإِنْ بِيعَ مَعَهُ كَأَنْ بَاعَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ دُونَ الْأَرْضِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَدُومُ فَلَا يَدُومُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ (وَيَأْخُذُهَا) أَيْ الشَّفِيعُ الْأَشْجَارَ كَمَا مَرَّ (بِثَمَرٍ حَادِثَةٍ) بَعْدَ الْبَيْعِ (لَمْ تُؤَبَّرْ) عِنْدَ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَبِعَتْ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ فَتَتْبَعُهُ فِي الْأَخْذِ كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ (لَا إنْ أُبِّرَتْ) عِنْدَهُ فَلَا يَأْخُذُهَا لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ (وَيَأْخُذُ) الثَّمَرَةَ (الدَّاخِلَةَ فِي الْعَقْدِ بِالشَّرْعِ) .   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَغَلَ بِمَتَاعِهِ بُقْعَةً مِنْ الْمَسْجِدِ لَزِمَهُ أُجْرَتُهَا إلَخْ) ، وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ وَالنَّوَوِيُّ بِأَنَّهَا تُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ كَذَا قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ وَصَحَّحَهُ أَبِي وَغَلِطَ ابْنُ رَزِينٍ فِي فَتْوَاهُ بِصَرْفِهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَنْفَعَةُ الْمَسَاجِدِ وَالشَّوَارِعِ، وَعَرَفَةَ وَالْمَقَابِرِ الْمَوْقُوفَةِ تُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ دُونَ الْفَوَاتِ. [كِتَابُ الشُّفْعَةِ وَفِيهِ ثَلَاثَة أَبْوَاب] [الْبَاب الْأَوَّل مَا تَثْبُت بِهِ الشُّفْعَة] (كِتَابُ الشُّفْعَةِ) إنَّمَا جَعَلَ الْمُصَنِّفُ الشُّفْعَةَ تِلْوَ بَابِ الْغَصْبِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْأَخْذِ قَهْرًا فَالْغَصْبُ مَأْخُوذٌ بِالْقَهْرِ عُدْوَانًا وَالشُّفْعَةُ مَأْخُوذَةٌ بِالْقَهْرِ مُبَاحًا. (قَوْلُهُ: وَحُكِيَ ضَمُّهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَلِطَ مَنْ ضَمَّ الْفَاءَ. (قَوْلُهُ: مِنْ شَفَعْت الشَّيْءَ ضَمَمْته) وَقِيلَ: مِنْ الزِّيَادَةِ وَقِيلَ: مِنْ التَّقْوِيَةِ وَالْإِعَانَةِ لِأَنَّهُ يَتَقَوَّى بِمَا يَأْخُذُهُ وَقِيلَ: مِنْ الشَّفَاعَةِ وَذُكِرَتْ عَقِبَ الْغَصْبِ لِأَنَّهَا تُؤْخَذُ قَهْرًا فَكَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ تَحْرِيمِ أَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا. (قَوْلُهُ: فِيمَا مَلَكَ بِعِوَضٍ) أَيْ بِالْعِوَضِ الَّذِي تَمَلَّكَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ إلَخْ) لَا سُوءُ الْمُشَارَكَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَظْفَرْ فِيهِ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا) صَرَّحَ بِهِ الْفَارِقِيُّ قَالَ: لَكِنَّ هَذَا التَّحْرِيمَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَوْ فَسَدَ لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَحَجَرَيْ الطَّاحُونَةِ) وَالْأَشْجَارِ وَأُصُولِ زَرْعٍ يُجَزُّ مِرَارًا وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّجَرِ كَوْنُهُ حَيًّا وَيُقْصَدُ بِهِ الدَّوَامُ فَلَوْ كَانَ شَتْلًا يُقْصَدُ نَقْلُهُ لَمْ تَثْبُتْ فِيهِ. (قَوْلُهُ: غَيْرِ تَابِعٍ) خَرَجَ بِهِ الْمِفْتَاحُ فَإِنَّهَا تَثْبُتُ فِيهِ تَبَعًا. (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُهَا بِثَمَرَةٍ حَادِثَةٍ لَمْ تُؤَبَّرْ) الْمُرَجَّحُ هُنَا، وَفِي التَّفْلِيسِ تَنْزِيلُ الْحَادِثِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ مَنْزِلَةَ الْمُتَّصِلِ وَنَزَّلُوهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مَنْزِلَةَ الْمُنْفَصِلِ فَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَارِقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ وَيُنْسَبُ الْبَائِعُ فِيهِ إلَى تَقْصِيرٍ، أَوْ تَدْلِيسٍ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَادِثَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا فِي صُورَةِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّ الْآخِذَ وَهُوَ الشَّفِيعُ لَا يُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ بَلْ الْمُقَصِّرُ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى ابْتِيَاعِ شِقْصٍ مُسْتَحَقٍّ بِالشُّفْعَةِ، فَيَكُونُ مَا حَدَثَ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي الْمُفْلِسُ حَالُهُ حَالُ الْمُقَصِّرِينَ فَاسْتَحَقَّ بَائِعُهُ الرُّجُوعَ فِي الْأَشْجَارِ وَالثِّمَارِ الْحَادِثَةِ إذَا كَانَتْ عِنْدَ الْأَخْذِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ الْأَخْذُ لَهَا حَتَّى أُبِّرَتْ) بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: يَأْخُذُهَا، وَإِنْ قُطِعَتْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَرْضَ هُنَا تَابِعَةٌ وَالْمَتْبُوعَ مَنْقُولٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجِدَارُ عَرِيضًا فِي أَرْضٍ مَرْغُوبٍ فِيهَا وَبِنَاؤُهُ نَزْرٌ يَسِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي هُنَا ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ قَالَ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى الْغَالِبِ. اهـ. وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِيهِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ صَرَّحَ بِدُخُولِ الْأَسَاسِ وَالْمُغْرَسِ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَا مَرْئِيَّيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَرَهُمَا وَصَرَّحَ بِدُخُولِهِمَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ قَالَ فَإِنْ قُلْت: كَلَامُهُمْ فِي الْبَيْعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَالَ: بِعْتُك الْجِدَارَ وَأَسَاسَهُ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَرَ الْأَسَاسَ قُلْت: الْمُرَادُ بِذِكْرِ الْأَسَاسِ الَّذِي هُوَ بَعْضُ الْجِدَارِ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ أَمَّا الْأَسَاسُ الَّذِي هُوَ مَكَانُ الْبِنَاءِ فَهُوَ عَيْنٌ مُنْفَصِلَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 أَيْ بِغَيْرِ شَرْطٍ (وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ الْأَخْذُ) لَهَا (حَتَّى أُبِّرَتْ) لِدُخُولِهَا فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ وَلِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا، وَزِيَادَتَهَا بِالتَّأْبِيرِ كَالزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ فِي الشَّجَرَةِ. (وَلَا يَأْخُذُ الدَّاخِلَةَ بِالشَّرْطِ) لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ (فَتَخْرُجُ الثَّمَرَةُ الْمُؤَبَّرَةُ الْمَشْرُوطَةُ) أَيْ الْمَشْرُوطُ دُخُولُهَا فِي الْبَيْعِ عَنْ الْأَرْضِ وَالنَّخِيلِ اللَّتَيْنِ يَأْخُذُهُمَا بِالشُّفْعَةِ (بِحِصَّتِهَا) مِنْ الثَّمَنِ (كَالزَّرْعِ) الْمَشْرُوطِ دُخُولُهُ فِي الْبَيْعِ (وَالْجِزَّةِ الْأُولَى مِمَّا يَتَكَرَّرُ) أَيْ الْجِزَّةِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي لَا تَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ (وَيَبْقَى) كُلُّ مَا لَا يَأْخُذُ مِنْ ثَمَرَةٍ وَزَرْعٍ وَجِزَّةٍ (إلَى) أَوَانِ (الْجِذَاذِ فَإِنْ بَاعَ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ دُونَ الْأَرْضِ) الْمُتَخَلِّلَةِ (وَلَوْ بِلْآسِ) لِلْبِنَاءِ (وَالْمُغْرَسِ) لِلشَّجَرِ (فَلَا شُفْعَةَ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ وَالْآسِ وَالْمُغْرَسِ لِأَنَّ الْأَرْضَ هُنَا تَابِعَةٌ وَالْمَتْبُوعُ مَنْقُولٌ. (وَلَا) شُفْعَةَ (فِي عُلُوٍّ بِلَا سُفْلٍ) ثَابِتٍ كَأَنْ بَاعَ شِقْصًا مِنْ غُرْفَةٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى سَقْفٍ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، أَوْ لِغَيْرِهِمَا؛ إذْ لَا قَرَارَ لَهُ (وَلَوْ كَانَ السُّفْلُ مُشْتَرَكًا) بَيْنَهُمَا (وَالْعُلُوُّ لِأَحَدِهِمَا فَبَاعَهُ) أَيْ الْعُلُوَّ (وَ) بَاعَ (نَصِيبَهُ مِنْ السُّفْلِ فَالشُّفْعَةُ) ثَابِتَةٌ (فِي نَصِيبِهِ) مِنْ السُّفْلِ (لَا فِي الْعُلُوِّ) لِانْتِفَاءِ الشَّرِكَةِ فِيهِ (وَلَا حَقَّ لِلشَّفِيعِ فِيهِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي أَرْضٍ فِيهَا شَجَرٌ لِأَحَدِهِمَا فَبَاعَهُ مَعَ نَصِيبِهِ مِنْهَا فَالشُّفْعَةُ) ثَابِتَةٌ (فِي الْأَرْضِ بِحِصَّتِهَا) مِنْ الثَّمَنِ (لَا فِي الشَّجَرِ) لِذَلِكَ. (فَصْلٌ وَلَا تَثْبُتُ) الشُّفْعَةُ (فِيمَا لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ فِيهِ عَلَى الْقِسْمَةِ) إذَا طَلَبَهَا شَرِيكُهُ (وَهُوَ مَا لَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ الْمُعْتَادَةُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ بَقِيَ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْمُعْتَادَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِلتَّفَاوُتِ الْعَظِيمِ بَيْنَ أَجْنَاسِ الْمَنَافِعِ (كَحَمَّامٍ لَا يَنْقَسِمُ حَمَّامَيْنِ) لِمَا مَرَّ أَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِحْدَاثِ الْمَرَافِقِ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَى الشَّفِيعِ كَمِصْعَدٍ وَمَنُورٍ وَبَالُوعَةٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا الضَّرَرُ، وَإِنْ كَانَ وَاقِعًا قَبْلَ الْبَيْعِ لَوْ اقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ لَكِنْ كَانَ مِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِي الْبَيْعِ تَخْلِيصُ شَرِيكِهِ بِبَيْعِهِ مِنْهُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ سَلَّطَهُ الشَّرْعُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ لَا فِيمَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ فِيهِ عَلَى الْقِسْمَةِ إذَا طَلَبَهَا شَرِيكُهُ (وَتَثْبُتُ لِمَالِكِ عُشْرِ الدَّارِ الصَّغِيرَةِ إنْ بَاعَ مَالِكُ تِسْعَةِ الْأَعْشَارِ) نَصِيبَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَبَ مِنْ مَالِكِ الْعُشْرِ الْقِسْمَةَ أُجْبِرَ عَلَيْهَا (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ بَاعَ مَالِكُ الْعُشْرِ نَصِيبَهُ فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْآخَرِ لِأَمْنِهِ مِنْ الْقِسْمَةِ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا فَلَا يُجَابُ طَالِبُهَا. (وَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ أَرْضٍ تَنْقَسِمُ وَفِيهَا بِئْرٌ لَا تَنْقَسِمُ) وَ (سَقَى مِنْهَا ثَبَتَتْ) أَيْ الشُّفْعَةُ (فِي الْأَرْضِ دُونَهَا) أَيْ الْبِئْرِ بِخِلَافِ الشَّجَرِ الثَّابِتِ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي مَحَلِّ الشُّفْعَةِ، وَالْبِئْرُ مُبَايِنَةٌ عَنْهُ. (الرُّكْنُ الثَّانِي الْآخِذُ) بِالشُّفْعَةِ (فَتَثْبُتُ لَلشَّرِيكِ فِي رَقَبَةِ الْعَقَارِ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (لَا لِلْجَارِ) وَلَوْ مُلَاصِقًا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ السَّابِقِ وَلَا لَلشَّرِيكِ فِي غَيْرِ رَقَبَةِ الْعَقَارِ كَالشَّرِيكِ فِي الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ كَأَنْ مَلَكَهَا بِوَصِيَّةٍ (وَ) لَكِنْ (لَوْ قَضَى) لِلْجَارِ (بِهَا حَنَفِيٌّ لَمْ يُنْقَضْ) حُكْمُهُ (وَلَوْ) كَانَ الْقَضَاءُ بِهَا (لِشَافِعِيٍّ) كَنَظَائِرِهِ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ. (وَتَثْبُتُ) الشُّفْعَةُ (لِذِمِّيٍّ عَلَى مُسْلِمٍ وَمُكَاتَبٍ عَلَى سَيِّدٍ) كَعَكْسِهِمَا. [فَرْعٌ بَاعَ نَصِيبًا يَنْقَسِمُ مِنْ مَمَرٍّ لَا يَنْفُذُ فَلِأَهْلِهِ الشُّفْعَةُ] (فَرْعٌ: لَوْ بَاعَ نَصِيبًا يَنْقَسِمُ مِنْ مَمَرٍّ لَا يَنْفُذُ فَلِأَهْلِهِ الشُّفْعَةُ) لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُنْقَسِمِ وَبِخِلَافِ النَّافِذِ فِي الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ غَالِبًا وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ " يَنْقَسِمُ " عَنْ " مَمَرٍّ " وَتَعْبِيرُهُ بِ " نَصِيبًا " أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِنَصِيبِهِ الْمُحْتَاجِ إلَى قَوْلِ الْمُهِمَّاتِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَتَّصِلَ دَارُ الْبَائِعِ بِمِلْكٍ لَهُ، أَوْ شَارِعٍ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَنْ بَاعَ دَارًا، أَوْ اسْتَثْنَى مِنْهَا بَيْتًا وَالْأَصَحُّ فِيهَا الْبُطْلَانُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِالْبَاقِي وَلِنُقْصَانِ الْمِلْكِ. (وَلَوْ بَاعَ دَارًا) لَهُ (مَمَرُّهَا الْمُشْتَرَكُ يَنْقَسِمُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُمْ) أَيْ لِلشُّرَكَاءِ (فِي الدَّارِ) لِانْتِفَاءِ الشَّرِكَةِ فِيهَا (وَكَذَا) لَا شُفْعَةَ لَهُمْ (فِي الْمَمَرِّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ) آخَرَ، أَوْ فَتْحُ بَابٍ لِلدَّارِ إلَى شَارِعٍ، أَوْ مِلْكٍ لَهُ آخَرَ أَوْ نَحْوِهِمَا لِمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ الْمُشْتَرِي وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ فَلَهُمْ الشُّفْعَةُ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ.   [حاشية الرملي الكبير] لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِذَا صَرَّحَ بِهِ اُشْتُرِطَ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَلَا شُفْعَةَ فِي عُلُوٍّ بِلَا سُفْلٍ) قَالَ فِي الْخَادِمِ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الشَّرْطَ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ مُطْلَقُ الشَّرِكَةِ فِي الْأَرْضِ وَالتَّابِعِ حَتَّى لَوْ كَانَا مُشْتَرَكَيْنِ فِي الْعُلُوِّ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَانِ وَشَرِكَتُهُمَا فِي السُّفْلِ مِنْ بِنَاءٍ وَأَرْضٍ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ لِكُلِّ شَرِيكٍ فِي بَيْعِ صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَقِلَّ بِالْكُلِّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا قَرَارَ لَهُ) وَمَا لَا ثَبَاتَ لَهُ فِي نَفْسِهِ لَا يُفِيدُ ثَبَاتًا لِمَا هُوَ عَلَيْهِ. [فَصْلٌ لَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ فِيهِ عَلَى الْقِسْمَةِ إذَا طَلَبَهَا شَرِيكُهُ] (قَوْلُهُ: لِلتَّفَاوُتِ الْعَظِيمِ بَيْنَ أَجْنَاسِ الْمَنَافِعِ) عَلَّلَهُ الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّا لَوْ أَثْبَتْنَاهَا فِيهِ لَمَا رَغِبَ أَحَدٌ فِي شِرَائِهِ خَوْفًا مِنْ الشَّفِيعِ وَلَا تُمْكِنُ مُقَاسَمَةُ الْمِلْكِ فِيهِ فَيُؤَدِّيَ إلَى ضَرَرِ الْبَائِعِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ إلَّا فِيمَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ فِيهِ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَيْهِ قِسْمَةُ الرَّدِّ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّ الْمَقْسُومَ فِيهَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رَدٌّ. (قَوْلُهُ: دُونَهَا) أَيْ الْبِئْرِ قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ ضَمَّ مَعَ الْمَشْفُوعِ غَيْرَهُ فَتَثْبُتُ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ السَّابِقِ) وَالْأَحَادِيثُ فِي الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الشَّرِيكِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ بِهَا لِشَافِعِيٍّ فَيَحِلُّ لَهُ بَاطِنًا) حَتَّى لَوْ نَكَحَ شَافِعِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَحَكَمَ بِهِ حَنَفِيٌّ حَلَّ بَاطِنًا. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ إفْرَادَ الْمَمَرِّ بِالْبَيْعِ يُنْقِصُ الدَّارَ فَيَكُونُ بَيْعُهُ كَبَيْعِ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ يَنْقُصُ بِالْفَصْلِ، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ: أَنَّ بَيْعَ الْجَرِيمِ وَحْدَهُ لَا يَصِحُّ، وَالْمَمَرُّ مِنْ الْجَرِيمِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ هُنَاكَ، وَحَلُّ الْإِشْكَالِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الدَّارَ مُتَّصِلَةٌ بِالشَّارِعِ، أَوْ بِمِلْكِ الْبَائِعِ وَإِذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مَنْ لَهُ دَارٌ لَا مَمَرَّ لَهَا نَصِيبَ أَحَدِ شَرِيكَيْنِ فِي مَمَرٍّ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْمُشْتَرِيَ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِكَوْنِ الْمَمَرِّ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ الدَّارِ قَبْلَ الْبَيْعِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا (وَلِصَحْنِ بُيُوتِ الْخَانِ وَمَجْرَى النَّهْرِ) وَبِئْرِ الْمَزْرَعَةِ (حُكْمُ الْمَمَرِّ) أَيْ الشَّرِكَةُ فِي صَحْنِ الْخَانِ دُونَ بُيُوتِهِ، وَفِي مَجْرَى الْمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ، وَفِي بِئْرِ الْمَزْرَعَةِ دُونَ الْمَزْرَعَةِ كَالشَّرِكَةِ فِي الْمَمَرِّ فِيمَا مَرَّ. (فَرْعٌ) لَوْ (تَرَافَعَ) إلَيْنَا (ذِمِّيَّانِ بَعْدَ أَخْذِ الشُّفْعَةِ - وَالثَّمَنُ خَمْرٌ، أَوْ خِنْزِيرٌ - لَمْ نَنْقُضْهَا، أَوْ قَبْلَهُ لَمْ نُثْبِتْهَا) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُسَلَّمًا لَا نُثْبِتُهَا مُطْلَقًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَصْدَقَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً مُسَلَّمًا، ثُمَّ تَرَافَعَا إلَيْنَا. (وَلَوْ ارْتَدَّ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ لَمْ تَبْطُلْ) لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ (وَوُقِفَتْ) شُفْعَتُهُ (فَإِنْ) عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ الْإِمَامِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِنْ (مَاتَ) قَبْلَ عَوْدِهِ إلَيْهِ (شَفَعَ الْإِمَامُ) أَيْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ (وَيَرُدُّ بِعَيْبٍ) أَوْ نَحْوِهِ (إنْ كَانَ) فَلَوْ اشْتَرَى مُسْلِمٌ شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ مَعِيبًا، أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْإِمَامِ رَدُّهُ وَهَذَا جَعَلَهُ الْأَصْلُ نَظِيرًا لِمَا قَبْلَهُ فَقَالَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا إلَى آخِرِهِ (وَإِنْ ارْتَدَّ الْمُشْتَرِي فَالشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ) . (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ (لِلْمَسْجِدِ شِقْصٌ) مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ (مَمْلُوكٌ لَهُ بِشِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ لِيُصْرَفَ فِي عِمَارَتِهِ، ثُمَّ بَاعَ شَرِيكُهُ) نَصِيبَهُ (فَلِلْمُقِيمِ أَنْ يَشْفَعَ) أَيْ يَأْخُذَهُ بِالشُّفْعَةِ (إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً) كَمَا لَوْ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ شَرِيكٌ فِي أَرْضٍ فَبَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ فَلِلْإِمَامِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً. (وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ) مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ (مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ) إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ وَلَا لِشَرِيكِهِ إذَا بَاعَ شَرِيكٌ آخَرُ نَصِيبَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ وَلِانْتِفَاءِ مِلْكِ الْأَوَّلِ عَنْ الرَّقَبَةِ نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهِ عَنْهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِ الثَّانِي. (فَرْعٌ لِمَأْذُونٍ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ (لَمْ يَمْنَعْهُ السَّيِّدُ) مِنْ أَخْذِ الشُّفْعَةِ وَلَمْ يُسْقِطْ حَقَّهُ مِنْهَا (أَخْذُ الشُّفْعَةِ) فِيمَا إذَا مَلَكَ شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ، ثُمَّ بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ (وَكَذَا لِسَيِّدِهِ) أَخْذُ الشُّفْعَةِ فِي ذَلِكَ (وَلَهُ) أَيْ لِسَيِّدِهِ (مَنْعُهُ) مِنْ الْأَخْذِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَهُ الْإِسْقَاطُ (وَإِنْ أَحَاطَتْ بِهِ الدُّيُونُ وَ) كَانَ (فِيهِ) أَيْ الْأَخْذِ (غِبْطَةٌ) كَمَا لَهُ مَنْعُهُ مِنْ سَائِرِ الِاعْتِيَاضَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ طَارِئًا) عَلَى مِلْكِ الْآخِذِ (لَازِمًا بِعِوَضٍ فَلَا شُفْعَةَ) لِأَحَدِ مُشْتَرِيَيْنِ عَلَى الْآخَرِ (إنْ اشْتَرَيَا) عَقَارًا، أَوْ شِقْصًا مِنْهُ (مَعًا) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وَقْتِ حُصُولِ الْمِلْكِ (وَلَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) فِي الْبَيْعِ (إلَّا إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ) الشَّفِيعُ فِي الْحَالِ (لِأَنَّ الْمِلْكَ) فِيهِ (لَهُ) حِينَئِذٍ وَالشَّفِيعُ مُتَسَلِّطٌ عَلَيْهِ بَعْدَ اللُّزُومِ فَقَبْلَهُ أَوْلَى بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الصَّادِقِ بِكَوْنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَلِلْبَائِعِ فَقَطْ فَلَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْبَائِعِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ " شُرِطَ " بَ كَانَ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ خِيَارَ الْمَجْلِسِ أَيْضًا وَيُتَصَوَّرَ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِهِ بِإِسْقَاطِ الْآخَرِ خِيَارَ نَفْسِهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لَازِمًا لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي مُدَّةِ خِيَارِ.   [حاشية الرملي الكبير] بَاعَ دَارًا لَهَا مَمَرَّاتٌ فِي دَرْبَيْنِ غَيْرِ نَافِذَيْنِ وَلَمْ يُمْكِنْ إحْدَاثُ ثَالِثٍ فَلَا يُمْكِنُ الشُّفْعَةُ فِيهِمَا وَتَرْكُ الدَّارِ بِغَيْرِ مَمَرٍّ وَهَلْ يُقْرَعُ، أَوْ يُقَدَّمُ السَّابِقُ إلَى الطَّلَبِ، أَوْ لَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ اُعْتُرِضَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا هُنَا مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْمَمَرِّ وَحْدَهُ مُنَزَّلٌ عَلَى صُوَرٍ: إحْدَاهَا صُورَةُ الْمُهِمَّاتِ. الثَّانِيَةُ مُصَوَّرَةٌ فِي رَجُلَيْنِ دَارَاهُمَا مُتَقَابِلَتَانِ، وَبَابُ إحْدَى الدَّارَيْنِ أَقْرَبُ إلَى رَأْسِ الدَّرْبِ وَبَابُ الْآخَرِ أَبْعَدُ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْأَبْعَدِ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا أَقْرَبَ إلَى رَأْسِ الدَّرْبِ وَيَبِيعَ حَقَّهُ مِنْ الْمَمَرِّ إلَى بَابِ دَارِهِ الْأَسْفَلِ لِلَّذِي بَابُهُ أَقْرَبُ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ الْمُشْتَرِي بَابًا يُوَازِي بَابَ الْبَائِعِ الْقَدِيمَ وَيَتْرُكَ لِلْمُشْتَرِي الْمَمَرَّ إلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى تَكَلُّفِ تَصْوِيرِهِ بِأَنْ تَكُونَ الدَّارُ مُتَّصِلَةً إلَى شَارِعٍ فَإِذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَمَرِّ فَلِلشُّرَكَاءِ الْأَخْذُ. الثَّالِثَةُ لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ ظَهْرُ دَارٍ إلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍّ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ الْحَقَّ الْمَذْكُورَ مِنْ الدَّرْبِ لِيَفْتَحَ الْبَابَ إلَيْهِ. الرَّابِعَةُ إذَا كَانَ لَهُ دَارَانِ مُتَجَاوِرَتَانِ فِي الدَّرْبِ فَبَاعَ حَقَّ مَمَرِّهِ مِنْ الْعُلْيَا الَّتِي أَسْفَلُ مِنْهَا وَأَرَادَ فَتْحَ بَابٍ بَيْنَ الدَّارَيْنِ مِنْ دَاخِلٍ وَسَدَّ بَابِ السُّفْلَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ. الْخَامِسَةُ إذَا كَانَتْ بُقْعَةُ دَارِهِ مُسْتَأْجَرَةً، وَصُورَتُهُ أَنْ تَكُونَ أَرْضُ الدَّارِ كُلُّهَا مُحْتَكَرَةً، ثُمَّ يَشْتَرِيَ أَهْلُ الدَّرْبِ أَرَاضِيَ دُورِهِمْ وَيَشْتَرِيَ هُوَ مَعَهُمْ الْمَمَرَّ وَلَا يَشْتَرِيَ عَرْصَةَ دَارِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَنْقَضِي مُدَّةُ إجَارَةِ عَرْصَةِ الدَّارِ وَيَخْتَارُ نَقْلَ آلَاتِهِ فَهَذَا قَدْ تَصَوَّرَ مِلْكَ الْمَمَرِّ خَاصَّةً فَإِذَا بَاعَهُ أَخَذَهُ الشُّرَكَاءُ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا لَا بُدَّ أَنْ يُزَادَ فِيهِ بِلَا حَرِيمٍ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعِ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ. (قَوْلُهُ: وَفِي بِئْرِ الْمَزْرَعَةِ دُونَ الْمَزْرَعَةِ كَالشَّرِكَةِ فِي الْمَمَرِّ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ الْبِئْرُ مُنْفَصِلَةً عَنْ الْمَزْرَعَةِ فَلَوْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِهَا وَالْأَرْضُ وَاحِدَةً - بَعْضُهَا مَزْرَعَةٌ وَبَعْضُهَا فِيهِ بِئْرٌ - فَالشُّفْعَةُ تَثْبُتُ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ أَصَالَةً وَفِي مَاءِ الْبِئْرِ تَبَعًا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَسِمُ؛ لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّ الشُّفْعَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ الْمَزْرَعَةُ تَنْقَسِمُ وَيَجِيءُ مِنْهَا مَزْرَعَتَانِ، وَقَوْلُهُ: " قَالَ السُّبْكِيُّ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ إلَخْ " أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ تَرَافَعَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ بَعْدَ أَخْذِ الشُّفْعَةِ وَالثَّمَنُ خَمْرٌ أَوْ خِنْزِيرٌ] (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُسَلَّمًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا تُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ. (قَوْلُهُ: لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ) إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهِ عَنْهُ أَيْ إذَا كَانَتْ إفْرَازًا [فَرْعٌ أَخْذ الشُّفْعَةِ لِمَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَمْ يَمْنَعْهُ السَّيِّدُ] (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ طَارِئًا عَلَى مِلْكِ الْآخِذِ) فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وَقْتِ حُصُولِ الْمِلْكِ) لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ لِأَحَدِهِمَا بِغَيْرِ شَرْطِ الْخِيَارِ وَلِلْآخَرِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ اللُّزُومُ لِأَحَدِهِمَا أَوَّلًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ هُوَ الْبَيْعُ وَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِيهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ اشْتَرَيَاهُ فِي صَفْقَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْمَبِيعِ) شَمِلَ مَا إذَا شَرَطَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا، أَوْ عَنْهُمَا وَشَمِلَ الْخِيَارُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 الْمُشْتَرِي وَعَدَمِ ثُبُوتِهَا فِي مُدَّةِ خِيَارِ الْبَائِعِ، أَوْ خِيَارِهِمَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ الطَّارِئِ لَا لِعَدَمِ اللُّزُومِ. (فَإِنْ بَاعَ الشَّرِيكُ الثَّانِي نَصِيبَهُ بَتًّا) أَيْ بَيْعَ بَتٍّ (قَبْلَ انْقِضَائِهَا) أَيْ مُدَّةِ الْخِيَارِ الثَّابِتِ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ فَقَطْ فِي بَيْعِ الشَّرِيكِ الْأَوَّلِ نَصِيبَهُ (لَمْ يَبْقَ) لِلثَّانِي وَلَا لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ (عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ شُفْعَةٌ) وَإِنْ طَرَأَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ مِلْكُ الْأَوَّلِ (لِزَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ الثَّانِي) فِي الْأُولَى وَتَقَدُّمِ سَبَبِ الشُّفْعَةِ وَهُوَ الْبَيْعُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ (وَتَثْبُتُ) الشُّفْعَةُ (فِي الْعَقْدِ الثَّانِي لِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ) فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَقَطْ وَمِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ كَذَلِكَ (فَإِنْ وُقِفَ) الْمِلْكُ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا (فَالشُّفْعَةُ مَوْقُوفَةٌ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِزَوَالِ الْمِلْكِ (فَلَوْ أَخَذَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي بِالشُّفْعَةِ (مَنْ حُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ مِنْهُمَا) فِي الْأَوَّلِ (ثُمَّ فَسَخَ الْعَقْدَ) الْأَوَّلَ (لَمْ تَنْفَسِخْ شُفْعَتُهُ) كَمَا يُحْكَمُ بِأَنَّ الزَّوَائِدَ الْحَادِثَةَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مِلْكٌ لِمَنْ حُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ. (فَصْلٌ: لِلشَّفِيعِ الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ مَنْ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ (مِنْ الْفَسْخِ) لَهُ (بِعَيْبِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ إذَا رَضِيَ بِأَخْذِهِ) أَيْ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ لِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ لِثُبُوتِهِ بِالْبَيْعِ وَلِأَنَّ غَرَضَ الْعَاقِدِ اسْتِدْرَاكُ الظُّلَامَةِ وَتَحْصِيلُ الْعِوَضِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِأَخْذِ الشَّفِيعِ وَلِأَنَّ فِي تَقْدِيمِ الْعَاقِدِ عَلَيْهِ إبْطَالًا لِحَقِّهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَقُدِّمَ (وَ) لَهُ الْمَنْعُ (مِنْ الْإِقَالَةِ) لِذَلِكَ (وَلَهُ الْأَخْذُ) بِالشُّفْعَةِ (وَلَوْ فَسَخَ) الْعَقْدَ قَبْلَهُ بِإِقَالَةٍ، أَوْ عَيْبٍ أَوْ إفْلَاسٍ لِذَلِكَ وَيُفْسَخُ الرَّدُّ، أَوْ نَقُولُ: تَبَيَّنَّا أَنَّ الرَّدَّ كَانَ بَاطِلًا قَالَهُ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا التَّرْدِيدُ وَجْهَانِ صَرَّحَ بِهِمَا الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَفَائِدَتُهُمَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ فِي الْفَوَائِدِ مِنْ الرَّدِّ إلَى الْأَخْذِ انْتَهَى. وَعَلَى الْأَوَّلِ مَشَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ تَبَعًا لِشُرَّاحِ الْحَاوِي (لَا إنْ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (بِتَلَفِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قَبْضِهِ) فَلَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهَا لِمَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخُ كَالْفَسْخِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ. (وَالشَّفِيعُ أَوْلَى بِالشِّقْصِ) الْمَشْفُوعِ (مِنْ مُصَدَّقٍ) لَهُ زَوْجَتُهُ حَيْثُ (يَرْجِعُ) فِيهِ أَوْ فِي نِصْفِهِ (لِفُرْقَةٍ) بِرِدَّةٍ، أَوْ طَلَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ لِسَبْقِ حَقِّ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالْعَقْدِ، وَالزَّوْجُ إنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّهُ بِالْفُرْقَةِ وَلِأَنَّ حَقَّهُ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُبْطِلُ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ الشِّقْصَ وَالزَّوْجُ لَا يُبْطِلُ تَصَرُّفَ الزَّوْجَةِ (وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الشُّفْعَةُ (لِشَفِيعَيْنِ فَالشِّقْصُ) مُشْتَرَكٌ (بَيْنَهُمَا، وَإِنْ تَخَلَّلَ الطَّلَاقُ بَيْنَ أَخْذَيْهِمَا فِي النِّصْفِ) الْمَشْفُوعِ إنْ وَقَعَتْ الْمُعَاوَضَةُ فِي النِّصْفِ بِأَنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ أَخْذِ الْآخَرِ فَلِلشَّفِيعِ الْآخَرِ النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الزَّوْجِ لِسَبْقِ حَقِّهِ، وَقَوْلُهُ " فِي النِّصْفِ " مُتَعَلِّقٌ بِأَخْذَيْهِمَا، وَ " فِي " بِمَعْنَى " اللَّامِ " وَلَوْ تَرَكَ ذَلِكَ كَانَ أَعَمَّ وَأَخْصَرَ. (وَ) الشَّفِيعُ أَوْلَى بِالشِّقْصِ (مِنْ بَائِعٍ) حَيْثُ (يَرْجِعُ) فِيهِ (لِفَلَسٍ) حَصَلَ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ لِذَلِكَ (وَلَا يُخَصُّ) حِينَئِذٍ وَفِي نُسْخَةٍ وَلَا يَخْتَصُّ (الْبَائِعُ دُونَ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ) بَلْ يُضَارِبُ مَعَهُمْ بِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَمَّا انْتَقَلَ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الذِّمَّةِ الْتَحَقَ بِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ. (وَلَا شُفْعَةَ فِي مَمْلُوكٍ بِلَا عِوَضٍ كَالْإِرْثِ وَالْهِبَةِ) بِلَا ثَوَابٍ، وَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ وَضْعَهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ بِمَا أَخَذَ بِهِ الْمُتَمَلِّكُ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْوَارِثَ مَقْهُورٌ فَلَمْ يَضُرَّ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي لِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَأَخُّرُ الْمُعَاوَضَةِ لَا تَأَخُّرُ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَذَهُ مَنْ حُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ مِنْهُمَا ثُمَّ فَسَخَ الْعَقْدَ لَمْ تَنْفَسِخْ شُفْعَتُهُ) قَالَ فِي الْخَادِمِ مَقْصُودُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إذَا أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، ثُمَّ رَدَّ مَا كَانَ اشْتَرَاهُ - وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ - بَقِيَ حَقُّهُ فِي الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ وَلَا يَرْتَدُّ الْمَشْفُوعُ بِرَدِّ الشِّقْصِ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَصَارَ بِهِ شَرِيكًا فَإِنَّهُ حَالَةَ الْأَخْذِ كَانَ شَرِيكًا فَإِذَا أَخَذَ اجْتَمَعَ فِي مِلْكِهِ الشِّقْصَانِ فَإِذَا رَدَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَرْتَدَّ الْآخَرُ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الشِّقْصَ الَّذِي صَارَ بِهِ شَرِيكًا وَأُخِذَ مِنْهُ قَدْ ارْتَدَّ وَنَظِيرُهُ مَا إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَاطْمَأَنَّ مَعَهُ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ وَإِنْ نَوَى الْمُفَارَقَةَ فِي الرُّكُوعِ. [فَصْلٌ لِلشَّفِيعِ مَنْعُ مَنْ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ مِنْ الْفَسْخِ لَهُ بِعَيْبِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ إذَا رَضِيَ بِأَخْذِهِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: لِلشَّفِيعِ الْمَنْعُ مِنْ الْفَسْخِ بِعَيْبِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ إلَخْ) شَمِلَ مَا إذَا بَاعَ شِقْصًا بِثَوْبٍ، ثُمَّ وَجَدَ بِالثَّوْبِ عَيْبًا وَأَرَادَ رَدَّهُ وَاسْتِرْدَادَ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ: أَوْ إفْلَاسٍ) ، أَوْ انْفَسَخَ بِتَلَفِ الثَّمَنِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْبَائِعُ. (قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ الرَّدُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا التَّرْدِيدُ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ قَوْلَهُ " وَهَذَا التَّرْدِيدُ " خَطَأٌ وَصَوَابُهُ التَّرَدُّدُ بِغَيْرِ يَاءٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ مَشَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ إلَخْ) وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ) وَهَذَا مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا وَنَقَلَهُ بَعْدُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَلَوْ اسْتَحَقَّ الثَّمَنَ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَطَلَ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا وَأُبْدِلَ (قَوْلُهُ:: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهَا لِمَا مَرَّ إلَخْ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: إنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ وَقَبَضَ الثَّوْبَ وَبَاعَهُ، ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْعَبْدِ دُونَ الثَّوْبِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ مُشْتَرِيهِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ لَا يَبْطُلُ بِالتَّلَفِ فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا وَقَعَ هُنَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ اهـ. قَالَ فِي الْمَيْدَانِ: الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ الْجَوَازُ وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ الْحَوَالَةِ بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ، وَالنُّجُومَ ثَمَنٌ، وَالثَّمَنُ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النُّجُومِ إذَا بَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ أَنَّ فِيهَا مَعْنَيَيْنِ غَيْرَ عَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ مَا اشْتَرَاهُ، أَوْ شَيْئًا آخَرَ وَهَذَانِ الْمَعْنَيَانِ مُنْفَرِدَانِ فِي الِاعْتِيَاضِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ بِالِاعْتِيَاضِ يَعْتِقُ وَيَسْتَقِرُّ الْأَمْرُ فَلَا غُرُورَ وَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ فِي بَيْعِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ أَشَارَ إلَيْهَا الشَّافِعِيُّ وَذَكَرَهَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَخَرَجَ عَنْهُ الِاعْتِيَاضُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَهُوَ عَدَمُ الِاسْتِقْرَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 الشَّرِيكَ وَلِأَنَّ الْمُتَّهِبَ وَالْمُوصَى لَهُ تَقَلَّدَ الْمِنَّةَ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمُوصِي بِقَبُولِهِمَا تَبَرُّعَهُمَا فَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ لَأَخَذَ عَنْ اسْتِحْقَاقٍ وَتَسَلُّطٍ فَلَا يَكُونُ مُتَقَلِّدًا لِلْمِنَّةِ (فَلَوْ اقْتَضَتْ) أَيْ الْهِبَةُ (ثَوَابًا) بِأَنْ ذَكَرَ الْعَاقِدَانِ ثَوَابًا مَعْلُومًا (ثَبَتَتْ) أَيْ الشُّفْعَةُ (وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَوْهُوبُ) لِأَنَّهُ صَارَ بَيْعًا. (وَتَثْبُتُ) الشُّفْعَةُ (إنْ جَعَلَ الشِّقْصَ أُجْرَةً وَكَذَا جُعْلًا بَعْدَ الْعَمَلِ) لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِمُعَاوَضَةٍ بِخِلَافِ الْجُعْلِ قَبْلَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُمَلِّكْ. (وَلَوْ أَقْرَضَهُ الشِّقْصَ) وَقُلْنَا بِصِحَّةِ قَرْضِهِ (ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ) إذَا مَلَكَهُ الْمُقْتَرِضُ كَمَا سَيَأْتِي بِزِيَادَةٍ (وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ) أَوْ مُتْعَةً، أَوْ عِوَضَ خُلْعٍ (أَوْ عِوَضًا عَنْ نَجْمِ كِتَابَةٍ) وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ لِذَلِكَ (فَإِنْ عَوَّضَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبُ الشِّقْصَ (عَنْ بَعْضِهَا) أَيْ النُّجُومِ (ثُمَّ عَجَزَ وَرَقَّ لَمْ تَبْقَ شُفْعَةٌ لِخُرُوجِهِ) آخِرًا (عَنْ الْعِوَضِ) . (فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِمُسْتَوْلَدَتِهِ إنْ خَدَمْتِ أَوْلَادِي شَهْرًا) مَثَلًا بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (بَعْدَ مَوْتِي فَلَكِ هَذَا الشِّقْصُ فَخَدَمَتْهُمْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ) مُعْتَبَرَةٌ مِنْ الثُّلُثِ كَسَائِرِ الْوَصَايَا، وَذِكْرُ الْخِدْمَةِ شَرْطٌ لَا عِوَضٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَتَثْبُتُ فِي شِقْصٍ أَوْصَى بِهِ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَإِنْ شَارَكَ التَّطَوُّعُ صُورَةَ الْمُسْتَوْلَدَةِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ لَكِنَّ الْمُقَابَلَةَ هُنَا ظَاهِرَةٌ قُلْتُهُ تَخْرِيجًا انْتَهَى. وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِي تِلْكَ إلَى أَنَّهُ لَا مُعَاوَضَةَ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ لَمْ تَقَعْ لِلْمُوصِي بَلْ لِأَوْلَادِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ أَوْ نَظَرَ فِي تِلْكَ إلَى التَّعْلِيقِ وَفِي هَذِهِ إلَى عَدَمِهِ فَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَ التَّعْلِيقَ فِي تِلْكَ وَأَتَى بِهِ فِي هَذِهِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ: وَخُصَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَحْرَمٌ لِأَوْلَادِهِ فَجَازَ لَهَا الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ وَمُبَاشَرَةُ خِدْمَتِهِمْ وَقَالَ الْفَارِقِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا. (فَصْلٌ: لِقَيِّمٍ) لِطِفْلَيْنِ شَرِيكَيْنِ فِي عَقَارٍ (بَاعَ شِقْصَ أَحَدِ الطِّفْلَيْنِ الشُّفْعَةُ) أَيْ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا (لِلْآخَرِ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ وَالْآخَرَ إلَى الْأَخْذِ (لَا لِنَفْسِهِ) إنْ كَانَ شَرِيكًا لِمَنْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَنْهُ لِلتُّهْمَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْبَيْعِ لِيَعُودَ النَّفْعُ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَا يَبِيعُهُ مَالَ نَفْسِهِ (إلَّا إنْ اشْتَرَى) مِنْ شَرِيكِهِ شِقْصًا مِنْ عَقَارٍ (لِلطِّفْلِ أَوْ كَانَ) الْبَائِعُ، أَوْ الْمُشْتَرِي لَهُ (أَبًا، أَوْ جَدًّا) فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ فِي الْأُولَى وَلِقُوَّةِ الْوِلَايَةِ وَالشُّفْعَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَكَالْقَيِّمِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَكَالطِّفْلِ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ. (فَرْعٌ: الْوَكِيلُ وَلَوْ فِي الْبَيْعِ يَشْفَعُ) أَيْ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ (لِنَفْسِهِ) فَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ صَاحِبَهُ فِي بَيْعِ نَصِيبِهِ فَبَاعَهُ أَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا فِي شِرَاءِ الشِّقْصِ فَلِلْوَكِيلِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ نَاظِرٌ لِنَفْسِهِ، يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ إنْ قَصَّرَ بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَظَاهِرٌ. (وَإِنْ وَكَّلَ) شَرِيكٌ (شَرِيكَهُ فِي بَيْعِ نِصْفِ نَصِيبِهِ فَبَاعَ) الْوَكِيلُ (نِصْفَ الْمُشْتَرَكِ) أَيْ نِصْفَ نَصِيبِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً (بِالْإِذْنِ) مِنْ الْمُوَكِّلِ لَهُ فِي بَيْعِ نِصْفِ نَصِيبِهِ مَعَ نِصْفِ نَصِيبِ الْمُوَكِّلِ إنْ شَاءَ (شَفَعَ الْمُوَكِّلُ) أَيْ أَخَذَ نَصِيبَ الْوَكِيلِ بِالشُّفْعَةِ (وَكَذَا الْوَكِيلُ) أَيْ يَأْخُذُ نَصِيبَ الْمُوَكِّلِ بِهَا وَمَا ذَكَرَ مِنْ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ وَبَيْعِ النِّصْفَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَبَرَ إذْنَهُ فِي ذَلِكَ لِصِحَّةِ بَيْعِ النِّصْفَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً رُدَّ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ. (فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ) الشُّرَكَاءِ فِي عَقَارٍ (نَصِيبَهُ مِنْ الثَّانِي اشْتَرَكَ الْمُشْتَرِي وَالثَّالِثُ فِي الشُّفْعَةِ) أَيْ فِي الْأَخْذِ بِهَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الشَّرِكَةِ فَإِنْ شَاءَ الثَّالِثُ أَخَذَ نِصْفَ الشِّقْصِ، أَوْ تَرَكَهُ (فَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: خُذْ الْكُلَّ) أَوْ اُتْرُكْهُ (وَقَدْ أَسْقَطْت حَقِّي لَك لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ وَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمُشْتَرِي) مِنْ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ اسْتَقَرَّ عَلَى النِّصْفِ بِالشِّرَاءِ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ لِلشِّقْصِ شَفِيعَانِ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ فَأَخَذَ الْحَاضِرُ الْكُلَّ فَحَضَرَ الْغَائِبُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ وَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَقُولَ: اُتْرُكْ الْكُلَّ أَوْ خُذْهُ فَقَدْ تَرَكْت حَقِّي وَلَا نَظَرَ إلَى تَشْقِيصِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِدُخُولِهِ فِي هَذَا الْعَقْدِ. (وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ نَصِيبِهِ لِثَالِثٍ، ثُمَّ بَاعَ مِنْهُ النِّصْفَ الْآخَرَ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ) أَيْ النِّصْفَ الْآخَرَ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ) فِي الْبَابِ الثَّانِي. [فَصْلٌ بَاعَ الْمَرِيضُ شِقْصًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَالْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ أَجْنَبِيَّانِ وَرَدُّ الْوَارِثِ الْبَيْعَ] (فَصْلٌ) لَوْ (بَاعَ الْمَرِيضُ شِقْصًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ، وَالْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ أَجْنَبِيَّانِ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ لِمُسْتَوْلَدَتِهِ إنْ خَدَمْتِ أَوْلَادِي شَهْرًا بَعْد مَوْتِي فَلَكَ هَذَا الشِّقْص فَخَدَمَتْهُمْ فَهَلْ فِيهِ شُفْعَة] قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِي تِلْكَ إلَى أَنَّهُ لَا مُعَاوَضَةَ فِي الْحَقِيقَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْفَارِقِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الْأَنْوَارِ: وَلَوْ قَالَ لِمُسْتَوْلَدَتِهِ، أَوْ غَيْرِهَا إنْ خَدَمْتِ، أَوْ تَعَهَّدْتِ أَوْلَادِي بَعْدَ مَوْتِي مُدَّةَ كَذَا فَلَكِ الشِّقْصُ الْفُلَانِيُّ فَخَدَمَتْ مَلَكَتْ وَلَا شُفْعَةَ. اهـ. وَعَبَّرَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ بِذَلِكَ. [فَصْلٌ لِقَيِّمٍ لِطِفْلَيْنِ شَرِيكَيْنِ فِي عَقَارٍ بَاعَ شِقْصَ أَحَدِ الطِّفْلَيْنِ الشُّفْعَةُ] (قَوْلُهُ: لِلتُّهْمَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْبَيْعِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ الْبَيْعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِغِبْطَةٍ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ فَقَالَ فَإِنْ رَفَعَ الْوَصِيُّ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَأَمَرَ الْحَاكِمُ مَنْ قَدَّرَ ثَمَنَ الشِّقْصِ فَبَاعَ بِهِ اسْتَحَقَّ الْوَصِيُّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَجْهًا وَاحِدًا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ،. اهـ. وَكَذَا قَالَ الشَّاشِيُّ فِي الْحِلْيَةِ وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ إنْ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ فَبَاعَهُ كَانَ لَهُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَيَنْبَغِي اسْتِحْضَارُ مَا سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ فِي بَيْعِ مَالِهِ مِنْ نَفْسِهِ. [فَرْعٌ الْوَكِيلُ وَلَوْ فِي الْبَيْعِ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ] (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَكِيلُ) تَرْجِيحُ أَخْذِ الْوَكِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا حَاجَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَقَوْلُهُ: إلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ أَيْ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ وَبَيْعِ النِّصْفَيْنِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 وَرَدُّ الْوَارِثِ) الْبَيْعَ بَطَلَ فِي بَعْضِ الشِّقْصِ وَصَحَّ فِي بَعْضِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ؛ إذْ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ إلَّا وَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَتَدُورُ الْمَسْأَلَةُ وَحِسَابُهَا أَنْ يُقَالَ: يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الشِّقْصِ بِنِصْفِ شَيْءٍ يَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ أَلْفَانِ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ مِثْلَيْ الْمُحَابَاةِ وَهِيَ نِصْفُ شَيْءٍ، فَمِثْلَاهَا شَيْءٌ فَتُجْبَرُ وَتُقَابَلُ فَتَعْدِلُ أَلْفَانِ شَيْئًا وَنِصْفًا، وَالشَّيْءُ مِنْ شَيْءٍ وَنِصْفٍ ثُلُثَاهُ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْبَيْعَ (صَحَّ فِي ثُلُثَيْ الشِّقْصِ) فَقَطْ (وَقِيمَتُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ وَهُوَ ثُلُثَا الشِّقْصِ (أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَهُوَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ (نِصْفُ هَذَا) الْمَبْلَغِ فَتَكُونُ الْمُحَابَاةُ سِتَّمِائَةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ (فَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثُلُثُ الشِّقْصِ وَثُلُثَا الثَّمَنِ) وَهُمَا أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ (وَذَلِكَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ فَيَأْخُذُهُ) أَيْ مَا صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ وَهُوَ ثُلُثَا الشِّقْصِ (الشَّفِيعُ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ أَمَّا إذَا مَلَّكَ غَيْرَهُ وَاحْتَمَلَ الثُّلُثُ الْمُحَابَاةَ، أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْبَيْعَ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِكُلِّ الثَّمَنِ. (وَلَوْ كَانَا) أَيْ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ (وَارِثَيْنِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَارِثًا) دُونَ الشَّفِيعِ (فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ) فِي الْجَمِيعِ لِكَوْنِهِ مُحَابَاةً مَعَ الْوَارِثِ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ (وَلَا شُفْعَةَ) لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُحَابَاةَ مَعَ الْوَارِثِ إنَّمَا تَبْطُلُ مَعَ الرَّدِّ دُونَ الْإِجَازَةِ فَمِنْ ثَمَّ قَالَ كَأَصْلِهِ: (وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ) كَمَا فِي الضَّرْبِ السَّابِقِ. (وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ وَارِثًا دُونَ الْمُشْتَرِي صَحَّ الْبَيْعُ) فِي ثُلُثَيْ الشِّقْصِ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ (وَأَخَذَ) هُمَا (الْوَارِثُ بِالشُّفْعَةِ) لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ مَعَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ، وَالشَّفِيعُ يَتَمَلَّكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا مُحَابَاةَ مَعَهُ مِنْ الْمَرِيضِ وَلَوْ ذَكَرَ هَذَا مَعَ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ الْأَصْلُ بِالذِّكْرِ لِبَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ. [فَصْلٌ زَعَمَ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَارٍ اشْتَرَيَاهَا بِعَقْدَيْنِ أَنَّ شِرَاءَهُ سَابِقٌ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ] (فَصْلٌ: وَإِنْ زَعَمَ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ) فِي دَارٍ اشْتَرَيَاهَا بِعَقْدَيْنِ (أَنَّ شِرَاءَهُ سَابِقٌ) وَأَنَّهُ (يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ عَلَى الْآخَرِ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا) ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَوْ بِالْقُرْعَةِ بَعْدَ مَجِيئِهِمَا مَعًا وَتَنَازُعِهِمَا فِي الِابْتِدَاءِ (حَلَفَ النَّافِي كَمَا أَجَابَ مَنْ نَفَى السَّبْقَ) لِشِرَاءِ الْمُدَّعِي (أَوْ) نَفَى (الِاسْتِحْقَاقَ) أَيْ اسْتِحْقَاقَهُ لِلشُّفْعَةِ فَلَا يَكْفِيهِ فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ: شِرَائِي سَابِقٌ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ دَعْوَى بَلْ إمَّا أَنْ يَنْفِيَ سَبْقَ شِرَاءِ الْمُدَّعِي، أَوْ اسْتِحْقَاقَهُ لِلشُّفْعَةِ أَوْ يَقُولَ: لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (وَلَا يَكْفِي الْمُدَّعِيَ أَنْ يَقُولَ: شِرَائِي سَابِقٌ بَلْ يَزِيدَ) عَلَيْهِ (وَأَنَا أَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ) لِأَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا مَانِعٌ (وَفِي الْجَوَابِ يَكْفِيهِ) أَيْ الْمُجِيبَ أَنْ يَقُولَ (لَا يَلْزَمُنِي لَك شَيْءٌ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ شِرَائِي سَابِقٌ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ حَلَفَ) الْمُجِيبُ كَمَا أَجَابَ (اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ، ثُمَّ يَدَّعِي عَلَى الْأَوَّلِ) بِمَا ذَكَرَ (فَإِنْ حَلَفَ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ أَيْضًا) فَلَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَ الْآخَرُ قَضَى) لَهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّاكِلِ فَلَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا فَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَخَذَ مَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلنَّاكِلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِلْكٌ يَأْخُذُ بِهِ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ وَلِخَصْمِهِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ (وَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً) بِسَبْقِهِ (تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا فَإِنْ عَيَّنَا) أَيْ الْمُدَّعِيَانِ مَعَ الْبَيِّنَتَيْنِ (وَقْتًا وَاحِدًا حُكِمَ بِأَنْ لَا سَبْقَ) لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الْعَقْدَيْنِ مَعًا فَلَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. [الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ) بِالشُّفْعَةِ (وَالنَّظَرِ) فِيهَا (فِي أَطْرَافٍ) ثَلَاثَةٍ: (الْأَوَّلُ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ) لِلشَّفِيعِ (فَيُشْتَرَطُ) فِي حُصُولِهِ لَهُ (بَعْدَ الرُّؤْيَةِ) مِنْهُ لِلشِّقْصِ (وَالْعِلْمِ) مِنْهُ (بِالثَّمَنِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ (أَنْ يَقُولَ: تَمَلَّكْت بِالشُّفْعَةِ، أَوْ أَخَذْت بِهَا وَنَحْوَهُ) كَ اخْتَرْتُ الْأَخْذَ بِهَا وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُوَاطَأَةِ (وَيَجِبُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (تَمْكِينُهُ مِنْ الرُّؤْيَةِ) بِأَنْ لَا يَمْنَعَهُ مِنْهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَبَبُهُ أَنَّهُ قَهْرِيٌّ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الشِّرَاءِ بِالْوَكَالَةِ، وَفِي الْأَخْذِ مِنْ الْوَارِثِ (وَلَا يَكْفِي) فِي حُصُولِ الْمِلْكِ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَقُولَ (أَنَا مُطَالِبٌ) بِالشُّفْعَةِ إذْ الْمِلْكُ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الرَّغْبَةِ فِيهِ (وَلَا يَمْلِكُهُ) بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ بَلْ (حَتَّى يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الْعِوَضَ) عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَذَلَهُ لِلْبَائِعِ (قَبْضًا كَقَبْضِ الْمَبِيعِ) حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسَلُّمِهِ خَلَّى بَيْنَهُمَا.   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ بَاعَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الشُّرَكَاءِ فِي عَقَارٍ نَصِيبَهُ مِنْ الثَّانِي فَهَلْ لَهُ الشُّفْعَةِ] الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ) . (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ إلَخْ) لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ حُكْمُ حَاكِمٍ وَلَا إحْضَارُ الثَّمَنِ وَلَا حُضُورُ الْمُشْتَرِي وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمَطْلَبِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ بِمَا سَيَذْكُرُ عَقِبَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ، أَوْ مَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَحَدُهَا، ثُمَّ قَالَ وَأَقْرَبُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ أَنَّ مَجْمُوعَ الثَّلَاثَةِ لَا يُشْتَرَطُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا الْحَمْلُ لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ تَكْرَارِ " لَا " النَّافِيَةِ بَلْ الْحَمْلُ الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بِخُصُوصِهِ لَا يُشْتَرَطُ. اهـ. وَهَذَا الْحَمْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَجِيبٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَأَمَّا حُصُولُ الْمِلْكِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا سَيَأْتِي. اهـ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ يَرُدُّ مَا ذَكَرَهُ فس وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِلتَّمَلُّكِ وَالثَّانِي عَلَى اشْتِرَاطِ أَحَدِهَا بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ.، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ قَالَ شَيْخُنَا: قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ تَكْرَارِ " لَا " النَّافِيَةِ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ مُسْتَقِيمٌ وَتَكُونُ لَا مُؤَكِّدَةً أَوْ زَائِدَةً. (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ إلَخْ) الْكِتَابَةُ، وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَالنُّطْقِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الْعِوَضَ) إبْرَاؤُهُ مِنْهُ كَقَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسْلِيمِهِ خَلَّى بَيْنَهُمَا الشَّفِيعُ) أَيْ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَقْهُورٌ عَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ فَكَفَتْ فِيهِ التَّخْلِيَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 الشَّفِيعُ أَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُلْزِمَهُ التَّسْلِيمَ، أَوْ يَقْبِضَ عَنْهُ (أَوْ) حَتَّى (يَرْضَى بِذِمَّتِهِ حَيْثُ لَا رِبَا بِنَحْوِ صَفَائِحَ مِنْ ذَهَبٍ وَالثَّمَنُ فِضَّةٌ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ الشِّقْصَ) لَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمُعَاوَضَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبًا كَأَنْ بَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ عَلَيْهَا صَفَائِحُ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ لَفْظَةِ " نَحْوِ " وَجَبَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " وَالثَّمَنُ فِضَّةٌ " مَا لَوْ كَانَ ذَهَبًا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ (أَوْ بِأَنْ يَتَمَلَّكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَيَحْكُمَ لَهُ) بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْعِوَضَ؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي حَتَّى كَانَ الْعَقْدُ وَقَعَ لَهُ إلَّا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ فَإِذَا طَلَبَ وَتَأَكَّدَ طَلَبُهُ بِالْقَضَاءِ وَجَبَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِالْمِلْكِ (لَا) إنْ تَمَلَّكَهُ (عِنْدَ الشُّهُودِ) وَلَوْ عِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي فَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِشْهَادِ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ الْقَضَاءِ لِقُوَّتِهِ وَقِيلَ يَمْلِكُ بِهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَوْلُهُ " يَتَمَلَّكَ " مَعْطُوفٌ عَلَى " يَقْبِضَ " فَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ " بِأَنْ " كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلِي " وَلَوْ عِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي " هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَبْعُدُ التَّفْصِيلُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ هَرَبِ الْجِمَالِ حَيْثُ يَقُومُ الْإِشْهَادُ مَقَامَ الْقَضَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الضَّرَرَ هُنَاكَ أَشَدُّ مِنْهُ هُنَا. (وَيَتَوَقَّفُ وُجُوبُ تَسْلِيمِ الشِّقْصِ) لِلشَّفِيعِ (عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) أَيْ عِوَضِهِ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ تَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَدَائِهِ الثَّمَنَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَقَّهُ بِتَأْخِيرِ الْبَائِعِ حَقَّهُ (وَيُمْهَلُ) الشَّفِيعُ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ (إنْ غَابَ مَالُهُ، ثُمَّ) إنْ انْقَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْ الثَّمَنَ (يَفْسَخُهُ) أَيْ التَّمَلُّكَ (الْقَاضِي وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ خِيَارُ مَجْلِسٍ) لِمَا مَرَّ فِي بَابِهِ. (فَرْعٌ: الشَّفِيعُ يَرُدُّ) جَوَازَ الشِّقْصِ (بِالْعَيْبِ) عَلَى الْمُشْتَرِي (وَلَا يَتَصَرَّفُ) فِيهِ (قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ سَلَّمَ الثَّمَنَ) لِلْمُشْتَرِي (فَإِنْ قَبَضَهُ) الشَّفِيعُ (بِالْإِذْنِ) مِنْ الْمُشْتَرِي (وَأَفْلَسَ) بِالثَّمَنِ (رَجَعَ فِيهِ الْمُشْتَرِي) كَمَا فِي الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (وَيَتَصَرَّفُ) فِيهِ (الْمُشْتَرِي بَعْدَ الطَّلَبِ وَقَبْلَ التَّمَلُّكِ) لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ التَّمَلُّكِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا يَأْخُذُ بِهِ) الشَّفِيعُ (فَإِنْ بَاعَ) الشَّرِيكُ (الشِّقْصَ أَوْ أَسْلَمَهُ) أَيْ جَعَلَهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ (أَوْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَيْنٍ، أَوْ نَجْمِ كِتَابَةٍ أَخَذَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ) فِي الْأُولَى (أَوْ) بِمِثْلِ (الْمُسْلَمِ فِيهِ) فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ) بِمِثْلِ (الدَّيْنِ) فِي الثَّالِثَةِ (أَوْ) بِمِثْلِ (النَّجْمِ) فِي الرَّابِعَةِ (إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً) وَقُدِّرَ كُلٌّ مِنْهَا (بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ فَإِنْ قُدِّرَ بِغَيْرِهِ كَمِائَةِ رِطْلٍ حِنْطَةً أُخِذَ بِهِ) أَيْ بِمِثْلِهِ وَزْنًا (فَإِنْ عُدِمَ الْمِثْلُ وَقْتَ الْأَخْذِ، أَوْ كَانَ) الْعِوَضُ (مُتَقَوِّمًا فَالْقِيمَةُ) يَأْخُذُ بِهَا وَاعْتِبَارُهُمْ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ فِيمَا ذُكِرَ مَقِيسٌ عَلَى الْغَصْبِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ مَلَكَ الثَّمَنَ قَبْلَ الْأَخْذِ تَعَيَّنَ الْأَخْذُ بِهِ لَا سِيَّمَا الْمُتَقَوِّمَ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْهُ إنَّمَا كَانَ لِتَعَذُّرِهِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُتَقَوِّمِ) إذَا بِيعَ بِهِ (قِيمَةُ يَوْمِ الْبَيْعِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ إثْبَاتِ الْعِوَضِ وَاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ (وَإِنْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَمٍ، أَوْ اسْتَأْجَرَ بِهِ أَوْ أَصْدَقَهُ) امْرَأَةً (أَوْ خَالَعَ) زَوْجَتَهُ (عَلَيْهِ، أَوْ أَمْتَعَهُ) مُطَلَّقَتَهُ (أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الدِّيَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ) مِنْ الْأُولَى كَذَا فِي الْأَصْلِ أَيْضًا وَصَوَابُهُ يَوْمَ الصُّلْحِ (أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ) لِمُدَّةِ الْإِجَارَةِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ (أَوْ مَهْرِهِ) أَيْ الْمِثْلِ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ، وَقِيمَتُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ (أَوْ مُتْعَتِهِ) أَيْ الْمِثْلِ فِي الْخَامِسَةِ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ بِالطَّلَاقِ، وَالشِّقْصُ عِوَضُهَا وَيُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ، أَوْ مُتْعَتُهُ (حَالَ النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْإِمْتَاعِ) وَذِكْرُ اعْتِبَارِ حَالِ الِامْتِنَاعِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ أَجْعَلَهُ) أَيْ جَعَلَهُ جُعْلًا عَلَى عَمَلٍ (أَوْ أَقْرَضَهُ أَخَذَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ بِأُجْرَتِهِ) أَيْ الْعَمَلِ فِي الْأُولَى وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ بَعْدَ مِلْكِ الْمُسْتَقْرِضِ) الشِّقْصَ (بِقِيمَتِهِ) فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي إلَخْ) وَلَوْ ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِالْمِلْكِ لَهُ) صَرَّحَ صَاحِبُ الْكَافِي بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَكُونُ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يُسَاعِدُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْحُكْمِ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّهَا ثَابِتَةٌ بِالشَّرْعِ قَبْلَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَتَمَلَّكُهُ بِهِ) وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَيَتَوَقَّفُ وُجُوبُ تَسْلِيمِ الشِّقْصِ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَيْ عِوَضِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا وَاضِحٌ فِي غَيْرِ الرِّضَا بِذِمَّتِهِ فَأَمَّا إذَا رَضِيَ بِذِمَّتِهِ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَنْ يَكُونَ كَالْبَائِعِ حَتَّى يُجْبَرَ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلًا عَلَى الصَّحِيحِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي رُتْبَةِ الْبَائِعِ وَالشَّفِيعَ فِي رُتْبَةِ الْمُشْتَرِي. [فَرْعٌ الشَّفِيعُ يَرُدُّ جَوَازَ الشِّقْصِ بِالْعَيْبِ عَلَى الْمُشْتَرِي] (قَوْلُهُ: أَوْ نَجْمِ كِتَابَةٍ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَشَرْحِ اللُّبَابِ وَغَيْرِهَا جَزَمُوا هُنَا بِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ فِي الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ بِمِثْلِهَا، أَوْ قِيمَتِهَا وَذَكَرُوا فِي الْكِتَابَةِ أَنَّ الِاعْتِيَاضَ وَالِاسْتِبْدَالَ عَنْ النُّجُومِ بَاطِلٌ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا صَعْبٌ مُشْكِلٌ وَتَكَلُّفٌ مُعْضِلٌ. اهـ. يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْكِفَايَةِ عَامٌّ وَمَا ذُكِرَ هُنَا خَاصٌّ فَيُخَصُّ بِهِ الْعَامُّ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَنَاقِضِ فِيهَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ اعْتِمَادُ مَا وَقَعَ فِي بَابِهَا وَوَجْهُ جَوَازِ هَذِهِ الصُّورَةِ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ إلَى حُصُولِ الْعِتْقِ بِالِاسْتِبْدَالِ الْمَذْكُورِ وَقُوَّةُ التَّصَرُّفِ فِي الْعَقَارِ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ يُتَكَلَّفُ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِي الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ عَلَى الْوَجْهِ الرَّاجِحِ فِيمَا إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: مَا تَوَهَّمَهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ عَلَى الِاعْتِيَاضِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ حَصَلَ الْمِلْكُ، وَإِذَا حَصَلَ الْمِلْكُ حَصَلَ الْعِتْقُ وَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ، وَقَوْلُهُ: إنَّ الصَّوَابَ جَوَازُ الِاعْتِيَاضِ خَطَأٌ بَلْ الصَّوَابُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِدَيْنِ السَّلَمِ. اهـ.، وَقَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ حَصَلَ الْمِلْكُ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: فَالْقِيمَةُ يَأْخُذُ بِهَا مِنْ نَقْدِ بَلَدِ الْبَيْعِ) وَلَوْ ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ) الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَهُ نَظَائِرُ. (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الدِّيَةِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ الصَّوَابُ بِقِيمَةِ الدَّمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُتْعَتِهِ) وَهُوَ مَا يُقَدِّرُهُ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 قُلْنَا: الْمُقْتَرِضُ يَرُدُّ الْمِثْلَ الصُّورِيَّ. (فَصْلٌ: إذَا بَاعَ) الشِّقْصَ (بِمُؤَجَّلٍ تَخَيَّرَ هُوَ) أَيْ الشَّفِيعُ (أَوْ وَارِثُهُ بَيْنَ تَعْجِيلِ الْمَالِ) أَيْ عِوَضِ الثَّمَنِ (وَيَأْخُذُ) بِالشُّفْعَةِ (فِي الْحَالِّ، أَوْ يَصْبِرُ إلَى حُلُولِهِ وَيَأْخُذُ بِهِ) حَالًّا (وَلَوْ تَعَجَّلَ) الْحُلُولَ (بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي) فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ وَلَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ مُؤَجَّلًا لِأَنَّ الذِّمَمَ تَخْتَلِفُ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِالتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ بِعُذْرٍ وَلَوْ اخْتَارَ الصَّبْرَ إلَى الْحُلُولِ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ وَيَأْخُذَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَجْهًا وَاحِدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ زَمَنُ نَهْبٍ يَخْشَى مِنْهُ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعَجَّلِ الضَّيَاعَ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُنَجَّمًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْمُؤَجَّلِ حَتَّى يَكُونَ لِلشَّفِيعِ عِنْدَ حُلُولِ النَّجْمِ الْأَوَّلِ تَأْخِيرُ الْأَخْذِ إلَى حُلُولِ الْكُلِّ وَتَعْجِيلُ كُلِّ الثَّمَنِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ عِنْدَ حُلُولِ الْبَعْضِ أَنْ يُعْطِيَهُ وَيَأْخُذَ مَا يُقَابِلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، قَالَ: وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الشِّقْصِ وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى مَحِلِّهِ فَأَبَى الشَّفِيعُ إلَّا الصَّبْرَ إلَى الْمَحِلِّ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ الشَّفِيعِ (إعْلَامُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بِالطَّلَبِ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ إعْلَامُهُ سَبْقُ قَلَمٍ (فَإِنْ بَاعَهُ) الْمُشْتَرِي (فِي الْمُدَّةِ أَخَذَهُ) الشَّفِيعُ (حِينَئِذٍ بِأَيِّ الثَّمَنَيْنِ شَاءَ) وَيَكُونُ أَخْذُهُ بِالْأَوَّلِ فَسْخًا لِلْعَقْدِ كَمَا اسْتَنْبَطَهُ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَصْلِ مِنْ تَوَقُّفِهِ عَلَى الْفَسْخِ (أَوْ أَخَّرَ) الْأَخْذَ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ (وَأَخَذَ بِالْأَوَّلِ) وَقَدْ يَكُونُ الثَّمَنُ فِي أَحَدِهِمَا أَقَلَّ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ أَسْهَلَ. (فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى شِقْصًا وَسَيْفًا) مَثَلًا (صَفْقَةً) وَاحِدَةً (أَخَذَهُ) أَيْ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ بِمِثْلِ حِصَّتِهِ (مِنْ الثَّمَنِ) مُوَزَّعًا عَلَيْهِمَا (بِقِيمَتِهِمَا) أَيْ بِاعْتِبَارِهَا فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِائَتَيْنِ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ ثَمَانِينَ وَقِيمَةُ السَّيْفِ عِشْرِينَ أَخَذَ الشِّقْصَ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُمَا (يَوْمَ الْبَيْعِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْمُعَامَلَةِ (وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) وَإِنْ تَفَرَّقَتْ صَفْقَتُهُ لِدُخُولِهِ فِيهَا عَالِمًا بِالْحَالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ جَهِلَ الْحَالَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ جَرَوْا فِي ذِكْرِ الْعِلْمِ عَلَى الْغَالِبِ. (فَرْعٌ: وَإِنْ تَعَيَّبَتْ الدَّارُ) الْمُشْتَرَى بَعْضُهَا (أَخَذَ بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ الثَّمَنِ (أَوْ تَرَكَ) كَتَعَيُّبِهَا بِيَدِ الْبَائِعِ (وَكَذَا) يَأْخُذُ بِكُلِّ الثَّمَنِ، أَوْ يَتْرُكُ (لَوْ انْهَدَمَتْ بِلَا تَلَفٍ) لِشَيْءٍ مِنْهَا (فَإِنْ وَقَعَ تَلَفٌ) لِبَعْضِهَا (فَبِالْحِصَّةِ) مِنْ الثَّمَنِ يَأْخُذُ الْبَاقِيَ. (فَصْلٌ مَا زِيدَ) فِي الثَّمَنِ (أَوْ حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) بِنَوْعَيْهِ (فَقَطْ يُلْحَقُ بِالثَّمَنِ) كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فَيُلْحَقُ بِعِوَضِهِ الَّذِي يَأْخُذُ بِهِ الشَّفِيعُ (فَإِنْ حُطَّ الْكُلُّ) أَيْ كُلُّ الثَّمَنِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ بِلَا ثَمَنٍ (فَلَا شُفْعَةَ) لَلشَّرِيكِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ هِبَةً عَلَى رَأْيٍ وَيَبْطُلُ عَلَى رَأْيٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مَا زِيدَ أَوْ حُطَّ بَعْدَهَا فَلَا يُلْحَقُ بِالثَّمَنِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ " فَقَطْ " تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ. (فَصْلٌ: لَوْ اشْتَرَى الشِّقْصَ بِعَبْدٍ) مَثَلًا (ثُمَّ رَدَّ الْبَائِعُ الْعَبْدَ بِعَيْبٍ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ) بِالشُّفْعَةِ (غَرِمَ لَهُ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشِّقْصِ) لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ فَلَا يَنْقُصُ مِلْكُ الشَّفِيعِ كَمَا لَوْ بَاعَ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ (فَلَوْ زَادَتْ) .   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ بَاعَ الشِّقْصَ بِمُؤَجَّلٍ بِمَا يَأْخُذُ بِهِ الشَّفِيعُ] قَوْلُهُ: إذَا بَاعَ بِمُؤَجَّلٍ تَخَيَّرَ) لِأَنَّ إلْزَامَهُ بِالْحَالِّ إضْرَارٌ بِهِ، وَأَخْذَهُ بِالْمُؤَجَّلِ إجْحَافٌ بِالْمُشْتَرِي لِاخْتِلَافِ الذِّمَمِ فَكَانَ مَا قُلْنَا دَافِعًا لِلضَّرَرَيْنِ وَجَامِعًا لِلْحَقَّيْنِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الشِّقْصُ مَغْصُوبًا فَلَهُ تَأْخِيرُ الْأَخْذِ إلَى حُضُورِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَهَذَا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ فَإِنْ كَانَ قَادِرًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الذِّمَمَ تَخْتَلِفُ) أَيْ بِسَبَبِ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَسُهُولَةِ الْمُعَامَلَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ زَمَنُ نَهْبٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ بِالطَّلَبِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُجُوبِ إشْهَادِ الْمَرِيضِ عَلَى الطَّلَبِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ التَّوْكِيلِ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ أَخْذُهُ بِالْأَوَّلِ فَسْخًا لِلْعَقْدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَّرَ الْأَخْذَ إلَى حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: كَذَا أَطْلَقَ التَّخْيِيرَ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ الثَّانِي بِحَالٍّ فَإِنْ كَانَ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَ الشُّفْعَةِ بِالثَّانِي فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخَّرَ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَكَذَا لَوْ حَلَّ أَجَلُ الْبَيْعِ الثَّانِي قَبْلَ الْأَوَّلِ. [فَصْلٌ اشْتَرَى شِقْصًا وَسَيْفًا مَثَلًا صَفْقَةً وَاحِدَةً أَخَذَهُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِحِصَّتِهِ] (فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ: وَسَيْفًا) لَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَغَيْرَهُ لَكَانَ أَعَمَّ إذْ قَدْ يَكُونُ الْمَضْمُومُ إلَى الشِّقْصِ عَقَارًا لَا شُفْعَةَ فِيهِ، أَوْ فِيهِ شُفْعَةٌ لَكِنْ لَا شَرِكَةَ فِيهِ لِلشَّفِيعِ، أَوْ لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ لَكِنْ اخْتَارَ أَخْذَ أَحَدِ الشِّقْصَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ جَرَوْا فِي ذِكْرِ الْعِلْمِ عَلَى الْغَالِبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ تَلَفٌ لِبَعْضِهَا فَبِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ يَأْخُذُ الْبَاقِيَ) (تَنْبِيهٌ) اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَتَلِفَ بَعْضُهَا نُظِرَ إنْ تَلِفَ شَيْءٌ مِنْ الْعَرْصَةِ بِأَنْ غَشِيَهَا سَيْلٌ فَغَرَّقَهَا أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ تَغْرِيقَ الْأَرْضِ إتْلَافٌ لَا تَعْيِيبٌ قَدْ خَالَفَهُ فِي بَابِ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَصَحَّحَ أَنَّهُ تَعْيِيبٌ. اهـ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ فَإِنَّ مَا فِي بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا غَرِقَتْ غَرَقًا تَنْكَشِفُ عَنْهُ الْأَرْضُ بِذَهَابِ الْمَاءِ وَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْضُبُ عَنْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ إتْلَافٌ قَطْعًا، وَسَوَاءٌ قُلْنَا الْغَرَقُ إتْلَافٌ، أَوْ تَعْيِيبٌ فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالْحِصَّةِ لِحُصُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ فِي أَخْذِ مَا خَفِيَتْ غَايَتُهُ، وَإِنْ كَانَ يُرْجَى فِي الْمُسْتَقْبَلِ نُضُوبُ الْمَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَخْذُهُ الْبَعْضَ يُفَرِّقُ الصَّفْقَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي. [فَصْلٌ مَا زِيدَ فِي الثَّمَنِ أَوْ حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بِنَوْعَيْهِ] (قَوْلُهُ: وَيَبْطُلُ عَلَى رَأْيٍ) هُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إلَخْ) قَالَ وَالِدُ النَّاشِرِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ التَّوْلِيَةِ وَالشُّفْعَةِ أَنَّ التَّوْلِيَةَ يَلْحَقُ فِيهَا الْحَطُّ بَعْدَ الْخِيَارِ دُونَ الشُّفْعَةِ هُوَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ عَقَدَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَإِذَا حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ فَهُوَ مَحْطُوطٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ ثَمَنِهِ وَالشَّفِيعُ يَشْفَعُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ لَا بِنَفْسِهِ. [فَصْلٌ اشْتَرَى الشِّقْصَ بِعَبْدٍ مَثَلًا ثُمَّ رَدَّ الْبَائِعُ الْعَبْدَ بِعَيْبٍ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ] (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَالْهَالِكِ فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ وَيَشْهَدُ لِكَوْنِهِ كَالْهَالِكِ مَسْأَلَةُ بَيْعِ الْكَافِرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 قِيمَتُهُ (أَوْ نَقَصَتْ عَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَرْجِعْ بَاذِلُ الزِّيَادَةِ) عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ مَلَكَهُ بِالْمَبْذُولِ فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ (وَمَتَى عَادَ الشِّقْصُ إلَى) مِلْكِ (الْمُشْتَرِي بِشِرَاءٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَلْزَمْ) هـ (رَدُّهُ) وَإِنْ طَلَبَهُ الْبَائِعُ (وَلَا) يَلْزَمُ الْبَائِعَ (اسْتِرْدَادُهُ) وَرَدُّ الْقِيمَةِ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا لَوْ غَرِمَ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ لِإِبَاقِهِ فَرَجَعَ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ لَمْ يَزُلْ بِخِلَافِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي. (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ عَيْبٌ فِي الْعَبْدِ) الْمَعِيبِ (فَأَخَذَ الْأَرْشَ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ (فَإِنْ شَفَعَ) أَيْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (سَلِيمًا لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ، وَإِلَّا) بِأَنْ أَخَذَ بِقِيمَتِهِ مَعِيبًا (رَجَعَ عَلَيْهِ) الْمُشْتَرِي (بِالْأَرْشِ) لِأَنَّ الشِّقْصَ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ بِالْعَبْدِ وَالْأَرْشِ، وَوُجُوبُ الْأَرْشِ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ لِاقْتِضَائِهِ سَلَامَةَ الْعِوَضِ (فَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِأَخْذِ الْعَبْدِ مَعِيبًا لَزِمَ الشَّفِيعَ قِيمَتُهُ مَعِيبًا فَإِنْ سَلَّمَ قِيمَتَهُ سَلِيمًا اسْتَرَدَّ قِسْطَ السَّلَامَةِ) مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ لَهُ إنَّمَا هُوَ بَدَلُ الثَّمَنِ بِصِفَاتِهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ سَلِيمًا فَلَا يَسْتَرِدُّ ذَلِكَ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ عَامَّةَ أَصْحَابِنَا عَلَى الثَّانِي. (وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الشِّقْصِ بِعَيْبٍ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا لِلشَّفِيعِ رَدُّهُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِعَيْبٍ سَابِقٍ عَلَى الْأَخْذِ) بِالشُّفْعَةِ سَوَاءٌ أَسَبَقَ الْبَيْعَ أَيْضًا أَمْ لَا وَكَذَا بِعَيْبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْأَخْذِ بِهَا وَقَبْلَ قَبْضِهِ الشِّقْصَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ (وَبَعْدَ أَنْ شَفَعَ) الشَّفِيعُ (لَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي) بِالْعَيْبِ (وَلَا أَرْشَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الرَّدِّ (إلَّا إنْ عَادَ) الشِّقْصُ (إلَيْهِ) بِالْعَيْبِ، أَوْ غَيْرِهِ (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ فِي الشِّقْصِ مَنَعَهُ الرَّدَّ) الْقَهْرِيَّ (ثُمَّ إنْ أَخَذَ الْأَرْشَ) مِنْ الْبَائِعِ لِلْعَيْبِ الْقَدِيمِ (حُطَّ عَنْ الشَّفِيعِ) لِأَنَّهُ بَدَلُ صِفَةِ السَّلَامَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا الشَّفِيعُ كَمَا اسْتَحَقَّهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ حِينَئِذٍ هُوَ الْبَاقِي. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ: اشْتَرَيْته بِصُبْرَةٍ) مِنْ دَرَاهِمَ، أَوْ غَيْرِهَا (مَجْهُولَةٍ) وَكَانَتْ غَائِبَةً (لَمْ يُكَلَّفْ الْبَائِعُ إحْضَارَهَا) وَلَا الْإِخْبَارَ عَنْ قَدْرِهَا فَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً وُزِنَتْ أَوْ كِيلَتْ لِيَأْخُذَ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهَا (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَوْ لَمْ تَتْلَفْ وَتَعَذَّرَ الْعِلْمُ بِقَدْرِهَا (تَعَذَّرَتْ الشُّفْعَةُ لِلْجَهْلِ فَلَوْ ادَّعَى) الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي (عِلْمَهُ) بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا لَهُ (وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَعْلَمُ قَدْرَهُ كَفَى) وَحَلَفَ كَمَا أَجَابَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِهِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَلْفًا فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ كَمْ لَك عَلَيَّ حَيْثُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ مِنْهُ؛ إذْ الْمُدَّعَى هُنَا هُوَ الشِّقْصُ لَا الثَّمَنُ الْمَجْهُولُ وَبِتَقْدِيرِ صِدْقِ الْمُشْتَرِي لَا يُمْكِنُهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَكَانَ ذَلِكَ إنْكَارًا لِوِلَايَةِ الْآخِذِ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمَجْهُولٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ (أَوْ) قَالَ الْمُشْتَرِي (لَمْ أَشْتَرِ بِهِ حَلَفَ كَذَلِكَ وَلِلشَّفِيعِ) بَعْدَ حَلِفِ الْمُشْتَرِي (أَنْ يَزِيدَ) فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (وَيُحَلِّفَهُ وَهَكَذَا) يَفْعَلُ (ثَانِيًا وَثَالِثًا وَأَكْثَرَ حَتَّى يَنْكُلَ) الْمُشْتَرِي (فَيُسْتَدَلَّ بِنُكُولِهِ فَيَحْلِفَ عَلَى مَا عَيَّنَهُ وَيَشْفَعَ) لِأَنَّ الْيَمِينَ قَدْ تَسْتَنِدُ إلَى التَّخْمِينِ كَمَا فِي جَوَازِ الْحَلِفِ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ إذَا سَكَنَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ (وَقَوْلُهُ نَسِيت) قَدْرَ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَيْت بِهِ (لَا يَكُونُ عُذْرًا) لَهُ فِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ جَوَابٌ كَافٍ وَعَدَلَ إلَى ذَلِكَ عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ نَسِيت فَهُوَ كَالنُّكُولِ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ يُجْعَلُ نَاكِلًا عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الشَّفِيعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ قَالَ بِهِ ابْنُ سُرَيْجٍ. (فَصْلٌ) لَوْ (خَرَجَ ثَمَنُ الشِّقْصِ الْمُعَيَّنِ) بِرَفْعِهِ صِفَةً لِثَمَنٍ (مُسْتَحَقًّا بَطَلَ الْبَيْعُ) أَيْ بَانَ بُطْلَانُهُ لِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمَالِكُ (أَوْ) خَرَجَ (بَعْضُهُ) كَذَلِكَ (بَطَلَ فِيهِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْبَاقِي.   [حاشية الرملي الكبير] عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ بِثَوْبٍ، ثُمَّ يَجِدُ بِالثَّوْبِ عَيْبًا وَقُلْنَا لَهُ رَدُّهُ وَاسْتِرْدَادُ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْعَبْدَ كَالْهَالِكِ وَيَأْخُذُ قِيمَتَهُ. (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الشِّقْصِ بِعَيْبٍ) لَوْ أَمْسَكَهُ انْتِظَارًا لِلشَّفِيعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَلْزَمْهُ انْتِظَارُهُ وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ بِالْإِمْسَاكِ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَزِمَهُ انْتِظَارُهُ وَلَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ بِالْإِمْسَاكِ؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّهِ عُذْرٌ، وَفِي لُزُومِ انْتِظَارِهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَلْزَمْهُ انْتِظَارُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ: وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ. [فَصْلٌ قَالَ اشْتَرَيْته بِصُبْرَةٍ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِهَا مَجْهُولَةٍ وَكَانَتْ غَائِبَةً] (فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ: قَالَ اشْتَرَيْته بِصُبْرَةٍ مَجْهُولَةٍ إلَخْ) الْجَهَالَةُ فِي الثَّمَنِ جَهَالَتَانِ: جَهَالَةٌ تَزُولُ فِي أَثْنَاءِ الْحَالِ فَهَذِهِ لَا تُؤَثِّرُ فِي فَسَادِ الْبَيْعِ كَمَا لَوْ بَاعَ خَلًّا وَخَمْرًا فَإِنَّ الْجَهَالَةَ مَوْجُودَةٌ حَالَةَ الْعَقْدِ وَتَزُولُ بِالتَّقْسِيطِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْقَطِيعَ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّ الثَّمَنَ حَالَةَ الْعَقْدِ مَجْهُولُ الْمِقْدَارِ وَيَزُولُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَجَهَالَةٌ لَا تَزُولُ فِي أَثْنَاءِ الْحَالِ وَتُفْسِدُ الْبَيْعَ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ ادَّعَى عِلْمَهُ لَمْ تُسْمَعْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى اسْتِحْقَاقَ الشُّفْعَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا وَلَا عِلْمًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ حَيْثُ يُطَالَبُ بِالْبَيَانِ أَنَّ الزَّوْجَ عَالِمٌ بِالْمَهْرِ وَبِكَيْفِيَّتِهِ فَسَهُلَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ مَعَ أَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي الْعَقْدِ بِمَجْهُولٍ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ لَهُ غَرَضًا بِالْعَقْدِ بِهِ فَيَعْسُرُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت بِعِشْرِينَ فَاعْتَمَدَ وَسَلَّمَ وَأَخَذَ بِهَا ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا بَذَلَ زَائِدًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَعْلَمُ قَدْرَهُ كَفَى) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْفَتَاوَى: لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: كَانَ الثَّمَنُ جُزَافًا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ كَانَ أَلْفَ دِينَارٍ وَقَدْرًا مُعَيَّنًا لَا نَعْلَمُ تَحْدِيدَهُ إلَّا أَنَّهُ كَانَ دُونَ الْعَشَرَةِ فَقَالَ الشَّفِيعُ: أَزِنُ أَلْفًا وَعَشَرَةً فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَوَجَبَ تَسْلِيمُ الشِّقْصِ لَهُ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ تَمَامِ الْعَشَرَةِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ: نَسِيت فَهُوَ كَالنُّكُولِ) كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فَعَلَى رَأْيٍ هُوَ كَالنُّكُولِ فَسَبَقَ الْقَلَمُ إلَى مَا كُتِبَ، وَصُورَةُ دَعْوَى الشَّفِيعِ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا أَنْ يَقُولَ فِي دَعْوَاهُ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمَ الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ، وَعِبَارَةُ الْعَزِيزِ لَوْ قَالَ: نَسِيت مِقْدَارَ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَيْت بِهِ فَعَلَى رَأْيٍ يُجْعَلُ قَوْلُهُ: نَسِيت كَالنُّكُولِ وَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الشَّفِيعِ. اهـ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ شَيْئًا لِغَيْرِهِ فِيهِ شُفْعَةٌ، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (وَكَذَا) تَبْطُلُ (الشُّفْعَةُ) كُلُّهَا فِي الْأُولَى وَبَعْضُهَا فِي الثَّانِيَةِ لِتَرَتُّبِهَا عَلَى الْبَيْعِ (وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (فِي الذِّمَّةِ) وَخَرَجَ كَذَلِكَ (صَحَّا) أَيْ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ وَأَبْدَلَ الثَّمَنَ بِمَا يَجِبُ بَدَلُهُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ الشِّقْصِ) إنْ لَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ بِتَسْلِيمِهِ (لِلْحَبْسِ) أَيْ لِيَحْبِسَهُ إلَى أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ (وَكَذَا لَوْ خَرَجَ) الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ، أَوْ الْمَبْذُولُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (رَدِيئًا) يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ الشِّقْصِ لِلْحَبْسِ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ مَا سَلَّمَهُ الشَّفِيعُ أَوْ خَرَجَ نُحَاسًا لَمْ تَبْطُلْ) شُفْعَتُهُ (وَلَوْ كَانَ عَالِمًا) بِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَحَقُّ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي الطَّلَبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ كَ تَمَلَّكْتُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهِ كَ تَمَلَّكْتُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ (نَعَمْ إنْ شَفَعَ بِالْعَيْنِ احْتَاجَ تَمَلُّكًا جَدِيدًا لَا إنْ شَفَعَ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ خَرَجَ) مَا سَلَّمَهُ (رَدِيئًا) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَمَلُّكٍ جَدِيدٍ فَعُلِمَ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَبْطُلُ بِخُرُوجِ مَا سَلَّمَهُ رَدِيئًا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ أَدَاءَهُ صَحِيحٌ بِدَلِيلِ مَا إذَا رَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي (وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُ الرَّدِيءِ) مِنْ الشَّفِيعِ (وَلَوْ قُبِلَ) أَيْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ (مِنْهُ) . (فَصْلٌ) لَوْ (بَنَى الْمُشْتَرِي، أَوْ غَرَسَ) أَوْ زَرَعَ فِي الْمَشْفُوعِ (وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّرِيكُ) وَهُوَ الشَّفِيعُ بِذَلِكَ، ثُمَّ عَلِمَ (قَلَعَ) الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ وَالزَّرْعَ (مَجَّانًا) لَا بِحَقِّ الشُّفْعَةِ بَلْ (لِعُدْوَانِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي عَلَى شَرِيكِهِ (لَا إنْ بَنَى) الْمُشْتَرِي فِي نَصِيبِهِ (بَعْدَ الْقِسْمَةِ، ثُمَّ شَفَعَ) أَيْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يَقْلَعُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ بَنَى فِي مِلْكِهِ الَّذِي يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، وَتَعَلُّقُ حَقِّ الشُّفْعَةِ لَا يُمَكِّنُ مِنْ الْقَلْعِ مَجَّانًا كَتَعَلُّقِ حَقِّ الرُّجُوعِ بِالْأَرْضِ الْمَوْهُوبَةِ (وَيُتَصَوَّرُ) ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَعَ أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ غَالِبًا رِضَا الشَّفِيعِ بِتَمَلُّكِ الْمُشْتَرِي (بِأَنْ أَظْهَرَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هِبَةٌ) لَا بَيْعٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ بَيْعٌ (أَوْ) أَظْهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ (بِثَمَنٍ كَثِيرٍ) ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ بِأَقَلَّ (أَوْ ظَنَّهُ) أَيْ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَ الْقِسْمَةِ (وَكِيلًا لِلْبَائِعِ) فِيهَا (أَوْ سَأَلَ) الْمُشْتَرِي (الْقِسْمَةَ مِنْ الْحَاكِمِ فِي غَيْبَتِهِ) أَيْ الشَّفِيعِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْحَاكِمِ (إجَابَتُهُ) لِذَلِكَ (وَلَوْ عَلِمَ بِالشُّفْعَةِ) وَسَاغَ الْأَخْذُ بِهَا، وَإِنْ صَارَ الشَّرِيكَانِ بِالْقِسْمَةِ جَارَيْنِ؛ لِأَنَّ الْجِوَارَ إنَّمَا يَمْنَعُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَصَرَّحَ مَعَ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ بِصُورَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ لِلشَّفِيعِ وَكِيلٌ بِالْقِسْمَةِ مَعَ شُرَكَائِهِ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُمْ فَيُقَاسِمَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ بِغَيْرِ عِلْمِ الشَّفِيعِ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَكِيلٌ فِي الْقِسْمَةِ، وَفِي أَخْذِ الْأَشْقَاصِ بِالشُّفْعَةِ فَيَرَى فِي شِقْصِ الْحَظِّ فِي تَرْكِهِ فَيَتْرُكَهُ وَيُقَاسِمَ، ثُمَّ يَقْدَمَ الشَّفِيعُ وَيُظْهِرَ لَهُ أَنَّ الْحَظَّ فِي الْأَخْذِ (وَلِبِنَائِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (حُكْمُ بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ) فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْتَرْ الْقَلْعَ يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ الْقَلْعِ وَضَمَانِ الْأَرْشِ وَالتَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَا مَرَّ ثَمَّ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (لَا يُكَلَّفُ التَّسْوِيَةَ) لِلْأَرْضِ (إنْ اخْتَارَ الْقَلْعَ) لِأَنَّهُ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِهِ فَإِنْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ عَلَى صِفَتِهِ، أَوْ يَتْرُكُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَصَرَّحَ أَيْضًا بِأَنَّ الْغِرَاسَ كَالْبِنَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِأَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَخْتَارَ مَعَ مَا قَدَّمْتُهُ التَّبْقِيَةَ بِالْأُجْرَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لَهُ فِي الْعَارِيَّةِ وَالْمُصَنِّفِ سَالِمٌ مِنْ هَذَا (وَيَبْقَى زَرْعُهُ) إنْ زَرَعَ (إلَى) أَوَانِ (الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ) لِأَنَّهُ زَرَعَ مِلْكَ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ (وَلِلشَّفِيعِ تَأْخِيرُ الشُّفْعَةِ) أَيْ الْأَخْذِ بِهَا (إلَى) أَوَانِ (الْحَصَادِ) لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ قَبْلُ وَيَخْرُجُ الثَّمَنُ عَنْ يَدِهِ (وَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ) لِلْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ (إلَى) أَوَانِ (جِذَاذِ الثَّمَرَةِ) فِيمَا لَوْ كَانَ فِي الشِّقْصِ   [حاشية الرملي الكبير] لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الثَّمَنُ بِنِسْيَانٍ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَنَسِيت الثَّمَنَ ثُمَّ لَا شُفْعَةَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الشَّفِيعُ بَيِّنَةً فَيُؤْخَذَ لَهُ بِبَيِّنَتِهِ. اهـ.، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ صَارَ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَالْمَجْهُولُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَلَا تُسْتَحَقُّ الشُّفْعَةُ بِهِ. [فَصْلٌ خَرَجَ ثَمَنُ الشِّقْصِ الْمُعَيَّنِ مُسْتَحَقًّا] (قَوْلُهُ: تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ أَنَّ الصَّفْقَةَ تُفَرَّقُ فِي الثَّمَنِ كَمَا تُفَرَّقُ فِي الْمُثَمَّنِ وَقَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُسْتَحَقُّ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ) عُلِمَ أَنَّ صُورَتَهَا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُ الرَّدِيءِ) وَلَوْ قَبِلَ مِنْهُ قَالَ شَيْخُنَا: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الرِّضَا بِالْعَيْبِ بِأَنَّ ضَرَرَ الرَّدِيءِ أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ الْمَعِيبِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَيْبِ الرَّدَاءَةُ فَلَزِمَهُ قَبُولُ الْمَعِيبِ بِالرِّضَا دُونَ الرَّدِيءِ [فَصْلٌ بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ فِي الْمَشْفُوعِ وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّرِيكُ وَهُوَ الشَّفِيعُ بِذَلِكَ ثُمَّ عَلِمَ] (قَوْلُهُ: لَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي) شَمِلَ الْمُشْتَرِيَ أَوَّلًا وَمَنْ اشْتَرَى مِنْهُ (قَوْلُهُ: قَلَعَ مَجَّانًا لِعُدْوَانِهِ) أَيْ بِلَا أَرْشٍ، وَغَرَّمَهُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ بِقَلْعِهِمَا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ خَرَجَ الشِّقْصُ الْمَشْفُوعُ مُسْتَحَقًّا بَعْدَ أَنْ بَنَى فِيهِ الشَّفِيعُ، أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ. (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ) أَيْ الْأَصْلُ مَعَ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ بِصُورَتَيْنِ إلَخْ، سَابِعُهَا أَنْ يُوَكِّلَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي الْقِسْمَةِ فَيُقَاسِمَهُ الشَّرِيكُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ وَالتَّوْكِيلِ، وَثَامِنُهَا أَنْ يُخْبِرَهُ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَيُؤَخِّرَ الْأَخْذَ إلَى الْحُلُولِ وَيُطَالِبَهُ الْمُشْتَرِي بِالْقِسْمَةِ وَيُقَاسِمَهُ، ثُمَّ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَتَاسِعُهَا أَنْ يَتْرُكَ الْوَلِيُّ الشُّفْعَةَ لِلْمَصْلَحَةِ وَيُقَاسِمَ، ثُمَّ يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيَخْتَارَ الْأَخْذَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ، وَعَاشِرُهَا أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يُقَاسِمُ مَنْ يَشْتَرِي مِنْ شَرِيكِهِ فَقَاسَمَهُ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَصِحُّ وَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْمُقَاسَمَةِ إسْقَاطٌ لِلشُّفْعَةِ قَبْلَ ثُبُوتِهَا وَذَكَرَ الْمُتَوَلِّي صُورَةً يَكُونُ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ فِيهَا مُحْتَرَمَيْنِ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ وَهِيَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَيَسْتَأْجِرَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَ آخَرَ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَيَشْتَرِيَ نَصِيبَ الثَّالِثِ، ثُمَّ يَبْنِيَ فِي الْأَرْضِ وَيَغْرِسَ فَبِنَاؤُهُ وَغِرَاسُهُ مُحْتَرَمَانِ وَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ وَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَلِبِنَائِهِ) أَيْ وَغِرَاسِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ الْقَلْعِ وَضَمَانِ الْأَرْشِ وَالتَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا فَإِنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَخْتَارَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لَهُ فِي الْعَارِيَّةِ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ قَالَ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَمَا زَعَمَهُ الشَّيْخَانِ بَلْ الْكُلُّ مُتَّفِقُونَ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي الصُّلْحِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَى جِذَاذِ الثَّمَرَةِ وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: الرَّاجِحُ الْمَنْعُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 شَجَرٌ عَلَيْهِ ثَمَرَةٌ لَا تُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ (وَجْهَانِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْخُوذِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ. (فَصْلٌ) لَوْ (وَقَفَ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ أَوْ بَاعَهُ) أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ (فَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ الْوَقْفِ) وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا شُفْعَةَ فِيهِ كَهِبَةٍ وَإِجَارَةٍ لِسَبْقِ حَقِّهِ فَلَا يَبْطُلُ بِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ حَقِّ فَسْخِ الْبَائِعِ بِالْفَلَسِ يَبْطُلُ بِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي، وَحَقِّ رُجُوعِ الْمُطَلِّقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَى نِصْفِ الصَّدَاقِ يَبْطُلُ بِتَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَبْطُلَانِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يَنْتَقِلَانِ إلَى الْبَدَلِ وَلَا كَذَلِكَ حَقُّ الشَّفِيعِ (وَكَذَا) لَهُ نَقْضُ (الْبَيْعِ) وَنَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ شُفْعَةٌ كَإِصْدَاقٍ لِيَأْخُذَ بِهَا (إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الثَّانِي) كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي فَصْلِ إذَا بَاعَ بِمُؤَجَّلٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّقْضِ الْفَسْخَ، ثُمَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بَلْ الْأَخْذَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ فَسْخٌ كَمَا قَدَّمْتُهُ أَيْضًا فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا بِخِلَافِ تَصَرُّفِ الْأَبِ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الْوَاهِبُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ تَصَرُّفِهِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ. (فَصْلٌ: لَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى عَفْوِ الشَّفِيعِ وَتَقْصِيرِهِ) فِي الطَّلَبِ مَعَ إنْكَارِهِ لِذَلِكَ بَلْ الْمُصَدَّقُ الشَّفِيعُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ (وَيُصَدَّقُ) الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ (فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَ) قَدْرِ (قِيمَتِهِ إنْ تَلِفَ) وَلَا بَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الشَّفِيعُ (فَإِنْ نَكَلَ) الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَ الشَّفِيعُ أَخَذَهُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ الْبَائِعِ وَلَوْ لِلشَّفِيعِ) يَعْنِي شَهَادَتَهُ لَهُ وَلِلْمُشْتَرِي، لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِهِ إنْ شَهِدَ لِأَحَدِهِمَا وَيَشْهَدُ لِحَقِّ نَفْسِهِ إنْ شَهِدَ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ بِهَا (وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا) وَكَأَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ هُنَا فِيمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَلَا دَلَالَةَ لِلْيَدِ عَلَيْهِ. (وَإِنْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي) قَدْرِ (الثَّمَنِ لَزِمَ الشَّفِيعَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ ثَبَتَ خِلَافُهُ) وَهُوَ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ لِاعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْبَيْعَ جَرَى بِذَلِكَ، وَالْبَائِعُ ظَالِمٌ بِالزِّيَادَةِ. (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّفِيعِ لِلْبَائِعِ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ (دُونَ الْمُشْتَرِي) وَفِي نُسْخَةٍ: لَا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي تَقْلِيلِ الثَّمَنِ. (وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ بِالتَّحَالُفِ) أَوْ نَحْوِهِ أَوْ انْفَسَخَ (بَعْدَ الْأَخْذِ) بِالشُّفْعَةِ (أُقِرَّتْ الشُّفْعَةُ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشِّقْصِ) لِلْبَائِعِ (وَلَوْ تَحَالَفَا) الْأَوْلَى " أَوْ " (قَبْلَ الْأَخْذِ) بِالشُّفْعَةِ (أَخَذَ) بِالشُّفْعَةِ (بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ) لِأَنَّ الْبَائِعَ اعْتَرَفَ بِاسْتِحْقَاقِ الشَّفِيعِ الْأَخْذَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهُ (وَالْعُهْدَةُ) لِلْمَبِيعِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ لِتَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْهُ. (وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي شَرِكَةَ الطَّالِبِ) لِلشُّفْعَةِ (أَوْ) أَنْكَرَ (تَقَدُّمَ مِلْكِهِ) عَلَى مِلْكِهِ (حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِذَلِكَ لَا عَلَى الْبَتِّ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ (فَإِنْ نَكَلَ) الْمُشْتَرِي (حَلَفَ الطَّالِبُ عَلَى الْبَتِّ وَأَخَذَ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ أَقَامَ الشَّرِيكُ) بَعْدَ دَعْوَاهُ (بَيِّنَةً عَلَى ثَالِثٍ أَنَّهُ   [حاشية الرملي الكبير] وَإِنَّمَا حُكِيَ الْجَوَازُ احْتِمَالًا لِبَعْضِهِمْ قَالَ شَيْخُنَا: يُمْكِنُ حَمْلُ الْجَوَازِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ بِهَا تَنْقُصُ مَعَ بَقَائِهِ وَالْمَنْعِ عَلَى خِلَافِهِ كا. [فَصْلٌ وَقَفَ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ الْوَقْفِ] (فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ: لَوْ وَقَفَ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ إلَخْ) حُكْمُ جَعْلِهِ مَسْجِدًا حُكْمُ الْوَقْفِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ وَقْفِ حِصَّةٍ مِنْ دَارِ مَسْجِدًا وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وَقْفِ التَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ وَقَبْلَ نَقْضِهِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ إلَخْ) عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ فَكَانَ كَتَصَرُّفِ الْوَلَدِ فِيمَا وَهَبَهُ لَهُ أَبُوهُ وَكَتَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي الصَّدَاقِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةٍ) لِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْإِجَارَةِ وَفَسْخِهَا فَإِنْ أَمْضَاهَا فَالْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَيْسَتْ فِي الرَّافِعِيِّ [فَصْلٌ لَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى عَفْوِ الشَّفِيعِ وَتَقْصِيرِهِ] (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ تَصْدِيقُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ مَا يُكَذِّبُهُ الْحِسُّ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِينَارٍ وَهُوَ يُسَاوِي دِينَارًا لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَحَالَفَا كَالْمُتَبَايِعِينَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مُدَّعٍ وَمُبَاشِرٌ لِلْعَقْدِ وَهَاهُنَا الْمُشْتَرِي الْمُدَّعِي وَالشَّفِيعُ لَمْ يُبَاشِرْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ) وَلِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ فَلَا يُزَالُ إلَّا بِمَا يُقِرُّ بِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الشَّفِيعُ) كُلٌّ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِهِ إنْ شَهِدَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ وَفِعْلُهُ مَقْصُودٌ بِخِلَافِ فِعْلِ الْمُرْضِعَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ لَزِمَ الشَّفِيعَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْقَوْلُ قَوْلَ الشَّفِيعِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ غَارِمًا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْغَارِمِ فِي حَالَةِ التَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ وَلَا يَمْلِكُ بِالْغَرَامَةِ مَالًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَبْذُلُ بَدَلًا يَمْلِكُ بِهِ شِقْصًا لِغَيْرِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ يَنْزِعُ مِلْكَ غَيْرِهِ بِبَدَلٍ يَبْذُلُهُ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي قَدْرِ ذَلِكَ الْبَدَلِ وَلِهَذَا لَمْ يَجْعَلُوا الْقَوْلَ قَوْلَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ مَعَ الْبَائِعِ فِيهِ لِأَنَّهُ يَنْزِعُ الْمِلْكَ مِنْ الْبَائِعِ وَالضَّابِطُ لِهَذِهِ الصُّوَرِ أَنَّا نَنْظُرُ فِي مُدَّعِي الْمِقْدَارِ فِي الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ فَإِنْ وَجَدْنَاهُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْعَقْدِ كَالشَّفِيعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ خَصْمِهِ جَزْمًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَجْنَبِيًّا عَنْ ذَلِكَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي يُرِيدُ بِدَعْوَاهُ إزَالَةَ مِلْكِ خَصْمِهِ عَمَّا هُوَ فِي مِلْكِهِ أَوْ لَا: إنْ كَانَ الْأَوَّلَ وَلَمْ يُعَارِضْهُ تَلَفٌ تَحْتَ يَدِ الْمُدَّعِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُرِيدُ إزَالَةَ مِلْكِهِ كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ عَارَضَهُ تَلَفٌ تَحْتَ يَدِ الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ غَارِمًا جَرَى الْقَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَ غَارِمًا فَلَا يَجْرِي الْقَوْلَانِ وَيَجِيءُ وَجْهٌ ضَعِيفٌ حَتَّى فِي صُورَةِ الْإِقَالَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَقْدٌ قَائِمٌ فَإِنْ كَانَ جَاءَ التَّحَالُفُ فِي الْإِقَالَةِ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إزَالَةُ مِلْكِ خَصْمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَارِمِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْعَوَارِيّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ثَبَتَ خِلَافُهُ) شَمِلَ مَا لَوْ ثَبَتَ بِيَمِينِ الْبَائِعِ الْمَرْدُودَةِ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا إقْرَارٌ صَرِيحٌ بِأَنَّ الثَّمَنَ هُوَ النَّاقِصُ، وَالْآخَرُ إقْرَارٌ تَقْدِيرِيٌّ بِأَنَّ الثَّمَنَ هُوَ الزَّائِدُ فَعَمِلْنَا بِإِقْرَارِهِ الصَّرِيحِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ وَبِالتَّقْدِيرِيِّ فِي حَقِّ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التُّهْمَةِ) وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ يُنْكِرُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 اشْتَرَى الشِّقْصَ مِنْ) شَرِيكِهِ (الْغَائِبِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ) عَلَيْهِ (الشُّفْعَةَ سُمِعَتْ) بَيِّنَتُهُ (وَأَخَذَهُ) بِهَا (ثُمَّ إنْ أَصَرَّ الْمُشْتَرِي عَلَى إنْكَارِهِ) الشِّرَاءَ (بَقِيَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي) وَإِنْ أَقَرَّ سُلِّمَ الثَّمَنُ إلَيْهِ وَيَمْلِكُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَقْضِ لَهُ الْقَاضِي بِالْمِلْكِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَاكَ مُعْتَرِفٌ بِالشِّرَاءِ وَصِحَّةِ الْأَخْذِ وَهُنَا غَيْرُ مُعْتَرِفٍ بِالْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَإِنْ أَقَامَ الثَّالِثُ) مَعَ وُجُودِ بَيِّنَةِ الشَّرِيكِ (بَيِّنَةً أَنَّهُ وَرِثَهُ، أَوْ اتَّهَبَهُ تَعَارَضَتَا، أَوْ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْغَائِبَ (أَعَارَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ) لَهُ (فَلَا مُنَافَاةَ) بَيْنَ دَعْوَاهُ وَدَعْوَى الشَّرِيكِ فَيَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَعَارَهُ، أَوْ أَوْدَعَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ أَنَّهُ غَصَبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ، أَوْ الْإِيدَاعِ فَاعْتَمَدَهُ الشُّهُودُ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَطَعَ الِاحْتِمَالُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا إنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُ الْإِيدَاعِ) أَوْ الْإِعَارَةِ عَنْ تَارِيخِ الْبَيْعِ (وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ) أَوْ أَعَارَهُ لَهُ (وَهُوَ مِلْكُهُ فَيُرَاجِعُ الشَّرِيكُ) الْغَائِبَ (فَإِنْ صَدَّقَهُ) أَيْ الثَّالِثُ (سَقَطَ حُكْمُ الشِّرَاءِ، وَإِنْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي) فِيهِ (قَضَى بِالشُّفْعَةِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ (بَيِّنَةٌ وَادَّعَى) هُوَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الثَّالِثِ (الشِّرَاءَ) مِنْ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الشُّفْعَةَ (فَصَدَّقَهُ) عَلَى ذَلِكَ (شَفَعَ) أَيْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى الشِّرَاءِ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ (وَسَجَّلَ الْقَاضِي أَنَّهَا ثَبَتَتْ بِتَصَادُقِهِمَا) فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي فِي بَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَتَى لِلْقَاضِي جَمَاعَةٌ بِأَيْدِيهِمْ دَارٌ وَطَلَبُوا مِنْهُ قِسْمَتَهَا وَلَمْ يُقِيمُوا بَيِّنَةً بِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ لَمْ يُجِبْهُمْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِأَنَّ الشِّقْصَ كَانَ لِذَلِكَ الْغَائِبِ فَأَمْكَنَ الْعَمَلُ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَى انْتِقَالِهِ عَنْهُ وَهُوَ عَلَى حَقِّهِ إذَا قَدِمَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقِسْمَةِ فَإِنَّ الْمَنْعَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ مِلْكَهُمْ وَيَتَّخِذُونَ قِسْمَتَهَا ذَرِيعَةً لِدَعْوَى الْمِلْكِ. (وَإِنْ أَنْكَرَ الشِّرَاءَ) كَأَنْ قَالَ: لَمْ أَشْتَرِهِ سَوَاءٌ أَقَالَ مَعَهُ: وَرَثَتُهُ أَوْ اتَّهَبْتُهُ أَمْ لَا (أَوْ) زَعَمَ (أَنَّهُ) أَيْ الشَّرِيكَ (لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ، أَوْ) قَالَ (لَا يَلْزَمُنِي ذَلِكَ) يَعْنِي تَسْلِيمَ الشِّقْصِ إلَيْهِ (حَلَفَ عَلَى مَا أَجَابَ) فَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ نَفْيُ الشِّرَاءِ وَلَا يَكْفِيهِ فِي الْأُولَى فِي شِقِّهَا الْأَوَّلِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ وَقِيلَ يَكْفِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ نَكَلَ) الثَّالِثُ (حَلَفَ الطَّالِبُ وَشَفَعَ) أَيْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ وَبَقِيَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ. (وَلَوْ اعْتَرَفَ الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ) وَهُوَ الْبَائِعُ (وَالشِّقْصُ فِي يَدِهِ بِالْبَيْعِ مِنْ الثَّالِثِ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ وَأَخَذَ الشِّقْصَ مِنْهُ) بِهَا؛ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ يَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ حَقٍّ لِلْمُشْتَرِي وَحَقٍّ لِلشَّفِيعِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الشَّفِيعِ بِإِنْكَارِ الْمُشْتَرِي كَمَا لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُشْتَرِي بِإِنْكَارِ الشَّفِيعِ (وَسُلِّمَ الثَّمَنُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ (إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضِهِ وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ) أَيْ عُهْدَةُ الشِّقْصِ لِتَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْهُ وَكَانَ الشَّفِيعُ هُوَ الْمُشْتَرِيَ. (فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ مِنْ الشَّفِيعِ فَهَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي) بِهِ أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَالُهُ أَبْعَدَ عَنْ الشُّبْهَةِ، وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالدَّرْكِ أَسْهَلُ، ثُمَّ إنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنْهُ وَكَانَتْ عُهْدَتُهُ عَلَيْهِ (فَإِنْ اعْتَرَفَ) مَعَ الْبَيْعِ (بِقَبْضِ الثَّمَنِ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ وَبَقِيَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الشَّفِيعِ، وَإِنْ قَالَ الثَّالِثُ اشْتَرَيْته لِغَيْرِي فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي الدَّعَاوَى) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا جَمِيعُ مَا هُنَاكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْبَزَّارُ وَالْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ انْتَقَلَتْ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِلَا ثَمَنٍ وَكَذَا يَأْخُذَانِ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ غَائِبًا أَوْ مَجْهُولًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى سَدِّ بَابِ الشُّفْعَةِ، وَإِنْ كَانَ طِفْلًا مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ لِلْمُقِرِّ وِلَايَةٌ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّزَاحُمِ) أَيْ تَزَاحُمِ الشُّفَعَاءِ (فَالشُّفْعَةُ) تَثْبُتُ لِلشُّرَكَاءِ (عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ) مِنْ الْمِلْكِ (لَا) قَدْرِ (الرُّءُوسِ) لِأَنَّهَا مِنْ مَرَافِقِ الْمِلْكِ فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهِ كَكَسْبِ الْمُشْتَرَكِ وَنِتَاجِهِ وَثِمَارِهِ فَلَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِوَاحِدٍ نِصْفُهَا وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا وَلِآخَرَ سُدُسُهَا فَبَاعَ الْأَوَّلُ حِصَّتَهُ أَخَذَ الثَّانِي سَهْمَيْنِ وَالثَّالِثُ سَهْمًا وَقِيلَ تَثْبُتُ عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ سَوَاءً؛ لِأَنَّ سَبَبَ ثُبُوتِهَا اسْمُ الشَّرِكَةِ وَهُوَ فِي الْجَمِيعِ سَوَاءٌ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالشِّقْصُ فِي يَدِهِ) يَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَقَالَ هُوَ عِنْدِي وَدِيعَةً لَهُ، أَوْ عَارِيَّةً أَيْ أَوْ نَحْوَهُمَا كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ. (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ) هُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اعْتَرَفَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ وَبَقِيَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الشَّفِيعِ عَيْنًا كَانَ، أَوْ دَيْنًا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَكَرَّرَ مِنْ الرَّافِعِيِّ تَخْرِيجُ الدَّيْنِ عَلَى الْأَوْجَهِ فِي الْعَيْنِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّاجِحَ تَسْلِيطُ الشَّفِيعِ عَلَى التَّمَلُّكِ وَالتَّصَرُّفِ مَعَ كَوْنِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ لَا يُوَافِقُ الْقَوَاعِدَ السَّابِقَةَ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ لَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهِ إلَى الْقَاضِي لِيُلْزِمَهُ الْقَبْضَ، أَوْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَنِ لِيَحْصُلَ الْمِلْكُ لِلشَّفِيعِ فَإِنْ فُرِضَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُصُولُ الْمِلْكِ بِسَبَبٍ آخَرَ كَالْقَضَاءِ اسْتَقَامَ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْعَيْنِ قَالَ: وَأَجْرَاهُ ابْنُ يُونُسَ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ هَذَا كَلَامُهُ وَهُوَ غَرِيبٌ. اهـ.، وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: هُنَاكَ الْمُشْتَرِي مُعْتَرِفٌ بِالشِّرَاءِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ فَقَالَا: إنَّ الشَّفِيعَ هَاهُنَا لَا يَتَوَقَّفُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يَأْخُذُ مَعَ بَقَاءِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِي هُنَاكَ مُعْتَرِفٌ بِالشِّرَاءِ وَصِحَّةِ الْأَخْذِ فَنَاسَبَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَا - وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ - غَيْرُ مُعْتَرِفٍ بِالْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ فَكَيْفَ يُلْزِمُهُ الْقَاضِي بِقَبْضِ مَا لَا يَدَّعِيهِ وَيَعْتَرِفُ بِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْبَزَّارُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [تَزَاحُمِ الشُّفَعَاءِ] (قَوْلُهُ: فَالشُّفْعَةُ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ مِنْ الْمِلْكِ) كَالْأُجْرَةِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرُوا رَجُلًا لِقِسْمَةِ الْمُشْتَرَكِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 كَأُجْرَةِ كِتَابَةِ الصَّكِّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَرَجَّحَ الْأَصْحَابُ الْأَوَّلَ لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ لِدَفْعِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ كَمَا مَرَّ لَا لِدَفْعِ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ، وَالْمُؤْنَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحِصَصِ فَأَخَذُوا بِقَدْرِهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ مَا يَلْزَمُهُ بِالْقِسْمَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْأُمِّ قَالَ: وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُمَا فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ، وَبِهَذَا الْقَوْلِ أَقُولُ. (وَكَذَا) تَثْبُتُ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ (إنْ وَرِثُوهَا) لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَ) مَالِكُ دَارٍ (عَنْ ابْنَيْنِ، ثُمَّ) مَاتَ (أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا) نَصِيبَهُ (فَالشُّفْعَةُ) تَثْبُتُ (لِلْعَمِّ وَالْأَخِ) لَا لِلْأَخِ فَقَطْ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمِلْكِ، وَالنَّظَرُ فِي الشُّفْعَةِ إلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ لَا إلَى سَبَبِ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الْمُحْوِجَ إلَى إثْبَاتِهَا لَا يَخْتَلِفُ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ شَرِيكَيْنِ مَلَكَا بِسَبَبٍ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ الشُّرَكَاءِ) مَلَكَ (بِسَبَبٍ آخَرَ) فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ (مِثَالُهُ بَيْنَهُمَا دَارٌ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، أَوْ وَهَبَهُ لِرَجُلَيْنِ، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي) لِمَا مَرَّ. (وَإِنْ مَاتَ) شَخْصٌ (عَنْ بِنْتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ وَخَلَّفَ دَارًا فَبَاعَتْ إحْدَاهُنَّ) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ (نَصِيبَهَا شَفَعْنَ كُلُّهُنَّ) أَيْ الْبَاقِيَاتُ لَا أُخْتُهَا فَقَطْ (وَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَ نَصِيبِهِ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَاقِيَهُ مِنْ عَمْرٍو فَإِنْ شَفَعَ الشَّرِيكُ عَلَى) النَّصِيبِ (الْأَوَّلِ) أَيْ اسْتَعْلَى عَلَيْهِ بِأَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ (انْفَرَدَ بِالثَّانِي) لِزَوَالِ مِلْكِ مَنْ اشْتَرَاهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْأَوَّلُ بِالشُّفْعَةِ بَلْ عَفَا عَنْهَا (شَارَكَهُ) الْمُشْتَرِي (الْأَوَّلُ) لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ سَبَقَ الصَّفْقَةَ الثَّانِيَةَ وَاسْتَقَرَّ بِعَفْوِ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ فَيَسْتَحِقُّ بِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ " الْأَوَّلُ ": فِي الْآخَرِ، أَيْ: وَإِلَّا شَارَكَهُ الْأَوَّلُ فِي الْآخَرِ أَيْ فِي النَّصِيبِ الثَّانِي. [فَصْلٌ عَفَا الشَّفِيعُ عَنْ بَعْضِ الشُّفْعَةِ] (فَصْلٌ: لَوْ عَفَا) الشَّفِيعُ (عَنْ بَعْضِ الشُّفْعَةِ سَقَطَ الْكُلُّ) كَالْقِصَاصِ. (وَلَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ شَفِيعَيْنِ عَنْ حَقِّهِ (أَخَذَ الْآخَرُ الْكُلَّ، أَوْ تَرَكَ) هـ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ ثَبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي جَمِيعِ الشِّقْصِ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَهُوَ الشَّرِكَةُ، وَإِنَّمَا قُسِمَ عِنْدَ التَّزَاحُمِ لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ فَإِذَا أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ زَالَتْ الزَّحْمَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَخَيَّرْنَاهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ كَالْمُنْفَرِدِ وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَخْذِ نَصِيبِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي. (وَلَوْ مَاتَ كُلٌّ مِنْ الشَّفِيعَيْنِ عَنْ ابْنَيْنِ فَعَفَا أَحَدُهُمْ) عَنْ حَقِّهِ (صَارَتْ) أَيْ الشُّفْعَةُ (لِلثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا) . [فَرْعٌ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَفْوَ الشَّفِيعَيْنِ الْوَارِثَيْنِ فَنَكَلَا عَنْ الْيَمِينِ] (فَرْعٌ لَوْ ادَّعَى) الْمُشْتَرِي (عَفْوَ الشَّفِيعَيْنِ الْوَارِثَيْنِ فَنَكَلَا) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَسَقَطَتْ) شُفْعَتُهُمَا (أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (لَمْ يَحْلِفْ الْمُشْتَرِي) إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِي حَلِفِهِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ ثَبَتَ عَفْوُ أَحَدِهِمَا أَخَذَ الثَّانِي تَمَامَ الشِّقْصِ (وَلِلْحَالِفِ مُخَاصَمَةُ أَخِيهِ فَإِنْ حَلَفَ) أَخُوهُ (النَّاكِلُ) أَوْ صَدَّقَهُ الْحَالِفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ (اشْتَرَكَا) فِي الشُّفْعَةِ وَلَا يَمْنَعُ النَّاكِلَ مِنْ الْحَلِفِ نُكُولُهُ فِي جَوَابِ الْمُشْتَرِي (أَوْ نَكَلَ) أَيْضًا (وَحَلَفَ الْآخَرُ) أَيْ الْحَالِفُ أَوَّلًا (أَخَذَ الْجَمِيعَ) بِالشُّفْعَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَنَكَلَا مَا لَوْ حَلَفَا أَيْ عَلَى الْبَتِّ فَيَأْخُذَانِ بِالشُّفْعَةِ أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَفْوَ مُوَرِّثِهِمَا فَإِنَّهُمَا إنَّمَا يَحْلِفَانِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. [فَصْلٌ اسْتَحَقَّ الشُّفْعَة ثَلَاثَةٌ بِالسَّوَاءِ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ] (فَصْلٌ) لَوْ (اسْتَحَقَّهَا ثَلَاثَةٌ) كَأَنْ كَانَتْ دَارٌ لِأَرْبَعَةٍ (بِالسَّوَاءِ) فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَاسْتَحَقَّهَا الْبَاقُونَ (فَحَضَرَ أَحَدُهُمْ أَخَذَ الْكُلَّ، أَوْ تَرَكَهُ) فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ فَقَطْ لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الْغَائِبَانِ (وَلَوْ أَخَّرَ الْأَخْذَ لِحُضُورِهِمَا جَازَ) لِعُذْرِهِ فِي أَنْ لَا يَأْخُذَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ فَيُؤَخَّرُ لِيُنْظَرَ هَلْ يَأْخُذُ الْغَائِبَانِ فَيَأْخُذُ مَعَهُمَا أَوْ لَا (فَإِنْ أَخَذَ الْكُلَّ وَحَضَرَ الثَّانِي نَاصَفَهُ) بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا شَفِيعَانِ (وَيَأْخُذُ الثَّالِثُ إنْ حَضَرَ مِنْ كُلٍّ) مِنْ الْمُتَنَاصَفَيْنِ (ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ) إنْ شَاءَ (فَإِنْ رَدَّ الْأَوَّلُ) مَا أَخَذَهُ (بِعَيْبٍ) ثُمَّ حَضَرَ الثَّانِي (فَلِلثَّانِي أَخْذُ الْكُلِّ، وَإِنْ خَرَجَ الشِّقْصُ مُسْتَحَقًّا) بَعْدَ مَا ذُكِرَ (رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَ) رَجَعَ (الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَ) رَجَعَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: كَأُجْرَةِ كِتَابَةِ الصَّكِّ) ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَوْنُ أُجْرَتِهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِالسَّوَاءِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ حِصَصُهُمْ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ لَا أَسْتَحْضِرُ الْآنَ هَلْ ذُكِرَتْ فِي الْقَضَاءِ أَمْ لَا وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَهَبَ لِشَخْصٍ مَثَلًا ثُلُثَ دَارٍ وَلِآخَرَ نِصْفَهَا وَلِآخَرَ سُدُسَهَا فَأُجْرَةُ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِمْ بِالسَّوَاءِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَتَفَاوَتُ فِي قَدْرِ الْحِصَصِ وَكَذَلِكَ حِفْظُ الشَّهَادَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أُجْرَةُ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ يَسْتَوِي فِيهَا الْمَالُ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا الْقَوْلِ أَقُولُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ السِّرَايَةِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ السِّرَايَةَ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ وَالشُّفْعَةَ مِنْ بَابِ مَرَافِقِ الْمِلْكِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: قَوْلُهُ: " إنَّ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ خَطَأٌ إنَّمَا تَسْتَقِيمُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ إذَا كَانَ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ وَاحِدٌ. اهـ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ رَجَّحَ أَحَدَهُمَا اسْتَقَامَ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَذْهَبَهُ مَا رَجَّحَهُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (تَنْبِيهٌ) إنَّمَا ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِلْوَارِثِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ خَلَّفَ حَقًّا فَلِوَرَثَتِهِ» وَكَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ [فَرْعٌ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَة تَثْبُتُ لِلْعَمِّ وَالْأَخِ] (فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ: لَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِ الشُّفْعَةِ سَقَطَ الْكُلُّ) فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا لَمْ يَعْفُ عَنْهُ وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالتَّبْعِيضِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ فَقَطْ) أَيْ وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالتَّبْعِيضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخَّرَ الْأَخْذَ لِحُضُورِهِمَا جَازَ) مَحَلُّهُ مَا إذَا قَالَ أُؤَخِّرُ الْأَخْذَ إلَى حُضُورِ الشُّرَكَاءِ فَإِنْ أَخَذُوا، وَإِلَّا أَخَذْتُ، أَوْ قَالَ أُؤَخِّرُ الْأَخْذَ إلَى حُضُورِ الشُّرَكَاءِ فَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا آخُذُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِي سَوَاءٌ شَارَكَهُ الْغَائِبُونَ أَمْ لَا سَقَطَ حَقُّهُ صَرَّحَ بِهَا الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مَنْ صَرَّحَ بِالْإِعْرَاضِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 (الثَّالِثُ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، كُلٌّ) مِنْهُمْ يَرْجِعُ (بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ الْأَوَّلُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ وَالثَّانِي بِالنِّصْفِ وَالثَّالِثُ بِالثُّلُثِ كَمَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ وَتَسْلِيمَ الثَّمَنِ جَرَى بَيْنَهُمْ كَذَلِكَ (وَإِنْ حَضَرَ الثَّالِثُ وَأَرَادَ أَخْذَ ثُلُثِ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ جَازَ) كَمَا يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ فَقَطْ. (وَلَوْ بَنَى الْأَوَّلُ، أَوْ غَرَسَ فِيمَا أَفْرَزَهُ لَهُ الْحَاكِمُ) بِالْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبَيْنِ (ثُمَّ حَضَرَا لَمْ يَقْلَعَا عَلَيْهِ) الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ مَجَّانًا كَمَا أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَقْلَعُ بِنَاءَ الْمُشْتَرِي وَغِرَاسَهُ مَجَّانًا وَلَوْ حَضَرَ اثْنَانِ فَأَخَذَا الشِّقْصَ وَاقْتَسَمَا مَعَ الْحَاكِمِ، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَهُ الْأَخْذُ، وَإِبْطَالُ الْقِسْمَةِ فَإِنْ عَفَا اسْتَمَرَّتْ الْقِسْمَةُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ حَدَثَتْ مَعَهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (فَوَائِدُ) مِنْ أُجْرَةٍ وَثَمَرَةٍ وَغَيْرِهِمَا (فَكَالْمُشْتَرِي) فِي أَنَّهَا تُسَلَّمُ لَهُ فَلَا يُزَاحِمُهُ فِيهَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِهِ كَمَا لَا يُزَاحِمُ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ وَالثَّالِثُ مَعَ الثَّانِي كَالثَّانِي وَالثَّالِثِ مَعَ الْأَوَّلِ (وَاعْلَمْ أَنَّ لِلثَّانِي أَخْذَ الثُّلُثِ مِنْ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ الْحَقُّ عَلَيْهِ؛ إذْ الْحَقُّ ثَبَتَ لَهُمْ أَثْلَاثًا (فَإِنْ حَضَرَ الثَّالِثُ وَأَخَذَ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ، أَوْ ثُلُثَ مَا فِي يَدِ كُلٍّ) مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (وَكَانَ الثَّانِي) فِي الثَّانِيَةِ (قَدْ أَخَذَ) مِنْ الْأَوَّلِ (النِّصْفَ اسْتَوَوْا) فِي الْمَأْخُوذِ (أَوْ) أَخَذَ الثَّالِثُ (ثُلُثَ الثُّلُثِ الَّذِي فِي يَدِ الثَّانِي فَلَهُ ضَمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ وَيَقْتَسِمَانِهِ بِالسَّوِيَّةِ) بَيْنَهُمَا فَتَصِحُّ قِسْمَةُ الشِّقْصِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَ الثُّلُثِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ تِسْعَةٍ يَضُمُّهُ إلَى سِتَّةٍ مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ عَلَى اثْنَيْنِ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي تِسْعَةٍ فَلِلثَّانِي مِنْهَا اثْنَانِ فِي الْمَضْرُوبِ فِيهَا بِأَرْبَعَةٍ تَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَبْعَةٌ، وَإِذَا كَانَ رُبُعُ الدَّارِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَجُمْلَتُهَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ، وَإِنَّمَا كَانَ لِلثَّالِثِ أَخْذُ ثُلُثِ الثُّلُثِ مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا مِنْ جُزْءٍ الْأَوْلَى مِنْهُ ثُلُثُهُ. (وَإِنْ شَفَعَ الْحَاضِرَانِ، ثُمَّ غَابَ أَحَدُهُمَا فَحَضَرَ الثَّالِثُ وَلَمْ يُقْضَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ فَهَلْ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْحَاضِرِ) لِأَنَّهُ إذَا غَابَ أَحَدُهُمَا فَكَأَنَّ الْحَاضِرَيْنِ هُمَا الشَّفِيعَانِ فَيُسَوِّي بَيْنَهُمَا (أَوْ) يَأْخُذُ (ثُلُثَهُ) لِأَنَّهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مِنْهُ (وَجْهَانِ) وَيَنْبَغِي جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ. (فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَغَابَ الْحَاضِرُ وَقَدْ أَخَذَ) أَيْ الثَّالِثُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَاضِرِ (النِّصْفَ) أَيْ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ (أَخَذَ مِنْ هَذَا) الَّذِي حَضَرَ (السُّدُسَ) وَيَتِمُّ بِذَلِكَ نَصِيبُهُ (أَوْ) أَخَذَ مِنْهُ (الثُّلُثَ فَالثُّلُثَ) يَأْخُذُ مِنْ الْحَاضِرِ وَالشِّقْصُ فِي الْمَسْأَلَةِ يُقْسَمُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْحَاجَةِ إلَى عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَلِنِصْفِهِ نِصْفٌ وَسُدُسٌ، وَإِذَا كَانَ الرُّبُعُ اثْنَيْ عَشَرَ فَالْكُلُّ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَعَلَى الثَّانِي مِنْ سِتَّةٍ لِلْحَاجَةِ إلَى عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَلِنِصْفِهِ ثُلُثٌ، وَإِذَا كَانَ الرُّبُعُ سِتَّةً فَالْكُلُّ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَمَّا إذَا قُضِيَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ. (وَلَوْ اسْتَحَقَّهَا اثْنَانِ) حَاضِرٌ وَغَائِبٌ (فَعَفَا الْحَاضِرُ وَمَاتَ الْغَائِبُ فَلِوَرَثَةِ الْحَاضِرِ أَخْذُ الْكُلِّ) بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ عَفَا أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ الْآنَ يَأْخُذُ بِحَقِّ الْإِرْثِ. [فَصْلٌ التَّبْعِيضُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ] (فَصْلٌ: إنَّمَا مُنِعَ التَّبْعِيضُ) فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) عَلَى الْمُشْتَرِي (فَإِنْ اشْتَرَى الشِّقْصَ اثْنَانِ) مِنْ وَاحِدٍ (جَازَ) لِلشَّفِيعِ (أَخْذِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا) فَقَطْ؛ إذْ لَا تَفْرِيقَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَاعَ اثْنَانِ شِقْصًا لِوَاحِدٍ جَازَ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ مِنْ اثْنَيْنِ جَازَ) لِلشَّفِيعِ (أَخْذُ رُبُعِهِ فَمَا فَوْقَهُ أَرْبَاعًا) أَيْ نِصْفَهُ، أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، أَوْ الْجَمِيعَ (وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ شَرِيكَهُ) أَيْ أَحَدَ شَرِيكَيْهِ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ (فَبَاعَ نَصِيبَهُمَا صَفْقَةً بِالْإِذْنِ) فِي بَيْعِهِ كَذَلِكَ بَلْ، أَوْ بِدُونِهِ (لَمْ يُفَرِّقْهَا الثَّالِثُ) بَلْ يَأْخُذْ الْجَمِيعَ، أَوْ يَتْرُكْهُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ لَا بِالْمَعْقُودِ لَهُ. (وَلَوْ كَانَتْ) دَارٌ (بَيْنَ اثْنَيْنِ فَوَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي بَيْعِ نِصْفِ نَصِيبِهِ) مُطْلَقًا، أَوْ (مَعَ نَصِيبِ صَاحِبِ صَفْقَةٍ) فَبَاعَ كَذَلِكَ (فَلِلْمُوَكِّلِ إفْرَادُ نَصِيبِ الْوَكِيلِ بِالْأَخْذِ) بِالشُّفْعَةِ بِحَقِّ النِّصْفِ الْبَاقِي لَهُ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَا لَا شُفْعَةَ لِلْمُوَكِّلِ فِيهِ وَهُوَ مِلْكُهُ وَعَلَى مَا فِيهِ شُفْعَةٌ وَهُوَ مِلْكُ الْوَكِيلِ فَأَشْبَهَ مَنْ بَاعَ شِقْصًا وَثَوْبًا بِمِائَةٍ. (وَإِنْ بَاعَ شِقْصَيْنِ مِنْ دَارَيْنِ صَفْقَةً جَازَ أَخْذُ أَحَدِهِمَا وَلَوْ اتَّحَدَ) فِيهِمَا (الشَّفِيعُ) لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى تَبْعِيضِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْقِطَاتِ الشُّفْعَةِ] .   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: بِالْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبَيْنِ) بِأَنْ نَصَبَ الْحَاكِمُ قَيِّمًا فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَدَثَتْ مَعَهُ فَوَائِدُ فَكَالْمُشْتَرِي) سَبَقَ أَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يُقَالُ: الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَالْفَوَائِدُ لِلشَّفِيعِ. وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفَوَائِدَ تَابِعَةٌ لِلْمِلْكِ وَهُوَ حَاصِلٌ لِلشَّفِيعِ وَالْعُهْدَةُ عَلَى مَنْ اُسْتُحِقَّتْ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا مِنْ جُزْءٍ الْأَوْلَى مِنْهُ ثُلُثُهُ) أَيْ وَتَرْكُكَ حَقَّك - وَهُوَ مُشَاطَرَةُ الْأَوَّلِ - لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ أَتْرُكَ أَنَا حَقِّي. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَى الشِّقْصَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ جَازَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا) الْعِبْرَةُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ وَاتِّحَادِهَا بِالْمَعْقُودِ لَهُ لَا بِالْعَاقِدِ فَالْعِبْرَةُ فِي تَعَدُّدِهَا وَاتِّحَادِهِ بِالْمُوَكِّلِ لَا بِالْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ قَطْعًا وَبِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ وَقَدْ عَكَسُوا هُنَا فَقَطَعُوا بِتَعَدُّدِهَا بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَالْخِلَافُ فِي تَعَدُّدِ الْبَائِعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ رَدَّ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ بِبَعْضِ مَا بَاعَهُ جُمْلَةً وَالْأَخْذَ مِنْ أَحَدِهِمَا بِالشُّفْعَةِ يُبَعِّضُ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ جُمْلَةً. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ لَا بِالْمَعْقُودِ لَهُ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الشُّفْعَةِ بِالْوَكِيلِ وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْمُوَكِّلِ فَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ حِينَئِذٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْقِطَاتِهَا) (الشُّفْعَةُ) أَيْ طَلَبُهَا بِأَنْ يَقُولَ: أَنَا طَالِبٌ، أَوْ نَحْوَهُ (بَعْدَ الْعِلْمِ) أَيْ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ (عَلَى الْفَوْرِ) وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ فَوْرِيًّا كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (وَلَا يُكَلَّفُ) الشَّفِيعُ بَعْدَ عِلْمِهِ (غَيْرَ الْمُبَادَرَةِ الْمُعْتَادَةِ) مِنْ عَدْوٍ وَنَحْوِهِ فَمَا يُعَدُّ تَقْصِيرًا فِي الطَّلَبِ يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ وَمَا لَا فَلَا (وَلَا) يُكَلَّفُ (الْإِشْهَادَ) عَلَى الطَّلَبِ (إذَا سَارَ) طَالِبًا فِي الْحَالِ (أَوْ وَكَّلَ) فِي الطَّالِبِ فَلَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بِتَرْكِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِأَنَّ تَسَلُّطَ الشَّفِيعِ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَقْوَى مِنْ تَسَلُّطِ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَمَا لَا يَخْفَى (وَلَا يُغْنِيهِ الْإِشْهَادُ عَنْ الرَّفْعِ) إلَى الْقَاضِي. (فَإِنْ أَخَّرَ) طَلَبَ الشُّفْعَةِ (بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ) لِتَقْصِيرِهِ (وَيُشْتَرَطُ تَوْكِيلُ مَرِيضٍ) بِطَلَبِهَا وَإِنْ لَحِقَهُ فِي التَّوْكِيلِ مِنَّةٌ وَمُؤْنَةٌ إذَا (تَعَذَّرَ طَلَبُهُ وَ) تَوْكِيلُ (خَائِفٍ) مِنْ عَدُوٍّ (وَمَحْبُوسٍ غَيْرِ مُقَصِّرٍ) بِأَنْ حُبِسَ ظُلْمًا أَوْ بِدَيْنٍ هُوَ مُعْسِرٌ بِهِ عَاجِزٌ عَنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (كَغَيْرِ الْمَلِيءِ) بِخِلَافِ مَرِيضٍ لَمْ يَتَعَذَّرْ طَلَبُهُ وَمَحْبُوسٍ مُقَصِّرٍ كَالْمَلِيءِ (فَلَوْ لَمْ يَفْعَلُوا) التَّوْكِيلَ (أَوْ عَجَزُوا) عَنْهُ (وَلَمْ يُشْهِدُوا عَلَى الطَّلَبِ بَطَلَتْ) شُفْعَتُهُمْ لِتَقْصِيرِهِمْ (فَإِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي رَفَعَ) الشَّفِيعُ أَمَرَهُ (إلَى الْقَاضِي وَأَخَذَ) بِالشُّفْعَةِ (وَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي وَالْأَخْذِ بِهَا (مَعَ حُضُورِهِ) كَنَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. (فَإِنْ فُقِدَ الْقَاضِي) مِنْ بَلَدِهِ (خَرَجَ لِطَلَبِهَا هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ) عِنْدَ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ (لَا إنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا وَلَمْ يَجِدْ رُفْقَةً تُعْتَمَدُ، أَوْ كَانَ) إذْ ذَاكَ (حَرٌّ وَبَرْدٌ مُفْرِطَانِ) فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَزُولَ ذَلِكَ. (وَلْيُشْهِدْ) رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الطَّلَبِ وُجُوبًا إذَا أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّوْكِيلُ فَإِنْ أَشْهَدَ رَجُلًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّ بَعْضَ الْقُضَاةِ لَا يَحْكُمُ بِهِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ عَلَى رَأْيٍ، قُلْت: وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالَهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْإِشْهَادِ (لَمْ يَجِبْ التَّلَفُّظُ بِالتَّمَلُّكِ) كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. (فَإِنْ عَلِمَ الْحَاضِرُ) بِالْبَيْعِ (وَحَضَرَتْ صَلَاةٌ) وَلَوْ نَافِلَةً (أَوْ أَكْلٌ، أَوْ لُبْسٌ، أَوْ قَضَاءُ حَاجَةٍ أَوْ كَانَ فِي حَمَّامٍ، أَوْ لَيْلًا فَأَخَّرَ لِذَلِكَ جَازَ) لَهُ تَأْخِيرُ الطَّلَبِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ وَكَحُضُورِ وَقْتِ الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ وَالِاشْتِغَالِ بِهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ اللُّبْسِ وَاللَّيْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ (وَإِنْ لَقِيَهُ) فِي غَيْرِ بَلَدِ الشِّقْصِ (فَأَخَّرَ) الْأَخْذَ إلَى الْعُودِ (إلَى بَلَدِ الشِّقْصِ بَطَلَتْ) شُفْعَتُهُ لِاسْتِغْنَاءِ الْآخِذِ عَنْ الْحُضُورِ عِنْدَ الشِّقْصِ. (فَصْلٌ: وَإِنْ) أَخَّرَ الطَّلَبَ، ثُمَّ (قَالَ: لَمْ أُصَدِّقْ) مُخْبِرِي (وَقَدْ أَخْبَرَهُ شَاهِدَانِ) رَجُلَانِ، أَوْ رَجُلٌ.   [حاشية الرملي الكبير] الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْقِطَاتِهَا) . (قَوْلُهُ: الشُّفْعَةُ بَعْدَ الْعِلْمِ عَلَى الْفَوْرِ) الشُّفْعَةُ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْوَلِيُّ لِمَحْجُورِهِ إذَا كَانَ فِيهَا غِبْطَةٌ لَيْسَتْ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ هِيَ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ عَلَى التَّرَاخِي قَطْعًا حَتَّى لَوْ أَخَّرَهَا، أَوْ عَفَا عَنْهَا لَمْ تَسْقُطْ لِأَجْلِ الْيَتِيمِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَكَّلَ فِي الطَّلَبِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ بِنَفْسِهِ، أَوْ نَائِبِهِ قَالَ النَّاشِرِيُّ لَك أَنْ تَقُولَ مَعْنَاهُ " بِنَفْسِهِ إنْ قَدَرَ وَبِنَائِبِهِ إنْ عَجَزَ " لِيُوَافِقَ تَرْتِيبَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا التَّوْكِيلَ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ وَلَك أَنْ تَقُولَ التَّوْكِيلُ لَا يَخْتَصُّ بِحَالَةِ الْعَجْزِ وَصَرَّحَ ابْنُ السَّرَّاجِ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ لَهُ التَّوْكِيلَ سَوَاءٌ أَكَانَ قَادِرًا مُتَمَكِّنًا بِنَفْسِهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ أَمْ لَا وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّوْكِيلَ لَا يَخْتَصُّ بِحَالَةِ الْمَرَضِ وَهُوَ فِقْهٌ وَاضِحٌ فَإِنَّ وَكِيلَ الْإِنْسَانِ قَائِمٌ مَقَامَهُ لَكِنْ لَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوا التَّوْكِيلَ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ بِالْمَرَضِ، أَوْ نَحْوِهِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ يَتَعَيَّنُ طَرِيقًا لَا؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِنَفْسِهِ. اهـ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَإِنَّ الشُّفْعَةَ كَحَلِّ الْعِقَالِ وَالتَّوْكِيلَ مَعَ الْقُدْرَةِ يُعَدُّ تَقْصِيرًا وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَإِذَا عَلِمَ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ عَادَةً بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ. (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّدَّ رَفْعٌ لِمِلْكِ الرَّادِّ، وَاسْتِمْرَارُهُ عَلَى الْمِلْكِ مُشْعِرٌ بِالرِّضَا فَاحْتَاجَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الْفَسْخِ لِيَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ وَالشَّفِيعُ لَا يَسْتَفِيدُ دُخُولَ الشِّقْصِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ إظْهَارَ الطَّلَبِ، وَالسَّيْرُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ فس قَالَ الْقَمُولِيُّ وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ إشْهَادِ جِيرَانِهِ لَيْلًا وَمُؤَاكَلَةً إذَا كَانَ عَلَى الطَّعَامِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَفِي بُطْلَانِ شُفْعَتِهِ وَجْهَانِ لِلْقَاضِي أَظْهَرُهُمَا أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ. اهـ. سَكَتُوا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ يَأْكُلُ فَلَا يُسْتَحَبُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَهَلْ يَكُونُ عُذْرًا فِي تَأْخِيرِ الْأَخْذِ إلَى فَرَاغِهِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَسَلَّطَ الشَّفِيعُ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْإِشْهَادَ ثَمَّ عَلَى الْفَسْخِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَهُنَا عَلَى الطَّلَبِ وَهُوَ وَسِيلَةٌ لِلْمَقْصُودِ وَيُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ س (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُشْهِدُوا عَلَى الطَّلَبِ بَطَلَتْ) فَإِنْ أَشْهَدُوا وَلَوْ وَاحِدًا لَمْ تَبْطُلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي) أَيْ غَيْبَةً حَائِلَةً بَيْنَ الشَّفِيعِ وَبَيْنَ مُبَاشَرَةِ الطَّلَبِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلْيُشْهِدْ) لَوْ قَالَ أَشْهَدْت فُلَانًا وَفُلَانًا وَأَنْكَرَ قَالَ الْبَغَوِيّ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَحَضَرَتْ صَلَاةٌ وَلَوْ نَافِلَةً) الْمُضِيُّ إلَى الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ كَذَلِكَ إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَيْلًا إلَخْ) قَالَ الشَّيْخَانِ فَحَتَّى يُصْبِحَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا " مُدَّةً إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ " وَالْأَحْسَنُ إلَى ضَوْءِ النَّهَارِ وَبِهِ عَبَّرَ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَافِ. (قَوْلُهُ: فَأَخَّرَ لِذَلِكَ جَازَ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ مَتَى تَمَكَّنَ مِنْ الْمَسِيرِ لَيْلًا بِلَا كُلْفَةٍ لَزِمَهُ وَحَكَى فِي الْكِفَايَةِ عَنْ التَّتِمَّةِ نَحْوَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَعْنَى - وَالْفِقْهُ يَقْتَضِيهِ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ - إذَا جَمَعَتْهُمَا مَحَلَّةٌ أَوْ مَسْجِدٌ بَعْدَ الْغُرُوبِ، أَوْ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ، أَوْ كَانَ الْبَائِعُ، أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ الشُّهُودُ جِيرَانَهُ وَسَهُلَ عَلَيْهِ الِاجْتِمَاعُ بِأَحَدِهِمْ كَمَا فِي النَّهَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 وَامْرَأَتَانِ (وَكَذَا) وَاحِدٌ (مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ) وَلَوْ عَبْدًا، أَوْ امْرَأَةً (أَوْ جَمْعٌ كَثِيرٌ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ) عَلَى الْكَذِبِ وَلَوْ كُفَّارًا (بَطَلَتْ) شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدَيْنِ مَقْبُولَةٌ، وَخَبَرُ مَقْبُولِ الرِّوَايَةِ مَقْبُولٌ فِي الْإِخْبَارِ كَمَا هُنَا، وَخَبَرُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ مُفِيدٌ لِلْعِلْمِ فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَعْتَمِدَهُمْ فَلَوْ قَالَ فِي الْأَوَّلَيْنِ: جَهِلْت ثُبُوتَ الْعَدَالَةِ وَكَانَ مِثْلُهُ يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ لَمْ يَبْعُدْ قَبُولُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ رِوَايَةَ الْمَجْهُولِ لَا تُسْمَعُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ: لَوْ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ وَلَيْسَا عَدْلَيْنِ عِنْدِي وَهُمَا عَدْلَانِ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مُحْتَمَلٌ، وَخَرَجَ بِمَقْبُولِ الرِّوَايَةِ غَيْرُهُ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكَفَاسِقٍ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فَتَسْقُطَ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ يَسْتَوِي فِيهِ خَبَرُ الْفَاسِقِ وَغَيْرِهِ إذَا وَقَعَ فِي النَّفْسِ صِدْقُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَخَرَجَ بِمَنْ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ. (فَرْعٌ وَإِنْ كَذَبَ) عَلَيْهِ (الْمُخْبِرُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ) كَأَنْ قَالَ: إنَّهُ دَرَاهِمُ فَبَانَ دَنَانِيرَ (أَوْ) فِي (نَوْعِهِ) كَأَنْ قَالَ: إنَّهُ سَابُورِيٌّ فَبَانَ هَرَوِيًّا (أَوْ) فِي (زِيَادَتِهِ) كَأَنْ قَالَ: إنَّهُ أَلْفٌ فَبَانَ خَمْسَمِائَةٍ (أَوْ) فِي (حُلُولِهِ) كَأَنْ قَالَ: إنَّهُ حَالٌّ فَبَانَ مُؤَجَّلًا (لَا عَكْسِهِمَا) كَأَنْ قَالَ: إنَّهُ خَمْسُمِائَةٍ فَبَانَ أَلْفًا، أَوْ إنَّهُ مُؤَجَّلٌ فَبَانَ حَالًّا (أَوْ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ) كَأَنْ قَالَ: بَاعَ كُلَّ حِصَّتِهِ فَبَانَ أَنَّهُ بَاعَ بَعْضَهَا، أَوْ عَكْسَهُ (أَوْ فِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ زَيْدٌ) فَبَانَ عُمَرَ أَوْ مِنْهُ مَا لَوْ قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْته لِنَفْسِي فَبَانَ وَكِيلًا (أَوْ أَنَّهُمَا) الْأَوْلَى، أَوْ أَنَّهُ أَيْ الْمُشْتَرِيَ (اثْنَانِ فَبَانَ وَاحِدًا، أَوْ عَكْسِهِ) أَيْ قَالَ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ وَاحِدٌ فَبَانَ اثْنَيْنِ، أَوْ فِي قَدْرِ الْأَجَلِ كَأَنْ قَالَ بَاعَ بِمُؤَجَّلٍ إلَى شَهْرٍ فَبَانَ إلَى شَهْرَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَعَفَا) أَوْ تَوَانَى قَبْلَ بَيَانِ مَا ذُكِرَ (لَمْ تَبْطُلْ) شُفْعَتُهُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ " لَا عَكْسِهِمَا " وَوَجَّهَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ صُورَتَيْ " لَا عَكْسِهِمَا " بِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّعْجِيلِ (وَلَوْ قَالَ بَاعَ كُلَّهُ بِأَلْفٍ فَبَانَ بَعْضُهُ) مَبِيعًا (بِهِ بَطَلَ) حَقُّهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْغَبْ فِي كُلِّهِ بِأَلْفٍ فَفِي بَعْضِهِ أَوْلَى. [فَرْعٌ إنْ بَدَأَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ بِالسَّلَامِ لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا فَلَا تَبْطُلْ الشُّفْعَةُ] (فَرْعٌ: وَإِنْ بَدَأَهُ) أَيْ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ (بِالسَّلَامِ لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا) فَلَا تَبْطُلْ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ قَبْلَ الْكَلَامِ سُنَّةٌ (وَكَذَا لَوْ سَأَلَهُ) ابْتِدَاءً (عَنْ الثَّمَنِ) كَأَنْ قَالَ لَهُ: بِكَمْ اشْتَرَيْت لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا؛ لِأَنَّهُ إنْ جَهِلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَحْثِ عَنْهُ، وَإِلَّا فَقَدْ يُرِيدُ تَحْصِيلَ إقْرَارِ الْمُشْتَرِي لِئَلَّا يُنَازِعَهُ فِيهِ (أَوْ دَعَا لَهُ) ابْتِدَاءً (بِالْبَرَكَةِ فِي الصَّفْقَةِ) نَحْوُ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَتِك فَقَدْ يَدْعُو بِهَا لِيَأْخُذَ صَفْقَتَهُ مُبَارَكَةً، أَوْ أَخَّرَ الطَّلَبَ لِانْتِظَارِ إدْرَاكِ الزَّرْعِ وَحَصَادِهِ؛ إذْ لَا نَفْعَ قَبْلَهُ، أَوْ لِخَلَاصِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ مَغْصُوبًا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوْ أَخَّرَ لِيَعْرِفَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي أَنْ يَعْرِفَ مَا فِيهِ الْحَظُّ لَهُ (فَإِنْ قَالَ) لَهُ (اشْتَرَيْت رَخِيصًا، أَوْ نَحْوَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَنَحْوَهُ كَقَوْلِهِ بِعْهُ، أَوْ هَبْهُ مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ (بَطَلَتْ) شُفْعَتُهُ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى فُضُولٌ لَا غَرَضَ فِيهِ وَفِيمَا عَدَاهَا رِضًى بِتَقْرِيرِ الشِّقْصِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى الشَّفِيعُ) وَقَدْ أَخَّرَ طَلَبَهُ (لِعُذْرٍ بِغَيْبَةٍ، أَوْ حَبْسٍ، أَوْ مَرَضٍ) وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ عُلِمَ ذَلِكَ) الْعُذْرُ وَإِلَّا فَالْمُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي (أَوْ) ادَّعَى (الْجَهْلَ بِثُبُوتِهَا أَوْ فَوْرِيَّتِهَا فَكَمَا سَبَقَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ) فِي أَنَّهُ يُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ مَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَبَيْنَ غَيْرِهِ. [فَصْلٌ بَاعَ الشَّفِيعُ نَصِيبَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَلَوْ جَاهِلًا بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لَهُ] (فَصْلٌ) لَوْ (بَاعَ الشَّفِيعُ نَصِيبَهُ، أَوْ وَهَبَهُ وَلَوْ جَاهِلًا) بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لَهُ أَوْ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ، أَوْ نَحْوِهِ (بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ) لِزَوَالِ سَبَبِهَا وَهُوَ الشَّرِكَةُ (وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْبَعْضَ) أَوْ وَهَبَهُ عَالِمًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِسُقُوطِهَا فِي الْبَعْضِ فَسَقَطَتْ فِي الْكُلِّ كَمَا لَوْ عَفَا عَنْ الْبَعْضِ (لَا جَاهِلًا) لِعُذْرٍ مَعَ بَقَاءِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ زَالَ الْبَعْضُ قَهْرًا كَأَنْ مَاتَ الشَّفِيعُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَبْلَ الْأَخْذِ فَبِيعَ بَعْضُ حِصَّتِهِ فِي دَيْنِهِ جَبْرًا عَلَى الْوَارِثِ وَبَقِيَ بَاقِيهَا لَهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ بِهِ لِانْتِفَاءِ تَخَيُّلِ الْعَفْوِ مِنْهُ. (فَصْلٌ: الصُّلْحُ عَنْهَا بِمَالٍ كَالصُّلْحِ عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ) فَلَا يَصِحُّ وَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ إنْ عَلِمَ بِفَسَادِهِ (فَإِنْ صَالَحَهُ) عَنْ الشُّفْعَةِ فِي الْكُلِّ (عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ بَطَلَ الصُّلْحُ) لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تُقَابَلُ بِعِوَضٍ (وَكَذَا الشُّفْعَةُ إنْ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ أَخَّرَ طَلَب الشُّفْعَة ثُمَّ قَالَ لَمْ أُصَدِّقْ مُخْبِرِي وَقَدْ أَخْبَرَهُ شَاهِدَانِ] قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ قَبُولُ قَوْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الدَّارِمِيُّ لَوْ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ وَلَيْسَا عَدْلَيْنِ عِنْدِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (فَرْعٌ) أَخْبَرَهُ رَجُلَانِ وَكَانَا عَدْلَيْنِ عِنْدَهُ لَا عِنْدَ الْحَاكِمِ قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُعْذَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ فس قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَكُلُّ هَذَا فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا يَقَعُ فِي نَفْسِهِ مِنْ صِدْقٍ وَضِدِّهِ وَلَوْ مِنْ فَاسِقٍ وَغَيْرِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُعْذَرَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فَتَسْقُطَ شُفْعَتُهُ) أَيْ فِي الْبَاطِنِ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) قَالَ فِي الْبَحْرِ هَذَا غَرِيبٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ عِنْدِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَدَأَهُ بِالسَّلَامِ لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا وَكَذَا لَوْ سَأَلَهُ عَنْ الثَّمَنِ، أَوْ دَعَا لَهُ إلَخْ) لَوْ سَلَّمَ وَدَعَا لَهُ وَسَأَلَهُ عَنْ الثَّمَنِ لَمْ يَضُرَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِخَلَاصِ الشِّقْصِ الْمَبِيعَةِ إذَا كَانَ مَغْصُوبًا) هَذَا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ فَإِنْ كَانَ قَادِرًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوْ أَخَّرَ لِيَعْرِفَ الثَّمَنَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَهَبَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَلْ الْإِيصَاءُ بِحِصَّتِهِ، أَوْ بِبَعْضِهَا كَالْهِبَةِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا [فَرْعٌ ادَّعَى الشَّفِيعُ وَقَدْ أَخَّرَ طَلَبَهُ لِعُذْرٍ بِغَيْبَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي] (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَاهِلًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ: جَاهِلًا يَعُمُّ جَهْلَهُ بِالْبَيْعِ وَجَهْلَهُ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِالثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: لَا جَاهِلًا) وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْجَمِيعَ جَاهِلًا بِذَلِكَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ، أَوْ لَهُمَا وَفُسِخَ الْبَيْعُ، ثُمَّ عَلِمَ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ قَالَهُ فِي الْمُرْشِدِ وَلَوْ عَفَا عَنْ الشُّفْعَةِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا فَفِي سُقُوطِهَا وَجْهَانِ كَالْهَازِلِ بِالْبَيْعِ قَالَهُ فِي التَّجْرِيدِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ السُّقُوطِ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَإِنْ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَلَوْ عَفَا عَنْ الشُّفْعَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ثُبُوتَهَا لَهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. (قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ الصُّلْحُ عَنْ الشُّفْعَة بِمَالٍ] (فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ: الصُّلْحُ عَنْهَا بِمَالٍ كَالصُّلْحِ عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَلَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَابِتٌ بِالشَّرْعِ لَا يَسْقُطُ إلَى مَالٍ فَلَمْ يَجُزْ إسْقَاطُهُ بِعِوَضٍ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 عَلِمَ بِبُطْلَانِهِ، وَإِلَّا فَلَا) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَذَكَرَ فِيهِ الْأَصْلُ أَقْوَالًا لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ تَصَالَحَا عَلَى أَخْذِ بَعْضِ الشِّقْصِ فَهَلْ يَصِحُّ لِرِضَا الْمُشْتَرِي بِالتَّبْعِيضِ أَمْ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ أَمْ يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَيَبْقَى خِيَارُهُ بَيْنَ أَخْذِ الْجَمِيعِ وَتَرْكِهِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. (مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ لِلْمُفْلِسِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ) وَالْعَفْوُ عَنْهَا وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحَجْرِ (وَلَا يُزَاحِمُ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ) بَلْ يَبْقَى ثَمَنُ مُشْتَرَاهُ فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ إلَى أَنْ يُوسِرَ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي مُشْتَرَاهُ إنْ جَهِلَ فَلَسَهُ (وَلِلْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ أَخْذُهَا، ثُمَّ) إنْ لَمْ يَأْخُذْهَا جَازَ (لِلْمَالِكِ) أَخْذُهَا، وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فَلِلْمَالِكِ الْأَخْذُ (فَلَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ بِمَالُ الْقِرَاضِ) شِقْصًا (مِنْ شَرِيكِ الْمَالِكِ لَمْ يَشْفَعْ الْمَالِكُ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لَهُ فَلَا يُمْكِنُ الْأَخْذُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ (فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ شَرِيكَ الْبَائِعِ) فِي الْمَبِيعِ مِنْهُ الشِّقْصُ وَاشْتَرَى بِمَالِ الْقِرَاضِ (فَلَهُ الْأَخْذُ) بِالشُّفْعَةِ (لِنَفْسِهِ وَلَوْ ظَهَرَ) فِي الْمَالِ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِنْهُ شَيْئًا بِالظُّهُورِ (وَإِنْ بَاعَ الْمَالِكُ شِقْصَهُ) الَّذِي هُوَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (فَلَا شُفْعَةَ لِلْعَامِلِ) الَّذِي لَيْسَ بِشَرِيكٍ (وَلَوْ ظَهَرَ رِبْحٌ) لِذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلِلشَّفِيعِ تَكْلِيفُ الْمُشْتَرِي الْقَبْضَ) لِلشِّقْصِ مِنْ الْبَائِعِ (لِيَأْخُذَهُ مِنْهُ) فَإِنْ كَانَ غَائِبًا نَصَبَ الْحَاكِمُ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَهُ) أَيْضًا (الْأَخْذُ مِنْ الْبَائِعِ) وَقِيلَ: لَا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي) لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ مِنْهُ، سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْهُ أَمْ مِنْ الْبَائِعِ. (وَشَرْطُ الْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبِ الشِّقْصِ) فِي الشِّرَاءِ (كَعَدَمِهِ) فَلِكُلٍّ مِنْ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِالْعَيْبِ بِشَرْطِهِ (وَلَا رَدَّ لِشَفِيعٍ عَلِمَ بِالْعَيْبِ، وَإِنْ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي) وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي طَلَبُ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الرَّدِّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَعَفْوُ الشَّفِيعِ) عَنْ الشُّفْعَةِ (قَبْلَ الْبَيْعِ) كَأَنْ قَالَ لِشَرِيكِهِ: بِعْ نَصِيبَك وَقَدْ عَفَوْت عَنْ الشُّفْعَةِ، أَوْ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ فَلَا أُطَالِبَك بِالشُّفْعَةِ (وَشَرْطُ الْخِيَارِ لَهُ) أَيْ لِلشَّفِيعِ (وَضَمَانُهُ الْعُهْدَةَ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (لَا يَسْقُطُ شُفْعَتُهُ) إذْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي سُقُوطَهَا وَلِأَنَّ الْعَفْوَ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ لَغْوٌ. (وَإِنْ عَفَا بَعْضُ الشُّفَعَاءِ، ثُمَّ شَهِدَ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُ عَفَا قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (إلَّا إنْ كَانَ قَدْ شَهِدَ) عَلَيْهِ (قَبْلَ عَفْوِهِ) بِأَنْ شَهِدَ (وَرُدَّتْ) شَهَادَتُهُ وَأَعَادَهَا بَعْدَ عَفْوِهِ فَلَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَفْوِ لَا تُقْبَلُ كَمَا أَفْهَمَهُ أَوَّلُ كَلَامِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ الشِّقْصَ لِنَفْسِهِ. (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ بِعَفْوِ الشَّفِيعِ) قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ الرُّجُوعَ إلَى الْعَيْنِ بِتَقْدِيرِ الْإِفْلَاسِ (وَلَوْ اسْتَوْفَى الثَّمَنَ فَوَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَوَقَّعُ الْعَوْدَ إلَى الْعَيْنِ بِسَبَبِ مَا انْتَهَى وَجَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالْقَبُولِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ كَجٍّ فِي تَجْرِيدِهِ. (وَتَقَدَّمَ بَيِّنَةُ الْعَفْوِ) عَنْ الشُّفْعَةِ (عَلَى بَيِّنَةِ الْأَخْذِ) بِهَا (وَلَوْ كَانَ مَعَهَا الْيَدُ) فَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بِالْعَفْوِ وَالشَّفِيعُ بَيِّنَةً بِالْأَخْذِ وَإِنْ كَانَ الشِّقْصُ بِيَدِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِالْعَفْوِ. (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لِلْمُشْتَرِي بِشِرَاءِ شِقْصٍ فِيهِ شُفْعَةٌ لِمُكَاتَبِهِ) وَإِنْ كَانَ فِي قَبُولِهَا ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لِمُكَاتَبِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِشَهَادَتِهِ إثْبَاتُ الشِّرَاءِ لِلْمُشْتَرِي، وَالشُّفْعَةُ لِمُكَاتَبِهِ إنَّمَا تَثْبُتُ تَبَعًا بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ لِمُكَاتَبِهِ لَا تُقْبَلُ بِحَالٍ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا يَجْرِي فِي الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ. (وَإِنْ بَاعَ شَرِيكُ الْمَيِّتِ) نَصِيبَهُ وَقَدْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ وَارِثًا وَحَمْلًا (فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَشْفَعَ لَا لِلْحَمْلِ) لِأَنَّهُ لَا يُتَيَقَّنُ وُجُودُهُ (بَلْ لَوْ انْفَصَلَ) حَيًّا (بَعْدُ) .   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ) وَهُوَ حَسَنٌ مُتَّجَهٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ [مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الشُّفْعَة] (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْهُ أَمْ مِنْ الْبَائِعِ) لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا قَبْضَ الشَّفِيعِ قَائِمًا مَقَامَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَضَمَانُهُ الْعُهْدَةَ لِلْمُشْتَرِي) كَأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: بِعْنِي هَذَا بِكَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ لِي فُلَانٌ الْعُهْدَةَ وَهُوَ حَاضِرٌ فَيَقُولَ: بِعْتُك، وَيَقُولَ الشَّفِيعُ: ضَمِنْتهَا وَأَخَذْت الْمَبِيعَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الْعَقْدِ بِحُصُولِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ ابْنُ كَجٍّ فِي تَجْرِيدِهِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ لِمُكَاتَبِهِ) بِأَنْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ عَلَى شَخْصٍ شِرَاءَ شِقْصٍ هُوَ فِيهِ شَفِيعٌ وَغَرَضُهُ إثْبَاتُ الشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: لَا لِلْحَمْلِ) بَلْ لَوْ انْفَصَلَ بَعْدُ لَمْ يُشَارِكْ قَالَ فِي الْخَادِمِ هُوَ مُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ وَلِلْمَنْقُولِ، أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّ أَظْهَرَ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْحَمْلَ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْلُومِ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ حَقٌّ يُورَثُ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَمَّا انْفَصَلَ الْحَمْلُ حَيًّا تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ وَرَثَةِ الْحَقِّ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ غِبْطَةٌ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى وَلِيِّهِ الْأَخْذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْوَارِثِ وَيَكُونُ الْحَمْلُ كَالْغَائِبِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَبَاعَ صَاحِبُ الْبَاقِي نَصِيبَهُ وَقُلْنَا الْمِلْكُ مَوْقُوفٌ فَلَمَّا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ الْمُبْتَاعَ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ مِلْكَهُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَةَ الْبَيْعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ كَذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْبَحْرِ وَالرُّويَانِيَّ صَرَّحَ بِالْأَخْذِ لِلْحَمْلِ فَقَالَ فَإِذَا وَضَعَتْهُ فَلَهُ الْأَخْذُ الْآنَ وَلَا يَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَكَذَا سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ هُنَا شَيْءٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ الْمَسْأَلَةَ مِنْ التَّهْذِيبِ لِلْبَغَوِيِّ وَعِبَارَةُ التَّهْذِيبِ فَإِنْ خَرَجَ حَيًّا لَهُ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ لِلْجَنِينِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ يَثْبُتُ لِلْحَمْلِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ امْرَأَةٍ حَامِلٍ، ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْمَرْأَةِ دُونَ الْحَمْلِ وَلَوْ خَرَجَ حَيًّا لَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَرْأَةِ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ إرْثًا لِلْحَمْلِ فَهَلْ يَجُوزُ لِأَبِيهِ، أَوْ جَدِّهِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى. اهـ. وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلِهِ حَيًّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إلَى قَوْلِهِ حَيًّا فِي الثَّانِيَةِ، ثُمَّ الَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ فِي النُّسَخِ الْمَشْهُورَةِ وَجْهٌ حَكَاهُ فِي التَّتِمَّةِ فَقَالَ إنْ قُلْنَا لَيْسَ لِوَلِيِّهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا فَفِي جَوَازِ أَخْذِهَا لَهُ وَجْهَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَطْلَقَ فِي التَّتِمَّةِ حِكَايَةَ وَجْهَيْنِ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلْحَمْلِ وَاحْتَجَّ لِلثُّبُوتِ بِأَنَّا نُثْبِتُهَا لِلْحَمْلِ بِسَبَبِ بَيْعٍ سَابِقٍ وَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 أَيْ بَعْدَ شَفْعِ الْوَارِثِ (لَمْ يُشَارِكْهُ) وَفِي نُسْخَةٍ: لَمْ يُشَارِكْ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ. (وَإِنْ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمَيِّتِ وَوَرِثَهَا الْحَمْلُ أُخِّرَتْ لِانْفِصَالِهِ) فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ الْأَخْذُ لَهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَيَقَّنُ وُجُودُهُ وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ الشِّقْصَ فَالشَّفِيعُ) فِيمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنٍ وَنَقْصِ قِيمَةِ بِنَاءٍ وَغِرَاسٍ وَغَيْرِهِمَا كَأَنْ بَنَى فِيهِ أَوْ غَرَسَ بَعْدَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ، ثُمَّ قَلَعَ الْمُسْتَحِقُّ بِنَاءَهُ وَغِرَاسَهُ (كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ) فِيمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ. (وَلِلْوَارِثِ الشُّفْعَةُ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ) فَلَوْ مَاتَ وَلَهُ شِقْصٌ مِنْ دَارٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا فَبَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ قَبْلَ بَيْعِ الشِّقْصِ فِي الدَّيْنِ فَلِلْوَارِثِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ فِي التَّرِكَةِ لِلْوَارِثِ. (وَإِنْ بَاعَ الْوَرَثَةُ فِي الدَّيْنِ بَعْضَ دَارِ الْمَيِّتِ لَمْ يَشْفَعُوا وَلَوْ كَانُوا شُرَكَاءَ) لَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمْ إذَا مَلَكُوهَا كَانَ الْمَبِيعُ جُزْءًا مِنْ مِلْكِهِمْ فَلَوْ أَخَذُوا بِالشُّفْعَةِ لَأَدَّى الْحَالُ أَنْ يَأْخُذُوا بِهَا مَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِمْ فَالْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ لَا يَأْخُذُ مَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِمَا بَقِيَ فِي مِلْكِهِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ شِقْصٍ مِنْ دَارِهِ لَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُهُ، وَأَمَّا أَخْذُ كُلٍّ مِنْهُمْ نَصِيبَ الْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ. [فَصْلٌ الْحِيلَةُ فِي دَفْعِ الشُّفْعَةِ] (فَصْلٌ الْحِيلَةُ فِي دَفْعِ الشُّفْعَةِ مَكْرُوهَةٌ) لِمَا فِيهَا مِنْ إبْقَاءِ الضَّرَرِ (لَا فِي) دَفْعِ (شُفْعَةِ الْجَارِ) الَّذِي يَأْخُذُ بِهَا عِنْدَ الْقَائِلِ بِهَا (وَهِيَ) أَيْ الْحِيلَةُ فِي دَفْعِهَا (مِثْلُ أَنْ يَبِيعَهُ الشِّقْصَ) بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ (بِكَثِيرٍ، ثُمَّ يَأْخُذَ بِهِ عَرَضًا يُسَاوِي مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ) عِوَضًا عَنْ الثَّمَنِ، أَوْ يَحُطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي مَا يَزِيدُ عَلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ (أَوْ) أَنْ (يَشْتَرِيَ الْبَائِعُ) أَوَّلًا (الْعَرَضَ) الْمَذْكُورَ (بِالْكَسْرِ ثُمَّ يُعْطِيَهُ الشِّقْصَ) عِوَضًا (عَمَّا الْتَزَمَ، أَوْ) أَنْ (يَشْتَرِيَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الشِّقْصِ (جُزْءًا بِقِيمَةِ الْكُلِّ، ثُمَّ يَهَبَهُ الْبَاقِيَ) وَهَذِهِ الْحِيَلُ فِيهَا غَرَرٌ فَقَدْ لَا يَفِي صَاحِبُهُ (أَوْ) أَنْ (يَبِيعَ بِمَجْهُولٍ مُشَاهَدٍ) وَيَقْبِضَهُ (وَيَخْلِطَهُ بِغَيْرِهِ بِلَا وَزْنٍ) فِي الْمَوْزُونِ، أَوْ يُنْفِقَهُ، أَوْ يَضِيعَ مِنْهُ (أَوْ) أَنْ (يَهَبَ كُلٌّ) مِنْ مَالِكِ الشِّقْصِ وَآخِذِهِ (لِلْآخَرِ) بِأَنْ يَهَبَ لَهُ الشِّقْصَ بِلَا ثَوَابٍ، ثُمَّ يَهَبَ لَهُ الْآخَرُ قَدْرَ قِيمَتِهِ (ثُمَّ إنْ خَشِيَا عَدَمَ الْوَفَاءِ) بِالْهِبَةِ (وَكَّلَا أَمِينَيْنِ لِيَقْبِضَاهُمَا) مِنْهُمَا (مَعًا) بِأَنْ يَهَبَهُ الشِّقْصَ وَيَجْعَلَهُ فِي يَدِ أَمِينٍ لِيُقَبِّضَهُ إيَّاهُ وَيَهَبَهُ الْآخَرُ قَدْرَ قِيمَتِهِ وَيَجْعَلَهُ فِي يَدِ أَمِينٍ لِيُقَبِّضَهُ إيَّاهُ، ثُمَّ يَتَقَابَضَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. (كِتَابُ الْقِرَاضِ) مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقَطْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَطَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا وَقِطْعَةً مِنْ الرِّبْحِ وَيُسَمَّى أَيْضًا مُضَارَبَةً؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَضْرِبُ بِسَهْمٍ فِي الرِّبْحِ وَلِمَا فِيهِ غَالِبًا مِنْ السَّفَرِ الْمُسَمَّى ضَرْبًا قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: 101] الْآيَةَ وَمُقَارَضَةً وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الرِّبْحِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَالْحَاجَةُ وَاحْتَجَّ لَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل: 20] وَالْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ بِمَالِهَا إلَى الشَّامِ وَأَنْفَذَتْ مَعَهُ عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ» . وَحَقِيقَتُهُ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ دَفْعَ مَالٍ لِآخَرَ لِيَتَّجِرَ لَهُ فِيهِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ. الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِ صِحَّتِهِ) الْأَخْصَرُ " أَرْكَانُهُ " (وَهِيَ خَمْسَةٌ) رَأْسُ مَالٍ وَعَمَلٌ وَرِبْحٌ وَصِيغَةٌ وَعَاقِدَانِ (الْأَوَّلُ رَأْسُ الْمَالِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ نَقْدًا) خَالِصًا (مَعْلُومًا مُعَيَّنًا مُسَلَّمًا لِلْعَامِلِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى.   [حاشية الرملي الكبير] إذَا بَاعَ الشِّقْصَ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ لَهُ، وَإِذَا جَازَ اسْتِبْقَاءُ الشُّفْعَةِ لَهُ بِسَبَبِ بَيْعٍ سَابِقٍ عَلَى مَوْتِ أَبِيهِ كَانَ بِسَبَبِ بَيْعٍ مُتَأَخِّرٍ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْعَفْوُ عَنْ الشُّفْعَةِ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي نَادِمًا، أَوْ مَغْبُونًا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَهُ الشِّقْصَ إلَخْ) وَمِنْهَا وَهِيَ أَحْسَنُهَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ الْبِنَاءَ خَاصَّةً ثُمَّ يَتَّهِبَ مِنْهُ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَرْصَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعِنْدِي صُورَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصٌ الشِّقْصَ مُدَّةً لَا يَبْقَى الشِّقْصُ أَكْثَرَ مِنْهَا بِأُجْرَةٍ يَسِيرَةٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ الشِّقْصَ بِقِيمَةِ مِثْلِهِ فَإِنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَا يَنْفَسِخُ بِالشِّرَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَخْذِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ بَقَائِهِ وَذَلِكَ مِمَّا يُنَفِّرُهُ وِلِأَبِي حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيِّ مُصَنَّفٌ فِي الْحِيَلِ. [كِتَابُ الْقِرَاضِ وَفِيهِ ثَلَاثَة أَبْوَاب] [الْبَاب الْأَوَّل فِي أَرْكَان الْقِرَاض] (كِتَابُ الْقِرَاضِ) (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ» ) وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ: مُضَارَبَةُ الْعَبَّاسِ، وَإِجَازَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرْطُهُ فِيهِ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ حَدِيثَ صُهَيْبٍ «ثَلَاثَةٌ فِيهِنَّ الْبَرَكَةُ وَعَدَّ مِنْهَا الْمُقَارَضَةَ» وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ «خَيْرُ الْكَسْبِ كَسْبُ الْعَامِلِ إذَا نَصَحَ» ، وَفِي سَنَدِهِمَا ضَعْفٌ وَهُوَ رُخْصَةٌ خَارِجٌ عَنْ قِيَاسِ الْإِجَارَاتِ كَمَا خَرَجَتْ الْمُسَاقَاةُ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ، وَالْحَوَالَةُ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَالْعَرَايَا عَنْ الْمُزَابَنَةِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي ابْتِدَاؤُهُ يُشْبِهُ الْوَكَالَةَ بِالْجُعْلِ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ، وَانْتِهَاؤُهُ يُشْبِهُ الْجَعَالَةَ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْعَامِلِ مَوْقُوفٌ عَلَى تَمَامِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَحَقِيقَتُهُ عَقْدٌ إلَخْ) الْقِرَاضُ شَرْعًا عَقْدٌ عَلَى نَقْدٍ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ الْعَامِلُ بِالتِّجَارَةِ لِيَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا يَشْرِطَانِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ نَقْدًا خَالِصًا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَصِحُّ عَلَى نَقْدٍ تَعَلَّقَ بِهِ رَهْنٌ لَازِمٌ لِغَيْرِ الْعَامِلِ أَوْ كَانَ مُعَيَّنًا فِي مُعَاوَضَةِ غَيْرِ مُقْرَضٍ قُلْتُهُمَا تَخْرِيجًا. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ أَنَّهَا تَصِحُّ فِي الْمَغْشُوشِ إنْ اسْتَمَرَّ رَوَاجُهُ فِي الْبَلَدِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُنَا بِمِثْلِهِ وَيُجَابَ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَصِحُّ فِي الْعَرَضِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ عَلَى أَنَّ الْجُرْجَانِيَّ قَالَ بِصِحَّةِ الْقِرَاضِ فِي الْمَغْشُوشِ الْمُسْتَهْلَكِ غِشُّهُ وَهُوَ قَوِيٌّ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الْقِرَاضِ عَلَى نَقْدٍ خَالِصٍ فِي نَاحِيَةٍ لَا يَتَعَامَلُونَ بِهِ فِيهَا وَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامُ قَدْ أَلْحَقَهُ شَيْخِي بِمَا يَرُوجُ مِنْ الْفُلُوسِ وَيُوَافِقُ الْأَوَّلَ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: وَالْأَشْبَهُ جَوَازُهُ عَلَى نَقْدٍ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذَا عَزَّ وُجُودُهُ، أَوْ خِيفَ عِزَّتُهُ عِنْدَ الْمُفَاضَلَةِ، وَقَوْلُهُ: " قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَصِحُّ عَلَى نَقْدٍ إلَخْ " أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: " وَيُجَابَ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ إلَخْ " وَكَذَا قَوْلُهُ: " عَلَى أَنَّ الْجُرْجَانِيَّ قَالَ إلَخْ " وَكَذَا قَوْلُهُ: " وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ " وَكَذَا قَوْلُهُ: " وَالْأَشْبَهُ جَوَازُهُ إلَخْ ". (قَوْلُهُ: مَعْلُومًا) أَيْ قَدْرًا وَصِفَةً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا الْمَغْشُوشَةِ) وَالْفُلُوسِ وَالْحُلِيِّ وَالتِّبْرِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ؛ لِأَنَّ فِي الْقِرَاضِ إغْرَارًا؛ إذْ الْعَمَلُ فِيهِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ وَالرِّبْحُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ وَإِنَّمَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَاخْتَصَّ بِمَا يَرُوجُ بِكُلِّ حَالٍ وَتَسْهُلُ التِّجَارَةُ بِهِ وَلِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ ثَمَنَانِ لَا يَخْتَلِفَانِ بِالْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ إلَّا قَلِيلًا وَلَا يُقَوَّمَانِ بِغَيْرِهِمَا، وَالْعُرُوضُ تَخْتَلِفُ قِيمَتُهَا فَلَوْ رَجَعَتْ رَأْسَ مَالٍ لَزِمَ إمَّا أَخْذُ الْمَالِكِ جَمِيعَ الرِّبْحِ، أَوْ أَخْذُ الْعَامِلِ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ وَوَضْعُ الْقِرَاضِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الرِّبْحِ وَيَنْفَرِدَ الْمَالِكُ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَجَعَلَ الرَّافِعِيُّ التَّعْلِيلَ الثَّانِيَ أَشْهَرَ وَبَيَّنَهُ وَنَظَرَ فِيهِ بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ. (فَإِنْ قَارَضَهُ عَلَى عَرَضٍ) كَمَنْفَعَةٍ (أَوْ عَلَى ثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ، أَوْ عَلَى مَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ لَمْ يَصِحَّ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِلْجَهْلِ بِالْمِقْدَارِ وَلِتَعْلِيقِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَقِيَاسًا عَلَى الْعَرَضِ بَلْ أَوْلَى. (وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَلْفٍ وَعَيَّنَهُ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ) كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا. (وَإِنْ قَالَ) لِمَدِينِهِ (اعْزِلْ مَالِي الَّذِي فِي ذِمَّتِك فَعَزَلَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَقَارَضَهُ عَلَيْهِ فَاشْتَرَى لَهُ) أَيْ لِلْقِرَاضِ (بِعَيْنِهِ) شَيْئًا (فَكَالْفُضُولِيِّ يَشْتَرِي بِعَيْنِ مَالِهِ لِلْغَيْرِ) فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا عَزَلَهُ لَهُ بِغَيْرِ قَبْضٍ (وَلَوْ اشْتَرَاهُ لَهُ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ) الْعَقْدُ (لِلْآمِرِ) لِأَنَّهُ اشْتَرَى لَهُ بِإِذْنِهِ وَقِيلَ لِلْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ لَمْ يَمْلِكْ الثَّمَنَ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ (وَكَانَ الرِّبْحُ لَهُ) أَيْ لِلْآمِرِ لِفَسَادِ الْقِرَاضِ (وَلِلْعَامِلِ) عَلَيْهِ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) كَنَظَائِرِهِ مِنْ عُقُودِ الْقِرَاضِ الْفَاسِدَةِ. (وَلَوْ أَعْطَاهُ أَلْفَيْنِ وَقَالَ: قَارَضْتُك) وَفِي نُسْخَةٍ " وَقَارَضَهُ " (عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ) لِعَدَمِ التَّعْيِينِ كَالْبَيْعِ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَجْهُولَ الْقَدْرِ، أَوْ الصِّفَةِ وَلَوْ مَرْئِيًّا لِلْجَهْلِ بِالرِّبْحِ وَيُفَارِقُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ بِأَنَّ الْقِرَاضَ عُقِدَ لِيَفْسَخَ، وَيُمَيِّزَ بَيْنَ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ بِخِلَافِ السَّلَمِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ صِحَّةِ الْقِرَاضِ فِيمَا قَالَهُ، وَإِنْ عَيَّنَ الْأَلْفَ فِي الْمَجْلِسِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ لَكِنْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ الصِّحَّةَ حِينَئِذٍ. (وَيَصِحُّ قِرَاضُهُ عَلَى الْوَدِيعَةِ) مَعَ الْوَدِيعِ (وَكَذَا الْمَغْصُوبُ) مَعَ غَاصِبِهِ لِتَعَيُّنِهِمَا فِي يَدِ الْعَامِلِ بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ (وَيَبْرَأُ) الْعَامِلُ (بِإِقْبَاضِهِ) لِلْمَغْصُوبِ (الْبَائِعَ) لَهُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ أَقْبَضَهُ لَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ وَزَالَتْ عَنْهُ يَدُهُ وَمَا يَقْبِضُهُ مِنْ الْأَعْوَاضِ يَكُونُ أَمَانَةً بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ مُضَمَّنٌ وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ صِحَّةَ الْقِرَاضِ مَعَ غَيْرِ الْوَدِيعِ وَالْغَاصِبِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَإِنْ شَرَطَ كَوْنَ الْمَالِ فِي يَدِ الْمَالِكِ) يُوفِي مِنْهُ ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ (أَوْ) شَرَطَ (عَمَلَهُ مَعَهُ، أَوْ مُرَاجَعَتَهُ) فِي التَّصَرُّفِ (لَمْ يَصِحَّ) لِفَوَاتِ اسْتِقْلَالِ الْعَامِلِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الْقِرَاضِ وَلِأَنَّهُ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ قَدْ لَا يَجِدُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، أَوْ لَا يُسَاعِدُهُ عَلَى رَأْيِهِ فَيَفُوتُ التَّصَرُّفُ الرَّابِحُ وَكَالْمَالِكِ فِي ذَلِكَ نَائِبُهُ كَمُشْرِفٍ نَصَبَهُ. (وَلَوْ شَرَطَ عَمَلَ عَبْدِهِ مَعَهُ مُعَيَّنًا) لَهُ (لَا شَرِيكًا) لَهُ (فِي الرَّأْيِ جَازَ كَشَرْطِ) إعْطَاءِ (بَهِيمَتِهِ) لَهُ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ وَبَهِيمَتَهُ مَالٌ فَجُعِلَ عَمَلُهُمَا تَبَعًا لِلْمَالِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ وَبِخِلَافِ عَبْدِهِ إذَا جَعَلَهُ شَرِيكًا فِي الرَّأْيِ لِمَا مَرَّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ وَالْبَهِيمَةُ مَعْلُومَيْنِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ الْوَصْفِ، وَتَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِغُلَامِهِ أَوْلَى لِيَشْمَلَ أَجِيرَهُ الْحُرَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَعَبْدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَنْفَعَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَ مِثْلَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْمُسَاقَاةِ (وَإِنْ شَرَطَ لَهُ) أَيْ لِعَبْدِهِ (رِبْحًا جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَمَلَهُ مَعَهُ) لِرُجُوعِ مَا شَرَطَهُ لِعَبْدِهِ إلَيْهِ. (فَرْعٌ يَصِحُّ) الْقِرَاضُ (فِي الْمَشَاعِ فَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَإِنْ " (خَلَطَ أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ لِآخَرَ وَشَارَكَهُ بِأَحَدِهِمَا وَقَارَضَهُ بِالْآخَرِ جَازَ) لِأَنَّ الْإِشَاعَةَ لَا تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ (وَتَصَرَّفَا) فِي الثُّلُثَيْنِ أَلْفَيْ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَا الْمَغْشُوشَةِ) ؛ لِأَنَّ الْغِشَّ لَوْ مُيِّزَ لَمْ يَصِحَّ الْقِرَاضُ عَلَيْهِ فَكَذَا عِنْدَ اخْتِلَاطِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ لَمْ يَصِحَّ) وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ التَّصَرُّفِ إنْ قَالَ إذَا أُقْبِضْت فَقَدْ قَارَضْتُك وَأُجْرَةُ مِثْلِ التَّقَاضِي وَالتَّصَرُّفِ إنْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَيْهِ لِتَقْبِضَ وَتَتَصَرَّفَ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) وَإِنْ قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ الْأَفْقَهَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْطَاهُ أَلْفَيْنِ وَقَالَ قَارَضْتُك عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَنْوِيَا وَاحِدًا مُعَيَّنًا فَإِنْ نَوَيَاهُ صَحَّ قَطْعًا وَلَهُ نَظَائِرُ سَبَقَتْ فِي الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ صِحَّةِ الْقِرَاضِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ) قَالَ شَيْخُنَا: يُرَدُّ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ فَسَادَهَا مِنْ حَيْثُ الْجَهْلُ يَأْتِي ذَلِكَ فِي " قَارَضْتُك عَلَى أَلْفٍ "، ثُمَّ عَيَّنَهُ وَقَدْ مَرَّ صِحَّتُهُ، أَوْ مِنْ حَيْثُ الْإِبْهَامُ الْأَبْلَغُ مِنْ الْجَهْلِ قُلْنَا مَمْنُوعٌ بَلْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الْمُعَامَلَاتِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَدِيعَةِ مَعَ الْوَدِيعِ) وَعَلَى الْمُشْتَرَكِ مَعَ الشَّرِيكِ وَعَلَى الْمُسْتَلَمِ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ صِحَّةَ الْقِرَاضِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْغَاصِبِ بِشَرْطِهِ) بِأَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ، أَوْ الْعَامِلُ قَادِرًا عَلَى أَخْذِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُسَاعِدُهُ عَلَى رَأْيِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هَذَا التَّعْلِيلُ مُنْتَقِضٌ بِمَا إذَا قَارَضَ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ مَوْضُوعَ الْقِرَاضِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ لِلْعَامِلِ وَالْمَالُ مِنْ الْمَالِكِ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا يُنَافِي مُقْتَضَاهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ عَمَلَ الْمَالِكِ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ إذَا عَمِلَ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ وَالْبَهِيمَةُ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ وَأَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مِنْ الْعَامِلِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَالِكِ فَسَدَ الْعَقْدُ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ التَّفْصِيلُ الَّذِي فَهَّمَهُ السُّبْكِيُّ حَسَنٌ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ كَثِيرِينَ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ مِنْ الْمَالِكِ لَمْ يَضُرَّ إذَا لَمْ نَجْعَلْ لَهُ يَدًا وَلَا تَصَرُّفًا وَرُبَّمَا رَأَيْته صَرِيحًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ فِيمَا إذَا شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ شَرَطَ الْعَامِلُ عَلَيْهِ بَلْ فَرَضَهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ فِي شَرْطِ الْمَالِكِ عَمَلَ غُلَامِهِ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ أَجِيرَهُ الْحُرَّ) أَيْ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ بَعْدَ إعْتَاقِ الْوَارِثِ إيَّاهُ، وَأَجِيرَهُ الرَّقِيقَ. (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَعَبْدِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 الشَّرِكَةِ (وَانْفَرَدَ الْعَامِلُ بِالثُّلُثِ) أَلْفِ الْقِرَاضِ أَيْ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْئِيِّ عَلَى الْأَقْرَبِ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَشْبَهُ صِحَّتُهُ عَلَى نَقْدٍ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ. (الرُّكْنُ الثَّانِي الْعَمَلُ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ تِجَارَةً) وَتَوَابِعَ لَهَا كَنَشْرِ الثِّيَابِ وَطَيِّهَا كَمَا سَيَأْتِي (غَيْرَ مُضَيَّقَةٍ) بِالتَّعْيِينِ (وَلَا مُؤَقَّتَةٍ) بِوَقْتٍ (فَإِنْ قَارَضَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْحِنْطَةَ وَيَطْحَنَهَا، أَوْ) أَنْ (يَشْتَرِيَ النَّخْلَ لِثَمَرَتِهِ أَوْ شَبَكَةً لِيَصْطَادَ بِهَا) وَالْفَوَائِدُ (وَالصَّيْدُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ جَهَالَةِ الْعِوَضِ بِالِاسْتِئْجَارِ فَإِنَّهَا أَعْمَالٌ مَضْبُوطَةٌ وَلِأَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ ثَمَرَةِ النَّخْلِ لَيْسَ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ " الصَّيْدُ " بِالْفَوَائِدِ كَانَ أَوْلَى وَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الشَّبَكَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ بِلَا شَرْطٍ لَمْ يَنْفَسِخْ الْقِرَاضُ) كَمَا لَوْ زَادَ عَبْدٌ الْقِرَاضَ بِكِبَرٍ أَوْ سِمَنٍ، أَوْ تَعَلُّمِ صَنْعَةٍ (لَكِنَّ عَلَيْهِ الضَّمَانَ) لِتَعَدِّيهِ فَيَغْرَمُ نَقْصَ الدَّقِيقِ إنْ نَقَصَ (فَإِنْ بَاعَهُ لَمْ يَضْمَنْ ثَمَنَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ (وَلَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةَ الطَّحْنِ) وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ (وَالرِّبْحُ بَيْنُهُمَا) كَمَا شَرَطَا. (وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ التِّجَارَةَ فِيمَا يَنْدُرُ وُجُودُهُ) كَيَاقُوتٍ أَحْمَرَ وَخَزٍّ أَدْكَنَ وَخَيْلٍ بَلَقٍ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ تَضْيِيقٌ يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ (فَإِنْ لَمْ يَنْدُرْ صَحَّ وَلَوْ كَانَ يَنْقَطِعُ كَالرُّطَبِ) لِانْتِفَاءِ التَّضْيِيقِ وَكَذَا إنْ نَدَرَ وَكَانَ بِمَكَانٍ يُوجَدُ فِيهِ غَالِبًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. (وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ) أَوْ لَا يَبِيعَ (إلَّا مِنْ زَيْدٍ، أَوْ) لَا يَشْتَرِيَ إلَّا (هَذِهِ السِّلْعَةَ لَمْ يَصِحَّ) لِلتَّضْيِيقِ عَلَى الْعَامِلِ وَلِأَنَّ الشَّخْصَ الْمُعَيَّنَ قَدْ لَا يُعَامِلُهُ وَقَدْ لَا يَجِدُ عِنْدَهُ مَا يَظُنُّ فِيهِ رِبْحًا وَقَدْ لَا يَبِيعُ إلَّا بِثَمَنٍ غَالٍ أَوْ لَا يَشْتَرِي إلَّا بِثَمَنٍ بَخْسٍ وَالسِّلْعَةُ الْمُعَيَّنَةُ قَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا رِبْحًا (فَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ شِرَاءِ السِّلْعَةِ وَعَنْ الشِّرَاءِ، أَوْ الْبَيْعِ مِنْ زَيْدٍ (صَحَّ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ شِرَاءُ غَيْرِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَالشِّرَاءُ، أَوْ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ زَيْدٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ إلَّا فِي سُوقٍ مُعَيَّنٍ صَحَّ بِخِلَافِ الْحَانُوتِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ السُّوقَ الْمُعَيَّنَ كَالنَّوْعِ الْعَامِّ، وَالْحَانُوتَ الْمُعَيَّنَ كَالْعَرَضِ الْمُعَيَّنِ قَالَ وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك مَا شِئْت، أَوْ مَا شِئْت جَازَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ. (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهَا نِيَابَةٌ مَحْضَةٌ، وَالْحَاجَةُ تَمَسُّ إلَيْهَا فِي أَشْغَالٍ خَاصَّةٍ، وَالْقِرَاضُ مُعَامَلَةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا غَرَضُ كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَمَهْمَا كَانَ الْعَامِلُ أَبْسَطَ يَدًا كَانَتْ أَفْضَى إلَى مَقْصُودِهَا (وَعَلَيْهِ الِامْتِثَالُ) لِمَا عَيَّنَهُ (إنْ عَيَّنَ) كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُسْتَفَادَةِ بِالْإِذْنِ (فَالْإِذْنُ فِي الْبَزِّ يَتَنَاوَلُ مَا يُلْبَسُ) مِنْ الْمَنْسُوجِ (لَا الْأَكْسِيَةَ) وَنَحْوَهَا كَالْبُسُطِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ لِأَنَّ بَائِعَهَا لَا يُسَمَّى بَزَّازًا. (وَلَوْ قَارَضَهُ سَنَةً لَمْ يَصِحَّ) لِإِخْلَالِ التَّأْقِيتِ بِمَقْصُودِ الْقِرَاضِ فَقَدْ لَا يَجِدُ رَاغِبًا فِي السَّنَةِ أَوْ نَحْوِهَا وَلِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَاهُ وَقَدْ يَحْتَاجُ الْعَامِلُ إلَى تَنْضِيضِ مَا بِيَدِهِ آخِرًا لِيَتَمَيَّزَ رَأْسُ الْمَالِ سَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ زَادَ: عَلَى أَنْ لَا أَمْلِكَ الْفَسْخَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا. (أَوْ) قَارَضَهُ (عَلَى مَنْعِهِ مِنْ الشِّرَاءِ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا (لَا الْبَيْعِ صَحَّ) لِحُصُولِ الِاسْتِرْبَاحِ بِالْبَيْعِ الَّذِي لَهُ فِعْلُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَلِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ مَنْعِهِ مِنْ الشِّرَاءِ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ الْقِرَاضُ فِي الْمَشَاعِ] قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْئِيِّ عَلَى الْأَقْرَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا رَآهُ فِي الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَشْبَهُ صِحَّتُهُ عَلَى نَقْدٍ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ تِجَارَةً إلَخْ) لِأَنَّ الْقِرَاضَ شُرِعَ رُخْصَةً لِحَاجَةِ مَنْ مَعَهُ مَالٌ إلَى تَحْصِيلِ الْأَرْبَاحِ فِيهِ بِالتِّجَارَةِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُهَا وَلَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَضْبُوطَةٍ فَاغْتُفِرَ فِيهَا الْجَهَالَةُ بِالْعِوَضَيْنِ كَمَا اُغْتُفِرَتْ فِي الْمُسَاقَاةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَارَضَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْحِنْطَةَ وَيَطْحَنَهَا إلَخْ) وَلَوْ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، إذْ الرِّبْحُ إنَّمَا يَنْشَأُ عَنْ الصَّنْعَةِ لَا التَّصَرُّفِ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَبَكَةً لِيَصْطَادَ بِهَا) أَوْ الدَّوَابَّ لِنِطَاحِهَا، أَوْ الْعَقَارَ لِأُجْرَتِهِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَارَضَ عَلَى نَقْلِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى مَوْضِعٍ وَشِرَاءِ أَمْتِعَةٍ مِنْ هُنَاكَ وَبَيْعِهَا ثَمَّ، أَوْ بِمَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ الْإِمَامُ الْجُمْهُورُ عَلَى فَسَادِ الْقِرَاضِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي الْبَسِيطِ وَالْمَقْطُوعُ بِهِ فِي الْمُوَضِّحِ، وَفِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ وَنَقَلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَطَائِفَةٍ الصِّحَّةَ وَاسْتَحْسَنَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ فَالطَّرِيقُ الْعَقْدُ مُطْلَقًا، ثُمَّ الْإِذْنُ فِي النَّقْلِ. اهـ. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَسَتَأْتِي آخِرَ الْبَابِ. (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ جَهَالَةِ الْعِوَضِ بِالِاسْتِئْجَارِ إلَخْ) أَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْجَعَالَةَ عَلَى عَمَلٍ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِالِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ صِحَّتُهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجَعَالَةَ إذَا جُوِّزَتْ عَلَى مَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارِ عَلَيْهِ انْتَفَتْ الْجَهَالَةُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِيهَا مَعْلُومَةٌ فَلِذَلِكَ كَانَتْ بِالْجَوَازِ أَوْلَى وَالْقِرَاضُ لَوْ جُوِّزَ عَلَى مَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِالْإِجَارَةِ لَمْ تَنْتَفِ عَنْهُ جَهَالَةُ الْعِوَضِ وُجُودًا وَقَدْرًا وَلَيْسَ بِنَا حَاجَةٌ إلَى ارْتِكَابِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الشَّرِكَةَ (قَوْلُهُ: وَخَزٍّ أَدْكَنَ) الدَّكَنُ يَضْرِبُ لَوْنُهُ إلَى السَّوَادِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْدُرْ صَحَّ) الْمُرَادُ عُمُومُهُ حَالَةَ الْعَقْدِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعَيَّنِ لِلتِّجَارَةِ لَا عُمُومُهُ فِي سَائِرِ الْأَزْمَانِ وَالْأَمْكِنَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ يَنْقَطِعُ) كَالرُّطَبِ هَلْ يَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ بِانْقِضَاءِ زَمَنِهِ، أَوْ يَبْقَى إلَى أَوَانِهِ مِنْ قَابِلٍ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ، أَوْ لَا يَبِيعَ إلَّا مِنْ زَيْدٍ لَمْ يَصِحَّ) وَقِيلَ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَنْقَطِعُ عَنْهُ الْأَمْتِعَةُ غَالِبًا جَازَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ لَا وَجْهٌ، وَلِهَذَا لَمَّا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْمَاسَرْجِسِيِّ قَالَ وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ عَيَّنَ مُعَامَلَةَ اثْنَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ هَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَاحِدِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ وَالْوَاحِدُ مِثَالٌ وَقَوْلُهُ:: وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُمَا صَحَّ) لَوْ اشْتَرَى السِّلْعَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ لَمْ يَصِحَّ وَالْأَصَحُّ وَضَمِنَ الْمَالَ إنْ دَفَعَهُ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ إلَّا فِي سُوقٍ مُعَيَّنٍ صَحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَالْإِذْنُ فِي الْبَزِّ يَتَنَاوَلُ مَا يُلْبَسُ مِنْ الْمَنْسُوجِ) يَشْمَلُ الثِّيَابَ الْمَخِيطَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: لَا الْبَيْعِ) أَيْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ: وَلَك الْبَيْعُ بَعْدَهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 مَتَى شَاءَ فَجَازَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْمَنْعِ مِنْ الْبَيْعِ فِيهِمَا، وَمِثْلُهُ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِرَاضِ بَيَانُ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا وَهُوَ الثَّمَرَةُ يَنْضَبِطُ بِالْمُدَّةِ وَلِأَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى فَسْخِ الْقِرَاضِ مَتَى أَرَادَا. (فَصْلٌ: وَإِنْ عَلَّقَ الْقِرَاضَ، وَكَذَا تَصَرُّفُهُ) كَأَنْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ قَارَضْتُك أَوْ قَالَ قَارَضْتُك الْآنَ وَلَا تَتَصَرَّفْ حَتَّى يَنْقَضِيَ الشَّهْرُ (بَطَلَ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَكَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك، وَلَا تَمْلِكْ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الرِّبْحُ وَيُشْتَرَطُ اخْتِصَاصُهُمَا بِهِ بِشَرِكَةٍ مَعْلُومَةٍ بِالْأَجْزَاءِ) كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ لَا بِالتَّقْدِيرِ كَدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ كَمَا سَيَأْتِي. (فَإِنْ شَرَطَ إدْخَالَ ثَالِثٍ) فِي الرِّبْحِ (لَيْسَ بِعَامِلٍ وَلَا مَمْلُوكٍ لِأَحَدِهِمَا بَطَلَ) الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمَالِ، أَوْ بِالْعَمَلِ وَلَيْسَ لِلثَّالِثِ الْمَذْكُورِ مَالٌ وَلَا عَمَلٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَامِلًا أَوْ مَمْلُوكًا لِأَحَدِهِمَا فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الْقِرَاضُ فِي الْأُولَى مَعَ اثْنَيْنِ، وَالْمَشْرُوطُ لِلْمَمْلُوكِ فِي الثَّانِيَةِ مَضْمُومٌ إلَى مَا شُرِطَ لِسَيِّدِهِ كَمَا مَرَّ. (وَإِنْ شَرَطَ الْمَالِكُ إعْطَاءَ الثَّالِثِ مِنْ نَصِيبِهِ لَا) مِنْ (نَصِيبِ الْعَامِلِ صَحَّ وَلَمْ يَلْزَمْهُ) لَهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ شَرْطِ إعْطَائِهِ مِنْ نَصِيبِ الْعَامِلِ لَا يَصِحُّ وَمَا قَالَهُ فِي الْأُولَى مِنْ تَصَرُّفِهِ؛ إذْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُفْسِدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْأُولَى وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ قَالَ: نِصْفُ الرِّبْحِ لَك وَنِصْفُهُ لِي، وَمِنْ نَصِيبِي نِصْفُهُ لِزَوْجَتِي صَحَّ الْقِرَاضُ وَهَذَا وَعْدُ هِبَةٍ لِزَوْجَتِهِ، وَلَوْ قَالَ لِلْعَامِلِ: لَك كَذَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَ ابْنَك أَوْ امْرَأَتَك نِصْفَهُ فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ: إنْ ذَكَرَهُ شَرْطًا فَسَدَ الْقِرَاضُ، وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ: فَسَدَ الْقِرَاضُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ غَيْرَ الشَّرْطِ. (وَلَوْ قَالَ خُذْ الْمَالَ وَتَصَرَّفْ) فِيهِ (وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك فَقَرْضٌ صَحِيحٌ أَوْ) كُلُّهُ (لِي فَإِبْضَاعٌ) أَيْ تَوْكِيلٌ بِلَا جُعْلٍ كَمَا لَوْ قَالَ أَبْضَعْتُكَ (وَلَوْ قَالَ: قَارَضْتُكَ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك، أَوْ) كُلُّهُ (لِي) أَوْ سَكَتَ عَنْ الرِّبْحِ (أَوْ) قَالَ (أَبَضْعَتك وَلَك نِصْفُ الرِّبْحِ) أَوْ لَك كُلُّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ (فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ) رِعَايَةً لِلَّفْظِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَأُلْحِقَ بِهَا الْأَخِيرَتَانِ، وَفَارَقَ ذَلِكَ: خُذْهُ وَتَصَرَّفْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك بِأَنَّ اللَّفْظَ ثَمَّ صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ. (وَلَوْ قَالَ) قَارَضْتُك (عَلَى أَنَّ لَك) أَوْ لِي (جُزْءًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ) أَيْ الرِّبْحِ (أَوْ دِينَارًا) مَثَلًا (أَوْ النِّصْفَ وَدِينَارًا أَوْ إلَّا دِينَارًا) مَثَلًا (أَوْ عَلَى أَنْ تُولِيَنِي دَابَّةً تَشْتَرِيهَا) مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ أَنْ تَخُصَّنِي بِهَا (أَوْ تَخُصَّنِي بِرُكُوبِهَا، أَوْ بِرِبْحِ أَحَدِ الْأَلْفَيْنِ) مَثَلًا (وَلَوْ كَانَا مَخْلُوطَيْنِ أَوْ) عَلَى أَنَّك (إنْ رَبِحْت أَلْفًا فَلَكَ نِصْفُهُ، أَوْ أَلْفَيْنِ فَرُبُعُهُ) لَك (لَمْ يَصِحَّ) لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الرِّبْحِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَلِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّةِ فِي الثَّلَاثَةِ التَّالِيَةِ لَهُمَا وَبِعَيْنِهَا فِي الْأَخِيرَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَرْبَحُ فِيمَا قُدِّرَ فِيهِ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيَفُوزُ بِهِ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ وَلِأَنَّ الدَّابَّةَ فِي صُورَتِهَا الثَّانِيَةِ رُبَّمَا تَنْقُصُ بِالِاسْتِعْمَالِ وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا وَلِأَنَّهُ خَصَّصَ الْعَامِلَ فِي الَّتِي تَلِيهَا بِرِبْحِ بَعْضِ الْمَالِ. (فَإِنْ قَالَ) قَارَضْتُك (كَقِرَاضِ فُلَانٍ وَهُمَا يَعْلَمَانِهِ) بِأَنْ يَعْلَمَا الْقَدْرَ الْمَشْرُوطَ لَهُ (صَحَّ) وَإِلَّا فَلَا (وَكَذَا) يَصِحُّ (لَوْ قَالَ) قَارَضْتُك (وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا وَيَتَنَاصَفَانِهِ) لِتَبَادُرِهِ إلَى الْفَهْمِ كَمَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَيْنِي وَبَيْنَ زَيْدٍ يَكُونُ مُقِرًّا بِالنِّصْفِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا فَسَدَ أَيْ لِلْجَهْلِ بِمَنْ لَهُ الثُّلُثُ وَمَنْ لَهُ الثُّلُثَانِ (أَوْ) قَالَ قَارَضْتُك (وَلَك رُبُعُ سُدُسِ الْعُشْرِ صَحَّ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا قَدْرَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ (لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهِ) كَمَا لَوْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً وَجَهِلَا - حَالَةَ الْعَقْدِ - حِسَابَهُ وَتَعْبِيرُهُ بِرُبُعِ سُدُسِ الْعُشْرِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِسُدُسِ رُبُعِ الْعُشْرِ لِأَنَّ تَقْدِيمَ أَعْظَمِ الْكَسْرَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِهِ. (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ) مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهَا مُجَرَّدُ إذْنٍ وَالْجَعَالَةُ، لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ (كَ قَارَضْتُكَ.   [حاشية الرملي الكبير] أَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ " وَلَك الْبَيْعُ " كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ التَّنْبِيهِ وَالْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَطْلَبِ فَذَكَرَهَا فِي شَرْحَيْ الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ وَالْكِفَايَةِ لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّقْيِيدِ. [فَصْلٌ عَلَّقَ الْقِرَاضَ] (قَوْلُهُ: الرُّكْنُ الثَّالِثُ الرِّبْحُ وَيُشْتَرَطُ اخْتِصَاصُهُمَا بِهِ) لَوْ أَطْلَقَا الْعَقْدَ كَانَ قِرَاضًا فَاسِدًا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ فِيهِ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ رَبِحَ الْمَالُ أَمْ خَسِرَ وَيُخَالِفُ الشَّرِكَةَ إذَا أُطْلِقَتْ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهَا مَقْسُومٌ عَلَى الْأَمْلَاكِ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ (قَوْلُهُ: بِشَرِكَةٍ مَعْلُومَةٍ) بِالْأَجْزَاءِ لِيَجْتَهِدَ فِي الْأَعْمَالِ الْمُحَصِّلَةِ لِلرِّبْحِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَامِلًا، أَوْ مَمْلُوكًا لِأَحَدِهِمَا فَيَصِحُّ) فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَ: ثُلُثُهُ لِي وَثُلُثُهُ لِدَابَّتِي وَثُلُثُهُ لَك فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الْمَنْعُ وَالثَّانِي إنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ نَفْسَهُ وَأَضَافَ إلَى دَابَّتِهِ جَازَ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأُولَى مِنْ تَصَرُّفِهِ، إذْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُفْسِدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الْمَالِكِ لِقُوَّتِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الْعَامِلِ بَلْ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَعْنَى عِبَارَةِ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ خُذْ الْمَالَ وَتَصَرَّفْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك فَقَرْضٌ صَحِيحٌ) لِأَنَّ لَفْظَ " تَصَرَّفْ " يَحْتَمِلُ التَّصَرُّفَ قِرَاضًا وَغَيْرَهُ وَقَدْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يُخْلِصُهُ لِأَحَدِهِمَا فَغُلِّبَ حُكْمُهُ كَلَفْظِ التَّمْلِيكِ إذَا اقْتَرَنَ بِهِ الْعِوَضُ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ رِبْحِ أَحَدِ الْأَلْفَيْنِ) لَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى هَذَا الْأَلْفِ وَلَك رِبْحُ نِصْفِهِ وَلِي رِبْحُ نِصْفِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ فِي الْأَصَحِّ كَالْمُتَمَيِّزِينَ وَقِيلَ صَحِيحٌ كَمَا لَوْ قَالَ وَلَك نِصْفُ رِبْحِهِ وَلِي رِبْحُ نِصْفِهِ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ رِبْحَ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ صَارَ مُنْفَرِدًا بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ حَقٌّ وَعَمِلَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مَجَّانًا وَلَيْسَ ذَلِكَ وَضْعَ الْقِرَاضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ نِصْفُ الْكُلِّ لِي وَنِصْفُهُ لَك وَلَوْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا رِبْحَ شَيْءٍ يَخْتَصُّ بِهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ فِي ذَلِكَ فَيَبْطُلَ حَقُّهُ، أَوْ لَا يَرْبَحُ إلَّا فِي ذَلِكَ فَيَبْطُلُ حَقُّ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ جَهِلَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ) كَالْبَيْعِ حَتَّى يَنْعَقِدَ بِالْكِتَابَةِ، وَإِشَارَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 أَوْ ضَارَبْتُكَ أَوْ عَامَلْتُكَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ وَيُشْتَرَطُ) فِيهِ (الْقَبُولُ فَوْرًا) لِمَا ذُكِرَ (وَلَوْ فِي قَوْلِهِ خُذْهُ وَاتَّجِرْ فِيهِ) أَوْ اعْمَلْ فِيهِ أَوْ بِعْ وَاشْتَرِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ فَوْرًا، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي قَوْلِهِ " وَلَوْ فِي قَوْلِهِ خُذْهُ وَاتَّجِرْ فِيهِ " مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَوْ قَالَ) قَارَضْتُكَ (عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لِي) سَاكِتًا عَنْ نَصِيبِ الْعَامِلِ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الرِّبْحَ فَائِدَةُ رَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ إلَّا مَا يُنْسَبُ مِنْهُ لِلْعَامِلِ وَلَمْ يُنْسَبْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُ (أَوْ) عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ (لَك صَحَّ وَتَنَاصَفَاهُ) لِأَنَّ مَا لَمْ يَنْسُبْهُ لِلْعَامِلِ يَكُونُ لِلْمَالِكِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ (سَوَاءٌ سَكَتَ) عَنْ نَصِيبِ نَفْسِهِ (أَوْ قَدَّرَ لِنَفْسِهِ أَقَلَّ) كَأَنْ قَالَ عَلَى أَنَّ لَك النِّصْفَ وَلِي السُّدُسَ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي، وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى النِّصْفِ، أَوْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ صَحَّ وَالْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَسْتَحِقُّ بِالْمِلْكِ لَا بِالشَّرْطِ. (الرُّكْنُ الْخَامِسُ الْعَاقِدَانِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ (وَهُمَا) لِكَوْنِ الْقِرَاضِ تَوْكِيلًا وَتَوَكُّلًا بِعِوَضٍ (كَالْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ) فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ فِي الْمَالِكِ وَأَهْلِيَّةُ التَّوَكُّلِ فِي الْعَامِلِ وَأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمَا يَنْعَزِلُ بِهِ الْوَكِيلُ وَلَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ مِنْهُ وَلَا مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي. (وَيَصِحُّ) الْقِرَاضُ (مِنْ الْوَصِيِّ لِطِفْلٍ وَمَجْنُونٍ) وَسَفِيهٍ كَمَا يُوَكِّلُ عَنْهُمْ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَلِيِّ كَانَ أَعَمَّ وَقَدْ عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ وَقَالَ سَوَاءٌ فِيهِ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ (وَ) يَصِحُّ (مِنْ الْمَرِيضِ وَلَا يُحْسَبُ مَا زَادَ عَلَى الْأُجْرَةِ) أَيْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (مِنْ الثُّلُثِ) لِأَنَّ الْمَحْسُوبَ مِنْهُ مَا يَفُوتُهُ مِنْ مَالِهِ، وَالرِّبْحُ لَيْسَ بِحَاصِلٍ حَتَّى يَفُوتَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ، وَإِذَا حَصَلَ حَصَلَ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ (بِخِلَافِ مُسَاقَاتِهِ) يُحْسَبُ فِيهَا ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّمَاءَ فِيهَا مِنْ عَيْنِ الْمَالِ بِخِلَافِهِ فِي الْقِرَاضِ. (فَصْلٌ: وَإِنْ قَارَضَ) الْوَاحِدُ (اثْنَيْنِ أَوْ قَارَضَاهُ صَحَّ إنْ بَيَّنَ) الْوَاحِدُ فِي الْأُولَى (مَا يُعْطِي كُلًّا) مِنْ الِاثْنَيْنِ (أَوْ) بَيَّنَ (كُلٌّ) مِنْ الِاثْنَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ (مَا يُعْطِيهِ) لِلْوَاحِدِ (وَإِنْ تَفَاوَتَ، مِثْلُ أَنْ يَشْرِطَ) فِي الْأُولَى (لِوَاحِدٍ) مُعَيَّنٍ (النِّصْفَ وَلِوَاحِدٍ) كَذَلِكَ (الرُّبُعَ، أَوْ يَشْرِطَ) فِي الثَّانِيَةِ (أَحَدُ الْمَالِكَيْنِ لِلْعَامِلِ النِّصْفَ وَ) يَشْرِطَ لَهُ (الْآخَرُ الرُّبُعَ إنْ عَرَفَ) الْعَامِلُ (قَدْرَ مَالَيْهِمَا) أَيْ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَسَدَ الْقِرَاضُ (وَيَقْسِمُ الْمَالِكَانِ مَا فَضَلَ مِنْ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ نِسْبَةِ الْمَالَيْنِ) فَإِذَا شَرَطَا لَهُ النِّصْفَ، وَمَالُ أَحَدِهِمَا مِائَتَانِ وَمَالُ الْآخَرِ مِائَةٌ اقْتَسَمَا النِّصْفَ الْآخَرَ أَثْلَاثًا (فَإِنْ شَرَطَا قِسْمَةَ الْبَاقِي) بَيْنَهُمَا (عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ) إنْ قَدَّرَ نِسْبَةَ الْمَالَيْنِ (فَسَدَ) الْقِرَاضُ لِمَا فِيهِ مِنْ شَرْطِ الرِّبْحِ لِمَنْ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا عَامِلٍ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْإِمَامُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ إذَا أَثْبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ الِاسْتِقْلَالَ فَإِنْ شَرَطَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مُرَاجَعَةَ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يُسَاعِدُونَهُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ فَقَدْ نَقَلَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ هَذَا عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ انْتَهَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَدَعْوَاهُ التَّصْرِيحَ بِالْجَوَازِ فِيهِ تَسَاهُلٌ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَالَا مَا ظَنَّهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عَدَمِ الْمُسَاعَدَةِ مَمْنُوعٌ بَلْ قَوَاعِدُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ تَقْتَضِيهِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ. (فَصْلٌ: وَإِنْ تَصَرَّفَ) الْعَامِلُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ (وَالْقِرَاضُ فَاسِدٌ صَحَّ) لِصِحَّتِهِ فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ فَسَدَ الْبَيْعُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالْمِلْكِ وَلَا مِلْكَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) لِلْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَمَعًا فِي الْمُسَمَّى فَإِذَا فَاتَ وَجَبَ رَدُّ عَمَلِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ فَتَلِفَ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ (إلَّا إنْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْمَالِكِ فَلَا يَسْتَحِقُّ) الْعَامِلُ (أُجْرَةً) لِعَدَمِ طَمَعِهِ فِي شَيْءٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَمِمَّا يَأْتِي فِي الْمُسَاقَاةِ أَنَّهُ.   [حاشية الرملي الكبير] الْأَخْرَسِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي قَوْلِهِ خُذْهُ وَاتَّجِرْ فِيهِ) أَوْ اعْمَلْ فِيهِ بِخِلَافِ خُذْهُ وَابْتَعْ بِهِ لِاقْتِضَاءِ الْعَمَلِ الْبَيْعَ بِخِلَافِ الِابْتِيَاعِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرُّوهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَك صَحَّ إلَخْ) لَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِي أَوْ لَك الثُّلُثَ، وَالْبَاقِي بَيْنَنَا صَحَّ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لَك النِّصْفَ وَمَا بَقِيَ فَثُلُثُهُ لِي وَثُلُثَاهُ لَك صَحَّ إنْ عَلِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ نِسْبَةَ ذَلِكَ، وَإِنْ جَهِلَهَا أَحَدُهُمَا صَحَّ أَيْضًا فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى النِّصْفِ، أَوْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ صَحَّ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ فَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ مَا شَرَطْت فَهُوَ نَصِيبِي وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ نَصِيبِي صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ مِنْ الْوَصِيِّ لِطِفْلٍ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ) لِعَامِلٍ أَمِينٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِرَاضَ لِنَفْسِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَدَّ كَالْأَبِ وَفِي الْبَحْرِ إذَا قَارَضَ وَلِيُّ الطِّفْلِ فَلَا يَأْذَنُ فِي النَّسِيئَةِ بِحَالٍ لِلْغَرَرِ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا، أَوْ جَدًّا، أَوْ وَصِيًّا، أَوْ قَيِّمًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ إشْكَالٌ وَكَتَبَ أَيْضًا: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا يَجُوزُ الِاتِّجَارُ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِشُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ الزَّمَانُ آمِنًا وَالسُّلْطَانُ عَادِلًا وَالتِّجَارَةُ مُرْبِحَةً. [فَصْلٌ وَإِنْ قَارَضَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ أَوْ قَارَضَاهُ] (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يُسَاعِدُونَهُ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَخْ) وَحَذَفَ فِي الصَّغِيرِ كَلَامَ الْإِمَامِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ مَا ظَنَّهُ الرَّافِعِيُّ هُوَ الْمَنْقُولُ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ بِاشْتِرَاطِ مُرَاجَعَةِ الْمَالِكِ وَلَا الْمُشْرِفِ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ وَضْعَ الْقِرَاضِ فِي أَنَّ مِنْ الْمَالِكِ مَالًا فَقَطْ وَمِنْ الْعَامِلِ عَمَلًا فَقَطْ وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودًا فِي إقَامَةِ عَامِلَيْنِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِمَا الِاجْتِمَاعَ. [فَصْلٌ تَصَرَّفَ الْعَامِلُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ وَالْقِرَاضُ فَاسِدٌ] (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْعَامِلِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْمُسَمَّى فِي صَحِيحِهِ فَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي فَاسِدِهِ كَالْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْمَالِكِ إلَخْ) لَوْ قَالَ إلَّا إنْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِغَيْرِ الْعَامِلِ لَكَانَ أَعَمَّ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَإِطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْفَسَادَ أَمْ لَا وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِعِوَضٍ فَلَا يَحْبَطُ عَمَلُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 لَا يَسْتَحِقُّهَا أَيْضًا فِيمَا مَرَّ إذَا عَلِمَ الْفَسَادَ (وَلَوْ لَمْ يَقُلْ) لَهُ (قَارَضْتُكَ) بَلْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا مَثَلًا (وَقَالَ اشْتَرِ) بِهَا (كَذَا وَلَك نِصْفُ الرِّبْحِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ) الْقِرَاضُ لِتَعَرُّضِهِ لِلشِّرَاءِ دُونَ الْبَيْعِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ التَّعَرُّضَ لِلشِّرَاءِ لَا يُغْنِي عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْبَيْعِ (وَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ) لِلْإِذْنِ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (وَالرِّبْحُ فِيمَا اشْتَرَاهُ لِلْمَالِكِ) لِأَنَّهُ فَائِدَةُ مَالِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ بَعْضَهُ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ، فَقَوْلُهُ وَلَك نِصْفُ الرِّبْحِ مُسَاوٍ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِقَوْلِ أَصْلِهِ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ يَنْصَرِفُ إلَى الْعَامِلِ؛ إذْ الْمَالِكُ يَسْتَحِقُّ بِالْمَالِ لَا بِالشَّرْطِ كَمَا مَرَّ (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْقِرَاضِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ) (الْأَوَّلُ) أَنْ يَتَقَيَّدَ (التَّصَرُّفُ) مِنْ الْعَامِلِ (بِالْمَصْلَحَةِ كَالْوَكِيلِ فَلَا يُعَامِلُ بِنَسِيئَةٍ) بَيْعًا وَلَا شِرَاءً؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَهْلِكُ رَأْسُ الْمَالِ فَتَبْقَى الْعُهْدَةُ مُتَعَلِّقَةً بِالْمَالِكِ وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلَا يَشْتَرِي شَيْئًا بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ لَا يَرْجُو حُصُولَ رِبْحٍ فِيهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَقْتَضِيهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَشْتَرِي بِغَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ (وَعَلَيْهِ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِلثَّمَنِ) أَيْ لِقَبْضِهِ كَالْوَكِيلِ (وَيَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ) بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً (إنْ أَذِنَ لَهُ فِي النَّسِيئَةِ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَنَحْوِهِ الِاكْتِفَاءُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَبِمَسْتُورٍ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ ضَمِنَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ مِنْ ثِقَةٍ مَلِيءٍ كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ مَالِ الْمَحْجُورِ (وَفِي الثَّمَنِ) أَيْ وَفِي بَيْعِهِ بِالثَّمَنِ (الْحَالِّ لَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ) لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ فِي الْبَيْعِ بِالْحَالِّ وَلِأَنَّهُ يَحْبِسُ الْمَبِيعَ إلَى قَبْضِ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (ضَمِنَ) كَالْوَكِيلِ (إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ) فَلَا يَضْمَنَ لِلْإِذْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِذْنِ بِالنَّسِيئَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ، أَوْ يَبِيعَ سَلَمًا؛ لِأَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ أَكْثَرُ غَرَرًا نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ سَلَمًا جَازَ، أَوْ فِي الْبَيْعِ سَلَمًا لَمْ يَجُزْ. قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وُجُودُ الْحَظِّ غَالِبًا فِي الشِّرَاءِ وَعَدَمُهُ فِي الْبَيْعِ وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ جَوَازُهُ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ أَيْضًا لِوُجُودِ الرِّضَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ قَالَ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْبَيْعَ بِالْمُؤَجَّلِ دُونَ الْحَالِّ فَسَدَ الْعَقْدُ (وَيَخْتَصُّ) الْعَامِلُ (دُونَ الْوَكِيلِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ) لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا الِاسْتِرْبَاحُ وَالْبَيْعُ بِذَلِكَ طَرِيقٌ إلَيْهِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِالْمَنْعِ فِي الشَّرِيكِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْنَعُوا فِي الشَّرِيكِ، وَإِنَّمَا قَالُوا لَا يَبِيعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَالْمُرَادُ بِنَقْدِ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ: إلَّا أَنْ يَرُوجَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فَلَا إشْكَالَ، وَقِيَاسُ جَوَازِ الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ جَوَازُهُ بِنَقْدِ غَيْرِ الْبَلَدِ لَكِنْ جَزَمَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَسُلَيْمٌ وَالرُّويَانِيُّ بِالْمَنْعِ كَالْوَكِيلِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيُفَارِقُ الْعَرَضَ بِأَنَّهُ لَا يَرُوجُ ثَمَّ فَيَتَعَطَّلَ الرِّبْحُ بِخِلَافِ الْعَرَضِ قُلْت وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ رَاجَ جَازَ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ السَّابِقُ وَكَالْبَيْعِ بِمَا ذُكِرَ الشِّرَاءُ بِهِ صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ (وَ) يَجُوزُ (شِرَاءُ الْمَعِيبِ وَلَوْ بِقِيمَتِهِ) مَعِيبًا (لِلْمَصْلَحَةِ) أَيْ عِنْدَهَا (وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رَدُّهُ) بِالْعَيْبِ حِينَئِذٍ لِعِلْمِهِ بِالْعَيْبِ وَلِإِخْلَالِهِ بِالْمَقْصُودِ (فَإِنْ جَهِلَهُ) أَيْ الْعَامِلُ الْعَيْبَ (وَفُقِدَتْ الْمَصْلَحَةُ) أَيْ مَصْلَحَةُ الْإِمْسَاكِ وَلَوْ مَعَ فَقْدِ مَصْلَحَةِ الرَّدِّ أَيْضًا (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (رَدُّهُ) وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْآخَرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ صَاحِبُ حَقٍّ فِي الْمَالِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ. وَفُهِمَ بِالْأَوْلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرَّدَّ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِيهِ بَلْ الْقِيَاسُ وُجُوبُهُ عَلَى الْعَامِلِ كَعَكْسِهِ وَتَعْبِيرُهُ كَالْمِنْهَاجِ بِالْمَصْلَحَةِ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْغِبْطَةِ وَهِيَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقِيمَةِ زِيَادَةً لَهَا بَالٌ وَتَعْبِيرُهُ بِفَقْدِ الْمَصْلَحَةِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَهُ الرَّدُّ إنْ كَانَ فِيهِ غِبْطَةٌ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهَا) أَيْ فِي الْمَصْلَحَةِ أَيْ فِي وُجُودِهَا (رُفِعَ) الْأَمْرُ (إلَى الْحَاكِمِ) لِيَعْمَلَ بِالْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقًّا وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي الرَّدِّ وَتَرْكِهِ عَمِلَ.   [حاشية الرملي الكبير] اهـ وَدَعْوَى الشَّارِحِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيلِ مَمْنُوعَةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْمُسَاقَاةِ وَاضِحٌ إلَّا أَنْ يُؤَيِّدَ بِهَا مَسْأَلَةَ بَحْثِ الْغَزَالِيِّ كَإِمَامِهِ وَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْخَادِمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصُّلْحِ عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي بَابِ الْقِرَاضِ إذَا فَسَدَ فِي صُورَةِ " قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لَك " وَتَصَرَّفَ الْعَامِلُ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ جَزْمًا، وَإِنْ عَلِمَ فَسَادَ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ عَمَلِهِ مَجَّانًا بَلْ بِعِوَضٍ وَقَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: وَإِطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ التَّعَرُّضَ إلَخْ) ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُمَا، أَوْ لَفْظٍ يَشْمَلُهُمَا كَالْمُضَارَبَةِ وَنَحْوِهَا [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْقِرَاضِ] (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ التَّصَرُّفُ بِالْمَصْلَحَةِ) وَهُوَ شِرَاءُ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الرِّبْحُ، أَوْ بَيْعُ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الْخُسْرَانُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُعَامِلُ بِنَسِيئَةٍ) وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ مَلِيًّا وَفِيًّا وَأَخَذَ بِهِ رَهْنًا وَكَفِيلًا وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَلِيًّا وَفِيًّا وَأَخَذَ بِهِ رَهْنًا وَفِيًّا وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى أَنْ لَا تَبِيعَ إلَّا بِالنَّسِيئَةِ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ وَجَزَمَ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ فَفِي صِحَّةِ بَيْعِهِ بِالنَّقْدِ وَجْهَانِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَشْتَرِي بِغَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَالرُّويَانِيُّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ: الْأَوْجَهُ جَوَازُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْبَيْعَ بِالْمُؤَجَّلِ دُونَ الْحَالِّ فَسَدَ الْعَقْدُ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الْجَوَازُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: قُلْت وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ رَاجَ جَازَ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ الْقِيَاسُ وُجُوبُهُ عَلَى الْعَامِلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُ بِفَقْدِ الْمَصْلَحَةِ إلَخْ) فَإِنْ اسْتَوَى الْحَالُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ رَجَعَ إلَى الْعَامِلِ إنْ جَوَّزْنَا لَهُ شِرَاءَ الْمَعِيبِ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 بِالْمَصْلَحَةِ (وَحَيْثُ يَنْقَلِبُ) الْعَقْدُ (لِلْوَكِيلِ) فِيمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ (يَنْقَلِبُ لِلْعَامِلِ) هُنَا (وَلَا تَصِحُّ مُعَامَلَتُهُ) أَيْ الْمَالِكِ (لِعَامِلِهِ) كَأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ مَالِهِ بِمَالِهِ (كَعَبْدِهِ) أَيْ كَمَا لَا تَصِحُّ مُعَامَلَةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ. (فَرْعٌ: لَا يَشْتَرِي) الْعَامِلُ (لِلْقِرَاضِ إلَّا بِقَدْرِ مَالِهِ) رَأْسَ مَالٍ وَرِبْحًا وَجِنْسًا فَلَوْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ يَقَعْ مَا زَادَ عَنْ جِهَةِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَلَكَهُ رَبُّ الْمَالِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي تَمَلُّكِ الزَّائِدِ وَلَا فِي شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِثَمَنِهِ (فَإِنْ اشْتَرَى لَهُ) أَيْ لِلْقِرَاضِ (عَبْدًا بِقَدْرِهِ) وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ (ثُمَّ اشْتَرَى آخَرَ بِالْمَالِ بَطَلَ) الشِّرَاءُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ مُسْتَحَقَّ الصَّرْفِ لِلْأَوَّلِ (وَوَقَعَ الْأَوَّلُ لِلْمَالِكِ) قِرَاضًا (فَإِنْ) كَانَ قَدْ (عَقَدَ الثَّانِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَقَعَ لِلْعَامِلِ) حَيْثُ يَقَعُ شِرَاءُ الْوَكِيلِ الْمُخَالِفُ لَهُ نَعَمْ لَوْ وَقَعَ الثَّانِي بِالْعَيْنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَيْ لَهُ أَوَّلُهُمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي بَيْعِ الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَالرَّاجِحُ فِيهِ الصِّحَّةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْبَائِعِ عَلَى نَفْسِهِ أَمَّا الْوَكِيلُ فَلَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَرَّحَ بِهِ فِيهِ، وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ لِلْعَامِلِ (فَإِنْ سَلَّمَ الْمَالَ فِيهِ) أَيْ فِي ثَمَنِهِ (ضَمِنَهُ) أَيْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ لِتَعَدِّيهِ (وَكَانَ الْعَبْدُ الْأَوَّلُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ (فَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ) الْمُسَلَّمُ (وَ) كَانَ (الشِّرَاءُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ انْفَسَخَ) الشِّرَاءُ لِتَلَفِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ (أَوْ) كَانَ (فِي الذِّمَّةِ فَالثَّمَنُ عَلَى الْمَالِكِ) لِوُقُوعِ الْعَقْدِ لَهُ (وَلَهُ عَلَى الْعَامِلِ مِثْلُهُ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِلثَّمَنِ (فَإِنْ سَلَّمَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (الْعَامِلُ بِالْإِذْنِ) مِنْ الْمَالِكِ (لِيَرْجِعَ) بِهِ (حَصَلَ التَّقَاصُّ، أَوْ) سَلَّمَهُ (بِلَا إذْنٍ بَرِئَ الْمَالِكُ) مِنْهُ (دُونَهُ) أَيْ الْعَامِلِ فَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ لِلْمَالِكِ (وَفَازَ الْمَالِكُ بِالْعَبْدِ) فَيَكُونُ مَالَ قِرَاضٍ. (فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى) الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَالِكِ) لِكَوْنِهِ بَعْضَهُ، أَوْ أَقَرَّ هُوَ بِحُرِّيَّتِهِ، أَوْ كَانَ أَمَةً مُسْتَوْلَدَةً لَهُ وَبِيعَتْ لِكَوْنِهَا مَرْهُونَةً (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (لَمْ يَصِحَّ) إنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ لِتَضَرُّرِ الْمَالِكِ بِهِ بِتَفْوِيتِ الْمَالِ (بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مُطْلَقٍ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنْ اشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَعْتِقُ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ أَيْضًا لِقَرِينَةِ قَصْدِ الرِّبْحِ هُنَا (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَةً) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بِلَا إذْنٍ مِنْهُ لَا يَصِحُّ لِتَضَرُّرِ الزَّوْجِ بِهِ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي شِرَاءِ رَقِيقٍ مُطْلَقٍ (وَإِنْ كَانَ) شِرَاؤُهُ فِي الذِّمَّةِ (وَقَعَ) الْعَقْدُ (لِلْعَامِلِ) وَإِنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ لِلْقِرَاضِ؛ إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْقِرَاضِ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ضَمِنَهُ (أَوْ) اشْتَرَاهُ (بِإِذْنٍ صَحَّ وَعَتَقَ) عَلَى الْمَالِكِ (إنْ لَمْ يَظْهَرْ) فِي الْمَالِ (رِبْحٌ) وَارْتَفَعَ الْقِرَاضُ إنْ اشْتَرَاهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَإِلَّا فَبَاقِيهِ رَأْسُ مَالٍ (وَكَذَا إذَا ظَهَرَ) فِيهِ رِبْحٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَمْلِكُ الرِّبْحَ بِالظُّهُورِ (وَيَغْرَمُ الْمَالِكُ) فِيمَا إذَا ظَهَرَ رِبْحٌ (نَصِيبَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ) وَكَأَنَّهُ اسْتَرَدَّ طَائِفَةً مِنْ الْمَالِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَةً بِإِذْنِهِ صَحَّ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَا يَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ مُطْلَقًا (وَالْحُكْمُ هَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ عَبْدًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ) فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ وَيَغْرَمُ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ. [فَرْعٌ شِرَاءُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ عَبْدًا يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ فِي الْقَرْضِ] (فَرْعٌ لَا يَصِحُّ شِرَاءُ) الْعَبْدِ (الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ عَبْدًا يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْهُ فَيَصِحُّ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْعَامِلِ (فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ) لَهُ (دَيْنٌ فَفِي عِتْقِ الْعَبْدِ تَفْصِيلٌ) بَيْنَ كَوْنِ سَيِّدِهِ مُوسِرًا وَكَوْنِهِ مُعْسِرًا (مَرَّ بَيَانُهُ) فِي بَابِ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ. [فَرْعٌ اشْتَرَى الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ أَبَاهُ] (فَرْعٌ) لَوْ (اشْتَرَى الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ أَبَاهُ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ " مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ " (وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ وَالرِّبْحُ ظَاهِرٌ) أَوْ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (صَحَّ) الشِّرَاءُ (وَلَمْ يَعْتِقْ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ كَالْوَكِيلِ يَشْتَرِي مَنْ يَعْتِقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ (وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ) كَمَا فِي الْأَصْلِ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَلَيْسَ لِكُلٍّ مِنْ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ، كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ (أَنْ يَنْفَرِدَ) عَنْ الْمَالِكِ، أَوْ عَنْ الْآخَرِ (بِالْكِتَابَةِ) لِعَبْدِ الْقِرَاضِ (فَلَوْ كَاتَبَا) هـ (مَعًا) صَحَّ وَحِينَئِذٍ (فَالنُّجُومُ قِرَاضٌ) لِأَنَّهَا بَدَلُ مَالِهِ (فَإِنْ عَتَقَ وَثَمَّ رِبْحٌ شَارَكَ) الْعَامِلُ (الْمَالِكَ فِي الْوَلَاءِ بِالْحِصَّةِ) أَيْ بِحِصَّةِ مَالِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَمَا يَزِيدُ مِنْ النُّجُومِ عَلَى الْقِيمَةِ رِبْحٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ رِبْحٌ فَالْوَلَاءُ لِلْمَالِكِ. (الْحُكْمُ الثَّانِي أَنْ لَا يُقَارِضَ) الْعَامِلُ (غَيْرَهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ) الْمَالِكُ فِيهِ لِيُشَارِكَهُ الْغَيْرُ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ (فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الْقِرَاضَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَمَوْضُوعُهُ أَنْ يَعْقِدَهُ الْمَالِكُ وَالْعَامِلُ فَلَا يُعَدَّلَ إلَى أَنْ يَعْقِدَهُ عَامِلَانِ (إلَّا إنْ صَارَ وَكِيلًا) لِلْمَالِكِ فِي الْقِرَاضِ مَعَ الثَّانِي (وَانْسَلَخَ) .   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ لَا يَشْتَرِي الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ إلَّا بِقَدْرِ مَالِهِ] قَوْلُهُ: لَا يَشْتَرِي لِلْقِرَاضِ إلَّا بِقَدْرِ مَالِهِ) وَلَا يَشْتَرِي مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا زَوْجَهُ وَلَا يَشْتَرِي بِثَمَنِ الْمِثْلِ مَا لَا يَرْجُو فِيهِ رِبْحًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعِ الْمُتَصَرَّفِ فِيهِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِبَيْعِ الْمَالِكِ مَالَ الْقِرَاضِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَى لَهُ عَبْدًا بِقَدْرِهِ إلَخْ) هُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ بِمَالُ الْقِرَاضِ وَلَا يَظْهَرُ جَوَازُهُ فِي التِّجَارَةِ لِلْيَتِيمِ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَبَقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ اشْتَرَى الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَالِكِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ] (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِكُلٍّ مِنْ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ صَارَ وَكِيلًا وَانْسَلَخَ) هَلْ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ أَمْ لَا حَتَّى يُقَارِضَ؟ ثَلَاثُ احْتِمَالَاتٍ فِي الثَّالِثِ إنْ ابْتَدَأَ الْمَالِكُ انْعَزَلَ، أَوْ هُوَ فَلَا وَهُوَ الْأَشْبَهُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا فِيمَا إذَا أَمَرَهُ أَمْرًا جَازِمًا لَا كَمَا صَوَّرَهُ الدَّارِمِيُّ: إنْ رَأَيْتَ أَنْ تُقَارِضَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 مِنْ الْقِرَاضِ، وَالْمَالُ نَقْدٌ فَيَصِحُّ كَمَا لَوْ قَارَضَهُ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ أَنْ يُقَارِضَ إلَّا أَمِينًا خَبِيرًا (فَإِنْ شَرَطَ) الْعَامِلُ الْأَوَّلُ (لِنَفْسِهِ شَيْئًا) مِنْ الرِّبْحِ (فَسَدَ) الْقِرَاضُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ شَيْءٍ مِنْهُ لِغَيْرِ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ (وَأُجْرَةُ الثَّانِي عَلَى الْمَالِكِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا (وَإِنْ قَارَضَ) غَيْرَهُ (بِلَا إذْنٍ فَسَدَ) الْقِرَاضُ، وَإِنْ قَصَدَ انْسِلَاخَهُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ (فَإِنْ اشْتَرَى الثَّانِي) حِينَئِذٍ (بِعَيْنِهِ) أَيْ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ (بَطَلَ) الشِّرَاءُ لِصُدُورِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ (أَوْ) اشْتَرَى (فِي الذِّمَّةِ صَحَّ) الشِّرَاءُ (وَوَقَعَ لِلْأَوَّلِ) وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَهُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَصَرَّفَ عَنْهُ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ فَهُوَ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ (كَالْغَاصِبِ) إذَا اتَّجَرَ فِي الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ إنْ تَصَرَّفَ فِي عَيْنِهِ فَبَاطِلٌ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ الْعَقْدُ لَهُ وَمَلَكَ جَمِيعَ الرِّبْحِ (وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَةُ عَمَلِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا هَذَا كُلُّهُ إذَا تَصَرَّفَ الثَّانِي وَرَبِحَ (وَ) أَمَّا (لَوْ تَلِفَ) الْمَالُ (فِي يَدِهِ فَالْقَرَارُ إنْ جَهِلَ) الْحَالَ (عَلَى الْأَوَّلِ) كَالْمُسْتَوْدِعِ مِنْ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ، وَإِنْ عَلِمَ الْحَالَ فَغَاصِبٌ وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا وَصَرَفَ الْمَالَ فِي خَمْرٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، أَوْ أُمِّ وَلَدٍ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ فِي مِثْلِهِ بِذَلِكَ. (الْحُكْمُ الثَّالِثُ أَنْ لَا يُسَافِرَ بِهِ) الْعَامِلُ، وَإِنْ أَمِنَ الطَّرِيقَ وَظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ خَطَرًا وَتَعْرِيضًا لِلتَّلَفِ (وَلَا يَرْكَبَ الْبَحْرَ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، فَسَيَأْتِي قَرِيبًا (فَإِنْ فَعَلَ بِلَا إذْنٍ ضَمِنَ) الْمَالَ (وَإِنْ عَادَ مِنْ السَّفَرِ) لِتَعَدِّيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَارَضَهُ بِمَحَلٍّ لَا يَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ كَالْمَفَازَةِ وَاللُّجَّةِ جَازَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ إلَى مَقْصِدِهِ الْمَعْلُومِ لَهُمَا ثُمَّ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُحْدِثَ سَفَرًا أَيْ إلَى غَيْرِ مَحَلِّ إقَامَتِهِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ (وَإِنْ تَصَرَّفَ) فِيهِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ (صَحَّ تَصَرُّفُهُ) بِقِيمَةِ بَلَدِ الْقِرَاضِ وَبِأَكْثَرَ مِنْهَا (لَا بِدُونِ ثَمَنِ) أَيْ قِيمَةِ (بَلَدِ الْقِرَاضِ بِقَدْرٍ لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ) فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ بَاعَ بِهِ فِي بَلَدِ الْقِرَاضِ وَلَا يَنْفَسِخُ الْقِرَاضُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ أَمَّا إذَا تَصَرَّفَ بِدُونِ مَا ذُكِرَ بِقَدْرٍ يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ فَيَصِحُّ (وَيَسْتَحِقُّ) الْعَامِلُ (الرِّبْحَ) أَيْ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَإِنْ تَعَدَّى بِالسَّفَرِ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ (وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ) الَّذِي بَاعَ بِهِ مَالَ الْقِرَاضِ فِي سَفَرِهِ فَإِنَّ سَبَبَ التَّعَدِّي السَّفَرُ وَمُزَايَلَةُ مَكَانِ الْمَالِ وَذَلِكَ شَامِلٌ لِلثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مَا تَعَدَّى فِيهِ بِغَيْرِ السَّفَرِ لَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ كَمَا فِي الْوَكِيلِ (وَإِنْ عَادَ) الثَّمَنُ (مِنْ السَّفَرِ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ، وَهُوَ السَّفَرُ لَا يَزُولُ بِالْعَوْدِ (وَإِنْ سَافَرَ) بِالْمَالِ (بِالْإِذْنِ فَوَجَدَهُ) يُبَاعُ (رَخِيصًا) أَيْ بِأَنْقَصَ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ فِي بَلَدِ الْقِرَاضِ (لَمْ يَبِعْ إلَّا إنْ تَوَقَّعَ رِبْحًا فِيمَا يُعْتَاضُ، أَوْ كَانَتْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ أَكْثَرَ) مِنْ قَدْرِ النَّقْصِ فَلَهُ الْبَيْعُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَظِّ بِخِلَافِ مَا خَلَا عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَخْسِيرٍ (وَلَا يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ إلَّا إنْ نَصَّ لَهُ عَلَيْهِ) فَلَا يَكْفِي فِيهِ الْإِذْنُ فِي السَّفَرِ لِخَطَرِهِ نَعَمْ إنْ عَيَّنَ لَهُ بَلَدًا، وَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَّا الْبَحْرُ كَسَاكِنِ الْجَزَائِرِ الَّتِي يُحِيطُ بِهَا الْبَحْرُ كَانَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَيْهِ وَالْإِذْنُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ. (فَصْلٌ وَيَتَوَلَّى) الْعَامِلُ (مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ نَشْرٍ وَطَيٍّ وَنَحْوِهِ) مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ كَذَرْعِ وَوَزْنِ أَمْتِعَةٍ خَفِيفَةٍ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِهِ بِخِلَافِ وَزْنِ الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ وَحَمْلِهَا (وَيَسْتَأْجِرُ) جَوَازًا (لِغَيْرِهِ) مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ (مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ) لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التِّجَارَةِ وَمَصَالِحِهَا (فَإِنْ تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ لِمَا يَلْزَمُهُ) تَوَلِّيهِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِتَبَرُّعِهِ بِذَلِكَ. (فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ التَّصَدُّقُ) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَلَوْ بِكِسْرَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ (وَلَا النَّفَقَةُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، وَإِنْ سَافَرَ) وَزَادَتْ النَّفَقَةُ بِسَبَبِ السَّفَرِ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ لِأَنَّ لَهُ نَصِيبًا مِنْ الرِّبْحِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا آخَرَ وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ بَلْ لَوْ شَرَطَهَا أَيْ النَّفَقَةَ فِي ابْتِدَاءِ الْقِرَاضِ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (فَسَدَ الْقِرَاضُ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ (وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ مِنْهُ) لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ التِّجَارَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَصْلٌ: وَيَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ) مِنْ الرِّبْحِ (بِالْقِسْمَةِ) لِلْمَالِ (وَ) لَكِنْ إنَّمَا (يَسْتَقِرُّ) الْمِلْكُ إذَا كَانَ الْمَالُ نَاضًّا (بِالْفَسْخِ مَعَهَا) لِبَقَاءِ الْعَقْدِ قَبْلَ الْفَسْخِ مَعَ عَدَمِ تَنْضِيضِ الْمَالِ حَتَّى لَوْ حَصَلَ بَعْدَهَا نَقْصٌ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَارَضَ بِلَا إذْنٍ فَسَدَ الْقِرَاضُ) وَإِنْ قَصَدَ انْسِلَاخَهُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَشَبَّهَ الْإِمَامُ الِانْسِلَاخَ بِمَا لَوْ أَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يُنَزِّلَ مَنْزِلَتَهُ وَصِيًّا فِي حَيَاتِهِ يُقِيمُهُ مَقَامَهُ فِي كُلِّ مَا هُوَ مَنُوطٌ بِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ قَالَ وَمِثْلُهُ لَوْ أَرَادَ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ وَإِخْرَاجَ نَفْسِهِ وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي زَمَانِنَا وَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا نَقْلٌ وَلَمْ أَتَرَدَّدْ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَةُ عَمَلِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا سَوَاءٌ أَعَلِمَ الثَّانِي الْحَالَ وَحُكْمَهُ أَمْ جَهِلَ قَالَهُ سُلَيْمٌ وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِعِوَضٍ فَلَا يَحْبَطُ عَمَلُهُ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَارَضَهُ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ الْمُرَادُ بِالْبَحْرِ الْبَحْرُ الْمِلْحُ. اهـ. قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُقَالُ بِطَرْدِ الْمَنْعِ فِي النِّيلِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَنْهَارِ الْعَظِيمَةِ ع وَمَا بَحَثَهُ ظَاهِرٌ قَالَ الْغَزِّيِّ وَالْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ كَالنِّيلِ يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ زَادَ خَطَرُ رُكُوبِهَا عَلَى خَطَرِ الْبَحْرِ لَمْ يَجُزْ رُكُوبُهَا إلَّا بِنَصٍّ، وَإِلَّا جَازَ عِنْدَ الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَيَّنَ لَهُ بَلَدًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ يَتَوَلَّى الْعَامِلُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ نَشْرٍ وَطَيٍّ وَنَحْوِهِ فِي الْقِرَاضِ] (قَوْلُهُ: مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ) أَيْ فِي نَاحِيَتِهِ. (قَوْلُهُ: كَذَرْعِ وَوَزْنِ أَمْتِعَةٍ خَفِيفَةٍ) أَيْ وَحَمْلِهَا مِنْ الْمَخْزَنِ إلَى السُّوقِ وَعَكْسِهِ. [فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ التَّصَدُّقُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ] (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ) فَيَنْفَرِدُ بِهِ وَقَدْ تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبْحِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ مِنْهُ) وَمِنْ مَالِ الْقِرَاضِ مَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدَا وَمَا يَأْخُذُهُ أَرْبَابُ الضِّرَابِ وَهُمْ الْمَكَسَةُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 جُبِرَ بِالرِّبْحِ الْمَقْسُومِ (وَكَذَا) يَمْلِكُهَا وَيَسْتَقِرُّ الْمِلْكُ (لَوْ نَضَّ) الْمَالُ (وَفُسِخَ) الْعَقْدُ (بِلَا قِسْمَةٍ) لِلْمَالِ لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ وَالْوُثُوقِ بِحُصُولِ رَأْسِ الْمَالِ (وَ) يَمْلِكُهَا وَيَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ أَيْضًا (بِنَضُوضِ رَأْسِ الْمَالِ) فَقَطْ (وَاقْتِسَامِ الْبَاقِي وَالْفَسْخِ) لِذَلِكَ وَكَالْفَسْخِ أَخْذُ الْمَالِكِ رَأْسَ الْمَالِ وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ فَأَبْدَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْفَسْخِ (لَا بِظُهُورِ الرِّبْحِ) أَيْ لَا يَمْلِكُ بِهِ، وَإِلَّا لَصَارَ شَرِيكًا فِي الْمَالِ فَيَشِيعُ النَّقْصُ الْحَادِثُ بَعْدُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ أَصْلًا وَرِبْحًا فَلَمَّا انْحَصَرَ فِي الرِّبْحِ دَلَّ عَلَى عَدَمِ الْمِلْكِ وَلِأَنَّ الْقِرَاضَ عَقْدٌ جَائِزٌ وَلَا ضَبْطَ لِلْعَمَلِ فِيهِ فَلَا يَمْلِكُ الْعِوَضَ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَالْجَعَالَةِ (لَكِنْ يَثْبُتُ لَهُ بِالظُّهُورِ) لِلرِّبْحِ فِي الْمَالِ (حَقٌّ) مُؤَكَّدٌ (يُورَثُ عَنْهُ) لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ (وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ) وَعَلَى مُؤْنَةِ تَجْهِيزِ الْمَالِكِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْعَيْنِ وَيَصِحُّ إعْرَاضُهُ عَنْهُ (وَلَهُ تَرْكُ الْعَمَلِ) بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ كَمَا لَهُ تَرْكُهُ قَبْلَهُ (وَيَسْعَى فِي التَّنْضِيضِ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَسْتَحِقُّ التَّنْضِيضَ (لِيَأْخُذَهُ) أَيْ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ (وَيَغْرَمَ) لَهُ (الْمَالِكُ بِإِتْلَافِهِ) مَالَ الْقِرَاضِ بِإِعْتَاقٍ أَوْ إيلَادٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (حِصَّتَهُ) مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالْإِتْلَافِ وَلَوْ قَبْلَ قِسْمَتِهِ لِتَأَكُّدِ حَقِّهِ فِي الرِّبْحِ كَمَا مَرَّ وَكَانَ الْإِتْلَافُ كَالِاسْتِرْدَادِ (وَلَا يَسْتَقِرُّ) مِلْكُهُ عَلَى حِصَّتِهِ (بِقِسْمَتِهِ) أَيْ الْمَالِ (عَرَضًا) وَلَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ؛ إذْ لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ (وَلَا بِقِسْمَةِ الرِّبْحِ قَبْلَ الْفَسْخِ) لِبَقَاءِ الْعَقْدِ (فَيَرُدُّ) مِمَّا أَخَذَهُ (جَبْرَ خُسْرَانٍ حَدَثَ) وَفِي نُسْخَةٍ فَيَجْبُرُ بِمَا أَخَذَهُ نُقْصَانًا حَدَثَ. [فَرْعٌ وَطْءُ جَارِيَةِ الْقِرَاضِ] (فَرْعٌ: يَحْرُمُ) عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (وَطْءُ جَارِيَةِ الْقِرَاضِ) سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ أَمْ لَا؛ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ انْتِفَاءُ ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ إلَّا بِالتَّنْضِيضِ وَاسْتُشْكِلَتْ الْعِلَّةُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ لَوْ وَطِئَ وَلَا رِبْحَ حُدَّ إنْ كَانَ عَالِمًا فَإِنَّهَا تَقْتَضِي عَدَمَ الْحَدِّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِعَدَمِ الْحَدِّ عِنْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ إنَّمَا هُوَ شُبْهَةُ الْمِلْكِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ لِانْتِفَاءِ ظُهُورِ الرِّبْحِ (وَ) يَحْرُمُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (تَزْوِيجُهَا) لِأَنَّهُ يَنْقُصُهَا فَيَضُرُّ الْآخَرَ وَلِأَنَّ الْعَامِلَ غَيْرُ مَالِكٍ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَالتَّزْوِيجِ عَلَى الْعَامِلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَيْسَ وَطْءُ الْمَالِكِ فَسْخًا) لِلْقِرَاضِ (وَلَا مُوجِبًا مَهْرًا) وَلَا حَدًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَتَرْجِيحُ عَدَمِ إيجَابِ الْمَهْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَاسْتِيلَادُهُ) جَارِيَةَ الْقِرَاضِ (كَإِعْتَاقِهِ) لَهَا فَيَنْفُذُ وَيَغْرَمُ لِلْعَامِلِ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ (فَإِنْ وَطِئَهَا الْعَامِلُ عَالِمًا) بِالتَّحْرِيمِ (وَلَا رِبْحَ حُدَّ) لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ (وَإِلَّا فَلَا حَدَّ) لِلشُّبْهَةِ (وَيَثْبُتُ) عَلَيْهِ (الْمَهْرُ وَيُجْعَلُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَقَعُ خُسْرَانٌ فَيُحْتَاجُ إلَى الْجَبْرِ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الْإِمَامِ لَا عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ مَهْرَ الْإِمَاءِ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ كَمَا سَيَأْتِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (لَا الِاسْتِيلَادُ) فَلَا يَثْبُتُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ. (فَصْلٌ) فِيمَا يَقَعُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ مِنْ زِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ (ثَمَرَةُ مَالِ الْقِرَاضِ وَنِتَاجُهُ وَمَهْرُ إمَائِهِ وَبَدَلُ مَنَافِعِهِ وَنَحْوُهُ) مِنْ سَائِرِ الزَّوَائِدِ الْعَيْنِيَّةِ الْحَاصِلَةِ بِغَيْرِ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ كَكَسْبِ الرَّقِيقِ وَوَلَدِ الْجَارِيَةِ الرَّقِيقِ (يَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا (الْمَالِكُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَوَائِدِ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَيْنِيَّةِ كَسِمَنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ فَهُوَ مَالُ قِرَاضٍ وَكَذَا الْعَيْنِيَّةُ الْحَاصِلَةُ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ بِأَنْ اشْتَرَاهَا مَعَ أَصْلِهَا، وَإِطْلَاقُهُ الْمَهْرَ أَحْسَنُ مِنْ تَقْيِيدِ أَصْلِهِ لَهُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ لِقَوْلِ الْأَذْرَعِيُّ: التَّقْيِيدُ بِهِ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ يَجْرِي فِي الْوَطْءِ بِالزِّنَا مُكْرَهَةً، أَوْ مُطَاوِعَةً وَهِيَ مِمَّنْ لَا تُعْتَبَرُ مُطَاوَعَتُهَا أَوْ بِالنِّكَاحِ (وَنَقْصُو الْمَالِ) الْحَاصِلُ (بِخُسْرَانٍ وَعَيْبٍ) حَادِثٌ فِيهِ (وَكَذَا تَلَفُ بَعْضِهِ بَعْدَ التَّصَرُّفِ) فِيهِ (وَلَوْ) كَانَ تَلَفُهُ (بِعُدْوَانٍ) مِنْ أَجْنَبِيٍّ (تَعَذَّرَ بَدَلُهُ) أَيْ أَخْذُ بَدَلِهِ مِنْ الْمُتْلِفِ (يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ) لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي رَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ حَتَّى يَرُدَّ إلَى الْمَالِكِ مِثْلَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ أَخْذُ بَدَلِهِ اسْتَمَرَّ الْقِرَاضُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَوْ تَلِفَ) أَيْ بَعْضُهُ (قَبْلَ التَّصَرُّفِ) فِي الْمَالِ (بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَمْ يُجْبَرْ) التَّالِفُ بِالرِّبْحِ بَلْ يَصِيرُ الْبَاقِي رَأْسَ مَالٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَأَكَّدْ بِالْعَمَلِ (فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَيْنِ فَتَلِفَ) مِنْهُمَا (أَلْفٌ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ صَارَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا، وَإِنْ تَلِفَ الْكُلُّ، أَوْ الْبَعْضُ وَلَوْ بِفِعْلِ الْعَامِلِ) قَبْلَ التَّصَرُّفِ، أَوْ بَعْدَهُ (انْفَسَخَ) الْقِرَاضُ (فِيهِ) لِأَنَّ التَّلَفَ إنْ كَانَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِإِتْلَافِ الْمَالِكِ فَظَاهِرٌ؛ إذْ لَا بَدَلَ أَوْ بِإِتْلَافِ الْعَامِلِ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَالِكِ إلَّا بِقَبْضِهِ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ الْقِرَاضِ وَمَا ذَكَرَ فِي الْعَامِلِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِالْقِسْمَةِ لِلْمَالِ فِي الْقِرَاضِ] قَوْلُهُ: يَحْرُمُ وَطْءُ جَارِيَةِ الْقِرَاضِ) لَوْ كَانَ فِي مَالِ التِّجَارَةِ جَارِيَةٌ جَازَ لِلْمَالِكِ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْحَوْلِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ قُلْنَا تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِرَاضِ وَالتِّجَارَةِ أَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْعَامِلِ بِنَفْسِ الْعَيْنِ وَإِنْ قَدَرَ الْمَالِكُ عَلَى إسْقَاطِهِ بِتَعْوِيضِهِ عَنْهُ بِخِلَافِ التِّجَارَةِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْقِيمَةِ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالرَّقَبَةِ، وَإِنْ قُلْنَا تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَهْرَ الْوَاجِبَ بِوَطْءِ الْعَامِلِ فَائِدَةٌ عَيْنِيَّةٌ حَصَلَتْ بِفِعْلِ الْعَامِلِ فَأَشْبَهَتْ رِبْحَ التِّجَارَةِ. (قَوْلُهُ: لَا الِاسْتِيلَادُ) قَالَ شَيْخُنَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ كَانَ حُرًّا نَسِيبًا لِلشُّبْهَةِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلْمَالِكِ وَالْقِيَاسُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ كَلَامِهِمَا فِي الْمَهْرُ أَنَّهَا تَكُونُ مَالَ قِرَاضٍ. [فَصْلٌ فِيمَا يَقَعُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ] (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ) وَقَالُوا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ إنَّ الثَّمَرَةَ وَالنِّتَاجَ مَالُ تِجَارَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُمَا جُزْءٌ مِنْهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْمُمْكِنُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الزَّكَاةِ كَوْنُهُمَا مِنْ عَيْنِ النِّصَابِ وَهُوَ حَاصِلٌ، وَالْمُعْتَبَرَ فِي الْقِرَاضِ كَوْنُهُ بِحِذْقِ الْعَامِلِ. (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُهُ الْمَهْرَ أَحْسَنُ مِنْ تَقْيِيدِ أَصْلِهِ لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ وَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَ فِي الْعَامِلِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 عَنْ الْإِمَامِ لَكِنَّهُ بَحَثَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ يُونُسَ لَكِنَّ الْقَاضِيَ قَالَ بِمَا قَالَ بِهِ الْإِمَامُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ فَجَعَلَ إتْلَافَهُ فَسْخًا كَالْمَالِكِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَنَقَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَسْخَ الْبَيْعِ وَمَعَ ذَلِكَ لَيْسَ إتْلَافُهُ فَسْخًا وَيُجَابُ بِأَنَّ وَضْعَ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ فَلَمْ يَكُنْ إتْلَافُ الْمَبِيعِ فَسْخًا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ، وَذِكْرُ الِانْفِسَاخِ بِتَلَفِ الْبَعْضِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ تَكْرَارٌ فِيمَا إذَا تَلِفَ بِآفَةٍ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَغَيْرُ ظَاهِرٍ فِيمَا إذَا تَلِفَ بِهَا بَعْدَهُ (لَا) بِفِعْلِ (الْأَجْنَبِيِّ) فَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ (بَلْ يَسْتَمِرُّ) الْقِرَاضُ (فِي الْبَدَلِ) إذَا أُخِذَ مِنْهُ (وَالْخَصْمُ) فِي الْبَدَلِ (هُوَ الْمَالِكُ إنْ لَمْ يَكُنْ) فِي الْمَالِ (رِبْحٌ وَهُمَا) أَيْ الْمَالِكُ وَالْعَامِلُ (إنْ كَانَ) فِيهِ رِبْحٌ. (فَرْعٌ: وَإِنْ قُتِلَ عَبْدُ الْقِرَاضِ وَقَدْ ظَهَرَ) فِي الْمَالِ (رِبْحٌ فَالْقِصَاصُ) مُشْتَرَكٌ (بَيْنَهُمَا) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِهِ (فَإِنْ عَفَا الْعَامِلُ) عَنْ الْقِصَاصِ (سَقَطَ الْقِصَاصُ) وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ كَمَا لَوْ عَفَا الْمَالِكُ (وَفِيهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الْحُكْمَيْنِ (إشْكَالٌ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ الرِّبْحَ بِالظُّهُورِ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِهِ ثَبَتَ لَهُ بِهِ فِي الْمَالِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ كَمَا مَرَّ وَالْقِصَاصُ مَبْنِيٌّ عَلَى الدَّرْءِ كَمَا سَيَأْتِي (وَيَسْتَمِرُّ الْقِرَاضُ فِي بَدَلِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَلِلْمَالِكِ الْقِصَاصُ وَالْعَفْوُ مَجَّانًا) . (فَرْعٌ وَإِنْ تَلِفَ مَالُ قِرَاضٍ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ ثَوْبًا) مَثَلًا وَوَقَعَ تَلَفُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ (انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَالْقِرَاضُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ وَتَلِفَ) مَالُ الْقِرَاضِ (قَبْلَ الشِّرَاءِ انْقَلَبَ) الشِّرَاءُ (لِلْعَامِلِ) فَيَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَعَ لِلْمَالِكِ فَلَوْ كَانَ الْمَالُ أَلْفًا وَتَلِفَ لَزِمَهُ أَلْفٌ آخَرُ وَقِيلَ الشِّرَاءُ لِلْعَامِلِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ وَيَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ لِأَنَّ إذْنَهُ يَنْصَرِفُ إلَى التَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْأَلْفِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ الثَّانِيَ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَعَلَى الْأَوَّلِ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفٌ أَوْ أَلْفَانِ، وَجْهَانِ فَإِنْ قُلْنَا أَلْفٌ فَهَلْ هُوَ الْأَلْفُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ وَجْهَانِ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَلْفَيْنِ فِي صِفَةِ الصِّحَّةِ وَغَيْرِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُ أَلْفَانِ فَقَدْ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَرَجَّحَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَمِنْ الْأَخِيرَيْنِ الثَّانِي فَقَدْ جَزَمَ بِهِ سُلَيْمٌ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَابْنُ الصَّبَّاغِ. (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي فَسْخِ الْقِرَاضِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ وَفِيهِ طَرَفَانِ) (الْأَوَّلُ فِي فَسْخِهِ وَيَنْفَسِخُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا وَمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ، وَإِغْمَائِهِ وَقَوْلِ الْمَالِكِ) لِلْعَامِلِ (لَا تَتَصَرَّفْ وَاسْتِرْجَاعِهِ الْمَالَ، وَإِعْتَاقِهِ) وَاسْتِيلَادِهِ لَهُ كَالْوَكَالَةِ بِخِلَافِ اسْتِرْدَادِ الْمُوَكِّلِ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ (لَا بَيْعِهِ) مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ (وَ) لَا (حَبْسِهِ الْعَامِلَ) وَمَنْعِهِ التَّصَرُّفَ لِعَدَمِ دَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى الْفَسْخِ بَلْ بَيْعُهُ إعَانَةً لِلْعَامِلِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُوَكِّلِ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ. (وَإِنْكَارُهُ الْقِرَاضَ كَإِنْكَارِهِ الْوَكَالَةَ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ لَوْ قَالَ لَا قِرَاضَ بَيْنَنَا فَوَجْهَانِ أَشْبَهُهُمَا لَا يَنْعَزِلُ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ قَدْ حَذَفَ النَّوَوِيُّ هَذَا التَّرْجِيحَ ثُمَّ قَالَ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ الِانْعِزَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَإِنْكَارِ الْوَكَالَةِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهِ لِغَرَضٍ، أَوْ لَا انْتَهَى، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْفِقْهَ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهَا الْمَالِكُ فَيُنْكِرُهَا وَصُورَتَهُ فِي الْقِرَاضِ أَنْ يُنْكِرَهُ ابْتِدَاءً حَتَّى لَوْ عَكَسَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ.   [حاشية الرملي الكبير] عَنْ الْإِمَامِ قَالَ شَيْخُنَا: نَقَلَ عَنْ الْوَالِدِ اعْتِمَادَهُ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ بَحَثَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ. (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْبَدَلَ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَحَقَّ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ السَّابِقِ. [فَرْعٌ قُتِلَ عَبْدُ الْقِرَاضِ وَقَدْ ظَهَرَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَقْلٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي بِذَلِكَ فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ فَهَلْ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْ قَاتِلِهِ بِعَفْوِ الْعَامِلِ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ مِنْ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ هَلْ هُوَ شَرِيكٌ أَوْ وَكِيلٌ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ إذَا قِيلَ إنَّهُ شَرِيكٌ فِي فَضْلِ ثَمَنِهِ كَمَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ بِعَفْوِ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ وَالثَّانِي أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَسْقُطُ إذَا قِيلَ إنَّهُ وَكِيلٌ لَكِنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ رَبِّ الْمَالِ بِحِصَّتِهِ مِنْ فَاضِلِ ثَمَنِهِ، وَرَبُّ الْمَالِ عَلَى حَقِّهِ فِي الِاقْتِصَاصِ مِنْ قَاتِلِهِ. [فَرْعٌ تَلِفَ مَالُ قِرَاضٍ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ ثَوْبًا مَثَلًا وَوَقَعَ تَلَفُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ] (قَوْلُهُ: وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ) فَإِنَّهُ عَلَّلَ مَنْعَ الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَهْلِكُ رَأْسُ الْمَالِ فَتَبْقَى الْعُهْدَةُ مُتَعَلِّقَةً بِهِ أَيْ بِرَبِّ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْفَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ) أَيْ وَالرُّويَانِيُّ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي فَسْخِ الْقِرَاضِ] قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: حَقِيقَةُ الِانْفِسَاخِ انْقِلَابُ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ إلَى دَافِعِهِ وَالْفَسْخُ قَلْبُ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ إلَى دَافِعِهِ فَهَذَا فِعْلُ الْفَاسِخِ وَالْأَوَّلُ صِفَةُ الْعِوَضَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْفَسِخُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَالَةٌ، وَفِي الِانْتِهَاءِ شَرِكَةٌ، أَوْ جَعَالَةٌ وَكُلٌّ مِنْهَا غَيْرُ لَازِمٍ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ فَسَخَ وَلِيُّهُ الْعَقْدَ تَعَطَّلَ الْمَالُ، أَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظَالِمٌ امْتَنَعَ الْفَسْخُ وَقَوْلُهُ: وَفِي الِانْتِهَاءِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا إنْ حُمِلَ قَوْلُهُ: وَفِي الِانْتِهَاءِ عَلَى انْتِهَاءِ الْعَقْدِ بِنَحْوِ فَسْخٍ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ وَالْأَرْجَحُ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: كَالْوَكَالَةِ) مُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ بِالْوَكَالَةِ عَدَمُ انْعِزَالِهِ بِالْخِيَانَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا أَنَّ عَامِلَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إذَا خَانَ أَوْ فُسِّقَ انْعَزَلَ بِخِلَافِ عَامِلِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْكَارُ الْقِرَاضِ كَإِنْكَارِ الْوَكَالَةِ) لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْقِرَاضِ أَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي التَّصَرُّفِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا فَاسِدٌ فَإِنَّ ذَاكَ فِي إنْكَارِ الْوَكَالَةِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَلِهَذَا جَاءَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِغَرَضٍ أَمْ لَا وَهَاهُنَا الْإِنْكَارُ مَعَ الْعَاقِدِ الْآخَرِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ وَقَدْ جَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِإِنْكَارِ الْعَامِلِ فَقَالَ: وَإِنْ أَنْكَرَ الْعَامِلُ الْقِرَاضَ ضَمِنَهُ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى عَقْدِ الْقِرَاضِ حَكَاهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 (فَصْلٌ وَالْعَامِلُ بَعْدَ الْفَسْخِ يَبِيعُ) مَالَ الْقِرَاضِ جَوَازًا إذَا تَوَقَّعَ رِبْحًا بِأَنْ ظَفِرَ بِسُوقٍ، أَوْ رَاغِبٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَلَا يَشْتَرِي) لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مَعَ كَوْنِهِ لَا حَظَّ لَهُ فِيهِ (فَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ صِحَاحًا وَمَعَهُ مُكَسَّرَةٌ فَبَاعَهَا بِعَرَضٍ لِيَأْخُذَ بِهِ صِحَاحًا جَازَ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُبْدِلُهَا) لَهُ (بِوَزْنِهَا صِحَاحًا) وَإِلَّا أَبْدَلَهَا وَلَوْ أَبْدَلَ قَوْلَهُ " بِعَرَضٍ " بِقَوْلِهِ " بِغَيْرِ جِنْسِهَا " كَانَ أَعَمَّ وَوَفَّى بِأَصْلِهِ (وَعَلَيْهِ تَقَاضِي الدَّيْنِ) أَيْ اسْتِيفَاؤُهُ إنْ طَلَبَهُ الْمَالِكُ وَكَانَ مَالُ الْقِرَاضِ دَيْنًا (وَ) عَلَيْهِ (تَنْضِيضُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ) إنْ طَلَبَهُ الْمَالِكُ أَمَّا الزَّائِدُ فَمُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ تَنْضِيضُهُ كَعَرَضٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ لَا يُكَلَّفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيْعَهُ نَعَمْ لَوْ نَقَصَ الْبَاقِي بِالتَّبْعِيضِ كَعَبْدٍ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وُجُوبُ تَنْضِيضِ الْكُلِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ وُجُوبُ تَقَاضِي جَمِيعِ الدَّيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَيُفَارِقُ مَسْأَلَتَنَا بِأَنَّ الْمَالَ فِيهَا حَاصِلٌ بِيَدِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ، وَتَنْضِيضُهُ يَكُونُ بِبَيْعِهِ (بِنَقْدِ الْبَلَدِ) إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ (فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بَاعَ بِالْأَغْبَطِ مِنْهُ وَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ بَاعَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ حَصَلَ بِهِ رَأْسُ الْمَالِ وَيَجِبُ) عَلَيْهِ (ذَلِكَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ التَّقَاضِي وَالتَّنْضِيضِ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، أَوْ كَانَ وَتَرَكَهُ) لِلْمَالِكِ لِيَرُدَّ كَمَا أَخَذَ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْمَالِكَ مَشَقَّةٌ وَمُؤْنَةٌ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلْمَالِكِ: تَرَكْت حَقِّي لَك فَلَا تُكَلِّفْنِي الْبَيْعَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَكَمَا يَجِبُ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ إلَى جِنْسِهِ يَجِبُ رَدُّهُ إلَى نَوْعِهِ وَوَصْفِهِ (وَلَا يُمْهَلُ) بِالتَّنْضِيضِ (إلَى) زَمَنِ (الْغَلَاءِ) أَيْ مَوْسِمِ رَوَاجِ الْمَتَاعِ لِأَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ مُعَجَّلٌ (وَلَوْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِأَخْذِ الْعُرُوضِ مِنْهُ بِالْقِيمَةِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ: لَا تَبِعْ، وَنَقْسِمُ الْعُرُوضَ بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ، أَوْ أُعْطِيك قَدْرَ نَصِيبِك نَاضًّا (وَلَمْ يَزِدْ رَاغِبٌ) فِيهَا (أُجِيبَ) لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَمَلَّكَ غِرَاسَ الْمُسْتَعِيرِ بِقِيمَتِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَالْمَالِكُ هُنَا أَوْلَى وَالتَّصْرِيحُ، بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ حَدَثَ غَلَاءٌ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الرِّضَا بِأَخْذِ الْمَالِكِ الْعُرُوضَ (لَمْ يُؤَثِّرْ) فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ فِيهَا نَصِيبٌ لِظُهُورِهِ بَعْدَ الْفَسْخِ. (فَرْعٌ: وَإِنْ مَاتَ الْمَالِكُ، أَوْ جُنَّ) وَالْمَالُ عَرَضٌ (فَلِلْعَامِلِ التَّنْضِيضُ) وَالتَّقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ) فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ (أَوْ الْوَلِيِّ) فِي مَسْأَلَةِ الْجُنُونِ الْمُصَرَّحِ بِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الْعَقْدِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَكَالْجُنُونِ الْإِغْمَاءُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى (بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ الْعَامِلُ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَرَثَتُهُ الْبَيْعَ دُونَ إذْنِ الْمَالِكِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِهِمْ (فَإِنْ امْتَنَعَ) الْمَالِكُ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ (تَوَلَّاهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَلَا يُقَرِّرُ وَرَثَةُ الْمَالِكِ الْعَامِلَ عَلَى الْعَرَضِ كَمَا لَا يُقَرِّرُ الْمَالِكُ وَرَثَةَ الْعَامِلِ عَلَيْهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءُ قِرَاضٍ وَهُوَ لَا يَجُوزُ عَلَى الْعَرَضِ (فَإِنْ نَضَّ) الْمَالُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ (جَازَ تَقْرِيرُ الْجَمِيعِ فَيَكْفِي أَنْ تَقُولَ الْوَرَثَةُ) أَيْ وَرَثَةُ الْمَالِكِ لِلْعَامِلِ (قَرَّرْنَاك عَلَى مَا كُنْت) عَلَيْهِ مَعَ قَبُولِهِ (أَوْ يَقُولَ الْمَالِكُ لِوَرَثَةِ الْعَامِلِ: قَرَّرْتُكُمْ عَلَى مَا كَانَ أَبُوكُمْ) عَلَيْهِ مَعَ قَبُولِهِمْ لِفَهْمِ الْمَعْنَى وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ التَّقْرِيرُ لِإِنْشَاءِ عَقْدٍ عَلَى مُوجَبِ الْعَقْدِ السَّابِقِ وَكَالْوَرَثَةِ وَلِيُّهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَكَالْمَوْتِ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ فَيُقَرِّرُ الْمَالِكُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ فِي الْبَيَانِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ وَلِيَّ الْمَجْنُونِ مِثْلُهُ قَبْلَ الْإِفَاقَةِ (وَكَذَا) يَكْفِي (لَوْ قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْفَسْخِ) أَيْ فَسْخِ الْبَيْعِ (لِلْمُشْتَرِي قَرَّرْتُك عَلَى الْبَيْعِ فَقَبِلَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ) لَا يَكْفِي فِيهِ التَّقْرِيرُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ لَفْظِ النِّكَاحِ، أَوْ التَّزْوِيجِ، وَكَ قَرَّرْتُ تَرَكْت وَأَبْقَيْت وَغَيْرُهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْبَابِ (وَيَجُوزُ التَّقْرِيرُ) عَلَى الْمَالِ النَّاضِّ (قَبْلَ الْقِسْمَةِ) لِجَوَازِ الْقِرَاضِ عَلَى الْمَشَاعِ كَمَا مَرَّ (فَيَخْتَصُّ الْعَامِلُ بِرِبْحِ نَصِيبِهِ) وَيَشْتَرِكَانِ فِي رِبْحِ نَصِيبِ الْآخَرِ (مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ وَرِبْحُهَا مِائَتَانِ مُنَاصَفَةً وَقُرِّرَ الْعَقْدُ كَذَلِكَ) أَيْ مُنَاصَفَةً (فَالْعَامِلُ شَرِيكٌ) لِوَارِثِ الْمَالِ (بِمِائَةٍ فَإِنْ بَلَغَ) مَالُ الْقِرَاضِ (سِتَّمِائَةٍ فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (ثَلَثُمِائَةٍ) إذْ لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ الْقَدِيمِ مِائَةٌ وَرِبْحُهَا مِائَةٌ وَرَأْسُ الْمَالِ فِي التَّقْرِيرِ مِائَتَانِ لِلْوَارِثِ، وَرِبْحُهُمَا مِائَتَانِ مَقْسُومٌ بَيْنَهُمَا. (فَصْلٌ: وَمَا اسْتَرَدَّهُ الْمَالِكُ) مِنْ الْمَالِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ، أَوْ الْخُسْرَانِ (فَالرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ شَائِعٌ فِيهِ لَا يَلْحَقُهُ حُكْمُ الْبَاقِي) لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِ الْعَامِلِ عَلَى مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ فَلَا يَسْقُطُ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ النَّقْصِ بَعْدُ وَالْخَسْرَانُ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمُسْتَرَدِّ وَالْبَاقِي فَلَا يَجِبُ جَبْرُ حِصَّةِ الْمُسْتَرَدِّ مِنْ الْخُسْرَانِ لَوْ رَبِحَ بَعْدُ كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّ الْكُلَّ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْعَامِلُ بَعْدَ الْفَسْخِ فِي الْقِرَاض يبيع وَلَا يَشْتَرِي] قَوْلُهُ: وَالْعَامِلُ بَعْدَ الْفَسْخِ) لَوْ قَالَ بَعْدَ رَفْعِ الْعَقْدِ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ تَقَاضِي الدَّيْنِ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَالِكَ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ تَنْضِيضُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مِلْكٌ نَاقِصٌ، وَقَدْ أَخَذَهُ مِنْهُ كَامِلًا فَلْيَرُدَّهُ كَمَا أَخَذَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ وَيَعْلَمَ بِهِ الْمَالِكُ. (قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وُجُوبُ تَنْضِيضِ الْكُلِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لِمَا فِي التَّشْقِيصِ مِنْ التَّنْقِيصِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَاحِبِ الْإِفْصَاحِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لَا أَثِقُ بِهِ قَالَ الدَّارِمِيُّ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالثَّانِي يُجْعَلُ مَعَ يَدِهِ يَدٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَرْجَحَ؛ لِأَنَّ الِائْتِمَانَ انْقَطَعَ بِالْفَسْخِ وَقَوْلُهُ: " وَالثَّانِي يُجْعَلُ إلَخْ " أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ) أَيْ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. (تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ لَا تَتَوَجَّهُ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَةِ عَامِلِ الْقِرَاضِ وَوَرَثَةِ الْمُودَعِ مَا لَمْ يَدَّعِ رَبُّ الْمَالِ أَنَّ مَالَهُ دَخَلَ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ فِي جُمْلَةِ التَّرِكَةِ، وَيَدَّعِي أَنَّ الْمُوَرِّثَ قَدْ فَرَّطَ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْأَمْرَيْنِ فَيَجِبُ تَصْدِيقُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ. [فَرْعٌ مَاتَ الْمَالِكُ أَوْ جُنَّ وَالْمَالُ عَرَضٌ] (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ وَلِيَّ الْمَجْنُونِ مِثْلُهُ قَبْلَ الْإِفَاقَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 بَعْدَ الْخُسْرَانِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اسْتَرَدَّ بِغَيْرِ رِضَا الْعَامِلِ، وَإِلَّا فَإِنْ قَصَدَ الْأَخْذَ مِنْ الْأَصْلِ اخْتَصَّ بِهِ، أَوْ مِنْ الرِّبْحِ فَكَذَلِكَ لَكِنْ يَمْلِكُ الْعَامِلُ مِمَّا بِيَدِهِ مِقْدَارَ ذَلِكَ عَلَى الْإِشَاعَةِ، وَإِنْ أَطْلَقَا حُمِلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَهَلْ تَكُونُ حِصَّةُ الْعَامِلِ قَرْضًا، أَوْ هِبَةً فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَأَقَرَّهُ، ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا كَانَ الِاسْتِرْدَادُ بِغَيْرِ رِضَاهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي نَصِيبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالظُّهُورِ (فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مِائَةً فَرَبِحَ عِشْرِينَ وَاسْتَرَدَّ) الْمَالِكُ (عِشْرِينَ فَالرِّبْحُ سُدُسُ الْمَالِ فَسُدُسُ الْمُسْتَرَدِّ رِبْحٌ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ (لِلْعَامِلِ مِنْهُ دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ) إنْ كَانَ الشَّرْطُ مُنَاصَفَةً (لَا يُجْبَرُ مِنْهُ خُسْرَانٌ يَحْدُثُ) فَلَوْ عَادَ مَا بِيَدِهِ إلَى ثَمَانِينَ لَمْ يَسْقُطْ نَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْ الدِّرْهَمِ وَالثُّلُثَيْنِ لِتَقَرُّرِهِ بِالِاسْتِرْدَادِ فَلَا يُجْبَرُ بِهِ نَقْصُ غَيْرِ الْمُسْتَرَدِّ لِتَمَيُّزِ الْمُسْتَرَدِّ عَنْ غَيْرِهِ بِالِاسْتِرْدَادِ فَكَأَنَّهُمَا مَالَانِ (وَإِنْ حَصَلَ خُسْرَانٌ فَعَادَتْ الْمِائَةُ ثَمَانِينَ وَاسْتَرَدَّ عِشْرِينَ فَالْخُسْرَانُ الْخُمُسُ) وَهُوَ عِشْرُونَ (وَحِصَّةُ الْمُسْتَرَدِّ خَمْسَةٌ) لِأَنَّ الْخُسْرَانَ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمُسْتَرَدِّ وَالْبَاقِي فَالْخَمْسَةُ (لَا تُجْبَرُ) بِالرِّبْحِ لِتَقَرُّرِهَا بِالِاسْتِرْدَادِ وَإِنَّمَا يُجْبَرُ بِهِ بَاقِي الْخُسْرَانِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ (فَيَصِيرُ رَأْسُ الْمَالِ) بَعْدَ الْجَبْرِ (خَمْسَةً وَسَبْعِينَ) وَالْخَمْسَةُ الزَّائِدَةُ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إنْ شَرَطَا الْمُنَاصَفَةَ فَيَحْصُلُ لِلْمَالِكِ سَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ وَنِصْفٌ وَلِلْعَامِلِ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الِاخْتِلَافِ وَالْعَامِلُ كَالْوَدِيعِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالرَّدِّ) فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْمَالِكَ ائْتَمَنَهُ وَفَارَقَ الْمُرْتَهِنَ فِي دَعْوَى الرَّدِّ بِأَنَّهُ قَبَضَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ مَالِكِهَا وَانْتِفَاعُهُ إنَّمَا هُوَ بِالْعَمَلِ وَالْمُرْتَهِنُ قَبَضَ لِمَنْفَعَتِهِ وَلَوْ أَخَذَ الْعَامِلُ مَا لَا يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بِهِ فَتَلِفَ بَعْضُهُ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ بِأَخْذِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبَا الْبَحْرِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ وَيَجِيءُ طَرْدُهُ فِي الْوَكِيلِ وَالْمُودَعِ وَالْوَصِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأُمَنَاءِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَرْبَحْ، أَوْ لَمْ أَرْبَحْ إلَّا كَذَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ وَهَذَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ أَقَرَّ بِرِبْحٍ، ثُمَّ ادَّعَى غَلَطًا) فِي الْحِسَابِ (أَوْ كَذِبًا) كَأَنْ قَالَ تَبَيَّنْت أَنْ لَا رِبْحَ، أَوْ كَذَبْت فِيمَا قُلْت خَوْفًا مِنْ انْتِزَاعِ الْمَالِ مِنْ يَدِي (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْإِقْرَارِ وَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَالِكِ، أَوْ لَا وَجْهَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ شُبْهَةً، وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ قَطْعًا انْتَهَى وَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ سُرَيْجٍ وَابْنُ خَيْرَانَ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِإِمْكَانِ قَوْلِهِ. (فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ) الْأَوْلَى: بَعْدَ ذِكْرِ (الْكَذِبِ) أَوْ بَعْدَ إخْبَارِهِ بِالرِّبْحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (خَسَارَةً مُمْكِنَةً) كَأَنْ عَرَضَ كَسَادٌ (أَوْ تَلَفًا) لِلْمَالِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِذَلِكَ (وَهُوَ عَلَى أَمَانَتِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي الْمَالِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (فِي قَدْرِ) رَأْسِ (الْمَالِ وَصِفَتِهِ) الشَّامِلَةِ لِجِنْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دَفْعِ الزَّائِدِ عَلَى مَا قَالَهُ (وَفِي) أَنَّ (مُشْتَرَاهُ لِلْقِرَاضِ) وَإِنْ كَانَ خَاسِرًا (أَوْ لِنَفْسِهِ) وَإِنْ كَانَ رَابِحًا لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ وَلِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ فِي يَدِهِ، وَالْغَالِبُ وُقُوعُ الْأَوَّلِ عِنْدَ ظُهُورِ الْخُسْرَانِ وَالثَّانِي عِنْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ (وَفِي عَدَمِ النَّهْيِ) أَيْ نَهْيِ الْمَالِكِ لَهُ عَنْ شِرَاءِ مَا اشْتَرَاهُ بِأَنْ وَافَقَهُ عَلَى الْإِذْنِ فِي شِرَائِهِ ثُمَّ قَالَ نَهَيْتُك عَنْ شِرَائِهِ بَعْدَ الْإِذْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّهْيِ وَعَدَمُ الْخِيَانَةِ (فَإِنْ قَامَتْ) فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْته لِنَفْسِي (بَيِّنَةٌ) لِلْمَالِكِ (بِشِرَائِهِ بِمَالِ الْقِرَاضِ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا) لِلْقِرَاضِ (فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ) لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْقِرَاضِ عُدْوَانًا وَقِيلَ يُحْكَمُ بِهَا لَهُ فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَالْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُمْ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْقُشَيْرِيُّ وَكُلُّ شِرَاءٍ وَقَعَ بِمَالِ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ مَا اسْتَرَدَّهُ الْمَالِكُ مِنْ مَالِ الْقِرَاض بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ أَوْ الْخُسْرَانِ بَعْد فَسْخ الْقِرَاض] قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اسْتَرَدَّ بِغَيْرِ رِضَا الْعَامِلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَادَ مَا بِيَدِهِ إلَى ثَمَانِينَ إلَخْ) قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بَلْ يَأْخُذُ مِنْهَا دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَوْنُ الْعَامِلِ يَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِهِ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّا لَمَّا جَعَلْنَا الْمُسْتَرَدَّ شَائِعًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْعَامِلِ فِي عَيْنِ الْمَالِ الْمُسْتَرَدِّ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَفِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ إنْ كَانَ تَالِفًا وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ الْبَاقِي إلَّا بِرَهْنٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يُوجَدْ حَتَّى لَوْ أَفْلَسَ لَمْ يُقَدَّمْ بِهِ بَلْ يُضَارِبُ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ قَدْ يُقَالُ: لَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى عِبَارَةِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ بَلْ قَالَ إنَّ لَهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فِي الْجُمْلَةِ لَا مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ بِعَيْنِهِ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُقَالُ بِإِبْقَاءِ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى إطْلَاقِهِ وَيَكُونُ تَسْلِيطُ الْعَامِلِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمُقَابَلَةِ كَمَا تَسَلَّطَ الْمَالِكُ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَالْعَامِلُ كَالْوَدِيعِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ) شَمِلَ مَا لَوْ ادَّعَى تَلَفَهُ، ثُمَّ اعْتَرَفَ بِبَقَائِهِ، ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَهُ. (قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَيَجِبُ طَرْدُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقِرَاضُ لِغَيْرِ الدَّافِعِ دَخَلَ الْمَالُ فِي ضَمَانِ الْعَامِلِ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ) شَمِلَ مَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ كَذَا فَادَّعَى الْعَامِلُ أَنَّ فِيهِ رِبْحًا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ أُثْبِتَ لِلْعَامِلِ عَلَى مَالِهِ عَمَلًا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَلَوْ صَدَّقْنَا الْمَالِكَ لَفَاتَ حَقُّ الْعَامِلِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي أَنَّ الْعَامِلَ اسْتَوْلَى لَهُ عَلَى قَدْرٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُ اسْتِيلَائِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي عَدَمِ النَّهْيِ أَيْ نَهْيِ الْمَالِكِ إلَخْ) أَمَّا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ نَهَيْتُك عَنْ شِرَائِهَا وَقَالَ لَمْ تَنْهَنِي فَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ كَمَا فِي الْمُوَكِّلِ س، قَالَ النَّاشِرِيُّ قَالَ الْأَصْحَابُ لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: نَهَيْتُك عَنْ شِرَائِهَا وَقَالَ لَمْ تَنْهَنِي صُدِّقَ الْعَامِلُ وَكَانَتْ لِلْقِرَاضِ. (قَوْلُهُ: عُدْوَانًا) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ عُدْوَانًا أَنَّ الْإِضَافَةَ لِمَالِ الْقِرَاضِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ فَبَطَلَ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ وَنَوَى نَفْسَهُ وَقَعَ لِلْقِرَاضِ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَاكَ عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 الْقِرَاضِ لَا شَكَّ فِي وُقُوعِهِ وَلَا أَثَرَ لِنِيَّةِ الْعَامِلِ أَيْ لِإِذْنِ الْمَالِكِ لَهُ فِي الشِّرَاءِ. (وَإِنْ قَالَ الْعَامِلُ قَارَضْتنِي فَقَالَ) الْمَالِكُ (بَلْ وَكَّلْتُك صُدِّقَ الْمَالِكُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ بِشَيْءٍ فَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ الْمَالَ وَرِبْحَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ (وَكَذَا لَوْ قَالَ) الْعَامِلُ (بَعْدَ تَلَفِ الْمَالِ) فِي يَدِهِ (قَارَضْتنِي فَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ أَقْرَضْتُك) صُدِّقَ الْمَالِكُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي أَفْتَيْتُ بِهِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَابْنِ الصَّلَاحِ تَصْدِيقُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ (وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً) بِمُدَّعَاهُ (فَمَنْ تُقَدَّمُ) مِنْهُمَا؟ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا بَيِّنَةُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَارَضَهُمَا) أَيْ اثْنَيْنِ (عَلَى النِّصْفِ) أَيْ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَهُ وَالْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ فَرَبِحَا (وَأَحْضَرَا ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَقَالَ) الْمَالِكُ (رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَانِ وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَحَلَفَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَلْفٌ فَلِلْمُنْكِرِ) الْحَالِفِ (خَمْسُمِائَةٍ) لِأَنَّهَا نَصِيبُهُ بِزَعْمِهِ (وَلِلْمَالِكِ أَلْفَانِ) عَنْ رَأْسِ الْمَالِ لِاتِّفَاقِهِ مَعَ الْمُعْتَرِفِ عَلَيْهِ (وَثُلُثَا خَمْسِمِائَةٍ) عَنْ الرِّبْحِ (وَالْبَاقِي) مِنْهُمَا (لِلْمُقِرِّ) لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ مِنْ الرِّبْحِ مِثْلَا مَا يَأْخُذُهُ كُلٌّ مِنْ الْعَامِلَيْنِ وَمَا أَخَذَهُ الْمُنْكِرُ كَالتَّالِفِ وَلَوْ أَحْضَرَا أَلْفَيْنِ أَخَذَ الْمُنْكِرُ رُبُعَ الْأَلْفِ الزَّائِدَ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَصِيبُهُ بِزَعْمِهِ، وَالْبَاقِي يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. [فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الرِّبْحِ الْمَشْرُوطِ لِلْعَامِلِ فِي الْقِرَاض] (فَصْلٌ: فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي) قَدْرِ (الرِّبْحِ الْمَشْرُوطِ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ (تَحَالَفَا) كَالْمُتَبَايِعِينَ، وَإِذَا تَحَالَفَا فُسِخَ الْعَقْدُ وَاخْتَصَّ الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ بِالْمَالِكِ (وَوَجَبَتْ الْأُجْرَةُ) عَلَيْهِ لِلْعَامِلِ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مُدَّعَاهُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى التَّحَالُفِ وَالْفَسْخِ رُجُوعُ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ لِصَاحِبِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَقِيمَتُهُ وَقَدْ رَجَعَ الْمَالُ وَرِبْحُهُ لِلْمَالِكِ وَقِيَاسُهُ رُجُوعُ الْعَمَلِ لِلْعَامِلِ لَكِنَّهُ تَعَذَّرَ فَأَوْجَبْنَا قِيمَتَهُ وَهِيَ الْأُجْرَةُ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ الْقِرَاضُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَمُدَّعَى الْعَامِلِ دُونَ الْأُجْرَةِ فَلَا تَحَالُفَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّدَاقِ [مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْقِرَاض] (مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ لَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ وَلَوْ ذِمِّيًّا خَمْرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ (وَسَلَّمَ الثَّمَنَ) لِلْبَائِعِ (ضَمِنَ) عَالِمًا بِذَلِكَ، أَوْ جَاهِلًا لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ. (وَلَوْ قَارَضَهُ) الْمَالِكُ (لِيَجْلِبَ) الْمَالَ أَيْ يَنْقُلَهُ (مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ) وَيَشْتَرِيَ مِنْ أَمْتِعَتِهِ، ثُمَّ يَبِيعَهَا هُنَاكَ أَوْ يَرُدَّهَا إلَى مَحَلِّ الْقِرَاضِ (لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ نَقْلَ الْمَالِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ عَمَلٌ زَائِدٌ عَلَى التِّجَارَةِ فَأَشْبَهَ شَرْطَ الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ فَإِنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ نَفْيُ الْحَرَجِ (أَوْ) قَارَضَهُ (عَلَى الصَّرْفِ) أَيْ أَنْ يُصَارِفَ (مَعَ الصَّيَارِفَةِ فَهَلْ يَتَعَيَّنُونَ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ فَتَفْسُدَ الْمُصَارَفَةُ مَعَ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُخْتَصٌّ بِطَائِفَةٍ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُمْ، أَوْ لَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ صِرْفًا لَا مَعَ قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ كَقَوْلِهِ بِعْ فِي سُوقِ كَذَا فَبَاعَ فِي آخَرَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاطِ وَإِلَّا فَالثَّانِي. (وَإِنْ قَارَضَهُ عَلَى مَالَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ فَخَلَطَهُمَا ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ فِي الْمَالِ وَكَذَا لَوْ خَلَطَ الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ بِمَالِهِ أَوْ قَارَضَهُ اثْنَانِ فَخَلَطَ مَالَ أَحَدِهِمَا بِمَالُ الْآخَرِ كَمَا فُهِمَ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ عَنْ التَّصَرُّفِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ (بَلْ إنْ شَرَطَ) فِي الْعَقْدِ الثَّانِي (بَعْدَ التَّصَرُّفِ) فِي الْمَالِ الْأَوَّلِ (ضَمَّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ فَسَدَ) الْقِرَاضُ فِي الثَّانِي قَالَ.   [حاشية الرملي الكبير] وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْعَامِلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمَالِكُ) أَيْ بِيَمِينِهِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَصْلِ الشَّيْءِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَتِهِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِائْتِمَانِ الدَّافِعِ لِلضَّمَانِ وَبِهِ أَفْتَيْت وَقَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّهُ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ يَدَّعِي سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ قَبَضَ وَالْأَصْلُ عَدَمُ السُّقُوطِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا الشَّيْخَانِ قَبْلَهَا وَمَسْأَلَةُ مَا إذَا قَالَ مَالِكُ الدَّابَّةِ أَجَرَتْكهَا فَعَلَيْك الْأُجْرَةُ وَقَالَ الرَّاكِبُ أَعَرْتنِي فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ. اهـ. وَقَدْ جَرَى الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ عَلَى تَصْدِيقِ الْمَالِكِ. (تَنْبِيهٌ) وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ قِرَاضًا وَقَالَ الْآخَرُ قَرْضًا وَذَلِكَ عِنْدَ بَقَاءِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ فَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْقَرْضِ لِأُمُورٍ مِنْهَا أَنَّهُ غُلِّظَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يُتْلِفَ الْمَالَ أَوْ يَخْسَرَ وَمِنْهَا أَنَّ الْيَدَ لَهُ فِي الْمَالِ وَالرِّبْحِ وَمِنْهَا أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى جَعْلِ الرِّبْحِ لَهُ بِقَوْلِهِ اشْتَرَيْت هَذَا إلَيَّ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمَالَ قِرَاضٌ فَدَعْوَاهُ أَنَّ الْمَالَ قَرْضٌ تَسْتَلْزِمُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لَهُ فَيَكُونُ رِبْحُهُ لَهُ وَلَوْ دَفَعَ لِآخَرَ مَالًا وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَقَالَ دَفَعْته قَرْضًا وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ وَكَالَةً صُدِّقَ الدَّافِعُ وَمِثْلُ الْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةُ، وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الْعِرَاقِيِّ بِخِلَافِهِ وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْقَرْضِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ قَدْ تُيُقِّنَ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِشَغْلِ الذِّمَّةِ وَالْقَابِضُ يَدَّعِي تَخَلُّفَ شَغْلِ الذِّمَّةِ لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَهَذَا تَوْجِيهُ إيجَابِ الْأُجْرَةِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّاكِبِ وَلَوْ دَفَعَ أَلْفًا إلَى آخَرَ ثُمَّ قَالَ الْآخِذُ كَانَتْ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ وَقَالَ الدَّافِعُ بَلْ قَرْضًا صُدِّقَ الدَّافِعُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِمُقَابِلِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا بَيِّنَةُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فُرُوعٌ) قَالَ الْقَمُولِيِّ لَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ عَبْدًا لِلْقِرَاضِ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَاءِ الْعَبِيدِ أَوْ فِي الِاتِّجَارِ مُطْلَقًا وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ إنَّ لَهُ شِرَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ الْمَالِكُ كُنْت نَهَيْتُك عَنْ شِرَاءِ هَذَا وَأَنْكَرَ الْقَائِلُ نَهْيَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ اشْتَرَيْته بَعْدَ فَسْخِ الْقِرَاضِ فَقَالَ بَلْ قَبْلَهُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ فَقَالَ كُنْت نَهَيْتُك عَنْ الشِّرَاءِ مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ الْعَامِلُ وَلَمْ يُعْرَفْ مَالُ الْقِرَاضِ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ مَاتَ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَلَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهَا وَسَتَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ. [فَرْعٌ قَارَضَهُمَا اثْنَيْنِ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَهُ وَالْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ] (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ بِعْ فِي سُوقِ كَذَا فَبَاعَ فِي آخَرَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ) حُكْمُ الْأَصْلِ الْمُشَبَّهُ بِهِ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، إذْ الرَّاجِحُ عِنْدَهُمَا تَعَيُّنُهُ لَكِنَّهُ لَوْ بَاعَ فِي غَيْرِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ صَحَّ. (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ) أَصَحُّهُمَا عَدَمُ تَعَيُّنِهِمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 فِي الْأَصْلِ وَامْتَنَعَ الْخَلْطُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَقَرَّ حُكْمُهُ بِالتَّصَرُّفِ رِبْحًا وَخُسْرَانًا وَرِبْحُ كُلِّ مَالٍ وَخُسْرَانُهُ يَخْتَصُّ بِهِ، وَإِنْ شَرَطَهُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ صَحَّ وَجَازَ الْخَلْطُ وَكَأَنَّهُ دَفَعَهُمَا إلَيْهِ مَعًا نَعَمْ إنْ شَرَطَ الرِّبْحَ فِيهِمَا مُخْتَلِفًا امْتَنَعَ الْخَلْطُ. (وَإِنْ أَعْطَاهُ أَلْفًا وَقَالَ لَهُ شَارِكْنِي بِأَلْفٍ آخَرَ) لَك (وَاعْمَلْ وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ لَهُ وَالثُّلُثَانِ لِلْعَامِلِ أَوْ عَكْسُهُ (لَمْ يَصِحَّ) لِمَا فِيهِ مِنْ شَرْطِ التَّفَاوُتِ فِي الرِّبْحِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ وَلَا نَظَرَ إلَى الْعَمَلِ بَعْدَ الشَّرِكَةِ فِي الْمَالِ فَلَوْ عَمِلَ وَرَبِحَ كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ نِصْفُ أُجْرَةِ مِثْلِهِ عَلَى الْمَالِكِ. (وَإِذَا اشْتَرَى بِأَلْفَيْنِ لِمُقَارِضَيْنِ) لَهُ (عَبْدَيْنِ فَاشْتَبَهَا) عَلَيْهِ (وَقَعَا لَهُ وَغَرِمَ) لَهُمَا (الْأَلْفَيْنِ) لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِفْرَادِ وَقِيلَ يُبَاعُ الْعَبْدَانِ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ حَصَلَ رِبْحٌ فَهُوَ بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الشَّرْطِ أَوْ خُسْرَانٌ ضَمِنَهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِانْخِفَاضِ السُّوقِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ (لَا قِيمَتَهُمَا) نَفْيٌ لِوَجْهٍ قَائِلٍ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَغْرَمُ قِيمَةَ الْعَبْدَيْنِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُمَا. (وَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ إذَا مِتُّ فَتَصَرَّفْ فِيهِ) بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (قِرَاضًا) عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَ الرِّبْحِ (لَغَا) فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَلِأَنَّ الْقِرَاضَ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ لَوْ صَحَّ. (وَلَوْ قَارَضَهُ بِنَقْدٍ) فَتَصَرَّفَ الْعَامِلُ فِيهِ (فَأُبْطِلَ) أَيْ فَأَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ ثُمَّ انْفَسَخَ الْقِرَاضُ (رَدَّ مِثْلَهُ وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ وَاشْتَبَهَ مَالُ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ فَكَالْوَدِيعِ يَمُوتُ) وَعِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ وَاشْتَبَهَتْ بِغَيْرِهَا (وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ (فِي بَابِهِ، وَإِنْ جَنَى عَبْدُ الْقِرَاضِ فَهَلْ يَفْدِيهِ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ) كَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ، أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا لَا، فَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ أَبَقَ عَبْدُ الْقِرَاضِ فَنَفَقَةُ رَدِّهِ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالْقِسْمَةِ فَإِنْ مَلَكَاهُ بِالظُّهُورِ فَعَلَيْهِمَا الْفِدَاءُ. (كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ) مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّقْيِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِيهَا غَالِبًا؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ أَعْمَالِهَا وَأَكْثَرُهَا مُؤْنَةً وَحَقِيقَتُهَا أَنْ يُعَامِلَ غَيْرَهُ عَلَى نَخْلٍ، أَوْ شَجَرِ عِنَبٍ لِيَتَعَهَّدَهُ بِالسَّقْيِ وَالتَّرْبِيَةِ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ لَهُمَا وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ» وَفِي رِوَايَةٍ «دَفَعَ إلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَهَا وَأَرْضَهَا بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ» وَالْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ مَالِكَ الْأَشْجَارِ قَدْ لَا يُحْسِنُ تَعَهُّدَهَا أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لَهُ، وَمَنْ يُحْسِنُ وَيَتَفَرَّغُ قَدْ لَا يَمْلِكُ الْأَشْجَارَ فَيَحْتَاجُ ذَاكَ إلَى الِاسْتِعْمَالِ وَهَذَا إلَى الْعَمَلِ وَلَوْ اكْتَرَى الْمَالِكُ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ فِي الْحَالِ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثِّمَارِ وَيَتَهَاوَنُ الْعَامِلُ فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى تَجْوِيزِهَا. (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ) الْعَاقِدَانِ وَمُتَعَلَّقُ الْعَمَلِ وَالثِّمَارُ وَالْعَمَلُ وَالصِّيغَةُ (الْأَوَّلُ الْعَاقِدَانِ وَشَرْطُهُمَا كَمَا فِي الْقِرَاضِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَيُسَاقِي الْوَلِيُّ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَالسَّفِيهِ كَنَظِيرِهِ ثَمَّ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَفِي مَعْنَى الْوَلِيِّ الْإِمَامُ فِي بَسَاتِينِ بَيْتِ الْمَالِ وَمَنْ لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ وَكَذَا بَسَاتِينُ الْغَائِبِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. الرُّكْنُ (الثَّانِي مُتَعَلَّقُ الْعَمَلِ) وَهُوَ الشَّجَرُ (وَلَا تَصِحُّ إلَّا عَلَى مَغْرُوسٍ مُعَيَّنٍ مَرْئِيٍّ مِنْ النَّخْلِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَ) شَجَرِ (الْعِنَبِ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّخْلِ بِجَامِعِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَتَأَتِّي الْخِرْصِ فِي ثَمَرَتَيْهِمَا فَجُوِّزَتْ الْمُسَاقَاةُ فِيهِمَا سَعْيًا فِي تَثْمِيرِهِمَا رِفْقًا بِالْمَالِكِ وَالْعَامِلِ وَالْمَسَاكِينِ (لَا غَيْرِهِمَا) مِنْ الْبُقُولِ وَالزُّرُوعِ وَسَائِرِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ كَالْخَوْخِ وَالْمِشْمِشِ، وَغَيْرِ الْمُثْمِرَةِ كَالْخِلَافِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ مَعَ عَدَمِ تَأَتِّي الْخِرْصِ فِي ثَمَرَتِهَا وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ صِحَّتَهَا عَلَى سَائِرِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَهُوَ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ إلَى عَمَلٍ وَمَحَلُّ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ نِصْفُ أُجْرَةِ مِثْلِهِ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَفْدِيهِ الْعَامِلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا لَا) أَصَحُّهُمَا نَعَمْ (تَنْبِيهٌ) إقْرَارُ الْعَامِلِ بِدَيْنٍ أَوْ أُجْرَةِ أَجِيرٍ، أَوْ حَانُوتٍ مَقْبُولٌ، وَإِنْ جَحَدَ رَبُّ الْمَالِ قَالَهُ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ. [كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ وَفِيهِ بَابَانِ] [الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الْمُسَاقَاة] (كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ) لَمَّا شَارَكَتْ الْقِرَاضَ فِي الْعَمَلِ فِي شَيْءٍ بِبَعْضِ نَمَائِهِ وَجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَالْإِجَارَةِ فِي اللُّزُومِ وَالتَّأْقِيتِ جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهِيَ كَالْقِرَاضِ وَافْتِرَاقُهُمَا فِي الْأَصْلِ فِي صُوَرٍ: إحْدَاهَا لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُهَا، الثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَأْقِيتِهَا، الثَّالِثَةُ يَمْلِكُ الْعَامِلُ نَصِيبَهُ مِنْ الثِّمَارِ بِالظُّهُورِ قِيلَ وَأَهْمَلَ صُوَرًا أُخْرَى: إحْدَاهَا أَنَّهَا تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا كَانَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمَرَضِ، الثَّانِيَةُ أَنَّ مَا يَتْلَفُ مِنْ الشَّجَرِ لَا يُجْبَرُ بِالثَّمَرِ، الثَّالِثَةُ تَجِبُ زَكَاتُهَا عَلَيْهِ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ، الرَّابِعَةُ لِلْعَامِلِ فِيهَا أَنْ يُسَاقِيَ عَلَى الْأَصَحِّ، الْخَامِسَةُ يَجُوزُ شَرْطُ الْأَجِيرِ، السَّادِسَةُ فِي جَوَازِهَا عَلَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ قَوْلَانِ، السَّابِعَةُ لَا يَشْتَرِكَانِ فِي زِيَادَةِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ، الثَّامِنَةُ الْعَمَلُ كُلُّهُ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَامِلِ، التَّاسِعَةُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ قَطْعًا، الْعَاشِرَةُ لَوْ شَرَطَ الْعَامِلُ أَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ الْأُجَرَاءِ مِنْ الثَّمَرَةِ لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخِ نَصْرٍ الْمَقْدِسِيَّ فِي تَهْذِيبِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى نَخْلٍ أَوْ شَجَرِ عِنَبٍ) قَالَ الرِّيمِيُّ قَدْ ذَكَرْت فِي كِتَابٍ سَمَّيْته تُحْفَةَ أَهْلِ الْأَدَبِ فِي تَفْضِيلِ الْعِنَبِ عَلَى الرُّطَبِ تَرْجِيحَ الْعِنَبِ عَلَى الرُّطَبِ وَقَدْ ذَكَرْت لَهُ حُجَجًا كَثِيرَةً قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ تَفْضِيلُ الرُّطَبِ عَلَى الْعِنَبِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ إلَخْ) نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى جَوَازِهَا وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَمْ يُخَالِفْ فِيهَا إلَّا أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: وَيُسَاقِي الْوَلِيُّ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) لَوْ أَجَّرَ بَيَاضَ أَرْضِ بُسْتَانِهِ بِأُجْرَةٍ وَافِيَةٍ بِمِقْدَارِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ، ثُمَّ سَاقَى عَلَى شَجَرِهِ عَلَى سَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ لِلْمَحْجُورِ وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ صَحَّتْ الْمُسَاقَاةُ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَفِي مَعْنَى الْوَلِيِّ نَاظِرُ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّخْلِ إلَخْ) وَقِيلَ إنَّ الشَّافِعِيَّ أَخَذَهُ مِنْ النَّصِّ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى الشَّطْرِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ قَوْلُهُ: لَا غَيْرِهِمَا» الْفَرْقُ أَنَّ ثِمَارَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ لَا تَنْمُو إلَّا بِالْعَمَلِ، وَغَيْرَهَا يَنْمُو مِنْ غَيْرِ تَعَهُّدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 الْمَنْعِ إنْ تَفَرَّدَ بِالْمُسَاقَاةِ فَإِنْ سَاقَى عَلَيْهَا تَبَعًا لِنَخْلٍ أَوْ عِنَبٍ صَحَّتْ كَالْمُزَارَعَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ صِحَّتِهَا فِي شَجَرِ الْمُقْلِ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. (فَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى وَدِيٍّ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ صِغَارُ النَّخْلِ وَيُسَمَّى الْفَسِيلَ (يَغْرِسُهُ فِي أَرْضِهِ وَ) تَكُونُ (الثَّمَرَةُ) أَوْ الشَّجَرَةُ - الْمَفْهُومَةُ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهَا أَصْلُهُ - (بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ) كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ الْبَذْرَ لِيَزْرَعَهُ وَلِأَنَّ الْغَرْسَ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ فَضَمُّهُ إلَيْهَا كَضَمِّ غَيْرِ التِّجَارَةِ إلَى عَمَلِ الْقِرَاضِ (فَإِنْ) وَقَعَ ذَلِكَ وَعَمِلَ الْعَامِلُ وَ (كَانَتْ الثَّمَرَةُ مُتَوَقَّعَةً) فِي الْمُدَّةِ (فَلَهُ الْأُجْرَةُ) أَيْ أُجْرَةُ عَمَلِهِ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِلَّا فَلَا (لَا إنْ كَانَ الْغِرَاسُ لِلْعَامِلِ) فَلَا أُجْرَةَ لَهُ (بَلْ يَلْزَمُهُ) لِلْمَالِكِ (أُجْرَةُ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِلْعَامِلِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَأَرْضِهِ، وَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى أَحَدِ الْحَائِطَيْنِ) أَوْ عَلَى غَيْرِ الْمَرْئِيِّ لَهُمَا (لَمْ يَصِحَّ) لِلْجَهْلِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ غَرَرٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعِوَضَ مَعْدُومٌ فِي الْحَالِ وَهُمَا جَاهِلَانِ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ وَبِصِفَاتِهِ فَلَا يَحْتَمِلُ ضَمَّ غَرَرٍ آخَرَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالرُّؤْيَةِ وَبِالتَّعْيِينِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ عَقْدٌ جَائِزٌ، وَرِبْحُهُ مِنْ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ وَهَذَا لَازِمٌ وَرِبْحُهُ مِنْ عَيْنِ الْأَصْلِ فَاحْتِيطَ لَهُ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الثِّمَارُ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا لَهُمَا) أَيْ اخْتِصَاصُهُمَا بِهَا شَرِكَةً مَعْلُومَةً بِالْأَجْزَاءِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ (فَإِنْ شَرَطَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (جُزْءًا) مِنْهَا، أَوْ كُلَّهَا (لِثَالِثٍ، أَوْ قَالَ) لَهُ الْمَالِكُ سَاقَيْتُك عَلَى أَنْ يَكُونَ (لَك نِصْفُهَا، أَوْ لِي) نِصْفُهَا (أَوْ لَك) أَوْ لِي (صَاعٌ) مِنْ الثَّمَرَةِ (أَوْ ثَمَرَةُ نَخْلَةٍ) مِنْ نَخِيلِي، أَوْ أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَنَا (فَكَالْقِرَاضِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ. (فَصْلٌ) لَوْ (سَاقَاهُ عَلَى نَوْعٍ) كَصَيْحَانِيٍّ (بِالنِّصْفِ وَ) عَلَى نَوْعٍ (آخَرَ) كَعَجْوَةٍ (بِالثُّلُثِ صَحَّ) الْعَقْدُ (إنْ عَرَفَاهُمَا) أَيْ النَّوْعَيْنِ أَيْ قَدْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ فَإِنَّ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الْأَقَلُّ قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا جَازَ، وَإِنْ جَهِلَا قَدْرَهُمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْفَرْقُ أَنَّ قَدْرَ حَقِّهِ فِي هَذِهِ مَعْلُومٌ بِالْجُزْئِيَّةِ، وَإِنَّمَا الْمَجْهُولُ النَّوْعُ وَالصِّفَةُ، وَفِي تِلْكَ الْقَدْرُ مَجْهُولٌ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ ثَمَرَةِ النَّوْعَيْنِ فِي الْقَدْرِ فَيَكُونُ قَدْرُ مَالِهِ مِنْ ثَمَرَةِ الْكُلِّ مَجْهُولًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى تَقْدِيرِ نِصْفٍ الْأَكْثَرُ وَثُلُثٍ الْأَقَلُّ وَعَلَى تَقْدِيرٍ بِالْعَكْسِ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ مِنْ الثَّانِي. (وَإِنْ سَاقَاهُ) فِي نَوْعٍ (بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ يُسَاقِيَهُ فِي آخَرَ بِالثُّلُثِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ عَلَى أَنْ يُسَاقِيَهُ الْعَامِلُ عَلَى حَدِيقَتِهِ (فَسَدَ الْأَوَّلُ) لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ (وَكَذَا الثَّانِي لَوْ عَقَدَهُ جَاهِلًا) بِفَسَادِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ، أَوْ قَالَ لَهُ سَاقَيْتُك (عَلَى النِّصْفِ) إنْ سَقَى بِالدَّالِيَةِ (فَإِنْ سَقَى بِالْمَطَرِ فَبِالثُّلُثِ بَطَلَ) الْعَقْدُ لِلْجَهْلِ بِالْعَمَلِ وَالْعِوَضِ. [فَرْعٌ سَاقَى شَرِيكَهُ الْمُنَاصِفَ لَهُ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الثُّلُثَيْنِ فَأَكْثَرَ] (فَرْعٌ) لَوْ (سَاقَى شَرِيكَهُ الْمُنَاصِفَ) لَهُ فِي الشَّرِكَةِ (عَلَى الثُّلُثَيْنِ) فَأَكْثَرَ (صَحَّ) وَقَدْ شَرَطَ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الثُّلُثَيْنِ ثُلُثَ ثَمَرَتِهِ فَكَأَنَّهُ سَاقَاهُ عَلَى نِصْفِهِ بِالثُّلُثِ (أَوْ) سَاقَاهُ عَلَى (النِّصْفِ فَمَا دُونَهُ فَلَا) يَصِحُّ لِخُلُوِّ الْمُسَاقَاةِ عَنْ الْعِوَضِ بَلْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ مَا دُونَ النِّصْفِ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَ ثَمَرَتِهِ أَيْضًا (وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) إذَا عَمِلَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ (أَوْ) سَاقَاهُ (عَلَى الْكُلِّ بَطَلَ وَ) لَكِنْ (لَهُ) عَلَيْهِ (الْأُجْرَةُ) لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا، وَقَيَّدَهُ الْغَزَالِيُّ - كَإِمَامِهِ - تَفَقُّهًا بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْفَسَادَ، وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ مُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجَنِيبًا.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ صِحَّتِهَا فِي شَجَرِ الْمُقْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ إلَخْ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الرَّاجِحُ. اهـ. وَالنَّصُّ الْمَنْقُولُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْقَدِيمِ ع سَبَقَهُ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى وَدِيٍّ يَغْرِسُهُ فِي أَرْضِهِ وَتَكُونُ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا) إذْ لَمْ نُرِدْ الْمُسَاقَاةَ عَلَى أَصْلٍ ثَابِتٍ وَهِيَ رُخْصَةٌ فَلَا تَتَعَدَّى مَوْرِدَهَا وَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ قَالَ بِعْ هَذِهِ الْعُرُوضَ وَقَدْ قَارَضْتُك عَلَى أَثْمَانِهَا إذَا نَضَّتْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مُتَوَقَّعَةً فَلَهُ الْأُجْرَةُ) قَالَ فِي الْخَادِمِ أَمَّا إذَا شَرَطَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الْوَدِيِّ فَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِاسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ فِيهِ وَالظَّاهِرُ اسْتِحْقَاقُهَا إنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِمَّا يُعَلَّقُ فِيهِ غَالِبًا وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي فَقَالَ لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً يُحْمَلُ فِي مِثْلِهَا وَشَرَطَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرَةِ وَجُزْءًا مِنْ الْفُسْلَانِ يَعْنِي الْوَدِيَّ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ أَنْ يَكُونَ لِلْعَامِلِ بَعْضُ الْفَائِدَةِ لَا بَعْضُ الْأَصْلِ قَالَ وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ لَهُ وَدِيًّا مِنْ جِنْسٍ يَقْصِدُ خَشَبَةً وَلَا يُثْمِرُ شَجَرُهُ لِيَكُونَ لَهُ بَعْضُهَا إذَا كَبِرَتْ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ مَعَ الزِّيَادَةِ بَعْضُ الْأَصْلِ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ، وَإِذَا عَمِلَ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِطَمَعِهِ فِي الْعِوَضِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) قَيَّدَ الْإِمَامُ عَدَمَ الْأُجْرَةِ بِمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْمُو فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَإِنْ ظَنَّ إثْمَارَهُ فَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَئِمَّةُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَطْعًا لِمَكَانِ ظَنِّهِ، وَقِيلَ يَطَّرِدُ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا لَهُمَا أَيْ اخْتِصَاصُهُمَا بِهَا) غَالِبُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الِاصْطِلَاحِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُورُ هُوَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ الْبَاءِ بَلْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى أَنَّهُ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَنَا) أَوْ عَلَى أَنَّ كُلَّ الثَّمَرَةِ لَك أَوْ لِي فَسَدَ الْعَقْدُ، وَإِذَا عَمِلَ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَقِيلَ إنْ عَلِمَ فَسَادَ الْعَقْدِ لَمْ يَسْتَحِقَّهَا [فَصْلٌ سَاقَاهُ عَلَى نَوْعٍ كَصَيْحَانِيٍّ بِالنِّصْفِ وَعَلَى نَوْعٍ آخَرَ كَعَجْوَةٍ بِالثُّلُثِ] (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ سَاقَاهُ عَلَى نِصْفِهِ بِالثُّلُثِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى نَصِيبِي حَتَّى لَا يَكُونَ الْعَمَلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَاقِعًا فِي الْمُشْتَرَكِ وَبِهَذَا صَوَّرَ أَبُو الطَّيِّبِ تَبَعًا لِمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُزَنِيّ لَكِنَّ كَلَامَ غَيْرِهِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ الْغَزَالِيُّ كَإِمَامِهِ تَفَقُّهًا بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْفَسَادَ) جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ طَمَعُهُ فِيمَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ شَرْعًا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ " شَيْءٌ " فِي التَّعْلِيلِ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ مُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجْنَبِيًّا إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ (فَإِنْ شَرَطَ) فِي الْمُسَاقَاةِ مَعَ شَرِيكِهِ (مُعَاوَنَتَهُ) لَهُ فِي الْعَمَلِ (فَسَدَتْ) وَإِنْ أَثْبَتَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى النِّصْفِ كَمَا لَوْ سَاقَى أَجْنَبِيًّا بِهَذَا الشَّرْطِ (فَإِنْ) عَاوَنَهُ وَ (اسْتَوَى عَمَلُهُمَا فَلَا أُجْرَةَ لَهُمَا) أَيْ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ (وَلَا إنْ زَادَ عَمَلُ الْمُعَاوِنِ) فَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ الزِّيَادَةُ (بِخِلَافِ الْآخَرِ) إذَا زَادَ عَمَلُهُ لَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ بِالْحِصَّةِ عَلَى الْمُعَاوِنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا (وَإِنْ سَاقَيَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (ثَالِثًا لَمْ تُشْتَرَطْ مَعْرِفَتُهُ بِحِصَّةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (إلَّا إنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَشْرُوطِ) لَهُ فَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا. (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَرْعٌ " لَوْ (سَاقَى) وَاحِدٌ (اثْنَيْنِ صَفْقَةً) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ صَفْقَتَيْنِ (هَذَا بِالنِّصْفِ وَهَذَا بِالثُّلُثِ جَازَ) . (فَرْعٌ) ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ: حَدِيقَةٌ بَيْنَ سِتَّةٍ أَسْدَاسًا فَسَاقَوْا رَجُلًا عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ نَصِيبِ وَاحِدٍ عَيَّنُوهُ النِّصْفَ وَمِنْ الثَّانِي الرُّبُعَ وَمِنْ الثَّالِثِ الثُّمُنَ وَمِنْ الرَّابِعِ الثُّلُثَيْنِ وَمِنْ الْخَامِسِ الثُّلُثَ وَمِنْ السَّادِسِ السُّدُسَ، فَتَضْرِبُ مَخْرَجَ الْكُسُورِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فِي عَدَدِ الشُّرَكَاءِ تَبْلُغُ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَلِلْعَامِلِ مِنْ نَصِيبِ كُلٍّ مَا شُرِطَ لَهُ فَيُجْمَعُ لَهُ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ. (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْعَمَلُ وَيُشْتَرَطُ انْفِرَادُ الْعَامِلِ بِالْيَدِ وَالْعَمَلِ) فِي الْحَدِيقَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْعَمَلِ مَتَى شَاءَ كَمَا فِي الْقِرَاضِ (فَلَوْ شَرَطَ الْمَالِكُ دُخُولَ الْبُسْتَانِ) أَيْ دُخُولَهُ إيَّاهُ (أَوْ) شَرَطَ (أَحَدُهُمَا) مَعَ الْآخَرِ (مُعَاوَنَةَ عَبِيدِ الْمَالِكِ الْمُعَيَّنِينَ) أَيْ الْمَرْئِيِّينَ (أَوْ الْمَوْصُوفِينَ) أَيْ مُعَاوَنَتَهُمْ لِلْعَامِلِ (وَلَا يَدَ لَهُمْ) وَلَا تَدْبِيرَ (لَمْ يَضُرَّ) إذْ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ اسْتِقْلَالَ الْعَامِلِ وَتَمَكُّنَهُ مِنْ الْعَمَلِ أَمَّا إذَا شَرَطَ أَنَّ لَهُمْ يَدًا، أَوْ تَدْبِيرًا فَيَضُرُّ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ الْعَامِلِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْعَبِيدِ مُوَافِقٌ لِتَعْبِيرِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ بِهِمْ لَكِنَّ الْأَصْلُ عَبَّرَ بِالْغُلَامِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ يَشْمَلُ الرَّقِيقَ وَالْأَجِيرَ الْحُرَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ يُسْتَحَقُّ مَنْفَعَتُهُ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا (وَنَفَقَتُهُمْ عَلَى الْمَالِكِ) بِحُكْمِ الْمَلِكِ فَلَوْ شُرِطَتْ عَلَيْهِ جَازَ وَكَانَ تَأْكِيدًا (وَلَوْ شُرِطَتْ فِي الثَّمَرَةِ) بِغَيْرِ تَقْدِيرِ جُزْءٍ مَعْلُومٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ مَا يَبْقَى يَكُونُ مَجْهُولًا (أَوْ) شُرِطَتْ (عَلَى الْعَامِلِ) وَقُدِّرَتْ (جَازَ) لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَلْتَزِمَ مُؤْنَةَ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ وَهُوَ كَاسْتِئْجَارِ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ (وَلَوْ لَمْ تُقَدَّرْ) جَازَ أَيْضًا (فَالْعُرْفُ كَافٍ) لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَقِيلَ لَا يَكْفِي بَلْ يَجِبُ تَقْدِيرُهَا لِيَعْرِفَ مَا يَدْفَعُ إلَيْهِمْ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ الْخُبْزِ وَالْأُدْمِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ أَصْحَابُ الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ وَالتَّتِمَّةِ وَغَيْرُهُمْ (وَإِنْ شَرَطَ الْعَامِلُ عَمَلَهُمْ فِي حَوَائِجِهِ أَوْ اسْتِئْجَارَ مُعَاوِنٍ) لَهُ بِجُزْءٍ (مِنْ الثَّمَرَةِ) أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ مَالِ الْمَالِكِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (بَطَلَتْ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمُسَاقَاةِ أَنْ تَكُونَ الْأَعْمَالُ وَمُؤَنُهَا عَلَى الْعَامِلِ وَلِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ الْحَاصِلِ لَهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهَا تَصِحُّ إذَا جُعِلَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الْعَامِلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَإِنْ شُرِطَ الثُّلُثُ لِلْعَامِلِ وَالثُّلُثُ لِلْمَالِكِ وَالثُّلُثُ يُصْرَفُ فِي نَفَقَةِ عَبِيدِ الْمَالِكِ صَحَّ وَكَأَنَّهُ شُرِطَ لِلْعَامِلِ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ لِلْمَالِكِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ، وَإِنْ شُرِطَتْ فِي الثَّمَرَةِ لَمْ يَجُزْ تَوَسُّطٌ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ الْمَنْعَ لِمَا مَرَّ، ثُمَّ وَعَنْ صَاحِبِ الْإِفْصَاحِ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ صَلَاحِ الْمَالِ. (فَصْلٌ يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ (تَقْدِيرُ مُدَّةٍ يُثْمِرُ فِيهَا) الشَّجَرُ (غَالِبًا) لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُسَاقَاةِ (فَلَوْ قُدِّرَ دُونَهَا) بَطَلَتْ الْمُسَاقَاةُ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْعِوَضِ وَ (سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ) أَيْ لَا يَسْتَحِقُّهَا.   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ لَوْ سَاقَاهُ عَلَى أَحَدِ الْحَدِيقَتَيْنِ، أَوْ عَلَى نَصِيبِهِ الْمُشَاعِ دُونَ شَرِيكِهِ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِالْعَمَلِ وَتَعَذُّرِ تَخْصِيصِ عَمَلِهِ بِمَا سُوقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُشَاعِ. اهـ.، وَقَالَ السُّبْكِيُّ إذَا سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى حِصَّتِهِ أَجْنَبِيًّا فَقَدْ عَرَفْت حُكْمَهُ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ جَازَ وَهَذَا تَفْرِيعٌ لَا نَقْلٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ) لَوْ سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَجْنَبِيًّا عَلَى حِصَّتِهِ فَقِيَاسُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْمُشْتَرَكِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْمَالِكِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ إلْزَامُ الْعَامِلِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا أُجْرَةَ لَهُمَا إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ لَا أُجْرَةَ لَهُمَا، وَإِنْ زَادَ عَمَلُ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْأَقَلُّ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ. [فَصْلٌ سَاقَى وَاحِدٌ اثْنَيْنِ صَفْقَةً] (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ صَفْقَتَيْنِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا صُورَتُهُ فِي الصَّفْقَتَيْنِ أَنْ يَعْقِدَ مَعَهُ عَلَى نِصْفِ النَّخْلِ، ثُمَّ يَعْقِدَ مَعَ آخَرَ عَلَى النِّصْفِ الثَّانِي. [فَرْعٌ حَدِيقَةٌ بَيْنَ سِتَّةٍ أَسْدَاسًا فَسَاقَوْا رَجُلًا عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ نَصِيبِ وَاحِدٍ عَيَّنُوهُ النِّصْفَ] (قَوْلُهُ: فَتَضْرِبُ مَخْرَجَ الْكُسُورِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ) حِسَابُهُ أَنَّ مَخْرَجَ النِّصْفِ وَالرُّبُعِ يَدْخُلَانِ فِي مَخْرَجِ الثُّمُنِ، وَمَخْرَجَ الثُّلُثَيْنِ وَالثُّلُثِ يَدْخُلَانِ فِي مَخْرَجِ السُّدُسِ فَتَبْقَى سِتَّةٌ وَثَمَانِيَةٌ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ تَضْرِبُ نِصْفَ أَحَدِهِمَا فِي جَمِيعِ الْآخَرِ يَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْآخَرِ مُعَاوَنَةَ عَبِيدِ الْمَالِكِ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ الْمَالِكُ عَمَلَ غِلْمَانِ الْعَامِلِ مَعَهُ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُمْ وَلَا وَصْفُهُمْ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ يَشْمَلُ الرَّقِيقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ حُرًّا أَيْ كَأَنْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ أَبَدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ، أَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ عَتَقَ. (قَوْلُهُ: فَالْعُرْفُ كَافٍ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ يَنْزِلُ عَلَى الْوَسَطِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهَا تَصِحُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: تَوَسُّطٌ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ تَقْدِيرُ مُدَّةٍ يُثْمِرُ فِيهَا الشَّجَرُ غَالِبًا] (قَوْلُهُ: لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُسَاقَاةِ) لِأَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ بِإِطْلَاعِهَا فِي الْمُدَّةِ وَعَلَى الْمَالِكِ إبْقَاؤُهَا إلَى الْجِذَاذِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قُدِّرَ دُونَهَا بَطَلَتْ إلَخْ) كَالْمُسَاقَاةِ عَلَى الْأَشْجَارِ الَّتِي لَا تُثْمِرُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْعَدَمَ، أَوْ غَلَبَ أَوْ اسْتَوَيَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 (إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تُثْمِرُ) فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ (كَمَنْ قَدَّرَهَا) أَيْ الْمُدَّةَ الَّتِي تُثْمِرُ فِيهَا غَالِبًا (وَلَمْ تُثْمِرْ) فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً كَمَا لَوْ قَارَضَهُ فَلَمْ يَرْبَحْ (فَإِنْ اسْتَوَى الِاحْتِمَالَانِ، أَوْ جَهِلَ) الْحَالَ (لَمْ تَسْقُطْ) أُجْرَتُهُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا مَعَ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ بَاطِلَةٌ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي مَعْدُومٍ إلَى وَقْتٍ يَحْتَمِلُ وُجُودَهُ وَعَدَمَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالْمَرْجِعُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالشَّجَرِ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ. (وَتَصِحُّ) الْمُسَاقَاةُ (فِي الْمُثْمِرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) لِبَقَاءِ مُعْظَمِ الْأَعْمَالِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا لِفَوَاتِ مُعْظَمِهَا (وَلَوْ قَدَّرَ) الْمُدَّةَ (بِإِدْرَاكِ الثَّمَرَةِ لَمْ يَصِحَّ) كَالْإِجَارَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْقِيتِهَا بِوَقْتٍ مَعْلُومٍ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ تَأْقِيتُهَا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا تَعَهُّدُ الْأَشْجَارِ لِخُرُوجِ الثَّمَرَةِ وَلِحُصُولِهَا غَايَةٌ مَعْلُومَةٌ فَسَهُلَ ضَبْطُهَا بِخِلَافِ الرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ فَيُخِلَّ التَّأْقِيتُ بِمَقْصُودِهِ. (وَإِذَا سَاقَاهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ صَحَّ كَالْإِجَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حِصَّةَ كُلِّ سَنَةٍ، وَإِنْ فَاوَتَ بَيْنَ السِّنِينَ فِي) الْجُزْءِ (الْمَشْرُوطِ لَمْ يَضُرَّ) وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ تَحْرِيفٌ (وَإِنْ شَرَطَ ثَمَرَةَ سَنَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (مِنْهَا) أَيْ السِّنِينَ وَالْأَشْجَارِ بِحَيْثُ تُثْمِرُ كُلَّ سَنَةٍ (بَطَلَتْ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ (كَأَنْ سَاقَاهُ عَشْرَ سِنِينَ عَلَى أَنَّ لَهُ ثَمَرَةَ الْعَاشِرَةِ) فَقَدْ لَا تُوجَدُ الثَّمَرَةُ إلَّا فِيهَا، أَوْ فِي غَيْرِهَا فَيَفُوتَ عَلَى أَحَدِهِمَا نَصِيبُهُ. (وَلَوْ سَاقَاهُ عَشْرَ سِنِينَ لِتَكَوُّنِ الثَّمَرَةِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تُتَوَقَّعْ إلَّا فِي الْعَاشِرَةِ جَازَ) وَتَكُونُ السِّنِينَ بِمَثَابَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّهُ شُرِطَ لَهُ فِيهَا سَهْمٌ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ (فَإِنْ أَثْمَرَ قَبْلَهَا) أَيْ الْعَاشِرَةِ (فَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ فِي الثَّمَرِ (لِلْعَامِلِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ لَوْ سَاقَاهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَالسَّنَةُ) الْمُطْلَقَةُ الَّتِي يُؤَجَّلُ بِهَا (عَرَبِيَّةٌ) لِأَنَّهَا الْمُتَبَادِرَةُ مِنْ اللَّفْظِ (فَإِنْ شَرَطَا رُومِيَّةً) أَوْ غَيْرَهَا (وَعَرَفَاهَا جَازَ وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَعَلَى النَّخِيلِ طَلْعٌ) أَوْ بَلَحٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ) مِنْهُ (وَعَلَى الْمَالِكِ التَّعَهُّدُ) وَفِي نُسْخَةٍ تَعَهُّدُهُ إلَى الْإِدْرَاكِ أَيْ الْجِذَاذِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَنْقُلْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا عَنْ الرَّافِعِيِّ، وَفِي الِانْتِصَارِ وَالْمُرْشِدِ أَنَّ التَّعَهُّدَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الثَّمَرَةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا وَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ أُجْرَةٌ لِتَبْقِيَةِ حِصَّتِهِ عَلَى الشَّجَرِ إلَى حِينِ الْإِدْرَاكِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا ثَمَرَةً مُدْرَكَةً بِحُكْمِ الْعَقْدِ (وَإِنْ أَدْرَكَ الثَّمَرُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا) أَيْ الْمُدَّةِ (لَزِمَ الْعَامِلَ أَنْ يَعْمَلَ الْبَقِيَّةَ بِلَا أُجْرَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ الثَّمَرُ إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ) . (الرُّكْنُ الْخَامِسُ الصِّيغَةُ) كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ (وَهِيَ سَاقَيْتُك عَلَى هَذَا النَّخْلِ بِكَذَا، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَ اعْمَلْ) فِي (نَخِيلِي، أَوْ تَعَهَّدْهَا) أَوْ سَلَّمْتهَا إلَيْك لِتَتَعَهَّدَهَا (بِكَذَا فَيَقْبَلُ) الْعَامِلُ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ عَنْ الْأَصْحَابِ وَمَا قَالُوهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ مِثْلَهُ مِنْ الْعُقُودِ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ أَيْ فَيَكُونُ كِنَايَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَهَابًا إلَى أَنَّهَا صَرِيحَةٌ، انْتَهَى. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالشَّاشِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمْ الْأَوَّلُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ. (فَرْعٌ لَوْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ) كَ اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَتَعَهَّدَ نَخِيلِي بِكَذَا مِنْ ثَمَرَتِهَا (لَمْ يَصِحَّ) قَالُوا لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجَارَةِ صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ فَإِنْ أَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ فِي مَحَلِّهِ نَفَذَ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تُثْمِرُ، أَوْ غَلَبَ عَدَمُ إثْمَارِهَا) وَقَالَ الْإِمَامُ هَذَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهَا لَا تُثْمِرُ فِيهَا فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُ الْإِمَامِ صَحِيحٌ وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً إلَخْ) أَيْ لِرِضَاهُ بِالْعَمَلِ مَجَّانًا. (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ مُعْظَمِ الْأَعْمَالِ) وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْغَرَرِ لِلْوُثُوقِ بِالثِّمَارِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ فَعُلِمَ جَوَازُهَا فِي الْحِصْرِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِخِلَافِ الْبُسْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَاقَاهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ صَحَّ إلَخْ) بِأَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ تَبْقَى لَهُ فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا لِلِاسْتِغْلَالِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَحْرِيفٌ) اعْتَرَضَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَنْعُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّ تَفْصِيلَ الْأُجْرَةِ يُوجِبُ تَعَدُّدَ الصَّفْقَةِ أَيْ فَإِذَا قَالَ سَاقَيْتُك ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَ ثَمَرَةِ السَّنَةِ الْأُولَى وَثُلُثَ ثَمَرَةِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَرُبُعَ ثَمَرَةِ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَالسَّنَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ عَقْدٌ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ وَهُوَ لَوْ أَفْرَدَ الْعَقْدَ عَلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَصِحَّ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ السَّلَمِ بِأَنَّ الصَّفْقَةَ هُنَاكَ وَاحِدَةٌ، وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ أَسْلَمْتُ إلَيْك فِي عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ مَثَلًا تُؤَدِّي نِصْفَهَا بَعْدَ شَهْرٍ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَالصَّفْقَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْأَجَلِ لِشُيُوعِ الْأَجَلِ فِي الْجُمْلَةِ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهُوَ كَلَامٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَقْبَلَةً لَكِنَّهَا تَالِيَةٌ لِلْمُدَّةِ الْحَالِيَةِ كَمَا لَوْ قَالَ أَجَّرْتُك هَذِهِ الدَّارَ ثَلَاثَ سِنِينَ الْأُولَى بِكَذَا وَالثَّانِيَةَ بِكَذَا وَالثَّالِثَةَ بِكَذَا فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ لِغَيْرِ الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى النَّخْلِ طَلْعٌ أَوْ بَلَحٌ) قَالَ شَيْخُنَا مِثْلُهُ الْحِصْرِمُ عَلَى الْعِنَبِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَالِكِ التَّعَهُّدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّ شَرِكَةَ الْعَامِلِ هُنَا وَقَعَتْ تَابِعَةً غَيْرَ مَقْصُودَةٍ مِنْهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ بِسَبَبِهَا شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ الثَّمَرُ إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا صَحِيحٌ إنْ تَأَخَّرَ لَا بِسَبَبٍ عَارِضٍ فَإِنْ كَانَ بِعَارِضِ سَبَبٍ كَبَرْدٍ وَلَوْلَاهُ لَأَطْلَعَ فِي الْمُدَّةِ فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ النَّخْلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا مِمَّا يُثْمِرُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ فَأَطْلَعَ الثَّمَرَةُ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَالثَّانِيَةُ بَعْدَهَا فَهَلْ نَقُولُ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ أَوْ يَكُونُ الْعَامِلُ شَرِيكًا لَهُ فِيهَا لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَدْ سَبَقَ لَهُ نَظَائِرُ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ: فَهَلْ نَقُولُ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ) أَفَادَ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ وَكِتَابَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَهَابًا إلَى أَنَّهَا صَرِيحَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالشَّاشِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمْ الْأَوَّلُ) وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ الثَّانِي) لِأَنَّا لَمْ نَرَ مَنْ شَرَطَ النِّيَّةَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ. [فَرْعٌ عَقَدَا الْمُسَاقَاة بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ] (قَوْلُهُ: لَوْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ وَصَحَّحَ السُّبْكِيُّ الصِّحَّةَ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَصْحِيحُ عَدَمِ الِانْعِقَادِ مُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ فَإِنَّ الصَّرِيحَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِلَّا فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ (وَكَذَا عَكْسُهُ) بِأَنْ عَقَدَ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ كَ سَاقَيْتُكَ لِتَتَعَهَّدَ نَخِيلِي بِمِائَةٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْمُسَاقَاةِ صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ هَذَا إذَا قَصَدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ الْمُسَاقَاةَ، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ وُجِدَتْ الْإِجَارَةُ بِشُرُوطِهَا كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ الثَّمَرَةِ) الْمَوْجُودَةِ (أَوْ كُلِّهَا مَعَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) وَإِنْ كَانَ نِصْفُهَا فِي الْأُولَى شَائِعًا (وَكَذَا قَبْلَهُ) لَكِنْ (بِشَرْطِ الْقَطْعِ) لِلنِّصْفِ، أَوْ الْكُلِّ (وَلَمْ يَكُنْ) أَيْ النِّصْفُ (شَائِعًا) كَأَنْ شَرَطَ لَهُ ثَمَرَةً مُعَيَّنَةً (صَحَّ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً، أَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً لَكِنْ شَرَطَ نِصْفًا شَائِعًا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ فِي الثَّانِيَةِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ شَرْطَ الْأُجْرَةِ أَنْ تَكُونَ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ مَوْجُودَةً مَعْلُومَةً كَمَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِتَعَذُّرِ قَطْعِ الشَّائِعِ وَحْدَهُ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قِسْمَةَ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ بَيْعٌ لَا إفْرَازٌ وَإِلَّا فَذَلِكَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهَا عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا جَائِزٌ وَلَوْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إذَا قُلْنَا إنَّهَا إفْرَازٌ وَهَذَا جَازَ فِي سَائِرِ نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ وَذِكْرُ النِّصْفِ مِثَالٌ فَسَائِرُ الْأَجْزَاءِ كَذَلِكَ. (وَإِنْ قَالَ سَاقَيْتُك بِالنِّصْفِ) مَثَلًا (لِيَكُونَ أَجْرُهُ لَك لَمْ يَضُرَّ) لِسَبْقِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ. (وَلَوْ سَاقَاهُ وَلَمْ يُفَصِّلْ الْأَعْمَالَ صَحَّ وَيُحْمَلُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلَى عُرْفِهَا) الْغَالِبِ (إنْ عَرَفَاهُ) إذْ الْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فَإِنْ جَهِلَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا وَجَبَ التَّفْصِيلُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَمْلَ الْمَذْكُورَ يَجْرِي، وَإِنْ عُقِدَ بِغَيْرِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي إلَّا فِي لَفْظِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يُشِيرُ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ قَالَ خُذْ فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْحِ الْأَعْمَالِ الَّتِي عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ قَالَ سَاقَيْتُك فَلَا حَاجَةَ إلَى تَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ، وَإِنْ قَالَ عَامَلْتُك فَفِي التَّفْصِيلِ تَرَدُّدٌ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا وَيَجْمَعُهَا حُكْمَانِ الْأَوَّلُ مَا عَلَيْهِمَا فَكُلُّ مَا يُحْتَاجُ) إلَيْهِ (لِتَنْمِيَةِ الثَّمَرَةِ وَيَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ كَالسَّقْيِ، وَإِصْلَاحِ مَجَارِيهِ) أَيْ الْمَاءِ (وَالْأَجَاجِينِ) الَّتِي يَقِفُ فِيهَا الْمَاءُ حَوْلَ الشَّجَرِ (وَتَنْقِيَةِ الْأَنْهَارِ وَالْآبَارِ) مِنْ الطِّينِ وَنَحْوِهِ (وَإِدَارَةِ الدُّولَابِ وَفَتْحِ رَأْسِ السَّاقِيَةِ) أَيْ الْقَنَاةِ (وَسَدِّهَا) عِنْدَ السَّقْيِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ (وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ بِالْمَسَاحِي وَكِرَابِهَا) بِالْمُوَحَّدَةِ أَيْ قَلْبِهَا لِلْحَرْثِ (فِي الزِّرَاعَةِ وَتَقْوِيَتِهَا بِالزِّبْلِ إنْ اُعْتِيدَ وَالتَّلْقِيحِ وَقَطْعِ) الْمُضِرِّ بِالشَّجَرِ مِنْ (الْحَشِيشِ) وَنَحْوِهِ كَالْقُضْبَانِ (وَالْجَرِيدِ وَصَرْفِهِ) عَنْ وُجُوهِ الْعَنَاقِيدِ لِتُصِيبَهَا الشَّمْسُ وَلِيَتَيَسَّرَ قَطْعُهَا عِنْدَ الْإِدْرَاكِ (عَلَى الْعَامِلِ وَكَذَا التَّعْرِيشُ لِلْعِنَبِ وَحِفْظُ الثَّمَرَةِ) عَلَى الشَّجَرِ، وَفِي الْبَيْدَرِ عَنْ السَّرِقَةِ وَالشَّمْسِ وَالطُّيُورِ وَالذَّنَابِيرِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَ فَوْقَهَا حَشِيشًا أَوْ نَحْوَهُ فِي الْأُولَتَيْنِ وَأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ عُنْقُودٍ فِي وِعَاءٍ كَقَوْصَرَّةٍ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ (وَالْجِدَادُ وَتَجْفِيفُ الثَّمَرِ إنْ اُعْتِيدَ) كُلٌّ مِنْ التَّعْرِيشِ وَمَا بَعْدَهُ (أَوْ شَرَطَ) عَلَى الْعَامِلِ وَذِكْرُ الشَّرْطِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ وَالِاعْتِيَادِ فِي الْحِفْظِ وَالْجِدَادِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ تَصْحِيحَ وُجُوبِ التَّجْفِيفِ عَلَى الْعَامِلِ بِذَلِكَ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ؛ إذْ النَّافِي لِوُجُوبِهِ لَا يَسَعُهُ مُخَالَفَةُ الْعَادَةِ أَوْ الشَّرْطِ فَمَحَلُّ التَّصْحِيحِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ انْتِفَائِهِمَا (وَإِذَا لَزِمَ) التَّجْفِيفُ (وَجَبَ تَسْوِيَةُ الْبَيْدَرِ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَرِينُ (وَنَقْلُهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ (إلَيْهِ وَتَقْلِيبُهَا فِي الشَّمْسِ) وَقَوْلُهُ (وَصَوْنُهَا عَنْ الشَّمْسِ) فِيهِ إقَامَةُ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (إنْ اُحْتِيجَ) إلَى كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ، وَإِنَّمَا لَزِمَ حِفْظُ الثَّمَرَةِ وَجِدَادُهَا الْعَامِلَ دُونَ الْمَالِكِ كَالْمَذْكُورَانِ قَبِلَهُمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ صَلَاحِ الثَّمَرَةِ (وَالْأَعْيَانُ عَلَى الْمَالِكِ) لَا عَلَى الْعَامِلِ؛ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْعَمَلُ (كَطَلْعِ التَّلْقِيحِ وَقَصَبِ التَّعْرِيشِ) .   [حاشية الرملي الكبير] فِي بَابِهِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي نَاوِيًا الطَّلَاقَ فَلَا تَطْلُقُ وَيَقَعُ الظِّهَارُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ ذَلِكَ. اهـ. وَالصَّوَابُ مَا صَحَّحُوهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي هُوَ أَنَّ لَفْظَ الظِّهَارِ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ تَصَوُّرُهُ فِي حَقِّ الْأَمَةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ حُمِلَ عَلَى الْكِنَايَةِ بِإِرَادَةِ الْمُكَلَّفِ تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَأَمَّا لَفْظُ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ، وَإِيقَاعُهُ إجَارَةً بِأَنْ يَذْكُرَ عِوَضًا مَعْلُومًا فَعُدُولُ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْعِوَضِ الصَّحِيحِ إلَى الْفَاسِدِ دَلِيلُ الْإِلْغَاءِ وَلَا ضَرُورَةَ بِنَا إلَى حَمْلِهِ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي الْفَسَادِ فَلَا يَكُونُ إعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ مَعَ إمْكَانِ تَصْحِيحِهِ إجَارَةً وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَأَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ لِتَخْرُجَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ وَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِلَا ثَمَنٍ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا عَكْسُهُ) لَفْظُ الْإِجَارَةِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا يَقْبَلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَالصَّرِيحُ إنَّمَا يَكُونُ كِنَايَةً بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَقْبَلَهُ الْعَقْدُ الْمَنْوِيُّ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قِسْمَتَهُمَا عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا جَائِزٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: إذَا قُلْنَا: إنَّهَا إفْرَازٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَمْلَ الْمَذْكُورَ يَجْرِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي إلَخْ) فَإِنَّهُ قَيَّدَ تَرْجِيحَ عَدَمِ وُجُوبِ تَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ بِمَا إذَا عُقِدَ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَاقْتَضَى الْوُجُوبَ إذَا عُقِدَ بِغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ نَقَلَ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ عَنْ الْإِمَامِ [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْمُسَاقَاة وَيَجْمَعُهَا حُكْمَانِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا) (قَوْلُهُ: كَالسَّقْيِ) قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا مَا يُشْرَبُ بِعُرُوقِهِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ أَوْجَهُهَا جَوَازُ شَرْطِ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ وَعَلَى الْعَامِلِ فَإِنْ أُطْلِقَ صَحَّ وَكَانَ عَلَى الْعَامِلِ كَمَا حَكَاهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ النَّصِّ. (قَوْلُهُ: وَحِفْظُ الثَّمَرَةِ عَلَى الشَّجَرِ إلَخْ) لَوْ لَمْ تُحْفَظْ بِالْعَامِلِ لِكَثْرَةِ السُّرَّاقِ، أَوْ لِكِبَرِ الْبُسْتَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَاَلَّذِي يَقْوَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتَرِيَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ بَلْ عَلَى الْمَالِكِ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ مَرْدُودٌ. (قَوْلُهُ: وَالْأَعْيَانُ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ الْأَعْيَانُ الَّتِي يُوَفَّى بِهَا الْعَمَلُ كَالْفَأْسِ وَالْمِنْجَلِ وَالْبَقَرِ الَّتِي يُحْرَثُ بِهَا، وَيُدَارُ بِهَا الدُّولَابُ، وَالْبَذْرُ، وَخَرَاجُ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَظُرُوفِ الْعَنَاقِيدِ وَكَذَا الْمِنْجَلُ وَالْمِعْوَلُ) بِكَسْرِ مِيمِهِمَا (وَالثَّوْرُ) وَآلَتُهُ مِنْ الْمِحْرَاثِ وَغَيْرِهِ (وَالْخَرَاجُ) أَيْ خَرَاجُ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ (وَمَا لَا يَتَكَرَّرُ) كُلَّ سَنَةٍ وَيُقْصَدُ بِهِ حِفْظُ الْأُصُولِ (كَحَفْرِ الْبِئْرِ وَمَا انْهَارَ) أَيْ هُدِمَ (مِنْهُمَا وَبِنَاءِ الْحَائِطِ وَنَصْبِ الدُّولَابِ) وَالْأَبْوَابِ (عَلَى الْمَالِكِ) لَا عَلَى الْعَامِلِ؛ إذْ فِي تَكْلِيفِهِ إيَّاهُ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُسَاقَاةِ إجْحَافٌ بِهِ (وَأَمَّا وَضْعُ الشَّوْكِ عَلَى الْجِدَارِ وَالتَّرْقِيعُ الْيَسِيرُ) الَّذِي يُنْفَقُ فِي الْجِدَادِ (فَبِحَسَبِ الْعَادَةِ) مِنْ كَوْنِهِمَا عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ الْعَامِلِ وَنَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ عَلَى الْمَالِكِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِهِ (وَإِنْ شُرِطَ عَلَى أَحَدِهِمَا) فِي الْعَقْدِ (مَا عَلَى الْآخَرِ بَطَلَتْ) لِمُخَالَفَتِهِ وَضْعَ الْعَقْدِ (وَلَهُ اسْتِئْجَارُهُ عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ) لَهُ (إنْ عَمِلَهُ بِلَا إذْنٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَمِلَهُ بِالْإِذْنِ فَلَهُ أُجْرَتُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ لَا يَقْتَضِي الْأُجْرَةَ فَالْمُتَّجَهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ اغْسِلْ ثَوْبِي وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا تَابِعٌ لِعَمَلٍ تَجِبُ فِيهِ الْأُجْرَةُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ اغْسِلْ ثَوْبِي، وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ اسْتِئْجَارِ الْمَالِكِ عَلَى مَا عَلَى الْعَامِلِ وَعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ إنْ عَمِلَهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ زِيَادَتِهِ. (الْحُكْمُ الثَّانِي اللُّزُومُ) لِلْمُسَاقَاةِ (فَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ) كَالْإِجَارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ الْعَمَلَ فِيهِمَا فِي أَعْيَانٍ تَبْقَى بِحَالِهَا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ لَا تَبْقَى أَعْيَانُهُ بَعْدَ الْعَمَلِ فَأَشْبَهَ الْوَكَالَةَ وَ (يَمْلِكُ الْعَامِلُ فِيهَا حِصَّتَهُ) مِنْ الثَّمَرَةِ (بِالظُّهُورِ) بِخِلَافِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهِ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ نَعَمْ إنْ عُقِدَتْ الْمُسَاقَاةُ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ مَلَكَهَا بِالْعَقْدِ. (فَصْلٌ وَإِنْ هَرَبَ الْعَامِلُ، أَوْ مَرِضَ) ، أَوْ عَجَزَ بِغَيْرِ ذَلِكَ (قَبْلَ التَّمَامِ) لِلْعَمَلِ (لَمْ يَبْطُلْ عَمَلُهُ) الَّذِي عَمِلَهُ (بَلْ يُثْبِتُ) الْمَالِكُ (عِنْدَ الْحَاكِمِ) الْمُسَاقَاةَ وَالْهَرَبَ، أَوْ نَحْوَهُ (لِيُتَمِّمَ) الْعَمَلَ (مِنْ مَالِهِ) بِأَنْ يَكْتَرِيَ مِنْهُ مَنْ يُتَمِّمُهُ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَيَنُوبُ عَنْهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ هَذَا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الثَّمَرِ (وَإِلَّا بَاعَ نَصِيبَهُ أَوْ بَعْضَهُ) مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يَفِي بِالْأُجْرَةِ وَاكْتَرَى بِهِ (إنْ بَدَا صَلَاحُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْدُ الصَّلَاحُ) وَخَرَجَ الثَّمَرُ، أَوْ لَمْ يَخْرُجْ (اسْتَقْرَضَ) مِنْ الْمَالِكِ، أَوْ غَيْرِهِ (إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْمَلُ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ) مُدَّةَ إدْرَاكِ الثَّمَرَةِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِ نَصِيبِهِ وَحْدَهُ لِلْحَاجَةِ إلَى شَرْطِ قَطْعِهِ وَتَعَذُّرِهِ فِي الشَّائِعِ وَاكْتَرَى بِمَا افْتَرَضَهُ وَيَقْضِيهِ الْعَامِلُ بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهِ أَوْ الْحَاكِمُ مِنْ نَصِيبِهِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُتِمُّ الْعَمَلَ بِذَلِكَ اسْتَغْنَى عَنْ الِاقْتِرَاضِ وَحَصَلَ الْغَرَضُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَكْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ وَارِدَةً عَلَى الْعَيْنِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمَعِينِ الْيَمَنِيِّ وَالنَّسَائِيُّ الْمَنْعُ فِي الْوَارِدَةِ عَلَى الْعَيْنِ لِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ الْفَسْخِ وَقَوْلُهُمْ اسْتَقْرَضَ وَاكْتَرَى عَنْهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ) يَقْدِرُ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ لِإِثْبَاتِ مَا ذُكِرَ بِأَنْ فَقَدَهُ بِالنَّاحِيَةِ، أَوْ كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، أَوْ حَاضِرًا وَلَمْ يُجِبْهُ أَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ (فَعَمِلَ أَوْ اسْتَأْجَرَ) مَنْ يُتِمُّ الْعَمَلَ (وَأَشْهَدَ) عَلَى الْعَمَلِ أَوْ الِاسْتِئْجَارِ (وَشَرَطَ الرُّجُوعَ) بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ، أَوْ بِمَا بَذَلَهُ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ عَمِلَ، أَوْ بَذَلَ لِيَرْجِعَ أَوْ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ (رَجَعَ) لِلضَّرُورَةِ (وَإِلَّا فَلَا) يَرْجِعُ لِعَدَمِهَا (وَلَوْ عُدِمَ الشُّهُودُ) لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ الْمَالِكَ، أَوْ أَذِنَ لَهُ) فِي الْإِنْفَاقِ (فَأَنْفَقَ لِيَرْجِعَ رَجَعَ) كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ مِنْهُ وَالتَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ وَكَذَا الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ هَرَبِ الْجَمَّالِ (فَلَوْ تَعَذَّرَ الِاسْتِقْرَاضُ وَغَيْرُهُ) مِنْ الِاكْتِرَاءِ وَالْإِنْفَاقِ وَالْعَمَلِ (قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ فَلَهُ الْفَسْخُ) لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَإِبَاقِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ) مِثْلِ (مَا عَمِلَ) قَبْلَ هَرَبِهِ، أَوْ نَحْوِهِ وَلَا يُقَالُ بِتَوْزِيعِ الثِّمَارِ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ جَمِيعِ الْعَمَلِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِنْ شُرِطَ عَلَى أَحَدِهِمَا مَا عَلَى الْآخَرِ بَطَلَتْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ السَّقْيَ عَلَى الْمَالِكِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى أَنَّ شَرْطَ السَّقْيِ عَلَى الْمَالِكِ لَا بَأْسَ بِهِ وَجَزَمَ بِهِ الدَّارِمِيُّ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ مِنْ إطْلَاقِهِمَا هُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَمِلَهُ بِالْإِذْنِ فَلَهُ أُجْرَتُهُ) وَكَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَمْرِهِ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ عَلَى الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ) أَيْ لَا يَتَمَكَّنُ الْمَالِكُ مِنْ فَسْخِهِ وَلَا الْعَامِلُ هَذَا مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهِهِ وَكُنْت أَوَدُّ لَوْ قَالَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِعَدَمِ لُزُومِهَا حَتَّى أُوَافِقَهُ اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّ وَجْهَهُ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ مُرَاعَاةِ مَصْلَحَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، إذْ لَوْ تَمَكَّنَ الْعَامِلُ مِنْ فَسْخِهِ قَبْلَ إتْمَامِ الْعَمَلِ تَضَرَّرَ الْمَالِكُ بِفَوَاتِ الثَّمَرَةِ أَوْ بَعْضِهَا بِعَدَمِ الْعَمَلِ لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ، أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لَهُ وَلَوْ تَمَكَّنَ الْمَالِكُ مِنْ فَسْخِهِ تَضَرَّرَ الْعَامِلُ لِفَوَاتِ نَصِيبِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ لِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: كَالْإِجَارَةِ إلَخْ) وَلِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً لَفَسَخَ الْمَالِكُ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَتَضِيعُ عَلَى الْعَامِلِ وَلَيْسَتْ كَالْقِرَاضِ فَإِنَّ الرِّبْحَ لَا وَقْتَ لَهُ فَإِذَا فَسَخَ الْمَالِكُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَلَا ضَرَرَ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ الْمُحَصِّلِ لِنَصِيبِ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَقَدَ الْمُسَاقَاةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ هَرَبَ الْعَامِلُ أَوْ مَرِضَ قَبْلَ التَّمَامِ لِلْعَمَلِ فِي الْمُسَاقَاة] (قَوْلُهُ: وَإِنْ هَرَبَ الْعَامِلُ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَعْمَلْ الْعَامِلُ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا ذَكَرَهُ وَلَوْ بِامْتِنَاعِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمَعِينِ الْيَمَنِيِّ) عِبَارَتُهُ فَأَمَّا إذَا وَقَعَ عَلَى عَيْنِهِ فَلَا يَسْتَأْجِرُ وَجْهًا وَاحِدًا، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ. اهـ. وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَأَنْفَقَ لِيَرْجِعَ رَجَعَ) وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ الْمُعْتَادِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ. (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ هَرَبِ الْجَمَّالِ) وَرَجَّحَا قَبْلَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَاكِمِ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَهَذَا مِثْلُهُ وَأَوْلَى لِقُوَّةِ الْحَاكِمِ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ مِنْهَا إذْنُ الْحَاكِمِ لِلْمُودَعِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمُودَعَةِ فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ وَمِنْهَا إذْنُهُ لِلْمُلْتَقِطِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى اللُّقَطَةِ لِيَرْجِعَ بِهِ وَمِنْهَا إذْنُهُ لِوَاجِدِ الضَّالَّةِ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهَا لِيَرْجِعَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى يَقْتَضِيَ الْعَقْدُ التَّوْزِيعَ فِيهَا (وَلَوْ تَطَوَّعَ آخَرُ بِنِيَابَةِ الْعَامِلِ) أَيْ بِنِيَابَتِهِ عَنْهُ (لَمْ يَلْزَمْ) الْمَالِكَ (إجَابَتُهُ) لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَأْتَمِنُهُ وَلَا يَرْضَى بِدُخُولِهِ مِلْكَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ لَكِنْ لَوْ عَمِلَ نِيَابَةً بِغَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ وَحَصَلَتْ الثَّمَرَةُ سَلِمَ لِلْعَامِلِ نَصِيبُهُ مِنْهَا كَذَا قَالُوهُ وَلَوْ قِيلَ وُجُودُ الْمُتَبَرِّعِ كَوُجُودِ مُقْرِضٍ حَتَّى يَمْتَنِعَ الْفَسْخُ لَكَانَ قَرِيبًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ مَا قَالُوهُ لِمَا فِي قَبُولِهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ بِأَدَاءِ ثَمَنِ السِّلْعَةِ مِنْ عَيْنِ أَمْوَالِهِمْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْقَبُولُ انْتَهَى وَكَالتَّبَرُّعِ بِالْعَمَلِ التَّبَرُّعُ بِمُؤْنَتِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لَهُ دُونَ كَلَامِ أَصْلِهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّطَوُّعَ عَنْ الْعَامِلِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ كَنَظِيرِهِ فِي الْجَعَالَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَإِنْ تَعَذَّرَ) مَا ذُكِرَ (بَعْدَ خُرُوجِهَا وَقَبْلَ) بُدُوِّ (الصَّلَاحِ) لَهَا (لَمْ يَفْسَخْ) أَيْ الْمَالِكُ (لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ) التَّعْلِيلُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا تُبَاعُ) الثَّمَرَةُ (بِشَرْطِ الْقَطْعِ) لِتَعَذُّرِ قَطْعِهَا (لِلشُّيُوعِ إلَّا إنْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِبَيْعِ الْجَمِيعِ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ (أَوْ اشْتَرَاهُ) أَيْ الْمَالِكُ نَصِيبَ الْعَامِلِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ فَيَصِحُّ الشِّرَاءُ (لِأَنَّ لِصَاحِبِ الشَّجَرِ أَنْ يَشْتَرِيَ الثَّمَرَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ) وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي بَابِهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا مَرَّ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ هُنَا فَيَصِحُّ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا سَبْقُ قَلَمٍ (وَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ) أَيْ الْمَالِكُ (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْبَيْعِ، أَوْ الشِّرَاءِ (وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا) قَالَ الْبَغَوِيّ: أَوْ يَبْدُوَ الصَّلَاحُ، وَفِي الْوَقْفِ إلَى الِاصْطِلَاحِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ مُجْبَرٌ عَلَى الْعَمَلِ بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهِ. (فَصْلٌ وَإِنْ مَاتَ الْمَالِكُ) فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ (لَمْ يَنْفَسِخْ) عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ وَمِثْلُهُ نَاطِرُ الْوَقْفِ وَنَحْوُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْعَامِلُ الْبَطْنَ الثَّانِيَ وَالْوَقْفُ وَقْفَ تَرْتِيبٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَاسْتَثْنَى - أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ - مَعَ ذَلِكَ الْوَارِثَ (أَوْ الْعَامِلُ وَهِيَ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ وَارِدَةٌ (عَلَى عَيْنِهِ انْفَسَخَتْ) كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ الْمُسَاقَاةِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، أَوْ الْجِدَادِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا التَّجْفِيفُ وَنَحْوُهُ فَلَا (أَوْ) وَارِدَةٌ (فِي ذِمَّتِهِ فَلَا) يَنْفَسِخُ كَالْإِجَارَةِ (وَلِلْوَارِثِ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ (لَا عَلَيْهِ) إنْ لَمْ تَكُنْ (أَنْ يُتَمِّمَ) الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ (وَعَلَى الْمَالِكِ تَمْكِينُهُ) أَيْ الْوَارِثِ، أَوْ نَائِبِهِ مِنْ ذَلِكَ (إنْ كَانَ عَارِفًا) بِأَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ (أَمِينًا) كَلَامُهُ سَالِمٌ مِنْ إيهَامِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُتَمِّمَ إذَا لَمْ يَكُنْ تَرِكَةٌ بِخِلَافِ كَلَامِ أَصْلِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِأَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ أَمِينًا وَلِمُوَرِّثِهِ تَرِكَةٌ (اسْتَأْجَرَ) عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ (الْحَاكِمُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا يَسْتَقْرِضُ) عَلَى الْمَيِّتِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ (تَرِكَةٌ) لِأَنَّ ذِمَّتَهُ خَرِبَتْ بِخِلَافِ الْحَيِّ (وَعِنْدَ التَّعَذُّرِ) لِإِتْمَامِ الْعَمَلِ (فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ) فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ فِي الْحَيَاةِ. (فَرْعٌ لَوْ تَلِفَتْ الثِّمَارُ) كُلُّهَا بِجَائِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَغَصْبٍ (أَوْ لَمْ تُثْمِرْ لَمْ يَنْفَسِخْ) عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ (بَلْ يُتِمُّ) الْعَامِلُ (الْعَمَلَ) وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ (وَلَا شَيْءَ لَهُ) كَمَا أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ يُكَلَّفُ التَّنْضِيضَ، وَإِنْ ظَهَرَ خُسْرَانٌ (فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا فَلَهُ الْفَسْخُ إنْ سَمَحَ بِتَرْكِ الْبَاقِي) لِلْمَالِكِ، وَإِلَّا فَيُتِمُّ الْعَمَلَ وَمُرَادُهُ بِهَذَا مَا عَبَّرَ عَنْهُ أَصْلُهُ بِقَوْلِهِ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَفْسَخَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَأَنْ يُجِيزَ وَيُتِمَّ الْعَمَلَ وَيَأْخُذَ نَصِيبَهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ وُجُوبَ إتْمَامِ الْعَمَلِ عَلَى الْعَامِلِ فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ الثِّمَارُ كُلُّهَا نَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ الِانْفِسَاخَ فِيهَا وَقَالَ إنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْبَغَوِيّ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَتَكَامُلِ الثِّمَارِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْهُ التَّخْيِيرَ فِيمَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا فَكَيْفَ يَجِبُ إتْمَامُ الْعَمَلِ فِي تَلَفِ الْكُلِّ وَلَا يَجِبُ فِي تَلَفِ الْبَعْضِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْأُولَى لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَاصِلٌ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْعَمَلَ مَجْهُولٌ فَيَتَعَذَّرُ التَّوْزِيعُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ لَكِنْ لَوْ عَمِلَ نِيَابَةً بِغَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ عَلَى الذِّمَّةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَجِيءَ مِثْلُهُ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ بِهَرَبِ الْعَامِلِ، أَوْ نَحْوِهِ بَلْ لَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ وَلَوْ بِجَمِيعِ الْعَمَلِ بِحُضُورِهِ اسْتَحَقَّ نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ: سَلِمَ لِلْعَامِلِ نَصِيبُهُ مِنْهَا) قَالَ السُّبْكِيُّ قَدْ يُقَالُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي إمَامِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ مِنْ وُلَاةِ الْوَظَائِفِ إذَا اسْتَنَابَ، وَإِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ النَّائِبُ وَالْمُسْتَنِيبُ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِهِ فِي الْجَعَالَةِ) يُفَرَّقُ أَيْضًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَعَالَةِ بِاللُّزُومِ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) مَا قَالَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ لَا شَرِيكٌ فَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ اسْتَغْنَتْ الْأَشْجَارُ عَنْ جَمِيعِ الْأَعْمَالِ مَلَكَ الْعَامِلُ مَا شُرِطَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ. وَأَفْتَى ابْنُ الْعِرَاقِيِّ بِانْفِسَاخِ الْمُسَاقَاةِ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ تَعَهُّدُ الشَّجَرَةِ بِالسَّقْيِ وَالتَّرْبِيَةِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَرَةِ بَلْ جَمِيعُهَا لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي بَابِهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا مَرَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ مَاتَ الْمَالِكُ أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ] (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ تَنْفَسِخَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ) وَيُلْغَزُ بِهَا: مُسَاقَاةٌ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ (فَرْعٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْإِقَالَةُ فِي الْمُسَاقَاةِ صَحِيحَةٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا وَالْحُكْمُ فِي الثِّمَارِ إنْ لَمْ تَبْرُزْ فَلَا حَقَّ لِلْعَامِلِ فِيهَا وَقَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا مَاتَ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَمَا بَعْدَهُ وَأَنْ يُبْنَى عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ، أَوْ أَجِيرٌ فَإِنْ قُلْنَا شَرِيكٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَلَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَقْرِضُ إنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ قَدْ ظَهَرَتْ وَأُمِنَتْ مِنْ الْعَاهَةِ وَكَانَ الْحَالُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ اقْتَرَضَ لِفَضَلَ شَيْءٌ لِغَرِيمٍ، أَوْ يَتِيمٍ أَوْ نَحْوِهِ اقْتَرَضَ عَلَى الثَّمَرَةِ عَمَلًا بِالْأَصْلَحِ وَقَوْلُهُ: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 [فَصْلٌ ادَّعَى الْمَالِكُ خِيَانَةَ الْعَامِلِ فِي الثَّمَرَةِ أَوْ غَيْرِهَا فِي الْمُسَاقَاةِ] (فَصْلٌ) لَوْ (ادَّعَى) الْمَالِكُ (خِيَانَةَ الْعَامِلِ) فِي الثَّمَرَةِ أَوْ غَيْرِهَا كَالسَّعَفِ (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ (حَتَّى يُبَيِّنَهَا) أَيْ الْخِيَانَةَ أَيْ قَدْرَ مَا حَصَلَ بِهَا فَإِذَا بَيَّنَهُ وَأَنْكَرَ الْعَامِلُ صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ هَذَا إذَا قَصَدَ تَغْرِيمَهُ فَإِنْ قَصَدَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الثَّمَرَةِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ مَجْهُولَةً (وَيُثْبِتَ) خِيَانَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِيَمِينِ الرَّدِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ " يُثْبِتَ " مَعْطُوفٌ عَلَى " يُبَيِّنَهَا " وَلَا مَعْنَى لَهُ مَعَ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَيْسَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا فِي الْأَصْلِ (فَإِنْ ثَبَتَتْ) خِيَانَتُهُ (حَفِظَ بِمُشْرِفٍ إنْ أَمْكَنَ حِفْظُهُ) بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَحْوَجَ إلَى ذَلِكَ بِخِيَانَتِهِ وَلَا تُرْفَعُ يَدُهُ لِأَنَّ الْعَمَلَ حَقٌّ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ بِمَا ذُكِرَ فَتَعَيَّنَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهُ بِمُشْرِفٍ (اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ) مَنْ يَعْمَلُ عَنْهُ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ مِنْهُ وَهُوَ حَقٌّ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُسْتَأْجَرُ عَنْهُ بَلْ يَثْبُتُ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَرُفِعَتْ يَدُهُ) كَمَا لَوْ كَانَ مَالٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ تَعَذَّرَتْ قِسْمَتُهُ وَظَهَرَتْ خِيَانَةُ أَحَدِهِمَا فَالْحَاكِمُ يَرْفَعُ يَدَهُ عَنْهُ (وَأُجْرَتُهُمَا) أَيْ الْمُشْرِفِ فِي الْأُولَى وَالْأَجِيرِ فِي الثَّانِيَةِ (مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ حَقٌّ عَلَيْهِ. (فَصْلٌ وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الْأَشْجَارُ) الْمُسَاقَى عَلَيْهَا (فَلِلْعَامِلِ الْأُجْرَةُ عَلَى الْغَاصِبِ) الَّذِي سَاقَاهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ مَنَافِعَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبُ مَنْ عَمِلَ فِي الْمَغْصُوبِ عَمَلًا وَهَذَا عِنْدَ جَهْلِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَمَّا عِنْدَ عِلْمِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَعَبَّرَ الْمِنْهَاجُ بَدَلَ الْأَشْجَارِ بِالثَّمَرِ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ يُوصِي بِمَا سَيَحْدُثُ مِنْ الثَّمَرِ، ثُمَّ يُسَاقِي وَيَمُوتُ (وَيَسْتَرِدُّ الْمَالِكُ) مَعَ الْأَشْجَارِ (الثَّمَرَةَ بِأَرْشِهَا إنْ نَقَصَتْ) قِيمَتُهَا (بِالتَّجْفِيفِ) أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ الثَّمَرَةُ (أَوْ الشَّجَرَةُ) بِجَائِحَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا كَغَصْبٍ (طُولِبَ الْغَاصِبُ وَكَذَا الْعَامِلُ بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِبَدَلِهِ لِثُبُوتِ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى ذَلِكَ (بِخِلَافِ الْأَجِيرِ لِلْعَمَلِ فِي الْحَدِيقَةِ الْمَغْصُوبَةِ) فَإِنَّ الْمَالِكَ لَا يُطَالِبُهُ، وَإِنَّمَا يُطَالِبُ الْغَاصِبَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْيَدَ عَلَيْهَا فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هِيَ لَهُ لَا لِلْأَجِيرِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ) عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا غَرِمَهُ (لَكِنَّ قَرَارَ) ضَمَانِ (نَصِيبِهِ عَلَيْهِ) فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عِوَضًا فِي مُعَاوَضَةٍ فَأَشْبَهَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ. (فَصْلٌ) لَوْ (اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَشْرُوطِ) لِلْعَامِلِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا (أَوْ) لَهُمَا بَيِّنَتَانِ وَ (سَقَطَتَا تَحَالَفَا) وَفُسِخَ الْعَقْدُ كَمَا فِي الْقِرَاضِ (وَلِلْعَامِلِ) عَلَى الْمَالِكِ (الْأُجْرَةُ) لِعَمَلِهِ (إنْ فَسَخَ) الْعَقْدَ (بَعْدَ الْعَمَلِ) وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ، وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ لَهُ بِهَا (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ " وَإِنْ " (عَمِلَ لِشَرِيكَيْنِ) سَاقَيَاهُ عَلَى شَجَرِهِمَا الْمُشْتَرَكِ (وَقَالَ: شَرَطْتُمَا إلَيَّ النِّصْفَ وَصَدَّقَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصَدَّقَهُ (أَحَدُهُمَا) وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ بِأَنْ قَالَ بَلْ شَرَطْنَا لَهُ الثُّلُثَ مَثَلًا (فَالتَّحَالُفُ) يَجْرِي (فِي نَصِيبِ الْمُكَذِّبِ) وَأَمَّا نَصِيبُ الْمُصَدِّقِ فَمَقْسُومٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَامِلِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ عَلَى شَرِيكِهِ وَلَهُ) إذْ لَا تُهْمَةَ (وَحُكْمُ اخْتِلَافِهِمَا) أَيْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (فِي قَدْرِ) الشَّجَرِ (الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَ) فِي (رَدِّهِ وَ) فِي (هَلَاكِهِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ. [فَصْلٌ لَمْ يَثِقْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَخُرِصَتْ الثِّمَارُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي الْمُسَاقَاةِ] (فَصْلٌ لَوْ لَمْ يَثِقْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَخُرِصَتْ الثِّمَار بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَضَمِنَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا جَازَ) كُلٌّ مِنْ الْخِرْصِ وَالضَّمَانِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِرْصَ تَضْمِينٌ لَا غَيْرُهُ (وَإِنْ وَثِقَ) بِيَدِ صَاحِبِهِ (تُرِكَ) الثَّمَرُ (إلَى) وَقْتِ (الْإِدْرَاكِ فَيُقْسَمُ) بَيْنَهُمَا إنْ جَوَّزْنَا الْقِسْمَةَ (أَوْ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا) نَصِيبَهُ (مِنْ الْآخَرِ، أَوْ يَبِيعَانِ لِثَالِثٍ فَرْعٌ سَوَاقِطُ السَّعَفِ) أَيْ أَغْصَانِ النَّخْلِ (وَالْكَرَبِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ الْكِرْنَافِ (لِلْمَالِكِ) وَكَذَا اللِّيفُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ كَالثَّمَرِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَعْهُودِ النَّمَاءِ وَلَا مَقْصُودِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَقَلَهُ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ (وَالْقُنْوُ وَشَمَارِيخُهُ بَيْنَهُمَا) . (فَصْلٌ لَوْ انْقَطَعَ الْمَاءُ) أَيْ مَاءُ الْحَدِيقَةِ (لَمْ يُكَلَّفْ الْمَالِكُ رَدَّهُ) وَإِنْ أَمْكَنَ كَمَا لَا يُكَلَّفُ الشَّرِيكُ وَالْمُكْرِي الْعِمَارَةَ (وَتَلَفُ الثَّمَرِ بِهِ) أَيْ بِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَإِنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ (كَالْجَائِحَةِ) أَيْ كَتَلَفِهِ بِهَا وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ. [فَصْلٌ أَعْطَاهُ دَابَّةً لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا أَوْ لِيَتَعَهَّدَهَا وَفَوَائِدُهَا بَيْنَهُمَا فِي الْمُسَاقَاة] (فَصْلٌ) لَوْ (أَعْطَاهُ دَابَّةً لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا، أَوْ لِيَتَعَهَّدَهَا وَفَوَائِدُهَا بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ أَمَّا فِي الْأُولَى.   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ تَلِفَتْ الثِّمَارُ كُلُّهَا بِجَائِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَغَصْبٍ أَوْ لَمْ تُثْمِرْ فِي الْمُسَاقَاة] قَوْلُهُ: هَذَا إنْ قَصَدَ تَغْرِيمَهُ فَإِنْ قَصَدَ رَفْعَ يَدِهِ إلَخْ) التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَجْهٌ ضَعِيفٌ قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ إذَا ادَّعَى رَبُّ النَّخِيلِ عَلَى الْعَامِلِ خِيَانَةً فِي الْجَرِيدِ، أَوْ السَّعَفِ أَوْ سَرِقَةً لَمْ تُسْمَعْ حَتَّى يُبَيِّنَ قَدْرَ مَا خَانَ بِهِ وَسَرَقَهُ فَإِذَا حَرَّرَ الدَّعْوَى بِهِ وَأَنْكَرَ الْعَامِلُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَغَيْرِهِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ أَرَادَ بِدَعْوَى السَّرِقَةِ التَّغْرِيمَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَإِنْ أَرَادَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الثَّمَرَةِ فَفِي سَمَاعِهَا مَجْهُولَةً وَجْهَانِ. اهـ. وَعِبَارَةُ مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ لِابْنِ النَّقِيبِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْخِيَانَةِ إلَّا مُفَصَّلَةً، وَفِي وَجْهٍ إنْ أَرَادَ بِهِ التَّغْرِيمَ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا مُفَصَّلَةً، وَإِنْ أَرَادَ بِهَا رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الثَّمَرَةِ سُمِعَتْ مَجْهُولَةً (قَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ) كَمَا إذَا تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ فِي الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ. [فَصْلٌ اُسْتُحِقَّتْ الْأَشْجَارُ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا] (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحْسَنُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ اخْتَلَفَا الْعَاقِدَيْنِ فِي الْمُسَاقَاةِ فِي قَدْرِ الْمَشْرُوطِ لِلْعَامِلِ وَلَا بَيِّنَةَ] (قَوْلُهُ: إنْ جَوَّزْنَا الْقِسْمَةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمَطْلَبِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَجُوزُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الرُّويَانِيُّ) وَلَوْ شَرَطَهَا لِلْعَامِلِ بَطَلَ قَطْعًا (تَنْبِيهٌ) مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا هُنَا وَهُوَ أَنَّ النَّخِيلَ يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ تَسْلِيمُهَا إلَى الْعَامِلِ عَيْنًا وَلَا يَجُوزُ إمْسَاكُهَا وَضَمَانُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْعَامِلِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِي زِيَادَةِ الثَّمَرَةِ لِيَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْهَا بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهَا مُقَدَّرَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 فَلِأَنَّ الدَّابَّةَ يُمْكِنُ إيجَارُهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى إيرَادِ عَقْدٍ عَلَيْهَا فِيهِ غَرَرٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْفَوَائِدَ لَا تَحْصُلُ بِعَمَلِهِ (أَوْ لِيَعْلِفَهَا) مِنْ عِنْدِهِ (بِنِصْفِ دَرِّهَا) فَفَعَلَ (ضَمِنَ الْمَالِكُ) لِلْآخَرِ (الْعَلَفَ) وَقَوْلُ الرَّوْضَة بَدَلَ النِّصْفِ سَبْقُ قَلَمٍ (وَالْآخَرُ) ضَمِنَ لِلْمَالِكِ (نِصْفَ الدَّرِّ) وَهُوَ الْقَدْرُ الْمَشْرُوطُ لَهُ لِحُصُولِهِ بِحُكْمِ بَيْعٍ فَاسِدٍ (لَا الشَّاةَ) الْأَنْسَبُ لَا الدَّابَّةَ أَيْ لَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقَابَلَةٍ بِعِوَضٍ (أَوْ لِيَعْلِفَهَا بِنِصْفِهَا) فَفَعَلَ (فَالنِّصْفُ) الْمَشْرُوطُ (مَضْمُونٌ) عَلَى الْعَالِفِ لِحُصُولِهِ (بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ) دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ. (فَصْلٌ لِلْمُسَاقَى) لِلْمَالِكِ (فِي ذِمَّتِهِ أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ) لِيَنُوبَ عَنْهُ (فَإِذَا) وَفِي نُسْخَةٍ " وَإِنْ " أَيْ ثُمَّ إنْ شَرَطَ لَهُ مِثْلَ نَصِيبِهِ، أَوْ دُونَهُ فَذَاكَ، وَإِنْ (شَرَطَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ صَحَّ) الْعَقْدُ فِيمَا يُقَابِلُ قَدْرَ نَصِيبِهِ دُونَ الزَّائِدِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (وَلَزِمَهُ) أَنْ يُعْطِيَ الثَّانِي (لِلزَّائِدِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) فَلَوْ سَاقَاهُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثَّمَرَةِ صَحَّ فِي ثُلُثَيْ الْعَمَلِ بِثُلُثَيْ الْأُجْرَةِ وَهُوَ قَدْرُ نَصِيبِهِ وَلَزِمَهُ أُجْرَةُ الْعَمَلِ لِلثُّلُثِ الْبَاقِي نَعَمْ لَوْ كَانَ الثَّانِي عَالِمًا بِالْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ كَانَتْ) مُسَاقَاتُهُ (عَلَى عَيْنِهِ وَعَامَلَ غَيْرَهُ انْفَسَخَتْ بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ) لَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَكَانَتْ الثِّمَارُ كُلُّهَا لِلْمَالِكِ (وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَلِلثَّانِي حُكْمُ مَنْ عَمِلَ فِي مَغْصُوبٍ) فَلَهُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إنْ جَهِلَ الْحَالَ وَإِلَّا فَلَا وَعُلِمَ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَيُعَامِلَ غَيْرَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ انْفِسَاخِهَا أَنَّهَا تَنْفَسِخُ وَإِنْ أَذِنَ الْمَالِكُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ عَنْ فُرُوقِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ عَنْ الْأَجِيرِ نِيَابَةً إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقِيَاسُهُ الْجَوَازُ هُنَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي عَقْدٍ وَمَا هُنَاكَ فِي نِيَابَةٍ بِلَا عَقْدٍ. (فَصْلٌ بَيْعُ نَخْلِ الْمُسَاقَاةِ) أَيْ بَيْعُ الْمَالِكِ لَهُ (قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ لَا يَصِحُّ) لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِيهَا فَكَأَنَّ الْمَالِكَ اسْتَثْنَى بَعْضَهَا (وَ) بَيْعُهُ (بَعْدَهُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ الْعَامِلُ مَعَ الْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ) مَعَ الْبَائِعِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (بَيْعُ نَصِيبِهِ) مِنْ الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا (بِشَرْطِ الْقَطْعِ) لِتَعَذُّرِ قَطْعِهِ (لِشُيُوعِهِ) . (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي إذَا شَرَطَ الْمَالِكُ عَلَى الْعَامِلِ أَعْمَالًا تَلْزَمُهُ فَأَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ وَالْعَامِلُ لَمْ يَعْمَلْ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ اسْتَحَقَّ مِنْ الثَّمَرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ فَإِنْ عَمِلَ نِصْفَ مَا لَزِمَهُ اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا شَرَطَ لَهُ. (بَابُ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ) مِنْ الْخَبِيرِ وَهُوَ الْأَكَّارُ أَيْ الزَّرَّاعُ وَيُقَالُ مِنْ الْخَبَارِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ وَهِيَ الْأَرْضُ الرِّخْوَةُ زَادَ الْجَوْهَرِيُّ ذَاتُ الْحِجَارَةِ (الْمُعَامَلَةُ عَلَى الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ) لَهَا (فَهِيَ مُزَارَعَةٌ فَيَضْمَنُ فِيهَا) مَا تَلِفَ مِنْ الزَّرْعِ (إذَا صَحَّتْ بِتَرْكِ سَقْيِهَا) أَيْ الْأَرْضِ (عَمْدًا) لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهُ وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْإِجَارَةِ (أَوْ) كَانَ الْبَذْرُ (مِنْ الْعَامِلِ فَمُخَابَرَةٌ وَهُمَا إنْ أُفْرِدَتَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ بَاطِلَتَانِ) لِلنَّهْيِ عَنْ الْمُزَارَعَةِ فِي مُسْلِمٍ وَعَنْ الْمُخَابَرَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِأَنَّ تَحْصِيلَ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ مُمْكِنَةٌ بِالْإِجَارَةِ فَلَمْ يَجُزْ الْعَمَلُ عَلَيْهَا بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا كَالْمَوَاشِي بِخِلَافِ الشَّجَرِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا فَجُوِّزَتْ الْمُسَاقَاةُ لِلْحَاجَةِ وَاخْتَارَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْخَطَّابِيِّ صِحَّتَهُمَا وَحَمَلَ أَخْبَارَ النَّهْيِ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا زَرْعَ قِطْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلِلْآخَرِ أُخْرَى، وَإِذَا بَطَلَتَا (فَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ) .   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ انْقَطَعَ مَاءُ الْحَدِيقَة فِي الْمُسَاقَاة] قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ بَدَلَ النِّصْفِ سَبْقُ قَلَمٍ) كَذَا فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فَأَخْطَأَ فِي الْفَهْمِ وَلَمْ يُصِبْ فِي الْوَهْمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مُخَالَفَةٌ قَوْلُهُ: فِي الرَّوْضَةِ وَجَبَ بَدَلُ النِّصْفِ عَلَى صَاحِبِ الشَّاةِ الْمُرَادُ بِبَدَلِ النِّصْفِ جَمِيعُ الْعَلَفِ الَّذِي عَلَفَهُ لِيَأْخُذَ النِّصْفَ أَيْ نِصْفَ الدَّارِ، أَوْ نِصْفَ الشَّاةِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ وَجَبَ بَدَلُ الْعَلَفِ عَلَى صَاحِبِ الشَّاةِ فَالْعِبَارَتَانِ مُتَّفِقَتَانِ. [فَصْلٌ لِلْمُسَاقَى فِي ذِمَّتِهِ أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ لِيَنُوبَ عَنْهُ] (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَيْنِهِ وَعَامَلَ غَيْرَهُ إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ اسْتِئْجَارِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ عِنْدَ هَرَبِهِ، أَوْ نَحْوِهِ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ هُنَا إلَى إقَامَةِ غَيْرِهِ مَقَامَهُ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَلَوْ كَثُرَتْ الْأَشْجَارُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْقِيَامُ بِهَا فَهَلْ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ كَالْوَكِيلِ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْعَامِلِ هُنَا مَنْدُوحَةً عَنْ الْمُسَاقَاةِ بَلْ يَسْتَأْجِرُ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُهُ عَمَلُهُ وَلَا يُسَاقِي بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْوَكَالَةِ. (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مَعَ فَوَاتِهِ إمَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِمَّا بِعَمَلِ الْعَامِلِ الثَّانِي فَلَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْأَعْمَالَ اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ لَا أَجِيرٌ وَلَا يُنَافِيهِ مَا لَوْ هَرَبَ؛ لِأَنَّهُ إعْرَاضٌ بِلَا عَقْدٍ وَهُنَا مَعَ عَقْدٍ وَوُرُودٍ عَلَى عَيْنٍ. (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ الْحَالَ، وَإِلَّا فَلَا) قَالَ شَيْخُنَا كَمَا لَوْ سَقَاهُ عَلَى شَجَرٍ مُسْتَحَقٍّ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَبِمَا إذَا كَانَ الْعَاقِدُ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حَيْثُ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ. [فَصْلٌ بَيْعُ نَخْلِ الْمُسَاقَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ] (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ الْمَالِكَ اسْتَثْنَى بَعْضَهَا) فَإِنْ قُلْت لَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ لَفْظِيٍّ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْعِيٌّ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِدَلِيلِ بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، ثُمَّ لَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لَفْظِيٌّ فَإِذَا صَحَّ بَيْعُ الشَّجَرَةِ وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ وَاسْتَثْنَاهَا الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ فَلْيَصِحَّ هَاهُنَا قُلْت الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الشَّرْعِيَّ إنَّمَا لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى مَعْلُومًا كَبَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا فَيُبْطِلُ الْعَقْدَ كَبَيْعِ دَارِ الْمُعْتَدَّةِ بِغَيْرِ الْأَشْهُرِ وَهَاهُنَا الثَّمَرَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ مَعْدُومَةٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ مَجْهُولَةً فَاسْتَوَى فِي الْبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءُ الشَّرْعِيُّ وَاللَّفْظِيُّ. [فَرْعٌ شَرَطَ الْمَالِكُ عَلَى الْعَامِلِ أَعْمَالًا تَلْزَمُهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ فِي الْمُسَاقَاة] (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا شَرَطَ لَهُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ شَرِيكٌ فَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَا شَرَطَ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. [بَابُ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ] (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَكَّارُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا بَطَلَتَا فَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا زَرَعَهَا وَوَرَاءَهُ حَالَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ، ثُمَّ يُعَطِّلَهَا فَإِنْ زَارَعَهُ عَلَى أَنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْبَذْرُ (لِلْعَامِلِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ) عَلَيْهِ (أُجْرَتُهَا، أَوْ لِلْمَالِكِ فَلِلْعَامِلِ) عَلَيْهِ (أُجْرَةُ) مِثْلِ (عَمَلِهِ وَ) عَمَلِ (مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) مِنْ آلَاتِهِ كَالْبَقَرِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْقِرَاضِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِبُطْلَانِ مَنْفَعَتِهِ إلَّا لِيَحْصُلَ لَهُ بَعْضُ الزَّرْعِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ وَانْصَرَفَ كُلُّ الْمَنْفَعَةِ إلَى الْمَالِكِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ (أَوْ لَهُمَا فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (أُجْرَةُ) مِثْلِ (عَمَلِ الْآخَرِ) بِنَفْسِهِ وَآلَتِهِ (فِي حِصَّتِهِ) لِذَلِكَ (فَإِنْ أَرَادَ صِحَّةَ ذَلِكَ) أَيْ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهٍ مَشْرُوعٍ بِحَيْثُ لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ (فَلْيَسْتَأْجِرْ الْعَامِلُ) مِنْ الْمَالِكِ (نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ مَنَافِعِهِ وَمَنَافِعِ آلَتِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ " الْآلَةِ " (وَنِصْفِ الْبَذْرِ إنْ كَانَ مِنْهُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَيَتَبَرَّعُ بِالْعَمَلِ وَالْمَنَافِعِ أَوْ يُقْرِضُ الْمَالِكَ نِصْفَ الْبَذْرِ وَيَسْتَأْجِرُ مِنْهُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ عَمَلِهِ وَعَمَلِ آلَاتِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْبَذْرُ (مِنْ الْمَالِكِ اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الْمَالِكُ الْعَامِلَ (بِنِصْفِ الْبَذْرِ لِيَزْرَعَ لَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ، وَيُعِيرُهُ نِصْفَ الْأَرْضِ) الْآخَرَ وَلَوْ قَالَ " نِصْفَهَا " كَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ (وَإِنْ شَاءَ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَنِصْفِ مَنْفَعَةِ تِلْكَ الْأَرْضِ لِيَزْرَعَ لَهُ بَاقِيَهُ فِي بَاقِيهَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ شَاءَ أَقْرَضَ نِصْفَهُ لِلْعَامِلِ، وَأُجْرَةُ نِصْفِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ عَمَلِهِ وَعَمَلِ آلَتِهِ (وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ لَهُمَا أَجَّرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ مَنْفَعَتِهِ وَ) مَنْفَعَةِ (آلَتِهِ) أَوْ أَعَارَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ وَتَبَرَّعَ الْعَامِلُ بِمَنْفَعَةِ بَدَنِهِ وَآلَتِهِ فِيمَا يَخُصُّ الْمَالِكَ أَوْ أَكْرَاهُ نِصْفَهَا بِدِينَارٍ مَثَلًا، وَاكْتَرَى الْعَامِلَ لِيَعْمَلَ عَلَى نَصِيبِهِ بِنَفْسِهِ وَآلَتِهِ بِدِينَارٍ وَتَقَاصَّا ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَحْوَطُ. (وَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ وَلَوْ عَلَى زَرْعٍ مَوْجُودٍ لَا الْمُخَابَرَةُ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ فِي الْبَيَاضِ) الْمُتَخَلِّلِ (بَيْنَ الشَّجَرِ) مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ لِعُسْرِ الْإِفْرَادِ وَعَلَى ذَلِكَ حَمْلُ مُعَامَلَةِ أَهْلِ خَيْبَرَ السَّابِقَةِ فِي الْكِتَابِ السَّابِقِ هَذَا (إنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ) لِأَنَّ تَعَدُّدَهُ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ أَكْرَاهُ شَيْئًا سَنَةً، ثُمَّ أَكْرَاهُ مِنْهُ سَنَةً أُخْرَى قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأُولَى (وَ) اتَّحَدَ (الْعَامِلُ) بِأَنْ يَكُونَ عَامِلُ الْمُزَارَعَةِ عَامِلَ الْمُسَاقَاةِ وَاحِدًا كَانَ، أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ (وَانْتَفَعَ الشَّجَرُ بِعَمَلِ الْمُزَارَعَةِ) بِحَيْثُ عَسُرَ إفْرَادُ الْبَيَاضِ بِالزِّرَاعَةِ فَلَوْ تَيَسَّرَ الْإِفْرَادُ لَمْ تَجُزْ الْمُزَارَعَةُ لِانْتِفَاءِ الْحَاجَةِ وَعَبَّرْت بِالْعُسْرِ تَبَعًا لِلْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِتَعْبِيرِهِ بِالتَّعَذُّرِ (وَلَوْ كَثُرَ الْبَيَاضُ) فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ تَصِحُّ تَبَعًا؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (وَيُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْمُسَاقَاةِ) عَلَى الْمُزَارَعَةِ بِأَنْ يَقُولَ سَاقَيْتُكَ وَزَارَعْتُكَ (فَلَوْ قَالَ زَارَعْتُك وَسَاقَيْتُكَ أَوْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ) لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ كَمَزْجِ الرَّهْنِ بِالْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ بِهِ (وَالْمُعَامَلَةُ تَشْمَلُهَا فَإِنْ قَالَ عَامَلْتُك عَلَى) هَذَا (النَّخْلِ وَالْبَيَاضِ بِالنِّصْفِ جَازَ وَكَذَا لَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا) أَيْ الْعِوَضَيْنِ (أَقَلَّ) جَازَ فَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْعَامِلِ نِصْفَ الثَّمَرَةِ وَرُبُعَ الزَّرْعِ وَعَكْسَهُ؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْمَعْنَى عَقْدَانِ (أَوْ شَرَطَ الْبَقَرَ عَلَى الْعَامِلِ) جَازَ وَكَانَ الْمَالِكُ اكْتَرَاهُ وَبَقَرَهُ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يَزْرَعُهُ وَفَارَقَ إجَارَةُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ - حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يَزْرَعُهُ فِيهَا - بِأَنَّهُمَا هُنَا شَرِيكَانِ فِي الزَّرْعِ بِخِلَافِهِمَا ثَمَّ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا " وَلَوْ عَلَى زَرْعٍ مَوْجُودٍ لَا الْمُخَابَرَةُ " مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ " لَا الْمُخَابَرَةُ " فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ خَابَرَهُ) تَبَعًا (لَمْ يَصِحَّ) كَمَا لَوْ أَفْرَدَهَا وَفَارَقَتْ الْمُزَارَعَةُ بِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ أَشْبَهُ بِالْمُسَاقَاةِ وَوَرَدَ الْخَبَرُ بِصِحَّتِهَا بِخِلَافِ الْمُخَابَرَةِ (وَالزَّرْعُ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَالزَّرْعُ " (لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ) لِلْأَرْضِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْمُخَابَرَةُ مُفْرَدَةً وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالزَّرْعِ بَلْ يَجْرِي فِي الْمُعَامَلَةِ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ كَمَا ذَكَرَهُ أَصْلُهُ وَأَشَارَ هُوَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَهُ حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ فِي الْقَلْعِ) فَيُكَلَّفُ قَلْعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُمَا، وَإِلَّا لَمْ يُقْلَعَا مَجَّانًا بَلْ يَتَخَيَّرُ مَالِكُ الْأَرْضِ فِيهِمَا كَتَخَيُّرِ الْمُعِيرِ وَيَبْقَى الزَّرْعُ إلَى الْحَصَادِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصِيلًا فَيُكَلَّفَ قَلْعَهُ وَلَوْ زَرَعَ الْعَامِلُ الْبَيَاضَ بَيْنَ النَّخْلِ بِغَيْرِ إذْنٍ قَلَعَ زَرْعَهُ مَجَّانًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى شَجَرٍ غَيْرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ تَبَعًا لَهُمَا) أَيْ لِلنَّخْلِ.   [حاشية الرملي الكبير] الْبَذْرَ مِنْ الْمَالِكِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُزَارِعِ لِتَعْطِيلِهِ وَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْعَامِلِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مُدَّةِ التَّعْطِيلِ، وَإِنْ شَرَطَهُ عَلَيْهِمَا لَزِمَهُ نِصْفُ أُجْرَةِ الْأَرْضِ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا بَعْضَ الْعَمَلِ مِنْ كَرْبِ الْأَرْضِ وَحَرْثِهَا ثُمَّ يَرُدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَلَا يَسْتَحِقَّ لِعَمَلِهِ شَيْئًا إنْ شَرَطَ الْبَذْرَ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْمَالِكِ لَزِمَهُ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمَالِكِ نِصْفُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ كِرَاءُ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَقِيَتْ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ عَسُرَ إفْرَادُ الْبَيَاضِ بِالزِّرَاعَةِ إلَخْ) قَضِيَّةُ اشْتِرَاطِ النَّوَوِيِّ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ عُسْرَ إفْرَادِ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ وَالْبَيَاضِ بِالْعِمَارَةِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي عُسْرُ أَحَدِهِمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِمَا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بَلْ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ ذِكْرُ عُسْرِ إفْرَادِ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ وَالْعَمَلِ وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْغَزَالِيُّ فِي كُتُبِهِ عَلَى عُسْرِ إفْرَادِ الْبَيَاضِ الْمُتَخَلِّلِ وَلَوْ مَاتَ الْعَامِلُ، أَوْ هَرَبَ فِي الْمُزَارَعَةِ الصَّحِيحَةِ فَكَمَا لَوْ مَاتَ، أَوْ هَرَبَ فِي الْمُسَاقَاةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَامِرَةً فَسَدَتْ وَلَوْ أَخَذَ أَرْضًا مِنْ آخَرَ لِيَزْرَعَ بِثِيرَانِهِ وَالْبَذْرُ مِنْ كِلَيْهِمَا فَكَرَبَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَدْفَعْ الْآخَرُ الْبَذْرَ رَجَعَ الْعَامِلُ بِنِصْفِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ وَلَوْ قَالَ عَامَلْتُك عَلَى هَذِهِ الْبَقَرَةِ وَتَعَهُّدِهَا وَرَدِّهَا وَنَسْلِهَا بَيْنَنَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَتَجِبُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَامِلِ وَالْبَقَرَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَالْمَشْرُوطُ لَهُ مِنْ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ اعْلِفْهَا مِنْ عِنْدِك وَلَك دَرُّهَا وَنَسْلُهَا، أَوْ النِّصْفُ مِنْهَا، أَوْ مِنْ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا فَفَعَلَ وَجَبَ بَدَلُ الْعَلَفِ لِلْعَامِلِ عَلَى الْمَالِكِ وَالْمَشْرُوطُ مِنْ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ لِلْعَامِلِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْبَقَرَةُ أَمَانَةٌ لِلْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَلَوْ قَالَ خُذْهَا وَاعْلِفْهَا لِتَسْمَنَ وَلَك نِصْفُهَا وَنِصْفُ الزَّائِدِ عَلَى الْقِيمَةِ بِالتَّسْمِينِ فَفَعَلَ وَجَبَ بَدَلُ الْعَلَفِ، وَالْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لَا الْبَاقِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 وَالْعِنَبِ أَيْ لِلْمُسَاقَاةِ عَلَيْهِمَا (جَازَ) الْعَقْدُ (كَالْمُزَارَعَةِ) تَبَعًا وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يُفْهِمُهُ (كِتَابُ الْإِجَارَةِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ ضَمَّهَا وَصَاحِبُ الْمُسْتَعْذَبِ فَتْحَهَا وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ وَشَرْعًا عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ مَعْلُومَةٍ قَابِلَةٍ لِلْبَذْرِ وَالْإِبَاحَةِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ فَخَرَجَ بِمَنْفَعَةٍ الْعَيْنُ وَبِمَقْصُودَةٍ التَّافِهَةُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا وَبِمَعْلُومَةٍ الْقِرَاضُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ وَبِقَابِلَةٍ لِمَا ذُكِرَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ وَبِعِوَضٍ هِبَةُ الْمَنَافِعِ وَالْوَصِيَّةُ بِهَا وَالشَّرِكَةُ وَالْإِعَارَةُ وَبِمَعْلُومٍ الْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ كَالْحَجِّ بِالرِّزْقِ وَدَلَالَةُ الْكَافِرِ لَنَا عَلَى قَلْعَةٍ بِجَارِيَةٍ مِنْهَا نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ بَيْعُ حَقِّ الْمَمَرِّ وَنَحْوِهِ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: 6] وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْإِرْضَاعَ بِلَا عَقْدٍ تَبَرُّعٌ لَا يُوجِبُ أُجْرَةً وَإِنَّمَا يُوجِبُهَا ظَاهِرًا الْعَقْدُ فَتَعَيَّنَ وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَأْجَرَا رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأُرَيْقِطِ» وَخَبَرُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ» وَالْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا إذْ لَيْسَ لِكُلِّ أَحَدٍ مَرْكُوبٌ وَمَسْكَنٌ وَخَادِمٌ فَجُوِّزَتْ لِذَلِكَ كَمَا جُوِّزَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ: الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) عَاقِدَانِ وَصِيغَةٌ وَأُجْرَةٌ وَمَنْفَعَةٌ (الْأَوَّلُ) (الْعَاقِدَانِ) فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ وَالِاخْتِيَارِ (كَمَا فِي الْبَيْعِ) لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْكَافِرِ اسْتِئْجَارَ الْمُسْلِمِ وَلَيْسَ لَهُ شِرَاؤُهُ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّ لِلسَّفِيهِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِمَا لَا يُقْصَدُ مِنْ عَمَلِهِ كَالْحَجِّ كَمَا لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ بَلْ أَوْلَى. (وَالثَّانِي) (الصِّيغَةُ) مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ كَمَا فِي الْبَيْعِ (كَأَجَّرْتُكَ أَوْ أَكْرَيْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ كَذَا) أَيْ شَهْرًا مَثَلًا (بِكَذَا) أَيْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا (وَكَذَا مَنْفَعَةُ) هَذِهِ (الدَّارِ فَيَقُولُ - مُتَّصِلًا -: قَبِلْت أَوْ اكْتَرَيْتُ) أَوْ اسْتَأْجَرْتُ وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ الْإِجَارَةُ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَى الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ بِهَا فَذِكْرُهَا فِيهَا تَأْكِيدٌ كَمَا فِي بِعْتُك رَقَبَةَ هَذَا أَوْ عَيْنَهُ (وَكَذَا مَلَّكْتُك مَنْفَعَتَهَا شَهْرًا) بِكَذَا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ (لَا بِعْتُك) مَنْفَعَتَهَا شَهْرًا بِكَذَا لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ الْإِجَارَةِ فِي الْبَيْعِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ صِنْفٌ مِنْ الْبَيْعِ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَلَفْظِ الْبَيْعِ لَفْظُ الشِّرَاءِ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (قَالَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك كَذَا كَفَى) عَنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا (وَالْإِجَارَةُ تَكُونُ) وَارِدَةً (عَلَى الْعَيْنِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ) لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ (أَوْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ) أَوْ نَحْوِهَا (وَتَكُونُ) وَارِدَةً (فِي الذِّمَّةِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ مَوْصُوفَةٍ) لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ (أَوْ إلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ كَذَا) وَقَوْلُهُ (وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ مَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْكَافِ (وَاسْتَأْجَرْتُك لِكَذَا إجَارَةَ عَيْنٍ) لِلْإِضَافَةِ إلَى الْمُخَاطَبِ كَمَا لَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّابَّةَ فَذِكْرُ الْعَيْنِ أَوْ النَّفْسِ فِي " اسْتَأْجَرْتُ عَيْنَك أَوْ نَفْسَك لِكَذَا " تَأْكِيدٌ (وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ) .   [حاشية الرملي الكبير] [كِتَابُ الْإِجَارَةِ وَفِيهِ ثَلَاثَة أَبْوَاب] [الْبَاب الْأَوَّل فِي أَرْكَانُ الْإِجَارَةِ] كِتَابُ الْإِجَارَةِ) (قَوْلُهُ: وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ إلَخْ) أَيْ وَالْمُسَاقَاةُ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ قِيلَ فَإِنْ زِيدَ فِي الْحَدِّ لَدَى الْعَقْدِ خَرَجَتَا فَإِنَّ الْجَعَالَةَ إنَّمَا يُمْلَكُ الْجُعْلُ بِتَمَامِ الْعَمَلِ، وَالْمُسَاقِي إنَّمَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْحَدِّ إلَى مِلْكِ عِوَضٍ عَاجِلٍ وَلَا آجِلٍ وَإِنَّمَا فِيهِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ قَالَ الْغَزِّيِّ تَخْرُجُ الْمُسَاقَاةُ بِقَوْلِهِ " مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ " لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الْمَقْصُودَةَ فِي الْمُسَاقَاةِ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهَا (قَوْلُهُ: وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْإِرْضَاعَ إلَخْ) وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: فِي آخِرِ الْآيَةِ {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا الْمَاضِي بِلَا تَوَقُّفٍ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَيْعِ) وَلَوْ أَجَّرَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ نَفْسَهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ صَحَّ أَنْ يَبِيعَهُ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ كَانَ فِيمَا هُوَ مَقْصُودٌ مِنْ عَمَلِ مِثْلِهِ أَنْ يَكُونَ صَانِعًا وَعَمَلُهُ مَقْصُودٌ فِي كَسْبِهِ لَمْ يَجُزْ وَتَوَلَّى الْوَلِيُّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ كَحَجٍّ أَوْ وَكَالَةٍ وَلَيْسَ عَمَلُهُ مَقْصُودًا فِي كَسْبِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِمَالِهِ صَحَّ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَذَا الْعَمَلِ. (قَوْلُهُ: وَالصِّيغَةُ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ كَمَا فِي الْبَيْعِ) فَتَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ وَبِالِاسْتِيجَابِ وَالْإِيجَابِ وَبِالِاسْتِقْبَالِ وَالْقَبُولِ وَبِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَلَّكْتُك مَنْفَعَتَهَا شَهْرًا بِكَذَا) كَاسْكُنْ الدَّارَ شَهْرًا بِكَذَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً) بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا يُرَدُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ حِينَئِذٍ إذْ لَفْظُ الْبَيْعِ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ فَيُنَافِي فِي ذِكْرِ الْمُدَّةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْطَأَ - يَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ - مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ دَعْوَاهُ الِانْعِقَادَ مَعَ النِّيَّةِ غَفْلَةٌ عَنْ قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَأَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَالْبَيْعُ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّبَايُنِ فَإِنَّ الْبَيْعَ مَوْضُوعٌ لِنَقْلِ الْأَعْيَانِ وَالْإِجَارَةَ مَوْضُوعَةٌ لِنَقْلِ الْمَنَافِعِ، الثَّانِي قَوْلُهُ " يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا " دَعْوَى الصَّرَاحَةِ مَعَ النِّيَّةِ لَا يُعْقَلُ (قَوْلُهُ: أَوْ إلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ كَذَا) كَأَلْزَمْت ذِمَّتَك، أَوْ أَسْلَمْت إلَيْك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِي خِيَاطَةِ ذَا الثَّوْبِ أَوْ فِي دَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا تَحْمِلُنِي إلَى مَكَّةَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَاسْتَأْجَرْتُك لِكَذَا) كَاسْتَأْجَرْتُك لِخِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ، أَوْ أَنْ تَخِيطَهُ (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ) السُّفُنُ هَلْ تُلْحَقُ بِالدَّابَّةِ فَتُسْتَأْجَرُ إجَارَةَ ذِمَّةٍ أَوْ بِالْعَقَارِ فَلَا تَكُونُ إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْرَبُ إلْحَاقُهَا بِالدَّوَابِّ وَفِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ جَوَازُ قَرْضِ دَارٍ وَنَقَلَاهُ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ قَالَ السُّبْكِيُّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَزِدْ الْجُزْءُ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ مَثَلًا فَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ كَغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ مَا جَازَ إقْرَاضُهُ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ وَقَوْلُهُ: قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا بِدَلِيلِ مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ. وَتَقْسِيمُ الْإِجَارَةِ إلَى وَارِدَةٍ عَلَى الْعَيْنِ وَوَارِدَةٍ عَلَى الذِّمَّةِ لَا يُنَافِي تَصْحِيحَهُمْ الْآتِيَ آخِرَ الْبَابِ أَنَّ مَوْرِدَهَا الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ ثَمَّ مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَةَ وَهُنَا مَا يُقَابِلُ الذِّمَّةَ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْأُجْرَةُ وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا فِي الْمَجْلِسِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُعَيَّنَةً أَمْ فِي الذِّمَّةِ (وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ - أَعْنِي الْأُجْرَةَ - فَلَهَا حُكْمُ الثَّمَنِ) الَّذِي فِي الذِّمَّةِ (فِي) جَوَازِ (الِاسْتِبْدَالِ وَ) وُجُوبِ مَعْرِفَةِ (الْجِنْسِ وَ) نَفْيِ (الْجَهَالَةِ وَ) فِي (الضَّبْطِ بِالْوَصْفِ وَ) فِي (التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ وَالتَّنْجِيمِ) وَالتَّصْرِيحِ بِمَعْرِفَةِ الْجِنْسِ وَنَفْيِ الْجَهَالَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُمَا مَعْلُومَانِ مِمَّا بَعْدَهُمَا (وَإِنْ أَطْلَقَ) ذِكْرَ الْأُجْرَةِ عَنْ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ (فَمُعَجَّلَةٌ) كَالثَّمَنِ الْمُطْلَقِ (وَيَمْلِكُهَا الْمُكْرِي) مِلْكًا مُرَاعًى لَا مُسْتَقِرًّا كَمَا سَيَأْتِي (بِنَفْسِ الْعَقْدِ) كَمَا يَمْلِكُ الْمُكْتَرِي الْمَنْفَعَةَ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهَا عِوَضٌ فِي مُعَاوَضَةٍ يَتَعَجَّلُ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ فَيَتَعَجَّلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالثَّمَنِ (وَاسْتَحَقَّ اسْتِيفَاءَهَا إذَا سَلَّمَ الْعَيْنَ) الْمُسْتَأْجَرَةَ (إلَى الْمُسْتَأْجِرِ) كَالثَّمَنِ. (فَرْعٌ) لَوْ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ سِنِينَ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ لَمْ يَجُزْ لَهُ دَفْعُ جَمِيعِهَا لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يُعْطَى بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ فَإِنْ دَفَعَ أَكْثَرَ مِنْهُ فَمَاتَ الْآخِذُ ضَمِنَ النَّاظِرُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يَتَصَرَّفُ فِي جَمِيعِ الْأُجْرَةِ لِتَوَقُّعِ ظُهُورِ كَوْنِهِ لِغَيْرِهِ بِمَوْتِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فِي الْحَالِ قَالَ وَكَانَ بَعْضُ الْقُضَاةِ الْفُضَلَاءِ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ طُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا فَإِنْ طَالَتْ بِحَيْثُ يَبْعُدُ احْتِمَالُ بَقَاءِ الْمَوْجُودِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ وَإِنْ قَصُرَتْ فَيَظْهَرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ انْتَهَى أَمَّا صَرْفُهَا فِي الْعِمَارَةِ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ بِحَالٍ. (وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ) الْأُجْرَةُ (طَعَامًا إنْ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ وَوُصِفَ بِصِفَتِهِ) فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً كَمَا عُلِمَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ " وَالْجَهَالَةِ وَالضَّبْطِ بِالْوَصْفِ " فَلَوْ قَالَ اعْمَلْ كَذَا لِأُرْضِيَك أَوْ أُعْطِيَك شَيْئًا أَوْ بِمِلْءِ كَفِّي دَرَاهِمَ أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَكَذَا لَوْ أَجَّرَهُ بِنَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ جَوَازُ الْحَجِّ بِالرِّزْقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ يَجُوزُ الْحَجُّ بِالرِّزْقِ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي وَالْمَعُونَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَأَمَّا إيجَارُ عُمَرَ أَرْضَ السَّوَادِ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ فَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ الْمُؤَبَّدَةِ (وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُعَمِّرَ الدَّارَ) وَلَوْ (بِأُجْرَتِهَا) بِأَنْ أَجَّرَهَا بِعِمَارَتِهَا أَوْ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يُعَمِّرَهَا وَلَا يَحْسُبُ مَا يُنْفِقُ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ عَلَى أَنْ يَصْرِفَ الدَّرَاهِمَ فِي عِمَارَتِهَا (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْأُجْرَةِ وَوَجْهُهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَنَّ الْأُجْرَةَ الدَّرَاهِمُ مَعَ الْعِمَارَةِ أَوْ الصَّرْفِ إلَيْهَا وَذَلِكَ عَمَلٌ مَجْهُولٌ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَمَلُ مَعْلُومًا صَحَّ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذَا كَبَيْعِ الزَّرْعِ عَلَى أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَشُرِطَ عَمَلٌ فِيهِ يُقْصَدُ مِثْلُهُ فِي الْأَمْلَاكِ (فَإِنْ فَعَلَ) الْمَشْرُوطَ (رَجَعَ) بِأُجْرَتِهِ وَبِمَا صَرَفَهُ لِأَنَّهُ أَنْفَقَهُ بِالْإِذْنِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْعَقْدَ عَنْ ذِكْرِ شَرْطِ صَرْفِ الْأُجْرَةِ (ثُمَّ أَذِنَ) لَهُ الْمُؤَجِّرُ (بِصَرْفِهَا فِي الْعِمَارَةِ وَتَبَرَّعَ) الْمُسْتَأْجِرُ (بِهِ) أَيْ بِالصَّرْفِ (جَازَ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا. (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ فَمَنْ يُصَدَّقُ) مِنْهُمَا؟ (قَوْلَانِ) أَشْبَهُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الْمُنْفِقُ إنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا وَبِهِ -.   [حاشية الرملي الكبير] الْوَالِدِ بِخِلَافِهِ وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ كَالْعَقَارِ بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي السُّفُنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا إلَخْ) فَتَتَعَيَّنُ رُؤْيَتُهُ إذْ لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ لِأَنَّ مَوْضِعَهُ مَقْصُودٌ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ فَلَوْ ذُكِرَ لَانْحَصَرَ فِيهِ وَذَلِكَ يُخَالِفُ وَضْعَ مَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ ثَمَّ مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا، أَوْ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا ارْتِبَاطُ الْعَقْدِ بِهَا، وَالْمُرَادَ هُنَاكَ مَوْرِدُهُ. (قَوْلُهُ: وَالتَّنْجِيمِ فِي التَّأْجِيلِ بِأَوَّلِ الشَّهْرِ) وَكَذَا بِآخِرِهِ خِلَافٌ فَفِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي السَّلَمِ عَنْ الْأَصْحَابِ الْمَنْعُ وَفِي الصَّغِيرِ الْأَقْوَى الصِّحَّةُ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ النَّصِّ وَرَجَّحُوهُ وَقَوْلُهُ: وَفِي الصَّغِيرِ الْأَقْوَى الصِّحَّةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ سِنِينَ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ] (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا: مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ظَاهِرٌ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا فِي الْمَقْبُوضِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَعَدَمُ الِاسْتِقْرَارِ لَا يُنَافِي جَوَازَ التَّصَرُّفِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِيمَا إذَا أَكْرَى دَارًا سِنِينَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَحَكَمُوا بِالْمِلْكِ فِيهَا وَأَوْجَبُوا زَكَاتَهَا بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ إلَّا زَكَاةَ مَا اسْتَقَرَّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَمَا حَكَمُوا بِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَمْلِكُ الصَّدَاقَ وَتَتَصَرَّفُ فِيهِ جَمِيعِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ إذَا أَجَّرَ الدَّارَ وَقَبَضَ أُجْرَتَهَا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا وَإِذَا مَاتَ يَرْجِعُ فِي التَّرِكَةِ بِالْحِصَّةِ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ أَنَّ الشَّخْصَ يُمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ حَجْرٍ عَلَيْهِ بَلْ بِأَمْرٍ مَوْهُومٍ ثُمَّ إنَّ الْأُجْرَةَ الْمَقْبُوضَةَ إذَا تُرِكَتْ فِي يَدِ النَّاظِرِ فَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ لَزِمَ خِلَافُ الْقَاعِدَةِ وَإِنْ لَمْ تُضْمَنْ حَصَلَ الضَّرَرُ لِلْمَالِكِ الَّذِي هُوَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فس (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فِي الْحَالِ) وَإِنْ احْتَمَلَ عَدَمَ بَقَائِهِ لِمُدَّةِ إجَارَتِهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي وَالْمَعُونَةِ) لَعَلَّهُ جَعَالَةٌ اُغْتُفِرَ فِيهَا الْجَهْلُ بِالْجُعْلِ كَمَسْأَلَةِ الْعِلْجِ، أَوْ أَنَّ الْعَامِلَ يَتَبَرَّعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْحَجِّ، وَصَاحِبَهُ يَتَبَرَّعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ الزَّرْعِ عَلَى أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا) كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْقَابِضَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا كَالْوَكِيلِ عَنْ الْمُؤَجِّرِ وَكَالَةً ضِمْنِيَّةً قَالَ شَيْخُنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى صِحَّةُ تَسْوِيغِ النَّاظِرِ بَعْضَ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ بِمَعْلُومِهِ عَلَى بَعْضِ سُكَّانِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ لِأَنَّ السَّاكِنَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ وَكِيلِ النَّاظِرِ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِ الْأُجْرَةِ فِي الْعِمَارَةِ وَيَصِحُّ قَبْضُ الْمُسْتَحِقِّ لِنَفْسِهِ أَيْضًا وَتَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ: أَشْبَهُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الْمُنْفِقُ إنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا) هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا صَحَّحَاهُ فِي مَسْأَلَةِ هَرَبِ الْجَمَّالِ إذَا أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِنْفَاقِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْآذِنَ لَهُ ائْتَمَنَهُ عَلَى ذَلِكَ (وَإِذَا حَلَّتْ) الْأُجْرَةُ (الْمُؤَجَّلَةُ وَقَدْ تَغَيَّرَ النَّقْدُ وَجَبَتْ مِنْ نَقْدِ يَوْمِ الْعَقْدِ لَا يَوْمِ تَمَامِ الْعَمَلِ وَلَوْ فِي الْجَعَالَةِ) كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ. (فَرْعٌ الْأُجْرَةُ الْمُعَيَّنَةُ كَالْمَبِيعِ) الْأَنْسَبُ " كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ " (فِي الشُّرُوطِ) وَفِي أَنَّهَا تُمْلَكُ فِي الْحَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَتَصِحُّ) الْإِجَارَةُ (بِصُورَةٍ مَرْئِيَّةٍ) كَالْبَيْعِ (لَا بِجِلْدِ شَاةٍ قَبْلَ سَلْخِهِ) إذْ لَا تُعْرَفُ صِفَتُهُ فِي الرِّقَّةِ وَالثَّخَانَةِ وَغَيْرِهِمَا. (فَصْلٌ أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَلِلْأُجْرَةِ فِيهَا حُكْمُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ) لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ (فَيَجِبُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ) فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا وَلَا يَسْتَبْدِلُ عَنْهَا (وَلَا يُحَالُ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا وَلَا تُؤَجَّلُ) لِئَلَّا تَكُونَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ (وَلَوْ كَانَ) الْعَقْدُ وَفِي نُسْخَةٍ " كَانَتْ " أَيْ الْإِجَارَةُ (بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ) كَأَنْ كَانَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ كَأَنْ قَالَ اسْتَأْجَرْت مِنْك دَابَّةً صِفَتُهَا كَذَا لِتَحْمِلَنِي إلَى مَوْضِعِ كَذَا لِأَنَّهُ سَلَمٌ فِي الْمَعْنَى كَمَا مَرَّ. (فَرْعٌ يَجُوزُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ مَنْفَعَةً فَإِنْ أَجَّرَ دَارًا بِمَنْفَعَةِ دَارَيْنِ أَوْ حُلِيَّ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ جَازَ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ) إذْ لَا رِبَا فِي الْمَنَافِعِ (وَلَوْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا وَقَالَ إنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ - أَوْ رُومِيًّا - فَلَكَ دِرْهَمٌ أَوْ) خِطْتَهُ (غَدًا - أَوْ فَارِسِيًّا - فَنِصْفُ) دِرْهَمٍ أَيْ إنْ خِطْته الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ أَوْ غَدًا فَنِصْفُ دِرْهَمٍ، أَوْ إنْ خِطْته رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَمٌ أَوْ فَارِسِيًّا فَنِصْفُ دِرْهَمٍ (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِلْإِبْهَامِ (فَإِنْ خَاطَهُ كَيْفَ اتَّفَقَ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) وَهَذَا فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالرُّومِيُّ بِغُرْزَتَيْنِ وَالْفَارِسِيُّ بِغُرْزَةٍ. [فَصْلٌ جَعْلُ الْأُجْرَةِ مِمَّا عَمِلَ فِيهِ الْأَجِيرُ] (فَصْلٌ لَا يَصِحُّ جَعْلُ الْأُجْرَةِ مِمَّا عَمِلَ فِيهِ) الْأَجِيرُ (كَالطَّحْنِ) أَيْ كَاكْتِرَائِهِ لِلطَّحْنِ (وَالرَّضَاعِ بِجُزْءٍ مِنْ الدَّقِيقِ وَالرَّقِيقِ) الْمُرْتَضِعِ (بَعْدَ الْفِطَامِ) أَوْ لِسَلْخِ الشَّاةِ بِجِلْدِهَا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَفَسَّرُوهُ بِاكْتِرَاءِ الطَّحَّانِ عَلَى طَحْنِ الْحِنْطَةِ بِبَعْضِ دَقِيقِهَا وَقِيسَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَلِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَيْسَتْ فِي الْحَالِ بِالْهَيْئَةِ الْمَشْرُوطَةِ فَهِيَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهَا وَلِلْجَهْلِ بِهَا حِينَئِذٍ وَلِاشْتِمَالِ الْعَقْدِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ طَحْنَ قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَهُمَا مُتَنَافِيَانِ وَلِلْأَجِيرِ إذَا عَمِلَ فِي ذَلِكَ أُجْرَةُ عَمَلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَصِحُّ بِجُزْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا عَمِلَ فِيهِ (فِي الْحَالِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ) فِي صُورَتِهَا (شَرِيكَةً) لِلْمُكْتَرِي فِي الرَّقِيقِ الْمُرْتَضِعِ فَلَا يَضُرُّ وُقُوعُ الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لَوْ سَاقَاهُ الْآخَرُ وَشَرَطَ لَهُ زِيَادَةً مِنْ الثَّمَرَةِ جَازَ وَإِنْ وَقَعَ الْعَمَلُ فِي الْمُشْتَرَكِ وَهَذَا مَا مَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِمَا عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ أَنْ يَقَعَ فِي خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَضَعَّفَهُ الْأَصْلُ وَصَحَّحَ مَا مَالَا إلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إطْلَاقُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ أَجِيرًا عَلَى شَيْءٍ هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ مِثْلُ: اطْحَنْ لِي هَذِهِ الْوَيْبَةَ وَلَك مِنْهَا رُبُعٌ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْكُلِّ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ مُرَادُ النَّصِّ أَوْ عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي انْتَهَى. وَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ هُوَ التَّحْقِيقُ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ كَلَامُهُمْ فَيَمْتَنِعُ فِي قَوْلِهِ اكْتَرَيْتُكَ لِتَطْحَنَ لِي هَذِهِ الْوَيْبَةَ بِرُبُعِهَا وَفِي قَوْلِهِ لِشَرِيكِهِ فِيهَا اكْتَرَيْتُكَ بِرُبُعِهَا لِتَطْحَنَ لِي حِصَّتِي وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ اكْتَرَيْتُكَ بِرُبُعِهَا لِتَطْحَنَ لِي بَاقِيَهَا وَفِي قَوْلِهِ لِشَرِيكِهِ فِيهَا اكْتَرَيْتُكَ بِرُبُعِهَا لِتَطْحَنَ لِي بَاقِيَ حِصَّتِي مِنْهَا (فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى طَحْنِ الْبُرِّ بِرُبُعِهِ) بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ بِرُبُعِهِ لِيَطْحَنَ لَهُ الْبَاقِيَ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (صَحَّ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ (فَإِنْ طَحَنَ الْكُلَّ اقْتَسَمَاهُ دَقِيقًا) وَإِلَّا اقْتَسَمَاهُ بُرًّا ثُمَّ أَخَذَ الْأُجْرَةَ وَطَحَنَ الْبَاقِيَ. (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَنْفَعَةُ وَلَهَا.   [حاشية الرملي الكبير] وَيُعَضِّدُهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا أَجَّرَ دَارًا بِعِشْرِينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الدَّارُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِيمَا أَنْفَقَتْهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ إذَا كَانَ مَا أَنْفَقَهُ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا لِأَنَّ إذْنَهُ يَتَنَاوَلُ الْإِنْفَاقَ مُبْهَمًا وَإِذَا جَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ أَمِينًا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَفِي الصَّحِيحَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْآذِنَ لَهُ ائْتَمَنَهُ عَلَى ذَلِكَ) وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَتَيْت بِالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ حَيْثُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّصَرُّفِ وَبَقَاءُ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ) حَيْثُ وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْأُجْرَةِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَالِاعْتِبَارُ بِبَلَدِ إتْلَافِ الْمَنْفَعَةِ نَقْدًا وَوَزْنًا. [فَرْعٌ الْأُجْرَةُ الْمُعَيَّنَةُ كَالْمَبِيعِ] (قَوْلُهُ: الْأَنْسَبُ كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ) لِأَنَّ الْأُجْرَةَ كَالثَّمَنِ وَالْمَنْفَعَةَ كَالْمَبِيعِ فَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا جَازَ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً وَلَوْ كَانَ مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) قَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمُ وَمَلَكَهَا الْمُكْرِي بِنَفْسِ الْعَقْدِ. [فَصْلٌ إجَارَةُ الذِّمَّةِ] (فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ: أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَلِلْأُجْرَةِ فِيهَا) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا حَالَّةً فَلَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهَا لِئَلَّا يَكُونَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِي الْحَاوِي إنْ عَقَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ حَالًّا جَازَ تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ وَحُلُولُهَا وَإِنْ عَقَدَ عَلَى مُؤَجَّلٍ كَاسْتِئْجَارِ بَعِيرٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى مَكَّةَ يَرْكَبُ إلَيْهَا بَعْدَ شَهْرٍ لَمْ يَجُزْ تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ وَفِي وُجُوبِ الْقَبْضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَجْهَانِ وَكَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ تَسْلِيمَ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ يُغْنِي عَنْ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُرَجَّحُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا) فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الْحَطِّ فِي التَّوْلِيَةِ حَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ الْبَيْعُ وَيُقَدَّرُ كَأَنَّهُ بِلَا ثَمَنٍ كَمَا قُدِّرَتْ الْإِجَارَةُ هَاهُنَا وَإِلَّا فَيُقَدَّرُ الْإِبْرَاءُ وَالْحَطُّ كَالْقَبْضِ ضِمْنًا قُلْنَا الْجَوَابُ أَنَّ إجَارَةَ الذِّمَّةِ غَرَرٌ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ حِسًّا وَلَا غَرَرَ فِي التَّوْلِيَةِ فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِالْقَبْضِ الْحُكْمِيِّ. [فَرْعٌ كَوْنُ الْأُجْرَةِ مَنْفَعَةً] (قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إلَخْ) وَأَنَّ الْحَائِطَ الْمُشْتَرَكَ إذَا انْهَدَمَ فَأَعَادَهُ أَحَدُهُمَا بِالنَّقْضِ الْمُشْتَرَكِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثُلُثَا الْمِلْكِ فِي النَّقْضِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ النِّصْفُ عَنْ مِلْكِهِ وَالسُّدُسُ عَنْ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ هُوَ التَّحْقِيقُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ) أَيْ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ عَلَى الْإِرْضَاعِ بِالنَّصِّ مَعَ كَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهِ فَإِنَّ اللَّبَنَ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَكَذَا شُرْبُ الرَّضِيعِ فَفِي غَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ فِي جَوَازِهَا عَلَى غَيْرِهِ. . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 خَمْسَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ كَوْنُهَا مُتَقَوِّمَةً) لِيَحْسُنَ بَذْلُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهَا (كَاسْتِئْجَارِ دَارٍ لِلسُّكْنَى وَالْمِسْكِ وَالرَّيَاحِينِ لِلشَّمِّ لَا) اسْتِئْجَارِ (تُفَّاحَةٍ) لِلشَّمِّ لِأَنَّهَا تَافِهَةٌ لَا تُقْصَدُ لَهُ فَهِيَ كَحَبَّةٍ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ كَثُرَ التُّفَّاحُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الرَّيَاحِينِ، وَكَوْنُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ الْأَكْلَ دُونَ الرَّائِحَةِ لَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ (وَلَا) اسْتِئْجَارِ (الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالطَّعَامِ وَلَوْ لِتَزْيِينِ حَانُوتٍ) بِخِلَافِ عَارِيَّتِهَا لِلزِّينَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا؛ إذْ مَنْفَعَةُ الزِّينَةِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ فَلَا تُقَابَلُ بِمَالٍ (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَةَ) وَفِي نُسْخَةٍ " الشَّجَرَ " (لِظِلِّهَا) أَيْ لِلِاسْتِظْلَالِ بِظِلِّهَا (أَوْ الرَّبْطِ بِهَا أَوْ طَائِرًا لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهِ) كَالْعَنْدَلِيبِ (أَوْ لَوْنِهِ) كَالطَّاوُسِ (جَازَ) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمَذْكُورَةَ مَقْصُودَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ، وَتَرْجِيحُ الْجَوَازِ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا بَيَّاعًا عَلَى كَلِمَةٍ لَا تَعَبَ فِيهَا) وَإِنْ رَوَّجَتْ السِّلْعَةَ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا (لَكِنْ إنْ تَعِبَ فِيهَا بِتَرَدُّدٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ عَادَةً نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ (وَيَصِحُّ) الِاسْتِئْجَارُ (فِيمَا يَقْتَضِي التَّعَبَ) مِنْ الْكَلِمَاتِ كَمَا فِي بَيْعِ الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَخْتَلِفُ ثَمَنُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ " لَا تَعَبَ فِيهَا " وَصُنْعُهُ أَوْلَى مِنْ صُنْعِ أَصْلِهِ حَيْثُ جَعَلَ هَذَا مُفِيدًا لِحُكْمِ ذَاكَ. (وَيَصِحُّ) الِاسْتِئْجَارُ (فِي الْهِرَّةِ لِدَفْعِ الْفَأْرِ، وَالشَّبَكَةِ وَالْفَهْدِ) وَالْبَازِي (لِلصَّيْدِ) إذْ لِمَنَافِعِهَا قِيمَةٌ (لَا) فِي (الْكَلْبِ) لِصَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةِ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ دَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إذْ لَا قِيمَةَ لِمَنْفَعَتِهِ شَرْعًا وَلِأَنَّ اقْتِنَاءَهُ مَمْنُوعٌ إلَّا لِحَاجَةٍ وَمَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ كَرُكُوبِ الْبَدَنَةِ الْمُهْدَاةِ. (الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ) الْمَنْفَعَةَ بِأَنْ لَا يَتَضَمَّنَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ (اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا) وَإِنْ تَضَمَّنَ اسْتِيفَاءَهَا تَبَعًا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ كَمَا سَيَأْتِي (فَاسْتِئْجَارُ الْبُسْتَانِ لِثَمَرِهِ وَالشَّاةِ لِصُوفِهَا) أَوْ نِتَاجِهَا أَوْ لَبَنِهَا (لَا يَصِحُّ) لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُمْلَكُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ قَصْدًا (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً) وَلَوْ صَغِيرَةً (لِلْإِرْضَاعِ) الْمُسَمَّى بِالْحَضَانَةِ الصُّغْرَى (وَ) إنْ (نَفَى الْحَضَانَةَ) الْكُبْرَى (جَازَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّبَنُ مَنْفَعَةً لِلْحَاجَةِ إذْ لَوْ مُنِعَتْ لَاحْتِيجَ إلَى شِرَاءِ اللَّبَنِ كُلَّ دَفْعَةٍ، وَفِيهِ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ، كَيْفَ وَالشِّرَاءُ إنَّمَا يُمْكِنُ بَعْدَ الْحَلْبِ وَلَا تَتِمُّ تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ بِاللَّبَنِ الْمَحْلُوبِ.، عَلَى أَنَّ اللَّبَنَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ تَابِعٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَالْعَقْدُ) كَائِنٌ (عَلَى الْإِرْضَاعِ وَاللَّبَنُ تَابِعٌ) لِتَعَلُّقِ الْأَجْرِ فِي الْآيَةِ بِالْإِرْضَاعِ لَا بِاللَّبَنِ، وَالِاسْتِئْجَارُ لِلْإِرْضَاعِ مُطْلَقًا يَتَضَمَّنُ اسْتِيفَاءَ اللَّبَنِ وَالْحَضَانَةَ الصُّغْرَى وَهِيَ وَضْعُ الطِّفْلِ فِي الْحِجْرِ وَإِلْقَامُهُ الثَّدْيَ وَعَصْرُهُ لَهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، أَمَّا الْحَضَانَةُ الْكُبْرَى الْآتِي بَيَانُهَا فِي الْبَابِ الثَّانِي فَلَا يَشْمَلُهَا الْإِرْضَاعُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الْبَهِيمَةُ كَاسْتِئْجَارِ الشَّاةِ لِإِرْضَاعِ سَخْلَةٍ أَوْ طِفْلٍ فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى وَالْبُلْقِينِيُّ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِ السَّخْلَةِ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ. (تَنْبِيهٌ) مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى إرْضَاعِ اللِّبَأ مَمْنُوعٌ لِوُجُوبِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ ضَعِيفٌ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ النَّفَقَاتِ. (وَيَجُوزُ) لِلشَّخْصِ (اسْتِئْجَارُ الْقَنَاةِ) -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ كَوْنُهَا مُتَقَوِّمَةً) سُقُوطُ الْقِيمَةِ إمَّا لِتَحْرِيمِهَا وَإِمَّا لِخِسَّتِهَا وَإِمَّا لِقِلَّتِهَا وَضَابِطُ مَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ: كُلُّ عَيْنٍ يُنْتَفَعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا مَنْفَعَةً مُبَاحَةً مَمْلُوكَةً مَعْلُومَةً مَقْصُودَةً تُضْمَنُ بِالْبَذْلِ وَتُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ التُّفَّاحُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِتَزْيِينِ حَانُوتٍ) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ مُعَرَّاةً فَإِنْ كَانَتْ فَهِيَ حُلِيٌّ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا: أَوْ لِلْوَزْنِ بِهَا، أَوْ لِلضَّرْبِ عَلَى سِكَّتِهَا (قَوْلُهُ: إذْ مَنْفَعَةُ الزِّينَةِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ إلَخْ) وَلِأَنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا كَوَطْءِ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَةَ لِظِلِّهَا إلَخْ) أَوْ لِتَجْفِيفِ الثِّيَابِ عَلَيْهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْخِلَافُ فِي اسْتِئْجَارِ الشَّجَرَةِ لِلْوُقُوفِ فِي ظِلِّهَا لِأَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي يَقِفُ فِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ إنْ كَانَتْ رَقَبَتُهَا، أَوْ مَنْفَعَتُهَا لَهُ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ مَنْعُهُ مِنْ الْوُقُوفِ فِيهَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ فَالِاسْتِئْجَارُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى الِاسْتِقْرَارِ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ فَمَا صُورَةُ الْخِلَافِ وَجَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ مُبَاحَةً أَوْ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَكَانَتْ الْأَغْصَانُ مَائِلَةً إلَى مِلْكِ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ وَأَمْكَنَ تَمْيِيلُهَا إلَى الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ فَاسْتَأْجَرَهَا لِلْوُقُوفِ فِي ظِلِّهَا لِيُمِيلَهَا إلَى جِهَتِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْأَغْصَانُ مَائِلَةً إلَى الْأَرْضِ الَّتِي يَقِفُ فِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَاسْتَأْجَرَهَا لِيَمْتَنِعَ الْمَالِكُ مِنْ قَطْعِهَا (قَوْلُهُ: وَتَرْجِيحُ الْجَوَازِ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: لَا بَيَّاعًا عَلَى كَلِمَةٍ لَا تَعَبَ فِيهَا) فِي الْإِحْيَاءِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى كَلِمَةٍ يَقُولُهَا طَبِيبٌ عَلَى دَوَاءٍ يَنْفَرِدُ بِمَعْرِفَتِهِ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي التَّلَفُّظِ بِهِ، وَعِلْمُهُ بِهِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ فَلَيْسَ مِمَّا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَرَفَ الصَّيْقَلُ الْمَاهِرُ إزَالَةَ اعْوِجَاجِ السَّيْفِ وَالْمِرْآةِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَهُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَثُرَ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّنَاعَاتِ يَتْعَبُ فِي تَعَلُّمِهَا لِيَكْتَسِبَ بِهَا وَيُخَفِّفَ عَنْ نَفْسِهِ كَثْرَةَ التَّعَبِ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ لَا يَصِحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَخْتَلِفُ ثَمَنُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إذْ قَدْ لَا يَشْتَرِي الْمُعَيَّنُ لَكِنْ ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِشِرَاءِ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ جَازَ أَيْ إذَا عَرَفَ مِنْ حَالِ مَالِكِهِ بَيْعَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَى الْحَضَانَةَ الْكُبْرَى جَازَ) فَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْإِرْضَاعِ وَنَفَى الْحَضَانَةَ الصُّغْرَى لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ: تَعَلُّقِ الْأُجْرَةِ فِي الْآيَةِ بِالْإِرْضَاعِ) لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تُمْلَكُ بِالْإِجَارَةِ وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْبِئْرِ لِاسْتِقَاءِ مَاءَهَا وَتَجُوزُ تَبَعًا كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ فَإِنَّ لَهُ اسْتِعْمَالَ مَائِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْبُلْقِينِيُّ فِي الثَّانِيَةِ) فِي فَتَاوَى صَاحِبِ الْبَيَانِ لَا تَجُوزُ إجَارَةُ شَاةٍ لِإِرْضَاعِ صَبِيٍّ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [تَنْبِيهٌ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى إرْضَاعِ اللَّبَنِ] (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 وَهِيَ الْجَدْوَلُ الْمَحْفُورُ (لِلزِّرَاعَةِ بِمَائِهَا) الْجَارِي إلَيْهَا مِنْ النَّهْرِ لِلْحَاجَةِ (لَا) اسْتِئْجَارُ (الْقَرَارِ) مِنْهَا (دُونَ الْمَاءِ) بِأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَكُونَ أَحَقَّ بِمَائِهَا الَّذِي يَتَحَصَّلُ فِيهَا بِالْمَطَرِ وَالثَّلْجِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَأْخُذَ مَا يَتَوَحَّلُ فِيهَا مِنْ الصَّيْدِ، أَوْ بِرْكَةً مُتَّصِلَةً بِالْبَحْرِ لِيَأْخُذَ مِنْهَا مَا يَدْخُلُ مِنْ السَّمَكِ، أَوْ شَجَرَةً لِيَأْخُذَ ثَمَرَتَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْبِسَ الْمَاءَ فِيهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهَا السَّمَكُ كَمَا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيُجْرِيَ فِيهَا مَاءً. (وَ) يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ (الْبِئْرِ لِلِاسْتِقَاءِ) مِنْ مَاءَهَا لِلْحَاجَةِ. (لَا) اسْتِئْجَارُ (الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا. (الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ (فَإِجَارَةُ الْآبِقِ) وَالْمَغْصُوبِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ عَقِبَ الْعَقْدِ (لَا تَصِحُّ وَكَذَا) إجَارَةُ (الْأَعْمَى لِلْحِرَاسَةِ) بِالْبَصَرِ (وَغَيْرِ الْقَارِئِ لِتَعْلِيمِ الْقِرَاءَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَلَوْ اتَّسَعَتْ الْمُدَّةُ لِتَعَلُّمِهِ) قَبْلَ تَعْلِيمِهِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ مِنْ عَيْنِهِ، وَالْعَيْنُ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ بِخِلَافِهَا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ كَمَا مَرَّ. (وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ السَّقْيِ) لَهَا (إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا مَاءٌ يُوثَقُ بِهِ) مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَحْوِهَا فَيَصِحُّ لِإِمْكَانِ الزِّرَاعَةِ فِيهَا حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمِثْلُهَا الْحَمَّامُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَكَذَا لَوْ) لَمْ يَكُنْ لَهَا مَاءٌ كَذَلِكَ لَكِنْ (غَلَبَ حُصُولُهُ) فِيهَا مِنْ مَطَرٍ مُعْتَادٍ وَنَدَاوَةٍ مِنْ ثَلْجٍ كَذَلِكَ فَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا (كَاَلَّتِي) أَيْ كَاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ الَّتِي (تُسْقَى بِمَاءِ مَطَرِ الْجَبَلِ) أَيْ بِمَاءِ الْمَطَرِ وَالثَّلْجِ فِي الْجَبَلِ وَالْغَالِبُ فِيهَا الْحُصُولُ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَمُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ لَا يَكْفِي كَإِمْكَانِ عَوْدِ الْآبِقِ. (وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ انْحِسَارِ الْمَاءِ عَنْهَا وَإِنْ سَتَرَهَا) عَنْ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصْلَحَتِهَا كَاسْتِتَارِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ بِالْقِشْرِ هَذَا (إنْ وَثِقَ بِانْحِسَارِهِ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الصِّحَّةِ بِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ عَقِبَ الْعَقْدِ شَرْطٌ وَالْمَاءُ يَمْنَعُهُ وَأُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصَالِحِ الزَّرْعِ وَبِأَنَّ صَرْفَهُ مُمْكِنٌ فِي الْحَالِ بِفَتْحِ مَوْضِعٍ يَنْصَبُّ إلَيْهِ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الزَّرْعِ حَالًا كَإِيجَارِ دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ نَقْلُهَا فِي زَمَنٍ لَا أُجْرَةَ لَهُ (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْأَرْضُ (عَلَى شَطِّ نَهْرٍ - وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُغْرِقُهَا وَتَنْهَارُ فِي الْمَاءِ - لَمْ يَصِحَّ اسْتِئْجَارُهَا) لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهَا (وَإِنْ احْتَمَلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ جَازَ) اسْتِئْجَارُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ السَّلَامَةُ. (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لَا يُوثَقُ بِسَقْيِهَا فَإِنْ) كَانَ (قَالَ) لَهُ الْمُؤَجِّرُ (أَجَّرْتُكَهَا عَلَى أَنَّهَا أَرْضٌ بَيْضَاءُ لَا مَاءَ لَهَا وَلَمْ يَقُلْ لِتَنْتَفِعَ بِهَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ) لِجِنْسِ الْمَنْفَعَةِ فَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْلُ هُنَا مِنْ الصِّحَّةِ - وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَعْرِفُ بِنَفْيِ الْمَاءِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ - مُؤَوَّلٌ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ بَعْدُ وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَأْتِي وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْجِنْسِ كَمَا يُعْرَفُ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا هُنَا وَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَرْضِ الزِّرَاعَةُ فَجَازَ الْإِطْلَاقُ فِيهَا وَفِيهِ نَظَرٌ. (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَأَطْلَقَ دَخَلَ) فِيهِ (الشِّرْبُ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَهُوَ النَّصِيبُ مِنْ الْمَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهَا لَا يَدْخُلُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هُنَا لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ هَذَا (إنْ اُعْتِيدَ دُخُولُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُطْلِقْ أَوْ اضْطَرَبَتْ الْعَادَةُ (فَسَيَأْتِي) حُكْمُهُ (فِي الْبَابِ الثَّانِي) . [فَصْلٌ إيرَادُ إجَارَةِ الْعَيْنِ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ] (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَرْعٌ " (لَا يَصِحُّ إيرَادُ إجَارَةِ الْعَيْنِ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ كَأَجَرْتك الدَّابَّةَ سَنَةً مِنْ غَدٍ أَوْ لِتَخْرُجَ) بِهَا (غَدًا) لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا فِي الْغَدِ أَوْ نَحْوِهِ غَيْرُ مَقْدُورَةِ التَّسْلِيمِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ بَيْعَ الْعَيْنِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا غَدًا (بِخِلَافِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْعَمَلِ) كَمَا فِي السَّلَمِ (كَأَلْزَمْت ذِمَّتَك حَمْلِي إلَى مَكَّةَ غُرَّةَ شَهْرِ كَذَا بِكَذَا بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ) فِيمَا مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُجْرَةِ وَفِيمَا يَأْتِي بِالنِّسْبَةِ لِلدَّابَّةِ. (فَإِنْ أَطْلَقَ) الْإِجَارَةَ -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ) فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ الرَّقِيقِ الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ وَلَا الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَتَصِحُّ إجَارَةُ الْمُقَطَّعِ وَالزَّوْجَةِ صَدَاقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ك (قَوْلُهُ: بِالْبَصَرِ) أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ وَتَصِحُّ فِي الذِّمَّةِ وَإِجَارَةُ عَيْنِهِ لِحِفْظِ شَيْءٍ فِي يَدِهِ وَمِثْلُهُ الْجُلُوسُ خَلْفَ الْبَابِ لِلْحِرَاسَةِ ك. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا مَا يَوْثُقُ بِهِ) نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمْعٍ تَمْثِيلَ زِيَادَةِ النِّيلِ الْغَالِبَةِ بَخَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَجَعَلَ السُّبْكِيُّ مِنْهَا سَبْعَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتْبِ اسْتِئْجَارِ الْحَمَّامِيِّ حَمَّامًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَنَّهُ فِي مَعْنَى اسْتِئْجَارِ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا مَاءٌ مَعْلُومٌ. (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لَا يُوثَقُ بِسَقْيِهَا) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا دَائِمٌ إذَا قَالَ الْمُؤَجِّرُ أَنَا أَحْفِرُ بِئْرًا وَأَسْقِيهَا مِنْهُ، أَوْ أَسُوقُ الْمَاءَ إلَيْهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ كَمَا نَقَلْت عَنْ الرُّويَانِيِّ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ صِحَّتُهُ وَنَصُّ الْأُمِّ يُشِيرُ إلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ الَّتِي لَا مَاءَ لَهَا وَكَانَ مِنْ الشَّرْطِ أَنْ يَزْرَعَهَا وَقَدْ يُمْكِنُهُ زَرْعُهَا عَثْرِيًّا بِلَا مَاءٍ أَوْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا مَاءً مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَأَكْرَاهُ إيَّاهَا أَرْضًا بَيْضَاءَ لَا مَاءَ لَهَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا إنْ شَاءَ، أَوْ يَفْعَلَ بِهَا مَا شَاءَ صَحَّ الْكِرَاءُ وَلَزِمَهُ زَرَعَ، أَوْ لَمْ يَزْرَعْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ إيرَادُ إجَارَةِ الْعَيْنِ إلَخْ) يَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ لَيْلًا - لِعَمَلٍ لَا يُعْمَلُ إلَّا نَهَارًا مَثَلًا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِضَافَةِ لِأَوَّلِ الْمُدَّةِ -، وَإِجَارَةُ عَيْنِ الشَّخْصِ لِلْحَجِّ عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ - وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَشْهُرِهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الْإِتْيَانُ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ إلَّا بِالسَّيْرِ قَبْلَهُ، أَوْ فِي أَشْهُرِهِ لِيُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ -، وَإِجَارَةُ دَارٍ بِبَلَدٍ آخَرَ - عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَإِنْ كَانَ التَّسْلِيمُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ - وَدَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ الِاشْتِغَالُ بِنَقْلِهَا فِي الْحَالِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوَّلَ الْبَابِ وَصَحَّحَ فِي الزَّوَائِدِ آخِرَهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لَهَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا، أَوْ بَهِيمَةً لِعَمَلٍ مُدَّةً عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِمَا الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي صَحَّ بِخِلَافِ الْحَانُوتِ (قَوْلُهُ: غُرَّةَ شَهْرِ كَذَا) أَوْ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 (فَهِيَ حَالَّةٌ) كَمَا فِي السَّلَمِ (فَلَوْ أَجَّرَ مِنْ زَيْدٍ دَارًا سَنَةً ثُمَّ أَجَّرَهَا فِي أَثْنَائِهَا السَّنَةَ الْأُخْرَى مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ جَازَ) لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا لَوْ أَجَّرَهُمَا دَفْعَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ (فَإِنْ فُسِخَتْ الْأُولَى لَمْ يُؤَثِّرْ) فَسْخُهَا فِي الثَّانِيَةِ لِعُرُوضِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " فِي أَثْنَائِهَا " مَا لَوْ قَالَ أَجَرَتْكهَا سَنَةً فَإِذَا انْقَضَتْ فَقَدْ أَجَرَتْكهَا سَنَةً أُخْرَى لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ (وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ) أَيْ الدَّارُ (مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) سَنَةً (فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا) السَّنَةَ الْأُخْرَى (مِنْ الثَّانِي) لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ الْآنَ لِلْمَنْفَعَةِ. (وَفِي) جَوَازِ (إيجَارِهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا لِأَنَّهُ الْآنَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلْمَنْفَعَةِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْأَصْلِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَالثَّانِي نَعَمْ لِأَنَّ الْمُعَاقَدَةَ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا وَقَدْ نَقَلَ الْأَصْلُ كَلَامَ الْبَغَوِيّ، وَحَاصِلُهُ الْجَوَازُ مِنْ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ كَمَا تَقَرَّرَ قَالَ: وَعَكَسَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَغْوَصُ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ أَقْوَى (وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي) لِمَا أَجَّرَهُ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِهِ (إيجَارُ مَا أَجَّرَهُ الْبَائِعُ) مِنْ الْغَيْرِ إذْ لَا مُعَاقَدَةَ بَيْنَهُمَا كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَهُوَ جَارٍ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ عَلَى طَرِيقَتِهِ فِيمَا مَرَّ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ غَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ الْجَوَازُ. (وَفِي) جَوَازِ (إيجَارِ الْوَارِثِ مَا أَجَّرَهُ الْمَيِّتُ) مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (تَرَدُّدٌ) لِلْقَفَّالِ أَيْ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الظَّاهِرُ وَالثَّانِي الْمَنْعُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ " فَلِلْمَالِكِ إلَى آخِرِهِ ": فَهَلْ لِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِمَّنْ عَاقَدَهُ أَوْ مِنْ الثَّانِي وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِي الْوَارِثِ وَالْمُشْتَرِي يُؤَجِّرَانِ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْمَيِّتِ وَالْبَائِعِ (وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ فَصْلٌ بَيْنَ السَّنَتَيْنِ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الطَّلْقَ وَالْوَقْفَ نَعَمْ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ ثَلَاثًا فِي عَقْدٍ وَثَلَاثًا فِي عَقْدٍ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ إجَارَةِ الزَّمَانِ الْقَابِلِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ فِي الْعَقْدَيْنِ فِي مَعْنَى الْعَقْدِ الْوَاحِدِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ. (فَرْعٌ) أَجَّرَ عَيْنًا فَأَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْبَيْعِ بِانْقِطَاعِ عَلَقِهِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ. (فَرْعٌ وَإِنْ أَجَّرَهُ الْحَانُوتَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَسْتَمِرُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ) عَادَةً (أَيَّامَ شَهْرٍ لَا لَيَالِيَهُ) أَوْ عَكْسَهُ (لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ زَمَانَ الِانْتِفَاعِ لَا يَتَّصِلُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَيَكُونَ إجَارَةَ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ (بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) لِلْإِجَارَةِ (يُرَفَّهَانِ) فِي اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ (كَالْعَادَةِ) لِأَنَّهُمَا لَا يُطِيقَانِ الْعَمَلَ دَائِمًا. (وَلَوْ أَجَّرَهُ) دَابَّةً (مُعَاقَبَةً) بَيْنَهُمَا (لِيَرْكَبَ الْمُكْتَرِي أَوَّلًا صَحَّ) سَوَاءٌ أُورِدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ أَمْ الذِّمَّةِ لِثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ حَالًّا، وَالتَّأْخِيرُ الْوَاقِعُ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ وَالتَّسْلِيمِ (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ أَجَّرَهُ مُعَاقَبَةً لِيَرْكَبَ هُوَ أَوَّلًا فَلَا يَصِحُّ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لِتَأَخُّرِ حَقِّ الْمُكْتَرِي وَتَعَلُّقِ الْإِجَارَةِ بِالْمُسْتَقْبَلِ، وَقَوْلُهُ - مِنْ زِيَادَتِهِ - " لِيَرْكَبَ الْمُكْتَرِي أَوَّلًا " قَاصِرٌ بَلْ لَوْ سَكَتَ عَنْهُ أَوْ قَالَ لِيَرْكَبَ أَحَدُنَا أَوْ نَحْوَهُ صَحَّ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ. (وَلَوْ أَجَّرَ اثْنَيْنِ) دَابَّةً (لِيَتَعَاقَبَا) عَلَيْهَا بِالرُّكُوبِ بِأَنْ يَرْكَبَ هَذَا زَمَنًا وَالْآخَرُ مِثْلَهُ (صَحَّ) الْعَقْدُ (وَيُسْتَحَقُّ الرُّكُوبُ) لَهُمَا (فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْمِلْكَ وَقَعَ لَهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَقْتَسِمَانِهِ بِالْمُهَايَأَةِ (وَ) يَكُونُ (التَّأْخِيرُ) الْوَاقِعُ (مِنْ ضَرُورَةِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ جَرَتْ لِلْعَقِبِ عَادَةٌ) مَضْبُوطَةٌ بِزَمَانٍ أَوْ مَسَافَةٍ (فَذَاكَ) وَاضِحٌ (وَإِلَّا وَجَبَ بَيَانُهَا كَهَذَا) يَرْكَبُ (يَوْمًا أَوْ فَرْسَخًا، وَهَذَا مِثْلَهُ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: ثُمَّ أَجَّرَهَا فِي أَثْنَائِهَا السَّنَةَ الْأُخْرَى مِنْهُ إلَخْ) الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا سَنَةً لَوْ أَجَّرَهَا مَالِكُ الرَّقَبَةِ لَهُ سَنَةً تَلِي السَّنَةَ الْمُوصَى لَهُ بِهَا قَالَ السُّبْكِيُّ الْأَفْقَهُ الْمَنْعُ، وَإِنَّ مَحَلَّ كَلَامِهِمْ فِي إجَارَتَيْنِ وَلَوْ أَجَّرَهَا الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُؤَقَّتَةِ بَقِيَّةَ مُدَّتِهِ، ثُمَّ أَجَّرَهَا مَالِكُ الرَّقَبَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مُدَّةً تَلِيهَا جَازَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ لِمُسْتَحِقِّ الْمَنْفَعَةِ الْأُولَى لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ الدَّارِ شَهْرًا يَجُوزُ لِلْوَارِثِ إكْرَاءُ الشَّهْرِ الثَّانِي مِنْهُ الثَّانِيَةُ الْمُعْتَدَّةُ الْمُسْتَحِقَّةُ لِلسُّكْنَى بِالْأَشْهُرِ يَجُوزُ إكْرَاؤُهَا مِنْهَا الْمُدَّةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ ذَكَرَهُمَا الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، مَا قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْأَفْقَهُ الرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَ (قَوْلِهِ لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ) هَذَا التَّعْلِيلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ) وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ (قَوْلُهُ: فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ الثَّانِي إلَخْ) قَالَ الْفَتَى هَذَا الِاخْتِصَارُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ إيجَارُهَا لِلثَّانِي وَلَا يَجُوزُ لِلْأَوَّلِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَكْسُهُ وَهُوَ تَجْوِيزُهُ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَلَيْسَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَاحِدًا مِنْ هَاتَيْنِ الْمَقَالَتَيْنِ بَلْ جَزَمَ بِتَجْوِيزِهِ مِنْ الثَّانِي وَاقْتَضَى الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْحَقُّ. اهـ. بِهِ أَفْتَى الْعِرَاقِيُّ وَرَجَّحَهُ فِي تَنْقِيحِ اللُّبَابِ. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَقْتَضِيه إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: فَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ إلَخْ) وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِوُقُوعِهِ زَائِدًا عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إلَخْ) الْحَقُّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَأَجَّرَ مِنْ شَخْصٍ عَشْرَ سِنِينَ مَثَلًا فِي عَشَرَةِ عُقُودٍ كُلِّ عَقْدٍ سَنَةً بِأُجْرَةِ مِثْلِ تِلْكَ السَّنَةِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ كُلُّهَا. [فَرْعٌ أَجَّرَ عَيْنًا فَأَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ] (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْبَيْعِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَتَقَدَّمَ عَلَى هَامِشِ الشَّرْحِ فِي بَابِ الْإِقَالَةِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمُرَجَّحَ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ بَعْدَ بَيْعِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، أَوْ إيجَارِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَطْلُبَ النَّوْبَةَ) مِنْ رُكُوبٍ وَمَشْيٍ (ثَلَاثًا) لِمَا فِي دَوَامِ الْمَشْيِ مِنْ التَّعَبِ وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ إذَا اتَّفَقْنَا عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ لِلدَّابَّةِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَضَرَرُ الْمَاشِي كَضَرَرِ الدَّابَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَإِنْ تَنَازَعَا) أَيْ الْمُسْتَحِقَّانِ لِلرُّكُوبِ (فِي الْبُدَاءَةِ) بِهِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا (وَإِنْ أَطْلَقَا) أَيْ اثْنَانِ (اسْتِئْجَارَ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُهُمَا حُمِلَ) الِاسْتِئْجَارُ (عَلَى التَّعَاقُبِ) وَإِنْ كَانَتْ تَحْمِلُهُمَا رَكِبَا جَمِيعًا. (وَإِنْ اكْتَرَى كُلَّ الدَّابَّةِ إلَى نِصْفِ الْمَسَافَةِ أَوْ نِصْفَ الدَّابَّةِ إلَى) كُلِّ (الْمَسَافَةِ) الْأَوْلَى تَعْبِيرُ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا نِصْفَ الْمَسَافَةِ أَوْ نِصْفَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا (صَحَّتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (مُشَاعَةً) كَبَيْعِ الْمُشَاعِ (وَيَقْتَسِمَانِ) بِالزَّمَانِ أَوْ الْمَسَافَةِ وَإِذَا اقْتَسَمَا فِيمَا تَقَرَّرَ بِالزَّمَانِ قَالَ الْمُتَوَلِّي فَالزَّمَانُ الْمَحْسُوبُ زَمَانُ السَّيْرِ حَتَّى لَوْ نَزَلَ أَحَدُهُمَا لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ لِعَلْفِ الدَّابَّةِ لَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ النُّزُولِ لِأَنَّ نَفْسَ الزَّمَانِ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ. [فَرْعٌ اسْتِئْجَارُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فِي الْحَالِ] (فَرْعٌ) (اسْتِئْجَارُ) مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فِي الْحَالِ مِثْلُ (جَحْشٍ لَا يُرْكَبُ الْآنَ فَاسِدٌ) لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مَوْضُوعَةٌ عَلَى تَعْجِيلِ الْمَنَافِعِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى مَا لَا يُثْمِرُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَيُثْمِرُ بَعْدَهَا لِأَنَّ تَأَخُّرَ الثِّمَارِ مُحْتَمَلٌ فِي كُلِّ مُسَاقَاةٍ. [فَرْعٌ الْعَجْزُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ] (فَرْعٌ الْعَجْزُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ فَالْإِجَارَةُ لِقَلْعِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ بَاطِلٌ) لِحُرْمَةِ قَلْعِهَا فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْهُ شَرْعًا وَكَذَا الِاسْتِئْجَارُ لِتَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالسِّحْرِ وَالْفُحْشِ وَخِتَانِ صَغِيرٍ لَا يَحْتَمِلُ أَلَمَهُ (وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِفَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ وَقَلْعِ سِنٍّ صَعْبٍ أَلَمُهَا وَقَالَ الْأَطِبَّاءُ يَزُولُ) أَلَمُهَا (بِهِ) أَيْ بِقَلْعِهَا (جَازَ) لِلْحَاجَةِ. (فَصْلٌ) لَوْ (اسْتَأْجَرَهَا) أَيْ امْرَأَةً إجَارَةَ عَيْنٍ (لِكَنْسِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ) مَثَلًا (فَحَاضَتْ انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ شَرْعًا) فَلَوْ دَخَلَتْ وَكَنَسَتْ عَصَتْ وَلَمْ تَسْتَحِقَّ أُجْرَةً وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّعْلِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَحَلُّ الِانْفِسَاخِ إذَا حَاضَتْ عَقِبَ الْإِجَارَةِ وَلَمْ تَزِدْ الْمُدَّةُ عَلَى قَدْرِ الْحَيْضِ وَإِلَّا انْفَسَخَتْ فِي قَدْرِهِ، وَفِيمَا عَدَاهُ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (بِخِلَافِ) اسْتِئْجَارِهَا فِي (الذِّمَّةِ) لِكَنْسِ الْمَسْجِدِ يَجُوزُ لِإِمْكَانِهِ بِغَيْرِهَا أَوْ بَعْدَ الْحَيْضِ وَبِمَا قَالَهُ فِي الْعَيْنِيَّةِ عُلِمَ أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ عَيْنِ الْحَائِضِ لِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً بِخِلَافِ الذِّمِّيَّةِ إذَا أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ جَوَازِ تَمْكِينِ الْكَافِرِ الْجُنُبِ مِنْ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ. (وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنٍّ) وَجِعَةٍ (فَبَرِئَتْ انْفَسَخَتْ أَيْضًا) لِتَعَذُّرِ الْقَلْعِ (فَإِنْ لَمْ تَبْرَأْ وَمَنَعَهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ (مِنْ قَلْعِهَا لَمْ يُجْبَرْ) عَلَيْهِ. (وَيَسْتَحِقُّ) الْأَجِيرُ (الْأُجْرَةَ) أَيْ تَسَلُّمَهَا (بِالتَّسْلِيمِ) لِنَفْسِهِ (وَ) مُضِيِّ مُدَّةِ (إمْكَانِ الْعَمَلِ) لَكِنَّهَا تَكُونُ (غَيْرَ مُسْتَقِرَّةٍ حَتَّى لَوْ سَقَطَتْ) تِلْكَ السِّنُّ أَوْ بَرِئَتْ (رَدَّ) الْأَجِيرُ (الْأُجْرَةَ) لِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ (كَمَنْ مَكَّنَتْ الزَّوْجَ فَلَمْ يَطَأْهَا ثُمَّ فَارَقَ) هَا فَإِنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بِالتَّمْكِينِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ وَتَرُدُّ نِصْفَهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَبَسَ الدَّابَّةَ مُدَّةَ إمْكَانِ السَّيْرِ حَيْثُ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ (وَ) سَيَأْتِي (فِي الْبَابِ الثَّالِثِ عَنْ الْإِمَامِ مَا يُخَالِفُهُ) أَيْ عَدَمَ الِاسْتِقْرَارِ فِيمَا ذُكِرَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُمْ " إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِ السِّنِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ لِلْأَجِيرِ لِيَعْمَلَ فِيهَا " لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ - مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ - لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ لَهُ عَيْنًا بَلْ تَسْلِيمُهُ لَهُ لِيَعْمَلَ فِيهِ، أَوْ دَفْعُ الْأُجْرَةِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ. (فَصْلٌ لَوْ أَجَّرَتْ) حُرَّةٌ (نَفْسَهَا) إجَارَةَ عَيْنٍ لِإِرْضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ أَوْقَاتَهَا مُسْتَغْرَقَةٌ لِحَقِّهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ طِفْلًا فَأَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِعَمَلٍ بِمَنْزِلِهَا بِحَيْثُ يُظَنُّ فَرَاغُهَا مِنْهُ قَبْلَ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَجَّرَهُ الْحَانُوتَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَسْتَمِرُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ] قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَضَرَرُ الْمَاشِي كَضَرَرِ الدَّابَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: الْعَجْزُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ) لِامْتِنَاعِ التَّسْلِيمِ شَرْعًا اُسْتُثْنِيَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا لَوْ فَقَدَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ الْخُفَّ عَلَى الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَهُ وَلَوْ كَانَتْ عَلِيلَةً بِحَيْثُ لَا تُغْسَلُ لَمْ يَمْسَحَ خُفَّ الْأُخْرَى عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ رَأَى الْمُتَيَمِّمُ الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ الَّتِي تُسْقِطُ الْقَضَاءَ، ثُمَّ تَلِفَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّنَفُّلُ بَعْدَ السَّلَامِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّهُ رَآهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ لَهُ شَرْعًا لِأَجْلِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ كَمَا إذَا رَآهُ وَثَمَّ مَانِعٌ مِنْهُ حِسِّيٌّ كَسَبُعٍ وَعَدُوٍّ وَقَالُوا فِي الْإِقَالَةِ يَجُوزُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ فَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَجَّرَهُ فَهَلْ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ الْأَقْرَبُ الْمَنْعُ فَتُسْتَثْنَى أَيْضًا وَذَكَرُوا فِي الْإِيلَاءِ أَنَّ الْمَانِعَ إذَا قَامَ بِالْمَرْأَةِ إنْ كَانَ حَيْضًا مَنَعَ مِنْ ضَرْبِ الْمُدَّةِ أَوْ شَرْعًا فَلَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ قَلْعِهَا) فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْهُ شَرْعًا خَرَجَ بِهِ مَا إذَا وَجَبَ قَلْعُهَا لِقِصَاصٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ انْصَبَّتْ تَحْتَ الصَّحِيحَةِ مَادَّةٌ مِنْ نَزْلَةٍ وَنَحْوِهَا وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ لَا يَزُولُ الْأَلَمُ إلَّا بِقَلْعِهَا فَيُشْبِهُ أَنْ يَجُوزَ لِلضَّرُورَةِ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا وَقَوْلُهُ فَيُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَحَلُّ الِانْفِسَاخِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً إجَارَةَ عَيْنٍ لِكَنْسِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ مَثَلًا فَحَاضَتْ] (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ) يَأْتِي فِي اللِّعَانِ مَا يُؤَيِّدُهُ. (تَنْبِيهٌ) فِي مَعْنَى الْحَائِضِ النُّفَسَاءُ وَالْمُسْتَحَاضَةُ وَمَنْ بِهِ جُرُوحٌ سَائِلَةٌ وَسُئِلْت عَنْ اسْتِئْجَارِ ذِمِّيٍّ لِلْحَجِّ عَلَى ذِمَّتِهِ فَقُلْت لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ فَيَسْتَحِيلُ الْعَقْدُ مِنْهُ ع. (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْقَلْعِ) قَالَ بَعْضُهُمْ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْإِبْدَالِ أَنَّهُ يُبْدَلُ وَلَا يَنْفَسِخُ وَقَالَ الْقَمُولِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْمُتَوَفَّى بِهِ لَا يُبْدَلُ فَإِنْ قُلْنَا يُبْدَلُ لَمْ تَنْفَسِخْ وَيُسْتَعْمَلُ فِي قَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ لِغَيْرِهِ إنْ تَيَسَّرَ وَقَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا تَفْرِيعٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنٍّ إلَخْ) الْحُكْمُ جَارٍ فِي قَطْعِ الْيَدِ الْمُتَأَكِّلَةِ وَفِي الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّالِثِ عَنْ الْإِمَامِ مَا يُخَالِفُهُ) لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ إذْ لَمْ يَطْرَأْ ثَمَّ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ عَدَمُ إمْكَانِ الْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ. [فَصْلٌ أَجَّرَتْ حُرَّةٌ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ] (قَوْلُهُ: إجَارَةَ عَيْنٍ) لَوْ أَلْزَمَ ذِمَّتَهَا الْإِرْضَاعَ جَازَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ جَمْعٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا فَتَتَّجِهُ الصِّحَّةُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا مُسْتَأْجَرَةً لَمْ يَمْنَعْهَا الْإِيفَاءَ) لِمَا الْتَزَمَتْهُ كَمَا لَوْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِهِ (وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الْمُرْضِعَةِ) أَوْ غَيْرِهَا الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى (مَنْعُ الزَّوْجِ وَطْأَهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا) أَيْ فِي أَوْقَاتِهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَوَقُّعِ حَبَلِهَا الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ اللَّبَنُ أَوْ يَقِلُّ لِأَنَّ حَبَلَهَا مُتَوَهَّمٌ فَلَا يُمْنَعُ بِهِ الْوَطْءُ الْمُسْتَحَقُّ. (وَلَهُ تَأْجِيرُ) أَيْ إيجَارُ (أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْمُكْتَرِي لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ السَّيِّدِ فِي الِانْتِفَاعِ، وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ الْمُكَاتَبَةَ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالْحُرَّةِ إذْ لَا سَلْطَنَةَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا. (وَ) لَهُ (اسْتِئْجَارُ زَوْجَتِهِ) وَقَوْلُهُ (مُطْلَقًا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ سَوَاءٌ أَذِنَ قَبْلَ اسْتِئْجَارِهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ حُرَّةً أَمْ أَمَةً (حَتَّى لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَلَوْ) كَانَ (مِنْهَا) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ. (وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْوَلَدِ وَالِدَهُ) وَلَوْ لِلْخِدْمَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ (وَعَكْسُهُ) أَيْ وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْوَالِدِ وَلَدَهُ كَغَيْرِهِ. (الشَّرْطُ الرَّابِعُ حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ) أَوْ نَائِبِهِ (فَالْقُرْبَةُ الْمُحْتَاجَةُ لِلنِّيَّةِ) كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (لَا يُسْتَأْجَرُ لَهَا) إذْ الْقَصْدُ مِنْهَا امْتِحَانُ الْمُكَلَّفِ بِكَسْرِ نَفْسِهِ بِفِعْلِهَا وَلَا يَقُومُ الْأَجِيرُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ (إلَّا إنْ دَخَلَهَا النِّيَابَةُ كَالْحَجِّ) وَالْعُمْرَةِ (وَتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ) فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا لِمَا مَرَّ فِي بَابَيْ الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا (وَمَا لَا نِيَّةَ فِيهِ) مِنْ الْقُرَبِ (إنْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ شَائِعًا فِي الْأَصْلِ كَالْجِهَادِ فَلَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ عَبْدًا أَيْ لَا يَسْتَأْجِرُهُ الْإِمَامُ وَلَا غَيْرُهُ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ - وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ الصَّفَّ - تَعَيَّنَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا قَصَدَ الْمُسْتَأْجِرُ وُقُوعَ الْجِهَادِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ قَصَدَ إقَامَةَ هَذَا الشِّعَارِ وَصَرْفَ عَائِدَتِهِ إلَى الْإِسْلَامِ فَوَجْهَانِ بَنَاهُمَا الْإِمَامُ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْآحَادِ لِلْأَذَانِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي السِّيَرِ (أَوْ) كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ (غَيْرَ شَائِعٍ) فِي الْأَصْلِ (كَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ) بِتَكْفِينِهِ وَغُسْلِهِ وَغَيْرِهِمَا (وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ جَازَ) الِاسْتِئْجَارُ لَهُ (وَلَوْ تَعَيَّنَ عَلَى الْأَجِيرِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِفِعْلِهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ، وَلَا يَضُرُّ عُرُوضُ تَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ كَالْمُضْطَرِّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إطْعَامُهُ مَعَ تَغْرِيمِهِ الْبَدَلَ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ خَبَرَ «إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» وَمَعْنَى عَدَمِ شُيُوعِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فِي الْأَصْلِ فِي تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ أَنَّ تَجْهِيزَهُ بِالْمُؤَنِ يَخْتَصُّ بِالتَّرِكَةِ ثُمَّ بِمَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى النَّاسِ الْقِيَامُ بِهَا وَفِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَنَّ التَّعْلِيمَ بِالْمُؤَنِ يَخْتَصُّ بِمَالِ الْمُتَعَلِّمِ ثُمَّ بِمَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى النَّاسِ الْقِيَامُ بِهَا. (وَيَصِحُّ) الِاسْتِئْجَارُ (لِشِعَارٍ) غَيْرِ فَرْضٍ (كَالْأَذَانِ) كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِهِ (وَالْأُجْرَةُ) تُؤْخَذُ (عَلَيْهِ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ) وَلَا يَبْعُدُ اسْتِحْقَاقُهَا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ (لَا عَلَى) رَفْعِ (الصَّوْتِ وَلَا) عَلَى (رِعَايَةِ الْوَقْتِ) وَلَا عَلَى الْحَيْعَلَتَيْنِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهَا. (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ) شَخْصٌ آخَرَ (لِلْإِمَامَةِ وَلَوْ لِنَافِلَةٍ كَالتَّرَاوِيحِ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ فَائِدَتَهَا مِنْ تَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لَا تَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَلْ لِلْأَجِيرِ. (فَرْعٌ الِاسْتِئْجَارُ لِلْقَضَاءِ لَا يَجُوزُ) لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ وَلِأَنَّهُ كَالْجِهَادِ فِي فَرْضِيَّتِهِ عَلَى الشُّيُوعِ (وَكَذَا) الِاسْتِئْجَارُ (لِلتَّدْرِيسِ) لِذَلِكَ (فَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (عَيَّنَ أَشْخَاصًا وَمَسَائِلَ) .   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَيُتَّجَهُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلزَّوْجِ ع قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهَذَا مَرْدُودٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَنَافِعَ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ أَنْ يَنْتَفِعَ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ) هَذَا فِيمَنْ تَمْلِكُ مَنَافِعَ نَفْسِهَا لَا الْعَتِيقَةِ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا أَبَدًا وَكَتَبَ أَيْضًا نَعَمْ لَوْ أَوْصَى لِلزَّوْجِ بِخِدْمَةِ زَوْجَتِهِ وَمَنَافِعِهَا أَبَدًا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْوَرَثَةُ فَيَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَوْلُهُ: فَيَجِبُ الْجَزْمُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْنَعْهَا الْإِيفَاءَ) وَلَا خِيَارَ لَهُ. (تَنْبِيهٌ) شَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ لَمْ تَبْلُغْ الْمُرْضِعَةُ تِسْعَ سِنِينَ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ وَجَوَازَ اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ ذِمِّيَّةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَأْجِيرُ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي إيجَارِهَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ بِالنَّهَارِ فَإِنْ أَجَّرَهَا لَيْلًا فَكَإِيجَارِ الْحُرَّةِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا لِأَنَّ حَقَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا بِالنَّهَارِ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَالِانْتِصَارِ وَقَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ يَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مِنْهَا) أَوْ كَانَ لِإِرْضَاعِهِ اللَّبَأَ خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. (قَوْلُهُ: الشَّرْطُ الرَّابِعُ حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ) بِأَنْ تَحْصُلَ لَهُ، أَوْ يَحْصُلَ لَهُ بِهَا ثَوَابٌ كَالِاسْتِئْجَارِ لِلْأَذَانِ وَلِلْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: فَالْقُرْبَةُ الْمُحْتَاجَةُ لِلنِّيَّةِ لَا يُسْتَأْجَرُ لَهَا) فَلَوْ فَعَلَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً؟ قَالَ الْغَزِّيِّ الْأَقْرَبُ لَا وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الْمُزَوَّجَةِ لِلرَّضَاعِ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ لَا يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ عَمِلَ طَمَعًا فِي الْأُجْرَةِ خِلَافًا لِابْنِ خَيْرَانَ وَقَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَالْجِهَادِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ سُئِلْت عَنْ الِاسْتِئْجَارِ لِلْمُرَابِطَةِ عِوَضَ الْجُنْدِيِّ فَأَفْتَيْت بِفَسَادِ الْإِجَارَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ لِلْجِهَادِ وَقَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا) أَوْ صَبِيًّا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ) لِرَاجِحِ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ هَذَا الْقَصْدِ أَيْضًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَاضِحٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْإِمَامَةِ إلَخْ) ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْجَامِكِيَّةَ عَلَى الْإِمَامَةِ وَالطَّلَبِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا إذَا أَخَلَّ بِبَعْضِ الْأَيَّامِ، أَوْ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْأَرْصَادِ وَالْأَرْزَاقِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْإِحْسَانِ وَالْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا يَمْتَنِعُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْقَضَاءِ وَيَجُوزُ إرْزَاقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ. [فَرْعٌ الِاسْتِئْجَارُ لِلْقَضَاءِ] (قَوْلُهُ: وَكَذَا الِاسْتِئْجَارُ لِلتَّدْرِيسِ، أَوْ الْإِقْرَاءِ) وَفِي الِاسْتِئْجَارِ لِإِعَادَةِ التَّدْرِيسِ تَرَدُّدٌ لِلشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الطُّوسِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فِي تَعْلِيمِ أَحَادِيثَ وَآيَاتٍ مُعَيَّنَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ آثَارِ السَّلَفِ الصَّالِحِ. اهـ. مَا اسْتَظْهَرَهُ وَاضِحٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 مَضْبُوطَةً يُعَلِّمُهَا لَهُمْ (جَازَ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَى الْأَجِيرِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْقَضَاءِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَشْمَلُهُ وَكَالتَّدْرِيسِ الْإِقْرَاءُ لِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْمُبَاحَاتِ كَالِاصْطِيَادِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَاقْتَضَاهُ بِنَاءُ غَيْرِهِ لَهُ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِيهَا. (الشَّرْطُ الْخَامِسُ مَعْرِفَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَيْنًا) فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ (وَصِفَةً) فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ (وَ) مَعْرِفَةُ (قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ) فِيهِمَا وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَإِنَّ الْمُعَيَّنَ إذَا بِيعَ تُغْنِي مُشَاهَدَتُهُ عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَ لَهَا حُضُورٌ مُحَقَّقٌ وَإِنَّمَا هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالِاسْتِقْبَالِ فَالْمُشَاهَدَةُ لَا يُطَّلَعُ بِهَا عَلَى الْغَرَضِ (فَإِجَارَةُ أَحَدِ هَذَيْنِ لَا تَصِحُّ وَكَذَا) إجَارَةُ (مَا لَمْ يَرَهُ) كَالْبَيْعِ (فَإِنْ كَانَ لِلْغَيْرِ مَنَافِعُ) كَالْأَرْضِ وَالدَّابَّةِ (وَجَبَ التَّبْيِينُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا مَنْفَعَةٌ كَالْبِسَاطِ فَالْإِجَارَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا (ثُمَّ التَّقْدِيرُ) لِلْمَنْفَعَةِ (إمَّا بِالزَّمَانِ كَسُكْنَى سَنَةً) كَأَنْ يَقُولَ أَجَّرْتُكَهَا لِتَسْكُنَهَا فَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا لَمْ يَجُزْ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك، ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَتُسْتَثْنَى الْإِجَارَةُ لِلْأَذَانِ إذَا اسْتَأْجَرَ لَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (أَوْ بِالْعَمَلِ) مَعَ بَيَانِ مَحَلِّهِ كَمَا سَيَأْتِي (كَخِيَاطَةِ) هَذَا (الثَّوْبِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَمْ ذِمَّةٍ بِخِلَافِ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ لَا يَأْتِي فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَلَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ الْخِيَاطَةِ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ يَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ بِالزَّمَانِ كَمَا فِي الْعَقَارِ وَالْإِرْضَاعِ إذْ مَنَافِعُ الْعَقَارِ وَتَقْدِيرُ اللَّبَنِ إنَّمَا تُضْبَطُ بِالزَّمَانِ وَكَمَا فِي الِاكْتِحَالِ فَإِنَّ قَدْرَ الدَّوَاءِ لَا يَنْضَبِطُ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَكَمَا فِي التَّبْطِينِ وَالتَّجْصِيصِ فَإِنَّ سُمْكَهُمَا لَا يَنْضَبِطُ رِقَّةً وَثِخَنًا. (وَقَدْ يَسُوغَانِ) أَيْ التَّقْدِيرَانِ أَيْ يَتَأَتَّيَانِ (مَعًا كَاسْتِئْجَارِ شَخْصٍ وَدَابَّةٍ فَلْتُقَدَّرْ) أَيْ الْمَنْفَعَةُ (بِأَحَدِهِمَا) كَأَنْ يَكْتَرِيَ الشَّخْصَ لِيَخِيطَ لَهُ شَهْرًا خِيَاطَةً مَوْصُوفَةً أَوْ لِيَخِيطَ لَهُ هَذَا الثَّوْبَ وَكَأَنْ يَكْتَرِيَ الدَّابَّةَ لِيَتَرَدَّدَ عَلَيْهَا فِي حَوَائِجِهِ الْيَوْمَ أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا (فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا) كَأَنْ اكْتَرَى شَخْصًا لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ بَيَاضَ النَّهَارِ أَوْ دَابَّةً لِرُكُوبِهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا الْيَوْمَ (لَمْ يَصِحَّ) لِلْغَرَرِ فَقَدْ يَتَقَدَّمُ الْعَمَلُ أَوْ يَتَأَخَّرُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ بُرٍّ بِشَرْطِ أَنَّ وَزْنَهُ كَذَا لَمْ يَصِحَّ فَقَدْ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ نَعَمْ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ بِالْعَمَلِ وَذَكَرَ الْيَوْمَ لِلتَّعْجِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَكَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا مِمَّا يَفْرُغُ عَادَةً فِي دُونِ الْيَوْمِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَلَوْ اكْتَرَى عَقَارًا وَجَبَ تَحْدِيدُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَلَوْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ لِلرُّكُوبِ شَهْرًا وَجَبَ بَيَانُ النَّاحِيَةِ. (وَمَا يُسْتَأْجَرُ غَيْرُ مَحْصُورٍ فَلْنَذْكُرْ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ) تَكْثُرُ إجَارَتُهَا لِيُعْرَفَ طَرِيقُ الضَّبْطِ بِهَا ثُمَّ (يُقَاسُ عَلَيْهَا) غَيْرُهَا. النَّوْعُ (الْأَوَّلُ: الْآدَمِيُّ) يُسْتَأْجَرُ لِعَمَلٍ أَوْ صَنْعَةٍ كَخِيَاطَةٍ (فَإِلْزَامُ ذِمَّتِهِ الْخِيَاطَةَ شَهْرًا لَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَامِلًا وَلَا مَحَلًّا لِلْعَمَلِ نَعَمْ إنْ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ وَنَوْعَ مَحَلِّهِ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ وَوَصْفِهِ (بِخِلَافِ) مَا لَوْ قَالَ (اسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا أَوْ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَةَ هَذَا الثَّوْبِ أَوْ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَشْمَلُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْمُبَاحَاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي الْبَحْرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا) وَيُؤَيِّدُهُ مَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ إنَّهُ أَقْوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَجَّرْتُك الْأَرْضَ لِتَزْرَعَ الْحِنْطَةَ دُونَ غَيْرِهَا لَمْ يَصِحَّ. (تَنْبِيهٌ) وَالسُّفُنُ هَلْ تُلْحَقُ بِالدَّوَابِّ فَتُؤَجَّرُ إجَارَةَ ذِمَّةٍ أَوْ بِالْعَقَارِ فَلَا تَكُونُ إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْرَبُ إلْحَاقُهَا بِالدَّوَابِّ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ ذَلِكَ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا إجَارَةَ ذِمَّةٍ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِيهَا لِجَهَالَتِهَا وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا فَيَتَعَيَّنُ فِيهَا إجَارَةُ الْعَيْنِ كَالْعَقَارِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ بِالزَّمَانِ) قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَقِسْمٌ لَا تُقَدَّرُ النَّفَقَةُ إلَّا بِالْعَمَلِ كَبَيْعِ الثَّوْبِ وَالْحَجِّ وَقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ فُلَانٍ (قَوْلُهُ: بَيَاضَ النَّهَارِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَعْبِيرُهُ بِبَيَاضِ النَّهَارِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الشَّرْحِ بِالْيَوْمِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِي هَذَا الْيَوْمِ كُلِّهِ وَإِلَّا فَاسْتِئْجَارُهُ صَحِيحٌ وَلَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَالْأَصَحُّ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَالتَّعْلِيلِ الْقَائِلِ بِالصِّحَّةِ بِأَنَّ الْمُدَّةَ مَذْكُورَةٌ لِلتَّعْجِيلِ فَلَا تُورِثُ الْفَسَادَ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ظَاهِرٌ حَيْثُ قَصَدَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ لِانْتِفَاءِ تَعْلِيلِ الْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ إنْ فَرَغَ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ فَإِنْ طَالَبَهُ بِالْعَمَلِ فِي بَقِيَّتِهِ أَخَلَّ بِشَرْطِ الْعَمَلِ وَإِلَّا أَخَلَّ بِشَرْطِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ لِلرُّكُوبِ شَهْرًا إلَخْ) لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ شَهْرًا مِنْ الْآنَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّاحِيَةِ الَّتِي يَرْكَبُ إلَيْهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَذِكْرِ الْمَكَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهَا فِيهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْكَبُهَا شَهْرًا مُسَافِرًا إلَى بَلَدٍ مَسَافَتُهُ شَهْرٌ فَيَكُونُ تَسْلِيمُهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَقَدْ يَرْكَبُهَا ذَاهِبًا وَعَائِدًا مُدَّةً فَيَكُونُ تَسْلِيمُهُ فِي بَلَدِهِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُخْتَلِفًا مَعَ إطْلَاقِ الشَّهْرِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ فَإِذَا أَغْفَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْعَقْدُ. (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ اسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا) إذَا قَدَّرَ بِمُدَّةٍ فَهَلْ تَقَعُ أَيَّامُ الْجُمَعِ مُسْتَثْنَاةً فِيهِ احْتِمَالَانِ حَكَاهُمَا الْغَزَالِيُّ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ ظَهْرًا لِيَرْكَبَهُ فِي طَرِيقٍ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَنْزِلَ الرَّاكِبُ فِي بَعْضِهِ لِيُرِيحَ الدَّابَّةَ هَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ: أَيَّامُ السُّبُوتِ مُسْتَثْنَاةٌ فِي اسْتِئْجَارِ الْيَهُودِيِّ شَهْرًا لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ فَالرَّاجِحُ أَنَّ أَيَّامَ الْجُمَعِ لَا تَدْخُلُ فِي اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ كَمَا لَا تَدْخُلُ السُّبُوتُ فِي اسْتِئْجَارِ الْيَهُودِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الْأَحَدُ فِي اسْتِئْجَارِ النَّصْرَانِيِّ وَلَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ بِاللَّيْلِ مَعَ النَّهَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً كَالشَّهْرِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَتْ قَصِيرَةً كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ صَحَّ وَلَوْ شَرَطَ اسْتِيعَابَ النَّهَارِ بِالْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ يَقْطَعُ الْعَمَلَ، أَوْ أَنْ لَا يُصَلِّيَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 اسْتَأْجَرْتُك لِخِيَاطَتِهِ جَازَ إنْ بَيَّنَ) فِي الْأُولَى (الثَّوْبَ وَ) فِي الْجَمِيعِ (كَوْنَهُ قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً) أَوْ سَرَاوِيلَ (وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَنَوْعَ الْخِيَاطَةِ) أَهِيَ رُومِيَّةٌ أَوْ فَارِسِيَّةٌ هَذَا (إنْ اخْتَلَفَتْ) هَذِهِ الْأُمُورُ بِاخْتِلَافِ الْعَادَةِ وَإِلَّا بِأَنْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِنَوْعٍ حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ. (فَرْعٌ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيُعَلِّمَهُ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يُعَيِّنَهَا) لِتَفَاوُتِهَا فِي الْحِفْظِ وَالتَّعْلِيمِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً فَلَوْ عَيَّنَ سُورَةً كَامِلَةً أَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْآيَاتِ (وَ) حَتَّى يَكُونَ (الْمُتَعَلِّمُ مُسْلِمًا أَوْ) كَافِرًا (يُرْجَى إسْلَامُهُ) إذْ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُ الْقُرْآنَ فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لَهُ (فَلَوْ قَالَ لِتُعَلِّمَنِي شَهْرًا) مُقْتَصِرًا عَلَى التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ (جَازَ) اكْتِفَاءً بِبَيَانِ مَحَلِّ الْعَمَلِ مَعَ الْمُدَّةِ (وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ قِرَاءَةَ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ) إذْ الْأَمْرُ فِيهَا قَرِيبٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُعَلِّمُهُ مَا شَاءَ مِنْ الْقُرْآنِ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ تَفْرِيعًا عَلَى ذَلِكَ يُعَلِّمُهُ الْأَغْلَبَ مِنْ قِرَاءَةِ الْبَلَدِ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا دَرَاهِمَ يَتَعَيَّنُ غَالِبُ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ. (فَرْعٌ لَوْ كَانَ) الْمُتَعَلِّمُ (يَنْسَى) مَا يَتَعَلَّمُهُ (فَهَلْ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَجِيرِ (إعَادَةُ تَعْلِيمِهِ) أَوْ لَا (يُرْجَعُ) فِيهِ (إلَى الْعُرْفِ) الْغَالِبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ غَالِبٌ فَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ مَا دُونَ الْآيَةِ فَإِذَا عَلَّمَهُ بَعْضَهَا فَنَسِيَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ بَاقِيهَا لَزِمَ الْأَجِيرَ إعَادَةُ تَعْلِيمِهَا. (فَرْعٌ الْإِجَارَةُ لِلْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ) مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ قَدْرًا مَعْلُومًا (جَائِزَةٌ لِلِانْتِفَاعِ بِنُزُولِ الرَّحْمَةِ حَيْثُ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ) وَكَالِاسْتِئْجَارِ لِلْأَذَانِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَيَكُونُ الْمَيِّتُ كَالْحَيِّ الْحَاضِرِ سَوَاءٌ أَعَقَّبَ الْقِرَاءَةَ بِالدُّعَاءِ أَوْ جَعَلَ أَجْرَ قِرَاءَتِهِ لَهُ أَمْ لَا فَتَعُودُ مَنْفَعَةُ الْقِرَاءَةِ إلَى الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلْحَقُهُ وَهُوَ بَعْدَهَا أَقْرَبُ إجَابَةً وَأَكْثَرُ بَرَكَةً وَلِأَنَّهُ إذَا جَعَلَ أَجْرَهُ الْحَاصِلَ بِقِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ فَهُوَ دُعَاءٌ بِحُصُولِ الْأَجْرِ لَهُ فَيَنْتَفِعُ بِهِ فَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ إنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ بَعْدَ حَمْلِهِ كَلَامَهُمْ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْقَارِئُ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ بِغَيْرِ دُعَاءٍ عَلَى أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِالِاسْتِنْبَاطِ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ إذَا قَصَدَ بِهِ نَفْعَ الْمَيِّتِ نَفَعَهُ إذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْقَارِئَ لَمَّا قَصَدَ بِقِرَاءَتِهِ نَفْعَ الْمَلْدُوغِ نَفَعَتْهُ وَأَقَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ» وَإِذَا نَفَعَتْ الْحَيَّ بِالْقَصْدِ كَانَ نَفْعُ الْمَيِّتِ بِهَا أَوْلَى لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَا يَقَعُ عَنْ الْحَيِّ. (فَصْلٌ لَا يَتَقَدَّرُ الرَّضَاعُ) فِي الْإِجَارَةِ لَهُ (إلَّا بِالْمُدَّةِ) إذْ تَقْدِيرُ اللَّبَنِ وَمَا يَسْتَوْفِيهِ الصَّبِيُّ كُلَّ مَرَّةٍ وَضَبْطُ الْمَرَّاتِ إنَّمَا يُضْبَطُ بِهَا (وَيَجِبُ تَعْيِينُ الصَّبِيِّ) بِالرُّؤْيَةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ حَالِهِ (وَ) تَعْيِينُ (مَوْضِعِ الْإِرْضَاعِ) أَهُوَ بَيْتُهُ أَوْ بَيْتُهَا لِأَنَّهُ بِبَيْتِهَا أَسْهَلُ وَبِبَيْتِهِ أَشَدُّ وُثُوقًا بِهِ. (وَيَتَقَدَّرُ الْحَفْرُ) لِبِئْرٍ أَوْ نَحْوِهَا (وَضَرْبُ اللَّبِنِ وَالْبِنَاءُ) إمَّا (بِالزَّمَانِ كَاسْتَأْجَرْتُك لِتَحْفِرَ لِي أَوْ تَبْنِيَ) لِي (أَوْ تَضْرِبَ اللَّبِنَ لِي شَهْرًا أَوْ بِالْعَمَلِ فَيُبَيِّنُ) الْمُسْتَأْجِرُ (فِي الْحَفْرِ) لِنَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ قَبْرٍ (طُولَ النَّهْرِ وَالْبِئْرِ وَالْقَبْرِ وَعَرْضَهَا وَعُمْقَهَا.   [حاشية الرملي الكبير] الرَّوَاتِبَ، أَوْ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْفَرَائِضِ عَلَى الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ، أَوْ أَنْ يُدْخِلَ بَعْضَ الْعَمَلِ فِي اللَّيْلِ صَحَّ. (فَرْعٌ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ كَانَتْ عَادَةُ الْأَجِيرِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَعُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْمُسْتَأْجِرُ مَنَافِعَهُ فِي زَمَنِ النَّوَافِلِ دُونَ الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: أَهِيَ رُومِيَّةٌ، أَوْ فَارِسِيَّةٌ) الرُّومِيُّ مَا غُرِزَ بِغُرْزَتَيْنِ وَالْفَارِسِيُّ بِغُرْزَةٍ. [فَرْعٌ اسْتَأْجَرَهُ لِيُعَلِّمَهُ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ كَذَا] (قَوْلُهُ: عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ كَذَا) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَلْ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَعْلِيمِ مَا نُسِخَ مِنْ الْقُرْآنِ أَمْ لَا وَعِبَارَةُ الْبَسِيطِ تُفْهِمُ الْمَنْعَ وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ، أَوْ نُسِخَ لَفْظُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ وَقَوْلُهُ: هَلْ يَجُوزُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَحَتَّى يَكُونَ الْمُتَعَلِّمُ مُسْلِمًا) وَكَوْنُ الْعَمَلِ بِكُلْفَةٍ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بِإِزَاءِ أَقْصَرِ سُورَةٍ وَهِيَ الْكَوْثَرُ ثَلَاثُ آيَاتٍ فَلَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْهَا لِفَقْدِ الْإِعْجَازِ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُتَعَلِّمِ وَلَا اخْتِبَارُ حِفْظِهِ بَلْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ نَعَمْ لَوْ وُجِدَ ذِهْنُهُ فِي الْحِفْظِ خَارِجًا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ فَيَظْهَرُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي الْفَسْخِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقْرِئُهُ فِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ كَالرَّضَاعِ يُبَيِّنُ فِيهِ مَكَانَ الْإِرْضَاعِ وَقَوْلُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَيَظْهَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَيَنْبَغِي إلَخْ وَقَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ لِتُعَلِّمَنِي شَهْرًا جَازَ) قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ بَيَانُ مَحَلِّ التَّعْلِيمِ كَأَوَّلِ الْقُرْآنِ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمُعَلَّمِ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ صُدِّقَ الْأَجِيرُ وَرُجِعَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَدْيُونٌ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قِرَاءَاتٌ وَلَا غَالِبَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ بِهَا غَرَضٌ فَإِنَّهُ يُجَابُ الْأَجِيرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ قِرَاءَةَ نَافِعٍ وَنَحْوَهُ) فَإِنْ عَيَّنَ شَيْئًا تَعَيَّنَ فَلَوْ عَلَّمَهُ غَيْرُهُ فَقِيلَ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَقِيلَ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ فِي الصَّدَاقِ وَأَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا (قَوْلُهُ: يُعَلِّمُهُ الْأَغْلَبَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ الْمُتَعَلِّمُ يَنْسَى مَا يَتَعَلَّمُهُ فَهَلْ عَلَى الْأَجِيرِ إعَادَةُ تَعْلِيمِهِ أَوْ لَا] (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ مَا دُونَ الْآيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ الْإِجَارَةُ لِلْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ] (قَوْلُهُ: جَائِزَةٌ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي مَوَاضِعَ: إنَّ الْمُخْتَارَ فِي الرَّوْضَةِ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا هَذَا تَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ وَالتَّحْقِيقِ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: لِلِانْتِفَاعِ بِنُزُولِ الرَّحْمَةِ حَيْثُ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ) وَإِذَا كَانَ رَجُلٌ غَائِبًا وَالْقَارِئُ ذَاكِرًا لَهُ فَذَكَرَهُ لَهُ إحْضَارُهُ فِي قَلْبِهِ فَإِذَا نَزَلَتْ الرَّحْمَةُ عَلَى قَلْبِهِ شَمِلَتْ الْمَذْكُورَ، وَحَبْسُ النَّفْسِ عَلَى الْقِرَاءَةِ عِنْدَ شَخْصٍ، أَوْ عِنْدَ قَبْرِهِ، أَوْ عَلَى إحْضَارِهِ فِي الْقَلْبِ حِينَئِذٍ مُتْعِبٌ وَالْفَائِدَةُ لِلْمَذْكُورِ فِي الْقَلْبِ وَالْحَاضِرِ هُوَ، أَوْ قَبْرِهِ عِنْدَ الْقَارِئِ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ مُفِيدٌ وَإِنْ قَلَّ فَهُوَ مِنْ فَوَائِدِ الْآخِرَةِ الْبَاقِيَاتِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ إنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ) مَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَابَهَا لِقَارِئِهَا فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 وَلِيَعْرِفَ) الْأَجِيرُ (الْأَرْضَ) بِالرُّؤْيَةِ لِيَعْرِفَ صَلَابَتَهَا وَرَخَاوَتَهَا لِاخْتِلَافِ الْأَرَاضِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ لَكِنْ مَرَّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا بَيَانُ الثَّوْبِ وَمَا يُرَادُ مِنْهُ وَنَوْعُ الْخِيَاطَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ فِي الْخِيَاطَةِ بِخِلَافِ الْحَفْرِ (فَلَوْ انْتَهَى) فِي الْحَفْرِ (إلَى) مَوْضِعٍ (صُلْبٍ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) لِلْعَمَلِ إنْ عَمِلَ فِيهِ الْمِعْوَلُ وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ فِيهِ الْمِعْوَلُ أَوْ نَبَعَ الْمَاءُ) قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ (وَتَعَذَّرَ الْحَفْرُ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (فِي الْبَاقِي) لَا فِي الْمَاضِي فَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى أُجْرَتَيْهِمَا (وَلَا يَجِبُ) عَلَيْهِ (إخْرَاجُ مَا يَنْهَارُ مِنْ الْجَوَانِبِ) بِخِلَافِ التُّرَابِ الْمَحْفُورِ فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ إخْرَاجَ مَا يَنْهَارُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الْقَدْرِ (وَلَا) يَجِبُ عَلَيْهِ (رَدُّ التُّرَابِ عَلَى الْمَيِّتِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ (وَيُبَيِّنُ فِي اللَّبِنِ) إذَا قَدَّرَ بِالْعَمَلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (الْعَدَدَ وَالْقَالَبَ) بِفَتْحِ اللَّامِ طُولًا وَعَرْضًا وَسُمْكًا (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا) وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّبَيُّنِ فَإِنْ قَدَّرَ بِالزَّمَانِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ الْعَدَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْقَالَبِ أَيْضًا وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ (وَ) يُبَيِّنُ (الْمَوْضِعَ) الَّذِي يَضْرِبُ فِيهِ اللَّبِنَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ سَوَاءٌ أَقَدَّرَ بِالزَّمَانِ أَمْ بِالْعَمَلِ (وَلَا يَلْزَمُ) الْأَجِيرَ (إقَامَتُهُ) أَيْ اللَّبِنِ (لِلتَّخْفِيفِ وَلَا إخْرَاجُهُ) مِنْ الْأَتُّونِ (إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِطَبْخِهِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُمَا (وَيُبَيِّنُ فِي الْبِنَاءِ) عَلَى أَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا كَسَقْفٍ (الْمَوْضِعَ وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالسُّمْكَ) إنْ قَدَّرَ بِالْعَمَلِ (وَمَا يَبْنِي بِهِ) مِنْ طِينٍ وَلَبِنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا سَوَاءٌ أَقَدَّرَ بِالزَّمَانِ أَمْ بِالْفِعْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَ مَا يَبْنِي بِهِ حَاضِرًا فَمُشَاهَدَتُهُ تُغْنِي عَنْ تَبْيِينِهِ كَمَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ (وَلَا يَتَقَدَّرُ التَّطْيِينُ وَالتَّجْصِيصُ إلَّا بِالزَّمَانِ) لِأَنَّ سُمْكَهُمَا لَا يَنْضَبِطُ رِقَّةً وَثِخَنًا. (وَتُقَدَّرُ الْمُدَاوَاةُ بِالْمُدَّةِ لَا بِالْبُرْءِ وَالْعَمَلِ) لِأَنَّ قَدْرَ الدَّوَاءِ لَا يَنْضَبِطُ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (فَإِنْ بَرِئَ) قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ (انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِي الْبَاقِي) مِنْ الْمُدَّةِ لَا فِي الْمَاضِي مِنْهَا وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُدَاوَاةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمُدَاوَاةِ الْعَيْنِ. (وَلْيُبَيِّنْ فِي الرَّعْيِ الْمُدَّةَ وَجِنْسَ الْحَيَوَانِ) يَنْبَغِي " وَنَوْعَهُ "، ثُمَّ يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى قَطِيعٍ مُعَيَّنٍ وَعَلَى قَطِيعٍ فِي الذِّمَّةِ (وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الْعَدَدَ) وَعَقَدَ عَلَى قَطِيعٍ فِي الذِّمَّةِ (اُكْتُفِيَ بِالْعُرْفِ) فِيمَا يَرْعَاهُ الْوَاحِدُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهُوَ مِائَةُ رَأْسٍ مِنْ الْغَنَمِ تَقْرِيبًا وَقِيلَ لَا يُكْتَفَى بِهِ بَلْ يَجِبُ بَيَانُ الْعَدَدِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَرَجَّحَ الثَّانِيَ الشَّاشِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ (فَإِنْ حَصَلَ) مِمَّا يُسْتَأْجَرُ لِرَعْيِهِ (نِتَاجٌ لَزِمَهُ رَعْيُهُ لَا إنْ عَقَدَ عَلَى رَعْيِ حَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ رَعْيُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ أَمَّا إذَا وَرَدَ الْعَقْدُ عَلَى عَدَدٍ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَعْيُ نِتَاجِهِ. (وَ) يُبَيِّنُ (فِي النِّسَاخَةِ عَدَدَ الْأَوْرَاقِ وَأَسْطُرَ الصَّفْحَةِ وَقَدْرَ الْقِطْعِ) الَّذِي يَكْتُبُ فِيهِ (وَ) قَدْرَ (الْحَوَاشِي) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُ رُؤْيَةِ الْمُسْتَأْجِرِ خَطَّ الْأَجِيرِ (وَيَجُوزُ التَّقْدِيرُ) فِي النِّسَاخَةِ (بِالْمُدَّةِ) . (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَرْعٌ ". (وَيَجُوزُ) الِاسْتِئْجَارُ (لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَالْحَدِّ وَلِنَقْلِ الْمَيْتَةِ) إلَى الْمَزْبَلَةِ أَوْ نَحْوِهَا (وَ) لِنَقْلُ (الْخَمْرِ) غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ (لِتُرَاقَ) بِخِلَافِ نَقْلِهَا مِنْ بَيْتٍ إلَى آخَرَ (لَا) الِاسْتِئْجَارُ (لِمُحَرَّمٍ كَالنِّيَاحَةِ) وَالزَّمْرِ (وَكَمَا يَحْرُمُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُحَرَّمِ يَحْرُمُ الْإِعْطَاءُ) لَهَا (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَكِّ الْأَسِيرِ) وَإِعْطَاءِ الشَّاعِرِ لِئَلَّا يَهْجُوَ وَالظَّالِمِ لِيَدْفَعَ ظُلْمَهُ وَالْجَائِرِ لِيَحْكُمَ بِالْحَقِّ فَلَا يَحْرُمُ الْإِعْطَاءُ عَلَيْهَا. (النَّوْعُ الثَّانِي الْعَقَارُ وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي إيجَارِ دَارٍ (مَعْرِفَةُ مَنْ يَسْكُنُ الدَّارَ اكْتِفَاءً بِالْعُرْفِ) فَيَسْكُنُ فِيهَا مَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِي مِثْلِهَا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ زَائِرٍ وَضَيْفٍ وَإِنْ بَاتَ فِيهَا لَيَالِيَ (وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ أَبْنِيَتِهَا) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهَا وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ " رُؤْيَةُ " " مَعْرِفَةُ "، بِهَا عَبَّرَ الْأَصْلُ وَالْأُولَى أَوْلَى. (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي) اسْتِئْجَارِ (الْحَمَّامِ مَعْرِفَةُ بُيُوتِهِ) الشَّامِلَةِ لِمَسْلَخِ الثِّيَابِ (وَبِئْرِ الْمَاءِ) الَّتِي يُسْتَقَى مِنْهَا (وَمَوْضِعِ الْوُقُودِ) بِضَمِّ الْوَاوِ أَيْ الْإِيقَادِ (وَ) مَوْضِعِ (الْوَقِيدِ) وَيُقَالُ الْوَقُودُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ أَيْ الْحَطَبُ وَالزِّبْلُ (وَوَجْهَيْ الدَّسْتِ) الَّذِي يُسَخَّنُ فِيهِ الْمَاءُ (إنْ أَمْكَنَ) رُؤْيَتُهَا كَمَا تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ وَجْهَيْ الثَّوْبِ وَإِلَّا فَيَكْفِي رُؤْيَةُ مَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ (وَمُنْتَقَعِ الْمَاءِ) وَهُوَ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ لَا يَتَقَدَّرُ الرَّضَاعُ فِي الْإِجَارَةِ لَهُ إلَّا بِالْمُدَّةِ] قَوْلُهُ: وَتَعْيِينُ مَوْضِعِ الْإِرْضَاعِ) قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ إنْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ يَصْلُحُ لِلْإِرْضَاعِ لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ كَالسَّلَمِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ يُتَخَيَّلُ فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ أَنْ يَرْضِعَ الرَّضِيعُ فِي غَيْرِ بَيْتِ الْمُرْضِعَةِ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ بَعِيدًا إذْ يَتَضَرَّرُ الصَّبِيُّ وَالْمُرْضِعَةُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمَا فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ فَأَسْقَتْهُ لَبَنَ الْغَنَمِ وَأَطْعَمَتْهُ شَيْئًا قَالَ ابْنُ كَجٍّ لَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُرْضِعْ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ: وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِبَيَانِ دِقَّةِ الْخَطِّ وَغِلَظِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 الْخَارِجُ مِنْ الْحَمَّامِ (وَمَطْرَحِ الرَّمَادِ وَلَا يَدْخُلُ الْوُقُودُ وَالْأُزُرُ وَالْأَوَانِي) وَمَا يَتْبَعُهَا كَالْحَبْلِ (فِي إجَارَةِ الْحَمَّامِ وَبَيْعِهِ) . [فَرْعٌ قَدَّرَ الْإِجَارَةَ بِمُدَّةٍ تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا] (فَرْعٌ إذَا قَدَّرَ الْإِجَارَةَ بِمُدَّةٍ تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا جَازَ) لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (كَالثَّوْبِ) يُقَدَّرُ (بِسَنَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا (عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَالدَّابَّةِ) تُقَدَّرُ (بِعَشْرِ سِنِينَ) أَوْ نَحْوِهَا (وَالْعَبْدِ بِثَلَاثِينَ) سَنَةً أَوْ نَحْوِهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ أَخَّرَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ إلَى هُنَا كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَقَ بِعِبَارَةِ أَصْلِهِ (وَالْأَرْضِ وَلَوْ وَقْفًا) لَمْ يَشْتَرِطْ لِإِيجَارِهِ مُدَّةً تُقَدَّرُ (بِمِائَةِ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَأَكْثَرَ قَالَ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي إلَّا أَنَّ الْحُكَّامَ اصْطَلَحُوا عَلَى مَنْعِ إجَارَةِ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ لِئَلَّا يَنْدَرِسَ الْوَقْفُ وَمَا قَالَاهُ هُوَ الِاحْتِيَاطُ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَإِذَا أَجَّرَ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لَمْ يَجِبْ تَقْدِيرُ حِصَّةِ كُلِّ سَنَةٍ كَمَا لَوْ جَمَعَ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةِ الْقِيمَةِ لَا يَجِبُ تَقْسِيطُ الثَّمَنِ عَلَيْهَا وَكَمَا لَوْ أَجَّرَ سَنَةً لَا يَجِبُ تَقْدِيرُ حِصَّةِ كُلِّ شَهْرٍ (وَ) لَكِنْ (يُوَزِّعُ لِكُلِّ سَنَةٍ قِيمَةَ مَنْفَعَتِهَا) لِيَنْقَطِعَ النِّزَاعُ وَأَوْلَى مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ وَتَوَزَّعَ الْأُجْرَةُ عَلَى قِيمَةِ مَنَافِعِ السِّنِينَ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَجَّرَهُ شَهْرًا) مَثَلًا (وَأَطْلَقَ صَحَّ) الْعَقْدُ (وَجُعِلَ) ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ (مِنْ حِينَئِذٍ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ الْمُتَعَارَفُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ مِنْ الْآنِ وَبِهِ جَزَمَ الْعِرَاقِيُّونَ (لَا) إنْ أَجَّرَهُ (شَهْرًا مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَ) بَقِيَ (فِيهَا غَيْرُهُ) أَيْ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ فَلَا يَصِحُّ لِلْإِبْهَامِ وَاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا غَيْرُهُ (وَ) قَوْلُهُ (أَجَّرْتُك مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَاسِدٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ) أَجَّرْتُك (كُلَّ شَهْرٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِدِرْهَمٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِمَا مُدَّةً (لَا) إنْ قَالَ أَجَّرْتُك (هَذِهِ السَّنَةَ كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ) فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْإِجَارَةَ إلَى جَمِيعِ السَّنَةِ بِخِلَافِهِ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ وَلَوْ قَالَ أَجَّرْتُك هَذَا الشَّهْرَ بِدِينَارٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعُ فِي بَيْعِ الْغَرَرِ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ شَهْرًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَدْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ لَوْ أَجَّرَهُ شَهْرًا مُعَيَّنًا بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ فَجَاءَ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ بَطَلَ كَمَا لَوْ بَاعَ الصُّبْرَةَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَخَرَجَتْ تِسْعِينَ مَثَلًا (وَصِفَةُ الْأَجَلِ) مِنْ أَنَّ مُطْلَقَ الشَّهْرِ وَالسَّنَةِ يُحْمَلُ عَلَى الْعَرَبِيِّ وَمِنْ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ بِالْعَدَدِيَّةِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا كَانَ الْأَجَلُ مَا ذَكَرَهُ وَمِنْ غَيْرِ ذَلِكَ (مَذْكُورَةٌ فِي السَّلَمِ) . (فَرْعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ. (يَجِبُ التَّبْيِينُ فِي الْأَرْضِ) لِمَا تُسْتَأْجَرُ لَهُ (إنْ صَلَحَتْ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا (لِلزَّرْعِ وَالْغِرَاسِ) وَالْبِنَاءِ أَوْ لِاثْنَيْنِ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّ مَنَافِعَ هَذِهِ الْجِهَاتِ مُخْتَلِفَةٌ، وَضَرَرَهَا مُخْتَلِفٌ فَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَفَى الْإِطْلَاقُ كَأَرْضِ الْأَحْكَارِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الْبِنَاءُ وَبَعْضِ الْبَسَاتِينِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الْغِرَاسُ. (لَا فِي الدَّارِ) فَلَا يَجِبُ تَبْيِينُ مَا تُسْتَأْجَرُ لَهُ (لِتَقَارُبِ السُّكْنَى وَوَضْعِ الْمَتَاعِ) فِيهَا (وَيُحْمَلُ) الْعَقْدُ (عَلَى الْمَعْهُودِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ مِثْلِهَا مِنْ سُكْنَاهَا وَوَضْعِ الْمَتَاعِ فِيهَا فَلَا يَسْكُنُهَا لِمَا لَا يَلِيقُ بِهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَيَّدَ بِهِ كَلَامَ الْأَصْحَابِ لِيَنْدَفِعَ عَنْهُمْ اعْتِرَاضُ الْأَصْلِ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ بِأَنَّهَا قَدْ تُسْتَأْجَرُ أَيْضًا لِعَمَلِ الْحَدَّادِينَ وَالْقَصَّارِينَ وَلِطَرْحِ الزِّبْلِ فِيهَا وَذَلِكَ أَكْثَرُ ضَرَرًا فَمَا جَعَلُوهُ مُبْطِلًا فِي الْأَرْضِ مَوْجُودٌ هُنَا انْتَهَى وَيُؤَيِّدُ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ مَا يَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ أَمَّا إذَا كَانَ يُعْهَدُ مِنْ مِثْلِهَا السُّكْنَى لِمَا ذُكِرَ أَيْضًا فَلَا حَجْرَ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الِاسْتِئْجَارُ لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَالْحَدِّ] قَوْلُهُ: إذَا قَدَّرَ الْإِجَارَةَ بِمُدَّةٍ تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا جَازَ) يُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ بَيَانِ الْمُدَّةِ صُوَرٌ: إحْدَاهَا اسْتِئْجَارُ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، الثَّانِيَةُ اسْتِئْجَارُ الذِّمِّيِّ لِلْجِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ، الثَّالِثَةُ إذَا اسْتَأْجَرَ عُلْوًا مِنْ دَارٍ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ، الرَّابِعَةُ اسْتَأْجَرَ سَطْحًا لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَقَلُّ مُدَّةٍ تُؤَجَّرُ الْأَرْضُ لِلزِّرَاعَةِ مُدَّةُ زِرَاعَتِهَا وَأَقَلُّ مُدَّةٍ تُؤَجَّرُ الدَّارُ لِلسُّكْنَى يَوْمٌ لِأَنَّ مَا دُونَهُ تَافِهٌ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ وَذَكَرَ فِي غَصْبِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا أُجْرَةٌ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا فَحَصَلَ مِنْ اخْتِلَافِ كَلَامِهِ خِلَافٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ صُوَرٌ إحْدَاهَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ وَقْفُهُ إلَّا سَنَةً، أَوْ نَحْوَهَا فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ شَرْطُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، الثَّانِيَةُ إجَارَةُ الْوَلِيِّ الصَّبِيَّ، أَوْ مَالَهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ أَنْ لَا يُجَاوِزَ مُدَّةَ بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ وَإِنْ احْتَمَلَ بُلُوغَهُ فِيهَا بِالِاحْتِلَامِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّبَا فَلَوْ أَجَّرَهُ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ عَلَى مُدَّةِ بُلُوغِهِ، الثَّالِثَةُ إجَارَةُ الْمَرْهُونِ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الصِّحَّةِ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ يَحِلُّ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، أَوْ مَعَهَا، الرَّابِعَةُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَإِنَّ الْبَغَوِيّ قَالَ إنَّمَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ إذَا كَانَ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُ الصِّفَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَإِنْ تَحَقَّقَ وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ كَالصَّبِيِّ وَبَحَثَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهِ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَإِنْ تَحَقَّقَ وُجُودُ الصِّفَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ لِجَوَازِ أَنْ يَبِيعَهُ فَيَرْتَفِعَ التَّعْلِيقُ وَبَيْعُ الْمُؤَجَّرِ صَحِيحٌ عَلَى الْأَظْهَرِ، الْخَامِسَةُ الْمَنْذُورُ إعْتَاقُهُ كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ بَعْدَ سَنَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ لَا تَجُوزَ إجَارَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اسْتِمْرَارِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ فِي أَنَّ مَنْ أَجَّرَ عَبْدَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، السَّادِسَةُ إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ فِي كِتَابِ تَجْنِيدِ الْأَجْنَادِ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَاخْتَارَهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْغَزِّيِّ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَرْضِ وَلَوْ وَقْفًا بِمِائَةِ سَنَةٍ) مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيجَارُ الْوَقْفِ مِائَةَ سَنَةٍ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اسْتِهْلَاكِهِ وَتَمَلُّكِهِ غَالِبًا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا ظَنَّ مُؤَجِّرُهُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ إلَى مُدَّةٍ لَا تَبْقَى الْعَيْنُ فِيهَا غَالِبًا لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُهَا، ثُمَّ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْبَحْرِ بَطَلَ فِيمَا لَا يَسُوغُ فِيهِ وَفِي الْبَاقِي قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْجَائِزِ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ. [فَرْعٌ أَجَّرَهُ شَهْرًا مَثَلًا وَأَطْلَقَ] (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ يَجِب التَّبْيِينُ فِي الْأَرْضِ لِمَا تُسْتَأْجَرُ لَهُ] (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ مِنْهَا) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 (وَلَوْ أَجَّرَهُ الْأَرْضَ لِيَنْتَفِعَ) بِهَا (كَيْفَ) - عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِمَا - (شَاءَ صَحَّ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَهُ دَابَّةً لِيُحَمِّلَهَا مَا شَاءَ لِلضَّرَرِ (وَفَعَلَ مَا شَاءَ) لِرِضَاهُ بِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْإِضْرَارِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّ الْأَرَاضِيَ إذَا زُرِعَ فِيهَا شَيْءٌ فِي سَنَةٍ أُرِيحَتْ مِنْهُ فِي أُخْرَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ لِيَزْرَعَ) فِيهَا (وَأَطْلَقَ صَحَّ وَزَرَعَ مَا شَاءَ وَكَذَا لَوْ أَجَّرَهُ لِيَغْرِسَ أَوْ لِيَبْنِيَ وَأَطْلَقَ) صَحَّ وَ (غَرَسَ وَبَنَى مَا شَاءَ) لِتَقَارُبِ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ نَعَمْ إنْ أَجَّرَ عَلَى غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ نِيَابَةٍ لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ لِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي الْبِنَاءِ وَأَطْلَقَ أَيْ عَنْ ذِكْرِ مَا يَبْنِي أَمَّا مَوْضِعُ الْبِنَاءِ وَطُولُهُ وَعَرْضُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَالتَّصْرِيحُ بِغَرَسَ وَبَنَى مَا شَاءَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ قَالَ أَجَّرْتُك إنْ شِئْت فَاغْرِسْ أَوْ ازْرَعْ صَحَّ) لِرِضَاهُ بِأَشَدِّهِمَا ضَرَرًا (وَتَخَيَّرَ) بَيْنَهُمَا كَمَا فِي قَوْلِهِ لِتَنْتَفِعَ كَيْفَ شِئْت (لَا إنْ قَالَ) أَجَرَتْكهَا (لِتَزْرَعَ أَوْ تَغْرِسَ أَوْ فَازْرَعْ وَاغْرِسْ) وَلَمْ يُبَيِّن الْقَدْرَ (أَوْ لِتَزْرَعَ نِصْفًا وَتَغْرِسَ نِصْفًا إنْ لَمْ يَخُصَّ كُلَّ نِصْفٍ بِنَوْعٍ) فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ فِي الثَّلَاثَةِ لِلْإِبْهَامِ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى جَعَلَ لَهُ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَفْعَلُ أَيَّهُمَا شَاءَ صَحَّ كَمَا نُقِلَ عَنْ التَّقْرِيبِ وَفِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يَزْرَعُ وَكَمْ يَغْرِسُ وَفِي الثَّالِثَةِ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَزْرُوعَ وَالْمَغْرُوسَ فَصَارَ كَقَوْلِهِ بِعْتُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ وَالْآخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ. (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ) فِي الْإِيجَارِ لِلْبِنَاءِ (بَيَانُ طُولِ الْبِنَاءِ وَعَرْضِهِ وَمَوْضِعِهِ لَا) بَيَانُ قَدْرِ (ارْتِفَاعِهِ إلَّا) فِي الْبِنَاءِ (عَلَى سَقْفٍ) أَوْ جِدَارٍ اسْتَأْجَرَهُ لَهُ فَيُشْتَرَطُ بَيَانُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ بِخِلَافِ السَّقْفِ وَالْجِدَارِ. (النَّوْعُ الثَّالِثُ الدَّوَابُّ) وَهِيَ تُسْتَأْجَرُ (لِلرُّكُوبِ) وَلِغَيْرِهِ (وَيُشْتَرَطُ) فِي إجَارَتِهَا لِلرُّكُوبِ إجَارَةُ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ لِيَنْتَفِيَ الْغَرَرُ (مَعْرِفَةُ الرَّاكِبِ وَلَوْ بِالْوَصْفِ التَّامِّ لِلْجُثَّةِ) قِيلَ بِأَنْ يَصِفَهُ بِالضَّخَامَةِ أَوْ بِالنَّحَافَةِ وَرَجَّحَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَقِيلَ بِالْوَزْنِ وَلَمْ يُرَجِّحْ الْمُصَنِّفُ مِنْهُمَا شَيْئًا كَالْأَصْلِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفُوا بِالْوَصْفِ فِي الرَّضِيعِ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى الْمَقَاصِدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا مَعَ رُؤْيَةِ الرَّاكِبِ امْتِحَانَهُ بِالْيَدِ فَإِنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ فِيهِ بِذَلِكَ (فَإِنْ كَانَ) الرَّاكِبُ (مُجَرَّدًا) أَيْ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ (حَمَلَهُ) الْمُؤَجِّرُ (عَلَى مَا يَلِيقُ بِدَابَّتِهِ) مِنْ سَرْجٍ أَوْ إكَافٍ أَوْ زَامِلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ (أَوْ) كَانَ (مَعَهُ مَحْمِلٌ أَوْ سَرْجٌ أَوْ إكَافٌ) أَوْ نَحْوُهُ (وَجَبَ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ (رُؤْيَتُهُ) مَعَ امْتِحَانِهِ الزَّامِلَةَ بِالْيَدِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ ثُمَّ أَلْحَقَ بِهَا الْمَحْمِلَ وَالْعُمَارِيَّةَ لَكِنْ رَدَّ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْإِلْحَاقَ بِأَنَّ الزَّوَامِلَ قَدْ يُجْعَلُ دَاخِلَهَا شَيْءٌ ثَقِيلٌ مِنْ الثِّيَابِ فَلَا تُحِيطُ الرُّؤْيَةُ بِوَزْنِهِ تَخْمِينًا بِخِلَافِ الْمَحْمِلِ وَالْعُمَارِيَّةِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا رَدَّ بِهِ (أَوْ وَصْفُهُ) بِضِيقِهِ أَوْ سَعَتِهِ (وَوَزْنِهِ) لِإِفَادَتِهِمَا التَّخْمِينَ كَالرُّؤْيَةِ هَذَا (إنْ لَمْ يَتَمَاثَلْ) كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ (فِي الْعَادَةِ) وَإِلَّا كَفَى الْإِطْلَاقُ وَحُمِلَ عَلَى الْمُعْتَادِ كَالنَّقْدِ وَالْإِكَافِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا يُقَالُ لِلْبَرْذَعَةِ وَلِمَا فَوْقَهَا وَلِمَا تَحْتَهَا. (وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ وِطَاءٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهُوَ مَا يُفْرَشُ فِي الْمَحْمِلِ وَنَحْوِهِ لِيُجْلَسَ عَلَيْهِ (أَوْ وَصْفُهُ) سَوَاءٌ أَشُرِطَ فِي الْعَقْدِ أَمْ لَا إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْمَحْمِلِ (وَكَذَا الْغِطَاءُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهُوَ مَا يُسْتَظَلُّ بِهِ وَيُتَوَقَّى بِهِ مِنْ الشَّمْسِ وَالْمَطَرِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ (إنْ شُرِطَ) فِي الْعَقْدِ (إلَّا إنْ اطَّرَدَ فِيهِ عُرْفٌ فَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ) وَيُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْوِطَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَإِذَا شَرَطَ الْمَحْمِلَ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَهُ مَكْشُوفًا أَوْ مُغَطًّى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُغَطًّى يَقَعُ فِيهِ الرِّيحُ فَيَثْقُلُ (فَإِنْ كَانَ لِلْمَحْمِلِ ظَرْفٌ) مِنْ لِبَدٍ أَوْ أُدُمٍ (فَكَالْغِطَاءِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَإِنْ شَرَطَ الْمَعَالِيقَ) أَيْ حَمْلَهَا وَهِيَ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ الْمُسَافِرُ (كَالْقِدْرِ وَالْإِدَاوَةِ) لِلْمَاءِ وَالسُّفْرَةِ (اُشْتُرِطَ رُؤْيَةٌ أَوْ وَصْفٌ وَوَزْنٌ) لَهَا فَلَوْ شَرَطَ حَمْلَهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَلَا وَصْفٍ وَوَزْنٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِاخْتِلَافِ الْفَلَسِ فِي مَقَادِيرِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ حَمْلَهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ لِذَلِكَ وَقَدْ لَا يَكُونُ لِلرَّاكِبِ مَعَالِيقُ. (فَرْعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ) لِلرُّكُوبِ (دَابَّةً مُعَيَّنَةً اُشْتُرِطَ) فِيهِ (الرُّؤْيَةُ) كَالْبَيْعِ (أَوْ لِلرُّكُوبِ فِي الذِّمَّةِ ذَكَرَ) وُجُوبًا (الْجِنْسَ) لِلدَّابَّةِ كَفَرَسٍ أَوْ.   [حاشية الرملي الكبير] فَلَا يُسْكِنُ حَدَّادًا وَلَا قَصَّارًا إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ كَذَلِكَ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ وَاسْتَثْنَى صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ وَالْجُرْجَانِيُّ مَا لَوْ قَالَ لِتَسْكُنَهَا وَتُسْكِنَ مَنْ شِئْتَ لِلْإِذْنِ كَمَا لَوْ قَالَ ازْرَعْ مَا شِئْت قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مِثْلَهُ يُرَادُ بِهِ التَّوْسِعَةُ لَا الْإِذْنُ فِي الْإِضْرَارِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ نَفِيسَةً لَا تَلِيقُ سُكْنَاهَا بِحَدَّادٍ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِيَغْرِسَ، أَوْ لِيَبْنِيَ) قَالَ شَيْخُنَا أَعَادَ الْعَامِلَ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِغِرَاسٍ فَقَطْ، أَوْ لِبِنَاءٍ فَقَطْ فَلَهُ فِعْلُ مَا شَاءَ وَيُغْنِي عَنْ تَعْيِينِ أَنْوَاعِ الْغِرَاسِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَجَّرَ عَلَى غَيْرِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَتَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا) قَالَ شَيْخُنَا وَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالْغِرَاسِ لِجَوَازِ إبْدَالِهِ بِهِ نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَاغْرِسْ وَإِنْ شِئْت فَابْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: صَحَّ كَمَا نُقِلَ عَنْ التَّقْرِيبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّالِثَةِ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَزْرُوعَ وَالْمَغْرُوسَ إلَخْ) فَإِنْ بَيَّنَهُ كَأَنْ قَالَ تَزْرَعُ النِّصْفَ الشَّرْقِيَّ وَتَغْرِسُ الْغَرْبِيَّ صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ تَزْرَعُ أَيَّ النِّصْفَيْنِ شِئْتَ وَتَغْرِسُ الْآخَرَ قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِدَفْنِ مَيِّتٍ لِأَنَّ نَبْشَ الْقَبْرِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ بَلَاءِ الْمَيِّتِ فَلَا يُعْرَفُ مَتَى يَكُونُ. [فَرْعٌ الْإِيجَارِ لِلْبِنَاءِ] (قَوْلُهُ: قِيلَ بِأَنْ يَصِفَهُ بِالضَّخَامَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقِيَاسُ مَا رَجَّحَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَحْمِلَ وَنَحْوَهُ يُوزَنُ أَنَّ الرَّاكِبَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْأَحْوَطُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ وَزْنَهُ يُخِلُّ بِحِشْمَتِهِ وَبِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ بِالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ فَلَا يَنْضَبِطُ بِالْوَزْنِ بِخِلَافِ الْمَحْمِلِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرَجِّحْ الْمُصَنِّفُ مِنْهُمَا شَيْئًا) أَفَادَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الِاكْتِفَاءَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: مِنْ سَرْجٍ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّ السَّرْجَ وَالْإِكَافَ لَا يَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْعُمَّارِيَّةَ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا مَرْكَبٌ صَغِيرٌ عَلَى هَيْئَةِ مَهْدِ الصَّبِيِّ، أَوْ قَرِيبَةٌ مِنْ صُورَتِهِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 بَغْلٍ (وَالنَّوْعَ) لَهَا كَعَرَبِيَّةٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ (وَالْأُنُوثَةَ وَالذُّكُورَةَ وَصِفَةَ سَيْرِهَا) كَبَحْرٍ أَوْ قَطُوفٍ (وَقَدْرَهُ) أَيْ سَيْرِهَا (كُلَّ يَوْمٍ مَكَانًا أَوْ زَمَانًا) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ لَكِنْ لَا يَتَقَيَّدُ اعْتِبَارُ ذِكْرِ قَدْرِ السَّيْرِ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ، وَمَحَلُّ اعْتِبَارِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) فِي طَرِيقِهِ (مَنَازِلُ مُعْتَادَةٌ) وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِمَا، وَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَكَانًا أَوْ زَمَانًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ وَالْعَمَلِ مَعًا وَلَيْسَ مُرَادًا (فَإِنْ زَادَا فِي يَوْمٍ) عَنْ الْمَشْرُوطِ (أَوْ نَقَصَا) عَنْهُ (فَلَا جُبْرَانَ) مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ بَلْ يَسِيرَانِ عَلَى الشَّرْطِ (وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ) أَيْ زِيَادَةً أَوْ نَقْصًا (لِخَوْفٍ أُجِيبَ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الضَّرَرُ بِهِ، أَوْ لِخِصْبٍ) أَوْ لِخَوْفٍ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ الضَّرَرُ بِهِ (فَلَا) يُجَابُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجَابَ طَالِبُ النَّقْصِ لِلْخِصْبِ حَيْثُ لَا عَلَفَ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي الْخَوْفِ انْتَهَى. (فَرْعٌ وَيُتَّبَعُ) فِيمَا يَأْتِي (الشَّرْطُ) فِي الْمَشْرُوطِ وَإِنْ خَالَفَ الْعُرْفَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ (فَالْعُرْفُ) يُتَّبَعُ (فِي سَيْرِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) الْأَنْسَبُ أَوْ النَّهَارِ (وَ) فِي (النُّزُولِ فِي الْقُرَى أَوْ الصَّحْرَاءِ وَ) فِي (سُلُوكِ أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ) إذَا كَانَ لِلْمَقْصِدِ طَرِيقَانِ فَإِنْ اُعْتِيدَ سُلُوكُهُمَا مَعًا وَجَبَ الْبَيَانُ فَإِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ إلَّا إنْ تَسَاوَيَا مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ كَنَظِيرِهِ فِي النُّقُودِ فِي الْمُعَامَلَةِ بِهَا. (فَصْلٌ لَا بُدَّ فِي الْحَمْلِ) أَيْ فِي إيجَارِ الدَّابَّةِ لَهُ إجَارَةُ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ (مِنْ رُؤْيَةِ الْمَحْمُولِ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي ظَرْفٍ (أَوْ امْتِحَانِهِ بِالْيَدِ) إنْ كَانَ فِي ظَرْفٍ لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ وَضَرَرِهِ، وَذِكْرُهُ الِامْتِحَانَ بِالْيَدِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ هَذَا إنْ حَضَرَ (فَإِنْ غَابَ قَدَّرَهُ بِكَيْلٍ) فِي الْمَكِيلِ (أَوْ وَزْنٍ) فِي الْمَوْزُونِ (وَالْوَزْنُ) فِي كُلِّ شَيْءٍ (أَوْلَى) لِأَنَّهُ أَخْصَرُ (وَيُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْضًا (ذِكْرُ الْجِنْسِ) لِلْمَحْمُولِ لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ فِي الدَّابَّةِ كَمَا فِي الْحَدِيدِ وَالْقُطْنِ فَإِنَّهُ يَتَثَاقَلُ بِالرِّيحِ (نَعَمْ لَوْ قَالَ) أَجَرَتْكهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا (مِائَةَ رِطْلٍ مِمَّا شِئْت) بَلْ وَبِدُونٍ مِمَّا شِئْت كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ قَطْعِ الْأَصْحَابِ وَالْأَصْلِ عَنْ حُذَّاقِ الْمَرَاوِزَةِ (صَحَّ) الْعَقْدُ وَيَكُونُ رِضًا مِنْهُ بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْوَزْنِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِبَيَانِ مَحَلِّ عَدَمِ الْخِلَافِ (وَحَسَبَ) مِنْ الْمِائَةِ (الظَّرْفَ كَقَوْلِهِ) أَجَرَتْكهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا (مِائَةَ رِطْلٍ حِنْطَةً بِظَرْفِهَا) فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِزَوَالِ الْغَرَرِ بِذِكْرِ الْوَزْنِ وَيَحْسُبُ مِنْهَا ظَرْفَهَا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ وَزْنَهُ (فَإِنْ قَالَ) لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا (مِائَةَ رِطْلٍ حِنْطَةً) أَوْ مِائَةَ قَفِيزٍ حِنْطَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (لَمْ يَحْسُبْ الظَّرْفَ) لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ (فَتُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ) بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِالْوَصْفِ (إنْ كَانَ يَخْتَلِفُ) وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ ثَمَّ غَرَائِرُ مُتَمَاثِلَةٌ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِهَا حُمِلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا (أَوْ قَالَ لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شِئْت أَوْ لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ صَاعٍ مِمَّا شِئْت لَمْ يَصِحَّ) لِلْإِضْرَارِ بِهَا بِخِلَافِ مِائَةِ رِطْلٍ مِمَّا شِئْت كَمَا مَرَّ لِأَنَّ اخْتِلَافَ التَّأْثِيرِ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْوَزْنِ يَسِيرٌ بِخِلَافِ الْكَيْلِ وَأَيْنَ ثِقَلُ الْمِلْحِ مِنْ ثِقَلِ الذُّرَةِ. (وَلَوْ قَالَ اسْتَأجَرْتُكَهَا لِتَحْمِلَ) عَلَيْهَا (صَاعًا) وَفِي نُسْخَةٍ لِحَمْلِ صَاعٍ (بِدِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ مِنْهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ عَلَى أَنَّ مَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ (لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ) وَكَذَا لَوْ قَالَ لِتَحْمِلَ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ لِتَحْمِلَ) عَلَيْهَا (هَذِهِ الصُّبْرَةَ - وَهِيَ عَشَرَةُ آصُعٍ - كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنْ زَادَ) ذَلِكَ (فَبِحِسَابِهِ صَحَّ) الْعَقْدُ (فِي الْعَشَرَةِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا وَلَوْ قَالَ لِتَحْمِلَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ صَاعًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ كَمَا لَوْ بَاعَ كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِ الدَّابَّةِ وَصِفَتِهَا فِي الْحَمْلِ) أَيْ فِي إيجَارِهَا لَهُ إجَارَةَ ذِمَّةٍ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِيهَا فِي الرُّكُوبِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَحْصِيلُ الْمَتَاعِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِحَالِ حَامِلِهِ (إلَّا) فِي الْإِجَارَةِ (لِلزُّجَاجِ) أَيْ حَمْلِ الزُّجَاجِ (وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُسْرِعُ انْكِسَارُهُ كَالْخَزَفِ فَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِالْحَامِلِ وَكَذَا إذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ وَحْلٌ أَوْ طِينٌ قَالَهُ الْقَاضِي قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَنْظُرُوا فِي سَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ إلَى تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِكَيْفِيَّةِ سَيْرِ الدَّابَّةِ سُرْعَةً وَبُطْئًا وَقُوَّةً وَضَعْفًا وَلَوْ نَظَرُوا إلَيْهَا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَعَلَّ عَدَمَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَنَازِلَ تَجْمَعُهُمْ، وَالْعَادَةُ تُبَيِّنُ ذَلِكَ وَالضَّعْفُ فِي الدَّابَّةِ عَيْبٌ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى الْبُطْءِ وَعَدَمِهِ وَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ (وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ) الدَّابَّةِ (الْمُعَيَّنَةِ) كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْمُؤَجَّرَةِ لِلرُّكُوبِ. (فَرْعٌ وَتُقْسَمُ الْأُجْرَةُ فِي حَمْلِ الصُّبْرَةِ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ اسْتَأْجَرَ لِلرُّكُوبِ دَابَّةً مُعَيَّنَةً] قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَتَقَيَّدُ اعْتِبَارُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (وَقَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ وَالْعَمَلِ مَعًا) إذْ فِي قَوْلِ الْمُؤَجِّرِ تَسِيرُ بِهَا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَكَانِ كَذَا إلَى مَكَانِ كَذَا جَمْعٌ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ ذَلِكَ قَضِيَّتَهُ لِعَطْفِهِ بِأَوْ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْبَيَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ لَا بُدَّ فِي إيجَارِ الدَّابَّةِ إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ مِنْ رُؤْيَةِ الْمَحْمُولِ] (قَوْلُهُ: بَلْ وَبِدُونٍ مِمَّا شِئْت) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ عَنْ حُذَّاقِ الْمَرَاوِزَةِ) قِيلَ حَكَاهُ حِكَايَةَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إذَا أَهْمَلَ ذِكْرَ الْجِنْسِ إلَّا إذَا قَالَ احْمِلْ مِائَةً مِمَّا شِئْت. (قَوْلُهُ: صَحَّ كَمَا لَوْ بَاعَ إلَخْ) الصِّحَّةُ فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ صَاعًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ فِي صَاعٍ فَقَطْ. [فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِ الدَّابَّةِ وَصِفَتِهَا فِي إيجَارِهَا] (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 عَلَى صِيعَانِهَا كَتَقْسِيمِ الثَّمَنِ عَلَيْهَا فِي الْبَيْعِ وَقَدْ سَبَقَ) ثَمَّ (بَيَانُهُ) ضِمْنًا لَا صَرِيحًا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. [فَصْلٌ اسْتَأْجَرَهُ شَخْصًا لِسَقْيِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ] (فَصْلٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ شَخْصًا (لِسَقْيِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ) بِدَلْوٍ أَوْ نَحْوِهَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ عَلَى دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ (اُشْتُرِطَ) لِلصِّحَّةِ (مَعْرِفَةُ الدُّولَابِ وَالدَّلْوِ وَ) مَوْضِعِ (الْبِئْرِ وَعُمْقِهَا بِالْمُشَاهَدَةِ) لَهَا (أَوْ وَصْفِ مَا تَنْضَبِطُ) هِيَ (بِهِ لَا) مَعْرِفَةُ (جِنْسِ الدَّابَّةِ) فِي الْإِجَارَةِ لِذَلِكَ فِي الذِّمَّةِ (وَفِي) الْإِجَارَةِ لَهُ عَلَى الدَّابَّةِ (الْمُعَيَّنَةِ تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهَا) كَمَا فِي الرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ (وَتَتَقَدَّرُ) الْمَنْفَعَةُ فِي ذَلِكَ (بِالزَّمَانِ) كَأَنْ يَقُولَ لِتَسْقِيَ بِهَذِهِ الدَّلْوِ مِنْ هَذِهِ الْبِئْرِ الْيَوْمَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْتَرَطُ - أَيْ حِينَئِذٍ - فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ ذِكْرُ جِنْسِ الدَّابَّةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ سُرْعَةً وَبُطْئًا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ (أَوْ بِالدِّلَاءِ) أَيْ بِعَدَدِهَا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ أَوْ بِالْعَمَلِ كَأَنْ يَقُولَ لِتَسْقِيَ خَمْسِينَ دَلْوًا مِنْ هَذِهِ الْبِئْرِ بِهَذِهِ الدَّلْوِ (لَا بِالْأَرْضِ) لِاخْتِلَافِ رَيِّهَا بِكَيْفِيَّةِ حَالِهَا وَبِحَرَارَةِ الْهَوَاءِ وَبُرُودَتِهِ وَأَعَادَ هُنَا التَّقْدِيرَ بِالزَّمَانِ أَوْ بِالْعَمَلِ لِيَعْطِفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ لَا بِالْأَرْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا قَدَّرَ بِالزَّمَانِ لَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْأَرْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْحِرَاثَةِ بِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْعَمَلِ فِي السَّقْيِ بِاخْتِلَافِ الْأَرْضِ صَلَابَةً وَرَخَاوَةً بِخِلَافِهِ فِي الْحِرَاثَةِ. (وَيُشْتَرَطُ فِي الْحِرَاثَةِ) أَيْ فِي الِاسْتِئْجَارِ لَهَا (مَعْرِفَةُ الْأَرْضِ) بِالرُّؤْيَةِ أَوْ الْوَصْفِ لِاخْتِلَافِهَا صَلَابَةً وَرَخَاوَةً قَالَ فِي الْأَصْلِ وَتُقَدَّرُ الْمَنْفَعَةُ بِالزَّمَانِ بِأَنْ يَقُولَ لِتَحْرُثَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ الشَّهْرَ أَوْ بِالْعَمَلِ بِأَنْ يَقُولَ لِتَحْرُثَ هَذِهِ الْقِطْعَةَ أَوْ إلَى مَوْضِعِ كَذَا مِنْهَا (فَإِنْ وَرَدَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ لِلْحَرْثِ (عَلَى الْعَيْنِ أَوْ) فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ (قَدَّرَ الْحَرْثَ فِيهَا بِزَمَانٍ وَجَبَ مَعْرِفَةُ الدَّابَّةِ) لِاخْتِلَافِ الْعَمَلِ بِاخْتِلَافِ حَالِهَا (لَا إنْ قَدَّرَ بِالْأَرْضِ) فَلَا يَجِبُ مَعْرِفَتُهَا. (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الدِّيَاسَةِ وَالطَّحْنِ) أَيْ الِاسْتِئْجَارِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (مَعْرِفَةُ جِنْسِ مَا يُدَاسُ وَيُطْحَنُ) لِاخْتِلَافِ الْعَمَلِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا بَيِّنٌ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِالْعَمَلِ لَا بِالزَّمَانِ وَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالدِّيَاسِ إلَى قَوْلِهِ الدِّيَاسَةِ لِيَسْلَمَ مِنْ التَّسَامُحِ فَقَدْ قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ الدِّيَاسَةُ فِي الطَّعَامِ إنْ تُوطَأَ بِقَوَائِمِ الدَّوَابِّ وَأَمَّا الدِّيَاسُ فَهُوَ صَقْلُ السَّيْفِ وَاسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ إيَّاهُ فِي مَوْضِعِ الدِّيَاسَةِ تَسَامُحٌ أَوْ وَهْمٌ. اهـ. (وَفِي اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الدَّابَّةِ) لِلدِّيَاسَةِ أَوْ الطَّحْنِ (مَا) مَرَّ (فِي الْحِرَاثَةِ) مِنْ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ (وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَكُلُّ مَا يَتَفَاوَتُ بِهِ الْغَرَضُ وَلَا يُتَسَامَحُ بِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ يُشْتَرَطُ تَعْرِيفُهُ) . (فَصْلٌ) . (الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ) فِي الْإِجَارَةِ (هُوَ الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ الْمُسْتَوْفَى مِنْهَا) الْمَنْفَعَةُ لِأَنَّهَا الَّتِي تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ وَيُتَصَرَّفُ فِيهَا وَلَيْسَتْ الْعَيْنُ كَذَلِكَ وَقِيلَ هُوَ الْعَيْنُ الْمَذْكُورَةُ لِإِضَافَةِ اللَّفْظِ إلَيْهَا غَالِبًا وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ وَمَوْرِدُ الْعَقْدِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ عَيْنًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً فَمُلْحَقَةٌ بِالْمَوْجُودَةِ وَلِهَذَا صَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَجَازَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ دَيْنًا وَلَوْلَا إلْحَاقُهَا بِالْمَوْجُودَةِ لَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ خِلَافًا مُحَقَّقًا لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِالثَّانِي لَا يَعْنِي بِهِ أَنَّ الْعَيْنَ تُمْلَكُ بِالْإِجَارَةِ كَمَا تُمْلَكُ بِالْبَيْعِ وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ الْعَيْنِ بِالْكُلِّيَّةِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَلْ هُوَ خِلَافٌ مُحَقَّقٌ فَفِي الْبَحْرِ وَجَّهَ أَنَّ حُلِيَّ الذَّهَبِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ بِالذَّهَبِ وَحُلِيَّ الْفِضَّةِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ بِهَا وَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ إلَّا التَّخْرِيجَ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَذَكَرَ زِيَادَتَهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ غَيْرُهُ وَأَيْضًا الْخِلَافُ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ تُقْسَمُ الْأُجْرَةُ فِي حَمْلِ الصُّبْرَةِ عَلَى صِيعَانِهَا] قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْحِرَاثَةِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْحِرَاثَةِ وَالِاسْتِقَاءِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَرْثَ يُخَالِفُ الِاسْتِقَاءَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيرُ الْحَرْثِ بِالْمَسَافَةِ كَالْمِقْدَارِ وَالْحَرْثِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِقَاءِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ الثَّانِي أَنَّ الْأَرْضَ تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فِي الصَّلَابَةِ وَالرَّخَاوَةِ فَاشْتُرِطَ التَّنْصِيصُ عَلَى جِنْسِ الدَّابَّةِ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحِرَاثَةِ مِمَّا يُؤَدِّي إلَى جَفَافِ الْأَرْضِ وَتَأْخِيرِ نَبَاتِهَا وَأَمَّا السَّقْيُ فَلَيْسَ إلَّا إخْرَاجُ الدَّلْوِ مِنْ الْبِئْرِ وَجَمِيعُ الدَّوَابِّ فِي الْغَالِبِ تَقْوَى عَلَى ذَلِكَ بَلْ كَثِيرًا مَا يُسْتَغْنَى فِيهِ عَنْ الدَّابَّةِ لِأَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَقْدِرُ عَلَى الِاسْتِقَاءِ بِنَفْسِهِ فَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ التَّنْصِيصُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الِاسْتِقَاءِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْعَيْنِ) أَيْ عَيْنِ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ مَعْرِفَةُ الدَّابَّةِ) أَيْ مَعْرِفَةُ الْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا بَيِّنٌ إذَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ] (قَوْلُهُ: قَالَ غَيْرُهُ وَأَيْضًا الْخِلَافُ إلَخْ) الثَّالِثَةُ إذَا قَالَ أَجَّرْتُك مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ فَوَجْهَانِ يُتَّجَهُ بِنَاؤُهُمَا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، الرَّابِعَةُ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا بِعَيْنِهِ عَلَى تَعْلِيمِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْأَجِيرُ لَا يَعْرِفُ كُلَّ ذَلِكَ فِي الْحَالِ بَلْ يَعْرِفُ مِنْهُ مَا لِمِثْلِهِ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ إنْ قُلْنَا مَوْرِدُهَا الْمَنْفَعَةُ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهَا مَعْدُومَةٌ وَإِنْ قُلْنَا الْعَيْنُ صَحَّتْ لِوُجُودِهَا الْخَامِسَةُ إجَارَةُ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ فِيهَا وَجْهَانِ قَالَ الْجِيلِيُّ هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ مَوْرِدَ الْإِجَارَةِ مَاذَا؟ إنْ قُلْنَا الْعَيْنُ امْتَنَعَتْ، أَوْ الْمَنْفَعَةُ صَحَّتْ وَكَلَامُ الْفُورَانِيِّ يُشِيرُ إلَى هَذَا الْبِنَاءِ وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ لَا يُتَّجَهُ هَذَا التَّخْرِيجُ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِإِجَارَةِ الْحُرِّ وَزَادَ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ السَّادِسَةُ إجَارَةُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، أَوْ الْمُصْحَفِ مِنْ كَافِرٍ إنْ قُلْنَا الْعَيْنُ لَمْ تَصِحَّ، أَوْ الْمَنْفَعَةُ صَحَّتْ ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ السَّابِعَةُ إذَا أَجَّرَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ إنْ قُلْنَا الْعَيْنُ صَحَّتْ أَوْ الْمَنْفَعَةُ فَلَا، الثَّامِنَةُ إجَارَةُ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ قُلْنَا الْعَيْنُ لَمْ تَصِحَّ، أَوْ الْمَنْفَعَةُ صَحَّتْ وَمِثْلُهُ إجَارَةُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ الْمَنْعُ وَإِنْ قُلْنَا الْمَنْفَعَةُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَقْتَضِي تَسْلِيمَ الْعَيْنِ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، التَّاسِعَةُ إذَا أَتْلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا تَنْفَسِخُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَتَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ بِفِعْلِهِ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ الْعَيْنُ، الْعَاشِرَةُ إذَا اسْتَأْجَرَ عَبْدًا أَوْ حُرًّا لِعَمَلٍ فَحَصَلَ لَهُ مَرَضٌ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يَنْقُصُ الْعَيْنَ لَا الْمَنْفَعَةَ تَخَيَّرَ إنْ قُلْنَا إنَّهُ الْعَيْنُ، الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ أَقَرَّ الْمُكْرِي بِالدَّارِ لِلْغَاصِبِ فَفِي قَبُولِ إقْرَارِهِ لِلرَّقَبَةِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الْقَبُولُ وَيُشْبِهُ بِنَاؤُهُمَا عَلَى هَذَا إنْ قُلْنَا الْمَنْفَعَةُ صَحَّ، أَوْ الْعَيْنُ فَلَا، الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ إذَا قَالَ أَجَّرْتُك مَنْفَعَةَ هَذِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ قُلْنَا: مَوْرِدُهَا الْعَيْنُ لَمْ يَصِحَّ إيرَادُ عَقْدٍ آخَرَ عَلَيْهَا، أَوْ: الْمَنْفَعَةُ جَازَ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُ الْعَقْدِ) وَضْعًا أَوْ عُرْفًا (فَعَلَى الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْحَضَانَةِ حِفْظُ الصَّبِيِّ وَتَعَهُّدُهُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَتَطْهِيرِهِ) مِنْ النَّجَاسَاتِ (وَتَدْهِينِهِ وَتَكْمِيلِهِ وَإِضْجَاعِهِ) فِي الْمَهْدِ وَنَحْوِهِ (وَرَبْطِهِ وَتَحْرِيكِهِ لِلنَّوْمِ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِاقْتِضَاءِ اسْمِ الْحَضَانَةِ عُرْفًا لِذَلِكَ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَهُوَ مَا تَحْتَ الْإِبْطِ وَمَا يَلِيهِ (وَلَا يَسْتَتْبِعُ وَاحِدٌ مِنْ الْإِرْضَاعِ وَالْحَضَانَةِ الْآخَرَ) فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ (وَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهِمَا فَانْقَطَعَ اللَّبَنُ انْفَسَخَ الرَّضَاعُ) بِمَعْنَى الْإِرْضَاعِ أَيْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ (لَا الْحَضَانَةُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ وَيَسْقُطُ قِسْطُ الْإِرْضَاعِ مِنْ الْأُجْرَةِ (وَعَلَى الْمُرْضِعَةِ الْفِدَاءُ بِمَا يُدِرُّهَا) أَيْ يُدِرُّ لَبَنَهَا (وَتُطَالَبُ بِهِ) أَيْ وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يُطَالِبَهَا بِمَا يُدِرُّ لَبَنَهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قُلْت وَالصَّيْمَرِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: إنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ أَكْلِ مَا يَضُرُّ بِاللَّبَنِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُمْ فِي النَّفَقَاتِ لِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ تَنَاوُلِ مَا يَضُرُّ بِهَا. (وَالْمُعْتَمَدُ فِي حِبْرِ النُّسَّاخِ، وَخَيْطِ الْخَيَّاطِ، وَصِبْغِ الصَّبَّاغِ، وَذَرُورِ الْكَحَّالِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مَا يُذَرُّ فِي الْعَيْنِ (وَطَلْعِ التَّلْقِيحِ الْعُرْفُ فَإِنْ اخْتَلَفَ) أَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَجَبَ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ (ذِكْرُهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ وَلَا يَجِبُ تَقْدِيرُهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ كَاللَّبَنِ (فَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ) أَيْ ذِكْرَهُ بِأَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُرْفُ (فَشَرَطَهُ بِلَا تَقْدِيرٍ بَطَلَ) الْعَقْدُ لِأَنَّ اللَّفْظَ عِنْدَ تَرَدُّدِ الْعَادَةِ وَعَدَمِ التَّقْيِيدِ يَلْتَحِقُ بِالْمُجْمَلِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّرَهُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ اتِّبَاعِ الْعُرْفِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْإِجَارَةِ وَأَمْرُ اللَّبَنِ وَنَحْوِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلضَّرُورَةِ وَاسْتَدْرَكَ فِي الْمِنْهَاجِ عَلَيْهِ بِالْأَوَّلِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى الذِّمَّةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَيْنِ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ نَفْسِ الْعَمَلِ وَقَطَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى مُدَّةٍ وَجَوَّزَ التَّرَدُّدَ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى عَمَلٍ وَكَالْمَذْكُورَاتِ فِيمَا ذُكِرَ قَلَمُ النُّسَّاخِ وَمِرْوَدُ الْكَحَّالِ وَإِبْرَةُ الْخَيَّاطِ وَنَحْوُهَا. (فَصْلٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَحَدَثَ فِيهَا عَيْبٌ يَنْقُصُ الْمَنْفَعَةَ) كَمَيْلِ جِدَارٍ وَكَسْرِ سَقْفٍ وَتَعَسُّرِ فَتْحِ غَلْقٍ (أَوْ قَارَنَ) الْعَيْبُ (الْعَقْدَ) كَأَنْ أَجَّرَ دَارًا لَا بَابَ لَهَا وَلَا مِيزَابَ (وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ) عِنْدَ الْعَقْدِ (فَلَهُ الْخِيَارُ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُخِلٌّ بِالِانْتِفَاعِ (إلَّا إنْ بُودِرَ إلَى إصْلَاحِهِ) فَلَا خِيَارَ لَهُ أَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْمُقَارِنِ فَلَا خِيَارَ لَهُ مُطْلَقًا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ مُوَطِّنٌ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ يُزِيلُهُ وَالضَّرَرُ يَتَجَدَّدُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَفِي إلْزَامِهِ الْبَقَاءَ مَعَ مُصَابَرَةِ الضَّرَرِ عُسْرٌ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ امْتِلَاءِ الْخَلَاءِ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُكْتَرِي كَمَا سَيَأْتِي وَلَمْ يَخُصُّوهُ بِحَالَةِ الْجَهْلِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْآخَرَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْجَهْلِ فَلَا إشْكَالَ (وَلَوْ وَكَفَ) أَيْ قَطَرَ سَقْفُ الْبَيْتِ (مِنْ الْمَطَرِ) لِتَرْكِ التَّطْيِينِ (فَلَهُ الْخِيَارُ) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ انْقَطَعَ) الْمَطَرُ وَلَمْ يَحْدُثْ بِسَبَبِهِ نَقْصٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (سَقَطَ خِيَارُهُ وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى الْإِصْلَاحِ) لِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ (وَلَوْ قَلَّ كَتَعَسُّرِ) فَتْحِ (الْغَلْقِ) لِمَا فِيهِ مِنْ إلْزَامِ عَيْنٍ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْعَقْدُ وَقِيلَ يُجْبَرُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ غُصِبَتْ) .   [حاشية الرملي الكبير] الدَّارِ فَوَجْهَانِ يُتَّجَهُ بِنَاؤُهُمَا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ قَالَ شَيْخُنَا يُجَابُ بِأَنَّ الْخِلَافَ وَإِنْ كَانَ لَهُ فَوَائِدُ لَكِنَّهُ لَيْسَ خِلَافًا مُحَقَّقًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِمَا قَالَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَفِيهِ طَرَفَانِ] [الطَّرَف الْأَوَّل فِيمَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُ الْعَقْدِ وَضْعًا أَوْ عُرْفًا] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ) (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْوَطْءِ خَوْفُ الْإِحْبَالِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ فِي حِبْرِ النُّسَّاخِ إلَخْ) فِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ مَرْهَمُ الْجَرَائِحِيِّ وَصَابُونُ وَمَاءُ الْغَسَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَمَّا الْأَقْلَامُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عَلَى النَّاسِخِ كَإِبْرَةِ الْخَيَّاطِ لِلْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ بِهَا. (تَنْبِيهٌ) : إذَا أَوْجَبْنَا الْخَيْطَ عَلَى الْخَيَّاطِ، أَوْ الصِّبْغَ عَلَى الصَّبَّاغِ فَهَلْ نَقُولُ إنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ يَمْلِكُ مِلْكَ الْأَعْيَانِ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِي الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ تَصَرُّفًا وَارِدًا عَلَى الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ مَعًا، أَوْ أَنَّ الْأَجِيرَ أَتْلَفَهَا عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ الْمَاءُ الَّذِي لِلْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِ الْأَرْضِ وَيَنْتَفِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِسَقْيِهِ وَمِثْلُهُ اللَّبَنُ وَالْكُحْلُ وَحَطَبُ الْخَبَّازِ، وَأَمَّا الْخَيْطُ وَالصِّبْغُ فَالضَّرُورَةُ تُحْوِجُ إلَى تَقْدِيرِ نَقْلِ الْمِلْكِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا أَوْجَبْنَا الْخَيْطَ وَالصِّبْغَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَهَلْ نَقُولُ: إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ كَالثَّوْبِ، أَوْ إنَّ الْمُؤَجِّرَ أَتْلَفَهُ عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ وَقَرِيبٌ مِنْهُ الْكَلَامُ فِي مَاءِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلزَّرْعِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ لِنَفْسِهِ وَفِي اللَّبَنِ وَالْكُحْلِ كَذَلِكَ وَأَمَّا الْخَيْطُ وَالصِّبْغُ فَالضَّرُورَةُ تُحْوِجُ إلَى تَقْدِيرِ نَقْلِ الْمِلْكِ وَأَلْحَقُوا بِمَا تَقَدَّمَ الْحَطَبَ الَّذِي يَقُدُّهُ الْخَبَّازُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَتْلَفُ عَلَى مِلْكِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: يَمْلِكُهُ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّ الْأَجِيرَ عَلَى صَبْغِ الثَّوْبِ بَائِعٌ لِصِبْغِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّ هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ لَا سِيَّمَا وَالْمَبِيعُ مَجْهُولُ الْعَيْنِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا تَابِعٌ كَاللَّبَنِ فَإِنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْإِجَارَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ وَالْعَيْنِ. [فَصْلٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَحَدَثَ فِيهَا عَيْبٌ يَنْقُصُ الْمَنْفَعَةَ] (قَوْلُهُ: وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ امْتِلَاءِ الْخَلَاءِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ اسْتِيفَاءَ مَنْفَعَةِ السُّكْنَى يَكَادُ أَنْ يَتَوَقَّفَ عَلَى تَفْرِيغِ الْخَلَاءِ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ قَدْ يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِدُونِ إزَالَةِ الْكُنَاسَةِ وَالرَّمَادِ بِخِلَافِ تَنْقِيَةِ الْبَالُوعَةِ وَالْحَشِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى الْإِصْلَاحِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمَالِكُ مَا لَوْ أَجَّرَ مِلْكَ مَحْجُورِهِ أَوْ وَقْفًا لِنَظَرِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَعْمُرْهُ لِفَسْخِ الْمُسْتَأْجِرِ وَتَعَطُّلِ وَتَضَرُّرِ الْمَحْجُورِ، أَوْ مُسْتَحِقِّ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعِمَارَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 الْعَيْنُ (الْمُعَيَّنَةُ وَقَدَرَ الْمَالِكُ عَلَى الِانْتِزَاعِ) لَهَا (لَزِمَهُ) كَمَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا بَعْدَ ذِكْرِهِ خِلَافًا لَا تَرْجِيحَ فِيهِ مُصَدَّرًا بِالْقَوْلِ بِعَدَمِ لُزُومِ انْتِزَاعِهَا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مَا بَحَثَهُ هُنَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْهَا الْحَرِيقَ وَالنَّهْبَ وَغَيْرَهُمَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ فِيمَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ أَوْ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ أَوْ لِعَدَمِ الْكُلْفَةِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اللُّزُومِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَكْثَرِ وَنَقَلَ مُقَابِلَهُ عَنْ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (كَانَتْ) أَيْ الْعَيْنُ (فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَنْتَزِعْهَا) مِنْ الْغَاصِبِ (أَبْدَلَ بِهَا) غَيْرَهَا. (فَرْعٌ وَالْمِفْتَاحُ) أَيْ مِفْتَاحُ الْغَلْقِ الْمُثَبَّتِ يَجِبُ (عَلَى الْمُؤَجِّرِ) تَسْلِيمُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَلِأَنَّهُ تَابِعٌ لِغَلْقِهِ (وَالْمُسْتَأْجِرُ أَمِينٌ عَلَيْهِ) فَلَا يَضْمَنُهُ بِتَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ (وَإِنْ ضَاعَ) مِنْهُ (وَلَمْ يُبْدِلْهُ الْمَالِكُ) لَهُ (ثَبَتَ) لَهُ (الْفَسْخُ) فَإِبْدَالُهُ مِنْ وَظِيفَةِ الْمَالِكِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ (وَلَا يَسْتَحِقُّ) الْمُسْتَأْجِرُ (الْقُفْلَ) الْمَنْقُولَ (وَمِفْتَاحَهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ) الْقَفْلُ وَالْفَتْحُ بِهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِ الْمَنْقُولِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْعَقَارِ (وَلَا يَثْبُتُ) لَهُ (بِمَنْعِهِ) مِنْهُمَا (الْفَسْخُ) لِمَا قُلْنَا. [فَصْلٌ تَنْظِيفُ الْأَتُّونِ مِنْ الرَّمَادِ وَالدَّارِ مِنْ كُنَاسَةٍ حَدَثَتْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ] (فَصْلٌ تَنْظِيفُ الْأَتُّونِ مِنْ الرَّمَادِ وَالدَّارِ مِنْ كُنَاسَةٍ حَدَثَتْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الدَّوَامِ وَالِانْتِهَاءِ) لِحُصُولِ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ بِخِلَافِ الْحَادِثَةِ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْصُلْ بِفِعْلِهِ وَبِخِلَافِ الْمَوْجُودَةِ فِي الِابْتِدَاءِ فَإِنَّهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَذِكْرُ حُكْمِ الِانْتِهَاءِ فِي الرَّمَادِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا لَهُ مِنْ حُكْمِ الْكُنَاسَةِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّهُ كَحُكْمِ رَمَادِ الْحَمَّامِ وَسَيَأْتِي وَفَسَّرُوا الْكُنَاسَةَ بِمَا يَسْقُطُ مِنْ الْقُشُورِ وَالطَّعَامِ وَنَحْوِهِمَا (وَتَفْرِيغُ الْحَشِّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا أَيْ السُّنْدَاسِ (وَالْبَالُوعَةِ وَمُنْتَقَعِ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمُسْتَنْقَعِ (الْحَمَّامِ مِنْ وَظِيفَةِ الْمَالِكِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً لَا فِي الدَّوَامِ) فَإِنَّهُ مِنْ وَظِيفَةِ الْمُسْتَأْجِرِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ لِحُصُولِ مَا فِيهَا بِفِعْلِهِ وَفَارَقَ حُكْمُ الِانْتِهَاءِ هُنَا حُكْمَهُ فِيمَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْحَادِثَ هُنَا مَعَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ ضَرُورِيٌّ بِخِلَافِهِ ثَمَّ (وَكَسْحُ) أَيْ كَنْسُ (ثَلْجِ السَّطْحِ لَا الْعَرْصَةِ فِي الدَّوَامِ عَلَى الْمَالِكِ) لِأَنَّهُ كَعِمَارَةِ الدَّارِ بِخِلَافِ كَنْسِ الْعَرْصَةِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَثُفَ لِلتَّسَامُحِ بِهِ عُرْفًا وَتَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِالْمُؤَجِّرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْمَالِكِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا قَالُوهُ فِي ثَلْجِ السَّطْحِ مَحَلُّهُ فِي دَارٍ لَا يَنْتَفِعُ سَاكِنُهَا بِسَطْحِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ جَمَلُونَاتٍ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَالْعَرْصَةِ قَالَ وَلَوْ كَانَ التُّرَابُ أَوْ الرَّمَادُ أَوْ الثَّلْجُ الْخَفِيفُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ إزَالَتَهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ إذْ بِهِ يَحْصُلُ التَّسْلِيمُ التَّامُّ (وَهَلْ رَمَادُ الْحَمَّامِ) فِي الِانْتِهَاءِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَصْلِهِ (كَمُسْتَنْقَعِهِ) فَيَكُونَ نَقْلُهُ مِنْ وَظِيفَةِ الْمَالِكِ (أَوْ كَالْكُنَاسَةِ) فَيَكُونَ مِنْ وَظِيفَةِ الْمُسْتَأْجِرِ (وَجْهَانِ) أَفْقَهُهُمَا عِنْدَ ابْنِ الرِّفْعَةِ الثَّانِي وَتَقْيِيدُهُ بِرَمَادِ الْحَمَّامِ مِنْ تَصَرُّفِهِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ فِيمَا مَرَّ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ مَا ذُكِرَ عَلَى الْمَالِكِ وَالْمُسْتَأْجِرِ إجْبَارَهُ عَلَيْهِ بَلْ أَنَّهُ مِنْ وَظِيفَتِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ حَتَّى إذَا تَرَكَ الْمَالِكُ مَا عَلَيْهِ ثَبَتَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ مَا عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَ انْتِفَاعُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ. (فَرْعٌ يُمْنَعُ الْمُسْتَأْجِرُ) دَارًا (لِلسُّكْنَى مِنْ طَرْحِ التُّرَابِ) وَالرَّمَادِ (فِي أَصْلِ حَائِطِ الدَّارِ وَ) مِنْ (رَبْطِ الدَّابَّةِ فِيهَا) أَيْ فِي الدَّارِ نَعَمْ إنْ اُعْتِيدَ رَبْطُهَا فِيهَا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (لَا) مِنْ (وَضْعِ الْأَمْتِعَةِ) فِيهَا (وَلَوْ) كَانَتْ مِنْ (مَا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ) بِالْفَأْرِ وَنَحْوِهِ كَالْأَطْعِمَةِ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ " الْفَسَادُ " " الْفَأْرُ ". [فَصْلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا شِرْبٌ مَعْلُومٌ] (فَصْلٌ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ) وَلَهَا شِرْبٌ مَعْلُومٌ (لَمْ يَدْخُلْ شِرْبُهَا) فِي الْعَقْدِ (إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ) مُطَّرَدٍ (فَإِنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ) فِيهِ بِأَنْ كَانَتْ تُكْرَى وَحْدَهَا تَارَةً وَمَعَ الشِّرْبِ أُخْرَى (أَوْ اسْتَثْنَى الشِّرْبَ لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِلِاضْطِرَابِ فِي الْأَوَّلِ وَكَمَا لَوْ اسْتَثْنَى مَمَرَّ الدَّارِ فِي بَيْعِهَا فِي الثَّانِي (إلَّا إنْ وُجِدَ) شِرْبٌ (غَيْرُهُ) فَيَصِحُّ مَعَ الِاضْطِرَابِ وَالِاسْتِثْنَاءِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِالِاغْتِنَاءِ عَنْ شِرْبِهَا، وَذِكْرُ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي الْأُولَى يَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ لِلْأَرْضِ شِرْبٌ آخَرُ كَمَا تَقَرَّرَ. (فَإِنْ عَيَّنَ الزَّرْعَ) فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لَهُ (وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إدْرَاكِ الزِّرَاعَةِ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ " إدْرَاكِهِ ".   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ مِفْتَاحُ الْغَلْقِ الْمُثَبَّتِ يَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ تَسْلِيمُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ] (قَوْلُهُ: لَا بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ) الْفَرْقُ بَيْنَ التُّرَابِ الْحَاصِلِ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ وَبَيْنَ الثَّلْجِ الْيَسِيرِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ الرَّافِعِيُّ هُوَ أَنَّ التُّرَابَ يَتَكَرَّرُ حُصُولُهُ بِتَكَرُّرِ الْأَيَّامِ فَلَوْ أَوْجَبْنَاهُ لَشَقَّ بِخِلَافِ الثَّلْجِ فَإِنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ يَسِيرًا لَا يَحْصُلُ إلَّا نَادِرًا فِي بَعْضِ السَّنَةِ فَلَا مَشَقَّةَ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي إزَالَتِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقُمَامَاتِ وَالْبَالُوعَةِ أَنَّهُ يُمْكِنُ جَعْلُ الْقُمَامَاتِ وَطَرْحُهَا خَارِجَ الدَّارِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ جَعْلِ الْبَوْلِ فِي إنَاءٍ وَإِخْرَاجِهِ فَإِنَّ فِيهِ مَشَقَّةً ظَاهِرَةً، وَفِيهِ تَنْغِيصٌ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي تَسْلِيمُ بِئْرِ الْحَشِّ وَالْبَالُوعَةِ فَارِغَتَيْنِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الدَّارِ خَالِيَةً عَنْ الْكُنَاسَةِ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ مَعَ وُجُودِهَا (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ) هُوَ كَمَا فَهِمَ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا قَالُوهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ رَمَادُ الْحَمَّامِ إلَخْ) قَالَ الْفَتَى وَقَوْلُهُ: وَهَلْ رَمَادُ الْحَمَّامِ كَمُسْتَنْقَعِهِ، أَوْ كَالْكُنَاسَةِ وَجْهَانِ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَزَمَ أَوَّلًا بِأَنَّ الرَّمَادَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَنْقَعَ عَلَى الْمَالِكِ فَكَيْفَ يَأْتِي بَعْدَهُ بِهَذَا التَّرَدُّدِ فَضَرَبْتُ عَلَى قَوْلِهِ " وَهَلْ إلَخْ ". (وَقَوْلُهُ: أَفْقَهُهُمَا عِنْدَ ابْنِ الرِّفْعَةِ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ فِيمَا مَرَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ يُمْنَعُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ طَرْحِ التُّرَابِ وَالرَّمَادِ فِي أَصْلِ حَائِطِ الدَّارِ وَمِنْ رَبْطِ الدَّابَّةِ فِيهَا] (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ شِرْبُهَا إلَّا بِشَرْطٍ، أَوْ عُرْفٍ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَإِذَا دَخَلَ الشِّرْبُ فَهَلْ نَقُولُ يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَاءَ أَوْ لَا بَلْ يَسْقِي بِهِ عَلَى الْمَالِكِ الْمُؤَجِّرِ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 (لِتَقْصِيرٍ) فِي الزِّرَاعَةِ (بِالتَّأْخِيرِ) لَهَا (أَوْ بِزَرْعٍ) آخَرَ (أَبْطَأَ) إدْرَاكًا (مِمَّا عَيَّنَ أَوْ بِزَرْعِهِ ثَانِيًا) بَدَلَ (مَا أَكَلَهُ الْجَرَادُ) وَنَحْوُهُ (قَلَعَ) مَا زَرَعَهُ مَجَّانًا (وَسَوَّى الْأَرْضَ) كَالْغَاصِبِ لَكِنْ (لَا) يَقْلَعُ (قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ فِي الْحَالِ لَهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُؤَجِّرِ (مَنْعُهُ مِنْ زَرْعِ الْأَبْطَأِ) إدْرَاكًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِضِيقِ الْوَقْتِ وَهَذَا قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ قَالَ الْإِمَامُ: وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَرَاوِزَةِ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَإِنَّ لَهُ الْقَلْعَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ قَالَ وَلَيْسَ لِمَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَجْهٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ لَهُ وَجْهًا وَهُوَ أَنَّ الْأَبْطَأَ أَكْثَرُ ضَرَرًا عَلَى الْأَرْضِ (لَا مِنْ) زَرْعِ (الْمُعَيَّنِ) فِي الْعَقْدِ أَيْ وَلَا مَا لَا يُسَاوِيهِ (إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَقَدْ يَقْصِدُ الْقَصِيلَ وَإِنْ تَأَخَّرَ) الْإِدْرَاكُ (لِعُذْرٍ كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ أَكْلِ الْجَرَادِ لِبَعْضِهِ) بِأَنْ أَكَلَ رَأْسَهُ فَنَبَتَ ثَانِيًا فَتَأَخَّرَ لِذَلِكَ (بَقِيَ) الزَّرْعُ (بِالْأُجْرَةِ إلَى الْحَصَادِ وَإِنْ قُدِّرَ) الزَّرْعُ (بِمُدَّةٍ لَا يُدْرِكُ فِيهَا) كَأَنْ اسْتَأْجَرَ لِزِرَاعَةِ الْحِنْطَةِ شَهْرَيْنِ (وَشَرَطَ الْقَلْعَ) بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ (صَحَّ) الْعَقْدُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْقَصِيلَ ثُمَّ إنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْإِبْقَاءِ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ جَازَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ شَرَطَ الْإِبْقَاءَ فَسَدَ) الْعَقْدُ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْقِيتِ وَلِجَهَالَةِ مُدَّةِ الْإِدْرَاكِ وَإِذَا فَسَدَ فَلِلْمَالِكِ مَنْعُهُ مِنْ الزِّرَاعَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ زَرَعَ لَمْ يَقْلَعْ) مَجَّانًا (لِلْإِذْنِ وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا) فِي الْعَقْدِ مِنْ قَلْعٍ وَإِبْقَاءٍ (صَحَّ) الْعَقْدُ لِأَنَّ التَّأْقِيتَ لِحَصْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي مَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ (وَبَقِيَ) الزَّرْعُ (بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ) فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى الْقَلْعِ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْإِبْقَاءُ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِبْقَاءِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ لَزِمَ تَصْحِيحُ الْعَقْدِ إذَا شَرَطَ الْإِبْقَاءَ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَكَأَنَّهُ صَرَّحَ بِمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَهَذَا حَسَنٌ انْتَهَى وَسَأَذْكُرُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ اسْتَأْجَرَ مُدَّةً لِلزِّرَاعَةِ مُطْلَقًا) فَزَرَعَ (وَحَصَلَ التَّأْخِيرُ) لِلْإِدْرَاكِ بِتَقْصِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَكَالْمُعَيَّنِ) فِيمَا مَرَّ (إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ) أَيْ يَمْنَعُهُ الْمَالِكُ (مِنْ زَرْعٍ يَتَعَذَّرُ إدْرَاكُهُ فِي الْمُدَّةِ فَإِنْ زَرَعَ لَمْ يَقْلَعْ إلَى انْقِضَائِهَا) . (فَصْلٌ وَإِنْ قَدَّرَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ) فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لَهُمَا (بِمُدَّةٍ وَشَرَطَ الْقَلْعَ) صَحَّ الْعَقْدُ وَإِذَا بَنَى أَوْ غَرَسَ (قَلَعَ) وُجُوبًا الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ بَعْدَ الْمُدَّةِ (وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ لِنَقْصِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِنَقْصِ الْأَرْضِ، وَلَا تَسْوِيَتَهَا لِتَرَاضِيهِمَا بِالْقَلْعِ (وَلَوْ شَرَطَ الْإِبْقَاءَ) لِذَلِكَ (بَعْدَهَا أَوْ أَطْلَقَ) الْعَقْدَ عَنْ شَرْطِ الْقَلْعِ وَالْإِبْقَاءِ (صَحَّتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي الْإِبْقَاءَ فَلَا يَضُرُّ شَرْطُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَتَأَيَّدُ بِهِ كَلَامُ السَّرَخْسِيِّ فِي الزَّرْعِ قُلْت الْعَاقِدُ ثَمَّ مُقَصِّرٌ بِالتَّضْيِيقِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِيجَارِ مُدَّةً يُدْرِكُ فِيهَا الزَّرْعُ بِخِلَافِهِ هُنَا فَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ الصِّحَّةِ هُنَا الصِّحَّةُ ثَمَّ، وَيُلْحَظُ فِي تَعْلِيلِي الْفَسَادَ - فِيمَا إذَا شَرَطَ الْإِبْقَاءَ ثَمَّ - تَقْصِيرُ الْعَاقِدِ أَيْضًا وَقَضِيَّةُ الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَقْلَعُ مَجَّانًا وَهُوَ مَا نُقِلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ ثُمَّ مَحَلُّهَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْإِبْقَاءَ عَلَى التَّأْبِيدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَقْلَعُ أَصْلًا فَإِنْ شَرَطَهُ كَذَلِكَ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لِتَضَمُّنِهَا إلْزَامَ الْمُكْرِي التَّأْبِيدَ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الصُّورَتَيْنِ (بَعْدَ الْمُدَّةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ رَجَعَ) الْمُؤَجِّرُ (فَلَهُ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ) وَقَبْلَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَتَفْصِيلُهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ الْقَلْعُ بِلَا نَقْصٍ فَعَلَ وَإِلَّا فَإِنْ اخْتَارَهُ الْمُسْتَأْجِرُ -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ زَرْعِ الْأَبْطَأِ مُطْلَقًا) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُعَيَّنِ إذَا ضَاقَ وَقْتُهُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُنَا يُمْكِنُهُ زِرَاعَةُ مَا يُدْرِكُ فِي الْمُدَّةِ فَعُدُولُهُ إلَى غَيْرِهِ عَبَثٌ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ لِزِرَاعَةِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْمَالِكِ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا إلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنْ يَتَقَيَّدَ مَحَلُّ الْمَنْعِ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ زِرَاعَةُ مَا يُمْكِنُ إدْرَاكُهُ فِي الْمُدَّةِ فَلَوْ أَخَّرَ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ شَيْءٌ مِمَّا يَزْرَعُ وَأَرَادَ الزَّرْعَ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا بَلْ يَكُونُ كَالْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ لَهُ وَجْهًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْإِبْقَاءِ مَجَّانًا إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ كَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْقِدَا عَقْدًا آخَرَ، أَوْ يَتَرَاضَيَا بِإِبْقَائِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَازُ مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ تَبْقِيَةِ الْأَحْكَارِ بِيَدِ أَرْبَابِهَا بِغَيْرِ عَقْدٍ وَتُؤْخَذُ الْأُجْرَةُ مِنْهُمْ فِي أَقْسَاطِهَا وَكَذَا تَسْلِيمُ الدَّارِ لِمَنْ يَسْكُنُهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ لَازِمٍ وَأَنَا أَتَوَقَّفُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا مَاءٌ مَعْلُومٌ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَاسْتَمَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ وَالْمَاءِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَرْضٍ مِثْلِهَا لَهَا ذَلِكَ الْمَاءُ وَلَا نَقُولُ لَهُ مِثْلُ الْمَاءِ وَأُجْرَةُ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: وَسَأَذْكُرُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ قَدَّرَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لَهُمَا بِمُدَّةٍ وَشَرَطَ الْقَلْعَ] (قَوْلُهُ: قُلْت الْعَاقِدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْإِمَامُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ) إذْ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ تَقْتَضِي وُجُودَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يُحْدِثْ انْتِفَاعًا بِهَا بَعْدَهَا وَنَظِيرُ هَذِهِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً شَهْرًا فَتَمَّتْ فِي يَدِهِ شَهْرَيْنِ لَا تَجِبْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا فَتَسَلَّمَهَا وَتَمَّتْ فِي يَدِهِ شَهْرَيْنِ وَهِيَ مَغْلُوقَةٌ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الشَّهْرِ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ الْقَلْعِ، أَوْ التَّمَلُّكِ، أَوْ الْإِبْقَاءِ بِالْأُجْرَةِ لَمْ يَسْقُطْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَإِنْ اخْتَارَهُ الْمُسْتَأْجِرُ إلَخْ) هَذَا التَّخْيِيرُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا مِنْ وَاحِدٍ وَلَمْ يَحْصُلْ وَقْفُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَلَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا مِنْ اثْنَيْنِ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ أَحَدِهِمَا فَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى التَّمْلِيكُ بِالْقِيمَةِ وَيَتَعَيَّنُ الْإِبْقَاءُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقَلْعِ وَغُرْمِ أَرْشِ النَّقْصِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ مُتَعَذَّرٌ إذْ الْقَلْعُ يَرِدُ عَلَى الْجَمِيعِ وَبَعْضُهُ مُسْتَحَقٌّ لِلْإِبْقَاءِ، وَأَمَّا إذَا وَقَفَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَأَرْشُ نَقْصِهَا لِتَصَرُّفِهِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِالْقَلْعِ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَلَعَ قَبْلَ الْمُدَّةِ لَزِمَهُ التَّسْوِيَةُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْهُ لَمْ يَقْلَعْ الْمُؤَجِّرُ مَجَّانًا لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ لَمْ يَشْتَرِطْ قَلْعَهُ وَيَتَخَيَّرُ كَمُعِيرٍ رَجَعَ فِي عَارِيَّتِهِ (وَإِذْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الْقَلْعِ فَهُوَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) فَيُبَاشِرُهُ أَوْ يَبْذُلُ مُؤْنَتَهُ لِأَنَّهُ شَغَلَ الْأَرْضَ فَلْيُفْرِغْهَا (وَإِذَا عَيَّنَ) الْمُؤَجِّرُ (خَصْلَةً) مِمَّا يَتَخَيَّرُ فِيهِ فِي الْعَارِيَّةِ (فَأَبَاهَا الْمُسْتَأْجِرُ كُلِّفَ الْقَلْعَ مَجَّانًا) لِيَرُدَّ الْأَرْضَ كَمَا أَخَذَهَا (وَفَاسِدُ الْإِجَارَةِ يُوجِبُ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (أُجْرَةَ الْمِثْلِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ هُوَ) أَيْ فَاسِدُ الْإِجَارَةِ (كَصَحِيحِهَا فِي التَّخْيِيرِ) لِلْمَالِكِ (وَ) فِي (مَنْعِ الْقَلْعِ مَجَّانًا) . (فَصْلٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ) أَرْضًا (لِزِرَاعَةِ جِنْسٍ) أَوْ نَوْعٍ مُعَيَّنٍ (زَرَعَ مِثْلَهُ وَدُونَهُ فِي الضَّرَرِ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ الْأَرْضِ، وَالْمَزْرُوعَ طَرِيقٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ فَلَا يَتَعَيَّنُ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى غَيْرِهِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِغَيْرِهِ (لَا مَا فَوْقَهُ) كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ (فَالْحِنْطَةُ فَوْقَ الشَّعِيرِ) ضَرَرًا (وَالذُّرَةُ وَالْأُرْزُ فَوْقَهُمَا) أَيْ فَوْقَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ ضَرَرًا لِأَنَّ لِلذُّرَةِ عُرُوقًا غَلِيظَةً تَنْتَشِرُ فِي الْأَرْضِ وَتَسْتَوْفِي قُوَّتَهَا وَالْأُرْزُ يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ الدَّائِمِ وَهُوَ يُذْهِبُ قُوَّةَ الْأَرْضِ (وَلَوْ قَالَ لِتَزْرَعَ هَذِهِ الْحِنْطَةَ صَحَّ) الْعَقْدُ وَإِنْ احْتَمَلَ تَلَفَهَا كَالِاسْتِئْجَارِ لِإِرْضَاعِ هَذَا الصَّبِيِّ وَالْحَمْلِ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ (وَلَهُ إبْدَالُهَا) بِمِثْلِهَا أَوْ دُونَهَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ نَهَاهُ) فِي الِاسْتِئْجَارِ لِزَرْعِ الْحِنْطَةِ (عَنْ) زَرْعِ (غَيْرِهَا فَسَدَتْ) الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَاهَا. (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ) عَلَيْهَا (فِي طَرِيقٍ فَلَهُ إبْدَالُ الطَّرِيقِ بِمِثْلِهِ لَا أَصْعَبَ) مِنْهُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ (وَمَنْ اسْتَأْجَرَ) دَابَّةً (لِلْقُطْنِ) أَيْ لِحَمْلِهِ (لَمْ يَحْمِلْ) عَلَيْهَا (الْحَدِيدَ وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ مَنْ اسْتَأْجَرَ لِحَمْلِ الْحَدِيدِ لَمْ يَحْمِلْ الْقُطْنَ لِأَنَّ الْحَدِيدَ يَجْتَمِعُ ثِقَلُهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَالْقُطْنُ لِخِفَّتِهِ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ. [فَرْعٌ أَجَّرَهُ أَرْضًا لِزَرْعِهَا حِنْطَةِ فَزَرَعَهَا ذُرَةً وَتَخَاصَمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ] (فَرْعٌ وَإِنْ أَجَّرَهُ) أَرْضًا (لِلْحِنْطَةِ) أَيْ لِزَرْعِهَا (فَزَرَعَ) فِيهَا (ذُرَةً وَحَصَدَهَا وَتَخَاصَمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَهُوَ) أَيْ الْمُؤَجِّرُ (بِالْخِيَارِ بَيْنَ) أَخْذِ (أُجْرَةِ مِثْلِ) زَرْعِ (الذُّرَةِ وَ) أَخْذِ (الْمُسَمَّى مَعَ بَدَلِ زِيَادَةِ ضَرَرِ الذُّرَةِ) أَيْ مَعَ بَدَلِ النَّقْصِ الزَّائِدِ بِزِرَاعَتِهَا عَلَى ضَرَرِ زَرْعِ الْحِنْطَةِ لِأَنَّ لِلصُّورَةِ شَبَهًا بِزِرَاعَةِ الْغَاصِبِ فِي أَنَّهُ زَرَعَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ وَمُوجَبُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَشَبَهًا بِمَا إذَا اكْتَرَى دَابَّةً إلَى مَكَان وَجَاوَزَهُ فِي أَنَّهُ اسْتَوْفَى وَزَادَ فِي الضَّرَرِ وَمُوجَبُهُ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ فَخَيَّرْنَاهُ بَيْنَهُمَا نَعَمْ لَوْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ نَاظِرًا تَعَيَّنَ أَخْذُهُ بِالْأَحَظِّ (مِثَالُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْحِنْطَةِ خَمْسُونَ وَلِلذُّرَةِ سَبْعُونَ وَكَانَ الْمُسَمَّى أَرْبَعِينَ فَبَدَلُ النَّقْصِ عِشْرُونَ وَإِنْ تَخَاصَمَا قَبْلَ حَصْدِهَا) وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (قَلَعَ) الْمُؤَجِّرُ إنْ شَاءَ (ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ) الْمُسْتَأْجِرَ (فِي الْمُدَّةِ زِرَاعَةُ الْحِنْطَةِ زَرَعَهَا وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهُ) مِنْهَا (وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ) أَيْ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِمَقْصُودِ الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ هَذَا (إنْ لَمْ يَمْضِ) عَلَى بَقَاءِ الذُّرَةِ (مُدَّةٌ تَتَأَثَّرُ بِهَا الْأَرْضُ وَإِنْ مَضَتْ تَخَيَّرَ بَيْنَ) أَخْذِ (أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَ) بَيْنَ أَخْذِ (قِسْطِهَا مِنْ الْمُسَمَّى مَعَ بَدَلِ النُّقْصَانِ) وَلَهُ قَلْعُ الذُّرَةِ وَإِذَا اخْتَارَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ (وَلَا يَضْمَنُ) الْمُسْتَأْجِرُ (الْأَرْضَ) -.   [حاشية الرملي الكبير] فِي الْوَقْفِ وَأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّمْلِيكُ بِالْقِيمَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ وَأَرَادَ النَّاظِرُ أَنْ يَغْرَمَ أَرْشَ النَّقْصِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ - وَلَمْ يَقْتَضِهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ -، أَوْ يَتَمَلَّكَ لِلْإِبْقَاءِ وَيَكُونَ فِي ذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِمَقْصُودِ الْوَقْفِ فِي الْأَرْضِ مِنْ إبْقَائِهَا مَكْشُوفَةً وَنَحْوِهِ فَمُمْتَنِعٌ أَيْضًا وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا اسْتَأْجَرَ الشَّرِيكُ بَقِيَّةَ الْأَرْضِ مِنْ شَرِيكِهِ وَبَنَى، أَوْ غَرَسَ، ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الْقَلْعُ وَغُرْمُ أَرْشِ النَّقْصِ لِمَا تَقَرَّرَ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ أَحَدِهِمَا وَلَا يَتَأَتَّى التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ الْإِبْقَاءُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْقَلْعُ مُنْقِصًا لِقِيمَتِهِ مَغْرُوسًا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ أَمَّا إذَا لَمْ تَنْقُصْ فَلَا شَيْءَ بَعْدَ الْمُدَّةِ إلَّا الْقَلْعُ مَجَّانًا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَفِي مَنْعِ الْقَلْعِ مَجَّانًا) هَذَا إذَا حَصَلَ الْبِنَاءُ فِي الْفَاسِدَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا فَأَمَّا لَوْ زَادَ عَلَيْهِ وَتَمَيَّزَ الزَّائِدُ فَلِلْمَالِكِ إزَالَتُهُ مَجَّانًا وَإِنْ صَدَرَ التَّعَدِّي مِنْ الْأَصْلِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْبِنَاءِ عَلَى السَّقْفِ أَوْ الْجِدَارِ فَتَعَدَّى مِنْ الْأَصْلِ بِفِعْلٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ نَقَضَهُ مَجَّانًا. (تَنْبِيهٌ) لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مَقِيلًا وَمُرَاحًا مُدَّةَ سِنِينَ فَشَمِلَ الْمَاءُ الْأَرْضَ فَزَرَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا لِعُدُولِهِ عَمَّا اسْتَأْجَرَ لَهُ إلَى مَا هُوَ أَضَرَّ مِنْهُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ نِصْفِ بُسْتَانٍ بِأُجْرَةٍ كُلَّ سَبْعَةِ أَفْدِنَةٍ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ نُقْرَةٍ وَخَمْسِمِائَةٍ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ سَاقَى عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ فَعَمِلَ فِي الْبُسْتَانِ ثُمَّ حَصَلَ فِي الْأَشْجَارِ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ فَضَعُفَتْ وَيَبِسَتْ وَلَمْ تَحْمِلْ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ كُلُّهَا وَإِنْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْ الْأُجْرَةَ إلَّا فِيمَا يُقَابِلُ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ أَيْضًا. [فَصْلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزِرَاعَةِ جِنْسٍ أَوْ نَوْعٍ مُعَيَّنٍ زَرَعَ مِثْلَهُ وَدُونَهُ فِي الضَّرَرِ] (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ بَدَلِ النَّقْصِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى شَيْءٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَيْدًا لِمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ تَبَعًا لِلْمُخْتَصَرِ فَقَالَ فَإِنْ تَعَدَّى عَلَى الْأَرْضِ فَزَرَعَهَا خِلَافَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِمَّا يَضُرُّ بِهَا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ الزَّرْعِ وَمَا نَقَصَ مِنْهَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي إيجَابِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَهُوَ قِسْمٌ ثَالِثٌ غَيْرُ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهُمَا فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا إذَا اخْتَارَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ عَيْبٌ دَاخِلٌ فِيهِ فَخُيِّرَ بَيْنَ الْمُقَامِ وَالْفَسْخِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ: وَمَا نَقَصَ مِنْهَا قَالَ شَيْخُنَا هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْأَرْضَ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ) قِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِيمَا إذَا عَدَلَ إلَى غَيْرِ الْجِنْسِ ش الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 بِعُدُولِهِ إلَى زَرْعِهَا بِالذُّرَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنَّ ظَاهِرَ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا لِقَوْلِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ. (وَتَخَيَّرَ أَيْضًا إنْ أَجَّرَهُ) دَارًا (لِيَسْكُنَ) فِيهَا (فَأَسْكَنَ) فِيهَا (حَدَّادًا) أَوْ قَصَّارًا (أَوْ) أَجَّرَهُ (دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قُطْنًا فَحَمَلَ) عَلَيْهَا (بِقَدْرِهِ حَدِيدًا) وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَتَمَيَّزُ فِيهِ الْمُسْتَحَقُّ عَمَّا زَادَ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تُضْمَنُ أَنَّهُ هُنَا لَا يَسْتَحِقُّ مَعَ الْأُجْرَةِ إذَا اخْتَارَهَا فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ الْأَرْشَ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ بِأَنَّهَا أَسْرَعُ تَعَيُّبًا مِنْ الْأَرْضِ. (فَإِنْ تَمَيَّزَ الْمُسْتَحَقُّ) عَمَّا زَادَ (كَمَنْ اسْتَأْجَرَ) دَابَّةً (لِيَحْمِلَ) عَلَيْهَا (خَمْسِينَ) مَنًّا (فَحَمَلَ) عَلَيْهَا (مِائَةً أَوْ إلَى مَوْضِعٍ فَجَاوَزَهُ تَعَيَّنَ) مَعَ الْمُسَمَّى (لِلزَّائِدِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِتَعَدِّيهِ بِهِ (وَمَتَى عَدَلَ عَنْ الْجِنْسِ) الْمُعَيَّنِ (كَغَرْسٍ وَ) كَانَتْ (الْإِجَارَةُ لِلزَّرْعِ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ) تَلْزَمُهُ لِتَصَرُّفِهِ فِيهِ بِمَا لَا يَسْتَحِقُّهُ (فَرْعٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) إذَا حَصَدَ مَا زَرَعَهُ وَلَوْ بِالْإِذْنِ (بَعْدَ الْمُدَّةِ قَلْعُ أُصُولِ زَرْعِهِ مِنْ الْأَرْضِ) تَفْرِيغًا لِمِلْكِ غَيْرِهِ عَنْ مِلْكِهِ. (فَصْلٌ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ) إجَارَةُ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ (لَزِمَ الْمُؤَجِّرَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ كَالْإِكَافِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَالْبَرْذَعَةِ) وَهِيَ بِالْمُعْجَمَةِ مَا يُحْشَى وَيُعَدُّ لِلرُّكُوبِ عَلَيْهِ لَكِنْ فَسَّرَهَا الْجَوْهَرِيُّ بِالْحِلْسِ الَّذِي يُلْقَى تَحْتَ الرَّحْلِ (وَالْبُرَةِ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَهِيَ حَلْقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ مِنْ صُفْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ كُلٍّ مِنْهَا كَالْخِطَامِ وَالْحِزَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوبِ التَّامِّ بِدُونِهَا وَالْعَادَةُ مُطَّرِدَةٌ بِكَوْنِهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ (وَيُتَّبَعُ فِي سَرْجِ الْفَرَسِ) الْمُؤَجَّرَةِ (الْعُرْفُ) فِي مَوْضِعِ الْإِجَارَةِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ (وَالْمَحْمِلُ وَالْحَبْلُ) الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْمَحْمِلُ عَلَى الْبَعِيرِ (وَالْغِطَاءُ وَالْوِطَاءُ) وَالْمِظَلَّةُ وَتَوَابِعُهَا (عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) لِأَنَّهَا تُرَادُ لِكَمَالِ الِانْتِفَاعِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ بِالْإِجَارَةِ وَالْعَادَةُ مُطَّرِدَةٌ بِكَوْنِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (وَالشَّدُّ) لِلْمَحْمِلِ عَلَى الْبَعِيرِ (عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَكَذَا شَدُّ أَحَدِ الْمَحْمِلَيْنِ إلَى الْآخَرِ) وَحَلُّ الْحَبْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِلْعُرْفِ (وَحَبْلُهُمَا) الَّذِي يُشَدُّ بِهِ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَهُمَا عَلَى الْبَعِيرِ أَوْ الْأَرْضِ (عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) لِذَلِكَ وَقَيَّدَ الْأَصْلُ لُزُومَ الشَّدِّ وَالْحَلِّ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ هَذَا إذَا أَطْلَقَا الْعَقْدَ (فَإِنْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ عُرْيًا) كَأَنْ قَالَ لَهُ اكْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الدَّابَّةَ الْعَارِيَّةَ فَقَبِلَ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) مِنْ الْآلَاتِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ يُقَالُ اعْرَوْرَيْتُ الْفَرَسَ رَكِبْتُهُ عُرْيًا وَفَرَسٌ عُرْيٌ لَيْسَ عَلَيْهِ سَرْجٌ (وَوِعَاءُ الْمَحْمُولِ وَآلَةُ الِاسْتِقَاءِ فِي إجَارَةِ) الدَّابَّةِ فِي (الذِّمَّةِ لَا الْعَيْنِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ) لِأَنَّهَا إذَا وَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا تَسْلِيمُ الدَّابَّةِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي عَمَلِهَا مِنْ بَرْذَعَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ فِي الذِّمَّةِ فَقَدْ الْتَزَمَ النَّقْلَ فَلْيُهَيِّئْ أَسْبَابَهُ وَالْعَادَةُ مُؤَيِّدَةٌ لَهُ فَإِنْ اضْطَرَبَتْ الْعَادَةُ اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ الْبَيَانُ. (فَصْلٌ يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ (مَعْرِفَةُ الزَّادِ) بِرُؤْيَتِهِ أَوْ وَزْنِهِ كَسَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ بِامْتِحَانِهِ بِالْيَدِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي الزَّامِلَةِ وَنَحْوِهَا (لَا) مَعْرِفَةُ (قَدْرِ مَا يُؤْكَلُ) مِنْهُ (كُلَّ يَوْمٍ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَلَهُ إبْدَالُهُ) أَيْ مَا نَفَذَ مِنْ الزَّادِ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ بِمِثْلِهِ (وَلَوْ لَمْ يَخَفْ غَلَاءً) فِي الْمَنَازِلِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (أَوْ لَمْ يَنْفُذْ) كُلُّهُ مِنْهُ كَسَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ إذَا بَاعَهَا أَوْ تَلِفَتْ نَعَمْ إنْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِهِ اتَّبَعَ الشَّرْطَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ شَرَطَ قَدْرًا فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ مُطَالَبَتُهُ بِنَقْصِ قَدْرِ أَكْلِهِ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِلْعُرْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِحَمْلِ الْجَمِيعِ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ انْتَهَى وَالْأَفْقَهُ الْأَوَّلُ (وَعَلَى مُلْتَزِمِ الرُّكُوبِ الدَّلِيلُ وَالْبَذْرَقَةُ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ) لِلدَّابَّةِ أَيْ مُؤَنُهُمْ كَالْوِعَاءِ (وَ) عَلَيْهِ (إعَانَةُ الرَّاكِبِ وَالنَّازِلِ) فِي رُكُوبِهِ وَنُزُولِهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ النَّقْلَ وَالتَّبْلِيغَ وَلَا يَتِمَّانِ إلَّا بِذَلِكَ وَتُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَادَةُ فِي الْإِعَانَةِ وَتَحْصُلُ (الْإِنَاخَةُ) لِلْبَعِيرِ (لِلْمَرْأَةِ وَالْعَاجِزِ) بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا حَالَ الْعَقْدِ) لِصُعُوبَةِ النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ مَعَ قِيَامِ الْبَعِيرِ وَلِخَوْفِ تَكَشُّفِ الْمَرْأَةِ (وَتَقْرِيبُ الدَّابَّةِ مِنْ نَشَزٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَبِالزَّايِ أَيْ وَبِتَقْرِيبِهَا لَهُ مِنْ مُرْتَفَعٍ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ (وَإِيقَافُهَا لِنُزُولِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَأَدَاءِ الْفَرْضِ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَتَهَيَّأُ عَلَيْهَا كَوُضُوءٍ وَإِذَا نَزَلَ لِذَلِكَ انْتَظَرَهُ الْمُلْتَزِمُ لِيَفْرُغَ مِنْهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ مَعَهَا لِسَوْقِهَا وَتَعَهُّدِهَا (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرَ (قَصْرٌ وَلَا جَمْعٌ وَلَا تَأْخِيرُ الْوَقْتِ) لِيَنَالَ فَضِيلَةَ أَضْدَادِهَا (وَلَا الْمُبَالَغَةُ فِي التَّخْفِيفِ) لِمَا نَزَلَ لَهُ (وَلَيْسَ لَهُ التَّطْوِيلُ وَلَا إيقَافُهَا) أَيْ -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ قَصَّارًا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ نَصَبَ فِيهَا رَحًى ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: كَغَرْسٍ) أَوْ بِنَاءٍ. [فَصْلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ] (قَوْلُهُ: وَوِعَاءُ الْمَحْمُولِ) وَمُؤْنَةُ الدَّلِيلِ. [فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَقْدِ إجَارَةِ الدَّابَّةِ مَعْرِفَةُ الزَّادِ] (قَوْلُهُ: وَسَائِقُ الدَّابَّةِ وَقَائِدُهَا) وَالْبَذْرَقَةُ وَحِفْظُ الْمَتَاعِ فِي الْمَنْزِلِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ تَرَطَّبَ الْمَتَاعُ فِي الطَّرِيقِ وَثَقُلَ خُيِّرَ الْمُكْرِي إلَّا أَنْ يُجَفَّفَ كَمَا كَانَ فَإِنْ لَمْ يُجَفَّفْ، وَلَمْ يَفْسَخْ فَلَهُ أُجْرَةُ مَا زَادَ عَلَى الْمَشْرُوطِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إذَا لَمْ يَتَبَرَّعْ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ بِامْتِحَانِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ شَرَطَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا، أَوْ ضَعِيفًا، أَوْ شَيْخًا أَوْ امْرَأَةً، أَوْ سَمِينًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 الدَّابَّةِ (لِنَافِلَةٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ) وَنَحْوِهَا لِإِمْكَانِهِمَا عَلَى الدَّابَّةِ وَتَعْبِيرُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِإِيقَافِهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَالْفَصِيحُ وَقْفُهَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (وَعَلَيْهِ فِي الْتِزَامِ الْحَمْلِ الرَّفْعُ وَالْحَطُّ) لِلْحِمْلِ (وَالْحِفْظُ) لِلْمَتَاعِ (فِي الْمَنَازِلِ) كَالْوِعَاءِ (وَلَوْ آجَرَهُ عَيْنَ الدَّابَّةِ فَالْوَاجِبُ) عَلَيْهِ (التَّخْلِيَةُ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ سِوَى تَسْلِيمِهَا. (فَرْعٌ وَلْيَتَوَسَّطْ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ شَدَّيْنِ) لِلْمَحْمِلِ أَوْ نَحْوِهِ (وَجُلُوسَيْنِ يَضُرُّ أَحَدُهُمَا بِالرَّاكِبِ وَالْآخَرُ بِالدَّابَّةِ) فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الرَّحْلِ أَمَكْبُوبًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا أَوْ فِي كَيْفِيَّةِ الْجُلُوسِ اُعْتُبِرَ الْوَسَطُ وَالْمَكْبُوبُ قِيلَ جَعْلُ مُقَدَّمِ الْمَحْمِلِ أَوْ الزَّامِلَةِ أَوْسَعَ مِنْ الْمُؤَخَّرِ وَالْمُسْتَلْقِي عَكْسُهُ وَقِيلَ الْمَكْبُوبُ أَنْ يُضَيَّقَ الْمُقَدَّمُ وَالْمُؤَخَّرُ جَمِيعًا وَالْمُسْتَلْقِي أَنْ يُوَسَّعَا جَمِيعًا وَعَلَى التَّفْسِيرَيْنِ الْمَكْبُوبُ أَسْهَلُ عَلَى الدَّابَّةِ وَالْمُسْتَلْقِي أَسْهَلُ عَلَى الرَّاكِبِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ (وَلَيْسَ لَهُ النَّوْمُ عَلَيْهَا) فَلِلْمُؤَجِّرِ مَنْعُهُ مِنْهُ لِأَنَّ النَّائِمَ يَثْقُلُ فَلَا يُحْتَمَلُ (فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ، وَعَلَى الْقَوِيِّ النُّزُولُ) عَنْ الدَّابَّةِ (إنْ اُعْتِيدَ فِي الْعِقَابِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ جَمْعُ عَقَبَةٍ أَيْ فِي الْعَقَبَاتِ (الصَّعْبَةِ) لِإِرَاحَةِ الدَّابَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ فِيهَا إنْ لَمْ يُعْتَدْ وَلَا فِي غَيْرِهَا وَإِنْ اُعْتِيدَ (لَا) عَلَى (الضَّعِيفِ) كَالشَّيْخِ الْعَاجِزِ (وَالْمَرْأَةِ وَذَوِي الْمَنْصِبِ) الَّذِي يُخِلُّ الْمَشْيُ بِمُرُوءَتِهِمْ عَادَةً (إلَّا بِالشَّرْطِ) لِلنُّزُولِ أَوْ لِعَدَمِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مَا ذُكِرَ بَلْ يُتَّبَعُ فِيهِ الشَّرْطُ. [فَرْعٌ اكْتَرَى دَابَّةً لِلرُّكُوبِ عَلَيْهَا إلَى بَلَدٍ أَوْصَلَهُ الْعُمْرَانَ] (فَرْعٌ وَإِنْ اكْتَرَى) دَابَّةً لِلرُّكُوبِ عَلَيْهَا (إلَى بَلَدٍ أَوْصَلَهُ الْعُمْرَانَ) إنْ لَمْ يَكُنْ سُورٌ وَإِلَّا أَوْصَلَهُ السُّورَ (لَا الْمَنْزِلَ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا إنْ كَانَ الْبَلَدُ صَغِيرًا تَتَقَارَبُ أَقْطَارُهُ فَيُوصِلُهُ الْمَنْزِلَ (أَوْ) لِلرُّكُوبِ (إلَى مَكَّةَ لَمْ يُتِمَّ الْحَجَّ عَلَيْهَا) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ (أَوْ) لِلرُّكُوبِ (لِلْحَجِّ رَكِبَ إلَى مِنًى ثُمَّ) إلَى (عَرَفَةَ ثُمَّ) إلَى (مُزْدَلِفَةَ ثُمَّ) إلَى (مِنًى ثُمَّ) إلَى (مَكَّةَ لِلْإِفَاضَةِ) أَيْ طَوَافِهَا (وَكَذَا) يَرْكَبُهَا مِنْ مَكَّةَ رَاجِعًا (إلَى مِنًى لِلرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ) بِهَا لِأَنَّ الْحَجَّ لَمْ يَفْرُغْ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَحَلَّلَ وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بَدَلَ الْمَبِيتِ بِالطَّوَافِ سَهْوٌ (وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْمُتَكَارِيَيْنِ (فِرَاقُ الْقَافِلَةِ) بِتَقَدُّمٍ أَوْ تَأَخُّرٍ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ. (فَرْعٌ وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ) فَلَا تُبْدَلُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (وَلَهُ الْفَسْخُ إنْ تَعَيَّبَتْ بِعَشَوَانٍ) أَيْ بِعَدَمِ إبْصَارِهَا بِاللَّيْلِ وَلَفْظُ عَشَوَانٍ لَا أَحْفَظُهُ وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ: الْعَشَا مَقْصُورٌ مَصْدَرُ الْأَعْشَى وَهُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ وَيُبْصِرُ بِالنَّهَارِ (وَعَرَجٍ مُعَوِّقٍ) لَهَا عَنْ السَّيْرِ مَعَ الْقَافِلَةِ (وَنَحْوِهِ) كَتَعَثُّرِهَا تَعَثُّرًا غَيْرَ مُعْتَادٍ وَهَذَا الْفَسْخُ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا سَيَأْتِي (لَا) مُجَرَّدِ (خُشُونَةِ مَشْيٍ) وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَجَعَلَهُ عَيْبًا وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي عَيْبِ الْمَبِيعِ انْتَهَى. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْدُودَ ثَمَّ لَيْسَ مُجَرَّدَ الْخُشُونَةِ بَلْ خُشُونَةً يُخْشَى مِنْهَا السُّقُوطَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْبِ هُنَا مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْأُجْرَةِ لَا فِي الْقِيمَةِ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْعَقْدِ الْمَنْفَعَةُ (وَ) الدَّابَّةُ (الْمُلْتَزَمَةُ فِي الذِّمَّةِ يُبْدِلُهَا) الْمُؤَجِّرُ (لِلتَّلَفِ وَالتَّعَيُّبِ) أَيْ لِأَحَدِهِمَا لِيَتَمَكَّنَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَكَمَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ وَهَذَا غَيْرُ سَلِيمٍ فَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ رَجَعَ إلَى مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ نَعَمْ لَوْ عَجَزَ عَنْ إبْدَالِهَا فَالظَّاهِرُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (لَا) إبْدَالَهَا بَعْدَ تَسْلِيمِهَا عَنْ الْمُلْتَزَمَةِ فِي الذِّمَّةِ (بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْتَرِي) لِأَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا (إذْ لِلْمُكْتَرِي تَأْجِيرُهَا) أَيْ إجَارَتُهَا (بَعْدَ قَبْضِهَا وَ) لَهُ (الِاعْتِيَاضُ عَنْ مَنْفَعَتِهَا) لِأَنَّهُ وَقَعَ عَنْ حَقٍّ فِي عَيْنٍ (لَا قَبْلَ قَبْضِهَا عَمَّا الْتَزَمَهُ لَهُ) الْمُكْرِي (لِأَنَّهَا) أَيْ الْإِجَارَةَ (كَالسَّلَمِ) وَهُوَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ فِيهِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَالْوَاجِبُ التَّخْلِيَةُ) الْمُرَادُ بِالتَّخْلِيَةِ التَّمْكِينُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ قَبْضَهَا بِالتَّخْلِيَةِ لِئَلَّا يُخَالِفَ قَبْضَ الْمَبِيعِ فَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِ الدَّابَّةِ سَوْقُهَا، أَوْ قَوْدُهَا زَادَ النَّوَوِيُّ وَلَا يَكْفِي رُكُوبُهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ سِوَى تَسْلِيمِهَا) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ مُنَافَاتِهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ إجَارَةِ عَيْنٍ، أَوْ ذِمَّةٍ لَزِمَهُ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الرُّكُوبِ فَعَلَيْهِ تَهْيِئَةُ أَسْبَابِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ عَلَى عَيْنِ دَابَّةٍ لَا تَتَوَقَّفُ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ لَهَا عَلَى شَيْءٍ، أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا عُرْيًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ تَسْلِيمِهَا. [فَرْعٌ كَيْفِيَّةِ الْجُلُوسِ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ] (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا إنْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ حَطَبٍ إلَى دَارِهِ وَأَطْلَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ إطْلَاعُهُ السَّقْفَ وَهَلْ يَلْزَمُهُ إدْخَالُهُ الدَّارَ، وَالْبَابُ ضَيِّقٌ أَوْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ؟ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا وَلَوْ ذَهَبَ مُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةِ بِهَا وَالطَّرِيقُ آمِنٌ فَحَدَثَ خَوْفٌ فَرَجَعَ بِهَا ضَمِنَ، أَوْ مَكَثَ هُنَاكَ يَنْتَظِرُ الْأَمْنَ لَمْ تُحْسَبْ عَلَيْهِ مُدَّتُهُ وَلَهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ الْوَدِيعِ فِي حِفْظِهَا وَإِنْ قَارَنَ الْخَوْفُ الْعَقْدَ فَرَجَعَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ عَرَفَهُ الْمُؤَجِّرُ وَإِنْ ظَنَّ الْأَمْنَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ تَضْمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بَدَلَ " الْمَبِيتِ " بِالطَّوَافِ سَهْوٌ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَيْسَ بِسَهْوٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَالتَّقْدِيرُ وَعَائِدٌ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ وَوَجْهُ الْخِلَافِ فِيهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْحَجِّ وَوَاقِعٌ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ فَقَوْلُهُ: إنَّهُ سَهْوٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ مُرَادُهُ بِالطَّوَافِ طَوَافُ الْوَدَاعِ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى، وَوَجْهُهُ أَنَّ الرَّمْيَ وَالْمَبِيتَ وَطَوَافَ الْوَدَاعِ وَإِنْ كَانَتْ تُفْعَلُ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ فَهِيَ مِنْ تَوَابِعِ الْحَجِّ وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ هَلْ هُوَ مِنْ الْمَنَاسِكِ أَمْ لَا وَلَعَلَّهُ مَأْخَذُ الْخِلَافِ هُنَا. [فَرْعٌ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ] (قَوْلُهُ: وَتَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ) وَفِي فُرُوقِ الْجُوَيْنِيِّ لَا يَجُوزُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ عَنْ الْأَجِيرِ غَيْرُهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِنَابَةِ إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْفَسْخُ إنْ تَعَيَّبَ) شَمِلَ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ وَالْحَادِثَ لِتَضَرُّرِهِ بِالْبَقَاءِ وَوَجْهُهُ فِي الْحَادِثِ أَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَمْ تُقْبَضْ بَعْدُ فَهُوَ قَدِيمٌ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ إلَخْ) وَفِيهَا أَيْضًا وَالْعَشْوَاءُ النَّاقَةُ الَّتِي لَا تُبْصِرُ أَمَامَهَا فَهِيَ تَخْبِطُ بِيَدَيْهَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْبِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 (فَصْلٌ يَجُوزُ) فِي إجَارَتَيْ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ (إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى) لِلْمَنْفَعَةِ (وَالْمَحْمُولِ بِمِثْلِهِ) طُولًا وَقِصَرًا وَضَخَامَةً وَنَحَافَةً وَغَيْرَهَا أَيْ بِمِثْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ دُونَهُ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ لِغَيْرِهِ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ لِلْمُؤَجِّرِ غَرَضًا بِأَنْ لَا يَكُونَ عَيْنُ مَالِهِ إلَّا تَحْتَ يَدِ مَنْ يَرْضَاهُ بِخِلَافِ الْبَائِعِ نَعَمْ لَيْسَ لَهُ إبْدَالُ الْحَمْلِ بِالْإِرْكَابِ وَلَا عَكْسِهِ وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا) إبْدَالُ (الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ) بِغَيْرِهِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ (كَالدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالدَّارِ) وَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ إبْدَالُ الْمَبِيعِ بَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِتَعَيُّبِهِ بِخِلَافِهِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ (وَلَا) إبْدَالُ (الْمُسْتَوْفَى بِهِ) بِغَيْرِهِ فِي إجَارَتَيْ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ (كَالثَّوْبِ) الْمُعَيَّنِ (فِي الْخِيَاطَةِ وَالصَّبِيِّ) الْمُعَيَّنِ (فِي الرَّضَاعِ) أَوْ التَّعَلُّمِ كَالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ وَقِيلَ يَجُوزُ إبْدَالُهُ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي وَالْأَوَّلُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهِ جَرَى الْأَصْلُ فِي الْخُلْعِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَذَكَرَ أَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فِي الْفَتْوَى قَالَ وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ فِي الرَّضَاعِ بِأَنَّهُ يَجِبُ تَعْيِينُ الصَّبِيِّ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهِ وَمَا وَجَبَ تَعْيِينُهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ كَالدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لَكِنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ، وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَالْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الثَّانِي وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى فِيهِ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فِي طَرِيقٍ فَلَهُ إبْدَالُ الطَّرِيقِ بِمِثْلِهِ. (فَصْلٌ) . (لَيْسَ لَهُ النَّوْمُ لَيْلًا فِي ثَوْبٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ عَمَلًا بِالْعَادَةِ نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُ الْإِزَارِ كَذَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ التَّحْتَانِيِّ كَمَا يُفْهِمُهُ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ فَطَرِيقُهُ إذَا أَرَادَ النَّوْمَ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِطَهُ (وَيَنَامُ فِيهِ نَهَارًا) وَلَوْ فِي غَيْرِ الْقَيْلُولَةِ (سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ) لَا أَكْثَرَ النَّهَارِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ (لَا فِي الْقَمِيصِ الْفَوْقَانِيِّ) أَيْ لَا يَنَامُ فِيهِ وَلَا يَلْبَسُهُ كُلَّ وَقْتٍ (بَلْ إنَّمَا يَلْبَسُهُ عِنْدَ التَّجَمُّلِ) فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهَا بِالتَّجَمُّلِ كَحَالِ الْخُرُوجِ إلَى السُّوقِ وَنَحْوِهِ وَدُخُولِ النَّاسِ عَلَيْهِ (وَيَنْزِعُهُ فِي) أَوْقَاتِ (الْخَلْوَةِ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ إزَارًا) لِيَتَّزِرَ بِهِ (فَلَهُ الِارْتِدَاءُ بِهِ) لِأَنَّ ضَرَرَ الِارْتِدَاءِ دُونَ ضَرَرِ الِاتِّزَارِ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الِاتِّزَارُ بِمَا اسْتَأْجَرَهُ لِلِارْتِدَاءِ لِأَنَّهُ أَضَرُّ بِالثَّوْبِ مِنْ الِارْتِدَاءِ (أَوْ) اسْتَأْجَرَ (قَمِيصًا) لِلُبْسِهِ (مُنِعَ مِنْ الِاتِّزَارِ) بِهِ لِذَلِكَ لَا مِنْ الِارْتِدَاءِ (وَلَهُ التَّعَمُّمُ) بِكُلٍّ مِنْ الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ وَالْقَمِيصِ لِأَنَّ ضَرَرَهُ دُونَ ضَرَرِ الِاتِّزَارِ وَالِارْتِدَاءِ وَالتَّقَمُّصِ (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِلُّبْسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَخَلَتْ اللَّيَالِي) الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهَا (أَوْ يَوْمًا وَأَطْلَقَ فَمِنْ) أَيْ فَمُدَّتُهُ مِنْ (وَقْتِهِ) أَيْ وَقْتِ الْعَقْدِ (إلَى مِثْلِهِ أَوْ قَالَ) يَوْمًا (كَامِلًا فَمِنْ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ أَوْ) اسْتَأْجَرَ لِلُّبْسِ (نَهَارًا فَمِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ) إلَى الْغُرُوبِ (أَوْ) مِنْ طُلُوعِ (الشَّمْسِ) إلَى غُرُوبِهَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي نَهَارِ شَهْرِ كَذَا طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ إطْلَاقِ الْيَوْمِ وَوَصْفِهِ بِكَامِلٍ يَأْتِي فِي النَّهَارِ وَصُورَةُ ذَلِكَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا أَوَّلَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حُكْمِ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْأَجِيرِ) فِي الْأَمَانَةِ وَالضَّمَانِ (فَيَدُ الْمُسْتَأْجِرِ) عَلَى الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (يَدُ أَمَانَةٍ) فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْهَا بِلَا تَقْصِيرٍ إذْ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاؤُهُ مَنْفَعَتَهَا الْمُسْتَحَقَّةَ لَهُ إلَّا بِإِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَيْهَا كَالنَّخْلَةِ الْمُبْتَاعِ ثَمَرَتُهَا بِخِلَافِ ظَرْفِ الْمَبِيعِ (وَلَوْ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ يَجُوزُ فِي إجَارَتَيْ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى لِلْمَنْفَعَةِ وَالْمَحْمُولِ بِمِثْلِهِ] قَوْلُهُ: قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) اسْتَأْجَرَ دَارًا لِيَسْكُنَ وَحْدَهُ صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِذَا تَزَوَّجَ كَانَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا مَعَهُ قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا يُسْكِنُهَا مَعَهُ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ وَهُوَ الْقِيَاسُ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ مِنْ صِحَّتِهَا يَرُدُّهُ قَوْلُهُ: لَوْ أَجَّرَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ قِيلَ يَلْغُو الشَّرْطُ وَعَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ كَجٍّ وَقِيلَ يَصِحُّ الشَّرْطُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ كَلَامُ الصَّيْمَرِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ حَمْلَ مَتَاعٍ بِعَيْنِهِ أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا مُدَّةً لِرُكُوبٍ، أَوْ حَمْلِ مَتَاعٍ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ إبْدَالِ الرَّاكِبِ وَالْمَتَاعِ وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِمَا قَطْعًا وَتَبِعَهُ الْإِمَامُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْعَقْدَ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - يَتَنَاوَلُ الْمُدَّةَ بِدَلِيلِ اسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ بِتَسْلِيمِهَا - وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ -، وَإِذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ تَنَاوَلَ الْعَقْدُ الْعَمَلَ الْمُسْتَوْفَى بِهِ فَكَانَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ الْمُعَيَّنُ فِي الرَّضَاعِ) إذَا لَمْ يَقْبَلْ الصَّبِيُّ ثَدْيَهَا فَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ بِذَلِكَ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ. اهـ. الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَدَلِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ أَطْلَقَ الِانْفِسَاخَ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ، أَوْ يَدٍ مُتَآكِلَةٍ فَبَرِئَتَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهُوَ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِهِ لَا يُبْدَلُ فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ أَمَرَهُ بِقَلْعِ وَجِعَةٍ لِغَيْرِهِ وَقَالَ فِيهَا فِي الْخَلْعِ فِيمَا إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَأَكْثَرِ الْكُتُبِ الِانْفِسَاخُ وَرَجَّحَهُ الْجُمْهُورُ اهـ وَهُوَ جَوَابٌ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ. [فَصْلٌ النَّوْمُ لَيْلًا فِي ثَوْبٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ] (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ النَّوْمُ لَيْلًا فِي ثَوْبٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَشَى طُولَ اللَّيْلِ لِحَاجَةٍ وَلَمْ يَنَمْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ فَإِنَّ اللَّيْلَ مَظِنَّةُ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُ الْإِزَارِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الصَّحِيحُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 بَعْدَ) مُضِيِّ (الْمُدَّةِ) تَبَعًا لَهَا (فَلَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ) لَهَا بَلْ التَّخْلِيَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَالِكِ إذَا طَلَبَ كَالْوَدِيعَةِ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِذَا (انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (بِسَبَبٍ وَلَمْ يُعْلِمْ) الْمُسْتَأْجِرُ (الْمَالِكَ) بِالِانْفِسَاخِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ (ضَمِنَهَا وَمَنَافِعَهَا) لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِهِ فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْلِمْهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهِ أَوْ كَانَ هُوَ عَالِمًا بِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَا تَقْصِيرَ مِنْهُ (وَإِنْ حَمَلَ قِدْرًا) بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ اسْتِئْجَارِهَا (لِلرَّدِّ عَلَى دَابَّةٍ فَانْكَسَرَ بِعَثْرَتِهَا) وَفِي نُسْخَةٍ بِتَعَثُّرِهَا (فَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَقِلُّ بِحَمْلِهِ لَمْ يَضْمَنْ) وَإِلَّا ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ إذْ الْعَادَةُ أَنَّ الْقِدْرَ لَا تُرَدُّ بِالدَّابَّةِ مَعَ اسْتِقْلَالِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ حَمَّالٍ بِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا أَيْ إنْ لَمْ يَجِدْ حَمَّالًا مَا لَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ الْحَمْلُ بِحَالِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَالْقِدْرُ مُؤَنَّثٌ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَّرَهَا وَالْأَصْلُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا (وَلَوْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ) بِالدَّابَّةِ (وَقْتَهُ) أَيْ وَقْتَ الِانْتِفَاعِ بِهَا كَالنَّهَارِ (فَتَلِفَتْ بِسَبَبٍ) كَانْهِدَامِ سَقْفٍ (لَوْ انْتَفَعَ بِهَا) فِيهِ (لَسَلِمَتْ ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ اسْتِعْمَالِهِ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَلِفَتْ بِمَا لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا فِيهِ كَأَنْ انْهَدَمَ عَلَيْهَا السَّقْفُ فِي لَيْلٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الضَّمَانَ بِذَلِكَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ يَدٍ وَإِلَّا لَضَمِنَ بِتَلَفِهِ بِمَا لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا فِيهِ لَكِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ السُّبْكِيُّ فَقَالَ وَهَلْ هُوَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ حَتَّى لَوْ لَمْ تَتْلَفُ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ ضَمَانُ يَدٍ حَتَّى تَصِيرَ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَسَكَتُوا عَمَّا لَوْ سَافَرَ بِهَا فَتَلِفَتْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا التَّفْصِيلُ فَيُقَالَ: إنْ سَافَرَ فِي وَقْتٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالسَّيْرِ فِيهِ فَتَلِفَتْ بِآفَةٍ أَوْ بِغَصْبٍ ضَمِنَ وَلَوْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَقْتَهُ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ عَرَضَ لَهُ فَتَلِفَتْ بِذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الَّذِي اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْخَوْفِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (غُصِبَتْ) أَيْ الدَّابَّةُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (لَمْ يَضْمَنْ) هَا (وَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْ رُفْقَةٍ) لَهُ غُصِبَتْ دَوَابُّهُمْ وَ (سَعَوْا فِي الِاسْتِرْدَادِ) لَهَا مِنْ الْغَاصِبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ. (وَيَدُ الْأَجِيرِ) عَلَى مَا اُسْتُؤْجِرَ لِحِفْظِهِ أَوْ لِلْعَمَلِ فِيهِ (كَالرَّاعِي وَالْخَيَّاطِ) وَالصَّبَّاغِ (يَدُ أَمَانَةٍ وَلَوْ) كَانَ (مُشْتَرَكًا) وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعَمَلِ فِي ذِمَّتِهِ إذْ لَيْسَ أَخْذُهُ الْعَيْنَ لِغَرَضِهِ خَاصَّةً فَأَشْبَهَ عَامِلَ الْقِرَاضِ وَسُمِّيَ مُشْتَرَكًا لِأَنَّهُ إنْ الْتَزَمَ الْعَمَلَ لِجَمَاعَةٍ فَذَاكَ أَوْ لِوَاحِدٍ فَقَطْ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَلْتَزِمَهُ لِغَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَسِيمُهُ الْمُنْفَرِدُ وَهُوَ مَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِعَمَلٍ لِغَيْرِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْبَلَ مِثْلَهُ لِآخَرَ مَا دَامَتْ إجَارَتُهُ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمُشْتَرَكِ بِكَوْنِ يَدِهِ يَدَ أَمَانَةٍ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمُدَّةِ فَيَدُهُ كَيَدِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ (فَلَوْ تَعَدَّى) الْأَجِيرُ فِيمَا ذُكِرَ (أَوْ فَرَّطَ) فِيهِ (ضَمِنَ بِأَقْصَى الْقِيَمِ) لَهُ (مِنْ) وَقْتِ (التَّعَدِّي إلَى) وَقْتِ (التَّلَفِ) وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ فَرَّطَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ تَرَكَهُ لَشَمِلَهُ التَّعَدِّي كَمَا شَمِلَهُ فِي قَوْلِهِ (وَالتَّعَدِّي مِثْلُ أَنْ يُسْرِفَ فِي الْإِيقَادِ لِلْخُبْزِ أَوْ يُلْصِقَهُ) أَيْ الْخُبْزَ (قَبْلَ وَقْتِهِ) أَيْ وَقْتِ إلْصَاقِهِ أَوْ يَتْرُكَهُ فِي التَّنُّورِ فَوْقَ الْعَادَةِ حَتَّى يَحْتَرِقَ (وَيُصَدَّقُ) الْأَجِيرُ (بِيَمِينِهِ) فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّعَدِّي أَوْ التَّفْرِيطِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الضَّمَانِ (إلَّا إنْ قَالَ) عَدْلَانِ (خَبِيرَانِ: إنَّ هَذَا سَرَفٌ) فَلَا يُصَدَّقُ بَلْ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِمَا. (وَلَوْ ضَرَبَ) الْأَجِيرُ (الصَّبِيَّ لِلتَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ فَمَاتَ فَمُتَعَدٍّ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُمْكِنٌ بِغَيْرِ الضَّرْبِ (ثُمَّ الْأَجِيرُ إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ كَمَنْ يَعْمَلُ لِلْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ أَوْ يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ عِنْدَهُ حَالَةَ الْعَمَلِ ثُمَّ يَحْمِلُهُ) أَيْ مَا عَمِلَ فِيهِ (إلَى بَيْتِهِ لَمْ يَضْمَنْ قَطْعًا) وَفِي نُسْخَةٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا أَمْ مُشْتَرَكًا لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَيْهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا اسْتَعَانَ بِهِ الْمَالِكُ فِي شُغْلِهِ كَمَا يَسْتَعِينُ بِالْوَكِيلِ فَإِنْ انْفَرَدَ بِالْيَدِ لَمْ يَضْمَنْ أَيْضًا كَمَا شَمِلَ الْقِسْمَيْنِ كَلَامُهُ السَّابِقُ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: ثُمَّ الْأَجِيرُ إلَى آخِرِهِ. (فَرْعٌ: وَإِنْ خَتَنَ الْأَجِيرُ حُرًّا أَوْ فَصَدَهُ) أَوْ حَجَمَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ (وَكَذَا) إنْ كَانَ الْمَفْعُولُ بِهِ ذَلِكَ (عَبْدًا) وَلَا تَقْصِيرَ فَمَاتَ (أَوْ بَزَغَ) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالزَّايِ وَالْمُعْجَمَةِ أَيْ شَرَطَ (دَابَّةً بِلَا تَقْصِيرٍ فَمَاتَتْ لَمْ يَضْمَنْ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَى الْحُرِّ وَلِعَدَمِ التَّفْرِيطِ فِي غَيْرِهِ. [فَصْلٌ لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ وَنَحْوِهِ فَالثَّوْبُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ] (فَصْلٌ) لَوْ (دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ وَنَحْوِهِ) كَخَيَّاطٍ وَغَسَّالٍ (بِلَا اسْتِئْجَارٍ) أَيْ بِغَيْرِ ذِكْرِ مَا يَقْتَضِي أُجْرَةً (لِيَقْصُرَهُ) أَوْ لِيَخِيطَهُ أَوْ لِيَغْسِلَهُ (فَقَصَرَهُ) أَوْ خَاطَهُ أَوْ غَسَلَهُ (فَالثَّوْبُ أَمَانَةٌ) فِي يَدِهِ (وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَلَوْ) كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ بِأَجْرٍ أَوْ (قَالَ) لَهُ (اُقْصُرْهُ) أَوْ خِطْهُ أَوْ نَحْوَهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا (كَمَا لَوْ قَالَ -.   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حُكْمِ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْأَجِيرِ فِي الْأَمَانَةِ وَالضَّمَانِ] قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ) فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الرَّدَّ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ. (تَنْبِيهٌ) الْأَجِيرُ لِحِفْظِ الدُّكَّانِ فَيُؤْخَذُ مَا فِيهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ عَلَى الْمَالِ قَالَهُ فِي الْحَاوِي وَحَكَاهُ ابْنُ الْقَاصِّ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمَرْعَشِيُّ فِي تَرْتِيبِ الْأَقْسَامِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يَعِزُّ النَّقْلُ فِيهَا (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَدْ حَكَوْا فِي تَخَطِّي الرِّقَابِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَنْ الْقَفَّالِ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: كَانْهِدَامِ سَقْفٍ) أَوْ حَيَّةٍ أَوْ صَاعِقَةٍ (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ عُلِمَ إلَخْ) وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ تَتْلَفْ لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ) قَالَ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ نُسِبَ فِي الرَّبْطِ إلَى تَفْرِيطٍ صَارَ ضَامِنًا ضَمَانَ يَدٍ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَسَوَاءٌ تَلِفَ بِذَلِكَ السَّبَبِ أَوْ بِغَيْرِهِ لِأَنَّ يَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَدُ عُدْوَانٍ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا التَّفْصِيلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غُصِبَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا) لَوْ أَمْكَنَهُ الدَّفْعُ حَالَ الْغَصْبِ بِلَا خَطَرٍ وَلَا غَرَامَةٍ وَلَمْ يَدْفَعْ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: يَدُ أَمَانَةٍ) وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ عَامِلَ الْقِرَاضِ) وَالْمُرْتَهِنَ (قَوْلُهُ: فَمُتَعَمِّدٌ) شَمِلَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي الضَّرْبِ الْعَنِيفِ. [فَرْعٌ خَتَنَ الْأَجِيرُ حُرًّا أَوْ فَصَدَهُ أَوْ حَجَمَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ فَمَاتَ] (قَوْلُهُ: وَغَسَّالٍ) وَقَاسِمٍ بِإِذْنِ إمَامٍ وَإِنْ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 أَطْعِمْنِي) فَأَطْعَمَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ حُرًّا مُكَلَّفًا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَلَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ نَحْوِهِ اسْتَحَقَّهَا إذْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِمَنَافِعِهِمْ الْمُقَابَلَةِ بِالْأَعْوَاضِ وَاسْتُثْنِيَ عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ إذَا عَمِلَ مَا لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا وَعَامِلُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ ثَابِتَةٌ لَهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ مُسَمَّاةٌ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهَا الْإِمَامُ حِينَ بَعَثَهُ (بِخِلَافِ دَاخِلٍ الْحَمَّامَ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْحَمَّامِيِّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ إنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ (لِأَنَّ الْقَصَّارَ) أَيْ أَوْ نَحْوَهُ (صَرَفَ مَنْفَعَتَهُ) لِغَيْرِهِ (وَالدَّاخِلَ) لِلْحَمَّامِ (اسْتَوْفَاهَا) يَعْنِي مَنْفَعَةَ الْحَمَّامِ (بِسُكُوتِهِ) وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِلَا إذْنٍ الدَّاخِلُ بِإِذْنٍ فَإِنَّ الْحَمَّامِيَّ فِيهِ كَالْأَجِيرِ كَمَا قَالُوا بِهِ فِيمَنْ دَخَلَ سَفِينَةً بِإِذْنِ صَاحِبِهَا حَتَّى أَتَى السَّاحِلَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَمَسْأَلَةُ السَّفِينَةِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ وَصَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّهُ إذَا دَخَلَهَا بِلَا إذْنٍ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَالِكُهَا حِينَ سَيَّرَهَا وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ فَسَيَّرَهَا مَالِكُهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَى مَالِكِهِ وَلَا ضَمَانَ (وَلَوْ قَالَ) لِغَسَّالٍ مَثَلًا وَقَدْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا (اغْسِلْهُ وَأَنَا أُرْضِيكَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَوْ وَلَا تَرَى مِنِّي إلَّا مَا يَسُرُّك، أَوْ حَتَّى أُحَاسِبَك، أَوْ وَلَا يَضِيعُ حَقُّك أَوْ نَحْوَهَا (فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ) مُسْتَحَقَّةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِالْعَمَلِ. (فَرْعٌ مَا يَأْخُذُهُ الْحَمَّامِيُّ أُجْرَةُ الْحَمَّامِ وَالْآلَةِ) مِنْ سَطْلٍ وَإِزَارٍ وَنَحْوِهِمَا (وَحِفْظِ الْمَتَاعِ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَعَ الدَّاخِلِ الْآلَةُ وَمَنْ يَحْفَظُ الْمَتَاعَ كَانَ مَا يَأْخُذُهُ الْحَمَّامِيُّ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ فَقَطْ (لَا ثَمَنُ الْمَاءِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فَلَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ (فَهُوَ) أَيْ الْحَمَّامِيُّ (مُؤَجِّرٌ) لِلْآلَةِ (وَأَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ) فِي الْأَمْتِعَةِ فَلَا يَضْمَنُهَا كَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ، وَالْآلَةُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى الدَّاخِلِ لِأَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ لَهَا. [فَصْلٌ اُسْتُؤْجِرَ فِي قِصَارَةِ ثَوْبٍ أَوْ فِي صَبْغِهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ] (فَصْلٌ) . لَوْ (اُسْتُؤْجِرَ فِي قِصَارَةِ ثَوْبٍ أَوْ فِي صَبْغِهِ بِصِبْغٍ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ فَقَصَرَهُ أَوْ صَبَغَهُ وَانْفَرَدَ) بِالْيَدِ (فَتَلِفَ فِي يَدِهِ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِإِتْلَافِهِ (بَعْدَ الْقِصَارَةِ وَالصَّبْغِ سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ) كَمَا فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِصَارَةَ فِي مَسْأَلَتِهَا عَيْنٌ (لَا إنْ) لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ بِأَنْ (عَمِلَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ حَتَّى تَلِفَ) فَلَا تَسْقُطُ أُجْرَتُهُ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ فِيهِ مُسَلَّمًا أَوَّلًا فَأَوَّلًا (فَإِنْ أَتْلَفَهُ) وَانْفَرَدَ بِالْيَدِ (ضَمِنَهُ غَيْرَ مَقْصُورٍ أَوْ مَصْبُوغٍ مَعَ الصِّبْغِ) وَسَقَطَتْ أُجْرَتُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ كَالْآفَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ ضَمِنَهُ مَقْصُورًا أَوْ مَصْبُوغًا وَلَمْ تَسْقُطْ أُجْرَتُهُ (وَمَتَى أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) وَانْفَرَدَ الْأَجِيرُ بِالْيَدِ (فَلِلْمَالِكِ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ) لِلْإِجَارَةِ كَمَا فِي إتْلَافِهِ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ (فَإِنْ أَجَازَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ) لَهُ (قِيمَتُهُ) أَيْ الثَّوْبِ (مَقْصُورًا أَوْ مَصْبُوغًا وَإِنْ فَسَخَ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ وَطَالَبَ) هُوَ (الْأَجْنَبِيَّ بِقِيمَتِهِ غَيْرَ مَقْصُورٍ أَوْ مَصْبُوغٍ مَعَ بَدَلِ الصِّبْغِ) وَلِلْأَجِيرِ تَغْرِيمُ الْأَجْنَبِيِّ أُجْرَةَ الْقِصَارَةِ أَوْ الصِّبْغِ فِيمَا يَظْهَرُ وَخَرَجَ بِصِبْغِ صَاحِبِ الثَّوْبِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَصْبُغَ بِصِبْغِ نَفْسِهِ فَصَبَغَهُ بِهِ ثُمَّ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ تَسْقُطُ قِيمَةُ الصِّبْغِ. (فَرْعٌ لَوْ قَصَرَ الثَّوْبَ ثُمَّ جَحَدَهُ) ثُمَّ أَتَى بِهِ (اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ أَوْ جَحَدَهُ ثُمَّ قَصَرَهُ لَا لِنَفْسِهِ) بَلْ لِجِهَةِ الْإِجَارَةِ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ أَتَى بِهِ (اسْتَقَرَّتْ) أَيْضًا وَمَسْأَلَةُ الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَصَرَهُ لِنَفْسِهِ سَقَطَتْ) لِأَنَّهُ عَمِلَ لِنَفْسِهِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ صَرَفَ الْأَجِيرُ الْحَجَّ لِنَفْسِهِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ أَقْصَى دَرَجَاتِ الْمَنَافِعِ أَنْ يَكُونَ كَالْأَعْيَانِ وَهُوَ لَوْ قَالَ أَطْعِمْنِي هَذَا فَأَطْعَمَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ثَمَنُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَسْكِنِّي دَارَك شَهْرًا فَأَسْكَنَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ عَبْدًا إلَخْ) وَقَالَ ابْنُ الْعَرَّافِ لَا يَسْتَحِقُّونَهَا وَقَدْ فَاتَتْ مَنَافِعُهُمْ بِتَفْوِيتِهِمْ إيَّاهَا وَلِلْأَئِمَّةِ نُصُوصٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ الْغَزِّيِّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فَفَعَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةً وَلَمْ يَقُولُوا: وَلَا سُمِّيَتْ لَهُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ إذْ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ لَا يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ وَلَا الضَّمَانَ فَإِنَّ السُّكُوتَ عَلَى إتْلَافِ مَالِهِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ وَهُوَ عِلْمٌ وَزِيَادَةٌ وَمَالِكُ الدَّابَّةِ بِسَبِيلٍ مِنْ إلْقَاءِ الْمَتَاعِ قَبْلَ تَسْيِيرِهَا بِخِلَافِهِ فِي رَاكِبِ السَّفِينَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْعِرَاقِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ رَاكِبَ السَّفِينَةِ بِغَيْرِ إذْنٍ غَاصِبٌ لِلْبُقْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا بِحَيْثُ إنَّهُ ضَامِنٌ وَلَوْ لَمْ يُسَيِّرْهَا بِخِلَافِ وَاضِعِ مَتَاعِهِ عَلَى الدَّابَّةِ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا لَهَا بِمُجَرَّدِ وَضْعِ مَتَاعِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهَا) كَأَعْرِفُ حَقَّكَ أَوْ أُجْرَتُهُ مَعْلُومَةٌ، أَوْ مُقَدَّرَةٌ أَوْ قَدِّرْ أُجْرَتَهُ. [فَرْعٌ مَا يَأْخُذُهُ الْحَمَّامِيُّ أُجْرَةُ الْحَمَّامِ وَالْآلَةِ لَا ثَمَن الْمَاء] (قَوْلُهُ: كَمَا فِي إتْلَافِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فَإِيضَاحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَجِيرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ لِلْمَنْفَعَةِ، وَصَاحِبَ الثَّوْبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي لِلْمَنْفَعَةِ وَإِذَا أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ الثَّوْبَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَدْ أَتْلَفَ الْقِصَارَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ فَإِنْ فَسَخَ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ كَمَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ وَإِذَا سَقَطَتْ رَجَعَ الْأَجِيرُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ، وَالْمَبِيعُ هُنَا هُوَ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ الْقِصَارَةُ (قَوْلُهُ: وَلِلْأَجِيرِ تَغْرِيمُ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ قَصَرَ الْأَجِيرُ الثَّوْبَ ثُمَّ جَحَدَهُ ثُمَّ أَتَى بِهِ] (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَرَهُ لِنَفْسِهِ سَقَطَتْ) وَهَذَا قِيَاسُ الْمَنْقُولِ فِي الْجَعَالَةِ فِيمَا إذَا عَاوَنَ الْعَامِلَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُمْ فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ الْعَمَلَ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِلْمَالِكِ أَوْ لِلْعَامِلِ فَإِنْ قَصَدَ مُعَاوَنَةَ الْعَامِلِ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ كُلَّ الْجُعْلِ وَإِلَّا فَبِالْقِسْطِ، وَالْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةُ قَدْ اشْتَرَكَا فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ. (تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ قَالَ أَصْحَابُنَا إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا فَبَنَاهُ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْحَائِطَ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ بِلَا خِلَافٍ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ الْقِصَارَةِ حَيْثُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 حَيْثُ لَا تَسْقُطُ أُجْرَتُهُ بِأَنَّ الْحَجَّ بَعْدَ انْعِقَادِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ فَنِيَّةُ الصَّرْفِ مُلْغَاةٌ بِخِلَافِ الْقِصَارَةِ فَإِنَّهَا تَقْبَلُ الصَّرْفَ وَمَا لَوْ قَالَ مَالِكُ الْمَعْدِنِ لِغَيْرِهِ مَا اسْتَخْرَجْته مِنْهُ هُوَ لَك أَوْ اسْتَخْرِجْ لِنَفْسِكَ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لِأَنَّهُ ثَمَّ جَعَلَ لَهُ شَيْئًا طَمِعَ فِيهِ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا. (فَصْلٌ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَضْمَنُ) مَا اسْتَأْجَرَهُ (بِالتَّعَدِّي) فِيهِ (فَإِنْ نَامَ فِي الثَّوْبِ) الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ (بِاللَّيْلِ أَوْ نَقَلَ فِيهِ تُرَابًا أَوْ أَلْبَسَهُ مَنْ دُونَهُ) حِرْفَةً (كَعِصَارِ) أَوْ دَبَّاغٍ (أَوْ أَسْكَنَ الْبَيْتَ أَضَرَّ مِنْهُ كَحَدَّادٍ وَنَحْوِهِ) كَقَصَّارٍ (ضَمِنَ) أَيْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ لِتَعَدِّيهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ " وَنَحْوِهِ " (أَوْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ) فَوْقَ الْعَادَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَعَادَةُ الضَّرْبِ تَخْتَلِفُ فِي حَقِّ الرَّاكِبِ وَالرَّائِضِ وَالرَّاعِي فَكُلٌّ تُرَاعَى فِيهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ. وَيَحْتَمِلُ فِي الْأَجِيرِ لِلرِّيَاضَةِ وَلِلرَّعْيِ مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ لِلرُّكُوبِ (أَوْ كَبَحَهَا) بِالْمُوَحَّدَةِ وَيُقَالُ بِالْمِيمِ بَدَلَهَا وَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ كَذَلِكَ أَيْ جَذَبَهَا بِاللِّجَامِ لِتَقِفَ (فَوْقَ الْعَادَةِ أَوْ أَرْكَبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ) ضَمِنَ أَيْضًا (لَا إنْ مَاتَتْ بِالضَّرْبِ الْمُعْتَادِ) أَوْ بِإِرْكَابِهِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ فَلَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ. (بِخِلَافِ) مَوْتِ (الزَّوْجَةِ وَالصَّبِيِّ) بِضَرْبِهِمَا لِلتَّأْدِيبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُمَا (لِإِمْكَانِ تَأْدِيبِهِمَا بِغَيْرِهِ) وَمَسْأَلَةُ الصَّبِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَهَا كَأَصْلِهِ قَبْلَ فَرْعٍ وَإِنْ خَتَنَ الْأَجِيرُ حُرًّا (وَالْقَرَارُ) لِلضَّمَانِ (عَلَى) الْمُسْتَعْمِلِ (الثَّانِي إنْ عَلِمَ) الْحَالَ (وَإِلَّا فَعَلَى الْأَوَّلِ) إنْ كَانَتْ يَدُ الثَّانِي يَدَ أَمَانَةٍ كَالْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ كَانَتْ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَعِيرِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي الْغَصْبِ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ (وَإِنْ أَرْكَبَهَا مِثْلَهُ فَتَعَدَّى) بِمُجَاوَزَةِ الضَّرْبِ أَوْ بِغَيْرِهِ (اُخْتُصَّ) هُوَ (بِالضَّمَانِ لِتَعَدِّيهِ) فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْكِبِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ (وَإِنْ اكْتَرَى) دَابَّةً (لِمِائَةِ رِطْلٍ حِنْطَةً فَحَمَلَ وَزْنَهَا شَعِيرًا أَوْ عَكْسَهُ ضَمِنَ لِأَنَّ الشَّعِيرَ أَخَفُّ) فَمَا أَخَذَهُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرُ (وَالْحِنْطَةُ يَجْتَمِعُ ثِقَلُهَا) فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ سَوَاءٌ أَتَلِفَتْ بِذَلِكَ السَّبَبِ أَمْ بِغَيْرِهِ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ يَدَ عُدْوَانٍ وَقِسْ عَلَى الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ مَا يُشْبِهُهُمَا (وَيُبْدِلُ بِالْقُطْنِ الصُّوفَ) وَالْوَبَرَ لِأَنَّهُمَا مِثْلُهُ فِي الْحَجْمِ (لَا الْحَدِيدَ وَ) يُبْدِلُ (بِالْحَدِيدِ الرَّصَاصَ) وَالنُّحَاسَ لِأَنَّهُمَا مِثْلُهُ فِي الْحَجْمِ (لَا الْقُطْنَ) وَمَسْأَلَتُنَا عَدَمُ جَوَازِ الْإِبْدَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَهَا كَأَصْلِهِ فِي فَصْلٍ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِزِرَاعَةِ جِنْسٍ (أَوْ اكْتَرَاهَا) لِقَفِيزِ شَعِيرٍ (فَحَمَلَ) قَفِيزًا (حِنْطَةً ضَمِنَ) لِأَنَّهَا أَثْقَلُ (لَا عَكْسُهُ) فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَمِقْدَارُهُمَا فِي الْحَجْمِ سَوَاءٌ وَالْقَفِيزُ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا (أَوْ) اكْتَرَاهَا (لِيَرْكَبَ بِسَرْجٍ فَرَكِبَ عُرْيًا أَوْ عَكْسَهُ ضَمِنَ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَضَرُّ بِهَا، وَالثَّانِيَ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ (أَوْ لِيَرْكَبَ بِسَرْجٍ فَرَكِبَ بِإِكَافٍ ضَمِنَ) إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ السَّرْجِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ وَزْنًا وَضَرَرًا (أَوْ عَكْسَهُ فَلَا) يَضْمَنُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ أَثْقَلَ) مِنْ الْإِكَافِ (أَوْ لِيَحْمِلَ) عَلَيْهَا (بِإِكَافٍ فَحَمَلَ بِسَرْجٍ ضَمِنَ) لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهَا (لَا عَكْسُهُ) فَلَا يَضْمَنُ (إلَّا إنْ كَانَ أَثْقَلَ) مِنْ السَّرْجِ. (فَرْعٌ وَإِنْ زَادَ) مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِحَمْلِ مِقْدَارٍ سَمَّاهُ (فَوْقَ مَا يَقَعُ) مِنْ التَّفَاوُتِ (بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ) أَوْ الْوَزْنَيْنِ (بِأَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِتِسْعَةِ آصُعٍ فَكَالَ عَشَرَةً وَحَمَلَهَا) عَلَيْهَا وَسَيَّرَهَا (بِنَفْسِهِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ) مَعَ الْمُسَمَّى لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَادَ مَا يَقَعُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ أَوْ الْوَزْنَيْنِ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَى مَكَانًا لِوَضْعِ أَمْتِعَةٍ فِيهِ فَزَادَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ إنْ كَانَ أَرْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ غُرْفَةً فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ الْمُؤَجِّرُ بَيْنَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ وَبَيْنَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْكُلِّ. وَثَانِيهِمَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَهُ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ وَالثَّانِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْكُلِّ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي فَإِنْ قُلْت قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزَرْعِ حِنْطَةٍ فَزَرَعَ ذُرَةً - مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أُجْرَةِ مِثْلِ الذُّرَةِ وَالْمُسَمَّى مَعَ أُجْرَةِ الزَّائِدِ مِنْ ضَرَرِ الذُّرَةِ - أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي هَذِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّهُ ثَمَّ عَدَلَ عَنْ الْمُعَيَّنِ أَصْلًا فَسَاغَ الْخُرُوجُ عَنْ الْمُسَمَّى بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ الدَّابَّةُ (مَعَهُ وَصَاحِبُهَا غَائِبٌ ضَمِنَهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَتَلِفَتْ بِالْحَمْلِ أَمْ بِغَيْرِهِ لِتَعَدِّيهِ (أَوْ حَاضِرٌ) وَيَدُهُ عَلَيْهَا (وَتَلِفَتْ بِالْحَمْلِ لَا بِغَيْرِهِ ضَمِنَ الْعُشْرَ) أَيْ عُشْرَ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ قِسْطُ الزَّائِدِ كَمَا فِي الْجَلَّادِ وَفَارَقَ مَا لَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ جِرَاحَاتٍ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ جِرَاحَةً وَاحِدَةً أَوْ جَرَحَهُ -.   [حاشية الرملي الكبير] شَيْئًا إذَا قَصَدَ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُ جَحْدٌ لِلْعَمَلِ فَكَانَ مُقَصِّرًا وَلَا كَذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ إذْ لَا جَحْدَ مِنْهُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ مُخْطِئٌ فِي ظَنِّهِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَهَا. [فَصْلٌ الْمُسْتَأْجِرُ يَضْمَنُ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِالتَّعَدِّي فِيهِ] (قَوْلُهُ: ضَمِنَ) قَالَ فِي الْبَيَانِ إلَّا إذَا قَالَ: لِتَسْكُنَهَا وَتُسْكِنَ مَنْ شِئْتَ فَلَهُ ذَلِكَ وَأَضَرُّ مِنْهُ لِلْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَالرَّائِضُ) حَتَّى لَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ وَأَرْكَبَ غَيْرَهُ مَعَ نَفْسِهِ لِتَرْتَاضَ فَهَلَكَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى زَمِيلِهِ. (تَنْبِيهٌ) مَنْ يُطَبِّبُ وَلَا يَعْرِفُ الطِّبَّ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ ضَمِنَ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ طَبِيبَيْنِ عَدْلَيْنِ غَيْرِ عَدُوَّيْنِ لَهُ وَلَا خَصْمَيْنِ، وَلَوْ بَيْطَرَ فَظَهَرَ مِنْهُ عُدْوَانٌ ضَمِنَ وَإِنْ أَخْطَأَ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ) وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَارَ ضَامِنًا، (وَقَوْلُهُ مِقْدَارُهُمَا فِي الْحَجْمِ سَوَاءٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُجْعَلْ عَلَى رَأْسِ الْمِكْيَالِ شَيْءٌ مِنْ الْحَبِّ فَإِنْ جُعِلَ كَالشَّامِ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ مِنْ الشَّعِيرِ أَكْثَرَ مِنْ الْحِنْطَةِ فَلَا يَكُونَانِ فِي الْحَجْمِ سَوَاءً. [فَرْعٌ زَادَ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً فَوْقَ مَا يَقَعُ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ أَوْ الْوَزْنَيْنِ] (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ فَوْقَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ إلَخْ) لَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا شَهْرًا وَأَغْلَقَ بَابَهُ شَهْرَيْنِ ضَمِنَ الْمُسَمَّى لِلشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَأُجْرَةَ الْمِثْلِ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ فِي عُلْقَتِهِ وَحَبْسِهِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ إنَّمَا يَكُونُ بِتَسْلِيمِ مِفْتَاحِهِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَلَمْ تُوجَدْ التَّخْلِيَةُ (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 وَاحِدٌ جِرَاحَاتٍ وَآخَرُ جِرَاحَةً وَاحِدَةً حَيْثُ لَمْ يُقَسَّطْ بَلْ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى صَاحِبِ الْجِرَاحَةِ الْوَاحِدَةِ بِأَنَّ التَّوْزِيعَ هُنَا مُتَيَسَّرٌ بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ لِأَنَّ نِكَايَاتِهَا لَا تَنْضَبِطُ وَلَا مَعْنَى لِرِعَايَةِ مُجَرَّدِ الْعَدَدِ أَمَّا إذَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْحَمْلِ فَيَضْمَنُ عِنْدَ انْفِرَادِهِ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ بِالْيَدِ لَا عِنْدَ انْفِرَادِهِ بِهَا لِأَنَّهُ ضَامِنٌ بِالْجِنَايَةِ. (وَإِنْ حَمَّلَهَا الْمُؤَجِّرُ مَغْرُورًا) مِنْ الْمُكْتَرِي كَأَنْ سَلَّمَهُ الْآصُعَ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهَا عَشَرَةٌ وَقَالَ لَهُ هِيَ تِسْعَةٌ كَاذِبًا وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ بِهَا (وَجَبَ ضَمَانُ الْعُشْرِ أَيْضًا) عَلَى الْمُكْتَرِي كَمَا لَوْ حَمَّلَهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّ إعْدَادَ الْمَحْمُولِ وَتَسْلِيمَهُ إلَى الْمُؤَجِّرِ بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ كَالْإِلْجَاءِ إلَى الْحَمْلِ شَرْعًا فَكَانَ كَشَهَادَةِ شُهُودِ الْقِصَاصِ. (وَإِنْ عَلِمَ) بِذَلِكَ (وَقَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ احْمِلْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ) فَأَجَابَهُ (فَقَدْ أَعَارَهُ إيَّاهَا لِحَمْلِ الزِّيَادَةِ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا فَلَوْ تَلِفَتْ) أَيْ الدَّابَّةُ تَحْتَ الْحِمْلِ (ضَمِنَ) الْمُسْتَأْجِرُ (الْعُشْرَ أَيْضًا) لِأَنَّ ضَمَانَ الْعَارِيَّةِ لَا يَجِبُ بِالْيَدِ خَاصَّةً بَلْ بِالِارْتِفَاقِ أَيْضًا فَزِيَادَةُ الِارْتِفَاقِ بِالْمَالِكِ لَا تُوجِبُ سُقُوطَ الضَّمَانِ. (وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ) الْمُسْتَأْجِرُ بِالْحَمْلِ (فَحَمَّلَهَا وَهُوَ عَالِمٌ) كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَذِكْرُهُ هَذَا إيضَاحٌ (فَهُوَ كَمَا لَوْ كَالَ الزِّيَادَةَ) بِنَفْسِهِ (وَحَمَّلَهَا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِيهَا) أَيْ فِي حَمْلِهَا (سَوَاءٌ أَغَلَّطَ) فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ (أَوْ تَعَمَّدَ وَسَوَاءٌ جَهِلَ الْمُسْتَأْجِرُ) الزِّيَادَةَ (أَوْ عَلِمَ) بِهَا (وَسَكَتَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي نَقْلِ الزِّيَادَةِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَهِيمَةَ) إنْ تَلِفَتْ إذْ لَا يَدَ وَلَا تَعَدِّيَ (وَلَهُ طَلَبُ الْمُؤَجِّرِ) أَيْ مُطَالَبَتُهُ (بِرَدِّ الزِّيَادَةِ إلَى مَكَانِهَا) الْمَنْقُولَةِ هِيَ مِنْهُ (وَلَا يَرُدُّهَا اسْتِقْلَالًا) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي رَدِّهَا فَلَوْ اسْتَقَلَّ بِرَدِّهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ تَكْلِيفَهُ رَدَّهَا إلَى الْمَكَانِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ أَوَّلًا. (وَيُطَالِبُ) أَيْ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَتُهُ (بِالْبَدَلِ) لَهَا فِي الْحَالِ (لِلْحَيْلُولَةِ) كَمَا لَوْ أَبَقَ الْمَغْصُوبُ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ فَلَوْ غَرِمَ لَهُ بَدَلَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَكَانِهَا اسْتَرَدَّهُ وَرَدَّهَا إلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ كَالَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْآصُعِ (الْمُؤَجِّرُ وَحَمَّلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَهُوَ عَالِمٌ) بِالزِّيَادَةِ (فَكَمَا لَوْ كَالَ) بِنَفْسِهِ (وَحَمَّلَ) فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهَا وَالضَّمَانُ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَهَا كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يُحَمِّلَهَا (فَإِنْ جَهِلَ) هَا (فَكَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ جَاهِلًا) فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهَا وَالضَّمَانُ أَيْضًا لِأَنَّهُ نَقَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ " وَهُوَ " " وَالْمُؤَجِّرُ " وَهُوَ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَعَلَيْهَا لَا أُجْرَةَ وَلَا ضَمَانَ فِي الصُّورَتَيْنِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى لَكِنَّ الْأُولَى أَوْلَى وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَلِمَنْ نَقَلَاهَا عَنْهُ وَهُوَ الْمُتَوَلِّي بَلْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ إنَّهَا الصَّوَابُ (وَلَوْ كَالَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَحَمَّلَهُ وَالدَّابَّةُ وَاقِفَةٌ ثُمَّ سَيَّرَهَا الْمُؤَجِّرُ فَكَحَمْلِ الْمُؤَجِّرِ عَلَيْهَا) فَلَا أُجْرَةَ لَهُ إنْ كَانَ عَالِمًا إلَّا إنْ كَانَ مَغْرُورًا. (وَإِنْ كَالَهُ أَجْنَبِيٌّ وَحَمَّلَهُ بِلَا إذْنٍ) فِي حَمْلِ الزِّيَادَةِ (فَهُوَ غَاصِبٌ لِلزَّائِدِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِلْمُؤَجِّرِ وَالرَّدُّ) لَهُ (إلَى الْمَكَانِ) الْمَنْقُولِ مِنْهُ إنْ طَالَبَهُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ (وَ) عَلَيْهِ (ضَمَانُ الْبَهِيمَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ) مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ غَيْبَةِ صَاحِبِهَا وَحَضْرَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ (وَإِنْ حَمَّلَهُ بَعْدَ كَيْلِ الْأَجْنَبِيِّ أَحَدُ الْمُتَكَارِيَيْنِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ) السَّابِقُ بَيْنَ الْغُرُورِ وَعَدَمِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الزِّيَادَةِ أَوْ قَدْرِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ وَإِنْ ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ - وَالدَّابَّةُ فِي يَدِهِ - فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ التِّسْعَةَ صَارَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بِالْخَلْطِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا تُرِكَتْ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ حَتَّى يَظْهَرَ مُسْتَحِقُّهَا وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَتُهَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ إلَّا مَا اسْتَثْنَيْته مِنْ ضَمَانِ التِّسْعَةِ فَالْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَخَرَجَ بِقَيْدِ كَوْنِ الدَّابَّةِ فِي يَدِهِ مَا لَوْ كَانَتْ مَعَ مَا عَلَيْهَا فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. (فَرْعٌ وَإِنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (الْمَحْمُولُ) عَلَى الدَّابَّةِ (نَاقِصًا) عَنْ الْمَشْرُوطِ (نَقْصًا يُؤَثِّرُ) بِأَنْ كَانَ فَوْقَ مَا يَقَعُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ أَوْ الْوَزْنَيْنِ (وَقَدْ كَالَهُ الْمُؤَجِّرُ حَطَّ قِسْطَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِي الذِّمَّةِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ بِالشُّرُوطِ (أَوْ) لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ لَكِنْ (لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَأْجِرُ) النَّقْصَ فَإِنْ عَلِمَهُ لَمْ يُحَطَّ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ قَدْ حَصَلَ وَذَلِكَ كَافٍ فِي تَقْرِيرِ الْأُجْرَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفْسِهِ وَنَقَصَ أَمَّا النَّقْصُ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ. (فَرْعٌ وَلَوْ ارْتَدَفَ مَعَ الْمُكْتَرِيَيْنِ) لِدَابَّةٍ رَكِبَاهَا (ثَالِثٌ عُدْوَانًا ضَمِنَ الثُّلُثَ إنْ تَلِفَتْ) تَوْزِيعًا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَا عَلَى قَدْرِ أَوْزَانِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُوزَنُونَ غَالِبًا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهُمَا وَتَمَكَّنَا مِنْ نُزُولِهِمَا أَوْ إنْزَالِ الرَّدِيفِ وَلَمْ يَفْعَلَا حَتَّى تَلِفَتْ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: تَحْتَ الْحِمْلِ) لَا بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ إنَّهَا الصَّوَابُ) وَهُوَ كَمَا قَالَ إذْ لَا يَنْتَظِمُ الْكَلَامُ إلَّا بِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ إلَخْ) وَإِنْ ادَّعَاهَا الْمُكْتَرِي وَالدَّابَّةُ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ:. [فَرْعٌ وُجِدَ الْمَحْمُولُ عَلَى الدَّابَّةِ نَاقِصًا عَنْ الْمَشْرُوطِ نَقْصًا يُؤَثِّرُ وَقَدْ كَالَهُ الْمُؤَجِّرُ] (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَا لَوْ كَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفْسِهِ إلَخْ) وَإِنْ كَالَهُ غَيْرُهُمَا فَإِنْ عَلِمَا فَكَمَا لَوْ كَالَاهُ نَاقِصًا وَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا فَكَمَا لَوْ كَالَهُ هُوَ وَإِنْ جَهِلَا - وَالْإِجَارَةُ عَيْنِيَّةٌ - لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ الْمُسَمَّى، أَوْ ذِمِّيَّةٌ لَزِمَهُ قِسْطُ الْمَحْمُولِ وَهَلْ يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ لُزُومِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 تَفَقُّهًا (وَلَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَبَهِيمَتَهُ فَمَاتَتْ فِي يَدِ صَاحِبِهَا) قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْمُسَخَّرِ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا أَمَّا بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا فَهِيَ مُعَارَةٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْعَارِيَّةِ فِي آخِرِ فَرْعِ " لَوْ أَرْكَبَ دَابَّتَهُ وَكِيلَهُ ". [فَصْلٌ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيَقْطَعَهُ وَيَخِيطَهُ فَخَاطَهُ قَبَاءً ثُمَّ اخْتَلَفَا] (فَصْلٌ وَمَتَى) دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيَقْطَعَهُ وَيَخِيطَهُ فَخَاطَهُ قَبَاءً ثُمَّ (اخْتَلَفَا) فِيمَا أَذِنَ فِيهِ الْمَالِكُ (فَقَالَ) الْخَيَّاطُ (خِطْته قَبَاءً بِأَمْرِك) فَلِي الْأُجْرَةُ (فَقَالَ) الْمَالِكُ (إنَّمَا أَمَرْتُك بِقَمِيصٍ) أَيْ بِقَطْعِهِ قَمِيصًا (صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ دَفَعْت هَذَا الْمَالَ إلَيْك وَدِيعَةً فَقَالَ بَلْ رَهْنًا أَوْ هِبَةً وَلِأَنَّ الْخَيَّاطَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِي الثَّوْبِ نَقْصًا وَادَّعَى أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَلِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهُ أَتَى بِالْعَمَلِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ وَالْمَالِكُ يُنْكِرُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ مَتَاعٍ وَقَالَ الْأَجِيرُ حَمَلْت وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ وَقِيلَ إنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَرُدَّ بِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ بَلْ فِي الْإِذْنِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي دَفْعِ الثَّوْبِ بِلَا عَقْدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الشَّيْخَيْنِ حَكَيَا طَرِيقَةً أَنَّهُ إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا عَقْدٌ تَعَيَّنَ التَّحَالُفُ وَإِلَّا فَالْقَوْلَانِ وَالْوَجْهُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا جَرَى عَقْدٌ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْقَطْعِ أَوْ لَا ثُمَّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْخِيَاطَةِ ثُمَّ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ يَخْتَلِفَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ وَفِي الْإِذْنِ الْوَاقِعِ قَبْلَهُ، وَالتَّحَالُفُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ فَقَطْ (وَاسْتَحَقَّ) عَلَى الْخَيَّاطِ (الْأَرْشَ) لِثُبُوتِ قَطْعِهِ قَبَاءً بِغَيْرِ إذْنٍ (فَقِيلَ) هُوَ (مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا) لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ فَإِنَّ الْأَصْحَابَ بَنَوْا الْخِلَافَ عَلَى أَصْلَيْنِ يَقْتَضِيَانِ ذَلِكَ (وَقِيلَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا لِلْقَمِيصِ أَوْ لِلْقَبَاءِ) لِأَنَّ أَصْلَ الْقَطْعِ مَأْذُونٌ فِيهِ وَهَذَا قَوِيٌّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا قَمِيصًا وَمَقْطُوعًا قَبَاءً وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ " بَيْنَ " لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى مُتَعَدِّدٍ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ يَسْتَعْمِلُونَ فِي ذَلِكَ " أَوْ " كَثِيرًا (وَسَقَطَتْ الْأُجْرَةُ) عَنْ الْمَالِكِ إذْ بِيَمِينِهِ صَارَ عَمَلُ الْخَيَّاطِ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْخَيَّاطِ (نَزْعُ خَيْطِهِ) كَالصِّبْغِ وَعَلَيْهِ أَرْشُ النَّزْعِ إنْ حَصَلَ بِهِ نَقْصٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَ) لَهُ (مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ شَدِّ خَيْطٍ فِيهِ) أَيْ فِي خَيْطِ الْخَيَّاطِ (يَجُرُّهُ) فِي الدُّرُوزِ (مَكَانَهُ) إذَا نُزِعَ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُ. (فَرْعٌ: وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَصْلٌ: وَلَوْ " (قَالَ) لَهُ (إنْ كَانَ) هَذَا الثَّوْبُ (يَكْفِينِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ) فَقَطَعَهُ (ضَمِنَ) الْأَرْشَ (إنْ لَمْ يَكْفِهِ) لِأَنَّ الْإِذْنَ مَشْرُوطٌ بِمَا لَمْ يُوجَدْ (لَا إنْ قَالَ) لَهُ فِي جَوَابِهِ (هُوَ يَكْفِيك فَقَالَ لَهُ اقْطَعْ) فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُطْلَقٌ. [فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ أَوْ الْمُدَّةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ] (فَصْلٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ أَوْ الْمُدَّةِ) أَوْ الْمَنْفَعَةِ (أَوْ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ) هَلْ هِيَ عَشَرَةُ فَرَاسِخَ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ فِي قَدْرِ الْمُسْتَأْجَرِ هَلْ هُوَ كُلُّ الدَّارِ أَوْ بَيْتٌ مِنْهَا (تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ كَمَا فِي الْبَيْعِ (وَوَجَبَ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا اسْتَوْفَاهُ) . [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الطَّوَارِئِ الْمُوجِبَةِ لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ وَانْفِسَاخِهَا وَهِيَ قِسْمَانِ] [الْقَسْم الْأَوَّلُ مَا يَقْتَضِي الْخِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الطَّوَارِئِ الْمُوجِبَةِ لِلْفَسْخِ) وَالِانْفِسَاخِ (وَهِيَ قِسْمَانِ: الْأَوَّلُ مَا يَقْتَضِي الْخِيَارَ) لِلْمُسْتَأْجِرِ (وَهُوَ مَا يَنْقُصُ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ) الْمُسْتَأْجَرَةِ (نَقْصًا يُؤَثِّرُ) فِي تَفَاوُتِ الْأُجْرَةِ (كَمَرَضِهَا) أَيْ الْعَيْنِ (وَانْهِدَامِ بَعْضِ دَعَائِمِ الدَّارِ وَاعْوِجَاجِهَا) أَيْ الدَّعَائِمِ أَوْ بَعْضِهَا (وَتَغَيُّرِ الْبِئْرِ بِحَيْثُ يَمْنَعُ الشُّرْبَ) مِنْهُ (وَإِنْ كَانَ بِتَعَدِّيهِ) لِفَوَاتِ تَمَامِ الْمَنْفَعَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ سَابِقًا لِلْعَقْدِ أَوْ الْقَبْضِ أَمْ حَادِثًا بِيَدِهِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُسْتَقْبَلَةَ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ فَالْعَيْبُ قَدِيمٌ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهَا وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا لِلْحَاجَةِ (لَكِنْ إنْ قَبِلَ) الْعَيْبُ (الْإِصْلَاحَ فِي الْحَالِ وَبُودِرَ إلَيْهِ فَلَا فَسْخَ) كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ الْعَيْبُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يُجْبَرَ بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي جَمِيعِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِالْبَاقِي عَيْبًا وَأَرَادَ الْفَسْخَ فِيهِمَا فَإِنْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي الْعَبْدِ الْبَاقِي وَحْدَهُ وَحُكْمُهُمَا -.   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ ارْتَدَفَ مَعَ الْمُكْتَرِيَيْنِ لِدَابَّةٍ رَكِبَاهَا ثَالِثٌ عُدْوَانًا] (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمَالِكُ) لَوْ أَتَى الْخَيَّاطُ بِثَوْبٍ وَقَالَ هَذَا ثَوْبُك فَقَالَ بَلْ غَيْرُهُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ يُصَدَّقُ الْخَيَّاطُ بِيَمِينِهِ وَهَكَذَا كُلُّ أَجِيرٍ فَإِذَا حَلَفَ فَقَدْ اعْتَرَفَ لَهُ بِثَوْبٍ وَهُوَ لَا يَدَّعِيهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْخَيَّاطَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ مَا عَلَّلَ بِهِ الْمُزَنِيّ مِنْ أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ شَيْئًا فَهُوَ مَأْخُوذٌ بِمَا أَحْدَثَهُ وَإِنَّ الدَّعْوَى لَا تَنْفَعُهُ وَالْخَيَّاطُ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ قَطَعَ الثَّوْبَ وَادَّعَى إذْنًا وَأُجْرَةً فَإِذَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ ضَمِنَ مَا أَحْدَثَهُ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّمَا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقْطَعَ أَوَّلًا بِإِذْنٍ، ثُمَّ يُعَاقِدَهُ كَمَا جَرَتْ عَادَةُ الْخَيَّاطِينَ بِالْقَطْعِ قَبْلَ الْمُعَاقَدَةِ، أَوْ يَخِيطَ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَتَجِبَ الْأُجْرَةُ إذْ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى خِيَاطَةِ الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قَطْعِهِ لَا يَجُوزُ لِكَوْنِهِ عَقْدًا عَلَى مَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الشُّرُوعُ فِيهَا بِالْعَقْدِ بَلْ بَعْدَ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ الْقُونَوِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ شُرَّاحِ الْحَاوِي (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ قَالَ لَهُ إنْ كَانَ هَذَا الثَّوْبُ يَكْفِينِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ] (الْبَابُ الثَّالِثُ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَنْقُصُ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ إلَخْ) وَالْخِيَارُ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَدْ وَقَعَ لِابْنِ الْجُمَّيْزِيِّ وَابْنِ السُّكَّرِيِّ أَنَّهُمَا أَفْتَيَا بِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَانْتُقِدَ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا لَمْ تَنْفَسِخْ بِعُذْرِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِنَابَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مُمْكِنَةٌ (قَوْلُهُ: وَتَغَيُّرِ مَاءِ الْبِئْرِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ عَيْبًا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالشُّرْبِ مِنْ الْآبَارِ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ فَلَيْسَ عَيْبًا إلَّا إنْ مَنَعَ تَغَيُّرُهُ الطَّهَارَةَ، وَصُوَرُ الْمَسْأَلَةِ بِالْبِئْرِ الَّتِي فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 مَذْكُورٌ فِي الْبَيْعِ وَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الْقَوْلَ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ انْتَهَى وَعَلَى الْإِطْلَاقِ جَرَى الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بَلْ صَرَّحَ بِمُقْتَضَاهُ جَمَاعَاتٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَكَذَا الشَّيْخَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى فَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ وَعَلَى مَا إذَا أَجَّرَ أَرْضًا فَغَرِقَتْ بِسَيْلٍ وَوَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ يَقْتَضِي مَنْعَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا بَيْعُ مَعْدُومٍ وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا الْفَسْخُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَهَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ (وَحَيْثُ امْتَنَعَ الْفَسْخُ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَأَنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ (فَلَهُ الْأَرْشُ) وَهُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا (وَتُبْدَلُ) الْعَيْنُ الْمَعِيبَةُ (فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) وَلَا فَسْخَ فِيهَا نَعَمْ إنْ عَجَزَ عَنْ إبْدَالِهَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ كَمَا مَرَّ وَلَوْ قُيِّدَتْ بِمُدَّةٍ وَانْقَضَتْ انْفَسَخَتْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (فَصْلٌ: وَإِنْ مَرِضَ مُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةِ) إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ (أَوْ تَلِفَ مَتَاعُهُ) أَوْ مَرِضَ الْمُؤَجِّرُ وَعَجَزَ عَنْ الْخُرُوجِ مَعَ الدَّابَّةِ أَوْ نَحْوَهَا مِنْ الْأَعْذَارِ (لَمْ تَنْفَسِخْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِي الْبَاقِي) مِنْ الْمُدَّةِ إذْ لَا خَلَلَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بَلْ فِي غَيْرِهِ (وَكَذَا) لَا يَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي (إنْ هَلَكَ الزَّرْعُ) فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (بِجَائِحَةٍ) مِنْ نَحْوِ سَيْلٍ أَوْ جَرَادٍ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَلَا يُحَطُّ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ لَحِقَتْ مَالَهُ لَا مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ فَأَشْبَهَ احْتِرَاقَ الْبَزِّ فِي الدُّكَّانِ الْمُكْرَى (لَا إنْ تَلِفَتْ الْأَرْضُ) بِجَائِحَةٍ أَبْطَلَتْ قُوَّةَ الْإِنْبَاتِ فَتَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي (فَلَوْ تَلِفَ الزَّرْعُ) قَبْلَ تَلَفِ الْأَرْضِ (وَتَعَذَّرَ إبْدَالُهُ قَبْلَ الِانْفِسَاخِ بِتَلَفِهَا لَمْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْمُسَمَّى لِمَا قَبْلَ التَّلَفِ شَيْئًا) لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَتْ صَلَاحِيَّةُ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا نَفْعٌ بَعْدَ فَوَاتِ الزَّرْعِ وَقِيلَ يَسْتَرِدُّ لِأَنَّ بَقَاءَ الْأَرْضِ عَلَى صِفَتِهَا مَطْلُوبٌ فَإِذَا زَالَتْ ثَبَتَ الِانْفِسَاخُ وَالتَّرْجِيحُ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالتَّقْيِيدِ بِتَعَذُّرِ الْإِبْدَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَخَرَجَ بِمَا قَبْلَ التَّلَفِ الْمَزِيدِ عَلَى الْأَصْلِ مَا بَعْدَهُ فَيَسْتَرِدُّ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُسَمَّى لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ فِيهِ (أَوْ) تَلَفِ الزَّرْعِ (بَعْدَ تَلَفِهَا) أَيْ تَلَفِ الْأَرْضِ (اسْتَرَدَّ حِصَّةَ مَا بَعْدَ تَلَفِهَا لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَتْ الْأَرْضُ لَاسْتَحَقَّ الْمَنْفَعَةَ) وَتَقْيِيدُهُ بِمَا بَعْدَ تَلَفِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ حِصَّةَ مَا قَبْلَهُ، الْأَصَحُّ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ خِلَافُهُ لِأَنَّ أَوَّلَ الزِّرَاعَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَلَمْ يُسْلَمْ إلَى الْآخَرِ هَكَذَا أَفْهَمَ هَذَا الْمَقَامُ كَمَا لَخَّصَهُ الْقَمُولِيُّ مَعَ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مُخْلَصَةٍ. (الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ وَهُوَ فَوَاتُ الْمَنْفَعَةِ) بِالْكُلِّيَّةِ (إمَّا شَرْعًا وَقَدْ بَيَّنَّاهُ) فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ (وَإِمَّا حِسًّا كَمَنْ أَجَّرَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً فَتَلِفَتْ وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي) لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ وَفَارَقَ إتْلَافُهُ هُنَا إتْلَافَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَرِدُ عَلَى الْعَيْنِ فَإِذَا أَتْلَفَهَا الْمُشْتَرِي صَارَ قَابِضًا وَالْإِجَارَةُ تَرِدُ عَلَى الْمَنَافِعِ وَالْمَنَافِعُ الْمُسْتَقْبَلَةُ مَعْدُومَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ إتْلَافُهَا فَإِذَا أَتْلَفَ مَحَلَّهَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي (فَقَطْ) أَيْ (لَا) فِي (الْمَاضِي إنْ كَانَ لَهُ أُجْرَةٌ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ فِيهِ أَيْضًا (بَلْ لَا خِيَارَ لَهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَاضِي الَّذِي لَهُ أُجْرَةٌ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ اُسْتُهْلِكَتْ وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (وَلَهُ مِنْ الْمُسَمَّى قِسْطُ الْمَاضِي) مِنْ الْمُدَّةِ (مُوَزَّعًا عَلَى قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ) وَهِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (لَا) عَلَى (الزَّمَانِ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فَرُبَّمَا تَزِيدُ أُجْرَةُ شَهْرٍ عَلَى أُجْرَةِ شَهْرٍ لِكَثْرَةِ الرَّغَبَاتِ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ فَإِذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ سَنَةً وَمَضَى نِصْفُهَا وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ ضِعْفُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي وَجَبَ مِنْ الْمُسَمَّى ثُلُثَاهُ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَثُلُثُهُ، وَالْعِبْرَةُ بِتَقْوِيمِ الْمَنْفَعَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا بِمَا بَعْدَهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَكَالدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ الْأَجِيرُ الْمُعَيَّنُ وَخَرَجَ بِهِمَا مَا فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمَا إذَا قُبِضَا وَتَلِفَا أُبْدِلَا وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهَا لَمْ تَرِدْ عَلَى الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ. [فَرْعٌ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِانْهِدَامِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ] (فَرْعٌ تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ (بِانْهِدَامِ الدَّارِ) الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلَوْ بِهَدْمِ الْمُسْتَأْجِرِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فَتَنْفَسِخُ بِالْكُلِّيَّةِ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَهَذَا هُوَ الْمُفْتَى) بِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَاضِحٌ إذْ الْعِلَّةُ فِيهِ التَّشْقِيصُ الْمُؤَدِّي إلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ نَعَمْ بِحَمْلِ قَوْلِهِمَا " فَالْوَجْهُ إلَخْ " عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَبْدًا، أَوْ بَهِيمَةً أَوْ مَا يُؤَدِّي إلَى التَّشْقِيصِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ) وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فِي الْأَثْنَاءِ وَفَسَخَ وَقُلْنَا لَا يَنْفَسِخُ فِيمَا مَضَى قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْأَرْشُ وَإِنْ لَمْ يَنْفَسِخْ فَلَا أَرْشَ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَفِيمَا مَضَى نَظَرٌ قَالَ الْغَزِّيِّ وَيُتَّجَهُ وُجُوبُهُ كَمَا فِي كُلِّ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ مَرِضَ مُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةِ أَوْ تَلِفَ مَتَاعُهُ أَوْ مَرِضَ الْمُؤَجِّرُ وَعَجَزَ عَنْ الْخُرُوجِ مَعَ الدَّابَّةِ] (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهَا) مِنْ الْأَعْذَارِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا خَارِجَ الْبَلَدِ فَنَزَلَ الْعَسْكَرُ عَلَى الْبَابِ وَأَغْلَقَ الْبَابَ وَتَعَذَّرَ انْتِفَاعُ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْحَانُوتِ وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَأُخِذَتْ أَبْوَابُهُ فَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ إلَى أَنْ يُفْسَخَ وَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ فِي أَيَّامِ الْعُطْلَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَوَقَعَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ رَجُلًا اكْتَرَى مَرْكَبًا - مِنْ عَادَةِ النَّاسِ التَّفَرُّجُ فِيهَا - فَمَنَعَ أَمِيرُ الْبَلَدِ التَّفَرُّجَ فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ فَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْفَسِخْ فِي الْبَاقِي) يُسْتَثْنَى مَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ ذِمِّيًّا لِلْجِهَادِ وَتَعَذَّرَ الْجِهَادُ لِصُلْحٍ حَصَلَ قَبْلَ مَسِيرِ الْجَيْشِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْتَرْجِعُ مِنْهُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَيَكُونُ هَذَا عُذْرًا يَجُوزُ أَنْ يَفْسَخَ بِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِعُمُومِ الْمَصَالِحِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَإِنْ لَمْ تُفْسَخْ بِمِثْلِهِ الْعُقُودُ الْخَاصَّةُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِ السِّيَرِ وَمَا إذَا أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَلَفِ الْأَرْضِ) قَالَ شَيْخُنَا، أَوْ مَعَهَا (قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيحُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ وَهُوَ فَوَاتُ الْمَنْفَعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ فِي الْإِجَارَةِ] (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِهَدْمِ الْمُسْتَأْجِرِ) أَمَّا قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فِي النِّكَاحِ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَوْ خَرَّبَ الدَّارَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَخْرِيبٍ يَحْصُلُ مِنْهُ تَعْيِيبٌ لَا هَدْمٌ كَامِلٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَإِلَّا فَتَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي مِنْهَا دُونَ الْمَاضِي كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَتَلِفَ الْآخَرُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ فَقَطْ فَيَجِبُ هُنَا قِسْطُ مَا مَضَى مِنْ الْمُسَمَّى بِتَوْزِيعِهِ عَلَى أُجْرَةِ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لَا عَلَى الْمُدَّتَيْنِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الدَّابَّةِ وَخَرَجَ بِانْهِدَامِهَا انْهِدَامُ بَعْضِهَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بَلْ إنْ أَمْكَنَ إصْلَاحُهُ فِي الْحَالِ وَأَصْلَحَهُ فَلَا خِيَارَ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا مَرَّ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) فِي بَاقِي الْمُدَّةِ بِقِسْطِهِ مِمَّا مَضَى مِنْ الْمُسَمَّى (بِانْقِطَاعِ مَاءِ الْأَرْضِ) الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا مَاءٌ مُعْتَادٌ لِلْعَيْبِ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الِانْفِسَاخُ لِبَقَاءِ اسْمِ الْأَرْضِ مَعَ إمْكَانِ زِرَاعَتِهَا بِغَيْرِ الْمَاءِ الْمُنْقَطِعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ تُمْكِنْ زِرَاعَتُهَا بِغَيْرِهِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي انْقِطَاعِ مَاءِ الْحَمَّامِ (إلَّا إنْ أَبْدَلَهُ) الْمُؤَجِّرُ (مَاءً) مِنْ مَكَان آخَرَ (وَوَقْتُ الزِّرَاعَةِ بَاقٍ) وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِزَوَالِ مُوجِبِهِ كَمَا لَوْ بَادَرَ لِإِصْلَاحِ الدَّارِ فَإِنْ انْقَضَى وَقْتُ الزِّرَاعَةِ فَلَا إبْدَالَ (وَإِنْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ) أَوْ أَبَقَ الرَّقِيقُ أَوْ نَدَّتْ الدَّابَّةُ (فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَلَهُ الْخِيَارُ) إنْ لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُبَادِرْ الْمُؤَجِّرُ لِانْتِزَاعِ الْعَيْنِ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ وَإِنَّمَا لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَجَازَ) الْعَقْدَ (- وَالتَّقْدِيرُ بِالْعَمَلِ - اسْتَوْفَاهُ حِينَ يَقْدِرُ) عَلَى الْعَيْنِ (أَوْ) وَالتَّقْدِيرُ (بِالزَّمَانِ انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِيمَا انْقَضَى مِنْهُ) فَتَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الْمُسَمَّى وَاسْتَعْمَلَ الْعَيْنَ فِي الْبَاقِي (فَإِنْ لَمْ يَنْفَسِخْ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَلَا خِيَارَ فِيهَا وَلَا انْفِسَاخَ بَلْ عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْإِبْدَالُ كَمَا مَرَّ فَإِنْ امْتَنَعَ اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَأَنَّهُ عِنْدَ يَسَارِهِ بِذَلِكَ دُونَ إعْسَارِهِ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ (وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ) إذْ لَا مِلْكَ لَهُمَا وَلَا نِيَابَةَ (كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُودَعِ) . (فَرْعٌ يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَالِكِ) وَفِي نُسْخَةٍ الْمُؤَجِّرِ (بِالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ) لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهَا لِأَنَّهُ مَالِكٌ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي الْإِقْرَارِ وَيُخَالِفُ إقْرَارُ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يُصَادِفُ مِلْكَ غَيْرِهِ (وَلَا يَبْطُلُ) بِهِ (حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ) وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّهُ بِالْإِجَارَةِ أَثْبَتَ لَهُ الْحَقَّ فِي الْمَنْفَعَةِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ رَفْعِهِ. [فَصْلٌ الْإِجَارَةُ تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ الْمُعَيَّنِ] (فَصْلٌ: الْإِجَارَةُ) وَإِنْ وَرَدَتْ عَلَى الذِّمَّةِ (تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ الْمُعَيَّنِ كَالرَّضِيعِ) فِي الرَّضَاعِ (وَالثَّوْبِ فِي الْخِيَاطَةِ) لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِالْعَيْنِ (لَا) بِتَلَفِ (الْعَاقِدَيْنِ) لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ كَالْبَيْعِ وَكَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ مَاتَ بَلْ إنْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ خَلَفَهُ وَارِثُهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الْمُؤَجِّرُ تُرِكَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَأَمَّا انْفِسَاخُهَا بِمَوْتِ الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ فَلِأَنَّهُ مَوْرِدُ الْعَقْدِ لَا لِأَنَّهُ عَاقِدٌ (فَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (امْتَنَعَ) .   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي) لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ قَبْلَ قَبْضِهَا فَإِنَّهَا إنَّمَا تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَمَا سَبَقَ مِنْ الْقَبْضِ فَأَثَرُهُ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْفَسْخَ كَمَا يَتَصَرَّفُ الْبَائِعُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) أَيْ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّ سَبَبَهُ تَعَذُّرُ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ وَذَلِكَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الزَّمَانِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْخِيَارُ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِتَفْرِيطٍ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْمُسَمَّى كَمَا لَوْ فَرَّطَ فِي الرَّقَبَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: اسْتَوْفَاهُ حِينَ يَقْدِرُ عَلَى الْعَيْنِ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُقَدَّرَةَ بِالْعَمَلِ وَإِنْ وَجَبَ تَسْلِيمُهَا عَقِبَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَجُزْ تَأْجِيلُهَا فَهِيَ كَالدَّيْنِ الْحَالِّ لَا يَبْطُلُ بِتَأْخِيرِ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ) وَفَرَّقَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ الْمَالُ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْجَانِي فَيَتَعَدَّى الْعَقْدُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى بَدَلِهَا بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِيهَا الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى مُتْلِفِهَا إنَّمَا الْوَاجِبُ الْمَالُ فَلَمْ يَتَعَدَّ الْعَقْدَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ إلَى بَدَلِهَا وَالْمُعَيَّنُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ غَايَتُهُ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ انْفَسَخَ التَّعْيِينُ دُونَ أَصْلِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَا انْفِسَاخَ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ مُقَدَّرَةً بِمُدَّةٍ أَمَّا إذَا قُدِّرَتْ بِمُدَّةٍ فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ كَإِجَارَةٍ لِلْعَيْنِ الْمُقَدَّرَةِ بِمُدَّةٍ. اهـ. قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالزَّمَانِ لَا يَتَأَتَّى فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ) مَحَلُّهُ إذَا تَمَكَّنَ الرَّاهِنُ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ أَمَّا لَوْ بَاعَ الْمَالِكُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْمُخَاصَمَةُ جَزْمًا كَذَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فس وَفِي كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَالْقَفَّالِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُخَاصِمُ فِي الرَّقَبَةِ وَلَهُ الدَّعْوَى بِالْمَنْفَعَةِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَنَقَلَهُ ابْنُ دَاوُد شَارِحُ الْمُخْتَصَرِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ تَقْيِيدًا لِلْأَوَّلِ الْمَنْصُوصِ قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ مَنْعَ الْمُرْتَهِنِ وَنَحْوِهِ مِنْ الدَّعْوَى إنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا قَالَ فِي دَعْوَاهُ: هَذَا الَّذِي غَصَبَهُ الْغَاصِبُ مِلْكُ فُلَانٍ رَهَنَهُ عِنْدِي فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ نَائِبًا عَنْ الْمَالِكِ فَكَيْفَ يَدَّعِي الْمِلْكَ لَهُ أَمَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: هَذَا مَرْهُونٌ عِنْدِي بِكَذَا رَهْنًا شَرْعِيًّا وَهُوَ وَثِيقَةٌ بِدَيْنٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ وَلَا يُثْبِتُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ حَتَّى يُقَالَ: لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَدُلُّ لِهَذَا تَعْلِيلُ وَجْهِ الْمَنْعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ لِلْمَالِكِ فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. (تَنْبِيهٌ) اسْتَأْجَرَ مَكَانًا وَسَلَّمَ أُجْرَتَهُ إلَى الْمُؤَجِّرِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدَ الْمُؤَجِّرِ إقْرَارًا نَافِيًا لِكُلِّ حَقٍّ، ثُمَّ بَانَ فَسَادُ الْإِجَارَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ شَيْخُنَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ إقْرَارٍ جَرَى عَقِبَ شَيْءٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَانَ فَسَادُ الْأَصْلِ فَسَدَ الْإِقْرَارُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ. [فَرْعٌ إقْرَارُ الْمُؤَجِّرِ بِالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهَا] (قَوْلُهُ: الْإِجَارَةُ تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ إلَخْ) بِنَاءً عَلَى مَنْعِ إبْدَالِهِ (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى مَا يَقْبَلُ النَّقْلَ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: خَلَفَهُ وَارِثُهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلدَّارِ، أَوْ الْأَرْضِ وَلَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً فَهَلْ يُجْبَرُ الْوَارِثُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ وَإِنْ جَرَى فِي الْمُسَاقَاةِ الْخِلَافُ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْمُسَاقَاةِ تَحْصِيلًا لِلْوَارِثِ مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِ مَالٍ وَهُنَا يَلْتَزِمُ الْوَارِثُ بِالْمَالِ فَلِهَذَا جَزَمْنَا بِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْوَارِثُ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْوَارِثَ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ مَا دَخَلَ تَحْتَ يَدِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 الْمُسْتَأْجِرُ لِلْخِيَاطَةِ (مِنْ تَمْكِينِهِ مِنْ الْخِيَاطَةِ) بِأَنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الثَّوْبَ (لَمْ يُكَلَّفْ تَمْكِينَهُ) مِنْهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَسْنَحُ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ (لَكِنْ بِتَسْلِيمِ الْأَجِيرِ نَفْسَهُ) لَهُ (وَ) مُضِيِّ مُدَّةِ (إمْكَانِ الْعَمَلِ تَسْتَقِرُّ أُجْرَتُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِاسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ لَهُ وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ وَفَاءً بِمَا وَعَدَ بِهِ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ (وَالثَّوْبُ مَحْبُوسٌ) حَيْثُ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ (لِتَسْلِيمِهَا فَيَمْتَنِعُ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (بَيْعُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَهُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ (فَإِنْ الْتَزَمَ عَمَلًا) فِي الذِّمَّةِ (وَمَاتَ وَلَهُ تَرِكَةٌ اُسْتُؤْجِرَ مِنْهَا) لِتَوْفِيَةِ مَا الْتَزَمَهُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ (فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا) أَيْ الْإِجَارَةَ أَيْ عَمَلَهَا (الْوَارِثُ ثَبَتَ) لِلْمُسْتَأْجِرِ (الْفَسْخُ) لِمَوْتِ الْمُلْتَزِمِ مُفْلِسًا وَإِلَّا اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ (وَالْمُوصَى لَهُ بِالدَّارِ) أَيْ بِمَنْفَعَتِهَا كَمَا عَبَّرَ بِهَا الرَّافِعِيُّ إذَا أَجَّرَهَا وَقَدْ أَوْصَى لَهُ بِهَا (مُدَّةَ حَيَاتِهِ تَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ بِمَوْتِهِ) لِانْتِهَاءِ حَقِّهِ بِمَوْتِهِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَنْفَعَةِ إبَاحَةٌ لَهَا لَا تَمْلِيكٌ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِالدَّارِ لَا بِمَنْفَعَتِهَا كَمَا هُنَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ الِانْفِسَاخِ بِمَوْتِهِ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِرُجُوعِ الْمَنْفَعَةِ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَإِنَّمَا رَجَعَتْ إلَيْهِمْ بِمَوْتِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْعَيْنِ فَلَمَّا أَوْصَى بِهَا وَحْدَهَا وَغَيَّاهَا بِمُدَّةٍ وَانْقَضَتْ اسْتَتْبَعَتْهَا الْعَيْنُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمَتْبُوعَةِ لَهَا. (فَصْلٌ وَإِنْ هَرَبَ الْمُكْرِي) لِجِمَالٍ (بِجِمَالِهِ وَالْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ اكْتَرَى الْحَاكِمُ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ) بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِجَارَةِ وَالْهَرَبِ وَتَعَذُّرِ إحْضَارِهِ وَطَلَبِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ ذَلِكَ (لَا الْمُسْتَأْجِرُ) فَلَا يَكْتَرِي عَنْهُ (وَلَوْ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ الْحَاكِمُ مَالًا (اقْتَرَضَ) عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ غَيْرِهِ وَاكْتَرَى عَلَيْهِ (وَكَذَا) يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ يَقْتَرِضُ (لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْجِمَالِ إنْ لَمْ يَهْرُبْ الْمُكْرِي بِهَا فَإِنْ وَثِقَ بِالْمُسْتَأْجِرِ دَفَعَهُ إلَيْهِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ إلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ سَوَاءٌ فِي هَذَا وَفِيمَا يَأْتِي إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَجِدْ مَالًا يَقْتَرِضُهُ أَوْ لَمْ يَرَ الِاقْتِرَاضَ (بَاعَ مِنْهَا) بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ ثَمَنِهِ (إنْ لَمْ يَهْرُبْ بِهَا) نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ حَاجَةِ الْمُسْتَأْجِرِ بَاعَ الْحَاكِمُ مِنْهَا قَبْلَ الِاقْتِرَاضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِهَا وَالِاكْتِرَاءِ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِبَعْضِ الثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ جَزْمًا حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَالِ الْغَائِبِ بِالْمَصْلَحَةِ (وَتَبْقَى) أَيْ الْجِمَالُ (بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كُلُّهُ) أَيْ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ وَالِاقْتِرَاضُ وَالِاكْتِرَاءُ عَلَيْهِ وَيَكْفِي أَنْ يُقَالَ: تَعَذَّرَ الِاكْتِرَاءُ (فَسَخَ) الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ (أَوْ صَبَرَ) حَتَّى تَحْضُرَ الْجِمَالُ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ هَذَا (فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) وَهِيَ مَا إذَا هَرَبَ بِالْجِمَالِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَهْرُبْ بِهَا لِوُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَكِنْ إنْ تَعَذَّرَ فِيهَا الْأَخْذُ وَالِاقْتِرَاضُ وَبَيْعُ بَعْضِهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ بِذَلِكَ فِي الْأُولَى (وَإِذَا أَذِنَ) الْحَاكِمُ (لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِيُنْفِقَ) عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ (وَيَرْجِعَ) عَلَى الْمُكْرِي (جَازَ) كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ مِنْهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ (وَيُصَدَّقُ فِي إنْفَاقِ) قَدْرٍ (مُعْتَادٍ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) ثَمَّ (حَاكِمٌ أَوْ) كَانَ لَكِنْ (عَسُرَ إثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ فَأَنْفَقَ) عَلَيْهَا (وَأَشْهَدَ عَلَى مَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ) عَلَى الْمُكْرِي (رَجَعَ) عَلَيْهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ صُدِّقَ الْمُنْفِقُ (وَيَحْفَظُهَا) أَيْ الْجِمَالَ (الْحَاكِمُ بَعْدَ) مُضِيِّ (الْمُدَّةِ أَوْ يَبِيعُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا اقْتَرَضَ فَإِنْ خَشِيَ أَنْ تَأْكُلَ نَفْسَهَا) لَوْ بَاعَ بَعْضَهَا (بَاعَ الْكُلَّ) (فَصْلٌ وَإِنْ سَلَّمَ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ وَكَذَا الْأَجِيرُ الْحُرُّ نَفْسَهُ) إلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ عَرَضَهَا عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهَا (اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ) عَلَيْهِ (بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْعَمَلِ) بِحَسَبِ مَا ضُبِطَتْ بِهِ الْمَنْفَعَةُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ إجَارَةَ عَيْنٍ أَمْ ذِمَّةٍ (وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ سَوَاءٌ أَتَرَكَ اسْتِعْمَالَهَا.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَسْنَحُ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَصِيرُ بِسَبِيلٍ عَلَى رَأْيٍ مِنْ إبْطَالِ مَا أَلْزَمَ بِهِ ذِمَّتَهُ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ عَلَيْهِ وَلَا إثْمٍ وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ يُصَانُ عَنْ هَذَا وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ إذَا اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا لِقِصَارَةِ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ يُكَلَّفَ تَسْلِيمَهُ إلَيْهِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ إنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ صَبَّاغًا لِيَصْبُغَ لَهُ ثَوْبًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَصْبُغْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا عَلَى قِصَارَةِ ثَوْبٍ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَقْصُرْهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا عَلَى عَمَلٍ ذَهَبَ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَعْمَلْ وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ لَاقْتَضَى طَرْدَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَيُمَكَّنُ عَلَى رَأْيٍ مِنْ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْنَحُ لَهُ غَرَضٌ خِلَافُ الْغَرَضِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي الْفَرْقِ إنَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَوْ وَجَبَ التَّسْلِيمُ لَكَانَ فِيهِ إجْبَارٌ عَلَى الْقَطْعِ وَهُوَ يَنْقُصُ الْمَالَ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ فَإِنَّ الْمَالِيَّةَ فِيهَا مَحْفُوظَةٌ بَلْ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُوصَى لَهُ بِالدَّارِ إلَخْ) مِثْلُهُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ بِإِقْطَاعٍ. [فَصْلٌ هَرَبَ الْمُكْرِي لِجِمَالٍ بِجِمَالِهِ وَالْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ] (قَوْلُهُ: وَلِلْإِجَارَةِ فِي الذِّمَّةِ) أَمَّا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَلَهُ الْفَسْخُ كَمَا لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ إلَخْ) أَيْ إنْ رَضِيَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي قَوْلِهِ فَرْعٌ وَتَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَى غَائِبٍ فَجَازَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَنْ يَتَوَصَّلَ صَاحِبُهُ إلَيْهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلَّمَ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ إلَخْ) لَوْ عَرَضَهَا عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الِاسْتِيفَاءُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَبَضَهَا وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرُهُمَا وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ مِنْهَاجِ أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ إلَّا بِالنَّقْلِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَفِي الْبَيَانِ قَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْبِضُ مِنْهُ فَإِنْ رَكِبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِلَّا أَجَّرَهُ الْحَاكِمُ كَمَسْأَلَةِ السَّلَمِ وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الطَّيِّبِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَضَعْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 (اخْتِيَارًا أَوْ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ) أَوْ لِمَرَضٍ (وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا) بِغَيْرِ رِضَا الْمُؤَجِّرِ (إلَى تَيَسُّرِ الْعَمَلِ وَلَا الْفَسْخُ) بِذَلِكَ (وَيَسْتَقِرُّ بِذَلِكَ) أَيْ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْعَمَلِ (فِي) الْإِجَارَةِ (الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) سَوَاءٌ انْتَفَعَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى أَمْ لَا وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْوَطْءِ؛ إذْ الْيَدُ لَا تَثْبُتُ عَلَى مَنَافِعِ الْبُضْعِ. (فَرْعٌ وَإِنْ حَبَسَ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ) الْمُؤَجَّرَةَ لِقَبْضِ الْأُجْرَةِ أَوْ غَيْرِهِ (حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (أَوْ) حَتَّى انْقَضَى (بَعْضُهَا) ثُمَّ سَلَّمَهَا (انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (فِي الْمَاضِي وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) فِي الْبَاقِي كَمَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا يُبْدَلُ زَمَانٌ بِزَمَانٍ (وَلَوْ قُدِّرَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (بِالْعَمَلِ) كَأَنْ أَكْرَى دَابَّةً لِلرُّكُوبِ إلَى بَلَدٍ فَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا الْمُضِيُّ (لَمْ تَنْفَسِخْ) لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَنْفَعَةِ لَا بِالزَّمَانِ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِيفَاؤُهَا (كَاَلَّتِي فِي الذِّمَّةِ) فَإِنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ فِيمَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ مَا تُسْتَوْفَى مِنْهُ الْمَنْفَعَةُ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا تَحْصِيلُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ تَأَخَّرَ إيفَاؤُهُ (وَلَا يَثْبُتُ فِيهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْعَيْنَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا مَا ذُكِرَ (خِيَارٌ) كَمَا لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ مُدَّةً ثُمَّ سَلَّمَهُ. . [فَصْلٌ أَجَّرَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مَثَلًا مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مُدَّةً مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا] (فَصْلٌ لَوْ أَجَّرَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ) مَثَلًا مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (الْوَقْفَ مُدَّةً) مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (ثُمَّ مَاتَ) قَبْلَ تَمَامِهَا وَكُلُّ بَطْنٍ لَهُ النَّظَرُ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ (انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ بِمَعْنَى أَنَّا نَتَبَيَّنُ بُطْلَانَهَا (لَا فِيمَا مَضَى) مِنْ الْمُدَّةِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِغَيْرِهِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نِيَابَةَ إذْ الْبَطْنُ الثَّانِي لَا يَتَلَقَّى مِنْ الْأَوَّلِ بَلْ مِنْ الْوَاقِفِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ مَنْ بَعْدَهُ (وَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَةُ النَّاظِرِ بِمَوْتِهِ) وَلَا بِمَوْتِ غَيْرِهِ مِنْ الْبُطُونِ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْجَمِيعِ. (فَرْعٌ وَإِنْ أَجَّرَ الْوَلِيُّ الطِّفْلَ أَوْ مَالَهُ مُدَّةً يَبْلُغُ فِي أَثْنَائِهَا بِالسِّنِّ بَطَلَتْ) إجَارَتُهُ بِمَعْنَى أَنَّا نَتَبَيَّنُ بُطْلَانَهَا (فِي الزَّائِدِ) عَلَى مُدَّةِ الْبُلُوغِ بِهِ لِانْقِطَاعِ وِلَايَتِهِ عَنْهُ فِيهِ نَعَمْ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَمْ تَبْطُلْ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ غَابَ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلِيُّهُ أَبَلَغَ رَشِيدًا أَمْ لَا لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ الْحَاكِمُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ (فَلَوْ بَلَغَ فِيهَا بِالِاحْتِلَامِ لَمْ تَنْفَسِخْ فِي الزَّائِدِ) عَلَى مُدَّةِ الْبُلُوغِ بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِيًّا حِينَ تَصَرُّفِهِ وَقَدْ بَنَاهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فَلْيَلْزَمْ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ أَوْ بَاعَ مَالَهُ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ بُلُوغَهُ بِالسِّنِّ لَهُ أَمَدٌ مَعْلُومٌ فَالْمُؤَجِّرُ مُقَصِّرٌ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ بُلُوغِهِ بِالِاحْتِلَامِ وَاسْتُشْكِلَتْ بِالِانْفِسَاخِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَيُجَابُ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ وَقَدْ قَصَرَهُ عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَتَجَاوَزُهُ بِخِلَافِ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ (وَلَا خِيَارَ لَهُ) إذَا بَلَغَ كَمَا لَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ ثُمَّ بَلَغَتْ لَا خِيَارَ لَهَا (وَإِفَاقَةُ الْمَجْنُونِ) الَّذِي أَجَّرَ الْوَلِيُّ مَالَهُ (كَالْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ) فَلَا تَنْفَسِخُ فِي الزَّائِدِ. (فَصْلٌ وَإِنْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ) فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (نَفَذَ) عِتْقُهُ لِأَنَّ إعْتَاقَ الْمَغْصُوبِ وَالْآبِقِ نَافِذٌ فَهَذَا أَوْلَى وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ الْمَنَافِعِ مُدَّتَهَا قَبْلَ عِتْقِهِ فَالْإِعْتَاقُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا كَانَ مِلْكًا لَهُ وَلِأَنَّهُ أَجَّرَ مِلْكَهُ ثُمَّ طَرَأَ مَا يُزِيلُهُ فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَجَّرَ ثُمَّ مَاتَ (وَلَمْ يَثْبُتْ لِلْعَبْدِ خِيَارٌ) بِعِتْقِهِ لِأَنَّ سَيِّدَهُ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ فَلَا يُنْقَضُ (وَلَا رُجُوعَ) لَهُ عَلَى السَّيِّدِ (بِأُجْرَةٍ) لِمَا بَعْدَ عِتْقِهِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَنَافِعِهِ حِينَ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ لَهُ بِعَقْدٍ لَازِمٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا ثُمَّ عَتَقَتْ لَا تَرْجِعُ -.   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ سَلَّمَ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَامْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهَا] قَوْلُهُ: وَيَسْتَقِرُّ بِذَلِكَ فِي الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) تَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ بِالتَّخْلِيَةِ فِي الْعَقَارِ وَبِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُسْتَأْجِرِ وَبِالْعَرْضِ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ الْقَبْضِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ قَالَ شَيْخُنَا وَذَكَرَا فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا فَعَلَيْهِ رَدُّهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ حَبْسُهُ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ عَلَى الصَّحِيحِ وَلْيَكُنْ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ هُنَاكَ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ عَاقَدَ عَلَى حَمْلِهِ لِلْحِجَازِ فِي شَهْرِ رَجَبَ وَمَنَعَ ذَلِكَ السُّلْطَانُ فَهَلْ نَقُولُ لَا خِيَارَ لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْحَمْلِ بِنَظِيرِهِ، أَوْ نَقُولُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ بِالْإِجَارَةِ تَحْصِيلُ الْحَجِّ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ وَقَعَتْ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. [فَرْعٌ حَبَسَ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ لِقَبْضِ الْأُجْرَةِ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ] (قَوْلُهُ: وَكُلُّ بَطْنٍ لَهُ النَّظَرُ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ) بِحَيْثُ إنَّ كُلَّ مُسْتَحِقٍّ يَنْظُرُ فِي حِصَّتِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ أَجَّرَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ بِالْأَرْشَدِيَّةِ، ثُمَّ مَاتَ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْغَزِّيِّ فِي الْفَتْوَى وَالرَّاجِحُ عَدَمُ انْفِسَاخِهَا فِيهِ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ قَدْ صَرَفَ الْأُجْرَةَ لِنَفْسِهِ رَجَعَ الْبَطْنُ الثَّانِي بِحِصَّتِهِ فِي تَرِكَةِ الْقَابِضِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْأُجْرَةَ فَالرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ صَرَفَهَا فِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى الصَّرْفِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ شَرْعًا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَةُ النَّاظِرِ بِمَوْتِهِ) إلَّا إذَا كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ وَأَجَّرَهَا بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْجَمِيعِ) وَلَا يَخْتَصُّ نَظَرُهُ بِبَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ. [فَرْعٌ أَجَّرَ الْوَلِيُّ الطِّفْلَ أَوْ مَالَهُ مُدَّةً يَبْلُغُ فِي أَثْنَائِهَا بِالسِّنِّ] (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا فَلَوْ بَلَغَ سَفِيهًا فَهُوَ كَالصَّبِيِّ فِي اسْتِمْرَارِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ كَذَا يَظْهَرُ وَلَمْ أَرَ مَنْ قَيَّدَهُ بِهِ. اهـ. وَهُوَ عَجِيبٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا بَلَغَ رَشِيدًا وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقُضَاةِ الطَّبَرِيِّ وَالْحُسَيْنِ وَالرُّويَانِيِّ فَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا اسْتَمَرَّتْ اهـ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ وَالْكِفَايَةِ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ) تَبِعَ فِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ بَلَغَ فِيهَا بِالِاحْتِلَامِ) أَوْ الْحَيْضِ، أَوْ الْحَبَلِ أَوْ إنْبَاتِ طِفْلِ الْكُفَّارِ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْبُلُوغِ لَا أَنَّهُ بُلُوغٌ (قَوْلُهُ: وَإِفَاقَةُ الْمَجْنُونِ) أَيْ وَرُشْدُ السَّفِيهِ. [فَصْلٌ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ] (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَعْتَقَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِعِتْقٍ سَابِقٍ عَلَى الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي فَسْخِهَا وَيَغْرَمُ لِلْعَبْدِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) كَمَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِطُرُوِّ الْحُرِّيَّةِ لَا تَنْفَسِخُ بِطُرُوِّ الرِّقِّ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مُسْلِمٌ حَرْبِيًّا فَاسْتُرِقَّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 بِشَيْءٍ لِمَا يَسْتَوْفِيهِ الزَّوْجُ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَلَا نَفَقَةَ) لَهُ (عَلَى السَّيِّدِ) لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهَا (وَيُنْفَقُ) عَلَيْهِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ الْعَاجِزِينَ لَا مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ (فَلَوْ فَسَخَ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ (الْمُسْتَأْجِرُ) الْإِجَارَةَ (بِعَيْبٍ) ظَهَرَ بِالْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهِ (مَلَكَ) الْعَتِيقُ (مَنَافِعَ نَفْسِهِ) لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَقِلًّا وَقِيلَ هِيَ لِلسَّيِّدِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّوَوِيِّ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ الْآتِيَ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ قُبَيْلَ فَصْلٍ فِيهِ مَسَائِلُ مِنْ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ وَإِنْ شَرِكَ بَيْنَهُمَا الْمُتَوَلِّي فِي الْبِنَاءِ الْآتِي ثَمَّ وَأَخَذَ مِنْهُ الْإِسْنَوِيُّ تَرْجِيحَ أَنَّهَا لِلسَّيِّدِ بِأَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا كَانَ مُتَقَرَّبًا بِهِ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّقًا إلَيْهِ كَانَتْ مَنَافِعُ الْعَتِيقِ لَهُ نَظَرًا لِمَقْصُودِ الْمُعْتِقِ مِنْ كَمَالِ تَقَرُّبِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِمَا لَا يَشْفِي (وَإِنْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ) لَهُ (فَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ) فِي الْمُدَّةِ (فَلَا شَيْءَ) لَهُ (عَلَيْهِ) كَمُوَرِّثِهِ (وَإِجَارَتُهُ أُمَّ الْوَلَدِ كَإِجَارَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) فَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ فِي الْمُدَّةِ لَا فِيمَا مَضَى وَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَبْدِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فِي الْمُدَّةِ بِأَنَّ الْعَبْدَ مَلَكَ نَفْسَهُ بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ فَاخْتُصَّ السَّيِّدُ بِمَا كَانَ عَلَى مِلْكِهِ وَأُمَّ الْوَلَدِ مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِالْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ إيجَارُهَا قَبْلَ اسْتِيلَادِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْعَبْدِ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ (وَكَذَا الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِالصِّفَةِ) الَّتِي لَا يُعْلَمُ وُقُوعُهَا فِي الْمُدَّةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فِيمَا تَقَرَّرَ فِيهِ (لَكِنَّ وُجُودَهَا) يَعْنِي وُجُودَ الصِّفَةِ الَّتِي يُعْلَمُ وُقُوعُهَا فِي الْمُدَّةِ (كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ بِالسِّنِّ) فِيهَا (فَلَا يُؤَجِّرُهُ مُدَّةً تُوجَدُ الصِّفَةُ فِيهَا) كَمَا لَا يُؤَجِّرُ الصَّبِيَّ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ، وَكَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ الْمُدَبَّرُ. (فَصْلٌ لَا تَصِحُّ مُكَاتَبَةُ) الْعَبْدِ (الْمُؤَجَّرِ) إذْ لَا يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ لِنَفْسِهِ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ أَجَّرَ الْمُكَاتَبُ نَفْسَهُ ثُمَّ عَجَّزَهُ سَيِّدُهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ بِحُكْمِ مِلْكِ نَفْسِهِ وَقَدْ بَطَلَ أَيْ فَزَالَ أَثَرُهُ لِذَلِكَ مَعَ ضَعْفِ مِلْكِهِ (وَإِنْ أَجَّرَ دَارًا بِعَبْدٍ ثُمَّ قَبَضَهُ وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ انْهَدَمَتْ) أَيْ الدَّارُ (فَالرُّجُوعُ إلَى قِيمَتِهِ) ثَابِتٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَيْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ. [فَصْلٌ بَيْعُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَهِبَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ] (فَصْلٌ بَيْعُ الْعَيْنِ) الْمُسْتَأْجَرَةِ وَهِبَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا (مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) لَهَا (صَحِيحٌ) لِوُرُودِهَا عَلَى خَالِصِ حَقِّهِ كَبَيْعِ الزَّوْجَةِ وَكَمَا لَوْ بَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَاصِبِ وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ شَرْعِيٌّ لَا لَفْظِيٌّ (فَيَجْتَمِعُ الْمِلْكُ وَالْإِجَارَةُ) فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَنَافِعَ أَوَّلًا مِلْكًا مُسْتَقِرًّا فَلَا يَبْطُلُ بِمَا يَطْرَأُ مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَإِنْ تَبِعَتْهَا الْمَنَافِعُ لَوْلَا الْمِلْكُ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ مَلَكَ ثَمَرَةً غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى الشَّجَرَةَ لَا يَبْطُلُ مِلْكُ الثَّمَرَةِ وَإِنْ دَخَلَتْ فِي الشِّرَاءِ لَوْ لَمْ يَمْلِكْهَا أَوَّلًا (فَإِنْ انْفَسَخَ أَحَدُهُمَا) بِفَسْخٍ أَوْ بِدُونِهِ (بَقِيَ الْآخَرُ فَلَوْ أَجَّرَهُ الْعَيْنَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مِنْهُ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْعَيْنَ مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ (وَلَوْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ إجَارَتُهَا كَذَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَدَمُ صِحَّتِهَا كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْدُ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ لَكِنَّهُ تَسَمَّحَ فِي نِسْبَةِ التَّصْرِيحِ إلَيْهِمَا وَإِنْ كُنْت تَبِعْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَإِنَّهُمَا لَمْ يُصَرِّحَا بِذَلِكَ وَإِنَّمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَهَذَا الْمُقْتَضَى هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ أَجَّرَهَا أَبُوهُ مِنْهُ) أَيْ أَجَّرَ الْأَبُ عَيْنًا مِنْ ابْنِهِ (ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَوَرِثَهُ الْآخَرُ لَمْ تَنْفَسِخْ) أَيْ الْإِجَارَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجْتَمِعُ مَعَ الْمِلْكِ (وَتَظْهَرُ الْفَائِدَةُ) أَيْ فَائِدَةُ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ (حِينَ يَسْتَغْرِقُ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ) فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ وَذِكْرُ الِاسْتِغْرَاقِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي ظُهُورِ الْفَائِدَةِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّوَوِيِّ) حَكَى الْمُتَوَلِّي هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ الْعَبْدِ لِزَيْدٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَرَدَّ زَيْدٌ الْوَصِيَّةَ وَالْمُتَّجَهُ رُجُوعُهَا لِلْوَرَثَةِ وَمِنْ نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا أَجَّرَ دَارِهِ، ثُمَّ وَقَفَهَا، أَوْ وَهَبَهَا ثُمَّ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَلَمْ أَقِفْ فِيهَا عَلَى نَقْلٍ، أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ دَارًا فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ مَلَكَهَا الْمُسْلِمُونَ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ قَالَ شَيْخُنَا مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ رُجُوعِ الْمَنَافِعِ لِلْعَتِيقِ بِكَوْنِهِ مُتَقَرَّبًا بِهِ إلَى آخِرِهِ رُجُوعُ الْمَنَافِعِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ لَكِنْ سَيَأْتِي بِخَطِّ الْوَالِدِ فِي الصَّفْحَةِ الْمُقَابِلَةِ لِهَذِهِ أَنَّهَا تَرْجِعُ لِلْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَةِ النَّوَوِيِّ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا صَحَّحَهُ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ الْحُسَيْنَ وَالْمُتَوَلِّيَ وَغَيْرَهُمَا بَنَوْا الْخِلَافَ عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ، أَوْ مِنْ أَصْلِهِ إنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ وَإِلَّا فَلِلْعَتِيقِ وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ أَنَّهَا لِلسَّيِّدِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ رَفْعُهُ مِنْ حِينِهِ. اهـ. مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْعِتْقَ الَّذِي هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى يَقْتَضِي النُّفُوذَ فِي الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ جَمِيعًا إلَّا أَنَّ الْإِجَارَةَ السَّابِقَةَ كَانَتْ تَمْنَعُ مِنْهُ فِي الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا انْفَسَخَتْ خَلَصَ الْمِلْكُ لِلَّهِ بِحَقِّ الْعِتْقِ الْوَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ وَأَعْطَى عَنْهُ الصَّدَاقَ ثُمَّ أَعْتَقَ، ثُمَّ طَلَّقَ الْعَبْدُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّ الصَّدَاقَ يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ فِي صُورَةِ الْفَسْخِ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ شَطْرُهُ فِي صُورَةِ الطَّلَاقِ وَلَا يَرْجِعُ إلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُمَلِّكَ جَرَى فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ فَكَذَلِكَ نَقُولُ هَاهُنَا لَمَّا جَرَى الْفَسْخُ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ الْوَجْهُ الثَّالِثُ عَلَى قَاعِدَةِ السِّرَايَةِ وَكَذَلِكَ أَنَّ الْعِتْقَ يَقْتَضِي السِّرَايَةَ إلَى الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ فَإِذَا عَرَضَ مَا يَمْنَعُ، ثُمَّ زَالَ سَرَى كَمَا نَقُولُ فِي الْجَارِيَةِ الْمَرْهُونَةِ إذَا اسْتَوْلَدَهَا السَّيِّدُ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يَنْفُذُ الِاسْتِيلَادُ فَإِذَا أَزَالَ الرَّهْنَ نَفَذَ كَذَلِكَ نَقُولُ هَاهُنَا إذَا زَالَتْ الْإِجَارَةُ نَفَذَ الْعِتْقُ فِي الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعِتْقَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُفَارِقُ (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ أُمِّ الْوَلَدِ) وَالْمُدَبَّرِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) وَارْتَضَاهُ السُّبْكِيُّ. [فَصْلٌ مُكَاتَبَةُ الْعَبْدِ الْمُؤَجَّرِ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَنَافِعَ إلَخْ) وَلِهَذَا يَسْتَأْجِرُ مِلْكَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْعَيْنَ إلَخْ) وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مِنْهُ الْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ إذْ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هُنَا إنَّمَا يَتَأَتَّى بِاسْتِيفَائِهِ وَبَعْدَ اسْتِيفَائِهِ لَا يَصِحُّ إيجَارُهُ فَالْمَذْهَبُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِمَنَافِعِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 وَمَسْأَلَةُ مَوْتِ الِابْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ خَلَّفَ) الْمُؤَجِّرُ (ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ مُسْتَأْجِرٍ) وَالْآخَرُ مُسْتَأْجِرٌ (فَالرَّقَبَةُ بَيْنَهُمَا) بِالْإِرْثِ (وَالْإِجَارَةُ مُسْتَمِرَّةٌ) فَالْمُسْتَأْجِرُ وَرِثَ نَصِيبَهُ بِمَنَافِعِهِ وَالْآخَرُ وَرِثَ نَصِيبَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ. (وَبَيْعُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَهِبَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ صَحِيحٌ) أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمُسْتَأْجِرُ لِمَا مَرَّ فِيهِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِعَمَلٍ مُقَدَّرٍ بِمُدَّةٍ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ إلَى بَلَدِ كَذَا فَعَنْ أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ قَوْلًا وَاحِدًا لِجَهَالَةِ مُدَّةِ السَّيْرِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَيُقَاسُ بِالْبَيْعِ مَا فِي مَعْنَاهُ (وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بِمَا ذُكِرَ كَمَا لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِبَيْعِ الْأَمَةِ الزَّوْجَةِ وَتُتْرَكُ الْعَيْنُ بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ الْبَيْعِ (إنْ جَهِلَ) الْإِجَارَةَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهَا نَعَمْ لَوْ قَالَ عَلِمْتهَا وَلَكِنْ ظَنَنْت أَنَّ لِي أُجْرَةَ مَا يَحْدُثُ عَلَى مِلْكِي مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَالشَّاشِيُّ بِالْمَنْعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى (وَلَوْ فُسِخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ) أَوْ عَرَضَ مَا تَنْفَسِخُ بِهِ (فَالْمَنْفَعَةُ) لِبَقِيَّةِ الْمُدَّةِ تَثْبُتُ (لِلْبَائِعِ) لَا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ مَنَافِعَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَصَحَّحَ تَبَعًا لِابْنِ الْحَدَّادِ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَعُودُ لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ. (فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الْأَوَّلِ) لَوْ (أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ نَسْجَ ثَوْبٍ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الْتِزَامُهُ) لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَمُوتُ قَبْلَ النَّسْجِ فَأَشْبَهَ السَّلَمَ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ. (وَالْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ) إنْ كَانَتْ نَقْدًا تَكُونُ (مِنْ نَقْدِ بَلَدِ الْعَقْدِ) كَنَظَائِرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ عَقَدَ بِبَادِيَةٍ نَائِيَةٍ عَنْ الْعُمْرَانِ فَهَلْ يَعْتَبِرُ نَقْدَ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا أَوْ يَجِبُ تَعْيِينُهُ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلَ (فَإِنْ وَقَعَتْ فَاسِدَةً فَمَوْضِعُ إتْلَافِ الْمَنْفَعَةِ) يُعْتَبَرُ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ نَقْدًا وَوَزْنًا. (وَتَصِحُّ إجَارَةُ مُصْحَفٍ وَكِتَابٍ) لِمُطَالَعَتِهِمَا وَالْقِرَاءَةِ مِنْهُمَا. (لَا) إجَارَةُ (بِرْكَةٍ لِصَيْدِ سَمَكٍ) مِنْهَا فَلَا تَصِحُّ كَاسْتِئْجَارِ الْأَشْجَارِ لِلثِّمَارِ (وَتَصِحُّ) إجَارَتُهَا (لِحَبْسِ مَا فِيهَا) حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهِ السَّمَكُ ثُمَّ (يَصْطَادَ مِنْهُ) . (وَ) تَصِحُّ إجَارَةُ دَابَّةٍ (لِسَيْرِ فَرْسَخَيْنِ) مَثَلًا (إنْ بَيَّنَ الْجِهَةَ وَلَهُ إبْدَالُهَا) أَيْ الْجِهَةِ (بِمِثْلِهَا) سُهُولَةً وَصُعُوبَةً كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الثَّانِي. (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا) مَثَلًا (عَلَى أَنَّ مُدَّةَ تَعَطُّلِهَا) بِسَبَبِ الْعِمَارَةِ وَنَحْوِهَا (مَحْسُوبَةٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَعْنَى انْحِصَارِ الْإِجَارَةِ فِي الْبَاقِي أَوْ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِمَعْنَى اسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ لَمْ تَصِحَّ) لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ فِي الْأُولَى وَجَهَالَةِ آخِرِهَا فِي الثَّانِيَةِ. (وَكَذَا) لَا تَصِحُّ (لَوْ أَجَّرَ حَانُوتًا خَرَابًا عَلَى أَنْ يَعْمُرَهُ) الْمُسْتَأْجِرُ بِمَالِهِ (وَمَا أَنْفَقَهُ مَحْسُوبٌ) لَهُ (مِنْ أُجْرَتِهِ) لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ وَلِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِجَارَةِ غَيْرُ مُنْتَفِعٍ بِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ إلَى آخِرِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا عَلَى أَنْ يَعْتَاضَ عَنْ مُدَّةِ عِمَارَتِهِ أَوْ عَلَى أَنْ تُحْسَبَ عَلَيْهِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ لَمْ تَصِحَّ أَوْ مَعْلُومَةٌ صَحَّ فِيهَا وَفِيمَا بَعْدَهَا فَقَطْ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ صَحَّ صَوَابُهُ بَطَلَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُتَوَلِّي. (وَلَوْ أَعَارَهُ) شَيْئًا (لِيُؤَجِّرَهُ) فَأَجَّرَهُ (لَمْ يَصِحَّ) عَقْدُ الْإِعَارَةِ لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَلَا عَقْدُ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يُؤَجِّرُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ. (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِشِرَاءِ) شَيْءٍ (مَوْصُوفٍ صَحَّ أَوْ لِشِرَاءِ مُعَيَّنٍ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ رَغْبَةَ مَالِكِهِ فِي الْبَيْعِ غَيْرُ مَظْنُونَةٍ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ظُنَّتْ رَغْبَتُهُ صَحَّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةَ (أَوْ لِبَيْعِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ (صَحَّ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَجِدُ رَاغِبًا فِيهِ (لَا) لِبَيْعِهِ (مِنْ) شَخْصٍ (مُعَيَّنٍ) فَلَا يَصِحُّ (أَوْ لِلتَّظَلُّمِ وَعَيَّنَ الْبَلَدَ وَالْمُدَّةَ) أَيْ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ (لِيَخْرُجَ إلَى السُّلْطَانِ) مَثَلًا لِيَتَظَلَّمَ عَنْهُ (وَيَسْعَى فِي نَفْعِهِ) عِنْدَهُ وَعَيَّنَ بَلْدَةَ وَمُدَّةَ الْإِجَارَةِ -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ صَحِيحٌ) لِأَنَّ ثُبُوتَ الْعَقْدِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ لَا يَمْنَعُ بَيْعَ الرَّقَبَةِ كَالْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ وَعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ صَبَّاغًا، أَوْ قَصَّارًا لِلْعَمَلِ فِي ثَوْبٍ وَسَلَّمَهُ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَهُ الْأُجْرَةَ لِأَنَّ لَهُ الْحَبْسَ لِلْعَمَلِ، ثُمَّ لِاسْتِيفَائِهَا وَبِهِ يُقَاسُ صَوْغُ الذَّهَبِ وَنَسْجُ الْغَزْلِ وَرِيَاضَةُ الدَّابَّةِ أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيهَا لَيْسَ لِمُجَرَّدِ اسْتِحْقَاقِ الْحَبْسِ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ بَلْ لِأَنَّ الْحَبْسَ إلَى غَايَةٍ غَيْرِ مَعْلُومَةِ الْوَقْتِ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِالْعَمَلِ فَزَمَانُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَأَشْبَهَ بَيْعَ دَارِ الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ، أَوْ الْحَمْلِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ وَدَارِ الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَشْهُرِ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا لِتِلْكَ الْمَسَائِلِ فِي الْحَبْسِ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ بِهَا) أَيْ وَوَقْفُهَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ هُوَ رَأْيٌ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ الْإِجَارَةَ) أَوْ عَلِمَهَا وَجَهِلَ الْمُدَّةَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ فس قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي تَكْمِلَتِهِ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِالْمُدَّةِ فَلَوْ اشْتَرَى مَأْجُورًا جَاهِلًا بِمُدَّتِهَا فَالْمُتَّجَهُ الْبُطْلَانُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ يُصَرِّحُ بِهِ. اهـ. وَالرَّاجِحُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصِّحَّةِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُدَّتُهَا مَجْهُولَةً قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي تُقْبَضُ مِنْهُ الْعَيْنُ لِيَحْصُلَ التَّسْلِيمُ ثُمَّ تُسْتَرْجَعُ وَتُسَلَّمُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَيُعْفَى عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي يَقَعُ التَّسْلِيمُ بِهِ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ بَعْضُهُمْ وَقَعَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ اشْتَرَى مَأْجُورًا عَالِمًا بِالْإِجَارَةِ جَاهِلًا بِمُدَّتِهَا فَأَجَبْت بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ بِالْمُدَّةِ، أَوْ بِالْعَمَلِ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: فَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمَنْفَعَةُ لِلْبَائِعِ) وَالْوَاهِبِ وَالْوَاقِفِ وَوَرَثَةِ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ) كَالسُّبْكِيِّ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَحْرِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. [فَصْلٌ فِي مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الْإِجَارَةِ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَرَرٌ إلَخْ) وَأَيْضًا إجَارَةُ الذِّمَّةِ وَالْعَيْنِ مُتَنَافِيَانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ لَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك الْحَجَّ بِنَفْسِك لَمْ تَجُزْ الِاسْتِنَابَةُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا طَرِيقَةُ الْإِمَامِ فَقَطْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 (صَحَّ) لِلْعِلْمِ بِالْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْعَمَلِ جَهَالَةٌ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ يَوْمًا لِيُخَاصِمَ غُرَمَاءَهُ (وَلَهُ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ الْأَجِيرِ (فِيمَا مَشَقَّتُهُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ. (وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ أَرْضٍ مَسْتُورَةٍ بِالزَّرْعِ) أَوْ غَيْرِهِ مَا عَدَا الْمَاءَ لِوُجُودِ مَا يَمْنَعُ رُؤْيَتَهَا وَلَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهَا وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَأَخُّرِ التَّسْلِيمِ وَالِانْتِفَاعِ عَنْ الْعَقْدِ وَمُشَابَهَتِهِ إجَارَةَ زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ. (وَلَا) تَصِحُّ إجَارَةُ (دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِالْأَمْتِعَةِ) لِأَنَّهَا إجَارَةُ مُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ (إلَّا إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهَا) فَتَصِحُّ (وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الدَّارُ (بَعِيدَةً) عَنْ مَحَلِّ الْإِجَارَةِ بِحَيْثُ (لَا يُمْكِنُ قَبْضُهَا إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ) لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ (جَازَ) لِلْحَاجَةِ. (وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخِدْمَةِ) وَلَوْ (مُطْلَقًا) عَنْ ذِكْرِ وَقْتِهَا وَتَفْصِيلِ أَنْوَاعِهَا (صَحَّ وَحُمِلَ) الْإِطْلَاقُ (عَلَى الْعُرْفِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ وَالْأَجِيرِ) رُتْبَةً وَذُكُورَةً وَأُنُوثَةً وَمَكَانًا وَوَقْتًا وَغَيْرَهَا. (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِيَامِ عَلَى ضَيْعَةٍ قَامَ) عَلَيْهَا (لَيْلًا وَنَهَارًا كَالْعَادَةِ) أَيْ عَلَى عَادَةِ الْعَمَلِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ. (أَوْ) اسْتَأْجَرَهُ (لِلْخَبْزِ بَيَّنَ أَنَّهُ) أَيْ مَا يَخْبِزُهُ (أَرْغِفَةٌ) أَوْ أَقْرَاصٌ (غِلَاظٌ أَوْ رِقَاقٌ وَأَنَّهُ) يَخْبِزُ (فِي فُرْنٍ أَوْ تَنُّورٍ وَحَطَبُ الْخَبَّازِ كَحِبْرِ النُّسَّاخِ) فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ وَسَائِرُ آلَاتِ الْخَبْزِ عَلَى الْأَجِيرِ إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ عَلَى الْأَجِيرِ إلَّا تَسْلِيمُ نَفْسِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. [فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الثَّانِي فِي الْإِجَارَةِ] (فَصْلٌ فِيهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الثَّانِي. زَمَنُ الطَّهَارَةِ وَ) الصَّلَاةِ (الْمَكْتُوبَةِ وَلَوْ جُمُعَةً وَالرَّاتِبَةِ مُسْتَثْنًى فِي الْإِجَارَةِ) لِعَمَلِ مُدَّةٍ فَلَا تَنْقُصُ مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْءٌ فَلَوْ صَلَّى ثُمَّ قَالَ كُنْت مُحْدِثًا قَالَ الْقَفَّالُ: لَا نَمْنَعُهُ مِنْ الْإِعَادَةِ لَكِنْ يَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ وَنَمْنَعُهُ مِنْ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَلَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَ بُعْدِهِ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ جِدًّا فَفِيهِ احْتِمَالٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامُهُ مِمَّنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ فَلَا وَعَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يُخَفِّفَ الصَّلَاةَ مَعَ إتْمَامِهَا ثُمَّ مَحَلُّ تَمْكِينِهِ مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْجُمُعَةِ إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَى عَمَلِهِ الْفَسَادَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا سَبْتُ الْيَهُودِ) مُسْتَثْنًى (إنْ اُعْتِيدَ) لَهُمْ وَحُكْمُ النَّصَارَى فِي يَوْمِ الْأَحَدِ كَذَلِكَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَهَلْ يُلْحَقُ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ أَعْيَادِهِمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا الَّتِي تَدُومُ أَيَّامًا وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهَا فِي عُرْفِ الْمُسْلِمِينَ وَجَهْلِ أَكْثَرِ النَّاسِ لَهَا وَالذِّمِّيُّ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ اسْتِثْنَائِهَا. (وَالْأَجِيرُ لِحَمْلِ الْحَطَبِ إلَى الدَّارِ لَا يُطْلِعُهُ السَّقْفَ) أَيْ لَا يُكَلَّفُ صُعُودَ السَّطْحِ بِهِ (وَفِي) وُجُوبِ (إدْخَالِهِ) لَهُ الدَّارَ (وَالْبَابُ ضَيِّقٌ قَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِلْعُرْفِ وَثَانِيهِمَا لَا بَلْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْإِدْخَالَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَوَجْهُ الْإِفْسَادِ تَعَارُضُ الْعُرْفِ وَاللَّفْظِ قَالَ وَالتَّقْيِيدُ بِالضَّيِّقِ لَا فَائِدَةَ لَهُ عِنْدَ تَأَمُّلِ التَّعْلِيلِ بِالْعُرْفِ. (وَعَلَى الْأَجِيرِ لِغَسْلِ الثِّيَابِ أُجْرَةُ مَنْ يَحْمِلُهَا إلَيْهِ) لِأَنَّ حَمْلَهَا إلَيْهِ مِنْ تَمَامِ الْغَسْلِ (إلَّا إنْ شُرِطَ خِلَافُهُ) أَيْ بِأَنْ شُرِطَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَتَلْزَمُهُ. (وَلَا أُجْرَةَ لِلْمَسَافَةِ إلَى شَجَرٍ اُسْتُؤْجِرَ لِقَطْعِهِ) فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْعَمَلِ. (وَلِمُسْتَأْجِرِ الدَّابَّةِ لِحَمْلِ مَتَاعٍ مُقَدَّرٍ مَنْعُ الْمُؤَجِّرِ مِنْ تَعْلِيقِ شَيْءٍ) عَلَيْهَا مِنْ مِخْلَاةٍ أَوْ سُفْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِاسْتِحْقَاقِهِ جَمِيعَ مَنْفَعَتِهَا (وَلَوْ أَكْرَى دَابَّةً) لِيَرْكَبَهَا (إلَى بَلَدٍ) فَرَكِبَهَا إلَيْهِ (فَرُجُوعُهُ بِهَا كَالسَّفَرِ الْوَدِيعَةِ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي سَارَ مِنْهُ بَلْ يُسَلِّمُهَا إلَى وَكِيلِ الْمَالِكِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَإِلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ فَإِلَى أَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَمِينًا رَجَعَ بِهَا أَوْ اسْتَصْحَبَهَا إلَى حَيْثُ يَذْهَبُ لِلضَّرُورَةِ (وَلَوْ اسْتَعَارَهَا) لِيَرْكَبَهَا إلَى بَلَدٍ فَرَكِبَهَا إلَيْهِ (رَدَّهَا) إلَى الْمَكَانِ الَّذِي سَارَ مِنْهُ (وَلَوْ رَاكِبًا) -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إجَارَةُ مُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَقْبِضَ أُجْرَتَهَا مِنْ سَاكِنِهَا فَإِنَّهَا تَصِحُّ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَقْبِضَ أُجْرَتَهَا مِنْ زَارِعِيهَا (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتْ مَزْرُوعَةً بِتَعَدٍّ وَأَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا مِنْ الزَّرْعِ فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لَهَا وَقَدْ سَبَقَتْ رُؤْيَةُ الْمُسْتَأْجِرِ إيَّاهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً إلَخْ) كَأَنْ كَانَتْ بِبَلَدٍ آخَرَ. (فَصْلٌ فِيهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الثَّانِي) (قَوْلُهُ: زَمَنُ الطَّهَارَةِ) مِنْ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ، أَوْ تَيَمُّمٍ وَسُتْرَةٍ لِعَوْرَةٍ وَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ يَوْمًا فَوَقْتُ الصَّلَوَاتِ مُسْتَثْنًى وَلَوْ صَرَّحَ بِاسْتِثْنَائِهِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ. اهـ. وَقَالَ فِي خَادِمِهِ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ وَإِنْ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ الشَّارِحُ عَنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ فِي قَوَاعِدِهِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مُعْتَمَدٌ كَمَا قَالَهُ وَإِنْ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْوَقْتِ مَعَ إخْرَاجِهِ عَنْ مُسَمَّى اللَّفْظِ وَإِنْ وَافَقَ الِاسْتِثْنَاءَ الشَّرْعِيَّ (قَوْلُهُ: وَالرَّاتِبَةِ) قَضِيَّةُ كَوْنِ زَمَانِ النَّوَافِلِ مُسْتَثْنًى شَرْعًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْعَمَلِ فِيهِ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ: إنَّهُ يَجُوزُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ الرَّوَاتِبَ وَأَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْفَرَائِضِ عَلَى الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ صَحَّ وَوَجَبَ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ إنَّمَا خَرَجَتْ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْعُرْفِ الْقَائِمِ مَقَامَ الشَّرْطِ فَإِذَا صَرَّحَ بِخِلَافِ ذَلِكَ مِمَّا يُجَوِّزُهُ الشَّرْعُ وَيُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ جَازَ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ بَعْضَ اللَّيْلِ فِي الْإِجَارَةِ بِالنَّصِّ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَمَالِي: الْعَقْدُ فِي النِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَنَافِعِ الْأَزْمَانِ دَلَّ الْعُرْفُ عَلَيْهِ، أَوْ اسْتَحَقَّهُ الشَّرْعُ فَلَا يَدْخُلُ زَمَانُ الْأَكْلِ وَلَا الصَّلَوَاتِ وَلَا الصِّيَامِ وَلَا زَمَانُ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا أَتْرُكُكَ تَذْهَبُ لِلْجَامِعِ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَشْهَدُ بِإِخْرَاجِهِ فَصَارَ كَالْمُشْتَرَطِ لَفْظًا وَكَذَلِكَ النَّفَلُ الْمُعْتَادُ مَعَ الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ النَّصَارَى فِي يَوْمِ الْأَحَدِ كَذَلِكَ) فَإِنْ أَسْلَمَ عَمِلَ فِيهِ وَتَرَكَ لَهُ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَلْ تَدْخُلُ أَيَّامُ الْجُمَعِ فِي الْمُدَّةِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الْبَيَانِ وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِي النُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالنُّزُولِ فِيهَا وَكَسُبُوتِ الْيَهُودِ. (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ) هُوَ الْأَصَحُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 لَهَا لِأَنَّ الرَّدَّ لَازِمٌ لَهُ فَالْإِذْنُ يَتَنَاوَلُهُ بِالْعُرْفِ وَالْمُسْتَأْجِرُ لَا رَدَّ عَلَيْهِ. (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ) دَابَّةً (لِنَقْلِ حِنْطَةٍ) مَثَلًا (يَوْمًا مِرَارًا) مِنْ مَوْضِعِ كَذَا إلَى دَارِهِ (فَرَكِبَ) هَا (فِي رُجُوعِهِ ضَمِنَ) أَيْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ لَا لِلرُّكُوبِ. (وَإِنْ جَاوَزَ الْمُسْتَأْجِرُ) دَابَّةً لِلرُّكُوبِ (الْمَكَانُ) الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ إلَيْهِ (فَإِنْ جَاوَزَ) هـ (قَدْرَ رُجُوعٍ يَسْتَحِقُّهُ) بِأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا ذَهَابًا وَإِيَابًا (لَمْ يَضْمَنْ) هَا وَلَا يَلْزَمُهُ لِمَا جَاوَزَ أُجْرَةٌ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَدْرَ تِلْكَ الْمَسَافَةِ ذَهَابًا وَإِيَابًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى مِثْلِ الطَّرِيقِ الْمُعَيَّنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ جَاوَزَهُ بِلَا اسْتِحْقَاقٍ (ضَمِنَهَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ حِينِ جَاوَزَ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهَا وَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ (وَلَا يَبْرَأُ) عَنْ ضَمَانِهَا (بِرَدِّهَا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ) الَّذِي جَاوَزَهُ (وَإِنْ كَانَ مَالِكُهَا مَعَهَا نَظَرْت فَإِنْ تَلِفَتْ تَحْتَهُ بِتَوَالِي التَّعَبَيْنِ) الْحَاصِلَيْنِ بِالسَّفَرِ (لَزِمَهُ الْقِسْطُ) تَوْزِيعًا عَلَى الْمَسَافَتَيْنِ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ حَمَلَ أَكْثَرَ مِنْ الْمَشْرُوطِ (وَإِنْ) لَمْ تَتْلَفْ بِذَلِكَ بِأَنْ (خَرَجَ) مِنْ الْمَكَانِ (بَعْدَ زَوَالِ التَّعَبِ) فَتَلِفَتْ بِالتَّعَبِ الْحَادِثِ (أَوْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ) كَوُقُوعِهَا فِي بِئْرٍ (ضَمِنَ الْكُلَّ وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ نُزُولِهِ) عَنْهَا (وَقَبْضِ الْمَالِكِ) لَهَا (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ (وَإِنْ رَجَعَ مِنْ نِصْفِ الْمَسَافَةِ) الَّتِي اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ لِيَرْكَبَهَا فِيهَا لِأَخْذِ شَيْءٍ نَسِيَهُ مَثَلًا فَقَدْ (اسْتَوْفَى) حَقَّهُ وَاسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا تَتَعَيَّنُ سَوَاءٌ أَرَجَعَ رَاكِبًا أَمْ مَاشِيًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ بِالرُّكُوبِ مِثَالٌ إذْ الْعِبْرَةُ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ فِيهَا الْوُصُولُ إلَى الْمَوْضِعِ سَارَ أَوْ لَمْ يَسِرْ رَكِبَ أَوْ لَمْ يَرْكَبْ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ. وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ وَقَفَ بِالدَّابَّةِ يَوْمًا) مَثَلًا فِي الْبَيْتِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ (ثُمَّ سَارَ أَوْ تَرَدَّدَ فِي الطَّرِيقِ لِيَسْتَقِيَ) مَثَلًا (حُسِبَ مِنْ الْمُدَّةِ) فَيَتْرُكُ الرُّكُوبَ إذَا قَرُبَ مِنْ مَقْصِدِهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ. (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَ وَيَعُودَ) رَاكِبًا (اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ) رَاكِبًا عَمَلًا بِالشَّرْطِ (وَإِنْ وَقَفَ) أَيْ أَقَامَ فِي مَقْصِدِهِ وَلَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةَ مَقَامِهِ فِيهِ (أَكْثَرَ مِنْ وُقُوفِ) أَيْ إقَامَةِ مُدَّةِ (الْمُسَافِرِينَ حُسِبَتْ) أَيْ الْأَكْثَرِيَّةُ (مِنْ الْمُدَّةِ) فَإِنْ لَمْ يُقِمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تُحْسَبْ فَيَرْكَبُ فِي رُجُوعِهِ. (وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِكَتْبِ صَكٍّ) فِي بَيَاضٍ (وَكَتَبَهُ غَلَطًا) خَارِجًا عَنْ الْعُرْفِ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ مَعَهُ الْكَلَامُ (أَوْ بِلُغَةٍ أُخْرَى) غَيْرِ الَّتِي عَيَّنَهَا لَهُ (أَوْ غَيَّرَ النَّاسِخُ تَرْتِيبَ الْكِتَابِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ وَضَمِنَ نُقْصَانَ الْوَرَقِ) وَإِنْ أَمْكَنَ الْبِنَاءُ بِأَنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ عَشَرَةَ أَبْوَابٍ فَكَتَبَ الْبَابَ الْأَوَّلَ آخِرًا مُنْفَصِلًا بِحَيْثُ يُبْنَى عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ بِقِسْطِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ. (وَلَوْ تَرَكَ) الْعَامِلُ (السَّقْيَ فِي الْمُسَاقَاةِ الصَّحِيحَةِ) مُتَعَمِّدًا فَفَسَدَ الشَّجَرُ (ضَمِنَ) لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهُ. (وَإِنْ هَلَكَتْ) الْعَيْنُ (الْمُسْتَأْجَرَةُ) وَلَوْ (بَعْدَ الرَّدِّ) إلَى الْمَالِكِ (بِسَبَبِ تَعَدِّي الْمُسْتَأْجِرِ) عَلَيْهَا (ضَمِنَ) . [فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الثَّالِثِ فِي الْإِجَارَةِ] (فَصْلٌ فِيهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الثَّالِثِ: وَإِنْ تَلِفَ ثَوْبٌ) اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَتِهِ وَقَدْ (خَاطَ) الْأَجِيرُ (نِصْفَهُ) مَثَلًا (اسْتَحَقَّ النِّصْفَ) مِنْ الْمُسَمَّى هَذَا إنْ كَانَ الْعَمَلُ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقَعُ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي فَصْلِ " اُسْتُؤْجِرَ فِي قِصَارَةِ ثَوْبٍ " (لَا إنْ تَلِفَتْ جَرَّةٌ حَمَلَهَا) الْأَجِيرُ (نِصْفَ الطَّرِيقِ) فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخِيَاطَةَ تَظْهَرُ عَلَى الثَّوْبِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا بِظُهُورِ أَثَرِهِ، وَالْحَمْلُ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْجَرَّةِ فَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ. (وَغَرَقُ الْأَرْضِ) الْمُسْتَأْجَرَةِ بِسَيْلٍ أَوْ مَا نَبَعَ مِنْهَا أَوْ نَحْوِهِ وَلَمْ يَتَوَقَّعْ انْحِسَارَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (كَانْهِدَامِ الدَّارِ) فِي أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِهِ (فَإِنْ تَوَقَّعَ انْحِسَارَهُ) فِي الْمُدَّةِ (فَكَغَصْبِهَا) فِي انْفِسَاخِ مَا مَضَى شَيْئًا فَشَيْئًا وَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ أَجَازَ سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا كَانَ الْمَاءُ عَلَيْهَا (وَإِنْ غَرِقَ بَعْضُهَا) كَنِصْفِهَا بَعْدَ نِصْفِ الْمُدَّةِ مَثَلًا (انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (فِيهِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ) فَإِنْ فَسَخَ وَكَانَتْ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ لَا تَتَفَاوَتُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَإِنْ أَجَازَ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمُسَمَّى النِّصْفُ لِلْمَاضِي وَالرُّبُعُ لِلْبَاقِي (وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ (بِتَعْطِيلِ مَاءِ الرَّحَى وَالْبِئْرِ) وَالنَّهْرِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُ مَاءٍ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ كَانْهِدَامِ الدَّارِ بِجَامِعِ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ. (فَإِنْ اسْتَأْجَرَ طَاحُونَيْنِ) مُتَفَاوِتَيْ الْأُجْرَةِ وَنَقَصَ الْمَاءُ (فَبَقِيَ مَا يُدِيرُ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يَنْفَسِخْ لَزِمَهُ أُجْرَةُ أَكْثَرِهِمَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ) لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِهِ فَأَشْبَهَ الْغَاصِبَ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِزَرْعِ الْحِنْطَةِ فَزَرَعَ الذُّرَةَ حَيْثُ وَجَبَتْ أُجْرَةُ مِثْلِ الْجَمِيعِ لِعَدَمِ تَمَيُّزِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ غَيْرِهِ وَأَيْضًا ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ ثَمَّ عُدْوَانٌ، وَهُنَا اسْتَقَرَّ الْمُسَمَّى أَوَّلًا، ثُمَّ تَعَدَّى بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَرِقَ بَعْضُهَا انْفَسَخَ فِيهِ وَلَهُ الْخِيَارُ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ خِيَارُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 بِمَا إذَا كَانَ يَكْفِي إدَارَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَقَدْ يَكْفِي الْقَلِيلَةَ الْأُجْرَةِ دُونَ الْأُخْرَى فَكَيْفَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ. (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِنَسْجِ غَزْلٍ غَيْرِ مُسَدًّى ثَوْبًا عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فِي عَرْضٍ مَعْلُومٍ فَجَعَلَ سَدَاهُ) بِالْفَتْحِ (أَحَدَ عَشَرَ أَوْ تِسْعَةً لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِلْمُخَالَفَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا بَلَغَ طُولُ الطَّاقَةِ الْأُولَى مِنْ الْغَزْلِ عَشَرَةً كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَعْطِفَهَا لِيَعُودَ إلَى مَا بَدَأَ مِنْهُ فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ كَانَ مُخَالِفًا (فَإِنْ جَعَلَ السَّدَى عَشَرَةً وَاللُّحْمَةَ) بِالضَّمِّ يَعْنِي وَنَسَجَ مِنْهَا فِي السَّدَى (تِسْعَةً اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ) مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْسِجَ عَشَرَةً لَتَمَكَّنَ مِنْهُ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ) كَذَلِكَ (وَالْغَزْلُ مُسَدًّى) وَدَفَعَ إلَيْهِ مِنْ اللُّحْمَةِ مَا يَحْتَاجُهُ (فَحَابَاهُ فِي الْعَرْضِ الْمَشْرُوطِ أَطْوَلَ اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى) فَقَطْ (أَوْ أَقْصَرَ فَقِسْطُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسَمَّى (وَإِنْ زَادَ فِي الْعَرْضِ أَوْ نَقَصَ) مِنْهُ وَالطُّولُ بِحَالِهِ أَوْ أَطْوَلَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ (لِمُخَالَفَةِ) الْقَدْرِ (الْمَشْرُوطِ مِنْ الصَّفَاقَةِ وَالرِّقَّةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا) مِنْ الْمُسَمَّى لِتَفْرِيطِهِ بِالْمُخَالَفَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَتَى بِالْمَشْرُوطِ (اسْتَحَقَّ) الْمُسَمَّى (إذْ الْخَلَلُ) فِي الثَّانِيَةِ (مِنْ السَّدَى) وَزَادَ فِي الْأُولَى خَيْرًا. (وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِعَيْبٍ مُتَوَقَّعٍ زَوَالُهُ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ) لِأَنَّ الضَّرَرَ يَتَجَدَّدُ بِتَعَذُّرِ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَرَكَتْ الْمُطَالَبَةَ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ الْفَسْخِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ لَهَا الْعَوْدُ إلَيْهِ فَالْخِيَارُ فِي الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّرَاخِي (وَإِلَّا) بِأَنْ لَا يُتَوَقَّعَ زَوَالُهُ (انْقَطَعَ) خِيَارُهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَاحِدٌ وَقَدْ رَضِيَ بِهِ. (وَإِنْ اسْتَبْدَلَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لَا) إجَارَةِ (الذِّمَّةِ بَعْدَ) - وَفِي نُسْخَةٍ " قَبْلَ " - (الْقَبْضِ جَازَ) كَمَا لَوْ أَجَّرَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ لِلْمُؤَجِّرِ بَعْدَ قَبْضِهَا عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى وَقَبْلَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَعَلَى مَا مَرَّ لَهُ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَكِنَّ الْمَذْكُورَ هُنَا فِي الْأَصْلِ تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ فَالنُّسْخَةُ الْأُولَى هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَالْحُكْمُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا الْمَعْلُومِ بِالصَّرِيحِ مَعَ مَفْهُومٍ أَوْلَى إنَّمَا يَأْتِي عَلَيْهَا دُونَ الثَّانِيَةِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ أَمَّا عَنْ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي فَرْعِ " وَتَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ ". (وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ) مِنْ شَخْصٍ (لِلْمُسْتَأْجِرِ جَائِزٌ) وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ عِنْدَ ظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ تَوَجَّهَ الْحَبْسُ عَلَى أَجِيرِ الْعَيْنِ وَلَمْ يُمْكِنْ الْعَمَلُ فِي الْحَبْسِ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي) مِنْهُ (مُدَّتَهُ) أَيْ الْعَمَلِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَبْسِ فَيُخْرِجُهُ مِنْهُ (مُسْتَوْثِقًا عَلَيْهِ) مُدَّةَ الْعَمَلِ (إنْ رَآهُ) كَأَنْ خَافَ هَرَبَهُ، وَخَرَجَ بِأَجِيرِ الْعَيْنِ أَجِيرُ الذِّمَّةِ فَيُطَالَبُ بِتَحْصِيلِ الْعَمَلِ بِغَيْرِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ حُبِسَ بِالْحَقَّيْنِ، وَبِعَدَمِ إمْكَانِ الْعَمَلِ فِي الْحَبْسِ إمْكَانُهُ فِيهِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ بَلْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ لَوْ اُسْتُعْدِيَ عَلَى مَنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِ وَكَانَ حُضُورُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ يُعَطِّلُ حَقَّ الْمُسْتَأْجِرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْضُرَ. (وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ لَا الْمُؤَجِّرَ مَا يَلْزَمُ الْوَدِيعَ مِنْ دَفْعِ ضَرَرٍ عَنْ الْعَيْنِ) الْمُؤَجَّرَةِ مِنْ حَرِيقٍ وَنَهْبٍ وَغَيْرِهِمَا إذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ بِخِلَافِ الْمُؤَجِّرِ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَ مُؤَجِّرًا بِوِلَايَةٍ عَلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَقْفٍ أَوْ نَحْوِهِ لَزِمَهُ الدَّفْعُ لَكِنَّ ذَلِكَ لِحَقِّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَا لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَتَقَدَّمَ أَوَائِلَ الْبَابِ الثَّانِي فِيمَا لَوْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ مَا قَدْ يُخَالِفُ هَذَا وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ ثَمَّ. (فَإِنْ وَقَعَتْ الدَّارُ) الْمُؤَجَّرَةُ (عَلَى مَتَاعِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ وَلَا أُجْرَةُ تَخْلِيصِهِ. (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِبِنَاءٍ فَلَمَّا أَكْمَلَهُ انْهَدَمَ وَكَانَ الْخَلَلُ فِي الصَّنْعَةِ لَا فِي الْآلَةِ ضَمِنَ) وَالرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْعُرْفِ فَإِنْ قَالُوا: هَذِهِ الْآلَةُ قَابِلَةٌ لِلْعَمَلِ الْمُحْكَمِ وَهُوَ الْمُقَصِّرُ لَزِمَهُ غَرَامَةُ مَا تَلِفَ. (وَمَنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى غُسْلِ مَيِّتٍ لَيْسَ لَهُ تَرِكَةٌ وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ) لَهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ (إلَّا) إنْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ (الْإِمَامُ) فَلَا يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ غُسْلَهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَإِذَا فَعَلَهُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَقَعَ عَنْ -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ أَقْصَرَ فَقِسْطُهُ مِنْهُ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: ثُمَّ إنْ كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ نَسْجِ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَتَمَكَّنُ مِنْ نَسْجِ زِيَادَةٍ فَقَطَعَ الْغَزْلَ غَرِمَ نُقْصَانَ الْغَزْلِ. (قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ " قَبْلَ ") أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ: النُّسْخَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْفَتَى. (قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَقَدْ رَجَّحَ صِحَّتَهَا السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيِّ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ أَيْ وَلَا غَرَامَةٍ. (خَاتِمَةٌ) آجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَعَطَّلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَنَبَتَ فِيهَا عُشْبٌ فَلِمَنْ يَكُونُ أَجَابَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ بِأَنَّهُ لِلْمَالِكِ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُمْلَكُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ بَلْ الْمَنَافِعُ وَفِي الْكَافِي لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا شِرْبٌ فَيَسْتَحِقُّ الشِّرْبَ فَلَوْ انْجَمَدَ الْمَاءُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ وَفِيهَا مُجَمَّدَةٌ فَجَمَعَ الْمُكْتَرِي الْجَمَدَ مِنْهَا يَكُونُ مِلْكًا لَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى مَا سَبَقَ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعَيْنَ بِالْإِجَارَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَكَذَا إنْمَاؤُهَا وَفِي كِتَابِ الْفُرُوقِ لِأَبِي الْخَيْرِ الْمَقْدِسِيَّ قُبَيْلَ الرَّهْنِ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً فَدَخَلَ فِيهَا سَمَكٌ فَهَلْ هُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَنَافِعَهَا وَيَدُهُ عَلَيْهَا فَكَانَ أَحَقَّ بِهِ، أَوْ لِلْمَالِكِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَنَافِعِ الَّتِي تَقَعُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا وَجْهَانِ وَفِي أَوَاخِرِ الرَّهْنِ مِنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَوْ تَفَاسَخَا الْإِجَارَةَ لَهُ حَبْسُ الْمُسْتَأْجِرِ لِيَرُدَّ الْأُجْرَةَ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَخَذَهُ عَلَى مُقَابَلَةِ الْأُجْرَةِ فَجَازَ حَبْسُهُ بِسَبَبِهِ فَقِيلَ لَهُ فَمَا تَقُولُ فِيمَا لَوْ قُتِلَ الْعَبْدُ الْمُسْتَأْجَرُ فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَبْسُ الْقِيمَةِ لِيَرُدَّ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِ فَتَوَقَّفَ فِي الْجَوَابِ وَلَوْ فَسَخَهَا بِعَيْبٍ فَكَالْبَيْعِ وَعَلَى هَذَا لَا يَسْتَحِقُّ الْحَبْسَ عَلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ كَمَا سَبَقَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ وَأَرَادَ السَّفَرَ بِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ الْقِيَاسُ الْجَوَازُ كَمَا يَنْفَرِدُ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ بِالسَّفَرِ عَلَى الْأَصَحِّ كَيْ لَا يَتَبَعَّضَ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ وَلَيْسَ كَالزَّوْجِ مَعَ السَّيِّدِ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ هُنَاكَ لِلسَّيِّدِ وَلِذَلِكَ يَسْتَقِلُّ بِالْمُسَافِرِ بِهَا وَمَالِكُ الرَّقَبَةِ هُنَا لَا يَسْتَقِلُّ وَقَوْلُهُ: أَجَابَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَفِي الْكَافِي إلَخْ وَقَوْلُهُ وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِذَلِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 الْفَرْضِ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ فَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ فِي تَرِكَتِهِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ وَفِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ فَيَسْتَحِقُّ الْمُكْرَهُ الْأُجْرَةَ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمُسْتَثْنَى دُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ فِيهِمَا وَقَدْ تَخَلَّصَ مِنْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُخْتَصِرِي الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ أَكْرَهَهُ بَعْضُ الرَّعِيَّةِ عَلَى غُسْلِ مَيِّتٍ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، أَوْ الْإِمَامُ وَلِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَجَبَتْ فِيهَا وَإِلَّا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ إنْ وَسِعَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ. . (وَلِلْأَبِ اسْتِئْجَارُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ) الْمُمَيِّزِ (لِإِسْقَاطِ نَفَقَتِهِ عَنْهُ) كَمَا يَشْتَرِي مَالَهُ. [كِتَابُ الْجَعَالَةِ] [أَرْكَانُ الْجَعَالَةُ] (كِتَابُ الْجَعَالَةِ) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى كَسْرِهَا وَهِيَ - لُغَةً - اسْمٌ لِمَا يُجْعَلُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ وَكَذَا الْجُعْلُ وَالْجَعِيلَةُ - وَشَرْعًا - الْتِزَامُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: 72] وَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ كَالْوَسْقِ وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا إذَا وَرَدَ مَا يُؤَيِّدُهُ وَهُوَ هُنَا خَبَرُ الَّذِي رَقَاهُ الصَّحَابِيُّ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ الرَّاقِي كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالْقَطِيعُ ثَلَاثُونَ رَأْسًا مِنْ الْغَنَمِ وَأَيْضًا الْحَاجَةُ قَدْ تَدْعُو إلَيْهَا فَجَازَتْ كَالْمُضَارَبَةِ وَالْإِجَارَةِ. (وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْعَمَلِ بِعِوَضٍ يَلْتَزِمُهُ) لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَافْتَقَرَتْ إلَى صِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ كَالْإِجَارَةِ فَلَوْ عَمِلَ أَحَدٌ بِلَا صِيغَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الضَّوَالِّ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ لَهُ بِشَيْءٍ فَوَقَعَ عَمَلُهُ تَبَرُّعًا وَدَخَلَ الْعَبْدُ فِي ضَمَانِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْغَاصِبِ بِقَصْدِ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ وَالْأَصَحُّ فِيهِ الضَّمَانُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الرَّدِّ عَدَمُ الضَّمَانِ (وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) لَفْظًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ وَعَلَيْهِ قَالَ الْقَمُولِيُّ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ دِينَارٌ فَقَالَ أَرُدُّهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِاسْتِحْقَاقِ الدِّينَارِ وَقَدْ يَنْقَدِحُ فِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْخُلْعِ، وَالصِّيغَةُ (كَقَوْلِهِ مَنْ رَدَّ عَبْدِي أَوْ عَبْدَ فُلَانٍ فَلَهُ كَذَا) وَاحْتَمَلَ إبْهَامَ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَهْتَدِي الْقَائِلُ إلَى تَعْيِينِ الرَّاغِبِ (فَإِنْ رَدَّهُ مَنْ سَمِعَهُ لَا غَيْرُهُ اسْتَحَقَّ) الْجُعْلَ (عَلَى الْقَائِلِ) لِأَنَّهُ الْمُلْتَزِمُ لَهُ سَوَاءٌ أَسَمِعَهُ بِوَاسِطَةٍ أَمْ بِدُونِهَا نَعَمْ لَوْ قَالَ إنْ رَدَّ عَبْدِي مَنْ سَمِعَ نِدَائِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ عَلِمَ بِنِدَائِهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَيْسَ الْتِزَامُ غَيْرِ الْمَالِكِ هُنَا كَالْتِزَامِ الثَّمَنِ فِي بَيْعِ غَيْرِهِ وَالثَّوَابِ عَلَى هِبَةِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُمَا عِوَضَا تَمْلِيكٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُهُمَا عَلَى غَيْرِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمِلْكُ وَلَيْسَ الْجُعْلُ عِوَضَ تَمْلِيكٍ وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذِهِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ بِهَذَا الْقَوْلِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى الْآبِقِ فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَاضٍ بِهِ قَطْعًا أَوْ بِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَأْذَنَ الْمَالِكُ لِمَنْ شَاءَ فِي الرَّدِّ أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ (وَلَوْ رَدَّهُ مَنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ) بِالْتِزَامِ الْمَالِكِ (فَلَا شَيْءَ) لَهُ (عَلَى الثِّقَةِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَصَدَّقَهُ أَمْ لَا لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ (وَلَا عَلَى الْمَالِكِ إنْ كَذَّبَهُ) لِذَلِكَ (لَا إنْ صَدَّقَهُ) عَمَلًا بِتَصْدِيقِهِ وَخَرَجَ بِالثِّقَةِ غَيْرُهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الرَّادُّ شَيْئًا وَلَا عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ صَدَّقَهُ كَمَا لَوْ رَدَّهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِإِذْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ أَنْكَرَ) الْمَالِكُ (الْخَبَرَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الثِّقَةِ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي تَرْوِيجِ قَوْلِهِ (وَإِنْ قَالَ إنْ رَدَّهُ زَيْدٌ) فَلَهُ كَذَا (فَرَدَّهُ عَمْرٌو أَوْ زَيْدٌ قَبْلَ عِلْمِهِ) بِالِالْتِزَامِ (لَمْ -.   [حاشية الرملي الكبير] (كِتَابُ الْجَعَالَةِ) (قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى كَسْرِهَا) وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمَطْلَبِ عَلَى فَتْحِهَا (قَوْلُهُ: خَبَرُ الَّذِي رَقَاهُ الصَّحَابِيُّ بِالْفَاتِحَةِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ جَوَازُ الْجَعَالَةِ عَلَى مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَرِيضُ مِنْ دَوَاءٍ، أَوْ رُقْيَةٍ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحِ: إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا الْحَاجَةُ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ) وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهَا (قَوْلُهُ: الدَّالَّةُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْعَمَلِ) لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إنْ رَدَدْتُهُ فَلِي دِينَارٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ فَرَدَّهُ اسْتَحَقَّهُ (قَوْلُهُ: بِعِوَضٍ) أَيْ مَقْصُودٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَمِلَ بِلَا صِيغَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ) إشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةُ كَالصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا) وَهَلْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ يُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ أَلْحَقْنَاهُ بِالْوَكَالَةِ ارْتَدَّ (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِاسْتِحْقَاقِهِ الدِّينَارَ) هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَنْقَدِحُ فِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْخُلْعِ) قَالَ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الْخُلْعِ لَوْ قَالَ لِشَخْصٍ إنْ رَدَدْت آبِقِي فَلَكَ دِينَارٌ فَقَالَ الْمُخَاطَبُ أَرُدُّهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَالْوَجْهُ عِنْدِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الدِّينَارَ فَإِنَّ الْقَبُولَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْجَعَالَةِ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْقَمُولِيِّ أَنَّهَا لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْفَاءَ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْجَوَابِ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ كَذَا لَا يَسْتَحِقُّ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ النُّحَاةِ فِي دُخُولِ الْفَاءِ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ الْمُتَضَمِّنِ مَعْنَى الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ أَنَّ الْخَبَرَ مُسْتَحَقٌّ بِالصِّلَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الْفَاءِ وَإِلَّا لَمْ تَدْخُلْ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقًّا بِهِ وَبِغَيْرِهِ، نَحْوُ الَّذِي يَأْتِينِي فَلَهُ دِرْهَمٌ أَنَّ الدِّرْهَمَ مَعَ الْفَاءِ يُسْتَحَقُّ بِالْإِتْيَانِ وَمَعَ عَدَمِهَا لَا يُسْتَحَقُّ وَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْإِخْبَارِ كَقَوْلِهِ زَيْدٌ لَهُ دِرْهَمٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَدَّهُ مَنْ سَمِعَهُ لَا غَيْرُهُ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمَا وَالْجَعَالَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِذْنِ وَهَذِهِ الصِّيغَةُ لَا تَقْتَضِيهِ صَرِيحًا بَلْ مَدْلُولُهَا تَرْتِيبُ اسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ عَلَى الرَّدِّ وَلَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الرَّدِّ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَرْغِيبٌ فِيهِ وَالتَّرْغِيبُ فِي الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِهِ فَمِنْ هُنَا صَارَتْ إذْنًا لَا بِالْوَضْعِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَائِلِ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَائِلُ وَلِيَّ الْمَالِكِ فَأَمَّا إذَا كَانَ وَلِيَّهُ وَقَالَ ذَلِكَ عَنْ مَحْجُورِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْجُعْلُ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، أَوْ أَقَلَّ اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ فِي مَالِ الْمَالِكِ بِمُقْتَضَى قَوْلِ وَلِيِّهِ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَخْ) أَوْ يَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا إذَا ظَنَّ الرَّادُّ صِدْقَهُ وَكَانَ الْمَالِكُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 يَسْتَحِقَّ) شَيْئًا لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ لِعَمْرٍو وَعَدَمِ سَمَاعِ زَيْدٍ (أَوْ) رَدَّهُ (عَبْدُ زَيْدٍ) بَعْدَ عِلْمِ زَيْدٍ بِالِالْتِزَامِ (اسْتَحَقَّ) زَيْدٌ الْجُعْلَ لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ كَيَدِهِ (كَزَيْدٍ) أَيْ كَمَا لَوْ رَدَّهُ زَيْدٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مُكَاتَبَهُ وَمُبَعَّضَهُ فِي نَوْبَتِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ (وَإِنْ قَدَّرَ الرَّدَّ بِشَهْرٍ) مَثَلًا (لَمْ يَصِحَّ) كَمَا فِي الْقِرَاضِ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْمُدَّةِ مُخِلٌّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ فَقَدْ لَا يَظْفَرُ بِهِ فِيهَا فَيَضِيعُ سَعْيُهُ وَلَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ. الرُّكْنُ (الثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ) وَفِي نُسْخَةٍ الْمُتَعَامِلَانِ (وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزِمِ) لِلْجُعْلِ مَالِكًا أَوْ غَيْرَهُ (نُفُوذُ التَّصَرُّفِ) بِأَنْ يَكُونَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ فَلَا يَصِحُّ بِالْتِزَامِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ أَهْلِيَّةُ الْعَمَلِ) فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَبْدُ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ بِإِذْنٍ وَغَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْعَبْدِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدُهُ وَيَخْرُجُ عَنْهُ الْعَاجِزُ عَنْ الْعَمَلِ كَصَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَعْدُومَةٌ فَأَشْبَهَ اسْتِئْجَارَ الْأَعْمَى لِلْحِفْظِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَانَ الْمُرَادُ أَهْلِيَّةَ الْتِزَامِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ إمْكَانَهُ، أَمَّا إذَا كَانَ مُبْهَمًا فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِالنِّدَاءِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا لَوْ قَالَ مَنْ جَاءَ بِآبِقِي فَلَهُ دِينَارٌ فَمَنْ جَاءَ بِهِ اسْتَحَقَّ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ عَاقِلٍ أَوْ مَجْنُونٍ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ أَوْ عَلِمَ بِهِ لِدُخُولِهِمْ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ مَنْ جَاءَ وَخَالَفَ فِي السِّيَرِ فَقَالَ لَا يَسْتَحِقُّ الصَّبِيُّ وَلَا الْعَبْدُ إذَا قَامَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. الرُّكْنُ (الثَّالِثُ الْعَمَلُ فَتَصِحُّ الْجَعَالَةُ عَلَى) عَمَلٍ (مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ) لِلْحَاجَةِ كَمَا فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى وَزَادَ قَوْلَهُ (عَسُرَ عَمَلُهُ) لِإِخْرَاجِ مَا لَمْ يَعْسُرْ فَيُعْتَبَرُ ضَبْطُهُ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى احْتِمَالِ جَهَالَةِ الْجَعَالَةِ فِي بِنَاءِ حَائِطٍ يَذْكُرُ مَوْضُوعَهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَارْتِفَاعَهُ وَمَا يُبْنَى بِهِ وَفِي الْخِيَاطَةِ يُعْتَبَرُ وَصْفُ الثَّوْبِ وَالْخِيَاطَةِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ يَقْتَضِيهِ وَسَوَاءٌ فِي الْعَمَلِ الْوَاجِبُ وَغَيْرُهُ فَلَوْ حُبِسَ ظُلْمًا فَبَذَلَ مَالًا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ جَازَ نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْقَاضِي (فَإِنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَهُوَ) أَيْ الْمَالُ الْمَطْلُوبُ رَدُّهُ (فِي يَدِهِ فَرَدَّهُ وَفِي الرَّدِّ كُلْفَةٌ) كَالْآبِقِ (اسْتَحَقَّ) الْجُعْلَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي رَدِّهِ كُلْفَةٌ كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لَا كُلْفَةَ فِي رَدِّهَا (فَلَا) يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّ مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ بِجِهَةٍ تُوجِبُ الرَّدَّ كَالْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ، وَقَضِيَّتُهُ الِاسْتِحْقَاقُ بِالرَّدِّ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ وَتَعْلِيلُ عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي لَا إنْ كَانَ فِي يَدِهِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ (وَإِنْ جَعَلَ لِمَنْ دَلَّهُ عَلَيْهِ) جُعْلًا (فَدَلَّهُ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ) الْجُعْلَ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ بِالْبَحْثِ عَنْهُ (لَا إنْ كَانَ فِي يَدِهِ) أَيْ يَدِ مَنْ دَلَّ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ كَيَدِهِ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا اسْتَعَانَ بِهِ سَيِّدُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فَإِنْ رَدَّهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِعَبْدِهِ اسْتَحَقَّ يُفْهِمُ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا اسْتَقَلَّ الْعَبْدُ بِالرَّدِّ وَقَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مُكَاتَبَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: أَهْلِيَّةُ الْعَمَلِ) بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ) كَالزَّرْكَشِيِّ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ إمْكَانَهُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: فَمَنْ جَاءَ بِهِ اسْتَحَقَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ رَدَّهُ الصَّبِيُّ، أَوْ السَّفِيهُ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى، وَرَدُّ الْمَجْنُونِ كَرَدِّ الْجَاهِلِ بِالنِّدَاءِ. اهـ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَجَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ إلَخْ) وَكَوْنُهُ كُلْفَةً وَغَيْرَ وَاجِبٍ عَلَى الْعَامِلِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجَعَالَةُ تُفَارِقُ الْإِجَارَةَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ جَوَازِهَا عَلَى مَجْهُولٍ وَصِحَّتِهَا مَعَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَكَوْنِهَا جَائِزَةً لَا لَازِمَةً وَزَادَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ الْجُعْلَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَوْ شَرَطَ لَهُ تَعْجِيلَ الْجُعْلِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. اهـ. وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْعَامِلِ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبْضِ الْعِوَضِ فِي الْمَجْلِسِ مُطْلَقًا وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ بَطَلَ قَالَهُ الْقَمُولِيُّ فِي كِتَابِ الدُّرَرِ. (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ) لِأَنَّ الْجَهَالَةَ إذَا اُحْتُمِلَتْ فِي الْقِرَاضِ تَوَصُّلًا إلَى الرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ فَاحْتِمَالُهَا فِي الْجَعَالَةِ أَوْلَى وَكَذَا تُغْتَفَرُ جَهَالَةُ الْعَامِلِ وَتَعَدُّدُهُ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ وَالْوَاحِدَ قَدْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ، وَالْمُتَمَكِّنُ مِنْهُ قَدْ لَا يَكُونُ حَاضِرًا أَوْ لَا يَعْرِفُهُ الْمَالِكُ فَإِذَا أَطْلَقَ وَشَاعَ بَلَغَ الْمُتَمَكِّنَ مِنْهُ فَيَحْصُلُ الْغَرَضُ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ يَقْتَضِيهِ) قَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِمُوَافَقَتِهِ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلِ (قَوْلِهِ: وَسَوَاءٌ فِي الْعَمَلِ الْوَاجِبُ) أَيْ عَلَى الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي خِلَافَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِيمَا إذَا كَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا يَدَ أَمَانَةٍ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَلْ تَجُوزُ الْجَعَالَةُ عَلَى رَدِّ الزَّوْجَةِ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ لَكِنْ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الضَّمَانِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ حَيْثُ قَالَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ الْمَرْأَةِ لِمَنْ أَثْبَتَ زَوْجِيَّتَهُ لِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهَا كَمَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ عَبْدٍ آبِقٍ لِمَالِكِهِ فَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَجَعَلَ السَّيِّدُ لِرَجُلٍ جُعْلًا عَلَى رَدِّهَا وَجَعَلَ الزَّوْجُ جُعْلًا لِآخَرَ فَمَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا اسْتَحَقَّهُ فَإِنْ رَدَّاهَا مَعًا اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا شُرِطَ لَهُ. اهـ. وَفِي هَذَا التَّخْرِيجِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إذْنِ الْمَكْفُولِ فَإِذَا أَذِنَتْ لَهُ فِي الْكَفَالَةِ فَقَدْ سَلَّطَتْهُ عَلَى إحْضَارِهَا كَكَفَالَةِ بَدَنِ الْحُرِّ إذَا أَذِنَ فِيهَا وَلَا كَذَلِكَ فِي الْجَعَالَةِ (قَوْلُهُ: فَدَلَّ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لَوْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى ضَالَّتِي فَلَهُ كَذَا فَتَحَمَّلَ أَسْبَابَ الْمَشَقَّةِ وَطَلَبَ ضَالَّتَهُ وَدَلَّهُ عَلَيْهَا اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ بِالْبَحْثِ عَنْهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا بَحَثَ عَنْهُ بَعْدَ جَعْلِ الْمَالِكِ أَمَّا الْبَحْثُ السَّابِقُ وَالْمَشَقَّةُ السَّابِقَةُ قَبْلَ الْجُعْلِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِمَا. اهـ. وَفِي الْكَافِي لِلْخُوَارِزْمِيِّ لَوْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى ضَالَّتِي فَلَهُ دِينَارٌ فَدَلَّهُ رَجُلٌ دَلَالَةً يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى مُؤْنَةٍ وَتَعَبٍ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَلَوْ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فِي رَقِيقٍ مَنْ رَدَّ رَقِيقِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ شَرِيكُهُ فِيهِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 شَيْئًا لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ شَرْعًا فَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ عِوَضًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّالُّ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اسْتَحَقَّ (أَوْ) جَعَلَ (لِمَنْ أَخْبَرَهُ) بِكَذَا جُعْلًا (فَأَخْبَرَهُ) بِهِ (فَلَا) يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَمَلٍ (إلَّا إنْ تَعِبَ وَصُدِّقَ) فِي إخْبَارِهِ (وَكَانَ لِلْمُسْتَخْبِرِ غَرَضٌ) فِي الْمُخْبَرِ بِهِ فَيَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْبَابِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الْقَاضِي كَالنَّاطِقِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا. الرُّكْنُ (الرَّابِعُ الْجُعْلُ يُشْتَرَطُ) وَفِي نُسْخَةٍ " وَيُشْتَرَطُ " (كَوْنُهُ مَعْلُومًا كَالْأُجْرَةِ) فِي الْإِجَارَةِ (فَلَوْ كَانَ مَجْهُولًا) كَثَوْبٍ (أَوْ خَمْرًا أَوْ مَغْصُوبًا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ) تَجِبُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ بِجَهْلِ الْجُعْلِ أَوْ بِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ أَوْ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَوَجْهُ فَسَادِهِ بِالْجَهْلِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى احْتِمَالِهِ فِيهِ كَالْإِجَارَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْعَمَلِ وَالْعَامِلِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَرْغَبُ فِي الْعَمَلِ مَعَ جَهْلِهِ بِالْجُعْلِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْعِلْجِ وَسَتَأْتِي فِي السِّيَرِ (فَإِنْ قَالَ مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ ثِيَابُهُ - وَهِيَ مَعْلُومَةٌ - اسْتَحَقَّهَا، أَوْ مَجْهُولَةٌ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ) وَحَذَفَ قَوْلَ أَصْلِهِ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ وَصَفَهَا بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ اسْتَحَقَّهَا لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فَإِنَّهُ خِلَافُ الصَّحِيحِ فَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ لَا يُغْنِي وَصْفُهُ عَنْ رُؤْيَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ قَوْلُ الْأَصْلِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تِلْكَ الْعُقُودَ عُقُودٌ لَازِمَةٌ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ فَاحْتِيطَ لَهَا مَا لَمْ يُحْتَطْ لِلْجَعَالَةِ (وَكَذَا) يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ (لَوْ قَالَ) مَنْ رَدَّهُ (فَلَهُ رُبُعُهُ) مَثَلًا وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ الْمَشْرُوطَ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَرَّبَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ مِنْ اسْتِئْجَارِ الْمُرْضِعَةِ بِحُرٍّ مِنْ الرَّقِيقِ الرَّضِيعِ بَعْدَ الْفِطَامِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُعَيَّنَةَ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ فَإِذَا جُعِلَتْ جُزْءًا مِنْ الرَّقِيقِ بَعْدَ الْفِطَامِ اقْتَضَى عَدَمَ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ أَوْ تَأْجِيلَهُ وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ وَهُنَا إنَّمَا يَحْصُلُ الْمِلْكُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا مُخَالَفَةَ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا وَجْهَ إلَّا الصِّحَّةُ إنْ عَلِمَ بِالْعَبْدِ وَمَكَانِهِ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَيَكُونُ مَأْخَذُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذَا الْعَقْدِ بِحَالِهِ أَوْ بِحَالِ الرَّدِّ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا تَغَيَّرَ النَّقْدُ اهـ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ خَصَّصَ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَنَازَعَهُ فِي الْمَأْخَذِ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ بَلَدِ كَذَا فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُ) سَامِعٌ (مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ) الْمُتَسَاوِيَةِ سُهُولَةً وَحُزُونَةً (اسْتَحَقَّ النِّصْفَ) مِنْ الْجُعْلِ أَوْ مِنْ ثُلُثِهَا اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ لِأَنَّ كُلَّ الْجُعْلِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ فَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبَعْضِ (أَوْ) قَالَ مَنْ رَدَّ (الْعَبْدَيْنِ مِنْ كَذَا فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُمَا) سَامِعٌ (مِنْ نِصْفِ الْمَسَافَةِ) الْمُتَسَاوِيَةِ سُهُولَةً وَحُزُونَةً (أَوْ) رَدَّ (أَحَدَهُمَا) مِنْ جَمِيعِهَا (اسْتَحَقَّ النِّصْفَ) عَمَلًا بِالتَّوْزِيعِ عَلَى الْعَمَلِ (أَوْ) قَالَ لِاثْنَيْنِ (إنْ رَدَدْتُمَا الْعَبْدَيْنِ) فَلَكُمَا كَذَا (فَرَدَّهُمَا وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (فَلَهُ النِّصْفُ أَوْ رَدَّ) أَحَدُهُمَا (وَاحِدًا) مِنْ الْعَبْدَيْنِ (فَلَهُ الرُّبُعُ) بِذَلِكَ فِيهِمَا (أَوْ) رَدَّ الْعَبْدَ (مِنْ) مَكَان (أَبْعَدَ) مِمَّا عَيَّنَ (فَالزَّائِدُ هَدَرٌ) لَا جُعْلَ لَهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ. قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ قَالَ: أَيُّ رَجُلٍ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ فَرَدَّهُ اثْنَانِ قُسِّطَ الدِّرْهَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَقْرَبِ عِنْدِي. (وَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ رُدَّهُ وَلَك كَذَا فَأَعَانَهُ آخَرُ) فِي رَدِّهِ بِعِوَضٍ أَوْ مَجَّانًا (فَالْكُلُّ لِزَيْدٍ) فَقَدْ يَحْتَاجُ لِلْمُعَاوَنَةِ وَغَرَضُ الْمُلْتَزِمِ الْعَمَلُ بِأَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى قَصْرِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّالُّ عَلَيْهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اسْتَحَقَّ) الْخِطَابُ مُتَعَلِّقٌ بِوَلِيِّهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَعْلُومَةٌ) بِأَنْ رَآهَا الْعَامِلُ أَوْ وَصَفَهَا الْجَاعِلُ لَهُ بِمَا يُفِيدُهُ الْعِلْمَ بِهَا (قَوْلُهُ: كَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ) وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْعَمَلِ وَالْمُطْلَقِ مِنْ نَقْدِ بَلَدِ الِالْتِزَامِ فَإِنْ تَغَيَّرَ اُعْتُبِرَ يَوْمَ الْعَقْدِ فَعُلِمَ أَنَّ شُرُوطَ الْجُعْلِ - إنْ كَانَ مُعَيَّنًا - شُرُوطُ الْبَيْعِ، - وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ - شُرُوطُ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تِلْكَ الْعُقُودَ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِدُخُولِ التَّخْفِيفِ هُنَا وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ الْمَشْرُوطَ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَعْلُومًا اسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهُوَ وَاضِحٌ، ثُمَّ رَأَيْت الْفَتِيَّ قَالَ أَيْ فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا اسْتَحَقَّهُ، أَوْ مَجْهُولًا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَجَمَالُ الدِّينِ وَالْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّرَّاجِ (قَوْلُهُ: وَبِمَكَانِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مَعْرُوفًا فَلَا وَجْهَ إلَّا الْبُطْلَانُ وَلَا وَجْهَ لِمَا أَبْدَيْته فِي الْكِفَايَةِ. [فَصْلٌ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ بَلَدِ كَذَا فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُ سَامِعٌ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ] (قَوْلُهُ: مِنْ نِصْفِ الْمَسَافَةِ) أَوْ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ، أَوْ مِنْ مَسَافَةٍ مِثْلِ مَسَافَتِهِ وَلَوْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْمَكَانِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْإِرْشَادُ إلَى مَوْضِعِ الْآبِقِ، أَوْ مَظِنَّتِهِ وَنَحْوُهُ لَا أَنَّ الرَّدَّ مِنْهُ شَرْطٌ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ إذْ لَوْ أُرِيدَ حَقِيقَةُ ذَلِكَ لَكَانَ إذَا رَدَّهُ مَنْ دُونَهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ مِنْهُ وَفِي الْكَافِي لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ الْبَصْرَةِ فَلَهُ دِينَارٌ وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ هَمْدَانَ وَالْمَسَافَةُ كَالْمَسَافَةِ إلَى الْبَصْرَةِ اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: قُسِّطَ الدِّرْهَمُ بَيْنَهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ يَحْتَاجُ لِلْمُعَاوَنَةِ وَغَرَضُ الْمُلْتَزِمِ إلَخْ) اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْهُ - وَمِنْ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ فِي الْمُسَاقَاةِ نَصِيبَهُ إذَا تَبَرَّعَ الْمَالِكُ عَنْهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِالْعَمَلِ - جَوَازَ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْإِمَامَةِ وَنَحْوِهَا بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَنِيبَ مِثْلَهُ، أَوْ خَيْرًا مِنْهُ وَيَسْتَحِقُّ كُلَّ الْمَعْلُومِ قَالَ وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالنَّوَوِيُّ بِخِلَافِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فَإِنْ اسْتَنَابَ لِعُذْرٍ لَا يُعَدُّ مَعَهُ مُقَصِّرًا اسْتَحَقَّ الْإِمَامُ الْأَصْلِيُّ الْجَامِكِيَّةَ وَإِنْ سَمَّى لِلنَّائِبِ شَيْئًا اسْتَحَقَّهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ النَّاظِرِ وَقَوْلُهُ: اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمَالِكِ) أَيْ أَوْ لَهُمَا، أَوْ لِنَفْسِهِ وَالْعَامِلِ أَوْ لِلْعَامِلِ وَالْمَالِكِ، أَوْ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ قَصَدَ الْمَالِكَ أَوْ قَصَدَهُمَا، أَوْ عَاوَنَ مُطْلَقًا فَلِزَيْدٍ نِصْفُ الْجُعْلِ. اهـ. وَلَوْ قَالَ لَهُ الْعَامِلُ قَصَدْتنِي فَقَالَ بَلْ قَصَدْت نَفْسِي فَلِلْعَامِلِ إنْ صَدَّقَهُ الْمَالِكُ وَإِلَّا حَلَفَ وَلَزِمَهُ النِّصْفُ وَلَوْ أَعَانَهُ اثْنَانِ وَلَمْ يَقْصِدَاهُ فَلَهُ الثُّلُثُ، أَوْ ثَلَاثَةٌ فَلَهُ الرُّبُعُ وَإِنْ قَصَدَهُ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ وَالْآخَرُ الْمَالِكَ فَلَهُ ثُلُثَاهُ وَلَوْ تَلِفَ الْجُعْلُ الْمُعَيَّنُ بِيَدِ الْمُلْتَزِمِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَعَلِمَ بِهِ الْعَامِلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الرَّدِّ وَإِنْ جَهِلَهُ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ الرَّدِّ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 الْعَمَلِ عَلَى الْمُخَاطَبِ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُعَاوِنِ إلَّا إنْ الْتَزَمَ لَهُ زَيْدٌ أُجْرَةً) فَيَسْتَحِقُّهَا (وَإِنْ عَمِلَ الْآخَرُ) أَيْ الْمُعَاوِنُ (لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمَالِكِ) أَوْ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ (فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلِزَيْدٍ النِّصْفُ) إنْ اسْتَوَيَا عَمَلًا لِأَنَّهُ عَمِلَ نِصْفَ الْعَمَلِ وَقَوْلُهُ " لِنَفْسِهِ " مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ شَارَكَهُ اثْنَانِ فِي الرَّدِّ - فَإِنْ قَصَدَا إعَانَتَهُ - فَلَهُ تَمَامُ الْجُعْلِ - أَوْ الْعَمَلُ لِلْمَالِكِ - فَلَهُ ثُلُثُهُ، أَوْ وَاحِدٌ إعَانَتَهُ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ لِلْمَالِكِ فَلَهُ ثُلُثَاهُ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. (وَإِنْ قَالَ: مَنْ يَرُدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُ اثْنَانِ اقْتَسَمَاهُ) لِأَنَّهُمَا يُوصَفَانِ بِالْأَوَّلِيَّةِ فِي الرَّدِّ (وَإِنْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْ ثَلَاثَةٍ: رُدَّهُ وَلَك دِينَارٌ فَرَدُّوهُ فَلِكُلٍّ) مِنْهُمْ (ثُلُثُهُ) وَفِي نُسْخَةٍ ثُلُثُ مَا شَرَطَ لَهُ (تَوْزِيعًا عَلَى الرُّءُوسِ) . قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْمَسْعُودِيُّ هَذَا إذَا عَمِلَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَعَنْت صَاحِبِي فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مَا شَرَطَ لَهُ، وَاثْنَانِ مِنْهُمْ: أَعَنَّا صَاحِبَنَا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَلَهُ جَمِيعُ الْمَشْرُوطِ (فَإِنْ شَارَكَهُمْ رَابِعٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ) كَانَ (قَصَدَ الْمَالِكَ) بِالْعَمَلِ (أَوْ قَصَدَ أَخْذَ الْجُعْلِ مِنْهُ فَلِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ رُبُعٌ) مِنْ الْمَشْرُوطِ (فَإِنْ أَعَانَ أَحَدَهُمْ فَلِلْمُعَاوَنِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ (النِّصْفُ وَلِلْآخَرَيْنِ النِّصْفُ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّبُعُ (أَوْ) أَعَانَ (اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا رُبُعٌ وَثُمُنٌ) مِنْ الْمَشْرُوطِ (وَلِلثَّالِثِ رُبُعٌ) مِنْهُ وَإِنْ أَعَانَ الْجَمِيعَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ الثُّلُثُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَإِنْ شَرَطَ) الْمَالِكُ (لِأَحَدِهِمْ) جُعْلًا (مَجْهُولًا) كَثَوْبٍ مَعَ شَرْطِهِ لِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ دِينَارًا فَرَدُّوهُ (فَلَهُ ثُلُثُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَهُمَا ثُلُثَا الْمُسَمَّى وَتَوْكِيلُ الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ) غَيْرَهُ (فِي الرَّدِّ كَوَكِيلِ الْوَكِيلِ) فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا يَسْتَعِينُ بِهِ (وَ) تَوْكِيلُ (غَيْرِ الْمُعَيَّنِ) بَعْدَ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ غَيْرَهُ (كَالتَّوْكِيلِ فِي الِاحْتِطَابِ) وَالِاسْتِقَاءِ وَنَحْوِهِمَا فَيَجُوزُ. (فَصْلٌ الْجَعَالَةُ جَائِزَةٌ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ) لِأَنَّهَا تَعْلِيقُ اسْتِحْقَاقٍ بِشَرْطٍ كَالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا مَجْهُولٌ كَالْقِرَاضِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا (لَازِمَةٌ بَعْدَهُ) لِلُّزُومِ الْجُعْلِ فَلَا انْفِسَاخَ وَلَا فَسْخَ (فَلَوْ فَسَخَهَا الْمَالِكُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِلْعَامِلِ (فِيمَا عَمِلَ) لِئَلَّا يَحْبِطَ سَعْيُهُ بِفَسْخِ غَيْرِهِ وَرُبَّمَا عَبَّرَ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ حَتَّى يَضْمَنَ - أَيْ يَلْتَزِمَ - لِلْعَامِلِ أُجْرَةَ مِثْلِ مَا عَمِلَ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ قِسْطُ مَا عَمِلَ مِنْ الْمُسَمَّى لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ بِالْفَسْخِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى بِالْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَكَذَا بَعْضُهُ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِمَا قُلْنَا وَاسْتُشْكِلَ لُزُومُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِمَا لَوْ مَاتَ الْمَالِكُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ حَيْثُ تَنْفَسِخُ وَيَجِبُ الْقِسْطُ مِنْ الْمُسَمَّى، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ ثَمَّ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي إسْقَاطِ الْمُسَمَّى، وَالْعَامِلُ ثَمَّ تَمَّمَ الْعَمَلَ بَعْدَ الِانْفِسَاخِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ مِنْهُ بِخِلَافِهِ هُنَا وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ قَبْلَ رَدِّهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: لَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ إذَا رَدَّهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لِحُصُولِ الرُّجُوعِ ضِمْنًا وَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ تَنْزِيلًا لِإِعْتَاقِهِ مَنْزِلَةَ فَسْخِهِ وَخَرَجَ بِأَثْنَاءِ الْعَمَلِ مَا لَوْ فَسَخَهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ (أَوْ) فَسَخَهَا (الْعَامِلُ فَلَا) شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمَالِكِ سَوَاءٌ أَوَقَعَ مَا عَمِلَهُ مُسَلَّمًا أَمْ لَا نَعَمْ لَوْ زَادَ الْمَالِكُ فِي الْعَمَلِ وَلَمْ يَرْضَ الْعَامِلُ بِالزِّيَادَةِ فَفَسَخَ لِذَلِكَ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي آخِرِ الْمُسَابَقَةِ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهُ لِذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُهُ كَذَلِكَ إذَا نَقَصَ مِنْ الْجُعْلِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ صَحِيحًا لِأَنَّ النَّقْصَ فَسْخٌ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ فَسْخٌ مِنْ الْمَالِكِ لَا مِنْ الْعَامِلِ. (وَإِنْ عَمِلَ) الْعَامِلُ شَيْئًا (بَعْدَ الْفَسْخِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَتَوْكِيلُ الْمُعَيَّنِ فِي الرَّدِّ كَتَوْكِيلِ الْوَكِيلِ) الْمَنْقُولُ فِي الْبَسِيطِ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ مُخَاطَبًا وَقَالَ إنْ رَدَدْت عَبْدِي الْآبِقَ فَلَكَ كَذَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ السَّعْيُ بِنَفْسِهِ بَلْ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِغَيْرِهِ فَإِذَا حَصَلَ الْعَمَلُ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ. اهـ. وَهُوَ مُلَخَّصٌ مِنْ كَلَامِ النِّهَايَةِ وَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ مَنْ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ فِيمَا أَظُنُّهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ يَشْهَدُ لَهُ مَسْأَلَةُ مُعَاوَنَةِ الرَّادِّ الْمُعَيَّنِ وَهِيَ مَنْصُوصَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا لَكِنَّ الْمُتَوَلِّيَ قَالَ إنْ رَدَّهُ وَكِيلُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُعَاوَنَةِ وَالتَّوْكِيلِ فَإِنَّهُ تَفْوِيضٌ كُلِّيٌّ وَيَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ رَدَدْت آبِقِي بِنَفْسِك فَلَكَ كَذَا فَأَمَرَ عَبْدَهُ فَرَدَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا. [فَصْلٌ الْجَعَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ] (قَوْلُهُ: فَلَوْ فَسَخَهَا الْمَالِكُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَا صَدَرَ مِنْ الْعَامِلِ لَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودٌ أَصْلًا كَرَدِّ الْآبِقِ إلَى بَعْضِ الطَّرِيقِ، أَوْ يَحْصُلُ بِهِ بَعْضُهُ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ عَلَّمْتَ ابْنِي الْقُرْآنَ فَلَكَ كَذَا، ثُمَّ مَاتَ الصَّبِيُّ فِي أَثْنَاءِ التَّعْلِيمِ، أَوْ مَنَعَهُ مِنْ تَعْلِيمِهِ فس (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ بِإِعْتَاقِهِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ الْيَدِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ (قَوْلُهُ: أَوْ فَسَخَهَا الْعَامِلُ) وَلَوْ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَوَقَعَ مَا عَمِلَهُ مُسَلَّمًا) أَيْ وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ إتْمَامِ تَعْلِيمِ الصَّبِيِّ، أَوْ مِنْ إتْمَامِ بِنَاءِ الْحَائِطِ قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّ الْجُعْلَ مُسْتَحَقٌّ بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَهُوَ فَوَّتَ الْعَمَلَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمَالِكِ وَقَدْ اتَّسَعَ فِي عَقْدِ الْجَعَالَةِ وَكَمَا اُعْتُبِرَ عَمَلُهُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْجُعْلَ اُعْتُبِرَ فَسْخُهُ وَتَرْكُ الْعَمَلِ فِي إسْقَاطِهِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَخَالُفَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا حَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ لِاسْتِحْقَاقِهِ قِسْطَ الْجُعْلِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ إذْ حَاصِلُ ذَلِكَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ الْأُولَى فَسْخُ الْعَامِلِ فِي الْأَثْنَاءِ وَهُوَ مُحْبِطٌ لِحَقِّهِ مُطْلَقًا كَمَا قَرَّرْنَاهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا الثَّانِيَةُ وَهُوَ مَا لَوْ احْتَرَقَ الثَّوْبُ، أَوْ نَحْوُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ الثَّالِثَةُ تَرْكُ الْعَامِلِ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ فَإِنْ وَقَعَ الْعَمَلُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُسَلَّمًا وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ وَإِلَّا فَلَا وَوَجْهُهُ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّ تَرْكَهُ لَا يُسَمَّى فَسْخًا وَكَلَامُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 وَلَوْ جَاهِلًا) بِهِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِأَنَّ لَهُ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ جَاهِلًا، وَهُوَ مُعَيَّنٌ، أَوْ لَمْ يُعْلِنْ الْمَالِكَ بِالْفَسْخِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْجَاهِلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ. (فَرْعٌ وَتَنْفَسِخُ) الْجَعَالَةُ (بِالْمَوْتِ) وَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ لِأَحَدِ الْمُتَعَامِلَيْنِ (فَإِنْ مَاتَ الْمَالِكُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) فِي الْعَمَلِ (فَرَدَّهُ إلَى وَرَثَتِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ " وَارِثِهِ " (وَجَبَ قِسْطُهُ) أَيْ قِسْطُ مَا عَمِلَهُ فِي الْحَيَاةِ (مِنْ الْمُسَمَّى) وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ فَرَدَّهُ وَارِثُهُ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ أَيْضًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (فَرْعٌ وَإِنْ زَادَ) الْمَالِكُ (أَوْ نَقَصَ) فِي الْجُعْلِ أَوْ غَيَّرَ جِنْسَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ وَسَمِعَهُ الْعَامِلُ (اُعْتُبِرَ النِّدَاءُ الْأَخِيرُ) فَلِلْعَامِلِ مَا ذُكِرَ فِيهِ وَجَازَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ) الْعَامِلُ (أَوْ كَانَ بَعْدَ الشُّرُوعِ) فِي الْعَمَلِ وَقَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَتَمَّمَ الْعَمَلَ وَقَدْ سَمِعَ الْأَوَّلَ أَيْضًا (وَجَبَ) لَهُ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِأَنَّ النِّدَاءَ الثَّانِيَ فَسْخٌ لِلْأَوَّلِ، وَالْفَسْخُ مِنْ الْمَالِكِ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَوْ عَمِلَ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ الْأَوَّلَ خَاصَّةً وَمَنْ سَمِعَ الثَّانِيَ اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ نِصْفَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي نِصْفَ الْمُسَمَّى الثَّانِي وَالْمُرَادُ بِالسَّمَاعِ الْعِلْمُ، وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا قَالَهُ فِي الْأُولَى لِجَمِيعِ الْعَمَلِ وَفِي الثَّانِيَةِ لِعَمَلِهِ قَبْلَ النِّدَاءِ الثَّانِي أَمَّا عَمَلُهُ بَعْدَهُ فَفِيهِ قِسْطُهُ مِنْ مُسَمَّاهُ لَا لِلْمَاضِي خَاصَّةً وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ عَمِلَ شَيْئًا بَعْدَ الْفَسْخِ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا فَسَخَ بِلَا بَدَلٍ بِخِلَافِ هَذَا (وَإِنْ رَدَّ آبِقًا لَمْ يَحْبِسْهُ لِلِاسْتِيفَاءِ) لِلْجُعْلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالتَّسْلِيمِ وَكَذَا لَا يَحْبِسُهُ لِاسْتِيفَاءِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَعِبَارَتُهُ شَامِلَةٌ لَهُ بِخِلَافِ عِبَارَةِ أَصْلِهِ (وَإِنْ هَرَبَ) مِنْهُ (فِي الطَّرِيقِ) بَلْ أَوْ فِي دَارِ الْمَالِكِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لَهُ (أَوْ مَاتَ) أَوْ غُصِبَ أَوْ تَرَكَهُ الْعَامِلُ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) وَإِنْ حَضَرَ الْآبِقُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَى مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَأَتَى بِبَعْضِ الْأَعْمَالِ وَمَاتَ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَجِّ الثَّوَابُ وَقَدْ حَصَلَ بِبَعْضِ الْعَمَلِ وَهُنَا لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ الْمَقْصُودِ، وَبِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَازِمَةٌ تَجِبُ الْأُجْرَةُ فِيهَا بِالْعَقْدِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَالْجَعَالَةَ جَائِزَةٌ لَا يَثْبُتُ فِيهَا شَيْءٌ إلَّا بِالشَّرْطِ وَلَمْ يُوجَدْ (وَإِنْ خَاطَ نِصْفَ الثَّوْبِ فَاحْتَرَقَ) أَوْ تَرَكَهُ أَوْ بَنَى بَعْضَ الْحَائِطِ فَانْهَدَمَ أَوْ تَرَكَهُ (أَوْ لَمْ يَتَعَلَّمْ الصَّبِيُّ لِبَلَادَتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ) كَمَا لَوْ طَلَبَ الْآبِقَ فَلَمْ يَجِدْهُ وَمَحَلُّهُ فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ إذَا لَمْ يَقَعْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ مَا عَمِلَ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ (أَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ فِي أَثْنَاءِ التَّعْلِيمِ وَجَبَ) لِلْعَامِلِ (الْقِسْطُ) مِنْ الْمُسَمَّى (لِوُقُوعِهِ مُسَلَّمًا) بِالتَّعْلِيمِ مَعَ ظُهُورِ أَثَرِ الْعَمَلِ عَلَى الْمَحَلِّ بِخِلَافِ رَدِّ الْآبِقِ (وَإِنْ مَنَعَهُ أَبُوهُ) مِنْ تَمَامِ التَّعْلِيمِ (أَوْ الْمَالِكُ) لِلْمَالِ مِنْ تَمَامِ الْعَمَلِ (وَجَبَ) لَهُ عَلَيْهِ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِمَا عَمِلَهُ لِأَنَّ الْمَنْعَ فَسْخٌ أَوْ كَالْفَسْخِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَصْلٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ الْجُعْلِ) فَقَالَ الْعَامِلُ شَرَطْت لِي جَعْلًا وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ أَوْ قَالَ شَرَطْته عَلَى عَبْدٍ آخَرَ (أَوْ) فِي (الرَّدِّ) فَقَالَ أَنَا رَدَدْته وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ جَاءَ بِنَفْسِهِ أَوْ رَدَّهُ غَيْرُك (صُدِّقَ الْمَالِكُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ وَعَدَمُ الشَّرْطِ (أَوْ فِي قَدْرِ الْمَشْرُوطِ) كَكَوْنِهِ دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ (أَوْ فِي كَوْنِهِ عَلَى) رَدِّ (عَبْدٍ أَوْ عَبْدَيْنِ) وَقَدْ رَدَّ أَحَدَهُمَا (تَحَالَفَا) وَفُسِخَ الْعَقْدُ (وَوَجَبَ) لِلْعَامِلِ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِجَارَةِ وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ وَالتَّسْلِيمِ نَعَمْ يُتَصَوَّرُ قَبْلَ الْفَرَاغِ فِيمَا إذَا وَجَبَ لِلْعَامِلِ قِسْطُ مَا عَمِلَهُ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ بِعْهُ بِكَذَا أَوْ اعْمَلْ كَذَا وَلَك عَشَرَةٌ) مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَتَيَا بِمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً وَجَعَالَةً (فَإِنْ ضَبَطَ الْعَمَلَ فَإِجَارَةٌ وَإِلَّا فَجَعَالَةٌ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ) لَعَلَّهُمَا بَنَيَاهُ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِالْعِلْمِ. [فَرْعٌ مَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْجَعَالَةُ] (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) وَأَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَلْ يَسْتَحِقُّ تَمَامَ الْمُسَمَّى. اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ أَنَّ وَارِثَ الْعَامِلِ إذَا رَدَّهُ اسْتَحَقَّ تَمَامَ الْجُعْلِ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِنْ مَاتَ وَقَدْ جَاءَ بِهِ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَرَبَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ رَدَّهُ وَرَثَتُهُ اسْتَحَقُّوا [فَرْعٌ زَادَ الْمَالِكُ أَوْ نَقَصَ فِي الْجُعْلِ أَوْ غَيَّرَ جِنْسَهُ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالتَّسْلِيمِ) لَوْ لَمْ يَجِدْ الْعَامِلُ الْمَالِكَ سَلَّمَ الْمَرْدُودَ إلَى الْحَاكِمِ وَاسْتَحَقَّ الْجُعْلَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَشْهَدَ وَاسْتَحَقَّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَنَى بَعْضَ الْحَائِطِ) وَهُوَ مُنْفَرِدٌ بِالْيَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ الصَّغِيرُ فِي أَثْنَاءِ التَّعْلِيمِ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ حُرًّا كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ لِلسَّيِّدِ أَوْ حَصَلَ التَّعْلِيمُ بِحَضْرَتِهِ، أَوْ فِي مِلْكِهِ وَتَلِفَ الْجُعْلُ الْمُعَيَّنُ بِيَدِ الْمُلْتَزِمِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَعَلِمَ بِهِ الْعَامِلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الرَّدِّ وَإِنْ جَهِلَهُ، أَوْ تَلِفَ بَعْدَ الرَّدِّ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْآبِقِ) وَقَوْلُ الْقَمُولِيِّ لَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ الَّذِي خَاطَ بَعْضَهُ، أَوْ الْجِدَارُ الَّذِي بَنَى بَعْضَهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمَالِكِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ مَا عَمِلَ أَيْ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى كَمَا قَدَّرَ مِثْلَهُ فِيمَا قَبْلَهَا لِيُوَافِقَ قَوْلَ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الْقَمُولِيِّ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُسَمَّى بِقَدْرِ مَا عَمِلَ وَقَوْلَ الشَّيْخَيْنِ لَوْ قَطَعَ الْعَامِلُ بَعْضَ الْمَسَافَةِ لِرَدِّ الْآبِقِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَالِكُ فَرَدَّهُ إلَى الْوَارِثِ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُسَمَّى بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِي الْحَيَاةِ وَقَوْلَهُمَا فِي الْإِجَارَةِ فِي مَوْضِعٍ لَوْ خَاطَ بَعْضَ الثَّوْبِ وَاحْتَرَقَ وَكَانَ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ، أَوْ فِي مِلْكِهِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ مَا عَمِلَ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى لِوُقُوعِ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَوْ اكْتَرَاهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَخَاطَ بَعْضَهُ وَاحْتَرَقَ وَقُلْنَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَإِلَّا فَقِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ لِحَمْلِ جَرَّةٍ فَزَلِقَ فِي الطَّرِيقِ فَانْكَسَرَتْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخِيَاطَةَ تَظْهَرُ عَلَى الثَّوْبِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا لِظُهُورِ أَثَرِهِ وَالْحَمْلَ لَا يَظْهَرُ عَلَى الْجَرَّةِ وَبِمَا قَالَاهُ عُلِمَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ فِي الْإِجَارَةِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ، وَمِثْلُهَا الْجَعَالَةُ ش. [فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ الْجُعْلِ أَوْ فِي الرَّدِّ] (قَوْلُهُ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ الْجُعْلِ إلَخْ) أَوْ فِي سَمَاعِ النِّدَاءِ صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ. [فَرْعٌ قَالَ بِعْهُ بِكَذَا أَوْ اعْمَلْ كَذَا وَلَك عَشَرَةٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَتَيَا بِمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً وَجَعَالَةً] (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَبَطَ الْعَمَلَ فَإِجَارَةٌ وَإِلَّا فَجَعَالَةٌ) الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 عَنْ بَعْضِ التَّصَانِيفِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْإِمَامِ تَفْرِيعٌ عَلَى اخْتِيَارِهِ بِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْجَعَالَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا لَكِنْ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ خِلَافَهُ. (فَرْعٌ يَدُ الْعَامِلِ) عَلَى مَا يَقَعُ فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَرُدَّهُ (يَدُ أَمَانَةٍ فَإِنْ خَلَّاهُ بِتَفْرِيطٍ) كَأَنْ خَلَّاهُ بِمَضْيَعَةٍ (ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ وَإِنْ خَلَّاهُ بِلَا تَفْرِيطٍ كَأَنْ خَلَّاهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ يَضْمَنْ (وَإِنْ أَنْفَقَ) عَلَيْهِ مُدَّةَ الرَّدِّ (فَمُتَبَرِّعٌ) إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْحَاكِمُ أَوْ يَشْهَدَ عِنْدَ فَقْدِهِ لِيَرْجِعَ (وَمَنْ وَجَدَ مَرِيضًا) عَاجِزًا عَنْ السَّيْرِ (بِبَادِيَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا (لَزِمَهُ الْمُقَامُ مَعَهُ لَا إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ) أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ (وَإِذَا أَقَامَ) مَعَهُ (فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَلَوْ مَاتَ) الْمَرِيضُ (أَوْ غُشِيَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ إنْ كَانَ أَمِينًا حَمْلُ مَالِهِ إلَى وَرَثَتِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَمْلُ وَإِنْ جَازَ لَهُ (وَلَا يَضْمَنُهُ) فِي الْحَالَيْنِ وَلَيْسَ حُكْمُ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ حُكْمَ الْمَيِّتِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذْ لَا عِبْرَةَ بِوَرَثَتِهِ فِي حَيَاتِهِ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرِيضِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ. (وَالْحَاكِمُ يَحْبِسُ الْآبِقَ) إذْ وَجَدَهُ انْتِظَارًا (لِسَيِّدِهِ فَإِنْ أَبْطَأَ) سَيِّدُهُ (بَاعَهُ) الْحَاكِمُ (وَحَفِظَ ثَمَنَهُ) فَإِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الثَّمَنِ (وَإِنْ سَرَقَ الْآبِقُ قُطِعَ كَغَيْرِهِ) . [خَاتِمَةٌ تَوَلَّى وَظِيفَةً وَأُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ مُبَاشَرَتِهَا] (خَاتِمَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ تَوَلَّى وَظِيفَةً وَأُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ مُبَاشَرَتِهَا أَفْتَى الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ بِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَعْلُومَ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ وَهُوَ لَمْ يُبَاشِرْ. [كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَفِيهِ ثَلَاثَة أَبْوَاب] [الْبَاب الْأَوَّل فِي الْأَرْض الْمَوَات] (كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ، الْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ أَخْبَارٌ كَخَبَرِهِ «مَنْ عَمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَخَبَرِ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (هُوَ مُسْتَحَبٌّ) لِخَبَرِ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ وَمَا أَكَلَتْ الْعَوَافِي مِنْهَا فَهُوَ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْمَوَاتُ الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ أَوْ عُمِرَتْ جَاهِلِيَّةً وَلَا هِيَ حَرِيمٌ لِمَعْمُورٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي وَلَا يُشْتَرَطُ فِي نَفْيِ الْعِمَارَةِ التَّحَقُّقُ بَلْ يَكْفِي عَدَمُ تَحَقُّقِهَا بِأَنْ لَا يُرَى أَثَرُهَا وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهَا مِنْ أُصُولِ شَجَرٍ وَنَهْرٍ وَجُدُرٍ وَآثَارِ أَوْتَادٍ وَنَحْوِهَا (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ) وَنَحْوِهَا (فَإِنْ كَانَتْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَلِلْمُسْلِمِ) وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (تَمَلُّكُهَا بِالْإِحْيَاءِ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ الْإِمَامُ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الشَّارِعِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَلَوْ كَانَ بِالْأَرْضِ أَثَرُ عِمَارَةِ جَاهِلِيَّةٍ لَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهَا فَكَذَلِكَ) أَيْ فَلِلْمُسْلِمِ تَمَلُّكُهَا بِالْإِحْيَاءِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوَاتًا كَالرِّكَازِ وَلِخَبَرِ «عَادِيُّ الْأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ثُمَّ هِيَ لَكُمْ مِنِّي» أَيْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ (أَوْ) كَانَ بِهَا أَثَرُ عِمَارَةٍ (إسْلَامِيَّةٍ فَأَمْرُهَا إلَى الْإِمَامِ) فِي حِفْظِهَا أَوْ بَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا إلَى ظُهُورِ مَالِكِهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ بِبِلَادِ الْكُفْرِ فَإِنَّهَا كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ أَمَّا إذَا عُرِفَ مَالِكُهَا فَهِيَ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ وَلَا تُمَلَّكُ بِالْإِحْيَاءِ نَعَمْ إنْ أَعْرَضَ عَنْهَا الْكَافِرُ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مُلِّكَتْ بِالْإِحْيَاءِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ (وَإِنْ أَحْيَا ذِمِّيٌّ أَرْضًا مَيْتَةً)   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ يَدُ الْعَامِلِ عَلَى مَا يَقَعُ فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَرُدَّهُ يَدُ أَمَانَةٍ] قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْفَقَ فَمُتَبَرِّعٌ) لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْآبِقِ إلَّا بِبَيْعِ بَعْضِهِ وَلِإِنْفَاقٍ عَلَيْهِ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ رُكُوبُ الْبَعِيرِ الْمَرْدُودِ فَإِنْ رَكِبَهُ ضَمِنَ. (كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) (قَوْلُهُ: «وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» ) الْعِرْقُ أَرْبَعَةٌ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ وَالْبِئْرُ وَالنَّهْرُ وَاعْلَمْ أَنَّ بِقَاعَ الْأَرْضِ إمَّا مَمْلُوكَةٌ أَوْ مَحْبُوسَةٌ عَلَى الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ أَوْ الْخَاصَّةِ، وَإِمَّا مُنْفَكَّةٌ عَنْ الْحُقُوقِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ وَهِيَ الْمَوَاتُ وَرُوِيَ عِرْقٌ مُضَافًا وَمُنَوَّنًا وَصَوَّبَهُ أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ) أَوْ رَقِيقًا (قَوْلُهُ: تَمَلَّكَهَا بِالْإِحْيَاءِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ مَوَاتًا فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ حَتَّى فُتِحَ وَوُقِفَ ثُمَّ أَحْيَاهُ مُحْيٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّمَلُّكِ يُفْهَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ التَّكْلِيفِ فَإِنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ يَمْلِكَانِ وَلَا يَمْتَلِكَانِ لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ اصْطِيَادُهُ وَاحْتِطَابُهُ أَوْ وَجَدَ رِكَازًا أَوْ اسْتَخْرَجَ مَعْدِنًا كَذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت الْمُتَوَلِّيَ صَرَّحَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ) نَعَمْ لَوْ حَمَى الْإِمَامُ لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ مَوْضِعًا ثُمَّ نَقَضَهُ وَقُلْنَا بِجَوَازِ نَقْضِهِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ إحْيَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى تَصَرُّفِهِ. (تَنْبِيهٌ) الْقَصْدُ إلَى الْإِحْيَاءِ هَلْ يُعْتَبَرُ لِحُصُولِ الْمِلْكِ قَالَ الْإِمَامُ مَا لَا يَفْعَلُهُ فِي الْعَادَةِ إلَّا لِلتَّمْلِيكِ كَبِنَاءِ دَارٍ وَاِتِّخَاذِ بُسْتَانٍ يُفِيدُ الْمِلْكَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَصْدٌ وَمَا يَفْعَلُهُ لِلتَّمْلِيكِ وَغَيْرِهِ كَحَفْرِ بِئْرٍ بِمَوَاتٍ وَزِرَاعَةِ بُقْعَةٍ مِنْهُ اعْتِمَادًا عَلَى مَاءِ السَّمَاءِ إنْ انْضَمَّ إلَيْهِ قَصْدٌ أَفَادَ الْمِلْكَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. اهـ. أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ هِيَ لَكُمْ مِنِّي أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ) زِيَادَةُ «أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ» رَوَاهَا الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا تُعْرَفُ لَكِنْ يُعَضِّدُهَا رِوَايَةُ النَّسَائِيّ عَنْ جَابِرٍ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ» (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا) أَوْ اسْتِقْرَاضِهِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ إقْطَاعِهَا مِنْ أَهْلِ الْمَصَالِحِ، وَالْإِقْطَاعُ شَرْطٌ فِي إحْيَائِهَا وَقَاضِي الْبُقْعَةِ كَالْإِمَامِ (قَوْلُهُ: إلَى ظُهُورِ مَالِكِهَا) نَقَلَ فِي الْخَادِمِ عَنْ قَوَاعِدِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ مَحَلَّ حِفْظِهِ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ مَا إذَا تَوَقَّعَ وَإِلَّا صَارَ مَصْرُوفًا إلَى مَصَارِيفِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي التَّلْقِينِ وَلَوْ خَرِبَتْ قَرْيَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَتَعَطَّلَتْ وَلَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهَا فَهَلْ لِلْإِمَامِ إعْطَاؤُهَا لِمَنْ يَعْمُرُهَا وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَكُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ وَلَا يُرْجَى ظُهُورُهُ فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ فَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ كَسَائِرِ بَيْتِ الْمَالِ وَهَلْ يَجُوزُ إقْطَاعُهُ فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَرَجَّحَ فِي الْبَحْرِ جَوَازَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) أَيْ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) فَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ هَلْ هِيَ إسْلَامِيَّةٌ أَوْ جَاهِلِيَّةٌ قَالَ الكوهكيلوني فَظَاهِرُ لَفْظِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا يَدْخُلُهَا الْإِحْيَاءُ وَظَنِّي أَنَّهُ كَذَلِكَ وَلَكِنْ لَمْ أَرَ صَرِيحَ نَقْلٍ فِيهِ. اهـ. إذَا شَكَكْنَا فِي مَعْمُورٍ هَلْ هُوَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ الْإِسْلَامِ فَفِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا فِي الْمَطْلَبِ عَنْ ابْنِ دَاوُد ثُمَّ قَالَ وَهُمَا كَالْقَوْلَيْنِ فِي الرِّكَازِ الَّذِي جُهِلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 بِدَارِنَا وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ (نُزِعَتْ مِنْهُ) فَلَا يَمْلِكُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِعْلَاءِ وَلِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ السَّابِقِ (وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي دَارِنَا بِالْأُجْرَةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ نَزَعَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ وَأَحْيَاهَا) وَلَوْ (بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ مَلَكَهَا) إذْ لَا أَثَرَ لِفِعْلِ الذِّمِّيِّ فَإِنْ بَقِيَ لَهُ فِيهَا عَيْنٌ نَقَلَهَا وَلَا يَضُرُّ بَعْدَ نَقْلِهَا بَقَاءُ أَثَرِ عِمَارَةٍ (فَلَوْ زَرَعَهَا الذِّمِّيُّ وَزَهِدَ فِيهَا) أَيْ تَرَكَهَا تَبَرُّعًا (صَرَفَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ فِي الْمَصَالِحِ) أَيْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ تَمَلُّكُهَا) أَيْ الْغَلَّةِ لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ. (فَرْعٌ لِلذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ) الشَّامِلِ لِلْمُعَاهَدِ (الِاصْطِيَادُ وَالِاحْتِشَاشُ) وَالِاحْتِطَابُ بِدَارِنَا (وَنَقْلُ تُرَابٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ) عَلَيْنَا (مِنْ مَوَاتٍ) بِدَارِنَا لِأَنَّهَا تُخَلَّفُ وَلَا نَتَضَرَّرُ بِهَا وَلِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ الْمُسْلِمُ بِخِلَافِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْنَا وَلِأَنَّهُمَا بِالْإِحْيَاءِ يَصِيرَانِ مَالِكَيْنِ لِأَصْلِ دَارِنَا وَهُمَا لَيْسَا بِأَصْلِيَّيْنِ فِيهَا بِخِلَافِهِمَا فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَّا أَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ مَلَكَهُ (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْأَرْضُ الْمَوَاتُ (بِبَلَدِ الْكُفَّارِ فَلِلْكَافِرِ إحْيَاؤُهَا) لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ دَارِهِمْ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْنَا فِي إحْيَائِهَا فَمَلَكُوهَا بِهِ كَالِاصْطِيَادِ (وَكَذَا لِلْمُسْلِمِ) إحْيَاؤُهَا (إنْ لَمْ يَذِبُّوا) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا أَيْ يَدْفَعُونَا (عَنْهَا) كَمَوَاتِ دَارِنَا وَلَا يَمْلِكُهَا بِالِاسْتِيلَاءِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ حَتَّى تُمَلَّكَ عَلَيْهِمْ (فَإِنْ ذَبُّوا) عَنْهَا لَمْ يَمْلِكْهَا بِالْإِحْيَاءِ كَالْمَعْمُورِ مِنْ بِلَادِهِمْ وَكَمَا لَا يَمْلِكُهَا بِالِاسْتِيلَاءِ لِمَا مَرَّ لَكِنَّهُ يَصِيرُ بِهِ أَحَقَّ كَالْمُتَحَجِّرِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) إذَا (اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهَا) وَهُمْ يَذِبُّونَ عَنْهَا (فَالْغَانِمُونَ أَحَقُّ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا) أَيْ بِإِحْيَائِهَا (وَأَهْلُ الْخُمُسِ بِالْخُمُسِ) أَيْ بِإِحْيَائِهِ (وَكَذَا بَعْضُ كُلٍّ) مِنْ الْغَانِمِينَ وَأَهْلِ الْخُمُسِ أَحَقُّ بِالْبَاقِي (إنْ أَعْرَضَ) عَنْهُ (بَعْضٌ) أَيْ الْبَعْضُ الْآخَرُونَ، كَرُّ حُكْمِ بَعْضِ أَهْلِ الْخُمُسِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ أَعْرَضَ كُلُّ الْغَانِمِينَ) عَنْ إحْيَاءِ مَا يَخُصُّهُمْ (فَأَهْلُ الْخُمُسِ أَحَقُّ) بِهِ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاؤُهُمْ فَكَانُوا أَحَقَّ بِهِ اخْتِصَاصًا (كَالْمُتَحَجِّرِ) وَإِنْ تَرَكَ الْإِحْيَاءَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَلَكَهُ مَنْ أَحْيَاهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي تَصَوُّرِ إعْرَاضِ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ أَشْكَالٌ فَيُتَصَوَّرُ فِي الْيَتَامَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُمْ لَمْ يَرَوْا لَهُمْ حَظًّا فِي الْإِحْيَاءِ، وَنَحْوُهُ فِي الْبَاقِينَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَانَ مُرَادُهُ بِالْبَاقِينَ الْمَحْجُورِينَ مِنْهُمْ أَوْ أَنَّ الْإِمَامَ يَنُوبُ مَنَابَهُمْ فِي ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ فِي مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ أَوْ تُصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا كَانُوا مَحْصُورِينَ يُمْكِنُ أَنْ يَصْدُرَ مُنَّهُمْ الْإِعْرَاضُ كَالْغَانِمِينَ انْتَهَى (فَإِنْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْبَلَدَ لَنَا) وَهُمْ يَسْكُنُونَ بِجِزْيَةٍ (فَالْمُتَحَجِّرُ عَلَى الْمَوَاتِ أَهْلُ الْفَيْءِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَالْمَعْمُورُ مِنْهَا فَيْءٌ وَمَوَاتُهَا الَّذِي كَانُوا يَذِبُّونَ عَنْهُ مُتَحَجَّرٌ لِأَهْلِ الْفَيْءِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَيَحْبِسُهُ) أَيْ يَحْفَظُهُ (الْإِمَامُ لَهُمْ) فَلَا يَكُونُ فَيْئًا فِي الْحَالِ (أَوْ) صَالَحْنَاهُمْ (عَلَى أَنَّ الْبَلَدَ لَهُمْ فَالْمُتَحَجَّرُ فِي ذَلِكَ الْمَوَاتِ لَهُمْ) تَبَعًا لِلْمَعْمُورِ كَمَا أَنَّ تَحَجُّرَ مَوَاتِ دَارِنَا لَنَا تَبَعًا لِلْمَعْمُورِ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (فَنِيَ الذِّمِّيُّونَ فَكَنَائِسُهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَيْءٌ) كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ الَّتِي فَنُوا عَنْهَا وَلَا وَارِثَ لَهُمْ. (فَصْلٌ يَمْلِكُ الْمُحْيِي وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ الْحَرِيمَ) أَيْ حَرِيمَ الْمَعْمُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إحْيَاءٌ تَبَعًا لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ مَرَافِقِهِ كَمَا يَمْلِكُ عَرْصَةَ الدَّارِ بِبِنَاءِ الدَّارِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْعَرْصَةِ إحْيَاءٌ فَلَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُمَا بِالْإِحْيَاءِ (لَكِنْ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ) كَشِرْبِ الْأَرْضِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ بَيْعِ مَا يَنْقُصُ قِيمَةَ غَيْرِهِ (فَإِنْ حَفَرَا) أَيْ اثْنَانِ (بِئْرًا لِتَكُونَ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخِرِ الْحَرِيمُ) لَمْ يَجُزْ (فَالْحَرِيمُ) يَكُونُ (لِصَاحِبِ الْبِئْرِ وَلِلْآخَرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِمَا عَمِلَ. [فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْحَرِيمِ] (فَرْعٌ) فِي بَيَانِ الْحَرِيمِ (الْحَرِيمُ مَا يَتِمُّ بِهِ الِانْتِفَاعُ) وَإِنْ حَصَلَ أَصْلُ الِانْتِفَاعِ بِدُونِهِ (فَحَرِيمُ الْقَرْيَةِ مُرْتَكَضُ الْخَيْلِ) وَنَحْوِهَا (وَمَلْعَبُ الصِّبْيَانِ) التَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالنَّادِي) وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْقَوْمِ لِلْحَدِيثِ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ مُجْتَمَعُ النَّادِي فَلَفْظُ النَّادِي يُطْلَقُ عَلَى الْمَجْلِسِ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ فِيهِ   [حاشية الرملي الكبير] حَالُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهَا إسْلَامِيَّةٌ أَوْ جَاهِلِيَّةٌ فَكَالْإِسْلَامِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ كُلُّ مَا أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ أَوْ فُتِحَ عَنْوَةً كَخَيْبَرِ وَسَوَادِ الْعِرَاقِ أَوْ صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ الرَّقَبَةُ لَنَا وَهُمْ يَسْكُنُونَهَا بِجِزْيَةٍ وَإِنْ فُتِحَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الرَّقَبَةُ لَهُمْ فَمَوَاتُهَا كَمَوَاتِ دَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ غَلَبَ الْكُفَّارُ عَلَى بَلْدَةٍ يَسْكُنُهَا الْمُسْلِمُونَ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِعْلَاءِ) وَلِأَنَّهُ نَوْعُ تَمَلُّكٍ يُنَافِيهِ كُفْرُ الْحَرْبِيِّ فَنَافَاهُ كُفْرُ الذِّمِّيِّ كَالْإِرْثِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَمِثْلُ الذِّمِّيِّ الْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ [فَرْعٌ لِلذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ الِاصْطِيَادُ وَالِاحْتِشَاشُ وَالِاحْتِطَابُ بِدَارِنَا وَنَقْلُ تُرَابٍ مِنْ مَوَات] (قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَبُّوا عَنْهَا إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ فِي أَرْضٍ صُولِحُوا عَلَيْهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ أَوْ فِي أَرْضِ الْهُدْنَةِ أَمَّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَعُمْرَانُهَا يُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ وَمَوَاتُهَا بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ يَصِيرُ كَالْمُتَحَجَّرِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْجُرْجَانِيُّ لَكِنْ فِي الْوَسِيطِ شَرَطَ فِيهِ الْقُدْرَةَ عَلَى الْإِقَامَةِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ التَّصْوِيرِ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ لَا بُدَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهَا إلَخْ) لَوْ اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهَا لِجَلَائِهِمْ كَانَ الْإِمَامُ أَحَقَّ بِإِحْيَائِهِمْ لِأَهْلِ الْفَيْءِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ سَبَبُهُ يَضَعُهَا الْإِمَامُ فِيمَنْ شَاءَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى النَّظَرِ لَهُمْ. (فَرْعٌ) الْأَرَاضِي الْعَامِرَةُ إذَا لَبَسَهَا رَمْلٌ أَوْ غَرَّقَهَا مَاءٌ فَصَارَتْ بَحْرًا ثُمَّ زُلِّلَ الرَّمَلُ أَوْ الْبَحْرُ فَإِنْ عُرِفَ عَلَيْهَا مِلْكُ الْإِسْلَامِ فَهِيَ كَالْعَامِرَةِ وَمَا ظَهَرَ مِنْ بَاطِنِهَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَبَسَهَا الْوَادِي بِتُرَابٍ آخَرَ فَهِيَ بِذَلِكَ التُّرَابِ لَهُ قَالَهُ فِي الْكَافِي [فَصْلٌ يَمْلِكُ الْمُحْيِي وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ الْحَرِيمَ] (قَوْلُهُ: مُرْتَكَضُ الْخَيْلِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهَا خَيَّالَةً وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ بِمَا إذَا كَانُوا خَيَّالَةً وَهُوَ بِشَبَهِ تَخْصِيصِ اقْتِنَاءِ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالزَّرْعِ بِمَنْ حِرْفَتُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَفْظُ النَّادِي يُطْلَقُ عَلَى الْمَجْلِسِ إلَخْ) لَا يُسَمَّى الْمَجْلِسُ نَادِيًا إلَّا وَالْقَوْمُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمُنَاخُ الْإِبِلِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهَا أَصْحَابَ إبِلٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 يَنْدُونَ أَيْ يَتَحَدَّثُونَ وَعَلَى أَهْلِهِ الْمُجْتَمَعِينَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ تَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِمُجْتَمَعِ أَهْلِ النَّادِي (وَمُنَاخُ الْإِبِلِ) بِضَمِّ الْمِيمِ مَوْضِعُ إنَاخَتِهَا (وَمُطَّرَحُ الْكُنَاسَاتِ وَالْمَرْعَى الْمُسْتَقِلُّ وَالْمُحْتَطَبُ) أَعْنِي (الْقَرِيبَيْنِ) مِنْ الْقَرْيَةِ بِخِلَافِ الْبَعِيدَيْنِ عَنْهَا عِنْدَ الْإِمَامِ دُونَ الْبَغَوِيّ كَمَا حَكَى الْخِلَافَ بِقَوْلِهِ. (وَفِي الْبَعِيدِ) مِنْهُمَا (تَرَدُّدٌ) وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ قَوْلَ الْبَغَوِيّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَفْحُشْ بُعْدُهُ عَنْ الْقَرْيَةِ وَكَانَ بِحَيْثُ يُعَدُّ مِنْ مَرَافِقِهَا وَالِاسْتِقْلَالُ مُعْتَبَرٌ فِي الْمُحْتَطَبِ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ وَلَكِنْ كَانَ يُرْعَى فِيهِ أَوْ يُحْتَطَبُ مِنْهُ عِنْدَ خَوْفِ الْبُعْدِ فَلَيْسَ بِحَرِيمٍ وَمِنْ حَرِيمِ الْقَرْيَةِ مُرَاحُ الْغَنَمِ وَالطَّرِيقُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ (وَحَرِيمُ الدَّارِ) الْمَبْنِيَّةِ (فِي الْمَوَاتِ مُطَّرَحُ الْكُنَاسَاتِ وَنَحْوِهَا) كَالتُّرَابِ وَالرَّمَادِ وَالثَّلْجِ بِبَلَدٍ يَكْثُرُ فِيهِ (وَالْمَمَرُّ صَوْبَ الْبَابِ وَإِنْ انْعَطَفَ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ اسْتِحْقَاقَهُ قُبَالَةَ الْبَابِ عَلَى امْتِدَادِ الْمَوَاتِ بَلْ لِغَيْرِهِ إحْيَاءُ مَا فِي قُبَالَةِ الْبَابِ إذَا أَبْقَى لَهُ مَمَرًّا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ وَخَرَجَ بِالْمَوَاتِ الدَّارُ الْمُلَاصِقَةُ لِلدُّورِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا. (وَهَلْ فِنَاءُ الْجُدْرَانِ) أَيْ جُدْرَانِ الدَّارِ وَهُوَ مَا حَوَالَيْهَا مِنْ الْخَلَاءِ الْمُتَّصِلِ بِهَا (حَرِيمٌ) لَهَا أَوْ لَا (وَجْهَانِ) كَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ النَّصِّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَعَلَى الثَّانِي لَوْ أَرَادَ مُحْيٍ أَنْ يَبْنِيَ بِجَنْبِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُبْعِدَ عَنْ فِنَائِهَا (لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ حَفْرِ بِئْرٍ بِقُرْبِهَا و) مِنْ سَائِرِ (مَا يَضُرُّ بِهَا) كَإِلْصَاقِ جِدَارِهِ أَوْ زِبْلِهِ بِهَا لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ بِمَا يَضُرُّ مِلْكَ غَيْرِهِ. (وَحَرِيمُ الْبِئْرِ) الْمَحْفُورَةِ فِي الْمَوَاتِ (مُطَّرَحُ تُرَابِهَا) وَسَائِرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا (وَمُتَرَدَّدُ النَّواَزِحِ) مِنْهَا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ (وَمُجْتَمَعُ) الْمَاءِ لِسَقْيِ (الْمَاشِيَةِ) وَالزَّرْعِ مِنْ حَوْضٍ وَنَحْوِهِ (وَالتَّقْدِيرُ) فِي كُلِّ ذَلِكَ غَيْرُ مَحْدُودٍ بَلْ (بِالْحَاجَةِ) أَيْ بِحَسْبِهَا وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتِلَافَ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ فِي التَّحْدِيدِ عَلَى اخْتِلَافِ الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ بِذَلِكَ يُقَاسُ حَرِيمُ النَّهْرِ الْمَحْفُورِ فِي الْمَوَاتِ (وَحَرِيمُ) بِئْرِ (الْقَنَاةِ مَا يَنْقُصُ مَاؤُهَا أَوْ يَنْهَارُ) أَيْ يَسْقُطُ (تُرَابُهَا بِحَفْرٍ) فِي جَانِبِهَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ الْآتِي فِيمَا لَوْ حَفَرَ بِمِلْكِهِ بِئْرًا لِسَبْقِ مِلْكِهِ عَلَى الْحَفْرِ بِخِلَافِ الْمَوَاتِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِفَرَاغِ الْعَمَلِ ثُمَّ مَا عُدَّ حَرِيمًا مَحِلُّهُ إذَا انْتَهَى الْمَوَاتُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مِلْكٌ قَبْلَ تَمَامِ حَدِّ الْحَرِيمِ فَالْحَرِيمُ إلَى انْتِهَاءِ الْمَوَاتِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَمَا لَا مَوَاتَ حَوْلَهُ لَا حَرِيمَ لَهُ كَالدُّورِ الْمُتَلَاصِقَةِ) إذْ لَا أَوْلَوِيَّةَ لِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ أَمَّا الْمُتَلَاصِقُ بَعْضُهَا بِأَنْ تَكُونَ طَرَفَ الدُّورِ فَلَهَا حَرِيمٌ مِنْ خَارِجِ الْقَرْيَةِ . (فَرْعٌ لَوْ اتَّخَذَ دَارِهِ) الْمُتَلَاصِقَةَ بِالْمَسَاكِنِ (حَمَّامًا أَوْ طَاحُونَةً أَوْ حَانُوتَ حَدَّادٍ وَأَحْكَمَ جُدْرَانَهُ) بِحَيْثُ تَلِيقُ بِمَا يَقْصِدُهُ (أَوْ) اتَّخَذَهَا (مَدْبَغَةً جَازَ) وَإِنْ تَضَرَّرَ جَارُهُ بِالرَّائِحَةِ وَانْزِعَاجِ السَّمْعِ وَأَفْضَى ذَلِكَ إلَى تَلَفٍ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ وَفِي مَنْعِهِ إضْرَارٌ بِهِ (فَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ بِأَنْ أَضَرَّتْ النَّدَاوَةُ وَالدَّقُّ) الْحَاصِلَانِ بِمُخَالَفَتِهِ (بِجِدَارِ الْجَارِ مُنِعَ) وَضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ لِتَعَدِّيهِ وَبِذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِمَّا يَضُرُّ الْمِلْكَ دُونَ الْمَالِكِ وَاسْتَثْنَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَفِي الْبَعِيدِ تَرَدُّدٌ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَالْمَرْعَى الْقَرِيبُ دُونَ الْبَعِيدِ وَالْمُحْتَطَبُ كَالْمَرْعَى (قَوْلُهُ: وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ خَوْفِ الْبُعْدِ) أَيْ عَنْ الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَوَاتِ) صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ الْمَبْنِيَّةُ أَوْ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُضَافَ كَجُزْءٍ مِنْهُ كَقَوْلِهِ {مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [البقرة: 135] (قَوْلُهُ: مَطْرَحُ الْكُنَاسَاتِ إلَخْ) عَدَّ الْغَزَالِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ مِنْ الْحَرِيمِ مَاءَ الْمِيزَابِ أَيْ حَيْثُ يَكْثُرُ الْمَطَرُ. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا) هَذَا فِي الْقُرَى أَمَّا سُكَّانُ الصَّحَارِي فَعَادَتُهُمْ تَنْقِيَةُ الْمَنْزِلِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالشَّوْكِ وَبِنَاءُ الْمَعْلَفِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّمَلُّكَ مَلَكَ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَرْتَحِلَ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّ لِلدَّارِ وَالْحِيطَانِ حَرِيمًا وَهُوَ مَا تَطَرَّقَ إلَيْهِ الْأَذَى بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ فَيُمْنَعُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ يُمْنَعُ أَنْ يُلْصِقَ حَائِطَهُ بِحَائِطِهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي حَرِيمِهِ فَإِنْ جَعَلَ بَيْنَهُمَا فَاصِلًا وَإِنْ قَلَّ جَازَ (قَوْلُهُ: وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ) قَالَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (قَوْلُهُ: وَمُتَرَدَّدُ النَّوَازِحِ) قَيَّدَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ كَوْنَ مَوْضِعِ الدُّولَابِ وَمُتَرَدَّدِ الدَّابَّةِ مِنْ حَرِيمِ الْبِئْرِ بِكَوْنِ الِاسْتِقَاءِ بِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا مَا يُتَّخَذُ لِمَا شُرِبَ فَقَطْ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مَوْضِعُ وُقُوفِ الْمُسْتَقِي، وَزَادَا مَلْقَى مَا يَخْرُجُ مِنْ حَوْضِهَا مِنْ طِينٍ وَغَيْرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ مَلْقَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَيْضًا كَذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ وَمِنْ حَرِيمِهَا أَيْضًا مَا لَوْ حُفِرَ فِيهِ بِئْرٌ نَقَصَ مَاءَ الْأُولَى وَعَنْ الرُّويَانِيِّ تَقْيِيدُ مَوْضِعِ النَّازِحِ بِمَا إذَا كَانَ يَنْزَحُ بِآلَةٍ لَا بِيَدِهِ فَإِنَّ الَّتِي تُنْزَحُ بِالدَّابَّةِ حَرِيمُهَا قَدْرُ عُمْقِهَا (قَوْلُهُ: وَحَرِيمُ بِئْرِ الْقَنَاةِ) الْمُرَادُ بِبِئْرِ الْقَنَاةِ الَّتِي يَعْلُو الْمَاءُ بِنَفْسِهِ مِنْهَا وَيَجْرِي فِي السَّاقِيَةِ إلَى الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: بِحَفْرٍ فِي جَانِبِهَا) قَالَ فِي الْكَافِي قَنَاةٌ فِي مَوَاتٍ جَاءَ آخَرُ وَحَفَرَ قَنَاةً بِجَنْبِهَا فَانْتَقَصَ مَاؤُهَا مِنْهُ. اهـ. فَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بِجَنْبِهَا أَنَّ الْبَعِيدَةَ بِخِلَافِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخَائِرِ إنْ أَحْيَا بِئْرًا فَجَاءَ آخَرُ وَتَبَاعَدَ عَنْ حَرِيمِهِ وَحَفَرَ بِئْرًا فَنَقَصَ مَاءُ الْأُولَى لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَوَاتٍ لَا حَقَّ فِيهِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ حَفَرَ فِي حَرِيمِهَا مُنِعَ فَإِنَّ الْحَرِيمَ فِي حُكْمِ الْوِقَايَةِ لِلْمِلْكِ فَيَحْرُمُ التَّصَرُّفُ فِيهِ سِيَّمَا إذَا أَدَّى إلَى نَقْصِ الْمَاءِ أَوْ هَدْمِ الْبِئْرِ. وَكَذَا إذَا تَوَقَّعَ نَقْصَ الْمَاءِ فِي ثَانِي الْحَالِ يُمْنَعُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ إذَا أَحْيَا سَاقِيَةً تُقَلِّلُ مَاءَ الْأُولَى أَوْ تَهْدِمُهَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهُ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَادَةِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ (قَوْلُهُ: كَالدُّورِ الْمُلَاصِقَةِ) وَالدَّارِ إذَا كَانَتْ فِي طَرِيقٍ نَافِذٍ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ [فَرْعٌ اتَّخَذَ دَارِهِ الْمُتَلَاصِقَةَ بِالْمَسَاكِنِ حَمَّامًا أَوْ طَاحُونَةً أَوْ حَانُوتَ حَدَّادٍ أَوْ مَدْبَغَةً] (قَوْلُهُ: فَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مَحَلَّ رِعَايَةِ ضَرَرِ الْجِدَارِ عِنْدَ تَصَرُّفِ الشَّخْصِ عَلَى خِلَافِ مَا تَقْتَضِيهِ الْعَادَةُ أَمَّا لَوْ تَصَرَّفَ عَلَى وَفْقِهَا لَمْ يُمْنَعْ وَإِنْ ضَرَّ (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِمَّا يَضُرُّ الْمِلْكَ دُونَ الْمَالِكِ) يَرُدُّ عَلَى هَذَا مَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ يَلْزَمُ مِنْ حَفْرِهِ سُقُوطُ جِدَارِ جَارِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ دَقَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 بَعْضُهُمْ مِمَّا ذُكِرَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا مَسْجِدًا وَلَا حَمَّامًا وَلَا خَانًا وَلَا سَبِيلًا إلَّا بِإِذْنِ الشُّرَكَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَلَوْ حَفَرَ بِمِلْكِهِ بَالُوعَةً تُفْسِدُ بِئْرَ جَارِهِ جَازَ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَرْعِ (وَكُرِهَ) لَتَضَرُّرِ جَارِهِ بِهِ (أَوْ) حَفَرَ بِمِلْكِهِ (بِئْرًا يَنْقُصُ مَاءَ بِئْرِ جَارِهِ جَازَ) لِمَا مَرَّ. (وَإِنْ كَانَ لِدَارِهِ حَرِيمٌ فَلَهُ الْمَنْعُ) لِغَيْرِهِ (مِنْ الْحَفْرِ فِيهِ) كَمَا يَمْنَعُهُ الْحَفْرَ فِي دَارِهِ. (فَرْعٌ مَوَاتُ الْحَرِيمِ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ) كَمَا أَنَّ مَعْمُورَهُ يُمْلَكُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ (لَا عَرَفَاتٌ وَمِنًى وَمُزْدَلِفَةُ) فَلَا تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوُقُوفِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَضِقْ بِهِ الْمَوْقِفُ وَالْمَرْمَى وَالْمَبِيتُ كَسَائِرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا حُقُوقُ الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا أَوْ خُصُوصًا كَالْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ الْمَنْعُ مِنْ الْبِنَاءِ بِمُزْدَلِفَةُ وَلَوْ قُلْنَا بِمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْمَبِيتِ بِهَا لِكَوْنِهِ مَطْلُوبًا حِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُحَصَّبُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَجِيجِ إذَا نَفَرُوا أَنْ يَبِيتُوا بِهِ. (فَصْلٌ مَنْ شَرَعَ فِي الْإِحْيَاءِ) لِمَوَاتٍ مِنْ حَفْرِ أَسَاسٍ وَجَمْعِ تُرَابٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَمْ يُتِمَّهُ (أَوْ نَصَبَ) عَلَيْهِ (عَلَامَةً) لِلْإِحْيَاءِ مِنْ نَصْبِ أَحْجَارٍ أَوْ غَرْزِ خَشَبٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ جَمْعِ تُرَابٍ أَوْ نَحْوِهَا (صَارَ مُتَحَجِّرًا لَا مَالِكًا فَوَارِثُهُ وَمَنْ نَقَلَهُ إلَيْهِ أَحَقُّ بِهِ) أَيْ مُسْتَحِقٌّ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ كَهُوَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ» وَلِأَنَّ الْإِحْيَاءَ إذَا أَفَادَ الْمِلْكَ وَجَبَ أَنْ يُفِيدَ الشُّرُوعُ فِيهِ الْأَحَقِّيَّةَ كَالسَّوْمِ مَعَ الشِّرَاءِ وَإِنَّمَا لَمْ يَمْلِكْهُ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ الْإِحْيَاءُ وَلَمْ يُوجَدْ (وَلَوْ تَحَجَّرَ فَوْقَ كِفَايَتِهِ أَوْ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ إحْيَائِهِ (فَلِغَيْرِهِ إحْيَاءُ الزَّائِدِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْعِمَارَةِ عَقِبَ التَّحَجُّرِ (فَإِنْ تَحَجَّرَ وَلَمْ يَعْمُرْ بِلَا عُذْرٍ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ) بِالْإِحْيَاءِ أَوْ بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ لِأَنَّهُ ضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ فِي حَقٍّ مُشْتَرَكٍ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وَقَفَ فِي شَارِعٍ (وَأَمْهَلَهُ) مُدَّةً قَرِيبَةً يَسْتَعِدُّ فِيهَا لِلْعِمَارَةِ بِحَسَبِ (مَا يَرَاهُ إنْ امْتَهَلَ) أَيْ إنْ اسْتَمْهَلَهُ بِعُذْرٍ (فَإِنْ مَضَتْ الْمُهْلَةُ) أَيْ مُدَّتُهَا وَلَمْ يَعْمُرْ (بَطَلَ حَقُّهُ) وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِلَا مُهْلَةٍ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَنْقُولِهِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِذَلِكَ لِأَنَّ التَّحَجُّرَ ذَرِيعَةٌ إلَى الْعِمَارَةِ وَهِيَ لَا تُؤَخَّرُ عَنْهُ إلَّا بِقَدْرِ تَهْيِئَةِ أَسْبَابِهَا وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ تَحَجُّرُ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَهْيِئَةِ الْأَسْبَابِ كَمَنْ تَحَجَّرَ لِيَعْمُرَ فِي قَابِلٍ وَكَفَقِيرٍ تَحَجَّرَ لِيَعْمُرَ إذَا قَدَرَ فَوَجَبَ إذَا أَخَّرَ وَطَالَ الزَّمَانُ أَنْ يَعُودَ مَوَاتًا كَمَا كَانَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي إذَا عَرَفَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْمُدَّةِ انْتَزَعَهَا مِنْهُ فِي الْحَالِ وَكَذَا إنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَعَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ مُعْرِضٌ عَنْ الْعِمَارَةِ (وَلَوْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ فَأَحْيَا مُتَحَجَّرًا) لِآخَرَ وَلَوْ قَبْلَ بُطْلَانِ حَقِّهِ أَوْ مَعَ إقْطَاعِ السُّلْطَانِ لَهُ أَوْ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْعِمَارَةِ (مَلَكَهُ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السُّلْطَانُ لِأَنَّهُ حَقَّقَ سَبَبَ الْمِلْكِ (وَ) إنْ (أَثِمَ) بِذَلِكَ كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي سَوْمِ أَخِيهِ اشْتَرَطَ وَكَمَا لَوْ عَشَّشَ الطَّائِرُ فِي مِلْكِهِ وَأَخَذَ الْفَرْخَ غَيْرُهُ أَوْ تَوَحَّلَ ظَبْيٌ فِي أَرْضِهِ أَوْ وَقَعَ الثَّلْجُ فِيهَا وَأَخَذَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ لِلْأَوَّلِ بِنَاءٌ وَآلَاتٌ لَمْ يَجُزْ لِلثَّانِي التَّصَرُّفُ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَلَوْ بَاعَهَا) أَيْ الْأَرْضَ الْمُتَحَجِّرَةَ   [حاشية الرملي الكبير] فَاهْتَزَّ الْجِدَارُ فَانْكَسَرَ مَا كَانَ مُعَلَّقًا فِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ إنْ سَقَطَ حَالَةَ الضَّرْبِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) بَلْ هُوَ مَرْدُودٌ لِمَا فِيهِ مِنْ مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ مِلْكَ غَيْرِهِ. [فَرْعٌ مَوَاتُ الْحَرِيمِ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ] (قَوْلُهُ: كَالْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقِ) أَيْ وَمُصَلَّى الْعِيدِ بِالصَّحْرَاءِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَبْنِي لَك بَيْتًا لِيُظِلَّك قَالَ لَا، مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ إنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُحَصَّبُ كَذَلِكَ) فَرَّقَ الْعِرَاقِيُّ وَالْغَزِّيُّ بِأَنَّ الْمَبِيتَ بِالْمُحَصَّبِ اسْتِحْبَابُهُ لَيْسَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ بِخِلَافِ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ. اهـ. وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْمُحَصَّبِ لِأَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ كَوْنُهُ طَرِيقَ الْمَارَّةِ وَلَا يَجُوزُ تَضْيِيقُ الطُّرُقِ بِالْإِحْيَاءِ وَقَالَ فِي التَّوَسُّطِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَصَّبِ تَكَلُّفٌ بَعِيدٌ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُحَصَّبُ مِنْ مَرَافِقِ مَكَّةَ لَمْ يَجُزْ إحْيَاؤُهُ قَطْعًا [فَصْلٌ فِيمَنْ شَرَعَ فِي الْإِحْيَاءِ لِمَوَاتٍ مِنْ حَفْرِ أَسَاس وَنَحْوِهِ وَلَمْ يُتِمَّهُ أَوْ نَصَبَ عَلَيْهِ عَلَامَةً لِلْإِحْيَاءِ] (قَوْلُهُ: صَارَ مُتَحَجِّرًا) يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْعِمَارَةِ عَقِبَ التَّحَجُّرِ فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ - وَالرُّجُوعُ فِي طُولِهَا إلَى الْعَادَةِ - وَلَمْ يُحْيِ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: أَيْ مُسْتَحِقٌّ لَهُ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَحَقُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا اسْتِيعَابُ الْحَقِّ كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ أَحَقُّ بِمَالِهِ أَيْ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْرِيرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَالثَّانِي التَّرْجِيحُ وَإِنْ كَانَ لِلْآخَرِ فِيهِ نَصِيبٌ كَخَبَرِ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا» . (قَوْلُهُ: فَلِغَيْرِهِ إحْيَاءُ الزَّائِدِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ الْمُحْيِي: مِنْ أَيِّ الْجِهَاتِ تَخْتَارُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى إحْيَائِهِ لِيُحْيِيَ الزَّائِدَ غَيْرُهُ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَبْقَى خِلَافٌ كَمَا يُفْهِمُهُ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ لِلْمَنْعِ (قَوْلُهُ: وَأَمْهَلَهُ مُدَّةً قَرِيبَةً إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي إذَا عَرَفَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْمُدَّةِ انْتَزَعَهَا مِنْهُ فِي الْحَالِ وَكَذَا إذَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَعَلِمَ مِنْهُ الْإِعْرَاضَ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ فِي الْخَادِمِ هَلْ الْمُرَادُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ مَا يَحْتَاجُهُ لِسَكَنِهِ أَوْ الِارْتِفَاقِ بِغَلَّتِهِ فَقَطْ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يُحْيِيَ مَوَاتًا مُتَّسِعًا يَفْضُلُ عَنْ كِفَايَتِهِ بِكَثِيرٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ الْأَشْبَهُ بِكَلَامِهِمْ الثَّانِي فَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ قَرْيَةً عَظِيمَةً يُمْكِنُهُ إحْيَاؤُهَا لِتَمَوُّلِ غَلَّاتِهَا وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَإِنْ اتَّسَعَتْ خُطَّتُهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَطَالَ الزَّمَانُ) الْمَرْجِعُ فِي طُولِهِ إلَى الْعَادَةِ وَفِي قَدْرِ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ إذَا اسْتَمْهَلَهُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَلَا تُقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْأَصَحِّ فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِعِمَارَةٍ بَطَلَ حَقُّهُ وَلَا يُشْتَرَطُ الرَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ فِي الْأَصَحِّ. (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي إذَا عَرَفَ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْمُدَّةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ كَذَا قَيَّدَ الْإِمْهَالَ بِمَا إذَا ذَكَرَ عُذْرًا وَمَثَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ الْعُذْرَ بِمَا إذَا ذَكَرَ غَيْبَةَ مَالِهِ أَوْ غِلْمَانِهِ أَوْ الْآلَةِ، أَوْ عَدَمَهَا وَصَرَّحَ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّ الْعُذْرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَقَالَ فَإِنْ ذَكَرَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ مِنْ إبَاقِ الْعَبِيدِ أَوْ إصْلَاحِ الْآلَةِ أَمْهَلَهُ الْإِمَامُ حَتَّى يَزُولَ الْعُذْرُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا وَلَكِنْ اسْتَمْهَلَهُ أَمْهَلَهُ إمْهَالًا أَكْثَرُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ قَالَ وَالْمُرَادُ الْأَخْذُ فِي الْإِحْيَاءِ وَالِابْتِدَاءِ بِهِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَمْهَلَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَأَكْثَرَ إلَى شَهْرَيْنِ وَهَذَا أَجْوَدُ. اهـ. هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 (الْمُتَحَجِّرُ) لَهَا (لَمْ يَصِحَّ) لِعَدَمِ مِلْكِهِ لَهَا وَحَقُّ التَّمَلُّكِ لَا يُبَاعُ كَحَقِّ الشَّفِيعِ (فَإِنْ أَحْيَاهَا الْمُشْتَرِي) وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِفَسْخِ الْبَيْعِ (مَلَكَهَا) كَغَيْرِ الْمُشْتَرِي (وَلَا يَصِحُّ تَحَجُّرُ عَاجِزٍ) عَنْ الْإِحْيَاءِ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ. (فَرْعٌ إقْطَاعُ الْإِمَامِ) الْمَوَاتَ لَا لِتَمْلِيكِ رَقَبَتِهِ (كَالتَّحَجُّرِ فَلَا يُقْطِعُهُ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ) وَيَصِيرُ الْمُقْطَعُ أَحَقَّ بِمَا أَقْطَعَهُ لَهُ لِتَظْهَرَ فَائِدَةُ الْإِقْطَاعِ وَيَأْتِي فِيهِ سَائِرُ أَحْكَامِ التَّحَجُّرِ نَعَمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى هُنَا مَا أَقْطَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَمْلِكُهُ الْغَيْرُ بِإِحْيَائِهِ قِيَاسًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ مَا حَمَاهُ أَمَّا إذَا أَقْطَعَهُ لِتَمْلِيكِ رَقَبَتِهِ فَيَمْلِكُهُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الرِّكَازِ، وَالْأَصْلُ فِي الْإِقْطَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ» وَخَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٌ أَرْضًا بِحَضْرَمَوْتَ» وَهَلْ يَلْتَحِقُ الْمُنْدَرِسُ الضَّائِعُ بِالْمَوَاتِ فِي جَوَازِ الْإِقْطَاعِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْبَحْرِ نَعَمْ بِخِلَافِ الْإِحْيَاءِ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ جَعْلِهِ كَالْمَالِ الضَّائِعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُشَبَّهَ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا مُقَيِّدٌ لِذَاكَ. [فَصْلٌ الْإِحْيَاءُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْغَرَضِ مِنْهُ] (فَصْلٌ الْإِحْيَاءُ يَخْتَلِفُ) بِحَسَبِ الْغَرَضِ مِنْهُ وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ (فَالزَّرِيبَةُ) أَيْ فَالْإِحْيَاءُ لِزَرِيبَةِ الدَّوَابِّ، أَوْ الْحَطَبِ أَوْ غَيْرِهِمَا يَحْصُلُ (بِالتَّحْوِيطِ) بِالْبِنَاءِ بِآجُرٍّ، أَوْ لَبِنٍ، أَوْ طِينٍ أَوْ قَصَبٍ، أَوْ خَشَبٍ، أَوْ غَيْرِهَا بِحَسَبِ الْعَادَةِ (وَنَصْبِ الْبَابِ) فَلَا حَاجَةَ إلَى تَسْقِيفٍ وَلَا يَكْفِي نَصْبُ سَعَفٍ، أَوْ أَحْجَارٍ بِغَيْرِ بِنَاءٍ نَعَمْ لَوْ حَوَّطَ بِذَلِكَ إلَّا طَرْفًا فَبِالْبِنَاءِ فَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ يَكْفِي، وَعَنْ شَيْخِهِ الْمَنْعَ فِيمَا عَدَا مَحَلَّ الْبِنَاءِ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا بِذَلِكَ (وَ) الْإِحْيَاءُ (لِلسُّكْنَى) يَحْصُلُ (بِذَلِكَ وَتَسْقِيفِ شَيْءٍ) مِنْ الْمُحْيَا لِيَتَهَيَّأَ لِلسُّكْنَى وَلِيَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْكَنِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ حَفَرَ قَبْرًا فِي مَوَاتٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إحْيَاءٌ لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ، وَتَمَلَّكَهُ كَمَا لَوْ بَنَى فِيهَا وَلَمْ يَسْكُنْ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَفَرَ قَبْرًا فِي أَرْضٍ سُبِّلَتْ مَقْبَرَةً فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ إذْ السَّبْقُ فِيهَا بِالدَّفْنِ لَا بِالْحَفْرِ وَلَا كَذَلِكَ الْإِحْيَاءُ. قَالَ وَيَأْتِي فِي إحْيَاءِ الْمَسْجِدِ مَا مَرَّ بِخِلَافِ مُصَلَّى الْعِيدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسْقِيفُ (وَ) الْإِحْيَاءُ (لِلزِّرَاعَةِ) يَحْصُلُ (بِجَمْعِ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ) كَنَصْبِ قَصَبٍ وَحَجَرٍ وَشَوْكٍ (حَوْلَهَا) أَيْ الْمَزْرَعَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الزِّرَاعَةِ لِيَتَمَيَّزَ الْمُحْيَا عَنْ غَيْرِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّحْوِيطِ بِالْبِنَاءِ فَإِنَّ مُعْظَمَ الْمَزَارِعِ بَارِزَةٌ (وَتَسْوِيَتِهَا) بِطَمِّ الْمُنْخَفِضِ وَكَسْحِ الْمُسْتَعْلِي (وَحَرْثِهَا) إنْ لَمْ تُزْرَعْ إلَّا بِهِ وَتَلْيِينِ تُرَابِهَا وَلَوْ بِمَاءٍ يُسَاقُ إلَيْهَا لِتَتَهَيَّأَ لِلزِّرَاعَةِ (وَتَرْتِيبِ الْمَاءِ) لَهَا بِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ، أَوْ قَنَاةٍ، أَوْ بِلَا حَفْرٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الصَّغِيرِ (حَيْثُ لَمْ يَكْفِهَا مَاءُ السَّمَاءِ) إذْ لَا تَتَهَيَّأُ الْأَرْضُ لِلزِّرَاعَةِ بِدُونِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَاهَا (وَلَوْ لَمْ تُزْرَعْ) فَإِنَّ ذَلِكَ يَكْفِي؛ لِأَنَّ الزِّرَاعَةَ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ. وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ حَدِّ الْإِحْيَاءِ وَكَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي إحْيَاءِ الْمَسْكَنِ أَنْ يَسْكُنَهُ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْتِيبُهُ) أَيْ الْمَاءِ (كَأَرْضٍ بِجَبَلٍ) لَا يُمْكِنُ سَوْقُ الْمَاءِ إلَيْهَا وَلَا يُصِيبُهَا إلَّا مَاءُ السَّمَاءِ (فَفِي تَمَلُّكِهَا بِدُونِهِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا إذْ لَا مَدْخَلَ لِلْإِحْيَاءِ فِيهَا وَثَانِيهِمَا نَعَمْ فَيَحْصُلُ بِالْحَرْثِ وَجَمْعِ التُّرَابِ عَلَى الْأَطْرَافِ كَسَائِرِ الْمَزَارِعِ الَّتِي تُسْقَى بِمَاءِ السَّمَاءِ وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ وَنَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ وَاسْتَثْنَى مَعَ ذَلِكَ أَرَاضِيَ الْبَطَائِحِ وَهِيَ بِنَاحِيَةِ الْعِرَاقِ غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ فَلَا يُشْتَرَطُ لِإِحْيَائِهَا تَرْتِيبُ الْمَاءِ بَلْ يُشْتَرَطُ حَبْسُهُ عَنْهَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا. (وَيُشْتَرَطُ) فِي إحْيَاءِ الْبُسْتَانِ (غَرْسُ الْبُسْتَانِ) لِيَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُهُ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الزَّرْعِ فِي إحْيَاءِ الْمَزْرَعَةِ وَيُفَارِقُهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْغَرْسَ يَدُومُ فَأَشْبَهَ بِنَاءَ الدَّارِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ وَبِأَنَّ الزَّرْعَ يَسْبِقُهُ تَقْلِيبُ الْأَرْضِ وَحَرْثُهَا فَجَازَ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ، وَالْغَرْسَ لَا يَسْبِقُهُ شَيْءٌ يَقُومُ مَقَامَهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ وَيَكْفِي غَرْسُ بَعْضِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْبَسِيطِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْوَجْهُ اشْتِرَاطُ غَرْسِ مَا يُسَمَّى بِهِ بُسْتَانًا (وَ) يُشْتَرَطُ (تَحْوِيطُهُ وَتَهْيِئَتُهُ) أَيْ تَهْيِئَةُ مَائِهِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ (كَالْعَادَةِ) فِيهِمَا وَنَصْبِ الْبَابِ، وَيُشْتَرَطُ (فِي) إحْيَاءِ (الْبِئْرِ خُرُوجُ الْمَاءِ وَطَيُّ) الْبِئْرِ (الرَّخْوَةِ) أَرْضُهَا بِخِلَافِ الصُّلْبَةِ (وَفِي) إحْيَاءِ بِئْرِ (الْقَنَاةِ إجْرَاءُ الْمَاءِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ خُرُوجُ الْمَاءِ وَجَرَيَانُهُ وَهِيَ أَوْضَحُ (وَإِنْ حَفَرَ نَهْرًا) مُمْتَدًّا (إلَى النَّهْرِ الْقَدِيمِ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ لِيُجْرِيَ فِيهِ الْمَاءَ مَلَكَهُ وَلَوْ لَمْ يُجْرِهِ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ السُّكْنَى فِي إحْيَاءِ الْمَسْكَنِ. (وَلَوْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ إقْطَاعُ الْإِمَامِ الْمَوَاتَ] قَوْلُهُ: وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ) كَالْقَبْضِ وَالْحِرْزِ فَإِنَّ الشَّرْعَ أَطْلَقَهُ وَلَا حَدَّ لَهُ فِي اللُّغَةِ وَالضَّابِطُ التَّهْيِئَةُ لِلْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي نَصْبُ سَعَفٍ أَوْ أَحْجَارٍ بِغَيْرِ بِنَاءٍ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُ الْمُجْتَازُونَ لَا الْمُتَمَلِّكُونَ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا بِذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ فَلَا يَكْفِي التَّحْوِيطُ فِي طَرَفٍ وَنَصْبُ الْأَحْجَارِ أَوْ السَّعَفِ فِي طَرَفٍ وَالسَّعَفُ قُضْبَانُ النَّخْلِ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْهَا الْمِكْنَسَةُ (قَوْلُهُ: وَتَسْقِيفِ شَيْءٍ) قَدْ يَبْنِي مَوْضِعًا لِلنُّزْهَةِ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ وَالْعَادَةُ فِيهِ عَدَمُ السَّقْفِ فَلَا يُشْتَرَطُ السَّقْفُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إحْيَاءٌ لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا حَفْرٍ) أَيْ لِطَرِيقِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَاهَا) وَلَا بُدَّ مِنْ حَرْثِ الْأَرْضِ أَنْ لَمْ تُزْرَعْ إلَّا بِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ حَرْثُهَا إلَّا بِسَوْقِ مَاءٍ إلَيْهَا تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا نَعَمْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ) أَيْ وَالنَّوَوِيِّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ) وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ فِي التَّعْلِيقِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْوَجْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: مَا يُسَمَّى بُسْتَانًا) بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ وَالشَّجَرَتَيْنِ فِي الْمَكَانِ الْوَاسِعِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 شَرَعَ فِي الْإِحْيَاءِ لِنَوْعٍ فَأَحْيَاهُ لِنَوْعٍ آخَرَ) بِأَنْ أَتَى بِمَا يُقْصَدُ بِهِ نَوْعٌ آخَرُ (مَلَكَهُ) حَتَّى لَوْ حَوَّطَ الْبُقْعَةَ مَلَكَهَا، وَإِنْ قَصَدَ الْمَسْكَنَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُمْلَكُ بِهِ الزَّرِيبَةُ لَوْ قَصَدَهَا وَهَذَا احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، ثُمَّ قَالَ وَمُخَالَفَتُهُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ صَرِيحَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِأَدْنَى الْعِمَارَاتِ أَبَدًا فَمَا لَا يَفْعَلُهُ عَادَةً إلَّا الْمُتَمَلِّكُ كَبِنَاءِ الدَّارِ وَاِتِّخَاذِ الْبُسْتَانِ يُفِيدُ الْمِلْكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَمَا يَفْعَلُهُ الْمُتَمَلِّكُ وَغَيْرُهُ كَحَفْرِ بِئْرٍ فِي مَوَاتٍ وَكَزَرْعِ قِطْعَةٍ مِنْهُ اعْتِمَادًا عَلَى مَاءِ السَّمَاءِ إنْ انْضَمَّ إلَيْهِ قَصْدًا أَفَادَ الْمِلْكَ، وَإِلَّا فَلَا. (فَصْلٌ) فِي الْحِمَى (لِلْإِمَامِ وَنَائِبِهِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (أَنْ يَحْمِيَ لِخَيْلِ الْجِهَادِ) وَالضَّوَالِّ (وَمَوَاشِي الصَّدَقَةِ وَالضُّعَفَاءِ) الْعَاجِزِينَ عَنْ النُّجْعَةِ (مَوَاتًا) لِتَرْعَى فِيهِ بِأَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ الرَّعْيِ فِيهِ حَيْثُ (لَا يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ) بِأَنْ يَكُونَ قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ بِحَيْثُ يَكْفِي بَقِيَّةَ النَّاسِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَى النَّقِيعَ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ فِي الْأَصْلِ حَمَاهُ لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ وَنَعَمِ الْجِزْيَةِ وَخَيْلِ الْمُجَاهِدِينَ، وَالْأَوَّلَانِ مُدْرَجَانِ فِي الْخَبَرِ وَخَرَجَ بِالْإِمَامِ وَنَائِبِهِ أَيْ فِي الْحِمَى غَيْرُهُمَا وَلَوْ كَانَ عَامِلًا لِلزَّكَاةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِيَ وَبِمَا بَعْدَهُ مَا إذَا حَمَى لِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَقَعْ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ (وَحِمَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُغَيَّرُ وَلَوْ اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ) لِأَنَّهُ نَصٌّ وَهُوَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ (فَمَنْ بَنَى فِيهِ، أَوْ زَرَعَ) أَوْ غَرَسَ (قُلِعَ وَيُغَيَّرُ حِمَى غَيْرِهِ) مِنْ الْأَئِمَّةِ رِعَايَةً (لِلْمَصْلَحَةِ) بِأَنْ ظَهَرَتْ فِيهِ بَعْدَ ظُهُورِهَا فِي الْحِمَى وَلَيْسَ مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ (لَكِنْ لَا يَحْيَى بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى تَصَرُّفِ الْإِمَامِ وَحُكْمِهِ فَإِنْ أُحْيِيَ بِإِذْنِهِ مَلَكَهُ الْمُحْيِي وَكَانَ الْإِذْنُ فِي الْإِحْيَاءِ نَقْضًا، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا (وَلْيَنْصِبْ) عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (أَمِينًا يُدْخِلُ فِيهِ دَوَابَّ الضُّعَفَاءِ لَا) دَوَابَّ (الْإِمَامِ لِأَنَّهُ قَوِيٌّ) وَالْقَوِيُّ يُمْنَعُ مِنْ إدْخَالِ دَوَابِّهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ رَعَاهُ قَوِيٌّ مُنِعَ مِنْهُ وَلَمْ يَغْرَمْ) شَيْئًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَجِّ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ نَبَاتِ النَّقِيعِ ضَمِنَهُ عَلَى الْأَصَحِّ (وَلَا يُعَزَّرُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ، وَإِلَّا فَلَا رَيْبَ فِي التَّعْزِيرِ (وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ الْمَاءَ) الْمُعَدَّ لِشُرْبِ الْخَيْلِ، وَالْمَوَاشِي الْمَذْكُورَةِ (أَوْ يَعْتَاضَ عَنْ رَعْيِ الْحِمَى، وَإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الرَّعْيِ فِي الْحِمَى، أَوْ الْمَوَاتِ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ) (مَنْ جَلَسَ لِلْمُعَامَلَةِ) مَثَلًا (فِي شَارِعٍ وَلَمْ يُضَيِّقْ) عَلَى الْمَارَّةِ (لَمْ يُمْنَعْ) وَإِنْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْإِمَامُ كَمَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْإِحْيَاءِ لِاتِّفَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ (وَفِي) مَنْعِ (الذِّمِّيِّ) مِنْ ذَلِكَ (وَجْهَانِ) رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ عَدَمَ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ لَا يَتَأَبَّدُ (وَلَهُ) أَيْ الْجَالِسِ لِلْمُعَامَلَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَعَ فِي الْإِحْيَاءِ لِنَوْعٍ فَأَحْيَاهُ لِنَوْعٍ آخَرَ) كَأَنْ قَصَدَ إحْيَاءَهُ لِلْمُزَارَعَةِ بَعْدَ أَنْ قَصَدَهُ لِلسُّكْنَى وَقَوْلُهُ مَلَكَهُ اعْتِبَارًا بِالْقَصْدِ الطَّارِئِ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ مَا إذَا قَصَدَ نَوْعًا وَأَتَى بِمَا يُقْصَدُ بِهِ نَوْعٌ آخَرُ كَأَنْ حَوَّطَ الْبُقْعَةَ بِحَيْثُ تَصْلُحُ زَرِيبَةً بِقَصْدِ السُّكْنَى لَمْ يَمْلِكْهَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَقَدْ عُلِمَ بِهَذَا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْإِمَامِ وَمُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ [فَصْلٌ فِي الْحِمَى لِلْإِمَامِ وَنَائِبِهِ] (قَوْلُهُ: يَحْمِي) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَيَجُوزُ ضَمُّهُ عَلَى أَنَّهُ رُبَاعِيٌّ فَإِنَّهُ يُقَالُ حَمَيْت الْمَكَانَ مَنَعْته وَأَحْمَيْته جَعَلْته حِمًى (قَوْلُهُ: وَمَوَاشِي الصَّدَقَةِ) الْمُرَادُ بِهَا الْفَاضِلَةُ عَنْ سُهْمَانِ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ (قَوْلُهُ: وَنَعَمِ الْجِزْيَةِ) الَّتِي تُؤْخَذُ بَدَلًا عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي الْجِزْيَةِ (قَوْلُهُ: وَحِمَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُغَيَّرُ) اسْتَثْنَى جَمَاعَةٌ حِمَى عُمَرَ أَيْضًا وَاسْتَثْنَى فِي الرَّوْنَقِ حِمَى الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَاسْتُحْسِنَ (قَوْلُهُ: إنَّ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ نَبَاتِ النَّقِيعِ ضَمِنَهُ) قَالَ شَيْخُنَا لِتَعَدِّيهِ بِإِتْلَافِهِ فِي غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي أَذِنَ فِيهَا الشَّارِعُ وَهِيَ الرَّعْيُ فَأَشْبَهَ إتْلَافَ شَجَرِهِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ مِنْهُ فِي إتْلَافِهَا كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَزَّرُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهُ أَحَدُ مُسْتَحِقِّيهِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ جَهِلَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ جَهِلَهُ وَنَهَاهُ الْإِمَامُ فَأَصَرَّ فَلَا رَيْبَ فِي تَعْزِيرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَعْتَاضَ عَنْ رَعْيِ الْحِمَى وَإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ) بَيْعُ بَعْضِ وُكَلَاءِ بَيْتِ الْمَالِ فِي زَمَانِنَا مَا يَزْعُمُ أَنَّهُ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ الْمِلْكِ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ لِلْإِمَامِ بَيْعُ الْمَوَاتِ وَلَا يُعْرَفُ مَنْ قَالَ بِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا أَدْرِي بِأَيِّ وَجْهٍ يَلْقَى اللَّهَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي مَعْنَى الشَّوَارِعِ الرِّحَابُ الْوَاسِعَةُ بَيْنَ الدُّورِ فِي الْمُدُنِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَرَافِقِ الْعَامَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ نَقَلَ فِي الشَّامِلِ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَنْعِ إقْطَاعِ الْمَرَافِقِ الْعَامَّةِ، وَالْبَيْعُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِالْبِلَادِ الْحَلَبِيَّةِ وَمَا وَالَاهَا بِبَيْعِ وُكَلَاءِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَوَاتَ الْعَارِيَ عَلَى حَافَّاتِ الْأَنْهَارِ الْقَدِيمَةِ الْعِظَامِ وَغَيْرِهِمَا لِعَمَلِ الطَّوَاحِينِ وَغَيْرِهَا وَيَسْتَشْهِدُ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ وَلَا دِينَ بِأَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي مِلْكِ بَيْتِ الْمَالِ وَيُثْبِتُ ذَلِكَ أَمْثَالُهُمْ مِنْ الْحُكَّامِ وَيَحْكُمُونَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَالْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ وَلَا عَقْلٍ، وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. اهـ. وَإِذَا رَأَيْنَا عِمَارَةً عَلَى حَافَّةِ نَهْرٍ لَا نُغَيِّرُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ) (قَوْلُهُ: مَنْ جَلَسَ لِلْمُعَامَلَةِ فِي شَارِعٍ) عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي الصُّلْحِ عَنْ الشَّارِعِ بِالطَّرِيقِ النَّافِذِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَالشَّارِعِ اجْتِمَاعٌ وَافْتِرَاقٌ إذْ الطَّرِيقُ تَكُونُ فِي الصَّحَارِي، وَالْبُنْيَانُ وَالشَّارِعُ يَخْتَصُّ بِالْبُنْيَانِ، وَالشَّارِعُ لَا يَكُونُ إلَّا نَافِذًا وَالطَّرِيقُ قَدْ يَكُونُ نَافِذًا وَقَدْ لَا يَكُونُ. اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ الشَّارِعُ الطَّرِيقُ الَّتِي يَأْتِيهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الطَّرِيقِ النَّافِذِ إذْ رُبَّ طَرِيقٍ نَافِذٍ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ (قَوْلُهُ: رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا عَدَمَ الْمَنْعِ وَهُوَ الرَّاجِحُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 (التَّظْلِيلُ) عَلَى مَوْضِعِ جُلُوسِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ مِنْ ثَوْبٍ وَبَارِيَة وَنَحْوِهِمَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ (لَا الْبِنَاءُ) لِدَكَّةٍ أَوْ لِمَا يُظَلَّلُ بِهِ، أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِ الْأَصْلِ عَلَى بِنَاءِ الدَّكَّةِ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَهَلْ لَهُ وَضْعُ سَرِيرٍ فِيهِ احْتِمَالَانِ (وَيَخْتَصُّ الْجَالِسُ بِمَكَانِهِ وَمَكَانِ مَتَاعِهِ وَآلَتِهِ وَمُعَامِلِيهِ) وَقَوْلُهُ " وَآلَتِهِ " مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي مَتَاعِهِ (وَلَا يُضَيَّقُ عَلَيْهِ) أَيْ لَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُضَيِّقَ عَلَيْهِ فِي الْمَكَانِ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِهِ فِي الْكَيْلِ، وَالْوَزْنِ وَالْأَخْذِ، وَالْعَطَاءِ (فَيَمْنَعَ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ (وَاقِفًا) بِقُرْبِهِ (إنْ مَنَعَ رُؤْيَةَ مَتَاعِهِ أَوْ وُصُولَ الْوَاصِلِينَ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ " الْمُعَامِلِينَ " (إلَيْهِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَنْ قَعَدَ لِبَيْعِ مِثْلِ مَتَاعِهِ إذَا لَمْ يُزَاحِمْهُ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ الْمَرَافِقِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَوْ أَقْطَعَهُ إيَّاهُ الْإِمَامُ) ارْتِفَاقًا (جَازَ) أَيْ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَ بُقْعَةً مِنْ الشَّارِعِ لِمَنْ يَرْتَفِقُ فِيهَا بِالْمُعَامَلَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ نَظَرًا وَاجْتِهَادًا فِي أَنَّ الْجُلُوسَ فِيهِ مُضِرٌّ، أَوْ لَا وَلِهَذَا يُزْعِجُ مَنْ رَأَى جُلُوسَهُ مُضِرًّا (لَا) إنْ أَقْطَعَهُ (بِعِوَضٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْوُلَاةِ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّنْ يَرْتَفِقُ بِالْجُلُوسِ، وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فِي الشَّوَارِعِ عِوَضًا بِلَا خِلَافٍ (وَلَا) إنْ أَقْطَعَهُ (تَمْلِيكًا) وَإِنْ فَضَلَ عَنْ حَاجَةِ الطُّرُوقِ وَمِنْ هُنَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهُ وَمَا يَفْعَلُهُ وُكَلَاءُ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ بَيْعِ مَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ الْمِلْكِ وَهُوَ مُنْتَفٍ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ بَيْعُ الْمَوَاتِ وَلَا قَائِلَ بِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ (وَإِنْ سَبَقَ اثْنَانِ) إلَى مَكَان مِنْهُ (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) لِعَدَمِ الْمَزِيَّةِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا فَهُوَ أَحَقُّ قَطْعًا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ. (فَرْعٌ لَوْ قَامَ الْمُعَيَّنُ) وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ مِنْ مَكَانِهِ (لِيَعُودَ) إلَيْهِ (فَهُوَ أَحَقُّ بِمَكَانِهِ مَا لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَنْقَطِعُ فِيهِ عَنْهُ إلَافُهُ) لِلْمُعَامَلَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» ، وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ تَعَيُّنِ الْمَكَانِ أَنْ يُعْرَفَ فَيُعَامَلَ فَإِنْ مَضَى ذَلِكَ بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ تَرَكَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ، أَوْ كَانَ جُلُوسُهُ فِيهِ بِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا الْمَجَالِسُ) الْمُعَيَّنَةُ (بِأَسْوَاقٍ يُجْتَمَعُ لَهَا فِي وَقْتٍ) مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ، أَوْ كُلِّ شَهْرٍ، أَوْ كُلِّ سَنَةٍ يَأْتِي فِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ، وَإِذَا لَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّهُ بِقِيَامِهِ مِنْهُ (فَإِنْ جَلَسَ غَيْرُهُ) فِيهِ (مُدَّةَ غَيْبَتِهِ الْقَصِيرَةِ) وَهِيَ الَّتِي غَابَ عَنْهُ زَمَنًا لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ فِيهِ إلَافُهُ (وَلَوْ مُعَامِلًا) إلَى أَنْ يَعُودَ (جَازَ) لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ مَنْفَعَةُ الْمَوْضِعِ فِي الْحَالِ (وَمَنْ ضَيَّقَ الشَّارِعَ بِآلَةِ بِنَاءٍ وَنَحْوِهَا) مِمَّا وَضَعَهُ ارْتِفَاقًا لِيَنْقُلَهَا شَيْئًا فَشَيْئًا وَكَانَ (يَضُرُّ) الْمَارَّةَ (ضَرَرًا ظَاهِرًا مُنِعَ) وَإِلَّا فَلَا (وَإِلَّا انْتَقَلَ) مِنْهُ (إلَى مَكَان آخَرَ) أَوْ تَرَكَ الْمُعَامَلَةَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ كَانَ جُلُوسُهُ) فِيهِ (لِلِاسْتِرَاحَةِ) أَوْ نَحْوِهَا وَانْتَقَلَ مِنْهُ وَلَوْ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ إلَيْهِ (بَطَلَ حَقُّهُ بِقِيَامِهِ) . (فَصْلٌ مَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ لِتَدْرِيسٍ) لِعُلُومٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالشَّرِيعَةِ (وَإِفْتَاءٍ) فِيهَا (وَإِقْرَاءٍ) لِقُرْآنٍ، أَوْ حَدِيثٍ (وَ) سَمَاعِ (دَرْسٍ بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ فَكَجَالِسٍ بِمَقْعَدِ سُوقٍ) فِيمَا مَرَّ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِمُفَارَقَتِهِ الْمَوْضِعَ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي مُلَازَمَتِهِ لِيَأْلَفَهُ النَّاسُ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ وَالْغَزَالِيِّ وَقَالَ: إنَّهُ أَشْبَهُ بِمَأْخَذِ الْبَابِ وَنُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهُ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: 25] زَادَ النَّوَوِيُّ قُلْت وَهُوَ مَا حَكَاهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَحَقُّ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ مِنْ الْجُمْهُورِ - زَادَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ - يَعْنِي الْمَاوَرْدِيَّ -: إنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ أَحَقُّ لَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّهُ غَلَطٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْقُولُ وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ الْإِمَامُ كَأَبِيهِ قَالَ وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا: إنَّهُ أَحَقُّ بِهِ، وَإِذَا حَضَرَ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْعُدَ فِيهِ؛ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: احْتِمَالَانِ) أَوْجَهُهُمَا جَوَازُهُ عِنْدَ جَرَيَانِ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْوُلَاةِ أَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَوْضِعُهُ إذَا لَمْ يَبْنِ دَكَّةً أَوْ نَحْوَهَا فَإِنْ بَنَى لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ كَمَا سَبَقَ فِي الصُّلْحِ وَفِي كِتَابِ الْغَصْبِ أَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّارِعِ مَضْمُونَةٌ بِالتَّفْوِيتِ لَكِنَّ ذَاكَ فِي الْمُتَعَدِّي وَالْكَلَامُ هُنَا فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لَوْ قَامَ الْمُعَامِلُ لِيَعُودَ إلَخْ) لَوْ فَارَقَهُ لِيَعُودَ وَلَكِنْ جَعَلَ يَقْعُدُ كُلَّ يَوْمٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ السُّوقِ انْقَطَعَ حَقُّهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِيَعُودَ إلَيْهِ مَا لَوْ فَارَقَهُ تَارِكًا لِحِرْفَتِهِ أَوْ بَاذِلًا حَقَّهُ لِآخَرَ فَإِنَّ حَقَّهُ يَبْطُلُ وَلَوْ اعْتَدَلَ ظَنُّ الْإِعْرَاضِ وَعَدَمِهِ لَمْ يَبْطُلْ. [فَصْلٌ فِيمَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ لِتَدْرِيسِ عُلُومٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالشَّرِيعَةِ وَغَيْرُهُ] (قَوْلُهُ: مَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ) لَا مَدْخَلَ لِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ فِيهِ وَفِي رَحْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِقْرَاءٍ لِقُرْآنٍ) قَالَ وَالِدُ النَّاشِرِيِّ: سُئِلْت عَنْ تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ فِي جَنَاحِ الْمَسْجِدِ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ أَمْرٌ حَسَنٌ وَالصِّبْيَانُ يَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَى الْآنَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَالْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ دُخُولِ الصِّبْيَانِ الْمَسْجِدَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يَخْتَصُّ بِمَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ وَبِحَالِهِ لَا طَاعَةَ فِيهَا وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا وَإِلَّا فَأَجْرُ التَّعْلِيمِ قَدْ يَزِيدُ عَلَى نُقْصَانِ الْأَجْرِ بِكَرَاهَةِ الدُّخُولِ أَلَيْسَ أَنَّ الضَّبَّةَ الصَّغِيرَةَ إذَا كَانَتْ لِزِينَةٍ كُرِهَتْ وَإِنْ كَانَتْ لِحَاجَةٍ ارْتَفَعَتْ الْكَرَاهَةُ وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ الْمَكْرُوهَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ. (قَوْلُهُ: فَكَالْجَالِسِ بِمَقْعَدِ سُوقٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ الِاخْتِصَاصِ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْجُلُوسِ فِيهِ أَمَّا لَوْ كَانَ لَا يُفِيدُ وَلَا يَسْتَفِيدُ فَلَا مَعْنَى لَهُ وَلَوْ سَبَقَ اثْنَانِ إلَى مَكَان وَاحِدٍ وَتَنَازَعَاهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الَّذِي يَظْهَرُ تَعَيُّنُ الْقُرْعَةِ لِحَدِيثِ «الِاسْتِهَامِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ يُقَدِّمُ الْمُدَرِّسُ مَنْ رَآهُ أَوْلَى بِالْمَجْلِسِ لِفَضْلِهِ وَعِلْمِهِ وَإِفَادَتِهِ وَاسْتِفَادَتِهِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مُزَاحِمُهُ غَيْرَ مَرْجُوِّ الْفَلَاحِ. وَقَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ إلَخْ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَنُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ بَطَلَ حَقُّهُ بِذَلِكَ) يُوهِمُ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ لَا يَجْعَلُهُ كَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يُخَالِفُ أَيْضًا فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ وَيَقُولُ فِيهَا: إنَّهُ إذَا قَامَ بَطَلَ حَقُّهُ فَهُوَ مُوَافِقٌ لَهُمَا عَلَى أَنَّهُ كَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ وَيُخَالِفُهُمَا فِي الْمَقَاعِدِ أَيْضًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 الرَّافِعِيِّ مُسَلَّمًا، وَالْمَنْقُولُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَالْغَزَالِيُّ تَفَقُّهٌ لَا نَقْلٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَزَالِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا وَعَلَى مَا قَالَاهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْجَوَامِعِ الْعِظَامِ انْتَهَى وَالْمَاوَرْدِيُّ مُخَالِفٌ فِي مَجَالِسِ الْأَسْوَاقِ أَيْضًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (أَوْ) جَلَسَ فِيهِ (لِلصَّلَاةِ وَاسْتِمَاعٍ) لِحَدِيثٍ أَوْ وَعْظٍ (وَقَامَ) مِنْ مَوْضِعِهِ أَيْ فَارَقَهُ (بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ حَقُّهُ) فَمَا لَمْ يُفَارِقْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى لَوْ اسْتَمَرَّ إلَى وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى فَحَقُّهُ بَاقٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ» . وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَمِرَّ حَقُّهُ مَعَ الْمُفَارَقَةِ كَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُعَامَلَةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَقَاعِدِ، وَالصَّلَاةَ بِبِقَاعِ الْمَسْجِدِ لَا تَخْتَلِفُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَمْنَعَهُ بِأَنَّ ثَوَابَ الصَّلَاةِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ لَهُ مَوْضِعَهُ مِنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ لَزِمَ عَدَمُ اتِّصَالِ الصَّفِّ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى نُقْصَانِهَا فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِهَا وَلَوْ أَمْكَنَ مَجِيئُهُ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ يَجْبُرْ ذَلِكَ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ فِي أَوَّلِهَا (أَوْ) قَامَ مِنْهُ (لِعُذْرٍ كَقَضَاءِ حَاجَةٍ، أَوْ تَجْدِيدِ وُضُوءٍ وَاجَابَةِ دَاعٍ) وَرُعَافٍ (وَعَادَ) إلَيْهِ (فَهُوَ أَحَقُّ) بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ إزَارَهُ، أَوْ نَحْوَهُ فِيهِ (حَتَّى تُقْضَى صَلَاتُهُ، أَوْ مَجْلِسُهُ) الَّذِي يَسْتَمِعُ فِيهِ لِعُمُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» . نَعَمْ إنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فِي غَيْبَتِهِ وَاتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ فَالْوَجْهُ سَدُّ الصَّفِّ مَكَانَهُ لِمَصْلَحَةِ تَمَامِ الصُّفُوفِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ حَقِّ السَّبْقِ فِي الصَّلَاةِ مَا لَوْ قَعَدَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَيْسَ أَهْلًا لِلِاسْتِخْلَافِ، أَوْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِالْإِمَامَةِ فَيُؤَخَّرُ وَيَتَقَدَّمُ الْأَحَقُّ مَوْضِعَهُ لِخَبَرِ «لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ (وَلَوْ نَوَى اعْتِكَافَ أَيَّامٍ) فِي الْمَسْجِدِ (فَخَرَجَ لِمَا يَجُوزُ) الْخُرُوجُ لَهُ فِي الِاعْتِكَافِ (عَادَ لِمَوْضِعِهِ) وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ وَالظَّاهِرُ أَنْ خُرُوجَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ نَاسِيًا كَذَلِكَ وَإِنْ نَوَى اعْتِكَافًا مُطْلَقًا فَهُوَ أَحَقُّ بِمَوْضِعِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. (فَرْعٌ وَيُمْنَعُ) نَدْبًا (مِنْ الْجُلُوسِ لِمُبَايَعَةٍ وَحِرْفَةٍ فِي الْمَسْجِدِ) إذْ حُرْمَتُهُ تَأْبَى اتِّخَاذَهُ حَانُوتًا وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ أَنَّ تَعَاطِيَ ذَلِكَ فِيهِ مَكْرُوهٌ (وَ) يُمْنَعُ مِنْ (ارْتِفَاقٍ بِحَرِيمِهِ ضَارٍّ بِأَهْلِهِ) وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الْإِذْنُ فِيهِ (فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ) بِأَهْلِهِ (جَازَ) الِارْتِفَاقُ الْمَذْكُورُ، وَالْإِذْنُ فِيهِ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ) فِيهِ (إذْنُ الْإِمَامِ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْمَنْعُ (وَيُمْنَعُ اسْتِطْرَاقُ حِلَقِ الْفُقَهَاءِ، وَالْقُرَّاءِ) تَوْقِيرًا لَهَا وَإِطْلَاقُهُ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ لَهُ بِالْمَسْجِدِ (وَهَلْ يَتَرَتَّبُ) أَيْ يَجْلِسُ (الْمُدَرِّسُ، وَالْمُفْتِي فِي كِبَارِ الْمَسَاجِدِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ) فِيهِ (وَالْإِذْنُ) فِيهِ (مُعْتَادٌ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ بِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ وَثَانِيهمَا نَعَمْ إذْ الْمَسَاجِدُ لِلَّهِ تَعَالَى. (فَصْلٌ مَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان مِنْ رِبَاطٍ) مُسَبَّلٍ وَنَحْوِهِ كَخَانِقَاهْ وَفِيهِ شُرِطَ مَنْ يَدْخُلُهُ (وَخَرَجَ) مِنْهُ (لِحَاجَةٍ) كَشِرَاءِ طَعَامٍ (فَهُوَ) بَاقٍ (عَلَى حَقِّهِ) سَوَاءٌ أَخَلَّفَ فِيهِ غَيْرَهُ، أَوْ مَتَاعَهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَدَخَلَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مَنْ سَبَقَ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِي الدُّخُولِ إلَى إذْنِ النَّاظِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِلْعُرْفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا جَعَلَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُسْكِنَ مَنْ شَاءَ وَيَمْنَعَ مَنْ شَاءَ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى إذْنِهِ بَلْ كُلُّ مَنْ سَبَقَ إلَى السُّكْنَى فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَى النَّاظِرِ (وَإِنْ سَكَنَ بَيْتًا مِنْهُ وَغَابَ وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ عُرْفًا) ثُمَّ عَادَ (فَهُوَ) بَاقٍ (عَلَى حَقِّهِ، وَإِنْ سَكَنَهُ غَيْرُهُ) لِأَنَّهُ أَلِفَهُ مَعَ سَبْقِهِ إلَيْهِ وَلَا يُمْنَعُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ مَا قَدَّمْنَاهُ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ النَّقْلَيْنِ لِحَمْلِ نَقْلِ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَى أَنَّهُ أَيَّدَ قَوْلَهُ الْمَرْجُوحَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِمُوَافَقَتِهِ لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهَا فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ؛ إذْ الْخَاصُّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ لَوْ اتَّخَذَ الْمَسْجِدَ دُكَّانًا يَحْتَرِفُ فِيهِ حَرُمَ ذَلِكَ وَمُنِعَ فَإِنَّ مِنْ الْمُبَاحَاتِ مَا يُبَاحُ بِشَرْطِ الْقِلَّةِ فَإِنْ كَثُرَ صَارَ صَغِيرَةً اهـ. الْأَصَحُّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: فَمَا لَمْ يُفَارِقْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) . شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ صَبِيًّا وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَرَضَ الْمُعَامِلِ يَخْتَلِفُ إلَخْ) وَلِأَنَّ لُزُومَ بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِلصَّلَاةِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ بَلْ وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَمْنَعَهُ إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ لَا يَنْحَصِرُ فِي بُقْعَةٍ بِعَيْنِهَا وَرُدَّ بِأَفْضَلِيَّةِ الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ وَجَانِبِ الْيَمِينِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ طُرُقًا إلَى تَحْصِيلِ السَّبْقِ الَّذِي طَلَبَهُ الشَّارِعُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجْبُرْ ذَلِكَ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ فِي أَوَّلِهَا) وَالْإِضْرَارُ بِتَخَطِّي الرِّقَابِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ إزَارَهُ) أَوْ نَحْوَهُ فِيهِ أَوْ كَانَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ تِلْكَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ خَبَرِ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ» ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: أَرَادَ فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ سَدُّ الصَّفِّ مَكَانَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَكَانَ يَجِدُ مَوْقِفًا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ خُرُوجَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ نَاسِيًا كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ يُمْنَعُ مِنْ الْجُلُوسِ لِمُبَايَعَةٍ وَحِرْفَةٍ فِي الْمَسْجِدِ] (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الْمَنْعُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا نَعَمْ) هُوَ الْأَصَحُّ. [فَصْلٌ فِيمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان مِنْ رِبَاطٍ مُسَبَّلٍ وَنَحْوِهِ وَفِيهِ شُرِطَ مَنْ يَدْخُلُهُ وَخَرَجَ مِنْهُ لِحَاجَةٍ] (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الَّذِي قَالَهُ الْقَمُولِيُّ إنَّهُ سَوَاءٌ سَكَنَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطُ الْوَاقِفِ أَنْ لَا يَسْكُنَ أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَمَنْ لَهُ النَّظَرُ فَمَنْ سَكَنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْمُقَامِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَشْتَرِطَ حَيْثُ لَا شَرْطَ لِلْوَاقِفِ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ طَالَ مُقَامُ رَجُلٍ فِي بُقْعَةٍ مَوْقُوفَةٍ وَخِيفَ مِنْ مُقَامِهِ اشْتِهَارُهَا بِهِ وَانْدِرَاسُ الْوَقْفِ فَلِلْإِمَامِ نَقْلُهُ مِنْهَا وَلِلسُّلْطَانِ مَنْعُ مَنْ تَصَدَّى لِمَا لَيْسَ أَهْلًا لَهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَالْفُقَهَاءِ وَإِذَا تَنَازَعَ أَهْلُ الْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ فِيمَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ لَمْ يُمْنَعْ إلَّا أَنْ يَحْدُثَ تَنَافُرٌ وَإِذَا تَظَاهَرَ بِالصَّلَاحِ مَنْ اسْتَبْطَنَ مَا سِوَاهُ تُرِكَ وَإِنْ تَظَاهَرَ بِالْعِلْمِ هُتِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ عُرْفًا) هَلْ الْمُرَادُ عُرْفُ زَمَنِ الْوَاقِفِ، أَوْ زَمَنِ الْغَيْبَةِ، وَالْأَوَّلُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 غَيْرُهُ مِنْ سُكْنَاهُ فِيهِ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ عَلَى أَنْ يُفَارِقَهُ إذَا حَضَرَ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ بَطَلَ حَقُّهُ (وَلِكُلٍّ) مِنْ غَيْرِ سُكَّانِ الْمَدَارِسِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْعَوَامِّ (دُخُولُ الْمَدَارِسِ وَالْأَكْلُ) وَالشُّرْبُ (وَالنَّوْمُ فِيهَا) وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِهِ (لَا السُّكْنَى) فَلَيْسَتْ لَهُمْ (إلَّا لِفَقِيهٍ) مِنْهُمْ فَلَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا مُطْلَقًا لِلْعُرْفِ (أَوْ) لِغَيْرِهِ فَلَهُ ذَلِكَ (بِشَرْطِ الْوَاقِفِ) لَا بِدُونِ شَرْطِهِ. (فَرْعٌ النَّازِلُونَ) بِمَوْضِعٍ (فِي الْبَادِيَةِ فِي غَيْرِ مَرْعَى الْبَلَدِ لَا يُمْنَعُونَ) مِنْهُ بَلْ هُمْ أَحَقُّ بِهِ وَبِمَا حَوَالَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ لِمَرَافِقِهِمْ (وَلَمْ يُزَاحَمُوا) بِفَتْحِ الْحَاءِ (عَلَى الْمَرَاعِي وَالْمَرَافِقِ إنْ ضَاقَتْ) بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّسَعَتْ لِانْتِفَاءِ الْإِضْرَارِ بِهِمْ، وَإِذَا رَحَلُوا بَطَلَ اخْتِصَاصُهُمْ وَإِنْ بَقِيَ أَثَرُ الْخِيَامِ وَنَحْوِهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي غَيْرِ مَرْعَى الْبَلَدِ مَرْعَاهُ فَيُمْنَعُونَ مِنْ النُّزُولِ فِيهِ (فَإِنْ اسْتَأْذَنُوا الْإِمَامَ فِي اسْتِيطَانِهَا) أَيْ الْبَادِيَةِ (وَلَمْ يَضُرَّ نُزُولُهُمْ بِالسَّابِلَةِ) أَيْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ (رَاعَى الْأَصْلَحَ) فِي نُزُولِهِمْ بِهَا وَمَنْعِهِمْ وَنَقْلِ غَيْرِهِمْ إلَيْهَا (وَإِنْ نَزَلُوا) بِهَا (بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُمْ غَيْرُ مُضِرِّينَ) بِالسَّابِلَةِ (لَمْ يَمْنَعْهُمْ) مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَا يَمْنَعُ مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا بِغَيْرِ إذْنِهِ إنْ ظَهَرَ فِي مَنْعِهِمْ مَصْلَحَةٌ فَلَهُ مَنْعُهُمْ وَلَيْسَ كَالْإِحْيَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُحْيِيَ مَلَكَ بِهِ كَذَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَإِذَا لَمْ يَمْنَعْهُمْ دَبَّرَهُمْ بِمَا يَرَاهُ صَلَاحًا لَهُمْ (وَنَهَاهُمْ عَنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ (إحْدَاثِ زِيَادَةٍ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَمَّا إذَا ضَرَّ نُزُولُهُمْ بِالسَّابِلَةِ فَيَمْنَعُهُمْ قَبْلَ النُّزُولِ وَبَعْدَهُ. [فَصْلٌ طَالَ مُقَامُ الْمُرْتَفِقِ فِي شَارِعٍ وَنَحْوِهِ] (فَصْلٌ لَوْ طَالَ مُقَامُ الْمُرْتَفِقِ فِي شَارِعٍ وَنَحْوِهِ) كَمَسْجِدٍ (لَمْ يُزْعَجْ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُرْتَفِقِينَ وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ الْيَدُ بِالسَّبْقِ فَلَا تُزَالُ (إلَّا فِي الرُّبُطِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمُسَافِرِينَ فَلَا يُزَادُونَ عَلَى مُدَّةِ السَّفَرِ) وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا سَوَاءٌ أَعَيَّنَهَا الْوَاقِفُ أَمْ أَطْلَقَ (إلَّا لِخَوْفٍ، أَوْ مَطَرٍ) فَيُزَادُونَ إلَى زَوَالِ ذَلِكَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِمَّا سَيَأْتِي عَنْ الْأَصْلِ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ (وَلَا) يُزَادُونَ (عَلَى الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ) مِنْ الْوَاقِفِ (لِلْجَمِيعِ) أَيْ لِلْمُسَافِرِينَ وَغَيْرِهِمْ (وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقَيُّدِ بِالْمُدَّةِ وَبِالْمُسَافِرِينَ (يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ) فِيمَا وَقَفَهُ (فَيُقِيمُ الطَّالِبُ فِي الْمَدْرَسَةِ) الْمَوْقُوفَةِ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ (حَتَّى يَنْقَضِيَ غَرَضُهُ، أَوْ يَتْرُكَ التَّعَلُّمَ وَالتَّحْصِيلَ فَيُزْعَجَ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا نَزَلَ فِي مَدْرَسَةٍ أَشْخَاصٌ لِلِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَحُضُورِ الدَّرْسِ وَقُرِّرَ لَهُمْ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ مَا يَسْتَوْعِبُ قَدْرَ ارْتِفَاعِ وَقْفِهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ زِيَادَةً عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْقُصُ مَا قُرِّرَ لَهُمْ مِنْ الْمَعْلُومِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِمْ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ فِي رُبُطِ الْمَارَّةِ إلَّا لِمَصْلَحَتِهَا أَوْ لِخَوْفٍ يَعْرِضُ، أَوْ أَمْطَارٍ تَتَوَاتَرُ (وَلِلْخَانِقَاهْ حُكْمُ الشَّارِعِ) فِيمَا مَرَّ إذْ لَا يُمْكِنُ فِيهَا الضَّبْطُ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ، وَقَافُ الْخَانْقَاهْ مُبْدَلَةٌ مِنْ الْكَافِ لِقَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ الْخَانِكَاهْ بِالْكَافِ وَهِيَ بِالْعَجَمِيَّةِ دِيَارُ الصُّوفِيَّةِ. (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَعْيَانِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْأَرْضِ وَفِيهِ طَرَفَانِ) (الْأَوَّلُ فِي الْمَعَادِنِ) وَهِيَ الْبِقَاعُ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا مِنْ الْجَوَاهِرِ الْمَطْلُوبَةِ وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْجَوَاهِرِ الَّتِي فِيهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ (وَهِيَ قِسْمَانِ الْأَوَّلُ) الْمَعَادِنُ (الظَّاهِرَةُ) وَهِيَ مَا خَرَجَ بِلَا عِلَاجٍ، وَإِنَّمَا الْعِلَاجُ فِي تَحْصِيلِهِ (كَالنِّفْطِ) بِكَسْرِ النُّونِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا وَهُوَ مَا يُرْمَى بِهِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ دُهْنٌ (وَأَحْجَارِ الرَّحَى، وَالْبِرَامِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ جَمْعُ بُرْمَةٍ وَهُوَ حَجَرٌ تُعْمَلُ مِنْهُ الْقُدُورُ (وَالْكِبْرِيتِ) وَهُوَ عَيْنٌ تُجْرِي مَاءً فَإِذَا جَمَدَ صَارَ كِبْرِيتًا (وَالْقَارِ) وَهُوَ الزِّفْتُ وَيُقَالُ لَهُ الْقِيرُ (وَالْمِلْحِ الْمَائِيِّ، وَكَذَا الْجَبَلِيُّ إنْ لَمْ يُحْوِجُ إلَى حَفْرٍ وَتَعَبٍ) وَالْجِصُّ، وَالْمَدَرُ وَأَحْجَارُ النُّورَةِ (الثَّانِي) الْمَعَادِنُ (الْبَاطِنَةُ وَهِيَ الْمَبْثُوثَةُ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ الْمُحْتَاجَةُ إلَى عِلَاجٍ كَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْحَدِيدِ، وَلِقِطْعَةِ ذَهَبٍ أَبْرَزَهَا السَّيْلُ، أَوْ أَتَى   [حاشية الرملي الكبير] أَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطَالِبِ قَالَ وَلِهَذَا كَانَ أَكَابِرُ عُلَمَاءِ وَقْتِنَا يَقُولُونَ تَسْتَحِقُّ الْفُقَهَاءُ الْجَامِكِيَّةِ إذَا بَطَلُوا فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي زَمَنٍ عُهِدَتْ فِيهِ الْبِطَالَةُ فِيهَا فَأَمَّا الْمَدَارِسُ الْقَدِيمَةُ الْمَوْقُوفَةُ فِي زَمَنٍ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهَا فِيهَا، وَقَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: تَسْتَحِقُّ الْفُقَهَاءُ الْجَامِكِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ لِدُخُولِ سِقَايَاتِهَا) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ الْحَالُ فِي بُيُوتِ سِقَايَاتِهَا بَيْنَ قِلَّتِهَا وَكَثْرَتِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشُّرْبِ مِنْ مَائِهَا الْمَاءُ الْجَارِي فِيهَا كَمَا فِي مَدَارِسِ الشَّامِ لَا الْمَنْقُولُ إلَيْهَا كَمَا فِي مَدَارِسِ مِصْرَ قَالَ وَكَانَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَحْكِي عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ الْمُتَوَرِّعِينَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَلِيقُ مِنْهُ دَوَاتُهُ كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَاءً مُسَبَّلًا بِالطَّرِيقِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْهُ وَيَتَيَمَّمُ. اهـ. مَا اسْتَظْهَرَهُ مَرْدُودٌ نَظَرًا لِلْعُرْفِ. [فَرْعٌ النَّازِلُونَ بِمَوْضِعٍ فِي الْبَادِيَةِ فِي غَيْرِ مَرْعَى الْبَلَدِ] (قَوْلُهُ: لَوْ طَالَ مُقَامٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ إقَامَتُهُ، وَالْمَقَامُ بِالْفَتْحِ مَوْضِعُ الْإِقَامَةِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمَالِيهِ إنَّهُ لَوْ شَرَطَ وَاقِفُ الْمَدْرَسَةِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ الْمُعِيدُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مُعِيدٌ غَيْرُهُ جَازَ اسْتِمْرَارُهُ وَأَخْذُهُ الْمَعْلُومَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَشْهَدُ بِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يُرِدْ شُغُورَ مَدْرَسَتِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَفِعَ هَذَا مُدَّةً وَغَيْرُهُ مُدَّةً قَالَ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ شَرْطٍ شَهِدَ الْعُرْفُ بِتَخْصِيصِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَابْنِ الرِّفْعَةِ) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ كَمَا قَالَ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَعْيَانِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْأَرْضِ وَفِيهِ طَرَفَانِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي الْمَعَادِنِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَعْيَانِ الْخَارِجَةِ) (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الْمَعَادِنُ الظَّاهِرَةُ) أَطْلَقُوا امْتِنَاعَ إقْطَاعِ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَتَعْلِيلُهُمْ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي إقْطَاعِ التَّمْلِيكِ، أَمَّا إقْطَاعُ الْإِرْفَاقِ فَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يُضَيِّقُ عَلَى غَيْرِهِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُحْوِجُ إلَى حَفْرٍ) فَإِنْ احْتَاجَ إظْهَارُهَا إلَى حَفْرٍ وَتَنْحِيَةِ تُرَابٍ فَهِيَ بَاطِنَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْيَاقُوتِ) عَدَّهُ فِي التَّنْبِيهِ مِنْ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الدَّمِيرِيِّ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ جَزَمَ الدَّمِيرِيِّ بِكَوْنِهِ مِنْ الْبَاطِنِ وَعَدَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي جُمْلَةِ الْمَعْدِنِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِكَوْنِهِ بَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 بِهَا حُكْمُ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ وَلَا يُمْلَكَانِ بِالْإِحْيَاءِ) لَهُمَا وَإِنْ زَادَ بِهِ النِّيلُ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِمَا اخْتِصَاصٌ بِالتَّحَجُّرِ بَلْ هُمَا مُشْتَرَكَانِ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَاءِ الْجَارِي، وَالْكَلَأِ، وَالْحَطَبِ (وَإِذَا أَقْطَعَ الْإِمَامُ مِنْ) الْمَعَادِنِ (الْبَاطِنَةِ رَجُلًا مَا) أَيْ شَيْئًا (يَقْدِرُ عَلَيْهِ جَازَ) كَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ إقْطَاعَ مِلْحِ مَأْرِبٍ أَوْ أَقْطَعَهُ فَلَمَّا قِيلَ لَهُ إنَّهُ كَالْمَاءِ لِمَعْدٍ امْتَنَعَ مِنْهُ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْبَاطِنَ يَجُوزُ إقْطَاعُهُ، وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ (لَا) الْمَعَادِنِ (الظَّاهِرَةِ) لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَكَالْمَاءِ الْجَارِي وَنَحْوِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي إقْطَاعِ التَّمْلِيكِ أَمَّا إقْطَاعُ الْإِرْفَاقِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يُضَيِّقُ عَلَى غَيْرِهِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ. (فَرْعٌ أَمَّا الْبِقَاعُ الَّتِي تُحْفَرُ بِقُرْبِ السَّاحِلِ وَيُسَاقُ الْمَاءُ إلَيْهَا فَيَنْعَقِدُ) فِيهَا (مِلْحًا فَيَجُوزُ إحْيَاؤُهَا وَإِقْطَاعُهَا) كَمَا فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ، وَإِقْطَاعِهِ، وَإِذَا مَلَكَهَا رَجُلٌ بِذَلِكَ مَلَكَ مَا فِيهَا. (فَرْعٌ يُقَدَّمُ فِي الْمَعْدِنَيْنِ) الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ (بِالسَّبْقِ إنْ لَمْ يَتَّسِعْ) مَكَانُهُمَا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ سَبْقٌ قُدِّمَ عِنْد التَّشَاحِّ (بِالْقُرْعَةِ) وَإِنْ كَانَ أَحَدُ مُتَشَاحَّيْنِ يَأْخُذُ لِلتِّجَارَةِ، وَالْآخَرُ لِلْحَاجَةِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كَتَظْهِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ (وَيَأْخُذُ) الْمُقَدَّمُ (قَدْرَ حَاجَتِهِ عُرْفًا) بِالنِّسْبَةِ لِأَمْثَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَاءِ الْجَارِي وَنَحْوِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقَدَّمِ بِالْقُرْعَةِ (فَلَوْ زَادَ) عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ (أُزْعِجَ إنْ زُوحِمَ) لِأَنَّ عُكُوفَهُ عَلَيْهِ كَالْمُتَحَجِّرِ الْمَانِعِ مِنْ الْأَخْذِ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى نَيْلِ الْمَعَادِنِ فَإِنْ لَمْ يُزَاحَمْ لَمْ يُزْعَجْ أَمَّا إذَا اتَّسَعَ مَكَانُهُمَا فَكُلٌّ مِنْ جَانِبِهِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُقَدَّمُ أَحَقَّ بِذَلِكَ مَا دَامَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِنْ انْصَرَفَ فَغَيْرُهُ مِمَّنْ سَبَقَ أَوْلَى مَا لَمْ يَنْصَرِفْ أَيْضًا. (فَرْعٌ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا وَفِيهَا مَعْدِنٌ بَاطِنٌ) لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (مَلَكَهُ) لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَقَدْ مَلَكَهَا بِالْإِحْيَاءِ (وَإِنْ عَلِمَ بِهِ حَالَ الْإِحْيَاءِ) فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ أَيْضًا كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهُ لِفَسَادِ الْقَصْدِ وَفِي نُسْخَةٍ لَا إنْ عَلِمَ بِهِ حَالَ الْإِحْيَاءِ فَيُوَافِقُ الثَّانِيَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَ فِي الْكِفَايَةِ الْأَوَّلَ وَأَقَرَّ النَّوَوِيُّ عَلَيْهِ صَاحِبَ التَّنْبِيهِ وَخَرَجَ بِالْبَاطِنِ الظَّاهِرُ فَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ إنْ عَلِمَهُ لِظُهُورِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى عِلَاجٍ أَمَّا بُقْعَةُ الْمَعْدِنَيْنِ فَلَا يَمْلِكُهَا بِإِحْيَائِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِهِمَا لِفَسَادِ قَصْدِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ لَا يُتَّخَذُ دَارًا وَلَا بُسْتَانًا وَلَا مَزْرَعَةً، أَوْ نَحْوَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَيْسَ لِمَالِكِهِ) أَيْ الْمَعْدِنِ الْبَاطِنِ (بَيْعُهُ) لِأَنَّ مَقْصُودَهُ النَّيْلُ وَهُوَ مُتَفَرِّقٌ فِي طَبَقَاتِ الْأَرْضِ مَجْهُولُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ فَهُوَ كَبَيْعِ قَدْرٍ مَجْمُوعٍ مِنْ تُرَابِ الْمَعْدِنِ وَفِيهِ النَّيْلُ، وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ، قَالَ فِي الْبَحْرِ لَكِنْ تَرْتَفِعُ يَدُهُ بِهَا لَا بِهِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ يَدِهِ بِهِ كَانَ مَشْرُوطًا بِعِوَضٍ وَلَمْ يَحْصُلْ بِخِلَافِ رَفْعِ يَدِهِ بِهَا انْتَهَى، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ (فَإِنْ قَالَ) مَالِكُهُ (لِرَجُلٍ مَا اسْتَخْرَجْتَهُ) مِنْهُ (فَهُوَ لِي) فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا (فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اغْسِلْ ثَوْبِي فَغَسَلَهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ (أَوْ) قَالَ لَهُ مَا اسْتَخْرَجْتَهُ مِنْهُ فَهُوَ (بَيْنَنَا) فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا (فَلَهُ أُجْرَةُ النِّصْفِ) لِأَنَّ نِصْفَ عَمَلِهِ وَقَعَ لِلْمَالِكِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ بِهِ (أَوْ) قَالَ مَا اسْتَخْرَجْتَهُ (لَك مِنْهُ كَذَا، أَوْ) لَك (الْكُلُّ فَلَهُ أُجْرَتُهُ) لِأَنَّ عَمَلَهُ وَقَعَ لِلْمَالِكِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ بِهِ (وَالْحَاصِلُ) مِمَّا اسْتَخْرَجَهُ (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الصُّوَرِ (لِلْمَالِكِ) لِأَنَّهُ هِبَةُ مَجْهُولٍ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَ كَأَنْ قَالَ إنْ اسْتَخْرَجْت مِنْهُ كَذَا فَقَدْ جَعَلْت لَك عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ؛ لِأَنَّهُ جَعَالَةٌ صَحِيحَةٌ. (الطَّرَفُ الثَّانِي الْمِيَاهُ وَهِيَ قِسْمَانِ: مُخْتَصَّةٌ) بِبَعْضِ النَّاسِ (وَغَيْرُهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَكَالْمَاءِ الْجَارِي وَنَحْوِهِ) الْمُمْتَنِعُ إقْطَاعُ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ ع (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَ أَرْضًا لِيَأْخُذَ حَطَبَهَا، أَوْ حَشِيشَهَا أَوْ صَيْدَهَا، وَلَا بِرْكَةً لِيَأْخُذَ سَمَكَهَا وَلَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَحَجُّرٌ كَمَا لَا يَدْخُلُ إقْطَاعٌ. [فَرْعٌ الْبِقَاعُ الَّتِي تُحْفَرُ بِقُرْبِ السَّاحِلِ وَيُسَاقُ الْمَاءُ إلَيْهَا فَيَنْعَقِدُ فِيهَا مِلْحًا] (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ قَدْرَ حَاجَتِهِ عُرْفًا) فَإِنْ وَجَدَ النَّيْلَ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ، أَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَنَلْ شَيْئًا فَفِي إزْعَاجِهِ تَرَدُّدٌ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ إزْعَاجِهِ لِعَدَمِ حُصُولِ قَدْرِ حَاجَتِهِ. [فَرْعٌ أَحْيَا أَرْضًا وَفِيهَا مَعْدِنٌ بَاطِنٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ] (قَوْلُهُ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا وَفِيهَا مَعْدِنٌ بَاطِنٌ مَلَكَهُ) إنَّمَا خَصَّ الْمَعْدِنَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ فِي سِيَاقِهِ وَإِلَّا فَمَنْ مَلَكَ أَرْضًا بِالْإِحْيَاءِ مَلَكَ تَضَاعِيفَهَا وَطَبَقَاتِهَا، وَالْكَلَأَ، وَالْعُشْبَ الَّذِي يَنْبُتُ فِيهَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ فِي تَصْحِيحِهِ وَعَزَاهُ الْإِصْطَخْرِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ لَا إنْ عَلِمَ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ إرْشَادِهِ بِمَعْدِنٍ مَجْهُولٍ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْدِنُ مَعْلُومًا لَمْ يُمْلَكْ بِالْإِحْيَاءِ إذَا كَانَ ظَاهِرًا قَطْعًا وَكَذَا إنْ كَانَ بَاطِنًا عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَإِنْ لَمْ فَلَا يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ إنْ عَلِمَهُ) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ مَلَكَهُ لِإِجْمَاعِ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا يَمْلِكُهَا بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَمَا ظَهَرَ فِيهَا مِنْ الْمَعَادِنِ وَصَرَّحَ كَثِيرُونَ بِمِلْكِهِ النَّوْعَيْنِ فَلِذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ وَإِذَا أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا وَحَكَمْنَا لَهُ بِالْمِلْكِ فَظَهَرَ فِيهَا مَعْدِنٌ ظَاهِرٌ كَالْكِبْرِيتِ وَنَحْوِهِ مَلَكَهُ الْمُحْيِي إجْمَاعًا فَلَا يُزَاحَمُ فِيهِ وَبِهَذَا صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَجْهُولِ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَك الْكُلُّ فَلَهُ أُجْرَتُهُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَيَقْرُبُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَعْدِنِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ دَفْعِ الْأَوْلَادِ الْأَحْرَارِ إلَى الْمَرَاضِعِ لِلتَّعَهُّدِ بِالْإِرْضَاعِ، وَالْحَضَانَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ لَهُنَّ فِي اسْتِحْقَاقِهِنَّ الْأُجْرَةَ وَعَدَمِهِ وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْمَقْبُوضِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفِي آخِرِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُنَّ لَا يَرْجِعْنَ بِمَا أَنْفَقْنَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَيْرُ مُتَبَرَّعٍ بِهِ) يُفْهِمُ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَقِيهًا يَعْلَمُ عِلَّةَ الْوُجُوبِ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بِمَهْرِهَا وَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ فَإِنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَيَّدَ قَوْلَ مَنْ قَالَ يَقَعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بِمَا إذَا كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّهُ بَرِئَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ طَامِعٍ فِي عِوَضٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 فَغَيْرُ الْمُخْتَصَّةِ كَالْأَوْدِيَةِ، وَالْأَنْهَارِ) وَالسُّيُولِ (فَالنَّاسُ فِيهَا سَوَاءٌ) لِخَبَرِ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَأِ، وَالنَّارِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ (وَإِنْ ضَاقَ الْمُشْرِعُ) عَلَى اثْنَيْنِ مَثَلًا (وَقَدْ جَاءَا مَعًا قُدِّمَ الْعَطْشَانُ) لِحُرْمَةِ الرُّوحِ ثُمَّ إنْ اسْتَوَيَا فِي الْعَطَشِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَيْسَ لِلْقَارِعِ أَنْ يُقَدِّمَ دَوَابَّهُ عَلَى الْآدَمِيِّينَ بَلْ إذَا ارْتَوَوْا اُسْتُؤْنِفَتْ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الدَّوَابِّ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْقُرْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ (ثُمَّ) إنْ جَاءَا مُتَرَتِّبِينَ قُدِّمَ (السَّابِقُ) بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِيًا لِدَوَابِّهِ، وَالْمَسْبُوقُ عَطْشَانًا فَيُقَدَّمُ الْمَسْبُوقُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَصْلِ (وَمَنْ حَازَ مِنْهُ شَيْئًا فِي إنَاءٍ، أَوْ حَوْضٍ مَلَكَهُ) فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ مُزَاحَمَتُهُ فِيهِ كَمَا لَوْ احْتَطَبَ فَلَوْ أَعَادَ مَا حَازَهُ مِنْهُ إلَيْهِ لَمْ يَصِرْ شَرِيكًا فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ (وَإِنْ دَخَلَ الْمَاءُ) أَيْ شَيْءٌ مِنْهُ (مِلْكَهُ لَمْ يَجُزْ) لِغَيْرِهِ (الدُّخُولُ إلَيْهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ لِامْتِنَاعِ دُخُولِ مِلْكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَلَوْ أَخَذَهُ رَجُلٌ) وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِهِ مِلْكَهُ (بِلَا إذْنٍ مَلَكَهُ) وَإِذَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ أَخَذَهُ مَنْ شَاءَ نَعَمْ إنْ حَوَّطَ عَلَيْهِ الْمَالِكُ كَأَنْ كَانَ فِي دَارٍ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ قَالَ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ دَخَلَ صَيْدٌ إلَى مِلْكِهِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْبَيَانِ. (فَرْعٌ وَلَوْ تَزَاحَمُوا عَلَى سَقْيِ الْأَرْضِ) الَّتِي لَهُمْ (بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ غَيْرِ الْمُخْتَصِّ وَضَاقَ عَنْهُمْ وَبَعْضُهُمْ أَوَّلٌ (سَقَى الْأَوَّلُ) فَالْأَوَّلُ فَيَحْبِسُ كُلُّ وَاحِدٍ الْمَاءَ (إلَى) أَنْ يَبْلُغَ (الْكَعْبَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَالْأَوْلَى التَّقْدِيرُ بِالْحَاجَةِ فِي الْعَادَةِ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَرْضِ وَبِاخْتِلَافِ مَا فِيهَا مِنْ زَرْعٍ وَشَجَرٍ وَبِوَقْتِ الزِّرَاعَةِ وَوَقْتِ السَّقْيِ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا قَبْلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ (ثُمَّ يُرْسِلُهُ) الْأَوَّلُ إلَى (الثَّانِي وَهَكَذَا) وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الْمُحْيِي قَبْلَ الثَّانِي وَهَكَذَا لَا الْأَقْرَبُ إلَى النَّهْرِ وَعَبَّرُوا بِذَلِكَ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَحْيَا بُقْعَةً يَحْرِصُ عَلَى قُرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ مَا أَمْكَنَ لِمَا فِيهِ مِنْ سُهُولَةِ السَّقْيِ وَخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ وَقُرْبِ عُرُوقِ الْغِرَاسِ مِنْ الْمَاءِ وَمِنْ هُنَا يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إلَى النَّهْرِ إنْ أَحْيَوْا دُفْعَةً أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِالْإِقْرَاعِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ انْخَفَضَ بَعْضٌ) مِنْ أَرْضِ الْأَعْلَى (بِحَيْثُ يَأْخُذُ فَوْقَ الْحَاجَةِ قَبْلَ سَقْيِ الْمُرْتَفِعِ) مِنْهَا (أَفْرَدَ كُلًّا) مِنْهُمَا (بِسَقْيٍ) بِأَنْ يَسْقِيَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ يَسُدَّهُ، ثُمَّ يَسْقِيَ الْآخَرُ (فَإِنْ احْتَاجَ الْأَوَّلُ) إلَى السَّقْيِ (مَرَّةً أُخْرَى قُدِّمَ) أَمَّا إذَا اتَّسَعَ الْمَاءُ فَيَسْقِي كُلٌّ مِنْهُمْ مَتَى شَاءَ (وَلَوْ تَنَازَعَ مُتَحَاذِيَانِ) بِأَنْ تَحَاذَتْ أَرْضَاهُمَا، أَوْ أَرَادَ شَقَّ النَّهْرِ مِنْ مَوْضِعَيْنِ مُتَحَاذِيَيْنِ (فَالْقُرْعَةُ) مُعْتَبَرَةٌ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَانَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَحْيَيَا دَفْعَةً، أَوْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا (وَإِنْ أَرَادَ) شَخْصٌ (إحْيَاءَ أَرْضٍ) مَوَاتٍ (أَقْرَبَ إلَى رَأْسِ النَّهْرِ فَإِنْ ضَيَّقَ عَلَى السَّابِقِ مُنِعَ) مِنْ الْإِحْيَاءِ (وَإِلَّا فَلَا) التَّقْيِيدُ بِالْأَقْرَبِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ أَرَادَ إحْيَاءَ مَوَاتٍ وَسَقْيَهُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ فَإِنْ ضَيَّقَ عَلَى السَّابِقِينَ مُنِعَ لِأَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوا أَرْضَهُمْ بِمَرَافِقِهَا، وَالْمَاءُ مِنْ أَعْظَمِ مَرَافِقِهَا، وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْأَقْرَبِيَّةِ وَأَنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِإِرَادَةِ سَقْيِ ذَلِكَ مِنْ النَّهْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ لِئَلَّا يَصِيرَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى اسْتِحْقَاقِهِ السَّقْيَ قَبْلَهُمْ، أَوْ مَعَهُمْ. (فَرْعٌ وَعِمَارَةُ هَذِهِ الْأَنْهَارِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلِكُلٍّ) مِنْ النَّاسِ (بِنَاءُ قَنْطَرَةٍ) عَلَيْهَا يَمُرُّونَ عَلَيْهَا (وَ) بِنَاءُ (رَحًى عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ) أَيْ الْأَنْهَارُ   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ الثَّانِي الْمِيَاهُ] قَوْلُهُ: وَمَنْ حَازَ مِنْهُ شَيْئًا فِي إنَاءٍ، أَوْ حَوْضٍ) أَيْ أَوْ نَحْوِهِ كَبِرْكَةٍ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ الدُّولَابُ الَّذِي يُدِيرُهُ الْمَاءُ إذَا دَخَلَ الْمَاءُ فِي كِيزَانِهِ مَلَكَهُ صَاحِبُ الدُّولَابِ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَقَاهُ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ تَزَاحَمُوا عَلَى سَقْيِ الْأَرْضِ الَّتِي لَهُمْ وَضَاقَ عَنْهُمْ وَبَعْضُهُمْ أَوَّلٌ] (قَوْلُهُ: سَقَى الْأَوَّلُ) حَتَّى لَوْ كَانَ زَرْعُ الْأَسْفَلِ يَهْلِكُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْمَاءُ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ عَلَى مَنْ فَوْقَهُ إرْسَالُهُ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ أَبُو الطَّيِّبِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) بَعْدَ نَقْلِهِ مَا قَبْلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ، كَلَامُ الْجُمْهُورِ مَحْمُولٌ عَلَى أَرْضٍ يَكْفِيهَا ذَلِكَ أَمَّا الْأَرْضُ الَّتِي لَا تَكْفِيهَا إلَّا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ كَغَالِبِ مَزَارِعِ الْيَمَنِ فَتُسْقَى إلَى حَدِّ كِفَايَتِهَا عَادَةً مَكَانًا وَزَمَانًا وَقَدْ اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ قَوِيٌّ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَلَوْلَا هَيْبَةُ الْأَحَادِيثِ لَقُلْت إنَّهُ الصَّحِيحُ وَأَوَّلْتهَا وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ عَادَةَ الْحِجَازِ وَهَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَبْلُغَ الْحَبْسُ الْأَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، أَوْ الْأَعْلَى كَمَا قَالُوا فِي آيَةِ الْوُضُوءِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَالْمَرْجِعُ إلَى الْقَدْرِ الْمُعْتَدِلِ، أَوْ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَرْفَعُ كَعْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْخَفِضُ وَيَدْنُو مِنْ أَسْفَلِ الرِّجْلِ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُرْسِلُ الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي) وَهَكَذَا فَإِنْ كَانَ النَّهْرُ عَظِيمًا بَقِيَ بِالْجَمِيعِ سَقَى مَنْ شَاءَ مَتَى شَاءَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا أَطْلَقَاهُ وَهُوَ فِيمَا إذَا كَانَ لِكُلِّ أَحَدٍ سَاقِيَةٌ يُرْسِلُهَا مِنْهُ إلَى أَرْضِهِ مَتَى شَاءَ أَمَّا إذَا كَانَ مَخْرَجُ الْمَاءِ مِنْهُ وَاحِدًا لَا يُمْكِنُ السَّقْيُ مِنْهُ إلَّا مُرَتَّبًا فَلَا بَلْ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ وَإِلَّا فَيَصِيرُ مُسْتَحِقُّ التَّقْدِيمِ تَتَأَخَّرُ نَوْبَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الْمُحْيِي قَبْلَ الثَّانِي إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَمَا أَوْهَمَ خِلَافَهُ مُؤَوَّلٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا أَحْسِبُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِالْإِقْرَاعِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَسْقِيَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ يَسُدَّهُ، ثُمَّ يَسْقِيَ الْآخَرُ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَتَبِعَهُ الْقَمُولِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ سَقْيُ الْعَالِيَةِ أَوَّلًا حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَ، ثُمَّ يَسُدَّ عَنْهَا وَيُرْسِلَ إلَى السَّافِلَةِ فَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ تَعَيَّنَ فِعْلُهُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْبُدَاءَةُ بِالْأَسْفَلِ بَلْ لَوْ عُكِسَ جَازَ وَمُرَادُهُمْ أَنْ لَا تَزِيدَ فِي الْمُنْسَفِلَةِ عَلَى الْكَعْبَيْنِ. وَصَرَّحَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكُلُّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَحْيَيَا دَفْعَةً، أَوْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهَا) أَيْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْأَقْرَبِيَّةِ إلَخْ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَإِنْ ضَيَّقَ عَلَى السَّابِقِينَ إلَخْ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ إذَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى رَأْسِ النَّهْرِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَهُمَا مُتَّحِدَانِ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 (فِي مَوَاتٍ، أَوْ فِي مِلْكِهِ فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الْعُمْرَانِ فَالْقَنْطَرَةُ) أَيْ بِنَاؤُهَا فِيهِ (كَحَفْرِ الْبِئْرِ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الشَّارِعِ) فَيَجُوزُ مُطْلَقًا إنْ كَانَ الْعُمْرَانُ وَاسِعًا وَبِإِذْنِ الْإِمَامِ إنْ كَانَ ضَيِّقًا (وَالرَّحَى يَجُوزُ بِنَاؤُهَا) فِيهِ أَيْضًا (إنْ لَمْ تَضُرَّ بِالْمُلَّاكِ) وَإِلَّا فَلَا كَإِشْرَاعِ الْجَنَاحِ فِي الشَّارِعِ فِيهِمَا. [فَصْلٌ حُكْمِ مَاءِ الْأَنْهَارِ وَالسَّوَاقِي الْمَمْلُوكَةِ] (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مَاءِ الْأَنْهَارِ وَالسَّوَاقِي الْمَمْلُوكَةِ (وَمَنْ أَخَذَ مِنْ الْوَادِي مَاءً فِي نَهْرٍ حَفَرَهُ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْمَاءِ مَا دَامَ فِيهِ) فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَخْذِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ بِأَخْذِهِ يَمْلِكُهُ، وَالْمُرَادُ مَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ أَنْ يَحْفِرَ نَهْرًا يَدْخُلُ فِيهِ الْمَاءُ مِنْ الْوَادِي فَالْمَاءُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ لَكِنَّ مَالِكَ النَّهْرِ أَحَقُّ بِهِ كَالسَّيْلِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ (وَلِغَيْرِهِ الشُّرْبُ وَسَقْيُ الدَّوَابِّ وَالِاسْتِعْمَالُ مِنْهُ وَلَوْ بِدَلْوٍ وَمَنْ حَفَرَ نَهْرًا فَوْقَهُ) أَيْ فَوْقَ نَهْرِهِ فَإِنْ كَانَ (يُضَيِّقُ عَلَيْهِ مُنِعَ) وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ حَفَرَ النَّهْرَ جَمَاعَةٌ اشْتَرَكُوا فِيهِ) أَيْ فِي مِلْكِهِ (بِقَدْرٍ عَمَلِهِمْ) وَفِي نُسْخَةٍ أَعْمَالِهِمْ (فَإِنْ شَرَطُوهَا) أَيْ شَرِكَةَ النَّهْرِ بَيْنَهُمْ (عَلَى) قَدْرِ (مِلْكِهِمْ) مِنْ الْأَرْضِ (فَلْيَكُنْ الْعَمَلُ كَذَلِكَ) أَيْ عَمَلُ كُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ أَرْضِهِ (فَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمَا) فِي الْعَمَلِ (فَمُتَبَرِّعٌ إلَّا إنْ أُكْرِهَ) أَيْ أَكْرَهَهُ الْبَاقُونَ عَلَى زِيَادَةِ الْعَمَلِ (أَوْ شَرَطُوا لَهُ عِوَضًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ) عَلَيْهِمْ (بِأُجْرَةِ الزَّائِدِ) وَفِي نُسْخَةٍ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ (وَلَا يُقَدَّمُ الْأَعْلَى هَاهُنَا) عَلَى الْأَسْفَلِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ النَّهْرُ مَمْلُوكًا كَمَا مَرَّ لِاسْتِوَائِهِمْ هُنَا فِي الْمِلْكِيَّةِ (فَإِنْ اقْتَسَمُوهُ) أَيْ الْمَاءَ (مُيَاوَمَةً) أَوْ نَحْوَهَا (جَازَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: 155] (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمْ (الرُّجُوعُ) مَتَى شَاءَ (فَإِنْ رَجَعَ وَقَدْ أَخَذَ نَوْبَتَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ الْآخَرُ) نَوْبَتَهُ (فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا) أَيْ أُجْرَةُ نَوْبَتِهِ مِنْ النَّهْرِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي أَخَذَ هُوَ فِيهَا نَوْبَتَهُ (وَسَنَذْكُرُ قِسْمَةَ الْمَاءِ) نَفْسِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ إنْ اقْتَسَمُوا النَّهْرَ وَكَانَ عَرِيضًا جَازَ وَلَا إجْبَارَ فِيهِ كَمَا فِي الْجِدَارِ الْحَائِلِ (وَيُمْنَعُ أَحَدُهُمْ مِنْ تَوْسِيعِ) فَمِ (النَّهْرِ وَ) مِنْ (تَضْيِيقِهِ وَ) مِنْ (تَقْدِيمِ رَأْسِ السَّاقِيَةِ) الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ إلَى أَرْضِهِ وَمِنْ تَأْخِيرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَ) مِنْ (إجْرَاءِ مَا يَمْلِكُهُ فِيهِ) أَيْ فِي النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ (وَمِنْ بِنَاءِ قَنْطَرَةٍ وَرَحًى عَلَيْهِ وَ) مِنْ (غَرْسِ شَجَرٍ عَلَى حَافَّتِهِ إلَّا بِرِضَاهُمْ) أَيْ الْبَاقِينَ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلِأَنَّهُمْ قَدْ يَتَضَرَّرُونَ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَ بَابَ دَارِهِ إلَى رَأْسِ السُّدَّةِ الْمُنْسَدَّةِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ يَتَصَرَّفُ فِي جِدَارِهِ وَهُنَا فِي الْحَافَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ (وَعِمَارَتُهُ) أَيْ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ تَنْقِيَةً وَغَيْرَهَا يَقُومُ بِهَا الشُّرَكَاءُ (بِحَسَبِ الْمِلْكِ) وَلَوْ كَانَ الْمُحْتَاجُ مِنْهُ إلَى الْعِمَارَةِ مُسْتَقِلًّا عَنْ بَعْضِهِمْ لِاشْتِرَاكِهِمْ وَانْتِفَاعِهِمْ بِهِ وَكَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ وَقِيلَ لَا تَلْزَمْهُ الْعِمَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْبَاقِينَ وَالتَّرَجُّحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ. (فَرْعٌ: كُلُّ أَرْضٍ وُجِدَ فِي يَدِ أَهْلِهَا نَهْرٌ لَا تُسْقَى) أَيْ الْأَرْضُ (إلَّا مِنْهُ) وَلَمْ يُدْرَ أَنَّهُ حُفِرَ أَوْ انْخَرَقَ (حُكِمَ لَهُمْ بِمِلْكِهِ) لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ يَدٍ وَانْتِفَاعٍ فَلَا يُقَدَّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَلَوْ رَأَيْنَا لَهَا سَاقِيَةً مِنْهُ وَلَمْ نَجِدْ لَهَا شِرْبًا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ حَكَمْنَا عِنْدَ التَّنَازُعِ بِأَنَّ لَهَا شِرْبًا مِنْهُ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ تَنَازَعُوا فِي قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ) مِنْهُ (جَعَلْنَاهُ عَلَى قَدْرِ) أَنْصِبَائِهِمْ مِنْ (الْأَرْضِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّرِكَةَ بِحَسَبِ الْمِلْكِ وَقِيلَ يُجْعَلُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي أَيْدِيهِمْ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ الْأَصَحُّ بِمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الثَّانِي وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ. الْقِسْمُ (الثَّانِي) الْمِيَاهُ (الْمُخْتَصَّةُ) بِبَعْضِ النَّاسِ وَهِيَ مِيَاهُ الْآبَارِ، وَالْقَنَوَاتِ (فَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَوَاتٍ لِلتَّمَلُّكِ) أَوْ فِي مِلْكِهِ، أَوْ انْفَجَرَ فِيهِ عَيْنٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (مَلَكَهَا وَ) مَلَكَ (مَاءَهَا إذْ الْمَاءُ يُمْلَكُ) وَهُوَ نَمَاءُ مِلْكِهِ كَالثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ (لَكِنْ يَجِبُ) عَلَيْهِ (بَذْلُ الْفَاضِلِ مِنْهُ عَنْ شُرْبِهِ لِشُرْبِ غَيْرِهِ) مِنْ الْآدَمِيِّينَ (وَعَنْ مَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ لِمَاشِيَةِ غَيْرِهِ وَلَوْ أَقَامَ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ عِمَارَةُ الْأَنْهَارِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ] قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ الْعِمَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَنْهُ) إنَّمَا تَعَرَّضَا هُنَا لِكَيْفِيَّةِ الْعِمَارَةِ لَا لِإِيجَابِ الْعِمَارَةِ قَالَ شَيْخُنَا أَشَارَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِهَذَا الْكَلَامِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ عَلَيْهِ الْعِمَارَةُ مَعْنَاهُ أَنَّهَا مِنْ وَظِيفَتِهِ لَا أَنَّ الشَّرِيكَ يُجْبِرُ شَرِيكَهُ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ وَأَفْهَمَ ظَاهِرُ الْكَلَامِ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: حُكِمَ لَهُمْ بِمِلْكِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ مَنْبَعُهُ مِنْ أَرَاضِيهِمْ الْمَمْلُوكَةِ لَهُمْ أَمَّا إذَا كَانَ مَنْبَعُهُ بِمَوَاتٍ، أَوْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ نَهْرٍ عَامٍّ كَدِجْلَةَ وَنَحْوِهَا فَلَا بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَبِهَذَا الْكَلَامِ الْحَسَنِ يُجَابُ عَمَّا قَدَحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ الْأَصَحُّ بِمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الثَّانِي) لِأَنَّ الْقَرَائِنَ لَا يُنْظَرُ إلَيْهَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَدْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي عَبْدَيْنِ خَسِيسٍ وَنَفِيسٍ مُكَاتَبَيْنِ عَلَى نُجُومٍ مُتَفَاوِتَةٍ بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا وَأَحْضَرَا مَالًا وَادَّعَى الْخَسِيسُ أَنَّهُ سَوَاءٌ بَيْنَهُمَا وَادَّعَى النَّفِيسُ أَنَّهُ مُتَفَاوِتٌ عَلَى قَدْرِ النُّجُومِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ الْخَسِيسُ عَمَلًا بِالْيَدِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا لِصُورَتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْجِدَارِ وَلَا أَنْظُرُ إلَى مَنْ إلَيْهِ الدَّوَاخِلُ وَالْخَوَارِجُ وَلَا أَنْصَافُ اللَّبِنِ وَلَا مَعَاقِدُ الْقُمُطِ وَنَصَّ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ يَخْتَلِفُ فِيهِ الزَّوْجَانِ عَلَى إنَّهُ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا أَنَّهُمَا يُحَلَّفَانِ وَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ عَادَةً وَلَا مَا يَخْتَصُّ بِالْمَرْأَةِ قَالَ شَيْخُنَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيُّ بِعَدَمِ وُرُودِهِ عَلَى مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ الْمُنَازَعَةَ بِمَا ذُكِرَ هُنَا فِي شَيْءٍ تَابِعٍ لِغَيْرِهِ، وَالْيَدُ عَلَى النَّصِيبِ مُحَقَّقَةٌ فَكَانَ الْمُتَنَازِعُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِ الْيَدِ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَا كَذَلِكَ الْأَمْتِعَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُمَا اسْتِقْلَالًا، وَصَلَاحِيَةُ أَحَدِهِمَا لِأَحَدِهَا لَا تُرَجِّحُ فَعُمِلَ بِالْمِلْكِ لَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْيَدِ، كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَجِبُ بَذْلُ الْفَاضِلِ مِنْهُ) الْفَرْقُ بَيْنَ وُجُوبِ بَذْلِ فَضْلِ الْمَاءِ وَبَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ فَاضِلِ الْكَلَأِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ الْمَاءَ إذَا أُخِذَ اُسْتُخْلِفَ فِي الْحَالِ، وَالثَّانِي أَنَّ الْكَلَأَ يُتَمَوَّلُ فِي الْعَادَةِ، وَالثَّالِثُ أَنَّ رَعْيَ الْمَاشِيَةِ يَطُولُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ تَمْكِينُهَا مِنْ دُخُولِهَا مِلْكَهُ لِأَجْلِهِ، وَالْمَاءُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَلَوْ أَرَادَ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا طَمَّهَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ لِمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 غَيْرُهُ، ثَمَّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلَأَ» أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَاشِيَةَ إنَّمَا تَرْعَى بِقُرْبِ الْمَاءِ فَإِذَا مَنَعَ مِنْ الْمَاءِ فَقَدْ مَنَعَ مِنْ الْكَلَأِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَاشِيَةِ هُنَا الْحَيَوَانَاتُ الْمُحْتَرَمَةُ هَذَا (إنْ كَانَ هُنَاكَ كَلَأٌ) مُبَاحٌ يُرْعَى (وَلَمْ يَجِدْ مَاءً مَبْذُولًا) لَهُ هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ " مَاءً مُبَاحًا " (وَلَمْ يُحْرِزْهُ فِي إنَاءٍ) أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ بَذْلُهُ وَلَا يَجِبُ بَذْلُ فَضْلِ الْكَلَأِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَخْلَفُ فِي الْحَالِ وَيُتَمَوَّلُ فِي الْعَادَةِ وَزَمَنُ رَعْيِهِ يَطُولُ فَيَطُولُ الْمُكْثُ فِي أَرْضِهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَحَيْثُ لَزِمَهُ بَذْلُ الْمَاءِ لِلْمَاشِيَةِ لَزِمَهُ أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنْ وُرُودِ الْبِئْرِ إنْ لَمْ يُضَرَّ بِهِ (فَإِنْ أَضَرَّ بِهِ وُرُودُهَا) لَمْ يَلْزَمْهُ تَمْكِينُهَا وَ (اسْتَقَى لَهَا) أَيْ جَازَ لِلرُّعَاةِ اسْتِقَاءُ فَضْلِ الْمَاءِ لَهَا وَقَوْلُهُ (وَحَمَلَ) لَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَلَا يَجِبُ بَذْلُهُ لِزَرْعِ الْغَيْرِ) كَسَائِرِ الْمَمْلُوكَاتِ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ كَمَا مَرَّ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ (وَإِنْ حَفَرَهَا) فِي مَوَاتٍ (لِلِارْتِفَاقِ) أَيْ لِارْتِفَاقِهِ بِهَا (اُخْتُصَّ بِهَا) وَبِمَائِهَا (كَالْمَالِكِ مَا لَمْ يَرْتَحِلْ) لِخَبَرِ «مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ» فَإِذَا ارْتَحَلَ صَارَتْ الْبِئْرُ كَالْمَحْفُورَةِ لِلْمَارَّةِ فَإِنْ عَادَ فَكَغَيْرِهِ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ كَالْمَالِكِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ بَذْلُ الْفَاضِلِ عَنْ شُرْبِهِ لِشُرْبِ غَيْرِهِ وَعَنْ مَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ لِمَاشِيَةِ غَيْرِهِ لَا زَرْعِهِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ (أَوْ) حَفَرَهَا (لِلْمَارَّةِ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، أَوْ لَا يَصِحَّ بَيْعُ مَا وَجَبَ بَذْلُهُ) وَإِنْ صَحَّ بَيْعُ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَلَا يَجِبُ) عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَذْلُ (إعَارَةُ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ) مِنْ دَلْوٍ وَحَبْلٍ وَنَحْوِهِمَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْحَبْلِ (وَيُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْمَاءِ التَّقْدِيرُ) بِكَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ لَا بِرِيِّ الْمَاشِيَةِ، أَوْ الزَّرْعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَازِ الشُّرْبِ مِنْ مَاءِ السِّقَاءِ بِعِوَضٍ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي شُرْبِ الْآدَمِيِّ أَهْوَنُ مِنْهُ فِي شُرْبِ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ. (فَرْعٌ) الشُّرْبُ وَسَقْيُ الدَّوَابِّ مِنْ الْجَدَاوِلِ، وَالْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ - إذَا كَانَ السَّقْيُ لَا يَضُرُّ بِمَالِكِهَا - جَائِزٌ إقَامَةً لِلْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ مَقَامَ اللَّفْظِيِّ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (فَصْلٌ الْقَنَاةُ كَالْبِئْرِ) فِي مِلْكِ مَاءَهَا وَفِي وُجُوبِ الْبَذْلِ وَغَيْرِهِمَا إلَّا أَنَّ حَفْرَهَا لِمُجَرَّدِ الِارْتِفَاقِ لَا يَكَادُ يَقَعُ (فَإِنْ مَلَكَهَا جَمَاعَةٌ وَأَرَادُوا قِسْمَةَ الْمَاءِ عُرِّضَتْ فِيهِ) وَأَرْضُهُ مُسْتَوِيَةٌ (خَشَبَةٌ مُسْتَوِيَةٌ) عُلُوًّا وَسُفْلًا (فِيهَا ثُقْبٌ) مُتَسَاوِيَةٌ أَوْ مُتَفَاوِتَةٌ (بِمَقَادِيرِ الْحُقُوقِ) فَيَجُوزُ تَسَاوِيهَا مَعَ تَفَاوُتِ الْحُقُوقِ لَكِنْ لِذِي الثُّلُثِ مَثَلًا ثُقْبَةٌ وَلِذِي الثُّلُثَيْنِ ثُقْبَتَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقٌ إلَى اسْتِيفَاءِ كُلِّ أَحَدٍ حَقَّهُ (وَيَصْنَعُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَائِهِ مَا شَاءَ) كَأَنْ يَسُوقَهُ فِي سِيَاقِهِ إلَى أَرْضِهِ أَوْ يُدِيرَ رَحًى فِي أَرْضِهِ بِمَا صَارَ لَهُ (لَكِنْ لَا يَسُوقُهُ لِأَرْضٍ أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ لَيْسَ لَهَا شِرْبٌ مِنْ النَّهْرِ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ لَهَا شِرْبًا لَمْ يَكُنْ وَاعْلَمْ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى الْقِسْمَةِ بِتَعْرِيضِ الْخَشَبَةِ الْمَذْكُورَةِ مَحَلُّهُ عِنْدَ ضِيقِ الْمَاءِ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا (وَلَا يَتَصَرَّفُ) فِي الْمَاءِ (قَبْلَ الْقِسْمَةِ) بِسَوْقِهِ فِي سَاقِيَةٍ، أَوْ نَصْبِ رَحًى عَلَيْهِ، أَوْ غَيْرِهِمَا (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمْ (الرُّجُوعُ) بَعْدَ الْقِسْمَةِ (مَتَى شَاءَ) كَمَا مَرَّ فِي النَّهْرِ (إنْ اقْتَسَمُوا مُهَايَأَةً) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَاَلَّذِينَ يَسْقُونَ أَرَاضِيَهُمْ مِنْ أَوْدِيَةٍ مُبَاحَةٍ وَلَوْ تَرَاضَوْا بِمُهَايَأَةٍ فَهِيَ مُسَامَحَةٌ مِنْ الْأَوَّلِينَ بِتَقْدِيمِ الْآخِرِينَ وَلَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ فَمَنْ رَجَعَ مِنْهُمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ سَقْيِ أَرْضِهِ. (فَصْلٌ مَاءُ الْبِئْرِ، وَالْقَنَاةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) مُنْفَرِدًا عَنْهُمَا (لِأَنَّهُ يَزِيدُ) شَيْئًا فَشَيْئًا (وَيَخْتَلِطُ) الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ وَلِأَنَّهُ مَجْهُولٌ نَعَمْ إنْ بَاعَهُ بِشَرْطِ أَخْذِهِ الْآنَ صَحَّ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَاقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ (فَلَوْ بَاعَ صَاعًا مِنْ مَاءٍ بِئْرٍ) أَوْ قَنَاةٍ (رَاكِدٍ لَا جَارٍ صَحَّ لِقِلَّةِ زِيَادَتِهِ) فَلَا تَضُرُّ (كَالرَّطْبَةِ) أَيْ كَبَيْعِ الْقَتِّ فِي الْأَرْضِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ فِي الْجَارِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَبْطُ الْعَقْدِ بِمِقْدَارٍ مَضْبُوطٍ لِعَدَمِ وُقُوفِهِ (فَإِنْ اشْتَرَى الْبِئْرَ وَمَاءَهَا الظَّاهِرَ أَوْ جُزْأَهَا) الْأَوْلَى، أَوْ جُزْأَهُمَا (الشَّائِعَ وَقَدْ عَرَفَ عُمْقَهَا) فِيهِمَا (صَحَّ) وَمَا يَنْبُعُ فِي الثَّانِيَةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا كَالظَّاهِرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَاهَا، أَوْ جُزْأَهَا الشَّائِعَ دُونَ الْمَاءِ، أَوْ أَطْلَقَ لَا يَصِحُّ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْمَاءَانِ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمَتَى (بَاعَ مَاءَ الْقَنَاةِ مَعَ قَرَارِهِ، وَالْمَاءُ جَارٍ بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْجَمِيعِ) لَا فِي الْمَاءِ فَقَطْ (لِلْجَهَالَةِ وَفِي الرَّوْضَةِ) كَأَصْلِهَا (خِلَافُهُ) عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَرُدَّ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] تَعَلَّقَ بِفَضْلِ مَائِهَا مِنْ حُقُوقِ الْمَارِّ فِي الطَّرِيقِ، وَالْبَهَائِمِ وَكَذَا لَوْ حَفَرَ نَهْرًا، أَوْ انْبَسَطَ عَيْنًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا وَلَمْ يُخَالِفْهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَلْقَى مُعَايَاةً فَيُقَالُ: شَخْصٌ حَفَرَ بِئْرًا، وَهِيَ وَمَاؤُهَا عَلَى مِلْكِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِمَنْ يَمْلِكُهَا مِنْ جِهَتِهِ طَمُّهَا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ هُنَاكَ كَلَأٌ مُبَاحٌ يُرْعَى) أَيْ تَحْتَاجُهُ الْمَاشِيَةُ فَإِنْ لَمْ تَحْتَجْهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لُزُومُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَادَ فَكَغَيْرِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَكَذَا أَطْلَقَاهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا ارْتَحَلَ مُعْرِضًا أَمَّا لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ فَلَا إلَّا أَنْ تَطُولَ غَيْبَتُهُ وَإِعْرَاضُهُ عَنْهَا كَارْتِحَالِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَلَوْ حَفَرَهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ سَدَّهَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْمَاشِيَةِ بِظُهُورِ مَائِهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ إبْطَالُهَا. [فَصْلٌ الْقَنَاةُ كَالْبِئْرِ فِي مِلْكِ مَائِهَا وَفِي وُجُوبِ الْبَذْلِ] (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ سَقْيِ أَرْضِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ مَاءُ الْبِئْرِ وَالْقَنَاةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا عَنْهُمَا] (قَوْلُهُ: وَفِي الرَّوْضَةِ خِلَافُهُ) عِبَارَتُهَا لَوْ بَاعَ الْمَاءَ مَعَ قَرَارِهِ نُظِرَ إنْ كَانَ جَارِيًا فَقَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الْقَنَاةَ مَعَ مَاءَهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقُلْنَا الْمَاءُ لَا يُمْلَكُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ، وَفِي الْقَرَارِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ تَخْرِيجِهَا عَلَى قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَعَ أَنَّ الْمَاءَ الْمَذْكُورَ مَجْهُولٌ وَقَدْ سَبَقَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مَجْهُولًا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ بِالْقِسْطِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِلْجَهَالَةِ. اهـ.، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّ دَعْوَاهُ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي النَّهْرِ مَجْهُولٌ حَتَّى لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي أَرْضِ النَّهْرِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الرَّاكِدَ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَالرُّؤْيَةُ تُحِيطُ بِهِ وَمَعْرِفَةُ عُمْقِهِ مِمَّا يَسْهُلُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا فَمَا ذَكَرَهُ لَا اتِّجَاهَ لَهُ. اهـ. وَنُقِلَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا كَانَ مَجْهُولًا وَبِيعَ مَعَ غَيْرِهِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ بِالْقِسْطِ، وَالتَّقْسِيطُ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِلْجَهَالَةِ (أَوْ) وَهُوَ (وَاقِفٌ) وَعَرَفَ الْعُمْقَ (صَحَّ) الْبَيْعُ؛ إذْ لَا مَانِعَ. (فَرْعٌ وَإِنْ سَقَى زَرْعَهُ بِمَغْصُوبٍ ضَمِنَ الْمَاءَ) الْمَغْصُوبَ بِبَدَلِهِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ " بِقِيمَتِهِ " لِأَنَّ الْمَاءَ مِثْلِيٌّ، وَإِنْ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ فِي حَالَةٍ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي التَّيَمُّمِ وَيُمْكِنُ مَجِيئُهَا هُنَا (وَالْغَلَّةُ لَهُ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِلْبَذْرِ (فَإِنْ تَحَلَّلَ مِنْ صَاحِبِ الْمَاءِ) مَعَ غُرْمِ بَدَلِهِ (كَانَ الطَّعَامُ) أَيْ الْغَلَّةُ (أَطْيَبَ) لَهُ مِمَّا لَوْ غَرِمَ الْبَدَلَ فَقَطْ (وَإِنْ أَضْرَمَ) أَيْ أَشْعَلَ (نَارَهُ فِي حَطَبٍ مُبَاحٍ لَمْ يَمْنَعْ) أَحَدًا (النَّفْعَ) أَيْ الِانْتِفَاعَ (بِهَا فَإِنْ مَلَكَهُ) أَيْ الْحَطَبَ الْمَذْكُورَ (فَلَهُ الْمَنْعُ) مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا أَيْ بِالْأَخْذِ مِنْهَا وَنَحْوِهِ، أَمَّا الِاصْطِلَاءُ، أَوْ الِاسْتِصْبَاحُ بِهَا أَوْ مِنْهَا فَلَا مَنْعَ مِنْهُ. (كِتَابُ الْوَقْفِ) هُوَ - لُغَةً - الْحَبْسُ يُقَالُ: وَقَفْت كَذَا أَيْ حَبَسْته، وَيُقَالُ: أَوْقَفْته فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ وَشَرْعًا حَبْسُ مَالٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ بِقَطْعِ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ، وَجَمْعُهُ وُقُوفٌ وَأَوْقَافٌ، وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» . وَالصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْوَقْفِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لَا عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ لِنُدْرَتِهَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ شِئْت حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ» وَهُوَ أَوَّلُ وَقْفٍ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَفِيهِ بَابَانِ: الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ، وَفِيهِ طَرَفَانِ: الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ الْوَاقِفُ، وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) فَيَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ لِمَسْجِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ قُرْبَةً اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِنَا وَمِنْ مُبَعَّضٍ لَا مِنْ مُكَاتَبٍ وَمُفْلِسٍ وَمُوَلًّى عَلَيْهِ وَلَوْ بِمُبَاشَرَةِ وَلِيِّهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْإِمَامَ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَجِهَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ تَبَعًا لِجَمْعٍ لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُهُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَلَا عَلَى طَوَائِفَ مَخْصُوصَةٍ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ. الرُّكْنُ (الثَّانِي الْمَوْقُوفُ وَهُوَ كُلُّ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ مَمْلُوكَةٍ تَقْبَلُ النَّقْلَ) مِنْ مِلْكِ شَخْصٍ إلَى مِلْكِ آخَرَ (وَيَحْصُلُ مِنْهَا) مَعَ بَقَاءِ عَيْنهَا (فَائِدَةٌ) حَالًا وَمَآلًا كَثَمَرَةٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ تُسْتَأْجَرُ لَهَا غَالِبًا كَسُكْنَى وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ - مِنْ زِيَادَتِهِ - " غَالِبًا " عَنْ الرَّيَاحِينِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا كَمَا سَيَأْتِي مَعَ أَنَّهَا تُسْتَأْجَرُ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَهَا نَادِرٌ وَلَا غَالِبٌ (فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَطْعُومٍ) لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي اسْتِهْلَاكِهِ وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ (وَيَصِحُّ وَقْفُ الْعَقَارِ) بِالْإِجْمَاعِ (وَالْمُشَاعِ) كَنِصْفِ دَارٍ وَنِصْفِ عَبْدٍ؛ لِأَنَّ عُمَرَ وَقَفَ مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ مُشَاعًا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ. (وَلَا يَسْرِي) الْوَقْفُ مِنْ جُزْءٍ إلَى جُزْءٍ (كَمَا لَا يَسْرِي إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْجُزْءِ الْمَوْقُوفِ (الْعِتْقُ) وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْجُزْءِ الْمَرْهُونِ حَيْثُ يَسْرِي إلَيْهِ الْعِتْقُ بِأَنَّ الْمَرْهُونَ قَابِلٌ لِلْإِعْتَاقِ بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ صِحَّةُ وَقْفِ الْمُشَاعِ مَسْجِدًا وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَالَ يَحْرُمُ الْمُكْثُ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ تَغْلِيبًا لِلْمَنْعِ وَتَجِبُ الْقِسْمَةُ لِتَعَيُّنِهَا طَرِيقًا قَالَ. السُّبْكِيُّ الْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ الْمَعْرُوفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَقْلٌ صَرِيحٌ بِخُصُوصِهِ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِجَوَازِ الْمُكْثِ فِيهِ مَا لَمْ يُقْسَمْ   [حاشية الرملي الكبير] نَهْيٌ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَفْرَدَ مَاءَ عَيْنٍ، أَوْ بِئْرٍ، أَوْ نَهْرٍ بِالْبَيْعِ فَإِنْ بَاعَهُ مَعَ الْأَرْضِ بِأَنْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ شِرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ فِي نَهْرٍ، أَوْ وَادٍ صَحَّ وَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مُرَادُهُ بِالشِّرْبِ الْمَاءُ الرَّاكِدُ عَلَيْهَا، أَوْ جَمِيعُ الْمَاءِ الَّذِي أَحَاطَ بِهِ الْوَادِي أَوْ النَّهْرُ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَاءُ النَّهْرِ جَارِيًا. [فَرْعٌ سَقَى زَرْعَهُ بِمَغْصُوبٍ] (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ بِقِيمَتِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُوَ سَهْوٌ وَالصَّوَابُ إيجَابُ مِثْلِهِ وَقَدْ ذَكَرَهَا ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ عَلَى الصَّوَابِ قَالَ النَّاشِرِيُّ قَالَ وَالِدِي الَّذِي يَظْهَرُ لِي وُجُوبُ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ فَإِنَّ الْمَاءَ فِي النَّهْرِ لَا تَنْتَفِعُ بِهِ الْأَرَاضِي فِي كُلِّ وَقْتٍ فَتَسْلِيمُ الْمِثْلِ فِي وَقْتٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَتَسْلِيمِ مِثْلِ الْمَاءِ فِي الْبَلَدِ عِوَضًا عَنْ الْمَغْصُوبِ فِي مَفَازَةٍ، فَإِنْ فُرِضَتْ حَالَةٌ يُمْكِنُ فِيهَا نَقْلُ مِثْلِ الْمَاءِ مِنْ قِرَبٍ - وَسَهُلَ سُهُولَةَ أَخْذِ الْمَاءِ الْمَغْصُوبِ لِلسَّقْيِ أَوَّلًا، وَيَنْتَفِعُ بِهِ صَاحِبُ الْمَاءِ كَانْتِفَاعِهِ بِمَائِهِ الَّذِي غُصِبَ حَالَةَ غَصْبِهِ - تَعَيَّنَ الْمِثْلُ وَكَتَبَ أَيْضًا أَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي سَقَى بِهِ الْأَرْضَ لَا يُتَصَوَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ إمَّا لِكَثْرَتِهِ، أَوْ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ أَوْ لِعِزَّةِ وُجُودِهِ فِي سَقْيِ أَرْضٍ أُخْرَى تَكُونُ لِمَالِكِ الْمَاءِ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ عَدِمَ الْمِثْلَ فَيَرْجِعُ إلَى الْقِيمَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ يَجِبُ مِثْلُهُ مُحَصَّلًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ مِنْ قَنَاةٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْلِ عَلَى أَنَّهُ غَصَبَهُ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَى السَّقْيِ بِهِ، ثُمَّ طَالَبَهُ فِي وَقْتٍ لَا قِيمَةَ لَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ ع. [كِتَابُ الْوَقْفِ وَفِيهِ بَابَانِ] [الْبَابَ الْأَوَّلُ وَفِيهِ طَرَفَانِ] [الطَّرَف الْأَوَّل فِي أَرْكَانِ الْوَقْفِ] (كِتَابُ الْوَقْفِ) (قَوْلُهُ: عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ) مَوْجُودٍ (قَوْلُهُ: أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) أَيْ النَّاجِزُ وَالِاخْتِيَارُ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْإِمَامَ إلَخْ) وَمَا لَوْ كَانَ الْحَاكِمُ نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ وَشَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ مَا يَصِحُّ وَقْفُهُ يُوقَفُ وَمِثْلُهُ مَا يَقِفُهُ مَنْ شُرِطَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ نَاظِرٍ أَوْ وَصِيٍّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمًا. (29) (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ مِنْهَا فَائِدَةٌ أَوْ مَنْفَعَةٌ) الْمُرَادُ بِالْفَائِدَةِ اللَّبَنُ وَالثَّمَرَةُ وَنَحْوُهُمَا وَبِالْمَنْفَعَةِ السُّكْنَى وَاللُّبْسُ وَنَحْوُهُمَا (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الْقِسْمَةُ) لِتَعَيُّنِهَا طَرِيقًا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ مَنْعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ مِنْ الْمُطْلَقِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِجَوَازِ الْمُكْثِ فِيهِ مَا لَمْ يُقْسَمْ) فِي إطْلَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْخَادِمِ أَنَّهُ إنْ وَقَفَ الْأَكْثَرَ مَسْجِدًا حَرُمَ مُكْثُ الْجُنُبِ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ كَمَا فِي حَمْلِ التَّفْسِيرِ إنْ كَانَ الْقُرْآنُ فِيهِ أَكْثَرَ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا وَكَلُبْسِ الْمُرَكَّبِ مِنْ إبْرَيْسَمٍ وَغَيْرِهِ، أث: الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَيْنِ وَبَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَاضِحٌ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ حُكْمِ الْأُولَى مِنْهُمَا. (تَنْبِيهٌ) أَمَّا جَعْلُ الْفُرُشِ وَالثِّيَابِ مَسْجِدًا فَمَوْضِعُ تَوَقُّفٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ مِثْلُهُ، وَكُتُبُ الْأَصْحَابِ عَنْ التَّنْصِيصِ عَلَى الْجَوَازِ، أَوْ عَدَمِهِ سَاكِتَةٌ وَإِنْ ظُنَّ الْجَوَازُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ، وَالْأَحْوَطُ الْمَنْعُ كوهكيلوني، وَقَوْلُهُ: وَالْأَحْوَطُ الْمَنْعُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 وَقَدَّمْت فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ (وَ) يَصِحُّ وَقْفُ (الْأَشْجَارِ وَالْمَنْقُولَاتِ) كَعَبِيدٍ وَثِيَابٍ وَدَوَابَّ (لِرِيعِهَا) مِنْ ثَمَرَةٍ وَصُوفٍ وَوَبَرٍ وَكَسْبٍ وَلُبْسٍ وَرُكُوبٍ وَغَيْرِهَا. (وَ) يَصِحُّ (وَقْفُ عَبْدٍ وَجَحْشٍ صَغِيرَيْنِ وَزَمِنٍ يُرْجَى) زَوَالُ زَمَانَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَوْجُودَةً فِي الْحَالِ كَمَا يَجُوزُ نِكَاحُ رَضِيعَةٍ (وَ) وَقْفُ (حُلِيٍّ لِلُبْسٍ لَا) وَقْفُ (النَّقْدَيْنِ) كَمَا لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَحَكَى الْإِمَامُ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا وَقْفَهُمَا لِيُصَاغَ مِنْهُمَا الْحُلِيُّ بِوَقْفِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ وَتَرَدَّدَ هُوَ فِيهِ (وَ) لَا (الرَّيَاحِينِ) الْمَشْمُومَةِ لِسُرْعَةِ فَسَادِهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الرَّيَاحِينِ الْمَحْصُودَةِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمَزْرُوعَةِ لِلشَّمِّ؛ لِأَنَّهَا تَبْقَى مُدَّةً وَنَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ فَقَالَ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فِي الْمَزْرُوعَةِ وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَابْنُ الصَّلَاحِ يَصِحُّ وَقْفُ الْمَشْمُومِ الدَّائِمِ نَفْعُهُ كَالْعَنْبَرِ، وَالْمِسْكِ (وَلَا أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ النَّقْلَ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ حَلَّهُمَا حُرْمَةُ الْعِتْقِ فَالْتَحَقَا بِالْحُرِّ. (وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُدَبَّرِ، وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ) كَمَا فِي بَيْعِهِمَا (لَكِنْ يَعْتِقَانِ لَوْ وُجِدَتْ) أَيْ الصِّفَةُ وَيَبْطُلُ وَقْفُهُمَا لِتَقَدُّمِ سَبَبِ عِتْقِهِمَا عَلَى وَقْفِهِمَا وَهَذَا مَا فِي الْأَصْلِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَقْفِ لِلْوَاقِفِ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْفُورَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ فَقَطْ وَقَدْ نَسَبَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْبَغَوِيّ إلَى انْفِرَادِهِ بِمَا ذَكَرَهُ فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ (وَلَا يَصِحُّ) مِنْ الْحُرِّ (وَقْفُ نَفْسِهِ) لِأَنَّ رَقَبَتَهُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ (وَ) لَا وَقْفُ (الْمَلَاهِي) لِحُرْمَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ (وَلَا) وَقْفُ (كَلْبِ صَيْدٍ) أَوْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ (وَلَا) وَقْفُ (أَحَدِ عَبْدَيْهِ) لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ وَفَارَقَ الْعِتْقَ بِأَنَّهُ أَنْفَذُ بِدَلِيلِ سِرَايَتِهِ وَتَعْلِيقِهِ (وَلَا) وَقْفُ (مَنْفَعَةٍ دُونَ عَيْنٍ) سَوَاءٌ أَمَلَكَهَا مُؤَقَّتًا كَالْمُسْتَأْجِرِ أَمْ مُؤَبَّدًا كَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ لِانْتِفَاءِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ. وَحِكْمَتُهُ أَنَّ الْوَقْفَ يَسْتَدْعِي أَصْلًا يُحْبَسُ لِتُسْتَوْفَى مَنْفَعَتُهُ عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ يُشْبِهُ التَّحْرِيرَ، وَمِلْكُ الْمَنْفَعَةِ لَا يُفِيدُ وِلَايَةَ التَّحْرِيرِ. (وَلَا) وَقْفُ (عَبْدٍ) مَثَلًا (فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّتِهِ، أَوْ ذِمَّةِ غَيْرِهِ كَمَا لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ وَلِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْحَمْلِ، وَإِنْ صَحَّ عِتْقُهُ، نَعَمْ إنْ وَقَفَ الْحَامِلَ صَحَّ فِيهِ تَبَعًا لِأُمِّهِ (وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمَغْصُوبِ) إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْعَجْزُ عَنْ صَرْفِ مَنْفَعَتِهِ إلَى جِهَةِ الْوَقْفِ فِي الْحَالِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ (وَ) يَصِحُّ وَقْفُ (الْعُلُوِّ وَحْدَهُ) مِنْ دَارٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَلَوْ مَسْجِدًا (وَ) وَقْفُ (الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ) بِخِلَافِ إجَارَتِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ قُرْبَةٌ يُحْتَمَلُ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ (وَلَوْ وَقَفَ مَا لَمْ يَرَهُ، أَوْ) وَقَفَ (الْمُؤَجِّرُ أَرْضُهُ) الَّتِي أَجَّرَهَا (أَوْ الْوَارِثُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً، أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ) لِأَرْضٍ (بِنَاءَهُ) أَوْ غِرَاسَهُ الَّذِي بَنَاهُ، أَوْ غَرَسَهُ فِيهَا (صَحَّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَمْلُوكٌ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَقْفُ فِي الْأَخِيرَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ وَقْفُ الْأَشْجَارِ) لَوْ وَقَفَ شَجَرَةً أَوْ جِدَارًا فَفِي دُخُولِ مَقَرِّهِمَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ دُخُولِهِ (قَوْلُهُ: كَعَبِيدٍ وَثِيَابٍ) اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ فِي الْأَعْصَارِ عَلَى وَقْفِ الْحُصُرِ، وَالْقَنَادِيلِ وَالزَّلَالِيّ فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا وَقْفَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمَزْرُوعَةِ لِلشَّمِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ سَبَبِ عِتْقِهِمَا عَلَى وَقْفِهِمَا) وَلِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ حَقَّانِ لِلَّهِ تَعَالَى فَقُدِّمَ أَقْوَاهُمَا وَهُوَ الْعِتْقُ وَيُشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّ تَنْفِيذَ الْعِتْقِ - وَقَدْ زَالَ مِلْكُ الْمُعْتِقِ - خِلَافُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ. أث: جَوَابُهُ مَنْعُ مُخَالَفَتِهِ لِلْقَوَاعِدِ؛ إذْ الْمُعْتَبَرُ فِي نُفُوذِ الْعِتْقِ بِالتَّعْلِيقِ وُجُودُهُ فِي مِلْكِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ وُجُودُ صِفَتِهِ فِي مِلْكِهِ أَيْضًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَقِيقِهِ إذَا مِتّ وَمَضَى شَهْرٌ فَأَنْت حُرٌّ عَتَقَ بِمُضِيِّهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَجْهُ إشْكَالِهِ أَنَّ الصِّفَةَ تَزُولُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ لَكِنَّ جَوَابَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَنْعُ الزَّوَالِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا تَبْطُلُ الصِّفَةُ إذَا انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَى غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ فِي الصِّفَةِ وَهَاهُنَا انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَى مَنْ لَهُ حَقُّ الْعِتْقِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ عَتَقَ تَقْدِيمًا لِأَقْوَى السَّبَبَيْنِ وَهُوَ الْعِتْقُ فَإِنَّهُ أَقْوَى مِنْ الْوَقْفِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَسْرِي بِخِلَافِ الْوَقْفِ. الثَّانِي أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ سَبَقَ عَلَى حَقِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى وَقْتِ التَّعْلِيقِ لَا إلَى وَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْفَعَةِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي نُفُوذَ الْعِتْقِ فِي الرَّقَبَةِ كَمَا أَنَّ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهِ يَصِحُّ عِتْقُهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ إلَخْ) لَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْبَغَوِيّ هُنَا وَأَقَرَّاهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِمَا فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْكِتَابِ: إنَّهُ إذَا وَطِئَ الْوَاقِفُ الْجَارِيَةَ الْمَوْقُوفَةَ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ جَعَلْنَا الْمِلْكَ فِي رَقَبَةِ الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْعِتْقِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ سَابِقٌ عَلَى حَقِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْطُلْ فِي الْوَقْفِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِتْقِ، وَالْوَقْفِ فَأَبْطَلْنَا الْوَقْفَ لِتَأَخُّرِهِ وَضَعْفِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ فَإِنْ سَبَبَ الْعِتْقِ فِيهِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْوَقْفِ فَلَمْ يَثْبُتْ لِعَدَمِ وُقُوعِ الْوَطْءِ فِي مِلْكِهِ لِانْتِقَالِهِ عَنْهُ بِالْوَقْفِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ) أَمَّا إذَا قُلْنَا الْمِلْكُ لِلَّهِ لَمْ يَعْتِقْ كَمَا لَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ السَّيِّدِ بِالْبَيْعِ، ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْبَغَوِيُّ هُنَا أَفْقَهُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ مَقْصُودَ كُلٍّ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالصِّفَةِ، وَالْوَقْفِ هُوَ إخْرَاجُ الرَّقِيقِ عَنْ الْمِلْكِ لِيَكُونَ الْمِلْكُ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَلَمْ يَكُنْ الْإِخْرَاجُ بِالْوَقْفِ مَانِعًا مِنْ تَرَتُّبِ أَثَرِ التَّعْلِيقِ الَّذِي تَشَوَّفَ الشَّارِعُ إلَى مَقْصُودِهِ أَرْجَحُ لِأَنَّ كَوْنَ الْمِلْكِ لِلَّهِ فِي الْوَقْفِ لَا يَقْطَعُ تَعَلُّقَ الْوَاقِفِ اتِّبَاعَ شَرْطِهِ فَفَارَقَ إخْرَاجَ الرَّقِيقِ عَنْ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ أب. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفَ مَا لَمْ يَرَهُ إلَخْ) لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَرَ السَّوَادَ فَيَصِحُّ وَقْفُ الْأَعْمَى (قَوْلُهُ: وَالْمُؤَجِّرُ أَرْضَهُ) وَلَوْ مَسْجِدًا (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَأْجِرُ لِأَرْضٍ بِنَاءَهُ وَلَوْ مَسْجِدًا) وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ بَنَى مَسْجِدًا فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ لِلسُّكْنَى لَمْ يَجُزْ فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَبْنِيَ الْعَرْصَةَ بِالْآجُرِّ وَالنُّورَةِ فَيَصِيرُ مَسْجِدًا إذَا وَقَفَهُ قِيَاسًا عَلَى الْعُلُوِّ دُونَ السُّفْلِ ذَكَرَهُ الْقَمُولِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 بَعْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ. وَمَا ذَكَرَ مِنْ صِحَّةِ وَقْفِ مَا لَمْ يَرَهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ وَقْفِ الْأَعْمَى وَمَسْأَلَةُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا الرَّافِعِيُّ وَخَرَجَ بِهَا وَقْفُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا أَوْ مُطْلَقًا فَلَا يَصِحُّ إذْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلْمُوصَى لَهُ. (فَإِنْ قَلَعَ) الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ (بَقِيَ وَقْفًا) كَمَا كَانَ إنْ نَفَعَ (فَلَوْ لَمْ يَنْفَعْ فَهَلْ يَصِيرُ) مِلْكًا (لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالصَّحِيحُ غَيْرُهُمَا وَهُوَ شِرَاءُ عَقَارٍ، أَوْ جُزْءٍ مِنْ عَقَارٍ وَهُوَ قِيَاسُ النَّظَائِرِ الْمَذْكُورَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ نَحْوَهُ فَقَالَ يَقْرُبُ أَنْ يُقَالَ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِنْ جِنْسِهِ مَا يُوقَفُ مَكَانَهُ (وَأَرْشُ) النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِقَلْعِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ (الْمَوْقُوفِ كَالْوَقْفِ) أَيْ يُسْلَكُ لَهُ مَسْلَكُهُ فَيُشْتَرَى بِهِ شَيْءٌ وَيُوقَفُ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ قِسْمَانِ: مُعَيَّنٌ، وَغَيْرُهُ، فَالْأَوَّلُ الْمُعَيَّنُ) مِنْ شَخْصٍ أَوْ جَمَاعَةٍ (وَيُشْتَرَطُ صِحَّةُ تَمَلُّكِهِ) بِأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حَالَ الْوَقْفِ أَهْلًا لِتَمَلُّكِ الْمَوْقُوفِ مِنْ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ - إنْ قُلْنَا بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ -، وَتَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ إنْ لَمْ نَقُلْ بِهِ، وَاعْتَبَرُوا إمْكَانَ تَمْلِيكِ الْمَوْقُوفِ لَا مَنْفَعَتِهِ لِيَدْخُلَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ وَقْفُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ، وَالْمُصْحَفِ عَلَى الْكَافِرِ (فَيَصِحُّ) الْوَقْفُ (عَلَى ذِمِّيٍّ) كَالْوَصِيَّةِ لَهُ وَالتَّصَدُّقُ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ كَالذِّمِّيِّ إنْ حَلَّ بِدَارِنَا مَا دَامَ فِيهَا فَإِذَا رَجَعَ صُرِفَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ (لَا) عَلَى (مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) لِأَنَّهُمَا لَا دَوَامَ لَهُمَا، وَالْوَقْفُ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ فَكَمَا لَا يُوقَفُ مَا لَا دَوَامَ لَهُ لَا يُوقَفُ عَلَى مَنْ لَا دَوَامَ لَهُ وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَيَانِ بِالزَّانِي الْمُحْصَنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مَقْتُولٌ وَفِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ وَقْفَ مَا لَا دَوَامَ لَهُ لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ بَعْدَ فَوَاتِهِ، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوَّلًا انْتَقَلَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ فَمَقْصُودُ الْوَقْفِ مِنْ الدَّوَامِ حَاصِلٌ وَلَمَّا كَانَ الِاعْتِرَاضَانِ قَوِيَّيْنِ عَلَّلَ السُّبْكِيُّ بِانْتِفَاءِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ فِيمَنْ هُوَ مَقْتُولٌ لِكُفْرِهِ (وَ) لَا عَلَى (جَنِينٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ تَمَلُّكِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِقْبَالِ، وَالْوَقْفُ تَسْلِيطٌ فِي الْحَالِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) لَا عَلَى (عَبْدِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَأَمَّا صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ الْمَوْقُوفِينَ عَلَى خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا سَيَأْتِي فَلِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الْجِهَةُ فَهُوَ كَالْوَقْفِ عَلَى عَلْفِ الدَّوَابِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ (وَلَا) عَلَى (عَبْدِ غَيْرِهِ إنْ قَصَدَهُ) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ أَطْلَقَ صَحَّ) الْوَقْفُ (وَوَقَعَ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ اسْتَقَلَّ) هُوَ (بِالْقَبُولِ) عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِهِ كَمَا فِي الْهِبَةِ، وَالْوَصِيَّةِ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ الْآتِيَ فِي الْبَهِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْمِلْكِ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ أَهْلٌ لَهُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلٍ، أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً وَصَدَرَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَكَالْحُرِّ، أَوْ يَوْمَ نَوْبَةِ سَيِّدِهِ فَكَالْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً وُزِّعَ عَلَى الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ ابْنِ خَيْرَانَ صِحَّةَ الْوَقْفِ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ أَرَادَ مَالِكُ الْبَعْضِ أَنْ يَقِفَ نِصْفَهُ الرَّقِيقَ عَلَى نِصْفِهِ الْحُرِّ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِنِصْفِهِ الْحُرِّ. (فَرْعٌ لَوْ وَقَفَ عَلَى مُكَاتَبِ غَيْرِهِ صَحَّ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ (فَإِنْ عَجَزَ بَانَ) الْوَقْفُ (مُنْقَطِعَ الِابْتِدَاءِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَرْجِعُ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ (وَإِنْ عَتَقَ) الْمُكَاتَبُ (وَقَدْ قَيَّدَهُ) أَيْ الْوَقْفَ عَلَيْهِ (بِمُدَّةِ الْكِتَابَةِ بَانَ مُنْقَطِعَ الِانْتِهَاءِ) فَيَبْطُلُ اسْتِحْقَاقُهُ وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ بَلْ أَطْلَقَهُ دَامَ اسْتِحْقَاقُهُ وَفِي مَعْنَى التَّقْيِيدِ مَا لَوْ عَبَّرَ بِمُكَاتَبِ فُلَانٍ وَمَا ذَكَرَ مِنْ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ) وَالْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ كَالصَّحِيحَةِ وَإِجَارَةُ الْمَقْطَعِ كَغَيْرِهِ، وَذِكْرُ الْمُسْتَأْجَرَةِ مِثَالٌ فَإِنَّ الْمُسْتَعَارَةَ، وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا كَذَلِكَ وَتَصْوِيرُ الْمُصَنِّفِ الْمَسْأَلَةَ بِالْمُسْتَأْجَرَةِ يُفْهِمُ تَصْوِيرَهَا فِي الْمَوْضُوعَةِ بِحَقٍّ أَمَّا لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ، ثُمَّ وَقَفَهُ لَمْ يَصِحَّ فَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ صَرْفَ أُجْرَةِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: تَكَلَّمَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي عَصْرِنَا فِيهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ، وَوَقْفُ الْبِنَاءِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ أُجْرَةِ الْقَرَارِ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ فَإِذَا شَرَطَ صَرْفَ الْأُجْرَةِ مِنْ رِيعِهِ فَقَدْ شَرَطَ مَا يُوَافِقُ مُقْتَضَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ شَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ الَّتِي قَالَهَا ابْنُ الْأُسْتَاذِ غَيْرُ الصُّورَةِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَقْفِ بَلْ تِلْكَ فِي إجَارَةٍ اسْتَأْجَرَهَا الْوَاقِفُ قَبْلَ الْوَقْفِ فَلَزِمَتْ الْأُجْرَةُ ذِمَّتَهُ، وَمَسْأَلَةُ ابْنِ الْأُسْتَاذِ وَبَحْثُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا بَقِيَ الْمُوقَفُ بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، فش وَقَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالصَّحِيحُ غَيْرُهُمَا إلَخْ) كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الشِّرَاءُ الْمَذْكُورُ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ كَوْنُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْغَزِّيِّ: إنَّهُ الْأَقْوَى وَجَزَمَ الدَّمِيرِيِّ بِأَنَّهُمَا كَالْحَرْبِيِّ وَلَوْ لَحِقَ الذِّمِّيُّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مَاذَا يُفْعَلُ بِغَلَّةِ الْمَوْقُوفِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ مُنْقَطِعِ الْآخِرِ، وَالْوَسَطِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَيَانِ بِالزَّانِي الْمُحْصَنِ) مِثْلُهُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ الَّذِي تَحَتَّمَ قَتْلُهُ وَمَنْ اُسْتُحِقَّ قَتْلُهُ بِتَرْكِهِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مَقْتُولٌ) وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا مُسْلِمٌ يُتَقَرَّبُ بِإِطْعَامِهِ إلَى أَنْ يَقْتُلَ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَحَاصِلُهُ اعْتِبَارُ وَصْفِ كَوْنِهِ بِحَيْثُ يُتَقَرَّبُ بِالْوَقْفِ عَلَيْهِ أث (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى جَنِينٍ) وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ كَمَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَهُ وَلَدٌ مُجْتَنٌّ نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ دَخَلَ مَعَهُمْ قَطْعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ قَدْ سَمَّى الْمَوْجُودِينَ أَوْ ذَكَرَ عَدَدَهُمْ فَلَا يَدْخُلُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَقَلَّ هُوَ بِالْقَبُولِ) شَمِلَ مَا لَوْ نَهَاهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِهِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى مُكَاتَبِ غَيْرِهِ] (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 خِلَافَهُ كَالْوَقْفِ عَلَى الْقِنِّ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَخَرَجَ بِغَيْرِهِ الْمَزِيدِ عَلَى أَصْلِهِ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مُكَاتَبِ نَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي إعْطَاءِ الزَّكَاةِ لَهُ (وَلَا يَصِحُّ) الْوَقْفُ (عَلَى بَهِيمَةٍ وَلَوْ أَطْلَقَ) أَوْ وَقَفَ عَلَى عَلْفِهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِلْمِلْكِ كَمَا فِي الْهِبَةِ، وَالْوَصِيَّةِ لَهَا فَإِنْ قَصَدَ بِهِ مَالِكَهَا فَهُوَ وَقْفٌ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَوْقُوفَةِ أَمَّا الْمَوْقُوفَةُ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى عَلْفِهَا كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْغَزَالِيُّ وَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى حَمَامِ مَكَّةَ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْوُحُوشِ وَلَا عَلَى الطُّيُورِ الْمُبَاحَةِ. (فَرْعٌ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَعَهُمْ) مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ (لَمْ يَصِحَّ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِتَعَذُّرِ تَمْلِيكِ الْإِنْسَانِ مِلْكَهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ حَاصِلٌ وَيَمْتَنِعُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي وَقْفِهِ بِئْرَ رُومَةَ دَلْوِي فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ بَلْ إخْبَارٌ بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِوَقْفِهِ الْعَامِّ كَالصَّلَاةِ بِمَسْجِدٍ وَقَفَهُ وَالشُّرْبِ مِنْ بِئْرٍ وَقَفَهَا وَالِانْتِفَاعِ بِكِتَابٍ وَقَفَهُ لِلْقِرَاءَةِ (فَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَوْ) عَلَى (الْفُقَرَاءِ فَافْتَقَرَ فَلَهُ التَّنَاوُلُ) مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ نَفْسَهُ وَإِنَّمَا وُجِدَتْ فِيهِ الْجِهَةُ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا وَكَالْفُقَرَاءِ الْعُلَمَاءُ وَنَحْوُهُمْ إذَا اتَّصَفَ بِصِفَتِهِمْ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ كَغَيْرِهِ بِالْفَاءِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَقِيرًا حَالَةَ الْوَقْفِ لَا يَأْخُذْ مِنْهُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيَّ أَنَّهُ يَأْخُذُ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ النَّظَرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ صَحَّ) لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لَهَا مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ لَا مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ فَإِنْ شَرَطَ النَّظَرَ بِأَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَوْ وَقَفَ وَقْفًا لِيُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ جَازَ وَلَا يَكُونُ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْ غَلَّتِهِ فَإِنْ ارْتَدَّ لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ فِي الْحَجِّ وَصُرِفَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ أُعِيدَ الْوَقْفُ إلَى الْحَجِّ عَنْهُ (وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ لَمْ يَصِحَّ) لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (الْقِسْمُ الثَّانِي: غَيْرُ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ الْجِهَةُ الْعَامَّةُ) كَالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ (فَإِنْ كَانَ) أَيْ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ (مَعْصِيَةً كَالسِّلَاحِ لِلْقُطَّاعِ) أَيْ كَوَقْفِ السِّلَاحِ عَلَى قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَوَقْفِ كُتُبِ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ (وَالْوَقْفِ عَلَى الْكَنَائِسِ) الَّتِي لِلتَّعَبُّدِ (لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ) كَانَ الْوَقْفُ (مِنْ ذِمِّيٍّ) لِأَنَّهُ أَعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَسَوَاءٌ فِيهِ إنْشَاءُ الْكَنَائِسِ وَتَرْمِيمُهَا، مَنَعْنَا التَّرْمِيمَ، أَوْ لَمْ نَمْنَعْهُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَنْعِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ وَهْمٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ عَلَى بَهِيمَةٍ) عَنْ جَمْعٍ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَى الْخَيْلِ الْمُسَبَّلَةِ فِي وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ وَفِي الْوَصِيَّةِ لَهَا أَوْ صَوَّبَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَوْقُوفَةُ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْغَزَالِيُّ وَيَصِحُّ الْوَقْفُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ إطْعَامُ حَمَامِ مَكَّةَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ فَيَكُونُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى مَنْ يَجِبُ لَهُ الْإِطْعَامُ قَالَ شَيْخُنَا قَالَ الكوهكيلوني قُلْت: وَمَا عُمِرَ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى إطْعَامِ الْكِلَابِ وَالسَّنَانِيرِ وَالطُّيُورِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ وَقَفَ عَلَى عِمَارَةِ دَارِ زَيْدٍ صَحَّ إنْ كَانَتْ وَقْفًا وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ فِي الْحَاوِي وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الصِّحَّةِ نَظَرٌ لِأَنَّ عِمَارَتَهَا مِنْ وَقْفِهَا فَيَتَعَطَّلُ مَا اقْتَضَاهُ الْوَقْفُ الْأَوَّلُ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عِنْدَ الْوَقْفِ رِيعٌ فَلَا إشْكَالَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ كَانَ فَفَائِدَتُهُ تَوْفِيرَ مَا كَانَ لِعِمَارَتِهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا أَظْهَرُ وَقَوْلُهُ: وَهَذَا أَظْهَرُ هُوَ الرَّاجِحُ. [فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَعَهُمْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ] (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ غَيْرُهُ فِي الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ قَبُولِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْحِيلَةُ فِي الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَهَبَ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِهِ وَيُقْبِضَهُ إيَّاهُ، أَوْ يَبِيعَهُ مِنْهُ بِثَمَنٍ مَا وَيَقْبِضَهُ، ثُمَّ يَقِفَهُ الْمُتَّهِبُ أَوْ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ عَلَى جِهَاتٍ مُتَّصِلَةٍ وَأَقَرَّ بِأَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ بِصِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ أَفْتَى بُرْهَانُ الدِّينِ الْمَرَاغِيَّ بِأَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِالْإِقْرَارِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيَجُوزُ نَقْضُ الْوَقْفِ فِي غَيْرِهِ وَخَالَفَهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بْنُ الْفِرْكَاحِ وَقَالَ إقْرَارُ الْإِنْسَانِ عَلَى مَا فِي يَدِهِ مَقْبُولٌ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يَتَلَقَّى مِنْهُ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَيَّ كَانَ ذَلِكَ مَقْبُولًا عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يَتَلَقَّى مِنْهُ وَهُوَ أَوْجَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ أَبِيهِ الْمَوْصُوفِينَ بِكَذَا وَذَكَرَ صِفَاتِ نَفْسِهِ كَصِفَةِ الْفِقْهِ وَلَيْسَ فِيهِمْ فَقِيهٌ سِوَاهُ فَعَنْ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفَعَلَهُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافُهُ وَلَوْ أَجَّرَ مِلْكَهُ مُدَّةً يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ فَوْقَهَا بِأُجْرَةٍ مُنَجَّمَةٍ، ثُمَّ وَقَفَهُ عَلَى مَا يُرِيدُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَتَصَرَّفُ هُوَ فِي الْأُجْرَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ بَعْدَ الْوَقْفِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِيَنْفَرِدَ بِالْيَدِ وَيَأْمَنَ خَطَرَ الدَّيْنِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ كَغَيْرِهِ بِالْفَاءِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ لَمْ أَرَهَا مَنْقُولَةً وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ وَفِي الْكَافِي لِلْخُوَارِزْمِيِّ لَوْ وَقَفَ حَائِطًا عَلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرَتِهِ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يَصِحُّ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا وَهُوَ فَقِيرٌ يَأْكُلُ مَعَهُمْ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيَدْخُلُ فِي الْعَامِّ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْخَاصِّ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ السُّبْكِيُّ وَعُمُومُ هَذَا اللَّفْظِ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَشْمَلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ. اهـ.، كَلَامُ الْخُوَارِزْمِيَّ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِهَا وَحَكَى الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ، ثُمَّ عَلَى وَرَثَةِ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ، وَالْأَبُ وَارِثُهُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ. اهـ. أَصَحُّهُمَا نَعَمْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيَّ أَنَّهُ يَأْخُذُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ النَّظَرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ صَحَّ) وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ إلَّا لَهُ فَقَطْ وَلَكِنَّهُ جَعَلَهُ لِصِفَةِ النَّظَرِ. (قَوْلُهُ: وَصُرِفَ إلَى الْفُقَرَاءِ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ غَيْرُ مُفَرَّعٍ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ يُصْرَفُ لَهُ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَلَعَلَّ وَجْهَ مَا هُنَا أَنَّهُ يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ دُونَ أَقْرَبِ النَّاسِ وَلِلْوَاقِفِ لِأَنَّا رَاعَيْنَا فِيهِ نَوْعًا مِنْ الْإِرْثِ، وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَيْضًا فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ مَثَلًا لَا يُتَصَوَّرُ عَوْدُ مَا انْقَطَعَ وَهُنَا الْمَنْعُ لِعَارِضٍ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ. (قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ عَلَى الْكَنَائِسِ لَمْ يَصِحَّ) لَوْ وَقَفَ عَلَى كَنِيسَةٍ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ فَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْجَوَازَ كَالْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَنَعْنَا التَّرْمِيمَ أَوْ لَمْ نَمْنَعْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَعْنَى قَوْلِنَا: إنَّهُمْ لَا يَمْنَعُونَ مِنْ - بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 فَاحِشٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْكَنَائِسِ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً قَبْلَ الْبَعْثَةِ فَإِذَا لَمْ نُصَحِّحْ الْوَقْفَ عَلَيْهَا وَعَلَى قَنَادِيلِهَا وَحُصُرِهَا فَكَيْفَ نُصَحِّحُهُ عَلَى تَرْمِيمِهَا (فَنُبْطِلُهُ) أَيْ الْوَقْفَ عَلَى كَنَائِسِ أَهْلِ الذِّمَّةِ (إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا) وَإِنْ أَنْفَذَهُ حَاكِمُهُمْ (لَا مَا وَقَفُوهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ) عَلَى كَنَائِسِهِمْ الْقَدِيمَةِ فَلَا نُبْطِلُهُ بَلْ نُقِرُّهُ حَيْثُ نُقِرُّهَا (أَوْ) كَانَ (قُرْبَةً) أَيْ جِهَةً يَظْهَرُ فِيهَا الْقُرْبَةُ (كَالْوَقْفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ صَحَّ) لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْوَقْفِ (وَيَصِحُّ عَلَى مَنْ يَمْلِكُ) وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ قُرْبَةٌ (كَالْأَغْنِيَاءِ) لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْجِهَةِ التَّمْلِيكُ كَمَا فِي الْمُعَيَّنِ وَالْوَصِيَّةِ لَا جِهَةُ الْقُرْبَةِ (إلَّا أَنْ تَضْمَنَ إعَانَةً عَلَى الْمَعْصِيَةِ كَالْيَهُودِ وَ) سَائِرِ (الْفُسَّاقِ) كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَهَذَا مَا قَالَ الْأَصْلُ فِيهِ: إنَّهُ الْأَحْسَنُ بَعْدَ قَوْلِهِ: الْأَشْبَهُ بِكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ كَالْأَغْنِيَاءِ. (فَصْلٌ لَوْ وَقَفَ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ أَوْ الْخَيْرِ، أَوْ الثَّوَابِ فَلْيُعْطَ أَقْرِبَاءُ الْوَاقِفِ، ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ فَلْيُعْطَ (أَهْلُ الزَّكَاةِ) غَيْرُ الْعَامِلِينَ، وَالْمُؤَلَّفَةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (أَوْ) وَقَفَ (عَلَى سَبِيلِ اللَّهِ فَالْغُزَاةُ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الزَّكَاةِ) يُعْطَوْنَ (فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ سَبِيلِ اللَّهِ وَسَبِيلِ الْبِرِّ) أَوْ سَبِيلِ الثَّوَابِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (وَسَبِيلِ الْخَيْرِ فَثُلُثٌ) يُعْطَى (لِلْغُزَاةِ وَثُلُثٌ لِأَقَارِبِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ (وَثُلُثٌ لِبَاقِي أَصْنَافِ الزَّكَاةِ غَيْرِ الْعَامِلِينَ، وَالْمُؤَلَّفَةِ) وَخَالَفَ هَذَا مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ اللَّفْظَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ عِنْدَ انْفِرَادِهِ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَقَارِبِ فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمْ أَشْعَرَ بِتَغَايُرِهِمَا فَحُمِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى غَيْرِ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ الْآخَرُ كَمَا فِي لَفْظَيْ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ وَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى أَكْفَانِ الْمَوْتَى وَمُؤْنَةِ الْغَالِّينَ وَالْحَفَّارِينَ وَعَلَى شِرَاءِ الْأَوَانِي لِمَنْ تَكَسَّرَتْ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يُصْرَفُ لِمَنْ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ فِي مَالِهِ (أَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَهَاءِ فَمَنْ حَصَّلَ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ شَيْئًا) يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي (وَإِنْ قَلَّ) يُعْطَى (أَوْ) عَلَى (الْمُتَفَقِّهَةِ فَالْمُشْتَغِلُ بِهِ) أَيْ بِالْفِقْهِ مُبْتَدِئُهُ وَمُنْتَهِيهِ يُعْطَى (أَوْ) عَلَى (الصُّوفِيَّةِ فَالنُّسَّاكُ الزَّاهِدُونَ) أَيْ فَيُعْطَى الْمُشْتَغِلُونَ بِالْعِبَادَةِ فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ الْمُعْرِضُونَ عَنْ الدُّنْيَا (وَإِنْ مَلَكَ أَحَدُهُمْ دُونَ النِّصَابِ وَلَا) عِبَارَةُ أَكْثَرِ نُسَخِ الْأَصْلِ أَوْ لَا (يَفِي دَخْلُهُ بِخُرْجِهِ وَلَوْ خَاطَ وَنَسَجَ أَحْيَانًا فِي غَيْرِ حَانُوتٍ وَكَذَا إنْ دَرَسَ، أَوْ وَعَظَ) أَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ (أَوْ لَمْ يُلْبِسْهُ الْخِرْقَةَ شَيْخٌ) فَلَا يَقْدَحُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي كَوْنِهِ صُوفِيًّا بِخِلَافِ الثَّرْوَةِ الظَّاهِرَةِ (وَيَكْفِي) فِيهِ مَعَ مَا مَرَّ (التَّزَيِّي بِزِيِّهِمْ، أَوْ الْمُخَالَطَةُ وَيَصِحُّ) الْوَقْفُ (عَلَى الْأَرِقَّاءِ الْمَوْقُوفِينَ لِخِدْمَةِ الْكَعْبَةِ وَنَحْوِهَا) كَقَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ (كَالْوَقْفِ عَلَى عَلْفِ الدَّوَابِّ) الْمُرْصَدَةِ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) هَذَا النَّظِيرُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ (وَلَا يَصِحُّ) الْوَقْفُ (عَلَى الدَّارِ) وَإِنْ قَالَ عَلَى عِمَارَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ (إلَّا إنْ قَالَ) وَقَفْتُ هَذَا عَلَى هَذِهِ الدَّارِ (لِطَارِقِيهَا) لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ حَقِيقَةً طَارِقُوهَا وَهُمْ يَمْلِكُونَ، وَإِلَّا إنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً؛ لِأَنَّ حِفْظَ عِمَارَتِهَا قُرْبَةٌ فَهُوَ كَالْوَقْفِ عَلَى مَسْجِدٍ، أَوْ رِبَاطٍ (وَيَصِحُّ) الْوَقْفُ (عَلَى الْمُؤَنِ الَّتِي تَقَعُ فِي الْبَلَدِ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ) أَوْ غَيْرِهِ (لَا) عَلَى (عِمَارَةِ الْقُبُورِ) لِأَنَّ الْمَوْتَى صَائِرُونَ إلَى الْبِلَى فَلَا يَلِيقُ بِهِمْ الْعِمَارَةُ نَعَمْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ ذَكَرَهُ.   [حاشية الرملي الكبير] التَّرْمِيمِ أَنَّا لَا نَمْنَعُهُمْ لَا أَنَّهُ جَائِزٌ بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعَاصِي الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا وَيُقَرُّونَ عَلَيْهَا كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ وَقَفَ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ صَحَّ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ: كَالْيَهُودِ وَسَائِرِ الْفُسَّاقِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْفُسَّاقِ، وَالْقُطَّاعِ وَالسُّرَّاقِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بَطَلَ نَعَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى الْفُسَّاقِ وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ، أَوْ عَلَى هَؤُلَاءِ وَهُمْ فُسَّاقٌ فَإِنَّ الْأَوَّلَ فَاسِدٌ وَالثَّانِيَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا قَالَ الْأَصْلُ فِيهِ إنَّهُ الْأَحْسَنُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هُوَ صَحِيحٌ بِبَادِئِ الرَّأْيِ وَلَكِنَّهُ نَاظِرٌ فِي الْأَغْنِيَاءِ لِقَصْدِ التَّمْلِيكِ وَفِي أَهْلِ الذِّمَّةِ لِقَصْدِ الْقُرْبَةِ وَلِحَاظِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعْصِيَةً وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ كَافَّةً وَهُوَ كَإِحْدَاثِ قَوْلٍ بَعْدَ إجْمَاعِ الْأَوَّلِينَ عَلَى قَوْلَيْنِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِضَابِطِ الْغِنَى الَّذِي يُسْتَحَقُّ بِهِ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ قَالَ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْغَنِيَّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَلَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ وَيَبْعُدُ أَنْ يَسْتَحِقَّ مِنْهُ مَنْ اسْتَغْنَى عَنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَكَانَ رِزْقُهُ وَمَالُهُ وَفْقَ كِفَايَتِهِ، أَوْ أَزْيَدَ بِقَلِيلٍ وَفِي الْمُسْكِتِ لِلزُّبَيْرِيِّ ضَبْطُهُ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ إمَّا لِمَالِهِ، أَوْ لِقُوتِهِ وَكَسْبِهِ أَوْ كِفَايَتِهِ بِنَفَقَةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْأَشْبَهُ بِكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِشَرْطِ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ خَرَجَ عَنْ الْوَقْفِ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ لِأَنَّهُ جِهَةُ مَعْصِيَةٍ مَقْصُودَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ تُقْصَدْ فَيُحْمَلُ عَلَى جِهَةِ الْقُرْبَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ وَقَعَ لِي فِي الْمُحَاكَمَاتِ هَذَا الشَّرْطُ فَأَبْطَلْته وَأَثْبَتُّ الْوَقْفَ عَلَيْهِمْ مَعَ الْإِسْلَامِ. اهـ.، وَالْقِيَاسُ بُطْلَانُ الْوَقْفِ. [فَصْلٌ وَقَفَ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ أَوْ الْخَيْرِ أَوْ الثَّوَابِ] (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى سَبِيلِ اللَّهِ فَالْغُزَاةُ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْغُزَاةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: تُصْرَفُ مَنْفَعَتُهُ إلَى اللَّهِ وَلَوْ قَالَ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ جَوَازُ صَرْفِهِ إلَى الْغُزَاةِ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الدِّيوَانِ وَغَيْرِهِ وَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُزَاةِ وَبَيْنَ صَرْفِ الْمَنْفَعَةِ إلَى اللَّهِ كَذَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْمُؤَلَّفَةِ) وَهُمْ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ فِي مَالِهِ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ حَصَّلَ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ) قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ جَمْعُ فَقِيهٍ وَهُوَ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَقُهَ بِضَمِّ الْقَافِ إذَا صَارَ الْفِقْهُ سَجِيَّتَهُ وَمَنْ حَصَّلَ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ فَاقِهٌ لِأَنَّهُ مِنْ فَقَهَ بِفَتْحِ الْقَافِ إذَا فَهِمَ. اهـ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُتَّبَعَ فِيهِ الْعُرْفُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ عَلَى عِمَارَتِهَا) قَالَ شَيْخُنَا مَا لَمْ تَكُنْ وَقْفًا كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 الْإِسْنَوِيُّ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ ثَمَّ مِنْ عِمَارَتِهَا بِبِنَاءِ الْقِبَابِ، وَالْقَنَاطِرِ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ يَأْتِي، ثُمَّ لَا بِبِنَائِهَا نَفْسِهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ (وَإِنْ وَقَفَ بَقَرَةً فِي) بِمَعْنَى " عَلَى " (الرِّبَاطِ) وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ (لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا مَنْ نَزَلَهُ، أَوْ لِيُبَاعَ نَسْلُهَا) وَيُصْرَفَ ثَمَنُهُ (فِي مَصَالِحِهِ صَحَّ وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَا) يَصِحُّ، وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِاللَّفْظِ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الْقَفَّالِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ أَوَاخِرَ الْبَابِ مَعَ نَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ شَيْئًا عَلَى مَسْجِدٍ كَذَا وَلَمْ يُبَيِّنْ جِهَةَ مَصْرِفِهِ لَكِنَّهُ قَالَ عَقِبَهُمَا: وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ صِحَّةُ الْوَقْفِ زَادَ النَّوَوِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورَ عَائِدٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ بِخِلَافِ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ بَنَاهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ شَيْئًا عَلَى مَسْجِدٍ كَذَا لَا يَصِحُّ حَتَّى يُبَيِّنَ جِهَةَ مَصْرِفِهِ، وَطَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ تُخَالِفُهُ انْتَهَى وَقَدْ جَرَى الْمُصَنِّفُ فِيهِ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فَالْمُعْتَمَدُ هُنَا الصِّحَّةُ أَيْضًا. (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْوَقْفِ (اللَّفْظُ) كَالْعِتْقِ بَلْ أَوْلَى وَكَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ وَفِي مَعْنَاهُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةُ وَكِتَابَتُهُ مَعَ نِيَّتِهِ بَلْ وَكِتَابَةُ النَّاطِقِ مَعَ نِيَّتِهِ كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى (وَصَرِيحُهُ: الْوَقْفُ وَالتَّحْبِيسُ وَالتَّسْبِيلُ) أَيْ الْمُشْتَقُّ مِنْهَا كَ وَقَفْتُ كَذَا، أَوْ حَبَّسْتُهُ، أَوْ سَبَّلْتُهُ أَوْ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ، أَوْ مُحَبَّسَةٌ أَوْ مُسَبَّلَةٌ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا وَاشْتِهَارِهَا فِيهِ شَرْعًا وَعُرْفًا (وَقَوْلُهُ حَرَّمْتُ وَأَبَّدْتُ دَارِي لِلْمَسَاكِينِ) أَوْ دَارِي مُحَرَّمَةٌ أَوْ مُؤَبَّدَةٌ (كِنَايَةٌ) لِأَنَّ التَّحْرِيمَ وَالتَّأْبِيدَ لَا يُسْتَعْمَلَانِ مُسْتَقِلَّيْنِ، وَإِنَّمَا يُؤَكَّدُ بِهِمَا شَيْءٌ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (وَالصَّدَقَةُ) أَيْ اللَّفْظُ الْمُشْتَقُّ مِنْهَا (صَرِيحٌ إنْ وُصِفَتْ بِلَفْظٍ مِمَّا سَبَقَ) كَقَوْلِهِ تَصَدَّقْت بِهَذَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً، أَوْ مُحَبَّسَةً أَوْ مُسَبَّلَةً، أَوْ مُحَرَّمَةً، أَوْ مُؤَبَّدَةً (أَوْ) وُصِفَتْ (بِحُكْمٍ) مِنْ أَحْكَامِ الْوَقْفِ (كَلَا) أَيْ كَقَوْلِهِ تَصَدَّقْت بِهَذَا صَدَقَةً لَا (تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ) لِانْصِرَافِهِ إلَى ذَلِكَ عَنْ التَّمْلِيكِ الْمَحْضِ الذِّمِّيِّ اشْتَهَرَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ وَتَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ بِالْوَاوِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْكِيدِ بِقَرِينَةِ الْمَعْنَى وَإِلَّا فَأَحَدُ الْوَصْفَيْنِ كَانَ كَمَا رَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِ لَا يُورَثُ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ ذَلِكَ بِالصَّرِيحِ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يُلْحِقُوا الْكِنَايَةَ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ آخَرَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ تَصَدَّقْت وَحْدَهُ صَرِيحٌ فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ تَطَوُّعًا، أَوْ وَقْفًا مَعَ إطْلَاقِ الشَّارِعِ الصَّدَقَةَ عَلَى الْوَقْفِ وَاللَّفْظُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ (أَوْ كَانَتْ) أَيْ الصَّدَقَةُ (عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ) كَتَصَدَّقْتُ بِهَذَا عَلَى الْفُقَرَاءِ (وَنَوَى) الْوَقْفَ وَيُؤْخَذُ مِنْ اعْتِبَارِهِ النِّيَّةَ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ كِنَايَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ عَلَى الْجِهَةِ الْعَامَّةِ يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ لَكِنَّ عَطْفَهُ لَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا يَقْتَضِي أَنَّهَا صَرِيحٌ وَلَيْسَ مُرَادًا أَمَّا إذَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي التَّمْلِيكِ الْمَحْضِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي الْوَقْفِ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِ وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيَصِيرُ وَقْفًا صَرَّحَ بِهِ الْمَرْعَشِيُّ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ جَعَلْت هَذَا الْمَكَانَ مَسْجِدًا صَارَ) بِهِ (مَسْجِدًا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ) وَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِإِشْعَارِهِ بِالْمَقْصُودِ وَاشْتِهَارِهِ فِيهِ (وَوَقَفْته لِلصَّلَاةِ كِنَايَةٌ) فِي وَقْفِهِ مَسْجِدًا فَيَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ جَعْلِهِ مَسْجِدًا وَأَمَّا كَوْنُهُ وَقْفًا بِذَلِكَ فَصَرِيحٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ   [حاشية الرملي الكبير] عَنْ الْحَاوِي وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ، ثُمَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَمَدُ هُنَا الصِّحَّةُ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْعِمَارَةِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى مَسْجِدِ كَذَا وَعَلَى كُلِّ مَسْجِدٍ يُبْنَى فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ صَحَّ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يُبْنَى بَعْدَهُ تَبَعًا وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى هَذِهِ الْعَرْصَةِ وَهِيَ مَسْجِدٌ فَإِنْ بُنِيَ عَلَيْهَا مَسْجِدٌ فَهُوَ وَقْفٌ عَلَيْهِ صَحَّ وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَسْجِدَ بَطَلَ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَالَ وَقَفْت دَارِي عَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سُكْنَاهَا صَحَّ وَلَوْ قَالَ وَقَفْتهَا عَلَى النَّاسِ أَوْ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ بَطَلَ. اهـ. تَبِعَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيَّ وَالرُّويَانِيَّ وَالرَّاجِحُ صِحَّتُهُ وَلَوْ دَفَعَ مَالًا إلَى قَيِّمِ الْمَسْجِدِ لِيَصْرِفَهُ فِي عِمَارَتِهِ جَازَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ وَلَوْ قَالَ إذَا مِتّ أَخْرِجُوا مِنْ مَالِي كَذَا وَأَعْمِرُوا بِهِ مَسْجِدَ كَذَا لَزِمَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ فِي الْمَرَضِ فَالنِّصْفُ الَّذِي وَقَفَهُ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ وَقْفٌ صَحِيحٌ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ وَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ. (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ شَمِلَ ذَلِكَ وَغَيْرَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِحُكْمٍ وَقَالَ ابْنُ خَيْرَانَ فِي اللَّطِيفِ لَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ لَمْ يَتِمَّ الْوَقْفُ حَتَّى يُضِيفَ إلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ إحْدَى عَشْرَةَ لَفْظَةً بِأَنْ يَقُولَ هَذِهِ صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ، أَوْ صَدَقَةٌ مُؤَبَّدَةٌ أَوْ صَدَقَةٌ لَا تُوهَبُ، أَوْ صَدَقَةٌ لَا تُورَثُ، أَوْ صَدَقَةٌ غَيْرُ مَوْرُوثَةٍ أَوْ صَدَقَةٌ مُسَبَّلَةٌ، أَوْ صَدَقَةُ حَبْسٍ أَوْ يَقُولَ حَبْسٌ مُحَرَّمٌ، أَوْ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ، أَوْ صَدَقَةٌ ثَابِتَةٌ، أَوْ صَدَقَةٌ بَتْلَةٌ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ جَعَلْت هَذَا صَدَقَةً جَارِيَةً عَلَى كَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَفِي كَوْنِهِ صَرِيحًا احْتِمَالٌ عِنْدِي؛ إذْ الصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ الْوَقْفُ كَمَا فُسِّرَ بِهِ الْحَدِيثُ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي آخِرِ الطَّلَاقِ) كَقَوْلِهِ أَنْت بَائِنٌ بَيْنُونَةً مُحَرِّمَةً لَا تُحِلُّ لِي أَبَدًا لَا تَخْرُجُ عَنْ الْكِنَايَةِ فَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالطَّلَاقِ وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثَةِ فُرُوقٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ مَحْصُورَةٌ بِخِلَافِ الْوَقْفِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ بَيْنُونَةً مُحَرِّمَةً لَا تَحِلُّ لِي أَبَدًا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالطَّلَاقِ بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْفُسُوخُ وَالزَّائِدُ فِي أَلْفَاظِ الْوَقْفِ مُخْتَصٌّ بِالْوَقْفِ الثَّالِثُ أَنَّ قَوْلَهُ تَصَدَّقْت زَوَالُ الْمِلْكِ وَلَهُ مُحْمَلَانِ مَحْمَلُ الصَّدَقَةِ الَّتِي تُفِيدُ الْمِلْكَ وَمَحْمَلُ الصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ الْوَقْفُ وَالزَّائِدُ يُعَيِّنُ الْمَحْمَلَ الثَّانِيَ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ. اهـ. وَأَشَارَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ إلَى الْفَرْقِ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي الْوَقْفِ) وَهَذَا مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَعْرُوفَةِ أَنَّ الصَّرِيحَ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ إلَخْ) لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يَكُونُ إلَّا وَقْفًا فَأَغْنَى لَفْظُهُ عَنْ لَفْظِ الْوَقْفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 (لَا) إنْ بَنَى بِنَاءً وَلَوْ عَلَى هَيْئَةِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ (أَذِنْت فِي الصَّلَاةِ فِيهِ) فَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مَسْجِدًا، وَإِنْ صَلَّى فِيهِ وَنَوَى جَعْلَهُ مَسْجِدًا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبِنَاءُ بِمَوَاتٍ فَيَصِيرَ مَسْجِدًا بِالْبِنَاءِ وَالنِّيَّةِ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ النِّيَّةِ يُغْنِي عَنْ الْقَوْلِ أَيْ فِيمَا بَنَى فِي مَوَاتٍ قَالَ السُّبْكِيُّ الْمَوَاتُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ مَنْ أَحْيَاهُ مَسْجِدًا، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِلَّفْظِ لِإِخْرَاجِ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ عَنْهُ وَصَارَ لِلْبِنَاءِ حُكْمُ الْمَسْجِدِ تَبَعًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ إجْرَاؤُهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا مِنْ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَغَيْرِهِمَا وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ يَدُلُّ لَهُ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَذِنْت فِي الِاعْتِكَافِ فِيهِ صَارَ بِذَلِكَ مَسْجِدًا لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي مَسْجِدٍ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. (فَصْلٌ لَوْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنِينَ لَا) عَلَى (جِهَةٍ عَامَّةٍ وَمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ) كَرِبَاطٍ (اُشْتُرِطَ قَبُولٌ) لِلْوَقْفِ (مُتَّصِلٌ) بِالْإِيجَابِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، كَائِنٌ (مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ وَآخَرِينَ وَمُقَابِلُهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيِّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ فِي السَّرِقَةِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَعَلَّلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ يَزُولُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالْعِتْقِ يَعْنِي يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّينَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْبَطْنِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ (وَأَمَّا الثَّانِي) وَمَا بَعْدَهُ (فَلَا يُشْتَرَطُ إلَّا عَدَمُ رَدِّهِمْ) لَا قَبُولُهُمْ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ لَا يَتَّصِلُ بِالْإِيجَابِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ الْأَحْسَنُ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي؛ بِنَاءُ ذَلِكَ عَلَى كَيْفِيَّةِ تَلَقِّيهِمْ الْوَقْفَ فَإِنْ قُلْنَا يَتَلَقَّوْنَهُ مِنْ الْوَاقِفِ وَهُوَ الْأَصَحُّ اُشْتُرِطَ قَبُولُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ اسْتِحْقَاقُهُمْ بِالْإِيجَابِ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ، أَوْ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَلَا كَالْمِيرَاثِ قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ، وَإِنْ شَرَطْنَا قَبُولَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ كَمَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ (فَإِنْ رَدُّوا فَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ رَدَّ الْأَوَّلُ بَطَلَ) الْوَقْفُ قَطْعًا كَالْوَصِيَّةِ، وَالْوَكَالَةِ فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ الرَّدِّ لَمْ يَعُدْ لَهُ وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ يَعُودُ لَهُ إنْ رَجَعَ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِهِ لِغَيْرِهِ مَرْدُودٌ كَمَا بَيَّنَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا لَوْ وَقَفَ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ أَوْ مَسْجِدٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ لِتَعَذُّرِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَمْ يَجْعَلُوا الْحَاكِمَ نَائِبًا فِي الْقَبُولِ كَمَا جَعَلُوهُ نَائِبًا عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ وَالْأَمْوَالِ وَلَوْ صَارُوا إلَيْهِ لَكَانَ قَرِيبًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ تِلْكَ نِيَابَةٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ، وَالْحِفْظِ وَلِلْإِمَامِ وِلَايَةٌ عَلَى أَهْلِ الرُّشْدِ فِيهِ وَهُنَا فِي التَّمَلُّكِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ هَذِهِ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِمْ وَبِأَنَّ اسْتِيفَاءَ مَا ذُكِرَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُبَاشِرٍ فَلِذَلِكَ جُعِلَ نَائِبًا فِيهِ بِخِلَافِ هَذَا (وَقَوْلُهُ جَعَلْته لِلْمَسْجِدِ كِنَايَةُ تَمْلِيكٍ) لَا وَقْفٍ، وَلَفْظُ " كِنَايَةُ " مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ (فَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْقَيِّمِ وَقَبْضُهُ) كَمَا لَوْ وُهِبَ شَيْءٌ لِصَبِيٍّ وَمِنْ هُنَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمَوْقُوفِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي شُرُوطِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ التَّأْبِيدُ كَالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ) وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَا يَنْقَرِضُ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ (أَوْ عَلَى مَنْ يَنْقَرِضُ) كَأَوْلَادِ زَيْدٍ (ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْعُلَمَاءِ) وَالْمَسَاجِدِ وَالرُّبُطِ، وَالْقَنَاطِرِ (كَالْفُقَرَاءِ، وَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ) أَيْ الْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَا يَنْقَرِضُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْآلَةِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَهِيَ قَبْلَ الِاسْتِقْرَارِ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ قَوْلًا أَنَّهَا لِلْمَسْجِدِ فَتَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقِيَاسُهُ جَرَيَانُهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ مِنْ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَغَيْرِهَا وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فِي مَسْأَلَةِ حَفْرِ الْبِئْرِ فِي الْمَوَاتِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي قَوْلِهِ تَخْرُجُ الْآلَةُ عَنْ مِلْكِهِ بِقَوْلِهِ إنَّهَا لِلْمَسْجِدِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي تَوَقُّفُهُ عَلَى قَبُولِ مَنْ لَهُ النَّظَرُ فِيهِ وَقَبْضِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنِينَ لَا عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ] (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ قَبُولٌ) لِأَنَّهُ يَبْعُدُ دُخُولُ عَيْنٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا فَلَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَقْبَلْ أَوْ رَدَّهُ بَطَلَ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْقَبُولِ لِلصِّغَرِ، أَوْ الْجُنُونِ قَبِلَ وَلِيُّهُ وَإِنْ وَقَفَ هُوَ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَقَالَ النَّاشِرِيُّ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ الْأَبَ، أَوْ الْجَدَّ فَالْحُكْمُ فِي الْقَبُولِ كَالْحُكْمِ فِي قَبُولِ الْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ فَلَوْ بَلَغَ بَعْدَ قَبُولِ الْوَلِيِّ وَرَدَّ لَمْ يَرْتَدَّ بِرَدِّهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ مَا إذَا وَقَفَ عَلَى ابْنِهِ الْحَائِزِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَنَظَائِرُهَا فَإِنَّ كَلَامَهُمْ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا يَقْتَضِي لُزُومَ الْوَقْفِ بِمُجَرَّدِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فَقَالَ إذَا وَقَفَ عَلَى ابْنِهِ الدَّارَ وَهِيَ قَدْرُ الثُّلُثِ لَزِمَ الْوَقْفُ فِي حَقِّهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَنْفِيذِهِ وَإِجَازَتِهِ وَإِذَا رَدَّ الْوَقْفَ لَمْ يَجِدْ إلَيْهِ سَبِيلًا. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَكَتُوا عَمَّا إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَوْصُوفًا بِصِفَةٍ كَالْأَرْشَدِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ الْقَبُولُ قَطْعًا كَالْجِهَةِ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَيْهِ زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ. قَالَ فِي التَّوَسُّطِ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ " فَلَوْ وَقَفْت " بِحَذْفِ لَفْظَة " قَالَ " وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنَّ الَّذِي يَتَحَصَّلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ) وَأَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَجَّحَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّلَقِّي مِنْ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُمْ خُلَفَاءُ عَنْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوَّلًا وَقَدْ تَمَّ الْوَقْفُ أَوَّلًا فَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولٍ ثَانٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْوَصِيَّةِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ بَعْدَ قَبُولِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ فُلَانٍ وَمَنْ يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا تَفْرِيعٌ عَجِيبٌ، وَالْكَلَامُ مُلَفَّقٌ مِنْ طَرِيقَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُ يَرَوْنَ تَرْجِيحَ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ وَأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى قَبُولِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَكَذَلِكَ الرَّدُّ وَأَمَّا الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا فَجَزَمُوا بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ وَأَنَّ الرَّدَّ رَاجِعٌ إلَى نَفْسِ الْعِلَّةِ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ الْوَقْفُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 (بَلْ يَكْفِي مِنْ كُلِّ نَوْعٍ ثَلَاثَةٌ) كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ وَقَفَ) شَيْئًا (سَنَةً بَطَلَ) كَالْهِبَةِ نَعَمْ إنْ عَقَّبَهُ بِمَصْرِفٍ آخَرَ كَأَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ سَنَةً، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ صَحَّ وَرُوعِيَ فِيهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْخُوَارِزْمِيَّ، ثُمَّ مَا ذَكَرَ مَحَلُّهُ فِيمَا لَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ كَقَوْلِهِ جَعَلْته مَسْجِدًا سَنَةً فَيَصِحُّ مُؤَبَّدًا كَمَا لَوْ ذَكَرَ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ (وَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ كَالْوَقْفِ عَلَى عَقِبِهِ صَحِيحٌ) وَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَقَارًا لِمُصَادَفَتِهِ مَصْرِفًا صَحِيحًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ (وَيَكُونُ بَعْدَهُمْ) وَقْفًا (لِلْأَقْرَبِ رَحِمًا إلَى الْوَاقِفِ) يَوْمَ انْقِرَاضِهِمْ وَمِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَرْبَابُ الْوَقْفِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعُودُ مِلْكًا؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْوَقْفِ عَلَى الدَّوَامِ، وَلِأَنَّهُ صَرَفَ مَالَهُ إلَى جِهَةِ قُرْبَةٍ فَلَا يَرْجِعُ مِلْكًا كَمَا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا إلَى مَكَّةَ فَرَدَّهُ فُقَرَاؤُهَا (وَيَخْتَصُّ بِهِ) وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَغَيْرُهُ (فُقَرَاؤُهُمْ) لِأَنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ وَالثَّوَابُ (وَسَنُوَضِّحُ الْأَقْرَبَ) وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ) فَإِنْ عُدِمَتْ أَقَارِبُهُ، أَوْ كَانَ الْوَاقِفُ الْإِمَامَ وَوَقَفَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ صُرِفَ الرِّيعُ إلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ فِي الْأَوْلَى وَقَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ فِيهَا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ وَقِيَاسُ اعْتِبَارِ بَلَدِ الْمَالِ فِي الزَّكَاةِ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْوَقْفِ حَتَّى يَخْتَصَّ بِفُقَرَائِهِ وَمَسَاكِينِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (الشَّرْطُ الثَّانِي التَّنْجِيزُ فَإِنْ عَلَّقَهُ) كَوَقَفْتُ دَارِي إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، أَوْ قَدِمَ فُلَانٌ (بَطَلَ) كَالْهِبَةِ وَمَحَلُّهُ فِيمَا لَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ كَ جَعَلْتُهُ مَسْجِدًا إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَيَنْبَغِي صِحَّتُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَإِنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ) لَهُ مَثَلًا (أَوْ) عَلَى (مَسْجِدٍ سَيُبْنَى، أَوْ عَلَى وَارِثِهِ فِي الْمَرَضِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ) وَقْفَهُ (أَوْ عَلَى زَيْدٍ، وَرَدَّهُ، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ " عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَرَدَّهُ زَيْدٌ " (فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَهُوَ بَاطِلٌ) لِانْقِطَاعِ أَوَّلِهِ وَصَحَّحَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ الصِّحَّةَ فِيمَا عَدَا الرَّدَّ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَالْمَعْرُوفُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ الْأَوَّلُ (وَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ كَ وَقَفْتُ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى الْعَبْدِ نَفْسِهِ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ جَائِزٌ) كَمُنْقَطِعِ الْآخِرِ (فَيُصْرَفُ فِي الْوَسَطِ) أَيْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْأَوَّلِ (لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ) مِثْلُ مَا مَرَّ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ (فَإِنْ قَالَ) وَقَفْته (عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَلَى رَجُلٍ، ثُمَّ) عَلَى (الْفُقَرَاءِ فَهُوَ بَعْدَ زَيْدٍ لِلْفُقَرَاءِ) لَا لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ أَمَدِ الِانْقِطَاعِ وَهَذَا أَخَذَهُ مِنْ تَفْرِيعِ الْأَصْلِ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ. (الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْإِلْزَامُ) لِلْوَقْفِ (فَمَتَى شَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ) لِنَفْسِهِ، أَوْ لِغَيْرِهِ (أَوْ) شَرَطَ (عَوْدَهُ إلَيْهِ بِوَجْهٍ مَا) كَأَنْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ (بَطَلَ) كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ لَكِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَلَبَةِ وَالسِّرَايَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ بُطْلَانِ الْعِتْقِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ (وَكَذَا) يَبْطُلُ (لَوْ شَرَطَ) لِنَفْسِهِ (أَنْ يَزِيدَ) فِيهِ (أَوْ يَنْقُصَ) مِنْهُ (مَنْ شَاءَ، أَوْ يُقَدِّمَ وَيُؤَخِّرَ) مَنْ شَاءَ إذَا وَضَعَ الْوَقْفَ عَلَى اللُّزُومِ.   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَف الثَّانِي فِي شُرُوط الْوَقْف وَهِيَ أَرْبَعَة] [الشَّرْط الْأَوَّل التَّأْبِيد] قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَقَّبَهُ بِمَصْرِفٍ آخَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ) عَنْ الْخُوَارِزْمِيَّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَقَالَ فِي الْبَيَانِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ يَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَاعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَوِيلِ الْمُدَّةِ وَقَصِيرِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيمَا لَوْ قَالَ وَقَفْته عَلَى الْفُقَرَاءِ أَلْفَ سَنَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَبْعُدُ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَهُوَ يُوَافِقُ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ بِذَلِكَ وَلَكِنْ يَكُونُ الْمُرَادُ حِينَئِذٍ تَأْبِيدَ الْوَقْفُ بِمُدَّةِ بَقَاءِ الدُّنْيَا فَلَا يَرِدُ عَلَى إطْلَاقِهِمْ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ) أَيْ كَالْمَسْجِدِ، وَالْمَقْبَرَةِ وَالرِّبَاطِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ بَعْدَهُمْ لِلْأَقْرَبِ رَحِمًا إلَى الْوَاقِفِ) اُسْتُشْكِلَ بِالزَّكَاةِ وَسَائِرِ الْمَصَارِفِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهَا وَلَا الصَّرْفُ مِنْهَا إلَى الْأَقَارِبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَهَا مَصْرِفًا مُعَيَّنًا فَلَمْ تَتَعَيَّنْ الْأَقَارِبُ وَهُنَا لَيْسَ مَعَنَا مَصْرِفٌ، وَالْمَصْرِفُ إلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ فَعَيَّنَّاهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَغَيْرُهُ) وَقَالَ الرُّويَانِيِّ فِي التَّجْرِبَةِ: وَغَلِطَ مَنْ قَالَ غَيْرَهُ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي التَّوْشِيحِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا كَانَ لَهُ أَقَارِبُ فُقَرَاءُ وَأَغْنِيَاءُ أَمَّا إذَا تَمَحَّضَ أَقَارِبُهُ أَغْنِيَاءَ تَعَيَّنَ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدِي هَذَا فِي الْمُحَاكَمَاتِ وَحَكَمْت بِهِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَمَا قَالَهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ فَقَدْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ لَوْ كَانَ الْكُلُّ أَغْنِيَاءَ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ وَانْقَرَضُوا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي ذَلِكَ إنَّهُ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْعَلُهَا حَبْسًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ تُصْرَفُ غَلَّتُهَا فِي مَصَالِحِهِمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ إذَا رَجَعَ الْوَقْفُ إلَى أَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ بِسَبَبِ الِانْقِطَاعِ وَلَهُ أَقْرِبَاءُ فُقَرَاءُ فِي دَرَجَةٍ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُفَضَّلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قَالَ وَالِدِي الْإِمَامُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فِي الْمَحْصُورِينَ كَالْإِضَافَةِ مِنْ جِهَةِ الْآدَمِيِّينَ فِي اقْتِضَاءِ التَّسْوِيَةِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّ الصَّرْفَ إلَيْهِمْ بِاجْتِهَادٍ وَهُوَ أَنَّهُ أَوْلَى الْقُرُبَاتِ (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِفُقَرَائِهِ) قَالَ شَيْخُنَا صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِهِمْ. [الشَّرْط الثَّانِي التَّنْجِيز] (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الشَّرْط الثَّالِث الْإِلْزَام لِلْوُقْفِ] (قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ) أَمَّا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَبْطُلُ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرَطَ عَوْدَهُ إلَيْهِ إلَخْ) مُقْتَضَى كَلَامِ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا لَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ فَإِنَّهُ قَالَ إنْ شَرَطَ أَنَّ لَهُ بَيْعَهُ، أَوْ نَقْضَهُ، أَوْ الِاسْتِبْدَالَ بِهِ وَمَا شَاءَ مِنْهُ بَطَلَ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ يَجُوزُ حُكْمُهُ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ لَوْ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ شَرْطًا لَا يَصِحُّ مَعَهُ الْوَقْفُ فَحُكِيَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّهُ قَالَ الشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَعِنْدَ أَصْحَابِنَا الْوَقْفُ بَاطِلٌ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ إنَّهُ قَدْ رُفِعَ إلَى حَاكِمٍ فَأَمْضَى ذَلِكَ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ وَأَلْزَمَهُ ذَلِكَ صَحَّ الْوَقْفُ وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ سَبِيلٌ إلَى نَقْضِ الْوَقْفِ اهـ وَقَالَ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْإِمَامِ) وَغَيْرِهِ الْقَطْعَ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 (فَصْلٌ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ الْوَقْفُ) أَصْلًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا (صَحَّ) الْوَقْفُ (وَلَزِمَ الشَّرْطُ) كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْمَصْلَحَةِ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ جَوَازُ الْإِعَارَةِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَلَا يُورَدَ عَقْدٌ عَلَى عَقْدٍ فَخَرِبَ وَلَمْ تُمْكِنْ عِمَارَتُهُ إلَّا بِإِيجَارِهِ سِنِينَ يَصِحُّ إيجَارُهُ سِنِينَ بِعُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ حِينَئِذٍ يُفْضِي إلَى تَعْطِيلِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ إلَّا فِي اعْتِبَارِ التَّقْيِيدِ بِعُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَرَدَّاهُ عَلَيْهِ وَقَالَا يَنْبَغِي الْجَوَازُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ قُلْت بَلْ الَّذِي يَنْبَغِي مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا (وَلَوْ وَقَفَ مَسْجِدًا، أَوْ مَقْبَرَةً عَلَى الشَّافِعِيَّةِ، أَوْ الْحَنَفِيَّةِ) مَثَلًا (صَحَّ وَتَخَصَّصَ) بِهِمْ (كَالْمَدَارِسِ) وَالرُّبُطِ رِعَايَةً لِلشَّرْطِ وَقَطْعًا لِلنِّزَاعِ فِي إقَامَةِ الشَّعَائِرِ. (الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَيَانُ الْمَصْرِفِ، وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ) كَأَنْ قَالَ وَقَفْت هَذَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (بَطَلَ) الْوَقْفُ كَقَوْلِهِ بِعْت دَارِي بِعَشَرَةٍ أَوْ وَهَبْتُهَا وَلَمْ يَقُلْ لِمَنْ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى جَمَاعَةٍ لَمْ يَصِحَّ لِجَهَالَةِ الْمَصْرِفِ فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ الْمَصْرِفَ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَصِحَّ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي حَيْثُ يَصِحُّ وَيُصْرَفُ لِلْمَسَاكِينِ بِأَنَّ غَالِبَ الْوَصَايَا لَهُمْ فَحُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ وَبِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ حَيْثُ تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ وَالنَّجِسِ وَغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ الْوَقْفِ فِيهِمَا وَكَالْوَصِيَّةِ مَا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا أَوْ صَدَقَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَصْرِفَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ إذَا لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ لِخَبَرِ أَبِي طَلْحَةَ هِيَ صَدَقَةٌ لِلَّهِ ثُمَّ يُعَيِّنُ الْمَصْرِفَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ. (فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ) تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ (لَوْ وَقَفَ عَلَى اثْنَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ، ثُمَّ) عَلَى (الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْآخَرُ) لَا الْفُقَرَاءُ (الْجَمِيعَ) إذْ شَرْطُ الِانْتِقَالِ إلَيْهِمْ انْقِرَاضُهَا جَمِيعًا وَلَمْ يُوجَدْ وَالصَّرْفُ إلَى مَنْ ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ أَوْلَى وَذَكَرَ الْأَصْلُ احْتِمَالًا فَقَالَ وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْوَقْفَ فِي نَصِيبِ الْمَيِّتِ صَارَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ فَيُصْرَفُ مَصْرِفَهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَفْصِلْ فَإِنْ فَصَلَ فَقَالَ وَقَفْت عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَ هَذَا فَهُوَ وَقْفَانِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ أَيْ فَلَا يَكُونُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بَلْ يَحْتَمِلُ انْتِقَالَهُ لِلْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إنْ قَالَ: ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ قَالَ: ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (أَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمَا وَسَكَتَ) عَمَّنْ يُصْرَفُ إلَيْهِ بَعْدَهُمَا (ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَهَلْ نَصِيبُهُ لِلْآخَرِ أَمْ لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ؟ وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَمْرٍو، ثُمَّ بَكْرٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ عَمْرٌو قَبْلَ زَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَا شَيْءَ لِبَكْرٍ وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ مِنْ زَيْدٍ إلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ رَتَّبَهُ بَعْدَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ الْوَقْفُ أَصْلًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ] قَوْلُهُ: لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَصْلًا) أَوْ أَنْ لَا يُؤَجِّرَهُ مِنْ مُتَّجِرِهِ (قَوْلُهُ: صَحَّ وَلَزِمَ الشَّرْطُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِلَا إجَارَةٍ وَإِلَّا كَأَنْ يَكُونَ سُوقًا، أَوْ مَزْرَعَةً وَمَنَعْنَا الْمُزَارَعَةَ فَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الشَّرْطِ وَهَلْ يَلْغُو فَقَطْ، أَوْ يَفْسُدُ الْوَقْفُ احْتِمَالَانِ أَقْرَبُهُمَا الثَّانِي اهـ وَقَوْلُهُ: إنَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ قَدْ يُعِيرُهَا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهَا فَإِنَّ الظَّاهِرَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْإِعَارَةَ حَيْثُ مَنَعَ الْإِجَارَةَ إذَا لَمْ يَمْنَعْ الْوَاقِفُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ مَنْفَعَةً مَلَكَ إعَارَتَهَا وَيَجُوزُ أَنْ يَزْرَعَ فِي الْأَرْضِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا يَنْبُتُ فِيهَا مِنْ الْكَلَأِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فس قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ النَّظَرِ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا لَا يَتَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِالْإِجَارَةِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ سِتَّ سِنِينَ فِي عَقْدَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ الثَّانِي كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ إجَارَةِ الزَّمَانِ الْقَابِلِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَإِنَّ مُدْرِكَ الصِّحَّةِ فِي صِحَّتِهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ جَعَلَ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ فِي الْعَقْدَيْنِ كَالْمُدَّةِ الْوَاحِدَةِ وَهَذَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ عَنَّا وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَجَزَمَ بِهَذَا فِي الْأَنْوَارِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمَالِيهِ لَوْ شَرَطَ وَاقِفُ الْمَدْرَسَةِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ الْمُعِيدُ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مُعِيدٌ غَيْرُهُ جَازَ اسْتِمْرَارُهُ وَأَخْذُهُ الْمَعْلُومَ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَشْهَدُ بِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يُرِدْ شُغُورَ مَدْرَسَتِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَفِعَ هَذَا مُدَّةً وَغَيْرُهُ أُخْرَى قَالَ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ شَرْطٍ يَشْهَدُ الْعُرْفُ بِتَخْصِيصِهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ إيجَارُهُ سِنِينَ) تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا شَرَطَهُ إلَى حَدٍّ يُمْكِنُ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ وَمِمَّنْ أَفْتَى بِصِحَّتِهِ ابْنُ رَزِينٍ وَأَئِمَّةُ عَصْرِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَا يَنْبَغِي الْجَوَازُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ) وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ تِلْمِيذُهُ ابْنُ رَزِينٍ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ. [الشَّرْط الرَّابِع بَيَان المصرف] (قَوْلُهُ: الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَيَانُ الْمَصْرِفِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَقَفْت لَفْظًا وَنَوَى بِقَلْبِهِ تَعْيِينَ شَخْصٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ أَوْ جِهَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ. اهـ. الرَّاجِحُ عَدَمُهَا؛ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا، أَوْ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا؛ إذْ لَا تُغْنِي نِيَّتُهُ عَنْ ذِكْرِهِ. [فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الْأَوَّل فِي الْوَقْف] (قَوْلُهُ: وَقَفَ عَلَى اثْنَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ) كَأَنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى هَذَيْنِ، أَوْ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو (قَوْلُهُ: فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَنْ يُعِيدَ حَرْفَ الْجَرِّ فَيَقُولَ عَلَى زَيْدٍ وَعَلَى عَمْرٍو فَيَكُونَ وَقْفَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَرْجِعُ لِلْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ يَكُونُ جِهَةً وَاحِدَةً كَمَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ فِي مَرَرْت بِزَيْدٍ وَبِعَمْرٍو إنَّهُمَا مروران بِخِلَافِ مَرَرْت بِزَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُ التَّصْوِيرَ بِمَا إذَا لَاقَاهُمَا الْوَقْفُ ثُمَّ مَاتَ وَاحِدٌ فَإِنْ لَمْ يُلَاقِهِ كَمَا وَقَعَ فِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى بِثُلُثِ مَالِهِ عَقَارٌ وَيُوقَفَ عَلَى شَخْصَيْنِ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْوَقْفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ فِي النِّصْفِ الْمُخْتَصِّ بِهِ بَلْ يُصْرَفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إنْ قَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 عَمْرٍو، وَعَمْرٌو بِمَوْتِهِ أَوَّلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَمَلَّكَ بَكْرٌ عَنْهُ شَيْئًا وَقَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى بَكْرٍ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْفُقَرَاءِ مَشْرُوطٌ بِانْقِرَاضِهِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ، ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَلَدُ الْوَلَدِ ثُمَّ الْوَلَدُ يَرْجِعُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَيُوَافِقُهُ فَتْوَى الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةٍ طَوِيلَةٍ حَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ فِي وَقْفِ التَّرْتِيبِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِلْوَقْفِ لِحَجْبِهِ بِمَنْ فَوْقَهُ يُشَارِكُ وَلَدُهُ مَنْ بَعْدَهُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ، وَالْأَشْرَافِ الْمُقِيمِينَ بِبَلَدِ كَذَا فَأَقَامَ زَيْدٌ بِتِلْكَ الْبَلَدِ وَكَانَ شَرِيفًا اسْتَحَقَّ مَعَهُمْ جُزْءًا مُضَافًا لِمَا مَعَهُ أَفْتَى بِهِ ابْنُ رَزِينٍ قَالَ: لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ الْمُقِيمِينَ يَقْتَضِي اسْتِيعَابَهُمْ قَالَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِدِينَارٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِشَيْءٍ آخَرَ وَكَانَ زَيْدٌ فَقِيرًا حَيْثُ لَا يَأْخُذُ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ تَثْبُتْ لِزَيْدٍ اسْتِحْقَاقًا خَاصًّا وَلِلْوَصِيِّ حِرْمَانُهُ وَإِعْطَاءُ غَيْرِهِ. (وَيَجُوزُ) الْوَقْفُ (عَلَى ذَوِي الْقُرْبَى) أَيْ أَقَارِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَقَوْلُهُ: دَارِي وَقْفٌ) أَوْ وَقَفْت دَارِي (عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتِي وَصِيَّةٌ) الْمُرَادُ أَنَّهُ وَقْفٌ بَعْدَ مَوْتِهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْوَصِيَّةِ (فَلَهُ الرُّجُوعُ) وَلِلْإِمَامِ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَإِنْ قَالَ وَقَفْتهَا لِيُصْرَفَ مِنْ غَلَّتِهَا كُلَّ شَهْرٍ إلَى فُلَانٍ كَذَا وَلَمْ يَرُدَّ) عَلَيْهِ (فَوَجْهَانِ) فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ وَعَدَمِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ (فَإِنْ صَحَّحْنَا) (صَرْفَ الْفَاضِلِ إلَى الْوَاقِفِ، أَوْ) إلَى (قَرَابَتِهِ أَوْ) إلَى (الْمَسَاكِينِ) فِيهِ (ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ) أَقْرَبُهَا الثَّانِي (وَإِنْ وَقَفَهَا عَلَى زَيْدٍ، وَالْفُقَرَاءِ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ) فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ لَكِنْ لَا يُحْرَمُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ (وَإِنْ وَقَفَهَا عَلَى الْمَسْجِدِ) أَوْ نَحْوِهِ كَالرِّبَاطِ (صَحَّ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَصْرِفَ) مِنْ عِمَارَتِهِ، أَوْ دُهْنِ سِرَاجِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا (وَكَانَ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَصَالِحِهِ، وَإِنْ قَالَ جَعَلْت دَارِي خَانْقَاهْ) لِلْغُزَاةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ آخِرَهُ (لَمْ يَصِحَّ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي فِيهَا وَقَفْت، قَالَ: وَعَدَمُ الصِّحَّةِ بِنَاءٌ عَلَى طَرِيقَتِهِ أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ بَيَانِ آخِرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِيَتَأَبَّدَ الْوَقْفُ، وَالْمَذْهَبُ الصِّحَّةُ خِلَافًا لَهُ وَأَمَّا صِيغَةُ جَعَلْت فَلَمْ أَرَهَا فِي فَتَاوِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهَا كِنَايَةٌ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ وَفِيهِ طَرَفَانِ) (الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِهِ اللَّفْظِيَّةِ) وَالْأَصْلُ فِيهَا أَنَّ شُرُوطَ الْوَاقِفِ مَرْعِيَّةٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُنَافِي الْوَقْفَ (فَقَوْلُهُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي يَقْتَضِي التَّشْرِيكَ) بَيْنَهُمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ لَا لِلتَّرْتِيبِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ فَمَنْ دُونَهَا إلَّا أَنْ يَقُولَ أَبَدًا، أَوْ مَا تَنَاسَلُوا، أَوْ نَحْوَهُ (وَلَوْ قَالَ) مَعَ ذَلِكَ (بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) فَإِنَّهُ يَقْتَضِي التَّشْرِيكَ؛ لِأَنَّ هَذَا لِمَزِيدِ التَّعْمِيمِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لِلتَّرْتِيبِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ قَالَ وَعَلَيْهِ هُوَ لِلتَّرْتِيبِ بَيْنَ الْبَطْنَيْنِ فَقَطْ فَيَنْتَقِلُ بِانْقِرَاضِ الثَّانِي لِمَصْرِفٍ آخَرَ إنْ ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ، وَإِلَّا فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَبَحْثًا (فَإِنْ قَالَ) بَدَلَ " بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ " (الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى، أَوْ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، أَوْ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ) أَوْ نَحْوِهَا بِالْجَرِّ بَدَلًا مِمَّا قَبْلَهَا (أَوْ قَالَ) وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي (ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي مَا تَنَاسَلُوا تَرَتَّبُوا) لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ (فَلَا يَأْخُذُ بَطْنٌ وَهُنَاكَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) أَيْ مِنْ بَطْنٍ أَقْرَبَ مِنْهُ (أَحَدٌ) وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ مَا تَنَاسَلُوا بِالْأَخِيرَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِيهَا بَلْ إنْ ذَكَرَهُ فِيهَا وَفِي الْبَقِيَّةِ لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ وَالتَّرْتِيبُ خَاصَّيْنِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) لَوْ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا وَلِأُمِّهِ سُكْنَاهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا فَهَلْ يَصِحُّ وَيَلْغُو الشَّرْطُ أَوْ يَبْطُلُ الْوَقْفُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) عِبَارَتُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ هَذَا تَعْلِيقٌ بَلْ زَائِدٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إيقَاعُ تَصَرُّفٍ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ صِحَّةُ الْوَقْفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْأُسْتَاذُ قَالَ وَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّهُ تَعْلِيقٌ صَحِيحٌ لَكِنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَوْتِ فِي التَّمْلِيكَاتِ يَصِحُّ وَصِيَّةً فَالْوَقْفُ أَوْلَى وَقَوْلُهُ: بَلْ زَائِدٌ عَلَيْهِ إلَخْ يُقَالُ لَهُ الْوَصِيَّةُ وَالتَّدْبِيرُ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ إيقَاعَ تَصَرُّفٍ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهَذَا مِثْلُهُ، أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ الْحَقُّ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عِنْدَنَا تَصَرُّفٌ نَاجِزٌ وَأَثَرُهُ يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ بَلْ قَالَ وَالْأَظْهَرُ صِحَّتُهُ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَالَ إذَا مِتّ فَدَارِي وَقْفٌ أَوْ فَقَدْ وَقَفْت دَارِي؛ إذْ الْمَعْنَى فَاعْلَمُوا أَنِّي قَدْ وَقَفْتهَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إذَا مِتّ وَقَفْتهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ إنْشَاءُ تَعْلِيقٍ وَهُوَ صَحِيحٌ وَالثَّانِيَ تَعْلِيقُ إنْشَاءٍ وَهَذَا بَاطِلٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ وَعْدٌ مَحْضٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَقْرَبُهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَالَ جَعَلْت دَارِي مَسْجِدًا صَارَتْ مَسْجِدًا عَلَى الْأَصَحِّ فَلْيَكُنْ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ جَوَابًا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ. اهـ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ " جَعَلْتُ " صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ وَفِيهِ طَرَفَانِ] [الطَّرَفَ الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفُ اللَّفْظِيَّةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ) (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) أَيْ أَوْ نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ) أَيْ وَالْعَبَّادِيِّ وَالْفُورَانِيِّ وَهُوَ الرَّاجِحُ. (تَنْبِيهٌ) مَعْنَى الْبَعْدِيَّةِ هُنَا الدَّلَالَةُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْبَطْنِ الْكَائِنِ بَعْدَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ يَنْقَرِضْ الْأَوَّلُ فَالْمُرَادُ تَعْمِيمُ اسْتِحْقَاقِ مَنْ وُجِدَ بَعْدُ لَا تَقْيِيدُ اسْتِحْقَاقِهِ بِوُجُودِهِ مُنْفَرِدًا بَعْدَ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّ كَلِمَةَ " بَعْدَ " لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي التَّرْتِيبِ فَهِيَ بِمَعْنَى " مَعَ " نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: 13] أَيْ مَعَ ذَلِكَ زَنِيمٍ وقَوْله تَعَالَى {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 30] عَلَى قَوْلِ ع أَمَّا لَوْ قَالَ مَا تَنَاسَلُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَقَالَ السُّبْكِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لِلتَّرْتِيبِ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ جَارٍ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهَا) كَانَ لَاحِقٌ وَثَمَّ مَنْ فَوْقَهُمْ أَوْ الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى (قَوْلُهُ: وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ مَا تَنَاسَلُوا بِالْأَخِيرَةِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالصُّوَرِ الْأَرْبَعِ قَبْلَهُ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي فَإِذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 بِالطَّبَقَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَإِلَّا اخْتَصَّا بِهِمَا (فَإِنْ جَاءَ بِثُمَّ لِلْبَطْنِ الثَّانِي، وَالْوَاوِ فِيمَا بَعْدَهُ) مِنْ الْبُطُونِ كَأَنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِي (فَالتَّرْتِيبُ لَهُ دُونَهُمْ) عَمَلًا بِثُمَّ فِيهِ وَبِالْوَاوِ فِيهِمْ (وَإِنْ عَكَسَ) بِأَنْ جَاءَ بِالْوَاوِ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي وَبِثُمَّ فِيمَا بَعْدَهُ كَأَنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِي (انْعَكَسَ الْحُكْمُ) أَيْ كَانَ التَّرْتِيبُ لَهُمْ دُونَهُ. (فَرْعٌ وَإِنْ جَمَعَهُمْ بِالْوَاوِ) كَأَنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي (ثُمَّ قَالَ وَمَنْ مَاتَ) مِنْهُمْ (فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ اخْتَصَّ وَلَدُهُ بِنَصِيبِهِ وَشَارَكَ الْبَاقِينَ) فِيمَا عَدَاهُ (وَلَوْ قَالَ) وَقَفْت (عَلَى أَوْلَادِي أَوْ بَنِيَّ، أَوْ بَنَاتِي لَمْ يَدْخُلْ) مَعَهُمْ (أَوْلَادُهُمْ) لِعَدَمِ صِدْقِ اللَّفْظِ عَلَيْهِمْ حَقِيقَةً إذْ يُقَالُ فِيهِمْ لَيْسُوا أَوْلَادَهُ بَلْ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ فَإِنْ قُلْت هَلَّا قِيلَ بِدُخُولِهِمْ عَلَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ فِي اسْتِعْمَالِهِ اللَّفْظَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ قُلْنَا شَرْطُهُ إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ لَهُ وَكَلَامُنَا هُنَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لِلْوَاقِفِ (غَيْرُهُمْ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِمْ) لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ وَصِيَانَةً لِكَلَامِ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْإِلْغَاءِ فَلَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ فَالظَّاهِرُ الصَّرْفُ لَهُ لِوُجُودِ الْحَقِيقَةِ وَإِنَّهُ يُصْرَفُ لَهُمْ مَعَهُ كَالْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ (وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْبَنِينَ، وَالْبَنَاتِ دَخَلَ) مَعَهُمْ (الْخُنْثَى) لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ وَالِاشْتِبَاهُ إنَّمَا هُوَ فِي الظَّاهِرِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى الْمُتَيَقَّنُ فِيمَا إذَا فُوضِلَ بَيْنَ الْبَنِينَ، وَالْبَنَاتِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى الْبَيَانِ لَا إنْ وَقَفَ (عَلَى أَحَدِهِمَا) فَلَا يَدْخُلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الصِّنْفِ الْآخَرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْمَالَ يُصْرَفُ إلَى مَنْ عَيَّنَهُ مِنْ الْبَنِينَ أَوْ الْبَنَاتِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ اسْتِحْقَاقَهُمْ لِنَصِيبِ الْخُنْثَى بَلْ يُوقَفُ نَصِيبُهُ إلَى الْبَيَانِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ (وَلَوْ قَالَ) وَقَفْت (عَلَى بَنِي تَمِيمٍ دَخَلَ نِسَاؤُهُمْ) أَيْ بَنَاتُ تَمِيمٍ؛ لِأَنَّهُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْقَبِيلَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ (وَلَا يَدْخُلُ) مَعَ الْمَذْكُورِينَ الْوَلَدُ (الْمَنْفِيُّ) لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ وَلَدًا (حَتَّى يُسْتَلْحَقَ) فَيَدْخُلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مِنْ الرِّيعِ الْحَاصِلِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ وَبَعْدَهُ حَتَّى يَرْجِعَ بِمَا يَخُصُّهُ فِي مُدَّةِ النَّفْيِ (وَالنَّسْلُ وَالْعَقِبُ وَالذُّرِّيَّةُ وَأَوْلَادُ الْأَوْلَادِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (يَشْمَلُ أَوْلَادَ الْبَنِينَ، وَالْبَنَاتِ) وَإِنْ بَعُدُوا فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ لِصِدْقِ اللَّفْظِ عَلَيْهِمْ قَالَ تَعَالَى {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ} [الأنعام: 84] إلَى أَنْ ذَكَرَ عِيسَى وَلَيْسَ هُوَ إلَّا وَلَدُ الْبِنْتِ. (وَكَذَا الْحَمْلُ) مَشْمُولٌ لِكُلٍّ مِنْهَا لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ فَيُوقَفُ نَصِيبُهُ (إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ) وَهِيَ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ فَلَا يَشْمَلُهُ (لِأَنَّهُ) قَبْلَ انْفِصَالِهِ (لَا يُسَمَّى وَلَدًا لَكِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ ثَمَرَةٍ خَرَجَتْ بَعْدَ الِانْفِصَالِ) كَمَا فِي الْوَلَدِ الْحَادِثِ عُلُوقُهُ بَعْدَ الْوَقْفِ (وَإِنْ قَالَ) وَقَفْت (عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيَّ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِي لَمْ يَدْخُلْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ) لِأَنَّهُمْ لَا يُنْسَبُونَ إلَيْهِ بَلْ إلَى آبَائِهِمْ قَالَ تَعَالَى {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] وَأَمَّا خَبَرُ «إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» فِي حَقِّ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ مِنْ الْخَصَائِصِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي النِّكَاحِ بِدَلِيلِ {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ   [حاشية الرملي الكبير] انْقَرَضَ أَوْلَادُهُمْ فَعَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ قَالَ أَبُو حَامِدٍ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ حَدَثَتْ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا فَأَفْتَيْت بِأَنَّ الْوَقْفَ مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ وَالْفَتْوَى أَنَّهُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ حَتَّى يَنْقَرِضَ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ، ثُمَّ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يَنْتَقِلُ الْوَقْفُ إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْأُمِّ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ لَهُمْ شَيْئًا وَإِنَّمَا شَرَطَ انْقِرَاضَهُمْ لِاسْتِحْقَاقِ غَيْرِهِمْ. [فَرْعٌ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي] (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ أَوْلَادُهُمْ) لَوْ وَقَفَ عَلَى أُمَّهَاتِهِ، أَوْ أُمِّهِ لَمْ تَدْخُلْ الْجَدَّةُ، أَوْ عَلَى أَبِيهِ لَمْ يَدْخُلْ الْجَدُّ (قَوْلُهُ: إذْ يُقَالُ فِيهِمْ لَيْسُوا أَوْلَادَهُ بَلْ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ) فَلَوْ قَالَ بَنُو آدَمَ كُلُّهُمْ أَحْرَارٌ لَمْ يَعْتِقْ عَبِيدُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ عَبِيدُ الدُّنْيَا فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ الصَّرْفُ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ يُصْرَفُ لَهُمْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ) كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ هُوَ الْمُسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ فِيمَنْ عَدَاهُ مَوْجُودٌ وَشَكَكْنَا فِي مُزَاحَمَةِ الْخُنْثَى لَهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَاسْتِحْقَاقُ الْخُنْثَى لَمْ نَتَحَقَّقْهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ كِتَابِيَّاتٍ فَأَسْلَمَ مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ أَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ وَأَرْبَعُ وَثَنِيَّاتٍ فَأَسْلَمَ مَعَهُ الْوَثَنِيَّاتُ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِبَارِ، أَوْ طَلَّقَ الْمُسْلِمُ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ الْمُسْلِمَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَإِنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لَا يُوقَفُ شَيْءٌ لِلزَّوْجَاتِ بَلْ يُقْسَمُ كُلُّ التَّرِكَةِ بَيْنَ بَاقِي الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الزَّوْجَاتِ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُنَّ الْكِتَابِيَّاتُ؛ إذْ سَبَبُ الْإِرْثِ فِي سَائِرِ الْوَرَثَةِ مَوْجُودٌ وَشَكَكْنَا فِي الْمُزَاحَمَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَإِرْثُ الزَّوْجَاتِ لَمْ نَتَحَقَّقْهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَالثَّانِي يُوقَفُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ قَدْرَ نَصِيبِ الزَّوْجَاتِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مُوَافِقٌ لِلْأَصَحِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَلَامُ ابْنِ الْمُسْلِمِ مُوَافِقٌ لِمُقَابِلِهِ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنَّهُ قَدْ يُنَازَعُ فِي الْجَوَابِ بِأَنَّ الْخُنْثَى لَمْ يَحْصُلْ يَأْسٌ مِنْ اتِّضَاحِ حَالِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَاتِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْأَخِيرِ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا فَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَعَلَى أَخِي الْوَاقِفِ فَمَاتَ وَلَدُهُ وَلَهُ حَمْلٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْحَمْلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا، وَالْقِيَاسُ اسْتِحْقَاقُ الْأَخِ فَإِذَا وُلِدَ الْوَلَدُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ الْوَلَدُ وَيَنْقَطِعَ اسْتِحْقَاقُ الْأَخِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّهُ يُوقَفُ الرِّيعُ حَتَّى يَنْفَصِلَ الْوَلَدُ وَقَوْلُهُ: قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ ثَمَرَةٍ خَرَجَتْ بَعْدَ الِانْفِصَالِ) قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ، وَالْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّا لَيْسَ عَلَى عَمَلٍ، أَوْ لَا شَرَطَ الْوَاقِفُ فِيهِ صَرْفَهُ مُسَانَاةً أَوْ مُشَاهَرَةً، أَوْ مُيَاوَمَةً أَمَّا مَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى عَمَلٍ كَأَوْقَافِ الْمَدَارِسِ أَوْ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَنَحْوِهِمْ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْسِيطَهُ عَلَى الْمُدَّةِ. وَقَدْ تَكُونُ تِلْكَ الْمُدَّةُ لَا يَأْتِي مُغَلُّهَا إلَّا مَرَّةً فِي السَّنَةِ وَالْبُسْتَانُ لَا يَأْتِي ثَمَرُهُ إلَّا كَذَلِكَ وَأُجْرَةُ الْمَنَافِعِ تَخْتَلِفُ فَفِي بَعْضِ السَّنَةِ كَثِيرَةٌ وَفِي بَعْضِهَا قَلِيلَةٌ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُغَلِّ وَالثَّمَرَةِ وَنَحْوِهِمَا أَنْ تُقَسَّطَ عَلَى الْمُدَّةِ وَيُعْطَى مِنْهُ الْوَرَثَةُ مَنْ مَاتَ عَنْ الْمُدَّةِ الَّتِي بَاشَرَهَا وَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ، أَوْ الْغَلَّةُ مَا حَدَثَتْ إلَّا بَعْدَهُ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ خِلَافَ ذَلِكَ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 ْ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ دُخُولُ أَوْلَادِ الْبَنِينَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَاقِفُ رَجُلًا أَمْ امْرَأَةً وَهُوَ فِي الْمَرْأَةِ مُشْكِلٌ بِقَوْلِهِمْ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ: إنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَ الْأُمِّ وَالِابْنِ فِي النَّسَبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذُكِرَ الِانْتِسَابُ فِي الْمَرْأَةِ هُنَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلْإِخْرَاجِ فَيَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ أَيْضًا، وَإِلَّا يَلْزَمُ إلْغَاءُ الْوَقْفِ أَصْلًا فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ اللُّغَوِيَّةِ لَا الشَّرْعِيَّةِ وَيَكُونُ كَلَامُ الْفُقَهَاءِ مَحْمُولًا عَلَى وَقْفِ الرَّجُلِ. (وَالْعَشِيرَةُ كَالْقَرَابَةِ) فِي حُكْمِ الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ (وَمُطْلَقُ الْقَرَابَةِ يَأْتِي ذِكْرُهَا فِي الْوَصِيَّةِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْعِتْرَةُ الْعَشِيرَةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أَكْثَرُ مَنْ جَعَلَهُمْ عَشِيرَةً خَصَّهُمْ بِالْأَقْرَبِينَ وَنَقَلَ فِيهِ عِبَارَاتِ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، ثُمَّ قَالَ وَمُقْتَضَى مَا قَالُوهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِمْ ذُرِّيَّتُهُ وَعَشِيرَتُهُ الْأَدْنَوْنَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ وَتَوَقَّفَ فِيمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ بَلْ الْأَظْهَرُ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الْعُرْفِ (وَالْحَادِثُونَ) بَعْدَ الْوَقْفِ (يُشَارِكُونَ الْمَوْجُودِينَ) عِنْدَهُ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِمْ (وَالْمَوْلَى اسْمٌ لِلْأَعْلَى) وَهُوَ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ (وَالْأَسْفَلِ) وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ (فَلَوْ اجْتَمَعُوا اشْتَرَكُوا) لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُمْ وَلَوْ قَالَ فَلَوْ اجْتَمَعَا اشْتَرَكَا كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ الْوَقْفُ بِهِ فَلَوْ طَرَأَ الْآخَرُ بَعْدُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فَيَظْهَرُ عِنْدَ مَنْ يُشْرِكُ أَنْ يَدْخُلَ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْإِخْوَةِ ثُمَّ حَدَثَ آخَرُ وَرُدَّ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْمَوْلَى عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ وَقَدْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ وَهِيَ الِانْحِصَارُ فِي الْوُجُودِ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ فَصَارَ الْمَعْنَى الْآخَرُ غَيْرَ مُرَادٍ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا أَوْ عُمُومًا عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ مُقَرَّرٍ فِي الْأُصُولِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْإِخْوَةِ فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ وَاحِدَةٌ وَإِطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ حَيِّزِ الْمُتَوَاطِئِ فَمَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ اسْتَحَقَّ مِنْ الْوَقْفِ إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ الْوَاقِفُ بِالْمَوْجُودِينَ حَالَ الْوَقْفِ فَيُتَّبَعَ تَقْيِيدُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَوْلَى، وَالْمَوَالِي وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ لَا يُتَّجَهُ التَّشْرِيكُ فِي الْإِفْرَادِ وَيَنْقَدِحُ مُرَاجَعَةُ الْوَاقِفِ. (فَصْلٌ يُرَاعَى شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي) مَا شَرَطَ مِنْ (التَّسْوِيَةِ وَالتَّفَاضُلِ وَالتَّخْصِيصِ بِوَصْفٍ وَزَمَانٍ) وَمَكَانٍ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَصْفِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (فَإِنْ قَالَ) وَقَفْت (عَلَى فُقَرَاءِ الْأَبْنَاءِ وَأَرَامِلِ الْبَنَاتِ أُعْطِيَ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ افْتَقَرَ) مِنْ الْأَبْنَاءِ بَعْدَ غِنَاهُ (وَالْأَرْمَلَةُ) مِنْ الْبَنَاتِ (وَمَنْ تَطَلَّقَتْ) مِنْهُنَّ، أَوْ فَارَقَتْ بِفَسْخٍ، أَوْ وَفَاةٍ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ مَنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ أَصْلًا أَرْمَلَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهَا الَّتِي فَارَقَهَا زَوْجُهَا وَفِي الْوَصِيَّةِ مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَشَرْطُهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ فِي الْوَصِيَّةِ الْفَقْرُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الِاقْتِضَاءِ الْمَذْكُورِ (لَا الرَّجْعِيَّةُ) لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ فَلَيْسَتْ أَرْمَلَةً (أَوْ) قَالَ وَقَفْت (عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ إلَّا مَنْ تَزَوَّجَتْ) أَوْ اسْتَغْنَتْ مِنْهُنَّ فَتَزَوَّجَتْ، أَوْ اسْتَغْنَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ خَرَجَتْ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَ (لَمْ يَعُدْ اسْتِحْقَاقُهَا بِالطَّلَاقِ) وَالْفَقْرِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ بِهِ عَنْ كَوْنِهَا تَزَوَّجَتْ أَوْ اسْتَغْنَتْ وَلِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ أَنْ تَفِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدِهِ وَلَا يَخْلُفَهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَمَنْ تَزَوَّجَتْ لَمْ تَفِ وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا (وَلَوْ خَصَّصَ) الْوَاقِفُ (كُلَّ وَاحِدٍ) مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (بِغَلَّةِ سَنَةٍ جَازَ) وَاتُّبِعَ عَمَلًا بِشَرْطِهِ. (فَرْعٌ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ) ثُمَّ قَالَ (فَإِنْ انْقَرَضُوا هُمْ وَأَوْلَادُهُمْ فَعَلَى الْفُقَرَاءِ فَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ) وَحُكْمُهُ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا شَرَطَ انْقِرَاضَهُم   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ دُخُولُ أَوْلَادِ الْبَنِينَ إلَخْ) لَوْ قَالَ عَلَى الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إلَيَّ بِأُمَّهَاتِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِأَوْلَادِ الْبَنِينَ فِيهِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ اللُّغَوِيَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَسْفَلِ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ) لِأَنَّ أَوْلَادَ الْعَتِيقِ يُسَمَّوْنَ مَوَالِيَ نِعْمَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْهُمْ بِاعْتِبَارِ تَخْلِيصِهِمْ مِنْ الرِّقِّ وَكَتَبَ أَيْضًا إذَا اقْتَضَى الصَّرْفَ إلَى الْمَوَالِي مِنْ أَسْفَلَ بِصَرِيحٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ مَنْ يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ كَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْوَصَايَا مِنْ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْمَوَالِي لَا حَالَ الْوَصِيَّةِ وَلَا حَالَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ اجْتَمَعُوا اشْتَرَكُوا) هَلْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُعْتَمَدِ لِلْبَنْدَنِيجِيِّ، أَوْ عَلَى الْجِهَتَيْنِ مُنَاصَفَةً؟ احْتِمَالَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَصَارَ الْمَعْنَى الْآخَرُ غَيْرَ مُرَادٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ إذْ الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ يَعُمُّ لِلْعُمُومِ. [فَصْلٌ يُرَاعَى شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي مَا شَرَطَ مِنْ التَّسْوِيَةِ وَالتَّفَاضُلِ وَالتَّخْصِيصِ بِوَصْفٍ وَزَمَانٍ وَمَكَانٍ] (قَوْلُهُ: يُرَاعَى شَرْطُ الْوَاقِفِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: الْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ فَيُنَزَّلُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْمُدَرِّسِ، وَالْمُعِيدِ، وَالْفُقَهَاءِ بِالْمَدْرَسَةِ كَذَا نُزِّلَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفَقِيهِ، وَالْأَفْقَهِ وَكَذَا يُنَزَّلُ عَلَى إلْقَاءِ الدُّرُوسِ فِي الْغَدَوَاتِ فَلَا يَكْفِي إلْقَاؤُهَا لَيْلًا. (تَنْبِيهٌ) وَقَفَ دَارًا عَلَى زَيْدٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّ لِزَيْدٍ مِنْهَا النِّصْفَ وَلِعَمْرٍو مِنْهَا الثُّلُثَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي كَانَتْ بَيْنَهُمَا مَقْسُومَةً عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ وَيَرْجِعُ السُّدُسُ الْفَاضِلُ عَلَيْهِمَا بِالرَّدِّ فَيَكُونُ لِزَيْدٍ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا وَلِعَمْرٍو خُمُسَاهَا وَلَوْ وَقَفَهَا هَكَذَا وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْهِمَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا سَمَّى وَكَانَ السُّدُسُ الْفَاضِلُ إذَا صَحَّحْنَا الْوَقْفَ فِيهِ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى أَنَّ لِزَيْدٍ جَمِيعَهَا وَلِعَمْرٍ ثُلُثَهَا قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِزَيْدٍ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِعَمْرٍو سَهْمٌ قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَعَ السُّؤَالُ قَدِيمًا عَمَّا يَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ مِنْ قَوْلِهِمْ صُرِفَ ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْوَقْفِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمْ الْمُتَنَاوِلُونَ مِنْهُ حِينَئِذٍ فَالْمَحْجُوبُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْوَصِيَّةِ مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ أَصَحُّ) وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ فِي الْوَصِيَّةِ الْفَقْرُ) وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يَظْهَرُ أَنَّ صُورَةَ الصَّرْفِ إلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ أَوْ بِلَفْظِ الْوَقْفِ وَوَقَفَ عَلَى مَصْرِفٍ صَحِيحٍ وَشَرَطَ صَرْفَ كَذَا مِنْهُ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ بَعْدَ كَمَالِهِنَّ وَإِلَّا فَتَقَدَّمَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْعَبْدِ نَفْسِهِ بَاطِلٌ، وَأُمُّ الْوَلَدِ دَاخِلَةٌ فِي الرَّقِيقِ، كَاتِبُهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 لِاسْتِحْقَاقِ الْفُقَرَاءِ. [فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى أَرْبَعَةٍ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ أَوْلَادٌ فَنَصِيبُهُ لِأَوْلَادِهِ وَإِلَّا فَلِأَهْلِ الْوَقْفِ] (فَرْعٌ) وَلَوْ (وَقَفَ عَلَى أَرْبَعَةٍ أَنَّ مَنْ مَاتَ) مِنْهُمْ وَلَهُ أَوْلَادٌ (فَنَصِيبُهُ لِأَوْلَادِهِ وَإِلَّا فَلِأَهْلِ الْوَقْفِ فَمَاتَ) مِنْهُمْ (ثَلَاثَةٌ أَعْقَبَ مِنْهُمْ اثْنَانِ) فَقَطْ (فَنَصِيبُ الثَّالِثِ بَيْنَ الرَّابِعِ وَبَيْنَ عَقِبِهِمَا) أَيْ الِاثْنَيْنِ (عَلَى الرُّءُوسِ، وَإِنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَمَنْ سَيُولَدُ لِي عَلَى مَا أُفَصِّلُهُ فَفَصَّلَهُ عَلَى الْمَوْجُودِينَ وَجَعَلَ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِلَا عَقِبٍ لِمَنْ سَيُولَدُ لَهُ جَازَ وَأُعْطِيَ) مَنْ وُلِدَ لَهُ (نَصِيبَ مَنْ مَاتَ) مِنْهُمْ (بِلَا عَقِبٍ فَقَطْ) أَيْ دُونَ شَيْءٍ آخَرَ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ قَوْلُهُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَمَنْ سَيُولَدُ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ بَعْدَهُ بَيَانٌ لَهُ. (فَرْعٌ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى سُكَّانِ بَلَدٍ فَغَابَ أَحَدُهُمْ سَنَةً) مَثَلًا (وَلَمْ يَبِعْ دَارِهِ وَلَا اسْتَبْدَلَ) بِهَا (أُخْرَى أُعْطِيَ) حَقَّهُ مِنْ الْوَقْفِ وَلَا يَبْطُلُ بِغَيْبَتِهِ فَإِنْ بَاعَهَا أَوْ اسْتَبْدَلَ بِهَا أُخْرَى بَطَلَ حَقُّهُ نَعَمْ إنْ اسْتَمَرَّ سَاكِنًا فِي دَارِهِ بَعْدَ بَيْعِهَا، أَوْ اسْتِبْدَالِهَا بِأُجْرَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَاكِنٌ بِالْبَلَدِ (وَقَوْلُهُ وَقَفْت عَلَيْهِ إنْ سَكَنَ هُنَا) أَيْ مَكَانًا مُعَيَّنًا (ثُمَّ) بَعْدَهُ (عَلَى الْفُقَرَاءِ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ) لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ بَعْدَ انْقِرَاضِهِ وَاسْتِحْقَاقُهُ مَشْرُوطٌ بِشَرْطٍ قَدْ يَتَخَلَّفُ وَلَفْظُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ وَاحْتِمَالُ الِانْقِطَاعِ لَيْسَ كَتَحَقُّقِهِ وَعُرُوضُ إعْرَاضِهِ عَنْ السَّكَنِ كَرَدِّ الْمُسْتَحِقِّ غَلَّةَ الْوَقْفِ بَعْدَ صِحَّتِهِ. (فَصْلٌ الِاسْتِثْنَاءُ وَالصِّفَةُ يَلْحَقَانِ الْجَمِيعَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ) وَقَفْت (عَلَى أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي، وَإِخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ، أَوْ إلَّا الْأَغْنِيَاءَ مِنْهُمْ، أَوْ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ) فَتُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ أَوْ عَدَمُ الْغِنَى، أَوْ الْفِسْقُ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اشْتِرَاكُ الْمُتَعَاطِفَاتِ فِي جَمِيعِ الْمُتَعَلِّقَاتِ، وَالْحَاجَةُ هُنَا مُعْتَبَرَةٌ بِجَوَازِ أَخْذِ الزَّكَاةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَتَنْقَدِحُ مُرَاجَعَةُ الْوَاقِفِ إنْ أَمْكَنَتْ (فَإِنْ عَطَفَ جُمَلًا) أَوْ مُفْرَدَاتٍ (بِثُمَّ) كَ وَقَفْتُ دَارِي عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ حَبَسَتْ ضَيْعَتِي عَلَى أَقَارِبِي، ثُمَّ سَبَّلْت بُسْتَانِي عَلَى عُتَقَائِي الْمُحْتَاجِينَ أَوْ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ (أَوْ فَرَّقَ) بَيْنَهُمَا (بِكَلَامٍ طَوِيلٍ) كَ وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَعْقَبَ فَنَصِيبُهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِلَّا فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا صُرِفَ إلَى إخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ، أَوْ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ (اخْتَصَّتْ بِهِمَا) أَيْ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَالصِّفَةِ الْجُمْلَةُ (الْأَخِيرَةُ) فَالشَّرْطُ - فِي عَوْدِهِمَا لِلْجَمِيعِ - الْعَطْفُ بِالْوَاوِ، وَأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ كَلَامٌ طَوِيلٌ وَنَقَلَهَا الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ بِأَوَّلِهِمَا لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ إنَّمَا هُوَ احْتِمَالٌ لَهُ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ فِي الْبُرْهَانِ بِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ الْعَوْدُ إلَى الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ بِثُمَّ قَالَ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْوَاوِ بَلْ الضَّابِطُ وُجُودُ عَاطِفٍ جَامِعٍ بِالْوَضْعِ كَالْوَاوِ، وَالْفَاءِ، وَثُمَّ بِخِلَافِ بَلْ وَلَكِنْ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ فِي الْأُصُولِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ انْتَهَى وَاعْلَمْ أَنَّ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْحَمْلِ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْعَطْفِ فَقَدْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَيْمَانِ أَنَّهُ يَعُودُ إلَيْهَا بِلَا عَطْفٍ حَيْثُ قَالَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْت طَالِقٌ، عَبْدِي حُرٌّ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ يَعْتِقْ (وَتَقْدِيمُ الصِّفَةِ) عَلَى الْمُتَعَاطِفَاتِ (كَتَأْخِيرِهَا) عَنْهَا فِي عَوْدِهَا إلَى الْجَمِيعِ كَ وَقَفْتُ عَلَى فُقَرَاءِ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي وَإِخْوَتِي وَكَذَا الِاسْتِثْنَاءُ كَ وَقَفْتُ لَا عَلَى مَنْ فَسَقَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَكَتُوا عَنْ حُكْمِ الصِّفَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ وَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُهَا بِمَا وَلِيَتْهُ انْتَهَى، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا، وَمِثْلُهَا الِاسْتِثْنَاءُ. (فَرْعٌ الْبَطْنُ الثَّانِي) وَمَنْ بَعْدَهُ (يَتَلَقَّوْنَ) الْوَقْفَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ انْقَرَضُوا هُمْ وَأَوْلَادُهُمْ فَعَلَى الْفُقَرَاءِ] قَوْلُهُ: فَنَصِيبُهُ لِأَوْلَادِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ صِيغَةُ الْجَمْعِ فِي الْأَوْلَادِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ حَتَّى لَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ فَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَهُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِهِ صُرِفَ رِيعُ الْوَقْفِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْجِهَةُ وَهَكَذَا لَوْ قَالَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَيْسَ لَهُ ذُرِّيَّةٌ فَنَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ إلَّا وَاحِدٌ صُرِفَ إلَيْهِ هَذَا هُوَ الَّذِي تَقَعُ بِهِ الْفَتْوَى. وَيَظْهَرُ مِنْ الْمَقَاصِدِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنْ الْإِخْوَةِ إلَّا أُنْثَى فَإِنَّهَا تَأْخُذُ نَصِيبَهُ وَأَمَّا مَا ذَكَرَاهُ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِإِخْوَةِ زَيْدٍ لَا تَدْخُلُ أَخَوَاتِهِ فَلَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْوَقْفَ يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَيُنَزَّلُ عَلَى الْجِهَاتِ، وَالْوَصِيَّةُ وَالْمَوَارِيثُ لَيْسَ الْأَمْرُ فِيهِمَا كَذَلِكَ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْأَشْخَاصُ لَا الْجِهَاتُ إلَّا فِي مِيرَاثِ بَيْتِ الْمَالِ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ الصِّيغَةِ جَمْعًا وَتَذْكِيرًا. [فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى سُكَّانِ بَلَدٍ فَغَابَ أَحَدُهُمْ سَنَةً مَثَلًا وَلَمْ يَبِعْ دَارِهِ وَلَا اسْتَبْدَلَ بِهَا أُخْرَى] (قَوْلُهُ: فَغَابَ أَحَدُهُمْ إلَخْ) وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْغَيْبَةِ حَالَ الْوَقْفِ أَوْ بَعْدَهَا وَيَظْهَرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالسَّنَةِ مِثَالٌ لَا لِلتَّحْدِيدِ حَتَّى لَوْ غَابَ أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَمْ يَسْتَوْطِنْ غَيْرَهَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ. (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ. [فَصْلٌ الِاسْتِثْنَاءُ وَالصِّفَةُ يَلْحَقَانِ الْجَمِيعَ فِي الْوَقْفِ] (قَوْلُهُ: الِاسْتِثْنَاءُ وَالصِّفَةُ) أَيْ وَالشَّرْطُ أَوْ الضَّمِيرُ إذَا كَانَ صَالِحًا لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُمَا الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ) وَتَبِعَهُ عَلَى هَذَا الْقَيْدِ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ إذَا وَقَفَ عَلَى ذُكُورِ أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى الْمَسَاكِينِ يُعْتَبَرُ الذُّكُورَةُ فِي أَوْلَادِهِ دُونَ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَى مَحَاوِيجِ أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ فَالْمُقَيَّدُ عَلَى التَّقْيِيدِ، وَالْمُطْلَقُ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: بَلْ الضَّابِطُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِمَا يُوَافِقُهُ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ هُوَ الْحَقُّ وَذَكَرَا فِي بَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الشَّرْطَ يَعُودُ إلَى الْجُمْلَتَيْنِ إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِثُمَّ وَالشَّرْطُ قِسْمٌ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَكَتُوا إلَخْ) وَيَدُلُّ لَهُ مَا نَقَلَاهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَنَوَى صَرْفَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَيْهِمَا صَحَّ فَافْهَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا وَإِذَا كَانَ فِي الشَّرْطِ الَّذِي لَهُ صَدْرُ الْكَلَامِ فَالصِّفَةُ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 (مِنْ الْوَاقِفِ) لَا مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ: وَحُكْمُ الْوَقْفِ اللُّزُومُ) فِي الْحَالِ فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ سَوَاءٌ أَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَسَلَّمَهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَمْ لَا كَالْعِتْقِ (وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ) بِأَنْ قَالَ دَارِي وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنَّهُ لَازِمٌ حَالَ كَوْنِهِ وَقْفًا وَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَصَوَّرَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ أَيْضًا بِأَنْ يُنَجِّزَ الْوَقْفَ وَيُعَلِّقَ الْإِعْطَاءَ عَلَى الْمَوْتِ قَالَ فَإِنَّ صَاحِبَ الْبَيَانِ ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ جَوَازُهُ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ انْتَهَى، وَعَلَيْهِ فَرِيعُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ يَنْبَغِي صَرْفُهُ لِصَالِحِ الْوَقْفِ خَاصَّةً (وَيَنْتَقِلُ مِلْكُهُ) أَيْ الْوَقْفِ (إلَى اللَّهِ تَعَالَى) وَلَوْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَيْ يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ كَالْعِتْقِ فَلَا يَمْلِكُهُ الْوَاقِفُ وَلَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ امْتِنَاعِ تَصَرُّفِهِمَا فِيهِ. (وَجَعْلُ الْبُقْعَةِ مَسْجِدًا، أَوْ مَقْبَرَةً تَحْرِيرٌ لَهَا) كَتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا انْتَقَلَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ، وَفِي أَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ كَالْحُرِّ، وَفِي أَنَّهُ لَوْ مُنِعَ أَحَدُ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمَا بِغَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِمَا لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَالْأَمْرُ أَنَّ الْأَخِيرَانِ ذَكَرُوهُمَا فِي الْمَسْجِدِ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ الْمَقْبَرَةُ، وَالرِّبَاطُ، وَالْمَدْرَسَةُ، وَنَحْوُهَا، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِالتَّحْرِيرِ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأُمُورِ، وَإِلَّا فَالْأَمْرُ الْأَوَّلُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. (فَصْلٌ الْفَوَائِدُ) مِلْكٌ (لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ وَهِيَ (كَالدَّرِّ وَالصُّوفِ وَالثَّمَرَةِ لَا الْأَغْصَانِ) فَلَيْسَتْ لَهُ (إلَّا) الْأَغْصَانَ (مِنْ) شَجَرِ (خِلَافٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُعْتَادُ قَطْعُهُ؛ لِأَنَّهَا كَالثَّمَرَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ مِنْ فَوَائِدِ الْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا إنَّمَا هُوَ الِانْتِفَاعُ لَا الْمَنْفَعَةُ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْهُ (وَالْحَمْلُ الْمُقَارِنُ) لِلْوَقْفِ (كَالْأُمِّ) فِي كَوْنِهِ وَقْفًا مِثْلَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الصُّوفُ وَنَحْوُهُ (وَ) الْحَمْلُ (الْحَادِثُ كَالدَّرِّ) فَيَكُونُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (وَلَوْ وَقَفَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فَفَوَائِدُهَا) مِنْ دَرٍّ وَنَحْوِهِ (لِلْوَاقِفِ) لَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْوَقْفِ. (فَرْعٌ) الْحَيَوَانُ (الْمَوْقُوفُ لِلْإِنْزَاءِ لَا يُحْرَثُ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَحْرُثُ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ وَلَا غَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْإِنْزَاءِ مِمَّا يَنْقُصُ مَنْفَعَتَهُ الْمَوْقُوفَ لَهَا نَعَمْ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِنْزَاءِ فَالظَّاهِرُ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْوَاقِفِ لَهُ فِي غَيْرِهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالثَّوْرِ الْمَوْقُوفِ لِلْإِنْزَاءِ (وَإِنْ قُطِعَ بِمَوْتِ) الدَّابَّةِ (الْمَوْقُوفَةِ الْمَأْكُولَةِ ذُبِحَتْ) جَوَازًا لِلضَّرُورَةِ (وَفَعَلَ الْحَاكِمُ بِلَحْمِهَا مَا رَآهُ مَصْلَحَةً) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ دَابَّةٌ مِنْ جِنْسِهَا وَتُوقَفُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَنْوَارِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ الثَّانِي وَجَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ بِمَوْتِهَا لَمْ يَجُزْ ذَبْحُهَا، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ الِانْتِفَاعِ كَمَا لَا يَجُوزُ إعْتَاقُ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا حَيَّةً وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ لَكِنْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْجَوَازِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (فَإِنْ مَاتَتْ فَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَحَقُّ بِجِلْدِهَا) نَعَمْ إنْ خَصَّهُ الْوَاقِفُ بِبَعْضِ مَنَافِعِهَا كَدَرِّهَا، أَوْ صُوفِهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي جِلْدِهَا (فَلَوْ دَبَغَهُ) هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ أَوْ انْدَبَغَ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ عَادَ وَقْفًا. (فَصْلٌ: مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ) الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ (بِالْوَقْفِ الْمُطْلَقِ يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ بِإِجَارَةٍ، وَإِعَارَةٍ) مِنْ نَاظِرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَقْصُودُ الْوَاقِفِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ نَفْيَ شَيْءٍ فَيُتَّبَعُ (نَعَمْ لِلنَّاظِرِ مَنْعُهُ مِنْ السُّكْنَى) لِلدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ (لِيُؤَجِّرَهَا لِلْعِمَارَةِ) إنْ اقْتَضَاهَا الْحَالُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْنَعْهُ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى الْخَرَابِ (أَمَّا الْمَوْقُوفَةُ لِيُعْطَى الْمُؤَذِّنُ) مَثَلًا (أُجْرَتَهَا فَلَا يَسْكُنُهَا، أَوْ لِيَسْكُنَهَا) فَ (لَا يُؤَجِّرُهَا) عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُعِيرُهَا وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ وَعَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَمَّا وَلِيَ دَارَ الْحَدِيثِ وَبِهَا قَاعَةٌ لِلشَّيْخِ لَمْ يَسْكُنْهَا وَأَسْكَنَهَا غَيْرَهُ لَكِنَّ قَوْلَ الْأَصْلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا غَيْرَهُ بِأُجْرَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا صَرِيحٌ فِي الْمَنْعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ لِلْوَقْفِ] قَوْلُهُ: وَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ) قَالَ الشَّيْخَانِ وَكَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ؛ لِأَنَّ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ الدَّارَ لِلْبَيْعِ صَارَ رَاجِعًا (قَوْلُهُ: وَصَوَّرَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ أَيْضًا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا مِنْ صُوَرِ مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ قَالَ وَقَفْته عَلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى أَنْ لَا يُصْرَفَ إلَيْهِمْ مِنْ رِيعِ السَّنَةِ الْأُولَى وَمَا نُقِلَ عَنْ الْبَيَانِ غَلَطٌ لَيْسَ فِيهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَنْتَقِلُ مِلْكُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى) قَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُمْ فِي الشَّهَادَاتِ إنَّ الْوَقْفَ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَإِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالثُّبُوتِ هُوَ الرِّيعُ وَهُوَ حَقُّ آدَمِيٍّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَقْبَرَةً) أَوْ خَانْقَاهْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ الْمَقْبَرَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ لَوْ وَقَفَ ذِمِّيٌّ مَقْبَرَةً فَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا أَهْلُ مِلَّتِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَصَدَهُمْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْمَنْعُ. [فَصْلٌ الْفَوَائِدُ مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ] (قَوْلُهُ: مِمَّا يُعْتَادُ قَطْعُهُ) بِخِلَافِ مَا لَا يُعْتَادُ قَطْعُهُ نَعَمْ إنْ شَرَطَ قَطْعَ الْأَغْصَانِ الَّتِي لَا يُعْتَادُ قَطْعُهَا مَعَ ثِمَارِهَا كَانَتْ لَهُ قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ هَذَا فِيمَا لَا يَمُوتُ بِقَطْعِ غُصْنِهِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الصُّوفُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ أَيْ كَالشَّعْرِ، وَالْوَبَرِ وَالرِّيشِ وَكَتَبَ أَيْضًا كَالثَّمَرَةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ أَمَّا الْمُؤَبَّرَةُ فَلِلْوَاقِفِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْكَسْبَ الْمُعْتَادَ وَالنَّادِرَ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا سَيَأْتِي فِي مَهْرِ الْمَوْطُوءَةِ لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الْمُوصِي بِمَنْفَعَةٍ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمُعْتَادَ خَاصَّةً قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَانَ الْفَرْقُ قُوَّةَ الْمِلْكِ هُنَا. [فَرْعٌ الْحَيَوَانُ الْمَوْقُوفُ لِلْإِنْزَاءِ لَا يُحْرَثُ عَلَيْهِ] (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِنْزَاءِ فَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَنْوَارِ) وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ؛ إذْ لَيْسَ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ تَشَهٍّ وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ الْأَوَّلُ بِالتَّرْجِيحِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي جِلْدِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ انْدَبَغَ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ بِالْوَقْفِ الْمُطْلَقِ يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ] (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي الْمَنْعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 (فَصْلٌ مَهْرُ) الْأَمَةِ (الْمَوْقُوفَةِ) إذَا وُطِئَتْ مُكْرَهَةً، أَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحَ مِلْكٍ (لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) كَاللَّبَنِ وَالثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَوَائِدِ (وَوَطْؤُهَا) مِنْ الْوَاقِفِ، وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالْأَجْنَبِيِّ (حَرَامٌ) لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ، أَوْ لِأَنَّ مِلْكَ الْأَوَّلَيْنِ نَاقِصٌ لَمْ يَحْدُثْ نُقْصَانُهُ بِوَطْءٍ سَابِقٍ وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ وَطْءُ أُمِّ الْوَلَدِ وَمَا ذَكَرَهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ (وَهُوَ) أَيْ الْوَطْءُ (مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْوَاقِفِ، وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَوَطْءِ أَمَةِ الْغَيْرِ) فِي أَحْكَامِهِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِبَعْضِهَا (لَكِنْ لَا مَهْرَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) بِحَالٍ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ لَهُ (وَلَا قِيمَةَ وَلَدِهَا) الْحَادِثِ بِتَلَفِهِ أَوْ بِانْعِقَادِهِ حُرًّا (لِأَنَّهُ) أَيْ وَلَدَ الْمَوْقُوفَةِ مِلْكٌ (لَهُ وَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ حَيْثُ لَا شُبْهَةَ كَالْوَاقِفِ، وَالْأَجْنَبِيِّ) وَلَا أَثَرَ لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ كَمَا لَوْ وَطِئَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ الْأَمَةَ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ لُزُومِ الْحَدِّ لَهُ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ الْأَمَةِ فِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ. (فَرْعٌ يَجُوزُ تَزْوِيجُ) الْأَمَةِ (الْمَوْقُوفَةِ) تَحْصِينًا لَهَا وَقِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ (وَوَلِيُّهَا السُّلْطَانُ) لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى (وَإِذْنُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) لَهُ (شَرْطٌ) فِي صِحَّةِ تَزْوِيجِهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهَا (وَلَا يَلْزَمُهُ) الْأُذُنُ فِي تَزْوِيجِهَا، وَإِنْ طَلَبَتْهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ إجْبَارُهَا عَلَيْهِ أَيْضًا كَالْعَتِيقَةِ (وَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا) وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى احْتِيَاطًا (بَلْ لَوْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) إنْ قَبِلَ الْوَقْفَ عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ الْقَبُولِ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ لَوْ رَدَّ بَعْدَ ذَلِكَ اتَّجَهَ الْحُكْمُ بِبُطْلَانِ الْفَسْخِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا يَحِلُّ لِلْوَاقِفِ نِكَاحُهَا أَيْضًا. (فَصْلٌ: النَّظَرُ فِي الْوَقْفِ لِمَنْ شَرَطَهُ) (الْوَاقِفُ) لَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ أَفَوَّضَهُ فِي الْحَيَاةِ أَمْ أَوْصَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَقَرِّبُ بِصَدَقَتِهِ فَيُتَّبَعُ شَرْطُهُ فِيهِ كَمَا يُتَّبَعُ فِي مَصَارِفِهِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لِأَحَدٍ (فَلِلْحَاكِمِ) لَا لِلْوَاقِفِ وَلَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ الْعَامُّ وَلِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَقْفِ لِلَّهِ تَعَالَى. (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي النَّاظِرِ الْأَمَانَةُ، وَالْكِفَايَةُ) فِي التَّصَرُّفِ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ رُشَدَاءَ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ وِلَايَةٌ كَمَا فِي الْوَصِيِّ، وَالْقَيِّمِ وَعَبَّرَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بَدَلَ الْأَمَانَةِ بِالْعَدَالَةِ وَهِيَ أَخَصُّ مِنْهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي اللَّقِيطِ حَيْثُ قَالَ لَمْ يَعْتَبِرْ الشَّيْخُ الْعَدَالَةَ بَلْ الْأَمَانَةَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيُعْتَبَرُ فِي مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى فِي مَنْصُوبِ الْوَاقِفِ بِالظَّاهِرَةِ كَمَا فِي الْأَبِ، وَإِنْ افْتَرَقَا فِي وُفُورِ شَفَقَةِ الْأَبِ وَخَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَاعْتَبَرَ فِيهِ الْبَاطِنَةَ أَيْضًا (فَإِنْ اخْتَلَّتْ إحْدَاهُمَا نُزِعَ) الْوَقْفُ مِنْهُ أَيْ نَزَعَهُ مِنْهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ زَالَ الِاخْتِلَالُ عَادَ نَظَرُهُ إنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي الْوَقْفِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَفِي فَتَاوِيهِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ (وَإِنْ كَانَ هُوَ) أَيْ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ (الْوَاقِفَ) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمَانَةُ، وَالْكِفَايَةُ وَيُنْزَعُ الْوَقْفُ مِنْهُ إنْ اخْتَلَّتْ إحْدَاهُمَا. (وَلِقَبُولِهِ) أَيْ الْمَشْرُوطِ لَهُ النَّظَرُ (حُكْمُ قَبُولِ الْوَكِيلِ) بِجَامِعِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ وَفِي جَوَازِ الِامْتِنَاعِ مِنْهُمَا بَعْدَ قَبُولِهِمَا فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ لَفْظًا. (فَرْعٌ وَعَلَى النَّاظِرِ الْعِمَارَةُ، وَالْإِجَارَةُ وَجَمْعُ الْغَلَّةِ وَحِفْظُهَا) وَحِفْظُ الْأُصُولِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَقِسْمَتُهَا) عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ سَوَاءٌ أَشَرَطَهَا الْوَاقِفُ عَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ مَهْرُ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ إذَا وُطِئَتْ مُكْرَهَةً أَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحَ مِلْكٍ] قَوْلُهُ: مَهْرُ الْمَوْقُوفَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) فَإِنْ وَقَفَهَا عَلَى خِدْمَتِهِ فَقَطْ وَخَصَّهُ بِبَعْضِ مَنَافِعِهَا فَمَهْرُهَا لِلْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ وَطِئَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ الْأَمَةَ) حَذَفَ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ هَذَا التَّشْبِيهَ؛ لِأَنَّهُ جَزَمَ فِي الْوَصِيَّةِ بِخِلَافِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا سَيَأْتِي. [فَرْعٌ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ] (قَوْلُهُ: وَوَلِيُّهَا الْحَاكِمُ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ وَوَهِمَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ يُزَوِّجُهَا النَّاظِرُ الْخَاصُّ فَإِنَّهَا مَقَالَةٌ ضَعِيفَةٌ اخْتَارَهَا الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنَّ السَّفِيهَةَ يُزَوِّجُهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ وَإِنْ كَانَ وَلِيُّ مَالِهَا الْحَاكِمَ وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَفِي تَزْوِيجِهَا يَسْتَأْذِنُ الْحَاكِمُ كُلًّا مِنْ الْوَاقِفِ، وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ إنَّهُ الظَّاهِرُ، وَقَوْلُهُ: إنَّهُ الظَّاهِرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إنْ قَبِلَ الْوَقْفَ عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) قَالَ شَيْخُنَا: رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ " وَإِلَّا " (قَوْلُهُ: مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَلِّيَ فِي الْمَدْرَسَةِ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا عِنْدَ فَقْدِ النَّاظِرِ الْخَاصِّ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ مَعَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ وَلَمْ أَرَ لِلْأَصْحَابِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. [فَصْلٌ النَّظَرُ فِي الْوَقْفِ] (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِلْحَاكِمِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ يَظْهَرُ أَنَّهُ قَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَا بَلَدِ الْوَاقِفِ كَمَالِ الْيَتِيمِ وَقَوْلُهُ: قَالَ فِي الْعُبَابِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ شُرُوطُ نَاظِرِ الْوَقْفِ] (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَتُهُ الْوَجْهُ اعْتِبَارُ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَاعْتَبَرَ فِيهِ الْبَاطِنَةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ نَزَعَهُ مِنْهُ الْحَاكِمُ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ النَّظَرَ بَعْدَهُ كَمَوْتِهِ وَاسْتَبْعَدَهُ السُّبْكِيُّ إذَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ وَقَالَ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُجْعَلْ لَهُ النَّظَرُ إلَّا بَعْدَ زَوَالِ الْأَوَّلِ وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّظَرُ أَوَّلًا لَوْ رَغِبَ عَنْهُ نَظَرَ الْحَاكِمُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَإِذَا مَاتَ انْتَقَلَ لِلْمَشْرُوطِ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ قَالَ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلِقَبُولِهِ حُكْمُ قَبُولِ الْوَكِيلِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِي قَبُولِ الْمُتَوَلِّي النَّظَرَ مَا فِي قَبُولِ الْوَكِيلِ الْوَكَالَةَ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْوَقْفَ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ أَيْ أَنَّ النَّاظِرَ إنْ شُرِطَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ كَانَ فِي قَبُولِهِ الْخِلَافُ فِي قَبُولِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ الْأَصَحُّ اشْتِرَاطَ قَبُولِهِ كَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ كَانَ فِي قَبُولِهِ الْخِلَافُ فِي قَبُولِ الْوَكِيلِ بِغَيْرِ جُعْلٍ حَتَّى يَكُونَ الْأَصَحُّ عَدَمَ اشْتِرَاطِ قَبُولِهِ. [فَرْعٌ عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ الْعِمَارَةُ وَالْإِجَارَةُ وَجَمْعُ الْغَلَّةِ وَحِفْظُهَا وَقِسْمَتُهَا] (قَوْلُهُ: وَعَلَى النَّاظِرِ الْعِمَارَةُ إلَخْ) إذَا فَضَلَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ مَالٌ هَلْ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ أَجَابَ السُّبْكِيُّ بِجَوَازِ ذَلِكَ إذَا كَانَ لِمَسْجِدٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَقِسْمَتُهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ) لَوْ أَجَّرَ النَّاظِرُ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَجِّلَ الْأُجْرَةَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا يُعْطِي بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَأَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْإِصْطَخْرِيِّ وَهُوَ الْحَقِيقُ بِالِاعْتِمَادِ وَإِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ خِلَافُهُ فَلَوْ عَجَّلَ النَّاظِرُ فَمَاتَ الْآخِذُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 أَمْ أَطْلَقَ وَمِنْ وَظِيفَتِهِ تَنْزِيلُ الطَّلَبَةِ أَيْضًا كَمَا صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَنْزِيلُهُمْ لِلْمُدَرِّسِ لَا لِلنَّاظِرِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِأَحْوَالِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ زَمَانِهِ، أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ النَّاظِرُ جَاهِلًا بِمَرَاتِبِهِمْ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلِلْوَاقِفِ تَفْوِيضُ بَعْضِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِوَاحِدٍ، وَالْبَعْضِ لِآخَرَ (وَإِنْ جَعَلَهُ) أَيْ النَّظَرَ (لِعَدْلَيْنِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ) فِيهِمْ (إلَّا عَدْلٌ) وَاحِدٌ (نَصَبَ الْحَاكِمُ) بَدَلَ الْمَعْدُومِ عَدْلًا (آخَرَ، وَلِلنَّاظِرِ) مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ (مَا شَرَطَهُ لَهُ الْوَاقِفُ) وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَكَانَ ذَلِكَ أُجْرَةَ عَمَلِهِ نَعَمْ إنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ تَقَيَّدَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ عَمِلَ بِلَا شَرْطٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ) كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ فَلَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ لِيُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةً فَهُوَ كَمَا إذَا تَبَرَّمَ الْوَلِيُّ بِحِفْظِ مَالِ الطِّفْلِ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُثْبِتَ لَهُ أُجْرَةً قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ مَعَ الْحَاجَةِ إمَّا قَدْرَ نَفَقَتِهِ كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ ثَمَّ أَوْ الْأَقَلَّ مِنْ نَفَقَتِهِ وَأُجْرَةِ مِثْلِهِ كَمَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَقَدْ يُقَالُ التَّشْبِيهُ بِالْوَلِيِّ إنَّمَا وَقَعَ فِي حُكْمِ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ لَا مُطْلَقًا فَلَا يَقْتَضِي مَا قَالَهُ وَكَانَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِتَقْرِيرِ الْحَاكِمِ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ هُنَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ النَّفَقَةِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ النَّفَقَةُ ثَمَّ لِوُجُوبِهَا عَلَى فَرْعِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ وَلِيًّا عَلَى مَالِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ النَّاظِرِ (فَإِنْ شَرَطَ لَهُ عُشْرَ الْغَلَّةِ أُجْرَةً لِعَمَلِهِ جَازَ، ثُمَّ إنْ عَزَلَهُ بَطَلَ اسْتِحْقَاقُهُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَسُومِحَ فِي ذَلِكَ تَبَعًا لِرِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَإِلَّا فَالْأُجْرَةُ لَا تَكُونُ مِنْ شَيْءٍ مَعْدُومٍ (وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِ أُجْرَةً اسْتَحَقَّ) وَلَا يَبْطُلُ اسْتِحْقَاقُهُ لَهُ بِعَزْلِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وُقِفَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَأَحَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَصُورَةُ نُفُوذِ عَزْلِهِ أَنْ يَشْرِطَ لِنَفْسِهِ النَّظَرَ وَتَوْلِيَةَ غَيْرِهِ عَنْهُ بِعُشْرِ الْغَلَّةِ، ثُمَّ يُوَلِّيَهُ بِهِ. (فَرْعٌ: لَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ) مَالِ (الْوَقْفِ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهُ وَلَا يَجُوزُ) لَهُ (إدْخَالُ مَا ضَمِنَهُ فِيهِ) أَيْ فِي مَالِ الْوَقْفِ إذْ لَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ (وَإِقْرَاضُهُ إيَّاهُ) أَيْ مَالَ الْوَقْفِ (كَإِقْرَاضِ مَالِ الصَّبِيِّ) وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ فِي بَابِهِ. [فَرْعٌ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَعْزِلَ مَنْ وَلَّاهُ وَيَنْصِبَ غَيْرَهُ] (فَرْعٌ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَعْزِلَ مَنْ وَلَّاهُ) وَيَنْصِبَ غَيْرَهُ حَيْثُ كَانَ النَّظَرُ لَهُ كَمَا يَعْزِلُ الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ وَيَنْصِبُ غَيْرَهُ وَكَانَ الْمُتَوَلِّي نَائِبًا عَنْهُ، فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْزِلُهُ بِسَبَبٍ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ فَإِنْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ بَعِيدٌ (لَا مَنْ شَرَطَ نَظَرَهُ أَوْ تَدْرِيسَهُ، أَوْ فَوَّضَهُ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا (إلَيْهِ حَالَ الْوَقْفِ) فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الْفُقَرَاءِ لَا يَجُوزُ تَبْدِيلُهُمْ بِالْأَغْنِيَاءِ وَلِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ بَعْدَ شَرْطِهِ النَّظَرَ فِي الْأُولَى لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ الْوَقْفِ فَإِنَّ لَهُ عَزْلَهُ كَمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ النَّظَرِ لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ فِي تَفْوِيضِ التَّدْرِيسِ بِمَا إذَا كَانَتْ جُنْحَةً ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّفْوِيضِ تَبِعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ جَوَازَ عَزْلِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ لِعَدَمِ صِيغَةِ الشَّرْطِ (بَلْ لَوْ عَزَلَ النَّاظِرُ) الثَّابِتُ لَهُ النَّظَرُ (بِالشَّرْطِ نَفْسَهُ، أَوْ فُسِّقَ فَتَوْلِيَةُ غَيْرِهِ إلَى الْحَاكِمِ) لَا إلَى الْوَاقِفِ إذْ لَا نَظَرَ لَهُ بَعْدَ أَنْ جَعَلَ النَّظَرَ فِي حَالَ الْوَقْفِ لِغَيْرِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْفِسْقِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] فَالنَّاظِرُ ضَامِنٌ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْقِيَاسُ التَّصَرُّفُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا تَتَصَرَّفُ الْمَرْأَةُ فِي الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ مِلْكُهَا عَلَيْهِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الشَّطْرِ إلَى الزَّوْجِ بِالْفِرَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى النَّاظِرِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْقَابِضِ مِنْ النَّاظِرِ بِمَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي نَعْتَقِدُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا نَظَرَ لَهُ مَعَهُ وَلَا تَصَرُّفَ بَلْ نَظَرُهُ مَعَهُ نَظَرُ إحَاطَةٍ وَرِعَايَةٍ وَقَدْ صَرَّحَ مَنْ لَا أُحْصِي - مِمَّنْ تَقَدَّمَ هَذَا الْعَصْرَ -، أَوْ تَضَمَّنَ كَلَامُهُ وَفَتْوَاهُ بِمَا اخْتَرْته (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ التَّشْبِيهُ بِالْوَلِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ. [فَرْعٌ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ] (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ فِي تَفْوِيضِ التَّدْرِيسِ بِمَا إذَا كَانَتْ جُنْحَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنْ عَزَلَ النَّاظِرُ الْمُدَرِّسَ وَغَيْرَهُ تَهَوُّرًا مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ مُسَوِّغٍ لَا يَنْفُذُ وَيَكُونُ قَادِحًا فِي نَظَرِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ لَا يُتَخَيَّلُ أَنَّهُ يَنْفُذُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ كَمَا قُلْنَا بِهِ فِي الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ إذْ لَهُ عَزْلُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّا إنَّمَا نَفَذْنَاهُ مِنْ الْإِمَامِ خَشْيَةَ إثَارَةِ الْفِتْنَةِ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي النَّاظِرِ الْخَاصِّ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي الْقَضَاءِ فِي الْكَلَامِ عَلَى عَزْلِ الْقَاضِي بِلَا سَبَبٍ وَنُفُوذِ عَزْلِهِ فِي الْأَمْرِ الْعَامِّ: وَأَمَّا الْوَظَائِفُ الْخَاصَّةُ كَالْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ وَالتَّصَوُّفِ وَالتَّدْرِيسِ وَالطَّالِبِ وَالنَّظَرِ وَنَحْوِهِ لَا تَنْعَزِلُ أَرْبَابُهَا بِالْعَزْلِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ ابْنُ رَزِينٍ فَقَالَ مَنْ تَوَلَّى تَدْرِيسًا لَمْ يَجُزْ عَزْلُهُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِدُونِهِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ. اهـ. وَفِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ قُبَيْلَ الْغَنِيمَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ إذَا أَرَادَ إسْقَاطَ بَعْضِ الْأَجْنَادِ الْمُثْبَتِ فِي الدِّيوَانِ بِسَبَبٍ جَازَ وَبِغَيْرِ سَبَبٍ لَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ) يُحْمَلُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ عَلَى مَا إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ مُرْتَبِطًا بِصِيغَةِ الْوَقْفِ كَ وَقَفْتُ هَذِهِ مَدْرَسَةً مُفَوِّضًا نَظَرَهَا، أَوْ تَدْرِيسَهَا إلَى فُلَانٍ وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى خِلَافِهِ كَ وَقَفْتُ هَذِهِ مَدْرَسَةً وَفَوَّضْتُ نَظَرَهَا، أَوْ تَدْرِيسَهَا إلَى فُلَانٍ كَمَا مَثَّلَ بِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْجُمْلَتَيْنِ مُسْتَقِلٌّ بِإِفَادَةِ مَعْنَاهُ وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا هُوَ صَرِيحٌ وَلَا ظَاهِرٌ فِي اشْتِرَاطِ مَضْمُونِ الْأُولَى لِمَضْمُونِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ عَزَلَ النَّاظِرُ بِالشَّرْطِ نَفْسَهُ، أَوْ فُسِّقَ فَتَوْلِيَةُ غَيْرِهِ إلَى الْحَاكِمِ) قَالَ السُّبْكِيُّ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَهُ الِامْتِنَاعُ وَيَرْفَعُ أَمْرَهُ إلَى الْقَاضِي لِيُقِيمَ غَيْرَهُ وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ لَا يَنْعَزِلُ وَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ قَالَ وَلَمْ أَرَ لِلْأَصْحَابِ كَلَامًا فِي ذَلِكَ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَيْسَ لِلْوَاقِفِ نَصْبُ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ بَلْ يَنْصِبُ الْحَاكِمُ نَاظِرًا وَكَلَامُهُ هَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ انْعَزَلَ وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ عَلَى أَنَّهُ امْتَنَعَ عَنْ النَّظَرِ. اهـ. وَيُؤَيِّدُ تَأْوِيلَهُ مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّ نَاظِرَ الْوَقْفِ إذَا فَسَقَ ثُمَّ صَارَ عَدْلًا عَادَتْ وِلَايَتُهُ إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي أَصْلِ الْوَقْفِ. وَهُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَلَا يَنْبَغِي مَجِيءُ خِلَافٍ فِيهِ لِقُوَّتِهِ؛ إذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 شَرَطَ النَّظَرَ) حَالَ الْوَقْفِ (لِزَيْدٍ بَعْدَ انْتِقَالِ الْوَقْفِ مِنْ عَمْرٍو إلَى الْفُقَرَاءِ فَعَزَلَ زَيْدٌ نَفْسَهُ) مِنْ النَّظَرِ (أَوْ اسْتَنَابَ) فِيهِ غَيْرَهُ (قَبْلَ انْتِقَالِ الْوَقْفِ) مِنْ عَمْرٍو (إلَى الْفُقَرَاءِ لَمْ يَصِحَّ) كُلٌّ مِنْ الْعَزْلِ وَالِاسْتِنَابَةِ (لِأَنَّهُ غَيْرُ نَاظِرٍ فِي الْحَالِ) وَلَا يَمْلِكُ الْوَاقِفُ عَزْلَ زَيْدٍ فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّعْلِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ جَعَلَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ) فَالْأَرْشَدِ (مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ فَأَثْبَتَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (أَنَّهُ الْأَرْشَدُ اشْتَرَكُوا) فِي النَّظَرِ (بِلَا اسْتِقْلَالٍ إنْ وُجِدَتْ الْأَهْلِيَّةُ فِيهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَدِيَّةَ قَدْ سَقَطَتْ) بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ فِيهَا (وَبَقِيَ أَصْلُ الرُّشْدِ) فَصَارَ كَمَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِرُشْدِ الْجَمِيعِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَحِكْمَةُ التَّشْرِيكِ لِعَدَمِ الْمَزِيَّةِ وَأَمَّا عَدَمُ الِاسْتِقْلَالِ فَكَمَا لَوْ أَوْصَى إلَى اثْنَيْنِ مُطْلَقًا (وَإِنْ وُجِدَتْ الْأَرْشَدِيَّةُ فِي بَعْضٍ) مِنْهُمْ (اخْتَصَّ بِالنَّظَرِ) عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ (وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ (أَوْلَادُ الْبَنَاتِ) أَيْ الْأَرْشَدُ مِنْهُمْ لِصِدْقِهِ بِهِ (وَالنَّاظِرُ فِي أَمْكِنَةٍ إنْ أَثْبَتَ أَهْلِيَّةَ النَّظَرِ) لَهُ (فِي مَكَان) مِنْهَا (ثَبَتَ) كَوْنُهُ أَهْلًا (فِي سَائِرِهَا مِنْ جِهَةِ الْأَمَانَةِ لَا الْكِفَايَةِ) فَلَا يَثْبُتُ كَوْنُهُ أَهْلًا مِنْ جِهَتِهَا (حَتَّى يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً (بِهَا) أَيْ بِأَهْلِيَّتِهِ لِلنَّظَرِ (فِي كُلٍّ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الْمَذْكُورَةِ (وَإِنْ نَصَبَ الْوَاقِفُ) الَّذِي شَرَطَ لِنَفْسِهِ النَّظَرَ وَنَصَبَ غَيْرَهُ بَدَلَهُ إذَا أَرَادَ (نَاظِرًا، ثُمَّ مَاتَ) الْوَاقِفُ (لَمْ يُبْدَلْ) بِغَيْرِهِ (وَيُجْعَلُ) بَعْدَ مَوْتِهِ (كَالْوَصِيِّ) فِي عَدَمِ جَوَازِ إبْدَالِهِ لَهُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ. (فَصْلٌ نَفَقَةُ الْمَوْقُوفِ، وَمُؤَنُ تَجْهِيزِهِ، وَعِمَارَتُهُ مِنْ حَيْثُ شُرِطَتْ) أَيْ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ مِنْ مَالِهِ، أَوْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ (وَإِلَّا فَمِنْ مَنَافِعِهِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ كَكَسْبِ الْعَبْدِ وَغَلَّةِ الْعَقَارِ (فَإِذَا تَعَطَّلَتْ) مَنَافِعُهُ (فَالنَّفَقَةُ) وَمُؤَنُ التَّجْهِيزِ (لَا الْعِمَارَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) كَمَنْ أَعْتَقَ مَنْ لَا كَسْبَ لَهُ، أَمَّا الْعِمَارَةُ فَلَا تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ حِينَئِذٍ كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ لِصِيَانَةِ رُوحِهِ وَحُرْمَتِهِ. [فَصْلٌ جُعِلَ النَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ] (فَصْلٌ لَوْ جُعِلَ النَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ اشْتَرَكُوا فِيهِ) فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالتَّصَرُّفِ (وَلَوْ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ، أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِزِيَادَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَضْ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ (وَلَوْ أَجَّرَهُ سِنِينَ) لِأَنَّ الْعَقْدَ جَرَى بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ الْوَلِيُّ مَالَ طِفْلِهِ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ الْقِيمَةُ بِالْأَسْوَاقِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ. [فَصْلٌ انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ وَجُهِلَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ أَوْ الْمَقَادِيرُ] (فَصْلٌ) لَوْ (انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ وَجُهِلَ التَّرْتِيبُ) بَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ (أَوْ الْمَقَادِيرُ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ سَوَّى الْوَاقِفُ بَيْنَهُمْ، أَوْ فَاضَلَ (قُسِمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ) لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ (وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي شَرْطِهِ) وَلَا بَيِّنَةَ (وَلِأَحَدِهِمْ يَدٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِاعْتِضَادِ دَعْوَاهُ بِالْيَدِ وَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا عُمِلَ بِقَوْلِهِ) بِلَا يَمِينٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَزَادَ فَقَالَا إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ يُرْجَعُ إلَى وَارِثِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ لَهُ نَاظِرٌ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ رُجِعَ إلَيْهِ لَا إلَى الْمَنْصُوبِ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ فَإِنْ وُجِدَا وَاخْتَلَفَا فَهَلْ يُرْجَعُ إلَى الْوَارِثِ، أَوْ إلَى النَّاظِرِ؟ وَجْهَانِ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ الثَّانِيَ (فَلَوْ فُقِدَ) الْوَاقِفُ وَمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّنْ ذُكِرَ (وَلَا يَدَ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الْمَوْقُوفِ، أَوْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ (سُوِّيَ بَيْنَهُمْ وَلَوْ جُهِلَ الْمُسْتَحِقُّ) لِلْوَقْفِ (صُرِفَ لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ) وَقَوْلُهُ (ثُمَّ لِلْمَصَالِحِ) مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَصْلٌ وَإِنْ قُتِلَ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتَصَّ) مِنْ قَاتِلِهِ بِشَرْطِهِ كَعَبِيدِ بَيْتِ الْمَالِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي نَفْسٍ وَلَا طَرَفٍ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِهْلَاكِ الْوَقْفِ، قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ جَمْعٍ عَدَّدَهُمْ فَلْيُعْتَقَدْ تَصْحِيحُهُ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ (وَإِنْ وَجَبَ) بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ (قِيمَةٌ، أَوْ أَرْشٌ اشْتَرَى الْحَاكِمُ) بِالْبَدَلِ (مِثْلَهُ) لِيُجْعَلَ وَقْفًا مَكَانَهُ مُحَافَظَةً عَلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَشِقْصًا مِنْ عَبْدٍ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِهِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ حَيْثُ لَا يَشْتَرِي بِقِيمَتِهَا شِقْصَ شَاةٍ   [حاشية الرملي الكبير] عَزْلُهُ وَلَا الِاسْتِبْدَالُ بِهِ، وَالْعَارِضُ لَمْ يَكُنْ سَالِبًا بَلْ مَانِعًا مِنْ التَّصَرُّفِ وَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَعَلَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِيقَةِ الرُّشْدِ وَلَمْ أَرَهُمْ تَكَلَّمُوا فِي الْأَرْشَدِيَّةِ وَحَقِيقَتُهُ مَنْ زَادَ فِي صَلَاحِ الدِّينِ، أَوْ الْمَالِ، أَوْ كِلَيْهِمَا مَعَ وُجُودِ أَصْلِ الصَّلَاحِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَدَثَتْ الْأَرْشَدِيَّةُ فِي بَعْضٍ مِنْهُمْ) ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: اخْتَصَّ بِالنَّظَرِ) فَلَوْ حَدَثَ مِنْهُمْ أَرْشَدُ مِنْهُ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الْأَرْشَدِ حِينَ الِاسْتِحْقَاقِ فَصَارَ مَفْضُولًا انْتَقَلَ النَّظَرُ إلَى مَنْ هُوَ أَرْشَدُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَصَبَ الْوَاقِفُ نَاظِرًا ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُبَدَّلْ بِغَيْرِهِ) يُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي إذَا خَالَفَ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا، أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا. قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَهُوَ حُكْمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ نَصُّ الْوَاقِفِ نَصًّا صَرِيحًا، أَوْ ظَاهِرًا قَالَ وَمَا خَالَفَ الْمَذَاهِبَ الْأَرْبَعَةَ فَهُوَ كَالْمُخَالِفِ لِلْإِجْمَاعِ. [فَصْلٌ نَفَقَةُ الْمَوْقُوفِ وَمُؤَنُ تَجْهِيزِهِ وَعِمَارَتُهُ] (قَوْلُهُ: قُسِمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ) لَا يَخْفَى تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَطَّرِدْ عَادَةٌ بِالتَّفْضِيلِ فَإِنْ اطَّرَدَتْ بِهِ عَادَةٌ كَمَا فِي الْمُدَرِّسِ، وَالْمُعِيدِ وَالطَّالِبِ لَمْ يُسَوَّ بَلْ تُعْتَبَرُ الْعَادَةُ وَلَوْ وُجِدَ فِي دَفْتَرِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ النُّظَّارِ تَفَاوُتٌ اُتُّبِعَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِنَادُ تَصَرُّفِهِمْ إلَى أَصْلٍ وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَى عَادَةِ مَنْ تَقَدَّمَ حَتَّى لَوْ اتَّفَقَتْ عَادَةُ الْمُدَرِّسِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعُلُومِ اُتُّبِعَتْ وَقَالَ فِي غَيْرِهَا إنَّهُ يُرْجَعُ إلَى عَادَةِ نُظَّارِ الْوَقْفِ إنْ اتَّفَقَتْ عَادَتُهُمْ أن (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ لَهُ نَاظِرٌ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ رُجِعَ إلَيْهِ) أَوْ إلَى عَادَةِ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ النُّظَّارِ فَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ لَمْ يُرْجَعْ إلَيْهِ فِي شُرُوطِ الْوَقْفِ وَلَا يَثْبُتُ شَرْطُ الْوَاقِفِ وَتَفْصِيلُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَإِنْ ثَبَتَ أَصْلُهُ (قَوْلُهُ: رَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ الثَّانِيَ) وَهُوَ الرَّاجِحُ. [فَصْلٌ قُتِلَ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ] (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 لِتَعَذُّرِ التَّضْحِيَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الشِّقْصُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ذَكَرَهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَحَدُهَا يَبْقَى الْبَدَلُ بِحَالِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَبْقَى إلَى أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ شِرَاءِ شِقْصٍ، ثَانِيهَا يَكُونُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، ثَالِثُهَا يَكُونُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ (فَلَوْ زَادَتْ) قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ (أَخَذَ بِالزَّائِدِ شِقْصًا) مِنْ عَبْدٍ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ الْمَوْقُوفِ وَخَرَجَ بِالْحَاكِمِ الْوَاقِفُ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَكَذَا الْجَانِي؛ لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ لَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا لَهُ بِهَذَا تَعَلُّقٌ. (فَرْعٌ لَا يُشْتَرَى صَغِيرٌ عَنْ كَبِيرٍ وَلَا ذَكَرٌ عَنْ أُنْثَى وَكَذَا عَكْسُهُمَا) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبُطُونِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ (وَلَا يَصِيرُ الْمُشْتَرَى وَقْفًا حَتَّى يُوقِفَهُ) الْفَصِيحُ " يَقِفَهُ " (الْحَاكِمُ) وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبْنِيِّ فِي عِمَارَةِ الْجُدْرَانِ الْمَوْقُوفَةِ وَتَرْمِيمِهَا حَيْثُ يَصِيرُ وَقْفًا بِالْبِنَاءِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَوْقُوفَ قَدْ فَاتَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالْأَرْضَ الْمَوْقُوفَةَ بَاقِيَةٌ وَالطِّينَ وَالْحَجَرَ الْمَبْنِيَّ بِهِمَا كَالْوَصْفِ التَّابِعِ، وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الشِّرَاءَ، وَالْوَقْفَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ نَاظِرٌ خَاصٌّ، وَإِلَّا فَهُوَ الَّذِي يَتَوَلَّاهُمَا كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِيمَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَ الْوَقْفِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا مَرَّ. (فَرْعٌ وَإِنْ جَنَى الْمَوْقُوفُ) جِنَايَةً تُوجِبُ قِصَاصًا (اُقْتُصَّ مِنْهُ) وَإِذَا اُقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنَّ الْوَقْفَ كَمَا لَوْ مَاتَ (وَمَتَى وَجَبَ) بِجِنَايَتِهِ (مَالٌ، أَوْ) قِصَاصٌ، وَ (عُفِيَ) عَنْهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَالٍ (فَدَاهُ الْوَاقِفُ) لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ كَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا جَنَتْ (بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ) مِنْ قِيمَتِهِ، وَالْأَرْشِ فَلَا يَتَعَلَّقُ الْمَالُ بِرَقَبَتِهِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِهِ (وَلَهُ أَنْ تَكَرَّرَتْ الْجِنَايَةُ) مِنْهُ (حُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ) فِي عَدَمِ تَكَرُّرِ الْفِدَاءِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهَا (فَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ، ثُمَّ جَنَى) الْعَبْدُ (فَمِنْ) أَيْ فَهَلْ يُفْدَى مِنْ (كَسْبِ الْعَبْدِ، أَوْ بَيْتِ الْمَالِ؟) كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ الَّذِي لَا عَاقِلَةَ لَهُ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا أَنَّ الْعِمَارَةَ مِنْ رِيعِ الْمَوْقُوفِ (لَا مِنْ تَرِكَةِ الْوَاقِفِ) لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ إلَى الْوَارِثِ وَقِيلَ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَمْنُوعٌ مِنْ بَيْعِهِ بِسَبَبٍ صَدَرَ مِنْهُ فِي الْحَيَاةِ فَلَزِمَهُ ضَمَانُ جِنَايَتِهِ فِي مَالِهِ، وَتَرْجِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لَمْ يَسْقُطْ الْفِدَاءُ) وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّ تَضْمِينَ الْوَاقِفِ كَانَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مَانِعًا مِنْ الْبَيْعِ بِالْوَقْفِ وَهُوَ مَوْجُودٌ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْقِنِّ فَإِنَّ الْأَرْشَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَإِذَا مَاتَ فَلَا أَرْشَ وَلَا فِدَاءَ. (فَصْلٌ لَوْ تَعَطَّلَتْ الْمَنْفَعَةُ) الَّتِي لِلْمَوْقُوفِ (بِسَبَبٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ كَشَجَرَةٍ جَفَّتْ) أَوْ قَلَّمَتْهَا الرِّيحُ وَلَمْ يُمْكِنْ إعَادَتُهَا إلَى مَغْرِسِهَا قَبْلَ جَفَافِهَا (لَمْ يَبْطُلْ الْوَقْفُ) لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَوْقُوفِ (وَلَا تُبَاعُ) وَلَا تُوهَبُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ (لَوْ اُنْتُفِعَ بِهَا) بِإِيجَارٍ أَوْ غَيْرِهِ (مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا) إدَامَةً لِلْوَقْفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَّا بِاسْتِهْلَاكِهَا بِإِحْرَاقٍ، أَوْ نَحْوِهِ (صَارَتْ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) لَكِنَّهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ بَلْ يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهَا كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَحْمِ الْأُضْحِيَّةَ وَهَذَا التَّفْصِيلُ صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ اخْتِيَارِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ لَكِنْ اقْتَصَرَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرُ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ جَفَّتْ الشَّجَرَةُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْوَقْفُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مِلْكًا بِحَالٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِلدَّلِيلِ وَكَلَامِ الْجُمْهُورِ، عَلَى أَنَّ عَوْدَهُ مِلْكًا مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ مُشْكِلٌ. (وَالْحُصُرُ الْمَوْهُوبَةُ) أَوْ الْمُشْتَرَاةُ (لِلْمَسْجِدِ تُبَاعُ لِلْحَاجَةِ لَا) الْحُصُرُ (الْمَوْقُوفَةُ) كَسَائِرِ الْمَوْقُوفَاتِ (فَلَوْ ذَهَبَ جَمَالُهَا وَنَفْعُهَا بِيعَتْ) إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي بَيْعِهَا لِئَلَّا تَضِيعَ وَتُضَيِّقَ الْمَكَانَ بِلَا فَائِدَةٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ التَّضْحِيَةِ بِهِ) عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ: ثَانِيهِمَا يَكُونُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ. [فَرْعٌ لَا يُشْتَرَى صَغِيرٌ عَنْ كَبِيرٍ وَلَا ذَكَرٌ عَنْ أُنْثَى فِي الْوَقْفُ] (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِيرُ الْمُشْتَرَى وَقْفًا حَتَّى يُوقِفَهُ) إذَا أَتْلَفَ الْأُضْحِيَّةَ وَاشْتَرَى بِعَيْنِ الْقِيمَةَ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَنَوَى أَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَى جَعْلِهَا أُضْحِيَّةً وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ جَعْلِهَا أُضْحِيَّةً وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ " يَظْهَرُ مَجِيئُهُ هُنَا " فِيهِ نَظَرٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْقِيمَةَ الْمَأْخُوذَةَ عَنْ الشَّاةِ الْوَاجِبَةِ تَكُونُ عَلَى مِلْكِ الْفُقَرَاءِ، وَالْمُشْتَرِي نَائِبٌ عَنْهُمْ فَإِذَا اشْتَرَى بِالْعَيْنِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَنَوَاهُمْ وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُمْ بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَالْقِيمَةُ لَيْسَتْ مَوْصُوفَةً بِالْوَقْفِ حَتَّى تَكُونَ مُنْتَقِلَةً إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَكَتَبَ أَيْضًا فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَلِ الْمَرْهُونِ - حَيْثُ يَكُونُ رَهْنًا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي - بِأَنَّ الْقِيمَةَ يَصِحُّ أَنْ تُرْهَنَ وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهَا وَبِأَنَّ بَدَلَ الْمَوْقُوفِ لَوْ صَحَّ وَصْفُهُ بِالْوَقْفِيَّةِ لَمَا أَمْكَنَ بَيْعُهُ وَلَا الشِّرَاءُ بِهِ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ الْفَصِيحُ يَقِفُهُ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَهُ هُوَ النَّاظِرَ الْخَاصَّ فِي الْوَقْفِ مَنْ كَانَ. [فَرْعٌ جَنَى الْمَوْقُوفُ جِنَايَةً تُوجِبُ قِصَاصًا] (قَوْلُهُ: فَدَاهُ الْوَاقِفُ) إذَا وَقَفَ بِنَاءً فِي أَرْضٍ مُحْتَكَرَةٍ وَلَا إجَارَةَ عَلَيْهِ وَلَا رِيعَ لِلْوَقْفِ فَهَلْ نَقُولُ: تَسْتَمِرُّ الْأُجْرَةُ عَلَى الْوَاقِفِ تَفْرِيعًا عَلَى مَا صَحَّحُوهُ فِي الْجِنَايَةِ أَمْ نَقُولُ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ لَهُ قَلْعُ الْبِنَاءِ؟ الَّذِي أَفْتَيْت بِهِ الثَّانِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَقْفَ خَرَجَتْ الرَّقَبَةُ عَنْ أَنْ تُبَاعَ فَأَشْبَهَ الِاسْتِيلَادَ فَوَجَبَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ وَلَا يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ وَأَمَّا فِي صُورَةِ الْبِنَاءِ فَهُوَ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَنْ يُبَاعَ لَكِنَّ الْأُجْرَةَ تَتَعَلَّقُ بِرِيعِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رِيعٌ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَبَسْطُهُ فِي الْفَوَائِدِ الْمَحْضَةِ عَلَى الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْتِ الْمَالِ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ أَفْتَيْت. [فَصْلٌ تَعَطَّلَتْ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي لِلْمَوْقُوفِ بِسَبَبٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ] (قَوْلُهُ: أَوْ قَلَعَهَا الرِّيحُ، أَوْ السَّيْلُ) أَوْ دَابَّةٌ زَمِنَتْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَارَتْ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) إذَا كَانَ الْبِنَاءُ، أَوْ الْغِرَاسُ مَوْقُوفًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ وَصَارَ الرِّيعُ لَا يَفِي بِالْأُجْرَةِ، أَوْ يَفِي بِهَا لَا غَيْرُ أَفْتَى ابْنُ الْأُسْتَاذِ بِأَنَّهُ يُقْلَعُ وَيُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا الْمَوْقُوفَةُ) شَمِلَ مَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ، ثُمَّ وَقَفَهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ ذَهَبَ نَفْعُهَا وَجَمَالُهَا بِيعَتْ) لَك أَنْ تَقُولَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ امْتِنَاعِ بَيْعِ الشَّجَرَةِ الْعَادِمَةِ النَّفْعِ وَبَيْنَ جَوَازِ حُصُرِ الْمَسْجِدِ الْمَوْقُوفَةِ وَنَحْوِهَا قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ حُصُرَ الْمَسْجِدِ إذَا بَلِيَتْ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَّا بِذَهَابِ عَيْنِهَا بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ الْعَادِمَةِ النَّفْعِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا فِي غَيْرِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ مِنْهَا وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا تَصْلُحَ إلَّا لِلْإِحْرَاقِ فَالْفَرْقُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 كَالْحُصُرِ فِي ذَلِكَ نُحَاتَةُ الْخَشَبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) يُبَاعُ (جِذْعُهُ الْمُنْكَسِرُ إنْ تَعَذَّرَ جَعْلُهُ بَابًا وَنَحْوَهُ وَجِدَارُ دَارِهِ الْمُنْهَدِمِ كَذَلِكَ) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُهُ إنْ تَعَذَّرَ بِنَاؤُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْجِدَارِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالدَّارِ (وَالْمُشْرِفُ) مِنْ الْجِذْعِ، أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى التَّلَفِ كَالتَّالِفِ) فَيَجُوزُ بَيْعُهُ (وَيُشْتَرَى بِمَا بِيعَ) بِهِ (مِثْلُهُ) وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَاَلَّذِي أَفْتَيْت بِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَرْضِ الْمَسْجِدِ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي سَقِيفَةٍ، أَوْ طَبْخِ جِصٍّ، أَوْ آجُرٍّ لِلْمَسْجِدِ، وَالتَّقْيِيدُ عَلَى الْأَوَّلِ بِدَارِ الْمَسْجِدِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِهِ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا تُبَاعُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَارِقًا بِأَنَّ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى غَيْرِهِ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْبُطُونِ الْمُتَأَخِّرَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَدَارُ الْمَسْجِدِ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ، وَالْمَقْصُودُ بِهَا مَصْلَحَتُهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ لَهُ فِي بَيْعِهَا جَازَ وَلَا مَصْلَحَةَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي فِي بَيْعِهَا لِمَصْلَحَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، وَفِي فَرْقِهِ نَظَرٌ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِهَا مُطْلَقًا وَنَقَلَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ مَنْعَ بَيْعِهَا، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ مَوْجُودَةٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ إذْ جَوَازُ الْبَيْعِ يُؤَدِّي إلَى مُوَافَقَةِ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِبْدَالِ لَكِنْ فِي اسْتِدْلَالِهِ بِأَنَّ الْأَرْضَ مَوْجُودَةٌ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقَائِلَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ إنَّمَا يَقُولُهُ فِي الْبِنَاءِ خَاصَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِتَعْبِيرِهِ بِالْجِدَارِ (وَإِنْ تَعَطَّلَ مَسْجِدٌ بِتَعْطِيلِ الْبَلَدِ) أَوْ انْهَدَمَ (لَمْ يُنْقَضْ) فَلَا يَبْطُلُ وَقْفُهُ وَلَا يَعُودُ مِلْكًا بِحَالٍ (لِإِمْكَانِ الصَّلَاةِ فِيهِ) وَلِإِمْكَانِ عَوْدِهِ كَمَا كَانَ وَكَالْعَبْدِ إذَا عَتَقَ ثُمَّ زَمِنَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَتُصْرَفُ غَلَّةُ وَقْفِهِ حِينَئِذٍ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَبِهِ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ إنَّهُ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ أَيْ فَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ وَحَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَجْهًا وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهَا تُصْرَفُ إلَى عِمَارَةِ مَسْجِدٍ آخَرَ وَمَصَالِحِهِ لَكَانَ أَقْرَبَ، ثُمَّ رَأَيْت الْمُتَوَلِّيَ قَالَ يُصْرَفُ لِأَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامُ يُحْفَظُ لِتَوَقُّعِ عَوْدِهِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي غَلَّةِ وَقْفِ الثَّغْرِ (فَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ نَقْضٌ نُقِضَ وَبَنَى الْحَاكِمُ بِهِ) أَيْ بِنِقْضِهِ (مَسْجِدًا) آخَرَ (إنْ رَأَى ذَلِكَ) وَإِلَّا حَفِظَهُ (وَ) بِنَاؤُهُ (بِقُرْبِهِ أَوْلَى لَا) أَيْ بَنَى بِهِ مَسْجِدًا لَا (بِئْرًا كَعَكْسِهِ) أَيْ كَبِئْرٍ خَرِبَتْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَبْنِي بِنِقْضِهَا بِئْرًا أُخْرَى لَا مَسْجِدًا وَيُرَاعِي غَرَضَ الْوَاقِفِ مَا أَمْكَنَ أَمَّا إذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ النَّقْضُ فَلَا يُنْقَضُ. (فَرْعٌ غَلَّةُ وَقْفِ الثَّغْرِ) وَهُوَ الطَّرَفُ الْمُلَاصِقُ مِنْ بِلَادِنَا بِلَادَ الْكُفَّارِ إذَا اتَّسَعَتْ خِطَّةُ الْإِسْلَامِ حَوْلَهُ وَحَصَلَ فِيهِ الْأَمْنُ (تُحْفَظُ) أَيْ يَحْفَظُهَا النَّاظِرُ (فِي) زَمَنِ (الْأَمْنِ) لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ ثَغْرًا (وَيَدَّخِرُ مِنْ زَائِدِ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ) عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (مَا يَعْمُرُهُ بِتَقْدِيرِ هَدْمِهِ وَيَشْتَرِي لَهُ بِالْبَاقِي عَقَارًا) وَيَقِفُهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لَهُ (لَا) بِشَيْءٍ (مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَى عِمَارَتِهِ) لِأَنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَ عَلَيْهَا (وَتُقَدَّمُ عِمَارَةٌ عَلَى حَقِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِ الْوَقْفِ (وَيَجُوزُ إنْ اُحْتِيجَ) إلَى النَّقْلِ (نَقْلُ قَنْطَرَةٍ) مَوْقُوفٍ عَلَيْهَا (عُطِّلَ الْوَادِي مَكَانَهَا) فَلَوْ وَقَفَ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَأُغْرِقَ الْوَادِي وَتَعَطَّلَتْ الْقَنْطَرَةُ وَاحْتِيجَ إلَى قَنْطَرَةٍ أُخْرَى جَازَ نَقْلُهَا إلَى مَحَلِّ الْحَاجَةِ. (فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى قَبِيلَةٍ كَالطَّالِبِيِّينَ أَجْزَأَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ عَلِيٍّ وَالثَّانِي مِنْ أَوْلَادِ جَعْفَرٍ وَالثَّالِثُ مِنْ أَوْلَادِ عَقِيلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (فَإِنْ قَالَ) وَقَفْت (عَلَى أَوْلَادِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرٍ وَعَقِيلٍ اُشْتُرِطَ ثَلَاثَةٌ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمْ (وَفِي دُخُولِ مَقَرِّ شَجَرَةٍ وَجِدَارٍ وَقَفَهُمَا) فِي وَقْفِهِمَا (وَجْهَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَرَأَيْت مَنْ صَحَّحَ دُخُولَهُمَا، وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ وَنُقِلَ تَصْحِيحُهُ   [حاشية الرملي الكبير] إمْكَانُ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ بِالصَّرْفِ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حُصُرِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ تُصْرَفُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي فَرْقِهِ نَظَرٌ) فَإِنَّهُ حَمَلَ نُقُولَ الْأَصْحَابِ الْمُصَرِّحَةَ بِمَنْعِ بَيْعِ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ وَإِنْ تَعَطَّلَتْ وَخَرِبَتْ عَلَى غَيْرِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِهَا مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْعُ بَيْعِهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتُصْرَفُ غَلَّةُ وَقْفِهِ حِينَئِذٍ إلَى الْفُقَرَاءِ إلَخْ) الَّذِي تَحَرَّرَ لِي أَنَّهُ إنْ تُوُقِّعَ عَوْدُهُ حُفِظَ لَهُ وَهُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ صُرِفَ إلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِلَّا فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صُرِفَ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ أَوْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ شَيْخُنَا قَالَهُ الْوَالِدُ. (فَرْعٌ) يَنْقُلُ الْحَاكِمُ مَا فِي الْمَسْجِدِ الْخَرَابِ مِنْ حُصُرٍ وَقَنَادِيلَ وَنَحْوِهِمَا إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ نَقْضٌ نُقِضَ إلَخْ) فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ إذَا اقْتَضَتْ تَغْيِيرَ بِنَاءِ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ لِزِيَادَةِ رِيعِهِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَيْ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ وَقَالَ، السُّبْكِيُّ: الَّذِي أَرَاهُ الْجَوَازَ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُغَيِّرُ مُسَمَّى الْوَقْفِ، الثَّانِي أَنْ لَا يُزِيلَ شَيْئًا مِنْ عَيْنِهِ بَلْ يَنْقُلَ بَعْضَهُ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ وَإِنْ اقْتَضَى زَوَالَ شَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ لَمْ يَجُزْ، الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ وَعَلَى هَذَا فَفَتْحُ شُبَّاكِ الطَّيْبَرِسِيَّةِ فِي جِدَارِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ لَا يَجُوزُ إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْجَامِعِ فِيهِ وَكَذَلِكَ فَتْحُ أَبْوَابِ الْحَرَمِ لَا حَاجَةَ بِهَا وَإِنَّمَا هِيَ لِمَصْلَحَةِ سَاكِنِيهَا فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَبِنَاؤُهُ بِقُرْبِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنَّهُ إذَا خَصَّ الْوَاقِفُ الْمَسْجِدَ بِطَائِفَةٍ وَقُلْنَا: يَخْتَصُّ بِهِمْ أَنْ لَا يُنْقَلَ إلَّا إلَى مَسْجِدٍ خُصَّ بِهِمْ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ نُقِلَ إلَى غَيْرِهِ. [فَرْعٌ غَلَّةُ وَقْفِ الثَّغْرِ] (قَوْلُهُ: لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِ الْوَقْفِ) بَلْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ نَحْوُ الْمَسْجِدِ، وَالْعَقَارِ إلَى عِمَارَةٍ يُبْدَأُ بِالْعَقَارِ عَلَى الْمَسْجِدِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِ أَصْلِهِ. [فَصْلٌ فِي مَسَائِل تَتَعَلَّق بالوقف] (قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ) هُوَ الْأَصَحُّ. (تَنْبِيهٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نَاظِرٍ صَرَفَ شَيْئًا كَانَ النُّظَّارُ قَبْلَهُ يَصْرِفُونَهُ مِنْ مُرَتَّبٍ عَلَى وَظَائِفَ لَمْ يَشْرُطْهَا الْوَاقِفُ، ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّ النُّظَّارَ أَخْطَئُوا فِي صَرْفِهَا وَأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ هَلْ يُطَالِبُهُ الْوَرَثَةُ بِمَا صَرَفَهُ فِي الْمُدَّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 فِي الْأُولَى عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ. (وَيُصْرَفُ الْمَوْقُوفُ) أَيْ رِيعُ الْمَوْقُوفِ (عَلَى الْمَسْجِدِ) وَقْفًا (مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى عِمَارَتِهِ فِي الْبِنَاءِ وَالتَّجْصِيصِ الْمُحْكَمِ وَالسُّلَّمِ وَالْبَوَارِيِّ) لِلتَّظَلُّلِ بِهَا (وَالْمَكَانِسِ) لِيُكْنَسَ بِهَا (وَالْمَسَاحِي) لِيُنْعَلَ بِهَا التُّرَابُ (وَ) فِي (ظُلَّةٍ تَمْنَعُ إفْسَادَ خَشَبِ الْبَابِ) بِمَطَرٍ وَنَحْوِهِ (إنْ لَمْ تَضُرَّ بِالْمَارَّةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لِحِفْظِ الْعِمَارَةِ (وَ) فِي (أُجْرَةِ الْقَيِّمِ لَا الْمُؤَذِّنِ، وَإِمَامٍ وَحُصُرٍ وَدُهْنٍ) لِأَنَّ الْقَيِّمَ بِحِفْظِ الْعِمَارَةِ بِخِلَافِ الْبَاقِي عَلَى مَا يَأْتِي (إلَّا) الْأُولَى لَا (إنْ كَانَ الْوَقْفُ لِمَصَالِحِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (فَيُصْرَفُ) مِنْ رِيعِهِ فِي ذَلِكَ (لَا فِي التَّزْوِيقِ وَالنَّقْشِ بَلْ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ لِلْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ فِي الْوَقْفِ الْمُطْلَقِ هُوَ مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ لَكِنَّهُ نَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُصْرَفُ لَهُمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْمَسْجِدِ (وَلَا يُصْرَفُ لِحَشِيشِ السَّقْفِ مَا) عُيِّنَ (لِحَشِيشِ الْحُصُرِ وَ) لَا (عَكْسُهُ) وَالْمَوْقُوفُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا يُصْرَفُ إلَى اللُّبُودِ وَلَا عَكْسُهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيُصَدَّقُ النَّاظِرُ فِي إنْفَاقٍ مُحْتَمَلٍ) أَيْ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَهُ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ الْحَاكِمُ حَلَّفَهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إنْفَاقُهُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْعِمَارَةِ وَفِي مَعْنَاهُ الصَّرْفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ بِخِلَافِ إنْفَاقِهِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. (وَلِأَهْلِ الْوَقْفِ الْمُهَايَأَةُ) فِي الْمَوْقُوفِ (لَا قِسْمَتُهُ) وَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ شَرْطٍ لَا وَاقِفٍ وَلِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ مَنْ بَعْدَهُمْ (وَلَا تَغْيِيرُهُ) عَنْ هَيْئَتِهِ (كَجَعْلِ الْبُسْتَانِ دَارًا) أَوْ حَمَّامًا (إلَّا إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الْعَمَلَ بِالْمَصْلَحَةِ) فَيَجُوزُ التَّغْيِيرُ بِحَسَبِهَا عَمَلًا بِشَرْطِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُغَيِّرُ مُسَمَّى الْوَقْفِ وَأَنْ لَا يُزِيلَ شَيْئًا مِنْ عَيْنِهِ بَلْ يَنْقُلَ نِقْضَهُ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ وَأَنْ تَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ وَعَلَيْهِ فَفَتْحُ شُبَّاكِ الطَّيْبَرِسِيَّةِ فِي جِدَارِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ لَا يَجُوزُ إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْجَامِعِ فِيهِ وَكَذَا فَتْحُ أَبْوَابِ الْحَرَمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةِ السُّكَّانِ (وَإِنْ انْقَلَعَتْ أَشْجَارُهُ) أَيْ الْوَقْفِ، أَوْ انْهَدَمَ بِنَاؤُهُ (أُجِّرَتْ) بِمَعْنَى، أَوْ أُجِّرَتْ (أَرْضُهُ) لِمَا لَا يُرَادُ دَوَامُهُ كَزَرْعِهَا وَضَرْبِ خِيَامٍ فِيهَا، أَوْ لِمَا يُرَادُ دَوَامُهُ كَغَرْسٍ وَشُرِطَ قَلْعُهُ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ (وَغُرِسَتْ) أَيْ الْأَرْضُ، أَوْ بُنِيَتْ (بِأُجْرَتِهَا) الْحَاصِلَةِ بِإِيجَارِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. (وَلِلنَّاظِرِ الِاقْتِرَاضُ) فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ (بِإِذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ الْإِنْفَاقُ) عَلَيْهَا (مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ) وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُقْرِضَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِرَاضُ دُونَ إذْنِهِ) أَيْ الْإِمَامِ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ مِمَّا قَبْلَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْحَاكِمِ فِي الِاقْتِرَاضِ لَا سِيَّمَا فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ وَمَالَ إلَيْهِ غَيْرُهُ تَشْبِيهًا لِلنَّاظِرِ بِوَلِيِّ الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ يَقْتَرِضُ دُونَ إذْنِ الْحَاكِمِ. (وَالْوَقْفُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَعْمَلَ كُوزَ الْمَاءِ) الْمُسَبَّلَ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا وُقِفَ لَهُ فَتَلِفَ (ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ فَتَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ (وَإِنْ انْكَسَرَ الْمِرْجَلُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالْجِيمِ أَيْ الْقِدْرُ بِلَا تَعَدٍّ (فَإِنْ تَطَوَّعَ) بِأَنْ تَطَوَّعَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (بِإِصْلَاحِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا أُعِيدَ صَغِيرًا بِبَعْضِهِ) وَأُنْفِقَ الْبَاقِي مِنْهُ عَلَى إصْلَاحِهِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) اتِّخَاذُهُ مِرْجَلًا (فَقَصْعَةً، أَوْ مِغْرَفَةً) أَوْ نَحْوَهَا اُتُّخِذَ (وَلَا حَاجَةَ إلَى إنْشَاءِ وَقْفِهِ) فَإِنَّهُ عَيْنُ الْمَوْقُوفِ وَكُلُّ مَا كَانَ أَقْرَبَ إلَيْهِ كَانَ أَوْلَى فَإِنْ تَعَذَّرَ اتِّخَاذُ شَيْءٍ مِنْ نَوْعِهِ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا يُمْكِنُ. (وَيَدْخُلُ فِي) الْوَقْفِ عَلَى (الْفُقَرَاءِ) الْفُقَرَاءُ (الْغُرَبَاءُ وَأَهْلُ الْبَلَدِ) أَيْ فُقَرَاءُ أَهْلِهَا   [حاشية الرملي الكبير] الْمَاضِيَةِ قَبْلَ تَبَيُّنِ الْحَالِ فَأَجَابَ بِأَنَّ نَاظِرَ الْوَقْفِ الصَّارِفَ لِلْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ لَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ، وَالْوَكِيلِ، وَعَدْلِ الرَّهْنِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ مَنْ ذُكِرَ لَيْسَتْ عَامَّةً بِخِلَافِ نُظَّارِ الْأَوْقَافِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالنَّاظِرُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ، وَالْحَاكِمُ لَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الذُّرِّيَّةِ مُطَالَبَتُهُ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: فَأَجَابَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ: بِأَنَّ نَاظِرَ الْوَقْفِ إلَخْ بِخَطِّ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ شَيْخُنَا: يَتَّجِهُ إلْحَاقُ الدُّهْنِ، وَالْحُصُرِ بِذَلِكَ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ فِي الِاسْتِدْرَاكِ لِلْعِلْمِ بِهِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ اتَّهَمَهُ الْحَاكِمُ حَلَّفَهُ) أَيْ وُجُوبًا عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ - لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ - فَأَنْكَرَ حَلَّفَهُ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) قَالَ الْقَاضِي شُرَيْحٌ: إذَا ادَّعَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ صَرْفَ الْغَلَّةِ فِي مَصَارِفِهَا الْمَشْرُوعَةِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَادَّعَوْا أَنَّهُمْ لَمْ يَقْبِضُوا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ وَإِنْ كَانَ لِأَقْوَامٍ مُعَيَّنِينَ ثَبَتَ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِالْحِسَابِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُعَيَّنِينَ فَهَلْ لِلْإِمَامِ مُطَالَبَتُهُ بِالْحِسَابِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا جَدِّي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ الْمُطَالَبَةُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ظُهُورِ رِيبَةٍ أَوْ تُهْمَةٍ لَا مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَنُّتِ مِنْ غَيْرِ مُقْتَضٍ وَقَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ الْمُطَالَبَةُ هُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَتْحُ شُبَّاكِ الطَّيْبَرِسِيَّةِ فِي جِدَارِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا قَالَهُ مِنْ مَنْعِ فَتْحِ بَابٍ مِنْ أَحَدِ الْمَسَاجِدِ إلَى الْآخِرِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ الْوَجْهُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ الْمُتَّصِلَةَ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْقُدْوَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِرَاضُ دُونَ إذْنِهِ) اُسْتُشْكِلَ وَقِيلَ: لِمَ لَا يَقْتَرِضُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الِاقْتِرَاضِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ إثْبَاتُ دَيْنٍ فِي جِهَةِ الْوَقْفِ يَتَعَلَّقُ بِسَائِرِ الْبُطُونِ وَنَحْوِهِمْ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ النَّاظِرُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَهُ النَّظَرُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَاحْتِيجَ إلَى مَنْ لَهُ النَّظَرُ عَلَى الْجَمِيعِ وَهُوَ الْحَاكِمُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ الِاسْتِقْرَاضُ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 وَالْمُرَادُ بَلَدُ الْوَقْفِ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ أَطْمَاعَهُمْ تَتَعَلَّقُ بِبَلَدِ الْوَقْفِ (لَا مَكْفِيٌّ بِأَبٍ، أَوْ زَوْجٍ وَيَدْخُلُ) فِيهِ (أَرْبَابُ صَنَائِعَ تَكْفِيهِمْ وَلَا مَالَ لَهُمْ) فَيُعْطَوْنَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْ الزَّكَاةِ قَالَ السُّبْكِيُّ: لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ ثَمَّ بِالْحَاجَةِ لَا بِالْفَقْرِ وَلَا حَاجَةَ بِهِمْ إلَى الزَّكَاةِ وَهُنَا بِاسْمِ الْفَقْرِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهِمْ بِدَلِيلِ خَبَرِ «لَا حَقَّ فِيهَا - أَيْ الزَّكَاةِ - لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ يَكْتَسِبُ» وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَكْفِيِّ بِأَبٍ، أَوْ زَوْجٍ بِأَنَّ الِاكْتِسَابَ فِيهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِ الْأَخْذِ مِنْ الْآخَرِينَ عَلَى أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ وَالرُّويَانِيَّ وَغَيْرَهُمَا سَوَّوْا بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي الدُّخُولِ. (وَلَوْ نَبَتَتْ شَجَرَةٌ بِمَقْبَرَةٍ فَثَمَرَتُهَا مُبَاحَةٌ) لِلنَّاسِ تَبَعًا لِلْمَقْبَرَةِ (وَصَرْفُهَا إلَى) مَصَالِحِ (الْمَقْبَرَةِ أَوْلَى) مِنْ تَبْقِيَتِهَا لِلنَّاسِ (لَا ثَمَرَةُ شَجَرَةٍ) غُرِسَتْ (لِلْمَسْجِدِ) فِيهِ فَلَيْسَتْ مُبَاحَةً بِلَا عِوَضٍ (بَلْ يَصْرِفُ الْإِمَامُ عِوَضَهَا لِمَصَالِحِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَتَقْيِيدُهُ بِالْإِمَامِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ نَاظِرٌ خَاصٌّ، وَإِنَّمَا خَرَجَتْ الشَّجَرَةُ عَنْ مِلْكِ غَارِسِهَا هُنَا بِلَا لَفْظٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لِلْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ وَخَرَجَ بِغَرْسِهَا لِلْمَسْجِدِ غَرْسُهَا مُسَبَّلَةً لِلْأَكْلِ فَيَجُوزُ أَكْلُهَا بِلَا عِوَضٍ وَكَذَا أَنْ جُهِلَتْ نِيَّتُهُ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ (وَتُقْلَعُ) الشَّجَرَةُ (مِنْهُ إنْ رَآهُ) الْإِمَامُ (بَلْ إنْ جَعَلَ الْبُقْعَةَ مَسْجِدًا وَفِيهَا شَجَرَةٌ فَلِلْإِمَامِ قَلْعُهَا، وَإِنْ أَدْخَلَهَا) الْوَاقِفُ (فِي الْوَقْفِ) بِأَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ مَسْجِدًا وَوَقَفَ الشَّجَرَةَ وَلَا تَدْخُلُ فِيهِ اسْتِتْبَاعًا؛ لِأَنَّهَا لَا تُجْعَلُ مَسْجِدًا وَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ مَحَلُّهُ فِي وُقُوفِ الْأَرْضِ غَيْرَ مَسْجِدٍ فَيَلْزَمُ الْوَاقِفَ هُنَا تَفْرِيغُ الْأَرْضِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ، وَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهَا مِنْ لُزُومِهِ لَهُ سَهْوٌ. (وَيَجُوزُ وَقْفُ سُتُورٍ لِجُدْرَانِ الْمَسْجِدِ) قَالَ الْغَزَالِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَرِيرًا أَمْ لَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ فِي النَّقْشِ وَالتَّزْوِيقِ وَفِيهِ مَيْلٌ إلَى عَدَمِ الْجَوَازِ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ فَتْوَى غَيْرِ الْغَزَالِيِّ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ بِأَمْرٍ مُبْتَدَعٍ وَلِشَغْلِ قَلْبِ الْمُصَلِّي وَلَعَلَّ الْفِتْنَةَ بِهِ أَشَدُّ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّقْشِ وَالتَّزْوِيقِ وَقِيَاسُ الْمَسْجِدِ عَلَى الْكَعْبَةِ بَعِيدٌ (فَإِنْ وَقَفَ) عَلَى دُهْنٍ (لِإِسْرَاجِ الْمَسْجِدِ) بِهِ (أُسْرِجَ كُلَّ اللَّيْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُغْلَقًا مَهْجُورًا) بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ مَنْ فِيهِ مِنْ مُصَلٍّ وَنَائِمٍ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ أَنْشَطُ لَهُ فَإِنْ كَانَ مُغْلَقًا مَهْجُورًا لَمْ يُسْرَجْ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَجُوزُ إيقَادُ الْيَسِيرِ مِنْ الْمَصَابِيحِ فِيهِ احْتِرَامًا لَهُ وَتَنْزِيهًا عَنْ وَحْشَةِ الظُّلْمَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ الْإِغْلَاقُ قَيْدًا بَلْ يَكْفِي أَنْ لَا يُتَوَقَّعَ حُضُورُ أَحَدٍ يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ انْتِفَاعًا جَائِزًا. (كِتَابُ الْهِبَةِ) أَيْ مُطْلَقِهَا (وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) هِبَةٌ وَهَدِيَّةٌ وَصَدَقَةٌ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] وَقَوْلُهُ {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: 177] الْآيَةَ، وَأَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ كَخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ الْآتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّجُوعِ فِيهَا وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» أَيْ ظِلْفَهَا وَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَوْ دُعِيتُ إلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ وَلَوْ أُهْدِيَ إلَيَّ ذِرَاعٌ لَقَبِلْتُ» ، وَالْكُرَاعُ قِيلَ كُرَاعُ الْغَمِيمِ وَهُوَ وَادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أَمَامَ عُسْفَانَ بِثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ جَبَلٌ أَسْوَدُ فِي طَرَفِ الْحَرَّةِ وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ وَالْقَاضِي وَرَجَّحَا أَنَّهُ كُرَاعُ الْغَنَمِ أَيْ طَرَفُ رِجْلِهَا كَمَا أَنَّ ذِرَاعَهَا طَرَفُ يَدِهَا وَهُوَ أَكْثَرُ لَحْمًا مِنْ الْكُرَاعِ وَأَهْلُ الْعُرْفُ يُعَبِّرُونَ بِالْكَارِعِ وَيُطْلِقُونَهُ عَلَيْهِمَا مَعًا (الْهِبَةُ) بِلَا ثَوَابٍ (تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ) فِي الْحَيَاةِ هَذَا تَعْرِيفٌ لِمُطْلَقِ الْهِبَةِ لَا لِلْهِبَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَا مَكْفِيٌّ بِأَبٍ) مِثْلُهُ سَائِرُ الْأُصُولِ، وَالْفُرُوعِ. (تَنْبِيهٌ) يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْقُرَّاءِ وَيُصْرَفُ إلَى كُلِّ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ، سَوَاءٌ كَانَ حَافِظًا لَهُ أَوْ لَا وَلَا يُصْرَفُ إلَى مَنْ قَرَأَ بَعْضَهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ مَنْ قَرَأَ قُرْآنًا فَيُصْرَفَ إلَى مَنْ قَرَأَ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ وَلَوْ قَالَ عَلَى حُفَّاظِ الْقُرْآنِ لَمْ يُعْطَ مَنْ نَسِيَهُ بَعْدَ حِفْظِهِ. (قَوْلُهُ: وَتُقْطَعُ مِنْهُ إنْ رَآهُ) قَالَ السُّبْكِيُّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَفْتَيْت بِبُطْلَانِ وَقْفِ خِزَانَةِ كُتُبٍ وَقَفَهَا وَاقِفٌ لِتَكُونَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فِي مَدْرَسَةِ الصَّاحِبِ بِمِصْرَ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَكَانَ مُسْتَحَقٌّ لِغَيْرِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ بِمُقْتَضَى الْوَقْفِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ إلَى غَيْرِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَنَظِيرُهُ إحْدَاثُ مِنْبَرٍ فِي مَسْجِدٍ لَمْ تَكُنْ فِيهِ جُمُعَةٌ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إحْدَاثُ كُرْسِيِّ مُصْحَفٍ مُؤَبَّدٍ يُقْرَأُ فِيهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ لِغَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَالْعَجَبُ مِنْ قُضَاةٍ يُثْبِتُونَ وَقْفَ ذَلِكَ شَرْعًا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا. (قَوْلُهُ: قَالَ الْغَزَالِيُّ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَرِيرًا أَمْ لَا) وَحَيْثُ قُلْنَا بِصِحَّةِ الْوَقْفِ لِسُتُورِهِ وَكَانَتْ حَرِيرًا بِيعَتْ وَصُرِفَ ثَمَنُهَا فِي مَصَالِحِهِ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ فِي النَّقْشِ إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ فِي السُّتُورِ تَعْظِيمًا لِلْمَسْجِدِ وَبِأَنَّ صَرْفَ رِيعِهِ عَلَى شِرَائِهَا مُقَابَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ بِخِلَافِ النَّقْشِ وَالتَّزْوِيقِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [كِتَابُ الْهِبَةِ] [أَنْوَاعُ الْهِبَةِ] (كِتَابُ الْهِبَةِ) أَصْلُهَا مِنْ هُبُوبِ الرِّيحِ أَيْ مُرُورِهِ قَالَهُ صَاحِبُ التَّنْوِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا مِنْ هَبَّ مِنْ نَوْمِهِ إذَا اسْتَيْقَظَ وَكَأَنَّ فَاعِلَهَا قَدْ اسْتَيْقَظَ لِلْإِحْسَانِ. (قَوْلُهُ: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: 177] وقَوْله تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَهِيَ مِنْ الْبِرِّ (قَوْلُهُ: وَأَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ إلَخْ) وَالْأَحَادِيثُ، وَالْآثَارُ فِي الْهَدَايَا كَثِيرَةٌ فِي الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ وَاخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ تَحَابُّوا فَقِيلَ بِالتَّشْدِيدِ مِنْ الْمَحَبَّةِ وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ الْمُحَابَاةِ قَالَ فِي الْمَصَابِيحِ: صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تَذْهَبُ بِالضَّغَائِنِ» وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصُّدُورِ - بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ - غِشُّهُ وَوَسْوَاسُهُ وَقِيلَ الْحِقْدُ وَالْغَيْظُ وَقِيلَ الْعَدَاوَةُ وَقِيلَ أَشَدُّ الْبُغْضِ (قَوْلُهُ: فِي الْحَيَاةِ) زَادَ الْبُلْقِينِيُّ " غَيْرُ وَاجِبٍ " لِيُخْرِجَ الْوَاجِبَ مِنْ زَكَاةٍ، أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ، أَوْ نَذْرٍ فَلَا تُسَمَّى هِبَةً. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَنَحْوَهَا لَا تَمْلِيكَ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْمُزَكِّي وَالْمُكَفِّرِ وَالنَّاذِرِ بَلْ هِيَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ كَانَ أَوْلَى، وَأُورِدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَهْدَى لِغَنِيٍّ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّةٍ، أَوْ هَدْيٍ أَوْ عَقِيقَةٍ فَإِنَّهُ هِبَةٌ وَلَا تَمْلِيكَ فِيهِ وَمَا لَوْ وَقَفَ شَيْئًا فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَلَيْسَ بِهِبَةٍ وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَنْعِ أَنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ بَلْ فِيهِ تَمْلِيكٌ لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْأُضْحِيَّةَ وَأُجِيبَ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ، وَإِطْلَاقُهُمْ التَّمْلِيكَ إنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الْأَعْيَانَ. (ثُمَّ) بَعْدَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ مُطْلَقَ الْهِبَةِ مَا ذُكِرَ وَأَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ فَأَحَدُ أَنْوَاعِهَا (الْهَدِيَّةُ وَهِيَ) تَمْلِيكُ (مَا يُحْمَلُ) أَيْ يُبْعَثُ (غَالِبًا) بِلَا عِوَضٍ إلَى الْمُهْدَى إلَيْهِ (إكْرَامًا) لَهُ لِلْعُرْفِ وَأَدْخَلَ بِقَوْلِهِ غَالِبًا بِالتَّقْرِيرِ الْمَذْكُورِ مَا يُهْدَى بِلَا بَعْثٍ بِأَنْ نَقَلَهُ الْمُهْدِي قَالَ السُّبْكِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِكْرَامَ لَيْسَ شَرْطًا وَالشَّرْطُ هُوَ النَّقْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ يُقَالُ احْتَرَزُوا بِهِ عَنْ الرِّشْوَةِ (وَمِنْهَا) أَيْ الْهَدِيَّةِ (الْهَدْيُ الْمَنْقُولُ إلَى الْحَرَمِ وَلَا يَقَعُ اسْمُ الْهَدِيَّةِ عَلَى الْعَقَارِ) لِامْتِنَاعِ نَقْلِهِ فَلَا يُقَالُ أَهْدَى إلَيْهِ دَارًا وَلَا أَرْضًا (بَلْ عَلَى الْمَنْقُولِ) كَالثِّيَابِ، وَالْعَبِيدِ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي بَابِ النَّذْرِ بِمَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالُوا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ هَذَا الْبَيْتَ، أَوْ الْأَرْضَ، أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا لَا يُنْقَلُ صَحَّ وَبَاعَهُ وَنَقَلَ ثَمَنَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْهَدْيَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْهَدِيَّةِ لَكِنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِيهِ بِتَخْصِيصِهِ بِالْإِهْدَاءِ إلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ وَبِتَعْمِيمِهِ فِي الْمَنْقُولِ وَغَيْرِهِ وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ الْهَدْيَ انْصَرَفَ إلَى الْحَرَمِ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْهَدِيَّةِ إلَى فَقِيرٍ. (وَ) ثَانِي الْأَنْوَاعِ (الصَّدَقَةُ وَهِيَ) تَمْلِيكُ (مَا يُعْطَى) بِلَا عِوَضٍ (لِلْفَقِيرِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لِلْمُحْتَاجِ (لِثَوَابِ الْآخِرَةِ) وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْحَاجَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ إنَّ كَوْنَهَا لِمُحْتَاجٍ هُوَ أَظْهَرُ أَنْوَاعِ الصَّدَقَةِ، وَالْغَالِبُ مِنْهَا فَلَا مَفْهُومَ لَهُ قَالَ وَلَوْ مَلَّكَ شَخْصًا لِحَاجَتِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْضَارِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَدَقَةً أَيْضًا فَيَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا الْحَاجَةِ، أَوْ قَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَلْزَمُهُمْ أَنَّهُ لَوْ مَلَّكَ غَنِيًّا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ لَا يَكُونُ صَدَقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ الْهِبَةُ وَهِيَ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ خَالٍ عَمَّا ذُكِرَ فِي الْأَوَّلَيْنِ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ، وَالِاسْمُ يَنْصَرِفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَيْهِ (فَكُلُّ هَدِيَّةٍ وَصَدَقَةٍ) وَهِبَةٍ بِالْمَعْنَى الْأَخِيرِ (هِبَةٌ) بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ (وَلَا عَكْسَ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ) لَهُ (فَتَصَدَّقَ) عَلَيْهِ، أَوْ أَهْدَى لَهُ، أَوْ وَهَبَهُ بِالْمَعْنَى الْأَخِيرِ (حَنِثَ لَا إنْ عَكَسَ) وَتَجْتَمِعُ الْأَرْبَعَةُ فِيمَا لَوْ مَلَّكَهُ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ وَنَقَلَهُ إلَيْهِ إكْرَامًا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَلَا يَخْفَى عَلَيْك بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا تَقَرَّرَ مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْقُصُورِ عَنْ الْمُرَادِ وَإِيهَامِ غَيْرِهِ (وَالْكُلُّ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (مُسْتَحَبٌّ) وَإِنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ أَفْضَلَ (وَ) صَرْفُهُ (إلَى الْجِيرَانِ، وَالْأَقَارِبِ أَفْضَلُ) مِنْهُ إلَى غَيْرِهِمْ (وَلَا يَحْتَقِرُ الْمُهْدِي وَلَا الْمُهْدَى إلَيْهِ الْقَلِيلَ) فَيَمْتَنِعَ الْأَوَّلُ مِنْ إهْدَائِهِ وَالثَّانِي مِنْ قَبُولِهِ لِخَبَرِ «لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ) بِالْبَرَكَةِ وَنَحْوِهَا بِأَنْ يَدْعُوَ الْمُهْدَى إلَيْهِ لِلْمُهْدِي ثُمَّ يَدْعُوَ لَهُ الْآخَرُ. (وَفِي الْكِتَابِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْعَاقِدَانِ وَأَمْرُهُمَا وَاضِحٌ) مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُمَلِّكِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ وَفِي الْمُتَمَلِّكِ أَهْلِيَّةُ الْمِلْكِ (وَالثَّالِثُ الصِّيغَةُ فَالْإِيجَابُ الْمُتَّصِلُ بِهِ الْقَبُولُ) عَادَةً (شَرْطٌ) مَعَ الْقَبُولِ (فِي الْهِبَةِ) كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ بِخِلَافِ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ، وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ بِلَا قَبُولٍ؛ لِأَنَّهَا إسْقَاطٌ وَمِنْ صَرِيحِ الْإِيجَابِ وَهَبْت وَمَنَحْت وَمَلَّكْت بِلَا ثَمَنٍ وَمِنْ صَرِيحِ الْقَبُولِ قَبِلْت وَرَضِيتُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِهِمَا الْهِبَةُ الضِّمْنِيَّةُ كَأَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك   [حاشية الرملي الكبير] كَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَمَنْ وَفَّى دَيْنَهُ لَا يُقَالُ إنَّهُ مَلَّكَ ذَا الْمَالَ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الثَّوَابِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْهِبَةِ لِوُجُودِ الْعِوَضِيَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ الزُّبَيْرِيُّ فِي الْمُسْكِتِ. (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْهَدْيَ إلَخْ) نَقَلَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَحَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ هَذَا الْجَوَابَ عَنْ غَيْرِ الْإِسْنَوِيِّ. (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَدَقَةً أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ) فَإِنْ انْضَمَّ إلَى قَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ نَقْلُهُ إلَى مَكَانِهِ فَهُوَ هَدِيَّةٌ وَصَدَقَةٌ فَإِنْ قَصَدَ مَعَ ذَلِكَ التَّوَدُّدَ فَهِبَةٌ أَيْضًا وَلَوْ بَعَثَ شَيْئًا إلَى شَخْصٍ وَاخْتَلَفَا فِيهِ فَإِنْ تَلَفَّظَ حَالَةَ الْبَعْثِ بِالْإِهْدَاءِ أَوْ الْعَارِيَّةِ، أَوْ الْأَمَانَةِ، أَوْ غَيْرِهَا فَالْحُكْمُ لِلَّفْظِ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ فَالْحُكْمُ لِقَصْدِهِ إنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَالْمَبْعُوثُ إلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ وَلَمْ يَبْعَثْ فَالْقَوْلُ لِلدَّافِعِ وَلَوْ قَالَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ أَرْسَلَهُ هَدِيَّةً وَقَالَ الرَّسُولُ: بَلْ وَدِيعَةً صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُمْ أَنَّهُ لَوْ مَلَّكَ غَنِيًّا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الْأَخِيرِ) أَيْ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ. (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ) أَيْ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ. [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِ الْهِبَة] (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ) فَتَنْعَقِدُ بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَبِالْكِتَابَةِ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ، وَكَتَبَ أَيْضًا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ جَهَّزَ بِنْتَهُ بِأَمْتِعَةٍ لَمْ تَمْلِكْهَا إلَّا بِلَفْظٍ مَعَ الْقَبْضِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهَا لَهَا إنْ ادَّعَتْهُ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ لَوْ نَقَلَ ابْنَتَهُ وَجِهَازَهَا إلَى دَارِ الزَّوْجِ فَإِنْ قَالَ هَذَا جِهَازُ ابْنَتِي فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَهُوَ عَارِيَّةٌ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّجْهِيزَ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ بِتَمْلِيكٍ وِفَاقًا وَمَعَ اللَّفْظِ تَمْلِيكٌ لَكِنَّ قَوْلَ الْأَبِ هَذَا جِهَازُ ابْنَتِي إقْرَارٌ بِالتَّمْلِيكِ وَلَيْسَ بِتَمْلِيكٍ. وَلَوْ وُهِبَتْ لَيْلَتَهَا مِنْ ضَرَّتِهَا لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهَا وَقَوْلُهُ: فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمَلَّكْتُك بِلَا ثَمَنٍ) وَأَطْعَمْتُك هَذَا فَاقْبِضْهُ (قَوْلُهُ: وَرَضِيتُ) أَوْ أَجَبْتُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِهِمَا الْهِبَةُ الضِّمْنِيَّةُ) وَمَا إذَا وُهِبَتْ نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّتِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَمَا لَوْ اشْتَرَى حُلِيًّا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَزَيَّنَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ تَمْلِيكًا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى لِزَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهَا قَالَهُ الْقَفَّالُ،. وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الصَّغِيرِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ كَذَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمُلَقَّنِ وَفِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْقَبُولِ وَكَانَتْ مِنْ الْأَبِ، أَوْ الْجَدِّ تَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ وَهَلْ يُحْتَاجُ إلَى لَفْظَيْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَمْ يَكْفِي أَحَدُهُمَا وَجْهَانِ كَمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ. اهـ. وَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لَك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ عِمَامَةً مَثَلًا وَمَا تَخْلَعُهُ الْمُلُوكُ عَلَى الْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ وَنَحْوِهِمْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 عَنِّي فَفَعَلَ (وَلَا يُشْتَرَطَانِ فِي الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ) وَلَوْ فِي غَيْرِ الطُّعُومِ بَلْ يَكْفِي الْبَعْثُ مِنْ الْمُمَلِّكِ، وَالْقَبْضُ مِنْ الْمُتَمَلِّكِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ وَلِهَذَا كَانُوا يَبْعَثُونَهُمَا عَلَى أَيْدِي الصِّبْيَانِ الَّذِينَ لَا تَصِحُّ عُقُودُهُمْ فَإِنْ قُلْت هَذَا كَانَ إبَاحَةً لَا هَدِيَّةً قُلْنَا لَوْ كَانَ إبَاحَةً لَمَا تَصَرَّفُوا فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. (فَرْعٌ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا) أَيْ الصِّيغَةِ كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَهَبْتُكَ هَذَا (وَلَا تَوْقِيتُهَا) كَ وَهَبْتُكَ هَذَا سَنَةً كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ (وَفِي الرُّقْبَى كَلَامٌ) يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (يَأْتِي، وَيَقْبَلُ) الْهِبَةَ (لِلصَّغِيرِ) وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْقَبُولِ (وَلِيُّهُ) وَلَوْ وَصِيًّا، أَوْ قَيِّمًا (فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ) لَهُ (انْعَزَلَ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ) وَأَثِمَا لِتَرْكِهِمَا الْحَظَّ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ لِكَمَالِ شَفَقَتِهِمَا وَذِكْرُ الْقَيِّمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) يَقْبَلُهَا (لِلْعَبْدِ) أَيْ عَبْدِ غَيْرِ الْوَاهِبِ أَوْ عَبْدِهِ الْمُكَاتَبِ (نَفْسُهُ فَإِنْ وَهَبَ لِلصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ وَلِيُّ غَيْرُ الْأَبِ، وَالْجَدِّ قَبِلَ لَهُ الْحَاكِمُ) وَإِنْ كَانَ أَبًا، أَوْ جَدًّا تَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ (وَهَلْ يَصِحُّ قَبُولُ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ، أَوْ قَبُولُ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ) لَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ مِنْ " الشَّخْصَيْنِ " (نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ مَا وُهِبَ لَهُمَا (وَجْهَانِ) كَالْبَيْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ فِيهِمَا وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَالْفَرْقُ - بِأَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ بِخِلَافِ الْهِبَةِ - غَيْرُ قَادِحٍ، وَإِنْ كَانَ مُنْقَدِحًا (وَإِنْ غَرَسَ) شَجَرًا (وَقَالَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ غَرْسِهِ (أَغْرِسُهُ لِطِفْلِي لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَوْ قَالَ جَعَلْته صَارَ مِلْكَهُ) لِأَنَّ هِبَتَهُ لَهُ لَا تَقْتَضِي قَبُولًا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلَهُ لِبَالِغٍ، هَذَا (إنْ اكْتَفَيْنَا بِأَحَدِ الشِّقَّيْنِ مِنْ الْوَالِدِ) فَإِنْ لَمْ نَكْتَفِ بِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَمْ يَصِرْ مِلْكَهُ فَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ " صَارَ مِلْكَهُ إلَى آخِرِهِ " كَانَ أَوْلَى بِطَرِيقَتِهِ (وَلَوْ عَمِلَ دَعْوَةً) بِالْفَتْحِ أَفْصَحُ مِنْ الضَّمِّ أَيْ وَلِيمَةً (لِخِتَانِ وَلَدِهِ فَالْهَدَايَا) الْمَحْمُولَةُ إلَيْهِ (الْمُطْلَقَةُ) عَنْ ذِكْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. - قَالَ السُّبْكِيُّ: أَوْ عَنْ قَصْدِهِ - مِلْكٌ (لِلْأَبِ) لِأَنَّ النَّاسَ يَقْصِدُونَ التَّقَرُّبَ إلَيْهِ وَلِأَنَّهُ الَّذِي اتَّخَذَ الدَّعْوَةَ، وَالْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ (وَلَيْسَ الظَّرْفُ) الْمَبْعُوثُ فِيهِ الْهَدِيَّةُ (هَدِيَّةً إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ) فِي مِثْلِهَا (بِرَدِّهِ بَلْ) هُوَ (أَمَانَةٌ) فِي يَدِ الْمُهْدَى إلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ لِلْعُرْفِ (فَإِنْ تَنَاوَلَ مِنْهُ وَ) اقْتَضَتْ (الْعَادَةُ ذَلِكَ) أَيْ تَنَاوُلَهُ مِنْهُ (فَعَارِيَّةٌ) فَيَجُوزُ تَنَاوُلُهُ مِنْهُ وَيَضْمَنُهُ بِحُكْمِهَا وَقَيَّدَهُ فِي بَابِهَا بِمَا إذَا لَمْ يُقَابَلْ بِعِوَضٍ، وَإِلَّا فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ زِيَادَةٌ عَلَى مَا هُنَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَقْتَضِ الْعَادَةُ تَنَاوُلَهُ مِنْهُ (وَجَبَ تَفْرِيغُهُ) سَوَاءٌ اقْتَضَتْ عَدَمَ تَنَاوُلِهِ أَمْ اضْطَرَبَتْ وَهَذَا الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِيهِ مُتَدَافِعٌ أَمَّا إذَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ كَقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ فَهُوَ هَدِيَّةٌ أَيْضًا لِلْعُرْفِ وَمَحَلُّهُ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ رَدِّهِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ فَإِنْ اضْطَرَبَتْ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ أَمَانَةٌ فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِلشَّكِّ فِي الْمُبِيحِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ الظَّرْفُ هَدِيَّةً قَالَ الْقَاضِي يُسْتَحَبُّ لَهُ رَدُّهُ حَالًا لِخَبَرِ اسْتَبِقُوا الْهَدَايَا بِرَدِّ الظُّرُوفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالِاسْتِحْبَابُ الْمَذْكُورُ حَسَنٌ وَفِي جَوَازِ حَبْسِهِ بَعْدَ تَفْرِيغِهِ نَظَرٌ. إلَّا أَنْ يَعْلَمَ رِضَا الْمُهْدِي بِهِ وَهَلْ يَكُونُ إبْقَاؤُهَا فِيهِ مَعَ إمْكَانِ تَفْرِيغِهِ عَلَى الْعَادَةِ مُضَمِّنًا؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ لَا لَفْظًا وَلَا عُرْفًا، أَوْ لَا فِي كَلَامِ الْقَاضِي مَا يُفْهِمُ الْأَوَّلَ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ وَأَمَّا الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ فَلَا أَعْرِفُ لَهُ أَصْلًا. (فَائِدَةٌ) رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَأْكُلُ هَدِيَّةً حَتَّى يَأْمُرَ صَاحِبَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا لِلشَّاةِ الَّتِي أُهْدِيَتْ إلَيْهِ يَعْنِي الْمَسْمُومَةَ بِخَيْبَرَ» وَهُوَ أَصْلٌ لِمَا يَعْتَادُهُ الْمُلُوكُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَلْتَحِقَ بِهِمْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ (وَالْكِتَابُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ) كَاتِبُهُ (الْجَوَابَ) أَيْ كِتَابَتَهُ (عَلَى ظَهْرِ هَدِيَّةٍ) لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَإِنْ اشْتَرَطَهَا كَأَنْ كَتَبَ فِيهِ: وَاكْتُبْ الْجَوَابَ عَلَى ظَهْرِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ إلَيْهِ (وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لَك) بِهَا (عِمَامَةً أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (تَعَيَّنَتْ) لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ هَذَا (إنْ قَصَدَ سَتْرَ رَأْسِهِ) بِالْعِمَامَةِ (وَتَنْظِيفَهُ) بِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ لِمَا رَأَى بِهِ مِنْ كَشْفِ الرَّأْسِ وَشَعَثِ الْبَدَنِ وَوَسَخِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ تَعْلِيقُ الْهِبَةُ] قَوْلُهُ: وَيَقْبَلُ لِلصَّغِيرِ وَلِيُّهُ) لَوْ قَالَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَهَبْتهَا مِنْك بَطَلَ الْإِيجَابُ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ كَالْبَيْعِ) أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ وَرَجَّحَهَا أَبُو شُكَيْلٍ وَفَرَّقَ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهَا فِي الْإِحْيَاءِ وَصَوَّبَهَا الدَّمِيرِيِّ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُهْدِيَ لَهُ سَمْنٌ وَأَقِطٌ وَكَبْشٌ فَقَبِلَ السَّمْنَ، وَالْأَقِطَ وَرَدَّ الْكَبْشَ» . قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُنَازَعُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ؛ إذْ كَلَامُنَا فِي الْهِبَةِ وَمَا فِي الْحَدِيثِ فِي الْهَدِيَّةِ وَهِيَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا قَبُولٌ نَعَمْ يَحْسُنُ الِاسْتِدْلَال بِهِ فِيمَا إذَا انْضَمَّ إلَى الْهَدِيَّةِ مَا يَقْتَضِي كَوْنَهَا هِبَةً أَيْضًا كَأَنْ قَصَدَ مَعَ الْبَعْثِ التَّوَدُّدَ مَثَلًا وَوُجِدَ فِيهَا إيجَابٌ وَقَبُولٌ. كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ: لِخِتَانِ وَلَدِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ، أَوْ السَّفِيهِ (قَوْلُهُ: فَالْهَدَايَا الْمُطْلَقَةُ لِلْأَبِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يَصْلُحُ لِلصَّبِيِّ خَاصَّةً فَلَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَنَاوَلَ مِنْهُ وَاقْتَضَتْ ذَلِكَ فَعَارِيَّةٌ) وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْ كَالسُّبْكِيِّ أَنَّهُ يَكُونُ هِبَةً لِلْمَنْفَعَةِ فَلَا يَضْمَنُهُ قَالَ كَمَا أَنَّ هِبَةَ مَنَافِعِ الدَّارِ لَا تَكُونُ إعَارَةً لِلدَّارِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَيُفَرَّق بِأَنَّهُ هُنَاكَ وُهِبَ الْمَنَافِعَ بِخِلَافِهِ هُنَا ش (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ أَمَانَةٌ) هَذَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا اطَّرَدَتْ بِهِ وَمَا إذَا اضْطَرَبَتْ فِيهِ وَلِهَذَا عَبَّرَ عَمَّا يُعْتَبَرُ فِيهِ اطِّرَادُهَا بِقَوْلِهِ، وَالْعَادَةُ ذَلِكَ أَيْ لَا غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فِي كَلَامِ الْقَاضِي مَا يُفْهِمُ الْأَوَّلَ) وَالرَّاجِحُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ رَدُّهُ) وَجَّهَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِأَنَّ الْكِتَابَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مَا فِيهِ فَهُوَ كَطَبَقِ الْهَدِيَّةِ قَالَ وَكَذَا لَوْ أُهْدِيَ إلَيْهِ مَاءُ وَرْدٍ فِي قَارُورَةٍ فَحُكْمُ الْقَارُورَةِ كَالْكِتَابِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَا يَلْزَمُهُ كِتَابَةُ الْجَوَابِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكَاتِبُ وَاجِبَ الطَّاعَةِ كَالْأَبِ، وَالْحَاكِمِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ سِرٌّ لَمْ يَجُزْ لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ إذَاعَتُهُ وَإِطْلَاعُ الْغَيْرِ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الصَّحِيفَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَوْ قَرَأَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْكِتَابَ وَأَلْقَاهُ، أَوْ وُجِدَ فِي تَرِكَتِهِ لَمْ تَحِلَّ أَيْضًا قِرَاءَتُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ سِرٌّ لِلْكَاتِبِ لَا يَجِبُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 (فَلَا) تَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ بَلْ يَمْلِكُهَا أَوْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا فِي الشِّقَّيْنِ لَكِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا فِي الْجِهَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا كَالْغَنِيِّ الْمُهْدَى إلَيْهِ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةَ وَهَذَا أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ السُّبْكِيّ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا فِي الْأَوَّلِ قَبْلَ صَرْفِهَا فِيمَا عُيِّنَتْ لَهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَالشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ كَالثَّانِي (وَكَذَا لَوْ طَلَبَ الشَّاهِدُ) مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ (مَرْكُوبًا) لِيَرْكَبَهُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ (فَأَعْطَاهُ أُجْرَتَهُ) أَيْ الْمَرْكُوبِ فَيَأْتِي فِيهَا التَّفْصِيلُ السَّابِقُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، وَالْأَصْلُ حَكَى فِيهَا وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ: أَحَدُهُمَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهَا فِيمَا ذُكِرَ، وَثَانِيهِمَا لَهُ صَرْفُهَا فِي جِهَةٍ أُخْرَى قَالَ. الْإِسْنَوِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ صَرْفَهَا إلَى جِهَةٍ أُخْرَى كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا أَنَّ الشَّاهِدَ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمَرْكُوبِ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ، وَالْمَذْكُورُ هُنَا مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ وَالْبِرِّ فَرُوعِيَ فِيهِ غَرَضُ الدَّافِعِ (وَإِنْ وَهَبَ لَهُ دِرْهَمًا بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ خُبْزًا فَيَأْكُلَهُ لَمْ تَصِحَّ) الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطْلِقْ لَهُ التَّصَرُّفَ (قَالَهُ الْقَاضِي) وَيُفَارِقُ: اشْتَرِ لَك بِهَذَا عِمَامَةً بِأَنَّهُ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ عُقِّبَ بِشَرْطٍ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ بِخِلَافِ ذَاكَ فَإِنَّهُ وُضِعَ عَلَى الْخُصُوصِ مِنْ أَوَّلِ أَمْرِهِ (وَإِنْ أَعْطَاهُ كَفَنًا لِأَبِيهِ فَكَفَّنَهُ فِي غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ) لَهُ (إنْ كَانَ قَصَدَ التَّبَرُّكَ بِأَبِيهِ) لِفِقْهٍ، أَوْ وَرَعٍ قَالَ السُّبْكِيُّ: أَوْ قَصَدَ الْقِيَامَ بِفَرْضِ التَّكْفِينِ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ عَلَى الْوَارِثِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا عُلِمَ قَصْدُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ بَلْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ إنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي " اشْتَرِ لَك بِهَذَا عِمَامَةً " (وَمَا يُحَصِّلُ خَادِمُ الصُّوفِيَّةِ لَهُمْ) مِنْ السُّوقِ وَغَيْرِهِ (يَمْلِكُهُ دُونَهُمْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ لَهُمْ وَلَا وَكِيلٍ عَنْهُمْ (وَ) لَكِنْ (وَفَاؤُهُ) لَهُمْ (مُرُوءَةٌ) مِنْهُ أَيْ الْمُرُوءَةُ تَقْتَضِي الْوَفَاءَ لَهُمْ بِمَا تَصَدَّى لَهُ. (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ يَفِ (فَلَهُمْ مَنْعُهُ مِنْ إظْهَارِ الْجَمْعِ لَهُمْ) وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ يَمْلِكُ دُونَهُمْ أَفَادَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الدَّافِعَ يَقْصِدُهُ دُونَهُمْ وَلَوْ لِأَجْلِهِمْ كَمَنْ يَطْلُبُ شَيْئًا لِعِيَالِهِ فَيُعْطَاهُ لِأَجْلِهِمْ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ، ثُمَّ يُنْفِقُهُ عَلَيْهِمْ إنْ شَاءَ فَإِنْ قَصَدَهُمْ مَعَهُ، أَوْ دُونَهُ فَالْمِلْكُ مُشْتَرَكٌ فِي الْأُولَى وَمُخْتَصٌّ بِهِمْ فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ وَكِيلًا عَنْهُمْ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ أَحَدًا كَانَ الْمِلْكُ لَهُ دُونَهُمْ (وَيَجُوزُ قَبُولُ هَدِيَّةِ الْكَافِرِ) لِلِاتِّبَاعِ (وَ) قَبُولُ (مَا يَحْمِلُهُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ مِنْهَا) كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (وَيَحْرُمُ عَلَى الْعُمَّالِ) قَبُولُ (هَدَايَا رَعَايَاهُمْ) عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ: أَعُمْرَتك هَذَا الْعَبْدَ، أَوْ) هَذِهِ (الدَّارَ مَا عِشْت) أَوْ حَيِيت أَوْ بَقِيت، أَوْ نَحْوَهَا (فَإِذَا مِتّ فَهُوَ) وَفِي نُسْخَةٍ فَهِيَ (لِوَرَثَتِك) أَوْ لِعَقِبِك مِنْهُمْ (فَهَذِهِ) هِيَ (الْهِبَةُ بِعَيْنِهَا) لَكِنَّهُ طَوَّلَ الْعِبَارَةَ فَتَصِحُّ وَلَا يَعُودُ الْمَوْهُوبُ إلَى الْوَاهِبِ بِحَالٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا لَا تَرْجِعُ إلَى الَّذِي أَعْطَاهَا» لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (إذَا قَالَ أَعُمْرَتك) هَذَا (أَوْ جَعَلْتُهُ لَك عُمُرَك) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْعُمْرَى مِيرَاثٌ لِأَهْلِهَا» وَلِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ أَحَدٍ يَتَقَدَّرُ بِحَيَاتِهِ وَلَيْسَ فِي جَعْلِهِ لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ مَا يُنَافِي انْتِقَالَهُ إلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَهُ بَلْ هُوَ شَرْطُ الِانْتِقَالِ (فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهِ (فَإِنْ مِتّ صَارَ) الْعَبْدُ (حُرًّا، أَوْ عَادَ إلَيَّ) أَوْ إلَى وَرَثَتِي إنْ مِتّ (صَحَّ) عَقْدُ الْهِبَةِ لِصِدْقِهِ عَلَيْهَا (وَلَغَا الشَّرْطُ) لِإِطْلَاقِ الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ شَيْئًا إنَّمَا شَرَطَ الْحُرِّيَّةَ، أَوْ الْعَوْدَ إلَيْهِ، أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَحِينَئِذٍ قَدْ صَارَ الْمِلْكُ لِلْوَرَثَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ فِي كَلَامِهِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ وَحُكْمُهَا وَاحِدٌ وَوُجِدَ التَّصْرِيحُ بِهَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَتَصِحُّ الرُّقْبَى وَصُورَتُهَا) أَنْ يَقُولَ (وَهَبْتهَا لَك عُمُرَك فَإِنْ مِتَّ قَبْلِي عَادَتْ إلَيَّ، أَوْ إلَى زَيْدٍ، وَإِنْ مِتُّ قَبْلَك اسْتَقَرَّتْ) لَك وَيَلْغُو الشَّرْطُ (أَوْ يَقُولُ أَرْقَبْتُك هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ جَعَلْتُهَا لَك رُقْبَى) أَخْذًا بِإِطْلَاقِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا تُعْمِرُوا وَلَا تُرْقِبُوا فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا، أَوْ أَعْمَرَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ» وَالنَّهْيُ لِلْإِرْشَادِ أَيْ لَا تُعْمِرُوا شَيْئًا طَمَعًا فِي عَوْدِهِ إلَيْكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مِيرَاثٌ (فَلَوْ وَقَّتَ الْوَاهِبُ بِعُمُرِ نَفْسِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ) كَأَنْ قَالَ جَعَلْتهَا لَك عُمُرِي، أَوْ عُمُرَ فُلَانٍ (فَسَدَتَا) أَيْ الصِّيغَتَانِ لِخُرُوجِهِمَا عَنْ اللَّفْظِ الْمُعْتَادِ وَلِمَا فِيهِمَا مِنْ تَأْقِيتِ الْمِلْكِ لِجَوَازِ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِ فُلَانٍ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ عُمُرَك؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَمْلِكُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ كَمَا مَرَّ فَلَا تَأْقِيتَ فِيهِ. (تَنْبِيهٌ) الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى كَانَا عَقْدَيْنِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَالْعُمْرَى مِنْ الْعُمُرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا فِي الشِّقَّيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَالشِّقِّ الْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ إلَخْ) بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى التَّشْبِيهِ فِيهِ بِمَا بَعْدَ إلَّا (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ صَرْفَهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَهَبَ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِيَ إلَخْ) تَفْسُدُ الْهِبَةُ، وَالْوَقْفُ بِكُلِّ شَرْطٍ يُفْسِدُ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ: أَفَادَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ قَالَ أَعْمَرْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ مَا عِشْت أَوْ حَيِيت أَوْ بَقِيت] (قَوْلُهُ: وَيَلْغُو الشَّرْطُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَصِحُّ فِيهِ الْعَقْدُ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ الْمُنَافِي لِمُقْتَضَاهُ إلَّا هَذَا وَلَعَلَّ الْمَعْنَى فِيهِ - كَمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ - أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ عَلَى الْمُعْطَى بَلْ عَلَى وَرَثَتِهِ وَلَا حَقَّ لَهُمْ الْآنَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ مَعَ الْمَعْقُودِ مَعَهُ لَمْ يُؤَثِّرْ الْعَقْدُ وَفَرَّقَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ بَيْنَ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ وَبَيْنَ الشَّرْطِ هُنَا بِأَنَّ شُرُوطَ الْبَيْعِ تُقَابَلُ بِبَعْضِ الثَّمَنِ فَإِذَا بَطَلَتْ سَقَطَ مَا يُقَابِلُهَا فَيَصِيرُ الثَّمَنُ مَجْهُولًا فَيَبْطُلُ وَلَيْسَ فِي الْعُمْرَى ثَمَنٌ فَصَحَّتْ قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ قَيَّدَ الْهِبَةَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ صَحَّتْ كَالْعُمْرَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَفَرَّقَ ابْنُ سُرَيْجٍ بِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَقْتَضِي فَسْخًا مُنْتَظَرًا وَلَا يَضُرُّ الْهِبَةَ بِدَلِيلِ هِبَةِ الْأَبِ لِابْنِهِ وَيَضُرُّ الْبَيْعَ. (تَنْبِيهٌ) مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ كَالْخَبَرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُعْمِرِ وَالْمُرْقِبِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِمَدْلُولِ هَاتَيْنِ اللَّفْظَتَيْنِ شَرْعًا وَأَنْ لَا يَكُونَا كَذَلِكَ وَهُوَ وَاضِحٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 وَمِنْهُ {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61] أَيْ أَسْكَنَكُمْ مُدَّةَ أَعْمَارِكُمْ وَالرُّقْبَى مِنْ الرُّقُوبِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْقُبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (جَعَلَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ دَارِهِ لِلْآخَرِ عُمُرَهُ عَلَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ قَبْلَهُ عَادَتْ إلَى صَاحِبِ الدَّارِ، أَوْ غَيْرِهِ صَحَّتْ) أَيْ الصِّيغَةُ لِمَا مَرَّ (وَهِيَ رُقْبَى مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَوْ بَاعَ بِصُورَةِ الْعُمْرَى) فَقَالَ مَلَّكْتُكَهَا بِعِشْرَةِ عُمُرِكَ (لَمْ يَصِحَّ) لِتَطَرُّقِ الشَّرْطِ إلَى جَهَالَةِ الثَّمَنِ وَقِيلَ تَصِحُّ كَالْعُمْرَى وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ بَلْ قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا) أَيْ الْعُمْرَى وَفِي نُسْخَةٍ تَعْلِيقُ الْعُمْرَى كَقَوْلِهِ إذَا مَاتَ فُلَانٌ، أَوْ قَدِمَ، أَوْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ فَهِيَ لَك عُمُرَك (فَإِنْ عَلَّقَهَا بِمَوْتِهِ) فَقَالَ إذَا مِتّ فَهَذِهِ الدَّارُ لَك عُمُرَك فَإِذَا مِتّ فَهِيَ لِوَرَثَتِك، أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى: فَهَذِهِ الدَّارُ لَك عُمُرَك، أَوْ زَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ فَإِذَا مِتّ عَادَتْ إلَيَّ، أَوْ إلَى وَرَثَتِي إنْ مِتّ (فَوَصِيَّةٌ) تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ (وَلَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ حُكْمُ) الْعَقْدِ (الْمُنَجَّزِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ) فَتَصِحُّ. (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَوْهُوبُ فَمَا جَازَ بَيْعُهُ) مِنْ الْأَعْيَانِ (جَازَتْ هِبَتُهُ) وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ بَابَهَا أَوْسَعُ (وَمَا لَا) يَجُوزُ بَيْعُهُ كَمَجْهُولٍ وَضَالٍّ (فَلَا) يَجُوزُ هِبَتُهُ بِجَامِعِ أَنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ وَهَذَا (فِي الْغَالِبِ، وَقَدْ يَخْتَلِفَانِ) كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ ثَمَرَةُ الْبَائِعِ بِثَمَرَةِ الْمُشْتَرِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَيَجُوزُ هِبَتُهَا لِلْآخَرِ وَكَالْأُضْحِيَّةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا وَيَجُوزُ هِبَتُهُ وَكَالْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا تَجُوزُ هِبَتُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الصُّلْحِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَكَحَبَّتَيْ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا وَتَجُوزُ هِبَتُهُمَا لِانْتِفَاءِ الْمُقَابِلِ فِيهَا لَكِنْ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: إنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ أَوْ وَهْمٌ فَفِي الرَّافِعِيِّ فِي تَعْرِيفِ اللُّقَطَةِ أَنَّ مَا لَا يُتَمَوَّلُ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَزَبِيبَةٍ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ مَا فِي الْمِنْهَاجِ. إذْ لَا مَحْذُورَ فِي الْمُتَصَدِّقِ بِتَمْرَةٍ أَوْ شِقِّهَا كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ فَكَذَا الْهِبَةُ انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ التَّصَدُّقُ بِذَلِكَ بِمَعْنَى نَقْلِ الْيَدِ عَنْهُ لَا تَمْلِيكِهِ لِعَدَمِ تَمَوُّلِهِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هِبَتِهِ بِمَعْنَى تَمْلِيكِهِ وَقَدْ مَالَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى نَقْلِ الْيَدِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَتْ هِبَتُهُ (فَتَجُوزُ هِبَةُ أَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ مَعَ زَرْعِهَا وَ) هِبَةُ (أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَلَوْ قَبْلَ) بُدُوِّ (الصَّلَاحِ) وَلَوْ (بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ) ذِكْرُ عَدَمِ شَرْطِ الْقَطْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ إنْ صَحَّ إنَّمَا يَصِحُّ فِي هِبَةِ الزَّرْعِ وَحْدَهُ (وَ) تَجُوزُ (هِبَةُ مُشَاعٍ) وَإِنْ كَانَ (لَا يَنْقَسِمُ) كَعَبْدٍ (وَ) هِبَةُ (مَغْصُوبٍ لِقَادِرٍ) عَلَى انْتِزَاعِهِ (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) عَلَيْهِ (فَوَجْهَانِ) رَجَّحَ مِنْهُمَا الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ الْمَنْعَ كَالْبَيْعِ. (فَإِنْ وَكَّلَ الْمُتَّهِبُ) لِلْعَيْنِ الْمُسْتَعَارَةِ، أَوْ الْمَغْصُوبَةِ (الْمُسْتَعِيرَ، أَوْ الْغَاصِبَ) لَهَا (فِي الْقَبْضِ) مِنْ نَفْسِهِ (وَقَبِلَ) الْوَكَالَةَ بِأَنْ لَمْ يَرُدَّهَا صَحَّ (أَوْ) إذَا (مَضَتْ مُدَّةٌ يَتَأَتَّى فِيهَا) الْقَبْضُ (قَالَ) الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ مَلَكَهُ، (وَبَرِئَا) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ، وَالْغَاصِبُ (مِنْ الضَّمَانِ، وَقَاعِدَتُهُمْ فِي الْقَبْضِ) مِنْ عَدَمِ جَوَازِ اتِّحَادِ الْقَابِضِ، وَالْمُقْبِضِ (تُخَالِفُهُ) وَأَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا لَا تُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي قَبْضٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى إقْبَاضِ مُقْبِضٍ بِأَنْ يَكُونَ الْحَقُّ فِي الذِّمَّةِ لَا مُعَيَّنًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ الْوَاهِبُ فِي الْقَبْضِ مِنْ نَفْسِهِ صَحَّ وَجَزَمَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ بِالْبُطْلَانِ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ انْتَهَى. ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَأْذَنَ الْوَاهِبُ لِلْمُتَّهِبِ فِي الْقَبْضِ مِمَّنْ ذُكِرَ وَيُوَكِّلَهُ الْمُتَّهِبُ فِي الْقَبْضِ لَا أَنْ يَأْذَنَ الْوَاهِبُ لِمَنْ ذُكِرَ فِي الْإِقْبَاضِ وَيُوَكِّلَهُ الْمُتَّهِبُ فِي الْقَبْضِ (وَلَوْ وَهَبَ مَرْهُونًا وَكَلْبًا) وَلَوْ مُعَلَّمًا (وَخَمْرًا) وَلَوْ (مُحْتَرَمَةً وَجِلْدَ مَيْتَةٍ قَبْلَ دَبْغِهِ لَمْ يَصِحَّ) كَالْبَيْعِ (وَهِبَةُ الدَّيْنِ) لِلْمَدِينِ (إبْرَاءٌ) لَهُ مِنْهُ (لَا تَحْتَاجُ قَبُولًا) نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَتَرْكُهُ لَهُ كِنَايَةُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ تَعْلِيقُ الْعُمْرَى] قَوْلُهُ: فَمَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَتْ هِبَتُهُ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ اسْتَوْلَدَ الرَّاهِنُ الْأَمَةَ الْمَرْهُونَةَ أَوْ أَعْتَقَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ هِبَتُهَا لَا مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَمَجْهُولٍ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَجْهُولِ مَا سُومِحَ بِهِ فِي مَوَاضِعَ كَاخْتِلَاطِ الثِّمَارِ، وَالْحِجَارَةِ الْمَدْفُونَةِ وَالصَّبْغِ فِي الْغَصْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِي فَرَائِضِ الرَّافِعِيِّ: لَوْ اصْطَلَحَ الَّذِينَ وُقِفَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى تَسَاوٍ، أَوْ تَفَاوُتٍ جَازَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمْ تَوَاهُبٌ وَهَذَا التَّوَاهُبُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ جَهْلٍ لَكِنْ يَحْتَمِلُ لِلضَّرُورَةِ فَلَوْ أَخْرَجَ بَعْضُهُمْ نَفْسَهُ مِنْ الْبَيْنِ وَوُهِبَ لَهُمْ عَلَى جَهْلٍ بِالْحَالِ جَازَ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْهِبَةِ فَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ كَزَوْجَةٍ صَغِيرَةٍ صَالَحَ عَنْهَا وَلِيُّهَا وَلَا يَجُوزُ نَقْصُهَا عَمَّا بِيَدِهَا فَلَوْ كَانَتْ إحْدَى ثَمَانٍ فَلَيْسَ لَهُ الصُّلْحُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمَوْقُوفِ اهـ وَمِنْ هَذَا اخْتِلَاطُ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَاخْتِلَاطُ الصُّبْرَتَيْنِ، وَالْمَائِعَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ أَنْت فِي حِلٍّ مِمَّا تَأْخُذُ مِنْ مَالِي، أَوْ تُعْطِي أَوْ تَأْكُلُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ دُونَ الْأَخْذِ، وَالْإِعْطَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ إبَاحَةٌ وَهِيَ تَصِحُّ مَجْهُولَةً بِخِلَافِهِمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ قَالَ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ اُدْخُلْ كَرْمِي وَخُذْ مِنْ الْعِنَبِ مَا شِئْت لَا يَزِيدُ عَلَى عُنْقُودٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَاسْتُشْكِلَ، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قَالَ اُدْخُلْ بُسْتَانِي وَأَبَحْت لَك أَنْ تَأْخُذَ مِنْ ثِمَارِهِ مَا شِئْت كَانَ إبَاحَةً (قَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ) حَيْثُ قَالَ إنَّ إيرَادَ الْهِبَةِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ مُمْتَنِعٌ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَتَجُوزُ هِبَتُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ بِلَا خِلَافٍ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى نَقْلِ الْيَدِ عَنْهُ إلَخْ) كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي أَوَّلِ الدَّعَاوَى صَرِيحٌ فِي جَوَازِ التَّمَلُّكِ كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ الْمُعْتَضِدُ بِالدَّلِيلِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الصَّدَقَةُ بِتَمْرَةٍ وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ هِبَةُ أَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ إلَخْ) قَالَ الْجُرْجَانِيُّ حُكْمُ الْهِبَةِ فِي الِاسْتِتْبَاعِ حُكْمُ الْبَيْعِ فَمَا تُبِعَ فِيهِ تُبِعَ فِيهَا (قَوْلُهُ: رَجَّحَ مِنْهُمَا الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ الْمَنْعَ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا لَا تُخَالِفُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَجَزَمَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ بِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ) أَمَّا هِبَةُ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ عَلَى إرَادَةِ نَقْلِ الْيَدِ لَا التَّمْلِيكِ فَجَائِزَةٌ (قَوْلُهُ: وَهِبَةُ الدَّيْنِ إبْرَاءٌ لَا تَحْتَاجُ قَبُولًا) مِثْلُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 إبْرَاءٍ وَقِيلَ صَرِيحُهُ (وَهِبَتُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ بَاطِلَةٌ) لِعَجْزِهِ عَنْ تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُقْبَضُ مِنْ الْمَدِينِ عَيْنٌ لَا دَيْنٌ (وَتَمْلِيكُ الْمِسْكِينِ الدَّيْنَ) اللَّازِمَ لِمَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ (وَلَوْ) كَانَ الدَّيْنُ (عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمِسْكِينِ (عَنْ الزَّكَاةِ لَا يَصِحُّ) لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا عَلَيْهِ إبْدَالٌ وَهُوَ لَا يَجُوزُ فِيهَا وَفِيمَا عَلَى غَيْرِهِ تَمْلِيكٌ وَهُوَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا كَمَا مَرَّ. (فَصْلٌ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَمْلِكُ) الْهِبَةَ الصَّادِقَةَ بِأَنْوَاعِهَا (إلَّا إذَا قَبَضَ) هَا فَلَا يَمْلِكُهَا بِالْعَقْدِ، وَإِلَّا لَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِيمَا نَحَلَهَا فِي صِحَّتِهِ مِنْ عِشْرِينَ وَسْقًا وَدِدْتُ أَنَّكِ حُزْتِهِ، أَوْ قَبَضْتِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ الْوَارِثِ وَرَوَى الْحَاكِمُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَى إلَى النَّجَاشِيِّ، ثُمَّ قَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ إنِّي لَأَرَى النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ وَلَا أَرَى الْهَدِيَّةَ الَّتِي أَهْدَيْت إلَيْهِ إلَّا سَتُرَدُّ فَإِذَا رُدَّتْ إلَيَّ فَهِيَ لَكِ فَكَانَ كَذَلِكَ» وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ أَهْدَى إلَى النَّجَاشِيِّ مِسْكًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ فَقَسَمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ نِسَائِهِ» وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ كَالْقَرْضِ فَلَا يُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ (بِالْإِذْنِ) فِيهِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْوَاهِبُ فَلَوْ قَبَضَ بِلَا إذْنٍ وَلَا إقْبَاضٍ لَمْ يَمْلِكْهُ وَدَخَلَ فِي ضَمَانِهِ سَوَاءٌ أَقَبَضَهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَمْ بَعْدَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَيْهِ إنْ كَانَ غَائِبًا كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ (فَالزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ) مِنْ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِلْكٌ (لِلْوَاهِبِ) لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ (وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْقَبْضِ) فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ (إلَّا أَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا) الْإِتْلَافُ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا (الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِلَا إذْنِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَقِّ الْقَبْضِ كَقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَاعْتُبِرَ تَحْقِيقُهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فَجُعِلَ التَّمْكِينُ مِنْهُ قَبْضًا وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ) عَقْدُ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَوَّلُ إلَى اللُّزُومِ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ نَحْوِ الشَّرِكَةِ، وَالْوَكَالَةِ وَكَالْمَوْتِ الْجُنُونُ، وَالْإِغْمَاءُ لَكِنْ لَا يَقْبِضَانِ إلَّا بَعْدَ الْإِفَاقَةِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَظَاهِرٌ أَنَّ لِمَوْلَى الْمُتَّهِبِ الْقَبْضَ قَبْلَهَا فِي الْجُنُونِ (وَقَامَ الْوَارِثُ) أَيْ وَارِثُ الْوَاهِبِ فِي الْإِقْبَاضِ وَالْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ وَوَارِثُ الْمُتَّهِبِ فِي الْقَبْضِ (مَقَامَهُ) أَيْ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ (فَإِنْ رَجَعَ) الْوَاهِبُ، أَوْ وَارِثُهُ (فِي الْإِذْنِ) فِي الْقَبْضِ (أَوْ مَاتَ) هُوَ، أَوْ الْمُتَّهِبُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) فِيهِمَا (بَطَلَ الْإِذْنُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جُنُونُ الْوَاهِبِ وَإِغْمَاؤُهُ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ. (فَرْعٌ وَإِنْ مَاتَ الْمُهْدِي أَوْ الْمُهْدَى إلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَيْسَ لِلرَّسُولِ إيصَالُهَا) أَيْ الْهَدِيَّةِ إلَى الْمُهْدَى إلَيْهِ، أَوْ وَارِثِهِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَ الْفَرْعِ. (فَرْعٌ قَبْضُ الْمُشَاعِ) يَحْصُلُ (بِقَبْضِ الْجَمِيعِ) مَنْقُولًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ (فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا وَمَنَعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقَبْضِ (الشَّرِيكُ) فِيهِ (وَوَكَّلَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْقَبْضِ) لَهُ (جَازَ) فَيَقْبِضُهُ لَهُ الشَّرِيكُ (فَإِنْ امْتَنَعَ) الْمَوْهُوبُ لَهُ (مِنْ تَوْكِيلِهِ) أَيْ الشَّرِيكِ (قَبَضَ لَهُ الْحَاكِمُ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (وَيَكُونُ فِي يَدِهِ لَهُمَا) لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِمَا أَمَّا إذَا لَمْ يَمْنَعْ الشَّرِيكُ مِنْ الْقَبْضِ بِأَنْ رَضِيَ بِتَسْلِيمِ نَصِيبِهِ أَيْضًا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَبَضَ الْجَمِيعَ فَيَحْصُلُ الْمِلْكُ وَيَكُونُ نَصِيبُهُ تَحْتَ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَدِيعَةً. (فَرْعٌ لَيْسَ الْإِتْلَافُ) مِنْ الْمُتَّهِبِ لِلْمَوْهُوبِ (قَبْضًا)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقِيلَ صَرِيحَةٌ) جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ تَشْطِيرِ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: وَهِبَتُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ بَاطِلَةٌ) وَقِيلَ تَصِحُّ وَنَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ وَجَعَلَهُ فِي الشَّامِلِ الْأَقْيَسَ؛ لِأَنَّ الذِّمَمَ تَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِيهَا، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ إنْ صَحَّ فَالْهِبَةُ أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ وَقَيَّدَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ بِالْمُسْتَقِرِّ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهِ عَلَى بَاذِلٍ د وَالْمُعْتَمَدُ الْبُطْلَانُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هِبَةَ الْمَوْصُوفِ لَا تَصِحُّ قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَجْهُهُ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْبَيْعِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ، وَهِبَةُ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ. [فَصْلٌ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَمْلِكُ الْهِبَةَ الصَّادِقَةَ بِأَنْوَاعِهَا إلَّا إذَا قَبَضَهَا] (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ أَهْدَى لِلنَّجَاشِيِّ مِسْكًا» ) أَيْ ثَلَاثِينَ أُوقِيَّةً (قَوْلُهُ: بِالْإِذْنِ فِيهِ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَوْ قَالَ وَهَبْتُك هَذِهِ وَأَذِنْت لَك فِي قَبْضِهَا فَقَالَ الْمُتَّهِبُ قَبِلْت صَحَّ الْعَقْدُ وَلَا يَكْفِي ذَلِكَ الْإِذْنُ هَذَا فِي غَيْرِ الضِّمْنِيِّ أَمَّا هِبَةُ الضِّمْنِيِّ كَ أَعْتِقْ عَنِّي فَأَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَنْهُ وَيَسْقُطُ الْقَبْضُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَحْصُلُ الْمِلْكُ فِيهَا بِالْقَبْضِ التَّقْدِيرِيِّ. (فَرْعٌ) لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِهِبَةٍ فَوَهَبَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُتَّهِبُ فَفِي عِتْقِهِ تَرَدُّدٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْهِبَةِ لَمْ يَحْصُلْ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ تَعْلِيقِ عِتْقِهِ بِهِبَتِهِ عَدَمُ التَّبَرُّعِ بِهِ عَلَى الْغَيْرِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ عِنْدَ عَدَمِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ لِوَلِيِّ الْمُتَّهِبِ الْقَبْضُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَجَعَ فِي الْإِذْنِ إلَخْ) لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ لَكِنْ قَالَ الْوَاهِبُ رَجَعْت قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ وَقَالَ الْمُتَّهِبُ بَلْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُتَّهِبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ عَلَى قِيَاسِ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّهْنِ وَلَوْ أَقْبَضَهُ، ثُمَّ قَالَ قَصَدَ بِهِ الْإِيدَاعَ، أَوْ الْعَارِيَّةَ فَأَنْكَرَ الْمُتَّهِبُ فَقِيَاسُ الرَّهْنِ أَيْضًا تَصْدِيقُ الْمُتَّهِبِ لِقُوَّةِ يَدِهِ بِالْمِلْكِ لَكِنْ فِي الِاسْتِقْصَاءِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْإِذْنِ فَقَالَ الْوَاهِبُ أَذِنْت لَك فِي قَبْضِهِ عَلَى وَجْهِ الْوَدِيعَةِ وَقَالَ الْمُتَّهِبُ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ لِأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُعَارِضُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ فِيهَا وَافَقَ الْقَابِضُ عَلَى قَبْضِهِ عَنْ جِهَةِ الْهِبَةِ وَلَكِنْ ادَّعَى الرُّجُوعَ قَبْلَهُ وَهُنَا لَمْ يَسْلَمْ لَهُ قَبْضُهُ عَنْ الْهِبَةِ، كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جُنُونُ الْوَاهِبِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ وَلَا يَرِثُهُ إلَّا بَيْتُ الْمَالِ هَلْ يَقُومُ الْإِمَامُ فِي الْإِقْبَاضِ مَقَامَ الْوَارِثِ الْخَاصِّ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَكَلَامُ الْكِتَابِ قَدْ يُفْهِمُ الْمَنْعَ وَيَنْقَدِحُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ؛ لَوْ كَانَتْ مِلْكًا لِبَيْتِ الْمَالِ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُمَلِّكَهَا الْمُتَّهِبَ كَانَ لَهُ إقْبَاضُهُ إيَّاهَا، وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُهُ: وَيَنْقَدِحُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ مَاتَ الْمُهْدِي أَوْ الْمُهْدَى إلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ] (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ الْمُهْدِي) أَيْ، أَوْ جُنَّ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَوْ فَلَسٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ وَقَالَ الْمُتَّهِبُ بَلْ بَعْدَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَاهِبِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الرُّجُوعِ قَبْلَهُ وَيَحْتَمِلُ تَخْرِيجَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَعَارُضِ الْأَصْلَيْنِ قَالَ شَيْخُنَا وَالثَّانِي أَوْجَهُ. [فَرْعٌ قَبْضُ الْمُشَاعِ فِي الْهِبَةِ] (قَوْلُهُ: بِأَنْ رَضِيَ بِتَسْلِيمِ نَصِيبِهِ أَيْضًا إلَخْ) لَوْ اسْتَبَدَّ الْمُتَّهِبُ بِالْقَبْضِ صَحَّ وَأَثِمَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي إذَا أَتْلَفَ الْمَبِيعَ لِمَا مَرَّ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَتْلَفَ مِلْكَهُ بِخِلَافِ الْمُتَّهِبِ، سَوَاءٌ أَتْلَفَهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَكْلِ، أَوْ الْعِتْقِ) عَنْهُ فَأَكَلَهُ، أَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ أَمَرَ الْمُتَّهِبُ الْوَاهِبَ بِإِعْتَاقِهِ فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَيَكُونُ قَبْضًا وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ الِازْدِرَادِ، وَالْعِتْقِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْوَاهِبِ) لِلْمَوْهُوبِ (قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِنْ ظَنَّ لُزُومَ الْهِبَةِ) وَحُصُولَ الْمِلْكِ بِالْعَقْدِ وَتَبْطُلُ الْهِبَةُ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ (وَلَيْسَ الْإِقْرَارُ بِالْهِبَةِ) وَلَوْ مَعَ الْمِلْكِ (إقْرَارًا بِالْقَبْضِ) لِلْمَوْهُوبِ لِجَوَازِ أَنْ يَعْتَقِدَ لُزُومَهَا بِالْعَقْدِ، وَالْإِقْرَارُ يُحْمَلُ عَلَى الْيَقِينِ (إلَّا إنْ قَالَ وَهَبْته لَهُ وَخَرَجْت مِنْهُ إلَيْهِ) فَيَكُونُ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ إلَى نَفْسِهِ مَا يُشْعِرُ بِالْإِقْبَاضِ (وَهَذَا إنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ، وَإِلَّا فَلَا) يَكُونُ إقْرَارًا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ (وَقَوْلُهُ وَهَبْته لَهُ وَأَقْبَضْته) لَهُ (إقْرَارٌ بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِالْهِبَةِ، وَالْقَبْضِ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْهِبَةِ فِي الرُّجُوعِ وَالثَّوَابِ) (وَفِيهِ طَرَفَانِ: الْأَوَّلُ فِي الرُّجُوعِ وَيُكْرَهُ) لِلْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا (أَنْ يَهَبَ لِأَحَدِ وَلَدَاهُ أَكْثَرَ) مِنْ الْآخَرِ (وَلَوْ ذَكَرًا) لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلِئَلَّا يُفْضِيَ ذَلِكَ إلَى الْعُقُوقِ وَفَارَقَ الْإِرْثَ بِأَنَّ الْوَارِثَ رَاضٍ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ بِخِلَافِ هَذَا وَبِأَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى إنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْمِيرَاثِ بِالْعُصُوبَةِ، أَمَّا بِالرَّحِمِ الْمُجَرَّدَةِ فَهُمَا سَوَاءٌ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأُمِّ، وَالْهِبَةُ لِلْأَوْلَادِ أُمِرَ بِهَا صِلَةً لِلرَّحِمِ نَعَمْ إنْ تَفَاوَتُوا حَاجَةً قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَلَيْسَ فِي التَّفْضِيلِ وَالتَّخْصِيصِ الْمَحْذُورُ السَّابِقُ، وَإِذَا ارْتَكَبَ التَّفْضِيلَ الْمَكْرُوهَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعْطِيَ الْآخَرِينَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَدْلُ وَلَوْ رَجَعَ جَازَ بَلْ حَكَى فِي الْبَحْرِ اسْتِحْبَابَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ جَوَازِهِ، أَوْ اسْتِحْبَابِهِ فِي الزَّائِدِ (وَ) يُكْرَهُ (أَنْ يَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهِمْ إنْ عَدَلَ) بَيْنَهُمْ (إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) كَأَنْ يَكُونُوا عَقَقَةً، أَوْ يَسْتَعِينُونَ بِمَا أَعْطَاهُ لَهُمْ فِي مَعْصِيَةٍ وَأَصَرُّوا عَلَيْهَا بَعْدَ إنْذَارِهِ لَهُمْ بِالرُّجُوعِ فَلَا يُكْرَهُ رُجُوعُهُ فِيهَا كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مَرْدُودٌ بَلْ الْقِيَاسُ فِي الثَّانِيَةِ اسْتِحْبَابُ الرُّجُوعِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَأَمَّا الْعَاقُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ زَادَهُ الرُّجُوعُ عُقُوقًا كُرِهَ، أَوْ أَزَالَهُ اُسْتُحِبَّ، أَوْ لَمْ يَفِدْ شَيْئًا مِنْهُمَا أُبِيحَ وَيَحْتَمِلُ اسْتِحْبَابَ عَدَمِهِ (وَالْعَدْلُ) فِي هِبَةِ الْوَلَدِ وَالِدَيْهِ (أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الْوَالِدَيْنِ) كَعَكْسِهِ بَلْ أَوْلَى (فَإِنْ فَضَّلَ أَحَدَهُمَا فَالْأُمُّ) أَوْلَى لِخَبَرِ «إنَّ لَهَا ثُلُثَيْ الْبِرِّ» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْإِخْوَةَ وَنَحْوَهُمْ لَا يَجْرِي فِيهِمْ هَذَا الْحُكْمُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَحْتَمِلُ طَرْدَهُ لِلْإِيحَاشِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَحْذُورَ فِي الْأَوْلَادِ عَدَمُ الْبِرِّ وَهُوَ وَاجِبٌ قَالَ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ مَطْلُوبَةٌ لَكِنْ دُونَ طَلَبِهَا بَيْنَ الْأَوْلَادِ. (فَصْلٌ: لِلْأَبِ وَكَذَا سَائِرُ الْأُصُولِ) مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَلَوْ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ (لَا غَيْرِهِمْ) كَالْإِخْوَةِ   [حاشية الرملي الكبير] وَضَمِنَ نَصِيبَ الشَّرِيكِ. [فَرْعٌ لَيْسَ الْإِتْلَافُ مِنْ الْمُتَّهِبِ لِلْمَوْهُوبِ قَبْضًا] (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْمِلْكِ) وَالْمَوْهُوبُ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَتْ مِنْهُ إلَيْهِ) أَوْ مَلَكَهُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ وَهَبْتُهُ لَهُ وَأَقْبَضْتُهُ لَهُ إقْرَارٌ بِالْجَمِيعِ) وَلَوْ قِيلَ لَهُ وَهَبْتَ لِفُلَانٍ وَأَقْبَضْتَهُ؟ فَقَالَ نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا بِهِمَا. [الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْهِبَةِ وَفِيهِ طَرَفَانِ] [الطَّرَف الْأَوَّل فِي الرُّجُوع فِي الْهِبَة] (الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْهِبَةِ فِي الرُّجُوعِ وَالثَّوَابِ) (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَفَاوَتُوا حَاجَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ ذَا فَضِيلَةٍ بِعِلْمٍ، أَوْ وَرَعٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّخْصِيصِ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَأَحْفَادٌ فَهَلْ تُشْرَعُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْجَمِيعِ، أَوْ يَخْتَصُّ بِهَا الْأَوْلَادُ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَالِدُ الْحَافِدِ مَوْجُودًا، أَوْ مَيِّتًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا قَالَ الْغَزِّيِّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ قَالَ وَالِدِي: وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَيَظْهَرُ أَنَّ الثَّالِثَ أَقْرَبُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، فس (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ رُجُوعُهُ فِيهَا) أَيْ عَطِيَّتِهِمْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مَرْدُودٌ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ بَيَانٌ لِمَا أَجْمَلَهُ الْأَصْلُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْأَبُ مُحْتَاجًا إلَى الرُّجُوعِ لِنَفَقَةِ عِيَالٍ، أَوْ دَيْنٍ لَمْ يُكْرَهْ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُنْدَبَ إنْ كَانَ الْوَلَدُ غَنِيًّا عَنْهَا وَإِلَّا نُظِرَ إنْ كَانَ الْوَلَدُ بَارًّا كُرِهَ الرُّجُوعُ لِلْإِيحَاشِ وَكَسْرِ الْقَلْبِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ رِضَاهُ بِقَوْلٍ، أَوْ قَرِينَةِ حَالٍ ظَاهِرَةٍ فَلَا وَإِنْ كَانَ عَاقًّا لَكِنَّهُ لَا يَصْرِفُ الْمَوْهُوبَ فِي الْمَعَاصِي وَلَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَيْهَا أَنْذَرَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ الْعُقُوقِ كُرِهَ الرُّجُوعُ وَإِنْ أَصَرَّ لَمْ يُكْرَهْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الرُّجُوعَ يَزِيدُهُ عُقُوقًا فَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ كَانَ يَصْرِفُ الْمَوْهُوبَ فِي الْمَعَاصِي أَوْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَيْهَا كَسَيْفٍ يَقْطَعُ بِهِ الطَّرِيقَ، أَوْ فَرَسٍ يَرْكَبُهُ لِذَلِكَ لَا مَحَالَةَ وَلَوْ رَجَعَ الْأَبُ عَنْ الْهِبَةِ لَانْكَفَّ عَنْ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ الرُّجُوعِ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا إلَى كَفِّهِ عَنْ الْمَعَاصِي وَهَذَا وَاضِحٌ وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ تَحْرِيمُ هِبَةِ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَصْرِفُ ذَلِكَ فِي الْمَعَاصِي لَا مَحَالَةَ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَقَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ وُجُوبُ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ. [فَصْلٌ لِلْأَبِ وَسَائِرُ الْأُصُولِ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ لِلْوَلَدِ] (قَوْلُهُ: لِلْأَبِ وَكَذَا سَائِرُ الْأُصُولِ لَا غَيْرِهِمْ الرُّجُوعُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّمَا يُرْجَعُ فِي الصَّدَقَةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا وَغَيْرِ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الْمُتَصَدَّقُ بِهَا الْوَاجِبَةُ فِي زَكَاةٍ أَوْ فِدْيَةٍ، أَوْ كَفَّارَةٍ فَلَا وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ لَحْمَ أُضْحِيَّةٍ تَطَوُّعًا وَهُوَ فَقِيرٌ، أَوْ غَنِيٌّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ لِيَسْتَفِيدَ التَّصَرُّفَ وَهُوَ فِي مِثْلِ هَذَا مُمْتَنِعٌ قَالَ قُلْته تَخْرِيجًا وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ قُلْت لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي التَّصَرُّفِ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ فَقَدْ يَتَصَرَّفُ بِالْأَكْلِ، أَوْ بِإِهْدَائِهِ أَوْ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ ع قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ أَعْطَاهُ لَحْمَ الْأُضْحِيَّةِ، أَوْ الزَّكَاةَ أَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ شَيْئًا فَلَا رُجُوعَ اهـ وَلَوْ وَهَبَ لِأَوْلَادِهِ هَلْ يُكْرَهُ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ بِالرُّجُوعِ كَالْهِبَةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ فِي الْإِعْطَاءِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي الْبَحْرِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُهُمَا الْكَرَاهَةُ إلَّا إنْ وُجِدَ مُقْتَضٍ لَهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، كَاتِبُهُ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِوَلَدِهِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ وَهَبَهَا لَهُ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ هَلْ يُصَدَّقُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ بِهِ أَفْتَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْهَرَوِيُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 (الرُّجُوعُ) وَلَوْ كَانَ قَدْ أَسْقَطَهُ (مِنْ دُونِ) حُكْمِ (الْحَاكِمِ) بِالرُّجُوعِ (فِي الْهِبَةِ، وَالْهَدِيَّةِ، وَالصَّدَقَةِ لِلْوَلَدِ) سَوَاءٌ أَقَبَضَهَا الْوَلَدُ أَمْ لَا غَنِيًّا كَانَ، أَوْ فَقِيرًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا لِخَبَرِ «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً، أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَالْوَالِدُ يَشْمَلُ كُلَّ الْأُصُولِ إنْ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَإِلَّا أُلْحِقَ بِهِ بَقِيَّةُ الْأُصُولِ بِجَامِعِ أَنَّ لِكُلٍّ وِلَادَةً كَمَا فِي النَّفَقَةِ وَحُصُولِ الْعِتْقِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ وَهَبَ هِبَةً فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا» فَيُحْمَلُ عَلَى الْأُصُولِ وَخُصُّوا بِذَلِكَ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُمْ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمْ فَلَا يَرْجِعُونَ إلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ (وَعَبْدِهِ) أَيْ وَلِعَبْدِ الْوَلَدِ (غَيْرِ الْمُكَاتَبِ) لِأَنَّ الْهِبَةَ لِعَبْدِ الْوَلَدِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَهِبَةِ اثْنَيْنِ لِوَلَدٍ تَنَازَعَا فِيهِ، ثُمَّ أُلْحِقَ بِأَحَدِهِمَا كَذَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهِبَتُهُ لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ (لَا فِي الْإِبْرَاءِ) لِوَلَدِهِ عَنْ دَيْنِهِ أَيْ لَا يَرْجِعُ فِيهِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ إسْقَاطٌ أَمْ تَمْلِيكٌ إذْ لَا بَقَاءَ لِلدَّيْنِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَهَبَهُ شَيْئًا فَتَلِفَ (وَلَا فِي الْهِبَةِ) مِنْ اثْنَيْنِ (لِوَلَدٍ تَنَازَعَا فِيهِ) أَيْ لَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا فِيهِمَا لِعَدَمِ ثُبُوتِ كَوْنِ الْوَلَدِ لَهُ (فَلَوْ أُلْحِقَ) الْوَلَدُ (بِإِحْدَاهُمَا رَجَعَ) عَلَيْهِ فِي هِبَتِهِ لَهُ لِثُبُوتِ ذَلِكَ (وَإِنْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَرِثْهُ الْوَلَدُ) لِمَانِعٍ قَامَ بِهِ وَإِنَّمَا وَرِثَهُ جَدُّ الْوَلَدِ (لَمْ يَرْجِعْ) فِي الْهِبَةِ (الْجَدُّ الْحَائِزُ) لِلْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا تُورَثُ وَحْدَهَا إنَّمَا تُورَثُ بِتَبَعِيَّةِ الْمَالِ وَهُوَ لَا يَرِثُهُ. (فَرْعٌ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ) فِي الْمَوْهُوبِ (بِزَوَالِ مِلْكِ الْوَلَدِ عَنْهُ) بِتَلَفٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ صِيَانَةً لِمِلْكِ غَيْرِهِ وَلِعَدَمِ بَقَاءِ سَلْطَنَتِهِ عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ بِالْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ أَبِيهِ الْوَاهِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلَوْ عَادَ) إلَيْهِ بِإِرْثٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ الْآنَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْهُ حَتَّى يُزِيلَهُ بِالرُّجُوعِ فِيهِ (وَ) يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِيهِ (بِرَهْنٍ مَقْبُوضٍ) بِأَنْ رَهَنَهُ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ وَأَقْبَضَهُ لِعَدَمِ بَقَاءِ سَلْطَنَتِهِ عَلَيْهِ وَصِيَانَةً لِمِلْكِ غَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ الْأَبُ هُوَ الْمُرْتَهِنَ فَلَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهُ فِي صُورَةِ الْأَجْنَبِيِّ - وَهُوَ إبْطَالُ حَقِّهِ - مُنْتَفٍ هُنَا وَلِهَذَا صَحَّحُوا بَيْعَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ دُونَ غَيْرِهِ. وَخَرَجَ بِالْمَقْبُوضِ غَيْرُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِبَقَاءِ سَلْطَنَةِ الْوَلَدِ عَلَيْهِ (وَبِجِنَايَةٍ) مِنْ الْمَوْهُوبِ أَوْجَبَتْ تَعَلُّقَ الْأَرْشِ بِهِ كَمَا فِي الرَّهْنِ الْمَقْبُوضِ (وَبِحَجْرِ فَلَسٍ) عَلَى الْوَلَدِ كَالرَّهْنِ، وَالْجِنَايَةِ (لَا) بِحَجْرِ (سَفَهٍ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ وَلَوْ جُنَّ الْأَبُ لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ حَالَ جُنُونِهِ وَلَا رُجُوعَ لِوَلِيِّهِ بَلْ إذَا أَفَاقَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (وَ) يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ (بِاسْتِيلَادٍ) لِلْمَوْهُوبَةِ لِعَدَمِ بَقَاءِ سَلْطَنَةِ الْوَلَدِ عَلَيْهَا (لَا وَطْءٍ) لَهَا إذْ لَا مَانِعَ (وَ) يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ (بِكِتَابَةٍ) لِلْمَوْهُوبِ كَالرَّهْنِ الْمَقْبُوضِ (لَا تَدْبِيرٍ وَتَزْوِيجٍ، وَإِجَارَةٍ) وَزِرَاعَةٍ، وَتَعْلِيقِ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لِبَقَاءِ وِلَايَةِ الْوَلَدِ عَلَيْهِ (وَلَا بِفَسْخِهَا) أَيْ الْوَالِدِ الْإِجَارَةَ (إنْ رَجَعَ) بَلْ تَبْقَى بِحَالِهَا كَالتَّزْوِيجِ (وَيُمَكَّنُ) الْوَالِدُ (مِنْ فِدَاءِ الْجَانِي لِيَرْجِعَ فِيهِ لَا) مِنْ فِدَاءِ (الْمَرْهُونِ) بِأَنْ يَبْذُلَ قِيمَتَهُ لِيَرْجِعَ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ تَصَرُّفِ الْمُتَّهِبِ نَعَمْ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِكُلِّ الدَّيْنِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ لَكِنْ بِشَرْطِ رِضَا الْغَرِيمِ. (وَلَوْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ) شَيْئًا (فَوَهَبَ) هـ (الْوَلَدُ لِلْجَدِّ، ثُمَّ الْجَدُّ لِوَلَدِ وَلَدِهِ فَالرُّجُوعُ) ثَابِتٌ (لِلْجَدِّ فَقَطْ) أَيْ لَا لِوَلَدِهِ (وَيَرْجِعُ) الْوَاهِبُ (فِي مَرْهُونٍ وَمُكَاتَبٍ انْفَكَّا) عَنْ الرَّهْنِ، وَالْكِتَابَةِ بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ فِيهَا لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ فِيهِمَا (وَ) فِي (عَصِيرٍ تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ) إذْ الْمِلْكُ الثَّابِتُ فِي الْخَلِّ سَبَبُهُ تَمَلُّكُ الْعَصِيرِ فَكَأَنَّهُ الْمِلْكُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ (وَمَتَى ارْتَدَّ الْوَلَدُ فَالرُّجُوعُ مَوْقُوفٌ) عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ وَهَبَ وَلَدَهُ) شَيْئًا (وَ) وَهَبَهُ (الْوَلَدُ لِوَلَدِهِ فَلَا رُجُوعَ لِلْأَوَّلِ) لِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْهُ.   [حاشية الرملي الكبير] وَالثَّانِي لَا وَبِهِ أَفْتَى أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَوَسَّطَ فَيُقَالَ إنْ أَقَرَّ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ مِنْهُ إلَى الِابْنِ رَجَعَ، أَوْ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَلَا. اهـ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي التَّعْلِيقِ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُ ابْنِي فِي يَدِي أَمَانَةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ كَانَ نِحْلَةً وَقَدْ رَجَعْت فِيهِ وَكَذَّبَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلَدِ وَقَالَ فِي فَتَاوِيهِ إنَّهُ الظَّاهِرُ وَهَكَذَا صَوَّرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَسْأَلَةَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا فِي يَدِ الْأَبِ، أَوْ الْوَلَدِ وَلَا بَيْنَ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَتَى ظَهَرَتْ قَرِينَةُ حَالٍ عَلَى صِدْقِ الْأَبِ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْرُوفًا بِهِ وَأَنَّهُ مَلَكَهُ، أَوْ كَانَ الِابْنُ فَقِيرًا لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ مِنْ إرْثٍ وَلَا غَيْرِهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ فَالْوَجْهُ تَصْدِيقُ الْأَبِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ: فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا تُورَثُ بِتَبَعِيَّةِ الْمَالِ وَهُوَ لَا يَرِثُهُ) مُرَادُهُ بِالْمَالِ الْمَوْهُوبُ فَإِنْ لَمْ يَرِثْ الْمَوْهُوبَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ. [فَرْعٌ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِي الْمَوْهُوبِ بِزَوَالِ مِلْكِ الْوَلَدِ عَنْهُ بِتَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ] (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعٍ) لَمْ يُفَرِّقُوا فِي الْبَيْعِ بَيْنَ كَوْنِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ، أَوْ لَا وَفِيهِ احْتِمَالٌ عَلَى قَوْلِ: الْمِلْكُ لَهُ، وَسَوَاءٌ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ قَرِيبٍ لَا يَثْبُتُ الرُّجُوعُ فِي حَقِّهِ لِلْوَاهِبِ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ الِامْتِنَاعُ بِالْبَيْعِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْوَلَدِ مَتَى كَانَ الْخِيَارُ لِلْوَلَدِ أَوْ لَهُ وَلِلْمُشْتَرِي لَمْ يَمْتَنِعْ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ: وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ وَبِجِنَايَةٍ) فَلَوْ قَالَ: أَفْدِيهِ وَأَرْجِعُ مُكِّنَ جَزْمًا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَفْسَخُهَا إنْ رَجَعَ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأُجْرَةُ بَعْدَ الرُّجُوعِ لِلْمُتَّهِبِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُجُوعِ الْبَائِعِ بِالتَّحَالُفِ أَنَّ الْعَقْدَ هُنَاكَ يُرْفَعُ مِنْ أَصْلِهِ عَلَى وَجْهٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. قَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْجَزْمُ بِهِ وَقَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ تَصَرُّفِ الْمُتَّهِبِ) فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ خُرُوجُ دَرَاهِمِهِ مُسْتَحَقَّةً فَيَفُوتُ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ الْعَقْدَ وَلَا يَقَعُ مَوْقُوفًا بِخِلَافِ بَذْلِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَقْدٍ فَجَازَ أَنْ يَقَعَ مَوْقُوفًا فَإِنْ سَلَّمَ مَا بَذَلَهُ لَهُ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 (فَصْلٌ: يَرْجِعُ) فِي الْمَوْهُوبِ (بِالزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ غَيْرِ الْحَمْلِ الْحَادِثِ) كَسِمَنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ الْأَصْلَ بِخِلَافِ الْحَمْلِ الْحَادِثِ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِ الْمُتَّهِبِ (لَا) بِالزَّوَائِدِ (الْمُنْفَصِلَةِ غَيْرِ وَلَدِ الْحَمْلِ الْقَدِيمِ) كَالْوَلَدِ الْحَادِثِ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِ الْمُتَّهِبِ (لَا) بِالزَّوَائِدِ (الْمُنْفَصِلَةِ غَيْرِ وَلَدِ الْحَمْلِ الْقَدِيمِ) كَالْوَلَدِ الْحَادِثِ، وَالْكَسْبِ بَلْ تَبْقَى لِلْمُتَّهِبِ لِذَلِكَ بِخِلَافِ وَلَدِ الْحَمْلِ الْقَدِيمِ يَرْجِعُ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْهُوبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَفِي جَعْلِ وَلَدِ الْحَمْلِ الْقَدِيمِ مِنْ الزَّوَائِدِ تَسَمُّحٌ، وَالْإِضَافَةُ فِيهِ إضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ (وَهَلْ يَرْجِعُ فِي الْأُمِّ قَبْلَ الْوَضْعِ) لِلْحَمْلِ الْحَادِثِ (أَمْ عَلَيْهِ الصَّبْرُ إلَى الْوَضْعِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْأَوَّلُ وَلَهُ أَجَابَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ. (وَلَوْ زَرَعَ) الْوَلَدُ (الْحَبَّ أَوْ تُفَرِّخُ الْبَيْضُ فَلَا رُجُوعَ) فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ صَارَ مُسْتَهْلَكًا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْبَغَوِيّ هَذَا إذَا ضَمَّنَّا الْغَاصِبَ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَقَدْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ فَيَرْجِعُ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الرُّجُوعِ وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ وَاخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْفَلَسِ (وَإِنْ صَبَغَ الْوَلَدُ الثَّوْبَ شَارَكَهُ) أَيْ شَارَكَ وَالِدَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ فِي الثَّوْبِ (بِالصَّبْغِ وَلَوْ قَصَرَهُ) أَوْ كَانَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا، أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ (وَزَادَتْ قِيمَتُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَيُشَارِكُهُ فِي الزَّائِدِ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ فَلَا شَرِكَةَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ فِي تَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا كَالْقِصَارَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْفَلَسِ عَلَى خِلَافِ مَا جَزَمَا بِهِ هُنَا مِنْ أَنَّهُ كَالسِّمَنِ وَالْمُصَنِّفُ تَرَكَهُ هُنَا لِذَلِكَ لَكِنْ أَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَا هُنَا تَعَلُّمٌ، لَا مُعَالَجَةَ لِلسَّيِّدِ فِيهِ وَمَا هُنَاكَ تَعْلِيمٌ فِيهِ مُعَالَجَةٌ مِنْهُ. (وَيَتَخَيَّرُ) الْوَالِدُ بَعْدَ رُجُوعِهِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْهُوبَةِ وَقَدْ غَرَسَ فِيهَا الْوَلَدُ أَوْ بَنَى (فِي الْغَرْسِ) أَوْ الْبِنَاءِ (بَيْنَ قَلْعِهِ بِأَرْشٍ أَوْ تَمَلُّكِهِ بِقِيمَةٍ، أَوْ تَبَعِيَّتِهِ بِأُجْرَةٍ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَالْعَارِيَّةِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِيهَا فِي بَابِهَا التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ فَلْيُؤَوَّلْ قَوْلُهُ كَالْعَارِيَّةِ عَلَى التَّشْبِيهِ فِي مُطْلَقِ التَّخْيِيرِ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ ثَمَّ مَنْعُ مَا صَحَّحَهُ وَأَنَّ الْمَنْقُولَ، وَالْقِيَاسَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الثَّلَاثِ. (فَرْعٌ يَحْصُلُ الرُّجُوعُ) فِي الْهِبَةِ (بِ رَجَعْتُ فِي الْهِبَةِ وَأَبْطَلْتُهَا وَنَقَضْتُهَا وَنَحْوِهِ) كَ ارْتَجَعْتُ الْمَوْهُوبَ وَاسْتَرْدَدْته وَرَدَدْته إلَى مِلْكِي وَكُلُّهَا صَرَائِحُ وَالْكِنَايَةُ كَ أَخَذْتُهُ وَقَبَضْته (فَلَوْ بَاعَ) الْوَالِدُ (أَوْ أَتْلَفَ) أَوْ وَهَبَ، أَوْ وَقَفَ أَوْ أَعْتَقَ، أَوْ وَطِئَ، أَوْ اسْتَوْلَدَ الْمَوْهُوبَ (لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا) لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْوَلَدِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِيهِ فَلَا يَنْفُذُ فِيهِ تَصَرُّفُ الْوَالِدِ وَيُخَالِفُ الْبَيْعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ مِلْكِ الْوَلَدِ لِلْمَوْهُوبِ (فَيَلْزَمُهُ بِالْإِتْلَافِ وَالِاسْتِيلَادِ الْقِيمَةُ وَبِالْوَطْءِ الْمَهْرُ) وَتَلْغُو الْبَقِيَّةُ (وَتَحْرُمُ بِهِ) الْأَمَةُ (عَلَى الْوَلَدِ) لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةُ وَالِدِهِ (وَ) تَحْرُمُ (مَوْطُوءَتُهُ) أَيْ مَوْطُوءَةُ الْوَلَدِ الَّتِي وَطِئَهَا الْوَالِدُ (عَلَيْهِمَا) مَعًا، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُمَا مَعْلُومَانِ مِنْ بَابِ مَوَانِعِ النِّكَاحِ (وَالْمَوْهُوبُ بَعْدَ الرُّجُوعِ) فِيهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِرْدَادٍ لَهُ (أَمَانَةٌ) فِي يَدِ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الضَّمَانِ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الرُّجُوعِ بِشَرْطٍ) كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ رَجَعْت؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ (وَلَوْ اتَّفَقَا) أَيْ الْمُتَوَاهِبَانِ (عَلَى فَسْخِهَا) أَيْ الْهِبَةِ بِأَنْ تَفَاسَخَاهَا (حَيْثُ لَا رُجُوعَ) فِيهَا (فَهَلْ تَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ تَقَايَلَا، أَوْ لَا) تَنْفَسِخُ (كَالْخُلْعِ) فِيهِ (وَجْهَانِ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي امْتِنَاعَهَا وَبِهِ وَبِامْتِنَاعِ التَّفَاسُخِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فَقَالَ وَلَوْ تَقَايَلَا فِي الْهِبَةِ، أَوْ تَفَاسَخَا حَيْثُ لَا رُجُوعَ لَمْ تَنْفَسِخْ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الثَّوَابِ) عَلَى الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا (وَهُوَ لَا يَلْزَمُ بِمُطْلَقِ الْهِبَةِ، وَالْهَدِيَّةِ) إذْ لَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ وَلَا الْعَادَةُ (وَلَوْ) وَقَعَ ذَلِكَ (مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى) كَمَا فِي إعَارَتِهِ لَهُ إلْحَاقًا لِلْأَعْيَانِ بِالْمَنَافِعِ وَكَمَا لَا يَلْزَمُ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ بِالصَّدَقَةِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (فَإِنْ أَثَابَهُ) الْمُتَّهِبُ عَلَى ذَلِكَ (فَهِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِيهَا) إذَا كَانَ هُوَ الْمُثِيبَ وَعَكَسَ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ حَتَّى لَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ فَأَعْطَاهُ الِابْنُ ثَوَابًا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الرُّجُوعِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ (وَإِذَا قَيَّدَهَا) الْمُتَعَاقِدَانِ (بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ لَا مَجْهُولٍ صَحَّ الْعَقْدُ بَيْعًا) نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَإِنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ مَعْلُومٍ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ يَرْجِعُ فِي الْمَوْهُوبِ بِالزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ] قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَغَوِيّ هَذَا إذَا ضَمَّنَّا إلَخْ) حَكَاهُ الْأَصْلُ حِكَايَةَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَلِهَذَا جَرَى الْأَصْفُونِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْفَلَسِ) وَالْأَصَحُّ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِهْلَاكَ الْمَوْهُوبِ يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْوَاهِبِ بِالْكُلِّيَّةِ وَاسْتِهْلَاكُ الْمَبِيعِ مَثَلًا لَا يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يُضَارِبُ بِثَمَنِهِ فَلِذَا رَجَعَ فِي الزَّرْعِ وَالْفَرْخِ؛ لِأَنَّهُمَا حَدَثَا مِنْ عَيْنِ مَالِهِ، أَوْ هُمَا عَيْنُ مَالِهِ اكْتَسَبَا صِفَةً أُخْرَى وَلَوْ نَذَرَ لِوَلَدِهِ شَيْئًا أَفْتَى الْفَقِيهُ جَمَالُ الدِّينِ الْبَصَّالُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ وَقَالَ الْأَزْرَقُ فِي نَفَائِسِهِ إنَّهُ الصَّوَابُ وَهُوَ مُقْتَضَى تَرْجِيحِ الرَّوْضَةِ حَيْثُ قَالَ وَالصَّدَقَةُ الْمَنْذُورَةُ كَالزَّكَاةِ وَالدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَمَا لَا يَرْجِعُ فِيمَا وَهَبَهُ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ وَقَالَ غَيْرُ الْبَصَّالِ مِنْ فُقَهَاءِ عَصْرِهِ بِالرُّجُوعِ. (فَرْعٌ) مَلَّكَتْ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ مِلْكِهَا لِابْنَتِهَا الصَّغِيرَةِ وَأَقَرَّتْ أَنَّهَا مَلَّكَتْهَا ذَلِكَ بِإِذْنِ أَبِيهَا صَحَّ وَتُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهَا. [فَرْعٌ أَلْفَاظُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ] (قَوْلُهُ: يَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِ رَجَعْتُ إلَخْ) ذَكَرَ الْبَنْدَنِيجِيُّ تَبَعًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ رُجُوعًا فِي الْفَلَسِ كَانَ رُجُوعًا فِي الْهِبَةِ وَمَا لَا فَلَا (قَوْلُهُ: وَبِهِ وَبِامْتِنَاعِ التَّفَاسُخِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فَقَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ الْغَزِّيِّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ مِثْلُ عِبَارَةِ الْأَنْوَارِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْإِقَالَةِ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْمُتَقَايِلَيْنِ وَلَا تَقَايُلَ هَاهُنَا. [الطَّرَف الثَّانِي فِي الثَّوَاب عَلَى الْهِبَة] (قَوْلُهُ: وَإِذَا قَيَّدَهَا) أَيْ الْهِبَةَ بِأَنْ قَالَ وَهَبْتُك بِكَذَا وَخَرَجَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَأَعْمَرْتُكَ وَأَرْقَبْتُكَ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِأَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا مَرَّ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَا يَبْعُدُ عِنْدِي جَوَازُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 قَيَّدَهَا بِمَجْهُولٍ لَا يَصِحُّ لِتَعَذُّرِهِ بَيْعًا وَهِبَةً (وَتَثْبُتُ فِيهِ) أَيْ فِي عَقْدِ الْهِبَةِ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ (أَحْكَامُهُ) أَيْ الْبَيْعِ كَالْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَاللُّزُومِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي (بِالْعَقْدِ لَا الْقَبْضِ) لِلْمَوْهُوبِ كَالْبَيْعِ (فَلَا رُجُوعَ لِلْأَبِ) فِيهِ (وَيَجْتَنِبُ فِيهِ الرِّبَا) وَفِي نُسْخَةٍ: الزِّيَادَةُ، أَيْ الْمُفَاضَلَةُ فِي الرِّبَوِيِّ (وَيَرُدُّ) الثَّوَابَ (بِالْعَيْبِ) الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ ثَمَّ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ طَالَبَ بِسَلِيمٍ، أَوْ مُعَيَّنًا رَجَعَ إلَى عَيْنِ الْمَوْهُوبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَإِلَّا طَالَبَ بِبَدَلِهِ (وَيَسْتَرِدُّ) الْمُثِيبُ (ثَوَابَهُ إنْ خَرَجَ الْمَوْهُوبُ مُسْتَحَقًّا) بِنَاءً فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ بَيْعٌ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ مُسْتَحَقًّا تَخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّوَابِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ وَيَرْجِعَ بِجَمِيعِ الثَّوَابِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْبَدَلِ صُدِّقَ الْمُتَّهِبُ) لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذِكْرِ الْبَدَلِ. (فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ) تَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ لَوْ (وَهَبَ لَهُ مَنَافِعَ دَارٍ فَهَلْ الدَّارُ عَارِيَّةٌ) لَهُ فَلَا يَمْلِكُ مَنَافِعَهَا، أَوْ لَا فَتَكُونُ أَمَانَةً وَيَمْلِكَ مَنَافِعَهَا بِقَبْضِهَا وَهُوَ اسْتِيفَاؤُهَا لَا بِقَبْضِ الدَّارِ فِيهِ (وَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَرْجَحُهُمَا الْأَوَّلُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ الثَّانِيَ. (وَلَوْ فَسَدَتْ الْهِبَةُ لَمْ يَضْمَنْ الْمَقْبُوضَ) بِهَا أَيْ لَمْ يَضْمَنْهُ الْمُتَّهِبُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِيهَا عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِهَا كَمَا فِي الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْمِلْكُ بِالْقَبْضِ فِيهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (فَإِنْ جَدَّدَ لَهُ) الْوَاهِبُ (الْهِبَةَ) بَعْدَ فَسَادِهَا (وَهُوَ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ الْأُولَى فَكَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ) وَهُوَ (يَظُنُّهُ حَيًّا) فَبَانَ مَيِّتًا فَتَصِحُّ كَمَا تَصِحُّ فِيمَا لَوْ اعْتَقَدَ فَسَادَهَا (وَقَوْلُهُ) لِغَيْرِهِ (كَسَوْتُك) هَذَا (الثَّوْبَ كِنَايَةٌ) فِي الْهِبَةِ فَلَوْ قَالَ الْوَاهِبُ لَمْ أُرِدْهَا صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلْعَارِيَّةِ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي الْهِبَةِ بَلْ كِنَايَةً (بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مَنَحْتُك) هَذَا (فَقَبِلَ وَأَقْبَضَهُ) لَهُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِيهَا هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِعَدَمِ الشُّيُوعِ. (وَإِنْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ عَيْنًا وَأَقْبَضَهُ) إيَّاهَا (فِي الصِّحَّةِ فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ) لِبَاقِي الْوَرَثَةِ (أَنَّ أَبَاهُ) قَدْ (رَجَعَ فِيمَا وَهَبَ لَهُ مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ تَذْكُرْ مَا رَجَعَ فِيهِ (لَمْ تُسْمَعْ) شَهَادَتُهَا فَلَا تُنْزَعُ بِهَا الْعَيْنُ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمَرْجُوعِ فِيهِ (وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُتَّهِبُ وَبَاقِي الْوَرَثَةِ (هَلْ كَانَتْ) أَيْ الْهِبَةُ (فِي مَرَضِ الْوَاهِبِ، أَوْ) فِي (صِحَّتِهِ) بِأَنْ ادَّعَى الْمُتَّهِبُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ وَبَاقِي الْوَرَثَةِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْمَرَضِ (صُدِّقَ الْمُتَّهِبُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّحَّةُ وَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ) غَيْرُهُ (بِثَوْبٍ فَظَنَّهُ) أَنَّهُ (أَوْدَعَهُ) أَوْ أَعَارَهُ لَهُ (مَلَكَهُ) اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الدَّافِعِ فَلَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ لَهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَخْذُهُ لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ فَإِنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ إلَيْهِ. (وَأَفْضَلُ الْبِرِّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ بِالْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا) وَفِعْلِ مَا يَسُرُّهُمَا مِنْ الطَّاعَاتِ لِلَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا مِمَّا لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ قَالَ تَعَالَى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23] الْآيَةَ «وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ كَانَ تَحْتِي امْرَأَةٌ وَكُنْت أُحِبُّهَا وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُهَا فَقَالَ لِي طَلِّقْهَا فَأَبَيْت فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلِّقْهَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَذِكْرُ أَفْضَلِيَّةِ الْبِرِّ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَمِنْ بِرِّهِمَا الْإِحْسَانُ إلَى صَدِيقِهِمَا) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ» (وَمِنْ الْكَبَائِرِ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ) بِنَصِّ الْحَدِيثِ وَفِي نُسْخَةٍ عُقُوقُ كُلٍّ مِنْهُمَا (وَهُوَ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا أَذًى لَيْسَ بِهَيِّنٍ) مَا لَمْ يَكُنْ مَا آذَاهُمَا بِهِ وَاجِبًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَصِلَةُ الرَّحِمِ) أَيْ الْقَرَابَةِ (مَأْمُورٌ بِهَا) وَهِيَ فِعْلُك مَعَ قَرِيبِك مَا تُعَدُّ بِهِ وَاصِلًا غَيْرَ مُنَافِرٍ وَمُقَاطِعٍ لَهُ (وَتَكُونُ) صِلَتُهُمَا (بِالْمَالِ وَقَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَالزِّيَارَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ، وَالْمُرَاسَلَةِ بِالسَّلَامِ) وَنَحْوِهَا (وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ وَفَاءِ الْوَعْدِ) قَالَ تَعَالَى {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 91] وَقَالَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وَقَالَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ فِي مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْهِبَةِ] قَوْلُهُ: أَوْ لَا) فَتَكُونُ أَمَانَةً فَلَا يَضْمَنُ الدَّارَ لَوْ انْهَدَمَتْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ اسْتِيفَاؤُهَا) فِيهِ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ اسْتِيفَاءَهَا إتْلَافٌ لَهَا فَكَيْفَ يَمْلِكُهَا بَعْدَ تَلَفِهَا قَالَ شَيْخُنَا يُجَابُ بِأَنَّهُ بِاسْتِيفَائِهَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَلَكَهَا قُبَيْلَهُ وَلَهُ نَظَائِرُ، كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ: بِقَبْضِ الدَّارِ) وَاكْتُفِيَ فِي الْإِجَارَةِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ لِأَجْلِ اسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ) وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِقْرَارِ مَا يُرَجِّحُ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ فَإِنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ: هَذِهِ الدَّارُ لَك هِبَةُ سُكْنَى إقْرَارًا بِالْعَارِيَّةِ. اهـ. فَقَوْلُهُ: وَهَبْتُك سُكْنَاهَا إنْشَاءٌ لِلْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ الثَّانِيَ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ أَفْتَيْت. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمَرْجُوعِ فِيهِ) فَلَوْ ثَبَتَ إقْرَارُ الْوَلَدِ بِأَنَّ الْأَبَ لَمْ يَهَبْهُ شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ ثَبَتَ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمُتَّهِبُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّحَّةُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللُّزُومِ فَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ عَلَى ذَلِكَ فَالْقِيَاسُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْوَارِثِ لِزِيَادَةِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ تُفْصِحَ بَيِّنَةُ الْمُتَّهِبِ بِأَنَّهُ عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ مِنْ مَرَضٍ آخَرَ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْوَارِثُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَقَالَ الْمُتَّهِبُ بَلْ انْدَمَلَ ثُمَّ مَرِضَ، ثُمَّ مَاتَ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَرَضُ مَخُوفًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُتَّهِبِ غ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّ فُلَانًا وُهِبَ هَذَا مِنْ فُلَانٍ يَوْمَ كَذَا وَآخَرَانِ بِأَنَّهُ وَهَبَهُ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ مَرِيضٌ فَبَيِّنَةُ الْمَرَضِ أَوْلَى وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ زَيْدٍ لِعَمْرٍو بِمَالٍ فِي مَكَانِ كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا وَآخَرَانِ بِأَنَّ زَيْدًا كَانَ مَجْنُونًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِقْرَارُهُ كَانَ فِي جُنُونِهِ، قَالَ: إنْ لَمْ يُعْرَفْ بِهِ جُنُونٌ سَابِقٌ فَبَيِّنَةُ الْجُنُونِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ أَحْيَانًا وَيُفِيقُ أَحْيَانًا وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ فَالْبَيِّنَتَانِ مُتَقَابِلَتَانِ. اهـ. وَقَدْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ بَيِّنَةَ مَرَضِ الْمَوْتِ مُقَدَّمَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 ذ {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ ْكَانَ مَسْئُولا} [الإسراء: 34] (وَ) تَتَأَكَّدُ (كَرَاهَةُ خِلَافِهِ) أَيْ الْوَعْدِ قَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2] {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 3] وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ» زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ: «وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ» وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ وَلَمْ يَحْرُمْ إخْلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ وَهِيَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ [كِتَابُ اللُّقَطَةِ وَفِيهِ بَابَانِ] (كِتَابُ اللُّقَطَةِ) بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِهَا، وَيُقَالُ لُقَاطَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ، وَلَقَطٌ بِفَتْحِهِمَا بِلَا هَاءٍ وَهِيَ لُغَةً الشَّيْءُ الْمَلْقُوطُ وَيُقَالُ: اللُّقَطَةُ - بِفَتْحِ الْقَافِ - اسْمٌ لِلْمُلْتَقِطِ - بِكَسْرِهَا - أَيْضًا، وَشَرْعًا مَا وُجِدَ مِنْ حَقٍّ ضَائِعٍ مُحْتَرَمٍ لَا يَعْرِفُ الْوَاجِدُ مُسْتَحِقَّهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إلَيْهِ، وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا، وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ فَقَالَ: مَالَكَ وَلَهَا دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا، وَسَأَلَهُ عَنْ الشَّاةِ فَقَالَ: خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ» وَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَالِ الضَّائِعِ بِأَنَّ الضَّائِعَ مَا يَكُونُ مُحْرَزًا بِحِرْزِ مِثْلِهِ كَالْمَوْجُودِ فِي مُودَعِ الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْمُغْلَقَةِ وَلَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهُ، وَاللُّقَطَةَ مَا وُجِدَ ضَائِعًا بِغَيْرِ حِرْزٍ وَفِي الْفَرْقِ نَظَرٌ يُتَلَقَّى مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ وَفِي الِالْتِقَاطِ مَعْنَى الْأَمَانَةِ، وَالْوِلَايَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُلْتَقِطَ أَمِينٌ فِيمَا الْتَقَطَهُ وَالشَّرْعُ وَلَّاهُ حِفْظَهُ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ الطِّفْلِ وَفِيهِ مَعْنَى الِاكْتِسَابِ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ التَّمَلُّكَ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْمُغَلَّبِ مِنْهُمَا. (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ ثَلَاثَةٌ) الْتِقَاطٌ وَمُلْتَقِطٌ بِكَسْرِ الْقَافِ وَمُلْتَقَطٌ بِفَتْحِهَا (الْأَوَّلُ الِالْتِقَاطُ وَلَا يَجِبُ) - وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُ اللُّقَطَةِ وَأَمَانَةُ نَفْسِهِ كَمَا لَا يَجِبُ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ - (بَلْ يُكْرَهُ لِفَاسِقٍ) لِئَلَّا تَدْعُوَهُ نَفْسُهُ إلَى الْخِيَانَةِ (وَيُسْتَحَبُّ لِأَمِينٍ يَثِقُ بِنَفْسِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْبِرِّ (وَالْإِشْهَادُ) بِالِالْتِقَاطِ (مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ) كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ إذَا قَبِلَهَا وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ بِهِ فِي خَبَرِ زَيْدٍ وَأَجَابُوا عَنْ الْأَمْرِ بِالْإِشْهَادِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ، أَوْ ذَوِي عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغَيِّبْ» بِحَمْلِهِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ (وَيُشْهِدُ) مَعَ ذَلِكَ نَدْبًا (عَلَى بَعْضِ الصِّفَاتِ) أَيْ صِفَاتِ اللُّقَطَةِ لِيَكُونَ فِي الْإِشْهَادِ فَائِدَةٌ وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا لِئَلَّا يَتَوَصَّلَ كَاذِبٌ إلَيْهَا بَلْ يَصِفُهَا لِلشُّهُودِ بِأَوْصَافٍ تَحْصُلُ بِالْإِشْهَادِ بِهَا فَائِدَةٌ (وَ) مَعَ ذَلِكَ (لَا يَحْرُمُ اسْتِيعَابُهَا) بَلْ يُكْرَهُ كَمَا نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، ثُمَّ مَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الْإِشْهَادِ إذَا لَمْ يَكُنْ السُّلْطَانُ ظَالِمًا بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهَا أَخَذَهَا، وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ الْإِشْهَادُ وَكَذَا التَّعْرِيفُ كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ. (الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُلْتَقِطُ، وَالْمُغَلَّبُ.   [حاشية الرملي الكبير] (كِتَابُ اللُّقَطَةِ) إنَّمَا ذُكِرَتْ بَعْدَ الْهِبَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَذَكَرَهَا فِي التَّنْبِيهِ بَعْدَ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَمْلِيكٌ مِنْ الشَّارِعِ وَلَوْ ذُكِرَتْ عَقِبَ الْقَرْضِ كَانَ مُنَاسِبًا؛ لِأَنَّهَا يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَهُ وَالشَّرْعُ أَقْرَضَهُ لِلْمُلْتَقِطِ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ) هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ هُوَ مَا سُمِعَ مِنْ الْعَرَبِ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ وَرُوَاةُ الْأَخْبَارِ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ لُقَاطَةٌ) نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فِي بَيْتٍ فَقَالَ لُقَاطَةٌ وَلُقْطَةٌ وَلُقَطَهْ ... وَلَقْطُ مَا لَاقِطٌ قَدْ لَقَطَهْ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا مَا وُجِدَ) أَيْ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حَقٍّ ضَائِعٍ إلَخْ) شَمِلَ وَلَدَ اللُّقَطَةِ وَمَا ضَاعَ مِنْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ، أَوْ أَجِيرٍ، أَوْ غَاصِبٍ أَوْ نَحْوِهِمْ وَمَا لَوْ وَجَدَ مَالًا إسْلَامِيًّا مَدْفُونًا وَكَتَبَ أَيْضًا عَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: مَا وُجِدَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ مِنْ مَالٍ أَوْ مُخْتَصٍّ ضَائِعٍ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ لِسُقُوطٍ أَوْ غَفْلَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا لِغَيْرِ حَرْبِيٍّ لَيْسَ بِمُحْرَزٍ وَلَا مُمْتَنِعٍ بِقُوَّةٍ وَلَا يَعْرِفُ الْوَاجِدُ مُسْتَحِقَّهُ (قَوْلُهُ: «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا» ) قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ أَظْهَرُهُمَا الْوُجُوبُ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَقِيلَ تُسْتَحَبُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تُسْتَحَبُّ عِنْدَ الِالْتِقَاطِ وَتَجِبُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَشَأْنَكَ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَجِبُ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ) عُلِمَ مِنْ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ أَخْذُهَا فَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَرْكُهَا كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ بَلْ الْوُجُوبُ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَحْتَ يَدِ صَاحِبِهَا وَمِثْلُهُ مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُهَا وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ فِي أَخْذِهَا كَاحْتِيَاجِهَا إلَى عَلَفٍ، وَإِصْطَبْلٍ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُهَا لَوْ تَرَكَهَا وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا وَحَمَلَا النَّصَّيْنِ عَلَى ذَلِكَ وَنَسَبَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا إلَى الْجُمْهُورِ وَقَالَا لَا يَتَحَقَّقُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يَنْبَغِي أَخْذُهُ مِنْ إطْلَاقِ النَّصَّيْنِ وَتَصَرُّفِ الْأَصْحَابِ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ: بَلْ الْوُجُوبُ هُنَا أَوْلَى إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ لَمَّا حَكَى الْإِطْلَاقَ الْمَذْكُورَ قَالَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَيَّنَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي الْأَمَالِي عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَصْلُ الْقَبُولِ دُونَ أَنْ يُتْلِفَ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ وَحِرْزِهِ فِي الْحِفْظِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ. اهـ. هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي اللُّقَطَةِ فس قَالَ شَيْخُنَا يُجَابُ بِتَأَتِّيهِ فِيهَا أَيْضًا بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ تُحْفَظُ إلَّا بِهِ مَعَ وُجُودِ حَاكِمٍ وَغَيْرِهِ تَضِيعُ بِأَخْذِهِ فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ، كَاتِبُهُ. [الْبَابَ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِ اللَّقْطَة] (قَوْلُهُ: وَتُسْتَحَبُّ لِأَمِينٍ يَثِقُ بِنَفْسِهِ) فَإِنْ لَمْ يَثِقْ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ لِمَا يُخَافُ مِنْ الْخِيَانَةِ وَصُورَتُهَا أَنَّهُ أَمِينٌ فِي الْحَالِ لَكِنَّهُ يَخَافُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَنْ لَا تَسْتَمِرَّ أَمَانَتُهُ وَالْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ لِمَنْ هُوَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَفْسَدَةَ عَدَمِ الدُّخُولِ فِي الْقَضَاءِ عَامَّةٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْبِرِّ) وَلِأَنَّهَا أَمَانَةٌ، أَوْ كَسْبٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَجِبُ وَلِأَنَّهُ أَخْذُ مَالٍ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ كَالْوَدِيعَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ) لَا وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَالٍ جَازَ لِلْوَاجِدِ أَخْذُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الرِّكَازِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 فِيهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ بِمَعْنَى الِالْتِقَاطِ وَفِي نُسْخَةٍ " فِيهِ " (الِاكْتِسَابُ لَا الْوِلَايَةُ) لِأَنَّهُ مَآلُ الْأَمْرِ وَمَقْصُودُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِمَّا فَرَّعَهُ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (فَيَصِحُّ الْتِقَاطُ ذِمِّيٍّ وَفَاسِقٍ وَمُرْتَدٍّ إنْ قُلْنَا لَا يَزُولُ مِلْكُهُ) وَهُوَ الْأَصَحُّ كَاصْطِيَادِهِمْ وَاحْتِطَابِهِمْ (وَتُنْزَعُ) اللُّقَطَةُ (مِنْهُمْ) وَتُسَلَّمُ (إلَى عَدْلٍ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْحِفْظِ لِعَدَمِ أَمَانَتِهِمْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَأُجْرَةُ الْعَدْلِ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَيُجْعَلُ عَلَيْهِمْ مُشْرِفٌ فِي التَّعْرِيفِ فَإِنْ تَمَّ) التَّعْرِيفُ (تَمَلَّكُوا) اللُّقَطَةَ (وَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُ عَبْدٍ بِلَا إذْنٍ وَلَوْ) الْتَقَطَ (لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَلَا لِلْوِلَايَةِ وَلَا يُعَرِّضُ سَيِّدَهُ لِلْمُطَالَبَةِ بِبَدَلِ اللُّقَطَةِ لِوُقُوعِ الْمِلْكِ لَهُ بِخِلَافِ اتِّهَابِهِ فَإِنَّهُ لَا بَدَلَ فِيهِ (وَيَضْمَنُهَا فِي رَقَبَتِهِ) كَالْغَصْبِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمُلْتَقِطَةُ (مُسْتَوْلَدَةً ضَمِنَ السَّيِّدُ) اللُّقَطَةَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْتِقَاطَهَا لِأَنَّ جِنَايَتَهَا عَلَيْهِ (فَلَوْ انْتَزَعَهَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَبْدِ (أَجْنَبِيٌّ صَارَ مُلْتَقِطًا) لِأَنَّ يَدَهُ إذَا لَمْ تَكُنْ يَدَ الْتِقَاطٍ كَانَ الْحَاصِلُ فِيهَا ضَائِعًا. (وَسَقَطَ عَنْ) رَقَبَةِ (الْعَبْدِ الضَّمَانُ) لِوُصُولِهَا إلَى نَائِبِ الْمَالِكِ شَرْعًا (وَإِنْ عَلِمَ السَّيِّدُ) الْتِقَاطَ الْعَبْدِ لَهَا (وَانْتَزَعَهَا مِنْهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ صَارَ مُلْتَقِطًا وَسَقَطَ عَنْ الْعَبْدِ الضَّمَانُ لِذَلِكَ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (إنْ اسْتَحْفَظَ بِهَا) بِزِيَادَةِ الْبَاءِ أَيْ إنْ اسْتَحْفَظَهُ إيَّاهَا السَّيِّدُ (وَهُوَ أَمِينٌ أَيْ يَدُهُ كَيَدِهِ) فَهُوَ كَمَا لَوْ الْتَقَطَهَا ابْتِدَاءً وَاسْتَعَانَ بِهِ فِي تَعْرِيفِهَا (وَإِنْ اسْتَحْفَظَهُ) إيَّاهَا (وَهُوَ غَيْرُ أَمِينٍ أَوْ أَهْمَلَهُ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَحْفِظَهُ إيَّاهَا (ضَمِنَ السَّيِّدُ مَعَ الْعَبْدِ) لِتَعَدِّيهِمَا فَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِالْعَبْدِ وَبِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ وَلَوْ أَفْلَسَ السَّيِّدُ قُدِّمَ مَالِكُ اللُّقَطَةِ فِي الْعَبْدِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يُتْلِفُ مَالًا) لِغَيْرِهِ (وَلَمْ يَمْنَعْهُ ضَمِنَ مَعَ الْعَبْدِ) لِتَعَدِّيهِمَا وَلَوْ قَالَ بَدَلَ هَذَا كَمَا لَوْ رَآهُ يُتْلِفُ مَالًا وَلَمْ يَمْنَعْهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الِالْتِقَاطِ صَحَّ) الِالْتِقَاطُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يُفِيدُهُ أَهْلِيَّةُ الْوِلَايَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. (وَهَلْ الْإِذْنُ فِي الِاكْتِسَابِ) مُطْلَقًا (إذْنٌ فِي الِالْتِقَاطِ) أَوْ لَا فِيهِ (وَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْأَكْسَابَ النَّادِرَةَ هَلْ تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ وَالْأَصَحُّ الدُّخُولُ (وَلَوْ عَتَقَ) عَبْدٌ (مُلْتَقِطٌ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (فَكَأَنَّهُ الْتَقَطَ حِينَئِذٍ) فَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ بَعْدَ التَّعْرِيفِ. (فَرْعٌ: وَيَصِحُّ الْتِقَاطُ) مُكَاتَبٍ (صَحِيحِ الْكِتَابَةِ وَمُبَعَّضٍ وَصَبِيٍّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَمْلِكُ وَالْمُكَاتَبُ، وَالْمُبَعَّضُ مُسْتَقِلَّانِ بِالتَّمَلُّكِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْحُرِّ بِخِلَافِ فَاسِدِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ كَالْقِنِّ وَشَرَطَ الْإِمَامُ فِي صِحَّةِ الْتِقَاطِ الصَّبِيِّ التَّمْيِيزَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ (فَإِنْ تَمَلَّكَهَا الْمُكَاتَبُ) بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَتَلِفَتْ (فَبَدَلُهَا فِي كَسْبِهِ وَهَلْ يُقَدَّمُ بِهِ الْمَالِكُ) لَهَا (عَلَى الْغُرَمَاءِ) أَوْ لَا فِيهِ (وَجْهَانِ) الظَّاهِرُ مِنْهُمَا الثَّانِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي جَرَيَانُهُمَا فِي الْحُرِّ الْمُفْلِسِ، أَوْ الْمَيِّتِ (فَلَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ قَبْلَ التَّمَلُّكِ) لِلُّقَطَةِ (لَمْ يَأْخُذْهَا السَّيِّدُ) لِأَنَّ الْتِقَاطَ الْمُكَاتَبِ لَا يَقَعُ لِلسَّيِّدِ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْتِقَاطُهُ اكْتِسَابًا؛ لِأَنَّ لَهُ يَدًا كَالْحُرِّ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِغَيْرِهِ أَخْذُهَا مِنْهُ (بَلْ يَحْفَظُهَا الْحَاكِمُ لِلْمَالِكِ، وَهِيَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَمُبَعَّضٍ الْتَقَطَهَا) فَيُعَرِّفَانِهَا وَيَتَمَلَّكَانِهَا بِحَسَبِ الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ كَشَخْصَيْنِ الْتَقَطَاهَا (فَلَوْ تَنَاوَبَا فَلِصَاحِبِ) أَيْ فَهِيَ لِصَاحِبِ (النَّوْبَةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَسْبَ النَّادِرَ يَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَدَنِ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ فِيهَا، وَالْمُرَادُ صَاحِبُ النَّوْبَةِ (حَالَةَ الِالْتِقَاطِ) لَهَا لَا حَالَةَ تَمَلُّكِهَا فَلَوْ تَنَازَعَا فَقَالَ السَّيِّدُ وَجَدْتهَا فِي يَوْمِي وَقَالَ الْمُبَعَّضُ بَلْ فِي يَوْمِي صُدِّقَ الْمُبَعَّضُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ (وَيَنْزِعُهَا الْوَلِيُّ مِنْ الصَّبِيِّ) الَّذِي الْتَقَطَهَا (وَيُعَرِّفُهَا لَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ بَلْ يَرْفَعُ) -.   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ الْجَبَلِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ: مَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا عَرَّفَهَا أَخَذَهَا مِنْهُ السُّلْطَانُ لِجَوْرِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّعْرِيفُ بَلْ تَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ أَبَدًا وَلِلْإِشْهَادِ فَائِدَتَانِ أَنَّهُ رُبَّمَا طَمِعَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا أَشْهَدَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ مَجِيءِ صَاحِبِهَا فَيَأْخُذُهَا الْوَاجِدُ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ الْتِقَاطُ ذِمِّيٍّ إلَخْ) وَهَلْ الْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ إذَا جَاءَانَا كَالذِّمِّيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِمَا نَقْلًا وَقَالَ الْمُرَادُ بِالْفَاسِقِ الَّذِي لَا يُوجِبُ فِسْقُهُ حَجْرًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ وَالْمُسْتَأْمَنَ كَالذِّمِّيِّ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَتُنْزَعُ مِنْهُمْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْفَاسِقِ بِغَيْرِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ كَمَا يُزَوِّجُ مَعَ فِسْقِهِ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُنْزَعَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَأُجْرَةُ الْعَدْلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إلَّا إنْ أَرَادُوا التَّمَلُّكَ فَهِيَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْإِذْنُ فِي الِاكْتِسَابِ إذْنٌ فِي الِالْتِقَاطِ) وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ [فَرْعٌ الْتِقَاطُ مُكَاتَبٍ صَحِيحِ الْكِتَابَةِ وَمُبَعَّضٍ وَصَبِيٍّ] (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ الْتِقَاطُ صَحِيحِ كِتَابَةٍ كَالْحُرِّ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَا بِيَدِهِ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ وَلَهُ ذِمَّةٌ صَحِيحَةٌ تُمْكِنُ مُطَالَبَتُهُ مَتَى جَاءَ الْمَالِكُ مَعَ أَنَّ الْتِقَاطَهُ اكْتِسَابٌ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى أَدَاءِ نُجُومِهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَمُبَعَّضٍ الْتَقَطَهَا) قَالَ شَيْخُنَا: ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ صِحَّةُ لُقَطَةِ الْمُبَعَّضِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ وَالتَّفْصِيلُ فِي الْمُهَايَأَةِ وَعَدَمِهَا فِي التَّمَلُّكِ فَقَطْ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَنَّهُ مَعَ الْمُهَايَأَةِ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ (قَوْلُهُ: وَشَرَطَ الْإِمَامُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ مِنْهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ قَبْلَ التَّمْلِيكِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ انْتَقَلَتْ إلَى سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَخْ) الْأَصَحُّ دُخُولُ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي الْمُؤَنِ النَّادِرَةِ فَتَكُونُ عَلَى صَاحِبِ النَّوْبَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ: وَيَنْزِعُهَا الْوَلِيُّ مِنْ الصَّبِيِّ إلَخْ) يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُ اللُّقَطَةِ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَلَى وَجْهِ الِالْتِقَاطِ لِيُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا لِنَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَبْرَأُ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ مِنْ الضَّمَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 الْأَمْرَ (إلَى الْقَاضِي) لِيَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا لِمُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ، وَالْقِيَاسُ لُزُومُهَا لِلصَّبِيِّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْمُتَمَلِّكَ وَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ ذَاكَ (وَيَتَمَلَّكُ لَهُ الْوَلِيُّ) إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَمَلُّكِهِ لَهُ (حَيْثُ يَقْتَرِضُ) أَيْ حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لَهُ؛ لِأَنَّ تَمَلُّكَهُ إيَّاهَا لَهُ فِي مَعْنَى الِاقْتِرَاضِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ حَفِظَهَا، أَوْ سَلَّمَهَا لِلْقَاضِي (فَإِنْ قَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهَا) مِنْهُ (فَتَلِفَتْ أَوْ أَتْلَفَهَا الصَّبِيُّ ضَمِنَ الْوَلِيُّ كَمَا لَوْ قَصَّرَ فِي حِفْظِ مَا احْتَطَبَهُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيُّهُ الْحَاكِمَ فَالْأَشْبَهُ عَدَمُ ضَمَانِهِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي انْتِزَاعِهَا (ضَمِنَ الصَّبِيُّ بِالْإِتْلَافِ لَا التَّلَفِ) بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ كَمَا لَوْ أَوْدَعَ مَالًا فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ، وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ (فَيُعَرِّفُ الْوَلِيُّ) لُقَطَةً (تَالِفَةً ضَمِنَهَا) مُتْلِفُهَا (وَيَتَمَلَّكُ لِلصَّبِيِّ الْقِيمَةَ) إنْ رَأَى فِي تَمَلُّكِهِ لَهَا مَصْلَحَةً وَهَذَا (بَعْدَ قَبْضِ الْحَاكِمِ لَهَا) أَمَّا مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُهُ لِلصَّبِيِّ (وَالسَّفِيهُ، وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ) فِي حُكْمِ الِالْتِقَاطِ (لَكِنَّ السَّفِيهَ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ بِخِلَافِهِمَا. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي الْمُلْتَقَطِ) بِفَتْحِ الْقَافِ الْمُنَاسِبُ حَذْفُ فِي (وَهُوَ نَوْعَانِ) أَحَدُهُمَا (جَمَادٌ وَكَلُّهُ يُلْتَقَطُ وَلَوْ غَيْرَ مَالٍ) كَجِلْدِ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ يُلْتَقَطُ (لِلِاخْتِصَاصِ) وَثَانِيهِمَا (حَيَوَانٌ فَمِنْهُ الرَّقِيقُ) عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً (وَيُلْتَقَطُ لِلتَّمَلُّكِ مِنْهُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ لَا الْمُمَيِّزِ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَى مَالِكِهِ بِالدَّلَالَةِ (إلَّا) إنْ وَجَدَهُ (وَقْتَ نَهْبٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَغَرَقٍ، أَوْ حَرِيقٍ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ اللُّقَطَةُ (أَمَةً) وَوُجِدَ فِيهَا الشَّرْطُ السَّابِقُ (فَتَمَلُّكُهَا كَاقْتِرَاضِهَا) أَيْ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمَلُّكِ حَيْثُ يَجُوزُ اقْتِرَاضُهَا بِأَنْ كَانَتْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَمَحْرَمٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَيَمْتَنِعُ حَيْثُ يَمْتَنِعُ بِأَنْ كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ أَمَّا الْتِقَاطُ الرَّقِيقِ لِلْحِفْظِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا لَا الْمُمَيِّزِ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ (وَيُنْفِقُ عَلَى الرَّقِيقِ) الْمُلْتَقَطِ مُدَّةَ حِفْظِهِ (مِنْ كَسْبِهِ) وَمَا بَقِيَ مِنْ كَسْبِهِ يُحْفَظُ مَعَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ (فَعَلَى مَا سَيَأْتِي) فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ مِنْ الْحَيَوَانِ (فَلَوْ بِيعَ وَقَالَ الْمَالِكُ) بَعْدَ ظُهُورِهِ (كُنْت أَعْتَقْتُهُ أَبْطَلْنَا الْبَيْعَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ وَمِثْلُهُ سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ الْمُزِيلَةِ لِلْمِلْكِ كَالْبَيْعِ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الصَّدَاقِ. (وَمَا سِوَاهُ مِنْ الْحَيَوَانِ إنْ امْتَنَعَ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ) بِقُوَّتِهِ (كَالْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ) أَوْ بِعَدْوِهِ كَالْأَرَانِبِ (وَالظِّبَاءِ) الْمَمْلُوكَةِ أَوْ بِطَيَرَانِهِ كَالْحَمَامِ (امْتَنَعَ الْتِقَاطُهُ فِي الْأَمْنِ لِلتَّمَلُّكِ مِنْ الْمَفَاوِزِ) لِخَبَرِ زَيْدٍ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ نَحْوُهُ، وَلِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ أَكْثَرِ السِّبَاعِ مُسْتَغْنٍ بِالرَّعْيِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ مَالِكُهُ لِتَطَلُّبِهِ لَهُ (لَا) مِنْ (الْبُلْدَانِ، وَالْقُرَى أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُمَا) فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَضِيعُ بِعَدَمِ وِجْدَانِهِ مَا يَكْفِيهِ وَبِامْتِدَادِ الْيَدِ الْخَائِنَةِ إلَيْهِ لِعُمُومِ طُرُوقِ النَّاسِ بِالْعُمْرَانِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَفَازَةِ (وَلَا) فِي (وَقْتِ نَهْبٍ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَوَجَدَهُ بِمَفَازَةٍ أَمْ غَيْرِهَا (وَلَوْ وَجَدَ بَعِيرًا مُقَلَّدًا) أَيَّامَ مِنًى (الْتَقَطَهُ وَنَادَى عَلَيْهِ فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ أَيَّامِ مِنًى نَحَرَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْحَاكِمَ) فَفَائِدَةُ الْتِقَاطِهِ مِنْ الْمَفَازَةِ نَحْرُهُ لَا تَمَلُّكُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ مَنْعِ الْتِقَاطِ الْحَيَوَانِ مِنْهَا لِتَمَلُّكِهِ (وَلِكُلٍّ) مِنْ النَّاسِ (وَلَوْ غَيْرَ الْحَاكِمِ الِالْتِقَاطُ لِلْحِفْظِ) صَوْنًا عَنْ الضَّيَاعِ (فَلَوْ الْتَقَطَ الْمُمْتَنِعَ) مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ (لِلتَّمَلُّكِ فِي مَفَازَةٍ آمِنَةٍ) ضَمِنَهُ وَلَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إلَى مَكَانِهِ. ، ثُمَّ إنْ (سَلَّمَهُ إلَى الْحَاكِمِ بَرِئَ) كَمَا فِي الْغَصْبِ (وَمَا لَا يَمْتَنِعُ) مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ (كَالْكَسِيرِ وَالْفُصْلَانِ، وَالْغَنَمِ يُلْتَقَطُ) لِلتَّمَلُّكِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً أَوَجَدَهُ بِمَفَازَةٍ أَمْ لَا (فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهُ) وَتَمَلَّكَهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، (وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ وَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ) لِلْمُلْتَقَطِ (وَلَهُ أَكْلُهُ) إنْ كَانَ مَأْكُولًا (فِي الْحَالِ) مُتَمَلِّكًا.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ ذَاكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَقْرَبُ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِمْ حَيْثُ قَالُوا مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ عَلَى الْمَالِكِ مَا لَمْ يُرِدْ التَّمَلُّكَ، وَإِرَادَةُ الصَّبِيِّ لَهُ لَاغِيَةٌ وَالْوَلِيُّ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي تَغْرِيمِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْأَحَظِّ لَهُ، وَإِنْ قَامَ مَقَامَهُ فِي تَمَلُّكِهَا لَهُ، كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) الْأَشْبَهُ خِلَافُهُ لِتَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ: لَا التَّلَفِ) وَلَوْ بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ ضَمَانُ الصَّبِيِّ بِالتَّلَفِ فِي يَدِهِ بِتَقْصِيرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ السَّفِيهَ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ وَتَمَلُّكُهُ) وَفِي إبْقَاءِ اللُّقَطَةِ بِيَدِهِ وَهُوَ أَمِينٌ وَجْهَانِ أَصَحُّهَا جَوَازُهُ كَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: كَجِلْدِ مَيْتَةٍ) أَيْ وَكَلْبٍ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: التَّعْبِيرُ بِالْمَمْلُوكِ يُخْرِجُ صُوَرًا مِنْهَا الْمَوْقُوفُ وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيَحْتَمِلُ جَوَازَ الْتِقَاطِهِ لِتَمَلُّكِ مَنَافِعِهِ كَمَا قُلْنَا فِي الْكَلْبِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ وَقْفِيَّتَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ مَصْرِفَهُ جَازَ كَالْمُنْقَطِعِ الْآخِرِ وَلَا يُتَمَلَّكُ. اهـ. فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا فَلَا يَكُونُ مَمْلُوكَ الرَّقَبَةِ وَهُوَ مَمْلُوكُ الْمَنَافِعِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الثَّانِي إذَا جَوَّزْنَا الْتِقَاطَ الْمَوْقُوفِ لِتَمَلُّكِ مَنَافِعِهِ فَمَا وَجْهُ مَنْعِ الِالْتِقَاطِ لِلْمُنْقَطِعِ الْآخِرِ. (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ حَيْثُ يَمْتَنِعُ بِأَنْ تَحِلَّ لَهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يُعَرِّفُ وَبَعْدَ الْحَوْلِ تُبَاعُ وَيَتَمَلَّكُ ثَمَنَهَا كَمَالِهِ بِيعَ مَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، ثُمَّ يَتَمَلَّكُ ثَمَنَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْتِقَاطُ الرَّقِيقِ لِلْحِفْظِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا) يُعَرِّفُ الرِّقَّ بِعَلَامَةٍ كَعَلَامَةِ الْحَبَشَةِ وَالزِّنْجِ قَالَهُ الْفَارِقِيُّ وَكَذَا التَّمَجُّسُ أَوْ يُعَرِّفُ رَقِيقَةً مَجُوسِيَّةً، ثُمَّ يَجْهَلُ مَالِكَهَا، ثُمَّ يَجِدُهَا ضَالَّةً وَكَذَا مَعْرِفَةُ الْمُحَرَّمِ بِهَذَا وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ) الْمُرَادُ بِصِغَارِ السِّبَاعِ الذِّئْبُ وَالنَّمِرُ وَالْفَهْدُ كَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ صِغَارُ السِّبَاعِ مِثْلُ صِغَارِ الثَّعَالِبِ وَابْنِ آوَى وَأَوْلَادِ الذِّئْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الذِّئْبَ الْكَبِيرَ مِنْ كِبَارِ السِّبَاعِ وَكَذَا النَّمِرُ وَصَرَّحَ الْإِمَامُ بِأَنَّ النَّمِرَ مِنْ كِبَارِهَا فَقَالَ وَكِبَارُ السِّبَاعِ كَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فس الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّمِرِ الصَّغِيرِ وَالثَّانِي عَلَى الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: وَتَمَلَّكَهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ) فَلَا يَتَمَلَّكُهُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَكْلُهُ فِي الْحَالِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا جَازَ أَكْلُ الشَّاةِ لِلْحَدِيثِ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِالْأَكْلِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ. اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْحَدِيثِ هِيَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 لَهُ بِقِيمَتِهِ إنْ وَجَدَهُ (فِي الْمَفَازَةِ لَا فِي الْعُمْرَانِ) لِسُهُولَةِ الْبَيْعِ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَفَازَةِ فَقَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا مَنْ يَشْتَرِي وَيَشُقُّ النَّقْلُ إلَى الْعُمْرَانِ، وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى مِنْ الثَّلَاثِ عِنْدَ اسْتِوَائِهَا فِي الْأَحَظِّيَّةِ أَوْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ الثَّالِثَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ فِي الثَّالِثَةِ كَمَا لَا يَجِبُ فِيمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ عَلَى الظَّاهِرِ عِنْدَ الْإِمَامِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الصَّحْرَاءِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِيهِ وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ عَلَى أَنَّ تَعْلِيلَ الْإِمَامِ يُنَافِي ظَاهِرَ قَوْلِهِمْ لَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ فَوْرًا وَسَيَأْتِي كَلَامُ الْإِمَامِ مَعَ زِيَادَةٍ ثُمَّ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الثَّلَاثِ لَيْسَ تَشَهِّيًا بَلْ عَلَيْهِ فِعْلُ الْأَحَظِّ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ. (أَمَّا غَيْرُ الْمَأْكُولِ) كَالْجَحْشِ (فَلَهُ فِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ لَا التَّمَلُّكُ فِي الْحَالِ) فَلَا يَتَمَلَّكُهُ إلَّا بَعْدَ تَعْرِيفِهِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا صِغَارَ السِّبَاعِ فَقَطْ لِكَثْرَتِهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ كِبَارِهَا ضَالَّةٌ. (فَرْعٌ: لَوْ أَمْسَكَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ (وَأَرَادَ الْإِنْفَاقَ) عَلَيْهِ (لِيَرْجِعَ اُشْتُرِطَ إذْنُ الْحَاكِمِ) فِيهِ إنْ وَجَدَهُ ثَمَّ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَشْهَدَ) كَنَظَائِرِهِ (وَلَوْ أَرَادَ بَيْعَ كُلِّهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (فِي الْحَالِ) حَيْثُ جَازَ بِأَنْ كَانَ بَيْعُهَا أَحَظَّ مِنْ إبْقَائِهَا (وَلَمْ يَجِدْ ثَمَّ حَاكِمًا اسْتَقَلَّ بِهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ اسْتَأْذَنَهُ) قَالَ الْإِمَامُ وَيَجُوزُ بَيْعُ جُزْءِ الْحَيَوَانِ لِنَفَقَةِ بَاقِيهِ كَبَيْعِ كُلِّهِ وَحَكَى عَنْ شَيْخِهِ احْتِمَالًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَسْتَغْرِقَ نَفْسَهُ وَبِهِ قَطَعَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالثَّانِي هُوَ الْأَوْجَهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الْآتِي قُبَيْلَ الْحُكْمِ الثَّالِثِ (وَلَا يَسْتَقْرِضُ عَلَى الْمَالِكِ) لِذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّهُ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَنَحْوِهِ، وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ بِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ أَيْ تَعَسُّرِهِ ثَمَّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُكْتَرِي بِخِلَافِهِ هُنَا فَيَمْتَنِعُ الْإِضْرَارُ بِالْمَالِكِ بِلَا ضَرُورَةٍ. (فَرْعٌ: الضَّالَّةُ) إذَا حَصَلَتْ (فِي يَدِ الْحَاكِمِ يَسِمُهَا) وَنِتَاجَهَا (بِسِمَةِ الضَّوَالِّ وَيُسَرِّحُهَا فِي الْحِمَى) إنْ كَانَ (فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حِمًى بَاعَهَا) كُلَّهَا وَفِي بَيْعِ بَعْضِهَا مَا مَرَّ (وَيَتَأَنَّى) بِبَيْعِهَا أَيَّامًا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ (إنْ تَوَقَّعَ وُصُولَ الْمَالِكِ) أَيْ مَجِيئِهِ فِي طَلَبِهَا (عَلَى قُرْبٍ) بِأَنْ عَرَفَ أَنَّهَا مِنْ نَعَمِ بَنِي فُلَانٍ. (وَلَوْ الْتَقَطَ كَلْبًا) يُقْتَنَى (عَرَّفَهُ سَنَةً) أَوْ مَا يَلِيقُ بِهِ (ثُمَّ اخْتَصَّ بِهِ فَإِنْ ظَهَرَ صَاحِبُهُ أَخَذَهُ) إنْ وَجَدَهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ (وَتُعَرَّفُ الْخَمْرُ الْمُحْتَرَمَةُ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَهُوَ مُكَرَّرٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدُ. (فَصْلٌ: لَا يُلْتَقَطُ إلَّا مَا ضَاعَ بِسُقُوطٍ أَوْ غَفْلَةٍ) عَنْهُ، أَوْ نَحْوِهِمَا (وَكَانَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ) كَمَوَاتٍ وَشَارِعٍ وَمَسْجِدٍ (وَ) فِي (بَلَدٍ فِيهِ مُسْلِمُونَ) بِأَنْ يَكُونَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ، أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَفِيهَا مُسْلِمُونَ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ أَلْقَى هَارِبٌ، أَوْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ) مَثَلًا (أَوْ خَلَّفَ مُوَرِّثُهُ وَدِيعَةً وَجَهِلَ الْمَالِكُ) كَذَلِكَ (لَمْ يَتَمَلَّكْهُ بَلْ يُحْفَظُ) لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ (وَمَا وُجِدَ فِي) أَرْضٍ (مَمْلُوكَةٍ فَلِذِي الْيَدِ) فِيهَا فَلَا يُؤْخَذُ لِتَمَلُّكِهِ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ. (فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) ذُو الْيَدِ فَلِمَنْ كَانَ ذَا يَدٍ (قَبْلَهُ) وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ (إلَى الْمُحْيِي، ثُمَّ) إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُحْيِي (يَكُونُ لُقَطَةً) كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ مَعَ جَوَابِهِ فِي زَكَاةِ الرِّكَازِ وَمَا وُجِدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا مُسْلِمَ فِيهَا (فَغَنِيمَةٌ: الْخُمُسُ مِنْهَا لِأَهْلِهِ، وَالْبَاقِي لِلْوَاجِدِ) . (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْقَفَّالُ: وَإِذَا وَجَدَ دِرْهَمًا فِي بَيْتِهِ لَا يَدْرِي أَهُوَ لَهُ، أَوْ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ فَعَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ لِمَنْ يَدْخُلُ بَيْتَهُ كَاللُّقَطَةِ أَيْ الْمَوْجُودَةِ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ مِمَّا مَرَّ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ الصَّحِيحِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ الصَّحِيحِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) (الْأَوَّلُ فِي الْأَمَانَةِ وَالضَّمَانِ) الْأَوْلَى حَذْفُ " فِي "، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْآخِذِ (فَإِنْ أَخَذَهَا) (لِلْحِفْظِ فَهِيَ أَمَانَةٌ) فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُهَا لِلْمَالِكِ فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ (فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا) (عَرَّفَهَا مِنْ حِينَئِذٍ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا سَبَقَ) مِنْ تَعْرِيفِهِ لَهَا (فَإِنْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَكَذَا لَوْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ سَلَّمَهَا لَهُ لَزِمَهُ الْقَبُولُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بِخِلَافِهِ فِي الْوَدِيعَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ ثَمَّ، وَمَا رُوِيَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ وَجَدَ بَعِيرًا ضَالًّا فَعَرَّفَهُ، ثُمَّ ذَكَرَهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ: إنَّهُ شَغَلَنِي عَنْ صَنْعَتِي قَالَ عُمَرُ أَرْسِلْهُ حَيْثُ وَجَدْتَهُ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ضَالَّةٍ لَا يَحِلُّ الْتِقَاطُهَا (فَإِنْ الْتَقَطَهَا بِنِيَّةِ الْخِيَانَةِ.   [حاشية الرملي الكبير] لَك يَقْتَضِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهَا إلَيْهِ وَهِيَ تُلَائِمُ الْمِلْكَ، وَحَمْلُهُ عَلَى أَنَّهَا تَصِيرُ لَهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ) لِأَنَّ فِيهَا حِفْظَ الْعَيْنِ عَلَى مَالِكِهَا (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ أَوْلَى مِنْ الثَّالِثَةِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ يَتَوَقَّفُ اسْتِبَاحَةُ الثَّمَنِ فِيهِ عَلَى التَّعْرِيفِ وَفِي الْأَكْلِ تَتَعَجَّلُ الِاسْتِبَاحَةُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ: لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الصَّحْرَاءِ) قَالَ شَيْخُنَا فَلَا يُعَرِّفُ فِيهَا فَإِذَا جَاءَ الْعُمْرَانَ عَرَّفَهَا (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) قِيَاسًا عَلَى مَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ فَإِنَّ الشَّيْخَيْنِ صَرَّحَا بِاعْتِبَارِ الْغِبْطَةِ فِيهِ، وَإِنْ اعْتَبَرَا هُنَا بِالتَّخْيِيرِ وَقَالَا إنَّ الْخَصْلَةَ الْأُولَى أَوْلَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ وَنَقَلَ غَيْرُهُ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ صَرَّحَ بِهِ فِي خَصْلَةِ الْبَيْعِ فَقَالَ يَجُوزُ إنْ كَانَ فِيهِ أَحَظُّ. [فَرْعٌ أَمْسَكَ الْمُلْتَقِطُ وَأَرَادَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ] (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَقْرِضُ) قَالَ شَيْخُنَا رُبَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ كَوْنِهِ يُنْفِقُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ كَوْنِهِ قَرْضًا عَلَى الْمَالِكِ بِأَنَّ هَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُ حِفْظًا لِلرُّوحِ بِخِلَافِ اقْتِرَاضِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ الْمُقْتَرِضَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ قَبْلَ إنْفَاقِهِ فَلَرُبَّمَا تَلِفَ وَيَصِيرُ دَيْنًا مَعَ عَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِهِ وَلَا كَذَلِكَ إنْفَاقُهُ هُوَ فَلَا يَصِيرُ دَيْنًا حَتَّى يُنْفِقَهُ فَافْتَرَقَا، كَاتِبُهُ. [فَرْعٌ الضَّالَّةُ إذَا حَصَلَتْ فِي يَدِ الْحَاكِمِ] (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَقَطَ كَلْبًا عَرَّفَهُ سَنَةً) ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ دَائِمَةٌ فَهُوَ كَكَثِيرِ الْمَالِ وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ يُعَرِّفُهُ سَنَةً. . [فَصْلٌ لَا يُلْتَقَطُ إلَّا مَا ضَاعَ بِسُقُوطٍ أَوْ غَفْلَةٍ عَنْهُ أَوْ نَحْوِهِمَا] (قَوْلُهُ: وَكَانَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ) وَإِنْ كَانَ لِلْوَاجِدِ فَسَبَّلَهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. [تَنْبِيهٌ وَجَدَ دِرْهَمًا فِي بَيْتِهِ لَا يَدْرِي أَهُوَ لَهُ أَوْ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ الصَّحِيحِ) (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ فَهِيَ أَمَانَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ جَوَازِ الْتِقَاطِ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ وَنَحْوِهِمَا فِي لُقَطَةِ التَّمَلُّكِ خَاصَّةً، أَمَّا لُقَطَةُ الْحِفْظِ فَمُخْتَصَّةٌ بِالثِّقَةِ الْأَمِينِ الْمُسْلِمِ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ نَصًّا وَلَكِنَّهُ ظَاهِرٌ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 فَهُوَ غَاصِبٌ) فَيَضْمَنُهَا ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ كَالْمُودَعِ (فَلَوْ أَرَادَ) بَعْدَ ذَلِكَ (التَّعْرِيفَ لِلتَّمَلُّكِ) لَهَا (لَمْ يَجُزْ) كَالْغَاصِبِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَوْ عَرَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَرَادَ التَّمَلُّكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ (لَكِنْ لَوْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ بَرِئَ) مِنْ الضَّمَانِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْغَاصِبِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ " لَكِنْ " بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَقَ بِأَصْلِهِ (وَإِنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ فَهِيَ أَمَانَةٌ) فِي يَدِهِ (وَلَوْ بَعْدَ السَّنَةِ حَتَّى يَتَمَلَّكَ) كَالْمُودَعِ وَيُفَارِقُ الْمُسْتَلِمَ بِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ لِحَظِّ آخِذِهِ حِينَ أَخَذَهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ فَإِذَا تَمَلَّكَهَا فَلَيْسَتْ أَمَانَةً بَلْ يَضْمَنُهَا كَالْقَرْضِ (فَلَوْ أَحْدَثَ) بَعْدَ الْأَخْذِ لِحِفْظٍ، أَوْ تَمَلُّكٍ (قَصْدَ خِيَانَةٍ لَمْ يَضْمَنْ) بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ كَالْمُودَعِ (أَوْ) أَحْدَثَ (خِيَانَةً ضَمِنَ) لِتَحَقُّقِهَا (فَلَوْ أَقْلَعَ) عَنْهَا (وَعَرَّفَ) اللُّقَطَةَ (لِيَتَمَلَّكَهَا) (جَازَ) لِأَنَّ الْتِقَاطَهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَقَعَ مُفِيدًا لِلتَّمَلُّكِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُهُ بِطُرُوِّ تَفْرِيطِهِ (وَإِنْ أَخَذَهَا وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) مِنْ حِفْظٍ، أَوْ تَمَلُّكٍ، أَوْ خِيَانَةٍ (أَوْ قَصَدَ) وَاحِدًا مِنْهَا (وَنَسِيَ) هـ (لَمْ يَضْمَنْ وَلَهُ التَّمَلُّكُ بِشَرْطِهِ) . (الْحُكْمُ الثَّانِي فِي التَّعْرِيفِ) لِلُّقَطَةِ الْأَوْلَى حَذْفُ " فِي " كَمَا فِي نُسْخَةٍ (وَيَنْبَغِي) لِمُلْتَقِطِهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْ يَجِبُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْ يُنْدَبُ (أَنْ يُحِيطَ عِلْمًا بِالْعِفَاصِ) أَيْ الْوِعَاءِ (وَالْوِكَاءِ) أَيْ الْخَيْطِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ (وَالْجِنْسِ) أَيْ ذَهَبٍ أَمْ غَيْرِهِ (وَالنَّوْعِ) أَهَرَوِيَّةٌ أَمْ غَيْرُهَا (وَالْقَدْرِ) بِوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ، أَوْ عَدَدٍ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَائِلِهِ عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً» وَقِيسَ بِمَعْرِفَةِ خَارِجِهَا فِيهِ مَعْرِفَةُ دَاخِلِهَا وَذَلِكَ (لِيَعْرِفَ صِدْقَ مُدَّعِيهَا) وَلِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِمَالِهِ (وَيُنْدَبُ كَتْبُهَا) أَيْ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَنَّهُ الْتَقَطَهَا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا (وَيَجِبُ التَّعْرِيفُ سَنَةً وَلَوْ قَصَدَ) بِأَخْذِهَا (الْحِفْظَ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ وَلِئَلَّا يَكُونَ عَدَمُ التَّعْرِيفِ كِتْمَانًا مَفْتُونًا لِلْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ، وَالْمَعْنَى فِي كَوْنِهَا سَنَةً أَنَّهَا لَا تَتَأَخَّرُ فِيهَا الْقَوَافِلُ وَتَمْضِي فِيهَا الْأَزْمِنَةُ الْأَرْبَعَةُ وَمَا قَالَهُ مِنْ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ فِيمَا إذَا الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَجَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ الْأَقْوَى وَالْمُخْتَارَ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ الْأَكْثَرُونَ عَدَمُ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ لِتَحَقُّقِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْفُورَانِيُّ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَنَةً قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي النِّصْفِ كَمُلْتَقِطٍ وَاحِدٍ وَقَالَ السُّبْكِيُّ بَلْ الْأَشْبَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعَرِّفُهَا نِصْفَ سَنَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا لُقَطَةٌ وَاحِدَةٌ وَالتَّعْرِيفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِكُلِّهَا لَا لِنِصْفِهَا، وَإِنَّمَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ التَّمَلُّكِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَدْ قَالُوا يَبْنِي الْوَارِثِ عَلَى تَعْرِيفِ مُوَرِّثِهِ نَعَمْ لَوْ أَقَامَا مُعَرِّفًا وَاحِدًا، أَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَلَا تَرَدُّدَ فِيمَا رَآهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ بَلْ مِنْ جَوَازِهِ مَا قَدَّمْته عَنْ نُكَتِ النَّوَوِيِّ أَوَّلَ الْكِتَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَالِبُ الرِّوَايَاتِ مُصَرِّحٌ بِتَأْخِيرِ التَّعْرِيفِ عَنْ التَّعَرُّفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «عَرِّفْهَا، ثُمَّ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا» وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا تَعَرُّفٌ آخَرُ عِنْدَ إرَادَةِ التَّمَلُّكِ فَيُنْدَبُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَحَقَّقَ أَمْرَهَا قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهَا. (وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ) لِلتَّعْرِيفِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ تَعْرِيفُ سَنَةٍ مَتَى كَانَ، وَلَا الْمُوَالَاةُ (فَلَوْ فَرَّقَ -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ بَرِئَ) مَحَلُّهُ فِي الْأَمِينِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا فَسَلَّمَهَا لَهُ كَانَ ضَامِنًا قَطَعَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَقْلَعَ وَعَرَّفَ لِيَتَمَلَّكَ جَازَ) وَفَارَقَ مَا لَوْ تَعَدَّى الْمُودَعُ فِي الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ أَمِينًا إلَّا بِاسْتِئْمَانٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمَالِكِ بِأَنَّ ذَاكَ عَقْدٌ جَائِزٌ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْ يَجِبُ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ وَإِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ فَعَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا وَيَتَأَمَّلَهَا حَقِيقَةَ التَّأَمُّلِ لِيَعْرِفَ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَالصِّفَةَ وَالْقَدْرَ وَزْنًا، أَوْ عَدَدًا، أَوْ يَتَأَمَّلَ ظَرْفَهَا وَالْخَيْطَ الْمَشْدُودَ عَلَيْهَا وَعِبَارَةُ الْمُقْنِعِ: وَكُلُّ مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ سِتَّةَ أَشْيَاءَ وَعِبَارَةُ الصَّيْمَرِيِّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ وَمَتَى أَخَذَهَا لَزِمَهُ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ وَعَدَّ مِنْهَا الْإِشْهَادَ عَلَيْهَا وَصَرَّحَ غَيْرُهُمْ بِوُجُودِ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ كَثِيرِينَ وَعَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَحَصَلَ فِي إيجَابِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الِاسْتِحْبَابُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا إذَا انْتَهَى الْحَالُ إلَى التَّمَلُّكِ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالنَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا إذَا انْتَهَى الْحَالُ إلَى التَّمَلُّكِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَدٍ) ، أَوْ ذَرْعٍ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ التَّعْرِيفُ سَنَةً) لَوْ مَاتَ الْمُلْتَقِطُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ فَهَلْ يَبْنِي وَارِثُهُ عَلَى مَا مَضَى أَوْ يَسْتَأْنِفُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَالْأَقْرَبُ الِاسْتِئْنَافُ كَمَا فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ لَا يَبْنِي الْوَارِثُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَالْأَرْجَحُ الْبِنَاءُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَقَدْ انْقَطَعَ حَوْلُ الْمُوَرِّثِ بِخُرُوجِ الْمِلْكِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ فَيَسْتَأْنِفُ الْوَارِثُ لِابْتِدَاءِ الْمِلْكِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَسَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ قَرِيبًا أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَلِئَلَّا يَكُونَ عَدَمُ التَّعْرِيفِ كِتْمَانًا لِلْحَقِّ) وَلَا يُقَالُ إنَّ رَبَّهَا يَنْشُدُهَا فَيُعْلِمُ بِهِ آخِذُهَا لِلْحِفْظِ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْقُطُ مِنْ عَابِرِ سَبِيلٍ وَمَنْ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ لِعَارِضِ مَرَضٍ أَوْ جُنُونٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَالْغَزَالِيُّ) أَيْ وَالْبَغَوِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ الْجَزْمُ بِهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ بَلْ الْأَشْبَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّ الْمُلْتَقِطِ أَنَّ التَّأْخِيرَ يُفَوِّتُ مَعْرِفَةَ الْمَالِكِ وَإِلَّا وَجَبَ الْبِدَارُ، وَلَوْ مَاتَ الْمُلْتَقِطُ فِي أَثْنَاءَ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ أَتَمَّهَا وَارِثُهُ وَوَجْهُ اعْتِبَارِ السَّنَةِ أَنَّ الْقَوَافِلَ لَا تَتَأَخَّرُ فِيهَا وَتَمْضِي فِيهَا الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَلَوْ لَمْ يُعَرِّفْهَا سَنَةً لَضَاعَتْ الْأَمْوَالُ عَلَى أَرْبَابِهَا وَلَوْ جُعِلَ التَّعْرِيفُ أَبَدًا لَامْتَنَعَ مِنْ الْتِقَاطِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ السَّنَةِ لُقَطَةُ دَارِ الْحَرْبِ فَقَضِيَّةُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِتَعْرِيفِهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 السَّنَةَ) كَأَنْ عَرَّفَ شَهْرَيْنِ وَتَرَكَ شَهْرَيْنِ وَهَكَذَا (جَازَ) لِأَنَّهُ عَرَّفَ سَنَةً وَكَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إلَى نِسْيَانِ النُّوَبِ السَّابِقَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا وَبِأَنْ يُبَيِّنَ فِي التَّعْرِيفِ زَمَنَ الْوِجْدَانِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ مَا جَرَى مِنْ التَّأْخِيرِ الْمَنْسِيِّ (وَلَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ) لِلسَّنَةِ بَلْ يُعَرِّفُ عَلَى الْعَادَةِ (فَيُنَادِيَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ فِي طَرَفَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ) لِلتَّعْرِيفِ (ثُمَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً، ثُمَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّتَيْنِ، أَوْ مَرَّةً، ثُمَّ فِي الشَّهْرِ) أَيْ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارُ لِمَا مَضَى فَالْمُدَدُ الْمَذْكُورَةُ تَقْرِيبَاتٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَيُسْتَحَبُّ فِي التَّعْرِيفِ ذِكْرُ بَعْضِ الْأَوْصَافِ) لِلُّقَطَةِ (كَالْجِنْسِ، أَوْ الْعِفَاصِ أَوْ الْوِكَاءِ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الظَّفَرِ بِالْمَالِكِ (وَلَا يَسْتَوْفِيهَا) لِئَلَّا يَعْتَمِدَهَا كَاذِبٌ (فَلَوْ اسْتَوْفَاهَا ضَمِنَ) لِأَنَّهُ قَدْ يَرْفَعُهُ إلَى مُلْزَمِ الدَّفْعِ بِالصِّفَاتِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِيفَاؤُهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ بَعْدَ اعْتِرَاضِهِ عَلَى نَقْلِ الْأَصْلِ عَنْ الْإِمَامِ: إنَّهُ لَا يَكْفِي ذِكْرُ الْجِنْسِ بِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَقُلْهُ وَإِنَّمَا قَالَ لَا يَخْتَصُّ الْبَيَانُ بِذِكْرِ الْجِنْسِ بَلْ يَكْفِي ذِكْرُ غَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَشْهُورُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَكْفِي ذِكْرُ الْجِنْسِ وَأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ يُوَافِقُهُ. (فَرْعٌ: وَمَنْ) وَفِي نُسْخَةٍ " مَنْ " (قَصَدَ التَّمَلُّكَ) وَلَوْ بَعْدَ الْتِقَاطِهِ لِلْحِفْظِ أَوْ مُطْلَقًا (فَمُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ) الْوَاقِعِ بَعْدَ قَصْدِهِ (عَلَيْهِ تَمَلَّكَ أَمْ لَا) لِأَنَّ التَّعْرِيفَ سَبَبٌ لِتَمَلُّكِهِ وَلِأَنَّ الْحَظَّ لَهُ (وَمَنْ قَصَدَ الْحِفْظَ) وَلَوْ بَعْدَ الْتِقَاطِهِ لِلتَّمَلُّكِ، أَوْ مُطْلَقًا (فَهِيَ) أَيْ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ (عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) إنْ كَانَ فِيهِ سَعَةٌ (أَوْ) عَلَى (الْمَالِكِ) إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ سَعَةٌ بِأَنْ يَقْتَرِضَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ يَأْمُرَهُ بِصَرْفِهَا لِيَرْجِعَ كَمَا فِي هَرَبِ الْجِمَالِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ لِلْمَالِكِ فَقَطْ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ وُجُوبَهَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إنْفَاقٌ لَا إقْرَاضٌ عَلَى الْمَالِكِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إقْرَاضٌ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ رَأَى أَنْ يُقْرِضَ أُجْرَةَ التَّعْرِيفِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَتَكُونَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا، أَوْ يَسْتَقْرِضَ مِنْ الْآحَادِ، أَوْ مِنْ الْمُلْتَقِطِ فَعَلَ. (فَرْعٌ: التَّعْرِيفُ) يَكُونُ (فِي الْأَسْوَاقِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ) عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ الْجَمَاعَاتِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى وُجُودِ صَاحِبِهَا (لَا فِيهَا) أَيْ الْمَسَاجِدِ كَمَا لَا تُطْلَبُ اللُّقَطَةُ فِيهَا (وَيَجُوزُ) تَعْرِيفُهَا (فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ وَلِأَنَّهُ مَجْمَعُ النَّاسِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى كَذَلِكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ تَحْرِيمُ التَّعْرِيفِ فِي بَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمَنْقُولُ الْكَرَاهَةُ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ الْمَنْقُولُ وَالصَّوَابُ التَّحْرِيمُ لِلْأَحَادِيثِ الظَّاهِرَةِ فِيهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَعَلَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يُرِدْ بِإِطْلَاقِ الْكَرَاهَةِ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ - قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ -: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ التَّحْرِيمِ، أَوْ الْكَرَاهَةِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ كَمَا أَشَارَتْ إلَيْهِ الْأَحَادِيثُ أَمَّا لَوْ سَأَلَ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ.   [حاشية الرملي الكبير] هُنَاكَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا رُدَّتْ إلَى الْمَغْنَمِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ الْبِدَارُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى نِسْيَانٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَيُنَادِيَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ يَحْتَمِلُ أَنْ تُجْعَلَ السَّنَةُ أَرْبَاعًا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً وَثَلَاثَةً كُلَّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كُلَّ شَهْرٍ مَرَّةً أَيْ وَجَزَمَ بِهِ الكوهكيلوني وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: يُعَرِّفُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ حَتَّى يَشْتَهِرَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ بِيَدِهِ لُقَطَةً يُعَرِّفُهَا فَإِذَا اشْتَهَرَ ذَلِكَ انْتَقَلَ إلَى تَعْرِيفِهَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً حَتَّى يَتَقَرَّرَ أَنَّ الَّذِي يُعَرِّفُهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً هُوَ مَا كَانَ يُعَرِّفُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ انْتَقَلَ إلَى تَعْرِيفِهَا كُلَّ أُسْبُوعٍ حَتَّى يَتَقَرَّرَ أَنَّهَا الَّتِي عَرَّفَهَا أَوَّلًا فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عَرَّفَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً. اهـ. وَذَكَرَ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ يُعَرِّفُ فِي الْأُسْبُوعِ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً وَبَعْدَهُ أُسْبُوعًا، أَوْ أُسْبُوعَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً، أَوْ كُلَّ يَوْمَيْنِ مَرَّةً، ثُمَّ فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ يُعَرِّفُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقُ لَهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَا تَجِبُ الْمُدَاوَمَةُ بَلْ الْعَادَةُ فِي الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً ثُمَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَيْهِ أَنْ يُشِيعَ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِالنِّدَاءِ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً حَتَّى تَصِيرَ فِي الْأُسْبُوعِ مَرَّةً لَا يُقَصِّرُ عَنْهَا وَقَالَ غَيْرُهُ فِي الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ كُلَّ يَوْمٍ وَفِي الثَّانِي كُلَّ يَوْمَيْنِ وَفِي الثَّالِثِ مَرَّةً، ثُمَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً عَلَى التَّتَابُعِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْخُوَارِزْمِيّ يُعَرِّفُهَا فِي الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَفِي الثَّانِي كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً، ثُمَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ مُتَقَارِبَةٌ وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَا يَنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ لِمَا سَبَقَ مِنْ التَّعْرِيفِ. وَسَبَبُ الِاضْطِرَابِ اضْطِرَابُ الْعُرْفِ، أَوْ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ النَّوَاحِي وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْبَغَوِيّ وَالْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِمَّا ذَكَرَاهُ. اهـ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَنَّهُ لَا يُعَرِّفُ لَيْلًا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اسْتَوْفَاهُ ضَمِنَ) قَالَ شَيْخُنَا وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ عَلَى جَمِيعِ صِفَاتِهَا كُرِهَ وَلَمْ يَحْرُمْ وَلَمْ يَضْمَنْ بِأَنَّهُ ثَمَّ بَالَغَ فِي الْحِفْظِ إلَخْ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا. [فَرْعٌ قَصَدَ التَّمَلُّكَ وَلَوْ بَعْدَ الْتِقَاطِهِ لِلْحِفْظِ أَوْ مُطْلَقًا] (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ التَّعْرِيفُ بِاللَّقْطَةِ يَكُونُ فِي الْأَسْوَاقِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ] (قَوْلُهُ: التَّعْرِيفُ فِي الْأَسْوَاقِ إلَخْ) وَلَا يَكْفِي تَعْرِيفُهَا أَوْقَاتَ الْخَلَوَاتِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمَنْقُولَ الْكَرَاهَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ التَّحْرِيمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْمُلْتَقِطِ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ هَلْ يَبْنِي وَارِثُهُ عَلَى مَا مَضَى، أَوْ يَسْتَأْنِفُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَالْأَقْرَبُ الِاسْتِئْنَافُ كَمَا فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ لَا يَبْنِي الْوَارِثُ عَلَى حَوْلِ الْمُوَرِّثِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ. اهـ. قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَنْقُولَ الْأَوَّلُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا تَحْرِيمَ وَلَا كَرَاهَةَ. (وَيَجِبُ) التَّعْرِيفُ (فِي بَلَدِ اللُّقَطَةِ) أَيْ مَحَلِّهَا (وَلْيُكْثِرْ مِنْهُ حَيْثُ وَجَدَهَا) أَيْ فِي مَكَانِ وُجُودِهِ لَهَا؛ لِأَنَّ طَلَبَ الشَّيْءِ فِي مَكَانِهِ أَكْثَرُ (فَإِنْ سَافَرَ) أَيْ أَرَادَ سَفَرًا (اسْتَنَابَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَنْ يَحْفَظُهَا وَيُعَرِّفُهَا وَإِلَّا) بِأَنْ سَافَرَ بِهَا أَوْ اسْتَنَابَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ وُجُودِهِ (ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ (وَلَوْ الْتَقَطَ فِي الصَّحْرَاءِ وَهُنَاكَ قَافِلَةٌ تَبِعَهَا وَعَرَّفَ) فِيهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّعْرِيفِ فِي الْأَمَاكِنِ الْخَالِيَةِ (وَإِلَّا فَفِي بَلَدٍ يَقْصِدُهَا) قَرُبَتْ أَمْ بَعُدَتْ سَوَاءٌ أَقَصَدَهَا ابْتِدَاءً أَمْ لَا حَتَّى لَوْ قَصَدَ بَعْدَ قَصْدِهِ الْأَوَّلِ بَلْدَةً أُخْرَى وَلَوْ بَلْدَتَهُ الَّتِي سَافَرَ مِنْهَا لَزِمَهُ التَّعْرِيفُ فِيهَا (وَلَا يُكَلَّفُ الْعُدُولَ عَنْهَا) إلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَيَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ (وَلَا يُجْزِئُ) وَفِي نُسْخَةٍ " وَلَا يَكْفِي " (تَعْرِيفُ) شَخْصٍ (مَشْهُورٍ بِالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ) إذْ لَا تَحْصُلُ بِهِ فَائِدَةُ التَّعْرِيفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا غَيْرَ مَشْهُورٍ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمَانَةُ إذَا حَصَلَ الْوُثُوقُ بِقَوْلِهِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْمُجُونُ أَنْ لَا يُبَالِيَ الْإِنْسَانُ بِمَا صَنَعَ وَقَدْ مَجَنَ بِالْفَتْحِ يَمْجُنُ مُجُونًا وَمَجَانَةً. (فَصْلٌ:: مَا لَا يُتَمَوَّلُ لِقِلَّةٍ كَحَبَّةِ بُرٍّ) وَزَبِيبَةٍ (لَا يُعَرَّفُ) وَيَسْتَبِدُّ بِهِ وَاجِدُهُ فَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُعَرِّفُ زَبِيبَةً فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: إنَّ مِنْ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَرُوِيَ مَا يَمْقُتُهُ اللَّهُ وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّمْرَةِ الْمُلْقَاةِ «لَوْلَا أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَإِنْ تُمُوِّلَ فَالْقَلِيلُ مِنْهُ لَا يُعَرَّفُ سَنَةً بَلْ) يُعَرَّفُ (إلَى أَنْ يُظَنَّ إعْرَاضُ صَاحِبِهِ عَنْهُ غَالِبًا) لِأَنَّهُ لَا يَدُومُ فَاقِدُهُ عَلَى طَلَبِهِ سَنَةً بِخِلَافِ الْكَثِيرِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَدَانَقُ الْفِضَّةِ يُعَرَّفُ فِي الْحَالِ وَدَانَقُ الذَّهَبِ يُعَرَّفُ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (وَالْقَلِيلُ) الْمُتَمَوَّلُ (مَا يُظَنُّ أَنَّ فَاقِدَهُ لَا يُكْثِرُ الْأَسَفَ عَلَيْهِ وَلَا يَطُولُ طَلَبُهُ) لَهُ (غَالِبًا) لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى حَقَارَتِهِ. (فَرْعٌ: الْتِقَاطُ السَّنَابِلِ فِي) وَقْتِ (الْحَصَادِ إنْ عُلِمَ إعْرَاضُ الْمَالِكِ عَنْهَا، أَوْ رِضَاهُ بِأَخْذِهَا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا) يَجُوزُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ جَوَازِهِ بِأَهْلِ الزَّكَاةِ كَالْفُقَرَاءِ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِجَمِيعِ السَّنَابِلِ وَالْمَالِكُ مَأْمُورٌ بِجَمْعِهَا، وَإِخْرَاجِ مَا لِأَهْلِهَا قَالَ وَلَعَلَّ إطْلَاقَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ، أَوْ عَلَى مَا لَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ جَمْعِهَا تَزِيدُ عَلَى مَا يَحْصُلُ مِنْهَا. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مُغْتَفَرٌ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ، وَالْخَلَفُ مَعَ أَنَّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ نَظَرًا، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ (وَمَا يَفْسُدُ كَبُقُولٍ وَرُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ) وَهَرِيسَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُسْرِعُ فَسَادُهُ (فَلِلْمُلْتَقِطِ بَيْعُهُ، ثُمَّ يُعَرِّفُهُ لِيَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ وَلَهُ تَمَلُّكُهُ فِي الْحَالِ، ثُمَّ أَكْلُهُ) مَعَ غُرْمِ قِيمَتِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَوَجَدَهُ بِصَحْرَاءَ أَمْ بِعُمْرَانٍ؛ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْهَلَاكِ فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ كَالْغَنَمِ، وَإِنَّمَا جَازَ أَكْلُهُ فِي الْعُمْرَانِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسْرِعُ فَسَادُهُ بِخِلَافِ الْغَنَمِ وَنَحْوِهَا وَلَا يَجِيءُ الْإِمْسَاكُ هُنَا لِتَعَذُّرِهِ (وَبَيْعُهُ) يَكُونُ (كَمَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّهُ يَبِيعُهُ اسْتِقْلَالًا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا وَبِإِذْنِهِ إنْ وَجَدَهُ (ثُمَّ) بَعْدَ أَكْلِهِ (يُعَرِّفُهُ إنْ وَجَدَهُ فِي غَيْرِ الصَّحْرَاءِ) . كَمَا أَنَّهُ إذَا بَاعَ يُعَرِّفُ فَإِنْ وَجَدَهُ فِي الصَّحْرَاءِ لَمْ يَجِبْ تَعْرِيفُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الظَّاهِرِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الصَّحْرَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنَّ الَّذِي يُفْهِمُهُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَجِبُ أَيْضًا قَالَ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْإِمَامِ أَنَّهَا لَا تُعَرَّفُ بِالصَّحْرَاءِ لَا مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ الصَّحْرَاءِ الشَّارِعُ وَالْمَسْجِدُ وَنَحْوُهُمَا؛ لِأَنَّهَا مَعَ الْمَوَاتِ مَحَالُّ اللُّقَطَةِ (وَلَا يَجِبُ إفْرَازُ قِيمَتِهِ) الْمَغْرُومَةِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُخْشَى تَلَفُهُ نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ إفْرَازِهَا عِنْدَ تَمَلُّكِهَا؛ لِأَنَّ تَمَلُّكَ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ قَالَهُ الْقَاضِي (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ أَفْرَزَهَا أَيْ اسْتِقْلَالًا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا وَبِإِذْنِهِ إنْ وَجَدَهُ (فَالْمُفْرَزُ أَمَانَةٌ) فِي يَدِهِ (لَا يُضْمَنُ إلَّا بِتَفْرِيطٍ) فِيهِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّفْرِيطِ (وَيَتَمَلَّكُهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ) كَمَا يَتَمَلَّكُ نَفْسَ اللُّقَطَةِ وَكَمَا يَتَمَلَّكُ الثَّمَنَ إذَا بَاعَ الطَّعَامَ وَهَذَا يَقْتَضِي صَيْرُورَةَ الْمُفْرَزِ مِلْكًا لِمَالِكِ اللُّقَطَةِ وَلِهَذَا لَوْ تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ سَقَطَ حَقُّهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ (قِيمَةُ يَوْمِ الْأَخْذِ) لَا قِيمَةُ يَوْمِ الْأَكْلِ (- إنْ قَصَدَ الْأَكْلَ - وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّعْرِيفَ (فَيَوْمِ الْأَكْلِ) لَا يَوْمِ الْأَخْذِ. (وَيَعْمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ فِي رُطَبٍ يَتَتَمَّرُ) وَنَحْوِهِ مِمَّا يُمْكِنُ إبْقَاؤُهُ بِالْمُعَالَجَةِ (مَنْ بَيْعٍ وَتَجْفِيفٍ) فَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي بَيْعِهِ رُطَبًا بِيعَ أَوْ فِي تَجْفِيفِهِ، وَتَبَرَّعَ بِهِ الْوَاجِدُ أَوْ غَيْرُهُ جَفَّفَهُ، وَإِلَّا بِيعَ بَعْضُهُ لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي إنْ سَاوَى مُؤْنَةَ التَّجْفِيفِ تَحْصِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ حَيْثُ يُبَاعُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمَانَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ مَا لَا يُتَمَوَّلُ لِقِلَّةٍ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَزَبِيبَةٍ لَا يُعَرَّفُ] (قَوْلُهُ: وَزَبِيبَةٍ) أَيْ وَتَمْرَةٍ فَلَوْ اتَّفَقَ بِأَنْ حَصَلَتْ بِمَوْضِعٍ لَهَا فِيهِ قِيمَةٌ أَوْ كَانَ قَحْطٌ شَدِيدٌ يَكُونُ لِلتَّمْرَةِ فِيهِ قِيمَةٌ وَجَبَ تَعْرِيفُهَا وَصَحَّ بَيْعُهَا وَجَازَ أَنْ تَكُونَ عِوَضًا كَمَا بَيَّنُوهُ فِي الصَّدَقَاتِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْجِنْسَ يَأْخُذُهُ وَاجِدُهُ كَمَا يَأْخُذُ السَّاقِطَ مِنْ الثِّمَارِ وَالسَّنَابِلِ وَلَا يَمْلِكُهَا مَجَّانًا، قِيلَ: لَكِنْ هَلْ نَقُولُ يَمْلِكُهَا بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ كَالِاحْتِطَابِ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّمَلُّكِ الظَّاهِرُ الثَّانِي، وَحِينَئِذٍ تَدْخُلُ فِي مَعْنَى اللُّقَطَةِ لَكِنْ لَا تُعَرَّفُ. اهـ.، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّمْرَةَ وَالزَّبِيبَةَ وَنَحْوَهَا - حَيْثُ لَا قِيمَةَ لَهَا - مُلْحَقَةٌ بِالْمُبَاحَاتِ كَسَوَاقِطِ الثِّمَارِ وَنَحْوِهَا الَّتِي تُعْرِضُ أَرْبَابُهَا عَنْهَا وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّمْرَةَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ الْتِقَاطُ السَّنَابِلِ فِي وَقْتِ الْحَصَادِ إنْ عُلِمَ إعْرَاضُ الْمَالِكِ عَنْهَا أَوْ رِضَاهُ بِأَخْذِهَا] (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مُغْتَفَرٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْإِمَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ إفْرَازِهَا إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَهَذَا يَقْتَضِي صَيْرُورَةَ الْمُفْرَزِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَعْمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ فِي رُطَبٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَسْتَبِدُّ الْمُلْتَقِطُ بِالنَّظَرِ فِي أَغْبَطِ الْأَمْرَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالتَّجْفِيفِ أَمْ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي لَمْ يُصَرِّحَا فِيهِ بِشَيْءٍ وَالْأَشْبَهُ الْمُرَاجَعَةُ وَفِي مُرَاجَعَتِهِ فِي الْبَيْعِ مَا سَبَقَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 تَتَكَرَّرُ فَتُؤَدِّي إلَى أَنْ يَأْكُلَ نَفْسَهُ (وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ التَّجْفِيفِ، أَوْ نَحْوِهِ (عَلَى الْمَالِكِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (الْحُكْمُ الثَّالِثُ التَّمَلُّكُ) لِلُّقَطَةِ الْمَمْلُوكَةِ (وَتُمْلَكُ بِاللَّفْظِ بَعْدَ تَمَامِ التَّعْرِيفِ) غَنِيًّا كَانَ الْمُلْتَقِطُ، أَوْ فَقِيرًا لِأَنَّهُ تَمَلُّكُ مَالٍ بِبَدَلٍ فَافْتَقَرَ إلَى لَفْظٍ كَالتَّمَلُّكِ بِالشِّرَاءِ (كَ تَمَلَّكْتُ وَلَوْ لَمْ يَتَصَرَّفْ) فِيهَا كَالْقَرْضِ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ يَخْتَارُ نَقْلَ الِاخْتِصَاصِ إلَيْهِ فِي غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَكْفِي إشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَكَذَا الْكِنَايَةُ مَعَ النِّيَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَلَدَ اللُّقَطَةِ كَاللُّقَطَةِ إنْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْتِقَاطِهَا أَوْ انْفَصَلَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا، وَإِلَّا مَلَكَهُ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يُمْلَكُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ لِأُمِّهِ أَيْ وَتَمَلُّكِهَا. (فَرْعٌ: لَا يَلْتَقِطُ) أَحَدٌ (بِحَرَمِ مَكَّةَ) لُقَطَةً (إلَّا لِلْحِفْظِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهُ إلَّا لِمُنْشِدٍ أَيْ لِمُعَرِّفٍ عَلَى الدَّوَامِ، وَإِلَّا فَسَائِرُ الْبِلَادِ كَذَلِكَ فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَكَّةَ مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ يَعُودُونَ إلَيْهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَرُبَّمَا يَعُودُ مَالِكُهَا، أَوْ نَائِبُهُ لِطَلَبِهَا، وَالْمُرَادُ بِحَرَمِ مَكَّةَ الْحَرَمُ الْمَكِّيُّ فَيَشْمَلُ مَكَّةَ مَعَ أَنَّهَا مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ " مَكَّةَ وَحَرَمِ مَكَّةَ " (وَتَجِبُ) عَلَيْهِ (الْإِقَامَةُ) بِهِ (لِيُعَرِّفَهَا، أَوْ يَدْفَعَهَا) أَيْ أَوْ دَفَعَهَا (إلَى الْحَاكِمِ) لِيُعَرِّفَهَا (وَقَدْ يَجِيءُ هَذَا) أَيْ التَّخْيِيرُ (فِي كُلِّ مَا اُلْتُقِطَ لِلْحِفْظِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَرَمِ مَكَّةَ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِحَرَمِ مَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ فَهُوَ كَسَائِرِ الْبِلَادِ فِي حُكْمِ اللُّقَطَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الِانْتِصَارِ أَنَّهُ كَحَرَمِ مَكَّةَ كَمَا فِي حُرْمَةِ الصَّيْدِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد فِي الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمَنْ أَشَادَ بِهَا» بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِهَا. (الْحُكْمُ الرَّابِعُ وُجُوبُ الرَّدِّ) لَهَا أَوْ لِبَدَلِهَا وَلَوْ (بَعْدَ التَّمَلُّكِ إنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ (بِهَا الْمَالِكُ) حُجَّةً، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ بَلْ لَا يَجُوزُ إنْ لَمْ يَصِفْهَا (وَمَتَى وَصَفَهَا وَ) إنْ (أَقَامَ شَاهِدًا) بِهَا وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ (لَمْ يَجِبْ التَّسْلِيمُ) إلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ) لَهُ (يَلْزَمُك تَسْلِيمُهَا إلَيَّ فَلَهُ) إذَا لَمْ يَعْلَمْ صِدْقَهُ (الْحَلِفُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ) ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكِي فَلَهُ الْحَلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَكِنْ يَجُوزُ) لَهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ (الدَّفْعُ) إلَيْهِ (إنْ ظَنَّ صِدْقَهُ) فِي وَصْفِهِ لَهَا عَمَلًا بِظَنِّهِ وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ إلَى حُجَّةٍ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَلَوْ وَصَفَهَا جَمَاعَةٌ وَادَّعَاهَا كُلٌّ لِنَفْسِهِ لَمْ تُسَلَّمْ لَهُمْ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمْ بَيِّنَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَيَجِبُ) الدَّفْعُ إلَيْهِ (إنْ عَلِمَ) صِدْقَهُ (وَيَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ) أَيْ الضَّمَانُ (لَا إنْ أَلْزَمَهُ تَسْلِيمَهَا) إلَيْهِ (بِالْوَصْفِ حَاكِمٌ) يَرَى ذَلِكَ كَمَالِكِيٍّ وَحَنْبَلِيٍّ فَلَا تَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي التَّسْلِيمِ (وَإِنْ سَلَّمَهَا، أَوْ) سَلَّمَ (بَدَلَهَا إلَى الْوَاصِفِ بِاخْتِيَارِهِ) لَا بِإِلْزَامِ الْحَاكِمِ لَهُ (ثُمَّ تَلِفَتْ عِنْدَهُ) أَيْ الْوَاصِفِ (وَأَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ (بِهَا آخَرُ) حُجَّةً (وَغَرِمَ الْمُلْتَقِطُ) بَدَلَهَا (رَجَعَ) الْمُلْتَقِطُ بِمَا غَرِمَهُ (عَلَى الْوَاصِفِ إنْ سَلَّمَ) اللُّقَطَةَ لَهُ (أَوْ غَرِمَ) لَهُ (الْبَدَلَ) عَنْهَا كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (وَلَمْ يُقِرَّ لَهُ) الْمُلْتَقِطُ (بِالْمِلْكِ) لِحُصُولِ التَّلَفِ عِنْدَهُ وَلِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ سَلَّمَهُ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرٍ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْوَاصِفِ أَيْضًا) بِهَا، أَوْ بِبَدَلِهَا (إنْ قَبَضَهَا) مِنْ الْمُلْتَقِطِ (بِعَيْنِهَا لَا إنْ قَبَضَ) مِنْهُ (ثَمَنَهَا) يَعْنِي بَدَلَهَا؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ عِنْدَهُ مَالُ الْمُلْتَقِطِ لَا مَالُهُ وَلَا يَرْجِعُ الْوَاصِفُ فِي الْأُولَى عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِمَا غَرِمَهُ لِحُصُولِ التَّلَفِ عِنْدَهُ بِلَا تَغْرِيرٍ وَلِأَنَّهُ يَزْعُمُ ظُلْمَ الْمَالِكِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ أَمَّا إذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ بَاقِيَةً عِنْدَ الْوَاصِفِ فَتُنْزَعُ مِنْهُ وَتُدْفَعُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ تُوجِبُ الدَّفْعَ فَقُدِّمَتْ عَلَى الْوَصْفِ الْمُجَرَّدِ. [فَرْعٌ شَهِدَ لِمُدَّعِي اللُّقَطَةِ فَاسِقَانِ] (فَرْعٌ:) لَوْ (شَهِدَ لِمُدَّعِي اللُّقَطَةِ فَاسِقَانِ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ إلْزَامُ الْمُلْتَقِطِ التَّسْلِيمَ) لَهَا (وَلَوْ اعْتَرَفَ) هُوَ (بِعَدَالَتِهِمَا) لِأَنَّ التَّعْدِيلَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَكْفِي فِيهِ اعْتِرَافُ الْخَصْمِ. [فَصْلٌ ظَهَرَ الْمَالِكُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ لِلُّقَطَةِ وَهِيَ تَالِفَةٌ] (فَصْلٌ: وَإِنْ ظَهَرَ الْمَالِكُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ) لِلُّقَطَةِ (وَهِيَ تَالِفَةٌ رَدَّ مِثْلَهَا) إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً (أَوْ قِيمَةَ يَوْمِ التَّمَلُّكِ) إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً لِأَنَّهُ يَوْمُ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ، وَضَمَانُهَا ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ يَوْمِ التَّلَفِ (وَلَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً) وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ (تَعَيَّنَ رَدُّهَا) لِمَالِكِهَا فَلَيْسَ لِلْمُلْتَقِطِ إلْزَامُهُ أَخْذَ بَدَلِهَا مَا دَامَتْ فِي مِلْكِهِ كَمَا فِي الْقَرْضِ بَلْ أَوْلَى وَلِخَبَرِ زَيْدٍ السَّابِقِ وَيَلْزَمُ الْمُلْتَقِطَ رَدُّهَا إلَيْهِ قَبْلَ طَلَبِهِ، ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَدِيعَةِ (مَعَ) .   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَغَيْرُهُ. (فَرْعٌ) لَوْ الْتَقَطَ مَالًا، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُنَازِعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَقَطَ صَغِيرًا، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِيهِ. [فَرْعٌ لَا يَلْتَقِطُ أَحَدٌ بِحَرَمِ مَكَّةَ لُقَطَةً إلَّا لِلْحِفْظِ] (قَوْلُهُ: لَا يَلْتَقِطُ بِحَرَمِ مَكَّةَ إلَّا لِلْحِفْظِ) فِي لُقَطَةِ عَرَفَةَ وَمُصَلَّى إبْرَاهِيمَ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تَحِلُّ لُقَطَتُهُ لِأَنَّهُ حِلٌّ وَالثَّانِي لَا تَحِلُّ إلَّا لِمُنْشِدٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَمَعُ الْحَاجِّ وَأَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَالرُّويَانِيُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَثْبَتَ بِهَا الْمَالِكُ حُجَّةً) بِأَنْ أَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ وَحَكَمَ لَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ) لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ كَغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمِعَ وَصْفَهَا مِنْ صَاحِبِهَا (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ) لِأَنَّهُ سَلَّمَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَسْلِيمُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَةَ يَوْمِ التَّمَلُّكِ) بِمَكَانِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً) لَا مِثْلُهَا الصُّورِيُّ، وَمِثْلُ تَلَفِهَا زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْهَا بِبَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَوْ كَانَتْ رَقِيقًا وَقَالَ مَالِكُهُ: كُنْت أَعْتَقْته قَبْلَ تَصَرُّفِهِ صُدِّقَ، وَبَانَ فَسَادُهُ، ثُمَّ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَأَقَرَّ بِبَقَاءِ الْحَقِّ لِيَأْخُذَ الثَّمَنَ فَهَلْ يُقْبَلُ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ قَبُولِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 غُرْمِ (الْأَرْشِ) لِأَنَّ جَمِيعَهَا مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَكَذَا بَعْضُهَا (إنْ نَقَصَتْ) وَفِي نُسْخَةٍ " تَعَيَّبَتْ " (بَعْدَ التَّمَلُّكِ) فَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَدَلَهَا، وَالْمُلْتَقِطُ رَدَّهَا مَعَ الْأَرْشِ أُجِيبَ الْمُلْتَقِطُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ النَّاقِصَةَ مَعَ الْأَرْشِ كَالتَّامَّةِ وَيَتَعَيَّنُ رَدُّهَا (بِالزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ) وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ بَلْ لَوْ حَدَثَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ انْفَصَلَتْ رَدَّهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ الْتَقَطَ حَائِلًا فَحَمَلَتْ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ رَدَّ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ (لَا) بِالزَّوَائِدِ (الْمُنْفَصِلَةِ) الْحَادِثَةِ بَعْدَ التَّمَلُّكِ لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِ الْمُلْتَقِطِ وَتَقَدَّمَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّ الْحَمْلَ الْحَادِثَ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَالْمُنْفَصِلِ فَيَكُونُ الْحَادِثُ هُنَا بَعْدَ التَّمَلُّكِ لِلْمُلْتَقِطِ (وَإِنْ جَاءَ الْمَالِكُ وَقَدْ بِيعَتْ) أَيْ اللُّقَطَةُ (فَلَهُ الْفَسْخُ) لِلْبَيْعِ (فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) لِاسْتِحْقَاقِهِ الرُّجُوعَ لِعَيْنِ مَالِهِ مَعَ بَقَائِهِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْعَقْدِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَاقِدُ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ نَقْلِ الْوَجْهَيْنِ عَنْ الشَّاشِيِّ كَمَا ذُكِرَ وَجَعَلَهُمَا ابْنُ كَجٍّ فِي أَنَّهُ يُجْبَرُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى الْفَسْخِ وَيَجُوزُ فَرْضُهُمَا فِي الِانْفِسَاخِ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَطَلَبَ فِي الْمَجْلِسِ بِزِيَادَةٍ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ انْفِسَاخِهِ إنْ لَمْ يُفْسَخْ لَكِنْ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إنَّ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعَ فِي الْمَبِيعِ إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي وَحُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (لَا إنْ شُرِطَ) الْخِيَارُ (لِلْمُشْتَرِي) وَحْدَهُ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ كَالْبَائِعِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَمَّا إذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا فَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً بِلَا تَقْصِيرٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ بَاقِيَةً أَخَذَهَا بِزَوَائِدِهَا الْمُتَّصِلَةِ، وَالْمُنْفَصِلَةِ دُونَ أَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْ الْمُلْتَقِطِ. (فَصْلٌ: فِيهِ مَسَائِلُ) تَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ (وَإِنْ أَخَذَهَا اثْنَانِ فَتَرَكَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ) مِنْهَا (لِلْآخَرِ لَمْ يَسْقُطْ) إذْ لَيْسَ لَهُ نَقْلُ حَقِّهِ إلَى الْآخَرِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ نَقْلُ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ وِلَايَةٌ أَثْبَتَهَا الشَّرْعُ لِلْوَاحِدِ، وَالْوِلَايَاتُ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ (وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ (كُلٌّ) مِنْهُمَا بَيِّنَةً (أَنَّهُ الْمُلْتَقِطُ وَلَمْ يَسْبِقْ تَارِيخٌ) لِإِحْدَاهُمَا (تَعَارَضَتَا) فَتَكُونُ فِي يَدِهِمَا يُعَرِّفَانِهَا، ثُمَّ يَتَمَلَّكَانِهَا فَإِنْ سَبَقَ لِإِحْدَاهُمَا تَارِيخٌ حُكِمَ بِهَا (وَلَوْ سَقَطَتْ مِنْ الْمُلْتَقِطِ) لَهَا (فَالْتَقَطَهَا آخَرُ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى) بِهَا مِنْهُ لِسَبْقِهِ (وَالْمَأْمُورُ بِالِالْتِقَاطِ) فِيمَا لَوْ تَمَاشَى اثْنَانِ فَأَرَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لُقَطَةً وَأَمَرَهُ بِالْتِقَاطِهَا (بِصِيغَةِ هَاتِهَا) أَوْ نَحْوِهَا (إنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَهُ إلَّا إنْ قَصَدَ بِهَا الْآمِرَ) وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ نَفْسِهِ فَتَكُونُ لِلْآمِرِ، أَوْ لَهُمَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ بِالِاصْطِيَادِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا فِي الِالْتِقَاطِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي عُمُومِ الِالْتِقَاطِ وَهَذَا فِي خُصُوصِ لُقَطَةٍ وُجِدَتْ فَالْأَمْرُ بِأَخْذِهَا اسْتِعَانَةٌ مُجَرَّدَةٌ عَلَى تَنَاوُلِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَشْمَلُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ نَفْسَهُ وَلَا غَيْرَهُ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ رَآهَا) مَطْرُوحَةً (فَدَفَعَهَا بِرِجْلِهِ) مَثَلًا (لِيَعْرِفَهَا) جِنْسًا أَوْ قَدْرًا (وَتَرَكَهَا) حَتَّى ضَاعَتْ (لَمْ يَضْمَنْهَا) لِأَنَّهَا لَمْ تَحْصُلْ فِي يَدِهِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ ضَمَانِهَا، وَإِنْ تَحَوَّلَتْ عَنْ مَكَانِهَا بِالدَّفْعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يُنَافِي ضَمَانَ مَا تَتْلَفُ بِهَا حِينَئِذٍ كَالتَّلَفِ بِالْحَجَرِ الْمُدَحْرَجِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ ثَمَّ إنَّمَا هُوَ لِمَا يَتْلَفُ بِهَا لَا لَهَا وَعَلَى قِيَاسِهِ لَا يَضْمَنُ الْمُدَحْرِجُ الْحَجَرَ الَّذِي دَحْرَجَهُ (وَلَوْ دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ) وَتَرَكَ تَعْرِيفَهَا وَتَمَلُّكَهَا (ثُمَّ اسْتَقَالَ) أَيْ طَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ إقَالَتَهُ مِنْهَا (لِيُعَرِّفَهَا) وَيَتَمَلَّكَهَا (مُنِعَ) مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ (وَإِنْ أَخَذَ خَمْرًا أَرَاقَهَا صَاحِبُهَا فَتَخَلَّلَتْ) عِنْدَهُ (مَلَكَهَا بِلَا تَعْرِيفٍ) لَهَا؛ لِأَنَّ مُرِيقَهَا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهَا وَقِيلَ هِيَ لِمُرِيقِهَا كَمَا لَوْ غَصَبَ بِهَا فَتَخَلَّلَتْ عِنْدَهُ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ هُنَا أَسْقَطَ حَقَّهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَفِي الْغَصْبِ (وَقَبْلَ التَّخَلُّلِ) لَهَا (عَلَيْهِ) إذَا جَمَعَهَا (إرَاقَتُهَا إلَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ فَيُعَرِّفُهَا) كَالْكَلْبِ الْمُحْتَرَمِ. (كِتَابُ اللَّقِيطِ) (وَيُسَمَّى مَلْقُوطًا) بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُلْقَطُ (وَمَنْبُوذًا أَيْضًا) بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ نُبِذَ وَيُسَمَّى دَعِيًّا أَيْضًا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] وَقَوْلُهُ {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ أَنَّ سُنَيْنًا أَبَا جَمِيلَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجَدَ مَنْبُوذًا فَجَاءَ بِهِ إلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَخْذِ هَذِهِ النَّسَمَةِ فَقَالَ وَجَدْتُهَا ضَائِعَةً فَأَخَذْتُهَا، فَقَالَ عَرِيفُهُ - وَاسْمُهُ سِنَانٌ -: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ فَقَالَ عُمَرُ: أَكَذَلِكَ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: اذْهَبْ بِهِ فَهُوَ حُرٌّ لَك وَلَاؤُهُ أَيْ تَرْبِيَتُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ رَدُّهَا) مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُلْتَقِطِ لِأَنَّهُ قَبَضَ الْعَيْنَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَإِنْ حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى مَالِكِهَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: لَا بِالزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ أَمَةً وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ رَضِيعًا وَحَكَمْنَا بِأَنَّهُ لَهُ فَهَلْ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ، أَوْ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِي الْأُمِّ وَلَهُ الْقِيمَةُ وَيَبْعُدُ إجْبَارُ الْمُلْتَقِطِ، ثُمَّ تَسْلِيمُ الْوَلَدِ بِالْقِيمَةِ وَبَيْعُهَا وَقِسْمَةُ الثَّمَنِ لَا وَجْهَ لَهُ هُنَا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا. [فَصْلٌ فِي مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِكِتَابِ اللُّقَطَةِ] (قَوْلُهُ: وَالْوِلَايَاتُ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالْيَدِ لَا عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا عَلَى النِّصْفِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى كَالْوَكِيلَيْنِ وَالْوَصِيَّيْنِ إذَا لَمْ يَنُصَّ لَهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ مَعَ الشَّكِّ لَا يُعَرِّفُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا إرَاقَةَ فِيهَا فَلَا إعْرَاضَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ " جَمَعَهَا "؛ إذْ الْمُرَادُ بِهِ جَمَعَهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ خَمْرٌ (قَوْلُهُ: فَيُعَرِّفُهَا كَالْكَلْبِ الْمُحْتَرَمِ) فَيُعَرِّفُ ذَلِكَ عَامًا إنْ كَثُرَ فَإِنْ قَلَّ اخْتَصَّ بِهِ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ قَدْرَ مَا يَلِيقُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَقَرًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفِهِ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَالِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 وَحَضَانَتُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ أَيْ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ " وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ". (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ وَأَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ فَالْأَرْكَانُ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الِالْتِقَاطُ وَالْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ فَرْضُ كِفَايَةٍ) حِفْظًا لِلنَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الْهَلَاكِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] إذْ بِإِحْيَائِهَا أَسْقَطَ الْحَرَجَ عَنْ النَّاسِ فَأَحْيَاهُمْ بِالنَّجَاةِ مِنْ الْعَذَابِ وَفَارَقَ اللُّقَطَةَ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ الْتِقَاطُهَا بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ عَلَيْهَا الِاكْتِسَابُ وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ فَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ الْوُجُوبِ كَالنِّكَاحِ، وَالْوَطْءِ فِيهِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْمَنْبُوذِ إلَّا وَاحِدٌ لَزِمَهُ أَخْذُهُ فَلَوْ لَمْ يَلْتَقِطْهُ حَتَّى عَلِمَ بِهِ غَيْرُهُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ عَلِمَا مَعًا، أَوْ عَلَى الْأَوَّلِ أَبْدَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ احْتِمَالًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَاَلَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا (وَمَتَى الْتَقَطَ) الْمَنْبُوذَ (وَجَبَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْتِقَاطِ الْمُلْتَقِطِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ وَفَارَقَ الْإِشْهَادَ عَلَى اللُّقَطَةِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا الْمَالُ - وَالْإِشْهَادُ فِي التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ مُسْتَحَبٌّ -، وَمِنْ اللَّقِيطِ حِفْظُ حُرِّيَّتِهِ وَنَسَبِهِ فَوَجَبَ الْإِشْهَادُ كَمَا فِي النِّكَاحِ وَبِأَنَّ اللُّقَطَةَ يَشِيعُ أَمْرُهَا بِالتَّعْرِيفِ وَلَا تَعْرِيفَ فِي اللَّقِيطِ (وَ) وَجَبَ الْإِشْهَادُ (عَلَى مَا مَعَهُ) تَبَعًا لَهُ وَلِئَلَّا يَتَمَلَّكَهُ وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ وُجُوبَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا مَعَهُ بِالْمُلْتَقِطِ بِنَفْسِهِ أَمَّا مَنْ سَلَّمَهُ الْحَاكِمَ لَهُ فَالْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ لَهُ قَطْعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَيَجُوزُ الِانْتِزَاعُ) لِلَّقِيطِ وَمَا مَعَهُ (مِنْهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ) وَالْمُنْتَزِعُ مِنْهُ - وَمِمَّنْ يَأْتِي - الْحَاكِمُ. الرُّكْنُ (الثَّانِي اللَّقِيطُ وَهُوَ كُلُّ صَبِيٍّ مَنْبُوذٍ لَا كَافِلَ لَهُ) مَعْلُومٌ (وَلَوْ مُمَيِّزًا) لِحَاجَتِهِ إلَى التَّعَهُّدِ (فَلَوْ وُجِدَ الْكَافِلُ) لَهُ وَلَوْ مُلْتَقِطًا (أَوْ فُقِدَ النَّبْذُ وَجَبَ رَدُّهُ إلَى الْكَافِلِ) فِي الْأُولَى (أَوْ الْقَاضِي) فِي الثَّانِيَةِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ كَافِلِهِ فَيُسَلِّمُهُ إلَى مَنْ يَقُومُ بِهِ كَمَا يَقُومُ بِحِفْظِ مَالِ الْغَائِبِينَ وَلَوْ قَدَّمَ الثَّانِيَةَ عَلَى الْأُولَى كَانَ أَوْفَقَ بِالضَّابِطِ وَخَرَجَ بِالصَّبِيِّ الْبَالِغُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْحِفْظِ نَعَمْ الْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الصَّبِيَّ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُلْتَقِطُ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ تَكْلِيفٌ وَحُرِّيَّةٌ وَرُشْدٌ، وَإِسْلَامٌ وَعَدَالَةٌ) وَلَوْ مَسْتُورَةً عَلَى مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ وِلَايَةٌ تَثْبُتُ عَلَى الْغَيْرِ بِالِاخْتِيَارِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ (فَلَا يَصِحُّ) مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَا (مِنْ عَبْدٍ) وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ (إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، أَوْ تَقْرِيرِهِ) لَهُ عَلَى الْتِقَاطِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ (وَيَكُونُ السَّيِّدُ) هُوَ (الْمُلْتَقِطَ) وَالْعَبْدُ نَائِبَهُ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْبِيَةِ إذْ يَدُهُ كَيَدِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلَمْ يُقِرَّهُ عَلَى الْتِقَاطِهِ (اُنْتُزِعَ) اللَّقِيطُ (مِنْ الْعَبْدِ) لِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَبَرُّعٌ وَلَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّتُهُ (وَلَا) تَصِحُّ (مِنْ مُكَاتَبٍ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ لِذَلِكَ (إلَّا لِسَيِّدٍ قَالَ:) - لَهُ - (الْتَقِطْهُ لِي) فَيَكُونُ السَّيِّدُ هُوَ الْمُلْتَقِطَ (وَفِي مُبَعَّضٍ الْتَقَطَ فِي نَوْبَتِهِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ أَيْضًا فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ وَإِلَّا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ (وَيُنْزَعُ) اللَّقِيطُ (مِنْ سَفِيهٍ) مَحْجُورٍ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا (وَ) مِنْ (فَاسِقٍ وَكَافِرٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْتِقَاطِهِمْ لَكِنَّ مَحَلَّ الْأَخِيرَةِ فِي اللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِيهِ بِخِلَافِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ وَسَيَأْتِي (وَكَذَا مَنْ لَمْ يُخْتَبَرْ) حَالُهُ (وَظَاهِرُهُ الْأَمَانَةُ) فَيُنْزَعُ مِنْهُ (إنْ سَافَرَ) أَيْ أَرَادَ السَّفَرَ (بِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ (وَيُرَاقَبُ فِي الْحَضَرِ) بِإِذْنِ الْحَاكِمِ (سِرًّا) لَا جَهْرًا (لِئَلَّا يَتَأَذَّى فَإِنْ وَثِقَ بِهِ فَكَعَدْلٍ) فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ وَلَا يُرَاقَبُ (وَلِلْمُسْلِمِ، وَالْكَافِرِ الْتِقَاطُ كَافِرٍ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ رُبَّمَا كَانَ سَبَبًا لِإِسْلَامِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِمَا بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ مِنْ الْمُوَالَاةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ لِلذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ الْتِقَاطَ الْحَرْبِيِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ. (فَصْلٌ: وَإِنْ تَنَازَعَا) أَيْ اثْنَانِ فِي لَقِيطٍ (قَبْلَ أَخْذِهِ اخْتَارَ الْحَاكِمُ) جَعْلَهُ فِي يَدِ مَنْ شَاءَ (وَلَوْ غَيْرَهُمَا) إذْ لَا حَقَّ لَهُمَا قَبْلَ الْأَخْذِ (أَوْ) تَنَازَعَا فِيهِ (بَعْدَ الْأَخْذِ وَهُمَا أَهْلٌ لِلِالْتِقَاطِ فَالسَّابِقُ) مِنْهُمَا (بِالْأَخْذِ) أَحَقُّ فَلَا أَحَقِّيَّةَ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) سَبْقًا (قُدِّمَ الْغَنِيُّ) لِأَنَّهُ قَدْ يُوَاسِيهِ بِمَالِهِ وَلِأَنَّ الْفَقِيرَ قَدْ يَشْغَلُهُ طَلَبُ الْقُوتِ عَنْ الْحَضَانَةِ (لَا الْأَغْنَى) فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْغَنِيِّ نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَخِيلًا، وَالْآخَرُ جَوَادًا فَقِيَاسُ تَقَدُّمِ الْغَنِيِّ أَنْ يُقَدَّمَ الْجَوَادُ؛ لِأَنَّ حَظَّ الطِّفْلِ عِنْدَهُ أَكْثَرُ (وَ) قُدِّمَ (ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ) .   [حاشية الرملي الكبير] [كِتَابُ اللَّقِيطِ] (قَوْلُهُ: حِفْظًا لِلنَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الْهَلَاكِ) كَالْمُضْطَرِّ إلَى طَعَامِ الْغَيْرِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَالِغَ رُبَّمَا احْتَالَ لِنَفْسِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَاَلَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَالْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِ اللَّقِيط وَأَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ] (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا: قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الْحَضَانَةِ إنَّ حُكْمَ مَنْ بِهِ جُنُونٌ أَوْ خَبَلٌ أَوْ وَلَهُ حُكْمُ الصَّغِيرِ. (قَوْلُهُ: وَعَدَالَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْبَصَرِ وَالشِّفَاءِ مِنْ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ يَتَعَاهَدُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا اعْتَبَرُوهُ فِي الْحَاضِنَةِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ السَّيِّدُ هُوَ الْمُلْتَقِطَ) هَذَا مَا لَمْ يَرْفَعْ الْآمِرُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ رَفَعَ إلَى الْحَاكِمِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِي كَفَالَتِهِ وَيَدْفَعُهُ الْحَاكِمُ إلَى مَنْ يَرَاهُ. اهـ. يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا الْتَقَطَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَمْ يُقِرَّهُ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّرْكِ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَجَزَمَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ بِتَصْحِيحِهِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ الْتَقَطَ الْمُكَاتَبُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ اُنْتُزِعَ وَبِإِذْنِهِ فَالْمُرَجَّحُ فِي الشَّرْحَيْنِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُنْزَعُ وَالْمَذْكُورُ فِي الْحَاوِي وَتَعْلِيقِهِ أَنَّهُ كَلُقَطَةِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ) بِالدَّارِ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَأَذَّى) وَلِئَلَّا يُرَائِيَ وَيُدَلِّسَ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ إلَخْ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فِي دِينِهِ. [فَصْلٌ تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي لَقِيطٍ قَبْلَ أَخْذِهِ] (قَوْلُهُ: فَالسَّابِقُ مِنْهُمَا بِالْأَخْذِ أَحَقُّ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُ تَقْدِيمِ الْغَنِيِّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْجَوَادُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 بِالِاخْتِبَارِ (عَلَى فَقِيرٍ) فِي مَسْأَلَةِ الْغَنِيِّ (وَ) عَلَى (مَسْتُورٍ) فِي مَسْأَلَةِ الْعَدَالَةِ احْتِيَاطًا لِلَّقِيطِ (ثُمَّ) إذَا اسْتَوَيَا فِي الصِّفَاتِ (يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَا يُهَايَأُ بَيْنَهُمَا لِلْإِضْرَارِ بِاللَّقِيطِ وَلَا يُتْرَكُ فِي يَدَيْهِمَا لِتَعَذُّرِ أَوْ تَعَسُّرِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْحَضَانَةِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّهِمَا (وَلَا يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ عَلَى ذِمِّيٍّ) الْأَوْلَى عَلَى كَافِرٍ (فِي) لَقِيطٍ (كَافِرٍ وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ) فِي الِالْتِقَاطِ (فَيُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْحَضَانَةِ تُقَدَّمُ الْأُمُّ فِيهَا عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ فِيهَا الشَّفَقَةُ وَهِيَ فِي الْأُمِّ أَتَمُّ (وَلَوْ اخْتَارَ اللَّقِيطُ أَحَدَهُمَا) فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا بِاخْتِيَارِ اللَّقِيطِ لَهُ وَلَوْ مُمَيِّزًا بِخِلَافِ تَخْيِيرِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ بَيْنَ أَبَوَيْهِ لِتَعْوِيلِهِمْ ثَمَّ عَلَى الْمَيْلِ النَّاشِئِ عَنْ الْوِلَادَةِ وَهُوَ مَعْدُومٌ هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْوَجْهُ تَقْدِيمُ الْبَصِيرِ عَلَى الْأَعْمَى وَالسَّلِيمِ عَلَى الْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ إنْ قِيلَ بِأَهْلِيَّتِهِمْ لِلِالْتِقَاطِ (وَلَوْ آثَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ) أَيْ تَرَكَ حَقَّهُ لَهُ (قَبْلَ الْقُرْعَةِ لَا بَعْدُ جَازَ) فَيَنْفَرِدُ بِهِ الْآخَرُ كَالشَّفِيعَيْنِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْقُرْعَةِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَيْسَ لِلْمُنْفَرِدِ نَقْلُ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ. (فَصْلٌ: وَأَمَّا أَحْكَامُهُ) أَيْ الِالْتِقَاطِ (فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ) مِنْهَا (حِفْظُ اللَّقِيطِ وَرِعَايَتُهُ) أَيْ تَرْبِيَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَقْصُودُ الِالْتِقَاطِ (لَا نَفَقَتُهُ وَحَضَانَتُهُ) الْمُفَصَّلَةُ فِي الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا مَشَقَّةً وَمُؤْنَةً كَثِيرَةً فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ هُنَا " وَحَضَانَتُهُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ " حِفْظُهُ وَتَرْبِيَتُهُ لَا الْحَضَانَةُ الْمَذْكُورَةُ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ حِفْظِهِ وَرِعَايَتِهِ لِأَمْرٍ عَرَضَ (فَالْقَاضِي) أَيْ فَيُسَلِّمُهُ لَهُ (وَلَهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ) لِتَبَرُّمٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَلَوْ قَدَرَ) عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ ذَلِكَ بِالتَّبَرُّمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (وَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ (نَبْذُهُ وَرَدُّهُ إلَى مَا كَانَ) بِالِاتِّفَاقِ. [فَرْعٌ نَقَل الْمُلْتَقَط بِسُكْنَى أَوْ غَيْرِهَا كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ مِنْ بَادِيَةٍ إلَى قَرْيَةٍ] (فَرْعٌ: لَوْ نَقَلَهُ بِسُكْنَى، أَوْ غَيْرِهَا) كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ (مِنْ بَادِيَةٍ إلَى قَرْيَةٍ) وَإِنْ بَعُدَتْ (أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ) أَوْ بَادِيَةٍ (إلَى بَلَدٍ) وَإِنْ بَعُدَ (جَازَ) لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ مِنْ قَرْيَةٍ أَوْ بَلَدٍ إلَى بَادِيَةٍ، وَإِنْ قَرُبَتْ وَلَا مِنْ بَلَدٍ إلَى قَرْيَةٍ كَذَلِكَ لِخُشُونَةِ عَيْشِهِمَا وَفَوَاتِ الْعِلْمِ بِالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ فِيهِمَا نَعَمْ لَوْ قَرُبَتَا بِحَيْثُ يَسْهُلُ الْمُرَادُ مِنْهُمَا جَازَ النَّقْلُ إلَيْهِمَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَهُ نَقْلُهُ) مِنْ قَرْيَةٍ وَبَلَدٍ (إلَى مِثْلِهِمَا) لِتَقَارُبِهِمَا فِي الْمَعِيشَةِ وَتَعَلُّمِ الْعُلُومِ وَالصَّنَائِعِ وَمِثْلُهُ نَقْلُهُ مِنْ بَادِيَةٍ إلَى مِثْلِهَا وَمَحَلُّ جَوَازِ نَقْلِهِ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ، وَالْمَقْصِدِ، وَتَوَاصُلِ الْأَخْبَارِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ (وَإِنْ وَجَدَهُ بَدَوِيٌّ فِي حِلَّةٍ) مِنْ بَادِيَةٍ (وَأَهْلِيٌّ حِلَّتُهُ مُسْتَقِرُّونَ بِأُخْرَى أُقِرَّ فِي يَدِهِ) لِأَنَّهَا كَبَلَدٍ، أَوْ قَرْيَةٍ (وَكَذَا لَوْ تَنَقَّلُوا) أَيْ كَانُوا يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ لِلنُّجْعَةِ؛ لِأَنَّ أَطْرَافَ الْبَادِيَةِ كَمَحَالِّ الْبَلَدِ الْوَاسِعِ (وَيُقَدَّمُ) فِي الْتِقَاطِ لَقِيطِ بَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ (بَلَدِيٌّ، أَوْ قَرَوِيٌّ) مُقِيمٌ بِهَا (عَلَى ظَاعِنٍ) يَظْعَنُ بِهِ مِنْهُمَا إلَى بَادِيَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَذِكْرُ حُكْمِ الْقَرْيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) عَلَى ظَاعِنٍ يَظْعَنُ بِهِ (إلَى بَلْدَةٍ) أُخْرَى (بَلْ يَسْتَوِيَانِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُنْفَرِدَةِ نَقْلُهُ إلَى بَلَدِهِ (وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ تَقْدِيمَ قَرَوِيٍّ مُقِيمٍ بِهَا) أَيْ بِالْقَرْيَةِ (عَلَى بَلَدِيٍّ ظَاعِنٍ) عَنْهَا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ نَقْلُهُ إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ مُعَارِضٌ وَمَا قَالَهُ لَازِمٌ فِيمَا قَبْلَهَا لَا جَرَمَ جَعَلَهَا الرَّافِعِيُّ مِثْلَهَا وَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ كَمَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْهُ لَكِنَّ مَنْقُولَ الْأَصْحَابِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ كَمَا نَقَلَهُ هُوَ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ (وَيُقَدَّمُ حَضَرِيٌّ عَلَى بَدَوِيٍّ إنْ وَجَدَاهُ بِهَلَكَةٍ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ مِنْهَا وَيَسْتَوِيَانِ فِيهِ إنْ وَجَدَاهُ بِحِلَّةٍ، أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْبَدَوِيُّ مُنْتَجِعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُقَرُّ فِي يَدِهِ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا. (فَرْعٌ:) (وَيُحْكَمُ بِمِلْكِهِ) أَيْ اللَّقِيطِ (لِلِبَاسِهِ وَمِهَادِهِ) الْمَفْرُوشِ تَحْتَهُ (وَدِثَارِهِ) الْمُغَطَّى بِهِ مِنْ لِحَافٍ وَغَيْرِهِ (وَ) لِمَالٍ (مَرْبُوطٍ فِيهَا) كَحُلِيٍّ وَدَرَاهِمَ (أَوْ) مَرْبُوطٍ (عَلَيْهِ) كَكِيسٍ مَرْبُوطٍ بِوَسَطِهِ (وَالدَّنَانِيرِ الْمَنْثُورَةِ عَلَيْهِ وَفَوْقَ فِرَاشِهِ وَتَحْتَهُ) أَيْ تَحْتَ بَدَنِهِ، أَوْ فِرَاشِهِ (وَدَارٍ) أَوْ خَيْمَةٍ وُجِدَ (هُوَ فِيهَا وَحْدَهُ) وَلَا يُعْرَفُ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَسَائِرِ مَا يُوجَدُ تَحْتَ يَدِهِ وَاخْتِصَاصِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ يَدًا وَاخْتِصَاصًا كَالْبَالِغِ، وَالْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ مَا لَمْ يُعْرَفْ غَيْرُهَا، وَخَرَجَ بِوَحْدِهِ مَا لَوْ كَانَ فِي الدَّارِ لَقِيطَانِ، أَوْ لَقِيطٌ وَغَيْرُهُ فَتَكُونُ لَهُمَا (وَفِي) الْحُكْمِ لَهُ بِمِلْكِ (الْبُسْتَانِ) الَّذِي وُجِدَ فِيهِ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ كَالدَّارِ وَثَانِيهِمَا لَا؛ لِأَنَّ سُكْنَى الدَّارِ تَصَرُّفٌ، وَالْحُصُولُ فِي الْبُسْتَانِ لَيْسَ تَصَرُّفًا، وَلَا سُكْنَى، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُسْكَنُ عَادَةً يَكُونُ كَالدَّارِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَعَلَى مَسْتُورٍ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْعَدْلُ فَقِيرًا وَالْمَسْتُورُ غَنِيًّا (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرْضِعَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الرَّجُلِ فِي الرَّضِيعِ وَهِيَ عِنْدِي أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ الْغَنِيِّ عَلَى الْفَقِيرِ بَلْ يَتَعَيَّنُ تَقْدِيمُهَا إذَا كَانَ ظَاعِنًا وَلَمْ يَجِدْ مُرْضِعًا غَيْرَهَا وَلَوْ ازْدَحَمَ امْرَأَتَانِ فَيُشْبِهُ أَنْ تُقَدَّمَ الْخَلِيَّةُ عَلَى الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُرْضِعُ عَلَى غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَالْوَجْهُ تَقْدِيمُ الْبَصِيرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ أَحْكَامُ الِالْتِقَاطِ] (قَوْلُهُ: وَتَوَاصُلِ الْأَخْبَارِ) نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَلَدُ بَعِيدًا وَأَخْبَارُهُ مُنْقَطِعَةً كَالْعِرَاقِيِّ يُرِيدُ نَقْلَهُ إلَى الْمَشْرِقِ، أَوْ الْمَغْرِبِ مُنِعَ مِنْهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: لَا جَرَمَ جَعَلَهَا الرَّافِعِيُّ مِثْلَهَا) وَهُوَ الرَّاجِحُ. [فَرْعٌ يُحْكَمُ بِمِلْكِ اللَّقِيطِ لِلِبَاسِهِ وَمِهَادِهِ الْمَفْرُوشِ تَحْتَهُ وَدِثَارِهِ] (قَوْلُهُ: أَوْ خَيْمَةٍ) أَوْ حَانُوتٍ (قَوْلُهُ: هُوَ فِيهَا وَحْدَهُ) أَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ فِيهَا غَيْرُهُ فَهِيَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ قَالَا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مَشْدُودَةً بِاللَّقِيطِ وَعَلَيْهَا رَاكِبٌ قَالَ ابْنُ كَجٍّ هِيَ بَيْنَهُمَا وَأَقَرَّاهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُرَادُ بِالرَّاكِبِ الْآخَرِ لَقِيطٌ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الصُّلْحِ فِي الْقَائِدِ لِلدَّابَّةِ وَعَلَيْهَا رَاكِبٌ أَنَّ الْيَدَ لِلرَّاكِبِ عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ بِخَطِّ شَيْخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا لَا) قَطَعَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ إلَخْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَطَرَدَ صَاحِبُ الْمُسْتَظْهِرِيِّ الْوَجْهَيْنِ فِي الضَّيْعَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِهَا وَحَكَى الْوَجْهَيْنِ فِيهَا الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمَزْرَعَةُ الَّتِي لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِسُكْنَاهَا (لَا مَالٍ) وُجِدَ وَلَوْ (بِقُرْبِهِ) عُرْفًا بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ فَلَا يُحْكَمُ بِمِلْكِهِ لَهُ نَعَمْ إنْ حُكِمَ بِإِنَّ الْمَكَانَ لَهُ كَدَارٍ فَهُوَ لَهُ مَعَ الْمَكَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ (بِخِلَافِ) الْمَوْجُودِ بِقُرْبِ (الْبَالِغِ) الْعَاقِلِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِمِلْكِهِ لَهُ لِأَنَّ لَهُ رِعَايَةً (وَلَا) يُحْكَمُ لَهُ بِمَالٍ (مَدْفُونٍ تَحْتَهُ) كَمَا فِي الْبَالِغِ؛ إذْ لَا يُقْصَدُ بِالدَّفْنِ الضَّمُّ إلَى اللَّقِيطِ نَعَمْ إنْ حُكِمَ بِأَنَّ الْمَكَانَ لَهُ فَهُوَ لَهُ مَعَ الْمَكَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ شَهِدَتْ) لَهُ (بِهِ رُقْعَةٌ) مَكْتُوبَةٌ وُجِدَتْ (فِي يَدِهِ) فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِهِ لِمَا مَرَّ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ لَهُ بِقَرِينَةِ الرُّقْعَةِ قَالَ الْإِمَامُ لَيْتَ شِعْرِي مَاذَا يَقُولُ مَنْ عَوَّلَ عَلَى الرُّقْعَةِ لَوْ دَلَّتْ عَلَى دَفِينٍ بَعِيدٍ قَالَ النَّوَوِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَجْعَلَهُ لِلَّقِيطِ فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ إنَّمَا هُوَ عَلَيْهَا لَا عَلَى كَوْنِهِ تَحْتَهُ انْتَهَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَحْسُنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الدِّفْنِ الْقَدِيمِ، وَالْحَدِيثِ؛ إذْ الْحَدَاثَةُ مُشْعِرَةٌ بِأَنَّهُ دُفِنَ لَهُ كَالْمَوْجُودِ تَحْتَ فِرَاشِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الرُّقْعَةُ فِي نَفْسِ الدِّفْنِ يُقْضَى لَهُ بِهِ لِقُوَّةِ الْقَرِينَةِ، أَوْ يَكُونُ فِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ وَأَوْلَى بِأَنَّهُ لَهُ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ خَيْطٌ مُتَّصِلٌ بِالدَّفِينِ مَرْبُوطٌ بِبَعْضِ بَدَنِهِ أَوْ ثِيَابِهِ يُقْضَى لَهُ بِهِ وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا انْضَمَّتْ الرُّقْعَةُ إلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ اللَّقِيطُ (مَعَ الرَّاكِبِ لِدَابَّةٍ مَرْبُوطَةٍ فِي وَسَطِهِ كَالْقَائِدِ مَعَ الرَّاكِبِ) لَهَا فَتَكُونُ لِلرَّاكِبِ فَقَطْ لِتَمَامِ الِاسْتِيلَاءِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهَا بَيْنَهُمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْيَدَ لِلرَّاكِبِ كَمَا مَرَّ آخِرَ الصُّلْحِ فَمَا صَنَعَهُ الْمُصَنِّفُ حَسَنٌ. (فَرْعٌ: نَفَقَةُ اللَّقِيطِ وَحَضَانَتُهُ) أَيْ مُؤْنَتُهُمَا (مِنْ مَالِهِ) الثَّابِتِ لَهُ بِمَا مَرَّ (أَوْ) مِنْ غَيْرِهِ مِثْلِ (مَوْقُوفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ، أَوْ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ، أَوْ مُوصًى لَهُ) أَوْ لَهُمْ (بِهِ) أَوْ مَوْهُوبٍ لَهُ لِغِنَاهُ بِذَلِكَ (وَيَقْبَلُ لَهُ الْقَاضِي) مِنْ ذَلِكَ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ (فَفِي بَيْتِ الْمَالِ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ بِلَا رُجُوعٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ لِخَبَرِ أَبِي جَمِيلَةَ السَّابِقِ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَالِغِ الْمُعْسِرِ بَلْ أَوْلَى (فَإِذَا عُدِمَ) بَيْتُ الْمَالِ بِإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَالٌ، أَوْ ثَمَّ مَا هُوَ أَهَمُّ كَسَدِّ ثَغْرٍ يَعْظُمُ ضَرَرُهُ لَوْ تُرِكَ، أَوْ حَالَتْ الظَّلَمَةُ دُونَهُ (افْتَرَضَ عَلَيْهِ) الْإِمَامُ (مِنْ أَغْنِيَاءِ بَلَدِهِ) ذَكَرَ أَغْنِيَاءَ بَلَدِهِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ قَيْدًا بَلْ؛ لِأَنَّهُ الْأَيْسَرُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الِافْتِرَاضُ (قَسَّطَهَا) أَيْ النَّفَقَةَ (عَلَى الْأَغْنِيَاءِ) قَرْضًا وَجَعَلَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) اسْتِيعَابُهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ (فَعَلَى مَنْ رَآهُ مِنْهُمْ) يُقَسِّطُهَا بِاجْتِهَادِهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي اجْتِهَادِهِ تَخَيَّرَ (فَلَوْ ظَهَرَ لَهُ سَيِّدٌ) أَوْ قَرِيبٌ (رَجَعَ عَلَيْهِ) وَاعْتِبَارُ الْقَرِيبِ نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ. وَالْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِهَذَا لَكِنْ أَجَابَ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِنَّ النَّفَقَةَ وَقَعَتْ قَرْضًا بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَالْحَاكِمُ إذَا اقْتَرَضَ النَّفَقَةَ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ بِهَا وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ فِي بَابِهَا وَلَوْ سُلِّمَ مَا قَالَهُ فَالْفَرْقُ أَنَّ اللَّقِيطَ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِذَا بَانَ لَهُ قَرِيبٌ وَأَنْفَقْنَا عَلَيْهِ رَجَعْنَا بِهَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَرْضِ الْقَاضِي لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ ذَكَرُوا فِي اللِّعَانِ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى اثْنَانِ نَسَبَ مَوْلُودٍ وَوَزَّعْنَا النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ ابْنُ أَحَدِهِمَا رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ وَقَدْ صَرَّحَ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْقَرِيبِ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ، وَالْعُدَّةِ (أَوْ) ظَهَرَ لَهُ (مَالٌ، أَوْ اكْتَسَبَهُ فَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ) لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (وَلَا كَسْبَ) لَهُ (فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ) الرُّجُوعُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْهُ ابْتِدَاءً وَجَبَ الْقَضَاءُ مِنْهُ ثَانِيًا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ مَالٌ، وَلَا كَسْبَ لَهُ تَبَيَّنَّ أَنَّ النَّفَقَةَ لَمْ تَكُنْ قَرْضًا فَلَا رُجُوعَ بِهَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمْنَاهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ كَمَا لَوْ افْتَقَرَ رَجُلٌ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ. هَذَا إنْ لَمْ يَبْلُغْ اللَّقِيطُ (فَإِنْ بَلَغَ فَمِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ) الشَّامِلِينَ لِلْفُقَرَاءِ أَيْ مِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ، أَوْ الْفُقَرَاءِ (أَوْ الْغَارِمِينَ) بِحَسَبِ -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْإِبَانَةِ كَقُرْبِ الدَّابَّةِ مِنْ صَاحِبِهَا إذَا نَزَلَ عَنْهَا وَنَحْوُهُ فِي التَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ) وَتَبِعُوهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ الْمَدْفُونِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ دَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ فَكَنْزٌ، أَوْ فِي الْإِسْلَامِ فَلُقَطَةٌ. [فَرْعٌ نَفَقَةُ اللَّقِيطِ وَحَضَانَتُهُ] (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي حَضَانَةِ أَبِيهِ الْمُوسِرِ وَلَهُ مَالٌ كَانَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَهُنَا أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْقُوفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ إلَخْ) أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُمْ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجِهَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا، وَإِلَّا لَمْ يُصْرَفْ لِمَنْ حَدَثَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْجَوَابِ وَيُقَالُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ مَنْ يُمْكِنُ الصَّرْفُ إلَيْهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ الْجِهَةُ وَيَكْفِي لِسُكَّانِهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ التَّخْيِيرُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ نَقْلًا قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ وَالْأَفْقَهُ تَقْدِيمُ الْخَاصِّ فَلَا يُنْفَقُ مِنْ الْعَامِّ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: اقْتَرَضَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ أَغْنِيَاءِ بَلَدِهِ) لَوْ أَذِنَ الْقَاضِي لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ فَالنَّصُّ - وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ - الْجَوَازُ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَلَوْ ظَهَرَ لَهُ سَيِّدٌ، أَوْ قَرِيبٌ رَجَعَ عَلَيْهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ وَقْفِ اللُّقَطَاءِ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ سَيِّدٌ، أَوْ قَرِيبٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْإِنْفَاقِ كَانَ لَقِيطًا فَيُصْرَفُ لَهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ فِي بَابِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا أَحْسِبُ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَالْعُدَّةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 مَا يَرَاهُ لَا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَهُوَ سَهْوٌ نَشَأَ مِنْ تَقْدِيمِهِ بَيْتَ الْمَالِ وَزِيَادَتِهِ " فَإِنْ بَلَغَ "، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَضَى مِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ، وَالْغَارِمِينَ أَيْ لَا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِاغْتِنَائِهِ بِذَلِكَ وَإِنْ حَصَلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَيَسَارِهِ قَضَى مِنْهُ لَكِنْ فِي تَقْيِيدِهِ هَذَا بِقَبْلِ بُلُوغِهِ نَظَرٌ وَاسْتُشْكِلَ مَا ذُكِرَ فِي الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ بِأَنَّهُمَا لَا يُقْضَى دَيْنُهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُصْرَفُ إلَيْهِمَا قَدْرُ كِفَايَتِهِمَا، أَوْ مَا فَوْقَهَا فَيَمْلِكَانِ الْمَصْرُوفَ، وَإِذَا مَلَكَاهُ صُرِفَ الْفَاضِلُ عَنْ قَدْرِ كِفَايَتِهِمَا إلَى الدَّيْنِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ ثَمَّ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ هَلْ يُنْفَقُ عَلَى اللَّقِيطِ مِنْهُ مُقَدَّمًا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَوْقُوفِ عَلَى اللُّقَطَاءِ أَوْ لَا.؟ قَالَ السُّبْكِيُّ فِيهِ احْتِمَالَانِ عِنْدِي أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِصِفَةِ الْفَقْرِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّرْفِ إلَى مَنْ ظَاهِرُهُ الْفَقْرُ تَحَقُّقُهُ بَلْ يَكْفِي ظَاهِرُ الْحَالِ (وَلِلْقَاضِي أَنْ يَأْذَنَ لِلْمُلْتَقِطِ فِي الْإِنْفَاقِ) عَلَى اللَّقِيطِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إذَا اُحْتِيجَ لِلِاقْتِرَاضِ لَهُ (لِيَرْجِعَ) بِهِ وَمِثْلُهُ وَاجِدُ الضَّالَّةِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ (وَلَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ اللَّقِيطِ (مَالٌ اسْتَقَلَّ الْمُلْتَقِطُ بِحِفْظِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ كَحِفْظِهِ اللَّقِيطَ بَلْ أَوْلَى، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْعَدْلِ الَّذِي يَجُوزُ إيدَاعُ مَالِ الْيَتِيمِ عِنْدَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَا يُخَاصِمُ لَوْ نُوزِعَ فِيهِ) إلَّا بِوِلَايَةٍ مِنْ الْقَاضِي كَالْمُودَعِ (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ) مِنْهُ (بِإِذْنِ الْقَاضِي) إنْ وَجَدَهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمَالِ لَا تَثْبُتُ لِقَرِيبٍ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَالْأَجْنَبِيُّ أَوْلَى قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَاتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ لَا يَتَحَقَّقُ هُنَا بَلْ هُوَ كَقَيِّمِ الْيَتِيمِ يَأْذَنُ لَهُ الْقَاضِي فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ (فَإِنْ اسْتَقَلَّ) بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْهُ (ضَمِنَ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ وَدِيعَةَ يَتِيمٍ) كَانَتْ عِنْدَهُ (عَلَيْهِ) اسْتِقْلَالًا نَعَمْ إنْ كَانَ مَالُهُ طَعَامًا فَقَدَّمَهُ لَهُ فَأَكَلَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْغَصْبِ بَلْ أَوْلَى (وَلَوْ أَذِنَ الْقَاضِي لِغَيْرِ الْمُلْتَقِطِ فِي الْإِنْفَاقِ) عَلَيْهِ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ (فَأَسْرَفَ ضَمِنَ الزَّائِدَ) أَوْ قَتَّرَ عَلَيْهِ مُنِعَ مِنْهُ (وَإِنْ كَانَ) قَدْ (سَلَّمَهُ) أَيْ مَا أَنْفَقَ عَلَى اللَّقِيطِ (إلَى الْمُلْتَقِطِ فَقَرَارُ) ضَمَانِ (الزَّائِدِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ) لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ (وَنَزَعَهُ) أَيْ مَالَ اللَّقِيطِ (الْحَاكِمُ) مِنْ الْمُلْتَقِطِ إنْ شَاءَ بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِحِفْظِ مَالِ اللَّقِيطِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (فِي دَعْوَى إنْفَاقٍ) عَلَيْهِ (بِالْإِذْنِ) لِقَدْرٍ (لَائِقٍ) بِالْحَالِ إذَا نُوزِعَ فِيهِ (فَإِنْ ادَّعَى فَوْقَهُ) أَيْ اللَّائِقِ (ضَمِنَ الزَّائِدَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِتَفْرِيطِهِ لَكِنْ لَوْ ادَّعَى إنْفَاقَ عَيْنٍ صُدِّقَ لِتَنْقَطِعَ الْمُطَالَبَةُ بِهَا، ثُمَّ يَضْمَنُ كَالْغَاصِبِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ " وَإِذَا " (لَمْ يَكُنْ) ثَمَّ (قَاضٍ أَنْفَقَ) الْمُلْتَقِطُ عَلَيْهِ (مِنْهُ) لِلضَّرُورَةِ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ إلَى أَمِينٍ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ (وَأَشْهَدَ) وُجُوبًا بِالْإِنْفَاقِ كُلَّ مَرَّةٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي مُجَلِّيٍّ، وَفِيهِ حَرَجٌ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ مَعَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ اللَّقِيطِ) (وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنْ وُجِدَ) اللَّقِيطُ (فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) بِأَنْ يَسْكُنَهَا الْمُسْلِمُونَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ (أَوْ كَانَتْ لِلْإِسْلَامِ) بِأَنْ فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ وَأَقَرُّوهَا بِيَدِ الْكُفَّارِ أَوْ كَانُوا يَسْكُنُونَهَا، ثُمَّ جَلَّاهُمْ الْكُفَّارُ عَنْهَا (وَفِيهَا مُسْلِمٌ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اللَّقِيطُ وَلَدَهُ وَلَوْ نَفَاهُ، أَوْ كَانَ تَاجِرًا، أَوْ أَسِيرًا (حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ خَبَرُ «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْطُوفَةَ عَلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَيْسَتْ دَارَ إسْلَامٍ وَلَيْسَ مُرَادًا فَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْلُ بِإِنَّ الْجَمِيعَ دَارُ إسْلَامٍ (وَكَذَا) يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِذَلِكَ لَوْ وُجِدَ (فِي دَارٍ كُفْرٍ وَفِيهَا مُسْلِمٌ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسْلِمٌ (فَكَافِرٌ) إذْ لَا مُسْلِمَ يَحْتَمِلُ إلْحَاقَهُ بِهِ (وَلَا أَثَرَ لِعَابِرِي السَّبِيلِ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَمَا لَا أَثَرَ لِلْمَحْبُوسِينَ فِي الْمَطَامِيرِ (فَإِنْ كَانُوا) أَيْ أَهْلُ الْبُقْعَةِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّرْفِ إلَخْ) قَالَ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْوَقْفِ مَا يُعَضِّدُهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْعَدْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إنْ وَجَدَهُ) وَإِلَّا أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ بِشَرْطِ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِحِفْظِ مَالِ اللَّقِيطِ) (فَائِدَةٌ) جَوَازُ اسْتِقْلَالِهِ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إذَا أَدَامَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ الْحَاكِمُ لَا يَضْمَنُهُ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. . [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ اللَّقِيطِ] (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ لِلْإِسْلَامِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا وُجِدَ فِي دَارٍ لَيْسَ فِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ فَهُوَ مُسْلِمٌ ظَاهِرًا، أَوْ بَاطِنًا، وَإِلَّا فَفِي الظَّاهِرِ، وَالْمُعَاهَدُ كَالذِّمِّيِّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسْلِمٌ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ إنَّمَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إذَا كَانَ فِي الْقَرْيَةِ مُسْلِمٌ أَمَّا إذَا كَانَ جَمِيعُ مَنْ فِيهَا كُفَّارًا فَهُوَ كَافِرٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ سُلِّمَ هَذَا وَجَبَ رَدُّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " فِيهَا مُسْلِمٌ " إلَى جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ وَلَوْ وُجِدَ اللَّقِيطُ بِبَرِّيَّةٍ فَمُسْلِمٌ كَمَا حَكَاهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ عَنْ جَدِّهِ تَرْجِيحًا لِلْإِسْلَامِ وَهُوَ الظَّاهِرُ إذَا كَانَتْ بَرِّيَّةَ دَارِنَا، أَوْ بَرِّيَّةً لَا يَدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا أَمَّا بَرِّيَّةُ دَارِ الْحَرْبِ الَّتِي لَا يَطْرُقُهَا مُسْلِمٌ فَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اللَّقِيطُ وَلَدَهُ) خَرَجَ بِهِ الصَّبِيُّ وَإِنْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ) أَيْ وَالدَّارَقُطْنِيّ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِعَابِرِي السَّبِيلِ) قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَنْ يَكُونَ فِيهَا مُسْلِمٌ وَلَوْ مُجْتَازًا تَغْلِيبًا لِحُرْمَتِهَا وَكَذَا عَبَّرَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مَعَ تَعْبِيرِهِ فِي دَارِ الْكُفْرِ بِالسَّكَنِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْلَمْ أَنَّ قَضِيَّةَ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمٌ بِمِصْرٍ وَاحِدٍ عَظِيمٍ بِدَارِ الْحَرْبِ وَوَجَدَ فِيهَا كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ لَقِيطٍ مَثَلًا أَنَّا نَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِمْ وَهَذَا إنْ كَانَ لِأَجْلِ تَبَعِيَّةِ الْإِسْلَامِ كَالسَّابِي، أَوْ كَدَارِنَا فَذَاكَ، وَإِنْ كَانَ لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ الْمَوْجُودُ امْرَأَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 499 (مِلَلًا) مُخْتَلِفَةً (جُعِلَ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنْ ادَّعَى ذِمِّيٌّ) أَوْ نَحْوُهُ (نَسَبَهُ لَحِقَهُ) وَتَبِعَهُ فِي الْكُفْرِ وَارْتَفَعَ مَا كُنَّا ظَنَنَّاهُ إذْ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ كُفْرُ وَلَدِ الْكَافِرِ (لَكِنْ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) بِذَلِكَ (لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ) وَإِنْ لَحِقَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ مُسْلِمَةٍ وَلِأَنَّهُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فَلَا يُغَيَّرُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى كَمَا فِي إسْلَامِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ وَصَفَ الْمُمَيِّزُ الْإِسْلَامَ، ثُمَّ إذَا بَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ قُرِّرَ لَكِنَّهُ يُهَدَّدُ لَعَلَّهُ يُسْلِمُ (وَيُنْفَقُ عَلَى) اللَّقِيطِ (الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ) إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إذْ لَا وَجْهَ لِتَضْيِيعِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَعُنَا بِالْجِزْيَةِ إذَا بَلَغَ هَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْأَصْلِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ الْمَنْعُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ مَصْرُوفٌ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْمُشْرِكِينَ فَعَلَيْهِ إنْ تَبَرَّعَ أَحَدٌ بِنَفَقَتِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا جَمَعَ الْإِمَامُ أَغْنِيَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَقَسَّطَ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِمْ قَرْضًا يَرْجِعُونَ بِهَا. (فَصْلٌ: يَصِحُّ الْإِسْلَامُ) أَيْ مُبَاشَرَتُهُ مِنْ مُكَلَّفٍ (بِالنُّطْقِ) لِلنَّاطِقِ (وَالْإِشَارَةِ لِلْعَاجِزِ) عَنْ النُّطْقِ (لَا مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ وَلَوْ مُمَيِّزًا) كَسَائِرِ الْعُقُودِ قَالُوا وَلَا تُقَاسُ صِحَّتُهُ مِنْ الْمُمَيِّزِ عَلَى صِحَّةِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ مِنْهُ لِأَنَّهَا تَقَعُ مِنْهُ نَفْلًا، وَالْإِسْلَامُ لَا يُتَنَفَّلُ بِهِ وَأَمَّا صِحَّةُ إسْلَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ صِغَرِهِ فَأُجِيبَ عَنْهَا بِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا صَارَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْبُلُوغِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فِي عَامِ الْخَنْدَقِ أَمَّا قَبْلَهَا فَكَانَتْ مَنُوطَةً بِالتَّمْيِيزِ، وَإِذَا لَمْ نُصَحِّحْ إسْلَامَهُ فَلَا نَمْنَعُهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْعِبَادَاتِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ (وَيَدْخُلُ الْمُمَيِّزُ بِهِ) أَيْ بِإِسْلَامِهِ مُبَاشَرَةً (الْجَنَّةَ) قَطْعًا (إذَا أَسَرَّهُ كَمَا أَظْهَرَهُ) وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِصِحَّةِ إسْلَامِهِ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا وَفِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ إذَا مَاتُوا وَلَمْ يَتَلَفَّظُوا بِالْإِسْلَامِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَيْضًا كَمَا مَرَّ (وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبَوَيْهِ) وَأَهْلِهِ الْكُفَّارِ (اسْتِحْبَابًا) لِئَلَّا يَفْتِنُوهُ وَطَمَعًا فِي أَنْ يَثْبُتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى مَا وَصَفَهُ (فَإِنْ بَلَغَ كَافِرًا) بِأَنْ وَصَفَ الْكُفْرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ (هُدِّدَ) وَطُولِبَ بِالْإِسْلَامِ (فَإِنْ أَصَرَّ رُدَّ إلَيْهِمَا) . (فَصْلٌ: وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ صَغِيرٍ وَذِي جُنُونٍ وَلَوْ طَرَأَ) جُنُونُهُ (فِي الْكِبَرِ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ وَكَذَا لِسَائِرِ أُصُولِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا وَارِثِينَ (كَجَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ لِأَبٍ، أَوْ أُمٍّ، وَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ حَيًّا) سَوَاءٌ أَسْلَمُوا قَبْلَ الْعُلُوقِ أَمْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جُزْءٌ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِوَسَطٍ وَلِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ لِلْفَرْعِيَّةِ وَهِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِمَا ذُكِرَ، فَإِنْ قُلْتَ إطْلَاقُ ذَلِكَ يَقْتَضِي إسْلَامَ جَمِيعِ الْأَطْفَالِ بِإِسْلَامِ جَدِّهِمْ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قُلْت أَجَابَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي جَدٍّ يُعْرَفُ النَّسَبُ إلَيْهِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا التَّوَارُثُ وَبِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ فِي الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ حُكْمٌ جَدِيدٌ لِخَبَرِ «وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ» . (فَصْلٌ) فِي تَبَعِيَّةِ السَّابِي (وَإِنْ سَبَى مُسْلِمٌ لَا ذِمِّيٌّ صَبِيًّا) أَوْ مَجْنُونًا (دُونَ) أَحَدِ (أَبَوَيْهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلسَّابِي) لِأَنَّهُ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ وَلَيْسَ مَعَهُ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْهُ فَتَبِعَهُ كَالْأَبِ قَالَ الْإِمَامُ: وَكَأَنَّ السَّابِيَ لَمَّا أَبْطَلَ حُرِّيَّتَهُ قَلَبَهُ قَلْبًا كُلِّيًّا فَعُدِمَ عَمَّا كَانَ وَافْتُتِحَ لَهُ وُجُودٌ تَحْتَ يَدِ السَّابِي وَوِلَايَتِهِ فَأَشْبَهَ تَوَلُّدَهُ -.   [حاشية الرملي الكبير] كَوْنِ الْمُسْلِمِ بِهَا وَقْتَ إمْكَانِ الْعُلُوقِ أَمَّا لَوْ طَرَقَهَا مُسْلِمٌ، ثُمَّ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا وُجِدَ فِيهَا مَنْبُوذٌ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالسُّكْنَى ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِيطَانَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ مَنْ انْقَطَعَ عَنْهُ حُكْمُ السَّفَرِ كَالسَّاكِنِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُقِيمُ بَعْضَ يَوْمٍ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَهِدَتْ بِهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبُ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا لَكِنْ فِي الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَسْلِيمُهُ لِمُسْلِمٍ. [فَصْلٌ مُبَاشَرَة الْإِسْلَامُ مِنْ مُكَلَّفٍ بِالنُّطْقِ] (قَوْلُهُ: وَصَبِيٍّ) لِأَنَّ نُطْقَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ إمَّا خَبَرٌ أَوْ إنْشَاءٌ فَإِنْ كَانَ خَبَرًا فَخَبَرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ، أَوْ إنْشَاءً فَكَعُقُودِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَحْكَامَ إلَخْ) وَبِأَنَّهُ كَانَ بَالِغًا عِنْدَ إسْلَامِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ) قَالَ لِشَيْخِنَا فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ الْمُمَيِّزُ بِهِ الْجَنَّةَ إلَخْ) قَالَ الْجَارْبُرْدِيُّ: وَيَرِدُ فِي خَاطِرِي أَنَّ الْجَوَابَ أَنْ يُقَالَ اعْتِبَارُ الْقَوْلِ إنَّمَا هُوَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ إنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا ... جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلَا وَإِذَا كَانَ اعْتِبَارُهُ لِدَلَالَةِ مَا فِي الْقَلْبِ وَغَيْرُ الْبَالِغِ لَا يَدُلُّ كَلَامُهُ عَلَى مُوَافَقَةِ الْقَلْبِ؛ إذْ لَا اعْتِدَادَ بِإِخْبَارِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ قَلْبُهُ مُوَافِقًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ سِرٌّ لَا نَعْلَمُهُ وَلَمَّا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى مُطَّلِعًا عَلَى ضَمِيرِهِ وَكَانَ مُوَافَقَةُ قَلْبِهِ لِلِسَانِهِ مَعْلُومًا عِنْدَهُ تَعَالَى كَانَ فَائِزًا بِالْجَنَّةِ لَا مَحَالَةَ. [فَصْلٌ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ صَغِيرٍ وَذِي جُنُونٍ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ] (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ إلَخْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ» فَجَعَلَ مُوجِبَ كُفْرِهِ كُفْرَهُمَا جَمِيعًا وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ فِي إسْلَامِ الْأَبِ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِسَائِرِ أُصُولِهِ) قَالَ النَّاشِرِيُّ يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ أَحَدَ أُصُولِهِ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ زَنَى بِكَافِرَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى أَصْلًا؛ إذْ يَصِحُّ وَيَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْعَلَائِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ إنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَوْلُهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جُزْءٌ مِنْ مُسْلِمٍ) هَذِهِ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ إنْ كَانَ الْأَبُ مُسْلِمًا أَوْ الْأُمُّ وَقُلْنَا الْوَلَدُ مِنْ مَائِهِمَا فَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إنَّهُ مِنْ الرَّجُلِ فَقَطْ فَلَا. . [فَصْلٌ تَبَعِيَّةِ السَّابِي وَإِنْ سَبَى مُسْلِمٌ لَا ذِمِّيٌّ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا دُونَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ] (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّ السَّابِيَ لَمَّا أَبْطَلَ حُرِّيَّتَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْمَسْبِيُّ عَبْدًا فَهَلْ نَقُولُ يَتْبَعُ السَّابِيَ فِي الْإِسْلَامِ كَالْمَسْبِيِّ الْحُرِّ أَمْ نَقُولُ لَا يَتْبَعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ رِقٌّ يَقْلِبُهُ إلَى تَبَعِيَّةِ السَّابِي هَذَا مُحْتَمَلٌ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ النَّاشِرِيُّ قَدْ يُقَالُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّابِي عَاقِلًا أَمْ مَجْنُونًا بَالِغًا أَمْ صَغِيرًا بِخِلَافِ مَا لَوْ سَبَاهُ ذِمِّيٌّ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الذِّمِّيِّ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ وَلَا فِي أَوْلَادِهِ فَكَيْفَ يُؤَثِّرُ فِي مُسَبَّبِهِ وَلِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الدَّارِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَلَا نَسَبُهُ نَعَمْ هُوَ عَلَى دِينِ سَابِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ سَبَاهُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ (فَإِنْ سُبِيَ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فِي جَيْشٍ وَاحِدٍ تَبِعَهُ فِي دِينِهِ) وَإِنْ اخْتَلَفَ سَابِيهِمَا لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الْأَصْلِ أَقْوَى مِنْ تَبَعِيَّةِ السَّابِي فَكَانَ أَوْلَى بِالِاسْتِتْبَاعِ وَلَا يُؤَثِّرُ مَوْتُ الْأَصْلِ بَعْدُ؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إنَّمَا تَثْبُتُ فِي ابْتِدَاءِ السَّبْيِ (وَإِنْ سَبَى الذِّمِّيُّ الصَّبِيَّ، أَوْ) الْمَجْنُونَ (وَبَاعَهُ، أَوْ بَاعَهُ السَّابِي الْمُسْلِمُ) وَلَوْ (دُونَ أَبَوَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ) فِيهِمَا (لَمْ يَتْبَعْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (لِفَوَاتِ الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ التَّبَعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَثْبُتُ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ وَلَمْ تَثْبُتْ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ بَيْعِ السَّابِي الْمُسْلِمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ بَلَغَ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلسَّابِي، أَوْ لِلْأَبَوَيْنِ كَافِرًا) بِأَنْ وَصَفَ الْكُفْرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ (فَمُرْتَدٌّ) لَا كَافِرٌ أَصْلِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِهِ مَجْزُومٌ بِهِ لِكَوْنِهِ عَلَى عِلْمٍ مِنَّا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ بِخِلَافِهِ فِي تَابِعِ الدَّارِ كَمَا سَيَأْتِي لِبِنَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهَا. فَإِذَا أَعْرَبَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ تَبَيَّنَ خِلَافُ مَا ظَنَنَّاهُ كَمَا لَوْ بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالرِّقِّ يُقْبَلُ، وَإِنْ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ (وَلَا تُنْقَضُ الْأَحْكَامُ الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِرِدَّتِهِ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ) حَتَّى لَا يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ تَرِكَةِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَلَا يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَةِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ مَا حَرَمْنَاهُ مِنْهُ، وَلَا يُحْكَمَ بِأَنَّ إعْتَاقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لَمْ يَقَعْ مُجْزِئًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ (فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ) بِشَيْءٍ (لَمْ يُنْقَضْ مَا حُكِمَ بِهِ مِنْ) أَحْكَامِ (إسْلَامِهِ فِي الصِّبَا) لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ (وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ فَبَلَغَ وَأَفْصَحَ بِالْكُفْرِ فَأَصْلِيٌّ) لَا مُرْتَدٌّ فَيُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ، وَيُنْقَضُ مَا أَمْضَيْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ مِنْ إرْثِهِ مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَمَنْعِ إرْثِهِ مِنْ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَجَوَازِ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ إنْ كَانَ رَقِيقًا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا جَرَى فِي الصِّغَرِ، أَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِالْكُفْرِ (وَإِنْ لَمْ يُفْصِحْ بِشَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْكُفْرِ (أُمْضِيَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ) أَيْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ (الْجَارِيَةُ فِي الصِّبَا) أَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ كَمَا فِي الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبِيهِ. (الْحُكْمُ الثَّانِي الْجِنَايَةُ) مِنْهُ وَعَلَيْهِ (فَإِنْ جَنَى اللَّقِيطُ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (فَمُوجَبُهَا) بِفَتْحِ الْجِيمِ (فِي بَيْتِ الْمَالِ) إذْ لَيْسَ لَهُ عَاقِلَةٌ خَاصَّةٌ وَمَالُهُ إذَا مَاتَ مَصْرُوفٌ إلَيْهِ (أَوْ عَمْدًا وَهُوَ بَالِغٌ) عَاقِلٌ (اُقْتُصَّ مِنْهُ) بِشَرْطِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا عَاقِلًا (فَالدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ كَضَمَانِ مَا أَتْلَفَهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَهِيَ (فِي ذِمَّتِهِ) إلَى أَنْ يَجِدَ فَإِنْ كَانَ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ فَتَرِكَتُهُ فَيْءٌ فَلَا تَكُونُ جِنَايَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَإِنْ قُتِلَ خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحُرِّيَّةِ (تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) كَمَا أَنَّ مَا عَلَيْهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ (وَأَرْشُ طَرَفٍ لَهُ) يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَعْفُوَ) عَنْ قَاتِلِهِ (عَلَى مَالٍ) إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي الْعَفْوِ، وَإِلَّا الْتَحَقَ بِالْحُدُودِ الْمُتَحَتِّمَةِ (لَا مَجَّانًا) لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ (وَ) لَهُ (أَنْ يَقْتَصَّ) مِنْ قَاتِلِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ مَعْصُومٌ (لَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِالْإِسْلَامِ) بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَلَا يَقْتَصُّ لَهُ صِيَانَةً لِلدَّمِ مَعَ احْتِمَالِ الْكُفْرِ وَلِأَنَّ حُكْمَ التَّبَعِيَّةِ بَطَلَ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِسْلَامُ بِالِاسْتِقْلَالِ فَكَانَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقِصَاصِ (بَلْ تَجِبُ دِيَتُهُ) لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْكُفْرُ بَعْدَهُ وَفَارَقَ عَدَمَ إيجَابِ الْقِصَاصِ بِأَنَّ حَقْنَ الدَّمِ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْمَالِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لَهُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِقَتْلِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الدَّارِ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ.   [حاشية الرملي الكبير] إلَى السَّابِي وَتَجَدُّدُ الْمِلْكِ لَهُ بِالسَّبْيِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَحُصُولِ الْمِلْكِ لَهُ عَلَى الْحُرِّ بِالسَّبْيِ فَيَتْبَعُهُ الْعَبْدُ كَمَا يَتْبَعُ الْحُرُّ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ) قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَإِذَا سَبَاهُ الذِّمِّيُّ وَحْدَهُ فَهُوَ عَلَى دِينِ سَابِيهِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ) أَوْ أُصُولِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ سَابِيهِمَا) فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ سَبَقَ سَبْيُ أَحَدِهِمَا سَبْيَ الْآخَرِ تَبِعَ السَّابِيَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَى الذِّمِّيُّ الصَّبِيَّ إلَخْ) لَوْ سُبِيَ أَبَوَاهُ ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ يَصِرْ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَيَنْتَظِمُ مِنْ هَذَا لُغْزٌ فَيُقَالُ طِفْلٌ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ أَسْلَمَ أَبَوَاهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُمَا فِي الْإِسْلَامِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُمَا لَوْ أَسْلَمَا بِأَنْفُسِهِمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ خَرَجَا إلَيْنَا وَأَسْلَمَا لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِانْفِرَادِهِ عَنْهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِذَلِكَ وَلَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ السَّابِي هَلْ يَتْبَعُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَكَذَا لَوْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ صَغِيرًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَمَلَكَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ هَلْ يَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَالظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةً وَكَفَالَةً وَمِلْكًا وَذَلِكَ عِلَّةُ الْإِسْلَامِ فِيمَا إذَا كَانَ السَّابِي مُسْلِمًا. اهـ. وَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِنَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ لَوْ اشْتَرَى الْكَافِرُ عَبْدًا صَغِيرًا، ثُمَّ أَسْلَمَ السَّيِّدُ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْعَبْدِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ سَبَى ذِمِّيٌّ صَبِيًّا فَحَمَلَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ؟ وَجْهَانِ. اهـ. . وَأَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ فَبَلَغَ وَأَفْصَحَ بِالْكُفْرِ فَأَصْلِيٌّ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ فِي الدَّارِ كَافِرٌ، وَإِلَّا فَمُرْتَدٌّ قَطْعًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) إنَّمَا تُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ فَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهَا تَسْقُطُ وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا إنَّمَا تُؤْخَذُ عِنْدَ فَقْدِ الْعَاقِلَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِتُعَادَ إلَيْهِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 وَغَيْرُهُ وَبِنَاءَ الْأَصْلِ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَتْلِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ فِي التَّصْحِيحِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ فَالتَّصْحِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَيَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ فِي الطَّرَفِ) بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (إنْ أَفْصَحَ) بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِي الْقِصَاصِ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّ اللَّقِيطَ قَدْ يُرِيدُ التَّشَفِّيَ وَقَدْ يُرِيدُ الْعَفْوَ فَلَا يُفَوَّتُ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يُفْصِحْ بِالْإِسْلَامِ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ كَنَظِيرِهِ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ (فَيَجْلِسُ) قَاطِعُ طَرَفِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ (لَهُ إلَى الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ) مِنْ الْجُنُونِ إنْ كَانَ مَجْنُونًا (وَيَأْخُذُ الْوَلِيُّ) وَلَوْ حَاكِمًا (لَا وَصِيٌّ الْأَرْشَ لِمَجْنُونٍ فَقِيرٍ) لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ وَلَيْسَ لِزَوَالِ عِلَّتِهِ غَايَةٌ تُنْتَظَرُ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْهُ الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ إسْقَاطٌ وَلَيْسَ هُوَ لِلْوَصِيِّ (لَا) لِمَجْنُونٍ (غَنِيٍّ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ (وَلَا صَبِيٍّ فَقِيرٍ) أَوْ غَنِيٍّ؛ لِأَنَّ لِزَوَالِ الصِّبَا غَايَةً مُنْتَظَرَةً وَلِعَدَمِ الْحَاجَةِ فِي الْغِنَى فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ " فَقِيرٍ " كَانَ أَوْلَى (فَلَوْ أَفَاقَ) الْمَجْنُونُ بَعْدَ أَخْذِ الْوَلِيِّ الْأَرْشَ (وَرَدَّهُ لِيَقْتَصَّ مُنِعَ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ أَخْذَ الْمَالِ عَفْوٌ وَكَمَا لَوْ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ شُفْعَةِ الصَّبِيِّ لِلْمَصْلَحَةِ فَبَلَغَ وَأَرَادَ الْأَخْذَ. (الْحُكْمُ الثَّالِثُ النَّسَبُ) لِلَّقِيطِ وَهُوَ كَسَائِرِ الْمَجْهُولِينَ (فَمَنْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ لَحِقَهُ) بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا قَافَةٍ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ وَلِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّسَبِ مِمَّا يَعْسُرُ وَلَوْ لَمْ نُثْبِتْهُ بِالِاسْتِلْحَاقِ لَضَاعَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَنْسَابِ (وَقَدْ سَبَقَتْ شُرُوطُ الِاسْتِلْحَاقِ فِي) كِتَابِ (الْإِقْرَارِ) وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُلْتَقِطِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ) لَهُ (كَافِرًا) فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ كَالْمُسْلِمِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْجِهَاتِ الْمُثْبِتَةِ لِلنَّسَبِ (وَكَذَا عَبْدٌ أَقَرَّ وَلَوْ بِأَخٍ، أَوْ عَمٍّ) كَالْحُرِّ (وَسَوَاءٌ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ فِيمَا اسْتَلْحَقَ، أَوْ كَذَّبَهُ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ فِي أَمْرِ النَّسَبِ لِإِمْكَانِ الْعُلُوقِ مِنْهُ بِنِكَاحٍ، أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِإِضْرَارِ السَّيِّدِ بِانْقِطَاعِ الْإِرْثِ عَنْهُ لَوْ أَعْتَقَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ اسْتَلْحَقَ ابْنًا وَلَهُ أَخٌ يُقْبَلُ اسْتِلْحَاقُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اللُّحُوقِ بِإِقْرَارِهِ بِأَخٍ أَوْ عَمٍّ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ حَيْثُ أَجْرَى فِيهِ خِلَافَ اسْتِلْحَاقِ الْعَبْدِ مَعَ تَكْذِيبِ سَيِّدِهِ لَهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِقْرَارِ وَمَا هُنَاكَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي شَيْءٍ الِاتِّحَادُ فِي التَّصْحِيحِ عَلَى أَنَّ مَا هُنَا مَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُ النَّسَبُ بِغَيْرِهِ وَشَرْطُهُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ وَارِثٍ جَائِزٍ قَالَ: وَلَعَلَّهُ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا كَانَ حَالَةَ مَوْتِ الْجَدِّ حُرًّا، ثُمَّ اُسْتُرِقَّ لِكُفْرِهِ وَحِرَابَتِهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ لَحِقَ الْمَيِّتَ (وَلَا يُسَلَّمُ) اللَّقِيطُ (إلَى الْعَبْدِ لِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَتِهِ) إذْ لَا مَالَ لَهُ (وَ) عَنْ (حَضَانَتِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لَهَا (وَإِنْ كَانَ) الْمُسْتَلْحِقُ لَهُ (عَتِيقًا فَأَوْلَى) مِنْ الْعَبْدِ (بِأَنْ يَلْحَقَهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالنِّكَاحِ وَالتَّسَرِّي) وَمَحَلُّهُ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ فِي الْوَلَدِ أَمَّا فِي الْأَخِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمَوْلَى وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ فَهُوَ وَالْعَبْدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ حُرٌّ عَبْدَ غَيْرِهِ وَهُوَ بَالِغٌ) عَاقِلٌ (فَصَدَّقَهُ لَحِقَهُ) وَلَا عِبْرَةَ بِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الْإِرْثِ الْمُتَوَهَّمِ بِالْوَلَاءِ، وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، أَوْ مَجْنُونٌ لَمْ يَلْحَقْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ) أَيْ اللَّقِيطَ (مُلْتَقِطُهُ اُسْتُحِبَّ سُؤَالُهُ عَنْ السَّبَبِ) كَأَنْ يُقَالَ لَهُ مِنْ أَيْنَ هُوَ لَك فَرُبَّمَا يَتَوَهَّمُ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يُفِيدُ النَّسَبَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ. (فَرْعٌ: لَوْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يَلْحَقْهَا) وَإِنْ كَانَتْ خَلِيَّةً لِإِمْكَانِهَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بِالْوِلَادَةِ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ (أَوْ بِبَيِّنَةٍ لَحِقَهَا وَكَذَا) يَلْحَقُ (زَوْجَهَا إنْ شَهِدَتْ) بَيِّنَتُهَا (بِوَضْعِهِ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَمْكَنَ) الْعُلُوقُ مِنْهُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ بِذَلِكَ، أَوْ شَهِدَتْ بِهِ لَكِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْعُلُوقُ مِنْهُ (فَلَا) يَلْحَقُهُ أَمَّا الْخُنْثَى فَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ (وَالْأَمَةُ) فِي الِاسْتِلْحَاقِ (كَالْحُرَّةِ) فَيَصِحُّ بِالْبَيِّنَةِ (لَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِرِقِّ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا بِاسْتِلْحَاقِهَا) لِاحْتِمَالِ انْعِقَادِهِ حُرًّا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ. [فَصْلٌ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيط مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ أَوْ حُرٌّ وَعَبْدٌ] (فَصْلٌ: وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ أَوْ حُرٌّ وَعَبْدٌ تَسَاوَيَا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَهْلٌ لِلِاسْتِلْحَاقِ لَوْ انْفَرَدَ فَلَا مَزِيَّةَ (وَلَا تَقْدِيمَ لِبَيِّنَةٍ بِيَدٍ) لِأَنَّ الْيَدَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ لَا عَلَى النَّسَبِ (فَإِنْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ ذُو يَدٍ، ثُمَّ) اسْتَلْحَقَهُ (آخَرُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ) لِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ الْأَوَّلِ مُعْتَضِدًا بِالْيَدِ (إلَّا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُلْتَقِطَ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَبَنَى الْأَصْلُ الْخِلَافَ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَإِنْ قُتِلَ بَعْدَ الْبُلُوغِ قَبْلَ الْإِفْصَاحِ فَعَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ قَطْعًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ وَهُوَ غَلَطٌ عَجِيبٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ إذَا قُتِلَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَالتَّبَعِيَّةُ فِيهِ أَقْوَى مِنْ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ اهـ وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِاللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ فَشَمِلَ أَقْسَامَهُ الثَّلَاثَةَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا عَبْدٌ أَقَرَّ وَلَوْ بِأَخٍ، أَوْ عَمٍّ) كَالْحُرِّ لَوْ أَقَرَّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ بِأَخٍ، أَوْ أَبٍ لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَظْهَرِ بِخِلَافِ الِابْنِ (قَوْلُهُ: مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِقْرَارِ) هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ يُتَصَوَّرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْوَلِيِّ) وَلِأَنَّ بِهِ حَاجَةً إلَى اسْتِلْحَاقِ الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُ نَسَبِهِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْأَخِ فَإِنَّهُ يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهُ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِمَا وَلِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إنْشَاءِ الِاسْتِيلَادِ فَصَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ اسْتَلْحَقَتْ امْرَأَةٌ اللَّقِيط بِلَا بَيِّنَةٍ] (قَوْلُهُ: تَسَاوَيَا) كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: هُوَ ابْنِي وَقَالَ الْآخَرُ: بِنْتِي فَخَرَجَتْ أُنْثَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 فَإِنَّ حُكْمَهُ سَيَأْتِي قَرِيبًا) فِي فَرْعِ " أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا " (وَإِنْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ ذُو الْيَدِ إلَّا وَقَدْ اسْتَلْحَقَهُ آخَرُ اسْتَوَيَا) فَلَا يُقَدَّمُ بِهِ ذُو الْيَدِ؛ إذْ الْغَالِبُ مِنْ حَالِ الْأَبِ أَنْ يَذْكُرَ نَسَبَ وَلَدِهِ وَيُشْهِرَهُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ صَارَتْ يَدُهُ كَيَدِ الْمُلْتَقِطِ فِي أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى النَّسَبِ (فَتُعْتَمَدُ الْبَيِّنَةُ) فِي تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا بِهِ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، أَوْ) كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَ (تَعَارَضَتَا وَأَسْقَطْنَاهُمَا فَالْقَائِفُ) يُعْرَضُ هُوَ مَعَهُمَا عَلَيْهِ فَبِأَيِّهِمَا أَلْحَقَهُ لَحِقَهُ (فَإِنْ عُدِمَ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَدَدِ عَنْ الرُّويَانِيِّ (أَوْ تَحَيَّرَ، أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا انْتَظَرْنَا بُلُوغَهُ) فَمَنْ انْتَسَبَ إلَيْهِ مِنْهُمَا لَحِقَ بِهِ لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا رَجُلًا لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا أَبَاهُ فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ وَلِأَنَّ طَبْعَ الْوَلَدِ يَمِيلُ إلَى وَالِدِهِ وَيَجِدُ بِهِ مَا لَا يَجِدُ بِغَيْرِهِ فَلَا يَكْفِي انْتِسَابُهُ وَهُوَ صَبِيٌّ وَلَوْ مُمَيِّزًا بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَانَةِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ فِيهَا لَا يُلْزِمُ بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْأَقْوَالِ الْمُلْزِمَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا كَمَا سَيَأْتِي (وَاعْتَبَرْنَا) فِيهِ (مَيْلَ طَبْعِهِ الْجِبِلِّيِّ) فَلَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ التَّشَهِّي (وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ) عَنْ انْتِسَابِهِ لِأَحَدِهِمَا (وَيُنْفِقَانِ عَلَيْهِ) مُدَّةَ الِانْتِظَارِ (وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ لَحِقَهُ النَّسَبُ) فَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ إنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ كَمَا قَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْعِدَدِ (فَإِنْ فُقِدَ الْمَيْلُ) مِنْهُ (وُقِفَ أَمْرُهُ فَإِنْ انْتَسَبَ إلَى ثَالِثٍ وَصَدَّقَهُ لَحِقَهُ، ثُمَّ) بَعْدَ انْتِسَابِهِ لِأَحَدِهِمَا، أَوْ الثَّالِثِ (مَتَى وُجِدَ قَوْلُ قَائِفٍ) بِأَنْ أَلْحَقَهُ بِغَيْرِهِ (أُبْطِلَ الِانْتِسَابُ) لِأَنَّ إلْحَاقَهُ حُجَّةٌ أَوْ حُكْمٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِوَاحِدٍ، ثُمَّ انْتَسَبَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لِآخَرَ امْتَنَعَ نَقْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ ذَكَرَ فِيهِ فِي الْكِفَايَةِ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ (أَوْ وُجِدَتْ الْبَيِّنَةُ) بَعْدَ الِانْتِسَابِ، وَالْإِلْحَاقِ (أَبْطَلَتْهُمَا) لِأَنَّهَا حُجَّةٌ فِي كُلِّ خُصُومَةٍ بِخِلَافِهِمَا. (فَرْعٌ: لَوْ تَنَازَعَتْ امْرَأَتَانِ لَقِيطًا أَوْ مَجْهُولًا وَأَقَامَتَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَعُرِضَ مَعَهُمَا عَلَى الْقَائِفِ فَلَوْ أَلْحَقَهُ بِإِحْدَاهُمَا) لَحِقَهَا وَ (لَحِقَ زَوْجَهَا أَيْضًا) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ لَمْ يُعْرَضْ عَلَى الْقَائِفِ لِمَا مَرَّ أَنَّ اسْتِلْحَاقَ الْمَرْأَةِ إنَّمَا يَصِحُّ مَعَهَا. (فَرْعٌ:) لَوْ (أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ بِالْآخَرِ لَمْ يُنْقَلْ إلَيْهِ) لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ (نَعَمْ مَنْ ادَّعَى لَقِيطًا اسْتَلْحَقَهُ مُلْتَقِطُهُ عُرِضَ مَعَهُ عَلَى الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ عُرِضَ مَعَ الْمُلْتَقِطِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ) أَيْضًا (تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَيُوقَفُ، وَإِنْ نَفَاهُ عَنْهُ فَهُوَ لِلْمُدَّعِي. (فَصْلٌ:) لَوْ (ادَّعَى كُلٌّ) مِنْ اثْنَيْنِ وَاللَّقِيطُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا (أَنَّهُ الْمُلْتَقِطُ) لَهُ (قُدِّمَ ذُو الْيَدِ) مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهَا تَشْهَدُ لَهُ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) إمَّا (فِي الْيَدِ وَ) إمَّا فِي (عَدَمِهَا فَحَلَفَا أَوْ نَكَلَا جَعَلَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا) بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمَا إنْ اسْتَوَيَا فِي عَدَمِ الْيَدِ جَعَلَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، أَوْ فِيهَا وَحَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ خُصَّ بِهِ، وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً عُمِلَ بِهَا (فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً) وَقَيَّدَتَا بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ (فَالْأَسْبَقُ تَارِيخًا) مِنْهُمَا مُقَدَّمٌ بِهِ كَمَا فِي الْمَالِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْأَصْلِ هُنَا مَا يُخَالِفُهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِيَدِهِمَا أَمْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، أَوْ لَا، وَلَا، فَلَوْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ وَانْتَزَعَهُ مِنْهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الِانْتِزَاعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبْقٌ بِأَنْ أَطْلَقَتَا، أَوْ أَرَّخَتَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا وَأَطْلَقَتْ الْأُخْرَى سَقَطَتَا، وَكَانَ لَا بَيِّنَةَ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَاهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ - حَيْثُ لَا يُقَدَّمُ بِالْيَدِ كَمَا مَرَّ، وَلَا بِتَقَدُّمِ التَّارِيخِ بِأَنْ أَقَامَهَا أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ بِيَدِهِ مُنْذُ سَنَةٍ وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ بِيَدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ - بِأَنَّ الْيَدَ وَتَقَدُّمَ التَّارِيخِ يَدُلَّانِ عَلَى الْحَضَانَةِ دُونَ النَّسَبِ. (الْحُكْمُ الرَّابِعُ الْحُرِّيَّةُ) وَالرِّقُّ لِلَّقِيطِ (فَمَنْ ادَّعَى رِقَّهُ) وَهُوَ صَغِيرٌ (أَوْ) ادَّعَى (رِقَّ صَغِيرٍ مَجْهُولٍ) رِقًّا وَحُرِّيَّةً (وَلَا يَدُلُّهُ) عَلَيْهِ (فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ فَلَا يُتْرَكُ إلَّا بِحُجَّةٍ وَيُخَالِفُ دَعْوَى النَّسَبِ؛ لِأَنَّ فِي قَبُولِهَا مَصْلَحَةً لِلصَّغِيرِ وَإِثْبَاتَ حَقٍّ لَهُ، وَهُنَا فِي الْقَبُولِ إضْرَارٌ بِهِ وَلِأَنَّ الْمُدَّعِيَ نَسَبَهُ لَا نَسَبَ لَهُ فِي الظَّاهِرِ، فَلَيْسَ فِي الْقَبُولِ تَرْكُ أَمْرٍ ظَاهِرٍ، وَالْحُرِّيَّةُ مَحْكُومٌ بِهَا ظَاهِرًا (وَكَذَا) لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (إنْ كَانَتْ) لَهُ يَدٌ وَكَانَتْ (يَدَ الْتِقَاطٍ) لِذَلِكَ وَيُخَالِفُ الْمَالَ فَإِنَّهُ مَمْلُوكٌ، وَلَيْسَ فِي دَعْوَاهُ تَغْيِيرُ صِفَةٍ لَهُ بِخِلَافِ اللَّقِيطِ (وَإِلَّا) .   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: عَنْ الرُّويَانِيِّ) وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الَّذِي يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ اخْتِيَارَ الطِّفْلِ فِي حُكْمِ الْبَدَلِ عَنْ الْقَائِفِ فَيُعْتَبَرُ فِي غَيْبَةِ الْقَائِفِ مَا يُعْتَبَرُ فِي غَيْبَةِ شُهُودِ الْأَصْلِ عِنْدَ اسْتِشْهَادِ الْفُرُوعِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ أَقْوَى (قَوْلُهُ: رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ إلَخْ) وَفِي تَعْلِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ كَمَا لَوْ تَدَاعَيَاهُ امْرَأَتَانِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا فَإِذَا انْتَسَبَ إلَى إحْدَاهُمَا لَمْ تَرْجِعْ الْأُخْرَى عَلَيْهَا قَطْعًا وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ دَعْوَى الْمَرْأَةِ وِلَادَتَهُ يُمْكِنُ الْقَطْعُ بِهَا فَآخَذْنَاهَا بِقَوْلِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ تَنَازَعَتْ امْرَأَتَانِ لَقِيطًا أَوْ مَجْهُولًا وَأَقَامَتَا بَيِّنَتَيْنِ] (قَوْلُهُ: لَحِقَهَا) وَلَحِقَ زَوْجَهَا أَيْضًا كَمَا لَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً وَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ رَجُلٌ فَأَنْكَرَتْهُ زَوْجَتُهُ لَمْ يَلْحَقْهَا وَلَوْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى بِإِذْنِ زَوْجِهَا لَمْ يَلْحَقْهَا فَإِنْ أَقَامَ زَوْجُ الْأُولَى وَزَوْجَةُ الثَّانِي بَيِّنَتَيْنِ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ، أَوْ بَيِّنَتُهَا أَوْ تُسْقَطَانِ وُجُوهٌ أَرْجَحُهَا ثَانِيهَا. [فَصْلٌ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ وَاللَّقِيطُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا] (قَوْلُهُ: هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْحُرِّيَّةُ مَحْكُومٌ بِهَا ظَاهِرًا) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ مَا إذَا وُجِدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ الَّتِي لَا مُسْلِمَ فِيهَا وَلَا ذِمِّيَّ قَالَ فَهُوَ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ، وَدَارُ الْحَرْبِ تَقْتَضِي اسْتِرْقَاقَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى دَارِ الْإِسْلَامِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ اهـ، وَقَدْ يُقَالُ: دَارُ الْحَرْبِ إنَّمَا تَقْتَضِي اسْتِرْقَاقَ هَؤُلَاءِ بِالْأَسْرِ، وَمُجَرَّدُ اللَّقْطِ لَا يَقْتَضِيهِ ش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ يَدَ الْتِقَاطٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ) الصَّغِيرُ (مُمَيِّزًا مُنْكِرًا) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مِنْ حَالِ الْمُدَّعِي الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ اسْتِنَادُ يَدِهِ إلَى سَبَبٍ لَا يَقْتَضِي الْمِلْكَ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِخَطَرِ شَأْنِ الْحُرِّيَّةِ (فَلَوْ بَلَغَ) الصَّغِيرُ (وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِرِقِّهِ فَلَا يُرْفَعُ ذَلِكَ الْحُكْمُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَ) لَكِنْ (لَهُ تَحْلِيفُ السَّيِّدِ) وَلَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِغَيْرِ السَّيِّدِ لَمْ يُقْبَلْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَالْبَالِغُ الْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ فِيمَا ذُكِرَ، وَإِفَاقَتُهُ كَبُلُوغِهِ. (فَرْعٌ:) لَوْ (رَأَى) شَخْصٌ (فِي يَدِ إنْسَانٍ صَغِيرًا يَسْتَخْدِمُهُ وَيَنْسُبُهُ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ إلَى مِلْكِهِ) بِأَنْ سَمِعَهُ الرَّائِي يَقُولُ هُوَ عَبْدِي، أَوْ سَمِعَ النَّاسَ يَقُولُونَ هُوَ عَبْدُهُ (وَشَهِدَ لَهُ بِالْمِلْكِ جَازَ) لَهُ ذَلِكَ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا وَفَارَقَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ سَائِرَ الْأَعْيَانِ حَيْثُ يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ الطَّوِيلَيْنِ بِأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ يَقَعُ فِي الْأَحْرَارِ كَثِيرًا كَالْأَوْلَادِ بِخِلَافِ التَّصَرُّفِ فِي أَعْيَانِ أَمْوَالِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ قَلِيلٌ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِلْكُهُ (وَإِنْ ادَّعَى نِكَاحَ صَغِيرَةٍ تَحْتَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ فِي الصِّغَرِ) وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي دَعْوَى الرِّقِّ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الْيَدَ فِي الْجُمْلَةِ دَالَّةٌ عَلَى الْمِلْكِ وَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ الْمَمْلُوكُ مَمْلُوكًا بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ طَارٍ بِكُلِّ حَالٍ فَيُحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ (فَلَوْ بَلَغَتْ) وَلَمْ تُمَكِّنْهُ طَائِعَةً (وَأَنْكَرَتْ نِكَاحَهُ قُبِلَ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا (وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) فَلَوْ حَلَفَتْ بَانَ أَنْ لَا نِكَاحَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي نُسْخَةٍ (وَإِذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ) لِمُلْتَقِطٍ، أَوْ غَيْرِهِ (بِمِلْكِ صَغِيرٍ لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهَا (حَتَّى تُبَيِّنَ سَبَبَ الْمِلْكِ مِنْ إرْثٍ وَشِرَاءٍ) وَنَحْوِهِمَا لِئَلَّا يَكُونَ اعْتِمَادُهَا عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ وَتَكُونَ يَدَ الْتِقَاطٍ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّ أَمْرَ الرِّقِّ خَطَرٌ. (وَكَذَا) لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي حَتَّى يُبَيِّنَ سَبَبَ الْمِلْكِ (فِي الْمَدْعُوِّ) بِذَلِكَ وَقِيلَ يُقْبَلُ كُلٌّ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى مُطْلَقًا كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ) أَوْ أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ (كَفَى، وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ الْمِلْكَ) أَيْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ مَمْلُوكًا لَهُ، أَوْ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْعِلْمُ بِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا لَمْ تَسْتَنِدْ إلَى ظَاهِرِ الْيَدِ وَقَدْ حَصَلَ، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ وَلَدَ أَمَتِهِ مِلْكُهُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذَلِكَ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ عَلَى وَفْقِ مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَا هُنَا فِي اللَّقِيطِ أَيْ أَوْ نَحْوِهِ، وَالْمَقْصُودُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الرِّقِّ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالشَّهَادَةُ بِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ تُعَرِّفُ رِقَّهُ فِي الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ مَا تَلِدُهُ الْأَمَةُ مَمْلُوكٌ، وَوِلَادَتَهَا لِلْحُرِّ نَادِرَةٌ فَلَمْ يُعَوَّلْ عَلَى ذَلِكَ، وَالْقَصْدُ بِمَا فِي الدَّعَاوَى تَعْيِينُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِكَوْنِ أَمَتِهِ وَلَدَتْهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَالْفَرْقُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْيَدَ نَصٌّ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمِلْكِ فَاشْتُرِطَ فِي زَوَالِهَا ذِكْرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّةِ الدَّارِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ. وَالرِّقُّ مُحْتَمَلٌ وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى قَاتِلِهِ لِاحْتِمَالِ الرِّقِّ، وَإِذَا اُكْتُفِيَ بِالشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَيَكْفِي شَهَادَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَنَّهُ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ) أَوْ أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِالْوِلَادَةِ (وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ ضِمْنًا شَهِدَتْ بِهِ) أَيْضًا (أَمْ لَا) كَثُبُوتِ النَّسَبِ فِي ضِمْنِ الشَّهَادَةِ بِالْوِلَادَةِ. (فَرْعٌ: وَمَتَى شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْيَدِ لِمُدَّعِي رِقِّ اللَّقِيطِ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْتِقَاطِ الْمُلْتَقِطِ سُمِعَتْ وَثَبَتَتْ يَدُهُ، ثُمَّ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ) الرِّقَّ لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَا الْيَدِ عَلَى الصَّغِيرِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ يَدَهُ عَنْ الْتِقَاطٍ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرِّقِّ، وَقَوْلُهُ " أَنَّهُ إلَى آخِرِهِ " بَدَلٌ مِنْ الْيَدِ (وَلَا تُسْمَعُ) هَذِهِ الدَّعْوَى (مِنْ الْمُلْتَقِطِ إلَّا إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى سَبَبِ الْمِلْكِ) لِأَنَّهُ إذَا اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ الْتَقَطَهُ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْحُرِّيَّةِ ظَاهِرًا فَلَا تُزَالُ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَقِيلَ الْمُلْتَقِطُ كَغَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ (وَإِذَا بَلَغَ اللَّقِيطُ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ فَهُوَ عَبْدٌ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَصَرَّفَ قَبْلَ ذَلِكَ تَصَرُّفًا يَقْتَضِي نُفُوذُهُ الْحُرِّيَّةَ كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ فَذَاكَ (وَإِنْ كَانَ قَدْ تَصَرَّفَ) قَبْلَهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ (فَكَعَبْدٍ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَيُنْقَضُ) حَتَّى يُسْتَرَدَّ مَا قَبَضَهُ مِنْ زَكَاةٍ وَمِيرَاثٍ وَمَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَيَتَعَلَّقُ مَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِرَقَبَتِهِ) وَكَذَا مَا أَتْلَفَهُ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) بِرِقِّهِ (لَكِنْ أَقَرَّ) هُوَ (بِالرِّقِّ قَبِلْنَا إقْرَارَهُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ اعْتِرَافٌ بِالْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ) كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ (وَمَتَى سَبَقَ مِنْهُ اعْتِرَافٌ بِالْحُرِّيَّةِ، أَوْ) بِالرِّقِّ لَكِنْ (كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ صَارَ حُرًّا) فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ لِلْمُنَاقَضَةِ وَلَا الْتِزَامُهُ فِي الْأُولَى بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ فَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَهَا وَلِأَنَّ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ:) أَيْ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حُكِمَ بِرِقِّهِ) أَيْ بِيَمِينِ صَاحِبِ الْيَدِ قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حُكْمُ حَاكِمٍ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى وَيَمِينٍ. (فَرْعٌ) لَوْ ادَّعَى الْبَالِغُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ صَدَّقَهُ بِيَمِينِهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ لَهُ بِالْمِلْكِ، أَوْ لِبَائِعِهِ، أَوْ لِبَائِعِ بَائِعِهِ، وَإِنْ بَعُدَ. [فَرْعٌ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لِمُلْتَقِطٍ أَوْ غَيْرِهِ بِمِلْكِ صَغِيرٍ] (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) أَيْ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ يَحْتَاجُ مُدَّعِي الرِّقِّ إلَى الْبَيِّنَةِ وَحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ فَهِيَ كَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَلَا تَكْفِي الدَّعْوَى الْمُطْلَقَةُ سَوَاءً وَالشَّهَادَةُ الْمُطْلَقَةُ سَوَاءً كَانَ الْمُدَّعِي مُلْتَقِطًا، أَوْ غَيْرَهُ وَسَوَاءً كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَقِيطًا، أَوْ غَيْرَهُ. اهـ. (تَنْبِيهٌ) حَيْثُ لَا يُحْكَمُ لِذِي الْيَدِ بِرِقِّهِ بَعْدَ دَعْوَاهُ إمَّا لِعَدَمِ الْحُجَّةِ، أَوْ لِعَدَمِ سَمَاعِهَا نَقَلَ الْمُزَنِيّ فِي جَامِعِهِ أَنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ لِمَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ كَفَالَتِهِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الَّذِي أَرَاهُ وُجُوبُ نَزْعِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِدَعْوَى رِقِّهِ عَنْ الْأَمَانَةِ فِي كَفَالَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ كَذِبَهُ حَتَّى نُخْرِجَهُ عَنْهَا أَهُوَ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا أُمِنَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ لَهُ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْعَبَّادِيِّ فِي الزِّيَادَاتِ إذَا قَالَ الْوَصِيُّ لِي عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أُخِذَتْ مِنْهُ الْوَصِيَّةُ مَخَافَةَ أَنْ يَأْخُذَهُ إلَّا أَنْ يُبْرِئَ. [فَرْعٌ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْيَدِ لِمُدَّعِي رِقِّ اللَّقِيطِ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْتِقَاطِ الْمُلْتَقِطِ] (قَوْلُهُ: هَذِهِ الدَّعْوَى) أَيْ دَعْوَى الرِّقِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ مَا يُنَاقِضُهُ) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ أَنْكَرَتْ الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعَةَ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهَا حَيْثُ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا بِأَنَّ دَعْوَاهَا الرَّجْعَةَ مُسْتَنِدَةٌ إلَى أَصْلٍ وَهُوَ عَدَمُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَجَعَلَ الشَّارِعُ الْقَوْلَ قَوْلَهَا فِيهِ ائْتِمَانًا وَقَدْ اعْتَرَفَتْ بِالْخِيَانَةِ، وَإِقْرَارُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 504 الْحُكْمَ بِهَا بِظَاهِرِ الدَّارِ قَدْ تَأَكَّدَ بِاعْتِرَافِهِ فَلَا يُقْبَلُ مَا يُنَاقِضُهُ كَمَا لَوْ بَلَغَ وَأَفْصَحَ بِالْإِسْلَامِ ثُمَّ وَصَفَ الْكُفْرَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَيُجْعَلُ مُرْتَدًّا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي جَوَابِ خُصُومَةٍ، وَإِلَّا لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِمُدَّعِي مِلْكِ مَا اشْتَرَاهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ: هُوَ مِلْكِي وَمِلْكُ بَائِعِي فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي وَكَمَا لَوْ أَنْكَرَ شَخْصٌ الضَّمَانَ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِضَمَانِهِ بِالْإِذْنِ فَلَهُ الرُّجُوعُ إذَا أَدَّى وَكَمَا لَوْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الْقَذْفَ فَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ اللِّعَانُ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يَعْتَبِرُوا هَذَا الْقَيْدَ بِدَلِيلِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ دَعْوَى رِقِّهِ مَعَ الْإِنْكَارِ خُصُومَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ أَثَرٌ، وَبِالْفَرْقِ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ بِأَنَّ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ فِيهِ بَيِّنَةٌ فَاضْمَحَلَّ بِهَا الْإِقْرَارُ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا (فَإِذَا) الْأَوْلَى " فَلَوْ " (عَادَ) الْمُكَذِّبُ لَهُ (وَصَدَّقَهُ، أَوْ ادَّعَاهُ غَيْرُهُ وَصَدَّقَهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمَّا كَذَّبَهُ ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ بِالْأَصْلِ فَلَا يَعُودُ رَقِيقًا وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ إقْرَارَهُ الْأَوَّلَ تَضَمَّنَ نَفْيَ الْمِلْكِ عَنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ فَإِذَا نَفَاهُ الْأَوَّلُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا أَيْضًا وَصَارَ حُرًّا بِالْأَصْلِ وَالْحُرِّيَّةُ مَظِنَّةُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْعِبَادِ فَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِهَا بِالْإِقْرَارِ الثَّانِي بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْمَالِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَةُ نَفْسِهِ لِلثَّانِي وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ لِزَيْدٍ ثُمَّ لِعَمْرٍو بِأَنَّ إقْرَارَهُ لَيْسَ هُوَ الْمُفَوِّتَ لِحَقِّ الثَّانِي بَلْ الْمُفَوِّتُ لَهُ الْأَصْلُ مَعَ تَكْذِيبِ الْأَوَّلِ لَهُ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ (وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ) يَقْتَضِي نُفُوذُهُ الْحُرِّيَّةَ (قُبِلَ إقْرَارُهُ فِي) أَصْلِ الرِّقِّ وَفِي حُكْمِهِ (الْمُسْتَقْبَلِ) مُطْلَقًا وَاسْتُشْكِلَ بِمَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ، أَوْ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي (وَأَمَّا) فِي (الْمَاضِي فَيُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ. (فُرُوعٌ) ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ لَوْ (نَكَحَ، ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ فَإِنْ كَانَ أُنْثَى لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ) بَلْ يَسْتَمِرُّ وَيَصِيرُ كَالْمُسْتَوْفَى الْمَقْبُوضِ؛ لِأَنَّ انْفِسَاخَهُ يَضُرُّ الزَّوْجَ فِيمَا مَضَى سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ أَمْ لَا كَالْحُرِّ إذَا وَجَدَ الطَّوْلَ بَعْدَ نِكَاحِ الْأَمَةِ (لَكِنْ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ النِّكَاحِ (إنْ شُرِطَتْ الْحُرِّيَّةُ) فِيهِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُشْرَطْ، وَإِنْ تُوُهِّمَتْ (فَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا (لَزِمَهُ) لِلْمُقَرِّ لَهُ (الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّ الزَّائِدَ مِنْهُمَا يَضُرُّ الزَّوْجَ وَلِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسَمَّى فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَيْهِ بِالزَّائِدِ، أَوْ الْمَهْرَ فَقَدْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُقَرِّ لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَإِنْ أَجَازَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى) لِأَنَّهُ الَّذِي لَزِمَهُ بِزَعْمِهِ وَلَا تَجُوزُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَإِنْ كَانَ قَدْ سَلَّمَهُ إلَيْهَا أَجْزَأَهُ) فَلَا يُطَالَبُ بِهِ ثَانِيًا (فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) وَلَوْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ (سَقَطَ) الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَزْعُمُ فَسَادَ النِّكَاحِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ وَجَبَ أَنْ لَا يُطَالِبَ بِشَيْءٍ (وَأَوْلَادُهَا) الْحَاصِلُونَ مِنْ الزَّوْجِ (قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَحْرَارٌ) لِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي إلْزَامِهِ (وَ) الْحَادِثُونَ (بَعْدَهُ أَرِقَّاءُ) لِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَالِمًا بِرِقِّهَا وَلِأَنَّ الْعُلُوقَ مَوْهُومٌ فَلَا يُجْعَلُ مُسْتَحَقًّا بِالنِّكَاحِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ (وَتُسَلَّمُ إلَى الزَّوْجِ تَسْلِيمَ الْحَرَائِرِ) أَيْ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُقَرُّ لَهُ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الزَّوْجُ وَتَخْتَلَّ مَقَاصِدُ النِّكَاحِ، وَيُخَالَفَ أَمْرُ الْوَلَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَوْهُومٌ (وَلَوْ طَلَّقَهَا) بَائِنًا، أَوْ رَجْعِيًّا وَلَوْ (بَعْدَ الْإِقْرَارِ) بِالرِّقِّ (اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) لِأَنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ حَقُّ الزَّوْجِ (وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهَا) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهَا فِيمَا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ قَدْ ثَبَتَتْ بِالطَّلَاقِ فَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهَا بِالْإِقْرَارِ وَالنِّكَاحُ بِالْعَكْسِ أَثْبَتَ لَهُ حَقَّ الرَّجْعَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ (وَتَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ كَالْأَمَةِ) أَيْ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ سَوَاءٌ أَقَرَّتْ قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَمْ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ لِعَدَمِ تَضَرُّرِهِ بِنُقْصَانِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا وَجَبَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقُبِلَ قَوْلُهَا فِي نَقْصِهَا (وَإِنْ كَانَ) الْمُقِرُّ بِالرِّقِّ (ذَكَرًا انْفَسَخَ النِّكَاحُ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجَةِ (وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى) إنْ دَخَلَ بِهَا (أَوْ نِصْفُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) لِأَنَّ سُقُوطَ ذَلِكَ يَضُرُّهَا وَحِينَئِذٍ (يُؤَدِّيهِ مِمَّا فِي يَدِهِ، أَوْ) مِنْ (كَسْبِهِ فِي الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ، ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ فَهُوَ بَاقٍ (فِي.   [حاشية الرملي الكبير] اللَّقِيطِ بِالرِّقِّ مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ وَقَدْ تَأَكَّدَ بِالْإِقْرَارِ بِالْحُرِّيَّةِ وَسَكَتُوا عَنْ اعْتِبَارِ الرُّشْدِ فِي الْمُقِرِّ هُنَا وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقَارِيرِ وَحَكَى صَاحِبُ الْإِقْلِيدِ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ اعْتِرَافَ الْجَوَارِي بِالرِّقِّ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ السَّفَهَ غَلَبَ عَلَيْهِنَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي غَالِبِ الْعَبِيدِ لَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْبُلُوغِ فَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ وَجَبَ اعْتِبَارُ الرُّشْدِ فِي الْمُقِرِّ مِنْهُمَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ إلَخْ) بِأَنَّ الْمُقِرَّ إنْ كَانَ حُرًّا فَذَاكَ، أَوْ رَقِيقًا فَالرَّقِيقُ لَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ لِسَيِّدِهِ ش. [فُرْعٌ نَكَحَ اللَّقِيط ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ] (قَوْلُهُ: وَأَوْلَادُهَا قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَحْرَارٌ) وَكَذَا حَمْلُهَا حَالَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَالِمًا بِرِقِّهَا) عُلِمَ بِهِ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِإِقْرَارِهَا بَلْ الِاعْتِبَارُ بِعِلْمِ الْوَاطِئِ بِهِ حَتَّى إنَّ مَا عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ إقْرَارِهَا وَقَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ حُرٌّ قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ لَمَّا أَقَرَّ بِالرِّقِّ - وَالسَّيِّدُ الْمُقَرُّ لَهُ مُوَافِقٌ عَلَيْهِ - امْتَنَعَ بِإِقْرَارِهِ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَاَلَّذِي فِي يَدِهِ كَانَ مَحْكُومًا لَهُ بِهِ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ جِنَايَتَهُ لَا يَتَحَمَّلُهَا بَيْتُ الْمَالِ وَكَانَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ دَائِرًا بَيْنَ بَيْتِ الْمَالِ وَهَذَا الْمَالِ فَلَمَّا تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ تَعَيَّنَ هَذَا الْمَالُ وَكَانَ أَوْلَى مِنْ الرَّقَبَةِ لِئَلَّا يَضِيعَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ وَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَعًا وَلَيْسَ هَذَا كَالْمَالِ الَّذِي يَكُونُ لِلسَّيِّدِ فِي يَدِ الْعَبْدِ الْجَانِي حِينَ جِنَايَتِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ سَبَقَ تَعَلُّقُهُ بِهِ فَلَا مَحَلَّ لِلْجِنَايَةِ إلَّا الرَّقَبَةُ، وَحَقُّ السَّيِّدِ هُنَا إنَّمَا تَعَلَّقَ بَعْدَ هَذِهِ الْجِنَايَةِ هَذَا الَّذِي ظَهَرَ لِي فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَصَاحِبِ التَّهْذِيبِ قَالَ الْغَزِّيِّ فِي الْمَيْدَانِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي تَوْجِيهِ مَا ذَكَرَاهُ هُوَ قِيَاسُ الْقَوْلِ إنَّهُ يُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّهُ وَلَا يُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَضِيَّةَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ بِبَيْتِ الْمَالِ فَأَخَذْنَاهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ وَلَمْ نُعَلِّقْهُ بِالرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ - هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 ذِمَّتِهِ) إلَى أَنْ يَعْتِقَ. الْفَرْعُ (الثَّانِي تُقْتَضَى دُيُونُهُ) الَّتِي عَلَيْهِ وَقْتَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ (مِمَّا فِي يَدِهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ إقْرَارَهُ لَا يُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِ فِي الْمَاضِي فَلَا تُقْضَى مِنْ كَسْبِهِ؛ لِأَنَّ الدُّيُونَ لَا تَتَعَلَّقُ بِكَسْبِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ (فَإِنْ نُقِضَ) عَنْهَا مَا فِي يَدِهِ (تَعَلَّقَ) بَاقِيهَا (بِذِمَّتِهِ) إلَى أَنْ يَعْتِقَ كَمَا تَكُونُ جَمِيعُهَا كَذَلِكَ إذَا لَمْ يُوجَدْ بِيَدِهِ مَالٌ (فَإِنْ فَضَلَ) بَعْدَ قَضَاءِ دُيُونِهِ مِمَّا فِي يَدِهِ (شَيْءٌ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ وَلَا يَبْطُلُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ) الْكَائِنَانِ قَبْلَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ (بَلْ يُسَلِّمُ) فِي صُورَةِ شِرَائِهِ (مِمَّا فِي يَدِهِ) حِينَ الْإِقْرَارِ (ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَهُ، وَإِلَّا فَقَدْ تَمَّ الْعَقْدُ، وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ لِلْمُقَرِّ لَهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ) إنْ كَانَ بَاقِيًا (فَإِنْ تَلِفَ لَزِمَ ذِمَّتَهُ) إلَى أَنْ يَعْتِقَ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي - وَالْمَبِيعُ تَالِفٌ - يَكُونُ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْيَسَارِ (وَيَسْتَوْفِي الْمُقَرُّ لَهُ) بِالرِّقِّ (ثَمَنَ مَا بَاعَهُ) الْمُقِرُّ (إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَوْفَاهُ) فَإِنْ كَانَ اسْتَوْفَاهُ لَمْ يُطَالِبْ الْمُشْتَرِيَ بِهِ ثَانِيًا. الْفَرْعُ (الثَّالِثُ) لَوْ (جَنَى) عَلَى غَيْرِهِ (عَمْدًا ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ اُقْتُصَّ مِنْهُ حُرًّا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، أَوْ عَبْدًا) لِأَنَّهُ لَمْ يَفْضُلْهُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَضُرُّ بِهِ فَيُقْبَلُ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ (وَإِنْ جَنَى خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (فَالْأَرْشُ) يُقْضَى (مِمَّا فِي يَدِهِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِ الْجَانِي حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا وَأَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الرِّقَّ لَمَّا أَوْجَبَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ اقْتَضَى التَّعَلُّقَ بِمَا فِي يَدِهِ كَالْحُرِّ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلَوْ لَمْ نُعَلِّقْهُ بِمَا فِي يَدِهِ لِأَضَرَّ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) مَعَهُ شَيْءٌ (فَبِرَقَبَتِهِ) يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ وَالزَّائِدُ مِنْهُ عَلَى قِيمَتِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَإِنْ أَقَرَّ) بِالرِّقِّ (بَعْدَمَا قُطِعَتْ يَدُهُ) مَثَلًا (عَمْدًا اُقْتُضَّ مِنْ الْعَبْدِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْحُرِّ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِيمَا يَضُرُّ بِهِ وَتَكُونُ جِنَايَةُ الْحُرِّ كَالْخَطَأِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) بَعْدَمَا قُطِعَتْ يَدُهُ (خَطَأً وَجَبَ) عَلَى قَاطِعِهَا (الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفَيْ الْقِيمَةِ وَالدِّيَةِ) لِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ فِي الزَّائِدِ إضْرَارٌ بِالْجَانِي. [فَرْعٌ ادَّعَى شَخْصٌ رِقَّ اللَّقِيطِ فَأَنْكَرَ الرِّقَّ ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِالرِّقِّ] (فَرْعٌ:) لَوْ (ادَّعَى) شَخْصٌ (رِقَّ اللَّقِيطِ فَأَنْكَرَ كَوْنَهُ لَهُ لَا الرِّقَّ) بِأَنْ قَالَ: لَسْتُ بِرَقِيقٍ لَك (ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ) بِالرِّقِّ (قُبِلَ) إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ الْحُرِّيَّةُ بَلْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْكَرَ الرِّقَّ بِأَنْ قَالَ: لَسْتُ بِرَقِيقٍ، ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ لِاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ (وَلِلْمُدَّعِي) لِرِقِّهِ (تَحْلِيفُهُ إنْ أَنْكَرَ) كَوْنَهُ لَهُ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ (وَإِنْ كَانَ أَنْكَرَ أَصْلَ الرِّقِّ) ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ (لَمْ يُقْبَلْ) هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ " لَا الرِّقَّ "، وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (لَمْ يُحَلَّفْ) لِأَنَّ التَّحْلِيفَ لِطَلَبِ الْإِقْرَارِ، وَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ. [فَصْلٌ قَذَفَ شَخْصٌ لَقِيطًا كَبِيرًا أَوْ جَنَى عَلَيْهِ وَادَّعَى أَنَّهُ رَقِيقٌ فَأَنْكَرَ] (فَصْلٌ: إذَا قَذَفَ) شَخْصٌ (لَقِيطًا كَبِيرًا، أَوْ جَنَى عَلَيْهِ) جِنَايَةً تُوجِبُ قِصَاصًا (وَادَّعَى أَنَّهُ رَقِيقٌ) فَأَنْكَرَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ اللَّقِيطِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ (فَيَجِبُ الْحَدُّ) عَلَى الْقَاذِفِ فِي الْأُولَى (وَالْقِصَاصُ) عَلَى الْجَانِي فِي الثَّانِيَةِ وَخَرَجَ بِالْكَبِيرِ - وَهُوَ قَيْدٌ فِي الْأُولَى فَقَطْ - الصَّغِيرُ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بَلْ يُعَزَّرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي أَنَّهُ إنَّمَا يُقْتَصُّ لِلْكَبِيرِ إذَا أَفْصَحَ بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ الْبُلُوغِ (وَمَتَى كَانَ اللَّقِيطُ قَاذِفًا وَادَّعَى الرِّقَّ حُدَّ حَدَّ الْأَحْرَارِ) لِعَدَمِ قَبُولِ إقْرَارِهِ فِيمَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِ فِي الْمَاضِي (إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمَقْذُوفُ) فَيُحَدَّ حَدَّ الْأَرِقَّاءِ.   [حاشية الرملي الكبير] يَضُرُّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الرَّقَبَةَ قَدْ لَا تَفِي بِالْأَرْشِ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ تَفِيَ فَقَدْ لَا يَتَهَيَّأُ الْبَيْعُ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَتَهَيَّأَ الْبَيْعُ فَقَدْ يَتَأَخَّرُ الْوَفَاءُ إلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَقَدْ يَمُوتُ الْعَبْدُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَضِيعُ الْحَقُّ، وَإِذَا امْتَنَعَ تَعَلُّقُهُ بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ وَبَيْتِ الْمَالِ تَعَيَّنَ تَعَلُّقُهُ بِالذِّمَّةِ؛ إذْ لَا مَحَلَّ غَيْرُهَا هَذَا آخِرُ مَا وَجَدْتُهُ بِهَامِشِ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ بِخَطِّ مَوْلَانَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ خَاتِمَةِ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ شَيْخِ الشُّيُوخِ وَبَقِيَّةِ الْعُلَمَاءِ أَهْلِ الرُّسُوخِ مُفْتِي الْمُسْلِمِينَ أَحْمَدَ شِهَابِ الدِّينِ الرَّمْلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ وَشَيْخِنَا شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَكَوْكَبِ الْأَعْلَامِ الْأَهِلَّةِ مُفْتِي الْأَنَامِ وَخَاتِمَةِ الْفُقَهَاءِ الْفِخَامِ بَقِيَّةِ الْمُعْتَبِرِينَ مُحَمَّدٍ شَمْسِ الدِّينِ وَلَدِ الشَّيْخِ الْمَذْكُورِ الرَّمْلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ وَالَى اللَّهُ عَلَى قَبْرِهِمَا سَحَائِبَ الْغُفْرَانِ وَأَتْحَفَهُمَا أَعْلَى غُرَفِ الْجِنَانِ وَنُجِزَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ مُجَرِّدِهِ الْعَبْدِ الْفَقِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّوْبَرِيِّ ثُمَّ الْأَزْهَرِيِّ الشَّافِعِيِّ - غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ وَسَتَرَ عُيُوبَهُ وَفَعَلَ ذَلِكَ بِوَالِدَيْهِ وَمَشَايِخِهِ وَأَحْبَابِهِ وَالْمُسْلِمِينَ - فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْمُبَارَكِ ثَانِيَ عَشَرَ شَهْرِ شَوَّالٍ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ عَشْرٍ وَأَلْفٍ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 [كِتَابُ الْفَرَائِضِ] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْوَرَثَةِ وَقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ، وَالْحَبْرُ الْهُمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ زَيْنُ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ - فَسَحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَبْرِهِ وَأَعَادَ عَلَيْنَا وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَرَكَاتِهِ وَبَرَكَاتِ عُلُومِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (كِتَابُ الْفَرَائِضِ) هِيَ جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ أَيْ: مُقَدَّرَةٍ لِمَا فِيهَا مِنْ السِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ فَغَلَبَتْ عَلَى غَيْرِهَا، وَالْفَرْضُ لُغَةً: التَّقْدِيرُ   [حاشية الرملي الكبير] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ) (كِتَابُ الْفَرَائِضِ) (قَوْلُهُ: وَالْفَرْضُ لُغَةً التَّقْدِيرُ) الْفَرْضُ لُغَةً يَجِيءُ لِمَعَانٍ مِنْهَا: الْقَطْعُ وَالْحَزُّ كَفَرْضِ الْقَوْسِ إذَا خَرَّ طَرَفُهَا، وَمِنْهَا التَّقْدِيرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وَمِنْهَا: الْإِنْزَالُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} [القصص: 85] وَمِنْهَا الْبَيَانُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} [النور: 1] بِالتَّخْفِيفِ، وَمِنْهَا الْإِيجَابُ وَالْإِلْزَامُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: 197] أَيْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِنَّ الْإِحْرَامَ وَمِنْهَا: الْعَطِيَّةُ يُقَالُ فَرَضْتُ الرَّجُلَ وَأَفْرَضْتُهُ إذَا أَعْطَيْتُهُ، وَمِنْهَا الْإِحْلَالُ {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} [الأحزاب: 38] أَيْ فِيمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ، وَمِنْهَا: الْقِرَاءَةُ فَرَضْتُ حِزْبِي أَيْ قَرَأْتُهُ وَمِنْهَا: السُّنَّةُ كَفَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ سَنَّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ حَقِيقَةً فِي هَذِهِ الْمَعَانِي أَوْ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا وَهُوَ التَّقْدِيرُ فَيَكُونُ مَقُولًا عَلَيْهَا بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ بِالتَّوَاطُؤِ، وَأَنْ يَكُونَ حَقِيقَةٌ فِي الْقَطْعِ مَجَازًا فِي غَيْرِهِ لِتَصْرِيحِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بِأَنَّهُ أَصْلُهُ، وَسُمِّيَ هَذَا الْعِلْمُ بِالْفَرَائِضِ لِمَا فِيهِ مِنْ سِهَامٍ مُقْتَطَعَةٍ لِلْوَرَثَةِ قَدَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَنْزَلَهَا وَبَيَّنَهَا فِي كِتَابِهِ وَأَوْجَبَهَا لَهُمْ عَطِيَّةً مِنْهُ وَأَحَلَّهَا لَهُمْ وَتَعْرِيفُ هَذَا الْعِلْمِ هُوَ الْفِقْهُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْإِرْثِ وَالْعِلْمُ الْمُوَصِّلُ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ مِنْ التَّرِكَةِ فَحَقِيقَتُهُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْفِقْهِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْإِرْثِ، وَمِنْ الْحِسَابِ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ مَا ذَكَرَ. فَقَوْلُنَا الْمُتَعَلِّقُ بِالْإِرْثِ أَيْ إثْبَاتًا وَنَفْيًا وَرُتْبَةً فَشَمِلَ قَوْلُنَا إثْبَاتًا وَنَفْيًا الْفِقْهَ الْبَاحِثَ عَنْ تَمْيِيزِ مَنْ يَرِثُ مِمَّنْ لَا يَرِثُ وَعَنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ، وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ وَعَنْ أَحْوَالِ مَنْ يَرِثُ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا فَرْضًا وَعُصُوبَةً وَحَجْبًا وَعَنْ قَدْرِ الْفَرْضِ وَأَحْوَالِهِ اتِّحَادًا وَاخْتِلَافًا خَالِيًا عَنْ الْعَوْلِ وَالرِّدْء وَمُلْتَبِسًا بِأَحَدِهِمَا وَعَنْ أَحْوَالِ مَنْ ثَبَتَتْ لَهُ الْعُصُوبَةُ وَالرَّدْءِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةٍ، وَعَنْ مَرَاتِبِ الْعَصَبَةِ وَعَنْ أَحْوَالِ اجْتِمَاعِ جِهَتَيْ فَرْضٍ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ جِهَتَيْ تَعْصِيبٍ أَوْ جِهَتَيْ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ وَعَنْ أَحْوَالِ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ فَقَطْ أَوْ بِالتَّعْصِيبِ فَقَطْ أَوْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ إمْكَانِ الْجَمْعِ وَعَدَمِهِ، وَعَنْ أَحْوَالِ الْحَجْبِ هَلْ هُوَ نُقْصَانٌ أَوْ حِرْمَانٌ وَهَلْ الْحِرْمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ فِي الْحَالِ، وَعَنْ مُوجِبِ ذَلِكَ هَلْ هُوَ تَقَدُّمُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ أَوْ قِيَامُ الْمَانِعِ بِهِ أَوْ انْقِطَاعُ السَّبَبِ أَوْ الشَّكُّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَشَمِلَ قَوْلُنَا: وَرُتْبَةً الْفِقْهَ الْبَاحِثَ عَنْ رُتْبَةِ الْإِرْثِ، وَأَنَّ ثُبُوتَهُ مِنْ بَعْدِ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ، وَمُؤَنِ التَّجْهِيزِ، وَالْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ، وَشَمِلَ عِلْمُ الْحِسَابِ عِلْمَ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَشَمِلَ الْحَقُّ الْإِرْثَ وَغَيْرَهُ كَالْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ وَالْعِتْقِ بِالتَّدْبِيرِ. فَيَدْخُلُ عِلْمُ الْوَصَايَا فِي الْفَرَائِضِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ أَيْ: أَخْذُهَا وَتَنَاوُلُهَا، وَقَالَ الصُّورِيُّ الْمَالِكِيُّ مَوْضُوعُهُ الْعَدَدُ قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفَرَائِضِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْفِقْهِ وَالْحِسَابِ، وَالْعَدَدُ مَوْضُوعُ الْحِسَابِ فَلَا يَكُونُ مَوْضُوعًا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ عِلْمٍ يَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ بِمَوْضُوعِهِ كَمَا يَتَمَيَّزُ بِتَعْرِيفِهِ وَتَعْرِيفُ كُلِّ عِلْمٍ لَا يَكُونُ تَعْرِيفًا لِغَيْرِهِ فَكَذَا مَوْضُوعُهُ وَإِلَّا لَزِمَ خَلْطُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 2 وَشَرْعًا هُنَا نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا لِلْوَارِثِ وَالْأَصْلُ فِيهِ آيَاتُ الْمَوَارِيثِ وَالْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» ، وَوَرَدَ فِي الْحَثِّ عَلَى تَعَلُّمِهَا وَتَعْلِيمِهَا أَخْبَارٌ مِنْهَا خَبَرُ: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهُ، وَرُوِيَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَقْضِي بِهَا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ خَبَرَ «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ فَإِنَّهُ مِنْ دِينِكُمْ وَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ وَإِنَّهُ أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي» وَسُمِّيَ نِصْفًا لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ الْمُقَابِلِ لِلْحَيَاةِ، وَقِيلَ: النِّصْفُ بِمَعْنَى الصِّنْفِ قَالَ الشَّاعِرُ إذَا مِتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ شَامِتٌ ... وَآخَرُ مُثْنٍ بِاَلَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. (وَفِيهِ أَبْوَابٌ) عَشَرَةٌ (الْأَوَّلُ فِي) بَيَانِ (الْوَرَثَةِ وَقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ) ، وَأَسْبَابِ التَّوْرِيثِ (وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ التَّرِكَةِ) وُجُوبًا (بِحَقٍّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ) مِنْهَا تَقْدِيمًا لِصَاحِبِ التَّعَلُّقِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ (كَمَرْهُونٍ وَ) رَقِيقٍ (جَانٍ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ أَوْ قَوَدًا وَعُفِيَ بِمَالٍ (وَمَالِ زَكَاةٍ وَمَبِيعٍ اشْتَرَاهُ) قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ (وَمَاتَ مُفْلِسًا) لَا مُوسِرًا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَكِتَابَةٍ، وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَالزَّكَاةِ وَحَقِّ فَسْخِ الْبَائِعِ بِالْمَرْهُونِ وَالْجَانِي وَالْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَالْمَبِيعُ سَوَاءٌ أَحُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ مَوْتِهِ أَمْ لَا، وَلَيْسَتْ صُوَرُ التَّعَلُّقِ مُنْحَصِرَةً فِي الْمَذْكُورَاتِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْكَافِ فِي أَوَّلِهَا وَالْحَاصِرُ لَهَا التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ. فَمِنْهَا: سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ عَنْ الْوَفَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا، وَمِنْهَا: الْمُكَاتَبُ إذَا أَدَّى نُجُومَ الْكِتَابَةِ وَمَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْإِيتَاءِ وَالْمَالُ أَوْ بَعْضُهُ بَاقٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَذَكَرْت صُوَرًا أُخْرَى مَعَ إشْكَالٍ لِلسُّبْكِيِّ فِي صُورَتَيْ الزَّكَاةِ وَمَبِيعِ الْمُفْلِسِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ (ثُمَّ) يَبْدَأُ مِنْهَا (بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ) وَتَجْهِيزِ مُمَوَّنِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْمُفْلِسِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ذَلِكَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ بَلْ أَوْلَى لِانْقِطَاعِ كَسْبِهِ (بِالْمَعْرُوفِ) بِحَسَبِ يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ وَلَا عِبْرَةَ   [حاشية الرملي الكبير] عِلْمٍ بِآخَرَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَمَسَائِلُهُ هِيَ الْقَضَايَا الَّتِي تَطْلُبُ نِسْبَةَ مَحْمُولَاتِهَا إلَى مَوْضُوعَاتِهَا فِي هَذَا الْعِلْمِ وَاسْتِمْدَادُهُ الْفِقْهَ وَالْحِسَابَ وَغَايَتُهُ إيصَالُ الْحُقُوقِ إلَى ذَوِيهَا. (تَنْبِيهٌ) كَمَا تُورَثُ الْأَمْوَالُ تُورَثُ الْحُقُوقُ وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا كَانَ تَابِعًا لِلْمَالِ يُورَثُ عَنْهُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَكَذَلِكَ مَا يَرْجِعُهُ لِلتَّشَفِّي كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ بِخِلَافِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ لَا لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَتَأَخَّرُ حَقُّهُ مِنْ التَّرِكَةِ لِتُقْضَى الدُّيُونُ وَلَا يُتَصَوَّرُ إرْثٌ لِحَقٍّ يَكُونُ عَلَيْهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَجَلَ وَإِنْ كَانَ حَقًّا مَالِيًّا لَكِنَّهُ صِفَةٌ لِلدَّيْنِ وَالدَّيْنُ لَا يُورَثُ وَبِخِلَافِ مَا يَرْجِعُ لِلشَّهْوَةِ وَالْإِرَادَةِ كَخِيَارِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ أَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَمَاتَ وَلَمْ يُلَاعِنْ (قَوْلُهُ: يَبْدَأُ مِنْ التَّرِكَةِ) التَّعْبِيرُ بِالتَّرِكَةِ يَشْمَلُ مَا لَوْ مَاتَ عَنْ خَمْرٍ فَتَخَلَّلَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ عَنْ شَبَكَةٍ نَصَبَهَا فَوَقَعَ بِهَا صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَلِكَ الدِّيَةُ الْمَأْخُوذَةُ فِي قَتْلِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ دُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَمَالِ زَكَاةٍ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ النِّصَابُ بَاقِيًا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ فَلَا يَكُونُ تَرِكَةً فَلَا يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ وَإِنْ قُلْنَا تَعَلُّقُ جِنَايَةٍ أَوْ رَهْنٍ فَقَدْ ذُكِرَا، وَإِنْ عَلَّقْنَاهَا بِالذِّمَّةِ فَقَطْ أَوْ كَانَ النِّصَابُ تَالِفًا فَإِنْ قَدَّمْنَا دَيْنَ الْآدَمِيِّ أَوْ سَوَّيْنَا فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَإِنْ قَدَّمْنَاهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَتُقَدَّمُ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيّ لَا عَلَى التَّجْهِيزِ، وَأَقُولُ أَوَّلًا قَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَكَلَامُهُ فِي تَرْدِيدَاتِهِ غَيْرُ الثَّانِي يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّتِهِ، وَثَانِيًا يُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ مِنْ تَرْدِيدَاتِهِ قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ تَرِكَةً قُلْتُ مُسْلِمٌ وَلَا يَخْرُجُ حِينَئِذٍ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ لِصِحَّةِ إطْلَاقِ التَّرِكَةِ عَلَى الْمَجْمُوعِ الَّذِي مِنْ الْحَقِّ الْجَائِزِ تَأْدِيَتُهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ كَافٍ فِي الْحَاجَةِ لِلِاسْتِثْنَاءِ، وَصِحَّتِهِ فَتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي كُلِّ حَقٍّ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَمَبِيعٍ اشْتَرَاهُ. . . إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: الثَّابِتُ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْفَسْخِ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنْ فُسِخَ عَلَى الْفَوْرِ خَرَجَتْ عَنْ التَّرِكَةِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَإِنْ أَخَذَ بِلَا عُذْرٍ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا فَتُقَدَّمُ مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ مِنْهَا عَلَيْهِ أَوْ لِعُذْرٍ فَهِيَ مِلْكُ الْوَرَثَةِ، وَحَقُّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهَا، فَيَحْتَمِلُ تَقْدِيمُ حَقِّهِ كَالْمُرْتَهِنِ، وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا لِتَقَدُّمِ حَقِّهِمَا وَهَذَا لَمْ يَثْبُتْ حَقُّهُ إلَّا بِالْمَوْتِ مُفْلِسًا فَهُوَ كَتَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِمَالِ الْمُفْلِسِ وَالْمُفْلِسُ يُقَدَّمُ بِمُؤْنَةِ يَوْمِهِ فَيَكُونُ هَذَا مِثْلَهُ. اهـ. وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ: خَرَجَتْ عَنْ التَّرِكَةِ قُلْتُ مَمْنُوعٌ إذْ الْفَسْخُ إنَّمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ مِنْ الصَّحِيحِ لَا يُقَالُ إنَّمَا عَنَى بِخُرُوجِهَا عَنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَضُرُّنَا ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا لَا يَضُرُّ تَقْدِيمُ سَائِرِ الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى غَيْرِهَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ التَّرِكَةِ بِالتَّقْدِيمِ مَثَلًا بِيعَ الْعَبْدُ الْجَانِي فِي الْجِنَايَةِ وَإِنْ خَرَجَ بِبَيْعِهِ عَنْ التَّرِكَةِ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ بِاخْتِيَارِ الثَّالِثِ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ مِنْهُ أَعْنِي تَقْدِيمَ حَقِّهِ هُوَ الْمُتَّجَهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي مِنْ أَنَّ ذَلِكَ كَتَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِمَالِ الْمُفْلِسِ لَيْسَ بِظَاهِرِ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ بَيْنَ الْمُتَابِعِينَ فِي مَسْأَلَتِنَا تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَمُعَاقِدِهِ عَلَيْهِمَا عَلَى الْخُصُوصِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغُرَمَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَالِ الْمُفْلِسِ م (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِرُ لَهَا التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ) فَهُوَ أَمْرٌ كُلِّيٌّ لَا تَكَادُ تُحْصَرُ جُزْئِيَّاتُهُ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: قَدْ جَمَعْتُ فُرُوعَ مَا يُقَدَّمُ عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ فَجَاءَتْ نَحْوَ الْأَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ «كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» وَلَمْ يَسْأَلْ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَدْفَعُ إلَى الْوَارِثِ مَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ الْمُوَرِّثُ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ لِلْحَيِّ عِنْدَ فَلَسِهِ دَسْتُ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ فَالْمَيِّتُ أَوْلَى أَنْ يُسْتَرَ وَيُوَارَى لِأَنَّ الْحَيَّ يُعَالَجُ وَيَسْعَى لِنَفْسِهِ وَقَدْ «كَفَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُصْعَبًا فِي بُرْدٍ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا» وَكَتَبَ أَيْضًا يَسْتَثْنِي الْمَرْأَةَ الْمُزَوَّجَةَ فَإِنَّ مُؤْنَةَ تَجْهِيزِهَا عَلَى زَوْجِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 بِمَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ إسْرَافِهِ وَتَقْتِيرِهِ (ثُمَّ تُقْضَى) مِنْهَا (دُيُونُهُ) الَّتِي لَزِمَتْهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهَا ذِكْرًا فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] فَلِكَوْنِهَا قُرْبَةً وَالدَّيْنُ مَذْمُومٌ غَالِبًا وَلِكَوْنِهَا مُشَابِهَةً لِلْإِرْثِ مِنْ جِهَةِ أَخْذِهَا بِلَا عِوَضٍ وَشَاقَّةً عَلَى الْوَرَثَةِ، وَالدَّيْنُ نُفُوسُهُمْ مُطْمَئِنَّةٌ إلَى أَدَائِهِ فَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ بَعْثًا عَلَى وُجُوبِ إخْرَاجِهَا وَالْمُسَارَعَةِ إلَيْهِ وَلِهَذَا عَطَفَ بِأَوْ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ وَلِيُفِيدَ تَأَخُّرُ الْإِرْثِ عَنْ أَحَدِهِمَا كَمَا يُفِيدَ تَأَخُّرُهُ عَنْهُمَا بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى (ثُمَّ) تُقْضَى (وَصَايَاهُ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ عِتْقٍ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ وَتَبَرُّعٍ نُجِّزَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ الْمُلْحَقِ بِهِ (مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي) وَقُدِّمَتْ عَلَى الْإِرْثِ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَتَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ وَمِنْ لِلِابْتِدَاءِ فَتَدْخُلُ الْوَصَايَا بِالثُّلُثِ وَبِبَعْضِهِ (وَالْبَاقِي) مِنْ التَّرِكَةِ (لِلْوَرَثَةِ) بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ لِيَصِحَّ تَأَخُّرُهُ عَنْ بَقِيَّةِ الْحُقُوقِ وَإِلَّا فَتَعَلُّقُهَا بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ (وَلَهُمْ إمْسَاكُهَا وَالْقَضَاءُ) لِمَا عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْمَالِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْمَتْرُوكِ وَالْأُولَى مِنْ غَيْرِهَا (وَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُهُ (فِي الرَّهْنِ) . (فَصْلٌ أَسْبَابُ التَّوْرِيثِ أَرْبَعَةٌ) بِالِاسْتِقْرَاءِ: (قَرَابَةٌ) وَهِيَ الرَّحِمُ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهَا، (وَنِكَاحٌ) صَحِيحٌ وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ، (وَوَلَاءٌ) وَهُوَ عُصُوبَةٌ سَبَبُهَا نِعْمَةُ الْعِتْقِ مُبَاشَرَةً أَوْ سِرَايَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، (وَجِهَةُ الْإِسْلَامِ فَالْمُسْلِمُونَ عَصَبَةُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) جَائِزٌ مِنْهُمْ لِخَبَرِ: «أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَرِثُ لِنَفْسِهِ بَلْ يَصْرِفُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ كَالْعَصَبَةِ مِنْ الْقَرَابَةِ (فَيَضَعُ الْإِمَامُ تَرِكَتَهُ) أَوْ بَاقِيَهَا (فِي بَيْتِ الْمَالِ) إرْثًا لِتَعَذُّرِ إيصَالُهَا لِجَمِيعِهِمْ (أَوْ يَخُصُّ بِهَا مَنْ يَرَى) مِنْهُمْ لِأَنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِصِفَةٍ وَهِيَ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ فَصَارَ كَالْوَصِيَّةِ لِقَوْمٍ مَوْصُوفِينَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ، وَكَالزَّكَاةِ فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ زَكَاةَ شَخْصٍ وَيَدْفَعَهَا إلَى وَاحِدٍ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أَنْ يَفْعَلَ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ فَيُعْطِي ذَلِكَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (لَا الْمُكَاتَبِينَ) وَلَا كُلِّ مَنْ فِيهِ رِقٌّ (وَ) لَا (الْكُفَّارِ وَ) لَا (الْقَاتِلِ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِوَارِثِينَ (فَإِنْ أَسْلَمُوا أَوْ عَتَقُوا بَعْدَ مَوْتِهِ جَازَ إعْطَاؤُهُمْ) وَكَذَا مَنْ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِصِفَةٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي وُجُودِهَا الِاقْتِرَانُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى مَنْ طَرَأَ فَقْرُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ) بِشَيْءٍ (فَأُعْطِيَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَتْرُوكِ شَيْئًا (بِالْوَصِيَّةِ جَازَ أَنْ يُعْطَى) مِنْهُ (أَيْضًا بِالْإِرْثِ) فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ الْمُعَيَّنِ لَا يُعْطَى مِنْ الْوَصِيَّةِ شَيْئًا بِلَا إجَازَةٍ لِغِنَاهُ بِوَصِيَّةِ الشَّرْعِ فِي قَوْله تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] عَنْ وَصِيَّةِ غَيْرِهِ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ نَاسِخَةٌ لِوَصِيَّةِ الْمَرِيضِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِإِجَازَةٍ وَأَمَّا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ فِيهِ وَصِيَّةُ الشَّرْعِ حَتَّى يَمْتَنِعَ بِسَبَبِهَا وَصِيَّةُ الْمَرِيضِ. (فَصْلٌ الْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ) فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى (سِتَّةٌ: النِّصْفُ وَالرُّبْعُ، وَالثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ، وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ) وَعَبَّرَ عَنْهَا فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِالنِّصْفِ وَنِصْفِهِ وَنِصْفِ نِصْفِهِ وَالثُّلُثَيْنِ وَنِصْفِهِمَا، وَنِصْفِ نِصْفِهِمَا، وَالضَّابِطُ الْأَخْصَرُ الرُّبُعُ، وَالثُّلُثُ وَضِعْفُ كُلٍّ وَنِصْفُ كُلٍّ وَلَهُمْ لَفْظَانِ آخَرَانِ ذَكَرْتُهُمَا مَعَ فَوَائِدَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ (فَالنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ: الزَّوْجُ) بِشَرْطِهِ الْآتِي؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: 12] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ إجْمَاعًا أَوْ لَفْظُ الْوَلَدِ يَشْمَلُهُمَا إعْمَالًا لَهُ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ (وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ) بِشَرْطِهِمَا الْآتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْبِنْتِ: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11] وَبِنْتُ الِابْنِ كَالْبِنْتِ بِمَا مَرَّ فِي وَلَدِ الِابْنِ (وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ) بِشَرْطِهِمَا الْآتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى:   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَلِكَوْنِهَا قُرْبَةً. . . إلَخْ) وَلِكَوْنِهَا الضِّعَافَ غَالِبًا (قَوْلُهُ: فَتَدْخُلُ الْوَصَايَا بِالثُّلُثِ وَبِبَعْضِهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» [فَصْلٌ أَسْبَابُ التَّوْرِيثِ أَرْبَعَةٌ] (فَصْلٌ: أَسْبَابُ التَّوْرِيثِ أَرْبَعَةٌ) : (قَوْلُهُ: قَرَابَةٌ، وَنِكَاحٌ، وَوَلَاءٌ) فَيَرِثُ الْمُعْتَقُ الْعَتِيقَ، وَلَا عَكْسَ وَالْأَوَّلَانِ يُورَثُ بِهِمَا مِنْ الطَّرَفَيْنِ قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَيُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ زَوْجَتِي فَسَكَتَتْ فَإِنْ مَاتَ وَرَثَتْهُ وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا قَالَ: وَأَمَّا الْقَرَابَةُ فَيُورَثُ بِهَا مِنْ الطَّرَفَيْنِ إلَّا فِي صُوَرِ أَوْلَادِ الْأَخِ يَرِثُونَ عَمَّتَهُمْ، وَلَا تَرِثهُمْ وَابْنُ الْعَمِّ يَرِثُ بِنْتَ عَمِّهِ وَلَا تَرِثُهُ وَالْعَمُّ يَرِثُ بِنْتَ أَخِيهِ وَلَا تَرِثُهُ وَالْجَدَّةُ تَرِثُ وَلَدَ بِنْتِهَا وَلَا يَرِثُهَا وَمَنْ جَرَحَ مُوَرِّثَهُ لَمْ يَرِثْهُ وَلَوْ مَاتَ أَوْلَادُ وَرَثَةِ الْمَجْرُوحِ (قَوْلُهُ: وَجِهَةُ الْإِسْلَامِ فَالْمُسْلِمُونَ إلَخْ) فَلَا يَخْتَصُّ بِمِيرَاثِ أَهْلِ بَلْدَةٍ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَيَجُوزُ بِنَاءُ الْقَنَاطِرِ وَالرِّبَاطَاتِ مِنْهُ وَسَائِرِ الْمَصَالِحِ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا وَارِثَ لَهُ صَحَّتْ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ هُمْ الْمُسْلِمُونَ لَمْ تَصِحَّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَارِثَ الْجِهَةُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُمْكِنُ اجْتِمَاعُ الْأَسْبَابِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْإِمَامِ بِأَنْ يَمْلِكَ ابْنَةَ عَمِّهِ وَيُعْتِقَهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ تَمُوتَ فَهُوَ زَوْجُهَا، وَابْنُ عَمِّهَا وَمُعْتِقُهَا، وَإِمَامُ الْمُسْلِمِينَ أَيْ: لِأَنَّ الْوَارِثَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِيهِ. [فَصْلٌ الْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ] (قَوْلُهُ: فِي كِتَابِ اللَّهِ) أَخْرَجَ بِهِ ثُلُثَ مَا يَبْقَى فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ إذَا كَانَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ وَفِي مَسْأَلَتَيْ زَوْجٍ، أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا مُقَدَّرَةً أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا، وَقَدْ يَنْقُصُ عَنْهَا بِسَبَبِ الْعَوْلِ (قَوْلُهُ: النِّصْفُ) مُثَلَّثُ النُّونِ (قَوْلُهُ: وَلَهُمْ لَفْظَانِ آخَرَانِ ذَكَرْتُهُمَا. . إلَخْ) أَيْ أَوْ الثُّمُنُ وَالسُّدُسُ وَضِعْفُهُمَا وَضِعْفُ ضِعْفِهِمَا أَوْ النِّصْفُ وَنِصْفُهُ وَرُبُعُهُ وَفِي الثُّلُثَيْنِ كَذَلِكَ، وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى السِّتَّةِ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا مِنْ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ النِّصْفَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، وَالرُّبُعَ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَالثُّمُنَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَكُلًّا مِنْ الثُّلُثَيْنِ وَالثُّلُثِ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَالسُّدُسَ فِي ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ. . إلَخْ) وَاحْتَرَزَ بِوَلَدِ الِابْنِ عَنْ وَلَدِ الْبِنْتِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ وَإِنْ وَرِثْنَا ذَوِي الْأَرْحَامِ (قَوْلُهُ: إعْمَالًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ) أَوْ قِيَاسًا كَمَا فِي الْإِرْثِ وَالتَّعْصِيبِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ لَهَا السُّدُسَ. (وَالرُّبُعُ فَرْضُ اثْنَيْنِ الزَّوْجُ) بِشَرْطِهِ الْآتِي؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ} [النساء: 12] (وَالزَّوْجَةُ فَمَا فَوْقَهَا) بِشَرْطِهَا الْآتِي؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء: 12] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ بِمَا مَرَّ، وَقَدْ تَرِثُ الْأُمُّ الرُّبُعَ فَرْضَا فِي حَالٍ يَأْتِي فَيَكُونُ الرُّبُعُ لِثَلَاثَةٍ. (وَالثُّمُنُ فَرْضٌ) صِنْفٌ (وَاحِدٌ لِلزَّوْجَةِ) الْأَنْسَبُ الزَّوْجَةُ (فَمَا فَوْقَهَا) بِشَرْطِهِ الْآتِي؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ بِمَا مَرَّ. (وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ أَرْبَعٍ وَهُنَّ اللَّوَاتِي لِوَاحِدَتِهِنَّ النِّصْفُ) أَيْ ثِنْتَانِ فَأَكْثَرُ مِنْ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ بِشَرْطِهِنَّ الْآتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْبَنَاتِ: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] وَفِي الْأَخَوَاتِ {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] نَزَلَتْ فِي سَبْعِ أَخَوَاتٍ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا مَرِضَ وَسَأَلَ عَنْ إرْثِهِنَّ مِنْهُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا الْأُخْتَانِ فَأَكْثَرُ وَقِيسَ بِالْأُخْتَيْنِ الْبِنْتَانِ، وَبِنْتَا الِابْنِ وَبِالْأَخَوَاتِ أَوْ الْبَنَاتِ بَنَاتُ الِابْنِ بَلْ هُنَّ دَاخِلَاتٌ فِي لَفْظِ الْبَنَاتِ عَلَى الْقَوْلِ بِإِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازٌ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ أَنَّ " فَوْقَ " صِلَةٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ} [الأنفال: 12] وَعَلَيْهِ فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى الْبِنْتَيْنِ وَيُقَاسُ بِهِمَا بِنْتَا الِابْنِ أَوْ هُمَا دَاخِلَتَانِ كَمَا مَرَّ وَبِالْأَخَوَاتِ الْبَنَاتِ، وَبَنَاتِ الِابْنِ. (وَالثُّلُثُ فَرْضُ ثَلَاثَةٍ الْأُمِّ) بِشَرْطِهَا الْآتِي؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] الْآيَةَ، وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ بِمَا مَرَّ (وَأَوْلَادِهَا) اثْنَانِ فَأَكْثَرُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} [النساء: 12] الْآيَةَ وَالْمُرَادُ أَوْلَادُ الْأُمِّ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ وَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَتَوَاتَرْ لَكِنَّهَا كَالْخَبَرِ فِي الْعَمَلِ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ تَوْفِيقًا (وَالْجَدِّ) فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ مَعَ الْأُخْوَة وَالْأَخَوَاتِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ وَيَكُونَ الثُّلُثُ أَحَظَّ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ كَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ فَأَكْثَرَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. (وَالسُّدُسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ لِلْأُمِّ) بِشَرْطِهَا الْآتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 11] الْآيَةُ، وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] (وَالْجَدَّةِ) مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَوْ الْأَبِ بِشَرْطِهَا الْآتِي لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الْجَدَّةَ السُّدُسَ» . وَرَوَى الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ قَضَى بِهِ لِلْجَدَّتَيْنِ» (وَالْأَبِ وَالْجَدِّ) بِشَرْطِهِمَا الْآتِي؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 11] الْآيَةُ، وَالْجَدُّ كَالْأَبِ بِمَا مَرَّ فِي الْوَلَدِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ حَالِهِ مَعَ الْإِخْوَةِ فِي فَرْضِ السُّدُسِ لَهُ (وَبِنْتِ الِابْنِ) فَأَكْثَرُ (مَعَ الْبِنْتِ) أَوْ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ أَقْرَبُ مِنْهَا لِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ فِي بِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقِيسَ عَلَيْهَا الْبَاقِي؛ وَلِأَنَّ الْبَنَاتِ لَيْسَ لَهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ فَالْبِنْتُ، وَبَنَاتُ الِابْنِ أَوْلَى بِذَلِكَ (وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ) فَأَكْثَرُ (مَعَ الْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ) كَمَا فِي بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ (وَوَاحِدِ وَلَدِ الْأُمِّ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى لِمَا مَرَّ فِي آيَتِهِ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَجْمَعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْمَجْمَعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَلَهُمْ فِي عَدِّهِمَا طَرِيقَانِ: خَلْطُهُمَا وَتَمْيِيزُهُمَا وَلَهُمْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عِبَارَتَانِ: بَسْطٌ وَإِيجَازٌ، وَقَدْ سَلَكَ كَأَصْلِهِ طَرِيقَ التَّمْيِيزِ بِعِبَارَةِ الْبَسْطِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الضَّبْطِ فَقَالَ: (وَالْوَارِثُونَ مِنْ الرِّجَالِ خَمْسَةَ عَشَرَ: الِابْنُ وَابْنُهُ، وَإِنْ سَفُلَ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ (وَالْأَبُ وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا) بِخِلَافِ أَبِي الْأُمِّ فَإِنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (وَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ وَ) الْأَخُ (لِلْأَبِ وَابْنَاهُمَا، وَالْأَخُ لِلْأُمِّ، وَالْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ وَ) الْعَمُّ (لِلْأَبِ وَهُوَ) أَيْ الْعَمُّ (أَخُو الْأَبِ أَوْ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا) بِخِلَافِ الْأَخِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَخُو الْمَيِّتِ فَقَطْ (وَابْنَاهُمَا) أَيْ الْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ وَالْعَمُّ لِلْأَبِ (وَالزَّوْجُ وَالْمُعْتَقُ) . وَالْوَارِثَاتُ (مِنْ النِّسَاءِ عَشْرٌ: الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفُلَ، وَالْأُمُّ وَالْجَدَّتَانِ) أَيْ الْجَدَّةُ لِلْأَبِ وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ (وَإِنْ عَلَتَا وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَ) الْأُخْتُ (لِلْأَبِ وَالْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةُ، وَالْمُعْتَقَةُ) وَالْمُرَادُ بِالْمُعْتَقِ ذُو الْوَلَاءِ مُبَاشَرَةً أَوْ سِرَايَةً وَبِالْمُعْتَقَةِ ذَاتُ الْوَلَاءِ كَذَلِكَ، وَلَوْ سَلَكَ طَرِيقَ التَّمْيِيزِ بِعِبَارَةِ الْإِيجَازِ لَقَالَ: وَالْوَارِثُونَ مِنْ الرِّجَالِ عَشَرَةٌ: الْأَبُ وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا وَالِابْنُ وَابْنُهُ وَإِنْ سَفُلَ وَالْأَخُ مُطْلَقًا وَابْنُهُ لِغَيْرِ الْأُمِّ وَالْعَمُّ، وَابْنُهُ لِغَيْرِ الْأُمِّ، وَالزَّوْجُ، وَذُو الْوَلَاءِ. وَمِنْ النِّسَاءِ سَبْعٌ الْأُمُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِلزَّوْجَةِ فَمَا فَوْقَهَا) لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرِثَ الشَّخْصُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ إلَّا إذَا كَانَ كَافِرًا أَوْ طَلَّقَ أَرْبَعًا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ بَعْد مُضِيِّ إمْكَانِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ: قَدْ أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَائِهَا وَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إسْقَاطِ إرْثِهِنَّ وَنَفَقَتِهِنَّ أَوْ قَالَ: انْقَضَتْ وَأَنْكَرَتْ فَلَهُ التَّزَوُّجُ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ قِيلَ أَنَّ فَوْقَهُ صِلَةٌ) وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدٍ قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَخَذَ عَمُّهُمَا مَالَهُ وَوَاللَّهِ لَا تُنْكَحَانِ وَلَا مَالَ لَهُمَا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمِّهِمَا أَعْطِ الْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَالْمَرْأَةَ الثُّمُنَ وَخُذْ الْبَاقِيَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ فَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى فَرْضِ مَا زَادَ عَلَى الْبِنْتَيْنِ وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى فَرْضِ الْبِنْتَيْنِ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَيْضًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وَهُوَ لَوْ كَانَ مَعَ وَاحِدَةٍ كَانَ حَظُّهَا الثُّلُثَ فَأَوْلَى وَأَحْرَى أَنْ يَجِبَ لَهَا ذَلِكَ مَعَ أُخْتِهَا وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَ مَعَ بُعْدِ الدَّرَجَةِ فَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ مَعَ قُرْبِ الدَّرَجَةِ أَوْلَى فَهُوَ مِنْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَحُكِيَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَادِهَا) وَإِنَّمَا أُعْطُوا الثُّلُثَ لِأَنَّهُمْ يَدُلُّونَ بِالْأُمِّ وَذَلِكَ غَايَةُ حَقِّهَا وَسَوَّى بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ لَا تَعْصِيبَ فِيمَنْ أَدْلُوا بِهَا بِخِلَافِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 وَالْجَدَّةُ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُخْتُ وَالزَّوْجَةُ وَذَاتُ الْوَلَاءِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ شَبَّهُوا عَمُودَ النَّسَبِ بِالشَّيْءِ الْمُدَلَّى مِنْ عُلُوٍّ فَأَصْلُ كُلِّ إنْسَانٍ أَعْلَى مِنْهُ، وَفَرْعُهُ أَسْفَلَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ بِالشَّجَرَةِ عَكْسُ ذَلِكَ فَيُقَالُ فِي أَصْلِهِ: وَإِنْ سَفُلَ وَفِي فَرْعِهِ: وَإِنْ عَلَا. (فَرْعٌ فَإِنْ اجْتَمَعَ الرِّجَالُ) الْوَارِثُونَ (وَرِثَ) مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ: (الِابْنُ وَالْأَبُ وَالزَّوْجُ) فَقَطْ لِسُقُوطِ بَاقِيهِمْ: ابْنِ الِابْنِ بِالِابْنِ، وَالْجَدِّ بِالْأَبِ وَالْبَاقِينَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بِالِابْنِ فَقَطْ لِقُوَّتِهِ عَلَى الْأَبِ فِي الْعُصُوبَةِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ عُصُوبَتَهُ، فَإِسْنَادُ الْحَجْبِ إلَيْهِ أَوْلَى فَلِلزَّوْجِ: الرُّبُعُ، وَلِلْأَبِ: السُّدُسُ، وَلِلِابْنِ: الْبَاقِي فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ. (أَوْ النِّسَاءُ) الْوَارِثَاتُ (فَالْبِنْتُ، وَبِنْتُ الِابْنِ، وَالْأُمُّ، وَالزَّوْجَةُ، وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ) هُنَّ الْوَارِثَاتُ لِسُقُوطِ الْبَاقِيَاتِ: الْجَدَّتَيْنِ بِالْأُمِّ، وَالْأُخْتِ لِلْأُمِّ بِالْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ، وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ وَذَاتِ الْوَلَاءِ بِالشَّقِيقَةِ، فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلزَّوْجَةِ الثَّمَنُ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلشَّقِيقَةِ، فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ. (فَإِنْ اجْتَمَعَ الْكُلُّ) غَيْرُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (فَالْأَبَوَانِ وَالِابْنُ، وَالْبِنْتُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ) هُمْ الْوَارِثُونَ لِسُقُوطِ أَوْلَادِ الِابْنِ بِالِابْنِ وَالْجَدَّتَيْنِ بِالْأُمِّ وَالْبَقِيَّةُ بِكُلٍّ مِنْ: الْأَبِ، وَالِابْنِ فَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ، وَلِلزَّوْجِ - فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَةَ - الرُّبْعُ، وَلِلزَّوْجَةِ فِي عَكْسِهِ: الثُّمُنُ، وَلِلِابْنِ وَالْبِنْتِ: الْبَاقِي فَأَصْلُهَا فِي الْأُولَى مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتُصَحَّحُ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتُصَحَّحُ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ. (وَلْنَبْدَأْ بِأَهْلِ الْفَرْضِ) أَيْ بِبَيَانِهِمْ (وَهُوَ: كُلُّ مَنْ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ (فَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرِثُ إلَّا بِالْفَرِيضَةِ) أَيْ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي سُمِّيَ بِهَا ذَلِكَ الْوَارِثَ (وَهُمْ) سَبْعَةٌ: (الزَّوْجَاتُ، وَالْأُمُّ، وَالْجَدَّةُ) مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، وَمِنْ قِبَلِ الْأَبِ، (وَوَلَدُ الْأُمِّ) الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، فَالزَّوْج مَثَلًا مِنْ حَقِّهِ كَوْنُهُ زَوْجًا لَا يَرِثُ إلَّا بِالْفَرْضِ فَلَوْ كَانَ ابْنَ عَمٍّ أَوْ مُعْتَقًا وَرِثَ بِالْعُصُوبَةِ أَيْضًا. (وَمِنْهُمْ مَنْ يَرِثُ إمَّا بِالْفَرْضِيَّةِ أَوْ بِالْعُصُوبَةِ وَهُمْ) أَرْبَعَةٌ: (الْبَنَاتُ، وَبَنَاتُ الِابْنِ، وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبَوَيْنِ، وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ) ، وَإِرْثُ الْأَخِ الشَّقِيقِ بِالْفَرْضِ فِي الْمُشْرِكَةِ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ شَقِيقًا الَّتِي هِيَ جِهَةُ الْعُصُوبَةِ بَلْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ أَخًا لِأُمٍّ، (وَمِنْهُمْ مَنْ يَرِثُ بِهِمَا جَمْعًا وَانْفِرَادًا وَهُمَا) اثْنَانِ: (الْأَبُ وَالْجَدُّ، وَأَمَّا الْعَصَبَةُ وَهُوَ) الْوَجْهُ فَهُمْ: (كُلُّ مُعْتَقٍ) أَيْ مَنْ لَهُ وَلَاءٌ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى مُبَاشِرًا لِلْعِتْقِ أَوْ مُنْتَقِلًا إلَيْهِ (أَوْ ذَكَرٌ نَسِيبٌ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ أُنْثَى) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْعَصَبَةِ بِنَفْسِهِ وَخَرَجَ بِالنَّسِيبِ الزَّوْجُ، وَبِمَا بَعْدَهُ الْأَخُ لِلْأُمِّ (وَفِي النِّسَاءِ عَصَبَةٌ) وَفِي نُسْخَةٍ مَنْ تُعَصَّبُ (مَعَ غَيْرِهَا وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ قَسْمُ الْعَاصِبِ إلَى عَاصِبٍ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ مَا مَرَّ آنِفًا، وَعَاصِبٍ بِغَيْرِهِ وَهُوَ كُلُّ أُنْثَى عَصَبَهَا ذَكَرٌ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ الْعَاصِبُ ثَلَاثَةٌ: عَاصِبٌ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ انْتَهَى. وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْفَرْضِيِّينَ، وَسُمِّيَ الْأَوَّلُ عَاصِبًا بِنَفْسِهِ لِاتِّصَافِهِ بِالْعُصُوبَةِ بِنَفْسِهِ أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ بِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ بِأَنَّ الْغَيْرَ يَجِبُ كَوْنُهُ فِي الْأَوَّلِ عَصَبَةً بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي، قَالَ وَهُوَ اصْطِلَاحٌ وَالْحَقِيقَةُ وَاحِدَةٌ وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ فَوَائِدَ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ، وَالْعَصَبَةُ: جَمْعُ عَاصِبٍ، وَتُجْمَعُ هِيَ عَلَى عَصَبَاتٍ وَيُسَمَّى بِهَا الْوَاحِدُ وَغَيْرُهُ مُذَكَّرًا كَانَ أَوْ مُؤَنَّثًا. (وَلَا يَحُوزُ الْمَالُ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا الْمُعْتَقَةَ) أَيْ ذَاتِ الْوَلَاءِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَمَنْ قَالَ بِالرَّدِّ يُثْبِتُ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ الْحِيَازَةَ إلَّا الزَّوْجَةَ وَأَمَّا مَنْ انْفَرَدَ مِنْ الرِّجَالِ فَيَحُوزُ الْمَالَ إلَّا الزَّوْجَ وَالْأَخَ لِلْأُمِّ، وَمَنْ قَالَ بِالرَّدِّ لَا يَسْتَثْنِي إلَّا الزَّوْجَ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَيْسَ فِي الْوَرَثَةِ ذَكَرٌ يُدْلِي بِأُنْثَى فَيَرِثُ إلَّا الْأَخُ لِلْأُمِّ، وَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَرِثُ مَعَ مَنْ يُدَلِّي بِهِ إلَّا أَوْلَادُ الْأُمِّ. (فَصْلٌ وَأَمَّا ذَوَوْا الْأَرْحَامِ وَهُمْ) لُغَةً: كُلُّ قَرِيبٍ وَاصْطِلَاحًا: (كُلُّ قَرِيبٍ لَيْسَ بِذِي فَرْضٍ وَلَا عَصَبَةٍ) مِمَّنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى تَوْرِيثِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَهُمْ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ: أَبُو الْأُمِّ، وَكُلُّ جَدٍّ وَجَدَّةٍ سَاقِطَيْنِ، وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ، وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ، وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ، وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ، وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتُ، وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ (فَلَا يَرِثُونَ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ: «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» وَلَمْ يَذْكُرْهُمْ فِي آيَاتِ الْمَوَارِيثِ؛ وَلِأَنَّ الْعَمَّةَ مَثَلًا لَا تَرِثُ مَعَ الْعَمِّ، وَكُلُّ أُنْثَى لَا تَرِثُ مَعَ مَنْ فِي دَرَجَتِهَا مِنْ الذُّكُورِ، وَلَا تَرِثُ إذَا انْفَرَدَتْ كَابْنَةِ الْمُعْتَقِ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ وَرِثُوا لَقُدِّمُوا عَلَى الْمُعْتَقِ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوَلَاءِ (بَلْ) الْمَالُ كُلُّهُ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ الْفَرْضِ (لِبَيْتِ الْمَالِ) إرْثًا (نَعَمْ لَوْ لَمْ يَسْتَجْمِعْ شَرَائِطَ الْإِمَامَةِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ إمَامٌ عَادِلٌ (رُدَّ الْبَاقِي) بَعْدَ الْفَرْضِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ قَسْمُ الْعَاصِبَ إلَى عَاصِبٍ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مَا مَرَّ آنِفًا وَعَاصِبٍ بِغَيْرِهِ وَهُوَ كُلٌّ. . . إلَخْ) وَالْعَاصِبُ مَعَ غَيْرِهِ كُلُّ أُنْثَى تَصِيرُ عَصَبَةً بِاجْتِمَاعِهَا مَعَ أُخْرَى وَاعْتَرَضَ عَلَى التَّعَارِيفِ الثَّلَاثَةِ بِإِدْخَالِ كُلٍّ فِيهَا فَإِنَّ التَّعَارِيفَ مَوْضُوعَةٌ لِبَيَانِ الْمَاهِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِإِفْرَادِهَا وَالتَّعَرُّضُ لِلْكُلِّيَّةِ مُنَافٍ لِذَلِكَ وَيُعْتَرَضُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ بِأَنَّ فِيهِمَا مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُعَرَّفِ وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُمْ قَصَدُوا جَعْلَهُ ضَابِطًا مُحِيطًا بِالْإِفْرَادِ فَأَدْخَلُوا كُلًّا الْمُفِيدَةَ لِلْإِحَاطَةِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ هَذَيْنِ تَعْرِيفَانِ لِمَنْ يَعْرِفُ التَّعْصِيبَ دُونَ الْعَاصِبِ بِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ. فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَيَجُوزُ جَعْلُهَا لِلْإِلْصَاقِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ غَيْرُهُ حَيْثُ قَالَ: الْبَاءُ فِي بِغَيْرِهِ لِلْإِلْصَاقِ وَهُوَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا عِنْدَ الْمُشَارِكِ فِي الْحُكْمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَصَبَةً بِخِلَافِ مَعَ فَإِنَّهَا لِلْقِرَانِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ الْمُشَارَكَةِ فِيهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا} [الفرقان: 35] أَيْ جَعَلْنَاهُ وَزِيرَهُ حِينَ كَانَ مُقَارِنًا لَهُ فِي النُّبُوَّةِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَصَبَةً كَمَا لَمْ يَكُنْ مُوسَى وَزِيرًا م [فَصْل مِيرَاث ذَوَى الْأَرْحَامِ] (قَوْلُهُ: نَعَمْ وَلَوْ لَمْ يَسْتَجْمِعْ شَرَائِطَ الْإِمَامَةِ. . . إلَخْ) اسْتَشْكَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى الْإِمَامِ الْجَائِرِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ لِلْمُزَكِّي غَرَضًا صَحِيحًا فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ. الثَّانِي أَنَّ فِي التَّفْرِقَةِ كُلْفَةٌ وَمُؤْنَةٌ عَلَى الْمَالِكِ وَصَرْفُ زَمَانٍ فِي الدَّفْعِ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِخِلَافِ الْإِرْثِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 (عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ) إرْثًا لِأَنَّ الْمَالَ مَصْرُوفٌ لَهُمْ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ، وَالتَّوَقُّفُ عُرْضَةٌ لِلْفَوَاتِ (غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ) فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا إذْ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ وُجِدَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ دَخَلَا فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ (فَإِنْ فُقِدُوا) أَيْ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ (صُرِفَ) الْمَالُ أَوْ بَاقِيهِ (لِذَوِي الْأَرْحَامِ) وَلَوْ أَغْنِيَاءً إرْثًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّمَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْفَرْضِ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الْمُفِيدَةَ لِاسْتِحْقَاقِ الْفَرْضِ أَقْوَى. (فَائِدَةً) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إذَا جَارَتْ الْمُلُوكُ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ وَظَفَرَ بِهِ أَحَدٌ يَعْرِفُ الْمَصَالِحَ أَخَذَهُ وَصَرَفَهُ فِيهَا كَمَا يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ. (فَصْلٌ لِلزَّوْجِ: النِّصْفُ) إنْ لَمْ تَخْلُفْ زَوْجَتُهُ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ (فَإِنْ خَلَفَتْ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ (فَالرُّبُعُ) لَهُ كَمَا مَرَّ (وَلِزَوْجَةٍ فَأَكْثَرَ نِصْفُ مَا لِلزَّوْجِ) فَلَهَا الرُّبُعُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَإِلَّا فَلَهَا الثَّمَنُ لِمَا مَرَّ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: جُعِلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ بِحَقِّ الزَّوَاجِ كَمَا فِي النَّسَبِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْأَصْلَ ذَلِكَ فِي جَانِبِ النَّسَبِ فَلَا يَضُرُّ تَسَاوِي الْأَخِ وَالْأُخْتِ لِلْأُمِّ وَلَا الشَّقِيقِ، وَأُخْتِهِ فِي الْمُشْرِكَةِ. [فَصْلٌ مِيرَاث الْأُمِّ] (فَصْلٌ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ) إنْ لَمْ يُوجَدْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَلَا اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ (فَإِنْ وُجِدَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ أَوْ اثْنَانِ مِنْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ فَالسُّدُسُ) لَهَا كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِخْوَةِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ فِيهِ عَدَدٌ مِمَّنْ لَهُ إخْوَةٌ وَلَوْ مِنْ الْإِنَاثِ عَلَى التَّغْلِيبِ الشَّائِعِ، وَعَلَى أَنَّ أَقُلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ كَمَا عَلَيْهِ جَمَعٌ أَوْ ثَلَاثَةٌ كَمَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لَكِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي الِاثْنَيْنِ مَجَازًا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُمَا كَالثَّلَاثَةِ هُنَا، وَلِأَنَّهُ حَجْبٌ يَتَعَلَّقُ بِعَدَدٍ فَكَانَ الِاثْنَانِ فِيهِ كَالثَّلَاثَةِ كَمَا فِي حَجْبِ الْبَنَاتِ لِبَنَاتِ الِابْنِ وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَام عَلَى ذَلِكَ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ وَخَرَجَ بِالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ بَنُوهُمْ فَلَا يَرُدُّونَهَا إلَى السُّدُسِ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا حَجَبَهَا وَلَدُ الِابْنِ كَأَبِيهِ، وَلَمْ يَحْجُبْهَا وَلَدُ الْأَخِ كَأَبِيهِ لِإِطْلَاقِ الْوَلَدِ عَلَى وَلَدِ الِابْنِ مَجَازًا شَائِعًا بَلْ قِيلَ حَقِيقَةً بِخِلَافِ إطْلَاقِ الْأَخِ عَلَى وَلَدِهِ؛ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ أَقْوَى حَجْبًا مِنْ الْإِخْوَةِ لِحَجْبِهِ مَنْ لَا يَحْجُبُونَهُ وَلِقُصُورِهِمْ عَنْ دَرَجَةِ آبَائِهِمْ قَوِيَ الْجَدُّ عَلَى حَجْبِهِمْ دُونَ آبَائِهِمْ، وَلَوْ اجْتَمَعَ مَعَ الْأُمِّ وَلَدٌ وَاثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ إضَافَةُ الْحَجْبِ إلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُ أَقْوَى (وَلَهَا مَعَ أَبٍ وَزَوْجَةٍ أَوْ زَوْجٍ ثُلُثُ مَا يَبْقَى) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ قَبْلَ إظْهَارِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْخِلَافِ وَلِأَنَّ كُلِّ ذَكَرٍ وَأُنْثَى لَوْ انْفَرَدَا اقْتَسَمَا الْمَالَ أَثْلَاثًا فَإِذَا اجْتَمَعَا مَعَ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ اقْتَسَمَا الْفَاضِلَ كَذَلِكَ كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ فَلِلزَّوْجَةِ فِي مَسْأَلَتِهَا الرُّبُعُ وَلِلزَّوْجِ فِي مَسْأَلَتِهِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي ثُلُثُهُ لِلْأُمِّ وَثُلُثَاهُ لِلْأَبِ فِيهِمَا، فَالْأُولَى مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَالثَّانِيَةُ: مِنْ سِتَّةٍ قَالُوا وَإِنَّمَا عَبَّرُوا عَنْ حِصَّتِهَا فِيهَا بِثُلُثِ الْبَاقِي مَعَ أَنَّهَا فِي الْأُولَى الرُّبُعُ وَفِي الثَّانِيَةِ السُّدُسُ تَأَدُّبًا مَعَ لَفْظِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَتُسَمَّى الْمَسْأَلَتَانِ بِالْعُمْرِيَّتَيْنِ وَبِغَيْرِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي. (وَأَمَّا الْجَدَّةُ فَتَرِثُ إنْ كَانَتْ أُمَّ أُمٍّ أَوْ أُمَّ أَبٍ ثُمَّ أُمَّهَاتِهَا الْمُدَلَّيَاتِ بِالْإِنَاثِ) كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ (وَكَذَا أُمَّهَاتُ آبَاءِ الْآبَاءِ) كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ (وَأُمَّهَاتِهِنَّ) كَأُمِّ أُمِّ أَبِي الْأَبِ لِأَنَّهُنَّ جَدَّاتٌ مُدَلَّيَاتٍ بِالْوَارِثِينَ فَأَشْبَهْنَ أُمَّ أَبِي الْأَبِ فَضَابِطُ مَنْ يَرِثُ مِنْهُنَّ كُلّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِمَحْضِ الْإِنَاثِ أَوْ بِمَحْضِ الذُّكُورِ أَوْ بِمَحْضِ الْإِنَاثِ إلَى مَحْضِ الذُّكُورِ (لَا مَنْ تُدْلَى بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ) لِإِدْلَائِهَا بِمَنْ لَا يَرِثُ فَلَا تَرِثُ بِخُصُوصٍ الْقَرَابَةِ بَلْ هِيَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (فَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ، وَكَذَا الْجَدَّاتُ يَشْتَرِكْنَ فِيهِ بِالسَّوِيَّةِ وَلَوْ أَدْلَتْ إحْدَاهُنَّ بِجِهَتَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْجُدُودَةَ قَرَابَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ لِاخْتِلَافِ الْقَرَابَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي، وَذَلِكَ (كَمَنْ زَوَّجَتْ ابْنَ إحْدَى بِنْتَيْهَا بِنْتَ) بِنْتِهَا (الْأُخْرَى فَوُلِدَ لَهُمَا وَلَدٌ) فَهَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ، وَأُمُّ أُمِّ أُمِّهِ فَإِذَا مَاتَ الْوَلَدُ وَخَلَّفَ هَذِهِ وَجَدَّةً أُخْرَى هِيَ أُمُّ أَبِي أَبِيهِ لَمْ تُفَضَّلْ عَلَيْهَا، وَلَوْ نَكَحَ الْوَلَدُ فِي هَذَا الْمِثَالِ بِنْتَ بِنْتَ بِنْتِ أُخْرَى لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَوُلِدَ لَهُمَا وَلَدٌ فَهِيَ جَدَّتُهُ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ لِأَنَّهَا أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ، وَأُمُّ أُمِّ أَبِيهِ وَأُمُّ أُمِّ أَبِي أَبِيهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْجَدَّةُ عِنْدَ تَعَدُّدِ جِهَتِهَا الْمُتَّجِهِ أَنَّهُ بِأَقْوَى الْجِهَتَيْنِ لَا بِهِمَا وَلَا بِإِحْدَاهُمَا كَنَظِيرِهِ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ فِي الشَّخْصِ جِهَتَا فَرْضٍ بَلْ أَوْلَى وَذِكْرُ الْأَصْلِ فَرْعًا فِي تَنْزِيلِ الْجَدَّانِ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِظُهُورِهِ بِالتَّأَمُّلِ وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي نِهَايَةِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. [فَصْلٌ مِيرَاث الْأَب] (فَصْلٌ وَلِلْأَبِ الْكُلُّ بِالتَّعْصِيبِ) إنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ (فَإِنْ وُجِدَ) مَعَهُ (ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ   [حاشية الرملي الكبير] الثَّالِثُ مَا فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بِدَفْعِهَا إلَى الْإِمَامِ مِنْ دَفْعِ خَطَرِ الضَّمَانِ بِسَبَبِ التَّلَفِ بِالتَّأْخِيرِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ، الرَّابِعُ: أَنَّ لِلزَّكَاةِ مُسْتَحَقِّينَ مُعَيَّنِينَ بِالْأَوْصَافِ وَقَدْ يَنْحَصِرُونَ بِالْأَشْخَاصِ فَهُمْ يُطَالِبُونَ بِخِلَافِ جِهَةِ الْمَصَالِحِ فَإِنَّهُمْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَتَعَيَّنُ لِجِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَهِيَ أَقْرَبُ إلَى الضَّيَاعِ وَأَنْ لَا تَقَعَ مَوْقِعَهَا عِنْدَ عَدَمِ الِانْتِظَامِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ مِيرَاث الزَّوْجِ] (قَوْلُهُ: أَوْ اثْنَانِ مِنْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ) قَدْ يَشْمَلُ مَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ مُلْتَذِقَيْنِ لَهُمَا رَأْسَانِ، وَأَرْبَعُ أَيْدٍ وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ وَفَرْجَانِ ثُمَّ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ أُمًّا وَهَذَيْنِ فَلَا يُصْرَفُ لِأُمِّهِمَا إلَّا السُّدُسُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا حُكْمُ الِاثْنَيْنِ فِي سَائِر الْأَحْكَامِ مِنْ قِصَاصٍ وَدِيَةٍ وَغَيْرِهِمَا، وَقَضِيَّةُ طَلَاقِهِ أَنَّ الْأَخَوَيْنِ يَحْجُبَانِهَا وَإِنْ لَمْ يَرِثَا، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِمَا مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ فَيَرُدُّهَا الْأَخُ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْ وَكَذَا الْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ يَرُدَّانِهَا إلَى السُّدُسِ مَعَ الْجَدِّ وَلَا يَرِثَانِ. ، (قَوْلُهُ: السَّابِقَةُ فِيهِ) أَيْ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ حَجْبٌ يَتَعَلَّقُ بِعَدَدٍ. . . إلَخْ) وَلِأَنَّهُ فَرْضٌ يَتَغَيَّرُ بِعَدَدٍ فَكَانَ الِاثْنَانِ فِيهِ كَالثَّلَاثَةِ م (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ مِنْ سِتَّةٍ) هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ وَنَقَلَ الْمُتَوَلِّي الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْفَرْضِيِّينَ أَنَّهَا مِنْ اثْنَيْنِ وَجُعِلَتْ بِالضَّرْبِ مِنْ سِتَّةٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ. . إلَخْ) أَوْ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ مُسْتَغْرِقٌ كَابْنَتَيْنِ وَزَوْجٍ وَأُمٍّ أَوْ مُبْقًى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 فَالسُّدُسُ) لَهُ كَمَا مَرَّ وَالْبَاقِي لِمَنْ مَعَهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ فِي الْعُصُوبَةِ (وَلَهُ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ) فَأَكْثَرَ أَوْ مَعَهُمَا (السُّدُسُ فَرْضًا) لِأَنَّ آيَتَهُ لَمْ تُفَضِّلْ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الْأَوْلَادِ (وَالْبَاقِي) بَعْدَ فَرْضِ الْبَنَاتِ (بِالتَّعْصِيبِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَقَدْ بَيَّنْتُ فَائِدَةَ وَصْفِ رَجُلٍ بِذَكَرٍ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ (وَالْجَدُّ) فِي النَّسَبِ (كَالْأَبِ) فِي الْمِيرَاثِ (إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ الْأُولَى: أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ) وَالْأَخَوَاتِ لِغَيْرِ الْأُمِّ (كَمَا سَيَأْتِي) بَيَانُهُ (وَالْأَبُ يُسْقِطُهُمْ. الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الْأُمَّ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ الثُّلُثِ إلَى ثُلُثِ الْبَاقِي) بَلْ لَهَا الثُّلُثُ كَامِلًا لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِيهَا دَرَجَةً فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَفْضُلَهَا (وَالْأَبُ يَرُدُّهَا) إلَيْهِ كَمَا مَرَّ. (الثَّالِثَةُ: أَنَّ الْجَدَّ لَا يُسْقِطُ أُمَّ الْأَبِ) وَإِنْ أَسْقَطَ أُمَّ نَفْسِهِ (وَالْأَبُ يُسْقِطُهَا) ، لِأَنَّهَا لَمْ تُدْلَ بِالْجَدِّ بِخِلَافِهَا فِي الْأَبِ. (فَصْلٌ: وَالِابْنُ) إذَا انْفَرَدَ (يَحُوزُ الْجَمِيعَ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهُ إذَا اُجْتُمِعَ مَعَ الْبِنْتِ يَأْخُذُ ضِعْفَ مَا تَأْخُذُهُ وَهِيَ إذَا انْفَرَدَتْ تَأْخُذُ النِّصْفَ فَالِابْنُ إذَا انْفَرَدَ يَأْخُذُ ضِعْفَهُ وَهُوَ الْكُلُّ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَخِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] بَلْ أَوْلَى (وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ اجْتَمَعُوا) أَيْ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ (فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) لِلْإِجْمَاعِ، وَلِآيَةِ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] ، وَلِآيَةِ {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً} [النساء: 176] وَإِنَّمَا فَضَّلَ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ قَوَّامٌ عَلَى النِّسَاءِ بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا، وَخُولِفَ هَذَا فِي الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ فَسَوَّى بَيْنَهُمْ لِآيَتِهِمْ. (فَرْعٌ لَا شَيْءَ لِابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ) لِحَجْبِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ (وَلَهُ مَا زَادَ عَنْ) بِمَعْنَى عَلَى (فَرْضِ الْبِنْتِ وَالْبَنَاتِ يَعْصِبُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ (مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ مِمَّنْ لَا فَرْضَ لَهَا) مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أُخْتُهُ أَوْ بِنْتُ عَمِّهِ أَمَّا تَعْصِيبُهُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَكَمَا فِي الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ، وَأَمَّا تَعْصِيبُهُ مَنْ هِيَ أَعْلَى مِنْهُ فَلِتَعَذُّرِ إسْقَاطِهِ فَإِنَّهُ عَصَبَةٌ ذَكَرٌ فَحِرْمَانُ مَنْ فَوْقَهُ مَعَ قُرْبِهِ وَحَوْزِهِ وَهُوَ مَعَ بُعْدِهِ بَعِيدٌ، وَلَوْ كَانَ فِي رُتْبَتِهَا لَمْ يُفْرَدْ مَعَ قُرْبِهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ فِي دَرَجَتِهَا، وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَا يُعَصِّبُ مَنْ هِيَ أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَا أَعْلَى مِنْهُ إذَا أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ السُّدُسِ (وَلِبِنْتِ الِابْنِ وَبَنَاتِهِ مَعَ بَنَاتِ الصُّلْبِ لَا) مَعَ (بَنَاتِهِ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْبَنَاتِ لَيْسَ لَهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ، فَالْبِنْتُ وَبَنَاتُ الِابْنِ أَوْلَى بِذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْنَ شَيْئًا مَعَ بَنَاتِ الصُّلْبِ لِأَنَّهُ لَا فَرْضَ لَهُنَّ وَلَا عُصُوبَةَ (وَأَوْلَادُ الِابْنِ عِنْدَ) وُجُودِ (أَوْلَادِ ابْنِ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ عِنْدَهُمْ) أَيْ عِنْدَ وُجُودِهِمْ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِمْ سَوَاءٌ أَكَانُوا إخْوَةً أَمْ بَنِي أَعْمَامٍ أَمْ إخْوَةً وَبَنِي أَعْمَامٍ (وَكَذَا كُلُّ دَرَجَةٍ) عَالِيَةٍ مَعَ دَرَجَةٍ سَافِلَةٍ فَإِنَّ حُكْمَهَا مَا ذُكِرَ. (وَلَيْسَ) لَنَا فِي الْفَرَائِضِ (مَنْ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ، وَعَمَّتَهُ، وَعَمَّةُ أَبِيهِ وَ) عَمَّةُ (جَدِّهِ وَبَنَاتُ عَمِّهِ، وَبَنَاتُ عَمِّ أَبِيهِ وَ) بَنَاتُ عَمِّ (جَدِّهِ إلَّا الْأَسْفَلُ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ) . (فَصْلٌ: الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ) عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ (كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ) عِنْدَ انْفِرَادِهِمْ عَنْ أَوْلَادِ الِابْنِ فَلِلذَّكَرِ الْوَاحِدِ أَوْ الْمُتَعَدِّدِ جَمِيعُ الْمَالِ أَوْ مَا بَقِيَ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَلِلْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ الثُّلُثَانِ وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَيَزِيدُ الْعَصَبَةُ مِنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَسْقُطُونَ عِنْدَ الِاسْتِغْرَاقِ بِخِلَافِ الْعَصَبَةِ مِنْ الْأَوْلَادِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ اسْتِغْرَاقٌ. (وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ) عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ (كَهُمَا لِلْأَبَوَيْنِ) فِيمَا ذُكِرَ (إلَّا فِي الْمُشَرَّكَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِكَسْرِهَا عَلَى نِسْبَةِ التَّشْرِيكِ إلَيْهَا مَجَازًا، وَيُقَالُ الْمُشْتَرَكَةُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ بِتَاءٍ بَعْدَ الشِّينِ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَالْمَعْنَى: الْمُشَرَّكُ فِيهَا بَيْنَ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادِ الْأُمِّ فَإِنَّ أَوْلَادَ الْأَبَوَيْنِ يَنْقَلِبُونَ فِيهَا إلَى الْفَرْضِ، وَأَوْلَادَ الْأَبِ يَسْقُطُونَ لِمَا سَيَأْتِي. (وَهِيَ: زَوْجٌ وَأُمٌّ) وَمِثْلُهَا الْجَدَّةُ (وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ وَأَخٌ) فَأَكْثَرُ (لِأَبَوَيْنِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ   [حاشية الرملي الكبير] قَدْرُ السُّدُسِ كَابْنَتَيْنِ وَأُمٍّ أَوْ أَقَلَّ كَابْنَتَيْنِ وَزَوْجٍ ف (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَيَّنْتُ فَائِدَةَ وَصْفِ رَجُلٍ بِذَكَرٍ. . . إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ: فَائِدَةُ وَصْفِ رَجُلٍ بِذَكَرٍ التَّنْبِيهُ عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ وَهِيَ الذُّكُورَةُ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْعُصُوبَةِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي الْإِرْثِ وَلِهَذَا جَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ قَالَ: وَالْأَوْلَى هُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَحَقَّ لَخَلَا عَنْ الْفَائِدَةِ لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَنْ هُوَ الْأَحَقُّ وَأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ: إنَّهُ لَمَّا كَانَ الرَّجُلُ يُطْلَقُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْأَةِ وَفِي مُقَابَلَةِ الصَّبِيِّ جَاءَتْ لِبَيَانِ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْأَةِ. وَهَذَا كَمَا قَالَ عُلَمَاءُ الْمَعَانِي فِي مِثْلِ {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: 38] إنَّ اسْمَ الْجِنْسِ مُتَحَمِّلٌ لِلْفَرْدِيَّةِ وَالْجِنْسِ مَعًا وَبِالصِّفَةِ يَعْلَمُ الْمُرَادُ فَلَمَّا وُصِفَتْ الدَّابَّةُ وَالطَّائِرُ بَقِيَ الْأَرْضِ، وَيَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ لَا الْفَرْدُ م (قَوْلُهُ: وَالْجَدُّ كَالْأَبِ. . . إلَخْ) فَلَهُ الْحَالَاتُ الثَّلَاثُ فَيَرِثُ بِالْعُصُوبَةِ عِنْد عَدَمِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَبِالْفَرْضِ مَعَ الْفَرْعِ الْعَاصِبِ أَوْ إذَا اُسْتُغْرِقَ أَهْلُ الْفُرُوضِ أَوْ أَبْقُوا قَدْرَ السُّدُسِ أَوْ أَقَلَّ كَمَا سَبَقَ، وَيَرِثُ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ مَعًا إذَا كَانَ مَعَهُ مِنْ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ أَوْ مِنْهُمَا مَا يَفْضُلُ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ، وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ مَعْنَى الرَّحِمِ بِالْوِلَادَةِ وَمَعْنَى التَّعْصِيبِ بِالذُّكُورَةِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا كَابْنِ عَمِّ أَحَدِهِمَا أَخٌ لِأُمٍّ، وَقَالُوا لَيْسَ فِي الْفَرَائِضِ مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ وَالْفَرْضِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَلَاث مَسَائِلَ. . . إلَخْ) أَبُو الْجَدِّ وَمَنْ فَوْقَهُ كَالْجَدِّ فِي كُلِّ ذَلِكَ لَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْجُبُ أُمَّ نَفْسِهِ وَلَا يَحْجُبُهَا مَنْ فَوْقَهُ [فَصْلٌ مِيرَاث الِابْن] (قَوْلُهُ: فَإِنْ اجْتَمَعُوا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) إنَّمَا فُضِّلَ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالنُّصْرَةِ وَالْجِهَادِ وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ. وَإِنَّمَا جَعَلَ لَهَا نِصْفَ مَا لِلذَّكَرِ لِأَنَّهَا كَذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ وَالذَّكَرُ لَهُ حَاجَتَانِ: حَاجَةٌ لِنَفْسِهِ وَحَاجَةٌ لِزَوْجَتِهِ، وَالْأُنْثَى حَاجَةٌ وَاحِدَةٌ لِنَفْسِهَا. بَلْ هِيَ غَالِبًا تَسْتَغْنِي بِالتَّزْوِيجِ عَنْ الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهَا وَلَكِنْ لَمَّا عَلِمَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - احْتِيَاجَهَا إلَى النَّفَقَةِ، وَأَنَّ الرَّغْبَةَ تَقِلُّ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ جَعَلَ لَهَا حَظًّا مِنْ الْإِرْثِ، وَأَبْطَلَ حِرْمَانَ الْجَاهِلِيَّةِ لَهَا (قَوْلُهُ: لِآيَتِهِمْ وَلِإِدْلَائِهِمَا بِالْأُمِّ) وَسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَبِ فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ مَعَ الْوَلَدِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ يُشَارِكُهُمَا فِيهِ الْأَخُ أَوْ الْإِخْوَةُ لِلْأَبَوَيْنِ) لِمُشَارَكَتِهِمْ إيَّاهُمَا فِي وِلَادَةِ الْأُمِّ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُمَا ابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ شَارَكَهُمَا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَإِنْ سَقَطَتْ عُصُوبَتُهُ فَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ أَوْلَى. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ أَنْ كَانَ أَسْقَطَهُ فِي الْعَامِ الْمَاضِي عَلَى الْأَصْلِ فِي إسْقَاطِ الْعَصَبَةِ بِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَخٌ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَخَوَانِ (لَا) الْأَخُ (لِلْأَبِ) فَلَا يُشَارِكُهُمَا بَلْ يَسْقُطُ لِفَقْدِ قَرَابَةِ الْأُمِّ (وَيَتَسَاوُونَ) أَيْ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادُ الْأُمِّ فِي الثُّلُثِ ذَكَرُهُمْ كَأُنْثَاهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ فِيهَا أُخْتٌ أَوْ أُخْتَانِ فَأَكْثَرُ لِأَبٍ سَقَطْنَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْوَلِيُّ فِي كَافِيهِ. (وَشَرْطُ الْمُشَرَّكَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ: الْمُشْتَرَكَةِ (أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ ذَكَرًا أَوْ فِيهِمْ ذَكَرٌ وَإِنْ انْفَرَدَ الْإِنَاثُ) بِأَنْ كَانَ بَدَلُ الْأَخِ فَأَكْثَرُ لِلْأَبَوَيْنِ أُخْتٌ فَأَكْثَرُ لِلْأَبَوَيْنِ (فَرَضَ لَهُنَّ) لِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلِلثِّنْتَيْنِ فَأَكْثَرُ الثُّلُثَانِ (وَعَالَتْ) مَعَ الْوَاحِدَةِ إلَى تِسْعَةٍ وَمَعَ الثِّنْتَيْنِ فَأَكْثَرُ إلَى عَشَرَةٍ (وَكَذَا) الْحُكْمُ لَوْ كَانَ بَدَلَهُمْ (الْأُخْتُ أَوْ الْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ فَإِنْ كَانَ لَهَا) أَيْ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ فَأَكْثَرَ (أَخٌ) أَيْضًا (سَقَطَا) إذْ لَا يُفْرَضُ لَهَا مَعَهُ وَلَا تَشْرِيكَ (وَ) شَرْطَ الْمُشَرَّكَةِ أَيْضًا (أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأُمِّ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ وَاحِدًا (أَخَذَ الْعَصَبَةُ) مِنْ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَبِ (السُّدُسَ) الْبَاقِي لِأَنَّ فَرْضَ وَلَدِ الْأُمِّ حِينَئِذٍ السُّدُسُ، وَإِنْ كَانَ بَدَلُ الْعَصَبَةِ فِي الْمُشَرَّكَةِ خُنْثَى لِأَبَوَيْنِ فَبِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ هِيَ الْمُشَرَّكَةُ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ إنْ كَانَ وَلَدُ الْأُمِّ اثْنَيْنِ وَبِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ تَعُولُ إلَى تِسْعَةٍ وَبَيْنَهُمَا تَدَاخُلٌ فَيَصِحَّانِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَيُعَامَلُ بِالْأَضَرِّ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ الْأَضَرِّ فِي حَقِّ ذُكُورَتِهِ وَفِي حَقِّ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ أُنُوثَتُهُ وَيَسْتَوِي فِي حَقِّ وَلَدِي الْأُمِّ الْأَمْرَانِ فَإِذَا قَسَمْتَ فَضْلَ أَرْبَعَةٍ مَوْقُوفَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ فَإِنْ بَانَ أُنْثَى أَخَذَهَا أَوَ ذَكَرٌ أَخَذَ الزَّوْجُ ثَلَاثَةً، وَالْأُمُّ وَاحِدًا. (فَرْعٌ الْأُخْوَةُ لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ كَأَوْلَادِ الِابْنِ مَعَ وَلَدِ الصُّلْبِ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا وَقَدْ عَرَّفَ حُكْمَهُمْ (إلَّا أَنَّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ لَا يُعَصِّبُهَا إلَّا مَنْ فِي دَرَجَتِهَا) بِخِلَافِ بِنْتِ الِابْنِ يُعَصِّبُهَا مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهَا أَيْضًا كَمَا مَرَّ (فَإِنْ خَلَّفَ أُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتًا لِأَبٍ، وَابْنَ أَخٍ لِأَبٍ فَلَهُمَا) أَيْ لِلْأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ (الثُّلُثَانِ وَلَهُ) أَيْ لِابْنِ الْأَخِ (الْبَاقِي وَسَقَطَتْ الْأُخْتُ لِلْأَبِ) لِاسْتِغْرَاقِ الْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَلَا يُعَصِّبُهَا ابْنُ الْأَخِ لِأَنَّهُ لَا يُعَصِّبُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَلَا يُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ. (فَرْع لِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ السُّدُسُ وَلِمَا) بِمَعْنَى، وَلِمَنْ (فَوْقَهُ الثُّلُثُ وَخَالَفُوا) أَيْ أَوْلَادَ الْأُمِّ (غَيْرَهُمْ) مِنْ الْوَرَثَةِ (فِي أَنَّ ذَكَرَهُمْ كَأُنْثَاهُمْ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا لِآيَاتِهِمْ السَّابِقَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَوْلَادِ، وَالْإِخْوَةِ فَإِنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ اجْتِمَاعًا وَلِلْوَاحِدِ الْكُلُّ، وَلِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ، وَلِلثِّنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ الثُّلُثَانِ انْفِرَادًا كَمَا تَقَرَّرَ (وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ مَعَ مَا يَدْلُونَ بِهِ) وَهِيَ الْأُمُّ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ أَدْلَى بِشَخْصٍ لَا يَرِثُ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا الْجَدَّةَ لِلْأَبِ فَإِنَّهَا تَرِثُ مَعَ بِنْتِهَا مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ إذَا لَمْ تَكُنْ أَبْعَدَ مِنْهَا لَكِنْ لَا مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي أَدْلَتْ إلَيْهَا بِهَا كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ مَعَ تَصْوِيرِهِ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ (وَأَنَّهُمْ يَحْجُبُونَهُ) حَجْبَ نُقْصَانٍ لِأَنَّهُمْ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُحْجَبُوا بِهَا لِإِدْلَائِهِمْ بِهَا لَا أَنْ تُحْجَبَ هِيَ بِهِمْ (وَإِنَّ ذَكَرَهُمْ يُدْلِي بِأُنْثَى وَيَرِثُ) بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فِي النَّسَبِ كَابْنِ الْبِنْتِ وَأَبِي الْأُمِّ أَمَّا فِي الْعِتْقِ فَيَرِثُ لِأَنَّ عَصَبَةَ الْمُعْتَقَةِ تُدْلِي بِأُنْثَى وَتَرِثُ. (فَصْلٌ بَنُو الْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَبِ كُلٌّ) مِنْهُمْ (كَأَبِيهِ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا فَلِلْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْهُمْ كُلُّ الْمَالِ أَوْ مَا فَضَلَ عَنْ الْفَرْضِ وَيُسْقِطُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ ابْنَ الْأَخِ لِلْأَبِ كَمَا يُسْقِطُ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ الْأَخَ لِلْأَبِ (لَكِنَّ الْإِخْوَةَ يَرُدُّونَ الْأُمَّ) مِنْ الثُّلُثِ (إلَى السُّدُسِ) بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ كَمَا مَرَّ (وَيُقَاسِمُونَ الْجَدَّ) بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ لِبُعْدِهِمْ وَلِأَنَّهُ فِي دَرَجَةِ الْأَخِ، وَهُوَ يَحْجُبُ ابْنَهُ فَيَحْجُبُهُ الْجَدُّ (وَيَرِثُونَ فِي الْمُشَرَّكَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ الْمُشْتَرَكَةِ لِوُجُودِ عِلَّةِ التَّشْرِيكِ فِيهِمْ بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ، وَالْمُخَالَفَةُ فِي هَذِهِ إنَّمَا هِيَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ وَأَبْنَائِهِمْ لَا بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ وَأَبْنَائِهِمْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِيهَا (وَيُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ) لِإِرْثِهِنَّ بِخُصُوصِ الْقَرَابَةِ (بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ] قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُمَا ابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ شَارَكَهُمَا إلَخْ) أُجِيبَ عَنْ هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنَّ إخْوَةَ الْأُمِّ فِي ابْنِ الْعَمِّ جِهَةُ فَرْضٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَلِهَذَا نُعْطِيهِ بِهَا السُّدُسَ فَابْنُ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ فِيهِ جِهَةُ فَرْضٍ وَجِهَةُ تَعْصِيبٍ فَإِذَا سَقَطَتْ إحْدَاهُمَا بَقِيَتْ الْأُخْرَى، وَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ لَيْسَ فِيهِ جِهَةُ فَرْضٍ وَجِهَةُ تَعْصِيبٍ بَلْ تَعْصِيبٌ فَقَطْ؛ وَلِهَذَا نَقُولُ فِي ابْنَيْ عَمِّ أَحَدِهِمَا أَخٌ لِأُمٍّ لَهُ بِإِخْوَةِ الْأُمِّ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا نَقُولُ فِي أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٍ لِأَبٍ لِلْأَوَّلِ بِإِخْوَةِ الْأُمِّ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَعُلِمَ أَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْفَرْدِ هِيَ قَرَابَةُ الْأُمِّ الْمُنْفَرِدَةِ أَمَّا قَرَابَةُ الْأُمِّ الْمُمْتَزِجَةُ بِقَرَابَةِ الْأَبِ فَلَا تَقْتَضِي الْفَرْضَ بَلْ هُمَا جِهَةُ تَعْصِيبٍ. [فَرْعٌ الْأُخُوَّةُ لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ] (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بِنْتِ الِابْنِ يُعَصِّبُهَا. . إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ ابْنِ الِابْنِ حَيْثُ يُعَصِّبُ عَمَّتَهُ أَنَّ ابْنَ ابْنِ الِابْنِ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ فَعَصَّبَ عَمَّتَهُ وَابْنُ الْأَخِ لَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ لِأَنَّهَا لَا تَرِثُ فَلَا يُعَصِّبُ عَمَّتَهُ وَأَيْضًا ابْنُ ابْنِ الِابْنِ يُسَمَّى ابْنًا إمَّا حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا أَوْ ابْنَ الْأَخِ لَا يُسَمَّى أَخًا. [فَرْع لِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ السُّدُسُ وَلِمَنْ فَوْقَهُ الثُّلُثُ] (قَوْلُهُ: وَخَالَفُوا غَيْرَهُمْ فِي أَنَّ ذَكَرَهُمْ كَأُنْثَاهُمْ) لِأَنَّهُمْ يُورَثُونَ بِالرَّحِمِ فَاسْتَوَوْا كَالْأَبَوَيْنِ مَعَ الِابْنِ فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الثُّلُثِ وَبِهَذَا فَارَقُوا الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ فَإِنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالْعُصُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّ ذَكَرَهُمْ يُدْلِي بِأُنْثَى وَيَرِثُ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ أَوْلَادَ الْأُمَّ يُخَالِفُونَ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ) كَمَا مَرَّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَاهَا الثُّلُثَ حَيْثُ لَا إخْوَةَ وَهَذَا الِاسْمُ لَا يَصْدُقُ عَلَى بَنِيهِمْ بِحَالٍ بِخِلَافِ وَلَدِ الْوَلَدِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 لَا يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ لِعَدَمِ إرْثِهِنَّ وَيُخَالِفُونَهُمْ أَيْضًا فِي أَنَّ الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ يَحْجُبُونَ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَفِي أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ يَحْجُبُونَ بَنِي الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ وَفِي أَنَّ الْإِخْوَةِ يَرِثُونَ مَعَ الْأَخَوَاتِ إذَا كُنَّ عَصَبَاتٍ مَعَ الْبَنَاتِ بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ. (فَصْلٌ: الْأَخَوَاتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَلِلْأَبِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (مَعَ الْبَنَاتِ، وَبَنَاتِ الِابْنِ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا (عَصَبَةٌ كَالْإِخْوَةِ) لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقِ إذْ فِيهِ «وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ» وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَنَاتٌ أَوْ بَنَاتُ ابْنٍ وَأَخَوَاتٌ وَأَخَذَتْ الْبَنَاتُ أَوْ بَنَاتُ الِابْنِ الثُّلُثَيْنِ فَلَوْ فَرَضْنَا لِلْأَخَوَاتِ وَأَعَلْنَا الْمَسْأَلَةَ نَقَصَ نَصِيبُ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ فَاسْتَبْعَدُوا أَنْ تُزَاحِمَ الْأَخَوَاتُ الْأَوْلَادَ، وَأَوْلَادَ الِابْنِ وَلَمْ يُمْكِنْ إسْقَاطُهُنَّ فَجُعِلْنَ عَصَبَاتٍ لِيَدْخُلَ النَّقْصُ عَلَيْهِنَّ خَاصَّةً، وَحِينَئِذٍ (يَأْخُذْنَ الْبَاقِي عَنْ فَرْضِهِنَّ) أَيْ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ (فَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ مَعَ الْبِنْتِ) أَوْ بِنْتِ الِابْنِ أَوْ مَعَهُمَا (تَحْجُبُ الْأَخَ لِلْأَبِ) كَمَا يَحْجُبُهُ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ لَكِنْ لَوْ خَلَّفَ بِنْتًا وَأَخًا وَأُخْتًا لِأَبَوَيْنِ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَمْ تَجْعَلْ مَعَهُ كَالْأَخِ مَعَ الْأَخِ لِئَلَّا يَلْزَمَ مُخَالَفَةُ أَصْلِ أَنَّ لِلذَّكَرِ ضِعْفُ مَا لِلْأُنْثَى؛ وَلِأَنَّ تَعْصِيبَهَا بِالْبِنْتِ إنَّمَا هُوَ لِلضَّرُورَةِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِنَا مِنْ حَظِّ نَصِيبِ الْبَنَاتِ بِالْعَوْلِ بِسَبَبِ فَرْضِ الْأُخْتِ وَتَعَسَّرَ إسْقَاطُهَا وَلَا حَاجِبَ بِخِلَافِ تَعْصِيبِهَا بِالْأَخِ (وَالْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ يَحْجُبُ الْعَمَّ لِلْأَبِ) كَالْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ يَحْجُبُ الْأَخَ لِلْأَبِ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْعَصَبَةِ وَتَرْتِيبِهِمْ) (وَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ يُسْقِطُ الْأَبْعَدَ وَأَقْرَبُهُمْ الِابْنُ) لِقُوَّةِ عُصُوبَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ فُرِضَ لِلْأَبِ مَعَهُ السُّدُسُ وَأُعْطِيَ هُوَ الْبَاقِي وَلِأَنَّهُ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ بِخِلَافِ الْأَبِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِ الْأَبُ فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ وَالتَّزْوِيجِ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ فِيهِمَا بِالْوِلَايَةِ، وَهِيَ لِلْآبَاءِ دُونَ الْأَبْنَاءِ وَهُنَا بِقُوَّةِ التَّعْصِيبِ وَهُوَ فِي الْأَبْنَاءِ أَقْوَى (ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفُلَ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الِابْنِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ فَكَذَا فِي التَّعْصِيبِ؛ وَلِأَنَّ جِهَةَ الْبُنُوَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا، وَالْبَعِيدُ مِنْ الْجِهَةِ الْمُقَدَّمَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْ الْجِهَةِ الْمُؤَخَّرَةِ كَمَا سَيَأْتِي (ثُمَّ الْأَبُ) لِأَنَّ الْمَيِّتَ بَعْضُهُ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ وَلِإِدْلَاءِ سَائِرِ الْعَصَبَةِ بِهِ (ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ (وَإِنْ عَلَا) كَالْأَبِ (وَفِي دَرَجَتِهِ الْإِخْوَةُ لِلْأَبَوَيْنِ وَلِلْأَبِ وَسَيَأْتِي) بَيَانُ حُكْمِهِمْ، وَإِنَّمَا كَانُوا فِي دَرَجَتِهِمْ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْإِدْلَاءِ إلَى الْمَيِّتِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُدْلِي إلَيْهِ بِالْأَبِ وَكَانَ الْقِيَاسُ تَقْدِيمَ الْإِخْوَةِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ أَبْنَاءُ أَبِي الْمَيِّتِ، وَالْجَدُّ أَبُو أَبِيهِ، وَالْبُنُوَّةُ أَقْوَى مِنْ الْأُبُوَّةِ وَلِأَنَّ فَرْعَهُمْ وَهُوَ ابْنُ الْأَخِ يُسْقِطُ فَرْعَ الْجَدِّ وَهُوَ الْعَمُّ وَقُوَّةُ الْفَرْعِ تَقْتَضِي قُوَّةَ الْأَصْلِ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا ذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يُقَدِّمُونَ عَلَى الْجَدِّ فَشَرَكْنَا بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِمْ الْأَبُ لِأَنَّهُمْ أُدْلُوا بِهِ بِخِلَافِهِمْ مَعَ الْجَدِّ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ فَالْإِخْوَةُ لِلْأَبَوَيْنِ) لِخَبَرِ: «أَعْيَانِ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعِلَّاتِ يَرِثُ الرَّجُلَ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمُّهُ دُونَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ لَكِنْ فِي سَنَدِ الْحَارِثِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلِأَنَّهُمْ انْفَرَدُوا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَالِانْفِرَادُ بِالْقَرَابَةِ كَالتَّقْدِيمِ بِدَرَجَةٍ، وَآخِرُ الْخَبَرِ تَفْسِيرٌ لِأَوَّلِهِ فَأَوْلَادُ الْأَعْيَانِ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادُ الْعِلَّاتِ أَوْلَادُ الْأَبِ وَالْإِخْوَةُ ثَلَاثَةٌ بَنُو أَعْيَانٍ، وَبَنُو عِلَّاتٍ وَبَنُو أَخْيَافٍ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأُمِّ. وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ (ثُمَّ) الْإِخْوَةُ (لِلْأَبِ) لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ (ثُمَّ بَنُوهُمْ كَذَلِكَ) فَيُقَدَّمُ بَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ بَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ كَذَلِكَ (وَيَسْقُطُونَ) أَيْ بَنُو الْإِخْوَةِ (بِالْجَدِّ) وَإِنْ عَلَا إذْ لَيْسَ لَهُمْ قُوَّةُ الْإِخْوَةِ لِعَدَمِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْل مِيرَاث بَنُو الْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَبِ] قَوْلُهُ: إذَا كُنَّ عَصَبَاتٍ مَعَ الْبَنَاتِ) أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُخْتُ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: سُقُوطُ بَنِي الشَّقِيقِ بِالشَّقِيقَةِ وَأَبُوهُمْ يُعَصِّبُهَا. وَسُقُوطُ بَنِي الْأَخِ لِلْأَبِ بِالْأُخْتِ لِلْأَبِ وَأَبُوهُمْ يُعَصِّبُهَا أَيْضًا. وَسُقُوطُ بَنِي الشَّقِيقِ بِالْأُخْتِ لِلْأَبِ وَأَبُوهُمْ يَحْجُبُهَا. فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ صُوَرٍ يُخَالِفُونَ فِيهَا أَبَاهُمْ. وَالرَّابِعَةُ سُقُوطُ بَنِي الْأَخِ لِلْأَبِ بِالشَّقِيقَةِ، وَأَبُوهُمْ يَسْقُطُ بِهَا أَيْضًا فَلَمْ يُخَالِفُوهُ فِي هَذِهِ. [فَصْلٌ الْأَخَوَاتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَلِلْأَبِ مَعَ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ] س (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقِ. . إلَخْ) وَلِأَنَّ الْأُخْتَ تَأْخُذُ الْفَاضِلَ عَنْ الزَّوْجِ فَلَمْ تَسْقُطُ مَعَ الْبِنْتِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَرِثُ بِالْفَرْضِ فَهُوَ بِالتَّعْصِيبِ، وَخَالَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَعَلَ الْفَاضِلَ لِبَنِي الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ، وَاحْتَجَّ بِأَوْجُهٍ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 176] الْآيَةَ فَشَرَطَ فِي إرْثِ الْأُخْتِ عَدَمَ الْوَلَدِ قُلْنَا شَرْطُهُ لِإِرْثِهَا فَرْضًا لَا مُطْلَقًا، وَمِنْهَا خَبَرُ «فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» قُلْنَا عَامٌّ وَمَا ذَكَرْنَاهُ خَاصٌّ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ، وَمِنْهَا الْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ لَسْنَ بِعَصَبَةٍ مَعَ الْبَنَاتِ فَكَذَا الْأَخَوَاتُ لِغَيْرِ الْأُمِّ قُلْنَا الْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ لَا يُعَصِّبْنَ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْأَخَوَاتِ لِغَيْرِ الْأُمِّ، وَمِنْهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَصَبَةً لَأَخَذَتْ الْكُلَّ إذَا انْفَرَدَتْ كَسَائِرِ الْعَصَبَاتِ، قُلْنَا لَيْسَ بِلَازِمٍ إذْ هِيَ عَصَبَةٌ مَعَ أَخِيهَا، وَلَوْ انْفَرَدَتْ لَمْ تَأْخُذْ الْكُلَّ، وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تَعْقِلُ، وَلَا تُزَوَّجُ فَكَانَتْ كَالْأُمِّ، قُلْنَا ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهَا عَصَبَةً بِدَلِيلِ الِابْنِ قَالَ الْإِمَامُ: وَمِمَّا يَتَعَيَّنُ التَّنْبِيهُ لَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَقُولُ بِالْعَوْلِ وَيَعُدُّ عَلَيْهِ تَعْصِيبَ الْأُخْتِ وَلَمْ يَرَ إدْخَالَ النَّقْصِ عَلَى الْبَنَاتِ فَلَمْ يُتَّجَهْ لَهُ إلَّا إسْقَاطُ الْأُخْتِ. م [الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْعَصَبَةِ وَتَرْتِيبِهِمْ] (الْبَابُ الثَّانِي) (قَوْلُهُ: فِي الْعَصَبَةِ) الْعَصَبَةُ: مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ حَالَ تَعْصِيبِهِ مِنْ جِهَةِ تَعْصِيبِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ فَرْعَهُمْ وَهُوَ ابْنُ الْأَخِ. . إلَخْ) وَلِأَنَّهُمْ يُعَصِّبُونَ الْأَخَوَاتِ كَمَا يُعَصِّبُ الْبَنُونَ، وَالْجَدُّ لَا يُعَصِّبُ الْأُخْتَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأُخُوَّةَ أَقْوَى (قَوْلُهُ: فَأَوْلَادُ الْأَعْيَانِ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ) سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مِنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ أَيْ أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَادُ الْعِلَّاتِ وَأَوْلَادُ الْأَبِ) سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ عُلَّ مِنْ زَوْجَتِهِ الثَّانِيَةِ، وَالْعَلَلُ الشُّرْبُ. الثَّانِي يُقَالَ عَلَّلَ بَعْدَ نَهْلٍ وَعَلَّهُ يَعُلُّهُ وَيُعِلُّهُ إذَا سَقَاهُ السُّقْيَةَ الثَّانِيَةَ وَيُقَالَ: سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّ كُلِّ وَاحِدٍ لَمْ تَعُلَّ الْآخَرَ أَيْ لَمْ تُسْقِهِ لَبَنَهَا (قَوْلُهُ: وَبَنُو أَخْيَافٍ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأُمِّ) سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَخْلَاطِ الرِّجَالِ لَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَالْأَخْيَافُ الْأَخْلَاطُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْخَيْفُ بِمِنًى ضَعِيفًا لِاجْتِمَاعِ أَخْلَاطِ النَّاسِ فِيهِ أَيْ مِنْهُمْ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ. م الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 تَعْصِيبِهِمْ أَخَوَاتِهِمْ بِخِلَافِ الْإِخْوَةِ (ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبِ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ (ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ ثُمَّ بَنُوهُ كَذَلِكَ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ (وَهَكَذَا) فَيُقَدَّمُ عَمُّ الْجَدِّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ وَهَكَذَا (فَإِنْ عَدِمُوا) أَيْ عَصَبَةُ النَّسَبِ وَالْمَيِّتُ عَتِيقٌ (فَالْمُعْتَقُ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى مُقَدَّمٌ بِالْمِيرَاثِ أَوْ بِالْبَاقِي عَنْ الْفَرْضِ لِخَبَرِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (ثُمَّ عَصَبَاتُهُ) لِأَنَّ الْعَتِيقَ لَوْ كَانَ رَقِيقًا لَاسْتَحَقُّوهُ فَكَذَا مِيرَاثُهُ (ثُمَّ مُعْتِقُهُ) أَيْ مُعْتِقُ الْمُعْتَقِ (ثُمَّ عَصَبَاتُهُ كَمَا فِي الْوَلَاءِ) فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَاتِهِ ثُمَّ مُعْتِقِ الْمُعْتَقِ ثُمَّ عَصَبَاتِهِ وَهَكَذَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ. وَإِنَّمَا قَدَّمْت عَصَبَةَ النَّسَبِ عَلَى الْمُعْتَقِ لِلْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى مِنْ الْوَلَاءِ إذْ تَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْوَلَاءِ كَالْمَحْرَمِيَّةِ، وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَالْمِيرَاثُ أَوْ الْبَاقِي عَنْ الْفَرْضِ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (وَالْبَعِيدُ مِنْ الْجِهَةِ الْمُقَدَّمَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْ الْجِهَةِ الْمُؤَخَّرَةِ فَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفُلَ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَبِ) وَابْنُ الْأَخِ وَإِنْ سَفُلَ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ وَإِنْ قَرُبَ (وَإِنَّ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ) دُونَ الْقُرْبِ كَابْنَيْ أَخٍ أَوْ ابْنَيْ ابْنِ أَحَدِهِمَا أَبْعَدُ مِنْ الْآخَرِ (قُدِّمَ الْأَقْرَبُ) مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ الْأَبْعَدُ أَقْوَى فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ (ثُمَّ) إنْ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ وَالْقُرْبِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ وَاخْتَلَفَا قُوَّةً وَضَعْفًا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِالْأَبَوَيْنِ وَالْآخَرُ بِالْأَبِ قُدِّمَ (ذُو الْأَبَوَيْنِ) عَلَى ذِي الْأَبِ لِخَبَرِ «فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ، وَالْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى الْعَمِّ لِلْأَبِ. (فَرْعٌ) إذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي جِهَةِ عُصُوبَةٍ وَاخْتُصَّ أَحَدُهُمَا بِقَرَابَةٍ أُخْرَى كَأَنْ (خَلَّفَ ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ) بِأَنْ تَعَاقَبَ أَخَوَانِ زَيْدٌ وَعَمْرٌو مَثَلًا عَلَى وَطْءِ امْرَأَةٍ فَوَلَدَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنًا، وَلِزَيْدٍ ابْنٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَابْنَاهُ ابْنَا عَمِّ ابْنِ عَمْرٍو، وَأَحَدُهُمَا أَخُوهُ لِأُمِّهِ فَمَاتَ ابْنُ عَمْرٍو عَنْ ابْنَيْ زَيْدٍ (لَمْ يُقَدَّمْ) الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ (وَلَوْ حَجَبَتْهُ بِنْتٌ) لِلْمَيِّتِ (عَنْ فَرْضِهِ) لِأَنَّ أُخُوَّةَ الْأُمِّ إنْ لَمْ تَحْجُبْ فَلَهَا فَرْضٌ وَإِلَّا صَارَتْ بِالْحَجْبِ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، فَلَمْ يُرَجَّحْ بِهَا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ ابْنُ الْعَمِّ الْمَذْكُورِ عَلَى الْآخَرِ (بَلْ يُسَوَّيَانِ فِي الْعُصُوبَةِ) بَعْدَ أَخْذِهِ السُّدُسَ إنْ لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُ (كَابْنَيْ عَمِّ أَحَدِهِمَا زَوْجٌ فَيَأْخُذُ) ذُو الْفَرْضِ فِيهِمَا (الْفَرْضَ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ) الْبَاقِي بِالْعِصَابَةِ (وَيُقَدَّمُ أَحَدُ ابْنَيْ عَمِّ الْمُعْتَقِ بِالْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ) عَلَى الْآخَرِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ السَّابِقِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يَرِثُ فِي النَّسَبِ بِالْفَرْضِ فَأَمْكَنَ أَنْ يُعْطَى فَرْضُهُ، وَيُجْعَلَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْعُصُوبَةِ وَفِي الْوَلَاءِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُورَثَ بِالْفَرْضِ فَقَرَابَةُ الْأُمِّ مُعَطَّلَةٌ فَجُعِلَتْ مُرَجَّحَةً فَتَرَجَّحَتْ عُصُوبَةُ مَنْ يُدْلِي بِهَا فَأَخَذَ الْجَمِيعُ كَمَا أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ لَمَّا لَمْ يَأْخُذْ بِإِخْوَةِ الْأُمِّ شَيْئًا تَرَجَّحَتْ بِهَا عُصُوبَتُهُ حَتَّى حَجَبَ الْأَخَ لِلْأَبِ وَإِنَّمَا لَمْ تُفْرَدْ قَرَابَةُ الْأُمِّ فِي الشَّقِيقِ بِالْفَرْضِ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأَبِ وَالْأُمِّ سَبَبَانِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأُخُوَّةُ بِخِلَافِ الْأُخُوَّةِ وَالْعُمُومَةِ فَإِنَّهُمَا سَبَبَانِ مِنْ جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ تُوجِبُ إحْدَاهُمَا الْفَرْضَ وَالْأُخْرَى التَّعْصِيبَ مُنْفَرِدَتَيْنِ فَكَذَا مُجْتَمِعَيْنِ. (فَصْلٌ وَإِنْ فُقِدَ الْمُعْتَقُ فَالْمُسْتَحِقُّ) لِلْإِرْثِ (عَصَبَاتُهُ الذُّكُورُ) مِنْ النَّسَبِ وَهُمْ الْمُتَعَصِّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ كَابْنِهِ وَأَخِيهِ دُونَ عَصَبَاتِهِ بِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ كَبِنْتِهِ وَبِنْتِ ابْنِهِ وَأُخْتِهِ مَعَ مُعَصَّبِهِنَّ وَكَأُخْتِهِ مَعَ بِنْتِهِ أَوْ بِنْتِ ابْنِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ أَضْعَفُ مِنْ النَّسَبِ الْمُتَرَاخِي وَإِذَا تَرَاخَى النَّسَبُ وَرِثَ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ أَلَا تَرَى أَنَّ بَنِي الْأَخِ وَالْعَمِّ يَرِثُونَ دُونَ أَخَوَاتِهِمْ فَإِذَا لَمْ يَرِثْنَ بِهِ فَبِالْوَلَاءِ أَوْلَى، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ بِقَوْلِهِ: (فَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا أَوْ) مِنْ (الْمُنْتَمِي إلَيْهِ بِنَسَبٍ) كَابْنِهِ (أَوْ وَلَاءٍ) كَعَتِيقَةٍ فَإِنَّهَا تَرِثُ بِالْوَلَاءِ مِنْهُمْ وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَا تَرِثُ بِوَلَاءٍ إلَّا مِمَّنْ أَعْتَقَتْهُ أَوْ أَعْتَقَهُ مَنْ أَعْتَقَتْهُ أَوْ جَرَّ الْوَلَاءَ إلَيْهَا مَنْ أَعْتَقَتْهُ (وَتَرْتِيبُهُمْ) أَيْ عَصَبَاتُ الْمُعْتَقِ الذُّكُورُ (فِي الْوَلَاءِ كَالنَّسَبِ) أَيْ فِي الْإِرْثِ بِهِمَا فَيُقَدَّمُ الِابْنُ وَإِنْ سَفُلَ ثُمَّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ وَإِنْ عَلَا (إلَّا أَنَّ هُنَا يُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ، وَالْعَمُّ وَابْنُهُ عَلَى أَبِي الْجَدِّ بِخِلَافِ النَّسَبِ) جَرْيًا هُنَا عَلَى الْقِيَاسِ فِي أَنَّ الْبُنُوَّةَ أَقْوَى مِنْ الْأُبُوَّةِ وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي النَّسَبِ لِلْإِجْمَاعِ كَمَا مَرَّ. وَذِكْرُ ابْنِ الْعَمِّ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَذَكَرَ الْأَصْلَ مَعَ ذَلِكَ ابْنَيْ عَمٍّ لِمُعْتَقِ: أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ بِخِلَافِهِ فِي النَّسَبِ، وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ]   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَالْمُعْتِقُ) فَلَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ كَافِرًا فَلَحِقَ الْعَتِيقُ بِدَارِ الْحَرْبِ فَاسْتُرِقَّ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْآخَرُ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ حَيًّا وَلَكِنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ كَقَتْلٍ أَوْ كُفْرٍ فَإِنَّ الْمَالَ يَنْتَقِلُ لِعَصَبَتِهِ فِي حَيَاتِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ اخْتِلَافِ الدِّينِ فِي الْأُمِّ وَخَالَفَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَجَعَلَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ مَعَ وُجُودِ الْمُعْتِقِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَمُقْتَضَى إلْحَاقِ الْوَلَاءِ بِالنَّسَبِ وَكَانَ الْمُعْتِقُ لَمَّا أَعْتَقَ هَذَا الرَّقِيقَ ثَبَتَ الْوَلَاءُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَتِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا الَّذِي تَرَتَّبَ الصَّرْفُ لِلْمِيرَاثِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ وَلَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ وَأَخٌ كَبِيرٌ فَنَقَلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا الْأَخُ وَلَيْسَ بِالْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدِ بَلْ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَخَ يُزَوِّجُ وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَلَاءَ هَلْ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكُلِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ لَا يَثْبُتُ لِلثَّانِي إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَهُوَ يُشْبِهُ الْخِلَافَ فِي الْوَقْفِ فِي تَلَقِّي الْبُطُونِ وَالْأَصَحُّ فِيهَا أَنَّ التَّلَقِّيَ يَثْبُتُ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا الَّذِي تَرَتَّبَ الصَّرْفُ فِي الْوِرَاثَاتِ وَشُرُوطِ الْوَاقِفِ. [فَرْعٌ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي جِهَةِ عُصُوبَةٍ وَاخْتُصَّ أَحَدُهُمَا بِقَرَابَةٍ أُخْرَى] (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ أَحَدُ ابْنَيْ عَمِّ الْمُعْتِقِ بِالْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ) وَكَذَا فِي ابْنَيْ عَمٍّ لِأَبِ أَحَدِهِمَا أَخٌ لِأُمٍّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ خَطِيرٌ جِدًّا وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَتَوَقَّى الْكَلَامَ فِيهِ جِدًّا (فَالْجَدُّ لَا يُسْقِطُهُمْ) لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَلِأَنَّهُمْ يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ فَلَا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ كَالْأَبْنَاءِ؛ وَلِأَنَّ وَلَدَ الْأَبِ يُدْلِي بِالْأَبِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْجَدِّ كَأُمِّ الْأَبِ (فَإِنْ انْفَرَدُوا) عَنْ ذِي فَرْضٍ (فَلَهُ الْأَغْبَطُ مِنْ الثُّلُثِ وَ) مِنْ (الْمُقَاسَمَةِ) أَمَّا الثُّلُثُ فَلِأَنَّ لَهُ مَعَ الْأُمِّ مِثْلَيْ مَا لَهَا وَالْإِخْوَةُ لَا يُنْقِصُونَهَا عَنْ السُّدُسِ فَلَا يُنْقِصُونَهُ عَنْ مِثْلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْإِخْوَةَ لَا يُنْقِصُونَ أَوْلَادَ الْأُمِّ عَنْ الثُّلُثِ فَبِالْأَوْلَى الْجَدُّ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهُمْ، وَأَمَّا الْمُقَاسَمَةُ فَلِأَنَّهُ كَالْأَخِ فِي إدْلَائِهِ بِالْأَبِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ أَخَذَ الثُّلُثَ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ قَاسَمَ كَانَ (كَأَحَدِهِمْ) وَإِنَّمَا أُعْطِيَ الْأَغْبَطُ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ فَأُعْطِيَ أَغْبَطُهُمَا (وَالْمُقَاسَمَة أَغْبَطُ) لَهُ (مَا لَمْ يَكُنْ) مَعَهُ (أَخَوَانِ أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ) أَوْ أَخٌ وَأُخْتَانِ فَأَكْثَرُ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ أَوْ أَخٌ وَأُخْتٌ أَوْ أُخْتَانِ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَخَوَانِ أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخٌ وَأُخْتَانِ فَقَطْ فَيَسْتَوِي لَهُ الْأَمْرَانِ. وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ وَلَا تَنْحَصِرُ صُوَرُهُ فَالثُّلُثُ أَغْبَطُ لَهُ (وَضَابِطُهُ أَنَّ الْأَخَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ أَنَّ الْإِخْوَةَ (وَالْأَخَوَاتِ إذَا كَانُوا مِثْلَيْهِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ أَخَوَاتٍ فَهُمَا) أَيْ الثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ (سَوَاءٌ) فِي الْحُكْمِ لَكِنْ الْفَرْضِيُّونَ (يَقُولُونَ لَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ) عَمَلًا مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَلِوُرُودِ النَّصِّ بِهِ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ وِلَادَةٌ وَهِيَ الْأُمُّ دُونَ الْمُقَاسَمَةِ، قَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا: وَلِأَنَّهُ مَهْمَا أَمْكَنَ الْأَخْذُ بِالْفَرْضِ كَانَ أَوْلَى لِقُوَّتِهِ وَتَقْدِيمُ صَاحِبِهِ عَلَى الْعَصَبَة وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ حِينَئِذٍ فَرْضًا وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْهَائِمِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الرَّافِعِي أَنْ يَأْخُذَهُ تَعْصِيبًا قَالَ السُّبْكِيّ: وَهُوَ عِنْدِي أَقْرَبُ بَلْ قَدْ أَقُولُ بِهِ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّهُ يُفْرَضَ لَهُ الثُّلُثُ إذَا نَقَصَتْهُ الْمُقَاسَمَةُ عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ تَجَوَّزُوا فِي الْعِبَارَةِ وَلَوْ أَخَذَهُ بِالْفَرْضِ لَأَخَذَتْ الْأَخَوَاتُ الْأَرْبَعُ فَأَكْثَرُ الثُّلُثَيْنِ بِالْفَرْضِ لِعَدَمِ تَعْصِيبِهِ لَهُنَّ لِإِرْثِهِ بِالْفَرْضِ وَلَفَرَضَ لَهُنَّ إذَا كَانَ ثَمَّ ذُو فَرْضٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَعَ الْإِخْوَةِ عَصَبَةٌ لَكِنْ يُحَافِظُ لَهُ عَلَى قَدْرِ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ لَا يُفْرَضُ لَهُ مَعَ الْأُخْتِ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ قَالَ: وَقَدْ تَضَمَّنَ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ جُمْهُورَ أَصْحَابِنَا عَلَى التَّعْصِيبِ وَهُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ انْتَهَى. (وَإِنْ كَانُوا دُونَ مِثْلَيْهِ) كَأَخٍ أَوْ أُخْتٍ (فَالْقِسْمَةُ) لَهُ (أَوْفَرُ أَوْ) كَانُوا (فَوْقَ مِثْلَيْهِ فَالثُّلُثُ) لَهُ (أَوْفَرُ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ) يُتَصَوَّرُ إرْثُهُ مَعَهُمْ وَهُوَ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ، وَالزَّوْجَانِ (وَبَقِيَ) بَعْدَ الْفَرْضِ (السُّدُسُ) فَقَطْ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ (انْفَرَدَ بِهِ) فَرْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ إجْمَاعًا (أَوْ) بَقِيَ (أَكْثَرُ) مِنْ السُّدُسِ كَبِنْتَيْنِ (فَلَهُ الْأَغْبَطُ مِنْ السُّدُسِ) لِأَنَّ الْبِنْتَيْنِ لَا يَنْقُصُونَهُ عَنْهُ فَالْإِخْوَةُ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ لَهُ وِلَادَةً فَحَقُّهُ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْهُ كَالْأَبِ، وَلَمْ يُعْطَ الثُّلُثَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْإِخْوَةِ (وَ) مِنْ (الْمُقَاسَمَةِ) لِمُسَاوَاتِهِ إيَّاهُمْ وَنُزُولِهِ مَنْزِلَةَ أَخٍ (وَ) مِنْ (ثُلُثِ مَا يَبْقَى) بَعْدَ الْفَرْضِ كَمَا يَجُوزُ ثُلُثُ الْكُلِّ بِدُونِ ذِي فَرْضٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْأُمِّ فِي الْعُمَرِيَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وِلَادَةً وَضَابِطُ مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْفَرْضُ نِصْفًا أَوْ أَقَلَّ فَالْقِسْمَةُ أَغْبَطُ إنْ كَانَتْ الْإِخْوَةُ دُونَ مِثْلَيْهِ وَإِنْ زَادُوا عَلَى مِثْلَيْهِ فَثُلُثُ الْبَاقِي أَغْبَطُ، وَإِنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ اسْتَوَيَا، وَقَدْ تَسْتَوِي الثَّلَاثَةُ وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ ثُلُثَيْنِ فَالْقِسْمَةُ أَغْبَطُ إنْ كَانَ مَعَهُ أُخْتٌ وَإِلَّا فَلَهُ السُّدُسُ. وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ بَيْنَ النِّصْفِ وَالثُّلُثَيْنِ كَنِصْفٍ وَثُمُنٍ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْمُسْتَحِقّ لِلْإِرْثِ عِنْد فَقَدْ الْمُعْتَقُ] الْبَابُ الثَّالِثُ) . (قَوْلُهُ: فِي الْجَدِّ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ عَلَا لِقُوَّةِ الْجُدُودَةِ وَوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي تَوْرِيثِ الْجَدِّ مَا فِيهِ مِنْ التَّعْصِيبِ وَالْوِلَادَةِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْأَبْعَدِ كَوُجُودِهِ فِي الْأَقْرَبِ كَمَا أَنَّ مَعْنَى الِابْنِ فِي التَّعْصِيبِ وَالْحَجْبِ مَوْجُودٌ فِي ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ خَالُ الْإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ؛ لِأَنَّ مُقَاسَمَةَ الْجَدِّ إنَّمَا كَانَتْ لِقُوَّتِهِمْ عَلَى تَعْصِيبِ أَخَوَاتِهِمْ وَحَجْبِ أُمِّهِمْ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ وَبَنُو الْإِخْوَةِ قَدْ عَدِمُوا هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ وَبِهَذَا الْفَرْقِ يَتَأَيَّدُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ أَبَا الْجَدِّ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ إلَخْ) احْتَجَّ الْمُخَالِفُ فِي إرْثِ الْإِخْوَةِ بِوُجُوهٍ مِنْهَا: الْقِيَاسُ عَلَى الْأَبِ قُلْنَا إنَّمَا حُجِبُوا بِالْأَبِ لِإِدْلَائِهِمْ بِهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْجَدِّ وَمِنْهَا؛ أَنَّ الْجَدَّ إمَّا كَالشَّقِيقِ أَوْ كَالْأَخِ لِلْأَبِ أَوْ دُونَهُمَا أَوْ فَوْقَهُمَا فَإِنْ كَانَ كَالشَّقِيقِ لَزِمَ أَنْ يُحْجَبَ بِهِ الْأَخُ لِلْأَبِ أَوْ كَالْأَخِ لِلْأَبِ لَزِمَ أَنْ يُحْجَبَ الشَّقِيقُ أَوْ دُونَهُمَا لَزِمَ أَنْ يَحْجُبَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا. وَكُلٌّ بَاطِلٌ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ فَوْقَهُمَا فَيَحْجُبُهُمَا. قُلْنَا: هُوَ كَالْأَخَوَيْنِ لَا مُعَيَّنِينَ بَلْ فِي جِنْسِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ، وَإِخْوَةُ الْأُمِّ الزَّائِدَةِ فِي الشَّقِيقِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِحَجْبِهَا بِالْجَدِّ م (قَوْلُهُ: قَالَ وَقَدْ تَضَمَّنَ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ) وَحَكَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي إرْثِهِ حَالَ التَّسَاوِي ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: يَرِثُ بِالْفَرْضِ. يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ. يَتَخَيَّرُ الْمُفْتِي. قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ: وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهَا فِي الْوَصِيَّةِ كَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ، وَأَوْصَى بِثُلُثِ الْبَاقِي مَثَلًا بَعْدَ الْفَرْضِ وَأَجَازَ الْأَخَوَانِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ، وَتَكُونُ بِالتِّسْعِينَ وَعَلَى الثَّانِي تَبْطُلُ لِعَدَمِ مَا نَاطَ بِهِ بُعْدِيَّتَهَا، وَعَلَى الثَّالِثِ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ عَلَى تَقْدِيرِ اخْتِيَارِ الْمُفْتِي التَّعْبِيرَ بِالثُّلُثِ وَفِي الْحِسَابِ كَجَدٍّ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ أَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي مِنْ سِتَّةٍ وَعَلَى الثَّالِثِ: يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ التَّعْبِيرِ فَمَا قِيلَ إنَّهُ لَا يَظْهَرُ لِلْخِلَافِ فَائِدَةٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ م (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وِلَادَةً) وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذُو فَرْضٍ لَأَخَذَ ثُلُثَ الْمَالِ فَإِذَا اسْتَحَقَّ قَدْرَ الْفَرْضِ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي م (قَوْلُهُ: وَضَابِطُ مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ. . . إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ: وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْفَرْضُ دُونَ النِّصْفِ فَالْمُقَاسَمَةُ خَيْرٌ إنْ كَانَتْ الْأُخُوَّةُ دُونَ مِثْلَيْهِ وَإِنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ فَالْمُقَاسَمَةُ، وَثُلُثُ مَا يَبْقَى سَوَاءٌ وَهُمَا خَيْرٌ مِنْ السُّدُسِ أَوْ أَكْثَرَ فَثُلُثُ الْبَاقِي خَيْرٌ. وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ نِصْفًا فَالْمُقَاسَمَةُ خَيْرٌ إنْ كَانُوا دُونَ مِثْلَيْهِ وَإِنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ اسْتَوَتْ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ أَوْ أَكْثَرُ فَثُلُثُ الْبَاقِي وَسُدُسُ الْمَالِ سَوَاءٌ وَهُمَا خَيْرٌ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَسُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ خَيْرٌ إنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ الْمُقَاسَمَةُ خَيْرًا وَقَدْ يَكُونُ السُّدُسُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 فَالْقِسْمَةُ أَغْبَطُ مَعَ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ أَوْ أُخْتَيْنِ فَإِنْ زَادُوا فَلَهُ السُّدُسُ (وَحَيْثُ لَمْ يَبْقَ إلَّا السُّدُسُ فَمَا دُونَهُ) كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ. وَكَبِنْتٍ وَزَوْجٍ، وَأُمٍّ (سَقَطَ الْإِخْوَةُ) لِاسْتِغْرَاقِ ذَوِي الْفُرُوضِ التَّرِكَةَ (وَأَخَذَ الْجَدُّ السُّدُسَ) لِأَنَّهُ ذُو فَرْضٍ بِالْجُدُودَةِ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ (وَإِنْ كَانَ عَائِلًا) كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ، وَزَوْجٍ، وَكَبِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ (وَيُعَدُّ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ أَوْلَادًا لِأَبٍ عَلَى الْجَدِّ) فِي الْقِسْمَةِ إذَا اجْتَمَعَا مَعَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ أَمْ لَا لِأَنَّهُمْ يُسَاوُونَهُ؛ وَلِأَنَّ الْجَدَّ ذُو وِلَادَةٍ فَحَجَبَهُ أَخَوَانِ وَارِثٌ وَغَيْرُ وَارِثٍ كَحَجْبِهِمَا الْأُمِّ مِنْ الثُّلُثِ (وَيَحْجُبُونَهُمْ إنْ كَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ) لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ لِلْجَدِّ كِلَانَا إلَيْكَ سَوَاءٌ فَنُزْحِمُكَ بِإِخْوَتِنَا وَنَأْخُذُ حِصَّتَهُمْ كَمَا يَأْخُذُ الْأَبُ مَا نَقَصَهُ إخْوَةُ الْأُمِّ مِنْهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُعَدَّ الْجَدُّ أَوْلَادَ الْأُمِّ عَلَى أَوْلَادِ غَيْرِهَا فِيمَا إذَا اجْتَمَعُوا مَعَهُ لِأَنَّ سَبَبَيْ اسْتِحْقَاقِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِمْ مُخْتَلِفٌ بِخِلَافِ سَبَبَيْ اسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ، وَأَوْلَادِ الْأَبِ فَإِنَّهُ مُتَّفِقٌ وَهُوَ الْإِخْوَةُ فَاعْتَبَرَ قَرَابَتَهُمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ قَدَّمَ أَوْلَادَ الْأَبَوَيْنِ عَلَيْهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَأَوْلَى مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ وَلَدُ الْأَبِ الْمَعْدُودِ عَلَى الْجَدِّ لَيْسَ بِمَحْرُومٍ أَبَدًا بَلْ يَأْخُذُ قِسْطًا مِمَّا يُقْسَمُ لَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَلَوْ عَدَّ الْجَدُّ الْأَخَ لِلْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ كَانَ مَحْرُومًا أَبَدًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تِلْكَ الْمُعَادَةِ هَذِهِ الْمُعَادَةُ (وَإِنْ كَانُوا إنَاثًا أَخَذْنَ الثُّلُثَيْنِ وَلَا يَبْقَى لِوَلَدِ الْأَبِ شَيْءٌ وَلِلْوَاحِدَةِ) مِنْ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ (النِّصْفُ) الْمُرَادُ أَنَّهَا تَأْخُذُ إلَى النِّصْفِ (وَالْبَاقِي) عَنْهَا وَعَنْ الْجَدِّ (لِوَلَدِ الْأَبِ إنْ لَمْ يَحُزْهُ الْفُرُوضُ) كَجَدٍّ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ هِيَ مِنْ سِتَّةٍ وَتُصَحَّحُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، لِلْجَدِّ: سِتَّةٌ، وَلِلشَّقِيقَةِ: تِسْعَةٌ، وَالْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثَةٌ: لِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ حَازَتْهُ الْفُرُوضُ كَزَوْجَةٍ وَجَدٍّ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ إذْ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلشَّقِيقَةِ الْبَاقِي لِأَنَّهُ تَمَامُ فَرْضِهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْأُخْتَ تَأْخُذُ ذَلِكَ بِالْفَرْضِ، وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ ابْنُ اللَّبَّانِ. وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَحُزْهُ الْفُرُوضُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَ الْجَدِّ زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَشَقِيقَةٌ وَأَخٌ لِأَبٍ أَخَذَتْ الشَّقِيقَةُ الْفَاضِلَ وَهُوَ: رُبْعٌ وَعُشْرٌ وَلَا تُزَادُ عَلَيْهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا نَأْخُذُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالتَّعْصِيبِ وَإِلَّا لَزِيدَ وَأُعِيلَتْ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: لَا يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ مَعَ الْجَدِّ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَنَّ مَا نَأْخُذُهُ بَعْدَ تَعْصِيبِ الْجَدِّ لَوْ كَانَ بِالتَّعْصِيبِ لَكَانَتْ إمَّا عَصَبَةً بِنَفْسِهَا وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا، أَوْ بِغَيْرِهَا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا لَكَانَ لَهَا نِصْفُ مَا لِمُعَصِّبِهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِمَا مَرَّ فِي بَيَانِ أَقْسَامِ الْعَصَبَةِ وَقَدْ يَخْتَارُ الثَّانِي وَيُقَالُ هَذَا الْبَابُ مُخَالِفٌ لِغَيْرِهِ (فَرْعٌ وَلَوْ كَانَ غَيْرُ الْمُقَاسَمَةِ) فِي مَسَائِلِ الْمُعَادَةِ (أَغْبَطَ) أُعْطِيه الْجَدُّ (كَجَدٍّ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ) مِنْ الْأَخَوَاتِ (لِأَبٍ) فَأَكْثَرَ (فَلِلْأُخْتِ) لِلْأَبَوَيْنِ (النِّصْفُ وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِأَوْلَادِ الْأَبِ لِلذَّكَرِ كَالْأُنْثَيَيْنِ) أَيْ مِثْلُ مَا لَهُمَا (فَرْعٌ: الْأَخَوَاتُ مَعَ الْجَدِّ كَهُنَّ مَعَ الْأَخِ) فِي أَحْكَامِهِمْ (فَلَا يُفْرَضُ لَهُنَّ) مَعَهُ وَلَا تُعَالُ مَسْأَلَةٌ بِسَبَبِهِنَّ بِخِلَافِ الْجَدِّ حَيْثُ فَرَضْنَا لَهُ، وَأَعَلْنَا لِأَنَّهُ صَاحِبُ فَرْضٍ بِالْجُدُودَةِ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ وَهَذَا أَصْلٌ مُطَّرِدٌ (إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ) سُمِّيَتْ بِهَا لِنِسْبَتِهَا إلَى أَكْدَرَ وَهُوَ اسْمُ السَّائِلِ عَنْهَا أَوْ الْمَسْئُولِ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ بَلَدُ الْمَيِّتَةِ أَوْ لِأَنَّهَا كَدَّرَتْ عَلَى زَيْدٍ مَذْهَبَهُ فَإِنَّهُ لَا يُفْرَضُ لِلْأَخَوَاتِ مَعَ الْجَدِّ وَلَا يُعِيلُ، وَقَدْ فَرَضَ فِيهَا وَأَعَالَ أَوْ لِتَكَدُّرِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِيهَا أَوْ لِأَنَّ الْجَدَّ كَدَّرَ عَلَى الْأُخْتِ مِيرَاثَهَا بِارْتِجَاعِهِ النِّصْفَ مِنْهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (وَهِيَ: زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ) فَرْضًا لِأَنَّهُ فَرْضُهُ مَعَ الِابْنِ فَمَعَ الْأُخْتِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ يَرِثُ بِالْفَرْضِ تَارَةً وَبِالتَّعْصِيبِ أُخْرَى فَأَخَذَ بِالْفَرْضِ لِتَعَذُّرِ التَّعْصِيبِ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِهِ كَانَ الْبَاقِي مَقْسُومًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُخْتِ أَثْلَاثًا فَيُؤَدِّي إلَى نَقْصِهِ عَنْ السُّدُسِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَأَمَّا نَقْصُهُ عَنْهُ بِالْعَوْلِ فَلَا يُسْلَبُ عَنْهُ اسْمُهُ كَمَا فِي فَرْضِ غَيْرِهِ عَائِلًا (ثُمَّ يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ) لِأَنَّ الْجَدَّ رَجَعَ إلَى أَصْلِ فَرْضِهِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى إسْقَاطِهَا فَرَجَعَتْ أَيْضًا إلَى فَرْضِهَا. (وَتَعُولُ) الْمَسْأَلَةُ (مِنْ سِتَّةٍ إلَى تِسْعَةٍ وَيُجْمَعُ نَصِيبُ الْجَدِّ) وَهُوَ وَاحِدٌ (وَ) نَصِيبُ (الْأُخْتِ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ (وَيُجْعَلُ) الْمَجْمُوعُ (بَيْنَهُمَا) تَعْصِيبًا (أَثْلَاثًا) لِلذَّكَرِ مِثْلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ. . . إلَخْ) لَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يُفْرَضُ لَهُ السُّدُسُ بِلَا عَوْلٍ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْجَدُّ السُّدُسَ بِالْفَرْضِ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ كَالْقَمُولِيِّ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ بِالْعُصُوبَةِ لَشَارَكَهُ الْأُخُوَّةُ فَيَأْخُذُ أَقَلَّ مِنْ السُّدُسِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ م قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِذَلِكَ وَتَعْلِيلُهُمْ صَرِيحٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا نَأْخُذُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالتَّعْصِيبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِهَا فَكَذَلِكَ) قَالَ الشَّارِعُ فِي تَعْرِيفِ الْعَاصِبِ بِغَيْرِهِ وَهُوَ كُلُّ أُنْثَى عَصَّبَهَا ذَكَرٌ. اهـ. فَشَمِلَ تَعْصِيبَ الْجَدِّ لِلْأُخْتِ وَعِبَارَتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ:. وَالْعَاصِبُ بِغَيْرِهِ كُلُّ ذَاتِ نِصْفٍ عَصَّبَهَا ابْنٌ أَوْ أَخٌ أَوْ جَدٌّ أَوْ ابْنُ ابْنٍ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي بَيَانِ أَقْسَامِ الْعَصَبَةِ) وَأَيْضًا مَا تَأْخُذُهُ الشَّقِيقَةُ فِي الْمُعَادَةِ لَوْ كَانَ بِالتَّعْصِيبِ سَقَطَ وَلَدُ الْأَبِ بِهَا وَإِنْ كَانَ الْفَاضِلُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَلَا قَائِلَ بِهِ م (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعَهَا بِمَنْزِلَةِ أَخِيهَا فَيَكُونُ لَهُ مِثْلُ مَا لَهَا إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقِيَاسُ كَوْنِهَا عَصَبَةً بِالْجَدِّ أَنْ تَسْقُطَ وَإِنْ رَجَعَ الْجَدُّ إلَى الْفَرْضِ أَلَا تَرَى أَنَّا نَقُولُ فِي بِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأُخْتٍ: لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَتَسْقُطُ الْأُخْتُ لِأَنَّهَا عَصَبَةٌ مَعَ الْبَنَاتِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبَنَاتِ لَا يَأْخُذْنَ إلَّا بِالْفَرْضِ اهـ وَأُجِيبَ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ عُصُوبَةٌ مِنْ وَجْهٍ، وَفَرِيضَةٌ مِنْ وَجْهٍ فَالتَّقْدِيرُ بِاعْتِبَارِ الْفَرِيضَةِ وَالْقِسْمَةُ بِاعْتِبَارِ الْعُصُوبَةِ الثَّانِي إنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ الْأُخْتُ عَصَبَةً مَعَ الْجَدِّ، وَالْجَدُّ صَاحِبُ فَرْضٍ كَمَا أَنَّ الْأُخْتَ عَصَبَةٌ مَعَ الْبِنْتِ، وَالْبِنْتَ صَاحِبَةُ فَرْضٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْأُخْتُ عَصَبَةٌ بِالْجَدِّ وَهُوَ عَصَبَةٌ أَصَالَةً وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إلَى الْفَرْضِ بِالْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ (قَوْلُهُ: وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ فَرْضًا) كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَتَعْصِيبًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي اسْتِوَاءِ الثُّلُثِ وَالْمُقَاسَمَةِ. م الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّهُ مَعَهَا بِمَنْزِلَةِ أَخِيهَا فَيَكُونُ لَهُ مِثْلُ مَا لَهَا فَقَدْ انْقَلَبَا إلَى التَّعْصِيبِ بَعْدَ أَنْ انْقَلَبَا إلَى الْفَرْضِ فَتَنْكَسِرُ سِهَامُهَا عَلَى مَخْرَجِ الثُّلُثِ فَتُضْرَبُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا (فَتَصِحُّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ، وَهِيَ ثُلُثُ الْمَالِ وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَهِيَ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ وَهِيَ كُلُّ الْبَاقِي) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ يُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ فَرِيضَةٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ لِأَحَدِهِمْ الثُّلُثُ وَلِلثَّانِي ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلثَّالِثِ ثُلُثُ الْبَاقِي، وَلِلرَّابِعِ الْبَاقِي. وَيُقَالُ أَيْضًا فَرِيضَةٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ أَخَذَ أَحَدُهُمْ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ، وَالثَّانِي نِصْفُ ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَالثَّالِثُ نِصْفُ الْجُزْأَيْنِ، وَالرَّابِعُ نِصْفُ الْأَجْزَاءِ إذْ الْجَدُّ أَخَذَ ثَمَانِيَةً، وَالْأُخْتُ أَرْبَعَةً نِصْفَهَا، وَالْأُمُّ سِتَّةً نِصْفَ مَا أَخَذَاهُ وَالزَّوْج تِسْعَةً نِصْفَ مَا أَخَذُوهُ وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ. (فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْأُخْتِ أَخٌ سَقَطَ) وَلَمْ تَكُنْ أَكْدَرِيَّةً إذْ لَا فَرْضَ لَهُ يَنْقَلِبُ إلَيْهِ بَعْدَ اسْتِغْرَاقِ ذَوِي الْفُرُوضِ كَالْأُخْتِ وَلِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ قَدْرُ فَرْضِ الْجَدِّ الَّذِي لَا يَنْقُصُ عَنْهُ مَعَ الْوَلَدِ فَانْفَرَدَ بِهِ وَتُلَقَّبُ هَذِهِ الصُّورَةُ بِالْعَالِيَةِ بِاسْمِ الْمَيِّتَةِ مِنْ هَمْدَانَ (أَوْ) كَانَ مَكَانَهَا (أُخْتَانِ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لَهُمَا) أَيْ لِلْأُخْتَيْنِ (وَلَا عَوْلَ) وَلَوْ كَانَ مَكَانَهَا مُشْكِلٌ فَالْأَسْوَأُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ أُنُوثَتُهُ وَفِي حَقِّ الْمُشْكِلِ وَالْجَدِّ ذُكُورَتُهُ وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ. أَوْ مُشْكِلَاتٌ رَجَعَتْ الْأُمُّ إلَى السُّدُسِ وَلَا أَثَرَ لَهُمَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا عَلَى أَيِّ تَقْدِيرٍ وَأَمَّا هُمَا فَالْأَضَرُّ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا أُنُوثَتُهُ وَذُكُورَةُ أَخِيهِ وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِلزَّوْجِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَلِكُلٍّ مِنْ الْأُمِّ وَالْجَدِّ سِتَّةٌ، وَلِكُلِّ مُشْكِلٍ سَهْمَانِ، وَيُوقَفُ بَيْنَهُمَا سَهْمَانِ فَإِنْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُمَا أَوْ أُنُوثَتُهُمَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَهْمٌ وَتَتَّفِقُ الْأَنْصِبَاءُ بِالثُّلُثِ فَتَرْجِعُ إلَى أَثْلَاثِهَا، وَالْمَسْأَلَةُ إلَى ثُلُثِهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ ذُكُورَةُ أَحَدِهِمَا وَأُنُوثَةُ الْآخَرِ فَازَ الذَّكَرُ بِالْمَوْقُوفِ وَتَتَّفِقُ الْأَنْصِبَاءُ بِالنِّصْفِ فَتَرْجِعُ إلَى أَنْصَافِهَا وَالْمَسْأَلَةُ إلَى نِصْفِهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْحَجْبِ) هُوَ لُغَةً: الْمَنْعُ. وَشَرْعًا: مَنْعُ مَنْ قَامَ بِهِ سَبَبُ الْإِرْثِ مِنْ الْإِرْثِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ مِنْ أَوْفَرِ حَظَّيْهِ وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ: حَجْبَ حِرْمَانٍ، وَالثَّانِي: حَجْبَ نُقْصَانٍ كَمَا قَالَ (وَهُوَ حِرْمَانٌ وَنُقْصَانٌ) فَالثَّانِي كَحَجْبِ الْوَلَدِ الزَّوْجَ مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبْعِ وَقَدْ مَرَّ فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَالْأَوَّلُ صِنْفَانِ: حَجْبٌ بِالْوَصْفِ وَيُسَمَّى مَنْعًا كَالْقَتْلِ وَالرِّقِّ وَسَيَأْتِي وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ عَلَى الْجَمِيعِ أَيْضًا. وَحَجْبٌ بِالشَّخْصِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (وَالْمَقْصُودُ) هُنَا (الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَقَدْ عُلِمَ بَعْضُهُ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا (فَلَا حَاجِبَ لِلْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَيْنِ وَالْأَوْلَادِ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِإِدْلَائِهِمْ إلَى الْمَيِّتِ بِأَنْفُسِهِمْ فِي النَّسَبِ (ثُمَّ الْأَبُ فَمَنْ فَوْقَهُ) مِنْ الْأُصُولِ (يَحْجُبُ مَنْ فَوْقَهُ) مِنْهُمْ (حَتَّى أُمَّهُ) لِأَنَّ مَنْ يُدْلِي بِعَصَبَةٍ لَا يَرِثُ مَعَهُ (وَالْأُمُّ لَا الْأَبُ تَحْجُبُ كُلَّ جَدَّةٍ مِنْ الْجِهَتَيْنِ) كَمَا يَحْجُبُ الْأَبُ كُلَّ مَنْ يَرِثُ بِالْأُبُوَّةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَكَانَ الْجَدَّاتُ يَرِثْنَ السُّدُسَ الَّذِي تَسْتَحِقَّهُ الْأُمُّ فَإِذَا أَخَذَتْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُنَّ أَمَّا الْأَبُ فَإِنَّمَا يَحْجُبُ كُلَّ جَدَّةٍ مِنْ جِهَتِهِ فَقَطْ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِعَصَبَةٍ فَلَا تَرِثُ مَعَهُ كَالْجَدِّ وَابْنِ الِابْنِ أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَلَا يَحْجُبُهَا قَرِيبَةً كَانَتْ أَوْ بَعِيدَةً بِالْإِجْمَاعِ (ثُمَّ كُلُّ جَدَّةٍ تَحْجُبُ مَنْ فَوْقَهَا) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِهَتِهَا لِإِدْلَائِهَا بِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِهَتِهَا وَإِلَّا فَلَا قَرِيبَتُهَا كَأُمِّ الْأَبِ مَعَ أُمِّ أَبِي الْأَبِ وَيَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا بَعْضُ قَوْلِهِ: (وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ) أَيْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ نَقَلَ الْبَغَوِيّ (أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ أُمَّهَاتِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ الْأَبِ تُسْقِطُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ آبَاءِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ أَبِي الْأَبِ وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) كَأُمِّ الْأُمِّ (تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ) كَأُمِّ أُمِّ الْأَبِ كَمَا أَنَّ الْأُمَّ تَحْجُبُ أُمَّ الْأَبِ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُمِّ الْأَبِ لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَحْجُبُهَا فَأُمُّهُ الْمُدْلِيَةُ بِهِ أَوْلَى. وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ آبَاءِ الْأَبِ كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ أُمَّهَاتِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ أُمِّ الْأَبِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ، وَاقْتَضَاهُ قَوْلُهُ أَصْلُهُ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ فِيهِ الْقَوْلَانِ يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ: الْأَصَحُّ خِلَافُهُ لِمَا قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّ قُرْبَى كُلِّ جِهَةٍ تَحْجُبُ بُعْدَاهَا؛ وَلِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ حِكَايَةُ الْقَوْلَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّرْتِيبِ عَلَى خِلَافِ الِاتِّحَادِ فِي الرَّاجِحِ مِنْهُ قَالَ: وَمَنْ أَكْثَرَ النَّظَرِ فِي كُتُبِ الْقَوْمِ لَا يَتَوَقَّفُ فِيمَا صَحَّحْنَاهُ (وَقَدْ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْحَجْبِ] الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْحَجْبِ) (قَوْلُهُ وَهُوَ حِرْمَانٌ إلَخْ) مَدَارُ حَجْبِ الْحِرْمَانِ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ: الْأُولَى مَنْ أَدْلَى بِوَاسِطَةٍ حَجَبَتْهُ تِلْكَ الْوَاسِطَةُ إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ الثَّانِيَةِ وَتَخْتَصُّ بِالْعَصَبَةِ غَالِبًا وَهِيَ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَا عَاصِبَانِ فَإِنْ اخْتَلَفَا جِهَةً قُدِّمَ مَنْ كَانَتْ جِهَتُهُ مُقَدَّمَةً حَتَّى أَنَّ الْبَعِيدَ مِنْ الْجِهَةِ الْمُقَدَّمَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْ الْجِهَةِ الْمُؤَخَّرَةِ فَيُقَدَّمُ ابْنُ الِابْنِ، وَإِنْ سَفُلَ عَلَى الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَابْنُ الْأَخِ وَإِنْ بَعُدَ عَلَى الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ. وَإِنْ اتَّحَدَا جِهَةً وَتَفَاوَتَا قُرْبًا فَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ، فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ. وَإِنْ اتَّحَدَا جِهَةً وَقُرْبًا فَيُقَدَّمُ الْأَقْوَى مِنْهُمَا، وَهُوَ الْمُدْلِي بِأَصْلَيْنِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْجَعْبَرِيِّ: فَبِالْجِهَةِ التَّقْدِيمُ ثَمَّ بِقُرْبِهِ ... وَبَعْدَهُمَا التَّقْدِيمُ بِالْقُوَّةِ اجْعَلَا فَجَمَعَ فِي الْبَيْتِ بَيْنَ الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثِ وَمَرَاتِبِ جِهَاتِ الْعُصُوبَةِ سَبْعٌ: الْبُنُوَّةُ ثُمَّ الْأُبُوَّةُ ثُمَّ الْجُدُودَةُ، وَالْأُخُوَّةُ ثُمَّ بَنُو الْأُخُوَّةِ ثُمَّ الْعُمُومَةُ ثُمَّ الْوَلَاءُ ثُمَّ الْإِسْلَامُ. (قَوْلُهُ: وَلِإِدْلَائِهِمْ إلَى الْمَيِّتِ بِأَنْفُسِهِمْ. . . إلَخْ) وَلَيْسُوا فَرْعًا لِغَيْرِهِمْ لِيَخْرُجَ الْمُعْتَقُ، وَقَدْ احْتَرَزَ الشَّارِعُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِي النَّسَبِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 تَرِثُ الْجَدَّةُ وَأُمُّهَا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ أَبْعَدَ مِنْهَا (كَمَنْ أَوْلَدَ بِنْتَ بِنْتِ خَالَتِهِ) وَلَدًا (فَأَمَّا أُمُّ أُمُّ الْوَلَدِ لَا تَحْجُبُ أُمَّهَا) فَلَوْ كَانَ لِزَيْنَبِ بِنْتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ وَلِحَفْصَةَ ابْنٌ، وَلِعُمْرَةِ بِنْتُ بِنْتٍ فَنَكَحَ الِابْنُ بِنْتَ بِنْتِ خَالَتِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَمْ تَحْجُبْ عَمْرَةُ الَّتِي هِيَ أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ أُمَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهَا (لِأَنَّهَا أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ) فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَتَرِثُ مَعَهَا لَا مِنْ جِهَتِهَا. (فَصْلٌ الِابْنُ فَمَنْ تَحْتَهُ) دَرَجَةً (يَحْجُبُ مَنْ تَحْتَهُ) كَذَلِكَ لِإِدْلَائِهِ بِهِ (وَالْبِنْتَانِ يَحْجُبَانِ كُلَّ بِنْتِ ابْنٍ لَا عَصَبَةَ لَهَا) لِاسْتِكْمَالِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَكَذَا بِنْتَا ابْنٍ تَحْجُبَانِ بِنْتَ ابْنِ ابْنٍ لَا عَصَبَةَ لَهَا وَهَكَذَا، وَبِنْتُ وَبِنْتِ ابْنٍ تَحْجُبَانِ بِنْتَ ابْنِ ابْنٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ. [فَصْلٌ أَوْلَادُ الْأُمِّ يَحْجُبُهُمْ أَرْبَعَةٌ] (فَصْلٌ وَأَوْلَادُ الْأُمِّ يَحْجُبُهُمْ) أَرْبَعَةٌ (الْوَلَدُ وَوَلَدُ الِابْنِ) وَلَوْ أُنْثَى فِيهِمَا (وَالْأَبُ وَالْجَدُّ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِآيَتَيْ الْكَلَالَةِ الْمُفَسَّرِ بِمَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَةَ، أَمَّا الْأُمُّ فَلَا تَحْجُبُهُمْ وَإِنْ أَدْلُوا بِهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ حَجْبِ الْمُدْلِي بِالْمُدْلَى بِهِ إمَّا اتِّحَادُ جِهَتِهِمَا كَالْجَدِّ مَعَ الْأَبِ وَالْجَدَّةِ مَعَ الْأُمِّ أَوْ اسْتِحْقَاقُ الْمُدْلَى بِهِ كُلَّ التَّرِكَةِ لَوْ انْفَرَدَ كَالْأَخِ مَعَ الْأَبِ، وَالْأُمِّ مَعَ وَلَدِهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا تَأْخُذُ بِالْأُمُومَةِ وَهُوَ بِالْأُخُوَّةِ، وَلَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ التَّرِكَةِ إذَا انْفَرَدَتْ (وَيُحْجَبُ الْأَخُ وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ بِالْأَبِ وَالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ) وَإِنْ سَفُلَ لِلْإِجْمَاعِ وَلِتَقَدُّمِ جِهَتَيْ الْبُنُوَّةِ وَالْأُبُوَّةِ عَلَى غَيْرِهِمَا (وَيُحْجَبُ الْأَخُ لِلْأَبِ بِهَؤُلَاءِ) لِذَلِكَ (وَبِالْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ) لِقُوَّتِهِ وَبِالْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ إذَا كَانَتْ عَصَبَةً كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَتُحْجَبُ الْأُخْتُ لِلْأَبِ بِالْأَرْبَعَةِ) الْمَذْكُورِينَ (وَبِالْأُخْتَيْنِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ) لِاسْتِكْمَالِهِمَا الثُّلُثَيْنِ هَذَا (إنْ لَمْ تَجِدْ مُعَصِّبًا) لَهَا مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَإِلَّا فَلَا تُحْجَبُ بِهِمَا بَلْ تَرِثُ مَعَ مُعَصَّبِهَا بِالتَّعَصُّبِ كَمَا مَرَّ (وَيُحْجَبُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ بِأَبِيهِ) كَابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ (وَبِمَنْ يَحْجُبُهُ) لِأَنَّهُ يَحْجُبُ أَبَاهُ فَهُوَ أَوْلَى (وَبِالْجَدِّ) كَالْأَبِ (وَالْأَخِ) أَيْ وَبِالْأَخِ (لِلْأَبِ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ (وَيُحْجَبُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ بِهَؤُلَاءِ وَبِابْنِ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ) لِقُوَّتِهِ (وَيُحْجَبُ الْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ بِهَؤُلَاءِ) لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ مِنْهُ (وَبِابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ) لِقُرْبِ دَرَجَتِهِ (وَقِسْ عَلَيْهِ) فَيُحْجَبُ الْعَمُّ لِلْأَبِ بِهَؤُلَاءِ بِالْعَمِّ لِلْأَبَوَيْنِ وَيُحْجَبُ ابْنُ الْعَمِّ لِلْأَبَوَيْنِ بِهَؤُلَاءِ وَبِالْعَمِّ لِلْأَبِ وَيُحْجَبُ ابْنُ الْعَمِّ لِلْأَبِ بِهَؤُلَاءِ وَبِابْنِ الْعَمِّ لِلْأَبَوَيْنِ (وَالْمُعْتَقُ يَحْجُبُهُ عَصَبَةُ النَّسَبِ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِقُوَّةِ النَّسَبِ (وَأَصْحَابُ الْفُرُوضِ الْمُسْتَغْرَقَةِ يَحْجُبُونَ الْعَصَبَاتِ) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا مَا لَمْ يَنْقَلِبُوا إلَى الْفَرْضِ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَبِنْتَيْنِ وَوَلَدِ أَبٍ فَوَلَدُ الْأَبِ مَحْجُوبٌ بِالِاسْتِغْرَاقِ لِخَبَرِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا» . (فَرْعٌ لَا يَحْجُبُ مَنْ لَا يَرِثُ لِمَانِعٍ) أَحَدًا لَا حَجْبَ حِرْمَانٍ وَلَا حَجْبَ نُقْصَانٍ لِلْإِجْمَاعِ فِي الْأَوَّلِ، وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي (كَالْقَتْلِ وَالرِّقِّ) فَلَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ قَاتِلٍ لَهُ أَوْ رَقِيقٍ وَزَوْجَةٍ وَأَخٍ حُرَّيْنِ لَمْ يَحْجُبْ الِابْنُ الْآنَ وَلَمْ يَنْقُصْ فَرْضُ الزَّوْجَةِ (فَإِنْ مُنِعَ) شَخْصٌ مِنْ الْإِرْثِ (لِتَقَدُّمِ غَيْرِهِ) عَلَيْهِ (فَقَدْ يَحْجُبُ) غَيْرَهُ (حَجْبَ نُقْصَانٍ كَالْأَخِ لِلْأَبِ) فَإِنَّهُ (مَعْدُودٌ عَلَى الْجَدِّ) فِي مَسَائِلِ الْمُعَادَةِ وَيَحْجُبُهُ حَجْبَ نُقْصَانٍ وَإِنْ لَمْ يَرِثْ (وَكَأُمٍّ مَعَ أَبٍ وَأَخَوَيْنِ أَوْ مَعَ جَدٍّ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ) فَإِنَّهُمَا مَعَ كَوْنِهِمَا لَا يَرِثَانِ لِوُجُودِ الْأَبِ أَوَالْجَدِّ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ حَجْبَ نُقْصَانٍ إذْ (لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ) فِي الْأُولَى (أَوْ الْجَدِّ) فِي الثَّانِيَةِ. (الْبَاب الْخَامِسُ مَوَانِعُ الْمِيرَاثِ خَمْسَةٌ) (الْأَوَّلُ اخْتِلَافُ الدِّينِ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (فَلَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَا عَكْسُهُ) سَوَاءٌ أَكَانَ سَبَبُ الْإِرْثِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ قَرَابَةً أَمْ نِكَاحًا أَمْ وَلَاءً وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ الْكَافِرُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْكُفْرُ حِرَابَةٌ أَمْ غَيْرَهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» وَأَمَّا خَبَرُ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ» فَقَدْ أَعَلَّهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ لَا الْإِرْثُ الْحَقِيقِيُّ مِنْ الْعَتِيقِ لِأَنَّهُ سَمَّاهُ عَبْدَهُ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ جَوَازُ نِكَاحِ بَعْضِ الْكَافِرَاتِ لِبِنَاءِ التَّوَارُثِ عَلَى التَّنَاصُرِ، وَالنِّكَاحِ عَلَى التَّوَالُدِ وَقَضَاءِ الْوَطَرِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ اتِّصَالُنَا بِهِمْ تَشْرِيفًا لَهُمْ اُخْتُصَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ لِاحْتِرَامِهِمْ (وَيَتَوَارَثُ الْكُفَّارُ) بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دَارُهُمْ (كَالْوَثَنِيِّ) يَرِثُ (مِنْ الْيَهُودِيِّ) وَالْيَهُودِيِّ مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَعَكْسُهُ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْعِصْمَةِ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْكُفَّارَ عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الِابْنُ فَمَنْ تَحْتَهُ دَرَجَةً يَحْجُبُ مَنْ تَحْتَهُ] قَوْلُهُ: وَكَأُمٍّ مَعَ أَبٍ وَأَخَوَيْنِ. . . إلَخْ) وَكَأُمٍّ وَأَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٍ لِأَبٍ، وَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ، وَأَخٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَالْأَخُ قَدْ أَسْقَطَ فَرْضَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ، وَهُوَ السُّدُسُ وَلَا يَرِثُ، وَزَوْجٌ وَوَلَدَا أُمٍّ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَالْأَخُ وَالْأُخْتُ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَزَوْجٌ، وَبِنْتٌ وَأَبَوَانِ وَابْنُ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنٍ، فَابْنُ الِابْنِ يَحْجُبُ بِنْتَ الِابْنِ عَنْ سُدُسِهَا، وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأُمٌّ وَوَلَدَا أُمٍّ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، وَزَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ عَائِلًا، وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَلَوْلَا الْأَخُ لَكَانَ لَهَا ثُلُثُ عَائِلٍ، وَهُوَ سَهْمَانِ مِنْ ثَمَانِيَةِ [الْبَاب الْخَامِسُ مَوَانِعُ الْمِيرَاثِ] (الْبَاب الْخَامِسُ) (قَوْلُهُ: مَوَانِعُ الْمِيرَاثِ خَمْسَةٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَعْنُونَ بِالْمَانِعِ مَا يُجَامِعُ السَّبَبَ مِنْ نَسَبٍ وَغَيْرِهِ وَيُجَامِعُ الشُّرُوطَ فَيَخْرُجُ اللِّعَانُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ النَّسَبَ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ، وَيَخْرُجُ اسْتِبْهَامُ تَارِيخِ الْمَوْتِ بِغَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِ لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ وَيَخْرُجُ الشَّكُّ فِي وُجُودِ الْقَرِيبِ وَعَدَمُ وُجُودِهِ كَالْمَفْقُودِ وَالْحَمْلِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ أَيْضًا وَهُوَ تَحَقُّقُ وُجُودِ الْمُدْلَى حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دَارُهُمْ) وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ النَّوَوِيَّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إذْ نُسِبَ إلَى السَّهْوِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 اخْتِلَافِ فِرَقِهِمْ يَجْمَعُهُمْ الْكُفْرُ بِاَللَّهِ فَاخْتِلَافُهُمْ كَاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ تَعَالَى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: 32] ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] . وَخَبَرُ أَبِي دَاوُد «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» فَمَعْنَى الْآيَةِ جَعَلْنَا لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ فِي دِينِ مُحَمَّدٍ أَوْ لِكُلِّ نَبِيٍّ شَرِيعَةً وَطَرِيقًا، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ فَجَعَلَ الثَّانِيَ بَيَانًا لِلْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ (لَا حَرْبِيٍّ مِنْ ذِمِّيٍّ) وَعَكْسُهُ لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالْبَغْيِ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي أَشْرَفِ الْجِهَاتِ وَهِيَ الْإِسْلَامُ فَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِهِمْ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا، وَكَوْنِهِ بِغَيْرِهَا لَكِنْ قَيَّدَهُ الصَّيْمَرِيُّ بِكَوْنِهِ بِدَارِنَا وَقَضَيْتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ الْإِمَامُ الذِّمَّةَ لِطَائِفَةٍ قَاطِنَةٍ بِدَارِ الْحَرْبِ أَنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ مَعَ أَهْلِ الْحَرْب، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجُوزُ تَنْزِيلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْغَالِبِ فَلَا مُخَالَفَةَ (وَالْمُعَاهَدِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا (وَالْمُسْتَأْمَنُ كَالذِّمِّيِّ) لِأَنَّهُمَا مَعْصُومَانِ بِالْعَهْدِ وَالْأَمَانِ فَيَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا وَلَا يَرِثَانِ الْحَرْبِيَّ وَلَا يَرِثُهُمَا فَلَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ يَهُودِيٌّ عَنْ ابْنٍ مِثْلِهِ، وَآخَرُ نَصْرَانِيٌّ ذِمِّيٌّ، وَآخَرُ يَهُودِيٌّ مُعَاهَدٌ، وَآخَرُ يَهُودِيٌّ حَرْبِيٌّ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ سِوَى الْأَخِيرِ. (وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ) أَحَدًا وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مُوَالَاةٌ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُ تَرَكَ دِينَ الْإِسْلَامِ وَلَا يَقِرُّ عَلَى دِينِهِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ (وَلَا يُورَثُ) كَمَا لَا يَرِثُ وَلِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ فِي الدِّينِ (وَمَالُهُ) أَيْ مَا خَلَّفَهُ (فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ سَوَاءٌ أَكَسَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَمْ فِي الرِّدَّةِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أَبَاهُ قُرَّةَ إلَى رَجُلٍ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ أَيْ مُعْتَقِدًا حِلَّهُ فَأَمَرَهُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ وَتَخْمِيسِ مَالِهِ» وَرَوَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُمَا عَنْ مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ فَقَالَا لِبَيْتِ الْمَالِ. (الْمَانِعُ الثَّانِي: الرِّقُّ) وَهُوَ لُغَةً: الْعُبُودِيَّةُ وَالشَّيْءُ الرَّقِيقُ وَشَرْعًا عَجْزٌ حُكْمِيٌّ يَقُومُ بِالْإِنْسَانِ بِسَبَبِ الْكُفْرِ (فَلَا يَرِثُ رَقِيقٌ) وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَمَلَكَ لِأَنَّ الْإِرْثَ إثْبَاتُ مِلْكٍ لِلْوَارِثِ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] وَالْقُدْرَةُ الْمَنْفِيَّةُ عَنْهُ هِيَ الْقُدْرَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَهِيَ الْمِلْكُ لَا الْحِسِّيَّةُ لِثُبُوتِهَا لَهُ كَالْحُرِّ وَمِلْكُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ ضَعِيفٌ، وَالْإِرْثُ مِلْكٌ قَهْرِيٌّ يَحْصُلُ بِلَا اخْتِيَارٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَكَانَ الْمِلْكُ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْمَيِّتِ فَلَا يُمْكِنُ تَوْرِيثُهُ مِنْهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ يَرِثُ ثُمَّ يَتَلَقَّاهُ سَيِّدُهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ يَعْنِي كَمَا قَالُوا فِي الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ وَنَحْوَهَا تَمْلِيكٌ اخْتِيَارِيٌّ فَيَكْفِي فِي مَحَلَّهَا قَابِلِيَّةُ الْمِلْكِ وَبِأَنَّهَا تَصِحُّ لِلسَّيِّدِ فَإِيقَاعُهَا لِعَبْدِهِ كَأَنَّهُ إيقَاعٌ لَهُ بِخِلَافِ الْإِرْثِ فِيهِمَا عَلَى أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ وَغَيْرَهُ حَكَوْا عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ الْعَبْدَ يَرِثُ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ لَكِنْ رَدُّوا عَلَيْهِ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَرِثُ بِأَسْبَابٍ خَاصَّةٍ لَيْسَ فِي الْعَبْدِ شَيْءٌ مِنْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ (وَلَوْ مُبَعَّضًا) فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَأَخَذَ بَعْضَ الْمَالِ مَالِكُ الْبَاقِي، وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَيِّتِ (وَيُورَثُ الْمُبَعَّضُ) أَيْ يُورَثُ عَنْهُ جَمِيعُ مَا مَلَكَهُ بِحُرِّيَّتِهِ لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ، وَمَاتَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ وَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهِ مِنْهُ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ بِالرِّقِّيَّةِ (لَا الرَّقِيقُ) وَلَوْ مُكَاتَبًا إذْ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ لَا مِلْكَ لَهُ وَالْمُكَاتَبُ مِلْكُهُ ضَعِيفٌ. (الْمَانِعُ الثَّالِثُ: الْقَتْلُ وَالْقَاتِلُ لَا يَرِثُ) مِنْ مَقْتُولِهِ لِخَبَرِ النَّسَائِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ» وَلِتُهْمَةِ اسْتِعْجَالِ قَتْلِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَسَدًّا لِلْبَابِ فِي الْبَاقِي؛ وَلِأَنَّ الْإِرْثَ لِلْمُوَالَاةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: 32] وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا وَكَوْنِهِ بِغَيْرِهَا) هُوَ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي الْجِرَاحِ فِي بَابِ تَغَيُّرِ الْحَالِ إنَّ مَنْ بِدَارِ الْحَرْبِ يَرِثُ مَنْ بِدَارِنَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجُوزُ تَنْزِيلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْغَالِبِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مُوَالَاةٌ فِي الدِّينِ إلَخْ) وَنَقَضَهُ ابْنُ الْهَائِمِ بِأَخَوَيْنِ ارْتَدَّا إلَى النَّصْرَانِيَّةِ مَثَلًا؛ لِبَقَاءِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا وَيُجَابُ بِمَنْعِ بَقَائِهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَهَا بِمَا لَا يَقْبَلُ بَعْدَهُ إلَّا الْإِسْلَامُ فَلَا نَظَرَ إلَى اتِّفَاقِهِمَا ظَاهِرًا. س الزِّنْدِيقُ فِي ذَلِكَ كَالْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَسَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَمْ فِي الرِّدَّةِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَال، أَمَّا الْقِصَاصُ فَلَوْ قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَالنَّفْسُ هَدَرٌ وَيَجِبُ قِصَاصُ الطَّرْفِ يَسْتَوْفِيهِ مَنْ كَانَ وَارِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي حَدِّ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَمَلَكَ) احْتَجَّ لَهُ السُّهَيْلِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] الْآيَةَ فَإِنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلْمِلْكِ وَالرَّقِيقُ لَا يَمْلِكُ (قَوْلُهُ: وَيُورَثُ الْمُبْعِضُ. . . إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الرَّقِيقَ لَا يُورَثُ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْكَافِرُ الَّذِي لَهُ أَمَانٌ إذَا وَجَبَتْ لَهُ جِنَايَةٌ فِي حَالِ حُرِّيَّتِهِ وَأَمَانِهِ ثُمَّ نُقِضَ الْأَمَانُ وَسُبِيَ وَاسْتُرِقَّ وَمَاتَ بِالسَّرَايَةِ فَإِنَّ قَدْرَ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ لَنَا رَقِيقٌ يُورَثُ كُلُّهُ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْقَاتِلُ لَا يَرِثُ) لَوْ سُئِلَ يَزِيدُ وَعَمْرٌو فَأَفْتَى بِقَتْلِهِ وَرِثَهُ، وَإِنْ نَصَّ عَلَى اسْمِ مُوَرِّثِهِ فَأَفْتَى بِقَتْلِهِ بِالِاجْتِهَادِ لَا يَرِثُ، وَإِنْ وَجَدَ الْمَسْأَلَةَ مَنْصُوصًا عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ مُقَلَّدٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ فَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ وَإِنْ زَكَّى أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ فَلَا يَرِثُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهُ دَخْلًا فِي الْقَتْلِ فَإِنْ شَهِدَ بِمَا يُوجِبُ الْجَلْدَ أَوْ التَّعْزِيرَ فَأَفْضَيَا إلَى الْهَلَاكِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَرْجَحُ مَنْعُ الْإِرْثِ قِيَاسًا عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ وَلَيْسَ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ إلَى أَحَدٍ وَظُهُورِ مَرَضٍ مِنْهُ. وَسَرَايَتِهِ إلَى الْهَلَاكِ وَلَوْ جَرَحَ مُوَرِّثَهُ وَحَزَّ آخَرُ رَقَبَتَهُ يَرِثُ مُطْلَقًا؟ لَا يَرِثُ مُطْلَقًا، وَالْأَقْيَسُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ مُذَفَّفًا فَلَا يَرِثُ أَوْ غَيْرَ مُذَفَّفٍ فَيَرِثُ كَمَا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْجُرْحِ بِسَبَبٍ يُجْزَمُ بِاسْتِنَادِ الْمَوْتِ إلَيْهِ كَالْخَنْقِ وَالسُّقُوطِ مِنْ عُلُوٍّ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ الْجُرْحِ وَمَوْتِهِ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ فَالْقَوْلُ لِغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ. ك قَالَ شَيْخُنَا: الْمُعْتَمَدُ فِي الْمُفْتَى: الْإِرْثُ مُطْلَقًا وَإِنْ سُمِّيَ لَهُ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ أَوْ الشَّاهِدِ أَوْ الْمُزَكِّي فَإِنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْإِرْثَ لِلْمُوَالَاةِ. . . إلَخْ) وَأَشَارَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرِهِ إلَى أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمَعْنَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 وَالْقَاتِلُ قَطَعَهَا (عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ) صَدَرَ مِنْ مُكَلَّفٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ كَالْمَقْتُولِ بِحَقٍّ) كَقِصَاصٍ أَوْ صِيَالٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ إيجَارِ دَوَاءٍ أَوْ شَهَادَةٍ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا بِدَارِهِ فَوَقَعَ فِيهَا مُوَرِّثُهُ فَمَاتَ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ وَالْإِصْطَخْرِيِّ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّقَّاقُ مِنْ شُيُوخِ الْجَبْرِيِّ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ: وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ (فَرْعٌ: قَدْ يَرِثُ الْمَقْتُولُ مِنْ الْقَاتِلِ بِأَنْ يَجْرَحَهُ) أَوْ يَضْرِبَهُ (وَيَمُوتُ هُوَ قَبْلَهُ) . (الْمَانِعُ الرَّابِعُ: إبْهَامُ وَقْتِ الْمَوْتِ فَإِنْ مَاتَا) أَيْ مُتَوَارِثَانِ (بِغَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ) أَوْ نَحْوِهِ (وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ) مِنْهُمَا مَوْتًا (أَوْ عُلِمَ السَّبْقُ وَجُهِلَ) السَّابِقُ مِنْهُمَا (أَوْ مَاتَا مَعًا لَمْ يَتَوَارَثَا) بَلْ مَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِبَاقِي وَرَثَتِهِ لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - تُوُفِّيَتْ هِيَ وَابْنُهَا زَيْدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي يَوْمٍ فَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ فَلَمْ تَرِثْهُ وَلَمْ يَرِثْهَا» وَلِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِرْثِ تَحَقُّقَ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ وَلِأَنَّا إنْ وَرَّثْنَا أَحَدَهُمَا فَقَطْ فَهُوَ تَحَكُّمٌ وَإِنْ وَرَّثْنَا كُلًّا مِنْ الْآخَرِ تَيَقَّنَّا الْخَطَأَ (فَلَوْ عُلِمَ) السَّابِقُ (وَنَسِيَ وَقَفَ) الْمِيرَاثُ (إلَى الْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ) لِأَنَّ التَّذَكُّرَ غَيْرُ مَيْئُوسٍ مِنْهُ، أَمَّا إذَا عُلِمَ السَّابِقُ وَلَمْ يُنْسَ فَحُكْمُهُ بَيِّنٌ. (الْمَانِعُ الْخَامِسُ الدَّوْرُ) الْحُكْمِيُّ وَهُوَ أَنْ يَلْزَم مِنْ ثُبُوتِ الشَّيْءِ نَفْيُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ وَالْمُرَادُ هُنَا أَنْ يَلْزَمَ مِنْ ثُبُوتِ الْإِرْثِ نَفْيُهُ كَأَخٍ حَائِزٍ (أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ أَنْكَرَ) بُنُوَّةَ مَنْ ادَّعَاهَا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَ مُدَّعِي الْبُنُوَّةِ) فَلَا يَرِثُ الِابْنُ وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ (وَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُ ذَلِكَ (فِي الْإِقْرَارِ وَكَمَرِيضٍ اشْتَرَى أَبَاهُ) فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ (وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ (فِي الْوَصَايَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ مَلَكَ أَخَاهُ فَأَقَرَّ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ وَرِثَ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ فِي شَرْحِ كِفَايَتِهِ: الْمَوَانِعُ الْحَقِيقِيَّةُ أَرْبَعَةٌ: الْقَتْلُ، وَالرِّقُّ، وَاخْتِلَافُ الدِّينِ وَالدَّوْرُ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَتَسْمِيَتُهُ مَانِعًا مَجَازٌ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ فِي غَيْرِهِ أَنَّهَا سِتَّةٌ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ وَالرِّدَّةُ وَاخْتِلَافُ الْعَهْدِ، وَإِنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا فَمَجَازٌ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْإِرْثِ مَعَهُ لَا لِأَنَّهُ مَانِعٌ بَلْ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ كَمَا فِي جَهْلِ التَّارِيخِ أَوْ السَّبَبِ كَمَا فِي انْتِفَاءِ النَّسَبِ وَعَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمَوَانِعِ النُّبُوَّةَ؛ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ لَا يَتَمَنَّى أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ مَوْتَهُمْ لِذَلِكَ فَيَهْلِكَ، وَأَنْ لَا يَظُنَّ بِهِمْ الرَّغْبَةَ فِي الدُّنْيَا وَأَنْ يَكُونَ مَالُهُمْ صَدَقَةً بَعْدَ وَفَاتِهِمْ تَوْفِيرًا لِأُجُورِهِمْ، وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ مِنْ كَوْنَهَا مَانِعَةً أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَرِثُونَ كَمَا لَا يُورَثُونَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (الْبَابُ السَّادِسُ: فِي مُوجِبَاتِ التَّوَقُّفِ) عَنْ الصَّرْفِ فِي الْحَالِ (وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ فِي الشَّكِّ فِي الْحَيَاةِ فَمَنْ فُقِدَ بَعْدَ غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورِ قِتَالٍ أَوْ انْكِسَارِ سَفِينَةٍ أَوْ أَسْرِ عَدُوٍّ) أَوْ نَحْوِهَا (وَجُهِلَ حَالُهُ وُقِفَ مَالُهُ) إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ (مُدَّةً) مُنْضَمَّةً إلَى قَبْلِهَا مِنْ حِينِ وِلَادَتِهِ (يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَيْهَا وَلَوْ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) فَلَا يَشْتَرِطُ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْهَا وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ الْعِلْمُ فِيمَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ (فَيَحْكُمُ بِمَوْتِهِ) أَيْ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ تَنْزِيلًا لِلْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَنَدَ إلَيْهَا مَنْزِلَةَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ (وَيُقَسَّمُ مَالُهُ) عَلَى مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ عِنْدَ الْحُكْمِ وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي بَسِيطِهِ: يَرِثُهُ مَنْ كَانَ حَيًّا قُبَيْلَ الْحُكْمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَمَرَّ حَيًّا إلَى فَرَاغِ الْحُكْمِ، وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: وَالْقَاتِلُ قَطَعَهَا) سَوَاءٌ اُتُّهِمَ فِي اسْتِعْجَالِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إذَا لَمْ يَنْضَبِطْ أُنِيطَ الْحُكْمُ بِوَصْفٍ أَعَمَّ مِنْ الْمَعْنَى مُشْتَمِلٍ عَلَيْهِ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ مَضْبُوطًا كَالسَّفَرِ حَيْثُ لَمْ يَنْضَبِطْ الْمَعْنَى فِي التَّرْخِيصِ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ، وَكَالْقَتْلِ هُنَا حَيْثُ لَمْ يَنْضَبِطْ فِيهِ قَصْدُ الِاسْتِعْجَالِ وَلَوْ وَقَعَ عَلَى ابْنِهِ مِنْ عُلُوٍّ فَمَاتَ التَّحْتَانِيُّ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَإِنْ مَاتَ الْأَعْلَى وَرِثَهُ التَّحْتَانِيُّ قَوْلًا وَاحِدًا. وَلَوْ وَصَفَ وَهُوَ طَبِيبٌ دَوَاءً لِابْنِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ فَمَاتَ لَمْ يَرِثْهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِالطِّبِّ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَاتِلًا لَهُ وَإِنْ كَانَ عَارِفًا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُشَّهُ (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ) أَشَارَ إلَيَّ تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الْخَامِسُ الدُّورُ الْحُكْمِيُّ) احْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ عَنْ الدَّوْرِ اللَّفْظِيِّ وَعَنْ الدَّوْرِ الْحِسَابِيِّ فَلَا يَمْنَعَانِ الْإِرْثَ وَهُمَا مُقَرَّرَانِ فِي مَوْضِعِهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ فِي غَيْرِهِ) كَالْفُصُولِ وَشَرْحِ الْأَشْنِيهِيَّةِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي مُوجِبَاتِ التَّوَقُّفِ فِي الْمِيرَاث] (الْبَابُ السَّادِسُ: فِي مُوجِبَاتِ التَّوَقُّفِ) (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الشَّكُّ فِي الْحَيَاةِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَرِثُ مِنْ الْآخَرِ دُونَ عَكْسِهِ كَالْعَمَّةِ وَابْنِ أَخِيهَا (قَوْلُهُ: وُقِفَ مَالُهُ مُدَّةً) الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَتَقَدَّرُ وَقِيلَ مُقَدَّرَةٌ بِسَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ بِثَمَانِينَ وَقِيلَ: بِتِسْعِينَ، وَقِيلَ: بِمِائَةٍ، وَقِيلَ: بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّهَا الْعُمْرُ الطَّبِيعِيُّ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) عِبَارَتُهُ: وَفِي الْبَسِيطِ يَرِثُهُ مَنْ كَانَ حَيًّا قُبَيْلَ الْحُكْمِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي لِتَقَدُّمِ الْمَوْتِ الْمُسْتَعْقِبِ لِلْإِرْثِ عَلَى الْحُكْمِ بِهِ كَمَا أَنَّ الْمِلْكَ الْمَحْكُومَ بِهِ لِأَحَدٍ يَقْضِي لَهُ بِحُصُولِهِ قُبَيْلَ الْحُكْمِ لَا عِنْدُهُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ لَا اخْتِلَافَ إذْ الْحُكْمُ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ بَلْ إظْهَارٍ وَلَا يَنْعَطِفُ عَلَى مَا مَضَى وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ الْمَوْتُ قُبَيْلَهُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا تَصْرِيحُ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ الْمَيِّتَ قُبَيْلَ الْحُكْمِ بِلَحْظَةٍ لَا يَرِثُ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ زَمَنٌ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَرِثُ لِلِاحْتِمَالِ وَإِلَّا فَيَكُونُ مُقَارِنًا لَهُ فَلَا يَرِثُهُ كَمَا لَوْ مَاتَا مَعًا، وَحَاصِلُ كَلَامِهِ حَمْلُ كَلَامِ الْبَسِيطِ عَلَى مَنْ اسْتَمَرَّ حَيًّا إلَى فَرَاغِ الْحُكْمِ حَتَّى لَوْ مَاتَ مَعَ الْحُكْمِ لَا يَرِثُ فَقَوْلُ الْأَصْحَابِ الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْحُكْمِ أَيْ وَقْتَ الْفَرَاغِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُمْ لَا الَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَهُ إيضَاحٌ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْمُدَّةَ لَا تَتَقَدَّرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ تَتَقَدَّرُ بِسَبْعِينَ سَنَةً وَقِيلَ: بِثَمَانِينَ وَقِيلَ بِتِسْعِينَ، وَقِيلَ: بِمِائَةٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَقْدِيرُهَا بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ. ، وَأَغْرَبَ فِي الْبَيَانِ فَقَالَ: وَحُكِيَ أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالْحَاكِمِ فَهِيَ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالْمَوْتِ أَوْ بِأَنْفُسِهِمْ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ حُكْمِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ بِالْحُكْمِ حُكْمٌ حَتَّى لَا يُنْقَضَ، وَفِيهِ اضْطِرَابٌ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ: الصَّحِيحُ عِنْدِي وِفَاقًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ (وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ) بَعْدَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ وَتَتَزَوَّجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (وَلَا يَرِثُهُ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ) وَلَوْ (بِلَحْظَةٍ) لِاحْتِمَالِ عَدَمِ تَأَخُّرِ مَوْتِهِ عَنْ مَوْتِهِ، وَكَذَا مَنْ مَاتَ مَعَ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ مَاتَا مَعًا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أُطْلِقَ الْحُكْمُ فَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى مَا قَبْلَهُ لِكَوْنِ الْمُدَّةِ زَادَتْ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ فَوْقَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيُعْطِي لِمَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَإِنْ كَانَ سَابِقًا عَلَى الْحُكْمِ قَالَ: وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ وَمُرَادُهُمْ بِوَقْتِ الْحُكْمِ الْوَقْتُ الَّذِي حَكَمَ الْحَاكِمُ أَنَّ الْمَفْقُودَ مَيِّتٌ فِيهِ (وَكَذَا الرَّقِيقُ الْمُنْقَطِعُ خَبَرُهُ لَا تَجِبُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُدَّةِ (فِطْرَتُهُ وَلَا يُجْزِئُ) عِتْقُهُ (عَنْ الْكَفَّارَةِ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ حَيَاتِهِ (وَلَوْ مَاتَ قَرِيبُهُ) قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ (وُقِفَ مِيرَاثُهُ) مِنْهُ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ هَلْ كَانَ حَيًّا) حِينَئِذٍ (أَوْ مَيِّتًا وَيُقَدِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ) مِنْ الْوَرَثَةِ (الْأَسْوَأَ مِنْ مَوْتِهِ وَحَيَاتِهِ) فَمَنْ سَقَطَ مِنْهُمْ بِهِ لَا يُعْطَى شَيْئًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ، وَمَنْ يَنْقُصُ حَقُّهُ بِحَيَاتِهِ يُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ حَيَاتُهُ، وَمَنْ يَنْقُصُ حَقُّهُ بِمَوْتِهِ يُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ مَوْتُهُ وَمَنْ لَا يَخْتَلِفُ نَصِيبُهُ بِحَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ يُعْطَى نَصِيبَهُ. (مِثَالُهُ: أَخٌ لِأَبٍ مَفْقُودٍ، وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَجَدٍّ حَاضِرَانِ فَلِلْأَخِ) لِلْأَبَوَيْنِ مِنْ الْمَتْرُوكِ (الثُّلُثَانِ وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ إنْ كَانَ) الْمَفْقُودُ (حَيًّا وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا اقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ فَيُعْطَى الْأَخُ النِّصْفَ بِتَقْدِيرِ مَوْتِهِ وَالْجَدُّ الثُّلُثَ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ) فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ الْأَخِ مَوْتُهُ وَفِي حَقِّ الْجَدِّ حَيَاتُهُ مِثَالٌ آخَرُ: أَخٌ لِأَبَوَيْنِ مَفْقُودٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَزَوْجٌ حَاضِرُونَ فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ فَلِلْأُخْتَيْنِ الرُّبْعُ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَلِلْأُخْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ مَوْتُهُ وَفِي حَقِّ الْأُخْتَيْنِ حَيَاتَهُ. الْمُوجِبُ. (الثَّانِي: الشَّكُّ فِي النَّسَبِ فَيُوقَفُ مِيرَاثُ الْوَلَدِ) مِنْ تَرِكَةِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيهِ (إلَى الْبَيَانِ إنْ مَاتَ أَحَدُ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيهِ) فِي زَمَنِ الْإِشْكَالِ (وَمِيرَاثُ أَبٍ إنْ مَاتَ الْوَلَدُ) كَذَلِكَ، وَأَخَذْنَا فِي نَصِيبِ كُلِّ مَنْ يَرِثُ مِنْهُمَا لَوْ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا بِالْأَسْوَأِ كَمَا سَبَقَ فِي الْمَفْقُودِ الْمُوجِبِ. (الثَّالِثُ: الْحَمْلُ الْوَارِثُ فَيُوقَفُ لَهُ) مِيرَاثُهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ وَرِثَ مُطْلَقًا) كَالْحَمْلِ مِنْ الْمَيِّتِ (أَوْ بِتَقْدِيرِ) كَحَمْلِ زَوْجَةِ أَخٍ لِأَبٍ أَوْ جَدٍّ فَحَمْلُ زَوْجَةِ (الْأَخِ، وَالْجَدُّ لَا يَرِثُ إلَّا بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ، وَفِيهِ) أَيْ فِيمَنْ لَا يَرِثُ إلَّا بِتَقْدِيرِ (مَنْ لَا يَرِثُ إلَّا بِتَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ كَمَنْ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَحَمْلٍ مِنْ الْأَبِ) فَالْحَمْلُ يَرِثُ بِتَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ السُّدُسَ عَائِلًا؛ لِأَنَّهُ أُخْتٌ دُونَ تَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ أَخٌ وَهُوَ عَاصِبٌ وَلَمْ يَبْقَ ذَوُو الْفُرُوضِ شَيْئًا وَإِذَا وَرِثَ مُطْلَقًا فَقَدْ يَرِثُ بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ أَكْثَرَ كَحَمْلٍ مِنْ الْأَبِ بِالْعَكْسِ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأَخَوَيْنِ مِنْهَا وَحَمْلٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَقَدْ يَرِثُ بِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَبِنْتٍ وَحَمْلٍ مِنْ الْأَبِ (وَلَوْ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ صُدِّقَتْ وَلَوْ) وَصَفَتْهُ (بِعَلَامَةٍ خَفِيَّةٍ) لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا (وَلَوْ لَمْ تَدَّعِهِ وَاحْتُمِلَ هُوَ لِقُرْبِ الْوَطْءِ فَفِي الْوَقْفِ لَهُ) مِنْ الْمِيرَاثِ (تَرَدُّدٌ) وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْوَقْفِ (وَأُعْطِيَ) فِي الْحَالِ (مَنْ لَهُ فَرْضٌ مُقَدَّرٌ وَلَا يَحْجُبُهُ عَنْهُ) الْحَمْلُ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْوَقْفِ (وَإِنْ أَمْكَنَ الْعَوْلُ أَخَذَهُ) أَيْ فَرْضَهُ (عَائِلًا) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (مِثَالُهُ: زَوْجَةٌ حَامِلٌ، وَأَبَوَانِ يَدْفَعُ إلَيْهَا ثُمُنُ عَائِلٍ وَإِلَيْهِمَا السُّدُسَانِ) الْأُولَى: سُدُسَانِ (عَائِلَانِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ) أَيْ الْحَمْلِ (أُنْثَيَيْنِ) أَمَّا إذَا كَانَ يَحْجُبُهُ عَنْهُ الْحَمْلُ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا عَمَلًا بِالْأَحْوَطِ (وَلَوْ لَمْ يَتَقَدَّرْ نَصِيبُهُمْ) أَيْ الْمَوْجُودِينَ مَعَ الْحَمْلِ (كَالْأَوْلَادِ وُقِفَ الْجَمِيعُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقْصَى عَدَدِ الْحَمْلِ لَا ضَبْطَ لَهُ لِمَا حُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ فِي بَعْضِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) رَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الِاشْتِرَاطَ فَقَالَ: وَلَفْظُ الْوَجِيزِ مُشْعِرٌ بِاعْتِبَارِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ إلَخْ) : لِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ حُكْمًا لَاسْتَدْعَى تَقَدُّمَ دَعْوَى فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا. الثَّانِي أَنَّ الْحُكْمَ يَسْتَدْعِي مَحْكُومًا لَهُ وَعَلَيْهِ وَبِهِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا. الثَّالِث أَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ ظَهَرَ مَا بَاعَهُ مُسْتَحَقًّا بَطَلَ وَلَوْ كَانَ حُكْمًا لَمْ يَبْطُلْ. الرَّابِعُ أَنَّ مُسْتَنَدَ الْحُكْمِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا وَالْإِلْزَامُ الَّذِي هُوَ إنْفَاذٌ لِحُكْمٍ يَتَضَمَّنُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمُسْتَنِدِ السَّابِقِ وَقَوْلُ الْقَاضِي: بِعْتُ أَوْ زَوَّجْتُ وَنَحْوَهَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْإِلْزَامَ يَكُونُ عَنْ شَيْءٍ وَقَعَ وَالْعَقْدُ إلَى الْآنَ لَمْ يَقَعْ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الرِّسَالَةِ ظَاهِرٌ فِيهِ حَيْثُ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي عَلَى الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ إنَّمَا هُوَ خَبَرٌ يُخْبِرُ بِهِ عَنْ بَيِّنَةٍ ثَبَتَتْ عِنْدَهُ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ خَصْمٍ أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ فَأَنْفَذَ الْحُكْمَ فِيهِ؟ . وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: هَذَا فِي الْعُقُودِ إنَّمَا يَجِيءُ إذَا تَقَدَّمَ الْقَبُولُ عَلَى الْإِيجَابِ أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ الْحَاكِمُ فَلَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى وُجُودِهِ وَاَلَّذِي قَالَهُ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ: وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْوَقْفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا حُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إلَخْ) وَحُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً وَلَدَتْ اثْنَيْ عَشَرَ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَرُفِعَ أَمْرُهَا إلَى السُّلْطَانِ فَاسْتَدْعَاهَا وَأَوْلَادَهَا ثُمَّ رَدَّهُمْ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدًا وَلَمْ تَعْلَمْ بِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ الْقَصْرِ فَعَلِمَتْ بِهِ فَصَاحَتْ صَيْحَةً ارْتَجَّ مِنْهَا حِيطَانُ الْقَصْرِ فَقِيلَ لَهَا: أَلَيْسَ لَكِ فِي هَؤُلَاءِ الْأَحَدَ عَشَرَ كِفَايَةٌ فَقَالَتْ: مَا صِحْتُ أَنَا وَإِنَّمَا صَاحَتْ الْأَحْشَاءُ الَّتِي رُبُّوا فِيهَا. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ وَرَدَ عَلَيَّ مِنْ الْيَمَنِ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالدِّينِ أَنَّ امْرَأَةً بِالْيَمَنِ وَضَعَتْ حَمْلًا كَالْكِرْشِ فَظُنَّ أَنْ لَا وَلَدَ فِيهِ فَأُلْقِيَ فِي الطَّرِيقِ فَلَمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ حَمِيَ وَتَحَرَّكَ فَشُقَّ فَخَرَجَ مِنْهُ سَبْعَةُ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ عَاشُوا جَمِيعًا وَكَانُوا خَلْقًا سَوِيًّا إلَّا أَنَّهُ قَالَ: فِي أَعْضَائِهِمْ قِصَرٌ، قَالَ: وَصَارَعَنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ فَصَرَعَنِي فَكُنْتُ أُعَيَّرُ بِالْيَمَنِ بِأَنَّهُ صَرَعَكَ سُبُعُ رَجُلٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 الْبَوَادِي شَيْخًا ذَا هَيْئَةٍ فَجَلَسْتُ إلَيْهِ أَسْتَفِيدُ مِنْهُ وَإِذَا بِخَمْسَةِ كُهُولٍ جَاءُوا فَقَبَّلُوا رَأْسَهُ وَدَخَلُوا الْخِبَاءَ ثُمَّ خَمْسَةِ شُبَّانٍ فَعَلُوا كَذَلِكَ ثُمَّ خَمْسَةِ مُنْحَطِّينَ ثُمَّ خَمْسَةِ أَحْدَاثٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُمْ فَقَالَ: كُلُّهُمْ أَوْلَادِي وَكُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهُمْ فِي بَطْنٍ وَأُمُّهُمْ وَاحِدَةٌ فَيَجِيئُونَ كُلَّ يَوْمٍ يُسَلِّمُونَ عَلَيَّ وَيَزُورُونَهَا، وَخَمْسَةٌ أُخَرُ فِي الْمَهْدِ. وَحُكِيَ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا ذَكَرْتُهُ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ (فَإِنْ خَلَّفَ ابْنًا وَزَوْجَتُهُ حَامِلًا أُعْطِيت الثُّمُنَ) لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ (وَيُوقَفُ نَصِيبُ الِابْنِ) بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ. (فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَ كَافِرٌ عَنْ حَمْلٍ فَأَسْلَمَتْ أُمُّهُ قَبْلَ الْوَضْعِ) لَهُ (وَرِثَ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ) . (فَصْلٌ: لِتَوْرِيثِ الْحَمْلِ شَرْطَانِ الْأَوَّلُ: أَنْ يُعْلَمَ بِوُجُودِهِ) فِي الْبَطْنِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا (عِنْدَ الْمَوْتِ) لِمُوَرِّثِهِ (بِأَنْ تَلِدَهُ) أُمُّهُ (لِمُدَّةٍ يَلْحَقُ فِيهَا بِالْمَيِّتِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْهُ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ الْمَوْتِ لِثُبُوتِ نَسَبِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْمَيِّتِ وَمَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ تَكُنْ مُزَوَّجَةً وَلَا مُسْتَوْلَدَةً، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا مَا مَهَّدْنَاهُ مِنْ طَلَبِ الْيَقِينِ فِي الْمَوَارِيثِ فَإِنَّ ذَاكَ حَيْثُ لَا نَجِدُ مُسْتَنِدًا شَرْعِيًّا كَمَا ذَكَرْنَا فِي مِيرَاثِ الْخَنَاثَى حَيْثُ لَمْ نُعَيَّنْ ذُكُورَةً وَلَا أُنُوثَةً وَكَيْفَ يُنْكَرُ الْبِنَاءُ عَلَى الشَّرْعِ مَعَ ظُهُورِ الظَّنِّ وَالْأَصْلُ فِي الْأَنْسَابِ الْإِمْكَانُ وَالِاحْتِمَالُ، أَمَّا إذَا وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يَرِثُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ (فَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً) أَوْ مُسْتَوْلَدَةً (وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ حُرٍّ يَمُوتُ عَنْ أَبٍ رَقِيقٍ تَحْتَهُ حُرَّةٌ حَامِلٌ فَإِنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) وَقْتِ (الْمَوْتِ) وَلِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ عَلَى الْحُرَّةِ أَوْ وَطْءِ الْأَمَةِ (وَرِثَ) لِلْعِلْمِ بِوُجُودِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ وَلَا حَاجِبَ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَلَا يَرِثُ (لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ) بَعْدَ الْمَوْتِ (إلَّا إنْ اعْتَرَفَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ بِوُجُودِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ) فَيَرِثُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُمْسِكَ الْأَبُ عَنْ الْوَطْءِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ) الْحَالُ. الشَّرْطُ (الثَّانِي: أَنْ يَنْفَصِلَ) كُلُّهُ (حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ الِاطِّلَاعُ عَلَى نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ عِنْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ اعْتَبَرْنَا حَالَةَ انْفِصَالِهِ فَعَطَفْنَاهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا وَجَعَلْنَا النَّظَرَ إلَيْهَا، وَلِهَذَا لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ تَقْوِيمُهُ حَالَةَ اجْتِنَانِهِ عِنْدَ تَفْوِيتِهِ عَلَى مَالِكِ أُمِّهِ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ نَظَرْنَا إلَى حَالَةِ الْوَضْعِ فَإِنْ كَانَ حَيًّا قَوَّمْنَاهُ وَأَوْجَبْنَا لِلسَّيِّدِ قِيمَتَهُ أَوْ مَيِّتًا لَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ، وَإِذَا انْفَصَلَ حَيًّا، قَالَ الْإِمَامُ: تَبَيَّنَّا أَنَّهُ وَرِثَ وَلَمْ نَذْهَبْ إلَى مَسَالِكِ الظُّنُونِ فِي تَقْدِيرِ انْسِلَالِ الرُّوحِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلِكُلٍّ حُكْمٌ فِي الشَّرْعِ مَوْقِفٌ وَمُنْتَهًى لَا سَبِيلَ إلَى مُجَاوَزَتِهِ انْتَهَى. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَشْرُوطَ بِالشَّرْطَيْنِ الْحُكْمُ بِالْإِرْثِ لَا الْإِرْثُ، فَقَوْلُهُمْ: إنَّمَا يَرِثُ بِشَرْطَيْنِ أَيْ إنَّمَا يُحْكَمُ بِإِرْثِهِ بِشَرْطَيْنِ أَمَّا إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا فَلَا يَرِثُ سَوَاءٌ أَتَحَرَّكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ انْفَصَلَ بِنَفْسِهِ أَمْ بِجِنَايَةٍ وَإِنْ أُوجِبَتْ الْغُرَّةُ وَصُرِفَتْ إلَى وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ إيجَابَهَا لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ تَقْدِيرُ الْحَيَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: الْغُرَّةُ إنَّمَا وَجَبَتْ لِدَفْعِ الْجَانِي الْحَيَاةَ مَعَ تَهَيُّؤِ الْجَنِينِ لَهَا وَلَوْ قَدَّرَ أَنَّ إيجَابَهَا بِتَقْدِيرِ الْحَيَاةِ فَالْحَيَاةُ مُقَدَّرَةٌ فِي حَقِّ الْجَانِي فَقَطْ تَغْلِيظًا فَتَقْدِرُ فِي تَوْرِيثِ الْغُرَّةِ فَقَطْ (وَيُسْتَدَلُّ) عَلَى حَيَاتِهِ (بِالِاسْتِهْلَالِ) أَيْ الصِّيَاحِ (وَالْعُطَاسِ وَقَبْضِ الْيَدِ وَبَسْطِهَا) وَنَحْوِهَا لِدَلَالَتِهَا عَلَيْهَا (وَفِي الْحَرَكَةِ وَالِاخْتِلَاجِ تَرَدُّدٌ) قَالَ الْإِمَامُ: وَلَيْسَ مَحَلُّهُ مَا إذَا قَبَضَ الْيَدَ وَبَسَطَهَا؛ فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ قَطْعًا، أَيْ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَا الِاخْتِلَاجَ الَّذِي يَقَعُ مِثْلُهُ لِانْضِغَاطِ وَتَقَلُّصِ عَصَبٍ وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ فِيمَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الْحَرَكَتَيْنِ وَالظَّاهِرُ كَيْفَمَا قُدِّرَ الْخِلَافُ أَنَّ مَا لَمْ تُعْلَمْ بِهِ الْحَيَاةُ - وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لِانْتِشَارٍ بِسَبَبِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَضِيقِ أَوْ لِاسْتِوَاءٍ عَنْ الْتِوَاءٍ - لَا عِبْرَةَ بِهِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ (وَلَوْ جُنِيَ عَلَيْهَا بَعْدَ انْفِصَالِ بَعْضِهِ حَيًّا فَسَقَطَ مَيِّتًا لَمْ يَرِثْ وَوَجَبَتْ فِيهِ غُرَّةٌ لَا دِيَةٌ وَوَرِثَ عَنْهُ الْغُرَّةَ) كَمَا تُورَثُ عَنْهُ تَرِكَتُهُ لَوْ مَاتَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْغُرَّةِ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ (وَلَا يَرِثُ مَذْبُوحٌ مَاتَ أَبَاهُ وَهُوَ يَتَحَرَّكُ) لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَمْوَاتِ. (فَرْعٌ: لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَزَوْجَةٍ حَامِلٍ فَأَلْقَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى اسْتَهَلَّ أَحَدُهُمَا وَجُهِلَ الثَّانِي وَوُجِدَا مَيِّتَيْنِ أُعْطِيَ كُلُّ وَارِثٍ) مِنْ الِابْنِ وَالزَّوْجَةِ مِنْ مِيرَاثِهِ (الْأَقَلَّ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ (وَوُقِفَ الْبَاقِي إلَى الْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ) إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَهَلِّ لَا يَرِثُ شَيْئًا أَوْ الْمُسْتَهَلُّ يَرِثُ وَبَعْدَ مَوْتِهِ يُورَثُ عَنْهُ نَصِيبُهُ أَثْلَاثًا، لِلزَّوْجَةِ الثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ بِالْإِخْوَةِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ، وَيَخْتَلِفُ قَدْرُ إرْثِهِمَا مِنْهُ بِذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ، فَيُعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا الْيَقِينَ وَيُوقَفُ الْبَاقِي كَمَا قَالَ، وَعَمَلُهَا بِالْحِسَابِ ذَكَرْتُهُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْكِتَابِ. الْمُوجِبُ (الرَّابِعُ الْخُنُوثَةُ) بِالْمُثَلَّثَةِ (فَيُؤْخَذُ فِي حَقِّ الْخُنْثَى   [حاشية الرملي الكبير] وَحَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ السَّلَاطِينِ بِبَغْدَادَ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ تَلِدُ الْإِنَاثَ فَحَبِلَتْ مَرَّةً فَقَالَ لَهَا: إنْ وَلَدْتِ أُنْثَى لَأَقْتُلَنَّكِ فَلَمَّا قَرُبَ وِلَادَتُهَا فَزِعَتْ وَتَضَرَّعَتْ إلَى اللَّهِ فَوَلَدَتْ أَرْبَعِينَ ذَكَرًا كُلٌّ مِنْهُمْ مِثْلُ أُصْبُعٍ فَكَبِرُوا وَرَكِبُوا فُرْسَانًا مَعَ أَبِيهِمْ فِي سُوقِ بَغْدَادَ. [فَرْعٌ مَاتَ كَافِرٌ عَنْ حَمْلٍ فَأَسْلَمَتْ أُمُّهُ قَبْلَ الْوَضْعِ لَهُ] م (قَوْلُهُ: وَرِثَ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ. . . إلَخْ) وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ: إنَّ لَنَا جَمَادًا يَمْلِكُ وَهُوَ النُّطْفَةُ [فَصْلٌ شُرُوطُ تَوْرِيثِ الْحَمْلِ] (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ اعْتَرَفَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ. . . إلَخْ) أَفْتَى الْغَزَالِيُّ فِيمَنْ مَاتَ عَنْ أَخٍ وَأُمٍّ مُزَوَّجَةٍ بِغَيْرِ أَبِيهِ فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْمَوْتِ وَأَقَامَتْ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ شَهِدْنَ بِأَنَّهَا إذْ ذَاكَ كَانَتْ حَامِلًا فَيَنْبَغِي أَنْ تَقْبَلَ. اهـ. وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ، قَالَ الْغَزِّيِّ: وَمُرَادُهُ الشَّهَادَةُ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ (قَوْلُهُ: وَقَبْضِ الْيَدِ وَبَسْطِهَا وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالتَّثَاؤُبِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْحَرَكَةِ وَالِاخْتِلَاجِ تَرَدُّدٌ) لَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ الِاخْتِلَاجِ عَلَى الْمَشْهُورِ. د (قَوْلُهُ: وَلَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ انْفِصَالِ بَعْضِهِ إلَخْ) الْوَلَدِ إذَا انْفَصَلَ بَعْضُهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُنْفَصِلِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا: الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إذَا صَاحَ وَاسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِلَ. الثَّانِيَةُ: إذَا حَزَّ الْإِنْسَانُ رَقَبَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِلَ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ. [فَرْعٌ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَزَوْجَةٍ حَامِلٍ فَأَلْقَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى اسْتَهَلَّ أَحَدُهُمَا وَجُهِلَ الثَّانِي وَوُجِدَا مَيِّتَيْنِ] (قَوْلُهُ: الرَّابِعُ الْخُنُوثَةُ) الَّذِي يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ خُنْثَى مِنْ الْوَرَثَةِ بِالنَّسَبِ سِتَّةٌ: الْوَلَدُ وَوَلَدُ الِابْنِ وَالْأَخُ، وَوَلَدُهُ وَالْعَمُّ وَوَلَدُهُ. قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: وَمَنْ أَلْقَى عَلَيْكَ أَبًا خُنْثَى أَوْ أُمًّا خُنْثَى أَوْ جَدًّا خُنْثَى أَوْ جَدَّ خُنْثَى فَقَدْ أَلْقَى عَلَيْك مُحَالًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 وَبَاقِي الْوَرَثَةِ) مِمَّنْ يَخْتَلِفُ مِيرَاثُهُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ (بِالْيَقِينِ فَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ إلَّا بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) كَوَلَدِ عَمٍّ خُنْثَى (وُقِفَ) مَا يَرِثُهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ (وَإِنْ وَرِثَ بِأَحَدِهِمَا أَقَلَّ مِمَّا يَرِثُ بِالْآخَرِ كَوَلَدٍ خُنْثَى) أُعْطِيَهُ عَمَلًا بِالْيَقِينِ (وَوُقِفَ الْبَاقِي) إلَى اتِّضَاحِ حَالِهِ أَوْ الصُّلْحِ أَمَّا مَنْ لَا يَخْتَلِفُ مِيرَاثُهُ بِذَلِكَ كَوَلَدِ الْأُمِّ وَالْمُعْتَقِ فَيَرِثُ (فَلَوْ قَالَ) الْخُنْثَى: (أَنَا رَجُلٌ أَوْ) أَنَا (امْرَأَةٌ صَدَّقْنَاهُ بِيَمِينِهِ) وَلَا نَظَرَ إلَى التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ عَلَى حَالِهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ ابْنُ عَشْرٍ: بَلَغْتُ بِالِاحْتِلَامِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ سُلْطَانُ الْوَلِيِّ (لَا) إنْ قَالَ: أَنَا رَجُلٌ (وَهُوَ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ) فَقَالَ الْجَانِي: بَلْ امْرَأَةٌ فَلَا يُصَدَّقُ، وَقِيلَ: يُصَدَّقُ كَمَا فِي الْأُولَى، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْجَانِي فَلَا نَرْفَعُهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ: الْمَوْقُوفُ) بَيْنَ الْوَرَثَةِ (لِلْخُنْثَى) أَيْ لِأَجْلِهِ (لَا يُقَسَّمُ بِمَوْتِهِ) عَلَيْهِمْ وَمَنْ تَجَدَّدَ لَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ (حَتَّى يَصْطَلِحُوا) عَلَى قِسْمَتِهِ عَلَيْهِمْ بِالتَّسَاوِي أَوْ التَّفَاوُتِ أَوْ بِتَرْكِ بَعْضِهِمْ حِصَّتَهُ لِبَاقِيهِمْ وَاقْتِسَامِ بَاقِيهِمْ الْمَوْقُوفَ بِحَسَبِ تَرَاضِيهِمْ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَسَيَأْتِي فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ نِسْوَةٍ مَثَلًا وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ ثُمَّ مَاتَ قُبَيْلَ الِاخْتِيَارِ وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى أَقَلَّ مِمَّا بِيَدِهَا وَهُوَ ثَمَنُ الْمَوْقُوفِ فِي مِثَالِنَا، وَقِيلَ: لَا يَنْقُصُ عَنْ رُبْعِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ ذَلِكَ هُنَا (أَوْ) حَتَّى (يَتَوَاهَبُوا وَمَنْ وَهَبَ مِنْهُمْ لِلْبَاقِينَ حَقَّهُ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحَالِ جَازَ لِلضَّرُورَةِ) لِأَنَّ الْعِلْمَ بِقَدْرِ الْمَوْهُوبِ مُتَعَذَّرٌ فَلَوْ لَمْ يَتَوَاهَبُوا بَقِيَ الْمَالُ عَلَى وَقْفِهِ وَلَا تُفِيدُهُمْ الْقِسْمَةُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمْ مَا يَقْتَضِي نَقْلَ الْمِلْكِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَرَثَةُ الْخُنْثَى وَرَثَةَ الْأَوَّلِ أَوْ كَانُوا إيَّاهُمْ وَاخْتَلَفَ إرْثُهُمْ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَيُصْرَفُ الْمَوْقُوفُ إلَيْهِمْ بِلَا إشْكَالٍ. (الْبَابُ السَّابِعُ: فِي مِيرَاثِ وَلَدِ الزِّنَا) وَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ (وَالْمَجُوسِ وَلَدُ الزِّنَا لَا يُسْتَلْحَقُ) فَلَوْ اُسْتُلْحِقَ لَمْ يَلْحَقْ (بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمُلَاعَنِ عَلَيْهِ) يُسْتَلْحَقُ فَيَلْحَقُ (وَإِنْ كَانَ) ثَمَّ (تَوْأَمَانِ وَلَوْ مِنْ الْمُلَاعَنَةِ لَمْ يَتَوَارَثَا) الْمُرَادُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَلَا بَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبَيْنَ الزَّانِي وَالنَّافِي وَكُلِّ مَنْ أَدْلَى بِهِمَا لِانْقِطَاعِ النَّسَبِ بَيْنَهُمَا (إلَّا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ) فَيَتَوَارَثَانِ وَيَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْأُمَّ وَبِالْعَكْسِ بِقَرَابَتِهِمَا لِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهَا (وَلَا عَصَبَةَ لَهُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ وَلَدِ الزِّنَا وَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ لِانْقِطَاعِ نَسَبِهِ مِنْ الْأَبِ (إلَّا مِنْ صُلْبِهِ أَوْ بِالْوَلَاءِ بِأَنْ يَكُونَ عَتِيقًا أَوْ أَمَةً عَتِيقَةً فَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِمَوْلَاهَا عَلَيْهَا دُونَ عَصَبَتِهَا) فَلَا يَكُونُونَ عَصَبَةً لَهُ فِي الْإِرْثِ (لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَصَبَةً لَهُ) فِي تَحَمُّلِ الْعَقْلِ وَالْوِلَايَةِ (وَإِذَا اسْتَلْحَقَ مَنْ نَفَاهُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ لَحِقَهُ) وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ الْمَيِّتُ وَلَدًا (وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ) لِلتَّرِكَةِ إنْ قُسِمَتْ (وَالتَّوْأَمَانِ مِنْ) وَاطِئٍ (مَجْهُولٍ) بِالتَّنْوِينِ (وَطْءَ شُبْهَةٍ) أَيْ بِهَا (يَتَوَارَثَانِ بِالْعُصُوبَةِ) أَيْ بِإِخْوَةِ الْأَبَوَيْنِ لِثُبُوتِ نَسَبِهِمَا مِنْهُمَا (فَصْلٌ) لَوْ (اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ قَرَابَتَانِ) مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْ مُبَاشَرَةِ سَبَبِ اجْتِمَاعِهِمَا (كَنِكَاحِ الْمَجُوسِ) لِاسْتِبَاحَتِهِمْ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ وَالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ (وَرِثَ بِأَقْوَاهُمَا) لِأَنَّهُمَا قَرَابَتَانِ يُورَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَتَيْنِ فَيُوَرَّثُ بِأَقْوَاهُمَا مُجْتَمِعَتَيْنِ لِأَيِّهِمَا كَالْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ تَرِثُ بِأَقْوَى الْقَرَابَتَيْنِ لَا بِهِمَا أَيْ لَا تَرِثُ النِّصْفَ بِأُخْتِيَّةِ الْأَبِ وَالسُّدُسَ بِأُخْتِيَّةِ الْأُمِّ (وَتُعْرَفُ الْقُوَّةُ بِالْحَجْبِ) بِأَنْ تَحْجُبَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى أَوْ لَا تَحْجُبَ أَصْلًا فَالْأَوَّلُ (كَبِنْتٍ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ) كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ أُمَّهُ فَتَلِدَ بِنْتًا (تَرِثُ بِالْبُنُوَّةِ) لَا بِالْأُخُوَّةِ (لِأَنَّهَا حَاجِبَةٌ لِلْإِخْوَةِ) الثَّانِي (كَأُمٍّ هِيَ أُخْتٌ) كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ بِنْتَهُ فَتَلِدَ بِنْتًا (تَرِثُ بِالْأُمُومَةِ) لَا بِالْأُخُوَّةِ تَرِثُ (لِأَنَّهَا تَحْجُبُ) غَيْرَهَا (وَلَا تُحْجَبُ) بِغَيْرِهَا (أَوْ) بِأَنْ (تَكُونَ أَقَلَّ حَجْبًا كَأُمِّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ) لِأَبٍ، كَأَنْ يَطَأَ بِنْتَهُ الثَّانِيَةَ أَيْضًا فَتَلِدَ بِنْتًا أُخْرَى (فَتَرِثُ) الْعُلْيَا (بِالْجُدُودَةِ دُونَ الْأُخُوَّةِ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْأُمِّ لَا تَحْجُبُهَا إلَّا الْأُمُّ وَالْأُخْتُ يَحْجُبُهَا جَمَاعَةٌ) فَلَوْ كَانَتْ الْقَوِيَّةُ مَحْجُوبَةً وَرِثَتْ بِالْمَرْجُوحَةِ كَمَا لَوْ خَلَّفَ فِي هَذَا الْمِثَالِ الْوُسْطَى وَالْعُلْيَا فَأَقْوَى جِهَتَيْ الْعُلْيَا وَهِيَ الْجُدُودَةُ مَحْجُوبَةٌ بِالْوُسْطَى فَتُوَرِّثُهَا بِالْإِخْوَةِ فَيَكُونُ لِلْوُسْطَى الثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ وَلَا تُنْقِصُهَا أُخُوَّةُ نَفْسِهَا مَعَ الْأُخْرَى عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ، وَلِلْعُلْيَا النِّصْفُ وَيُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ: لَنَا صُورَةٌ وَرِثَتْ فِيهَا الْجَدَّةُ أُمَّ الْأُمِّ مَعَ الْأُمِّ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدَّةِ النِّصْفُ وَيُعَايَا بِهَا أَيْضًا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ: وَمَتَى أُلْقِيَ عَلَيْكَ فِي هَذَا الْبَابِ جَدَّةٌ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقِفَ مَا يَرِثُهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ) لِتَحَقُّقِ كَوْنِهِ وَارِثًا بِهِ وَظُهُورُهُ مُتَوَقَّعٌ بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ طَلَاقًا بَائِنًا وَمَاتَ وَلَمْ تَعْلَمْ وَإِحْدَاهُمَا مُسْلِمَةٌ وَالْأُخْرَى كِتَابِيَّةٌ حَيْثُ لَا يُوقَفُ لَهُمَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ مِنْ التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ [الْبَابُ السَّابِعُ مِيرَاثِ وَلَدِ الزِّنَا وَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ وَالْمَجُوس] (الْبَابُ السَّابِعُ) . (قَوْلُهُ: كَالْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ تَرِثُ بِأَقْوَى الْقَرَابَتَيْنِ. . . إلَخْ) اعْتَرَضَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنَّ الْمَقِيسَ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ، وَالْمَقِيسَ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الْفَرْضَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ التَّوْرِيثِ بِجِهَتَيْ فَرْضٍ انْتِفَاؤُهُمَا بِجِهَتَيْ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَحْجُبَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) أَيْ حَجْبَ حِرْمَانٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا يُشْعِرُ بِإِرَادَةِ حَجْبِ الْحِرْمَانِ خَاصَّةً وَمِنْ صُوَرِ حَجْبِ النُّقْصَانِ أَنْ يَنْكِحَ الْمَجُوسِيُّ بِنْتَهُ فَتَلِدُ بِنْتًا، وَيَمُوتُ فَقَدْ خَلَّفَ بِنْتَيْنِ إحْدَاهُمَا زَوْجَةٌ فَلَهُمَا ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَلَا عِبْرَةَ بِالزَّوْجِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ تَحْجُبُ الزَّوْجَةَ مِنْ الرُّبُعِ إلَى الثُّمُنِ. اهـ. رُدَّ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي سَبَبَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُعَايَا بِهَا أَيْضًا بِغَيْرِ ذَلِكَ إلَخْ) أَوْ يُقَال: أُخْتَانِ مِنْ الْأَبِ وَرِثَتَا بِالْفَرْضِ وَلِإِحْدَاهُمَا الثُّلُثُ وَلِلْأُخْرَى النِّصْفُ. أَوْ يُقَالُ: وَرِثَ شَخْصٌ مَعَ مَنْ أَدْلَى بِهِ وَلَيْسَ وَلَدَ أُمٍّ هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 إلَّا أُمَّ أُمٍّ، فَإِنْ قِيلَ جَدَّةٌ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا أُمَّ أَبٍ، فَإِنْ قِيلَ: أُمُّ أَبٍ هِيَ أُخْتٌ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا أُخْتًا لِأُمٍّ فَإِنْ قِيلَ: بِنْتٌ هِيَ أُخْتٌ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا فَهِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ، أَوْ امْرَأَةٌ فَهِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ فَإِنْ قِيلَ: أُمٌّ هِيَ أُخْتٌ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا أُخْتًا لِأَبٍ، فَإِنْ قِيلَ: أَبٌ هُوَ أَخٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا أَخًا لِأُمٍّ. (الْبَابُ الثَّامِنُ: فِي الرَّدِّ.) (وَكَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِ (ذَوِي الْأَرْحَامِ) الرَّدُّ لُغَةً: الرَّجْعُ وَالصَّرْفُ يُقَالُ: رُدَّ إلَى مَنْزِلِهِ، أَيْ: رَجَعَ. وَرَدَّهُ عَنْ وَجْهِهِ أَيْ: صَرَفَهُ وَاصْطِلَاحًا: ضِدُّ الْعَوْلِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي مَقَادِيرِ السِّهَامِ وَنَقْصٌ مِنْ الْحِصَصِ وَالرَّدُّ ضِدُّ ذَلِكَ. وَعَرَّفَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِعَجْزِ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ عَنْ اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ (وَحَيْثُ قُلْنَا بِالرَّدِّ لِفَسَادِ بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ ذُو الْفَرْضِ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ (فَلَا رَدَّ) عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ فِي فَصْلِ ذَوِي الْأَرْحَامِ بَلْ يَدْفَعُ إلَيْهِ فَرْضَهُ وَاحِدٌ مِنْ مَخْرَجِهِ وَيَقْسِمُ الْبَاقِيَ عَلَى ذَوِي الرَّدِّ فَإِنْ كَانَ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ شَخْصًا وَاحِدًا أَوْ صِنْفًا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ صِنْفٍ وَصَحَّ قِسْمَةُ الْبَاقِي عَلَى أَصْلِ مَسْأَلَتِهِمْ فَذَاكَ الْمَخْرَجُ هُوَ الْأَصْلُ وَإِلَّا فَاضْرِبْهُ فِي الْأَصْلِ الَّذِي انْكَسَرَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ فَمَا بَلَغَ فَهُوَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ كَزَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأُمٍّ لَيْسَ لِلزَّوْجِ إلَّا الرُّبُعُ وَيَقْسِمُ الْبَاقِيَ عَلَى أَرْبَعَةٍ، أَصْلِ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ بِدُونِ زَوْجٍ لَا يَصِحُّ وَلَا يُوَافِقُ فَتَضْرِبُهَا فِي مَخْرَجِ الرُّبُعِ فَتَصِحُّ مِنْ أَصْلِهَا سِتَّةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْبِنْتِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ (أَوْ) كَانَ ذُو الْفَرْضِ صِنْفًا (وَاحِدًا غَيْرَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ كَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَكَجَدَّاتٍ أَوْ بَنَاتٍ (رُدَّ عَلَيْهِ الْبَاقِي) بَعْدَ أَخْذِهِ فَرْضَهُ فَيَأْخُذُ الْجَمِيعُ فَرْضًا وَرَدًّا (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ (فَعَلَى) أَيْ فَبِنِسْبَةِ (قَدْرِ الْفُرُوضِ) يُرَدُّ الْبَاقِي عَلَى أَرْبَابِهَا كَبِنْتٍ وَأُمٍّ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ يَبْقَى ثُلُثٌ يُقَسَّمُ عَلَيْهِمَا بِنِسْبَةِ فَرْضِهِمَا فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ التَّرِكَةِ لِلْبِنْتِ وَرُبُعُهَا لِلْأُمِّ فَتَصِحُّ مِنْ أَصْلِ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ أَرْبَعَةً. (فَصْلٌ: يُعْمَلُ فِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِمَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَهُوَ أَنْ يُنَزَّلَ كُلُّ فَرْعٍ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ) الَّذِي يُدْلِي بِهِ إلَى الْمَيِّتِ لَا بِمَذْهَبِ أَهْلِ الْقَرَابَةِ وَهُوَ تَوْرِيثُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْمَيِّتِ كَالْعَصَبَاتِ وَالْمَذْهَبَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ مَنْ انْفَرَدَ مِنْهُمْ حَازَ جَمِيعَ الْمَالِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الْخِلَافُ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمْ (وَيُقَدَّمُ) مِنْهُمْ (الْأَسْبَقُ إلَى الْوَارِثِ) لَا إلَى الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْوَارِثِ فَاعْتِبَارُ الْقُرْبِ إلَيْهِ أَوْلَى (فَإِنْ اسْتَوَوْا) فِي السَّبْقِ إلَيْهِ (قُدِّرَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ) مِنْ الْوَرَثَةِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً (ثُمَّ يَجْعَلُ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (لِلْمُدْلِينَ بِهِ) الَّذِينَ نُزِّلُوا مَنْزِلَتَهُ (عَلَى حَسَبِ مِيرَاثِهِمْ) مِنْهُ (لَوْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ) فَإِنْ كَانُوا يَرِثُونَهُ بِالْعُصُوبَةِ اقْتَسَمُوا نَصِيبَهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ بِالْفَرْضِ اقْتَسَمُوا نَصِيبَهُ عَلَى حَسَبِ فُرُوضِهِمْ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَوْلَادُ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ، وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ مِنْهَا فَلَا يَقْتَسِمُونَ ذَلِكَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بَلْ يَقْتَسِمُونَهُ بِالسَّوِيَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ إرْثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَإِرْثِ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ فِي أَنَّهُ إمَّا بِالْفَرْضِ أَوْ بِالْعُصُوبَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُ الْقَاضِي تَوْرِيثُهُمْ تَوْرِيثٌ بِالْعُصُوبَةِ لِأَنَّهُ يُرَاعَى فِيهِ الْقُرْبُ وَيُفَضَّلُ الذَّكَرُ وَيَحُوزُ الْمُنْفَرِدُ الْجَمِيعَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْقَرَابَةِ (مِثَالُهُ: بِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ يُجْعَلَانِ بِمَنْزِلَةِ بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ فَيَحُوزَانِ الْمَالَ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ أَرْبَاعًا) بِنِسْبَةِ إرْثِهِمَا (وَفِي بِنْتِ ابْنِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ الْمَالُ لِلثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا أَسْبَقُ إلَى الْوَارِثِ وَفِي بِنْتِ بِنْتٍ وَابْنٍ وَبِنْتٍ مِنْ بِنْتٍ أُخْرَى لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالنِّصْفُ) الْآخَرُ (بَيْنَ الِابْنِ وَأُخْتِهِ أَثْلَاثًا) بِأَنْ يُجْعَلَ الْمَالُ بَيْنَ بِنْتَيْ الصُّلْبِ تَقْدِيرًا بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ ثُمَّ يُجْعَلُ نِصْفُ الْبِنْتِ الْأُولَى لِبِنْتِهَا، وَنِصْفُ الْأُخْرَى لِوَلَدَيْهَا أَثْلَاثًا (وَفِي بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنِ بِنْتٍ يَحْكُمُ بِالْمُسَاوَاةِ) بَيْنَهُمَا (وَفِي بِنْتَيْ بِنْتِ بِنْتٍ وَثَلَاثِ بَنَاتِ ابْنِ بِنْتٍ أُخْرَى: لِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفُ) بِالسَّوِيَّةِ (وَلِلثَّلَاثِ النِّصْفُ أَثْلَاثًا وَعَلَى هَذَا) فَقِسْ فَفِي ابْنِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ أُخْرَى وَثَلَاثِ بَنَاتِ بِنْتٍ أُخْرَى لِلِابْنِ الثُّلُثُ، وَلِلْبِنْتِ الْمُفْرَدَةِ كَذَلِكَ وَلِلثَّلَاثِ الثُّلُثُ أَثْلَاثًا. [فَصْلٌ تَوْرِيث بَنَاتُ الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ] (فَصْلٌ بَنَاتُ الْإِخْوَةِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ) كَذَلِكَ (وَبَنُو إخْوَةِ الْأُمِّ يَنْزِلُ كُلٌّ) مِنْهُمْ (مَنْزِلَةَ أَبِيهِ) إنْ كَانَ بِنْتَ أَخٍ لِغَيْرِ أُمٍّ أَوْ وَلَدِ أَخٍ لِأُمٍّ (أَوْ) مَنْزِلَةَ (أُمِّهِ) إنْ كَانَ وَلَدَ أُخْتٍ وَيُرْفَعُ عِنْدَ التَّسَفُّلِ بَطْنًا بَطْنًا (فَمَنْ سَبَقَ إلَى وَارِثٍ قُدِّمَ وَإِلَّا) بِأَنَّ اسْتَوَوْا فِي الِانْتِهَاءِ إلَى الْوَارِثِ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الرَّدِّ وَكَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ] الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الرَّدِّ) (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يُنَزَّلَ كُلُّ فَرْعٍ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ إلَخْ) لَا فِي حَجْبِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ فَرْضِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ مِنْهَا) قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ أَوْلَادُ الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ إرْثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 (قُسِّمَ الْمَالُ بَيْنَ الْأُصُولِ ثُمَّ حِصَّةُ كُلٍّ) مِنْهُمْ (لِفُرُوعِهِ يَسْتَوِي بَيْنَ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأُمِّ) فِي الْقِسْمَةِ (كَأُصُولِهِمْ) الْوَارِثِينَ مِنْ أُمِّهِمْ وَإِنْ كَانَ قِيَاسُ مَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ تَفْضِيلَ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ أَوْلَادَ الْوَارِثِ كَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ مِنْهُ فَفِي أَرْبَعَةِ أَوْلَادِ أَخٍ لِأُمٍّ وَبِنْتِ أَخٍ لِأَبٍ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ أَخٍ لِأُمٍّ وَأَخٍ لِأَبٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةٍ سُدُسُهُ لِأَوْلَادِ الْأَخِ لِلْأُمِّ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ يَسْتَوِي فِيهِمْ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ أَوْلَادُ الْأَخِ لِلْأُمِّ مِنْ أَخٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانُوا مِنْ أَرْبَعَةِ إخْوَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَخٍ كَانَ لَهُمْ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ مُطْلَقًا، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَلَوْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْ أَخٍ وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ أَخٍ آخَرَ كَانَ لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ السُّدُسُ وَلِلثَّلَاثَةِ كُلِّهِمْ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ لِلْأَبِ (بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ) أَيْ غَيْرِ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأُمِّ بِأَنْ يَكُونُوا أَوْلَادَهُمْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يُسَوِّي بَيْنَهُمْ بَلْ يُفَضِّلُ ذَكَرَهُمْ عَلَى أُنْثَاهُمْ (فَفِي ثَلَاثِ بَنَاتِ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ: السُّدُسُ لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ) اعْتِبَارًا بِالْآبَاءِ، وَبِنْتُ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ مَحْجُوبَةٌ لِحَجْبِ أَبِيهَا بِالشَّقِيقِ وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ (وَفِي ثَلَاثَةٍ بَنِي أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ كَمَا هُوَ بَيْنَ أُمَّهَاتِهِمْ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ وَإِنْ كَانُوا بَنَاتًا) لَهُنَّ، الْفَصِيحُ: بَنَاتٍ (فَكَذَلِكَ وَإِنْ اجْتَمَعَ الْبَنُونَ الثَّلَاثَةُ وَالْبَنَاتُ الثَّلَاثُ) فَالْمَالُ عَلَى أُمَّهَاتِهِمْ عَلَى خَمْسَةٍ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ (فَنَصِيبُ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ لِوَلَدَيْهَا أَوْ أَثْلَاثًا وَ) نَصِيبُ الْأُخْتِ (الْأُخْرَى) الَّتِي مِنْ الْأَبِ (كَذَلِكَ وَنَصِيبُ الثَّالِثَةِ لِوَلَدَيْهَا بِالسَّوِيَّةِ) . [فَصْلٌ تَوْرِيث الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ السَّاقِطُونَ] (فَصْلٌ: وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ السَّاقِطُونَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ) بَطْنًا بَطْنًا لِتَنْزِيلِ أَبِ الْأُمِّ مَنْزِلَتَهَا وَأَبِي أُمِّ الْأَبِ مَنْزِلَتَهَا (وَيُقَدَّمُ) مِنْهُمْ (مَنْ انْتَهَى إلَى الْوَارِثِ أَوْ لَا) فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ قُسِّمَ الْمَالُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ انْتَهَوْا إلَيْهِمْ وَقُسِّمَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَارِثٍ بَيْنَ الْمُدْلِينَ بِهِ (كَمَا سَبَقَ) . [فَصْلٌ اجْتَمَعَ أُمُّ أَبِي أُمٍّ وَأَبُو أُمِّ أُمٍّ] (فَصْلٌ) لَوْ (اجْتَمَعَ أُمُّ أَبِي أُمٍّ وَأَبُو أُمِّ أُمٍّ فَالْمَالُ لِأَبِي أُمِّ الْأُمِّ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ) إلَى الْوَارِثِ إذْ بَعْدَ التَّنْزِيلِ يَصِيرَانِ أَبَا أُمٍّ وَأُمَّ أُمٍّ (أَوْ) اجْتَمَعَ (أَبُو أُمِّ أَبٍ وَأَبُو أَبِ أُمٍّ فَالْمَالُ لِلْأَوَّلِ) لِذَلِكَ (أَوْ أَبُو أُمِّ أُمٍّ وَأَبُو أُمِّ أَبٍ فَنِصْفَانِ) كَمَا يَكُونُ بَيْنَ أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَبِ فَرْضًا وَرَدًّا (أَوْ أَبُو أَبِ أُمٍّ، وَأُمُّ أَبِ أُمٍّ، وَأَبُو أُمِّ أُمٍّ) فَلِلثَّالِثَةِ الْمَالُ لِذَلِكَ (وَعَلَى هَذَا) فَقِسْ فَلَوْ اجْتَمَعَ أَبُو أَبِ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أَبِ أُمِّ أَبٍ، وَأَبُو أَبِ أَبِ أُمٍّ، وَأُمُّ أَبِ أَبِ أُمٍّ فَالْمَالُ لِلْأَوَّلَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. [فَصْلٌ تَوْرِيث الْخَالَاتُ وَالْأَخْوَالُ] (فَصْلٌ: وَالْخَالَاتُ وَالْأَخْوَالُ) فِي الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ (بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ) فَيَرِثُونَ مَا تَرِثُهُ لَوْ كَانَتْ حَيَّةً (وَالْعَمَّاتُ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ (وَالْأَعْمَامُ مِنْ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ) فَيَرِثُونَ نَصِيبَهُ لِأَنَّهُمْ يُدْلُونَ بِهِ إلَى الْمَيِّتِ (فَلَوْ انْفَرَدُوا) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْخَالَاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَعْمَامِ مِنْ الْأُمِّ (فَكَانَ الْمَيِّتُ مَنْ يُنَزَّلُونَ) بِفَتْحِ الزَّايِ (مَنْزِلَتَهُ) فَيُقْسَمُ الْمَالُ كُلُّهُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَا يَأْخُذُونَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْأُمِّ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةُ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ لَوْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ فَفِي ثَلَاثِ خَالَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ لِلْخَالَةِ الشَّقِيقَةِ: النِّصْفُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْخَالَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ السُّدُسُ فَيَقْتَسِمْنَ الْمَالَ عَلَى خَمْسَةٍ فَرْضًا وَرَدًّا وَفِي ثَلَاثَةِ أَخْوَالٍ مُتَفَرِّقِينَ لِلْخَالِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلْخَالِ الشَّقِيقِ الْبَاقِي وَلَا شَيْءَ لِلْخَالِ مِنْ الْأَبِ لِأَنَّ الْأُمَّ لَوْ مَاتَتْ عَنْهُمْ وَرِثُوهَا كَذَلِكَ وَفِي ثَلَاثِ عَمَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ لِلْعَمَّةِ الشَّقِيقَةِ النِّصْفُ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْأُخْرَيَيْنِ السُّدُسُ فَيَقْتَسِمْنَ الْمَالَ عَلَى خَمْسَةٍ فَرْضًا وَرَدًّا وَلَوْ اجْتَمَعَ الْأَخْوَالُ الْمُفْتَرِقُونَ وَالْخَالَاتُ الْمُفْتَرِقَاتُ فَثُلُثَا الْمَالِ لِلْخَالِ وَالْخَالَةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَثُلُثُهُ لِلْخَالِ وَالْخَالَةِ لِلْأُمِّ كَذَلِكَ وَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ تَفْضِيلَ الْخَالِ مِنْ الْأُمِّ عَلَى الْخَالَةِ مِنْهَا مُخَالِفٌ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِ الْأُمِّ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ آخِرًا مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَهُوَ لَا يُخَصُّ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ. [فَرْعٌ خَلَّفَ ثَلَاثَ خَالَاتٍ وَثَلَاثَ عَمَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ] (فَرْعٌ) لَوْ (خَلَّفَ ثَلَاثَ خَالَاتٍ وَثَلَاثَ عَمَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ لِلْخَالَاتِ الثُّلُثُ) لِأَنَّهُ نَصِيبُ الْأُمِّ لَوْ كَانَتْ حَيَّةً مَعَ الْأَبِ (وَلِلْعَمَّاتِ الثُّلُثَانِ) لِأَنَّهُ نَصِيبُ الْأَبِ لَوْ كَانَ حَيًّا مَعَ الْأُمِّ (كُلٌّ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (يُقَسِّمُ حِصَّتَهُ أَخْمَاسًا كَإِرْثِهِنَّ مِمَّنْ يُدْلِينَ بِهِ) فَأَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَذَكَرَ الضَّمِيرَ وَأَفْرَدَهُ أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ لَفْظِ كُلٍّ وَأَنَّثَهُ، وَجَمَعَهُ ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ (وَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْخَالَاتِ   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 أَخْوَالٌ) فَالثُّلُثُ بَيْنَ الْخَالِ مِنْ الْأُمِّ وَالْخَالِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ عَلَى سِتَّةٍ (فَلِلْخَالِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ، وَمِنْ الْأَبَوَيْنِ الْبَاقِي وَيَسْقُطُ الثَّالِثُ) وَهُوَ الْخَالُ مِنْ الْأَبِ لِأَنَّهُمْ لَوْ وَرِثُوا مِنْ الْأُمِّ لَحُجِبَ بِالشَّقِيقِ فَتَصِحُّ مِنْ تِسْعِينَ وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَالْأَخْوَالُ فَالثُّلُثَانِ لِلْعَمَّاتِ، وَالثُّلُثُ لِلْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ ثُلُثُهُ لِلْخَالِ وَالْخَالَةِ مِنْ الْأُمِّ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَبَاقِيهِ لِلْخَالِ، وَالْخَالَةِ الشَّقِيقَتَيْنِ عَلَى خَمْسَةٍ فَتَصِحُّ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ (فَرْعٌ وَأَوْلَادُ الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَعْمَامِ مِنْ الْأُمِّ كَآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ) انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا فَيَنْزِلُ أَوْلَادُ الْخَالِ الشَّقِيقِ مَنْزِلَةَ الْخَالِ الشَّقِيقِ، وَأَوْلَادُ الْخَالِ لِلْأَبِ مَنْزِلَةَ الْخَالِ لِلْأَبِ وَأَوْلَادُ الْخَالِ لِلْأُمِّ مَنْزِلَةَ الْخَالِ لِلْأُمِّ وَيَنْزِلُ أَوْلَادُ الْعَمَّةِ مَنْزِلَةَ الْعَمَّةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَأَوْلَادُ الْعَمِّ لِلْأُمِّ مَنْزِلَةَ الْعَمِّ لِلْأُمِّ (وَ) حِينَئِذٍ (يَسْقُطُ الْأَبْعَدُ بِالْأَقْرَبِ) مِنْهُمْ (إلَى الْوَارِثِ كَمَا سَبَقَ فَإِنْ كَانَ فِي دَرَجَتِهِمْ بِنْتُ عَمٍّ) فَأَكْثَرُ (لِأَبٍ) الْأُولَى لِغَيْرِ أُمٍّ (أَخَذَتْ الْمَالَ لِسَبَقِهَا إلَى الْوَارِثِ) (فَرْعٌ أَخْوَالُ الْأُمِّ وَخَالَاتُهَا بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْأُمِّ) فَيَرِثُونَ مَا تَرِثُهُ وَيَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ كَمَا لَوْ مَاتْ عَنْهُمْ (وَأَعْمَامُهُمْ وَعَمَّاتُهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَبِي الْأُمِّ) فَيَرِثُونَ مَا يَرِثُهُ (وَأَخْوَالُ الْأَبِ وَخَالَاتُهُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْأَبِ) فَيَرِثُونَ مَا تَرِثُهُ (وَعَمَّاتُهُ بِمَنْزِلَةِ أَبِي الْأَبِ) فَيَرِثْنَ مَا يَرِثُهُ (وَهَكَذَا كُلُّ خَالٍ وَخَالَةٍ بِمَنْزِلَةِ الْجَدَّةِ الَّتِي هِيَ أُخْتُهَا وَكُلُّ عَمٍّ وَعَمَّةٍ بِمَنْزِلَةِ الْجَدِّ الَّذِي هُوَ أَخُوهَا، وَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثًا مِنْ عَمَّاتِ أَبِيهِ وَ) ثَلَاثًا مِنْ (خَالَاتِهِ مُتَفَرِّقَاتٍ وَمِثْلَهُنَّ) أَيْ: وَثَلَاثُ عَمَّاتٍ وَثَلَاثُ خَالَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ كُلُّهُنَّ (لِأُمِّهِ) فَيَنْزِلُ عَمَّاتُ كُلِّ جِهَةٍ مَنْزِلَةَ أَبِيهَا وَخَالَاتُ كُلِّ جِهَةٍ مَنْزِلَةَ أُمِّهَا فَكَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ أَبِي أَبِيهِ وَأَبِي أُمِّهِ وَأُمِّ أَبِيهِ، وَأُمِّ أُمِّهِ، فَلِلْجَدَّتَيْنِ السُّدُسُ، وَلِأَبِي الْأَبِ الْبَاقِي، وَلَا شَيْءَ لِأَبِي الْأُمِّ، فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ أَخَذَهُ مَنْ يُدْلِي بِهِ (فَلِخَالَاتِ الْأَبِ نِصْفُ السُّدُسِ) عَلَى خَمْسَةٍ (وَمِثْلُهُ لِخَالَاتِ الْأُمِّ لِأَنَّهُنَّ كَالْجَدَّتَيْنِ، وَالْبَاقِي) خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ (لِعَمَّاتِ الْأَبِ) عَلَى خَمْسَةٍ (دُونَ عَمَّاتِ الْأُمِّ لِأَنَّهُنَّ كَأَبِي الْأَبِ وَأَبِي الْأُمِّ) فَأَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْ سِتِّينَ لِكُلٍّ مِنْ الْخَالَتَيْنِ الشَّقِيقَتَيْنِ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلٍّ مِنْ الْبَاقِيَاتِ سَهْمٌ، وَلِعَمَّةِ الْأَبِ الشَّقِيقَةِ ثَلَاثُونَ وَلِكُلٍّ مِنْ عَمَّتِهِ لِأَبِيهِ وَعَمَّتِهِ لِأُمِّهِ عَشَرَةٌ. [فَصْلٌ اجْتَمَعَ فِي ذِي رَحِمٍ جِهَتَا قَرَابَةٍ] (فَصْلٌ) لَوْ (اجْتَمَعَ فِي ذِي رَحِمٍ جِهَتَا قَرَابَةٍ كَبِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ هِيَ بِنْتُ ابْنِ بِنْتٍ) بِأَنْ نَكَحَ ابْنُ بِنْتِ رَجُلٍ بِنْتِ بِنْتٍ لَهُ أُخْرَى فَوَلَدَتْ بِنْتًا (وَكَبِنْتِ خَالَةٍ هِيَ بِنْتُ عَمَّةٍ) بِأَنْ نَكَحَ خَالُ امْرَأَةٍ لِأَبٍ خَالَتَهَا لِأُمٍّ فَوَلَدَتْ بِنْتًا، فَالْمَرْأَةُ بِنْتُ خَالَةِ الْبِنْتِ وَبِنْتُ عَمَّتِهَا (فَإِنْ سَبَقَتْ جِهَةٌ) مِنْهُمَا (إلَى وَارِثٍ وَرِثَ) وَفِي نُسْخَةٍ: قُدِّمَ (بِهَا، وَإِلَّا وَرِثَ بِهِمَا) عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ (فَرْعٌ: لَوْ كَانَ مَعَ ذَوِي الْأَرْحَامِ زَوْجٌ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (اقْتَسَمُوا مَا زَادَ عَلَى فَرْضِهِ كَاقْتِسَامِهِمْ الْجَمِيعَ) لَوْ انْفَرَدُوا عَنْهُ. . [الْبَاب التَّاسِعُ فِي حِسَابِ الْفَرَائِضِ وَمُقَدِّمَاتِهِ] (الْبَاب التَّاسِعُ فِي الْحِسَابِ) . أَيْ حِسَابِ الْفَرَائِضِ، وَمُقَدَّمَاتُهُ وَقَدْ بَدَأَ بِهَا فَقَالَ: (الْفُرُوضُ) الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى (سِتَّةٌ: النِّصْفُ وَنِصْفُهُ وَنِصْفُ نِصْفِهِ وَالثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُمَا وَنِصْفُ نِصْفِهِمَا، وَقَدْ مَضَى مُسْتَحِقُّوهَا) أَيْ: بَيَانُهُمْ مَعَ التَّعْبِيرِ عَنْ عَدَدِ الْفُرُوضِ يُغَيِّرُ مَا ذُكِرَ هُنَا، وَمَخْرَجُ الْفَرْضِ عَدَدٌ وَاحِدُهُ ذَلِكَ الْفَرْضُ (فَمَخْرَجُ النِّصْفِ اثْنَانِ) وَهُمَا أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ (وَ) مَخْرَجُ (الثُّلُثِ) وَالثُّلُثَيْنِ (ثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهُمَا سَمِيُّهُمَا (وَعَلَى هَذَا) فَقِسْ فَمَخْرَجُ الرُّبُعِ أَرْبَعَةٌ وَالثُّمُنِ ثَمَانِيَةٌ وَالسُّدُسِ سِتَّةٌ (وَالْفَرْضَانِ) أَيْ: مَخْرَجَاهُمَا (إمَّا مُتَمَاثِلَانِ أَوْ مُتَدَاخِلَانِ أَوْ مُتَوَافِقَانِ أَوْ مُتَبَايِنَانِ) لِأَنَّهُمَا إنْ تَسَاوَيَا كَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٍ فَمُتَمَاثِلَانِ، وَإِلَّا فَإِنْ أَفْنَى أَصْغَرُهُمَا أَكْبَرَهُمَا مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ كَثَلَاثَةٍ وَسِتَّةٍ فَمُتَدَاخِلَانِ وَإِلَّا فَإِنْ أَفْنَاهُمَا غَيْرُ الْوَاحِدِ كَسِتَّةٍ وَثَمَانِيَةٍ فَمُتَوَافِقَانِ بِمَا لِلْمُفْنِي مِنْ الْأَجْزَاءِ، وَإِلَّا فَمُتَبَايِنَانِ كَثَلَاثَةٍ وَثَمَانِيَةٍ، وَكُلُّ مُتَدَاخِلَيْنِ مُتَوَافِقَانِ وَلَا عَكْسَ، وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ (فَإِنْ تَدَاخَلَا فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَكْبَرُهُمَا أَوْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي) كَامِلِ (الْآخَرِ أَوْ تَبَايَنَا ضُرِبَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (فِي الْآخَرِ) . وَالْحَاصِلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ (أَوْ تَمَاثَلَا اُكْتُفِيَ بِأَحَدِهِمَا) وَهُوَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ هَذَا إنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ غَيْرَ عَصَبَاتٍ (فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ عَصَبَاتٍ فَمَسْأَلَتُهُمْ مِنْ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ) ذُكُورًا كَانُوا كَثَلَاثَةِ بَنِينَ أَوْ إنَاثًا كَثَلَاثِ نِسْوَةٍ أَعْتَقْنَ عَبْدًا بِالسَّوِيَّةِ أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا (وَيُقَدَّرُ) فِيهِ (كُلُّ ذَكَرٍ أُنْثَيَيْنِ) فَأَصْلُ مَسْأَلَةِ ابْنٍ وَبِنْتٍ ثَلَاثَةٌ: لِلِابْنِ: سَهْمَانِ، وَلِلْبِنْتِ: سَهْمٌ (فَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ مَا يُعْمَلُ بِهِ فِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ] الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْحِسَابِ) . (قَوْلُهُ ضُرِبَ وَفْقَ أَحَدِهِمَا) الضَّرْبُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ تَضْعِيفُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِعَدَدِ مَا فِي الْآخَرِ مِنْ الْآحَادِ وَالْوَاحِدُ لَيْسَ بِعَدَدٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَبْدَؤُهُ (قَوْلُهُ: كَثَلَاثِ نِسْوَةٍ أَعْتَقْنَ عَبْدًا بِالسَّوِيَّةِ) وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الْوَلَاءِ، فَإِنْ تَفَاوَتَ الْمِلْكُ تَفَاوَتَ الْإِرْثُ بِحَسَبِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّرُ فِيهِ كُلُّ ذَكَرٍ أُنْثَيَيْنِ) وَلَا يُقَدَّرُ لِلْأُنْثَى نِصْفُ نَصِيبٍ لِئَلَّا يُنْطَقَ بِالْكَسْرِ وَاتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ النُّطْقِ بِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 اجْتَمَعَ أَهْلُ فُرُوضٍ وَعَصَبَةٍ أُعْطِيَ ذُو الْفَرْضِ فَرْضَهُ) مِنْ مَخْرَجِهِ، وَمَخْرَجُهُ هُوَ أَصْلُ مَسْأَلَتِهِمْ (وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ، وَتَصْحِيحُ الْمَسَائِلِ مَعْرُوفٌ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ انْقَسَمَتْ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ عَلَى ذَوِيهَا فَذَاكَ، كَزَوْجٍ وَثَلَاثَةِ بَنِينَ، وَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفٍ قُوبِلَتْ سِهَامُهُ بِعَدَدِهِ فَإِنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ عَدَدُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا إنْ عَالَتْ كَزَوْجٍ وَخَمْسِ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ هِيَ بِعَوْلِهَا مِنْ سَبْعَةٍ، وَتَصِحُّ بِضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي سَبْعَةٍ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ، وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ عَدَدِهِ فِيهَا بِعَوْلِهَا كَزَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَسِتِّ بَنَاتٍ هِيَ بِعَوْلِهَا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفَيْنِ قُوبِلَتْ سِهَامُ كُلِّ صِنْفٍ بِعَدَدِهِ. فَإِنْ تَوَافَقَا رُدَّ الصِّنْفُ إلَى وَفْقِهِ وَإِلَّا تُرِكَ، ثُمَّ إنْ تَمَاثَلَ عَدَدُ الرُّءُوسِ ضُرِبَ أَحَدُهُمَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا إنْ عَالَتْ، وَإِنْ تَدَاخَلَا ضُرِبَ أَكْبَرُهُمَا فِي ذَلِكَ، وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا، وَإِنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا فَمَا بَلَغَ صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ الِانْكِسَارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ وَأَرْبَعَةٍ وَلَا يَزِيدُ الْكَسْرُ عَلَى ذَلِكَ، وَمِنْ التَّصْحِيحِ الْمُنَاسَخَاتُ فَلَوْ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ لَمْ يَرِثْ الثَّانِيَ غَيْرُ الْبَاقِينَ وَكَانَ إرْثُهُمْ مِنْهُ كَإِرْثِهِمْ مِنْ الْأَوَّلِ جُعِلَ كَأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ وَقُسِّمَ الْمَالُ بَيْنَ الْبَاقِينَ كَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ مِنْ أَبٍ مَاتَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْبَاقِينَ وَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ إرْثُهُ فِي الْبَاقِينَ أَوْ انْحَصَرَ فِيهِمْ وَاخْتَلَفَ قَدْرُ الِاسْتِحْقَاقِ فَصَحَّحَ مَسْأَلَةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَسْأَلَةَ الثَّانِي، ثُمَّ إنْ انْقَسَمَ نَصِيبُ الثَّانِي مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ عَلَى مَسْأَلَتِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ ضُرِبَ وَفْقُ مَسْأَلَتِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا ضُرِبَ كُلُّهَا فِيهَا فَمَا بَلَغَ صَحَّتَا مِنْهُ، ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضُرِبَ فِيهَا، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي نَصِيبِ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى أَوْ فِي وَفْقِهِ إنْ كَانَ بَيْنَ مَسْأَلَتِهِ وَنَصِيبِهِ وَفْقٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْلُ ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ أَمْثِلَتِهِ، وَبَيَانِ قِسْمَةِ التَّرِكَاتِ مَعَ فَوَائِدَ جَلِيلَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِهَا، وَقَدْ بَيَّنْتُهُ أَحْسَنَ بَيَانٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. (وَالْأُصُولُ) الَّتِي فِيهَا ذُو فَرْضٍ (تِسْعَةٌ: اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ، وَأَرْبَعَةٌ وَسِتَّةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ، وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَكَذَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَسِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ) كَمَا زَادَهُمَا الْمُتَأَخِّرُونَ (فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ) وَالْإِخْوَةِ (إذَا افْتَقَرَ إلَى مُقَدَّرٍ) مِنْ سُدُسٍ فِي الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَسُدُسٍ وَرُبُعٍ فِي الثَّانِي (وَثُلُثُ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْمُقَدَّرِ) فِيهِمَا، مِثَالُ الْأَوَّلِ: أُمٌّ وَجَدٌّ وَخَمْسَةُ إخْوَةٍ، وَمِثَالُ الثَّانِي: زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَسَبْعَةُ إخْوَةٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِهِ أَخْصَرُ، وَالْمُتَقَدِّمُونَ قَالُوا: لَا يُزَادُ عَلَى الْأُصُولِ الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عِنْدَهُمْ سِتَّةٌ وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَالثَّانِيَةُ اثْنَا عَشَرَ وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَدِلَّةَ ذَلِكَ مَعَ فَوَائِدَ فِي كِفَايَةِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا (وَتَعُولُ مِنْهَا) أَيْ الْأُصُولِ الْمَذْكُورَةِ (السِّتَّةُ إلَى عَشَرَةٍ أَشْفَاعًا وَأَوْتَارًا) فَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ، وَإِلَى ثَمَانِيَةٍ كَهَؤُلَاءِ وَأُمٍّ، وَإِلَى تِسْعَةٍ كَهَؤُلَاءِ، وَأَخٍ لِأُمٍّ، وَإِلَى عَشَرَةٍ كَهَؤُلَاءِ وَأَخٍ آخَرَ لِأُمٍّ (وَالِاثْنَا عَشَرَ تَعُولُ بِالْأَوْتَارِ) فَقَطْ (إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ) فَتَعُولُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ، وَإِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَزَوْجَةٍ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ، وَإِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ كَهَؤُلَاءِ وَأُمٍّ (وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ) تَعُولُ (إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ) فَقَطْ كَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَابْنَتَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَعُلْ بَقِيَّةُ الْأُصُولِ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْفُرُوضِ فِيهَا لَا تَزِيدُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَخَارِجِ، وَالْعَوْلُ زِيَادَةُ مَا بَقِيَ مِنْ سِهَامِ ذَوِي الْفُرُوضِ عَلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لِيَدْخُلَ النَّقْصُ عَلَى أَهْلِهَا بِحَسَبِ حِصَصِهِمْ، وَأَوَّلُ مَنْ حَكَمَ بِالْعَوْلِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي زَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ فَهِيَ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ عَالَتْ فِي الْإِسْلَامِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَذْهَبِ: بَلْ هِيَ مَسْأَلَةُ زَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ لِأَبٍ، وَوَافَقَ عُمَرَ عَلَى الْعَوْلِ غَيْرُهُ، فَلَمَّا انْقَضَى عَصْرُهُ أَظْهَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ خِلَافَهُ فِي هَذِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقَ عَدَدِهِ فِيهَا) حَيْثُ وَافَقَ نَصِيبُ الصِّنْفِ عَدَدَهُ، فَالِاتِّفَاقُ بَيْنَهُمَا بِالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ أَوْ الْخُمُسِ أَوْ السُّبُعِ أَوْ الثُّمُنِ أَوْ نِصْفِ الثُّمُنِ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَتَنْفَرِدُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ بِوُجُودِ الِاتِّفَاقِ فِيهَا بِالْعُشْرِ، وَالسِّتَّةُ وَالثَّلَاثُونَ بِالسُّدُسِ وَنِصْفِ السُّبُعِ فَ (قَوْلُهُ: كَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ مِنْ أَبٍ) أَيْ: وَبَنِينَ وَبَنَاتٍ، كَلَامُهُ وَتَمْثِيلُهُ يُشْعِرُ بِكَوْنِ جَمِيعِ الْبَاقِينَ وَارِثِينَ وَكَوْنِهِمْ عَصَبَةً وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ، بَلْ يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ فِي الثَّانِيَةِ بَعْضَ الْبَاقِينَ بِشَرْطِ كَوْنِهِمْ عَصَبَةً فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَغَيْرُ الْوَارِثِ مِنْ الثَّانِي ذُو فَرْضٍ فِي الْأُولَى كَأَنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ زَوْجٍ وَابْنَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِنَّ وَرَثَةَ الْمَيِّتِ الثَّانِي هُوَ الْبَاقِي مِنْ الِابْنَيْنِ دُونَ الزَّوْجِ، وَالْوَارِثُ عَصَبَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَالزَّوْجُ الَّذِي لَا يَرِثُ فِي الثَّانِيَةِ ذُو فَرْضٍ فِي الْأُولَى، وَيَأْتِي أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَتْ وَرَثَتُهُ هُمْ الْبَاقُونَ جَمِيعُهُمْ وَإِرْثُهُمْ بِالْفَرْضِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الْأُولَى بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ الثَّانِي ذَا فَرْضٍ وَلَكِنَّ فَرْضَهُ قَدْرُ عَوْلِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، مِثَالُهُ: امْرَأَةٌ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٍ لِأَبٍ ثُمَّ نَكَحَ الزَّوْجُ الْأُخْتَ لِلْأَبِ ثُمَّ مَاتَتْ الْمَنْكُوحَةُ عَنْ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ (قَوْلُهُ: مِثَالُ الْأَوَّلِ أُمٌّ وَجَدٌّ وَخَمْسَةُ إخْوَةٍ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ سُدُسٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَمَلَ بِهِ أَخْصَرُ) وَلِأَنَّ ثُلُثَ مَا يَبْقَى فَرْضٌ مَضْمُومٌ إلَى السُّدُسِ أَوْ إلَى السُّدُسِ وَالرُّبُعِ فَلْتَكُنْ الْفَرِيضَةُ مِنْ مَخْرَجِهَا فِي الْأُولَى وَمِنْ مَخْرَجِهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَاحْتَجَّ لَهُ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ سِتَّةٍ وَلَوْلَا إقَامَةُ الْفَرِيضَةِ مِنْ النِّصْفِ وَثُلُثِ مَا يَبْقَى لَقَالُوا هِيَ مِنْ اثْنَيْنِ لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ، يَبْقَى وَاحِدٌ وَلَيْسَ لَهُ ثُلُثٌ صَحِيحٌ، فَيَضْرِبُ مَخْرَجَ الثُّلُثِ فِي اثْنَيْنِ فَتَصِيرُ سِتَّةً وَأَقَرَّاهُ عَلَى هَذَا الِاحْتِجَاجِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّهُ غَيْرُ سَالِمٍ مِنْ النِّزَاعِ فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْفَرْضِيِّينَ ذَكَرُوا أَنَّ أَصْلَهَا مِنْ اثْنَيْنِ. اهـ. وَاعْتَذَرَ الْإِمَامُ عَنْ الْقُدَمَاءِ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَعُدُّوهُمَا مَعَ مَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ الْأُصُولَ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْمُقَدَّرَاتِ الْمَنْصُوصَةِ وَهِيَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا، وَثُلُثُ مَا يَبْقَى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَيْسَ مَنْصُوصًا وَلَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ. قَالَ: وَالْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: طَرِيقَةُ الْقُدَمَاءِ أَصْلٌ وَطَرِيقَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتِحْسَانٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 فَجَعَلَ النَّقْصَ خَاصًّا بِالْأُخْتِ لِأَنَّهَا قَدْ تَنْتَقِلُ إلَى التَّعْصِيبِ فَكَانَتْ كَالْعَاصِبِ. وَرُدَّ بِلُزُومِ كَوْنِ النَّقْصِ فِي زَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأَبَوَيْنِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْبِنْتِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَنْتَقِلُ إلَى التَّعْصِيبِ مَعَ أَنَّهُ قَائِلٌ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْبِنْتِ وَلَيْسَ مَعْنَى عَدَمِ إظْهَارِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافَهُ أَنَّهُ خَافَ مِنْ إظْهَارِهِ، وَعَدَمِ انْقِيَادِ عُمَرَ لَهُ لِلْعِلْمِ الْقَطْعِيِّ بِانْقِيَادٍ لِلْحَقِّ وَلَكِنْ لِمَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ اجْتِهَادِيَّةً وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ سَاغَ لَهُ عَدَمُ إظْهَارِ مَا ظَهَرَ لَهُ. (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي) الْمَسَائِلِ (الْمُلَقَّبَاتِ وَ) مَسَائِلِ (الْمُعَايَاةِ) اللَّقَبُ: وَاحِدُ الْأَلْقَابِ، وَهِيَ الْأَنْبَازُ، يُقَالُ: نَبَزَهُ، أَيْ: لَقَّبَهُ، وَمِنْهُ {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} [الحجرات: 11] وَمِنْ الْمُلَقَّبَاتِ مَالَهُ لَقَبٌ، وَمِنْهَا مَالَهُ أَكْثَرُ وَغَايَتُهُ عَشَرَةٌ كَمَا سَيَأْتِي (فَالْمُلَقَّبَاتُ) مِنْهَا (الْمُشَرَّكَةُ) وَفِي نُسْخَةٍ الْمُشْتَرَكَةُ، وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالْحِمَارِيَّةِ لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ أَنَّ زَيْدًا قَالَ لِعُمَرَ فِي حَقِّ الْأَشِقَّاءِ: هَبْ أَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ حِمَارًا مَا زَادَهُمْ الْأَبُ إلَّا قُرْبًا. وَرُوِيَ أَنَّهُمْ قَالُوا: هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا، وَبِالْحَجَرِيَّةِ وَالْيَمِّيَّةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُمْ قَالُوا لِعُمَرَ هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ وَبِالْمِنْبَرِيَّةِ لِأَنَّ عُمَرَ سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ (وَالْأَكْدَرِيَّةِ) وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالْغَرَّاءِ لِظُهُورِهَا إذْ لَا يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ مَعَ الْجَدِّ إلَّا فِيهَا (وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا) الْأُولَى فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِيَةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَتَقَدَّمَ ثَمَّ وَجْهُ تَلْقِيبِهِمَا بِذَلِكَ (وَالْخَرْقَاءُ) بِالْمَدِّ (وَهِيَ أُمٌّ وَأُخْتٌ) لِغَيْرِ أُمٍّ (وَجَدٌّ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا) فَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ، وَلُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِتَخَرُّقِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِيهَا، وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالْمُثَلَّثَةِ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ جَعَلَهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ عَدَدِ الرُّءُوسِ، وَبِالْمُرَبَّعَةِ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ جَعَلَهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ: لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ نِصْفَيْنِ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ مُرَبَّعَاتِهِ، وَبِالْمُخَمَّسَةِ لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ دَعَاهُ الْحَجَّاجُ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ: اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ: عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَكَانَ الشَّعْبِيُّ لَا يُثْبِتُ الرِّوَايَةَ عَنْ غَيْرِهِمْ، وَقِيلَ الْخَمْسَةُ تَكَلَّمُوا فِيهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَاخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ. وَبِالْمُسَدَّسَةِ لِأَنَّ فِيهَا سَبْعَةَ أَقْوَالٍ لِلصَّحَابَةِ تَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى إلَى سِتَّةٍ كَمَا سَتَعْلَمُهُ وَبِالْمُسَبَّعَةِ لِهَذِهِ الْأَقْوَالِ السَّبْعَةِ: قَوْلُ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَجَمَاعَةٍ: لِلْأُمِّ الثُّلُثُ، وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَتَسْقُطُ الْأُخْتُ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلْجَدِّ الْبَاقِي، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا: لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْجَدِّ الْبَاقِي، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ فِي اللَّفْظِ وَمُتَّحِدٌ مَعَهُ فِي الْمَعْنَى، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَبَرَهُمَا الْأَكْثَرُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَقَوْلُهُ أَيْضًا: لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأُمِّ وَالْجَدِّ نِصْفَيْنِ وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ إحْدَى مُرَبَّعَاتِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُ عَلِيٍّ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ الْبَاقِي وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ، وَقَوْلُ عُثْمَانَ: لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ نِصْفَيْنِ وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ. وَبِالْمُثَمَّنَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا ثَمَانِيَةَ أَقْوَالٍ: السَّبْعَةُ السَّابِقَةُ وَقَوْلُ عُثْمَانَ أَيْضًا: لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ، فَالْمُلَقِّبُ لَهَا بِذَلِكَ جَعَلَ هَذَا الْقَوْلَ مُخَالِفًا لِلسَّابِعِ نَظَرًا إلَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأُمَّ وَالْجَدَّ يَرِثَانِ بِالْفَرْضِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا يَرِثَانِ بِالْعُصُوبَةِ. وَبِالْعُثْمَانِيَّةِ وبالحجاجية وَبِالشُّعْبِيَّةِ لِنِسْبَتِهَا إلَى عُثْمَانَ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلِقِصَّةِ الْحَجَّاجِ مَعَ الشَّعْبِيِّ السَّابِقَةِ (وَأُمِّ الْفُرُوخِ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لِكَثْرَةِ مَا فَرَّخَتْ مِنْ الْعَوْلِ شَبَّهُوهَا بِأُنْثَى مِنْ الطَّيْرِ مَعَهَا أَفْرَاخُهَا، وَيُقَالُ بِالْجِيمِ لِكَثْرَةِ الْفُرُوجِ فِيهَا (وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ) أَيْ لِغَيْرِ أُمٍّ (وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ، أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ: لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ، وَلِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ) وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالشُّرَيْحِيَّةِ لِأَنَّهَا رُفِعَتْ إلَى شُرَيْحٍ فَجَعَلَهَا مِنْ عَشَرَةٍ كَمَا تَقَرَّرَ، وَبِالْبَلْجَاءِ لِوُضُوحِهَا لِأَنَّهَا عَالَتْ بِثُلُثِهَا وَهُوَ أَكْثَرُ مَا تَعُولُ بِهِ الْفَرَائِضُ (وَأُمِّ الْأَرَامِلِ وَهِيَ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَانِ، وَأَرْبَعُ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِي) أَخَوَاتٍ (لِأَبٍ) أَيْ لِغَيْرِ أُمٍّ (أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ، لِلزَّوْجَاتِ الرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْجَدَّتَيْنِ السُّدُسُ اثْنَانِ، وَلِلْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ الثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ) لُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْأَرَامِلِ، وَقِيلَ لِأَنَّ كُلَّ الْوَرَثَةِ إنَاثٌ، وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالسَّبْعَةِ عَشْرِيَّةَ نِسْبَةً إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ لِأَنَّهُ يُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ: شَخْصٌ خَلَّفَ سَبْعَ عَشْرَةَ امْرَأَةً مِنْ أَصْنَافٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَتَرَكَ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا، فَخَصَّ كُلَّ امْرَأَةٍ دِينَارٌ. وبالدينارية الصُّغْرَى لِذَلِكَ، وَسَتَأْتِي الدِّينَارِيَّةُ الْكُبْرَى (وَمِنْهَا) أَيْ الْمُلَقَّبَاتِ (مُرَبَّعَاتُ ابْنِ مَسْعُودٍ   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 وَهِيَ بِنْتٌ وَأُخْتٌ) لِغَيْرِ أُمٍّ (وَجَدٌّ) فَإِنَّهُ (قَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ نِصْفَيْنِ) فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ (وَقُلْنَا) أَيُّهَا الْجُمْهُورُ: وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا (أَثْلَاثًا) فَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ. وَمُرَبَّعَتُهُ الثَّانِيَةُ (زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ، قَالَ: لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأُمِّ وَالْجَدِّ مُنَاصَفَةً) فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ (وَقُلْنَا: لِلْأُمِّ) بَعْدَ نِصْفِ الزَّوْجِ (الثُّلُثُ، وَالْبَاقِي) وَهُوَ السُّدُسُ (لِلْجَدِّ) فَرْضًا فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ. وَمُرَبَّعَتُهُ الثَّالِثَةُ (زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَأَخٌ) لِغَيْرِ أُمٍّ (قَالَ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا) فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ (وَقُلْنَا: لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَالْأَخِ) مُنَاصَفَةً، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ. وَمُرَبَّعَتُهُ الرَّابِعَةُ (زَوْجَةٌ وَأُخْتٌ) لِغَيْرِ أُمٍّ (وَجَدٌّ، قَالَ: لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ. وَقُلْنَا: لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا) فَتَصِحُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ (وَتُسَمَّى) هَذِهِ (الْأَخِيرَةُ مُرَبَّعَةَ الْجَمَاعَةِ) لِصِحَّتِهَا عِنْدَهُمْ مِنْ أَرْبَعَةٍ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَهُمْ مُرَبَّعَاتٌ أُخَرُ بَيَّنْتُهَا فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ. ، وَذَكَرَ الْمُرَبَّعَةَ الثَّانِيَةَ مَعَ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ: وَقُلْنَا إلَى آخِرِهِ فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ الْأُخَرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَمِنْهَا الْمُثَمَّنَةُ، وَهِيَ: زَوْجَةٌ، وَأُمٌّ، وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ) أَوْ لِأَبٍ (وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ وَوَلَدٌ لَا يَرِثُ لِمَانِعٍ) كَرِقٍّ (أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ، لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ) ثَلَاثَةٌ (وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ) اثْنَانِ (وَلِلْأُخْتَيْنِ) لِغَيْرِ الْأُمِّ (الثُّلُثَانِ) ثَمَانِيَةٌ (وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ) أَرْبَعَةٌ، وَلُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَفِيهَا ثَمَانِيَةُ مَذَاهِبَ) قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْفَاضِلُ عَنْ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَوَلَدَيْهَا لِلشَّقِيقَتَيْنِ، فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَعَنْهُ قَوْلٌ آخَرُ: الْفَاضِلُ عَنْ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ بَيْنَ الْأَخَوَاتِ أَثْلَاثًا، فَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَقَوْلُ مُعَاذٍ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْجُبُهَا بِالْأَخَوَاتِ، فَتَعُولُ إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ: يَسْقُطُ وَلَدُ الْأُمِّ، وَفِي أُخْرَى: تَسْقُطُ الشَّقِيقَتَانِ، وَفِي أُخْرَى: يَسْقُطُ الصِّنْفَانِ مَعًا، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ، وَفِي أُخْرَى، وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ عَنْهُ: لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ الْأَوْلَادِ يَحْجُبُ الزَّوْجَةَ وَالْأُمَّ، فَهِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَعُولُ إلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ. وَلِهَذَا تُلَقَّبُ أَيْضًا بِالثَّلَاثِينِيَّةِ (وَمِنْهَا تِسْعِينِيَّةُ زَيْدٍ) وَهِيَ (أُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخَوَانِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، أَصْلُهَا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، لِلْأُمِّ) السُّدُسُ (ثَلَاثَةٌ، وَلِلْجَدِّ) ثُلُثُ الْبَاقِي (خَمْسَةٌ، وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ) النِّصْفُ (تِسْعَةٌ، وَسَهْمٌ لِأَوْلَادِ الْأَبِ) يُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةٍ (فَتَصِحُّ مِنْ تِسْعِينَ) وَيُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ: شَخْصٌ تَرَكَ ثَلَاثَةَ ذُكُورٍ وَثَلَاثَ إنَاثٍ وَتِسْعِينَ دِينَارًا، وَأَخَذَتْ إحْدَى الْإِنَاثِ مِيرَاثَهَا دِينَارًا، وَلَيْسَ ثَمَّ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ، وَهِيَ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. (وَمِنْهَا النِّصْفِيَّةُ) وَهِيَ (زَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ) أَوْ لِأَبٍ؛ لُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفَرَائِضِ شَخْصَانِ يَرِثَانِ نِصْفَيْ الْمَالِ فَرْضًا إلَّا هُمَا، وَتُسَمَّى أَيْضًا بِالْيَتِيمَةِ: لِأَنَّهَا لَا نَظِيرَ لَهَا كَالدُّرَّةِ الْيَتِيمَةِ، أَيْ الَّتِي لَا نَظِيرَ لَهَا (وَمِنْهَا الْعُمَرِيَّتَانِ) وَهُمَا (زَوْجٌ وَأَبَوَانِ أَوْ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ، لِلزَّوْجَيْنِ فَرْضُهُمَا، وَالْبَاقِي لِلْأَبَوَيْنِ أَثْلَاثًا) كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَلُقِّبَتَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا رُفِعَتَا إلَى عُمَرَ فَجَعَلَ لِلْأُمِّ ثُلُثَ مَا يَبْقَى بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجَيْنِ، وَيُلَقَّبَانِ أَيْضًا بِالْغَرَّاوَيْنِ، وَبِالْغَرِيبَتَيْنِ، وَيُعَايَا بِمَسْأَلَةِ الزَّوْجِ إذَا كَانَ فِيهَا أَخَوَانِ فَيُقَالُ: أَخَوَانِ سَلِيمَانِ مِنْ مَوَانِعِ الْحَجْبِ لَمْ يَحْجُبَا الْأُمَّ عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّ مَا تَرِثُهُ فِيهَا لَا يَخْتَلِفُ بِوُجُودِهِمَا وَلَا عَدَمِهِمَا. وَكَذَا مَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ، فَيُقَالُ: امْرَأَةٌ وَرِثَتْ الرُّبْعَ بِالْفَرْضِ بِغَيْرِ عَوْلٍ وَلَا رَدٍّ وَلَيْسَتْ زَوْجَةً، يَعْنُونَ الْأُمَّ لِأَنَّهَا قَدْ تَأْخُذُ الرُّبُعَ عَوْلًا، وَقَدْ تَأْخُذُهُ رَدًّا (وَمِنْهَا مُخْتَصَرَةُ زَيْدٍ، وَهِيَ: أُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، أَصْلُهَا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) إنْ اُعْتُبِرَتْ لِلْجَدِّ ثُلُثَ الْبَاقِي. (لِلْأُمِّ) السُّدُسُ (ثَلَاثَةٌ، وَلِلْجَدِّ) ثُلُثُ الْبَاقِي (خَمْسَةٌ، وَلِلْأُخْتِ) النِّصْفُ (تِسْعَةٌ، وَلِوَلَدَيْ الْأَبِ) الْبَاقِي (سَهْمٌ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ) وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ لَهُ الْمُقَاسَمَةُ فَأَصْلُهَا سِتَّةٌ، وَتَصِحُّ مِنْ مِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ، وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ (وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ الِامْتِحَانِ) وَهِيَ: (أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَخَمْسُ جَدَّاتٍ وَسَبْعُ بَنَاتٍ وَتِسْعَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ) أَيْ لِغَيْرِ الْأُمِّ، وَقَدْ عَمَّهَا التَّبَايُنُ فَهِيَ صَمَّاءُ، أَصْلُهَا (مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، لِلزَّوْجَاتِ الثُّمُنُ) ثَلَاثَةٌ (وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ) أَرْبَعَةٌ (وَلِلْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ) سِتَّةَ عَشَرَ (وَلِلْإِخْوَةِ مَا بَقِيَ) وَجُزْءُ سَهْمِهَا أَلْفٌ وَمِائَتَانِ وَسِتُّونَ (وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ) وَلُقِّبَتْ   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِهَا فَيُقَالُ: مَيِّتٌ خَلَّفَ وَرَثَةً عَدَدُ كُلِّ فَرِيقٍ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ، وَتَصِحُّ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا. (وَمِنْهَا الْغَرَّاءُ وَهِيَ زَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ) أَيْ لِغَيْرِ أُمٍّ (وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ) أَصْلُهَا (مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى تِسْعَةٍ لِلزَّوْجِ) النِّصْفُ (ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُخْتَيْنِ) الثُّلُثَانِ (أَرْبَعَةٌ، وَلِلْأَخَوَيْنِ) الثُّلُثُ (سَهْمَانِ) لُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِهَارِهَا؛ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَرْضَ بِالْعَوْلِ وَأَرَادَ أَخْذَ النِّصْفِ كَامِلًا، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، وَاشْتُهِرَ أَمْرُهَا بَيْنَهُمْ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الزَّوْجَ كَانَ اسْمُهُ أَغَرَّ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ كَانَ اسْمُهَا غَرَّاءَ، وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالْمَرْوَانِيَّةِ لِوُقُوعِهَا فِي زَمَنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَقِيلَ: لِوُقُوعِهَا فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لِوَاحِدٍ مِنْ بَنِي مَرْوَانَ أَرَادَ أَخْذَ النِّصْفِ بِلَا عَوْلٍ فَأَنْكَرَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ (وَمِنْهَا الْمَرْوَانِيَّةُ) الْأُخْرَى (وَهِيَ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ) أَوْ لِأَبٍ (وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ، أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَعُولُ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، لِلزَّوْجَاتِ الرُّبُعُ) ثَلَاثَةٌ (وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأَبَوَيْنِ الثُّلُثَانِ) ثَمَانِيَةٌ (وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ) أَرْبَعَةٌ، لُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ زَوْجَةٍ وَرِثَتْ مِنْ زَوْجِهَا دِينَارًا وَدِرْهَمًا، وَالتَّرِكَةُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، فَصَوَّرَهَا بِذَلِكَ وَقَالَ: لِلزَّوْجَاتِ خُمُسُ الْمَالِ لِلْعَوْلِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَأَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ. (وَ) مِنْهَا (مَسَائِلُ الْمُبَاهَلَةُ، وَهِيَ مَسَائِلُ الْعَوْلِ) قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مَعْنًى فَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِ الْفُرَّاضِ أَنَّهَا اسْمٌ لِصُورَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَكَثِيرًا مَا يَقُولُونَ: أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ عَالَتْ فِي الْإِسْلَامِ الْمُبَاهَلَةُ، وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لِغَيْرِ أُمٍّ فَلِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ، وَأَظْهَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ خِلَافَهُ فِيهَا بَعْدَ زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَمَا مَرَّ، وَأَنْكَرَ الْعَوْلَ وَبَالِغَ فِي إنْكَارِهِ حَتَّى قَالَ لِزَيْدٍ وَهُوَ رَاكِبٌ: انْزِلْ حَتَّى نَتَبَاهَلَ، أَيْ: نَتَلَاعَنَ؛ إنَّ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ عَدَدًا لَمْ يَجْعَلْ فِي الْمَالِ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا أَبَدًا، هَذَانِ النِّصْفَانِ ذَهَبَا بِالْمَالِ، فَأَيْنَ مَوْضِعُ الثُّلُثِ؟ وَلِذَلِكَ لُقِّبَتْ بِالْمُبَاهَلَةِ، وَالْقَائِلُ بِالْعَوْلِ وَجَّهَهُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَأْخُذُ تَمَامَ فَرْضِهِ إذَا انْفَرَدَ فَإِذَا ضَاقَ اقْتَسَمُوا بِقَدْرِ الْحُقُوقِ كَأَرْبَابِ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا، وَبِإِطْلَاقِ الْآيَاتِ فَإِنَّهَا تَقْضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِازْدِحَامِ وَغَيْرِهِ، وَتَخْصِيصُ بَعْضِهِمْ بِالنَّقْصِ تَحَكُّمٌ (وَمِنْهَا النَّاقِضَةُ، وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ، أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ، وَلِلْأَخَوَيْنِ اثْنَانِ) لُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَنْقُضُ أَحَدَ أَصْلَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّهُ إنْ أَعْطَاهَا الثُّلُثَ لَزِمَ الْعَوْلُ، أَوْ السُّدُسَ لَزِمَ الْحَجْبُ بِأَخَوَيْنِ، وَهُوَ يَمْنَعُ الْحُكْمَيْنِ، فَالتَّمْثِيلُ بِهَا إنَّمَا هُوَ عَلَى أَحَدِ أَصْلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ الْأُمَّ تُحْجَبُ بِاثْنَيْنِ فَلَا عَوْلَ وَلَا نَقْضَ. (وَمِنْهَا الدِّينَارِيَّةُ) الْكُبْرَى (وَهِيَ زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَابْنَتَانِ وَاثْنَا عَشَرَ أَخًا وَأُخْتٌ) كُلُّهُمْ (مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ) أَصْلُهَا (مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ، وَلِلْإِخْوَةِ وَالْأُخْتِ مَا بَقِيَ وَهُوَ سَهْمٌ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتِّمِائَةٍ، لِلْأُخْتِ مِنْهَا وَاحِدٌ) وَلِلْإِخْوَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ لِكُلِّ أَخٍ سَهْمَانِ، وَلِلْبِنْتَيْنِ أَرْبَعُمِائَةٍ، وَلِلْأُمِّ مِائَةٌ، وَلِلزَّوْجَةِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ، وَلُقِّبَتْ بِذَلِكَ، وَبِالرِّكَابِيَّةِ، وَبِالشَّاكِيَةِ؛ لِأَنَّ شُرَيْحًا قَضَى فِيهَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَكَانَتْ التَّرِكَةُ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ فَلَمْ تَرْضَ بِهِ الْأُخْتُ وَمَضَتْ لِعَلِيٍّ تَشْتَكِي شُرَيْحًا فَوَجَدَتْهُ رَاكِبًا فَأَمْسَكَتْ رِكَابَهُ وَقَالَتْ لَهُ: إنَّ أَخِي تَرَكَ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ فَأَعْطَانِي مِنْهَا شُرَيْحٌ دِينَارًا وَاحِدًا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَعَلَّ أَخَاكِ تَرَكَ زَوْجَةً وَأُمًّا وَابْنَتَيْنِ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَخًا وَأَنْتِ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: ذَلِكَ حَقُّكِ وَلَمْ يَظْلِمْكِ شُرَيْحٌ شَيْئًا. وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالْعَامِرِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأُخْتَ سَأَلَتْ أَيْضًا عَامِرًا الشَّعْبِيَّ عَنْهَا فَأَجَابَ بِذَلِكَ، وَلَهُ مُلَقَّبَاتٌ أُخَرُ نَبَّهْتُ عَلَى بَعْضِهَا فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ، مِنْهَا الْمَأْمُونِيَّةُ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ، وَهِيَ أَبَوَانِ وَبِنْتَانِ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا عَمَّنْ فِيهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَلُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَأْمُونَ سَأَلَ عَنْهَا يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَهُ الْقَضَاءَ، فَقَالَ: الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ؟ فَقَالَ الْمَأْمُونُ إذْ عَرَفْتَ الْفَرْقَ عَرَفْتَ الْجَوَابَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَالْأَبُ وَارِثٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ أَبُو أُمٍّ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ فِي نِهَايَتِهِ مِنْ الْمُلَقَّبَاتِ بِضْعَ عَشْرَةَ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ أَكْثَرَ الْفَرْضِيُّونَ مِنْ الْمُلَقَّبَاتِ وَلَا نِهَايَةَ لَهَا وَلَا حَسْمَ لِأَبْوَابِهَا، يَعْنِي مِنْ الْمَشْهُورِ وَغَيْرِهَا. [فَصْلٌ فِي الْمُعَايَاةِ] (فَصْلٌ فِي الْمُعَايَاةِ) هِيَ أَنْ تَأْتِيَ بِشَيْءٍ لَا يُهْتَدَى لَهُ. قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. (الْمُعَايَاةُ) كَأَنْ (قَالَتْ حُبْلَى) لِقَوْمٍ يَقْتَسِمُونَ تَرِكَةً: لَا تَعْجَلُوا فَإِنِّي حُبْلَى (إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا وَلَوْ مَعَ أُنْثَى وَرِثَ دُونَهَا أَوْ أُنْثَى فَلَا) تَرِثُ   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 (فَهِيَ كُلُّ زَوْجَةِ عَصَبَةٍ) كَأَخٍ وَعَمٍّ (غَيْرَ الْأَبِ وَالِابْنِ) إذْ وَلَدُ زَوْجَةِ الْأَبِ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ، وَوَلَدُ زَوْجَةِ الِابْنِ ابْنُ ابْنٍ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ يَرِثُ مَا لَمْ يَكُنْ حَاجِبٌ (وَإِنْ قَالَتْ: إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا أَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى وَرِثَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (لَا) إنْ وَلَدَتْ (أُنْثَى فَقَطْ) فَلَا تَرِثُ (فَهِيَ زَوْجَةُ أَبٍ، وَهُنَاكَ) مِنْ الْوَرَثَةِ (أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ زَوْجَةُ ابْنٍ، وَهُنَاكَ بِنْتَا صُلْبٍ) لِسُقُوطِ فَرْضِ الْأُنْثَى بِاسْتِغْرَاقِ الْأُخْتَيْنِ فِي الْأُولَى، وَالْبِنْتَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ الثُّلُثَيْنِ (وَإِنْ قَالَتْ إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا) وَلَوْ مَعَ أُنْثَى (لَمْ يَرِثْ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا (أَوْ أُنْثَى وَرِثَتْ فَهِيَ زَوْجَةٌ ابْنٍ وَهُنَاكَ زَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتٌ أَوْ زَوْجَةُ أَبٍ وَهُنَاكَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ) لِأَنَّ الْأُنْثَى فِيهِمَا لَهَا فَرْضٌ فَيُعَالُ لَهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَيَسْقُطُ بِالِاسْتِغْرَاقِ (وَإِنْ قَالَتْ إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَمْ يَرِثْ وَإِنْ وَلَدْتُهُمَا وَرِثَا فَهِيَ زَوْجَةُ أَبٍ مَعَ أُمٍّ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَجَدٍّ) إذْ مَعَهُمَا يَفْضُلُ بَعْدَ أَخْذِ الْأُخْتِ فَرْضَهَا شَيْءٌ فَيَكُونُ مَعَهُ بِخِلَافِهِ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ مَعَ وَهُنَاكَ (نَوْعٌ آخَرُ، قَالَتْ: إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا وَرِثَ وَوَرِثْتُ أَوْ أُنْثَى لَمْ تَرِثْ وَلَمْ أَرِثْ فَهِيَ بِنْتُ ابْنِ الْمَيِّتِ، وَزَوْجَةُ ابْنِ ابْنِهِ الْآخَرِ وَهُنَاكَ بِنْتَا صُلْبٍ) لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَهُنَاكَ بِنْتَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ وَابْنُ ابْنِ ابْنٍ فَالْبَاقِي بَعْدَ الثُّلُثَيْنِ بَيْنَ الْقَائِلَةِ وَابْنِهَا أَثْلَاثًا، وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فَلَا شَيْءَ لَهُمَا لِاسْتِغْرَاقِ الثُّلُثَيْنِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَصَّبِ (أَوْ) قَالَتْ: (إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا) وَلَوْ مَعَ أُنْثَى (لَمْ يَرِثْ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا (وَلَمْ أَرِثْ، أَوْ أُنْثَى وَرِثَتَا، فَهِيَ بِنْتُ ابْنِ ابْنِ الْمَيِّتَةِ وَزَوْجَةُ ابْنِ ابْنٍ آخَرَ، وَهُنَاكَ زَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ) لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فُرِضَ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ ذَكَرًا (وَإِنْ قَالَتْ: إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا فَلِيَ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي لَهُ، أَوْ أُنْثَى فَالْمَالُ بَيْنَنَا سَوَاءٌ، أَوْ مَيِّتًا فَلِيَ الْكُلُّ، فَهِيَ امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ عَتِيقَهَا فَأَحْبَلَهَا وَمَاتَ) وَإِنْ قَالَتْ: إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا وَرِثَ وَلَمْ أَرِثْ أَوْ أُنْثَى وَرِثْتُ دُونَهَا، فَهِيَ امْرَأَةٌ أَعْتَقَتْ عَبْدًا أَوْ أَمَةً ثُمَّ نَكَحَتْ أَخَا الْعَتِيقِ فَأَحْبَلَهَا وَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِهِ الْعَتِيقُ. (نَوْعٌ آخَرُ: قَالَ) رَجُلٌ (إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي الْغَائِبَةُ حَيَّةً وَرِثَتْ دُونِي أَوْ مَيِّتَةً وَرِثْتُ أَنَا، فَهُوَ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَهِيَ أُخْتُهُ لِأُمِّهِ وَهُنَاكَ أُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ) لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَرِثَتْ السُّدُسَ الْبَاقِيَ وَلَا شَيْءَ لَهُ لِحَجْبِهِ بِالِاسْتِغْرَاقِ، أَوْ مَيِّتَةً وَرِثَتْ الْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ، وَيَصِحُّ الْجَوَابُ أَيْضًا بِامْرَأَةٍ خَلَّفَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَأَخًا لِأَبٍ قَدْ نَكَحَ إحْدَاهُمَا وَهِيَ الْغَائِبَةُ (وَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَتْ) أَيْ الْغَائِبَةُ (حَيَّةً وَرِثْتُ دُونَهَا أَوْ مَيِّتَةً فَلَا شَيْءَ لَنَا فَهَذَا أَخُو امْرَأَةٍ لِأَبِيهَا مَاتَتْ وَقَدْ نَكَحَ أُخْتَهَا مِنْ أُمِّهَا) وَهِيَ الْغَائِبَةُ (وَبَاقِي الْوَرَثَةِ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ) لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ، أَوْ مَيِّتَةً فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ، وَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَرِثْنَا أَوْ مَيِّتَةً لَمْ أَرِثْ فَهُوَ ابْنُ عَمِّ الْمَيِّتَةِ، وَزَوْجُ بِنْتِهَا الْغَائِبَةِ وَهُنَاكَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخٌ لِأُمٍّ. (نَوْعٌ آخَرُ: امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا أَخَذَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ، وَأُخْرَى وَزَوْجُهَا أَخَذَا الرُّبُعَ، صُورَتُهُ: أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْرَى لِأُمٍّ وَابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ هُوَ زَوْجُ الْأُخْتِ لِلْأَبِ، وَالْآخَرُ زَوْجُ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ، فَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ النِّصْفُ وَلِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي بَيْنَ ابْنَيْ الْعَمِّ) بِالسَّوِيَّةِ. (زَوْجَانِ أَخَذَا ثُلُثَيْ الْمَالِ، وَآخَرَانِ) أَخَذَا (ثُلُثَهُ، صُورَتُهُ: أَبَوَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ فِي نِكَاحِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ آخَرَ) لَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ ابْنٍ الْأَخِيرَةَ صَحَّ أَيْضًا. (رَجُلٌ وَبِنْتُهُ وَرِثَا مَالًا نِصْفَيْنِ، صُورَتُهُ: امْرَأَةٌ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ هُوَ ابْنُ عَمٍّ) أَوْ مُعْتَقٌ (وَ) عَنْ (بِنْتٍ مِنْهُ) رَجُلٌ وَابْنُهُ وَرِثَا مَالًا نِصْفَيْنِ، صُورَتُهُ: رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَهُ لِبِنْتِ أَخِيهِ وَمَاتَتْ. (رَجُلٌ وَزَوْجَتَاهُ وَرِثُوا الْمَالَ أَثْلَاثًا، صُورَتُهُ: بِنْتَا ابْنَيْنِ فِي نِكَاحِ ابْنِ أَخٍ أَوْ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ آخَرَ، زَوْجَةٌ وَسَبْعَةُ إخْوَةٍ لَهَا وَرِثُوا مَالًا بِالسَّوِيَّةِ، صُورَتُهُ: نَكَحَ ابْنُ رَجُلٍ أُمَّ امْرَأَتِهِ فَأَوْلَدَهَا سَبْعَةً وَمَاتَ الرَّجُلُ بَعْدَ مَوْتِ الِابْنِ، فَلِزَوْجَتِهِ الثُّمُنُ، وَلِبَنِي ابْنِهِ السَّبْعَةِ الْبَاقِي) أَخَوَانِ لِأَبَوَيْنِ وَرِثَ أَحَدُهُمَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَالْآخَرُ رُبْعَهُ، صُورَتُهُ: ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا زَوْجٌ. نَوْعٌ آخَرُ: امْرَأَةٌ وَرِثَتْ أَرْبَعَةَ أَزْوَاجٍ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَحَصَلَ لَهَا نِصْفُ أَمْوَالِهِمْ، هُمْ أَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ كَانَ لَهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِينَارًا، لِلْأَوَّلِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلثَّانِي سِتَّةٌ وَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةٌ وَلِلرَّابِعِ دِينَارٌ، فَنَصِيبُهَا مِنْ الْأَوَّلِ دِينَارَانِ، وَمِنْ الثَّانِي كَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ سِتَّةً وَأَصَابَهُ مِنْ الْأَوَّلِ دِينَارَانِ، وَمِنْ الثَّالِثِ كَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ ثَلَاثَةً وَأَصَابَهُ مِنْ الْأَوَّلِ دِينَارَانِ، وَمِنْ الثَّانِي ثَلَاثَةٌ، وَمِنْ الرَّابِعِ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ لَهُ دِينَارًا وَأَصَابَهُ مِنْ الْأَوَّلِ دِينَارَانِ وَمِنْ   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 الثَّانِي ثَلَاثَةٌ وَمِنْ الثَّالِثِ سِتَّةٌ فَيَجْتَمِعُ لَهَا تِسْعَةٌ وَهَذَا النَّوْعُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ مَعَ نَوْعٍ آخَرَ وَفَصْلٍ يَشْتَمِلُ عَلَى الْقَرَابَاتِ الْمُشْتَبِهَةِ مِنْهَا رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمُّ الْآخَرِ هُمَا رَجُلَانِ نَكَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا أُمَّ الْآخَرِ فَوُلِدَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنٌ فَكُلٌّ ابْنُ عَمِّ الْآخَرِ لِأُمِّهِ وَمِنْهَا رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا خَالُ الْآخَرِ هُمَا رَجُلَانِ نَكَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنْتَ الْآخَرِ فَوُلِدَ لَهُمَا ابْنَانِ فَكُلُّ ابْنٍ خَالُ الْآخَرِ وَمِنْهَا رَجُلٌ وَهُوَ ابْنُ عَمٍّ ابْنِ أَخِي عَمِّ أَبِيهِ فَهَذَا ابْنُ عَمِّ أَبِي الْمَيِّتِ لِأَنَّ ابْنَ أَخِي عَمِّ الْأَبِ هُوَ الْأَبُ فَابْنُ عَمِّهِ هُوَ ابْنُ عَمِّ الْأَبِ [كِتَابُ الْوَصَايَا] (كِتَابُ الْوَصَايَا) جَمْعُ وَصِيَّةٍ بِمَعْنَى إيصَاءٍ يُقَالُ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا وَوَصَّيْت لَهُ وَأَوْصَى إلَيْهِ إذَا جَعَلَهُ وَصِيًّا وَهِيَ لُغَةً الْإِيصَالُ مِنْ وَصَّى الشَّيْءَ بِكَذَا وَصَلَهُ بِهِ لِأَنَّ الْمُوصِيَ وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ بِخَيْرِ عُقْبَاهُ وَشَرْعًا تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ مُضَافٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ وَلَا تَعْلِيقِ عِتْقٍ وَإِنْ الْتَحَقَا بِهَا حُكْمًا كَالتَّبَرُّعِ الْمُنْجَزِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ الْمُلْتَحِقَ بِهِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» أَيْ مَا الْجَزْمُ أَوْ مَا الْمَعْرُوفُ مِنْ الْأَخْلَاقِ إلَّا هَذَا فَقَدْ يُفَاجِئُهُ الْمَوْتُ وَكَخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ «الْمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ الْوَصِيَّةَ مَنْ مَاتَ عَلَى وَصِيَّةٍ مَاتَ عَلَى سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ وَتُقًى وَشَهَادَةٍ وَمَاتَ مَغْفُورًا لَهُ» وَكَانَتْ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ وَاجِبَةً لِلْأَقَارِبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180] الْآيَةُ ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهَا بِآيَاتِ الْمَوَارِيثِ وَبَقِيَ اسْتِحْبَابُهَا فِي الثُّلُثِ فَأَقَلَّ لِغَيْرِ الْوَارِثِ لِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الْآتِي (الْوَصِيَّةُ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ لِلَّهِ) تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَحَجٍّ (أَوْ) حَقٌّ (لِآدَمِيَّيْنِ) كَوَدِيعَةٍ وَمَغْصُوبٍ (بِلَا شُهُودٍ) بِالْحَقِّ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِهِ شُهُودٌ فَلَا تَجِبُ الْوَصِيَّةُ بِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إذَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُمْ كِتْمَانُهُ كَالْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ لَا يَكْفِي لَكِنَّ الْقِيَاسَ تَخْرِيجُهُ عَلَى تَوْكِيلِهِ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ فَقَضَاءُ الْوَكِيلِ بِحَضْرَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ فَيُكْتَفَى فِيهِ بِذَلِكَ أَيْ وَإِنْ كَانَ حَقًّا مَالِيًّا وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْحَقِّ فِي جَانِبِ الْآدَمِيِّينَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ فِيهِ بِالدَّيْنِ. (وَهِيَ بِالتَّطَوُّعِ) أَيْ بِمَا يُتَطَوَّعُ بِهِ (مُسْتَحَبَّةٌ وَلَوْ قَلَّ الْمَالُ وَكَثُرَ الْعِيَالُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ مَا يُعَارِضُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَشْطِيرِ الصَّدَاقِ فَقَالَ وَالتَّدْبِيرُ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ دُونَ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ فِي أَظْهَرِ الْأَوْجُهِ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ قَالَ وَمُرَادُهُ أَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَكُونُ إلَّا قُرْبَةً وَالْإِيصَاءُ قَدْ يَكُونُ قُرْبَةً كَمَا فِي مِثَالِنَا وَقَدْ لَا يَكُونُ كَالْإِيصَاءِ لِلْأَغْنِيَاءِ (وَصَدَقَتُهُ صَحِيحًا ثُمَّ حَيًّا أَفْضَلُ) مِنْ صَدَقَتِهِ مَرِيضًا وَبَعْدَ الْمَوْتِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ تَأْمُلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَقْرَ وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ» قُلْت لِفُلَانٍ كَذَا وَأَفَادَ بِثُمَّ أَنَّ صَدَقَةَ الصَّحِيحِ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ الْمَرِيضِ. (فَالْوَصِيَّةُ لِلْأَقْرَبِ غَيْرِ الْوَارِثِ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ ذِي رَضَاعٍ ثُمَّ صِهْرٍ ثُمَّ) ذِي (وَلَاءٍ ثُمَّ) ذِي (جِوَارٍ أَفْضَلُ) مِنْهَا لِغَيْرِهِ كَمَا فِي الصَّدَقَةِ الْمُنْجَزَةِ وَتَقَدَّمَ فِيهَا أَنَّ الْقَرِيبَ الْبَعِيدَ يُقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ الْأَجْنَبِيِّ وَأَنَّ أَهْلَ الْخَيْرِ وَالْمُحْتَاجِينَ مِمَّنْ ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَنْبَغِي مَجِيئُهُمَا هُنَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْأَوَّلِ أَمَّا الْوَارِثُ فَلَا تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمَحَارِمِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِتَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ وَعِبَارَتُهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُوصِيَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ قَرَابَتِهِ وَيُقَدِّمَ مِنْهُمْ الْمَحَارِمَ ثُمَّ غَيْرَ الْمَحَارِمِ ثُمَّ يُقَدِّمَ بِالرَّضَاعِ إلَى آخِرِهِ (وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) مُوصٍ وَمُوصًى لَهُ وَمُوصًى بِهِ وَصِيغَةٌ (الْأَوَّلُ الْمُوصِي وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ وَالْحُرِّيَّةُ) وَالِاخْتِيَارُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبَرُّعٌ (فَتَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ) وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ (لَا) مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ إلَّا السَّكْرَانَ وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ وَ (عَبْدٍ مُكَاتَبٍ) لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ (وَلَوْ مَاتَ حُرًّا) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ بُطْلَانُ وَصِيَّةِ الْمُبَعَّضِ وَقِيَاسُ كَوْنِهِ يُورَثُ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْمَسَائِلِ الْمُلَقَّبَاتِ] كِتَابُ الْوَصَايَا) ذَكَرَهَا إثْرَ الْفَرَائِضِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّعَلُّقِ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَتَقْدِيمُهَا أَنْسَبُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُوصِي ثُمَّ يَمُوتُ فَنُقَسِّمُ تَرِكَتَهُ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْوَصَايَا عَنْ الْفَرَائِضِ أَنْسَبُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَلْزَمُ وَلَا يُعْرَفُ قَدْرُهَا إذَا كَانَتْ بِجُزْءٍ مِنْ الْمَالِ وَلَا مَعْرِفَةُ قَدْرِ ثُلُثِهِ الَّذِي تُنَفَّذُ فِيهِ وَلَا تُعْتَبَرُ إجَازَةُ الْوَارِثِ لَهَا إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَقٌّ لِآدَمِيِّينَ كَوَدِيعَةٍ إلَخْ) وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ فِي الْحَالِ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ: وَغَيْرُهُ إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْهُمْ كِتْمَانَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَكْتَفِي فِيهِ بِذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِيصَاءَ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ) يَعْنِي لَيْسَ بِقُرْبَةٍ نَاجِزَةٍ وَإِلَّا فَالْمُوصَى بِهِ قُرْبَةٌ قَطْعًا، وَهَذَا كَمَا أَنَّ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ الْحَثُّ أَوْ الْمَنْعُ، وَالْعِتْقُ الْمُعَلَّقُ قُرْبَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَكَمَا أَنَّ الْمَنْذُورَ يَكُونُ قُرْبَةً قَطْعًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَدَحَ عَلَى إخْرَاجِهِ بِقَوْلِهِ: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7] وَنَفْسُ النَّذْرِ لَا يَكُونُ قُرْبَةً حَتَّى اُخْتُلِفَ فِي كَرَاهَتِهِ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ. [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِ الْوَصِيَّةُ] ت (قَوْلُهُ: وَالْحُرِّيَّةُ) كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَقَدْ صَرَّحَ بِصِحَّةِ وَصِيَّةِ الْمُبَعَّضِ وَالْخَطَّابِيَّةُ فِي الْبَحْرِ وَابْنُ السَّرَّاجِ فِي شَرْحِهِ وَالْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ) لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ بِدَلِيلِ قَبُولِ إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَةِ وَنُفُوذِ طَلَاقِهِ وَلِاحْتِيَاجِهِ إلَى الثَّوَابِ، وَفَقْدِ الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ الْحَجْرُ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَفِي مَعْنَاهُمَا مَنْ عَايَنَ الْمَوْتَ إذْ لَا قَوْلَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَعَبْدٍ وَمُكَاتَبٍ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْوَصِيَّةَ حَيْثُ التَّوَارُثُ وَالْعَبْدُ لَا يُورَثُ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْأَمْرِ بِالْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ) أَيْ: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهَا صَحَّتْ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ كَوْنِهِ يُورَثُ الصِّحَّةُ. . . إلَخْ) أَيْ كَمَا يَهَبُ وَيَعْتِقُ، وَكَتَبَ أَيْضًا: جَزَمَ بِصِحَّتِهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ وَالْخَطَّابِيَّةُ وَابْنُ السَّرَّاجِ وَالْبُلْقِينِيُّ وَمَنْ كَانَ حُرًّا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ سُبِيَ وَاسْتُرِقَّ، وَكَانَ الْمَالُ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ فَالظَّاهِرُ بَقَاءُ الْوَصِيَّةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 الصِّحَّةُ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ، انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ وَالْمُبَعَّضُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ. (وَتَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ) وَلَوْ حَرْبِيًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (كَالْمُسْلِمِ) فَيُوصِي بِمَا يُتَمَوَّلُ أَوْ يُقْتَنَى، لَا بِخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِمَا سَوَاءٌ أَوْصَى لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ يَعْنِي النَّوَوِيَّ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْمُرْتَدِّ وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ كَافِرًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِلْكَهُ مَوْقُوفٌ أَوْ زَائِلٌ، قُلْتُ: بَلْ هُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ كَغَيْرِهِ فِي بَابِ الرِّدَّةِ. (الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُوصَى لَهُ، فَلَا تَصِحُّ فِي مَعْصِيَةٍ كَذِمِّيٍّ أَوْصَى بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ) يُتَعَبَّدُ فِيهَا (أَوْ إسْرَاجِهَا تَعْظِيمًا) لَهَا أَوْ بِكِتَابَةِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَقِرَاءَتِهِمَا وَنَحْوِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرْعِ الْوَصِيَّةِ تَدَارُكُ مَا فَاتَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ مِنْ الْإِحْسَانِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِهَةِ مَعْصِيَةٍ وَإِنَّمَا تَكُونُ مِنْ جِهَةِ قُرْبَةٍ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ مُبَاحٍ لَا يَظْهَرُ فِيهِ قُرْبَةٌ كَالْأَغْنِيَاءِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: تَعْظِيمًا مَا لَوْ قَصَدَ بِإِسْرَاجِهَا انْتِفَاعَ الْمُقِيمِينَ أَوْ الْمُجْتَازِينَ بِالضَّوْءِ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ (وَتَصِحُّ) مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ (بِعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ) لِمَا فِيهَا مِنْ إقَامَةِ الشَّعَائِرِ (وَقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ) لِمَا فِيهَا مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِهَا. قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِر: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنْ يُبْنَى عَلَى قُبُورِهِمْ الْقِبَابُ وَالْقَنَاطِرُ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْمَشَاهِدِ إذَا كَانَ فِي الدَّفْنِ فِي مَوَاضِعَ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ أَوْ لِمَنْ دَفَنَهُمْ فِيهَا لَا بِنَاءُ الْقُبُورِ نَفْسِهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلَا فِعْلُهُ فِي الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ فَإِنَّ فِيهِ تَضْيِيقًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعِمَارَتِهَا رَدُّ التُّرَابِ فِيهَا وَمُلَازَمَتُهَا خَوْفًا مِنْ الْوَحْشِ، وَالْقِرَاءَةُ عِنْدَهَا وَإِعْلَامُ الزَّائِرِينَ بِهَا كَيْ لَا تَنْدَرِسَ انْتَهَى. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُتَبَادَرُ (وَ) تَصِحُّ (لِفَكِّ الْكُفَّارِ مِنْ أَسْرِنَا) لِأَنَّ الْمُفَادَاةَ جَائِزَةٌ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَالْأُسَارَى أَوْلَى (وَ) تَصِحُّ (بِبِنَاءِ رِبَاطٍ أَوْ دَارٍ يَسْكُنُهَا أَوْ يَسْتَغِلُّهَا الذِّمِّيُّونَ) لِأَنَّ صَرْفَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إلَيْهِمْ جَائِزَةٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يَسْكُنُهُ أَوْ يَسْتَغِلُّهُ. (فَصْلٌ: وَتَصِحُّ لِمُعَيَّنٍ يُتَصَوَّرُ لَهُ الْمِلْكُ) وَقْتَ مَوْتِ الْمُوصِي لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ (كَالْحَمْلِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْفَصِلَ حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً كَمَا يَرِثُ بَلْ أَوْلَى لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ لَا يَرِثُ كَالْمُكَاتَبِ (لَا) إنْ انْفَصَلَ (مَيِّتًا وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةٍ) وَأَوْجَبْنَا الْغُرَّةَ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَمَا لَا يَرِثُ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يُعْلَمَ وُجُودُهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ بِانْفِصَالِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهَا (وَكَذَا لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ إذَا لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا) لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ عِنْدَهَا لِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَفِي تَقْدِيرِ الزِّنَا إسَاءَةُ ظَنٍّ، نَعَمْ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا قَطُّ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، قَالَهُ السُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ فَإِنْ انْفَصَلَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَكَانَتْ فِرَاشًا لِمَنْ ذَكَرَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لَهُ لِعَدَمِ وُجُودِهِ عِنْدَهَا فِي الْأُولَى، وَاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ عِنْدَهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ إلْحَاقِ الْأَرْبَعِ سِنِينَ بِمَا فَوْقَهَا خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ مِنْ إلْحَاقِهَا بِمَا دُونَهَا، وَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ إلْحَاقِ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ بِمَا فَوْقَهَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ لَكِنْ صَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إلْحَاقَهَا بِمَا دُونَهَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ زَمَنٍ يَسَعُ لَحْظَتَيْ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْعِدَدِ (فَإِنْ أَوْصَى لِلْحَمْلِ) أَيْ: لِحَمْلِ فُلَانَةَ (مِنْ زَيْدٍ اُشْتُرِطَ أَيْضًا لُحُوقُهُ بِهِ وَعَدَمُ نَفْيِهِ) عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَلْتَحِقْ بِهِ بِأَنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَعْدَ زَوَالِ الْفِرَاشِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ أَوْ أَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ فَنَفَاهُ بِاللِّعَانِ لَمْ تَصِحَّ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالْمُبَعَّضُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ) يَمْنَعُ كَوْنَهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِأَنَّهُ إنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَقَدْ زَالَ رِقُّهُ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِلْكَهُ مَوْقُوفٌ أَوْ زَائِلٌ) فَالرَّاجِحُ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَتُهُمَا وَنَحْوُهَا) كَكِتَابَةِ أَحْكَامِ شَرِيعَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَكُتُبِ النُّجُومِ وَالْفَلْسَفَةِ وَسَائِرِ الْعُلُومِ الْمُحَرَّمَةِ وَدُهْنِ سِرَاجِ الْكَنِيسَةِ وَإِنْ قَصَدَ انْتِفَاعَ الْمُقِيمِينَ وَالْمُجَاوِرِينَ بِضَوْئِهِ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً لَهُمْ عَلَى تَعَبُّدِهِمْ وَتَعْظِيمِ الْكَنِيسَةِ (قَوْلَهُ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ أَنْ يُبْنَى عَلَى قُبُورِهِمْ الْقِبَابُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ، وَكَلَامُهُ فِي الْوَسِيطِ فِي زَكَاةِ النَّقْدِ يُشِيرُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ لِأَهْلِ الْحَرْبِ) أَيْ الْمُعَيَّنِينَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَبِبِنَاءِ رِبَاطٍ. . . إلَخْ) شَرَطَ السُّبْكِيُّ أَنْ لَا يُسَمِّيَهَا كَنِيسَةً وَإِلَّا بَطَلَ قَطْعًا وَيُشْعِرُ بِذَلِكَ تَعْبِيرُهُمَا بِالرِّبَاطِ (قَوْلُهُ: يَسْكُنُهَا أَوْ يَسْتَغِلُّهَا الذِّمِّيُّونَ) لَوْ قَالَ: لِنُزُولِ الْمَارَّةِ وَالتَّعَبُّدِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا بُطْلَانُهَا [فَصْلٌ الْوَصِيَّة لِمُعَيَّنٍ يُتَصَوَّرُ لَهُ الْمِلْكُ] (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ لِمُعَيَّنٍ يُتَصَوَّرُ لَهُ الْمِلْكُ) وَلَوْ بِفِعْلِ وَلِيِّهِ أَوْ بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ: كَالْحَمْلِ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا) مِنْ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا (قَوْلُهُ: لِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَفِي تَقْدِيرِ الزِّنَا إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْفَاسِقَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَكِنْ لَمْ نَرَ مَنْ قَالَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْفَاجِرَةِ وَالْعَفِيفَةِ ع قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ فَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: رَاجِعٌ لِمَا سِوَى انْفِصَالِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَمَّا انْفِصَالُهُ لِدُونِهَا فَيَسْتَحِقُّ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا فِرَاشٌ لِلْعِلْمِ بِوُجُودِهِ حِينَئِذٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّنَةَ فَمَا فَوْقَهَا لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَلَا فِرَاشَ أَيْ قَائِمٌ بِالْفِعْلِ أَمَّا بَقَاءُ الْفِرَاشِ فَلَا لُحُوقَ مَعَهُ لِمَا زَادَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِاحْتِمَالِ الْحُدُوثِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ السُّبْكِيُّ) تَفَقُّهًا لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ. ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَيْسَتْ فِرَاشًا أَيْ قَائِمًا أَمَّا كَوْنُهَا كَانَتْ فِرَاشًا فَلَا بُدَّ مِنْهُ ع (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ) وَفِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا يَدُلُّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَاحْتَمَلَ حُدُوثُهُ) أَيْ مَعَهَا أَوْ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ مِنْ إلْحَاقِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلنَّصِّ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْعَدَدِ فِي مَحَالَّ أُخَرَ) وَيُرَدُّ بِأَنَّ لَحْظَةَ الْوَطْءِ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْعُلُوقَ لَا يُقَارِنُ أَوَّلَ الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْمُقَارَنَةِ فَالسِّتَّةُ مُلْحَقَةٌ عَلَى هَذَا بِمَا فَوْقَهَا كَمَا لَوْ قَالُوهُ هُنَا وَعَلَى الْأَوَّلِ بِمَا دُونَهَا كَمَا قَالُوهُ فِي الْمَحَالِّ الْأُخَرِ، بِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا صَحِيحٌ وَأَنَّ هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 الْوَصِيَّةِ لِحَمْلِ فُلَانَةَ (فَإِنْ أَتَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِوَلَدٍ ثُمَّ بَعْدَهُ لِدُونِهَا مِنْ الْوِلَادَةِ بِآخَرَ اسْتَحَقَّا) هَا، وَإِنْ زَادَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِي عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْمَرْأَةُ فِرَاشٌ لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ. (فَرْعٌ: يَقْبَلُ) الْوَصِيَّةَ (لِلْحَمْلِ وَلِيُّهُ) وَلَوْ وَصِيًّا (بَعْدَ الِانْفِصَالِ) حَيًّا (لَا قَبْلَهُ) فَلَوْ قَبِلَ قَبْلَهُ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي وُجُودَهُ حَالَةَ الْقَبُولِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِغَائِبٍ بِشَيْءٍ فَبَلَغَهُ فَقَبِلَ وَلَمْ يَدْرِ بِمَوْتِ الْمُوصِي، وَقِيلَ يَكْفِي كَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ عَزْوُ تَصْحِيحِ الْأَوَّلِ إلَيْهِ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ، وَفَارَقَ مَا نَظَرَ بِهِ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ (وَلَوْ أَوْصَى لِحَمْلٍ يَحْدُثُ لَمْ تَصِحَّ) الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَةَ مَوْتِ الْمُوصِي لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا تَمْلِيكٌ، وَتَمْلِيكُ الْمَعْدُومِ مُمْتَنِعٌ وَلِأَنَّهُ لَا مُتَعَلَّقَ لِلْعَقْدِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ الْوَقْفَ عَلَى مَسْجِدٍ سَيُبْنَى. (فَصْلٌ: الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ الْغَيْرِ وَصِيَّةٌ لِسَيِّدِهِ) أَيْ: تُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ لِتَصِحَّ (لَكِنْ يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْعَبْدِ) لَهَا (وَلَا يَكْفِي قَبُولُ السَّيِّدِ) لِأَنَّ الْخِطَابَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَلْ مَعَ الْعَبْدِ، نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْقَبُولِ كَطِفْلٍ فَهَلْ يَقْبَلُ السَّيِّدُ كَوَلِيِّ الْحُرِّ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ بِكُلِّ حَالٍ؟ أَوْ يُوقَفُ الْحَالُ إلَى تَأَهُّلِهِ لِلْقَبُولِ؟ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، قُلْتُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ (وَيَتَبَيَّنُ بِالْقَبُولِ) مِنْ الْعَبْدِ (الْمِلْكُ) لِسَيِّدِهِ (بِالْمَوْتِ، وَلَوْ نَهَاهُ سَيِّدُهُ) عَنْ الْقَبُولِ كَمَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ الْخُلْعِ فَخَالَعَ، ثُمَّ مَحَلُّ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْعَبْدِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُوصِي تَمْلِيكَهُ فَإِنْ قَصَدَهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: لَمْ تَصِحَّ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَقْفِ، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا مُنْتَظَرٌ فَقَدْ يُعْتَقُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَيَكُونُ لَهُ، أَوَلَا فَلِمَالِكِهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّهُ نَاجِزٌ وَلَيْسَ الْعَبْدُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ، وَقَضِيَّةُ فَرْقِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَقَفْتُ هَذَا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ، وَقَصَدَ تَمْلِيكَهُ صَحَّ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ مُنْتَظَرٌ وَيُقَيَّدُ كَلَامُهُمْ بِالْوَقْفِ عَلَى الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَهُوَ مُتَّجِهٌ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ) سَيِّدُهُ (أَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَ الْقَبُولِ فَالْمِلْكُ لِلسَّيِّدِ وَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمَلُّكٌ بِالْمَوْتِ أَوْ مَوْقُوفَةٌ (أَوْ) أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ (قَبْلَ الْمَوْتِ فَالْمِلْكُ بِالْقَبُولِ لِلْمُشْتَرِي) فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لَهُ وَقْتَ الْمِلْكِ (أَوْ لِلْعَتِيقِ) فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ حُرٌّ وَقْتَ الْمِلْكِ فَلَوْ أَعْتَقَ بَعْضَهُ أَوْ بَاعَهُ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِمُبَعَّضٍ وَلَا مُهَايَأَةَ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ أَنَّهُ هُنَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا فِي الْأُولَى وَبَيْنَ سَيِّدِهِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ (فَرْعٌ: لَوْ أَوْصَى أَوْ وَهَبَ لِمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ لِأَجْنَبِيٍّ) وَلَوْ وَارِثًا وَلَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً (قَاسَمَهُ السَّيِّدُ) كَمَا لَوْ احْتَشَّ أَوْ احْتَطَبَ (فَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً فَلِصَاحِبِ) أَيْ فَمِلْكُ الْجَمِيعِ لِصَاحِبِ (النَّوْبَةِ) الْكَائِنَةِ (يَوْمَ الْمَوْتِ فِي الْوَصِيَّةِ أَوْ) يَوْمَ (الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ) لَا يَوْمَ الْقَبُولِ وَلَا يَوْمَ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إنَّمَا يَلْزَمُ بِيَوْمِ الْمَوْتِ فِي الْوَصِيَّةِ وَبِيَوْمِ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ فِي الْوَصِيَّةِ بِيَوْمِ الْمَوْتِ كَمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي اللُّقَطَةِ بِيَوْمِ الِالْتِقَاطِ لِكَوْنِهِ يَثْبُتُ بِهِ الْحَقُّ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْمِلْكُ (وَلَوْ خَصَّ بِهَا) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ الْهِبَةِ (نِصْفَهُ الْحُرَّ أَوْ الرَّقِيقَ تَخَصَّصَ) بِهَا تَنْزِيلًا لِتَخْصِيصِهِ مَنْزِلَةَ الْمُهَايَأَةِ، فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ لِلسَّيِّدِ إنْ خَصَّ بِهَا نِصْفَهُ الرَّقِيقَ، وَلَهُ إنْ خَصَّ نِصْفَهُ الْحُرَّ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْهِبَةِ فِي هَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ نُفِّذَتْ) بِالْمُعْجَمَةِ الْوَصِيَّةُ (فِي ثُلُثِ رَقَبَتِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ مَالِهِ وَعَتَقَ ذَلِكَ الثُّلُثُ (وَبَاقِي الثُّلُثِ) مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ (وَصِيَّةٌ لِمَنْ بَعْضُهُ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ) وَبَعْضُهُ حُرٌّ (وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَالٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَهُوَ لَهُ أَوْ بَاعَهُ فَلِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا) بِأَنْ مَاتَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ (فَوَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ)   [حاشية الرملي الكبير] التَّصْوِيبَ سَهْوٌ. ش (قَوْلُهُ فَإِنْ أَتَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِوَلَدٍ إلَخْ) أَوْصَى بِحَمْلٍ لِحَمْلٍ فَإِنْ وُلِدَا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ تَصِحَّ وَكَذَا إنْ وُلِدَ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ. د. (قَوْلُهُ كَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِقُوَّةِ التَّرَدُّدِ هُنَا بِسَبَبِ كَوْنِهِ فِي وُجُودِ الْمُوصَى لَهُ هَذَا، وَلَكِنَّ الْقِيَاسَ الصِّحَّةُ فِي قَبُولِ الْوَلِيِّ لِلْحَمْلِ وَقَبُولِ الْغَائِبِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، قَالَ الْفَتِيُّ إنَّ تَرْجِيحَ صِحَّةِ الْقَبُولِ يُؤْخَذُ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ قَالُوا: يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لِلْحَمْلِ إذَا أَسْنَدَهُ إلَى إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَيَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِسَبَبِ الْوَصِيَّةِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ لَهُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُقَرَّ بِهِ لِلْحَمْلِ إلَّا إذَا كَانَ مَلَكَهُ، وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبُولِ فَتَلَازَمَا وَلَمْ يَتَنَبَّهْ الْإِسْنَوِيُّ لِهَذَا. [فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ الْغَيْرِ] (قَوْلُهُ: الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ الْغَيْرِ إلَخْ) أَيْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْقَبُولِ كَطِفْلٍ) أَيْ وَمَجْنُونٍ (قَوْلُهُ: قُلْتُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَنَّ السَّيِّدَ يُحْرِمُ عَنْ عَبْدِهِ الصَّغِيرِ أَنْ يُقْبَلَ هُنَا ع (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ. . . إلَخْ) مُقْتَضَى فَرْقِهِ بُطْلَانُهَا إنْ لَمْ يَعْتِقْ لَا أَنَّهَا تَكُونُ لِمَالِكِهِ كَمَا ذَكَرَهُ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ كا (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْعَتِيقِ فِي الْأُولَى) هَذَا إذَا عَتَقَ جَمِيعُهُ فَإِنْ عَتَقَ بَعْضُهُ فَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِمُبَعَّضٍ وَلَا مُهَايَأَةَ أَنَّ الْمُوصَى بِهِ بَيْنَهُمَا أَنْ يَسْتَحِقَّ هُنَا بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ وَالْبَاقِي لِلسَّيِّدِ وَلَوْ أَوْصَى لِحُرٍّ فَرُقَّ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ لِسَيِّدِهِ مُطْلَقًا بَلْ مَتَى عَتَقَ فَهِيَ لَهُ وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي كَانَتْ لِوَرَثَتِهِ عَلَى قَوْلٍ، وَعَلَى الْأَظْهَرِ تَكُونُ فَيْئًا عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَنْ اُسْتُرِقَّ بَعْدَ نَقْضِ أَمَانِهِ. ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حُرٌّ وَقْتَ الْمِلْكِ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ حُرٌّ حِينَئِذٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَتَقَ بِوُجُودِ صِفَةٍ قَارَنَتْ مَوْتَ سَيِّدِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُوصِي مَلَكَ الْمُوصَى بِهِ وَكَذَا إذَا قَارَنَ عِتْقُهُ مَوْتَ الْمُوصِي إذَا كَانَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى لِعَبْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ إلَخْ) لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَوْصَيْتُ لَكَ بِرَقَبَتِكَ اُشْتُرِطَ قَبُولُهُ كَالْوَصِيَّةِ، أَوْ وَهَبْتُ لَكَ أَوْ مَلَّكْتُكَ رَقَبَتَكَ اُشْتُرِطَ قَبُولُهُ فَوْرًا إلَّا إنْ نَوَى عِتْقَهُ فَيُعْتِقُ بِلَا قَبُولٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِوَصِيِّهِ: أَعْتِقْهُ، فَفَعَلَ، وَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، فَلَوْ قُتِلَ قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَهَلْ يَشْتَرِي بِقِيمَتِهِ مِثْلَهُ كَالْأُضْحِيَّةِ أَوْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالرَّاجِحُ مِنْهُ بُطْلَانُهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا (وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ) مِنْ مَالِهِ (وَشَرَطَ تَقْدِيمَ عِتْقِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ: تَقْدِيمُ رَقَبَتِهِ، وَكُلُّ صَحِيحٍ (فَازَ) مَعَ عِتْقِهِ (بِبَاقِي الثُّلُثِ، وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأُمِّ وَلَدِهِ) لِأَنَّهَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ فَتَصِيرُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَقْتَهُ (وَمُكَاتَبِهِ) لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِالْمِلْكِ (وَمُدَبَّرِهِ) كَالْقِنِّ (فَإِنْ أُعْتِقَ الْمُكَاتَبُ فَهِيَ لَهُ وَإِلَّا) بِأَنْ عَجَزَ وَرُقَّ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي (فَوَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لَهُ وَقْتَ الْمِلْكِ (أَوْ) عَتَقَ (الْمُدَبَّرُ وَخَرَجَ) عِتْقُهُ (مَعَ وَصِيَّتِهِ مِنْ الثُّلُثِ اسْتَحَقَّهَا وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إلَّا أَحَدُهُمَا) كَأَنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ يُسَاوِي مِائَةً وَالْوَصِيَّةُ لَهُ بِمِائَةٍ وَلَهُ غَيْرُهُمَا مِائَةٌ (قُدِّمَ الْعِتْقُ) فَيُعْتَقُ كُلُّهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ (وَإِنْ لَمْ يَفِ) الثُّلُثُ (بِالْمُدَبَّرِ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَصَارَتْ الْوَصِيَّةُ لِمَنْ بَعْضُهُ لِلْوَارِثِ) وَبَعْضُهُ حُرٌّ. (فَصْلٌ: الْوَصِيَّةُ لِدَابَّةِ غَيْرِهِ بَاطِلَةٌ) سَوَاءٌ أَقَصَدَ تَمْلِيكَهَا أَمْ أَطْلَقَ لِأَنَّ مُطْلَقَ اللَّفْظِ لِلتَّمْلِيكِ وَهِيَ لَا تُمَلَّكُ وَفَارَقَتْ الْعَبْدَ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّهُ يُخَاطِبُ وَيَتَأَتَّى قَبُولُهُ، وَقَدْ يُعْتَقُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بِخِلَافِهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْخَيْلِ الْمُسَبَّلَةِ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لَهَا بَلْ أَوْلَى أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَإِنْ فَسَّرَ) الْوَصِيَّةَ لَهَا (بِعَلَفِهَا) أَيْ بِالصَّرْفِ فِيهِ (فَوَصِيَّةٌ لِمَالِكِهَا) لِأَنَّ عَلَفَهَا عَلَيْهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِهَا (كَالْوَصِيَّةِ لِعِمَارَةِ دَارِهِ) فَإِنَّهَا لَهُ لِأَنَّ عِمَارَتَهَا عَلَيْهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِهَا (وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ) لَهَا فِيهِمَا كَسَائِرِ الْوَصَايَا (ثُمَّ يَتَعَيَّنُ) صَرْفُهُ فِي الْأُولَى لِعَلَفِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ لِلْعِمَارَةِ فِيمَا يَظْهَرُ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْوَصِيِّ (فَيَتَوَلَّى الْإِنْفَاقَ) عَلَيْهَا (الْوَصِيُّ) أَوْ نَائِبُهُ مِنْ مَالِكٍ أَوْ غَيْرِهِ (ثُمَّ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ) كَذَلِكَ (فَلَوْ بَاعَهَا) مَالِكُهَا (انْتَقَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمُشْتَرِي) كَمَا فِي الْعَبْدِ وَهَذَا قَوْلُ النَّوَوِيِّ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ هِيَ لِلْبَائِعِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ إنْ انْتَقَلَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَالْحَقُّ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ قِيَاسُ الْعَبْدِ فِي التَّقْدِيرَيْنِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ النَّوَوِيَّ قَائِلٌ بِأَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الدَّابَّةَ يَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ لَهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: كَمَا فِي الْعَبْدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَائِلٌ بِالتَّفْصِيلِ، وَعَلَيْهِ لَوْ قَبِلَ الْبَائِعُ ثُمَّ بَاعَ الدَّابَّةَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ صَرْفُ ذَلِكَ لِعَلَفِهَا، وَإِنْ صَارَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ. (فَرْعٌ: وَإِنْ أَوْصَى لِلْمَسْجِدِ) بِشَيْءٍ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ ثُمَّ (صُرِفَ فِي عِمَارَتِهِ وَمَصَالِحِهِ) لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَصْرِفُهُ قَيِّمُهُ فِي أَهَمِّهَا بِاجْتِهَادِهِ (وَلَوْ أَرَادَ تَمْلِيكَهُ) فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِأَنَّ لَهُ مِلْكًا وَعَلَيْهِ وَقْفًا. (فَصْلٌ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَافِرٍ وَلَوْ حَرْبِيًّا وَمُرْتَدًّا) كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّاءَ أَجْرٌ» وَتُخَالِفُ الْوَقْفَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ فَاعْتُبِرَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الدَّوَامُ كَمَا اُعْتُبِرَ فِي الْمَوْقُوفِ، وَلِأَنَّ مَعْنَى التَّمْلِيكِ هُنَا أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْوَقْفِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ وَالتَّصَرُّفَ كَيْفَ شَاءَ بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ صِحَّتِهَا لِلْمُرْتَدِّ إذَا لَمْ يَمُتْ عَلَى رِدَّتِهِ، وَالْكَلَامُ فِي الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ الْمُعَيَّنَيْنِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ، فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَالرِّدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْوَقْفِ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِمَنْ يُحَارِبُ أَوْ يَرْتَدُّ (وَكَذَا الْقَاتِلُ) وَلَوْ تَعَدِّيًا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِأَنْ أَوْصَى لِجَارِحِهِ ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحِ أَوْ لِإِنْسَانٍ فَقَتَلَهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِصِيغَةٍ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ، وَأَمَّا خَبَرُ «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ وَصِيَّةٌ» فَضَعِيفٌ، وَلَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى وَصِيَّتِهِ لِمَنْ يَقْتُلُهُ فَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ كَمَا يَأْتِي (وَ) كَذَا تَصِحُّ (لِعَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ قَاتِلِهِ، وَهَذِهِ مَعْلُومَةٌ، مِمَّا قَبْلَهَا فَإِنَّهَا فِي الْمَعْنَى وَصِيَّةٌ لِقَاتِلِهِ إنْ لَمْ يُعْتَقْ الْعَبْدُ وَلَمْ يَنْتَقِلْ مِنْ سَيِّدِهِ إلَى غَيْرِهِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ وَصِيَّةٌ لِمَالِكِهِ، وَتَسْمِيَةُ الْوَصِيَّةِ فِيمَا ذُكِرَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ يَصِيرُ قَاتِلًا أَوْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمَّا كَانَتْ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَانَتْ إذْ ذَاكَ وَصِيَّةً لِقَاتِلٍ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ (وَ) تَصِحُّ (لِعَبْدٍ قَتَلَهُ) وَهِيَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلِهِ إنْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذِهِ مَعْلُومَةٌ أَيْضًا مِمَّا مَرَّ (لَا) إنْ أَوْصَى (لِمَنْ يَقْتُلُهُ) فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ فَتَصِيرُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَقْتَهُ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا، وَمِنْ مَسْأَلَةِ وَصِيَّتِهِ لِمُدَبَّرِهِ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِرَقِيقِ غَيْرِهِ ثُمَّ قَارَنَ عِتْقُهُ مَوْتَ الْمُوصِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. [فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ لِدَابَّةِ غَيْرِهِ] (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ الصِّحَّةُ وَيُصْرَفُ فِي عَلَفِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَسَّرَ بِعَلَفِهَا. . . إلَخْ) لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ رُوجِعَ وَرَثَتُهُ فَإِنْ قَالُوا: أَرَادُوا الْعَلَفَ صَحَّتْ أَوْ التَّمْلِيكَ حَلَفُوا أَوْ بَطَلَتْ، فَإِنْ قَالُوا: لَا نَدْرِي مَا أَرَادَ فَكَمَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهَا وَلَا نِيَّةَ فَتَبْطُلُ، كَذَا نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الْعُدَّةِ، وَفِي الشَّافِي لِلْجُرْجَانِيِّ لَوْ قَالَ: يُصْرَفُ ثُلُثُ مَالِي إلَى عَلَفِ بَهِيمَةِ فُلَانٍ صَحَّ وَكَانَ لِمَالِكِهَا إنْ قَبِلَهَا، وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا الْوَصِيُّ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْوَارِثُ: أَرَادَ تَمْلِيكَ الْبَهِيمَةِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ: أَرَادَ تَمْلِيكِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. فس (قَوْلُهُ: فَوَصِيَّتُهَا لِمَالِكِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مِمَّا يُعْصَى عَلَيْهَا كَفَرَسِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَالْحَرْبِيِّ وَالْمُحَارِبِ لِأَهْلِ الْعَدْلِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَعَيَّنُ لِعَلَفِهَا) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَإِنْ انْتَقَلَ مِلْكُهَا لِآخَرَ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِيَةِ لِلْعِمَارَةِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الرَّافِعِيُّ هِيَ لِلْبَائِعِ) وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ النَّوَوِيِّ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ: مَا تَفْقَهُهُ مَرْدُودٌ فَإِنَّ انْتِقَالهَا عَنْ مِلْكِهِ كَمَوْتِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُ ذَلِكَ لِعَلَفِهَا. أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ غَرَضِ الْمُوصِي فِيهِ تَعَذُّرٌ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنَّهُ قَائِلٌ بِالتَّفْصِيلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَارَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ) بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ لِلدَّابَّةِ إذْ لَا عُرْفَ فِيهَا وَالْمِلْكُ مُتَعَذَّرٌ فَبَطَلَتْ [فَرْع الْوَصِيَّة لِلْمَسْجِدِ] (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ تَمْلِيكَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَيَصِيرُ مِلْكًا لَهُ بِالْقَبُولِ [فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ لِكَافِرٍ وَلَوْ حَرْبِيًّا وَمُرْتَدًّا] (قَوْلُهُ: وَمُرْتَدًّا) لَوْ قَبِلَهَا ثُمَّ مَاتَ مُرْتَدًّا لَمْ يُعْتَدَّ بِقَبُولِهِ وَكَانَ الْمُوصَى بِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُوصِي. نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ. (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ) فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِمُصْحَفٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِرَقِيقٍ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَالرِّدَّةِ) وَلَا لِلْحَرْبِيِّ بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ (قَوْلُهُ: لَا لِمَنْ يَقْتُلُهُ) أَيْ تَعَدِّيًا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهَا صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ إلَخْ) مِثْلُهُ مَنْ أَوْصَى لِمَنْ يَقْتُلُهُ بِحَقٍّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 لِمَنْ يَقْتُلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (فَرْعٌ: تُعْتَقُ مُسْتَوْلَدَةٌ وَمُدَبَّرَةٌ قَتَلَا السَّيِّدَ) وَإِنْ اسْتَعْجَلَا لِأَنَّ الْحَظَّ لَهُ فِي تَعْجِيلِ الْحُرِّيَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْإِحْبَالَ كَالْإِعْتَاقِ بِدَلِيلِ أَنَّ الشَّرِيكَ إذَا أَحْبَلَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ يَسْرِي لِلِاسْتِيلَادِ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَالْإِعْتَاقُ لَا يَقْدَحُ فِيهِ الْقَتْلُ فَكَذَا الِاسْتِيلَادُ. (وَيَحِلُّ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لِلْقَاتِلِ) عَلَى قَتِيلِهِ وَإِنْ اسْتَعْجَلَ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ لَهُ الْآنَ فِي تَعْجِيلِ بَرَاءَتِهِ. [فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ الْوَارِثِ بِالزِّيَادَةِ عَنْ الثُّلُثِ] (فَصْلٌ: الْوَصِيَّةُ) لِغَيْرِ الْوَارِثِ (بِالزِّيَادَةِ عَنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ فَبَاطِلَةٌ) لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا مُجِيزَ (وَإِلَّا فَمَوْقُوفَةٌ) فِي الزَّائِدِ (عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ) إنْ كَانُوا حَائِزِينَ فَإِنْ أَجَازُوا صَحَّتْ وَإِنْ رَدُّوا بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ لِأَنَّ حَقَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا حَائِزِينَ فَبَاطِلَةٌ فِي قَدْرِ مَا يَخُصُّ غَيْرَهُمْ مِنْ الزَّائِدِ (وَكَذَا الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ) وَلَوْ بِدُونِ الثُّلُثِ بَاطِلَةٌ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ الْمُوصَى لَهُ وَإِلَّا فَمَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ» قَالَ الذَّهَبِيُّ: إنَّهُ صَالِحُ الْإِسْنَادِ لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّ عَطَاءً غَيْرُ قَوِيٍّ وَلَمْ يُدْرِكْ ابْنَ عَبَّاسٍ (فَإِنْ أَجَازُوا فَلَا رُجُوعَ لَهُمْ) وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ إجَازَتَهُمْ تَنْفِيذٌ لِلْوَصِيَّةِ لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ ثُمَّ الْإِجَازَةُ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ (وَوَلَاءُ مَنْ أَجَازُوا عِتْقَهُ) الْحَاصِلُ بِالْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ ثَابِتٌ (لِلْمَيِّتِ) يَسْتَحِقُّهُ ذُكُورُ الْعَصَبَةِ، وَقَوْلُ الْأَصْلِ: يَرِثُهُ ذُكُورُ الْعَصَبَةِ فِيهِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ وَإِنَّمَا يُورَثُ بِهِ. (فَرْعٌ: الْهِبَةُ لِلْوَارِثِ) وَإِبْرَاؤُهُ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ (فِي الْمَرَضِ كَالْوَصِيَّةِ لَهُ) فِيمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ إنْ تَبَرَّعَ لِوَلَدِي بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّتْ، وَإِذَا قَبِلَ لَزِمَ دَفْعُهَا إلَيْهِ، قِيلَ: وَهِيَ حِيلَةٌ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ (وَلَا أَثَرَ لِلْإِجَازَةِ) وَالرَّدِّ مِنْ الْوَرَثَةِ لِلْوَصِيَّةِ (قَبْلَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمُوصِي، فَلَوْ أَجَازُوا قَبْلَهُ فَلَهُمْ الرَّدُّ بَعْدَهُ وَبِالْعَكْسِ إذْ لَا حَقَّ قِبَلَهُ لَهُمْ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ فَلَا أَثَرَ لِلْإِجَازَةِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ (وَلَا) وَفِي نُسْخَةٍ: وَكَذَا، أَيْ وَلَا أَثَرَ لَهَا (مَعَ جَهْلِ قَدْرِ الْمَالِ) كَالْإِبْرَاءِ عَنْ مَجْهُولٍ (نَعَمْ إنْ كَانَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (بِعَبْدٍ) مَثَلًا مُعَيَّنٍ وَقَالُوا بَعْدَ إجَازَتِهِمْ: ظَنَنَّا كَثْرَةَ الْمَالِ وَأَنَّ الْعَبْدَ خَارِجٌ مِنْ ثُلُثِهِ فَبَانَ قِلَّتُهُ أَوْ تَلَفُ بَعْضِهِ أَوْ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ (صَحَّتْ) إجَازَتُهُمْ فِيهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَعْلُومٌ وَالْجَهَالَةُ فِي غَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ بِيَمِينِهِمْ وَلَا يَلْزَمُهُمْ إلَّا الثُّلُثُ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمُشَاعِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ (وَإِنْ ادَّعَى) الْمُجِيزُ (الْجَهْلَ بِالتَّرِكَةِ) أَيْ بِقَدْرِهَا (فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ) بِأَنْ قَالَ: كُنْتُ اعْتَقَدْتُ قِلَّةَ الْمَالِ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (فِي دَعْوَى الْجَهْلِ وَتُنَفَّذُ) الْوَصِيَّةُ (فِيمَا ظَنَّهُ) هَذَا (إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِعِلْمِهِ) بِقَدْرِ الْمَالِ (عِنْدَ الْإِجَازَةِ) وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ فَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ عِنْدَ الْإِجَازَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَنْفِيذٌ. (فَرْعٌ) الْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ بِيَوْمِ الْمَوْتِ فَلَوْ (أَوْصَى لِغَيْرِ وَارِثٍ) كَأَخٍ مَعَ وُجُودِ ابْنٍ (فَصَارَ وَارِثًا) بِأَنْ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ مَعَهُ (فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ) فَتَبْطُلُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَتُوقَفُ عَلَى الْإِجَازَةِ (أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ كَأَخٍ فَصَارَ غَيْرَ وَارِثٍ بِأَنْ حَدَثَ لِلْمُوصِي ابْنٌ (صَحَّتْ) فِيمَا يَخْرُجُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا مُجِيزَ إلَخْ) قَالَ الدَّارِمِيُّ ثُمَّ إنْ كَانَ الزَّائِدُ مِمَّا لِلسُّلْطَانِ إعْطَاؤُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا حَائِزِينَ) مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ صَادَفَ الْمِلْكَ وَحَقُّ الْوَارِثِ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي ثَانِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ بَرَأَ صَحَّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْإِجَازَةُ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) لَوْ كَانَ الْوَارِثُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فَالْقِيَاسُ صِحَّةُ إجَازَتِهِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ الْآنَ وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ نَقْلٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ) لَمْ أَرَ لَهُمْ كَلَامًا فِيمَا لَوْ كَانَ الْوَارِثُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ سَفِيهًا مَحْجُورًا هَلْ نَقُولُ هِيَ بَاطِلَةٌ أَوْ تُوقَفُ إلَى تَأَهُّلِهِ فَيَرُدُّ أَوْ يُجِيزُ أَوْ يَرُدُّهَا وَلِيُّهُ نَظَرًا لَهُ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ وَالْأَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ الْوَقْفُ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِضْرَارٌ بَيِّنٌ بِالْوَارِثِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ بِغَالِبِ التَّرِكَةِ أَوْ بِجَمِيعِهَا وَحَاجَةِ الْوَارِثِ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ مَذْهَبِهِمْ الْبُطْلَانُ، وَعَنْ الشَّافِعِيِّ الْوَقْفُ إلَى التَّأَهُّلِ، وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ، أَمَّا كَوْنُهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَبَعِيدٌ وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِالْبُطْلَانِ فِي الْحَالِ فِيمَا أُحْصَى غ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ الْمُجِيزِ مَا لَمْ يَقْبِضْ فَإِنْ أَقْبَضَ صَارَ ضَامِنًا لِقَدْرِ مَا أَجَازَ مِنْ الزِّيَادَةِ. اهـ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ أَوْ بَالِغٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَوْ مَعْتُوهٌ لَمْ يَجُزْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْئًا جَاوَزَ الثُّلُثَ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ فِي نَصِيبِهِ وَلَوْ أَجَازَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ كَانَ ضَامِنًا لَهُ فِي مَالِهِ فَإِنْ وُجِدَ فِي يَدَيْ مَنْ أُجِيزَ لَهُ أُخِذَ مِنْ يَدَيْهِ وَكَانَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَبِيعَ مَنْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ مَا أُعْطِيَ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ مَا لَا يَمْلِكُ. اهـ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ: حَاصِلُهُ: أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُجِيزَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ وَلَا يَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي الْعَيْنِ بَلْ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا بِخِلَافِ الرَّشِيدِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ ثُمَّ يَتَصَرَّفُ. (وَقَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ الْوَقْفُ) هُوَ الرَّاجِحُ [فَرْعٌ الْهِبَةُ لِلْوَارِثِ وَإِبْرَاؤُهُ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ] (قَوْلُهُ: وَلَا مَعَ جَهْلِ قَدْرِ الْمَالِ) لَوْ أَجَازَ عَالِمًا بِمِقْدَارِ التَّرِكَةِ ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ فَقَالَ الْمُجِيزُ إنَّمَا أَجَزْتُ ظَنًّا أَنِّي حَائِزٌ مَثَلًا وَالْآنَ فَقَدْ بَانَ لِي شَرِيكٌ فِي التَّرِكَةِ وَأَنَّ نَصِيبِي مِنْهَا الشَّطْرُ مَثَلًا فَهَلْ يُؤَثِّرُ ذَلِكَ؟ لَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ غ وَلَا شَكَّ فِي بُطْلَانِ الْإِجَازَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَأَمَّا جَمِيعُ نَصِيبِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ تَبْطُلُ الْإِجَازَةُ فِي نِصْفِ نَصِيبِهِ فِي مِثَالِنَا هَذَا، وَلِلْمُوصَى لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِالْوَارِثِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ بِيَمِينِهِمْ إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ) وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَصَحَّحَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالرُّويَانِيُّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 مِنْ الثُّلُثِ، وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ. (وَإِذَا أَوْصَى لِلْوَرَثَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ) مِنْ الْمِيرَاثِ مُشَاعًا كَأَنْ أَوْصَى لِكُلٍّ مِنْ بَنِيهِ الثَّلَاثَةِ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ لِابْنِهِ الْحَائِزِ بِجَمِيعِهِ (بَطَلَتْ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِلَا وَصِيَّةٍ (وَلَوْ خَصَّ كُلًّا) مِنْهُمْ (بِعَيْنٍ) هِيَ (قَدْرُ حِصَّتِهِ) مِنْ الْمِيرَاثِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنِينَ وَثَلَاثُ دُورٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِائَةٌ، وَأَوْصَى لِكُلٍّ بِوَاحِدَةٍ (اُشْتُرِطَتْ الْإِجَازَةُ) لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الِاعْتِبَارِ وَمَنَافِعِهَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ إبْدَالُ مَالِ الْغَيْرِ بِمِثْلِهِ. (وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِبَيْعِ الْعَيْنِ مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ) لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ كَمَا تَتَعَلَّقُ بِالْقَدْرِ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا كَمَا تَصِحُّ بِالْقَدْرِ (وَلَوْ أَوْصَى لَكُلٍّ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَوَارِثٍ بِثُلُثٍ أَوْ نِصْفٍ) مَثَلًا مِنْ مَالِهِ (وَرَدَّ الْوَرَثَةُ الزَّائِدَ) عَلَى الثُّلُثِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِ رَدِّهِمْ بِإِحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ (فَثُلُثٌ لِلْأَجْنَبِيِّ) فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْوَارِثِ بِالْوَصِيَّةِ فَإِنْ رَدُّوا وَصِيَّةَ الْوَارِثِ فَقَطْ فَلِلْأَجْنَبِيِّ الثُّلُثُ فِي الْأُولَى وَالنِّصْفُ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ وَصِيَّةَ الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ فَلَهُ الثُّلُثُ فِيهِمَا وَلِلْوَارِثِ الثُّلُثُ أَوْ النِّصْفُ (وَإِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ) الْوَصِيَّتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا (نُفِّذَتْ) إجَازَتُهُ (فِي حَقِّهِ) فَقَطْ. (فَرْعٌ: وَإِنْ) أَوْصَى (لِوَارِثٍ) مِنْ وَرَثَتِهِ بِشَيْءٍ (وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ) قَدْرِ (نَصِيبِهِ فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ) أَوْ بَقِيَّتُهُمْ الْوَصِيَّةَ لَهُ الشَّيْءُ وَ (قَاسَمَهُمْ فِي الْبَاقِي) . [فَرْعٌ وَقَفَ الْمَرِيضُ دَارِهِ عَلَى ابْنٍ أَوْ ابْنٍ وَبِنْتٍ لَهُ أَثْلَاثًا بِحَسَبِ إرْثِهِمْ وَاحْتَمَلَهَا الثُّلُث] (فَرْعٌ: لَوْ وَقَفَ الْمَرِيضُ دَارِهِ عَلَى ابْنٍ) لَهُ حَائِزٍ لِمِيرَاثِهِ (أَوْ) عَلَى (ابْنٍ وَبِنْتٍ) لَهُ حَائِزَيْنِ (أَثْلَاثًا) بِحَسَبِ إرْثِهِمَا لَهَا (وَاحْتَمَلَهَا الثُّلُثُ صَحَّ) الْوَقْفُ فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ إبْطَالُهُ وَلَا إبْطَالُ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ نَافِذٌ، فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَطْعِ حَقِّ الْوَارِثِ عَنْ الثُّلُثِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتَمَكُّنُهُ مِنْ وَقْفِهِ عَلَيْهِ أَوْلَى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهَا الثُّلُثُ بِأَنْ زَادَتْ عَلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ لِلِابْنِ فِي الْأُولَى (أَوْ لَهُمَا) أَيْ لَهُ وَلِلْبِنْتِ فِي الثَّانِيَةِ (إبْطَالُ الزَّائِدِ) عَلَى الثُّلُثِ إذْ لَيْسَ لِلْمَرِيضِ تَفْوِيتُهُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَجَازَ وَلَزِمَ الْوَقْفُ (فَإِنْ وَقَفَهُ) أَيْ الْعَقَارَ الْمَفْهُومَ مِنْ الدَّارِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَصْلِهِ وَقَفَهَا (عَلَيْهِمَا) أَيْ الِابْنِ وَالْبِنْتِ (نِصْفَيْنِ وَالثُّلُثُ يَحْتَمِلُهُ) فَإِنْ رَضِيَ الِابْنُ فَذَاكَ وَإِلَّا (فَلَيْسَ لِلْبِنْتِ إلَّا نِصْفُ مَا لِلِابْنِ) لِأَنَّ لَهُ مِثْلَيْهَا (فَلَهُمَا إبْطَالُ الْوَقْفِ فِي الرُّبُعِ) إذْ لِلِابْنِ إبْطَالُ السُّدُسِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَيُبْطِلُ الْأَخُ السُّدُسَ فَقَطْ) لِأَنَّهُ تَمَامُ حَقِّهِ إذْ حَقُّهُ مُنْحَصِرٌ فِي ثُلُثَيْ الدَّارِ وَيَبْقَى نِصْفُهَا وَقْفًا عَلَيْهِ، وَلَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى ثُلُثِهَا لِأَنَّهُ حَقُّهَا (وَيَبْقَى ثُلُثُ الدَّارِ وَقْفًا عَلَيْهَا) لِأَنَّهُ بِقَدْرِ إرْثِهَا هَذَا (إنْ أَجَازَتْ) وَإِلَّا فَيَبْقَى لَهَا الرُّبُعُ فَقَطْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: (وَلَهَا إبْطَالُ نِصْفِ السُّدُسِ) لِتَأْخُذَهُ إرْثًا (وَيَصِيرُ مَا أَبْطَلَاهُ) وَهُوَ الرُّبُعُ الْحَاصِلُ مِنْ السُّدُسِ وَنِصْفِهِ (مِلْكًا بَيْنَهُمَا) أَثْلَاثًا وَالْبَاقِي وَقْفًا عَلَيْهِمَا، كَذَلِكَ لَوْ وَقَفَهَا عَلَى ابْنِهِ وَزَوْجَتِهِ الْحَائِزَيْنِ نِصْفَيْنِ فَلِلِابْنِ إبْطَالُ تَتِمَّةِ حَقِّهِ فَقَطْ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الدَّارِ، وَيَبْقَى ثُمُنُهَا وَقْفًا عَلَيْهَا إنْ أَجَازَتْ وَنِصْفُهَا وَقْفًا عَلَى الِابْنِ وَلَهَا إبْطَالُ ثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ ثُمُنِهَا (فَإِنْ وَقَفَ ثُلُثَهَا عَلَى الِابْنِ وَثُلُثَيْهَا عَلَى الْبِنْتِ فَقَدْ نَقَصَ) الْمُوصِي (الِابْنَ نِصْفَ نَصِيبِهِ) وَهُوَ ثُلُثُهَا لِأَنَّ نَصِيبَهُ ثُلُثَاهَا (وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَنْقُصَ الْبِنْتَ كَذَلِكَ فَلِلِابْنِ الْخِيَارُ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ) لِأَنَّهُ تَتِمَّةُ حَقِّهِ (وَلَهَا الْخِيَارُ فِي السُّدُسِ) لِمَا مَرَّ فِي نِصْفِهِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُوصَى بِهِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ) فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِدَمٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُقْصَدُ، وَلَا بِمِزْمَارٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ كَالْمَعْدُومَةِ (وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ) فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالزَّائِدِ عَلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَهَلِ الْوَصِيَّةُ بِهِ مَكْرُوهَةٌ أَوْ حَرَامٌ وَإِنْ صَحَّتْ بِشَرْطِهَا؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ قَبْلَ ذَلِكَ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَتَصْدُقُ بِالْكَرَاهَةِ، وَعَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَبِالْحُرْمَةِ، وَعَلَيْهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: قَدْ بَلَغَ بِي مِنْ الْوَجَعِ مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إلَّا ابْنَةٌ فَأَتَصَدَّقُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَتْ الْإِجَازَةُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ) وَإِنْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ مِثْلِيَّةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ نُفِّذَ فِي حَقِّهِ) لَوْ تَرَكَ بِنْتًا وَزَوْجَةً وَعَمًّا وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ الْفَرْضِ فَلِزَيْدٍ الثُّمُنُ إنْ أَجَازَ الْعَمُّ وَإِلَّا فَمِنْ كُلِّ التَّرِكَةِ، وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ بِالْفَرْضِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَهُمْ كَمَا فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالنِّهَايَةِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: فِيمَا إذَا قَالَ الْمُوصِي: لَا يُضَامُ فُلَانٌ إنَّمَا يُفْرَضُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَجَازَ مَنْ عَلَيْهِ الضَّيْمُ. [فَرْعٌ أَوْصَى لِوَارِثٍ مِنْ وَرَثَتِهِ بِشَيْءٍ فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ] (قَوْلُهُ: لَوْ وَقَفَ الْمَرِيضُ دَارِهِ عَلَى ابْنٍ حَائِزٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: ذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا أَنْجَزَ الْوَقْفَ فِي مَرَضِهِ وَكَانَ الِابْنُ طِفْلًا فَقَبِلَهُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ فَأَرَادَ الِابْنُ الرَّدَّ أَوْ الْإِجَازَةَ، لَكِنْ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّصْوِيرِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا فَقَبِلَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ الرَّدُّ بَعْدَ الْمَوْتِ إذْ الْإِجَازَةُ الْمُعْتَبَرَةُ هِيَ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ أَوْ لَهُمَا إبْطَالُ الزَّائِدِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ صَغِيرًا فَإِنَّ لَهُ الرَّدَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا. . . إلَخْ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَرْهُونِ الْمَقْبُوضِ قَبْلَ انْفِكَاكِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ إذَا مَاتَ وَبِيعَ فِي الدَّيْنِ فَذَاكَ وَإِنْ فُكَّ الرَّهْنُ فَلِلْمُوصَى لَهُ أَخْذُهُ وَلَا يَمْنَعُ الرَّهْنُ الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ هُنَا وَلَا فِي الرَّهْنِ، وَالْمَنْعُ فِي الرَّهْنِ إنَّمَا هُوَ مِمَّا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ مَعَ الْإِقْبَاضِ أَوْ مَا يُزْحِمُ الْمُرْتَهِنَ فِي مَقْصُودِ الرَّهْنِ وَهُوَ الرَّهْنُ عِنْدَ غَيْرِهِ أَوْ مَا وَقَعَ فِيهِ قِلَّةُ رَغْبَةٍ وَهُوَ التَّزْوِيجُ وَالْإِيصَاءُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَتَصْدُقُ بِالْكَرَاهَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (فَرْعٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَوْصَى الْمُشْتَرِي لِشَخْصٍ بِمَا اشْتَرَاهُ وَمَاتَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ الْخِيَارُ لِلْوَارِثِ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ، أَمَّا الْوَارِثُ فَلِأَنَّا لَوْ أَثْبَتْنَاهُ لَهُ لَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ، فَتَفُوتُ الْوَصِيَّةُ الْخَارِجَةُ مِنْ الثُّلُثِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُصْدِرْ الْعَقْدَ مَعَهُ وَلَيْسَ بِوَارِثٍ لِلْحُقُوقِ. اهـ. مَا تَفْقَهُهُ مَرْدُودٌ إذْ الْخِيَارُ يَنْتَقِلُ لِوَارِثِهِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَالثُّلُثُ؟ قَالَ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ.» (وَأَنْ يَقْبَلَ النَّقْلَ) مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ (فَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِقِصَاصٍ وَحَقِّ شُفْعَةٍ) إذَا لَمْ تَبْطُلْ بِالتَّأْخِيرِ لِعُذْرٍ كَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ وَحَدِّ قَذْفٍ وَإِنْ قَبِلَتْ الِانْتِقَالَ بِالْإِرْثِ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ، نَعَمْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْقِصَاصِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ فِي الْمَرَضِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ (بَلْ إنْ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ شِقْصٍ) مِنْ عَقَارٍ (فَأَوْصَى بِهِ بَقِيَتْ لِلْوَارِثِ) وَالشِّقْصُ لِلْمُوصَى لَهُ، نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَبْطُلُ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إذْ يَتَبَيَّنُ بِالْقَبُولِ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ حِينِ مَوْتِ الْمُوصِي عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا شُفْعَةَ لِلْوَارِثِ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ لِتَقَدُّمِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي عَلَى مِلْكِهِ انْتَهَى. فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الشُّفْعَةُ لِلْمُوصَى لَهُ بِنَاءً عَلَى تَبَيُّنِ الْمِلْكِ بِالْقَبُولِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ قَالُوا بَدَلَ " فَأَوْصَى بِهِ ": " فَأَوْصَى بِبَعْضِهِ " لَسَلِمُوا مِنْ ذَلِكَ. (فَصْلٌ: وَإِنْ أَوْصَى بِحَمْلٍ وَلَوْ غَيْرَ مَوْجُودٍ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا جَوَّزَتْ رِفْقًا بِالنَّاسِ فَاحْتُمِلَ فِيهَا وُجُوهٌ مِنْ الْغَرَرِ، فَكَمَا تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ تَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ، ثُمَّ إنْ أَوْصَى بِمَا تَحْمِلُهُ هَذَا الْعَامَ أَوْ كُلَّ عَامٍ فَذَاكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَالَ: أَوْصَيْتُ بِمَا تَحْمِلُهُ فَهَلْ يَعُمُّ كُلَّ عَامٍ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ؟ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الظَّاهِرُ الْعُمُومُ (وَيَصِحُّ الْقَبُولُ) لِلْوَصِيَّةِ بِالْحَمْلِ (قَبْلَ الْوَضْعِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ (وَلَا تَبْطُلُ) الْوَصِيَّةُ (بِانْفِصَالِهِ) مِنْ الْأَمَةِ (مَيِّتًا مَضْمُونًا) لِأَنَّهُ انْفَصَلَ مُقَوَّمًا فَتُنَفَّذُ فِي بَدَلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِحَمْلٍ فَانْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِ بَهِيمَةٍ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ، وَمَا يَغْرَمُهُ الْجَانِي لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي جَنِينِهَا بَدَلُ مَا نَقَصَ مِنْهَا وَمَا نَقَصَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ بَدَلُهُ. (وَتَجُوزُ) الْوَصِيَّةُ (بِتَمْرٍ وَصُوفٍ وَلَبَنٍ) وَوَبَرٍ وَشَعْرٍ وَرِيشٍ (سَتَحْدُثُ) كَالْحَمْلِ، وَتَصِحُّ (بِمَنَافِعِ عَيْنٍ) كَعَبْدٍ وَدَارٍ وَثَوْبٍ (دُونَهَا) مُؤَبَّدَةٍ وَمُؤَقَّتَةٍ لِأَنَّهَا أَمْوَالٌ مُقَابَلَةٌ بِالْعِوَضِ فَأَشْبَهَتْ الْأَعْيَانَ. (وَتَتَأَبَّدُ) الْوَصِيَّةُ (إنْ أُطْلِقَ) عَقْدُهَا بِأَنْ لَمْ تُؤَبَّدْ وَلَمْ تُؤَقَّتْ. (فَرْعٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ قَالَ إنْ وَلَدَتْ أَمَتِي ذَكَرًا فَهُوَ وَصِيَّةٌ لِزَيْدٍ أَوْ أُنْثَى فَوَصِيَّةٌ لِعَمْرٍو جَازَ وَكَانَ عَلَى مَا قَالَ سَوَاءٌ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ، وَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى، فَقِيلَ: لَا حَقَّ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: إنَّهُ مَوْقُوفٌ بَيْنَهُمَا، حَتَّى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي. (فَصْلٌ: وَتَصِحُّ بِمَا يَعْجِزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ كَالْآبِقِ) وَالْمَغْصُوبِ وَالطَّيْرِ الْمُفْلِتِ (وَ) تَصِحُّ (بِالْمَجْهُولِ كَعَبْدٍ) وَثَوْبٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى عَبْدَهُ ثُلُثَ مَالِهِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَقَدْ لَا يَعْرِفُ حِينَئِذٍ ثُلُثَ مَالِهِ لِكَثْرَتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى تَجْوِيزِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَجْهُولِ (فَرْعٌ: تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ) لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ فَاحْتَمَلَتْ الْإِبْهَامَ (وَالتَّعْيِينُ) لِلْمُبْهَمِ مِنْهُمَا وَاجِبٌ (عَلَى الْوَارِثِ وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِهَذَا الْأَلْفِ) مَثَلًا (لِأَحَدِ) هَذَيْنِ (الرَّجُلَيْنِ لَمْ تَصِحَّ) كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ فِي الْمُوصَى بِهِ مَا لَمْ يُحْتَمَلْ فِي الْمُوصَى لَهُ (أَوْ) قَالَ (أَعْطُوا هَذَا الْأَلْفَ أَحَدَهُمَا صَحَّ) كَمَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: بِعْهُ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ. (فَصْلٌ: تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِنَجِسٍ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَكَلْبِ صَيْدٍ وَلَوْ جَرْوًا) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ كَمَا مَرَّ (يُرْجَى) الِانْتِفَاعُ بِهِ (وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ وَشَحْمِ مَيْتَةٍ لِدَهْنِ السُّفُنِ) لِثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِيهَا وَانْتِقَالِهَا مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ بِالْإِرْثِ وَغَيْرِهِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ اسْتَحْكَمَتْ الْخَمْرُ وَلَيْسَ مِنْ عَوْدِهَا خَلًّا إلَّا بِصُنْعِ آدَمِيٍّ فَالْأَشْبَهُ فِيمَا نَظُنُّهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إمْسَاكُهَا فَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا. انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً لَا يَمْتَنِعُ إمْسَاكُهَا لِمَنَافِعَ قَدْ تَعْرِضُ مِنْ إطْفَاءِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ. . . إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُجَابُ بِأَنَّ حَقَّهَا ثَبَتَ لِلْمُوَرِّثِ وَيَنْتَقِلُ لِوَارِثِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ انْتِقَالُ الْعَيْنِ كا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْصَى بِحَمْلٍ إلَخْ) يُشْتَرَطُ انْفِصَالَهُ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْلِ وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْبَهَائِمِ، فَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِحَمْلِهَا وَكَانَتْ حِينَئِذٍ غَيْرَ حَامِلٍ لَا تَصِحُّ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الظَّاهِرُ الْعُمُومُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَبَنَى الْبُلْقِينِيُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا هَذِهِ هَلْ تَعُمُّ أَوْ لَا؟ وَفِيهَا خِلَافٌ، فَمَنْ قَالَ بِعُمُومِهَا كَالْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ صَحَّحَهَا بِكُلِّ السِّنِينَ وَمَنْ قَالَ لَا تَعُمُّ قَالَ لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا سَنَةً وَاحِدَةً، وَقَوْلُهُ: فَمَنْ قَالَ بِعُمُومِهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ أَوْصَى بِحَمْلٍ وَلَوْ غَيْرَ مَوْجُودٍ] (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِ بَهِيمَةٍ إلَخْ) لِيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ ذَبَحَ الْوَارِثُ أَوْ غَيْرُهُ الْبَهِيمَةَ الْمُوصَى بِحَمْلِهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ وَضْعِهَا فَإِنَّ الْجَنِينَ يَكُونُ مَأْكُولًا فَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا فَذُبِحَ غ (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ بِثَمَرَةٍ) لَوْ أَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ مَرَّتَيْنِ كَانَتْ الثَّانِيَةُ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ بِمَنَافِعِ عَيْنٍ دُونَهَا) فَتَصِحُّ بِالْعَيْنِ لِوَاحِدٍ وَبِالْمَنْفَعَةِ لِآخَرَ فَلَوْ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ وَرَدَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ عَادَتْ إلَى الْوَرَثَةِ لَا إلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخَانِ لِلْمَسْأَلَةِ، قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْخِلَافُ مُحْتَمَلٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، أَمَّا إذَا نَصَّ عَلَى أَنَّ الرَّقَبَةَ مَسْلُوبَةُ الْمَنْفَعَةِ فَيُجْزَمُ بِهِ فش (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ الْوَصِيَّة بِمَا يَعْجِزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ كَالْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ وَالطَّيْرِ الْمُفْلِتِ] (قَوْلُهُ: كَالْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ إلَخْ) وَالْمَرْهُونِ الْمَقْبُوضِ (قَوْلُهُ: فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى تَجْوِيزِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَجْهُولِ) لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَخْلُفُ الْمَيِّتَ فِي ثُلُثِهِ كَمَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِي ثُلُثَيْهِ فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَخْلُفَ الْوَارِثُ الْمَيِّتَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ جَازَ أَنْ يَخْلُفَهُ الْمُوصَى لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْطُوا هَذَا الْأَلْفَ أَحَدَهُمَا صَحَّ) قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّهُ جَعَلَ الْخَيْرَ لِلْوَرَثَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى، وَأَيْضًا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعْطُوا بَعْدَ مَوْتِي كَذَا لِكَذَا لَمْ يُمْلَكْ بِالْقَبُولِ وَحْدَهُ بَلْ بِإِعْطَاءِ الْوَارِثِ، وَلَا كَذَلِكَ لَفْظُ أَوْصَيْتُ [فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ بِنَجِسٍ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَكَلْبِ صَيْدٍ] (قَوْلُهُ: شَحْمِ مَيْتَةٍ لِدَهْنِ السُّفُنِ) وَمَيْتَةٍ لِإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ وَلَوْ مَيْتَةَ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ لِمَا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 نَارٍ وَعَجْنِ طِينٍ فَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُوصَى لَهُ بِالْكَلْبِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ فِي صَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةِ زَرْعٍ أَوْ نَعَمٍ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ نَعَمٍ وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ اقْتِنَاؤُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ (لَا بِمَا لَا يَحِلُّ) الِانْتِفَاعُ بِهِ (كَخِنْزِيرٍ وَخَمْرٍ) غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ (وَكَلْبٍ عَقُورٍ) . (فَصْلٌ: وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَقِرَّةً كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (وَلَوْ أَوْصَى بِالْمُكَاتَبِ إنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَبِعَبْدِ غَيْرِهِ إنْ مَلَكَهُ صَحَّ) لِأَنَّهَا تَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ فَبِهَذَيْنِ أَوْلَى وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ صُورَتَهُمَا أَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِهَذَا الْمُكَاتَبِ إنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ إنْ مَلَكْتُهُ، وَسَوَّى الْأَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ لَهُ بِهَذَا الْمُكَاتَبِ أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي هَذِهِ: الظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ يَقْتَضِيهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكِتَابَةِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (وَالْوَصِيَّةُ بِالسِّلَاحِ لِحَرْبِيٍّ وَالْمُصْحَفِ) وَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالصَّنَمِ (لِكَافِرٍ كَالْبَيْعِ مِنْهُ) فَلَا تَصِحُّ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَعْطُوهُ كَلْبًا مِنْ كِلَابِي أَوْ مِنْ مَالِي وَلَهُ) عِنْدَ مَوْتِهِ (كِلَابٌ يُنْتَفَعُ) أَيْ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ (بِهَا أُعْطِيَ) وَاحِدًا مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْكَلْبُ مَالًا فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْمُنْتَفَعَ بِهِ مِنْ الْكِلَابِ يُقْتَنَى وَتَعْتَوِرُهُ الْأَيْدِي كَالْأَمْوَالِ فَقَدْ يُسْتَعَارُ لَهُ اسْمُ الْمَالِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِلَابٌ كَذَلِكَ (بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ لِتَعَذُّرِ شِرَاءِ كَلْبٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ مُتَبَرِّعٌ وَأَرَادَ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ جَازَ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ (قَالَ: أَعْطُوهُ كِلَابِي وَلَا مَالَ لَهُ أُعْطِيَ ثُلُثَهَا) فَقَطْ كَالْمَالِ (عَدَدًا) لَا قِيمَةً إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا مَعَ تَوَسُّعِهِمْ فِي الْبَابِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَوْصَى بِاثْنَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ نُفِّذَتْ فِي وَاحِدٍ وَثُلُثٍ، وَلَوْ أَوْصَى بِكَلْبٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ نُفِّذَتْ فِي ثُلُثِهِ (وَفِي أَجْنَاسٍ كَكِلَابٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ وَشَحْمِ مَيْتَةٍ) إذَا (أَوْصَى بِوَاحِدٍ مِنْهَا يُعْتَبَرُ الثُّلُثُ بِفَرْضِ الْقِيمَةِ) لَا بِالْعَدَدِ وَلَا بِالْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهُ لَا تَنَاسُبَ بَيْنَ الرُّءُوسِ وَلَا الْمَنْفَعَةِ (وَإِنْ أَوْصَى بِهَذِهِ) الْأَجْنَاسِ (كُلِّهَا وَلَهُ مَالٌ وَإِنْ قَلَّ أُعْطِيَهَا) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ضِعْفُ الْمُوصَى بِهِ وَالْمَالُ وَإِنْ قَلَّ خَيْرٌ مِمَّا لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ (وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ وَبِالْكِلَابِ) مَثَلًا (لِعَمْرٍو لَمْ يُعْطَ) عَمْرٌو (إلَّا ثُلُثَهَا) لِأَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْوَرَثَةُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ هُوَ حَظُّهُمْ بِسَبَبِ الثُّلُثِ الَّذِي نُفِّذَتْ فِيهِ الْوَصِيَّةُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْسَبَ عَلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى فِي وَصِيَّةِ غَيْرِ الْمُتَمَوِّلِ. (فَصْلٌ وَإِنْ أَوْصَى بِطَبْلِ لَهْوٍ أَوْ عُودِهِ صَحَّتْ) وَصِيَّتُهُ بِهِمَا (إنْ صَلَحَا لِمَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ مَعَ بَقَاءِ الِاسْمِ وَإِنْ غُيِّرَتْ الْهَيْئَةُ) حَمْلًا عَلَى الْمُبَاحِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ الْمُوصِي: أَرَدْتُ بِهِ الِانْتِفَاعَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ مَعْمُولٌ لَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْوَافِي، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ: كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا سُمِّيَ اللَّهْوُ فِي الْوَصِيَّةِ فَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِهَذَا وَلَمْ يُسَمِّهِ فَيُشْبِهُ أَنْ تَصِحَّ وَيُعْطَى لَهُ مُفَصَّلًا مَمْنُوعٌ، وَإِنْ نَسَبَاهُ لِلْمَاوَرْدِيِّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَصْلُحْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِذَلِكَ مَعَ مَا ذُكِرَ (بَطَلَتْ وَلَوْ نَفِيسًا) لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَلَا نَظَرَ لِمَا يُتَرَقَّبُ مِنْ الْمَنَافِعِ بَعْدَ زَوَالِ اسْمِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى بِطَبْلٍ أَوْ عُودٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَاسْمُ الطَّبْلِ يَقَعُ عَلَى طَبْلِ الْحَرْبِ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ لِلتَّهْوِيلِ، وَعَلَى طَبْلِ الْحَجِيجِ وَالْقَوَافِلِ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ لِلْإِعْلَامِ بِالنُّزُولِ وَالِارْتِحَالِ، وَعَلَى طَبْلِ الْعَطَّارِينَ وَهُوَ سَفَطٌ لَهُمْ، وَعَلَى طَبْلِ اللَّهْوِ كَالطَّبْلِ الَّذِي يَضْرِبُ بِهِ الْمُخَنَّثُونَ وَسَطُهُ ضَيِّقٌ وَطَرَفَاهُ وَاسِعَانِ. (فَصْلٌ: إنَّمَا تُنَفَّذُ) الْوَصِيَّةُ قَهْرًا (فِي الثُّلُثِ وَإِنْ أَوْصَى فِي الصِّحَّةِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ تَعَالَى أَعْطَى الْعَبْدَ ثُلُثَ مَالِهِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ) شَيْئًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَكْثَرَ الثُّلُثَ، قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَقِيلَ: إنْ كَانَ وَرَثَتُهُ أَغْنِيَاءَ اسْتَوْفَى الثُّلُثَ وَإِلَّا فَيُسْتَحَبُّ النَّقْصُ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَالِاعْتِبَارُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُوصَى لَهُ بِالْكَلْبِ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ أَهْلِ بَعْضِهَا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ مَا يَصْلُحُ لَهُ أَوْ يَتَخَيَّرُ الْوَارِثُ؟ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا ثَانِيهِمَا، وَبِتَرْجِيحِهِ أَشْعَرَ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَوْفَقُ لِإِطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ) وَتَبِعْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ وَيُنْقَلُ الْيَدُ فِيهِ لِمَنْ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ [فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ] (قَوْلُهُ: وَسَوَّى الْأَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ بِالسِّلَاحِ لِحَرْبِيٍّ إلَخْ) الدَّاخِلُ بِأَمَانٍ كَالتَّاجِرِ وَالرَّسُولِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَرْبِيِّ فِي ذَلِكَ [فَصْلٌ قَالَ أَعْطُوهُ كَلْبًا مِنْ كِلَابِي وَلَهُ كِلَابٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا] (فَصْلٌ: قَالَ أَعْطُوهُ كَلْبًا إلَخْ) (قَوْلُهُ: أُعْطِيَ وَاحِدًا مِنْهَا) أَيْ بِخِيَرَةَ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةُ بَطَلَتْ بِالْمَوْتِ لِعَدَمِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ حِينَئِذٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَا شَاة لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ [فَصْلٌ أَوْصَى بِطَبْلِ لَهْوٍ أَوْ عُودِهِ] (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْوَافِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَمْنُوعٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ الْمَنْعِ مُطْلَقًا عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ فِي الطَّبْلِ وَغَيْرِهِ إذَا أَوْصَى بِهِ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْمَسَاكِينِ أَوْ لِلْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ وَكَانَ رُضَاضُهُ مَالًا فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ، وَتَنْزِيلٍ الْوَصِيَّةِ عَلَى رُضَاضِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ غ وَقَوْلُهُ: يَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ تُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ قَهْرًا فِي الثُّلُثِ] (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ) تُكْرَهُ الْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ عَلَى الْأَصَحِّ. ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا قَصَدَ بِهِ حِرْمَانَ الْوَارِثِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُضَادَّةِ وَتَضْيِيعِ الْمَالِ إذْ لَا ثَوَابَ مَعَ هَذَا الْقَصْدِ الْمَذْمُومِ (قَوْلُهُ: هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِبَارُ بِيَوْمِ الْمَوْتِ) لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ «إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ» الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 فِي كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ ثُلُثَ الْمَالِ (بِيَوْمِ الْمَوْتِ) لَا بِيَوْمِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا تَمَلُّكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ (فَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ كَثُرَ) أَوْ تَلِفَ ثُمَّ كَسَبَ مَالًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ثُمَّ كَسَبَهُ (لَزِمَهُ) يَعْنِي وَارِثَهُ (ثُلُثُهُ) وَلَوْ أَوْصَى بِقَدْرِ الثُّلُثِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَفِ بِهِ الثُّلُثُ عِنْدَ مَوْتِهِ افْتَقَرَ إلَى الْإِجَازَةِ فِي الزَّائِدِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَوَفَّى بِهِ الثُّلُثُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَيْهَا (وَلَا تُنَفَّذُ) الْوَصِيَّةُ (إلَّا فِي الثُّلُثِ الْفَاضِلِ عَنْ الدَّيْنِ) لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ (فَإِنْ) كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَلَمْ تُنَفَّذْ الْوَصِيَّةُ فِي شَيْءٍ لَكِنْ يُحْكَمُ بِانْعِقَادِهَا حَتَّى لَوْ (أُبْرِئَ) مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ قَضَاهُ) عَنْهُ (آخَرُ فَكَانَ لَا دَيْنَ) فَتُنَفَّذُ. (فَرْعٌ: التَّبَرُّعَاتُ الْمُنَجَّزَةُ) كَهِبَةٍ وَوَقْفٍ وَعِتْقٍ (فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ مُتَّصِلٍ بِالْمَوْتِ) مُعْتَبَرَةٌ (مِنْ الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَخَرَجَ بِالْمَرَضِ التَّبَرُّعَاتُ الْمُنَجَّزَةُ فِي الصِّحَّةِ فَتُعْتَبَرُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، نَعَمْ لَوْ وَهَبَ شَيْئًا فِي صِحَّتِهِ وَأَقْبَضَهُ فِي مَرَضِهِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تُمَلَّكُ بِالْقَبْضِ كَمَا مَرَّ، وَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ مَا يَفُوتُ عَلَى الْوَرَثَةِ يُعْتَبَرُ بِوَقْتِ التَّفْوِيتِ فِي الْمُنَجَّزِ، وَبِوَقْتِ الْمَوْتِ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْعِتْقِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِمَعْرِفَةِ الثُّلُثِ فِيمَنْ أَعْتَقَهُ مُنَجَّزًا فِي الْمَرَضِ قِيمَةَ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَفِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ قِيمَةَ يَوْمِ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاسْتِحْقَاقِ، وَفِيمَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ أَقَلُّ قِيمَةٍ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمَ الْمَوْتِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ، أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ قَبْلَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ فَلَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَمِثَالُ ذَلِكَ جَارٍ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ. (فَصْلٌ: فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، فَإِنْ انْتَهَى) الشَّخْصُ (إلَى) حَالِ (الْقَطْعِ بِالْمَوْتِ) مِنْ ذَلِكَ (عَاجِلًا كَمَنْ شَخَصَ بَصَرُهُ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْخَاءِ، أَيْ فَتْحِ عَيْنِهِ بِغَيْرِ تَحْرِيكِ جَفْنٍ (وَبَلَغَتْ رُوحُهُ الْحَنْجَرَةَ) أَيْ الْحُلْقُومَ (فِي النَّزْعِ أَوْ ذُبِحَ أَوْ شُقَّ بَطْنُهُ وَأَخْرَجَتْ حُشْوَتُهُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا، أَيْ: أَمْعَاؤُهُ (أَوْ غَرِقَ فَغَمَرَهُ الْمَاءُ وَهُوَ غَيْرُ سَابِحٍ) أَيْ غَيْرُ مُحْسِنِ السِّبَاحَةِ (فَلَا عِبْرَةَ) فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ نَحْوِهَا (بِوَصِيَّتِهِ وَإِسْلَامِهِ) وَغَيْرِهِمَا (فَهُوَ كَالْمَيِّتِ) عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ (وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَرِيضِ (فِي غَيْرِ الثُّلُثِ لِمَرَضٍ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبًا كَالْقُولَنْجِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ أَنْ يَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ فَلَا تَنْزِلُ وَيَصْعَدُ بِسَبَبِهِ الْبُخَارُ إلَى الدِّمَاغِ فَيُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ هَذَا إنْ أَصَابَ مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُصِيبُهُ كَثِيرًا وَيُعَافَى مِنْهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فَلَا (وَذَاتِ الْجَنْبِ) وَتُسَمَّى ذَاتَ الْخَاصِرَةِ، وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ فِي دَاخِلِ الْجَنْبِ بِوَجَعٍ شَدِيدٍ ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَوْفِ وَيَسْكُنُ الْوَجَعُ، وَذَلِكَ وَقْتَ الْهَلَاكِ، وَمِنْ عَلَامَتِهَا الْحُمَّى اللَّازِمَةُ وَالْوَجَعُ النَّاحِسُ تَحْتَ الْأَضْلَاعِ وَضِيقُ النَّفَسِ وَتَوَاتُرُهُ وَالسُّعَالُ (وَالرُّعَافِ الدَّائِمِ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الدَّائِمِ (وَالْإِسْهَالِ الْمُتَوَاتِرِ) أَيْ الْمُتَتَابِعِ لِأَنَّهُ يُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ (لَا إسْهَالِ يَوْمَيْنِ) أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ. (إلَّا أَنْ يُضَمَّ إلَيْهِ عَدَمُ اسْتِمْسَاكٍ وَخُرُوجُ طَعَامٍ غَيْرِ مُسْتَحِيلٍ أَوْ زَحِيرٌ مَعَهُ وَجَعٌ) وَشِدَّةٌ بِلَا تَقَطُّعٍ لِلْخَارِجِ (أَوْ) مَعَهُ (تَقَطُّعٌ) لِلْخَارِجِ (أَوْ) يُضَمُّ إلَيْهِ (دَمٌ) يَخْرُجُ (مِنْ نَحْوِ كَبِدٍ) مِنْ الْأَعْضَاءِ الشَّرِيفَةِ (لَا مِنْ نَحْوِ بَوَاسِيرَ أَوْ) إلَّا أَنْ (يُعَجِّلَ وَيَمْنَعَ النَّوْمَ) فَمَخُوفٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ إسْهَالٍ يَخْرُجُ مَعَهُ دَمٌ مِنْ نَحْوِ بَوَاسِيرَ (وَكَالْفَالِجِ فِي ابْتِدَائِهِ) بِخِلَافِ دَوَامِهِ لَيْسَ مَخُوفًا سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُ ارْتِعَاشٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَهُوَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ: اسْتِرْخَاءُ أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا. وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَسَبَبُهُ غَلَبَةُ الرُّطُوبَةِ وَالْبَلْغَمِ. فَإِذَا هَاجَ رُبَّمَا أَطْفَأَ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ وَأَهْلَكَ (لَا السِّلِّ) بِكَسْرِ السِّينِ لَا بِفَتْحِهَا كَمَا وَقَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الرِّئَةَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْبَدَنُ فِي النُّقْصَانِ وَالِاصْفِرَارِ فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ (مُطْلَقًا) أَيْ لَا فِي ابْتِدَائِهِ وَلَا فِي انْتِهَائِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ صَاحِبُهُ غَالِبًا لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا فَيَكُونُ كَالشَّيْخُوخَةِ وَالْهَرَمِ (وَكَالْحُمَّى الشَّدِيدَةِ الْمُطْبِقَةِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا، أَيْ الْمُلَازِمَةِ الَّتِي لَا تَبْرَحُ لِأَنَّ إطْبَاقَهَا يُذْهِبُ الْقُوَّةَ الَّتِي هِيَ قِوَامُ الْحَيَاةِ، وَمَحَلُّ كَوْنِهَا مَخُوفَةً إذَا زَادَتْ عَلَى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ. (أَوْ) حُمَّى (الْوَرْدِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ (أَوْ) حُمَّى (الثِّلْثِ) بِكَسْرِ الثَّاءِ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا (أَوْ حُمَّى الْأَخَوَيْنِ) وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ (أَوْ) حُمَّى (الْغِبِّ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا (لَا) حُمَّى (الرِّبْعِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَحْمُومَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَا بِيَوْمِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ) وَالْقَائِلُ بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ يَوْمُ النَّذْرِ، رُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ اللُّزُومِ فَهُوَ نَظِيرُ الْمَوْتِ فِي الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَهِبَةٍ وَوَقْفٍ وَعِتْقٍ) يُسْتَثْنَى مِنْ الْعِتْقِ عِتْقُ أُمِّ وَلَدِهِ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ نُجِّزَ فِي مَرَضِهِ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ] (فَصْلٌ: بَيَانُ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ إلَخْ) (قَوْلُهُ: وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَرِيضِ مِنْ التَّبَرُّعِ الْمُنَجَّزِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُصِيبُهُ كَثِيرًا وَيُعَافَى إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْقُولَنْجِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ سَمَّاهُ الْعَوَامُّ قُولِنْجَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ كَوْنِهِ مِنْهُ فَهُوَ مَرَضٌ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ تَكَرَّرَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْإِسْهَالُ الْمُتَوَاتِرُ) وَلَوْ لَحْظَةً (قَوْلُهُ: لَا إسْهَالُ يَوْمَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا) وَلَمْ يَتَوَاتَرْ (قَوْلُهُ: إلَّا السِّلَّ) قَالَ السَّبْتِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوَسِيطِ: لَعَلَّ وَجَعَ الِاسْتِسْقَاءِ كَوَجَعِ السِّلِّ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ السِّينِ) أَوْ بِضَمِّهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ لَا الرِّبْعِ) وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ الْمُثَلَّثَةَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 يَأْخُذُ قُوَّةً فِي يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ (وَلَا حُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا إنْ اتَّصَلَ بِهَا قَبْلَ الْعَرَقِ مَوْتٌ فَقَدْ بَانَتْ مَخُوفَةً) بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّصَلَ بِهَا بَعْدَ الْعَرَقِ لِأَنَّ أَثَرَهَا زَالَ بِالْعَرَقِ، وَالْمَوْتِ بِسَبَبٍ آخَرَ (وَالدِّقُّ) بِكَسْرِ الدَّالِ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْقَلْبَ وَلَا يَمْتَدُّ مَعَهُ حَيَاةٌ غَالِبًا (مَخُوفٌ، وَمِنْ الْمَخُوفِ هَيَجَانُ) الْمِرَّةِ (الصَّفْرَاءِ أَوْ الْبَلْغَمِ) وَفِي نُسْخَةٍ وَالْبَلْغَمِ (وَالدَّمِ) بِأَنْ يَثُورَ وَيَنْصَبَّ إلَى عُضْوٍ كَيَدٍ وَرِجْلٍ فَيُخَمَّرُ وَيَنْفَتِحُ (وَ) مِنْ الْمَخُوفِ (الطَّاعُونُ) وَهُوَ هَيَجَانُ الدَّمِ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ وَانْتِفَاخُهُ، وَيُقَالُ: نَبْرٌ مُؤْلِمٌ جِدًّا يَخْرُجُ غَالِبًا مِنْ الْآبَاطِ مَعَ لَهِيبٍ وَخَفَقَانٍ وَقَيْءٍ وَنَحْوِهِ. (وَ) مِنْهُ (الْجِرَاحَةُ إنْ كَانَتْ) نَافِذَةً (إلَى الْجَوْفِ أَوْ) كَانَتْ (عَلَى مَقْتَلٍ أَوْ) فِي (مَوْضِعٍ كَثِيرِ اللَّحْم أَوْ) حَصَلَ (مَعَهَا ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ تَآكُلٌ أَوْ تَوَرُّمٌ وَ) مِنْهُ الْقَيْءُ (الدَّائِمُ أَوْ) الْمَصْحُوبُ (بِخَلْطٍ) مِنْ الْأَخْلَاطِ كَالْبَلْغَمِ (أَوْ دَمٍ، وَ) مِنْهُ (الْبِرْسَامُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ وَرَمٌ فِي حِجَابِ الْقَلْبِ أَوْ الْكَبِدِ يَصْعَدُ أَثَرُهُ إلَى الدِّمَاغِ (لَا وَجَعُ الْعَيْنِ وَالضِّرْسِ وَ) لَا (الصُّدَاعُ) وَالْجَرَبُ وَنَحْوُهَا فَلَيْسَتْ مَخُوفَةً (وَأُلْحِقَ بِالْمَخُوفِ) مِنْ الْأَمْرَاضِ (الْتِحَامُ) أَيْ اخْتِلَاطُ (قِتَالِ مُتَكَافِئَيْنِ) أَوْ قَرِيبَيْنِ مِنْ التَّكَافُؤِ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ سَوَاءٌ أَكَانَا مُسْلِمَيْنِ أَمْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُسْلِمًا وَكَافِرًا بِخِلَافِ قِتَالٍ بِغَيْرِ الْتِحَامٍ وَإِنْ تَرَامَيَا بِالنُّشَّابِ وَالْحِرَابِ أَوْ بِالْتِحَامٍ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَغْلِبُ الْآخَرَ لَكِنْ هَذَا مَحِلُّهُ فِي حَقِّ الْغَالِبِ فَقَطْ. (وَالتَّقْدِيمُ لِلرَّجْمِ) فِي الزِّنَا أَوْ لِلْقَتْلِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْإِقْرَارِ (وَهَيَجَانُ الْبَحْرِ بِالرِّيحِ) بِخِلَافِ هَيَجَانِهِ بِلَا رِيحٍ (وَأَسْرُ كَافِرٍ) أَوْ غَيْرِهِ (يَعْتَادُ الْقَتْلَ) لِلْأَسْرَى بِخِلَافِ أَسْرِ مَنْ لَا يَعْتَادُهُ كَالرُّومِ (وَكَذَا) يُلْحَقُ بِهِ (التَّقْدِيمُ لِلْقِصَاصِ) بِخِلَافِ الْحَبْسِ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: مُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ إذَا مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا أَوْ حُبِسَ لِيُقْتَلَ لَزِمَتْهُ الْوَصِيَّةُ بِهَا إذْ الْحَبْسُ لِلْقَتْلِ كَالتَّقْدِيمِ لَهُ، انْتَهَى. وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَلْحَقُوهُ ثَمَّ بِالْمَخُوفِ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْغَيْرِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ هُنَا حَقًّا لِلْغَيْرِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَوْ بِأَنَّ مَعْنَى الْحَبْسِ ثَمَّ التَّقْدِيمُ لِلْقَتْلِ لِأَنَّهُ حَبْسٌ لَهُ (وَكَذَا) يَلْحَقُ بِهِ (ظُهُورُ طَاعُونٍ وَفَاشِيُّ وَبَاءٍ) فِي الْبُقْعَةِ وَإِنْ لَمْ يُصِيبَا الْمُتَبَرِّعَ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الطَّاعُونِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ الطَّاعُونُ: الْمَرَضُ الْعَامُّ وَالْوَبَاءُ الَّذِي يَفْسُدُ لَهُ الْهَوَاءُ فَتَنْفَسِدُ مِنْهُ الْأَمْزِجَةُ، فَجَعَلَ الْوَبَاءَ قِسْمًا مِنْ الطَّاعُونِ، وَهُوَ مَمْدُودٌ وَمَقْصُورٌ، وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ الطَّاعُونَ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ أَنْوَاعٌ، وَقِيلَ: الْوَبَاءُ الْمَرَضُ الْعَامُّ، وَقِيلَ: الْمَوْتُ الذَّرِيعُ، أَيْ السَّرِيعُ (وَ) كَذَا (الطَّلْقُ) وَيَمْتَدُّ خَوْفُهُ (إلَى انْفِصَالِ الْمَشِيمَةِ) وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ (أَوْ) إلَى زَوَالِ مَا حَصَلَ بِالْوِلَادَةِ فِيمَا لَوْ (انْفَصَلَتْ) أَيْ الْمَشِيمَةُ (وَحَصَلَ مِنْ الْوِلَادَةِ جُرْحٌ أَوْ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ وَرَمٌ لَا) حَالَ الْحَمْلِ (قَبْلَ الطَّلْقِ وَلَا إلْقَاءُ عَلَقَةٍ وَمُضْغَةٍ) فَلَيْسَتْ مَخُوفَةً لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهَا الْهَلَاكُ كَمَا يُخَافُ مِنْ وِلَادَةِ الْمُتَخَلِّقِ (وَمَوْتُ الْجَنِينِ) فِي الْجَوْفِ (مَخُوفٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَعَهُ وَجَعٌ شَدِيدٌ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ، وَلِمَ لَا يُرَاجَعُ الْأَطِبَّاءُ (وَمَا أَشْكَلَ) مِنْ الْأَمْرَاضِ فَلَمْ يُدْرَ أَمَخُوفٌ هُوَ أَمْ لَا (رُوجِعَ فِيهِ طَبِيبَانِ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ) لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ حُقُوقُ آدَمِيِّينَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ فَاعْتُبِرَتْ الشَّهَادَةُ فَيُعْتَبَرُ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَدَالَةُ (ذَكَرَانِ) فِيمَا لَا يَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا (فَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ) غَالِبًا (فَأَرْبَعٌ) أَيْ فَيَكْفِي فِيهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ (أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) لَوْ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْأَطِبَّاءِ فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أُخِذَ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ ثُمَّ بِالْأَكْثَرِ عَدَدًا ثُمَّ بِمَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ (وَالْقَوْلُ فِي كَوْنِهِ غَيْرِ مَخُوفٍ) بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَبَرِّعِ كَأَنْ قَالَ الْوَارِثُ: كَانَ الْمَرَضُ مَخُوفًا وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ كَانَ غَيْرَ مَخُوفٍ (قَوْلُ الْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَخُوفِ وَعَلَى الْوَارِثِ الْبَيِّنَةُ، وَيُعْتَبَرُ فِيهَا طَبِيبَانِ، ثُمَّ إنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَرَضِ كَأَنْ قَالَ الْوَارِثُ: كَانَ الْمَرَضُ حُمَّى مُطْبِقَةً وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ كَانَ وَجَعَ ضِرْسٍ كَفَى غَيْرُ طَبِيبَيْنِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (فَرْعٌ: وَإِنْ بَرِئَ) الْمَرِيضُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْقَيْءُ الدَّائِمُ إلَخْ) الْقَيْءُ إنْ كَانَ مَعَهُ دَمٌ أَوْ بَلْغَمٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَخْلَاطِ فَمَخُوفٌ وَإِلَّا فَغَيْرُ مَخُوفٍ إلَّا إذَا دَامَ (قَوْلُهُ: وَهَيَجَانُ الْبَحْرِ بِالرِّيحِ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ رَاكِبِ السَّفِينَةِ مَنْ يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ النَّجَاةُ بِذَلِكَ ع وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْأَنْهَارَ الْعَظِيمَةَ كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ مِثْلُ الْبَحْرِ، وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِذَلِكَ مَنْ أَدْرَكَهُ سَيْلٌ أَوْ نَارٌ أَوْ أَفْعَى قَتَّالَةٌ أَوْ أَسَدٌ وَلَمْ يَتَّصِلْ ذَلِكَ بِهِ لَكِنَّهُ يُدْرِكُهُ لَا مَحَالَةَ أَوْ كَانَ بِمَفَازَةٍ وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يَأْكُلُهُ وَيَشْرَبُهُ وَاشْتَدَّ جُوعُهُ وَعَطَشُهُ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ ثَمَّ بِالْمَخُوفِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ وَقْتَ التَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ وَقْتُ دَهْشَةٍ فَلَوْ قُلْنَا لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْوَصِيَّةَ إلَيْهِ ثُمَّ تَرَكَهُ وَضَمِنَاهُ لَمْ نُوَفِّ لَهُ بِعُذْرِ الدَّهْشَةِ وَإِنْ قُلْنَا يُؤَخِّرُ ثُمَّ إذَا تَرَكَ لَا يَضْمَنُ لَكُنَّا مُضَيِّعِينَ لِحَقِّ مَالِكِ الْوَدِيعَةِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جُعِلَ وَقْتُ وَصِيَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ ، وَأَمَّا كَوْنُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُحْسَبُ تَبَرُّعُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَلِأَنَّ بَدَنَهُ صَحِيحٌ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ الْهَلَاكِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّمَ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ ذَلِكَ فَكَانَ تَبَرُّعُهُ فِيهِ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا ظُهُورُ طَاعُونٍ إلَخْ) وَفِي الْكَافِي: وَإِذَا وَقَعَ فِي الْبَلَدِ فِي أَمْثَالِهِ فَهُوَ مَخُوفٌ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ: فِي أَمْثَالِهِ قَيْدٌ حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى مَا شَاهَدْنَاهُ، قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الطَّلْقُ) لِعِظَمِ الْأَمْرِ وَلِهَذَا جُعِلَ مَوْتُهَا شَهَادَةً (قَوْلُهُ: رُوجِعَ فِيهِ طَبِيبَانِ إلَخْ) وَالْأَصَحُّ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا بِأَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ كَمَا تُقْبَلُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْي، وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: أُخِذَ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِمِنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ) لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مِنْ غَامِضِ الْعِلْمِ مَا خَفِيَ عَلَى غَيْرِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 الْمُتَبَرِّعُ فِي مَرَضِهِ بِالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ (مِنْ) مَرَضِهِ (الْمَخُوفِ نُفِّذَ تَبَرُّعِهِ) وَتَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَرَضَ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا (أَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ الْمَخُوفِ وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ) كَإِسْهَالِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (لَمْ يُنَفَّذْ) تَبَرُّعُهُ بِالزَّائِدِ بِدُونِ إجَازَةٍ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ مَخُوفٌ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْهُ كَوَجَعِ ضِرْسٍ نُفِّذَ تَبَرُّعُهُ وَحُمِلَ مَوْتُهُ عَلَى الْفَجْأَةِ، وَبِهَذِهِ يَتَفَارَقُ الْمَرَضَانِ الْمَخُوفُ وَغَيْرُهُ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ فِي الْمَرَضِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: هَذَا الْمَرَضُ غَيْرُ مَخُوفٍ لَكِنَّهُ يُفْضِي إلَى الْمَخُوفِ فَمَخُوفٌ، أَوْ يُفْضِي إلَى الْمَخُوفِ نَادِرًا فَلَا، ثُمَّ اُسْتُشْكِلَ الْأَوَّلُ بِالْحَمْلِ قَبْلَ الطَّلْقِ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا (وَالْقَتْلُ) وَالْمَوْتُ بِسُقُوطٍ مِنْ سَطْحٍ أَوْ نَحْوِهِ (فِي) الْمَرَضِ (الْمَخُوفِ كَالْمَوْتِ بِهِ) فَيُعْتَبَرُ تَبَرُّعُهُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُزِلْ الْمَرَضَ وَإِنَّمَا عَجَّلَ مَا كَانَ مُنْتَظَرًا. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ التَّبَرُّعِ الْمَحْسُوبِ مِنْ الثُّلُثِ (إنَّمَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ مَا أَزَالَهُ عَنْ مِلْكِهِ) كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ (أَوْ) عَنْ (اخْتِصَاصِهِ) كَكَلْبِ صَيْدٍ وَسَرْجِينٍ (مَجَّانًا) بِخِلَافِ مَا أَزَالَهُ بِعِوَضٍ عَلَى مَا يَأْتِي (فَدُيُونُ اللَّهِ كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، وَدُيُونُ الْآدَمِيِّينَ تَخْرُجُ) بَعْدَ مَوْتِهِ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْذُلْهَا مَجَّانًا (وَلَوْ أَوْصَى بِتَقْدِيمِ غَرِيمٍ) بِدَيْنِهِ عَلَى غَرِيمٍ آخَرَ (لَمْ تُنَفَّذْ) وَصِيَّتُهُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّعَلُّقِ بِغَيْرِ التَّرِكَةِ فَفِي تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا إجْحَافٌ بِالْآخَرِ. وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَقَضَاءُ الْمَرِيضِ دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ عَنْ نَذْرٍ يُنَفَّذُ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ (وَلَا) الْأَوْلَى فَلَا (يُزَاحِمُهُ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ تَفِ التَّرِكَةُ بِجَمِيعِ الدُّيُونِ، وَكَذَا) يُنَفَّذُ (الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ) مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ أَبَاعَ لِوَارِثِهِ أَمْ لِغَرِيمِهِ أَمْ لِغَيْرِهِمَا إذْ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لِلْأَجْنَبِيِّ (فَإِنْ حَابَى الْوَارِثَ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ فَوَصِيَّةٌ) يَعْنِي فَالزَّائِدُ عَلَى مَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ وَصِيَّةٌ (لَهُ) . فَلَا يُنَفَّذُ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (أَوْ) حَابَى (غَيْرَهُ) بِذَلِكَ (حُسِبَتْ) أَيْ الْمُحَابَاةُ الزَّائِدَةُ عَلَى مَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ (مِنْ الثُّلُثِ) فَإِنْ حَابَاهُمَا بِمَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ حُسِبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ كُلُّ الثَّمَنِ فِي) وَفِي نُسْخَةٍ: مِنْ بَيْعِ شَيْءٍ بِثَمَنٍ (مُؤَجَّلٍ) حَيْثُ (بَاعَهُ وَمَاتَ قَبْلَ حُلُولِهِ وَإِنْ كَانَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْيَدِ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَتَفْوِيتُ الْيَدِ مُلْحَقٌ بِتَفْوِيتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ بِالْحَيْلُولَةِ كَمَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ فَلَيْسَ لَهُ تَفْوِيتُ الْيَدِ عَلَيْهِمْ كَمَا لَيْسَ لَهُ تَفْوِيتُ الْمَالِ. (فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ الثُّلُثُ وَرَدَّ الْوَارِثُ مَا زَادَ) عَلَيْهِ (فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَالْإِجَازَةِ فِي الثُّلُثِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِتَشْقِيصِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ (فَلَوْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَزِدْ بِهِ) أَيْ بِفِعْلِهِ الْإِجَازَةَ (الْمَالُ) الَّذِي صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ لِانْقِطَاعِ الْبَيْعِ بِالرَّدِّ (وَلَوْ نَكَحَهَا) أَيْ الْمَرِيضُ امْرَأَةً (بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَهْرِ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَوَرِثَتْهُ فَالزَّائِدُ) عَلَيْهِ (وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ) فَلَا تُنَفَّذُ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ وَارِثَةٍ) كَذِمِّيَّةٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَكَمُكَاتَبَةٍ (فَمِنْ الثُّلُثِ) يُحْسَبُ الزَّائِدُ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ نُفِّذَ التَّبَرُّعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةٍ إذْ لَا يَلْزَمُ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّبَرُّعِ وَالْإِرْثِ (فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَإِنْ وَسِعَ الثُّلُثُ الزِّيَادَةَ أَخَذَتْهَا) وَرَثَتُهَا وَارِثًا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ لَا لِذَلِكَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسَعْ الزِّيَادَةِ وَوَرِثَهَا الزَّوْجُ (حَصَلَ الدُّورُ) . لِأَنَّهُ يَرِثُ مِنْهَا فَيَزِيدُ مَالُهُ فَيَزِيدُ مَا يَنْفُذُ مِنْ التَّبَرُّعِ فَيَزِيدُ مَا يَرِثُهُ فَيُسْتَخْرَجُ بِطَرِيقَةِ فَلَوْ أَصْدَقَهَا فِي مَرَضِهِ مِائَةً، وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَرْبَعُونَ فَمَاتَتْ قَبْلَهُ وَلَا مَالَ لَهُمَا غَيْرُ الصَّدَاقِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا أَرْبَعُونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَهَا شَيْءٌ بِالْمُحَابَاةِ يَبْقَى مَعَ الزَّوْجِ سِتُّونَ إلَّا شَيْئًا وَيَرْجِعُ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ نِصْفُ مَالِهَا عِشْرُونَ وَنِصْفُ شَيْءٍ فَالْمَبْلَغُ ثَمَانُونَ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ ضَعْفَ الْمُحَابَاةِ فَبَعْدَ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ يَعْدِلُ ثَمَانُونَ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ، فَالشَّيْءُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، فَلَهَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ: أَرْبَعُونَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالْبَاقِي مُحَابَاةً، يَبْقَى مَعَهُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ، وَيَرْجِعُ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ، فَيَجْتَمِعُ لِوَرَثَتِهِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ ضِعْفَ الْمُحَابَاةِ، أَمَّا إذَا نَكَحَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ (وَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْمَرِيضَةُ بِأَقَلَّ) مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا (وَوَرِثَهَا) الزَّوْجُ (فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ) فَلِبَقِيَّةِ وَرَثَتِهَا طَلَبُ تَكْمِيلِ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَإِنْ لَمْ يَرِثْهَا) كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهَا أَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ (لَمْ يُعْتَبَرْ النَّقْصُ مِنْ الثُّلُثِ) . فَلَا يُكَمَّلُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ وَصِيَّةً مِنْهَا فِي حَقِّهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ بَرِئَ الْمَرِيضُ الْمُتَبَرِّعُ فِي مَرَضِهِ بِالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ مَرَضِهِ الْمَخُوفِ] قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ الْمَخُوفِ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَائِدَةُ فِي حُكْمِنَا بِأَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ مَعَ أَنَّهُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ أُلْحِقَ بِالْمَخُوفِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ إذَا قَتَلَهُ قَاتِلٌ أَوْ غَرِقَ أَوْ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَخُوفًا ثُمَّ قُتِلَ أَوْ غَرِقَ أَوْ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ. [فَصْلٌ بَيَانِ التَّبَرُّعِ الْمَحْسُوبِ مِنْ الثُّلُثِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَابَى الْوَارِثُ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ فَوَصِيَّةٌ) أَيْ فَمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ وَصِيَّةٌ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) وَهُوَ مَدْلُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ كُلُّ الثَّمَنِ فِي مُؤَجَّلٍ بَاعَهُ وَمَاتَ قَبْلَ حُلُولِهِ إلَخْ) لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي وَارِثًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا خُذُوا مِنِّي الثَّمَنَ حَالًا أُجِيبَ إلَيْهِ خَرَّجْتَهُ مِنْ الشُّفْعَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْمَرِيضَةُ بِأَقَلَّ إلَخْ) لَوْ زَوَّجَ الْمَرِيضُ أَمَتَهُ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَهَلْ نَقُولُ هُوَ كَمَا لَوْ نُكِحَتْ الْمَرِيضَةُ مَنْ لَا يَرِثُ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَكُونُ النُّقْصَانُ غَيْرَ مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ؟ أَوْ نَقُولُ: هُوَ كَمَا لَوْ أَجَرَ عَبْدَهُ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَيُحْسَبُ التَّفَاوُتُ مِنْ الثُّلُثِ؟ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهَا تَنْقُصُ بِالتَّزْوِيجِ قِيمَتُهَا، فَإِذَا حَسَبْنَا مِنْ الثُّلُثِ مَا يَكُونُ الْمَحْسُوبُ؟ هَذَا كُلُّهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْيَسُ أَنْ يَحْسَبَ النُّقْصَانُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 وَإِرْثًا دُونَهُ غَيْرُ وَارِثٍ. (لِأَنَّهَا) فِي الثَّانِيَة (لَمْ تُفَوِّتْ) شَيْئًا (بَلْ امْتَنَعَتْ مِنْ الْكَسْبِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يُتَوَهَّمُ بَقَاؤُهُ لِلْوَارِثِ وَانْتِفَاعُهُ بِهِ وَالْبُضْعَ لَيْسَ كَذَلِكَ، انْتَهَى. وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَصْلُحُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ بَلْ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي مَنْعِ رَدِّ هَذِهِ الْمُحَابَاةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنْ يُقَالَ: خَصَّتْ الْمَرْأَةُ وَارِثًا بِتَبَرُّعٍ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتُ مَالٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَبَرَّعَتْ بِخِدْمَتِهِ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّهَا فِي الْأُولَى خَصَّتْ وَارِثًا بِزِيَادَةٍ فَافْتَقَرَتْ إلَى الْإِجَازَةِ بِخِلَافِهَا فِي الثَّانِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ. (وَمِنْ الْمُحَابَاةِ إعَارَةُ الْمَرِيضِ عَبْدَهُ لِلْخِدْمَةِ) حَتَّى لَوْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا وَلَوْ فِي مَرَضِهِ وَاسْتَرَدَّ الْعَيْنَ اُعْتُبِرَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ الثُّلُثِ لِكَوْنِهَا تَبَرُّعًا بِمَا تَمْتَدُّ إلَيْهِ أَطْمَاعُ الْوَرَثَةِ، وَمِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِإِعَارَتِهِ (لَا) إعَارَتُهُ (نَفْسِهِ) وَلِإِعَارَتِهِ لَهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَا يَكُونَانِ مِنْ الْمُحَابَاةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا امْتِنَاعٌ مِنْ التَّحْصِيلِ لَا تَفْوِيتٌ لِلْحَاصِلِ، وَلَا مَطْمَعَ لِلْوَرَثَةِ فِي عَمَلِهِ (وَإِنْ أَجَّرَ) الْمَرِيضُ (عَبْدَهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ) مُعْتَبَرٌ (مِنْ الثُّلُثِ وَكَذَا) يُعْتَبَرُ مِنْهُ (قِيمَةُ مَنْ كَاتَبَهُ) أَوْ أَوْصَى بِكِتَابِهِ (فِي الْمَرَضِ) . وَإِنْ كَاتَبَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ قَبَضَ النُّجُومَ قَبْلَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ قَابَلَ مِلْكَهُ بِمِلْكِهِ الَّذِي هُوَ كَسْبٌ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَفْوِيتٌ لَا مُعَاوَضَةٌ، وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُعَاوَضَةً فَالْعِوَضُ مُؤَخَّرٌ كَالْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ (لَا) فِي (الصِّحَّةِ) فَلَا يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ بَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ قَبَضَ النُّجُومَ فِي مَرَضِهِ لِأَنَّهُ بِالْكِتَابَةِ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ (نَعَمْ إنْ أَبْرَأَهُ) سَيِّدُهُ مِنْ النُّجُومِ (أَوْ أَعْتَقَهُ) أَوْ أَوْصَى بِذَلِكَ (فِي الْمَرَضِ فَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ الْأَقَلُّ مِنْ النُّجُومِ وَ) مِنْ (الْقِيمَةِ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ النُّجُومَ فَالزَّائِدُ عَلَيْهَا تَبَرُّعٌ مِنْ السَّيِّدِ فِي صِحَّتِهِ فَلَا اعْتِرَاضَ لِلْوَرَثَةِ عَلَيْهِ، أَوْ الْقِيمَةَ فَرُبَّمَا كَانَ يُعَجِّزُ نَفْسَهُ فَلَا يَبْقَى لَهُمْ إلَّا الرَّقَبَةُ وَهِيَ قَدْرُ الْقِيمَةِ. (وَإِنْ أَوْلَدَهَا) أَيْ أَمَتَهُ وَلَوْ (فِي الْمَرَضِ أَوْ قَالَ) صَحِيحٌ (لِعَبْدِهِ: أَنْت حُرٌّ قَبْلَ مَرِضَ مَوْتِي بِيَوْمٍ) مَثَلًا ثُمَّ مَرِضَ وَمَاتَ (أَوْ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ) مَثَلًا (وَمَرِضَ دُونَهُ) أَيْ دُونَ الشَّهْرِ وَمَاتَ (لَمْ يُعْتَبَرْ) ذَلِكَ (مِنْ الثُّلُثِ) بَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ إيلَادَهُ فِي الْمَرَضِ كَاسْتِهْلَاكِهِ الْأَطْعِمَةَ اللَّذِيذَةَ وَالثِّيَابَ النَّفِيسَةَ، وَإِعْتَاقُهُ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ (وَإِنْ مَرِضَ شَهْرًا) فَأَكْثَرَ (فَقَدْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ) الْمُعَلَّقُ بِهَا الْعِتْقُ فِي الصِّحَّةِ (فِي الْمَرَضِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ) الرَّاجِحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِ التَّدْبِيرِ. (فَرْعٌ) : لَوْ (بَاعَ بِمُحَابَاةٍ) بِشَرْطِ الْخِيَارِ (ثُمَّ مَرِضَ وَأَجَازَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) أَوْ تَرَكَ الْفَسْخَ فِيهَا عَامِدًا (إنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ) فِيهَا (لِلْبَائِعِ فَمِنْ الثُّلُثِ) يُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمُحَابَاةِ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ الْعَقْدَ فِي الْمَرَضِ بِاخْتِيَارِهِ فَأَشْبَهَ مَنْ وَهَبَ فِي الصِّحَّةِ وَأَقْبَضَ فِي الْمَرَض (وَإِلَّا فَكَمَنْ اشْتَرَى) شَيْئًا (بِمُحَابَاةٍ ثُمَّ مَرِضَ وَوَجَدَهُ مَعِيبًا وَلَمْ يَرُدَّهُ) مَعَ الْإِمْكَانِ فَلَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ (لِأَنَّهُ) لَيْسَ بِتَفْوِيتٍ بَلْ (امْتِنَاعٌ مِنْ الْكَسْبِ فَقَطْ) فَصَارَ كَمَا لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ عِنْدَهُ وَمَرِضَ الْبَائِعُ فَلَمْ يَفْسَخْ الْبَائِعُ، وَكَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ بِعَيْبِهَا فَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ وَاسْتَقَرَّ الْمَهْرُ وَخَرَجَ وَكَالْعَاصُوِي مَا لَوْ فَسَخَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا لَوْ تَرَكَ الْأَمْرَيْنِ فَقَالَ فِي الْأَصْلِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ: إنَّ الْمُحَابَاةَ تُعْتَبَرُ فِيهِ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ الْعَقْدَ فِي مَرَضِهِ بِاخْتِيَارِهِ فَأَشْبَهَ مَنْ وَهَبَ فِي الصِّحَّةِ وَأَقْبَضَ فِي الْمَرَضِ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا إذَا قُلْنَا: الْمِلْكُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَتَرَكَ الْفَسْخَ عَامِدًا لَا نَاسِيًا (نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ) لِلْمَعِيبِ عَلَى الْمُشْتَرِي (فَالْإِعْرَاضُ عَنْ الْأَرْشِ تَفْوِيتٌ) لَهُ (يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَلِلْإِقَالَةِ حُكْمُ الْبَيْعِ) فِي أَنَّ قَدْرَ الْمُحَابَاةِ فِيهَا مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ (وَالْخُلْعُ فِي الْمَرَضِ) مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ (يَأْتِي) بَيَانُهُ (فِي) كِتَابِ (الْخُلْعِ) إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. [فَصْلٌ التَّبَرُّعَاتِ الْمُرَتَّبَةِ الْمُنَجَّزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ] (فَصْلٌ: يُنَفَّذُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ) الْمُرَتَّبَةِ (الْمُنَجَّزَةِ) فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَإِعْتَاقٍ وَإِبْرَاءٍ وَوَقْفٍ وَصَدَقَةٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالْجَوَابُ بِأَنَّهَا فِي الْأُولَى إلَخْ) يُؤَيِّدُ الْجَوَابَ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِكُلِّ وَارِثٍ بِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حَظِّهِ اُحْتِيجَ إلَى الْإِجَازَةِ وَلَوْ بَاعَهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهَا، فَعُلِمَ أَنَّ الْإِجَازَةَ قَدْ تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ حَيْثُ لَا تَفْوِيتَ كا ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْمُنَاوِيِّ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ أَضْعَفُ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ لِأَنَّ فِيهَا طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ لِتَغَيُّرِ الْفُرُوضِ الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ وَارِثًا ضَيَّعَتْ عَلَيْهِمْ حِصَّتُهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِسَبَبِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثًا فَقَدْ حَصَّلَتْ لَهُمْ بَعْضَ الْمَهْرِ وَلَمْ تُضَيِّعُ عَلَيْهِمْ شَيْئًا (فَرْعٌ) : سُئِلَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ عَنْ شَخْصٍ أَوْصَى بِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِمَسْطُورٍ بِأَنَّهُ أَوْفَاهُ لَا يُكَلِّفُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يَكْتَفِي بِحَلِفِهِ هَلْ يَلْزَمُ وَرَثَتَهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ وَيَعْمَلُ الْحَاكِمُ بِهِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ وَصِيَّتَهُ بِذَلِكَ لَا تُغَيِّرُ حُكْمَ الشَّرْعِ فِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ الِاكْتِفَاءُ مِنْ الْمُدَّعِي لِلْوَفَاءِ بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ وَلَا يُمْكِنُ الْحَاكِمَ إلْزَامُهُ الْعَمَلَ بِذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ وَصِيَّةٌ لِكُلِّ مِنْ أَصْحَابِ الْمَسَاطِيرِ بِقَدْرِهَا إنْ ادَّعَى الْوَفَاءَ وَحَلَفُوا، قُلْتُ: فَلْيَكُنْ ذَلِكَ فِيمَا إذَا عَيَّنَ شَخْصًا وَقَدَّرَ مُدَّعَاهُ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَصِحُّ لِمَجْهُولٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ. ، وَإِذَا أَوْصَى بِمَجْهُولٍ فَإِنَّ تَفْسِيرَهُ لِلْوَرَثَةِ، فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ وَصِيَّةً نَافِذَةً مِنْ الثُّلُث وَمُتَوَقِّفَةً عَلَى الْإِجَازَةِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حِكَايَةً عَنْ الرُّويَانِيِّ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ يُنَفَّذُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنَجَّزَةِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ذَكَرَ كَيْفِيَّةَ احْتِسَابِ الثُّلُثِ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّبَرُّعَاتِ وَلَمْ يُوَضِّحْ حَالَ الْقِيَمِ الْمُخْتَلِفَةِ وَاَلَّذِي ظَهَرَ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ مَنْ نُقَوِّمُهُ مِنْ الْعَبِيدِ لِلْعِتْقِ نَعْتَبِرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْعِتْقِ وَمَنْ نُقَوِّمُهُ لِلرِّقِّ نَعْتَبِرُ قِيمَتَهُ حَالَ امْتِدَادِ يَدِ الْوَارِثِ إلَيْهِ، وَلَمْ أَجِدْ لَهُمْ فِي كَيْفِيَّةِ اعْتِبَارِ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ كَلَامًا، وَقَدْ بَسَطَ فِيهِ كَلَامًا عِنْدَ الْكَلَامِ فِي الدَّوْرِيَّاتِ فِي زِيَادَةِ قِيمَةِ الْعَتِيقِ وَنَقْصِهَا، وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ تَبَعَا لِأُصْلِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ قَبْلَ الطَّرَفِ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْقُرْعَةِ، وَقَالَ هُنَاكَ: إنْ حَدَثَ النَّقْصُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْتِقِ وَقَبْلَ الْإِقْرَاعِ قَالَ الْبَغَوِيّ إنْ كَانَ الْوَارِثُ مَقْصُورَ الْيَدِ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يُحْسَبُ عَلَيْهِ. اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 (الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ) مِنْهَا حَيْثُ يَتِمُّ الثُّلُثُ عِنْدَ ضِيقِهِ عَنْهَا (وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ) مِنْهَا (عَتَقَا) لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَازِمٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَنْفِيذٍ ثُمَّ يَبْقَى بَاقِي تَبَرُّعَاتِهِ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ كَمَا مَرَّ (وَلَا أَثَرَ لِهِبَةٍ بِلَا مُحَابَاةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ) فَلَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا تَأَخَّرَ عَنْهَا مِنْ نَحْوِ عِتْقٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ مُحَابَاةٍ فِي بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ بِخِلَافِ الْمُحَابَاةِ فِي بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّهَا فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ. (وَإِنْ أَبْرَأَ أَوْ وَهَبَ أَوْ أَعْتَقَ دَفْعَةً) كَأَنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: أَبْرَأْتُكُمْ مِنْ دُيُونِي أَوْ وَهَبْتُكُمْ هَذَا أَوْ قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَعْتَقَتُكُمْ (أَوْ فَعَلَ الْجَمِيعَ) أَيْ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةَ وَالْإِعْتَاقَ (بِوُكَلَاءَ) لَهُ (دَفْعَةً اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ ثُمَّ يُقَسَّطُ بِهَا) أَيْ بِاعْتِبَارِهَا (الثُّلُثُ) عَلَى الْجَمِيعِ (فِي غَيْرِ الْعِتْقِ) إذْ لَا مَزِيَّةَ فِيهِ، وَلَا إقْرَاعَ إذْ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّمْلِيكُ وَالتَّشْقِيصُ لَا يُنَافِيهِ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ كَمَا سَيَأْتِي، وَدَخَلَ فِي غَيْر الْعِتْقِ الْعِتْقُ مَعَ غَيْرِهِ فَيُقَسَّطُ عَلَيْهِمَا ثُمَّ مَا يَخُصُّ الْعِتْقَ يُقْرَعُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَيُقْرَعُ فِي الْعِتْقِ لِيَعْتِقَ الْقَارِعُ) وَلَا تُوَزَّعُ الْحُرِّيَّةُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَدَعَاهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ تَخْلِيصُ الشَّخْصِ مِنْ الرِّقِّ وَتَكْمِيلُ حَالِهِ وَالتَّشْقِيصُ يُنَافِيهِ. (وَإِنْ فَضَلَ) مِنْ الثُّلُثِ (شَيْءٌ) بَعْدَ عِتْقِ الْقَارِعِ (فَبَعْضُ الْآخَرِ) مِنْ الْأَرِقَّاءِ يُعْتَقُ بِقُرْعَةٍ فَلَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً مُتَسَاوِينَ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى وَاحِدٍ عَتَقَ وَأَقْرَعَ لِيَعْتِقَ بَعْضَ آخَرَ (وَالْكِتَابَةُ) مَعَ الْهِبَةِ وَسَائِرِ الْوَصَايَا (كَالْعِتْقِ) لِأَنَّهَا لَا تُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهَا بَلْ يَسْتَوِي بَيْنَهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ تَرْتِيبٌ وَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ إنْ كَانَ تَرْتِيبٌ (وَإِنْ عَلَّقَ) التَّبَرُّعَاتِ (بِالْمَوْتِ) مُرَتَّبَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ كَقَوْلِهِ: إذَا مِتُّ فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ فَسَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ حُرٌّ (فَالْأَوَّلُ) مِنْهُمَا فِي الْمَرْتَبَةِ (كَالْآخِرِ وَإِنْ كَانَ) الْآخَرُ (عَتَقَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي وَقْتِ نَفَاذِ عِتْقِهِمَا وَهُوَ وَقْتُ الْمَوْتِ. وَيَأْتِي الْإِقْرَاعُ وَالتَّقْسِيطُ هُنَا أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَإِنْ تَمَحَّضَ الْعِتْقُ أَقْرَعَ، أَوْ غَيْرُهُ قَسَّطَ الثُّلُثَ عَلَى الْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِقْدَارِ، أَوْ هُوَ وَغَيْرُهُ قُسِّطَ الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِهَا فَقَطْ أَوْ مَعَ الْمِقْدَارِ، فَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَلِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَكَانَتْ قِيمَةُ سَالِمٍ مِائَةً وَالثُّلُثُ مِائَةً عَتَقَ نِصْفُهُ وَلِزَيْدٍ خَمْسُونَ، لَكِنْ لَوْ دَبَّرَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَأَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ قَدَّمَ عِتْقَهُ عَلَى الْوَصِيَّةِ لَهُ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ كَمَا مَرَّ آخِرَ الْبَابِ (نَعَمْ إنْ) اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَأَنْ (قَالَ أَعْتِقُوا بَعْدَ مَوْتِي سَالِمًا ثُمَّ غَانِمًا تَرَتَّبَ) فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَرْتِيبٌ وَلَا مَعِيَّةَ فِي الْعِتْقِ فَالْأَصَحُّ فِي الدَّعَاوَى أَنَّهُ لَا يُقْرَعُ بَلْ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ بَعْضُهُ أَمَّا لَوْ وَقَعَتْ تَبَرُّعَاتٌ مُنَجَّزَةٌ وَمُعَلَّقَةٌ بِالْمَوْتِ فَتُقَدَّمُ الْمُنَجَّزَةُ لِأَنَّهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ نَاجِزًا وَلِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لَا يَمْلِكُ الْمَرِيضُ الرُّجُوعَ فِيهَا وَهَذَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ كَلَامِهِ أَوَّلَ الْفَصْلِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدًا وَأَوْصَى بِعِتْقِ) أَيْ إعْتَاقِ (آخَرَ فَهُمَا سَوَاءٌ) وَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ عِتْقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ وَقْتَ اسْتِحْقَاقِهِمَا وَاحِدٌ (وَقَوْلُهُ فِي) التَّبَرُّعِ (الْمُنَجَّزِ: سَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ حُرٌّ تَرْتِيبٌ لَا) قَوْلُهُ فِيهِ: (سَالِمٌ وَغَانِمٌ حُرَّانِ) فَلَوْ عُلِّقَ عِتْقَهُمَا بِالْمَوْتِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ أَقَالَ: إذَا مِتُّ فَسَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ حُرٌّ أَمْ قَالَ: فَهُمَا حُرَّانِ (وَلَوْ قَالَ: إنْ أَعْتَقْتُ سَالِمًا فَغَانِمٌ حُرٌّ) وَلَوْ زَادَ: فِي حَالِ إعْتَاقِي سَالِمًا (فَأَعْتَقَ سَالِمًا) فِي مَرَضِ مَوْتِهِ (وَهُوَ الثُّلُثُ) فَأَقَلُّ، عِبَارَةُ الْأَصْلِ: وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَحَدُهُمَا (عَتَقَ) سَالِمٌ لِسَبْقِهِ (بِلَا قُرْعَةٍ إذْ لَا فَائِدَةَ) فِيهَا بَلْ قَدْ تَكُونُ مَضَرَّةً لِأَنَّا لَوْ أَقْرَعْنَا أَمْكَنَ خُرُوجُ الْقُرْعَةِ بِالْحُرِّيَّةِ لِغَانِمٍ فَيَلْزَمُهُ إرْقَاقُ سَالِمٍ فَيَفُوتُ شَرْطُ عِتْقِ غَانِمٍ أَمَّا إذَا خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ فَيُعْتَقَانِ، أَوْ خَرَجَ بَعْضُ سَالِمٍ عَتَقَ الْبَعْضُ، أَوْ سَالِمٌ وَبَعْضُ غَانِمٍ عَتَقَ سَالِمٌ وَبَعْضُ غَانِمٍ. وَذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا مَسَائِلَ تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِذِكْرِهِ لَهَا فِي الْعِتْقِ (فَإِنْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُ فَعَبْدِي حُرٌّ فَتَزَوَّجَ فِي الْمَرَضِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَهْرِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الزِّيَادَةَ) عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ مَحْسُوبَةٌ (مِنْ الثُّلُثِ) فَإِنْ خَرَجَتْ الزِّيَادَةُ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ نُفِّذَا وَإِلَّا (فَيُقَدَّمُ الْمَهْرُ عَلَى الْعِتْقِ) قَالَ فِي الْأَصْل: كَذَا ذَكَرُوهُ تَوْجِيهًا بِأَنَّ الْمَهْرَ أَسْبَقُ فَإِنَّهُ يَجِبُ بِالنِّكَاحِ وَالْعِتْقُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، لَكِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِنَا إنَّ الْمُرَتَّبَ وَالْمُرَتَّبَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ مَعًا وَلَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ بَاعَ بِمُحَابَاةٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ مَرِضَ وَأَجَازَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ تَرَكَ الْفَسْخَ فِيهَا عَامِدًا] قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ إلَخْ) لِقُوَّتِهِ وَنُفُوذِهِ لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى إجَازَةٍ بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّ نُفُوذَهُ يَتَعَلَّقُ بِإِجَازَتِهِمْ (قَوْلُهُ: أَوْ فَعَلَ الْجَمِيعَ بِوُكَلَاءَ أَوْ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: أَبْرَأْتَ وَوَهَبْتَ وَأَعْتَقْتَ وَوَقَفْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ مِنْهَا كَالْأَخْذِ إلَخْ) قَالَ الْقُونَوِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُوصِي إذَا اعْتَبَرَ وُقُوعَ التَّبَرُّعَاتِ الْمُوصَى بِهَا مُرَتَّبَةً بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَقْدِيمِ مَا قَدَّمَهُ، وَنَظَرُهُ قَوِيٌّ، فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَسَالِمٌ حُرٌّ ثُمَّ غَانِمٌ ثُمَّ نَافِعٌ قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ فِيمَا مَثَلُوا بِهِ هُنَاكَ اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا مُرَتَّبَةً مِنْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَقَعَ عَلَى وَفْقِ اعْتِبَارِهِ بِخِلَافِهَا هُنَا. ش وَكَتَبَ أَيْضًا: قَدْ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ مُرَتَّبَةً مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُوقِعْهَا دَفْعَةً لَا أَنَّهُ أَتَى فِيهَا بِمَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ كَثُمَّ فَانْدَفَعَ نَظَرُ الْقُوَنِويِّ وَكَتَبَ أَيْضًا: أَمَّا لَوْ اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا مُرَتَّبَةً فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَقْدِيمِ مَا قَدَّمَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَمِثْلُهُ مَا إذَا عَطَفَ بِثُمَّ أَوْ بِالْفَاءِ كَأَنْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَسَعْدٌ حُرٌّ ثُمَّ بَكْرٌ ثُمَّ غَانِمٌ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ مُقْتَضَى قَوْلِنَا: إنَّ الْمُرَتَّبَ وَالْمُرَتَّبَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ مَعًا إلَخْ) وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ فِي حَالِ تَزْوِيجِي بِأَنَّهُ يُوَزَّعُ الثُّلُثُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ تَرَتُّبٌ زَمَانِيٌّ، قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ الْحُكْمِ وَالتَّوْجِيهِ صَحِيحٌ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ بِتَقَدُّمِ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ فِي الزَّمَانِ، وَمَا قَالُوهُ فِي حَالِ تَزْوِيجِي صَحِيحٌ وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ الْفَرْقِ صَحِيحٌ، قُلْتُ: وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ هَاهُنَا بِالتَّوْزِيعِ وَلَا يُخْرَجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْمَعْلُولَ مَعَ الْعِلَّةِ أَوْ بَعْدهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ كَمَا هُوَ جَارٍ فِي التَّعْلِيقَاتِ فَهُوَ جَارٍ فِي الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهَا هَلْ وَجَدَ الِانْعِقَادُ مَعَ اللَّفْظِ أَوْ بَعْدَهُ، وَحِينَئِذٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 يَتَلَاحَقَانِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ أَنْ لَا يُقَدَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بَلْ يُوَزَّعُ الثُّلُثُ عَلَى الزِّيَادَةِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ (فَإِنْ قَالَ: أَنْت حُرٌّ) إنْ تَزَوَّجْتَ (حَالَ تَزْوِيجِي وُزِّعَ الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الزِّيَادَةِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ، وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْعَبْدَيْنِ حَيْثُ لَا يُوَزَّعُ فِيهِ كَمَا لَا يُقْرَعُ بِأَنَّ الْعِتْقَ هُنَا مُعَلَّقٌ بِالنِّكَاحِ وَالتَّوْزِيعُ لَا يَرْفَعُ النِّكَاحَ. وَهُنَاكَ عِتْقُ غَانِمٍ مُعَلَّقٌ بِعِتْقِ سَالِمٍ كَامِلًا وَالتَّوْزِيعُ يَمْنَعُ مِنْ تَكْمِيلِ عِتْقِ سَالِمٍ فَلَا يُمْكِنُ إعْتَاقُ شَيْءٍ مِنْ غَانِمٍ. (وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهَا) أَيْ أَمَتِهِ الْحَامِلِ (بِعِتْقِ نِصْفِ حَمْلِهَا فَأَعْتَقَ النِّصْفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ سَرَى) الْعِتْقُ (إلَى بَاقِيهِ وَعَتَقَتْ) أُمُّهُ بِالتَّعْلِيقِ، هَذَا إنْ احْتَمَلَهُمَا الثُّلُثُ وَإِلَّا (فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ بَاقِي الثُّلُثِ إلَّا نِصْفَهُ الْآخَرَ أَوْ الْأُمَّ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَمْلِ) بَعْدَ انْفِصَالِهِ (مِثْلَيْ قِيمَتِهَا) كَأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا وَقِيمَتُهُ مِائَةً وَمَالُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَاقِي الْحَمْلِ (فَإِنْ خَرَجَتْ) أَيْ الْقُرْعَةُ (لِبَاقِي الْحَمْلِ عَتَقَ) جَمِيعُهُ (دُونَهَا أَوْ) خَرَجَتْ (لَهَا عَتَقَ نِصْفُهَا وَنِصْفُ بَاقِيهِ) وَإِنَّمَا لَمْ تَعْتِقْ كُلُّهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْهَا يَتْبَعُ عِتْقُهُ عِتْقَهَا فَتُوَزَّعُ بَقِيَّةُ الثُّلُثِ وَهِيَ خَمْسُونَ عَلَى الْأُمِّ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي بِالسَّوِيَّةِ فَيَعْتِقُ مِنْهَا نِصْفُهَا وَمِنْهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ (أَوْ) خَرَجَتْ (لَهَا وَقِيمَتُهَا كَقِيمَتِهِ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي الْمِثَالِ مِائَةً (عَتَقَ ثُلُثُهَا وَثُلُثُ الْبَاقِي مِنْهُ) تَوْزِيعًا لِلْخَمْسِينَ عَلَيْهَا وَعَلَى نِصْفِ بَاقِيهِ أَثْلَاثًا، فَثُلُثُهَا ثُلُثَا الْخَمْسِينَ وَثُلُثُ بَاقِيهِ ثُلُثُهَا الْبَاقِي وَهُوَ سُدُسُ جُمْلَتِهِ فَيَعْتِقُ مِنْهَا الثُّلُثُ وَمِنْهُ الثُّلُثَانِ. [فَرْعٌ أَوْصَى لَهُ غَيْرُهُ بِعَيْنٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ فَأَكْثَرُ وَهِيَ حَاضِرَةٌ وَبَاقِي الْمَالِ غَائِبٌ] (فَرْعٌ) لَوْ (أَوْصَى لَهُ) غَيْرُهُ (بِعَيْنٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ) فَأَكْثَرُ (وَهِيَ حَاضِرَةٌ وَبَاقِي الْمَالِ غَائِبٌ مَلَكَ) الْمُوصَى لَهُ (ثُلُثَ) الْمَالِ (الْحَاضِرِ) فَقَطْ لِجَوَازِ تَلَفِ الْغَائِبِ وَعَدَمِ إجَازَةِ الْوَارِثِ (وَمُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ) أَيْ فِي ثُلُثِهِ وَكَذَا فِي بَاقِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى يَحْضُرَ مِنْ الْغَائِبِ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْحَاضِرُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ تَسَلُّطَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسَلُّطِ الْوَرَثَةِ عَلَى مِثْلَيْ مَا تَسَلَّطَ هُوَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَتْلَفُ الْغَائِبُ فَلَا يَصِلُ إلَى حَقِّهِ وَلَا يَتَسَلَّطُ الْوَرَثَةُ عَلَى ثُلُثَيْ الْحَاضِرِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (كَمَنْعِ الْوَرَثَةِ مِنْ تَصَرُّفِهِمْ فِي بَاقِيهِ) لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ فَيَخْلُصُ لَهُمْ حَقُّهُمْ وَلِلْمُوصَى لَهُ حَقُّهُ (فَإِنْ تَصَرَّفُوا) فِي بَاقِيهِ (وَبَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ فَكَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ) وَهُوَ (يَظُنُّهُ حَيًّا) فَيَصِحُّ وَإِنْ بَانَ سَالِمًا وَعَادَ إلَيْهِمْ تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ تَصَرُّفِهِمْ. (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ، كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِكَذَا وَكَذَا أَعْطُوهُ أَوْ ادْفَعُوا إلَيْهِ) كَذَا (أَوْ وَهَبْتُهُ لَهُ) أَوْ جَعَلْتُهُ لَهُ أَوْ مَلَّكْتُهُ لَهُ أَوْ هُوَ لَهُ (بَعْدَ مَوْتِي، وَقَوْلُهُ: هُوَ لَهُ) بِدُونِ بَعْدَ مَوْتِي (إقْرَارٌ) وَلَا يَجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْوَصِيَّةِ لِبُعْدِهِ (فَإِنْ زَادَ) فِيهِ (مِنْ مَالِي فَكِنَايَةُ وَصِيَّةٍ) لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ إقْرَارُهُ مَعَ احْتِمَالِ الْهِبَةِ النَّاجِزَةِ وَالْوَصِيَّةِ (وَكَذَا) قَوْلُهُ (عَبْدِي هَذَا لَهُ) لِذَلِكَ (أَوْ) قَوْلُهُ (عَيَّنْتُهُ لَهُ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّعْيِينَ لِلتَّمْلِيكِ بِالْوَصِيَّةِ وَالتَّعْيِينَ لِلْإِعَارَةِ (لَا) قَوْلُهُ (وَهَبْتُ لَهُ) بِدُونِ بَعْدَ مَوْتِي فَلَا يَكُونُ وَصِيَّةً (وَلَوْ نَوَى الْوَصِيَّةَ) لِأَنَّهُ قَدْ وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضِعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً عَنْ غَيْرِهِ. (وَالْوَصِيَّةُ بِالْكِتَابَةِ كِنَايَةٌ) وَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ صَرِيحًا (وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا نُطْقًا) بِأَنْ قَالَ: نَوَيْتُ بِهَا الْوَصِيَّةَ لِفُلَانٍ (أَوْ) اعْتَرَفَ بِهَا (وَارِثُهُ) بَعْدَ مَوْتِهِ كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى (فَلَوْ كَتَبَ أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا وَهُوَ نَاطِقٌ وَأَشْهَدَ) جَمَاعَةً (أَنَّ الْكِتَابَةَ خَطُّهُ وَمَا فِيهِ وَصِيَّتُهُ وَلَمْ يُطْلِعْهُمْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا فِيهِ (لَمْ تَنْعَقِدْ) وَصِيَّتُهُ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ: أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا فَأَشَارَ أَنْ نَعَمْ، وَخَرَجَ بِالنَّاطِقِ غَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ. [فَرْعٌ وَصِيَّةُ مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ] (فَرْعٌ: مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ فَوَصِيَّتُهُ) صَحِيحَةٌ (بِكِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ) كَالْبَيْعِ وَرُوِيَ أَنَّ أُمَامَةَ بِنْتَ الْعَاصِي أُصْمِتَتْ فَقِيلَ لَهَا: لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا؟ فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ، فَجَعَلَ ذَلِكَ وَصِيَّةً (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ: كُلُّ مَنْ ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِي شَيْئًا فَأَعْطُوهُ لَهُ وَلَا تُطَالِبُوهُ بِالْحُجَّةِ فَادَّعَى اثْنَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِحَقَّيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقَدْرِ وَلَا حُجَّةَ كَانَ كَالْوَصِيَّةِ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ ضَاقَ عَنْ الْوِفَاقِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حَقَّيْهِمَا، قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَفِي الْأَشْرَافِ لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ: مَا يَدَّعِيهِ فُلَانٌ فَصَدِّقُوهُ فَمَاتَ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: هَذَا إقْرَارٌ بِمَجْهُولٍ   [حاشية الرملي الكبير] فَنَقُولُ: إنْ قُلْنَا الْمَعْلُولُ مَعَ الْعِلَّةِ فَالْعِتْقُ وَالتَّزْوِيجُ وَالْمَهْرُ وُجِدَ الْكُلُّ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ إذْ عِلَّةُ التَّزْوِيجِ اللَّفْظُ وَعِلَّةُ الْعِتْقِ وَالْمَهْرِ التَّزْوِيجُ وَقَدْ وُجِدَ الْكُلُّ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ قُلْنَا بِتَرْتِيبِ الْمَعْلُولِ عَلَى الْعِلَّةِ فَإِنَّ الْعِتْقَ وَلُزُومَ الْمَهْرِ يُوجَدَانِ بَعْدَ التَّزْوِيجِ فَإِنَّهُمَا مَعْلُولَانِ لَهُ وَزَمَانُهُمَا وَاحِدٌ، نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ إنَّ الْمَعْلُولَ مَعَ الْعِلَّةِ فِي الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ وَمُرَتَّبٌ عَلَيْهَا فِي الْعِلَلِ الْوَضْعِيَّةِ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُوجَدَ التَّزْوِيجُ وَلُزُومُ الْمَهْرِ مَعَ اللَّفْظِ ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ بَعْدَهُ م (قَوْلُهُ وَمُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ) لَوْ أَطْلَقُوا لَهُ التَّصَرُّفَ فِي الثُّلُثِ صَحَّ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَلَهُ عَيْنٌ وَدَيْنٌ دُفِعَ إلَيْهِ ثُلُثُ الْعَيْنِ وَكُلَّمَا نُضَّ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ دُفِعَ لَهُ ثُلُثُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ حَاضِرَةٌ وَخَمْسُونَ غَائِبَةٌ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِخَمْسِينَ مِنْ الْحَاضِرَةِ وَمَاتَ وَقَبْلَ الْوَصِيَّةِ أُعْطِيَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَالْوَرَثَةُ خَمْسُونَ وَتُوقَفُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ أُعْطِيَ الْمُوصَى لَهُ الْمَوْقُوفُ، وَإِنْ تَلِفَ الْغَائِبُ قُسِّمَتْ الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَثْلَاثًا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: كَمَنْعِ الْوَرَثَةِ مِنْ بَاقِيهِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِيهِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ لِخَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا حُكْمَ لِلْغَيْبَةِ وَيُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ الْمُوصَيْ بِهِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَتَصَرُّفُهُمْ فِي الْمَالِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ مِنْ مَالِي فَكِنَايَةُ وَصِيَّةٍ) لَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِيّ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِإِضَافَةِ الْمَالِ إلَيْهِ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي الْفَتَاوَى: وَلَا وَصِيَّةً أَيْضًا، وَقَالَ الزَّجَّاجِيُّ فِي زِيَادَةِ الْمِفْتَاحِ: هُوَ وَصِيَّةٌ لِلْفُقَرَاءِ. اهـ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كِنَايَةُ وَصِيَّةٍ وَلَوْ قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ لِلْفُقَرَاءِ فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوَى النَّذْرِ وَمِنْ تَعْلِيلِ الْقَاضِي هُنَا أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ إلَخْ) فَإِنْ قَبِلَ مُتَّصِلًا انْعَقَدَ هِبَةً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 وَتَعْيِينُهُ لِلْوَرَثَةِ، نَقَلَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ. [فَصْلٌ الْقَبُولُ فِي الْوَصِيَّة] (فَصْلٌ: وَأَمَّا الْقَبُولُ فَيَجِبُ فِي الْوَصِيَّةِ لِمُعَيَّنٍ) كَالْهِبَةِ. فَلَوْ قَبِلَ بَعْضَ الْمُوصَى بِهِ فَفِيهِ احْتِمَالَاتٌ لِلْغَزَالِيِّ وَنَظِيرُهُ الْهِبَةُ، وَالْأَرْجَحُ فِيهَا الْبُطْلَانُ، لَكِنَّ الْقَبُولَ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا سَيَأْتِي فَهِيَ دُونَهَا وَدَخَلَ فِي الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدُ الْمَحْصُورُ كَبَنِي زَيْدٍ فَيَتَعَيَّنُ قَبُولُهُمْ وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ غَيْرَ آدَمِيٍّ كَمَسْجِدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُ الْمُعَيَّنِ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ بِالْعِتْقِ بِغَيْرِ لَفْظِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَبُولُ اللَّفْظِيُّ، وَيُشْبِهُ الِاكْتِفَاءَ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْأَخْذُ، كَالْهَدِيَّةِ (لَا) فِي الْوَصِيَّةِ (لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ) وَالْقَبِيلَةِ كَالْهَاشِمِيَّةِ والمطلبية وَالْعَلَوِيَّةِ فَلَا يَجِبُ فِيهَا الْقَبُولُ لِتَعَذُّرِهِ كَمَا فِي الْوَقْفِ بَلْ تَلْزَمُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَوْتِ وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَسَيَأْتِي (وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْمَوْتِ) لِلْمُوصِي (قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ) لِلْوَصِيَّةِ فَلِمَنْ قَبِلَ فِي الْحَيَاةِ الرَّدُّ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِالْعَكْسِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إيجَابُ مِلْكٍ بَعْدَ الْمَوْتِ فَأَشْبَهَ إسْقَاطَ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ (وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ) بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الْعُقُودِ النَّاجِزَةِ الَّتِي يُعْتَبَرُ فِيهَا ارْتِبَاطُ الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَطَ الْفَوْرَ لَاشْتُرِطَ عَقِبَ الْإِيجَابِ وَيُفَارِقُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُمَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَيَبْطُلَانِ بِالتَّأْخِيرِ (وَيَصِحُّ الرَّدُّ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ لَا بَعْدَهُمَا وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ) الْمُوصَى لَهُ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ حَصَلَ فَلَا يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ كَمَا فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ رَاضَى الْوَرَثَةَ فَهُوَ ابْتِدَاءُ تَمْلِيكٍ مِنْهُ لَهُمْ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الرَّدِّ قَبْلَ الْقَبْضِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ، وَخَالَفَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ فَصَحَّحَ الصِّحَّةَ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَتِمَّ، وَرَدَّ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ: وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ تَبِعَ الْبَغَوِيّ فِي التَّرْجِيحِ. (وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَيْنٍ وَلِآخَرَ بِمَنْفَعَتِهَا فَرَدَّهَا) الْآخَرُ (رَجَعَتْ لِلْوَرَثَةِ لَا لِصَاحِبِ الْعَيْنِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ بِهَا (وَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ) أَيْ بِعِتْقِ رَقِيقِهِ (بَعْدَ خِدْمَةِ زَيْدٍ سَنَةً فَرَدَّهَا) أَيْ الْوَصِيَّةَ بِالْخِدْمَةِ (لَمْ يَعْتِقْ قَبْلَ السَّنَةِ) كَمَا لَوْ لَمْ يَرُدَّهَا (وَلِلْوَارِثِ مُطَالَبَةُ الْمُوصَى لَهُ بِالْقَبُولِ أَوْ بِالرَّدِّ) إذَا لَمْ يَفْعَلْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، فَإِنْ امْتَنَعَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَمَحَلُّهُ فِي الْمُتَصَرِّفِ لِنَفْسِهِ، أَمَّا لَوْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ الْقَبُولِ لِمَحْجُورِهِ وَكَانَ الْحَظُّ لَهُ فِيهِ فَالْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْبَلُ وَلَا يَحْكُمُ بِالرَّدِّ (فَإِنْ مَاتَ) الْمُوصَى لَهُ (قَبْلَ) مَوْتِ (الْمُوصِي بَطَلَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ يُوجِبُ الْبُطْلَانِ (أَوْ) مَاتَ (بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبُولِ) وَالرَّدِّ (قَبِلَ وَارِثُهُ) أَوْ رَدَّ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ، لَا يُقَالُ بَلْ تَلْزَمُ بِالْمَوْتِ بِغَيْرِ قَبُولٍ لِأَنَّا نَقُولُ وَارِثُ الْمُوصَى لَهُ فَرْعٌ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ الْأَصْلُ بِغَيْرِ قَبُولٍ فَالْفَرْعُ أَوْلَى، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: وَقَبْلَ الْقَبُولِ مِنْ زِيَادَتِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ كَانَ وَارِثَهُ طِفْلًا فَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الْهِبَةِ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ حَظُّهُ فِي الْقَبُولِ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ الْقَبُولُ لَهُ، وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْوَارِثِ الْوَارِثَ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ حَتَّى لَوْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ خَاصٍّ قَامَ الْإِمَامُ مَقَامَهُ، فَإِذَا قَبِلَ كَانَ الْمُوصَى بِهِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَبِهِ صَرَّحَ الزَّبِيلِيُّ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ قَيِّمِ الْمَسْجِدِ فِيمَا نَظُنُّهُ فس وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَبُولُ اللَّفْظِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْمَوْتِ قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ) مِنْ خَصَائِصِ الْوَصِيَّةِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ مُوجِبِهَا وَلَا بِجُنُونِهِ وَلَا بِإِغْمَائِهِ. ، قَالَ الْجِيلِيُّ لَا يَدْخُلُ الْمُوصَيْ بِهِ فِي مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ إلَّا بِقَوْلِهِ وَاخْتِيَارِهِ إلَّا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ أُعْتِقَ شَاءَ أَوْ أَبَى، وَإِذَا أَوْصَى بِقَضَاءِ دَيْنِهِ قُضِيَ عَنْهُ شَاءَ الدَّائِنُ أَوْ أَبَى، وَكَذَا إذَا أَوْصَى بِفِدَاءِ أَسِيرٍ، وَإِذَا أَوْصَى بِإِبْرَاءِ زَيْدٍ مِنْ دَيْنِهِ أُبَرِّئَ مِنْهُ وَإِنْ أَبَى. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا عَدَّدَهُ نَظَرٌ، وَأَوْضَحُ مِنْهُ لَوْ أَوْصَى لِسَفِيهٍ أَوْ نَحْوِهِ بِشَيْءٍ قَبْلَهُ لَهُ وَلِيُّهُ بِشَرْطِهِ مَثَلًا أَوْ أَبَى، وَإِذَا أَوْصَى لِعَبْدٍ بِشَيْءٍ فَقَبِلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ، وَأُلْحِقَ بِهَذَا مَا نَظْفَرُ بِهِ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ) قَضِيَّةُ كَوْنِهِ عَلَى التَّرَاخِي تَرْكُهُ عَلَى اخْتِيَارِهِ حَتَّى يَشَاءَ، وَقَدْ يَتَضَرَّرُ الْوَارِثُ بِذَلِكَ، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ فَإِنْ أَبَى حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ، وَقَدْ صَحِّحُوا فِي صِحَّةِ الشُّفْعَةِ إذَا قُلْنَا إنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي أَنَّ لِلْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ وَلَمْ يَعْفُ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُلْزِمَهُ بِالْأَخْذِ أَوْ الْعَفْوِ، وَقَدْ خَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ التَّرَاخِيَ هُنَا بِمَا إذَا لَمْ تُقَسَّمْ التَّرِكَةُ وَتُنَفَّذْ الْوَصَايَا فَإِنْ. عَلِمَ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَبُولُهُ عَلَى الْفَوْرِ جَزْمًا، فَإِنْ قَبِلَ وَإِلَّا بَطَلَ حَقُّهُ، وَذَكَرَهُ غَيْرُ الْمَاوَرْدِيِّ أَيْضًا ع: هَذَا كُلُّهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلرَّشِيدِ أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَظُّ لَهُ فِي الرَّدِّ رَدَّ الْوَلِيُّ أَوْ فِي الْقَبُولِ وَفِي التَّأْخِيرِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ غَلَّةٍ أَوْ ثَمَرَةٍ أَوْ دَرٍّ أَوْ فَسَادِ الْمُوصَى بِهِ وَنَحْو ذَلِكَ تَعَيَّنَتْ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْقَبُولِ وَلَا يَسُوغُ التَّأْخِيرُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ غ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الرَّدِّ قَبْلَ الْقَبْضِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ) لِأَنَّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَدْ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ بِبُطْلَانِ الرَّدِّ فَقَالَ: وَتَمَامُ الْمِيرَاثِ أَنْ يَمُوتَ الْمُورِثُ قَبَضَهُ الْوَارِثُ أَمْ لَمْ يَقْبِضْهُ قَبِلَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ، وَتَمَامُ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَقْبَلَهَا الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا (قَوْلُهُ: الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ) عِبَارَتُهَا: إذَا قَبْلَهُ فَقَدْ مَلَكَ فَإِنْ رَدَّهُ صَحَّ وَيَرْجِعُ إلَى الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ. وَلَيْسَ الرَّدُّ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّمَامِ امْتِنَاعُ الرَّدِّ فَقَدْ يُرَدُّ بِعَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِ بَعْدَ التَّمَامِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْمُوصِي) أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: قَبِلَ وَارِثُهُ أَوْ سَيِّدُهُ) وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْقَابِلِ إلَّا الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ الْقَبُولُ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 (فَصْلٌ: الْمِلْكُ) لِلْمُوصَى لَهُ (فِي الْوَصِيَّةِ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ قَبِلَ تَبَيَّنَاهُ) أَيْ: الْمِلْكَ لَهُ (مِنْ) وَقْتِ (الْمَوْتِ) وَإِنْ رَدَّ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لِلْوَارِثِ مِنْ وَقْتئِذٍ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالْمَوْتِ وَلَا بِالْقَبُولِ، وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ إذْ لَوْ مَلَكَ بِالْمَوْتِ لَمَا ارْتَدَّ بِالرَّدِّ كَالْمِيرَاثِ أَوْ بِالْقَبُولِ فَقَبْلَهُ إمَّا لِلْمَيِّتِ وَهُوَ بَعِيدٌ أَوْ لِلْوَارِثِ وَيَتَلَقَّاهُ عَنْهُ الْمُوصَى لَهُ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ كَمَا مَرَّ فَتَعَيَّنَ وَقْفُهُ (أَمَّا الْمُوصَى بِعِتْقِهِ فَمِلْكُهُ) أَيْ فَالْمِلْكُ فِيهِ (لِلْوَارِثِ حَتَّى يُعْتَقَ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِغَيْرِ الْعِتْقِ تَمْلِيكٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَيَبْعُدُ الْحُكْمُ بِالْمِلْكِ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِهَا بِالْعِتْقِ (وَالْفَوَائِدُ) الْحَاصِلَةُ مِنْ الْمُوصَيْ بِهِ كَكَسْبٍ وَثَمَرَةٍ وَنَتَاجٍ (وَالنَّفَقَةُ) وَسَائِرِ الْمُؤَنِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا (وَالْفِطْرَةُ) أَيْ فِطْرَةُ الرَّقِيقِ الْمُوصَيْ بِهِ (تَتْبَعُ الْمِلْكَ) فَإِنْ حَدَثَتْ الْفَوَائِدُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَهِيَ مِلْكٌ لِلْمُوصِي أَوْ بَعْدَهُ فَلِلْمُوصَى لَهُ إنْ قَبِلَ، وَلِلْوَارِثِ إنْ رَدَّ لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِهِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ أَكْسَابَ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ لِلْوَارِثِ، لَكِنْ قَالَ الرُّويَانِيُّ قِيلَ: إنَّهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمُوصَى لَهُ، وَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا لِلْعَبْدِ لِتَقَرَّ، وَاسْتِحْقَاقُهُ الْعِتْقَ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ، وَبِمَا قَالَهُ جَزَمَ الْجُرْجَانِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ (وَيُطَالَبُ الْمُوصَى لَهُ) بِعَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (بَعْدَ الْمَوْتِ بِالنَّفَقَةِ) لَهُ (إنْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَمْ يَرُدَّ) كَمَا لَوْ امْتَنَعَ مُطَلِّقُ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مِنْ التَّعْيِينِ، فَإِنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ رَدَّ، وَلَوْ قَالَ: أَعْطَوْا فُلَانًا كَذَا بَعْدَ مَوْتِي فَالْمِلْكُ فِيهِ إلَى الْإِعْطَاءِ لِلْوَارِثِ، وَلَوْ أَوْصَى بِوَقْفِ شَيْءٍ فَتَأَخَّرَ وَقْفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَحَصَلَ مِنْهُ رِيعٌ كَانَ لِلْوَارِثِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لِمُسْتَحِقِّ الْوَقْفِ. (وَإِنْ أَوْصَى بِأَمَتِهِ لِزَوْجِهَا الْحُرِّ فَقَبْلَ) الْوَصِيَّةِ (تَبَيَّنَ انْفِسَاخُ النِّكَاحِ مِنْ) وَقْتِ (الْمَوْتِ) وَإِنْ رَدَّ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ (وَلَوْ أَوْصَى بِهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَالزَّوْجُ وَارِثٌ) لِلْمُوصِي (وَقَبِلَ لَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ النِّكَاحُ، وَإِنْ رَدَّ انْفَسَخَ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِ زَوْجِهَا هَذَا، إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ (فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَوْصَى بِهَا لِوَارِثٍ آخَرَ) لَهُ (وَأَجَازَ الزَّوْجُ) الْوَصِيَّةَ فِيهِمَا (فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إجَازَةَ الْوَارِثِ تَنْفِيذٌ لِمَا فَعَلَهُ الْمُوصِي لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجُزْ انْفَسَخَ لِدُخُولِ شَيْءٍ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ (فَرْعٌ) : لَوْ (أَوْصَى بِأَمَتِهِ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجِهَا لِزَوْجِهَا وَلِابْنٍ لَهَا حُرَّيْنِ مُوسِرَيْنِ) وَمَاتَ (وَقَبِلَا) الْوَصِيَّةَ (مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَخَرَجَتْ) كُلُّهَا (مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ عَنْ الِابْنِ) نِصْفُهَا (بِالْمِلْكِ، وَ) الْبَاقِي بِحَقِّ (السِّرَايَةِ وَلَزِمَهُ لِلزَّوْجِ قِيمَةُ نِصْفِهَا) لَا نِصْفُ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَتْلَفَ نِصْفَهَا وَالْأَوَّلُ أَقَلُّ مِنْ الثَّانِي (وَعَتَقَ الْحَمْلُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ) أَمَّا نَصِيبُ الزَّوْجِ فَلِأَنَّهُ وَلَدُهُ، وَأَمَّا نَصِيبُ الِابْنِ فَلِأَنَّ الْأُمَّ عَتَقَتْ عَلَيْهِ، وَالْعِتْقُ يَسْرِي مِنْ الْحَامِلِ إلَى مَا يَمْلِكُهُ الْمُعْتِقُ مِنْ حَمْلِهَا (وَلَا تَقْوِيمَ عَلَى أَحَدِهِمَا) فِي نَصِيبِ الْآخَرِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَمْلُ (عَتَقَ دَفْعَةً وَهُوَ لَهُمَا) فَأَشْبَهَ مَا إذَا اشْتَرَى اثْنَانِ أَبَاهُمَا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِمَا وَلَا تَقْوِيمَ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ قَبُولُهُمَا مُرَتَّبًا بِقَبُولِهِمَا مَعًا فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمِلْكِ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ وَقْتُ الْقَبُولِ (فَإِنْ قَبِلَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ عَتَقَ) عَلَيْهِ (الْحَمْلُ) نِصْفُهُ بِالْمِلْكِ وَنِصْفُهُ بِالسَّرَايَةِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ أُمِّهِ (وَلَا تَتْبَعُهُ الْأُمُّ) فِي الْعِتْقِ سِرَايَةً (كَمَا يَتْبَعُهَا) لِأَنَّ الْحَمْلَ تَبَعٌ لَهَا وَلَيْسَتْ تَبَعًا لَهُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْمِلْكُ لِلْمُوصَى لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ] فَصْلٌ) (قَوْلُهُ الْمِلْكُ فِي الْوَصِيَّةِ مَوْقُوفٌ) قَالَ النَّاشِرِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا قَالَ: أَعْطُوهُ كَذَا إذَا مِتُّ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْإِعْطَاءِ، هَكَذَا ذَكَرُوهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا يَكْفِي فِي الْخَلْعِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا لِلْعَبْدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ رَدَّ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَ حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ كَالْمُتَحَجِّرِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِحْيَاءِ، قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْوَلِيُّ وَالْوَصِيُّ مِنْ الْقَبُولِ لِلطِّفْلِ وَنَحْوِهِ وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ أَنْ يَقْبَلَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَلَا يَحْكُمُ بِالْإِبْطَالِ ، وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ، وَكَلَامُهُمْ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَصَرِّفِ لِنَفْسِهِ. غ (قَوْلُهُ: فَالْمِلْكُ فِيهِ إلَى الْإِعْطَاءِ) هَلْ يَكْتَفِي بِهِ مَعَ الْأَخْذِ أَوْ لَا بُدَّ مَعَهُمَا مِنْ الْقَبُولِ؟ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيَتَّجِهُ أَنْ يَكْتَفِي فِي الْإِعْطَاءِ بِالْوَضْعِ عِنْدَهُ. اش (قَوْلُهُ: كَانَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَشْبَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ الْوَقْفِ، قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَنْ مَاتَ وَلَهُ عَقَارٌ لَهُ أُجْرَةٌ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فَشَرَعَ الْوَارِثُ يَسْتَغِلُّ ذَلِكَ مُدَّةً ثُمَّ أَثْبَتَ الدَّيْنَ وَأَخَذَ أَصْحَابُ الْعَقَارِ وَبَقِيَ لَهُمْ شَيْءٌ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُمْ عَلَى الْوَارِثِ بِمَا أَخَذَهُ وَشَبَّهَهَا الْقَمُولِيِّ بِكَسْبِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْإِعْتَاقِ. اهـ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ الْحَمْلُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ عِتْقَ نَصِيبِ الزَّوْجِ فِي الْحَمْلِ تَقْرِيبٌ عَلَى مِلْكِهِ لَهُ، وَمِلْكُهُ لِلْحَمْلِ مُقَارِنٌ لِمِلْكِ الْحَامِلِ، وَعِتْقُ نَصِيبِ الِابْنِ مِنْ الْحَمْلِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مِلْكِ الْأُمِّ وَبَعْدَ عِتْقِهَا فَإِنَّ عِتْقَ نَصِيبِهِ مِنْ الْأُمِّ مُتَرَتِّبٌ عَلَى مِلْكِهِ لِذَلِكَ، وَعِتْقُ الْحَمْلِ مُتَرَتِّبٌ عَلَى عِتْقِ الْأُمِّ تَبَعِيَّةً لَا أَنَّهُ عَتَقَ مَعَهَا بَلْ تَابِعٌ لَهَا. ، وَإِذَا ظَهَرَ هَذَا فَعِتْقُ الزَّوْجِ لِنَصِيبِهِ مِنْ الْحَمْلِ السَّابِقِ عَلَى عِتْقِ الِابْنِ لَهُ فَلْيُقَوَّمْ عَلَى الزَّوْجِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْبَحْثِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعَا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ أَنَّهُ إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ كَبِيرَةً فَأَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ وَأَبُو الصَّغِيرِ مَعًا قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّ النِّكَاحَ يَبْطُلُ، وَيُنْسَبُ ذَلِكَ إلَى الْبَغَوِيّ وَوَجَّهَهُ أَنَّ إسْلَامَ الْوَلَدِ يَحْصُلُ عَقِبَ إسْلَامِ الْأَبِ فَيُقَوَّمُ إسْلَامُهَا عَلَى إسْلَامِ الزَّوْجِ، وَقَالَ هُنَاكَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِدْرَاكِ عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ لَكِنَّ تَرَتُّبَ إسْلَامِ الْوَلَدِ عَلَى إسْلَامِ الْأَبِ لَا يَقْتَضِي تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا بِالزَّمَانِ فَلَا يَظْهَرُ تَقَدُّمُ إسْلَامِهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَمَا جَزَمَا بِهِ هُنَا يَشْهَدُ لِاسْتِدْرَاكِهِمَا هُنَاكَ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمَعِيَّةَ هُنَا أَوْلَى، وَالتَّحْقِيقُ التَّرْتِيبُ هُنَاكَ فَإِنَّ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} [الطور: 21] فَلَمْ يَحْكُمْ بِالتَّبَعِيَّةِ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِ الْإِيمَانِ لِلْأُصُولِ، وَهَذَا يَظْهَرُ بِالزَّمَانِ، وَقَدْ يَظْهَرُ هُنَا أَيْضًا، وَيَقْرُبُ هَذَا مِنْ الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ وَالشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ وَالسَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ هَلْ بَيْنَهُمَا تَرَتُّبٌ أَمْ لَا، وَذَاكَ مَعْرُوفٌ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الزَّوْجُ (قِيمَةُ نِصْفِهِ) أَيْ الْحَمْلِ (لِوَرَثَةِ الْمُوصِي، وَإِنْ قَبِلَ الِابْنُ وَحْدَهُ عَتَقَا عَلَيْهِ وَغَرِمَ قِيمَةَ نِصْفِهَا) حَامِلًا (لِوَرَثَةِ الْمُوصِي) . (فَصْلٌ: وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ) لِلْوَصِيَّةِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَدَّ فَذَاكَ، أَوْ قَبِلَ بَانَ أَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَقْتَ الْمَوْتِ (وَإِنْ مَلَكَ ابْنَ أَخِيهِ فَأَوْصَى بِهِ لِأَجْنَبِيٍّ) وَقَبِلَهُ (مَلَكَهُ) وَلَا يَعْتِقُ عَلَى أَخِيهِ (وَلَوْ وَرِثَهُ أَخُوهُ) لِئَلَّا تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ (وَلَوْ أَوْصَى بِزَيْدٍ لِابْنِهِ وَمَاتَ) زَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَ (قَبْلَ الْقَبُولِ فَقَبِلَ الْوَارِثُ) عَنْهُ (فَهُوَ كَقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ فِي أَنَّهُ يَعْتِقُ عَنْهُ وَ) حِينَئِذٍ يُنْظَرُ (إنْ كَانَ الْوَارِثُ أَخًا) لِلْمُوصَى لَهُ (وَالْمُوصَى بِهِ يَحْجُبُهُ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ: فَإِنْ كَانَ الْقَابِلُ مِمَّنْ يَحْجُبُهُ الْمُوصَى بِهِ كَالْأَخِ (لَمْ يَرِثْ لِأَنَّهُ) لَوْ وَرِثَ لَحَجَبَ الْأَخَ وَأَخْرَجَهُ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا فَيَبْطُلُ قَبُولُهُ، وَذَلِكَ (يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ عِتْقِهِ) فَلَا يَرِثُ (وَكَذَا) لَا يَرِثُ (إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ) كَابْنٍ آخَرَ (لِلدَّوْرِ فِي بَعْضِهِ) وَإِنْ قَبِلَ وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَخَرَجَ الْقَابِلُ عَنْ كَوْنِهِ حَائِزًا فَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ إلَّا فِي حِصَّتِهِ إرْثَهُ، وَقَبُولُ الْمُوصِي بِهِ مَا بَقِيَ مُتَعَذِّرٌ لِاسْتِلْزَامِهِ تَوَقُّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى قَبُولِهِ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ قَبُولُهُ فَلَا يَعْتِقُ كُلُّهُ فَلَا يَرِثُ فَتَوْرِيثُهُ عَلَى تَقْدِيرَيْ الْحَجْبِ وَعَدَمِهِ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهِ، وَيُفَارِقُ إقْرَارَ الِابْنِ بِابْنٍ آخَرَ بِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ مُقِرَّانِ بِأَنَّهُمَا ابْنَا الْمَيِّتِ فَوَرِثَا الْمَالَ، وَهُنَا الْعِتْقُ فِي جَمِيعِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِقَبُولِ مَنْ يَحُوزُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْمَقْبُولِ فِي الْقَبُولِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ حَائِزًا بَطَلَ الْقَبُولُ مِنْ أَصْلِهِ (فَرْعٌ: مَتَى أَوْصَى لَهُ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْقَبُولِ وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ فَقَبِلَا) الْوَصِيَّةَ (عَتَقَ عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا وَرَدَّ الْآخَرُ عَتَقَ) مِنْهُ (نِصْفُهُ ثُمَّ يُقَوَّمُ الْبَاقِي عَلَى التَّرِكَةِ مِنْ نَصِيبِ الْقَابِلِ فَقَطْ إنْ وَفَّى بِهِ) نَصِيبُهُ (وَإِلَّا فَلَا) تَقْوِيمَ إلَّا إنْ وَفَّى بِبَعْضِ الْبَاقِي فَيُقَوَّمُ بِقَدْرِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِيَسَارِهِ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَقَعَ عَنْ الْمَيِّتِ فَلَا يَكُونُ التَّقْوِيمُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى غَيْرِ الْقَابِلِ لِأَنَّ سَبَبَ الْعِتْقِ الْقَبُولُ، وَاَلَّذِي لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِ، وَاعْتَرَضَهُ الْأَصْلُ بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِ فَهُوَ مُعْتَرَفٌ بِعِتْقِ نَصِيبِ الْقَابِلِ وَاقْتِضَائِهِ التَّقْوِيمَ، وَالتَّقْوِيمُ كَدَيْنٍ يَلْحَقُ التَّرِكَةَ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ دَيْنٍ يَلْحَقُ التَّرِكَةَ يَلْزَمُ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ بَلْ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَخْتَصَّ السَّبَبُ بِبَعْضِهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَصَّ بِبَعْضِهِمْ كَإِقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ مَعَ إنْكَارِ الْبَاقِي، وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ هَذَا الْقِسْمِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِي التَّقْوِيمَ وَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِي الْعِتْقِ: إنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى الْمَيِّتِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّقْوِيمَ هُنَا إنَّمَا هُوَ عَلَى الْوَارِثِ لَا عَلَى الْمَيِّتِ (وَيَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ فِيمَنْ أُوصِيَ لَهُ بِبَعْضِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَمَاتَ) قَبْلَ الْقَبُولِ (وَقَبِلَ وَارِثُهُ) كَانَ الْأَوْلَى لَهُ تَأْخِيرَ هَذَا كَأَصْلِهِ عَنْ قَوْلِهِ: (ثُمَّ وَلَاءُ مَا عَتَقَ مِنْهُ لِلْمَيِّتِ، وَهَلْ يَخْتَصُّ) بِهِ (الْقَابِلُ) لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِإِكْسَابِهِ أَوْ يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُ الْقَابِلِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْإِرْثِ؟ (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ الثَّانِي، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. (وَإِنْ أَوْصَى بِأَمَتِهِ لِابْنِهَا مِنْ غَيْرِهِ) وَمَاتَ (فَلَمْ يَحْتَمِلْهَا الثُّلُثُ فَأَعْتَقَ الْوَارِثُ) وَلَوْ مُعْسِرًا (الزَّائِدَ) عَلَيْهِ (ثُمَّ قَبِلَ الِابْنُ) الْوَصِيَّةَ (تَبَيَّنَ عِتْقُ مَا قَبْلَهُ مِنْ) وَقْتِ (الْمَوْتِ وَ) تَبَيَّنَ (بُطْلَانُ عِتْقِ الْوَارِثِ وَيُقَوَّمُ نَصِيبُهُ عَلَى الِابْنِ) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا اسْتِنَادَ عِتْقِهِ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ، وَعِتْقُ الْوَارِثِ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْإِعْتَاقِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الِابْنُ الْوَصِيَّةَ تَبَيَّنَّا أَنَّ جَمِيعَهَا لِلْوَارِثِ فَيَسْرِي الْعِتْقُ مِنْ الْبَعْضِ الَّذِي أَعْتَقَهُ إلَى الْبَاقِي أَمَّا إذَا احْتَمَلَهَا الثُّلُثُ وَقَبِلَ الِابْنُ الْوَصِيَّةَ عَتَقَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَدَّهَا بَقِيَتْ لِلْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهَا الثُّلُثُ وَلَمْ يُعْتِقْ الْوَارِثُ الزَّائِدَ فَالْجَوَابُ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ وَالزَّائِدُ، كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَوَارِثُ الْمُوصِي ابْنٌ) لَهُ (آخَرُ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ) بِنِكَاحٍ فَإِنْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ عَتَقَتْ عَلَى الْوَارِثِ وَإِلَّا فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ (وَأَجَازَ) الْوَارِثُ (الزَّائِدَ) مِنْهُمَا عَلَى الثُّلُثِ (عَتَقَتْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الزَّائِدَ (فَالزَّائِدُ يَعْتِقُ عَلَى الْوَارِثِ وَلَا يُقَوَّمُ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ) أَمَّا عَلَى الْوَارِثِ فَلِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْإِرْثِ وَعِتْقُ الشِّقْصِ الْمَمْلُوكِ بِالْإِرْثِ لَا يَقْتَضِي السِّرَايَةَ، وَأَمَّا عَلَى الْآخَرِ فَلِأَنَّ نَصِيبَ شَرِيكِهِ عَتَقَ مَعَ عِتْقِ نَصِيبِهِ وَلَا تَقْوِيمَ فِيهِ. [فَرْعٌ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِاثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبُوهُ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ] (فَرْعٌ) لَوْ (أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِاثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبَاهُ) أَوْ نَحْوُهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (فَقَبِلَ الْأَبُ) أَوْ نَحْوُهُ الْوَصِيَّةَ (قَبْلَ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَعَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) إنْ كَانَ مُوسِرًا النِّصْفُ بِالْمِلْكِ وَالْبَاقِي بِالسَّرَايَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ نِصْفِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَلَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الصَّدَاقِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْغَزَالِيِّ فَلْيُنْظَرْ هُنَاكَ. (فَرْعٌ) لَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقَالَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ دِرْهَمٌ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِهِ إلَّا دُونَ الْأَلْفِ فَهَلْ نَقُولُ: يُرَاعَى الْعَدَدُ فَيُقَسَّطُ الْخَارِجُ عَلَى أَلْفٍ؟ أَوْ نَقُولُ: إعْطَاءُ الدِّرْهَمِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَقْصُودٌ وَالْعَدَدُ إنَّمَا جَاءَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ؟ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ، وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمِلَةٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُدْفَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ دِرْهَمٌ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْمُوصِي، وَمَا فَضَلَ مِنْ شِقْصِ دِرْهَمٍ يُعْطَى لِشَخْصٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 (وَغَرِمَ لَهُ قِيمَةَ نِصْفِهِ) فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْأَجْنَبِيُّ كَانَ الْغُرْمُ لِوَارِثِ الْمُوصِي (وَكَذَا إنْ قَبِلَ بَعْدَ الْأَجْنَبِيِّ) وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ عَتَقَ عَلَى الْأَبِ وَغَرِمَ لِلْأَجْنَبِيِّ قِيمَةَ نِصْفِهِ لَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبُولِ الْأَجْنَبِيِّ. [فَصْلٌ حَمْلُ الْأَمَةِ الْمُوصَى بِهَا الْمَوْجُودَةِ حَالَ الْوَصِيَّةِ] (فَصْلٌ: حَمْلُ) الْأَمَةِ (الْمُوصَى بِهَا الْمَوْجُودَةِ حَالَ الْوَصِيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ مُضِيِّ أَقَلِّهَا مِنْ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ (وَصِيَّةٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ، فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ فَلَيْسَ وَصِيَّةً إنْ كَانَتْ أَمَةً ذَاتَ فِرَاشٍ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهَا (وَالْحَمْلُ الْحَادِثُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ مِلْكٌ لِلْمُوصَى لَهُ إنْ قَبِلَ) الْوَصِيَّةَ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهِ (وَالْحَادِثُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُوصِي إنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَكَذَا بَعْدَهُ) لِذَلِكَ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَإِنْ (كَانَ الْحَمْلُ مِنْ أَمَةِ زَوْجُهَا الْمُوصَى لَهُ) بِهَا (وَقَبِلَ) الْوَصِيَّةَ (فَالْحَادِثُ بَعْدَ الْمَوْتِ يَتَبَيَّنُ انْعِقَادُهُ حُرًّا) لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ (وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ) لِأَنَّ الْعُلُوقَ بِهِ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْحُكْمِ بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ إمْكَانُ الْإِصَابَةِ لَا حَقِيقَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَ) الْحَمْلُ (الْمَوْجُودُ حَالَ الْوَصِيَّةِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ، وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ) لِأَنَّهَا عَلَقَتْ مِنْهُ بِرَقِيقٍ (وَلَوْ مَاتَ) الْمُوصَى لَهُ بِهَا (قَبْلَ الْقَبُولِ) وَالرَّدِّ (قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ) الْأَوْلَى فَإِنْ (قَبِلُوا) أَيْ وَرَثَتُهُ (فَالْقَوْلُ) وَفِي نُسْخَةٍ فَالْحُكْمُ (فِي حُرِّيَّةِ الْحَمْلِ كَمَا سَبَقَ) فِي قَبُولِ مُوَرِّثِهِمْ (وَ) لَكِنْ (لَا يَرِثُ مَعَهُمْ كَمَا بَيَّنَّاهُ) قُبَيْلَ فَرْعِ مَتَى أَوْصَى لَهُ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (وَإِنْ رَدُّوا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) كَمَا لَوْ رَدَّ مُوَرِّثُهُمْ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ مَاتَ الْمُوصِي وَالْحَمْلُ دَاخِلٌ فِي الْوَصِيَّةِ اُعْتُبِرَ يَوْمَ الْمَوْتِ قِيمَتُهَا حَامِلًا مِنْ الثُّلُثِ) لَوْ أَخَّرَ الظَّرْفَ كَانَ أَوْلَى، وَلَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُمَا مَعًا مِنْ الثُّلُثِ (أَوْ غَيْرُ دَاخِلٍ) فِيهَا سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ أَمْ لِوَارِثِهِ أَمْ لِلْمُوصِي (فَحَائِلًا) تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْمَوْتِ، وَإِذَا قَوَّمْنَاهُمَا فَخَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ فَذَاكَ (وَلَوْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا نُفِّذَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (فِيمَا يَحْتَمِلُهُ) الثُّلُثُ (مِنْهُمَا عَلَى نِسْبَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ، وَلِسَائِرِ الْحَيَوَانِ حُكْمُ الْأَمَةِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَيُرْجَعُ فِي مُدَّةِ حَمْلِهَا) أَيْ الْحَامِلِ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ (إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ) لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ) (وَتَنْقَسِمُ) إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ (لَفْظِيَّةٌ وَمَعْنَوِيَّةٌ وَحِسَابِيَّةٌ. الْقَسَمُ الْأَوَّلُ: اللَّفْظِيَّةُ، وَفِيهِ طَرَفَانِ: الْأَوَّلُ فِي اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْمُوصَى بِهِ، فَالْحَمْلُ يَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَحْدَهُ، وَ) يَصِحُّ (بِالْحَامِلِ دُونَهُ) بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِيهِمَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا لِرَجُلٍ وَبِحَمْلِهَا لِآخَرَ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَلَوْ أَطْلَقَ) الْوَصِيَّةَ بِهَا (تَبِعَهَا) حَمْلُهَا الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ كَمَا فِي الْبَيْع، قَالَ فِي الْأَصْل عَقِبَ هَذَا: وَلَا يَبْعُدُ الْفَتْوَى بِالْمَنْعِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ فَيَتْبَعُ وَيُفْرَدُ بِالْوَصِيَّةِ فَلَا يَتْبَعُ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ تَنْزِيلُ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ، وَلِأَنَّهَا عَقْدٌ ضَعِيفٌ فَلَا تُسْتَتْبَعُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَرْدُودٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِدُخُولِ الْبِنَاءِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ إمْكَانٍ إفْرَادِهِ بِالْبَيْعِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ كُلِّهَا تَنْزِيلُهَا عَلَى الْمُتَيَقَّنِ أَوْ الظَّاهِرِ الْقَرِيبِ مِنْهُ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَمَنْقُوضٌ بِالرَّهْنِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ ضَعِيفٌ مَعَ أَنَّ الْحَمْلَ يَدْخُلُ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُ دُخُولَهُ هُنَا دُخُولُهُ فِي الْعِتْقِ. (وَالْوَصِيَّةُ بِالطَّبْلِ تُحْمَلُ عَلَى) الطَّبْلِ (الْمُبَاحِ) كَطَبْلِ حَرْبٍ وَحَجِيجٍ حَمْلًا لِكَلَامِهِ عَلَى الصِّحَّةِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْصِدُ الثَّوَابَ (فَإِنْ قَالَ) : أَعْطَوْهُ طَبْلًا (مِنْ طُبُولِي وَلَا مُبَاحَ فِيهَا) وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَصْلُحُ لِلْمُبَاحِ (بَطَلَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِيهَا مُبَاحٌ تَصِحُّ وَتُحْمَلُ عَلَيْهِ (أَوْ قَالَ) : أَعْطُوهُ طَبْلًا (مِنْ مَالِي) وَلَيْسَ لَهُ طَبْلٌ مُبَاحٌ (اُشْتُرِيَ لَهُ) طَبْلٌ (مُبَاحٌ. فَرْعٌ) : لَوْ (أَوْصَى لَهُ بِدُفٍّ لَهُ جَلَاجِلُ وَحَرَّمْنَاهَا) عَلَى وَجْهٍ (دُفِعَ) إلَيْهِ (دُونَهَا، فَإِنْ نَصَّ عَلَيْهَا نُزِعَتْ) مِنْهُ (وَأُعْطِيَهَا) أَيْضًا، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَيْفَ يَسْتَقِيمُ تَصْحِيحُ الْوَصِيَّةِ فِيهِمَا مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا يَصْلُحَانِ لِلْمُبَاحِ (وَإِنْ أَوْصَى بِعُودٍ مِنْ عِيدَانِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَعْوَادُ بِنَاءٍ وَقِسِيٌّ أُعْطِيَ وَاحِدًا) مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَلَوْ كَانَ فِيهَا أَعْوَادُ لَهْوٍ تَصْلُحُ لِمُبَاحٍ فَكَذَلِكَ) أَيْ يُعْطَى وَاحِدًا مِنْ الْجَمِيع؛ لِأَنَّ أَعْوَادَ اللَّهْوِ لَمَّا صَلَحَتْ لِمُبَاحٍ صَارَ لَهَا أُسْوَةٌ بِغَيْرِهَا، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ إعْطَاءُ عُودٍ مِنْهَا إذْ كَيْفَ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا الْإِطْلَاقُ إذَا لَمْ تَصْلُحْ لِمُبَاحٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ دُونَ مَا إذَا صَلَحَتْ لَهُ، وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ أَوْصَى لَهُ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ] قَوْلُهُ: حَمْلُ الْمُوصَى بِهَا الْمَوْجُودُ إلَخْ) لَوْ أَوْصَى بِالشَّجَرَةِ وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ دَخَلَتْ فِي الْوَصِيَّةِ [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ] [الْقَسَمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْوَصِيَّة الصَّحِيحَة اللَّفْظِيَّةُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ) (قَوْلُهُ. وَلَوْ أَطْلَقَ تَبِعَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُبَاحَ فِيهَا بَطَلَتْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ بِطَبْلِ اللَّهْوِ مِنْ أَهْلِهِ، وَيَعْتَقِدُ إبَاحَتُهُ، وَبَيَّنَ غَيْرُهُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهِ لِأَهْلِ الْبَطَالَةِ وَالْمَلَاهِي أَنْ يُقَالَ بِالْفَسَادِ، وَإِنْ أَوْصَى بِهِ وَهُوَ مِمَّا يُتَمَوَّلُ رُضَاضُهُ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ أَنْ يَصِحَّ، وَيُنَزَّلُ عَلَى إرَادَةِ الرُّضَاضِ طَلَبًا لِلثَّوَابِ وَتَكْفِيرًا لِمَا سَلَفَ مِنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ الْمَنْعِ مُطْلَقًا فِي الطَّبْلِ وَغَيْرِهِ عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ فِيمَا فِيمَا إذَا أَوْصَى بِهِ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، أَمَّا إذَا أَوْصَى بِهِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ لِمَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ وَكَانَ رُضَاضُهُ مَالًا أَنْ يَصِحَّ قَطْعًا، وَتُنَزَّلُ الْوَصِيَّةُ عَلَى رُضَاضِهِ أَوْ جَوْهَرِهِ وَمَالِيَّتِهِ، وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَوْضِعَ الْفَسَادِ مَا إذَا سُمِّيَ الطَّبْلُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ بِاسْمِهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ هَذَا أَوْ هَذَا الذَّهَبَ أَوْ الْفِضَّةَ أَوْ النُّحَاسَ أَوْ الْخَشَبَ أَوْ هَذِهِ الْعَيْنَ أَنَّهُ يَصِحُّ، فَتُفْصَلُ وَيُعْطَاهَا، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لِأَنَّ الْإِضَافَةَ حَيْثُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ عِيدَانِ اللَّهْوِ صَرَفْت اللَّفْظَ إلَى غَيْرِ عِيدَانِ اللَّهْوِ فَمَنَعْت الظُّهُورَ، وَلِهَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعُودٍ وَلَمْ يُضِفْ ذَلِكَ إلَى عِيدَانِهِ وَلَا عِيدَانَ لَهُ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لِوُجُودِ الظُّهُورِ فِي عُودِ اللَّهْوِ وَعَدَمِ مَا يَمْنَعُ صَرْفَهُ عَنْهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ، وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يُجِيبَ بِأَنَّ الْإِطْلَاقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا إذَا لَمْ تَصْلُحْ لِمُبَاحٍ دُونَ مَا إذَا صَلُحَتْ لَهُ لِمُشَارَكَتِهَا الْمُبَاحَ حِينَئِذٍ (أَوْ لَا) تَصْلُحُ لِمُبَاحٍ (حُمِلَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى أَعْوَادِ اللَّهْوِ (وَبَطَلَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ إذْ لَا يُقْصَدُ الِانْتِفَاعُ بِهَا شَرْعًا، وَفَارَقَ عَدَمَ بُطْلَانِهَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطُّبُولِ بِأَنَّ مُطْلَقَ الْعُودِ يَنْصَرِفُ إلَى عُودِ اللَّهْوِ، وَاسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ مَرْجُوحٌ، وَالطَّبْلُ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ وُقُوعًا وَاحِدًا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ ظُهُورَ اسْمِ الْعُودِ فِي عُودِ اللَّهْوِ وَيَقُولَ: بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْوَادِ، ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَكَذَا لَوْ أَوْصَى) لَهُ (بِعُودِ وَلَا عُودَ لَهُ اُشْتُرِيَ لَهُ عُودُ لَهْوٍ يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ وَأُعْطِيَهُ) عِبَارَةُ الْأَصْل: وَلَوْ أَوْصَى بِعُودٍ وَلَا عُودَ لَهُ فَمُقْتَضَى تَنْزِيلِ مُطْلَقِ الْعُودِ عَلَى عُودِ اللَّهْوِ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ، أَوْ أَنْ يُشْتَرَى لَهُ عُودُ لَهْوٍ يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ، وَأَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ يَشْتَرِي مَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي مَالِهِ أَمْكَنَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ بِالْعُودِ بِهِ. انْتَهَى. فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُضِفْ الْعُودَ إلَى عِيدَانِهِ كَانَ إلَى الصِّحَّةِ أَقْرَبَ، وَإِذَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِالْعُودِ أُعْطِيَهُ (دُونَ الْوَتَرِ وَالْمِضْرَابِ) وَهُوَ مَا يُضْرَبُ بِهِ الْعُودُ وَتَوَابِعُهُمَا كَالْمَلَاوِي الَّتِي يُلْوَى عَلَيْهَا الْأَوْتَارُ وَالْحِمَارُ وَهُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يُرَكَّبُ عَلَيْهَا الْأَوْتَارُ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى عُودًا بِدُونِهَا، قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ أَوْصَى بِعُودٍ مِنْ عِيدَانِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا عُودُ لَهْوٍ وَعُودُ بِنَاءٍ وَعُودُ قِسِيٍّ فَإِنْ حَمَلْنَا لَفْظَ الْعِيدَانِ عَلَى هَذِهِ الْآحَادِ فَقَدْ حَمَلْنَا الْمُشْتَرَكَ عَلَى مَعَانِيهِ مَعًا وَفِيهِ خِلَافٌ لِأَهْلِ الْأُصُولِ، فَإِنْ مُنِعَ فَهَذِهِ الصُّورَةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِعُودٍ مِنْ عِيدَانِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا عُودَ لَهْوٍ أَوْ لَا عُودَ لَهُ زَادَ النَّوَوِيُّ: قُلْتُ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَمْلُ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ، وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ. انْتَهَى. لَكِنَّهُ خَالَفَهُ فِي بَابِ الْعِتْقِ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْتَ عَيْنًا فَأَنْت حُرٌّ، فَرَجَّحَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُحْمِلُ عَلَى مَعَانِيهِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (فِي الْمِزْمَارِ) فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ (إنْ صَلُحَ لِمُبَاحٍ) دُونَ مَا إذَا لَمْ يَصْلُحْ لَهُ، وَإِذَا صَحَّتْ (لَا يُعْطَى) الْمُوصَى لَهُ بِهِ (الْمُجَمِّعَ) أَيْ (الْمَوْضُوعَ بَيْنَ الشَّفَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُعْطِي الْمِزْمَارَ بِهَيْئَتِهِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ: يَجِبُ أَنْ يُفْصَلَ مِنْ غَيْرِ تَرْضِيضٍ بِحَيْثُ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ اللَّهْوِ ثُمَّ يُعْطَاهُ (وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِقَوْسٍ حُمِلَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ) وَهِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا النَّبْلُ وَهِيَ السِّهَامُ الصِّغَارُ الْعَرَبِيَّةُ (وَ) عَلَى (الْفَارِسِيَّةِ) وَهِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا النُّشَّابُ (وَ) عَلَى (قَوْسِ الْحُسْبَانِ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (وَهِيَ الَّتِي لَهَا سِهَامٌ صِغَارٌ) تُرْمَى لِمَجْرًى فِيهَا، فَالْحُسْبَانُ اسْمٌ لِلسِّهَامِ الصِّغَارِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ هُنَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي الْمُسَابَقَةِ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْقَوْسِ الْمَذْكُورَةِ (لَا) عَلَى (قَوْسِ بُنْدُقٍ وَ) لَا قَوْسِ (نَدْفٍ) لِاشْتِهَارِ الْقَوْسِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَوَّلُ دُونَ هَذَيْنِ. وَالْبُنْدُقُ يُسَمَّى بِالْجُلَاهِقِ بِضَمِّ الْجِيمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ الْأَصْلُ أَنَّ الْجَلَاهِقُ اسْمٌ لِقَوْسِ الْبُنْدُقِ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْأَزْهَرِيِّ (إلَّا أَنْ قَالَ) : أَعْطُوهُ (مَا يُسَمَّى قَوْسًا) فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَلْ يُعْطَى وَاحِدَةً مِنْ الْجَمِيعِ (وَلَوْ قَالَ) : أَعْطُوهُ قَوْسًا (مِنْ قِسِيٍّ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا هُمَا) أَيْ قَوْسَا الْبُنْدُقِ وَالنَّدْفِ (تَعَيَّنَ الْبُنْدُقُ) أَيْ قَوْسُهُ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ إلَيْهَا أَسْبَقُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَحَدُهُمَا حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِ لِلتَّقْيِيدِ بِالْإِضَافَةِ، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَإِنْ بَيَّنَ الْغَرَضَ اُتُّبِعَ، بِأَنْ قَالَ: لِيَنْدِفَ) بِهَا (أَوْ يَرْمِيَ بِهَا الطَّيْرَ) أَوْ يُقَاتِلَ بِهَا. (فَرْعٌ: لَوْ أَوْصَى بِقَوْسٍ) أَوْ طَبْلٍ (لَمْ يَدْخُلْ الْوَتَرُ) فِي الْقَوْسِ (وَلَا الْجِلْدُ الزَّائِدُ فِيهَا) أَيْ فِي الطَّبْلِ إذَا كَانَ (يُسَمَّى الطَّبْلُ) أَيْ طَبْلًا (دُونَهُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَارِجٌ عَنْ الْمُسَمَّى، وَكَمَا لَا يَدْخُلُ السَّرْجُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالدَّابَّةِ (وَيَدْخُلُ النَّصْلُ وَالرِّيشُ فِي اسْمِ السَّهْمِ) لِثُبُوتِهِمَا فِيهِ (وَإِنْ قَالَ) : أَعْطُوهُ (شَاةً مِنْ شِيَاهِي) أَوْ مِنْ غَنَمِي (أَوْ) مِنْ (مَالِي أَجْزَأَتْ) شَاةٌ (مَعِيبَةٌ وَمَرِيضَةٌ مَعْزًا وَضَأْنًا وَلَوْ ذَكَرًا) وَصَغِيرَ الْجُثَّةِ لِصِدْقِ اسْمِهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا اسْمُ جِنْسٍ كَالْإِنْسَانِ، وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الذَّكَرِ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الذَّكَرَ لَا يَدْخُلُ هُنَا لِلْعُرْفِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَرَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ بَاقِيهِمْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّكَاةِ بِأَنَّ الشَّاةَ ثَمَّ مَحْمُولَةٌ عَلَى اللُّغَةِ، وَهُنَا عَلَى عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَإِنَّمَا جَوَّزُوا الْمَعِيبَ هُنَا وَإِنْ اقْتَضَى الْإِطْلَاقُ السَّلَامَةَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا زِيَادَةَ فِيهَا عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) قَالَ شَيْخُنَا: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَقْيِيدُ مَا أَطْلَقُوهُ فِي بَابِ الْبَيْعِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ آلَةِ اللَّهْوِ، أَيْ حَيْثُ لَمْ يَصْلُحْ لِمُبَاحٍ مَعَ بَقَاءِ اسْمِهِ وَلَوْ مَعَ تَغْيِيرٍ يَسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُعْطَى الْمِزْمَارَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ) لَا لِلتَّأْنِيثِ كَحَمَامٍ وَحَمَامَةٍ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ: لَفْظُ الشَّاةِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَلِهَذَا حُمِلَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ» قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي (كِتَابِ الْأَعْدَادِ) : وَإِنَّمَا أَفْرَدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الضَّأْنَ عَنْ الْمَعْزِ فِي آيَةِ الْأَنْعَامِ وَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فَجَعَلَهُمَا نَوْعَيْنِ وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيِ وَالضَّحَايَا، وَذَكَرَ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ قِسْمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا يَتَنَاتَجُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغَنَمُ؛؛ لِأَنَّ الضَّأْنَ لَا يَطْرُقُ الْمَعْزَ، وَالْمَعْزَ لَا يَطْرُقُ الضَّأْنَ، فَجَرَى مَجْرَى الْجِنْسِ فِي النَّتَاجِ؛ فَلِذَلِكَ قَسَمَهُمَا قِسْمَيْنِ. اهـ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: مَعْزًا وَضَأْنًا أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُمَا، فَلَوْ أَرَادَ الْوَارِثُ إعْطَاءَهُ أَرْنَبًا أَوْ ظَبْيًا لَمْ يُمَكَّنْ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ قَبُولُهُ وَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ شَاةٍ، كَمَا ذَكَر ابْنُ عُصْفُورٍ أَنَّهَا تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ وَالنَّعَامِ وَحُمُرِ الْوَحْشِ، وَسَبَبُهُ تَخْصِيصُ الْعُرْفِ بِالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا (لَا سَخْلَةً وَعَنَاقًا) لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ بِهِمَا لِصِغَرِ سِنِّهِمَا، كَذَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ، لَكِنْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ وَالْغَزَالِيُّ عَنْهُمْ خَلَا الصَّيْدَلَانِيَّ إجْزَاءَهُمَا، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ. وَالسَّخْلَةُ. وَلَدُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مَا لَمْ يَبْلُغْ سَنَةً، وَالْعَنَاقُ: الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ كَذَلِكَ، وَكَالْعَنَاقِ الْجَدْيُ كَمَا شَمِلَتْهُ السَّخْلَةُ، وَلَوْ اقْتَصَرُوا عَلَى ذِكْرِهَا كَفَى عَنْ ذِكْرِ الْعَنَاقِ وَالْجَدْيِ (وَفِي قَوْلِهِ) أَعْطُوهُ شَاةً (مِنْ مَالِي لَا تَتَعَيَّنُ) الشَّاةُ (فِي غَنَمِهِ) فَيَجُوزُ إعْطَاؤُهَا عَلَى غَيْرِ صِفَةِ غَنَمِهِ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ: أَعْطُوهُ شَاةً (مِنْ شِيَاهِي) أَوْ مِنْ غَنَمِي يَتَعَيَّنُ الشَّاةُ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ مِنْ غَيْرِهَا (فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ) فِي هَذِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ (شَاةٌ بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ لِعَدَمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ مَالِي وَلَا شِيَاهَ لَهُ فَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بَلْ يُشْتَرَى لَهُ مِنْ مَالِهِ شَاةٌ. (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَإِنْ (قَالَ اشْتَرَوْا لَهُ شَاةً تَعَيَّنَتْ سَلِيمَةً) لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيهَا كَمَا فِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَعْطُوهُ) شَاةً لَا تَتَعَيَّنُ السَّلِيمَةُ لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ) : أَعْطُوهُ شَاةً (يَحْلِبُهَا) أَوْ يَنْتَفِعُ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا (تَعَيَّنَتْ أُنْثَى) مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ (أَوْ يُنْزِيهَا) عَلَى غَنَمِهِ (تَعَيَّنَ كَبْشٌ أَوْ تَيْسٌ) وَالنَّعْجَةُ تُقَالُ (لِلْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ وَالْكَبْشُ لِلذَّكَرِ مِنْهَا وَالتَّيْسُ لِلذَّكَرِ مِنْ الْمَعْزِ) تَخْصِيصُ الْكَبْشِ بِكَوْنِهِ مِنْ الضَّأْنِ وَالتَّيْسِ بِكَوْنِهِ مِنْ الْمَعْزِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ كَالْإِسْنَوِيِّ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ. (فَرْعٌ: لَوْ قَالَ) : أَعْطُوهُ (شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ أُعْطِيَ مِنْهَا) وَاحِدَةً (لِأَنَّهَا تُسَمَّى شِيَاهَ الْبَرِّ) وَهَذَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ عَنْ الْأَصْحَاب، لَكِنْ جَزَمَ غَيْرُهُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ (وَالْبَعِيرُ يَشْمَلُ النَّاقَةَ وَالْجَمَلَ الْبَخَاتِيَّ وَالْعِرَابَ وَالْمَعِيبَ) وَالسَّلِيمَ لِصِدْقِ اسْمِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا، فَقَدْ سُمِعَ مِنْ الْعَرَبِ: حَلَبَ فُلَانٌ بَعِيرَهُ، وَصَرَعَتْنِي بَعِيرِي، وَالنَّاقَةُ لَا تَشْمَلُ الْجَمَلَ وَبِالْعَكْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ: يَخْتَصُّ اسْمُ الثَّوْرِ بِالذَّكَرِ) لِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ لُغَةً وَعُرْفًا (وَ) اسْمُ (الْبَقَرَةِ وَالْبَغْلَةِ بِالْأُنْثَى) لِذَلِكَ، وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ: إنَّ الْبَقَرَةَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَشْتَهِرْ عُرْفًا (وَ) اسْمُ (عَشْرِ بَقَرَاتٍ وَ) عَشْرِ (أَيْنُقٍ) بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ عَلَى النُّونِ (بِالْإِنَاثِ) بِنَاءً عَلَى اخْتِصَاصِ الْبَقَرَةِ وَالنَّاقَةِ بِالْأُنْثَى، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّصْرِيحِ بِالْبَقَرَاتِ وَالْأَيْنُقِ بَيْنَ تَعْبِيرِهِ بِعَشْرِ وَبِعَشَرَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَذَكْرُ الْعَشْرِ مِثَالٌ (وَعَشْرٌ) أَوْ عَشَرَةٌ (مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمِ) شَامِلٌ (لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ لِلذَّكَرِ) لِأَنَّهُمْ مَيَّزُوا فَقَالُوا: كَلْبٌ وَكَلْبَةٌ وَحِمَارٌ وَحِمَارَةٌ (وَيَدْخُلُ الْجَوَامِيسُ فِي اسْمِ الْبَقَرَةِ) كَمَا يُكَمَّلُ بِهَا نُصُبُهَا، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْوَحْشُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ غَيْرُهُ فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَمَا مَرَّ فِي الشَّاةِ. انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ قَدْ يُشْكِلُ بِحِنْثِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ بِأَكْلِهِ لَحْمَ بَقَرٍ وَحْشِيٍّ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ، وَمَا هُنَاكَ إنَّمَا يُبْنَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَضْطَرِبْ وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُضْطَرِبٌ (وَاسْمُ الدَّابَّةِ يَتَنَاوَلُ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ حَتَّى الذَّكَرَ وَالْمَعِيبَ وَالصَّغِيرَ) فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ لِاشْتِهَارِهَا فِي ذَلِكَ عُرْفًا، وَإِنْ كَانَتْ لُغَةً لِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ، وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَغْلَبُ مَا يُرْكَبُ، قَالَ تَعَالَى {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: 8] وَالْمُرَادُ بِالْحِمَارِ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ، هَذَا إنْ أُطْلِقَ (فَإِنْ قَالَ) : أَعْطُوهُ دَابَّةً (لِيُقَاتِلَ) أَوْ يَكُرَّ أَوْ يَفِرَّ (عَلَيْهَا خَرَجَ) مِنْ الْوَصِيَّةِ (غَيْرُ الْفَرَسِ) فَيَتَعَيَّنُ الْفَرَسُ (أَوْ لِيَنْتَفِعَ بِظَهْرِهَا وَنَسْلِهَا خَرَجَ) مِنْهَا (الْبَغْلُ، أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَرَجَ) مِنْهَا (الْفَرَسُ لَا بِرْذَوْنٌ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ) فَلَا يَخْرُجُ (أَوْ) قَالَ: أَعْطُوهُ (دَابَّةً لِظَهْرِهَا وَدَرِّهَا تَعَيَّنَتْ الْفَرَسُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَعْتَادُونَ شُرْبَ أَلْبَانِ الْخَيْلِ وَإِلَّا فَلَا، فَتَتَعَيَّنُ الْبَقَرَةُ، قُلْتُ: أَوْ النَّاقَةُ (وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ؛ إذْ قَالَ) أَعْطُوهُ (دَابَّةً لِلْحَمْلِ) عَلَيْهَا (دَخَلَ) فِيهَا (الْجِمَالُ وَالْبَقَرُ إنْ اعْتَادُوا الْحَمْلَ عَلَيْهَا) وَأَمَّا الرَّافِعِيُّ فَضَعَّفَهُ بِأَنَّا إذَا نَزَّلْنَا الدَّابَّةَ عَلَى -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا) كَالزَّكَاةِ وَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَالسَّخْلَةُ وَلَدُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: السَّخْلَةُ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ مَا لَمْ تَسْتَكْمِلْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ،، وَالْعَنَاقُ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ مَا لَمْ يَتِمَّ لَهَا سَنَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيهَا) عُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ جَرَيَانُ هَذَا الْحُكْمِ فِي سَائِرِ صُوَرِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُنْزِيهَا تَعَيَّنَ كَبْشٌ إلَخْ) أَوْ يُنْتَفَعُ بِصُوفِهَا فَضَائِنَةٌ، أَوْ شَعْرِهَا فَعَنْزٌ، وَهَكَذَا كُلُّ وَصِيَّةٍ تَحْتَمِلُ أَشْيَاءَ إذَا اقْتَرَنَ بِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ أَحَدِهَا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ. غ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَغَتْ شَمِلَ مَا إذَا كَانَ لَهُ ظِبَاءٌ، وَهُوَ قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ تَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الظِّبَاءَ قَدْ يُقَالُ لَهَا شِيَاهُ الْبِرِّ وَلَمْ يُقَلْ لَهَا غَنَمُ الْبَرِّ (قَوْلُهُ: وَالْبَعِيرُ يَشْمَلُ النَّاقَةَ) وَلَا يَشْمَلُ الْفَصِيلَ. (قَوْلُهُ: وَالْبَقَرَةُ وَالْبَغْلَةُ بِالْأُنْثَى) لَا تَشْمَلُ الْبَقَرَةُ الْعِجْلَةَ وَلَا الثَّوْرُ الْعِجْلَ (قَوْلُهُ: فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَمَا مَرَّ فِي الشَّاةِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَالْمَعِيبَ وَالصَّغِيرَ) لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مَا لَا يُمْكِنُ رُكُوبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دَابَّةً أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إلَخْ) عِبَارَتِهِ إذَا قَالَ: دَابَّةً يَنْتَفِعُ بِدَرِّهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْطَى فَرَسًا بَلْ نَاقَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَشْرَبُ أَلْبَانَ الْخَيْلِ كَالتُّرْكِ، وَهَذَا يَنْقَدِحُ الْجَزْمُ بِهِ إذَا قَالَ: مِنْ دَوَابِّي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: دَخَلَ الْجِمَالُ وَالْبَقَرُ إنْ اعْتَادُوا الْحَمْلَ عَلَيْهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَلْ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ إذَا قَالَ مِنْ دَوَابِّي لِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ وَدَلَالَةِ الْعُرْفِ وَصِدْقِ اللُّغَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ. اهـ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إذَا قَالَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ فَقَدْ اقْتَرَنَ بِلَفْظِ الدَّابَّةِ مَا صَرَفَهُ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ خُصَّ بِالْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ الرُّكُوبُ إلَى مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْحَمْلُ الْمَنْطُوقُ بِهِ فَيُنَزَّلُ عَلَى مَا يَصْلُحُ لِلْحَمْلِ إمَّا عَامًّا كَالْإِبِلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، أَوْ خَاصًّا كَالْبَقَرِ، وَالْخَيْلِ فَإِنَّهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ لَا يَنْتَظِمُ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِهَا بِقَيْدٍ أَوْ صِفَةٍ (فَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ دَابَّةً مِنْ دَوَابِّي وَمَعَهُ دَابَّةٌ مِنْ جِنْسٍ) مِنْ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ (تَعَيَّنَتْ، أَوْ دَابَّتَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ) مِنْهَا (يُخَيَّرُ الْوَارِثُ) بَيْنَهُمَا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ) مِنْهَا عِنْدَ مَوْتِهِ (بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ الْمَوْتِ لَا بِيَوْمٍ الْوَصِيَّةِ، نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ النَّعَمِ أَوْ نَحْوِهَا فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصِّحَّةُ، وَيُعْطَى مِنْهَا لِصِدْقِ اسْمِ الدَّابَّةِ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا ظِبَاءٌ فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا كَمَا مَرَّ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِذَلِكَ بِخِلَافِ كَلَامِ أَصْلِهِ. (وَالرَّقِيقُ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالْمَعِيبِ) وَالسَّلِيمِ (وَالصَّغِيرِ) وَالْكَبِيرِ (وَالْكَافِرِ) وَالْمُسْلِمِ لِصِدْقِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ لَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ وَبِالْعَكْسِ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ قَالَ) : أَعْطُوهُ رَقِيقًا (لِيُقَاتِلَ أَوْ لِيَخْدُمَهُ فِي السَّفَرِ أُعْطِيَ ذَكَرًا) لِأَنَّهُ الَّذِي يَصْلُحُ لِذَلِكَ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأُولَى: وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا سَلِيمًا مِنْ الزَّمَانَةِ وَالْعَمَى وَنَحْوِهِمَا، وَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ سَلِيمًا مِمَّا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الْخِدْمَةُ، قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ رَقِيقًا يَخْدُمُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ، أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ لَا مُطْلَقًا، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِمَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْخِدْمَةِ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (أَوْ لِيَحْضُنَ وَلَدَهُ) أَوْ لِيَتَمَتَّعَ بِهِ (فَأُنْثَى) ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَصْلُحُ لِلْحَضَانَةِ غَالِبًا وَلِلتَّمَتُّعِ. (وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ رَأْسًا مِنْ رَقِيقِي أَوْ) مِنْ (غَنَمِي أَوْ مِنْ حُبْشَانِ عَبِيدِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَاحِدٌ أُعْطِيَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ (شَيْءٌ) مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ الْمَوْتِ (بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ (فَلَوْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ اسْتَحَقَّ) الْمُوصَى لَهُ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ الْمَوْتِ لَا بِيَوْمِ الْوَصِيَّةِ كَمَا مَرَّ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى مِنْ غَيْر أَرِقَّائِهِ وَإِنْ تَرَاضَيَا؛ لِأَنَّهُ صَلُحَ عَلَى) الْوَجْهِ مَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ عَنْ (مَجْهُولٍ) وَهُوَ بَاطِلٌ. (فَرْعٌ) : لَوْ (أَوْصَى بِأَحَدِ عَبِيدِهِ فَقُتِلُوا) وَلَوْ قَتْلًا مُضَمَّنًا أَوْ مَاتُوا (أَوْ أَعْتَقَهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ إذْ لَا عَبِيدَ لَهُ يَوْمَ الْمَوْتِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُمْ (أَوْ) قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا أَوْ أَعْتَقَهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ (إلَّا وَاحِدًا) مِنْهُمْ (تَعَيَّنَ) لِلْوَصِيَّةِ لِصِدْقِ الِاسْمِ بِهِ، وَلِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ، وَكَمَا لَوْ بَاعَهُ صَاعًا مِنْ صُبْرَةٍ فَلَمْ يَبْقَ سِوَاهُ، فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُمْسِكَ الَّذِي بَقِيَ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ مَقْتُولٍ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُوصِيَ بِأَحَدِ عَبِيدِهِ الْمَوْجُودِينَ، فَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا إلَّا وَاحِدًا لَمْ يَتَعَيَّنْ حَتَّى لَوْ مَلَكَ غَيْرَهُ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ الْحَادِثِ (وَإِنْ قُتِلُوا بَعْدَ الْمَوْتِ) قَتْلًا مُضَمَّنًا (وَلَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ تَعَيَّنَ حَقُّهُ فِي الْقِيمَةِ) فَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ بَعْدَ الْقَبُولِ قِيمَةَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ تَخَيَّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ دَفْعِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ أَحَدِ الْمَقْتُولِينَ (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ أَوْ قُتِلَ) قَتْلًا وَلَوْ غَيْرَ مُضَمَّنٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ (فَلِلْوَارِثِ تَعْيِينُهُ لِلْوَصِيَّةِ وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ (تَجْهِيزُهُ إنْ قَبِلَ) وَتَكُونُ الْقِيمَةُ لَهُ فِي صُورَةِ الْقَتْلِ الْمُضَمَّنِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَصِيَّةِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَبُولِ. (فَرْعٌ) : لَوْ (قَالَ: أَعْطُوهُ رَقِيقًا أَوْ رَقِيقًا مِنْ مَالِي لَمْ يَتَعَيَّنْ) إعْطَاؤُهُ (مِنْ أَرِقَّائِهِ، وَيَجِبُ شِرَاؤُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَقِيقٌ فَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدٍ لَمْ يُعْطَ أَمَةً وَلَا خُنْثَى وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ لَوْ أَوْصَى بِأَمَةٍ أَوْ خُنْثَى لَمْ يُعْطَ عَبْدًا وَلَا يُعْطَى خُنْثَى فِي الْأُولَى، وَلَا أُنْثَى فِي الثَّانِيَةِ. (فَصْلٌ) : لَوْ (أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ) تَطَوُّعًا (أَجْزَأَهُ) إعْتَاقُ (مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوا فُلَانًا رَقِيقًا (وَإِنْ أَوْصَى) شَخْصًا (أَنْ يَشْتَرِيَ بِثُلُثِهِ عَبْدًا وَيَعْتِقَهُ) عَنْهُ (فَاشْتَرَاهُ بِعَيْنِهِ) أَيْ الثُّلُثَ (وَأَعْتَقَهُ) عَنْهُ (ثُمَّ ظَهَرَ) عَلَيْهِ (دَيْنٌ) وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ (بَطَلَ الشِّرَاءُ وَالْعِتْقُ) لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَأَشْبَهَ التَّصَرُّفَ فِي الْمَرْهُونِ (وَإِنْ اشْتَرَا) هـ (فِي ذِمَّتِهِ وَقَعَ) الشِّرَاءُ (عَنْهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ اعْتَمَدَ ذِمَّتَهُ فَوَقَعَ عَنْهُ (وَوَقَعَ الْعِتْقُ عَنْ الْمَيِّتِ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْهُ (وَإِنْ قَالَ: أَعْتِقُوا) عَنِّي (ثُلُثِي رِقَابًا) أَوْ اشْتَرُوا بِثُلُثِي رِقَابًا وَأَعْتِقُوهُمْ (فَأَقَلُّهُ) أَيْ أَقَلُّ عَدَدٍ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الرِّقَابِ (ثَلَاثٌ) ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، فَإِنْ وَفَّى الثُّلُثُ بِثَلَاثٍ فَأَكْثَرَ فُعِلَ (وَالِاسْتِكْثَارُ مَعَ الِاسْتِرْخَاصِ أَوْلَى) مِنْ الِاسْتِقْلَالِ مَعَ الِاسْتِغْلَاءِ، فَإِعْتَاقُ خَمْسِ رِقَابٍ مَثَلًا قَلِيلَةِ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْ إعْتَاقِ أَرْبَعٍ مَثَلًا كَثِيرَةِ الْقِيمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْلِيصِ رَقَبَةٍ زَائِدَةٍ عَنْ الرِّقِّ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» وَلَا يَصْرِفُ   [حاشية الرملي الكبير] إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصِّحَّةُ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: وَيُعْطَى مِنْهَا لِصِدْقِ اسْمِ الدَّابَّةِ عَلَيْهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَعْنَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ الْعُرْفِيِّ، قَالَ: وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيُصْرَفُ إلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ الْوَلَدِ عَلَيْهِمْ مَجَازًا لَكِنْ يَتَعَيَّنُ الْمَجَازُ بِمُقْتَضَى الْوَاقِعِ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَلَحَ عَلَى مَجْهُولٍ) " عَلَى " فِيهِ بِمَعْنَى " عَنْ " كَمَا فِي قَوْلِهِ: إذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ (قَوْلُهُ: قَتْلًا مُضَمَّنًا) أَمَّا إذَا كَانَ الْقَتْلُ غَيْرَ مُضَمَّنٍ كَأَنْ قَتَلَهُمْ حَرْبِيٌّ أَوْ سَبُعٌ فَهُوَ كَالْمَوْتِ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: فَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ بَعْدَ الْقَبُولِ قِيمَةَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إلَخْ) وَفِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ لَهُ قِيمَةَ أَقَلِّهِمْ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ، نَعَمْ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ طِفْلٌ أَوْ نَحْوُهُ تَعَيَّنَ ذَلِكَ غ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ تَجْهِيزُهُ شَمِلَ مَا لَوْ عَيَّنَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ تَحْتَ يَدِهِ. [فَصْلٌ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ تَطَوُّعًا] (قَوْلُهُ: لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ تَطَوُّعَا) خَرَجَ بِهِ الْعِتْقُ الْوَاجِبُ عَنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْهُ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ أَنَّهُ هُنَا صَرَّحَ بِعِتْقِهِ عَنْ الْمَيِّتِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ عِتْقِهِ عَنْ الْمُبَاشِرِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا أَعْتَقَهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِكَوْنِهِ عَنْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِكْثَارُ مَعَ الِاسْتِرْخَاصِ أَوْلَى) وَشِرَاءُ الرَّقَبَةِ الْمَضْرُورَةِ الْمُضَيَّقِ عَلَيْهَا أَوْلَى مِنْ الْمُرَفَّهَةِ عِنْدَ أَهْلِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَالِغَ أَوْلَى مِنْ الصَّغِيرِ، وَأَنَّ الذَّكَرَ أَوْلَى مِنْ الْأُنْثَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 الْوَصِيُّ الثُّلُثَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ إلَى رَقَبَتَيْنِ (فَإِنْ صَرَفَهُ فِي اثْنَتَيْنِ غَرِمَ ثَالِثَةً) بِأَقَلَّ مَا يَجِدُ بِهِ رَقَبَةً لَا بِثُلُثِ مَا نُفِّذَتْ فِيهِ الْوَصِيَّةُ كَمَا فِي دَفْعِ نَصِيبِ أَحَدِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ إلَى اثْنَيْنِ (فَلَوْ لَمْ يَفِ إلَّا بِرَقَبَتَيْنِ وَشِقْصٍ) مِنْ رَقَبَةٍ (أَخَذَ) رَقَبَتَيْنِ (نَفِيسَتَيْنِ) يَسْتَغْرِقُ ثَمَنُهُمَا الثُّلُثَ (فَقَطْ) أَيْ لَا رَقَبَتَيْنِ وَشِقْصًا؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ لَيْسَ بِرَقَبَةٍ فَصَارَ كَقَوْلِهِ: اشْتَرُوا بِثُلُثِي رَقَبَةً وَأَعْتِقُوهَا فَلَمْ يَجِدْ بِهِ رَقَبَةً لَا يَشْتَرِي شِقْصًا، وَلِأَنَّ نَفَاسَةَ الرَّقَبَةِ مَرْغُوبٌ فِيهَا وَقَدْ «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَفْضَلِ الرِّقَابِ فَقَالَ: أَكْثَرُهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَعُورِضَ بِالْخَبَرِ السَّابِقِ، وَيُجَابُ بِحَمْلِ ذَاكَ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَفَ عَدَدُ الْخَسِيسِ وَالنَّفِيسِ، وَهَذَا عَلَى مَا إذَا اتَّحَدَ، أَوْ يُحْمَلُ ذَاكَ عَلَى مَا إذَا تَيَسَّرَ تَكْمِيلُ الرِّقَابِ الْمُسْتَكْثِرَةِ، وَهَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ. (فَإِنْ فَضَلَ) عَنْ أَنْفُسِ رَقَبَتَيْنِ وُجِدَتَا (شَيْءٌ فَلِلْوَرَثَةِ) لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ حِينَئِذٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي امْتِنَاعِ شِرَاءِ الشِّقْصِ بَيْنَ كَوْنِ بَاقِيهِ حُرًّا وَكَوْنِهِ رَقِيقًا، وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ (وَإِنْ قَالَ: اصْرِفُوهُ) أَيْ ثُلُثِي (إلَى الْعِتْقِ اشْتَرَى الشِّقْصَ) لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ صَرْفُ الثُّلُثِ إلَى الْعِتْقِ، وَقَضِيَّةَ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَشْتَرِي الشِّقْصَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْمِيلِ، وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ: يُشْتَرَى شِقْصٌ لَكِنْ التَّكْمِيلُ أَوْلَى إذَا أَمْكَنَ، وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الطَّاوُسِيُّ وَالْبَارِزِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ التَّكْمِيلِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ، قُلْتُ بَلْ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (وَإِنْ قَالَ: أَعْتِقُوا) عَنِّي (عَبْدًا) تَأْخُذُونَهُ (بِمِائَتَيْنِ وَالثُّلُثُ مِائَةٌ) وَأَمْكَنَ أَخْذُنَا عَبْدًا بِهَا (أَخَذْنَا بِهَا عَبْدًا) وَأَعْتَقْنَاهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يَخْرُجْ جَمِيعُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَتَعَيَّنُ إعْتَاقُ الْقَدْرِ الَّذِي يَخْرُجُ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْمُوصَى لَهُ: فَإِنْ أَوْصَى لِحَمْلِ هِنْدٍ) بِكَذَا (فَوَلَدَتْ) وَلَدَيْنِ حَيَّيْنِ وَلَوْ (ذَكَرًا وَأُنْثَى) وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَبَيْنَهُمَا أَقُلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (اسْتَوَيَا) كَمَا لَوْ وَهَبَ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى شَيْئًا، وَإِنَّمَا التَّفْضِيلُ فِي التَّوْرِيثِ بِالْعُصُوبَةِ (أَوْ) وَلَدَتْ (حَيًّا وَمَيِّتًا فَلِلْحَيِّ) مِنْهُمَا الْكُلُّ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَالْمَعْدُومِ بِدَلِيلِ الْبُطْلَانِ بِانْفِصَالِهِمَا مَيِّتَيْنِ (فَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَ حَمْلُهَا أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا ذَكَرًا فَلَهُ كَذَا أَوْ أُنْثَى فَكَذَا، فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى) جَمِيعًا (فَلَا شَيْءَ لَهُمَا) لِأَنَّ حَمْلَهَا جَمِيعَهُ لَيْسَ بِذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى (وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ قُسِّمَ) الْمُوصَى بِهِ (بَيْنَهُمَا، وَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَ) حَمْلُهَا أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا (ابْنًا فَلَهُ كَذَا) أَوْ بِنْتًا فَكَذَا (فَوَلَدَتْ ابْنَيْنِ) أَوْ بِنْتَيْنِ (فَلَا شَيْءَ لَهُمَا) وَإِنَّمَا لَمْ يُقَسَّمْ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا (لِأَنَّ الذَّكَرَ) وَالْأُنْثَى (لِلْجِنْسِ) فَيَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْعَدَدِ بِخِلَافِ الِابْنِ وَالْبِنْت، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ الْفَرْقُ بِوَاضِحٍ، وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ، وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: بَلْ الْفَرْقُ وَاضِحٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَفِيمَا قَالَهُ مِنْ وُضُوحٍ الْفَرْقِ نَظَرٌ. (وَإِنْ قَالَ: إنْ وَلَدَتْ غُلَامًا أَوْ إنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ) غُلَامٌ (أَوْ إنْ كُنْتِ حَامِلًا بِغُلَامٍ فَلَهُ كَذَا، أَوْ أُنْثَى فَكَذَا، فَوَلَدَتْهُمَا أُعْطِيَاهُ) أَيْ أُعْطِيَ كُلُّ مِنْهُمَا مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ (وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ) وَلَوْ مَعَ أُنْثَيَيْنِ (أَعْطَى الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَحَدِ الشَّخْصَيْنِ بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ) وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِمُبْهَمٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى أُعْطِيَ الْأَقَلَّ) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنَّا نُوقِفُ لَهُ تَمَامَ مَا جُعِلَ لِلذَّكَرِ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَالُ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الذَّكَرِ بِالْآخَرِ كَانَ أَوْلَى وَإِنْ قَالَ: إنْ وَلَدَتْ غُلَامًا فَلَهُ كَذَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً اسْتَحَقَّهُ الْغُلَامُ أَوْ غُلَامَيْنِ أَعْطَى الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَإِنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ صُرِفَ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) مِنْ جَوَانِبِ دَارِهِ الْأَرْبَعَةِ لِخَبَرِ: «حَقُّ الْجِوَارِ أَرْبَعُونَ دَارًا هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَأَشَارَ قُدَّامًا وَخَلْفًا وَيَمِينًا وَشِمَالًا.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مُرْسَلًا، وَلَهُ طُرُقٌ تُقَوِّيهِ، فَيُصْرِفُ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِ وَالْغَنِيِّ وَضِدِّهِمَا (عَلَى عَدَدِ الدُّورِ لَا) عَلَى عَدَدِ (السُّكَّانِ) قَالَ السُّبْكِيُّ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ أَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ بِرَقَبَةٍ فَلَا فَرْقَ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ) سِيَاقُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِيمَا يَفْضُلُ عَنْ الرِّقَابِ الْكَوَامِلِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الطَّاوُسِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ) إذْ الشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ إلَى التَّخْلِيصِ مِنْ الرِّقِّ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ التَّشْقِيصُ فِيمَنْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَّا عِنْدَ عَجْزِ الثُّلُثِ عَنْ التَّكْمِيلِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ) أَيْ أَوْ أُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ أُعْطِيَ الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا أَوْصَى لِحَمْلِهَا أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا وَأَتَتْ بِذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ حَيْثُ يُقَسَّمُ أَنَّ حَمْلَهَا مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ وَ (مَا) عَامَّةٌ بِخِلَافِ النَّكِرَةِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهَا لِلتَّوْحِيدِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَحَدِ الشَّخْصَيْنِ بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ) أَيْ بِلَفْظِ أَعْطُوا أَحَدَ الشَّخْصَيْنِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْهَامُ الْمُوصَى لَهُ إلَّا بِصِيغَةِ أَعْطُوا الْعَبْدَ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ فَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُ هُنَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْقِيَاسُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ إلَخْ) لَوْ رَدَّ بَعْضُ الْجِيرَانِ فَهَلْ يَرُدَّ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ؟ أَوْ يَكُونُ الْمَرْدُودُ لِلْوَرَثَةِ؟ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَوْجَبْنَا الِاسْتِيعَابَ كَانَ لِلْوَرَثَةِ وَإِلَّا فَلِبَقِيَّةِ الْجِيرَانِ. غ وَقَوْلُهُ: فَهَلْ يَرُدَّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: صُرِفَ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا) قَالَ الكوهكيلوني: لَا اعْتِبَارَ بِدَارٍ لَا سَاكِنَ بِهَا. اهـ. الْعِبْرَةُ فِي الْجِوَارِ بِمِلْكِ الدَّارِ أَوْ بِالسُّكْنَى؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْجِيلِيُّ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي دَارٍ لِشَخْصٍ سَكَنَهَا غَيْرُهُ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ، أَمَّا لَوْ سَكَنَهَا غَصْبًا فَلَا يَسْتَحِقُّ قَطْعًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْجِوَارِ حَالَةُ الْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِالسُّكْنَى أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَعَدَدُ الدُّورِ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ دَارًا. اهـ. وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ دَارُ الْمُوصِي كَبِيرَةً فِي التَّرْبِيعِ فَيُسَامِتُهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَكْثَرُ مِنْ دَارٍ لِصِغَرِ الْمُسَامِتِ لَهَا أَوْ يُسَامِتُهَا دَارَانِ، وَقَدْ يَكُونُ لِدَارِهِ جِيرَانٌ فَوْقَهَا وَجِيرَانٌ تَحْتَهَا (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَسَّمَ حِصَّةُ كُلِّ دَارٍ عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ اسْتِيعَابِ الدُّورِ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى أَنَّ غَايَةَ الْجِوَارِ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَجِبُ، وَكَلَامُ الْبَيَانِ يُعَضِّدُهُ، وَعَلَيْهِ يَبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ. انْتَهَى. وَالْمُتَّجَهُ إبْقَاءُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى إطْلَاقِهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي جَارِ الدَّارِ أَمَّا لَوْ أَوْصَى لِجِيرَانِ الْمَسْجِدِ فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ، وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي خَبَرِ «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» أَنَّ جَارَ الْمَسْجِدِ مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَغَيْرِهِ فِيمَا تَقَرَّرَ، وَمَا فِي الْخَبَرِ خَاصُّ بِحُكْمِ الصَّلَاةِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُوصِي دَارَانِ صُرِفَ إلَى جِيرَانِ أَكْثَرِهِمَا سُكْنَى لَهُ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَإِلَى جِيرَانِهِمَا، نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ، ثُمَّ قَالَ الْأَوَّلُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُصْرَفَ إلَى جِيرَانِ مَنْ كَانَ فِيهَا الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ، وَاقْتَصَرَ الثَّانِي عَلَى حَالَةِ الْمَوْتِ. (أَوْ) أَوْصَى (لِلْقُرَّاءِ فَحَفَظَةِ الْقُرْآنِ) يُصْرَفُ إلَيْهِمْ (لَا) إلَى حَفَظَةِ بَعْضِهِ وَلَا إلَى (مَنْ قَرَأَ بِالْمَصَاحِفِ بِلَا حِفْظٍ) لِلْعُرْفِ (أَوْ) أَوْصَى (لِلْعُلَمَاءِ أَوْ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فَأَهْلُ عُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ الْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ) يُصْرَفُ إلَيْهِمْ (إنْ عَلِمَ) أَهْلُ الْحَدِيثِ (طُرُقَهُ وَمَتْنَهُ وَأَسْمَاءَ رِجَالِهِ) وَالْمُرَادُ بِالْفَقِيهِ مَنْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْوَقْفِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ، وَبِأَهْلِ التَّفْسِيرِ مَنْ يَعْرِفُ مَعَانِيَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَمَا أُرِيدَ بِهِ (لَا الْمُعْرِبُونَ وَالْأُدَبَاءُ) وَالْأَطِبَّاءُ وَالْمُنَجِّمُونَ وَالْمُعَبِّرُونَ وَالْحُسَّابُ وَالْمُهَنْدِسُونَ (وَلَا الْمُتَكَلِّمُونَ) وَلَا سُمَّاعُ الْحَدِيث الَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِمَا مَرَّ، وَذَلِكَ لِاشْتِهَارِ الْعُرْفِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ دُونَ غَيْرِهِمْ، نَعَمْ اسْتَدْرَكَ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْعِلْمُ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ لِيَرُدَّ عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ وَلِيُمَيِّزَ بَيْنَ الِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ فَذَاكَ مِنْ أَجْلِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَدْ جَعَلُوهُ فِي كِتَابِ السَّيْرِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ التَّوَغُّلُ فِي شُبَهِهِ وَالْخَوْضُ فِيهِ عَلَى طَرِيقِ الْفَلْسَفَةِ فَلَا، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ. وَلِهَذَا قَالَ: لَأَنْ يَلْقَى الْعَبْدُ رَبَّهُ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلَا الشِّرْكَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِعِلْمِ الْكَلَامِ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ: وَالْمُرَادُ بِالْمُقْرِئِ التَّالِي، أَمَّا الْعَالِمُ بِالرِّوَايَاتِ وَرِجَالِهَا فَكَالْعَالِمِ بِطُرُقِ الْحَدِيثِ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيّ بَعْدَ أَنْ رَدَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ بِأَنَّ عِلْمَ الْقِرَاءَاتِ يَتَعَلَّقُ بِالْأَلْفَاظِ دُونَ الْمَعَانِي فَالْعَارِفُ بِهِ لَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْعُلَمَاءِ، وَبِأَنَّ التَّالِيَ قَارِئٌ لَا مُقْرِئٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْأُدَبَاءِ النُّحَاةُ وَاللُّغَوِيُّونَ، وَقَدْ عَدَّ الزَّمَخْشَرِيّ الْأَدَبَ اثْنَيْ عَشَرَ عِلْمًا (وَوَصْفُ الْفُقَهَاءِ) وَالْمُتَفَقِّهَةِ (وَالصُّوفِيَّةِ سَبَقَ) بَيَانُهُ (فِي الْوَقْفِ، وَأَعْقَلُ النَّاسِ أَزْهَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا) وَكَذَا أَكْيَسُ النَّاسِ، قَالَهُ الْقَاضِي (وَأَجْهَلُهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ، فَإِنْ قَالَ) : أَوْصَيْتُ لِأَجْهَلِهِمْ (مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَمَنْ) أَيْ فَيُصْرَفُ إلَى مَنْ (يَسُبُّ الصَّحَابَةَ) وَقِيلَ: إلَى الْإِمَامِيَّةِ وَالْمُجَسِّمَةِ، وَقِيلَ: إلَى مُرْتَكِبِ الْكَبَائِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُمْ إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْجِهَةِ عَدَمُ الْمَعْصِيَةِ. وَقَدْ تَفَطَّنَ لِذَلِكَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فَقَالَ: وَيَنْبَغِي عَدَمُ صِحَّتِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَعْصِيَةِ كَمَا لَا تَصِحُّ لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ، وَلَوْ أَوْصَى لِأَبْخَلِ النَّاسِ قَالَ الْبَغَوِيّ: صُرِفَ إلَى مَانِعِ الزَّكَاةِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي هَذَا احْتِمَالًا ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُصْرَفَ إلَى مَنْ لَا يَقْرِي الضَّيْفَ، وَلَوْ أَوْصَى لِأَحْمَقِ النَّاسِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: تُصْرَفُ إلَى مَنْ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: عِنْدِي أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى أَسْفَهِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْحُمْقَ يَرْجِعُ إلَى الْفِعْلِ دُونَ الِاعْتِقَادِ، وَعَنْ الْقَاضِي: لَوْ أَوْصَى لِسَيِّدِ النَّاسِ صُرِفَ إلَى الْخَلِيفَةِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَّلَهُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَغَيْرِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْقُرَّاءِ فَحَفَظَةُ الْقُرْآنِ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ حَفِظَهُ وَكَانَ يَغْلَطُ فِيهِ الْغَلَطَاتِ الْيَسِيرَةَ يُعَدُّ مِنْهُمْ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي اسْتِحْقَاقِهِ. غ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْعُلَمَاءِ) وَكَانَ أَنْبِيَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى يَقُومُونَ عَلَيْهِمْ بِشَرِيعَةِ مُوسَى وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ كَعُلَمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَحَدِيثُ «عُلَمَاءُ أُمَّتِي كَأَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ» مَعْنَاهُ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ وَإِنَّمَا الثَّابِتُ «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ» (قَوْلُهُ فَأَهْلُ عُلُومِ الشَّرْعِ إلَخْ) أَوْلَاهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ الْفُقَهَاءُ لِلْعُرْفِ فِيهِ حَتَّى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ صُرِفَ لِلْفُقَهَاءِ لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ (قَوْلُهُ: وَبِأَهْلِ التَّفْسِيرِ مَنْ يَعْرِفُ إلَخْ) أَمَّا مَنْ عَرَفَ التَّفْسِيرَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَحْكَامَهُ فَلَا يُصْرَفُ لَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ كَنَاقِلِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْفَقِيهُ مَنْ عَرَفَ أَحْكَامَ الشَّرْعِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ شَيْئًا، وَالْمُرَادُ مِنْ كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ دُونَ مَا إذَا عَرَفَ طَرَفًا مِنْهُ، كَمَنْ يَعْرِفُ أَحْكَامَ الْحَيْضِ أَوْ الْفَرَائِضِ وَإِنْ سَمَّاهَا الشَّارِعُ نِصْفَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: وَمَا أُرِيدَ بِهِ مِنْ خَبَرٍ وَحُكْمٍ) وَهُوَ بَحْرٌ لَا سَاحِلَ لَهُ وَكُلُّ عَالِمٍ يَأْخُذُ مِنْهُ عَلَى قَدْرِهِ، وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَقِسْمٍ يُدْرَكُ مِنْ دَلَالَاتِ الْأَلْفَاظِ بِوَاسِطَةِ عُلُومٍ أُخَرَ كَاللُّغَةِ وَغَيْرِهَا. (وَقَوْلُهُ: فَالْعَارِفُ بِهِ لَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْعُلَمَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَدَّ الزَّمَخْشَرِيّ الْآدَابَ اثْنَيْ عَشْرَ عِلْمًا) وَعَدَّهَا بَعْضُهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: عِلْمُ اللُّغَةِ، وَعِلْمُ الِاشْتِقَاقِ، وَعِلْمُ التَّصْرِيفِ، وَعِلْمُ النَّحْوِ، وَعِلْمُ الْمَعَانِي، وَعِلْمُ الْبَيَانِ، وَعِلْمُ الْبَيْعِ، وَعِلْمُ الْعَرُوضِ، وَعِلْمُ الْقَوَافِي، وَعِلْمُ قَرْضِ الشِّعْرِ، وَعِلْمُ إنْشَاءِ النَّثْرِ، وَعِلْمُ الْخَطِّ، وَعِلْمُ الْمُحَاضَرَاتِ، وَمِنْهُ التَّوَارِيخُ، وَعِلْمُ الْقِرَاءَاتِ (قَوْلُهُ: وَوَصْفُ الْفُقَهَاءِ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَنْ الْإِحْيَاءِ لِلْغَزَالِيِّ: لَوْ أَوْصَى بِمَالٍ لِلْفُقَهَاءِ دَخَلَ الْفَاضِلُ دُونَ الْمُبْتَدِئِ مِنْ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ، وَلِلْمُتَوَسِّطِ بَيْنهُمَا دَرَجَاتٌ يَجْتَهِدُ الْمُفْتِي فِيهَا، وَالْوَرَعُ لَهُ تَرْكُ الْأَخْذِ، وَفِي فَوَائِدِ الرِّحْلَةِ لِابْنِ الصَّلَاحِ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ الظَّاهِرِيَّةَ لَا يَسْتَحِقُّونَ مِنْ وَصِيَّةِ الْفُقَهَاءِ شَيْئًا (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْقَاضِي) قَالَ الْبَغَوِيّ: وَالزَّاهِدُ مَنْ لَا يَطْلُبُ مِنْ الدُّنْيَا إلَّا مَا يَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ) قَالَ شَيْخُنَا: صُورَتُهُ أَنْ يُطْلِقَ الْوَصِيَّةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ جِهَةَ الْمَعْصِيَةِ فَهِيَ حَاصِلَةٌ بِاللَّازِمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَغَوِيّ: صُرِفَ إلَى مَانِعِي الزَّكَاةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 بِأَنَّ سَيِّدَ النَّاسِ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِمْ وَالْمُطَاعُ فِيهِمْ، قَالَ: وَلَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ صُرِفَ إلَى الْفُقَهَاءِ لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ. (وَإِنْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَجَبَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (النِّصْفُ) فَلَا يُقَسَّمُ ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا دَخَلَ) فِيهِ (الْآخَرُ) فَيَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمَا (أَوْ لِلرِّقَابِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْنَافِ أَوْ لِلْعُلَمَاءِ لَمْ يَجِبْ الِاسْتِيعَابُ بَلْ يُسْتَحَبُّ) عِنْدَ الْإِمْكَانِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ إذَا فَرَّقَهَا الْمَالِكُ (وَيَكْفِي ثَلَاثَةٌ) مِنْ كُلِّ صِنْفٍ، أَيْ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ (بِخِلَافِ بَنِي زَيْدٍ وَ) بَنِي (عَمْرٍو فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ اسْتِيعَابُهُمْ) بِأَنْ يُقَسَّمَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ (وَإِنْ دَفَعَ لِاثْنَيْنِ غَرِمَ لِلثَّالِثِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ) لِأَنَّهُ الَّذِي فَرَّطَ فِيهِ لَا الثُّلُثُ (وَلَا يَصْرِفُهُ) أَيْ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ لِلثَّالِثِ (بَلْ يُسَلِّمُهُ لِلْقَاضِي لِيَصْرِفَهُ) لَهُ بِنَفْسِهِ (أَوْ يَرُدُّهُ) الْقَاضِي (إلَيْهِ لِيَدْفَعَهُ) هُوَ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا إذَا دَفَعَ لِاثْنَيْنِ عَالِمًا بِأَنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ إلَى ثَلَاثَةٍ، أَمَّا لَوْ ظَنَّ جَوَازَهُ لِجَهْلٍ أَوْ اعْتِقَادِ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالدَّفْعِ لِثَالِثٍ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى أَمَانَتِهِ وَإِنْ أَخْطَأَ وَضَمَّنَّاهُ، قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرُوا الِاسْتِرْدَادَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمَا إذَا أَمْكَنَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ مُتَعَيِّنٌ إذَا كَانَ الْوَصِيُّ مُعْسِرًا وَلَيْسَ كَالْمَالِكِ فِي دَفْعِ زَكَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ مُتَبَرِّعٌ بِمَالِهِ، وَالْوَصِيُّ هُنَا مُتَصَرِّفٌ عَلَى غَيْرِهِ. (وَيَجُوزُ نَقْلُ الْمُوصَى بِهِ لِلْفُقَرَاءِ) أَوْ الْمَسَاكِينِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ (بِخِلَافِ الزَّكَاةِ) لِأَنَّ الْأَطْمَاعَ لَا تَمْتَدُّ إلَى الْوَصِيَّةِ امْتِدَادَهَا إلَى الزَّكَاةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ؛ إذْ الزَّكَاةُ مَطْمَحُ نَظَرِ الْفُقَرَاءِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُوَظَّفَةٌ دَائِرَةٌ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ تَقْيِيدُهَا بِفُقَرَاءِ سَائِرِ الْبِلَادِ (فَإِنْ رَقَّ الْمُكَاتَبُ) بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ (اُسْتُرِدَّ) مِنْهُ (الْمَالُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ سَيِّدِهِ. فَرْعٌ) لَوْ (أَوْصَى لِفُقَرَاءِ بَلَدٍ) بِعَيْنِهِ (مَحْصُورِينَ اُشْتُرِطَ قَبُولٌ) مِنْهُمْ (وَاسْتِيعَابٌ) لَهُمْ (وَتَسْوِيَةٌ) بَيْنَهُمْ لِتَعَيُّنِهِمْ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِمُطْلَقِ الْفُقَرَاءِ (أَوْ) أَوْصَى (لِسَبِيلِ الْبِرِّ أَوْ الْخَيْرِ) أَوْ الثَّوَابِ (فَكَمَا فِي الْوَقْفِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ، ثُمَّ (فَإِنْ فَوَّضَ) الْمُوصِي أَمْرَ الْوَصِيَّةِ (إلَى الْوَصِيِّ) كَأَنْ قَالَ لَهُ ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ رَأَيْتَ أَوْ فِيمَا أَرَاك اللَّهُ (لَمْ يُعْطِ نَفْسَهُ) وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا، كَمَا أَنَّ الْوَكِيلَ فِي الْبَيْعِ لَا يَبِيعُ لِنَفْسِهِ (بَلْ أَقَارِبُ الْمُوصِي الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ) مِنْهُ (أَوْلَى) بِالصَّرْفِ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ فِيهِمْ آكَدُ (ثُمَّ) الْأَوْلَى أَنْ يُصْرَفَ (إلَى مَحَارِمِهِ مِنْ الرَّضَاعِ ثُمَّ إلَى جِيرَانِهِ) الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ أَمَّا أَقَارِبُهُ الَّذِينَ يَرِثُونَ مِنْهُ فَلَا يَصْرِفُ إلَيْهِمْ شَيْئًا وَإِنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ إذْ لَا يُوصَى لَهُمْ عَادَةً، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: وَيَمْتَنِعُ الصَّرْفُ إلَى عَبْدِ الْمُوصِي. (وَإِنْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ زَيْدٍ أَوْ رَحِمِهِ وَجَبَ اسْتِيعَابُهُمْ) وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ (إنْ انْحَصَرُوا) لِتَعَيُّنِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرُوا فَكَالْوَصِيَّةِ لِلْعُلْوِيَّةِ وَسَيَأْتِي (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ) مِنْهُمْ (إلَّا وَاحِدٌ أُعْطِيَ الْكُلَّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَرَابَةِ وَالرَّحِمِ مَصْدَرٌ يُوصَفُ بِهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ، وَعَلَّلَ الْإِمَامُ صُورَةَ الْجَمْعِ بِأَنَّ الْجَمْعَ لَيْسَ مَقْصُودًا هُنَا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الصَّرْفُ إلَى جِهَةِ الْقَرَابَةِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَكِنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ كَالْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ (وَيَدْخُلُ) فِي الْوَصِيَّةِ لِأَقَارِبِ زَيْدٍ أَوْ رَحِمِهِ (الْوَارِثُ وَغَيْرُهُ، وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ) وَالْمُسْلِمُ (وَالْكَافِرُ) وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى، وَالْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ؛ لِشُمُولِ الِاسْمِ لَهُمْ (وَكَذَا) يَدْخُلُ فِيهَا (الْأَجْدَادُ) وَالْجَدَّاتُ (وَالْأَحْفَادُ كُلُّهُمْ لَا الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُعْرَفُونَ بِذَلِكَ عُرْفًا بِخِلَافِ مَنْ قَبْلَهُمْ؛ إذْ قَرِيبُ الْإِنْسَانِ وَرَحِمُهُ مَنْ يَنْتَمِي إلَيْهِ بِوَاسِطَةٍ (وَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلُ وَرَثَتُهُ) بِقَرِينَةِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يُوصَى لَهُ عَادَةً، وَقِيلَ: يَدْخُلُونَ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَبْطُلُ نَصِيبُهُمْ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ، وَيَصِحُّ الْبَاقِي لِغَيْرِهِمْ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ جَمِيعُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إلَخْ) وَلَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقَالَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ دِرْهَمٌ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِهِ إلَّا دُونَ الْأَلْفِ فَهَلْ نَقُولُ: يُرَاعَى الْعَدَدُ فَيُقَسَّطُ الْخَارِجُ عَلَى الْأَلْفِ؟ أَوْ نَقُولُ: إعْطَاءُ الدِّرْهَمِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَقْصُودٌ وَالْعَدَدُ إنَّمَا جَاءَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ؟ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ، وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمِلَةٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُدْفَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْمُوصِي، وَمَا فَضَلَ مِنْ شِقْصِ دِرْهَمٍ يُعْطَى لِشَخْصٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَحَدِهِمَا دَخَلَ الْآخَرُ) وَيَشْمَلُ الْفَقِيرُ الْمِسْكِينَ وَعَكْسُهُ، الْمِسْكِينُ هُنَا غَيْرُ مِسْكِينِ الزَّكَاةِ فَيَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ هُنَا وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقَّ النَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِهِ، فَالنَّظَرُ هُنَا إلَى الِاسْمِ فَقَطْ، وَقِيلَ كَهُوَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ أَقَارِبُ الْمُوصِي الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ أَوْلَى) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا يُوهِمُ جَوَازَ الصَّرْفِ إلَى الْوَارِثِ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى امْتِنَاعِهِ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ وَارِثًا لِلْمَيِّتِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ رَحِمِهِ) أَيْ أَوْ قَرَابَتِهِ أَوْ ذَوِي قَرَابَتِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا: لَوْ أَوْصَى لِمُنَاسِبِ شَخْصٍ فَلِمَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ أَوْلَادِهِ لَا الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، أَوْ لِمَنْ يُنَاسِبُهُ دَخَلَ الْآبَاءُ وَالْحَوَاشِي، وَفِي الْأُمِّ وَالْجَدَّاتِ مُطْلَقًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ دُخُولِهِنَّ فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَا تَدْخُلُ الْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَالْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَالْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ) اسْتَشْكَلَ السُّبْكِيّ دُخُولَ الْبَعِيدِ فِي لَفْظِ (الْأَقَارِبِ) ؛ لِأَنَّ مُفْرَدَهُ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ، وَيُجَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّا لَوْ اقْتَصَرْنَا عَلَى مَعْنَى التَّفْضِيلِ لَمْ تَصْدُقْ الْأَقَارِبُ إلَّا عَلَى جَمْعٍ هُمْ أَقْرَبُ إلَى الشَّخْصِ مِنْ غَيْرِهِمْ مَعَ اشْتِرَاكِهِمْ، وَالْعُرْفُ يَأْبَى ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] . وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهَا «لَمَّا نَزَلَتْ صَعِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِي: يَا بَنِي فِهْرٍ يَا بَنِي عَدِيٍّ لِبُطُونِ قُرَيْشٍ.» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي الْبُخَارِيِّ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ» أَوْ كَلِمَةٌ نَحْوُهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قُرَيْشًا كُلَّهَا عَشِيرَتُهُ الْأَقْرَبُونَ، وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّ بَنِي آدَمَ كُلَّهُمْ قَرَائِبُ، وَلَكِنْ إنْ بَعُدَتْ الْقَرَابَةُ حَتَّى انْقَطَعَتْ وَلَمْ تُعْرَفْ لَمْ تُعَدَّ قَرَابَةً، وَإِنْ عُرِفَتْ عُدَّتْ قَرَابَةً وَأُطْلِقَ لَفْظُ الْأَقْرَبِينَ وَالْأَقَارِبِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 نَصِيبِ كُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ إجَازَةُ نَفْسِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، فَلَوْ قِيلَ يَدْخُلُ وَيُعْطَى نَصِيبَهُ كَانَ أَوْجَهَ وَأَنْسَبَ بِمَا لَوْ أَوْصَى لِأَهْلِهِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي تِلْكَ لَا يَدْخُلُ أَوْ يَدْخُلُ وَيَبْطُلُ نَصِيبُهُ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِيمَا ذُكِرَ (أَقْرَبُ جَدٍّ يُنْسَبُ إلَيْهِ) الْمُوصِي لِأَقَارِبِهِ (وَبَعْدَ) الْجَدِّ (قَبِيلَةٌ) فَيَرْتَقِي فِي بَنِي الْأَعْمَامِ إلَيْهِ وَلَا يُعْتَبَرُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَلَا مَنْ فَوْقَهُ (فَالْحَسَنِيُّونَ لَا يُشَارِكُهُمْ الْحُسَيْنِيُّونَ) أَيْ فَالْوَصِيَّةُ لِأَقَارِبِ حَسَنِيٍّ لِأَوْلَادِ الْحَسَنِ دُونَ أَوْلَادِ مَنْ فَوْقَهُ وَأَوْلَادِ الْحُسَيْنِ، وَلِأَقَارِبِ الشَّافِعِيِّ فِي زَمَنِهِ لِأَوْلَادِ شَافِعٍ دُونَ أَوْلَادِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَأَوْلَادِ مَنْ فَوْقَهُ، أَوْ لِأَقَارِبِ مَنْ هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الشَّافِعِيِّ فِي زَمَنِنَا لِأَوْلَادِ الشَّافِعِيِّ دُونَ أَوْلَادِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَأَوْلَادِ مَنْ فَوْقَهُ. وَقَوْلِي فِي الْأُولَى: فِي زَمَنِهِ تَبِعْتُ فِيهِ الْأَصْلَ وَغَيْرَهُ وَلَا حَاجَة إلَيْهِ بَلْ يُوهِمُ خِلَافُ الْمُرَادِ (وَيَسْتَوِي فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ قَرَابَةُ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَلَوْ كَانَ) الْمُوصِي (عَرَبِيًّا) لِشُمُولِ الِاسْمِ، وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُ قَرَابَةُ الْأُمِّ إنْ كَانَ الْمُوصِي عَرَبِيًّا؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَعُدُّهَا قَرَابَةً وَلَا يُفْتَخَرُ بِهَا، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ، لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ: الْأَقْوَى الدُّخُولُ، وَأَجَابَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَتَوْجِيهُ عَدَمِ الدُّخُولِ بِمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَعْدٌ خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ (كَالرَّحِمِ) فِي أَنَّهُ يَسْتَوِي فِي الْوَصِيَّةِ لَهَا قَرَابَةُ الْأَبِ وَالْأُمِّ بِلَا خِلَافٍ فِي الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، إذْ لَفْظُ " الرَّحِمِ " لَا يَخْتَصُّ بِطَرَفِ الْأَبِ (وَإِنْ أَوْصَى لِأَقْرَبِ أَقَارِبِ زَيْدٍ دَخَلَ فِيهَا الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ) كَمَا يَدْخُلُ غَيْرُهُمْ عِنْد عَدَمِهِمْ؛ لِأَنَّ أَقْرَبَهُمْ هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِزِيَادَةِ الْقَرَابَةِ، وَهَؤُلَاءِ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهِمْ أَقَارِبُ عُرْفَا. (تُقَدَّمُ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَتُقَدَّمُ (الذُّرِّيَّةُ مُطْلَقَا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانُوا مِنْ أَوْلَادِ الْبَنِينَ أَمْ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ عَلَى الْآبَاءِ (الْأَعْلَى) مِنْهُمْ (فَالْأَعْلَى) لِقُوَّةِ عُصُوبَتِهِمْ وَإِرْثِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ (ثُمَّ) يُقَدَّمُ (الْأَبَوَانِ) عَلَى مَنْ فَوْقَهُمَا وَعَلَى الْحَوَاشِي (وَالْأَخُ) مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ (يُقَدَّمُ عَلَى الْجَدِّ) مِنْ الْجِهَتَيْنِ لِقُوَّةِ جِهَةِ الْبُنُوَّةِ عَلَى جِهَةِ الْأُبُوَّةِ كَمَا فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ إخْرَاجُ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَلَيْسَ مُرَادًا (وَكَذَا) تُقَدَّمُ (ذُرِّيَّتُهُ) أَيْ الْأَخِ عَلَى الْجَدِّ لِذَلِكَ، وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ (الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى) لِذَلِكَ، وَكَالْأَخِ وَذُرِّيَّتِهِ فِيمَا ذُكِرَ الْأُخْتُ وَذُرِّيَّتُهَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ (وَالْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ) بَعْدَ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ (سَوَاءٌ) فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمْ، قَالَ فِي الْأَصْلِ: ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيُقَدَّمُ الْعَمُّ وَالْعَمَّةُ عَلَى أَبِي الْجَدِّ، وَالْخَالُ وَالْخَالَةُ عَلَى جَدِّ الْأُمِّ وَجَدَّتِهَا (وَكَذَا الْأَخُ مِنْ الْأَبِ وَالْأَخُ مِنْ الْأُمِّ سَوَاءٌ، وَابْنُ الْأَبَوَيْنِ) مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَأَوْلَادُهُمْ (يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ أَحَدِهِمَا) لِزِيَادَةِ قَرَابَتِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الِابْنِ بِالْوَلَدِ كَانَ أَعَمَّ. (وَالْأَخُ لِأُمٍّ) يُقَدَّمُ (عَلَى ابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ هَكَذَا يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ دَرَجَةً) فِي الْجِهَةِ (كَيْفَ كَانَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ) فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِأَبٍ عَلَى ابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ أَخٍ لِأَبٍ وَابْنُ أَخٍ لِأُمٍّ عَلَى ابْنِ ابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْأُخُوَّةِ وَاحِدَةٌ فُرُوعِي قَرِيبُ الدَّرَجَةِ وَإِلَّا بِأَنْ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ (فَالْبَعِيدُ مِنْ الْجِهَةِ الْقَرِيبَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْ الْجِهَةِ الْبَعِيدَةِ كَابْنِ ابْنِ الْأَخِ وَإِنْ سَفَلَ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ) وَلَا تَرْجِيحَ بِذُكُورَةٍ وَلَا أُنُوثَةٍ بَلْ يَسْتَوِي الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ، وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الِابْنِ، كَمَا يَسْتَوِي الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَنُوطٌ بِزِيَادَةِ الْقُرْب، قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَفِي تَقْدِيمِ الْجَدَّةِ مِنْ جِهَتَيْنِ عَلَى الْجَدَّةِ مِنْ جِهَةٍ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْمِيرَاثِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مُتَابَعٌ فِيهِ لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ الْمَأْخَذُ ثَمَّ اسْمُ الْجَدَّةِ، وَهُنَا مَعْنَى الْأَقْرَبِيَّةِ، فَتُقَدَّمُ ذَاتُ الْقَرَابَتَيْنِ عَلَى ذَاتِ الْقَرَابَةِ الْوَاحِدَةِ، وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ فِي الْوَقْفِ. (فَرْعٌ) : لَوْ (أَوْصَى لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ أَقَارِب زَيْدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ) الصَّرْفِ إلَى (ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَقْرَبِينَ (فَلَوْ زَادُوا) عَلَيْهِمْ (اسْتَوْعَبَهُمْ) لِئَلَّا تَصِيرَ وَصِيَّةً لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ ثَمَّ الْجِهَةُ، فَلَوْ قَالَ: فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِيعَابِ الْأَقْرَبِينَ كَانَ أَخْصَرَ (وَإِنْ) وَجَدْنَا مِنْهُمْ دُونَ ثَلَاثَةٍ تَمَمْنَاهَا مِمَّنْ يَلِيهِمْ، فَإِنْ (وَجَدْنَا ابْنًا وَابْنَ ابْنٍ) وَبَنِي ابْنِ ابْنٍ دَفَعْنَا إلَى الِابْن ثُلُثًا وَإِلَى ابْنِ الِابْنِ ثُلُثًا آخَرَ ثُمَّ (تَمَّمْنَا) الثَّلَاثَ (مِنْ الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ) وَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا، بَلْ (لِأَهْلِهَا الثُّلُثُ) -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي تِلْكَ: لَا يَدْخُلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ عَرَبِيًّا) قَالَ جَمَالُ الدِّينِ: الْمُرَادُ بِالْعَرَبِيِّ مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْعَرَبِيَّةِ لَا مِنْ يُنْسَبُ إلَى الْعَرَبِ وَهُوَ جَاهِلٌ بِلُغَتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَالْأَعْجَمِيِّ، قَالَ: وَيَشْتَرِطُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ لُغَتَهُمْ وَيَعْتَقِدَ اعْتِقَادَهُمْ فِي اسْمِ الْقَرَابَةِ أَنَّهُ الْمُنْتَصَرُ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: دَخَلَ فِيهَا الْأَبَوَانِ إلَخْ) دُخُولُ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا فِي ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى دُخُولِ قَرَابَةِ الْأُمِّ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ إذَا كَانَ الْمُوصِي عَرَبِيًّا، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَلْفَاظِ الْوَجِيزِ (قَوْلُهُ: وَالْأَخُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَدِّ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَا يُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأُمِّ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَمَسْأَلَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَقْرَبِ وَفِي وَقْفٍ انْقَطَعَ مَصْرِفُهُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ، وَلَا يُقَدَّمُ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَلَا ابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ إلَّا هُنَا وَفِي الْوَلَاءِ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْعَمِّ عَلَى أَبِي الْجَدِّ كَمَا فِي الْوَلَاءِ. (قَوْلُهُ: فَتُقَدَّمُ ذَاتُ الْقَرَابَتَيْنِ عَلَى ذَاتِ الْقَرَابَةِ الْوَاحِدَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا: إذَا صَدَرَ مِنْ وَاقِفٍ وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادٍ هَكَذَا فِي جَمِيعِ الذُّرِّيَّةِ بِالتَّرْتِيبِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَمْ يُعْقِبْ كَانَ نَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ، يَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِذَلِكَ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ أَقْرَبِيَّةٌ إلَى الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ إلَّا بِجِهَتَيْنِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ إعْمَالًا لِلَفْظِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ. قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 الْبَاقِي وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ (وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَوْعَبُوا) بِالثُّلُثِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَانَ الْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، أَيْ فَتَبْطُلُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ " جَمَاعَةٍ " مُنَكَّرٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ أَوْ لِثَلَاثَةٍ لَا عَلَى التَّعْيِينِ مِنْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ، انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْتُ لِأَقْرَبِي أَقَارِبِ زَيْدٍ، وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَوْصَى لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ أَقَارِبِ زَيْدٍ (أَوْ) أَوْصَى (لِفُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ لَمْ يُعْطَ مَكْفِيٌّ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ أَوْ زَوْجٍ) كَمَا فِي الزَّكَاةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ) : لَوْ (أَوْصَى لِأَقْرَبِ قَرَابَتِهِ) يَعْنِي أَقَارِبَهُ (فَالتَّرْتِيبُ كَمَا ذَكَرْنَا، فَلَوْ) الْأُولَى قَوْلُ أَصْلِهِ لَكِنْ لَوْ (كَانَ الْأَقْرَبُ وَارِثًا صَرَفْنَاهُ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ (لِلْأَقْرَبِ مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِينَ إذَا لَمْ يُجِيزُوا) أَيْ الْوَارِثُونَ الْوَصِيَّةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ. (فَرْعٌ: قَدْ بَيَّنَّا آلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، فَلَوْ أَوْصَى لِآلِ غَيْرِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ لِظُهُورِ أَصْلٍ لَهُ فِي الشَّرْعِ (وَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْقَرَابَةِ أَوْ عَلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ؟ وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: فَإِنْ كَانَ ثَمَّ وَصِيٌّ فَهَلْ الْمُتَّبَعُ رَأْيُهُ أَوْ رَأْيُ الْحَاكِمِ؟ وَجْهَانِ (ثُمَّ الْحَاكِمُ) عَلَى الْقَوْلِ بِاتِّبَاعِ رَأْيِهِ أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ (يُتَحَرَّى مُرَادُ الْمُوصِي) إنْ أَمْكَنَ الْعُثُورُ عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تُحُرِّيَ (أَظْهَرُ مَعَانِي اللَّفْظِ) بِالْوَضْعِ أَوْ الِاسْتِعْمَالِ. (فَرْع: أَهْلُ الْبَيْتِ كَالْآلِ) فِيمَا ذُكِرَ (لَكِنْ تَدْخُلُ الزَّوْجَةُ فِيهِمْ) أَيْضًا (وَلَوْ أَوْصَى لِأَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْبَيْتِ فَكُلُّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) يَدْخُلُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إلَّا وَرَثَتَهُ؛ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَقَارِبِهِ (وَإِنْ أَوْصَى لِآبَائِهِ دَخَلَ أَجْدَادُهُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، أَوْ لِأُمَّهَاتِهِ دَخَلَ جَدَّاتُهُ أَيْضًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَلَا تَدْخُلُ الْأَخَوَاتُ فِي الْإِخْوَةِ) كَعَكْسِهِ. (فَصْلٌ: الْأَخْتَانُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (أَزْوَاجُ الْبَنَاتِ فَقَطْ لَا أَزْوَاجُ الْمَحَارِمِ مُطْلَقًا، وَكَذَا أَزْوَاجُ الْحَوَافِدِ) لَا يَدْخُلُونَ فِي الْأُخْتَانِ (إلَّا إنْ انْفَرَدْنَ) أَيْ الْحَوَافِدُ عَنْ الْبَنَاتِ فَيَدْخُلُ أَزْوَاجُهُنَّ حِينَئِذٍ فِي الْوَصِيَّةِ لَلْأَخْتَانِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِلْأَوْلَادِ وَلَمْ يَكُنْ إلَّا أَحْفَادٌ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي كَوْنِهِمْ أَزْوَاجَهُنَّ (حَالَ الْمَوْتِ) لَا حَالَ الْوَصِيَّةِ وَلَا حَالُ الْقَبُولِ، فَلَوْ كُنَّ خَلِيَّاتٍ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ مَنْكُوحَاتٍ يَوْمَ الْمَوْتِ اسْتَحَقَّ أَزْوَاجُهُنَّ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا، إنْ كُنَّ بَوَائِنَ لَا رَجْعِيَّاتٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَالرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ) وَكَذَا الْمُبَانَةُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ (وَالْأَحْمَاءُ آبَاءُ) وَفِي نُسْخَةٍ أَبُو (الزَّوْجَةِ) وَمِنْهُمْ أَجْدَادُهَا وَجَدَّاتُهَا، وَقِيلَ: لَا تَدْخُلُ أَجْدَادُهَا وَجَدَّاتُهَا، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا أَبُو زَوْجَةِ كُلِّ مُحْرِمٍ حَمْوٌ، وَالْأَصْهَارُ تَشْمَلُ الْأَخْتَانَ وَالْأَحْمَاءَ. فَرْعٌ: الْمَحَارِمُ) يَدْخُلُ فِيهِمْ (كُلُّ مُحَرَّمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ. فَرْعٌ) : لَوْ (أَوْصَى لِوَرَثَةِ زَيْدٍ سُوِّيَ بَيْنَهُمْ) وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَلَا تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَقَادِيرِ الْإِرْثِ (وَلَوْ خَلَّفَ بِنْتًا فَقَطْ أَخَذَتْ الْجَمِيعَ) وَإِنْ لَمْ نَحْكُمْ بِالرَّدِّ (فَإِنْ مَاتَ) الْمُوصِي (وَزَيْدٌ حَيٌّ أَوْ) مَاتَ زَيْدٌ (وَلَا وَارِثَ لَهُ) خَاصٌّ (بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ لِعَدَمِ الْوَارِثِ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (وَإِنْ أَوْصَى لِعَصَبَةِ زَيْدٍ أُعْطُوا فِي حَيَاتِهِ) ؛ لِأَنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ عَصَبَةً فِي حَيَاتِهِ (وَكَذَا عَقِبُهُ) لَوْ أَوْصَى لَهُمْ أُعْطُوا فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ عَقِبَهُ فِي حَيَاتِهِ (وَقَدْ ذَكَرْنَا الْعَقِبَ) وَالنَّسْلَ وَالذُّرِّيَّةَ وَالْعَشِيرَةَ وَالْعِتْرَةَ (فِي الْوَقْفِ، وَالْعَصَبَةُ) الَّذِينَ يُعْطَوْنَ (مَنْ كَانَ أَوْلَى بِالتَّعْصِيبِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: وَلَوْ أَوْصَى لِمُنَاسِبِيهِ فَهُمْ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ دُونَ مَنْ يُنْسَبُ هُوَ إلَيْهِمْ مِنْ آبَائِهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ نَسَبَهُمْ إلَيْهِ (وَالْوَصِيَّةُ لِلْمَوَالِي كَمَا فِي الْوَقْفِ) عَلَيْهِمْ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ ثَمَّ (وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ الْمُدَبَّرُ وَ) لَا (أُمُّ الْوَلَدِ) إذْ لَيْسَا مِنْ الْمَوَالِي لَا حَالَ الْوَصِيَّةِ وَلَا حَالَ الْمَوْتِ. [فَصْلٌ الْيَتِيمُ فِي الْوَصِيَّة] (فَصْلٌ: الْيَتِيمُ صَبِيٌّ مَاتَ أَبُوهُ) وَكَذَا الصَّبِيَّةُ (فَلَوْ أَوْصَى لِلْيَتَامَى أَوْ الْأَرَامِلِ أَوْ الْأَيَامَى أَوْ الْعُمْيَانِ وَكَذَا لِلْحُجَّاجِ وَالزَّمْنَى وَأَهْل السُّجُونِ وَالْغَارِمِينَ وَلِتَكْفِينِ الْمَوْتَى وَحَفْرِ قُبُورِهِمْ اُشْتُرِطَ) فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ (فَقْرُهُمْ) لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ مِنْهُمْ هُمْ الْمَقْصُودُونَ بِالْوَصِيَّةِ كَالْوَقْفِ، وَاسْتَبْعَدَ الْأَذْرَعِيُّ اشْتِرَاطَ الْفَقْرِ فِي الْحُجَّاجِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: إنَّهُ مِنْ تَفَقُّهِ النَّوَوِيِّ وَهُوَ مُنَازَعٌ فِيهِ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا، أَمَّا النَّقْلُ فَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ سَلِيمٌ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الصَّرْفُ لِأَغْنِيَائِهِمْ، وَأَمَّا التَّوْجِيهُ فَإِنَّ ضَابِطَ الِاشْتِرَاطِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي كُلِّ صِفَةٍ تُشْعِرُ بِضَعْفٍ فِي النَّفْسِ أَوْ انْقِطَاعٍ كَامِلٍ كَالزَّمْنَى بِخِلَافِ الشُّيُوخِ، قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْيَتَامَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَانَ الْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِي إطْلَاقِ ذَلِكَ نَظَرٌ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُوصِي مِنْ أَقْرَبِ الْأَقَارِبِ مَا يَزِيدُ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَقَلُّ الْجَمْعِ فَلَيْسَ حِينَئِذٍ مَا نَحْنُ فِيهِ كَالصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ مُعَيَّنُونَ وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ الْجَمْعِ وَمِنْ يَلِيهِمْ يُكَمَّلُ بِهِ أَقَلُّ الْجَمْعِ لَا غَيْرُ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبُ أَقَارِبِهِ أَوْ مَنْ يَلِيهِمْ أَوْ يَلِي مَنْ يَلِيهِمْ أَكْثَرَ مَنْ أَقَلِّ الْجَمْعِ أَوْ مَا يُكَمَّلُ بِهِ أَقَلُّ الْجَمْعِ فَقَدْ يُلَاحَظُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا أَوْصَى لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ فِيهَا لَا يَحْتَمِلُ التَّعْمِيمَ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُهُ لِصِدْقِ لَفْظِ الْجَمَاعَةِ عَلَى كُلِّ أَقْرَبِ قَرَابَتِهِ إذَا كَانَ (مَنْ) فِي كَلَامِهِ لِبَيَانِ الْجِنْسِ لَا لِلتَّبْعِيضِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْهَا هَا هُنَا، وَلَا جَرَمَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: إنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ فِي حَالَةِ الْكَثْرَةِ بِالتَّعْمِيمِ لَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا دَارَ لَفْظُ الْمُوصِي بَيْنَ مَحْمَلَيْنِ: أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ الْوَصِيَّةِ وَالْآخَرُ يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا يُصَحِّحُهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ يُعَارِضُ ذَلِكَ. [فَرْعٌ الْوَصِيَّة لِآلِ غَيْرِ النَّبِيِّ] (قَوْلُهُ: وَهَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْقَرَابَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إلَّا وَرَثَتَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 وَالْعِمْيَانِ وَالزَّمْنَى: ثُمَّ إنْ انْحَصَرَ وَوَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ وَإِلَّا جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ فِيهِمْ يَأْتِي فِي الْبَقِيَّةِ، وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ الْفَقْرِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْهُمْ فَإِنْ عَيَّنَهُمْ بِأَنْ أَوْصَى لِيَتَامَى بَنِي زَيْدٍ لَمْ يُشْتَرَطْ فَقْرُهُمْ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي الْيَتَامَى يَقْتَضِي إخْرَاجَ وَلَدِ الزِّنَا وَاللَّقِيطِ، وَتَعْبِيرُهُمَا فِي قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ بِمَنْ لَا أَبَ لَهُ يَقْتَضِي إدْخَالَهُمَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَرَأَيْتُهُ تَفَقُّهًا لِبَعْضِ نُبَلَاءِ الْعَصْرِ. (فَائِدَةٌ) : قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْيَتِيمُ فِي النَّاسِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَفِي الْبَهَائِمِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: وَفِي الطَّيْرِ مِنْ قِبَلِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَحْضِنَانِهِ وَيَزُقَّانِهِ (وَالْأَيِّمُ وَالْأَرْمَلَةُ: مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا، وَيُعْطَوْنَ بَعْدَ الْفَقْرِ) أَيْ بَعْدَ الِاتِّصَافِ بِهِ وَهَذَا تَقَدَّمَ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيُعْطَيَانِ (إلَّا أَنَّ الْأَرْمَلَةَ مَنْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَوْتٍ أَوْ بَيْنُونَةٍ) وَالْأَيِّمُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا تَقَدُّمَ زَوْجٍ، وَيَشْتَرِكَانِ فِي اشْتِرَاطِ الْخُلُوِّ عَنْ الزَّوْجِ حَالًا (وَلَوْ أَوْصَى لِلْأَرَامِلِ أَوْ الْأَبْكَارِ أَوْ الثَّيِّبِ لَمْ يَدْخُلْ) فِيهِنَّ (الرِّجَالُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ زَوْجَاتٌ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ فِي الْعُرْفِ لِلنِّسَاءِ، وَلَوْ أَوْصَى لِلْعُزَّابِ دَخَلَ فِيهِمْ مَنْ لَا زَوْجَةَ لَهُ مِنْ الرِّجَالِ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُ دُخُولِهَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي دُخُولِ الرِّجَالِ فِي الْأَرَامِلِ الْمُوصَى لَهُنَّ، نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ (وَالْقَانِعُ: السَّائِلُ، وَالْمُعْتَرُّ: مَنْ يَتَعَرَّضُ) لِلسُّؤَالِ (وَلَا يَسْأَلُ) . (فَصْلٌ: النَّاسُ غِلْمَانٌ وَصِبْيَانٌ وَأَطْفَالٌ وَذَرَارِيٌّ إلَى الْبُلُوغِ، ثُمَّ إنَّهُمْ) بَعْدَ الْبُلُوغِ (شَبَابٌ وَفِتْيَانٌ إلَى الثَّلَاثِينَ، ثُمَّ هُمْ) بَعْدَهَا (كُهُولٌ إلَى الْأَرْبَعِينَ، ثُمَّ) بَعْدَهَا (شُيُوخٌ) . (فَصْلٌ) : لَوْ (أَوْصَى لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ أَوْ) لِزَيْدٍ (وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ جُعِلَ كَأَحَدِهِمْ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا) كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِأَوْلَادِ عَمْرٍو فَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ حِرْمَانُهُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ أَحَدِهِمْ لِعَدَمِ وُجُوبِ اسْتِيفَائِهِمْ، فَلِلنَّصِّ عَلَيْهِ فَائِدَتَانِ: مَنْعُ الْإِخْلَالِ بِهِ وَعَدَمُ اعْتِبَارِ فَقْرِهِ هَذَا إنْ أَطَلَقَ ذِكْرَهُ (فَإِنْ قَالَ) أَوْصَيْتُ (لِزَيْدٍ الْفَقِيرِ) الْفُقَرَاءِ (وَكَانَ غَنِيًّا أَخَذَ نَصِيبَهُ الْفُقَرَاءُ لَا الْوَارِثُ) لِلْمُوصِي وَلَوْ فُقَرَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَفَهُ بِالْفَقْرِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنَّمَا لَمْ يَدْخُلْ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَادَرٍ مِنْ ذَلِكَ وَلِاغْتِنَائِهِ بِوَصِيَّةِ اللَّهِ لَهُ فَإِنْ كَانَ زَيْدٌ فَقِيرًا كَانَ كَأَحَدِهِمْ (وَإِنْ وَصَفَ زَيْدًا بِغَيْرِ صِفَتِهِمْ) أَيْ الْمُوصَى لَهُمْ مَعَهُ (بِأَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ الْكَاتِبِ وَالْفُقَرَاءِ أَوْ لِزَيْدٍ الْفَقِيرِ وَالْكَاتِبِينَ اسْتَحَقَّ) زَيْدٌ (النِّصْفَ وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِجَمَاعَةٍ مَحْصُورِينَ أُعْطِيَ زَيْدٌ النِّصْفَ وَاسْتُوْعِبَ بِالنِّصْفِ الْآخِرَ جَمَاعَتَهُ أَوْ) أَوْصَى (لِزَيْدٍ بِدِينَارٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِالثُّلُثِ) مِنْ مَالِهِ (لَمْ يُعْطَ أَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدِّينَارِ (وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا) لِأَنَّهُ قَطَعَ اجْتِهَادَ الْوَصِيِّ بِالتَّقْدِيرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ النَّصُّ عَلَى زَيْدٍ فِيمَا مَرَّ لِئَلَّا يُحْرَمَ جَازَ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ هُنَا لِئَلَّا يَنْقُصَ عَنْ دِينَارِ وَأَيْضًا يَجُوزُ أَنْ يُقْصَدَ عَيْنُ زَيْدٍ لِلدِّينَارِ وَجِهَةُ الْفُقَرَاءِ لِلْبَاقِي فَيَسْتَوِي فِي غَرَضِهِ الصَّرْفُ لِزَيْدٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ أَوْصَى لِمُدَرِّسٍ وَإِمَامٍ وَعَشْرَةِ فُقَرَاءَ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِلْعَشَرَةِ ثُلُثُهَا أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ السُّبْكِيّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَقْفِ. (فَرْعٌ لَوْ أَوْصَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَهُنَّ ثَلَاثٌ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ جُعِلَ) الْمُوصَى بِهِ (بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا) . (فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنِينَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ كَالْهَاشِمِيَّةِ) وَالطَّالِبِيَّةِ وَالْعَلَوِيَّةِ (صَحِيحَةٌ وَيُجْزِئُ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ) فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْعُهْدَةِ (بِلَا) وُجُوبِ (مُسَاوَاةٍ) بَيْنَهُمْ وَلَا قَبُولٍ (كَالْفُقَرَاءِ) فِي الْجَمِيعِ (وَالْوَصِيَّةُ لِزَيْدٍ وَبَنِي هَاشِمٍ) أَوْ بَنِي تَمِيمٍ أَوْ نَحْوِهِمْ (كَهُوَ) أَيْ كَالْوَصِيَّةِ لَهُ (مَعَ الْفُقَرَاءِ وَلَوْ قَالَ) أَوْصَيْتُ (لِبَنِي فُلَانٍ وَهُمْ قَبِيلَةٌ) أَيْ يُعَدُّونَ قَبِيلَةً (كَبَنِي هَاشِمٍ) وَبَنِي تَمِيمٍ (دَخَلَ) فِيهِمْ (إنَاثُهُمْ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعَدُّوا قَبِيلَةً كَبَنِي زَيْدٍ وَعَمْرٍو (لَمْ يَدْخُلْنَ) فِيهِمْ (وَاشْتُرِطَ) فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ (قَبُولُهُمْ وَ) يَجِبُ (اسْتِيعَابُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ) بَيْنَهُمْ. [فَصْلٌ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَجِبْرِيلَ أَوْ لِزَيْدٍ وَالْحَائِطِ أَوْ الرِّيحِ مِمَّا لَا يُوصَفُ بِالْمِلْكِ] (فَصْلٌ لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَجِبْرِيلَ أَوْ لِزَيْدٍ وَالْحَائِطِ أَوْ الرِّيحِ) أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُوصَفُ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مُفْرَدٌ كَالشَّيْطَانِ (أُعْطِيَ) زَيْدٌ (النِّصْفَ) وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الْبَاقِي كَمَا لَوْ أَوْصَى لِابْنِ زَيْدٍ وَابْنِ عَمْرٍو وَلَيْسَ لِعَمْرٍو ابْنٌ أَوْ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو ابْنَيْ بَكْرٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ابْنٌ اسْمُهُ زَيْدٌ يَكُونُ النِّصْفُ لِلْمَوْجُودِ وَيَبْطُلُ الْبَاقِي وَلَوْ أَضَافَ الْحَائِطَ كَأَنْ قَالَ وَحَائِطُ الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ أَوْ حَائِطُ دَارِ زَيْدٍ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَصُرِفَ النِّصْفُ فِي عِمَارَتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْأَخْتَانُ فِي الْوَصِيَّة] قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي الْيَتَامَى إلَخْ) جَرْيًا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُمَا فِي قَسْمِ الْفَيْءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْأَبْكَارِ أَوْ الثَّيِّبِ) هَلْ تَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَبْكَارِ مَنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِأُصْبُعٍ وَنَحْوِهِ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ فِي النِّهَايَةِ فِي النِّكَاحِ أَنَّ ذَلِكَ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّهَا تُعْطَى حُكْمَ الْبِكْرِ أَوْ الثَّيِّبِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَالْوَصِيَّةُ مُرَتَّبَةٌ عَلَى هَذَا، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِلثَّيِّبَاتِ هَلْ تَدْخُلُ إنْ قُلْنَا تُعْطَى حُكْمُ الثَّيِّبِ تَدْخُلُ قَالَ الْإِمَامُ وَرَأَيْتُ فِي مَبْسُوطِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَجْهًا أَنَّهُنَّ لَا يَدْخُلْنَ تَحْتَ الْأَبْكَارِ وَلَا تَحْتَ الثَّيِّبَاتِ؛ لِأَنَّهُنَّ لَمْ يُجَامَعْنَ وَلَا مَعَهُنَّ جِلْدَةُ الْعُذْرَةِ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا بَعِيدٌ. [فَصْلٌ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ أَوْ لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ] (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ لِزَيْدِ الْفَقِيرِ وَكَانَ غَنِيًّا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا وَصَفَهُ بِذَلِكَ ظَانًّا فَقْرَهُ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِغِنَاهُ فَلَا وَقَدْ يَصِفُهُ بِذَلِكَ لِتَلَبُّسِهِ بِخِرْقَةِ الْفَقْرِ أَوْ لِقِلَّةِ غِنَاهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُوصِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْوَصْفُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ صَارَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ مَعَ غِنَاهُ وَفَقْرِهِ وَصَارَ لَقَبًا لَهُ كَبِشْرٍ الْحَافِي فَإِنَّ هَذَا يُعْطَى وَإِنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُوصِيَ إنَّمَا قَصَدَ التَّعْرِيفَ لَا غَيْرُ وَقَدْ رَأَيْتُ مَنْ اشْتَهَرَ بِفُلَانٍ الْفَقِيرِ وَفُلَانٍ الصُّعْلُوكِ فَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ زَيْدٌ النِّصْفَ) نَظَرًا لِلصِّفَتَيْنِ (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَكَ أَنْ تَقُولَ إذَا جَازَ إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّ فِيهِ إلْغَاءَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُوصِي بِلَا دَلِيلٍ إذْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِدِينَارٍ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 (أَوْ) أَوْصَى (لِزَيْدٍ وَالْمَلَائِكَةِ أَوْ الرِّيَاحِ أَوْ الْحِيطَانِ) أَوْ نَحْوِهَا (أُعْطِيَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ) كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ وَلِلْفُقَرَاءِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ (وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِلَّهِ فَلِزَيْدٍ النِّصْفُ ثُمَّ الْبَاقِي يُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْقُرْبِ) لِأَنَّهَا مَصْرَفُ الْحُقُوقِ الْمُضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى هَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَنْ تَصْحِيحِ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ وَذَكَرَ فِي الصَّغِيرِ أَنَّ الْأَقْوَى صَرْفُ الْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ (وَلَوْ أَوَصَى بِثُلُثِهِ لِلَّهِ) تَعَالَى (صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ) عَلَى مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ تَعَالَى صُرِفَ لِلْمَسَاكِينِ) مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَقْفِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُوصَى لَهُ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْوَصِيَّةِ. (الْقِسْمُ الثَّانِي الْأَحْكَامُ الْمَعْنَوِيَّةُ وَإِنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ) لَهُ (سَنَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ صَحَّ) ذَلِكَ (وَيُعَيِّنُ الْوَارِثُ) السَّنَةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يَحْمِلُ الْإِطْلَاقَ عَلَى سَنَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِمَوْتِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُضْطَرًّا إلَى مَنْ يَخْدُمُهُ لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ وَعَلِمَ الْمُوصِي وَقَصَدَ إعَانَتَهُ وَأَمَّا إحَالَةُ الْأَمْرِ عَلَى تَعْيِينِ الْوَارِثِ فَلَيْسَ بِالْوَاضِحِ قَالَ: لَكِنْ يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْقَاضِي لَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ هَذَا الْبُسْتَانِ سَنَةً وَلَمْ يُعَيِّنْهَا فَتَعْيِينُهَا إلَى الْوَارِثِ (وَيَجُوزُ التَّقْدِيرُ) فِي الْوَصِيَّةِ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ (بِمُدَّةِ حَيَاةِ زَيْدٍ وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ هَذَا الْعَامَ فَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ فَالْقَابِلُ) أَيْ فَبِثَمَرَةِ الْعَامِ الْقَابِلِ وَتَصِحُّ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ هَذَا الْعَامِ وَإِنْ مَرِضَ فَبِخِدْمَةِ الْعَامِ الْقَابِلِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ) الْمُوصَى بِهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَيْسَتْ الْوَصِيَّةُ بِهَا مُجَرَّدَ إبَاحَةٍ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَعْيَانِ وَتُوَرِّثُ الْمَنْفَعَةُ عَنْهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ وَلَهُ إجَارَتُهَا وَإِعَارَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا وَلَوْ تَلَفَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ. (نَعَمْ قَوْلُهُ أَوْصَيْتُ لَكَ بِمَنَافِعِهِ) أَيْ بِأَنْ تَنْتَفِعَ بِهِ (حَيَاتَكَ أَوْ بِأَنْ تَسْكُنَ) هَذِهِ (الدَّارَ أَوْ بِأَنْ يَخْدُمَكَ) هَذَا (الْعَبْدُ إبَاحَةً لَا تَمْلِيكَ فَلَيْسَ لَهُ الْإِجَارَةُ وَفِي الْإِعَارَةِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمَنْعُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَقْفِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ لَكَ بِسُكْنَاهَا أَوْ بِخِدْمَتِهِ أَوْ بِمَنَافِعِهِ) فَلَيْسَ بِإِبَاحَةٍ بَلْ تَمْلِيكٌ وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ بِأَنَّهُ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ وَأَسْنَدَهُ إلَى الْمُخَاطَبِ فَاقْتَضَى قُصُورَهُ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَوْلُهُ أَوْ بِمَنَافِعِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَقَوْلُهُ) لِلْوَصِيِّ (أَطْعِمْ زَيْدًا رِطْلَ خُبْزٍ مِنْ مَالِي تَمْلِيكٌ) لَهُ (كَإِطْعَامِ الْكَفَّارَةِ وَ) قَوْلُهُ لَهُ (اشْتَرِ خُبْزًا وَاصْرِفْهُ لِجِيرَانِي إبَاحَةٌ) كَذَا نَقَلَهُمَا الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَلَمْ أَرَهُمَا فِيهَا وَكَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا إذْ لَا يُقْصَدُ بِذَلِكَ إلَّا التَّمْلِيكُ وَفِي جَعْلِ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ تَمْلِيكًا وَإِبَاحَةً تَسَمُّحٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُقْتَضٍ لَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ . (فَصْلٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنَافِعِ إثْبَاتُ الْيَدِ) عَلَى الْأَعْيَانِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا (وَ) لَهُ (الْأَكْسَابُ الْمُعْتَادَةُ) مِنْ احْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ وَاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا إبْدَالُ مَنَافِعِهِ (وَكَذَا) لَهُ (الْمَهْرُ) الْحَاصِلُ بِوَطْءِ شُبْهَةِ أَوْ نِكَاحٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ كَالْكَسْبِ وَقِيلَ: إنَّهُ لِوَارِثِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ وَهِيَ لَا يُوصَى بِهَا وَلَا يُسْتَحَقُّ بَدَلُهَا بِالْوَصِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ فِي الْأَصْلِ وَالْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَحَكَى فِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ عَنْ قَطْعِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْبَغَوِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ. وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الرَّاجِحُ نَقْلًا (لَا) الْأَكْسَابَ (النَّادِرَةَ كَالْهِبَةِ وَاللُّقَطَةِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ بِالْوَصِيَّةِ (وَلِلْوَلَدِ) الَّذِي أَتَتْ بِهِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا (حُكْمُ أُمِّهِ) فِي أَنَّ الرَّقَبَةَ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهَا لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا وَفَارَقَ وَلَدَ الْمَوْقُوفَةِ حَيْثُ كَانَ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفَةِ أُمُّهُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمِلْكَ ثَمَّ أَقْوَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ عَلَى قَوْلٍ فَقَوِيَ الِاسْتِتْبَاعُ بِخِلَافِهِ هُنَا، كَذَا قِيلَ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ أَبَدًا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ أَيْضًا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْوَاقِفَ أَخْرَجَ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِهِ بِالْوَقْفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُوصِي لَمْ يُخْرِجْهَا وَإِنَّمَا أَخْرَجَ الْمَنْفَعَةَ لَكِنَّ الْمَنْفَعَةَ اسْتَتْبَعَتْ الْعَيْنَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ. (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا فَلَوْ وَطِئَهَا) فَأَوْلَدَهَا (فَالْوَلَدُ حُرٌّ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنِينَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ كَالْهَاشِمِيَّةِ وَالطَّالِبِيَّةِ وَالْعَلَوَيَّةِ] قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَقْفِ) عِبَارَتُهُ وَاحْتَجُّوا لِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي وَاقْتُصِرَ عَلَيْهِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ زَوَائِدِهِ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ لَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي لِلَّهِ صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ. [الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَحْكَام الْوَصِيَّة الْأَحْكَامُ الْمَعْنَوِيَّةُ] (قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ فَكَانَتْ كَالْأَعْيَانِ (قَوْلُهُ وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَبُولِ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ قَالَ: وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِطْعَامَ وَرَدَ فِي الشَّرْعِ مُرَادًا بِهِ التَّمْلِيكَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] فَحُمِلَ فِي لَفْظِ الْمُوصَى عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّرْفُ. [فَصْلٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنَافِعِ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى الْأَعْيَانِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا إبْدَالُ مَنَافِعِهِ) شَمِلَ مَا لَوْ غُصِبَ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَإِنَّ لَهُ أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مُنْتَقَضٌ بِمَهْرِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ وَقْفُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ فِي جَوَابِهِ وَهُوَ الْفَارِقُ أَنَّ مِلْكَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِلْمَنَافِعِ وَالْأَكْسَابِ أَقْوَى مِنْ مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْكَسْبَ النَّادِرَ وَالْمُعْتَادَ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْوَلَدُ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَيَمْلِكُ الرَّقَبَةَ عَلَى قَوْلٍ مَشْهُورٍ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَئُولُ الْمِلْكُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ وَلَا لِلْوَاقِفِ تَعَلُّقٌ بِالْعَيْنِ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا فَإِنَّ مِلْكَ الْوَرَثَةِ بَاقٍ عَلَيْهَا وَوَلَدُهَا لَهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ سَكَتُوا عَنْ أَرْشِ الْبَكَارَةِ لَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا يُفْرَدُ عَنْ الْمَهْرِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَهْرِ وَإِنْ قُلْنَا يَنْدَرِجُ فِيهِ فَوَاضِحٌ اهـ وَتَبِعَهُ الدَّمِيرِيِّ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 نَسِيبٌ وَلَا حَدَّ) عَلَى الْوَاطِئِ لِلشُّبْهَةِ كَذَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَجَزَمَ فِي الْوَقْفِ بِأَنَّهُ يَحُدُّ وَقَاسَ عَلَيْهِ مَا صَحَّحَهُ مِنْ حَدِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَمَا صَحَّحَهُ هُنَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الصَّحِيحُ وَالْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ أَوْجَهُ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَوْ وُجُوبُ الْحَدِّ فِي الْوَصِيَّةِ دُونَ الْوَقْفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا أَبَدًا أَمَّا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِهَا مُدَّةً فَالْوَجْهُ وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَأْجَرِ (وَلَا اسْتِيلَادَ) بِإِيلَادِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْوَلَدَ الْمَمْلُوكَ لَيْسَ كَالْكَسْبِ (وَيَشْتَرِي بِهَا عَبْدٌ وَيَكُونُ مِثْلَهَا) أَيْ مِثْلَ الْأَمَةِ فِي أَنَّ رَقَبَتَهُ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتَهُ لِلْمُوصَى لَهُ وَقِيلَ الْقِيمَةُ لِلْوَارِثِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْعَبْدِ بِالرَّقِيقِ كَانَ أَوْلَى لِيُفِيدَ أَنَّ الْوَلَدَ إنَّ كَانَ ذَكَرًا اشْتَرَى بِقِيمَتِهِ عَبْدًا أَوْ أُنْثَى اشْتَرَى بِقِيمَتِهَا أَمَةَ. (وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَةٍ مُعَيَّنَةٍ) كَخِدْمَةِ عَبْدٍ وَكَسْبِهِ وَسُكْنَى دَارٍ وَغَلَّتِهَا (لَا يَسْتَحِقُّ غَيْرَهَا وَبِسُكْنَى دَارٍ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا عَمَلَ الْحَدَّادِينَ وَالْقَصَّارِينَ) إلَّا أَنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ. (فَرْعٌ: لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ السَّفَرُ بِالْعَبَدِ) الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ لِئَلَّا يَخْتَلَّ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَيْسَ كَزَوْجِ الْأَمَةِ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ ثَمَّ لِلسَّيِّدِ (وَنَفَقَتُهُ) الشَّامِلَةُ لِلْكِسْوَةِ وَنَحْوِهَا (وَفِطْرَتُهُ عَلَى الْوَارِثِ وَلَوْ) كَانَ الْإِيصَاءُ بِالْمَنْفَعَةِ (مُؤَبَّدًا) لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلرَّقَبَةِ فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَخَلَاصُهُ أَنْ يَعْتِقَهُ وَلَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ لِشَخْصٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ كَانَ كَالْوَارِثِ فِيمَا ذُكِرَ، وَعَلَفُ الْبَهِيمَةِ كَنَفَقَةِ الْعَبْدِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلِلْوَارِثِ إعْتَاقُهُ) لِأَنَّ رَقَبَتَهُ لَهُ (لَا) إعْتَاقُهُ (عَنْ كَفَّارَةٍ) لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ لِنَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الزَّمِنَ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ فَيَظْهَرُ الْجَوَازُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَمِثْلُ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ إعْتَاقُهُ عَنْ النَّذْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ (وَتَبْقَى مَنَافِعُهُ مُسْتَحَقَّةً) لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا كَانَتْ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمُسْتَأْجَرَ (وَلَا يَرْجِعُ) الْعَتِيقُ عَلَى الْمُعْتِقِ (بِقِيمَتِهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ كِتَابَتُهُ؛ لِأَنَّ أَكْسَابَهُ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْغَيْرِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. وَلَوْ أَوْصَى بِمَا تَحْمِلُهُ الْأَمَةُ فَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ وَتَزَوَّجَتْ بِحُرٍّ أَوْ بِرَقِيقِ وَعَتَقَ كَانَ أَوْلَادُهَا أَرِقَّاءَ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَالصَّوَابُ انْعِقَادُهُمْ أَحْرَارٌ وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ فَوَّتَهُمْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ (وَفِي الدَّارِ) الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا (لَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْعِمَارَةِ) لَهَا (وَلَا يُمْنَعُ) مِنْهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْوَارِثُ كَمَا مَرَّ لِحُرْمَةِ الزَّوْجِ وَكَعِمَارَةِ الدَّارِ سَقْيُ الْبُسْتَانِ الْمُوصَى بِثِمَارِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ (مِنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ لَا) مِنْ (غَيْرِهِ جَازَ) وَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً أَوْ جَمَادًا إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ تَقْصِدُ بِالْبَيْعِ غَالِبًا بِخِلَافِهِ هُوَ لِاجْتِمَاعِ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ فِي مِلْكِهِ (إلَّا مَا قُدِّرَ) الْإِيصَاءُ فِيهِ (بِمُدَّةٍ) مَعْلُومَةٍ (فَلَهُ حُكْمُ الْمُسْتَأْجَرِ) فَيَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ اجْتَمَعَا فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ وَقَدْ حَكَى الدَّارِمِيّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ بَيْعَهَا فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ الصِّحَّةُ مِنْ الْوَارِثِ دُونَ غَيْرِهِ وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَيَأْتِي تَصْوِيرُ بَيْعِ الْمَنْفَعَةِ (وَكَذَا مَا أَوْصَى بِبَعْضِ مَنَافِعِهِ كَالنَّتَاجِ) أَيْ كَالْحَيَوَانِ الْمُوصَى بِنَتَاجِهِ (يَجُوزُ بَيْعُهُ) مُطْلَقًا لِبَقَاءِ بَعْضِ مَنَافِعِهِ وَفَوَائِدِهِ كَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ وَالظَّهْرِ، وَصُورَةُ بَيْعِهِ أَنْ يَبِيعَهُ حَائِلًا؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ حَامِلًا بَاطِلٌ لِكَوْنِ الْحَمْلِ حِينَئِذٍ مُسْتَثْنَى شَرْعًا وَلَا يُشْكَلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْأَشْجَارِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ مُتَعَلَّقٌ بِعَيْنِهَا بِخِلَافِهِ هُنَا. (فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْوَارِثِ وَطْءَ) الْأَمَةِ (الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحْبَلُ) لِمَا فِيهِ مِنْ خَوْف -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ مَا صَحَّحَاهُ فِي الْبَابَيْنِ مِنْ حَدِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مِلْكُهُ لَهَا أَقْوَى مِنْ مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِمَنْفَعَةِ الْمَوْقُوفِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُوصِي بِهَا وَتُورَثُ عَنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَتَصَرُّفُهُ فِيهَا أَتَمُّ مِنْ تَصَرُّفِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِإِجَارَةِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ وَإِعَارَتِهِ وَالسَّفَرِ بِهِ وَنَحْوِهَا وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا يَسْتَقِلُّ بِإِجَارَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَا نَحْوِهَا (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَأْجِرِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ السَّفَرُ) أَيْ الْغَالِبُ فِيهِ الْأَمْنُ (قَوْلُهُ بِالْعَبْدِ) يَنْبَغِي جَوَازُ سَفَرِهِ بِالْأَمَةِ مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ (قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ الْجَوَازْ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هَذَا مَرْدُودٌ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِنُقْصَانِ مَنَافِعِهِ (قَوْلُهُ وَتَبْقَى مَنَافِعُهُ مُسْتَحَقَّةٌ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْمَنَافِعِ لِلْمُوصَى لَهُ مَجِيءُ مَا سَبَقَ فِي أَكْسَابِهِ وَغَيْرِهَا حَتَّى لَوْ مَاتَ لَهُ قَرِيبٌ وَرِثَهُ هَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْهِبَةِ حَتَّى يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ الظَّاهِرُ الْمَنْعِ، وَلَوْ مَلَكَ عَبْدًا بِالْإِرْثِ فَمَا اكْتَسَبَهُ عِنْدَهُ هَلْ يَفُوزُ بِهِ أَوْ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ؟ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَعِيرَ نَفْسَهُ مِنْ الْمُوصَى لَهُ كَمَا لَوْ أَجَّرَ الْحُرُّ نَفْسَهُ وَسَلَّمَهَا ثُمَّ اسْتَعَارَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا (قَوْلُهُ كَانَ أَوْلَادُهَا أَرِقَّاءَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ لَا مِنْ غَيْرِهِ جَازَ) لَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَالْوَارِثُ كَافِرَيْنِ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ وَامْتَنَعَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ شِرَائِهِ وَالتَّفْرِيعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِغَيْرِهِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ بِهِ كَافِرًا فَيُشْبِهُ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى نَقْلِ الْمَنَافِعِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا قَالُوهُ فِي اسْتِئْجَارِ الْكَافِرِ مُسْلِمًا غ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهِ إلَخْ لَا يُجْبَرُ. وَقَوْلُهُ فَيُشْبِهُ أَنْ يُجْبَرَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا) قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ لَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُدَّةً طَوِيلَةً فِي عَبْدٍ مَثَلَا بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنْ لَا يَبْقَى بَعْدَهَا فَلَعَلَّ الْأَصَحَّ الْمَنْعُ هُنَا وَفِي الْمُسْتَأْجَرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَإِنْ اجْتَمَعَا فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَمْلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ ذَكَرُوهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ مَعَ الْجَهْلِ، وَكَتَبَ أَيْضًا الظَّاهِرُ صِحَّةُ بَيْعِهَا مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ وَقَدْ تَنَاوَلَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ فَدَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ نَصِيبُ الْآخَرِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 الْهَلَاكِ بِالطَّلْقِ، وَالنُّقْصَانِ وَالضَّعْفِ بِالْوِلَادَةِ وَالْحَمْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحْبَلُ هَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لَكِنْ حَاصِلُ كَلَامِ الرَّافِعِي كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ تَصْحِيحُ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحْبَلُ كَمَا فِي وَطْءِ الرَّاهِنِ الْمَرْهُونَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَرْقٌ بِأَنَّ الرَّاهِنَ هُوَ الَّذِي حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَبِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ رَفْعِ الْعَلَقَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فِيهِمَا وَوَافَقَ الْأَذْرَعِيُّ مَا فِي الرَّوْضَةِ بِزِيَادَةِ قَيْدٍ هُوَ مُرَادٌ فَقَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ حَيْثُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إذَا أَمِنَ حَبَلَهَا وَلَمْ يُعَطِّلْ زَمَنَ الْوَطْءِ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ جَازَ الْوَطْءُ وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ وَطِئَ) فَأَوْلَدَهَا (فَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ) وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَيَشْتَرِي بِهَا مِثْلَهُ) لِتَكُونَ رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهُ لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ رَقِيقًا (وَتُعْتَقُ أُمُّهُ بِالِاسْتِيلَادِ) الْمُرَادُ أَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْوَارِثِ وَتُعْتَقُ بِمَوْتِهِ (مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ) لِلْمُوصَى لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ الْحَاصِلَ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ لَهُ لَا لِلْوَارِثِ. (فُرِّعَ) يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ، وَمَنْ يُزَوِّجُهُ؟ قَالَ فِي الْوَسِيطِ أَمَّا الْعَبْدُ فَيَظْهَرُ اسْتِقْلَالُ الْمُوصَى لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْعَقْدِ لِلتَّضَرُّرِ بِتَعَلُّقِ الْحُقُوقِ بِالْأَكْسَابِ وَهُوَ الْمُتَضَرِّرُ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَيُزَوِّجُهَا الْوَارِثُ عَلَى الْأَصَحِّ لِمُلْكِهِ الرَّقَبَةَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْمُوصَى لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضَرُّرِهِ. (فَصْلٌ وَإِنْ قُتِلَ) الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ قَتْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ (فَاقْتَصَّ الْوَارِثُ) مِنْ قَاتِلِهِ (بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) أَيْ انْتَهَتْ كَمَا لَوْ مَاتَ أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ وَبَطَلَتْ مَنَافِعُهَا (وَلَوْ وَجَبَ مَالٌ) بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ أَوْ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُهُ (اشْتَرَى بِهِ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ (وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَارِثُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ لِتَكُونَ رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهُ لِلْمُوصَى لَهُ إذْ الْقِيمَةُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ فَتُقَامُ مَقَامَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ مِثْلِهِ اُشْتُرِيَ شِقْصٌ كَمَا فِي الْوَقْفِ (وَلَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ فَالْأَرْشُ لِلْوَارِثِ) لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ بَاقٍ يَنْتَفِعُ بِهِ وَمَقَادِيرُ الْمَنْفَعَةِ لَا تَنْضَبِطُ وَتَخْتَلِفُ بِالْمَرَضِ وَالْكِبَرِ فَكَانَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَلِأَنَّ الْأَرْشَ بَدَلٌ عَنْ الْعَيْنِ. (وَإِنْ جَنَى) الرَّقِيقُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ (عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ) وَبَطَلَ حَقُّ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ إنْ جَنَى عَلَى النَّفْسِ كَمَوْتِهِ (أَوْ خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ (تَعَلَّقَ الْمَالُ بِرَقَبَتِهِ فَيُبَاعُ) فِي الْجِنَايَةِ (إنْ لَمْ يُفْدِيَاهُ) وَبَطَلَ حَقُّهُمَا، قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى بَيْعِ قَدْرِ الْأَرْشِ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُ الْبَعْضِ فَيُبَاعُ الْكُلُّ وَبِمَا بَحَثَهُ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَلَوْ زَادَ الثَّمَنُ) عَلَى الْأَرْشِ (اُشْتُرِيَ) بِالزَّائِدِ (مِثْلُهُ وَإِنْ فَدَيَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا) أَوْ غَيْرُهُمَا (عَادَ كَمَا كَانَ) مِنْ كَوْنِ الرَّقَبَةِ لِلْوَارِثِ وَالْمَنْفَعَةِ لِلْمُوصَى لَهُ وَتَجِبُ الْإِجَابَةُ لِطَالِبِ الْفِدَاءِ مِنْهُمَا لِظُهُورِ غَرَضِهِ (أَوْ فَدَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ) فَقَطْ (بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ نَصِيبُ الْآخَرِ) وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَصْلُ بِأَنَّهُ إنْ فُدِيَتْ الرَّقَبَةُ فَكَيْفَ تُبَاعُ الْمَنَافِعُ وَحْدَهَا؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ بَيْعَهَا وَحْدَهَا مَعْقُولٌ قَدْ قَالُوا بِهِ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ عَلَى السَّطْحِ وَنَحْوِهِ بِأَنَّهَا تُبَاعُ وَحْدَهَا بِالْإِجَارَةِ. (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ حِسَابِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الثُّلُثِ (وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فِيمَا أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ) مُؤَبَّدًا (كَبُسْتَانٍ أَوْصَى بِثَمَرَتِهِ مُؤَبَّدًا) وَلَوْ بِحَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ (قِيمَةُ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ) لِتَفْوِيتِ الْيَدِ كَمَا لَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُؤَبَّدَةَ لَا يُمْكِنُ تَقْوِيمُهَا؛ لِأَنَّ مُدَّةَ عُمْرِهِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَتَعَيَّنَ تَقْوِيمُ الرَّقَبَةِ بِمَنَافِعِهَا، مِثَالُهُ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ قِيمَتُهُ بِمَنَافِعِهِ مِائَةٌ وَبِدُونِهَا عَشْرَةٌ فَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ الْمِائَةُ لَا التِّسْعُونَ فَيُعْتَبَرُ فِي نُفُوذِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِائَتَانِ (وَلَوْ أَوْصَى بِهَا) أَيْ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ مَثَلَا (مُدَّةً قَوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ ثُمَّ مَسْلُوبِ مَنَافِعِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَمَا نَقَصَ حُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ) فَلَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ سَنَةً وَقِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ مِائَةٌ وَبِدُونِهَا تِلْكَ السَّنَةِ تِسْعُونَ حُسِبَتْ الْعَشَرَةُ مِنْ الثُّلُثِ (فَلَوْ) أَوْصَى (بِمَنْفَعَتِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ وَنَقَصَ) قِيمَتُهُ مَسْلُوبُ مَنْفَعَتِهِ تِلْكَ الْمُدَّةِ عَنْ قِيمَتِهِ بِهَا (نِصْفُ الْقِيمَةِ وَكَانَ) الْعَبْدُ (كُلَّ الْمَالِ رُدَّتْ الْوَصِيَّةُ فِي) مِقْدَارِ (سُدُسِ الْعَبْدِ) بِمَنَافِعِهِ وَهُوَ ثُلُثُ الْمَنْفَعَةِ الْمُوصَى بِهَا فِي الْمُدَّةِ وَقِيلَ يَنْقُصُ مِنْ آخِرِ الْمُدَّةِ سُدُسُهَا وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْمَنَافِعِ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الْوَارِثِ وَطْءَ الْأَمَةِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا] قَوْلُهُ بِزِيَادَةِ قَيْدٍ هُوَ مُرَادٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فُرِّعَ تَزْوِيجُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ] (قَوْلُهُ أَمَّا الْعَبْدُ فَيَظْهَرُ اسْتِقْلَالُ الْمُوصَى لَهُ إلَخْ) مَا تَفَقَّهَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِمُخَالَفَتِهِ خَبَرَ «أَيَّمَا مَمْلُوكٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ» وَلِأَنَّ مَالِكَ رَقَبَتِهِ يَتَضَرَّرُ بِتَعَلُّقِ مُؤَنِ النِّكَاحِ بِأَكْسَابِ الزَّوْجِ النَّادِرَةِ وَهِيَ لِمَالِكِ رَقَبَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِأَنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ لَا تَتَعَلَّقُ بِأَكْسَابِهِ النَّادِرَةِ أَوْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِأَنَّ أَكْسَابَهُ النَّادِرَةَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَيُرْشِدُ إلَى مَا ذَكَرْتُهُ تَعْلِيلُهُ أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِمَا فَيُزَوِّجُهُ مَالِكُ رَقَبَتِهِ بِإِذْنِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ [فَصْلٌ قُتِلَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ قَتْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَاقْتَصَّ الْوَارِثُ مِنْ قَاتِلِهِ] (قَوْلُهُ: فَاقْتَصَّ الْوَارِثُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) وَفِي إسْقَاطِهِ مَجَّانًا وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا سُقُوطُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ (قَوْلُهُ إنْ جَنَى عَلَى النَّفْسِ إلَخْ) فَلَوْ فَعَلَ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي الطَّرَفِ وَاقْتَصَّ مِنْهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إنْ كَانَ بَاقِي الْمَنْفَعَةِ فَالْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا، وَإِنْ بَطَلَتْ مَنَافِعُهُ بِالْكُلِّيَّةِ كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَتِهِ وَفِيمَا ذَكَرَاهُ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ فَفِيهِ مَنْفَعَةُ الْحِرَاسَةِ وَنَحْوِهَا فَمَا بَقِيَ مِنْ مَنَافِعِهِ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَالْوَصِيَّةَ بِحَالِهَا لِمَالِكِهَا (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ بَيْعَهَا وَحْدَهَا إلَخْ) صَرَّحَ الْقَمُولِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ بَيْعَ حَقِّ الْبِنَاءِ فِيهِ شَائِبَةُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَلَا حَاجَةَ إلَى ارْتِكَابِهِ هُنَا. [فَصْلٌ كَيْفِيَّةِ حِسَابِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الثُّلُثِ فِي الْوَصِيَّة] (قَوْلُهُ: لِتَفْوِيتِ الْيَدِ) شَمِلَ مَا لَوْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ لِشَخْصٍ وَبِمَنْفَعَتِهِ مُؤَبَّدًا لِآخَرَ إذْ فِيهِ التَّفْوِيتُ فِي الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ أَوْصَى بِمَنَافِعِهِ مَا عَاشَ الْمُوصَى لَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ جَمِيعَ الْقِيمَةِ تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ لِعَدَمَ إمْكَانِهِ وَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ نَعَمْ فِي تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ مَا يَشْمَلُ حُسْبَانَ الْجَمِيعِ مِنْ الثُّلُثِ اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 تَخْتَلِفُ بِالْأَوْقَاتِ (وَلَوْ أَوَصَى بِهِ) أَيْ بِعَبْدٍ مَثَلًا (دُونَ مَنْفَعَتِهِ لَمْ يُحْسَبْ) أَيْ الْعَبْدُ (مِنْ الثُّلُثِ) لِجَعْلِنَا الرَّقَبَةَ الْخَالِيَةَ عَنْ الْمَنْفَعَةِ كَالتَّالِفَةِ (وَلَوْ غُصِبَ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهِ فَأُجْرَتُهُ) عَنْ مُدَّةِ الْغَصْبِ (لِلْمُوصَى لَهُ) لَا لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُؤَجَّرِ؛ لِأَنَّهَا هُنَا بَدَلُ حَقِّهِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ فَإِنَّ الْإِجَارَةِ تَنْفَسِخُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَتَعُودُ الْمَنَافِعُ إلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَوْصَى لِزَيْدٍ مِنْ أُجْرَةِ دَارِهِ) مَثَلًا (كُلُّ سَنَةٍ بِدِينَارٍ ثُمَّ) جَعَلَهُ (بَعْدَهُ) لِوَارِثِ زَيْدٍ أَوْ (لِلْفُقَرَاءِ وَالْأُجْرَةُ) فِي كُلِّ سَنَةٍ (عَشَرَةُ دَنَانِيرَ) مَثَلًا (اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ قَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهَا) أَيْ الدَّارِ أَيْ قِيمَتِهَا (مَعَ خُرُوجِ الدِّينَارِ مِنْهَا وَ) قِيمَتُهَا (سَالِمَةً) عَنْ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَاعْتِبَارُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مِنْ الثُّلُثِ كَاعْتِبَارِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِبَقَاءِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ (ثُمَّ) إنْ خَرَجَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ الثُّلُثِ (لَا يَجُوزُ) لِلْوَارِثِ (بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ الدَّارِ أَيْ بَيْعُ بَعْضِهَا وَتَرْكُ مَا حُصِّلَ مِنْهُ دِينَارٌ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَخْتَلِفُ فَقَدْ تَنْقُصُ فَتَعُودُ إلَى دِينَارِ أَوْ أَقَلَّ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ لِلْمُوصَى لَهُ هَذَا إنْ أَرَادَ بَيْعَ بَعْضِهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ أَطْلَقَ (فَإِنْ بَاعَهَا مُسَاوِيَةً الْمَنْفَعَةَ فَقَدْ بَيَّنَّا) فِي بَيْعِ الْوَارِثِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ (أَنَّهُ يَصِحُّ) الْبَيْعُ (مِنْ مَالِكِهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ (بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِعُشْرِ الْأُجْرَةِ) كُلُّ سَنَةٍ (فَإِنَّ لَهُ) أَيْ الْوَارِثِ (بَيْعُ تِسْعَةَ الْأَعْشَارِ) لِلْإِشَاعَةِ (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ فَالزَّائِدُ عَلَى الثُّلُثِ) رَقَبَةٌ وَأُجْرَةٌ (تَرِكَةٌ) يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْوَارِثُ كَيْفَ شَاءَ لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ (وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِدِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ صَحَّتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (فِي السَّنَةِ الْأُولَى) بِدِينَارِ (فَقَطْ) أَيْ لَا فِيمَا بَعْدَهَا إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ الْمُوصَى بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِيَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ. (فَرْعٌ: لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا وَأَعَادَهَا أَحَدُهُمَا) أَوْ غَيْرُهُمَا (بِآلَتِهَا عَادَ الْحُكْمُ) مِنْ كَوْنِ رَقَبَةِ الدَّارِ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتِهَا لِلْمُوصَى لَهُ. . [فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ بِحَجِّ التَّطَوُّعِ] (فَصْلٌ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِحَجِّ التَّطَوُّعِ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ النِّيَابَةِ فِيهِ (وَتَبْطُلُ) الْوَصِيَّةُ بِهِ (إنْ عَجَزَ الثُّلُثُ أَوْ مَا يَخُصُّهُ) أَيْ الْحَجَّ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثُّلُثِ (عَنْ أُجْرَةِ الْحَجِّ وَيَحُجُّ عَنْهُ لَوْ أَطْلَقَ) الْوَصِيَّةَ بِهِ (مِنْ الْمِيقَاتِ) الشَّرْعِيِّ كَمَا لَوْ قُيِّدَ بِهِ وَحَمْلًا عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ وَلِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَقَرَّ وُجُوبُهُ فِي الشَّرْعِ (وَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ الْحَجَّ عَنْهُ (مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَعَجَزَ الثُّلُثُ) عَنْهُ (فَمِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ) فَإِنْ لَمْ يَعْجَزْ فَمِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَدُوَيْرَةُ أَهْلِهِ مِثَالٌ فَسَائِرُ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي هِيَ أَبْعَدُ مِنْ الْمِيقَاتِ كَذَلِكَ (وَإِنْ جَعَلَ ثُلُثَهُ لِلْحَجِّ وَالتُّسْعَ لِحَجِيجٍ) حِجَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ (صُرِفَ فِيهَا فَإِنْ فَضَلَ) مِنْهُ (مَا يُعْجِزُ عَنْ حَجَّةٍ فَهُوَ لِلْوَارِثِ وَإِنْ جَعَلَهُ لِحَجَّةٍ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلْيَكُنْ الْأَجِيرُ أَجْنَبِيًّا لَا وَارِثًا لِلْمُحَابَاةِ) بِالزَّائِدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَدْرَهَا أَوْ دُونَهَا. (وَالْحَجُّ الْوَاجِبُ وَلَوْ بِالنَّذْرِ يَجِبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) سَوَاءٌ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا، أَضَافَهُ إلَى رَأْسِ الْمَالِ أَمْ أَطْلَقَ لِلُزُومِهِ لَهُ كَالزَّكَاةِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَحَلُّهُ فِي النُّذُورِ إذَا الْتَزَمَهُ فِي الصِّحَّةِ، فَإِنْ الْتَزَمَهُ فِي الْمَرَضِ فَمِنْ الثُّلُثِ قَطْعًا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ وَنَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ: يَنْبَغِي الْفَتْوَى بِهِ وَيَحُجُّ عَنْهُ (مِنْ الْمِيقَاتِ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا هَذَا وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَقُلَّ الْخِصَالِ (لَا إنْ أَوْصَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ) أَوْ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ (فَيَمْتَثِلُ) كَمَا لَوْ أَوْصَى بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ ثُلُثِهِ فَيُزَاحِمُ الْوَصَايَا؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ عَلَّقَهُ وَكَأَنَّهُ قَصَدَ الرِّفْقَ بِالْوَرَثَةِ. (وَلَوْ ازْدَحَمَتْ الْوَصَايَا) الَّتِي مِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِالْحَجِّ (لَمْ يُقَدَّمْ الْحَجُّ) وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا بَلْ يُزَاحِمُهَا بِالْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَفِ الْحَاصِلُ مِنْهَا تَمَّمَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَوْ قَالَ اقْضُوا دَيْنِي مِنْ ثُلُثِي فَلَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِهِ وَحِينَئِذٍ تَدُورُ الْمَسْأَلَةُ لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ مَا يُتَمِّمُ بِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ ثُلُثِ الْبَاقِي لِتُصْرَفَ حِصَّةُ الْوَاجِبِ مِنْهُ وَمَعْرِفَةِ ثُلُثِ الْبَاقِي عَلَى مَعْرِفَةِ مَا يُتَمِّمُ بِهِ فَيُسْتَخْرَجُ بِمَا يَذْكُرُهُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ أَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الثُّلُثِ وَالْأُجْرَةُ) لَهَا (مِائَةٌ وَأَوْصَى لِزَيْدٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِجَعْلِنَا الرَّقَبَةَ الْخَالِيَةَ عَنْ الْمَنْفَعَةِ كَالتَّالِفَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالصَّوَابُ الَّذِي لَا يَظْهَرُ غَيْرُهُ الْقَطْعُ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ قُلْنَا فِي عَكْسِهَا الْمُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ كُلُّ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّا إنَّمَا جَعَلْنَا الرَّقَبَةَ الْخَالِيَةَ عَنْ الْمَنْفَعَةِ كَالتَّالِفَةِ إلَّا؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ امْتَنَعَتْ عَلَيْهِ فِيهَا تَصَرُّفَاتٌ عَدِيدَةٌ فَلَمْ تُحْسَبْ لِأَجْلِهِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ امْتَنَعَتْ عَلَيْهِ فِي الرَّقَبَةِ كُلُّ التَّصَرُّفَاتِ فَكَيْفَ يُتَخَيَّلُ أَنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ الَّتِي أَخْرَجَتْ الرَّقَبَةَ عَنْ الْوَارِثِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَأَيْضًا الْمَنَافِعُ لَا تَجْبُرُ ذَلِكَ لِفَوَاتِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّقَبَةِ. [فَرْعٌ أَوْصَى لِزَيْدٍ مِنْ أُجْرَةِ دَارِهِ بِدِينَارٍ ثُمَّ جَعَلَهُ لِوَارِثِ زَيْدٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ مِنْ أُجْرَةِ دَارِهِ كُلَّ سَنَةٍ بِدِينَارِ) لَوْ لَمْ تَغُلَّ الدَّارُ فِي السَّنَةِ إلَّا دِينَارًا وَاحِدًا أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ لَمْ تَغُلَّ إلَّا أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إنَّهُ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ إتْمَامُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ جُعِلَتْ الْغَلَّةُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي أَكْثَرُ مِنْ دِينَارٍ أَنَّهُ لَا يُتَمِّمُ لِلْمُوصَى لَهُ مَا فَاتَهُ مِنْ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ صَحَّتْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى فَقَطْ) شَمِلَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مَا إذَا قَيَّدَهُ الْمُوصِي بِالثُّلُثِ وَبِحَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِهِ [فَرْعٌ انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا وَأَعَادَهَا أَحَدُهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا بِآلَتِهَا] (قَوْلُهُ: فَإِنْ الْتَزَمَهُ فِي الْمَرَضِ فَمِنْ الثُّلُثِ قَطْعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْإِمَامِ) عِبَارَتُهُ النَّذْرُ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ مِنْ الثُّلُثُ لَا خِلَافَ فِيهِ اهـ وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَوْصَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ فَيُمْتَثَلُ) لَوْ عَيَّنَ شَخْصًا لِلْحَجِّ فَامْتَنَعَ فَمُلَخَّصُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ كَانَ حَجَّ فَرْضٍ سَقَطَ التَّعْيِينُ وَيَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلِّ مَا يُوجَدُ سَوَاءٌ أَعَيَّنَ مَا يُدْفَعُ لِلْمُعَيَّنِ أَمْ لَمْ يُعَيِّنْ أَوْ حَجُّ تَطَوُّعٍ لَمْ تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلِّ مَا يُوجَدُ كَقَوْلِهِ: بِيعُوا عَبْدِي مِنْ فُلَانٍ وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ فَامْتَنَعَ الْمُعَيَّنُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ غَيْرِهِ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الثُّلُثِ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي زَيْدًا بِخَمْسِينَ دِينَارًا مَثَلًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ مَعَ خُرُوجِهَا مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ بِدُونِهَا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا فَوَجَدَ مَنْ يَحُجُّ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ صُرِفَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْقَدْرُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 بِمِائَةٍ وَالتَّرِكَةُ ثَلَثُمِائَةٍ وَزَّعْنَا الثُّلُثَ) عَلَى الْوَصِيَّتَيْنِ (وَنُتَمِّمُ الْحَجَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَنْقُصُ الثُّلُثُ وَتَدُورُ الْمَسْأَلَةُ) كَمَا عُرِفَ فَطَرِيقُهُ أَنْ يُفْرَضَ مَا يُتَمِّمُ بِهِ أُجْرَةَ الْحَجِّ شَيْئًا يَبْقَى ثَلَثُمِائَةٍ إلَّا شَيْئًا انْزَعْ مِنْهَا ثُلُثَهَا وَهُوَ مِائَةٌ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ اقْسِمْهُ بَيْنَ الْحَجِّ وَزَيْدٍ نِصْفَيْنِ فَنَصِيبُ الْحَجِّ خَمْسُونَ إلَّا سُدُسَ شَيْءٍ فَيَضُمُّ الشَّيْءُ الْمَنْزُوعُ إلَيْهِ يَبْلُغُ خَمْسِينَ وَخَمْسَةَ أَسْدَاسِ شَيْءٍ يَعْدِلُ مِائَةً وَذَلِكَ تَمَامُ الْأُجْرَةِ فَأَسْقِطْ خَمْسِينَ بِخَمْسِينَ يَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ فِي مُقَابَلَةِ خَمْسِينَ وَإِذَا كَانَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الشَّيْءِ خَمْسِينَ كَانَ الشَّيْءُ سِتِّينَ فَعُلِمَ أَنَّ مَا نَزَعْتَهُ سِتُّونَ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (فَانْزَعْ سِتِّينَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ خُذْ ثُلُثَ الْبَاقِي وَهُوَ ثَمَانُونَ) اقْسِمْهُ بَيْنَ الْوَصِيَّتَيْنِ يَحْصُلُ (لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ أَرْبَعُونَ وَلِلْحَجِّ أَرْبَعُونَ فَهِيَ مِنْ السِّتِّينَ الَّتِي نَزَعْتَهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ تَمَامَ أُجْرَةِ الْحَجِّ، وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ) تَطَوُّعًا أَوْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ (مِنْ ثُلُثِهِ بِمِائَةٍ وَمَا بَقِيَ مِنْهُ لِزَيْدٍ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِعَمْرٍو وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ) مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ (فَلِعَمْرٍو نِصْفَ الثُّلُثِ) . إذْ الثُّلُثُ مَقْسُومٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَصِيَّتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ (ثُمَّ يُصْرَفُ مِنْ الْبَاقِي مِائَةٌ لِلْحَجِّ فَإِنْ فَضَلَ) مِنْهُ (شَيْءٌ فَلِزَيْدٍ) فَلَوْ كَانَ الثُّلُثُ ثَلَاثُمِائَةٍ كَانَ لِعَمْرٍو مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْحَجِّ وَزَيْدٍ لِلْحَجِّ مِائَةٌ وَلِزَيْدٍ خَمْسُونَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوصَ لَهُ إلَّا بِمَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةِ الْحَجِّ (وَلَوْ كَانَ الثُّلُثُ مِائَتَيْنِ فَمَا دُونَ) هُمَا (قُسِّمَ بَيْنَ عَمْرٍو وَالْحَجِّ) نِصْفَيْنِ بِمُعَادَّةِ زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو (وَلَا شَيْءَ لِزَيْدٍ) إذْ لَمْ يَفْضُلُ مِنْ الْحَجِّ شَيْءٌ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِيمَا ذُكِرَ وَفِيمَا يَأْتِي. (فَرْعٌ: لِلْوَرَثَةِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ إسْقَاطُ فَرْضِ الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ) بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَأْذَنِ الْوَارِثُ لِلْأَجْنَبِيِّ فِيهِ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ فِي بَابِهِ (وَلَوْ حَجَّ عَنْهُ) الْوَارِثُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ (تَطَوُّعًا بِلَا وَصِيَّةٍ لَمْ يَصِحُّ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الْمَيِّتِ. (وَأَدَاءُ الزَّكَاةِ عَنْهُ وَالدَّيْنُ كَالْحَجِّ) الْوَاجِب فِي ذَلِكَ (وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَسَنَذْكُرُهَا فِي الْأَيْمَانِ إنْ شَاءَ اللَّهِ تَعَالَى فُرِّعَ الدُّعَاءُ) لِلْمَيِّتِ مِنْ وَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ (يَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَكَذَا) يَنْفَعُهُ (الْوَقْفُ وَالصَّدَقَةُ عَنْهُ وَبِنَاءُ الْمَسَاجِدِ وَحَفْرُ الْآبَارِ) وَنَحْوِهَا (عَنْهُ كَمَا يَنْفَعُهُ مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ) وَلِلْإِجْمَاعِ وَالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي بَعْضِهَا كَخَبَرِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ. صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» وَخَبَرُ «سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ. قَالَ: سَقْيُ الْمَاءِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: 10] أَثْنَى عَلَيْهِمْ بِالدُّعَاءِ لِلسَّابِقِينَ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] فَعَامٌّ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ وَقِيلَ مَنْسُوخٌ بِهِ وَكَمَا يَنْتَفِعُ الْمَيِّتُ بِذَلِكَ يَنْتَفِعُ الْمُتَصَدِّقُ (وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الْمُتَصَدِّقِ شَيْءٌ وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ) لَهُ (أَنْ يَجْعَلَ صَدَقَتَهُ) أَيْ يَنْوِيَ بِهَا (عَنْ أَبَوَيْهِ) . (وَفِي جَوَازِ التَّضْحِيَةِ عَنْ الْغَيْرِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَجْهَانِ) : أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ وَبِهِ جَزَمَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَعِبَارَتِهِ وَلَا تَضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا عَنْ مَيِّتٍ إنْ لَمْ يُوصِ بِهَا عَلَى الْأَصْلِ فِي الْعِبَادَاتِ. وَثَانِيهِمَا الْجَوَازُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى عَنْ أَزْوَاجِهِ بِالْبَقَرِ» وَخَبَرُ أَحْمَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا ضَحَّى اشْتَرَى كَبْشَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَإِذَا صَلَّى وَخَطَبَ النَّاسَ أَتَى بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ قَائِمٌ فِي مُصَلَّاهُ فَذَبَحَهُ بِنَفْسِهِ بِالْمُدْيَةِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذَا عَنْ أُمَّتِي جَمِيعًا مَنْ شَهِدَ لَكَ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لِي بِالْبَلَاغِ ثُمَّ يُؤْتَى بِالْآخَرِ فَيَذْبَحُهُ بِنَفْسِهِ وَيَقُولُ: هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فَيُطْعِمُهُمَا جَمِيعًا الْمَسَاكِينَ وَيَأْكُلُ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْهُمَا» ، وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى إذْ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَحْكَامٌ تَخُصُّهُ (وَقَدْ ذَكَرْنَا الْقِرَاءَةَ عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ   [حاشية الرملي الكبير] إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَكَانَ الْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ. وَقِيلَ يَجِبُ صَرْفُ الْجَمِيعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالْقِيَاسُ الظَّاهِرُ وَلَا سِيَّمَا إذَا اتَّسَعَتْ التَّرِكَةُ وَكَانَتْ الْوَرَثَةُ أَغْنِيَاءَ بَلْ يَجِبُ الْجَزْمُ بِهِ مُطْلَقًا إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَوْ قَالَ: أَحِجُّوا عَنِّي زَيْدًا وَلَمْ يُعَيِّنْ سَنَةً فَقَالَ زَيْدٌ: أَنَا لَا أَحُجُّ الْعَامَ بَلْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ هَلْ يُؤَخَّرُ الْحَجُّ لِأَجْلِهِ أَمْ يُسْتَأْجَرُ غَيْرُهُ فِي عَامِ الْوَصِيَّةِ وَالْحَجَّةُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ لَا نَقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ تَمَكَّنَ مِنْ الْحَجِّ فِي حَيَاتِهِ وَأَخَّرَ تَهَاوُنًا حَتَّى مَاتَ إنَّهَا لَا تُؤَخَّرُ عَنْ عَامِهَا؛ لِأَنَّهُ مَاتَ عَاصِيًا بِالتَّأْخِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ عَلَى الْفَوْرِ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يُتَمَكَّنْ أُخِّرَتْ إلَى الْيَأْسِ مِنْ حَجِّهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا كَالتَّطَوُّعِ قَالَ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِمَا فِي التَّأْخِيرِ مِنْ التَّغْرِيرِ وَلَوْ امْتَنَعَ الْغَيْرُ مِنْ الْحَجِّ عَنْهُ أَحَجَّ غَيْرَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ إنْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَهَلْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ فَأَعْتِقُوهُ فَلَمْ يَبِعْهُ فُلَانٌ لَا يُشْتَرَى عَبْدٌ آخَرُ. وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْعَبْدِ عِتْقُهُ وَهُوَ حَقٌّ لَهُ. [فَرْعٌ لِلْوَرَثَةِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ إسْقَاطُ فَرْضِ الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ فِي الْوَصِيَّة] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لِلْوَرَثَةِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ إسْقَاطُ فَرْضِ الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ إلَخْ) شَمَلَ مَا إذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَجُّ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَجَّ وَلَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ فَفِي الْإِحْجَاجِ عَنْهُ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ كَالتَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ. وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ لِوُقُوعِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ اهـ فَالرَّاجِحُ الطَّرِيقُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ فَرْعٌ: الدُّعَاءُ يَنْفَعُ الْمَيِّتَ) قَالَ السُّبْكِيُّ فِي الدُّعَاءِ شَيْئَانِ نَفْسُ الدُّعَاءِ وَثَوَابُهُ لِلدَّاعِي لَا لِلْمَيِّتِ وَحُصُولُ الْمَدْعُوُّ بِهِ إذَا قَبِلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ الْمَيِّتِ وَلَا يُسَمَّى ثَوَابًا. بَلْ هُوَ فَضْلٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَى نَفْعُهُ لِلْمَيِّتِ حُصُولُ الْمَدْعُوُّ بِهِ لَهُ إنْ اسْتِجَابَةُ اللَّهُ تَعَالَى نَعَمْ دُعَاءُ الْوَلَدِ نَفْسُ ثَوَابِهِ لِلْوَالِدِ لِخَبَرٍ إذَا مَاتَ الْعَبْدُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. جَعَلَ دُعَاءَ وَلَدِهِ مِنْ عَمَلِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْ عَمَلِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ انْقِطَاعِ الْعَمَلِ إذَا كَانَ الْمُرَادُ نَفْسُ الدُّعَاءِ أَمَّا الْمَدْعُوُّ بِهِ فَلَيْسَ مِنْ نَفْسِ عَمَلِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرْنَا الْقِرَاءَةَ عَلَى الْقَبْرِ إلَخْ) قَالَ بَعْضَهُمْ: إذَا قَرَأَ بِسَبَبِ مَيِّتٍ وَكَانَ ذَاكِرًا لَهُ فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ فَحُضُورُهُ بِهَذَا الذِّكْرِ فِي الْقَلْبِ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ حُضُورٌ فِي مَحَلِّ الْعِبَادَةِ وَمَوْضِعِ نُزُولِ الْأَجْرِ وَالرَّحْمَةِ أَرْجُو أَنْ يَشْمَلَهُ ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 حُكْمُهَا (فِي الْإِجَارَةِ) وَذَكَرْتُ ثَمَّ زِيَادَةً تَتَعَلَّقُ بِهَا (وَلَا يُصَلَّى عَنْهُ إلَّا رَكْعَتَا الطَّوَافِ) فَيُصَلِّيهِمَا مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ تَبَعًا لِلطَّوَافِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَقَدْ ذَكَرْنَا الصَّوْمَ) عَنْهُ فِي بَابِهِ (وَفِي الصَّوْمِ عَنْ مَرِيضٍ مَأْيُوسٍ مِنْ بُرْئِهِ وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ تَشْبِيهًا بِالْحَجِّ وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ. (فَصْلٌ: وَلَوْ وَرِثَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ وُهِبَ لَهُ) أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِ (فِي الْمَرَضِ عَتَقَ) عَلَيْهِ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، أَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرَقٌ أَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلْسٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْ فِي مُقَابَلَتِهِ مَالًا، وَزَوَالُ الْمِلْكِ حَصَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ. وَقِيلَ يُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِلَا عِوَضٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مَلَكَهُ فِي مَرَضِهِ وَرَجَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالْأَصَحُّ مَا هُنَا، وَيَشْهَدُ لَهُ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهَا بِالْفَلَسِ لَوْ أَصْدَقَتْ أَبَاهَا عَتَقَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ سَاعَةَ يَتِمُّ مِلْكُهَا عَلَيْهِ (وَلَوْ اشْتَرَاهُ فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِهِ (وَهُوَ مَدْيُونٌ صَحَّ) الشِّرَاءُ إذْ لَا خَلَلَ فِيهِ (وَبِيعَ فِي الدَّيْنِ) فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْيُونًا صَحَّ الشِّرَاءُ أَيْضًا وَ (عَتَقَ) أَيْ اُعْتُبِرَ عِتْقُهُ (مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَهُ بِالِاخْتِيَارِ وَبَذَلَ فِي مُقَابِلَتِهِ مَالًا فَإِنْ خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا فَقَدْرُ الثُّلُثِ. (وَلَوْ اشْتَرَاهُ وَحُوبِيَ) بِثَمَنِهِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسِينَ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ (فَقَدْرُهَا) أَيْ الْمُحَابَاةُ (هِبَةٌ) فَحِينَئِذٍ (يُعْتَقُ) قَدْرُهَا (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْغُرَمَاءُ) وَعَلَى مَا رَجَّحَهُ الْمِنْهَاجُ يُعْتَقُ مِنْ الثُّلُث (وَمَتَى حَكَمْنَا بِعِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَرِثْ) مِنْهُ. قَالُوا: لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ مِنْهُ لَكَانَ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَى الْوَارِث فَيَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقَّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقَّفِ عَلَيْهَا فَيَتَوَقَّفُ كُلٌّ مِنْ إجَازَتِهِ وَإِرْثِهِ عَلَى الْآخَرِ فَيَمْتَنِعُ إرْثُهُ (أَوْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَرِثَ) مِنْهُ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى إجَازَتِهِ. [فَصْلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ أَوْصَيْتُ لَك بِرَقَبَتِكَ] (فَصْلٌ: وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَوْصَيْتُ لَك بِرَقَبَتِكَ اُشْتُرِطَ) فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ (قَبُولُهُ) لِاقْتِضَاءِ الصِّيغَةِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ: مَلَّكْتُكَ نَفْسَكَ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ فِي الْمَجْلِسِ، وَمَقْصُودُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ الْإِعْتَاقُ (لَا إنْ قَالَ أَعْتِقُوهُ) بَعْدَ مَوْتِي فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى حَقًّا مُؤَكَّدًا فِي الْعِتْقِ فَكَانَ كَالْوَصِيَّةِ لِلْجِهَاتِ الْعَامَّةِ (وَإِنْ وَهَبَ لِعَبْدِهِ نَفْسَهُ اُشْتُرِطَ) لِصِحَّةِ الْهِبَةِ (الْقَبُولُ فِي الْحَالِ) كَسَائِرِ الْهِبَاتِ (إلَّا إنْ نَوَى) بِذَلِكَ (عِتْقَهُ) فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ لَا يُقَالُ بَلْ يَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، كَمَنْ قَالَ تَصَدَّقْتُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ وَنَوَى الْوَقْفَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ وَقْفَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ الْمُقْتَضَيَانِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ لِأَنَّ مَقْصُودَ هَذِهِ الْهِبَةِ الْإِعْتَاقُ. [فَصْلٌ أَمَرَ بِإِعْتَاقِ بَعْضِ عَبْدِهِ أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ بَعْضِ عَبْدِهِ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ] (فَصْلٌ: وَإِنْ أَمَرَ) بِإِعْتَاقِ بَعْضِ عَبْدِهِ (أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ بَعْضِ عَبْدِهِ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ) كَأَنْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَأَعْتِقُوا ثُلُثَ عَبْدِي، أَوْ ثُلُثُ عَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي (فَمَاتَ) عَتَقَ مِنْهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ بِالْإِعْتَاقِ فِي الْأُولَى وَبِدُونِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَ (لَمْ يَسْرِ إلَى الْبَاقِي) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لَهُ عِنْدَ الْعِتْقِ وَلَا مُوسِرٍ بِقِيمَتِهِ لِكَوْنِهِ مَيْتًا (بِخِلَافِ عِتْقِهِ الْبَعْضَ) مِنْ عَبْدِهِ (فِي الْمَرَضِ وَالثُّلُثُ يَحْتَمِلُهُ) فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي (لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْبَاقِي، وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ لِعَبِيدِهِ الثَّلَاثَةِ) وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ (وَقِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ أَعْتَقْتُكُمْ أَوْ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْكُمْ حُرٌّ) أَوْ أَثْلَاثُكُمْ أَحْرَارٌ (عَتَقَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ) وَلَا يُقْتَصَرُ الْعِتْقُ عَلَى ثُلُثِ كُلٍّ مِنْهُمْ حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ فِي عَبْدِهِ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ بَعْضِ عَبْدِهِ كَإِعْتَاقِ كُلِّهِ (وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ عِتْقَ ثُلُثِ عَبِيدِهِ (بِمَوْتِهِ) كَأَنْ قَالَ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْكُمْ حُرٌّ أَوْ أَثْلَاثُكُمْ أَحْرَارٌ بَعْدَ مَوْتِي (عَتَقَ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمْ (ثُلُثُهُ) وَلَا قُرْعَةَ (إذْ لَا سِرَايَةَ) بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا مَرَّ لَكِنْ لَوْ زَادَ مَا أَعْتَقَهُ عَلَى الثُّلُثِ كَأَنْ قَالَ: نِصْفكُمْ حُرٌّ بَعْد مَوْتِي أُقْرِعَ لِرَدِّ الزِّيَادَةِ لَا لِلسَّرَايَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ. (وَلَوْ قَالَ لِلثَّلَاثَةِ: نِصْفُ كُلٍّ مِنْكُمْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ) ذَلِكَ (أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ بِسَهْمِ رِقٍّ وَسَهْمَيْ حُرِّيَّةٍ) وَفِي نُسْخَةٍ عِتْقٍ (فَمَنْ أَصَابَهُ الرِّقُّ رَقَّ وَعَتَقَ نِصْفُ كُلٍّ مِنْ الْآخَرِينَ) وَلَا يَسْرِي وَلَوْ أَعْتَقَ الْأَنْصَافَ فِي مَرَضِهِ فَمَنْ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ سَرَى إلَى بَاقِيهِ إلَى أَنْ يَتِمَّ الثُّلُثُ فَيَقْرَعُ بَيْنَهُمْ بِسَهْمَيْ رِقٍّ وَسَهْمِ عِتْقٍ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْعِتْقِ عَتَقَ كُلُّهُ وَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقِ نِصْفِ غَانِمٍ وَثُلُثِ سَالِمٍ) بَعْدَ مَوْتِهِ (وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ وَلَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمَا أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا لِرَدِّ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَعْتَقَ خَمْسَةَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَفِي الصَّوْمِ عَنْ مَرِيضٍ مَأْيُوسٌ مِنْ بُرْئِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ صِحَّتِهِ) وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَقَدْ أَطْلَقَ النَّوَوِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ نَقْلَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْ أَحَدٍ فِي حَيَاتِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: عَاجِزًا كَانَ أَوْ قَادِرًا بِأَمْرٍ وَغَيْرِ أَمْرٍ وَأَيْضًا فَالْوَلِيُّ إنَّمَا لَهُ سَلْطَنَةُ الصَّوْمِ عَنْ قَرِيبِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَأَمَّا فِي حَيَاتِهِ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ. (فَرْعٌ) لَوْ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَشْرَةِ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا فَوَجَدَهَا الْوَصِيُّ بِمِائَةٍ وَلَمْ يَجِدْ حِنْطَةً تُسَاوَيْ الْمِائَتَيْنِ فَهَلْ يَشْتَرِيهَا بِمِائَةٍ وَيَرُدُّ الْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ، أَوْ هُوَ وَصِيَّةٌ لِبَائِعِ الْحِنْطَةِ، أَوْ يَشْتَرِي بِهَا حِنْطَةً وَيَتَصَدَّقُ بِهَا وُجُوهٌ أَصَحُّهَا أَوَّلُهَا. قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 أَسْدَاسِ عَبْدٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا إعْتَاقُ أَرْبَعَةِ أَسْدَاسِهِ (فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِغَانِمٍ عَتَقَ نِصْفُهُ وَ) عَتَقَ (سُدْسُ سَالِمٍ) لِيَتِمَّ الثُّلُثُ (وَإِلَّا) بِأَنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لَسَالِمٍ (عَتَقَ مِنْ كُلِّ) مِنْهُمَا ثُلُثُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَهُمَا مَعًا فِي مَرَضِهِ) كَأَنْ قَالَ: نِصْفُ كُلٍّ مِنْكُمَا حُرٌّ (أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ) أَيْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ بِالْحُرِّيَّةِ (عَتَقَ ثُلُثَاهُ وَرَقَّ الْبَاقِي) مِنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْآخَرِ (كَمَنْ أَعْتَقَ نِصْفَهُ أَوَّلًا) فِي أَنَّهُ يُعْتَقُ ثُلُثَاهُ فَلَوْ قَالَ: نِصْفُ غَانِمٍ حُرٌّ وَثُلُثُ سَالِمٍ حُرٌّ عَتَقَ ثُلُثَا غَانِمٍ وَلَا قُرْعَةَ. [فَصْلٌ أَعْتَقَ أَمَةً حَامِلًا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ] (فَصْلٌ) لَوْ (أَعْتَقَ) أَمَةً (حَامِلًا بَعْدَ مَوْتِهِ) أَوْ قَبْلَهُ (تَبِعَهَا الْحَمْلُ وَلَوْ اسْتَثْنَاهُ) كَأَنْ قَالَ: هِيَ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي إلَّا جَنِينَهَا أَوْ دُونَ جَنِينِهَا؛ لِأَنَّهُ كَعُضْوٍ مِنْهَا وَالْعِتْقُ لَا يَثْبُتُ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ دُونَ بَعْضٍ وَلِأَنَّ الْأُمَّ تَسْتَتْبِعُ الْحَمْلَ كَمَا فِي الْبَيْعِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا الْمَعْنَى أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُشْكِلُ بِمَا إذَا أَعْتَقَ الْحَمْلَ لَا يَعْتِقُ الْأُمَّ، وَلَوْ كَانَ كَعُضْوٍ مِنْهَا لَعَتَقَتْ هَذَا (إنْ كَانَ) الْحَمْلُ (مِلْكَهُ وَإِلَّا فَلَا) يَتْبَعُهَا؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمِلْكَ يَمْنَعُ الِاسْتِتْبَاعَ. [فَصْلٌ أُوصِيَ لَهُ بِثُلُثِ عَبْدٍ مَثَلًا مُعَيَّنٍ فَاسْتُحِقَّ ثُلُثَاهُ] (فَصْلٌ: مَتَى أُوصِيَ لَهُ بِثُلُثِ عَبْدٍ) مَثَلًا (مُعَيَّنٍ فَاسْتُحِقَّ ثُلُثَاهُ فَلِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ الْبَاقِي) لَا ثُلُثَهُ فَقَطْ إذْ الْمَقْصُودُ إرْفَاقُ الْمُوصَى لَهُ وَقِيلَ لَهُ ثُلُثُهُ وَصَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ وَاعْتَمَدَهُ هَذَا (إنْ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ) وَإِلَّا فَلَهُ مَا يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ (وَإِنْ قَالَ) أَعْطُوا فُلَانًا (أَحَدَ أَثْلَاثِهِ) أَيْ الْعَبْدُ فَاسْتُحِقَّ ثُلُثَاهُ (نَفَذَتْ) وَصِيَّتُهُ (فِي) الثُّلُثِ (الْبَاقِي إنْ احْتَمَلَهُ) الثُّلُثُ وَإِلَّا فَفِيمَا يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ الْبَاقِي وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا الْقَيْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَحُكْمُ هَذِهِ مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهَا. قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ صُبْرَةٍ فَتَلَفَ ثُلُثَاهَا فَلَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي أَيْ لَا الْبَاقِي وَإِنْ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنَاوَلَتْ التَّالِفَ كَمَا تَنَاوَلَتْ الْبَاقِيَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ. (فَصْلٌ: نَقْلُ الْمُوصَى بِهِ لِلْمَسَاكِينِ) مِنْ بَلَدِ الْمَالِ (إلَى) مَسَاكِينَ (بَلَدٍ آخَرَ جَائِزٌ) كَمَا مَرَّ مَعَ بَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الزَّكَاةِ فِي بَابِهَا هَذَا (إنْ لَمْ يُخَصِّصْ) الْمُوصِي فُقَرَاءَ بَلَدٍ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (لِفُقَرَاءِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ وَلَا فَقِيرَ بِهَا بَطَلَتْ) كَمَا لَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانِ وَلَا وَلَدَ لَهُ. (الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي الْمَسَائِلِ الْحِسَابِيَّةِ) لَوْ (أَوْصَى) لِزَيْدٍ (بِمِثْلِ نَصِيبِ الِابْنِ الْحَائِزِ وَأَجَازَ) الْوَصِيَّةَ (أُعْطِيَ النِّصْفَ) لِاقْتِضَائِهَا أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ مِنْهُمَا نَصِيبٌ وَأَنْ يَكُونَ النَّصِيبَانِ مِثْلَيْنِ فَتَلْزَمُ التَّسْوِيَةُ وَإِنْ رَدَّ الْوَصِيَّةَ رُدَّتْ إلَى الثُّلُثِ وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ مَا كَانَ نَصِيبًا لَهُ كَانَتْ وَصِيَّةً بِجَمِيعِ الْمَالِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِابْنِهِ نَصِيبًا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (أَوْ) أَوْصَى لَهُ بِنَصِيبٍ (كَنَصِيبِ أَحَدِ أَبْنَائِهِ) وَلَهُ أَبْنَاءٌ (فَهُوَ كَابْنٍ) آخَرَ مَعَهُمْ فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَالْوَصِيَّةُ بِالرُّبْعِ أَوْ أَرْبَعَةً فَبِالْخُمْسِ وَهَكَذَا (وَضَابِطُهُ أَنْ تُصَحَّحَ الْفَرِيضَةُ) بِدُونِ الْوَصِيَّةِ (وَيُزَادَ فِيهَا مِثْلُ مَا لِلذُّكُورِ مِنْ سَهْمٍ) أَيْ مِثْلُ نَصِيبِ الْمُوصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ. (فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهَا فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ اثْنَيْنِ لَوْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً فَيُزَادُ عَلَيْهَا سَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ (أَوْ) كَانَ لَهُ (بِنْتَانِ فَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ إحْدَاهُمَا فَهِيَ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (بِالرُّبْعِ؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ كَانَتْ مِنْ ثَلَاثَةٍ) لَوْلَا الْوَصِيَّةُ (لِكُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (سَهْمٌ فَزِيدَ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ) يَبْلُغُ أَرْبَعَةً (وَإِنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِمَا) مَعًا (فَالْوَصِيَّةِ بِخُمْسَيْ الْمَالِ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الْفَرِيضَةَ (مِنْ ثَلَاثَةٍ) لَوْلَا الْوَصِيَّةُ وَنُصِيبهُمَا مِنْهَا اثْنَانِ (فَتَزِيدُ) عَلَى الثَّلَاثَةِ (سَهْمَيْنِ مِثْلُ نَصِيبِهِمَا) تَبْلُغُ خَمْسَةً (وَلَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ بِنْتٍ) أَيْ بِمِثْلِهِ (وَلَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ وَأَخٌ فَالْوَصِيَّةُ بِسَهْمَيْنِ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ) لِأَنَّهَا مِنْ تِسْعَةٍ لَوْلَا الْوَصِيَّةُ وَنَصِيبُ كُلِّ بِنْتٍ مِنْهُمَا سَهْمَانِ فَتُزِيدُهُمَا عَلَى التِّسْعَةِ تَبْلُغُ أَحَدَ عَشَرَ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى وَلَهُ ثَلَاثُ بَنِينَ وَثَلَاثُ بَنَاتٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ فَالْوَصِيَّةُ بِسَهْمَيْنِ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ (وَلَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنِهِ صَحَّتْ) وَصِيَّتُهُ (كَمَا لَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ أَيْ ابْنِهِ) إذْ الْمَعْنَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ وَمِثْلُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ كَثِيرٌ كَيْفَ وَالْوَصِيَّةُ وَارِدَةٌ عَلَى مَالِ الْمُوصِي إذْ لَيْسَ لِلِابْنِ نَصِيبٌ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ التَّقْدِيرُ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ بَعْدَهُ وَقِيلَ يَبْطُلُ لِوُرُودِهَا عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَصْلِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُنَا (وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَلَا ابْنَ لَهُ) وَارِثٌ (بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ إذْ لَا نَصِيبَ لِلِابْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ وَلَا ابْنٍ لَهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَالْكَافِي وَكَأَنَّهُ قَالَ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِ لِي لَوْ كَانَ. (فَرْعٌ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ وَرِثَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِ فِي الْمَرَضِ] قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَظِيرهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ) قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ مِنْ حَيْثُ هَذَا التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ لَا يُوصِي بِهِ وَإِلَّا فَالتَّلَفُ وَعَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ مُسْتَوِيَانِ فِي الْحُكْمِ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَمَا هُنَا فِي خَلْطِ الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ وَمَا فِي الْغَرَرِ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ؛ لِأَنَّ الْبَهْجَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً فَقَيَّدَهَا الشَّارِحُ بِالْعَبْدِ. [فَصْلٌ نَقْلُ الْمُوصَى بِهِ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ بَلَدِ الْمَالِ إلَى مَسَاكِينِ بَلَدٍ آخَرَ] (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلَا وَلَد لَهُ) تَقَدَّمَ قُبَيْلَ بَابِ الْهَدْيِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ النَّذْرِ أَنَّهُ يَصِيرُ إلَى وُجُودِهِمْ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالنَّذْرِ بِأَنَّ النَّذْرَ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ فَيَصِيرُ النَّاذِرُ بِتَفْرِقَتِهِ إلَى وُجُودِهِمْ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّ تَفْرِقَتِهَا عَلَى الْفَوْرِ وَلِلْمَالِ مُسْتَحِقٌّ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْمُوصَى لَهُمْ وَهُمْ الْوَرَثَةُ فَإِنْ وَجَدْنَا مَنْ أَوْصَى لَهُمْ وَإِلَّا دَفَعْنَا الْمَالَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ الْوَارِثُ. [الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَام الْوَصِيَّة فِي الْمَسَائِلِ الْحِسَابِيَّةِ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِابْنِهِ نَصِيبًا إلَخْ) وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى جَعَلَ لِابْنِهِ مَعَ الْوَصِيَّةِ نَصِيبًا فَلِذَلِكَ كَانَتْ بِالنِّصْفِ وَفِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُ نَصِيبًا فَلِذَلِكَ كَانَتْ بِالْكُلِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ بِنْتٍ وَلَهُ ثَلَاثُ بَنَاتِ وَأَخٍ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِنْتٌ وَأَخٌ وَأَوْصَى لِزَيْدِ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَعَهَا كَبِنْتِ ثَانِيَةٍ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَخٍ لِأُمٍّ فَالْوَصِيَّةُ بِالسُّدُسِ (قَوْلُهُ: إذْ الْمَعْنَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ) كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَ عَبْدِي بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ وَهُمَا يَعْلَمَانِ قَدْرَهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا نَصِيبَ لِلِابْنِ) يَظْهَرُ مِنْ هُنَا أَنَّ الِابْنَ لَوْ كَانَ كَافِرًا أَوَ قَاتِلًا أَوْ رَقِيقًا لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْبَيَانِ. قَالَ صَاحِبُ التَّمَوُّهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عُجَيْلٍ هَذَا إذَا عَلِمَ الْمُوصِي أَنَّ مَنْ ذَكَرْنَاهُ لَا يَرِثُ، أَمَّا إذَا كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَرِثُ فَالْقِيَاسُ أَنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 لَوْ (أَوْصَى وَلَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنَانِ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ ثَانٍ أَوْ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ فَهِيَ بِالثُّلُثِ فِي الْأُولَى) كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا (وَبِالرُّبُعِ فِي الثَّانِيَةِ) كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ قَالَ) أَوْصَيْتُ لَهُ (بِنَصِيبِ ابْنٍ ثَانٍ أَوْ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ) أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَضَافَ إلَى وَارِثٍ مَوْجُودِ (وَلَوْ أَوْصَى وَلَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ بِمِثْلِ نَصِيبِ بِنْتٍ لَوْ كَانَتْ فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّمُنِ) لِأَنَّهَا مِنْ سَبْعَةٍ لَوْلَا الْوَصِيَّةُ وَنَصِيبُ الْبِنْتِ مِنْهَا سَهْمٌ فَتَزِيدُ عَلَى السَّبْعَةِ وَاحِدًا تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً (وَإِنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ أَوْلَادِهِ أَوْ وَرَثَتِهِ أُعْطِيَ كَأَقَلِّهِمْ نَصِيبًا) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ فَزِدْ عَلَى مَسْأَلَتِهِمْ لَوْلَا الْوَصِيَّةُ مِثْلُ سَهْمِ أَقَلِّهِمْ ثُمَّ اقْسِمْ فَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ فَالْوَصِيَّةُ بِالرُّبُعِ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ كَمَا يُقَسَّمُ بَيْنَ ابْنِ وَبِنْتَيْنِ (أَوْ) أَوْصَى (بِضِعْفِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثَيْنِ) لِأَنَّ ضِعْفَ الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ قَدْرِ الشَّيْءِ وَمِثْلِهِ (أَوْ) قَالَ أَوْصَيْتُ لَهُ (بِضِعْفِ نَصِيبِ أَحَدِ أَوْلَادِي) أَوْ وَرَثَتِي (أُعْطِيَ مِثْلَ نَصِيبِ أَقَلِّهِمْ) نَصِيبًا (فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ بَنِينَ فَالْوَصِيَّةُ بِخُمْسَيْ التَّرِكَةِ) وَلَوْ أَوْصَى بِضِعْفَيْ نَصِيبِ ابْنِهِ وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ فَالْوَصِيَّةُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ضِعْفَ الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ قَدْرِهِ وَمِثْلَيْهِ وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِهِ. (فَصْلٌ) لَوْ (أَوْصَى بِنَصِيبٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِجُزْءٍ أَوْ حَظٍّ أَوْ قِسْطٍ أَوْ شَيْءٍ أَوْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ) أَوْ عَظِيمٍ أَوْ سَهْمٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَالتَّفْسِيرُ) لَهُ يُرْجَعُ فِيهِ (إلَى الْوَارِثِ وَيُقْبَلُ) تَفْسِيرُهُ (بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ) كَمَا فِي الْإِقْرَارِ لِوُقُوعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (فَلَوْ ادَّعَى) الْمُوصَى لَهُ (زِيَادَةً) عَلَى ذَلِكَ (حَلَفَ الْوَارِثُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إرَادَتَهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ (وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ إلَّا شَيْئًا قُبِلَ التَّفْسِيرُ) مِنْ وَارِثِهِ (و) كَوْنُهُ (بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلِ وَحُمِلَ) الشَّيْءُ (الْمُسْتَثْنَى عَلَى الْأَكْثَرِ) لِيَقَعَ التَّفْسِيرُ بِالْأَقَلِّ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ قَالَ) أَعْطُوهُ ثُلُثَ مَالِي (إلَّا قَلِيلًا. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ أَوْ وَاحِدًا فِي عَشَرَةٍ فَكَمَا فِي الْإِقْرَارِ) فَيُعْطَى فِي الْأُولَى تِسْعَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ عَشَرَةً إنْ أَرَادَ الْمُوصِي الْحِسَابَ وَأَحَد عَشَرَ إنْ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ وَوَاحِدًا إنْ أَرَادَ الظَّرْفَ أَوْ أَطْلَقَ (أَوَ) قَالَ أَعْطُوهُ (أَكْثَرَ مَالِي أَوْ مُعْظَمُهُ أَوْ عَامَّتُهُ فَالْوَصِيَّةُ بِمَا فَوْقَ النِّصْفِ) لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَالِبَ مَالِي كَذَلِكَ (أَوْ) أَعْطُوهُ (أَكْثَرَ مَالِي وَنِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ أَكْثَرِهِ (فَبِمَا) أَيْ فَالْوَصِيَّةُ بِمَا (فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ) بِأَنْ يَزِيدَ الْوَارِثُ عَلَيْهَا شَيْئًا وَنِصْفَهُ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ فِي الْوَصِيَّةِ بِوَضْعِ النُّجُومِ (أَوْ) أَعْطُوهُ (أَكْثَرَ مَالِي وَمِثْلَهُ فَالْوَصِيَّةُ بِالْكُلِّ أَوْ زُهَاءَ أَلْفٍ) بِضَمِّ الزَّايِ وَالْمَدِّ (فِيمَا فَوْقَ نِصْفِهِ وَاسْتُشْكِلَ) أَيْ اسْتَشْكَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ (لِأَنَّ زُهَاءَ أَلْفِ) مَعْنَاهُ لُغَةً (قَدْرُهُ) أَيْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ أَلْفٌ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ قَدْرُهُ تَقْرِيبًا لَا تَحْدِيدًا مِنْ زَهَوْتِهِ بِكَذَا أَيْ حَزَرْتَهُ حَكَاهُ الصَّاغَانِيُّ قُلِبَتْ الْوَاوُ هَمْزَةً لِتَطَرُّفِهَا إثْرَ أَلِفٍ زَائِدَةٍ كَمَا فِي كِسَاءٍ (أَوْ) أَعْطُوهُ (دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ حُمِلَ عَلَى ثَلَاثَةٍ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ (مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ التَّفْسِيرُ بِغَيْرِهِ. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ فَسَّرَهُ الْوَارِثُ. وَقَوْلُهُ) أَعْطُوهُ (كَذَا دِرْهَمًا وَنَحْوَهُ) كَكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَوْ مِائَةً وَدِرْهَمًا أَوْ أَلْفًا وَدِرْهَمًا أَوْ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا (كَمَا فِي الْإِقْرَارِ) بِذَلِكَ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِيهِ (وَ) قَوْلُهُ (كَذَا كَذَا مِنْ دَنَانِيرِي) يَلْزَمُ بِهِ (دِينَارٌ وَ) قَوْلُهُ (كَذَا وَكَذَا مِنْهَا) يَلْزَمُ بِهِ (دِينَارَانِ أَوْ كَذَا كَذَا مِنْ دِينَارِي فَحَبَّةٌ أَوْ كَذَا وَكَذَا مِنْهُ فَحَبَّتَانِ وَالْحِسَابُ فَنٌّ طَوِيلٌ وَلِذَا جَعَلُوهُ عِلْمًا بِرَأْسِهِ وَأَفْرَدُوهُ بِالتَّدْرِيسِ وَالتَّصْنِيفِ فَالْحَوَالَةُ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ) تَكُونَ (عَلَى مُصَنَّفَاتِهِ) وَإِنْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ] (تَصِحُّ فِي التَّبَرُّعِ الْمُعَلَّقِ) وَلَوْ فِي الصِّحَّةِ (بِالْمَوْتِ) كَقَوْلِهِ إذَا مِتَّ فَأَعْطُوا فُلَانًا كَذَا أَوْ فَأَعْتِقُوا عَبْدِي (لَا الْمُنَجَّزِ) وَلَوْ فِي الْمَرَضِ (الرُّجُوعُ) عَنْهُ وَعَنْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْقَبْضُ فَكَانَ كَالْهِبَةِ وَلِأَنَّ الْقَبُولَ فِي الْوَصِيَّةِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَكُلُّ عَقْدٍ لَمْ يَقْتَرِنْ بِإِيجَابِهِ الْقَبُولُ فَلِلْمُوجِبِ فِيهِ الرُّجُوعُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يُغَيِّرُ الرَّجُلُ مِنْ وَصِيَّتِهِ مَا شَاءَ وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ فِي الْمُنَجَّزِ وَإِنْ كَانَ مُعْتَبَرًا مِنْ الثُّلُثِ حَيْثُ جَرَى فِي الْمَرَضِ كَالْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِي لِلرُّجُوعِ -   [حاشية الرملي الكبير] الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ بِمِثْلِ نَصِيبِهِ لَوْ كَانَ وَارِثًا. (فَرْعٌ) لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمَالِهِ وَلِعَمْرٍو بِثُلُثِهِ فَإِنْ أَجَازُوا فَقَدْ عَالَتْ إلَى أَرْبَعَةٍ لِزَيْدِ ثَلَاثَةٌ وَلِعَمْرٍو سَهْمٌ وَإِنْ رَدُّوا قَسْمَ الثُّلُثِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ تَكُونُ قِسْمَةُ الْوَصِيَّةِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَوَرَاءَ مَا ذَكَرَهْ مِنْ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ لَهُمَا صُوَرٌ: إحْدَاهَا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ لِصَاحِبِ الْكُلِّ وَتَرُدَّ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ لِلْمَرْدُودِ سَهْمٌ وَهُوَ رُبْعُ الثُّلُثِ بِتَقْدِيرِ الرَّدِّ عَلَيْهِمَا وَفِي الْبَاقِي وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لِصَاحِبِ الْكُلِّ وَالثَّانِي أَنَّ لَهُ تِسْعَةً وَيَبْقَى سَهْمَانِ لِلْوَرَثَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ وَاَلَّذِي أَذْهَبُ إلَيْهِ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْكُلَّ لَوْلَا وَصِيَّةُ الثُّلُثِ فَإِذَا زَالَتْ الْمُزَاحَمَةُ أَوْ بَعْضُهَا اُسْتُحِقَّ مَا زَالَتْ عَنْهُ الْمُزَاحَمَةُ. وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَتَرُدُّ لِصَاحِبِ الْكُلِّ فَيُعْطَى صَاحِبُ الْكُلِّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ وَفِي صَاحِبِ الثُّلُثِ وَجْهَانِ: فَفِي أَحَدِهِمَا يُكَمَّلُ لَهُ الثُّلُثُ مِنْ غَيْرِ عَوْلِ وَهَذَا عَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ. وَفِي الثَّانِي الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ يُعْطَى صَاحِبُ الثُّلُثِ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ لَهُمَا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ. وَالصُّورَة الثَّالِثَةُ أَنْ يُجِيزَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ لِوَاحِدٍ وَالْبَعْضَ لِلْآخَرِ فَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ [فَصْلٌ أَوْصَى بِنَصِيبٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِجُزْءٍ أَوْ نَحْوِهَا] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ) (قَوْلُهُ: يَصِحُّ فِي التَّبَرُّعِ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ التَّدْبِيرُ فَلَا رُجُوعَ عَنْهُ إلَّا بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْمَرَضِ) إلَّا أَنْ يَكُونَ لَفَرْعِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 فِي الْوَصِيَّةِ كَوْنُ التَّمْلِيكِ لَمْ يَتِمُّ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالتَّبَرُّعُ الْمُنَجَّزُ عَقْدٌ تَامٌّ بِإِيجَابِ وَقَبُولِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ مِنْ وَجْهٍ وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ (بِالْقَوْلِ كَنَقَضْتُ الْوَصِيَّةَ وَأَبْطَلْتُهَا) أَوْ رَجَعْتُ فِيهَا وَفَسَخْتُهَا (وَهِيَ) أَيْ الْعَيْنُ الْمُوصَى بِهَا (حَرَامٌ عَلَى الْمُوصَى لَهُ) كَمَا لَوْ حَرَّمَ طَعَامَهُ عَلَى غَيْرِهِ بَعْدِ إبَاحَتِهِ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَكْلُهُ (أَوْ هِيَ لَوَرَثَتِي بَعْدِي أَوْ مِيرَاثٌ عَنِّي) لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ مِيرَاثًا إلَّا إذَا انْقَطَعَ تَعَلُّقُ الْمُوصَى لَهُ عَنْهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِبُطْلَانِ نِصْفِ الْوَصِيَّةِ حَمْلًا عَلَى التَّشْرِيكِ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو أَنَّ الْوَصِيَّةَ الثَّانِيَةَ تَشْرِيكٌ انْتَهَى. وَيُجَابُ بِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ تَشْرِيكًا ثَمَّ لِمُشَارَكَتِهَا الْأُولَى فِي التَّبَرُّعِ بِخِلَافِ مَا هُنَا الْمُعْتَضَدْ بِقُوَّةِ الْإِرْثِ الثَّابِتِ قَهْرًا ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ الرِّفْعَةِ فَرَّقَ بِنَحْوِ ذَلِكَ (لَا) . قَوْلُهُ هِيَ (تَرِكَتِي) فَلَيْسَ رُجُوعًا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مِنْ التَّرِكَةِ (وَإِنْكَارُهُ) الْوَصِيَّةَ (إنْ سُئِلَ) عَنْهَا (رُجُوعٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ عَلَى مَا مَرَّ فِي جَحْدِ الْوَكَالَةِ (وَصَحَّحَ) الْأَصْلُ (خِلَافَهُ فِي التَّدْبِيرِ) وَعَلَّلَهْ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا وَمِنْ التَّدْبِيرِ عَقْدٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ عَرْضُ شَخْصَيْنِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِإِنْكَارِ أَحَدِهِمَا قَالَ الْإِمَامُ: وَاَلَّذِي ذَهَبِ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَظَاهِرُ النَّصِّ أَنَّهُ رُجُوعٌ لَكِنْ عَدَمُهْ عَزَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي تَذْنِيبِهِ لِلْأَكْثَرِينَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ التَّدْبِيرِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ وَذَكَرَ الْأَصْلُ فِي التَّدْبِيرِ أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ هَذَا الْمُوصَى بِهِ رُجُوعٌ (لَا قَوْلُهُ) فِي جَوَابِ السُّؤَالِ عَنْ الْوَصِيَّةِ (لَا أَدْرِي) فَلَيْسَ رُجُوعًا (وَالتَّصَرُّفُ فِي الْمُوصَى بِهِ بِمُعَاوَضَةٍ) كَبَيْعٍ وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَهُ فَسْخٌ وَلَوْ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ (أَوْ هِبَةٍ أَوْ رَهْنٍ) وَلَوْ بِلَا قَبْضٍ فِيهِمَا (أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ) أَوْ تَعْلِيقِ عِتْقٍ بِصِفَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (رُجُوعٌ) لِظُهُورِ قَصْدِ الصَّرْفِ عَنْ الْمُوصَى لَهُ (وَكَذَا) يَحْصُلُ الرُّجُوعُ (بِالْعَرْضِ عَلَيْهَا) لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى الرُّجُوعِ وَهَذَا مِمَّا تُخَالِفُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ التَّدْبِيرَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَمَا ذُكِرَ فِي الْهِبَةِ مَحَلُّهُ فِي الصَّحِيحَةِ. أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَحَكَى فِيهَا الْمَاوَرْدِيُّ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: ثَالِثُهَا إنْ اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ كَانَتْ رُجُوعًا وَإِلَّا فَلَا. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ طَرْدُهَا فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ رُجُوعٌ فِيهِمَا كَالْعَرْضِ عَلَى مَا مَرَّ بَلْ أَوْلَى. (وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّصَرُّفِ) فِي الْمُوصَى بِهِ (مِثْلُ) قَوْلِهِ: (إذَا مِتُّ فَبِيعُوهُ وَكَذَا التَّوْكِيلُ فِيهِ وَالِاسْتِيلَادُ) لِلْأَمَةِ أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (رُجُوعٌ) لِمَا مَرَّ (لَا الْوَطْءُ) لِلْأَمَةِ (وَلَوْ أَنْزَلَ) وَلَا أَثَرَ لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِيلَادِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْزِلُ وَلَا تَحْبَلُ وَيُفَارِقُ الْعَرْضَ عَلَى مَا ذُكِرَ بِأَنَّ إفْضَاءَ الْعَرْضِ إلَيْهِ أَقْرَبُ مِنْ إفْضَاءِ الْوَطْءِ إلَى الْوَلَدِ (وَالْإِقْرَارُ بِحُرِّيَّتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِهِ (وَغَصْبِهِ) أَيْ أَوْ بِغَصْبِهِ لَهُ (رُجُوعٌ) . (فَرْعٌ: لَوْ أَوْصَى بِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو اشْتَرَكَا) فِيهِ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا فِي الْجَمِيعِ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ التَّشْرِيكِ دُونَ الرُّجُوعِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ كَمَا فِي قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ بِهِ لَكُمَا بَلْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَمَّا أَوْصَى بِهِ لِلثَّانِي بَعْدَمَا أَوْصَى بِهِ لِلْأَوَّلِ كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُشْرِكَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَلَّكَ كُلًّا مِنْهُمَا جَمِيعَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فَيُضَارَبَانِ فِيهِ (فَإِنْ رَدَّهُ أَحَدُهُمَا كَانَ الْجَمِيعُ لِلْآخَرِ. وَإِنْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِهِ لَكُمَا فَرَدَّ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ النِّصْفُ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَوْجَبَهُ لَهُ الْمُوصِي صَرِيحًا بِخِلَافِهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا كَمَا عُرِفَ (وَإِنْ أَوْصَى بِهِ لِلْأَوَّلِ ثُمَّ بِنِصْفِهِ لِلثَّانِي) وَقَبِلَا (اقْتَسَمَاهُ أَرْبَاعًا) إذْ النِّصْفُ لِلْأَوَّلِ وَقَدْ شَرَّكَهُ مَعَ الثَّانِي فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ حَيْثُ غَلَّطَ الْأَصْلَ فِي قَوْلِهِ اقْتَسَمَاهُ أَثْلَاثًا، وَرَدَّ مَا قَالَهُ بِأَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْجَارِي عَلَى قَاعِدَةِ الْبَابِ؛ إذْ نِسْبَةُ النِّصْفِ إلَى مَجْمُوعِ الْوَصِيَّتَيْنِ الثُّلُثُ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَوْصَى لِلْأَوَّلِ بِالْكُلِّ وَلِلثَّانِي بِالثُّلُثِ اقْتَسَمَاهُ أَرْبَاعًا. إذْ نِسْبَةُ الثُّلُثِ إلَى الْمَجْمُوعِ الرُّبُعُ (فَإِنْ رَدَّهُ الثَّانِي فَالْكُلُّ لِلْأَوَّلِ أَوْ) رَدَّهُ (الْأَوْلُ فَالنِّصْفُ لِلثَّانِي وَإِنْ أَوْصَى بِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ الرِّفْعَةِ فَرَّقَ بِنَحْوِ ذَلِكَ) وَهُوَ أَنَّ التَّشْرِيكَ فِي مَحَلِّ النَّقْلِ جَاءَ لِتَسَاوِي الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الْإِرْثَ أَقْوَى مِنْ الْوَصِيَّةِ فِي ثُبُوتِهِ قَهْرًا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ اهـ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا لِوَارِثِي بَعْدَ مَوْتِي مَفْهُومُ صِفَةٍ أَيْ لَا لِغَيْرِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ هُوَ لِعَمْرٍو بَعْدَ قَوْلِهِ هُوَ لِزَيْدٍ فَمَفْهُومُ لَقَبٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَلِذَلِكَ قِيلَ بِالتَّشْرِيكِ فِي هَذِهِ دُونَ تِلْكَ (قَوْلُهُ وَإِنْكَارُهُ إنْ سُئِلَ رُجُوعٌ) وَكَذَا إنْ لَمْ يُسْئَلْ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ عَلَى مَا مَرَّ فِي جَحْدِ الْوَكَالَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَبِإِنْكَارِهَا بِلَا غَرَضٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَهُ فَسْخٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُ طَرْدَهَا فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ) الْأَصَحُّ أَنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ أَيْضًا غ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ رُجُوعٌ فِيهِمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّصَرُّفِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْبَيْعِ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ مُحَابَاةً فَلَوْ أَوْصَى بِبَيْعِهِ مُحَابَاةً بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَالْوَصِيَّةُ ثَابِتَةٌ فِي الْمُحَابَاةِ فَإِنْ كَانَتْ نِصْفَ الثَّمَنِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا أَوْ ثُلُثَهُ فَأَرْبَاعًا ذَكَرَهْ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. [فَرْعٌ أَوْصَى بِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو] (قَوْلُهُ: إذْ النِّصْفُ لِلْأَوَّلِ وَقَدْ شَرَكَهُ مَعَ الثَّانِي إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ مَسْأَلَةٌ أَوْصَى لِوَاحِدِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخِرِ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةُ دِينَارٍ كَمْ يَخْلُصُ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ جَمِيعِ الثُّلُثِ؟ أَجَابَ يَخْلُصُ لَهُ تِسْعُونَ دِينَارًا وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَهِيَ الْعَشَرَةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِعَبْدٍ وَلِآخَرَ بِنِصْفِ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ ثُلُثُ مَالِهِ يَخْلُصُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْكُلِّ نِصْفُ الْعَبْدِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الْعَبْدِ رُبْعُهُ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْوَجْهُ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي التَّوَسُّطِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ غَلِطَ الْأَصْلُ فِي قَوْلِهِ إلَخْ) هَذَا مِنْ الْأَغَالِيطِ الْقَبِيحَةِ وَقَدْ رَدَّهُ النَّاسُ عَلَيْهِ وَسَبَبُ الْغَلَطِ ذُهُولُهُ عَنْ قَاعِدَةِ الْبَابِ وَإِنَّمَا كَانَ ثُلُثُهُ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَنِسْبَةُ النِّصْفِ إلَى الْكُلِّ إنَّمَا هُوَ الثُّلُثُ ت (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَخْ) وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ رَدَّهُ الْأَوَّلُ فَالنِّصْفُ لِلثَّانِي) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُلْحَقُ بِالرَّدِّ مَا إذَا رَجَعَ الْمُوصِي عَنْ إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 لِزَيْدٍ ثُمَّ) أَوْصَى (بِعِتْقِهِ فَيُقَدَّمُ الْعِتْقُ) وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ الْأُولَى لِكَوْنِ الثَّانِيَةِ رُجُوعًا عَنْهَا (أَوْ يُقَسِّمُ) بِأَنْ يَعْتِقَ نِصْفَهُ وَيَدْفَعَ إلَى زَيْدٍ الْبَاقِيَ (وَجْهَانِ) كَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا كَانَتْ الثَّانِيَةُ رُجُوعًا بِخِلَافِهَا فِيمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَرْعِ؛ لِأَنَّهَا هُنَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْأُولَى (وَكَذَا عَكْسُهُ) بِأَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِزَيْدٍ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُصْرَفَ إلَى الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَنْ يُنَصَّفَ عَلَى الثَّانِي. (فَصْلٌ: قَوْلُهُ أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ بِمَا أَوْصَيْتُ بِهِ لِعَمْرٍو رُجُوعٌ) لِظُهُورِهِ فِيهِ، وَفَارِقُ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَرْعِ السَّابِقِ بِأَنَّهُ ثَمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الْوَصِيَّةَ الْأُولَى فَاسْتُصْحِبْنَاهَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَإِنْ قَالَ) فِي شَيْءٍ (بِيعُوهُ وَاصْرِفُوا ثَمَنَهُ إلَى الْمَسَاكِينِ ثُمَّ قَالَ بِيعُوهُ وَاصْرِفُوا ثَمَنَهُ إلَى الرِّقَابِ اشْتَرَكُوا) فِي الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ مُتَّفِقَتَانِ عَلَى الْبَيْعِ وَإِنَّمَا الزَّحْمَةُ فِي الثَّمَنِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُوصِي ذَاكِرًا لِلْأُولَى صُرِفَ الْجَمِيعُ إلَى الرِّقَابِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي نَظَائِرِهِ وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ بِهِ فِي بَعْضِهَا وَفَارِقُ اشْتِرَاكِهِمَا فِيمَا ذَكِرَ مَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ أَوْصَى بِبَيْعِهِ وَصَرْفِ ثَمَنِهِ لِلْمَسَاكِينِ حَيْثُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ رُجُوعًا بِأَنَّهَا فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ جِنْسِ الْأُولَى بِخِلَافِهَا ثُمَّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ. (وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِدَارٍ) أَوْ بِخَاتَمٍ (ثُمَّ) أَوْصَى (لِعَمْرٍو بِأَبْنِيَتِهَا) أَوْ بِفَصِّهِ (فَالْعَرْصَةُ) وَالْخَاتَمُ (لِزَيْدٍ وَالْأَبْنِيَةُ) وَالْفَصُّ مُشْتَرَكَانِ (بَيْنَهُمَا فَإِنْ أَوْصَى لِعَمْرٍو بِسُكْنَاهَا) لَا بِأَبْنِيَتِهَا (قَالَ بَعْضُهُمْ اُخْتُصَّ) عَمْرٌو (بِالْمَنْفَعَةِ وَاسْتُشْكِلَ) أَيْ اسْتَشْكَلَهُ الْأَصْلُ فَقَالَ وَكَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الْمَنْفَعَةِ كَالْأَبْنِيَةِ وَالْفَصِّ وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ وَالْأَبْنِيَةُ وَالْفَصُّ مَوْجُودَانِ وَبِأَنَّهُمَا مُنْدَرِجَانِ تَحْتَ اسْمِ الدَّارِ وَالْخَاتَمِ فَهُمَا بَعْضُ الْمُوصَى بِهِ بِخِلَافِ الْمَنْفَعَةِ. (فَرْعٌ: هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ فِي الْوَصِيَّةِ بِمُعَيَّنٍ (أَمَّا إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ بَاعَ) مَثَلًا (أَمْلَاكَهُ أَوْ هَلَكَتْ لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ (رُجُوعًا) عَنْ الْوَصِيَّةِ (وَتَعَلَّقَتْ بِالْحَادِثِ) لَهُ مِنْ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ إذْ لَا إشْعَارَ لَهُ بِهِ وَثُلُثُ الْمَالِ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَوْجُودِ عِنْدَهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ بَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا يَمْلِكُهُ حَالَ الْمَوْتِ زَادَ أَمْ نَقَصَ أَمْ تَبَدَّلَ وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ. (فَرْعٌ: طَحْنُ الْحِنْطَةِ وَبَدْرِهَا وَعَجْنُ الدَّقِيقِ وَذَبْحُ الشَّاةِ وَخَبْزُ الْعَجِينُ وَإِحْضَانُ الْبِيضِ) الدَّجَاجَ أَوْ نَحْوُهُ لِيَتَفَرَّخَ (وَدَبْغُ الْجِلْدِ رُجُوعٌ) عَنْ الْوَصِيَّةِ (لِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا زَوَالُ الِاسْمِ) قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ الْمُوصَى لَهُ فَكَانَ كَالتَّلَفِ. . (وَالثَّانِي الْإِشْعَارُ بِالْإِعْرَاضِ) عَنْ الْوَصِيَّةِ (وَيُعْزَى الْأَوَّلُ) مِنْهُمَا (إلَى النَّصِّ وَالثَّانِي إلَى أَبِي إِسْحَاقَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ بِبُطْلَانِ الِاسْمِ وَاضِحًا كُلَّ الْوُضُوحِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعَصِيرَ الْمَرْهُونَ إذَا تَخَمَّرَ وَتَخَلَّلَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِيهِ عَلَى رَأْيٍ بَلْ يَكُونُ الْخَلُّ مَرْهُونًا مَعَ بُطْلَانِ الِاسْمِ، وَالرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَعَ الْوَصِيَّةِ مُتَقَارِبَانِ ثُمَّ قَضِيَّتُهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: أَوْصَيْتُ بِهَذَا الطَّعَامِ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ أَوْصَيْتُ بِهَذَا أَوْ أَوْصَيْتُ بِمَا فِي هَذَا الْبَيْتِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ خَبْزُ الْعَجِينِ رُجُوعًا فَإِنَّ الْعَجِينَ يَفْسُدُ لَوْ تُرِكَ فَلَعَلَّهُ قَصَدَ إصْلَاحَهُ وَحِفْظَهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ قَالَ وَلَك أَنْ تَقُولَ قِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّبْغُ رُجُوعًا لِبَقَاءِ الِاسْمِ وَكَذَا الْإِحْضَانُ إلَى أَنْ يَتَفَرَّخَ (وَعَلَيْهِمَا يَنْبَنِي مَا لَوْ حَصَلَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ الْعِتْقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالْقِيَاسُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَيْسَ الْقِيَاسُ مَا ذُكِرَ. وَالْمُعْتَمَدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ عِلَّةَ إبْطَالِ الْوَصِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قُوَّةُ الْعِتْقِ وَتَنَافِيهِ مَعَ الْمِلْكِ وَلَا فَرْقَ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ بَيْنَ قُوَّةِ أَنْ تَتَقَدَّمَ الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ أَوْ تَتَأَخَّرَ لِكَوْنِ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ نَافِذَةٌ وَالْوَصِيَّةُ بِالْمِلْكِ لَاغِيَةٌ وَأَمَّا الْوَجْهُ الصَّائِرُ إلَى التَّنْصِيفِ فَسَوَاءٌ فِيهِمَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ يَظْهَرْ لَك [فَصْلٌ قَوْلُهُ أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ بِمَا أَوْصَيْتُ بِهِ لِعَمْرٍو رُجُوعٌ] (قَوْلُهُ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِيهِ عَلَى رَأْيِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَعَ الْوَصِيَّةِ مُتَقَارِبَانِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَمَّا مَا قَالَهُ مِنْ تَقَارُبِ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْوَصِيَّةِ فَقَدْ يُمْنَعُ فَيُقَالُ: الرَّهْنُ وُجِدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِيهِ قَبْلَ تَغْيِيرِ الِاسْمِ وَهُمَا عُمْدَةُ الْعُقُودُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا تَقَارُبَهُمَا فَالرَّأْيُ فِي الرَّهْنِ لِلْأَصْحَابِ فَلَا يُعَكِّرُ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ بَلْ بِقَوْلِهِ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنْ قَوْلَ الْأَصْحَابِ يُرَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَصْلٍ لَهُ لَمْ نَعْدَمْ فَرْقًا، وَهُوَ أَنَّ الْعَصِيرَ بَعْدَ انْقِلَابِهِ خَمْرًا ثُمَّ خَلًّا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِقْبَاضِ فَيُوجَدُ مِنْ مُوجِبِهِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ وَارِثُهُ إنْ لَمْ يَبْطُلْ بِمَوْتِهِ مَا يَدُلَّ عَلَى رِضَاهُ بِالْعَقْدِ بَعْدَ التَّغْيِيرِ وَهُوَ يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُعْتَمَدْ الِاسْمُ فَسَقَطَ حُكْمُهُ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ ثُمَّ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُفَرِّقَ إلَى آخِرِهِ سُؤَالٌ حَسَنٌ لَا مَدْفَعَ لَهُ فِي ظَنِّي إلَّا التَّخْرِيجُ عَلَى أَنَّ تَغْيِيرَ الصِّفَةِ هَلْ يُجْعَلُ كَتَغْيِيرِ الْمَوْصُوفِ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ ذَكَرُوهُمَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنَّهَا بِصِفَةٍ ثُمَّ ظَهَرَتْ بِصِفَةٍ غَيْرِهَا هَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ كَتَغْيِيرِ الْمَوْصُوفِ لَمْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يُصَرِّحَ بِالِاسْمِ أَمْ لَا وَتَكُونُ عُمْدَةُ الْوَصِيَّةُ الصِّفَةَ وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ بِهَا لِضَعْفِ الْوَصِيَّةِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِ الرِّضَا بِمَا حَصَلِ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: قَالَ وَلَك أَنْ تَقُولُ قِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كِلَا الْعِلَّتَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهُمَا فَإِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَالَ: لَوْ قَلَى الْحِنْطَةَ سَوِيقًا فَإِنْ طَحَنَهَا كَانَ رُجُوعًا لِلْعِلَّتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَطْحَنْهَا بَعْدَ الْقَلْيِ كَانَ رُجُوعًا لِإِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ وَهُوَ قَصْدُ الِاسْتِهْلَاكِ، وَأَيْضًا فَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ عَلَّلَ الْحُكْمَ بِوَاحِدَةٍ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا وَغَيْرُهُ عَلَّلَ بِالْأُخْرَى مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْعِلَّتَيْنِ فِي سَلْبِ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَظْهَرْ لِتَخَلُّفِ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ وَوُجُودِ الْأُخْرَى أَثَرٌ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ عَلَى أَنَّ فِي إحْضَانِ الْبَيْضِ تَعْرِيضًا لَهُ لِزَوَالِ الِاسْمِ وَلِذَلِكَ جَعَلَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ رُجُوعًا عَلَى الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْبَسِيطِ: لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي تَغْيِيرِ اسْمِ الْمَنْفَعَةِ حَتَّى يُسَمَّى بُسْتَانًا وَأَمَّا دَبْغُ الْجِلْدِ فَلَعَلَّ كَلَامَ الْعَبَّادِيِّ فِيهِ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ ذَكِيٍّ فَإِنَّهُ بِالدَّبْغِ يُجْعَلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ) فَقِيَاسُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُجُوعٌ، وَقِيَاسُ الثَّانِي الْمَنْعُ. هَذَا وَقَدْ رَأَيْتُ الْأَصْحَابَ يُعَلِّلُونَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا. فَالْأَوْجَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَعْلِيلٌ مُسْتَقِلٌّ. (وَلَوْ طَبَخَ) الْمُوصِي (اللَّحْمَ أَوْ شَوَاهُ أَوْ جَعَلَهُ) وَهُوَ لَا يَفْسُدُ (قَدِيدًا أَوْ) جَعَلَ (الْخُبْزَ فَتِيتًا أَوْ حَشَا بِالْقُطْنِ فِرَاشًا) أَوْ جُبَّةً (أَوْ غَزَلَهُ أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ فَرُجُوعٌ) لِإِشْعَارِ ذَلِكَ بِالصَّرْفِ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْقَدِيدَ لَا يُسَمَّى لَحْمًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى لَحْمٌ قَدِيدٌ (وَلَوْ تَمْرٌ) أَيْ جَفَّفَ (رُطَبًا أَوْ قَدَّدَ لَحْمًا قَدْ يَفْسُدُ فَلَا) يَكُونُ رُجُوعًا (فِي الْأَشْبَهِ) مِنْ وَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَوْنٌ لِلرُّطَبِ وَاللَّحْمِ عَنْ الْفَسَادِ فَلَا يُشْعِرُ بِتَغْيِيرِ الْقَصْدِ وَيُفَارِقُ خُبْزَ الْعَجِينِ عَلَى الْمَنْقُولِ بِأَنَّ فِيهِ مَعَ صَوْنِهِ عَنْ الْفَسَادِ تَهْيِئَتَهُ لِلْأَكْلِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَمُقَابِلُ الْأَشْبَهِ أَنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ لِزَوَالِ الِاسْمِ. (فَرْعٌ: هَدْمُ الدَّارِ الْمُبْطِلِ لِاسْمِهَا رُجُوعٌ) عَنْ الْوَصِيَّةِ (فِي النَّقْضِ) أَيْ الْمَنْقُوضِ مِنْ طُوبٍ وَخَشَبٍ (وَكَذَا فِي الْعَرْصَةِ) لِظُهُورِ ذَلِكَ فِي الصَّرْفِ عَنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ (وَانْهِدَامُهَا) وَلَوْ بِهَدْمِ غَيْرِهِ (يُبْطِلُهَا فِي النَّقْضِ) بِبُطْلَانِ الِاسْمِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (فَقَطْ) أَيْ لَا فِي الْعَرْصَةِ وَالِاسْمِ إنْ بَقِيَ لِبَقَائِهِمَا بِحَالِهِمَا وَذِكْرُ حُكْمِ الِاسْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الصِّحَّةِ فِي الْعَرْصَةِ الْمُلْحَقِ بِهَا الِاسْمِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ تَصْحِيحِ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّ الْقَوْلَ بِبَقَائِهَا فِي الْعَرْصَةِ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِدَارٍ فَذَهَبَ السَّيْلُ بِهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى دَارًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ: وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ الْبُطْلَانُ فِي الْجَمِيعِ هَذَا (إنْ بَطَلَ الِاسْمُ وَإلَّا بَطَلَ) الْإِيصَاءُ (فِي نَقْضِ الْمُنْهَدِم مِنْهَا) فَقَطْ. وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ فِيهِ أَيْضًا. وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ النَّصِّ وَقَطَعَ الْجُمْهُورُ (وَلَا أَثَرَ لِانْهِدَامِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ) وَقَبْلَ الْقَبُولِ وَإِنْ زَالَ اسْمُهَا بِذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ وَبَقَاءِ اسْمِ الدَّارِ يَوْمَئِذٍ. (فَرْعٌ: قَطْعُ الثَّوْبِ قَمِيصًا وَصَبْغُهُ وَقِصَارَتُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا إذَا صَدَرَ مِنْ الْمُوصِي (رُجُوعٌ) عَنْ الْوَصِيَّةِ بِهِ لِظُهُورِهِ فِي الصَّرْفِ عَنْ جِهَتِهَا (لَا غُسْلُهُ) كَتَعْلِيمِ الْعَبْدِ (وَلَا نَقْلُهُ) مِنْ مَكَانِهِ (إلَى بُعْدٍ) أَيْ مَكَان بَعِيدِ عَنْ مَكَانِ الْمُوصَى لَهُ وَلَوْ بِلَا عُذْرِ (وَلَا خِيَاطَتُهُ وَهُوَ مَقْطُوعٌ) حِينَ الْوَصِيَّةِ بِهِ إذْ لَا إشْعَارَ لِكُلٍّ مِنْهَا بِالرُّجُوعِ (وَجَعْلُ الْخَشَبِ بَابًا كَالثَّوْبِ) أَيْ كَجَعْلِهِ (قَمِيصًا) فَيَكُونُ رُجُوعًا. (فَرْعٌ) لَوْ (أَوْصَى بِصَاعِ حِنْطَةٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ خَلَطَهُ) بِمَا يَتَعَذَّرُ تَمْيِيزُهُ مِنْهُ (فَهُوَ رُجُوعٌ) وَإِنْ خُلِطَ بِأَرْدَأَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ إمْكَانِ التَّسْلِيمِ (وَكَذَا إنْ كَانَ) الصَّاعُ (مِنْ صُبْرَةٍ وَخَلَطَهَا بِأَجْوَدَ) مِنْهَا فَإِنَّهُ رُجُوعٌ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَادِثَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْهَا الْوَصِيَّةُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَسْلِيمُهَا بِدُونِهَا (لَا مِثْلِهَا) أَيْ لَا إنْ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ شَائِعٌ مَخْلُوطٌ بِغَيْرِهِ فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ خَلْطِهِ وَلَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ (وَأَرْدَأَ) أَيْ وَلَا إنْ خَلَطَهَا بِأَرْدَأَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ تَغْيِيرَ الْمُوصَى بِهِ بِالنُّقْصَانِ بِخَلْطِهِ بِالْأَرْدَإِ تَعْيِيبٌ فَلَا يُؤَثِّرُ (وَإِنْ خَلَطَهَا غَيْرُهُ) أَوْ اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا وَلَوْ بِأَجْوَدَ (فَوَجْهَانِ) أَوْجَهُهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ وَالزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ بِالْجَوْدَةِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فَتَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ اخْتِلَاطِهَا بِنَفْسِهَا فَقَالَ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا بِالْأَجْوَدِ فَعَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي نَظَائِرِهِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ بَلَّهَا بِالْمَاءِ كَانَ رُجُوعًا (أَوْ) أَوْصَى (بِصَاعٍ حِنْطَةٍ وَلَمْ يَصِفْهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ الصَّاعَ أَعْطَاهُ الْوَارِثُ مِمَّا شَاءَ) مِنْ حِنْطَةِ التَّرِكَةِ إنْ كَانَ قَالَ مِنْ حِنْطَتِي وَإِلَّا فَمِنْ أَيِّ حِنْطَةٍ شَاءَ وَلَا أَثَرَ لِلْخَلْطِ فَلَوْ وَصَفَهَا وَقَالَ مِنْ حِنْطَتِي الْفُلَانِيَّةِ فَالْوَصْفُ مَرْعِيٌّ فَإِنْ بَطَلَ بِالْخَلْطِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. (فَرْعٌ: لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدِهِ) مَثَلَا (سَنَةً ثُمَّ أَجَّرَهُ سَنَةً وَمَاتَ فَوْرًا) أَيْ عَقِبَ الْإِجَارَةِ (بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لِلْمُوصَى لَهُ مَنْفَعَةُ السَّنَةِ الْأُولَى فَإِذَا انْصَرَفَتْ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ (أَوْ) مَاتَ (بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَطَلَ النِّصْفُ) الْأَوَّلُ أَيْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ (وَلَوْ حَبَسَهُ) أَيْ الْعَبْدَ (الْوَارِثَ السَّنَةَ بِلَا عُذْرٍ غَرِمَ) لِلْمُوصَى لَهُ (الْأُجْرَةَ وَلَا أَثَرَ لِانْقِضَائِهَا) أَيْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (قَبْلَ مَوْتِهِ) أَوْ مَعَهُ فِي بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا. (وَلَيْسَ التَّزْوِيجُ وَالْخِتَانُ وَالتَّعْلِيمُ) وَالِاسْتِخْدَامُ (وَالْإِعَارَةُ وَالْإِجَارَةُ) لِلْمُوصَى بِهِ (وَالرُّكُوبُ) لِلْمَرْكُوبِ (وَاللُّبْسُ) لِلثَّوْبِ (وَالْإِذْنُ) لِلرَّقِيقِ (فِي التِّجَارَةِ رُجُوعًا) إذْ لَا إشْعَارَ لَهَا بِهِ بَلْ هِيَ إمَّا انْتِفَاعٌ وَلَهُ الْمَنْفَعَةُ وَالرَّقَبَةُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِمَّا اسْتِصْلَاحٌ مَحْضٌ وَرُبَّمَا قَصَدَ بِهِ إفَادَةَ الْمُوصِي -   [حاشية الرملي الكبير] مَالًا وَكَانَ قَبْل الدَّبْغِ يُسَمَّى إهَابًا وَبَعْدَهُ يُسَمَّى أَدِيمًا فَتَغَيَّرَ الِاسْمُ م (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَعْلِيلٌ مُسْتَقِلٌّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَشَا بِالْقُطْنِ فِرَاشًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْصَى بِالْفِرَاشِ وَالْجُبَّةِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْقُطْنِ فَلَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَصَدَ إصْلَاحَهُمَا لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَمْرٌ رُطَبًا) أَوْ عِنَبًا (قَوْلُهُ أَوْ قَدَّدَ لَحْمًا إلَخْ) أَوْ ثَوْبًا فَغَسَلَهُ أَوْ كَانَ مَقْطُوعًا فَخَاطَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَوْنُ الرُّطَبِ وَاللَّحْمِ عَنْ الْفَسَادَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ يُقَالُ مِثْلَ هَذَا فِيمَا لَوْ مَرِضَتْ الشَّاةُ أَوْ جُرِحَتْ وَخِيفَ مَوْتُهَا فَذَبَحَهَا خَشْيَةَ مَوْتِهَا. [فَرْعٌ هَدْمُ الدَّارِ الْمُبْطِلِ لِاسْمِهَا رُجُوع فِي الْوَصِيَّة] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ هَدْمُ الدَّارِ إلَخْ) لَوْ أَوْصَى بِدَارٍ ثُمَّ بَنَى عَلَيْهَا لِلْمُوصِي بَيْتًا آخَرَ فَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّا نَقُولُ حَيْثُ أَبْطَلْنَا الْوَصِيَّةَ فِيمَا يَنْفَصِلُ بِالِانْهِدَامِ فَالْبَيْتُ الْمُلْحَقُ خَارِجٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَحَيْثُ قُلْنَا لَا تَبْطُلُ فَالْبَيْتُ الْمُلْحَقُ لِلْمُوصَى لَهُ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ. [فَرْعٌ أَوْصَى بِصَاعِ حِنْطَةٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ خَلَطَهُ بِمَا يَتَعَذَّرُ تَمْيِيزُهُ مِنْهُ] (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إذَا خَلَطَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا. [فَرْعٌ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدِهِ مَثَلَا سَنَةً ثُمَّ أَجَّرَهُ سَنَةً وَمَاتَ فَوْرًا] (قَوْلُهُ فَإِذَا انْصَرَفَتْ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِاسْتِغْرَاقِ الْإِجَارَةِ مُدَّةَ الْوَصِيَّةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ الْعَيْنَ مُدَّةً طَوِيلَةً لَا يَعِيشُ إلَيْهَا الْمُوصَى لَهُ غَالِبًا كَانَ رَاجِعًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 لَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِأَمَةٍ لِيَتَسَرَّى بِهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا كَانَ رُجُوعًا (وَلَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ) فِي أَرْضٍ أَوْصَى بِهَا (فَرُجُوعٌ) لِأَنَّ ذَلِكَ لِلدَّوَامِ فَيَشْعُرُ بِأَنَّهُ قَصَدَ إبْقَاءَهَا لِنَفْسِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِهَا كَانَ رُجُوعًا فِيهِ دُونَ الْبَاقِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (لَا إنْ زَرَعَ) فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ كَلُبْسِ الثَّوْبِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَزْرُوعُ مِمَّا تَبْقَى أُصُولُهُ دَائِمًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ أَنَّهُ كَالْغِرَاسِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ (وَكَذَا إنْ عَمَّرَ) بُسْتَانًا مَثَلًا أَوْصَى بِهِ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ (لَا إنْ غَيَّرَ) بِذَلِكَ (اسْمُهُ) كَأَنْ جَعَلَهُ خَانًا (أَوْ) لَمْ يُغَيِّرْهُ لَكِنْ (أَحْدَثَ فِيهِ بَابًا مِنْ عِنْدِهِ) فَيَكُونُ رُجُوعًا. (فَرْعٌ) لَوْ (أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ بِمِائَةٍ أُخْرَى مُعَيَّنَةٍ اسْتَحَقَّهُمَا) لِتَمْيِيزِ (كُلِّ مِنْهُمَا عَنْ الْأُخْرَى) وَإِنْ أَطْلَقَهُمَا (أَوْ إحْدَاهُمَا فَمِائَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ (فَلَوْ أَوْصَى) لَهُ (بِمِائَةٍ ثُمَّ بِخَمْسِينَ فَخَمْسُونَ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ تَقْلِيلَ حَقِّهِ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ أَوْصَى لَهُ بِخَمْسِينَ ثُمَّ بِمِائَةٍ فَمِائَةٌ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ فَلَوْ وَجَدْنَا الْوَصِيَّتَيْنِ وَلَمْ نَعْلَمْ الْمُتَأَخِّرَةَ مِنْهُمَا لَمْ نَدْفَعْ إلَّا الْمُتَيَقَّنَ وَهُوَ خَمْسُونَ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ الْوَصِيَّةِ بِهَا وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَلِعَمْرٍو بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ أَشْرَكْتُكَ مَعَهُمَا أُعْطِيَ نِصْفَ مَا بِيَدِهِمَا. (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِيصَاءِ) الْإِيصَاءُ وَالْوَصِيَّةُ: إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ يُقَالُ أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا وَأَوْصَيْتُ إلَيْهِ وَوَصَّيْتُهُ إذَا جَعَلْتُهُ وَصِيًّا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا: أَوْصَيْتُهُ وَقَدْ أَوْصَى ابْنُ مَسْعُودٍ فَكَتَبَ وَصِيَّتِي إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَإِلَى الزُّبَيْرِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَيَنْبَغِي) أَيْ يُنْدَبُ (الْإِيصَاءُ فِي قَضَاءِ الْحُقُوقِ) مِنْ دُيُونٍ وَوَدَائِع وَعَوَارٍ وَغَيْرِهَا (وَ) فِي (تَنْفِيذِ الْوَصَايَا) إنْ كَانَتْ (وَأَمْرِ الْأَطْفَالِ) وَنَحْوِهِمْ بِالْإِجْمَاعِ وَاتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَاسْتِبَاقًا لِلْخَيْرَاتِ، بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَظْهَرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ الْوَصِيَّةُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ وَنَحْوِهِمْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَدٌّ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ إلَى ثِقَةٍ كَافٍ وَجِيهٍ إذَا وَجَدَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ الْوَصِيَّةَ اسْتَوْلَى عَلَى مَالِهِ خَائِنٌ مِنْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الظَّلَمَةِ؛ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ مَالِ وَلَدِهِ عَنْ الضَّيَاعِ قَالَ: وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ عَلَى الْحَمْلِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ. وَالْمُرَادُ الْحَمْلُ الْمَوْجُودُ حَالَةَ الْإِيصَاءِ (وَيَجِبُ) الْإِيصَاءُ (فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ وَقَضَاءِ حُقُوقٍ عَجَزَ عَنْهَا فِي الْحَالِ) وَلَمْ يَكُنْ بِهَا شُهُودٌ كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ مُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَجُمْلَةً عَجَزَ عَنْهَا فِي الْحَالِ صِفَةً لَرَدِّ الْمَظَالِمِ وَقَضَاءِ حُقُوقٍ بِجَعْلٍ أَلْ فِي الْمَظَالِمِ لِلْجِنْسِ (فَإِنْ لَمْ يُوصِ) أَيْ الْمَيِّتُ أَحَدًا بِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي بَيَانُهُ (فَأَمْرُهَا إلَى الْقَاضِي) فَلَهُ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَقُومُ بِهَا. (وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ) وَصِيٌّ وَمُوصٍ وَمُوصًى فِيهِ وَصِيغَةٌ. (الْأَوَّلُ الْوَصِيُّ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ حَالَ مَوْتِ الْمُوصِي حُرًّا مُكَلَّفًا كَافِيًا) فِي التَّصَرُّفِ الْمُوصَى بِهِ (تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الطِّفْلِ وَلَوْ أَعْمَى) وَيُوَكَّلُ الْأَعْمَى فِيمَا لَا يُتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي مَال ابْنِهِ فَلَا يَصْلُحُ وَصِيًّا لِغَيْرِهِ كَالْمَجْنُونِ وَلِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي فَرَاغًا وَهُوَ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ وَلَا إلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ فِي الْإِيصَاءِ مَعْنَى الْأَمَانَةِ وَمَعْنَى الْوَكَالَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَعْتَمِدُ تَفْوِيضًا مِنْ الْغَيْرِ وَمَعْنَى الْوِلَايَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ لِلْعَاجِزِ، وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ وَلَا إلَى غَيْرِ كَافٍ فِيمَا ذُكِرَ لَسَفَهٍ أَوْ هَرِمٍ أَوْ غَيْرِهِ لِمُنَافَاتِهِ الْمَقْصُودَ وَلَا إلَى مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِكُفْرٍ عَلَى مَا يَأْتِي أَوْ فِسْقٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لِلتُّهْمَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ الْإِيصَاءُ إلَى الْفَاسِقِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لَمْ تَصِحَّ وَقَوْلُهُ تُقْبَلُ إلَى آخِرِهِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْلُ قَيْدًا لِمَا قَبْلَهُ بَلْ ذَكَرَ بَدَلَهُ الْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ أَيْ الظَّاهِرَةُ وَعَدَمُ الْعَدَاوَةِ لِلطِّفْلِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا إنْ زَرَعَ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: لَكِنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَادَتُهَا أَنْ تُزْرَعَ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ بِمِائَةٍ أُخْرَى مُعَيَّنَةٍ] (قَوْلُهُ ثُمَّ بِمِائَةٍ أُخْرَى مُعَيَّنَةٍ) أَوْ بِمِائَةٍ صِحَاحٍ ثُمَّ بِمِائَةٍ مُكَسَّرَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ خَالَفَ فِي السِّكَّتَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِيصَاءِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِيصَاءِ) (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَظْهَرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ الْوَصِيَّةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ يَجِبُ الْإِيصَاءُ عَلَى الْأَطْفَالِ وَنَحْوِهِمْ إذَا عَلِمَ اسْتِيلَاءَ الْخَوَنَةِ مِنْ أُمَنَاءِ الْحُكْمِ عَلَى الْأَمْوَالِ ر (قَوْلُهُ قَالَ: وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ عَلَى الْحَمْلِ إلَخْ) أَمَّا الْوَصِيَّةُ عَلَى الْحَمْلِ فَتَجُوزُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ، وَهَلْ يُفْرَدُ هَذَا مِمَّا يُتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَنْقُلُهَا إلَى الْوَصِيِّ؟ لَكِنْ فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ ر وَقَوْلُهُ فَيَجُوزُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ أَيْ وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْإِيصَاءِ. [أَرْكَان الْوَصِيَّة] (تَنْبِيهٌ) وَفِي قَبُولِ الْإِيصَاءِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي فَرَاغًا وَهُوَ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَمِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُفْهَمُ مَنْعُ الْإِيصَاءِ لِمَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِي عَمَلٍ مُدَّةً لَا يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّصَرُّفُ بِالْوِصَايَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِأَخْرَسَ وَإِنْ كَانَتْ إشَارَتُهُ مُفْهِمَةً وَفِيهِ نَظَرٌ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ لِلْأَجِيرِ الْمَذْكُورِ وَيُوَكِّلُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِثِقَةِ يَتَصَرَّفُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَالْعَدَالَةُ) أَيْ الظَّاهِرَةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ عَدْلًا ظَاهِرًا فَاسِقًا بَاطِنًا هَلْ يَحِلُّ لَهُ بَاطِنًا قَبُولُ الْوَصِيَّةِ وَالتَّصَرُّفِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ فِيهَا وَالْقِيَامُ بِحَقِّهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ أَمِينًا فِي الْمَالِ حَافِظًا لَهُ وَلَكِنَّهُ فَاسِقٌ فِي دِينِهِ أَوْ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ بَاطِنًا، وَقَدْ يَجُرُّهُ الْفِسْقُ فِي دِينِهِ إلَى الْفِسْقِ بِالْخِيَانَةِ فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ اُسْتُهْلِكَ الْمَالُ فَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْعَدَاوَةِ لِلطِّفْلِ) اشْتِرَاطُ عَدِمَ الْعَدَاوَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ سَفِيهًا ظَاهِرٌ أَمَّا الطِّفْلُ وَالْمَجْنُونُ فَفِي تَصَوُّرِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ عَدَاوَةُ الْمُوصِي كَمَا يُقَالُ الْعَدَاوَةُ مَعَ الْآبَاءِ عَدَاوَةٌ مَعَ الْأَبْنَاءِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 ثُمَّ ذَكَر أَنَّ جَمَاعَةً حَصَرُوا الشُّرُوطَ كُلَّهَا فِيمَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الطِّفْلِ وَقَدْ يُقَالُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْقُوضٌ بِالْكَافِرِ، وَاعْتُبِرَتْ شُرُوطُ الْوَصِيِّ حَالَ الْمَوْتِ لَا حَالَ الْإِيصَاءِ وَلَا حَالَ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ إنَّمَا تَدْخُلُ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ تَسَلُّطِهِ عَلَى الْقَبُولِ فَهُوَ كَالْوَصِيَّةِ وَكَالشَّاهِدِ تُعْتَبَرُ صِفَاتُهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى إلَى غَيْرِ الْجَدِّ فِي حَيَاةِ الْجَدِّ وَهُوَ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ ثُمَّ زَالَتْ وِلَايَتُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأَنْ مَاتَ أَوْ فَسَقَ أَوْ جُنَّ صَحَّ (فَلَوْ أَوْصَى إلَى مُسْتَوْلَدَتِهِ وَمُدَبَّرِهِ جَازَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الشُّرُوطِ بِحَالِ الْمَوْتِ. (وَيَصِحُّ) الْإِيصَاءُ (مِنْ الذِّمِّيِّ إلَى ذِمِّيٍّ) عَدْلٍ فِي دِينِهِ عَلَى ذِمِّيٍّ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا لِأَوْلَادِهِ (وَإِلِي مُسْلِمٍ) كَمَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ وَقَدْ ثَبَتَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَلِي تَزْوِيجَ الذِّمِّيَّاتِ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ مِنْ الْمُسْلِمِ إلَى ذِمِّيٍّ إذْ لَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَلِتُهْمَتِهِ قَالَ تَعَالَى: {لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: 118] وَاسْتَنْبَطَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْعَدَاوَةِ اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْوَصِيِّ الذِّمِّيِّ مِنْ مِلَّةِ الْمُوصَى عَلَيْهِ حَتَّى لَا تَصِحَّ وَصِيَّةُ النَّصْرَانِيِّ إلَى الْيَهُودِيِّ أَوْ الْمَجُوسِيِّ وَبِالْعَكْسِ لِلْعَدَاوَةِ، وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَمَا جَازَتْ وَصِيَّةُ ذِمِّيٍّ إلَى مُسْلِمٍ، وَقَدْ يُرَدُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ لَا الدِّينِيَّةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ أَوْصَى ذِمِّيٌّ إلَى مُسْلِمِ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ فَالْمُتَّجَهُ جَوَازُ إيصَائِهِ إلَى الذِّمِّيِّ وَاسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ الْوَصِيَّ يَلْزَمُ النَّظَرَ بِالْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَالتَّفْوِيضِ إلَى الْمُسْلِمِ أَرْجَحُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ مِنْ الذِّمِّيِّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِمُسْلِمِ وَلَدٌ بَالِغٌ سَفِيهٌ ذِمِّيٌّ فَلَهُ أَنْ يُوصِيَ عَلَيْهِ ذِمِّيًّا وَكَالذِّمِّيِّ فِيمَا ذَكَرَ الْمُعَاهِدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ. (فَرْعٌ) سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ أَمْوَالِ أَيْتَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا كَانَتْ بِأَيْدِيهِمْ هَلْ عَلَى الْحَاكِمِ الْكَشْفُ عَلَيْهِمْ فَأَجَابَ بِالْمَنْعِ مَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ مُسْلِمٍ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَبِمَا تَقَرَّرْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيِّ الذُّكُورَةُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَوْصَى إلَى حَفْصَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَ) عَلَيْهِ (لَوْ صَلُحَتْ الْأُمُّ) لِلْوَصَايَا (فَهِيَ أَوْلَى) مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ. . [فَرْعٌ فَسَقَ الْوَلِيُّ وَصِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ بِتَعَدٍّ فِي الْمَالِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ] (فَرْعٌ لَوْ فَسَقَ الْوَلِيُّ) وَصِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ بِتَعَدٍّ فِي الْمَالِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ (انْعَزَلَ وَكَذَا الْقَاضِي) لِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ وَمَسْأَلَةُ الْقَاضِي أَعَادَهَا فِي الْأَقْضِيَةُ (لَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ) فَلَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ لِحُدُوثِ الْفِتَنِ وَاضْطِرَابِ الْأَحْوَالِ بِانْعِزَالِهِ وَلِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِوِلَايَتِهِ (لَكِنْ يُسْتَبْدَلُ بِهِ) غَيْرُهُ (إنْ أُمِنَتْ الْفِتْنَةُ وَيَجُوزُ نَصْبُ الْفَاسِقِ) ابْتِدَاءً (لِلضَّرُورَةِ وَبِالتَّوْبَةِ) مِنْ الْفِسْقِ (تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا) وِلَايَةُ (غَيْرِهِمَا) لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا شَرْعِيَّةٌ وَوِلَايَةُ غَيْرِهِمَا مُسْتَفَادَةٌ مِنْ التَّفْوِيضِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ لَمْ تَعُدْ إلَّا بِوِلَايَةٍ جَدِيدَةٍ. (وَإِنْ لَزِمَ الْوَصِيُّ ضَمَانَ الْمَالِ) لِلْمُوصَى عَلَيْهِ كَأَنْ أَتْلَفَهُ (لَمْ يَبْرَأْ) مِنْهُ (إلَّا بِتَسْلِيمِهِ إلَى الْقَاضِي) ثُمَّ يَرُدُّهُ الْقَاضِي إلَيْهِ إنْ وَلَّاهُ (بِخِلَافِ الْأَبِ) إذَا لَزِمَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الْقَاضِي (فَإِنَّهُ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ) . [فَرْعٌ تَصَرُّفُ الْوَلِيُّ الْمَعْزُولُ] (فَرْعٌ تَصَرُّفُ الْوَلِيُّ الْمَعْزُولُ) يَعْنِي الْمُنْعَزِلُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (بَاطِلٌ) كَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ (فَإِنْ أَدَّى) وَهُوَ مُنْعَزِلٌ (حَقًّا لِصَاحِبِهِ) كَمَغْصُوبٍ وَعَوَارٍ (أَوْ قَضَى دَيْنًا مِنْ جِنْسِهِ) إنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ (لَمْ يَنْقَضِ) لِأَنَّ أَخْذَ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ كَافٍ. [فَرْعٌ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَى وَلِيٍّ غَيْرِ الْأَصْلِ وَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ] (فَرْعٌ لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَى) وَلِيٍّ (غَيْرِ الْأَصْلِ وَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ) انْعَزَلَ وَ (لَمْ تَعُدْ وِلَايَتُهُ بِالْإِفَاقَةِ) مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَلِي بِالتَّفْوِيضِ كَالْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْأَصْلِ تَعُودُ وِلَايَتُهُ وَإِنْ انْعَزَلَ؛ لِأَنَّهُ يَلِي بِلَا تَفْوِيضٍ وَبِخِلَافِ الْإِمَامِ كَذَلِكَ لِلْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ (فَإِنْ أَفَاقَ الْإِمَامُ وَقَدْ وَلِيَ آخَرُ) بَدَلَهُ (نَفَذَ) تَوَلَّيْتُهُ (إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً) وَإِلَّا فَلَا فَيُوَلِّي الْأَوَّلَ (وَإِنْ ضَعُفَ مَنْصُوبُ الْقَاضِي) عَنْ الْكِفَايَةِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (عَزَلَهُ) لِأَنَّهُ الَّذِي وَلَّاهُ (أَوْ) ضَعُفَ (الْوَصِيُّ) عَنْ ذَلِكَ (ضَمَّ إلَيْهِ مَنْ يُعِينُهُ) عَلَى التَّصَرُّفِ وَلَا يَعْزِلُهُ. قَالَ الرَّافِعِي: وَمَنْصُوبُ الْأَبِ يُحْفَظُ مَا أَمْكَنَ. (الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُوصِي: وَشَرْطُهُ الْحُرِّيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ فَإِنْ أَوْصَى بِأَطْفَالٍ وَمَجَانِينَ) أَيْ عَلَيْهِمْ (فَلْيَكُنْ مَعَ ذَلِكَ وَلِيَا) عَلَيْهِمْ بِالشَّرْعِ لَا بِالتَّفْوِيضِ (كَأَبٍ أَوْ جَدٍّ) أَيْ أَبٍ وَإِنْ عَلَا وَكَالْأَطْفَالِ السُّفَهَاءِ الَّذِينَ بَلَغُوا كَذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ عَلَى هَؤُلَاءِ مِنْ غَيْرِ الْوَلِيِّ وَلَوْ أُمًّا وَأَخًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي أَمْرَهُمْ فَكَيْفَ يُنِيبُ فِيهِ. (وَلَيْسَ لِوَصِيٍّ أَنْ يُوصِيَ) غَيْرَهُ (بِلَا إذْنٍ) لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَرْضَ بِغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ بِالتَّفْوِيضِ فَلَا يَمْلِكُ التَّفْوِيضُ إلَى غَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِيصَاءِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ الْوَصِيِّ مُطْلَقًا صَحَّ لَكِنَّهُ فِي الثَّالِثَةِ إنَّمَا يُوصِي عَنْ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ جَمَاعَةً حَصَرُوا الشُّرُوطَ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يَرُدُّ عَلَيْهِ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا: الْأَخْرَسُ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَلُ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا الثَّانِيَةُ: لِوَصِيِّ إذَا ادَّعَى دِينًا فِي التَّرِكَةِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إثْبَاتِهِ تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ يَدِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَأْخُذَهُ إلَّا أَنْ يُبَرَّأَ وَنَقَلَهُ عَنْ الْعَبَّادِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) قَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ بِمَسْأَلَةِ الْمَوْتِ وَلَوْ تَأَهَّلَ الْجَدُّ بَعْدَ مَوْتِ وَلَدِهِ الْمُوصِي انْقَطَعَتْ وِلَايَةُ الْوَصِيِّ. (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) جَزَمَ الدَّمِيرِيِّ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّفْوِيضُ إلَى الْمُسْلِمِ أَرْجَحُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ إلَخْ) وَأَيْضًا فَإِعْرَاضُ الْمُوصِي عَنْ أَهْلِ دِينِهِ مُؤْذِنٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ فَكَيْفَ يَأْتَمِنُهُمْ وَصِيُّهُ الْمُسْلِمُ فَالْوَجْهُ مَنْعُهُ. وَقَوْلُهُ فَالْوَجْهُ مَنْعُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ وَلَدٌ بَالِغٌ سَفِيهٌ ذِمِّيٌّ إلَخْ) مَا تَفَقَّهَهُ مَرْدُودٌ [فَرْعٌ أَمْوَالِ أَيْتَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا كَانَتْ بِأَيْدِيهِمْ هَلْ عَلَى الْحَاكِمِ الْكَشْفُ عَلَيْهِمْ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ لَوْ فَسَقَ الْوَلِيُّ) أَوْ جُنَّ أَوْ غُمِّيَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا شَرْعِيَّةٌ إلَخْ) وَفَرَّقَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِأَنَّ فِسْقَ الْأَبِ وَالْجَدِّ مَانِعٌ وَفِسْقُ غَيْرِهِمَا قَاطَعٌ (قَوْلُهُ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ لَمْ تَعُدْ إلَّا بِوِلَايَةٍ جَدِيدَةٍ) نَعَمْ إذَا كَانَ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ إذَا زَالَ مَا يَمْنَعُهُ صَارَ وَلِيًّا فَيُشْبِهُ الْعُودَ ر. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِوَصِيٍّ أَنْ يُوصِيَ) شَمِلَ الْأَبَ وَالْجَدَّ إذَا نَصَّبَهُمَا الْحَاكِمُ فِي مَالِ مَنْ طَرَأَ سَفَهُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِيصَاءِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ الْوَصِيِّ أَوْ مُطْلَقًا) كَأَنْ قَالَ: أَوْصِ بِتَرِكَتِي عَنِّي أَوْ عَنْ نَفْسِكَ أَوْ أُوصِ بِتَرِكَتِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 الْمُوصِي كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغ وَغَيْرِهِمَا (فَإِذَا قَالَ لَهُ أَوْصِ بِتَرِكَتِي مَنْ شِئْت) أَوْ فُلَانًا كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى فَأَوْصَى بِهَا (صَحَّ) لِأَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُوصِيَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي الْوِصَايَةِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَلِأَنَّ نَظَرَهُ لِلْأَطْفَالِ بَعْدَ الْمَوْتِ يُتَّبَعُ بِدَلِيلِ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ فِيمَا إذَا أَوْصَى إلَى أَنْ يَبْلُغَ أَمْنَهُ وَفِي نَظَائِرِهِ (وَلَوْ لَمْ يُضِفْ التَّرِكَةَ إلَى نَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ: أَوْصِ مَنْ شِئْتَ فَأَوْصَى شَخْصًا (لَمْ يَصِحُّ) الْإِيصَاءُ. (وَلَوْ قَالَ) لِوَصِيِّهِ (أَوْصَيْتُ إلَى مَنْ أَوْصَيْتُ إلَيْهِ إنْ مِتَّ أَنْت) أَوْ إذَا مِتَّ أَنْت فَوَصِيَّتُكَ وَصِيَّتِي (لَمْ يَصِحُّ) لِأَنَّ الْمُوصَى إلَيْهِ مَجْهُولٌ (وَالْمَنْصُوبُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ يُطَالِبُ الْوَرَثَةَ بِقَضَائِهِ أَوْ تَسْلِيمِ التَّرِكَةِ) لِتُبَاعَ فِي الدَّيْنِ تَبْرِئَةً لِذِمَّةِ الْمُوصِي، وَكَقَضَاءِ الدَّيْنِ قَضَاءُ الْوَصَايَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ عَيَّنَ) الْمُوصِي (لِغَرِيمِهِ عَبْدًا) عِوَضًا عَنْ دَيْنِهِ (تَعَيَّنَ) لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إمْسَاكُهُ؛ لِأَنَّ فِي أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ أَغْرَاضًا (وَكَذَا لَوْ أَمَرَ بِبَيْعِهِ لَهُ) أَيْ غَرِيمُهُ أَيْ لِأَجَلِهِ بِأَنْ قَالَ بِعْهُ وَاقْضِ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ فَيَتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَطْيَبُ وَأَبْعَدُ عَنْ الشُّبْهَةِ. (فَإِنْ لَمْ يُوصِ) الْأَبُ أَحَدًا (فَالْجَدُّ أَوْلَى مِنْ الْحَاكِمِ) بِقَضَاءِ الدُّيُونِ وَأَمْرُ الْأَوْلَادِ وَنَحْوِهِمَا (إلَّا فِي تَنْفِيذِ الْوَصَايَا) فَالْحَاكِمُ أَوْلَى وَلَمَّا ذَكَرَ الْأَصْلُ ذَلِكَ قَالَ: كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ قَوْلَ الْبَغَوِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ الْجَدُّ أَوْلَى بِقَضَاءِ الدُّيُونِ وَهُمْ مِنْهُمْ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ الَّذِي يَسْتَمِدُّ مِنْهُ الْبَغَوِيّ أَنَّ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ دُونَ الْجَدِّ. . (وَلِلْأَبِ الْوَصِيَّةُ إلَى غَيْرِ الْجَدِّ) فِي حَيَاتِهِ وَهُوَ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ وَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ الْجَدِّ (إلَّا فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) أَوْ نَحْوِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَلِيٌّ شَرْعِيٌّ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُ الْوِلَايَةِ عَنْهُ كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ كَانَ الْجَدُّ غَائِبًا وَأَرَادَ الْأَبُ الْإِيصَاءَ بِالتَّصَرُّفِ عَلَيْهِمْ إلَى حُضُورِهِ فَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي تَعْلِيقِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْبُلُوغِ الْجَوَازُ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ لَا تَمْنَعُ حَقَّ الْوِلَايَةِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُوصَى فِيهِ وَهُوَ التَّصَرُّفَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمُبَاحَةُ كَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا وَقَضَاءِ الْحُقُوقِ وَلَوْ أَعْيَانًا) كَغُصُوبٍ وَوَدَائِعَ (وَأُمُورُ الْأَطْفَالِ) الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَمْوَالِهِمْ (لَا تَزْوِيجُهُمْ) لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَتَغَيَّرُ بِلُحُوقِ الْعَارِ بِهِمْ فَيَتَوَلَّاهُ مِنْ يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَنْ لَهُ النَّظَرُ الْعَامُ وَهُوَ الْإِمَامُ وَلِأَنَّهُمْ إنْ كَانُوا بَالِغِينَ لَمْ يَجُزْ الْإِيصَاءُ فِي حَقِّهِمْ أَوْ صِغَارًا فَغَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يُزَوِّجُهُمْ وَلَا تَزْوِيجُ أَرِقَّائِهِمْ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ تَزْوِيجِهِمْ تَبَعٌ لِلْوِلَايَةِ عَلَى تَزْوِيجِ مَالِكِيهِمْ فَإِذَا امْتَنَعَ الْمَتْبُوعُ فَالتَّابِعُ أَوْلَى. [الْوَصِيَّةُ فِي مَعْصِيَةِ] (وَلَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (فِي مَعْصِيَةِ) كَعِمَارَةِ بَيْعِ التَّعَبُّدِ وَكَنَائِسِهِ لِعَدَمِ الْإِبَاحَةِ وَفِي نُسْخَةٍ فِي بَعْدِ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَهُوَ يُنَاسِبُهَا مَا هُنَا لَكِنْ الْأُولَى أَوْلَى وَأَوْفَقُ بِكَلَامِ الْأَصْلِ. (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) كَمَا فِي الْوَكَالَةِ (كَأَوْصَيْتُ إلَيْكَ أَوْ فَوَّضْتُ) إلَيْكَ (أَوْ أَقَمْتُكَ مَقَامِي وَفِي الِاكْتِفَاءِ) مِنْ الْوَصِيِّ (بِالْعَمَلِ قَبُولًا) أَيْ عَنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ إلَخْ) وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ لَا يُوصِي أَصْلًا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ أَنْ يُوصِيَ عَنْهُ س لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا فَهِمَهُ كَابْنِ الْمُقْرِي مِنْ كَلَامِهِمَا (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُضِفْ التَّرِكَةَ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يَصِحُّ الْإِيصَاءُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ: لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ حَتَّى يَقُولَ أَوْصِ عَنِّي عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ أَوْصَى عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا ذَكَرهُ فِي الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَالْعَزِيزِ لَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ أَوْصِ إلَى مَنْ شِئْتَ أَوْ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ فَهَلْ يَحْمِلُ عَلَى الْوِصَايَةِ عَنْهُ حَتَّى يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ أَوْ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يُوصِي عَنْهُ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيّ وَقَالَ: الْأَصَحُّ الثَّانِي انْتَهَتْ. وَقَدْ فَهِمَ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِمَا وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يُضِفْ الْإِيصَاءَ إلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ عَنِّي فَبَنَى عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرهُ وَمَنْ تَأَمَّلَ مَا قَبْلَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنْ كَلَامِ الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ مَعْنَاهَا لَوْ أَطْلَقَ الْإِيصَاءَ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِإِضَافَةِ الْمُوصَى فِيهِ إلَى نَفْسِهِ كَأَنْ يَقُولَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَا مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَقْيِيدِهِ الْإِيصَاءَ بِقَوْلِهِ عَنِّي قَالَ فِي الْعَزِيزِ قَبْلَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ أُوصِ بِتَرِكَتِي إلَى مَنْ شِئْتَ فَأَوْصَى بِهَا إلَى رَجُلٍ فَطَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ فِي صِحَّةِ الْوِصَايَةِ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْمَنْعُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ قَالَ: وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْغَزَالِيّ الصِّحَّةُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ ثُمَّ قَالَ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ وَحَمَلَ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ الرَّدَّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ: لَوْ أَوْصَى الْوَصِيُّ فِي أَمَرَ نَفْسِهِ كَانَ وَصِيُّهُ وَصِيًّا لِلْمُوصِي فَقَالَ: لَا يَكُونُ كَذَلِكَ حَتَّى يَتَعَرَّضَ لِتَرِكَةِ الْمُوصِي وَأَمْرَ أَطْفَالَهُ. هَذَا كَلَامُ الْعَزِيزِ وَهُوَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ لَا مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ بَلْ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَذِنَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ عَنْ نَفْسِهِ أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ عَنْ الْمُوصِي فَيَصِحُّ قَطْعًا حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيِّ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ. (قَوْلَهُ بِأَنْ قَالَ بِعْهُ وَاقْضِ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ إلَخْ) وَبِعْهُ وَأَخْرِجْ كَفَنِي مِنْ ثَمَنِهِ تَعَيَّنَ فَإِنْ اقْتَرَضَ ثَمَنَ الْكَفَنِ وَاشْتَرَاهُ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْعُ الْعَبْدِ لِوَفَاءِ الْقَرْضِ بَلْ يُوفِيهِ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ اشْتَرَى كَفَنًا وَنَوَاهُ لِلْمَيِّتِ فَلَهُ الْبَيْعُ لِلْوَفَاءِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْمَيِّتَ فَلَا كَالِاقْتِرَاضِ وَلَوْ قَالَ اجْعَلْ كَفَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَلَهُ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهَا أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَيَقْضِي مِنْهَا وَلَوْ أَوْصَى بِتَجْهِيزِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَالًا فَأَرَادَ الْوَارِثُ بَذْلَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ الْوَصِيُّ فَإِنْ أَرَادَ بَيْعَ بَعْضِ التَّرِكَةِ لِذَلِكَ وَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَتَعَاطَاهُ فَأَيُّهُمَا أَحَقُّ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ الْوَارِثَ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ وَهُوَ رَشِيدٌ وَلَوْ قَالَ تَقَاضَوْا دَيْنِي وَكَانَ وَارِثُهُ غَائِبًا أَقَامَ الْقَاضِي مَنْ يَتَقَاضَاهُ وَيَحْفَظُهُ لِلْوَارِثِ وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ فَهَلْ يُمْنَعُ الْقَاضِي مِنْهُ أَوْ يَلْزَمُهُ إذَا طَالَتْ الْغَيْبَةُ وَخِيفَ الضَّيَاعُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لُزُومُهُ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ لَا تَمْنَعُ حَقَّ الْوِلَايَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ عَلَّقَ الْأَبُ الْوِصَايَةَ بِمَوْتِ الْجَدِّ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهَا فَلَوْ أَوْصَى الْجَدُّ أَيْضًا قُدِّمَ وَصِيُّ الْأَبِ (قَوْلُهُ وَالْقَبُولُ) وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ تَنْفِيذُ الْوَصَايَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْ يَكُونُ هُنَاكَ مَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ أَوْ يَعْرِضُهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَفِي قَبُولِ الْإِيصَاءِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 قَبُولِهِ (مَا) مَرَّ (فِي الْوَكَالَةِ) فَيُكْتَفَى بِهِ (وَهَلْ) قَوْلُهُ (وَلَّيْتُكَ) كَذَا (بَعْدَ مَوْتِي كَأَوْصَيْتُ إلَيْكَ) أَيْ هَلْ تَنْعَقِدُ الْوِصَايَةُ بِلَفْظِ الْوِلَايَةِ كَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا (وَجْهَانِ) رَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ الِانْعِقَادَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ وَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ (وَلَوْ رَدَّ) الْوِصَايَةَ (أَوْ قَبِلَ) هَا (قَبْلَ الْمَوْتِ لَمْ يُؤْثِرْ) كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ فَلَوْ قَبِلَ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْمَوْتِ صَحَّتْ أَوْ رَدَّ فِي الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ لَغَتْ (وَتَصِحُّ مُؤَقَّتَةً وَمُعَلَّقَةً كَأَوْصَيْتُ إلَيْكَ) إلَى أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ أَوْ تَمُوتَ أَنْت (فَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ مِتَّ فَهُوَ الْوَصِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْوَصَايَا تَحْتَمِلُ الْجَهَالَاتِ وَالْأَخْطَارِ وَكَذَا التَّأْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ وَلِأَنَّ الْإِيصَاءَ كَالْإِمَارَةِ وَقَدْ «أَمَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدًا عَلَى سَرِيَّةٍ وَقَالَ إنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ وَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالْمِثَالُ الْمَذْكُورُ فِيهِ التَّأْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَوْ قَدِمَ زَيْدٌ وَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ فَهَلْ تَبْقَى وِلَايَةُ الْوَصِيِّ وَيَكُونُ الْمُرَادُ إنْ قَدِمَ أَهْلًا لِذَلِكَ أَوْ لَا وَتَكُونُ وِلَايَتُهُ مُغَيَّاةً بِذَلِكَ فَتَنْتَقِلُ إلَى الْحَاكِمِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْجَاهِلِ بِالْوَصِيَّةِ إلَى غَيْرِ الْمُتَأَهِّلَ لَهَا وَغَيْرِهِ. (فَرْعٌ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ إلَيْك) أَوْ أَقَمْتُكَ مَقَامِي (فِي أَمْرِ أَطْفَالِي) وَلَمْ يَذْكُرْ التَّصَرُّفَ (فَلَهُ التَّصَرُّفُ) فِي الْمَالِ (وَالْحِفْظِ) لَهُ اعْتِمَادًا عَلَى الْعُرْفِ (أَوْ) اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ (أَوْصَيْتُ إلَيْكَ) أَوْ أَقَمْتُكَ مَقَامِي (فَبَاطِلَةٌ) لِعَدَمِ بَيَانِ مَا بِهِ الْإِيصَاءُ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ (وَتَصِحُّ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ مِنْ الْعَاجِزِ عَنْ النُّطْقِ) كَالْأَخْرَسِ دُونَ الْقَادِرِ عَلَيْهِ. (فَرْعٌ: الْوَصِيُّ فِي أَمْرٍ لَا يَتَعَدَّاهُ) عَمَلَا بِالْإِذْنِ كَمَا فِي الْوَكِيلِ وَالْحَاكِمِ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ أَمِينٌ فَلَا تَثْبُتُ أَمَانَتُهُ فِي غَيْرِ الْمُؤْتَمَنِ فِيهِ كَالْمُودَعِ. [فَرْعٌ أَوْصَى إلَى اثْنَيْنِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ] (فَرْعٌ) لَوْ (أَوْصَى إلَى اثْنَيْنِ) وَلَمْ يَجْعَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ بَلْ شَرَطَ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهِ أَوْ أَطْلَقَ كَأَنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ إلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَوْ إلَيْكُمَا (لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا) بِالتَّصَرُّفِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ فِي الْأَوَّلِ وَاحْتِيَاطًا فِي الثَّانِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ بِأَنْ يَصْدُرَ عَنْ رَأْيِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي (إلَّا بِرَدِّ الْأَعْيَانِ لِمُسْتَحَقِّيهَا) كَالْمَغْصُوبِ وَالْوَدَائِعِ وَالْأَعْيَانِ الْمُوصَى بِهَا (وَقَضَاءِ دَيْنٍ مِنْ جِنْسِهِ) إنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ فَلِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ فِي ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ اسْتِقْلَالُ أَحَدِهِمَا وَقَضَيْتُهُ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ وَأَنَّ الْمَدْفُوعَ يَقَعُ مَوْقِعَهُ (فَسَلَّمَ الرَّافِعِيُّ) وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى عَادَتِهِ فَسَلِمَ الْأَصْلُ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَدْفُوعُ (يَقَعُ الْمَوْقِعَ) فَلَا يُنْقَضُ (وَأَمَّا أَنَّهُ يُبَاحُ) لَهُ (ذَلِكَ فَلَمْ يَكَدْ يُسَلِّمُهُ) فَإِنَّهُ قَالَ أَمَّا جَوَازُ الْإِقْدَامِ عَلَى الِانْفِرَادِ فَلَيْسَ بِبَيِّنٍ فَإِنَّهُمَا إنَّمَا يَتَصَرَّفَانِ بِالْوِصَايَةِ فَلْيَكُنْ بِحَسْبِهَا قَالَ وَفِي كَلَامِهِمْ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قُلْتُهُ. (فَإِنْ قَالَ أَوْصَيْتُ إلَى كُلٍّ مِنْكُمَا أَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا وَصِيِّي أَوْ أَنْتُمَا أَوْصِيَائِي) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَصِيَّايَ (فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي الْأَخِيرَةِ نَظَرٌ (وَلَوْ ضَعُفَ أَحَدُهُمَا) عَنْ التَّصَرُّفِ (انْفَرَدَ الْآخَرُ) بِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ فَسَقَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوِصَايَةَ (وَلِلْإِمَامِ نَصْبُ مَنْ) أَيْ شَخْصٍ (يُعِينُ الْآخَرَ فَإِنْ تَعَيَّنَ اجْتِمَاعَهُمَا) عَلَى التَّصَرُّفِ (وَاسْتَقَلَّ أَحَدُهُمَا) بِهِ (لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ وَضَمِنَ مَا أَنْفَقَ) عَلَى الْأَوْلَادِ أَوْ غَيْرِهِمْ (وَعَلَى الْحَاكِمِ نَصْبُ آخَرَ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ) أَوْ فَسَقَ أَوْ غَابَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوِصَايَةَ لِيَتَصَرَّفَ مَعَ الْمَوْجُودِ (وَلَيْسَ لَهُ جَعْلُ الْآخَرِ مُسْتَقِلًّا) فِي التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَرْضَ بِرَأْيِهِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ اسْتِقْلَالَ مِنْ بَقِيَ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْصِبُ بَدَلَهُ بَلْ يَسْتَقِلُّ بِهِ الثَّانِي كَمَا أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ فِيمَا لَوْ شَرَطَهُ أَوْ لَا (وَلَوْ مَاتَا) مَثَلًا (جَمِيعًا لَزِمَهُ) أَيْ الْحَاكِمُ (نَصَبَ اثْنَيْنِ)   [حاشية الرملي الكبير] التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ وَجْهَانِ) وَلَعَلَّ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِيهَا أَوْ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ الِانْعِقَادَ) فَهُوَ صَرِيحٌ وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ: لَعَلَّ أَصَحَّهُمَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ صَرِيحٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ) أَوْ يُفِيقَ مِنْ جُنُونِهِ أَوْ يَبْلُغَ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ الْمُرَادُ إنْ قَدِمَ أَهْلًا لِذَلِكَ) وَهُوَ الْأَقْرَبُ ع (قَوْلُهُ أَوْ لَا وَتَكُونُ وِلَايَتُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مُغَيَّاةٌ بِذَلِكَ) لَوْ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ أَوْ بُلُوغِهِ اسْتَمَرَّتْ وِصَايَةُ الْوَصِيِّ وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ إلَى وَلَدِي إذَا بَلَغَا أَوْ إلَى زَيْدٍ ثُمَّ إلَى وَلَدِهِ الْمَجْنُونِ فَفِي صِحَّةِ الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا إنْ كَانَ عَاقِلًا عِنْدَ مَوْتَ أَبِيهِ تَبَيَّنَّا صِحَّتَهَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ [فَرْعٌ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ إلَيْك أَوْ أَقَمْتُكَ مَقَامِي فِي أَمْرِ أَطْفَالِي وَلَمْ يَذْكُرْ التَّصَرُّفَ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ أَوْصَى إلَى اثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا) هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَا وَاحِدًا أَمْ لَا بُدَّ مِنْ عَامِلِينَ يَجْتَمِعَانِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ أَنَاطَ الْأَيْدِي بِالِاجْتِمَاعِ وَقَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَوْثَقُ وَالْآخَرُ أَحْذَقُ (قَوْلُهُ وَقَضَيْتُهُ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَسَلَّمَ الرَّافِعِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَازَعُ حَقِيقَةً إذْ هُوَ الْمُنْشِئُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَ وَفِي كَلَامِهِمْ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قُلْتُهُ) الْأَشْبَهُ بِالْجَوَابِ عِنْدِي فِي هَذَا وَغَيْرِهِ أَنْ يَنْزِلَ مَنْعُ الْوَصِيِّ الِاسْتِقْلَالَ عَلَى مَا يَظْهَرُ بِالِاجْتِمَاعِ فِيهِ أَثَرٌ دُونَ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِلِاجْتِمَاعِ فِيهِ أَثَرٌ فَيُقَالُ اللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا أَوْ عَامًّا فَهُوَ مُقَيَّدٌ أَوْ مَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمَعْنَى وَلِهَذَا قُلْنَا لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِلَمْسِ الْمَحَارِمِ عَلَى الْأَظْهَرِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَتَنْزِيلًا لِلَّفْظِ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَا سَتَعْرِفُهُ فِي قَوْلِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِاشْتِرَاكُ فِي حِفْظِ الْمَالِ فِي التَّصْرِيحِ بِعَدِمِ الِاسْتِقْلَالِ م مَا يُدْخِلُهُ الِاجْتِهَادُ فَلَيَسَ لِأَحَدِهِمَا التَّفَرُّدُ بِهِ وَمَا لَمْ يَدْخُلْهُ مِمَّا لِلْمُوصَى لَهُ تَنَاوَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ؛ جَازَ لَهُ التَّفَرُّدُ بِهِ حَكَاهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَجْهًا وَغَيْرُهُ جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْإِطْلَاقِ ز (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ نَظَرٌ) جَوَابُهُ أَنَّهَا فِي الْمَعْنَى كَالَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ فِي تَثْنِيَةِ الصِّفَةِ إشْعَارًا بِانْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالصِّفَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوِصَايَةَ) أَيْ بِأَنْ رَدَّهَا (قَوْلُهُ أَوْ غَابَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوِصَايَةَ) بِأَنْ رَدَّهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 مَكَانَهُمَا وَلَا يَكْتَفِي بِوَاحِدٍ اتِّبَاعًا لِرَأْيِ الْمُوصِي وَإِذَا تَعَيَّنَ اجْتِمَاعُ الِاثْنَيْنِ (فَلَا يَصْدُرُ تَصْرِفٌ إلَّا بِرَأْيِهِمَا) وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرَاهُ (فَيُوَكِّلَانِ) ثَالِثًا (أَوْ يَأْذَنُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ) فِيهِ (وَإِنْ جَعَلَ الْمَالِكُ أَحَدَهُمَا مُشْرِفًا) عَلَى الْآخَرِ (لَمْ يَتَصَرَّفْ الْآخَرُ إلَّا بِإِذْنِهِ) قَالَ الْعَبَّادِيُّ: لَوْ قَالَ الْمُوصِي: اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ أَوْ بِعِلْمِهِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ جَازَ أَنْ يُخَالِفَهُ فَيَعْمَلَ بِدُونِ أَمْرِهِ فَإِنْ قَالَ لَهُ: لَا تَعْمَلْ إلَّا بِأَمْرِ فُلَانٍ أَوْ إلَّا بِعِلْمِهِ أَوْ إلَّا بِحَضْرَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ الِانْفِرَادُ؛ لِأَنَّهُمَا وَصِيَّانِ. (فَصْلٌ) لَوْ (أَوْصَى إلَى زَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى إلَى عَمْرٍو لَمْ يَنْعَزِلْ زَيْدٌ إلَّا أَنْ قَالَ) أَوْصَيْتُ إلَى عَمْرٍو (فِيمَا أَوْصَيْتُ فِيهِ إلَى زَيْدٍ) فَيَنْعَزِلُ زَيْدٌ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ (ثُمَّ) إذَا لَمْ يَنْعَزِلْ زَيْدٌ (لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ كَذَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَنُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ مُقَابِلُهُ وَضَعَّفَهُ لَكِنْ صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ (إلَّا أَنْ انْفَرَدَ بِالْقَبُولِ) فَيَسْتَقِلُّ بِهِ حِينَئِذٍ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ (وَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ ضَمَمْتُ إلَيْكَ عُمْرَا أَوْ لِعَمْرٍو ضَمَمْتُكَ إلَى زَيْدٍ وَقَبْلًا اشْتَرَكَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ زَيْدٌ وَصِيٌّ وَعَمْرٌو مُشْرِفٌ عَلَيْهِ (وَلَوْ قَبِلَ زَيْدٌ وَحْدَهُ اسْتَقَلَّ) بِالتَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَهُ بِالْوِصَايَةِ إلَيْهِ (قَالَ الرَّافِعِيُّ) وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى عَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ (وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّ ضَمَّ عَمْرٍو إلَيْهِ يَمْنَعُ اسْتِقْلَالَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَّ كَمَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَضْمُومِ يُشْعِرُ بِمِثْلِهِ فِي الْمَضْمُومِ إلَيْهِ فَلْيَصِرْ عَمْرٌو مُشْرِفًا عَلَى زَيْدٍ وَيَجُوزُ جَعْلُ قَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ رَاجِعًا إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فُيُوفِي بِكَلَامِ الْأَصْلِ (أَوْ) قَبِلَ (عَمْرٌو) وَحْدَهُ (فَلَا) يَسْتَقِلَّ بِهِ (بَلْ يَضُمُّ الْقَاضِي إلَيْهِ آخَرَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّدْهُ بِالْوِصَايَةِ بَلْ ضَمَّهُ إلَى غَيْرِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الشَّرِكَة. (فَرْعٌ) لَوْ (اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ) فِي التَّصَرُّفِ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ أَنَا أَتَصَرَّفُ (فَإِنْ كَانَا مُسْتَقِلَّيْنِ نَفَذَ تَصَرُّفُ السَّابِقِ) مِنْهُمَا وَقِيلَ يَتَصَرَّفُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ الْمُوصَى فِيهِ إنْ كَانَ مِمَّا يَنْقَسِمُ وَإِلَّا تَرَكَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَصَرَّفَا فِيهِ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) كَانَا (غَيْرَ مُسْتَقِلَّيْنِ أُلْزِمَا الْعَمَلَ بِالْمَصْلَحَةِ) الَّتِي رَآهَا الْحَاكِمُ (وَإِنْ امْتَنَعَا) مِنْ ذَلِكَ (لَمْ يَنْعَزِلَا فَيُنَوَّبُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَالْمَعْرُوفُ فَيُنِيبُ مَنْ أَنَابَ (الْحَاكِمُ عَنْهُمَا اثْنَيْنِ) أَمِينَيْنِ (أَوْ) أَنَابَ (وَاحِدًا) أَمِينًا (إنْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا) مِنْ ذَلِكَ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي تَعْيِينِ مَنْ تَصْرِفُ) الْوَصِيَّةُ (إلَيْهِ مِنْ الْفُقَرَاءِ) أَوْ غَيْرِهِمْ (عَيَّنَ الْحَاكِمُ) مَنْ يَرَاهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ فِي الْحِفْظِ قَسَمَهُ) الْحَاكِمُ (بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَنَازَعَا فِي) النِّصْفِ (الْمَقْسُومِ أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا (وَلَوْ لَمْ يَكُونَا مُسْتَقِلَّيْنِ) بِالتَّصَرُّفِ (وَيَتَصَرَّفَانِ مَعًا فِي الْكُلِّ) بِأَنْ يَتَصَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا بِيَدِهِ وَيَدِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِمَا كَانَ النِّصْفُ بِيَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَجَازَ أَنْ يُعَيِّنَ ذَلِكَ النِّصْفَ هَذَا إذَا انْقَسَمْ الْمُوصَى فِيهِ. (فَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ جَعَلَهُ الْحَاكِمُ تَحْتَ يَدِهِمَا) كَأَنْ يَجْعَلَاهُ فِي بَيْتٍ وَيُقْفِلَانِهِ (وَإِنْ تَرَاضَيَا بِنَائِبٍ لَهُمَا) فِي الْحِفْظِ (فَذَاكَ) وَاضِحٌ (وَإِلَّا حُفِّظَهُ الْقَاضِي هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ (فِي وَصِيِّ التَّصَرُّفِ) إذَا اخْتَلَفَا فِي الْحِفْظِ إلَى وَقْتِ التَّصَرُّفِ (أَمَّا وَصِيَّا الْحِفْظِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا) بِحَالِ. [فَصْلٌ لِلْمُوصِي الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ] (فَصْلٌ: لِلْمُوصِي الرُّجُوعُ) عَنْ الْوَصِيَّةِ مَتَى شَاءَ (وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ) مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيُوَكِّلَانِ أَوْ يَأْذَنُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فِيهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ وَصِيَّانِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ بِنَصِّ الْمُوصِي فَلِكُلٍّ الشِّرَاءُ مِنْ الْآخَرِ اسْتِقْلَالَا هَكَذَا أَفْتَيْتُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَهُ نَصَّا. اهـ. قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ وَلِذَلِكَ أَفْتَيْتُ فِي وَصِيَّيْنِ عَلَى يَتِيمَيْنِ شُرِطَ عَلَيْهِمَا الِاجْتِمَاعُ عَلَى التَّصَرُّفِ بِصِحَّةِ بَيْعِ عَقَارِ أَحَدِ الطِّفْلَيْنِ لِلطِّفْلِ الْآخَرِ بِشَرْطِ مُبَاشَرَةِ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الْإِيجَابَ وَالْآخَرُ الْقَبُولَ فَإِنَّ ذَلِكَ صَادِرٌ عَنْ رَأْيِهِمَا اهـ. وَمَا أَفْتَى بِهِ الْأَذْرَعِيُّ رَجَّحَهُ غَيْرُهُ وَفِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْإِصْطَخْرِيِّ إذَا كَانَا وَصِيَّيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ قَالَ شَيْخُنَا مَا أَفْتَى بِهِ الْعِرَاقِيُّ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْعَبَّادِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ أَوْصَى إلَى زَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى إلَى عَمْرٍو] (قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ) لَوْ فَوَّضَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَغَابَ وَبَاعَ فِي غَيْبَتِهِ بَطَلَ أَوْ أَنَابَ الْغَائِبُ عَنْهُ أَوْ الْقَاضِي وَانْضَمَّ إلَى الْحَاضِرِ جَازَ التَّصَرُّفُ. (فَرْعٌ) لَوْ اتَّفَقَ وَكِيلَانِ أَوْ وَصِيَّانِ بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ أَوْ وَقْفِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا مَثَلًا: هَذَا وَيَقُولُ الْآخَرُ حُرٌّ لَا أَسْتَحْضِرُ فِيهَا نَقْلًا قَالَهُ فِي الْكَوَاكِبِ الدُّرِّيَّةِ بَعْدَ إيرَادِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ صُدُورُ الْكَلَامِ مِنْ نَاطِقٍ وَاحِدٍ عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُصْطَلَحَيْنِ إنَّمَا اُقْتُصِرَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ اتِّكَالًا عَلَى نُطْقِ الْآخَرِ بِالْأُخْرَى فَمَعْنَاهَا مُسْتَحْضَرٌ فِي ذِهْنِهِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُصْطَلَحَيْنِ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامِ، كَمَا يَكُونُ قَوْلُ الْقَائِلِ لِقَوْمٍ رَأَوْا شَبَحًا: زَيْدٌ أَيْ الْمَرْئِيُّ زَيْدٌ. اهـ. وَقَالَ الْمُرَادِيُّ إنَّ صُدُورَ الْكَلَامِ مِنْ نَاطِقَيْنِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْإِسْنَادِ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ وَكُلُّ وَاحِدِ مِنْ الْمُصْطَلَحَيْنِ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ كَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ مَالِكٍ قَالَ شَيْخُنَا الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيمَا تَقَدَّمَ نُطْقُ أَحَدِهِمَا بِهَذَا وَالْآخَرُ بِحُرٍّ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنْ كَانَ اصْطِلَاحُ النَّجَاةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَلَامٌ فَاصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ لَا يُلَازِمُ اصْطِلَاحَ النَّجَاةِ دَائِمًا كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَيْلَ زَيْدٌ وَحْدَهُ اسْتَقَلَّ) قَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ وَالنَّظَرُ لَا يَدْفَعُهُ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ الْمَضْمُومَ إلَيْهِ هُوَ الْوَصِيُّ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ أَقَامَ الْحَاكِمُ غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَضْمُومَ الَّذِي هُوَ الْمُشْرِفُ اسْتَقَلَّ هُوَ وَكَأَنَّهُ بِعَدَمِ قَبُولِهِ تَبَيَّنَ أَنْ ضَمَّهُ كُلًّا ضَمٌّ. (فَرْعٌ) أَوْصَى إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى زَيْدٍ أَوْ لِلَّهِ وَلِزَيْدِ أَوْ لِلَّهِ ثُمَّ لِزَيْدٍ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْوِصَايَةَ إلَى زَيْدٍ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَذِكْرُ - اللَّهِ تَعَالَى - لِلتَّبَرُّكِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَعَانُ فِي كُلِّ شَيْءٍ [فَرْعٌ اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ فِي التَّصَرُّفِ] (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ إلَخْ) يَأْتِي مِثْلُهُ فِي رُجُوعِ الْمُوصِي وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَكِيلِ وَالشَّرِيكِ وَالْمُقَارَضِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 الطَّرَفَيْنِ كَالْوَكَالَةِ هَذَا (إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ) الْوَصِيَّةُ (وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ) مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَقْبَلْ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ؟ فِيهِ نَظَرٌ يَحْتَمِلُ اللُّزُومَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِ الظَّالِمِ بِذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي الدَّفْعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُوصِي أَنَّ عَزْلَهُ لِوَصِيِّهِ مُضَيِّعٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ أَوْ الْأَمْوَالِ أَوْ لِأَوْلَادِهِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ أَوْ خُلُوِّ النَّاحِيَةِ عَنْ حَاكِمٍ أَمِينٍ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ عَزْلُهُ. (وَيَقْضِي) الْوَصِيُّ (دَيْنَ الصَّبِيِّ وَغُرْمَهُ) الَّذِي لَزِمَهُ (وَزَكَاتَهُ وَكَفَّارَةُ قَتْلِهِ) نَعَمْ لَوْ كَانَ لَا يَرَى وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ كَالْحَنَفِيِّ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَحْبِسَ زَكَاتَهُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُخْبِرَهُ بِذَلِكَ وَلَا يُخْرِجُهَا فَيُغَرِّمَهُ الْحَاكِمُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَ مَا عَدَا الدَّيْنِ مُغَايِرًا لَهُ وَالْأَصْلُ جَعْلُهُ دَاخِلًا فِيهِ حَيْثُ قَالَ وَيَقْضِي الدُّيُونَ الَّتِي عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ الْغَرَامَاتِ وَالزَّكَوَاتِ وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ سَهْلٌ (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يُمَوِّنُهُ بِالْمَعْرُوفِ) وَهُوَ تَرْكُ الْإِسْرَافِ وَالتَّقْتِيرِ فَإِنْ أَسْرَفَ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ مَعَ زِيَادَةٍ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ (وَيَشْتَرِي لَهُ خَادِمًا إنْ لَاقَ) بِهِ (وَاحْتَاجَ) إلَيْهِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى أَكْثَرَ مِنْ خَادِمٍ زِيدَ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ. (فَرْعٌ: يَقْبَلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ) بِيَمِينِهِ إذَا نَازَعَهُ الْوَلَدُ بَعْدَ كَمَالِهِ (فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالْإِنْفَاقِ) عَلَيْهِ وَعَلَى مُمَوِّنِهِ (وَعَدَمِ الْإِسْرَافِ) فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ ادَّعَى مَا يَلِيقُ بِحَالِهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخِيَانَةِ وَلِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي الْأَخِيرَيْنِ (لَا إنْ عَيَّنَ) قَدْرَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْإِنْفَاقِ (وَكَذَّبَهُ الْحِسُّ) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلَدِ فِي الزَّائِدِ (وَلَا يُقْبَلُ) قَوْلُ الْوَصِيِّ (فِي تَارِيخِ مَوْتِ الْأَبِ) كَأَنْ قَالَ مَاتْ مِنْ سِتِّ سِنِينَ، وَقَالَ الْوَلَدُ مِنْ خَمْسٍ وَاتَّفَقَا عَلَى الْإِنْفَاقِ مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَوْتِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَلِسُهُولَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَوْتِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَازَعَ الْوَلَدُ الْوَالِدَ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَيِّمُ فِي أَوَّلِ مُدَّةِ مِلْكِهِ لِلْمَالِ الَّذِي أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ (وَلَا فِي) دَعْوَى (رَدِّ الْمَالِ) إلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] وَلَوْ قَبْلَ قَوْلِهِ لِمَا اُحْتِيجَ إلَى الْإِشْهَادِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّدِّ لِسُهُولَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ. (وَ) لَا فِي (بَيْعِهِ لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا وَاسْتِمْرَارُ مِلْكِهِ وَتَقَدَّمَ هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ وَقَيِّمُ الْحَاكِمِ كَالْوَصِيِّ فِيمَا ذُكِرَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَكَذَا الْأَبُ وَالْجَدُّ إلَّا فِي دَعْوَى الْبَيْعِ لِمَا ذُكِرَ فَيَصْدُقَانِ بِيَمِينِهِمَا لِوُفُورِ شَفَقَتَهُمَا كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ أَيْضًا وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَقَالَ الْقَمُولِيُّ: إنَّهُ كَالْوَصِيِّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ مَرَّةً: إنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى وِلَايَتِهِ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ وَإِطْلَاقُ صَاحِبِ التَّنْبِيهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَالْوَصِيِّ وَفِي كَلَامِ الْجُرْجَانِيُّ إشَارَةٌ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى فِي فَتْوَى بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا قَالَهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْآنَ وَهُوَ الْحَقُّ أَنَّهُ يَقْبَلُ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَى وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَصَرَّفَ كَانَ نَائِبَ الشَّرْعِ وَأَمِينَهُ مِثْلُهُ انْتَهَى فَعِنْدَهُ يَقْبَلُ قَوْلُهُمَا بِلَا يَمِينٍ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ بِدُونِهَا كَالْأَبِ وَالْجَدِّ (وَإِنْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ (مَجْنُونًا أَوْ سَفِيهًا اسْتَمَرَّتْ وِلَايَةُ الْوَصِيِّ) كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ. (فَصْلٌ: يَدْفَعُ) الْوَصِيُّ (لِلْمُبَذِّرِ نَفَقَةَ يَوْمٍ) بِيَوْمٍ (أَوْ) نَفَقَةَ (أُسْبُوعٍ) بِأُسْبُوعٍ (عَلَى مَا يَرَاهُ وَيَكْسُوهُ) كِسْوَةَ مِثْلِهِ (فَإِنْ كَانَ يُتْلِفُهَا هَدَّدَهُ ثُمَّ) إنْ ارْتَدَعَ فَذَاكَ وَإِلَّا (قَصَرَهُ فِي الْبَيْتِ عَلَى إزَارٍ وَإِنْ خَرَجَ كَسَاهُ وَوَكَّلَ بِهِ) مِنْ يُرَاقِبُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْإِزَارِ فِي الْبَيْتِ يَتَمَشَّى فِي وَقْتِ الْحَرِّ أَمَّا فِي وَقْتِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ) وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَأْجِرًا وَيُمْكِنْ تَصْوِيرُ كَوْنِهِ مُسْتَأْجِرًا بِمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الِاسْتِمْرَارِ فِي الْوَصِيَّةِ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْمُوصِي عَلَى عَمَلٍ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَلِطِفْلِهِ بَعْد مَوْتِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ عَزْلُهُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ عَزْلُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَ مَا عَدَّا الدَّيْنِ مُغَايِرًا لَهُ) هُوَ فِي كَلَامِهِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. [فَرْعٌ يَقْبَلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ بِيَمِينِهِ إذَا نَازَعَهُ الْوَلَدُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالْإِنْفَاقِ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ إلَخْ) أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ فَرَضَ الْحَاكِمُ لِطِفْلٍ قَدْرًا مَعْلُومًا لِنَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَأُذِنَ لِحَاضِنِهِ إمَّا أَبَاهُ أَوْ أُمُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ قَيِّمُ الْحَاكِمُ فِي اسْتِدَانَةِ ذَلِكَ وَصَرْفِهِ عَلَيْهِ أَوْ فِي إنْفَاقِهِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ فَإِذَا حَضَرَ وَادَّعَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَطَلَبَ الرُّجُوعَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ حَلَفَهُ الْحَاكِمُ وُجُوبًا عَلَى مَا ذَكَرهُ مِنْ مُوجِبِ اسْتِحْقَاقِهِ الرُّجُوعُ وَاسْتِحْقَاقُهُ فَإِنَّهُ حُكْمٌ عَلَى الصَّغِيرِ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ وَاضِحٌ، وَقَوْلُهُ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ كَمَالِهِ) أَفَادَ بِهِ أَنَّ دَعْوَاهُ بَعْدَ رُشْدِهِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ الْوَلَدُ بَعْدَ كَمَالِهِ مَا إذَا كَانَ نَقْصُهُ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ (قَوْلُهُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ) ر أَشَارَ بِهِ إلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُودَعِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّدِّ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَإِنَّمَا جَعَلَ الْمَالَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَخَالَفَ الْإِنْفَاقَ بِأَنَّهُ يَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَأَيْضًا هُوَ مُسْتَنِدٌ إلَى حَالَةِ الْحَجْرِ بِخِلَافِ الرَّدِّ. (قَوْلُهُ وَلَا فِي بَيْعِهِ لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ أَوْ تَرَكِهِ الشُّفْعَةُ مِنْ غَيْرِ غِبْطَةٍ) قَالَ النَّاشِرِيُّ فَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً فَبَلَغَ وَنَازَعَهَا فَمُقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِي قَبُولُ قَوْلِهَا لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا فَكَذَا مَنْ فِي مَعْنَاهَا كَآبَائِهَا، وَيُسَجِّلُ الْحَاكِمُ بِقَوْلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمِ وَلَا يُسَجِّلُ بِقَوْلِ الْوَصِيِّ اهـ. وَالْأُمُّ غَيْرُ مُتَّهَمَةٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْأَوْصِيَاءِ، وَقَالَ: وَاَلَّذِي بَعْدَ إيرَادِهِ لِذَلِكَ وَأَقُولُ وَسُقُوطُ وِلَايَتِهَا مِنْ غَيْرِ نَصْبِ اتِّهَامٍ مِنْ الشَّرْعِ فَلَا تَزِيدُ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ أَقُولُ تَقْدِيمُ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ فِي الْحَضَانَةِ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ شَفَقَتِهَا عَلَى الْأَبِ وَلَعَلَّ سُقُوطَ وِلَايَتِهَا لِنَقْصِهَا بِالْأُنُوثَةِ كَالْقَضَاءِ لَا لِنُقْصَانِ شَفَقَتِهَا (قَوْلُهُ: فَقَالَ الْقَمُولِيُّ إنَّهُ كَالْوَصِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْآنَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَزْلِ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْعَزْلِ، وَالتَّفْصِيلُ مَنْقُولٌ عَنْ الْفُرُوقِ لِلْجُوَيْنِيِّ لَكِنْ فِي دَفْعِ الْمَالِ أب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 الْبَرْدِ فَبَعِيدٌ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِهِ فَيَلْبِسُهُ مَا يَدْفَعُ عَنْهُ ضَرَرَ الْبَرْدِ وَيُرَاقَبُ فِي الْبَيْتِ كَمَا يُرَاقَبُ حَالَ خُرُوجِهِ. (فَصْلٌ وَلَا يُزَوِّجُ الْوَصِيُّ الطِّفْلَ وَإِنْ أُوصِيَ) لَهُ (بِذَلِكَ) لِمَا مَرَّ (وَلَا يُبَايِعُهُ) بِأَنْ يَبِيعَ مَا لَهُ لِنَفْسِهِ وَعَكْسُهُ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ فِي الْأُولَى وَبِدُونِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ مَعَ زِيَادَةٍ فِي كِتَاب الْحَجْرِ (وَلَا يَبِيعُ مَالَ صَبِيٍّ لِصَبِيٍّ يَلِيَهُمَا) لِأَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ لِقُوَّةِ وِلَايَتِهِمَا وَقَدْ أَفْتَى الْأَذْرَعِيُّ تَفَقُّهًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الْوَصِيِّ الْآخَرِ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا لَكِنْ أَطْلَقَ الْقَاضِي أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَبِيعَ مِنْهُ فَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا أَفْتَى بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ (وَتَقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الطِّفْلِ لَا لَهُ بِمَالِ) كَمَا فِي شَهَادَة الْوَلَدِ (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ (بِمَالٍ وُصِّيَ إلَيْهِ بِتَفْرِقَةِ ثُلُثِهِ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِنَفْسِهِ وِلَايَةً وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ لَا بِلَوْ لَكَانَ أَنْسَبَ بِقَوْلِ الْأَصْلِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِمَالٍ وَإِنْ كَانَ وَصِيًّا فِي تَفْرِقَةِ الثُّلُثِ فَقَطْ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَجُوزُ لِمَنْ هُوَ وَصِيٌّ فِي مَالٍ مُعَيَّنٍ أَنْ يَشْهَدَ بِغَيْرِهِ. (مَسَائِلُ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ مَسَائِلُهُ (مَنْثُورَةٌ لِلْوَصِيِّ التَّوْكِيلُ الْمُعْتَادُ) أَيْ أَنْ يُوَكَّلَ فِيمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِمُبَاشَرَتِهِ لِمِثْلِهِ كَالْوَكِيلِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا وَجْهٌ وَاَلَّذِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَبِهِ جَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي النِّكَاحِ فِي كَلَامِهِ عَلَى تَوْكِيلِ الْوَلِيِّ فِي التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِالْوِلَايَةِ كَالْأَبِ وَالْحَاكِمِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالصَّوَابُ نَقْلًا وَمَعْنَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا (وَلَا يُخَالِطُ الطِّفْلَ بِالْمَالِ إلَّا فِي الْمَأْكُولِ كَالدَّقِيقِ وَاللَّحْمِ لِلطَّبْخِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْإِرْفَاقِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: 220] وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي كِتَابِ الْحَجْرِ (وَلَا يَسْتَقِلُّ بِقِسْمَةِ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ بَيْعًا فَلَيْسَ لَهُ تُوَلِّي الطَّرَفَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ إفْرَازُ حَقٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ. (وَلَوْ بَاعَ لَهُ) شَيْئًا (حَالًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِشْهَادُ) فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا وَالتَّقْيِيدُ بِالْحَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرُهُ كَالرَّوْضَةِ فِي آخَرِ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ أَبْوَابِ الرَّهْنِ (وَلَوْ فَسَقَ الْوَلِيُّ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ هَلْ يَبْطُلُ) الْبَيْعُ أَوْ لَا (وَجْهَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَشْبَهَهُمَا الثَّانِي وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فِي جُنُونِ الْعَاقِدِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بَلْ يَقُومُ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ وَيَفْعَلُ الْأَحَظَّ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ. (وَيُقَارِضُ بِمَالِهِ) ثِقَةً (وَلَوْ مُسَافِرٌ إنْ أَمِنَ) الطَّرِيقَ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ قَدْ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَالْوَلِيُّ مَأْمُورٌ بِهَا وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ مَعَ زِيَادَةٍ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ. (وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ إلَى اللَّهِ) - تَعَالَى - (وَإِلَى زَيْدٍ حُمِلَ) ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ (عَلَى التَّبَرُّكِ) لِظُهُورِ الْمُرَادِ فَتَكُونُ الْوِصَايَةُ إلَى زَيْدٍ وَقِيلَ إلَى زَيْدِ وَالْحَاكِمِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِيهِ وَفَارِقُ نَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ حَيْثُ تَصِحُّ فِي النِّصْفِ لِزَيْدٍ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَالِ - لِلَّهِ تَعَالَى - وَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ وَيَصْرِفُهَا فِي وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْقُرُبَاتِ فَإِذَا شَرَكَ بَيْنَهَا وَبَيْن جِهَةٍ أُخْرَى صَحَّ الْقَوْلُ بِالتَّنْصِيفِ وَأَمَّا الْوِصَايَةُ بِالْأَوْلَادِ إلَيْهِ - تَعَالَى - فَلَيْسَ لَهَا جِهَةٌ صَحِيحَةٌ فَتَعَيَّنَ إرَادَةُ التَّفْوِيضِ إلَيْهِ تَعَالَى وَالتَّبَرُّكِ بِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَلَوْ أَتَى بَدَلَ الْوَاوِ بِثُمَّ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْوِصَايَةَ لِزَيْدٍ قَطْعًا وَفِي وَصِيَّةِ الشَّافِعِيِّ وَجَعَلَ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ يَدْفَعُ الْوَصِيُّ لِلْمُبَذِّرِ نَفَقَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ أَوْ نَفَقَةَ أُسْبُوعٍ بِأُسْبُوعِ] قَوْلُهُ: فَيَلْبَسُهُ مَا يَدْفَعُ عَنْهُ ضَرَرَ الْبَرْدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ لَا يُزَوِّجُ الْوَصِيُّ الطِّفْلَ وَإِنْ أُوصِيَ لَهُ بِذَلِكَ] (قَوْلُهُ وَلَا يُبَايِعُهُ) لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ كَالْوَكِيلِ سَوَاءٌ قَالَهُ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ. قَالَ شَيْخُنَا: عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَالْوَكِيلِ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ أَبِيهِ وَابْنِهِ الْمُسْتَقِلِّ فَلَعَلَّ الْمَنْعَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ لَوْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ مَالُ يَتِيمٍ وَلَيْسَ هُوَ بِوَصِيٍّ وَخَافَ مِنْ تَسْلِيمِهِ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ ضَيَاعَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ فِي أَمْرِ الطِّفْلِ وَالتَّصَرُّفُ عَلَيْهِ بِالتِّجَارَةِ وَالْإِنْفَاقِ لِلضَّرُورَةِ، وَقَوْلُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ فِي مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْإِيصَاء] (قَوْلُهُ فِيمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِمُبَاشَرَتِهِ لِمِثْلِهِ) لَا فِيمَا جَرَتْ عَادَتُهُ بِمُبَاشَرَةِ مِثْلِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَالْمَعْنَى أَمَّا النَّقْلُ فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مِنْ يَنُوبُ عَنْهُ كَالْوَصِيِّ وَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَأَبِي الطِّفْلِ فَيَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مِنْ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ وَعَنْ الْيَتِيمِ إنْ شَاءَ فَكِلَا الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْهُ فِي الْوَكَالَةِ وَقَالَ فِي جَوَازِهِ عَنْ الطِّفْلِ نَظَرٌ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فِي إطْلَاقِ التَّوْكِيلِ مِنْ الْوَصِيِّ وَمِنْ الْمَنْقُولِ مَا ذَكَرهُ الْإِمَامُ وَالنَّوَوِيُّ وَأَصْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّيْنِ وَهُوَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى صِيغَةٍ لِعَقْدٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَصْدُرَ عَنْ رَأْيِهِمَا فَيَعْقِدَ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ غَيْرِهِمَا بِإِذْنِهِمَا، وَمِنْ الْمَنْقُولِ أَيْضًا قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: إنَّ وِلَايَةَ الْوَصِيِّ كَوِلَايَةِ الْأَبِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: تَوَلِّي طَرَفَيْ الْبَيْعِ وَالْوِصَايَةِ وَالتَّزْوِيجِ. وَلَمْ يَذْكُرْ التَّوْكِيلَ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ مُطْلَقًا. وَقَدْ صَرَّحَ بِمُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ غَيْرُهُ قَالَ الْإِمَامُ: إذَا وَكَّلَ الْوَصِيُّ الْمُطْلَقُ فِي حَيَاتِهِ وَكِيلًا صَالِحًا مَوْثُوقًا بِهِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي اقْتِضَاءً ظَاهِرًا تَجْوِيزَ ذَلِكَ وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْعَامِلَ فِي الْقِرَاضِ يُوَكِّلُ وَيَسْتَنِيبُ فِي تَفْصِيلِ تَصَرُّفَاتِهِ وَلَا يُنَصِّبُ مُقَارِضًا وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْغَزَالِيُّ. وَأَمَّا الْمَعْنَى فَهُوَ اسْتِقْلَالُهُ بِالتَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِمُبَاشَرَتِهِ لِمِثْلِهِ كَالْوَكِيلِ) لَكِنْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ وَقَالَ شَيْخُنَا: الْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَشْبَهَهُمَا الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الصَّحِيحُ عَدَمُ بُطْلَانِ الْبَيْعِ كَمَا لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ جُنَّ غ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسَافِرًا) أَيْ فِي الْبَرِّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ إلَى اللَّهِ وَإِلَى زَيْدٍ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ فِي قَوْلِهِ: أَمْرُ زَوْجَتِي بِيَدِ اللَّهِ وَبِيَدِكَ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ قَبْلُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَأَنَّهُ جَعَلَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ قَبْلُ وَاسْتَقَلَّ وَمُقْتَضَاهُ هُنَا وُجُوبُ اسْتِفْسَارِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ حَمَلُهُ عَلَى التَّبَرُّكِ لِظُهُورِ الْمُرَادِ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى التَّصْحِيحِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 إنْفَاذَ مَا كَانَ مِنْ وَصَايَاهُ إلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ثُمَّ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقُرَشِيِّ إلَى آخِرِهِ. (وَإِنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِرَجُلٍ) لَمْ يَذْكُرْهُ (وَقَالَ: قَدْ سَمَّيْتُهُ لِوَصِيِّ فَسَمَّاهُ) وَصِيُّهُ عَلَى وَجْهِ الْإِخْبَارِ (فَلِلْوَرَثَةِ تَكْذِيبُهُ فَلَوْ شَهِدَ لَهُ الْوَصِيُّ) بِذَلِكَ (وَحَلَفَ) مَعَهُ (اسْتَحَقَّ) الْمُوصَى بِهِ بِشَرْطِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ سَمَّاهُ) الْمُوصِي (لِوَصِيَّيْنِ) لَهُ (أَعْطَى مَنْ عَيَّنَّاهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّعْيِينِ هَلْ تَبْطُلُ) الْوَصِيَّةُ (أَمْ يَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْ الْمُعَيَّنِينَ (مَعَ شَاهِدِهِ قَوْلَانِ) فَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ إنَّمَا جَعَلَهَا لِوَاحِدٍ فَقِسْمَتُهَا بَيْنَهُمَا خِلَافُ قَوْلِهِ وَقَوْلُ الْوَصِيَّيْنِ وَقَوْلُ الْمُوصَى لَهُ قَالَ: وَقَضِيَّةُ مَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعَاوَى تَرْجِيحُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. (وَإِنْ خَافَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمَالِ) مِنْ اسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ (فَلَهُ تَخْلِيصُهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ) وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمِنْ هَذَا مَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْذُلْ شَيْئًا لِقَاضِي سُوءٍ لَانْتَزَعَ مِنْهُ الْمَالَ وَسَلَّمَهُ لِبَعْضِ خَوَنَتِهِ وَأَدَّى ذَلِكَ إلَى اسْتِئْصَالِهِ وَيَجِبُ أَنْ يَتَحَرَّى فِي أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْضَى بِهِ الظَّالِمُ، وَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ إذَا نَازَعَهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بَعْدَ رُشْدِهِ فِي بَذْلِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَدُلَّ الْقَرَائِنَ عَلَيْهِ قَالَ: وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَجُوزُ تَعْيِيبُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ لِحِفْظِهِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْغَصْبُ كَمَا فِي قِصَّةِ الْخَضِرِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ: فَلَوْ نَازَعَهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بَعْدَ رُشْدِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ لِهَذَا الْغَرَضِ فَهَلْ يُصَدَّقُ؟ يَنْظُرُ إنْ دَلَّتْ الْحَالُ عَلَى صِدْقِهِ فَنَعَمْ وَإِلَّا فَلَا، وَفِيهِ احْتِمَالٌ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَالَهُ آنِفًا فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْهُ غَالِبًا. (وَإِنْ قَالَ) الْمُوصِي لِوَصِيِّهِ (بِعْ أَرْضِي) الْفُلَانِيَّةِ (وَأَعْتِقْ عَنِّي رَقَبَةً مِنْ ثَمَنِهَا وَحَجَّ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَحُجَّ (عَنِّي) مِنْهُ فَبَاعَهَا (وَزَّعَ) الثَّمَنَ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى قِيمَةِ الرَّقَبَةِ وَأُجْرَةِ الْحَجِّ (فَإِنْ عَجَزَ) الثَّمَنُ عَنْهُمَا (وَأَمْكَنَ تَنْفِيذُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةَ (فِي وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (بِعَيْنِهِ نَفَذَهَا فِيهِ وَرَدَّ الْفَاضِلَ لِلْوَرَثَةِ) كَمَا لَوْ أَوْصَى لِكُلٍّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِعَشْرَةٍ وَكَانَ ثُلُثُهُ عَشْرَةً فَرَدَّ أَحَدُهُمَا دَفِعَتِ الْعَشَرَةُ إلَى الْآخَرِ (أَوْ) أَمْكَنَ تَنْفِيذُهَا فِي (كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (عَلَى انْفِرَادِهِ كَأَنْ قَالَ أَحِجُّوا) عَنِّي (وَاعْتِقُوا) عَنِّي (عَبْدًا مِنْ ثُلُثِي) وَاحْتَاجَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى مِائَةٍ مَثَلًا (وَلَمْ يَفِ) الثُّلُثُ (إلَّا بِأَحَدِهِمَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) وَلَا يُوَزِّعُ إذْ لَوْ وَزَّعَ لَمْ يَحْصُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. . [كِتَابُ الْوَدِيعَةِ] تُقَالَ عَلَى الْإِيدَاعِ وَعَلَى الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ مِنْ وَدَعَ الشَّيْءَ يَدَعُ إذَا سَكَنَ؛ لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ عِنْدُ الْمُودَعِ، وَقِيلَ: مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ فِي دَعَةٍ أَيْ رَاحَةٍ؛ لِأَنَّهَا فِي رَاحَةٍ الْمُودَعِ وَمُرَاعَاتِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] وَقَوْلُهُ {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] وَخَبَرُ «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً بَلْ ضَرُورَةً إلَيْهَا (وَهِيَ تَوْكِيلٌ بِالْحِفْظِ لِمَمْلُوكٍ أَوْ مُخْتَصِّ) . (وَقَبُولُهَا مُسْتَحَبٌّ لِلْأَمِينِ الْقَادِرِ عَلَى حِفْظِهَا) لِأَنَّهُ مِنْ التَّعَاوُنِ الْمَأْمُورِ بِهِ (وَاجِبٌ عَلَيْهِ عِنْد عَدَمِ غَيْرِهِ) كَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ (بِالْأُجْرَةِ) فَالْوَاجِبُ أَصْلُ الْقَبُولِ دُونَ إتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ وَمَنْفَعَةِ حِرْزِهِ فِي الْحِفْظِ بِلَا عِوَضٍ وَقَضَيْتُهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةَ الْحِفْظِ كَمَا يَأْخُذُ أُجْرَةَ الْحِرْزِ، وَمَنَعَهُ الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْوَاجِبَاتِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلِ وَقَدْ تُؤْخَذُ الْأُجْرَةُ عَلَى الْوَاجِبِ كَمَا فِي سَقْيِ اللُّبَا (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ؟ يَقْبَلْ (عَصَى) لَتَرْكِهِ الْوَاجِبَ بِلَا عُذْرٍ (وَلَمْ يَضْمَنْ) إنْ تَلِفَتْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حِفْظَهَا. (أَوْ أُكْرِهَ) عَلَى قَبُولِهَا (فَفَعَلَ وَتَلِفَتْ بِلَا تَقْصِيرٍ) مِنْهُ (لَمْ يَضْمَنْ) كَمَا لَوْ قَبَضَهَا مُخْتَارًا وَأَوْلَى (وَ) قَبُولُهَا أَيْ أَخْذُهَا (حَرَامٌ عَلَى الْعَاجِزِ) عَنْ حِفْظِهَا؛ لِأَنَّهُ يَعْرِضُهَا لِلتَّلَفِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ بِحَالِهِ وَإِلَّا فَلَا تَحْرِيمَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِمَا إمَّا عَلَى الْمَالِكِ فَلِإِضَاعَتِهِ مَالَهُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ) هُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ تَخْلِيصُهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ) قَالَ الْأَزْرَقُ: وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ أَعْيَانَهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا أَدَّى عَدَمُ ذَلِكَ إلَى تَعْطِيلِ الْمَنَافِعِ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ أَنْ يَتَحَرَّى فِي أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلَهُ: قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ التَّسْوِيَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ جَعَلَ الْمُوصِي لِلْوَصِيِّ أَوْ الْمُشْرِفُ عَلَيْهِ جُعْلًا فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُهُ بِمُتَبَرِّعٍ بِالْعَمَلِ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ الْمُوصِي: فَرِّقْ ثُلُثِي لَمْ يُعْطِ نَفْسَهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلَا أَصْلَهُ وَفَرْعَهُ وَلَا مَنْ يَخَافُ مِنْهُ أَوْ يَسْتَصْلِحُهُ وَإِنْ قَالَ لَهُ ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْتَ لَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ وَلَا لِعَبْدِهِ وَلَهُ إعْطَاءُ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (كِتَابُ الْوَدِيعَةِ) . (قَوْلُهُ: مِنْ وَدَعَ الشَّيْءَ إلَخْ) مَادَّةُ وَدَعْ تَدُورُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ اسْتَقَرَّ وَتَرَكَ وَتَرَفَّهَ وَالْكُلُّ مَوْجُودٌ هُنَا لِاسْتِقْرَارِهَا عِنْدَ الْمُودَع وَتَرْكِهَا عِنْدَهُ وَعَدَمُ اسْتِعْمَالِهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَوْكِيلٌ بِالْحِفْظِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِيدَاعُ الْمُحْرِمِ صَيْدًا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ هُنَاكَ وَكَذَا يَمْتَنِعُ اسْتِيدَاعُ الْمُصْحَفِ وَكُتُبُ الْعِلْمِ عِنْدَ الْكَافِرِ ر وَقَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ) وَخَافَ إنْ لَمْ يَقْبَلْ هَلَكَتْ (قَوْلُهُ: كَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ) الْمُتَّجَهُ أَنْ قَبُولَهَا مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ كَقَبُولِهَا مِنْ الْمُسْلِمِ عر وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ فَرْضَ كِفَايَةٍ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ وَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي نَظِيرهِ مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا لِئَلَّا يُؤَدِّي التَّوَاكُلُ إلَى ضَيَاعِهَا غ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةَ الْحِفْظِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَحَرَامٌ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ حِفْظِهَا) يَشْمَلُ مَنْ وَثِقَ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَوْ أَخَذَهَا وَأَحْرَزَهَا فَهَلْ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ وَتَغْرِيرِهِ أَوْ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّفْرِيطِ كَغَيْرِهِ. فِيهِ نَظَرٌ وَعَدَمُ الضَّمَانِ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِيَدِهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) وَابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا تَحْرِيمَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا عَلَى الْمَالِكِ فَلِإِضَاعَتِهِ مَالَهُ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 وَأَمَّا عَلَى الْمُودَعِ فَلِإِعَانَتِهِ عَلَى ذَلِكَ وَعِلْمُ الْمَالِكُ بِعَجْزِهِ لَا يُبِيحُ لَهُ الْقَبُولَ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْإِيدَاعُ صَحِيحٌ الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ وَأَثَرُ التَّحْرِيمِ مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ وَكِيلًا أَوْ وَلِيَّ يَتِيمِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْإِيدَاعُ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ قَطْعًا. (وَفِيمَنْ لَا يَثِقُ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ) فِيهَا (وَجْهَانِ) : أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبُولُهَا. وَالثَّانِي: يُكْرَهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ لَكِنْ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَبِالتَّحْرِيمِ أَجَابَ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالرُّويَانِيُّ، وَالشَّاشِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ الْمُخْتَار. قَالَ وَلِيَكُنْ مَحَلُّ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أَوْدَعَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ مَالَ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ قَبُولُهَا مِنْهُ جَزْمًا. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ الْحَالَ وَإلَّا فَلَا تَحْرِيمَ وَلَا كَرَاهَةَ وَفِيهِ مَا مَرَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَصِحُّ إيدَاعُ الْخَمْرِ وَنَحْوِهَا أَيْ الْخَمْرِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا اخْتِصَاصَ فِيهِ، أَمَّا مَا فِيهِ اخْتِصَاصٌ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ وَزِبْلٍ وَكَلْبٍ مُحْتَرَمٍ فَيَجُوزُ إيدَاعُهُ كَالْمَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَارِزِيُّ وَشَمِلَهُ قَوْلُ الْوَسِيطِ: الْوَدِيعَةُ كُلُّ مَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ الْحَافِظَةُ وَمَنَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ أَنَّ ذَلِكَ كَالْمَالِ قَالَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْوَدِيعَةِ الْأَمَانَةُ وَالضَّمَانُ بِالتَّقْصِيرِ وَهَذَا لَا يُضْمَنُ إذَا تَلِفَ وَهَذَا خِلَافٌ لَفْظِيٌّ؛ إذْ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ كَالْمَالِ لَا يُرِيدُ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِتَلَفِهِ كَالْمَالِ بَلْ يُرِيدُ أَنَّهُ يَصِحُّ إيدَاعُهُ وَيَجِبُ رَدَّهُ مَا دَامَ بَاقِيًا كَمَا فِي الْمَالِ غَيْرِ الْمُتَمَوَّلِ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ لَا يُضْمَنُ. (فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ) لِلْإِيدَاعِ (الْإِيجَابُ) الْمُرَادُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ إذْ الْإِيجَابُ رُكْنٌ لِلْإِيدَاعِ. وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ: الْعَاقِدَانِ، الْوَدِيعَةُ، وَالصِّيغَةُ، فَلَا بُدَّ مِنْ صِيغَةٍ دَالَّةٍ عَلَى الِاسْتِحْفَاظِ (كَأَوْدَعْتُكَ) هَذَا الْمَالَ (وَاحْفَظْهُ وَنَحْوِهِ) كَاسْتَحْفَظْتُكَ وَأَنَبْتُكَ فِي حِفْظِهِ وَهُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَكَ (لِأَنَّهَا عَقْدٌ) كَالْوَكَالَةِ لَا إذْنٌ مُجَرَّدٌ فِي الْحِفْظِ (وَلَوْ عَلَّقَهَا) كَأَنْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ أَوْدَعْتُكَ هَذَا (فَكَالْوَكَالَةِ) فَلَا تَصِحُّ حَتَّى يَسْقُطَ الْمُسَمَّى إنْ كَانْ وَيَرْجِعُ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيَصِحُّ الْحِفْظُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَمَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ ثَمَّ حِينَئِذٍ، وَالْقِيَاسَ عَلَى الْوَكَالَةِ هُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ قَطْعِ الرُّويَانِيِّ الْجَوَازَ (وَ) يَشْتَرِطُ (الْقَبُولُ) مِنْ الْوَدِيعِ (وَلَوْ بِالْقَبْضِ) كَمَا فِي الْوَكَالَةِ بَلْ أَوْلَى لِبُعْدِهَا عَنْ مُشَابَهَةِ الْعُقُودِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا تَفْتَقِرُ الْوَدِيعَةُ إلَى عِلْمِ الْوَدِيعِ بِمَا فِيهَا بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ تَعْرِيفِهَا. (فَإِنْ لَمْ يُوجِبْ) الْمَالِكُ (لَهُ) بَلْ وَضَعَ مَالَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَوَاءٌ أَقَالَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أُرِيدُ أَنْ أُودِعَكَ أَمْ لَا (أَوْ أَوْجَبَ) لَهُ حِينَ وَضَعَهُ بَيْن يَدَيْهِ (وَرَدَّ) هُوَ (ضَمِنَ بِالْقَبْضِ) إنْ قَبَضَ إلَّا إنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِلضَّيَاعِ فَقَبَضَهُ حِسْبَةً صَوْنًا لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ فَلَا يَضْمَنُ (لَا بِالتَّضْيِيعِ) لَهُ بِأَنْ ذَهَبَ فَتَرَكَهُ فَلَا يَضْمَنُ (وَإِنْ أَثِمَ) بِهِ إنْ كَانَ ذَهَابُهُ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمَالِكِ كَمَا يَعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَخَرَجَ بِرَدِّهِ مَا لَوْ قَبِلَ وَلَوْ بِقَوْلِهِ ضَعْهُ فَإِنَّهُ إيدَاعٌ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا حَتَّى يَقْبِضَهُ (وَذَهَابُ الْوَدِيعِ) مَعَ تَرْكِهِ الْوَدِيعَةِ (وَالْمَالِكُ حَاضِرٌ كَالرَّدِّ) لَهَا فَلَا ضَمَانَ. (فَصْلٌ: وَدِيعُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَالْعَبْدِ (ضَامِنٌ) لِوَدِيعَتِهِمْ؛ لِأَنَّ شَرْطَ مُوجِبِهَا إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ كَقَابِلِهَا فَهُوَ مُقَصِّرٌ بِالْأَخْذِ مِمَّنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلْإِيدَاعِ وَلَا يَزُولُ ضَمَانُهُ إلَّا بِرَدِّهَا إلَى مَالِكِ أَمْرِهِمْ (فَلَوْ خَشِيَ ضَيَاعَهَا) فِي يَدِهِمْ (فَأَخَذَهَا) مِنْهُمْ (حِسْبَةً) صَوْنًا لَهَا عَنْ الضَّيَاعِ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا مِنْ جَارِحَةٍ لِيَتَعَهَّدَهُ فَتَلِفَ لَا يَضْمَنُهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَضَمَانُ الْوَدِيعَةِ) الَّتِي أَوْدَعَهَا مَالِكُهَا لِصَبِيِّ أَوْ عَبْدٍ (يَلْزَمُ الصَّبِيَّ وَرَقَبَةَ الْعَبْدِ بِالْإِتْلَافِ) مِنْهُمَا لَهَا لِعَدَمِ تَسْلِيطِهِمَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَا مَالَ غَيْرِهِمَا بِلَا اسْتِيدَاعٍ وَلَا تَسْلِيطٍ وَقِيلَ يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ ذِمَّتَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا بِالتَّقْصِيرِ) إذْ لَيْسَ عَلَيْهِمَا حِفْظُهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الْتِزَامِهِمَا فَهُوَ كَمَا لَوْ تَرَكَهَا عِنْدَ غَيْرِهِمَا بِلَا اسْتِيدَاعٍ فَتَلِفَتْ (وَالسَّفِيهُ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ (كَالصَّبِيِّ) فِيمَا ذَكَرَ. (وَوَلَدُ الْوَدِيعَةِ كَأُمِّهِ) فَيَكُونُ وَدِيعَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عَقْدٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالثَّانِي يُكْرَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ) مَا جَزَمَ بِهِ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَجْلِ الشَّكِّ فِي حُصُولِ الْمَفْسَدَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا فِيهِ اخْتِصَاصٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصَلِّ فِي أَرْكَانُ الْإِيدَاعِ] (قَوْلُهُ كَأَوْدَعْتُكَ) أَمَّا الْأَخْرَسُ فَتَكْفِي إشَارَتُهُ الْمُفْهِمَةُ وَالْكِتَابَةُ مِنْهُ وَمِنْ النَّاطِقِ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَالْقَبُولُ وَلَوْ بِالْقَبْضِ) لَوْ قَالَ: أَعْطِنِي هَذَا وَدِيعَةً فَدَفَعَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَدِيعَةً فَالشَّرْطُ وُجُودُ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالْفِعْلُ مِنْ الْآخَرِ لِلْعِلْمِ بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ) هُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْقَبُولُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ اللَّفْظَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْفِعْلُ مِنْ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ قَالَ: أَعْطِنِي هَذَا لِأَحْفَظَهُ أَوْ أَوْدِعْنِيهِ كَيْ لَا يَضِيعَ وَنَحْوِهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ كَفَى لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ ر غ. [فَصْلٌ وَدِيعُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْعَبْدِ ضَامِنٌ لِوَدِيعَتِهِمْ] (قَوْلُهُ: وَلَا يَزُولُ ضَمَانُهُ إلَّا بِرَدِّهَا إلَى مَالِكِ أَمَرِهِمْ) أَوْ إتْلَافِ مَالِكِهَا إيَّاهَا بِلَا تَسْلِيطِ مِنْ الْمُودِعِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُمْكِنُ إحْبَاطُهُ وَتَضْمِينُهُ مَالَ نَفْسِهِ مُحَالٌ فَتُضْمَنُ الْبَرَاءَةُ. قَالَ شَيْخُنَا: لَا يُقَالُ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّ تَسْلِيطَ الْمُمَيَّزِ غَيْرِ الْأَعْجَمِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَالْمَدَارَ عَلَى إتْلَافِهِ مَالَ نَفْسِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودِعِ بِحَالٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ سَبَقَ ضَمَانُ الْمُودِعِ بِوَضْعِ يَدِهِ وَكَانَ الْقِيَاسُ ضَمَانُهُ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ غَيْرَ أَنَّهُ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ فِي حَالَةِ مُبَاشَرَةِ الْمَالِكِ الْعَارِيَّةَ عَنْ تَسْلِيطٍ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ تَسْلِيطِهِ فَضَعُفَتْ الْمُبَاشَرَةُ مَعَ ضَمَانِ الْيَدِ كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ خَشِيَ ضَيَاعَهَا فَأَخَذَهَا إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ وَأَنَّهُ تَعَدَّى بِأَخْذِهَا فَلَا يَأْخُذُهَا كَمَا لَا يَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ لِلرَّدِّ عَلَى الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ) وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: لَا بِالتَّقْصِيرِ) وَإِنْ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ إنَّ الْعَبْدَ يَضْمَنُهَا بِالتَّفْرِيطَ (قَوْلُهُ: وَالسَّفِيهُ كَالصَّبِيِّ) لَوْ طَرَأَ سَفَهُ رَشِيدٍ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ حَجْرُ حَاكِمٍ فَهَلْ يُبْنَى إيدَاعُهُ وَالْإِيدَاعُ مِنْهُ عَلَى الْخِلَاف فِي تَصَرُّفَاتِهِ أَوْ أَنَّهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 وَقِيلَ لَيْسَ بِوَدِيعَةٍ بَلْ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي يَدِهِ يَجِبُ رَدُّهَا فِي الْحَالِ اعْتِبَارًا بِعَقْدِ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَقَالَا: لَا فَائِدَةَ لِلْخِلَافِ. قُلْتُ: وَقَدْ يُقَالُ بَلْ لَهُ فَائِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ الْعَيْنَ يَجِبُ رَدُّهَا عَلَى الثَّانِي حَالًا وَعَلَى الْأَوَّلِ إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ الطَّلَبِ. [فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوَدِيعَةِ] (فَصْلٌ وَأَحْكَامُهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ الْجَوَازُ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ (فَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَإِغْمَائِهِ) وَجُنُونِهِ وَحَجْر السَّفَهِ وَالْجُحُودِ الْمُضَمَّنِ وَنَقْلِ الْمِلْكِ عَنْ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا كَالْوَكَالَةِ (وَلَوْ عَزَلَ) الْوَدِيعُ (نَفْسَهُ) أَوْ عَزَلَهُ الْمَالِكُ انْفَسَخَتْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عَقْدٌ وَبَقِيَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً كَالثَّوْبِ الَّذِي طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ وَ (لَزِمَهُ الرَّدُّ) وَإِنْ لَمْ يَطْلُبُ مِنْهُ (فَإِنْ أَخَّرَ) هـ (بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ) . الْحُكْمُ (الثَّانِي الْأَمَانَةُ) لِأَنَّ الْوَدِيعَ يَحْفَظُهَا لِلْمَالِكِ فَيَدُهُ كَيَدِهِ وَلَوْ ضَمِنَ لَرَغِبَ النَّاسُ عَنْ قَبُولِ الْوَدَائِعِ (وَ) إنَّمَا (يَضْمَنُ بِالتَّقْصِيرِ وَلَهُ) أَيْ لِلتَّقْصِيرِ (أَسْبَابٌ) ثَمَانِيَةٌ (أَحَدُهَا: إيدَاعُهَا) بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا (بِلَا عُذْرٍ) عِنْدَ غَيْرِهِ (وَلَوْ عِنْدَ الْقَاضِي) ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَرْضَ بِيَدِ غَيْرِهِ وَأَمَانَتِهِ وَلَا عُذْرَ وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَوْ طَالَتْ غَيْبَةُ الْمَالِكِ فَأَوْدَعَهَا الْوَدِيعُ الْقَاضِيَ (وَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ فِي حِفْظِهَا وَعَلَفِهَا) وَسَقْيِهَا وَلَوْ بِأَجْنَبِيٍّ (وَنَظَرُهُ) بَاقٍ (عَلَيْهَا كَالْعَادَةِ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ (فَإِنْ كَانَتْ بِمَخْزَنِهِ فَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ وَاسْتَحْفَظَ) عَلَيْهَا (ثِقَةً يَخْتَصُّ بِهِ وَهُوَ يُلَاحِظُ) بِهَا فِي عَوْدَاتِهِ (فَلَا بَأْسَ) بِهِ (وَإِنْ قَطَعَ نَظَرُهُ عَنْهَا وَلَمْ يُلَاحِظْهَا فَفِي تَضْمِينِهِ تَرَدُّدٌ) عَنْ الْإِمَامِ وَصَرَّحَ الْفُورَانِيُّ بِالْمَنْعِ وَقَالَ إنَّهُ الَّذِي يُشْعِرُ بِهِ فَحْوَى كَلَامِ الْأَئِمَّةِ (وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَسْكَنِهِ وَلَمْ يُلَاحِظْ) هَا (ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ أَمَّا إذَا اُسْتُحْفِظَ غَيْرَ ثِقَةٍ أَوْ مَنْ لَا يَخْتَصُّ بِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. (فَرْعٌ: يَجِبُ رَدُّهَا إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ عِنْدَ خَوْفٍ) عَلَيْهَا (كَالْحَرِيقِ وَاسْتِهْدَامِ الْحِرْزِ وَلَمْ يَجِدْ) حِرْزًا (غَيْرَهُ) يَنْقُلُهَا إلَيْهِ (أَوْ) عِنْدَ (سَفَرٍ ثُمَّ) إنْ تَعَذَّرَ وُصُولُهُ إلَيْهِمَا رَدَّهَا (إلَى الْقَاضِي) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ كُلِّ غَائِبٍ وَيَلْزَمُهُ الْقَبُولُ مِمَّنْ سَافَرَ وَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ لَا لِحَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْغَائِبِينَ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى نَفْسِهِ بِقَبْضِهَا (وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الدَّيْنِ) مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ (وَلَا الْمَغْصُوبِ) مِنْ غَاصِبِهِ (لِلْغَائِبِ) فِيهِمَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَحْفَظُ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى مَضْمُونًا لَهُ وَلِأَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَرَّضُ لِلتَّلَفِ وَإِذَا تَعَيَّنَ تَعَرَّضَ لَهُ وَلِأَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ الْعَيْنُ يَثْقُلُ عَلَيْهِ حِفْظُهَا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَجِدْ قَاضِيًا رَدَّهَا (إلَى أَمِينٍ) لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِتَأْخِيرِ السَّفَرِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ بِقَبْضِهَا وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ أَوْجَهُهُمَا اللُّزُومُ (وَالتَّرْتِيبُ) فِيمَا ذُكِرَ (وَاجِبٌ فَإِنْ تَرَكَهُ) بِلَا عُذْرٍ بِأَنْ رَدَّهَا إلَى الْقَاضِي أَوْ أَمِينٍ مَعَ إمْكَانِ رَدِّهَا إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ رَدَّهَا إلَى أَمِينٍ مَعَ إمْكَانِ رَدِّهَا إلَى الْقَاضِي (ضَمِنَ) لِعُدُولِهِ عَنْ الْأَقْوَى. قَالَ الْفَارِقِيُّ: وَهَذَا فِي غَيْرِ زَمَانِنَا أَمَّا فِيهِ فَلَا يَضْمَنُ بِرَدِّهَا إلَى ثِقَةٍ مَعَ   [حاشية الرملي الكبير] كَالْمَحْجُورِ أَوْ كَالرَّشِيدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا أَوْدَعَهُ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ مَالَهُ فَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ بِالِاسْتِيلَاءِ بِمُجَرَّدِهِ كَمَا لَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيُّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ سَفِيهٌ مَحْجُورٌ أَوْ غَاصِبٌ أَوْ نَحْوُهُ [وَلَدُ الْوَدِيعَةِ كَأُمِّهِ] (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الْجَوَازُ) الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ إذَا اقْتَضَى فَسْخُهَا ضَرَرًا عَلَى الْآخَرِ امْتَنَعَ وَصَارَتْ لَازِمَةً وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ لِلْمُوصِي عَزْلُ نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّن عَلَيْهِ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ مِنْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ قُلْتُ: وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الشَّرِيكِ وَالْمُقَارِضِ (قَوْلُهُ: وَالْجُحُودُ الْمُضْمَنُ) وَبِكُلِّ فِعْلٍ مُضْمَنٌ وَبِالْإِقْرَارِ بِهِ لِآخَرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ إلَخْ) يُشْبِهُ تَقْيِيدُهُ بِحَالَةٍ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا الْقَبُولُ وَإِلَّا حَرُمَ الرَّدُّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ ر غ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّخْلِيَةُ. (قَوْلُهُ: الثَّانِي الْأَمَانَةُ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا أَمَانَةً وَالضَّمَانُ يُنَافِيهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ بِجُعْلٍ أَمْ بِغَيْرِهِ كَالْوَكَالَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْأَمَانَةَ أَنَّهُ لَوْ أَوْدَعَهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا عَلَى أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى وَفَرَّطَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ فَلَوْ فَرَّطَ ضَمِنَ وَهَذَا فِي صَحِيحِ الْوَدِيعَةِ وَفَاسِدِهَا. وَفِي الْكَافِي لَوْ أَوْدَعَهُ دَابَّةً وَأَذِنَ لَهُ فِي رُكُوبِهَا أَوْ ثَوْبًا وَأَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهِ فَهَذَا إيدَاعٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ قَضِيَّةَ الْإِيدَاعِ فَلَوْ رَكِبَ أَوْ لَبِسَ صَارَتْ عَارِيَّةً فَاسِدَةً فَلَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَا يَضْمَنُ فِي صَحِيحِ الْإِيدَاعِ أَوْ بَعْدَهُ ضَمِنَ كَمَا فِي صَحِيحِ الْعَارِيَّةُ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَسْبَابٌ) تَزِيدُ جُزْئِيَّاتِهَا عَلَى سِتِّينَ صُورَةً (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ وَصَرْحَ الْفُورَانِيُّ بِالْمَنْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ يَجِبُ رَدُّ الْوَدِيعَة إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ عِنْدَ خَوْفٍ عَلَيْهَا] (قَوْلُهُ: إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ) مِثْلُهُ وَلِيُّ مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ لِجُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ طَرَأَ غ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَعَذَّرَ وُصُولُهُ إلَيْهَا) أَيْ لِغَيْبَةٍ أَوْ حَبَسٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: رَدَّهَا إلَى الْقَاضِي) أَيْ الْأَمِينُ أَمَّا غَيْرُهُ فَكَالْعَدَمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ غ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَكَتَبَ أَيْضًا ذَكَرُوا فِي عَدْلِ الرَّهْنِ إذَا أَرَادَ دَفْعَهُ إلَى الْحَاكِمِ أَوْ أَمِينُهُ عِنْدَ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَنَّهُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ غَيْبَةُ الرَّاهِنِ وَوَكِيلِهِ طَوِيلَةٌ وَهِيَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَقْبِضُهُ عَنْهُمَا وَلَا يُلْجِئُهُ إلَى حِفْظِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمًا أَوْدَعَهُ أَمِينًا وَإِنْ قَصُرَتْ الْمَسَافَةِ فَكَمَا لَوْ كَانَا حَاضِرِينَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَتَّجِهُ جَرَيَانُهُ هُنَا إذْ لَا يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ: يُفَرَّقُ بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ مَدْخَلًا فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى نَفْسِهِ بِقَبْضِهَا) الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الدَّيْنِ إلَخْ) قَالَ الْفَارِقِيُّ: مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ ثِقَةً مَلِيًّا وَإِلَّا فَعَلَى الْحَاكِمِ قَبْضُهُ بِلَا خِلَافٍ. (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا اللُّزُومُ) قِيلَ: هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْكِرُ وَأَصَحَّهُمَا عَدَمُ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ لِعُدُولِهِ عَنْ الْأَقْوَى) وَجْهُ ضَمَانِهِ بِرَدِّهَا إلَى الْأَمِينِ مَعَ إمْكَانِ رَدِّهَا إلَى الْقَاضِي أَنَّ أَمَانَتَهُ قَطْعِيَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يُوَلَّى حَتَّى تُعْرَفَ عَدَالَتُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَعَدَالَةُ غَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ الظَّاهِرِ فَأَشْبَهَ عُدُولَ الْحَاكِمِ عَنْ النَّصِّ إلَى الِاجْتِهَادِ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْفَظُهَا بِوِلَايَتِهِ عَلَى مَالِكِهَا الْغَائِبِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 وُجُودِ الْحَاكِمِ لِمَا ظَهَرَ مِنْ فَسَادِ الْحُكَّامِ (فَإِنْ دَفَنَهَا بِحِرْزٍ وَسَافَرَ ضَمِنَ) لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلضَّيَاعِ (لَا إنْ أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا سَاكِنًا) بِالْمَكَانِ (حَيْثُ يَجُوزُ إيدَاعُهُ) فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ إعْلَامَهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ إيدَاعِهِ وَخَرَجَ بِالْحَيْثِيَّةِ مَا لَوْ أَوْدَعَهَا عِنْد وُجُودِ الْحَاكِمِ فَيَضْمَنُ. السَّبَبُ (الثَّانِي السَّفَرُ) بِهَا (فَيَضْمَنُ الْمُقِيمُ) الْوَدِيعَةَ (بِالسَّفَرِ بِهَا) وَإِنْ قَصُرَ وَكَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا لِتَقْصِيرِهِ بِالسَّفَرِ الَّذِي حِرْزُهُ دُونَ حِرْزِ الْحَضَرِ (إلَّا إنْ عُدِمَ مَنْ ذَكَرْنَاهُ) مِنْ الْمَالِكِ وَوَكِيلِهِ وَالْحَاكِمِ وَالْأَمِينِ (عَلَى التَّرْتِيبِ) السَّابِقِ (وَسَافَرَ) بِهَا فِي (طَرِيقٍ آمِنٍ فَيَجُوزُ) السَّفَرُ بِهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ الْوَدِيعُ مَعَ عُذْرِهِ عَنْ مَصَالِحِهِ وَيَنْفِرُ النَّاسُ عَنْ قَبُولِ الْوَدَائِعِ (بَلْ يَجِبُ) عَلَيْهِ السَّفَرُ بِهَا حِينَئِذٍ (إنْ خَافَ عَلَيْهَا) مِنْ نَحْوِ حَرِيقِ أَوْ إغَارَةٍ لِئَلَّا تَضِيعَ وَقَوْلُهُ: عَلَى التَّرْتِيبِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ إنْ عُلِّقَ بِعَدَمٍ لَا بِذَكَرْنَاهُ (فَإِنْ حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ أَقَامَ) بِهَا (فَإِنْ فُوجِئَ) بِأَنْ هَجَمَ عَلَيْهِ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ (فَطَرَحَهَا بِمَضْيَعَةٍ لِيَحْفَظَهَا) فَضَاعَتْ (ضَمِنَ) وَكَذَا لَوْ دَفَنَهَا خَوْفًا مِنْهُمْ عِنْدِ إقْبَالِهِمْ ثُمَّ أُضِلَّ مَوْضِعَهَا كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إذَا كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْهُ فَتَصِيرَ مَضْمُونَةً عَلَى آخِذِهَا (وَلَوْ أَوْدَعَ) هَا (مُسَافِرًا فَسَافَرَ بِهَا) أَوْ مُنْتَجِعًا فَانْتَجَعَ بِهَا (فَلَا ضَمَانَ لِرِضَا الْمَالِكِ) بِهِ وَلَوْ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا ثَانِيًا لِرِضَا الْمَالِكِ بِهِ ابْتِدَاءً إلَّا إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إحْرَازُهَا بِالْبَلَدِ فَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَمُجَلِّي وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ الْإِمَامُ اللَّائِقُ بِالْمَذْهَبِ الْمَنْعُ. (السَّبَبُ الثَّالِثُ تَرْكُ الْإِيصَاءِ) بِهَا (فَعَلَى ذِي مَرَضٍ مَخُوفٍ) أَوْ حَبْسٍ لَقَتْلٍ (إنْ تَمَكَّنَ) مِنْ الرَّدِّ وَالْإِيدَاعِ وَالْوَصِيَّةِ (الرَّدُّ) لَهَا (إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ إلَيْهِمَا فَعَلَيْهِ (الْوَصِيَّةُ) بِهَا (إلَى الْحَاكِمِ ثُمَّ) إنْ عَجَزَ فَعَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ (إلَى أَمِينٍ وَإِنْ كَانَ) الْمُوصَى إلَيْهِ (وَارِثًا) وَعَطَفَ عَلَى الْوَصِيَّةِ قَوْلَهُ (أَوْ الدَّفْعُ إلَيْهِمَا) أَيْ إيدَاعًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَالْإِيدَاعُ عِنْدَهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَوْتِ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَيَدَهُ مُسْتَمِرَّةٌ عَلَى الْوَدِيعَةِ مَا دَامَ حَيًّا فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْفَوَاتِ؛ إذْ الْوَارِثُ يَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ وَيَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى إلَى فَاسِقٍ أَوْ أَوْدَعَهُ وَمَحَلُّ الضَّمَانِ بِغَيْرِ إيصَاءٍ وَإِيدَاعٍ إذَا تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَمَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَالسَّفَرِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الضَّمَانُ إلَّا بِهِ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْمَرَضِ يَصِيرُ ضَامِنًا لَهَا حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ فِي مَرَضِهِ أَوْ بَعْدَ صِحَّتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَا إنْ أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ حَمَلَ إطْلَاقَ الْأَمِينِ عَلَى مَنْ لَهُ التَّسْلِيمُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّفَرِ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ حَاكِمٍ وَأَمِينٍ عَلَى التَّرْتِيبِ السَّابِقِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّنْوِيهِ (قَوْلُهُ سَاكِنًا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَجَعَلَ الْإِمَامُ فِي مَعْنَى السُّكْنَى أَنْ يَرْقُبَهَا مِنْ الْجَوَانِبِ أَوْ مِنْ فَوْقُ كَالْحَارِسِ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَلَامَ النِّهَايَةِ إلَى وَجْهٍ يُخَالِفُهُ وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: كَانَ الرَّافِعِيُّ سَقَطَ مِنْ أَصْلِهِ سَطْرٌ أَوْ زَلَّ نَظَرُهُ وَقَرَّرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَوْنُ يَدِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ فِي الْأَمِينِ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ وَلَعَلَّ تَعْبِيرَهُمْ بِالْأَمَانَةِ دُونَ الْعَدَالَةِ لِذَلِكَ وَصَرَّحَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمِينِ مَسْتُورُ الْعَدَالَةِ وَقَوْلُهُ وَجَعَلَ الْإِمَامُ فِي مَعْنَى السُّكْنَى أَنْ يَرْقُبَهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَقَوْلُهُ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَلَامَ النِّهَايَةِ إلَخْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ أَطْلَقَ الِاكْتِفَاءَ بِاطِّلَاعِ الْأَمِينِ مَعْ كَوْنِ الْمَوْضِعِ حِرْزًا وَحَكَى عَنْ أَئِمَّةِ الْعِرَاقِ اعْتِبَارَ سُكْنَى الدَّارِ وَاسْتَحْسَنَهُ ثُمَّ قَالَ: وَلَسْتُ أَرَى ذَلِكَ خِلَافًا بَيْنَ الطُّرُقِ وَالِاطِّلَاعُ الَّذِي ذَكَرهُ غَيْرُ الْعِرَاقِيِّينَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَكِنَّهُمْ بَيَّنُوهُ وَفَصَلُوهُ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ خَالِيَةً وَالْمُطَّلِعُ لَا يَدْخُلُهَا وَلَكِنَّهُ يَرْعَاهَا مِنْ فَوْقُ رِعَايَةَ الْحَارِسِ أَوْ مِنْ الْجَوَانِبِ فَلَا يَكَادُ يَصِلُ إلَى الْغَرَضِ وَإِنْ أَحَاطَتْ بِالدَّارِ حِيَاطَتُهُ وَعَمَّهَا مِنْ الْجَوَانِبِ رِعَايَتُهُ فَهَذِهِ الْيَدُ الَّتِي تَلِيقُ الْوَدِيعَةِ وَهِيَ الَّتِي عَنَاهَا الْعِرَاقِيُّونَ اهـ. (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ الْمُقِيمُ بِالسَّفَرِ بِهَا) حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ ضَمِنَهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ سَفَرَهُ بِهَا مُضَمَّنٌ سَوَاءٌ أَكَانَ لِحَمْلِهَا مُؤْنَةٌ أَمْ لَا. (فَرْعٌ) لَوْ أَمَرَهُ بِإِيدَاعِ أَمِينٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَفَعَلَ صُدِّقَ الْأَمِينُ فِي التَّلَفِ وَالْمَالِكُ فِي عَدَمِ رَدَّهَا إلَيْهِ فَإِذَا عَادَ مِنْ سَفَرِهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِذْنُ لِلْأَمِينِ فِي نَقْلِهَا إذَا خَافَ الْمَكَانَ أَمْ لَا وَجْهَانِ: فَعَلَى الثَّانِي لَوْ نَقَلَهَا عِنْدَ حُدُوثِهِ فَهَلْ يَضْمَنُ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا عَدَمُ لُزُومِهِ وَعَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مَنْ ذَكَرْنَاهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالتَّصْبِيبِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ إلَخْ) كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْإِيدَاعِ قَدْ قَارَبَ بَلَدَهُ وَدَلَّتْ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إحْرَازُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: الثَّالِثُ تَرْكُ الْإِيصَاءِ بِهَا) قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَدِيعَةِ بَيِّنَةٌ بَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا كَالْوَصِيَّةِ اهـ. وَيُلْتَحَقُ بِالْمَرَضِ الْمَخُوفِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا سَبَقَ مِنْ الطَّلْقِ وَالْأَسْرِ وَالطَّاعُونِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ إلَخْ) أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ قُتِلَ غِيلَةً فَلَا ضَمَانَ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَسَائِرُ الْأُمَنَاءِ كَالْمُودَعِ فِي هَذَا الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ إلَيْهِمَا) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ مَالِكُهَا بِالْبَلَدِ وَلَكِنَّهُ مَحْبُوسٌ لَا يَصِلُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إلَى أَمِينٍ) اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهَا وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا أَوْ وَكِيلُهُ وَالْحَاكِمُ حَاضِرًا يَعْنِي فِي الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّ الضَّمَانِ بِغَيْرِ إيصَاءٍ وَإِيدَاعٍ إذَا تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) وَبِالْجُمْلَةِ الْوَجْهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالْمَوْتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ فِي النِّهَايَةِ: وَإِذَا تَرَكَ الْإِيصَاءَ أَوْ أَوْصَى إلَى فَاسِقٍ فَإِذَا تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْد مَوْتِهِ وَجَبَ الضَّمَانُ فِي تَرِكَتِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ بِإِعْرَاضِهِ وَتَرْكِهِ الدَّلَالَةَ عَلَى الْوَدِيعَةِ مَعَ ظُهُورِ شَوَاهِدِ الْمَوْتِ بَعْدُ مُضَيِّعًا لِلْوَدِيعَةِ وَالتَّضْيِيعُ مِنْ أَسْبَابِ الضَّمَانِ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ تَلِفَتْ فِي حَيَاتِهِ فَهِيَ عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ فَتَرْكُ الْإِيصَاءِ لَا يُثْبِتُ ضَمَانًا فَإِنَّ فَائِدَةَ الْإِيصَاءِ الدَّلَالَةُ عَلَى الْوَدِيعَةِ الْبَاقِيَةِ حَتَّى لَا تَضِيعَ. اهـ. س وَقَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 ضَمِنَهَا كَسَائِرِ أَسْبَابِ التَّقْصِيرَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي أَوَّلَ السَّبَبِ الرَّابِعِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْقَاضِي أَمَّا الْقَاضِي إذَا مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْيَتِيمِ فِي تَرِكَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأُمَنَاءِ وَلِعُمُومِ وِلَايَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ: وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا فَرَّطَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ إيصَائِهِ لَيْسَ تَفْرِيطًا وَإِنْ مَاتَ عَنْ مَرَضٍ وَهُوَ الْأَوْجُهُ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَاضِي الْأَمِينِ وَنُقِلَ التَّصْرِيحُ بِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ كُلَّ حَالَةٍ تُعْتَبَرُ الْوَصِيَّةُ فِيهَا مِنْ الثُّلُثِ كَوُقُوعِ الطَّاعُونِ بِالْبَلَدِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ فِيمَا ذَكِرَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِمَّا ذُكِرَ بِأَنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ قُتِلَ غِيلَةً فَلَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ مَا ذُكِرَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (وَالْوَصِيَّةُ) هُنَا (الْإِعْلَامُ بِهَا) وَالْأَمْرُ بِرَدِّهَا مَعَ بَقَائِهَا فِي يَدِهِ وَمَعَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ عِنْدَ إيصَاءِ الْوَارِثِ أَوْ غَيْرِهِ صَوْنًا لَهُ عَنْ الْإِنْكَار (وَيَجِبُ تَمْيِيزُهَا) فِي الْوَصِيَّةِ بِإِشَارَةٍ أَوْ صِفَةٍ. (فَإِنْ قَالَ هِيَ ثَوْبٌ وَلَمْ يَصِفْهُ ضَمِنَ) هَا (وَلَوْ لَمْ يُخْلِفْ ثَوْبًا) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّمْيِيزِ فَيُضَارِبُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِقِيمَتِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَيَّزَهَا لَا يَضْمَنُهَا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِي التَّرِكَةِ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ (وَلَوْ خَلَفَهُ) أَيْ ثَوْبًا (لَمْ يَتَعَيَّنْ) كَوْنُهُ (لَهَا) أَيْ لِلْوَدِيعَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَلِفَتْ وَالْمَوْجُودُ غَيْرُهَا بَلْ يَجِبُ قِيمَتُهُ فِي التَّرِكَةِ كَمَا لَوْ وَجَدَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَوْبٍ (فَإِنْ لَمْ يُوصِ) بِهَا (وَادَّعَى الْوَارِثُ التَّلَفَ) لَهَا (وَقَالَ: إنَّمَا لَمْ يُوصِ) بِهَا (لَعَلَّهُ) أَيْ تَلَفَهَا (كَانَ بِغَيْرِ تَقْصِيرِ) وَادَّعَى صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ تَقْصِيرَهُ (فَالظَّاهِرُ بَرَاءَةُ ذِمَّتَهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَجْزِمْ الْوَارِثُ بِالتَّلَفِ بِأَنْ قَالَ: عَرَفْتُ الْإِيدَاعَ لَكِنْ لَمْ أَدْرِ كَيْفَ كَانَ الْأَمْرُ وَأَنَا أُجَوِّزُ أَنَّهَا تَلِفَتْ عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ فَلَمْ يُوصِ بِهَا لِذَلِكَ فَيَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُ مُسْقِطًا (وَلَا أَثَرَ لِخَطِّ الْمَيِّتِ) أَيْ كِتَابَتُهُ عَلَى شَيْءٍ هَذَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ أَوْفِي جَرِيدَتَهُ لِفُلَانِ عِنْدِي كَذَا وَدِيعَةً (إنْ أَنْكَرَ الْوَارِثُ) فَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ بِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَتَبَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ تَلْبِيسًا أَوْ اشْتَرَى الشَّيْءَ وَعَلَيْهِ الْكِتَابَةُ فَلَمْ يَمْحُهَا أَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ كِتَابَتِهَا فِي الْجَرِيدَةِ وَلَمْ يَمْحُهَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ إقْرَارِ مُورِثِهِ أَوْ وَصِيَّتِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ. (فَصْلُ: يَجُوزُ نَقْلُهَا مِنْ حِرْزٍ إلَى مِثْلِهِ) أَوْ فَوْقَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى (وَلَوْ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى لَا سَفَرَ بَيْنَهُمَا وَلَا خَوْفَ) وَلَا نَهْيَ مِنْ الْمَالِكِ كَمَا سَيَأْتِي إذْ لَا يَتَفَاوَتُ الْغَرَضُ بِذَلِكَ فَهُوَ كَمَا لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِ حِنْطَةٍ، لَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا ضَرَرُهُ مِثْلَ ضَرَرِهَا وَدُونَهُ (لَا) نَقْلُهَا (إلَى حِرْزٍ دُونَهُ) وَإِنْ كَانَ حِرْزُ مِثْلِهَا (إلَّا إنْ اتَّحَدَتْ الدَّارُ) الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْحِرْزَيْنِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يَنْقُلَهَا بِنِيَّةِ التَّعَدِّي وَكَالدَّارِ الْخَانِ وَيُسْتَثْنَى مَعَ مَا اسْتَثْنَاهُ مَا لَوْ نَقَلَهَا بِظَنِّ الْمِلْكِ فَلَا ضَمَانَ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَفَعَ بِهَا ظَانًّا مِلْكَهَا فَتَلِفَتْ أَمَّا إذَا نَقَلَهَا لِسَفَرٍ أَوْ خَوْفٍ فَلَا ضَمَانَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي السَّبَبِ الثَّانِي وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا عَيَّنَ الْمَالِكُ الْحِرْزَ وَهَذَا الْفَصْلُ جَعَلَهُ الْأَصْلُ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ فَعَدَّ الْأَسْبَابَ تِسْعَةً. (السَّبَبُ الرَّابِعُ تَرْكُ دَفْعِ الْهَلَاكِ) عَنْ الْوَدِيعَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْوَدِيعِ دَفْعُ مُهْلَكَاتِهَا عَلَى الْعَادَةِ (وَإِنْ أَوْدَعَهُ حَيَوَانًا) وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ إطْعَامِهِ (فَلَمْ يُطْعِمْهُ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ) مِثْلُهُ (فِيهَا صَارَ مَضْمُونًا) عَلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يَمُتْ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حِفْظَهُ فَعَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِ بِمَا يَصُونُهُ عَنْ التَّلَفِ وَالْعَيْبِ (لَا) إنْ مَاتَ (دُونَهَا) أَيْ الْمُدَّةُ فَلَا يَضْمَنُهُ (إلَّا إنْ كَانَ بِهَا) الْأَوْلَى بِهِ (جُوعٌ سَابِقٌ وَعَلِمَهُ فَيَضْمَنُ الْقِسْطَ) لَا الْجَمِيعَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ فَلَا ضَمَانَ وَتَرْجِيحُ التَّقْسِيطِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْأَوْجَهُ مُقَابِلُهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ حَيْثُ شَبَّهَهُ بِمَا لَوْ اكْتَرَى بَهِيمَةً فَحَمَلَهَا أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ جَوَّعَ إنْسَانًا وَبِهِ جُوعٌ سَابِقٌ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ، وَتَخْتَلِفُ الْمُدَّةُ بِاخْتِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ وَالْمَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهَا. (وَإِنْ نَهَاهُ) عَنْ إطْعَامِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) لِلْإِذْنِ فِي إتْلَافِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: اُقْتُلْ دَابَّتِي فَقَتَلَهَا نَعَمْ إنْ كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ كَأَنْ أُودِعَ لِوَلِيٍّ حَيَوَانَ مَحْجُورِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَيُشْبِهُ أَنَّ نَهْيَهُ كَالْعَدَمِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَقَيَّدَهُ بِعِلْمِ الْوَدِيعِ بِالْحَالِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي أَوَّلِ السَّبَبِ الرَّابِعِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْيَتِيمِ) قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ أَوْ الْوَدِيعَةُ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَاضِي الْأَمِينِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قُتِلَ غِيلَةً) بِالْكَسْرِ الِاغْتِيَالُ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ هُنَا الْإِعْلَامُ بِهَا إلَخْ) لَا أَنْ يُسَلِّمَهَا لِلْوَصِيِّ لِيَرُدَّهَا فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْإِيدَاعِ (قَوْلُهُ: وَمَعَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ إلَخْ) هَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ مِنْ لُزُومِ الْإِشْهَادِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ لُزُومِهِ. وَإِنْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ. [فَصْلُ نَقْلُ الْوَدِيعَة مِنْ حِرْزٍ إلَى مِثْلِهِ] (قَوْلُهُ: أَوْ فَوْقَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى) لَيْسَ هَذَا مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ تُسَمَّى سَفَرًا أَوْ كَانَ فِيهَا خَوْفٌ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: وَلَا خَوْفَ) أَيْ فِيهَا (قَوْلُهُ لَا إلَى حِرْزٍ دُونَهُ) جَعَلَ الْإِمَامُ هَذَا فِيمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ حِرْزًا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالنَّهْيِ عَنْ النَّقْلِ مِنْهُ غ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ نَقَلَهَا إلَى مَحَلِّهِ أَوْ دَارٍ هِيَ حِرْزٌ مِثْلُهَا مِنْ أَحْرَزَ مِنْهَا لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ الِاتِّفَاقَ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هُوَ الصَّحِيحُ وَنَسَبَ لِلشَّيْخَيْنِ الْجَزْمَ بِخِلَافِهِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَفِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا فِي السَّبَبِ الرَّابِعِ، وَقَدْ أَطْلَقَا فِي السَّبَبِ الثَّامِنِ الْجَزْمَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ بِالنَّقْلِ إلَى حِرْزِ مِثْلِهَا مِنْ أَحْرَزَ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَدْ أَطْلَقَا فِي السَّبَبِ الثَّامِنِ الْجَزْمَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: وَتَرْجِيحُ التَّقْسِيطِ مِنْ زِيَادَتِهِ) كَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مُقَابِلُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيُشْبِهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ بِعِلْمِ الْوَدِيعِ بِالْحَالِ) إنْ أَرَادَ بِالتَّقْيِيدِ اسْتِقْرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 (وَيُعْصَى بِطَاعَتِهِ) أَيْ الْمَالِكِ بِتَرْكِ الْإِطْعَامِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ (وَإِنْ مَنَعَهُ) مِنْ إطْعَامِهِ (لِعِلَّةٍ) بِهِ تَقْتَضِي الْمَنْعَ كَقُولَنْجَ (فَأَطْعَمَهُ وَالْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فَمَاتَ ضَمِنَ وَيَرْجِعُ بِالْإِنْفَاقِ) عَلَيْهِ (بِالْإِذْنِ) لَهُ فِيهِ (وَلَوْ مِنْ الْحَاكِمِ عَلَى الْمَالِكِ وَتَفَارِيعُهُ) مِنْ الِافْتِرَاضِ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ بَيْعِ جُزْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ إيجَارِهِ وَصَرْفِ الْأُجْرَةِ فِي مُؤْنَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (كَمَا) مَرَّ (فِي هَرَبِ الْجَمَّالِ) وَعَلَفِ الضَّالَّةِ وَنَفَقَةِ اللَّقِيطِ وَنَحْوِهِمَا (وَلَوْ أَخْرَجَهَا) الْأَوْلَى أَخْرَجَهُ (فِي الْأَمْنِ لِلسَّقْيِ وَالْعَلَفِ مِنْ دَارِهِ وَلَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِ) وَكَانَ (أَمِينًا لَمْ يَضْمَنْ) وَإِنْ كَانَ يَعْلِفُ وَيُسْقَى دَوَابَّهُ فِيهَا لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ اسْتِنَابَةٌ لَا إيدَاعٌ فَإِنْ أَخْرَجَهَا فِي الْخَوْفِ أَوْ فِي الْأَمْنِ لَكِنْ مَعَ غَيْرِهِ أَمِينٌ ضَمِنَ (وَهَلْ يَضْمَنُ نَخْلًا) وَفِي نُسْخَةٍ نَخِيلًا اسْتَوْدَعَهَا (لَمْ يَأْمُرْهُ بِسَقْيِهَا) فَتَرَكَهُ كَالْحَيَوَانِ أَوْ لَا (وَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ الثَّانِيَ وَفَرَّقَ بِحُرْمَةِ الرُّوحِ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَا تَشْرَبُ بِعُرُوقِهَا وَفِيمَا إذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ سَقْيِهَا. (فَرْعٌ يَجِبُ) عَلَى الْوَدِيعِ (نَشْرُ الصُّوفِ) وَنَحْوِهِ (وَلُبْسُهُ إنْ احْتَاجَ) الصُّوفُ لِنَشْرِهِ لِلرِّيحِ لَدَفْعِ الدُّودِ أَوْ لِلُبْسِهِ لِتَعْبَقَ بِهِ رَائِحَةُ الْآدَمِيِّ فَتَدْفَعَ الدُّودَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفَسَدَ ضَمِنَ سَوَاءٌ أَمَرَهُ الْمَالِكُ أَمْ سَكَتَ نَعَمْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَأَنْ كَانَ فِي صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ لَمْ يَضْمَنْ، فَلَوْ كَانَ مَا يَحْتَاج إلَى لُبْسِهِ لَا يَلِيقُ بِهِ لِضَيِّقِهِ أَوْ صِغَرِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْبَسُهُ مَنْ يَلِيقُ بِهِ لُبْسُهُ بِهَذَا الْقَصْدِ قَدْرَ الْحَاجَةَ وَيُلَاحِظُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَكَنَشْرِ الصُّوفِ تَمْشِيَةُ الدَّابَّةِ وَتَسْيِيرُهَا الْمُعْتَادُ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهَا مِنْ الزَّمَانَةِ لِطُولِ وُقُوفِهَا (وَلَوْ فَتَحَ قُفْلًا) عَنْ صُنْدُوقٍ فِيهِ صُوفٌ أَوْ نَحْوُهُ (لِذَلِكَ) أَيْ لِنَشْرِهِ أَوْ لُبْسِهِ (لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ نَهَاهُ) عَنْ ذَلِكَ (لَكِنْ يُكْرَهُ امْتِثَالُهُ) . (السَّبَبُ الْخَامِسُ الِانْتِفَاعُ وَالِانْتِفَاعُ بِالرُّكُوبِ وَغَيْرِهِ مُضَمَّنٌ) لِتَعَدِّيهِ (لَا رُكُوبُهَا لِلسَّقْيِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِانْتِفَاعٍ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ لِمَصْلَحَةِ الْمَالِكِ هَذَا (إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ) وَلَمْ تُنَسَّقْ بِغَيْرِ الرُّكُوبِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهَا لِتَعَدِّيهِ حِينَئِذٍ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ رَكِبَهَا خَوْفًا عَلَيْهَا مِنْ ظَالِمٍ وَهَرَبَ بِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَلَا ضَمَانَ إذْ لَا تَعَدِّيَ (وَإِخْرَاجُهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ يَعْنِي أَخْذُهَا وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ الْحِرْزِ (لِلِانْتِفَاعِ) بِهَا (مُضَمِّنٌ) وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا بِهَذَا الْقَصْدِ خِيَانَةٌ (لَا مُجَرَّدُ نِيَّةِ الْخِيَانَةِ وَلَوْ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِعَلًا بِهَا (إلَّا) إذَا نَوَاهَا (عِنْدَ الْقَبْضِ) لِلْوَدِيعَةِ كَمَا فِي الِالْتِقَاطِ (وَلَوْ فَتَحَ قُفْلًا) عَنْ صُنْدُوقٍ فِيهِ وَدِيعَةٌ (أَوْ خَتْمًا) عَنْ كِيسِ كَذَلِكَ (لَا رِبَاطًا أَوْ خَرَقَ الْكِيسَ عَنْهَا لَا مِنْ فَوْقِ الْخَتْمِ أَوْ أَوْدَعَهُ) دَرَاهِمَ مَثَلًا (مَدْفُونَةً فَنَبَشَهَا ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ هَتَكَ الْحِرْزَ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَتَحَ الرِّبَاطَ الَّذِي شَدَّ بِهِ رَأْسَ الْكِيسِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ مَنْعُ الِانْتِشَارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ وَبِخِلَافِ خَرْقِ الْكِيسِ مِنْ فَوْقِ الْخَتْمِ لَا يَضْمَنُ إلَّا نُقْصَانَ الْخَرْقِ نَعَمْ إنْ خَرَقَهُ مُتَعَمِّدًا ضَمِنَ جَمِيعَ الْكِيسِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ ضَمِنَ أَنَّهُ يَضْمَنُ الصُّنْدُوقَ وَالْكِيسَ أَيْضًا وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الْأَصْلِ بِلَا تَرْجِيحٍ. ثَانِيهِمَا الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ الْخِيَانَةَ فِيهِمَا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْوَدِيعَةِ (وَهَلْ يَضْمَنُ بِالْعَدِّ) أَوْ الْوَزْنِ (لِلدَّرَاهِمِ وَالذَّرْعِ لِلثِّيَابِ لِلْمَعْرِفَةِ) بِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: يَعْصِي بِطَاعَتِهِ وَإِنْ مَنَعَهُ لِعِلَّةٍ إلَخْ) السَّقْيُ فِي ذَلِكَ كَالْعَلَفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْعَلَفِ يَجِبُ فَرْضُهُ فِي الْحَضَرِ حَيْثُ يُعْتَادُ أَمَّا أَهْلُ الْبَادِيَةِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَا يُعْتَادُ سِوَى الرَّعْي فَهُوَ فِي حَقِّهِمْ كَالْعَلَفِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ نَعَمْ لَوْ فَقَدَ الْكَلَأَ أَوْ الْمَاءَ بِمَكَانِهِ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا إلَى مَنْ ذُكِرَ فَالظَّاهِرُ أَنْ عَلَيْهِ النُّجْعَةَ بِهَا لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ تُعْلَفُ فَلَوْ كَانَتْ رَاعِيَةً فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وُجُوبُ رَعْيِهَا مَعَ ثِقَةٍ فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَرْجِعْ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ النُّجْعَةَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَنَعَهُ لِعِلَّةِ الْغَيْرِ إلَخْ) كَذَا أَطْلَقَاهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ الضَّمَانَ بِمَا إذَا عَلِمَ بِعِلَّتِهَا فس وَإِذَا أَمَرَهُ بِعَلْفِهَا فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرٍ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ وَجْهَانِ: الْأَقْرَبُ إلَى إطْلَاقِ الْمُعْظَمِ الثَّانِي غ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ الْحَاكِمِ) فَتَعَذَّرَ الْحَاكِمُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ قَدْرَ الْوَلَاءِ لَهَلَكَ أَوْ نَقَصَ فَإِنْ كَانَ بِهِ سَمْنٌ مُعْتَدِلٌ فَهَلْ يُطْعِمُهُ قَدْرًا يَبْقَى كَذَلِكَ وَجْهَانِ: أَوْجُهُهُمَا أَنَّهُ يُطْعِمُهُ مَا يَحْفَظُ سِمَنَهُ الْمَذْكُورُ وَيَشْهَدُ أَنَّهُ أَنْفَقَهُ لِيَرْجِعَ. (قَوْلُهُ: صَحَّحَ مِنْهَا الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَالزَّرْكَشِيُّ. وَقَوْلُهُ الثَّانِي أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا كَالصُّوفِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنْ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَا تَشْرَبُ بِعُرُوقِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ يَجِبُ عَلَى الْوَدِيعِ نَشْرُ الصُّوفِ وَنَحْوِهِ وَلُبْسُهُ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ يَجِبُ نَشْرُ الصُّوفِ وَنَحْوِهِ) لَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ آخَرَ طَعَامًا ثُمَّ خَافَ الْمُودِعُ عَلَى الطَّعَامِ السُّوسَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَأْمُرَهُ بِبَيْعِهِ أَوْ يُقْرِضَهُ إيَّاهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى هَلَكَ الطَّعَامُ ضَمِنَهُ لِتَفْرِيطِهِ فِي سَبَبِ حِفْظِهِ (قَوْلُهُ: وَلُبْسُهُ إنْ احْتَاجَ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: مُرَادُهُ أَنَّهُ يَرْتَدِي بِهِ أَمَّا اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ النَّوْمِ فَلَا وَقَوْلُهُ: قَالَ النَّاشِرِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْبَسُهُ مَنْ يَلِيقَ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَالِانْتِفَاعُ بِالرُّكُوبِ وَغَيْرِهِ مُضَمِّنٌ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَ لَهُ حَرِّقْهُ أَوْ أَلْقِهِ فِي الْبَحْرِ فَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَالتَّحْرِيقِ أَوْ الْإِلْقَاءِ فِي الْبَحْرِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ ضَمَانِهِ وَتَلْزَمُهُ أَيْضًا أُجْرَةُ اسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إخْرَاجَهَا بِهَذَا الْقَصْدِ خِيَانَةٌ) شَرْطُ الْفِعْلِ الْمُضَمَّنِ مَعَ النِّيَّةِ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا فَلَا يَضْمَنُ بِالنِّيَّةِ مَعَ الْفِعْلِ غَيْرِ الْمَقْصُودِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي صُنْدُوقٍ غَيْرِ مُقْفَلٍ فَرَفَعَ رَأْسَهُ لَأَخْذِهَا ثُمَّ تَرَكَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يُفْهَمُ أَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا يَضْمَنُ مِنْ حِينِ نِيَّةِ الْأَخْذِ فَإِذَا نَوَى يَوْمَ الْخَمِيسِ وَأَخَذَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَضْمَنُ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ) كَأَنْ نَوَى أَنْ لَا يَدْفَعَهَا لَهُ بَعْدَ طَلَبهِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ ضَمِنَ أَنَّهُ يَضْمِنَ الصُّنْدُوقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْخِيَانَةَ فِيهِمَا) قَالَ الْفَتِيُّ: فَكَانَ الْمُصَنِّفُ فَهِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ عَدَمَ ضَمَانِهَا أَصَحُّ فَأَسْقَطَهَا لِتَكُونَ مَأْخُوذَةً مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى ضَمَانِ فَتْحِ قُفْلِهِ أَوْ فَضِّ خَتْمِهِ لَا ظَرْفِهِمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 نَوْعُ تَصَرُّفٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَرَادَ بِهِ الِاحْتِيَاطَ (وَجْهَانِ) جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالثَّانِي وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِذَلِكَ فِي اللُّقَطَةِ وَهِيَ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَهَذِهِ أَوْلَى. (فَرْعٌ وَإِنْ خَانَ) فِي الْوَدِيعَةِ بِسَبَبِ مِنْ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ (ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ الْخِيَانَةِ (لَمْ يَبْرَأْ) مِنْ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ رَدَّ السَّارِقُ الْمَسْرُوقَ إلَى مَكَانِهِ (إلَّا بِالْإِيدَاعِ) ثَانِيًا فَيَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ (وَلَوْ لَمْ يَرُدَّهَا) قَبْلَهُ إلَى مَالِكِهَا (وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الضَّمَانِ بَعْدَ الْخِيَانَةِ لَا قَبْلَهَا صَارَ أَمِينًا) وَبَرِئَ؛ لِأَنَّ التَّضْمِينَ حَقُّ الْمَالِكِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ عَنْ ضَمَانِ الْحَفْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأهُ عَنْهُ قَبْلَهَا كَأَنْ قَالَ: أَوْدَعْتُكَ فَإِنْ خُنْت ثُمَّ تَرَكْتَ الْخِيَانَةَ عُدْتَ أَمِينًا لِي فَخَانَ ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ لَا يَصِيرُ أَمِينًا؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ وَتَعْلِيقٌ لِلِاسْتِثْمَانِ الثَّانِي. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لَهُ (خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ فَوَدِيِعَةٌ أَبَدًا أَوْ) خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً (وَيَوْمًا عَارِيَّةً) فَوَدِيعَةٌ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَعَارِيَّةٌ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَ (لَمْ يَعُدْ بَعْدَهَا) أَيْ الْعَارِيَّةُ أَيْ يَوْمُهَا (وَدِيعَةٌ) أَبَدًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ عَكَسَ الْأُولَى فَقَالَ خُذْهُ يَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ وَيَوْمًا وَدِيعَةً. فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا أَمَانَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَيْسَتْ عَقْدَ وَدِيعَةٍ. وَلَوْ عَكَسَ الثَّانِيَةَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَارِيَّةً وَفِي الثَّانِي أَمَانَةً. . [فَصْلٌ خَلَطَ الْوَدِيعَة بِمَالٍ فَلَمْ تَتَمَيَّزْ عَنْهُ بِسُهُولَةٍ] (فَصْلٌ) لَوْ (خَلَطَهَا) بِمَالٍ (فَلَمْ تَتَمَيَّزْ) عَنْهُ بِسُهُولَةٍ (ضَمِنَ) هَا (وَلَوْ) خَلَطَهَا بِأَجْوَدَ مِنْهَا أَوْ (بِمَالِ الْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خِيَانَةً نَعَمْ إنْ خَلَطَهَا سَهْوًا فَلَا ضَمَانَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا إذَا تَمَيَّزَتْ كَأَنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا بِدَنَانِير فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ نَقْصٌ بِالْخَلْطِ فَيَضْمَنَ (وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا) وَهِيَ دَرَاهِمُ (دِرْهَمًا وَرَدَّ بَدَلَهُ) إلَيْهَا (لَمْ يَمْلِكْهُ الْمَالِك) إلَّا بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ ضَمَانِهِ (ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ) عَنْهَا (ضَمِنَ الْجَمِيعَ) لَخَلْطِهِ الْوَدِيعَةَ بِمَالِ نَفْسِهِ وَإِنْ تَمَيَّزَ عَنْهَا فَالْبَاقِي غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ وَإِنْ تَمَيَّزَ عَنْ بَعْضِهَا لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ بِصِفَةٍ كَسَوَادٍ وَبَيَاضٍ وَسِكَّةٍ ضَمِنَ مَالًا يَتَمَيَّزُ خَاصَّةً قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (فَلَوْ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ) إلَيْهَا (لَمْ يَضْمَنْ سِوَاهُ) مِنْ بَقِيَّةِ الدَّرَاهِمِ (وَإِنْ تَلِفَتْ) كُلُّهَا أَوْ لَمْ يَتَمَيَّزْ هُوَ عَنْهَا لِاخْتِلَاطِهِ بِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْخَلْطَ كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ الْأَخْذِ (وَإِنْ تَلِفَ نِصْفُهَا ضَمِنَ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الدِّرْهَمِ فَقَطْ (هَذَا) كُلُّهُ (إذَا لَمْ يَفُضَّ خَتْمًا) أَوْ قُفْلًا عَلَى الدَّرَاهِمِ (فَإِنْ فَضَّهُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَضَّ يَقْتَضِي الضَّمَانَ. (وَلَوْ قَطَعَ الْوَدِيعُ) لِدَابَّةٍ (يَدَهَا أَوْ أَحْرَقَ بَعْضَ الثَّوْبِ) الْمُودَعِ عِنْدَهُ (خَطَأً ضَمِنَهُ) أَيْ الْمُتْلِفُ لِتَفْوِيتِهِ (دُونَ الْبَاقِي) لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فِيهِ (أَوْ عَمْدًا) أَوْ شَبَهَهُ (ضَمِنَهُمَا) جَمِيعًا لِتَعَدِّيهِ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ تَسْوِيَتَهُمْ الْخَطَأَ بِالْعَمْدِ فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا فِي ضَمَانِ الْإِتْلَافِ كَمَا فِي الْبَعْضِ الْمُتْلَفِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا فِي ضَمَانِ التَّعَدِّي كَمَا فِي الْبَاقِي فِيهَا إذْ لَا تَعَدِّيَ فِيهِ. . (السَّبَبُ السَّادِسُ الْمُخَالَفَةُ) فِي الْحِفْظِ لِلْوَدِيعَةِ (وَإِنْ خَالَفَهُ فِي وَجْهِ الْحِفْظِ) بِأَنْ أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ فَعَدَلَ إلَى آخَرَ (وَتَلِفَتْ بِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ) وَكَانَتْ الْمُخَالَفَةُ تَقْصِيرًا لِتَأْدِيَتِهَا إلَى التَّلَفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ (فَلَا) يَضْمَنُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ فِي صُنْدُوقٍ وَ (قَالَ) لَهُ (لَا تَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ فَرَقَدَ) عَلَيْهِ (وَانْكَسَرَ بِهِ) أَيْ بِثِقَلِهِ وَتَلِفَ مَا فِيهِ بِذَلِكَ (ضَمِنَ) لِلْمُخَالَفَةِ (وَكَذَا) يَضْمَنُ (لَوْ سُرِقَ) مَا فِيهِ (فِي الصَّحْرَاءِ مِنْ جَانِبٍ كَانَ يَرْقُدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَرْقُدْ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ إذَا رَقَدَ عَلَيْهِ فَقَدْ أَخْلَى جَانِبَ الصُّنْدُوقِ وَرُبَّمَا لَا يَتَمَكَّنُ السَّارِقُ مِنْ الْأَخْذِ إذَا كَانَ بِجَانِبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سُرِقَ فِي الصَّحْرَاءِ مِنْ غَيْر الْجَانِبِ الْمَذْكُورِ أَوْ فِي بَيْتٍ مُحْرَزٍ وَلَوْ مِنْ الْجَانِبِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَحْصُلْ التَّلَفُ بِفِعْلِهِ (وَلَوْ قَالَ) لَهُ (لَا تُقْفِلْ) عَلَيْهَا (أَوْ لَا تَجْعَلْ) عَلَيْهَا (قُفْلَيْنِ أَوْ ادْفِنْهَا) فِي بَيْتِكَ (وَلَا تَبْنِ عَلَيْهَا فَخَالَفَ) فِي ذَلِكَ (لَمْ يَضْمَنْ) لِذَلِكَ (وَلَا يَرْجِعُ بِالْبِنَاءِ) أَيْ بِبَدَلِهِ عِنْدَ رَدِّهِ الْوَدِيعَةَ (كَأُجْرَةِ النَّقْلِ) لَهَا (لِلضَّرُورَةِ) فَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (ارْبِطْ الدَّرَاهِمَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّهَا (فِي كُمِّكَ فَأَمْسَكَهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ خَانَ فِي الْوَدِيعَةِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْخِيَانَةِ] (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ رَدَّ السَّارِقُ الْمَسْرُوقَ إلَخْ) وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَيَدُهُ بِتَعَدِّيهِ قَدْ أَخَذَتْ الْوَدِيعَةَ وَكَمَا لَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ اعْتَرَفَ بِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّضْمِينَ حَقُّ الْمَالِكِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ) لَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ مَنْ يَدُهُ يَدُ ضَمَانٍ كَالْغَاصِبِ إذَا أَبْرَأَهُ مَالِكُ الْعَيْنِ مِنْ الضَّمَانِ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ فِي يَدِهِ لَمْ يَبْرَأْ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ يَدَ الْمُودَعِ يَدُ أَمَانَةٍ وَالضَّمَانُ عَارِضٌ وَبِالْإِبْرَاءِ رَجَعَتْ إلَى أَصْلِهَا بِخِلَافِ يَدِ الْغَاصِبِ وَنَحْوِهِ وَخَرَجَ بِالْمَالِكِ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ هَذَا الِاسْتِئْمَانَ إنَّمَا هُوَ لِلْمَالِكِ خَاصَّةً لَا لِلْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ وَنَحْوِهِمَا بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ وَلَوْ فَعَلُوهُ لَمْ يَعُدْ أَمِينَا قَطْعًا [فَرْعٌ قَالَ لَهُ خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ] (قَوْلُهُ: خَلَطَهَا فَلَمْ تَتَمَيَّزْ ضَمِنَ) حَتَّى لَوْ خَلَطَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ مَثَلًا ضَمِنَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَيْسَ الضَّابِطُ التَّمَيُّزَ بَلْ سُهُولَتُهُ حَتَّى لَوْ خَلَطَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ مَثَلًا كَانَ مُضَمَّنًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ خَلَطَهَا سَهْوًا فَلَا ضَمَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْصُلَ نَقْصٌ بِالْخَلْطِ فَيَضْمَنُ) أَيْ النَّقْصَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ ضَمِنَ الْجَمِيعَ لِخَلْطِ الْوَدِيعَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْطِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبِ بِمِثْلِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى جِهَةِ التَّعَدِّي. وَالْآخَرُ الْإِمْسَاكُ لِنَفْسِهِ فَغَلِظَ عَلَيْهِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ وَالْمُودَعُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمَالِ عُدْوَانًا فَإِنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَلَا وُجِدَ مِنْهُ الْإِمْسَاكُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ) قَالَ شَيْخُنَا: عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَيَّزَ أَوْ لَا أَمَّا مَسْأَلَةُ ضَمَانِ نِصْفِ دِرْهَمٍ فِيمَا لَوْ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ وَكَانَتْ الدَّرَاهِمُ عَشْرَةً مَثَلًا وَتَلِفَ نِصْفُهَا فَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ سَلَامَةَ الدِّرْهَمِ أَوْ تَلَفَهُ فَضَمَّنَّاهُ نِصْفَ دِرْهَمِ؛ إذْ هُوَ الْمُحَقَّقُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ سُرِقَ فِي الصَّحْرَاءِ) الْمُرَادُ بِالصَّحْرَاءِ هُنَا غَيْرُ الدَّار حَتَّى لَوْ كَانَ خَارِجَ الْبَابِ فَهُوَ كَالصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ: كَانَ يَرْقُدُ فِيهِ) أَيْ عَادَةً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 بِيَدِهِ فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ سَقَطَتْ (بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ ضَمِنَ) إذْ لَوْ رَبَطَهَا لَمْ تَضِعْ بِهَذَا السَّبَبِ فَالتَّلَفُ حَصَلَ بِالْمُخَالَفَةِ (أَوْ) تَلِفَتْ (بِغَصْبٍ فَلَا) ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ مِنْ الرَّبْطِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَصْبِ وَالرَّبْطَ أَحْرَزُ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّلَفِ بِالسُّقُوطِ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ لَمْ يَرْبِطْهَا فِي كُمِّهِ بَلْ (جَعْلَهَا فِي جَيْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ أَحْرَزُ (إلَّا إنْ كَانَ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ) فَيَضْمَنُ (أَوْ) قَالَ لَهُ (اجْعَلْهَا فِي جَيْبِكَ فَرَبَطَ) هَا (فِي الْكُمِّ ضَمِنَ) لِأَنَّ الْجَيْبَ أَحْرَزُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ امْتَثَلَ) أَمْرَهُ (وَرَبَطَهَا فِي الْكُمِّ لَمْ يُكَلَّفْ) مَعَهُ (إمْسَاكُهَا بِالْيَدِ بَلْ إنْ كَانَ الرَّبْطُ مِنْ خَارِجِ الْكُمِّ فَأَخَذَهَا الطُّرَّارُ) أَيْ الْقَاطِعُ مَأْخُوذٌ مِنْ طُرَّ الثَّوْبُ بِضَمِّ الطَّاءِ أَيْ قُطِعَ (ضَمِنَ) لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارُهَا وَتَنْبِيهُ الطُّرَّارِ وَإِغْرَاؤُهُ عَلَيْهَا لِسُهُولَةِ قَطْعِهِ أَوْ حَلِّهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (لَا إنْ اسْتَرْسَلَتْ) بِانْحِلَالِ الْعُقْدَةِ وَضَاعَتْ (وَقَدْ احْتَاطَ فِي الرَّبْطِ) فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهَا إذَا انْحَلَّتْ بَقِيَتْ الْوَدِيعَةُ فِي الْكُمِّ (أَوْ) كَانَ الرَّبْطُ (مِنْ دَاخِلِهِ فَبِالْعَكْسِ) فَيَضْمَنُهَا إنْ اسْتَرْسَلَتْ لِتَنَاثُرِهَا بِالِانْحِلَالِ لَا إنْ أَخَذَهَا الطُّرَّارُ لِعَدَمِ تَنْبِيهِهِ. وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ مُطْلَقُ الرَّبْطِ وَقَدْ أَتَى بِهِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى جِهَةِ التَّلَفِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَدَلَ عَنْ الْمَأْمُورِ بِهِ إلَى غَيْرِهِ فَحَصَل بِهِ التَّلَفُ وَبِأَنَّهُ لَوْ قَالَ احْفَظْ الْوَدِيعَةَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَوَضَعَهَا فِي زَاوِيَةٍ مِنْهُ فَانْهَدَمَتْ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ وَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَتْ فِي زَاوِيَةٍ أُخْرَى لَسَلِمَتْ. وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الرَّبْطَ لَيْسَ كَافِيًا عَلَى أَيْ وَجْهٍ فُرِضَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَضَمُّنِهِ الْحِفْظَ وَلِهَذَا لَوْ رَبَطَ رَبْطًا غَيْرَ مُحْكَمٍ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الرَّبْطِ يَشْمَلُ الْمُحَكَّمَ وَغَيْرُهُ وَلَفْظُ الْبَيْتِ مُتَنَاوِلٌ لِكُلٍّ مِنْ زَوَايَاهُ وَالْعُرْفُ لَا يُخَصِّصُ مَوْضِعًا مِنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ) بِرَبْطِهَا فِي كُمِّهِ بِإِمْسَاكِهَا فِي يَدِهِ (فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ فِيمَا سَبَقَ وَإِنْ أَوْدَعَهُ) إيَّاهَا (فَوَضَعَهَا فِي الْكُمِّ بِلَا رَبْطٍ) فَسَقَطَتْ (وَهِيَ خَفِيفَةٌ) لَا يَشْعُرُ بِهَا (ضَمِنَ) لِتَفْرِيطِهِ فِي الْإِحْرَازِ (أَوْ) وَهِيَ (ثَقِيلَةٌ) يَشْعُرُ بِهَا (فَلَا) يَضْمَنُهَا (أَوْ) وَضَعَهَا (فِي كَوْرِ عِمَامَتِهِ بِلَا رَبْطٍ) فَضَاعَتْ (ضَمِنَ) هَذَا إذَا أَوْدَعَهُ فِي السُّوقِ مَثَلًا وَلَمْ يَعُدْ إلَى بَيْتِهِ فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ لَزِمَهُ إحْرَازُهَا فِيهِ، وَلَا يَكُونُ مَا ذُكِرَ حِرْزًا لَهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ بَيْتَهُ أَحْرَزُ فَلَوْ خَرَجَ بِهَا فِي كُمِّهِ أَوْ جَيْبِهِ أَوْ يَدِهِ ضَمِنَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْأَصْلِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَادَةِ. (وَإِنْ أَعْطَاهُ) إيَّاهَا (فِي السُّوقِ وَقَالَ) لَهُ (احْفَظْهَا فِي بَيْتِكَ لَزِمَهُ الذَّهَابُ بِهَا) إلَى بَيْتِهِ (فَوْرًا) وَحَفِظَهَا فِيهِ (أَوْ) أَعْطَاهَا لَهُ (فِي الْبَيْتِ وَقَالَ) لَهُ (احْفَظْهَا فِيهِ لَزِمَهُ الْحِفْظُ فِيهِ) فَوْرًا (فَإِنْ أَخَّرَ) فِيهِمَا الْحِفْظَ فِيهِ (بِلَا مَانِعٍ ضَمِنَ) لِتَفْرِيطِهِ (وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ) هَا (فِيهِ وَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ أَوْ شَدَّهَا فِي عَضُدِهِ لَا مِمَّا يَلِي أَضْلَاعَهُ) وَخَرَجَ بِهَا أَوْ لَمْ يَخْرُجْ بِهَا وَأَمْكَنَ إحْرَازُهَا فِي الْبَيْتِ (ضَمِنَ) لِأَنَّ الْبَيْتَ أَحْرَزُ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا شَدَّهَا فِي عَضُدِهِ مِمَّا يَلِي أَضْلَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ مِنْ الْبَيْتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا حَصَل التَّلَفُ فِي زَمَنِ الْخُرُوجِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُخَالَفَةِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ. قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي تَقْيِيدِهِمْ الصُّورَةَ بِمَا إذَا قَالَ: احْفَظْهَا فِي الْبَيْتِ - إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مَرْبُوطَةً وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ. (وَإِنْ) أَوْدَعَهُ دَابَّةً وَ (قَالَ) لَهُ (اجْعَلْهَا فِي بَيْتِكَ فَوَضَعَهَا فِي حِرْزٍ) آخَرَ (مِثْلِ بَيْتِهِ) أَوْ أَحْرَزَ مِنْهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ تَلِفَتْ بِغَصْبٍ فَلَا) شَمِلَ مَا إذَا نَهَاهُ عَنْ إمْسَاكِهَا بِيَدِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ بِالْجَيْبِ فَتْحَةُ الْقَمِيصِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مُعْتَادٌ عِنْدَ الْمَغَارِبَةِ أَوْ الْجَيْبِ الْمُعْتَادِ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ. قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ عِنْد طَوْقِهِ فَتْحَةً نَازِلَةً كَالْخَرِيطَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادَ أَيْضًا. قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا شَامِل لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَاَلَّذِي فِي الطَّوْقِ أَحْرَزُ. (قَوْلُهُ: مَأْخُوذٌ مِنْ طُرَّ الثَّوْبُ بِضَمِّ الطَّاءِ إلَخْ) وَأَمَّا طَرَّ بِالْفَتْحِ فَمَعْنَاهُ نَبَتَ يُقَالُ طَرَّ الشَّارِبُ أَيْ نَبَتَ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ دَاخِلِهِ فَبِالْعَكْسِ) لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ فَرَبَطَهَا فِي التَّحْتَانِيِّ مِنْهُمَا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ رُبِطَ دَاخِلَ الْكُمِّ أَمْ خَارِجَهُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ ر (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الرَّبْطَ إلَخْ) وَجِهَاتُ الرَّبْطِ مُخْتَلِفَةٌ وَجِهَاتُ الْبَيْتِ مُسْتَوِيَةٌ فَإِنْ فُرِضَ اخْتِلَافُهَا فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْقُرْبِ مِنْ الشَّارِعِ وَنَحْوِهِ فَقَدْ يُقَالُ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ، وَبِهَذَا فَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ اسْتِشْكَالَ الرَّافِعِيِّ عَلَى وَجْهِهِ؛ لِأَنَّ الرَّبْطَ فِي الْكُمِّ حِرْزٌ كَيْفَ كَانَ وَلَا يَجِبُ الْحِفْظُ فِي الْأَحْرَزِ س (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الرَّبْطِ يَشْمَلُ الْمُحْكَمَ وَغَيْرَهُ إلَخْ) وَقَوْلُهُ: اُرْبُطْ مُطْلَقٌ لَا عَامُّ وَلَفْظُ الْبَيْتِ عَامٌّ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الذَّهَابُ بِهَا فَوْرًا إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ نَفَاسَةِ الْوَدِيعَةِ وَطُولُ التَّأْخِيرِ وَضِدُّهُمَا اهـ. وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَأَمَّا لَوْ قَالَ أَحْرِزْهَا الْآنَ فِي الْبَيْتِ فَأَخَذَ ضَمِنَ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا مَانِعٍ ضَمِنَ) وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: إنْ تَرَكَهَا فِي دُكَّانِهِ وَهُوَ حِرْزُ مِثْلِهَا إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى دَارِهِ بِالْعَشِيِّ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ الْبَيْتِ فِي الْحِرْزِ. قُلْتُ وَلَعَلَّ هَذَا مَادَّةُ تَفْصِيلِ الْفَارِقِيِّ وَابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ حَيْثُ قَالَا: إنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ الْقُعُودُ فِي السُّوقِ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ لِاشْتِغَالِهِ بِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَأَخَّرَهَا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِالْقُعُودِ وَلَا لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ فِي الْمُضِيِّ إلَى الْبَيْتِ ضَمِنَ مُطْلَقًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالُوهُ حَسَنٌ مُتَّجِهٌ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ لَكِنْ الْمَنْقُولُ فِي الشَّامِلِ وَحُلْيَةِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنْ النَّصِّ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ يَرُدُّهُ فَافْهَمْ. قَالُوا: لَوْ قَالَ لَهُ وَهُوَ فِي حَانُوتِهِ احْمِلْهَا إلَى بَيْتِكَ لَزِمَهُ أَنْ يَقُومَ فِي الْحَالِ وَيَحْمِلَهَا إلَيْهِ، فَلَوْ تَرَكَهَا فِي حَانُوتِهِ وَلَمْ يَحْمِلْهَا إلَى الْبَيْتِ مَعَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَ، وَقَالَ سَلِيمٌ فِي الْمُجَرَّدِ: إنْ حَمَلَهَا مِنْ سَاعَتِهِ فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ تَشَاغَلَ عَنْهَا وَلَمْ يَحْمِلْهَا مِنْ سَاعَتِهِ ثُمَّ حَمَلَهَا فَهَلَكَتْ فِي طَرِيقِهِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 (فَمَاتَتْ) فَجْأَةً أَوْ بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) حَمْلًا لِتَعْيِينِهِ عَلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِيَّةِ عِنْدَ التَّخْصِيصِ الَّذِي لَا غَرَضَ فِيهِ كَمَا لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِ حِنْطَةٍ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا ضَرَرُهُ مِثْلُ ضَرَرِهَا وَدُونَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي حِرْزٍ دُونَ بَيْتِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ حِرْزُ مِثْلِهَا (وَإِنْ انْهَدَمَ عَلَيْهَا) الْحِرْزُ الْمُمَاثِلُ لِبَيْتِهِ أَوْ الْأَحْرَزُ مِنْهُ (ضَمِنَ لِلْمُخَالَفَةِ) لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِهَا (وَإِنْ سُرِقَتْ مِنْهُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ النَّقْلِ) لَهَا (فَنَقَلَ ضَمِنَ) وَإِنْ كَانَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ أَحْرَزَ لِصَرِيحِ الْمُخَالَفَةِ (إلَّا إنْ وَقَعَ خَوْفٌ) مِنْ غَرَقٍ أَوْ حَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُوزُ نَقْلُهَا (بَلْ يَجِبُ إلَى حِرْزٍ) لِمِثْلِهَا (وَيَتَعَيَّنُ مِثْلُهُ) أَيْ حِرْزٌ مِثْلُ الْحِرْزِ الْأَوَّلِ (إنْ وَجَدَ) وَإِلَّا فَلَا يَتَعَيَّنُ. فَلَوْ تَرَكَ النَّقْلَ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَصَدَ بِالنَّهْيِ نَوْعًا مِنْ الِاحْتِيَاطِ (إلَّا أَنْ قَالَ) لَهُ لَا تَنْقُلْهَا (وَإِنْ وَقَعَ خَوْفٌ) فَلَا يَنْقُلُهَا وَإِنْ وَقَعَ خَوْفٌ وَلَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ نَقْلِهَا حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَتْلِفْ مَالِي فَأَتْلَفَهُ (لَكِنْ لَوْ نَقَلَ) حِينَئِذٍ (لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ قَصَدَ الصِّيَانَةَ، وَقَوْلُهُ لَكِنْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا مَحَلَّ لَهُ فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَهُ كَأَصْلِهِ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي) وُقُوعِ (الْخَوْفِ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ (بِهِ الْوَدِيعُ) بَيِّنَةً (إنْ لَمْ يَعْرِفْ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ عَرَفَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِهِ (وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ أُحْرِزَتْ فِيهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) . (فَرْعُ) لَوْ (عَيَّنَ الْمَالِكُ لَهَا ظَرْفًا مِنْ ظُرُوفِهِ فَنَقَلَهَا) الْوَدِيعُ مِنْهُ (إلَى غَيْرِهِ مِنْهَا لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّ الظَّرْفَ وَالْمَظْرُوفَ وَدِيعَتَانِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا حِفْظُ أَحَدِهِمَا فِي حِرْزٍ وَالْأُخْرَى فِي آخَرَ (إلَّا إنْ كَانَ) الثَّانِي (دُونَ الْمُعَيَّنِ) فَيَضْمَنُ (وَإِنْ كَانَتْ الظُّرُوفُ لِلْوَدِيعِ فَكَالْبُيُوتِ) فِيمَا ذَكَر فِيهَا (وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ دُخُولِ أَحَدٍ عَلَيْهَا أَوْ الِاسْتِعَانَةِ) عَلَى حِفْظِهَا (بِحَارِسٍ أَوْ) عَنْ (الْإِخْبَارِ بِهَا فَخَالَفَهُ) فِيهِ (ضَمِنَ إنْ أَخَذَهَا الدَّاخِلُ) عَلَيْهَا (وَالْحَارِسُ) لَهَا (أَوْ) تَلِفَتْ (بِسَبَبِ الْإِخْبَارِ) بِهَا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا وَإِنَّ أَخَذَهَا غَيْرُ مَنْ ذُكِرَ أَوْ تَلِفَتْ لَا بِسَبَبِ الْإِخْبَارِ فَلَا ضَمَانَ. وَقَوْلُ الْعَبَّادِيِّ: وَلَوْ سَأَلَهُ رَجُلٌ هَلْ عِنْدَكَ لِفُلَانٍ وَدِيعَةٌ فَأَخْبَرَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ كَتْمَهَا مِنْ حِفْظِهَا مَحْمُولٌ عَلَى الضَّمَانِ بِالْأَخْذِ لِسَبَبٍ آخَرَ. (وَإِنْ أَمَرَهُ) وَقَدْ أَوْدَعَهُ خَاتَمًا (بِوَضْعِ الْخَاتَمِ فِي خِنْصَرِهِ فَجَعَلَهَا فِي بِنَصْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ أُحْرِزَ لِكَوْنِهِ أَغْلَظَ (إلَّا إنْ جَعَلَهَا فِي أَعْلَاهُ) أَوْ فِي وَسَطِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ (أَوْ انْكَسَرَتْ لِغِلَظِهَا) أَيْ الْبِنْصِرِ فَيَضْمَنُ (لِأَنَّ أَسْفَلَ الْخِنْصَرِ أَحْفَظُ مِنْ أَعَلَى الْبِنْصِرِ) وَوَسَطِهِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَلِلْمُخَالَفَةِ فِي الْأَخِيرَة، وَالتَّعْلِيلُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ، وَإِنْ قَالَ اجْعَلْهُ فِي الْبِنْصِرِ فَجَعَلَهُ فِي الْخِنْصَرِ فَإِنْ كَانَ لَا يَنْتَهِي إلَى أَصْلِ الْبِنْصِرِ فَاَلَّذِي فَعَلَهُ أَحْرَزُ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا ضَمِنَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: لَوْ قَالَ احْفَظْهُ فِي بِنْصَرِكَ فَحَفِظَهُ فِي خِنْصَرِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ لَبِسَهُ فِي الْبِنْصِرِ كَانَ فِي الْخِنْصَرِ وَاسِعًا انْتَهَى وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنْ مَا قَالَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ وَلَوْ قَالَ لَهُ: احْفَظْ هَذَا فِي يَمِينِكَ فَجَعَلَهُ فِي يَسَارِهِ ضَمِنَ وَبِالْعَكْسِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ أَحْرَزُ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ أَكْثَرُ غَالِبًا نَقَلَهُ الْعِجْلِيّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ لَوْ هَلَكَ لِلْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ قَالَ: وَقَضَيْتُهُ مَا قَالَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَعْسَرَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْمَلُ بِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَانَا سَوَاءً. (وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ) فِي إيدَاعِ الْخَاتَمِ (بِشَيْءٍ فَوَضَعَهَا فِي الْخِنْصَرِ لَا غَيْرِهَا ضَمِنَ) وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ فَصَّهَا إلَى ظَهْرِ الْكَفِّ (لِأَنَّهُ لَبِسَهَا) أَيْ اسْتَعْمَلَهَا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا (إلَّا إنْ قَصَدَ) بِلُبْسِهَا فِيهَا (الْحِفْظَ) فَلَا يَضْمَنُ وَقَضِيَّتُهُ تَصْدِيقُهُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَبِسَهَا لِلْحِفْظِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ الْخَوْفِ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْهُ بِخِلَافِ وُقُوعِ الْخَوْفِ وَالْبِنْصِرِ مُؤَنَّثٌ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ مُذَكَّرًا وَمُؤَنَّثًا وَالْخَاتَمُ مُذَكَّرٌ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ مُؤَنَّثًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ حَلَقَةٌ (وَغَيْرُ الْخِنْصَرِ لِلْمَرْأَةِ) فِي حِفْظِهَا لِلْخَاتَمِ (كَالْخِنْصَرِ) لِأَنَّهَا قَدْ تَتَخَتَّمُ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْخُنْثَى يُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِالرَّجُلِ إذَا لَبِسَ الْخَاتَمَ فِي غَيْرِ خِنْصَرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَيَحْتَمِلُ مُرَاعَاةَ الْأَغْلَظِ هُنَا وَهُوَ الْتِحَاقُهُ بِالْمَرْأَةِ كَمَا غَلَّظْنَا فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ فَأَلْحَقْنَاهُ بِالرَّجُلِ. (السَّبَبُ السَّابِعُ التَّضْيِيعُ) لَهَا؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا وَبِالتَّحَرُّزِ عَنْ أَسْبَابِ التَّلَفِ (فَيَضْمَنُهَا بِهِ) أَيْ بِالتَّضْيِيعِ (وَلَوْ نَاسِيًا) لَهَا وَذَلِكَ (كَإِتْلَافِهِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ سُرِقَتْ مِنْهُ فَكَذَلِكَ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ إذَا سُرِقَ مَا فِيهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ع وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ مَعَهُمَا الْغَصْبَ مِنْهُ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ اعْتِمَادُ إلْحَاقِهِ بِالْمَوْتِ وَكَلَامُ الْأَنْوَارِ فِيمَا إذَا كَانَ سَبَبَ الْغَصْبِ النَّقْلُ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَهُ كَأَصْلِهِ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى) عَبَّرَ بِلَكِنْ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالنَّقْلِ لِلْمُخَالَفَةِ [فَرْعُ عَيَّنَ الْمَالِكُ لَهَا ظَرْفًا مِنْ ظُرُوفِهِ فَنَقَلَهَا الْوَدِيعُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْهَا] (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ مَا قَالَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ لَوْ هَلَكَ لِلْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَقَضِيَّةُ مَا قَالَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِهَا إلَخْ) يَجِبُ تَقَيُّدُهُ بِمَنْ لَا يَقْصِدُ بِهِ الِاسْتِعْمَالُ وَبِمَنْ لَمْ يَعْتَدِ اللُّبْسَ فِي غَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَاهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى يُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِالرَّجُلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا) وَهُوَ أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 لَهَا (أَوْ انْتِفَاعُهُ بِهَا) أَوْ وَضْعُهُ لَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا وَلَوْ (خَطَأً أَوْ غَلَطًا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِي الْخَطَأِ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ أُخِذَتْ) مِنْهُ (قَهْرًا لَمْ يَضْمَنْ) إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ (وَإِنْ أُعْلِمَ بِهَا هُوَ لَا غَيْرُهُ مِنْ مَصَادِرِ الْمَالِكِ) وَعُيِّنَ لَهُ مَوْضِعُهَا فَضَاعَتْ بِذَلِكَ (ضَمِنَ) لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ الْحِفْظِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْلَمَهُ بِهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حِفْظَهَا وَبِخِلَافِ مَا إذَا ضَاعَتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَوْ بِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ أَعْلَمَهُ بِهَا كَرْهًا لَكِنْ نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ حِينَئِذٍ كَالْمُحْرِمِ إذَا دَلَّ عَلَى صَيْدٍ لَا يَضْمَنُهُ تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ بِالدَّلَالَةِ مُضَيَّعٌ لَهَا. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ لِلْيَدِ وَالْتِزَامُ الْحِفْظِ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْمَاوَرْدِيِّ أَنْ لَا يَكُونَ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا أَصْلًا. قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ: لَوْ أُكْرِهَ حَتَّى دَلَّ عَلَيْهَا فَهُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ أَكْرَهَ حَتَّى سَلَّمَهَا بِنَفْسِهِ. (وَلَوْ أُكْرِهَ) عَلَى تَسْلِيمِهَا لَهُ (فَسَلَّمَهَا ضَمِنَ) لِتَسْلِيمِهِ (وَالْقَرَارُ) لِلضَّمَانِ (عَلَى الْمُكْرِهِ) لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْلِي عَلَيْهَا عُدْوَانًا فَإِذَا ضَمِنَ الْمَالِكُ الْوَدِيعَ رَجَعَ عَلَى الْمُكْرِهِ (وَيَجِبُ) عَلَى الْوَدِيعِ (إنْكَارُهَا عَنْ الظَّالِمِ وَالِامْتِنَاعُ) مِنْ إعْلَامِهِ بِهَا (جَهْدَهُ) فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ ضَمِنَ (وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ) عَلَى ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ حِفْظِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يُوَرِّي إذَا أَمْكَنَتْهُ التَّوْرِيَةُ وَكَانَ يَعْرِفُهَا لِئَلَّا يَحْلِفَ كَاذِبًا. قَالَ: وَيَتَّجِهُ وُجُوبُ الْحَلِفِ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ رَقِيقًا وَالظَّالِمُ يُرِيدُ قَتْلَهُ أَوْ الْفُجُورَ بِهِ: قَالَ وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلِفُ كَاذِبًا؛ لِأَنَّ الْكَذِبَ لَيْسَ مُحَرَّمًا لَعَيْنِهِ (وَيُكَفِّرُ) عَنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِيهَا (وَإِنْ حَلَّفَهُ بِالطَّلَاقِ) أَوْ الْعِتْقِ (مُكْرَهًا) عَلَيْهِ أَوْ عَلَى اعْتِرَافِهِ فَحَلَفَ (حَنِثَ) لِأَنَّهُ فَدَى الْوَدِيعَةَ بِزَوْجَتِهِ أَوْ رَقِيقِهِ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا وَسَلَّمَهَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ فَدَى زَوْجَتَهُ أَوْ رَقِيقَهُ بِهَا (وَإِنْ أَعْلَمَ اللُّصُوصَ بِمَكَانِهَا) فَضَاعَتْ بِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (ضَمِنَ) لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ الْحِفْظِ (لَا) إنْ أَعْلَمَهُمْ (بِأَنَّهَا عِنْدَهُ) مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَكَانِهَا فَلَا يَضْمَنُ بِذَلِكَ. (السَّبَبُ الثَّامِنُ الْجُحُودُ) لَهَا (وَجُحُودُهَا) عَنْ مَالِكِهَا (بَعْدَ الطَّلَبِ) مِنْهُ لَهَا (لَا قَبْلَهُ خِيَانَةٌ) فَيَضْمَنُهَا بِخِلَافِ جُحُودِهَا قَبْلَهُ وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ إخْفَاءَهَا أَبْلَغُ فِي حِفْظِهَا (فَلَوْ قَالَ) لَهُ مَالِكُهَا (بِلَا طَلَبٍ لَهَا: لِي عِنْدَكِ وَدِيعَةٌ فَأَنْكَرَ) أَوْ سَكَتَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُمْسِكْهَا لِنَفْسِهِ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ فِي الْجُحُودِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَانْ يُرِيدَ بِهِ زِيَادَةَ الْحِفْظِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ طَلَبِهَا كَمَا تَقَرَّرَ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ لَهُ غَرَضًا صَحِيحًا كَأَنْ أَمَرَ الظَّالِمُ مَالِكَهَا بِطَلَبِهَا مِنْ الْوَدِيعِ فَطَلَبَهَا مِنْهُ وَهُوَ يُحِبُّ جُحُودَهَا فَجَحَدَهَا حِفْظًا لَهَا فَلَا ضَمَانَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. فَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْجُحُودِ الْمُضْمَنِ كُنْتُ غَلِطْت أَوْ نَسِيتُ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمَالِكُ. (فَرْعٌ) . (وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْجَاحِدِ) لِلْوَدِيعَةِ بِإِيدَاعِهَا عِنْدَهُ أَوْ أَقَرَّ بِهَا (وَادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ لَهَا قَبْلَهُ) أَيْ الْجُحُودِ نَظَرْتَ فِي صِيغَةِ جُحُودِهِ (فَإِنْ قَالَ فِي جُحُودِهِ لَا شَيْءَ) أَوْ لَا وَدِيعَةَ (لَك عِنْدِي صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَاهُ إذْ لَا تَنَاقَضَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ نَعَمْ إنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ الْجُحُودِ بِأَنَّهَا كَانَتْ بَاقِيَةً يَوْمَهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي دَعْوَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَالَ (لَمْ تَرُدَّ عَنِّي لَمْ يُصَدَّقْ فِي الرَّدِّ) لِتَنَاقُضِ كَلَامَيْهِ وَظُهُورِ خِيَانَتِهِ (لَكِنْ لَوْ سَأَلَ التَّحْلِيفَ) لِلْمَالِكِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ وَضْعُهُ لَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا) لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرَبْطِ الدَّابَّةِ فِي الدَّارِ فَرَبَطَهَا الْوَدِيعُ فِي حَرِيمِهَا بِمَرْآهُ وَمَسْمَعِهِ فَفِي ضَمَانِهَا وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ ضَمَانِهِ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ (قَوْلُهُ وَعَيَّنَ لَهُ مَوْضِعَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا ضَاعَتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ) قَالَ فِي الذَّخَائِرِ إذَا دَلَّ سَارِقًا عَلَى الْوَدِيعَةِ ضَمِنَ إذَا أَخَذَهَا السَّارِقُ فَإِنْ ضَاعَتْ بِغَيْرِ السَّرِقَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا تَكُونُ الدَّلَالَةُ كَنِيَّةِ الْخِيَانَةِ وَفِيهِ وَجْهَانِ. اهـ.: وَأَصَحُّهُمَا عَدَمُ ضَمَانِهَا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ فَسَلَّمَهَا ضَمِنَ) لِتَسْلِيمِهِ وَإِنْ تَمَكَّنَ الظَّالِمُ مِنْ تَسَلُّمِهَا لَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْمُودَعُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ) قَالَ شَيْخُنَا جَوَازًا كَمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يُوَرِّيَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَيُتَّجَهُ وُجُوبُ الْحَلِفِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَذِبَ لَيْسَ مُحَرَّمَا لَعَيْنِهِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الْمَذْكُورُ هُنَا وَإِلَّا فَكُلُّ كَذِبٍ مُحَرَّمٍ مَعَ التَّعَمُّدِ. (قَوْلُهُ: وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِيهَا) فَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ مَسَكَ الْمَكَسَةَ تَاجِرٌ وَقَالُوا لَهُ بِعْتَ بِضَاعَةً بِلَا مَكْسٍ أَوْ حَدَثَ عَنْ الطَّرِيقِ لِأَجَلٍ الْمَكْسِ فَأَنْكَرَ فَقَالُوا لَهُ: احْلِفْ بِالطَّلَاقِ أَنَّكَ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ فَحَلَفَ بِهِ خَوْفًا مِنْهُمْ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ إكْرَاهٌ عَلَى نَفْسِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَّفَهُ بِالطَّلَاقِ مُكْرَهًا حَنِثَ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ الْمَكَّاسُونَ لِلتَّاجِرِ بِعْتَ بِضَاعَةً بِلَا مَكْسٍ أَوْ حَدَثَ عَنْ الطَّرِيقِ لِأَجْلِ الْمَكْسِ فَأَنْكَرَ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ مُكْرَهًا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى اعْتِرَافِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إكْرَاهٌ عَلَى نَفْسِ الْحَلِفِ بِعَيْنِهِ أَوْ الِاعْتِرَافِ بَلْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَانْتَفَى شَرْطُ الْإِكْرَاهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْلَمَ اللُّصُوصَ بِمَكَانِهَا إلَخْ) ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ قَبْلَ هَذَا الْمَوْضِعِ كَلَامًا يَتَعَيَّنُ ذِكْرُهُ أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ أَوْدَعَهُ وَقَالَ لَا تُخْبِرْ بِهَا فَخَالَفَ فَسَرَقَهَا مَنْ أَخْبَرَهُ أَوْ مَنْ أَخْبَر مَنْ أَخْبَرَهُ ضَمِنَ وَلَوْ تَلْفِتْ بِسَبَبٍ آخَر لَمْ يَضْمَنْ وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ لَوْ سَأَلَهُ رَجُلٌ هَلْ عِنْدَكَ لِفُلَانِ وَدِيعَةٌ فَأَخْبَرَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ كَتَمَهَا مِنْ حِفْظِهَا. اهـ. وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الضَّمَانِ بِالْأَخْذِ لَا بِسَبَبٍ آخَرَ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ لَهُ فِيهِ غَرَضًا) أَيْ فِي الْجُحُودِ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (السَّبَبُ الثَّامِن الْجُحُودِ) . (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ فِي جُحُودِهِ إلَخْ) وَإِنْ كَانَتْ صِيغَةُ جُحُودِهِ وَلَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْكَ صُدِّقَ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ مُقْتَضَاهُ الِاكْتِفَاءُ مِنْ الْمُودَعِ فِي الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ بَلْ التَّخْلِيَةُ وَقَدْ نَبَّهَ النَّوَوِيُّ عَلَى هَذَا فِي آخِرِ الدَّعَاوَى فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ حَكَى عَنْ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي، ثُمَّ يُقَالُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَدِيعَةِ فَأَمَّا أَنْ يُقَدَّرَ خِلَافٌ أَوْ يُؤَوَّلُ مَا أَطْلَقُوهُ فَصَوَّبَ النَّوَوِيُّ التَّأْوِيلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 (أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى التَّلَفِ أَوْ الرَّدِّ قُبِلَ مِنْهُ) لِاحْتِمَالِهِ أَنَّهُ نَسِيَ ثُمَّ تَذَكَّرَ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِشَيْءٍ لَا بَيِّنَةَ لِي ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَقَدْ حَكَيْنَا فِي الْمُرَابَحَةِ فِيمَا إذَا قَالَ: اشْتَرَيْتُ بِمِائَةٍ، ثُمَّ قَالَ: بَلْ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ إنَّ الْأَصْحَابَ فَرَّقُوا بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ وَجْهًا مُحْتَمَلًا فِي الْغَلَطِ وَأَنْ لَا يَذْكُرَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمِثْلِهِ هُنَا وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا مُتَّجِهَةٌ، وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ ثَمَّ مُعَارِضٌ لِمَا أَخْبَرَ بِهِ فَاحْتِيجَ إلَى التَّأْوِيلِ لِيَجْتَمِعَ الْكَلَامَانِ، وَإِنْكَارُ الْوَدِيعَةِ غَيْرُ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مِنْ تَلَفِهَا فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرٍ مُحْتَمَلٍ، الْوَدِيعَةُ أَصْلُهَا ثَابِتٌ بِتَوَافُقِهِمَا وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِ الْعَيْنِ قَبْلَ الْجُحُودِ فَتَسْمَعُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ انْتَهَى، وَالْأُولَى أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ مَبْنَى الْوَدِيعَةِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَالْقَصْدِ بِالدَّعْوَى فِيهَا بِمَا ذُكِرَ دَفْعُ الضَّمَانِ فَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ فِيهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَافْتَقَرَ سَمَاعُهَا فِيهِ إلَى تَأْوِيلٍ (وَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ بَعْدَهُ) أَيْ الْجُحُودِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَضَمِنَ) الْبَدَلَ لِخِيَانَتِهِ بِالْجُحُودِ (كَالْغَاصِبِ) سَوَاءٌ أَقَالَ فِي جُحُودِهِ لَا شَيْءَ لَك عِنْدِي أَمْ قَالَ لَمْ تُودِعْنِي وَإِنْ ادَّعَى الرَّدَّ بَعْدَهُ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. (الْحُكْم الثَّالِثُ) رَدَّهَا عِنْدَ بَقَائِهَا عَلَى مَالِكِهَا (الرَّدُّ لَهَا عَلَيْهِ وَهُوَ أَهْلُ لِلْقَبْضِ وَاجِبٌ بَعْدَ الطَّلَبِ) مِنْهُ لَهَا لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (وَالْمُرَادُ بِهِ التَّخْلِيَةُ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَالِكِهَا لَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةُ الرَّدِّ وَتَحَمُّلِ مُؤْنَتِهِ بَلْ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا أَهْلًا لِلْقَبْضِ كَأَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ كَانَ نَائِمًا فَوَضَعَهَا فِي يَدِهِ فَلَا يَكْفِي فِي الرَّدِّ بَلْ لَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ (فَإِنْ أَخَّرَهُ) بَعْدَ الطَّلَبِ (ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ (لَا) إنْ أَخَّرَهُ (بِعُذْرٍ كَاحْتِيَاجِهِ إلَى الْخُرُوجِ) مِمَّا هُوَ فِيهِ (وَهُوَ فِي ظَلَامٍ) الْوَدِيعَةُ بِخِزَانَتِهِ لَا يَتَأَتَّى فَتْحُهَا إذْ ذَاكَ (أَوْ فِي حَمَّامٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ عَلَى طَعَامٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا لَا يَطُولُ زَمَنُهُ غَالِبًا كَصَلَاةٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ وَطَهَارَةٍ وَمُلَازَمَةِ غَرِيمٍ يَخَافُ هَرَبَهُ فَلَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَلَهُ أَنْ يُنْشِئَ مَا يَتَأَتَّى إنْشَاؤُهُ مِنْ ذَلِكَ كَالتَّطْهِيرِ وَالْأَكْلِ وَالصَّلَاةِ الَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ بَعِيدَةً عَنْ مَجْلِسِهِ. (فَرْعٌ إذَا أَوْدَعَاهُ مُشْتَرَكًا) بَيْنَهُمَا (لَمْ يُعْطِ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ) وَإِنْ طَلَبَهَا (إلَّا بِالْحَاكِمِ) بِأَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَيْهِ لِيَقْسِمَهُ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنْهُ إنْ انْقَسَمَ وَذَلِكَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْإِيدَاعِ فَكَذَا فِي الِاسْتِرْدَادِ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ مَالِكُهَا (أَعْطِ) الْوَدِيعَةَ (وَكِيلِي) فُلَانًا وَتَمَكَّنَ مِنْ إعْطَائِهَا لَهُ (ضَمِنَ بِالتَّأْخِيرِ وَلَوْ لَمْ يُطَالِبْهُ) الْوَكِيلُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِالرَّدِّ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ عَزَلَهُ فَيَصِيرُ مَا بِيَدِهِ كَالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الرَّدِّ عَلَى طَلَبٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ لَا يَضْمَنُ (وَكَذَا) يَضْمَنُ بِتَأْخِيرِ الرَّدِّ مَعَ التَّمَكُّنِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ (مَنْ) وَجَدَ ضَالَّةً وَقَدْ (عَرَّفَ مَالِكَ الضَّالَّةِ وَ) مِنْ وَجَدَ (مَا طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ) إلَى دَارِهٍ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ تَنْتَهِي بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ وَلَا يَسْتَمِرُّ إلَى الطَّلَبِ وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْإِعْلَامُ لِحُصُولِ الْمَالِ بِيَدِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ وَبِحُصُولِهِ فِي الْحِرْزِ الْفُلَانِيِّ إنْ عِلْمَهُ. (وَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ الْإِعْطَاءَ (عَنْ وَكِيلٍ حَتَّى يُشْهِدَ عَلَيْهِ) بِالْقَبْضِ (لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِ (أَوْ) أَخَّرَهُ بِلَا عُذْرٍ (لِيُعْطِيَ وَكِيلًا آخَرَ) لِلْمَالِكِ (وَقَدْ قَالَ لَهُ أَعْطِهَا أَحَدَ وُكَلَائِي ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ (فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ وَلَا تُؤَخِّرَ فَأَخَّرَ عَصَى أَيْضًا) وَقَضَيْتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْصَى بِدُونِ هَذَا الْقَوْلِ وَفِيهِ فِي الْأَصْلِ وَجْهَانِ وَعَدَمُ الْعِصْيَانِ ظَاهِرٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ (فَإِنْ قَالَ لَهُ أَعْطِ مَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ لَمْ يَعْصِ بِالتَّأْخِيرِ) لِيُعْطِيَ آخَرَ (وَفِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْجَاحِدِ لِلْوَدِيعَةِ بِإِيدَاعِهَا عِنْدَهُ أَوْ أَقَرَّ بِهَا وَادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ قَبْلَ الْجُحُودِ] قَوْلُهُ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا مُتَّجِهَةٌ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَهْلٌ لِلْقَبْضِ) يُخْرِجُ بِذَلِكَ مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا: لَوْ انْعَزَلَ الْوَلِيِّ الْمُودِعُ بِفِسْقٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ بَعْدَ الطَّلَبِ مِنْهُ لَهَا) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلْزَامُ الْمَالِكِ بِالْإِشْهَادِ وَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الدَّفْعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ فِي الرَّدِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَهَا وَكِيلُ الْمُودَعِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُودَعُ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِالْبَرَاءَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَوْ أَوْدَعَ لِصٌّ مَشْهُورٌ بِاللُّصُوصِيَّةِ مَالًا عِنْدَ رَجُلٍ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُودَعِ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَطَالَبَهُ الْمُودِعُ بِرَدِّهِ فَهَلْ يَرُدُّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُتَوَقَّفُ وَيُطْلَبُ صَاحِبُهُ فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ رَدَّهُ. (قَوْلُهُ كَأَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) أَيْ أَوْ فَلَسٍ أَوْ مَرَضٍ ر قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ سَكْرَانَ مَأْثُومًا بِهِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ بَرِئَ (قَوْلُهُ لَا بِعُذْرٍ كَاحْتِيَاجِهِ إلَى الْخُرُوجِ) قَالَ النَّاشِرِيُّ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا أَخَّرَ لِإِتْمَامِ غَرَضِ نَفْسِهِ. مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَان مَخُوفٍ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الْمُؤَجِّرُ الْتِزَامَ خَطَرِ الضَّمَانِ فَالْتَزَمَ لَهُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْعَيْنُ إنْ غُصِبَتْ مَثَلًا وَقَدْ عَلَّلُوا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ بِمَا يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ بِمَا لَا يَطُولُ زَمَنُهُ غَالِبًا إلَخْ) لَوْ كَانَ الْعُذْرُ مِمَّا يَطُولُ زَمَنُهُ كَاعْتِكَافِ شَهْرٍ نَذَرَهُ مَثَلًا وَقَدْ دَخَلَ فِيهِ أَوْ إحْرَامٌ يَطُولُ زَمَنُهُ فَالْقَوْلُ بِبَقَاءِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَهُ إلَى فَرَاغِهِ مِنْ نُسُكِهِ مُضِرٌّ بِالْمَالِكِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ وَكِيلٍ مُتَبَرِّعٍ أَمِينٍ يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ فَإِنْ أَخَّرَ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ فَيَظْهَرُ أَنْ يَرْفَعَ الْمُودِعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لَيَبْعَثَ إلَيْهِ إمَّا أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُ مَنْ يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَإِلَّا بَعَثَ مَعَهُ مَنْ يُسَلِّمُهُ مَالَهُ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بَعْد ثُبُوتِ الْإِيدَاعِ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُ أَحَدٌ بَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ جِهَةٍ مَنْ يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ غَائِبًا ع، وَلَوْ طَالَبَ الْمُودَعُ الْمَالِكَ بِأَخْذِ وَدِيعَتِهِ لَزِمَهُ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْوَدِيعَةِ لَا يَجِبُ فَكَذَا اسْتِدَامَةُ حِفْظِهَا وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي حَالَةٍ يَجِبُ فِيهَا الْقَبُولُ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ الِامْتِنَاعُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِالرَّدِّ إلَيْهِ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ بَعْدَ الْأَمْرِ مَضْمُونَةٌ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْوَكِيلُ حَتَّى تَلْزَمَهُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ لَكِنْ لَوْ طَلَبَهَا الْمَالِكُ نَفْسُهُ وَجَبَ تَمْكِينُهُ دُون مُؤْنَةِ الرَّدِّ فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَلَوْ فُصِلَ هُنَا بَيْنَ أَنْ يَعْرِفَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ فَيَجِبُ التَّمْكِينُ فَقَطْ أَمْ لَا فَيَجِبُ إعْلَامُهُ وَبَيْنَ أَنْ يُجِيبَ الْمُودِعُ سُؤَالَ الْمُودَعِ وَيَقُولَ نَعَمْ أَوْ لَا يُجِيبَ وَيَسْكُتَ فَلَا ضَمَانَ كَمَا لَوْ قَالَ احْفَظْ مَتَاعِي فَقَامَ وَتَرَكَهُ (قَوْلُهُ وَقَضَيْتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْصَى بِدُونِ هَذَا الْقَوْلِ) هُوَ الرَّاجِحُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَشْبَهَهُمَا الْمَنْعُ. (فَرْعٌ) . لَوْ (أَمَرَهُ) الْمَالِكُ (بِإِعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ وَكِيلَهُ أَوْ) أَمَرَ مَنْ دَفَعَ هُوَ إلَيْهِ مَالَهُ (بِإِيدَاعِ مَالِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ) عَلَى الْوَكِيلِ وَالْوَدِيعِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِمَا كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ مَقْبُولٌ فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ فَلَا يَقْتَضِي الْإِشْهَادَ وَلِأَنَّ الْوَدَائِعَ حَقُّهَا الْإِخْفَاءُ بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ. (وَجْهَانِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فَإِنَّهُ أَقَرَّ صَاحِبَهُ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ) فَتَرَكَهُ (فَالضَّمَانُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ) فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ (فِي التَّوْكِيلِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ) فَيَضْمَنُ إنْ دَفَعَ فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ دُونَ مَا إذَا دَفَعَ بِحَضْرَتِهِ. (فَصْلٌ يُصَدَّقُ الْوَدِيعُ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ) وَإِنْ وَقَعَ نِزَاعُهُ مَعَ وَارِثِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ ائْتَمَنَهُ وَلِأَنَّ التَّلَفَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالِاخْتِيَارِ فَقَدْ لَا تُسَاعِدُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَمِنْ ثَمَّ قَبْلَ قَوْلِ غَيْرِ الْأَمِينِ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ (وَلَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ السَّبَبِ) لِلتَّلَفِ (فَإِنْ بَيَّنَهُ وَكَانَ ظَاهِرًا كَمَوْتِ الْحَيَوَانِ وَالنَّهْبِ) وَالْحَرِيقِ وَالْغَارَةِ (لَا الْغَصْبِ) وَالسَّرِقَةِ وَنَحْوهِمَا (وَعَلِمَ) بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الِاسْتِفَاضَةِ (وَعَمَّ وَلَمْ يَحْتَمِلْ سَلَامَتَهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (صُدِّقَ بِلَا يَمِينِ) ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يُغْنِيهِ عَنْهَا بِخِلَافِ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْأَسْبَابِ الْخَفِيَّةِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ لِمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَمْ يَحْتَمِلْ سَلَامَتَهَا قَيْدٌ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَعَمَّ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ عَمَّ ظَاهِرًا لَا يَقِينًا فَيَحْلِفُ لِاحْتِمَالِ سَلَامَتِهَا (أَوْ لَمْ يَعُمَّ أَوْ جَهِلَ عُمُومَهُ) فَاحْتَمَلَ سَلَامَتهَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي التَّلَفِ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعُمَّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ السَّبَبَ أَثَبْتَهُ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ حَلَفَ عَلَى التَّلَفِ بِهِ وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمَالِكَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ وَاسْتُحِقَّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَكَذَا يُصَدَّقُ) بِيَمِينِهِ (فِي دَعْوَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ) وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالْإِيدَاعِ أَوْ وَقَعَ النِّزَاعُ مَعَ وَارِثِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْحَلِفِ نَابَ عَنْهُ وَارِثُهُ وَانْقَطَعَتْ الْمُطَالَبَةُ بِحَلِفِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (لَا عَلَى وَارِثِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ (فَإِنْ مَاتَ الْمَالِكُ فَعَلَى الْوَدِيعِ الرَّدُّ إلَى وَرَثَتِهِ) إنْ لَمْ يَعْلَمُوا الْوَدِيعَةِ وَإِلَّا فَبَعْدَ طَلَبِهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، فَلَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّهَا وَعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِهَا ضَمِنَهَا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَجِدْهُمْ رَدَّهَا (إلَى الْحَاكِمِ) . قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَدِيعِ رَدُّهَا عَلَى الْوَرَثَةِ الرُّشَدَاءِ بَلْ يُرَاجِعُ الْحَاكِمُ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ رَهْنًا عِنْدَ عَدْلٍ (وَإِنْ مَاتَ الْوَدِيعُ فَعَلَى وَارِثِهِ رَدُّهَا) إلَى مَالِكِهَا أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ ذَكَرَ (فَلَوْ أَخَّرَا) أَيْ الْوَدِيعُ وَوَارِثُهُ (بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْهُ (ضَمِنَا وَلَوْ ادَّعَى التَّلَفَ) لَهَا (قَبْلَ التَّمَكُّنِ) مِنْ رَدِّهَا (صُدِّقَا) بِيَمِينِهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُمَا (وَإِنْ ادَّعَى وَارِثُ الْوَدِيعِ رَدَّهَا) إلَى مَالِكِهَا (لَمْ يُصَدَّقْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ (أَوْ) ادَّعَى (رَدَّ مُوَرِّثِهِ) لَهَا (أَوْ تَلَفَهَا عِنْدَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُصُولِهَا فِي يَدِهِ (وَلَا يُصَدِّقُ مُلْتَقَطٌ) لِشَيْءٍ (وَ) لَا (مَنْ أَلْقَتْ الرِّيحُ عَلَيْهِ ثَوْبًا فِي الرَّدِّ) إلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُمَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرَّدِّ. (وَإِنْ أَوْدَعَ الْوَدِيعُ) الْوَدِيعَةَ (أَمِينًا عِنْدَ سَفَرِهِ فَادَّعَى) الْأَمِينُ (رَدَّهَا إلَيْهِ لَا إلَى الْمَالِكِ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ بِخِلَافِ الْمَالِكِ، قَالَ فِي الْأَصْلِ: كَذَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَفِيهِ ذَهَابٌ إلَى أَنَّ لِلْوَدِيعِ إذَا عَادَ مِنْ السَّفَرِ أَنْ يَسْتَرِدّهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُ. ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ مَا يُخَالِفُهُ تَرَكْتُهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي نِهَايَتِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ. وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ فِيمَا لَوْ أَوْدَعَهُ شَيْئًا وَوَكَّلَهُ فِي إجَارَتِهِ فَأَجَّرَهُ وَانْقَطَعَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ حَيْثُ يَعُودُ وَدِيعَةً نَقَلَهُ عَنْهُمْ الْخُوَارِزْمِيَّ ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ (فَإِنْ أَوْدَعَهُ) أَيْ الْأَمِينُ إيَّاهَا (بِتَعْيِينِ الْمَالِكِ) لَهُ (فَبِالْعَكْسِ) فَيُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى الرَّدَّ إلَى الْمَالِكِ لَا إلَى مَنْ أَوْدَعَهُ (وَإِنْ ادَّعَى) الْوَدِيعُ (أَنَّهُ أَوْدَعَهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَشْبَهَهُمَا الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَعِبَارَتُهُ فِي غُنْيَتِهِ أَرْجَحُهُمَا. [فَرْعٌ أَمَرَهُ الْمَالِكُ بِإِعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ وَكِيلَهُ أَوْ أَمَرَ مَنْ دَفَعَ هُوَ إلَيْهِ مَالَهُ بِإِيدَاعِ مَالِهِ] (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّهْذِيبِ) وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّفْعِ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ وَغِيبَتِهِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَصَحَّهُمَا الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْوَكَالَةِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ. [فَصْلٌ يُصَدَّقُ الْوَدِيعُ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ كَمَوْتِ الْحَيَوَانِ) أَيْ بِقَرْيَةٍ أَوْ رُفْقَةِ سَفَرِهِ أَمَّا لَوْ ادَّعَى مَوْتَهُ بِبَرِّيَّةٍ حَالَ انْفِرَادِهِ فَكَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ ع كَذَا يُقَالُ فِي الْغَصْبِ إنْ ادَّعَى وُقُوعَهُ فِي جَمْعٍ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ اُشْتُهِرَ وُقُوعُ مَوْتٍ وَفَنَاءٍ فِي جِنْسِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ كَالْحَرِيقِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْعُمُومِ تَمَكُّنُ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ أَوْدَعَ شَخْصًا نَحْلًا فَادَّعَى الْمُودَعُ مَوْتَهُ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُصَدِّقُهُ بِيَمِينِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي اشْتِرَاطِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي دَعْوَى الْمُودَعِ مَوْتَ الْحَيَوَانِ فَذَلِكَ فِي حَيَوَانٍ تَمَكَّنَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَالنَّحْلُ لَا تَمْكُنُ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ كُلَّمَا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُ نَعَمْ إذَا ادَّعَى مَوْتَهُ بِسَبَبِ تَمَكُّنِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَحَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ احْتَاجَ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَصْدُقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] فَأَمَرَ بِالْأَدَاءِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْإِشْهَادِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَأَرْشَدَ إلَيْهِ كَمَا أَرْشَدَ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا الْحُكْمُ يَطَّرِدُ فِي كُلِّ أَمِينِ مِنْ وَكِيلٍ وَشَرِيكٍ وَعَامِلِ قِرَاضٍ إلَّا الْمُرْتَهِنَ وَالْمُسْتَأْجِرَ، وَكَتَبَ أَيْضًا: إنَّمَا يَقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ إذَا كَانَ لِلْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَهْلِيَّةُ الْقَبْضِ وَوِلَايَتِهِ حَالَةَ الرَّدِّ فَيَخْرُجُ عَنْ هَذَا مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ ع وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ ادَّعَى أَنَّ الْمَالِكَ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْحِرْزِ فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا يَدَّعِي فِعْلَ الْمَالِكِ وَفِي الْأَوَّلِ يَدَّعِي فِعْلَ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَانْقَطَعَتْ الْمُطَالَبَةُ بِحَلِفِهِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ حَلِفِهِ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَ مُورِثِهِ فِي دَعْوَاهُ أَوْ ظَنَّهَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ الْوَدِيعُ إلَخْ) جُنُونُ كُلٍّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 زَيْدًا بِتَعْيِينِ) أَيْ بِإِذْنِ (الْمَالِكِ) لَهُ (فَصَدَّقَهُ زَيْدٌ) فِي الدَّفْعِ (وَأَنْكَرَ الْمَالِكَ) الْإِذْنَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (وَلَهُ مُطَالَبَتُهُمَا بِالْقِيمَةِ) لَهَا لِلْفَيْصُولَةِ (إنْ فَاتَتَ أَوْ الرَّدِّ) لَهَا (إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أَوْ الْقِيمَةِ) لَهَا (لِلْحَيْلُولَةِ) ثُمَّ (إنْ غَابَتْ) فَإِذَا حَضَرَتْ وَقَدْ غُرِمَ الْوَدِيعُ قِيمَتَهَا أَخَذَ الْوَدِيعَةَ وَرَدَّهَا إلَى الْمَالِكِ وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ الْقِيمَةَ (وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ) بِمَا غَرِمَهُ (لَزَعْمِهِ أَنَّ الظَّالِمَ) لَهُ هُوَ (الْمَالِكُ) أَمَّا إذَا كَذَّبَهُ زَيْدٌ فَيَصْدُقُ بِيَمِينِهِ وَيَخْتَصُّ الْغُرْمُ بِالْوَدِيعِ وَذَكَرَ مُطَالَبَةَ الْمَالِكِ الْأَمِينِ بِالْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ اعْتَرَفَ) الْمَالِكُ (بِالْإِذْنِ) فِي الْإِيدَاعِ مِنْ زَيْدٍ (وَأَنْكَرَ الدَّفْعَ) لَهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ) أَيْ بِالدَّفْعِ (زَيْدٌ) ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَ يَدَّعِي الرَّدَّ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَكَمَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُ زَيْدٍ عَلَى الْمَالِكِ فِي الرَّدِّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ فِي التَّلَفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِمَا) أَيْ بِالْإِذْنِ وَالدَّفْعِ (وَأَنْكَرَ الْإِشْهَادَ) بِالْإِيدَاعِ وَزَيْدٌ يُنْكِرُ الدَّفْعَ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْوَدِيعِ بِنَاءً عَلَى عَدِمَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ بِالْإِيدَاعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا قَدَّمْتُهُ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَتَرْجِيحُ عَدَمِ الضَّمَانِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ تَرْجِيحُهُ هَذَا الَّذِي قَدَّمْتُهُ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَلَوْ اتَّفَقُوا جَمِيعًا عَلَى دَفْعِهَا إلَى الْأَمِينِ وَادَّعَى الْأَمِينُ رَدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ أَوْ تَلَفَهَا فِي يَدِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ قَالَ) الْمَالِكُ (لَهُ أَوْدِعْهَا أَمِينًا مَا) أَيْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (فَفَعَلَ وَادَّعَى الْأَمِينُ التَّلَفَ) لَهَا (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (لَا) إنْ ادَّعَى (الرَّدَّ) لَهَا (عَلَى الْمَالِكِ) فَلَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ. [فَصْلٌ تَنَازَعَ الْوَدِيعَةَ اثْنَانِ فَصَدَّقَ الْوَدِيعُ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ] (فَصْلٌ وَلَوْ تَنَازَعَ الْوَدِيعَةَ اثْنَانِ) بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا مِلْكُهُ (فَصَدَّقَ الْوَدِيعُ أَحَدَهُمَا) بِعَيْنِهِ (فَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو يَغْرَمُ لِعَمْرٍو (فَإِنْ) حَلَفَ سَقَطَتْ دَعْوَى الْآخَرِ وَإِنْ (نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَغَرِمَ لَهُ) الْقِيمَةَ، وَقِيلَ تُوقَفُ الْوَدِيعَةُ بَيْنَهُمَا إلَى أَنْ يَصْطَلِحَا، وَقِيلَ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمَا فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ (وَإِنْ صَدَّقَهُمَا فَالْيَدُ لَهُمَا وَالْخُصُومُ بَيْنَهُمَا) فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ لَهُ وَلَا خُصُومَةَ لِلْآخَرِ مَعَ الْوَدِيعِ لِنُكُولِهِ، وَإِنْ نَكَلَا أَوْ حَلَفَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا وَحُكْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ كَالْحُكْمِ فِي الْجَمِيعِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُقَرِّ لَهُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَإِنْ قَالَ: هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَأُنْسِيتُهُ) وَكَذَّبَاهُ فِي النِّسْيَانِ (ضَمِنَ كَالْغَاصِبِ) لِتَقْصِيرِهِ بِنِسْيَانِهِ، وَإِنْ صَدَّقَاهُ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ (وَالْغَاصِبُ) فِيمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ اثْنَانِ غَصْبَ مَالٍ فِي يَدِهِ (إذَا قَالَ هُوَ لِأَحَدِكُمَا وَأُنْسِيتُهُ فَحَلَفَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يُغْصَبْهُ تَعَيَّنَ) الْمَغْصُوبُ (لِلْآخَرِ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ قَالَ: هُوَ وَدِيعَةً) عِنْدِي (وَلَا أَدْرِي أَ) هُوَ (لَكُمَا) أَمْ لِأَحَدِكُمَا (أَمْ لِغَيْرِكُمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إنْ ادَّعَيَاهُ وَتُرِكَ فِي يَدِهِ لِمَنْ يُثْبِتُ) أَيْ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ (بِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا تَحْلِيفُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدٌ) وَلَا اسْتِحْقَاقٌ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ. (فَصْلٌ مَسَائِلُهُ مَنْثُورَةٌ) . لَوْ (تَعَدَّى) الْوَدِيعُ (فِي الْوَدِيعَةِ ثُمَّ بَقِيَتْ فِي يَدِهِ مُدَّةً لَزِمَهُ أُجْرَتُهَا) . (وَإِنْ رَبَطَ) عِبَارَةَ الْأَصْلِ وَإِنْ تَرَكَ (عِنْدَ صَاحِبِ الْخَانِ) مَثَلًا (حِمَارًا وَقَالَ) لَهُ (احْفَظْهُ) كَيْ لَا يَخْرُجَ (فَلَاحَظَهُ فَخَرَجَ فِي بَعْضِ غَفَلَاتِهِ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الْحِفْظِ الْمُعْتَادِ. (وَإِنْ احْتَرَقَ مَنْزِلُهُ فَبَادَرَ بِإِخْرَاجِ مَالِهِ) مِنْهُ (قَبْلَ) إخْرَاجِ (الْوَدِيعَةِ) مِنْهُ فَاحْتَرَقَتْ (لَمْ يَضْمَنْ) كَمَا لَوْ قَدَّمَ وَدِيعَةً عَلَى أُخْرَى نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ إخْرَاجُهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالظَّاهِرُ الضَّمَانُ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَنْظَرِ بِهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْوَدَائِعِ هُوَ الَّذِي يُمْكِنُ الِابْتِدَاءُ بِهِ أَمَّا إذَا أَمْكَنَ الِابْتِدَاءُ بِغَيْرِهِ فَيَخْرُجُ عَلَى مَا إذَا قَالَ اُقْتُلْ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ بِخِلَافِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَالُهُ أَسْفَلَ الْوَدَائِعِ فَنَحَّاهَا وَأَخْرَجَ مَالَهُ لَمْ يَضْمَنْ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ حِينَئِذٍ إذَا حَصَلَ التَّلَفُ بِسَبَبِ التَّنْحِيَةِ. (وَإِنْ ادَّعَى الْوَارِثُ عِلْمَ الْوَدِيعِ بِمَوْتِ الْمَالِك وَطَلَبَ) مِنْهُ (الْوَدِيعَة فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] وَاحِدٍ مِنْ الْمَالِكِ وَالْمُودَعِ كَمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: فَصَدَّقَ الْوَدِيعُ أَحَدَهُمَا فَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُهُ) لَوْ أَقَرَّ بِهِ الثَّالِثُ حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ لَا أَنَّهُ لِغَيْرِهِمَا وَلَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ الثَّالِثِ وَإِذَا حَلَفَ أَقَرَّ الْمَالَ بِيَدِهِ وَكَذَا إنْ نَكَلَ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ أَخَذُوهُ وَطُولِبَ بِكَفِيلٍ إنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا الْوَدِيعَةُ مَنْقُولَةٌ، وَإِنْ حَلَفَا فَهَلْ يَقْتَسِمَانِهِ وَيُطَالِبَانِ بِكَفِيلٍ أَوْ يُقِرُّ مَعَ الْمُقِرِّ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا أَوَّلُهُمَا (قَوْلُهُ إذَا قَالَ هُوَ لِأَحَدِكُمَا وَأُنْسِيتُهُ إلَخْ) أَمَّا إذَا كَذَّبَاهُ فِي دَعْوَى النِّسْيَانِ وَادَّعَيَا عِلْمَهُ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَتَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: كَذَا جَزَمَ بِهِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْلِفْ الْخِلَافَ فِي نَظِيرِهَا وَهِيَ مَا إذَا ادَّعَى الزَّوْجَاتُ فِي صُورَةِ تَزْوِيجِ الْوَلِيَّيْنِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَعْلَمُ سَبْقَ نِكَاحِهِ وَأَنْكَرَتْ هَلْ تَكْفِي لَهُمَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ أَمْ يَجِبُ يَمِينَانِ قَالَ الْبَغَوِيّ: يَمِينَانِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ حَضَرَا وَادَّعَيَا حَلَفَتْ يَمِينًا، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ وَقَالَ الْإِمَامُ إنْ حَضَرَا وَرَضِيَا بِيَمِينٍ كَفَتَ وَإِنْ حَلَفَهَا أَحَدُهُمَا ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهَا وَجْهَانِ؛ لِأَنَّ الْقَضِيَّةَ وَاحِدَةٌ وَنَفْيُ الْعِلْمُ بِالسَّبْقِ يَشْمَلُهُمَا وَمِثْلُ هَذَا الْخِلَافِ يَأْتِي هُنَا بِلَا فَرْقٍ وَفِيمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ نَظَرٌ فَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا تَوَجَّهَ عَلَى إنْسَانٍ يَمِينٌ لِجَمَاعَةٍ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا فَإِنْ رَضُوا بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَصِحَّ وَقِيلَ يَصِحُّ. وَالْخِلَافُ مَشْهُورٌ حَتَّى فِي التَّنْبِيهِ فِي آخِرِ الْيَمِينِ فِي الدَّعَاوَى فَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ جَارٍ عَلَى غَيْرِ الرَّاجِحِ [فَصْلٌ فِي مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْوَدِيعَة] (فَصْلٌ مُسَائِلُهُ مَنْشُورَةٌ) (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالظَّاهِرُ الضَّمَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ عَلَى مَا إذَا قَالَ: اُقْتُلْ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 نَفْيِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ) الْوَارِثُ (وَأَخَذَهَا وَإِنْ قَالَ) الْوَدِيعُ (حَبَسْتُهَا) عِنْدِي (لِأَنْظُرَ هَلْ أَوْصَى) بِهَا مَالِكُهَا أَوْ لَا (فَهُوَ مُتَعَدِّ ضَامِنٌ) . (وَإِنْ عَرَفَ الْمُلْتَقِطُ) لِشَيْءٍ (الْمَالِكَ) لَهُ (فَلَمْ يُخْبِرْهُ) بِهِ حَتَّى تَلِفَ (أَوْ عَزَلَ قَيِّمٌ) لِطِفْلِ أَوْ لِنَحْوِهِ أَوْ لِمَسْجِدٍ (نَفْسِهِ وَلَمْ يُخْبِرْ الْحَاكِمَ بِمَا تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى تَلِفَ أَوْ أَخَّرَ الْقَيِّمُ بَيْعَ وَرَقِ فِرْصَادٍ لِطِفْلٍ وَنَحْوِهِ حَتَّى مَضَى وَقْتُهُ ضَمِنَ لَا إنْ ارْتَقَبَ) بِتَأْخِيرِ بَيْعِهِ (نَفَاقًا) بِالْفَتْحِ أَيْ رَوَاجًا لَهُ (فَرَخَّصَ) فَلَا يَضْمُنُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا قَيِّمُ الْمَسْجِدِ فِي أَشْجَارِهِ وَهَذَا شَبِيهٌ بِتَعْرِيضِ الثَّوْبِ الَّذِي يُفْسِدُهُ الدُّودُ لِلرِّيحِ. (وَإِنْ) بَعَثَ رَسُولًا لِقَضَاءِ حَاجَةٍ و (أَعْطَاهُ خَاتَمَهُ أَمَارَةً) لِمَنْ يَقْضِي لَهُ الْحَاجَةَ (وَقَالَ) لَهُ (رُدَّهُ) عَلَيَّ (بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فَوَضَعَهُ) بَعْدَ قَضَائِهَا (فِي حِرْزٍ) لِمِثْلِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ (لَمْ يَضْمَنْ إذْ لَا يَجِبُ) عَلَيْهِ (إلَّا التَّخْلِيَةُ لَا الرَّدُّ) بِمَعْنَى النَّقْلِ وَتَحَمُّلِ مُؤْنَتِهِ. (وَلَوْ لَمْ يُسْتَحْفَظْ) دَاخِلَ الْحَمَّامِ (الْحَمَّامِيُّ) لِحِفْظِ ثِيَابِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ حِفْظُ الثِّيَابِ) فَلَوْ ضَاعَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ نَامَ أَوْ قَامَ مِنْ مَكَانِهِ وَلَا نَائِبَ لَهُ ثَمَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. أَمَّا إذَا اسْتَحْفَظَهُ وَقَبِلَ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ الْحِفْظُ. (وَإِنْ أَوْدَعَهُ قَبَالَةً) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ وَرَقَةً مَكْتُوبَةً فِيهَا الْحَقُّ الْمُقَرُّ بِهِ (وَتَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ) كَأَنْ قَالَ لَا نَدْفَعُهَا إلَى زَيْدٍ حَتَّى يُعْطِيَكَ دِينَارًا فَدَفَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ (ضَمِنَ قِيمَةَ الْكَاغِدِ مَكْتُوبًا) الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ قِيمَتُهَا مَكْتُوبَةً (وَأُجْرَةُ الْكِتَابَةِ) إنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ بَيَانُ مَأْخَذِ قِيمَتِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا إلَى مُنْشِئِهَا الْكِتَابَةُ بِالْأُجْرَةِ فَذَاكَ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ ظَاهِرًا مِنْ إيجَابِ قِيمَتِهَا مَكْتُوبَةً مَعَ الْأُجْرَةِ فَمَمْنُوعٌ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ الْقِبْلَةَ لَهُ مُتَقَوِّمَةٌ فَإِذَا تَلِفَتْ لَزِمَ قِيمَتُهَا وَلَا نَظَرَ لِأُجْرَةِ الْكِتَابَةِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا لَلَزِمَ أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ عَلَى غَيْرِهِ ثَوْبًا مُطَرَّزًا غَرِمَ قِيمَتَهُ وَأُجْرَةَ التَّطْرِيزِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَالْغَاصِبُ إنَّمَا يَغْرَمُ الْقِيمَةَ فَقَطْ كَمَا أَجَابَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْفُورَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ فَالصَّوَابُ لُزُومُهَا فَقَطْ انْتَهَى. (خَاتِمَةٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَغَيْرُهُ كُلُّ مَالٍ تَلِفَ فِي يَدِ أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا إذَا اسْتَسْلَفَ السُّلْطَانُ لِحَاجَةِ الْمَسَاكِينِ زَكَاةً قَبْلَ حَوْلِهَا فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُهَا لَهُمْ أَيْ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا الْمُقَرَّرَةِ فِي مَحَلِّهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُلْتَحَقُ بِهَا مَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنًا وَحَبَسَهَا الْبَائِعُ عَلَى الثَّمَنِ ثُمَّ أَوْدَعَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَتَلِفَتْ فَإِنَّهَا مِنْ ضَمَانِهِ وَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ (كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ) الْمَشْهُورُ تَغَايُرُهُمَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَقِيلَ يَقَعُ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ إذَا أَفْرَدَ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا افْتَرَقَا كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ، وَقِيلَ اسْمُ الْفَيْءِ يَقَعُ عَلَى الْغَنِيمَةِ دُونَ الْعَكْسِ وَمِنْ هَذَيْنِ قَوْلُهُمْ يُسَنُّ وَسْمُ نَعَمِ الْفَيْءِ وَالْأَصْلُ فِيهِمَا قَوْله تَعَالَى {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7] وَقَوْلُهُ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] الْآيَتَيْنِ وَسُمِّيَ الْأَوَّلُ فَيْئًا لِرُجُوعِهِ مِنْ الْكُفَّارِ إلَى الْمُسْلِمِينَ يُقَالُ فَاءَ أَيْ رَجَعَ وَالثَّانِي غَنِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ فَضْلٌ وَفَائِدَةٌ مَحْضَةٌ (وَفِيهِ بَابَانِ: الْأَوَّلُ: الْفَيْءُ وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ الْكُفَّارِ بِلَا قِتَالٍ وَلَا إيجَافٍ) أَيْ إسْرَاعِ خَيْلٍ أَوْ رِكَابٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (مِنْ جِزْيَةٍ وَعُشُورٍ) مَشْرُوطَةٍ عَلَيْهِمْ مِنْ تِجَارَاتِهِمْ إذَا دَخَلُوا دَارَنَا (وَتَرِكَةِ مُرْتَدٍّ وَذِمِّيٍّ لَا وَارِثَ لَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ بَيَانُ مَأْخَذِ قِيمَتِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا الَّتِي مَنْشَؤُهَا الْكِتَابَةُ بِالْأُجْرَةِ فَذَاكَ وَإِنْ أُرِيدَ إلَخْ) لَمْ يُرِدْ بِهِ الشِّقُّ الْأَوَّلُ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ ظَاهِرُهُ وَوَجْهُهُ وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْكَاغِدَ قَبْلَ كِتَابَتِهِ تَكْثُرُ الرَّغْبَةُ فِيهِ لِلِانْتِفَاعِ بِالْكِتَابَةِ فِيهِ فَقِيمَتُهُ مُرْتَفِعَةٌ كَثِيرَةٌ وَبَعْدَ كِتَابَتِهِ يَصِيرُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ قِيمَتُهُ تَافِهَةٌ فَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ مَعَ قِيمَتِهِ مَكْتُوبًا أُجْرَةُ كِتَابَةِ الشُّهُودِ لَا حَجَّ مِنَّا بِمَالِكِهِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَوْ تَلِفَ مَاءٌ بِمَفَازَةٍ ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ مَالِكُهُ بِمَكَانٍ لَا قِيمَةَ لِلْمَاءِ فِيهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لَا مِثْلُهُ وَأَمَّا لُزُومُ قِيمَةِ الثَّوْبِ مُطَرَّزًا دُونَ أُجْرَةِ التَّطْرِيزِ فَلَا إجْحَافَ فِيهِ بِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الثَّوْبِ تَزِيدُ بِتَطْرِيزِهِ بَلْ كَثِيرًا مَا تُجَاوِزُ الزِّيَادَةُ قِيمَةَ مَا طُرِّزَ بِهِ وَأَجَرْتُهُ وَمِنْ نَظَائِرِ مَسْأَلَتِنَا مَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِلدَّفْنِ فَحَفَرَ فِيهَا الْمُسْتَعِيرُ ثُمَّ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَ الدَّفْنِ فَمُؤْنَةُ الْحَفْرِ عَلَيْهِ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ، وَمَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ أَوْ نَقَضَ وُضُوءَهَا بِاللَّمْسِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَمَنُ مَاءِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَمَا لَوْ حَمَى الْوَطِيسُ لِيُخْبَزَ فِيهِ فَجَاءَ إنْسَانٌ فَبَرَّدَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا يُخْبَزُ فِيهِ. [خَاتِمَةٌ مَالٍ تَلِفَ فِي يَدِ أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ] (قَوْلُهُ خَاتِمَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ إلَخْ) رَأَيْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْأَمِينَ عَلَى الْبَهِيمَةِ الْمَأْكُولَةِ كَالْمُودَعِ وَالرَّاعِي وَنَحْوِهِمَا لَوْ رَآهَا وَقَعَتْ فِي مَهْلَكَةٍ فَذَبَحَهَا جَازَ وَإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى مَاتَتْ فَلَا ضَمَانَ. قُلْتُ وَيَجِبُ أَنْ يَلْزَمَهُ إعْلَامُ رَبِّهَا بِهَا إنْ أَمْكَنَهُ وَفِي عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا أَمْكَنَهُ تَخْلِيصُهَا بِلَا كُلْفَةٍ نُظِرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ الْمَالِكُ فِي ذَبَحَهَا لِمَا ادَّعَاهُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْأَمِينُ إلَّا بِبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ع وَمَا نُظِرَ فِيهِ لَيْسَ بِمُرَادٍ قَالَ شَيْخُنَا: وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ: وَلَوْ سَقَطَتْ شَاةٌ وَلَمْ يَذْبَحْهَا الرَّاعِي حَتَّى مَاتَتْ لَمْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْذَنْ وَلَوْ عَلِمَ بِالْقَرَائِنِ أَنَّهَا لَا تَعِيشُ غَالِبًا فَيَجُوزُ لَهُ الذَّبْحُ وَلَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا مِنْ ضَمَانِهِ وَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ) الْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَإِنَّ تَلَفَهُ فِي يَدِهِ حِينَئِذٍ كَتَلَفِهِ فِي يَدِ بَائِعِهِ [كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ] [الْبَاب الْأَوَّلُ الْفَيْءُ] [فَصْلٌ يُقْسَمُ الْفَيْءِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ] (كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ) هَذَا شَطْرُ بَيْتٍ مَوْزُونٍ وَالْقَسْمُ بِفَتْحِ الْقَافِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ وَالْقِسْمُ بِالْكَسْرِ النَّصِيبُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} [الأنفال: 41] الْآيَتَيْنِ) وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَقَدْ فَسَّرَ لَهُمْ الْإِيمَانَ وَأَنْ تُعْطُوا مِنْ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ الْغَنَائِمُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَلْ كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ إذَا غَنِمُوا مَالًا جَمَعُوهُ فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ فَتُحْرِقُهُ ثُمَّ أُحِلَّتْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ وَسُمِّيَ الْأَوَّلُ فَيْئًا إلَخْ) قَالَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى طَاعَتِهِ وَمَنْ خَالَفَهُ فَقَدْ عَصَاهُ وَسَبِيلُهُ الرَّدُّ إلَى مَنْ يُطِيعُهُ وَهَذَا الْمَعْنَى يَشْمَلُ الْغَنِيمَةَ أَيْضًا فَلِذَلِكَ قِيلَ اسْمُ الْفَيْءِ يَشْمَلُهَا. (قَوْلُهُ وَذِمِّيٍّ لَا وَارِثَ لَهُ) وَكَذَا مَا فَضَلَ مِنْ مَالِ ذِمِّيٍّ مَاتَ عَنْ وَارِثٍ غَيْرِ جَائِزٍ قَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا قَالَ مَالُ ذِمِّيٍّ مَعَ كَوْنِ الْحَرْبِيِّ يَرِثُهُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَالِ الْمُحْتَرَمِ وَمَالُ الْحَرْبِيِّ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ قَهْرًا مَعَ كَوْنِهِ حَيًّا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 أَوْ مَا هَرَبُوا عَنْهُ) لِخَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِ كَضُرٍّ أَصَابَهُمْ (أَوْ صُولِحُوا عَلَيْهِ بِلَا قِتَالٍ) أَوْ نَحْوِهَا (فَيُخَمَّسُ) خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ لِآيَةِ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَشَمِلَ تَعْبِيرُهُ بِمَا أُخِذَ مَا فِيهِ اخْتِصَاصٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمَالِ الْمَأْخُوذِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أُخِذَ مِنْ الْكُفَّارِ صَيْدُ دَارِ الْحَرْبِ وَحَشِيشُهُ وَنَحْوُهُمَا فَإِنَّهَا كَمُبَاحِ دَارِنَا وَبِقَوْلِهِ وَلَا إيجَافٍ نَحْوِ السَّرِقَةِ مِمَّا فِيهِ إسْرَاعٌ فَإِنَّهُ غَنِيمَةٌ لَا فَيْءٌ (فَصْلٌ وَيُقْسَمُ خُمُسُهُ) أَيْ الْفَيْءِ (عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ) فَالْقِسْمَةُ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ: (سَهْمٌ) مِنْ الْخَمْسَةِ (لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَانَ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى مَصَالِحِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْهُ يَصْرِفُهُ فِي السِّلَاحِ وَسَائِرِ الْمَصَالِحِ وَإِضَافَتُهُ لِلَّهِ فِي الْآيَةِ لِلتَّبَرُّكِ بِالِابْتِدَاءِ بِاسْمِهِ (وَمَصْرِفُهُ) أَيْ السَّهْمِ الْمَذْكُورِ (بَعْدَهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لِلْمَصَالِحِ) الْعَامَّةِ (كَسَدِّ الثُّغُورِ وَعِمَارَةِ الْحُصُونِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْمَسَاجِدِ وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَالْأَئِمَّةِ) ؛ لِأَنَّ بِهَا تُحْفَظُ الْمُسْلِمُونَ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَالِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلْيَكُنْ الصَّرْفُ لِلْمَصَالِحِ بِتَقْدِيمِ (الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ) مِنْهَا وُجُوبًا قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَأَهَمُّهَا سَدُّ الثُّغُورِ السَّهْمُ (الثَّانِي لِذَوِي الْقُرْبَى) لِلْآيَةِ (وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ) دُونَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنْيِ نَوْفَلٍ وَإِنْ كَانَ الْأَرْبَعَةُ أَوْلَادَ عَبْدِ مَنَافٍ لِاقْتِصَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقِسْمَةِ عَلَى بَنِي الْأَوَّلَيْنِ مَعَ سُؤَالِ بَنِي الْأَخِيرَيْنِ لَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوهُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ حَتَّى أَنَّهُ لَمَّا بُعِثَ بِالرِّسَالَةِ نَصَرُوهُ وَذَبُّوا عَنْهُ بِخِلَافِ بَنِي الْأَخِيرَيْنِ بَلْ كَانُوا يُؤْذُونَهُ وَالْعِبْرَةُ بِالِانْتِسَابِ إلَى الْآبَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَمَّا مَنْ يُنْسَبُ مِنْهُمْ إلَى الْأُمَّهَاتِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْطِ الزُّبَيْرَ وَعُثْمَانَ مَعَ أَنَّ أُمَّ كُلٍّ مِنْهُمَا هَاشِمِيَّةٌ. وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ أَوْلَادَ بَنَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَأُمَامَةَ بِنْتِ أَبِي الْعَاصِ مِنْ بِنْتِهِ زَيْنَبَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ مِنْ بِنْتِهِ رُقَيَّةَ. فَإِنَّهُمْ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى بِلَا شَكٍّ قَالَ وَلَمْ أَرَهُمْ تَعَرَّضُوا لِذَلِكَ فَيَنْبَغِي الضَّبْطُ بِقَرَابَةِ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ لَا بَنِيهِمَا وَأَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمَذْكُورِينَ تَوَفَّيَا صَغِيرَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا عَقِبٌ فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِمَا انْتَهَى عَلَى أَنَّ مَا ضَبَطَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَإِنْ دَخَلَ فِيهِ مَا أَرَادَهُ دَخَلَ فِيهِ غَيْرُ الْمُرَادِ لِأَنَّ قَرَابَةَ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ أَعَمُّ مِنْ فُرُوعِهِمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ. (لَا مَوَالِيهِمْ) فَلَا شَيْءَ لَهُمْ (وَيُفَضَّلُ بِالذُّكُورَةِ) فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ مَا لِأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ يُسْتَحَقُّ بِقَرَابَةِ الْأَبِ كَالْإِرْثِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُنْثَى كَالْأُنْثَى وَلَا يُوقَفُ شَيْءٌ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي عَدَمِ وَقْفِ شَيْءٍ (وَيَعُمُّهُمْ) بِالْعَطَاءِ وُجُوبًا (كَالْمِيرَاثِ) وَلِلْآيَةِ (وَلَا يَخْتَصُّ) بِهِ (فَقِيرٌ وَحَاضِرٌ) بِمَوْضِعِ الْفَيْءِ وَكَبِيرٌ وَقَرِيبٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَقَدْ أَعْطَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَبَّاسَ وَكَانَ غَنِيًّا (نَعَمْ يُجْعَلُ مَا فِي كُلِّ إقْلِيمٍ لِسَاكِنِهِ فَإِنْ عَدِمَهُ بَعْضُ الْأَقَالِيمِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَعْضِهَا شَيْءٌ (أَوْ لَمْ يَسْتَوْعِبْهُمْ) السَّهْمُ بِأَنْ لَمْ يَفِ بِمَنْ فِيهِ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِمْ (نَقَلَ إلَيْهِمْ حَاجَتَهُمْ) إذْ لَا تَعْظُمُ فِيهِ الْمَشَقَّةُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ قَدْرُ الْحَاجَةِ أَيْ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْإِمَامُ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَنْقُولِ إلَيْهِمْ وَغَيْرِهِمْ وَالتَّعْبِيرُ بِحَاجَتِهِمْ يَفُوتُ هَذَا الْمَعْنَى بَلْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ (فَإِنْ كَانَ) الْحَاصِلُ (يَسِيرًا لَا يَسُدُّ مَسَدًّا بِالتَّوْزِيعِ قُدِّمَ الْأَحْوَجُ) فَالْأَحْوَجُ وَلَا يَسْتَوْعِبُ لِلضَّرُورَةِ وَتَصِيرُ الْحَاجَةُ مُرَجَّحَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَبَرَةً فِي الِاسْتِحْقَاقِ السَّهْمَ (الثَّالِثُ لِلْيَتَامَى) لِلْآيَةِ (وَهُمْ كُلُّ صَغِيرٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى (لَا أَب لَهُ) وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ أَمَّا كَوْنُهُ صَغِيرًا فَلِخَبَرِ «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَحَسَّنَهُ النَّوَوِيُّ لَكِنْ ضَعَّفَهُ الْمُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا أَبَ لَهُ فَلِلْوَضْعِ وَالْعُرْفِ سَوَاءٌ أَكَانُوا مِنْ أَوْلَادِ الْمُرْتَزِقَةِ أَمْ لَا قُتِلَ أَبُوهُمْ فِي الْجِهَادِ أَمْ لَا (وَيُشْتَرَطُ) فِي إعْطَائِهِمْ (فَقْرُهُمْ) لِإِشْعَارِ لَفْظِ الْيُتْمِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُقْسَمُ خُمُسُهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَ الشَّافِعِيِّ قَالَ فِي الْفَيْءِ الْخُمُسُ كَخُمُسِ الْغَنِيمَةِ دَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7] الْآيَةَ فَأَطْلَقَ هَاهُنَا وَقَيَّدَ فِي الْغَنِيمَةِ فَحَمَلَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَاخْتِلَافِ السَّبَبِ فَإِنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ وَهُوَ رُجُوعُ الْمَالِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنَّهُ اخْتَلَفَ بِالْقِتَالِ وَعَدَمِهِ كَمَا حَمَلْنَا الرَّقَبَةَ فِي الظِّهَارِ عَلَى الْمُؤْمِنَةِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ. (قَوْلُهُ وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ) أَيْ قُضَاةِ الْبِلَادِ (قَوْلُهُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ) وَلَمْ يُرَدَّ إلَّا بَعْدَ الْوَفَاةِ وَلَمْ يُمْكِنْ تَوْزِيعُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ أَنْ جَعَلَهُ لَهُمْ إلَّا بِالصَّرْفِ فِي مَصَالِحِهِمْ. (قَوْلُهُ وَيَفْضُلُ بِالذُّكُورَةِ) إنَّمَا أَعْطَى النِّسَاءَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الزُّبَيْرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَأْخُذُ سَهْمَ أُمِّهِ صَفِيَّةَ عَمَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَدْفَعُ لِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنْهُ وَفِي النَّسَائِيّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْهَمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِصَفِيَّةَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَدْفَعْ لَهُنَّ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ إلَّا عَلَى الصَّرْفِ لِلذُّكُورِ فَإِنَّ ذُو اسْمٌ مَذْكُورٌ جَعَلَهُ لِلشَّخْصِ الَّذِي يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي عَدَمِ وَقْفِ شَيْءٍ) قَالَ شَيْخُنَا فَالْأَوْجَهُ وَقْفُ مَا زَادَ إلَى حِصَّةِ ذَكَرٍ (قَوْلُهُ كَالْمِيرَاثِ) لَكِنْ سَوَّى بَيْنَ مُدْلٍ بِجِهَتَيْنِ وَمُدْلٍ بِجِهَةِ خِلَافًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ (قَوْلُهُ وَهُمْ كُلُّ صَغِيرٍ لَا أَبَ لَهُ) شَمِلَ اللَّقِيطَ وَوَلَدَ الزِّنَا وَالْمَنْفِيَّ بِاللِّعَانِ قَالَ النَّاشِرِيُّ: فَإِنْ: قِيلَ مَا الْحُكْمُ لَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَلَكِنَّ الْأَبَ فَقِيرٌ أَيُعْطَى أَمْ لَا وَمَا الْحُكْمُ لَوْ كَانَ لَهُ جَدٌّ مُوسِرٌ أَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْمُسْتَغْنِي بِنَفَقَةِ غَيْرِهِ أَمْ لَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى الصَّحِيحِ وَكَذَا يُعْطَى مَنْ أَبُوهُ فَقِيرٌ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ مَسْكَنَةَ الْيَتِيمِ كَفَقْرِهِ. (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فَقْرُهُمْ) يُشْتَرَطُ فِي الْيَتَامَى الْإِسْلَامُ وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ نَعَمْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَصْرِفُ لِلْكَافِرِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ وَاضْطَرَبَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِيهِ فَقَالَا هُنَا لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ لِلْكَافِرِ وَفِي اللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي الْأَصَحِّ وَفِي السَّرِقَةِ يُقْطَعُ الذِّمِّيُّ بِمَالِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْمُسْلِمِينَ وَلَا نَظَرَ لِإِنْفَاقِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ وَبِشَرْطِ الضَّمَانِ وَلَا لِارْتِفَاقِهِ بِالْقَنَاطِرِ وَالرُّبُطِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 بِهِ وَلِأَنَّ اغْتِنَاءَهُمْ بِمَالِ أَبِيهِمْ إذَا مَنَعَ اسْتِحْقَاقَهُمْ فَاغْتِنَاؤُهُمْ بِمَالِهِمْ أَوْلَى بِمَنْعِهِمْ (وَيَعُمُّهُمْ) بِالْعَطَاءِ وُجُوبًا لِلْآيَةِ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي السَّهْمُ (الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ لِلْمَسَاكِينِ) الشَّامِلِينَ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا سَيَأْتِي (وَابْنِ السَّبِيلِ) لِلْآيَةِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُمْ وَيُشْتَرَطُ فِي ابْنِ السَّبِيلِ الْفَقْرُ صَرَّحَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ لِلْمَسَاكِينِ بَيْنَ سَهْمِهِمْ مِنْ الزَّكَاةِ وَسَهْمِهِمْ مِنْ الْخُمُسِ وَحَقِّهِمْ مِنْ الْكَفَّارَاتِ فَيَصِيرُ لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ قَالَ وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي وَاحِدٍ يُتْمٌ وَمَسْكَنَةٌ أُعْطَى بِالْيُتْمِ دُونَ الْمَسْكَنَةِ؛ لِأَنَّ الْيُتْمَ وَصْفٌ لَازِمٌ وَالْمَسْكَنَةَ زَائِلَةٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغَازِي مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى لَا يَأْخُذُ بِالْغَزْوِ بَلْ بِالْقَرَابَةِ فَقَطْ لَكِنْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهِمَا وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغَزْوِ وَالْمَسْكَنَةِ أَنَّ الْأَخْذَ بِالْغَزْوِ لِحَاجَتِنَا وَبِالْمَسْكَنَةِ لِحَاجَةِ صَاحِبِهَا (وَيُعَمَّمُونَ) بِالْعَطَاءِ وُجُوبًا (كَمَا فِي) ذَوِي (الْقُرْبَى) وَلِلْآيَةِ (لَكِنْ يُفَاضَلُ بَيْنَ أَفْرَادِهِمْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَالْيَتَامَى) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ بِالْحَاجَةِ وَهِيَ تَتَفَاوَتُ بِخِلَافِ ذَوِي الْقُرْبَى فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ بِالْقَرَابَةِ كَمَا مَرَّ (وَلَا يُعْطَى كَافِرٌ) كَمَا فِي الزَّكَاةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إلَّا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ (فَرْعٌ يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ هُنَا فِي اسْمِ الْمَسَاكِينِ) كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (فَرْعٌ مَنْ فُقِدَ مِنْ الْأَصْنَافِ أُعْطِيَ الْبَاقُونَ نَصِيبَهُ) كَمَا فِي الزَّكَاةِ إلَّا سَهْمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ لِلْمَصَالِحِ كَمَا مَرَّ (وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الْمَسْكَنَةِ وَالسَّفَرِ) بِلَا بَيِّنَةٍ وَإِنْ اُتُّهِمَ (لَا) مُدَّعِي (الْيُتْمِ وَ) لَا مُدَّعِي (الْقَرَابَةِ) فَلَا يُصَدَّقَانِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (فَصْلٌ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ فَهِيَ لِلْمُرْتَزِقَةِ) لِعَمَلِ الْأَوَّلِينَ بِهِ وَلِأَنَّهَا كَانَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا سَيَأْتِي لِحُصُولِ النُّصْرَةِ بِهِ وَالْمُقَاتِلُونَ بَعْدَهُ هُمْ الْمُرْصَدُونَ لَهَا كَمَا قَالَ (وَهُمْ الْمُرْصَدُونَ لِلْجِهَادِ) بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ وَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ مَضْمُومَةً إلَى خُمُسِ الْخُمُسِ فَجُمْلَةُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْفَيْءِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا سَهْمٌ مِنْهَا لِلْمَصَالِحِ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ لَكِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ وَإِنَّمَا كَانَ يَأْخُذُ خُمُسَ الْخُمُسِ كَمَا مَرَّ وَكَمَا سَيَأْتِي فِي الْخَصَائِصِ، وَخَرَجَ بِالْمُرْتَزِقَةِ الْمُتَطَوِّعَةُ الَّذِينَ يَغْزُونَ إذَا نَشِطُوا فَإِنَّمَا يُعْطُونَ مِنْ الزَّكَاةِ لَا مِنْ الْفَيْءِ عَكْسَ الْمُرْتَزِقَةِ (فَيَضَعُ) الْإِمَامُ نَدْبًا (لِأَسْمَائِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ دِيوَانًا) بِكَسْرِ الدَّالِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ الدَّفْتَرِ وَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ قَوْمٍ) مِنْ قَبِيلَةٍ أَوْ عَدَدٍ يَرَاهُ الْإِمَامُ (عَرِيفٌ) أَيْ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ نَصْبُهُ لِيَعْرِضَ عَلَيْهِ أَحْوَالَهُمْ وَيَجْمَعَهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ كُلُّ ذَلِكَ لِلتَّسْهِيلِ، وَزَادَ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ وَيَنْصِبُ الْإِمَامُ صَاحِبَ جَيْشٍ وَهُوَ يَنْصِبُ النُّقَبَاءَ وَكُلُّ نَقِيبٍ يَنْصِبُ الْعُرَفَاءَ وَكُلُّ عَرِيفٍ يُحِيطُ بِأَسْمَاءِ الْمَخْصُوصِينَ بِهِ فَيَدْعُو الْإِمَامُ صَاحِبَ الْجَيْشِ وَهُوَ يَدْعُو النُّقَبَاءَ وَكُلُّ نَقِيبٍ يَدْعُو الْعُرَفَاءَ الَّذِينَ تَحْت رَايَتِهِ وَكُلُّ عَرِيفٍ يَدْعُو مَنْ تَحْتَ رَايَتِهِ. (وَيُعْطِي كُلًّا) مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا (قَدْرَ حَاجَتِهِ وَحَاجَةَ مَنْ يُمَوِّنُهُ) وُجُوبًا (مِنْ أَوْلَادٍ صِغَارٍ وَكِبَارٍ وَزَوْجَاتٍ وَعَبِيدِ خِدْمَةٍ لِمُعْتَادٍ) بِهَا (إنْ لَمْ يَكْتَفِ بِوَاحِدٍ أَوْ عَبِيدٍ لِحَاجَةِ الْغَزْوِ أَوْ الْجِهَادِ لَا غَيْرِهِمَا) أَوْ لَا عَبِيدَ زِينَةٍ وَتِجَارَةٍ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ جَدِيدَةً زِيدَ فِي الْعَطَاءِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ أَمَّا إذَا اكْتَفَى بِعَبْدٍ وَاحِدٍ لِلْخِدْمَةِ فَلَا يُعْطَى لِأَكْثَرَ مِنْهُ بِخِلَافِ الْأَوْلَادِ يُعْطَى لِحَاجَتِهِمْ وَإِنْ كَثُرُوا إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي لُزُومِ نَفَقَتِهِمْ وَبِخِلَافِ الزَّوْجَاتِ لِانْحِصَارِهِنَّ فِي أَرْبَعٍ بِخِلَافِ الْعَبِيدِ وَقَوْلُهُ (مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ) أَيْ وَسَائِرِ الْمُؤَنِ مُتَعَلِّقٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (وَيُرَاعِي فِي مُرُوءَتِهِ) وَضِدِّهَا وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ (وَعَادَةِ الْبَلَدِ فِي الْمَطْعُومِ وَمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلِأَنَّ اغْتِنَاءَهُمْ بِمَالِ أَبِيهِمْ إلَخْ) فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَكْفِيَّ مِنْهُمْ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ أَوْ زَوْجٍ لَا يُعْطَى (قَوْلُهُ أُعْطَى بِالْيُتْمِ دُونَ الْمَسْكَنَةِ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْيَتِيمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ فَقْرٍ أَوْ مَسْكَنَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْيَتَامَى لَا مِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ (قَوْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهِمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إلَّا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ) وَاضْطَرَبَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِيهِ فَقَالَا هُنَا لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ لِلْكَافِرِ وَفِي اللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي الْأَصَحِّ وَفِي السَّرِقَةِ يُقْطَعُ الذِّمِّيُّ بِمَالِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْمُسْلِمِينَ وَلَا نَظَرَ لِإِنْفَاقِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ عِنْدِ الْحَاجَة؛ لِأَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ وَبِشَرْطِ الضَّمَانِ وَلَا لِارْتِفَاقِهِ بِالْقَنَاطِرِ وَالرُّبُطِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ (قَوْلُهُ لَا مُدَّعِي الْيُتْمَ) إذْ يُشْتَرَطُ ثُبُوتُ يُتْمِهِ وَهُوَ كَالْمُتَعَذِّرِ فِي اللَّقِيطِ فَإِنْ ثَبَتَ يُتْمُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ [فَصْلٌ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةُ فِي الْفَيْء لِلْمُرْتَزِقَةِ] (قَوْلُهُ فَيَضَعُ لِأَسْمَائِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ دِيوَانًا) وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ لِئَلَّا تُشْتَبَهَ الْأَحْوَالُ وَيَقَعُ الْخَبْطُ وَالْغَلَطُ قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَيَفْتَقِرُ الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَضَعَ دِيوَانًا غ وَهُوَ وَاجِبٌ كَمَا أَفْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِئَلَّا يَقَعَ فِي الْغَلَطِ ع وَلَكِنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ صَرِيحٌ فِي اسْتِحْبَابِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَضَعَ الْإِمَامُ دَفْتَرًا (قَوْلُهُ وَزَوْجَاتٌ وَلَوْ لِتَمَامِ أَرْبَعٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ كَالزَّوْجَاتِ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَمَّا أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ فَلَا تُعْطَى إلَّا وَاحِدَةً مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ بِخِلَافِ الزَّوْجَاتِ وَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِوَاحِدَةٍ. اهـ. وَتُعْطَى الزَّوْجَةُ حَتَّى تَنْكِحَ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُرْغَبُ فِي نِكَاحِهَا تُعْطَى إلَى الْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهَا لَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ التَّزَوُّجِ مَعَ رَغْبَةِ الْأَكْفَاءِ فِيهَا أَنَّهَا تُعْطَى وَفِيهِ نَظَرٌ وَتُعْطَى الْأَوْلَادُ حَتَّى يَسْتَقِلُّوا جَعْلُهُ الْغَايَةَ الِاسْتِقْلَالَ أَحْسَنُ مِنْ جَعْلِ الْمُحَرَّرِ الْبُلُوغَ فَقَدْ يَسْتَقِلُّونَ بِكَسْبٍ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بِإِرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ إلَّا أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُحَرَّرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ حَتَّى يَسْتَقِلُّوا اشْتِرَاطَ كَوْنِ نَفَقَتِهِمْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَعَبِيدِ خِدْمَةٍ إلَخْ) فِي الْحَاوِي يُعْطَى لِعَبِيدِهِ وَخَيْلِهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ قَدْرَ الْحَاجَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 يَعْرِضُ مِنْ غَلَاءٍ وَرُخْصٍ) فَيَكْفِيهِ الْمُؤْنَاتِ لِيَتَفَرَّغَ لِلْجِهَادِ (وَالْفَارِسُ) مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ (يُعْطَى فَرَسًا إنْ احْتَاجَ) إلَيْهِ (وَ) يُعْطَى (مُؤْنَتَهُ لَا دَوَابَّ زِينَةٍ) أَيْ لَا يُعْطَاهَا وَلَا مُؤْنَتَهَا، وَالْأَصْلُ لَمْ يُصَرِّحْ إلَّا بِالثَّانِي حَيْثُ قَالَ: وَلَا يُعْطَى أَيْ مُؤْنَةَ الدَّوَابِّ الَّتِي يَتَّخِذُهَا زِينَةً وَنَحْوَهَا (وَلَا يُزَادُ) أَحَدٌ مِنْهُمْ (لِنَسَبٍ) عَرِيقٍ (وَسَبْقٍ فِي الْإِسْلَامِ) وَالْهِجْرَةِ وَسَائِرِ الْخِصَالِ الْمَرْضِيَّةِ وَإِنْ اتَّسَعَ الْمَالُ بَلْ يَسْتَوُونَ كَالْإِرْثِ وَالْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يُعْطُونَ بِسَبَبِ تَرَصُّدِهِمْ لِلْجِهَادِ وَكُلُّهُمْ مُتَرَصِّدُونَ لَهُ (وَإِنْ زَادَ) مَا لِلْمُرْتَزِقَةِ (عَنْ حَاجَتِهِمْ قُسِمَ) الزَّائِدُ (عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ لَهُمْ (وَإِنْ صُرِفَ مِنْهُ إلَى الْكُرَاعِ) أَيْ الْخَيْلِ (أَوْ الْحُصُونِ) أَوْ السِّلَاحِ (لِيَكُونَ عُدَّةً لَهُمْ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ مَعُونَةٌ لَهُمْ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ مَنْعُ صَرْفِ جَمِيعِ الزَّائِدِ لِذَلِكَ وَأَنَّ صَرْفَهُ لَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ الْمُقَاتِلَةِ لَكِنْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ فَقَالَ: الَّذِي فَهِمْته مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِرِجَالِهِمْ حَتَّى لَا يَصْرِفَ مِنْهُ لِلذَّرَارِيِّ أَيْ الَّذِينَ لَا رَجُلَ لَهُمْ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ صَرْفِهِ إلَى الْمُرْتَزِقَةِ عَنْ كِفَايَةِ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ (فَرْعٌ) لِلْإِمَامِ صَرْفُ مَالِ الْفَيْءِ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهِ وَيُعْطِي مُسْتَحِقِّيهِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْوَلِيُّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مُسْتَحِقِّيهَا إلَّا مِنْ نَفْسِ مَا حَصَلَ فِي يَدِهِ مِنْ الْمَاشِيَةِ وَالثَّمَرَةِ وَغَيْرِهَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ [فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقَدِّمَ قُرَيْشًا عَلَى غَيْرِهِمْ فِي الْفَيْء وَفِي إثْبَاتِ الِاسْمِ فِي الدِّيوَانِ] (فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ) لِلْإِمَامِ (أَنْ يُقَدِّمَ فِي) الْإِعْطَاءِ وَفِي إثْبَاتِ الِاسْمِ فِي (الدِّيوَانِ قُرَيْشًا) عَلَى غَيْرِهِمْ لِخَبَرِ قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلِشَرَفِهِمْ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ وَلَدُ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ أَحَدِ أَجْدَادِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَدِّمُ (الْأَقْرَبَ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِفَضِيلَةِ الْقُرْبِ إلَيْهِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ (فَيُقَدَّمُ) مِنْهُمْ (بَنُو هَاشِمٍ) جَدِّهِ الثَّانِي (وَبَنُو الْمُطَّلِبِ) شَقِيقِ هَاشِمٍ (عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْمُطَّلِبِ «بِقَوْلِهِ أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ فَشَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. (وَيُقَدِّمُ) مِنْهُمْ (مَنْ يُدْلِي بِأَبَوَيْنِ) إلَى الْمُقَدَّمِ (كَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ أَخِي هَاشِمٍ) لِأَبَوَيْهِ (عَلَى بَنِي أَخِيهِ نَوْفَلٍ) لِأَبِيهِ (وَيُقَدَّمُ) بَعْدَ مَنْ ذَكَرَ (بَنُو عَبْدِ الْعُزَّى عَلَى بَنِي أَخِيهِ عَبْدِ الدَّارِ) ابْنِ قُصَيٍّ (لِمَكَانِ خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -) مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُمْ أَصْهَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَتُقَدَّمُ بَنُو زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ عَلَى بَنِي تَيْمٍ؛ لِأَنَّهُمْ أَخْوَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَ) تُقَدَّمُ (بَنُو تَيْمٍ عَلَى بَنِي أَخِيهِ مَخْزُومٍ لِمَكَانِ عَائِشَةَ) وَأَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -) وَعَنْهُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ثُمَّ) يُقَدِّمُ (بَنِي مَخْزُومٍ ثُمَّ) بَنِي (عَدِيٍّ) لِمَكَانِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (ثُمَّ) بَنِي (جُمَحٍ و) بَنِي (سَهْمٍ) التَّسْوِيَةُ بَيْنَ هَذَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَيْهَا جَرَى جَمَاعَةٌ لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ لَا يَقْتَضِيهَا بَلْ قَدْ يَقْتَضِي عِنْدَ التَّأَمُّلِ تَقْدِيمَ بَنِي جُمَحٍ عَلَى بَنِي سَهْمٍ (ثُمَّ) بَنِي (عَامِرٍ ثُمَّ) بَنِي (الْحَارِثِ ثُمَّ) يُقَدِّمُ (بَعْدَ قُرَيْشٍ الْأَنْصَارَ) لِآثَارِهِمْ الْحَمِيدَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَوْسِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ أَخْوَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَنْصَارُ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ وَهُمَا أَبْنَاءُ حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (ثُمَّ سَائِرَ الْعَرَبِ) وَمِنْهُمْ الْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ لَهُمْ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ سَائِرِ الْعَرَبِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِخِلَافِهِ فَقَالَ بَعْدَ الْأَنْصَارِ مُضَرُ ثُمَّ رَبِيعَةُ ثُمَّ وَلَدُ عَدْنَانَ ثُمَّ وَلَدُ قَحْطَانَ فَيُرَتِّبُهُمْ عَلَى السَّابِقَةِ كَقُرَيْشٍ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ اثْنَانِ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَبِالسَّبْقِ إلَى الْإِسْلَامِ) يُقَدِّمُ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فِيهِ قَدَّمَ (بِالدِّينِ ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فِيهِ قَدَّمَ (بِالسِّنِّ ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فِيهِ قَدَّمَ بِالْهِجْرَةِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ (ثُمَّ بِالشَّجَاعَةِ ثُمَّ رَأْيُ) أَيْ ثُمَّ إنْ اسْتَوَيَا فِيهَا قَدَّمَ بِرَأْيِ (وَلِيِّ الْأَمْرِ) فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُقْرِعَ وَأَنْ يُقَدِّمَ بِرَأْيِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَصْرِفَ مِنْهُ لِلذَّرَارِيِّ) وَلَا مَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُرْتَزِقَةُ كَالْقَاضِي وَالْوَالِي وَإِمَامِ الصَّلَوَاتِ [فَرْعٌ لِلْإِمَامِ صَرْفُ مَالِ الْفَيْءِ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ] (فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدِّمَ فِي الدِّيوَانِ) (قَوْلُهُ لِفَضِيلَةِ الْقُرْبِ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْقَرِيبَ مِنْ الشَّرِيفِ شَرِيفٌ (قَوْلُهُ كَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قِيلَ يُقْرَأُ عَبْدَ شَمْسٍ بِفَتْحِ آخِرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ حَكَاهُ فِي الْعُبَابِ عَنْ الْفَارِسِيِّ وَيَتَحَصَّلُ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي ضَبْطِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: فَتْحُ دَالِ عَبْدِ وَسِينِ شَمْسَ عَلَى التَّرْكِيبِ، وَالثَّانِي: كَسْرُ الدَّالِ وَفَتْحُ السِّينِ، وَالثَّالِثُ: كَسْرُ الدَّالِ وَصَرْفُ شَمْسٍ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ مَنْ يُدْلِي بِأَبَوَيْنِ كَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ أَخِي هَاشِمٍ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ نَوْفَلٍ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَفْضُلُ بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ عَلَى بَنِي نَوْفَلٍ وَلَا بَنُو عَبْدِ الْعُزَّى عَلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ وَلَا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى بَنِي زُهْرَةَ فِي الْكَفَاءَة بِخِلَافِ مَا قُرِّرَ هُنَا. (قَوْلُهُ بَلْ قَدْ يَقْتَضِي عِنْدَ التَّأَمُّلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيُرَتِّبُهُمْ عَلَى السَّابِقَةِ) أَيْ إلَى الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ بِالسِّنِّ فَيُقَدِّمُ الْأَسَنَّ) الْمُرَادُ بِالْأَسَنِّ الشَّيْخُ وَقَدَّمَ هُنَا النَّسَبَ عَلَى السِّنِّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ دُعَاءَ الْأَسَنِّ مُسْتَجَابٌ فَقُدِّمَ لِذَلِكَ فِي السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْإِمَامِ لَيْسَ نَظِيرَ الْمَذْكُورِ هُنَا فَإِنَّ الصُّورَةَ هُنَاكَ إذَا اجْتَمَعَ أَسَنُّ غَيْرُ نَسِيبٍ مَعَ النَّسِيبِ فَيُقَدَّمُ الْأَسَنُّ عَلَى الْجَدِيدِ، وَهَا هُنَا كُلٌّ مِنْهُمَا نَسِيبٌ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مُنْحَصِرَةٌ فِي أَقَارِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجَحَ أَحَدُهُمَا بِالسِّنِّ فَقُدِّمَ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ قَرِيبَانِ أَحَدُهُمَا أَسَنُّ وَالْآخَرُ أَقْرَبُ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ الْخِلَافَ هُنَا فَجَوَابُهُ أَنَّ الْإِعْطَاءَ هُنَا مُنَزَّلٌ عَلَى الْإِرْثِ، وَلِهَذَا فُضِّلَ الذَّكَرُ وَإِذَا كَانَ الْإِرْثُ مُعْتَبَرًا فَالْأَقْرَبُ مُقَدَّمٌ قَطْعًا كَمَا قَطَعُوا بِتَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 وَاجْتِهَادِهِ (ثُمَّ) يُقَدِّمُ بَعْدَ الْعَرَبِ (الْعَجَمَ وَالتَّقْدِيمُ فِيهِمْ إنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى نَسَبٍ بِالْأَجْنَاسِ) كَالتُّرْكِ وَالْهِنْدِ (وَبِالْبُلْدَانِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ سَابِقَةُ الْإِسْلَامِ تَرَتَّبُوا عَلَيْهَا وَإِلَّا فَالْقُرْبُ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ ثُمَّ بِالسَّبْقِ إلَى طَاعَتِهِ) فَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى نَسَبٍ اُعْتُبِرَ فِيهِمْ قُرْبُهُ وَبُعْدُهُ كَالْعَرَبِ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ السِّنِّ ثُمَّ الْهِجْرَةُ ثُمَّ الشَّجَاعَةُ ثُمَّ رَأْيُ وَلِيِّ الْأَمْرِ كَمَا فِي الْعَرَبِ (وَلَا يَثْبُتُ فِي الدِّيوَانِ صَبِيٌّ وَ) لَا (امْرَأَةٌ وَ) لَا (مَجْنُونٌ) وَلَا عَبْدٌ (وَ) لَا (عَاجِزٌ عَنْ الْغَزْوِ) كَأَعْمَى وَزَمَنٍ (وَ) لَا (كَافِرٌ وَ) لَا (أَقْطَعُ) لِعَدَمِ كِفَايَتِهِمْ وَإِنَّمَا هُمْ تَبَعٌ لِلْمُقَاتِلِ إذَا كَانُوا فِي عِيَالِهِ يُعْطِي لَهُمْ كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا يُثْبِتُ فِي الدِّيوَانِ أَسْمَاءَ الرِّجَالِ الْمُكَلَّفِينَ الْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ الْقَادِرِينَ عَلَى الْقِتَالِ الْعَارِفِينَ بِهِ (وَيُثْبِتُ) فِيهِ (الْأَعْرَجَ إنْ كَانَ فَارِسًا) لَا رَاجِلًا (وَالْأَصَمَّ وَالْأَخْرَسَ) لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى الْقِتَالِ (وَيُمَيِّزُ الْمَجْهُولَ بِالْوَصْفِ) لَهُ فَيَذْكُرُ نَسَبَهُ وَسِنَّهُ وَلَوْنَهُ وَيُحَلِّي وَجْهَهُ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهِ (وَلَا يَسْقُطُ اسْمُهُ) أَيْ الْمُقَاتِلِ مِنْ الدِّيوَانِ (إذَا جُنَّ أَوْ زَمِنَ) أَوْ مَرِضَ وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ إنْ رُجِيَ زَوَالُهُ لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ الْجِهَادِ وَيَشْتَغِلُوا بِالْكَسْبِ فَإِنَّهُمْ لَا يَأْمَنُونَ مِنْ هَذِهِ الْعَوَارِضِ (فَإِنْ لَمْ يَرْجُ) زَوَالَهُ (مَحَى اسْمَهُ وَأُعْطَى) بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ عِيَالِهِ الرَّاهِنَةِ كَمَا يُعْطِي زَوْجَاتِ الْمَيِّتِ وَأَوْلَادَهُ بَلْ أَوْلَى (فَرْعٌ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ) أَيْ الْمُرْتَزِقَةِ (اسْتَمَرَّ رِزْقُهُ لِزَوْجَتِهِ) يَعْنِي اسْتَمَرَّ رِزْقُ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ (وَأَوْلَادِهِ) الَّذِينَ تَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا يُرْجَى أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ إذَا بَلَغَ تَرْغِيبًا لِلْمُجَاهِدِينَ (إلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ هِيَ وَبَنَاتُهُ) قَالَ فِي الْبَيَانِ أَوْ يَسْتَغْنِينَ بِكَسْبٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (وَ) إلَى أَنْ (يَبْلُغَ الذُّكُورُ مُكْتَسِبِينَ) أَوْ رَاغِبِينَ فِي الْجِهَادِ فَيُثْبِتُ اسْمَهُمْ فِي الدِّيوَانِ وَعَبَّرَ الْمِنْهَاجُ بِقَوْلِهِ وَيُعْطِي الْأَوْلَادَ حَتَّى يَسْتَقِلُّوا وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَالْأَصْلِ وَالْمُحَرَّرِ وَلَعَلَّ ذِكْرَ الْبُلُوغِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَإِنْ بَلَغُوا عَاجِزِينَ لِعَمًى أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا اسْتَمَرَّ رِزْقُهُمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ كَالزَّوْجَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَالْأَوْلَادِ الْأُصُولِ وَسَائِرِ الْفُرُوعِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ قَالَ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ كَانَ مَنْ يَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُ كَافِرًا هَلْ يُعْطِي بَعْدَهُ الْأَقْرَبُ الْمَنْعُ (فَصْلٌ وَلْيَكُنْ وَقْتُ الْعَطَاءِ مَعْلُومًا) لَا يَخْتَلِفُ (مُسَانَهَةً أَوْ مُشَاهَرَةً) أَوْ نَحْوَهُمَا مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ أَوْ آخِرِهَا أَوْ وَسَطِهَا أَوْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ وَالْغَالِبُ أَنَّ الْإِعْطَاءَ يَكُونُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً لِئَلَّا يَشْغَلَهُمْ الْإِعْطَاءُ كُلَّ أُسْبُوعٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ عَنْ الْجِهَادِ وَلِأَنَّ الْجِزْيَةَ وَهِيَ مُعْظَمُ الْفَيْءِ لَا تُؤْخَذُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً (وَمَنْ مَاتَ) مِنْهُمْ (بَعْدَ جَمْعِ الْمَالِ وَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ) ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَازِمٌ لَهُ فَيَنْتَقِلُ لِوَارِثِهِ (كَالدَّيْنِ) وَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ كَالْإِرْثِ (أَوْ) مَاتَ (قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَبَعْدَ الْجَمْعِ) لِلْمَالِ (فَقِسْطُهُ) لِوَارِثِهِ كَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ مَاتَ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَقَبْلَ جَمْعِ الْمَالِ (فَلَا) شَيْءَ لِوَارِثِهِ إذْ الْحَقُّ إنَّمَا يَثْبُتُ بِجَمْعِ الْمَالِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَقَبْلَ الْجَمْعِ وَذِكْرُ الْحَوْلِ مِثَالٌ فَمِثْلُهُ الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ [فَصْلٌ عَقَارُ الْفَيْءِ] (فَصْلٌ) (وَأَمَّا عَقَارُ الْفَيْءِ) كَالدُّورِ وَالْأَرَاضِي (فَالْإِمَامُ يُوقِفُهُ) الْفَصِيحُ يَقِفُهُ وَذَلِكَ لِتَبْقَى الرُّقْبَةُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ مَرَضٍ) أَيْ أَوْ أَسْرٍ (قَوْلُهُ وَأُعْطِيَ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ عِيَالِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانُوا ذِمِّيِّينَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُ (قَوْلُهُ الرَّاهِنَةَ) قَالَ شَيْخُنَا بِخِلَافِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَمَا اسْتَغْنَى عَنْهُ كَنَحْوِ فَرَسٍ [فَرْعٌ حُكْم الْفَيْء لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْمُرْتَزِقَةِ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ اسْتَمَرَّ رِزْقُهُ إلَخْ) اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْفَقِيهَ أَوْ الْمُعِيدَ أَوْ الْمُدَرِّسَ إذَا مَاتَ تُعْطَى زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ مِمَّا كَانَ يَأْخُذُ مَا يَقُومُ بِهِمْ تَرْغِيبًا فِي الْعِلْمِ كَالتَّرْغِيبِ هُنَا فِي الْجِهَادِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِمْ صُرِفَ الْبَاقِي لِمَنْ يَقُومُ بِالْوَظِيفَةِ، قَالَ: فَإِنْ قِيلَ فِي هَذَا تَعْطِيلٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ إذَا اشْتَرَطَ مُدَرِّسًا بِصِفَةٍ فَإِنَّهَا غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ قُلْنَا قَدْ حَصَلَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ مُدَّةً مِنْ أَبِيهِمْ وَالصَّرْفُ لِهَؤُلَاءِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَمُدَّتُهُمْ مُفْتَقِرَةٌ فِي جَنْبِ مَا مَضَى كَزَمَنِ الْبِطَالَةِ قَالَ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ تَقْرِيرُ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْجِهَادِ فِي الدِّيوَانِ أَوْ إثْبَاتِ اسْمِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعِلْمَ مَحْبُوبٌ لِلنُّفُوسِ لَا يَصُدُّ عَنْهُ شَيْءٌ فَيُوَكَّلُ النَّاسُ فِيهِ إلَى مَيْلِهِمْ إلَيْهِ وَالْجِهَادُ مَكْرُوهٌ لِلنُّفُوسِ فَيَحْتَاجُ النَّاسُ فِي أَرْصَادِ أَنْفُسِهِمْ لَهُ إلَى التَّأَلُّفِ وَإِلَّا فَمَحَبَّةُ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ قَدْ تَصُدُّ عَنْهُ قُلْت وَفَرْقٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْإِعْطَاءَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ وَهِيَ أَمْوَالُ الْمَصَالِحِ أَقْوَى مِنْ الْخَاصَّةِ كَالْأَوْقَافِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّوَسُّعِ فِي تِلْكَ التَّوَسُّعُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُعَيَّنٌ أَخْرَجَهُ شَخْصٌ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ نَشْرِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ فَكَيْفَ تُصْرَفُ مَعَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ؟ وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ الصَّرْفُ لِأَوْلَادِ الْعَالِمِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ كِفَايَتَهُمْ كَمَا كَانَ يُصْرَفُ لِأَبِيهِمْ وَمُقْتَضَى الْفَرْقِ الْأَوَّلِ عَدَمُهُ ع. أَمَّا قِيَاسُ زَمَنِ الْبِطَالَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى زَمَنِ الْبِطَالَةِ فِي الْحَيَاةِ فَغَفْلَةٌ فَإِنَّهُ إذَا قَطَعَ الْمُدَرِّسُ التَّدْرِيسَ بِعُذْرٍ إنَّمَا يُغْتَفَرُ إذَا قَصُرَتْ الْمُدَّةُ بِحَيْثُ لَا يَنْقَطِعُ إلَّا فِيهِ وَإِلَّا انْقَطَعَ حَقُّهُ وَاسْتَحَقَّ أَنْ يَخْلُفَهُ غَيْرُهُ فَالِانْقِطَاعُ بِالْمَوْتِ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ مِنْ الِانْقِطَاعِ الطَّوِيلِ بِعُذْرٍ فِي الْحَيَاةِ وَقَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ قَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ وَفَرَّقَ إلَخْ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ كَالزَّوْجَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ) كَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ الْغَزِّيِّ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الزَّوْجَةَ النَّاشِزَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا تُعْطَى كَالْحَيَاةِ. (قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ لَهُمْ فَمُنِعَتْ. اهـ. فَإِنْ أَسْلَمُوا بَعْدَ مَوْتِهِ أُعْطُوا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَلْ تُعْطَى الزَّوْجَةُ النَّاشِزَةُ حَالَ مَوْتِهِ أَمْ لَا كَحَالِ الْحَيَاةِ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَوْلُهُ أَمْ لَا كَحَالِ الْحَيَاةِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 مُؤَبَّدَةً وَيَنْتَفِعُ بِغَلَّتِهَا الْمُسْتَحِقُّ كُلَّ عَامٍ بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ فَإِنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْهَلَاكِ وَبِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهَا بَعِيدَةٌ عَنْ نَظَرِ الْإِمَامِ وَاجْتِهَادِهِ لِتَأَكُّدِ حَقِّ الْغَانِمِينَ (وَيَقْسِمُ غَلَّتَهُ كَالْفَيْءِ) الْمَنْقُولِ فَيَكُونُ خُمُسُهَا لِلْمَصَالِحِ وَالْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ (وَإِنْ رَأَى قِسْمَتَهُ أَوْ بَيْعَهُ وَقِسْمَةَ ثَمَنِهِ جَازَ لَكِنْ لَا يُقْسَمُ سَهْمُ الْمَصَالِحِ) بَلْ يُوقَفُ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ فِي الْمَصَالِحِ أَوْ يُبَاعُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ إلَيْهَا (فَصْلٌ مَسَائِلُهُ مَنْثُورَةٌ مَنْ سَأَلَ إثْبَاتَ اسْمِهِ) فِي الدِّيوَانِ (وَهُوَ أَهْلٌ) لِلْقِتَالِ (أُجِيبَ) إلَيْهِ (إنْ اتَّسَعَ الْمَالُ) وَإِلَّا فَلَا (وَلَا يُحْبَسُ الْفَيْءُ لِتَوَقُّعِ نَازِلَةٍ بَلْ يُقْسَمُ) الْجَمِيعُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ (وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيْ أَغْنِيَائِهِمْ (أَمْرُ النَّوَازِلِ) أَيْ الْقِيَامُ بِأَمْرِهَا إنْ نَزَلَتْ (وَيُرْزَقُ مِنْ) مَالِ (الْفَيْءِ حُكَّامُ الْغَزْوِ وَوُلَاةُ الصَّلَاةِ) الَّذِينَ يُقِيمُونَ لِأَهْلِهِ الْجُمُعَاتِ وَالْجَمَاعَاتِ (وَمُعَلِّمُو أَحْدَاثَهُمْ الْفِرَاسَةَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ لُغَةً وَالْفُرُوسِيَّةَ (وَالرِّمَايَةَ) قَدْ عَطَفَ الْأَصْلُ عَلَى وُلَاةِ الصَّلَاةِ وُلَاةَ الْأَحْدَاثِ ثُمَّ قَالَ: وَوُلَاةُ الْأَحْدَاثِ قِيلَ هُمْ الَّذِينَ يُعَلِّمُونَ أَحْدَاثَ الْفَيْءِ الْفُرُوسِيَّةَ وَالرَّمْيَ وَقِيلَ هُمْ الَّذِينَ يُنْصَبُونَ فِي الْأَطْرَافِ لِتَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ وَسُعَاةِ الصَّدَقَاتِ وَعَزْلِهِمْ وَتَجْهِيزِ الْجُيُوشِ إلَى الثُّغُورِ وَحِفْظِ الْبِلَادِ مِنْ الْفَسَادِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَحْدَاثِ فَتَرْجِيحُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) يُرْزَقُ مِنْهُ (الْعُرَفَاءُ) أَيْ عُرَفَاءُ أَهْلِ الْفَيْءِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكُلُّ مَنْ قَامَ بِأَمْرِ الْفَيْءِ مِنْ وَالٍ وَكَاتِبٍ وَجُنْدِيٍّ لَا يَغْتَنِي أَهْلُ الْفَيْءِ عَنْهُمْ هَذَا (إنْ عُدِمَ الْمُتَطَوِّعُونَ) بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ وَإِلَّا فَلَا يُرْزَقُ عَلَيْهَا غَيْرُهُمْ (وَيُشْتَرَطُ فِي عَامِلِ الْفَيْءِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالِاجْتِهَادُ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفَيْءِ (وَمَعْرِفَةُ الْحِسَابِ وَالْمِسَاحَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وِلَايَةٌ (وَيَجُوزُ هَاشِمِيٌّ) أَيْ كَوْنُهُ هَاشِمِيًّا (وَلَا يُشْتَرَطُ الِاجْتِهَادُ لِمَنْ وَلِيَ جِبَايَةَ أَمْوَالِهِ) أَيْ الْفَيْءِ بَعْدَ تَقْرِيرِهَا (وَيَجُوزُ إرْسَالُ الْعَبْدِ لِجِبَايَةِ مَالٍ خَاصٍّ) مِنْ الْفَيْءِ (لَا اسْتِنَابَةَ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ كَالرَّسُولِ الْمَأْمُورِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِنَابَةٌ بِأَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ فِيهِ عَنْهَا لَمْ يَجُزْ إرْسَالُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوِلَايَةِ (لَا) إرْسَالُ (الذِّمِّيِّ) لِذَلِكَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] (إلَّا فِي الْجِبَايَةِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ) كَالْجِزْيَةِ وَعُشْرِ تِجَارَاتِهِمْ فَيَجُوزُ إرْسَالُهُ قَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] (وَفَسَادُ وِلَايَةِ الْعَامِلِ كَفَسَادِ الْوَكَالَةِ فَيَصِحُّ قَبْضُهُ) الْمَالَ حَتَّى يَبْرَأَ الدَّافِعُ إلَيْهِ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ (إنْ لَمْ يُنْهَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ قَبْضِهِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ النَّهْيَ (وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إسْقَاطُ أَحَدٍ مِنْ الدِّيوَانِ بِلَا سَبَبٍ) يَقْتَضِيهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ سَبَبٌ فَلَهُ ذَلِكَ (وَلَا لِأَحَدٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ إخْرَاجُ نَفْسِهِ مِنْهُ بِلَا عُذْرٍ) لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ (وَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ قِتَالِ أَكْفَاءٍ) لَهُمْ (سَقَطَتْ أَرْزَاقُهُمْ) بِخِلَافِ مَا إذَا امْتَنَعُوا مِنْ قِتَالِ مَنْ يَضْعُفُونَ عَنْهُ (وَمَنْ جُرِّدَ) مِنْهُمْ (لِسَفَرٍ أَوْ تَلَفِ سِلَاحِهِ فِي الْحَرْبِ أُعْطِيَ عِوَضَ السِّلَاحِ وَأُعْطِيَ مُؤْنَةَ السَّفَرِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ) ذَلِكَ (فِي تَقْدِيرِ عَطَائِهِ) وَإِلَّا فَلَا (وَمَنْ عَجَزَ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ عَطَائِهِ بَقِيَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَا يَغْرَمُهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ) فَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ طَالَبَ بِهِ كَالدَّيْنِ (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْغَنِيمَةِ) (وَهِيَ مَا أَخَذْنَاهُ مِنْ الْكُفَّارِ) الْحَرْبِيِّينَ (بِقِتَالٍ أَوْ إيجَافِ) الْخَيْلِ أَوْ رِكَابٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (وَلَوْ بَعْدَ فِرَارِهِمْ) أَيْ انْهِزَامِهِمْ فِي الْقِتَالِ وَلَوْ قَبْلَ شَهْرِ السِّلَاحِ حِينَ الْتَقَى الصَّفَّانِ وَمِنْ الْغَنِيمَةِ مَا أُخِذَ مِنْ دَارِهِمْ اخْتِلَاسًا أَوْ سَرِقَةً أَوْ لُقَطَةً كَمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ السِّيَرِ وَشَمِلَ تَعْبِيرُهُ بِمَا أَخَذْنَاهُ مَا فِيهِ اخْتِصَاصٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمَالِ وَسَيَأْتِي فِي السِّيَرِ مَا يُفْعَلُ فِي الْكِلَابِ (وَلَمْ تَحِلَّ) الْغَنِيمَةُ (إلَّا لَنَا) وَقَدْ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً يَصْنَعُ فِيهَا مَا يَشَاءُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إعْطَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ فَخُمِّسَتْ كَالْفَيْءِ لِآيَةِ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] (وَلِخُمُسِهَا حُكْمُ خُمُسِ الْفَيْءِ) فَيُخَمَّسُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ لِلْآيَةِ (وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ) أَخْذًا مِنْ الْآيَةِ حَيْثُ اقْتَصَرَ فِيهَا بَعْدَ الْإِضَافَةِ إلَيْهِمْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ وَقْتُ إعْطَاءِ الْفَيْء] قَوْلُهُ بَلْ يُوقَفُ) وَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ فِي الْمَصَالِحِ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ دَائِمٌ [فَصْلٌ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْفَيْءِ] (قَوْلُهُ وَيُرْزَقُ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَخْمَاسِهِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْجِبَايَةِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ هُوَ أَبْلَغُ فِي الصِّغَارِ مِنْ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ قِتَالِ أَكْفَاءٍ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقِتَالِ أَكْفَاءٌ سَقَطَتْ أَرْزَاقُهُمْ [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْغَنِيمَةِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ النَّفَلُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْغَنِيمَةِ) (قَوْلُهُ وَهِيَ مَا أَخَذْنَاهُ إلَخْ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَا أَخَذْنَا مِمَّا أَخَذَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ بِقِتَالٍ فَالنَّصُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ وَلَا يُخَمَّسُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُمْ وَبِقَوْلِهِ الْحَرْبِيِّينَ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَكَذَا الْمُرْتَدُّونَ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُمْ فَيْءٌ لَا غَنِيمَةٌ وَأَفْهَمَ أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لَا يُغْنَمُ مَالُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ حَقٍّ وَلَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ أَصْلًا أَمَّا لَوْ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِدِينٍ بَاطِلٍ فَلَا بَلْ هُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَخَذْنَا مِنْهُمْ مَا أَخَذُوهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ نَمْلِكْهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ، وَالْمَالُ الَّذِي فُدِيَ الْأَسِيرُ بِهِ إذَا اسْتَوْلَى الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ هَلْ يُرَدُّ إلَى الْأَسِيرِ أَوْ يَكُونُ غَنِيمَةً فِيهِ؟ وَجْهَانِ: قَالَ فِي الْمُغْنِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلِ وَلَوْ غَنِمَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ فَهَلْ يُخَمَّسُ الْجَمِيعُ أَوْ نَصِيبُ الْمُسْلِمِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْإِمَامِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُمَا) كَالْمَأْخُوذِ بِقِتَالِ الرَّجَّالَةِ وَفِي السُّفُنِ وَمَا أَهْدَوْهُ لَنَا وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ وَمَا صَالَحُونَا عَلَيْهِ عِنْدَ الْقِتَالِ (قَوْلُهُ ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا بِمَعْنَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ كَانَ مُغَيًّا إلَى وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا أَنَّهُ نُسِخَ بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ غَيَّرَتْ ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 عَلَى إخْرَاجِ الْخُمُسِ وَعَمَلًا بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَرْضِ خَيْبَرَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ «رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْغَنِيمَةِ فَقَالَ لِلَّهِ خُمُسُهَا وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْجَيْشِ فَمَا أَحَدٌ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدٍ» (وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ الْأَوَّلُ النَّفَلُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَشْهَرُ مِنْ إسْكَانِهَا (وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْأَمِيرُ زِيَادَةً) عَلَى سَهْمِ الْغَنِيمَةِ (لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي) أَمْرٍ (مُهِمٍّ كَطَلِيعَةٍ وَدَلِيلٍ) أَيْ لِمَنْ يَقُومُ بِمَا فِيهِ نِكَايَةٌ زَائِدَةٌ فِي الْعَدُوِّ أَوْ تَوَقُّعِ ظَفَرٍ أَوْ دَفْعِ شَرٍّ كَتَقَدُّمٍ عَلَى طَلِيعَةٍ وَهَجْمٍ عَلَى قَلْعَةٍ وَدَلَالَةٍ عَلَيْهَا وَحِفْظِ مَكْمَنٍ وَتَجْسِيسِ حَالٍ (بِشَرْطِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ) لِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ اقْتِضَاءِ الرَّأْيِ بَعْثَ السَّرَايَا وَحِفْظَ الْمَكَامِنِ، وَلِذَلِكَ نَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ دُونَ بَعْضٍ (إمَّا لِشَخْصٍ) وَاحِدٍ (أَوْ أَكْثَرَ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَنْ) أَيْ كَقَوْلِهِ مَنْ (فَعَلَ كَذَا) فَلَهُ كَذَا (فَإِنَّ بَذَلَهُ مِنْ) مَالِ الْمَصَالِحِ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ فِي (بَيْتِ الْمَالِ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَوْ) بَذَلَهُ يَعْنِي شَرْطَهُ (مِمَّا سَيَغْنَمُ) فِي هَذَا الْقِتَالِ أَوْ غَيْرِهِ (قُدِّرَ بِجُزْءٍ كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ) وَيُحْتَمَلُ فِيهِ الْجَهَالَةُ لِلْحَاجَةِ. (وَلَيْسَ لِقَدْرِهِ ضَبْطٌ بَلْ يَجْتَهِدُ فِيهِ) فَيُقَدِّرُهُ (بِقَدْرِ الْعَمَلِ) وَخَطَرِهِ وَقَدْ صَحَّ فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ وَالْبَدْأَةُ السَّرِيَّةُ الَّتِي يَبْعَثُهَا الْإِمَامُ قَبْلَ دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ مُقَدِّمَةً لَهُ وَالرَّجْعَةُ الَّتِي يَأْمُرُهَا بِالرُّجُوعِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الْجَيْشِ لِدَارِنَا وَنَقَصَ فِي الْبَدْأَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْتَرِيحُونَ إذْ لَمْ يَطُلْ بِهِمْ السَّفَرُ وَلِأَنَّ الْكُفَّارَ فِي غَفْلَةٍ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ مِنْ وَرَائِهِمْ يَسْتَظْهِرُونَ بِهِ وَالرَّجْعَةُ بِخِلَافِهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ (وَهُوَ) أَيْ النَّفَلُ (مِنْ خُمُسِ خُمُسِهَا) كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ (وَإِذَا قَالَ الْأَمِيرُ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ) شَرْطُهُ كَشَرْطِ بَعْضِ الْغَنِيمَةِ لِغَيْرِ الْغَانِمِينَ وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ فَأَجَابَ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ مِمَّا تَكَلَّمُوا فِي ثُبُوتِهِ وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَغَنَائِمُ بَدْرٍ كَانَتْ لَهُ خَاصَّةً يَضَعُهَا حَيْثُ يَشَاءُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ أَحَدُ قِسْمَيْ النَّفَلِ وَالْآخَرَانِ يُنَفِّلُ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ فِي الْحَرْبِ أَثَرٌ مَحْمُودٌ كَمُبَارَزَةٍ وَحُسْنِ إقْدَامٍ زِيَادَةً عَلَى سَهْمِهِ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِمَا يَأْتِي فِي الرَّضْخِ [الطَّرَفُ الثَّانِي الرَّضْخُ] (الطَّرَفُ الثَّانِي الرَّضْخُ) وَهُوَ لُغَةً الْعَطَاءُ الْقَلِيلُ وَشَرْعًا دُونَ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَإِذَا حَضَرَ صَبِيٌّ وَعَبْدٌ وَامْرَأَةٌ) وَخُنْثَى وَزَمِنٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَمَجْنُونٌ وَإِنْ حَضَرُوا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِمْ (وَجَبَ الرَّضْخُ) لَا السَّهْمُ (لَهُمْ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا وَفِي الْعَبْدِ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَلِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ لَكِنَّهُمْ كَثَّرُوا السَّوَادَ فَلَا يُحْرَمُونَ لَكِنَّ الْقِيَاسَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ اعْتِبَارُ نَفْعِهِمْ فَلَا يَرْضَخُ لِمَنْ لَا نَفْعَ فِيهِ كَطِفْلٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ وَيَدُلُّ لَهُ نَصٌّ فِي الْبُوَيْطِيِّ (وَكَذَا ذِمِّيٌّ وَذِمِّيَّةٌ حَضَرَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) يَرْضَخُ لَهُمَا (إنْ لَمْ يُسْتَأْجَرَا) سَوَاءٌ أَقَاتَلَا أَمْ لَا رَوَاهُ فِي قَوْمٍ مِنْ الْيَهُودِ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ أَسْهَمَ وَحُمِلَ عَلَى الرَّضْخِ وَقِيسَ بِهِمْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ فَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ فَلَيْسَ لَهُمَا إلَّا الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ طَمَعَهُ فِيهَا دَفَعَهُ عَنْ الْغَنِيمَةِ (فَإِنْ حَضَرَا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ عُزِّرَا) إنْ رَأَى الْإِمَامُ تَعْزِيرَهُمَا وَلَا يَرْضَخُ لَهُمَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُمَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّهَمَانِ بِمُوَالَاةِ أَهْلِ دِينِهِمَا وَيُعْتَبَرُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُسْلِمِ الرَّضْخَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ سَلَبٌ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الذِّمِّيِّ لَهُ أَنْ لَا يَكُونَ خُرُوجُهُ بِإِكْرَاهِ الْإِمَامِ فَإِنْ أَكْرَهَهُ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فَقَطْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤَمَّنَ وَالْحَرْبِيَّ إذَا حَضَرُوا بِإِذْنِ الْإِمَامِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ كَالذِّمِّيِّ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْعَبْدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً وَحَضَرَ فِي نَوْبَتِهِ أَسْهَمَ لَهُ وَإِلَّا رَضَخَ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ مِنْ بَابِ الْإِكْسَابِ (فَرْعٌ يُفَاضِلُ) الْإِمَامُ (فِي الرَّضْحِ) بَيْنَ أَهْلِهِ (بِقَدْرِ النَّفْعِ) مِنْهُمْ فَيُرَجِّحُ الْمُقَاتِلَ وَمَنْ قِتَالُهُ أَكْثَرُ عَلَى غَيْرِهِ وَالْفَارِسَ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةَ الَّتِي تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَسْقِي الْعِطَاشَ عَلَى الَّتِي تَحْفَظُ الرِّحَالَ بِخِلَافِ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُقَاتِلُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ وَالرَّضْخُ بِالِاجْتِهَادِ فَجَازَ أَنْ يَخْتَلِفَ كَدِيَةِ الْحُرِّ لَمَّا كَانَتْ مَنْصُوصًا عَلَيْهَا لَمْ تَخْتَلِفْ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مُجْتَهَدٌ فِيهَا فَاخْتَلَفَتْ وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِ الرَّضْخِ إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَحْدِيدٌ فَرَجَعَ فِيهِ إلَى رَأْيِهِ (وَ) لَكِنْ (لَا يَبْلُغُ بِهِ سَهْمَ رَاجِلٍ وَلَوْ) كَانَ الرَّضْخُ (لِفَارِسٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلسِّهَامِ فَنَقَصَ عَنْ قَدْرِهَا كَالْحُكُومَةِ مَعَ الْأَرْشِ الْمُقَدَّرِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَانَ يَنْقُلُ فِي الْبُدَاءَةِ الرُّبُعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ) الْمُرَادُ ثُلُثُ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا أَوْ رُبُعُهَا أَيْ الْمَصَالِحِ (الطَّرَفُ الثَّانِي الرَّضْخُ) (قَوْلُهُ وَعَبْدٍ) أَيْ إذَا كَانَ لِمُسْلِمٍ (قَوْلُهُ وَخُنْثَى وَزَمِنٍ) أَيْ وَأَعْمَى وَمَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَمَجْنُونٍ) وَعَنْ النِّهَايَةِ أَنَّهُ لَا يَرْضَخُ لَهُ وِفَاقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ مَحَلَّ الْوِفَاقِ الَّذِي ذَكَرَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَمْيِيزٌ فَإِنْ كَانَ فَقَدْ يَكُونُ أَجْرَأَ وَأَشَدَّ قِتَالًا مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْعُقَلَاءِ، وَإِذَا زَالَ نَقْضُ أَهْلِ الرَّضْخِ قَبْلَ تَقَضِّي الْحَرْبِ بِإِسْلَامٍ أَوْ بُلُوغٍ أَوْ إفَاقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ وُضُوحِ رُجُولِيَّةِ مُشْكِلٍ أَسْهَمَ لَهُ أَوْ بَعْدَ تَفْضِيلِهَا فَقَدْ أَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا الرَّضْخُ (قَوْلُهُ لَكِنْ الْقِيَاسُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ اعْتِبَارُ نَفْعِهِمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ نَصٌّ فِي الْبُوَيْطِيِّ) حَيْثُ قَالَ: وَلَا يُسْهَمُ لِصَبِيٍّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا لِعَبْدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَفْعٌ فَيَرْضَخُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا ذِمِّيٌّ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا لِكَافِرٍ حَضَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَهَلْ يَمْتَنِعُ الرَّضْخُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّهُ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ أَوْ يَرْضَخُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَحْتَاجُ لِإِذْنٍ فِيهِ نَظَرٌ وَ. (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ) مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ لِتَعَدُّدِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَعَلَّ قَائِلَهُ هُوَ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْكَامِلِ السَّهْمَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ سَلَبٌ وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيَدُلُّ لَهُ تَعْبِيرُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ بِالْكَافِرِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْعَبْدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَ فَارِسًا فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ تَعْزِيرُ الْحُرِّ حَدَّ الْعَبِيدِ أَنَّهُ يَبْلُغُ بِهِ سَهْمَ رَاجِلٍ لَكِنَّهُ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ وَبِالْمَنْعِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْمَنْعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَهُوَ مِنْ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ) لِلْغَنِيمَةِ (وَلَوْ) كَانَ الرَّضْخُ (لِذِمِّيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ سَهْمٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ مُسْتَحَقٌّ بِحُضُورِ الْوَقْعَةِ إلَّا أَنَّهُ نَاقِصٌ (فَرْعٌ وَمَنْ زَادَ قِتَالُهُ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ) عَلَى قِتَالِ غَيْرِهِ (رَضَخَ لَهُ) مَعَ سَهْمِهِ (زِيَادَةً مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ رَضَخَ لَهُ مَعَ السَّهْمِ كَذَا ذَكَرَهُ الْمَسْعُودِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ تَنَازَعَ كَلَامُهُ فِيهِ وَقِيلَ يُزَادُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ هُنَا بِقِيلِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ قَبْلُ مِنْ أَنَّ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ أَثَرٌ مَحْمُودٌ زِيدَ عَلَى سَهْمِهِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ قَالَ وَمَا حَكَاهُ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ وَالْبَغَوِيِّ غَرِيبٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُهُ وَعِبَارَةُ الْبَيَانِ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُفَضِّلَ فَارِسًا عَلَى فَارِسٍ وَلَا رَاجِلًا عَلَى رَاجِلٍ وَلَا مَنْ قَاتَلَ عَلَى مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَإِذَا رَاجَعْت كُتُبَ الْأَصْحَابِ عَلِمْت شُذُوذَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الرَّضْخِ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ زِيَادَةَ الْقِتَالِ لَا تَكَادُ تَنْضَبِطُ وَكُلُّ أَحَدٍ يَدَّعِي أَنَّ قِتَالَهُ أَزْيَدُ مِنْ قِتَالِ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَجُرُّ فِتْنَةً انْتَهَى وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَنْعُ وَالْمُصَنِّفُ لَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجَّحَ الْوَجْهَ الثَّانِيَ وَحَذَفَ الْمَوْضِعَ الْأَوَّلَ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ تَسَمَّحَ فِي عَدَدِ ذَلِكَ رَضْخًا فَلَوْ حَذَفَ الْمَوْضِعَ الثَّانِيَ وَذَكَرَ الْأَوَّلَ ثَمَّ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ غَرَابَةِ مَا ذُكِرَ فِي كَلَامِ الْأَصْلِ مَا يَدُلُّ لَهُ فَتَأَمَّلْ (فَرْعٌ وَإِذَا انْفَرَدَ أَهْلُ الرَّضْخِ بِغَنِيمَةٍ) لِانْفِرَادِهِمْ بِغَزْوَةٍ (خُمِّسَتْ وَقُسِمَ عَلَيْهِمْ الْبَاقِي) بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ كَمَا يُقْسَمُ الرَّضْخُ (بِقَدْرِ حَاجَتِهِمْ) الْأَنْسَبُ نَفْعُهُمْ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الرَّأْيُ مِنْ تَسْوِيَةٍ وَتَفْضِيلٍ (وَيَتْبَعُهُمْ صِغَارُ السَّبْيِ فِي الْإِسْلَامِ) فَلَوْ سَبَى مُرَاهِقُونَ أَوْ مَجَانِينُ صِغَارًا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لَهُمْ (فَإِنْ حَضَرَهُمْ) فِي الْغَزْوَةِ (كَامِلٌ فَالْغَنِيمَةُ لَهُ وَيَرْضَخُ لَهُمْ وَمَنْ كَمَّلَ مِنْهُمْ فِي الْحَرْبِ أَسْهَمَ لَهُ لَا) لِمَنْ كَمَّلَ (بَعْدَهَا) فَلَا يُسْهَمُ لَهُ نَعَمْ إنْ بَانَ بَعْدَهَا ذُكُورَةُ الْمُشْكِلِ أَسْهَمَ لَهُ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ (وَلَا يُخَمَّسُ مَا أَخَذَهُ الذِّمِّيُّونَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ) ؛ لِأَنَّ الْخُمُسَ حَقٌّ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَالزَّكَاةِ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ السَّلَبُ) بِفَتْحِ اللَّامِ (وَمَنْ رَكِبَ غَرَرًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ نَاقِصًا) كَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ (وَتَاجِرًا لَا مُخَذِّلًا) لَهُمْ عَنْ الْقِتَالِ (وَ) لَا (ذِمِّيًّا فِي قَتْلِ كَافِرٍ مُقْبِلٍ عَلَى الْقِتَالِ أَوْ فِي إزَالَةِ امْتِنَاعِهِ بِأَنْ يُثْخِنَهُ أَوْ يُعْمِيَهُ أَوْ يَقْطَعَ أَطْرَافَهُ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ وَكَذَا) يَسْتَحِقُّهُ (إذَا قَطَعَ طَرَفَيْهِ) مِنْ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ يَدِهِ وَرِجْلِهِ دُونَ طَرَفٍ وَاحِدٍ وَلَوْ مَعَ إعْمَاءِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ (أَوْ أَسَرَهُ) سَوَاءٌ أَشَرَطَهُ لَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَ قِتَالُ الْكَافِرِ مَعَهُ أَمْ مَعَ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي مُسْلِمٍ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَسْلُوبٌ مِنْ يَدِ الْكَافِرِ وَطَمَعُ الْقَاتِلِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ يَمْتَدُّ إلَيْهِ غَالِبًا وَلِأَنَّ الْأَسْرَ أَصْعَبُ مِنْ الْقَتْلِ وَأَبْلَغُ فِي الْقَهْرِ. أَمَّا الْمُخَذِّلُ وَهُوَ مَنْ يُكْثِرُ الْأَرَاجِيفَ وَيَكْسِرُ قُلُوبَ النَّاسِ وَيُثَبِّطُهُمْ فَلَا شَيْءَ لَهُ لَا سَهْمًا وَلَا رَضْخًا وَلَا سَلَبًا وَلَا نَفَلًا؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ الْمُنْهَزِمِ بَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْخُرُوجِ لِلْقِتَالِ وَالْحُضُورِ فِيهِ وَيَخْرُجُ مِنْ الْعَسْكَرِ إنْ حَضَرَ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ بِإِخْرَاجِهِ وَهْنٌ فَيُتْرَكُ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ وَأَمَّا الذِّمِّيُّ بَلْ الْكَافِرُ مُطْلَقًا كَمَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى فَلَا سَلَبَ لَهُ وَإِنْ قَاتَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَفَارَقَ الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ بِأَنَّهُمْ أَشْبَهُ بِالْغَانِمِينَ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ بِالْحُضُورِ وَالْكَافِرُ لَا يَأْخُذُ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْأُجْرَةِ وَخَرَجَ بِالْمُقْبِلِ عَلَى الْقِتَالِ غَيْرُهُ كَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ لَمْ يُقَاتِلَا وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ قَتَلَهُ نَائِمًا) أَيْ أَوْ غَافِلًا عَنْ الْقِتَالِ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْمُشْتَغِلِ بِأَكْلٍ (أَوْ أَسِيرًا أَوْ مُثْخَنًا أَوْ بَعْدَ الْهَزِيمَةِ) لِلْجَيْشِ (أَوْ رَمَاهُ فِي صَفٍّ) بِأَنْ رَمَاهُ مِنْ صَفِّنَا إلَى صَفِّهِمْ (أَوْ مِنْ حِصْنٍ) أَوْ مِنْ وَرَاءِ صَفِّهِمْ (لَمْ يَسْتَحِقَّ) السَّلَبَ لِانْتِفَاءِ رُكُوبِ الْغَرَرِ الْمَذْكُورِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْطِ ابْنَ مَسْعُودٍ سَلَبَ أَبِي جَهْلٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَثْخَنَهُ فِتْيَانٌ مِنْ الْأَنْصَارِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَيَسْتَحِقُّهُ بِقَتْلِهِ مُقْبِلًا) عَلَى -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ يُفَاضِلُ الْإِمَامُ فِي الرَّضْحِ بَيْنَ أَهْلِهِ بِقَدْرِ النَّفْعِ] قَوْلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْمَنْعُ) وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ (قَوْلُهُ فَالتَّرْجِيحُ بِالتَّصْرِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ [فَرْعٌ مَنْ زَادَ قِتَالُهُ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى قِتَالِ غَيْرِهِ] (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ هُنَا إلَخْ) لَا شَكَّ فِيهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ تَسَمُّحٌ فِي عَدِّ ذَلِكَ رَضْخًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمَسْعُودِيَّ وَالْبَغَوِيِّ تَجَوَّزَا فِي تَسْمِيَتِهِ رَضْخًا وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ فِي تَحْقِيقَاتِهِ [فَرْعٌ إذَا انْفَرَدَ أَهْلُ الرَّضْخِ بِغَنِيمَةٍ] (قَوْلُهُ وَمَنْ كَمُلَ مِنْهُمْ فِي الْحَرْبِ) أَيْ بِإِسْلَامٍ أَوْ بُلُوغٍ أَوْ إفَاقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ وُضُوحِ رُجُولِيَّةِ مُشْكِلٍ [الطَّرَفُ الثَّالِثُ السَّلَبُ] (قَوْلُهُ كَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ) أَوْ مَجْنُونٍ (قَوْلُهُ لَا مُخَذِّلًا) أَوْ مُرْجِفًا أَوْ خَائِنًا (قَوْلُهُ أَوْ بِعَمْيِهِ) شَمِلَ مَنْ كَانَ لَهُ عَيْنٌ وَاحِدَةٌ فَقَلَعَهَا وَمَنْ ضُرِبَ رَأْسُهُ فَذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ وَلَوْ كَانَ الْحَرْبِيُّ أَقْطَعَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَقَطَعَ الْمُسْلِمُ الْبَاقِيَةَ كَانَ كَمَا لَوْ قَطَعَهُمَا. (قَوْلُهُ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي مُسْلِمٍ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ) وَهَلْ كَانَ ذَلِكَ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَيَانًا لِمَحَلِّ الْآيَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ، فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَذَكَرَ أَنَّ فَائِدَتَهُمَا فِي اسْتِحْقَاقِ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ كَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ وَعَبْدَانِ قُلْنَا: ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ أُعْطُوا وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا ضَعُفُوا عَنْ تَمَلُّكِ السَّهْمِ مَعَ الْحُضُورِ فَهُمْ عَنْ تَمَلُّكِ السَّلَبِ أَضْعَفُ، وَالْمَذْهَبُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ تَرْجِيحُ أَنَّهُ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُخَذِّلُ إلَخْ) فِي مَعْنَاهُ الْمُرْجِفُ وَالْخَائِنُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الذِّمِّيُّ إلَخْ) وَكَذَا الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ إنْ كَانَ لِلْكَافِرِ ع (قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِكَوْنِهِ لِمُسْلِمٍ وَمَا قَالَهُ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ كَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ) أَيْ وَعَبْدٍ وَمَجْنُونٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 الْقِتَالِ (وَكَذَا مُدَبَّرًا) عَنْهُ (وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ) إذْ لَا تُؤْمَنُ كَرَّتُهُ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ أَغْرَى بِهِ كَلْبًا عَقُورًا فَقَتَلَهُ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ؛ لِأَنَّهُ خَاطَرَ بِرُوحِهِ حَيْثُ صَبَرَ فِي مُقَابَلَتِهِ حَتَّى عَقَرَهُ الْكَلْبُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ أَغْرَى بِهِ مَجْنُونًا أَوْ عَبْدًا أَعْجَمِيًّا (وَإِنْ أَمْسَكَهُ) بِحَيْثُ مَنَعَهُ الْهَرَبَ (وَلَمْ يَضْبِطْهُ فَقَتَلَهُ آخَرُ) أَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي قَتْلِهِ أَوْ إثْخَانِهِ (اشْتَرَكَا) فِي سَلَبِهِ لِانْدِفَاعِ شَرِّهِ بِهِمَا وَهَذَا بِخِلَافِ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ مَنُوطٌ بِالْقَتْلِ نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ كَمُخَذِّلٍ رَدَّ نَصِيبَهُ إلَى الْغَنِيمَةِ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ (وَإِنْ ضَبَطَهُ فَهُوَ أَسِيرُهُ) وَقَتْلُ الْأَسِيرِ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ السَّلَبَ كَمَا مَرَّ (وَالْجَارِحُ إنْ أَثْخَنَ) جَرِيحَهُ (فَالسَّلَبُ لَهُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُثْخِنْهُ وَذَفَّفَهُ (آخَرُ فَلِلْمُذَفِّفِ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي رَكِبَ الْغَرَرَ فِي دَفْعِ شَرِّهِ (وَلِلْإِمَامِ قَتْلُ الْأَسِيرِ) الْكَامِلِ وَاسْتِرْقَاقُهُ وَالْمَنُّ عَلَيْهِ وَالْفِدَاءُ كَمَا سَيَأْتِي فِي السِّيَرِ (وَلَا حَقَّ لِأَحَدٍ) بِخُصُوصِهِ حَتَّى الْآسِرَ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ (فِي رَقَبَةِ أَسِيرِهِ) وَلَا فِدَائِهِ فَلَوْ أَرَقَّهُ الْإِمَامُ أَوْ فَدَاهُ فَالرَّقَبَةُ وَالْفِدَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ لَا حَقَّ فِيهِمَا لِآسِرهُ؛ لِأَنَّ اسْمَ السَّلَبِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا (فَصْلٌ السَّلَبُ مَا عَلَيْهِ) أَيْ الْقَتِيلِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ (مِنْ ثِيَابٍ) كَرَانٍ وَخُفٍّ (وَسِلَاحٍ وَمَرْكُوبٍ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ أَوْ مَاسِكًا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ مُمْسِكًا (عَنَانَهُ وَ) هُوَ (مُقَاتِلٌ رَاجِلًا وَآلَتِهِ) كَسَرْجٍ وَلِجَامٍ وَمِقْوَدٍ بِخِلَافِ الْمُهْرِ التَّابِعِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ السِّلَاحُ مَعَهُ بَلْ كَانَ مَعَ عَلَّامِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَالْجَنِيبَةِ مَعَهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ وَمَرْكُوبٍ وَآلَتِهِ مَعْطُوفَانِ عَلَى مَا عَلَيْهِ وَمَاسِكًا عَلَى يُقَاتِلُ عَلَيْهِ بِجَعْلِهِ حَالًا وَلَوْ جَعَلَهُ صِفَةً وَرَفَعَ مَاسِكًا كَانَ أَوْلَى (وَكَذَا لُبْسُ زِينَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهِ وَتَحْتَ يَدِهِ (كَمِنْطَقَةٍ وَسِوَارٍ وَ) كَذَا (جَنِيبَةٌ) تَكُونُ أَمَامَهُ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ بِجَنْبِهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُقَادُ مَعَهُ لِيَرْكَبَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ بِخِلَافِ الَّتِي تُحْمَلُ عَلَيْهَا أَثْقَالُهُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ فِي تَقْيِيدِ الْأَصْلِ الْجَنِيبَةَ بِكَوْنِهَا تُقَادُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُصُورًا وَإِيهَامًا (وَهِمْيَانٍ وَمَا فِيهِ) مِنْ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مَسْلُوبَانِ مَأْخُوذَانِ مِنْ يَدِهِ. (وَإِنْ كَثُرَتْ جَنَائِبُهُ تَخَيَّرَ وَاحِدَةً) مِنْهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا جَنِيبَةُ قَتِيلِهِ (لَا حَقِيبَةٌ) مَشْدُودَةٌ (عَلَى الْفَرَسِ) فَلَا يَأْخُذُهَا وَلَا مَا فِيهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْأَمْتِعَةِ كَسَائِرِ أَمْتِعَتِهِ الْمُخَلَّفَةِ فِي خَيْمَتِهِ وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ لِبَاسِهِ وَلَا حِلْيَةِ فَرَسِهِ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا بِمَا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَمَلَهَا عَلَى فَرَسِهِ لِتَوَقُّعِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا وَالْحَقِيبَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وِعَاءٌ يُجْمَعُ فِيهِ الْمَتَاعُ وَيُجْعَلُ عَلَى حَقْوِ الْبَعِيرِ (الطَّرَفُ الرَّابِعُ الْقِسْمَةُ) لِلْغَنِيمَةِ (فَيُعْطِي الْقَاتِلَ السَّلَبَ أَوَّلًا) تَفْرِيعًا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُخَمَّسُ (ثُمَّ يَخْرُجُ) مِنْهَا (الْمُؤَنُ) اللَّازِمَةُ (كَأُجْرَةِ حَمَّالٍ وَحَارِسٍ وَنَحْوِهِ ثُمَّ يَقْسِمُ) الْبَاقِي أَسْهُمًا (خَمْسَةً) مُتَسَاوِيَةً ثُمَّ يُؤْخَذُ خَمْسُ رِقَاعٍ فَيَكْتُبُ عَلَى وَاحِدَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَصَالِحِ وَعَلَى الْأَرْبَعِ لِلْغَانِمِينَ وَتُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ مُتَسَاوِيَةٍ وَتُخْلَطُ وَ (يَخْرُجُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ سَهْمٌ بِالْقُرْعَةِ) يُجْعَلُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ (وَيَقْسِمُ الْأَرْبَعَةَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ قِسْمَةِ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّهُمْ حَاضِرُونَ وَمَحْصُورُونَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَنْقُولُ وَالْعَقَارُ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَتَكُونُ الْقِسْمَةُ (فِي دَارِ الْحَرْبِ) اسْتِحْبَابًا كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَتَأْخِيرُهَا بِلَا عُذْرٍ إلَى الْعَوْدِ) إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ (مَكْرُوهٌ وَيُعْطِي) الْإِمَامُ مِنْ الْغَنِيمَةِ (غَائِبًا حَضَرَ لِلْقِتَالِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَكَذَا مُدَبَّرًا وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ) شَمِلَ مَا لَوْ قَتَلَهُ وَقَدْ انْهَزَمُوا ثُمَّ كَرُّوا عَنْ قُرْبٍ أَوْ كَانَ ذَلِكَ خَدِيعَةً أَوْ كَانَ تَحَيُّزُهُمْ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ خَاطَرَ بِرُوحِهِ حَيْثُ صَبَرَ فِي مُقَابَلَتِهِ إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ كَالْأَذْرَعِيِّ مُقَاتَلَةً بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ لَا بِالْبَاءِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ كَرَمْيِ سَهْمٍ مِنْ بَعِيدٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ سَلَبًا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ اسْمَ السَّلَبِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا) إذْ السَّلَبُ يَصِيرُ مِلْكًا بِنَفْسِ الْأَسْرِ وَالْكَافِرُ لَا يَصِيرُ مَالًا إلَّا بِإِرْقَاقِ الْإِمَامِ، مَا يَقُولُ الْمُصَنِّفُ فِي ثِيَابِ هَذَا الَّذِي أُرِقَّ أَيَأْخُذُهَا الَّذِي أَسَرَهُ أَمْ لَا وَإِذَا أَخَذَهَا فَيَتْرُكُ عَلَيْهِ سَائِرَ الْعَوْرَةِ أَمْ لَا؟ [فَصْلٌ السَّلَبُ مَا عَلَى الْقَتِيلِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ] (فَصْلُ السَّلَبِ) (قَوْلُهُ وَسِلَاحٍ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ كَأَنْ تَقَلَّدَ سَيْفَيْنِ أَوْ حَمَلَ قَوْسَيْنِ أَوْ لَبِسَ دِرْعَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَالْجَنِيبَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُقَادُ مَعَهُ لِيَرْكَبَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ) فِي السِّلَاحِ الَّذِي عَلَيْهَا تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ السَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا لِيُقَاتِلَ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ فِي تَقْيِيدِ الْأَصْلِ الْجَنِيبَةَ إلَخْ) مَيَّزَهَا بِالصِّفَةِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ احْتِرَازًا مِنْ الْحَقِيبَةِ وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْجَنِيبَةِ الَّتِي تُقَادُ خَلْفَهُ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ الْآنَ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَتَعْلِيلُ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ الِاسْتِعَانَةُ بِهَا يُوَضِّحُهُ (قَوْلُهُ تَخَيَّرَ وَاحِدَةً) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذَا كَانَ يَقُودُ الْجَمِيعَ غَيْرُهُ فَإِنْ قَادَ الْقَتِيلُ وَاحِدَةً وَغُلَامُهُ الْبَاقِيَ فَالْوَجْهُ تَعَيُّنُ الَّتِي بِيَدِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ اهـ وَفِي مَعْنَى الْجَنِيبَةِ مَا يَحْمِلُهُ الْغُلَامُ مِنْ السِّلَاحِ لِيُعْطِيَهُ لَهُ مَتَى شَاءَ وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا وَاضِحٌ مُتَعَيَّنٌ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ لَمْ تَكُنْ نَافِعَةً فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ ضَارَّةً لَهُ [الطَّرَفُ الرَّابِعُ الْقِسْمَةُ لِلْغَنِيمَةِ] (قَوْلُهُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ) وَهُمْ مَنْ حَضَرَ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ وَلَوْ مَعَ نِيَّةِ التِّجَارَةِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ أَوْ قَاتَلَ (قَوْلُهُ اسْتِحْبَابًا) كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ السُّبْكِيُّ الصَّوَابُ اسْتِحْبَابُ التَّعْجِيلِ لَا خُصُوصُ الْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَعَلَيْهِ نَصَّ فِي الْأُمِّ فَقَالَ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَقْسِمَهُ الْإِمَامُ مُعَجَّلًا فَلَا يُؤَخِّرُ قَسْمَهُ إذَا أَمْكَنَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي غَنِمَهُ فِيهِ اهـ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيُّ أَنَّهُ يَجِبُ التَّعْجِيلُ وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ وَحَكَاهُ السُّبْكِيُّ عَنْهُمَا فِي الزَّكَاةِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَذَلِكَ هُوَ الْحَقُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ السُّنَّةِ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ عَلَى الطَّرِيقَةِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَيْسَ هَذَا بِمُصْطَلَحِ الْفُقَهَاءِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَالَاتِ فَمَنْ قَالَ يَجِبُ أَرَادَ مَا إذَا طَلَبَ ذَلِكَ الْغَانِمُونَ وَمَنْ قَالَ تُسْتَحَبُّ أَرَادَ مَا إذَا سَكَتُوا وَمَنْ قَالَ لَا تُكْرَهُ قِسْمَتُهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَرَادَ مَا إذَا طَلَبُوا التَّأْخِيرَ وَأَرَادَ الْإِمَامُ تَعْجِيلَ الْقِسْمَةِ لِيَحُوزَ الْخُمُسَ وَافِرًا مِنْ التَّبَسُّطِ فِي الْغَنِيمَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 مِمَّا سَيُحَازُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ) إنْ كَانَ مِمَّنْ يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ (لَا) إنْ حَضَرَ (بَعْدَهُ وَلَوْ قَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ) أَوْ خِيفَ رُجُوعُ الْكُفَّارِ فَلَا يُعْطِيهِ شَيْئًا لِعَدَمِ شُهُودِ الْوَقْعَةِ وَخَرَجَ بِمَا سَيُحَازُ مَا حِيزَ قَبْلَ حُضُورِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. (فَإِنْ حَاصَرُوا حِصْنًا) وَأَشْرَفُوا عَلَى فَتْحِهِ فَلَحِقَهُمْ مَدَدٌ (شَارَكَهُمْ الْمَدَدُ مَا لَمْ يَدْخُلُوا آمِنِينَ) بِأَنْ لَمْ يَدْخُلُوهُ أَوْ دَخَلُوهُ خَائِفِينَ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَحِقَهُمْ مَدَدٌ بَعْدَ دُخُولِهِمْ لَهُ آمِنِينَ لَا قَبْلَ دُخُولِهِمْ لَهُ كَذَلِكَ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ خِلَافَهُ (وَلَا حَقَّ لِمُنْهَزِمٍ) عَنْ الْقِتَالِ (عَادَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَإِنْ عَادَ وَأَدْرَكَ الْحَرْبَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا حُزْنَاهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ عَوْدِهِ بِخِلَافِ مَا حُزْنَاهُ بَعْدَهُ وَ (بِخِلَافِ مُتَحَيِّزٍ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ) فَإِنَّهُ يُعْطَى لِبَقَائِهِ فِي الْحَرْبِ مَعْنًى بِخِلَافِ الْمُتَحَيِّزِ إلَى بَعِيدَةٍ. (وَإِنْ ادَّعَى التَّحَيُّزَ) إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ التَّحَرُّفَ لِلْقِتَالِ (صَدَّقْنَاهُ بِيَمِينِهِ إنْ أَدْرَكَ الْحَرْبَ) فَإِنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ مِنْ الْجَمِيعِ وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا مِنْ الْمَحُوزِ بَعْدَ عَوْدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الْحَرْبَ لَا يَصْدُقُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ (وَلَا حَقَّ لِرَجُلٍ أَوْ فَرَسٍ مَاتَا قَبْلَ الْقِتَالِ) وَإِنْ دَخَلَا دَارَ الْحَرْبِ (لَا) إنْ مَاتَا (بَعْدَهُ وَلَوْ قَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ) فَإِنَّهُمَا يَسْتَحِقَّانِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْغَنِيمَةَ تُمْلَكُ بِانْقِضَاءِ الْقِتَالِ وَلَوْ قَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ (وَإِنْ مَاتَا فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ بَطَلَ حَقُّ الرَّجُلِ) بِمَوْتِهِ (لَا) حَقُّ (الْفَرَسِ) بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْفَارِسَ مَتْبُوعٌ فَإِذَا مَاتَ فَاتَ الْأَصْلُ وَالْفَرَسُ تَابِعٌ فَإِذَا مَاتَ جَازَ أَنْ يَبْقَى سَهْمُهُ لِلْمَتْبُوعِ نَعَمْ إنْ مَاتَ الْفَارِسُ بَعْدَ حِيَازَةِ الْمَالِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنْهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَإِنْ جُرِحَ أَوْ مَرِضَ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ اسْتَحَقَّ) نَصِيبَهُ (وَلَوْ أَزْمَنَهُ) الْجُرْحُ أَوْ الْمَرَضُ؛ لِأَنَّ فِي إبْطَالِ حَقِّهِ مَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْجِهَادِ وَلِلِانْتِفَاعِ بِرَأْيِهِ وَدُعَائِهِ وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْعِلَاجِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ (وَالْمُخَذِّلُ) لِلْجَيْشِ عَنْ الْقِتَالِ (يُمْنَعُ الْحُضُورُ) فِي الصَّفِّ (وَلَا يُرْضَخُ لَهُ) وَإِنْ حَضَرَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ (وَلَا يُمْنَعُ الْفَاسِقُ) الْحُضُورَ فِي الصَّفِّ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ تَخْذِيلُهُ (فَصْلٌ وَإِنْ بَعَثَ الْإِمَامُ سَرَايَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَلِكُلِّ سَرِيَّةٍ غُنْمُهَا وَلَا يَشْتَرِكُونَ) فِي الْغُنْمِ (إلَّا إنْ تَعَاوَنُوا أَوْ اتَّحَدَ أَمِيرُهُمْ وَالْجِهَةُ فَإِنْ بَعَثَ الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ) بِأَنْ كَانَ فِيهَا (فَكُلُّهُمْ) أَيْ جَيْشُ الْإِمَامِ أَوْ الْأَمِيرِ وَالسَّرِيَّةِ (جَيْشٌ وَاحِدٌ فَيَشْتَرِكُونَ) فِيمَا غَنِمَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ (وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْجِهَاتُ) الْمَبْعُوثُ إلَيْهَا وَلَمْ يَكُنْ الْجَيْشُ مُتَرَصِّدِينَ لِنُصْرَةِ السَّرَايَا بِأَنْ يَكُونُوا بَعِيدِينَ عَنْهُ لِاسْتِظْهَارِ كُلِّ فِرْقَةٍ بِالْأُخْرَى وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ جَيْشَ الْمُسْلِمِينَ تَفَرَّقُوا فَغَنِمَ بَعْضُهُمْ بِأَوْطَاسٍ وَأَكْثَرُهُمْ بِحُنَيْنٍ فَشَرِكُوهُمْ (وَلَوْ بَعَثَ جَاسُوسًا فَغَنِمُوا) أَيْ الْجَيْشُ قَبْلَ رُجُوعِهِ (لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ) مِنْ الْغُنْمِ؛ لِأَنَّهُ فَارَقَهُمْ لِمَصْلَحَتِهِمْ وَخَاطَرَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ شُهُودِ الْوَقْعَةِ (وَلَا يُشَارِكُهُمْ) أَيْ السَّرَايَا الْمَبْعُوثِينَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ (الْإِمَامُ وَ) لَا (جَيْشُهُ إنْ كَانُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ قَصَدَ لُحُوقَهُمْ) أَوْ قَرُبَتْ مِنْهُ دَارُ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ السَّرَايَا كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَغْنَمُ فَلَا يُشَارِكُهُمْ الْمُقِيمُونَ بِهَا وَلِأَنَّ إحْدَاهُمَا لَا تَسْتَظْهِرُ بِالْأُخْرَى وَلِأَنَّهُ لَا جَامِعَ ثَمَّ مِنْ إمَامٍ أَوْ أَمِيرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَعَهُمْ بِدَارِ الْحَرْبِ [فَصْلٌ تُجَّارُ الْعَسْكَرِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ خَرَجَ لِمُعَامَلَةٍ مَا حُكْم غَنِيمَتهمْ] (فَصْلٌ تُجَّارُ الْعَسْكَرِ وَنَحْوِهِمْ) مِمَّنْ خَرَجَ لِمُعَامَلَةٍ كَالْخَيَّاطِينَ وَالْبَزَّازِينَ وَالْبَقَّالِينَ (يُسْهَمُ لَهُمْ إنْ قَاتَلُوا) ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا الْوَقْعَةَ وَتَبَيَّنَ بِقِتَالِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا بِخُرُوجِهِمْ مَحْضَ غَيْرِ الْجِهَادِ وَالظَّاهِرُ أَنَّا لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ قَصَدُوا بِخُرُوجِهِمْ مَحْضَ غَيْرِ الْجِهَادِ أَسْهَمْنَا لَهُمْ وَإِنْ اقْتَضَى التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ خِلَافَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا (رَضَخَ لَهُمْ وَالْإِجْرَاءُ) لِغَيْرِ الْجِهَادِ كَسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ وَحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ (يُسْهَمُ لَهُمْ إنْ) وَفِي نُسْخَةٍ إذَا (حَضَرُوا) الصَّفَّ وَقَاتَلُوا كَمَا ذَكَرَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ كَذَلِكَ وَمَحَلُّهُ فِي أُجَرَاءَ وَرَدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِمْ فَإِنْ وَرَدَتْ عَلَى ذِمَّتِهِمْ أُعْطُوا وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا سَوَاءٌ أَتَعَلَّقَتْ بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يُكْثِرُوا مَنْ يَعْمَلُ عَنْهُمْ وَيَحْضُرُوا أَمَّا الْأُجَرَاءُ لِلْجِهَادِ فَإِنْ كَانُوا ذِمِّيِّينَ فَلَهُمْ الْأُجْرَةُ دُونَ السَّهْمِ وَالرَّضْخُ إذْ لَمْ يَحْضُرُوا مُجَاهِدِينَ لِإِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ بِإِجَارَةٍ أَوْ مُسْلِمِينَ فَلَا أُجْرَةَ لَهُمْ لِبُطْلَانِ إجَارَتِهِمْ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ بِحُضُورِ الصَّفِّ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ وَهَلْ يَسْتَحِقُّونَ السَّهْمَ فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْأَصْلِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِشُهُودِهِمْ الْوَقْعَةَ وَالثَّانِي لَا وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ سَوَاءٌ أَقَاتَلُوا أَمْ لَا لِإِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ بِالْإِجَارَةِ وَلَمْ يَحْضُرُوا مُجَاهِدِينَ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ (وَإِنْ أَفْلَتَ أَسِيرٌ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُتَحَيِّزِ إلَى بَعِيدَةٍ) لَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا غَنِمَ بَعْدَ تَحَيُّزِهِ وَحَدُّ الْقُرْبِ أَنْ يَلْحَقَ إحْدَاهُمَا غَوْثُ الْأُخْرَى عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَفِي وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ حَدَّ الْقُرْبِ دَارُ الْحَرْبِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ، وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ فَلَا سَهْمَ لَهُ وَجْهًا وَاحِدًا وَإِنْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْحِيَازَةِ فَفِي بُطْلَانِ سَهْمِهِ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَرْجَحُهُمَا بُطْلَانُهُ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْغَنِيمَةَ إلَخْ) فَإِنْ قُلْنَا لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ أَوْ بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ كَمَا هُوَ الْمُصَحَّحُ فِي السِّيَرِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يَنْتَقِلُ لِلْوَرَثَةِ حَقُّ التَّمَلُّكِ كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لَا الْمِلْكِ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنْهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَتَعْلِيلُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جُرِحَ أَوْ مَرِضَ إلَخْ) وَفِيمَنْ جُنَّ تَرَدُّدٌ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ اسْتِحْقَاقُهُ (قَوْلُهُ وَالْمُخَذَّلُ يُمْنَعُ الْحُضُورُ إلَخْ) وَفِي مَعْنَاهُ الرَّجْفُ مَنْ يُكْثِرُ الْأَرَاجِيفَ وَالْخَائِنُ مَنْ يَتَجَسَّسُ لَهُمْ وَيُطْلِعُهُمْ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَاتِ (فَرْعٌ) لَوْ قَسَمَ الْإِمَامُ الْغَنِيمَةَ فَوَقَعَ فِي سَهْمِ رَجُلٍ مِنْهَا شَيْءٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَعْطَاهُ الْإِمَامُ بَدَلَهُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ [فَصْلٌ بَعَثَ الْإِمَامُ سَرَايَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ] (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّا لَوْ عَلِمْنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ) وَالْخُوَارِزْمِيّ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ) وَبِتَرْجِيحِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 مِنْ يَدِ الْكُفَّارِ (أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ أُسْهِمَ لَهُ إنْ حَضَرَ) الصَّفَّ (وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ) لِشُهُودِهِ الْوَقْعَةَ وَلِقَصْدِ مَنْ أَسْلَمَ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِسْلَامِ فَيَقْبَحُ حِرْمَانُهُ وَإِنَّمَا يُسْهَمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِمَّا حِيزَ بَعْدَ حُضُورِهِ (فَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَسِيرُ مِنْ جَيْشٍ آخَرَ أُسْهِمَ لَهُ إنْ قَاتَلَ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَانَ بِقِتَالِهِ قَصْدُهُ لِلْجِهَادِ وَأَنَّ خَلَاصَهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ غَرَضًا لَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَحَاطَ الْكُفَّارُ بِأَهْلِ قَرْيَةٍ لَا يُسْهَمُ لِلْمُقِيمِينَ بِهَا حَتَّى يُقَاتِلُوا لِيَمْتَازَ الْمُجَاهِدُ عَنْ الْمُقِيمِ (وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يُسْهَمُ لَهُ لِشُهُودِهِ الْوَقْعَةَ وَثَانِيهِمَا لَا لِعَدَمِ قَصْدِهِ الْجِهَادَ (فَصْلٌ يُعْطِي الرَّاجِلَ سَهْمًا وَالْفَارِسَ ثَلَاثَةً) سَهْمًا لَهُ وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَلَوْ قَاتَلُوا فِي مَاءٍ أَوْ حِصْنٍ) وَقَدْ أَحْضَرَ الْفَارِسُ فَرَسَهُ فَإِنَّهُ يُعْطِي الْأَسْهُمَ الثَّلَاثَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى الرُّكُوبِ نَصَّ عَلَيْهِ وَحَمَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِالْقُرْبِ مِنْ السَّاحِلِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَخْرُجَ وَيَرْكَبَ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِإِعْطَائِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ وَيُغْنِي عَنْهُ وَعَنْ الْمُقَيَّدِ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَمَنْ حَضَرَ بِفَرَسٍ إلَى آخِرِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ قَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يُسْهِمُ لِفَرَسَيْنِ وَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى رُكُوبِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَقَدْ الْتَزَمَ مُؤْنَتَهَا أَيْ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَ) الْخَيْلُ (الْعَرَبِيَّةُ وَالْبَرَاذِينُ) وَغَيْرُهُمَا فِي ذَلِكَ (سَوَاءٌ) لِصَلَاحِيَةِ الْجَمِيعِ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُهَا كَالرِّجَالِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ خَبَرُ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ فَأَطْلَقَ لَفْظَ الْخَيْلِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْعَتِيقِ وَهُوَ عَرَبِيُّ الْأَبَوَيْنِ وَلِلْبِرْذَوْنِ وَهُوَ عَجَمِيُّهُمَا وَلِلْهَجِينِ وَهُوَ الْعَرَبِيُّ أَبُوهُ فَقَطْ وَلِلْمَقْرِفِ وَهُوَ الْعَرَبِيَّةُ أُمُّهُ فَقَطْ نَعَمْ يُعْتَبَرُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا جِذْعًا أَوْ ثَنِيًّا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُسَابَقَةِ (وَرَاكِبُ الْبَعِيرِ وَالْفِيلِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ رَاجِلٌ) أَيْ كَالرَّاجِلِ فِي أَنَّهُ يُعْطَى سَهْمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلْحَرْبِ صَلَاحِيَةَ الْخَيْلِ لَهَا بِالْكَرِّ وَالْفَرِّ اللَّذَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا النُّصْرَةُ غَالِبًا (لَكِنْ يُرْضَخُ لَهَا وَيَفْضُلُ الْفِيلُ عَلَى الْبَغْلِ وَالْبَغْلُ عَلَى الْحِمَارِ) . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَفْضُلُ الْبَعِيرُ عَلَى الْبَغْلِ بَلْ نُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: 6] ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّعْلِيقَةِ عَلَى الْحَاوِي وَالْأَنْوَارِ تَفْضِيلَ الْبَغْلِ عَلَى الْبَعِيرِ وَلَمْ أَرَهُ فِي غَيْرِهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ (وَلَا يَبْلُغُ بِالرَّضْخِ) لَهَا سَهْمُ (فَرَسٍ وَلَا يُدْخِلُ الْإِمَامُ دَارَ الْحَرْبِ إلَّا فَرَسًا شَدِيدًا لَا قَحْمًا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ هَرَمًا (وَ) لَا (أَعْجَفَ) أَيْ مَهْزُولًا (رَازِحًا) بِرَاءٍ وَزَايٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ بَيِّنَ الْهُزَالِ وَلَا حَطِمًا أَيْ كَسِيرًا وَلَا ضَرَعًا بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ أَيْ ضَعِيفًا فَلَا يُسْهَمُ لَهَا إذْ لَا غَنَاءَ فِيهَا بِخِلَافِ الشَّيْخِ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ لِلِانْتِفَاعِ بِرَأْيِهِ وَدُعَائِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْأَعْجَفِ الْحَرُونُ الْجَمُوحُ وَإِنْ كَانَ شَدِيدًا قَوِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُرُّ وَلَا يَفِرُّ عِنْدَ الْحَاجَةِ بَلْ يُهْلِكُ رَاكِبَهُ (فَإِنْ أَدْخَلَهُ) أَيْ شَيْئًا مِنْهَا (أَحَدٌ) مِنْهُمْ (لَمْ يُسْهَمْ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ) عَنْ إدْخَالِهِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ كَلٌّ عَلَى صَاحِبِهِ بِخِلَافِ الشَّيْخِ لِمَا مَرَّ. (وَمَنْ حَضَرَ) الصَّفَّ (بِفَرَسَيْنِ أَعْطَى لِوَاحِدٍ) مِنْهُمَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ يُعْطِ الزُّبَيْرَ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ وَقَدْ حَضَرَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِأَفْرَاسٍ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ (وَمَنْ حَضَرَ بِفَرَسٍ يَرْكَبُهُ أَسْهَمَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ عَلَيْهِ وَ) مَحَلُّهُ إذَا (كَانَ يُمْكِنُهُ رُكُوبُهُ لَا إنْ حَضَرَ) مَعَهُ (وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ) فَلَا يُسْهَمُ لَهُ (وَلَوْ اسْتَعَارَ فَرَسًا) أَوْ اسْتَأْجَرَهُ (أَوْ غَصَبَهُ) وَلَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ الْوَقْعَةَ (فَالسَّهْمُ لَهُ لَا لِلْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَحْضَرَهُ وَشَهِدَ بِهِ الْوَقْعَةَ (وَإِنْ حَضَرَا بِفَرَسٍ لَهُمَا اقْتَسَمَا سَهْمَيْهِ) بِحَسَبِ مِلْكَيْهِمَا فَقَوْلُ الْأَصْلِ مُنَاصَفَةً مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَوْ رَكِبَا فَرَسًا) وَشَهِدَ الْوَقْعَةَ (وَقَوِيَ عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ بِهِمَا فَأَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ) سَهْمَانِ لَهُمَا وَسَهْمَانِ لِلْفَرَسِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ (فَسَهْمَانِ) لَهُمَا. قَالَ النَّشَائِيُّ: وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا نَظَرٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْحَاضِرَ بِهِ كَالرَّاكِبِ انْتَهَى وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْفَرَسَ فِي الْأُولَى قَوِيَ عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ بِمَنْ يَرْكَبُهُ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْ ضَاعَ فَرَسُهُ) الَّذِي يُرِيدُ الْقِتَالَ عَلَيْهِ (أَوْ غُصِبَ) مِنْهُ (وَقَاتَلَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَحَضَرَ الْمَالِكُ الْوَقْعَةَ فَالسَّهْمُ) الَّذِي لِلْفَرَسِ (لَهُ) أَيْ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ اخْتِيَارُ إزَالَةِ يَدٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ وَلَمْ يُقَاتِلْ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَعْمَى وَالزَّمِنَ وَمَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ   [حاشية الرملي الكبير] عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ أَجْرَى الْخِلَافَ فِي الرَّضْخِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ الرَّضْخَ أَيْضًا (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِسَهْمٍ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ يُعْطِي الرَّاجِلَ سَهْمًا وَالْفَارِسَ ثَلَاثَةً] (قَوْلُهُ وَحَمَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِالْقُرْبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) قَالَ السُّبْكِيُّ وَجَوَابُهُ أَنَّ سَهْمَ الْفَرَسِ لَيْسَ لِحَاجَةِ صَاحِبِهِ إلَى رُكُوبِهِ بَلْ لِلْقِتَالِ عَلَيْهِ وَبِهِ وَالْقِتَالُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّهُ يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسَيْنِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهِمْ لَوْ كَانَ الْفَرَسُ مَوْقُوفًا لِلْجِهَادِ فَهَلْ يُسْهَمُ لِفَارِسِهِ سَهْمُ فَارِسٍ؟ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ نَعَمْ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ يَسْتَحِقُّ سَهْمَهُ أَوْ عَلَى الثَّغْرِ فَفِيهِ احْتِمَالٌ ظَاهِرٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ يَقُومُ بِمُؤَنِهِ حَالَةِ الْغَزْوِ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ سَهْمَهُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ. (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهُ فِي غَيْرِهِمَا) وَفِيهِ نَظَرٌ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْأَوَّلَ مَحْمُولٌ عَلَى نَحْوِ الْهَجِينِ وَالثَّانِيَ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ إدْخَالُهُ فِي قَوْلِهِمْ مَا لَا غِنَى فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ الْوَقْعَةَ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْغَصْبِ يَعْنِي أَنَّ السَّهْمَ لِلْغَاصِبِ دُونَ الْمَالِكِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ فَإِنْ حَضَرَ فَلَهُ لَا لِلْغَاصِبِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَسْطُرٍ، وَأَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فَلَهُمَا وَإِنْ حَضَرَ الْمَالِكُ ك ا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 وَالرَّجُلَيْنِ لَا يُسْهَمُ لَهُمْ لَكِنْ يُرْضَخُ لَهُمْ (وَإِنْ شَرَطَ الْإِمَامُ لَهُمْ) أَيْ لِلْجَيْشِ (أَنْ لَا يُخَمِّسَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَصِحَّ) الشَّرْطُ وَيَجِبُ تَخْمِيسُ مَا غَنِمُوهُ سَوَاءٌ أَشَرَطَ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ أَمْ لَا (وَمَنْ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ اسْتَحَقَّ السَّلَبَ مَعَ تَمَامِ سَهْمِهِ) لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ خِلَافًا لِمَنْ نَقَلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ (كِتَابُ النِّكَاحِ) هُوَ لُغَةً: الضَّمُّ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَنَاكَحَتْ الْأَشْجَارُ إذَا تَمَايَلَتْ وَانْضَمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، وَشَرْعًا: عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إبَاحَةَ وَطْءٍ بِلَفْظِ إنْكَاحٍ أَوْ تَزْوِيجٍ أَوْ تَرْجَمَتِهِ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ كَمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَالْأَخْبَارُ وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى الْوَطْءِ فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك» وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] وَقَوْلِهِ {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ «تَنَاكَحُوا تَكْثُرُوا» وَخَبَرِ «مَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي وَمِنْ سُنَّتِي النِّكَاحُ» رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا وَخَبَرِ «الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِهَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ الْأَطِبَّاءُ وَمَقَاصِدُ النِّكَاحِ ثَلَاثَةٌ حِفْظُ النَّسْلِ وَإِخْرَاجُ الْمَاءِ الَّذِي يَضُرُّ احْتِبَاسُهُ بِالْبَدَنِ وَنَيْلُ اللَّذَّةِ وَهَذِهِ الثَّالِثَةُ هِيَ الَّتِي فِي الْجَنَّةِ إذْ لَا تَنَاسُلَ هُنَاكَ وَلَا احْتِبَاسَ (وَفِيهِ أَبْوَابٌ) اثْنَا عَشَرَ: (الْأَوَّلُ فِي) بَيَانِ (خَصَائِصِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَإِنَّمَا ذَكَرُوهَا هُنَا؛ لِأَنَّهَا فِي النِّكَاحِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ وَالصِّيغَةُ الْمَذْكُورَةُ مُشْعِرَةٌ بِذِكْرِ جَمِيعِ خَصَائِصِهِ إذْ الْجَمْعُ الْمُضَافُ لِمَعْرِفَةٍ مُسْتَغْرِقٌ وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا سَيَأْتِي (وَهِيَ أَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا الْوَاجِبَاتُ) وَخَصَّ بِهَا لِزِيَادَةِ الزُّلْفَى وَالدَّرَجَاتِ فَلَنْ يَتَقَرَّبَ الْمُتَقَرِّبُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ. قَالَ الْإِمَامُ: هُنَا قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا الْفَرِيضَةُ يَزِيدُ ثَوَابُهَا عَلَى ثَوَابِ النَّافِلَةِ أَيْ الْمُمَاثِلَةِ لَهَا بِسَبْعِينَ دَرَجَةً (وَهِيَ الضُّحَى وَالْوِتْرُ وَالْأُضْحِيَّةَ) لِخَبَرِ «ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ النَّحْرُ وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الضُّحَى» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَقَلُّ الضُّحَى لَا أَكْثَرُهُ وَقِيَاسُهُ فِي الْوِتْرِ كَذَلِكَ وَاسْتَشْكَلَ وُجُوبَ الثَّلَاثَةِ عَلَيْهِ بِضَعْفِ الْخَبَرِ وَبِجَمْعِ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ أَخْبَارِ الضُّحَى الْمُتَعَارِضَةِ فِي سُنِّيَّتِهَا بِأَنَّهُ كَانَ لَا يُدَاوِمُ عَلَيْهَا مَخَافَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا وَبِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ عَلَى بَعِيرِهِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ لَامْتَنَعَ ذَلِكَ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اعْتَضَدَ بِغَيْرِهِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ صَلَاةَ الضُّحَى وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَعَنْ الثَّالِثِ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّاهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ وَهِيَ وَاقِفَةٌ عَلَى أَنَّ جَوَازَ أَدَائِهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ [كِتَابُ النِّكَاحِ] (كِتَابُ النِّكَاحِ) (قَوْلُهُ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ إلَخْ) فَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى النِّكَاحِ حُمِلَ عَلَى الْعَقْدِ وَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ وَكَذَا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهَلْ هُوَ إبَاحَةٌ أَوْ مِلْكٌ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا ثَانِيهِمَا أَيُّ مِلْكٍ لَأَنْ يَنْتَفِعَ لَا الْبُضْعُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَإِنَّ الْمَهْرَ لَهَا أَوْ لِسَيِّدِهَا، وَأَمَّا وُجُوبُهُ لَهُ فِي الرَّضَاعِ فَلِتَفْوِيتِ كُلٍّ مَا مَلَكَهُ وَهَلْ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا شَرْطٌ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ كَالْعِوَضَيْنِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ مِنْ جِهَتِهِ الْمَهْرُ لَا نَفْسُهُ وَلِأَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِي نِكَاحِ غَيْرِهَا مَعَهَا وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ قَبْلَ بَابِ الْأَوْلِيَاءِ، وَبَنَى مَا لَوْ قَالَ الْخَاطِبُ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ زَوَّجْت نَفْسِي مِنْك وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقُّهُ عَلَى الْخُصُوصِ. (قَوْلُهُ إذْ لَا تَنَاسُلَ هُنَاكَ) رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَفَعَهُ «الْمُؤْمِنُ إذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ كَمَا يَشْتَهِي» ثُمَّ قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ قَالَ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْجَنَّةِ جِمَاعٌ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ وَلَا وَلَدٍ وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالنَّخَعِيِّ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ قَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمُ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَكُونُ لَهُمْ فِيهَا وَلَدٌ» [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ خَصَائِصِ النَّبِيِّ] [النَّوْع الْأَوَّل مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ الْوَاجِبَاتُ] (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي خَصَائِصِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ذَكَرَ أَبُو سَعِيدٍ النَّيْسَابُورِيُّ فِي كِتَابِ شَرَفِ الْمُصْطَفَى أَنَّ عَدَدَ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْأَنْبِيَاءِ سِتُّونَ خَصْلَةً (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا الْفَرِيضَةُ يَزِيدُ ثَوَابُهَا عَلَى ثَوَابِ النَّافِلَةِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلِ: مَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ تَرَكَهُ وَهُوَ مُبْطِلٌ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ وَهُوَ أَسْفَلُهَا فَالْحَقُّ تَرْكُهُ لِلْمِرَاءِ نَفْلٌ وَالْمُبْطِلُ تَرْكُهُ لِلْمِرَاءِ فَرْضٌ وَأَعْطَى الْمُحِقَّ عَلَى مَا تَنَفَّلَ بِهِ أَعْلَى الْجَنَّةِ وَأَعْطَى الْمُبْطِلَ وَإِنْ كَانَ عَلَى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ رَبَضَ الْجَنَّةِ، الثَّانِي: الصَّبْرُ عَلَى الطَّاعَةِ بِثَلَثِمِائَةٍ وَالصَّبْرُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ بِسِتِّمِائَةٍ وَالصَّبْرُ عَلَى الْمُصِيبَةِ بِتِسْعِمِائَةٍ فَالْأَوَّلَانِ الصَّبْرُ عَلَيْهِمَا وَاجِبٌ وَالْفَضْلُ عَلَيْهِمَا أَقَلُّ مِنْ الثَّالِثِ وَالصَّبْرُ عَلَيْهَا نَفْلٌ. اهـ. وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا إبْرَاءُ الْمُعْسِرِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إنْظَارِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ وَالِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ أَفْضَلُ مِنْ جَوَابِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ وَالْأَذَانُ أَفْضَلُ مِنْ إمَامَةِ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَكُلُّ تَطَوُّعٍ كَانَ مُحَصِّلًا لِلْمَقْصُودِ مِنْ الْفَرْضِ بِوَصْفِ الزِّيَادَةِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ الْفَرْضِ كَالزُّهْدِ فِي الْحَلَالِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الزُّهْدِ فِي الْحَرَامِ وَهُوَ وَاجِبٌ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِشَيْءٍ هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ نَذْرُهُ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: نَعَمْ لِيَحُوزَ ثَوَابَ الْفَرْضِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا لِلْإِخْلَالِ بِحَقِيقَةِ النَّفْلِ الْمُتَعَبِّدِ بِهَا (قَوْلُهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَهُ) وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ أُمِرْت بِرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهَا (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ فِي الْوِتْرِ كَذَلِكَ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْجِنْسُ ر (قَوْلُهُ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّاهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ إلَخْ) وَبِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّاهَا عَلَيْهَا بَعْدَ نَسْخِهَا فِي حَقِّهِ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ وَعَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ أَنَّهُ أَجَابَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَعَ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ قَاعِدًا وَلِهَذَا كَانَ تَطَوُّعُهُ قَاعِدًا كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ خَصَائِصِهِ أَيْضًا (وَالسِّوَاكُ) لِكُلِّ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ (وَالْمُشَاوَرَةُ) لِذَوِي الْأَحْلَامِ فِي الْأَمْرِ قَالَ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عِنْدَ اسْتِئْذَانِ الْبِكْرِ (وَتَغْيِيرُ مُنْكَرٍ رَآهُ) قَالَ الْغَزَالِيُّ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ أَنَّ فَاعِلَهُ يَزِيدُ فِيهِ عِنَادًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْخَوْفِ (وَمُصَابَرَةُ الْعَدُوِّ وَإِنْ كَثُرَ) وَلَوْ زَادَ عَلَى الضِّعْفِ وَلَوْ مَعَ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّهُ مَوْعُودٌ بِالْعِصْمَةِ وَالنَّصْرِ (وَقَضَاءُ دَيْنِ مُسْلِمٍ مَاتَ مُعْسِرًا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ فَتَرَك دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ» وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ بِمَا إذَا اتَّسَعَ الْمَالُ. (وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ) بَعْدَهُ (قَضَاؤُهُ مِنْ) مَالِ (الْمَصَالِحِ) كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ اتِّسَاعِ الْمَالِ وَفَضْلِهِ عَنْ مَصَالِحِ الْأَحْيَاءِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتَخْيِيرُ نِسَائِهِ) بَيْنَ مُفَارَقَتِهِ طَلَبًا لِلدُّنْيَا وَاخْتِيَارِهِ طَلَبًا لِلْآخِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 28] الْآيَتَيْنِ وَلِئَلَّا يَكُونَ مُكْرِهًا لَهُنَّ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى مَا آثَرَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْفَقْرِ وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا صَحَّ أَنَّهُ تَعَوَّذَ مِنْ الْفَقْرِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا تَعَوَّذَ مِنْ فِتْنَتِهِ كَمَا تَعَوَّذَ مِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى أَوْ تَعَوَّذَ مِنْ فَقْرِ الْقَلْبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ «لَيْسَ الْغِنَى بِكَثْرَةِ الْعَرَضِ وَإِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» وَلَمَّا خَيَّرَهُنَّ وَاخْتَرْنَهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ التَّزَوُّجَ عَلَيْهِنَّ وَالتَّبَدُّلَ بِهِنَّ مُكَافَأَةً لَهُنَّ فَقَالَ {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52] الْآيَةَ ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ} [الأحزاب: 50] الْآيَةَ لِتَكُونَ لَهُ الْمِنَّةُ بِتَرْكِ التَّزَوُّجِ عَلَيْهِنَّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَلَا يُشْتَرَطُ الْجَوَابُ) مِنْهُنَّ لَهُ (فَوْرًا) لِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ بَدَأَ بِعَائِشَةَ وَقَالَ إنِّي ذَاكِرٌ لَك أَمْرًا فَلَا تُبَادِرِينِي بِالْجَوَابِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك (فَلَوْ اخْتَارَتْهُ) وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ (لَمْ يَحْرُمْ) عَلَيْهِ طَلَاقُهَا كَلَّمَتْهُ (أَوْ كَرِهَتْهُ) بِأَنْ اخْتَارَتْ الدُّنْيَا (تَوَقَّفَتْ الْفُرْقَةُ عَلَى الطَّلَاقِ) فَلَا تَحْصُلُ بِاخْتِيَارِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: 28] (وَهَلْ قَوْلُهَا اخْتَرْت نَفْسِي طَلَاقٌ وَهَلْ لَهُ تَزَوُّجُهَا بَعْدَ الْفِرَاقِ) إذَا لَمْ تَكْرَه تَزَوُّجَهُ (أَوْ) لَهُ (تَخْيِيرُهُنَّ) فِيمَا مَرَّ (قَبْلَ مُشَاوَرَتِهِنَّ) فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا لَا فِي الْأُولَى وَتَعُمُّ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَذِكْرُهُ الْأَخِيرَةَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَتَعْبِيرُهُ فِي الْأُولَى بِالطَّلَاقِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ صَرِيحٌ فِي الْفِرَاقِ (وَنَسَخَ وُجُوبَ التَّهَجُّدِ عَلَيْهِ) كَمَا نَسَخَ وُجُوبَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَدَلِيلُ وُجُوبِهِ قَوْله تَعَالَى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] وَدَلِيلُ النُّسَخِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (لَا) وُجُوبَ (الْوِتْرِ) عَلَيْهِ فَلَمْ يُنْسَخْ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ التَّهَجُّدِ وَهُوَ مَا صَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَرْجِيحِهِ هُنَا لَكِنَّهُ رَجَحَ فِيمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ أَنَّهُ تَهَجَّدَ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ النَّوْعُ (الثَّانِي الْمُحَرَّمَاتُ عَلَيْهِ) وَخُصَّ بِهَا تَكْرِمَةً لَهُ إذْ أَجْرُ تَرْكِ الْمُحَرَّمِ أَكْثَرُ مِنْ أَجْرِ تَرْكِ الْمَكْرُوهِ وَفِعْلِ الْمَنْدُوبِ (وَهِيَ الزَّكَاةُ وَالصَّدَقَةُ) نَفْلُهَا وَفَرْضُهَا كَالْكَفَّارَةِ لِمَا مَرَّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَصِيَانَةً لِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ؛ لِأَنَّهُمَا يُنْبِئَانِ عَنْ ذُلِّ الْآخِذِ وَعِزِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَأُبْدِلَ بِهِمَا الْفَيْءَ الَّذِي يُؤْخَذُ عَلَى سَبِيلِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ الْمُنْبِئُ عَنْ عِزِّ الْآخِذِ وَذُلِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الصَّدَقَةِ لَأَغْنَاهُ عَمَّا قَبْلَهَا (وَمَعْرِفَةُ الْخَطِّ وَالشَّعْرِ) أَيْ تَعَلُّمُهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: 48] وَقَوْلُهُ {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69] وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ) وَقِيلَ لِكُلِّ مَا يُسْتَحَبُّ لَنَا وَقِيلَ لِتَغَيُّرِ الْفَمِ وَقِيلَ عَنْ نُزُولِ الْوَحْيِ لِلْمُنَاجَاةِ وَقِيلَ لِكُلِّ مَكْتُوبَةٍ (قَوْلُهُ وَالْمُشَاوَرَةُ لِذَوِي الْأَحْلَامِ فِي الْأَمْرِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَاخْتُلِفَ فِيمَا شَاوَرَهُمْ فَقِيلَ فِي الْحَرْبِ وَمُكَابَدَةِ الْعَدُوِّ وَقِيلَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا دُونَ الدِّينِ وَقِيلَ فِي أُمُورِ الدِّينِ تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى عِلَلِ الْأَحْكَامِ وَطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَيَّدَ الْإِمَامُ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ بِمَا إذَا صَدَرَ مِنْهُ مَطْلٌ ظَلَمَ بِهِ وَمَاتَ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَمْلِكْ فِي حَيَاتِهِ مَا يُؤَدِّيهِ بِهِ لَمْ يَقْضِ دَيْنُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَقِيَ اللَّهَ وَلَا مَظْلِمَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَوَّذَ مِنْ فَقْرِ الْقَلْبِ إلَخْ) الَّذِي اسْتَعَاذَ مِنْهُ وَأُعِيذَ مِنْهُ الْفَقْرُ الِاضْطِرَارِيُّ وَكَانَ يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ الْفَقْرَ لِإِيثَارِهِ بِقُوَّتِهِ فَلَا يَبْقَى فِي يَدِهِ شَيْءٌ اخْتِيَارًا مِنْهُ لِذَلِكَ ع أَوْ أَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ الْفَقْرِ الَّذِي يَحْصُلُ مَعَهُ سُوءُ الْحَالِ بِأَنْ لَا يَجِدَ مَا يَكْفِي مِنْ الْقُوتِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا ت. (قَوْلُهُ لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا كَأَمَتِهِ) وَإِذَا طَلَّقَهَا هَلْ يَكُونُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا لَا فِي الْأُولَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَنَعَمْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ التَّهَجُّدِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ لَا يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقَعَ بَعْدَ النَّوْمِ وَلَا فِي وَقْتٍ يَكُونُ النَّاسُ فِيهِ نِيَامًا وَالتَّهَجُّدُ يُفَارِقُهُ فِي ذَلِكَ [النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ الْمُحَرَّمَاتُ] (قَوْلُهُ وَهِيَ الزَّكَاةُ وَالصَّدَقَةُ فَرْضُهَا وَنَفْلُهَا إلَخْ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يُسَاوُونَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ يَخْتَصُّ بِهِ قَالَ بِالْأَوَّلِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَبِالثَّانِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَسُئِلْت هَلْ: الصَّدَقَاتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ غَيْرِ نَبِيِّنَا جَائِزَةٌ أَوْ لَا وَهَلْ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال عَلَى جَوَازِهَا بِقَوْلِ إخْوَةِ يُوسُفَ {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [يوسف: 88] ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الزَّمَخْشَرِيّ وَالْقُرْطُبِيُّ لِشَرَفِهِمْ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ» انْتَهَى وَلِأَنَّهَا تُنْبِئُ عَنْ ذُلِّ الْآخِذِ وَعِزِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} [يوسف: 88] بِرَدِّ أَخِينَا إلَى أَبِيهِ أَوْ بِالْمُسَامَحَةِ وَقَبُولِ الْمُزْجَاةِ وَقِيلَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى حَقِّنَا قَالَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَلَمْ تَحْرُمْ الصَّدَقَةُ إلَّا عَلَى نَبِيِّنَا قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» وَقَالَتْ فِرْقَةٌ كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ مُحَرَّمَةً وَلَكِنْ قَالُوهُ تَجَوُّزًا اسْتِعْطَافًا مِنْهُمْ فِي الْمُبَالَغَةِ كَمَا تَقُولُ لِمَنْ تُسَاوِمُهُ فِي سِلْعَتِهِ هَبْنِي مِنْ ثَمَنِهَا كَذَا أَوْ خُذْ مِنِّي كَذَا فَلَمْ تَقْصِدْ أَنْ يَهَبَك وَإِنَّمَا حَسَّنْت لَهُ الْمَقَالَ حَتَّى يَرْجِعَ مَعَك إلَى سَوْمِك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 وَالرُّويَانِيُّ بِالْخَطِّ الْقِرَاءَةَ مِنْ الْكِتَابِ وَبِتَعَلُّمِ الشَّعْرِ رِوَايَتَهُ وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ خَطَّ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُوحِي أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ خَطٍّ فَنُسِبَ إلَيْهِ الْفِعْلُ تَجَوُّزًا أَوْ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ مُعْجِزَةً وَمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ الرَّجَزِ كَقَوْلِهِ «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الرَّجَزَ لَيْسَ بِشَعْرٍ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ بَلْ وَقَعَ مُرَجَّزًا (لَا الْأَكْلُ لِثُومٍ وَنَحْوِهِ) كَبَصَلٍ وَكُرَّاثٍ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ وَإِنَّمَا كُرِهَ أَكْلُهُ لِتَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ بِرَائِحَتِهِ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ «أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ صَنَعَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ» وَفِي رِوَايَةٍ «أَرْسَلَ إلَيْهِ بِطَعَامٍ مِنْ خُضْرَةٍ فِيهِ بَصَلٌ وَكُرَّاثٌ فَرَدَّهُ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ لَا وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ» (أَوْ) الْأَكْلُ (مُتَّكِئًا) لِمَا مَرَّ وَأَمَّا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «أَنَا لَا آكُلُ وَأَنَا مُتَّكِئٌ» فَلَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ نَعَمْ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ مَكْرُوهَانِ فِي حَقِّهِ كَمَا فِي حَقِّ أُمَّتِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي حَقِّهِمْ فِي الْأَوَّلِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ مُقَيَّدًا بِالنِّيءِ وَبِالثَّانِي الرَّافِعِيُّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُتَّكِئُ الْجَالِسُ الْمُعْتَمِدُ عَلَى وَطَاءٍ تَحْتَهُ وَأَقَرَّهُ الْبَيْهَقِيُّ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ: بَلْ هُوَ الْمَائِلُ عَلَى جَنْبٍ، وَفَسَّرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ الْمَائِلُ عَلَى جَنْبٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ. (وَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ (نَزْعُ لَامَتِهِ) أَيْ سِلَاحِهِ (قَبْلَ الْقِتَالِ) لِلْعُدْوَانِ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِخَبَرِ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَلْبَسَ لَامَتِهِ فَيَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَسْنَدَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ (وَمَدُّ الْعَيْنِ إلَى مَتَاعِ النَّاسِ) أَيْ إلَى مَا مَتَّعُوا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [طه: 131] الْآيَةَ (وَخَائِنَةُ الْأَعْيُنِ وَهِيَ الْإِيمَاءُ بِمَا يُظْهِرُ خِلَافَهُ) مِنْ مُبَاحٍ مِنْ نَحْوِ ضَرْبٍ أَوْ قَتْلٍ وَسُمِّيَ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ لِشَبَهِهِ بِالْخِيَانَةِ بِإِخْفَائِهِ (دُونَ الْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ) فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا (وَإِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ) كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ وُجُوبِ تَخْيِيرِهِ نِسَاءَهُ وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْقَائِلَةِ لَهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك لَقَدْ اسْتَعَذْت بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِك» رُوِيَ أَنَّ نِسَاءَهُ لَقَّنَّهَا أَنْ تَقُولَ لَهُ ذَلِكَ وَقُلْنَ لَهَا أَنَّهُ كَلَامٌ يُعْجِبُهُ. (وَنِكَاحُ كِتَابِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهَا تَكْرَهُ صُحْبَتَهُ وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَضَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُشْرِكَةُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَلِخَبَرِ «سَأَلْت رَبِّي أَنْ لَا أُزَوَّجَ إلَّا مَنْ كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ فَأَعْطَانِي» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (لَا التَّسَرِّي بِهَا) فَلَا يَحْرُمُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسَرَّى بِرَيْحَانَةَ وَكَانَتْ يَهُودِيَّةً مِنْ سَبْيِ قُرَيْظَةَ» وَاسْتَشْكَلَ بِهَذَا تَعْلِيلَهُمْ السَّابِقَ بِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَضَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِالنِّكَاحِ أَصَالَةُ التَّوَالُدِ فَاحْتِيطَ لَهُ وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ فِيهِ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ الْمُشْرِكَةُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافِ الْمِلْكِ فِيهِمَا (وَنِكَاحُ الْأَمَةِ وَلَوْ مُسْلِمَةً) ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا مُعْتَبَرٌ لِخَوْفِ الْعَنَتِ وَهُوَ مَعْصُومٌ بِفِقْدَانِ مَهْرِ الْحُرَّةِ وَنِكَاحُهُ غَنِيٌّ عَنْ الْمَهْرِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَبِرِقِّ الْوَلَدِ وَمَنْصِبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَزَّهٌ عَنْهُ (وَالْمَنُّ) أَيْ إعْطَاؤُهُ الْعَطَايَا (لِيَسْتَكْثِرَ) أَيْ لِيَطْلُبَ الْكَثْرَةَ بِالطَّمَعِ فِي الْعِوَضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] وَإِنْ فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا تُعْطِ شَيْئًا لِتَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ النَّوْعُ (الثَّالِثُ التَّخْفِيفَاتُ وَالْمُبَاحَاتُ لَهُ) وَخُصَّ بِهَا تَوْسِعَةً عَلَيْهِ وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَا خُصَّ بِهِ مِنْهَا لَا يُلْهِيهِ عَنْ طَاعَتِهِ وَإِنْ أَلْهَى غَيْرَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ هُنَا مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ بَلْ مَا لَا حَرَجَ فِي فِعْلِهِ وَلَا فِي تَرْكِهِ (وَهِيَ نِكَاحُ تِسْعٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونُ الْجَوْرِ وَقَدْ مَاتَ عَنْ تِسْعٍ وَلِأَنَّ غَرَضَهُ نَشْرُ بَاطِنِ الشَّرِيعَةِ وَظَاهِرِهَا وَكَانَ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً فَأُبِيحَ لَهُ تَكْثِيرُ النِّسَاءِ لِيَنْقُلْنَ مَا يَرَيْنَهُ مِنْ أَفْعَالِهِ وَيَسْمَعْنَهُ مِنْ أَقْوَالِهِ الَّتِي قَدْ يَسْتَحْيِ مِنْ الْإِفْصَاحِ بِهَا بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ (وَحَرُمَ) عَلَيْهِ (الزِّيَادَةُ عَلَيْهِنَّ) أَيْ التِّسْعِ بِقَوْلِهِ {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52] أَيْ بَعْدَ التِّسْعِ اللَّاتِي اخْتَرْنَك (ثُمَّ نُسِخَ) فَأُبِيحَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَكْثَرَ مِنْهُنَّ بِآيَةِ {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: 50] كَمَا مَرَّ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حَرُمَ ثُمَّ نُسِخَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُهُ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُحْرِمًا) بِنُسُكٍ لِخَبَرٍ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» لَكِنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ حَلَالًا وَفِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «قَالَتْ تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفٍ» وَقَالَ أَبُو رَافِعٍ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ وَكُنْت السَّفِيرَ بَيْنَهُمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَدْ رَدَّ الشَّافِعِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ خَطٍّ إلَخْ) وَهَذَا تُعَضِّدُهُ رِوَايَةُ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ ك (قَوْلُهُ وَكُرَّاثٍ) أَيْ وَفُجْلٍ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كُرِهَ أَكْلُهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِالنِّيءِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَوْضِعُ الْكَرَاهَةِ فِي النِّيءِ أَمَّا الْمَطْبُوخُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ طَعَامًا فِيهِ بَصَلٌ (قَوْلُهُ وَإِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ) فِي سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْكَشَّافُ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي وَإِمْسَاكُ كَارِهَتِهِ قَالَ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَقَدْ اسْتَعَذْت بِمَعَاذٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ الْحَقِي بِأَهْلِك) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَأَخْطَأَ مَنْ عَكَسَ ر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 بِذَلِكَ رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْأُولَى (وَ) يَنْعَقِدُ نِكَاحُهُ (بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ) ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْوَلِيِّ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْكَفَاءَةِ وَهُوَ فَوْقَ الْأَكْفَاءِ وَاعْتِبَارُ الشُّهُودِ لِأَمْنِ الْجُحُودِ وَهُوَ مَأْمُونٌ مِنْهُ، وَالْمَرْأَةُ لَوْ جَحَدَتْ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا بَلْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ شَارِحُ الْمُهَذَّبِ تَكْفُرُ بِتَكْذِيبِهِ (وَ) يَنْعَقِدُ (بِلَفْظِ الْهِبَةِ) وَبِمَعْنَاهَا (إيجَابًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً} [الأحزاب: 50] الْآيَةَ (لَا قَبُولًا) بَلْ يَجِبُ لَفْظُ النِّكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: 50] (وَلَا مَهْرَ) عَلَيْهِ (لِلْوَاهِبَةِ لَهُ) نَفْسَهَا (وَإِنْ دَخَلَ بِهَا) كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْهِبَةِ (وَتَجِبُ إجَابَتُهُ إلَى) بِمَعْنَى عَلَى (امْرَأَةٍ رَغِبَ فِيهَا) وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ خِطْبَتُهَا (وَ) يَجِبُ (عَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا) لِيَنْكِحَهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] . وَقَالَ الْغَزَالِيُّ لِقِصَّةِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ وَلَعَلَّ السِّرَّ فِيهِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ امْتِحَانُ إيمَانِهِ بِتَكْلِيفِهِ النُّزُولَ عَنْ أَهْلِهِ وَمِنْ جَانِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْتِلَاؤُهُ بِبَلِيَّةِ الْبَشَرِيَّةِ وَمَنْعُهُ مِنْ خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: 37] ، وَلَا شَيْءَ أَدْعَى لِحِفْظِ الْبَصَرِ مِنْ لَمَحَاتِهِ الِاتِّفَاقِيَّةِ مِنْ هَذَا التَّكْلِيفِ وَهَذَا مِمَّا يُورِدُهُ الْفُقَهَاءُ فِي نَوْعِ التَّخْفِيفَاتِ وَعِنْدِي أَنَّهُ فِي حَقِّهِ فِي غَايَةِ التَّشْدِيدِ إذْ لَوْ كُلِّفَ بِذَلِكَ أَيْ بِمَنْعِ خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ آحَادُ النَّاسِ لَمَا فَتَحُوا أَعْيُنَهُمْ فِي الشَّوَارِعِ وَالطُّرُقَاتِ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَوْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخْفِي آيَةً لَأَخْفَى هَذِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْآحَادَ غَيْرُ مَعْصُومِينَ فَنُقِلَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بِخِلَافِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَلَهُ تَزْوِيجُ مَنْ شَاءَ) مِنْ النِّسَاءِ (لِمَنْ شَاءَ وَ) لَوْ (لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا (مُتَوَالِيًا الطَّرَفَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ (وَيُزَوِّجُهُ اللَّهُ) فَتَحِلُّ لَهُ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِعَقْدٍ كَمَا فِي قَضِيَّةِ امْرَأَةِ زَيْدٍ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا (وَأُبِيحَ لَهُ الْوِصَالُ) فِي الصَّوْمِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ الْوِصَالِ فَقِيلَ إنَّك تُوَاصِلُ فَقَالَ إنِّي لَسْت مِثْلَكُمْ إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى» أَيْ أُعْطَى قُوَّةَ الطَّاعِمِ وَالشَّارِبِ (وَصَفِيُّ الْمَغْنَمِ) وَهُوَ مَا يَخْتَارُهُ مِنْهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مِنْ جَارِيَةٍ وَغَيْرِهَا وَمِنْ صَفَايَاهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالْمَغْنَمِ بَلْ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْفَيْءِ أَيْضًا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ فِي   [حاشية الرملي الكبير] [النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ خَصَائِصُ النَّبِيِّ التَّخْفِيفَاتُ وَالْمُبَاحَاتُ] قَوْلُهُ وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُهُ مُحْرِمًا) وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُحَرَّمَةً أَيْضًا (قَوْلُهُ بَلْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ شَارِحُ الْمُهَذَّبِ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْغَزَالِيُّ لِقِصَّةِ زَيْدٍ إلَخْ) قَدْ أَنْكَرَ السُّبْكِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وُقُوعَ مَيْلِ قَلْبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى تَزَوُّجِ امْرَأَةِ غَيْرِهِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقِصَّةُ زَيْدٍ إنَّمَا جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى قَطْعًا لِقَوْلِ النَّاسِ أَنَّ زَيْدًا وَلَدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِبْطَالًا لِلتَّبَنِّي فِي الْإِسْلَامِ كَمَا تُنْبِئُ عَنْهُ سُورَةُ الْأَحْزَابِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ وَقَوْلُهُ {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37] يَعْنِي مِنْ أَمْرِ زَيْدٍ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَتَزَوُّجِك إيَّاهَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُقْتَضَى الطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ يَكْرَهُ زَوَاجَهَا وَيَشُقُّ عَلَيْهِ عَكْسَ مَا تَوَهَّمَهُ الْغَزَالِيُّ وَمَا كَانَ يُمْكِنُهُ إخْفَاءُ شَيْءٍ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَأَطَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَيَانِ ذَلِكَ كَمَا سَاقَهُ وَلَدُهُ فِي تَوْشِيحِ التَّوْشِيحِ أش إذَا نَظَرَ إلَى أَمَةٍ أَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ عِتْقُهَا أَمْ يَمْلِكُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاهَا أَمْ لَا الْقِيَاسُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْوُجُوبُ، وَقَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ لَهُ نِكَاحُهَا قَبْلَ عِدَّتِهَا أَيْضًا. وَقَوْلُهُ وَأَطَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَيَانِهِ إلَخْ قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُعْجِبُهُ امْرَأَةُ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ وَقِصَّةُ زَيْدٍ إنَّمَا جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى كَمَا صَرَّحَ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ قَطْعًا لِقَوْلِ النَّاسِ أَنَّ زَيْدًا وَلَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِبْطَالًا لِلتَّبَنِّي فِي الْإِسْلَامِ إلَى قَوْله تَعَالَى {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4] أَيْ مِنْ أَبَوَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ إلَى قَوْله تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ} [الأحزاب: 4] إلَى أَنْ قَالَ {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5] ثُمَّ سَاقَ اللَّهُ تَعَالَى السُّورَةَ إلَى أَنْ قَالَ {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] تَحْرِيضٌ عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ تَعَالَى فِي طَلَاقِ امْرَأَةِ زَيْدٍ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37] يَعْنِي مِنْ أَمْرِ زَيْدٍ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَتَزْوِيجِك أَنْتَ إيَّاهَا لَا مِنْ مَحَبَّتِهِ مَعَاذَ اللَّهِ ثُمَّ مَعَاذَ اللَّهِ ثُمَّ مَعَاذَ اللَّهِ، ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقَوْلِ الصَّرِيحِ بَعْدَ التَّعْرِيضِ الطَّوِيلِ أَنَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ إبْطَالُ التَّبَنِّي وَنَسْخُهُ وَرَفْعُهُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَلَدًا لَمَا تَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ تَعَالَى {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} [الأحزاب: 37] ثُمَّ بَعْدَهُ {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] فَمَنْ تَأَمَّلَ السُّورَةَ وَعَرَفَ شَيْئًا مِنْ حَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَيَقَّنَ بِالْعِلْمِ الْقَاطِعِ أَنَّ تَزَوُّجَ امْرَأَةِ زَيْدٍ إنَّمَا كَانَ لِذَلِكَ لَا لِغَيْرِهِ وَإِنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْرَهَ النَّاسِ بِالطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ لِزَوَاجِهَا عَكْسَ مَا تَوَهَّمَهُ الْغَزَالِيُّ وَكَانَ شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَمَا كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُخْفِيَ شَيْئًا مِمَّا أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37] فَنَزَلَتْ الْآيَةُ آمِرَةً لَهُ بِإِظْهَارِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ زَوَاجِهَا لِإِبْطَالِ التَّبَنِّي وَإِنْ كَانَ زَوَاجُهَا شَقَّ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ ابْنُهُ فِي التَّوْشِيحِ: وَيَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعْرِفَ هَذَا. (قَوْلُهُ بِبَلِيَّةِ الْبَشَرِيَّةِ) يَعْنِي مَيْلَ الْقَلْبِ إلَى تَزَوُّجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ وُقُوعِ بَصَرِهِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَمَنْعُهُ مِنْ خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ) أَيْ مِنْ الْإِضْمَارِ الْمُخَالِفِ لِلْإِظْهَارِ (قَوْلُهُ أَيْ بِمَنْعِ خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ) أَوْ بِأَنْ يَأْمُرَ الشَّخْصُ غَيْرَهُ أَنْ يُطَلِّقَ لَهُ زَوْجَتَهُ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْآحَادَ غَيْرُ مَعْصُومِينَ إلَخْ) وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ فَذَاكَ الْأَمْرُ آخَرُ وَهُوَ إظْهَارُ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْلَاهُ وَعِتَابُهُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَأُبِيحَ لَهُ الْوِصَالُ) وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّ الْوِصَالَ لَهُ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إذْ الْعِبَادَةُ إمَّا وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ، وَيَنْبَغِي حَمْلُ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ وَالْإِبَاحَةُ عَلَى نَفْيِ التَّحْرِيمِ الصَّادِقِ بِالِاسْتِحْبَابِ اش (قَوْلُهُ أَيْ أُعْطَى قُوَّةَ الطَّاعِمِ وَالشَّارِبِ) عَبَّرَ بِذَلِكَ عَمَّا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعَارِفِ وَالْمَوَاهِبِ وَلَمَّا كَانَتْ تُنَمِّي النَّفْسَ وَتُقَوِّيهَا كَمَا يُقَوِّيهَا الطَّعَامُ أَطْلَقَ عَلَيْهَا الطَّعْمَ وَالسَّقْيَ وَذَلِكَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ صَفَايَاهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ اصْطَفَاهَا وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا) هَذَا مَرْدُودٌ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ وَاشْتَرَاهَا مِنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَصْطَفِهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ بَلْ دَخَلَتْ فِيهَا وَأَخَذَهَا مِمَّنْ وَقَعَتْ لَهُ ع قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ اصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ بَعْدَمَا صَارَتْ لِدِحْيَةَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 التَّجْرِيدِ (وَخُمُسُ الْخُمُسِ) مِنْ الْفَيْءِ وَالْمَغْنَمِ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنْفِقُ مِنْهُ فِي مَصَالِحِهِ وَمَا فَضَلَ جَعَلَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُ أَيْضًا مَعَ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ سَهْمٌ كَسِهَامِ الْغَانِمِينَ (وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ) وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْفَيْءِ (وَيَقْضِي بِعِلْمِهِ) وَلَوْ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا خِلَافٍ (وَيَحْكُمُ وَيَشْهَدُ لِوَلَدِهِ وَلِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ لِلرِّيبَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْهُ قَطْعًا (وَيَحْمِي الْمَوَاتَ لِنَفْسِهِ) وَإِنْ لَمْ يَحْمِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا يَحْمِي لِنَحْوِ نَعَمِ الصَّدَقَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ) اعْتِمَادًا عَلَى دَعْوَاهُ لِقِصَّةِ خُزَيْمَةَ الْآتِيَةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَقْبَلُ) هُوَ (شَهَادَةَ مَنْ شَهِدَ لَهُ) لِانْتِفَاءِ الرِّيبَةِ عَنْهُ قَطْعًا كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّهُ قَبِلَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ لِنَفْسِهِ وَقِصَّتِهِ فِي أَبِي دَاوُد وَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَهَا وَخَالَفَ ابْنُ حَزْمٍ فَأَعَلَّهَا (وَلَهُ أَخْذُ طَعَامِ غَيْرِهِ) وَإِنْ احْتَاجَهُ الْغَيْرُ (وَيَجِبُ) عَلَى الْغَيْرِ (إعْطَاؤُهُ لَهُ وَبَذْلُ النَّفْسِ دُونَهُ) لَوْ قَصَدَهُ ظَالِمٌ بِحَضْرَتِهِ فَيَفْدِي بِمُهْجَتِهِ مُهْجَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. (وَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِالنَّوْمِ) وَلَوْ غَيْرَ مُمَكَّنٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اضْطَجَعَ وَنَامَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» (وَمَنْ شَتَمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَعَنَهُ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ قُرْبَةً) بِدُعَائِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «اللَّهُمَّ إنِّي اتَّخَذْت عِنْدَك عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْته أَوْ شَتَمْته أَوْ لَعَنْته فَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إلَيْك يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَفِي رِوَايَةٍ «إنِّي اشْتَرَطْت عَلَى رَبِّي فَقُلْت إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْت عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ تَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً» وَإِنَّمَا سَاغَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ لَكِنَّهُ فِي الظَّاهِرِ يَسْتَوْجِبُهُ بِأَمَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ أَوْ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ مَقْصُودًا بَلْ هُوَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ مِنْ وَصْلِ كَلَامِهَا بِنَحْوِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: تَرِبَتْ يَمِينُك وَعَقْرَى حَلْقَى، فَخَافَ أَنْ يُسْتَجَابَ فِي ذَلِكَ فَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ شَتَمَهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَهُوَ فِي الرَّافِعِيِّ، وَفِيهِ أَنَّ صَاحِبَ التَّلْخِيصِ حَكَى أَنَّ لَهُ دُخُولَ الْمَسْجِدِ جُنُبًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدْ يَحْتَجُّ لَهُ بِخَبَرِ «يَا عَلِيُّ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُجْنِبَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرِي وَغَيْرِكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَكِنْ فِي سَنَدِهِ ضَعِيفٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُحَدِّثِينَ، قَالَ: وَلَعَلَّهُ اعْتَضَدَ بِمَا اقْتَضَى حُسْنَهُ فَظَهَرَ تَرْجِيحُ قَوْلِ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ، وَحَمْلُ دُخُولِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْمُكْثِ بِهِ لَيْسَ مِنْ الْخَصَائِصِ لِمُشَارَكَةِ عَلِيٍّ لَهُ فِيهِ، وَحَذَفَ أَيْضًا أَنَّهُ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ أَعْتَقَهَا بِلَا عِوَضٍ وَتَزَوَّجَهَا بِلَا مَهْرٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ فِي مَعْنَى الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا لَهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا مُطْلَقًا وَحَذَفَ أَيْضًا أَنَّهُ هَلْ كَانَ يَحِلُّ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْخِطَابِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْبِنَاءِ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ فَلَا تَكُونُ مِنْ الْخَصَائِصِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ (وَمُعْظَمُ هَذِهِ الْمُبَاحَاتِ لَمْ يَفْعَلْهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ لَهُ فِعْلُهُ وَقَدْ صَرَّحْت بِبَعْضِهِ فِيمَا مَرَّ (الرَّابِعُ الْفَضَائِلُ وَالْإِكْرَامُ وَهِيَ تَحْرِيمُ مَنْكُوحَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ مُطَلَّقَاتٍ) وَلَوْ بِاخْتِيَارِهِنَّ لِفِرَاقِهِ وِفَاقًا لِلْجُمْهُورِ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَسَوَاءٌ أَكُنَّ مَوْطُوآتٍ أَمْ لَا لِآيَةِ {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} [الأحزاب: 53] قِيلَ نَزَلَتْ فِي طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُ قَالَ إنْ مَاتَ لَأَتَزَوَّجَنَّ عَائِشَةَ وَلِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ تَعَالَى {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] وَلِأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الْجَنَّةِ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْجَنَّةِ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ (وَسَرَارِي) أَيْ وَتَحْرِيمُ سَرَارِيهِ أَيْ إمَائِهِ الْمَوْطُوآتِ عَلَى غَيْرِهِ إكْرَامًا لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَوْطُوآتِ وَقِيلَ لَا تَحْرُمُ الْمَوْطُوآتُ أَيْضًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ الطَّاوُسِيُّ وَالْبَازِرِيُّ مَعَ تَقْيِيدِهِمَا ذَلِكَ بِالْمَوْطُوآتِ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِسَرَارِيهِ لَسَلِمَ مِنْ إيهَامِ عَطْفِهِنَّ عَلَى مُطَلَّقَاتٍ (وَتَفْضِيلُ زَوْجَاتِهِ عَلَى) سَائِرِ (النِّسَاءِ) عَلَى مَا يَأْتِي تَفْضِيلُهُ قَالَ تَعَالَى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} [الأحزاب: 32] (وَثَوَابُهُنَّ وَعِقَابُهُنَّ مُضَاعَفٌ)   [حاشية الرملي الكبير] جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ (قَوْلُهُ وَيَحْكُمُ وَيَشْهَدُ لِوَلَدِهِ وَلِنَفْسِهِ) أَيْ وَعَلَى عَدُوِّهِ (قَوْلُهُ وَقِصَّتُهُ فِي أَبِي دَاوُد) أَيْ وَالنَّسَائِيُّ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ طَعَامِ غَيْرِهِ) مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ (قَوْلُهُ وَفِيهِ أَنَّ صَاحِبَ التَّلْخِيصِ حَكَى أَنَّ لَهُ دُخُولَ الْمَسْجِدِ جُنُبًا) وَمَنَعَهُ الْقَفَّالُ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَتَزَوَّجَهَا بِلَا مَهْرٍ مُطْلَقًا) بَلْ أَصْدَقَهَا رَزِينَةَ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَم الْكَبِيرِ عَنْ رَزِينَةَ مَوْلَاةِ صَفِيَّةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْدَقَهَا صَفِيَّةَ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْعِتْقَ وَحْدَهُ لَمْ يَكُنْ صَدَاقًا بَلْ كَانَ الصَّدَاقُ عِتْقَهَا وَإِعْطَاءَهَا رَزِينَةَ فَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا حَاجَةَ مَعَهُ إلَى تَكَلُّفِ جَوَابٍ ت [النَّوْع الرَّابِعُ مِنْ خَصَائِصُ النَّبِيِّ الْفَضَائِلُ وَالْإِكْرَامُ] (الرَّابِعُ الْفَضَائِلُ وَالْإِكْرَامُ) (قَوْلُهُ وَهِيَ تَحْرِيمُ زَوْجَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ) أَمَّا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا تَحْرُمُ أَزْوَاجُهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ قَالَهُ الْقُضَاعِيُّ فِي عُيُونِ الْمَعَارِفِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَقْرَبُ عَدَمُ حُرْمَتِهِنَّ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَحُرْمَتُهُنَّ عَلَى غَيْرِهِمْ بِخِلَافِ زَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى عَلَى الْأَنْبِيَاءِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَإِلَّا لَمَا تَمَكَّنَتْ مِنْ غَرَضِهَا فِي زِينَةِ الدُّنْيَا وَلَمَا كَانَ التَّخْيِيرُ مُفِيدًا، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ تَحْرِيمُ نِكَاحِ مُفَارِقَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ بِاخْتِيَارِهَا فِرَاقَهُ وَقَبْلَ الدُّخُولِ اهـ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَكُنَّ مَوْطُوآتٍ أَمْ لَا) وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْأَظْهَرُ بِتَحْرِيمِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ وَتَفْضِيلُ زَوْجَاتِهِ عَلَى سَائِرِ النِّسَاءِ) يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ سَيِّدَتُنَا فَاطِمَةُ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْهُنَّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي وَلَا يَعْدِلُ بِبَضْعَةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي خَيْرَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ وَعِقَابُهُنَّ مُضَاعَفٌ) فَحَدُّهُنَّ مِثْلَا حَدِّ غَيْرِهِنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 قَالَ تَعَالَى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الأحزاب: 30] الْآيَتَيْنِ (وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ) أَيْ مِثْلُهُنَّ لَا فِي حُكْمِ الْخَلْوَةِ وَالنَّظَرِ وَالْمُسَافَرَةِ وَالظِّهَارِ وَالنَّفَقَةِ وَالْمِيرَاثِ بَلْ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِهِنَّ وَوُجُوبِ احْتِرَامِهِنَّ وَطَاعَتِهِنَّ (إكْرَامًا) لَهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] (فَقَطْ) أَيْ يُقَالُ لَهُمْ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ لَا أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنَاتِ وَلَا يُقَالُ لِبَنَاتِهِنَّ أَخَوَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا لِآبَائِهِنَّ وَأُمَّهَاتِهِنَّ أَجْدَادُ الْمُؤْمِنِينَ وَجَدَّاتُهُمْ وَلَا لِإِخْوَتِهِنَّ وَإِخْوَانِهِنَّ أَخْوَالُ الْمُؤْمِنِينَ وَخَالَاتُهُمْ (كَهُوَ فِي الْأُبُوَّةِ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبٌ (لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) . وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] فَمَعْنَاهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَدَ صُلْبِهِ (وَتَحْرِيمُ سُؤَالِهِنَّ إلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] وَأَمَّا غَيْرُهُنَّ فَيَجُوزُ أَنْ يُسْأَلْنَ مُشَافَهَةً، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ خُصِّصْنَ بِفَرْضِ الْحِجَابِ عَلَيْهِنَّ بِلَا خِلَافٍ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُنَّ كَشْفُ ذَلِكَ لِشَهَادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا إظْهَارُ شُخُوصِهِنَّ وَإِنْ كُنَّ مُسْتَتِرَاتٍ إلَّا لِضَرُورَةِ خُرُوجِهِنَّ لِلْبِرَازِ (فَائِدَةٌ) ذَكَرَ الْبَغَوِيّ عَنْ الْخَطَّابِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَعْنَى الْمُعْتَدَّاتِ وَلِلْمُعْتَدَّةِ السُّكْنَى فَجَعَلَ لَهُنَّ سُكْنَى الْبُيُوتِ مَا عِشْنَ وَلَا يَمْلِكْنَ رِقَابَهَا (وَأَفْضَلُهُنَّ خَدِيجَةُ) لِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ» ، وَلِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِعَائِشَةَ - حِينَ قَالَتْ لَهُ: قَدْ رَزَقَك اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا لَا -: وَاَللَّهِ مَا رَزَقَنِي خَيْرًا مِنْهَا آمَنَتْ بِي حِينَ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَأَعْطَتْنِي مَالَهَا حِينَ حَرَمَنِي النَّاسُ» وَسُئِلَ ابْنُ دَاوُد أَيُّهُمَا أَفْضَلُ فَقَالَ عَائِشَةُ أَقْرَأَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّلَامَ مِنْ جِبْرِيلَ وَخَدِيجَةَ أَقْرَأَهَا جِبْرِيلُ مِنْ رَبِّهَا السَّلَامَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ فَهِيَ أَفْضَلُ فَقِيلَ لَهُ فَمَنْ أَفْضَلُ خَدِيجَةُ أَمْ فَاطِمَةُ فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي وَلَا أَعْدِلُ بِبِضْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدًا (ثُمَّ عَائِشَةُ) لِخَبَرِ فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ، وَخَبَرِ سَأَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إلَيْك قَالَ عَائِشَةُ رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ وَهُمَا مَخْصُوصَانِ بِمَا مَرَّ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ خَدِيجَةَ وَعَائِشَةَ أَفْضَلُ مِنْ فَاطِمَةَ وَيُخَالِفُهُ مَا مَرَّ آنِفًا وَقَدْ سُئِلَ السُّبْكِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ الَّذِي نَخْتَارُهُ وَنَدِينُ اللَّهَ بِهِ أَنَّ فَاطِمَةَ أَفْضَلُ ثُمَّ أُمُّهَا خَدِيجَةُ ثُمَّ عَائِشَةُ، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ بَعْضُهُ وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ عِنْدَمَا سَارَّهَا ثَانِيًا عِنْدَ مَوْتِهِ أَمَا تَرْضِينَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلَّا مَرْيَمَ، وَأَمَّا خَبَرُ الطَّبَرَانِيِّ «خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ثُمَّ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ثُمَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ثُمَّ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ خَدِيجَةَ إنَّمَا فُضِّلَتْ عَلَى فَاطِمَةَ بِاعْتِبَارِ الْأُمُومَةِ لَا بِاعْتِبَارِ السِّيَادَةِ، وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ خَدِيجَةَ لِهَذَا الْخَبَرِ وَلِلِاخْتِلَافِ فِي نُبُوَّتِهَا، وَقِيلَ: عَائِشَةُ أَفْضَلُ مِنْ خَدِيجَةَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ. (وَهُوَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (خَاتَمُ النَّبِيِّينَ) قَالَ تَعَالَى {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] وَلَا يُعَارِضُهُ مَا ثَبَتَ مِنْ نُزُولِ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - آخِرِ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي بِشَرِيعَةٍ نَاسِخَةٍ بَلْ مُقَرِّرَةٌ لِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامِلًا بِهَا (وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَنَوْعُ الْآدَمِيِّ أَفْضَلُ الْخَلْقِ فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَأَمَّا قَوْلُهُ «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» وَقَوْلُهُ «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ» وَنَحْوِهِمَا فَأُجِيبُ عَنْهَا بِأَنَّهُ نَهَى عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إلَى تَنْقِيصِ بَعْضِهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ أَوْ عَنْ تَفْضِيلٍ فِي نَفْسِ النُّبُوَّةِ الَّتِي لَا تَتَفَاوَتُ لَا فِي ذَوَاتِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَفَاوِتِينَ بِالْخَصَائِصِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: 253] أَوْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ تَأَدُّبًا وَتَوَاضُعًا أَوْ نَهَى عَنْهُ قَبْلَ عِلْمِهِ أَنَّهُ أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَلِهَذَا لَمَّا عَلِمَ قَالَ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَتَبِعَ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ الْخَبَرَ فِي التَّعْبِيرِ بِسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ وَمُرَادُهُمْ أَنَّهُ سَيِّدُ آدَمَ وَوَلَدِهِ وَسَائِرِ الْخَلْقِ كَمَا مَرَّ. (وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا خَبَرُ «فَإِذَا مُوسَى مُتَعَلِّقٌ بِقَائِمَةِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صُعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَمْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ» فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ (وَ) أَوَّلُ (مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ وَأَوَّلُ شَافِعٍ   [حاشية الرملي الكبير] لِكَمَالِهِنَّ وَفَضْلِهِنَّ كَمَا جُعِلَ حَدُّ الْحُرِّ مِثْلَا حَدِّ الْعَبْدِ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَعَلَى ذِكْرِك أَنَّ فُرُشَ الْأَنْبِيَاءِ مَحْفُوظَةٌ عَنْ الْفَاحِشَةِ وَمَا عَلِمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بَعْدَ قِصَّةِ الْإِفْكِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ لِبَنَاتِهِنَّ أَخَوَاتُ الْمُؤْمِنِينَ إلَخْ) لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمَا جَازَ التَّزَوُّجُ بِهِنَّ وَالثَّانِي أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تَكُونُ بِالْقِيَاسِ وَإِنَّمَا طَرِيقُهَا التَّوْقِيفُ وَلَمْ يَرِدْ ر (قَوْلُهُ فَقِيلَ لَهُ فَمَنْ أَفْضَلُ خَدِيجَةُ أَمْ فَاطِمَةُ إلَخْ) وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ لَا أُفَضِّلُ عَلَى بِضْعَةٍ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدًا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي خَيْرَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ) قِيلَ لَمْ يُرِدْ عَيْنَ الثَّرِيدِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الطَّعَامَ الْمُتَّخَذَ مِنْ اللَّحْمِ وَالثَّرِيدِ مَعًا؛ لِأَنَّ الثَّرِيدَ غَالِبًا لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ لَحْمٍ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ وَقَدْ سُئِلَ السُّبْكِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ الَّذِي نَخْتَارُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ خَدِيجَةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَائِشَةُ أَفْضَلُ مِنْ خَدِيجَةَ) قَالَ الْمُحَقِّقُونَ كُلُّ مَسْأَلَةٍ إنْ كُلِّفَ فِيهَا بِالْعِلْمِ فَلَا يَجُوزُ الْأَخْذُ فِيهَا بِالظَّنِّ وَإِلَّا جَازَ كَالتَّفَاضُلِ بَيْنَ فَاطِمَةَ وَخَدِيجَةَ وَعَائِشَةَ (قَوْلُهُ أَوْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ تَأَدُّبًا وَتَوَاضُعًا) أَوْ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ) لَا يَتَأَتَّى هَذَا الِاحْتِمَالُ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا يَقَعُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كا (قَوْلُهُ وَأَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِأُمَّتِهِ هَلْ هِيَ أَوَّلُ الْأُمَمِ دُخُولًا الْجَنَّةَ وَسُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ دُخُولِ الْأَنْبِيَاءِ الْجَنَّةَ هَلْ كُلُّ نَبِيٍّ بِأُمَّتِهِ أَوْ الْأَنْبِيَاءُ جَمِيعُهُمْ ثُمَّ أُمَمُهُمْ؟ فَأَجَابَ الظَّاهِرُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 وَ) أَوَّلُ (مُشَفَّعٍ) أَيْ مَنْ تُجَابُ شَفَاعَتُهُ رَوَاهَا مُسْلِمٌ (وَأُمَّتُهُ خَيْرُ الْأُمَمِ) لِآيَةِ {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: 110] وَشُهَدَاءَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى الْأُمَمِ بِتَبْلِيغِ الرُّسُلِ إلَيْهِمْ رِسَالَتَهُ لِآيَةِ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] (مَعْصُومَةٌ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ) وَيُحْتَجُّ بِإِجْمَاعِهَا لِخَبَرِ «لَا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَصُفُوفُهُمْ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَشَرِيعَتُهُ مُؤَبَّدَةٌ وَنَاسِخَةٌ لِغَيْرِهَا) مِنْ الشَّرَائِعِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَقَدْ أَمَرَ بِتَرْكِ شَرَائِعِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ (وَمُعْجِزَتُهُ بَاقِيَةٌ وَهِيَ الْقُرْآنُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَكِتَابُهُ مُعْجِزٌ مَحْفُوظٌ عَنْ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ وَأُقِيمَ بَعْدَهُ حُجَّةً عَلَى النَّاسِ وَمُعْجِزَاتُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ انْقَرَضَتْ فَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَنْهَا إلَى مَا قَالَهُ الْمُفِيدُ لِحَصْرِ بَقَاءِ مُعْجِزَتِهِ فِي الْقُرْآنِ قَدْ يُقَالُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْمُعْجِزَةَ الْكُبْرَى فَمُسَلَّمٌ وَإِلَّا فَمَمْنُوعٌ إذْ لَهُ مُعْجِزَاتٌ أُخَرُ بَاقِيَةٌ كَقَوْلِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ» ، وَقَوْلُهُ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» ، وَقَوْلُهُ: «إنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ» وَمِنْهَا مَا يَظْهَرُ مِنْ كَرَامَاتِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَرَامَاتِ أَوْلِيَاءِ أُمَّةِ كُلِّ نَبِيٍّ مُعْجِزَاتٌ لَهُ وَهُوَ الْحَقُّ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ مُعْجِزَتَهُ الَّتِي ظَهَرَتْ وَبَقِيَتْ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَمْ تَظْهَرْ بَعْدُ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَكَانَ سُكُوتُهُ حُجَّةً عَلَى جَوَازِ مَا رَأَى وَلَمْ يُنْكِرْهُ بِخِلَافِ سُكُوتِ غَيْرِهِ. «وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا وَأُحِلَّتْ لَهُ الْغَنَائِمُ» رَوَاهَا الشَّيْخَانِ إلَّا قَوْلَهُ: «وَتُرَابُهَا طَهُورًا» فَمُسْلِمٌ وَمَعْنَى اخْتِصَاصِهِ بِمَا عَدَا الْأُولَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ وَإِلَّا فَأُمَّتُهُ مُشَارِكَةٌ لَهُ فِيهِ (وَلَمْ يُورَثْ وَتَرِكَتُهُ صَدَقَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) لَا يَخْتَصُّ بِهَا الْوَارِثُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ» وَمَعْنَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْأُمَمِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ وَإِلَّا فَالْأَنْبِيَاءُ يُشَارِكُونَهُ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَبَرِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: 5] {يَرِثُنِي} [مريم: 6] وَقَوْلُهُ {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} [النمل: 16] فَالْمُرَادُ الْإِرْثُ فِي النُّبُوَّةِ وَالْعِلْمِ وَالدِّينِ. (وَأُكْرِمَ بِالشَّفَاعَاتِ الْخَمْسِ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأُولَى: الْعُظْمَى فِي الْفَصْلِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَوْقِفِ حِينَ يَفْزَعُونَ إلَيْهِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ، الثَّانِيَةُ: فِي إدْخَالِ خَلْقِ الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ، الثَّالِثَةُ: فِي نَاسٍ اسْتَحَقُّوا دُخُولَ النَّارِ فَلَا يَدْخُلُونَهَا، الرَّابِعَةُ: فِي نَاسٍ دَخَلُوا النَّارَ فَيَخْرُجُونَ، الْخَامِسَةُ: فِي رَفْعِ دَرَجَاتِ نَاسٍ فِي الْجَنَّةِ وَكُلُّهَا ثَبَتَتْ فِي الْأَخْبَارِ (وَخُصَّ) مِنْهَا (بِالْعُظْمَى وَدُخُولِ خَلْقٍ مِنْ أَمَتَهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ) وَهِيَ الثَّانِيَةُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خُصَّ بِالثَّالِثَةِ وَالْخَامِسَةِ أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إنَّ شَفَاعَتَهُ لِإِخْرَاجِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إيمَانٍ مُخْتَصَّةٌ بِهِ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ السِّرَاجُ بْنُ الْمُلَقِّنِ: وَمِنْ شَفَاعَتِهِ أَنْ يَشْفَعَ لِمَنْ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَمِنْهَا تَخْفِيفُ الْعَذَابِ عَمَّنْ اسْتَحَقَّ الْخُلُودَ فِي النَّارِ كَأَبِي طَالِبٍ وَهَاتَانِ نَبَّهَ عَلَيْهِمَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَفِي الْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لِلْقَزْوِينِيِّ أَنَّهُ يَشْفَعُ لِجَمَاعَةٍ مِنْ صُلَحَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فَيَتَجَاوَزُ عَنْهُمْ فِي تَقْصِيرِهِمْ فِي الطَّاعَاتِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَشْفَعُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ. (وَأُرْسِلَ إلَى الْكَافَّةِ) مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرِسَالَةٌ غَيْرِهِ خَاصَّةٌ وَأَمَّا عُمُومُ رِسَالَةِ نُوحٍ بَعْدَ الطُّوفَان فَلِانْحِصَارِ الْبَاقِينَ فِيمَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ (وَهُوَ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ اتِّبَاعًا وَكَانَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي خَبَرِ الْإِسْرَاءِ عَنْ أَنَسٍ «وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ» ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ يُشَارِكُونَهُ فِي هَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ: فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ فِي الْوَادِي عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ» وَلَوْ كَانَ غَيْرَ نَائِمِ الْقَلْبِ لَمَا تَرَكَ صَلَاةَ الصُّبْحِ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْقَلْبَ يَقْظَانُ يُحِسُّ بِالْحَدَثِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ وَيَشْعُرُ بِهِ الْقَلْبُ وَلَيْسَ طُلُوعُ الشَّمْسِ وَالْفَجْرِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُدْرَكُ بِالْعَيْنِ وَهِيَ نَائِمَةٌ، وَالثَّانِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ بَعْضِ   [حاشية الرملي الكبير] أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَدْخُلُونَهَا أَوَّلًا وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُهَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ أُمَّتَهُ تَدْخُلُ أَوَّلَ الْأُمَمِ قُلْت أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْإِفْرَادِ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَنَّ «الْجَنَّةَ حُرِّمَتْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ حَتَّى أَدْخُلَهَا وَحُرِّمَتْ عَلَى الْأُمَمِ حَتَّى تَدْخُلَهَا أُمَّتِي» ر (قَوْلُهُ وَتَرِكَتُهُ صَدَقَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ عَلَى زَوْجَاتِهِ كَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، وَقَالَ ابْنُ النَّحْوِيِّ فِي كِتَابِهِ الْخَصَائِصُ هَلْ يَرِثُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا لَكِنْ فِي كِتَابِ مُشْكِلِ الْحَدِيثِ فِي أَوَاخِرِهِ قَالَ وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُورَثُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ بَعْدَ أَنْ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَتْ وِرَاثَةُ أَبَوَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إلَيْهِ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ مَوْلًى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَلَدًا وَلَا حَمِيمًا فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أُعْطُوا مِيرَاثَهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ» قَالَ الشَّارِحُ إنَّمَا أَمَرَ أَنْ يُعْطَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ تَصَدُّقًا مِنْهُ أَوْ تَرَفُّعًا أَوْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَمَصْرِفُهُ لِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ وَصَدَقَاتِهِمْ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَمَا لَا يُورَثُ عَنْهُمْ لَا يَرِثُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْقَلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِيضَاحِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ يَرِثُونَ وَلَا يُورَثُونَ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْقَلَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الثَّالِثَةُ فِي نَاسٍ اسْتَحَقُّوا دُخُولَ النَّارِ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ وَيُشْرِكُهُ فِيهَا مَنْ يَشَاءُ اللَّهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ شَفَاعَاتِهِ أَنْ يَشْفَعَ لِمَنْ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ إلَخْ) وَأَنْ يَشْفَعَ فِي التَّخْفِيفِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ لِخَبَرِ الْقَبْرَيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَمِنْهَا تَخْفِيفُ الْعَذَابِ عَمَّنْ اسْتَحَقَّ الْخُلُودَ فِي النَّارِ إلَخْ) وَجَعَلَ ابْنُ دِحْيَةَ مِنْهُ التَّخْفِيفَ عَنْ أَبِي لَهَبٍ فِي كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْنِ لِسُرُورِهِ بِوِلَادَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِعْتَاقِهِ ثُوَيْبَةَ حِينَ بَشَّرَتْهُ ر (قَوْلُهُ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ لَا الْمَلَائِكَةِ) خِلَافًا لِابْنِ حَزْمٍ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1] وَالْعَالَمُ كُلُّ مَوْجُودٍ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 أَصْحَابِنَا قَالَ كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَوْمَانِ أَحَدُهُمَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَعَيْنُهُ وَالثَّانِي عَيْنُهُ دُونَ قَلْبِهِ فَكَانَ نَوْمُ الْوَادِي مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ (وَيَرَى مَنْ خَلْفَهُ) كَمَا يَرَى مَنْ أَمَامَهُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِيهِ مُقَيَّدَةٌ بِحَالَةِ الصَّلَاةِ فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ لِقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُ مَا وَرَاءَ جِدَارِي هَذَا، كَذَا قِيلَ فَإِنْ أَرَادَ قَائِلُهُ أَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ لِمَفْهُومِهِ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ كَانَ يَرَى مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ وَقِيَاسُ الْجِدَارِ عَلَى جَسَدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسِدٌ كَمَا لَا يَخْفَى لَكِنْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَيْنَانِ مِثْلُ سَمِّ الْخِيَاطِ فَكَانَ يُبْصِرُ بِهِمَا وَلَا تَحْجُبُهُمَا الثِّيَابُ (وَتَطَوُّعُهُ قَاعِدًا كَقَائِمٍ) أَيْ كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ وَتَطَوُّعُ غَيْرِهِ كَذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ عَلَى النِّصْفِ كَمَا مَرَّ رَوَى ذَلِكَ مُسْلِمٌ (وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ خَاطَبَهُ بِالسَّلَامِ) فِي نَحْوِ قَوْلِهِ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ كَمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ. (وَيَحْرُمُ رَفْعُ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِهِ) لِآيَةِ {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] قَالَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ نِسْوَةً كُنَّ يُكَلِّمْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ انْتَهَى وَذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ احْتِمَالًا فَقَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ النَّهْيِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عُلُوَّ الصَّوْتِ كَانَ بِالْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ لَا بِانْفِرَادِ كُلٍّ مِنْهُنَّ قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُنَّ النَّهْيُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ رَفْعَهُ عِنْدَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَ) يَحْرُمُ (نِدَاؤُهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ) لِآيَةِ {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: 4] أَيْ حُجُرَاتِ نِسَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَ) نِدَاؤُهُ (بِاسْمِهِ) كَيَا مُحَمَّدُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ التَّعْظِيمِ بَلْ يُنَادَى بِوَصْفِهِ كَيَا نَبِيَّ اللَّهِ وَأَمَّا خَبَرُ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ جَاءَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَتَانَا رَسُولُك فَزَعَمَ لَنَا أَنَّك تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَك الْحَدِيثَ فَلَعَلَّهُ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيَحْرُمُ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ وَهِيَ أَبُو الْقَاسِمِ وَلَوْ لِغَيْرِ مَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي» وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجُوزُ مُطْلَقًا. (وَالنَّهْيُ عَنْ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ) عَلَى هَذَا (مُخْتَصٌّ بِزَمَنِهِ) لِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ سَبَبِ النَّهْيِ وَهُوَ أَنَّ الْيَهُودَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِهِ وَكَانُوا يُنَادُونَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَإِذَا الْتَفَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا لَمْ نَعْنِك إظْهَارًا لِلْإِيذَاءِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهَذَا أَقْرَبُ الْمَذَاهِبِ بَعْدَ أَنْ حُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مَا قَدَّمْته عَنْهُ وَعَنْ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ فِيمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَضَعَّفَهُ وَمَا قَالَ أَنَّهُ أَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ سَبَبِ النَّهْيِ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ بَلْ الْأَقْرَبُ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ وَخَبَرِ «مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلَا يَكْتَنِي بِكُنْيَتِي وَمَنْ تَكَنَّى بِكُنْيَتِي فَلَا يَتَسَمَّى بِاسْمِي» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَصَحَّحَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادَهُ. وَأَمَّا تَكْنِيَةُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَدَهُ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ بِذَلِكَ فَرُخْصَةٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ وَلَدْت غُلَامًا فَسَمَّيْته مُحَمَّدًا وَكَنَّيْته أَبَا الْقَاسِمِ فَذُكِرَ لِي أَنَّكَ تَكْرَهُ ذَلِكَ فَقَالَ مَا الَّذِي أَحَلَّ اسْمِي وَحَرَّمَ كُنْيَتِي أَوْ مَا الَّذِي حَرَّمَ كُنْيَتِي وَأَحَلَّ اسْمِي» ، فَقَالَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ: يُشْبِهُ إنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ النَّهْيِ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ أَصَحُّ انْتَهَى وَلَا حَاجَةَ فِي جَوَابِهِ هَذَا إلَى مَا عَلَّلَ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْهَ عَنْ التَّسْمِيَةِ بِاسْمِهِ مَعَ وُجُودِ الْإِيذَاءِ بِالنِّدَاءِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُنَادَى بِهِ غَالِبًا وَلَوْ نُودِيَ بِهِ لَمْ يَجِبْ إلَّا لِضَرُورَةٍ. (وَتَجِبُ إجَابَتُهُ فِي الصَّلَاةِ) عَلَى مَنْ دَعَاهُ وَهُوَ فِيهَا (وَلَا تَبْطُلُ) بِهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَكَانَ نَوْمُ الْوَادِي مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ) وَهَذَا بَاطِلٌ بِقَوْلِهِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي إذْ كُلُّ نَوْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ بِعَيْنَيْهِ دُونَ قَلْبِهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي تَعْمِيمَ الْأَحْوَالِ ر (قَوْلُهُ قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُنَّ النَّهْيُ) لَا يَتَأَتَّى هَذَا الِاحْتِمَالُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْهَهُنَّ وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقِرُّ عَلَى مُنْكَرٍ (قَوْلُهُ وَنِدَاءٌ بِاسْمِهِ) شَمِلَ نِدَاؤُهُ بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ يَا مُحَمَّدُ الشَّفَاعَةُ أَوْ الْوَسِيلَةُ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا يَقْتَضِي تَعْظِيمَهُ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا يَقْتَضِيهِ التَّعْلِيلُ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا تَحْرِيمَ نِدَائِهِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] وَبِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ تَعْظِيمِهِ وَكُلٌّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ مُنْتَفٍ فِي مَسْأَلَتِنَا وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَقَوْلُهُ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي زِيَادَةَ تَعْظِيمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ فِي بَابِ صَلَاةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ يَا مُحَمَّدٌ أَتَوَجَّهُ بِك إلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي إلَى آخِرِهِ. (قَوْلُهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ التَّعْظِيمِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ آنِفًا وَعَلَى هَذَا فَلَا يُنَادَى بِكُنْيَتِهِ وَأَمَّا مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَنْ يَسْلَمَ قَائِلُهُ أَوْ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ النِّدَاءَ بِالْكُنْيَةِ لَا تَعْظِيمَ فِيهِ مَمْنُوعٌ إذْ التَّكْنِيَةُ تَعْظِيمٌ بِالِاتِّفَاقِ وَلِهَذَا اُحْتِيجَ إلَى الْجَوَابِ عَنْ حِكْمَةِ تَكْنِيَةِ عَبْدِ الْعُزَّى فِي قَوْله تَعَالَى {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] مَعَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْكُنْيَةَ؛ لِأَنَّهَا تَعْظِيمٌ فَالْأَوْجَهُ جَوَازُ نِدَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكُنْيَتِهِ وَإِنْ كَانَ نِدَاؤُهُ بِوَصْفِهِ أَعْظَمَ ش وَأَمَّا مَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ عَنْ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَقُولُونَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَإِذَا الْتَفَتَ قَالُوا لَمْ نَعْنِك فَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِ دَلَالَتِهِ عَلَى نِدَائِهِ بِكُنْيَتِهِ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ اطَّلَعَ عَلَى السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ أَنَّ نُزُولَ آيَةِ النُّورِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ نُزُولَ سُورَةِ النُّورِ كَانَ بَعْدَ غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ سَنَةَ سِتٍّ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أَذَلَّ اللَّهُ الْيَهُودَ وَأَرَاحَ مِنْهُمْ الْمَدِينَةَ ش وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُنَادَى بِكُنْيَتِهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ) هَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي يُرَدُّ بِمِثْلِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَحْرُمُ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَجِبُ إجَابَتُهُ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) أَمَّا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا تَجِبُ إجَابَتُهُمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 لَمَّا نَادَى أَبَا سَعِيدِ بْنَ الْمُعَلَّى فَلَمْ يُجِبْهُ لِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ لَهُ: مَا مَنَعَك أَنْ تَسْتَجِيبَ وَقَدْ سَمِعْت قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] » وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الْإِجَابَةَ بِالْفِعْلِ وَإِنْ كَثُرَ فَتَجِبُ وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ. (وَكَانَ يُتَبَرَّكُ وَيُسْتَشْفَى بِبَوْلِهِ وَدَمِهِ) رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ «أَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ شَرِبَتْ بَوْلَهُ فَقَالَ إذًا لَا تَلِجُ النَّارُ بَطْنَك» لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ «أَنَّ غُلَامًا حَجَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حِجَامَتِهِ شَرِبَ دَمَهُ فَقَالَ وَيْحَك مَا صَنَعْت بِالدَّمِ قَالَ غَيَّبْته فِي بَطْنِي قَالَ اذْهَبْ فَقَدْ أَحْرَزْت نَفْسَك مِنْ النَّارِ» ، قَالَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ آنِفًا: وَكَأَنَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ مَا صَنَعَهُ الْمَلَكَانِ مِنْ غَسْلِهِمَا جَوْفَهُ (وَمَنْ زَنَى بِحَضْرَتِهِ أَوْ اسْتَخَفَّ بِهِ كَفَرَ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِي الزِّنَا نَظَرٌ (وَأَوْلَادُ بَنَاتِهِ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ) فِي الْكَفَاءَةِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ أَوْلَادِ بَنَاتِ غَيْرِهِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» وَقَوْلُهُ حِينَ بَالَ عَلَيْهِ وَهُوَ صَغِيرٌ «لَا تَزْرِمُوا ابْنِي هَذَا» قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ يَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي» قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ أُمَّتَهُ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأُمَمَ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِمْ، وَقِيلَ: يُنْتَفَعُ يَوْمَئِذٍ بِالِانْتِسَابِ إلَيْهِ وَلَا يُنْتَفَعُ بِسَائِرِ الْأَنْسَابِ. (وَتَحِلُّ لَهُ الْهَدِيَّةُ) مُطْلَقًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْحُكَّامِ وَوُلَاةِ الْأُمُورِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُ دُونَهُمْ (وَأُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ) وَمِنْهُ الْقُرْآنُ، وَأُوتِيَ الْآيَاتِ الْأَرْبَعِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ (وَكَانَ يُؤْخَذُ عَنْ نَفْسِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ عَنْ الدُّنْيَا (عِنْدَ) تَلَقِّي (الْوَحْيِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْلِيفُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفَاتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ وَاظَبَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِهَذِهِ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَلَا يَجُوزُ الْجُنُونُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ) يَجُوزُ عَلَيْهِمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فِي لَحْظَةٍ أَوْ لَحْظَتَيْنِ قَالَهُ الْقَاضِي عَنْ الدَّارَكِيِّ (وَلَا) يَجُوزُ (الِاحْتِلَامُ) عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ (وَرُؤْيَتُهُ فِي النَّوْمِ حَقٌّ) فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِهِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (وَلَا يُعْمَلُ بِهَا) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ (لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ) لَا لِلشَّكِّ فِي رُؤْيَتِهِ. (وَلَا تَأْكُلُ الْأَرْضُ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِيهِ (وَالْكَذِبُ عَلَيْهِ عَمْدًا كَبِيرَةٌ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ إنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يَكْفُرُ فَاعِلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَخَصَائِصُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرَهُ فَمِنْهَا مَا قَدَّمْته وَمِنْهَا أَنَّ الْمَاءَ الطَّهُورَ نَبَعَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيَجِبُ وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَادُ بَنَاتِهِ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ) سُئِلَ ابْنُ ظَهِيرَةَ عَنْ أَوْلَادِ بَنَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ فَاطِمَةَ هَلْ لَهُمْ رُتْبَةُ الشَّرَفِ وَهَلْ يَكُونُونَ وَأَوْلَادَ فَاطِمَةَ سَوَاءً فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الشَّرَفَ إنَّمَا هُوَ فِي وَلَدِ فَاطِمَةَ دُونَ سَائِرِ بَنَاتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُنَّ عَقَبٌ إلَّا فَاطِمَةُ وَالشَّرَفُ مُخْتَصٌّ بِأَوْلَادِهَا الذُّكُورِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَمُحْسِنٍ فَأَمَّا مُحْسِنٌ فَمَاتَ صَغِيرًا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْعَقَبُ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَإِنَّمَا اخْتَصَّا بِالشَّرَفِ هُمَا وَذُرِّيَّتُهُمَا لِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا كَوْنُ أُمِّهِمَا أَفْضَلُ بَنَاتِهِ وَكَوْنُهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِ وَسَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّهَا بِضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا وَكَوْنُهَا أَشْبَهَ بَنَاتِهِ بِهِ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ حَتَّى فِي الْجَنَّةِ، وَمِنْهَا إكْرَامُهُ لَهَا حَتَّى أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ إلَيْهِ قَامَ لَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ لِسِرٍّ أَوْدَعَهُ اللَّهُ فِيهَا وَمِنْهَا كَوْنُهُمَا شَارَكَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَسَبِهِ فَإِنَّهُمَا هَاشِمِيَّانِ وَمَحَبَّتُهُ لَهُمَا وَكَوْنُهُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَاضِي عَنْ الدَّارَكِيِّ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا أَنَّ الْمَاءَ الطَّهُورَ نَبَعَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ إلَخْ) وَمِنْهَا كُلُّ مَوْضِعٍ صَلَّى فِيهِ وَضَبَطَ مَوْقِفَهُ فَهُوَ نَصٌّ بِمَعْنَى لَا يَجْتَهِدُ فِيهِ بِتَيَامُنٍ وَلَا تَيَاسُرٍ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمَحَارِيبِ، وَمِنْهَا وُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَمِنْهَا أَنَّهُ قَدْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ مِنْ آدَمَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ كَمَا عَلَّمَ آدَمَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ ذَكَرَهُ الْإسْفَرايِينِيّ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَمِنْهَا كَانَ لَا يَتَثَاءَبُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ مُرْسَلًا وَفِي كِتَابِ الْأَدَبِ تَعْلِيقًا، وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مَا تَثَاءَبَ نَبِيٌّ قَطُّ وَأَنَّهَا مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، وَمِنْهَا سُئِلَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ عَمَّا كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَبْتَلِعُهُ الْأَرْضُ فَقَالَ قَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ غَرِيبٍ وَالظَّاهِرُ مُؤَيِّدُهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ رَآهُ وَلَا ذَكَرَهُ أَمَّا الْبَوْلُ فَقَدْ شَاهَدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَشَرِبَتْهُ أُمُّ أَيْمَنَ، وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ حَكَمَ عَلَيْهِ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ حَرَجٌ مِنْ حُكْمِهِ كَفَرَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْحُكَّامِ ذَكَرَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ ر. وَمِنْهَا أَنَّهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَإِنَّمَا صَلَّى النَّاسُ عَلَيْهِ إرْسَالًا الرِّجَالُ حَتَّى إذَا فَرَغُوا دَخَلَ النِّسَاءُ حَتَّى إذَا فَرَغْنَ دَخَلَ الصِّبْيَانُ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ وَرُوِيَ أَنَّهُ أَوْصَى بِالصَّلَاةِ فُرَادَى رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُسْنَدًا وَالتِّرْمِذِيُّ وَمِنْ خَصَائِصِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِهِ ذَكَرَهُ الْقُضَاعِيُّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّحْوِيِّ فِي خَصَائِصِهِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ هَلْ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ لَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ عَلَى صُوَرِهِمْ أَوْ هَذَا خَاصٌّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْخُصُوصِ قَطْعًا وَلَا عَلَى الْعُمُومِ قَطْعًا وَلَا هَذِهِ الْأُمُورُ مِمَّا تُؤْخَذُ بِالْقِيَاسِ وَلَا بِالْعَقْلِ، وَمَا عُلِمَ مِنْ عُلُوِّ مَكَانَتِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْعِنَايَةَ تَعُمُّهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ عُصِمُوا مِنْ تَعَرُّضِ الشَّيْطَانِ وَحِزْبِهِ فَأَشْعَرَ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِصُوَرِهِمْ، وَقَالَ فِي كِتَابِ آكَامِ الْمَرْجَانِ فِي أَحْكَامِ الْجَانِّ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَتَمَثَّلَ عَلَى صُورَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَحْرَى أَنْ لَا يَتَمَثَّلَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَجْدَرُ أَنْ تَكُونَ رُؤْيَاهُ تَعَالَى فِي الْمَنَامِ حَقًّا وَأَنْ تَكُونَ تَخْلِيطًا مِنْ الشَّيْطَانِ هَذَا عَلَى قَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ طَائِفَةٍ أُخْرَى مِنْ الْعُلَمَاءِ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْعِصْمَةَ مِنْ تَصَوُّرِ الشَّيْطَانِ وَتَمْثِيلِهِ إنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ بَشَرٌ يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّصَوُّرُ يَصْرِفُ اللَّهُ الشَّيْطَانَ أَنْ يَتَمَثَّلَ بِهِ لِئَلَّا يَخْلِطَ رُؤْيَاهُ بِالرُّؤْيَا الْكَاذِبَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 وَأَنَّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ بَعْدَ الْأَمَانِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ لَكِنْ غَلَّطُوهُ فِيهِ وَأَنَّهُ صَلَّى بِالْأَنْبِيَاءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ لِيَظْهَرَ أَنَّهُ إمَامُ الْكُلِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَكَانَ أَبْيَضَ الْإِبْطِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ لِلشَّعْرِ وَكَانَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ إذْ لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ يَسْتَدْرِكُ خَطَأَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَيَبْلُغُهُ سَلَامُ النَّاسِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ بِالْأَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَانَ إذَا مَشَى فِي الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ لَا يَظْهَرُ لَهُ ظِلٌّ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي جَمِيعِ أَعْضَائِهِ وَجِهَاتِهِ نُورًا وَخَتَمَ بِقَوْلِهِ وَاجْعَلْنِي نُورًا وَلَا يَقَعُ مِنْهُ الْإِيلَاءُ وَلَا الظِّهَارُ؛ لِأَنَّهُمَا حَرَامَانَ وَهُوَ مَعْصُومٌ وَيَسْتَحِيلُ اللِّعَانُ فِي حَقِّهِ وَنَقَلَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الذُّبَابُ وَلَا يَمْتَصُّ دَمَهُ الْبَعُوضُ (وَذِكْرُ الْخَصَائِصِ مُسْتَحَبٌّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَلْ لَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ لِئَلَّا يَرَى جَاهِلٌ بَعْضَ الْخَصَائِصِ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ فَيَعْمَلُ بِهِ أَخْذًا بِأَصْلِ التَّأَسِّي فَوَجَبَ بَيَانُهَا لِتُعْرَفَ فَأَيُّ فَائِدَةٍ أَهَمُّ مِنْ هَذِهِ فَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ مَنَعَ الْكَلَامَ فِيهَا مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ أَمْرٌ انْقَضَى فَلَا مَعْنَى لِلْكَلَامِ فِيهَا (الْبَابُ الثَّانِي فِي مُقَدَّمَاتِ النِّكَاحِ) (وَهُوَ لِلتَّائِقِ) أَيْ الْمُحْتَاجِ لَهُ وَلَوْ خَصِيًّا (الْقَادِرِ) عَلَى مُؤَنِهِ مِنْ الْمَهْرِ وَكِسْوَةِ فَصْلِ التَّمْكِينِ وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ (أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ) وَإِنْ كَانَ مُتَعَبِّدًا تَحْصِينًا لِلدِّينِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ بَقَاءِ النَّسْلِ وَحِفْظِ النَّسَبِ وَالِاسْتِعَانَةِ عَلَى الْمَصَالِحِ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» بِالْمَدِّ أَيْ قَاطِعٌ لِلشَّهْوَةِ. وَالْبَاءَةُ بِالْمَدِّ لُغَةً: الْجِمَاعُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا ذَلِكَ، وَقِيلَ: مُؤَنُ النِّكَاحِ، وَالْقَائِلُ بِالْأَوَّلِ رَدَّهُ إلَى مَعْنَى الثَّانِي إذْ التَّقْدِيرُ عِنْدَهُ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْجِمَاعَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مُؤَنِ النِّكَاحِ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْهُ لِعَجْزِهِ عَنْهَا فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ وَإِنَّمَا قَدَّرَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْجِمَاعَ لِعَدَمِ شَهْوَتِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الصَّوْمِ لِدَفْعِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] إذْ الْوَاجِبُ لَا يُعَلَّقُ بِالِاسْتِطَابَةِ وَلِقَوْلِهِ {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] وَلَا يَجِبُ الْعَدَدُ بِالْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] . (وَالْعَاجِزُ) عَنْ مُؤَنِهِ (يَصُومُ) أَيْ الْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ النِّكَاحَ وَيَكْسِرَ شَهْوَتَهُ بِالصَّوْمِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَالْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِرْشَادِ وَبَالَغَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَقَالَ يُكْرَهُ لَهُ النِّكَاحُ (فَإِنْ لَمْ تَنْكَسِرْ شَهْوَتُهُ إلَّا بِكَافُورٍ وَنَحْوِهِ تَزَوَّجَ) وَلَا يَكْسِرُهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الِاخْتِصَاءِ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يُكْرَهُ أَنْ يَحْتَالَ لِقَطْعِ شَهْوَتِهِ (وَالْقَادِرُ) عَلَى مُؤَنِهِ (غَيْرُ التَّائِقِ) وَلَا عِلَّةَ بِهِ (إنْ تَخَلَّى لِلْعِبَادَةِ فَهُوَ) أَيْ التَّخَلِّي لَهَا (أَفْضَلُ) مِنْ النِّكَاحِ إنْ كَانَ مُتَعَبِّدًا اهْتِمَامًا بِهَا (وَإِلَّا فَالنِّكَاحُ) أَفْضَلُ لَهُ مِنْ تَرْكِهِ لِئَلَّا تُفْضِيَ بِهِ الْبِطَالَةُ إلَى الْفَوَاحِشِ (وَيُكْرَهُ نِكَاحُ عِنِّينٍ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيُكْرَهُ لِنَحْوِ عِنِّينٍ (وَمَمْسُوحٍ وَزَمِنٍ) وَلَوْ وَاجِدَيْنِ مُؤَنَهُ (وَ) نِكَاحُ (عَاجِزٍ) عَنْ مُؤَنِهِ (غَيْرِ تَائِقٍ) لَهُ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِمْ إلَيْهِ مَعَ الْتِزَامِ الْعَاجِزِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَخَطَرِ الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ فِيمَنْ عَدَاهُ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ التَّائِقَةَ يُنْدَبُ لَهَا النِّكَاحُ وَفِي مَعْنَاهَا الْمُحْتَاجَةُ إلَى النَّفَقَةِ وَالْخَائِفَةِ مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الثَّانِي فِي مُقَدَّمَاتِ النِّكَاحِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي مُقَدِّمَاتِ النِّكَاحِ) (قَوْلُهُ وَهُوَ لِلتَّائِقِ الْقَادِرِ إلَخْ) قَدْ لَا يُسْتَحَبُّ النِّكَاحُ لِلْقَادِرِ التَّائِقِ لِعَارِضٍ بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ فِيهَا لِخَوْفِ الْكُفْرِ وَالِاسْتِرْقَاقِ عَلَى وَلَدِهِ بِأَنْ تُسْتَرَقَّ الزَّوْجَةُ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ وَلَا تُصَدَّقَ فِي أَنَّ حَمْلَهَا مِنْ مُسْلِمٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَعَلَى كَرَاهَةِ التَّسَرِّي وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ يُكْرَهُ نِكَاحُ الْحَرْبِيَّةِ وَتَعْلِيلُهُمْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ بِالْمَدِّ لُغَةً الْجِمَاعُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْبَاءَةُ بِالْمَدِّ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمُؤَنِ وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْأُهْبَةِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ رِوَايَةُ النَّسَائِيّ «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ذَا طَوْلٍ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ» وَأَمَّا الْبَاءُ بِالْقَصْرِ فَهِيَ الْوَطْءُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ إلَخْ) يَجِبُ النِّكَاحُ إذَا خَافَ مِنْ الزِّنَا ذَكَرَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَكَذَا لَوْ كَانَ بِهِ عِلَّةٌ تُوجِبُ هَلَاكَهُ لَوْ لَمْ يَطَأْ بِقَوْلِ طَبِيبَيْنِ مَقْبُولَيْنِ وَلَا يَمْلِكُ مَا يَتَسَرَّى بِهِ وَوَجَدَ طَوْلَ حُرَّةٍ، وَقَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْجُوَيْنِيُّ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَصْحِيحِهِ وَكُتِبَ عَلَيْهِ أَيْ وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ الْعَدَدُ بِالْإِجْمَاعِ) ذَكَرَ بَعْضُهُمْ صُورَةً يَجِبُ فِيهَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ تَحْتَهُ امْرَأَتَانِ فَظَلَمَ وَاحِدَةً بِتَرْكِ الْقَسْمِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَهَا حَقَّهَا مِنْ نَوْبَةِ الضَّرَّةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا مِنْ نَوْبَةِ الْمَظْلُومِ بِسَبَبِهَا وَعَلَى هَذَا فَلَهَا رَفْعُهُ إلَى الْحَاكِمِ وَدَعْوَاهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَعَلَى الْحَاكِمِ أَمْرُهُ بِتَوْفِيَةِ حَقِّهَا بِنَظِيرِ مَا ظَلَمَ بِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ عَزَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) فَخُيِّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّسَرِّي وَالتَّسَرِّي لَا يَجِبُ إجْمَاعًا فَكَذَا مَا عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْسِرُهَا بِذَلِكَ) فُهِمَ مِنْهُ جَمْعُ تَحْرِيمِ الْكَافُورِ وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَجَمَعَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ الْجَوَازَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّدَاوِي بِأَدْوِيَةٍ لَا تَقْطَعُ النِّكَاحَ مُطْلَقًا بَلْ تُفَتِّرُ الشَّهْوَةَ فِي الْحَالِ وَلَوْ أَرَادَ إعَادَتَهَا بِاسْتِعْمَالِ ضِدّ تِلْكَ الْأَدْوِيَةِ لَأَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَالْمَنْعُ عَلَى الْقَاطِعِ لَهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ إنْ تَخَلَّى لِلْعِبَادَةِ فَهُوَ أَفْضَلُ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ انْقَطَعَ بِسَبَبِ النِّكَاحِ عَنْ الْعِبَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْهَا فَالنِّكَاحُ مُسْتَحَبٌّ لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ ر فِي مَعْنَى التَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ (قَوْلُهُ كَيْ لَا تُفْضِيَ بِهِ الْبِطَالَةُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ التَّائِقَةَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ النِّسْوَةُ أَصْنَافٌ: صِنْفٌ يَتُوقُ إلَى النِّكَاحِ فَهَذَا يُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ بِلَا شَكٍّ فَإِنْ خَافَتْ الْعَنَتَ جَاءَ فِيهَا وَجْهٌ بِوُجُوبِ النِّكَاحِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَصِنْفٌ لَا يَتُوقُ إلَيْهِ وَيَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقِيَامَ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَلَيْسَ بِمُحْتَاجٍ إلَى النَّفَقَةِ وَالْمُتَّجَهُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُتَعَبِّدًا فَالتَّرْكُ أَوْلَى وَإِلَّا فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ كَمَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَصِنْفٌ غَيْرُ تَائِقٍ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى النَّفَقَةِ وَلَا يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقِيَامَ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ فَيَحْتَمِلُ الِاسْتِحْبَابَ لِحَاجَةِ النَّفَقَةِ وَالْمَنْعَ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِأَدَاءِ الْحُقُوقِ فَإِذَا تَعَارَضَ الْمَانِعُ وَالْمُقْتَضِي قُدِّمَ الْمَانِعُ وَصِنْفٌ غَيْرُ تَائِقٍ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى النَّفَقَةِ وَيَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقِيَامَ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَا يُتَّجَهُ فِيهِ غَيْرُ الِاسْتِحْبَابِ وَصِنْفٌ بِهِ رَتْقٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 اقْتِحَامِ الْفَجَرَةِ يُوَافِقُهُ مَا فِي التَّنْبِيهِ مِنْ أَنَّ مَنْ جَازَ لَهَا النِّكَاحُ إنْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ اُسْتُحِبَّ لَهَا النِّكَاحُ وَإِلَّا كُرِهَ فَمَا قِيلَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا ذَلِكَ. مُطْلَقًا لَيْسَ بِشَيْءٍ (فَصْلُ الْبِكْرِ) أَيْ نِكَاحُهَا (أَوْلَى) مِنْ نِكَاحِ الثَّيِّبِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «هَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ خَبَرَ «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا» أَيْ أَلْيَنُ كَلَامًا وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا أَيْ أَكْثَرُ أَوْلَادًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ (إلَّا لِعُذْرٍ) كَضَعْفِ آلَتِهِ عَنْ الِافْتِضَاضِ أَوْ احْتِيَاجِهِ لِمَنْ يَقُومُ عَلَى عِيَالِهِ فَلَا يَكُونُ نِكَاحُ الْبِكْرُ أَوْلَى وَمِنْهُ مَا اتَّفَقَ لِجَابِرٍ فَإِنَّهُ «لَمَّا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا تَقَدَّمَ اعْتَذَرَ لَهُ فَقَالَ إنَّ أَبِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ فَكَرِهْت أَنْ أَجْمَعَ إلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ وَلَكِنْ امْرَأَةٌ تَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصَبْت» قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَكَمَا يُسْتَحَبُّ نِكَاحُ الْبِكْرِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ إلَّا مِنْ بِكْرٍ لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ جُبِلَتْ عَلَى الْإِينَاسِ بِأَوَّلِ مَأْلُوفٍ. (وَيُسْتَحَبُّ وَلُودٌ) وَدُودٌ لِخَبَرِ «تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَيُعْرَفُ كَوْنُ الْبِكْرِ وَلُودًا وَدُودًا بِأَقَارِبِهَا (نَسِيبَةٌ) لِخَبَرِ «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ بَلْ يُكْرَهُ نِكَاحُ بِنْتِ الزِّنَا وَبِنْتِ الْفَاسِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا اللَّقِيطَةُ وَمَنْ لَا يُعْرَفُ أَبُوهَا (دَيِّنَةٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِحُسْنِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك» أَيْ افْتَقَرْتَ إنْ خَالَفْت مَا أَمَرْتُك بِهِ (جَمِيلَةٌ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ «خَيْرُ النِّسَاءِ مَنْ تَسَرُّ إذَا نَظَرْت وَتُطِيعُ إذَا أَمَرْت وَلَا تُخَالِفُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا» قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنَّهُمْ كَرِهُوا ذَاتَ الْجَمَالِ الْبَارِعِ فَإِنَّهَا تَزْهُو بِجَمَالِهَا. (وَكَذَا بَالِغَةٌ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَأَنْ لَا يُعِفُّهُ إلَّا غَيْرُهَا (أَوْ مَصْلَحَةٍ) كَتَزَوُّجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ (عَاقِلَةٌ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَقْلِ هُنَا الْعَقْلُ الْعُرْفِيُّ وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى مَنَاطِ التَّكْلِيفِ انْتَهَى وَالْمُتَّجَهُ أَنْ يُرَادَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ (قَرَابَةٌ غَيْرُ قَرِيبَةٍ) لِضَعْفِ الشَّهْوَةِ فِي الْقَرِيبَةِ فَيَجِيءُ الْوَلَدُ نَحِيفًا قَالَ الزَّنْجَانِيُّ وَلِأَنَّ مِنْ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ اشْتِبَاكُ الْقَبَائِلِ لِأَجْلِ التَّعَاضُدِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي نِكَاحِ الْقَرِيبَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ كَالرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْقَرِيبَةِ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَكِنْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْبَيَانِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ عَشِيرَتِهِ، وَلَا يَشْكُلُ مَا ذُكِرَ بِتَزَوُّجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْنَبَ مَعَ أَنَّهَا بِنْتُ عَمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَيَانًا لِلْجَوَازِ، وَلَا بِتَزَوُّجِ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ؛ لِأَنَّهَا بَعِيدَةٌ فِي الْجُمْلَةِ إذْ هِيَ بِنْتُ ابْنِ عَمِّهِ لَا بِنْتُ عَمِّهِ (لَا ذَاتُ وَلَدٍ لِغَيْرِهِ) فَلَا يُسْتَحَبُّ تَزَوُّجُهَا (إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) كَمَا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ سَلَمَةَ وَمَعَهَا وَلَدُ أَبِي سَلَمَةَ لِلْمَصْلَحَةِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا مُطَلِّقٌ يَرْغَبُ فِي نِكَاحِهَا، وَأَنْ لَا تَكُونَ شَقْرَاءَ فَقَدْ أَمَرَ الشَّافِعِيُّ الرَّبِيعَ أَنْ يَرُدَّ الْغُلَامَ الْأَشْقَرَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ وَقَالَ مَا لَقِيت مِنْ أَشْقَرَ خَيْرًا وَأَنْ تَكُونَ خَفِيفَةَ الْمَهْرِ وَأَنْ تَكُونَ ذَاتَ خُلُقٍ حَسَنٍ. (وَأَنْ يَكْتَفِيَ بِوَاحِدَةٍ) أَيْ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ظَاهِرَةٍ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيُقَاسُ بِالزَّوْجَةِ فِي هَذَا السُّرِّيَّةُ (وَ) أَنْ (يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ) وَأَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَوَّالٍ وَدَخَلَ بِي فِي شَوَّالٍ وَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْقِدَ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنْ يَكُونَ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَأَنْ يَكُونَ أَوَّلَ النَّهَارِ لِخَبَرِ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» (وَ) أَنْ (يَنْظُرَ كُلٌّ) مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (مِنْ الْآخَرِ قَبْلَ الْخِطْبَةِ) وَبَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى نِكَاحِهِ (غَيْرَ الْعَوْرَةِ) الْمُقَرَّرَةِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَيَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنْ الْحُرَّةِ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَمِنْ الْأَمَةِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ إنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ   [حاشية الرملي الكبير] أَوْ قَرَنٌ فَلَا يُتَّجَهُ فِيهِ سِوَى الْكَرَاهَةِ كَالْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ فَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِأُصُولِ الْمَذْهَبِ. اهـ. [فَصْلُ الْبِكْرِ نِكَاحُهَا أَوْلَى مِنْ نِكَاحِ الثَّيِّبِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ الْبِكْرُ أَوْلَى) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي فِيمَنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِلَا وَطْءٍ أَوْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ أَنْ تَكُونَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي اسْتِنْطَاقِهَا وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَسِيبَةٌ) أَيْ طَيِّبَةُ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ افْتَقَرَتَا إلَخْ) وَقِيلَ اسْتَغْنَتَا وَقِيلَ اسْتَوَتَا (قَوْلُهُ وَكَذَا بَالِغَةٌ إلَّا لِحَاجَةٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا إلَّا مِنْ بَالِغٍ (قَوْلُهُ عَامِلَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ تَدُومُ مَعَهُ الصُّحْبَةُ وَيَطِيبُ الْعَيْشُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى التَّكْلِيفِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُرَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا ذَاتُ وَلَدٍ لِغَيْرِهِ) أَوْرَدَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ خَبَرًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ لَا تَتَزَوَّجْ خَمْسًا لَا شَهْبَرَةَ وَلَا لَهْبَرَةَ وَلَا نَهْبَرَةَ وَلَا هَنْدَرَةَ وَلَا لَقُوتًا» فَالْأُولَى الزَّرْقَاءُ الْبَذِيَّةُ وَالثَّانِيَةُ الطَّوِيلَةُ الْمَهْزُولَةُ وَالثَّالِثَةُ الْعَجُوزَةُ الْمُدْبِرَةُ وَالرَّابِعَةُ الْقَصِيرَةُ الذَّمِيمَةُ وَالْخَامِسَةُ ذَاتُ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِك وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ نِكَاحُ الْحَنَّانَةُ وَالْأَنَّانَةُ وَالْحَدَّاقَةُ وَالْبَرَّاقَةُ وَالشَّدَّاقَةُ وَالْمِمْرَاضَةُ (قَوْلُهُ يَرْغَبُ فِي نِكَاحِهَا) أَوْ تَرْغَبُ فِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ) ثُمَّ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ الَّتِي تَحْتَهُ وَلُودًا فَإِنْ كَانَتْ عَقِيمًا فَنَكَحَ أُخْرَى لِطَلَبِ الْوَلَدِ اُتُّجِهَ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ ت وَجَزَمَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ اُتُّجِهَ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْأَمَةِ) أَيْ وَالْمُبَعَّضَةِ وَقَوْلُهُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ) بَلْ قَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لِلْأَمَةِ لِلتَّسَرِّي أَوْ التَّزَوُّجِ فَلَهُ النَّظَرُ إلَى الرَّأْسِ وَالذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْعَوْرَةِ وَفِيمَا بَيْنَهُمَا وَجْهَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ) قَالَ شَيْخُنَا بَلْ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَنْظُرَا مِنْ الرَّجُلِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا النَّظَرَ مَنُوطًا بِعَوْرَةِ الصَّلَاةِ فَقَدْ قَالَ فِي الْعُبَابِ يُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 وَالنَّوَوِيُّ إنَّمَا حَرَّمَ نَظَرَ ذَلِكَ بِلَا حَاجَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ هُنَا كَمَا سَيَأْتِي فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُغِيرَةِ وَقَدْ خَطَبَ امْرَأَةً اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» أَيْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ وَالْأُلْفَةُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَبِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ جَابِرٍ «إذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إلَى مَا يَدْعُوهُ إلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ» قَالَ جَابِرٌ فَخَطَبْت جَارِيَةً وَكُنْت أَتَخْبَأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْت مِنْهَا مَا دَعَانِي إلَى نِكَاحِهَا فَتَزَوَّجْتهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ قَبْلَ الْخِطْبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْدَهَا لَرُبَّمَا أَعْرَضَ عَنْ مَنْظُورِهِ فَيُؤْذِيهِ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ بَعْدَ رَغْبَةٍ فِي نِكَاحِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى النَّظَرِ قَبْلَهَا وَالْمُرَادُ بِخَطَبَ فِي الْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ رَغِبَ فِي خِطْبَتِهَا بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ إذَا أَلْقَى فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا وَقَيَّدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اسْتِحْبَابَ النَّظَرِ بِمَنْ يَرْجُو رَجَاءً ظَاهِرًا أَنَّهُ يُجَابُ إلَى خِطْبَتِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَلِكُلٍّ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْآخَرِ. (وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ) أَيْ الْآخَرُ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الشَّارِعِ وَلِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ وَلِئَلَّا يَتَزَيَّنَ فَيَفُوتَ غَرَضُهُ سَوَاءٌ (خَشِيَ فِتْنَةً أَمْ لَا) لِغَرَضِ التَّزَوُّجِ (وَلَهُ تَكْرِيرُهُ) أَيْ النَّظَرِ إلَيْهِ عِنْدَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ لِتَبَيُّنِ هَيْئَتِهِ فَلَا يَنْدَمُ بَعْدَ نِكَاحِهِ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِضَبْطِ التَّكْرَارِ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيرُهُ بِثَلَاثٍ وَفِي خَبَرِ عَائِشَةَ الَّذِي تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ الرُّؤْيَةَ قَبْلَ الْخِطْبَةِ أَرَيْتُك ثَلَاثَ لَيَالٍ (فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ) نَظَرُهُ إلَيْهَا (بَعَثَ امْرَأَةً) أَوْ نَحْوَهَا (تَتَأَمَّلُهَا وَتَصِفُهَا لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ إلَى امْرَأَةٍ وَقَالَ اُنْظُرِي عُرْقُوبَيْهَا وَشُمِّي عَوَارِضَهَا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ «وَشُمِّي مَعَاطِفَهَا» وَتَقْيِيدُ الْبَعْثِ بِعَدَمِ التَّيَسُّرِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَيْضًا لَكِنَّ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبَ الْكَافِي وَالْبَسِيطِ وَغَيْرَهُمْ أَطْلَقُوا ذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ لِلْمَبْعُوثِ أَنْ يَصِفَ لِلْبَاعِثِ زَائِدًا عَلَى مَا يَنْظُرُهُ هُوَ فَيَسْتَفِيدُ بِالْبَعْثِ مَا لَا يَسْتَفِيدُهُ بِنَظَرِهِ (فَإِنْ لَمْ يُعْجِبْهُ سَكَتَ) وَلَا يَقُلْ لَا أُرِيدُهَا؛ لِأَنَّهُ إيذَاءٌ وَحُكْمُ عَدَمِ تَيَسُّرِ نَظَرِهَا إلَيْهِ مَفْهُومٌ مِمَّا قَالَهُ بِالْأَوْلَى وَلَوْ عَبَّرَ بِمَا يَشْمَلُهُمَا كَانَ أَنْسَبَ بِمَا قَبْلَهُ وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (فَصْلٌ نَظَرُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ) فِيمَا يَظْهَرُ لِلنَّاظِرِ مِنْ نَفْسِهِ (مِنْ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ وَعَكْسِهِ جَائِزٌ) وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الثَّانِيَةِ {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ كَمَا مَرَّ وَقِيسَ بِهَا الْأُولَى وَهَذَا مَا فِي الْأَصْلِ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ التَّحْرِيمُ وَوَجَّهَهُ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ وَبِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَبْلَ الْخِطْبَةِ إنْ رَجَا الْإِجَابَةَ رَجَاءً ظَاهِرًا نَظَرُ غَيْرِ عَوْرَةِ الصَّلَاةِ مِنْ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّهُ ذَكَرَهُ مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَبَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى نِكَاحِهِ لِيُبَيِّنَ بِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّغْبَةِ الْعَزْمُ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ إلَخْ) وَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ «الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اذْهَبْ فَانْظُرْ إلَيْهَا» وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ «الْمُغِيرَةِ قَالَ أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْت لَهُ امْرَأَةً أَخْطُبُهَا فَقَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إلَيْهَا» (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِئَلَّا تَتَزَيَّنَ فَيَفُوتَ غَرَضُهُ) وَلِأَنَّهُ قَدْ يَمْتَنِعُ فَتَحْصُلُ النَّفْرَةُ وَيَفُوتُ الْغَرَضُ أَوْ تَخْجَلُ عِنْدَ نَظَرِهِ فَتَتَغَيَّرُ الْبَشَرَةُ عَنْ صِفَتِهَا الْخُلُقِيَّةِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِضَبْطِ التَّكْرَارِ) ضَبْطُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ لِيَتَبَيَّنَ هَيْئَتَهُ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيرُهُ بِثَلَاثٍ) هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ بِهَا تَنْدَفِعُ الْحَاجَةُ د (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ بَعَثَ امْرَأَةً إلَخْ) لَوْ كَانَ لِلْمَخْطُوبَةِ أَخٌ أَمْرَدُ أَوْ وَلَدٌ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ رُؤْيَتُهَا وَسَمَاعُ وَصْفِهَا مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ فَهَلْ لَهُ رُؤْيَةُ وَلَدِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ حَاجَةً أَوْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَظَهَرَ لِي أَنَّهُ إنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ جَازَ لَهُ النَّظَرُ وَإِلَّا فَلَا ع، وَقَوْلُهُ وَظَهَرَ لِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِهَا) مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا س (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبَ الْكَافِي وَالْبَسِيطِ وَغَيْرَهُمْ أَطْلَقُوا ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ لِلْمَبْعُوثِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَسْتَفِيدُ بِالْبَعْثِ مَا لَا يَسْتَفِيدُ بِنَظَرِهِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَا تَصِفُ لَهُ مِنْ بَدَنِهَا إلَّا مَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَأَطْلَقَ بَعْضُ الْمُصَنَّفِينَ كَصَاحِبِ الْحَاوِي أَنَّهُ يَبْعَثُ امْرَأَةً تَتَأَمَّلُهَا وَتَصِفُهَا لَهُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَصِفُ لَهُ مِنْهَا جَمِيعَ الْبَدَنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا تَصِفُ لَهُ مِنْهَا مَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ حِكَايَةَ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ الْأَجَانِبِ حَرَامٌ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إلَى الْمَرْأَةِ فَتَنْعَتُهَا لِزَوْجِهَا حَتَّى كَأَنَّهُ يَرَاهَا» وَمِنْ هُنَا حَرُمَ نَظَرُ الذِّمِّيَّةِ إلَى الْمُسْلِمَةِ؛ لِأَنَّهَا تَنْعَتُهَا لِلْكُفَّارِ اهـ حَدِيثُ أُمِّ سُلَيْمٍ يَقْتَضِي جَوَازَ حِكَايَةِ مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ كَتَبَ عَلَيْهِ ضَعِيفٌ [فَصْلٌ نَظَرُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ] (قَوْلُهُ نَظَرُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ عَوْرَتُهَا مَعَ غَيْرِ الزَّوْجِ كُبْرَى وَصُغْرَى فَالْكُبْرَى مَا عَدَا الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَالصُّغْرَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَيَجِبُ سَتْرُ الْكُبْرَى فِي الصَّلَاةِ وَكَذَا عَنْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَالْخَنَاثَى وَالصُّغْرَى عَنْ النِّسَاءِ وَإِنْ قَرُبْنَ وَكَذَا عَنْ رِجَالِ الْمَحَارِمِ وَالصِّبْيَانِ وَهَلْ عَوْرَتُهَا مَعَ الشَّيْخِ الْهَرِمِ وَالْمَجْبُوبِ الصُّغْرَى أَوْ الْكُبْرَى وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا مَعَ زِيَادَةِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ إلَخْ) الْمُرَاهِقَةُ كَالْمُرَاهِقِ فِي حُكْمِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ التَّحْرِيمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَوَجَّهَهُ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ إلَخْ) نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هَذَا الِاتِّفَاقَ وَأَقْرَأَهُ وَعَلَّلَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُ الْقَاضِي عِيَاضٍ مَرْدُودٌ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا قَوْلُ الْأَصْحَابِ مَعْنَى كَوْنِ الْمُرَاهِقِ كَالْبَالِغِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمَنْظُورَ إلَيْهَا الِاحْتِجَابُ مِنْهُ كَمَا يَلْزَمُهَا الِاحْتِجَابُ مِنْ الْمَجْنُونِ قَطْعًا وَقَوْلُهُمْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ كَشْفُ مَا لَا يَبْدُو مِنْهَا عِنْدَ الْمِهْنَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 الْفِتْنَةِ وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ فَاللَّائِقُ بِمَحَاسِن الشَّرِيعَةِ سَدُّ الْبَابِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَحْوَالِ كَالْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَصَوَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْأَوَّلَ لِكَوْنِ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرَكِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ انْتَهَى وَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ أَيْ مَنْعِ الْوُلَاةِ لَهُنَّ مِمَّا ذُكِرَ لَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُ وَجْهِهَا فِي طَرِيقِهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ سُنَّةٌ وَعَلَى الرِّجَالِ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْهُنَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30] ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُنَّ مِنْ ذَلِكَ لَا؛ لِأَنَّ السَّتْرَ وَاجِبٌ عَلَيْهِنَّ فِي ذَاتِهِ بَلْ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ وَفِي تَرْكِهِ إخْلَالٌ بِالْمُرُوءَةِ (كَالْإِصْغَاءِ) مِنْ الرَّجُلِ (لِصَوْتِهَا) فَإِنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَصَوْتُهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْأَصْلِ (وَلِتَشَوُّشِهِ) نَدْبًا إذَا أَقْرَعَ بَابَهَا بِأَنْ لَا تُجِيبَ بِصَوْتٍ رَخِيمٍ بَلْ تُغَلِّظُ صَوْتَهَا (بِوَضْعِ يَدِهَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِظَهْرِ كَفِّهَا (عَلَى الْفَمِ) . قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالتَّشْوِيشُ التَّخْلِيطُ أَمَّا النَّظَرُ وَالْإِصْغَاءُ لِمَا ذُكِرَ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ أَيْ الدَّاعِي إلَى جِمَاعٍ أَوْ خَلْوَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَحَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً لِلْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31] وَقَوْلِهِ {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30] وَأَمَّا نَظَرُ عَائِشَةَ إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا نَظَرَتْ إلَى وُجُوهِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَإِنَّمَا نَظَرَتْ إلَى لَعِبِهِمْ وَحِرَابِهِمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَعَمُّدُ النَّظَرِ إلَى الْبَدَنِ، وَإِنْ وَقَعَ بِلَا قَصْدٍ صَرَفَتْهُ فِي الْحَالِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَفِي التَّحْرِيمِ حِينَئِذٍ خِلَافٌ تَقَدَّمَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُلْتَحَقُ بِالْإِصْغَاءِ لِصَوْتِهَا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ التَّلَذُّذُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْهَا (وَلَوْ نَظَرَ فَرْجَ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى وَغَيْرَ عَوْرَةِ أَمَةٍ) مِنْهَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ (جَازَ) لِتَسَامُحِ النَّاسِ بِنَظَرِ فَرْجِ الصَّغِيرَةِ إلَى بُلُوغِهَا سِنَّ التَّمْيِيزِ وَمَصِيرُهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُهَا سَتْرُ عَوْرَتِهَا عَنْ النَّاسِ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي الْأَمَةِ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُرْمَةِ نَظَرِ غَيْرِ الْعَوْرَةِ (وَكَرِهَ) ذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا ذُكِرَ فِيهِمَا مِنْ الْجَوَازِ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فِي الْأُولَى وَعِنْدَ النَّوَوِيِّ فِي الثَّانِيَةِ فَقَدْ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فِي الْأُولَى بِالْحُرْمَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَصَاحِبِ الْعُدَّةِ وَغَيْرِهِ اتِّفَاقًا نَعَمْ رَدَّ فِي الرَّوْضَةِ الْجَزْمَ وَالِاتِّفَاقَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ جَوَّزَهُ جَزْمًا وَالْمُصَنِّفُ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ رَدَّ الْحُكْمَ فَجَرَى عَلَى مُقْتَضَاهُ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ وَبِمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، ثُمَّ قَالَ تَبَعًا لِلْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى فَرْجِ الصَّغِيرِ إلَى التَّمْيِيزِ، وَقَالَ فِي الْمِنْهَاجِ فِي الثَّانِيَةِ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ دَلِيلًا (وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ فِي) حُرْمَةِ (النَّظَرِ) فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ مَنْعُهُ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ (لَا) فِي حُرْمَةِ (الدُّخُولِ) عَلَى النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ بَلْ يَجُوزُ بِدُونِهِ (إلَّا) فِي دُخُولِهِ عَلَيْهِنَّ (فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ) الَّتِي يَضَعْنَ فِيهَا ثِيَابَهُنَّ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْذَانِهِ فِي دُخُولِهِ فِيهَا عَلَيْهِنَّ لِآيَةِ {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} [النور: 58] (وَيَمْنَعُهُ الْوَلِيُّ) وُجُوبًا مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِنَّ كَمَا يَمْنَعُهُ وُجُوبًا مِنْ الزِّنَا وَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَلْزَمُهُنَّ الِاحْتِجَابُ مِنْهُ (كَالْمَجْنُونِ) فِي ذَلِكَ (وَلِلْمُمَيِّزِ) غَيْرِ الْمُرَاهِقِ (وَالْمُحَرَّمِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ الْخَلْوَةُ وَنَظَرُ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُحَرَّمِ {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور: 31] الْآيَةَ وَلِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ مَعْنَى يَمْنَعُ الْمُنَاكَحَةَ أَبَدًا فَكَانَا كَالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَالْمُمَيِّزُ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ فِي مَعْنَى الْمَحْرَمِ وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِمَا ذُكِرَ حُرْمَةَ نَظَرِ السُّرَّةِ -   [حاشية الرملي الكبير] لِلْكَافِرَةِ وَفَتْوَى النَّوَوِيِّ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ كَشْفُ وَجْهِهَا لَهَا عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ نَقَلَ أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَعَلَيْهِ فَلَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرِكِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُدْرِكَ مَعَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَمَا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْجُمْهُورِ اهـ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّدْرِيبِ وَقُوَّةُ كَلَامِ الصَّغِيرِ تَقْتَضِي رَجْحَتَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَةٌ تَنْظُرُ مِنْ طَاقٍ فِي غُرْفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَى الْأَجَانِبِ أَوْ يَنْظُرُونَ إلَيْهَا مِنْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِنَاءُ الطَّاقِ أَوْ سَدُّهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى الْمُنَقَّبَةِ الَّتِي لَا يَبِينُ مِنْهَا إلَّا عَيْنَاهَا وَمَحَاجِرُهَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ جَمِيلَةً فَكَمْ فِي الْمَحَاجِرِ مِنْ حَنَاجِرَ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا نَظَرَتْ إلَى وُجُوهِهِمْ إلَخْ) أَوْ أَنَّ ذَلِكَ لَعَلَّهُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْحِجَابِ أَوْ كَانَتْ عَائِشَةُ لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ إذْ ذَاكَ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ عَوْرَةِ أَمَةٍ جَازَ) يُقَالُ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ يَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يَنْظُرُوا إلَى وَجْهِهَا إنْ أَذِنَتْ لَهُمْ فِي النَّظَرِ وَيُبَاحُ لَهُمْ إنْ مَنَعَتْ مِنْهُ وَصُورَتُهُ إذَا كَانَتْ أَمَةً وَعَلَّقَ سَيِّدُهَا عِتْقَهَا عَلَى إذْنِهَا فِي ذَلِكَ وَصُورَةٌ أُخْرَى وَهِيَ مَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ يَخْطُبُهَا نَظَرُهُ إلَيْهَا وَقَوْلُهُ يُقَالُ عَلَيْهِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَلَى رَأْيِ الْمُصَنِّفِ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ فَقَدْ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فِي الْأُولَى بِالْحُرْمَةِ) لِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ مُسْتَدْرَكِهِ «عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ رُفِعْت إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صِغَرِي وَعَلَيَّ خِرْقَةٌ وَقَدْ كُشِفَتْ عَوْرَتِي فَقَالَ غَطُّوا حُرْمَةَ عَوْرَتِهِ فَإِنَّ حُرْمَةَ عَوْرَةِ الصَّغِيرِ كَحُرْمَةِ عَوْرَةِ الْكَبِيرِ» وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَإِلَى صَغِيرَةٍ سِوَى فَرْجِهَا قُلْت وَفِيهِ وَجْهٌ وَكَتَبَ أَيْضًا بِإِزَاءِ كَلَامِ الْمُنْتَقَى شَمِلَ إطْلَاقُهُمْ الدُّبُرَ أَيْضًا وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى فَرْجِ الصَّغِيرِ إلَى التَّمْيِيزِ) الرَّاجِحُ أَنَّ الصَّغِيرَ كَالصَّغِيرَةِ (قَوْلُهُ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُمْ أَلْحَقُوا الْمُرَاهِقَ بِالْبَالِغِ فِي جَوَازِ رَمْيِهِ إذَا نَظَرَ إلَى حُرْمَةِ الْغَيْرِ وَفِيمَا إذَا صَاحَ عَلَيْهِ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنَّهُمْ قَيَّدُوهُ بِالْمُتَيَقِّظِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مِثْلُهُ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يُشِيرُ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يُشِيرُ إلَيْهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 وَالرُّكْبَةِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَا يَقْتَضِي عَكْسَ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي الْمَحْرَمِ بَيْنَ الْكَافِرِ وَغَيْرِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْكَافِرُ مِنْ قَوْمٍ يَعْتَقِدُونَ حِلَّ الْمَحَارِمِ كَالْمَجُوسِ امْتَنَعَ نَظَرُهُ وَخَلْوَتُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ (كَنَظَرِ بَعْضِ النِّسَاءِ بَعْضًا) أَيْ كَمَا يُبَاحُ لِبَعْضِهِنَّ أَنْ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعْضِهِنَّ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنْهُنَّ بِالنَّظَرِ إلَيْهِنَّ كَالرِّجَالِ مَعَ الرِّجَالِ أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَحُضُورُهُ كَغَيْبَتِهِ وَيَجُوزُ التَّكَشُّفُ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ الطِّفْلُ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ (وَتَحْتَجِبُ مُسْلِمَةٌ عَنْ كَافِرَةٍ) وُجُوبًا فَيَحْرُمُ نَظَرُ الْكَافِرَةِ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31] وَالْكَافِرَةُ لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ وَلِأَنَّهَا رُبَّمَا تَحْكِيهَا لِلْكَافِرِ فَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ مَعَ الْمُسْلِمَةِ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ تَرَى مِنْهَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ لَمْ أَرَهُ نَصًّا بَلْ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّهَا مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَدْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ كَشْفُ وَجْهِهَا لَهَا وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَجْنَبِيِّ لَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ هُوَ كَالرَّافِعِيِّ هَذَا كُلُّهُ فِي كَافِرَةٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لِلْمُسْلِمَةِ وَلَا مَحْرَمَ لَهَا أَمَّا هُمَا فَيَجُوزُ لَهُمَا النَّظَرُ إلَيْهَا وَأَمَّا نَظَرُ الْمُسْلِمَةِ لِلْكَافِرَةِ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْفَاسِقَةُ مَعَ الْعَفِيفَةِ كَالْكَافِرَةِ مَعَ الْمُسْلِمَةِ وَنَازَعَهُ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (وَالْمَمْسُوحُ) إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ مَيْلٌ إلَى النِّسَاءِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (وَالْمَمْلُوكُ) لِلْمَرْأَةِ (الْعَدْلُ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ كَالْمَحْرَمِ) فِي النَّظَرِ فَيُبَاحُ لِلْأَوَّلِ النَّظَرُ إلَى مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ وَلِلثَّانِي ذَلِكَ مِنْ سَيِّدَتِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ} [النور: 31] أَيْ الْحَاجَةِ إلَى النِّكَاحِ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ فِي غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ أَنَّهُ الْمُغَفَّلُ فِي عَقْلِهِ الَّذِي لَا يَكْتَرِثُ لِلنِّسَاءِ وَلَا يَشْتَهِيهِنَّ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجَوَازِ فِي الْمَمْسُوحِ بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمَةِ فَإِنْ كَانَ كَافِرًا مُنِعَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَالْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ وَتَقْيِيدُ الْمَمْلُوكِ بِالْعَدْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقِيَاسُ الْمَرْأَةِ كَذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَهْدَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَهُوَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فَخَرَجَ بِذَلِكَ الْفَاسِقُ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ فِسْقُهُ بِالزِّنَا وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ مَعَ قِيَامِ الْمُبِيحِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَبِغَيْرِ الْمُكَاتَبِ الْمُكَاتَبُ فَلَا يُبَاحُ لَهُ مَا ذُكِرَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ وَقَيَّدَهُ الْقَاضِي بِمَا إذَا كَانَ مَعَهُ وَفَاءٌ لِخَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ «إذَا كَانَ مَعَ مُكَاتَبِ إحْدَاكُنَّ وَفَاءٌ فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ كَالْقِنِّ وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيَجِبُ الْفَتْوَى بِهِ وَأَجَابَ أَعْنِي الشَّافِعِيَّ عَنْ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِزَوْجَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ لَهُنَّ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِنَّ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُبَاحُ نَظَرُ الرَّجُلِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ) الْمُعْتَمَدُ مَا اقْتَضَاهُ تَعْبِيرُ أَصْلِهِ هُنَا وَفِيمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْكَافِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ مَعَ الْمُسْلِمَةِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَنْعِهِنَّ بِمَا إذَا كَشَفَتْ الْمُسْلِمَةُ مِنْ جَسَدِهَا زِيَادَةً عَلَى مَا يَبْدُو حَالَ الْمِهْنَةِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُبْدِيَهُ لِلْكَافِرَةِ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَرَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَالرَّأْسُ وَالْيَدُ إلَى الْمِرْفَقِ وَالرِّجْلِ إلَى الرُّكْبَةِ ش (قَوْلُهُ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْ لَمَّا سَوَّى مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَنَازَعَهُ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهَا مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْفِسْقُ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ ذَلِكَ) فِي مُلَاقَاةِ كَلَامِهِ لِكَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْفِسْقَ يُخْرِجُهَا عَنْ الْإِيمَانِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ الْفَاسِقَةَ يَحْرُمُ نَظَرُهَا إلَى الْعِدْلَةِ كَمَا يَحْرُمُ نَظَرُ الْكَافِرَةِ إلَى الْمُسْلِمَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَحْكِيَ مَا رَآهُ وَهُوَ حَسَنٌ س قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُسَاحَقَةَ وَنَحْوَهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ فَقَالَ وَإِنْ كَانَتْ مُسَاحَقَةً فَكَالرَّجُلِ وَنَحْوِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ إنْ كَانَتْ تَمِيلُ إلَى النِّسَاءِ أَوْ خَافَتْ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ الْفِتْنَةَ لَمْ يَجُزْ لَهَا النَّظَرُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ فَكَالرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ وَأَمَّا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِحَالٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَكَتُوا عَنْ الْمُرْتَدَّةِ وَالْمُتَّجَهُ تَحْرِيمُ تَمْكِينِهَا مِنْ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهَا أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الذِّمِّيَّةِ وَالْفَاسِقَةِ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ تَحْرِيمُ تَمْكِينِهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَسْمُوحُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ مَيْلٌ إلَخْ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُ حِلِّ نَظَرِهِ إلَى الْمَرْأَةِ بِعِفَّتِهَا كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْمَمْلُوكِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ التَّسْوِيَةُ فِي الْمَمْسُوحِ بَيْنَ النَّظَرِ وَالْمَسِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ إلَّا النَّظَرُ وَأَمَّا الْمَسُّ فَهُوَ فِيهِ كَالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ وَالْمَمْلُوكُ الْعَدْلُ إلَخْ) وَالْمُبَعَّضُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَفِي تَعْلِيقِ إبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيِّ وَحُكْمُ الْمُبَعَّضِ حُكْمُ الْعَبْدِ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ إلَّا فِي السَّرِقَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّظَرِ اهـ وَقَوْلُهُ فِي السَّرِقَةِ يَعْنِي لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ وَفِي مَعْنَى الْمُبَعَّضِ مَنْ بَعْضُهُ لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَالْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ) هُوَ وَاضِحٌ (قَوْله قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقِيَاسُ الْمَرْأَةِ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَهْدَوِيُّ إلَخْ) قَيَّدَ الْوَاحِدِيُّ فِي بَسِيطِهِ الْجَوَازَ بِمَا إذَا كَانَا عَفِيفَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَجِبُ تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا شَنَّعَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَوْلُهُ قَيَّدَ الْوَاحِدِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ) بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ الْقَاضِي إلَخْ) ضَعِيفٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 إلَى مُكَاتَبَتِهِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَمْلُوكِ بِقَوْلِهِ كَالْمَحْرَمِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ مَمْلُوكُ الْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ لَهَا (لَا الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ وَالْعِنِّينُ وَالْمُخَنَّثُ) وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُمْ فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ (وَالْهِمُّ) بِالْكَسْرِ وَهُوَ الشَّيْخُ الْفَانِي فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ النَّظَرُ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ كَغَيْرِهِمْ مِنْ الْفُحُولِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ خَبَرَ «لَا تُدْخِلْنَ هَذَا عَلَيْكُمْ يَعْنِي الْمُخَنَّثَ» (وَيَحْرُمُ نَظَرُ الْمَحْرَمِ) وَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (بِشَهْوَةٍ) بِأَنْ يَلْتَذَّ بِهِ أَوْ بِدُونِهَا لَكِنْ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) يَحْرُمُ نَظَرُ (الْأَمْرَدِ بِشَهْوَةٍ) مُطْلَقًا وَبِدُونِهَا (إنْ خَافَ فِتْنَةً) بِخِلَافِ مَا إذَا أَمِنَهَا كَنَظِيرِهِ فِيمَا قَدَّمَهُ فِي النَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا أَمِنَهَا هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ قَوْلَهُ أَطْلَقَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى الْأَمْرَدِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَنَقَلَهُ الدَّارَكِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ حَسْبَمَا لِلْبَابِ وَلِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ نَعَمْ يُعْتَبَرُ فِي الْأَمْرَدِ أَنْ يَكُونَ جَمِيلَ الْوَجْهِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ وَغَيْرِهَا تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالِاحْتِجَابِ كَالْمَرْأَةِ لِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي تَرْكِ الْأَسْبَابِ اللَّازِمِ لَهُ وَعَلَى غَيْرِهِ غَضُّ الْبَصَرِ. وَلَمْ يَعْتَبِرُوا جَمَالَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَمِيلُ إلَيْهَا فَضَبَطَ بِالْأُنُوثَةِ وَلَك عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ هَذَا مَعَ مَا نَقَلَهُ كَالرَّافِعِيِّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ مِنْ حِلِّ النَّظَرِ إلَى الْمَرْأَةِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ أَنْ تَقُولَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَمْرَدِ فَالْمُوَافِقُ لِذَلِكَ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ السَّابِقُ وَإِنْ كَانَ الْأَحْوَطُ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ لِلْأَمْرَدِ أَمَدًا يَنْتَظِرُ زَوَالَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فِي تِلْكَ مِنْ التَّحْرِيمِ لَا سُؤَالٍ وَكَمَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ تَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ فَإِنَّهَا أَفْحَشُ وَأَقْرَبُ إلَى الْمَفْسَدَةِ وَالْأَمْرَدُ الشَّابُّ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ لِحْيَتُهُ وَلَا يُقَالُ لِمَنْ أَسَنَّ وَلَا شَعْرَ بِوَجْهِهِ أَمْرَدُ (وَ) يَحْرُمُ نَظَرُ (عَوْرَةِ الرَّجُلِ) دُونَ غَيْرِهَا عَلَى الرَّجُلِ لِمَا مَرَّ فِي نَظَرِ بَعْضِ النِّسَاءِ بَعْضًا (لَا عَلَى نَفْسِهِ) فَلَا يَحْرُمُ لَكِنْ يُكْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ: مَا حَرُمَ نَظَرُهُ مُتَّصِلًا حَرُمَ) نَظَرُهُ (مُنْفَصِلًا كَشَعْرِ عَانَةٍ) وَلَوْ لِرَجُلٍ (وَقُلَامَةِ ظُفْرِ قَدَمِ حُرَّةٍ) إبْقَاءً لِحُكْمِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ (فَلْيُوَارِهِ) وُجُوبًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي لِئَلَّا يَنْظُرَ إلَيْهِ أَحَدٌ وَاسْتَبْعَدَ الْأَذْرَعِيُّ الْوُجُوبَ قَالَ وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ فِي الْحَمَّامَاتِ عَلَى طَرْحِ مَا يَتَنَاثَرُ مِنْ امْتِشَاطِ شُعُورِ النِّسَاءِ وَحَلْقِ عَانَاتِ الرِّجَالِ (لَا) قُلَامَةِ ظُفْرِ (يَدِهَا) أَيْ الْحُرَّةِ فَلَا يَحْرُمُ نَظَرُهَا بَعْدَ انْفِصَالِهَا كَمَا قَبْلَهُ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ عَدَمِ تَحْرِيمِ نَظَرِ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ. وَأَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مِنْ تَحْرِيمِهِمَا فَيَنْبَغِي حُرْمَةُ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا يَحْسُنُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْقُلَامَتَيْنِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِجَوَازِ النَّظَرِ إلَى الْكَفَّيْنِ أَمَّا مَنْ يُحَرِّمُهُ وَمِنْهُمْ النَّوَوِيُّ فَلَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ دُونَ قُلَامَةِ يَدِهَا وَيَدِهِ وَرِجْلِهِ أَيْ الرَّجُلِ وَمَا قَالَهُ فِي قُلَامَةِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِ نَظَرِهَا مُتَّصِلَةً أَمَّا عَلَى تَحْرِيمِهِ الشَّامِلِ لَهُ مَا صَحَّحَهُ مِنْ أَنَّ تَحْرِيمَ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ كَتَحْرِيمِ نَظَرِهِ إلَيْهَا فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ إنَّمَا يَصِحُّ تَفْرِيعُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ لَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ هُوَ (فَإِنْ أُبِينَ) مِنْ الْأَمَةِ مَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنْهَا كَشَعْرِ رَأْسِهَا وَظُفْرِهَا (ثُمَّ عَتَقَتْ لَمْ يَحْرُمْ) نَظَرُهُ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْمُنْفَصِلَ كَالْمُتَّصِلِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ انْفَصَلَ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً وَالْعِتْقُ لَا يَتَعَدَّى إلَى الْمُنْفَصِلِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ إلَى مَا عَدَا عَوْرَةِ الْأَمَةِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ (فَرْعٌ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ) إلَى الْآخَرِ (وَلَوْ إلَى الْفَرْجِ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ (وَ) لَكِنْ (يُكْرَهُ نَظَرُهُ) أَيْ الْفَرْجِ (حَتَّى مِنْ نَفْسِهِ) يَعْنِي -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَمْلُوكِ بِقَوْلِهِ إلَخْ) فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَحْرَمٌ فِي النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ كَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَفْحُولِ) أَيْ الْعَاقِلِينَ الْمُخْتَارِينَ (قَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ نَظَرُ الْأَمْرَدِ) أَيْ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ الْمَخْطُوبَةِ وَلَدٌ أَمْرَدُ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ رُؤْيَتُهَا وَسَمَاعُ وَصْفِهَا مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ فَهَلْ لَهُ رُؤْيَةُ وَلَدِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ حَاجَةً أَوْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَظَهَرَ لِي أَنَّهُ إنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ جَازَ النَّظَرُ وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي الْقِيَافَةِ أَنَّهَا تَجُوزُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ الدَّفْنِ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ نَعَمْ يَرَى الْقَائِفُ وَلَدَ الْمَيِّتِ فَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ فَوَلَدُ وَلَدِهِ وَقَوْلُهُ وَظَهَرَ لِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ قُلْت وَكَذَا بِغَيْرِهَا فِي الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ حِكَايَةُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ هَكَذَا مُطْلَقًا يَقْتَضِي أَنَّ لَنَا وَجْهًا بِالتَّحْرِيمِ وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ بَلْ الْوَجْهَانِ إذَا خَافَ الِافْتِتَانَ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ لَمْ يَحْرُمْ قَطْعًا كَذَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَالنَّصُّ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ الشَّهْوَةِ فَإِنَّ الْحَاكِينَ لَهُ عَلَّلُوهُ بِخَوْفِ الْفِتْنَةِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا كَمَا ادَّعَاهُ النَّوَوِيُّ عَلَى أَنَّ أَبَا حَامِدٍ قَالَ لَا أَعْرِفُ هَذَا النَّصَّ لِلشَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ) وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ بِحِكَايَتِهَا فِي الْمَذْهَبِ وَلَمْ يُبَالِ بِتَعْلِيلِ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ مَا أَطْلَقَهُ بِخَوْفِ الِافْتِتَانِ وَتَعْلِيلِ صَاحِبِ الْبَيَانِ مَا نَقَلَهُ الدَّارَكِيُّ عَنْ النَّصِّ بِأَنَّهُ يَفْتِنُ [فَرْعٌ مَا حَرُمَ نَظَرُهُ مُتَّصِلًا حَرُمَ نَظَرُهُ مُنْفَصِلًا] (قَوْلُهُ وَاسْتَبْعَدَ الْأَذْرَعِيُّ الْوُجُوبَ) قَالَ شَيْخُنَا الصَّحِيحُ الِاسْتِحْبَابُ نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ الْوُجُوبِ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَرَاهُ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهِ إنْ لَمْ يُوَارِهِ وَتَعَيَّنَتْ طَرِيقًا لِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي حُرْمَةُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ) أَيْ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ إلَى الْآخَرِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا] (قَوْلُهُ فَرْعٌ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ إلَى الْآخَرِ إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَإِنْ كَانَتْ فَلَا يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهَا بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي تَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِهَا وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَيَاةِ فَلَوْ مَاتَتْ زَالَ حُكْمُ نَظَرِهِ إلَيْهَا بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ نَظَرُهُ حَتَّى مِنْ نَفْسِهِ) فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ الْغَرِيبَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 يُكْرَهُ نَظَرُهُ مِنْ الْآخَرِ وَمِنْ نَفْسِهِ (بِلَا حَاجَةٍ وَبَاطِنُهُ) أَيْ وَالنَّظَرُ إلَى بَاطِنِهِ (أَشَدُّ) كَرَاهَةً قَالَتْ عَائِشَةُ مَا رَأَيْت مِنْهُ وَلَا رَأَى مِنِّي أَيْ الْفَرْجَ وَخَبَرُ النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ يُورِثُ الطَّمْسُ أَيْ الْعَمَى كَمَا وَرَدَ كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ فِي الضُّعَفَاءِ وَخَالَفَ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ: إنَّهُ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ يُورِثُ الْعَمَى فَقِيلَ فِي النَّاظِرِ وَقِيلَ فِي الْوَلَدِ وَقِيلَ فِي الْقَلْبِ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الدُّبُرَ وَقَوْلُ الْإِمَامِ وَالتَّلَذُّذُ بِالدُّبُرِ بِلَا إيلَاجٍ جَائِزٌ كَالصَّرِيحِ فِيهِ وَخَالَفَ الدَّارِمِيُّ فَقَالَ بِحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى عَوْرَةِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ. (وَالْأَمَةُ كَالزَّوْجَةِ) فِي النَّظَرِ فَلِكُلٍّ مِنْهَا وَمِنْ سَيِّدِهَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْآخَرِ وَلَوْ إلَى الْفَرْجِ مَعَ كَرَاهَةِ نَظَرِهِ (لَا الْمُحَرَّمَةِ) عَلَيْهِ (بِكِتَابَةٍ وَتَزْوِيجٍ وَكُفْرٍ) كَتَمَجُّسٍ وَتَوَثُّنٍ وَرِدَّةٍ (وَشَرِكَةٍ) قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَتَبْعِيضٍ (وَعِدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ) وَنَسَبٍ وَرَضَاعٍ وَمُصَاهَرَةٍ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ مِنْهَا إلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ دُونَ مَا زَادَ لِخَبَرِ «إذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ جَارِيَتَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلَا يَنْظُرْ إلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقِيسَ بِمَا فِيهِ الْبَقِيَّةُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْمُشْتَرَكَةِ مَمْنُوعٌ وَالصَّوَابُ فِيهَا وَفِي الْمُبَعَّضَةِ، وَالْمُبَعَّضُ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَيِّدَتِهِ أَنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ وَخَرَجَ بِالْحُرْمَةِ بِمَا ذَكَرَ الْمُحَرَّمَةُ بِعَارِضٍ قَرِيبِ الزَّوَالِ كَحَيْضٍ وَرَهْنٍ فَلَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهَا (فَرْعٌ مَا حَرُمَ نَظَرُهُ حَرُمَ مَسُّهُ) بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ وَأَغْلَظُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمَسَ فَأَنْزَلَ بَطَلَ صَوْمُهُ وَلَوْ نَظَرَ فَأَنْزَلَ لَمْ يَبْطُلْ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ ذَلِكَ فَخْذُ رَجُلٍ بِلَا حَائِلٍ وَقَدْ يَحْرُمُ الْمَسُّ دُونَ النَّظَرِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيَحْرُمُ مَسُّ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ بَلْ يَحْرُمُ مَسُّ ظَهْرِ أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَغَمْزُ سَاقِهَا وَغَمْزُهَا إيَّاهُ) مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ نَظَرُ ذَلِكَ هَذَا إذَا مَسَّ ذَلِكَ بِلَا حَاجَةٍ وَلَا شَفَقَةٍ وَإِلَّا جَازَ الْمَسُّ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ مَسُّ الْمَحَارِمِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِيمَا ذُكِرَ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ، وَلِأَنَّ حَاجَةَ النَّظَرِ أَعَمُّ فَسُومِحَ فِيهِ مَا لَمْ يُسَامَحْ فِي الْمَسِّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَمْسُوحِ وَنَحْوِهِ الْمَسُّ وَإِنْ أُبِيحَ لَهُ النَّظَرُ وَكَوَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ كَفَّاهَا وَكَالظَّهْرِ غَيْرُهُ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ وَكَالْأُمِّ وَالْبِنْتِ سَائِرِ الْمَحَارِمِ الْمَفْهُومَاتِ بِالْأَوْلَى (وَيَحْرُمُ اضْطِجَاعُ رَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) إذَا كَانَا عَارِيَّيْنِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي جَانِبٍ مِنْ الْفِرَاشِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يُفْضِي الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ» (وَيَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ ابْنِ عَشْرٍ) مِنْ السِّنِينَ (وَأَبَوَيْهِ وَإِخْوَتِهِ) الشَّامِلِينَ لِأَخَوَاتِهِ عُرْفًا (فِي الْمَضْجَعِ) وَاحْتَجَّ لَهُ الرَّافِعِيُّ بِخَبَرِ «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، قَالُوا بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ الْإِفْضَاءِ الْإِفْضَاءُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ لِخَبَرِ «لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الرَّجُلُ الرَّجُلَ إلَّا الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «إلَّا وَلَدًا وَوَالِدًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَقَالَ إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تُخَصِّصُ خَبَرَ مُسْلِمٍ السَّابِقَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ قُوَّةُ الْمَحْرَمِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَبَعْدَ الشَّهْوَةِ وَكَمَالِ الِاحْتِشَامِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي مُبَاشَرَةِ غَيْرِ الْعَوْرَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَشْرِ فِي التَّفْرِيقِ نَازَعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ فَقَالُوا بَلْ الْمُعْتَبَرُ السَّبْعُ لِخَبَرِ «إذَا بَلَغَ أَوْلَادُكُمْ   [حاشية الرملي الكبير] أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا رَأَى فَرْجَ نَفْسِهِ فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النَّظَرُ ثَمَّ حَرَامًا ر وَقَوْلُهُ فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الدُّبُرَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْإِمَامِ وَالتَّلَذُّذُ بِالدُّبُرِ بِلَا إيلَاجٍ جَائِزٌ إلَخْ) وَاسْتَدَلَّ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى الْجَوَازِ بِإِطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ جَوَازِ التَّلَذُّذِ بِمَا بَيْنَ الْأَلْيَتَيْنِ بِلَا إيلَاجٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُبَعَّضُ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَيِّدَتِهِ إلَخْ) وَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَأَمَّا عَبْدُهَا الَّذِي نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ مَمْلُوكٌ فَعَلَيْهَا سَتْرُ عَوْرَتِهَا الْكُبْرَى عَنْهُ لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِيهِ وَكَانَ قَدَّمَ أَنَّ الْعَوْرَةَ الْكُبْرَى جَمِيعُ الْبَدَنِ غَيْرُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ. اهـ. ع يُجَابُ بِأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ فِي إبَاحَةِ النَّظَرِ أَقْوَى مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ [فَرْعٌ مَا حَرُمَ نَظَرُهُ حَرُمَ مَسُّهُ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ مَا حَرُمَ نَظَرُهُ حَرُمَ مَسُّهُ) قَالَ فِي الْخَادِمِ الْعُضْوُ الْمُبَانُ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي هَذَا التَّرْجِيحِ نَظَرٌ اهـ وَلَوْ أَمْكَنَ الطَّبِيبَ مَعْرِفَةُ الْعِلَّةِ بِالْمَسِّ دُونَ النَّظَرِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْمَسُّ لَا النَّظَرُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ شَيْخُنَا بَلْ الْأَصَحُّ حُرْمَةُ مَسِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ النَّظَرِ فِي إثَارَةِ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمَسَ إلَخْ) وَأَنَّ الْوُضُوءَ يُنْتَقَضُ بِالْمَسِّ وَلَا يُنْتَقَضُ بِالنَّظَرِ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ التَّفْرِيقُ إلَخْ) قِيلَ التَّفْرِيقُ فِي الْمَضَاجِعِ يَصْدُقُ بِطَرِيقَيْنِ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِرَاشٌ وَأَنْ يَكُونَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ وَلَكِنْ مُتَفَرِّقَيْنِ غَيْرَ مُتَلَاصِقَيْنِ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى الْأَوَّلِ وَحْدَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ حَمْلُهُ عَلَيْهِ هُوَ الظَّاهِرُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ فَرَّقُوا بَيْنَ فُرُشِهِمْ مَعَ تَأْيِيدِهِ بِالْمَعْنَى وَهُوَ خَوْفُ الْمَحْذُورِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي التَّتِمَّةِ يُكْرَهُ لِلِابْنِ الْكَبِيرِ أَنْ يُضَاجِعَ أُمَّهُ وَلِلْأَبِ أَنْ يُضَاجِعَ ابْنَتَهُ الْكَبِيرَةَ بِلَا حَائِلٍ عَلَى قَوْلِنَا أَنَّ الْعَوْرَةَ مِنْهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ، وَقَالَ فِي الرَّجُلَيْنِ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُضَاجِعَ الرَّجُلَ بِإِزَارٍ وَاحِدٍ مَا بَيْنَ بَدَنِهِمَا ثَوْبٌ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا كَانَ الْحَائِلُ بَيْنَهُمَا صَفِيقًا فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا لَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْحَرَارَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فَيَحْرُمُ ثَمَّ مَحَلُّ الْجَوَازِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْ النَّوْمِ مَعَ صَاحِبِهِ فِتْنَةً فَإِنْ خَافَ حَرُمَ وَإِنْ وُجِدَ حَائِلٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِتَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَى الْمَرْأَةِ الْمُتْحَفَةِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ ت (قَوْلُهُ فَقَالُوا بَلْ الْمُعْتَبَرُ السَّبْعُ) ضَعِيفٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 سَبْعَ سِنِينَ فَفَرِّقُوا بَيْنَ فُرُشِهِمْ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ الْمَشْهُورِ «وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» رَاجِعٌ إلَى أَبْنَاءِ سَبْعٍ وَأَبْنَاءِ عَشْرٍ جَمِيعًا (وَيُسْتَحَبُّ تَصَافُحُ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ) لِخَبَرِ «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، نَعَمْ يُسْتَثْنَى الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ الْوَجْهُ فَيَحْرُمُ مُصَافَحَتُهُ وَمَنْ بِهِ عَاهَةٌ كَالْأَبْرَصِ وَالْأَجْذَمِ فَتُكْرَهُ مُصَافَحَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ (وَتُكْرَهُ الْمُعَانَقَةُ وَالتَّقْبِيلُ) فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُقَبِّلُ أَوْ الْمُقَبَّلُ صَالِحًا «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَفَيَلْزَمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَهُمَا لِقَادِمٍ) مِنْ سَفَرٍ أَوْ تَبَاعُدِ لِقَاءٍ (سُنَّةٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، نَعَمْ الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ الْوَجْهُ يَحْرُمُ تَقْبِيلُهُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ ثُمَّ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُعَانَقَتَهُ كَتَقْبِيلِهِ أَوْ قَرِيبَةٍ مِنْهُ (كَتَقْبِيلِ الطِّفْلِ) وَلَوْ وَلَدَ غَيْرِهِ (شَفَقَةً) فَإِنَّهُ سُنَّةٌ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ وَشَمَّهُ وَقَبَّلَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ الْأَقْرَعُ إنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْت مِنْهُمْ أَحَدًا فَنَظَرَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ «قَدِمَ نَاسٌ مِنْ الْأَعْرَابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا تُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: لَكِنَّا وَاَللَّهِ مَا نُقَبِّلُ فَقَالَ: أَوَأَمْلِكُ إنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى نَزَعَ مِنْكُمْ الرَّحْمَةَ» رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ (فَرْعٌ لَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ) لِمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ (وَيُسْتَحَبُّ تَقْبِيلُ يَدِ الْحَيِّ لِصَلَاحٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ كَزُهْدٍ وَعِلْمٍ وَشَرَفٍ كَمَا كَانَتْ الصَّحَابَةُ تَفْعَلُهُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ (وَيُكْرَهُ) ذَلِكَ (لِغِنَاهُ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَشَوْكَتِهِ وَوَجَاهَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا لِخَبَرِ «مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍّ لِغِنَاهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ» (وَ) يُكْرَهُ (حَنْيُ الظَّهْرِ) مُطْلَقًا (لِكُلٍّ) مِنْ النَّاسِ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ (وَيُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ) مِنْ عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ شَرَفٍ أَوْ نَحْوِهَا (إكْرَامًا لَا رِيَاءً وَإِعْظَامًا) أَيْ تَفْخِيمًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدْ ثَبَتَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَالرَّوْضَةِ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْمُصَافَحَةِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى هُنَا أَعَادَهُ فِي السِّيَرِ مَعَ زِيَادَةٍ وَوَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ بَعْضُ ذَلِكَ (فَرْعٌ الْخُنْثَى) الْمُشْكِلُ (كَامْرَأَةٍ مَعَ الرِّجَالِ وَرَجُلٍ مَعَ النِّسَاءُ) فِي حُكْمِ النَّظَرِ أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ وَيُفَارِقُ هَذَا مَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ أَنَّهُ يُغَسِّلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ بِضَعْفِ الشَّهْوَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِهَا قَبْلَهُ [فَصْلٌ نَظَرُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ] (فَصْلٌ وَيَجُوزُ نَظَرُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ) بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ لِلْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَتِهَا (وَ) عِنْدَ (تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ) عَلَيْهَا لِذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ جَمِيعَ وَجْهِهَا كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهَا بِبَعْضِهِ وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (وَتَكَلُّفُ كَشْفِهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: فَإِنْ امْتَنَعَتْ أَمَرَتْ امْرَأَةً بِكَشْفِهِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَهُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ الْمَرْأَةَ وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ أَنَّهُ إذَا خَافَ مِنْ النَّظَرِ لِتَحَمُّلِهَا الْفِتْنَةَ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لَمْ يَنْظُرْ وَإِلَّا نَظَرَ وَيَلْحَقُ بِالنَّظَرِ لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهَا نَظَرُ الْحَاكِمِ لِتَحْلِيفِهَا أَوْ لِلْحُكْمِ عَلَيْهَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّهَادَةَ وَالْحُكْمَ لَهَا كَالشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ عَلَيْهَا. (وَيَجُوزُ النَّظَرُ وَاللَّمْسُ) بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (لِلْفَصْدِ وَالْعِلَاجِ) كَالْحِجَامَةِ لِلْحَاجَةِ الْمُلْجِئَةِ إلَى ذَلِكَ (وَ) يَجُوزُ (بِمَحْضَرِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ) النَّظَرُ (مِنْ رَجُلٍ إنْ عُدِمَتْ امْرَأَةٌ) تُعَالِجُ كَعَكْسِهِ أَيْ كَمَا يَجُوزُ بِمَحْضَرِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ النَّظَرُ مِنْ امْرَأَةٍ إنْ عُدِمَ رَجُلٌ مُعَالِجٌ وَكُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ قِبَلِ الْمُعَالَجِ أَمْ الْمُعَالِجِ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ رَجُلَانِ مَعَ امْرَأَةٍ لِامْتِنَاعِ الْخَلْوَةِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ اجْتِمَاعِ رَجُلٍ مَعَ امْرَأَتَيْنِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ بَلْ السَّيِّدُ وَالْمَمْسُوحُ وَنَحْوُهُمَا كَذَلِكَ وَضَابِطُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ مَنْ يَمْنَعُ حُصُولَ الْخَلْوَةِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْعَدَدِ (وَ) يَجُوزُ النَّظَرُ مِنْ (ذِمِّيٍّ) لِمُسْلِمَةٍ (إنْ عُدِمَ مُسْلِمٌ يُعَالِجُ) بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي نَظَرِ الْكَافِرَةِ أَنْ لَا يَجُوزَ مَعَ وُجُودِ مُسْلِمَةٍ وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهَا فِي كَلَامِهِ (وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى السَّوْأَتَيْنِ إلَّا فِي حَاجَةٍ لَا يَهْتِكُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَفَرِّقُوا بَيْنَ فُرُشِهِمْ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ ثَمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ إلَخْ [فَرْع تَقْبِيل وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ] (فَصْلٌ وَيَجُوزُ نَظَرُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ إلَخْ) (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَيَرْجِعُ إلَى الثَّانِي وَلَا خِلَافَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لَمْ يَنْظُرْ وَإِلَّا نَظَرَ) يَنْبَغِي الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَمَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى فَرْجِ الزَّانِيَيْنِ لِتُحْمَلَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِهَا فَإِذَا أُبِيحَ الْمُحَرَّمُ مَعَ عَدَمِ الْوُجُوبِ فَلَأَنْ يُبَاحَ مَعَ وُجُوبِ التَّحَمُّلِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَكَمَا يَجُوزُ لِلنِّسْوَةِ أَنْ يَنْظُرْنَ إلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَبَالَتَهُ وَامْتَنَعَتْ مِنْ التَّمْكِينِ وَكَمَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى فَرْجِ الْمُفْضَاةِ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ الْتَحَمَ وَأَنْكَرَتْ وَكَمَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى عَانَةِ الْكَافِرِ لِيَنْظُرَ هَلْ نَبَتَتْ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَتْ الشَّهْوَةُ أَمْرًا طَبِيعِيًّا لَا يَنْفَكُّ عَنْ النَّظَرِ لَمْ يُكَلَّفْ الشَّاهِدُ بِإِزَالَتِهَا وَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا كَمَا لَا يُؤَاخَذُ الزَّوْجُ بِمَيْلِ قَلْبِهِ إلَى بَعْضِ النِّسْوَةِ وَكَمَا لَا يُؤَاخَذُ الْحَاكِمُ بِمَيْلِ قَلْبِهِ إلَى بَعْضِ الْخُصُومِ ت. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّهَادَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مِنْ رَجُلٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ النَّظَرِ وَاللَّمْسِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ إلَّا فِي حَاجَةٍ) الْأَصْلُ فِي جَوَازِ النَّظَرِ لِلْحَاجَةِ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَكَّمَ سَعْدًا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ كَانَ يَكْشِفُ عَنْ مُؤْتَزِرِهِمْ وَأَلْحَقَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرَهَا بِجَامِعِ الْحَاجَةِ اللَّائِقَةِ لِإِنَاطَةِ الْحُكْمِ بِهَا فِي كُلٍّ مِنْهَا اب وَاللَّائِقُ بِالتَّرْتِيبِ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْوَجْهِ سُومِحَ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْمُعَامَلَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 الْمَرْأَةَ التَّكَشُّفُ) مَعَهَا (أَوْ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ فِي الْبَدَنِ) يَعْنِي وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى مَا سِوَى السَّوْأَتَيْنِ وَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ مِنْ الْبَدَنِ إلَّا لِحَاجَةٍ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ (وَمُطْلَقًا فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ إلَّا لِمُطْلَقِ الْحَاجَةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْقَلَاقَةِ وَالْإِجْحَافِ وَمُلَخَّصُ الْمُرَادِ مِنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي النَّظَرِ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مُطْلَقُ الْحَاجَةِ وَفِي غَيْرِهِمَا مَا عَدَا السَّوْأَتَيْنِ تَأَكُّدُهَا بِأَنْ يَكُونَ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَشِدَّةِ الضَّنَا، وَفِي السَّوْأَتَيْنِ مَزِيدُ تَأْكِيدِهَا بِأَنْ لَا يُعَدَّ التَّكَشُّفُ بِسَبَبِهَا هَتْكًا لِلْمَرْأَةِ وَالضَّبْطِ بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَوْ خَافَ شَيْئًا فَاحِشًا فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ امْتَنَعَ النَّظَرُ بِسَبَبِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ وَالثَّدْيِ لِلشَّهَادَةِ فِي الزِّنَا وَالْوِلَادَةِ) فِي الْأُولَى (وَ) فِي (الرَّضَاعِ) فِي الثَّانِيَةِ لِظُهُورِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (فَصْلٌ تُسْتَحَبُّ الْخِطْبَةُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ الْتِمَاسُ النِّكَاحِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَخَطَبَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ» رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ (وَيَحْرُمُ التَّصْرِيحُ بِهَا لِمُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ) رَجْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَائِنًا بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ لِمَفْهُومِ آيَةِ {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] وَلِلْإِجْمَاعِ. (وَتَجُوزُ) الْخِطْبَةُ (تَعْرِيضًا فِي عِدَّةٍ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ) لِهَذِهِ الْآيَةِ وَلِانْقِطَاعِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَنْهَا بِخِلَافِ التَّصْرِيحِ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَرَّحَ تَحَقَّقَتْ رَغْبَتُهُ فِيهَا فَرُبَّمَا تَكْذِبُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمَنْكُوحَةِ أَمَّا الْمُعْتَدَّةُ مِنْهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ خِطْبَتُهَا لَا تَصْرِيحًا وَلَا تَعْرِيضًا؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فِي عِدَّتِهِ (وَالتَّعْرِيضُ) مَا يَحْتَمِلُ الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ (جَمِيلَةٌ وَرُبَّ رَاغِبٍ فِيك) وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَك وَلَسْت بِمَرْغُوبٍ عَنْك (وَلَا يَخْفَى التَّصْرِيحُ) وَهُوَ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ كَأُرِيدُ أَنْ أَنْكِحَك، وَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك نَكَحْتُك وَلَا فَرْقَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَالْكِنَايَةِ، وَهِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَوَازِمِهِ كَقَوْلِك فُلَانٌ طَوِيلُ النِّجَادِ لِلطَّوِيلِ وَكَثِيرُ الرَّمَادِ لِلْمِضْيَافِ وَمِثَالُهَا هُنَا لِلتَّصْرِيحِ أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْك نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ وَأَتَلَذَّذَ بِك، وَلِلتَّعْرِيضِ أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْك نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ فَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إنْ أَفَادَ الْقَطْعَ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ أَوْ الِاحْتِمَالُ لَهَا فَتَعْرِيضٌ وَكَوْنُ الْكِنَايَةِ أَبْلَغُ مِنْ التَّصْرِيحِ الْمُقَرَّرِ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ فَمَنْ قَالَ هُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالتَّصْرِيحِ؛ لِأَنَّهَا أَبْلَغُ مِنْهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ التَّصْرِيحُ هُنَا بِالتَّصْرِيحِ ثَمَّ. (وَلِجَوَابِهَا) أَيْ الْخِطْبَةِ مِمَّنْ يَعْتَبِرُ إجَابَتَهُ (حُكْمُ خِطَابِهِ) أَيْ الْخَاطِبِ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا فِيمَا ذُكِرَ وَلَوْ قَالَ وَلِجَوَابِهَا حُكْمُهَا كَانَ أَخْصَرَ وَمَعَ ذَلِكَ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَحُكْمُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا حُكْمُ الْخِطْبَةِ (فَرْعٌ تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِخِطْبَةِ مَنْ صَرَّحَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ) وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَعْرِضْ لِخَبَرِ «لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالتَّقَاطُعِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَوَّلُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا وَذِكْرُ الْأَخِ فِي الْخَبَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا وَإِعْرَاضُ الْمُجِيبِ كَإِعْرَاضِ   [حاشية الرملي الكبير] وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ فَصَبِيٌّ مُسْلِمٌ غَيْرُ مُرَاهِقٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَصَبِيٌّ غَيْرُ مُرَاهِقٍ كَافِرٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمَحْرَمُهَا الْمُسْلِمُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمَحْرَمُهَا الْكَافِرُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَامْرَأَةٌ كَافِرَةٌ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ فَأَجْنَبِيٌّ مُسْلِمٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَأَجْنَبِيٌّ كَافِرٌ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) قَالَ شَيْخُنَا بَلْ الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ وَيَكُونُ الْمَفْهُومُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْغُنْيَةِ رَأَيْت فِي الْكَافِي لَوْ كَانَ بِعَوْرَةِ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ عِلَّةٌ جَازَ لِلطَّبِيبِ الْأَمِينِ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِمَا لِلْمُعَالَجَةِ كَمَا فِي الْخِتَانِ اهـ فَقَوْلُهُ الْأَمِينُ قَيْدٌ يَجِبُ اعْتِبَارُهُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا مِمَّا أَهْمَلُوهُ هُنَا نَظَرُ النِّسْوَةِ إلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَبَالَتَهُ وَامْتَنَعَتْ مِنْ التَّمْكِينِ وَالنَّظَرُ إلَى فَرْجِ الْمُفْضَاةِ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ الْتَحَمَ وَأَنْكَرَتْ وَالنَّظَرُ إلَى عَانَةِ الْكَافِرِ لِيَعْلَمَ هَلْ أَنْبَتَ أَمْ لَا ر [فَصْلٌ اسْتِحْبَاب الْخِطْبَةُ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ تُسْتَحَبُّ الْخِطْبَةُ) أَيْ لِمَنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ دُونَ غَيْرِهِ حَتَّى تُكْرَهَ لِمَنْ يُكْرَهُ لَهُ النِّكَاحُ نَعَمْ الْمُحْرِمُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النِّكَاحُ وَتُكْرَهُ لَهُ الْخِطْبَةُ وَيُكْرَهُ أَيْضًا لِلْحَلَالِ خِطْبَةُ الْمُحْرِمَةِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ التَّصْرِيحُ بِهَا لِمُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ) كَغَيْرِهَا مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ وَتَحْرُمُ خِطْبَةُ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ مُسْتَفْرَشَةً لِسَيِّدِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَرُبَّمَا جَرَّ إلَى فَسَادٍ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ تَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَلْ لَهُ خِطْبَةُ مَنْ يَمْتَنِعُ نِكَاحُهَا فِي الْحَلَالِ كَالثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَةِ أَوْ الْبِكْرِ فَاقِدَةِ الْمُجْبِرِ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ لِيَقَعَ التَّزْوِيجُ إذَا زَالَ الْمَانِعُ. (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَنَّ وَثَنِيَّيْنِ أَقَامَا عِنْدَنَا بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا عَلَى زَوْجَتِهِ الْوَثَنِيَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَثَنِيِّ الْآخَرِ أَنْ يَعْرِضَ بِنِكَاحِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ عَنْ زَوْجَتِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ اهـ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمُعْتَدَّةُ بِالرِّدَّةِ كَالرَّجْعِيَّةِ اهـ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُ الْخِطْبَةِ وَلَوْ كَانَ فِي نِكَاحِ الْخَاطِبِ أَرْبَعٌ لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِتَحْرِيمِهِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ خِطْبَةِ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ فِي نِكَاحِهِ أَرْبَعٌ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ إذَا كَانَ الْقَصْدُ أَنَّهَا إذَا أَجَابَتْ أَبَانَ وَاحِدَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا قَالَ وَقِيَاسُهُ يَجْرِي فِي زَوْجٍ خَطَبَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ وَفِي هَذَا بُعْدٌ. اهـ. [فَرْعٌ الْخِطْبَةُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِخِطْبَةِ مَنْ صَرَّحَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ] (وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْذَنْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ) شَمِلَ مَا لَوْ خَطَبَ لَهُ وَكِيلُهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَوَّلُ مُسْلِمًا إلَخْ) أَمَّا الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ فِي إهْدَارِ الدَّمِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إيذَاؤُهُ ج وَلَوْ خَطَبَ الْكَافِرُ مُسْلِمَةً فَقَالَ إنْ أَجَبْتُونِي أَسْلَمْت وَتَزَوَّجْتهَا فَأَجَابَهُ الْوَلِيُّ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَهَلْ تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْلَمَ يُحْتَمَلُ الْجَوَازُ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا لَوْ خَطَبَ الْمُسْلِمَةَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَحْرُمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 الْخَاطِبِ وَسُكُوتُ الْبِكْرِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ أَمَّا إذَا لَمْ تُعْلَمْ إجَابَتُهُ كَمَا ذُكِرَ بِأَنْ لَمْ يَجِبْ أَوْ أُجِيبَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِجَابَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا إذَا عَرَضَ لَهُ بِهَا) كَلَا رَغْبَةَ عَنْك أَوْ عَلِمَ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ وَأَذِنَ لَهُ الْأَوَّلُ أَوْ أَعْرَضَ وَلَوْ بِطُولِ الزَّمَنِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعْرِضًا أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمُجِيبُ فَلَا تَحْرُمُ خِطْبَتُهُ لِسُقُوطِ حَقِّ الْأَوَّلِ فِي الْأَخِيرَةِ بِأَحْوَالِهَا الثَّلَاثَةِ وَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ فِي الْبَقِيَّةِ وَلِخَبَرِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الْآتِي حَيْثُ تَوَارَدَ عَلَيْهَا الْخُطَّابُ وَلَمْ يَنْهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَأَخِّرُ مِنْهُمْ لِمَا لَمْ تُصَرِّحْ بِالْإِجَابَةِ بَلْ أَشَارَ عَلَيْهَا بِغَيْرِهِ وَيُعْتَبَرُ فِي التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِهِ وَأَنْ تَكُونَ الْخِطْبَةُ الْأُولَى جَائِزَةً فَلَوْ حَرُمَتْ كَأَنْ خُطِبَتْ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ فَلَا تَحْرِيمَ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي التَّحْرِيمِ (إجَابَتُهَا) إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةً (أَوْ إجَابَةِ الْوَلِيِّ الْمُجْبَرَ) إنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً أَوْ إجَابَتُهُمَا مَعًا إنْ كَانَ الْخَاطِبُ غَيْرَ كُفْءٍ (أَوْ) إجَابَةُ (السَّيِّدِ أَوْ السُّلْطَانُ فِي الْأَمَةِ) غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً صَحِيحَةً بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدِ (وَ) فِي (الْمَجْنُونَةِ) الْبَالِغَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّلْطَانِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَوْ إجَابَةُ السَّيِّدِ مَعَ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً صَحِيحَةً (فَرْعٌ) لَوْ (خَطَبَ رَجُلٌ خَمْسًا وَلَوْ بِالتَّرْتِيبِ) وَصَرَّحَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ (اجْتَنَبْنَ مِنْ) أَيْ حَرُمَتْ خِطْبَةُ كُلٍّ مِنْهُنَّ (حَتَّى يَعْقِدَ بِأَرْبَعٍ) أَيْ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ أَوْ يَتْرُكَهُنَّ أَوْ بَعْضَهُنَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِي الْخَامِسَةِ [فَرْعٌ التَّعْرِيضُ بِالْجِمَاعِ لِمَخْطُوبَةٍ] (فَرْعٌ يُكْرَهُ التَّعْرِيضُ بِالْجِمَاعِ لِمَخْطُوبَةٍ) لِقُبْحِهِ وَقَدْ يَحْرُمُ بِأَنْ يَتَضَمَّنَ التَّصْرِيحَ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ كَقَوْلِهِ أَنَا قَادِرٌ عَلَى جِمَاعِك أَوْ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُك مَنْ يُجَامِعُك، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ، وَلَوْ قَالَ عِنْدِي جِمَاعٌ يُرْضِي مَنْ جُومِعَتْ فَقَدْ عَرَّضَ بِالْخِطْبَةِ تَعْرِيضًا مُحَرَّمًا وَأَنْهَاهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قُبْحٌ وَفُحْشٌ قَالَ تَعَالَى {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] أَيْ جِمَاعًا {إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا} [البقرة: 235] أَمَّا التَّصْرِيحُ بِهِ لَهَا كَقَوْلِهِ مَكِّنِينِي مِنْ جِمَاعِك فَحَرَامٌ (لَا التَّصْرِيحُ) بِهِ (لِلزَّوْجَةِ) وَالْأَمَةِ فَلَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ. (وَتُبَاحُ الْغِيبَةُ لِلتَّحْذِيرِ مِنْ فِسْقِ) أَوْ ابْتِدَاعِ (خَاطِبٍ وَمَخْطُوبَةٍ وَوَالٍ) بِأَنْ يُبَيِّنَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ (وَرَاوِي عِلْمٍ) بِأَنْ يُبَيِّنَ لِلْأَخْذِ عَنْهُ وَفِي مَعْنَاهُ الشَّاهِدُ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّوْضَةُ (وَ) لِلتَّحْذِيرِ (مِنْ عَيْبِ خَاطِبٍ) وَمَخْطُوبَةٍ (وَمُشْتَرَى) بِفَتْحِ الرَّاءِ (وَ) تُبَاحُ (الْغِيبَةُ بِاللَّقَبِ لِتَعْرِيفٍ) كَالْأَعْمَشِ وَالْأَعْرَجِ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِهِ وَلَوْ أَمْكَنَ التَّعْرِيفُ بِغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى (وَالشَّكْوَى) أَيْ وَتُبَاحُ الْغِيبَةُ لِأَجْلِ شَكْوَى ظَالِمٍ (عِنْدَ مُنْصِفٍ) لَهُ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ ظَلَمَنِي فُلَانٌ وَفَعَلَ بِي كَذَا (وَ) تُبَاحُ الْغِيبَةُ (لِفَاسِقٍ) أَيْ لِأَجْلِ فِسْقِهِ (عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ فُلَانٌ يَعْمَلُ كَذَا فَازْجُرْهُ عَنْهُ (وَعِنْدَ مُفْتٍ) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: ظَلَمَنِي فُلَانٌ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَمَا طَرِيقِي فِي خَلَاصِي مِنْهُ؟ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَقُولَ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكُلُّ ذَلِكَ لِلنَّصِيحَةِ وَالتَّحْذِيرِ (لَا لِإِيذَاءٍ) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمَّا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا: أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْك مِنْ شَقَاشِقِهِ وَلِقَوْلِهِ «إذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَنْصَحْهُ» ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَرَوَى خَبَرَ جَرِيرٍ «بَايَعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» . (وَمَنْ تَجَاهَرَ بِمَعْصِيَةٍ) كَشُرْبِ خَمْرٍ وَمُصَادَرَةِ النَّاسِ وَجِبَايَةِ الْأَمْوَالِ ظُلْمًا (ذُكِرَ بِهَا فَقَطْ) أَيْ لَا بِغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُوجَدَ لِجَوَازِ ذِكْرِهِ سَبَبٌ آخَرُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ بَعْدَ قَوْلِهِمْ ذُكِرَ بِهَا قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَجَاهِرُ بِهَا عَالِمًا يَقْتَدِي بِهِ فَيَمْتَنِعُ غَيْبَتُهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إذَا اطَّلَعُوا عَلَى زِلَّتِهِ تَسَاهَلُوا فِي ارْتِكَابِ -   [حاشية الرملي الكبير] الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ مُعَلَّقَةٌ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَنْفِيرًا عَنْ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَطَبَ الْفَاسِقُ، وَقَالَ لَهُ الْوَلِيُّ إنْ تُبْت زَوَّجْتُك إنْ كَانَتْ التَّوْبَةُ تُؤَثِّرُ فِي دَفْعِ الذَّنْبِ كَالشُّرْبِ بِخِلَافِ الزِّنَا ت (قَوْلُهُ وَسُكُوتُ الْبِكْرِ غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ) هَذَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الدَّارَكِيِّ حِكَايَةُ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الْإِذْنِ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ النِّكَاحَ يُسْتَحْيَا فِيهِ مَا لَا يُسْتَحْيَا فِي الْخِطْبَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَعْرَضَ وَلَوْ بِطُولِ الزَّمَنِ إلَخْ) أَوْ نَكَحَ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَخْطُوبَةِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ) وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهِ (قَوْلُهُ أَوْ إجَابَةُ الْوَلِيِّ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَجَابَ الْوَلِيُّ الْمُجْبِرُ ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ تَبْطُلُ الْخِطْبَةُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَالْجَوَابُ كَالْإِذْنِ فَيَبْطُلُ بِالْمَوْتِ أَمْ لَا لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَأْذَنَ أَوْ يَتْرُكَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْنِيَ عَلَى جَوَازِ رُجُوعِ الْمُجِيبِ عَنْ الْجَوَابِ وَقَدْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي التَّصْحِيحِ (قَوْلُهُ وَإِجَابَتُهُمَا مَعًا) إنْ كَانَ الْخَاطِبُ غَيْرَ كُفْءٍ يَنْبَغِي فِيمَا إذَا كَانَتْ بِكْرًا وَالْوَلِيُّ مُجْبِرٌ أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا عَيَّنَتْ كُفُؤًا وَعَيَّنَ الْمُجْبِرُ غَيْرَهُ هَلْ الْمُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ أَوْ تَعْيِينُهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَجَابَهُ السَّيِّدُ) أَيْ أَوْ وَلِيُّهُ (قَوْلُهُ وَأَجَابَهُ السَّيِّدُ مَعَ الْمُكَاتَبَةِ إلَخْ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّ الْمُبَعَّضَةَ لَا بُدَّ مِنْ إجَابَتِهَا وَسَيِّدِهَا قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ خَطَبَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَتَزَوَّجَ صَحَّ النِّكَاحُ وَهُوَ آثِمٌ كَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِإِثْمِ الْمَرْأَةِ إذَا صَرَّحَتْ بِالْإِجَابَةِ ثُمَّ أَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِ الثَّانِي وَلَا لِإِثْمِ الْوَلِيِّ إذَا كَانَ مُجْبِرًا وَصَرَّحَ بِالْإِجَابَةِ ثُمَّ زَوَّجَ الثَّانِيَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا آثِمَانِ؛ لِأَنَّهُ أَعَانَهُ الْخَاطِبُ عَلَى مُحَرَّمٍ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ فَأَجَابَتْ ثُمَّ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ فَزَوَّجَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْقَضِيَّةِ فَيُحْتَمَلُ إثْمُهُ أَيْضًا لِمُدْرِكِ الْإِعَانَةِ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَالثَّانِي أَرْجَحُ؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ الْإِجَابَة وَلِوَلِيِّهَا ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ [فَرْعٌ خَطَبَ رَجُلٌ خَمْسًا وَلَوْ بِالتَّرْتِيبِ وَصَرَّحَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ] (قَوْلُهُ وَتُبَاحُ الْغَيْبَةُ إلَخْ) الْغَيْبَةُ تُبَاحُ لِسِتَّةِ أَسْبَابٍ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْبَيْتِ لَقَبٌ وَمُسْتَفْتٍ وَفِسْقٌ ظَاهِرٌ ... وَالظُّلْمُ تَحْذِيرٌ مُزِيلُ الْمُنْكَرِ (قَوْلُهُ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ) الْمُرَادُ كَثْرَةُ الضَّرْبِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 الذَّنْبِ قَالَ وَذَكَرَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ. اهـ. وَلَعَلَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ: وَغِيبَةُ الْكَافِرِ مُحَرَّمَةٌ إنْ كَانَ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّ فِيهَا تَنْفِيرًا لَهُمْ عَنْ قَبُولِ الْجِزْيَةِ وَتَرْكًا لِوَفَاءِ الذِّمَّةِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَمِعَ ذِمِّيًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَمُبَاحَةٌ إنْ كَانَ حَرْبِيًّا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُ حَسَّانَ أَنْ يَهْجُوَ الْمُشْرِكِينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغِيبَةَ وَهِيَ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ مِمَّا يَكْرَهُ وَلَوْ فِي مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مُحَرَّمَةٌ سَوَاءٌ أَذَكَرَهُ بِلَفْظٍ أَمْ كِتَابَةٍ أَمْ إشَارَةٍ بِعَيْنٍ أَوْ رَأْسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ نَحْوِهَا لَكِنَّهَا تُبَاحُ لِلْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ تَجِبُ بَذْلًا لِنَصِيحَةِ الْغَيْرِ وَتَحْذِيرِهِ مِنْ الشَّرِّ. نَعَمْ إنْ انْدَفَعَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَا تَفْعَلْ هَذَا أَوْ لَا تَصْلُحْ لَك مُصَاهَرَتُهُ أَوْ مُعَامَلَتُهُ أَوْ لَا خَيْرَ لَك فِيهِ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ بِذِكْرِ عُيُوبِهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَقِيَاسُهُ إنَّهُ إذَا انْدَفَعَ بِذِكْرِ بَعْضِهَا لَا بِذِكْرِ جَمِيعِهَا قَالَ الْبَارِزِيُّ، وَلَوْ اُسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ فِي النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فِيهِ وَجَبَ ذِكْرُهُ لِلزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ عَنْهُ وَلَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَسُوءِ الْخُلُقِ وَالشُّحِّ اُسْتُحِبَّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ فِي الْحَالِ وَسَتَرَ نَفْسَهُ وَإِنْ اُسْتُشِيرَ فِي وِلَايَةٍ فَإِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ عَدَمَ الْكَفَاءَةِ أَوْ الْخِيَانَةَ وَأَنَّ نَفْسَهُ لَا تُطَاوِعُهُ عَلَى تَرْكِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ أَوْ يَقُولَ لَسْت أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ انْتَهَى وَوُجُوبُ التَّفْصِيلِ بَعِيدٌ وَالْأَوْجَهُ دَفْعُ ذَلِكَ بِنَحْوِ قَوْلِهِ أَنَا لَا أَصْلُحُ لَكُمْ (فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ) فِي النِّكَاحِ أَرْبَعُ خُطَبٍ (خُطْبَةٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ مِنْ الْخَاطِبِ (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) بِكَسْرِهَا (وَ) خُطْبَةٌ مِنْ الْمُجِيبِ (قَبْلَ الْإِجَابَةِ وَ) خُطْبَتَانِ (قَبْلَ النِّكَاحِ) إحْدَاهُمَا مِنْ الْوَلِيِّ قَبْلَ الْإِيجَابِ وَالْأُخْرَى مِنْ الْخَاطِبِ قَبْلَ الْقَبُولِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ، وَاسْتَدْرَكَ فِي الْمِنْهَاجِ عَلَى ذَلِكَ فَصَحَّحَ أَنَّ الْخُطْبَةَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ الَّتِي أَمَامَ الْعَقْدِ أَطْوَلَ مِنْ خُطْبَةِ الْخِطْبَةِ وَالْخُطْبَةُ تَحْصُلُ (بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالصَّلَاةِ) عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَالْوَصِيَّةِ) بِالتَّقْوَى فَيَحْمَدُ اللَّهَ الْخَاطِبُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُوصِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ يَقُولُ جِئْتُكُمْ رَاغِبًا فِي كَرِيمَتِكُمْ أَوْ فَتَاتِكُمْ وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ لَسْت بِمَرْغُوبٍ عَنْك أَوْ نَحْوَهُ، وَتَبَرَّكَ الْأَئِمَّةُ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا «قَالَ إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَخْطُبَ لِحَاجَةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيَقُلْ: إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يَضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} [النساء: 1] إلَى قَوْلِهِ {رَقِيبًا} [النساء: 1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] إلَى قَوْلِهِ {عَظِيمًا} [الأحزاب: 71] » وَتُسَمَّى هَذِهِ الْخُطْبَةُ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ. وَكَانَ الْقَفَّالُ يَقُولُ بَعْدَهَا: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ يَقْضِي فِيهَا مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ لَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ وَلَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ وَلَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَلَا يَتَفَرَّقَانِ إلَّا بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَكِتَابٍ قَدْ سَبَقَ وَإِنْ مِمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّرَ أَنْ خَطَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ عَلَى صَدَاقٍ كَذَا أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ أَجْمَعِينَ (فَلَوْ حَمِدَ اللَّهَ الْوَلِيُّ وَصَلَّى) عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَأَوْصَى) بِتَقْوَى اللَّهِ (ثُمَّ قَالَ زَوَّجْتُك فُلَانَةَ فَفَعَلَ الزَّوْجُ مِثْلَهُ) بِأَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى وَأَوْصَى (ثُمَّ قَبِلَ) النِّكَاحَ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا يَضُرُّ هَذَا الْفَصْلُ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّلَ مُقَدِّمَةُ الْقَبُولِ فَلَا يَقْطَعُ الْوَلَاءَ كَالْإِقَامَةِ وَطَلَبِ الْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ وَالْخُطْبَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَهِيَ مِمَّنْ ذُكِرَ فَيَحْصُلُ بِهَا الِاسْتِحْبَابُ وَيَصِحُّ مَعَهَا الْعَقْدُ (فَإِنْ طَالَ) الذِّكْرُ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (أَوْ تَخَلَّلَ) بَيْنَهُمَا (كَلَامٌ يَسِيرٌ أَجْنَبِيٌّ) عَنْ الْعَقْدِ بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ (بَطَلَ) الْعَقْدُ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ مَا يَشْمَلُ الْكَلِمَ وَالْكَلِمَةَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ) الْوَلِيِّ عَلَى الْعَقْدِ (أُزَوِّجُك) هَذِهِ أَوْ زَوَّجْتُكهَا (عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ وَلَوْ شَرَطَهُ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ لَمْ يَبْطُلْ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْمَوْعِظَةُ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالشَّرْعِ (فَرْعٌ وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ لَهُمَا) أَيْ لِلزَّوْجَيْنِ (بِالْبَرَكَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ) فَيُقَالُ بَارَكَ اللَّهُ لَك وَبَارَكَ عَلَيْك (وَالْجَمْعِ) أَيْ وَبِالْجَمْعِ (بِخَيْرٍ) فَيُقَالُ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَفَّأَ مَنْ تَزَوُّجٍ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَذَكَرَهُ بِلَفْظٍ إلَخْ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِالْقَلْبِ كَمَا يَحْصُلُ بِاللَّفْظِ (قَوْلُهُ بَلْ تَجِبُ بَذْلًا لِنَصِيحَةِ الْغَيْرِ إلَخْ) وَهُوَ قِيَاسُ الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ إذَا جَازَ وَجَبَ كَالْخِتَانِ وَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ فِي الْمَذْهَبِ يَجِبُ ذِكْرُ مَعَايِبِ الْخَاطِبِ لِيَحْذَرَ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهَا ذِكْرُهَا نَصِيحَةً وَإِنْ لَمْ يَسْتَشِرْ [فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ فِي النِّكَاحِ أَرْبَعُ خُطَبٍ] (قَوْلُهُ وَاسْتَدْرَكَ فِي الْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيفٌ وَالْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْإِبْطَالِ أَوْلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 لَك وَبَارَكَ عَلَيْك وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ تَأْخِيرَ قَوْلِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَنْ هَذَا أَوْ تَقْدِيمِهِ عَلَى بِالْبَرَكَةِ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْأَصْلِ وَيُسْتَحَبُّ لِلزَّوْجِ أَوَّلَ مَا يَلْقَى زَوْجَتَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِنَاصِيَتِهَا وَيَقُولَ بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنَّا فِي صَاحِبِهِ وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْجِمَاعِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا (وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ) لِخَبَرٍ وَرَدَ بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالرِّفَاءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ الِالْتِئَامُ وَالِاتِّفَاقُ مِنْ قَوْلِهِمْ رَفَأْت الثَّوْبَ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْوَلِيِّ (عَرْضُ مُوَلِّيَتِهِ عَلَى ذَوِي الصَّلَاحِ) كَمَا فَعَلَ شُعَيْبٌ بِمُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَعُمَرُ بِعُثْمَانَ ثُمَّ بِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (وَإِحْضَارُ الصَّالِحِينَ لِلْعَقْدِ) زِيَادَةً عَلَى الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ (وَأَنْ يَنْوِيَ بِالنِّكَاحِ السُّنَّةَ وَالصِّيَانَةَ) لِدِينِهِ وَغَيْرَهُمَا مِنْ الْمَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ إنْ قَصَدَ بِالنِّكَاحِ طَاعَةً مِنْ وَلَدٍ صَالِحٍ أَوْ إعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ صِيَانَةَ فَرْجِهِ وَنَحْوَهُ فَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الدُّنْيَا لَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَلَا يَأْثَمُ بِهِ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ] [الرُّكْن الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ وَهِيَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ) (وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ) الصِّيغَةُ وَهِيَ (الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ النِّكَاحِ) بِمَعْنَى الْإِنْكَاحِ وَالْمُرَادُ بِلَفْظِ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا وَهُوَ (شَرْطٌ) فَلَا يَنْعَقِدُ بِغَيْرِهِمَا كَلَفْظِ الْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْهِبَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِبَاحَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ» وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْزِعُ إلَى الْعِبَادَاتِ لِوُرُودِ النَّدْبِ فِيهِ، وَالْأَذْكَارُ فِي الْعِبَادَاتِ تُتَلَقَّى مِنْ الشَّرْعِ وَالشَّرْعُ إنَّمَا وَرَدَ بِلَفْظَيْ التَّزْوِيجِ وَالْإِنْكَاحِ وَمَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَ مَلَّكْتُكهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» فَقِيلَ وَهْمٌ مِنْ الرَّاوِي وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ مُعَارَضٌ بِرِوَايَةِ الْجُمْهُورِ زَوَّجْتُكهَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ الْوَاحِدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ وَأَفَادَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " شَرْطٌ " أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ الرُّكْنِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لَهُ وَلَوْ نَصَبَهُ كَانَ أَوْلَى (لَوْ) كَانَ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ (بِالْعَجَمِيَّةِ) فَإِنَّهُ يَكْفِي وَإِنْ أَحْسَنَ قَائِلُهَا الْعَرَبِيَّةَ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إعْجَازٌ فَاكْتَفَى بِتَرْجَمَتِهِ هَذَا (إنْ فَهِمَاهَا) بِأَنْ فَهِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَلَامَ نَفْسِهِ وَكَلَامَ الْآخَرِ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ اللُّغَتَانِ أَمْ اخْتَلَفَتَا. (فَإِنْ فَهِمَهُمَا ثِقَةٌ) دُونَهُمَا وَأَخْبَرَهُمَا بِمَعْنَاهَا (فَوَجْهَانِ) رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْمَنْعَ كَمَا فِي الْعَجَمِيِّ الَّذِي ذَكَرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَأَرَادَ مَعْنَاهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ قَالَ: وَصُورَتُهُ أَنْ لَا يَفْهَمَهَا إلَّا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا فَلَوْ أَخْبَرَ بِمَعْنَاهَا قَبْلُ صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَمَا قَالَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ وَيَنْعَقِدُ أَيْضًا بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ، وَالْإِيجَابُ (كَزَوَّجْتُكَ وَأَنْكَحْتُك) ابْنَتِي (فَيَقُولُ) الزَّوْجُ (تَزَوَّجْت) هَا أَوْ (نَكَحْت) هَا (أَوْ قَبِلْت نِكَاحَهَا) أَوْ تَزْوِيجَهَا أَوْ هَذَا النِّكَاحَ أَوْ التَّزْوِيجَ، وَلَوْ قَالَ وَيَقُولُ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى؛ إذْ لَا يَجِبُ تَقْدِيمُ الْإِيجَابِ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجْت ابْنَتَك أَوْ نَكَحْتهَا فَقَالَ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتُكهَا أَوْ أَنْكَحْتُكهَا صَحَّ، وَلَوْ قَالَ رَضِيت نِكَاحَهَا فَكَقَوْلِهِ قَبِلْت نِكَاحَهَا كَمَا حَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ. وَقَوْلُ السُّبْكِيّ نَقْلُ هَذَا الْإِجْمَاعِ يَجِبُ التَّوَقُّفُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَيْ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اكْتَفَى بِقَبِلْتُ نِكَاحَهَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرَّضَاعِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِلَفْظِ النِّكَاحِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكْتَفِيَ بِرَضِيتُ نِكَاحَهَا. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: وَكَزَوَّجْتُكَ زَوَّجْت لَك أَوْ إلَيْك فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْخَطَأِ فِي الْإِعْرَابِ (لَا قَبِلْت فَقَطْ) لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِوَاحِدٍ مِنْ لَفْظَيْ التَّزْوِيجِ وَالْإِنْكَاحِ وَالنِّكَاحُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ لِحَاجَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ لِلزَّوْجَيْنِ بِالْبَرَكَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ] الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ) (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْإِنْكَاحِ) صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ اللُّغَوِيِّينَ بِأَنَّ النِّكَاحَ مَصْدَرٌ كَالْإِنْكَاحِ وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ كَلَامُ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ) أَوْ أَنَّ الرَّاوِيَ رَوَى بِالْمَعْنَى ظَنًّا مِنْهُ تَرَادُفَهُمَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إعْجَازٌ إلَخْ) فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَا يُحْسِنُ النُّطْقَ بِالْكَافِ بَلْ بِالْهَمْزَةِ فَقَالَ قَبِلْت نَآحَهَا أَوْ هَذَا النَّوْحَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ تَرْجَمَهُ بِلُغَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْت أَوْ أَنْأَحْتُأَ بِإِبْدَالِ الْكَافِ هَمْزَةً ت وَمِثْلُ هَذَا مَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ جَوَّزْتُكَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ تَجَوَّزْت وَعُلِمَ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الِانْعِقَادِ بِالْعَجَمِيَّةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ بَيْنَ مَنْ لَا تُحْسِنُ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ الْمَعْدُولِ عَنْهَا وَبَيْنَ مَنْ يُحْسِنُهَا وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْآتِي بِالْإِيجَابِ يَعْرِفُ مَعْنَى مَا أَتَى بِهِ دُونَ صَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ فَيَقُولُ الزَّوْجُ تَزَوَّجْت إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ فَإِنَّمَا يُفِيدُ صِحَّةَ النِّكَاحِ فَقَطْ وَأَمَّا الْمُسَمَّى فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا صَرَّحَ الزَّوْجُ بِهِ فِي لَفْظِهِ كَقَوْلِهِ قَبِلْت نِكَاحَهَا عَلَى هَذَا الصَّدَاقِ أَوْ نَحْوَهُ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْقَبُولَ بِغَيْرِ الْمُسَمَّى فَإِنْ نَوَى الْقَبُولَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ بِهِ وَلَزِمَ كَمَا فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْت ابْنَتَك إلَخْ) أَوْ أَتَزَوَّجُهَا الْآنَ أَوْ أَنَا نَاكِحُهَا الْآنَ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ رَضِيت نِكَاحَهَا إلَخْ) وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ قَالَ اخْتَرْت نِكَاحَهَا أَوْ أَرَدْت نِكَاحَهَا صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ قَبِلْت؛ لِأَنَّهَا أَلْفَاظٌ مُشْعِرَةٌ بِالْقَبُولِ (قَوْلُهُ وَكَزَوَّجْتُكَ زَوَّجْت لَك) أَوْ إلَيْك أَوْ مِنْك أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ لَا تُزَادُ فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ) أَيْ فِي الصِّلَاتِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِوَاحِدٍ مِنْ لَفْظَيْ التَّزْوِيجِ وَالْإِنْكَاحِ) وَالْخِطَابُ وَإِنْ كَانَ مُعَادًا فِي الْجَوَابِ لَكِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْكِنَايَاتِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 إلَى مَزِيدِ احْتِيَاطٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (وَفِي قَبِلْتهَا أَوْ قَبِلْت النِّكَاحَ) أَوْ التَّزْوِيجَ (تَرَدُّدٌ) أَيْ خِلَافٌ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا الصِّحَّةُ فِي قَبِلْت النِّكَاحَ أَوْ التَّزْوِيجَ دُونَ قَبِلْتهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ (وَلَا يَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ) إذْ لَا مَطْلَعَ لِلشُّهُودِ عَلَى النِّيَّةِ، وَالْمُرَادُ الْكِنَايَةُ فِي الصِّيغَةِ أَمَّا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك ابْنَتِي فَقَبِلَ وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً صَحَّ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ أَنَّ الشُّهُودَ لَا مَطْلَعَ لَهُمْ عَلَى النِّيَّةِ فَالْكِنَايَةُ مُغْتَفَرَةٌ فِي ذَلِكَ (وَ) لَا بِ (كِتَابَةٍ) وَفِي نُسْخَةٍ وَبِكِتَابَةٍ فِي غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورٍ؛ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهَا بَلْ لَوْ قَالَ لِغَائِبٍ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي أَوْ قَالَ زَوَّجْتهَا مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ كَتَبَ فَبَلَغَهُ الْكِتَابُ أَوْ الْخَبَرُ فَقَالَ قَبِلْت لَمْ يَصِحَّ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْأُولَى وَسَكَتَ عَنْ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْ كَلَامِهِ. وَعَلَّلَ الرَّافِعِيُّ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ عَدَمَ الصِّحَّةِ بِتَرَاخِي الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ فِيهِ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ حَيْثُ نَقَلَهَا عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ بِالْكِنَايَةِ وَأَقَرَّهُ، وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، ثَمَّ وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّ بَابَ الْبَيْعِ أَوْسَعُ بِدَلِيلِ انْعِقَادِهِ بِالْكِنَايَاتِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ، وَجَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ الرَّاجِحَ فِيهِمَا عَدَمَ الصِّحَّةِ جَاعِلًا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَا نَقَلَهُ كَالرَّافِعِيِّ ثُمَّ عَنْ بَعْضِ الْأَصَحِّ لِلْأَبِ ضَعِيفٌ، وَفِي الْأَصْلِ لَوْ اسْتَخْلَفَ الْقَاضِي فَقِيهًا فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ لَمْ يَكْفِ الْكِتَابُ بَلْ يُشْتَرَطُ اللَّفْظُ وَلَيْسَ لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْخَطِّ عَلَى الصَّحِيحِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ لِمَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ لَا لِقَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ: أَنَّهُ لَيْسَ بِالْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ الْقَاضِي وَالْقَاضِي يَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ نَائِبَهُ الْقَضَاءَ بِالْمُشَافَهَةِ وَالْمُرَاسِلَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ عِنْدَ الْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا ثَمَّ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَحْدَهَا لَا تُفِيدُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إشْهَادِ شَاهِدَيْنِ عَلَى التَّوْلِيَةِ. (وَمَتَى قَالَ زَوِّجْنِي فَقَالَ) الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُك انْعَقَدَ) النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ لِوُجُودِ الِاسْتِدْعَاءِ الْجَازِمِ وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي خَطَبَ الْوَاهِبَةَ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ لَهُ زَوِّجْنِيهَا فَقَالَ زَوَّجْتُكهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبِلْت نِكَاحَهَا (وَمِثْلُهُ) فِي الِانْعِقَادِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ (تَزَوَّجْ ابْنَتِي فَيَقُولُ) الْخَاطِبُ (تَزَوَّجْتهَا) وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمَتَى قَالَتْ طَلِّقْنِي) أَوْ خَالِعْنِي (أَوْ أَعْتِقْنِي أَوْ صَالِحْنِي عَنْ الْقِصَاصِ بِأَلْفٍ فَفَعَلَ انْعَقَدَ) وَلَزِمَ الْأَلْفُ وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولٍ بَعْدَهُ (وَلَا يُجْزِئُ زَوَّجْتنِي ابْنَتَك) أَوْ تُزَوِّجْنِيهَا (أَوْ تَتَزَوَّجُ ابْنَتِي) أَوْ تَزَوَّجْتهَا (لِأَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ) وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ (وَلَوْ قَالَ الْمُتَوَسِّطُ) لِلْوَلِيِّ (زَوَّجْته ابْنَتَك فَقَالَ زَوْج) تُهَا (ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ قُلْ قَبِلْت نِكَاحَهَا فَقَالَ قَبِلْت نِكَاحَهَا انْعَقَدَ) النِّكَاحُ لِوُجُودِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مُرْتَبِطَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَا أَوْ أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَقَوْلُهُ " قُلْ " مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ " قَبِلْت نِكَاحَهَا " هُوَ مَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي أَكْثَرِ نُسَخِهِ وَأَنَّهُ مُرَادُهُ بِتَعْبِيرِهِ فِي بَعْضِهَا بِقَبِلْتُ قَالَ وَأَمَّا تَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِقَبِلْتُهُ فَيُوهِمُ أَنَّ الْهَاءَ تَقُومُ مَقَامَ نِكَاحِهَا وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ. اهـ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الرَّوْضَةَ مُخْتَصَرَةٌ مِنْ النُّسَخِ الَّتِي عَبَّرَ فِيهَا بِقَبِلْتُ مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ نُسَخَهَا أَيْضًا مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّ الْأَصْفُونِيَّ وَغَيْرَهُ عَبَّرُوا فِي مُخْتَصَرِهَا بِقَبِلْتُ نِكَاحَهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّهُ مُرَادُ الرَّوْضَةِ (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فَوْرًا كَالْبَيْعِ) فَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ وَإِذَا أَتَى أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بِأَحَدِ شِقَّيْ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ إصْرَارِهِ عَلَيْهِ وَبَقَاءِ أَهْلِيَّتِهِ حَتَّى يُوجَدَ الشِّقُّ الْآخَرُ وَكَذَا الْآذِنَةُ فِي تَزْوِيجِهَا حَيْثُ يُعْتَبَرُ إذْنُهَا (فَإِنْ أَوْجَبَ) الْوَلِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَفِي قَبِلْتهَا أَوْ قَبِلْت النِّكَاحَ تَرَدُّدٌ) جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالصِّحَّةِ فِي قَبِلْتهَا (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ إلَخْ) ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهَا الْوَجْهُ وَأَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الِانْعِقَادِ فِي قَبِلْتهَا لِعَدَمِ اللَّفْظِ الْمُعْتَبَرِ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ) وَيُقَوِّي الصِّحَّةَ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ تَقُومُ مَقَامَ الضَّمِيرِ كَثِيرًا لَا سِيَّمَا مَعَ تَقَدُّمِ ذِكْرِ الْإِيجَابِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ أَتَى بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ كَأَنَا مُزَوِّجُك أَوْ أَنَا مُتَزَوِّجٌ فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا بَائِعُك دَارِي بِكَذَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخُلْعِ ر ت لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك فَقَالَ قَرَّرْت نِكَاحَهَا أَوْ ثَبَتَ نِكَاحُهَا فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ ثَبَتَ نِكَاحُهَا أَوْ قَرَّرْته بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالِابْتِدَاءِ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَالتَّثْبِيتَ يَقْتَضِي شَيْئًا سَابِقًا، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بَيْنَ قَرَّرْت فَلَا يَكْفِي وَبَيْنَ ثَبَتَ فَيَكْفِي وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (وَقَوْلُهُ إذْ لَا مُطَّلَعَ لِلشُّهُودِ عَلَى النِّيَّةِ) وَالْإِثْبَاتُ عِنْدَ الْجُحُودِ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِشْهَادِ وَقَرَائِنُ الْحَالِ لَا تَنْفَعُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ الْكِنَايَةُ فِي الصِّيغَةِ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْكِنَايَةُ فِي الصِّيغَةِ لَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْكِنَايَةِ عَنْ الْعَقْدِ وَالْكِنَايَةِ عَنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ صِيغَةُ الْعَقْدِ غَيْرَ مُحْتَمِلَةٍ سَلَّمْنَا مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّ كَلَامَهُمْ غَيْرُ جَارٍ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مُرَادُهُمْ إذَا عَلِمَ الشُّهُودُ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْكَافِي وَهُوَ مِنْ أَتْبَاعِ الْبَغَوِيّ فَقَالَ وَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنَتَانِ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا بِإِشَارَةٍ أَوْ تَسْمِيَةٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ مَكَان أَوْ تَوَافَقَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَنَوَيَاهَا حَالَةَ الْعَقْدِ وَالشُّهُودُ كَانُوا عَالِمِينَ بِهَا هَذَا لَفْظُهُ فَلْيَنْزِلْ إطْلَاقُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ اكْتَفَى بِالنِّيَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَيَزُولُ الْإِشْكَالُ. وَإِنْ أُجْرِيَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ بِأَنَّ فَاطِمَةَ عَلَمٌ فَيَنْصَرِفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى نِيَّةِ اللَّافِظِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودُ يَشْهَدُونَ عَلَى اللَّفْظِ وَلَا يَفْتَقِرُونَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ إلَى نِيَّةِ اللَّافِظِ وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ اللَّافِظِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِيَكُونَ لَفْظُهُ مُطَابِقًا لِمُرَادِهِ الظَّاهِرِ وَهُوَ صَرِيحٌ لَا كِنَايَةٌ فَلَا يَرِدُ اعْتِرَاضُ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ اسْمُ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ فَقَالَ فَاطِمَةُ طَالِقٌ وَادَّعَى غَيْرَ زَوْجَتِهِ مِنْ الْفَوَاطِمِ لَمْ يُقْبَلْ بَلْ يُحْكَمُ بِالْوُقُوعِ ر (قَوْلُهُ وَمَتَى قَالَ زَوِّجْنِي فَقَالَ زَوَّجْتُك انْعَقَدَ) صُورَتُهَا أَنْ يَذْكُرَ الْمَرْأَةَ صَرِيحًا أَوْ إشَارَةً أَوْ ضَمِيرًا (قَوْلُهُ فَقَالَ زَوَّجْتهَا) أَيْ إيَّاهُ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فَوْرًا) يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَقْبَلَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ إيجَابِ النِّكَاحِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 (ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ إيجَابِهِ (أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) أَوْ جُنَّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ ارْتَدَّ (أَوْ رَجَعَتْ الْآذِنَةُ) عَنْ إذْنِهَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا أَوْ جُنَّتْ أَوْ ارْتَدَّتْ (امْتَنَعَ الْقَبُولُ) وَذَكَرَ الْأَصْلُ إغْمَاءَهَا دُونَ رُجُوعِهَا وَالْمُصَنِّفُ عَكَسَ ذَلِكَ وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ (فَصْلٌ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ) وَقَدْ أُخْبِرَ بِمَوْلُودٍ (إنْ كَانَ الْمَوْلُودُ بِنْتًا فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى لِاخْتِصَاصِهِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ (فَإِنْ أُعْلِمَ) أَيْ أُخْبِرَ بِحُدُوثِ بِنْتٍ لَهُ بِمَوْتِ إحْدَى نِسَاءِ زَيْدٍ مَثَلًا (فَصَدَقَ) الْمُخْبِرُ (ثُمَّ قَالَ) لِزَيْدٍ فِي الثَّانِيَةِ وَلِغَيْرِهِ فِي الْأُولَى (إنْ صَدَقَ) الْمُخْبِرُ (فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا صَحَّ) وَلَيْسَ بِتَعْلِيقٍ بَلْ هُوَ تَحْقِيقٌ كَقَوْلِهِ إنْ كُنْت زَوْجَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَكُونُ إنْ بِمَعْنَى إذْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَصَوَّرَهُ بِالتَّصْدِيقِ الْمَذْكُورِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَمَا قَالَهُ يَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا تَيَقَّنَ صِدْقَ الْمُخْبِرِ وَإِلَّا فَلَفْظُ إنْ لِلتَّعْلِيقِ قَالَ السُّبْكِيُّ هُوَ تَعْلِيقٌ وَإِنْ تَيَقَّنَ صِدْقَهُ فَتَفْسُدُ الصِّيغَةُ بِصُورَةِ التَّعْلِيقِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ إنْ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَك مَنْعُهُ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ إنْ وَقَدْ صَدَقَ وَجَبَ جَعْلُهَا بِمَعْنَى إذْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لَا مَعْنَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لِاشْتِرَاطِ الْيَقِينِ بَلْ يَكْفِي الظَّنُّ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ (زَوَّجْتُك ابْنَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك وَيَكُونُ بُضْعُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (صَدَاقَ الْأُخْرَى فَقَالَ تَزَوَّجْتهَا وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي) عَلَى ذَلِكَ (لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ نِكَاحُ الشِّغَارِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَتَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ آخِرِ الْخَبَرِ الْمُحْتَمَلِ لَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عُمَرَ الرَّاوِي أَوْ مِنْ تَفْسِيرِ نَافِعٍ الرَّاوِي عَنْهُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ وَالْمَعْنَى فِي الْبُطْلَانِ التَّشْرِيكُ فِي الْبُضْعِ حَيْثُ جُعِلَ مَوْرِدًا لِلنِّكَاحِ وَصَدَاقًا لِلْأُخْرَى فَأَشْبَهَ تَزْوِيجَ وَاحِدَةٍ مِنْ اثْنَيْنِ، وَقِيلَ التَّعْلِيقُ وَقِيلَ: الْخُلُوُّ مِنْ الْمَهْرِ وَسُمِّيَ شِغَارًا إمَّا مِنْ قَوْلِهِمْ شُغِرَ الْبَلَدُ عَنْ السُّلْطَانِ إذَا خَلَا عَنْهُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَهْرِ وَقِيلَ: لِخُلُوِّهِ عَنْ بَعْضِ الشَّرَائِطِ، وَإِمَّا مِنْ قَوْلِهِمْ شُغِرَ الْكَلْبُ إذَا رَفَعَ رِجْلَهُ لِيَبُولَ كَانَ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ لِلْآخَرِ لَا تَرْفَعْ رِجْلَ ابْنَتِي حَتَّى أَرْفَعَ رِجْلَ ابْنَتِك، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك اسْتِيجَابٌ قَائِمٌ مَقَامَ قَوْلِهِ زَوِّجْنِي ابْنَتَك وَإِلَّا لَوَجَبَ الْقَبُولُ بَعْدُ. (وَكَذَا) لَا يَصِحُّ (لَوْ ذَكَرَ مَعَ الْبُضْعِ مَالًا) كَقَوْلِهِ: زَوَّجْتُك بِنْتِي أَوْ أَمَتِي بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك أَوْ أَمَتَك بِأَلْفٍ وَبُضْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقُ الْأُخْرَى فَيَقُولُ: الزَّوْجُ تَزَوَّجْت بِنْتَك أَوْ أَمَتَك وَزَوَّجْتُك بِنْتِي أَوْ أَمَتِي عَلَى ذَلِكَ لِوُجُودِ التَّشْرِيكِ الْمَذْكُورِ (فَلَوْ أَسْقَطَ) فِيهَا وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا (وَبُضْعُ كُلٍّ صَدَاقُ الْأُخْرَى صَحَّ النِّكَاحَانِ) إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ وَهُوَ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ، وَنَصُّهُ فِي الْأُمِّ عَلَى الْبُطْلَانِ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ مَعَ إسْقَاطِ ذَلِكَ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ إسْقَاطِهِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي بَقِيَّةِ نُصُوصِهِ فَثَبَتَ أَنَّهُ مَعَ الْإِسْقَاطِ يَصِحُّ النِّكَاحَانِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى (وَلَوْ قَالَ وَبُضْعُ ابْنَتِي صَدَاقُ ابْنَتِك وَلَمْ يَزِدْ) فَقَبِلَ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ (صَحَّ الثَّانِي فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَوَّلِ لِجَعْلِ بُضْعِ بِنْتِ الْأَوَّلِ فِيهِ صَدَاقًا لِبِنْتِ الثَّانِي بِخِلَافِ الثَّانِي (أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ قَالَ وَبُضْعُ ابْنَتِك صَدَاقُ ابْنَتِي وَلَمْ يَزِدْ (صَحَّ الْأَوَّلُ) فَقَطْ لِمَا عُرِفَ، وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك بِنْتِي عَلَى أَنَّ بُضْعَك صَدَاقٌ لَهَا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الصِّحَّةُ لَكِنْ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ سُمِّيَ خَمْرًا وَالثَّانِي الْبُطْلَانُ لِتَضَمُّنِ هَذَا الشَّرْطِ حَجْرًا عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ مِلْكُ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمِلْكِ غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ التَّشْرِيكِ (فَرْعٌ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ) دُونَ النِّكَاحِ فِيمَا (إذَا قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي بِمَنْفَعَةِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِمُتْعَةِ (أَمَتِك وَنَحْوِهَا) كَعَبْدِك لِلْجَهْلِ بِالْمُسَمَّى وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ قَالَ) لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ (زَوَّجْتُك جَارِيَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك بِصَدَاقٍ) لَهَا (هُوَ رَقَبَةُ الْجَارِيَةِ) فَزَوَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ (صَحَّ النِّكَاحَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تَشْرِيَك فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ عَقْدُ النِّكَاحِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ وَالتَّعْوِيضِ فِي الْأُولَى وَفَسَادِ الْمُسَمَّى فِي الثَّانِيَةِ إذْ لَوْ صَحَّ الْمُسَمَّى فِيهَا لَزِمَ صِحَّةُ نِكَاحِ الْأَبِ جَارِيَةَ بِنْتِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَكْسَ التَّصْوِيرِ كَذَلِكَ بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْت بِنْتَك عَلَى رَقَبَةِ جَارِيَتِي وَزَوَّجْتُك جَارِيَتِي فَقَبِلَ لِتَقَارُنِ صِحَّةِ الْعَقْدَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ وَخَالَفَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ تَعْلِيقُ النِّكَاحِ] فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَصَدَ التَّبَرُّكَ الْعَقْدَ) وَكَذَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك إنْ شِئْت وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ كَوْنِ التَّعْلِيقِ مَانِعًا إذَا كَانَ لَيْسَ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَيَنْعَقِدُ فَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُك بِنْتِي إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَالصُّورَةُ أَنَّهَا كَانَتْ غَائِبَةً وَتَحَدَّثَ بِمَوْتِهَا أَوْ ذَكَرَ مَوْتَهَا أَوْ قَتْلَهَا وَلَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ يَصِحُّ مَعَهُ الْعَقْدُ وَبَسَطَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِتَعْلِيقٍ) ؛ لِأَنَّ إنْ إذَا أُدْخِلَتْ عَلَى مَاضٍ مُحَقَّقٍ كَانَتْ بِمَعْنَى إذْ وَإِذْ مَعْنَاهَا التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ الْمَوْلُودُ بِنْتًا إلَخْ) أَوْ إنْ كَانَتْ بِنْتِي طَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا اسْتَشْكَلَ تَصْوِيرَ الْإِذْنِ مِنْ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ فِي الْبِكْرِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَاعْتَدَّتْ وَأُجِيبُ بِتَصْوِيرِهِ فِيمَا إذَا وُطِئَتْ فِي الدُّبُرِ وَاسْتَدْخَلَتْ الْمَاءَ وَفِي الْمَجْنُونَةِ أَوْ فِي الْعَاقِلَةِ إذَا أَذِنَتْ لَهُ إنْ طَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ أَنْ يُزَوِّجَهَا كَمَا أَشَارَ إلَى صِحَّةِ هَذَا الْإِذْنِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ [فَرْعٌ قَالَ زَوَّجْتُك ابْنَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك وَيَكُونُ بُضْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقَ الْأُخْرَى] (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ تَفْسِيرِ نَافِعٍ الرَّاوِي) وَصَوَّبَ الْخَطِيبُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِي الْبُطْلَانِ التَّشْرِيكُ إلَخْ) ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي قَوْلُهُ وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقُ الْأُخْرَى يَقْتَضِي اسْتِرْجَاعَهُ لِيَجْعَلَهُ صَدَاقًا فَقَدْ رَجَعَ عَمَّا أَوْجَبَ قَبْلَ الْقَبُولِ فَبَطَلَ (قَوْلُهُ حَيْثُ جُعِلَ مَوْرِدًا لِلنِّكَاحِ وَصَدَاقًا لِلْأُخْرَى) فَجَعَلَهُ عِوَضًا وَمُعَوَّضًا عَنْهُ وَالْمَحَلُّ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ فَاعِلًا وَقَابِلًا أَيْ لَا يُجْعَلُ عِلَّةً وَمَعْلُولًا كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا الصِّحَّةُ) وَهُوَ الْأَصَحُّ [فَرْعٌ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ دُونَ النِّكَاحِ فِيمَا إذَا قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي بِمَنْفَعَةِ] (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَكْسَ التَّصْوِيرِ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 الْمُتَوَلِّي فَقَالَ فِي الْأَوَّلِ لَا يَفْسُدُ الْمُسَمَّى فِي الْجَارِيَةِ بَلْ يُمَلِّكُهَا الْبِنْتَ عَنْ صَدَاقِهَا ثُمَّ قَالَ هَذَا إذَا سَبَقَ تَزْوِيجُ الْجَارِيَةِ فَإِنْ تَأَخَّرَ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِالتَّزْوِيجِ انْتَقَلَ إلَى الْبِنْتِ فَلَا يَجُوزُ لِأَبِيهَا أَنْ يَقْبَلَ نِكَاحَ الْجَارِيَةِ وَمَا قَالَهُ مُنْدَفِعٌ بِمَا قَدَّمْته (وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ زَيْدٌ ابْنَتَهُ وَالصَّدَاقُ) أَيْ وَصَدَاقُ الْبِنْتِ (بُضْعُ الْمُطَلَّقَةِ فَزَوَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ) التَّزْوِيجُ لِمَا مَرَّ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَكَانَ ابْنُ الْقَطَّانِ يَقُولُ: لَا رَجْعَةَ لِلْمُطَلِّقِ وَلَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الزَّوْجِ، ثُمَّ قَالَ فَرْعٌ لَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْ امْرَأَتَك عَلَى أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي وَجَعَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلَاقَ هَذِهِ بَدَلًا عَنْ طَلَاقِ الْأُخْرَى قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ يَقَعُ الطَّلَاقَانِ إذَا فَعَلَاهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرَّجْعَةُ وَعِنْدِي لَا رَجْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَيْ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ خُلْعٌ فَاسِدٌ وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ بِأَنَّهُ خُلْعٌ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ عِوَضَهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ. (وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ) زَيْدٌ (عَبْدَهُ وَيَكُونُ طَلَاقُهَا عِوَضًا عَنْ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ (عِتْقِهِ) فَأَعْتَقَهُ عَلَى ذَلِكَ (طَلُقَتْ وَفِي الْعِتْقِ وَجْهَانِ ثُمَّ فِي رُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَى السَّيِّدِ) بِمَهْرِ الْمِثْلِ (وَعَكْسِهِ) أَيْ وَرُجُوعُ السَّيِّدِ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ (إنْ قُلْنَا يُعْتَقُ وَجْهَانِ) الْأَوْجَهُ مِنْهُمَا وَمِنْ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ نُفُوذُ الْعِتْقِ وَرُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِمَا ذُكِرَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْهُ آنِفًا (فَصْلٌ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَهُوَ الْمُؤَقَّتُ) وَلَوْ بِمَعْلُومٍ كَسَنَةٍ (بَاطِلٌ) كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّمَتُّعِ دُونَ التَّوَالُدِ وَسَائِرُ أَغْرَاضِ النِّكَاحِ وَكَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِلْمُضْطَرِّ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ ثُمَّ حُرِّمَتْ عَامَ خَيْبَرَ ثُمَّ رَخَّصَ فِيهَا عَامَ الْفَتْحِ وَقِيلَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ حُرِّمَتْ أَبَدًا (يَسْقُطُ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ فِيهِ (الْحَدُّ وَلَوْ عَلِمَ فَسَادَهُ) لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ (وَلَوْ قَالَ نَكَحْتهَا مُتْعَةً) وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ بَاطِلٌ يَسْقُطُ بِالْوَطْءِ فِيهِ الْحَدُّ (وَيَلْزَمُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَلْزَمُهُ (بِالْوَطْءِ فِيهِ الْمَهْرُ وَالنَّسَبُ) وَالْعِدَّةُ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ وَلَيْسَ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكهَا مُدَّةَ حَيَاتِك أَوْ عُمُرِك بَلْ هُوَ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك أَوْ أَعَمَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ مُدَّةَ حَيَاتِك أَوْ عُمُرِك (الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَنْكُوحَةُ وَيُشْتَرَطُ خُلُوُّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ) الْآتِي بَيَانُهَا (وَ) يُشْتَرَطُ (تَعْيِينُ) كُلٍّ مِنْ (الزَّوْجَيْنِ فَزَوَّجْتُك إحْدَى بَنَاتِي أَوْ زَوَّجْت) بِنْتِي (أَحَدَكُمَا بَاطِلٌ) وَلَوْ مَعَ الْإِشَارَةِ كَالْبَيْعِ وَلَا يُشْتَرَطُ الرُّؤْيَةُ (وَإِنْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي أَوْ بِعْتُك دَارِي وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا) بِأَنْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ أَوْ بِعْتُك هَذِهِ وَهِيَ حَاضِرَةٌ أَوْ كَانَتْ بِنْتُهُ فِي الدَّارِ وَقَالَ زَوَّجْتُك الَّتِي فِي الدَّارِ وَلَيْسَ فِيهَا غَيْرُهَا (صَحَّ) كُلٌّ مِنْ التَّزْوِيجِ وَالْبَيْعِ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ سَمَّى الْبِنْتَ) الْمَذْكُورَةَ فِي صُورَتِهَا (بِغَيْرِ اسْمِهَا) وَلَوْ عَمْدًا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ بَحَثَ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْخَطَأِ (أَوْ غَلِطَ فِي حُدُودِ الدَّارِ) الْمَذْكُورَةِ فِي صُورَتِهَا (أَوْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذَا الْغُلَامَ وَأَشَارَ إلَى الْبِنْتِ) الَّتِي يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا (صَحَّ) كُلٌّ مِنْ التَّزْوِيجِ وَالْبَيْعِ. أَمَّا فِيمَا لَا إشَارَةَ فِيهِ فَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْبِنْتِيَّةِ وَالدَّارِيَّةِ صِفَةٌ لَازِمَةٌ مُمَيَّزَةٌ فَاعْتُبِرَتْ وَلَغَا الِاسْمُ كَمَا لَوْ أَشَارَ إلَيْهَا وَسَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا وَأَمَّا فِيمَا فِيهِ إشَارَةٌ فَتَعْوِيلًا عَلَيْهَا وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك الدَّارَ الَّتِي فِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ وَحَدَّدَهَا وَغَلِطَ فِي حُدُودِهَا كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَا جَزَمَ بِهِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا رَأَيَاهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الصُّلْحِ إذَا صَالَحَهُ عَنْ الدَّارِ الَّتِي يَعْرِفَانِهَا يَصِحُّ انْتَهَى وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ بِعْتُك دَارِي وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا صَحَّ وَإِنْ غَلِطَ فِي حُدُودِهَا وَالتَّعْبِيرُ بِالدَّارِ دُونَ دَارِي لَا يَنْقَدِحُ بِهِ فَرْقٌ (فَإِنْ قَالَ) مَنْ اسْمُ بِنْتِهِ فَاطِمَةُ (زَوَّجْتُك فَاطِمَةَ وَلَمْ يَقُلْ ابْنَتِي لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ لِكَثْرَةِ الْفَوَاطِمِ (فَلَوْ نَوَيَاهَا صَحَّ) عَمَلًا بِمَا نَوَيَاهُ (وَاسْتَشْكَلَ) تَصْحِيحَهُ (لِاشْتِرَاطِ الشَّهَادَةِ) فِيهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَعِنْدِي لَا رَجْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الْأَوْجَهُ مِنْهُمَا وَمِنْ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ] (قَوْلُهُ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكهَا مُدَّةَ حَيَاتِك إلَخْ) لَوْ أَقَّتَ بِأَلْفٍ سَنَةً أَوْ بِمُدَّةِ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا فَاحْتِمَالَانِ مَأْخَذُهُمَا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا وَالْمُرَجَّحُ الْبُطْلَانُ اش، وَقَالَ النَّاشِرِيُّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك إلَخْ) وَنَظِيرُهُ مِنْ الْجِزْيَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ أُقِرُّكُمْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ مُدَّةَ حَيَاتِكُمْ أَوْ إلَى أَنْ يَنْزِلَ عِيسَى عَلَى أَنْ تَبْذُلُوا الْجِزْيَةَ ت [الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَنْكُوحَةُ وَشُرُوطُهَا] (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ خُلُوُّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ) كَأَنْ تَكُونَ مَنْكُوحَةً أَوْ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِهِ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ تَنْكِحْ غَيْرَهُ أَوْ مُلَاعَنَةً أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً أَوْ زِنْدِيقَةً أَوْ كِتَابِيَّةً غَيْرَ إسْرَائِيلِيَّةٍ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ قَبْلَ نَسْخِهِ أَوْ إسْرَائِيلِيَّةً عُلِمَ دُخُولُهُ بَعْدَ نَسْخِهِ أَوْ أَمَةً وَالنَّاكِحُ حُرٌّ يَجِدُ طَوْلَ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرُ خَائِفٍ عَنَتًا أَوْ يَكُونُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا مِلْكًا لَهُ أَوْ لِفَرْعِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُحَرَّمًا لَهُ أَوْ خَامِسَةً أَوْ فِي نِكَاحِهِ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَوْ مُحْرِمَةً بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ ثَيِّبًا صَغِيرَةً أَوْ بِكْرًا صَغِيرَةً لَا مُجْبِرَ لَهَا أَوْ مُشْتَبِهَةً بِمَحْصُورَاتٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْإِشَارَةِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لِلْحَمَلَةِ كَهَؤُلَاءِ فَإِنْ قَالَ هَذِهِ صَحَّ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَمْدًا فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ فِي الْمُخْطِئِ وَكَلَامٌ كَثِيرٌ مِمَّنْ صَحَّحَ ذَلِكَ يُوَجِّهُهُ بِلُزُومِ الْبِنْتِيَّةِ فَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعْتَمِدًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَطْعًا إذْ لَيْسَ لَهُ بِنْتٌ بِهَذَا الِاسْمِ (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إلَخْ) الْوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْهِمَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي الْأُولَى تُفِيدُ مَمْلُوكِيَّةَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ لِلْبَائِعِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ الْغَلَطُ فِي حُدُودِهَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ لِاشْتِرَاطِ الشَّهَادَةِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَجَوَابُهُ أَنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 وَالشُّهُودُ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ وَقَدَّمْت أَنَّ الْكِنَايَةَ مُغْتَفَرَةٌ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْخُوَارِزْمِيَّ اعْتَبَرَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا عِلْمَ الشُّهُودِ بِالْمَنْوِيَّةِ (وَلَوْ قَالَ) وَلَهُ ابْنَتَانِ كُبْرَى وَصُغْرَى زَوَّجْتُك ابْنَتِي (الْكُبْرَى وَسَمَّى) الْكُبْرَى بِاسْمِ (الصُّغْرَى صَحَّ) التَّزْوِيجُ (فِي الْكُبْرَى) اعْتِمَادًا عَلَى الْوَصْفِ بِالْكِبَرِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي الصَّغِيرَةَ الطَّوِيلَةَ وَكَانَتْ الطَّوِيلَةُ الْكَبِيرَةَ فَالتَّزْوِيجُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ كِلَا الْوَصْفَيْنِ لَازِمٌ وَلَيْسَ اعْتِبَارُ أَحَدِهِمَا فِي تَمْيِيزِ الْمَنْكُوحَةِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ الْآخَرِ فَصَارَتْ مُبْهَمَةً (وَلَوْ ذَكَرَ) الْوَلِيُّ لِلزَّوْجِ (اسْمَ وَاحِدَةٍ) مِنْ بِنْتَيْهِ (وَقَصْدُهُمَا الْأُخْرَى صَحَّ) التَّزْوِيجُ (فِيمَا قَصَدَا) هَا وَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ (وَفِيهِ الْإِشْكَالُ) السَّابِقُ وَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ ثَمَّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا بَلْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَقَصَدَا مُعَيَّنَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ اخْتَلَفَ قَصْدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَبِلَ غَيْرَ مَا أَوْجَبَهُ الْوَلِيُّ، وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: قَصَدْنَا الْمُسَمَّاةَ فَالنِّكَاحُ فِي الظَّاهِرِ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ خَطَبَ رَجُلَانِ امْرَأَتَيْنِ) بِأَنْ خَطَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا امْرَأَةً (وَعَقَدَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بِمَخْطُوبَةِ الْآخَرِ) وَلَوْ (غَلَطًا صَحَّ النِّكَاحَانِ) لِقَبُولِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا أَوْجَبَهُ الْوَلِيُّ وَقَوْلُهُ غَلَطًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ بَلْ يُوهِمُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ خِلَافَ الْمُرَادِ (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الشَّهَادَةُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: ذُكِرَ فِي الْوَسِيطِ أَنَّ حُضُورَ الشُّهُودِ شَرْطٌ لَكِنْ تَسَاهَلَ فِي تَسْمِيَتِهِ رُكْنًا وَبِالْجُمْلَةِ حُضُورُهُمْ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَنْكِحَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ (لَا بُدَّ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً (مِنْ حُضُورِ ذَكَرَيْنِ سَمِيعَيْنِ يَعْرِفَانِ اللِّسَانَ) أَيْ لِسَانَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (وَلَا يَكْفِي ضَبْطُ اللَّفْظِ) التَّرْجِيحُ فِي هَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ تَرْجِيحِ الرَّوْضَةِ أَخْذًا مِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْعَقْدِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا تَرْجِيحَ فِي الرَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا فِيهِ وَجْهَانِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ بَلْ رَجَّحَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ الِانْعِقَادَ بِذَلِكَ (بَصِيرَيْنِ مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ) كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهَا لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ وَالْمَعْنَى فِي اعْتِبَارِهِمَا الِاحْتِيَاطُ لِلْإِبْضَاعِ وَصِيَانَةُ الْأَنْكِحَةِ عَنْ الْجُحُودِ وَنَصَّ عَلَى قَوْلِهِ ذَكَرَيْنِ سَمِيعَيْنِ بَصِيرَيْنِ مَعَ دُخُولِهِ فِي مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ لِرَفْعِ تَوَهُّمِ قَبُولِ شَهَادَةِ أَضْدَادِهِمْ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأُنْثَى وَالْأَصَمِّ وَالْأَعْمَى مَقْبُولَةٌ فِي مَحَالَّ مَخْصُوصَةٍ وَهُنَا لَا يُمْكِنُ اسْتِشْهَادُهُمْ لِعَدَمِ تِلْكَ الْمَحَالِّ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْأَخْرَسِ وَلَا بِذِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ فَالتَّرْجِيحُ فِيهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ. (وَ) يَصِحُّ (بِابْنَيْ أَحَدِهِمَا) أَيْ بِحُضُورِ ابْنَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (أَوْ عَدُوَّيْهِ وَكَذَا ابْنَيْهِمَا أَوْ عَدُوَّيْهِمَا) أَوْ ابْنُ أَوْ عَدُوُّ أَحَدِهِمَا مَعَ ابْنِ أَوْ عَدُوِّ الْآخَرِ وَإِنْ تَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ بِشَهَادَتِهِمَا اكْتِفَاءً بِالْعَدَالَةِ وَالْفَهْمِ وَثُبُوتِ الْأَنْكِحَةِ بِقَوْلِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ (وَالْجَدُّ) مِنْ قِبَلِ أَحَدِهِمَا (إنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا) لَهُ (كَالِابْنِ) فَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِهِ مَعَ غَيْرِهِ بِخِلَافِهِ إذَا كَانَ وَلِيًّا لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ عَاقِدٍ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا كَالزَّوْجِ وَوَكِيلِهِ نَائِبُهُ وَقَدْ يَكُونُ الْأَبُ شَاهِدًا أَيْضًا كَأَنْ تَكُونَ بِنْتُهُ كَافِرَةً أَوْ رَقِيقَةً أَوْ ابْنُهُ سَفِيهًا وَأَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَاقِدًا وَلَا الْعَاقِدُ نَائِبَهُ (وَلَوْ شَهِدَ وَلِيَّانِ) كَأَخَوَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ (وَالْعَاقِدُ غَيْرَهُمَا) مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ (لَا) إنْ عَقَدَ (بِوَكَالَةٍ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (مِنْهُ) بِمَعْنَى لَهُ (جَازَ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَقَدَهُ غَيْرُهُمْ بِوَكَالَةٍ مِمَّنْ ذُكِرَ لِمَا مَرَّ (وَلَا يَصِحُّ بِمَجْهُولَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ) وَلَوْ مَعَ ظُهُورِهِمَا بِالدَّارِ بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ وَالْأَحْرَارُ بِالْأَرِقَّاءِ وَلَا غَالِبَ أَوْ يَكُونَا ظَاهِرَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِمَا فِيهِمَا بَاطِنًا لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ فَلَوْ عَقَدَ بِمَجْهُولَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ فَبَانَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا كَالْخُنْثَيَيْنِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ بِهِمَا إذَا بَانَا ذَكَرَيْنِ (وَيَصِحُّ بِسَرِيعَيْ نِسْيَانٍ) وَفِي نُسْخَةٍ النِّسْيَانُ لِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ حَالًا (وَبِمَسْتُورَيْنِ) أَيْ   [حاشية الرملي الكبير] الْكِنَايَةَ إنَّمَا تَضُرُّ فِي نَفْسِ الصِّيغَةِ الْمُعْتَدِّ بِهَا إذَا أَبْدَلَهَا بِغَيْرِهَا مِمَّا لَيْسَ بِتَرْجَمَتِهَا وَأَمَّا هُنَا فَقَدْ وُجِدَتْ الصِّيغَةُ الصَّرِيحَةُ وَتَسْمِيَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا فَلَا يَضُرُّ الْقَصْدُ فِي تَعْيِينِهَا وَقَدْ سُئِلْت عَنْ وَكِيلٍ قَالَ لِشَخْصٍ زَوَّجْتُك فُلَانَةَ بِنْتَ مُوَكِّلِي وَلَمْ يُسَمِّهِ وَلَكِنْ نَوَاهُ هُوَ وَالزَّوْجَ فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ يَصِحُّ عَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا إلَخْ) هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأُولَى (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ غَلَطًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَخْ) غَيْرُ الْغَلَطِ مَفْهُومٌ مِنْهُ بِالْأُولَى [الرُّكْنُ الثَّالِثُ الشَّهَادَةُ فِي النِّكَاحِ] (قَوْلُهُ بَصِيرَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْأَقْوَالَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالْمُعَايَنَةِ وَالسَّمَاعِ (قَوْلُهُ مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُهُمَا إنْسِيَّيْنِ فَلَوْ عَقَدَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مِنْ مُؤْمِنِي الْجِنِّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُهُمَا عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَكَذَلِكَ لَوْ عَقَدَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَفِي قَوْله تَعَالَى {مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] إخْرَاجٌ لِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ الْكَفَرَةِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ قُوتٌ وَكَوْنُهُمَا رَشِيدَيْنِ فَلَا يَقْبَلَا الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَلْ الْمُرَادُ الْحُرِّيَّةُ مُطْلَقًا أَوْ بِقَيْدِ الْمُسْتَقِرَّةِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَبْدَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّا نَحْكُمُ بِعِتْقِهِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ عَدَمَهُ لِلدَّيْنِ أَوْ لِعَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ تُجْزِ الْوَرَثَةُ فَيُرَقُّ فَلَوْ حَضَرَ شَاهِدًا هَلْ يَكْفِي فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَلَا غَالِبَ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مِثَالٌ لِمَا لَمْ يَظْهَرْ (قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا كَالْخُنْثَيَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْخُنُوثَةَ لَا تَخْفَى غَالِبًا. (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ بِسَرِيعِي نِسْيَانٍ) يَجِبُ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ ضَبْطُ التَّارِيخِ بِالسَّاعَاتِ وَاللَّحَظَاتِ وَلَا يَكْفِي الضَّبْطُ بِيَوْمِ الْعَقْدِ فَلَا يَكْفِي أَنَّ النِّكَاحَ عُقِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الشَّمْسِ مَثَلًا بِلَحْظَةٍ أَوْ لَحْظَتَيْنِ أَوْ قَبْلَ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ لَحَاقُ الْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِمْ ضَبْطُ التَّارِيخِ بِذَلِكَ لِحَقِّ النَّسَبِ ت (قَوْلُهُ وَبِمَسْتُورَيْنِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنْ قِيلَ فَفِي الْإِمَامِ مَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْبَغَوِيّ فَقَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 مَسْتُورَيْ الْعَدَالَةِ وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا بِأَنْ عُرِفَتْ بِالْمُخَالَطَةِ دُونَ التَّزْكِيَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَجْرِي بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ وَالْعَوَامِّ وَلَوْ اعْتَبَرَ فِيهِ الْعَدَالَةَ الْبَاطِنَةَ لَاحْتَاجُوا إلَى مَعْرِفَتِهَا لِيُحْضِرُوا مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِهَا فَيَطُولُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَيَشُقُّ هَذَا إذَا عَقَدَ بِهِمَا غَيْرُ الْحَاكِمِ فَإِنْ عَقَدَ بِهِمَا الْحَاكِمُ لَمْ يَصِحَّ لِسُهُولَةِ الْكَشْفِ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَالنَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُتَوَلِّي تَصْحِيحَ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا. (وَيَبْطُلُ السَّتْرُ بِتَفْسِيقِ عَدْلٍ) فِي الرِّوَايَةِ فَلَوْ أَخْبَرَ بِفِسْقِ الْمَسْتُورِ عَدْلٌ لَمْ يَصِحَّ بِهِ النِّكَاحُ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ، وَقَوْلُ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ الْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ فَإِنَّ الْجَرْحَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَلَمْ يُوجَدَا يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ إثْبَاتَ الْجَرْحِ بَلْ زَوَالُ ظَنِّ الْعَدَالَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِخَبَرِ الْعَدْلِ (وَإِنْ تَحَاكَمَ الزَّوْجَانِ) وَقَدْ أَقَرَّا بِنِكَاحٍ عُقِدَ بِمَسْتُورَيْنِ (فِي نَفَقَةٍ وَنَحْوِهَا) مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ (وَعَلِمَ الْحَاكِمُ بِفِسْقِ شُهُودِ الْعَقْدِ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ سَوَاءٌ أَتَرَافَعَا إلَيْهِ أَمْ لَا (أَوْ) عَلِمَ (بِكَوْنِهِمَا مَسْتُورَيْنِ حَكَمَ) بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا هُنَا تَابِعٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ كَمَا يَثْبُتُ شَوَّالٌ بَعْدَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا تَبَعًا لِثُبُوتِ رَمَضَانَ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ (وَلَا يَقْبَلُهُمَا فِي إثْبَاتِ النِّكَاحِ وَلَا فَسَادِهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ) حَتَّى يَعْلَمَ بَاطِنَهُمَا (فَرْعٌ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ) أَيْ النِّكَاحِ (بِقِيَامِ بَيِّنَةٍ بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ) كُفْرِهِمَا أَوْ رِقِّهِمَا أَوْ نَحْوِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ (أَوْ بِإِقْرَارِ) وَفِي نُسْخَةٍ إقْرَارِ (الزَّوْجَيْنِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ (بِالْفِسْقِ) أَوْ بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ نَحْوِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ (أَوْ) بِقِيَامِ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ أَيْ أَوْ عَلِمَ الْحَاكِمُ (بِالْإِحْرَامِ) أَيْ بِوُقُوعِ الْعَقْدِ فِيهِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ الرِّدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ فِي بَعْضٍ وَوُجُودِ الْمَانِعِ فِي بَعْضٍ وَتَبَيُّنُ فِسْقِ أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ كَتَبَيُّنِ فِسْقِهِمَا وَقِسْ عَلَيْهِ الْبَقِيَّةَ وَإِذَا تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ فَلَا مَهْرَ إلَّا إنْ دَخَلَ بِهَا وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهَا بِالزِّنَا بِوَطْئِهِ لَهَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَمَحَلُّ تَبَيُّنِ الْبُطْلَانِ بِاعْتِرَافِهِمَا فِي حَقِّهِمَا أَمَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَوَافَقَا عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوقِعَا نِكَاحًا بِلَا مُحَلِّلٍ لِلتُّهْمَةِ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسْقُطُ بِقَوْلِهِمَا قَالَ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَسْمَعَ قَوْلَهُمَا وَلَا بَيِّنَتَهُمَا وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْقَاضِي أَمَّا   [حاشية الرملي الكبير] فِي تَرْجَمَةِ النِّكَاحِ بِالشُّهُودِ وَلَوْ جَهِلَا حَالَ الشَّاهِدَيْنِ وَتَصَادَقَا عَلَى النِّكَاحِ بِشَاهِدَيْنِ جَازَ وَكَانَ عَلَى الْعَدْلِ حَتَّى أَعْرِفَ الْجُرْحَ يَوْمَ وَقَعَ النِّكَاحُ قُلْنَا مُرَادُ الشَّافِعِيِّ بِذَلِكَ مَا إذَا جَهِلَ الزَّوْجَانِ بَاطِنَ أَمْرِهِمَا وَلَكِنْ ظَاهِرُهُمَا الْعَدَالَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَكَلَامُهُ أَوَّلًا يَدُلُّ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ شَهِدَ النِّكَاحَ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ حَتَّى يَنْعَقِدَ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ وَقَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالشُّهُودُ عَلَى الْعَدْلِ حَتَّى يَعْلَمَ الْجُرْحَ يُوقَعُ وَقَعَ النِّكَاحُ (قَوْله فَيَطُولُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ) وَيَشُقُّ فَاكْتَفَى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ كَمَا اكْتَفَى مِنْهُمْ بِالتَّقْلِيدِ فِي الْحَوَادِثِ حَيْثُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ إدْرَاكُهَا بِالدَّلِيلِ وَيُعْلَمُ مِنْ حُكْمِ الْمُصَنِّفِ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا بَانَ فِسْقُهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّ الصِّحَّةَ بِالْمَسْتُورِ إنَّمَا هِيَ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ فَلَا يَنْعَقِدُ فِي الْبَاطِنِ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا بِعَدْلَيْنِ بَاطِنًا (قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُتَوَلِّي تَصْحِيحَ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الصَّحِيحَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ اغْتَرَّ بِهَا فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّعْجِيزِ، وَقَالَ الْأَصَحُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْوَافِي وَكَذَلِكَ فِي التَّتِمَّةِ ت قو (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَصَرَّحَ بِهِ الدَّبِيلِيُّ (قَوْلُهُ كَمَا يَثْبُتُ شَوَّالٌ بَعْدَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إلَخْ) وَكَمَا يَثْبُتُ النَّسَبُ تَبَعًا لِشَهَادَةِ النِّسْوَةِ بِالْوِلَادَةِ [فَرْعٌ يُبْطِلُ النِّكَاحِ بِقِيَامِ بَيِّنَةٍ بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ كُفْرِهِمَا أَوْ رِقِّهِمَا] (قَوْلُهُ فَرْعٌ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ بِقِيَامِ بَيِّنَةٍ بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَبَيُّنَ فِسْقِ الْوَلِيِّ بِالْبَيِّنَةِ كَتَبَيُّنِ فِسْقِ الشَّاهِدِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَبَيُّنُ فِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ بِزَمَانٍ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الِاسْتِبْرَاءُ الْمُعْتَبَرُ كَتَبَيُّنِهِ حَالَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بِبُطْلَانِهِ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَى فِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ إقْرَارِ الزَّوْجِ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ مِنْهُمَا إقْرَارٌ بِعَدَالَتِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ أَمْ لَا حَكَمَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ حَاكِمٌ أَمْ لَا، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا أَقَرَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِعَقْدِهِ بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَعَدْلَيْنِ حَكَمَ عَلَيْهِمَا بِصِحَّتِهِ بِإِقْرَارِهِمَا فَلَوْ تَنَاكَرَاهُ بَعْدُ أَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا سَفَهَ الْوَلِيِّ أَوْ فِسْقَ الشَّاهِدَيْنِ لَزِمَهُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِسَابِقِ إقْرَارِهِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ حُدُوثُ إنْكَارِهِ فَلَوْ أَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ كَذِبِهَا بِإِقْرَارِهِ وَقَدْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَوَّلًا بِصِحَّتِهِ ثُمَّ ادَّعَى سَفَهَ الْوَلِيِّ أَوْ فِسْقَ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ حَتَّى يُقَرَّ عَلَيْهِ لَوْ أَرَادَهُ وَيَلْغُو اعْتِرَافُهُ اللَّاحِقُ لِأَجْلِ اعْتِرَافِهِ السَّابِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِمَا تَضَمَّنَهُ إقْرَارُهُ السَّابِقُ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِهِمَا لَا إنَّا نُقِرُّهُمَا بَلْ نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمَا يَضُرُّهُ بِاعْتِرَافِهِ اللَّاحِقِ لَا بِمَا يَنْفَعُهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ لَا يُخَالِفَانِ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَقَرَّا بِالْفَسَادِ لِيَنْدَفِعَ التَّحْلِيلُ قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي التَّعْلِيقِ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْفَتَاوَى وَلَوْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْفَسَادِ لَمْ تُسْمَعْ وَحَاصِلُ كَلَامِهِمَا أَنَّهَا تُسْمَعُ إنْ شَهِدَتْ حِسْبَةً وَلَا تُسْمَعُ إنْ أَقَامَهَا الزَّوْجُ وَهُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُمَا. اهـ. (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا فَفَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ بِمَشْهَدِهِمْ ثُمَّ قَالَ إنِّي كُنْت خَالِعَتُهَا قَبْلَ هَذَا الْقَوْلِ قَالَ عَلَى الشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا حِسْبَةً عَلَى الطَّلَاقِ ثُمَّ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى إثْبَاتِ خُلْعٍ سَابِقٍ بِالْبَيْنُونَةِ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فَأَمَّا إذَا قَالَ أَوَّلًا إنِّي خَالَعْتُ زَوْجَتِي ثُمَّ رَآهُ الشُّهُودُ فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَشْهَدُونَ بِالطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ السَّابِقُ مَقْبُولٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَمَحَلُّ تَبَيُّنِ الْبُطْلَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 بَيِّنَةُ الْحِسْبَةِ فَتُسْمَعُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَبُولُ قَوْلِهِمَا مُطَّرِدٌ فِي الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ الرَّشِيدَةِ أَمَّا السَّفِيهَةُ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا فِي إبْطَالِ مَا ثَبَتَ لَهَا مِنْ الْمَالِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى لَا تَبْطُلُ الزِّيَادَةُ بِقَوْلِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ حَقُّ السَّيِّدِ بِمُوَافَقَةِ الْأَمَةِ انْتَهَى (لَا بِإِقْرَارِ الشَّاهِدَيْنِ) بِفِسْقِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي إفْسَادِهِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا (فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ الزَّوْجُ (دُونَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فُرْقَةَ فَسْخٍ) لَا فُرْقَةَ طَلَاقٌ فَلَا يُنْقَضُ عَدَدُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالرَّضَاعِ (وَلَا يَسْقُطُ مُسَمَّاهَا) وَفِي نُسْخَةٍ مَهْرُهَا بَلْ عَلَيْهِ نِصْفُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِلَّا فَكُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهَا فِي الْمَهْرِ (وَتَرِثُهُ) بَعْدَ مَوْتِهِ (لَوْ حَلَفَتْ) أَنَّهُ عَقَدَ بِعَدْلَيْنِ. (وَلَوْ أَقَرَّتْ) بِذَلِكَ (دُونَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا (وَ) لَكِنْ (لَا تَرِثُهُ) إنْ مَاتَ (وَلَا تُطَالِبُهُ بِمَهْرٍ) إنْ مَاتَ أَوْ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِإِنْكَارِهَا وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا مَهْرَ لَهَا إلَى مَا قَالَهُ لِئَلَّا يُرَدَّ عَلَيْهِ مَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّهَا لَوْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهَا قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ فِيمَا إذَا قَالَ: طَلَّقْتهَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْ الْجَمِيعَ فَلَا مُطَالَبَةَ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا أَخْذُ النِّصْفِ وَالنِّصْفُ هُنَاكَ كَالْجَمِيعِ هُنَا لَكِنْ أُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ فِي تِلْكَ اتَّفَقَا عَلَى حُصُولِ الْمُوجِبِ لِلْمَهْرِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَاخْتَلَفَا فِي الْمُقَرِّرِ لَهُ وَهُوَ الْوَطْءُ وَهُنَا هِيَ تَدَّعِي نَفْيَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ فَلَوْ مَلَّكْنَاهَا شَيْئًا مِنْهُ لَمَلَكَتْهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ تَدَّعِيهِ (نَعَمْ إنْ وَطِئَهَا طَالَبَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ) فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا (فَرْعٌ) قَالَتْ: نَكَحْتنِي بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ فَقَالَ: بَلْ بِهِمَا نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الذَّخَائِرِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (فَرْعٌ: لَوْ تَابَ الْفَاسِقُ عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يُلْحَقْ بِالْمَسْتُورِ) فَلَا يَصِحُّ بِهِ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ تَوْبَتَهُ حِينَئِذٍ تَصْدُرُ عَنْ عَادَةٍ لَا عَنْ عَزْمٍ مُحَقَّقٍ (وَنُدِبَ اسْتِتَابَةُ الْمَسْتُورِ) حِينَئِذٍ احْتِيَاطًا [فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَى رِضَا الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ] (فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَى رِضَا الْمَرْأَةِ) بِالنِّكَاحِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا بِهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهَا لَيْسَ مِنْ نَفْسِ النِّكَاحِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الْإِشْهَادُ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ احْتِيَاطًا لِيُؤْمَنَ إنْكَارُهَا وَرِضَاهَا يَحْصُلُ بِإِقْرَارِهَا أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِخْبَارِ وَلِيِّهَا مَعَ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ الْحَاكِمَ وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ إذْنُهَا؛ لِأَنَّهُ يَلِي ذَلِكَ بِجِهَةِ الْحُكْمِ فَيَجِبُ ظُهُورُ مُسْتَنَدِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ حُكْمٌ وَقَدْ اضْطَرَبَ فِيهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ: الصَّحِيحُ عِنْدِي وِفَاقًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَيْسَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَمَّا بَيِّنَةُ الْحِسْبَةِ فَتُسْمَعُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَصُورَةُ سَمَاعِهَا بِأَنْ يَشْهَدَ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا الزَّوْجُ بِلَا مُحَلِّلٍ أَوْ بَعْدَ نَذْرٍ عُلِّقَ عَلَى أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَقَبُولُ قَوْلِهِمَا مُطَّرِدٌ فِي الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ سَفِيهَةً أَيْ مَحْجُورَةً فَفَائِدَةُ إقْرَارِهِمَا إنَّمَا هِيَ فِي سُقُوطِ شَطْرِ الْمَهْرِ إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ الرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ بَعْدَهُ ص وَإِقْرَارُهُمَا فِي إبْطَالِ مَا ثَبَتَ لَهَا مِنْ الْمَالِ لَا يُسْمَعُ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ الزَّائِدُ بِقَوْلِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ حَقُّ السَّيِّدِ مِنْ الْمَهْرِ بِمُوَافَقَةِ الْأَمَةِ عَلَى فِسْقِهَا وَإِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً لَا بِإِقْرَارِ الشَّاهِدَيْنِ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ كُنَّا فَاسِقَيْنِ هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَيَظْهَرُ قَوْلُهُمَا ذَلِكَ فِي صُوَرٍ كَمَا لَوْ حَضَرَا عَقْدَ أُخْتِهِمَا وَنَحْوِهَا ثُمَّ قَالَا ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُمَا وَارِثَاهَا أَثَّرَ قَوْلُهُمَا فِي سُقُوطِ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِي فَسَادِ الْمُسَمَّى بَعْدَهُ وَكَذَا يُؤَثِّرُ قَوْلُهُمَا فِي إرْثِهَا مِنْ زَوْجِهَا إذَا مَاتَتْ بَعْدَهُ وَهُمَا وَارِثَاهَا وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ دُونَهَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تُنْكَحُ مَا دَامَتْ مُصِرَّةً عَلَى تَكْذِيبِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ مُسَمَّاهَا) يَنْبَغِي إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَزْيَدَ مِنْ الْمُسَمَّى أَنْ لَا تَجِبَ لَهَا الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ لَهَا فَيَتَخَرَّجُ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ قُلْته بَحْثًا ع (قَوْلُهُ لَوْ خَلَفَتْ) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَسْقُطُ مُسَمَّاهَا (قَوْلُهُ لَكِنْ أُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ لَا يُجْدِي شَيْئًا وَالْمُعْتَمَدُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إذْ الْجَامِعُ الْمُعْتَبَرُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ يُنْكِرُهُ فَيُقَرُّ الْمَالُ فِي يَدِهِ فِيهِمَا [فَرْعٌ قَالَتْ نَكَحْتنِي بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ فَقَالَ بَلْ بِهِمَا] (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الْفَسَادِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ قَالَ وَكَانَ يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنْكَارُهَا الْوَلِيُّ إنْكَارَ الْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ الدَّعْوَى فِي الشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ [فَرْعٌ تَابَ الشَّاهِد مِنْ فسقه عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاح] (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ الْحَاكِمَ إلَخْ) لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَيْضًا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقَرَّتْ بِالزَّوْجِيَّةِ لِغَائِبٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ ادَّعَتْ وَفَاتَهُ أَوْ طَلَاقَهُ لَمْ يُقْبَلْ فَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي ذَلِكَ فَتَزْوِيجُهَا يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ قُبَيْلَ دَعْوَى الْكَسْبِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّ هُنَا بِإِقْرَارِهَا ثَبَتَ حَقُّ غَيْرِهَا فَلَا يَسُوغُ الْإِقْدَامُ عَلَى قَطْعِهِ إلَّا مَا يَسُوغُ الْحُكْمُ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْدَمُ عَلَيْهِ بِالظَّنِّ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْحُكْمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ حُكْمًا اهـ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لِلْقَاضِي كَانَ لِي زَوْجٌ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَطَلَّقَنِي ثَلَاثًا أَوْ مَاتَ وَاعْتَدَدْت فَزَوَّجَنِي فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَلَا بَيِّنَةَ. (فَرْعٌ) قَالَ رَجُلٌ لِابْنَتِهِ اذْهَبِي إلَى الْحَاكِمِ فَقُولِي لَهُ أَنَّ أَبِي قَدْ أَذِنَ لَك فِي أَنْ تُزَوِّجَنِي أَوْ قَالَ اذْهَبِي إلَى زَيْدٍ وَقُولِي لَهُ إنَّ أَبِي وَكَّلَك بِتَزْوِيجِي كَانَ لَهُمَا الِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِهَا وَتَزْوِيجِهَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهَا وَهَذَا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ الْمُرَتَّبَةِ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ جَاءَ رَجُلٌ إلَى الْقَاضِي وَقَالَ فُلَانَةُ قَدْ أَذِنْت لَك بِتَزْوِيجِهَا مِنِّي جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 بِحُكْمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ لِلْأَبِ أَنْ يُشْهِدَ أَيْضًا عَلَى رِضَا الْبِكْرِ الْبَالِغِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ يَعْتَبِرُ رِضَاهَا كَالثَّيِّبِ وَلَا يَعْتَبِرُ إحْضَارَ الشَّاهِدَيْنِ (بَلْ يَكْفِي سَمَاعُ النِّكَاحِ) أَيْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (دُونَ الصَّدَاقِ) مِنْ شَاهِدَيْنِ حَضَرَا (وَلَوْ عَقَدَا) النِّكَاحَ (بِشَهَادَةِ خُنْثَيَيْنِ فَبَانَا رَجُلَيْنِ صَحَّ) وَمِثْلُهُ الْوَلِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِخُنْثَى فَبَانَ رَجُلًا؛ لِأَنَّ جَزْمَ النِّيَّةِ مُؤَثِّرٌ ثَمَّ وَبِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الزَّوْجَيْنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدِ وَإِنْ اشْتَرَكُوا فِي الرُّكْنِيَّةِ عَلَى مَا مَرَّ كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَإِنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الرُّكْنِيَّةِ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً يَعْتَقِدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةً ثُمَّ بَانَ خَطَؤُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ يَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ عَلَى أَنَّ مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ قَدْ جَزَمَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الرِّبَا بِخِلَافِهِ وَمَا قَرَّرْته أَوْجَهُ مِمَّا صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ كَالشَّاهِدِ (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْعَاقِدَانِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ (وَهُمَا الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ أَوْ النَّائِبُ) عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (فَلَا تَعْقِدُ امْرَأَةٌ) نِكَاحَهَا (بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ) سَوَاءٌ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ إذْ لَا يَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الْعَادَاتِ دُخُولُهَا فِيهِ لِمَا قُصِدَ مِنْهَا مِنْ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ ذِكْرِهِ أَصْلًا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] وَتَقَدَّمَ خَبَرُ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ خَبَرَ «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا» وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقَوْله تَعَالَى {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] أَصْرَحُ دَلِيلٍ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَلِيِّ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِعَضْلِهِ مَعْنًى (وَإِنْ وَكَّلَ ابْنَتَهُ) مَثَلًا (أَنْ تُوَكِّلَ) رَجُلًا فِي نِكَاحِهَا (لَا عَنْهَا) بَلْ عَنْهُ أَوْ أَطْلَقَ (جَازَ) ؛ لِأَنَّهَا سَفِيرَةٌ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَتْ عَنْهَا وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ (وَإِذَا عُدِمَ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ) أَيْ عُدِمَا مَعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (فَوَلَّتْ) مَعَ خَاطِبِهَا (أَمْرَهَا) رَجُلًا (مُجْتَهِدًا) لِيُزَوِّجَهَا مِنْهُ (جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ مُحَكَّمٌ وَالْمُحَكَّمُ كَالْحَاكِمِ. (وَكَذَا) لَوْ وَلَّتْ مَعَهُ (عَدْلًا) جَازَ (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَاشْتِرَاطُهُ كَالرَّوْضَةِ فِي ذَلِكَ عَدَمَ الْحَاكِمِ مَمْنُوعٌ فِي الْأُولَى فَسَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ جَوَازُ التَّحْكِيمِ فِي النِّكَاحِ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّحِيحُ جَوَازُهُ سَفْرًا وَحَضَرًا مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ وَدُونَهُ. اهـ. (فَرْعٌ لَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ) كَأَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ وَلَا بِبُطْلَانِهِ (لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ) دُونَ الْمُسَمَّى لِفَسَادِ النِّكَاحِ وَلِخَبَرِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلَاثًا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ (وَيَسْقُطُ) عَنْهُ (الْحَدُّ) سَوَاءٌ أَصَدَرَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ أَمْ لَا لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ (وَ) لَكِنْ (يُعَزَّرُ بِهِ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ) لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ (وَلَوْ لَمْ يَطَأْ) فِي النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ (فَزُوِّجَتْ قَبْلَ التَّفْرِيقِ) بِأَنْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا قَبْلَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي (بَيْنَهُمَا فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْفِرَاشِ وَأَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَرْعٍ أَوَّلَ الْبَابِ الرَّابِعِ مَعَ زِيَادَةِ قَيْدٍ (وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ تَتَحَلَّلْ لَهُ) أَيْ لَا يَفْتَقِرُ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهِ لَهَا إلَى تَحَلُّلٍ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ (وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ) أَوْ بِبُطْلَانِهِ (حَاكِمٌ) يَرَاهُ (لَمْ   [حاشية الرملي الكبير] فَإِنْ اتَّهَمَهُ فِي إخْبَارِهِ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ) وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ الْعِمَادِ بِبُطْلَانِهِ لِكَوْنِهِ رُكْنًا بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ [الرُّكْن الرَّابِعُ الْعَاقِدَانِ] (مَبْحَثٌ الرُّكْنُ الرَّابِعُ) (قَوْلُهُ وَالْوَلِيُّ) شَرَطَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ فَلَا تَعْقِدُ امْرَأَةٌ نِكَاحًا إلَخْ) الْمَرْأَةُ لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةَ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا إذَا اُبْتُلِينَا بِإِمَامَةِ امْرَأَةٍ أَفْتَى الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِأَنَّهَا تَنْفُذُ أَحْكَامُهَا الثَّانِيَةِ إذَا زُوِّجَتْ الْمَرْأَةُ فِي دَارِ الْكُفْرِ وَفَرَّعْنَا عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ فَإِنَّهَا تُقَرِّرُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمَرْأَةِ فِي نِكَاحِ غَيْرِهَا إلَّا فِي مِلْكِهَا أَوْ فِي سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ هِيَ وَصِيَّةٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَصْرَحُ دَلِيلٍ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَلِيِّ) يُؤَيِّدُهُ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ زَوَّجَ أُخْتَهُ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ رَامَ رَجْعَتَهَا فَحَلَفَ أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا قَالَ فَفِي نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ زَادَ أَبُو دَاوُد فَكَفَّرْت عَنْ يَمِينِي وَأَنْكَحْتهَا إيَّاهُ. (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَفِي الْخَادِمِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِنَصٍّ فِي الْمُخْتَصَرِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّحِيحُ إلَخْ) مُرَادُهُ مَا إذَا كَانَ الْمُحَكِّمُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ فَأَمَّا هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فَشَرْطُهُ السَّفَرُ وَفَقْدُ الْقَاضِي ع [فَرْعٌ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهِ وَلَا بِبُطْلَانِهِ] (قَوْلُهُ لَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ) فِي الْحِلْيَةِ لِلرُّويَانِيِّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ فَاسِدًا وَوَطِئَهَا لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِ بِكْرٍ وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا أَوْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ. اهـ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ غَرِيبٌ لَكِنْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَوَطِئَهَا وَهِيَ بِكْرٌ لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا بِكْرٍ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ مَعَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ إتْلَافَ الْبَكَارَةِ مَا دُونَ فِيهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوَطْءُ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا» إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ حُكْمٌ بِالْبُطْلَانِ وَأَكَّدَهُ بِالتَّكْرَارِ وَأَوْجَبَ الْمَهْرَ بِالدُّخُولِ وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا لَوَجَبَ بِالْعَقْدِ وَنَقْلُ الْوِلَايَةِ إلَى السُّلْطَانِ عِنْدَ التَّشَاجُرِ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ وَلِيَّةُ نَفْسِهَا لَكَانَتْ أَوْلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 يُنْقَضْ) حُكْمُهُ كَمُعْظَمِ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا (فَرْعٌ إذَا تَصَادَقَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (عَلَى) صُدُورِ (النِّكَاحِ) بَيْنَهُمَا (جَازَ) وَلَوْ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُمَا فَيَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا كَالْبَيْعِ وَهَذَا مَعْنَى صِحَّةِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ بَلْ إنْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ رَقِيقًا اشْتَرَطَ تَصْدِيقَ سَيِّدِهِ أَيْضًا (فَيُشْتَرَطُ) فِي إقْرَارِهَا بِهِ (أَنْ تَقُولَ زَوَّجَنِي بِهِ وَلِيٌّ بِعَدْلَيْنِ وَرِضَايَ بِكُفْءٍ إنْ اُعْتُبِرَ) رِضَاهَا بِأَنْ لَا تَكُونَ مُجْبَرَةً وَهَذَا فِي إقْرَارِهَا الْمُبْتَدَأِ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي إقْرَارُهَا الْمُطْلَقُ فَإِنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِي إقْرَارِهَا الْوَاقِعِ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِكُفْءٍ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلٌ مِنْ بِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي إقْرَارِهَا بَلْ إذَا عَيَّنَتْ زَوْجًا نَظَرَ فِي أَنَّهُ كُفْءٌ أَمْ لَا وَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ (فَلَوْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَالشَّاهِدَانِ لَمْ يُؤَثِّرْ) لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ وَالْكَذِبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ تَصْدِيقِهَا فِيمَا ذُكِرَ حَيْثُ لَمْ يَدُلَّ الْحَالُ عَلَى كَذِبِهَا دَلَالَةً ظَاهِرَةً كَأَنْ تُؤَرِّخَ الْإِقْرَارَ بِوَقْتٍ كَانَتْ فِيهِ مَنْكُوحَةً أَوْ رَقِيقَةً أَوْ فِي عِدَّةٍ أَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً أَوْ نَحْوَهَا (فَرْعٌ إقْرَارُ) الْوَلِيِّ (الْمُجْبِرِ بِالنِّكَاحِ لِكُفْءٍ) بِعَدْلَيْنِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (كَافٍ) وَإِنْ لَمْ تُوَافِقْهُ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ (مَا لَمْ تُوطَأْ) فَإِنْ وُطِئَتْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءً فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ، نَعَمْ يَنْبَغِي صِحَّةُ إقْرَارِهِ بِنِكَاحِ الْمَجْنُونَةِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ كَمَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّيِّدِ عَلَى أَمَتِهِ بِهِ لِذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَهِيَ مَوْطُوءَةٌ: كُنْت زَوَّجْتهَا فِي بَكَارَتِهَا لَمْ يُقْبَلْ وَقَوْلُهُ: " لِكُفْءٍ " مُتَعَلِّقٌ بِإِقْرَارٍ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهِ بَلْ الْأَمْرُ فِيهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَإِنْ أَقَرَّتْ لِزَوْجٍ وَالْمُجْبِرُ لِآخَرَ فَوَجْهَانِ) : أَحَدُهُمَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهَا، وَالثَّانِي، بِإِقْرَارِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالصَّوَابُ تَقْدِيمُ السَّابِقِ فَإِنْ أَقَرَّا مَعًا فَالْأَرْجَحُ تَقْدِيمُ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ لِتَعَلُّقِ ذَلِكَ بِبَدَنِهَا وَحَقِّهَا وَلَوْ جُهِلَ فَهَلْ يُتَوَقَّفُ أَوْ يَبْطُلَانِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِصَاحِبِ الْمَطْلَبِ وَنَقَلَ فِي الْأَنْوَارِ تَرْجِيحَ سُقُوطِ قَوْلِهِمَا فَقَالَ لَوْ أَقَرَّتْ لِزَوْجٍ وَالْوَلِيُّ لِآخَرَ فَالْمَقْبُولُ إقْرَارُهُ أَمْ إقْرَارُهَا أَمْ السَّابِقُ أَمْ يَتَسَاقَطَانِ فِيهِ وُجُوهٌ قَالَ فِي الْمُلَخَّصِ أَصَحُّهُمَا السُّقُوطُ (فَرْعٌ قَالَ الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ زَوَّجْت نَفْسِي بِنْتَك وَقَبِلَ الْوَلِيُّ) نُقِلَ (فِيهِ) أَيْ فِي انْعِقَادِهِ بِهَذَا (خِلَافٌ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا شَرْطٌ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ كَالْعِوَضَيْنِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ الْمَهْرُ لَا نَفْسُهُ وَلِأَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِي نِكَاحِ غَيْرِهَا مَعَهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فِي بَابِ الطَّلَاقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ فَعَلَيْهِ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ مَعْقُودًا عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ زَوَّجْت إنَّمَا يَلِيقُ بِالْوَلِيِّ لَا بِالزَّوْجِ (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ وَأَحْكَامِهِمْ وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ أَطْرَافٍ) الطَّرَفُ (الْأَوَّلُ فِي أَسْبَابِ الْوِلَايَةِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) السَّبَبُ (الْأَوَّلُ الْأُبُوَّةُ) وَهِيَ أَقْوَى الْأَسْبَابِ لِكَمَالِ الشَّفَقَةِ (فَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَيْثُ (لَا) يَكُونُ (عَدُوًّا ظَاهِرًا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ إذَا تَصَادَقَا الزَّوْجَانِ عَلَى صُدُورِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا] قَوْلُهُ إذَا تَصَادَقَا عَلَى النِّكَاحِ جَازَ) مِثْلُ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ تَصْدِيقُ مَنْ يَمْلِكُ إجْبَارَهُ حَالَةَ التَّصْدِيقِ فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ رِقٍّ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ أَوْ السَّيِّدُ عَلَى وُقُوعِهِ بِإِذْنِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْقَفَّالُ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ صَغِيرَةٌ يَدَّعِي تَزَوُّجَهَا فَلَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَلَا تُقَرُّ فِي يَدِهِ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ بَعْدَ إقْرَارِهَا إقْرَارًا قَالَ وَغَلِطَ ابْنُ الْحَدَّادِ فَقَالَ نُقِرُّهَا فِي يَدِهِ فَإِذَا بَلَغَتْ وَأَنْكَرَتْ قُبِلَ قَوْلُهَا (قَوْلُهُ وَهَذَا مَعْنَى صِحَّةِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ) أَيْ الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِكُفْءٍ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ بِالنِّكَاحِ شَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي الْفُرُوعِ الْمَنْثُورَةِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ لِلْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَا رَضِيت بِالْعَقْدِ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ لَا يُقْبَلُ إنْكَارُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا أَمَّا إقْرَارُهَا لِغَيْرِ الْكُفْءِ فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَقَبُولُ إقْرَارِهَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ تَصْدِيقِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ إقْرَارُ الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ بِالنِّكَاحِ لِكُفْءٍ بِعَدْلَيْنِ] (قَوْلُهُ نَعَمْ يَنْبَغِي صِحَّةُ إقْرَارِهِ بِنِكَاحِ الْمَجْنُونَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لِكُفْءٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِقْرَارٍ وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُ الْكُفْءِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لَهُ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْبُلْقِينِيِّ فِي تَدْرِيبِهِ، وَقَالَ فِي تَصْحِيحِهِ عِنْدِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ السَّابِقَ فَإِنْ أَقَرَّا مَعًا بَطَلَا وَذَكَرْت فِي التَّدْرِيبِ اعْتِبَارَ إقْرَارِهَا وَلَهُ وَجْهٌ قَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ تَقْدِيمُ السَّابِقِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْأَرْجَحُ تَقْدِيمُ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ) وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُلَخَّصِ أَصَحُّهُمَا السُّقُوطُ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَرْجُ مَعْرِفَةَ كَيْفِيَّةِ وُقُوعِهِمَا [فَرْعٌ قَالَ الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ زَوَّجْت نَفْسِي بِنْتَك وَقَبِلَ الْوَلِيُّ] (قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ وَأَحْكَامِهِمْ] [الطَّرَفُ الْأَوَّلُ فِي أَسْبَابِ الْوِلَايَةِ] (بَابٌ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ) (قَوْلُهُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُنَا سَبَبٌ آخَرُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ وَلِيُّ مَالِكَةِ الْأَمَةِ أَوْ مُعْتِقِهَا وَسَبَبَانِ آخَرَانِ عَلَى قَوْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى قَوْلٍ تُوَلِّي أَمْرَهَا عِنْدَ فَقْدِ الْوَلِيِّ رَجُلًا مُسْلِمًا الثَّانِي التَّحْكِيمُ وَهُوَ غَيْرُ السَّلْطَنَةِ (قَوْلُهُ فَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ إلَخْ) يُشْتَرَطُ لِإِجْبَارِ الْأَبِ وَالْجَدِّ الْبِكْرَ عَدَمُ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَكَفَاءَةُ الزَّوْجِ وَكَوْنُهُ مُوسِرًا بِمَهْرِهَا وَكَوْنُهُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَرْطٍ مِنْهَا إلَّا فِي الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ (قَوْلُهُ لَا عَدُوًّا ظَاهِرًا) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَشَرْطُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْحَجُّ فَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْنَعُهَا مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ لِكَوْنِهِ عَلَى التَّرَاخِي وَلَهَا غَرَضٌ فِي تَعْجِيلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ اهـ وَأَنْ لَا يُزَوِّجَهَا بِمَنْ تَتَضَرَّرُ بِمُعَاشَرَتِهِ كَشَيْخٍ هَرِمٍ وَأَعْمَى وَأَقْطَعَ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى مَنْعِ الْأَبِ مِنْ تَزْوِيجِ ابْنِهِ بِامْرَأَةٍ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ وَالْبِنْتُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ فِيمَا يَظْهَرُ وَفِي اللَّطِيفِ لِابْنِ خَيْرَانَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ خَصِيٍّ وَعَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ شَيْخٍ هَرَمٍ وَلَا أَقْطَعَ أَوْ أَعْمَى وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي مَا يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا مِنْ أَعْمَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 تَزْوِيجُ الْبِكْرِ) بِمَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ مِنْ كُفْءٍ لَهَا مُوسِرٍ بِالْمَهْرِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ صَغِيرَةً أَمْ كَبِيرَةً (بِغَيْرِ إذْنِهَا) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا» وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ «وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا» حُمِلَتْ عَلَى النَّدْبِ وَلِأَنَّهَا لَمْ تُمَارِسْ الرِّجَالَ بِالْوَطْءِ فَهِيَ شَدِيدَةُ الْحَيَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الظَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَحْتَاطُ لِمُوَلِّيَتِهِ لِخَوْفِ الْعَارِ وَلِغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ الْجَوَازَ. قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْإِجْبَارِ أَيْضًا انْتِفَاءُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ انْتَهَى. وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرْ ظُهُورَ الْعَدَاوَةِ هُنَا كَمَا اُعْتُبِرَ ثَمَّ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ بَلْ قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا إلَّا مِمَّنْ يَحْصُلُ لَهَا مِنْهُ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِشَفَقَتِهِ عَلَيْهَا أَمَّا مُجَرَّدُ كَرَاهَتِهَا لَهُ فَلَا يُؤَثِّرُ، لَكِنْ يُكْرَهُ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. (لَا الثَّيِّبِ) وَإِنْ عَادَتْ بَكَارَتُهَا فَلَا يُزَوِّجُهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ (إلَّا بِإِذْنِهَا بِالنُّطْقِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِأَنَّهَا مَارَسَتْ الرَّجُلَ بِالْوَطْءِ (بَالِغَةٍ) فَلَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ الثَّيِّبَ حَتَّى تَبْلُغَ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ إذْنِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَجْنُونَةً فَلَهُ تَزْوِيجُهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِ الْبَكَارَةِ إلَّا بِوَطْءٍ فِي الْقُبُلِ وَلَوْ زِنًا وَنَائِمَةٍ وَمَجْنُونَةٍ) وَمُكْرَهَةٍ بِخِلَافِ زَوَالِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ كَسَقْطَةٍ وَأُصْبُعٍ وَحِدَّةِ طَمْثٍ وَوَطْءٍ فِي الدُّبُرِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُمَارِسْ الرِّجَالَ الْوَطْءَ فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ وَهِيَ عَلَى غَبَاوَتِهَا وَحَيَائِهَا فَهِيَ كَالْأَبْكَارِ، وَوَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَا يُخَالِفُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْبِكْرَ لَوْ وُطِئَتْ فِي قُبُلِهَا وَلَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا بِأَنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ وَهِيَ الَّتِي بَكَارَتُهَا دَاخِلَ الْفَرْجِ حُكْمُهَا كَسَائِرِ الْأَبْكَارِ وَهُوَ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي التَّحْلِيلِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهَا مَارَسَتْ الرِّجَالَ بِالْوَطْءِ (فَرْعٌ لَوْ الْتَمَسَتْ الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ) الْعَاقِلَةُ (لَا الصَّغِيرَةُ التَّزْوِيجَ مِنْ الْأَبِ) مَثَلًا (بِكُفْءٍ) خَطَبَهَا كَمَا فِي الْأَصْلِ وَعَيَّنَتْهُ بِشَخْصِهِ أَوْ نَوْعِهِ حَتَّى لَوْ خَطَبَهَا أَكْفَاءٌ فَالْتَمَسَتْ مِنْهُ التَّزْوِيجَ بِأَحَدِهِمْ (لَزِمَهُ الْإِجَابَةُ) تَحْصِينًا لَهَا كَمَا يَجِبُ إطْعَامُ الطِّفْلِ إذَا اسْتَطْعَمَ فَإِنْ امْتَنَعَ أَثِمَ وَزَوَّجَهَا السُّلْطَانُ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَوْ زَوَّجَهَا) الْأَبُ (بِكُفْءٍ غَيْرِهِ) وَلَوْ دُونَهُ (صَحَّ) ؛ لِأَنَّهَا مُجْبَرَةٌ فَلَيْسَ لَهَا اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ وَهُوَ أَكْمَلُ نَظَرًا مِنْهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا مِمَّنْ عَيَّنَتْهُ؛ لِأَنَّ إذْنَهَا شَرْطٌ فِي أَصْلِ تَزْوِيجِهَا فَاعْتُبِرَ مُعَيَّنُهَا. (وَلَوْ عَضَلهَا) بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا مِمَّنْ عَيَّنَتْهُ (فَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِهِ ثُمَّ زَوَّجَهَا بِغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ قَبْلَ وَطْئِهِ) أَوْ وَطْءِ غَيْرِهِ لَهَا فِي قُبُلِهَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَبْلَ إزَالَةِ بَكَارَتِهَا (أَوْ) قَبْلَ (حُكْمِ حَاكِمٍ بِصِحَّتِهِ) أَيْ بِصِحَّةِ نِكَاحِهَا بِنَفْسِهَا (صَحَّ إنْكَاحُهُ) وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُمَا أَوْ بَعْدَ أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا إذَا أَذِنَتْ لَهُ فِيهِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِالصِّحَّةِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا) أَيْ الْبِكْرَ (حَتَّى تَبْلُغَ وَتَأْذَنَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَتُسْتَأْذَنَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُ الْبَالِغَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةً ظَاهِرَةً وَإِلَّا فَيُسْتَحَبُّ تَزْوِيجُهَا لِئَلَّا تَفُوتَ الْمَصْلَحَةُ وَلِخَبَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي الصَّحِيحَيْنِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (وَأَنْ تُسْتَفْهَمَ الْمُرَاهِقَةُ) بِأَنْ يَنْظُرَ مَا فِي نَفْسِهَا (وَالْمَخْلُوقَةُ ثَيِّبًا) أَيْ بِلَا بَكَارَةِ (بِكْرٍ) فَلَهَا حُكْمُ سَائِرِ الْأَبْكَارِ. (وَتُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ الْبَالِغَةُ فِي دَعْوَى الْبَكَارَةِ بِلَا يَمِينٍ) وَلَا يُكْشَفُ حَالُهَا؛ لِأَنَّهَا أَعْلَمُ بِهِ (وَكَذَا) فِي دَعْوَى (الثُّيُوبَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ الْوَطْءِ) الَّذِي صَارَتْ بِهِ ثَيِّبًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِلَا يَمِينِ قَيْدٍ فِي تَصْدِيقِهَا فِي دَعْوَى الثُّيُوبَةِ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ إبْطَالَ حَقِّ وَلِيِّهَا مِنْ الْإِجْبَارِ فِيمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا نُطْقًا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ دَعْوَاهَا الثُّيُوبَةَ بَعْدَهُ وَقَدْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا نُطْقًا فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ تَزْوِيجُ الْبِكْرِ) أَيْ وَلَوْ طَرَأَ سَفَهُهَا (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لَهُ تَزْوِيجَهَا صَغِيرَةً وَهِيَ لَا إذْنَ لَهَا صَحَّ بِذَلِكَ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا كَبِيرَةً إنْ كَانَتْ بِكْرًا؛ لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا) فَلَا يُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مِنْ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ وَلِغَيْرِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِخَوْفِ الْعَارِ (قَوْلُهُ فَلَا تُزَوَّجُ الصَّغِيرَةُ الثَّيِّبُ حَتَّى تَبْلُغَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالثَّيِّبُ الصَّغِيرَةُ تُزَوَّجُ فِي عَشْرِ صُوَرٍ: الْأُولَى إذَا خُلِقَتْ ثَيِّبًا، الثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ أَمَةً، الثَّالِثَةُ أَنْ تَكُونَ مَجْنُونَةً، الرَّابِعَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَبُوهَا الْكَافِرُ، الْخَامِسَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا جَدُّهَا الْكَافِرُ، السَّادِسَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَخُوهَا أَوْ عَمُّهَا الْكَافِرُ، السَّابِعَةُ أَنْ تَزُولَ بَكَارَتُهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ، الثَّامِنَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا حَاكِمُ الْكَفَرَةِ، التَّاسِعَةُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا، الْعَاشِرَةُ أَنْ يَقْهَرَهَا كَافِرٌ عَلَى النِّكَاحِ وَيَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ نِكَاحًا وَالْبَالِغَةُ الْمَوْطُوءَةُ لَا تُجْبَرُ إلَّا فِي خَمْسِ صُوَرٍ فِي الْبَالِغَةِ الْمَجْنُونَةِ وَفِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ السَّابِقَةِ فِي نِكَاحِ الْكُفَّارِ. (قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِ الْبَكَارَةِ إلَّا بِوَطْءٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْوَطْءُ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ بِتَمْكِينِهَا أَوْ غَشِيَهَا قِرْدٌ وَنَحْوُهُ وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ مَغْلُوبَةٌ عَلَى عَقْلِهَا هَذَا قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّهَا زَالَتْ بِوَطْءٍ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْبِكْرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ الْتَمَسَتْ الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ التَّزْوِيجَ بِكُفْءٍ خَطَبَهَا وَعَيَّنَتْهُ بِشَخْصِهِ] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مُجْبَرَةٌ فَلَيْسَ لَهَا اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ إلَخْ) وَلِأَنَّا لَوْ أَجَبْنَاهَا جَعَلْنَاهُ مَجْبُورًا وَيُشْبِهُ أَنَّ الْخِلَافَ إذَا سَاوَى مُعَيِّنُهُ مُعَيَّنَهَا فَإِنْ زَادَ مُعَيَّنُهَا بِنَسَبٍ أَوْ مَالٍ أَوْ حُسْنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَرْغُوبِ فِيهَا فَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُنَجِّسَ حَظَّهَا مِنْهُ ع (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي دَعْوَى الثُّيُوبَةِ) هَذَا فِي الْبَالِغِ فَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً بِكْرًا وَأَرَادَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ إجْبَارَهَا فَقَالَتْ أَنَا ثَيِّبٌ فَهَلْ يَمْتَنِعُ مِنْ تَزْوِيجِهَا كَالْكَبِيرَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الْقَبُولُ ر ت الْوَجْهُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ قَيْدٌ فِي تَصْدِيقِهَا فِي دَعْوَى الثُّيُوبَةِ أَيْضًا) قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي مَنْعِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ مِنْ إجْبَارِ الْبِكْرِ عَلَى النِّكَاحِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فَالْأَوْجَهُ تَحْلِيفُهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 لِمَا فِي تَصْدِيقِهَا مِنْ إبْطَالِ النِّكَاحِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْبَكَارَةِ بَلْ لَوْ شَهِدَتْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِثُيُوبَتِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَبْطُلْ لِجَوَازِ إزَالَتِهَا بِإِصْبَعٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ خُلِقَتْ بِدُونِهَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لَكِنْ أَفْتَى الْقَاضِي بِخِلَافِهِ (السَّبَبُ الثَّانِي الْعَصَبَةُ) بِمَعْنَى عُصُوبَةِ مَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ (كَالْأَخِ وَالْعَمِّ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (وَبَنِيهِمَا فَلَا يُزَوِّجُونَ حُرَّةً إلَّا بَالِغَةً) عَاقِلَةً (بِإِذْنِهَا) بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي مَعْنَى الْأَبِ وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ فِي غَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَنْكِحُوا الْيَتَامَى حَتَّى تَسْتَأْمِرُوهُنَّ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالتَّصْرِيحُ بِالْحُرَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِذْنُ الْخَرْسَاءِ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِكَتْبِهَا، قَالَ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا كِتَابَةٌ هَلْ تَكُونُ فِي مَعْنَى الْمَجْنُونَةِ حَتَّى يُزَوِّجَهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ ثُمَّ الْحَاكِمُ دُونَ غَيْرِهِمْ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا عَاقِلَةٌ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ وَمَا قَالَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِكَتْبِ مَنْ لَهَا إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ ظَاهِرٌ إنْ نَوَتْ بِهِ الْإِذْنَ كَمَا قَالُوا كِتَابَةُ الْأَخْرَسِ بِالطَّلَاقِ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ. (فَلَوْ اسْتَأْذَنُوا بِكْرًا لِكُفْءٍ وَغَيْرِهِ فَسَكَتَتْ كَفَى) سُكُوتُهَا (وَإِنْ بَكَتْ) وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ إذْنٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا» (وَ) إنْ بَكَتْ (بِصِيَاحٍ وَضَرْبِ خَدٍّ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الرِّضَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوْ زُوِّجَتْ بِحَضْرَتِهَا مَعَ سُكُوتِهَا لَمْ يَكْفِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ اسْتِئْذَانِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ (فَرْعٌ لَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ بِكْرٌ فِي التَّزْوِيجِ بِدُونِ الْمَهْرِ) أَيْ بِدُونِهِ أَصْلًا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (أَوْ بِغَيْرِ النَّقْدِ) أَيْ نَقْدِ الْبَلَدِ (فَسَكَتَتْ لَمْ يَكْفِ) فِيهِ سُكُوتُهَا لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ كَبَيْعِ مَالِهَا (أَوْ) اُسْتُؤْذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ (بِرَجُلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ) فَسَكَتَتْ (كَفَى) فِيهِ سُكُوتُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّوْجِ فِي الْإِذْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَكَذَا لَوْ قَالَ) لَهَا (أَيَجُوزُ أَنْ أُزَوِّجَك أَوْ تَأْذَنِينَ فَقَالَتْ لِمَ لَا يَجُوزُ أَوْ لِمَ لَا آذَنُ) كَفَى؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِرِضَاهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ سُكُوتِهَا وَلَا يَشْكُلُ بِقَوْلِ الْخَاطِبِ أَتُزَوِّجُنِي حَيْثُ لَمْ يَكُنْ اسْتِيجَابًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يُعْتَبَرُ فِيهِ اللَّفْظُ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْجَزْمُ وَإِذْنُ الْبِكْرِ يَكْفِي فِيهِ السُّكُوتُ فَكَفَى فِيهِ مَا ذُكِرَ مَعَ جَوَابِهَا (بِخِلَافِ الثَّيِّبِ) لَا بُدَّ مِنْ صَرِيحِ إذْنِهَا لِمَا مَرَّ (وَالْإِذْنُ مِنْهَا) لِلْوَلِيِّ (بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ جَائِزٌ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ (وَرُجُوعُهَا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْإِذْنِ (كَرُجُوعِ الْمُوَكِّلِ) عَنْ الْوَكَالَةِ فَلَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بَعْدَ رُجُوعِهَا وَقَبْلَ عِلْمِهِ لَمْ يَصِحَّ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ (فَرْعٌ لَوْ قَالَتْ) مَنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهَا فِي تَزْوِيجِهَا (رَضِيت بِمَنْ رَضِيَتْ بِهِ أُمِّي) أَوْ بِمَنْ اخْتَارَتْهُ (أَوْ بِمَا يَفْعَلُهُ أَبِي وَهُمْ فِي ذِكْرِ النِّكَاحِ كَفَى) وَفِي نُسْخَةٍ رَضِيت بِالتَّزْوِيجِ بِمَنْ رَضِيَتْ بِهِ أُمِّي أَوْ بِمَا يَخْتَارُهُ أَبِي كَفَى وَالْأُولَى أَوْلَى لِمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ (لَا إنْ قَالَتْ رَضِيت إنْ رَضِيَتْ أُمِّي أَوْ) رَضِيت (بِمَا تَفْعَلُهُ أُمِّي) فَلَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ الْأُمَّ لَا تَعْقِدُ وَلِأَنَّ الصِّيغَةَ الْأُولَى صِيغَةُ تَعْلِيقٍ (وَكَذَا) لَا يَكْفِي (رَضِيت إنْ رَضِيَ أَبِي إلَّا أَنْ تُرِيدَ) بِهِ رَضِيت (بِمَا يَفْعَلُهُ) فَيَكْفِي (وَإِنْ أَذِنَتْ بِكْرٌ) فِي تَزْوِيجِهَا (بِأَلْفٍ ثُمَّ اُسْتُؤْذِنَتْ) كَأَنْ قِيلَ لَهَا أَذِنْت فِي تَزْوِيجِك (بِخَمْسِمِائَةٍ فَسَكَتَتْ فَهُوَ رِضَا) أَيْ إذْنٌ بِقَيْدٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ بِقَوْلِهِ (إنْ كَانَ مَهْرَ مِثْلِهَا) وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قِيلَ ذَلِكَ لِأُمِّهَا وَهِيَ حَاضِرَةٌ فَسَكَتَتْ لَمْ يَكُنْ إذْنًا وَمَا قَالَهُ مَفْهُومٌ مِنْ الْفَرْعِ السَّابِقِ (السَّبَبُ الثَّالِثُ الْإِعْتَاقُ وَالرَّابِعُ السَّلْطَنَةُ فَالْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ يُزَوِّجُونَ كَالْأَخِ) لِخَبَرِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ فَيُزَوِّجُونَ الثَّيِّبَ الْبَالِغَةَ بِصَرِيحِ الْإِذْنِ وَلَا يُزَوِّجُونَ الصَّغِيرَةَ (وَالسُّلْطَانُ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بَالِغَةً بِكُفْءٍ عُدِمَ وَلِيُّهَا) الْخَاصُّ (أَوْ غَابَ) وَلِيُّهَا الْأَقْرَبُ مَسَافَةَ الْقَصْرِ كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بَلْ لَوْ شَهِدَتْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِثُيُوبَتِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَبْطُلْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ) قَدْ اغْتَرَّ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي الْمُهِمَّاتِ فَتَوَهَّمَ أَنَّهَا الْمَذْهَبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ وَجْهٌ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الرَّضَاعِ أَنَّهُ لَوْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَمَا زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بَيْنَنَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ أَنَّهَا إنْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهَا وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا وَهَذَا مِثْلُهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ مُفَرَّعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ ت يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْغَزِّيِّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ الْأَخْرَسُ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ فَكَالْمَجْنُونِ قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ وَلْيَكُنْ سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ فَلَوْ اسْتَأْذَنُوا بِكْرًا لِكُفْءٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ ظَنَّتْ غَيْرَ الْكُفْءِ كُفُؤًا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ) جَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ [فَرْعٌ اُسْتُؤْذِنَتْ بِكْرٌ فِي التَّزْوِيجِ بِدُونِ الْمَهْرِ] (قَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ فِيهِ سُكُوتُهَا لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ إلَخْ) وَيَصِحُّ نِكَاحُهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّيِّبِ لَا بُدَّ مِنْ صَرِيحِ إذْنِهَا لِمَا مَرَّ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهَا لَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ فِي النِّكَاحِ فَأَقَرَّتْ بِالْبُلُوغِ فَزُوِّجَتْ ثُمَّ قَالَتْ لَمْ أَكُنْ بَالِغَةً يَوْمَ أَقْرَرْت بِالْبُلُوغِ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا وَإِنْ قَالَتْ كُنْت مَجْنُونَةً إنْ عُرِفَ لَهَا جُنُونٌ سَابِقٌ قُبِلَ قَوْلُهَا وَإِلَّا فَلَا اهـ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأُولَى مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا مَمْنُوعٌ [فَرْعٌ قَالَتْ مَنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهَا فِي تَزْوِيجِهَا رَضِيت بِمَنْ رَضِيَتْ بِهِ أُمِّي أَوْ بِمَا يَفْعَلُهُ أَبِي] (قَوْلُهُ زَادَهُ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ) أَيْ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ السَّبَبُ الثَّالِثُ الْإِعْتَاقُ) لَوْ قَالَ الْوَلَاءُ لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَمَنْ لَمْ يُعْتِقْ الْمُزَوَّجَةَ بَلْ أَعْتَقَ أَصْلَهَا فِي وَلَاءِ الِانْجِرَارِ وَأَيْضًا فَإِعْتَاقُ الْإِمَامِ عَبْدَ بَيْتِ الْمَالِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ فَالْمُعْتَقُ وَعَصَبَتُهُ يُزَوِّجُونَ كَالْأَخِ) فَالْعَتِيقَةُ الْمَجْنُونَةُ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ دُونَ الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهَا كَمَا يُزَوِّجُ الْمَجْنُونَةَ الْبَالِغَةَ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا مُجْبِرٌ (قَوْلُهُ وَالسُّلْطَانُ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بَالِغَةً بِكُفْءٍ عُدِمَ وَلِيُّهَا وَغَابَ إلَخْ) أَوْصَلَ الْبُلْقِينِيُّ الصُّوَرَ الَّتِي يُزَوِّجُ فِيهَا الْحَاكِمُ إلَى عِشْرِينَ صُورَةً فَنَظَّمَهَا الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ بِقَوْلِهِ عِشْرُونَ زَوَّجَ حَاكِمٌ عُدِمَ الْوَلِيُّ، وَالْفَقْدُ وَالْإِحْرَامُ وَالْعَضْلُ السَّفَرُ حَبْسٌ تَوَارَ عِزَّةٌ وَنِكَاحُهُ أَوْ طِفْلَةٌ أَوْ جَاحِدٌ إذْ مَا قُهِرَ وَفَتَاةُ مَحْجُورٍ وَمَنْ جَنَتْ وَلَا أَبَ وَجَدَّ لِاحْتِيَاجٍ قَدْ ظَهَرَ أَمَّا الرَّشِيدَةُ لَا وَلِيَّ لَهَا وَبَيْتُ الْمَالِ مَعَ مَوْقُوفِهِ إذْ لَا ضَرَرَ مَعَ مُسْلِمَاتٍ عُلِّقَتْ أَوْ دُبِّرَتْ أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ كَانَ أَوْلَدَ مَنْ كَفَرَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 أَرَادَ نِكَاحَهَا) لِابْنِ عَمِّهَا وَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِبَقَاءِ الْأَقْرَبِ عَلَى وِلَايَتِهِ وَالتَّزْوِيجُ حَقٌّ عَلَيْهِ فَإِذَا تَعَذَّرَ مِنْهُ نَابَ عَنْهُ السُّلْطَانُ (فَإِنْ عَضَلَ الْوَلِيُّ) وَلَوْ مُجْبَرًا أَيْ مَنَعَ (بَالِغَةً) عَاقِلَةً مِنْ تَزْوِيجِهَا (أَمَرَهُ الْقَاضِي) بِهِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْهُ (أَوْ سَكَتَ) بِحَضْرَتِهِ (زَوَّجَهَا) كَمَا فِي الْغَائِبِ وَيَأْثَمُ بِالْعَضْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] (وَكَذَا) يُزَوِّجُهَا (إنْ اخْتَفَى أَوْ تَعَزَّزَ) أَوْ غَابَ غَيْبَةً لَا يُزَوِّجُ فِيهَا الْقَاضِي (وَأَثْبَتَتْ) أَيْ أَقَامَتْ (بِعَضْلِهِ) حِينَئِذٍ بَيِّنَةٌ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ (وَلَهُ الِامْتِنَاعُ) مِنْ التَّزْوِيجِ (لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ) فَلَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ مِنْهُ عَضْلًا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَوْ دَعَتْهُ إلَى عِنِّينٍ أَوْ مَجْبُوبٍ بِالْبَاءِ فَامْتَنَعَ كَانَ عَاضِلًا، وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ وَاعْتَبَرَ الْقَفَّالُ مَعَ الْكَفَاءَةِ أَنْ يَتَبَيَّنَ مَوْضِعَ الصَّلَاحِ لِلْمَرْأَةِ فِي مُنَاكَحَتِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ دَعَتْ إلَى رَجُلٍ وَادَّعَتْ كَفَاءَتَهُ وَقَالَ الْوَلِيُّ لَيْسَ بِكُفْءٍ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ ثَبَتَتْ كَفَاءَتُهُ لَزِمَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ فَإِنْ امْتَنَعَ زَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْهُ (لَا لِنُقْصَانِ الْمَهْرِ) أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ تَزْوِيجِهَا لِأَجْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ مَحْضُ حَقِّهَا. (وَالسُّلْطَانُ) هَلْ (يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ) الْعَامَّةِ (أَوْ النِّيَابَةِ) الشَّرْعِيَّةِ (وَجْهَانِ) حَكَاهُمَا الْإِمَامُ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالنِّيَابَةِ لَمَا زَوَّجَ مُوَلِّيَةَ الرَّجُلِ مِنْهُ، وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ لِغَيْبَةِ الْوَلِيِّ وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْقَاضِي نِكَاحَ مَنْ غَابَ عَنْهَا وَلِيُّهَا إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ زَوَّجَهُ أَحَدُ نُوَّابِهِ أَوْ قَاضٍ آخَرُ أَوْ بِالنِّيَابَةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا بِإِذْنِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ صَحَّ أَوْ بِالنِّيَابَةِ فَلَا، وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا وَلِيَّانِ وَالْأَقْرَبُ غَائِبٌ إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ قُدِّمَ عَلَيْهِ الْحَاضِرُ أَوْ بِالنِّيَابَةِ فَلَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَ الْفُرُوعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ وَبَعْضَهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ بِالنِّيَابَةِ وَأَنَّ فُرُوعَ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ وَقَدْ صَحَّحَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ لِلْغَيْبَةِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ) فَيُقَدِّمُ الْقَرَابَةَ ثُمَّ الْوَلَاءَ ثُمَّ السَّلْطَنَةَ (وَيُقَدِّمُ) مِنْ الْقَرَابَةِ (الْأَبَ ثُمَّ الْجَدَّ وَإِنْ عَلَا) ثُمَّ بَقِيَّةَ الْعَصَبَةِ (وَتَرْتِيبُهُمْ) هُنَا كَالْمِيرَاثِ أَيْ كَتَرْتِيبِهِمْ فِيهِ (إلَّا أَنَّ الِابْنَ لَا يُزَوِّجُ) أُمَّهُ (بِالْبُنُوَّةِ) إذْ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي النَّسَبِ فَلَا يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ وَلِهَذَا لَمْ تَثْبُتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ (بَلْ) يُزَوِّجُ (بِالْعُصُوبَةِ أَوْ بِالْوَلَاءِ أَوْ بِالْقَضَاءِ) وَلَا يَضُرُّ الْبُنُوَّةَ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٌ (وَالْجَدُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَخِ هُنَا) وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ وِلَايَةٌ وَالْجَدُّ أَوْلَى لِزِيَادَةِ شَفَقَتِهِ وَلِهَذَا اخْتَصَّ بِوِلَايَةِ الْمَالِ (وَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ مُقَدَّمٌ) عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ (كَمَا فِي الْإِرْثِ) وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَتَرْتِيبُهُمْ كَالْمِيرَاثِ (وَمَتَى كَانَ أَحَدُ الْعَصَبَةِ أَوْ) أَحَدُ (ذَوِي الْوَلَاءِ) الْمُسْتَوِينَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِنْ عَضَلَ الْوَلِيُّ بَالِغَةً إلَخْ) إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا دُعَتْ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا حُرَّةٌ حُرِّيَّةً مُسْتَقِرَّةً أَوْ مُبَعَّضَةً وَرَضِيَ الْمَالِكُ وَكَانَ دُعَاؤُهَا إلَى كُفْءٍ مُعَيَّنٍ قَدْ خَطَبَهَا وَكَانَ الْوَلِيُّ مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً وَحَصَلَ الِامْتِنَاعُ الْمُعْتَبَرُ بِحَيْثُ لَا يَقْتَضِي التَّفْسِيقَ فَخَرَجَ بِقَوْلِنَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا الْمُحَرَّمَةُ وَالْمُعْتَدَّةُ وَالْمُرْتَدَّةُ وَكُلُّ مَنْ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا لِمَانِعٍ وَبِحُرَّةٍ الْأَمَةُ وَبِحُرِّيَّةٍ مُسْتَقِرَّةٍ الْعَتِيقَةُ فِي الْمَرَضِ الَّتِي تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَبِقَوْلِنَا إلَى مُعَيَّنٍ قَدْ خَطَبَهَا مَا لَوْ دُعَتْ إلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ إلَى مُعَيَّنٍ لَمْ يَخْطُبْهَا وَبِقَوْلِنَا بِحَيْثُ لَا يَقْتَضِي التَّفْسِيقَ مَا إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِفِسْقِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا شَمِلَ مَا لَوْ عَيَّنَتْ كُفُؤًا وَامْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا، وَقَالَ فُلَانٌ أَكْفَأُ مِنْهُ وَمَا لَوْ قَالَتْ زَوِّجْنِي مِنْ هَذَا الْكُفْءِ فَقَالَ لَا أُزَوِّجُك إلَّا مِمَّنْ هُوَ أَكْفَأُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّرْكَشِيُّ) ضَعِيفٌ. (تَنْبِيهٌ) هَلْ لَنَا حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ يُزَوِّجُ امْرَأَةً بِوِلَايَةِ الْحُكْمِ وَهِيَ فِي بَلَدٍ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُتَصَوَّرُ بِصُورَتَيْنِ الْأُولَى إذَا كَانَ لِيَتِيمٍ أَمَةٌ وَكَانَ الْيَتِيمُ مُقِيمًا مَثَلًا بِالْمَحَلَّةِ وَأَمَتُهُ مَثَلًا مُقِيمَةٌ بِدِمْيَاطَ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ بِالْبَيْعِ وَالنُّمُوِّ لِحَاكِمِ بَلَدِهِ وَهِيَ الْمَحَلَّةُ وَحَاكِمُ بَلَدِ الْمَالِ وَهِيَ دِمْيَاطُ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ سِوَى بِالْحِفْظِ وَالتَّعَهُّدِ كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ فَحِينَئِذٍ إذَا تَزَوَّجَتْ أَمَتُهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا حَاكِمُ بَلَدِهِ وَالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ مُقِيمَةٌ بِالْمَحَلَّةِ مَثَلًا وَلَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ سِوَى الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَلَهَا أَمَةٌ مُقِيمَةٌ بِدِمْيَاطَ مَثَلًا فَإِنَّ الَّذِي يُزَوِّجُ أَمَتَهَا هُوَ الْحَاكِمُ الَّذِي لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى سَيِّدَتِهَا (قَوْلُهُ وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْقَاضِي إلَخْ) وَمَا لَوْ كَانَتْ بِبَلَدٍ وَأَذِنَتْ لِحَاكِمِ بَلَدٍ آخَرَ فِي تَزْوِيجِهَا وَالْوَلِيُّ فِيهِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ امْتَنَعَ أَوْ بِالنِّيَابَةِ جَازَ وَمَا لَوْ اكْتَفَيْنَا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْعَضْلِ فَزَوَّجَ الْقَاضِي ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرُجُوعِهِ قَبْلَ تَزْوِيجِهِ فَإِنْ قُلْنَا بِالنِّيَابَةِ خَرَجَ عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي انْعِزَالِ الْقَاضِي قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَزْلِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمِنْ فَوَائِدِهِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ الْغَائِبَ زَوَّجَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي زَوَّجَهَا فِيهِ الْحَاكِمُ فَإِنْ قُلْنَا بِالنِّيَابَةِ قُدِّمَ تَزْوِيجُ الْوَلِيِّ اهـ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ جَعَلَ حُكْمَ تَزْوِيجِ الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ مَعًا حُكْمَ تَزْوِيجِ الْوَلِيَّيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ وَقَدْ صَحَّحَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ] مَبْحَثٌ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ) (قَوْلُهُ فَتُقَدَّمُ الْقَرَابَةُ) وَإِنْ طَرَأَ سَفَهُ الْمَرْأَةِ بَعْدَ بُلُوغِهَا وَنَسَبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الْوَهْمِ فِي قَوْلِهِ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ الْأَبُ) ؛ لِأَنَّ سَائِرَ أَوْلِيَاءِ النَّسَبِ يُدْلُونَ بِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْجَدُّ) عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ أَوْ عِنْدَ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ وُلِدَ لَهُ بِنْتٌ فِي كَمَالِ التَّاسِعَةِ فَإِنَّهَا تَلْحَقُ بِهِ وَلَا يَحْكُمُ بِبُلُوغِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ بِخِلَافِ النَّسَبِ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْجَدَّ بَعْدَ الْأَبِ عَلَى سَائِرِ الْعَصَبَاتِ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْوِلَادَةِ مَعَ مُشَارَكَتِهِمْ فِي الْعُصُوبَةِ (قَوْلُهُ إذْ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي النَّسَبِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُدْلِي بِأَبِيهِ وَأَبُوهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّهُ زَوْجٌ وَالزَّوْجُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَالْأُمُّ لَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا فَكَذَا مَنْ يُدْلِي بِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَرَّعُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ. (قَوْلُهُ بَلْ بِالْعُصُوبَةِ أَوْ بِالْوَلَاءِ أَوْ بِالْقَضَاءِ) أَيْ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا إذَا كَانَ ابْنَ ابْنِ عَمٍّ أَوْ كَانَ أَخًا فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ نِكَاحِ الْمَجُوسِ أَوْ كَانَ ابْنَ ابْنِ أَخِيهَا أَوْ كَانَ عَمًّا لَهَا أَوْ كَانَ مُعْتِقًا أَوْ ابْنَ مُعْتِقٍ أَوْ كَانَ قَاضِيًا أَوْ عَاقِدًا أَوْ مُحَكَّمًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 (أَخًا لِأُمٍّ أَوْ ابْنًا قُدِّمَ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ (فَإِنْ اجْتَمَعَا) بِأَنْ كَانَ لَهَا ابْنَا ابْنِ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخُوهَا مِنْ أُمِّهَا وَالْآخَرُ ابْنُهَا (فَالِابْنُ) مُقَدَّمٌ لِذَلِكَ (وَيُقَدَّمُ عَصَبَةٌ أُعْتِقَ) فَلَوْ كَانَ لَهَا ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا مُعْتَقٌ قُدِّمَ الْمُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى عُصُوبَةً وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ ابْنَ عَمٍّ لِأَبٍ وَالْآخَرُ شَقِيقًا قُدِّمَ الشَّقِيقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ (فَصْلٌ الْمُعْتَقُ إنْ عُدِمَتْ الْعَصَبَةُ) النِّسْبِيَّة (وَهُوَ رَجُلٌ فَالْوِلَايَةُ لَهُ ثُمَّ لِعَصَبَاتِهِ كَتَرْتِيبِ) عَصَبَاتِ (النَّسَبِ وَ) لَكِنْ (يُقَدَّمُ الْأَخُ ثُمَّ ابْنُهُ هُنَا عَلَى الْجَدِّ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُقَدَّمُ الْعَمُّ عَلَى أَبِ الْجَدِّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ (وَابْنُ الْمُعْتَقِ يُزَوِّجُ) بَعْدَهُ (وَيُقَدَّمُ عَلَى أَبٍ الْمُعْتَقِ) ؛ لِأَنَّ التَّعْصِيبَ لَهُ وَلَوْ قَالَ كَتَرْتِيبِ الْإِرْثِ لَمَا احْتَاجَ لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ (وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ فِي حَيَاتِهَا) بِإِذْنِهَا (مَنْ يُزَوِّجُهَا) بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهَا تَبَعًا لِوِلَايَتِهِ عَلَى مُعْتِقَتِهَا (وَلَوْ لَمْ تَرْضَ) مُعْتِقَتُهَا إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا ابْنُ الْمُعْتَقَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَالْمُعْتَقَةُ مُسْلِمَةٌ وَوَلِيُّهَا كَافِرٌ لَا يُزَوِّجُهَا، وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً وَالْمُعْتَقَةُ كَافِرَةٌ وَوَلِيُّهَا كَافِرٌ زَوَّجَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا (فَإِنْ مَاتَتْ زَوَّجَهَا ابْنُهَا ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ أَبُوهَا عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَةِ) أَيْ عَصَبَةِ الْوَلَاءِ وَتَبَعِيَّةُ الْوِلَايَةِ انْقَطَعَتْ بِالْمَوْتِ (فَرْعٌ وَإِنْ أَعْتَقَهَا اثْنَانِ اُشْتُرِطَ رِضَاهُمَا) فَيُوَكِّلَانِ أَوْ يُوَكِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ يُبَاشِرَانِ مَعًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى بَعْضِهَا فَكَمَا يُعْتَبَرُ اجْتِمَاعُهُمَا عَلَى التَّزْوِيجِ قَبْلَ الْعِتْقِ يُعْتَبَرُ بَعْدَهُ (وَيُزَوِّجُهَا مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ مَعَ السُّلْطَانِ فَإِنْ مَاتَا) اُشْتُرِطَ فِي تَزْوِيجِهَا (اثْنَانِ مِنْ عَصَبَتِهِمَا) وَاحِدٌ مِنْ عَصَبَةِ أَحَدِهِمَا وَآخَرُ مِنْ عَصَبَةِ الْآخَرِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَفَى مُوَافَقَةُ أَحَدِ عَصَبَتِهِ لِلْآخَرِ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُهُ الْآخَرُ اسْتَقَلَّ بِتَزْوِيجِهَا وَلَوْ اجْتَمَعَ عَدَدٌ مِنْ عَصَبَاتِ الْمُعْتَقِ فِي دَرَجَةٍ كَبَنِينَ وَإِخْوَةٍ كَانُوا كَالْإِخْوَةِ فِي النَّسَبِ فَإِذَا زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَاهَا صَحَّ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْآخَرِينَ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ) لَهَا (خُنْثَى) مُشْكِلًا (زَوَّجَهَا أَبُوهُ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِ بِتَرْتِيبِهِمْ (بِإِذْنِهِ) لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ فَيَكُونُ قَدْ زَوَّجَهَا وَكِيلُهُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ وَوَلِيُّهَا بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْحَاوِي وَالْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِمَا وُجُوبُ إذْنِهِ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَهَا أَبُوهُ بِإِذْنِهِ انْتَهَى لَكِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: فَلَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ خُنْثَى مُشْكِلًا زَوَّجَ الْأَبْعَدُ وَالْخُنْثَى كَالْمَعْقُودِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِهِ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَ السُّلْطَانُ فَلَوْ عَقَدَ الْخُنْثَى فَبَانَ ذَكَرًا صَحَّ كَمَا مَرَّ (فَصْلٌ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ يُزَوِّجُهَا الْمَالِكُ مَعَ الْعَصَبَةِ) الْقَرِيبِ (ثُمَّ) مَعَ (مُعْتِقِ الْبَعْضِ ثُمَّ) مَعَ (عَصَبَتِهِ ثُمَّ) مَعَ (السُّلْطَانِ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ عَصَبَتِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ) وَهِيَ الرِّقُّ وَمَا يَسْلُبُ النَّظَرَ وَالْبَحْثُ عَنْ أَحْوَالِ الزَّوْجِ وَالْفِسْقُ وَاخْتِلَافُ الدِّينِ وَالْإِحْرَامُ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ فَأَمَةُ الْمُبَعَّضِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ لَا تُزَوَّجُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا بِلَا آذِنٍ لَا يَجُوزُ وَبَابُ التَّزْوِيجِ مُنْسَدٌّ عَلَيْهِ لِرِقِّهِ، وَلَوْ جَازَ التَّزْوِيجُ بِإِذْنِهِ لِكَوْنِهَا لِبَعْضِهِ لَجَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَأَقَرَّهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ بِالْوِلَايَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ زَوَّجَهَا بِهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْمُعْتَقُ إنْ عُدِمَتْ الْعَصَبَةُ النَّسَبِيَّةُ وَهُوَ رَجُلٌ] قَوْلُهُ كَتَرْتِيبِ النَّسَبِ) فِي نُسْخَةٍ فِي التَّزَوُّجِ (قَوْلُهُ كَتَرْتِيبِ الْإِرْثِ) أَيْ إرْثِ عَصَبَاتِ الْمُعْتِقِ (قَوْلُهُ وَيُزَوِّجُ عَتِيقُ الْمَرْأَةِ فِي حَيَاتِهَا بِإِذْنِهَا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَيَكْفِي سُكُوتُ الْبِكْرِ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهُوَ وَاضِحٌ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ الْمُسَمَّى بِالدِّيبَاجِ فِي تَوْضِيحِ الْمِنْهَاجِ خَالَفَهُ فَقَالَ وَلَا يَكْفِي سُكُوتُهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَلَمْ أَقِفْ لِغَيْرِهِ عَلَى تَصْرِيحٍ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلْيُحَرَّرْ وَلَوْ أَعْتَقَ جَارِيَةً وَأَعْتَقَتْ هِيَ جَارِيَةً وَلِلْمُعْتِقَةِ ابْنٌ فَوِلَايَةُ الثَّانِيَةِ لِمُعْتِقِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ الْوَلِيِّ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ بَابِ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ وَوَلِيُّهَا كَافِرٌ لَا يُزَوِّجُهَا) فَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا زَوَّجَهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ، وَقَالَ فِي الْعُبَابِ لَوْ أَعْتَقَتْ مُسْلِمَةٌ أَمَةً كَافِرَةً وَلَهَا أَخٌ كَافِرٌ أَوْ عَكْسُهُ زَوَّجَ الْأَخُ الْعَتِيقَةَ دُونَ الْمُعْتِقَةِ. (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وِلَايَةِ التَّزْوِيجِ اتِّحَادُ دِينِ الْمُزَوِّجِ وَالْمُزَوَّجَةَ الَّتِي هِيَ الْعَتِيقَةُ لَا اتِّحَادُ دِينِ الْمُعْتِقَةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا) فَلَوْ قَالَ يُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ لَاسْتَقَامَ وَكَانَ عَدْلٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ الْمُعْتِقَةِ يُزَوِّجُ فِي حَيَاتِهَا وَيُقَدَّمُ عَلَى الْأَبِ وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ إلَخْ) قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَرِيبُ خُنْثَى مُشْكِلًا أَنْ يُزَوِّجَ الْبَعِيدُ بِإِذْنِهِ لِاحْتِمَالِ الذُّكُورَةِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْحَاوِي وَالْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِمَا وُجُوبُ إذْنِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ يُزَوِّجُهَا الْمَالِكُ مَعَ الْعَصَبَةِ الْقَرِيبِ ثُمَّ مَعَ مُعْتِقِ الْبَعْضِ ثُمَّ مَعَ عَصَبَتِهِ ثُمَّ مَعَ السُّلْطَانِ] (مَبْحَثٌ، الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ) (قَوْلُهُ وَهِيَ الرِّقُّ إلَخْ) مَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ بِبَعْضِ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الصَّيْمَرِيَّ إلَى الْحَبَشَةِ فَتَزَوَّجَ لَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ زَوَّجَهَا مِنْهُ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنُ الْعَاصِ» كَمَا قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ أَوْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ كَمَا قَالَهُ عُرْوَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَكِلَاهُمَا ابْنُ عَمِّ أَبِيهَا وَكَانَ أَبُوهَا كَافِرًا حَيًّا وَهَذِهِ الْقَضِيَّةُ أَجْمَعَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْمَغَازِي وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْكُفْرِ قِسْنَا عَلَيْهِ الْبَاقِيَ وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ فَادَّعَى الْأَقْرَبُ أَنَّهُ زَوَّجَ بَعْدَ تَأَهُّلِهِ، وَقَالَ الْأَبْعَدُ بَلْ قَبْلَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِمَا وَالرُّجُوعُ فِيهِ إلَى قَوْلِ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُمَا فَلَمْ يُقْبَلْ فِيهِ قَوْلُ غَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ) لِنَقْصِهِ بِالرِّقِّ فَلَا يَتَفَرَّغُ لِلْبَحْثِ وَالنَّظَرِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ إلَخْ) قَالَ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ الْعَقْدَ مُمْتَنِعَةٌ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ مَا لَمْ يَكْمُلْ الْحُرِّيَّةَ وَإِذَا امْتَنَعَتْ مُبَاشَرَتُهُ امْتَنَعَتْ إنَابَتُهُ غَيْرَهُ وَتَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مُمْتَنِعٌ فَانْسَدَّ بَابُ تَزْوِيجِهَا اهـ فَتَبَيَّنَ بِتَعْلِيلِهِ أَنَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ إلَخْ) لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي تَهْذِيبِهِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ فَيَخْرُجُ كَلَامُهُ فِيهَا عَلَى رَأْيِهِ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ السَّيِّدَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 كَالْمُكَاتَبِ قَالَ وَأَمَّا أَمَةُ الْمُبَعَّضَةِ فَيُزَوِّجُهَا مَنْ يُزَوِّجُ الْمُبَعَّضَةَ بِإِذْنِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا مَالِكُ الْبَعْضِ مَعَ وَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مَنْ يُزَوِّجُهَا لَوْ كَاتَبَ حُرَّةً (وَ) لَا (صَبِيٍّ) لِسَلْبِ عِبَارَتِهِ (وَ) لَا (ذِي جُنُونٍ فِي حَالَتِهِ) أَيْ الْجُنُونِ (وَلَوْ تَقَطَّعَ) لِذَلِكَ وَتَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ فِي الْمُتَقَطِّعِ قَالَ الْإِمَامُ وَإِذَا قَصَرَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا لَمْ يَكُنْ الْحَالُ حَالَ تَقَطُّعٍ؛ لِأَنَّ السُّكُونَ الْيَسِيرَ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَ إطْبَاقِ الْجُنُونِ وَإِذَا قَصَرَ زَمَنُ الْجُنُونِ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَنْقُلُ الْوِلَايَةَ بَلْ يَنْتَظِرُ كَنَظِيرِهِ فِي الْحَضَانَةِ (وَذِي أَلَمٍ يَشْغَلُ عَنْ النَّظَرِ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا لِمُخْتَلٍّ وَلَوْ عَقِبَ إفَاقَتِهِ) أَيْ وَلَا وِلَايَةَ لِذِي أَلَمٍ يَشْغَلُهُ عَمَّا ذُكِرَ وَلَا لِمَنْ اخْتَلَّ نَظَرُهُ لِهَرَمٍ أَوْ خَبَلٍ جَبَلِيٍّ أَوْ عَارِضٍ وَلَا لِمَنْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ وَبَقِيَتْ آثَارُ خَبَلٍ يَحْمِلُ مِثْلَهَا مِمَّنْ لَا يَعْتَرِيهِ جُنُونٌ عَلَى حِدَّةِ خَلْقٍ لِعَجْزِهِمْ عَنْ الْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ الْأَزْوَاجِ وَمَعْرِفَةِ الْكُفْءِ مِنْهُمْ. وَاعْتَرَضَ الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ بِأَنَّ سُكُونَ الْأَلَمِ لَيْسَ بِأَبْعَدَ مِنْ إفَاقَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِذَا انْتَظَرْنَا الْإِفَاقَةَ فِي الْإِغْمَاءِ وَجَبَ أَنْ يَنْتَظِرَ السُّكُونَ هُنَا وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الِانْتِظَارِ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ لَا الْأَبْعَدُ كَمَا فِي صُورَةِ الْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّ أَهْلِيَّةَ الِانْتِظَارِ بَاقِيَةٌ وَشِدَّةُ الْأَلَمِ الْمَانِعَةُ مِنْ النَّظَرِ كَالْغَيْبَةِ وَأَجَابَ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ لِلْإِغْمَاءِ أَمَدًا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَجَعَلَ مَرَدًّا بِخِلَافِ سُكُونِ الْأَلَمِ وَإِنْ احْتَمَلَ زَوَالَهُ وَعَنْ الثَّانِي بِمَنْعِ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ وَلَيْسَ كَالْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ يَقْدِرُ عَلَى التَّزْوِيجِ مَعَهَا وَلَا كَذَلِكَ مَعَ دَوَامِ الْأَلَمِ الْمَذْكُورِ (وَلَا مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) ؛ لِأَنَّهُ لِنَقْصِهِ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَزُولَ وِلَايَتُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَالْقَاضِي مُجَلِّي وَغَيْرِهِ مِنْهُمَا زَوَالُهَا وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ (لَا فَلَسٍ) أَيْ لَا الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ لِكَمَالِ نَظَرِهِ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ لَا لِنَقْصٍ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَذْكُورِينَ قَبْلَهُ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ (بَلْ تَكُونُ) الْوِلَايَةُ (لِلْأَبْعَدِ) وَلَوْ فِي بَابِ الْوَلَاءِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ شَخْصٌ أَمَةً وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَأَخٍ كَبِيرٍ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ كَمَا حَرَّرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. (وَلَا يُبْطِلُهَا إغْمَاءٌ وَسُكْرٌ بِعُذْرٍ وَلَوْ طَالَ) زَمَنُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا قَرِيبَا الزَّوَالِ كَالنَّوْمِ (بَلْ تُنْتَظَرُ الْإِفَاقَةُ) لِلْمُتَلَبِّسِ بِهِمَا كَالنَّائِمِ نَعَمْ إنْ دَعَتْ حَاجَتُهَا إلَى النِّكَاحِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ: زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يُخَالِفُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ بِعُذْرٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْأَعْمَى وَالْأَخْرَسُ الْمُفْهِمُ) مُرَادُهُ لِغَيْرِهِ (بِالْإِشَارَةِ) الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونَ (يُزَوِّجَانِ كَمَا يَتَزَوَّجَانِ) لِقِيَامِ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ مَقَامَ النُّطْقِ فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَ الْعَمَى مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الْأَكْفَاءِ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسَّمَاعِ، وَإِنَّمَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا لِتَعَذُّرِ الْأَدَاءِ مِنْ الْأَخْرَسِ وَالتَّحَمُّلِ مِنْ الْأَعْمَى وَلِهَذَا لَوْ تَحَمَّلَ قَبْلَ الْعَمَى قُبِلَتْ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ لِلْأَخْرَسِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَ الْأَصْلُ مَعَ الْإِشَارَةِ الْكِتَابَةَ فَقَالَ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ أَنَّ لِلْأَعْمَى أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَجْرِيَ الْخِلَافُ فِي وِلَايَةِ الْأَخْرَسِ الَّذِي لَهُ كِتَابَةٌ أَوْ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا يُنَافِي اعْتِبَارَهُ لَهَا تَرْكُ الْمُصَنِّفِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَهُ فِي وِلَايَتِهِ لَا فِي تَزْوِيجِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَاتِبًا تَكُونُ الْوِلَايَةُ لَهُ فَيُوَكِّلُ بِهَا مَنْ يُزَوِّجُ وَالْمُصَنِّفُ نَظَرَ إلَى تَزْوِيجِهِ لَا إلَى وِلَايَتِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ بِهَا. (وَكَذَا يُزَوِّجُ ذُو الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ) مُطْلَقًا وَيُفَارِقُ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَتِهِ إذَا لَمْ تَلْقَ بِهِ حِرْفَتُهُ بِأَنَّ بَابَ الشَّهَادَةِ أَضْيَقُ كَمَا سَيَتَّضِحُ بِمَا يَأْتِي قَرِيبًا (وَالْفَاسِقُ غَيْرُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ تَنْتَقِلُ وِلَايَتُهُ) بِفِسْقِهِ (إلَى الْأَبْعَدِ) ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ   [حاشية الرملي الكبير] لَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الَّتِي لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا كا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا مَالِكُ الْبَعْضِ مَعَ وَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَلِي نِكَاحَ سَيِّدَتِهَا (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَزُولَ وِلَايَتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ بَقَاءُ وِلَايَتِهِ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ، وَقَالَ الْأَصْبَحِيُّ فِي فَتَاوِيهِ الْفَتْوَى بِصِحَّةِ نِكَاحِ السَّفِيهِ وَجَمِيعِ تَصَرُّفَاتِهِ وَمَنْ قَالَ بِغَيْرِ هَذَا فَقَدْ قَالَ مَا لَا يَعْلَمُ وَخَالَفَ الْعَامَّةَ وَقَدْ أَفْتَى أَكَابِرُ أَئِمَّتِنَا بِذَلِكَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي نِكَاحِهِ قَبْلَ إعَادَةِ الْحَجْرِ وَجْهَانِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ (قَوْلُهُ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ كَمَا حَرَّرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) قَالَ فِيهِ وَهُوَ مَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ تَفَقُّهًا حَيْثُ قَالَ لَا أَعْلَمُ فِي هَذِهِ نَصًّا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَخِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْوَلَاءِ فَرْعُ وِلَايَةِ النَّسَبِ اهـ لَكِنْ نَقَلَ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَأَبٍ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَبِ فَلَا يُزَوِّجُ أَيْ وَإِنَّمَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيّ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ فَقَدْ نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاخْتَلَفَ فِيهَا الْمُفْتُونَ وَالظَّاهِرُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ لَكِنْ فِيهَا نُصُوصٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُزَوِّجُ هُوَ الْأَبْعَدُ وَهُوَ الصَّوَابُ. اهـ وَفِي مُقَابَلَةِ الظَّاهِرِ وَالِاحْتِيَاطِ بِالصَّوَابِ نَظَرٌ ش وَقَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بَلْ تُنْتَظَرُ الْإِفَاقَةُ) جَعَلُوا الْإِغْمَاءَ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ السَّوَالِبِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ طُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا وَهَاهُنَا انْتَظَرُوا قَالَ شَيْخُنَا رُبَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَتَعَاطَى حَقَّ غَيْرِهِ وَالْوَلِيَّ حَقَّ نَفْسِهِ فَاحْتِيطَ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ مَا لَمْ يُحْتَطْ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ إذْ الْمُوَكِّلُ إمَّا أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ وَإِمَّا أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بِانْعِزَالِ الْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ قَدْ لَا يُوجَدُ مَنْ يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ كَهُوَ كا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يُخَالِفُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَوْ تَحَمَّلَ قَبْلَ الْعَمَى قُبِلَتْ) فَيَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْأَعْمَى عُقُودَ النِّكَاحِ وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الْعِرَاقِيِّ بِمَنْعِهَا (قَوْلُهُ وَالْفَاسِقُ غَيْرُ الْإِمَامِ إلَخْ) إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ وِلَايَةِ الْفَاسِقِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فِي غَيْرِ الْكُفْءِ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ وَيَكُونُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ قَالَ فِي الْمُذَاكَرَةِ عَنْ الْفَقِيه أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عُجَيْلٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وَعَنْ الْفَقِيه إسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَالَ الْأَصْبَحِيُّ وَمَا قَالَهُ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ أَوْلَى بَلْ قِيلَ بِرُجُوعِ الْفَقِيهِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَمَّا قَالَهُ مِنْ اعْتِبَارِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ تَنْتَقِلُ وِلَايَتُهُ إلَى الْأَبْعَدِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 فَيَمْنَعُ الْوِلَايَةَ كَالرِّقِّ (وَالْمُخْتَارُ) عِنْدَ النَّوَوِيِّ كَابْنِ الصَّلَاحِ مَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ (بَقَاؤُهَا) لِلْفَاسِقِ (إنْ كَانَتْ تَنْتَقِلُ إلَى حَاكِمٍ مُفَسَّقٍ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ مُرْتَكِبٍ مَا يَفْسُقُ بِهِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ (وَإِنْ لَمْ يَلِ مَالَ وَلَدِهِ) أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَا يَقْدَحُ فِسْقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ فَعَلَيْهِ إنَّمَا يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ غَيْرُهُ كَبَنَاتِ غَيْرِهِ (وَيُزَوِّجُ الْفَاسِقُ نَفْسَهُ) ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَضُرَّ بِهَا وَيُحْتَمَلُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلِهَذَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ (وَلَا يَفْسُقُ بِالْعَضْلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْكَبَائِرِ (إلَّا إذَا تَكَرَّرَ مَرَّاتٍ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَقَلُّهَا فِيمَا حَكَى بَعْضُهُمْ ثَلَاثٌ وَحِينَئِذٍ فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ (وَلَوْ تَابَ الْفَاسِقُ لَمْ يُزَوَّجْ فِي الْحَالِ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ كَذَا قَاسَهُ الْأَصْلُ عَلَى الشَّهَادَاتِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ فِي الْحَالِ وَكَذَا ذَكَرَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَذَكَرَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ نَحْوَهُ فِي الْعَضْلِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَدَالَةُ الَّتِي هِيَ مَلَكَةٌ تُحْمَلُ عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى وَالِاسْتِبْرَاءُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَبِأَنَّهُ بِالتَّزْوِيجِ فِي الْعَضْلِ زَالَ مَا لِأَجْلِهِ عَصَى وَفَسَقَ قَطْعًا بِخِلَافِ تَوْبَتِهِ عَنْ فِسْقٍ آخَرَ لِجَوَازِ بَقَائِهِ عَلَيْهِ بَاطِنًا فَافْتَقَرَ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ وَبِأَنَّ فِسْقَ الْوَلِيِّ مَخْصُوصٌ فَتَوْبَتُهُ مَخْصُوصَةٌ كَمَا فِي الْقَاذِفِ تَوْبَتُهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْقَذْفِ وَيَقُولَ قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ (وَلَا يُزَوِّجُ الْكَافِرُ مُسْلِمَةً) إذْ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا (وَكَذَا) لَا يُزَوِّجُ (مُسْلِمٌ كَافِرَةً) لِذَلِكَ (إلَّا سَيِّدٌ) مُسْلِمٌ فَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ (أَوْ وَلِيُّهُ) أَيْ السَّيِّدِ ذَكَرًا مُطْلَقًا أَوْ أُنْثَى مُسْلِمَةً فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ (أَوْ قَاضٍ) فَيُزَوِّجُ نِسَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إمَّا (لِعَدَمِ الْوَلِيِّ الْكَافِرِ) لَهَا أَوْ لِسَيِّدِهَا وَإِمَّا لِعَضْلِهِ (وَلَا يُزَوِّجُ قَاضِيهِمْ وَالزَّوْجُ مُسْلِمٌ) بِخِلَافِ الزَّوْجِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ وَإِنْ صَدَرَ مِنْ قَاضِيهِمْ (وَلَوْ تَزَوَّجَ أَوْ زَوَّجَ الْيَهُودِيُّ نَصْرَانِيَّةً) أَوْ النَّصْرَانِيُّ يَهُودِيَّةً (صَحَّ) كَالْإِرْثِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] وَذِكْرُ الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا التَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِيهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَبِهِ قَطَعَ أَصْحَابُنَا وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالْإِرْثِ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِحَرْبِيٍّ عَلَى ذِمِّيَّةٍ وَبِالْعَكْسِ وَأَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ كَالذِّمِّيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَمُرْتَكِبُ الْمُحَرَّمِ) الْمُفَسَّقُ (فِي دِينِهِ) مِنْ أَوْلِيَاءِ الْكَافِرَةِ (كَالْفَاسِقِ عِنْدَنَا) فَلَا يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرْتَكِبْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَسْتُورًا فَيُزَوِّجُهَا كَمَا تَقَرَّرَ وَفَرَّقُوا بَيْنَ وِلَايَتِهِ وَشَهَادَتِهِ حَيْثُ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَرْتَكِبْ ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ مَحْضُ وِلَايَةٍ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا يُؤَهَّلُ لَهَا الْكَافِرُ وَالْوَلِيُّ فِي التَّزْوِيجِ كَمَا يَرْعَى حَظَّ مُوَلِّيَتِهِ يَرْعَى حَظَّ نَفْسِهِ أَيْضًا فِي تَحْصِينِهَا وَدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ (فَرْعٌ لِلْمُسْلِمِ تَوْكِيلُ نَصْرَانِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ فِي نِكَاحِ نَصْرَانِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا يَقْبَلَانِ نِكَاحَهَا لِأَنْفُسِهِمَا (لَا) فِي نِكَاحِ (مُسْلِمَةٍ) إذْ لَا يَجُوزُ لَهُمَا نِكَاحُهُمَا بِحَالٍ (بِخِلَافِ) تَوْكِيلِهِمَا فِي (طَلَاقِهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا طَلَاقُهُمَا بِأَنْ أَسْلَمَتْ كَافِرَةً بَعْدَ الدُّخُولِ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ قَدَّمَهَا فِي الْوَكَالَةِ أَيْضًا (وَلِلنَّصْرَانِيِّ وَنَحْوِهِ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ فِي نِكَاحِ نَصْرَانِيَّةٍ) وَنَحْوِهَا لِمَا مَرَّ أَوَّلًا (لَا) فِي نِكَاحِ (مَجُوسِيَّةٍ) وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا بِحَالٍ فَهُوَ كَالْعَبْدِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّزْوِيجِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِيهِ (وَلِلْمُعْسِرِ تَوْكِيلُ الْمُوسِرِ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ) ؛ لِأَنَّ الْمُوسِرَ مِنْ أَهْلِ نِكَاحِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِي الْحَالِ لِمَعْنًى فِيهِ فَهُوَ كَمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَكَّلَهُ رَجُلٌ لِيَقْبَلَ لَهُ نِكَاحَ امْرَأَةٍ (وَلَا وِلَايَةَ لِمُرْتَدٍّ مُطْلَقًا) أَيْ لَا عَلَى مُسْلِمَةٍ وَلَا مُرْتَدَّةٍ وَلَا غَيْرِهِمَا لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (وَإِحْرَامُ الْوَلِيِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِذَا نَقَلْنَا الْوِلَايَةَ بِالْفِسْقِ وَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ الْمُنَاسِبُ إلَّا الْمُعْتَقُ زَوَّجَ السُّلْطَانُ دُونَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» ش وَقَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ مُرْتَكِبُ مَا يَفْسُقُ بِهِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ) إذْ الْفِسْقُ قَدْ عَمّ الْعِبَادَ وَالْبِلَادَ (قَوْلُهُ فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ إلَخْ) مَا وَقَعَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ مِنْ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ بِالْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ لَمْ أَقِفْ عَلَى مُسْتَنَدِهِ وَاَلَّذِي فِي الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا حِكَايَةُ الْوَجْهَيْنِ وَالتَّرْجِيحُ فِي تَزْوِيجِهِ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَجَعَلَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ التَّقْيِيدَ بِالْعَامَّةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْخَاصَّةِ حَتَّى لَا يُزَوِّجَ بِنْتَه وَنَحْوَهَا إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ وَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِهِ إذَا حَضَرَ شَاهِدًا بِالِاتِّفَاقِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي كَمَا لَوْ شَهِدَ بِحَقٍّ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِشَهَادَتِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَأَيْضًا فَإِنَّا لَا نَجِدُ إمَامًا عَادِلًا غَيْرَهُ وَنَجِدُ عَدْلًا شَاهِدًا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ أَقَلُّهَا فِيمَا حَكَى بَعْضُهُمْ ثَلَاثٌ) هَلْ الْمُرَادُ بِالثَّلَاثِ الْأَنْكِحَةِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَرَضِ الْحَاكِمِ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ وَاحِدٍ فِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي ش (قَوْلُهُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ فِي الْحَالِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا ذَكَرَ الْخُوَارِزْمِيَّ) أَيْ وَأَبُو الْفَرَجِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ [تَزْوِيج الْكَافِرُ لِلْمُسْلِمَةِ] (قَوْلُهُ وَلَا يُزَوِّجُ الْكَافِرُ مُسْلِمَةً إلَخْ) قَالَ الْقَفَّالُ فِي الْمَحَاسِنِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ أَصْلَ الْوِلَايَاتِ تَتَعَلَّقُ بِاتِّفَاقِ الْأَدْيَانِ إذْ لَا عَدَاوَةَ أَشَدُّ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الدِّينِ فَوَقَعَتْ التُّهْمَةُ فِي الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْمُسْتَأْمِنَ) أَيْ وَالْمُعَاهَدُ كَالذِّمِّيِّ أَيْ كَمَا صَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ [فَرْعٌ لِلْمُسْلِمِ تَوْكِيلُ نَصْرَانِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ فِي نِكَاحِ نَصْرَانِيَّةٍ] (قَوْلُهُ وَإِحْرَامُ الْوَلِيِّ إلَخْ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكِحُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْكَافُ مَكْسُورَةٌ فِيهِمَا وَالْيَاءُ مِنْ الْأَوَّلِ مَفْتُوحَةٌ وَمِنْ الثَّانِي مَضْمُومَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا كَمَا لَا يَصِحُّ إنْكَاحُ الْمُحْرِمِ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِعَبْدِهِ الْحَلَالِ فِي النِّكَاحِ وَلَا إذْنُ الْمُحْرِمَةِ لِعَبْدِهَا فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِابْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الْوَلِيُّ الْمُحْرِمُ لِلسَّفِيهِ فِي النِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ وَكَانَ الْمَأْخَذُ أَنَّ الْمُحْرِمَ سَاقِطُ الْعِبَارَةِ فِي النِّكَاحِ جُمْلَةً فِي كِتَابِ الْخِصَالِ كُلُّ نِكَاحٍ عَقَدَهُ مُحْرِمٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 وَلَوْ حَاكِمًا) بِنُسُكٍ وَلَوْ فَاسِدًا (كَغَيْبَتِهِ) فَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ لَا الْأَبْعَدُ إذْ الْإِحْرَامُ لَا يَسْلُبُ الْوِلَايَةَ لِبَقَاءِ الرُّشْدِ وَالنَّظَرِ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ كَمَا يَمْنَعُهُ إحْرَامُ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي مُدَّةِ الْإِحْرَامِ بَيْنَ طَوِيلِهَا وَقَصِيرِهَا وَاَلَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِي طَوِيلِهَا كَمَا فِي الْغَيْبَةِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ أَحْرَمَ السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي فَلِخُلَفَائِهِ أَنْ يُزَوِّجُوا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالْوَكَالَةِ جَزَمَ بِذَلِكَ الْخَفَّافُ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَقُبِلَ هَذَا فِي السُّلْطَانِ دُونَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ خُلَفَاءَهُ لَا يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِهِ وَانْعِزَالِهِ بِخِلَافِ خُلَفَاءِ الْقَاضِي وَمَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ (وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ الْمُحْرِمِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ لَكِنْ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَحْضُرَ (وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ) ؛ لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ كَالْإِمْسَاكِ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ (فَرْعٌ لَوْ أَحْرَمَ وَكِيلُ النِّكَاحِ أَوْ مُوَكِّلُهُ أَوْ الْمَرْأَةُ) بِنُسُكٍ (لَمْ يَنْعَزِلْ) لِبَقَاءِ رُشْدِهِ وَنَظَرِهِ كَمَا مَرَّ فَيُزَوِّجُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ (فَلَا يُزَوِّجُ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ وَتَحَلُّلِ مُوَكِّلِهِ) وَتَحَلُّلِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ فَرْعٌ الْمَفْهُومُ كَمَا فَعَلْت كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ وَكَّلَهُ) حَالَةَ كَوْنِ أَحَدِهِمْ (مُحْرِمًا أَوْ أَذِنَتْ) لِوَلِيِّهَا (وَهِيَ مُحْرِمَةٌ) أَنْ يُزَوِّجَهَا صَحَّ سَوَاءٌ أَقَالَ لِتَزَوُّجٍ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَمْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ إنَّمَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ دُونَ الْإِذْنِ (لِأَنَّ شَرْطَ الْعَقْدِ) أَيْ صُدُورِهِ (فِي الْإِحْرَامِ) فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَلَا الْإِذْنُ (وَلَوْ وَكَّلَ حَلَالٌ مُحْرِمًا لِيُوَكِّلَ حَلَالًا فِي التَّزْوِيجِ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ نَعَمْ إنْ قَالَ لَهُ: وَكِّلْ عَنْ نَفْسِك قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ قَطْعًا كَمَا ذُكِرَ وَأُمَثِّلُهُ فِيمَا إذَا وَكَّلَ الْوَلِيُّ الْمَرْأَةَ لِتُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ أَهْلًا لِلتَّزْوِيجِ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ فِي ذَاتِهِ أَهْلٌ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ يَزُولُ عَنْ قُرْبٍ (وَإِنْ تَزَوَّجَ الْمُصَلِّي نَاسِيًا) لِلصَّلَاةِ (صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَنِكَاحُهُ) وَكَذَا وَكِيلُ الْمُصَلِّي كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بِخِلَافِ وَكِيلِ الْمُحْرِمِ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُحْرِمِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَعِبَارَةُ الْمُصَلِّي صَحِيحَةٌ [فَصْلٌ غَابَ وَلِيُّ النِّكَاح مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَا دُونَهَا] (فَصْلٌ وَإِنْ غَابَ الْوَلِيُّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَا دُونَهَا زَوَّجَهَا قَاضِي بَلَدِهَا) لَا الْأَبْعَدُ وَلَا قَاضِي غَيْرُ بَلَدِهَا أَمَّا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا يُزَوِّجُ حَتَّى يُرَاجِعَ الْوَلِيَّ فَيَحْضُرَ أَوْ يُوَكِّلَ كَمَا لَوْ كَانَ مُقِيمًا، نَعَمْ لَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ لِفِتْنَةٍ أَوْ خَوْفٍ فَفِي الْجَبَلِيِّ عَنْ الْحِلْيَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِلَا مُرَاجَعَةٍ وَعَضَّدَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ تَعَذُّرَ الْوُصُولِ إلَى مَالِكِ الْوَدِيعَةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ عِنْدَ إرَادَةِ الْمُودِعِ السَّفَرَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُسَافِرًا نَقَلَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ كَلَامَ الْجَبَلِيِّ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ صَحَّ وَجَبَ تَقْيِيدُ إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ بِهِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ فِي سِجْنِ السُّلْطَانِ وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ أَنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُ (وَكَذَا الْمَفْقُودُ) الَّذِي لَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ وَلَا مَوْتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ يُزَوِّجُ عَنْهُ الْقَاضِي لِتَعَذُّرِ نِكَاحِهَا مِنْ جِهَتِهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا عَضَلَ (مَا لَمْ يُحْكَمْ بِمَوْتِهِ) وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ (وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ) أَيْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ (بِغَيْبَةِ الْوَلِيِّ وَبِالْخُرُوجِ عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ) فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُهَا (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ) أَيْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا شَهَادَةُ مُطَّلِعٍ عَلَى بَاطِنِ   [حاشية الرملي الكبير] أَوْ وَكِيلُ الْمُحْرِمِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ إلَّا فِي خَصْلَتَيْنِ فَمِنْ ذَلِكَ الْحَاكِمُ إذَا عَقَدَ خُلَفَاؤُهُ النِّكَاحَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَكَذَلِكَ الْخَلِيفَةُ إذَا عَقَدَ خُلَفَاؤُهُ النِّكَاحَ وَذَلِكَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ سَوَاءٌ. اهـ. وَقَالَ الْجُوَيْنِيُّ فِي الْفُرُوقِ السُّلْطَانُ إذَا فَوَّضَ إلَى رَجُلٍ تَزْوِيجَ أَيِّمٍ فَأَحْرَمَ السُّلْطَانُ انْعَزَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَإِنْ كَانَ فَوَّضَ إلَيْهِ تَزْوِيجَ الْأَيَامَى فَأَحْرَمَ السُّلْطَانُ لَمْ يَنْعَزِلْ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ تَفْوِيضُ تَوْكِيلٍ وَتَخْصِيصٍ وَالثَّانِيَ تَوْلِيَةٌ وَتَعْمِيمٌ اهـ وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ كَمَا يَمْنَعُهُ إحْرَامُ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ) لَوْ أَحْرَمَ شَخْصٌ وَتَزَوَّجَ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ أَحْرَمَ قَبْلَ تَزَوُّجِهِ أَمْ بَعْدَهُ فَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ تَزَوُّجُهُ وَلَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ فِي الْإِحْرَامِ لَمْ يُحَدَّ وَلَوْ نَكَحَ مُرْتَدَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ مُعْتَدَّةً وَوَطِئَ حُدَّ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَلَوْ وَكَّلَ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ فَزَوَّجَهَا وَكِيلُهُ ثُمَّ بَانَ مَوْتُ مُوَكِّلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ مَاتَ قَبْلَ تَزْوِيجِهَا أَمْ بَعْدَهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ أَحْرَمَ وَكِيلُ النِّكَاحِ أَوْ مُوَكِّلُهُ أَوْ الْمَرْأَةُ بِنُسُكٍ] (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ) أَيْ إذَا لَمْ يَقُلْ لِتَزَوُّجٍ حَالَ إحْرَامِي وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْمُحْرِمِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ تَزْوِيجِ الْوَكِيلِ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إذَا وَقَعَ بَعْدَ تَحَلُّلِ الْمُحْرِمِ (فَصْلٌ وَإِنْ غَابَ الْوَلِيُّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ إلَخْ) (قَوْلُهُ زَوَّجَهَا قَاضِي بَلَدِهَا) أَيْ نِيَابَةً عَنْهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ فِي تَزْوِيجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ لَمْ يُزَوِّجْهَا الْقَاضِي (قَوْلُهُ لَا الْأَبْعَدُ) لِبَقَاءِ الْأَقْرَبِ عَلَى وِلَايَتِهِ وَالتَّزْوِيجُ حَقٌّ عَلَيْهِ فَإِذَا تَعَذَّرَ مِنْهُ نَابَ عَنْهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ فَفِي الْجِيلِيِّ عَنْ الْحِلْيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ أَيْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِغَيْبَةِ الْوَلِيِّ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّصَرُّفَ الصَّادِرَ مِنْ الْحَاكِمِ فِي الْأُمُورِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا لَا يَسْتَلْزِمُ صُدُورَهُ مِنْهُ الْحُكْمَ بِصِحَّتِهِ حَتَّى إذَا عَقَدَ نِكَاحًا أَوْ بَيْعًا مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْحُكَّامِ نَقْضُهُ كَمَا لَوْ عَقَدَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ حَكَمَ هُوَ بِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ فِي الْعُقُودِ وَالْأَمْلَاكِ وَغَيْرِهَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ أَرْبَابِهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْعِلْمِ كَمَا قَدَّرُوهُ وَهَذَا الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ أَصْلٌ عَظِيمٌ وَقَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ فَلْنَذْكُرْ مَا حَضَرَنَا فِيهَا فَنَقُولُ اخْتَلَفُوا فِي تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ فَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِيمَا إذَا قُسِمَ مَالُ الْمُفْلِسِ ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ أَنَّهُ حَكَمٌ وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَفْقُودِ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْقِسْمَةَ إنْ كَانَتْ بِالْقَاضِي فَقِسْمَتُهُ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالْمَوْتِ. وَإِنْ قَسَمَ الْوَرَثَةُ مَالَهُ بِأَنْفُسِهِمْ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ فِيهِ خِلَافٌ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ تَصَرُّفَهُ حُكْمٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الشُّرَكَاءِ إذَا حَضَرُوا عِنْدَ حَاكِمٍ وَأَرَادُوا مِنْهُ الْقِسْمَةَ فَإِنَّهُ لَا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَعَلَّلَ بِأُمُورٍ مِنْهَا مَا قُلْنَاهُ وَذَكَرَ فِي الْأُمِّ نَحْوَهُ فَقَالَ: وَإِنْ أَرَدْتُمْ قَسْمِي فَأْتُوا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَصْلِ حُقُوقِكُمْ فِيهَا وَذَلِكَ إنِّي إنْ قَسَمْت بَيْنَكُمْ بِلَا بَيِّنَةٍ فَجِئْتُمْ بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ بِأَنِّي قَسَمْت بَيْنَكُمْ هَذِهِ الدَّارَ إلَى حَاكِمٍ غَيْرِي كَانَ شَبِيهًا أَنْ يَجْعَلَهَا حُكْمًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 أَحْوَالِهَا وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ هَذَا وَيُسْتَحَبُّ تَحْلِيفُهَا عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى غَيْبَةِ وَلِيِّهَا وَخُرُوجِهَا عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ وَالْأُولَى هِيَ الْمُنَاسِبَةُ لِلْأَصْلِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِقَوْلِهَا؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْعُقُودِ إلَى قَوْلِ أَرْبَابِهَا. قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ ذِكْرِهِ اسْتِحْبَابَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ: فَعَلَى هَذَا لَوْ أَلَحَّتْ فِي الْمُطَالَبَةِ وَرَأَى التَّأْخِيرَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَجْهَانِ (وَهَلْ يُحَلِّفُهَا) وُجُوبًا (عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ لِلْغَائِبِ) إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنٍ وَعَلَى أَنَّهُ لَمْ يُزَوِّجْهَا فِي الْغَيْبَةِ (وَجْهَانِ فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي عِنْدَ غَيْبَةِ) الْوَلِيِّ (الْأَقْرَبِ) الْغَيْبَةَ الْمُعْتَبَرَةَ (أَنْ يَأْذَنَ لِلْأَبْعَدِ) أَنْ يُزَوِّجَ (أَوْ يَسْتَأْذِنَهُ) لِيُزَوِّجَ (فَإِنْ زُوِّجَتْ) فِي غَيْبَتِهِ (فَبَانَ الْوَلِيُّ قَرِيبًا) مِنْ الْبَلَدِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامٍ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ (لَمْ يَنْعَقِدْ) نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ لَا يَصِحُّ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ (فَرْعٌ لَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ لِغَيْبَةٍ ثُمَّ قَدِمَ) وَقَالَ كُنْت زَوَّجْتهَا فِي الْغَيْبَةِ قُدِّمَ نِكَاحُ الْحَاكِمِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدَ الْغَائِبِ لِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَقَدِمَ وَادَّعَى بَيْعَهُ حَيْثُ يُقَدَّمُ بَيْعَ الْمَالِكِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ فِي النِّكَاحِ كَوَلِيٍّ آخَرَ وَلَوْ كَانَ لَهَا وَلِيَّانِ فَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ ثُمَّ قَدِمَ وَادَّعَى سَبْقَهُ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ ثُمَّ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ سَبْقَهُ فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي النِّهَايَةِ (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) لِلْعَقْدِ جَوَازًا وَمَنْعًا (وَلَوْ تَوَلَّى الْجَدُّ طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي نِكَاحِ فَرْعَيْهِ) كَبِنْتِ ابْنِهِ الصَّغِيرَةِ أَوْ الْكَبِيرَةِ بِابْنِ ابْنٍ آخَرَ مُوَلًّى عَلَيْهِ (جَازَ) لِقُوَّةِ وِلَايَتِهِ (وَعَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى وَشَرَطَ ابْنُ مَعْنٍ وَغَيْرُهُ أَنْ يَقُولَ وَقَبِلْت نِكَاحَهَا بِالْوَاوِ فَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَصِحَّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي طَرْدُهُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (وَلِلْعَمِّ وَنَحْوِهِ) كَابْنِهِ وَالْمُعْتِقِ (تَزْوِيجُهَا مِنْ ابْنِهِ الْبَالِغِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ (لَا) مِنْ ابْنِهِ (الطِّفْلِ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ لَمْ يَحْضُرْهُ أَرْبَعَةٌ وَلَيْسَ لَهُ قُوَّةُ الْجُدُودَةِ وَعَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الصَّبْرُ إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ فَيَقْبَلُ بَلْ يَقْبَلُ لَهُ أَبُوهُ وَالْحَاكِمُ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ كَالْوَلِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ انْتَهَى وَيُزَوِّجُهَا مِنْ ابْنِهِ الْبَالِغِ. (وَلَوْ لَمْ تُعَيِّنْهُ) الْمَرْأَةُ (فِي الْإِذْنِ وَإِنْ أَرَادَ الْوَلِيُّ) كَابْنِ الْعَمِّ (نِكَاحَهَا لَمْ يَتَوَلَّ الطَّرَفَيْنِ) لِفَقْدِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْجَدِّ (فَيُزَوِّجُهُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ) كَابْنِ عَمٍّ آخَرَ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَوَّجَهُ (الْقَاضِي وَيُزَوِّجُ الْقَاضِي وَطِفْلُهُ قَاضٍ آخَرَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ) إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي عَمَلِهِ (أَوْ يَسْتَخْلِفُ) مَنْ يُزَوِّجُهُ (إنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِخْلَافُ (وَالْإِمَامُ يُزَوِّجُهُ بَعْضُ قُضَاتِهِ) كَمَا يُزَوِّجُ الْقَاضِي خَلِيفَتَهُ (وَابْنُ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ يُزَوِّجُهُ الْقَاضِي لَا ابْنُ عَمٍّ لِأَبٍ وَمَنْ مَنَعَ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ لَا يُوَكِّلُ مَنْ يُزَوِّجُهُ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ فِعْلُ الْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَتَزْوِيجِ خَلِيفَةِ الْقَاضِي مِنْ الْقَاضِي أَوْ الْقَاضِي مِنْ الْإِمَامِ فَإِنَّهُمَا يَتَصَرَّفَانِ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالْوَكَالَةِ (وَلَوْ قَالَتْ لِابْنِ الْعَمِّ) أَوْ لِمُعْتِقِهَا (زَوِّجْنِي مِنْ نَفْسِك زَوَّجَهُ الْقَاضِي بِهَذَا الْإِذْنِ) كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَعِنْدِي لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَذِنَتْ لَهُ لَا لِلْقَاضِي زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّوَابُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَوِّضْ إلَيَّ مَنْ يُزَوِّجُك إيَّايَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ الصَّوَابُ   [حاشية الرملي الكبير] مِنِّي لَكُمْ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْمُفْلِسَ إنْ تَوَلَّى بَيْعَ أَمْوَالِهِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ بَاعَ الْحَاكِمُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى تَشْهَدَ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ بِمِلْكِهِ لَهَا قَالُوا وَلَا تَكْفِي فِيهَا يَدُهُ وَلَا اعْتِرَافُهُ وَقِيَاسُ الرَّهْنِ كَذَلِكَ أَيْضًا وَقِيَاسُهُ أَنْ يَتَعَدَّى إلَى الْيَتِيمِ إذَا احْتَاطَ الْحَاكِمُ عَلَى أَمْوَالِ مُوَرِّثِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى مُبَاشَرَةِ الْحَاكِمِ لِبَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ فَإِنَّ الْمُفْلِسَ قَادِرٌ عَلَى بَيْعِهَا بِخِلَافِ أَمْوَالِ الْيَتِيمِ وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ مِنْهُمْ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْمُفْلِسِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى عِدَّةِ الْمَفْقُودِ وَتَفْرِيعًا عَلَى الْقَدِيمِ فَقَالَ وَإِذَا ضَرَبَ الْقَاضِي الْمُدَّةَ أَرْبَعَ سِنِينَ فَهَلْ ضَرْبُهَا حُكْمٌ بِوَفَاتِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ حُكْمٍ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي حَاشِيَةٍ كَتَبَهَا فِي أَوَّلِ النِّكَاحِ مِنْ الْكِفَايَةِ وَهَذَا فِي الْمَفْقُودِ إنَّمَا يَأْتِي إذَا تَقَدَّمَ الْقَبُولُ عَلَى الْإِيجَابِ أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ مِنْ الْحَاكِمِ فَلَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ وَاَلَّذِي قَالَهُ مُتَعَيِّنٌ (قَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُحَلِّفُهَا وُجُوبًا إلَخْ) صَحَّحَ فِي الْأَنْوَارِ أَنَّ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ (قَوْلُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامٍ نَقَلَهُ لِلزَّرْكَشِيِّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ) عِبَارَتُهَا لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ، وَقَالَ أَنَا أَبُوهَا وَكُنْت فِي الْبَلَدِ قَالَ النَّسَبُ ثَابِتٌ وَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ وُجُودِ الْأَبِ قَالَ الْغَزِّيِّ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اعْتَرَفَ بِذَلِكَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِنَسَبِ زَوْجَةِ ابْنِهِ وَهِيَ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ وَقَدْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَوَافَقَهُ الْعَبَّادِيُّ وَنَقَلَهُ الْمُزَنِيّ عَلَى النَّصِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ مَرَّةً أَنَّهُ يَنْفَسِخُ أَوْ يَكُونُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى رَأْيِهِ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ [فَرْعٌ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ لِغَيْبَةٍ ثُمَّ قَدِمَ وَقَالَ كُنْت زَوَّجْتهَا فِي الْغَيْبَةِ] (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي النِّهَايَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ لِعَقْدِ النِّكَاح جَوَازًا وَمَنْعًا] (قَوْلُهُ وَلَوْ تَوَلَّى الْجَدُّ طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي نِكَاحِ فَرْعَيْهِ جَازَ) لَوْ أَقَامَ مَقَامَهُ فِي طَرَفَيْهِ وَكِيلَيْنِ أَوْ فِي طَرَفٍ وَكِيلًا وَتَصَدَّى بِنَفْسِهِ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ صَحَّ بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَ فِيهِمَا وَاحِدًا وَشَرْطُهُ كَوْنُ الِابْنِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَكَوْنُ بِنْتِ الِابْنِ بِكْرًا أَوْ مَجْنُونَةً وَكَوْنُ أَبَوَيْهِمَا مَيِّتَيْنِ أَوْ مَسْلُوبَيْ الْوِلَايَةِ لِفِسْقٍ أَوْ نَحْوِهِ وَاسْتَفَدْنَا مِنْ الشَّرْطِ الثَّانِي تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ يَكُونَ الْجَدُّ مُجْبِرًا وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ حَتَّى لَا يَجُوزَ فِي بِنْتِ ابْنِهِ الثَّيِّبِ الْبَالِغِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَقَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ فَأَمَّا لَوْ قَالَ قَبِلْت النِّكَاحَ لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا وَقَدْ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ عَنْ الْإِمَامِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَشَرَطَ ابْنُ مَعْنٍ وَغَيْرُهُ أَنْ يَقُولَ وَقَبِلْت نِكَاحَهَا إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لَا مِنْ ابْنِهِ الطِّفْلِ إلَخْ) لَوْ أَرَادَ الْعَمُّ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَ أَخِيهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَيَقْبَلَ النِّكَاحَ لَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ ر (قَوْلُهُ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّوَابُ الْجَوَازُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 الْمَنْعُ لِفَسَادِ ظَاهِرِ الْإِذْنِ وَقَدْ صَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ كَمَا اخْتَارَهُ الْبَغَوِيّ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَفْوِيضِ الْوَلِيِّ لِلْقَاضِي وَهُوَ غَيْرُ مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُهُ بِهَذَا الْإِذْنِ قُلْت بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ إذْ مَعْنَى قَوْلِهِ بِهَذَا الْإِذْنِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى إذْنِهَا ثَانِيًا، وَقَوْلُهَا: زَوِّجْنِي مِنْ نَفْسِك لَمْ يُعْمَلْ بِظَاهِرِهِ حَتَّى يَكُونَ فَاسِدًا بَلْ بِمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ فَوِّضْ إلَيَّ مَنْ يُزَوِّجُك إيَّايَ وَهَذَا لَيْسَ بِإِذْنٍ مِنْهَا ثَانِيًا حَتَّى يَكُونَ مُغَايِرًا لِقَوْلِهِ بِهَذَا الْإِذْنِ (لَا إنْ قَالَتْ) لَهُ (زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت) أَوْ زَوِّجْنِي فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُهُ بِهَا بِهَذَا الْإِذْنِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ التَّزْوِيجُ بِأَجْنَبِيٍّ (الطَّرَفُ الْخَامِسُ) فِي التَّوْكِيلِ بِالتَّزْوِيجِ (لِلْمُجْبِرِ) وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ فِي الْبِكْرِ (التَّوْكِيلُ) فِيهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ مُوَلِّيَتِهِ كَمَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) الْمُجْبِرُ فِي تَوْكِيلِهِ (الزَّوْجَ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْوَاجِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّعْيِينَ فِي التَّوْكِيلِ فَيَمْلِكُ الْإِطْلَاقَ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَشَفَقَتُهُ تَدْعُوهُ إلَى أَنْ لَا يُوَكِّلَ إلَّا مَنْ يَثِقُ بِحُسْنِ نَظَرِهِ وَاخْتِيَارِهِ (وَعَلَى الْوَكِيلِ) إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الزَّوْجَ (رِعَايَةُ النَّظَرِ) وَالِاحْتِيَاطُ (لَهَا فَلَوْ زَوَّجَ بِغَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِأَدْنَى الْخَاطِبَيْنِ) الْكُفْأَيْنِ (شَرَفًا لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ لِمُخَالَفَتِهِ الِاحْتِيَاطَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ (وَلِغَيْرِ الْمُجْبِرِ) بِأَنْ كَانَ غَيْرَ أَبٍ وَجَدٍّ مُطْلَقًا أَوْ أَحَدَهُمَا فِي الثَّيِّبِ (التَّوْكِيلُ) أَيْضًا لَكِنْ (بَعْدَ الْإِذْنِ لَهُ) مِنْهَا (فِي النِّكَاحِ وَالتَّوْكِيلِ أَوْ فِي التَّوْكِيلِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ النِّكَاحِ (وَكَذَا فِي النِّكَاحِ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ بِالْوِلَايَةِ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ إذْنٍ كَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ هَذَا (إنْ لَمْ يَنْتَهِ) عَنْ التَّوْكِيلِ فَإِنْ نَهَتْهُ عَنْهُ لَمْ يُوَكِّلْ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُزَوَّجُ بِالْإِذْنِ وَلَمْ تَأْذَنْ فِي تَزْوِيجِ الْوَكِيلِ بَلْ نَهَتْ عَنْهُ أَمَّا تَوْكِيلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا لَهُ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ بِنَفْسِهِ. (وَلَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فَزَوَّجَ) بِنَفْسِهِ (جَازَ) إذْ يَبْعُدُ مَنْعُهُ مِمَّا لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ (وَتَعْيِينُ الزَّوْجِ فِي إذْنِهَا) لِلْوَلِيِّ فِي نِكَاحِهَا أَوْ فِي التَّوْكِيلِ بِهِ (لَا يُشْتَرَطُ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ فِي تَوْكِيلِ الْمُجْبِرِ (فَيُزَوِّجُهَا) الْوَلِيُّ أَوْ الْوَكِيلُ (بِكُفْءٍ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ قَالَتْ) لِوَلِيِّهَا (زَوِّجْنِي مَنْ شِئْتَ فَزَوَّجَهَا غَيْرَ كُفْءٍ جَازَ) كَمَا لَوْ قَالَتْ زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت كُفُؤًا أَوْ غَيْرَهُ (وَإِذَا أَذِنَتْ لَهُ) أَيْ لِوَلِيِّهَا (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ زَوْجٍ (فَلَهُ التَّوْكِيلُ مُطْلَقًا) كَذَلِكَ (فَإِنْ عَيَّنَتْهُ) فِي إذْنِهَا لَهُ (وَجَبَ تَعْيِينُهُ لِلْوَكِيلِ) فِي التَّوْكِيلِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي التَّوْكِيلِ (لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ (وَلَوْ زَوَّجَ) هَا (الْمُعَيَّنُ) ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ الْمُطْلَقَ مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مُعَيَّنٌ فَاسِدٌ وَهَذَا. (كَمَا لَوْ قَالَ وَلِيُّ الطِّفْلِ) لِلْوَكِيلِ بِعْ (مَالَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَبَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ) لَمْ يَصِحَّ لِفَسَادِ صِيغَةِ التَّفْوِيضِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تُفَرِّقَ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِعْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذْنٌ صَرِيحٌ فِي الْبَيْعِ الْمُمْتَنِعِ شَرْعًا، وَقَوْلَهُ وَكَّلْتُك بِتَزْوِيجِهَا لَا تَصْرِيحَ فِيهِ بِالنِّكَاحِ الْمُمْتَنِعِ وَإِنَّمَا هُوَ لَفْظٌ مُطْلَقٌ، وَكَمَا يَتَقَيَّدُ بِالْكُفْءِ جَازَ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِالْكُفْءِ الْمُعَيَّنِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْكُفْءِ جَاءَ مِنْ جِهَةِ اطِّرَادِ الْعُرْفِ الْعَامِّ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الْعُقُودِ بِخِلَافِ التَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَوْ تَقَيَّدَ بِهِ لَكَانَ يَقْرَبُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْعُرْفِ الْخَاصِّ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَصْلُهُ مَسْأَلَةُ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَبَيْعُ الْحِصْرِمِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ فِي بَلْدَةٍ عَادَتُهُمْ فِيهَا قَطْعُهُ حِصْرِمًا وَنَظَائِرُهُ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَتْ أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي وَلَا تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِك فَسَدَ الْإِذْنُ) لِأَنَّهَا مَنَعَتْ الْوَلِيَّ وَجَعَلَتْ التَّفْوِيضَ لِلْأَجْنَبِيِّ فَأَشْبَهَ الْإِذْنَ لِلْأَجْنَبِيِّ ابْتِدَاءً (فَرْعٌ لَوْ أَمَرَ الْحَاكِمُ قَبْلَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ) الْمَرْأَةُ فِي تَزْوِيجِهَا وَلَا وَلِيَّ لَهَا غَيْرُهُ (رَجُلًا) بِتَزْوِيجِهَا (فَزَوَّجَهَا بِإِذْنِهَا جَازَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْتِنَابَةَ الْحَاكِمِ فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ كَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ شَهَادَةٍ تَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِخْلَافِ [فَصْلٌ بَيَانِ لَفْظِ الْوَكِيلِ وَلَفْظِ الْوَلِيِّ مَعَ وَكِيلِ الزَّوْجِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لَفْظِ الْوَكِيلِ وَلَفْظِ الْوَلِيِّ مَعَ وَكِيلِ الزَّوْجِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ (وَلْيَقُلْ الْوَكِيلُ) أَيْ وَكِيلُ الْوَلِيِّ لِلزَّوْجِ (زَوَّجْتُك فُلَانَةَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِنْتَ فُلَانٍ وَكُلٌّ صَحِيحٌ عِنْدَ تَمَيُّزِهَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَ) لِيَقُلْ (الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ) أَيْ وَكِيلُ الزَّوْجِ (زَوَّجْت بِنْتِي فُلَانًا فَيَقُولُ) الْوَكِيلُ (قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ وَمَتَى تَرَكَ) لَفْظَةَ لَهُ (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ كَمَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت وَلَمْ يَقُلْ نِكَاحَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِمَا ذُكِرَ فِي الْأُولَى إذَا عَلِمَ الشُّهُودُ وَالزَّوْجُ الْوَكَالَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ إذَا عَلِمَهَا الشُّهُودُ وَالْوَلِيُّ وَإِلَّا فَيَحْتَاجُ الْوَكِيلُ إلَى التَّصْرِيحِ فِيهِمَا بِهَا (فَإِنْ قَالَ) الْوَلِيُّ (لِلْوَكِيلِ) أَيْ وَكِيلُ الزَّوْجِ (زَوَّجْتُك بِنْتِي فَقَالَ قَبِلْت نِكَاحَهَا   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي التَّوْكِيلِ بِالتَّزْوِيجِ لِلْمُجْبِرِ فِي الْبِكْرِ] مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الْخَامِسُ) (قَوْلُهُ لِلْمُجْبِرِ التَّوْكِيلُ بِلَا إذْنٍ) لَوْ وَكَّلَ الْمُجْبِرُ رَجُلًا ثُمَّ زَالَتْ الْبَكَارَةُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ فَهَلْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَوْ لَا وَلَكِنْ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بِالْإِذْنِ فِيهِ نَظَرٌ ر لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي تَزْوِيجِهَا فَإِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَزَوَّجَهَا صَحَّ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الزَّوْجَ) يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ عَالِمًا بِمَوَاضِعِ الْمَصْلَحَةِ عَارِفًا بِالْكَفَاءَةِ فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ امْتَنَعَ قَطْعًا ر (قَوْلُهُ أَوْ بِأَدْنَى الْخَاطِبِينَ إلَخْ) بِخِلَافِ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ لَوْ خَطَبَهَا إلَيْهِ كُفْءٌ مُمَاثِلٌ وَكُفْءٌ أَشْرَفُ مِنْهُ جَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ الْمُمَاثِلِ وَمِثْلُهُ لَوْ خَطَبَهَا كُفْءٌ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَخَطَبَهَا كُفْءٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ لِلْآخَرِ جَازَ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ لِفَسَادِ صِيغَةِ التَّفْوِيضِ) وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَكَالَةَ الْفَاسِدَةَ لَا يَصِحُّ بِهَا عَقْدُ النِّكَاحِ وَإِنْ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ فِي الْأَصَحِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْفَرْقُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَغَلِطَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي قَوْلِهِ أَنَّ الْوَكَالَةَ الْفَاسِدَةَ يَسْتَفِيدُ بِهَا عَقْدَ النِّكَاحِ كَالْبَيْعِ لِحُصُولِ الْإِذْنِ ت ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ [فَرْعٌ قَالَتْ أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي وَلَا تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِك] (قَوْلُهُ قَالَتْ لَهُ أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي وَلَا تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِك إلَخْ) مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ جَعَلْت إلَيْك أَنْ تُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِك فِي بَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَا تَبِعْهَا بِنَفْسِك أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَلَا الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ غَيْرَهُ ر ت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 لِمُوَكِّلِي فَسَدَ) الْعَقْدُ لِعَدَمِ التَّوَافُقِ (أَوْ) قَالَ (قَبِلْت نِكَاحَهَا وَسَكَتَ انْعَقَدَ لَهُ وَلَا يَقَعُ) الْعَقْدُ لِلْمُوَكِّلِ (بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ) ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ هُنَا بِمَثَابَةِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ ثَمَّ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمَا وَلِأَنَّ الْبَيْعَ يَرِدُ عَلَى الْمَالِ وَهُوَ يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ لِلْوَكِيلِ ثُمَّ يَنْتَقِلَ لِلْمُوَكِّلِ وَالنِّكَاحُ يَرِدُ عَلَى الْبُضْعِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ (وَإِنْكَارُ الْمُوَكِّلِ) فِي نِكَاحِهِ (لِلْوَكَالَةِ يُبْطِلُ النِّكَاحَ) بِالْكُلِّيَّةِ (لَا الْبَيْعَ لِوُقُوعِهِ لِلْوَكِيلِ) كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ (ثُمَّ لِيَقُلْ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ) وَهُوَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ (زَوَّجْت فُلَانَةَ فُلَانًا وَيَقُولُ الْآخَرُ) وَهُوَ وَكِيلُ الزَّوْجِ (قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ) أَيْ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لِيَصِحَّ الْعَقْدُ (وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ) أَيْ وَكِيلُ الزَّوْجِ (قَبِلْت نِكَاحَ فُلَانَةَ مِنْك لِفُلَانٍ فَقَالَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ زَوَّجْت) هَا (فُلَانًا صَحَّ) ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ جَائِزٌ (لَا إنْ اقْتَصَرَ) وَكِيلُ الْوَلِيِّ (عَلَى) قَوْلِهِ (زَوَّجْتهَا) فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ عَلَى الْقَبُولِ [فَرْعٌ إذَا قَبِلَ الْأَبُ النِّكَاحَ لِابْنِهِ بِالْوِلَايَةِ] (فَرْعٌ وَإِذَا قَبِلَ) الْأَبُ أَيْ أَرَادَ أَنْ يَقْبَلَ (النِّكَاحَ لِابْنِهِ) بِالْوِلَايَةِ (فَلْيَقُلْ) لَهُ (الْوَلِيُّ زَوَّجْت فُلَانَةَ بِابْنِك فَيَقُولُ الْأَبُ قَبِلْت نِكَاحَهَا لِابْنِي) [فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوْكِيلِ بِقَبُولِ النِّكَاحِ أَوْ إيجَابِهِ ذِكْرُ الْمَهْرِ] (فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوْكِيلِ) بِقَبُولِ النِّكَاحِ أَوْ إيجَابِهِ (ذِكْرُ الْمَهْرِ) فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الزَّوْجُ (فَيَعْقِدُ لَهُ) وَكِيلُهُ عَلَى مَنْ يُكَافِئُهُ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَمَا دُونَهُ) لَا بِمَا زَادَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ إنْ عَقَدَ بِهِ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ قِيَاسًا عَلَى نَظِيرِهِ الْآتِي فِيمَا إذَا ذَكَرَ الزَّوْجُ قَدْرًا وَعَلَى نَظِيرِهِ فِي الْخُلْعِ وَعَلَى مَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ فِي وَكِيلِ الْوَلِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ مِنْ جَزْمِهِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ (فَإِنْ ذَكَرَ) الْمُوَكِّلُ (قَدْرًا لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ (بِدُونِهِ مِنْ وَكِيلِ الْوَلِيِّ) كَمَا لَوْ قَالَ زَوِّجْهَا فِي يَوْمِ كَذَا أَوْ مَكَانِ كَذَا فَخَالَفَ لَمْ يَصِحَّ (إلَّا بِرِضَاهَا) فَيَصِحُّ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ حَقُّهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَعَلَيْهَا جَرَى الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ الَّتِي جَرَى عَلَيْهَا النَّوَوِيُّ ثَمَّ فَيَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (وَلَا) يَصِحُّ (بِفَوْقِهِ) أَيْ بِمَا فَوْقَهُ (مِنْ وَكِيلِ الزَّوْجِ) بَلْ يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ مِنْ الْجَزْمِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ (وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ) امْرَأَةً (وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَرْأَةَ لَمْ يَصِحَّ) التَّوْكِيلُ (كَمَا فِي الْوَكَالَةِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ لَمْ يَصِفْهُ) بَلْ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت يَصِحُّ كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ وَمَا هُنَا مُطْلَقٌ وَدَلَالَةُ الْعَامِّ عَلَى أَفْرَادِهِ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِ الْمُطْلَقِ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى فَرْدٍ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ زَوِّجْهَا بِشَرْطِ رَهْنٍ أَوْ ضَمِينٍ بِالْمَهْرِ) أَوْ لَا تُزَوِّجُهَا إلَّا بِهَذَا الشَّرْطِ فَزَوَّجَ (وَلَمْ يَمْتَثِلْ) شَرْطَهُ (لَمْ يَنْعَقِدْ) تَزْوِيجُهُ (أَوْ قَالَ) لَهُ (زَوِّجْهَا بِكَذَا وَخُذْ) بِهِ (رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا فَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَأْخُذْ) رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا (انْعَقَدَ) التَّزْوِيجُ كَمَا فِي الْبَيْعِ فِيهِمَا (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ تُزَوِّجُ لِي فُلَانَةَ بِعَبْدِك هَذَا فَفَعَلَ صَحَّ) التَّزْوِيجُ (وَهَلْ تَمْلِكُهُ) أَيْ الْعَبْدَ (الْمَرْأَةُ وَجْهَانِ فَإِنْ قُلْنَا تَمْلِكُهُ فَهُوَ قَرْضٌ) عَلَى الزَّوْجِ (أَوْ هِبَةٌ) لَهُ (وَجْهَانِ وَإِنْ قُلْنَا لَا تَمْلِكُهُ فَمَهْرُ الْمِثْلِ) وَاجِبٌ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا تَرْجِيحٌ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَمْلِكُهُ وَأَنَّهُ قَرْضٌ عَلَى الزَّوْجِ (الطَّرَفُ السَّادِسُ فِيمَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ) فِي التَّزْوِيجِ (فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ) الْمُجْبِرَ (تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ وَالْمَجْنُونِ عِنْدَ الْحَاجَةِ) إلَيْهِ (لِتَوَقَانٍ) بِأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهَا فِي الرِّجَالِ وَرَغْبَتُهُ فِي النِّسَاءِ (أَوْ اسْتِشْفَاءٍ) بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ وَعِنْدَ حَاجَةِ الْمَجْنُونِ إلَى مُتَعَهِّدٍ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَحْرَمٌ يَقُومُ بِهِ، وَمُؤْنَةُ النِّكَاحِ أَخَفُّ مِنْ ثَمَنِ جَارِيَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْخَامِسِ (وَإِنْ دُعِيَ وَلِيٌّ) بِأَنْ دَعَتْهُ مُوَلِّيَتُهُ (لَا نِكَاحَ) لَهَا (لَزِمَهُ) إجَابَتُهَا (وَلَوْ وُجِدَ غَيْرُهُ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إعْفَافًا لَهَا وَكَمَا إذَا كَانَ فِي وَاقِعَةِ شُهُودٍ فَدُعِيَ بَعْضُهُمْ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ (فَرْعٌ دَيْنُ الصَّدَاقِ) بِأَنْ كَانَ دَيْنًا لَا عَيْنًا فِي نِكَاحِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ وَاجِبٌ (فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَذِمَّتِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ الْأَبُ عَلَيْهِمَا (وَلَا يَضْمَنُهُ الْأَبُ) بِغَيْرِ ضَمَانٍ كَالثَّمَنِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى لَهَا شَيْئًا (فَإِنْ ضَمِنَ لِيَرْجِعَ) بِمَا يُؤَدِّيَهُ (فَقَصْدُ الرُّجُوعِ) هُنَا (كَإِذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ) فَإِنْ ضَمِنَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ وَغَرِمَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ ضَمِنَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الِابْنِ فَسَدَ الضَّمَانُ وَالصَّدَاقُ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَمَرَ الْحَاكِمُ قَبْلَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ الْمَرْأَةُ فِي تَزْوِيجِهَا رَجُلًا بِتَزْوِيجِهَا فَزَوَّجَهَا بِإِذْنِهَا] قَوْلُهُ فَإِنْ ذَكَرَ الْمُوَكِّلُ قَدْرًا لَمْ يَصِحَّ) أَيْ الْمَهْرُ أَمَّا النِّكَاحُ فَيَصِحُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ أَمَّا طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ الَّتِي جَرَى عَلَيْهَا النَّوَوِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (فَرْعٌ) قَالَ لِوَكِيلِهِ تَزَوَّجْ لِي فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ وَلِيُّهَا لِفِسْقِ الْأَبِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبِ فَهَلْ لِلْوَكِيلِ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ الظَّاهِرُ الْمَنْعُ وَكَذَا لَوْ قَالَ تَزَوَّجَهَا إلَيَّ مِنْ أَبِيهَا فَمَاتَ الْأَبُ وَانْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِأَخِيهَا ر وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ فِي تَزْوِيجِ امْرَأَتِهِ الَّتِي بَانَتْ مِنْهُ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ بِأَلْفٍ وَعَقَدَ عَلَيْهَا وَضَمِنَ لَهَا الْوَكِيلُ الْأَلْفَ ثُمَّ قَدِمَ الزَّوْجُ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ صَدَقَ بِيَمِينِهِ وَهَلْ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْأَلْفِ فِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُ فِي الْبَيَانِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت يَصِحُّ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَإِنْ قَالَ هُنَا أَنَّ الرَّاجِحَ الْمُخْتَارَ خِلَافُهُ [فَرْعٌ قَالَ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ زَوِّجْهَا بِشَرْطِ رَهْنٍ أَوْ ضَمِينٍ بِالْمَهْرِ] (قَوْلُهُ فَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَأْخُذْ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا انْعَقَدَ التَّزْوِيجُ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَمْرَيْنِ امْتَثَلَ أَحَدَهُمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَظِيرُ هَذَا مَا قَالَهُ الْمَرْعَشِيُّ فِي تَرْتِيبِ الْأَقْسَامِ إذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ بِعْ وَاشْهَدْ فَبَاعَ وَلَمْ يُشْهِدْ جَازَ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ صُورَةِ الْإِشْهَادِ عَلَى مَا إذَا قَالَ لَا تَبِعْ إلَّا بِالْإِشْهَادِ أَوْ وَكَّلْتُك أَنْ تَبِيعَ بِالْإِشْهَادِ [فَرْعٌ قَالَ تُزَوِّجُ لِي فُلَانَةَ بِعَبْدِك هَذَا فَفَعَلَ] (قَوْلُهُ وَهَلْ تَمْلِكُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَهُوَ قَرْضٌ [الطَّرَفُ السَّادِسُ فِيمَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ فِي التَّزْوِيجِ] (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ إلَخْ) لَا يَخْتَصُّ لُزُومُ تَزْوِيجِ الْمَجْنُونَةِ الْمُحْتَاجَةِ بِالْمُجْبِرِ بَلْ يَلْزَمُ الْأَبَ وَالْجَدَّ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا (قَوْلُهُ إعْفَافًا لَهَا) وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ النِّكَاحِ إعْفَافُهَا فَإِذَا أَعْرَبَتْ عَنْ حَاجَتِهَا وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهَا رِعَايَةُ مَصْلَحَتِهَا [فَرْعٌ دَيْنُ الصَّدَاقِ بِأَنْ كَانَ دَيْنًا لَا عَيْنًا فِي نِكَاحِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ] (قَوْلُهُ فَإِنْ ضَمِنَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ وَغَرِمَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا) قَدْ عَلِمَ أَنَّ صُورَتَهَا أَنَّهُ ضَمِنَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الضَّمَانِ وَالرَّهْنِ (الطَّرَفُ السَّابِعُ فِي خِصَالِ الْكَفَاءَةِ) الْمُعْتَبَرَةِ فِي النِّكَاحِ لِدَفْعِ الْعَارِ وَالضِّرَارِ وَهِيَ فِي السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ وَفِي الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَالْحِرْفَةِ (فَمَنْ بِهِ عَيْبٌ مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ لَا عُنَّةَ فَلَيْسَ بِكُفْءٍ) لِامْرَأَةٍ (وَإِنْ اسْتَوَيَا) فِي مُطْلَقِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِيهِ (كَرَتْقَاءَ وَمَجْبُوبٍ) أَمْ اتَّفَقَا كَأَبْرَصَ وَبَرْصَاءَ وَإِنْ كَانَ مَا بِهَا أَكْثَرَ وَأَفْحَشَ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ صُحْبَةَ مَنْ بِهِ ذَلِكَ وَالْإِنْسَانُ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ، وَاسْتِثْنَاؤُهُ الْعُنَّةَ تَبِعَ فِيهِ كَالْإِسْنَوِيِّ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَحَقَّقُ فَلَا نَظَرَ لَهَا، وَنَقَلَهَا عَنْهُ الْأَصْلُ ثُمَّ قَالَ وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا وَإِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ يُوَافِقُهُ انْتَهَى وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ تُبْنَى عَلَى الظَّاهِرِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّحَقُّقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَزَادَ الرُّويَانِيُّ عَلَى الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ الْعُيُوبَ الْمُنَفِّرَةَ كَالْعَمَى وَالْقَطْعَ وَتَشَوُّهِ الصُّورَةِ وَقَالَ هِيَ تَمْنَعُ الْكَفَاءَةَ عِنْدِي وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ الصَّيْمَرِيُّ. (وَلَا يُكَافِئُ الْحُرَّةَ) أَصْلِيَّةً أَوْ عَتِيقَةً (وَلَا مَنْ لَمْ يَمَسَّ آبَاءَهَا أَوْ الْأَقْرَبَ) إلَيْهَا (مِنْهُمْ الرِّقُّ مَنْ لَيْسَ مِثْلَهَا فِي النَّسَبِ) ؛ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ وَتَتَضَرَّرُ فِي الْأُولَى بِأَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا إلَّا نَفَقَةَ الْمُعَسِّرِينَ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي النَّسَبِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ (وَلَا يُكَافِئُ الْعَرَبِيَّةَ وَالْقُرَشِيَّةَ وَالْهَاشِمِيَّةَ إلَّا مِثْلُهَا) لِشَرَفِ الْعَرَبِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَلِأَنَّ النَّاسَ تَفْتَخِرُ بِأَنْسَابِهَا أَتَمَّ فَخَارٍ وَلِخَبَرِ «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ اصْطَفَى بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» . (وَبَنُو هَاشِمٍ و) بَنُو (الْمُطَّلِبِ أَكْفَاءُ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَمَحَلُّهُ فِي الْحُرَّةِ فَلَوْ نَكَحَ هَاشِمِيٌّ أَوْ مُطَّلِبِيٌّ أَمَةً فَأَتَتْ مِنْهُ بِبِنْتٍ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِمَالِكِ أُمِّهَا فَلَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ رَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ» كَمَا سَيَأْتِي، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ مَوَالِيَ كُلِّ قَبِيلَةٍ لَيْسُوا أَكْفَاءَ لَهَا (وَسَائِرُ الْعَرَبِ) أَيْ بَاقِيهِمْ (أَكْفَاءُ) أَيْ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ مُقْتَضَى اعْتِبَارِ النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ اعْتِبَارُهُ فِي غَيْرِ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ لَكِنْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُمْ أَكْفَاءٌ وَجَرَى النَّوَوِيُّ عَلَى مَا اخْتَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ مُسْتَدْرِكًا عَلَى الرَّافِعِيِّ مَا ذَكَرَهُ الْجَمَاعَةُ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ، وَذَكَرَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ غَيْرَ كِنَانَةَ لَا يُكَافِئُهَا وَاسْتَدَلَّ لَهُ السُّبْكِيُّ بِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ فَحَصَلَ فِي كَوْنِهِمْ أَكْفَاءُ وَجْهَانِ، وَقَدْ نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُمْ أَكْفَاءُ وَعَنْ الْبَغْدَادِيِّينَ خِلَافَهُ فَتَفْضُلُ مُضَرُ عَلَى رَبِيعَةَ وَعَدْنَانُ عَلَى قَحْطَانَ اعْتِبَارًا بِالْقُرْبِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقَدَّمَ عَنْهُ نَظِيرُهُ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: اعْتِبَارُ النَّسَبِ فِي الْكَفَاءَةِ أَضْيَقُ مِنْهُ فِي الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى وَلِهَذَا سَوَّوْا بَيْنَ قُرَيْشٍ هُنَاكَ وَلَمْ يُسَوُّوا بَيْنَهَا هُنَا وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ ثَمَّ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ قُرَشِيٌّ بِشَرْطِهِ فَكِنَانِيٌّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرَجُلٌ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَجَمِيٌّ فَإِذَا قَدَّمُوا الْكِنَانِيَّ عَلَى غَيْرِهِ ثَمَّ وَلَمْ يُكَافِئْ بَيْنَهُمَا فَهُنَا أَوْلَى قَالَ وَاسْتِدْرَاكُ النَّوَوِيِّ عَلَى الرَّافِعِيِّ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ صَحَّحَ اعْتِبَارَ النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ فَأَقَلُّ مَرَاتِبِ غَيْرِ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ إنْ كَانُوا كَالْعَجَمِ فَلَزِمَ اعْتِبَارُهُ فِيهِمْ كَمَا يَقُولُ الرَّافِعِيُّ بِلَا شَكٍّ وَاَلَّذِي اغْتَرَّ بِهِ النَّوَوِيُّ إنَّمَا هُوَ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ خِلَافَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تِلْكَ الْجَمَاعَةَ مِمَّنْ يَقُولُ أَنَّ الْكَفَاءَةَ فِي غَيْرِ الْعَرَبِ لَا تُعْتَبَرُ (وَتُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِي نَسَبِ الْعَجَمِ) كَالْعَرَبِ وَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَيُعْتَبَرُ فِي كَفَاءَةِ الْعَجَمِ نَسَبُهُمْ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُعْتَبَرُ النَّسَبُ فِي الْعَجَمِ أَيْ فَتَفْضُلُ الْفُرْسُ عَلَى النَّبَطِ وَبَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى الْقِبْطِ (وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَبِ) فِي غَيْرِ أَوْلَادِ بَنَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَلَا أَثَرَ لِلْأُمِّ وَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً) فَمَنْ أَبُوهُ عَجَمِيٌّ وَأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ أَبُوهَا   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ السَّابِعُ فِي خِصَالِ الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي النِّكَاحِ] الطَّرَفُ السَّابِعُ فِي خِصَالِ الْكَفَاءَةِ) شَرْطُ الْكَفَاءَةِ خَمْسَةٌ قَدْ حُرِّرَتْ يُنْبِيكَ عَنْهَا بَيْتُ شِعْرٍ مُفْرَدٍ نَسَبٌ وَدِينٌ صَنْعَةٌ حُرِّيَّةٌ فَقْدُ الْعُيُوبِ وَفِي الْيَسَارِ تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَحَقَّقُ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا ثَبَتَتْ فِيمَا مَضَى فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا وَتَوَقُّعُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَطْءِ فِي امْرَأَةٍ أُخْرَى أَوْ نِكَاحٍ آخَرَ أَمْرٌ نَادِرٌ فَظَهَرَ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ أَرْجَحُ لِتَأَكُّدِهِ بِالْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَإِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ يُوَافِقُهُ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّحَقُّقِ) أَيْ لَا يَتَحَقَّقُ بَقَاؤُهَا مَعَ طَلَبِ الْعِنِّينِ النِّكَاحَ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنْ لَا يَطْلُبَ النِّكَاحَ إلَّا عِنْدَ وَفَاتِهِ وَزَوَالِ الْمَرَضِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ بِهِ الْعُنَّةُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي زَوَالَ الْعُنَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ النِّسَاءِ لَا إلَى بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُكَافِئُ الْحُرَّةَ إلَخْ) وَلَا يُكَافِئُ الْعَبْدُ الْمُبَعَّضَةَ وَيُكَافِئُ الْمُبَعَّضُ الْمُبَعَّضَةَ إنْ لَمْ تَزِدْ حُرِّيَّتُهَا. (قَوْلُهُ فِي النَّسَبِ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ الرِّقَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي آبَاءِ النَّسَبِ لَا آبَاءِ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ وَبَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ أَكْفَاءٌ) قَالَ ابْنُ ظَهِيرَةَ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ كُفُؤُ الشَّرِيفَةِ مِنْ بَنَاتِ الْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ (قَوْلُهُ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ مُقْتَضَى اعْتِبَارِ النَّسَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَمَا قَالَهُ حَقٌّ غ (قَوْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُمْ أَكْفَاءٌ) هَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ الْعَجَمُ مُتَكَافِئُونَ غ. (تَنْبِيهٌ) إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ لَهَا كُفُؤٌ أَصْلًا جَازَ لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجُهَا لِلضَّرُورَةِ بِغَيْرِ كُفْءٍ لَوْ أَتَتْ الْقَاضِيَ امْرَأَةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا وَالْقَاضِي لَا يَعْرِفُ نَسَبَهَا وَهِيَ أَيْضًا لَا تَعْرِفُهُ فَهَلْ يُزَوِّجُهَا مِنْ دَنِيءِ الصَّنْعَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرَفِ أَبِيهَا أَمْ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِابْنِ عَالِمٍ أَوْ قَاضٍ؛ لِأَنَّهُمَا كُفْءٌ لِمَنْ سِوَاهُمَا الْمُتَّجَهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ يَقْتَضِي فَسَادَ النِّكَاحِ ق (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِي نَسَبِ الْعَجَمِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَجَمِيِّ مَنْ فِي لِسَانِهِ عُجْمَةٌ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ بَلْ مَنْ لَيْسَ أَبُوهُ عَرَبِيًّا؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَعَاجِمِ الْيَوْمَ مِنْ أَوْلَادِ الْعَرَبِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا فَتَحُوا الْبِلَادَ تَزَوَّجُوا وَاسْتَوْطَنُوا بِلَادَ الْعَجَمِ وَنَشَأَتْ فِيهَا أَوْلَادُهُمْ (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُعْتَبَرُ النَّسَبُ فِي الْعَجَمِ) عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَاهَا (قَوْلُهُ فَلَا أَثَرَ لِلْأُمِّ وَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 عَرَبِيٌّ وَأُمُّهَا عَجَمِيَّةٌ وَمَنْ وَلَدَتْهُ رَقِيقَةٌ كُفُؤٌ لِمَنْ وَلَدَتْهُ حُرَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ (وَلَا يُكَافِئُ مَنْ أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ آبَاؤُهُ الْأَقْرَبِينَ أَعْرَقَ) أَيْ أَقْدَمَ (مِنْهُ فِي الْإِسْلَامِ) فَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَهَا أَبٌ أَوْ أَكْثَرُ فِي الْإِسْلَامِ وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَام لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَهَا ثَلَاثَةُ آبَاءٍ فِيهِ (وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلْعَفِيفَةِ وَالسُّنِّيَّةِ) قَالَ تَعَالَى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: 18] وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (وَمَنْ لَا يُشْهَرُ بِالصَّلَاحِ كُفْءٌ لِلْمَشْهُورَةِ بِهِ) اكْتِفَاءً بِمُطْلَقِ الصَّلَاحِ (وَفِي الْحِرَفِ لَا يُكَافِئُ الْكَنَّاسُ وَالْحَجَّامُ وَقَيِّمُ الْحَمَّامِ وَالْحَارِسُ) وَالرَّاعِي وَنَحْوُهُمْ (بِنْتَ الْخَيَّاطِ وَالْخَيَّاطُ لَا يُكَافِئُ بِنْتَ الْبَزَّازِ) وَالتَّاجِرَ (وَلَا) يُكَافِئُ (الْمُحْتَرِفُ بِنْتَ الْقَاضِي وَالْعَالِمَ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل: 71] أَيْ فِي سَبَبِهِ فَبَعْضُهُمْ يَصِلُ إلَيْهِ بِبَذْلٍ وَمَشَقَّةٍ وَبَعْضُهُمْ بِدُونِهِمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ. وَذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ أَنَّهُ تُرَاعَى الْعَادَةُ فِي الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ فَإِنَّ الزِّرَاعَةَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْعَكْسِ انْتَهَى وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ نَحْوَهُ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ يَنْبَغِي الْأَخْذُ بِهِ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِذَا شَكَّ فِي الشَّرَفِ وَالدَّنَاءَةِ أَوْ فِي الشَّرِيفِ وَالْأَشْرَفِ أَوْ الدَّنِيءِ وَالْأَدْنَى فَالْمَرْجِعُ عَادَةُ الْبَلَدِ (قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ) وَشَرَفُ النَّسَبِ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ جِهَةِ النُّبُوَّةِ وَجِهَةِ الْعِلْمِ وَجِهَةِ الصَّلَاحِ الْمَشْهُورِ قَالَا (وَلَا عِبْرَةَ بِالِانْتِسَابِ إلَى عُظَمَاءِ الدُّنْيَا وَالظُّلْمَةِ) الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى الرِّقَابِ وَإِنْ تَفَاخَرَ النَّاسُ بِهِمْ (قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَلَامُ النَّقَلَةِ لَا يُسَاعِدُهُمَا) عَلَيْهِ فِي عُظَمَاءِ الدُّنْيَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَيْفَ لَا يُعْتَبَرُ الِانْتِسَابُ إلَيْهِمْ وَأَقَلُّ مَرَاتِبِ الْإِمْرَةِ أَيْ وَنَحْوِهَا أَنْ تَكُونَ كَالْحِرْفَةِ وَذُو الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ لَا يُكَافِئُ النَّفِيسَةَ (فَرْعٌ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ هَلْ هُوَ كُفُؤٌ لِلرَّشِيدَةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّرُ غَالِبًا بِالْحَجْرِ عَلَى الزَّوْجِ فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي (فَرْعٌ الْحِرَفُ الدَّنِيئَةُ وَالْفِسْقُ فِي الْآبَاءِ قَالَ الرَّافِعِيُّ مِنْ بَحْثِهِ) وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ (أَنَّ الْمُعَرَّقَ فِيهِمَا لَا يُكَافِئُ غَيْرَ الْمُعَرَّقِ كَمَا فِي الْإِسْلَامِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُعَيَّرُ بِهِ الْوَلَدُ وَعِبَارَتُهُمَا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَالُ مَنْ كَانَ أَبُوهُ صَاحِبَ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ أَوْ مَشْهُورًا بِالْفِسْقِ مَعَ مَنْ أَبُوهَا عَدْلٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ مَعَ مَنْ أَبُوهَا مُسْلِمٌ قَالَا وَالْحَقُّ أَنْ يَجْعَلَ النَّظَرَ فِي حَقِّ الْآبَاءِ دَيْنًا وَسِيرَةً وَحِرْفَةً مِنْ حَيِّزِ النَّسَبِ فَإِنَّ مَفَاخِرَ الْآبَاءِ وَمِثَالَهُمْ هِيَ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا أَمْرُ النَّسَبِ (وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْهَرَوِيِّ) فِي إشْرَافِهِ (أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ) أَيْ لِمَا ذُكِرَ (كَوَلَدِ الْأَبْرَصِ) وَبِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ لَيْسَ كُفُؤًا لِبَنَاتِ التَّابِعِينَ وَهُوَ زَلَلٌ (وَلَا أَثَرَ لِلْيَسَارِ فِيهَا) أَيْ الْكَفَاءَةِ فَالْمُعْسِرُ كُفُؤٌ لِلْمُوسِرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ وَلَا يَفْتَخِرُ بِهِ أَهْلُ الْمُرُوآتِ وَالْبَصَائِرِ (لَكِنْ لَوْ زَوَّجَ) الْوَلِيُّ (بِالْإِجْبَارِ)   [حاشية الرملي الكبير] وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ عَلَيْهِ لِمَوْلَى أُمِّهِ لَا بَعْدَ ذَلِكَ نَقْصًا وَالْأَصَحُّ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْوَلَاءِ أَنَّهُ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ (قَوْلُهُ وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلْعَفِيفَةِ) أَفْهَمَ أَنَّ غَيْرَ الْفَاسِقِ كُفْءٌ لَهَا سَوَاءٌ فِيهِ الْعَدْلُ وَالْمَسْتُورُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَأَنَّ الْفَاسِقَ كُفْءٌ لِلْفَاسِقَةِ مُطْلَقًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِالْمُسَاوِي فَلَوْ زَادَ أَحَدُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ فَيُشْبِهُ عَدَمَ التَّكَافُؤِ كَمَا فِي الْعُيُوبِ وَسَبَقَ أَنَّ الْكَامِلَ الرِّقَّ لَيْسَ كُفُؤًا لِلْمُبَعَّضَةِ فَلْيَكُنْ هَذَا مِثْلَهُ ر وَلَوْ تَابَ لَمْ يَعُدْ كُفُؤًا لَهَا وَقَوْلُهُ فَيُشْبِهُ عَدَمَ التَّكَافُؤِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَرَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ فَالْفَاسِقُ كُفُؤٌ لِلْفَاسِقَةِ مُطْلَقًا. (فَرْعٌ) لَوْ تَابَ الزَّانِي وَحَسُنَتْ حَالَتُهُ لَمْ يَعُدْ كُفُؤًا لِلْعَفِيفَةِ أَبَدًا كَمَا لَا تَعُودُ عِفَّتُهُ وَحَصَانَتُهُ بِالتَّوْبَةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ قَدْ زَنَى وَتَابَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ (قَوْلُهُ وَفِي الْحِرَفِ إلَخْ) عُلُوُّ الْحِرْفَةِ تَارَةً تَكُونُ بِالنَّظَافَةِ وَتَارَةً بِطِيبِ الرَّائِحَةِ وَتَارَةً بِزِيَادَةِ الْكَسْبِ كَالتِّجَارَةِ وَأَطْيَبُ الْكَسْبِ مَا أُكِلَ مِنْ الْجِهَادِ وَأَدْنَاهُ مَا أُكِلَ مِنْ الصَّدَقَاتِ لَكِنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ إنَّ الْأَكْلَ مِنْ الصَّدَقَاتِ لِمَنْ يَشْغَلُهُ التَّكَسُّبُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ أَفْضَلُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ زَالَتْ الْحِرَفُ الدَّنِيئَةُ هَلْ تَعُودُ كَفَاءَتُهُ أَمْ لَا قَالَ الْأَزْرَقُ تَعُودُ كَفَاءَتُهُ وَقَدْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ التَّنْبِيهِ فِي آخِرِ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّ مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِنُقْصَانِ مُرُوءَتِهِ فَتَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَقَالَ الْقَاضِي مُوَفَّقُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ النَّاشِرِيُّ بَعْدَ كَلَامِ الْأَزْرَقِ وَهَذَا غَيْرُ مُنْقَاسٍ فَإِنَّ الشَّهَادَاتِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْكَفَاءَةَ حَقٌّ لِلْأَوْلِيَاءِ وَبِتَرْكِ الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ لَا يَزُولُ الْعَارُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي عُظَمَاءِ الدُّنْيَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ هَلْ هُوَ كُفُؤٌ لِلرَّشِيدَةِ أَمْ لَا] (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ مِنْ بَحْثِهِ إلَخْ) مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لَيْسَ بِبَحْثٍ بَلْ مَنْقُولٌ فِي الْمَذْهَبِ قَالَ الْقَاضِي شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ حَكَى جَدِّي أَنَّ ابْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالصَّنْعَةِ وَالْمَالِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهَا بَزَّارًا أَوْ عَطَّارًا فَلَا يَكُونُ الَّذِي أَبُوهُ حَجَّامٌ أَوْ بَيْطَارٌ أَوْ دَبَّاغٌ كُفُؤًا لَهَا فَرَجَعَ ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ وَلَدَ الْمَجْزُومِ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِمَنْ أَبُوهَا سَلِيمٌ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَالْحَقُّ أَنْ يَجْعَلَ النَّظَرَ فِي حَالِ الْآبَاءِ دِينًا وَسِيرَةً وَحِرْفَةً مِنْ حَيِّزِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ مَفَاخِرَ الْآبَاءِ فِي حَالِهِمْ هِيَ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا أَمْرُ الْكَفَاءَةِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ اهـ ت وَقَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنْ يَجْعَلَ النَّظَرَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ مَفَاخِرَ الْآبَاءِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيَاسُهُ النَّظَرُ إلَى حِرْفَةِ الْأُمِّ أَيْضًا فَإِنَّ ابْنَ الْمُغَنِّيَةِ وَالزَّامِرَةِ وَالْمَاشِطَةِ وَالْحَمَّامِيَّةِ وَنَحْوِهِنَّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كُفُؤًا لِمَنْ أُمُّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ فِي الْعُرْفِ وَعَارٌ وَمَأْخَذُ هَذِهِ الْخَصْلَةِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ كَوَلَدِ الْأَبْرَصِ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّ سَلَامَةَ الْآبَاءِ مِنْ الْعُيُوبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مُشَبَّهًا بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَإِذَا كَانَ الْعَفَافُ وَالْحِرْفَةُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْخِصَالِ تُرْعَى فِي الْآبَاءِ فَالسَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ أَوْلَى أَنْ تُرْعَى فَإِنَّ الْبَرَصَ وَالْجُذَامَ وَالْجُنُونَ أَشْنَعُ وَأَبْلَغُ شَيْءٍ يُعَيَّرُ بِهِ الْوَلَدُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 مُوَلِّيَتَهُ (مُعْسِرًا) بِغَيْرِ رِضَاهَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ بَخَسَ حَقَّهَا كَتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الْيَسَارِ مَعَ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ انْتَهَى وَهُوَ حَسَنٌ (فَرْعٌ لَا اعْتِبَارَ) فِي الْكَفَاءَةِ (بِالطُّولِ وَالشَّبَابِ وَالْبَلَدِ) وَالْجَمَالِ وَنَحْوِهَا فَالْقَصِيرُ وَالشَّيْخُ وَالْمِصْرِيُّ وَالذَّمِيمُ كُفُؤٌ لِلطَّوِيلَةِ وَالشَّابَّةِ وَالْمَكِّيَّةِ وَالْجَمِيلَةِ. (فَرْعٌ لَا يُقَابِلُ بَعْضُ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ بَعْضًا) أَيْ لَا يُجْبَرُ بَعْضُهُ بِفَضِيلَةٍ (فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ عَجَمِيَّةٌ بِرَقِيقٍ عَرَبِيٍّ وَنَحْوِهِ) وَلَا سَلِيمَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ دَنِيئَةٌ بِمَعِيبٍ نَسِيبٍ، وَلَا حُرَّةٌ فَاسِقَةٌ بِعَبْدٍ عَفِيفٍ (فَصْلٌ وَالْكَفَاءَةُ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً مُسْتَوِينَ فِي دَرَجَةٍ (فَلَا بُدَّ مَعَ رِضَاهَا بِغَيْرِ الْكُفْءِ مِنْ رِضَا سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ) بِهِ (لَا) رِضَا (أَحَدِهِمْ) يَعْنِي لَا يَكْفِي عَنْ رِضَا الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ فَاعْتُبِرَ رِضَاهُمْ بِتَرْكِهَا كَالْمَرْأَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِكُفْءٍ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا بِرِضَاهَا دُونَ رِضَاهُمْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْمَهْرِ وَلَا عَارَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا وَرِضَاهُمْ؛ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ بَنَاتِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا كُفْءَ لَهُنَّ» وَلِأَنَّهُ «أَمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ بِنِكَاحِ أُسَامَةَ فَنَكَحَتْهُ وَهُوَ مَوْلَى وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ» وَإِنَّمَا هِيَ حَقُّ الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ وَقَدْ رَضِيَا بِتَرْكِهَا (إلَّا فِي إعَادَتِهِ) أَيْ النِّكَاحِ (لِمُخْتَلِعٍ رَضَوْا بِهِ أَوَّلًا) بِأَنْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ بِرِضَاهَا وَرِضَاهُمْ ثُمَّ اخْتَلَعَهَا زَوْجُهَا فَأَعَادَهَا لَهُ أَحَدُهُمْ بِرِضَاهَا وَرِضَاهُ دُونَ رِضَى الْبَاقِينَ فَإِنَّهُ يَكْفِي لِرِضَاهُمْ بِهِ أَوَّلًا، وَهَذَا قَدْ يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَدِيدٌ وَفِي مَعْنَى الْمُخْتَلِعِ الْفَاسِخِ وَالْمُطَلِّقِ رَجْعِيًّا إذَا أَعَادَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَالْمُطَلِّقُ قَبْلَ الدُّخُولِ. (وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْأَبْعَدِ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي التَّزْوِيجِ (وَإِنْ زُوِّجَتْ الْبِكْرُ بِالْإِجْبَارِ أَوْ الثَّيِّبُ بِإِذْنٍ) مِنْهَا (مُطْلَقٍ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكُفْءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ لِعَدَمِ رِضَاهَا بِهِ (وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ وَالْوَلِيُّ السُّلْطَانُ لَمْ يُزَوِّجْهَا) بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّائِبِ عَنْ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ فَلَا يَتْرُكُ الْحَظَّ وَخَبَرُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ السَّابِقُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَهَا أُسَامَةَ بَلْ أَشَارَ عَلَيْهَا بِهِ وَلَا يَدْرِي مَنْ زَوَّجَهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ بِرِضَاهَا عَلَى أَنَّ جَمَاعَاتٍ اخْتَارُوا الصِّحَّةَ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ مَا لَوْ كَانَ عَدَمُ الْكَفَاءَةِ لِجَبٍّ أَوْ عُنَّةٍ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ بِرِضَاهَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْوَلِيُّ (فَرْعٌ) لَوْ (أَقَرَّتْ بِنِكَاحٍ لِغَيْرِ كُفْءٍ فَلَا أَثَرَ لِإِنْكَارِ الْوَلِيِّ الرِّضَا) مِنْهُ (بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ لَا يُقْبَلُ إنْكَارُهُ (وَإِنْ زَوَّجَتْ بِوَكَالَةٍ فَأَنْكَرَهَا الْوَلِيُّ وَأَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ قُبِلَ قَوْلُهَا) كَمَا لَوْ أَنْكَرَ تَزْوِيجَهَا (وَإِنْ سَكَتَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ لِاعْتِضَادِهِ بِسُكُوتِهَا [فَرْعٌ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَجْنُونَ بِذَاتِ عَيْبٍ مُثْبِتٍ لِلْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ] (فَرْعٌ مَتَى زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَجْنُونَ بِذَاتِ عَيْبٍ مُثْبِتٍ لِلْخِيَارِ) فِي النِّكَاحِ (لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ لِانْتِفَاءِ الْغِبْطَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي) وَيَظْهَرُ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ إثْبَاتَ خِيَارِ الْفَسْخِ لَهَا بِالْإِعْسَارِ يُنَافِي الْإِجْبَارَ عَلَى نِكَاحِ الْمُعْسِرِ فَمَا زَعَمَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ اعْتِبَارُ الْيَسَارِ فِي الْكَفَاءَةِ مَمْنُوعٌ اش؛ لِأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ (قَوْلُهُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ مَبْنِيٌّ إلَخْ) لَوْ كَانَ بَنَاهُ عَلَى ذَلِكَ لَكَانَ مِنْ صُوَرِ تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ لَا أَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ [فَرْعٌ لَا اعْتِبَارَ فِي الْكَفَاءَةِ بِالطُّولِ وَالشَّبَابِ وَالْبَلَدِ وَالْجَمَالِ وَنَحْوِهَا] (قَوْلُهُ فَالْقَصِيرُ وَالشَّيْخُ إلَخْ) قَالَ الرُّويَانِيُّ وَالشَّيْخُ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِلشَّابَّةِ وَالْجَاهِلُ لِلْعَالِمَةِ قَالَ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَهَذَا التَّضْعِيفُ فِي الْجَاهِلِ وَالْعَالِمَةِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْآبَاءِ إذَا كَانَ شَرَفًا لِلْأَوْلَادِ فَكَيْفَ بِعِلْمِهِمْ وَلِأَنَّ الْحِرْفَةَ تُرْعَى فِي الزَّوْجَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُوَازِي الْعِلْمَ وَقَدْ قَطَعَ بِمُوَافَقَةِ الرُّويَانِيِّ شَارِحُ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ وَغَيْرُهُ قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْأَنْوَارِ [فَصْلٌ الْكَفَاءَةُ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَالْكَفَاءَةُ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْوَلِيُّ الْفَاسِقُ فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فِي تَزْوِيجِ غَيْرِ الْكُفْءِ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا) وَلَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً (قَوْلُهُ وَهَذَا قَدْ يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ أَفْتَيْت وَكَتَبَ أَيْضًا حَكَى فِيهَا طَرِيقَيْنِ أَحَدَهُمَا الْقَطْعَ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِهِ أَوَّلًا وَالثَّانِيَ عَلَى الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَدِيدٌ قَالَ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الْغَالِبُ فِي الْمَسْأَلَةِ ذَاتِ الطَّرِيقَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمُصَحَّحُ مَا يُوَافِقُ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ. (قَوْلُهُ إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي التَّزْوِيجِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ لِفِسْقٍ أَوْ نَحْوِهِ كَالْأَبْعَدِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا يَجِبُ رِضَا الْأَبْعَدِ مِنْ الْقَرَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْآنَ حَقٌّ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْعَارِ قُلْنَا؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ تَنْتَشِرُ كَثِيرًا فَيَشُقُّ اعْتِبَارُهَا وَلَا ضَابِطَ نَقِفُ عِنْدَهُ فَقُصِرَ عَلَى الْأَقْرَبِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ وَلِيٌّ أَقْرَبُ إلَّا أَنَّهُ صَغِيرٌ فَزَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا فَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الصِّغَرَ وَإِنْ نَقَلَ الْوِلَايَةَ فَلَا يَنْقُلُ الْحَقَّ فِي الْكَفَاءَةِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وِلَايَةٌ وَلَا حَقٌّ يُقَدِّرُ انْتِقَالَهُ وَهَذَا نَظَرٌ دَقِيقٌ وَيَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ بَالِغٍ وَصَغِيرٍ فَأَقَرَّ الْبَالِغُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْأَصَحِّ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الصَّغِيرِ وَهَذَا نَظِيرُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ كَمَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ بِغَيْرِ كُفْءٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ وَقَدْ سَبَقَ وَالْجَامِعُ عَدَمُ الرِّضَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى فس وَقَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ كَتَبَ عَلَيْهِ الرَّاجِحُ الصِّحَّةَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ وَالْوَلِيُّ السُّلْطَانُ لَمْ يُزَوِّجْهَا بِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا بِمَنْ صَدَّقَتْهُ عَلَى كَفَاءَتِهِ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 (أَوْ) زَوَّجَهُ (بِسَلِيمَةٍ لَا تُكَافِئُهُ) بِجِهَةٍ أُخْرَى (صَحَّ) التَّزْوِيجُ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَتَعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِهِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ (إلَّا الْأَمَةُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ) فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ بِهَا (لِفَقْدِ خَوْفِ الْعَنَتِ) بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ بِهَا بِشَرْطِهِ (وَإِنْ زَوَّجَ الْمَجْنُونَ أَوْ الصَّغِيرَ بِعَجُوزٍ أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ قُطَعَاءَ) لِلْأَطْرَافِ أَوْ بَعْضِهَا (أَوْ الصَّغِيرَةَ بِهَرَمٍ أَوْ أَعْمَى أَوْ أَقْطَعَ فَوَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي صُوَرِ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَنَقَلُوهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُهُمَا بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا مَصْلَحَةَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكَفَاءَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ فِي صُوَرِ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهَا إنَّمَا يُزَوِّجُهَا بِالْإِجْبَارِ مِنْ الْكُفْءِ وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ كُفْءٌ فَالْمَأْخَذُ فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا مُخْتَلِفٌ (وَالْخَصِيُّ وَالْخُنْثَى غَيْرُ الْمُشْكِلِ كَالْأَعْمَى) فِيمَا ذُكِرَ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ مِنْهُمَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ الْمُشَارُ إلَيْهِ آنِفًا (لَا) مِثْلُ (الْمَجْنُونِ) بِالنُّونِ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْأَصْلِ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ الْكَفَاءَةِ مَعَ عَدَمِ الرِّضَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَكَالصَّغِيرَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْكَبِيرَةُ إذَا أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا مُطْلَقًا (فَرْعٌ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ بِمَنْ بِهِ عَيْبٌ مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ) لِلْإِضْرَارِ بِهَا (وَيُزَوِّجُهَا) جَوَازًا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَلَوْ عَرَبِيَّةً (مِنْ عَرَبِيٍّ دَنِيءِ النَّسَبِ) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا وَقَضِيَّتُهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يَنْجَبِرُ بِبَعْضٍ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إذَا كَانَتْ عَرَبِيَّةً مِنْ عَجَمِيٍّ وَلَوْ حُرًّا بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ وَيُزَوِّجُهَا مِنْ رَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ فَيُنَافِي قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ وَالْأَمَةُ الْعَرَبِيَّةُ بِالْحُرِّ الْعَجَمِيِّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَيْ الْخِلَافِ فِي الِانْجِبَارِ كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ إلَى مَا قَالَهُ لِذَلِكَ وَالْحَقُّ مَا فِي الْأَصْلِ وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النَّسَبِ لِسَيِّدِهَا لَا لَهَا وَقَدْ أَسْقَطَهُ هُنَا بِتَزْوِيجِهِ لَهَا مَنْ ذَكَرَ، وَمَا مَرَّ مَحَلُّهُ إذَا زَوَّجَهَا غَيْرُ سَيِّدِهَا بِإِذْنٍ أَوْ وِلَايَةٍ عَلَى مَالِكِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى عُدُولِ الْمُصَنِّفِ إلَى مَا قَالَهُ بَلْ عُدُولُهُ إلَيْهِ مُوهِمٌ خِلَافَ الْمُرَادِ (لَا بِمَنْ لَا يُكَافِئُهَا بِسَبَبٍ آخَرَ) أَيْ غَيْرَ دَنَاءَةِ النَّسَبِ كَعَيْبٍ مُثْبِتٍ لِلْخِيَارِ وَكَدَيْنٍ وَحِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ أَيْ لَا يُزَوِّجُهَا بِهِ. (إلَّا بِرِضَاهَا وَعَلَيْهَا تَمْكِينُهُ) مِنْ نَفْسِهَا لِإِذْنِهَا (وَلَهُ بَيْعُهَا مِنْ الْعَيْبِ) ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَتَعَيَّنُ لِلِاسْتِمْتَاعِ (وَيَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِلْكَهُ (وَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ كَفَاءَةَ الْخَاطِبِ وَأَنْكَرَهَا الْوَلِيُّ رُفِعَ) الْأَمْرُ (إلَى الْقَاضِي فَإِنْ ثَبَتَتْ كَفَاءَتُهُ أَلْزَمَهُ تَزْوِيجَهَا) فَإِنْ امْتَنَعَ زَوَّجَهَا الْقَاضِي بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ كَفَاءَتُهُ (فَلَا) يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُهَا بِهِ (وَإِنْ أَقَرَّتْ بِزَوْجِيَّةِ رَجُلٍ فَسَكَتَ أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ أَقَرَّ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ فَسَكَتَتْ (وَرِثَ السَّاكِتُ مِنْ الْمُقِرِّ) إذَا مَاتَ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا الْمُقِرُّ مِنْ السَّاكِتِ إذَا مَاتَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُقِرِّ يُقْبَلُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ لَوْ زَوَّجَ أُخْتَهُ فَمَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَى وَارِثُهُ أَنَّ الْأَخَ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَأَنَّهَا لَا تَرِثُ فَقَالَتْ زَوَّجَنِي بِرِضَايَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَتَرِثُ (الطَّرَفُ الثَّامِنُ) فِي (اجْتِمَاعِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْمُسْتَحَبِّ) إذَا اجْتَمَعُوا فِي دَرَجَةٍ كَإِخْوَةٍ وَأَعْمَامٍ وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَلَوْ بِقَوْلِهَا أَذِنْت فِي فُلَانٍ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُزَوِّجْنِي مِنْهُ (أَنْ يَعْقِدَ أَفْضَلُهُمْ بِفِقْهٍ) بِبَابِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِشَرَائِط الْعَقْدِ (وَنَحْوِهِ) كَالْوَرَعِ وَالسِّنِّ؛ لِأَنَّ الْأَوْرَعَ أَشْفَقُ وَأَحْرَصُ عَلَى طَلَبِ الْحَظِّ وَالْأَسَنِّ أَخْبَرَ بِالْأُمُورِ لِكَثْرَةِ تَجْرِبَتِهِ (بِرِضَا مَنْ فِي دَرَجَتِهِ) لِتَجْتَمِعَ الْآرَاءُ وَلَا يَتَأَذَّى بَعْضُهُمْ بِاسْتِئْثَارِ الْبَعْضِ (وَلَوْ تَعَارَضَتْ الْخِصَالُ قُدِّمَ) نَدْبًا (الْأَفْقَهُ ثُمَّ الْأَوْرَعُ ثُمَّ الْأَسَنُّ) لِمَا ذُكِرَ (فَإِنْ زَوَّجَ الْمَفْضُولُ) مِنْهُمْ الْمَرْأَةَ بِرِضَاهَا (بِكُفْءٍ صَحَّ) وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْبَاقِينَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْوِلَايَةُ كَوِلَايَةِ الْقَوَدِ حَيْثُ يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى اسْتِيفَائِهِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الدَّرْءِ وَالْإِسْقَاطِ وَالنِّكَاحُ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَالْإِلْزَامِ، وَلِهَذَا لَوْ عَضَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ زَوَّجَ الْآخَرُونَ وَلَوْ عَفَا وَاحِدٌ عَنْ الْقَوَدِ سَقَطَ حَقُّ الْكُلِّ (فَإِنْ تَنَازَعُوا) فِيمَنْ يُزَوِّجُهَا (وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَإِنْ تَعَدَّدَ الْخَاطِبُ اُعْتُبِرَ رِضَاهَا) فَتُزَوَّجُ مِمَّنْ تَرْضَاهُ؛ لِأَنَّ إذْنَهَا مُعْتَبَرٌ فِي أَصْلِ التَّزْوِيجِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَقَرَّتْ بِنِكَاحٍ لِغَيْرِ كُفْءٍ] قَوْلُهُ أَوْ بِسَلِيمَةٍ لَا تُكَافِئُهُ صَحَّ) وَيَثْبُتُ لِلصَّغِيرِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ بَابِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ ت (قَوْلُهُ إلَّا الْأَمَةَ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ) أَيْ أَوْ الْمَمْسُوحِ (قَوْلُهُ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الصِّحَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحه وَكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ الصَّوَابُ مَذْهَبًا وَحِجَاجًا (ر) ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ جَرَى عَلَيْهِ خَلَائِقُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ الْحَقُّ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَنَقَلُوهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ) عِبَارَتُهَا وَلَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا جَزْمَاءَ أَوْ بَرْصَاءَ أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ رَتْقَاءَ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ النِّكَاحُ وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً فِي نِكَاحِهَا ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا نَظَرٌ مِثْلَ عَجُوزٍ فَانِيَةٍ أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ قَطْعَاءَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مَذْهَبًا وَحِجَاجًا وَكَيْفَ يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ بِمَنْ لَا نَظَرَ لَهُ فِي تَزْوِيجِهِ بِهَا بَلْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ وَعَارٍ وَغُرْمٌ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكَفَاءَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ بِمَنْ بِهِ عَيْبٌ مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ] (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّتْ بِزَوْجِيَّةِ رَجُلٍ فَسَكَتَ إلَخْ) لَوْ قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ زَوْجَتِي فَأَنْكَرَتْ صَدَقَتْ بِيَمِينِهَا فَلَوْ مَاتَ فَرَجَعَتْ وَقَالَتْ كَذَبْت هُوَ زَوْجِي قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا لِلتُّهْمَةِ وَالصَّحِيحُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِحَقٍّ عَلَيْهَا وَالزَّوْجُ مَاتَ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى الْمُطَالَبَةِ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا تَقَرَّرَ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِمَالٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ وَصَدَّقَهُ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ هُنَا تَابِعٌ لِلزَّوْجِيَّةِ وَهُنَاكَ مَقْصُودٌ أَصَالَةً وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ [الطَّرَفُ الثَّامِنُ فِي اجْتِمَاعِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْمُسْتَحَبِّ] (مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الثَّامِنُ اجْتِمَاعُ الْأَوْلِيَاءِ) (قَوْلُهُ قُدِّمَ الْأَفْقَهُ ثُمَّ الْأَوْرَعُ إلَخْ) احْتَجَّ لَهُ الْمُتَوَلِّي بِحَدِيثِ الْقَسَامَةِ كُبْرٌ كُبْرٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 فَكَذَا فِي التَّعْيِينِ (فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْجَمِيعِ أَمَرَ الْقَاضِي بِتَزْوِيجِهَا مِنْ الْأَصْلَحِ) لَهَا مِنْهُمْ بَعْدَ تَعْيِينِهِ فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَهُوَ عَضْلٌ فَيُزَوِّجُ الْقَاضِي الْأَصْلَحَ مِنْهُمْ قَالَهُ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ (وَإِنْ اتَّحَدَ) الْخَاطِبُ (فَالْقُرْعَةُ) وَاجِبَةٌ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ زَوَّجَهَا كَمَا يَقْرَعُ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الْقَوَدِ فِيمَنْ يَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَذِنَتْ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْقُضَاةِ عَلَى أَنْ يَسْتَقِلَّ كُلٌّ مِنْهُمْ بِتَزْوِيجِهَا فَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُزَوِّجُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْرَعُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الِانْفِرَادِ وَلَا حَظَّ لَهُ فِيهِ فَلْيُبَادِرْ إلَى التَّصَرُّفِ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ وَأَطْلَقَ ابْنُ كَجٍّ أَنَّ الَّذِي يَقْرَعُ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ هُوَ السُّلْطَانُ، وَقَالَ ابْنُ دَاوُد: يُنْدَبُ أَنْ يُقْرِعَ السُّلْطَانُ فَإِنْ أَقْرَعَ غَيْرُهُ جَازَ (فَلَوْ خَرَجَتْ لِزَيْدٍ فَزَوَّجَ عَمْرُو صَحَّ) النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ وَفَائِدَةُ الْقُرْعَةِ قَطْعُ النِّزَاعِ بَيْنَهُمْ لَا نَفْيُ وِلَايَةِ الْبَعْضِ. (فَإِنْ أَذِنَتْ لِوَاحِدٍ) مِنْهُمْ (لَمْ يُزَوِّجْهَا الْآخَرُ) لِعَدَمِ إذْنِهَا لَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ قَالَتْ: زَوِّجُونِي اُشْتُرِطَ اجْتِمَاعُهُمْ) عَلَى الْعَقْدِ بِأَنْ يَصْدُرَ عَنْ رَأْيِهِمْ عَمَلًا بِإِذْنِهَا (وَلَوْ قَالَتْ رَضِيت فُلَانًا زَوْجًا) أَوْ رَضِيت أَنْ أُزَوَّجَ (أَوْ أَذِنْت لِأَحَدِ أَوْلِيَائِي أَوْ لِأَحَدِ مَنَاصِبِ الشَّرْعِ) فِي تَزْوِيجِي (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمْ (تَزْوِيجُهَا) أَمَّا فِي صُورَتَيْ الرِّضَا فَلِأَنَّهُمْ مُتَعَيَّنُونَ شَرْعًا وَالشَّرْطُ رِضَاهَا وَقَدْ وُجِدَ وَأَمَّا فِي صُورَتَيْ الْإِذْنِ فَلِصِدْقِ الْأَحَدِ عَلَى الْجَمِيعِ وَهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذَكَرَهُمَا الْقَمُولِيُّ (فَلَوْ عَيَّنَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدَهُمْ لَمْ يَنْعَزِلْ الْبَاقُونَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ اللَّقَبِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَعَلَى أَنَّ إفْرَادَ بَعْضِ الْعَامِّ بِالذِّكْرِ لَا يُخَصِّصُ (فَصْلٌ) لَوْ (أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ) أَنْ يُزَوِّجَهَا (هَذَا مِنْ زَيْدٍ وَهَذَا مِنْ عَمْرٍو) أَوْ أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ أَوْ وَكَّلَ الْمُجْبِرُ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ (فَزَوَّجَاهَا مِنْهُمَا وَتَرَتَّبَا) أَيْ الْعَقْدَانِ وَعَلِمَ عَيْنَ السَّابِقِ وَلَمْ يَنْسَ (صَحَّ الْأَوَّلُ) وَإِنْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي لِخَبَرِ إذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَإِنَّمَا يُعْلَمُ السَّبْقُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالتَّصَادُقِ (أَوْ) زَوَّجَاهَا بِهِمَا (مَعًا بَطَلَا) لِتَدَافُعِهِمَا إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ مَعَ امْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا (وَكَذَا) يَبْطُلَانِ (لَوْ جَهِلَ السَّبْقَ) وَالْمَعِيَّةَ لِتَعَذُّرِ إمْضَاءِ الْعَقْدِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالسَّابِقِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ أَحَدُ النِّكَاحَيْنِ فَقَدْ حَكَمْت بِبُطْلَانِهِ لِيَكُونَ نِكَاحُهَا بَعْدُ عَلَى يَقِينِ الصِّحَّةِ وَتَثْبُتُ لِلْقَاضِي هَذِهِ الْوِلَايَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلضَّرُورَةِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ. (فَإِنْ تَعَيَّنَ السَّابِقُ ثُمَّ نَسِيَ يُوقَفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ) الْحَالُ (أَوْ يُطَلِّقَاهَا أَوْ يَمُوتَا) أَوْ يُطَلِّقَهَا أَحَدُهُمَا وَيَمُوتَ الْآخَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا مِنْ مَوْتِ آخِرِهِمَا) ؛ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا صِحَّةَ الْعَقْدِ وَالْهُجُومَ عَلَى رَفْعِهِ أَوْ الْحُكْمُ بِارْتِفَاعِهِ لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا يُبَالِي بِطُولِ ضَرَرِهَا كَزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَاَلَّتِي انْقَطَعَ دَمُهَا بِمَرَضٍ فَإِنَّهَا تَصْبِرُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ مَعَ الضَّرَرِ (وَمَتَى عَلِمَ السَّبْقَ دُونَ) عَيْنِ (السَّابِقِ بَطَلَا) لِتَعَذُّرِ إمْضَاءِ الْعَقْدِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ السَّابِقِ وَتَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهَا مِنْ الْجُمُعَةِ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا وَقَعَ لِمَجْهُولٍ فَإِمْضَاؤُهُ مُتَعَذِّرٌ وَهُنَاكَ الْحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ وَقَعَتْ الْأُولَى صَحِيحَةً فِي عِلْمِهِ تَعَالَى فَامْتَنَعَ إقَامَةُ جُمُعَةٍ أُخْرَى وَلَزِمَ الْجَمِيعَ إعَادَةُ الظُّهْرِ فَمَنْ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ فِي عِلْمِهِ تَعَالَى تَقَعُ عَنْهُ هَذِهِ نَفْلًا وَالْآخَرُونَ تَقَعُ لَهُمْ فَرْضًا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ فَرْضَهُمْ (وَالْبُطْلَانُ هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا عَلِمَ السَّبْقَ دُونَ السَّابِقِ (وَعِنْدَ جَهْلِ السَّبْقِ) وَالْمَعِيَّةِ (ظَاهِرٌ لَا بَاطِنٌ) أَيْ يَقَعُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا (مَا لَمْ يَفْسَخْهُ الْحَاكِمُ) فَإِنْ فَسَخَهُ بَطَلَ بَاطِنًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا الْعِوَضُ عَادَ إلَيْهَا الْمُعَوَّضُ كَالْبَائِعِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ سِلْعَتِهِ عَادَتْ إلَيْهِ بِفَسْخِ الْحَاكِمِ مِلْكًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَا كُفُؤَيْنِ فَإِنْ كَانَا غَيْرَ كُفُؤَيْنِ فَنِكَاحُهُمَا بَاطِلٌ أَوْ أَحَدُهُمَا كُفُؤًا فَنِكَاحُهُ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ تَأَخَّرَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْضَوْا بِكُلٍّ مِنْهُمَا (فَرْعٌ حَيْثُ قُلْنَا بِالتَّوَقُّفِ فَمَاتَ) فِي مُدَّتِهِ (أَحَدُهُمَا وَقَفَ) مِنْ تَرِكَتِهِ (مِيرَاثَ زَوْجَةٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا وَإِلَّا فَحِصَّتُهَا مِنْ الرُّبُعِ أَوْ الثُّمُنِ (أَوْ مَاتَتْ) هِيَ (فَمِيرَاثُ زَوْجٍ) يُوقَفُ بَيْنَهُمَا (إلَى الْإِصْلَاحِ) أَوْ تَبَيَّنَ الْحَالُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (وَلَا يُطَالَبُ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا (بِالْمَهْرِ) لِلْإِشْكَالِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إلْزَامِ مَهْرَيْنِ وَلَا إلَى قِسْمَةِ مَهْرٍ عَلَيْهِمَا (وَهَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا) عَنْهُمَا مُدَّةَ التَّوَقُّفِ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِعَدَمِ التَّمْكِينِ وَالْأَصْلُ الْبَرَاءَةُ وَحَبْسُهَا لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِمَا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ اشْتَرَطَ اجْتِمَاعَهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ وَإِنْ ثَبَتَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ لَهُ اسْتِقْلَالًا [فَصْلٌ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ أَنْ يُزَوِّجَهَا هَذَا مِنْ زَيْدٍ وَهَذَا مِنْ عَمْرٍو أَوْ أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ] (قَوْلُهُ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا مِنْ مَوْتِ آخِرِهِمَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ غَيْرَ فَرْعٍ لِأَحَدِهِمَا وَلَا أَصْلَ لَهُ (قَوْلُهُ وَمَتَى عَلِمَ السَّبَقَ دُونَ السَّابِقِ بَطَلَا) هَذَا إذَا أَيِسَ مِنْ زَوَالِ الْإِشْكَالِ فَإِنْ رَجَا زَوَالَهُ وَجَبَ التَّوَقُّفُ قَطْعًا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ ر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 الْإِمَامُ وَكَلَامُ الْوَسِيطِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَثَانِيهِمَا لَا لِصُورَةِ الْعَقْدِ وَعَدَمِ النُّشُوزِ مَعَ حَبْسِهَا وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ وَالدَّارِمِيُّ وَصَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ تَسْقُطُ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى وَلْيُنَاسِبْ قَوْلَهُ (فَإِنْ أَوْجَبْنَا) هَا (وُزِّعَتْ) عَلَيْهِمَا (فَإِنْ تَعَيَّنَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ) بِمَا أَنْفَقَ (إلَّا إذَا أَنْفَقَ) عَلَيْهَا (بِإِذْنِ الْحَاكِمِ) فَلَا يَرْجِعُ كَذَا فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ سَهْوٌ وَالصَّوَابُ الْعَكْسُ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ (وَلَهَا طَلَبُ الْفَسْخِ) لِنِكَاحِهَا إنْ قُلْنَا لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِمَا (لِلضَّرُورَةِ) هَذَا زَادَهُ بَحْثًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ إنْ لَمْ يَرْجُ زَوَالَ الْإِشْكَالِ لِلضَّرَرِ كَالْعَيْبِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ (فَرْعٌ لَوْ تَدَاعَيَا السَّبْقَ بَيْنَهُمَا) بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ سَبْقَهُ (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَلَيْسَ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ وَذِكْرُ الْحُرَّةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ مِنْ حَيْثُ الزَّوْجِيَّةُ مُطْلَقًا (أَوْ عَلَيْهَا سُمِعَتْ إنْ ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (عِلْمَهَا بِأَنَّهُ السَّابِقُ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالنِّكَاحِ مَقْبُولٌ (لَا إنْ ادَّعَى) كُلٌّ مِنْهُمَا (عِلْمَهَا بِالسَّبْقِ) لِأَحَدِهِمَا فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِلْجَهْلِ بِالْمُدَّعِي قَالَ السُّبْكِيُّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَكِنَّ نَصَّ الْأُمِّ يَقْتَضِي أَنَّهَا تُسْمَعُ لِلْحَاجَةِ (فَإِنْ أَنْكَرَتْ) عِلْمَهَا بِهِ فِيمَا إذَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى (وَحَلَفَتْ) عَلَيْهِ (بَقِيَ الْإِشْكَالُ) . وَفِي بَقَاءِ التَّدَاعِي وَالتَّحَالُفِ بَيْنَهُمَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا، وَالثَّانِي: نَعَمْ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا حَلَفَتْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالسَّبْقِ وَهُوَ لَا يُنَافِي جَرَيَانَ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ عَلَى الصِّحَّةِ وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ ابْتِدَاءُ التَّدَاعِي وَالتَّحَالُفِ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ رَبْطِ الدَّعْوَى بِهَا، وَنَقَلَ الْأَصْلُ هَذَا عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْأَوَّلُ بِصِيغَةِ قِيلَ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، كَمَا حَكَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَرَّحَ كَغَيْرِهِ تَفْرِيعًا عَلَيْهِ بِبُطْلَانِ النِّكَاحَيْنِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الْأَوَّلِ (وَكَذَا لَوْ رَدَّتْ عَلَيْهِمَا) الْيَمِينَ (فَحَلَفَا أَوْ نَكَلَا بَقِيَ الْإِشْكَالُ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنْ يُقَالَ فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا بَطَلَ نِكَاحُهُمَا كَمَا لَوْ اعْتَرَفَا بِالْإِشْكَالِ وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَجَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَقِيَ الْإِشْكَالُ زِيَادَةُ إيضَاحٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ (فَيَقْضِي لِلْحَالِفِ) بِالنِّكَاحِ (وَيَحْلِفَانِ عَلَى الْبَتِّ) وَالْمَرْأَةُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُمَا يَحْلِفَانِ عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمَا بِخِلَافِهَا وَلِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَيْهَا بِعِلْمِهَا وَالْيَمِينَ عَلَى وَفْقِ الدَّعْوَى. (وَ) إذَا حَلَفَتْ (هَلْ يَكْفِيهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ) لَهُمَا كَمَا قَالَ الْقَفَّالُ (أَمْ) يَجِبُ (لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (يَمِينٌ) وَإِنْ رَضِيَا بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ كَمَا قَالَ الْبَغَوِيّ (وَجْهَانِ) رَجَّحَ السُّبْكِيُّ مِنْهُمَا الثَّانِيَ وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِتَرْجِيحِ الرَّوْضَةِ فِي نَظِيرِهِ فِي الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ أَبْوَابِ الدَّعَاوَى وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي اللِّعَانِ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا ادَّعَيَا عَلَيْهِ مَالًا فَأَنْكَرَهُ يَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا. (وَلَوْ حَلَّفَهَا الْحَاضِرُ فَهَلْ لِلْغَائِبِ تَحْلِيفُهَا) لِتُمَيِّزَ حَقَّ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ (وَجْهَانِ) وَمَحَلُّهُمَا إذَا حَلَفَتْ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَهُ وَلَا تَارِيخَ الْعَقْدَيْنِ فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَهُ تَعَيَّنَ الْحَلِفُ لِلثَّانِي وَأُجْرِيَ هَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ خَصْمَيْنِ يَدَّعِيَانِ شَيْئًا وَاحِدًا (وَإِنْ أَقَرَّتْ بِالسَّبْقِ لِأَحَدِهِمَا ثَبَتَ نِكَاحُهُ) بِإِقْرَارِهَا (وَلِلثَّانِي تَحْلِيفُهَا فَإِنْ نَكَلَتْ) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَ) هُوَ يَمِينَ الرَّدِّ (غَرِمَتْ لَهُ مَهْرَ مِثْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ وَهِيَ لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ بِالسَّبْقِ بَعْدَ إقْرَارِهَا بِهِ لِلْأَوَّلِ غَرِمَتْ لَهُ الْمَهْرَ لِمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ تَغْرِيمِ الْمُقِرِّ لِعَمْرٍو مَا أَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ، بَلْ لَوْ مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ فِي هَذِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: صَارَتْ زَوْجَةً لِلثَّانِي وَتَعْتَدُّ مِنْ الْأَوَّلِ عِدَّةَ الْوَفَاةِ إنْ لَمْ يَطَأْهَا وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِأَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُمَا وَمِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءِ عِدَّةِ الْوَطْءِ مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي بِمَا غَرِمَتْهُ لَهُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا غَرِمَتْهُ لِلْحَيْلُولَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَحْلِفْ يَمِينَ الرَّدِّ فَلَا غُرْمَ لَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ أَقَرَّتْ بِهِمَا مَعًا فَهُوَ لَغْوٌ فَيُقَالُ لَهَا إمَّا أَنْ تُقِرِّي لِأَحَدِهِمَا أَوْ تَحْلِفِي (وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْخَرْسَاءِ وَيَمِينُهَا بِالْإِشَارَةِ) أَيْ الْمُفْهِمَةِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ هَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْ الْوَلِيَّيْنِ الْمُوَكَّلِينَ فِي النِّكَاح مُدَّةَ التَّوَقُّفِ] قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْوَسِيطِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ سَهْوٌ وَالصَّوَابُ الْعَكْسُ إلَخْ) قُلْت قَدْ يَكُونُ أَرَادَ بِالْإِذْنِ الْإِلْزَامَ فَلَا يَكُونُ الصَّوَابُ الْعَكْسَ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ الْحَاكِمُ بِشَيْءٍ لَا يَرْجِعُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِهِ رَجَعَ بِهِ ع [فَرْعٌ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ سَبْقَهُ فِي النِّكَاح] (قَوْلُهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْأَصْلُ هَذَا عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ حَيْثُ قَالَ فَإِذَا حَلَفَتْ كَمَا يَنْبَغِي أَوْ نَكَلَتْ بَقِيَ التَّدَاعِي وَالتَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قَضَى لَهُ وَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا بَقِيَ الْإِشْكَالُ وَالتَّوَقُّفُ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَمْ تَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ رَجَّحَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَهَلْ لِلْغَائِبِ تَحْلِيفُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأُجْرِيَ هَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ خَصْمَيْنِ يَدَّعِيَانِ شَيْئًا وَاحِدًا) قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إنْ كَانَا قَدْ ادَّعَيَا ذَلِكَ الْحَقَّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مِثْلَ أَنْ ادَّعَيَا دَارًا وَرِثَاهَا أَوْ مَالَ شَرِكَةٍ بَيْنَهُمَا حَلَفَ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِنْ جِهَتَيْنِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الِانْفِرَادِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ صَحِيحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فَصَلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ مَحَلُّ وِفَاقٍ. (قَوْلُهُ بَلْ لَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ لَهُ الْأَوَّلُ فِي هَذِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَالْحَالُ حَالُ الْإِشْكَالِ) عَلَى الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْجُورِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ خَرْسَاءَ أَوْ مَعْتُوهَةً أَوْ صَبِيَّةً أَوْ خَرِسَتْ بَعْدَ التَّزْوِيجِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَمِينٌ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 وَالْحَالُ حَالُ الْإِشْكَالِ (فَرْعٌ) قَوْلُهَا (لِأَحَدِهِمَا لَمْ تَسْبِقْ إقْرَارٌ) مِنْهَا (لِلثَّانِي) أَيْ لِلْآخَرِ (إنْ اعْتَرَفَتْ) قَبْلَهُ (بِالتَّرْتِيبِ) أَيْ بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَا مَعًا فَلَا تَكُونُ مُقِرَّةً بِسَبْقِ الْآخَرِ (فَرْعٌ فَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلسَّبْقِ) وَلَا لِعِلْمِهَا بِهِ (وَادَّعَيَا) عَلَيْهَا (الزَّوْجِيَّةَ) وَفَصَلَا الْقَدْرَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِ (لَزِمَهَا الْحَلِفُ) الْجَازِمُ (لِكُلٍّ) مِنْهُمَا بِأَنْ تَحْلِفَ (أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتُهُ) وَلَا يَكْفِيهَا الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالسَّابِقِ (وَيَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ إنْ لَمْ تَعْلَمْ سَبْقَهُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتْلَفَ كَذَا وَطَلَبَ غُرْمَهُ مِنْ التَّرِكَةِ حَلَفَ الْوَارِثُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ أَتْلَفَ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمَ كَذَا مِنْ التَّرِكَةِ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ يُجَوِّزُ لَهُ الْحَلِفَ الْجَازِمَ (وَلَهُمْ) الْأَوْلَى وَلَهُمَا (الدَّعْوَى) بِمَا مَرَّ (عَلَى) الْوَلِيِّ (الْمُجْبِرِ وَيَحْلِفُ) عَلَى الْبَتِّ (وَلَوْ كَانَتْ) مُوَلِّيَتُهُ (كَبِيرَةً) لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُجْبِرِ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ لَا يُقْبَلُ (ثُمَّ إنْ حَلَفَ فَلِلْمُدَّعِي) مِنْهُمَا (تَحْلِيفُ الْبِنْتِ) أَيْضًا بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِمَا (فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ) الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ (وَاسْتَحَقَّهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ أَيْ ثَبَتَ نِكَاحُهُ وَكَذَا إنْ أَقَرَّتْ لَهُ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ حَلِفُ الْوَلِيِّ [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي تَزْوِيجِ الْمَوْلِيِّ عَلَيْهِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي تَزْوِيجِ الْمَوْلِيِّ عَلَيْهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَيُقَالُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ (وَلَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ وَ) لَا (مُخْتَلٌّ) وَهُوَ مَنْ فِي عَقْلِهِ خَلَلٌ وَفِي أَعْضَائِهِ اسْتِرْخَاءٌ وَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى النِّكَاحِ غَالِبًا (إلَّا كَبِيرًا) الْأَرْجَحُ كَبِيرٌ (لِحَاجَةِ شَبَقٍ) أَيْ شِدَّةِ شَهْوَةٍ لِلْوَطْءِ بِأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهُ فِي النِّسَاءِ بِدَوَرَانِهِ حَوْلَهُنَّ وَتَعَلُّقِهِ بِهِنَّ وَنَحْوِهِمَا (أَوْ رَجَا شِفَاءً) بِالْوَطْءِ (أَوْ لِخِدْمَةٍ حَيْثُ لَا مَحْرَمَ) لَهُ (يَخْدُمُهُ وَكَانَ التَّزْوِيجُ أَرْفَقَ) بِهِ (مِنْ شِرَاءِ خَادِمَةٍ) وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَقَدْ تَمْتَنِعُ مِنْهُ وَلَوْ وَعَدَتْ بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ طَبْعَهَا يَدْعُوهَا لِتَعَهُّدِهِ وَخِدْمَتِهِ وَكَأَنَّهُمْ اقْتَصَرُوا عَلَى مَحَارِمِهِ؛ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ يَتَعَاطَوْنَ تَعَهُّدَهُ غَالِبًا وَإِلَّا فَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِثْلُهُمْ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهُمَا فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ لِمَا فِيهِ مِنْ لُزُومِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ تَدْعُو إلَيْهِ (وَيُزَوِّجُهُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا (ثُمَّ السُّلْطَانُ لَا الْعَصَبَةُ) كَوِلَايَةِ الْمَالِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُعَضِّدُهُ نَصُّ الْأُمِّ. لَكِنْ فِي الشَّامِلِ فِي الْوَصَايَا مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ وَالسَّفِيهُ عِنْدَ حَاجَتِهِمَا قَالَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ فِي الْفِقْهِ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ الْمَالِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ إخْرَاجَ الْعَصَبَاتِ لَا إخْرَاجَ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَبِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ (وَاحِدَةٌ) فَقَطْ لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّخْصَ قَدْ لَا تُعِفُّهُ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الزِّيَادَةُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مِقْدَارٍ يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْفَافُ وَيُتَّجَهُ مِثْلُهُ فِي الْمَجْنُونِ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى السَّفِيهِ وَقَدْ لَا تَكْفِي الْوَاحِدَةُ أَيْضًا لِلْخِدْمَةِ فَيُزَادُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (وَلِلْأَبِ ثُمَّ الْجَدِّ لَا غَيْرِهِمَا تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ لَا الْمَمْسُوحِ وَلَوْ بِأَرْبَعٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ فِي نِكَاحِهِ الْمَصْلَحَةُ وَقَدْ تَكُونُ لَهُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَغِبْطَةٌ تَظْهَرُ لِلْوَلِيِّ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ الْمَجْنُونِ لَا يُزَوَّجُ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ الْعَاقِلِ إذْ الظَّاهِرُ حَاجَتُهُ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا مَجَالَ لِحَاجَةِ تَعَهُّدِهِ وَخِدْمَتِهِ فَإِنَّ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ أَنْ يَقُمْنَ بِهِمَا. وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ ذَلِكَ فِي صَغِيرٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيُلْحَقُ بِالْبَالِغِ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِهِ لِحَاجَةِ الْخِدْمَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِخِلَافِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ كَالْوَصِيِّ وَالْقَاضِي فَلَا يُزَوَّجُ الصَّغِيرُ لِانْتِفَاءِ كَمَالِ شَفَقَتِهِ وَبِخِلَافِ الْمَمْسُوحِ فَلَا يُزَوَّجُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْمَصْلَحَةُ (فَرْعٌ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ لِلْمَصْلَحَةِ) عِنْدَ ظُهُورِهَا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ كِفَايَةِ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا (وَلَوْ صَغِيرَةً ثَيِّبًا) أَوْ طَرَأَ جُنُونُهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِهَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُفِيدُهَا الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ وَيَغْرَمُ الْمَجْنُونُ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ تَزْوِيجِ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَةِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ لِلْبُلُوغِ غَايَةً مُرْتَقَبَةً فَيُمْكِنُ انْتِظَارُهَا لِلْإِذْنِ بِخِلَافِ الْإِفَاقَةِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ (لِلسُّلْطَانِ لَا غَيْرِهِ) تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ (بِشَرْطِ الْكِبَرِ وَالْحَاجَةِ) لِلنِّكَاحِ بِظُهُورِ رَغْبَتِهَا فِيهِ أَوْ بِتَوَقُّعِ شِفَائِهَا بِالْوَطْءِ فَلَا يُزَوِّجُهَا بِالْمَصْلَحَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلسَّبْقِ وَلَا لِعِلْمِهَا بِهِ وَادَّعَيَا عَلَيْهَا الزَّوْجِيَّةَ وَفَصَلَا الْقَدْرَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمُوَلَّى عَلَيْهِ) (قَوْلُهُ وَكَانَ التَّزْوِيجُ أَرْفَقَ مِنْ شِرَاءِ جَارِيَةٍ) بِأَنْ زَادَ ثَمَنُهَا وَمُؤْنَتُهَا عَلَى مُؤَنِ النِّكَاحِ مِنْ مَهْرٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُهُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ وَيُتَّجَهُ مِثْلُهُ فِي الْمَجْنُونِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَرَأَيْت فِي وَصَايَا الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ لَهُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ وَلَا جَارِيَتَيْنِ لِلْوَطْءِ وَإِنْ اتَّسَعَ مَالُهُ إلَّا أَنْ تَسْقَمَ أَيَّتُهُمَا كَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهَا مَوْضِعٌ لِلْوَطْءِ فَيَنْكِحَ أَوْ يَتَسَرَّى إذَا كَانَ مَالُهُ مُحْتَمِلًا لِذَلِكَ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ جُذِمَتْ أَوْ بَرِصَتْ أَوْ جُنَّتْ جُنُونًا يُخَافُ مِنْهُ عَلَيْهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ نَعَمْ هَلْ تُتْرَكُ الزَّوْجَةُ تَحْتَهُ أَوْ يُؤْمَرُ بِفِرَاقِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ مِنْهُ وَلَمْ يُرْجَ شِفَاؤُهَا هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَأَمَّا الْأَمَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ فَتُبَاعُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ فِي نِكَاحِهِ الْمَصْلَحَةُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُمَا تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ مَعَ أَنَّهَا تَبْقَى فِي قَهْرِ الزَّوْجِ أَبَدًا فَالصَّغِيرُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الطَّلَاقِ إذَا بَلَغَ أَوْلَى (قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) الْمُعْتَمَدُ مَنْعُهُ [فَرْعٌ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ لِلْمَصْلَحَةِ] (قَوْلُهُ مِنْ كِفَايَةِ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا) وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ جُنُونُهَا لِشِدَّةِ الشَّبَقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 وَقُدِّمَ عَلَى الْأَقْرَبِ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَا لَهَا (وَنُدِبَ) لَهُ (مُرَاجَعَتُهُ لِأَهْلِهَا) فِي تَزْوِيجِهَا (وَ) مُرَاجَعَةُ (أَهْلِ الْمَجْنُونِ) فِي تَزْوِيجِهِ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَصْلَحَتِهِمَا وَمِنْ هُنَا قَالَ الْمُتَوَلِّي يُرَاجَعُ الْجَمِيعُ حَتَّى الْأَخُ وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ وَالْخَالُ وَقِيلَ تَجِبُ الْمُرَاجَعَةُ قَالَ وَعَلَيْهِ يُرَاجَعُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَوْ لَمْ يَكُنْ جُنُونٌ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا يَقْتَضِيهِ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَجَزَمَ الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخِطْبَةِ بِمَا حَاصِلُهُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَالْمُعْتَبَرُ رَدُّ السُّلْطَانِ وَإِجَابَتُهُ فِي الْمَجْنُونَةِ فَلَوْ كَانَتْ مُرَاجَعَتُهُمْ وَاجِبَةً لَاعْتُبِرَ رَدُّهُمْ وَإِجَابَتُهُمْ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ. (فَلَوْ لَمْ تَحْتَجْ) الْمَجْنُونَةُ (لِلنِّكَاحِ لَمْ يُزَوِّجْهَا) السُّلْطَانُ (لِمَصْلَحَةٍ كَكِفَايَةِ النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا) ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا حِينَئِذٍ يَقَعُ إجْبَارًا وَلَيْسَ هُوَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَفْظَةُ وَنَحْوُهَا لَا حَاجَةَ إلَيْهَا (وَلَا يُزَوَّجُ مُغْمًى عَلَيْهِ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ) عَادَةً لِكَوْنِهَا تُتَوَقَّعُ فَإِنْ لَمْ تُنْتَظَرْ لِكَوْنِهَا لَا تُتَوَقَّعُ جَازَ تَزْوِيجُهُ كَالْمَجْنُونِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ أَمَّا الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ بِمَرَضٍ فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ فَإِنْ لَمْ تُتَوَقَّعْ إفَاقَتُهُ فَكَالْمَجْنُونِ ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ مَحَلُّهُ فِي مُطْبَقِي الْجُنُونِ أَمَّا مُتَقَطِّعَاهُ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمُنْقَطِعُ الْجُنُونِ وَمُنْقَطِعَتُهُ لَا يُزَوَّجَانِ إلَّا حَالَ الْإِفَاقَةِ) لِيَأْذَنَا فِي نِكَاحِهِمَا (وَيَبْطُلُ إذْنُهُمَا بِالْجُنُونِ) كَمَا يَبْطُلُ بِهِ الْوَكَالَةُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُ الْعَقْدِ فِي وَقْتِ الْإِفَاقَةِ [فَصْلٌ السَّفِيهُ يُزَوِّجُهُ الْوَلِيُّ بِإِذْنِهِ] (فَصْلٌ) وَ (السَّفِيهُ يُزَوِّجُهُ الْوَلِيُّ بِإِذْنِهِ) سَيَأْتِي مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِتَفْرِيعِهِ الْآتِي عَقِبَهُ وَالسَّفِيهُ يُزَوَّجُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ (فَلَوْ أَذِنَ لَهُ) الْوَلِيُّ فِي تَزْوِيجِهِ (فَيَتَزَوَّجُ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِحِفْظِ مَالِهِ ثُمَّ لِلْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمَرْأَةَ فَقَطْ أَوْ الْمَهْرَ فَقَطْ أَوْ يُعَيِّنَهُمَا أَوْ يُطْلِقَ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ امْرَأَةً) بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْ فُلَانَةَ (أَوْ قَبِيلَةً) بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْ مِنْ بَنِي فُلَانٍ (لَمْ يَعْدِلْ إلَى غَيْرِهَا وَلَوْ سَاوَتْهَا فِي الْمَهْرِ) أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا فِيهِ اعْتِبَارًا بِالْإِذْنِ وَالتَّرْجِيحُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَاوَاةِ مِنْ زِيَادَتِهِ نَعَمْ عُمُومُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ يُفِيدُهُ (وَيَنْكِحُهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ شَرْعًا (فَمَا دُونَ) هـ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ لِنَفْسِهِ خَيْرًا (فَإِنْ زَادَ) عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (صَحَّ) النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْسِدُهُ خَلَلُ الصَّدَاقِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِقَدْرِهِ (مِنْ الْمُسَمَّى) الْمُعَيَّنِ مِمَّا عَيَّنَهُ الْوَلِيُّ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَمْهِرْ مِنْ هَذَا فَأَمْهَرَ مِنْهُ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَلْغُو الزَّائِدُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مِنْ سَفِيهٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْقِيَاسُ بُطْلَانُ الْمُسَمَّى وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَيْ فِي الذِّمَّةِ انْتَهَى. وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ لِطِفْلٍ بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا لَا رَشِيدَةً أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ بِدُونِهِ فَسَدَ الْمُسَمَّى وَصَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَسَدَ مَجْمُوعُ الْمُسَمَّى وَصَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْهُ أَوْ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ فَقَصَرَ الْإِلْغَاءَ عَلَى الزَّائِدِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِامْرَأَةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ (بِأَلْفٍ فَنَكَحَ بِهِ صَحَّ) النِّكَاحُ (وَلَزِمَهُ) الْأَلْفُ (إلَّا إنْ كَانَ) وَفِي نُسْخَةٍ يَكُونُ (مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ) مِنْ الْأَلْفِ (فَتَسْقُطُ الزِّيَادَةُ) عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (لِمَا مَرَّ) وَقَوْلُهُ وَلَزِمَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ بِالْمُسَمَّى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي رَشِيدَةٍ رَضِيَتْ بِالْمُسَمَّى دُونَ غَيْرِهَا (وَإِنْ نَكَحَ بِأَلْفَيْنِ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ فَسَدَ) النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الزَّائِدِ. وَفِي الرَّدِّ إلَى مَا عَيَّنَهُ إضْرَارٌ بِهَا؛ لِأَنَّهُ دُونَ مَهْرِ مِثْلِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ (فَيَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَتَسْقُطُ الزِّيَادَةُ لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (أَنْكِحْ فُلَانَةَ بِأَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلُّ) مِنْهُ (بَطَلَ الْإِذْنُ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالْقِيَاسُ صِحَّتُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ قَبِلَ لَهُ الْوَلِيُّ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ (فَيَصِحُّ) الْإِذْنُ وَحِينَئِذٍ (فَإِنْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ) مِنْ أَلْفٍ (وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرُ) مِنْهُ أَيْضًا (بَطَلَ) النِّكَاحُ (أَوْ بِالْأَلْفِ) أَيْ أَوْ نَكَحَ بِالْأَلْفِ (فَيَصِحُّ بِهِ أَوْ) نَكَحَ (بِأَكْثَرَ) مِنْهُ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ (صَحَّ بِالْأَلْفِ) وَسَقَطَتْ الزِّيَادَةُ وَهَذِهِ فُهِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرُ (أَوْ) نَكَحَ (بِمَا دُونَهُ صَحَّ) النِّكَاحُ (بِهِ) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ فِيمَا إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ) امْرَأَةً أَوْ قَبِيلَةً بِأَنْ قَالَ لَهُ تَزَوَّجْ (وَلَمْ يُقَدِّرْ الْمَهْرَ صَحَّ) الْإِذْنُ كَمَا فِي إذْنِ الْعَبْدِ (وَيَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) فَأَقَلَّ مَنْ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) وَهُوَ الصَّوَابُ (فَصْلٌ وَالسَّفِيهُ إلَخْ) (قَوْلُهُ نَعَمْ عُمُومُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ يُفِيدُهُ) وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَحِقَهُ مَغَارِمُ فِيهَا أَمَّا لَوْ كَانَتْ خَيْرًا مِنْ الْمُعَيَّنَةِ نَسَبًا وَجَمَالًا وَدِينًا وَدُونَهَا مَهْرًا وَنَفَقَةً فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ قَطْعًا كَمَا لَوْ عَيَّنَ مَهْرًا فَنَكَحَ بِدُونِهِ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ هُنَاكَ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ فَبَطَلَ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ عَلَى خِلَافِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ وَالسَّفِيهُ هُنَا يَمْلِكُ أَنْ يَعْقِدَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى عَيْنٍ هِيَ أَكْثَرُ مِنْهُ أَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَهُوَ يَتَصَرَّفُ لِشَرِيكِهِ ع (قَوْلُهُ أَوْ لِأَنَّ السَّفِيهَ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَطَلَ الْإِذْنُ) أَيْ لِاخْتِلَالِهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَبِلَ لَهُ الْوَلِيُّ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 تَلِيقُ بِهِ فَإِنْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ الْمُسَمَّى وَسَقَطَتْ الزِّيَادَةُ (لَا شَرِيفَةً يَسْتَغْرِقُ مَهْرُهَا مَالَهُ) أَيْ لَا يَنْكِحُهَا فَإِنْ نَكَحَهَا لَمْ يَصِحَّ بَلْ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمُوَافَقَةِ الْمَصْلَحَةِ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت لَمْ يَصِحَّ) الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْحَجْرِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ فِي هَذِهِ الصِّحَّةُ فِيمَا لَوْ نَكَحَ لَائِقَةً بِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّ لَفْظَ الْوَلِيِّ يَتَنَاوَلُهَا وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ مَا يَصِحُّ وَمَا لَا يَصِحُّ فَيَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى ذَلِكَ. (وَإِنْ أَذِنَ لِلسَّفِيهِ فِي النِّكَاحِ لَمْ يُوَكِّلْ) أَيْ لَمْ يُفِدْهُ جَوَازُ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ الْحَجْرَ إلَّا عَنْ مُبَاشَرَتِهِ وَنِكَاحُ السَّفِيهِ يُوَافِقُ نِكَاحَ الْعَبْدِ فِي هَذِهِ وَيُخَالِفُهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَفِيمَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ وَلِيُّهُ قَدْرًا فَزَادَ حَيْثُ لَا تَلْزَمُ الزِّيَادَةَ ذِمَّتُهُ حَتَّى لَا يُطَالَبَ بِهَا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ وَفِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعَبْدِ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ لِلسَّيِّدِ وَقَدْ أَذِنَ وَذِمَّةُ الْعَبْدِ قَابِلَةٌ لِلِالْتِزَامِ وَهُنَا لِلسَّفِيهِ فَسَقَطَتْ عَنْهُ الزِّيَادَةُ حَالًا وَمَآلًا (فَرْعٌ) (وَلَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ السَّفِيهَ اُشْتُرِطَ إذْنُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَلْيُزَوِّجْهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ (فَإِذَا زَوَّجَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ مَهْرُ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ خَلَلَ الصَّدَاقِ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ كَمَا مَرَّ [فَرْعٌ نِكَاحُ السَّفِيهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ] (فَرْعٌ نِكَاحُ السَّفِيهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ وَلِيِّهِ (بَاطِلٌ وَلَوْ عَضَلَهُ الْوَلِيُّ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ السُّلْطَانِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى خَوْفِ الْعَنَتِ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ نِكَاحِهِ. (فَإِنْ وَطِئَ فِيهِ فَلَا حَدَّ) لِلشُّبْهَةِ (وَلَا مَهْرَ لِرَشِيدَةٍ) وَإِنْ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ؛ لِأَنَّهَا سَلَّطَتْهُ عَلَى بُضْعِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَضُرُّ جَهْلُهَا بِحَالِهِ لِتَمْكِينِهَا نَفْسَهَا مَعَ تَقَدُّمِ إذْنِهَا وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَمَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا وَطِئَهَا مُخْتَارَةً كَمَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ فَلَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمُكْرَهَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ لِرَشِيدَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ إذْ لَا أَثَرَ لِتَمْكِينِهَا كَمَا لَوْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ مِثْلِهِ وَأَتْلَفَهُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ وَمِثْلُهَا الصَّغِيرَةُ وَالْمَجْنُونَةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُزَوَّجَةُ بِالْإِجْبَارِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ قِبَلِهَا فَإِنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ وَالتَّمْكِينُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا هَذَا وَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا اسْتِثْنَاءَ كَسَائِرِ الْإِتْلَافَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ سَفِيهٌ لِآخَرَ اقْطَعْ يَدَيْ فَقَطَعَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (فَرْعٌ لَا يُزَوَّجُ) السَّفِيهُ (إلَّا وَاحِدَةً) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوَّجُ (لِحَاجَةِ نِكَاحٍ كَحَاجَةِ الْمَجْنُونِ) فِيمَا مَرَّ وَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِوَاحِدَةٍ عَلَى مَا مَرَّ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ حَاجَتُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ بِدُونِهَا إتْلَافٌ لِمَالِهِ بِلَا فَائِدَةٍ (وَلَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ فِي الْحَاجَةِ حَتَّى تَظْهَرَ أَمَارَاتُ الشَّهْوَةِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ إتْلَافَ مَالِهِ وَيَصِحُّ طَلَاقُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ مِطْلَاقًا) أَيْ كَثِيرَ الطَّلَاقِ (سَرَّى بِجَارِيَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَصْلَحُ لَهُ إذْ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ فَإِنْ تَبَرَّمَ مِنْهَا أُبْدِلَتْ وَإِكْثَارُ الطَّلَاقِ بِأَنْ يُزَوَّجَ عَلَى التَّدْرِيجِ ثَلَاثًا فَيُطَلِّقُهُنَّ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَوْ ثِنْتَيْنِ فَيُطَلِّقُهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ. وَفَهِمَ الرُّويَانِيُّ أَنَّ تَعَدُّدَ الزَّوْجَةِ لَيْسَ مُرَادًا فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُطَلِّقُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالثَّانِي مَرَّتَيْنِ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ وَالْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْهِ الْأَوَّلُ فَيَكْتَفِي بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَلَوْ مِنْ زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُسَرِّي ابْتِدَاءً وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ كَمَا فِي الْإِعْفَافِ وَيَتَعَيَّنُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ إذَا طَلَبَ التَّزْوِيجَ بِخُصُوصِهِ تَعَيَّنَ (فَرْعٌ تَزْوِيجُ السَّفِيهِ) مُفَوَّضٌ (إلَى الْأَبِ ثُمَّ الْجَدِّ ثُمَّ السُّلْطَانُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُهُ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ النَّصِّ أَنَّ لَهُ أَنْ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بَلْ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمُوَافَقَةِ الْمَصْلَحَةِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالِاسْتِغْرَاقُ لَا يُنَافِي الْمَصْلَحَةَ فَقَدْ يَكُونُ كَسُوبًا أَوْ الْمَهْرُ مُؤَجَّلًا أَوْ اتِّصَالُهُ بِأَهْلِهَا رِفْقٌ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ فِي هَذِهِ إلَخْ) لَيْسَ كَمَا قَالَ لِاخْتِلَالِ إذْنِ الْوَلِيِّ [فَرْعٌ لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ السَّفِيهَ اُشْتُرِطَ إذْنُهُ] (قَوْلُهُ وَلَوْ عَضَلَهُ الْوَلِيُّ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ السُّلْطَانِ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ غَائِبًا مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَهَلْ يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ لَمْ نَرَ مَنْ ذَكَرَهُ. وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَ فِي الْعَضْلِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى خَوْفِ الْعَنَتِ إلَخْ) وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ) جَمْع فِي الْمَطْلَبِ سِتَّ مَقَالَاتٍ أَصَحُّهَا لَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ حَالًا وَلَا مَآلًا عَلِمَتْ حَجْرَهُ أَوْ جَهِلَتْهُ لِتَسْلِيطِهَا عَلَى الْإِتْلَافِ بِالتَّمْكِينِ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مَهْرُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ فِيهِ حَالَتَا الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ غ (قَوْلُهُ فَلَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً) أَيْ أَوْ مَجْنُونَةً (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُزَوَّجَةُ بِالْإِجْبَارِ كَذَلِكَ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ سَفِيهٌ لِآخَرَ اقْطَعْ يَدِي إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ فَإِنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ مَالِكَةٌ لِأَمْرِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى بَدَنِهَا وَلَا كَذَلِكَ بَدَلُ بُضْعِهَا فَإِنَّهُ مَحَلُّ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ وَنَظَرِهِ [فَرْعٌ لَا يُزَوَّجُ السَّفِيهُ إلَّا وَاحِدَةً] (قَوْلُهُ سَرَّى بِجَارِيَةٍ) الصَّوَابُ حَذْفُ الْبَاءِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْهِ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُسَرِّي ابْتِدَاءً) الظَّاهِرُ جَوَازُهُ وَأَنَّهُ إنَّمَا أُرِيدَ بِالتَّقْيِيدِ بِكَثْرَةِ الطَّلَاقِ تَعَيُّنَ التَّسَرِّي ع اعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّسَرِّي لِلسَّفِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ أَكْبَرِ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ السُّرَيْجِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ فِي دُورِ الطَّلَاقِ لَا مَعْنَى لَهَا وَلَا لِتَعْلِيمِهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُفْعَلَ إذَا لَوْ كَانَتْ مَعْمُولًا بِهَا لَقَالَ الْأَصْحَابُ هُنَا يُعَلِّمُهُ صِيغَةَ مَسْأَلَةِ الدَّوْرِ وَلَا يَهْلَكُ مَالُهُ بِالتَّسَرِّي وَأَيْضًا فَإِنَّ إثْبَاتَ مَسْأَلَةِ الدَّوْرِ حُكْمُهَا يُؤَدِّي إلَى نَسْخِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَالثَّالِثَةُ قَوْلُهُ {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَهَذَا قُلْته تَفَقُّهًا وَبَحْثًا فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ قَالَهُ صَاحِبُ التَّفْقِيهِ [فَرْعٌ تَزْوِيجُ السَّفِيهِ مُفَوَّضٌ إلَى الْأَبِ ثُمَّ الْجَدِّ ثُمَّ السُّلْطَانِ] (قَوْلُهُ إلَى الْأَبِ ثُمَّ الْجَدِّ) أَيْ وَالْقَيِّمِ (قَوْلُهُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذَا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا أَمَّا إذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 يُزَوِّجَهُ فَيَتَقَدَّمَ عَلَى السُّلْطَانِ وَنَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا لَكِنْ حَذَفَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ الرَّوْضَةِ ثَمَّ وَصَحَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهُ وَنَقَلَهُ عَنْ جَزْمِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَبِهِ أَفْتَيْت تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ. وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْفُورَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِأَنَّهُ لَا يَرَى تَزْوِيجَ الْأَطْفَالِ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ وَلَيْسَ بِاخْتِلَافِ نَصٍّ بَلْ نَصُّهُ عَلَى أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ مَحْمُولٌ عَلَى وَصِيٍّ فَوَّضَ إلَيْهِ التَّزْوِيجَ (وَإِقْرَارُهُ بِالنِّكَاحِ) إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ وَلِيُّهُ (بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِإِنْشَائِهِ وَيُفَارِقُ صِحَّةَ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ إقْرَارَهُ يُفَوِّتُ مَالًا وَإِقْرَارُهَا يُحَصِّلُهُ (وَلِلْمُفْلِسِ النِّكَاحُ) لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ وَذِمَّتِهِ (وَمُؤْنَتُهُ مِنْ كَسْبِهِ لَا بِمَا فِي يَدِهِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ فَفِي ذِمَّتِهِ إلَى فَكِّ الْحَجْرِ [فَصْلٌ لَا نِكَاحَ لِمَنْ بِهِ رِقٌّ وَإِنْ كُوتِبَ أَوْ بُعِّضَ إلَّا بِإِذْنٍ مُعَيِّنٍ] (فَصْلٌ لَا نِكَاحَ لِمَنْ بِهِ رِقٌّ وَإِنْ كُوتِبَ) أَوْ بُعِّضَ (إلَّا بِإِذْنٍ مُعَيِّنٍ) كَأَنْ عَيَّنَ لَهُ سَيِّدُهُ امْرَأَةً أَوْ قَبِيلَةً (أَوْ مُطْلَقٍ) عَنْ ذَلِكَ لِخَبَرِ «أَيُّمَا مَمْلُوكٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ عَاهِرٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَرَوَى أَبُو دَاوُد فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ لَكِنَّهُ ضَعَّفَهُ إمَّا بِإِذْنِهِ فَيَصِحُّ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّ عِبَارَتَهُ صَحِيحَةٌ وَإِنَّمَا الْمَنْعُ لِرِضَا السَّيِّدِ حَتَّى لَوْ أَذِنَتْ الْمَرْأَةُ لِعَبْدِهَا فِي النِّكَاحِ فَنَكَحَ صَحَّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا عِبَارَةٌ فِي النِّكَاحِ وَيُعْتَبَرُ الْإِذْنُ (مِنْ مُلَّاكِهِ وَلَوْ كُفَّارًا فَيَنْكِحُ الْعَبْدُ بِالْإِذْنِ الْمُطْلَقِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَلَوْ مِنْ) بَلْدَةٍ (غَيْرِ بَلَدِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (لَكِنْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهَا فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ امْرَأَةً وَبَلَدَهَا لَمْ يَعْدِلْ عَنْهَا) إلَى غَيْرِهَا وَإِنْ سَاوَتْهَا فِي الْمَهْرِ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا فِيهِ اعْتِبَارًا بِالْإِذْنِ فَإِنْ عَدَلَ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ (أَوْ) عَيَّنَ (مَهْرًا فَزَادَ عَلَيْهِ أَوْ) زَادَ عَلَى (مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) عَنْ تَعْيِينِ الْمَهْرِ (تَعَلَّقَتْ الزِّيَادَةُ بِذِمَّتِهِ) يُطَالَبُ بِهَا إذَا عَتَقَ وَيُفَارِقُ عَدَمَ صِحَّةِ ضَمَانِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ بِأَنَّ الْمَالَ هُنَا تَابِعٌ مَعَ وُجُودِ الْإِذْنِ فِي سَبَبِهِ بِخِلَافِهِ. ثَمَّ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ صَرَّحَ لَهُ بِأَنْ لَا يَنْكِحَ بِأَزْيَدَ مِمَّا عَيَّنَهُ فَالرَّأْيُ عَدَمُ صِحَّةِ النِّكَاحِ كَمَا فِي السَّفِيهِ (أَوْ نَقَصَ) عَمَّا عَيَّنَهُ لَهُ سَيِّدُهُ أَوْ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (جَازَ) وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كُفَّارًا أَوْ بِمَسْأَلَتَيْ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالنَّقْصِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ نَكَحَ بِالْمُسَمَّى) أَيْ بِالْمُعَيَّنِ (مِنْ مَهْرِهَا دُونَهُ صَحَّ) النِّكَاحُ (بِهِ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي السَّفِيهِ كَمَا مَرَّ (وَرُجُوعُ السَّيِّدِ فِي الْإِذْنِ) مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْعَبْدِ (كَرُجُوعِ الْمُوَكِّلِ) عَنْ الْوَكَالَةِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْوَكِيلِ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ (فَلَوْ نَكَحَ) نِكَاحًا (صَحِيحًا وَطَلَّقَ) أَوْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ (لَمْ يَنْكِحْ ثَانِيًا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَكَحَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ [فَصْلٌ السَّيِّدُ لَا يُجْبِرُ عَبْدَهُ وَلَوْ صَغِيرًا عَلَى النِّكَاحِ] (فَصْلٌ السَّيِّدُ لَا يُجْبِرُ عَبْدَهُ وَلَوْ صَغِيرًا عَلَى النِّكَاحِ) ؛ لِأَنَّهُ يُلْزِمُ ذِمَّتَهُ عُهْدَةَ الْمَهْرِ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ رَفْعَهُ بِالطَّلَاقِ وَيُفَارِقُ الْأَمَةَ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِهِ وَالْأَمَةُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا فَيُورِدُ الْعَقْدَ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ وَبِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِنِكَاحِهَا بِاكْتِسَابِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْعَبْدِ وَيُفَارِقُ الْعَبْدَ الصَّغِيرَ الِابْنُ الصَّغِيرُ بِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَبِ الَّتِي يُزَوِّجُ بِهَا ابْنَهُ الصَّغِيرَ تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِهِ بِخِلَافِ وِلَايَةِ السَّيِّدِ لَا تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِ عَبْدِهِ فَإِذَا لَمْ يُزَوِّجْهُ بِهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ مَعَ بَقَائِهَا فَكَذَا قَبْلَهُ كَالثَّيِّبِ الْعَاقِلَةِ (وَلَا يَلْزَمُهُ إجَابَةُ الْعَبْدِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى نِكَاحِهِ (وَلَوْ مُكَاتَبًا) أَوْ مُبَعَّضًا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ مَقَاصِدَ الْمِلْكِ وَفَوَائِدَهُ وَيُنْقِصُ الْقِيمَةَ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَوِّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ إلَّا بِمَهْرٍ) كَذَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسْخَةٍ مِنْ الرَّافِعِيِّ وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ كَمَا هُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ (فَرْعٌ وَيُجْبِرُ) السَّيِّدُ الْأَمَةَ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ (لَا مُكَاتَبَةٍ وَمُبَعَّضَةٍ عَلَى النِّكَاحِ) لِمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حَقِّهِ كَالْأَجْنَبِيَّاتِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الطَّرَفِ السَّابِعِ مَا يُقَيِّدُ ذَلِكَ (وَلَا يَلْزَمُهُ إجَابَتُهَا) إلَيْهِ إذَا طَلَبَتْهُ (وَلَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً) عَلَيْهِ بِنَسَبٍ -   [حاشية الرملي الكبير] طَرَأَ وَأُعِيدَ عَلَيْهِ الْحَجْرُ فَأَمْرُ تَزْوِيجِهِ مَنُوطٌ بِالسُّلْطَانِ كَمَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْحَجْرِ (تَنْبِيهٌ) فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ سَفِيهًا وَوَلِيَ مَالِهِ الْحَاكِمُ وَأَرَادَ التَّزْوِيجَ تَوَلَّى أَمْرَهُ الْحَاكِمُ دُونَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِذَا بَلَغَتْ رَشِيدَةً ثُمَّ طَرَأَ سَفَهُهَا فَوَلِيَهَا الْحَاكِمُ وَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا أَبُوهَا أَوْ جَدُّهَا أَوْ الْقَرِيبُ دُونَ الْحَاكِمِ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْكَفَاءَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ السَّفِيهِ وَوَلِيُّهَا الْقَرِيبُ لَهُ حَقٌّ فِي الْكَفَاءَةِ فَقُدِّمَ عَلَى الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْكَفَاءَةِ وَأَمَّا السَّفِيهُ فَالْكَفَاءَةُ فِي حَقِّهِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ كَمَا أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ بِمَنْ لَا تُكَافِئُهُ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يُعَيَّرُ بِدَنَاءَةِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ تُعَيَّرُ بِدَنَاءَةِ الرَّجُلِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ الرَّجُلَ لَا يُعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِ مَنْ دُونَهُ وَالْمَرْأَةُ تُعَيَّر بِمَنْ هُوَ دُونَهَا (فَصْلٌ لَا نِكَاحَ لِمَنْ بِهِ رِقٌّ إلَخْ) (قَوْلُهُ تَعَلَّقَتْ الزِّيَادَةُ بِذِمَّتِهِ إلَخْ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا (قَوْلُهُ السَّيِّدُ لَا يُجْبِرُ عَبْدَهُ إلَخْ) وَجَّهَهُ الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّ السَّيِّدَ إنَّمَا يَمْلِكُ إجْبَارَ عَبْدِهِ عَلَى مَالِهِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي تَزْوِيجِهِ بَلْ يَسْتَضِرُّ بِهِ قَالَ وَلَا يُقَالُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ عَتِيقَةَ قَوْمٍ وَيُولِدُهَا فَإِذَا أَعْتَقَهُ جَرَّ وَلَاءَ أَوْلَادِهِ إلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ لَا تَحْصُلُ بِالتَّزْوِيجِ بَلْ بِالْإِيلَادِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إجْبَارَهُ عَلَى الْإِيلَادِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ ذِمَّتَهُ إلَخْ) مِنْ غَيْرِ صِيَانَةٍ (قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ الْأَمَةَ إلَخْ) اعْتَرَضَ عَلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِبُضْعِ أُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ وَالْأَمَةِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ بِرَضَاعٍ أَوْ نَحْوِهَا مَعَ أَنَّهُ يُجْبِرُهُنَّ عَلَى التَّزْوِيجِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِهِنَّ تَقْدِيرًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَأْخُذُ مَهْرَهُنَّ لَوْ وُطِئْنَ بِشُبْهَةٍ فَهُوَ يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهِنَّ تَقْدِيرًا (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَوِّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ إلَّا بِمَهْرٍ) عُلِمَ أَنَّهُ إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ وَوَطِئَهَا لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً صَحِيحَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَعَّضَ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِهِ الْحُرِّ كَالْحُرِّ فَيَجِبُ قِسْطُهُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ الْمُعْتَمَدَةِ وَالْمَطْلَبِ وَالْكِفَايَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 أَوْ رَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُبَعَّضَةً) لِمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ (وَلِلْمُكَاتَبِ لَا لِسَيِّدِهِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ إذَا أَذِنَ) لَهُ فِيهِ (سَيِّدُهُ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ كَمَا فِي تَبَرُّعِهِ أَمَّا السَّيِّدُ فَلَا يُزَوِّجُهَا كَمَا لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ. (وَلِلسَّيِّدِ وَطْءُ أَمَةِ مَأْذُونِهِ) فِي التِّجَارَةِ (غَيْرِ الْمَدْيُونِ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَا مَانِعَ (وَ) لَهُ (تَزْوِيجُهَا وَبَيْعُهَا وَلَوْ لَمْ يَعْزِلْهُ) وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ أَنْ يَحْدُثَ دَيْنٌ وَلَا يَفِي مَا بِيَدِهِ بِهِ وَكَبَيْعِهَا هِبَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَعِتْقُهَا وَوَقْفُهَا وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ (فَلَوْ كَانَ) الْمَأْذُونُ (مَدْيُونًا) وَأَرَادَ سَيِّدُهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (اُشْتُرِطَ إذْنُ الْعَبْدِ) الْمَأْذُونِ (وَالْغُرَمَاءِ) فَلَوْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ لِتَضَرُّرِهِمَا بِهِ أَمَّا الْعَبْدُ فَلِأَنَّ التَّزْوِيجَ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا وَبَاقِي الدَّيْنِ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَأَمَّا الْغُرَمَاءُ فَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَرْضَوْا بِتَأْخِيرِ حُقُوقِهِمْ وَتَعَلُّقِهَا بِذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يُعْتِقَ (فَلَوْ وَطِئَ) الْأَمَةَ (بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ لَزِمَهُ الْمَهْرُ) ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُمْ بِخِلَافِ وَطْئِهِ الْمَرْهُونَةَ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ مِنْ أَنَّ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَهْرِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَمَةِ الْمَأْذُونَةِ وَهَذَا فِي أَمَتِهَا. (وَالْوَلَدُ حُرٌّ) إنْ أَحْبَلَهَا (وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَحُكْمُهَا كَالْمَرْهُونَةِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا) حَتَّى لَا تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ بَلْ تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا مَلَكَهَا بَعْدُ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَتَصِيرُ إلَى آخِرِهِ وَحُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ كَالْمَرْهُونَةِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (وَكَذَلِكَ حُكْمُ) اسْتِيلَادِ الْأَمَةِ (الْجَانِيَةِ) جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهَا (وَالْمَوْرُوثَةِ عَنْ مَدْيُونٍ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ (فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيلَادُ) فِي الْحَالِ (وَجَبَ قِيمَةُ وَلَدِ أَمَةِ) الْعَبْدِ (الْمَأْذُونِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَمَةِ الْمَرْهُونَةِ وَالْجَانِيَةِ وَالْمَوْرُوثَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَرَبِّ الدَّيْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِالتَّرِكَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَلَدِ وَإِنَّمَا جَعَلَ الْأَمَةَ الْمَوْرُوثَةَ كَالْمَرْهُونَةِ وَالْجَانِيَةِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ جَعْلُهَا كَأَمَةِ الْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ إنَّمَا يُتَّجَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَإِنْ أَعْتَقَهَا) يَعْنِي أَمَةَ الْمَأْذُونِ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ الْأَمَةُ الْمَوْرُوثَةُ (فَكَإِعْتَاقِ الْجَانِي) فَلَا يَنْفُذُ عِتْقُهَا إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَإِلَّا نَفَذَ وَعَلَيْهِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَتُهَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَأْذُونُ وَالْغُرَمَاءُ نَفَذَ مُطْلَقًا [فَرْعٌ زَوَّجَ السَّيِّدُ الْمُوسِرُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ جِهَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا مُعْسِرٌ] (فَرْعٌ لَوْ زَوَّجَ) السَّيِّدُ (الْمُوسِرُ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ جِهَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (لَا مُعْسِرٌ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ) مِنْ جِهَةِ مَنْ ذُكِرَ (أَمَتُهُ الْجَانِيَةُ) جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهَا (جَازَ وَكَانَ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ) وَكَذَا الْمُعْسِرُ الْمَأْذُونُ لَهُ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِمَنْعِ بَيْعِهَا قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّقَبَةَ فَاتَتْ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِهَا فِي التَّزْوِيجِ وَلَا يَرِدُ الْعِتْقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ وَبِأَنَّ التَّزْوِيجَ أَوْسَعُ بِدَلِيلِ تَزْوِيجِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْآبِقَةِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُمَا. [فَرْعٌ السَّيِّدُ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ وَلَوْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ كَأُخْتِهِ بِالْمِلْكِ] (فَرْعٌ يُزَوِّجُ السَّيِّدُ) أَمَتَهُ وَلَوْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ كَأُخْتِهِ (بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَالتَّصَرُّفَ فِيمَا يَمْلِكُ اسْتِيفَاءً يَكُونُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ كَاسْتِيفَاءِ سَائِرِ الْمَنَافِعِ (فَيُزَوِّجُ الْفَاسِقُ أَمَتَهُ وَكَذَا) يُزَوِّجُ (الْمُسْلِمُ أَمَتَهُ الْكِتَابِيَّةَ) وَسَيَأْتِي حُكْمُ غَيْرِهَا (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَيْسَ لِلْكَافِرِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الْمُسْلِمَةَ إذْ لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا أَصْلًا بَلْ وَلَا سَائِرَ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا سِوَى إزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهَا وَكِتَابَتِهَا بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ فِي الْكَافِرَةِ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ فِي الْوِلَايَةِ آكَدُ وَلِهَذَا تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْكَافِرَاتِ بِالْجِهَةِ الْعَامَّةِ (وَفِي تَزْوِيجِ الْمُسْلِمِ أَمَتَهُ الْمَجُوسِيَّةَ وَالْوَثَنِيَّةَ) وَغَيْرَهُمَا مِمَّا عَدَا الْكِتَابِيَّةَ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَالثَّانِي يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ. وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَجَزَمَ بِهِ شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ لَهُ بَيْعَهَا وَإِجَارَتَهَا وَعَدَمُ جَوَازِ التَّمَتُّعِ بِهَا لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَمَا فِي أَمَتِهِ الْمُحَرَّمَةِ كَأُخْتِهِ (فَصْلٌ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجُ عَبْدِ الصَّبِيِّ) وَالصَّبِيَّةِ (وَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ) لِمَا فِيهِ مِنْ انْقِطَاعِ أَكْسَابِهِ وَفَوَائِدِهِ عَنْهُمْ وَلَوْ قَالَ عَبْدُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ كَانَ أَعَمَّ وَأَخْصَرَ (وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُمْ لِلْمَصْلَحَةِ أَبٌ أَوْ جَدٌّ جَازَ) اكْتِسَابًا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِي أَمَةٍ يَجُوزُ لِمَالِكِهَا تَزْوِيجُهَا لَوْ كَانَ كَامِلًا فَلَوْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً أَوْ نَحْوَهَا وَقُلْنَا لَا يُزَوِّجُهَا مَالِكُهَا الْمُسْلِمُ فَكَذَا وَلِيُّهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ كَافِرًا وَأَمَتُهُ مُسْلِمَةٌ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ تَزْوِيجُهَا (لَا غَيْرُهُمَا) أَيْ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُ أَمَةِ الْمَذْكُورِينَ إذْ لَا يُزَوِّجُ الْوَلِيُّ أَمَتَهُمْ إلَّا إذَا كَانَ وَلِيَّ مَالِهِمْ وَنِكَاحِهِمْ وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ (إلَّا السُّلْطَانَ فِي أَمَةِ غَيْرِ الصَّغِيرِ) وَالصَّغِيرَةِ مِنْ السَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ فَيَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَ مَالِكِهَا وَنِكَاحَهُ بِخِلَافِ أَمَةِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ السَّيِّدُ يُجْبِرُ الْأَمَةَ عَلَى النِّكَاحِ] قَوْلُهُ وَالثَّانِي يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ) كَصَاحِبِ التَّعْلِيقَةِ وَالْقُونَوِيِّ وَالْبَارِزِيِّ [فَصْلٌ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجُ عَبْدِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ وَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ] (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ كَافِرًا وَأَمَتُهُ مُسْلِمَةً لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ) أَيْ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ) بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ [فَرْعٌ أَمَةُ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا يُزَوِّجُهَا وَلِيُّ السَّيِّدَةِ] (قَوْلُهُ يُزَوِّجُهَا وَلِيُّ السَّيِّدَةِ) إلَّا إذَا كَانَتْ السَّيِّدَةُ كَافِرَةً وَأَمَتُهَا مُسْلِمَةً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 لَا يُزَوِّجُهَا وَإِنْ وَلِيَ مَالَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي نِكَاحَهُمَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ يُزَوِّجُ السَّفِيهَ وَالْمَجْنُونُ يُزَوِّجُ أَمَتَهُمَا قَبْلَ السُّلْطَانِ. (وَيُزَوِّجُ الْأَبُ) وَإِنْ عَلَا (أَمَةَ الثَّيِّبِ الْمَجْنُونَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَ مَالِكَتِهَا وَنِكَاحَهَا (لَا أَمَةَ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ) الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي نِكَاحَ مَالِكَتِهَا (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْأَمَةُ (لِسَفِيهٍ اُسْتُؤْذِنَ) فِي نِكَاحِهَا كَمَا يَسْتَأْذِنُ فِي نِكَاحِهِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ مَعَ ذَلِكَ حَاجَتَهُ إلَى النِّكَاحِ فَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَالْوَلِيُّ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُ حِينَئِذٍ فَكَذَلِكَ لَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُ فِي الْجُمْلَةِ (فَرْعٌ أَمَةُ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا يُزَوِّجُهَا وَلِيُّ السَّيِّدَةِ) تَبَعًا لِوِلَايَتِهِ عَلَى سَيِّدَتِهَا (بِإِذْنِ السَّيِّدَةِ وَحْدَهَا) ؛ لِأَنَّهَا الْمَالِكَةُ لَهَا فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ لِسَيِّدَتِهَا أَنْ تُجْبِرَهَا عَلَى النِّكَاحِ وَيُعْتَبَرُ إذْنُ السَّيِّدَةِ (نُطْقًا وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِي فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهَا. (فَصْلٌ لَوْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ أَمَةً) وَإِنْ كَانَ (لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا فَزَوَّجَهَا وَلِيُّهَا قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بُرْئِهِ) مِنْ مَرَضِهِ (جَازَ) لِلْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهَا ظَاهِرًا فَلَا يُمْنَعُ الْعَقْدُ بِالِاحْتِمَالِ وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ وَخَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ يُحْكَمُ بِعِتْقِهَا وَيَجُوزُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ احْتَمَلَ ظُهُورُ دَيْنٍ عَلَيْهِ يَمْنَعُ خُرُوجَهَا مِنْ الثُّلُثِ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ تَحْرِيمُ نِكَاحِ أُخْتِ الْمُشْرِكَةِ الَّتِي أَسْلَمَ زَوْجُهَا دُونَهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تُسْلِمُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ ثَمَّ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَلِهَذَا لَوْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَ دَوَامُهُ وَهُنَا الْمَرِيضُ هُوَ الْمَالِكُ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَنُفُوذُ الْعِتْقِ (لَكِنْ إنْ مَاتَ وَعَجَزَ الثُّلُثُ عَنْهَا وَرُقَّ بَعْضُهَا) بِأَنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ (بَانَ فَسَادُهُ) أَيْ التَّزْوِيجِ (فَإِنْ زَوَّجَهَا السَّيِّدُ) مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ (بِإِذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ كَانَ هُوَ الْوَلِيُّ صَحَّ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَوْتِهِ وَلِعَدَمِ خُرُوجِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ خُرُوجِهَا فِي الْأَوْلَى مَالِكُ مَا لَمْ يُعْتِقْ وَنَائِبُ وَلِيِّ مَا عَتَقَ وَفِي الثَّانِيَةِ مَالِكُ ذَاكَ وَوَلِيُّ هَذَا. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ] [الْجِنْس الْأَوَّل الْمَحْرَمِيَّةُ] [السَّبَب الْأَوَّلُ الْقَرَابَةُ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ) (وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَجْنَاسٍ الْأَوَّلُ الْمَحْرَمِيَّةُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهِيَ الْوَصْلَةُ الْمُحَرِّمَةُ لِلنِّكَاحِ أَبَدًا (وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ الْأَوَّلُ الْقَرَابَةُ وَيَحْرُمُ بِهَا سَبْعٌ) الْأَوَّلُ (الْأُمَّهَاتُ) أَيْ نِكَاحُهُنَّ وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي الْبَقِيَّةِ (وَهُنَّ كُلُّ أُنْثَى وَلَدَتْك أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَك) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ شِئْت قُلْت كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إلَيْهَا نَسَبُك بِالْوِلَادَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَدَلِيلُ التَّحْرِيمِ فِيهِنَّ وَفِي بَقِيَّةِ السَّبْعِ الْآتِيَةِ آيَةُ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] (وَ) الثَّانِي (الْبَنَاتُ وَهُنَّ كُلُّ أُنْثَى وَلَدْتهَا أَوْ وَلَدْت مَنْ وَلَدَهَا) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ شِئْت قُلْت كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إلَيْك نَسَبُهَا بِالْوِلَادَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (وَ) الثَّالِثُ (الْأَخَوَاتُ وَهُنَّ كُلُّ أُنْثَى وَلَدَهَا أَبَوَاك أَوْ أَحَدُهُمَا وَ) الرَّابِعُ الْعَمَّاتُ (وَهُنَّ كُلُّ أُخْتِ ذَكَرٍ وَلَدَكَ) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (وَ) الْخَامِسُ (الْخَالَاتُ وَهُنَّ أُخْتُ كُلِّ أُنْثَى) الْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ وَبِكَلَامِ أَصْلِهِ وَهُنَّ كُلُّ أُخْتِ أُنْثَى (وَلَدَتْك) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (فَأُخْتُ أَبِي الْأُمِّ عَمَّةٌ) ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ ذَكَرٍ وَلَدَك بِوَاسِطَةٍ. (وَأُخْتُ أُمِّ الْأَبِ خَالَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ أُنْثَى وَلَدَتْك بِوَاسِطَةٍ (وَ) السَّادِسُ وَالسَّابِعُ (بَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَإِنْ بَعُدْنَ لَا مَنْ دَخَلَتْ فِي اسْمِ وَلَدِ الْعُمُومَةِ وَالْخَوْلَةِ) فَلَا تَحْرُمُ وَلِضَبْطِ الْمُحَرَّمَاتِ بِالنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ عِبَارَتَانِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ الْأُولَى تَحْرُمُ نِسَاءُ الْقَرَابَةِ إلَّا مَنْ دَخَلَتْ فِي اسْمِ وَلَدِ الْعُمُومَةِ أَوْ وَلَدِ الْخَوْلَةِ الثَّانِيَةِ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ أَوَّلِ أُصُولِهِ فَالْأُصُولُ الْأُمَّهَاتُ وَالْفُصُولُ الْبَنَاتُ وَفُصُولُ أَوَّلِ الْأُصُولِ الْأَخَوَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَالْأُخْتِ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَالْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ لِلْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَالْأُولَى لِتِلْمِيذِهِ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهِيَ أَرْجَحُ لِإِيجَازِهَا وَنَصُّهَا عَلَى الْإِنَاثِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ. (فَرْعٌ لَهُ نِكَاحُ بِنْتِ مَنْ زَنَى بِهَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ مَاؤُهُ) إذْ لَا حُرْمَةَ لِمَاءِ الزِّنَا فَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ شَرْعًا بِدَلِيلِ انْتِفَاءِ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ عَنْهَا سَوَاءٌ أَطَاوَعَتْهُ أُمُّهَا عَلَى الزِّنَا أَمْ لَا (وَيُكْرَهُ) ذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ فَغَيْرُهُ مِنْ جِهَتِهِ أَوْلَى وَلَوْ أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ بِلَبَنِ الزَّانِي صَغِيرَةً فَكَبِنْتِهَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا وَعَلَى سَائِرِ مَحَارِمِهَا نِكَاحُ ابْنِهَا مِنْ الزِّنَا لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ بَيْنَهُمَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الِابْنَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ أَمَةً فَزَوَّجَهَا وَلِيُّهَا قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بُرْئِهِ مِنْ مَرَضِهِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ) (قَوْلُهُ وَدَلِيلُ التَّحْرِيمِ فِيهِنَّ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ اُخْتُلِفَ فِي انْصِرَافِ التَّحْرِيمِ إلَى مَاذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ إلَى الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ جَمِيعًا وَالثَّانِي إلَى الْعَقْدِ لِأَنَّ الْوَطْءَ مُحَرَّمٌ بِالْعَقْلِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهِيَ أَرْجَحُ لَا يُجَازِهَا إلَخْ) وَلِمَجِيئِهَا عَلَى نَمَطٍ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ} [الأحزاب: 50] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ عَدَاهُنَّ مِنْ الْأَقَارِبِ مَمْنُوعٌ [فَرْعٌ نِكَاحُ بِنْتِ مَنْ زَنَى بِهَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ مَائِهِ] (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ مَائِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ شَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ مَاءَ الرَّجُلِ فَأَتَتْ بِبِنْتٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 كَعُضْوٍ مِنْهَا وَانْفَصَلَ مِنْهَا إنْسَانًا وَلَا كَذَلِكَ النُّطْفَةُ الَّتِي خُلِقَتْ مِنْهَا الْبِنْتُ بِنِسْبَةٍ لِلْأَبِ (وَتَحْرُمُ الْمَنْفِيَّةُ بِاللِّعَانِ) عَلَى نَافِيهَا (وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَفِي عَنْهُ قَطْعًا بِدَلِيلِ لُحُوقِهَا بِهِ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَلِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَتَتَعَدَّى حُرْمَتُهَا إلَى سَائِرِ مَحَارِمِهِ (وَفِي) وُجُوبِ (الْقِصَاصِ) عَلَيْهِ (بِقَتْلِهِ لَهَا وَالْحَدِّ بِقَذْفِهِ لَهَا وَالْقَطْعُ بِسَرِقَةِ مَالِهَا وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَجْهَانِ) نَقَلَهُمَا الْأَصْلُ عَنْ التَّتِمَّةِ أَشْبَهَهُمَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ التَّتِمَّةِ هُنَا نَعَمْ وَوَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ مَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ مُقَابِلِهِ فَاغْتَرَّ بِهَا الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ فَعَزَوْا تَصْحِيحَهُ إلَى نَقْلِ الشَّيْخَيْنِ لَهُ عَنْ التَّتِمَّةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهَا وَجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا أَوْ لَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةُ كَمَا فِي الْمُلَاعَنَةِ وَأُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتِهَا وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ انْتَهَى. (فَرْعٌ) تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهَا أَبَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهَا وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ أَيْ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ حَكَاهُ الْمُزَنِيّ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَحْشَةٌ قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَطَأُ أُخْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا هَذَا وَقِيسَ بِهِ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ (السَّبَبُ الثَّانِي الرَّضَاعُ وَيَحْرُمُ بِهِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ) لِلْآيَةِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ النَّسَبِ وَفِي أُخْرَى حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ (فَمُرْضِعَتُك وَمُرْضِعَةُ أَبِيك مِنْ الرَّضَاعِ وَمُرْضِعَاتُهَا) أَيْ وَمُرْضِعَاتُ مُرْضِعَتِك وَمُرْضِعَةُ أَبِيك مِنْ الرَّضَاعِ (وَمُرْضِعَاتُ مَنْ وَلَدَك) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (أُمَّهَاتٌ) مِنْ الرَّضَاعِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ وَلَدَتْ مُرْضِعَتُك أَوْ ذَا لَبَنِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِك وَلَبَنِ فُرُوعِك نَسَبًا وَرَضَاعًا بِنْتٌ) مِنْ الرَّضَاعِ (وَ) الْمُرْتَضِعَةُ (بِلَبَنِ أَحَدِ أَبَوَيْك) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أُخْتٌ) مِنْ الرَّضَاعِ (وَ) قِسْ (عَلَى هَذَا) بَقِيَّةَ الْأَصْنَافِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَدْ بَيَّنَهَا الْأَصْلُ (فَرْعٌ الرَّضَاعُ كَالنَّسَبِ) فِي التَّحْرِيمِ كَمَا مَرّ قَرِيبًا مَعَ دَلِيلِهِ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْهُ (أُمُّ الْأَخِ) وَالْأُخْتِ (وَأُمُّ وَلَدِ الْوَلَدِ) وَإِنْ سَفَلَ (وَجَدَّةُ الْوَلَدِ) وَإِنْ عَلَتْ (وَأُخْتُهُ) وَإِنْ سَفَلَ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَأُمُّ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَأُمُّ الْخَالِ وَالْخَالَةِ (فَإِنَّهُنَّ يَحْرُمْنَ مِنْ النَّسَبِ وَلَا يَحْرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ) ؛ لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا حَرُمْنَ فِي النَّسَبِ لِكَوْنِ الْأُولَى أُمًّا أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبٍ وَطْئًا مُحْتَرَمًا وَالثَّانِيَةُ بِنْتًا أَوْ مَوْطُوءَةَ ابْنٍ كَذَلِكَ وَالثَّالِثَةُ أُمًّا أَوْ أُمَّ زَوْجَةٍ أَوْ مَوْطُوءَةً كَذَلِكَ وَالرَّابِعَةُ بِنْتًا أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَةٍ كَذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْ الْأَخِيرَتَيْنِ جَدَّةٌ أَوْ مَوْطُوءَةُ جَدٍّ كَذَلِكَ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ عَنْهُنَّ فِي الرَّضَاعِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَخَ ابْنِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أُمُّ الْأَخِ. كَذَا اسْتَثْنَى الصُّوَرَ الْمَذْكُورَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ (وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ لَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّهُنَّ) إنَّمَا (حَرُمْنَ) فِي النَّسَبِ (لِمَعْنًى آخَرَ) لَمْ يُوجَدْ فِيهِنَّ فِي الرَّضَاعِ كَمَا قَرَرْته وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ أُخْتُ الْأَخِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ نَسَبٍ بِأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ أَخٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا أُمٌّ مِنْ رَضَاعٍ بِأَنْ تُرْضِعَ امْرَأَةَ زَيْدٍ أَوْ صَغِيرَةً أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا (السَّبَبُ الثَّالِثُ الْمُصَاهَرَةُ فَيَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ صَحِيحٍ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِك) وَإِنْ عَلَوْنَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] (وَزَوْجَاتُ أُصُولِك) مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ وَإِنْ عَلَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] (وَ) زَوْجَاتُ (فُرُوعِك) مِنْ ابْنٍ وَحَافِدٍ وَإِنْ سَفَلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: 23] . وَقَوْلُهُ {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: 23] لِإِخْرَاجِ زَوْجَةِ مَنْ تَبَنَّاهُ لَا زَوْجَةِ ابْنِ الرَّضَاعِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْخَبَرِ السَّابِقِ وَقُدِّمَ عَلَى مَفْهُومِ الْآيَةِ لِتَقَدُّمِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ حَيْثُ لَا مَانِعَ وَتَعْبِيرُهُ بِفُرُوعِك أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِابْنِك وَابْنِ ابْنِك أَمَّا الْعَقْدُ الْفَاسِدُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ كَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حِلُّ الْمَنْكُوحَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ مَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ مُقَابِلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ هَلْ يَطَّرِدُ الْوَجْهَانِ فِي الْهِبَةِ لَهَا أَوْ يُقْطَعُ بِالْمَنْعِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ) قَدْ صَرَّحَ بِهِ يَعْنِي بِثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ حَيْثُ ذَكَرُوهُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ فِي الْمَانِعِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ النَّسَبِ ش وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي إلَخْ الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ كَاتِبُهُ [فَرْعٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ] (قَوْلُهُ حَكَاهُ الْمُزَنِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَرِثَ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِالزَّوْجِيَّةِ لَا بِالْأُخْتِيَّةِ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَا تَحْجُبُ بِخِلَافِ الْأُخْتِيَّةِ فَهِيَ أَقْوَى السَّبَبَيْنِ قَالَ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَرِثَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَطَأُ أُخْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا هَذَا) يُقَاسُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْهُولًا فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُو الْمَرْأَةِ وَهُوَ صَغِيرٌ فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا وَصَدَّقَهُ بَطَلَ النِّكَاحُ لِاعْتِرَافِهِ بِفَسَادِهِ [السَّبَبُ الثَّانِي مِنْ الْمُحَرَّمَاتُ مِنْ النِّكَاحِ أَبَدًا الرَّضَاعُ] (قَوْلُهُ وَقَدْ بَيَّنَهَا الْأَصْلَ) قِيلَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَبَّهَ عَلَى تَحْرِيمِهِنَّ كُلِّهِنَّ بِالْمَذْكُورَتَيْنِ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ السَّبْعَ إنَّمَا حَرُمْنَ لِمَعْنَى الْوِلَادَةِ وَالْإِخْوَةِ فَالْأُمُّ وَالْبِنْتُ بِالْوِلَادَةِ وَالْبَاقِي بِالْإِخْوَةِ أُمًّا لَهُ أَوْ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ وَتَحْرِيمُ بَنَاتِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ بِوِلَادَةِ الْإِخْوَةِ [فَرْعٌ الرَّضَاعُ كَالنَّسَبِ فِي التَّحْرِيمِ] (قَوْلُهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَخَ ابْنِ الْمَرْأَةِ) صُورَتُهَا فِي امْرَأَةٍ لَهَا ابْنٌ ثُمَّ إنَّهُ ارْتَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لَهَا ابْنٌ فَذَاكَ الِابْنُ أَخُو ابْنِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهَذَا الَّذِي هُوَ أَخُو ابْنِهَا وَقَدْ نَظَمَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ أُخْتُ ابْنِهِ وَأَخُو ابْنِهَا وَجَدَّةُ ابْنِ مُرْضِعِهِ ... وَكَذَاك أُمُّ أُخْتِهِ مَعَ عَمٍّ وَخَالٍ فَاسْمَعْهُ [السَّبَبُ الثَّالِثُ مِنْ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ الْأَبَدِيَّةِ الْمُصَاهَرَةُ] (قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ صَحِيحٍ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِك) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالزَّوْجَةِ فِي الْحَالِ أَوْ الْمَاضِي حَتَّى يَشْمَلَ مَا لَوْ نَكَحَ صَغِيرَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ فَإِنَّ الْمُرْضِعَةَ تَحْرُمُ عَلَى الْمُطَلِّقِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ فَدَخَلَتْ تَحْتَ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَلَا نَظَرَ إلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] قَالَ فِي الْأُمِّ يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ عِلْمِكُمْ بِتَحْرِيمِهِ فَإِنَّهُ كَانَ أَكْبَرُ وَلَدِ الرَّجُلِ يَخْلُفُ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ لَيْسَ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي أَيْدِيهِمْ مَا فَعَلُوهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 (وَ) تَحْرُمُ (بِنْتُ مَدْخُولٍ بِهَا) وَإِنْ سَفْلَتَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] وَذِكْرُ الْحُجُورِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَمْ تَحْرُمْ بِنْتُهَا بِخِلَافِ أُمِّهَا كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى عَادَةً بِمُكَالَمَةِ أُمِّهَا عَقِبَ الْعَقْدِ لِتَرْتِيبِ أُمُورِهِ فَحَرُمَتْ بِالْعَقْدِ لِيَسْهُلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ بِنْتِهَا (نَسَبًا وَرَضَاعًا) مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ (فَرْعٌ لَا تَحْرُمُ بِنْتُ زَوْجِ الْأُمِّ أَوْ الْبِنْتُ وَلَا أُمُّهُ وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الْأَبِ أَوْ الِابْنِ وَلَا بِنْتُهَا وَلَا زَوْجَةُ الرَّبِيبِ أَوْ الرَّابِّ) لِخُرُوجِهِنَّ عَنْ الْمَذْكُورَاتِ. (فَصْلٌ الْوَطْءُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ الشُّبْهَةِ) فِي الْحَيَاةِ (كَوَطْءِ أَمَتِهِ الْمُحَرَّمِ) كَأُخْتِهِ (يُثْبِتُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ) حَتَّى تَحْرُمَ الْمَوْطُوءَةُ عَلَى ابْنِ الْوَاطِئِ وَأَبِيهِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ وَبِنْتُهَا لِصَيْرُورَتِهَا فِرَاشًا بِذَلِكَ (وَيُسْتَثْنَى مِنْ) حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْءِ (الشُّبْهَةِ حِلُّ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالْمَسِّ وَالْمُسَافَرَةِ) فَلَا يَحِلُّ لِلْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ النَّظَرُ إلَى أُمِّ مَوْطُوءَتِهِ وَبِنْتِهَا وَلَا الْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ بِهِمَا وَلَا مَسُّهُمَا كَالْمَوْطُوءَةِ بَلْ أَوْلَى وَمَشَقَّةُ احْتِجَابِ أُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ وَبِنْتُهَا فِي دُخُولِهِ عَلَيْهِمَا مُنْتَفِيَةٌ هُنَا وَالتَّصْرِيحُ بِالْمَسِّ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ اخْتَصَّتْ الشُّبْهَةُ بِأَحَدِهِمَا فَالِاعْتِبَارُ) فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ (بِالرَّجُلِ) أَيْ بِشُبْهَتِهِ لَا شُبْهَةِ الْمَرْأَةِ (كَالنَّسَبِ وَالْعِدَّةِ) (وَلَا تَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ بِزِنًا وَ) لَا (لِوَاطَ) بِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى إذْ لَا حُرْمَةَ لِلْمُحْرِمِ (وَلَا بِاللَّمْسِ) وَلَوْ (بِشَهْوَةٍ) كَمَا لَا تَثْبُتُ الْعِدَّةُ (وَ) لَا (وَطْءُ مَا سِوَى الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ) لِمَا ذُكِرَ. (وَتَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ وَالنَّسَبُ وَالْعِدَّةُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْإِحْصَانِ وَالتَّحْلِيلِ وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِهِ لِلْمُفَوِّضَةِ وَثُبُوتُ الرَّجْعَةِ وَالْغُسْلِ وَالْمَهْرِ فِي صُورَةِ الشُّبْهَةِ (بِاسْتِدْخَالِ مَاءِ زَوْجٍ) أَوْ سَيِّدٍ (أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ لَا) بِاسْتِدْخَالِ (مَاءِ زِنَا الزَّوْجِ) أَوْ السَّيِّدِ أَيْ لَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (وَعِنْدَ الْبَغَوِيّ يَثْبُتُ) جَمِيعُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَزْنِي بِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَطْءَ فِي زَوْجَتِهِ بِظَنِّهِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ بِزِنًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ مُخَالِفٌ لِجَزْمِهِمَا بِثُبُوتِهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّحْلِيلِ وَعَلَى الْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي التَّحْرِيمِ بِاسْتِدْخَالِ مَاءِ الزَّوْجِ وُجُودُ الزَّوْجِيَّةِ حَالَ الْإِنْزَالِ وَالِاسْتِدْخَالِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي مَاءِ الْأَجْنَبِيِّ قِيَامُ الشُّبْهَةِ فِي الْحَالَيْنِ وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مُحْتَرَمًا فِيهِمَا. (فَرْعٌ طَرَيَان مَا يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ) عَلَى نِكَاحٍ (يَقْطَعُ النِّكَاحَ فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَ) تَزَوَّجَ (ابْنُهُ ابْنَتِهَا وَزُفَّتَا) إلَيْهِمَا بِأَنْ زُفَّتْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى غَيْرِ زَوْجِهَا (فَوَطِئَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (الْأُخْرَى غَلَطًا انْفَسَخَ النِّكَاحَانِ) ؛ لِأَنَّ زَوْجَةَ الْأَبِ مَوْطُوءَةُ ابْنِهِ وَأُمُّ مَوْطُوءَتِهِ بِالشُّبْهَةِ وَزَوْجَةُ الِابْنِ مَوْطُوءَةُ أَبِيهِ وَبِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ بِالشُّبْهَةِ (وَلَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (لِمَوْطُوءَتِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَعَلَى السَّابِقِ) مِنْهُمَا (بِالْوَطْءِ لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي رَفَعَ نِكَاحَهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (وَهَلْ يَلْزَمُ الْآخَرُ) وَهُوَ الثَّانِي (لِزَوْجَتِهِ كَذَلِكَ) أَيْ نِصْفُ الْمُسَمَّى فِيهِ (أَوْجُهٌ) أَحَدُهَا لَا إذْ لَا صُنْعَ لَهُ ثَانِيهَا نَعَمْ إذْ لَا صُنْعَ لَهَا (ثَالِثُهَا) وَهُوَ الْأَوْجَهُ (يَجِبُ لِصَغِيرَةٍ لَا تَعْقِلُ وَمُكْرَهَةٍ) وَنَائِمَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إلَيْهَا فَكَانَ كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يَجِبُ لِعَاقِلَةٍ مُطَاوِعَةٍ فِي الْوَطْءِ وَلَوْ غَلَطًا كَمَا لَوْ اشْتَرَتْ حُرَّةٌ زَوْجَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. (فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ) عَلَى الثَّانِي (رَجَعَ عَلَى السَّابِقِ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَبِنْتُ مَدْخُولٍ بِهَا) أَيْ حَالَ حَيَاتِهَا (قَوْلُهُ {مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] إنَّمَا اخْتَصَّ الْقَيْدَ بِالثَّانِي لِأَنَّهُ مَجْرُورٌ بِالْحَرْفِ وَالْأَوَّلُ بِالْإِضَافَةِ وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْعَامِلِ يَتَعَيَّنُ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى عَادَةً إلَخْ) وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لِأَنَّ فِي الْأُمَّهَاتِ مِنْ الرِّقَّةِ وَالْمَحَبَّةِ لِبَنَاتِهِنَّ مَا لَيْسَ فِي الْبَنَاتِ لِأُمَّهَاتِهِنَّ فَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ رِقَّةً لَمْ تُنَفِّسْ عَلَى بِنْتِهَا بِعُدُولِ الزَّوْجِ إلَيْهَا فَكَانَ الدُّخُولُ بِهَا شَرْطًا فِي تَحْرِيمِ الْبِنْتِ لِأَنَّهَا رُبَّمَا ضَنَّتْ بِالزَّوْجِ بِهَا بَعْدَ دُخُولِهِ مَا لَمْ تَضِنَّ بِهِ قَبْلَهُ وَالْبِنْتُ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ حُبًّا نَفَّسَتْ عَلَى أُمِّهَا بِعُدُولِ الزَّوْجِ إلَيْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ فَيُفْضِي إلَى الْقَطِيعَةِ [فَصْلٌ الْوَطْءُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ الشُّبْهَةِ] (فَصْلُ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ) (قَوْلُهُ أَوْ الشُّبْهَةُ) لَا فَرْقَ فِي الشُّبْهَةِ بَيْنَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَوَطْءِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَمَةِ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ بَلْ أَوْلَى) لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ (قَوْلُهُ لَا شُبْهَةَ الْمَرْأَةِ) إذْ شُبْهَتُهَا لَا تُعْتَبَرُ إلَّا فِي الْمَهْرِ (قَوْلُهُ وَتَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ وَالنَّسَبُ) شَمَلَ تَحْرِيمَ الرَّبِيبَةِ بِهِ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ بِاسْتِدْخَالِ مَاءِ زَوْجٍ إلَخْ) فَلَوْ أَمْنَى فِي زَوْجَتِهِ فَسَاحَقَتْ بِنْتَه فَحَبِلَتْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَكَذَا لَوْ مَسَحَ ذَكَرَهُ بِحَجَرٍ بَعْدَ إنْزَالِهِ فِيهَا فَاسْتَنْجَتْ بِهِ امْرَأَةٌ فَحَبِلَتْ وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ أَمَةُ شَخْصٍ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ وَلَهَا بِنْتٌ مِنْ غَيْرِهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِجَزْمِهِمَا بِثُبُوتِهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّحْلِيلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ لِلشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي مَاءِ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي احْتِرَامِهِ بِحَالِ خُرُوجِهِ فَقَطْ [فَرْعٌ طَرَيَان مَا يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ عَلَى نِكَاحٍ يَقْطَعُ النِّكَاحَ] (قَوْلُهُ طَرَيَان مَا يُثْبِتُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ إلَخْ) لَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمِّهِ ثُمَّ وَطِئَهَا أَبَاهُ بِشُبْهَةٍ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى زَوْجِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ. وَعَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ احْتَرَزَ الْمِنْهَاجُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ طَرَأَ مُؤَبَّدُ تَحْرِيمٍ عَلَى نِكَاحٍ قَطَعَهُ وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَطْرَأْ بَلْ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ دَائِمٌ اهـ يَرِدُ بِطُرُوِّ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ عَلَى زَوْجِهَا بِصَيْرُورَتِهَا مَوْطُوءَةَ أَبِيهِ بِشُبْهَةٍ (تَنْبِيهٌ) إنَّمَا كَانَتْ مَوَانِعُ النِّكَاحِ تَمْنَعُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ لِتَأَيُّدِهَا وَاعْتِضَادِهَا بِكَوْنِ الْأَصْلِ فِي الْأَبْضَاعِ هُوَ الْحُرْمَةُ (قَوْلُهُ انْفَسَخَ النِّكَاحَانِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مَحْرَمًا لِلْوَاطِئِ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا كَبِنْتِ أَخِيهِ أَمْ لَا وَلَا يُغْتَرُّ بِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالشِّقِّ الثَّانِي س (قَوْلُهُ ثَالِثُهَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 عَلَيْهِ نِكَاحَهَا (لَكِنْ) يَرْجِعُ (بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) لَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا بِمَا غَرِمَ كَمَا فِي الرَّضَاعِ (وَإِنْ وَطِئَا مَعًا فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى وَهَلْ يَتَرَاجَعَانِ) أَيْ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا كَانَ يَرْجِعُ بِهِ لَوْ انْفَرَدَ وَيُهْدَرُ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهَا حَرُمَتْ بِفِعْلِهِمَا كَنَظِيرِهِ فِي الِاصْطِدَامِ وَثَانِيهِمَا لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ ارْتَفَعَ بِفِعْلِهِمَا جَمِيعًا فَيُنْسَبُ الْفِرَاقُ إلَى الزَّوْجِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ أَوْ خَالَعَهَا وَيُفَارِقُ الِاصْطِدَامَ بِأَنَّ فِعْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا هُنَا لَوْ انْفَرَدَ لَحَرُمَتْ بِهِ الزَّوْجَتَانِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَلَوْ أَشْكَلَ الْحَالُ فَلَمْ يُعْلَمْ سَبْقٌ وَلَا مَعِيَّةٌ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَجِبُ لِلْمَوْطُوءَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحَانِ وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلِزَوْجَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَلَا يَسْقُطُ بِالشَّكِّ. (فَرْعٌ وَإِنْ نَكَحَ) الشَّخْصُ (جَاهِلًا امْرَأَةً وَبِنْتَهَا مُرَتَّبًا فَالثَّانِي) مِنْ النِّكَاحَيْنِ (بَاطِلٌ) لِحُصُولِ الْجَمْعِ الْمُحَرَّمِ بِهِ (فَإِنْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ عَالِمًا) بِالتَّحْرِيمِ (فَنِكَاحُ الْأُولَى بِحَالِهِ) ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِيَةِ زِنًا فَلَا أَثَرَ لَهُ (أَوْ جَاهِلًا) بِهِ (بَطَلَ) نِكَاحُ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنْتُهَا (وَلَزِمَ لِلْأُولَى نِصْفُ الْمُسَمَّى) ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا ارْتَفَعَ بِصُنْعِ الزَّوْجِ (وَحَرُمَتْ) عَلَيْهِ (أَبَدًا) لِمَا مَرَّ (وَلِلْمَوْطُوءَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَحَرُمَتْ) عَلَيْهِ (أَبَدًا إنْ كَانَتْ هِيَ الْأُمَّ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ (لَا) إنْ كَانَتْ هِيَ (الْبِنْتَ) فَلَا تَحْرُمُ أَبَدًا (فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا) ؛ لِأَنَّهَا رَبِيبَةُ امْرَأَةٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (إلَّا إنْ كَانَ قَدْ وَطِئَ الْأُمَّ) فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ (وَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا وَأُشْكِلَتْ) أَيْ الْمَوْطُوءَةُ وَعُرِفَتْ السَّابِقَةُ (فَنِكَاحُ السَّابِقَةِ عَلَى حَالِهِ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ) مِنْ اسْتِمْرَارِ صِحَّتِهِ (فَإِنْ طَلَّقَهَا) أَيْ السَّابِقَةَ (حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا) كَالثَّانِيَةِ (نَظَرًا إلَى الْحَالِ) وَهُوَ الِاشْتِبَاهُ كَاشْتِبَاهِ أُخْتِهِ بِأَجْنَبِيَّةٍ. (وَإِنْ عُرِفَتْ الْمَوْطُوءَةُ وَأُشْكِلَتْ السَّابِقَةُ فَنِكَاحُ الْمَوْطُوءَةِ مَوْقُوفٌ) فَتُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ (وَلَهَا الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْكَحُ) لِلِاشْتِبَاهِ كَمَا فِي إنْكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ (وَالْأُخْرَى) أَيْ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ (مُحَرَّمَةٌ) عَلَيْهِ (أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ مَوْطُوءَتِهِ أَوْ بِنْتُهَا (وَإِنْ أُشْكِلَا) بِأَنْ اشْتَبَهَتْ الْمَوْطُوءَةُ وَالسَّابِقَةُ (مَعًا وُقِفَا) أَيْ النِّكَاحَانِ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ الْبِنْتِ وَالدُّخُولِ بِالْأُمِّ فَتَحْرُمَانِ عَلَيْهِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَلَا تُنْكَحُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ (أَبَدًا وَإِنْ وَطِئَهُمَا جَمِيعًا) مَعَ الْإِشْكَالِ (حَرُمَتَا أَبَدًا فَإِنْ بَانَ الْأَمْرُ وَجَبَ لِلثَّانِيَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ نِكَاحُهَا سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَ وَطْؤُهَا أَمْ تَأَخَّرَ (وَ) يَجِبُ (لِلْأُولَى إنْ وَطِئَهَا أَوَّلًا الْمُسَمَّى وَإِلَّا) بِأَنْ وَطِئَهَا ثَانِيًا (فَنِصْفُهُ وَمَهْرُ الْمِثْلِ) يَجِبَانِ لَهَا أَمَّا النِّصْفُ فَلِارْتِفَاعِ نِكَاحِهَا بِصُنْعِ الزَّوْجِ وَأَمَّا مَهْرُ الْمِثْلِ فَلِأَنَّهُ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ (فَصْلٌ) لَوْ (اخْتَلَطَتْ مَحْرَمٌ بِنِسْوَةٍ حَرُمْنَ) تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ وَلَا دَخْلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (إلَّا إذَا كُنَّ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ) كَنِسَاءِ بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ فَلَا يَحْرُمْنَ إعْمَالًا لِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ مَعَ كَوْنِ الْحَرَامِ مُنْغَمِرًا كَمَا فِي الِاصْطِيَادِ مِنْ صَيُودٍ مُبَاحَةٍ اشْتَبَهَ بِهَا صَيْدٌ مَمْلُوكٌ وَإِلَّا انْحَسَمَ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ وَإِنْ سَافَرَ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لَمْ يَأْمَنْ مُسَافَرَتَهَا إلَيْهَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ كَكَثِيرٍ مَحْرَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ مِثَالٌ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِمُحَرَّمَةٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ لِيَشْمَلَ الْمُحَرَّمَةَ بِنَسَبٍ وَرَضَاعٍ وَمُصَاهَرَةٍ وَلِعَانٍ وَنَفْيٍ وَتَوَثُّنٍ وَغَيْرِهَا (وَغَيْرُ الْمَحْصُورِ مَا تَعَسَّرَ عَدُّهُ عَلَى وَاحِدٍ) كَمَا ضَبَطَهُ الْإِمَامُ بِذَلِكَ وَقَدَّمْته مَعَ ذِكْرِ ضَابِطٍ لِلْغَزَالِيِّ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ وَقَدْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ نَكَحَ الشَّخْصُ جَاهِلًا امْرَأَةً وَبِنْتَهَا مُرَتَّبًا] (قَوْلُهُ لَا إنْ كَانَتْ الْبِنْتُ فَلَا تَحْرُمُ أَبَدًا فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالنِّكَاحَانِ بَاطِلَانِ لِأَنَّ الْبِنْتَ نَكَحَهَا وَعِنْدَهُ أُمُّهَا وَالْأُمُّ أُمُّ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ اهـ فَعَقْدُ الْبِنْتِ لَمْ يَصِحَّ وَعَقْدُ الْأُمِّ بَطَلَ بِوَطْئِهِ بِنْتَهَا بِدَلِيلِ تَصْرِيحِهِمَا بِأَنَّهُ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ: نِكَاحُ الْبِنْتِ هُوَ الْبَاطِلُ وَنِكَاحُ الْأُمِّ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا طَرَأَ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ فَقَطَعَهُ وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بِسَبَبٍ مِنْهَا وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ بَاطِلٌ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ [فَصْلٌ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمٌ بِنِسْوَةٍ] (فَصْلٌ لَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمٌ بِنِسْوَةٍ إلَخْ) (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كُنَّ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ) فَيَنْكِحُ مِنْهُنَّ إلَى أَنْ يَبْقَى جُمْلَةً لَوْ كَانَ الِاخْتِلَاطُ بِهِنَّ مَنَعَ مِنْهُنَّ كَمِائَةٍ وَدُونَهَا فَلَوْ قَالَ فِي الْمَحْصُورَاتِ إحْدَى هَؤُلَاءِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا أَعْرِفُ عَيْنَهَا حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَيَأْتِي التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِيمَا لَوْ أَرَادَ الْوَطْءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُمْ بِنِسْوَةِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ حَقِيقَتُهُ أَنْ يَجُوزَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ أَنَّهَا الْمُحَرَّمَةُ مَا لَوْ امْتَازَتْ بِصِفَةٍ كَسَوَادٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ جَدْعٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَكَانَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ قَلِيلَةً فِي الْقَرْيَةِ الْكَبِيرَةِ فَلَا رَيْبَ فِي نِكَاحِ مَنْ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَأَمَّا الْبَوَاقِي فَكَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِمَحْصُورَاتٍ. (قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَحْصُورِ إلَخْ) لَوْ اخْتَلَطَ غَيْرُ الْمَحْصُورِ بِغَيْرِ الْمَحْصُورِ كَمَا إذَا اشْتَبَهَ مِائَةُ امْرَأَةٍ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ مَحَارِمَ أَوْ مَحَارِمُ وَمُحَرَّمَاتٌ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ التَّحْرِيمُ لِعَدَمِ غَلَبَةِ الْحَلَالِ فَإِنْ غَلَبَ الْحَلَالُ جَازَ النِّكَاحُ وَتَصْرِيحُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَوْ كَثُرَ الْمُحَرَّمَاتُ عَلَيْهِ وَاشْتَبَهْنَ بِغَيْرِ مَحْصُورَاتٍ فَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ عَلِمَ عَدَدَهُنَّ كَعِشْرِينَ قَسَّمْنَا نِسَاءَ الْبَلَدِ عِشْرِينَ قِسْمًا فَإِنْ صَارَ كُلُّ قِسْمٍ مَحْصُورًا حَرُمَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ مَحَارِمِهِ فَالظَّاهِرُ التَّحْرِيمُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِنِسْوَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ وَاحِدَةً بِالِاجْتِهَادِ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَاتُهُ الْأَرْبَعُ بِمَحْصُورَاتٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَبِهَاتِ وَلَا مِنْ الْمُشْتَبِهَاتِ لِجَوَازِ الْوُقُوعِ فِي خَامِسَةٍ وَإِنْ اخْتَلَطَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَعَقَدَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُشْتَبِهَاتِ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى ثَلَاثٍ مِنْ الْمُشْتَبِهَاتِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهَا مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا نِكَاحُهُ بِرِجَالِ بَلْدَةٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهَا وَهِيَ لَا تَعْرِفُ عَيْنَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي حَقِّهَا كَهُوَ فِي حَقِّهِ فَحَيْثُ مَنَعْنَاهُ مَنَعْنَاهَا وَحَيْثُ جَوَّزْنَا لَهُ جَوَّزْنَا لَهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ. (الْجِنْسُ الثَّانِي) مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ (مَا لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ الْأَوَّلُ الْجَمْعُ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ رَضَاعٌ يَحْرُمُ تَنَاكُحُهُمَا إنْ فُرِضَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا كَالْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا) وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] وَلِخَبَرِ «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا لَا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ فَإِنَّ الطَّبْعَ يَتَغَيَّرُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «إنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَطَعْتُمْ أَرْحَامَهُنَّ» كَمَا زَادَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَرُوِيَ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا (لَا الْمَرْأَةُ وَأُمُّ زَوْجِهَا أَوْ بِنْتُهُ مِنْ أُخْرَى) ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ حَصَلَتْ بِفَرْضِ أُمِّ الزَّوْجِ ذَكَرًا فِي الْأُولَى وَبِفَرْضِ بِنْتِهِ ذَكَرًا فِي الثَّانِيَةِ لَكِنْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ وَلَا رَضَاعٌ بَلْ مُصَاهَرَةٌ وَلَيْسَ فِيهَا رَحِمٌ يُحْذَرُ قَطْعُهَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ قَيْدِ الْقَرَابَةِ وَالرَّضَاعِ بِأَنْ يُقَالَ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ أَيَّتِهِمَا قُدِّرَتْ ذَكَرًا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى فَتَخْرُجُ هَاتَانِ الصُّورَتَانِ؛ لِأَنَّ أُمَّ الزَّوْجِ مَثَلًا وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهَا زَوْجَةُ الِابْنِ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَكِنَّ زَوْجَةَ الِابْنِ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهَا الْأُخْرَى بَلْ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً عَنْهَا وَقَدْ يُقَالُ يَرِدُ عَلَى مَا قَالَهُ السَّيِّدَةُ وَأَمَتُهَا الصِّدْقُ الضَّابِطُ بِهِمَا مَعَ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ وَالرَّضَاعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ مِنْ التَّحْرِيمِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ الْمُقْتَضِي لِمَنْعِ النِّكَاحِ فَتَخْرُجُ هَذِهِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهَا قَدْ يَزُولُ وَبِأَنَّ السَّيِّدَةَ لَوْ فُرِضَتْ ذَكَرًا حَلَّ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ بِالْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا (وَ) لَا (بِنْتُ رَجُلٍ وَرَبِيبَتُهُ) وَلَا امْرَأَةٌ وَرَبِيبَةُ زَوْجِهَا مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَ) لَا (أُخْتُهُ مِنْ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ مِنْ أَبِيهِ) إذْ لَا تَحْرُمُ الْمُنَاكَحَةُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَةِ أَحَدِهِمَا. (وَحَيْثُ حَرُمَ الْجَمْعُ) بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ (فَإِنْ نَكَحَهُمَا مَعًا بَطَلَتَا) أَيْ الْمَرْأَتَانِ أَيْ نِكَاحُهُمَا إذْ لَيْسَ تَخْصِيصُ إحْدَاهُمَا بِالْبُطْلَانِ أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى (وَإِلَّا) بِأَنْ نَكَحَهُمَا مُرَتَّبًا (بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بِهَا حَصَلَ نَعَمْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ السَّابِقِ بَطَلَا وَإِنْ عَلِمَ ثُمَّ اشْتَبَهَ وَجَبَ التَّوَقُّفُ كَمَا فِي إنْكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ (فَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ الثَّانِيَةَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ (اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يَطَأَ الْأُولَى حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمَوْطُوءَةِ) (وَلَهُ نِكَاحُ أُخْتٍ مُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي الْعِدَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْهُ فَجَازَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (لَا) أُخْتِ مُطَلَّقَتِهِ (الرَّجْعِيَّةِ) وَلَا أَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ (فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِانْقِضَائِهَا وَهِيَ مُنْكِرَةٌ) لِذَلِكَ (وَأَمْكَنَ انْقِضَاؤُهَا فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا) وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا لِزَعْمِهِ انْقِضَاءَهَا (لَكِنْ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا) إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا (وَلَوْ وَطِئَهَا حُدَّ) لِزَعْمِهِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا (أَوْ طَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ) طَلَاقُهُ لِذَلِكَ. (وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً (فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا) وَأَرْبَعًا سِوَاهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِرَاشَ قَدْ انْقَطَعَ [فَصْلٌ اشْتَرَى أُخْتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا مِنْ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي النِّكَاحِ] (فَصْلٌ وَإِنْ اشْتَرَى) مَثَلًا (أُخْتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا) مِنْ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي النِّكَاحِ (صَحَّ) الشِّرَاءُ بِالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْوَطْءِ وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أُخْتَهُ وَنَحْوَهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَإِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ الشِّرَاءُ لِلْوَطْءِ لَمْ يُفْضِ الْجَمْعُ فِيهِ إلَى التَّقَاطُعِ (لَكِنْ إنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ (حَرُمَتْ الْأُخْرَى) لِئَلَّا يَحْصُلَ الْجَمْعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ (فَإِنْ وَطِئَهَا) قَبْلَ تَحْرِيمِ الْأُولَى (لَمْ تَحِلَّ وَلَمْ تَحْرُمْ الْأُولَى) إذْ الْحَرَامُ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَطَأَ الْأُولَى حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الثَّانِيَةَ لِئَلَّا يَجْمَعَ الْمَاءَ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ. (وَيَبْقَى تَحْرِيمُهَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى) عَلَى نَفْسِهِ بِإِزَالَةِ (مِلْكٍ كَبَيْعٍ) أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَوْ لِبَعْضِهَا مَعَ قَبْضٍ بِإِذْنٍ فِي الْهِبَةِ (أَوْ) بِإِزَالَةِ (حَلٍّ كَتَزْوِيجٍ أَوْ كِتَابَةٍ) إذْ لَا جَمْعَ حِينَئِذٍ (لَا رَهْنَ وَلَا إحْرَامَ وَعِدَّةٍ وَرِدَّةٍ) وَنَحْوِهَا كَحَيْضٍ وَبَيْعٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ عَارِضَةٌ لَمْ تُزِلْ الْمِلْكَ وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ (وَلَا يَكْفِي) لِحِلِّ الْأُخْرَى (اسْتِبْرَاؤُهَا) أَيْ الْأُولَى (وَ) لَا (تَحْرِيمُهَا بِالْقَوْلِ) كَقَوْلِ حَرَّمْتهَا عَلَيَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُزِيلُ الْفِرَاشَ (فَإِنْ) عَادَ حَلُّهَا كَأَنْ بَاعَهَا ثُمَّ (رُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ) أَوْ إقَالَةٍ (أَوْ) زَوَّجَهَا ثُمَّ (طَلُقَتْ) أَوْ كَاتَبَهَا ثُمَّ عَجَزَتْ (ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا) فَإِنْ كَانَ (قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِيَةِ   [حاشية الرملي الكبير] [الْجِنْسُ الثَّانِي مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ مَا لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهُ] [النَّوْع الْأَوَّلُ الْجَمْعُ بَيْن الْمَحَارِم] قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ إلَخْ) شَمَلَ جَمْعُهُمَا فِي النِّكَاحِ وَفِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَالْأُخْرَى بِزَوْجِيَّةٍ وَعُلِمَ مِنْهُ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْرُمْ أَجْمَعُهُمَا بِنِكَاحٍ كَمَنْ لَهُ جَارِيَةٌ يَمْلِكُ أُخْتَيْهَا إحْدَاهُمَا مِنْ أُمِّهَا وَالْأُخْرَى مِنْ أَبِيهَا فَأَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْأُخْتَيْنِ جَازَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْ الْأُخْرَى وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ جَارِيَتِهِ الَّتِي كَانَ يَمْلِكُهَا وَبَيْنَ إحْدَى هَاتَيْنِ فِي الْوَطْءِ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ كَالْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا) قَالَ فِي الْوَافِي لَوْ غَابَ مَعَ زَوْجَتِهِ ثُمَّ عَادَ وَذَكَرَ مَوْتَهَا حَلَّ لِأُخْتِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ وَلَوْ غَابَتْ زَوْجَتُهُ مَعَ أُخْتِهَا ثُمَّ قَدِمَتْ الْأُخْتُ فَذَكَرَتْ مَوْتَ أُخْتِهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا إلَّا بَعْدَ تَيَقُّنِ مَوْتِهَا قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَ مَالِكٌ لِبُضْعِ زَوْجَتِهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا إلَّا بَعْدَ تَيَقُّنِ مَوْتِهَا وَكَتَبَ شَيْخُنَا يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُمْتَنَعُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَأُخْتِهَا الَّتِي نَفَاهَا وَالِدُهَا بِلِعَانٍ احْتِيَاطًا إذْ هِيَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٍ قَطْعًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ مَتَى اسْتَلْحَقَهَا لَحِقَتْهُ كَاتَبَهُ. (قَوْلُهُ لَا الْمَرْأَةُ وَأُمُّ زَوْجِهَا) أَوْ زَوْجَةُ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَحَهُمَا مَعًا بَطَلَتَا) لَوْ قَالَ فَإِنْ نَكَحَهُمَا بِعَقْدٍ كَانَ أَوْلَى لِلْخِلَافِ فِي أَنَّ مَعًا هَلْ تَقْتَضِي الِاتِّحَادَ فِي الزَّمَانِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى) قَالَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ التَّحْرِيمُ فِي الْإِمَاءِ بِمَنْزِلَةِ الطَّلَاقِ فِي الْمَنْكُوحَاتِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 تَخَيَّرَ) بَيْنَ أَيَّتِهِمَا شَاءَ لِاسْتِوَائِهِمَا حِينَئِذٍ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَجُزْ وَطْءُ الْعَائِدَةِ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْأُخْرَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ كَالْأُولَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى. (فَرْعٌ) لَوْ (مَلَكَ أُخْتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَجُوسِيَّةٌ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ رَضَاعٍ) أَوْ نَسَبٍ (فَوَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ (الْأُخْرَى) ؛ لِأَنَّ الْمَوْطُوءَةَ مُحَرَّمَةٌ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ كَأَصْلِهِ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ الْمَذْكُورَ لَا يَكُونُ إلَّا شُبْهَةً (وَلَوْ مَلَكَ أُمًّا) وَفِي نُسْخَةٍ أَمَةً (وَبِنْتَهَا وَوَطِئَ إحْدَاهُمَا حَرُمَتْ الْأُخْرَى) أَبَدًا (فَإِنْ وَطِئَ الْأُخْرَى) وَلَوْ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (حُرِّمَتَا مَعًا وَالْمَنْكُوحَةُ تُحَرِّمُ وَطْءَ أُخْتِهَا) أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا (الْمَمْلُوكَةِ وَإِنْ سَبَقَ) وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْرَاشَ بِالنِّكَاحِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْمِلْكِ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَاللِّعَانُ وَالْمِيرَاثُ وَغَيْرُهَا وَالْأَقْوَى لَا يَنْدَفِعُ بِالْأَضْعَفِ اللَّاحِقِ وَيَدْفَعُ الْأَضْعَفُ السَّابِقَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمِلْكِ وَهَذَا فِي الِاسْتِفْرَاشِ وَالْمِلْكُ نَفْسُهُ أَقْوَى مِنْ نَفْسِ النِّكَاحِ وَاسْتِفْرَاشُ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ اسْتِفْرَاشِ الْمِلْكِ. (فَصْلٌ الْمُرْتَدَّةُ) بَعْدَ الدُّخُولِ (مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ كَالرَّجْعِيَّةِ) فَيَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا نِكَاحُ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَأَمَةٍ وَإِنْ حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا لِاحْتِمَالِ عَوْدِهَا لِلْإِسْلَامِ وَاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ (فَإِنْ بَانَتْ بِثَلَاثٍ أَوْ خُلْعٍ فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ (حَلَّتْ لَهُ أُخْتُهَا) وَأَرْبَعٌ سِوَاهَا لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِذَلِكَ إنْ عَادَتْ لِلْإِسْلَامِ وَبِالرِّدَّةِ إنْ لَمْ تَعُدْ لَهُ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ أُمُّ زَوْجَتِهِ الْمُرْتَدَّةِ أَوْ أُخْتُهَا) فِي الْعِدَّةِ (زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ وُقِفَ) نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ (فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ) أَيْ الْكَبِيرَةُ (فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ (الصَّغِيرَةُ) لِتَبِينَ بَيْنُونَةَ الْكَبِيرَةِ بِرِدَّتِهَا (وَإِنْ أَسْلَمَتْ) فِيهَا (حَرُمَتَا كَمَا ذَكَرَهُ) الْأَصْلُ فِي نَظِيرِهِ (فِي الرَّضَاعِ) أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلِأَنَّهَا اجْتَمَعَتْ فِي الْأُولَى مَعَ أُخْتِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ مَعَ خَالَتِهَا فِي النِّكَاحِ وَأَمَّا الْكَبِيرَةُ فَلِأَنَّهَا اجْتَمَعَتْ فِي الْأُولَى مَعَ أُخْتِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ مَعَ بِنْتِ أُخْتِهَا فِيهِ. (وَعَلَيْهِ) حِينَئِذٍ (لِلْكَبِيرَةِ الْمُسَمَّى وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى وَتَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِلْكَبِيرَةِ (وَنِصْفِهِ) لِلصَّغِيرَةِ [النَّوْعُ الثَّانِي فِي بَيَانِ قَدْرِ الْعَدَدِ الْمُبَاحِ فِي النِّكَاحِ] (النَّوْعُ الثَّانِي فِي) بَيَانِ قَدْرِ (الْعَدَدِ الْمُبَاحِ) فِي النِّكَاحِ (فَيَحِلُّ لِلْعَبْدِ) وَلَوْ مُكَاتَبًا (ثِنْتَانِ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ وَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ وَالْمُبَعَّضُ كَالْعَبْدِ كَمَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمْ (وَ) تَحِلُّ (لِلْحُرِّ أَرْبَعٌ) فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] الْآيَةَ «وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْلَانَ وَقَدْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحُوهُ (فَإِنْ جَمَعَ خَمْسًا فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ (لَمْ يَصِحَّ) نِكَاحُهُنَّ إذْ لَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُنَّ عَلَى الْبَاقِيَاتِ. (فَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ أُخْتَانِ اخْتَصَّتَا بِالْبُطْلَانِ) دُونَ غَيْرِهِمَا عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِنَّمَا بَطَلَ فِيهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (أَوْ كَانَتَا فِي سَبْعٍ) بَطَلَ (الْجَمِيعُ) وَكَذَا لَوْ عَقَدَ عَلَى أَرْبَعِ أَخَوَاتٍ وَكَالْأُخْتَيْنِ كُلِّ اثْنَتَيْنِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (فَرْعٌ) لَوْ (عَقَدَ) عَلَى سِتٍّ (بِثَلَاثٍ) أَيْ عَلَى ثَلَاثٍ (مَعًا وَثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْ) الْعُقُودِ (فَنِكَاحُ الْوَاحِدَةِ صَحِيحٌ) بِكُلِّ تَقْدِيرٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ إلَّا أُولَى أَوْ ثَالِثَةٌ أَوْ رَابِعَةٌ فَإِنَّهَا لَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ الْعَقْدَيْنِ كَانَ ثَانِيهِمَا بَاطِلًا فَيَصِحُّ نِكَاحُهَا (قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَنِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ عَقْدَيْ الْفِرْقَتَيْنِ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْآخَرِ فَيَبْطُلُ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ الصِّحَّةِ (وَغَلَّطَهُ) الشَّيْخُ (أَبُو عَلِيٍّ فَقَالَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ صَحِيحٌ) وَهُوَ السَّابِقُ مِنْهُمَا وَلَا يُعْرَفُ عَيْنُهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ مَعَ جَوَابِهِ (فَيُوقَفُ نِكَاحُ الْخَمْسِ وَيُؤَاخَذُ) الزَّوْجُ (بِنَفَقَتِهِنَّ) مُدَّةَ التَّوَقُّفِ؛ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ لِأَجْلِهِ وَيُسْأَلُ عَنْ الْبَيَانِ (فَإِنْ ادَّعَى سَبْقَ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ وَصَدَّقَهُ أَهْلُهُ) مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ (ثَبَتَ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَدَّعِ سَبْقًا كَأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي أَوْ ادَّعَاهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ أَهْلُهُ (فَلَا) يَثْبُتُ (وَلَهُنَّ طَلَبُ الْفَسْخِ لِلضَّرُورَةِ) فَإِنْ رَضِينَ بِالضَّرَرِ وَلَمْ يَنْفَسِخْ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّعْلِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ اعْتَدَّتْ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَمَنْ دَخَلَ بِهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ مَلَكَ أُخْتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَجُوسِيَّةٌ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ فَوَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ] قَوْلُهُ وَالْمَنْكُوحَةُ تُحَرِّمُ وَطْءَ أُخْتِهَا إلَخْ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا إذَا اجْتَمَعَ النِّكَاحُ وَمِلْكُ الْيَمِينِ فِي أُخْتَيْنِ وَكَانَ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى الْحُرَّةِ الَّتِي هِيَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ هَلْ يَثْبُتُ النِّكَاحُ أَوْ يَفْسَخُهُ مِلْكُ الْيَمِينِ لِأُخْتِ الزَّوْجَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِيهَا نَقْلًا وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ إذْ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَإِذَا اجْتَمَعَ النِّكَاحُ وَمِلْكُ الْيَمِينِ فِي أُخْتَيْنِ أَوْ أَمَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لَا يَفْسَخُهُ مِلْكُ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمِلْكِ إلَخْ) وَأَيْضًا التَّرْجِيحُ هُنَا فِي عَيْنَيْنِ وَهُنَاكَ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ فس [فَصْلٌ أَحْكَام الْمُرْتَدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ] (قَوْلُهُ وَلِلْحُرِّ أَرْبَعٌ) قَدْ تَتَعَيَّنُ الْوَاحِدَةُ لِلْحُرِّ وَذَلِكَ فِي كُلِّ نِكَاحٍ تَوَقَّفَ عَلَى الْحَاجَةِ كَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ وَالْحُرِّ النَّاكِحِ الْأَمَةَ وَقَدْ لَا يَنْحَصِرُ كَمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ فَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] إلَخْ) وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ الْأُلْفَةُ وَالْمُؤَانَسَةُ وَهِيَ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ تَفُوتُ وَأَمَّا مَعَ الْأَرْبَعِ فَلِأَنَّهُ بِالْقَسْمِ يَغِيبُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ جَمَعَ خَمْسًا فِي عَقْدٍ إلَخْ) وَالثَّلَاثُ لِلْعَبْدِ كَالْخَمْسِ لِلْحُرِّ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ أُخْتَانِ إلَخْ) فِي مَعْنَى الْأُخْتَيْنِ مَا لَوْ كَانَ فِيهِنَّ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَمُحْرِمَةٍ وَمُلَاعَنَةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَوَثَنِيَّةٍ وَأَمَةٍ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ الْأَمَةُ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فَالرَّاجِحُ فِيمَا إذَا جَمَعَ الْحُرُّ الَّذِي تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ثَلَاثِ حَرَائِرَ أَوْ أَرْبَعٍ فِي عَقْدٍ بُطْلَانُهُ فِي الْأَمَةِ وَصِحَّتُهُ فِي الْحَرَائِرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 الْأَكْثَرُ مِنْهَا وَمِنْ الْأَقْرَاءِ) احْتِيَاطًا (وَتُعْطَى الْمُنْفَرِدَةُ رُبْعَ مِيرَاثِهِنَّ) مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ (لِاحْتِمَالِ صِحَّةِ عَقْدِ الثَّلَاثَةِ) مَعَهَا ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ مَعَهَا عَقْدَ الثَّلَاثِ فَلَا تَسْتَحِقُّ غَيْرَ الرُّبْعِ الْمَأْخُوذِ وَيُحْتَمَلُ صِحَّةُ عَقْدِ الثِّنْتَيْنِ فَتَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ. (وَيُوقَفُ ثُلُثَاهُ) أَيْ مِيرَاثُهُنَّ (بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالثِّنْتَيْنِ وَ) يُوقَفُ (نِصْفُ سُدُسِهِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ وَالرُّبْعِ (بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ إلَى الْبَيَانِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ) فَالِاصْطِلَاحُ فِي الثُّلُثَيْنِ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالثِّنْتَيْنِ وَفِي نِصْفِ السُّدُسِ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ (وَأَمَّا الْمَهْرُ فَلِلْمُنْفَرِدَةِ الْمُسَمَّى وَأَمَّا الْبَوَاقِي فَإِنْ دَخَلَ بِهِنَّ قُوبِلَ بَيْنَ مُسَمَّى الثَّلَاثِ وَمَهْرِ مِثْلِ الثِّنْتَيْنِ وَ) بَيْنَ (عَكْسِهِ) وَهُوَ مُسَمَّى الثِّنْتَيْنِ وَمَهْرُ مِثْلِ الثَّلَاثِ (وَتَأْخُذُ الْأَكْثَرَ) مِنْ الْقَدْرَيْنِ (مِنْ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ احْتِيَاطًا لَهُنَّ (وَيُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ الْأَقَلَّ مِنْ مُسَمَّاهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (وَيُوقَفُ الْبَاقِي) إلَى الْبَيَانِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ (مِثَالُهُ مُسَمَّى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِائَةٌ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ فَمُسَمَّى الثَّلَاثِ وَمَهْرُ مِثْلِ الثِّنْتَيْنِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ عَكْسِهِ) بِخَمْسِينَ (فَنَأْخُذُهَا) أَيْ الْأَرْبَعَمِائَةِ مِنْ التَّرِكَةِ (وَنُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ خَمْسِينَ وَيُوقَفُ مِنْ الْبَاقِي) وَهُوَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ (مِائَةٌ بَيْنَ النِّسْوَةِ الْخَمْسِ وَخَمْسُونَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالثَّلَاثِ فَإِنْ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ الثِّنْتَيْنِ فَالْمِائَةُ لَهُمَا وَالْخَمْسُونَ لِلْوَرَثَةِ أَوْ) بَانَ (صِحَّةُ نِكَاحِ الثَّلَاثِ فَالْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ لَهُنَّ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (لَمْ يُعْطِهِنَّ) فِي الْحَالِ (شَيْئًا وَوَقَفَ أَكْثَرُ الْمُسَمَّيَيْنِ) بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ التَّرِكَةِ. (وَهُوَ فِي مِثَالِنَا ثَلَاثُمِائَةٍ مِائَتَانِ بَيْنَ الْخَمْسِ وَمِائَةٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالثَّلَاثِ وَإِنْ دَخَلَ بِإِحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ أَخَذْنَا الْأَكْثَرَ مِنْ مُسَمَّى الْمَدْخُولِ بِهِنَّ فَقَطْ وَمِنْ مَهْرِ مِثْلِهِنَّ مَعَ مُسَمَّى الْفِرْقَةِ الْأُخْرَى) الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (وَأَعْطَيْنَا الْمَوْطُوآتِ الْأَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ مِثْلِهِنَّ وَوُقِفَ الْبَاقِي فَإِنْ دَخَلَ بِالثِّنْتَيْنِ فِي مِثَالِنَا أَخَذَتَا مَهْرَ مِثْلِهِمَا مَعَ مُسَمَّى الثَّلَاثِ وَهُوَ) أَيْ مَجْمُوعُهُمَا (أَرْبَعُمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ مُسَمَّاهُمَا وَأَعْطَيْنَاهُمَا مِائَةً) كُلَّ وَاحِدَةٍ خَمْسِينَ (وَوَقَفْنَا مِائَةً بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّلَاثِ وَمِائَتَيْنِ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالْوَرَثَةِ فَإِنْ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ الثِّنْتَيْنِ دَفَعْنَا الْمِائَةَ) الْمَوْقُوفَةَ بَيْنَهُمَا (إلَيْهِمَا وَالْبَاقِي) وَهُوَ مِائَتَانِ (لِلْوَرَثَةِ أَوْ) بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ (الثَّلَاثِ فَالْكُلُّ) أَيْ الْمَوْقُوفُ وَهُوَ الثَّلَثُمِائَةِ (لَهُنَّ وَإِنْ دَخَلَ بِالثَّلَاثِ فَالْمَأْخُوذُ) مِنْ التَّرِكَةِ (ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ) وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهِنَّ مَعَ مُسَمَّى الثِّنْتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ مُسَمَّى الثَّلَاثِ فَنُعْطِي كُلًّا مِنْهُنَّ خَمْسِينَ مِنْهَا. (وَالْمَوْقُوفُ مِائَتَانِ وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ) وَهُوَ أَنَّا نَقِفُ مِنْهُمَا مِائَةً وَخَمْسِينَ بَيْنَ الْخَمْسِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الثِّنْتَيْنِ وَالْوَرَثَةِ فَإِنْ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ الثَّلَاثِ أَعْطَيْنَاهُنَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ الثِّنْتَيْنِ أَعْطَيْنَاهُمَا الْمِائَتَيْنِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ (بِحَالِهَا وَنَكَحَ فِي عَقْدٍ) رَابِعٍ (أَرْبَعًا) أُخَرَ وَجُهِلَ السَّابِقُ (وَالْمَهْرُ كَمَا مَثَّلْنَا) مِنْ أَنَّ مُسَمَّى كُلِّ وَاحِدَةٍ وَمَهْرَ مِثْلِهَا خَمْسُونَ (عَمَّ الْإِشْكَالُ) الْوَاحِدَةَ أَيْضًا (لِاحْتِمَالِ) وُقُوعِ (نِكَاحِ الْأَرْبَعِ قَبْلَ) نِكَاحِ (الْوَاحِدَةِ) وَقَوْلُهُ وَالْمَهْرُ كَمَا مَثَّلْنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ شَرْطًا فِي عُمُومِ الْأَشْكَالِ بَلْ فِي قَدْرِ الْمَأْخُوذِ الْآتِي بَيَانُهُ (فَيُوقَفُ) إذَا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ (مِيرَاثُ أَرْبَعٍ) مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ إلَى الْبَيَانِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ وَلَا نُعْطِي وَاحِدَةً مِنْهُنَّ شَيْئًا وَأَمَّا الْمَهْرُ (فَإِنْ وَطِئَهُنَّ أَخَذْنَا) مِنْ التَّرِكَةِ (الْأَكْثَرَ مِنْ مُسَمَّى أَرْبَعٍ مَعَ مَهْرِ مِثْلِ سِتٍّ وَمِنْ مُسَمَّى ثَلَاثٍ مَعَ مَهْرِ مِثْلِ سَبْعٍ وَهُوَ) أَيْ الْأَكْثَرُ (سَبْعُمِائَةٍ وَنُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ الْأَقَلَّ) مِنْ مُسَمَّاهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا. (وَهُوَ خَمْسُونَ وَيُوقَفُ الْبَاقِي) وَهُوَ مِائَتَانِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَخَذْنَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ الْأَكْثَرَ مِنْ مُسَمَّاهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا وَأَعْطَيْنَاهَا أَقَلَّهُمَا وَوَقَفْنَا الْبَاقِيَ إلَى مَا قَالَهُ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعُقُودِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ عَمِلْنَا بِمَا فِي الْأَصْلِ لَكَانَ الْمَأْخُوذُ فِي الْمِثَالِ أَلْفًا فَيَلْزَمُ إدْخَالُ الضَّرَرِ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَنْعِهِمْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي ثَلَثِمِائَةٍ بِلَا ضَرُورَةٍ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ نِكَاحَ الْأَرْبَعِ وَأَنْ يَكُونَ نِكَاحُ الْوَاحِدَةِ مَعَ الثَّلَاثِ أَوْ مَعَ الثِّنْتَيْنِ (فَالْمَوْقُوفُ الْأَكْثَرُ مِنْ مُسَمَّى الْأَرْبَعِ وَ) مِنْ (مُسَمَّى الْوَاحِدَةِ مَعَ) مُسَمَّى (الثَّلَاثِ أَوْ مَعَ) مُسَمَّى (الثِّنْتَيْنِ وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ فِي مِثَالِنَا وَإِنْ دَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ أَخَذَ مُسَمَّى مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَوُقِفَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ وَأَخَذَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى) لَهَا (وَمَهْرُ مِثْلِهَا وَأُعْطِيَتْ) مِنْهُ (الْأَقَلَّ) مِنْهُمَا. (وَوُقِفَ الْبَاقِي) بَيْنَهَا وَبَيْنَ   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 الْوَرَثَةِ وَتَبِعَ فِي هَذَا أَصْلَهُ وكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ أَيْضًا لَا لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ لِعَدَمِ اطِّرَادِهِ بَلْ لِيُقَلِّلَ الْمَأْخُوذَ فَيَقُولُ وَإِنْ دَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ أَخَذَ مُسَمَّى أَرْبَعٍ لِعَدَمِ جَوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِنَّ وَمَهْرِ مِثْلِ مَنْ عَدَاهُنَّ مِمَّنْ دَخَلَ بِهِنَّ فَلَوْ دَخَلَ بِثَلَاثٍ أَخَذَ مُسَمَّى أَرْبَعٍ وَمَهْرَ مِثْلِ ثَلَاثٍ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ نُعْطِي الْمَدْخُولَ بِهِنَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَتُوقَفُ أَرْبَعُمِائَةٍ وَلَوْ دَخَلَ بِسَبْعٍ أَخَذَ مُسَمَّى أَرْبَعٍ وَمَهْرَ مِثْلِ سِتٍّ وَذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ نُعْطِي الْمَدْخُولَ بِهِنَّ نِصْفَهَا وَنُوقِفُ نِصْفَهَا وَلَوْ عَمِلْنَا بِمَا فِي الْكِتَابِ أُخِذَ أَلْفٌ فِي الْمِثَالَيْنِ نُعْطِي مِنْهُ الْمَدْخُولَ بِهِنَّ فِي الْأَوَّلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَتُوقَفُ ثَمَانُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ وَفِي الثَّانِي ثَلَثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَيُوقَفُ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ (وَقَوْلُ ابْنِ الْحَدَّادِ) السَّابِقُ (هُوَ قِيَاسُ مَا سَبَقَ قَرِيبًا) فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الرَّابِعِ (مِنْ أَنَّهُ إذَا) وَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ عَقْدَانِ وَقَدْ (جُهِلَ السَّابِقُ بَطَلَ الْعَقْدُ) الصَّادِقُ بِالْعَقْدَيْنِ (وَالسَّابِقُ مِنْهُمَا قَدْ أُشْكِلَ هُنَا) كَمَا مَرَّ (وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ) قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ ثَمَّ وَاحِدَةٌ وَالزَّوْجُ مُتَعَدِّدٌ وَلَمْ يُعْهَدْ جَوَازُهُ أَصْلًا بَلْ مَمْنُوعٌ مِنْهُ وَهُنَا بِالْعَكْسِ وَقَدْ عُهِدَ جَوَازُهُ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي ذَاكَ. (النَّوْعُ الثَّالِثُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الطَّلَاقِ فَإِنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ أَوْ الْحُرِّ ثَلَاثًا) فِي نِكَاحٍ أَوْ أَنْكِحَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَغِيبَ حَشَفَةُ غَيْرِهِ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا وَلَوْ) لَمْ يُنْزِلْ أَوْ (بَقِيَ) مِنْ ذَكَرِهِ بَعْدَ قَطْعِهَا (أَكْثَرُ) مِنْ قَدْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ تَغْيِيبُ جَمِيعِ الْبَاقِي وَلْتَكُنْ غَيْبَةُ ذَلِكَ (فِي قُبُلِهَا) لَا فِي غَيْرِهِ كَدُبُرِهَا كَمَا لَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْصِينُ (فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) لَا فِي غَيْرِهِ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَمِلْكِ يَمِينٍ وَشُبْهَةٍ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ الْحِلَّ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ (وَإِنْ كَانَ) الْغَيْرُ (نَائِمًا) أَوْ هِيَ نَائِمَةً وَيُحْتَمَلُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهَا بِأَنْ يُقَالَ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَائِمًا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا الْوَطْءَ فِي ذَاتِهِ يُلْتَذُّ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحِسَّ بِهِ لِعَارِضِ غَيْبَةِ الْعَقْلِ (أَوْ عَلَيْهَا) أَيْ الْحَشَفَةِ (حَائِلٌ) كَأَنْ لَفَّ عَلَيْهَا خِرْقَةً فَإِنَّهُ يَكْفِي تَغْيِيبُهَا كَمَا يَكْفِي فِي تَحْصِينِهَا (بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ) لِلْآلَةِ. (وَإِنْ ضَعُفَ) الِانْتِشَارُ وَاسْتَعَانَ بِأُصْبُعِهِ أَوْ أُصْبُعِهَا لِيَحْصُلَ ذَوْقُ الْعُسَيْلَةِ الْآتِي فِي الْخَبَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ لِشَلَلٍ أَوْ عُنَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالْمُعْتَبَرُ الِانْتِشَارُ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ حَتَّى لَوْ أَدْخَلَ السَّلِيمُ ذَكَرَهُ بِأُصْبُعِهِ بِلَا انْتِشَارٍ لَمْ يُحَلِّلْ كَالطِّفْلِ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الِانْتِشَارَ بِالْفِعْلِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مَمْنُوعٌ وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ إلَى أَنْ تَتَحَلَّلَ (تَنْفِيرًا مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] أَيْ الثَّالِثَةَ {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] مَعَ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ كُنْت عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْت بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك» وَالْمُرَادُ بِهَا عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ بِالْوَطْءِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ الْوَطْءُ نَفْسُهُ سُمِّيَ بِهَا ذَلِكَ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْعَسَلِ بِجَامِعِ اللَّذَّةِ وَقِيسَ بِالْحُرِّ غَيْرُهُ بِجَامِعِ اسْتِيفَاءِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ. (فَرْعٌ وَتَحِلُّ) لَهُ (بِوَطْءِ كَبِيرٍ وَكَذَا صَغِيرٍ غَيْرِ رَقِيقٍ يَتَأَتَّى مِنْهُ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ عَقَدَ عَلَى سِتٍّ بِثَلَاثٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْ الْعُقُودِ] قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ) قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ فَرْقُ الشَّارِحُ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ خِلَافِهِ [النَّوْعُ الثَّالِثُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الطَّلَاقِ] (قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ أَوْ الْحُرُّ ثَلَاثًا إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ نَكَحَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَحْتَمِلُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ وَالتَّزْوِيجِ بِزَوْجٍ آخَرَ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَاخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ وَالزَّوْجَةُ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ مَا تَزَوَّجْت زَوْجًا آخَرَ بَعْدَمَا طَلَّقَك الْمُوَرِّثُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُمْ لِأَنَّ إقْدَامَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى النِّكَاحِ الثَّانِي دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ وَلَوْ طَلَبَ الْوَرَثَةُ يَمِينَهَا لَمْ تَحْلِفْ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ لَا مِنْهُمْ اهـ وَسُئِلَ الْقَفَّالُ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ رَجْعِيًّا ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَرَادَ نِكَاحَهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا أَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ (قَوْلُهُ حَرُمَتْ عَلَيْهِ) التَّحْرِيمُ بِالثَّلَاثِ الْمُتَفَرِّقَةِ هَلْ يُنْسَبُ إلَى الْكُلِّ أَوْ إلَى الثَّالِثَةِ فَقَطْ فِيهِ تَرَدُّدٌ يُؤَثِّرُ فِيمَا لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالثَّالِثَةِ وَحَكَمَ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا هَلْ يَغْرَمَانِ الثُّلُثَ أَوْ الْكُلَّ وَجْهَانِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّحْرِيمَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ يُنْسَبُ إلَى الْكُلِّ وَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ كُلَّ الْمَهْرِ لِأَنَّهُمَا مَنَعَاهُ بِهَا مِنْ جَمِيعِ الْبُضْعِ كَالثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ حَتَّى تَغِيبَ حَشَفَةُ غَيْرِهِ) لِأَنَّ الْحَشَفَةَ هِيَ الْآلَةُ الْحَسَّاسَةُ وَبِهَا الِالْتِذَاذُ وَبِهَذَا سُمِّيَتْ فِي الْحَدِيثِ الْعُسَيْلَةُ (قَوْلُهُ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا) وَالْمُعْتَبَرُ الْحَشَفَةُ الَّتِي كَانَتْ لِهَذَا الْعُضْوِ الْمَخْصُوصِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا إنَّ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ شَرْطٌ فِي الْإِبَاحَةِ وَلَا يَحْصُلُ بِدُونِ الِافْتِضَاضِ لِأَنَّ مَدْخَلَ الذَّكَرِ مِنْ مَخْرَجِ الْحَيْضِ وَهُوَ فِي الْبِكْرِ يَضِيقُ عَنْ مَدْخَلِ الذَّكَرِ فَإِذَا دَخَلَ اتَّسَعَ الثُّقْبُ وَانْخَرَقَتْ بِهِ الْجِلْدَةُ فَزَالَتْ الْبَكَارَةُ الَّتِي هِيَ ضِيقُ الْمَنْفَذِ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا تَغِيبُ الْحَشَفَةُ وَلَا تَزُولُ الْبَكَارَةُ فِي الْغَوْرَاءِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ لِلْآلَةِ) أَيْ وَإِزَالَةِ الْبَكَارَةِ بِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا لَيْسَ لَنَا وَطْءٌ يَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُهُ عَلَى الِانْتِشَارِ سِوَى هَذَا وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ أَحْكَامِ الْوَطْءِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى مُجَرَّدِ الِاسْتِدْخَالِ مِنْ غَيْرِ انْتِشَارٍ (قَوْلُهُ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الِانْتِشَارَ إلَخْ) قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ} [البقرة: 230] إلَخْ) قِيلَ لَا شَكَّ أَنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ فِيهِ لَا يَحْصُلُ الْحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يُطَلِّقَهَا الثَّانِي وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْهُ فَكَيْفَ لَمْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَوْ السُّنَّةِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ يَرْتَفِعُ التَّحْرِيمُ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَيَخْلُفُهُ التَّحْرِيمُ إلَى الطَّلَاقِ لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ الْغَيْرِ وَمِنْ الطَّلَاقِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَسَائِرِ الْمُعْتَدَّاتِ مِنْ غَيْرِهِ فَهُمَا تَحْرِيمَانِ عَنْ غَيْرِ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يَحْتَاجُ إلَى النَّصِّ عَلَيْهِمَا هُنَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهَا اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ إلَخْ) الْعُسَيْلَةُ الْجِمَاعُ كَمَا وَرَدَ تَفْسِيرُهَا بِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 الْوَطْءُ بِخِلَافِ صَغِيرٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ وَبِخِلَافِ صَغِيرٍ رَقِيقٍ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ إنَّمَا يَصِحُّ بِالْإِجْبَارِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا مَرَّ (وَكَذَا مَجْنُونٌ وَمُحْرِمٌ) بِنُسُكٍ (وَخَصِيٌّ وَلَوْ) كَانَ صَائِمًا أَوْ (كَانَتْ حَائِضًا أَوْ صَائِمَةً أَوْ مُظَاهِرًا مِنْهَا أَوْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى أَوْ مُعْتَدَّةً مِنْ شُبْهَةٍ وَقَعَتْ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ) أَوْ مُحْرِمَةً بِنُسُكٍ؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ زَوْجٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَكِنْ جَزَمَ فِي الذَّخَائِرِ بِالْمَنْعِ فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى كَالطِّفْلِ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمَعْنَى يَدْفَعُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِذَلِكَ التَّنْفِيرُ مِمَّا مَرَّ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْبَةِ حَشَفَةِ الطِّفْلِ (لَا) إنْ كَانَتْ (رَجْعِيَّةً) وَإِنْ رَاجَعَهَا (وَ) لَا (مُعْتَدَّةً لِرِدَّةٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ فِي الْعِدَّةِ. (وَتُتَصَوَّرُ) الْعِدَّةُ بِلَا وَطْءٍ (بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاسْتَدْخَلَتْهُ وَارْتَدَّتْ) الْأُولَى ثُمَّ ارْتَدَّتْ (ثُمَّ وَطِئَهَا) فَهَذَا الْوَطْءُ لَا يُحَلِّلُ لِوُجُودِهِ فِي حَالِ ضَعْفِ النِّكَاحِ (وَتَحِلُّ ذِمِّيَّةٌ لِمُسْلِمٍ بِوَطْءِ مَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ) وَكِتَابِيٍّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (فِي نِكَاحٍ نُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ عِنْدَ تَرَافُعِهِمْ إلَيْنَا) كَمَا يُحَصِّنُونَهَا بِذَلِكَ (فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَهَا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ يَنْتَهِي بِالْوَطْءِ بَطَلَ) ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَكَذَا إنْ شَرَطَ طَلَاقَهَا) قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَمْنَعُ دَوَامَ النِّكَاحِ فَأَشْبَهَ التَّأْقِيتَ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا طَلَّقَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُحِلَّهَا لِلْأَوَّلِ فَفِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارِمِيِّ فِيهِ وَجْهَانِ وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْفُرْقَةَ بَلْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. (فَلَوْ تَوَاطَآ) أَيْ الْعَاقِدَانِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ عَقَدَا بِذَلِكَ الْقَصْدِ (بِلَا شَرْطٍ كُرِهَ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَهُ وَلِأَنَّ كُلَّ مَا صَرَّحَ بِهِ أَبْطَلَ إذَا أَضْمَرَهُ كُرِهَ وَمِثْلُهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِلَا شَرْطٍ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا إذَا وَطِئَهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَتَصْرِيحُ الْمُصَنِّفِ بِالْكَرَاهَةِ فِيمَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ) نَكَحَهَا (عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (أَوْ) عَلَى أَنَّهُ (لَا يَطَؤُهَا إلَّا نَهَارًا أَوْ) إلَّا (مَرَّةً) مَثَلًا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ عَلَى أَنْ يَطَأَهَا نَهَارًا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (بَطَلَ) النِّكَاحُ (إنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ جِهَتِهَا لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَ الْعَقْدِ لَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَرْكُهُ وَالتَّمْكِينُ حَقٌّ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهَا تَرْكُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّمَا يَتِمُّ الْعَقْدُ بِمُسَاعِدَةِ غَيْرِ الشَّارِطِ لِلشَّارِطِ وَالْمُسَاعَدَةُ مِنْهُ تَرْكٌ لِحَقِّهِ وَمِنْهَا مَنْعٌ لَهُ فَهَلَّا جُعِلَتْ كَالِاشْتِرَاطِ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ كَالِاشْتِرَاطِ فَقَدْ تَعَارَضَ مُقْتَضِيَا الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَيُرَجَّحُ بِالِابْتِدَاءِ لِقُوَّتِهِ وَعَنِيَ بِمُقْتَضَى الصِّحَّةِ شَرْطَ الزَّوْجِ أَوْ مُسَاعَدَتَهُ وَفِي اقْتِضَائِهِ لَهَا نَظَرٌ إذْ غَايَتُهُ عَدَمُ اقْتِضَائِهِ الْفَسَادَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اقْتِضَاؤُهُ الصِّحَّةَ. وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاشْتِرَاطَ إلْزَامٌ وَالْمُسَاعَدَةَ الْتِزَامٌ وَالشَّرْطَ عَلَى الْمُلْتَزِمِ لِلْمُلْزَمِ وَلَا عَكْسَ وَرَدَّهُ ابْنُ النَّقِيبِ بِأَنَّ هَذَا إنْ ظَهَرَ فِي شَرْطِهَا فَلَا يَظْهَرُ فِي شَرْطِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْتِزَامٌ لَا إلْزَامٌ وَمُسَاعَدَتُهَا بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّرْكِ مِنْ جِهَتِهِ عَلَيْهِ لَا لَهُ وَمِنْ جِهَتِهَا بِالْعَكْسِ وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ وَإِنْ كَانَ الْتِزَامًا نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَهُوَ إلْزَامٌ نَظَرًا لِلَّفْظِ بَلْ لِلْمَعْنَى أَيْضًا إذْ فِيهِ إلْزَامُهَا بِعَدَمِ مُطَالَبَتِهَا لَهُ بِالْوَطْءِ وَإِنْ قَامَ بِهِ عُنَّةٌ أَوْ نَحْوُهَا هَذَا وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنْ يُقَالَ الْبَادِئُ بِالشَّرْطِ إنْ كَانَ صَاحِبَ الْحَقِّ فَهُوَ تَارِكٌ لِحَقِّهِ ابْتِدَاءً وَالْآخَرُ لَيْسَ مَانِعًا لَهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ صَاحِبِ الْحَقِّ فَاشْتِرَاطُهُ مُفْسِدٌ لِمَا بَدَأَ بِهِ فَمُسَاعَدَةُ صَاحِبِ الْحَقِّ لَا تُفِيدُ تَمَامَ الْعَقْدِ لِفَسَادِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْفَسَادُ مُطْلَقًا لِلْإِخْلَالِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِالْفَسَادِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَأْيُوسُ مِنْ احْتِمَالِهَا الْوَطْءَ مُطْلَقًا أَوْ حَالًا إذَا شَرَطَ فِي نِكَاحِهَا عَلَى الزَّوْجِ أَنْ لَا يَطَأَهَا مُطْلَقًا أَوْ إلَى الِاحْتِمَالِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَمْسُوحًا أَنْ يَكُونَ كَهِيَ (وَلَوْ تَزَوَّجَ) بِهَا (عَلَى أَنْ لَا تَحِلَّ لَهُ لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ لِإِخْلَالِهِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَلِلتَّنَاقُضِ (أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْبُضْعَ وَأَرَادَ الِاسْتِمْتَاعَ) أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْبُضْعِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (فَكَشَرْطِ أَنْ لَا يَطَأَ) هَا (وَإِنْ أَرَادَ مِلْكَ الْعَيْنِ لَمْ يَضُرَّ) ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (فَرْعٌ يُقْبَلُ قَوْلُهَا) أَيْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا (فِي التَّحْلِيلِ) بِيَمِينِهَا   [حاشية الرملي الكبير] مَرْفُوعًا عِنْدَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ [فَرْعٌ تَحِلُّ لَهُ بِوَطْءِ كَبِيرٍ وَكَذَا صَغِيرٍ غَيْرِ رَقِيقٍ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ] (قَوْلُهُ أَوْ صَغِيرَةٌ لَا تُشْتَهَى) بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مُطَلِّقُهَا أَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً أَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هُوَ وَجْهٌ ضَعَّفَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (قَوْلُهُ وَتُتَصَوَّرُ الْعِدَّةُ بِلَا وَطْءٍ) أَيْ فِي الْقُبُلِ. (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْهُ) أَوْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ [فَرْعٌ نَكَحَهَا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ يَنْتَهِي بِالْوَطْءِ] (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَمْسُوحًا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا رَتْقَاءُ أَوْ قَرْنَاءُ وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَطْعًا قَالَ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً وَحَرَّمْنَا وَطْأَهَا فَشَرَطَتْ تَرْكَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِفَسَادِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الشِّفَاءَ مُتَوَقَّعٌ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمُزْمِنَةَ إذَا طَالَتْ دَامَتْ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي التَّحْلِيلِ بِيَمِينِهَا] (قَوْلُهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي التَّحْلِيلِ) أَيْ فِي أَنَّهَا نَكَحَتْ زَوْجًا وَأَنَّهُ وَطِئَهَا وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَإِنَّ عِدَّتَهُ انْقَضَتْ قَالَ شَيْخُنَا وَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إنْ لَمْ تُعَيِّنْ زَوْجًا أَوْ عَيَّنَتْهُ وَكَذَّبَهَا فِي الْوَطْءِ وَصَدَّقَهَا عَلَى الطَّلَاقِ وَكَتَبَ أَيْضًا مَحَلُّ قَبُولِ قَوْلِهَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُطَلِّقِ أَوْ إلَى الْحَاكِمِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى طَلَاقِ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا لَمْ يُزَوِّجْهَا كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ قَبْلَ بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ فِي الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ مَحْكِيٌّ عَنْ الْقَاضِي لَكِنْ فِي فَتَاوِيهِ مَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ وَهُوَ لَوْ ادَّعَتْ عِلْمَ الْوَلِيِّ بِوَفَاةِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهِ وَأَنْكَرَ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ وَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 عِنْدَ الْإِمْكَانِ (وَإِنْ كَذَّبَهَا الثَّانِي) فِي وَطْئِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى فَرْجِهَا وَالْوَطْءُ مِمَّا يَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (لَكِنْ إنْ حَلَفَ الثَّانِي) عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا (لَا يَلْزَمُهُ) لَهَا (إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ وَ) يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَيْضًا بِيَمِينِهَا (فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) مِنْ الثَّانِي (عِنْدَ الْإِمْكَانِ) ؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي انْقِضَائِهَا. (وَلَهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (تَزَوُّجُهَا وَإِنْ ظَنَّ كَذِبَهَا) لِقَبُولِ قَوْلِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِظَنٍّ لَيْسَ لَهُ مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ (لَكِنْ يُكْرَهُ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ يُمْنَعُ ذَلِكَ وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي الْأَنْوَارِ (فَإِنْ كَذَّبَهَا) بِأَنْ قَالَ هِيَ كَاذِبَةٌ (مَنَعْنَاهُ) مِنْ تَزَوُّجِهَا (إلَّا إنْ قَالَ) بَعْدَهُ (تَبَيَّنْت صِدْقَهَا) فَلَهُ تَزَوُّجُهَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا انْكَشَفَ لَهُ خِلَافُ مَا ظَنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ وَلَوْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ أَيْ الثَّانِي وَالْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ لَمْ تَحِلَّ عَلَى الْأَصَحِّ وَخَالَفَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَصَحَّحَ الْحِلَّ قَالَ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو الْفَرَجِ الْبَزَّارُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَوْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا نَكَحَتْ نِكَاحًا صَحِيحًا وَأُصِيبَتْ وَلَا يَعْلَمُ حَلَّتْ لَهُ انْتَهَى وَفِي الْمَطْلَبِ مَا يُوَافِقُهُ وَكَذَا إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ وَإِنْ كَذَّبَهَا الثَّانِي لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَفْقَهُ وَأَحْوَطُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ لَا شَاهِدَ فِيهِ وَلَوْ قَالَتْ أَنَا لَمْ أَنْكِحْ ثُمَّ رَجَعَتْ وَقَالَتْ كَذَبْت بَلْ نَكَحْت زَوْجًا وَوَطِئَنِي وَطَلَّقَنِي وَاعْتَدَدْت وَأَمْكَنَ ذَلِكَ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَلَهُ نِكَاحُهَا. وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَتْ كَذَبْت مَا طَلَّقَنِي إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَلَهَا التَّزَوُّجُ بِهِ بِغَيْرِ تَحْلِيلٍ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَوَجْهُهُ أَنَّهَا لَمْ تَبْطُلْ بِرُجُوعِهَا حَقًّا لِغَيْرِهَا (فَرْعٌ وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ) الْأَمَةُ بِإِزَالَةِ مَا يَمْلِكُهُ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ (ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا) لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ [الْجِنْسُ الثَّالِثُ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ الرِّقُّ] (الْجِنْسُ الثَّالِثُ) مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ (الرِّقُّ وَلَا يَجْتَمِعُ الْمِلْكُ وَالنِّكَاحُ) لِتَنَاقُضِ حُكْمَيْهِمَا إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْآخَرُ فَسَقَطَ الْأَضْعَفُ بِالْأَقْوَى وَأَقْوَاهُمَا الْمِلْكُ لِإِفَادَتِهِ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ وَالنِّكَاحُ لَا يُفِيدُ إلَّا ضَرْبًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ (فَلَوْ مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ أَوْ بَعْضَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِمَا مَرَّ أَمَّا فِي مِلْكِهِ لَهَا فَلِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَكَوْنُهَا مِلْكَهُ يَقْتَضِي عَدَمَهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ وَلَوْ مَلَّكَهَا الْمِلْكَ نَفْسَهُ. وَأَمَّا فِي مِلْكِهَا لَهُ فَلِأَنَّهَا إذَا مَلَكَتْهُ كَانَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالسَّفَرِ إلَى الشَّرْقِ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهَا وَهُوَ يُطَالِبُهَا بِالسَّفَرِ مَعَهُ إلَى الْغَرْبِ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِذَا دَعَاهَا إلَى فِرَاشِهِ بِحَقِّ النِّكَاحِ بَعَثَتْهُ فِي أَشْغَالِهَا بِحَقِّ الْمِلْكِ فَيَتَعَذَّرُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيَسْقُطُ الْأَضْعَفُ بِالْأَقْوَى (وَلَا يَحِلُّ لِلْحُرِّ لَا الْمُبَعَّضِ أَمَةُ غَيْرِ وَلَدِهِ وَ) لَا (الْمُبَعَّضَةُ إلَّا بِشُرُوطٍ) بِخِلَافِ الْمُبَعَّضِ وَكُلُّ مَنْ فِيهِ رِقٌّ يَجُوزُ لَهُمَا نِكَاحُ الْأَمَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ بِلَا شَرْطٍ مِمَّا يَأْتِي وَبِخِلَافِ أَمَةِ وَلَدِهِ وَكَذَا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهُمَا مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي وَكَذَا أَمَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ أَوْ مُوصًى لَهُ بِخِدْمَتِهَا وَالشُّرُوطُ هُنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا (أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ وَلَوْ كِتَابِيَّةً فَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ كَذَلِكَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأَمَةُ لِاسْتِغْنَائِهِ حِينَئِذٍ عَنْ إرْقَاقِ وَلَدِهِ وَلِمَفْهُومِ الْآيَةِ الْآتِيَةِ بِالْأُولَى. (فَلَوْ كَانَتْ) تَحْتَهُ حُرَّةٌ (لَكِنَّهَا صَغِيرَةٌ) لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ (أَوْ رَتْقَاءُ) أَوْ قَرْنَاءُ (أَوْ بَرْصَاءُ) أَوْ مَجْذُومَةٌ (أَوْ هَرِمَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ فَكَالْمَعْدُومَةِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِيهِ فَوُجُودُهَا كَالْعَدَمِ فَتَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ وَقِيلَ لَا تَحِلُّ   [حاشية الرملي الكبير] بِتَزْوِيجِهَا أَوْ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ تُعَيِّنْ زَوْجًا فَلَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ وَيَجْتَمِعُ مَا هُنَا وَمَا ذُكِرَ فِي النِّكَاحِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلِيِّ لَا يُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْغَائِبِينَ وَنَحْوِهِمْ فَإِذَا عَيَّنَتْ زَوْجًا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ طَلَاقِهِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ وَتَزْوِيجُ الْحَاكِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ بِشَائِبَةِ نِيَابَةٍ عَنْ الْوَلِيِّ لَا وِلَايَةٍ فَصَحَّ مَا ذَكَرَهُ كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ مُخَالِفٌ لِمَا صَحَّحَهُ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّ الْبَالِغَةَ الْعَاقِلَةَ إذَا أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ فَقَالَتْ زَوَّجَنِي وَلِيٌّ بِعَدْلَيْنِ وَرِضَايَ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَكَذَّبَهَا الْوَلِيُّ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا يُحْكَمُ بِقَوْلِهَا لِأَنَّهَا تُقِرُّ عَلَى نَفْسِهَا قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهَا كَالْمُقِرَّةِ عَلَى الْوَلِيِّ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَالثَّالِثُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَفِيفَةِ وَالْفَاسِقَةِ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا الْخِلَافِ بَيْنَ أَنْ تُقَيِّدَ الْإِقْرَارَ وَتُضِيفَ التَّزْوِيجَ إلَى الْوَلِيِّ فَيُكَذِّبَهَا وَبَيْنَ أَنْ تُطْلِقَ ثُمَّ قَالَ وَيَجْرِي الْخِلَافُ أَيْضًا فِي تَكْذِيبِ الشَّاهِدَيْنِ إذَا كَانَتْ قَدْ عَيَّنَتْهُمَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِتَكْذِيبِهِمَا لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ وَالْكَذِبِ هَذِهِ عِبَارَتُهُ وَبِهَا يَظْهَرُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَكْذِيبَ الشُّهُودِ الْمُعَيَّنِينَ يَقْدَحُ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَقْدَحُ قُبِلَ قَوْلُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَهُ فِي الْكِفَايَةِ كَذَلِكَ فَقَالَ فِي بَابِ التَّحْلِيلِ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّهُ أَصَابَهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ الثَّانِي لَمْ أَدْخُلْ بِهَا وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ الدُّخُولَ هَلْ لِلْأَوَّلِ نِكَاحُهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَ الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ الَّذِينَ ادَّعَتْ انْعِقَادَ النِّكَاحِ بِحُضُورِهِمْ وَأَنْكَرُوا ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ وَأَشَارَ الْبَغَوِيّ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَمَدٌّ مِنْ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ مَعَ تَكْذِيبِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ ت [فَرْعٌ حَرُمَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ] (قَوْلُهُ أَمَّا فِي مِلْكِهِ لَهَا) أَيْ مِلْكًا تَامًّا (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي مِلْكِهَا لَهُ) أَيْ مِلْكًا تَامًّا (قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لِلْحُرِّ لَا الْمُبَعَّضِ أَمَةُ غَيْرِ وَلَدِهِ إلَخْ) لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِحَمْلِ أَمَةٍ دَائِمًا ثُمَّ أَعْتَقَ تِلْكَ الْأَمَةَ لَمْ يَجُزْ لِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إلَّا بِشُرُوطِ نِكَاحِ الْأَمَةِ لِأَجْلِ إرْقَاقِ الْوَلَدِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَمَةِ أَحَدِ أُصُولِهِ الَّذِينَ يُعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ فَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ غَيْرِهَا لِأَنَّ لَهُ مَنْدُوحَةً عَنْ إرْقَاقِ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ حُرًّا كَذَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا ثُمَّ قَالَ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ وَقَلَّ أَنْ يَتَفَطَّنَ لَهُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَعْتَقَ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الْوَارِثُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَقَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ أَمَةِ وَلَدِهِ وَكَذَا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ إلَخْ) وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِعَبْدٍ يَمْلِكُ فَرْعَهَا أَوْ مُكَاتَبِهَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ خِلَافًا لِلْعِرَاقِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ تَصْلُحُ لِلْأَمَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ زَوْجَةٌ لِتَدْخُلَ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلْمُهَذَّبِ وَالْقَاضِي وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ» مَحْمُولٌ عَلَى حُرَّةٍ تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ الشَّرْطُ (الثَّانِي أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى حُرَّةٍ لِعَدَمِهَا أَوْ فَقْرِهِ أَوْ غَيْبَةِ مَالِهِ) فَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهَا بِأَنْ وَجَدَهَا رَاضِيَةً بِهِ وَوَجَدَ صَدَاقَهَا فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَسْكَنِهِ وَخَادِمِهِ وَلِبَاسِهِ وَمَرْكُوبِهِ وَنَحْوِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأَمَةُ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ. (وَلَوْ) كَانَتْ الْحُرَّةُ (كِتَابِيَّةً) لِمَا مَرَّ وَذِكْرُ الْمُؤْمِنَاتِ فِي الْآيَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إنَّمَا يَرْغَبُ فِي الْمُؤْمِنَةِ وَمِنْ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ مَهْرِ الْمُؤْمِنَةِ عَجَزَ عَنْ مَهْرِ الْكِتَابِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرْضَى بِالْمُؤْمِنِ إلَّا بِمَهْرٍ كَثِيرٍ (لَا مُعْتَدَّةً) عَنْ غَيْرِهِ وَلَا رَتْقَاءَ وَلَا قَرْنَاءَ وَلَا مَجْذُومَةً وَلَا بَرْصَاءَ وَلَا مَجْنُونَةً وَلَا طِفْلَةً فَلَا يَحْرُمُ مَعَهُنَّ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ غَائِبَةٍ) عَنْ بَلَدِهِ (تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ) فِي قَصْدِهَا (أَوْ يَخَافُ الْعَنَتَ) مُدَّةَ قَصْدِهَا كَمَا أَشَارَ إلَى مَا قَدَّرَتْهُ فِيهِمَا بِقَوْلِهِ (دُونَهَا نَكَحَ الْأَمَةَ) وَإِلَّا فَلَا وَيَلْزَمُهُ السَّفَرُ لَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّهُ إذْ أَمْكَنَ انْتِقَالُهَا مَعَهُ إلَى وَطَنِهِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالْمَعْدُومَةِ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ الْمُقَامَ مَعَهَا هُنَاكَ مِنْ التَّغَرُّبِ وَالرُّخْصَةُ لَا تَحْتَمِلُ هَذَا التَّضْيِيقَ انْتَهَى وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ بِأَنْ يَنْسُبَ مُتَحَمِّلَهَا فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ إلَى الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَكَذَا) لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ (لَوْ وَجَدَهَا) أَيْ الْحُرَّةَ (بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجِبُ شِرَاءُ الْمَاءِ لِلطُّهْرِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ (أَوْ رَضِيَتْ بِلَا مَهْرٍ) لِوُجُوبِ مَهْرِهَا عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ وَلِأَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْفَرْضِ فِي الْحَالِ فَتَشْتَغِلَ ذِمَّتُهُ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ. (أَوْ) رَضِيَتْ (بِإِمْهَالِهِ) بِالْمَهْرِ وَإِنْ تَوَقَّعَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ تَشْتَغِلُ فِي الْحَالِ وَقَدْ يَعْجِزُ عَمَّا يَتَوَقَّعُهُ (أَوْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ) بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تَفِي بِصَدَاقِهَا أَوْ مَنْ يَبِيعُهُ نَسِيئَةً مَا يَفِي بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ مَنْ يُقْرِضُهُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ لَا يَلْحَقُهُ الْأَجَلُ فَرُبَّمَا يُطْلَبُ مِنْهُ فِي الْحَالِ (أَوْ مَنْ يَهَبُ لَهُ) مَالًا أَوْ أَمَةً لِعِظَمِ الْمِنَّةِ (نَعَمْ لَوْ رَضِيَتْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ) لَهَا وَهُوَ (يَجِدُهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ وَالْمِنَّةُ بِالنَّقْصِ فِيهِ قَلِيلَةٌ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْمُهُورِ وَنَظِيرُهُ مَا إذْ وَجَدَ الْمَاءَ بِثَمَنٍ بَخْسٍ لَا يَتَيَمَّمُ (وَتَحِلُّ) الْأَمَةُ (لِمَنْ لَهُ مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ) يَحْتَاجُهُمَا وَلَمْ تَصْلُحُ الْخَادِمُ لِلتَّمَتُّعِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُمَا وَصَرْفُ ثَمَنِهِمَا إلَى مَهْرِ الْحُرَّةِ (لَا) مَنْ لَهُ (ابْنٌ مُوسِرٌ) فَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ بِمَالِ ابْنِهِ لِوُجُوبِ إعْفَافِهِ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَلَدِ (فَإِنْ نَكَحَهَا) أَيْ الْأَمَةَ حَيْثُ حَلَّتْ لَهُ (وَأَيْسَرَ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ. (أَوْ نَكَحَ حُرَّةً لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا) ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ فَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي خَوْفِ الْعَنَتِ وَالْإِحْرَامِ وَالرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ وَالْإِسْلَامِ الشَّرْطُ (الثَّالِثُ خَوْفُ الْعَنَتِ وَهُوَ الزِّنَا) بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ وَتَضْعُفَ تَقْوَاهُ فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ الزِّنَا بَلْ تَوَقَّعَهُ لَا عَلَى نُدْرَةٍ (فَمَنْ ضَعُفَتْ شَهْوَتُهُ وَلَهُ تَقْوَى أَوْ مُرُوءَةٌ أَوْ حَيَاءٌ يَسْتَقْبِحُ مَعَهَا الزِّنَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ وَكَذَا لَوْ قَوِيَتْ الشَّهْوَةُ وَالتَّقْوَى) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ الزِّنَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرِقَّ وَلَدَهُ لِقَضَاءِ وَطَرٍ وَكَسْرِ شَهْوَةٍ وَأَصْلُ الْعَنَتِ الْمَشَقَّةُ سُمِّيَ بِهِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا بِالْحَدِّ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةِ فِي الْآخِرَةِ وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] إلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ {لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] وَالطَّوْلُ السَّعَةُ وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ. قَالَ الرُّويَانِيُّ بِالْعَنَتِ عُمُومُهُ لَا خُصُوصُهُ حَتَّى لَوْ خَافَ الْعَنَتَ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِقُوَّةِ مَيْلِهِ إلَيْهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ (وَلَا تَحِلُّ) الْأَمَةُ (لِمَجْبُوبٍ) ذَكَرُهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الزِّنَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ فَقْرِهِ إلَخْ) أَيْ أَوْ عَدَمُ رِضَاهَا بِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْبَةُ مَالِهِ) وَيُخَالِفُ مَا لَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ غَائِبَةً حَيْثُ مُنِعَ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى وَجْهٍ لِأَنَّ تَطْلِيقَ الْغَائِبَةِ مُمْكِنٌ وَإِحْضَارُ الْمَالِ الْغَائِبِ فِي الْحَالِ غَيْرُ مُمْكِنٍ (قَوْلُهُ دُونَهَا) بِمَعْنًى بَيِّنٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا أَمْكَنَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرَى الْمُتَقَارِبَةَ جِدًّا فِي حُكْمِ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ بِأَنْ كَانَ يَبْلُغُهُمْ النِّدَاءُ مِنْهَا وَيَلْزَمُهُمْ حُضُورُ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ وَجَدَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْل إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ هَذَا إنْ كَانَ الزَّائِدُ يُعَدُّ بَذْلُهُ إسْرَافًا وَإِلَّا فَتَحْرُمُ الْأَمَةُ وَفَرَّقَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَاءِ الطُّهْرِ بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمَاءِ تَتَكَرَّرُ وَعَلَى هَذَا جَرَى النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ أَمَةً وَحُرَّةً وَكَانَ صَدَاقُ الْأَمَةِ الَّذِي لَا يَرْضَى سَيِّدُهَا بِنِكَاحِهَا إلَّا بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ الْمَوْجُودَةِ وَلَمْ تَرْضَ الْحُرَّةُ إلَّا بِمَا سَأَلَهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَنْكِحَ بِصَدَاقِهَا حُرَّةً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ. قَالَ شَيْخُنَا هُوَ وَاضِحٌ وَإِنْ تَوَزَّعَ فِيهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ حُرَّةً تَطْلُبُ دِينَارًا مَثَلًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَأَمَةً يَطْلُبُ سَيِّدُهَا دِينَارًا مَثَلًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَا تَطْلُبُهُ الْحُرَّةُ قَدَّمَهَا وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْأَمَةِ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِمْهَالِهِ) وَفَارَقَ وُجُوبَ شِرَاءِ الْمَاءِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِأَنَّ فِي الزَّوْجَةِ كُلْفَةً أُخْرَى وَهِيَ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ فَإِنَّهُمَا يَجِبَانِ بِمُجَرَّدِ عَرْضِهَا عَلَيْهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَاءِ وَالْقُدْرَةُ بِمَالِ الْوَلَدِ عِنْدَ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ كَالْقُدْرَةِ بِمَالِهِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْمُهُورِ) بَلْ لَا مِنَّةَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْكَاسِدَةِ الْمُحْتَاجَةِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ: الْوَجْهُ تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِوُجُودِ الطَّوْلِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ نِكَاحِهَا عِنْدَ فَقْدِ الطَّوْلِ فَيَفُوتُ اعْتِبَارُ عُمُومِ الْعَنَتِ مَعَ أَنَّ وُجُودَ الطَّوْلِ كَافٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ نِكَاحِهَا س. مَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَاضِحٌ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَشِقَ امْرَأَةً وَنَفْسُهُ تَخَافُ أَنْ يَزْنِيَ بِهَا لَوْ لَمْ يَنْكِحْهَا وَكَذَا مَا حَرُمَ عَلَيْهِ مِنْ النِّكَاحِ مِنْ أَيِّ الْوُجُوهِ حَرُمَ لَمْ أُرَخِّصْ لَهُ فِي نِكَاحِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ خَوْفَ الْعَنَتِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي مَوْضِعِ لَذَّةٍ يُحِلُّ بِهَا الْمُحَرَّمَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَهُ وَلِلْخَصِيِّ ذَلِكَ عِنْدَ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي الْفِعْلِ الْمُؤْثِمِ؛ لِأَنَّ الْعَنَتَ الْمَشَقَّةُ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْقَاضِي وَلَيْسَ لِلْعِنِّينِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي جَوَازُهُ لِلْمَمْسُوحِ مُطْلَقًا لِانْتِفَاءِ مَحْذُورِ رِقِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ وَهَذَا أَبْلَغُ مِمَّا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ (فَإِنْ وَجَدَتْ الْأَمَةُ زَوْجَهَا الْحُرَّ مَجْبُوبًا) وَأَرَادَتْ الْفَسْخَ (وَادَّعَى) الزَّوْجُ (حُدُوثَهُ) أَيْ الْجَبُّ بَعْدَ النِّكَاحِ (وَأَمْكَنَ حُكِمَ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ) ؛ لِأَنَّهَا إنْ صَدَّقَتْهُ فَذَاكَ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَدَعْوَاهَا بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهَا بُطْلَانُ النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حُدُوثُهُ بِأَنْ كَانَ الْمَوْضِعُ مُنْدَمِلًا وَقَدْ عُقِدَ النِّكَاحُ أَمْسِ حُكِمَ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ (وَمَنْ قَدَرَ عَلَى شِرَاءِ أَمَةٍ أَوْ) كَانَ قَدْ (مَلَكَهَا) وَهِيَ صَالِحَةٌ لِلتَّمَتُّعِ (لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَائِفٍ مِنْ الْعَنَتِ (فَإِنْ مَلَكَ مَحْرَمًا لَهُ) كَأُخْتِهِ وَأَعَمُّ مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ أَمَةً غَيْرَ مُبَاحَةٍ (لَزِمَهُ بَذْلُهَا فِي قِيمَةِ أَمَةٍ أَوْ صَدَاقِ حُرَّةٍ) إنْ وَفَّتْ قِيمَتُهَا بِذَلِكَ وَإِلَّا بَذَلَهَا فِي صَدَاقِ أَمَةٍ الشَّرْطُ (الرَّابِعُ كَوْنُ الْأَمَةِ مُسْلِمَةً تُوطَأُ لَا صَغِيرَةً) لَا تُوطَأُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ بِهَا الْعَنَتَ وَيُقَاسُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا كَرَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ. (وَلَوْ مَلَكَهَا) أَيْ الْمُسْلِمَةَ (كَافِرٌ) فَإِنَّهَا تَكْفِي وَلَا يُؤَثِّرُ كُفْرُ سَيِّدِهَا لِحُصُولِ صِفَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا (فَتَحْرُمُ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ وَلَوْ عَلَى رَقِيقٍ مُسْلِمٍ) أَيْ تَحْرُمُ عَلَى مُسْلِمٍ حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَمَّا الْحُرُّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا نُقْصَانٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَثَرٌ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ وَهُمَا الْكُفْرُ وَالرِّقُّ فَلَا يَجُوزُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ نِكَاحُهَا كَالْحُرَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ لِاجْتِمَاعِ نَقْصِ الْكُفْرِ وَعَدَمِ الْكِتَابِ وَأَمَّا غَيْرُ الْحُرِّ فَلِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نِكَاحِهَا كُفْرُهَا فَسَاوَى الْحُرَّ كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ (لَا عَلَى كِتَابِيٍّ) حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّيْنِ وَكَمَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَنْكِحَ الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ وَيُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ خَوْفَ الْعَنَتِ وَفَقْدِ الْحُرَّةِ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَنِكَاحُ الْحُرِّ الْمَجُوسِيِّ أَوْ الْوَثَنِيُّ الْأَمَةَ الْمَجُوسِيَّةَ أَوْ الْوَثَنِيَّةَ كَالْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ. (فَرْعٌ لِلْمُسْلِمِ) الْحُرِّ (وَطْءُ أَمَتِهِ الْكِتَابِيَّةِ لَا الْمَجُوسِيَّةِ) وَنَحْوُهَا كَالنِّكَاحِ فِي حَرَائِرِهِمْ (وَفِي) جَوَازِ (نِكَاحِ الْمَحْضَةِ) أَيْ خَالِصَةِ الرِّقِّ (مَعَ تَيَسُّرِ) نِكَاحِ (الْمُبَعَّضَةِ تَرَدُّدٌ) لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ مِنْ إرْقَاقِ كُلِّهِ وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ تَخْفِيفَ الرِّقِّ مَطْلُوبٌ وَالشَّرْعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ قَالَ وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ يَنْعَقِدُ مُبَعَّضًا فَإِنْ قُلْنَا يَنْعَقِدُ حُرًّا كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ امْتَنَعَ نِكَاحُ الْأَمَةِ قَطْعًا (فَصْلٌ وَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ) لَا يَقْتَضِي حُرِّيَّتَهُ كَأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَى الْوَاطِئِ بِزَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ أَوْ نَكَحَهَا وَهُوَ مُوسِرٌ (رَقِيقٌ لِمَالِكِهَا وَإِنْ كَانَ) الْوَلَدُ مِنْ عَرَبِيٍّ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ أَوْ شُبْهَةٍ: أَوْ غَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ وَلَدَهَا مِنْ زِنًا (فَصْلٌ لَوْ جَمَعَ عَبْدٌ فِي عَقْدٍ حُرَّةً وَأَمَةً صَحَّ) إذْ لَا مَانِعَ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَالْعَبْدِ الْمُبَعَّضُ (أَوْ) جَمَعَهُمَا حُرٌّ فِي عَقْدٍ (صَحَّ فِي الْحُرَّةِ) دُونَ الْأَمَةِ (وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) كَأَنْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْجِيلِ الْمَهْرِ أَوْ بِلَا مَهْرٍ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلِأَنَّ الْأَمَةَ كَمَا لَا تَدْخُلُ عَلَى الْحُرَّةِ لَا تُقَارِنُهَا وَلَيْسَ هَذَا كَنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْحُرَّةِ أَقْوَى مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَالْأُخْتَانِ لَيْسَ فِيهِمَا أَقْوَى فَبَطَلَ نِكَاحُهُمَا مَعًا (وَإِذَا جَمَعَ رَجُلٌ بَيْنَ مُسْلِمَةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا) كَوَثَنِيَّةٍ (صَحَّ فِي الْمُسْلِمَةِ) دُونَ الْأُخْرَى عَمَلًا بِمَا قُلْنَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَهُ وَلِلْخَصِيِّ ذَلِكَ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي جَوَازُهُ إلَخْ) مَا قَالَهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْآيَةِ قَالَ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] وَهَذَا لَا يَخْشَى الْعَنَتَ الثَّانِي أَنَّهُ يُنْتَقَضُ عَلَيْهِ بِالصَّبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْكِحُ الْأَمَةَ قَطْعًا وَلَا نَنْظُرُ إلَى طُرُوُّ الْبُلُوغِ وَتَوَقُّعِ الْحَبَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا لَا نَظَرَ إلَى طُرُوُّ الْيَسَارِ فِي حَقِّ نَاكِحِ الْأَمَةِ وَبِنِكَاحِ الْأَمَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَبِمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ يُعْتَقُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ أَوْ وَهُوَ فِي الْبَطْنِ كَمَا لَوْ نَكَحَ جَارِيَةَ أَبِيهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَلَكَ مَحْرَمًا لَهُ إلَخْ) أَيْ لَا يَحْتَاجُ لِخِدْمَتِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَثِّرُ كُفْرُ سَيِّدِهَا) اسْتَشْكَلَ مُجَلِّي تَصْوِيرَهَا وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ أَوْ الْمُدَبَّرَةِ فَإِنَّهَا تُقِرُّ فِي يَدِ الْكَافِرِ وَفِي مُكَاتَبَةٍ أَسْلَمَتْ أَوْ قِنَّةٍ لَمْ يَجِدْ زَبُونَهَا أَوْ وَجَدَ وَلَكِنْ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا بِدُونِهِ وَفِي أَمَةِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ يُمْتَنَعُ بَيْعُهَا بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي التَّوَسُّطِ اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الْحُرُّ الْكِتَابِيُّ يَخَافُ الْعَنَتَ وَلَا يَجِدُ طَوْلَ حُرَّةٍ وَإِلَّا فَيُمْتَنَعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَالْمُسْلِمِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْمُتَوَلِّي عَلَى وَجْهِ الْجَوَازِ فَصَارَ حُكْمُ الذِّمِّيِّ مَعَهَا كَالْحُرِّ الْمُسْلِمِ مَعَ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَأَيْضًا فَقَدْ قَاسُوا الْأَصَحَّ عَلَى نِكَاحِ الْمُسْلِمِ الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْكِحُهَا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فَإِنْ قِيلَ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ فَمَا صُورَةُ الْمَنْعِ هُنَا قُلْنَا صُورَتُهُ إذَا طَلَبُوا تَزْوِيجَهَا مِنْ قَاضِينَا [فَرْعٌ لِلْمُسْلِمِ الْحُرِّ وَطْءُ أَمَتِهِ الْكِتَابِيَّةِ لَا الْمَجُوسِيَّةِ] (قَوْلُهُ وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الكوهكيلوني الْأَفْقَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نِكَاحُ الرَّقِيقَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَخْفِيفَ الرِّقِّ مَطْلُوبٌ إلَخْ) بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ قِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ يَسْرِي إلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا جَرَى فِي الْعُبَابِ فِي بَابِ السِّيَرِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ مُبَعَّضٌ فَقَالَ وَيَتَبَعَّضُ الْوَلَدُ حُرِّيَّةً وَرِقًا كَوَلَدِ الْمُبَعَّضَةِ [فَصْل وَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ] (فَصْلٌ وَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ رَقِيقٌ) (قَوْلُهُ كَأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَى الْوَاطِئِ بِزَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ إلَخْ) أَمَّا مَنْ وَطِئَهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 نَكَحَ امْرَأَتَيْنِ بِصَدَاقٍ وَاحِدٍ يَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا مَا يَخُصُّ مَهْرَهَا مِنْ تَوْزِيعِ الْمُسَمَّى عَلَى مَهْرَيْهِمَا وَكَالْجَمْعِ الْمَذْكُورِ وَالْجَمْعِ بَيْنِ أَجْنَبِيَّةٍ وَمَحْرَمٍ أَوْ خَلِيَّةٍ وَمُعْتَدَّةٍ أَوْ مُزَوَّجَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَيُتَصَوَّرُ الْجَمْعُ) بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ لَهُ وَمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ وَإِنْ صَحَّ فِي الْأُولَى فَقَطْ (بِأَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَه وَأَمَتَهُ أَوْ يُوَكِّلَهُ) أَيْ الزَّوْجُ لَهُمَا (الْوَلِيَّانِ) أَوْ يُوَكِّلُ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ الْآخَرَ (فَيَقُولُ) الْمُزَوِّجُ (زَوَّجْتُك هَذِهِ وَهَذِهِ) بِكَذَا (وَيَقْبَلُ) الْمُخَاطَبُ (نِكَاحَهُمَا) بِذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي هَذِهِ بِكَذَا وَزَوَّجْتُك أَمَتِي هَذِهِ بِكَذَا فَفَصَّلَ) الْمُخَاطَبُ (فِي الْقَبُولِ) أَيْضًا بِأَنْ قَالَ قَبِلْت نِكَاحَ بِنْتِك وَقَبِلْت نِكَاحَ أَمَتِك (صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ حَصَلَ التَّفْصِيلُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ) دُونَ الْآخَرِ وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَعْلُومَتَانِ مِنْ الَّتِي قَبْلَهُمَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ لِيُبَيِّنَ بِهِمَا مَحَلَّ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِكَذَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ) تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ. (وَإِذَا جَمَعَ) رَجُلٌ فِي عَقْدٍ (بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَأَمَةٍ تَحِلُّ لَهُ صَحَّ) النِّكَاحُ (فِي الْأَمَةِ) دُونَ الْأُخْتَيْنِ عَمَلًا بِمَا مَرَّ (وَمَتَى قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك هَذَا الْخَمْرَ) بِكَذَا (أَوْ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَابْنِي) أَوْ وَفَرَسِي فَقِبَلَهُمَا (صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ) لِعَدَمِ قَبُولِ الْمَضْمُومِ لِلْبَيْعِ فِي الْأُولَى وَلِلنِّكَاحِ فِي الثَّانِيَةِ فَيَلْغُو ذِكْرُهُ وَيَصِحُّ نِكَاحُ الْبِنْتِ فِيهِمَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ (وَإِنْ تَزَوَّجَ) حُرٌّ (أَمَتَيْنِ فِي عَقْدٍ بَطَلَ نِكَاحُهُمَا) وَإِنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ (كَالْأُخْتَيْنِ) [الْجِنْسُ الرَّابِعُ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ الْكُفْرُ] (الْجِنْسُ الرَّابِعُ) مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ (الْكُفْرُ فَتَحْرُمُ مُنَاكَحَةُ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ) التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (مِنْ الْمَجُوسِ) وَإِنْ كَانَ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ إذْ لَا كِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ وَلَا نَتَيَقَّنُهُ قَبْلُ فَيُحْتَاطُ (وَ) مِنْ (الْمُتَمَسِّكِينَ بِصُحُفِ شِيثٍ) وَإِدْرِيسَ (وَإِبْرَاهِيمَ وَزَبُور دَاوُد وَ) مِنْ (سَائِرِ الْكُفَّارِ) كَعَبَدَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالصُّوَرِ وَالنُّجُومِ وَالْمُعَطِّلَةِ وَالزَّنَادِقَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ بِخِلَافِ مُنَاكَحَةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ يَحِلُّ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي قَالَ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] أَيْ حِلٌّ لَكُمْ وَقَالَ {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] فَالْمُرَادُ مِنْ الْكِتَابِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ دُونَ سَائِرِ الْكُتُبِ قَبْلَهُمَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ بِنُظُمٍ تُدَرَّسُ وَتُتْلَى وَإِنَّمَا أُوحِيَ إلَيْهِمْ مَعَانِيهَا. وَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ لَا أَحْكَامٌ وَشَرَائِعُ وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ بَيْنَ الْكِتَابِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ غَيْرَهَا اجْتَمَعَ فِيهِ نُقْصَانُ الْكُفْرِ فِي الْحَالِ وَفَسَادُ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ وَالْكِتَابِيَّةُ فِيهَا نَقْصٌ وَاحِدٌ وَهُوَ كُفْرُهَا فِي الْحَالِ (فَصْلٌ) فِي صِفَةِ الْكِتَابِيَّةِ الَّتِي يَنْكِحُهَا الْمُسْلِمُ وَهِيَ إسْرَائِيلِيَّةٌ وَغَيْرُهَا وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (يَصِحُّ نِكَاحُ الْإِسْرَائِيلِيَّات تِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) إلَّا مَا يَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ وَإِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (وَكَذَا غَيْرُهُنَّ) مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى (مِمَّنْ دَخَلَ قَوْمُهَا) أَيْ آبَاؤُهَا أَيْ أَوَّلُهُمْ فِي ذَلِكَ الدِّينِ (قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ) لَهُ (أَوْ قَبْلَ النَّسْخِ) وَبَعْدَ التَّبْدِيلِ (وَ) لَكِنَّهُمْ (تَجَنَّبُوا الْمُبَدَّلَ) يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِتَمَسُّكِهِمْ بِذَلِكَ الدِّينِ حِينَ كَانَ حَقًّا (لَا) إنْ دَخَلُوا (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ نَسْخِهِ وَتَبْدِيلِهِ أَوْ بَعْدَ نَسْخِهِ وَقَبْلَ تَبْدِيلِهِ أَوْ عَكْسِهِ وَلَمْ يَتَجَنَّبُوا الْمُبَدَّلَ كَمَا فُهِمَ مِمَّا مَرَّ. فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا لِسُقُوطِ فَضِيلَتِهِ وَحُرْمَتِهِ بِالنَّسْخِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَبِالتَّبْدِيلِ الْمَذْكُورِ وَفِي الثَّالِثَةِ (وَكَذَا) لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا (إنْ جُهِلَ الْحَالُ) وَفِي نُسْخَةٍ حَالُهُمْ أَيْ دُخُولُ قَوْمِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ مَا ذُكِرَ أَخْذًا بِالْأَغْلَظِ (وَلَوْ جُهِلَ حَالُ آبَاءِ الْإِسْرَائِيلِيَّات تِ) فِي أَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ مَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّات تِ أَوْ عُلِمَ دُخُولُهُمْ فِيهِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ وَقَبْلَ نَسْخِهِ (لَمْ يَحْرُمْنَ) لِشَرَفِ نَسَبِهِنَّ (بَلْ لَا يَحْرُمُ مِنْهُنَّ إلَّا مَنْ دَخَلَ آبَاؤُهَا) فِي ذَلِكَ الدِّينِ (بَعْدَ دِينِ الْإِسْلَامِ) أَيْ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ جَمَعَ عَبْدٌ فِي عَقْدٍ حُرَّةً وَأَمَةً] قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ مُنَاكَحَةُ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ إلَخْ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُنُّوا لَهُمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ وَلَا نَاكِحِي نِسَائِهِمْ» رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفَيْهِمَا مُرْسَلًا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَيُؤَكِّدُهُ إجْمَاعُ الْجُمْهُورِ وَكَتَبَ أَيْضًا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ تَحْرِيمُهَا عَلَى الْكِتَابِيِّ أَيْضًا وَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ وَهَلْ تَحْرُمُ الْوَثَنِيَّةُ عَلَى الْوَثَنِيِّ قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي إنْ قُلْنَا إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ حَرُمَتْ وَإِلَّا فَلَا حِلَّ وَلَا حُرْمَةَ اهـ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَقَدْ قَالُوا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ وَتَخَلَّفَتْ عَنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا إلَّا أَنْ تَصِيرَ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ اهـ هَذَا غَيْرُ مُلَاقٍ لِكَلَامِ السُّبْكِيّ إذْ هُوَ فِي التَّحْرِيمِ وَهَذَا فِي عَدَمِ مَنْعِهِمْ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُنَاكَحَةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ تَحِلُّ إلَخْ) ذَكَرَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي إبَاحَةِ الْكِتَابِيَّةِ مَا يُرْجَى مِنْ مَيْلِهَا إلَى دِينِ زَوْجِهَا فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَى النِّسَاءِ الْمَيْلُ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ وَإِيثَارِهِنَّ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَلِهَذَا حَرُمَتْ الْمُسْلِمَةُ عَلَى الْمُشْرِكِ إشْفَاقًا مِنْ أَنْ تَمِيلَ إلَى دِينِهِ [فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكِتَابِيَّةِ الَّتِي يَنْكِحُهَا الْمُسْلِمُ] (قَوْلُهُ وَإِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ إلَخْ) قَالَ الطُّوفِيُّ وَجَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ أَيُّوبُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ بَلْ هُوَ مِنْ بَنِي الْعِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ فَأَيُّوبُ ابْنُ أَخِي إسْرَائِيلَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ إسْرَائِيلَ وَمِنْهُمْ آدَم وَإِدْرِيسُ وَنُوحٌ وَصَالِحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَلُوطٌ وَإِسْحَاقُ وَإِسْمَاعِيلُ وَهُودٌ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ (قَوْلُهُ أَيْ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَالتَّهَوُّدُ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالتَّهَوُّدِ وَالتَّنَصُّرِ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْإِسْرَائِيلِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ شَرِيعَةَ عِيسَى هَلْ نَسَخَتْ شَرِيعَةَ مُوسَى أَوْ خَصَّصَتْهَا وَالنَّاسِخُ شَرِيعَتُنَا وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ وَالِدِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ كُلَّ شَرِيعَةٍ نَسَخَتْ الَّتِي قَبْلَهَا فَشَرِيعَةُ عِيسَى نَسَخَتْ شَرِيعَةَ مُوسَى وَشَرِيعَتُنَا نَسَخَتْ جَمِيعَ الشَّرَائِعِ قَالَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي دِينِ الْيَهُودِ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى وَقَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَلَّتْ مُنَاكَحَتُهُنَّ لِشَرَفِ نَسَبِهِنَّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ كَمَا مَرَّ. (فَرْعٌ مَنْ وَافَقَ الْيَهُودَ مِنْ السَّامِرَةِ) وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ (أَوْ) وَافَقَ (النَّصَارَى مِنْ الصَّابِئِينَ) وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ (فِي الْأُصُولِ) أَيْ أُصُولِ دِينِهِمْ (نَاكَحْنَاهُمْ) بِالشَّرْطِ السَّابِقِ (وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي الْفُرُوعِ) ؛ لِأَنَّهُمْ مُبْتَدِعَةٌ فَهُمْ كَمُبْتَدِعَةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ نَعَمْ إنْ كَفَّرَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى حَرُمَتْ مُنَاكَحَتُنَا لَهُمْ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ (لَا إنْ شَكَكْنَا) فِي مُوَافَقَتِهِمْ لَهُمْ فِي الْأُصُولِ أَوْ عَلِمْنَا مُخَالَفَتَهُمْ لَهُمْ فِيهَا كَمَا فُهِمَ بِالْمُخَالَفَةِ مِمَّا مَرَّ وَبِالْأَوْلَى مِنْ هُنَا فَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُنَا لَهُمْ وَسُمِّيَتْ الْأُولَى سَامِرَةٌ لِنِسْبَتِهَا إلَى أَصْلِهَا السَّامِرِيِّ عَابِدِ الْعِجْلِ وَالثَّانِيَةُ صَابِئَةً قِيلَ لِنِسْبَتِهَا إلَى صَابِئٍ عَمِّ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقِيلَ لِخُرُوجِهَا مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ وَإِطْلَاقُ الصَّابِئَةِ عَلَى مَا قُلْنَا هُوَ الْمُرَادُ وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى قَوْمٍ أَقْدَمَ مِنْ النَّصَارَى يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ وَيُضِيفُونَ الْآثَارَ إلَيْهَا وَيَنْفُونَ الصَّانِعَ الْمُخْتَارَ وَقَدْ أَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ بِقَتْلِهِمْ لَمَّا اسْتَفْتَى الْقَاهِرُ الْفُقَهَاءَ فِيهِمْ فَبَذَلُوا لَهُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَتَرَكَهُمْ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبِيحَتُهُمْ وَلَا يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ. (فَصْلٌ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ) ذِمِّيَّةٍ أَوْ حَرْبِيَّةٍ (مَكْرُوهٌ) لِئَلَّا تَفْتِنَهُ أَوْ وَلَدَهُ (وَ) لَكِنَّ نِكَاحَ (الْحَرْبِيَّةِ أَشَدُّ) كَرَاهَةً؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَحْتَ قَهْرِنَا وَلِلْخَوْفِ مِنْ اسْتِرْقَاقِ الْوَلَدِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ وَلَدُ مُسْلِمٍ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ سَوَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ كَرَاهَةُ نِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ بِدَارِهِمْ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ قَالَ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَرَاهَةَ التَّسَرِّي أَيْضًا أَيْ هُنَاكَ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ كَرَاهَةِ الذِّمِّيَّةِ إذَا وَجَدَ مُسْلِمَةً وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (وَلَهَا) أَيْ لِلْكِتَابِيَّةِ الْمَنْكُوحَةِ (أَحْكَامُ الْمُسْلِمَةِ) الْمَنْكُوحَةِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْقَسْمِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الزَّوْجِيَّةِ الْمُفْضِيَةِ لِذَلِكَ (إلَّا فِي التَّوَارُثِ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ. (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (إجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) إنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ لِتَوَقُّفِ حِلِّ الْوَطْءِ عَلَيْهِ (وَ) مِنْ (الْجَنَابَةِ) لِتَوَقُّفِ كَمَالِ التَّمَتُّعِ عَلَيْهِ كَمَا فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا تُجْبَرُ عَلَى غُسْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَكَذَا الْمُسْلِمَةُ) لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ ذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الصَّلَاةِ كَمَا تُجْبَرُ) عَلَيْهِ (الْمُسْلِمَةُ الْمَجْنُونَةُ وَيَسْتَبِيحُ) بِالْغُسْلِ الْمَذْكُورِ (الْوَطْءَ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ هِيَ) أَيْ الْمُغْتَسِلَةُ لِلضَّرُورَةِ وَتَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ حُكْمِ الْمُمْتَنِعَةِ إذَا غَسَّلَهَا حَلِيلُهَا وَذِكْرُ حُكْمِ الْمُسْلِمَةِ الْعَاقِلَةِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) لَهُ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ (عَلَى إزَالَةِ الْوَسَخِ وَشَعْرِ الْإِبْطِ) وَالْعَانَةِ (وَالظُّفْرِ) لِمَا مَرَّ (وَعَلَى اجْتِنَابِ) تَنَاوُلِ (الْمُؤْذِيَاتِ كَالثُّومِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَكَذَا النَّبِيذُ) وَغَيْرُهُ مِمَّا يُسْكِرُ وَإِنْ لَمْ تَسْكَرْ بِهِ (وَإِنْ اسْتَحَلَّتْهُ الْمُسْلِمَةُ) أَيْ اعْتَقَدَتْ حِلَّهُ (وَعَلَى غُسْلِ مَا تَنَجَّسَ مِنْ أَعْضَائِهَا) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا بِخِلَافِ مَا تَنَجَّسَ مِنْ ثِيَابِهَا وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ كَرِيهٌ. (وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ لُبْسِ جِلْدِ مَيْتَةٍ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَ) لُبْسِ (ثَوْبٍ كَرِيهٍ) أَيْ لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ كَأَكْلِ مَا لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ (وَ) لَهُ مَنْعُهَا (مِنْ الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ وَالْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ) وَكَالزَّوْجِ فِيمَا ذُكِرَ السَّيِّدُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ) وَنَحْوِهِمَا (عَلَى الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ أَفَادَ) هَا (الْأَمَانَ مِنْ الْقَتْلِ) فَأَشْبَهَتْ الْمُسْتَأْمَنَةَ وَلَيْسَ كَالْغُسْلِ فَإِنَّهُ لَا يَعْظُمُ الْأَمْرُ فِيهِ كَتَبْدِيلِ الدِّينِ وَلِأَنَّ غُسْلَهَا غُسْلُ تَنْظِيفٍ لَا غُسْلُ عِبَادَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهَا إذَا أَسْلَمَتْ لَا تُصَلِّي بِذَلِكَ الْغُسْلِ وَالتَّنْظِيفُ حَقُّ الزَّوْجِ فَجَازَ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامُ لَيْسَ حَقًّا لَهُ حَتَّى يُجْبِرَهَا عَلَيْهِ (فَصْلٌ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ يُقَرُّ) أَهْلُهُ عَلَيْهِ (إلَى مِثْلِهِ) كَيَهُودِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ تَنَصَّرَ أَوْ عَكْسِهِ (أَوْ إلَى مَا لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ) كَيَهُودِيٍّ تَوَثَّنَ أَوْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ لَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ إلَى مَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَوَثَنِيٍّ تَهَوَّدَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] وَلِأَنَّهُ أَحْدَثَ دِينًا بَاطِلًا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِبُطْلَانِهِ سَوَاءٌ أَصَرَّ عَلَيْهِ أَمْ عَادَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فَضِيلَةٌ لِبُطْلَانِهَا بِالِانْتِقَالِ   [حاشية الرملي الكبير] الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّ شَرِيعَةَ عِيسَى لَمْ تَنْسَخْ شَرِيعَةَ مُوسَى فَإِنَّ عِيسَى مُقَرِّرٌ لِشَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ إلَّا مَا نُسِخَ مِنْهَا لِأَنَّهُ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ ثُمَّ ذَكَرَ تَأْوِيلَ النَّصِّ وَبَسَطَ ذَلِكَ. اهـ. فس وَقَوْلُهُ إنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ عِيسَى دَعَا الْيَهُودَ إلَى دِينِهِ فَلَوْ لَمْ يَنْسَخْ دِينَهُمْ بِدِينِهِ وَكِتَابَهُمْ بِكِتَابِهِ لَأَقَرَّهُمْ وَلَدَعَا غَيْرَهُمْ اهـ. فَالدَّاخِلُ فِي الْيَهُودِيَّةِ بَعْدَ عِيسَى عَلَى الْبَاطِلِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي دِينِ الْيَهُودِ إلَخْ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَحْرُمْنَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ [فَرْعٌ حُكْم مَنْ وَافَقَ الْيَهُودَ أَوْ وَافَقَ النَّصَارَى فِي الْأُصُولِ فِي النِّكَاح] (قَوْلُهُ فَهُمْ كَمُبْتَدَعَةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ فَإِنْ كَفَّرُوهُمْ لَمْ يُنَاكَحُوا قَطْعًا [فَصْلٌ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ] (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ كَرَاهَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ) وَعَلَّلَهُ بِالْخَوْفِ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ التَّكْفِيرِ وَالِاسْتِرْقَاقِ (قَوْلُهُ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ هِيَ) صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْكَافِرَةِ وَزَوْجِ الْمَجْنُونَةِ (قَوْلُهُ وَلَهُ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ عَلَى إزَالَةِ الْوَسَخِ إلَخْ) هَلْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إزَالَةِ لِحْيَتِهَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا إذَا كَانَتْ خَلِيَّةً هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كَالِاسْتِحْدَادِ وَشَعْرِ الْإِبْطِ أَمْ لَا وَهَلْ فِي تَرْكِهَا نَوْعٌ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ هَلْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إزَالَةِ لِحْيَتِهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ أَنَّ ذَلِكَ كَالِاسْتِحْدَادِ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ أَنَّ تَرْكَهَا لَيْسَ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 عَنْهُ وَصَارَ كَالْمُرْتَدِّ (لَكِنَّهُ يَبْلُغُ الْمَأْمَنَ) كَمَنْ نَبَذَ الْعَهْدَ ثُمَّ هُوَ حَرْبِيٌّ إنْ ظَفِرْنَا بِهِ قَتَلْنَاهُ وَيُفَارِقُ مَنْ فَعَلَ مَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُهُ مِنْ قِتَالٍ وَنَحْوِهِ حَيْثُ يُقْتَلُ وَلَا يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ بِتَعَدِّي ضَرَرِهِ إلَيْنَا بِخِلَافِ الْمُنْتَقِلِ ضَرَرُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَذِكْرُ تَبْلِيغِهِ الْمَأْمَنَ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ عَدَمَ قَبُولِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ أَمَّا لَوْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَنَا وَقَبِلَ الْجِزْيَةَ فَإِنَّهُ يُقِرُّ لِمَصْلَحَةِ قَبُولِهَا ثُمَّ قَالَ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ كَلَامُهُمْ فِي الضَّرْبِ الثَّالِثِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ كَالْمُرْتَدِّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ وَإِلَّا قُتِلَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ. (وَإِذَا تَنَصَّرَتْ) أَوْ تَوَثَّنَتْ (يَهُودِيَّةٌ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ) كَالْمُرْتَدَّةِ (فَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً) لَهُ (فَهِيَ كَالْمُرْتَدَّةِ) وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا (فَإِذَا) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (تَمَجَّسَتْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ كِتَابِيٍّ لَا يَرَى نِكَاحَهَا فَكَتَمَجُّسِهَا تَحْتَ مُسْلِمٍ فَتَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِشَرْطِهَا) أَيْ فَتَتَنَجَّزُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَتَوَقَّفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَعْدَهُ فَإِنْ أَسْلَمَا فِيهَا دَامَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ حِينِ التَّمَجُّسِ فَإِنْ رَأْي نِكَاحَهَا أَقْرَرْنَاهُمَا (وَلَا يَحِلُّ) لِأَحَدٍ (نِكَاحُ الْمُرْتَدَّةِ) لَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ لَا تُقِرُّ كَالْوَثَنِيَّةِ وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا وَلَا مِنْ الْمُرْتَدِّينَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ النِّكَاحِ الدَّوَامُ وَهِيَ لَيْسَتْ مُبْقَاةً (فَإِنْ ارْتَدَّتْ) وَلَوْ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ وَحْدَهُ (قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ لِعَدَمِ تَأَكُّدِهِ بِالدُّخُولِ (أَوْ بَعْدَهُ وَقَفَتْ الْفُرْقَةُ عَلَى) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ) فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِيهَا دَامَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهَا اخْتِلَافُ دِينٍ طَرَأَ بَعْدَ الْمَسِيسِ فَلَمْ يُوجِبْ الْفَسْخَ فِي الْحَالِ كَإِسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَأُلْحِقَتْ رِدَّتُهُمَا بِرِدَّةِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهَا أَفْحَشُ وَلَيْسَتْ كَإِسْلَامِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا إذَا أَسْلَمَا مُكِّنَا مِنْ الْوَطْءِ بِخِلَافِ مَا إذَا ارْتَدَّا. (وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ) فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ بِمَا حَدَثَ (وَلَا حَدَّ) فِيهِ لِشُبْهَةِ بَقَاءِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ (وَتَجِبُ عِدَّةٌ) مِنْهُ (وَهُمَا) أَيْ عِدَّةُ الرِّدَّةِ وَعِدَّةُ الْوَطْءِ (عِدَّتَا شَخْصٍ) وَاحِدٍ كَمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ (فَرْعٌ الْمُتَوَلِّدَةُ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ حَرَامٌ) وَإِنْ كَانَ الْكِتَابِيُّ الْأَبَ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ كَمَا فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكِتَابِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ وَسَائِرُ الْأَدْيَانِ تَتَقَاوَمُ وَلَا يَعْلُو بَعْضُهَا بَعْضًا وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ هَذَا فِي صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ (فَإِنْ) بَلَغَتْ عَاقِلَةً ثُمَّ (تَبِعَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمَا أُلْحِقَتْ بِهِ) فَيَحِلُّ نِكَاحُهَا (قَالَهُ الشَّافِعِيُّ) ؛ لِأَنَّ فِيهَا شُعْبَةً مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنَّا غَلَّبْنَا جَانِبَ التَّحْرِيمِ مَا دَامَتْ تَابِعَةً لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ فَإِذَا بَلَغَتْ وَاسْتَقَلَّتْ وَاخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ قَوِيَتْ تِلْكَ الشُّعْبَةُ. (وَقِيلَ لَا) تُلْحَقُ بِهِ فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا كَالْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ مَجُوسِيَّيْنِ (وَتَأَوَّلَ) قَائِلُهُ (النَّصَّ) عَلَى مَا إذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يَهُودِيًّا وَالْآخَرُ نَصْرَانِيًّا فَبَلَغَ وَاخْتَارَ دِينَ أَحَدِهِمَا (وَصَحَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) فَقَالَ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْحِلِّ فَقَدْ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ نِسْبَةَ التَّصْحِيحِ لِلرَّافِعِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَأْوِيلُ النَّصِّ بِمَا ذُكِرَ عَجِيبٌ فَقَدْ صَوَّرَهَا فِي الْأُمِّ بِأَنَّ أَحَدَ أَبَوَيْهِ نَصْرَانِيٌّ وَالْآخَرَ مَجُوسِيٌّ انْتَهَى وَأَيْضًا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْأَوَّلِ فَبَلَغَ وَاخْتَارَ دِينَ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِدُونِهِ كَذَلِكَ (تَتِمَّةٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ أَنْ يَنْكِحَ جِنِّيَّةً وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [النحل: 72] وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَفِي تَعْلِيلِهِ بِهَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ حُكْم مَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ إلَى مِثْلِهِ فِي النِّكَاح] قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ عَدَمَ قَبُولِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ إلَخْ) مَا بَحَثَهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ) أَيْ قَبْلَ الِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ كَالْمُرْتَدِّ) هَذَا إذَا كَانَ حَرْبِيًّا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَمَانٌ قَبْلَ الِانْتِقَالِ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ فَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ ع. (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَبْقَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الْأَذْرَعِيِّ وَالْوَجْهُ إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ النِّكَاحِ الدَّوَامُ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ مِنْ تَحَتُّمِ قَتْلِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ حَيْثُ لَا عِدَّةَ بِاسْتِدْخَالٍ أَوْ غَيْرِهِ [فَرْعٌ حُكْم الْمُتَوَلِّدَةُ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ فِي النِّكَاح] (قَوْلُهُ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَوَانِعِ يُنِيفُ عَلَى الْعِشْرِينَ كَوْنُهَا مِنْ الْمَحَارِمِ إمَّا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ يَكُونُ تَحْتَ الزَّوْجِ أُخْتُهَا أَوْ عَمَّتُهَا أَوْ خَالَتُهَا أَوْ تَكُونُ خَامِسَةً أَوْ يَكُونُ النَّاكِحُ قَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ أَوْ مَمْلُوكَةً لِلنَّاكِحِ أَوْ رَقِيقَةً وَالنَّاكِحُ حُرٌّ فَاقِدُ الشُّرُوطِ أَوْ تَكُونُ أَمَةً كِتَابِيَّةً أَوْ حُرَّةً كِتَابِيَّةً دَانَتْ بَعْدَ التَّبْدِيلِ أَوْ وَثَنِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ مُتَوَلِّدَةً بَيْنَ وَثَنِيٍّ وَكِتَابِيَّةٍ أَوْ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيَّةٍ أَوْ مَنْكُوحَةَ الْغَيْرِ أَوْ فِي عِدَّتِهِ وَالثَّيِّبَ الصَّغِيرَةَ وَالْيَتِيمَةَ وَالْمُحْرِمَةَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ الْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ كَمَجُوسِيَّةٍ تَدِينُ الْيَهُودِيَّةَ بَعْدَ الشَّرْعِ [تَتِمَّةٌ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ] (قَوْلُهُ وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ) وَقَالَ الْقَمُولِيُّ يَجُوزُ وَتَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِأَرْبَعِينَ مِنْ الْجِنِّ (قَوْلُهُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا) وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي سُورَةِ النَّمْلِ يَقْتَضِي اسْتِحَالَتَهُ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَقَدْ رَأَيْت شَيْخًا كَبِيرًا صَالِحًا أَخْبَرَنِي أَنَّهُ تَزَوَّجَ جِنِّيَّةً. قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَقَدْ رَأَيْت أَنَا آخَرَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَلَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي حُكْمِ طَلَاقِهَا وَلِعَانِهَا وَالْإِيلَاءِ مِنْهَا وَعِدَّتِهَا وَنَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا وَالْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى اهـ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ جَوَازُهُ فَإِنَّهُمْ يُسَمُّونَ نِسَاءً وَرِجَالًا وَسَمَّاهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إخْوَانَنَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ أَنَّ بِلْقِيسَ الْمَلِكَةَ تَزَوَّجَتْ قَبْلُ بِسُلَيْمَانَ وَقِيلَ بِغَيْرِهِ بَعْدَمَا أَسْلَمَتْ وَأَنَّهَا كَانَتْ جِنِّيَّةً وَاسْمُهَا بَارِعَةُ فَلَوْلَا أَنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُ الْجِنِّ لَمَا جَازَ نِكَاحُهَا لِأَنَّهُ يَحْرُمُ نِكَاحُ مَنْ فِي أَحَدِ أَبَوَيْهَا مَنْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ هَلْ يُجْبِرُهَا عَلَى مُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ وَهَلْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ التَّشْكِيلِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّينَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ فِي النِّكَاحِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مَرْفُوعًا نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ. (الْبَابُ السَّابِعُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ) وَهُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ (وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْمَجُوسِيَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا) مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُ مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنْ كَانَ (قَبْلَ الْمَسِيسِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) لِعَدَمِ تَأَكُّدِ النِّكَاحِ بِالدُّخُولِ (وَإِلَّا تَوَقَّفَتْ عَلَى) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا اسْتَقَرَّ النِّكَاحُ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ «امْرَأَةً أَسْلَمَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَزَوَّجَتْ فَجَاءَ زَوْجُهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت أَسْلَمْت وَعَلِمْت بِإِسْلَامِيِّ فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ زَوْجِهَا الثَّانِي وَرَدَّهَا إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ» وَفِي مَعْنَى الْمَسِيسِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (ثَبَتَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ مِنْ حِينِ إسْلَامِ الْأَوَّلِ بِالْإِجْمَاعِ وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَيْهَا. (وَإِنْ أَسْلَمَ الرَّجُلُ) وَلَوْ وَثَنِيًّا (وَالْمَرْأَةُ حُرَّةٌ كِتَابِيَّةٌ أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا اسْتَقَرَّ النِّكَاحُ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ وَخَرَجَ بِالْحُرَّةِ فِيهَا الْأَمَةُ وَبِالْكِتَابِيَّةِ نَحْوُ الْوَثَنِيَّةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّ «رَجُلًا أَسْلَمَ ثُمَّ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَتْ أَسْلَمَتْ مَعِي فَرَدَّهَا عَلَيْهِ» وَلِتَسَاوِيهِمَا فِي صِفَةِ الْإِسْلَامِ الْمُنَاسِبَةِ لِلتَّقْرِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا كَمَا مَرَّ (وَالِاعْتِبَارُ) فِي الْمَعِيَّةِ (بِآخِرِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ) ؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ لَا بِأَوَّلِهِ (وَإِسْلَامُ أَبَوَيْ الزَّوْجَيْنِ الصَّغِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَإِسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا) فِيمَا ذُكِرَ وَكَالصَّغِيرَيْنِ الْمَجْنُونَانِ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ) الزَّوْجَةُ (الْبَالِغَةُ وَأَبُو زَوْجِهَا الطِّفْلِ مَعًا) وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا (قَالَ الْبَغَوِيّ بَطَلَ النِّكَاحُ لِتَرْتِيبِ إسْلَامِهِ عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ فَقَدْ سَبَقَتْهُ) بِالْإِسْلَامِ. (وَفِيهِ نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ إسْلَامِهِ عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ لَا يَقْتَضِي تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا بِالزَّمَانِ فَلَا يَظْهَرُ تَقَدُّمُ إسْلَامِهَا عَلَى إسْلَامِ الزَّوْجِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحُوهُ مِنْ كَوْنِ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَعَ مَعْلُولِهَا وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي تَقَدُّمُهَا فَيُتَّجَهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ وَكَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ الْفِقْهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ فَلَا يُحْكَمُ لِلطِّفْلِ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى يَصِيرَ الْأَبُ مُسْلِمًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْخُوَارِزْمِيّ (قَالَ) الْبَغَوِيّ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ عَقِبَ إسْلَامِ الْأَبِ) وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا الطِّفْلُ (بَطَلَ) النِّكَاحُ (أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ إسْلَامَ الطِّفْلِ يَحْصُلُ حُكْمًا وَإِسْلَامُهَا يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ وَالْحُكْمِيُّ يَكُونُ سَابِقًا لِلْقَوْلِيِّ فَلَا يَتَحَقَّقُ إسْلَامُهُمَا مَعًا. (فَرْعٌ وَطْءُ الْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا) عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ (حَرَامٌ) لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْوَطْءِ فِي عِدَّةِ الرِّدَّةِ (وَالطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ مِنْهَا) فِي الْعِدَّةِ (مَوْقُوفٌ) كُلٌّ مِنْهَا (فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ مِنْ حِينِ إيقَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ صَرِيحَ التَّعْلِيقِ فَلَأَنْ يَقْبَلَ تَقْدِيرَهُ أَوْلَى وَتَعْتَدُّ لِلطَّلَاقِ مِنْ وَقْتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ (فَلَا) وُقُوعَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ قَبْلَ إيقَاعِهِ (وَإِنْ قَذَفَهَا وَاجْتَمَعَا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ) الدَّفْعُ الْحَدُّ أَوْ التَّعْزِيرُ (وَإِلَّا فَلَا) يُلَاعِنُ (فَإِنْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ بِتَخَلُّفِهِ هُوَ) بِالْإِسْلَامِ (حُدَّ) ؛ لِأَنَّهُ قَذْفُ مُسْلِمَةٍ (أَوْ) بِتَخَلُّفِهَا (هِيَ عُزِّرَ) ؛ لِأَنَّهُ قَذْفُ كَافِرَةٍ. (وَإِذَا أَسْلَمَ عَلَى وَثَنِيَّةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُخْتِهَا) وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا (فِي الْعِدَّةِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَنْكِحْ فِي الْعِدَّةِ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا؛ لِأَنَّ زَوَالَ نِكَاحِهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ فَلَا يَنْكِحُ مَنْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا (فَإِنْ نَكَحَ الْمُتَخَلِّفُ أُخْتَ الْمُسْلِمَةِ) الْكَافِرَةَ (فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَهَا فِي الْعِدَّةِ تَخَيَّرَ إحْدَاهُمَا) كَمَا لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ أَسْلَمَتَا مَعَهُ أَوْ أَسْلَمَا (بَعْدَهَا اسْتَقَرَّتْ الْأُخْرَى) أَيْ الثَّانِيَةُ [فَصْلٌ نَكَحَ فِي الْكُفْرِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ] (فَصْلٌ وَإِنَّمَا نُقِرُّهُمَا) بَعْدَ إسْلَامِهِمَا (عَلَى نِكَاحٍ لَمْ يُقَارِنْهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا) وَإِنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ (أَوْ قَارَنَهُ) مُفْسِدٌ عِنْدَنَا (وَاعْتَقَدُوهُ صَحِيحًا مُسْتَمِرًّا وَلَمْ يُقَارِنْ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعَ ابْتِدَاءَهُ) أَيْ النِّكَاحِ   [حاشية الرملي الكبير] قَدْ يَحْصُلُ النَّفْرَةُ وَهَلْ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِشُرُوطِ النِّكَاحِ مِنْ أَمْرِ وَلِيِّهَا وَخُلُوِّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ وَهَلْ يَجُوزُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْ قَاضِيهِمْ وَهَلْ إذَا رَآهَا فِي صُورَةٍ غَيْرِ الَّتِي أَلِفَهَا وَادَّعَتْ أَنَّهَا هِيَ هَلْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا وَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا وَهَلْ يُكَلَّفُ الْإِتْيَانُ بِمَا يَأْلَفُونَهُ مِنْ قُوتِهِمْ كَالْعَظْمِ وَغَيْرِهِ إذَا أَمْكَنَ الْإِتْيَانُ بِغَيْرِهِ [الْبَابُ السَّابِعُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ] (قَوْلُهُ وَهُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ أَطْلَقُوا اسْمَ الْمُشْرِكِ عَلَى مَنْ لَمْ يُنْكِرْ إلَّا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ فَارِسٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ غَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا إلَخْ) لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ إسْلَامَهُ فِي عِدَّتِهَا فَقَالَتْ بَلْ بَعْدَهَا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ انْقِضَائِهَا حَلَفَتْ أَوْ عَلَى وَقْتِ إسْلَامِهِ حَلَفَ هُوَ وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مُجَرَّدَ السَّبْقِ صُدِّقَ السَّابِقُ بِالدَّعْوَى (قَوْلُهُ ثَبَتَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ حِينَئِذٍ) قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَوْضُوعٌ لِقَطْعِ النِّكَاحِ فَكَمَا أَنَّ الطَّلْقَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَقْطَعُ النِّكَاحَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَكَذَا اخْتِلَافُ الدِّينِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ حُرَّةٌ كِتَابِيَّةٌ) أَيْ بِحَيْثُ يَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ إلَخْ) وَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِلتَّقَدُّمِ فِي إسْلَامِ الْأَبِ وَالتَّأَخُّرِ فِي إسْلَامِ الْوَلَدِ بِالزَّمَانِ وَبِهِ يَظْهَرُ تَقَدُّمُ إسْلَامِ الزَّوْجَةِ عَلَى إسْلَامِ الزَّوْجِ [فَرْعٌ وَطْءُ الْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ] (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا نُقِرُّهُمَا عَلَى نِكَاحٍ لَمْ يُقَارِنْهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا) فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَشْتَرِطُ الْوَلِيَّ وَمَالِكٌ لَا يَشْتَرِطُ الشُّهُودَ وَدَاوُد لَا يَشْتَرِطُهُمَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يُقَارِنْ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ تَزَوَّجَ حُرٌّ مُعْسِرٌ خَائِفٌ الْعَنَتَ ثُمَّ صَارَ عِنْدَ إسْلَامِهِمَا قَادِرًا عَلَى طَوْلِ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرِ خَائِفٍ الْعَنَتَ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ لِأَنَّهُ قَارَنَ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 بِخِلَافِ مَا إذَا قَارَنَهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا وَاعْتَقَدُوا فَسَادَهُ أَوْ قَارَنَ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ فَلَا نُقِرُّهُمَا عَلَيْهِ (فَإِنْ نَكَحَ) فِي الْكُفْرِ (بِلَا وَلِيٍّ) وَلَوْ بِلَا شُهُودٍ أَيْضًا (أَوْ ثَيِّبًا بِإِجْبَارٍ) أَوْ بِكْرًا بِإِجْبَارِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ (أَوْ رَاجَعَ) الرَّجْعِيَّةَ (فِي الْقُرْءِ الرَّابِعِ وَجَوَّزُوهُ) بِأَنْ اعْتَقَدُوا امْتِدَادَ الرَّجْعَةِ إلَيْهِ (أُقِرَّا عَلَيْهِ) أَيْ النِّكَاحِ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ فَنَزَلَ حَالُ الْإِسْلَامِ مَنْزِلَةَ حَالِ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا لَمْ يُعْتَبَرْ حَالَ نِكَاحِ الْكَافِرِ لِلرُّخْصَةِ وَالتَّخْفِيفِ فَلْيُعْتَبَرْ حَالُ الِالْتِزَامِ بِالْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعَقْدُ عَنْ شَرْطِهِ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا وَلِخَبَرِ غَيْلَانَ فِي إسْلَامِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ لَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاؤُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمَ. (وَإِنْ نَكَحَ مَحْرَمًا لَهُ) كَبِنْتِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ (ثَلَاثًا قَبْلَ التَّحَلُّلِ لَمْ يُقَرَّا) عَلَيْهِ (؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَارَنَ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ) أَيْ النِّكَاحِ (وَإِنْ نَكَحَ مُعْتَدَّةَ غَيْرٍ) وَلَوْ عَنْ شُبْهَةٍ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ (أَوْ) نَكَحَ (بِشَرْطِ الْخِيَارِ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا مُدَّةً (فَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا) أَيْ إسْلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا (أُقِرَّا) عَلَى النِّكَاحِ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ أَوْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا بِأَنْ انْقَضَتْ مَعَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمَا فَلَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ لِبَقَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ وَاكْتَفَوْا بِمُقَارَنَةِ الْمُفْسِدِ إسْلَامَ أَحَدِهِمَا تَغْلِيبًا لِلْفَسَادِ، نَعَمْ الْيَسَارُ وَأَمْنُ الْعَنَتَ إنْ قَارَنَا أَوْ أَحَدُهُمَا النِّكَاحَ فِي الْكُفْرِ وَاسْتَمَرَّ إلَى إسْلَامِ أَحَدِهِمَا وَكَانَ زَائِلًا عِنْدَ إسْلَامِ الْآخَرِ قُرِّرَ النِّكَاحُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ. (وَ) النِّكَاحُ (الْمُؤَقَّتُ) بِمُدَّةٍ كَسَنَةٍ (إنْ اعْتَقَدُوهُ مُسْتَمِرًّا أَقْرَرْنَاهُ) وَيَكُونُ ذِكْرُ الْوَقْتِ لَغْوًا وَهَذَا كَاعْتِقَادِنَا مُؤَقَّتَ الطَّلَاقِ مُؤَبَّدًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدُوا اسْتِمْرَارَهُ سَوَاءٌ أَسْلَمَا بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ أَمْ قَبْلَهُ (وَكَذَا الْغَصْبُ لَوْ اعْتَقَدَهُ غَيْرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِكَاحًا) كَأَنْ غَصَبَ حَرْبِيٌّ أَوْ مُسْتَأْمَنٌ امْرَأَةً وَاِتَّخَذَهَا زَوْجَةً وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ غَصْبَهَا نِكَاحًا فَنُقِرُّهُمَا عَلَيْهِ إقَامَةً لِلْفِعْلِ مَقَامَ الْقَوْلِ أَمَّا لَوْ غَصَبَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً وَاِتَّخَذَهَا زَوْجَةً فَلَا نُقِرُّهُمَا عَلَيْهِ وَإِنْ اعْتَقَدُوهُ نِكَاحًا؛ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ دَفْعَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ وَقَيَّدَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَطَّنْ الذِّمِّيُّ دَارَ الْحَرْبِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ حِينَئِذٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ وَعِلَّتُهُمْ التَّقْرِيرُ فِيمَا لَوْ غَصَبَ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيَّةً أَوْ الذِّمِّيُّ حَرْبِيَّةً وَاعْتَقَدُوهُ نِكَاحًا وَبِهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فِي الثَّانِيَةِ لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِ هُنَا يُخَالِفُهُ وَوَافَقَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فِي الثَّانِيَةِ وَخَالَفَ فِي الْأُولَى فَقَالَ فِيهَا لَا تَقْرِيرَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَدْفَعَ أَهْلُ الْحَرْبِ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَقَدْ يُقَالُ فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ لَيْسَتْ عِلَّتَهُمْ السَّابِقَةَ وَتِلْكَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا مَا قَالَهُ بَلْ عَكْسُهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَفْهُومِهَا الْأَوْلَوِيِّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ إلَى آخِرِهِ وَكَالْغَصْبِ فِيمَا ذُكِرَ الْمُطَاوَعَةُ (وَلَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ نِكَاحِ مَنْ أَسْلَمَ) أَيْ عَنْ شَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ خَلَائِقُ فَلَمْ يَسْأَلْهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شُرُوطِ أَنْكِحَتِهِمْ وَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهَا وَلِأَنَّ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيَّ قَالَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَسْلَمْت وَتَحْتِي أُخْتَانِ قَالَ اخْتَرْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ ذَلِكَ لَبَحَثَ عَنْ كَيْفِيَّةِ النِّكَاحَيْنِ وَحَكَمَ بِبُطْلَانِهِمَا إنْ جَرَيَا مَعًا وَبِصِحَّةِ الْأَوَّلِ إنْ تَرَتَّبَا وَأَمَّا فِي حَالِ الْإِسْلَامِ فَالْوَجْهُ الِاحْتِيَاطُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. [فَصْلٌ أَسْلَمَ وَوُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ] (فَصْلٌ فَإِنْ لَمْ يُقَارِنْ الْمُفْسِدَ الْعَقْدُ بَلْ طَرَأَ) بَعْدَهُ (قَارَنَ الْإِسْلَامَ كَمَنْ أَسْلَمَ وَوُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ أَوْ أَحْرَمَ) بَعْدَ إسْلَامِهِ (ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِيهِمَا فِي الْعِدَّةِ) أَوْ أَسْلَمَتْ وَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ إسْلَامِهَا ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهِمَا فِي الْعِدَّةِ (قُرِّرَ) نِكَاحُهُمَا (وَإِنْ يَجُزْ ابْتِدَاؤُهُ) ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ وَالْإِحْرَامِ لَا يَقْطَعَانِ نِكَاحَ الْمُسْلِمِ فَهَذَا أَوْلَى وَلِأَنَّ الْإِمْسَاكَ اسْتِدَامَةٌ فَجَازَ مَعَ ذَلِكَ كَالرَّجْعَةِ (بَلْ لِلْمُحْرِمِ) الْمَذْكُورِ (أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا مِمَّنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ) فِي زَمَنِ إسْلَامِهِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ كَمَا ذُكِرَ (وَمَتَى أَسْلَمَ مَعَ حُرَّةٍ) تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ (وَأَمَةٍ تَحْتَهُ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ مَعَ أَمَةِ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ أَمِنَ الْعَنَتَ بَطَلَ نِكَاحُ الْأَمَةِ) فِي الثَّلَاثِ سَوَاءٌ أَسْلَمَ مَعَهَا فِي زَمَنِ إسْلَامِهَا أَمْ الْعِدَّةِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ حِينَئِذٍ وَسَوَاءٌ أَنْكَحَهُمَا فِي الْأُولَى مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا كَمَا فِي نِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ. (وَلَوْ أَسْلَمَ مُوسِرٌ ثُمَّ أَعْسَرَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ) زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ (فِي الْعِدَّةِ اسْتَمَرَّ نِكَاحُهَا وَكَذَا) يَسْتَمِرُّ (لَوْ أَسْلَمَتْ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ) لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي بُطْلَانِ نِكَاحِ الْأَمَةِ مُقَارَنَةُ الْيَسَارِ أَوْ أَمْنُ الْعَنَتِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَارَنَهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ) وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ صَاحِبِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ لَوْ اعْتَقَدَهُ غَيْرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِكَاحًا) خَرَجَ بِهِ الْغَصْبُ بِقَصْدِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا بِهِ (قَوْلُهُ وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ غَصْبَهَا نِكَاحًا) قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ وَتَبِعَهُ جَمَالُ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ الْمُرَادُ أَنَّ دِينَهُمْ قَاضٍ بِذَلِكَ أَمَّا لَوْ اعْتَقَدَاهُ عَلَى انْفِرَادِهِمَا وَكَانَ دِينُهُمْ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ لَمْ يُفِدْ اعْتِقَادُهُمَا شَيْئًا. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ غَصَبَ ذِمِّيٌّ إلَخْ) أَوْ حَرْبِيٌّ أَوْ مُسْتَأْمَنٌ أَوْ مُعَاهَدٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ فِي الثَّانِيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَخَالَفَ فِي الْأُولَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا ضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْمَغْصُوبَةُ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْنَا الدَّفْعُ عَنْهَا (قَوْلُهُ أَوْ وُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ) أَيْ وَطْئًا لَا يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قُرِّرَ نِكَاحُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاؤُهُ) كُلُّ امْرَأَةٍ جَازَ لَهُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا جَازَ لَهُ إمْسَاكُهَا بِعَقْدٍ مَضَى فِي الشِّرْكِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ إمْسَاكُهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَالْإِحْرَامِ الطَّارِئَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 إسْلَامَهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّ وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ هُوَ وَقْتُ جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ إنْ سَبَقَ إسْلَامَهُ فَالْأَمَةُ الْكَافِرَةُ لَا تَحِلُّ لَهُ أَوْ إسْلَامُهَا فَالْمُسْلِمَةُ لَا تَحِلُّ لِلْكَافِرِ فَكَانَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْإِسْلَامِ شَبِيهًا بِحَالِ ابْتِدَاءِ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَاعْتُبِرَ الطَّارِئُ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ مِنْ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَالْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ بَدَلٌ يَعْدِلُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحُرَّةِ، وَالْبَدَلُ أَضْيَقُ حُكْمًا مِنْ الْأَصْلِ فَجَرَوْا فِيهِ عَلَى التَّضْيِيقِ اللَّائِقِ بِهِ وَلِأَنَّ الْمُفْسِدَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ الْخَوْفُ مِنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ وَهُوَ دَائِمٌ فَأَشْبَهَ الْمَحْرَمِيَّةَ وَأَمَّا الْعِدَّةُ وَالْإِحْرَامُ فَيُنْتَظَرُ زَوَالُهُمَا عَنْ قُرْبٍ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَكَذَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَحَذَفَ مِنْ الْأَصْلِ عَكْسَ الْأَوْلَى وَهُوَ أَنْ يُسْلِمَ مُعْسِرٌ ثُمَّ يُوسِرَ ثُمَّ تُسْلِمَ هِيَ (بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ مَعَهُ الْحُرَّةُ وَأَسْلَمَتْ الْأَمَةُ) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ رِدَّتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. فَلَا يَسْتَمِرُّ نِكَاحُهَا وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْحُرَّةِ حِينَئِذٍ إذْ يَكْفِي فِي دَفْعِهَا اقْتِرَانُ إسْلَامِ الْحُرَّةِ بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ الْيَسَارِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ اقْتِرَانُهُ بِإِسْلَامِهِ وَإِسْلَامِ الْأَمَةِ جَمِيعًا وَلَمْ يَمْنَعْ الْيَسَارُ السَّابِقُ إمْسَاكَهَا كَمَا مَرَّ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ أَثَرَ نِكَاحِ الْحُرَّةِ بَاقٍ بَعْدَ مَوْتِهَا بِدَلِيلِ إرْثِهَا وَغُسْلِهَا وَلُزُومِ تَجْهِيزِهَا فَكَانَ النِّكَاحُ بَاقٍ بِخِلَافِ الْيَسَارِ وَبِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَسْلَمَتْ وَتَعَيَّنَتْ حُسِبَتْ عَلَى الزَّوْجِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ مَوْتُهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى خَمْسٍ فَأَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فَاخْتَارَهَا فَمَاتَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَوَاقِي فَإِنَّمَا يُمْسِكُ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ قَالَ الْإِمَامُ وَلِأَنَّ الْحُرَّةَ فِي الْمَنْعِ أَقْوَى مِنْ الْيَسَارِ إذْ غَيْبَتُهَا تَحْتَهُ تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ بِخِلَافِ غَيْبَةِ مَالِهِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي أَنَّ غَيْبَتَهَا تَمْنَعُ ذَلِكَ دُونَ طَرِيقَةِ غَيْرِهِ يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهِ. (وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَعَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ قُرِّرَتْ) عَلَى النِّكَاحِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةً كَأَنْ كَانَتْ وَثَنِيَّةً أَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً وَلَمْ تُسْلِمْ وَلَمْ تُعْتِقْ أَوْ أَسْلَمَتْ وَعَتَقَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ (انْفَسَخَ نِكَاحُهَا) مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ (وَإِنْ جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ) الْمُسْلِمَةِ وَشَمَلَ قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَلَمْ تُعْتَقْ أَوْ عَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ وَلَمْ تُسْلِمْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا نَعَمْ يُعْتَبَرُ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ ارْتَدَّتْ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ هُوَ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) الَّتِي (لِإِسْلَامِهَا بَانَتْ) بِاخْتِلَافِ الدِّينِ أَوَّلًا (وَإِنْ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ عِدَّةِ الْإِسْلَامِ (وَأَسْلَمَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرِّدَّةِ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرِّدَّةِ (انْقَطَعَ) النِّكَاحُ (مِنْ) وَقْتِ (الرِّدَّةِ وَكَذَا حُكْمُ إسْلَامِهِ وَرِدَّتِهِ) فَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ ارْتَدَّ. فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ هِيَ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لِإِسْلَامِهِ بَانَتْ وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي عِدَّةِ الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرِّدَّةِ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ وَإِلَّا انْقَطَعَ مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ (فَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ ثُمَّ ارْتَدَّ) قَبْلَ الِاخْتِيَارِ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَمْ يَصِحَّ اخْتِيَارُهُ مُرْتَدًّا) فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ الِاخْتِيَارُ حِينَئِذٍ [فَصْلٌ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ] (فَصْلٌ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ) أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] وَلِقَوْلِهِ {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [القصص: 9] وَلِخَبَرِ غَيْلَانَ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ حَيْثُ أَمَرَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِمْسَاكِ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ شَرَائِطِ النِّكَاحِ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا أَوْ أَسْلَمُوا لَا نُبْطِلُهُ وَالْفَاسِدُ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالْإِسْلَامِ وَلَا يُقَرَّرُ عَلَيْهِ. (فَلَوْ طَلَّقَ) زَوْجَتَهُ (فِي الشِّرْكِ ثَلَاثًا وَلَمْ تَتَحَلَّلْ فِيهِ ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَحِلَّ) لَهُ (إلَّا بِمُحَلِّلٍ) وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدُوهُ طَلَاقًا؛ لِأَنَّا إنَّمَا نَعْتَبِرُ حُكْمَنَا بِخِلَافِ طَلَاقِهِ الْمُسْلِمَةَ لِعَدَمِ صِحَّةِ نِكَاحِهِ لَهَا أَمَّا إذَا تَحَلَّلَتْ فِي الشِّرْكِ فَتَحِلُّ لَهُ (وَإِذَا انْدَفَعَ نِكَاحُهَا) أَيْ الْكَافِرَةِ (قَبْلَ الدُّخُولِ بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ لَا إسْلَامِهَا اسْتَحَقَّتْ نِصْفَ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْمُسَمَّى فَاسِدًا (فَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ) تَسْتَحِقُّهُ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ فِي التَّسْمِيَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّتْ النِّصْفَ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ أَمَّا إذَا انْدَفَعَ بِإِسْلَامِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ جِهَتِهَا (وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ) لَهَا (شَيْئًا فَالْمُتْعَةُ) تَسْتَحِقُّهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُحْرِمَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهَا وَكَلَامُ أَصْلِهِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَفَّالِ وَنَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْعَقِدْ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ لَا مَهْرَ لَهُنَّ إذَا انْدَفَعَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَشَمَلَ قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ إلَخْ) الْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ فَدَخَلَتْ الصُّورَتَانِ فِيمَا قَبْلَ إلَّا وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ أَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً وَعَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ قُرِّرَتْ (فَصْلٌ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ) (قَوْلُهُ أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهَا) لِأَنَّ الصِّحَّةَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَلَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا إنْ وَافَقَتْ الشَّرْعَ فَصَحِيحَةٌ وَإِلَّا فَمَحْكُومٌ لَهَا بِالصِّحَّةِ رُخْصَةً لَا سِيَّمَا إذَا اتَّصَلَتْ بِالْإِسْلَامِ قَالَ السُّبْكِيُّ الْأَنْكِحَةُ الَّتِي فِي نَسَبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلِّهَا مُسْتَجْمِعَةٌ شُرُوطَ الصِّحَّةِ كَأَنْكِحَةِ الْإِسْلَامِ فَاعْتَقِدْ هَذَا بِقَلْبِك وَتَمَسَّكْ بِهِ وَلَا تَزِلَّ عَنْهُ فَتَخْسَرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ وَلَمْ يَقَعْ فِي نَسَبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ إلَى آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَّا نِكَاحٌ مُسْتَجْمِعٌ لِشَرَائِطِ الصِّحَّةِ كَنِكَاحِ الْإِسْلَامِ الْمَوْجُودِ الْيَوْمَ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا إلَخْ) لِأَنَّ وَطْءَ الزَّوْجِ الذِّمِّيِّ يُحَلِّلُ مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْوَطْءَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يُحَلِّلُ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا» وَالْإِحْصَانُ لَا يَحْصُلُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ) شَمَلَ إسْلَامُهُ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا انْدَفَعَ بِإِسْلَامِهَا إلَخْ) لَوْ زَوَّجَ الْكِتَابِيُّ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ كِتَابِيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ صَارَتْ مُسْلِمَةً وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَسَقَطَ الْمَهْرُ وَقِيلَ لَهَا نِصْفُهُ إذْ لَا صُنْعَ لَهَا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُحَرَّمَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْجَزْمُ بِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْعَقِدْ) بِخِلَافِ الْمُفَارَقَةِ مِنْ الْأُخْتَيْنِ وَزَائِدَةُ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ مَا زَادَ إلَخْ) هَذَا النَّصُّ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 نِكَاحُهُنَّ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلِمَا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ مِنْ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ إذَا مَاتَ وَتَحْتَهُ مَحْرَمٌ لَمْ نُوَرِّثْهَا. وَجَرَى عَلَى هَذَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَغَيْرُهُمْ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ (أَوْ) انْدَفَعَ نِكَاحُهَا (بَعْدَ الدُّخُولِ) بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا (فَالْمُسَمَّى الصَّحِيحُ) تَسْتَحِقُّهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْمُسَمَّى فَاسِدًا (فَمَهْرُ الْمِثْلِ) تَسْتَحِقُّهُ وَذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ (فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَ أُخْتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَطَلَّقَهُنَّ ثَلَاثًا ثَلَاثًا قَبْلَ إسْلَامِهِمْ) أَيْ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ (لَمْ يَنْكِحْ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (إلَّا بِمُحَلِّلٍ) لِمُصَادَفَةِ طَلَاقِهِنَّ حَالَةَ صِحَّةِ نِكَاحِهِنَّ وَدَفَعَ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا الثَّانِي احْتِمَالَ إرَادَةِ طَلَاقِ الْمَجْمُوعِ ثَلَاثًا (أَوْ) طَلَّقَهُنَّ ثَلَاثًا ثَلَاثًا (بَعْدَ إسْلَامِهِمْ تَخَيَّرَ) أَيْ اخْتَارَ وَاحِدَةً فِي الْأُولَى وَأَرْبَعًا فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَسْلَمُوا انْدَفَعَ نِكَاحُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ (وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهُنَّ أَوْ بَعْدَهُنَّ) وَطَلَّقَهُنَّ بَيْنَ الْإِسْلَامِيِّينَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا (تَخَيَّرَ أَيْضًا) فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْسِكُ إلَّا وَاحِدَةً فِي الْأُولَى وَأَرْبَعًا فِي الثَّانِيَةِ. (وَطَلُقَتْ الْمُخْتَارَةُ وَتَبَيَّنَ الْفَسْخُ) فِي الْبَاقِي (مِنْ حِينِ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ) مِنْهُمْ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ مَسْأَلَةِ طَلَاقِ الْأَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ بَعْدَ إسْلَامِهِمْ بِفُرُوعِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ نَكَحَ حُرَّةً وَأَمَةً وَلَوْ أُخْتَيْنِ وَطَلَّقَهُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمُوا لَمْ يَنْكِحْ إحْدَاهُمَا إلَّا بِمُحَلِّلٍ) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ أَسْلَمُوا ثُمَّ طَلَّقَ) هُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا (أَوْ أَسْلَمَتَا ثُمَّ طَلَّقَ) هُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا (ثُمَّ أَسْلَمَ) فِي الْعِدَّةِ (أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ أَسْلَمَ ثُمَّ طَلَّقَهُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَتَا فِيهَا (تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ لِلتَّحْلِيلِ وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ) وَلَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى مُحَلِّلٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْإِسْلَامُ انْدَفَعَ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَالطَّلَاقُ إنَّمَا يَنْفُذُ فِي الْمَنْكُوحَةِ وَهِيَ الْحُرَّةُ دُونَ الْأَمَةِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ إذَا دَخَلَ الزَّوْجُ بِهِمَا وَإِلَّا تَعَجَّلَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبْقِ إسْلَامِهِمَا أَوْ إسْلَامِهِ فَلَا يَلْحَقُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا طَلَاقٌ فَلَا تَحْتَاجَانِ إلَى مُحَلِّلٍ فَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فِي الْعِدَّةِ دُونَ الْأُخْرَى تَعَيَّنَ الطَّلَاقُ فِي الْمُسْلِمَةِ فَتَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ دُونَ الْمُتَخَلِّفَةِ [فَصْلٌ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ وَالصَّدَاقُ فَاسِدٌ وَلَمْ تَقْبِضْهُ الزَّوْجَةُ] (فَصْلٌ) لَوْ (أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ وَالصَّدَاقُ فَاسِدٌ كَالْخَمْرِ) وَالْخِنْزِيرِ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ (وَلَمْ تَقْبِضْهُ) الزَّوْجَةُ (اسْتَحَقَّتْ مَهْرَ الْمِثْلِ) لِتَعَذُّرِ طَلَبِ الْفَاسِدِ فِي الْإِسْلَامِ وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِهَا ذَلِكَ بَلْ وَاسْتِحْقَاقُهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ إذَا لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْهُ زَوْجُهَا قَاصِدًا تَمَلُّكَهُ وَالْغَلَبَةَ عَلَيْهِ فَإِنْ مَنَعَهَا قَاصِدًا ذَلِكَ سَقَطَ حَكَاهُ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ قَبَضَتْهُ فِي الْكُفْرِ فَلَا شَيْءَ لَهَا) لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بَيْنَهُمَا وَمَا مَضَى فِي الْكُفْرِ لَا يُنْقَضُ لِخَبَرِ «الْإِسْلَامِ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» (إلَّا إنْ كَانَ) الصَّدَاقُ (مُسْلِمًا) أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ كَأَنْ أَصْدَقَهَا حُرًّا مُسْلِمًا اسْتَرَقُّوهُ أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ مُكَاتَبَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ قَبْضِهِ (فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (؛ لِأَنَّا نُقِرُّهُمْ فِي الْكُفْرِ عَلَى الْخَمْرِ) وَنَحْوِهَا (دُونَ الْأَسِيرِ) الْمُسْلِمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذُكِرَ وَلِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْخَمْرِ وَنَحْوِهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَجَازَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَفِي الْمُسْلِمِ وَنَحْوِهِ لِحَقِّ الْمُسْلِمِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ. وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُسْلِمُ مُطْلَقًا كَذَلِكَ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَائِرُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ غَيْرُ النَّاكِحِ كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا غَصَبَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ آخَرَ فَقَبَضَتْهَا ثُمَّ أَسْلَمَا أَبْطَلْنَاهُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَعُمُومُ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الصَّدَاقِ يَقْتَضِيهِ (وَإِنْ قَبَضَتْ) فِي الْكُفْرِ (نِصْفَ الْفَاسِدِ اسْتَحَقَّتْ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَيُمْتَنَعُ تَسْلِيمُ الْبَاقِي مِنْ الْفَاسِدِ لِمَا مَرَّ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ كَاتَبَ ذِمِّيٌّ عَبْدَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ وَقَبَضَ بَعْضَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ حَيْثُ تَسَلَّمَ بَاقِيهِ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْكِتَابَةِ يَحْصُلُ بِحُصُولِ الصِّفَةِ ثُمَّ يَلْزَمُهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ وَلَا يَحُطُّ مِنْهَا قِسْطَ الْمَقْبُوضِ فِي الْكُفْرِ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِأَدَاءِ آخِرِ النُّجُومِ وَقَدْ جَرَى فِي الْإِسْلَامِ فَكَانَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ يُعْتَقُ بِالصِّفَةِ وَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي) تَقْسِيطِ (الْخَمْرِ) وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ مِثْلِيٌّ لَوْ فُرِضَ مَالًا (الْكَيْلُ وَلَوْ تَعَدَّدَ الزِّقُّ) فَلَوْ أَصْدَقَهَا زِقَّيْ خَمْرٍ فَقَبَضَتْ أَحَدَهُمَا اُعْتُبِرَ فِي التَّقْسِيطِ الْكَيْلُ لَا الْوَزْنُ وَلَا الْعَدَدُ وَلَا الْقِيمَةُ نَعَمْ إنْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ قِيمَةً لِزِيَادَةِ وَصْفٍ فِيهِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ. (وَ) الْمُعْتَبَرُ (فِي الْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ الْقِيمَةُ) بِتَقْدِيرِ الْمَالِيَّةِ (عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ لَهُمَا قِيمَةً) لَا لِعَدَدٍ وَيُفَارِقُ هَذَا مَا فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا كِلَابٌ وَأَوْصَى بِكَلْبٍ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ لَا الْقِيمَةُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مَحْضُ تَبَرُّعٍ فَاغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ (وَلَوْ أَصْدَقَهَا جِنْسَيْنِ فَأَكْثَرَ كَزِقَّيْ خَمْرٍ وَكَلْبَيْنِ وَسَلَّمَ) لَهَا (الْبَعْضَ) فِي الْكُفْرِ (فَالْمُعْتَبَرُ هُنَا الْقِيمَةُ) بِتَقْدِيرِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَ مَنْ ذُكِرَ (فِي الْجَمِيعِ) كَتَقْدِيرِ الْحُرِّ عَبْدًا   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَلِمَا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ مِنْ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ نَكَحَهَا تَفْوِيضًا وَاعْتِقَادُهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِلْمُفَوِّضَةِ بِحَالٍ ثُمَّ أَسْلَمَا فَإِنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ كَانَ الْإِسْلَامُ قَبْلَ الْمَسِيسِ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ اسْتِحْقَاقُ وَطْءٍ بِلَا مَهْرٍ [فَرْعٌ نَكَحَ أُخْتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَطَلَّقَهُنَّ ثَلَاثًا ثَلَاثًا قَبْلَ إسْلَامِهِمْ] (قَوْلُهُ وَإِنْ قَبَضَتْهُ فِي الْكُفْرِ فَلَا شَيْءَ لَهَا) بَقِيَ هَاهُنَا شَيْءٌ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبَّضَهَا الْخَمْرَ وَنَحْوَهُ قَبْضًا فَاسِدًا لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ غَيْرِهَا هَلْ يَكُونُ كَالْعَدَمِ حَتَّى نَحْكُمَ لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ يَكُونَ صَحِيحًا فِيهِ احْتِمَالٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنْ اعْتَبَرُوهُ فَلَا مَهْرَ وَإِلَّا وَجَبَ لَا لِغَايَةٍ فَتَأَمَّلْهُ غ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ إلَخْ) . قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُسْلِمِ مِثَالٌ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَأْسُورُ ذِمِّيًّا مِنْ دَارِنَا أَوْ عَبْدًا لَهُ أَوْ مُكَاتَبًا لَهُ كَانَ الْحُكْمُ مَا مَرَّ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَائِرُ مَا يُخْتَصَرُ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَخْ) فَيَجِبُ اتِّحَادُ الْمِثْلِيِّ فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 فِي الْحُكُومَةِ نَعَمْ لَوْ تَعَدَّدَ الْجِنْسُ وَكَانَ مِثْلِيًّا كَزِقِّ خَمْرٍ وَزِقِّ بَوْلٍ وَقَبَضَتْ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْكَيْلِ. (وَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ بَاعَ كَافِرٌ كَافِرًا (أَوْ أَقْرَضَهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَا) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا قَبْلَ إسْلَامِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ بِإِجْبَارِ قَاضِيهِمْ) عَلَيْهِ (لَمْ يُعْتَرَضْ) عَلَيْهِمَا لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بَيْنَهُمَا (أَوْ) أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ (أَبْطَلْنَاهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ (وَإِنْ قَبَضَ دِرْهَمًا) مِنْ مَالِكِ الدِّرْهَمَيْنِ (فَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُهُ (فِي) أَوَاخِرِ (بَابِ الرَّهْنِ) [فَرْعٌ دَخَلَ بِالْمُفَوِّضَةِ لِبُضْعِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا مَهْرَ لَهَا عِنْدَهُمْ بِحَالٍ] (فَرْعٌ) لَوْ (دَخَلَ بِالْمُفَوِّضَةِ) لِبُضْعِهَا (بَعْدَ الْإِسْلَامِ) أَوْ قَبْلَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأُولَى (وَلَا مَهْرَ لَهَا عِنْدَهُمْ) بِحَالٍ (فَلَا شَيْءَ) لَهَا (عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْأَهَا بِلَا مَهْرٍ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً تَفْوِيضًا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا حَكَمْنَا لَهَا بِالْمَهْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْحَرْبِيَّيْنِ وَفِيمَا إذَا اعْتَقَدَا أَنْ لَا مَهْرَ بِحَالٍ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فِيهِمَا. (فَصْلٌ الذِّمِّيَّانِ لَا الْمُعَاهَدَانِ مَتَى تَرَافَعَا) إلَيْنَا (وَالْمِلَّةُ) أَيْ مِلَّتُهُمَا (مُخْتَلِفَةٌ) كَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ (وَجَبَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا وَإِعْدَاءُ الْمُسْتَعِدِّي) مِنْهُمَا عَلَى خَصْمِهِ أَيْ إعَانَةُ الطَّالِبِ لَهُ عَلَى إحْضَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ خَصْمُهُ كَالْحُكْمِ بَيْنَنَا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ مَنْعُ الظُّلْمِ عَنْ الذِّمِّيِّ كَالْمُسْلِمِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهَذِهِ نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] (وَكَذَا) يَجِبُ ذَلِكَ (إذَا اتَّفَقَتْ) مِلَّتُهُمَا كَيَهُودِيَّيْنِ لِمَا ذُكِرَ وَلِمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا» وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى حُكْمِ دِينِهِمْ (وَالْمُعَاهَدُ وَالذِّمِّيُّ كَالذِّمِّيَّيْنِ) فِيمَا ذُكِرَ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ فَإِنَّهُمْ لَا يُحَدُّونَ وَإِنْ رَضُوا بِحُكْمِنَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ أَمَّا الْمُعَاهَدَانِ فَلَا يَجِبُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا حُكْمَنَا وَلَا الْتَزَمْنَا دَفْعَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُنَا الْحُكْمُ بَيْنَ حَرْبِيَّيْنِ وَلَا بَيْنَ حَرْبِيٍّ وَمُعَاهَدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ. وَالظَّاهِرُ فِيمَا لَوْ عُقِدَتْ الذِّمَّةُ لِأَهْلِ بَلْدَةٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَنَّهُمْ كَالْمُعَاهَدِينَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ (فَرْعٌ لَوْ أَقَرَّ ذِمِّيٌّ بِزِنًا أَوْ سَرِقَةِ مَالٍ) وَلَوْ (لِذِمِّيٍّ حَدَدْنَاهُ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ (ثُمَّ عِنْدَ التَّرَافُعِ) أَيْ تَرَافُعِهِمَا إلَيْنَا (نَحْكُمُ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ تَحَاكَمُوا) إلَيْنَا (فِي النِّكَاحِ أَقْرَرْنَا) لَهُمْ (مَا نُقِرُّ عَلَيْهِ مَنْ أَسْلَمَ) وَنُبْطِلُ عَلَيْهِمْ مَا لَا نُقِرُّ عَلَيْهِ مَنْ أَسْلَمَ (وَنُوجِبُ النَّفَقَةَ فِي نِكَاحِ مَنْ قَرَّرْنَاهُ) فَلَوْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا قَرَّرَنَا النِّكَاحَ وَحَكَمْنَا بِالنَّفَقَةِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَا وَالْتَزَمَا الْأَحْكَامَ. (وَإِنْ نَكَحَ الْمَجُوسِيُّ مَحْرَمًا لَهُ) وَلَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا (لَمْ نَعْتَرِضْ) عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَرَفُوا مِنْ حَالِ الْمَجُوسِ إنَّهُمْ يَنْكِحُونَ الْمَحَارِمَ وَلَمْ يَعْتَرِضُوهُمْ (فَإِنْ تَرَافَعَا) إلَيْنَا فِي النَّفَقَةِ (فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا) أَيْ أَبْطَلْنَا نِكَاحَهُمَا وَلَا نَفَقَةَ؛ لِأَنَّهُمَا بِالتَّرَافُعِ أَظْهَرَا مَا يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَظْهَرَ الذِّمِّيُّ الْخَمْرَ (وَلَوْ تَرَافَعُوا) أَيْ الْكُفَّارُ إلَيْنَا (فِيهَا) أَيْ فِي النَّفَقَةِ كَأَنْ جَاءَنَا كَافِرٌ (وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ) وَطَلَبُوا فَرْضَ النَّفَقَةِ (أَعْرَضْنَا عَنْهُمْ مَا لَمْ يَرْضَوْا بِحُكْمِنَا) وَلَا نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ فَإِنْ رَضُوا بِهِ فَرَّقْنَا بَيْنَهُمْ بِأَنْ نَأْمُرَهُ بِاخْتِيَارِ إحْدَاهُمَا (وَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ) بِشُهُودٍ مُسْلِمِينَ (ذِمِّيًّا بِكِتَابِيَّةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا) خَاصٌّ بِالْتِمَاسِهِمْ ذَلِكَ. [فَصْلٌ أَسْلَمَ كَافِرٌ حُرٌّ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ الْحَرَائِرِ مَدْخُولٍ بِهِنَّ وَهُنَّ كِتَابِيَّاتٌ] (فَصْلٌ وَإِنْ أَسْلَمَ) كَافِرٌ حُرٌّ (وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ) مِنْ الْحَرَائِرِ (مَدْخُولٍ بِهِنَّ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ) أَسْلَمْنَ (بَعْدَهُ أَوْ بَعْضُهُنَّ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ) وَالْبَعْضُ الْآخَرُ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ (أَوْ تَخَلَّفْنَ) عَنْهُ (وَهُنَّ كِتَابِيَّاتٌ اخْتَارَ أَرْبَعًا) مِنْهُنَّ (وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِنَّ) وَلَا نَظَرَ إلَى تُهْمَةِ الْإِرْثِ (وَيَرِثُ مِنْ) الْمَيِّتَاتِ الْمُخْتَارَاتِ (غَيْرُ الْكِتَابِيَّاتِ وَانْدَفَعَ) بَعْدَ اخْتِيَارِ الْأَرْبَعِ (نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ) لِخَبَرِ غَيْلَانَ السَّابِقِ سَوَاءٌ أَنَكَحَهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا حَتَّى لَوْ اخْتَارَ مِنْهُنَّ الْأَخِيرَاتِ جَازَ لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ فِي الْخَبَرِ وَالتَّصْرِيحِ بِمَسْأَلَةِ إسْلَامِ بَعْضِهِنَّ مَعَهُ وَبِتَقْيِيدِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْحَرْبِيَّيْنِ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا إذَا حَصَلَ إسْلَامٌ وَهُنَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ (قَوْلُهُ أَوْ فِيمَا إذَا اعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ بِحَالٍ) أَيْ لَا بِالْعَقْدِ وَلَا بِالْوَطْءِ وَيَدْفَعُهُ أَنَّ الرَّافِعِيَّ بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا الْحُكْمَ هُنَاكَ قَالَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَخْلُو عَنْ الْمَهْرِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ جَوَّزُوا خُلُوَّهُ عَنْ الْمَهْرِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَذْهَبَنَا إيجَابُ الْمَهْرِ عِنْدَ التَّرَافُعِ لَنَا فِي الْحَالَتَيْنِ وَالْأَحْسَنُ عِنْدِي الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَذْكُورَ هُنَا فِي الذِّمِّيِّينَ وَكَذَا صَوَّرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالتَّتِمَّةِ لِالْتِزَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَحْكَامَنَا وَالْمَذْكُورُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ فِي الْحَرْبِيَّيْنِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ فِيمَا إلَخْ كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ بِأَلْفٍ مُلْحَقَةٍ وَفِي غَيْرِهَا بِالْوَاوِ [فَصْلٌ الذِّمِّيَّانِ لَا الْمُعَاهَدَانِ مَتَى تَرَافَعَا إلَيْنَا وَالْمِلَّةُ مُخْتَلِفَةٌ] (قَوْلُهُ الذِّمِّيَّانِ لَا الْمُعَاهَدَانِ مَتَى تَرَافَعَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ تَرَافَعَا رَفْعُ الْأَمْرِ إلَيْنَا وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ وَحَكَمْنَا بِالْحَقِّ إنْ خَصْمٌ رَضِيَ حَتْمٌ (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ فِيمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ أَقَرَّ ذِمِّيٌّ بِزِنًا أَوْ سَرِقَةِ مَالٍ وَلَوْ لِذِمِّيٍّ] (قَوْلُهُ وَنُبْطِلُ عَلَيْهِمْ مَا لَا نُقِرُّ عَلَيْهِ مَنْ أَسْلَمَ) كَنِكَاحِ أَمَةٍ تَحْتَ مُوسِرٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَافَعَا فِي النَّفَقَةِ فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا) قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُحْرِمِ ذَاتِيَّةٌ لَا تَقْبَلُ الْحِلَّ بِحَالٍ (قَوْلُهُ وَلَا نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ) قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّ حُرْمَتَهُمَا حُرْمَةُ جَمْعٍ فَهِيَ أَضْعَفُ مِنْ الْمُحْرِمِ وَإِنَّمَا لَمْ نُفَرِّقْ لِأَنَّ التَّرَافُعَ لَيْسَ فِي النِّكَاحِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي عَلَقَتِهِ فَأَعْرَضْنَا عَمَّا تَرَافَعَا فِيهِ وَلَمْ نُبْطِلْ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ (فَصْلٌ وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ إلَخْ) (قَوْلُهُ وَهُنَّ كِتَابِيَّاتٌ) أَيْ يَحِلُّ ابْتِدَاءً نِكَاحُهُنَّ (قَوْلُهُ لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ فِي الْخَبَرِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي حِكَايَةِ الْأَحْوَالِ مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَفْصِلْ عَنْ ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 الْإِرْثِ بِغَيْرِ الْكِتَابِيَّاتِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ إذَا كُنَّ غَيْرَ كِتَابِيَّاتٍ فَإِنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ اخْتَارَ أَرْبَعًا أَيْضًا وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ فَأَقَلَّ أَوْ كُنَّ مَدْخُولًا بِهِنَّ وَاجْتَمَعَ إسْلَامُهُ وَإِسْلَامُ أَرْبَعٍ فَأَقَلَّ فِي الْعِدَّةِ تَعَيَّنَ لِلنِّكَاحِ وَلَوْ أَسْلَمَ أَرْبَعٌ ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فِي عِدَّتِهِنَّ وَتَخَلَّفَتْ الْبَاقِيَاتُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِ الزَّوْجِ أَوْ مُتْنَ عَلَى الشِّرْكِ تَعَيَّنَتْ الْأَوَّلِيَّاتُ. (فَإِنْ جُنَّ) الزَّوْجُ الَّذِي أَسْلَمَ (قَبْلَ الِاخْتِيَارِ أَوْ كَانَ صَغِيرًا وَقَفْنَ) أَيْ كُلُّهُنَّ أَيْ نِكَاحُهُنَّ أَوْ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ أَيْ اخْتِيَارُهُنَّ (حَتَّى يُفِيقَ) الْمَجْنُونُ (أَوْ يَبْلُغَ الصَّغِيرُ) فَيَخْتَارَا إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا وَلَا لِوَلِيِّهِمَا؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ شَهْوَةٍ (وَالنَّفَقَةُ) أَيْ نَفَقَتُهُنَّ كُلُّهُنَّ (فِي مَالِهِمَا) ؛ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٍ لِأَجْلِهِمَا (فَرْعٌ) لَوْ (أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُمٌّ وَبِنْتُهَا) نَكَحَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَكَانَتَا كِتَابِيَّتَيْنِ أَوْ أَسْلَمَتَا وَهُمَا (مَدْخُولٌ بِهِمَا حَرُمَتَا) أَبَدًا؛ لِأَنَّ وَطْءَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِشُبْهَةٍ يُحَرِّمُ الْأُخْرَى فَبِنِكَاحٍ أَوْلَى بَلْ الْأُمُّ تَحْرُمُ بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ أَيْضًا (وَلَهُمَا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (الْمُسَمَّى) لَهَا (الصَّحِيحُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا (فَهُوَ الْمِثْلُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (حَرُمَتْ الْأُمُّ) أَبَدًا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا يُحَرِّمُ الْأُمَّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ. (وَاسْتَحَقَّتْ) أَيْ الْأُمُّ (نِصْفَ الْمَهْرِ) لِانْدِفَاعِ نِكَاحِهَا بِالْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهَا بِنَاءً عَلَى فَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ دَخَلَ بِالْبِنْتِ فَقَطْ حَرُمَتْ الْأُمُّ وَحْدَهَا) أَبَدًا بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ أَوْ بِالدُّخُولِ عَلَيْهَا دُونَ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِالْأُمِّ وَالْعَقْدُ عَلَيْهَا لَا يُحَرِّمُ الْبِنْتَ وَاسْتَحَقَّتْ الْأُمُّ نِصْفَ الْمَهْرِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) دَخَلَ (بِالْأُمِّ) فَقَطْ (حَرُمَتْ الْبِنْتُ) أَبَدًا بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ (وَكَذَا الْأُمُّ) بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ وَلَهَا الْمُسَمَّى وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ تَفْرِيعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ بُطْلَانُ أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ شَكَّ هَلْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا أَمْ لَا فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَكِنَّ الْوَرَعَ تَحْرِيمُهُمَا وَلَوْ شَكَّ فِي عَيْنِ الْمَدْخُولِ بِهَا بَطَلَ نِكَاحُهُمَا لِتَيَقُّنِ تَحْرِيمِ إحْدَاهُمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (فَرْعٌ) لَوْ (أَسْلَمَ) الْحُرُّ (مَعَ إمَاءٍ) تَحْتَهُ (لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ وَكَانَ لَا يَخَافُ الْعَنَتَ حَرُمْنَ) إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ابْتِدَاءً فَلَا يَجُوزُ اخْتِيَارُهَا (وَإِنْ دَخَلَ بِهِنَّ اخْتَارَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (إنْ حَلَّتْ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ جَازَ لَهُ اخْتِيَارُهَا وَتَقْيِيدُهُ فِي الْأُولَى بِعَدَمِ الدُّخُولِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالدُّخُولِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَوْ قَالَ أَسْلَمَ مَعَ إمَاءٍ اخْتَارَ وَاحِدَةً إنْ حَلَّتْ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ وَإِلَّا حَرُمْنَ لَسَلَمَ مِنْ ذَلِكَ وَوَافَقَ أَصْلَهُ وَكَانَ أَخْصَرَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَسْلَمْنَ بَعْدَ إسْلَامِهِ فِي الْعِدَّةِ (فَرْعٌ) لَوْ (أَسْلَمَ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْ الْإِمَاءِ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَهَا) وَأَنْ (يَنْتَظِرَ غَيْرَهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا) أَيْ الَّتِي أَسْلَمَتْ مَعَهُ (فَهُوَ اخْتِيَارٌ لَهَا) ضِمْنًا (وَتَبِينُ الْبَاقِيَاتُ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ أَنْ أَصْرَرْنَ) عَلَى الْكُفْرِ (وَمِنْ وَقْتِ تَطْلِيقِهَا إنْ أَسْلَمْنَ) فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ فَحُكْمُ اخْتِيَارِهَا حُكْمُ تَطْلِيقِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارُهَا صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا وَأَسْلَمَ غَيْرُهَا فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْ الْجَمِيعِ وَتَنْدَفِعُ الْبَاقِيَاتُ (وَإِنْ فُسِخَ نِكَاحُ الْمُسْلِمَةِ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ لَمْ يَنْفُذْ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفْسَخُ الزَّائِدُ وَلَيْسَ فِي الْحَالِ زِيَادَةٌ (فَإِنْ أَضْرَرْنَ لَزِمَ نِكَاحُهَا) وَبِنَّ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ (وَإِنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ) أَوْ (فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ مَنْ شَاءَ) مِنْ الْجَمِيعِ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ مَعَهُ) مِنْ ثَلَاثِ إمَاءٍ تَحْتَهُ (وَهُوَ مُعْسِرٌ خَائِفٌ الْعَنَتَ ثُمَّ) أَسْلَمَتْ (أُخْرَى) فِي عِدَّتِهَا (وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ) أَسْلَمَتْ (أُخْرَى) كَذَلِكَ (وَهُوَ مُعْسِرٌ خَائِفٌ) الْعَنَتَ (انْدَفَعَتْ الْوُسْطَى) لِفَقْدِ الشَّرْطِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهَا (وَتَخَيَّرَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْيَسَارَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي انْدِفَاعِ النِّكَاحِ إذَا اقْتَرَنَ بِإِسْلَامِهِمَا جَمِيعًا كَمَا مَرَّ فَلَوْ كَانَ مُوسِرًا عِنْدَ إسْلَامِ الثَّالِثَةِ أَيْضًا تَعَيَّنَتْ الْأُولَى أَوْ مُوسِرًا عِنْدَ إسْلَامِ الْأُولَى مُعْسِرًا عِنْدَ إسْلَامِ الْأُخْرَيَيْنِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا [فَرْعٌ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ وَأَرْبَعُ إمَاءٍ مَدْخُولٌ بِالْخَمْسِ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ] (فَرْعٌ) لَوْ (أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ وَأَرْبَعُ إمَاءٍ) مَثَلًا (مَدْخُولٌ بِهِنَّ) أَيْ بِالْخَمْسِ (وَأَسْلَمْنَ) مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ (تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ وَإِنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهَا) عَنْ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِ الْإِمَاءِ إذْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْحُرَّةِ تَمْنَعُ اخْتِيَارَ الْأَمَةِ وَكَالْحُرَّةِ الَّتِي أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ الْكِتَابِيَّةُ وَزَادَ التَّقْيِيدُ بِالدُّخُولِ بِهِنَّ لِيَحْتَرِزَ عَمَّا لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ فَلَا تَتَعَيَّنُ الْحُرَّةُ مُطْلَقًا بَلْ إنْ أَسْلَمَتْ مَعَهُ وَلَوْ مَعَ إسْلَامِ الْإِمَاءِ أَوْ بَعْضِهِنَّ تَعَيَّنَتْ وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَمَةٌ تَعَيَّنَتْ أَوْ أَمَتَانِ فَأَكْثَرُ اخْتَارَ أَمَةً مِمَّنْ أَسْلَمْنَ إلَّا أَنْ تَكُونَ   [حاشية الرملي الكبير] وَلَوْلَا أَنَّ الْحُكْمَ يَعُمُّ الْحَالَيْنِ لَمَا أَطْلَقَ وَحَمْلُ الْخُصُومِ لَهُ عَلَى الْأَوَائِلِ بَعِيدٌ. وَيَرُدُّهُ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ «نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَسْلَمْت وَتَحْتِي خَمْسُ نِسْوَةٍ فَسَأَلْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ فَارِقْ وَاحِدَةً وَأَمْسِكْ أَرْبَعًا فَعَمَدْت إلَى أَقْدَمِهِنَّ عِنْدِي عَاقِرٌ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً فَفَارَقْتهَا» وَحَمْلُهُمْ الْإِمْسَاكَ عَلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ أَبْعَدُ لِمُخَالَفَتِهِ ظَاهِرَ اللَّفْظِ فَإِنَّ الْإِمْسَاكَ صَرِيحٌ فِي الِاسْتِمْرَارِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ تَجْدِيدَهُ وَلِأَنَّهُ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُجْعَلْ الِاخْتِيَارُ إلَيْهِ بَلْ إلَيْهِنَّ لِافْتِقَارِ النِّكَاحِ لِرِضَاهُنَّ [فَرْعٌ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُمٌّ وَبِنْتُهَا وَكَانَتَا كِتَابِيَّتَيْنِ] (قَوْلُهُ وَاسْتَحَقَّتْ نِصْفَ الْمَهْرِ) أَيْ نِصْفَ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ صَحِيحًا وَإِلَّا فَنِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى فَاسِدًا (قَوْلُهُ بَطَلَ نِكَاحُهُمَا إلَخْ) كَتَيَقُّنِهِ أُخُوَّةَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ [فَرْعٌ أَسْلَمَ الْحُرُّ مَعَ إمَاءٍ تَحْتَهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ وَكَانَ لَا يَخَافُ الْعَنَتَ] (قَوْلُهُ اخْتَارَ وَاحِدَةً) لَا أَكْثَرَ (قَوْلُهُ وَلَا وَجْهَ لَهُ) لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ إذْ يُفْهَمُ غَيْرُهُ مِنْهُ بِقِيَاسِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْأُولَى وَالْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 الْحُرَّةُ فِيهِمَا كِتَابِيَّةً فَتُعَيَّنَ (وَيَعْتَدِدْنَ) أَيْ الْإِمَاءُ (مِنْ حِينِ تَعَيَّنَتْ) أَيْ الْحُرَّةُ وَهُوَ وَقْتُ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِ الْأَزْوَاجِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ مَعَهُ وَلَا فِي الْعِدَّةِ بِنَّ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ (وَإِنْ تَخَلَّفَتْ الْحُرَّةُ) عَنْ الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ (لَمْ يَخْتَرْ وَاحِدَةً) مِنْ الْإِمَاءِ (قَبْلَ انْقِضَاءٍ فَإِنْ اخْتَارَ) وَاحِدَةً حِينَئِذٍ (وَأَصَرَّتْ) أَيْ الْحُرَّةُ عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ مَاتَتْ (لَمْ يَتَبَيَّنْ صِحَّةُ الِاخْتِيَارِ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ (بَلْ يُجَدِّدُهُ) وُجُوبًا إنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ. وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ اخْتِيَارُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ إسْلَامُهُ وَإِسْلَامُ الْحُرَّةِ فِي الْعِدَّةِ فَكَانَتْ كَالْمَعْدُومَةِ (وَإِنْ عَتَقْنَ) أَيْ الْإِمَاءُ (قَبْلَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ) بِأَنْ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ أَوْ أَسْلَمْنَ وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَ وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ (الْتَحَقْنَ بِالْحَرَائِرِ) الْأَصْلِيَّاتِ (فَإِنْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ مَعَهُ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ (وَعَتَقَ الْإِمَاءُ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ) أَيْ مِنْ الْجَمِيعِ (دُونَهَا) أَيْ الْحُرَّةِ وَلَوْ أَسْلَمَ وَلَيْسَ تَحْتَهُ إلَّا إمَاءٌ وَتَخَلَّفْنَ وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا كَالْحَرَائِرِ الْأَصْلِيَّاتِ وَلَوْ أَسْلَمَ مِنْ إمَاءٍ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ وَاحِدَةٌ ثُمَّ عَتَقَتْ ثُمَّ عَتَقَتْ الْبَاقِيَاتُ ثُمَّ أَسْلَمْنَ اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ لِتَقَدُّمِ عِتْقِهِنَّ عَلَى إسْلَامِهِنَّ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ الْأُولَى لِرِقِّهَا عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامِيِّينَ فَتَنْدَفِعُ بِالْمُعْتَقَاتِ عِنْدَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالشَّرْطُ) فِيمَا ذُكِرَ (أَنْ يُعْتَقْنَ قَبْلَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ) كَمَا مَثَّلْنَا فَإِنَّهُ حَالَةَ إمْكَانِ الِاخْتِيَارِ كَمَا فِي الْيَسَارِ وَأَمْنِ الزِّنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعِتْقَ مَعَ الِاجْتِمَاعِ كَهُوَ قَبْلَهُ. (فَلَوْ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ) وَأَسْلَمَ فَكَانَ الْأَوْلَى وَأَسْلَمُوا (قَبْلَ) إسْلَامِ (الْحُرَّةِ فَلَهُ اخْتِيَارُهُنَّ) ثُمَّ إنْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ فِي الْعِدَّةِ بَانَتْ بِاخْتِيَارِهِ الْأَرْبَعَ وَإِلَّا بَانَتْ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ (فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) بِأَنْ أَخَّرَ الِاخْتِيَارَ (انْتِظَارًا لِلْحُرَّةِ) أَيْ لِإِسْلَامِهَا (لَزِمَهُ اخْتِيَارُ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ) إذْ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِ اخْتِيَارِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ نِكَاحُ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ لَا مَحَالَةَ (وَلَهُ انْتِظَارُ إسْلَامِ الْحُرَّةِ لِاخْتِيَارِ الرَّابِعَةِ) فَإِنْ أَسْلَمَتْ اخْتَارَهَا أَوْ الرَّابِعَةُ مِنْ الْعَتِيقَاتِ وَإِلَّا لَزِمَهُ نِكَاحُ الرَّابِعَةِ مِنْ الْعَتِيقَاتِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ اخْتِيَارِ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ هُوَ مَا حَكَاهَا الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَحَكَى قَبْلَهُ مُقَابِلَهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ. (وَإِنْ نَكَحَ مُشْرِكٌ أَرْبَعَ إمَاءٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ (إلَّا وَاحِدَةً فَعَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ تَعَيَّنَتْ كَالْأَصْلِيَّةِ) أَيْ كَالْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ (وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَمَتَانِ وَعَتَقَتْ) الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ فَعَتَقَتْ (إحْدَاهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ) عَلَى الرِّقِّ (انْدَفَعَ نِكَاحُهَا) ؛ لِأَنَّ تَحْتَ زَوْجِهِمَا حُرَّةً عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِمَا (وَاخْتَارَ إحْدَى الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ) وَإِنَّمَا لَمْ تَنْدَفِعْ الرَّقِيقَةُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْأُخْرَى كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّهَا كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْجَمِيعِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ سَهْوٌ مَنْشَؤُهُ أَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عِتْقُ الْمُتَقَدِّمَةِ وَاقِعًا قَبْلَ اجْتِمَاعِ الزَّوْجِ وَالْمُتَخَلِّفَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ الْتَحَقَتْ فِي حَقِّهِمَا بِالْحَرَائِرِ قَالَ وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ بِاجْتِمَاعِ الْعَتِيقَةِ نَفْسِهَا وَالزَّوْجِ فِي الْإِسْلَامِ لَا بِاجْتِمَاعِ غَيْرِهَا وَالزَّوْجِ وَهَذِهِ الْعَتِيقَةُ كَانَتْ عِنْدَ اجْتِمَاعِهَا هِيَ وَالزَّوْجِ فِي الْإِسْلَامِ رَقِيقَةً فَكَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْإِمَاءِ فِي حَقِّهَا وَحَقِّ غَيْرِهَا. قَالَ وَقَدْ يُتَكَلَّفُ لَهُ تَأْوِيلٌ يُرَدُّ بِهِ كَلَامُهُ إلَى مُوَافَقَةِ غَيْرِهِ بِأَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِهِ مَا إذَا اخْتَارَ الْمُعْتَقَةَ قَبْلَ إسْلَامِ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لَكِنَّ سِيَاقَهُ يَأْبَى هَذَا وَنَقَلَ السُّبْكِيُّ ذَلِكَ وَقَالَ الْأَرْجَحُ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ امْتِنَاعِ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لِاقْتِرَانِ حُرِّيَّةِ إحْدَى الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ بِإِسْلَامِهِمَا وَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ ابْتِدَاءِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَيُمْنَعُ التَّقْرِيرُ عَلَيْهِمَا وَلَا نَقُولُ بِانْدِفَاعِهِمَا بِمُجَرَّدِ عِتْقِ تِلْكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعْتَقَا ثُمَّ يُسْلِمَا وَإِنَّمَا يَنْدَفِعَانِ إذَا أَسْلَمْنَا عَلَى الرِّقِّ وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَذَكَرْت بَعْضَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَوَّبَهُ (وَإِنْ عَتَقَتْ الْمُتَقَدِّمَتَانِ) يَعْنِي أَمَتَانِ مِنْ الْأَرْبَعِ (بَعْدَ إسْلَامِهِمَا ثُمَّ عَتَقَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ ثُمَّ أَسْلَمَتَا انْدَفَعَتْ الْمُتَقَدِّمَتَانِ) وَتَعَيَّنَ إمْسَاكُ الْأَخِيرَتَيْنِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ عَتَقَتْ ثِنْتَانِ ثُمَّ أَسْلَمَتَا وَأَسْلَمَتْ الْأُخْرَيَانِ ثُمَّ عَتَقَتَا تَعَيَّنَ إمْسَاكُ الْأُولَتَيْنِ وَانْدَفَعَتْ الْمُتَأَخِّرَتَانِ (نَظَرًا) فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (إلَى حَالِ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامِيِّينَ) كَمَا مَرَّ. (فَصْلٌ سَيَأْتِي) فِي الْبَابِ الْآتِي (أَنَّ لِأَمَةٍ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ الْخِيَارَ) فِي فَسْخِ النِّكَاحِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمْنَ وَعَتَقْنَ) عَبَّرَ بِالْوَاوِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا تَقَدَّمَ إسْلَامُهُنَّ عَلَى عِتْقِهِنَّ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ فَعَتَقْنَ) عَدَلَ عَنْ الْفَاءِ لِئَلَّا يُفْهَمَ مِنْهَا اشْتِرَاطُ التَّعْقِيبِ (قَوْلُهُ وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ) وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ إنَّ حُدُوثَ الْعِتْقِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا أَثَرَ لَهُ يُرِيدُونَ بِهِ فِي الْمَاضِي بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ مِنْ الزَّوْجَاتِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَوَاقِي فَلَا وَالْإِمَامُ وَالْفُورَانِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ تَمَسَّكُوا بِهَذَا الْإِطْلَاقِ وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ عَلَى أَنَّ لَنَا أَنْ نَقُولَ بِالْإِطْلَاقِ مَعَ اسْتِيفَاءِ النِّزَاعِ لِأَنَّ انْدِفَاعَ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لَيْسَ مِنْ أَثَرِ الْعِتْقِ بَلْ مِنْ أَثَرِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَهُوَ مَعْنًى آخَرُ غَيْرُ تَأْثِيرِ الْعِتْقِ بِخُصُوصِهِ فَيَحْتَمِلُ الْإِطْلَاقَ عَلَيْهِ وَلَا نَقُولُ بِأَنَّ كَلَامَ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ قَطْعًا بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَهُ اتِّجَاهٌ قَلِيلٌ لَكِنَّ الْأَرْجَحَ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْلَا الْأَدَبُ لَكُنْت أَقْطَعُ بِمَا قَالَهُ وَأَقُولُ إنَّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَهْمٌ وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ لَنَبَّهَ عَلَى مُخَالَفَتِهِ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ وَزَادَ عَلَيْهِ وَبَيَّنَ رَدَّ الْأَوَّلِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 (فَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ عَتَقَتْ وَالْعَبْدُ كَافِرٌ فَلَهَا الْفَسْخُ) ؛ لِأَنَّهُ يُلَائِمُ حَالَهَا وَلَا يَلْزَمُهَا الِانْتِظَارُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ حَالُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَخَّرَتْ الْفَسْخَ إلَى مَا بَعْدَ إسْلَامِ الزَّوْجِ كَانَتْ عِدَّتُهَا مِنْ يَوْمَئِذٍ فَتَدْفَعُ بِالتَّعْجِيلِ طُولَ التَّرَبُّصِ (لَا الْإِجَازَةِ) ؛ لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْبَيْنُونَةِ فَلَا يَلِيقُ بِحَالِهَا اخْتِيَارُ الْإِقَامَةِ وَلِأَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَكَيْفَ تُقِيمُ تَحْتَ كَافِرٍ وَعَطْفُهُ عَتَقَتْ بِثُمَّ عَلَى أَسْلَمَتْ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ تَأَخُّرِهِ عَنْهُ فِيمَا ذُكِرَ وَلَيْسَ مُرَادًا بِخِلَافِ عَطْفِ أَصْلِهِ لَهُ بِالْوَاوِ وَسَيَأْتِي (ثَمَّ) بَعْدَ فَسْخِهَا (إنْ أَسْلَمَ) الزَّوْجُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ حُرَّةٍ) وَهِيَ (مِنْ حِينِ الْفَسْخِ وَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَقَدْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ عَتَقَتْ كَمَا فَرَضَهُ أَوَّلًا (فَمِنْ حِينِ أَسْلَمَتْ) تَكُونُ عِدَّتُهَا وَيَلْغُو الْفَسْخُ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ قَبْلَهُ لَكِنْ تَعْتَدُّ (عِدَّةَ أَمَةٍ) لِحُصُولِ عِتْقِهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا. (وَإِنْ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَعِدَّةُ حُرَّةٍ) تَعْتَدُّ (وَلَهَا تَأْخِيرُ الْفَسْخِ إلَى إسْلَامِهِ) وَلَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُهَا كَالرَّجْعِيَّةِ إذَا عَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ وَالزَّوْجُ رَقِيقٌ ثُمَّ إنْ أَصَرَّ الزَّوْجُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا سَقَطَ خِيَارُهَا وَعِدَّتُهَا مِنْ حِينِ أَسْلَمَتْ وَهِيَ عِدَّةُ أَمَةٍ إنْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ عَتَقَتْ وَإِنْ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَعِدَّةُ حُرَّةٍ وَإِنْ أَسْلَمَ فَلَهَا الْفَسْخُ وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ وَهَذَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (وَإِنْ أَسْلَمَ) هُوَ (فَ عَتَقَتْ) هِيَ (وَتَخَلَّفَتْ) عَنْهُ (فَلَهَا الْفَسْخُ) لِتَضَرُّرِهَا بِرِقِّهِ (وَلَهَا تَأْخِيرُهُ) وَحِينَئِذٍ (فَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ فُسِخَتْ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَفُسِخَتْ (اعْتَدَّتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ وَمَتَى أَصَرَّتْ) عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ (فَعِدَّةُ أَمَةٍ) تَعْتَدُّ (لَكِنْ مِنْ حِينِ أَسْلَمَ) ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا حُصُولَ الْفُرْقَةِ مِنْ حِينَئِذٍ (وَإِنْ أَجَازَتْ قَبْلَ إسْلَامِهَا لَمْ تَصِحَّ) إجَازَتُهَا؛ لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْبَيْنُونَةِ. [فَرْعٌ لَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ فَلَيْسَ لِزَوْجَتِهِ الْكَافِرَةِ خِيَارٌ] (فَرْعٌ لَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ فَلَيْسَ لِزَوْجَتِهِ الْكَافِرَةِ خِيَارٌ) ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِرِقِّهِ أَوَّلًا وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهَا عِتْقٌ (حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَإِنْ أَسْلَمَتْ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ سَوَاءٌ أَسْلَمَتْ أَمْ لَمْ تُسْلِمْ إذَا كَانَتْ كِتَابِيَّةً قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَسْوِيَتُهُ بَيْنَ أَنْ تُسْلِمَ وَأَنْ لَا تُسْلِمَ غَلَطٌ لِاقْتِضَائِهِ جَوَازَ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ قَطْعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ يُمْنَعُ الْقِيَاسُ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَمْرَهَا مَوْقُوفٌ عَلَى إسْلَامِهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ بَقِيَتْ تَحْتَهُ وَإِلَّا تَبَيَّنَّا الْفُرْقَةَ مِنْ حِينِ إسْلَامِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْأَذْرَعِيِّ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ (فَصْلٌ) لَوْ (أَسْلَمَ الْعَبْدُ عَنْ) بِمَعْنَى عَلَى (زَوْجَاتٍ حَرَائِرَ أَوْ إمَاءٍ وَأَسْلَمْنَ) مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ قَبْلَهُ وَأَسْلَمَ هُوَ فِيهَا أَوْ كَانَتْ الْحَرَائِرُ كِتَابِيَّاتٍ (فَلْيَخْتَرْ) مِنْهُنَّ (اثْنَتَيْنِ) فَقَطْ إذْ الْأَمَةُ فِي حَقِّهِ كَالْحُرَّةِ. وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثِّنْتَيْنِ فِي حَقِّهِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ فِي حَقِّ الْحُرِّ (فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ إسْلَامِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ أَمْ بَعْدَهُ أَمْ مَعَهُ (أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ إسْلَامِهِنَّ فَلَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ) فَيَخْتَارُ أَرْبَعَ حَرَائِرَ وَلَا يَخْتَارُ إلَّا أَمَةً بِشَرْطِهَا إذْ الِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَهُوَ فِيهِ حُرٌّ (وَإِنْ أَسْلَمَ) مِنْهُنَّ وَهُنَّ حَرَائِرُ (مَعَهُ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ (اثْنَتَانِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ) فِيهَا (لَمْ يَخْتَرْ إلَّا اثْنَتَيْنِ) إمَّا الْأُولَيَيْنِ وَإِمَّا ثِنْتَيْنِ مِنْ الْبَاقِيَاتِ وَإِمَّا وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَوَاحِدَةً مِنْهُنَّ لِاسْتِيفَائِهِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ وَإِذَا اخْتَارَ وَهُنَّ أَرْبَعُ حَرَائِرَ ثِنْتَيْنِ وَفَارَقَ ثِنْتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهُمَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَهُمَا حُرَّتَانِ (فَلَوْ كُنَّ) فِيمَا ذَكَرَهُ (إمَاءً لَمْ يَخْتَرْ) مِنْهُنَّ (إلَّا الْأُولَيَيْنِ) فَلَا يَخْتَارُ الْأُخْرَيَيْنِ وَلَا وَاحِدَةً مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ عِنْدَ إسْلَامِهِمَا (فَإِنْ عَتَقَتْ الْمُتَخَلِّفَاتُ) بَعْدَ عِتْقِهِ (ثُمَّ أَسْلَمْنَ) فِي الْعِدَّةِ (اخْتَارَ ثِنْتَيْنِ مِنْ الْجَمِيعِ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّفَاتِ حَرَائِرُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ حَرَائِرَ وَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْأُخْرَيَانِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ ثِنْتَيْنِ كَيْفَ شَاءَ. وَقَوْلُهُ ثِنْتَيْنِ مِنْ الْجَمِيعِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَلَهُ اخْتِيَارُهُمَا يَعْنِي الْأُخْرَيَيْنِ وَلَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَاحِدَةٌ مِنْ الْأُولَيَيْنِ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ مَعَهُ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ (وَاحِدَةٌ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ) فِيهَا (فَإِنْ كُنَّ) أَيْ جَمِيعُهُنَّ (حَرَائِرَ اخْتَارَ أَرْبَعًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَكَانَ كَالْحُرِّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ لَمْ يَخْتَرْ الِاثْنَتَيْنِ كَمَا مَرَّ وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِمَا إذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَمْلِكْ ثَالِثَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِكَاحُهَا إلَّا بِمُحَلِّلٍ وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً ثُمَّ عَتَقَ وَنَكَحَهَا أَوْ رَاجَعَهَا مَلَكَ طَلْقَتَيْنِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنَّ حَرَائِرَ فَإِنْ كُنَّ إمَاءً (فَوَاحِدَةٌ) مِنْ الْجُمْلَةِ يَخْتَارُهَا (بِشَرْطِهَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْ الْجُمْلَةِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْخِيَارَ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ لِأَمَةٍ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ] قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَسْوِيَتُهُ بَيْنَ أَنْ تُسْلِمَ وَأَنْ لَا تُسْلِمَ غَلَطٌ إلَخْ) لَيْسَ كَمَا زَعَمَهُ بَلْ هُوَ مُسْتَقِيمٌ إذْ كَلَامُهُ فِي نَفْيِ خِيَارِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي ثُبُوتِهِ عَلَى مُقَابِلِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فَرْعُ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَأَمَّا كَوْنُ نِكَاحِهَا يَسْتَمِرُّ أَوَّلًا فَأَمْرٌ قَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَمْرَهَا مَوْقُوفٌ عَلَى إسْلَامِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ) بَلْ لَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ لِتَعْلِيلِهِ [فَصْلٌ أَسْلَمَ الْعَبْدُ عَلَى زَوْجَاتٍ حَرَائِرَ أَوْ إمَاءٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ] (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ بِشَرْطِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 نَقَلَ مَعَهُ الْأَصْلُ أَنَّ الْأُولَى تَتَعَيَّنُ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِتَرْجِيحٍ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ صَحَّحَ أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً فَإِذَا قُلْنَا بِهِ تَعَيَّنَتْ الْأُولَى كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ. قَالَ الْمُتَوَلِّي وَعَلَى طَرِيقَةِ الْقَاضِي يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْ الْجُمْلَةِ وَعَكَسَ الْإِمَامُ فَحَكَى عَنْ الْقَاضِي أَنَّ الْأُولَى تَتَعَيَّنُ وَعَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْ الْجُمْلَةِ قَالَ وَقَوْلُ الْقَاضِي هَفْوَةٌ مِنْهُ انْتَهَى وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِشَرْطِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَنْقُولِ الْمُتَوَلِّي أَمَّا عَلَى مَنْقُولِ الْإِمَامِ فَإِنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا اخْتَارَ غَيْرَ الَّتِي أَسْلَمَتْ مَعَهُ أَمَّا فِيهَا فَلَا لِرِقِّهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَهُ لَكِنْ قِيَاسُ مَا مَرَّ جَوَازُ اخْتِيَارِ ثِنْتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ وَأَقُولُ بَلْ قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً بِعَيْنِ مَا قَالَهُ (فَإِنْ عَتَقَ مِنْ الْبَوَاقِي ثَلَاثٌ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمْنَ) فِيهَا (اسْتَقَرَّ نِكَاحُهُنَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ (مَعَ) نِكَاحِ (الْأُولَى لِجَوَازِ إدْخَالِ الْحَرَائِرِ عَلَى الْأَمَةِ وَإِنْ) كُنَّ إمَاءً وَحَرَائِرَ فَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَمَةٌ تَعَيَّنَتْ مَعَ الْحَرَائِرِ إنْ لَمْ يَزِدْنَ عَلَى ثَلَاثٍ وَإِلَّا فَيَخْتَارُ أَرْبَعًا كَيْفَ شَاءَ مِنْهُنَّ وَمِنْهَا أَوْ حُرَّةً تَعَيَّنَتْ إنْ كَانَتْ الْبَاقِيَاتُ إمَاءً وَإِلَّا فَتَتَعَيَّنُ مَعَ الْحَرَائِرِ إنْ لَمْ يَزِدْنَ عَلَى ثَلَاثٍ وَإِلَّا فَيَخْتَارُ أَرْبَعًا كَيْفَ شَاءَ. وَإِنْ (كَانَ تَحْتَهُ حُرَّتَانِ وَأَمَتَانِ فَأَسْلَمَ مَعَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ فَلَهُ اخْتِيَارُ الْحُرَّتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا وَ) الْأَمَةُ (الْأُولَى فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِيَةِ لِحُرِّيَّتِهِ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهَا وَفِي نِكَاحِهِ حُرَّةً بِخِلَافِهِ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِ الْأُولَى [فَصْلٌ فِي أَلْفَاظِ الِاخْتِيَارِ وَفُرُوعِهِ فِي النِّكَاح] (فَصْلٌ) فِي أَلْفَاظِ الِاخْتِيَارِ وَفُرُوعِهِ (وَالِاخْتِيَارُ قَوْلُهُ اخْتَرْتُك أَوْ اخْتَرْت نِكَاحَك أَوْ أَمْسَكْتُك أَوْ أَثْبَتُّك أَوْ حَبَسْتُك عَلَى النِّكَاحِ وَنَحْوِهِ) كَأَثْبَتْتُ نِكَاحَك أَوْ أَمْسَكْته أَوْ اخْتَرْت حَبْسَك أَوْ عَقْدَك لِمَجِيءِ الِاخْتِيَارِ وَالْإِمْسَاكِ فِي الْحَدِيثِ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ يَقْتَضِي أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ صَرِيحٌ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ اخْتَرْتُك وَأَمْسَكْتُك مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلنِّكَاحِ كِنَايَةً انْتَهَى وَمِثْلُهُمَا أَثْبَتُّك (وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ (ثَمَانٍ فَفَسَخَ نِكَاحَ أَرْبَعٍ) مِنْهُنَّ كَقَوْلِهِ فَسَخْت نِكَاحَهُنَّ أَوْ اخْتَرْتهنَّ لِلْفَسْخِ أَوْ هُنَّ لِلْفَسْخِ بِغَيْرِ لَفْظِ اخْتَرْت وَلَمْ يُرِدْ بِالْفَسْخِ طَلَاقًا (اسْتَقَرَّ الْبَاقِيَاتُ) أَيْ نِكَاحُهُنَّ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ فِيهِنَّ بِشَيْءٍ. (فَإِنْ أَرَادَ بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ أَوْ طَلَّقَ أَرْبَعًا) مِنْهُنَّ (حَرُمَ الْجَمِيعُ) أَمَّا الْمَذْكُورَاتُ فَلِطَلَاقِهِنَّ (؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ اخْتِيَارٌ لِلنِّكَاحِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهِ الْمَنْكُوحَةُ وَأَمَّا الْبَاقِيَاتُ فَلِانْدِفَاعِهِنَّ بِالشَّرْعِ (وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أُرِيدُكُنَّ حَصَلَ التَّعْيِينُ) بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مَعَهُ لِلْبَاقِيَاتِ لَا أُرِيدُكُنَّ وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ أُرِيدُكُنَّ وَلِلْبَاقِيَاتِ لَا أُرِيدُكُنَّ وَفِي أُخْرَى أُرِيدُكُنَّ أَوْ لَا أُرِيدُكُنَّ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْأَصْلِ الْأُولَى ثُمَّ الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ أَنَّ أُرِيدُكُنَّ كِنَايَةٌ فِي الِاخْتِيَارِ لِلنِّكَاحِ لَا صَرِيحٌ (وَلَوْ آلَى أَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَةٍ) فَأَكْثَرَ (فَلَيْسَ بِاخْتِيَارٍ) ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مُحَرَّمٌ وَالْإِيلَاءَ حَلِفٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ أَلْيَقُ مِنْهُ بِالْمَنْكُوحَةِ (فَإِنْ اخْتَارَهَا) أَيْ الْمُوَلِّي أَوْ الْمُظَاهِرُ مِنْهَا لِلنِّكَاحِ. (فَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ) بِرَفْعِهِ (مِنْ) وَقْتِ (الِاخْتِيَارِ) وَيَصِيرُ فِي الظِّهَارِ عَائِدٌ إنْ لَمْ يُفَارِقْهَا فِي الْحَالِ أَمَّا إذَا اخْتَارَ غَيْرَهَا فَيَكُونُ الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ مِنْهَا لَغْوًا؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ وَفِي نُسْخَةٍ فَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ الِاخْتِيَارِ وَالظِّهَارِ مِنْ بَعْدِهِ وَالْمُرَادُ لَا يَخْتَلِفُ لَكِنَّ الْأُولَى أَوْلَى وَأَخْصَرُ (وَإِنْ قَذَفَهَا) أَيْ امْرَأَةً مِنْ نِسَاؤُهُ (لَمْ يُلَاعِنْ لِلْحَدِّ) أَوْ لِلتَّعْزِيرِ أَيْ لِدَفْعِهِ (إلَّا إنْ اخْتَارَهَا) فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِدَفْعِهِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ زَوْجَةٌ (وَلَوْ قَالَ) لِوَاحِدَةٍ (فَارَقْتُك فَهُوَ فَسْخٌ) كَاخْتَرْتُ فِرَاقَك أَوْ لَا أُرِيدُك قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَةِ بِخِلَافِ طَلَّقْتُك قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ صَرِيحٌ فِي الْفَسْخِ كَمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً فِيهِمَا أَيْ وَيَتَعَيَّنُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقَرِينَةِ (فُرُوعٌ الْأَوَّلُ إنْ اخْتَارَ الْجَمِيعُ) لِلنِّكَاحِ أَوْ لِلْفَسْخِ (لَغَا) لِامْتِنَاعِ الْجَمِيعِ فِي الْأُولَى وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مُقَرَّرٌ فِي أَرْبَعٍ فِي الثَّانِيَةِ. (أَوْ طَلَّقَهُنَّ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (عَلَى أَرْبَعٍ وَأُمِرَ بِالتَّعْيِينِ) لَهُنَّ (الثَّانِي) لَوْ عَلَّقَ (الِاخْتِيَارَ) لِلنِّكَاحِ (وَكَذَا الْفَسْخُ) كَأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ اخْتَرْتُك لِلنِّكَاحِ أَوْ لِلْفَسْخِ (لَا بِقَصْدِ الطَّلَاقِ) بِالْفَسْخِ (لَغَا) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّعْيِينِ وَالِاخْتِيَارُ الْمُعَلَّقُ لَيْسَ بِتَعْيِينٍ وَلِأَنَّ الِاخْتِيَارَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ أَوْ كَاسْتِدَامَتِهِ فَتَعْلِيقُهُ كَتَعْلِيقِ النِّكَاحِ أَوْ الرَّجْعَةِ فَيَلْغُو أَمَّا إذَا قَصَدَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى مَنْقُولِ الْإِمَامِ فَإِنَّمَا يَأْتِي إلَخْ) مَنْقُولُ الْمُتَوَلِّي وَالْإِمَامِ مُتَّحِدَانِ فِيمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ وَأَقُولُ بَلْ قِيَاسُهُ أَنَّهُ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ هُوَ الصَّوَابُ الْمَاشِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْحَادِثَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ الْمُشْتَرَكِ مُعْتَبَرٌ وَهُوَ هَاهُنَا لَمْ يَسْتَوْفِ الْعَدَدَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرِّ وَهُوَ ثِنْتَانِ وَحِينَئِذٍ فَيَعْتَبِرَا الْحَادِثَ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ فَلَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً مِنْ الْإِمَاءِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَصِحُّ بِالصَّرِيحِ كَفَسَخْتُ نِكَاحَهَا أَوْ رَفَعْته أَوْ أَزَلْته وَبِالْكِنَايَةِ كَصَرَفْتُهَا أَوْ أَبْعَدْتهَا قَالَ وَالْفَسْخُ يَجْرِي مَجْرَى الطَّلَاقِ فَلِهَذَا صَحَّ بِالْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا كَانَ الطَّلَاقُ صَرِيحًا فِي اخْتِيَارِ الْمُطَلَّقَاتِ لِلنِّكَاحِ مَعَ كَوْنِهِ صَرِيحًا فِي بَابِ الْفُرْقَةِ وَالصَّرِيحُ فِي بَابٍ لَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي بَابٍ آخَرَ لِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ هُنَا لِاخْتِيَارِهِ لِلنِّكَاحِ وَيُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَتَعَيَّنُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقَرِينَةِ) أَيْ فَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ صَرِيحٌ فِي الْفَسْخِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ فَلَا يَلْغُو وَهَذَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ يُعْلَمُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ (وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ صَحَّ وَحَصَلَ الِاخْتِيَارُ ضِمْنًا) وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا وَيُحْتَمَلُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهِ كَمَا يُحْتَمَلُ تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ الضِّمْنِيِّ كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي غَدًا عَلَى كَذَا. (فَلَوْ قَالَ كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْكُنَّ (فَقَدْ طَلَّقْتهَا صَحَّ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ وَهُوَ جَائِزٌ وَالِاخْتِيَارُ حَصَلَ ضِمْنًا (إلَّا) أَيْ لَكِنْ (إنْ قَالَ) بَدَلَ فَقَدْ طَلَّقْتهَا (فَقَدْ فَسَخْت نِكَاحَهَا) فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْفُسُوخَ تَجْرِي مَجْرَى الْعُقُودِ فِي امْتِنَاعِ قَبُولِ التَّعْلِيقِ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ لِلْفَسْخِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ الْجَائِزِ غَيْرُ جَائِزٍ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقَ) فَيَصِحُّ فَعُلِمَ أَنَّ الْفَسْخَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوُجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى رِعَايَةً لِغَرَضِ مَنْ رَغِبَ فِي الْإِسْلَامِ (الثَّالِثُ الْوَطْءُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ) لِلْمَوْطُوءَةِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ أَوْ كَاسْتِدَامَتِهِ كَمَا مَرَّ وَكِلَاهُمَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقَوْلِ كَالرَّجْعَةِ (وَلِلْمَوْطُوءَةِ) مَعَ مَا اسْتَحَقَّتْهُ قَبْلَ هَذَا الْوَطْءِ (الْمَهْرُ) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ بِهَذَا الْوَطْءِ (إنْ اخْتَارَ غَيْرَهَا) فَإِنْ اخْتَارَهَا فَلَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ. (الرَّابِعُ) لَوْ (حَصَرَ اخْتِيَارَهُ فِي خَمْسٍ) فَأَكْثَرَ (مُعَيَّنَاتٍ انْحَصَرَ) اخْتِيَارُهُ فِيهِنَّ وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعْيِينًا تَامًّا لَكِنَّهُ يُفِيدُ ضَرْبًا مِنْ التَّعْيِينِ وَيَزُولُ بِهِ بَعْضُ الْإِبْهَامِ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَيَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ [فَصْلٌ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ وَثَنِيَّاتٍ وَأَسْلَمَ مِنْهُنَّ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَرْبَعٌ] (فَصْلٌ) لَوْ (أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ وَثَنِيَّاتٍ وَأَسْلَمَ) مِنْهُنَّ (مَعَهُ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ (أَرْبَعٌ فَلَهُ) قَبْلَ انْقِضَائِهَا (فَسْخُ نِكَاحِ الْمُتَخَلِّفَاتِ لِاخْتِيَارِهِنَّ) لِلنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُنَّ قَدْ لَا يُسْلِمْنَ فَلَا يَتَحَقَّقُ الِاخْتِيَارُ وَيُفْسَخُ نِكَاحُهُنَّ بِتَعْيِينِ الْأُولَيَاتِ لِلزَّوْجِيَّةِ (وَلَهُ اخْتِيَارُ الْمُسْلِمَاتِ وَ) لَهُ (طَلَاقُهُنَّ) فَيَنْقَطِعُ نِكَاحُهُنَّ بِهِ وَنِكَاحُ الْأُخْرَيَاتِ بِالشَّرْعِ (لَا الْفَسْخِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ فَسْخُ نِكَاحِ الْمُسْلِمَاتِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِمَا ذُكِرَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ وَعَدَدُ الْمُسْلِمَاتِ لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَعٍ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقَ) فَلَهُ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ أَنَّ الطَّلَاقَ اخْتِيَارٌ (وَبِاخْتِيَارِهِنَّ) أَيْ الْمُسْلِمَاتِ (يَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ) أَيْ يَتَبَيَّنُ انْدِفَاعُهُ (بِاخْتِلَافِ الدِّينِ) . قَالَ الْبَغَوِيّ إنْ لَمْ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَبِاخْتِيَارِ الْأُولَيَاتِ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا فَرْقَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ عَلَى إمَاءٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ فَاخْتَارَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ فِي الْعِدَّةِ بِنَّ مِنْ وَقْتِ اخْتِيَارِ الْأُولَى فَالْمُوَافِقُ لَهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الِاخْتِيَارَ ثَمَّ لَمْ يَنْقَطِعْ لِجَوَازِ أَنْ تُعْتَقَ وَاحِدَةٌ مَثَلًا مِنْ الْبَاقِيَاتِ ثُمَّ تُسْلِمَ فَيَخْتَارَهَا أَيْضًا فَكَانَ بِهِ الِاعْتِبَارُ بِخِلَافِهِ هُنَا لِاسْتِيفَائِهِ الْعَدَدَ الشَّرْعِيَّ فَاعْتُبِرَ اخْتِلَافُ الدِّينِ (وَإِنْ فُسِخَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ) الْأُوَلِ وَلَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ (وَأَسْلَمَتْ الْمُتَخَلِّفَاتُ) فِي الْعِدَّةِ (اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ) أَيْ مِنْ الْجَمِيعِ (وَلِكُلٍّ مِنْهُنَّ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ) وَخَرَجَ بِإِسْلَامِ الْمُتَخَلِّفَاتِ مَا لَوْ لَمْ يُسْلِمْنَ فَيَتَعَيَّنُ الْأُولَيَاتُ (فَإِنْ تَخَلَّفَ الْجَمِيعُ) عَنْهُ فِي الْإِسْلَامِ (ثُمَّ أَسْلَمْنَ بَعْدَهُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فِي الْعِدَّةِ وَ) الْحَالَةُ أَنَّ كُلَّ (مَنْ أَسْلَمَتْ فُسِخَ نِكَاحُهَا) وَلَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ (لَغَا) الْفَسْخُ (فِي الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ وَبَقِيَ نِكَاحُهُنَّ) وَنَفَذَ فِي الْبَاقِيَاتِ؛ لِأَنَّ فَسْخَ نِكَاحِهِنَّ وَقَعَ وَرَاءَ الْعَدَدِ الْكَامِلِ فَنَفَذَ. فَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ صَارَ مُخْتَارًا لِلْأُوَلِ وَقَوْلُهُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً مِثَالٌ فَمِثْلُهُ إسْلَامُ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً وَاحِدَةً أَوْ نَحْوَهَا (وَإِنْ أَسْلَمَ) مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ مِنْ الثَّمَانِ (خَمْسٌ فَفُسِخَ نِكَاحُهُنَّ) وَلَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ (وَقَعَ) الْفَسْخُ (عَلَى وَاحِدَةٍ لَا بِعَيْنِهَا فَإِنْ أَسْلَمَ الْبَوَاقِي فِي الْعِدَّةِ) بَعْدَ فَسْخِ نِكَاحِ الْخَمْسِ (اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْ الْجَمِيعِ) فَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ صَارَ مُخْتَارًا لِأَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَبِنَّ بِالطَّلَاقِ وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ (وَإِنْ فَسَخَ نِكَاحَ وَاحِدَةٍ) مُبْهَمَةٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ مُبْهَمَتَيْنِ مِنْ الْخَمْسِ وَلَمْ يُرِدْ طَلَاقًا (فَعَيَّنَ ثِنْتَيْنِ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ (فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَيُعَيِّنُهَا وَلَهُ اخْتِيَارُ الْأُخْرَى مَعَ ثَلَاثٍ) وَإِنْ عَيَّنَ وَاحِدَةً اخْتَارَ مِنْ الْبَاقِيَاتِ أَرْبَعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَصْلٌ الِاخْتِيَارُ وَالتَّعْيِينُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (وَاجِبٌ) فِيمَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ غَيْلَانَ السَّابِقِ فَيُطَالِبُهُ بِهِ الْحَاكِمُ وَإِنْ سَكَتْنَ عَنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ) يَمْنَعُ وُجُودُهُ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ عِنْدَ إرَادَتِهِ بِهِ الطَّلَاقَ إذَا الْمُرَادَةُ بِالطَّلَاقِ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا فَرْقَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ إذْ إمْسَاكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ مَمْنُوعٌ فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِ ذَلِكَ كَمَا يَعْصِي بِتَأْخِيرِ التَّعْيِينِ أَوْ الْبَيَانِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا وَنَسِيَ عَيْنَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الِاخْتِيَارِ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِنَّ إزَالَةَ الْحَبْسِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَيْهِ (فَيُحْبَسُ لَهُ) أَيْ لِمَا ذُكِرَ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (فَإِنْ لَمْ يَنْفَعْ) فِيهِ الْحَبْسُ (عُزِّرَ) بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ وَيُكَرِّرُهُ (مَرَّاتٍ إلَى أَنْ يَخْتَارَ) بِشَرْطِ تَخَلُّلِ مُدَّةٍ يَبْرَأُ بِهَا عَنْ أَلَمِ الْأَوَّلِ (وَأَنْفَقَ) الزَّوْجُ (عَلَيْهِنَّ) وُجُوبًا إلَى أَنْ يَخْتَارَ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي حَبْسِهِ قَالَ الْقَاضِي. فَإِنْ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْفِقَ إلَّا عَلَى أَرْبَعٍ وَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَمِيعِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّهُنَّ مُمْتَنِعَاتٌ عَنْ الْأَزْوَاجِ بِسَبَبِهِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ تَفْرِضُ أَنَّهَا الْمَنْكُوحَةُ وَالنَّفَقَةُ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ فَإِنَّ نَصِيبَ الزَّوْجَاتِ لَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِنَّ بَلْ لِلْكُلِّ مَا لِلْوَاحِدَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ وَإِذَا حُبِسَ لَا يُعَزَّرُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَعَلَّهُ يَتَرَوَّى وَأَقْرَبُ مُعْتَبَرٍ فِيهِ مُدَّةُ الِاسْتِنَابَةِ أَيْ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَاعْتَبَرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْإِمْهَالِ الِاسْتِنْظَارَ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ (فَإِنْ امْتَهَلَ) بِمَعْنَى اسْتَمْهَلَ (أُمْهِلَ ثَلَاثَةً) فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةُ التَّرَوِّي شَرْعًا (لَا بِالنَّفَقَةِ) أَيْ لَا يُمْهَلُ لَهَا لِتَضَرُّرِهِنَّ بِتَأْخِيرِهَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَخْتَارُ أَحَدٌ) مِنْ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ (عَنْ مُمْتَنِعٍ) مِنْ الِاخْتِيَارِ (وَ) عَنْ (مَيِّتٍ) بِخِلَافِ الْمُمْتَنِعِ فِي الْإِيلَاءِ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَلِأَنَّ حَقَّ الْفِرَاقِ فِيهِ لَيْسَ لِمُعَيَّنَةٍ وَقَوْلُهُ وَمَيِّتٍ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (فَرْعٌ) (لَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهِنَّ (فَعِدَّةُ الْحَامِلِ بِالْوَضْعِ) وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ (وَ) عِدَّةُ (ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ) لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِهَا لِلنِّكَاحِ وَلِلْفِرَاقِ فَأَخَذَ بِالْأَحْوَطِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَعِدَّةُ الْوَفَاةِ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِهَا لِلنِّكَاحِ (وَابْتِدَاءُ الْأَقْرَاءِ مِنْ) وَقْتِ (الْإِسْلَامِ) أَيْ إسْلَامِهِمَا إنْ أَسْلَمَا مَعًا وَإِلَّا فَمِنْ إسْلَامِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مُفَارِقَةٌ بِالِانْفِسَاخِ وَهُوَ يَحْصُلُ مِنْ حِينَئِذٍ (وَابْتِدَاءُ الْأَشْهُرِ مِنْ) وَقْتِ (مَوْتِهِ وَيُوقَفُ لَهُنَّ مِيرَاثُ الزَّوْجَاتِ) مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ بِعَوْلٍ أَوْ دُونِهِ (حَتَّى يَصْطَلِحْنَ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِعَيْنِ مُسْتَحَقِّهِ فَيُقْسِمُ بَيْنَهُنَّ بِحَسَبِ اصْطِلَاحِهِنَّ بِتَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُنَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِنَّ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَصَالَحَ عَنْهَا وَلِيُّهَا فَيُمْتَنَعُ بِدُونِ حِصَّتِهَا مِنْ عَدَدِهِنَّ. (فَلَوْ كُنَّ ثَمَانِيًا وَفِيهِنَّ صَغِيرَةٌ فَصَالَحَ) عَنْهَا (وَلِيُّهَا عَنْ) بِمَعْنَى عَلَى (الثَّمَنِ لَا) عَلَى (أَقَلَّ) مِنْهُ (جَازَ) اعْتِبَارًا بِعَدَدِهِنَّ وَتَسَاوِيهِنَّ فِي ثُبُوتِ الْأَيْدِي بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْحَظِّ لِمُوَلِّيَتِهِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَطَرِيقُ الصُّلْحِ لِيَقَعَ عَلَى الْإِقْرَارِ أَنْ تَقُولَ كُلٌّ مِنْهُنَّ لِصَاحِبَتِهَا إنَّهَا هِيَ الزَّوْجَةُ ثُمَّ تَسْأَلُهَا تَرْكَ شَيْءٍ مِنْ حَقِّهَا هَذَا إذَا اصْطَلَحْنَ جَمِيعًا (فَإِنْ طَلَبَ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ) فَأَقَلُّ (شَيْئًا) مِنْ الْمَوْقُوفِ (بِلَا صُلْحٍ مُنِعْنَ) لِاحْتِمَالِ أَنَّ الزَّوْجَاتِ غَيْرُهُنَّ (أَوْ) طَلَبَهُ (خَمْسٌ) مِنْهُنَّ (أُعْطِينَ رُبْعَ الْمَوْقُوفِ) لِعِلْمِنَا أَنَّ فِيهِنَّ زَوْجَةً (وَالسِّتُّ) إذَا طَلَبْنَهُ أُعْطِينَ (نِصْفَهُ) أَيْ الْمَوْقُوفِ لِعِلْمِنَا أَنَّ فِيهِنَّ زَوْجَتَيْنِ وَإِنْ طَلَبَهُ سَبْعٌ أُعْطِينَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ (وَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ) أَيْ بِمَا أَخَذْنَهُ (حَقُّهُنَّ) أَيْ تَمَامُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِنَّ أَنْ يُبَرِّئْنَ عَنْ الْبَاقِي وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ أَنَّ فِيهِنَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَدْفُوعَ فَكَيْفَ نُكَلِّفُهُنَّ بِدَفْعِ الْحَقِّ إلَيْهِنَّ إسْقَاطَ حَقٍّ آخَرَ إنْ كَانَ وَحَكَى مَعَ ذَلِكَ وَجْهًا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا أُعْطِينَ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ. وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْإِبْرَاءِ وَلَمْ يُوجَدْ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ نِسْبَةُ هَذَا إلَى النَّصِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ صَرِيحًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَنَسَبَهُ فِي الْبَيَانِ لِلْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعِلَّتُهُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ حَتَّى يَحْصُلَ لِصَاحِبِهِ مِثْلُهُ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ حِرْمَانُ بَعْضٍ وَإِعْطَاءُ بَعْضٍ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ (وَلَوْ كَانَ فِيهِنَّ) أَيْ الثَّمَانِ اللَّاتِي أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ (أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ) وَأَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ (أَوْ كَانَ تَحْتَهُ مُسْلِمَةٌ وَكِتَابِيَّةٌ فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ) وَمَاتَ (وَلَمْ يُبَيِّنْ) فِي الصُّورَتَيْنِ (لَمْ يُوقَفْ لَهُنَّ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُنَّ لِلْإِرْثِ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِنَّ الْكِتَابِيَّاتِ (وَاقْتَسَمَ بَاقِي الْوَرَثَةِ الْجَمِيعَ) أَيْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الِاخْتِيَارُ وَالتَّعْيِينُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاجِبٌ فِي النِّكَاح] قَوْلُهُ أَوْ مُعَيَّنًا وَنَسِيَ عَيْنَهَا) أَيْ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا [فَرْعٌ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ مِنْ زَوْجَاتِهِ] (قَوْلُهُ وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْأَقْرَاءِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَوْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ (قَوْلُهُ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَطَرِيقُ الصُّلْحِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ بُطْلَانِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ لِلضَّرُورَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 جَمِيعَ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ إرْثِهِمْ مُحَقَّقٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّزَاحُمِ (فَرْعٌ لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ تَحْتَهُ خَمْسٌ) فَأَكْثَرُ (وَرِثَ الْجَمِيعُ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَقِيلَ أَرْبَعٌ فَقَطْ فَيُوقَفُ الْمَوْرُوثُ بَيْنَهُنَّ حَتَّى يَصْطَلِحْنَ وَيُجْعَلُ التَّرَافُعُ إلَيْنَا بِمَثَابَةِ إسْلَامِهِمْ وَقِيلَ إنْ صَحَّحْنَا أَنْكِحَتَهُمْ وَرِثَ الْجَمِيعُ وَإِلَّا فَأَرْبَعٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) مَاتَ (مَجُوسِيٌّ تَحْتَهُ مَحْرَمٌ) لَهُ (لَمْ نُوَرِّثْهَا) مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنِكَاحٍ فِي سَائِرِ الْأَدْيَانِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَحْرَمِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ (فَرْعٌ وَمَنْ تَعَيَّنَتْ لِلْفُرْقَةِ بِالزِّيَادَةِ) عَلَى أَرْبَعٍ (فَعِدَّتُهَا) مَحْسُوبَةٌ (مِنْ) وَقْتِ (الْإِسْلَامِ) أَيْ إسْلَامِهِمَا إنْ أَسْلَمَا مَعًا وَإِلَّا فَمِنْ إسْلَامِ السَّابِقِ (لَا) مِنْ وَقْتِ (الِاخْتِيَارِ) ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْفُرْقَةِ اخْتِلَافُ الدِّينِ فَاعْتُبِرَتْ الْعِدَّةُ مِنْ حِينِهِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ [فَصْلٌ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِلْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا حَيْثُ كَانَتْ قَبْل إسْلَامِهَا مَجُوسِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً مِنْ حِين أَسْلَمَتْ] (فَصْلٌ تَجِبُ النَّفَقَةُ) أَيْ يَسْتَمِرُّ وُجُوبُهَا (لِلْمَوْقُوفَةِ) أَيْ لِلْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا حَيْثُ كَانَتْ قَبْلَ إسْلَامِهَا مَجُوسِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً (مِنْ حِين أَسْلَمَتْ) سَوَاءٌ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا أَحْسَنَتْ وَأَتَتْ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا فَلَا تَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا وَإِنْ مُنِعَ مِنْ التَّمَتُّعِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ الْمَفْرُوضَيْنِ وَلِأَنَّ لِلزَّوْجِ قُدْرَةً عَلَى تَقْرِيرِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا بِأَنْ يُسْلِمَ فَجُعِلَتْ كَالرَّجْعِيَّةِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الثَّانِي عَدَمُ اسْتِمْرَارِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ فِيمَا لَوْ تَخَلَّفَ إسْلَامُهُ لِعُذْرٍ مِنْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ وَدَامَ بِهِ الْمَانِعُ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا وَيُفَارِقُ مَا قَالَهُ سُقُوطُ الْمَهْرِ بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِأَنَّهُ عِوَضُ الْعَقْدِ وَهُوَ يَسْقُطُ بِتَفْوِيتِ الْمُعَوَّضِ وَلَوْ مَعَ الْعُذْرِ كَمَا لَوْ أَكَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ لِلضَّرُورَةِ وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ وَلَمْ يَفُتْ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِإِسْلَامِهِ وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ اسْتِمْرَارُ وُجُوبِهَا فِيمَا لَوْ أَسْلَمَا مَعًا وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ. (وَلَوْ تَخَلَّفَتْ الزَّوْجَةُ) بِإِسْلَامِهَا عَنْ إسْلَامِ الزَّوْجِ (لَمْ تَسْتَحِقَّ) عَلَيْهِ نَفَقَةً مُدَّةَ التَّخَلُّفِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ لِنُشُوزِهَا بِالتَّأْخِيرِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ تَخَلَّفَتْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ ثُمَّ زَالَ وَأَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِعَدَمِ التَّمْكِينِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نُشُوزٌ وَلَا تَقْصِيرٌ مِنْ الزَّوْجَةِ كَمَا تَسْقُطُ بِحَبْسِهَا ظُلْمًا (وَالْقَوْلُ فِي) قَدْرِ (مُدَّةِ إسْلَامِهَا) كَأَنْ قَالَ لَهَا أَسْلَمْت الْيَوْمَ فَقَالَتْ بَلْ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلِي عَلَيْك نَفَقَتُهَا (قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ كُفْرِهَا وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ النَّفَقَةِ (نَعَمْ لَوْ قَالَ) لَهَا (أَسْلَمْت قَبْلَك فَلَا نَفَقَةَ لَك مُدَّةَ التَّخَلُّفِ فَادَّعَتْ الْعَكْسَ) أَيْ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا كَانَ وَاجِبًا وَهُوَ يَدَّعِي مُسْقِطًا كَالنُّشُوزِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ قَالَ فِي الْوَسِيطِ إلَّا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ إسْلَامَهُ كَانَ أَوَّلَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَقَالَ أَسْلَمَتْ بَعْدِي وَقَالَتْ بَلْ قَبْلَك فَيُصَدَّقُ هُوَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ كُفْرِهَا. (فَرْعٌ عَلَى الْمُرْتَدِّ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ) الْمَدْخُولِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَ الرِّدَّةَ لَا عَلَى زَوْجِهَا (وَهِيَ مُرْتَدَّةٌ) وَإِنْ عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ سَوَاءٌ ارْتَدَّ الزَّوْجُ أَيْضًا أَمْ لَا لِنُشُوزِهَا بِالرِّدَّةِ وَهِيَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ مُتَأَخِّرَةِ الْإِسْلَامِ لِتَبْدِيلِهَا دِينَهَا (فَصْلٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ بِالْإِسْلَامِ) قَبْلَ الدُّخُولِ (فَادَّعَتْ سَبْقَ الزَّوْجِ) بِهِ (لِإِثْبَاتِ نِصْفِ الْمَهْرِ) وَادَّعَى هُوَ سَبْقَهَا بِهِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ نِصْفِ الْمَهْرِ (فَإِنْ قَالَتْ) وَقَدْ ادَّعَى سَبْقَهَا (لَا أَعْرِفُ السَّابِقَ) مِنَّا (لَمْ تُطَالِبْ) بِشَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ (فَإِنْ ادَّعَتْ الْعِلْمَ بِذَلِكَ) أَيْ بِسَبْقِ إسْلَامِهِ (بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهَا لَا أَعْرِفُ السَّابِقَ (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) وَأَخَذَتْ النِّصْفَ (وَإِنْ جُهِلَ السَّبَقُ وَالْمَعِيَّةُ) بِاعْتِرَافِهِمَا (فَالنِّكَاحُ بَاقٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ. (وَإِنْ جُهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَعَاقُبِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَلَا تُطَالِبُهُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ) إنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ لِاحْتِمَالِ سَبْقِهَا (وَلَا يَسْتَرِدُّهُ) هُوَ مِنْهَا (إنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْهُ) أَيْ الْمَهْرَ لِاحْتِمَالِ سَبْقِهِ فَيُقِرُّ النِّصْفَ فِي يَدِهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ (فَادَّعَى) هُوَ (إسْلَامَهُمَا مَعًا) لِيَبْقَى النِّكَاحُ (وَأَنْكَرَتْ) هِيَ بِأَنْ ادَّعَتْ تَعَاقُبَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ لِتُبْطِلَ النِّكَاحَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ (قُلْت وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الدَّعَاوَى) مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُدَّعِي وَأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِأَنَّ سَبَبَ إرْثِهِمْ مُحَقَّقٌ) وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُزَاحَمَةِ قَالَ الكوهكيلوني يُنْتَقَضُ بِمَا إذَا مَاتَ وَخَلَّفَ أُمًّا وَأُخْتًا لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَزَوْجَةِ أَبٍ حَامِلٍ [فَرْعٌ لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ تَحْتَهُ خَمْسٌ فَأَكْثَرُ] (قَوْلُهُ لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ تَحْتَهُ خَمْسٌ وَرَّثْنَا الْجَمِيعَ) قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا لَوْ طَالَبَتْهُ بِنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَلْزَمْنَاهُ بِهَا وَلَا نُبْطِلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَتْ تَقْرِيرَهَا فِيهِ وَهُنَا الْإِرْثُ مُسْتَنِدٌ لِأَمْرٍ مَضَى وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ وَقَدْ انْقَطَعَتْ بِالْمَوْتِ فَالْمُفْسِدُ قَدْ زَالَ كَاتِبُهُ [فَرْعٌ تَعَيَّنَتْ لِلْفُرْقَةِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَعِدَّتُهَا مَحْسُوبَةٌ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ] (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ تَخَلَّفَتْ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مُقْتَضَاهُ وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ لِنُشُوزِ كُلٍّ مِنْهُنَّ بِالتَّأَخُّرِ وَإِنْ لَمْ تَأْثَمْ بِهِ [فَرْعٌ عَلَى الْمُرْتَدِّ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا] (قَوْلُهُ سَوَاءٌ ارْتَدَّ الزَّوْجُ أَيْضًا أَمْ لَا) لَوْ ارْتَدَّ زَوْجَانِ مَعًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ كَمَا نَقَلَاهُ ثُمَّ قَالَا يُشْبِهُ مَجِيءَ خِلَافٍ فِيهِ كَتَشْطِيرِ الْمَهْرِ بِرِدَّتِهِمَا وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَهْرَ كَانَ ثَابِتًا بِالْعَقْدِ فَرِدَّتُهُ إذَا انْفَرَدَتْ تَشْطُرُهُ وَرِدَّتُهَا إذَا انْفَرَدَتْ تُسْقِطُ الْكُلَّ فَإِذَا اجْتَمَعَا لَمْ يُمْكِنْ التَّوْزِيعُ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَتَقَابَلَا وَتَرَجَّحَتْ الْإِحَالَةُ عَلَى جَانِبِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَهْرِ فَلِذَلِكَ تَشْطُرُ وَلَا كَذَلِكَ النَّفَقَةُ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ بِالْعَقْدِ فَتَرَجَّحَتْ الْإِحَالَةُ عَلَى جَانِبِهَا فَسَقَطَتْ [فَصْلٌ ادَّعَتْ سَبْقَ الزَّوْجِ بِالْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِإِثْبَاتِ نِصْفِ الْمَهْرِ وَادَّعَى هُوَ سَبْقَهَا بِهِ] (قَوْلُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ مُسْتَنِدٌ لِلْحَدِيثِ وَنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَقَيَّدَ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِمَجِيئِهِمَا مُسْلِمَيْنِ قَالَ فَلَوْ جَاءَتْنَا مُسْلِمَةٌ ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى إسْلَامَهُمَا مَعًا صُدِّقَتْ قَطْعًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُوَافِقُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ تَرْجِيحُ أَنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا (أَوْ) ادَّعَيَا (عَكْسَهُ) فَادَّعَتْ إسْلَامَهُمَا مَعًا وَأَنْكَرَ هُوَ (فَلَا نِكَاحَ لِاعْتِرَافِهِ) بِأَنَّهُ لَا نِكَاحَ وَيَصْدُقُ أَيْضًا فِي أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ نِصْفَ الْمَهْرِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لَهُ فِي الدَّعَاوَى. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ تَصْدِيقُهَا فِي أَنَّهَا تَسْتَحِقُّهُ جَزْمًا وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ قَالَ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْفَرَجِ الرَّازِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَ عَنْ الْجُمْهُورِ الْجَزْمَ بِهِ (وَإِنْ ادَّعَى) بَعْدَ إسْلَامِهِ (أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي عِدَّةِ الْمَوْقُوفَةِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا (وَأَنْكَرَتْ) بِأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى انْقِضَائِهَا فِي رَمَضَانَ) مَثَلًا (وَادَّعَى الْإِسْلَامَ) أَيْ إسْلَامَهُ (قَبْلَهُ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ (أَوْ) اتَّفَقَا (عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ) وَقَعَ فِي رَمَضَانَ (وَادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا) أَيْ الْعِدَّةَ (قَبْلَهُ وَأَنْكَرَ) بِأَنْ ادَّعَى انْقِضَاءَهَا بَعْدَهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا (وَإِنْ) لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ بَلْ (ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (مُجَرَّدَ السَّبْقِ) فَاقْتَصَرَ عَلَى سَبْقِ إسْلَامِهِ وَاقْتَصَرَتْ عَلَى سَبْقِ عِدَّتِهَا (صُدِّقَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (بِالدَّعْوَى) ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَوَّلًا مَقْبُولٌ فَلَا يُرَدُّ بِمُجَرَّدِ قَوْلٍ آخَرَ وَلِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ أَنْشَأَهُ حِينَئِذٍ فَدَعْوَى الزَّوْجِ إسْلَامَهُ أَوَّلًا كَأَنَّهُ إنْشَاءُ إسْلَامٍ فِي الْحَالِ وَدَعْوَاهَا بَعْدَهُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ أَوَّلًا يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِانْقِضَائِهَا فِي الْحَالِ فَيَتَأَخَّرُ انْقِضَاؤُهَا عَنْ الْإِسْلَامِ وَدَعْوَاهَا انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا أَوَّلًا يَقْتَضِي الْحُكْمَ فِي الْحَالِ بِانْقِضَائِهَا وَدَعْوَاهُ بَعْدَهَا إسْلَامَهُ أَوَّلًا كَأَنَّهُ إنْشَاءُ إسْلَامٍ فِي الْحَالِ فَيَقَعُ بَعْدَ الْعِدَّةِ [فَرْعٌ أَقَامَ الزَّوْجُ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا حِينَ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ يَوْمَ كَذَا] (فَرْعٌ) لَوْ (أَقَامَ الزَّوْجُ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا حِينَ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ) يَوْمَ كَذَا (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمَا وَاسْتَمَرَّ النِّكَاحُ (أَوْ) أَنَّهُمَا أَسْلَمَا (مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) أَوْ غُرُوبِهَا يَوْمَ كَذَا (لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُمَا (؛ لِأَنَّ الطُّلُوعَ) أَوْ الْغُرُوبَ أَيْ وَقْتَهُ يَتَنَاوَلُ (حَالَ تَمَامِهِ) وَهِيَ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ (وَالْمَعِيَّةُ) لِلطُّلُوعِ أَوْ الْغُرُوبِ (تَتَنَاوَلُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إسْلَامُ أَحَدِهِمَا مُقَارِنًا لِطُلُوعِ أَوَّلِ الْقُرْصِ أَوْ غُرُوبِهِ وَإِسْلَامُ الْآخَرِ مُقَارِنًا لِطُلُوعِ آخِرِهِ أَوْ غُرُوبِهِ. [فَرْعٌ نَكَحَتْ فِي الْكُفْرِ زَوْجَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمُوا] (فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَتْ فِي الْكُفْرِ زَوْجَيْنِ) ثُمَّ أَسْلَمُوا فَإِنْ نَكَحَتْهُمَا (مَعًا أَبْطَلْنَاهُ) أَيْ النِّكَاحَ وَإِنْ اعْتَقَدُوا جَوَازَهُ (أَوْ مُرَتَّبًا) فَهِيَ زَوْجَةٌ (لِلْأَوَّلِ فَلَوْ مَاتَ) الْأَوَّلُ كَافِرًا (وَأَسْلَمَتْ) الْأُولَى قَوْلُهُ أَصْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ (مَعَ الثَّانِي وَاعْتَقَدُوهُ) أَيْ النِّكَاحَ الْمَذْكُورَ (صَحِيحًا أَقْرَرْنَاهُ) وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَسْلَمَا دُونَهَا أَوْ الْأَوَّلُ وَحْدَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ إنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي) أَسْبَابِ (خِيَارِ النِّكَاحِ وَأَسْبَابُهُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ) خَرَجَ بِهِ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا كَالْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ وَكَأَنْ يَجِدَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ رَفِيقًا وَكَأَنْ لَا تَحْتَمِلَ الْمَرْأَةُ الْوَطْءَ إلَّا بِالْإِفْضَاءِ وَسَتَأْتِي الثَّلَاثَةُ (الْأَوَّلُ الْعُيُوبُ وَتَنْقَسِمُ) إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ (إلَى مُشْتَرَكٍ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (وَهُوَ ثَلَاثَةٌ الْبَرَصُ) وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ يُبَقِّعُ الْجِلْدَ وَيُذْهِبُ دَمَوِيَّتَهُ (وَالْجُذَامُ) وَهُوَ عِلَّةٌ يَحْمَرُّ مِنْهَا الْعُضْوُ ثُمَّ يَسْوَدُّ ثُمَّ يَتَقَطَّعُ وَيَتَنَاثَرُ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي كُلِّ عُضْوٍ لَكِنَّهُ فِي الْوَجْهِ أَغْلَبُ (الْمُسْتَحْكِمَانِ) بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ أَوَائِلِ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ قَالَ وَالِاسْتِحْكَامُ فِي الْجُذَامِ يَكُونُ بِالتَّقَطُّعِ وَتَرَدَّدَ الْإِمَامُ فِيهِ وَجَوَّزَ الِاكْتِفَاءَ بِاسْوِدَادِهِ وَحُكْمِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاسْتِحْكَامِ الْعِلَّةِ. (وَالْجُنُونُ وَإِنْ تَقَطَّعَ) وَهُوَ زَوَالُ الشُّعُورِ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ الْحَرَكَةِ وَالْقُوَّةِ فِي الْأَعْضَاءِ وَاسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي مِنْهُ الْمُتَقَطِّعُ الْخَفِيفُ الَّذِي يَطْرَأُ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِاسْتِحْكَامِ الْجُنُونِ وَمُرَاجَعَةِ الْأَطِبَّاءِ فِي إمْكَانِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ أَيْضًا فِي أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ نِصْفَ الْمَهْرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ قُوَّةُ جَانِبِهِ هُنَا عَلَى جَانِبِهَا إذْ قَوْلُهَا أَسْلَمْنَا مَعًا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ لِنُدُورِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهَا سَبَقَتْنِي إلَى الْإِسْلَامِ إذَا اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ إسْلَامُهُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ) تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْوَاوِ أَوْلَى لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْأَوَّلِ [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي أَسْبَابِ خِيَارِ النِّكَاحِ] [السَّبَب الْأَوَّلُ الْعُيُوبُ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ) (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الْعُيُوبُ) اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ تَصْوِيرَ فَسْخِ الْمَرْأَةِ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ وَإِلَّا فَالتَّنَقِّي مِنْهُ مِنْ شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ وَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ إذَا عَدِمَتْ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْخِيَارُ فَرْعُ الصِّحَّةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ قِسْمٍ آخَرَ وَهُوَ مَا إذَا أَذِنَتْ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ مُعَيَّنٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَلَّمَ فَإِذَا هُوَ مَعِيبٌ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ النِّكَاحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْجُذَامُ إلَخْ) سَوَاءٌ اسْتَحْكَمَ الْجُذَامُ أَوْ لَا وَكَذَا الْبَرَصُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَكْرِيِّ فِي حَوَاشِيهِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ كَمَا قَالَ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ ع. قَوْلُهُ (قَوْلُهُ وَتَرَدَّدَ الْإِمَامُ فِيهِ وَجَوَّزَ الِاكْتِفَاءَ بِاسْوِدَادِهِ إلَخْ) وَفِي الْأَنْوَارِ إنَّ الِاسْتِحْكَامَ فِيهِ أَنْ يَسْوَدَّ وَيَأْخُذَ فِي التَّقَطُّعِ وَالتَّنَاثُرِ وَفِي الْبَرَصِ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْعِلَاجَ أَوْ يَأْخُذَ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ يُزْمِنَ (قَوْلُهُ وَالْجُنُونُ وَإِنْ تَقَطَّعَ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ مَرَضًا أَمْ لَا وَقَيَّدَهُ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ بِالْحَادِثِ بِلَا مَرَضٍ فَإِنْ وُجِدَ بِمَرَضٍ فَلَا خِيَارَ فِيهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ النَّصِّ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ زَالَ الْعَقْلُ بِالْمَرَضِ فَلَا خِيَارَ وَلَوْ زَالَ الْمَرَضُ وَلَمْ يَعُدْ الْعَقْلُ ثَبَتَ الْخِيَارُ اهـ وَالصَّرْعُ مِنْ غَيْرِ جُنُونٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْجُنُونِ وَقَوْله قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِاسْتِحْكَامِ الْجُنُونِ إلَخْ) قَالَ الْغَزَالِيُّ وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي الْجُنُونِ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْعِلَاجَ اهـ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْجُنُونَ يُفْضِي إلَى الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَاقِلِ مِنْهُمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 زَوَالِهِ وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَكَانَ قَرِيبًا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْجُنُونَ يُفْضِي إلَى الْجِنَايَةِ عَلَى الرُّوحِ (لَا الْإِغْمَاءُ بِالْمَرَضِ) فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَسَائِرِ الْأَمْرَاضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّهُ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفَاقَةُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ أَمَّا الدَّائِمُ الْمَيْئُوسُ مِنْ زَوَالِهِ فَكَالْجُنُونِ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي (لَا بَعْدَهُ) أَيْ لَا إنْ بَقِيَ الْإِغْمَاءُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَرَضِ أَفَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَالْجُنُونِ (فَيَثْبُتُ بِهَا) أَيْ بِالْعُيُوبِ السَّابِقَةِ وَالْآتِيَةِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا (الْفَسْخُ) لِلنِّكَاحِ (وَإِنْ قُلْت) فَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ وَالْقَرَنِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَوَّلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَكُونُ إلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُخِلُّ بِالتَّمَتُّعِ الْمَقْصُودِ مِنْ النِّكَاحِ بَلْ بَعْضُهَا يُفَوِّتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ شَيْءٍ عَيْبًا فَشَاهِدَانِ خَبِيرَانِ) بِالطِّبِّ يُقَيِّمُهُمَا الْمُدَّعِي لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّمْهُمَا صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ (وَإِلَى مُخْتَصٍّ بِهِ) أَيْ بِالزَّوْجِ. (وَهُوَ الْعُنَّةُ) أَيْ عَجْزُهُ عَنْ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ لِعَدَمِ انْتِشَارِ آلَتِهِ وَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ بِمَرَضٍ يَدُومُ (وَالْجَبُّ) لِذَكَرِهِ أَيْ قَطْعِهِ إنْ يَبْقَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ) مُخْتَصٌّ بِهَا أَيْ بِالزَّوْجَةِ (وَهُوَ الرَّتَقُ وَالْقَرَنُ) بِفَتْحِ رَائِهِ أَرْجَحُ مِنْ إسْكَانِهَا وَهُمَا انْسِدَادُ مَحَلِّ الْجِمَاعِ مِنْهَا فِي الْأَوَّلِ بِلَحْمٍ وَفِي الثَّانِي بِعَظْمٍ وَقِيلَ بِلَحْمٍ يَنْبُتُ فِيهِ وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ مِنْ ثُقْبَةِ ضَيِّقَةٍ فِيهِ (فَإِنْ شَقَّتْ الرَّتَقَ) أَوْ شَقَّهُ غَيْرُهَا (وَإِنْ أَمْكَنَ الْوَطْءُ بَطَلَ خِيَارُهُ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ (وَلَا تُجْبَرُ) هِيَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى شَقِّهِ لِتَضَرُّرِهَا بِهِ وَكَالرَّتَقِ فِي هَذَا الْقَرَنُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ جُمْلَةَ الْعُيُوبِ سَبْعَةٌ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ خَمْسَةٌ (وَمَا سِوَى هَذِهِ السَّبْعَةِ كَالْبَخَرِ وَالصُّنَانِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالْقُرُوحِ السَّائِلَةِ) وَالْعَمَى وَالزَّمَانَةِ وَالْبَلَهِ وَالْخِصَاءِ وَالْإِفْضَاءِ (وَكَوْنُهُ) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (عِذْيَوْطًا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَهُوَ أَنْ يَتَغَوَّطَ عِنْدَ الْجِمَاعِ (فَلَا خِيَارَ بِهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفَوِّتُ مَقْصُودَ النِّكَاحِ بِخِلَافِ نَظِيرِهَا فِي الْبَيْعِ لِفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ (وَلَا) كَوْنُهُ (خُنْثَى وَاضِحًا) وَلَوْ بِإِخْبَارِهِ وَلَا عَقِيمًا كَذَلِكَ أَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ مَا قَالُوهُ فِي الِاسْتِحَاضَةِ إذَا كَانَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ حَافِظَةً لِعَادَتِهَا وَإِلَّا فَالْمُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ إذَا حَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِاسْتِحْكَامِ اسْتِحَاضَتِهَا؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ وَالْمَمْنُوعُ شَرْعًا كَالْمَمْنُوعِ حِسًّا وَلَا نَظَرَ إلَى تَوَقُّعِ الشِّفَاءِ عَلَى نُدْرَةٍ كَمَا لَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ (فَصْلٌ وَإِنْ وُجِدَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَيْبٌ) يُثْبِتُ الْخِيَارَ (يَثْبُتُ لَهُ الْفَسْخُ وَلَوْ اتَّحَدَ عَيْبُهُمَا) كَأَنْ كَانَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بَرَصٌ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ (أَوْ كَانَ بِهِ جَبٌّ وَهِيَ رَتْقَاءُ) لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ الْمَقْصُودِ مِنْ النِّكَاحِ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْحَنَّاطِيِّ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْإِمَامِ وَنَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ حَكَى طَرِيقًا آخَرَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ فَسَخَ لَا يَصِلُ إلَى الْوَطْءِ. وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَعَنْ النَّصِّ ثُمَّ قَالَ فَبَانَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ مِثْلَهُ (وَلَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ فِي مَجْنُونَيْنِ إلَّا بِتَقَطُّعٍ) فَيُمْكِنُهُمَا الْفَسْخُ فِي زَمَنِ الْإِفَاقَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَ) أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (عَالِمًا بِالْعَيْبِ) الْقَائِمِ بِالْآخَرِ غَيْرَ الْعُنَّةِ (فَلَا خِيَارَ) لَهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ (وَالْقَوْلُ) فِيمَا لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ وَادَّعَى عَلَى الْآخَرِ عِلْمَهُ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَأَنْكَرَ (قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِهِ. (فَصْلٌ وَالْعَيْبُ الْحَادِثُ) بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْمُقَارِنِ لَهُ فِي أَنَّهُ (مُثْبِتٌ لِلزَّوْجِ الْفَسْخَ) مُطْلَقًا وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْفِرَاقُ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَدْفَعُ عَنْهُ التَّشْطِيرَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ (وَ) مُثْبِتٌ (لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدٍ بِسِوَى الْعُنَّةِ لِتَضَرُّرِهَا بِهِ (وَبَعْدَهُ فِيمَا سِوَى الْعُنَّةِ) لِذَلِكَ أَمَّا الْعُنَّةُ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي (وَيَثْبُتُ) لَهَا الْفَسْخُ (بِالْجَبِّ وَلَوْ بِفِعْلِهَا) وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْيَأْسَ عَنْ الْوَطْءِ (فَرْعٌ لِلْأَوْلِيَاءِ الْفَسْخُ بِالْجُنُونِ غَيْرِ الْحَادِثِ) وَإِنْ رَضِيَتْ (وَكَذَا بِالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ) غَيْرِ الْحَادِثَيْنِ؛ لِأَنَّهُمْ يُعَيَّرُونَ بِكُلٍّ مِنْهَا وَلِأَنَّ الْعَيْبَ قَدْ يَتَعَدَّى إلَيْهَا وَإِلَى نَسْلِهَا وَكَلَامُهُمْ قَدْ يَتَنَاوَلُ النَّسِيبَ وَغَيْرَهُ لَكِنْ فِي الْبَسِيطِ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَزْوِيجِ الْأَمَةِ فَلَوْ تَزَوَّجَتْ مِنْ مَعِيبٍ ثُمَّ عَلِمَتْ بِهِ فَلَهَا الْخِيَارُ دُونَ السَّيِّدِ انْتَهَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ بِمَرَضٍ يَدُومُ) أَيْ أَوْ كِبَرٍ. (قَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي بِعَظْمٍ إلَخْ) أَنْكَرَ عَلَى مَنْ فَسَّرَهُ بِالْعَظْمِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ عَظْمًا لِصَلَابَتِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِلَحْمٍ يَنْبُتُ وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ إلَخْ) عِبَارَةُ التَّهْذِيبِ وَالرَّتَقُ وَالْقَرَنُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ إذَا مَنَعَ الْجِمَاعَ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ فَلَا خِيَارَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَأَبَانَ أَنَّهُ عَلَى ضَمْرٍ بَيِّنٍ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ إطْلَاقِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيهِمَا مَعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ إذَا حَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْحَيْضِ وَعَلَى زَوْجِ الْمُتَحَيِّرَةِ نَفَقَتُهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا لِأَنَّ جِمَاعَهَا مُتَوَقَّعٌ بِخِلَافِ الرَّتْقَاءِ اهـ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَقَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ [فَصْلٌ وُجِدَ بِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَيْبٌ يُثْبِتُ الْخِيَارَ] (قَوْلُهُ وَلَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ فِي مَجْنُونَيْنِ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا) أَمَّا مِنْ وَلِيِّهَا فَيُمْكِنُ [فَرْعٌ نَكَحَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَالِمًا بِالْعَيْبِ الْقَائِمِ بِالْآخَرِ غَيْرَ الْعُنَّةِ] (قَوْلُهُ غَيْرُ الْعُنَّةِ) قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا الْعُنَّةُ فَالرِّضَا بِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ إذْ لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْهَا إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَمَوْتِهَا وَيُتَصَوَّرُ مَعْرِفَتُهَا الْعُنَّةَ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ بِأَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ جَدَّدَ عَقْدَهَا وَعَلِمَتْ عُنَّتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ [فَصْلٌ الْعَيْبُ الْحَادِثُ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ] (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ بِالْجَبِّ وَلَوْ بِفِعْلِهَا) لَوْ حَدَثَ بِهِ جَبٌّ مِنْ جِنَايَةٍ فَرَضِيَتْ بِهِ ثُمَّ حَدَثَ بِهَا رَتَقٌ أَوْ قَرَنٌ فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ جَرْيًا عَلَى إطْلَاقِهِمْ أَوَّلًا لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ لِلْأَوْلِيَاءِ الْفَسْخُ بِالْجُنُونِ غَيْرِ الْحَادِثِ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ غَيْرِ الْحَادِثَيْنِ فِي النِّكَاحِ] (قَوْلُهُ فَلَهَا الْخِيَارُ دُونَ السَّيِّدِ) هُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ ثُبُوتُهُ لَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّرَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ مِلْكِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَرْجِعَ إلَيْهِ مَعِيبَةً انْتَهَى وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ مَالِكُ الْأَمَةِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَصَّلْ إلَيْهِ إلَّا بِإِبْطَالِ حَقِّ غَيْرِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَمَّا الْحَادِثُ مِمَّا ذُكِرَ فَلَيْسَ لَهُمْ الْفَسْخُ بِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْكَفَاءَةِ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الدَّوَامِ وَلِهَذَا لَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ وَرَضِيَتْ بِهِ لَا فَسْخَ لَهُمْ (لَا الْجَبَّ وَالْعُنَّةَ) أَيْ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْفَسْخُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ الْعَارِ وَالضَّرَرُ مَقْصُورٌ عَلَيْهَا (وَيُجِيبُهَا) وُجُوبًا (إلَى التَّزْوِيجِ بِصَاحِبِهِمَا) أَيْ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ لِذَلِكَ فَإِنْ امْتَنَعَ كَانَ عَاضِلًا بِخِلَافِ صَاحِبِ الْجُنُونِ وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ. (فَصْلٌ خِيَارُ عَيْبِ النِّكَاحِ) يَثْبُتُ (عَلَى الْفَوْرِ) كَخِيَارِ عَيْبِ الْبَيْعِ وَلَا يُنَافِيهِ ضَرْبُ الْمُدَّةِ فِي الْعُنَّةِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَتَحَقَّقُ (وَيُشْتَرَطُ) فِي ذَلِكَ (حُضُورُ الْحَاكِمِ) لِيَفْعَلَ فِي الْعُنَّةِ مَا سَيَأْتِي بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَلِأَنَّ الْفَسْخَ بِالْعَيْبِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ (لَا فِي) خِيَارٍ (خَلَفَ الشَّرْطُ فِيهِ) أَيْ فِي النِّكَاحِ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُضُورُ الْحَاكِمِ كَخِيَارِ عَيْبِ الْمَبِيعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِالْفَسْخِ لِعَيْبٍ لَا يَصِحُّ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمُحَرَّرِ وَحَكَى فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الصِّحَّةِ وَبِهِ جَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ (فَلَوْ مَكَّنَتْهُ) مِنْ الْوَطْءِ (فَوَطِئَ) أَوْ وَطِئَ بِغَيْرِ تَمْكِينِهَا أَوْ ظَهَرَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ (وَادَّعَى عِلْمَهَا) بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَأَنْكَرَتْ (أَوْ ادَّعَتْ عِلْمَهُ بِالْعَيْبِ) قَبْلَ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ (وَالْفَسْخُ بِالْعَيْبِ) وَلَوْ حَادِثًا (أَوْ الْغُرُورُ) الْآتِي بَيَانُهُ (إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ وَلَا مُتْعَةَ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهِ فَهِيَ الْفَاسِخَةُ أَوْ بِهَا فَسَبَبُ الْفَسْخِ مَعْنًى وُجِدَ فِيهَا فَكَأَنَّهَا الْفَاسِخَةُ وَلِأَنَّ شَأْنَ الْفَسْخِ تَرَادُّ الْعِوَضَيْنِ (أَوْ) كَانَ الْفَسْخُ بِمَا ذُكِرَ (بَعْدَهُ) أَيْ الدُّخُولِ. (وَفُسِخَ) النِّكَاحُ (بِعَيْبٍ مُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ أَوْ حَادِثٍ) بَعْدَهُ (قَبْلَ الدُّخُولِ فَمَهْرُ الْمِثْلِ) لَا الْمُسَمَّى وَاجِبٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَمَتُّعٌ بِمَعِيبَةٍ وَهُوَ إنَّمَا بَذَلَ الْمُسَمَّى بِظَنِّ السَّلَامَةِ فَكَأَنَّ الْعَقْدَ جَرَى بِلَا تَسْمِيَةٍ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ الْفَسْخِ رُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى عَيْنِ حَقِّهِ أَوْ إلَى بَدَلِهِ إنْ تَلِفَ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ وَهُوَ الْمُسَمَّى وَالزَّوْجَةُ إلَى بَدَلِ حَقِّهَا وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا لِفَوَاتِ حَقِّهَا بِالدُّخُولِ وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ مَا ذُكِرَ صَيَّرَ التَّسْمِيَةَ كَالْعَدَمِ سَقَطَ مَا قَبْلَ الْفَسْخِ إنْ رُفِعَ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ فَالْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ حِينِهِ فَالْمُسَمَّى كَذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ فُسِخَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِعَيْبٍ حَادِثٍ بَعْدَهُ (فَالْمُسَمَّى) وَاجِبٌ عَلَيْهِ (كَمَا إذَا لَمْ يُفْسَخْ) وَلِأَنَّ الدُّخُولَ قَرَّرَهُ قَبْلَ وُجُودِ السَّبَبِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّنْظِيرِ الْمَذْكُورِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَرْجِعُ بِهِ) أَيْ بِالْمَهْرِ الَّذِي غَرِمَهُ (عَلَى مَنْ غَرَّهُ) لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ وَلِأَنَّهُ شَرَعَ فِي النِّكَاحِ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ الْبُضْعُ. فَإِذَا اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهُ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ عِوَضُهُ وَالْغَارُّ الْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجَةُ بِأَنْ سَكَتَ عَنْ الْعَيْبِ وَكَانَتْ أَظْهَرَتْ لَهُ أَنَّ الزَّوْجَ عَرَفَهُ أَوْ عَقَدَتْ بِنَفْسِهَا وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ (فَرْعٌ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ) أَوْ قَبْلَهُ (وَقَبْلَ الْفَسْخِ فَلَا فَسْخَ) لِانْتِهَاءِ النِّكَاحِ وَكَالْمَوْتِ الْبُرْءُ مِنْ الْعَيْبِ (وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ عَلِمَ) عَيْبَهَا (لَمْ يَسْقُطْ النِّصْفُ) مِنْ مَهْرِهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ حَصَلَتْ بِالطَّلَاقِ. (وَلَا نَفَقَةَ) وَلَا سُكْنَى (لِلْمَفْسُوخِ نِكَاحُهَا) بَعْدَ الدُّخُولِ (فِي الْعِدَّةِ) إنْ كَانَتْ (حَائِلًا) لِانْقِطَاعِ أَثَرِ النِّكَاحِ بِالْفَسْخِ (وَكَذَا) لَا نَفَقَةَ لَهَا إنْ كَانَتْ (حَامِلًا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ لَهَا لَا لِلْحَمْلِ كَذَا بَنَوْهُ عَلَى هَذَا وَلَيْسَ الْبِنَاءُ بِمَرَضِيٍّ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ بَلْ وَجْهُهُ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مَحَلِّ التَّمَتُّعِ وَإِنَّمَا خَالَفْنَا فِي الْمُطَلَّقَةِ لِلنَّصِّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي النَّفَقَاتِ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ خَوَاصِّ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْفَسْخِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي فَسْخٍ بِمُقَارِنٍ أَمَّا بِعَارِضٍ فَكَالطَّلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي ثَمَّ (وَالْمَذْهَبُ كَمَا ذَكَرَهُ) الْأَصْلُ (فِي الْعَدَدِ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى) ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ بِفُرْقَةٍ فِي الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَتْ الْمُطَلَّقَةَ تَحْصِينًا لِلْمَاءِ لَا مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ وُجُوبِهَا كَالنَّفَقَةِ [فَرْعٌ مَنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فِي النِّكَاحِ سَقَطَ خِيَارُهُ] (فَرْعٌ مَنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ سَقَطَ خِيَارُهُ) كَمَا مَرَّ (وَلَوْ زَادَ) الْعَيْبُ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِالْأَوَّلِ رِضًا بِمَا يُتَوَلَّدُ مِنْهُ (لَا إنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّرَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ مَالِكُ الْأَمَةِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْخِيَارُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُجِيبُهَا إلَى التَّزْوِيجِ بِصَاحِبِهِمَا) قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ فِي الْكَفَاءَةِ عَنْ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ أَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ الْعُيُوبِ شَرْطٌ فِيهَا حَتَّى الْعُنَّةُ [فَصْلٌ خِيَارُ عَيْبِ النِّكَاحِ يَثْبُتُ عَلَى الْفَوْرِ] (فَصْلٌ خِيَارُ عَيْبِ النِّكَاحِ عَلَى الْفَوْرِ) (قَوْلُهُ كَخِيَارِ عَيْبِ الْبَيْعِ) وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ مُمْتَدًّا لَمْ يَدْرِ الزَّوْجُ عَلَى مَاذَا هِيَ مِنْهُ وَمَاذَا يَئُولُ أَمْرُهُ مَعَهَا فَلَا تَقَعُ صُحْبَةٌ وَلَا مُعَاشَرَةٌ وَذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَبْقَى مَعَهُ فِي مَعْنَى غَيْرِ الْمُتَزَوِّجَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمُحَرَّرِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهَا الْفَاسِخَةُ) فَإِنْ قِيلَ لِمَ جَعَلْتُمْ عَيْبَهَا كَفَسْخِهَا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلْفَسْخِ وَلَمْ تَجْعَلُوا عَيْبَهُ كَفَسْخِهِ قِيلَ لِأَنَّهُ بَذْلُ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا فَإِذَا كَانَتْ مَعِيبَةً فَالْفَسْخُ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ إذْ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ حَقَّهُ وَالْمَرْأَةُ لَمْ تَبْذُلْ شَيْئًا فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهِ وَالْعِوَضُ الَّذِي مَلَكَتْهُ سَلِيمٌ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا فَسْخَ لَكِنَّ الشَّرْعَ أَثْبَتَهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا فَإِذَا اخْتَارَتْهُ لَزِمَهَا رَدُّ الْبَدَلِ إذْ لَيْسَ هُوَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَشْبَهَ رِدَّتَهَا [فَرْعٌ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ أَوْ قَبْلَهُ وَقَبْلَ الْفَسْخِ] (قَوْلُهُ مَنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ سَقَطَ خِيَارُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ رَضِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِعَيْبِ الْآخَرِ فَحَدَثَ بِهِ عَيْبٌ آخَرُ تَجَدَّدَ الْخِيَارُ وَلَوْ ازْدَادَ الْأَوَّلُ فَلَا خِيَارَ وَلَوْ عَلِمَتْ بِهِ بِرِضًا فَرَضِيَتْ أَوْ أَخَّرَتْ فَحَدَثَ بِهِ بَرَصٌ آخَرُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَلَهَا الْخِيَارُ وَلَوْ ازْدَادَ الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ فَلَا خِيَارَ وَقَوْلُهُ خِيَارٌ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبَكَارَةٌ) كَأَنْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْبِكْرَ أَوْ عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 حَدَثَ) عَيْبٌ (آخَرُ) فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِهِ. وَقَيَّدَ الْمُتَوَلِّي وَالْعِمْرَانِيُّ سُقُوطَهُ فِي الزَّائِدِ بِالْمُنْتَشِرِ فِي مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الزَّائِدِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الزَّائِدُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ أَقْبَحَ مَنْظَرًا كَأَنْ حَدَثَ فِي الْوَجْهِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ فِي الْفَخِذِ فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ كَأَنْ حَدَثَ فِي يَدِهِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ فِي الْيَدِ الْأُخْرَى فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَأَقَرَّ بِهِمَا لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ وَاسْتَشْكَلَ عَدَمَ اعْتِبَارِ الزِّيَادَةِ هُنَا بِاعْتِبَارِهَا فِيمَا لَوْ زَادَ فِسْقُ الْفَاسِقِ الَّذِي شَرَطَ وَضْعَ الرَّهْنِ عِنْدَهُ حَيْثُ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ إزَالَةُ يَدِهِ عَنْهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّهْنَ أَمَانَةٌ فَاحْتِيطَ لَهَا صِيَانَةً لِلْحُقُوقِ وَبِأَنَّ صُورَةَ تِلْكَ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا بِمَعْصِيَةٍ كَالشُّرْبِ فَيَرْتَكِبُ أُخْرَى كَالزِّنَا فَنَظِيرُهُ هُنَا أَنْ يَحْصُلَ فِي الْمَعِيبِ عَيْبٌ آخَرُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِاعْتِبَارِهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَفِي الثَّانِي نَظَرٌ (وَلَوْ فَسَخَ) بِعَيْبٍ (وَبَانَ أَنْ لَا عَيْبَ بَطَلَ الْفَسْخُ) ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَ (مَتَى أَخَّرَ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ (الْفَسْخَ وَادَّعَى الْجَهْلَ بِجَوَازِهِ وَأَمْكَنَ) جَهْلُهُ (قُبِلَ) قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ كَنَظِيرِهِ فِي عِتْقِهَا تَحْتَ عَبْدٍ وَسَيَأْتِي (أَوْ) الْجَهْلُ (بِكَوْنِهِ فَوْرًا) وَأَمْكَنَ (فَكَذَلِكَ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةٍ ذِكْرَ قَوْلِهِ وَأَمْكَنَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَوْرًا [السَّبَب الثَّانِي مِنْ أَسْبَابُ خِيَارِ النِّكَاحِ الْغُرُورُ بِالِاشْتِرَاطِ فِي الْعَقْدِ] (السَّبَبُ الثَّانِي الْغُرُورُ) بِالِاشْتِرَاطِ (إذَا شُرِطَ) فِي الْعَقْدِ (فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ حُرِّيَّةٌ أَوْ نَسَبٌ أَوْ جَمَالٌ أَوْ يَسَارٌ وَنَحْوُهَا مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ) كَشَبَابٍ وَبَكَارَةٍ (أَوْ ضِدِّهَا) مِنْ صِفَاتِ النَّقْصِ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَقْصٌ وَلَا كَمَالٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ السَّلَامَةُ) مِنْ الْعُيُوبِ أَوْ (إسْلَامُ الْمَنْكُوحَةِ) أَوْ إسْلَامُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ كِتَابِيَّةً (فَبَانَ خِلَافُهُ صَحَّ النِّكَاحُ) ؛ لِأَنَّ تَبَدُّلَ الصِّفَةِ لَيْسَ كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَفْسُدُ بِخُلْفِ الصِّفَةِ مَعَ تَأَثُّرِهِ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى وَإِذَا صَحَّ النِّكَاحُ فِيمَا ذُكِرَ. (فَإِنْ خَرَجَ) الْمَوْصُوفُ (خَيْرًا مِمَّا شُرِطَ) فِيهِ كَأَنْ شَرَطَ فِي الزَّوْجَةِ أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَخَرَجَتْ بِكْرًا أَوْ كِتَابِيَّةٌ فَخَرَجَتْ مُسْلِمَةً أَوْ أَمَةٌ فَخَرَجَتْ حُرَّةً أَوْ فِي الزَّوْجِ أَنَّهُ عَبْدٌ فَخَرَجَ حُرًّا (فَلَا خِيَارَ) ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ (أَوْ) خَرَجَ (دُونَهُ) كَأَنْ شَرَطَ فِيهَا أَنَّهَا حُرَّةٌ فَخَرَجَتْ أَمَةً وَقَدْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي نِكَاحِهَا أَوْ فِيهِ أَنَّهُ حُرٌّ فَخَرَجَ عَبْدًا وَقَدْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي النِّكَاحِ (ثَبَتَ) لِلْفَائِتِ شَرْطُهُ (الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ الْآخَرَ مِثْلُهُ) أَوْ فَوْقَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى لِخُلْفِ الشَّرْطِ وَلِلتَّغْرِيرِ (إلَّا) إذَا كَانَ مِثْلَهُ أَوْ دُونُهُ، الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى (فِي النَّسَبِ) الْمَشْرُوطُ فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ (لِوُجُودِ الْكَفَاءَةِ) وَلِانْتِفَاءِ الْعَارِ لَكِنْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِي هَذَا أَيْضًا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الشَّافِعِيَّ رَجَّحَهُ فِي خُلْفِ شَرْطِ نَسَبِ الزَّوْجِ وَمِثْلُهُ خُلْفُ شَرْطِ نَسَبِ الزَّوْجَةِ وَجَرَى فِي الْأَنْوَارِ عَلَى الْأَوَّلِ وَجَعَلَ الْعِفَّةَ كَالنَّسَبِ. (وَكَذَا شَرَطَ حُرِّيَّتَهَا وَهُوَ عَبْدٌ) فَبَانَتْ غَيْرَ حُرَّةٍ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِتَكَافُئِهِمَا دُونَ مَا إذَا كَانَ حُرًّا (بِخِلَافِ عَكْسِهِ) بِأَنْ شَرَطَتْ حُرِّيَّتَهُ وَهِيَ أَمَةٌ أَوْ حُرَّةٌ كَمَا فُهِمَتْ بِالْأَوْلَى فَبَانَ غَيْرَ حُرٍّ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلتَّغْرِيرِ فِيهِمَا وَلِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّرْجِيحِ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ وَقِيلَ يَثْبُتُ قَطْعًا انْتَهَى لَكِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ لَا خِيَارَ كَنَظِيرِهِ فِي شَرْطِ حُرِّيَّتِهَا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْمُرَجَّحُ (وَالْخِيَارُ فِي) مَسْأَلَةِ (الْعَبْدِ) الَّذِي شُرِطَتْ حُرِّيَّتُهُ فَبَانَ عَبْدًا وَهِيَ أَمَةٌ (لِسَيِّدِهَا) دُونَهَا (لَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ) فَإِنَّهُ فِيهَا لَهَا لَا لِسَيِّدِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ إجْبَارَهَا عَلَى نِكَاحِ عَبْدٍ لَا مَعِيبٍ (فَرْعٌ) لَوْ (شُرِطَتْ الْبَكَارَةُ) فِي الزَّوْجَةِ فَوُجِدَتْ ثَيِّبًا (وَادَّعَتْ ذَهَابَهَا عِنْدَهُ) فَأَنْكَرَ (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) لِدَفْعِ الْفَسْخِ (أَوْ) ادَّعَتْ (افْتِضَاضَهُ) لَهَا فَأَنْكَرَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (لِتَشْطِيرِ الْمَهْرِ إنْ كَانَ) شَطْرُهُ (أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ) مِثْلِ (ثَيِّبٍ وَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا (لِدَفْعِ الْفَسْخِ) وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ ثَيِّبٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ هُنَا فَتَأَمَّلْ (فَصْلٌ) لَوْ (ظَنَّتْهُ كُفُؤًا) لَهَا (فَأَذِنَتْ) فِي تَزْوِيجِهَا إيَّاهُ فَتَزَوَّجَهَا وَخَرَجَ غَيْرَ كُفْءٍ (فَلَا خِيَارَ) لَهَا لِانْتِفَاءِ التَّغْرِيرِ وَهِيَ الْمُقَصِّرَةُ بِتَرْكِ الْبَحْثِ أَوْ الشَّرْطِ (إلَّا إنْ خَرَجَ مَعِيبًا) فَلَهَا الْخِيَارُ لِمُوَافَقَةِ مَا ظَنَّتْهُ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ فَخَرَجَتْ أَمَةً) أَيْ أَوْ مُبَعَّضَةً (قَوْلُهُ فَخَرَجَ عَبْدًا) أَيْ أَوْ مُبَعَّضًا (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ) أَيْ الْآخَرُ (قَوْلُهُ وَجَعَلَ الْعِفَّةَ وَالْحِرْفَةَ كَالنَّسَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِشَرْطِ التَّبْعِيضِ فَتَبَيَّنَ كَمَالُ الرِّقِّ وَمُقْتَضَى النَّظَرِ إثْبَاتُ الْخِيَارِ فِيهِ لِلرَّجُلِ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي حُرِّيَّةِ بَعْضِ وَلَدِهِ دُونَ الْمَرْأَةِ لِانْتِفَاءِ الْغَرَضِ وَرِضَاهَا بِغَيْرِ الْكُفْءِ اهـ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّا نَمْنَعُ انْتِفَاءَ الْغَرَضِ فَقَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ فِي تَفَرُّغِ الزَّوْجِ فِي نَوْبَةِ الْحُرِّيَّةِ أَنْ لَوْ شَرَطَ حُرِّيَّةً أَصْلِيَّةً فَظَهَرَ حُرِّيَّةٌ بِوَلَاءٍ وَالشَّارِطُ حُرٌّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَقَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَبَانَ غَيْرَ حُرٍّ) بِأَنْ بَانَ رَقِيقًا أَوْ مُبَعَّضًا (قَوْلُهُ لِلتَّغْرِيرِ فِيهِمَا إلَخْ) وَلِأَنَّ نَقْصَ الرِّقِّ يُؤَثِّرُ فِي حُقُوقِ النِّكَاحِ لِأَنَّ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ مِنْهَا لِحَقِّ الْخِدْمَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ [فَرْعٌ شُرِطَتْ الْبَكَارَةُ فِي الزَّوْجَةِ فَوُجِدَتْ ثَيِّبًا وَادَّعَتْ ذَهَابَهَا عِنْدَهُ فَأَنْكَرَ] (قَوْلُهُ فَوُجِدَتْ ثَيِّبًا) شَمَلَ مَا لَوْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ. (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِتَشْطِيرِ الْمَهْرِ) أَيْ إنْ طَلَّقَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ ثَيِّبٍ) قَالَ الْفَتِيُّ صَوَابُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ شَطْرِ مَهْرِ ثَيِّبٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْوَاجِبُ عَلَيَّ شَطْرُ مَهْرِ ثَيِّبٍ لَا أَكْثَرُ فَيَحْلِفُ لِئَلَّا يَجِبَ الْأَكْثَرُ أَيْ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ شَطْرِهِ أَوْ مِثْلَهُ دَفَعَهُ بِلَا يَمِينٍ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ شَرْطٌ لِلْحَاجَةِ إلَى الْيَمِينِ فَصُيِّرَتْ عِبَارَةُ الْكِتَابِ هَكَذَا فَلْتَصِرْ فِي النُّسَخِ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَفْظَةُ شَطْرٍ سَقَطَتْ عَلَى النَّاسِخِ (قَوْلُهُ وَلَا مَعْنَى لَهُ هُنَا فَتَأَمَّلْ) إذَا لَيْسَ هُنَا مَهْرُ مِثْلٍ لِأَنَّهُ لَا فَسْخَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 مِنْ السَّلَامَةِ مِنْ الْعَيْبِ لِلْغَالِبِ. (وَكَذَا) إنْ خَرَجَ (عَبْدًا) وَهِيَ حُرَّةٌ لِذَلِكَ وَلِمَا يَلْحَقُ الْوَلَدَ مِنْ الْعَارِ بِرِقِّ الْأَبِ وَلِأَنَّ نَقْصَ الرِّقِّ مُؤَثِّرٌ فِي حُقُوقِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ مِنْهَا لِحَقِّ الْخِدْمَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ كَالْغَزَالِيِّ فِي وَسِيطِهِ وَبَسِيطِهِ كَمَا لَوْ نَكَحَهَا ظَانًّا حُرِّيَّتَهَا فَخَرَجَتْ أَمَةً وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ النَّصَّ وَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهَا قَصَّرَتْ بِتَرْكِ الْبَحْثِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِقُدْرَةِ الزَّوْجِ عَلَى الطَّلَاقِ دُونَ الزَّوْجَةِ (لَا) إنْ خَرَجَ (فَاسِقًا) فَلَا خِيَارَ لَهَا وَهَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ (فَرْعٌ إذَا ظَنَّهَا مُسْلِمَةً أَوْ حُرَّةً) فَتَزَوَّجَهَا (فَخَرَجَتْ كِتَابِيَّةً) فِي الْأُولَى (أَوْ أَمَةً) أَوْ مُبَعَّضَةً فِي الثَّانِيَةِ (وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ فَلَا خِيَارَ) لَهُ فِيهِمَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا يَظُنُّهُ كَاتِبًا فَاخْتَلَفَ ظَنُّهُ وَلِبُعْدِ النِّكَاحِ عَنْ الْخِيَارِ وَضَعْفِ تَأْثِيرِ الظَّنِّ (فَصْلٌ التَّغْرِيرُ الْمُؤَثِّرُ) فِي الْفَسْخِ بِخَلْفِ الشَّرْطِ (هُوَ الْمَشْرُوطُ فِي الْعَقْدِ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ إذَا ذُكِرَ فِيهِ (لَا قَبْلَهُ) أَمَّا التَّغْرِيرُ الْمُؤَثِّرُ فِي الرُّجُوعِ بِالْمَهْرِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَفِي الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فِيمَا يَأْتِي فَلَا يَخْتَصُّ بِالْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ بَلْ السَّابِقِ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ مِثْلُهُ كَمَا أَطْلَقَهُ الْغَزَالِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إنْ اتَّصَلَ بِالْعَقْدِ وَقَالَهُ الْعَاقِدُ فِي مَعْرِضِ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تَحْرِيضَ سَامِعٍ وَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَيَّامٍ لِمَنْ سَمِعَهُ فَلَيْسَ بِتَغْرِيرٍ وَإِنْ ذَكَرَهُ لَا فِي مَعْرِضِ التَّحْرِيضِ وَوَصَلَهُ بِالْعَقْدِ أَوْ فِي مَعْرِضِهِ وَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَيَّامِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ الِاتِّصَالُ بِالْعَقْدِ عَلَى مَا أَطْلَقَهُ الْغَزَالِيُّ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الضَّمَانِ أَوْسَعُ بَابًا (فَصْلٌ) لَوْ (غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ) وَتَزَوَّجَهَا (فَأَوْلَادُهَا) الْحَاصِلُونَ (مِنْهُ أَحْرَارٌ مَا لَمْ يَعْلَمْ) بِرِقِّهَا (وَإِنْ كَانَ عَبْدًا) أَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ لِظَنِّهِ الْحُرِّيَّةَ عِنْدَ حُصُولِهِمْ كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ أَمَّا الْحَاصِلُونَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِرِقِّهَا فَأَرِقَّاءٌ وَالْمُرَادُ بِالْحُصُولِ الْعُلُوقُ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْوَضْعِ فَإِنْ وَضَعَتْهُمْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ فَأَحْرَارٌ وَإِلَّا فَأَرِقَّاءٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ قَدْرٍ زَائِدٍ لِلْوَطْءِ وَالْوَضْعِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمَغْرُورَ وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا (قِيمَتُهُمْ) لِسَيِّدِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ رِقَّهُمْ التَّابِعَ لِرِقِّهَا بِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا نَعَمْ إنْ كَانَ عَبْدًا لِسَيِّدِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذْ لَا يَجِبُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ وَكَذَا إنْ كَانَ الْغَارُّ سَيِّدَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ غَرِمَ رَجَعَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَ حَقَّهُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ جَدَّ الْأَوْلَادِ كَأَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِابْنِهِ فَيَغْرَمُ لَهُ ابْنُهُ قِيمَتَهُمْ (يَوْمَ الْوِلَادَةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ أَحْوَالِ إمْكَانِ التَّقْوِيمِ (وَالْعَبْدُ) الْمَغْرُورُ (يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ) لَا بِرَقَبَتِهِ وَلَا بِكَسْبِهِ (قِيمَتُهُمْ) كَالْحُرِّ إذْ لَا جِنَايَةَ مِنْهُ ظَاهِرَةً حَتَّى تَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَإِنَّمَا أُوهِمَ فَتَوَهَّمَ وَالْحُرِّيَّةُ تَثْبُتُ بِالشَّرْعِ. وَلَيْسَتْ الْقِيمَةُ مِنْ لَوَازِمِ النِّكَاحِ حَتَّى تَتَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ (وَ) يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ (وَمَهْرُ مِثْلٍ وَجَبَ) لَهَا عَلَيْهِ بِفَسَادِ نِكَاحِهِ أَوْ بِفَسْخِهِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ إذْنِ السَّيِّدِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِي الْأُولَى وَإِلْحَاقًا لِلْمَفْسُوخِ بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ بِالْفَاسِدِ فِي الثَّانِيَةِ (وَأَمَّا الْمُسَمَّى) إذَا لَزِمَهُ (فَيَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ بِعَقْدٍ مَأْذُونٍ فِيهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ (وَيَرْجِعُ الْمَغْرُورُ عَلَى الْغَارِّ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُوقِعُ لَهُ فِي غَرَامَتِهَا وَهُوَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَغْرَمَهَا (لَا الْمَهْرُ) لِمَا مَرَّ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ مَعَ أَنَّ مَا هُنَاكَ شَامِلٌ لِمَا هُنَا (وَإِنَّمَا يَرْجِعُ) عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ (بَعْدَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ ظَنَّتْهُ كُفُؤًا لَهَا فَأَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا إيَّاهُ فَتَزَوَّجَهَا وَخَرَجَ غَيْرَ كُفْءٍ] قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ لَا يُجْدِي شَيْئًا إذْ قُدْرَتُهُ عَلَى الطَّلَاقِ مَوْجُودَةٌ فِي سَائِرِ مَحَالِّ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ الْخِيَارُ لَهَا دُونَهُ لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّ الرِّقَّ وَغَيْرَهُ مِمَّا يُفَوِّتُ الْكَفَاءَةَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لَهَا دُونَهُ. (قَوْلُهُ وَهَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ) أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ اضْطِرَابِ التَّصْحِيحِ [فَرْعٌ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً أَوْ حُرَّةً فَتَزَوَّجَهَا فَخَرَجَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ مُبَعَّضَةً وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ] (قَوْلُهُ أَوْ حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا) كَأَنْ قَالَ لَهُ سَيِّدُهَا هِيَ أُخْتِي (قَوْلُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِيهِمَا) مِثْلُهُ مَا لَوْ ظَنَّهَا بِكْرًا فَبَانَتْ ثَيِّبًا [فَصْلٌ التَّغْرِيرُ الْمُؤَثِّرُ فِي الْفَسْخِ بِخَلْفِ الشَّرْطِ هُوَ الْمَشْرُوطُ فِي الْعَقْدِ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ] (فَصْلٌ: التَّغْرِيرُ الْمُؤَثِّرُ إلَخْ) (قَوْلُهُ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ بَلْ السَّابِقِ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي هَذَا وُقُوعُهُ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ بَلْ يَكْفِي صُدُورُهُ عَلَى وَجْهٍ يُشْعِرُ بِحَثِّهِ عَلَى نِكَاحِهَا رَغْبَةً فِيمَا ذَكَرَهُ كَاتِبُهُ [فَصْلٌ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ وَتَزَوَّجَهَا] (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ أَنَّهُ يَكُونُ رَقِيقًا وَهُوَ كَذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ يَفْجُرُ بِأَمَةِ الْغَيْرِ أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ رَقِيقًا تَبَعًا لِظَنِّهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْحَاصِلُونَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِرِقِّهَا فَأَرِقَّاءُ) أَيْ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ جَدَّ الْأَوْلَادِ إلَخْ) وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْغُرُورَ أَوْجَبَ انْعِقَادَهُ حُرًّا كَمَا فِي غَيْرِهِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ السَّيِّدُ حَتَّى يُعْتِقَ عَلَيْهِ نَعَمْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَسِيطِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَبُ هُوَ الْغَارُّ أَوْ وَكَّلَ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ ابْنِهِ أَنَّهُ لَا غُرْمَ جَزْمًا فَإِنَّهُ وَجَّهَ الْغُرْمَ بِأَنَّ الْأَبَ لَمْ يَرْضَ بِأَنْ يُعَرِّضَ وَلَدَ أَمَتِهِ لِلْحُرِّيَّةِ بِظَنِّ ابْنِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ زَوَّجَهَا مِنْ ابْنِهِ مَعَ الْعِلْمِ وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَزْمًا وَشَمَلَ جَدُّ الْأَوْلَادِ جَدَّهُمْ أَبَا أُمِّهِمْ وَلَا يَمْتَنِعُ بَقَاؤُهَا عَلَى الرِّقِّ فَقَدْ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ مَرْهُونَةٌ أَوْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ وَهُوَ سَفِيهٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا وَالْجَدَّةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالْجَدِّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ أَوْ بِفَسْخِهِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ لَوْ تَبَيَّنَ رِقُّهَا وَهُوَ رَقِيقٌ وَلَا رَجَّحَ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ عَتَقَتْ) وَخَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ نِكَاحَ غُرُورٍ إلَّا إذَا كَانَ إقْرَارُهُ بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ إنْشَاؤُهُ لِعِتْقِهَا لَا يَنْفُذُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 الْغُرْمِ) لَهَا (كَالضَّامِنِ) فَلَوْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَغْرَمُ وَلِلْمَغْرُورِ مُطَالَبَةُ الْغَارِّ بِتَخْلِيصِهِ كَالضَّامِنِ (وَيُتَصَوَّرُ التَّغْرِيرُ بِالْحُرِّيَّةِ) لِلْأَمَةِ (مِنْهَا أَوْ مِنْ الْوَكِيلِ) عَنْ السَّيِّدِ فِي تَزْوِيجِهَا (أَوْ مِنْهُمَا) وَالْوَلِيُّ كَالْوَكِيلِ (أَوْ) مِنْ السَّيِّدِ (فِي مَرْهُونَةِ زَوْجِهَا السَّيِّدِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ) أَيْ السَّيِّدُ (مُعْسِرٌ) بِالدَّيْنِ الْمُرْتَهَنِ بِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. ذَكَرَهُ كَغَيْرِهِ مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى قَوْلِ أَصْلِهِ كَغَيْرِهِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْحُرَّةَ أَوْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ عَتَقَتْ وَخَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ نِكَاحَ غُرُورٍ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ أَيْضًا بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ فِيمَنْ اسْمُهَا حُرَّةٌ وَفِي جَانِيَةٍ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا بِإِذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَفِيمَا لَوْ أَرَادَ بِالْحُرِّيَّةِ الْعِفَّةَ عَنْ الزِّنَا وَفِي أَمَةِ السَّفِيهِ إذَا زَوَّجَهَا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَفِي أَمَةِ الْمُفْلِسِ إذَا زَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ وَفِي أَمَةِ الْمُكَاتَبِ وَفِيمَا لَوْ أَتَى بِالْمَشِيئَةِ سِرًّا أَوْ فِي أَمَةِ مَرِيضٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ كَمَا لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَعْضُهُ إذَا مَلَكَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (وَلَا اعْتِبَارَ بِغُرُورِ غَيْرِهَا وَغَيْرِ الْعَاقِدِ) ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ فَإِنْ (كَانَ) الْغَارُّ (وَكِيلًا وَغَرِمَ) لِلْمَغْرُورِ مَا غَرِمَهُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ (لَمْ يَرْجِعْ) بِهِ (عَلَيْهَا إلَّا إنْ غَرَّتْهُ) أَيْ الْوَكِيلَ (فَإِنْ غَرَّتْ الزَّوْجَ) وَغَرِمَ (رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا غَرِمَ لِلسَّيِّدِ وَإِنَّمَا يَرْجِعَانِ) أَيْ الْوَكِيلُ فِي الْأُولَى وَالزَّوْجُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَيْهَا (بَعْدَ عِتْقِهَا) إنْ لَمْ تَكُنْ مُكَاتَبَةً بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ لِعَجْزِهَا فِي الْحَالِ. وَلَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِكَسْبِهَا لِعَدَمِ إذْنِ السَّيِّدِ وَلَا بِرَقَبَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُتْلِفْ شَيْئًا وَإِنَّمَا تَسَبَّبَتْ إلَى إثْبَاتِ ظَنٍّ فِي نَفْسِ الزَّوْجِ وَانْدَفَعَ الرِّقُّ بِظَنِّهِ عَلَى مُوجِبِ الْمُعَاقَدَةِ عَلَى سَبِيلِ الْإِتْلَافِ وَإِنْ غَرَّتْ الْأَمَةُ وَالْوَكِيلُ مَعًا وَغَرِمَ الزَّوْجُ رَجَعَ بِالنِّصْفِ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْحَالِ وَبِالنِّصْفِ عَلَى الْأَمَةِ بَعْدَ عِتْقِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ غَرَّتْ الْوَكِيلَ) بِأَنْ ذَكَرَتْ لَهُ حُرِّيَّتَهَا (فَذَكَرَهَا) الْوَكِيلُ لِلزَّوْجِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا لَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (وَشَافَهَتْ الزَّوْجَ بِذَلِكَ) أَيْضًا (فَالرُّجُوعُ عَلَيْهَا فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا شَافَهَتْ الزَّوْجَ خَرَجَ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَسَطِ فَصُورَةُ تَغْرِيرِهِمَا أَنْ يَذْكُرَا مَعًا (وَلَا قِيمَةَ لِلْوَلَدِ إلَّا إنْ انْفَصَلَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ) عَلَى أَمَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَلَا قِيمَةَ لَهُ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَإِنَّمَا لَزِمَتْ قِيمَتُهُ مَعَ الْجِنَايَةِ لِكَوْنِهِ مَضْمُونًا بِالْغُرَّةِ لِلْمَغْرُورِ كَمَا سَيَأْتِي فَكَمَا يُقَوَّمُ لَهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ الْجَانِي إذَا قَتَلَ يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ. (فَإِنْ كَانَ) انْفِصَالُهُ مَيِّتًا (بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ فَالْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ الْمَغْرُورُ) إنْ كَانَ حُرًّا (وَلَا يُتَصَوَّرُ وَارِثٌ) مِنْ الْغُرَّةِ (غَيْرَهُ) الْأَوْلَى مَعَهُ (إلَّا جَدَّةُ الْجَنِينِ) لِأَمَةٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً فَتَرِثُ مَعَهُ السُّدُسَ (وَلَا تَحْجُبُهَا الْأُمَّ لِرِقِّهَا وَلِلسَّيِّدِ عَلَى الْمَغْرُورِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْمَنُ بِهِ الْجَنِينَ الرَّقِيقَ (وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْغُرَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْرُ مَا فَوَّتَهُ وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ حَيًّا وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الدِّيَةِ (أَوْ لَمْ تَحْصُلْ الْغُرَّةُ لَهُ) بِنَاءً عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ الْعُشْرُ وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْغُرَّةِ (وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ الْمَغْرُورِ فَالْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِلْوَرَثَةِ وَيَضْمَنُ) الْمَغْرُورُ (كَمَا سَبَقَ) فِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَيَضْمَنُ لِلسَّيِّدِ عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْغُرَّةِ (وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْغُرَّةِ) أَيْ لَا يَرِثُ مِنْهَا شَيْئًا (؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ) وَلَا يَحْجُبُ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْعَصَبَاتِ. (فَإِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا تَعَلَّقَتْ الْغُرَّةُ بِرَقَبَتِهِ لِلْوَرَثَةِ وَحَقُّ السَّيِّدِ) مِنْ عُشْرِ الْقِيمَةِ (فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ عَبْدِ الْمَغْرُورِ فَحَقُّ سَيِّدِ الْأَمَةِ عَلَى الْمَغْرُورِ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ عَلَى عَبْدِهِ) فَلَا يَتَعَلَّقُ شَيْءٌ مِنْ الْغُرَّةِ بِرَقَبَتِهِ إنْ كَانَ الْمَغْرُورُ حَائِزَ الْمِيرَاثِ الْجَنِينِ (وَإِنْ كَانَ) مَعَهُ (لِلْجَنِينِ جَدَّةٌ فَنَصِيبُهَا مِنْ الْغُرَّةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ سَيِّدِ الْأَمَةِ فَالْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) لِلْوَرَثَةِ (وَحَقُّهُ) مِنْ عُشْرِ الْقِيمَةِ (عَلَى الْمَغْرُورِ) وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ عَبْدِ سَيِّدِهَا تَعَلَّقَتْ الْغُرَّةُ بِرَقَبَتِهِ وَحَقُّ السَّيِّدِ عَلَى الْمَغْرُورِ (وَإِنْ بَانَتْ) مَنْ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا (مُكَاتَبَةً فَفَسَخَ) النِّكَاحَ بَعْدَ الدُّخُولِ (فَلَهَا الْمَهْرُ وَإِنْ غَرَّتْ) كَالْحُرَّةِ الْمَعِيبَةِ وَفِي نُسْخَةٍ فَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ غَرَّتْ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمَهْرَ لَهَا فَلَا مَعْنَى لِلْغُرْمِ لَهَا وَالِاسْتِرْدَادِ مِنْهَا وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِالرُّجُوعِ بِالْمَهْرِ (وَالْوَلَدُ) الْحَاصِلُ (قَبْلَ الْعِلْمِ) بِأَنَّهَا مُكَاتَبَةُ (حُرٍّ فَيَغْرَمُ) الْمَغْرُورُ (قِيمَتَهُ لِلسَّيِّدِ وَيَرْجِعُ الْمَغْرُورُ بِهَا عَلَى الْوَكِيلِ) إنْ غَرَّ (أَوْ عَلَيْهَا إنْ غَرَّتْ) أَوْ عَلَيْهِمَا إنْ غَرَّا. وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ بِجَعْلِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ بَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ (فِي كَسْبِهَا) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَفِيمَا لَوْ أَرَادَ بِالْحُرِّيَّةِ الْعِفَّةَ عَنْ الزِّنَا) فَإِنَّ ذَلِكَ صَارِفٌ (قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ عَلَى الْمَغْرُورِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ) يَوْمَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ بَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ) ذَاكَ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَهَذَا فِيهَا وَصَرَّحَ بِهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ قِيمَةَ وَلَدِهَا لَهَا كَمَهْرِهَا كَمَا هُوَ قَوْلُهُ مَرْجُوحٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 كَسْبٌ فَفِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تُعْتَقَ (السَّبَبُ الثَّالِثُ الْعِتْقُ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ النِّكَاحِ (لِأَمَةٍ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ) أَوْ مُبَعَّضٍ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ. فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ زَوَّجَهَا عَبْدًا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا» لِتَضَرُّرِهَا بِالْمَقَامِ تَحْتَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تَتَعَيَّرُ بِهِ وَأَنَّ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ عَنْهَا وَأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى وَلَدِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ؛ لِأَنَّ الْكَمَالَ الْحَادِثَ لَهَا حَاصِلٌ لَهُ فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَسْلَمَتْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا قَالَهُ مَا لَوْ عَتَقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مَرَضِ مَوْتِ السَّيِّدِ وَكَانَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثَّالِثِ إلَّا بِمَهْرِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا لِلُزُومِ الدَّوْرِ إذْ لَوْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ سَقَطَ مَهْرُهَا وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ فَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ الْوَفَاءِ بِهَا فَلَا تُعْتَقُ كُلُّهَا. فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا أَمْ عَيْنًا بِيَدِ الزَّوْجِ أَوْ بِيَدِ سَيِّدِهَا وَهُوَ بَاقٍ أَوْ تَالِفٌ (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ عَتَقَ الْعَبْدُ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِ النَّاقِصَةِ وَيُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ بِالطَّلَاقِ (وَلَا أَثَرَ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ (لِلْكِتَابَةِ) لِلْأَمَةِ (وَعِتْقُ الْبَعْضِ) مِنْهَا لِبَقَاءِ النُّقْصَانِ وَأَحْكَامِ الرِّقِّ وَيَتَوَقَّفُ خِيَارُ الْعِتْقِ (عَلَى بُلُوغِ صَبِيَّةٍ وَإِفَاقَةِ مَجْنُونَةٍ) لِعَدَمِ اعْتِبَارِ قَوْلِهِمَا وَلَا يَقُومُ الْوَلِيُّ مَقَامَهُمَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ شَهْوَةٍ وَطَبْعٍ (وَلِلزَّوْجِ الْوَطْءُ) لِلْعَتِيقَةِ (مَا لَمْ تَفْسَخْ) لِبَقَاءِ النِّكَاحِ (فَإِنْ عَتَقَ هُوَ مَعَهَا اسْتَقَرَّ النِّكَاحُ) فَلَا خِيَارَ لَهَا. (وَكَذَا) لَوْ عَتَقَ (قَبْلَ فَسْخِهَا) لِزَوَالِ الضَّرَرِ وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ زَوَالِهِ وَفِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ بَيْعِ مَا تَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ وَلَوْ فَسَخَتْ بِنَاءً عَلَى بَقَاءِ رِقِّهِ فَبَاتَ خِلَافُهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ بُطْلَانُ الْفَسْخِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (فُرُوعٌ) ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ (لَوْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ) طَلَاقٍ (رَجْعِيٍّ فَلَهَا) فِي الْعِدَّةِ (الْفَسْخُ) لِتَقْطَعَ عَنْ نَفْسِهَا تَطْوِيلَ الْعِدَّةِ وَسَلْطَنَةَ الرَّجْعَةِ (وَ) لَهَا (تَأْخِيرُهُ) إلَى الرَّجْعَةِ وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّهَا بِصَدَدِ الْبَيْنُونَةِ وَقَدْ لَا يُرَاجَعُ فَيَحْصُلُ الْفِرَاقُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ جِهَتِهَا الرَّغْبَةُ عَنْهُ (لَا) أَيْ لَهَا مَا ذُكِرَ لَا (الْإِجَازَةُ) أَيْ لَا تَنْفُذُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا مُحْرِمَةٌ صَائِرَةٌ إلَى الْبَيْنُونَةِ فَلَا يُلَائِمُ حَالُهَا الْإِجَازَةَ بِخِلَافِ الْفَسْخِ فَإِنَّهُ يُؤَكِّدُ التَّحْرِيمَ (فَإِذَا فَسَخَتْ بَنَتْ عَلَى) مَا مَضَى مِنْ (الْعِدَّةِ) كَمَا لَوْ طَلَّقَ الرَّجْعِيَّةَ (وَعِدَّتُهَا عِدَّةُ حُرَّةٍ) كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا. (وَمَنْ طَلُقَتْ) طَلَاقًا (بَائِنًا قَبْلَ فَسْخِهَا بِعِتْقٍ أَوْ عَيْبٍ بَطَلَ خِيَارُهَا) لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ فِي الرِّدَّةِ حَتَّى يُوقَفَ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ بِهَا يَسْتَنِدُ إلَى حَالَتِهَا فَيَتَبَيَّنُ عَدَمُ مُصَادَفَةِ الطَّلَاقِ النِّكَاحَ وَالْفَسْخُ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْعَيْبِ لَا يَسْتَنِدُ إلَى مَا قَبْلَهُ أَمَّا مَنْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (الثَّانِي لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا مِنْ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِإِثْبَاتِ حَقِّهِ مِنْ الْمَهْرِ) لِتَضَرُّرِهَا بِتَرْكِهِ (وَمَتَى فَسَخَتْ وَقَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ وَجَبَ الْمُسَمَّى) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ (أَوْ بَعْدَهُ وَهِيَ جَاهِلَةٌ) بِعِتْقِهَا (فَمَهْرُ الْمِثْلِ) يَجِبُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْفَسْخِ فَكَأَنَّهُ وُجِدَ يَوْمَ الْعَقْدِ (وَمَهْرُهَا لِلسَّيِّدِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسَمَّى أَمْ مَهْرَ الْمِثْلِ فَسَخَتْ أَوْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ وَجَرَى فِي الْعَقْدِ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ (إلَّا إذَا كَانَتْ مُفَوَّضَةً) بِأَنْ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا كَذَلِكَ (وَوَطِئَهَا) الزَّوْجُ (أَوْ فَرَضَ لَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ) فِيهِمَا فَالْمَهْرُ لَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَهْرَ الْمُفَوَّضَةِ يَجِبُ بِالدُّخُولِ أَوْ بِالْفَرْضِ لَا بِالْعَقْدِ. بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَهَا أَوْ فَرَضَ لَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْفَرْضِ قَبْلَ عِتْقِهَا وَمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَالْوَطْءِ وَالْفَرْضِ (الثَّالِثُ خِيَارُ الْعِتْقِ عَلَى الْفَوْرِ) كَمَا فِي خِيَارِ عَيْبِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ وَأَمْكَنَ) كَأَنْ كَانَ السَّيِّدُ غَائِبًا وَقْتَ الْعِتْقِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهَا وَظَاهِرُ الْحَالِ يُصَدِّقُهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ كَانَتْ مَعَ سَيِّدِهَا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ وَبَعْدَ خَفَاءِ الْعِتْقِ عَلَيْهَا (فَقَوْلُهُ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (وَإِذَا ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ صُدِّقَتْ) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهَا وَيُخَالِفُ خِيَارَ عَيْبِ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعِي قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَلَمْ يَنْشَأْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَشْهُورٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ وَهَذَا خَفِيٌّ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ (أَوْ) ادَّعَتْ الْجَهْلَ (بِكَوْنِهِ فَوْرًا فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ لَا تُصَدَّقُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ. وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَهَؤُلَاءِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يَخْفَى عَلَيْهَا ذَلِكَ وَمَنْ لَا يَخْفَى بِأَنْ تَكُونَ قَدِيمَةَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَخَالَطَتْ أَهْلَهُ   [حاشية الرملي الكبير] [الثَّالِثُ مِنْ أَسْبَاب الْخِيَارُ فِي النِّكَاحِ الْعِتْقُ] السَّبَبُ الثَّالِثُ الْعِتْقُ) (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِأَمَةٍ عَتَقَتْ) أَيْ كُلَّهَا أَوْ بَاقِيهَا وَلَوْ بِقَوْلِ زَوْجِهَا شَمَلَ مَسْأَلَةً حَسَنَةً وَهِيَ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدٍ فَادَّعَتْ عَلَى سَيِّدِهَا أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ بَقِيَتْ عَلَى رِقِّهَا وَهَلْ لَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي قَالَ شَيْخُنَا سَمِعْت شَيْخِي أَبَا عَلِيٍّ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ فِي زَعْمِهِمَا وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا وَإِنَّمَا رَدَّ قَوْلَهَا فِي حَقِّ السَّيِّدِ لَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ قَالَ فَعَلَى هَذَا لَوْ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَسْقُطْ صَدَاقُهَا لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ وَلَوْ أَنَّهَا فَسَخَتْ النِّكَاحَ ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ وَأَيْسَرَ فَهَلْ لَهُ نِكَاحُهَا قَالَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالْأَصَحُّ لَا لِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ فِي الظَّاهِرِ وَأَوْلَادُهَا تُجْعَلُ أَرِقَّاءَ وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا إذَا كَانَا مُبَعَّضَيْنِ وَإِنْ زَادَتْ حُرِّيَّتُهَا (قَوْلُهُ وَعَتَقَ الْبَعْضُ مِنْهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُعْتِقُهَا مُعْسِرًا (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عَتَقَ قَبْلَ فَسْخِهَا) الْحُكْمُ فِيمَا إذَا عَتَقَ مَعَ فَسْخِهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ بُطْلَانُ الْفَسْخِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الْفَسْخِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ وَهِيَ جَاهِلَةٌ) أَيْ أَوْ نَائِمَةً أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ سَكْرَى (قَوْلُهُ أَيْ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الْعَيْبِ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 لَكِنْ قَيَّدَهُ الْبَارِزِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالْعَبَّادِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ نَقَلَهُمَا عَنْهُ الْأَصْلُ بِمَنْ يَخْفَى عَلَيْهَا ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْخِيَارِ عَلَى الْفَوْرِ مِمَّا أُشْكِلَ عَلَى الْعُلَمَاءِ فَعَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَوْلَى وَنَقَلَ هُوَ وَنَحْوَهُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَوَجَّهَ الرَّافِعِيُّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ تَصْدِيقِهَا مُطْلَقًا بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ عَلِمَ الْخِيَارَ عَلِمَ فَوْرِيَّتَهُ وَبِأَنَّ خِيَارَ النَّقِيصَةِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْفَوْرِ فَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْخِيَارَ هُنَا بِسَبَبِ النَّقِيصَةِ أَشْبَهَ أَنْ تَعْلَمَ الْتِحَاقَهُ بِهِ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ (وَتُفْسَخُ) الْعَتِيقَةُ (بِلَا) مُرَاجَعَةِ (حَاكِمٍ) ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ فَأَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالشُّفْعَةِ (السَّبَبُ الرَّابِعُ الْعُنَّةُ) وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْعَجْزِ عَنْ الْوَطْءِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ وَبَيْنَ الْحَظِيرَةِ الْمُعَدَّةِ لِلْإِبِلِ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالتَّعْنِينِ (وَيَثْبُتُ) لِلْمَرْأَةِ (بِهَا الْخِيَارُ وَكَذَا بِالْجَبِّ إلَّا إنْ بَقِيَ) مِنْ الذَّكَرِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُولِجَ مِنْهُ (قَدْرَ الْحَشَفَةِ) فَأَكْثَرَ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْخِيَارُ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ بِهِ) أَيْ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ (أَوْ) عَجَزَ عَنْهُ (لِزَمَانَةٍ) وَفِي نُسْخَةٍ لِزَمَانَتِهِ (ضُرِبَتْ لَهُ الْمُدَّةُ) كَالسَّلِيمِ الْعَاجِزِ (لَا) يَعْنِي يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ لِأَجْلِ مَا ذُكِرَ لَا (لِلْخِصَاءِ) الْقَائِمِ بِزَوْجِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ مَوْجُوءَ الْخُصْيَتَيْنِ أَمْ مَسْلُولَهُمَا لِبَقَاءِ آلَةِ الْجِمَاعِ وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَيُقَالُ إنَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْزِلُ وَلَا يَعْتَرِيهِ فُتُورٌ (فَرْعٌ) لَوْ (وَطِئَهَا فِي الْقُبُلِ) فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ (ثُمَّ عَنَّ فَلَا خِيَارَ) لَهَا؛ لِأَنَّهَا عَرَفَتْ قُدْرَتَهُ وَوَصَلَتْ إلَى حَقِّهَا مِنْهُ وَالْعَجْزُ بَعْدَهُ لِعَارِضٍ قَدْ يَزُولُ (وَإِنْ عَنَّ عَنْ امْرَأَةٍ فَقَطْ) أَيْ دُونَ امْرَأَةٍ أُخْرَى لَهُ (أَوْ عَنْ الْبِكْرِ) دُونَ الثَّيِّبِ (فَلَهَا الْخِيَارُ) لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ وَقَدْ يَتَّفِقُ الْأَوَّلُ لِانْحِبَاسِ شَهْوَةٍ عَنْ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ بِسَبَبِ نَفْرَةٍ أَوْ حَيَاءٍ وَيَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهَا لِمَيْلٍ أَوْ أُنْسٍ أَمَّا الْعَجْزُ الْمُحَقَّقُ لِضَعْفٍ فِي الدِّمَاغِ أَوْ الْقَلْبِ أَوْ الْكَبِدِ أَوْ لِخَلَلٍ فِي نَفْسِ الْآلَةِ فَلَا يَخْتَلِفُ بِالنِّسْوَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا قَالُوهُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْبِكْرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إزَالَةُ بَكَارَتِهَا بِأُصْبُعِهِ أَوْ نَحْوِهَا إذْ لَوْ جَازَ لَمْ يَكُنْ عَجْزُهُ عَنْ إزَالَتِهَا مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ أَيْ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْوَطْءِ بَعْدَ إزَالَةِ الْبَكَارَةِ بِذَلِكَ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَتْ هُوَ قَادِرٌ) عَلَى الْوَطْءِ (وَ) لَكِنَّهُ (يَمْتَنِعُ) مِنْهُ (بَطَلَ خِيَارُهَا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَلَا خِيَارَ لَهَا كَمَا لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ إذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسَلُّمِ الثَّمَنِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ إذَا امْتَنَعَ زَوْجُهَا مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مَعَ الْقُدْرَةِ فِيهِمَا (فَلَوْ طَالَبَتْهُ بِوَطْءِ مَرَّةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ) الْوَطْءُ وَإِنْ حَصَلَ لَهَا بِهِ التَّمَتُّعُ وَاسْتِقْرَارُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَلَا يُلْزَمُ بِهِ كَسَائِرِ الْوَطَآتِ [فَرْعٌ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي قُبُلِ الثَّيِّبِ وَفِي قُبُلِ الْبِكْرِ مَعَ إزَالَةِ الْبَكَارَةِ وَطْءٌ كَامِلٌ] (فَرْعٌ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ) فِي قُبُلِ الثَّيِّبِ وَفِي قُبُلِ الْبِكْرِ (مَعَ إزَالَةِ الْبَكَارَةِ وَطْءٌ كَامِلٌ) ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ كُلَّهَا مَنُوطَةٌ بِهِ كَالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْصِينِ وَالْحُدُودِ وَلِأَنَّ الْحَشَفَةَ هِيَ الَّتِي تُحِسُّ لَذَّةَ الْجِمَاعِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ فِي الْبِكْرِ مَعَ عَدَمِ إزَالَةِ الْبَكَارَةِ لِكَوْنِهَا غَوْرَاءَ لَيْسَ وَطْئًا كَامِلًا فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْغَرَضُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَدَمُ إزَالَتِهَا لِرِقَّةِ الذَّكَرِ فَإِنَّهُ وَطْءٌ كَامِلٌ (وَكَذَا قَدْرِهَا) أَيْ تَغْيِيبُ قَدْرِهَا (مِنْ الْمَقْطُوعِ) كَمَا فِي سَائِرِ أَحْكَامِ الْوَطْءِ (فَإِنْ أَوْلَجَ) مَا ذُكِرَ فِي الْقُبُلِ (وَالشُّفْرَانِ مُنْقَلِبَانِ) إلَى الْبَاطِنِ بِحَيْثُ يُلَاقِي مَا أَوْلَجَهُ مَا انْعَكَسَ مِنْ الْبَشَرَةِ الظَّاهِرَةِ (فَتَرَدُّدٌ) لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مَا أَوْلَجَهُ حَصَلَ فِي حَيِّزِ الْبَاطِنِ. (فَصْلٌ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْعُنَّةُ بِإِقْرَارِهِ) عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ وَشَهِدَا بِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ بِيَمِينِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ نُكُولِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهَا بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لِلشُّهُودِ عَلَيْهَا (فَإِنْ أَنْكَرَ) عُنَّتَهُ (وَحَلَفَ فَلَا مُطَالَبَةَ) بِتَحْقِيقِ مَا قَالَهُ بِالْوَطْءِ وَيُمْتَنَعُ الْفَسْخُ (وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ) وَثَبَتَتْ عُنَّتُهُ (وَلَهَا ذَلِكَ) أَيْ الْحَلِفُ (عِنْدَ الظَّنِّ) لِعُنَّتِهِ (بِالْقَرَائِنِ) كَمَا تَحْلِفُ أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ بِالْكِنَايَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ بِهَا إذْ لَا تَعْرِفُ الشُّهُودُ مِنْ ذَلِكَ مَا تَعْرِفُهُ هِيَ (ثُمَّ) بَعْدَ ثُبُوتِ عُنَّتِهِ (تُضْرَبُ الْمُدَّةُ) أَيْ يَضْرِبُهَا الْقَاضِي لَهُ (بِطَلَبِهَا) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا (وَلَوْ بِمَا) أَيْ بِقَوْلِهَا أَنَا طَالِبَةٌ حَقِّي عَلَى مَا (يَجِبُ لِي) عَلَيْهِ (شَرْعًا) وَإِنْ جَهِلَتْ تَفْصِيلَ الْحُكْمِ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْأَمَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْحُرِّ عُنَّتَهُ لِلُزُومِ الدَّوْرِ؛ لِأَنَّ سَمَاعَهَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ خَوْفِ الْعَنَتِ وَبُطْلَانَ خَوْفِهِ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ النِّكَاحِ وَبُطْلَانُهُ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ سَمَاعِ دَعْوَاهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إذَا ادَّعَتْ عَنْهُ مُقَارَنَةً لِلْعَقْدِ وَإِلَّا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا لِانْتِفَاءِ الدَّوْرِ وَالْمُدَّةُ تُضْرَبُ (سَنَةً) كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -   [حاشية الرملي الكبير] [الرَّابِعُ مِنْ أَسْبَاب خِيَار النِّكَاح الْعُنَّةُ] قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَبْقَى قَدْرُ الْحَشَفَةِ فَأَكْثَرُ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ ادَّعَى الْقُدْرَةَ بِبَقِيَّةِ الْمَقْطُوعِ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ [فَرْعٌ وَطِئَهَا فِي الْقُبُلِ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ ثُمَّ عُنَّ] (قَوْلُهُ وَإِنْ عَنَّ عَنْ امْرَأَةٍ أَوْ عَنْ الْبِكْرِ إلَخْ) بَعْدَ التَّأْجِيلِ كَمَا فِي الْعِنِّينِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إذْ لَوْ جَازَ لَمْ يَكُنْ عَجْزُهُ عَنْ إزَالَتِهَا مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ إذْ هُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ يَثْبُتُ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ بِكَوْنِهَا رَتْقَاءَ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ شِقِّهَا إيَّاهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَقَدْ قَالُوا فَإِنْ شَقَّتْ الرِّقَّ وَأَمْكَنَ الْوَطْءُ بَطَلَ خِيَارُهُ فَكَذَلِكَ هُنَا إذَا أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ وَأَمْكَنَ الْوَطْءُ سَقَطَ خِيَارُهُ. وَوَجْهُ مَا ذَكَرْته أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ شَرْعًا فَلَا يَضُرُّهُ الْخَطَأُ فِي طَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ [فَرْعٌ قَالَتْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى الْوَطْءِ وَلَكِنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْهُ] (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ كُلَّهَا مَنُوطَةٌ بِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَيَأْتِي عَنْ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَصَوُّرِ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ أَنَّهُ لَوْ غَيَّبَ فِي الْقُبُلِ بَعْضَ الْحَشَفَةِ وَأَنْزَلَ مَاءَهُ فِيهِ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ وَيُكْمِلُ الْمَهْرَ وَلَا يَسْقُطُ حُكْمُ الْعُنَّةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْقُطُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ اهـ مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الْمَهْرِ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ فَتَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ إلَخْ) زَادَ الْإِمَامُ وَإِنْ الْتَفَّ بِهِ الشُّفْرَانِ أَيْ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ تَرَتُّبِ حُكْمِ الْإِيلَاجِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا أَوْلَجَهُ حَصَلَ فِي حَيِّزِ الْبَاطِنِ) الْأَوْجَهُ أَنَّهُ وَطْءٌ كَامِلٌ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَكَمَا لَوْ أَوْلَجَهَا وَعَلَيْهَا حَائِلٌ وَلَوْ خَشِنًا [فَصْلٌ مَا تَثْبُتُ بِهِ الْعُنَّةُ] (قَوْلُهُ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ أَيْ وَغَيْرُهُ) وَقَوْلُهُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْأَمَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فَقَدْ رَوَاهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ. وَتَابَعَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ وَقَالُوا تَعَذُّرُ الْجِمَاعِ قَدْ يَكُونُ لِعَارِضِ حَرَارَةٍ فَيَزُولُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ بُرُودَةٍ فَيَزُولُ فِي الصَّيْفِ أَوْ يُبُوسَةٍ فَتَزُولُ فِي الرَّبِيعِ أَوْ رُطُوبَةٍ فَتَزُولُ فِي الْخَرِيفِ فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَطَأْ عَلِمْنَا أَنَّهُ عَجْزٌ خِلْقِيٌّ (حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا) مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شُرِعَ لِأَمْرٍ جِبِلِّيٍّ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ وَالرَّضَاعَ فَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي كَوْنِ الْمُدَّةِ سَنَةً (ابْتِدَاؤُهَا مِنْ) وَقْتِ (ضَرْبِ الْقَاضِي) لَهَا لَا مِنْ وَقْتِ إقْرَارِهِ أَوْ حَلِفِهَا؛ لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا بِخِلَافِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّهَا مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ لِلنَّصِّ (فَإِنْ سَكَتَتْ عَنْ ضَرْبِ الْمُدَّةِ فَلِلْقَاضِي تَنْبِيهُهَا إنْ كَانَ) سُكُوتُهَا (لِجَهْلٍ أَوْ دَهْشَةٍ وَإِنْ انْقَضَتْ) أَيْ السَّنَةُ وَلَمْ يَطَأْهَا وَلَمْ تَعْتَزِلْهُ فِيهَا (رَفَعَتْهُ) إلَى الْقَاضِي (ثَانِيًا) فَلَا تُفْسَخْ بِلَا رَفْعٍ إذْ مَدَارُ الْبَابِ عَلَى الدَّعْوَى وَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ وَالْيَمِينِ فَيُحْتَاجُ إلَى نَظَرِ الْقَاضِي وَاجْتِهَادِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ الرَّفْعَ ثَانِيًا بَعْدَ السَّنَةِ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ (فَإِنْ ادَّعَى) بَعْدَ الرَّفْعِ (الْإِصَابَةَ) فِي السَّنَةِ وَأَنْكَرَتْهَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِعُسْرِ إقَامَةِ بَيِّنَةِ الْجِمَاعِ. وَالْأَصْلُ السَّلَامَةُ وَدَوَامُ النِّكَاحِ (وَلَوْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ) هِيَ أَنَّهُ مَا أَصَابَهَا (وَفَسَخَتْ) وَلَهَا هِيَ الْفَسْخُ أَيْضًا بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ امْتَهَلَ فَكَمَا فِي الْإِيلَاءِ) أَيْ فَيُمْهَلُ يَوْمًا فَأَقَلَّ (وَلَا تَسْتَقِلُّ) هِيَ (بِالْفَسْخِ إلَّا بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ) أَيْ ثُبُوتًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ أَوْ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَاخْتَارِي) فَتَسْتَقِلُّ بِهِ حِينَئِذٍ كَمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ مَنْ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَاسْتَشْكَلَ بِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا بِالْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخِيَارَ ثَمَّ عَلَى التَّرَاخِي وَهُنَا عَلَى الْفَوْرِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي لَهَا فِيهِ وَقَوْلُهُ فَاخْتَارِي لَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَهُ عَلَى تَخْيِيرِهِ لَهَا كَذَا قِيلَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ فَاخْتَارِي لَيْسَ شَرْطًا بَلْ الْمُرَادُ بِهِ إعْلَامُهَا بِدُخُولِ وَقْتِ الْفَسْخِ حَتَّى لَوْ بَادَرَتْ وَفَسَخَتْ قَبْلَهُ نَفَذَ فَسْخُهَا وَيُؤَيِّدُهُ حَذْفُ الرَّافِعِيِّ لَهُ مِنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (فَإِنْ فَسَخَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ وَلَوْ قَبْلَ تَنْفِيذِ الْقَاضِي فَسْخَهَا لَغَا الرُّجُوعُ) لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ بِالْفَسْخِ (فَرْعٌ لَوْ) (سَافَرَ) الزَّوْجُ (مُدَّةَ الْإِمْهَالِ) الْمَضْرُوبَةِ (حُسِبَتْ) لِئَلَّا يَتَّخِذَ السَّفَرَ دَافِعًا لِلْمُطَالَبَةِ بِالْفَسْخِ وَمِثْلُهُ حَبْسُهُ وَمَرَضُهُ وَحَيْضُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النِّفَاسَ كَالْحَيْضِ (وَإِنْ اعْتَزَلَتْهُ) فِي الْمُدَّةِ وَلَوْ بِعُذْرٍ كَحَبْسٍ (أَوْ مَرِضَتْ) فِيهَا مَرَضًا يَمْنَعُ الْوَطْءَ عَادَةً (لَمْ تُحْسَبْ) ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْوَطْءِ حِينَئِذٍ يُضَافُ إلَيْهَا (وَاسْتُؤْنِفَتْ) سَنَةٌ أُخْرَى إنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا (أَوْ انْتَظَرَتْ مُضِيَّ) مِثْلِ (ذَلِكَ الْفَصْلِ مِنْ السَّنَةِ الْأُخْرَى) فِي صُورَةِ الْبَعْضِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاسْتِلْزَامِهِ الِاسْتِئْنَافَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفَصْلَ إنَّمَا يَأْتِي فِي سَنَةٍ أُخْرَى قَالَ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ انْعِزَالُهَا عَنْهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْفَصْلِ مِنْ قَابِلٍ بِخِلَافِ الِاسْتِئْنَافِ. (فَرْعٌ هَذَا الْفَسْخُ) أَيْ الْفَسْخُ بِالتَّعْنِينِ (عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ) كَالْفَسْخِ بِسَائِرِ الْعُيُوبِ (وَكَذَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ) فَلَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ إلَّا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إنَّمَا يَثْبُتُ حِينَئِذٍ (فَرِضَاهَا بِهِ) أَيْ بِالتَّعْنِينِ (قَبْلَ ضَرْبِ الْقَاضِي) الْمُدَّةَ (أَوْ فِي أَثْنَائِهَا لَا يُبْطِلُهُ) أَيْ الْفَسْخَ بَعْدَهَا لِسَبْقِهِ ثُبُوتَ الْحَقِّ فَالرِّضَا قَبْلَهُ كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ جَرَيَانِ الْبَيْعِ (أَوْ بَعْدَهَا أَبْطَلَهُ) كَمَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمُولِي وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ وَقَصْدِ الْمُضَارَّةِ وَتَجَدُّدِ النَّفَقَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَالْعُنَّةُ عَيْبٌ وَاحِدٌ لَا يُتَوَقَّعُ زَوَالُهَا غَالِبًا (فَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا) طَلَاقًا (رَجْعِيًّا وَيُتَصَوَّرُ) أَيْ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ يُزِيلُ الْعُنَّةَ (بِاسْتِدْخَالِهَا مَاءَهُ وَبِوَطْئِهَا فِي الدُّبُرِ ثُمَّ) بَعْدُ إنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا (رَاجَعَهَا لَمْ يَعُدْ حَقُّ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ وَاحِدٌ) وَقَدْ رَضِيَتْ بِعُنَّةِ الزَّوْجِ فِيهِ وَالرَّجْعَةُ فِي حُكْمِ الِاسْتِدَامَةِ. (وَإِذَا بَانَتْ) مِنْهُ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ (وَجَدَّدَ نِكَاحَهَا أَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُنَّتِهِ لَمْ تَسْقُطْ مُطَالَبَتُهَا) بِالْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى نِكَاحٌ جَدِيدٌ فَيَتَوَفَّرُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ قَدْ يَعُنَّ عَنْ امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى وَعَنْ نِكَاحٍ دُونَ آخَرَ (وَإِذَا فُسِخَتْ بِالْعُنَّةِ فَلَا مَهْرَ) لَهَا؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ [فَرْعٌ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْعُنَّةِ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ] (فَرْعٌ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى   [حاشية الرملي الكبير] الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْهُ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمَا وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ حَذَفَ الرَّافِعِيِّ لَهُ مِنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي النِّهَايَةِ وَمُرَادُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ بِلَا شَكٍّ (قَوْلُهُ لَوْ سَافَرَ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ حُسِبَتْ) يُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَ السَّفَرُ وَاجِبًا كَسَفَرِ الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ حَبْسَهُ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا مَعَهُ وَلَا الْخَلَاصُ مِنْهُ وَمَرَضَهُ الَّذِي لَا يُجَامِعُ فِيهِ لِشِدَّتِهِ وَإِلْهَائِهِ عَنْ ذَلِكَ يَمْنَعَانِ الِاحْتِسَابَ قَطْعًا لِأَنَّ شَرْطَ الْمَطْلُوبِ الْإِمْكَانُ فَفِي النِّهَايَةِ لَوْ ضَرَبْنَا مُدَّةَ الْعُنَّةِ فَحِيلَ فِيهَا بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ حَيْلُولَةً ضَرُورِيَّةً فَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ الْمُدَّةُ غَيْرُ مُحْتَسَبَةٍ وَفِي الْبَسِيطَيْنِ الْمُدَّةُ تُحْسَبُ إذَا لَمْ تَعْتَزِلْ الْمَرْأَةُ مِنْهُ وَلَوْ انْعَزَلَ الزَّوْجُ قَصْدًا حُسِبَتْ الْمُدَّةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِعُذْرٍ كَحَبْسٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ حَبْسَهَا يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْحَابِسُ لَهَا عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهَا فَفِي كَوْنِهِ يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْهُ وَقَدْ يَتَّخِذُهُ ذَرِيعَةً لِتَرْكِ الْوَطْءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَرِضَتْ) لَمْ يَذْكُرُوا هُنَا إحْرَامَهَا وَلَا صَوْمَهَا وَلَا اعْتِكَافَهَا وَاسْتِحَاضَتَهَا لِأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ الْوَطْءَ نَعَمْ لَوْ تَحَيَّرَتْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَمْ أَرَ فِيهِ صَرِيحًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ لِدَوَامِ الْمَانِعِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ قَالَ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ إذَا مَضَى لَهُ مِنْ السَّنَةِ سِتَّةٌ أَشْهُرٍ ثُمَّ أَحْرَمَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ هَرَبَتْ فَقَدْ قُلْنَا إنَّ مُدَّةَ إحْرَامِهَا وَهَرَبِهَا غَيْرُ مَحْسُوبٍ عَلَى الزَّوْجِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 الْعُنَّةِ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ) فِي ضَرْبِ الْمُدَّةِ وَفَسْخِ النِّكَاحِ (إقْرَارُهُ) أَيْ الزَّوْجِ بِالْعُنَّةِ أَوْ يَمِينُهَا بَعْدَ نُكُولِهِ وَقَوْلُهُمَا سَاقِطٌ وَلِأَنَّهُمَا غَالِبًا لَا يُجَامِعَانِ وَرُبَّمَا يُجَامِعَانِ بَعْدَ الْكَمَالِ (فَإِنْ ضُرِبَتْ) أَيْ الْمُدَّةُ (عَلَى عَاقِلٍ فَجُنَّ) فِي أَثْنَائِهَا (ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ) وَهُوَ مَجْنُونٌ (لَمْ يُطَالَبْ) بِالْفَسْخِ (حَتَّى يُفِيقَ) مِنْ جُنُونِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. [فَصْلٌ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُ الْوَطْءَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِيَمِينِهِ] (فَصْلٌ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُ الْوَطْءَ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ وَافَقَ عَلَى جَرَيَانِ خَلْوَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَلَوْ ادَّعَى وَطْأَهَا بِتَمْكِينِهَا وَطَلَبَ تَسْلِيمَهَا إلَيْهِ فَأَنْكَرَتْهُ وَامْتَنَعَتْ لِتَسْلِيمِ الْمَهْرِ صُدِّقَتْ أَوْ ادَّعَتْ جِمَاعَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَطَلَبَتْ جَمِيعَ الْمَهْرِ فَأَنْكَرَهُ صُدِّقَ (إلَّا ثَلَاثَةً) أَحَدُهَا (الْعِنِّينُ فِي) دَعْوَى (الْإِصَابَةِ) بِأَنْ ادَّعَاهَا وَأَنْكَرَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ كَانَ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ إنْ بَقِيَ) مِنْهُ (مَا يُمْكِنُ بِهِ الْوَطْءُ) سَوَاءٌ ادَّعَى ذَلِكَ قَبْلَ الْمُدَّةِ أَمْ بَعْدَهَا (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي إمْكَانِ الْوَطْءِ بِهِ) أَيْ بِالْمَقْطُوعِ (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) لِزَوَالِ أَصْلِ السَّلَامَةِ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ جَبَّهُ وَأَنْكَرَ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الصَّحِيحُ (فَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعٌ) مِنْ النِّسْوَةِ بِبَكَارَتِهَا (صُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ) لِدَلَالَةِ الْبَكَارَةِ عَلَى صِدْقِهَا. (فَإِنْ ادَّعَى عَوْدَهَا) بِأَنْ قَالَ بَعْدَ شَهَادَتِهِنَّ أَصَبْتهَا وَلَمْ أُبَالِغْ فَعَادَتْ بَكَارَتُهَا وَطَلَبَ يَمِينَهَا (حَلَفَتْ) أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا أَوَانَ بَكَارَتِهَا هِيَ الْأَصْلِيَّةُ وَلَهَا الْفَسْخُ بِعُنَّتِهِ بَعْدَ يَمِينِهَا فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا لَمْ تَحْلِفْ وَمَا فُرِّعَ عَلَيْهِ هَذَا مِنْ تَصْدِيقِهَا بِلَا يَمِينٍ هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ فَقَالَ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ إنْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ إلَى آخِرِهِ وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ كَجٍّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ لِعَدَمِ الْمُبَالَغَةِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الزَّوْجُ شَيْئًا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاحْتِيَاطِ انْتَهَى وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الثَّانِي وَفِي كَلَامِ الْأَصْلِ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَعَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ظَاهِرُ النَّصِّ أَنَّهَا لَا تَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَطْلُبَ الزَّوْجُ يَمِينَهَا قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الدَّعْوَى فَلَا مَعْنَى لِلِاحْتِيَاطِ لَهُ. (فَلَوْ نَكَلَتْ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ) وَلَا خِيَارَ لَهَا (وَلَوْ نَكَلَ) أَيْضًا (فَسُخْت بِلَا يَمِينٍ) وَيَكُونُ نُكُولُهُ كَحَلِفِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ بَكَارَتَهَا هِيَ الْأَصْلِيَّةُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا الْقَاعِدَةَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِالنُّكُولِ الْمُجَرَّدِ فَذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعِي وَكَانَ حَلِفُهُ يُثْبِتُ لَهُ حَقًّا أَمَّا لَوْ كَانَ حَلِفُهُ يُسْقِطُ عَنْهُ حَقًّا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّا نُلْزِمُهُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ لَا؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ بِالنُّكُولِ بَلْ مُؤَاخَذَةٌ لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْعُنَّةِ وَعَدَمُ ظُهُورِ مُقْتَضَى الْوَطْءِ أَيْ وَبِالْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِبَقَاءِ بَكَارَتِهَا (وَلَوْ ادَّعَى) بَعْدَ الْمُدَّةِ (امْتِنَاعَهَا) مِنْ التَّمْكِينِ فِيهَا وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ النِّكَاحِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ فَيَحْلِفُ بِيَمِينِهِ كَانَ أَوْلَى (وَيَضْرِبُ) لَهُ الْقَاضِي بَعْدَ حَلِفِهِ (مُدَّةً أُخْرَى وَيُسْكِنُهُمَا بِجَنْبِ) قَوْمٍ (ثِقَاتٍ) يَتَفَقَّدُونَ حَالَهُمَا (وَيَعْتَمِدُ الْقَاضِي قَوْلَهُمْ) فِي ذَلِكَ. (الثَّانِي الْمُولِي) وَهُوَ (كَالْعِنِّينِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) بَلْ فِي أَكْثَرِهِ (وَإِذَا طَلَّقَ عِنِّينٌ أَوْ مُولٍ) قَبْلَ الْوَطْءِ زَوْجَتَهُ وَقَدْ (حَلَفَا عَلَى الْوَطْءِ فَلَيْسَ لَهُمَا رَجْعَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ بِيَمِينِهَا فِي إنْكَارِهَا الْوَطْءَ لِدَفْعِ رَجْعَتِهَا وَإِنْ صُدِّقَ الْأَوَّلُ لِدَفْعِ الْعُنَّةِ وَالثَّانِي لِدَفْعِ الْمُطَالَبَةِ عَنْهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِ الشَّخْصِ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ تَصْدِيقَهُ لِإِثْبَاتِ حَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ إذْ الْيَمِينُ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ (كَالْمُودِعِ) عِنْدَهُ عَيْنٌ فَإِنَّهُ (يَصْدُقُ فِي) دَعْوَى (التَّلَفِ) لَهَا بِلَا تَفْرِيطٍ بِيَمِينِهِ (ثُمَّ إنْ غَرَّمَهُ مُسْتَحِقٌّ) لَهَا بَدَلَهَا فِيمَا لَوْ ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً (لَا يَرْجِعُ) بِهِ الْمُودِعُ عِنْدَهُ (عَلَى الْمُودَعِ إنْ حَلَفَ) الْمُودِعُ (أَنَّهَا لَمْ تَتْلَفْ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُودَعِ عِنْدَهُ وَهُوَ خَائِنٌ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ بِأَنْ صَدَقَ بِأَنَّهَا تَلِفَتْ عِنْدَهُ أَوْ سَكَتَ أَوْ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ رَجَعَ عَلَيْهِ (وَكَدَارٍ فِي يَدِ اثْنَيْنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا وَقَالَ الْآخَرُ) بَلْ (هِيَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ صُدِّقَ) الْآخَرُ (بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ تَعْضِدُهُ. (فَإِذَا بَاعَ مُدَّعِي الْكُلِّ نَصِيبَهُ) الَّذِي خَصَّهُ مِنْهَا (مِنْ ثَالِثٍ فَالْآخَرُ فِي) أَخْذِ (الشُّفْعَةِ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ) بِمِلْكِهِ لِنِصْفِ الدَّارِ إنْ أَنْكَرَهُ الثَّالِثُ فَالْجَامِعُ بَيْنَ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِلدَّفْعِ وَلَا يُصَدَّقُ لِإِثْبَاتِ حَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ الْفَسْخُ بِالتَّعْنِينِ عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ] قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الصَّحِيحُ) كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمْ عِنْدَ إمْكَانِهِ وَلَوْ ادَّعَتْ عَجْزَهُ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ وَادَّعَى أَنَّهَا امْتَنَعَتْ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حَكَمَ بِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ النِّكَاحِ فَإِذَا حَلَفَ ضَرَبَ الْقَاضِي مُدَّةً ثَانِيًا وَأَسْكَنَهُمَا فِي جِوَارِ قَوْمٍ ثِقَاتٍ يَتَفَقَّدُونَ حَالَهُمَا فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ اعْتَمَدَ الْقَاضِي قَوْلَ الثِّقَاتِ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ صُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ لِدَلَالَةِ الْبَكَارَةِ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ غَوْرَاءَ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالْقِيَاسُ تَحْلِيفُهُ أَوَّلًا كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ وَقَوْلُهُ وَإِذَا طَلَّقَ عِنِّينٌ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْلُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى فِي الْإِيلَاءِ وَالرَّافِعِيُّ النَّظِيرَ. ثُمَّ (الثَّالِثُ مُطَلَّقَةٌ ادَّعَتْ الْوَطْءَ) قَبْلَ الطَّلَاقِ (لِتَسْتَوْفِيَ الْمَهْرَ) وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ لَا تُصَدَّقُ بَلْ هُوَ الْمُصَدَّقُ لِلْأَصْلِ كَمَا مَرَّ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ مُؤَاخَذَةً لَهَا بِقَوْلِهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى وَلَهُ نِكَاحُ بِنْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي الْحَالِ (فَإِنْ أَتَتْ) بَعْدَ دَعْوَاهَا الْوَطْءَ (بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ) ظَاهِرًا (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا (إنْ لَمْ يَنْفِهِ) لِتَرْجِيحِ جَانِبِهَا بِالْوَلَدِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَتَقَرَّرُ جَمِيعُ الْمَهْرِ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى يَمِينِهَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ لَا يُفِيدُ تَحَقُّقَ الْوَطْءِ فَإِنْ نَفَاهُ عَنْهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا هُوَ مَحَلُّ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ تَصْدِيقِ النَّافِي وَيُسْتَثْنَى مَعَ مَا اسْتَثْنَاهُ أَشْيَاءُ مِنْهَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا إذَا ادَّعَتْ الْبَكَارَةَ الْمَشْرُوطَةَ وَأَنَّهَا زَالَتْ بِوَطْئِهِ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِدَفْعِ الْفَسْخِ وَمَا إذَا ادَّعَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا أَنَّ الْمُحَلِّلَ وَطِئَهَا وَفَارَقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَأَنْكَرَ الْمُحَلِّلُ الْوَطْءَ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ لَا لِتَقَرُّرِ مَهْرِهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبَيِّنَةُ الْوَطْءِ مُتَعَذِّرَةٌ وَمَا إذَا قَالَ لَهَا وَهِيَ طَاهِرٌ أَنْت طَالِقٌ لِسُنَّةٍ ثُمَّ ادَّعَى وَطْأَهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ لِيَدْفَعَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ وَأَنْكَرَتْهُ فَيُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ ثُمَّ اخْتَلَفَا كَذَلِكَ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ لِمَا ذُكِرَ وَبِهِ أَجَابَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا ثُمَّ ادَّعَى الْإِنْفَاقَ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ فِي هَذِهِ الظَّاهِرُ الْوُقُوعُ (الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ) مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ زَوْجَتِهِ (وَيَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ) مِنْهَا (بِمَا سِوَى حَلْقَةِ دُبُرِهَا) وَلَوْ فِيمَا بَيْنَ الْأَلْيَتَيْنِ أَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِحَلْقَةِ دُبُرِهَا فَحَرَامٌ بِالْوَطْءِ خَاصَّةً لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ (فَرْعٌ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْقُبُلِ) أَيْ كَالْوَطْءِ فِيهِ فِي إفْسَادِ الْعِبَادَةِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ وَالْحَدِّ وَالْكَفَّارَةِ وَالْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَغَيْرِهَا (إلَّا فِي سَبْعَةِ أَحْكَامٍ الْحِلُّ) لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ (وَالتَّحْلِيلُ) لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ احْتِيَاطًا لَهُ وَلِخَبَرِ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك» (وَالتَّحْصِينُ) لِأَنَّهُ فَضِيلَةٌ فَلَا تُنَالُ بِهَذِهِ الرَّذِيلَةِ (وَالْخُرُوجُ مِنْ الْفَيْئَةِ وَزَوَالُ الْعُنَّةِ) إذْ لَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ الزَّوْجَةِ (وَتَغْيِيرُ إذْنِ الْبِكْرِ) فِي النِّكَاحِ مِنْ النُّطْقِ إلَى السُّكُوتِ لِبَقَاءِ الْبَكَارَةِ (وَكَوْنُهُ لَا يُوجِبُ إعَادَةَ الْغُسْلِ) عَلَى الْمَوْطُوءَةِ (بِخُرُوجِ مَاءِ الرَّجُلِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدُّبُرِ (بِخِلَافِ) خُرُوجِهِ مِنْ الْقُبُلِ (فِيمَنْ قَضَتْ وَطَرَهَا) فَإِنَّهُ يُوجِبُ إعَادَةَ الْغُسْلِ عَلَيْهَا وَبَقِيَ ثَامِنَةٌ وَتَاسِعَةٌ وَهُمَا جَعْلُ الزِّفَافِ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَعَدَمُ وُجُوبِ الرَّجْمِ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِهِ. وَزَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَاشِرَةً نَقَلَهَا عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ وَأَقَرَّهُ وَهِيَ وَطْءُ مَمْلُوكَتِهِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فِي الدُّبُرِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْحَدَّ بِخِلَافِهِ فِي الْقُبُلِ (وَيَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ فِي) وَطْءِ (أَمَتِهِ و) فِي (وَطْءِ الشُّبْهَةِ) كَوَطْئِهِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ إلَى الرَّحِمِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ بِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِالشُّبْهَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ (أَمَّا الزَّوْجَةُ فَبِالْفِرَاشِ) يَثْبُتُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأَنَّهَا لَوْ زَالَتْ بِوَطْئِهِ) أَوْ زَالَتْ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ قِيَاسُهُ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ فِيمَا لَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ وَاخْتَلَفَا فَقَالَ وَطِئْتُك قَبْلَ أَنْ تُسْلِمِي وَقَدْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَأَنْكَرَتْ الْوَطْءَ وَفِيمَا لَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَ وَاخْتَلَفَا فَقَالَ وَطِئْتُك قَبْلَ الرِّدَّةِ وَقَدْ حَصَلَ الْإِسْلَامُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَأَنْكَرَتْ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ وَبِهِ أَجَابَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ إلَخْ) وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ) وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِخُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا يَدُلُّ لِابْنِ الصَّلَاحِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إذَا خَرَجَتْ وَقَالَ خَرَجْت بِإِذْنِي فَأَنْكَرَتْ صُدِّقْت بِيَمِينِهَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ثَمَّ خُرُوجُهَا وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِهِ وَادَّعَى وُجُودَ إذْنِهِ الْمَانِعِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ بِخِلَافِهِ هُنَا. (فَرْعٌ) إذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِالْمَهْرِ وَقَالَ قَدْ وَطِئْتُك فَلَا فَسْخَ لَك وَقَالَتْ لَمْ تَطَأْ فَلِي الْفَسْخُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قُلْته تَخْرِيجًا وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ زَوْجَتِهِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ) (قَوْلُهُ أَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِحَلْقَةِ دُبُرِهَا إلَخْ) كَأَنْ أَوْلَجَ فِيهِ بَعْضَ الْحَشَفَةِ وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ مُتَحَيِّرَةً أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ رَتْقَاءَ وَالشَّهْوَةُ غَالِبَةٌ عَلَيْهِ [فَرْعٌ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْقُبُلِ إلَّا فِي سَبْعَةِ أَحْكَامٍ] (قَوْلُهُ إلَّا فِي سَبْعَةِ أَحْكَامٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي خَاتِمَةِ كِتَابِهِ فِي أَحْكَامِ الْوَطْءِ إذَا قِيلَ لَك كَمْ مَسْأَلَةً تَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ فَقُلْ نَحْوُ أَلْفِ مَسْأَلَةٍ فَإِنْ قِيلَ كَمْ حُكْمًا يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ فَقُلْ خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ حُكْمًا فَإِنْ قِيلَ دُونَ حُكْمٍ يَثْبُتُ بِالْوَطْءِ أَوْ غَيْرِهِ فَقُلْ ثَلَاثُونَ حُكْمًا فَإِنْ قِيلَ كَمْ حُكْمًا يَنْفَرِدُ بِهِ الْقُبُلُ عَنْ الدُّبُرِ فَقُلْ عِشْرُونَ حُكْمًا مِنْهَا عَشَرَةٌ مِنْ أَحْكَامِ الْوَطْءِ وَعَشَرَةٌ مِنْ غَيْرِ أَحْكَامِ الْوَطْءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا (قَوْلُهُ وَتَغْيِيرُ إذْنِ الْبِكْرِ) وَدُخُولُهَا فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَبْكَارِ وَالْوَصِيَّةِ لَهُمْ (قَوْلُهُ وَزَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَاشِرَةً نَقَلَهَا عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إلَخْ) هُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ عَدَمُ حَدِّهِ فِيهَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالدَّمُ الْخَارِجُ مِنْهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ وَيَتَقَدَّمُ الْقُبُلُ عَلَيْهِ بِالسَّتْرِ عِنْدَ وُجُودِ مَا يَسْتُرُ أَحَدَهُمَا وَوَطْءُ السَّيِّدِ أَمَتَهُ فِي دُبُرِهَا عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ بِالْعَيْبِ قُلْته تَخْرِيجًا وَلَا يَصِيرُ مُوَلِّيًا بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِيهِ. وَيُعَزَّرُ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِيهِ أَيْ إذَا عَادَ بَعْدَمَا مَنَعَهُ الْحَاكِمُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَتَبْطُلُ الْحَضَانَةُ بِهِ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَلَا أَثَرَ لِوَطْءِ الْبَائِعِ فِي قُبُلِ الْخُنْثَى فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَطْءَ فِي دُبُرِهِ فَسْخٌ كَقُبُلِ غَيْرِ الْخُنْثَى وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهُ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي دُبُرِ رَجُلٍ كَانَ جُنُبًا لَا مُحْدِثًا فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَقَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَطْءَ إلَخْ كُتِبَ عَلَيْهِ لَيْسَ كَذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 النَّسَبُ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَطْءِ بَلْ عَلَى إمْكَانِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الطَّلَاقِ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي اللِّعَانِ وَالِاسْتِبْرَاءِ كَالْأَكْثَرِينَ عَدَمُ ثُبُوتِهِ بِهِ لِبُعْدِ سَبْقِ الْمَاءِ بِهِ إلَى الرَّحِمِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ أَصْلَهُ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ. (وَيَثْبُتُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَكُلُّ الْمُسَمَّى فِي) النِّكَاحِ (الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلِّ الِاسْتِمْتَاعِ (وَلَهُ الِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِ زَوْجَتِهِ وَجَارِيَتِهِ) كَمَا يَسْتَمْتِعُ بِسَائِرِ بَدَنِهِمَا (لَا يَدِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} [المؤمنون: 6] إلَى قَوْلِهِ {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7] وَهَذَا مِمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ (وَالْعَزْلُ) وَهُوَ أَنْ يُنْزِلَ بَعْدَ الْجِمَاعِ خَارِجَ الْفَرْجِ (تَحَرُّزًا مِنْ الْوَلَدِ مَكْرُوهٌ) وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ الْمَعْزُولُ عَنْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ إطْلَاقِ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ قَبْلَهُ الْأَوْلَى تَرْكُهُ. وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى فَإِنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَقَالَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا فِي كُلِّ حَالٍ وَخَرَجَ بِالتَّحَرُّزِ عَنْ الْوَلَدِ مَا لَوْ عَنَّ لَهُ أَنْ يَنْزِعَ ذَكَرَهُ قُرْبَ الْإِنْزَالِ لَا لِلتَّحَرُّزِ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْعَزْلَ جَائِزٌ مُطْلَقًا وَاحْتَجُّوا لَهُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْهَنَا» وَبِأَنَّ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ الْفَيْئَةِ وَالْعُنَّةِ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْوَاطِئِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَطَأَ ثَانِيًا (أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَغْسِلَ الْفَرْجَ بَيْنَ الْوَطْأَتَيْنِ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْغُسْلِ (وَيَبْعُدُ حِلُّهُ) أَيْ تَصَوُّرُ حِلِّ إيقَاعِ الْوَطْأَتَيْنِ (فِي الزَّوْجَاتِ إلَّا بِإِذْنِهِنَّ) لِأَنَّ الْقَسْمَ وَاجِبٌ لَهُنَّ وَلَا يَجُوزُ فِي نَوْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْ يَأْتِيَ الْأُخْرَى إلَّا بِإِذْنِهَا وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ» فَمَحْمُولٌ عَلَى إذْنِهِنَّ إنْ قُلْنَا كَانَ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُنَّ كَالْإِمَاءِ. وَفِي قَوْلِهِ وَيَبْعُدُ حِلُّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُتَصَوَّرُ حِلُّهُ كَأَنْ وَطِئَ وَاحِدَةً آخِرَ نَوْبَتِهَا ثُمَّ الثَّانِيَةَ أَوَّلَ نَوْبَتِهَا أَوْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُولَى وَوَطْئِهِ لَهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَاتِ إلَّا بِإِذْنِهِنَّ (وَيُبَاحُ) ذَلِكَ (فِي الْإِمَاءِ) وَلَوْ مَعَ زَوْجَةٍ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَسْمِ لَهُنَّ (وَيُكْرَهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ بِحَضْرَةِ أُخْرَى) فَإِنَّهُ دَنَاءَةٌ (وَأَنْ يَذْكُرَ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا) لِذَلِكَ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَذَا أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ هُنَا وَفِي الشَّهَادَاتِ لَكِنْ جَزَمَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُظْهِرَ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا مِنْ أُمُورِ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَصْفِ تَفَاصِيلِ ذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْجِمَاعِ فَيُكْرَهُ ذِكْرُهُ إلَّا لِفَائِدَةٍ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ التَّحْرِيمِ عَلَى التَّفْصِيلِ وَالْكَرَاهَةِ عَلَى خِلَافِهِ. (وَيُسَنُّ مُلَاعَبَةُ الزَّوْجَةِ) إينَاسًا وَتَلَطُّفًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «هَلَّا تَزَوَّجْت بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك» (إنْ لَمْ يَخَفْ مَفْسَدَةً) مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ خَافَهَا لَمْ يُسَنَّ بَلْ قَدْ يُمْتَنَعُ (و) يُسَنُّ لَهُ (أَنْ لَا يُعَطِّلَهَا) فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا وَيُحَصِّنَهَا وَأَدْنَى الدَّرَجَاتِ أَنْ لَا يَتْرُكَهَا لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ (وَأَنْ لَا يُطِيلَ عَهْدَهَا بِالْجِمَاعِ بِلَا عُذْرٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ (وَأَنْ يُجَامِعَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ السَّفَرِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا قَدِمْت فَالْكَيْسَ الْكَيْسَ» أَيْ ابْتَغِ الْوَلَدَ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَيُكْرَهُ الْجِمَاعُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ مِنْ الشَّهْرِ وَلَيْلَةِ نِصْفِهِ فَيُقَالُ إنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ الْجِمَاعَ فِيهَا وَأَنَّهُ يُجَامِعُ وَيُكْرَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ لِئَلَّا يَنَامَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ (وَ) أَنْ (يُسَمِّيَ اللَّهَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْجِمَاعِ (وَيَدْعُوَ بِالْمَأْثُورِ) أَيْ بِالْمَنْقُولِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ. (وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ (مَنْعُهُ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ جَائِزٍ) بِهَا (تَحْرِيمًا مُغَلَّظًا) لِمَنْعِهَا حَقَّهُ مَعَ تَضَرُّرِ بَدَنِهِ بِذَلِكَ وَلَا يَحْرُمُ وَطْءُ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيُكْرَهُ) لِلْمَرْأَةِ (أَنْ تَصِفَ لِزَوْجِهَا امْرَأَةً أُخْرَى لِغَيْرِ حَاجَةٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرُ الزَّوْجِ مِثْلُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ) (وَتَزْوِيجِهِ بِهَا و) وُجُوبِ (إعْفَافِهِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ) بِعِدَّةِ مَا فِي التَّرْجَمَةِ (الْأَوَّلُ فِي وَطْئِهِ) لَهَا (فَيَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ وَطْءُ جَارِيَةِ الِابْنِ) مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ إجْمَاعًا وَلِآيَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ وَلَا يَلْحَقُ بِالْوَطْءِ فِيهِ الْوَلَدُ فِي الْأَمَةِ وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ خِلَافًا لِمَنْ صَحَّحَ هُنَا خِلَافَ ذَلِكَ. اهـ. وَالْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْأَصَحُّ فِي النِّهَايَةِ عَدَمُ اللُّحُوقِ. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي اللِّعَانِ وَالِاسْتِبْرَاءِ كَالْأَكْثَرِينَ عَدَمُ ثُبُوتِهِ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ فِرَاشًا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى إلَخْ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ (قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا كَانَ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُولَى) أَيْ أَوْ انْفِسَاخِ نِكَاحِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا أَوْ يَطَأُ وَاحِدَةً فِي نَوْبَةِ الْأُخْرَى بِظَنِّهِ أَنَّهَا صَاحِبَةُ النَّوْبَةِ ثُمَّ يَطَأُ صَاحِبَةَ النَّوْبَةِ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ وَلَمْ يَبِتْ عِنْدَ وَاحِدَةٍ وَدَارَ عَلَيْهِنَّ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ أَوْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ وَاحِدَةٌ فَوَطِئَهَا ثُمَّ عَقَدَ عَلَى أُخْرَى عَقِبَ وَطْئِهَا فَوَطِئَهَا أَوْ كَانَتْ لَهُ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ نَاشِزَاتٍ ثُمَّ وَطِئَهُنَّ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ التَّحْرِيمِ إلَخْ) كَلَامُ شَرْحِ مُسْلِمٍ يُشِيرُ إلَيْهِ [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ وَتَزْوِيجِهِ بِهَا] [الطَّرَف الْأَوَّلُ يَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ وَطْءُ جَارِيَةِ الِابْنِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] وَلِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ لِلِابْنِ وَالْفَرْجُ الْوَاحِدُ لَا يُبَاحُ لِاثْنَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ وَلَوْ مُوسِرًا. (وَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَتَهُ) أَيْ الِابْنِ (وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ فَفِي خَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَلِشُبْهَةِ الْإِعْفَافِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَرَقَ مَالَهُ لَا يُقْطَعُ بِهِ وَلِأَنَّ الْوَالِدَ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ فَيَبْعُدُ أَنْ يُرْجَمَ بِوَطْءِ جَارِيَتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَهَا فِي الْقُبُلِ أَمَّا إذَا وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُحَدُّ كَمَا لَوْ وَطِئَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ تَمَجُّسٍ فِي دُبُرِهَا بَلْ هُوَ أَوْلَى وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ فِي مَوَاضِعَ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْأَصْلُ عَنْ تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِحَالٍ وَهَذَا سَاقَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَسَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ طَرِيقَةٌ غَيْرُ مَشْهُورَةٍ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا كَغَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ (بَلْ يُعَزَّرُ) فِيهِمَا كَمَا فِي ارْتِكَابِ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ وَهُوَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِحَقِّ الْوَلَدِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ جَزَمُوا بِأَنَّهُ يُعَزَّرُ بِقَذْفِ وَلَدِهِ لِحَقِّهِ وَالْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَأُجِيبَ عَنْ النَّظَرِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَدُّ لَوْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ يُعَزَّرُ بِقَذْفِ وَلَدِهِ لِحَقِّهِ وَإِلَّا فَقَدْ يُرَادُ بِهِ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا لَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ التَّعْزِيرِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ التَّعْزِيرِ لِلْوَلَدِ فِي وَطْءِ جَارِيَتِهِ عَدَمُ ثُبُوتِهِ فِي قَذْفِهِ لِأَنَّ لِلْأَبِ شُبْهَةً فِي مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ عِرْضِهِ (وَيَجِبُ) لَهُ عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ لَهَا وَلَوْ بِطَوْعِهَا (الْمَهْرُ) أَيْ مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا أَوْ مُؤْمِنًا لِلشُّبْهَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ وَكَذَا أَرْشُ بَكَارَتِهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَافْتَضَّهَا (وَغَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ) لِلِابْنِ (تَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ) أَبَدًا لِأَنَّهَا صَارَتْ مَوْطُوءَةَ الْأَبِ (وَالْمَوْطُوءَةُ) لَهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَسْتَمِرُّ مِلْكُ الِابْنِ عَلَيْهَا مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْأَبِ إحْبَالٌ (وَلَا يَغْرَمُ الْأَبُ) لَهُ بِتَحْرِيمِهِ لَهَا عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ (قِيمَتَهَا وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا) أَوْ نَحْوَهُ (بِخِلَافِ وَطْءِ زَوْجَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ بِشُبْهَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهُ الْمَهْرُ) أَيْ مَهْرُهَا (وَالْفَرْقُ بَقَاءُ الْمَالِيَّةِ) الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ (فِي الْأَمَةِ) وَالْفَائِتُ عَلَى الِابْنِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ الْحِلِّ وَهُوَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَخَرَجَتْ أُخْتَهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرَّدِّ وَالْفَائِتُ فِي الزَّوْجَةِ الْمِلْكُ وَالْحِلُّ جَمِيعًا وَلِأَنَّ الْحِلَّ فِيهَا هُوَ الْمَقْصُودُ فَيُقَوَّمُ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أُخْتَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَعَلَى مَا ذُكِرَ لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ أَمَةَ أَخِيهِ فَوَطِئَهَا أَبُوهُمَا لَزِمَهُ مَهْرَانِ مَهْرٌ لِمَالِكِهَا وَمَهْرٌ لِزَوْجِهَا (فَإِنْ أَحْبَلَهَا) الْأَبُ الْحُرُّ وَلَوْ مُعْسِرًا أَوْ كَافِرًا (صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ عِنْدَ الْعُلُوقِ لِلشُّبْهَةِ الَّتِي نَفَتْ الْحَدَّ وَأَوْجَبَتْ الْمَهْرَ وَإِنَّمَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ هُنَا بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ كَمَا فِي إيلَادِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ لِأَنَّ الْإِيلَادَ هُنَا إنَّمَا يَثْبُتُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ فَلَوْ نَفَّذْنَاهُ عِنْدَ الْإِعْسَارِ لَعَلَّقْنَا حَقَّهُ بِذِمَّةِ خَرَابٍ وَهُوَ ضَرَرٌ أَيْضًا. وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ فَيَثْبُتُ إيلَادُهَا هُنَا لِلْأَبِ مُطْلَقًا (إنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةَ الِابْنِ) فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَتَهُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَبِ لِتَعَذُّرِ انْتِقَالِ مِلْكِهَا إلَيْهِ (ثُمَّ الْوَلَدُ) الْحَاصِلُ مِنْهَا بِوَطْئِهِ (حُرٌّ نَسِيبٌ) لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ (وَيَجِبُ) عَلَيْهِ (الْمَهْرُ) كَمَا مَرَّ (لَا إنْ أَنْزَلَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ) إيلَاجِ (الْحَشَفَةِ) فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُحَدُّ كَمَا لَوْ وَطِئَ إلَخْ) لَا حَدَّ فِيمَا تَفَقَّهَهُ لِلشُّبْهَتَيْنِ وَلَا فِيمَا قَاسَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْأَصْلُ عَنْ تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ كَالْأَذْرَعِيِّ لَكِنَّهُ فِي التَّجْرِبَةِ إنَّمَا حَكَاهُ عَنْ وَالِدِهِ خَاصَّةً فَقَالَ قَالَ وَالِدِي يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُهُ ثُبُوتُ الْحَدِّ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ مَوْطُوءَةِ الِابْنِ الَّتِي لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِ بِجِهَةِ النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ عِنْدَ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِحَالٍ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِأَنْ تُبَاعَ عَلَى ابْنٍ رَهَنَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا بَعْدَ إقْبَاضِهِ وَإِعْسَارِهِ وَفِيمَا إذَا جَنَتْ (قَوْلُهُ وَهَذَا سَاقَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَخَلَائِقَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي تَعْلِيقِهِ فَأَمَّا إذَا وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ الِابْنِ فَحُكْمُهُ فِي الْمَسَائِلِ مَا ذَكَرْنَاهُ إلَّا أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ التَّغْرِيرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا أَرْشُ بَكَارَتِهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا إلَخْ) لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَهْلَكَ عُضْوًا مِنْ بَدَنِهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهُ الْمَهْرُ) وَلَا يَتَعَدَّدُ بِتَكَرُّرِ الْوَطَآتِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَحْبَلَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) وَلَوْ مُشْتَرَاةً قَبْلَ قَبْضِهَا أَوْ بِشَرْطِ إعْتَاقِهَا أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُوصًى بِهَا وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مَرْهُونَةً أَوْ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهَا مَالٌ وَالْمُحْبِلُ مُوسِرٌ أَوْ مُكَاتَبَةً لِلِابْنِ. وَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ إيلَادُهُ لِأَمَةٍ اسْتَعَارَهَا مِنْ وَلَدِهِ وَرَهَنَهَا ثُمَّ أَحْبَلَهَا ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ صُوَرٌ إحْدَاهَا مَمْلُوكَةُ الِابْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَقْبِضْهَا الثَّالِثَةُ الَّتِي رَهَنَهَا الِابْنُ إذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا الرَّابِعَةُ الَّتِي اسْتَعَارَهَا مِنْ ابْنِهِ وَرَهَنَهَا ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا وَهُوَ مُوسِرٌ الْخَامِسَةُ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا وَقَدْ حَجَرَ عَلَى ابْنِهِ بِالْفَلَسِ السَّادِسَةُ مُكَاتَبَةُ الِابْنِ السَّابِعَةُ مُدَبَّرَتُهُ الثَّامِنَةُ الْمُوصَى بِهَا قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ وَارْتَفَعَتْ الْوَصِيَّةُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ كَذَلِكَ الْعَاشِرَةُ مَنْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَاسْتَوْلَدَهَا أَبُوهُ الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ الْمُزَوَّجَةُ الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةَ الِابْنِ) لَوْ كَانَ الْوَالِدُ مُسْلِمًا وَالْوَلَدُ ذِمِّيًّا وَمُسْتَوْلَدَتُهُ ذِمِّيَّةٌ فَهَلْ يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ لِلْوَالِدِ لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلنَّقْلِ لَوْ نَقَضَتْ الْعَهْدَ وَسُبِيَتْ أَوْ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّهَا الْآنَ عَلَى حَالَةٍ تَقْتَضِي مَنْعَ النَّقْلِ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَى اسْتِيلَادِ الْمُكَاتَبَةِ وَأَوْلَى هُنَا بِالْمَنْعِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالثَّانِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 الْفَرْجِ (أَوْ مَعَهُ) فَلَا يَجِبُ لِتَقَدُّمِ الْإِنْزَالِ عَلَى مُوجِبِهِ فِي الْأُولَى وَاقْتِرَانِهِ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَكَذَا) تَجِبُ (قِيمَةُ غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ) سَوَاءٌ أَنْزَلَ قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ بَعْدَهُ أَمْ مَعَهُ لِصَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ كَمَا فِي الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْوَاطِئِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا مَعَ نِصْفِ مَهْرِهَا وَالْقَوْلُ فِي قَدْرِهَا قَوْلُ الْأَبِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ لَهَا مُدَّةً وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا فِيهَا وَلَا يَعْلَمُ مَتَى عَلِقَتْ بِالْوَلَدِ قَالَ الْقَفَّالُ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا فِي آخِرِ زَمَنٍ يُمْكِنُ عُلُوقُهَا بِهِ فِيهِ وَذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ وِلَادَتِهَا لِأَنَّ الْعُلُوقَ مِنْ ذَلِكَ يَقِينٌ وَمَا قَبْلَهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ. قَالَ وَلَا يُؤْخَذُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْقَوَابِلِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْحَامِلِ الْمَبْتُوتَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا قَبْلَ زَمَنِ الْعُلُوقِ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقْصَى قِيمَتِهَا مِنْ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا إلَى زَمَنِ الْعُلُوقِ أَمَّا الْمُسْتَوْلَدَةُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مُطْلَقًا لِعَدَمِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ وَأَمَّا الْوَلَدُ فَلَا تَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ قِيمَةَ أُمِّهِ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْهَا فَانْدَرَجَ فِيهَا وَلِأَنَّهُ انْعَقَدَ فِي مِلْكِهِ وَلِأَنَّ قِيمَتَهُ إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَذَلِكَ وَاقِعٌ فِي مِلْكِهِ (وَيَمْلِكُهَا) أَيْ غَيْرَ الْمُسْتَوْلَدَةِ (قُبَيْلَ الْعُلُوقِ) لِيَسْقُطَ مَاؤُهُ فِي مِلْكِهِ صِيَانَةً لِحُرْمَتِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ وَقَدْ حَكَى الْأَصْلُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا هَذَا وَالثَّانِي مَعَ الْعُلُوقِ لِأَنَّهُ عِلَّةُ نَقْلِ الْمِلْكِ وَالْعِلَّةُ تَقْتَرِنُ بِمَعْلُولِهَا وَالثَّالِثُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَالرَّابِعُ بَعْدَهَا عِنْدَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي تَنْقِيحِهِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّانِي وَعَلَيْهِ جَرَى الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَوَسِيطِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي. (فَرْعٌ) لَوْ (اسْتَوْلَدَ مُوسِرٌ جَارِيَةَ فَرْعِهِ الْمُشْتَرَكَةَ) يَعْنِي جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَ فَرْعِهِ وَأَجْنَبِيٍّ (نَفَذَ الِاسْتِيلَادُ فِي الْكُلِّ) وَوَلَدُهَا مِنْهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَالْقِيمَةُ لِلْفَرْعِ وَشَرِيكِهِ (أَوْ) اسْتَوْلَدَهَا (مُعْسِرٌ لَمْ يَنْفُذْ) الِاسْتِيلَادُ (فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ بَلْ يُرَقُّ بَعْضُ الْوَلَدِ) وَهُوَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ تَبَعًا لِأُمِّهِ (وَيَنْفُذُ) الِاسْتِيلَادُ (فِي نَصِيبِ الِابْنِ مِنْ الْمُبَعَّضَةِ) لَا مَحَالَةَ (فَرْعٌ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا أَوْ مُبَعَّضًا وَلَوْ) كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا (مُكَاتَبًا فَلَا اسْتِيلَادَ) بِوَطْئِهِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُكَاتَبُ لَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ بِإِيلَادِهِمَا أَمَتَهُمَا فَبِإِيلَادِ أَمَةِ وَلَدِهِمَا بِالْأَوْلَى (وَلَا حَدَّ لَكِنَّ الْوَلَدَ نَسِيبٌ حُرٌّ) لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْمُبَعَّضِ وَالْمُكَاتَبِ وَبِكَوْنِ وَلَدِ الْمُبَعَّضِ نَسِيبًا وَبِكَوْنِ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ نَسِيبًا حُرًّا مَعَ تَرْجِيحِ كَوْنِ وَلَدِ الْمُبَعَّضِ حُرًّا كُلُّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَمَا جَزَمَ بِهِ مِنْ حُرِّيَّةِ وَلَدِ الرَّقِيقِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قِيَاسًا عَلَى وَلَدِ الْمَغْرُورِ لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ رَقِيقٌ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الرَّاجِحُ وَالْقِيَاسُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْمَغْرُورَ ظَنَّ أَنَّهَا أَمَتُهُ فَانْعَقَدَ الْوَلَدُ حُرًّا بِخِلَافِ الْعَبْدِ الَّذِي وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ لَا ظَنَّ يَقْتَضِي حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ حَتَّى يَنْزِلَ مَنْزِلَةَ الْمَغْرُورِ وَلَا نَظَرَ إلَى شُبْهَةِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ وَالِاسْتِدْرَاكُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَا لِلْمَعْطُوفِ (وَالْقِيمَةُ) لِلْوَلَدِ عَلَى الْقَوْلِ بِحُرِّيَّتِهِ (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي انْعِقَادِهِ حُرًّا (إلَّا أَنَّ الْمُبَعَّضَ يُطَالَبُ بِالْبَعْضِ) فِي الْحَالِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَبِالْبَعْضِ الْآخَرِ بَعْدَ عِتْقِهِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ لَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ كَمَا مَرَّ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كَالرَّقِيقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْقِيمَةِ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ الْغَارَّةِ. (وَأَمَّا الْمَهْرُ) أَيْ مَهْرُ الْمَوْطُوءَةِ (فَإِنْ أَكْرَهَهَا الرَّقِيقُ) عَلَى الْوَطْءِ (فَفِي رَقَبَتِهِ) كَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ (وَإِلَّا) بِأَنْ طَاوَعَتْهُ (فَقَوْلَانِ) فِي أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ وَطِئَ الرَّقِيقُ أَجْنَبِيَّةً بِشُبْهَةٍ قَالَهُ فِي الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِيهِ فِي تِلْكَ طَرِيقَيْنِ رَجَّحَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُمَا فِيمَا يَأْتِي كَالْأَنْوَارِ تَعَلُّقَهُ بِرَقَبَتِهِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ ذَلِكَ هُنَا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (فَرْعٌ) لَوْ (أَوْلَدَ مُكَاتَبَةَ وَلَدِهِ فَهَلْ يَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقْبَلُ الْفَسْخَ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ (وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ الْأَوَّلُ وَقَطَعَ الْهَرَوِيُّ بِالثَّانِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَرَجَّحَ الْخُوَارِزْمِيَّ الْأَوَّلَ وَجَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ (أَوْ) أَوْلَدَ (أَمَةَ وَلَدِهِ الْمُزَوَّجَةَ نَفَذَ) إيلَادُهُ (كَإِيلَادِ السَّيِّدِ) لَهَا (وَحَرُمَتْ عَلَى الزَّوْجِ مُدَّةَ الْحَمْلِ) . (فَصْلٌ) (وَالِابْنُ فِي وَطْءِ جَارِيَةِ الْأَبِ كَالْأَجْنَبِيِّ) فَإِنْ كَانَ بِشُبْهَةٍ كَأَنْ ظَنَّهَا أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلْأَبِ أَوْ زَوْجَتُهُ الرَّقِيقَةُ انْعَقَدَ الْوَلَدُ رَقِيقًا وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ حُدَّ لِانْتِفَاءِ شُبْهَتَيْ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ قِيمَةَ أُمِّهِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ تَعَالِيلِ عَدَمِ لُزُومِ قِيمَةِ الْوَلَدِ لُزُومُهَا فِيمَا إذَا كَانَتْ أُمُّهُ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَيَمْلِكُهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ) مَتَى حَكَمْنَا بِالِانْتِقَالِ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا وَاسْتِبْرَاؤُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ أَحَدُهَا) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ تَرْجِيحِهِمْ عَدَمَ وُجُوبِ قِيمَةِ الْوَلَدِ [فَرْعٌ اسْتَوْلَدَ مُوسِرٌ جَارِيَةَ فَرْعِهِ الْمُشْتَرَكَةَ] (قَوْلُهُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُكَاتَبُ إلَخْ) مَا قَاسَ عَلَيْهِ فِي الْمُبَعَّضِ رَأْيٌ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَمَا جَزَمَ بِهِ مِنْ حُرِّيَّةِ وَلَدِ الرَّقِيقِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ إلَخْ) أَيْ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ إلَى شُبْهَةِ الْمِلْكِ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى الشُّبْهَةِ الْمَذْكُورَةِ لَأَوْجَبُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ بِوَطْئِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْمَغْرُورَ ظَنَّ أَنَّهَا أَمَتَهُ لَا يُنَاسِبُ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْمُبَعَّضَ يُطَالَبُ بِالْبَعْضِ) وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْمُبَعَّضَ يُطَالَبُ بِالْبَعْضِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُطَالِبُ بِالْجَمِيعِ فِي الْحَالِ. (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْقِيمَةِ فِي الْحَالِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ ذَلِكَ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ أَوْلَدَ مُكَاتَبَةَ وَلَدِهِ فَهَلْ يَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ] (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 الْإِعْفَافِ وَالْمِلْكِ وَلَيْسَ كَالسَّرِقَةِ حَيْثُ لَا يُقْطَعُ بِهَا لِشُبْهَةِ النَّفَقَةِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ إنْ أُكْرِهَتْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَرَقِيقٌ لِلْأَبِ غَيْرُ نَسِيبٍ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ (إلَّا أَنَّ الْوَلَدَ الرَّقِيقَ النَّسِيبَ يُعْتَقُ عَلَى الْجَدِّ) لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الِابْنَ (قِيمَتُهُ) لِانْعِقَادِهِ رَقِيقًا (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي نِكَاحِ جَارِيَةِ الْوَلَدِ فَيَحْرُمُ) عَلَى الْأَبِ نِكَاحُهَا (إلَّا عَلَى أَبٍ رَقِيقٍ) قَالُوا لِأَنَّ لِغَيْرِ الرَّقِيقِ فِيهَا شُبْهَةً فَأَشْبَهَتْ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ. (فَلَوْ تَزَوَّجَهَا) الْأَبُ الرَّقِيقُ (ثُمَّ عَتَقَ أَوْ تَزَوَّجَ حُرٌّ) أَوْ رَقِيقٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (رَقِيقَةً) لِأَجْنَبِيٍّ (ثُمَّ مَلَكَهَا ابْنُهُ) أَيْ ابْنُ الزَّوْجِ (لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ الثَّابِتِ الدَّوَامُ وَلِلدَّوَامِ مِنْ الْقُوَّةِ مَا لَيْسَ لِلِابْتِدَاءِ (فَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا) وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ فِي الْأُولَى وَمَلَّكَ ابْنَهُ لَهَا فِي الثَّانِيَةِ (لَمْ يَنْفُذْ) اسْتِيلَادُهَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرِقِّ وَلَدِهِ حِينَ نَكَحَهَا وَلِأَنَّ النِّكَاحَ حَاصِلٌ مُحَقَّقٌ فَيَكُونُ وَاطِئًا بِالنِّكَاحِ لَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحٌ (فَرْعٌ وَإِنْ تَزَوَّجَ) شَخْصٌ (أَمَةً فَمَلَكَهَا مُكَاتَبُهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا) بِخِلَافِهَا فِي أَمَةِ ابْنِهِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ السَّيِّدِ بِمِلْكِ مُكَاتَبِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَبِ بِمِلْكِ ابْنِهِ فَنَزَّلُوا مِلْكَ مُكَاتَبِهِ مَنْزِلَةَ مِلْكِهِ فَإِنْ قُلْت لَوْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ أَبَا سَيِّدِهِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُنَزِّلُوهُ مَنْزِلَةَ مِلْكِهِ قُلْنَا لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْقَرَابَةِ وَالْمِلْكُ وَالنِّكَاحُ لَا يَجْتَمِعَانِ (وَيَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ) إذَا أَوْلَدَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ. (وَيَجُوزُ) لِلشَّخْصِ (نِكَاحُ أَمَةِ الْوَلَدِ) لَهُ (وَ) نِكَاحُ (أَمَةِ ابْنٍ) لَهُ (مِنْ الرَّضَاعِ) لِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ إعْفَافُ الْأَبِ الْحُرِّ وَلَوْ كَافِرًا لَا الْوَلَدِ وَاجِبٌ) عَلَى ابْنِهِ لِأَنَّهُ مِنْ وُجُوهِ حَاجَاتِهِ الْمُهِمَّةِ فَيَجِبُ عَلَى ابْنِهِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ (كَنَفَقَتِهِ) وَلِئَلَّا يُعَرِّضَهُ لِلزِّنَا وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَلَيْسَ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَلِأَنَّهُ إذَا احْتَمَلَ لِإِبْقَائِهِ فَوَاتَ نَفْسِ الِابْنِ كَمَا فِي الْقَوَدِ فَفَوَاتُ مَالِهِ أَوْلَى فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إعْفَافُ الْأُمِّ قَالَ الْإِمَامُ بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ إذْ لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهَا فِي النِّكَاحِ وَلَا إعْفَافُ الْأَبِ غَيْرِ الْحُرِّ لِأَنَّ نِكَاحَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَا يَصِحُّ وَبِإِذْنِهِ يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ بِكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَبِذِمَّتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَا إعْفَافُ الْوَلَدِ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ دُونَ حُرْمَةِ الْأَبِ (فَلَوْ قَدَرَ الْأَبُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى النَّفَقَةِ (دُونَ) مُؤْنَةِ (الْإِعْفَافِ لَزِمَ الْوَلَدَ) إعْفَافُهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ. (وَلَا إعْفَافَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) وَلَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَرْعٌ الْبِنْتُ كَالِابْنِ) فِيمَا ذُكِرَ كَالنَّفَقَةِ (وَالْجَدُّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ كَالْأَبِ) فَيَجِبُ إعْفَافُهُ فَإِنْ اجْتَمَعَ أَبَوَانِ وَجَبَ إعْفَافُهُمَا (إنْ اتَّسَعَ الْمَالُ) أَيْ مَالُ الْوَلَدِ بِأَنْ وَفَّى بِهِمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَفِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا (فَأَبٌ الْأَبِ أَوْلَى) مِنْ أَبِي الْأُمِّ (وَلَوْ بَعُدَ) فَيُقَدَّمُ أَبُو أَبِي الْأَبِ عَلَى أَبِي الْأُمِّ (لِلْعُصُوبَةِ وَأَقْرَبُ الْآبَاءِ) مِنْ الْعَصَبَةِ (أَوْلَى) مِنْ أَبْعَدِهِمْ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى أَبِيهِ (فَإِنْ فُقِدَتْ) أَيْ الْعُصُوبَةُ (فَالْأَقْرَبُ) أَوْلَى مِنْ الْأَبْعَدِ أَيْضًا فَيُقَدَّمُ أَبٌ الْأُمِّ عَلَى أَبِيهِ (فَلَوْ اسْتَوَيَا) فِي الْقُرْبِ كَأَبِي أَبٍ أُمٍّ وَأَبِي أُمِّ أُمٍّ (فَالْقُرْعَةُ) يُعْمَلُ بِهَا لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ (مِنْ دُونِ) رَفْعٍ إلَى (الْحَاكِمِ) وَلَوْ اجْتَمَعَ عَدَدٌ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِعْفَافُ فَحُكْمُهُ مَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ. (فَرْعٌ لَا يَجِبُ إعْفَافُ) أَبٍ (قَادِرٍ) عَلَى إعْفَافِ نَفْسِهِ (وَلَوْ عَلَى سُرِّيَّةٍ وَمِنْ كَسْبِهِ) لِأَنَّهُ بِذَلِكَ مُسْتَغْنٍ عَنْ وَلَدِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِ الْأَخِيرَةِ فِي كَسْبِ النَّفَقَةِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَقُومُ بِدُونِهَا (فَلَوْ نَكَحَ) فِي يَسَارِهِ بِمَهْرٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ أَعْسَرَ قَبْلَ دُخُولِهِ وَامْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ حَتَّى تَقْبِضَهُ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَجِبُ عَلَى وَلَدِهِ دَفْعُهُ لِحُصُولِ الْإِعْفَافِ بِذَلِكَ وَالصَّرْفُ لِلْمَوْجُودَةِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الِابْنُ فِي وَطْءِ جَارِيَةِ الْأَبِ كَالْأَجْنَبِيِّ] قَوْلُهُ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ) إذْ لَا نَسَبَ وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالتَّحْرِيمِ وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي وَهُوَ مِمَّنْ يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيَكُونُ كَالشُّبْهَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي التَّعْلِيقِ لَوْ أَنَّهُ غَصَبَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَاسْتَوْلَدَهَا هَلْ يَجِبُ رَدُّهَا إلَيْهِ أَمْ لَا إنْ قُلْنَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَا يَجِبُ وَإِلَّا فَيَجِبُ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي نِكَاحِ جَارِيَةِ الْوَلَدِ] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي نِكَاحِ جَارِيَةِ الْوَلَدِ) (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ نِكَاحُهَا) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَخَائِفَ الْعَنَتِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَلَا إعْفَافُهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا لَمْ يَنْفُذْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَالشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَرَجَّحَهُ الْأَصْفُونِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْحِجَازِيُّ [فَرْعٌ تَزَوَّجَ شَخْصٌ أَمَةً فَمَلَكَهَا مُكَاتَبُهُ] (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت لَوْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ أَبَا سَيِّدِهِ لَمْ يُعْتِقْ عَلَيْهِ) أَيْ إذْ شَرْطُ الْمُعْتِقِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ كَذَلِكَ. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ إعْفَافُ الْأَبِ الْحُرِّ وَلَوْ كَافِرًا لَا الْوَلَدِ وَاجِبٌ عَلَى ابْنِهِ] (مَبْحَثٌ: الطَّرَفُ الثَّالِثُ الْإِعْفَافُ) (قَوْلُهُ إعْفَافُ الْأَبِ الْحُرِّ) أَيْ الْمَعْصُومِ وَلَوْ مَجْنُونًا (قَوْلُهُ وَاجِبٌ عَلَى ابْنِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَحَيْثُ تَزَوَّجَ بِعِلْمِ الِابْنِ حَالَةَ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ فَهَلْ يَصِحُّ ضَمَانُ الِابْنِ الْمَهْرَ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ لِلُزُومِهِ وَأَنْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ حَتَّى لَوْ أَعْسَرَ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْمَهْرِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِالْوَلَدِ وَلَوْ أَعْسَرَ اهـ وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَأَبٌ الْأَبِ أَوْلَى إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فَإِنْ قِيلَ لِمَ اعْتَبَرْتُمْ فِي جَانِبِ الْأُصُولِ الْعُصُوبَةَ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِوَاءِ وَلَمْ يُنْظَرْ لِلْعُصُوبَةِ فِي جَانِبِ الْفُرُوعِ عِنْدَ غُرْمِهِمْ قُلْنَا الْفَرْعُ غَارِمٌ لِغَيْرِهِ وَحَيْثُ وُجِدَ فَرْعَانِ غَرِمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى عُصُوبَةٍ وَالدَّفْعُ لِلشَّرَفِ الْكَائِنِ فِي الْأَخْذِ بِسَبَبِ الْأَصْلِيَّةِ وَمَتَى اجْتَمَعَ أَصْلَانِ وَقَدَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَرِعَايَةُ الْعَصَبَةِ مِنْهُمَا بِالْإِكْرَامِ لِشَرَفِهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ كَأَبِي أَبِ أُمٍّ وَأَبِي أُمِّ أُمٍّ) أَشَارَ بِالتَّمْثِيلِ إلَى أَنَّ الِاسْتِوَاءَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَ عَدَمِ الْعُصُوبَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ فُقِدَتْ. [فَرْعٌ لَا يَجِبُ إعْفَافُ أَبٍ قَادِرٍ عَلَى إعْفَافِ نَفْسِهِ وَلَوْ عَلَى سُرِّيَّةٍ وَمِنْ كَسْبِهِ] (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ إعْفَافُ قَادِرٍ وَلَوْ عَلَى سُرِّيَّةٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَاقِد مَهْرٍ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى مَهْرِ أَمَةٍ وَخَافَ الْعَنَتَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ إعْفَافُهُ وَأَنَّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةَ وَلَدِهِ كَأَمَةِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةَ وَلَدِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ إنَّ الشَّخْصَ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لَا يَنْكِحُ أَمَةَ فَرْعِهِ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِمَالِ فَرْعِهِ (قَوْلُهُ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَجِبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْزِمَ وَلَدَهُ إلَخْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 أَوْلَى مِنْ السَّعْيِ فِي أُخْرَى قَالَ وَعَلَيْهِ لَوْ نَكَحَ فِي إعْسَارِهِ وَلَمْ يُطَالِبْ وَلَدَهُ بِالْإِعْفَافِ ثُمَّ طَالَبَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْزِمَ وَلَدَهُ الْقِيَامَ بِهِ لَا سِيَّمَا إذَا جَهِلَتْ الْإِعْسَارَ وَأَرَادَتْ الْفَسْخَ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ ذَلِكَ إذَا كَانَ قَدْرَ مَهْرِ مِثْلِ مَنْ تَلِيقُ بِهِ (وَيُشْتَرَطُ) لِوُجُوبِ الْإِعْفَافِ (الْحَاجَةُ إلَى النِّكَاحِ) دُونَ خَوْفِ الْعَنَتِ (فَيَحْرُمُ طَلَبُ مَنْ لَمْ تَصْدُقْ شَهْوَتُهُ) بِأَنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ التَّعَزُّبُ وَلَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ نَعَمْ إنْ احْتَاجَ لِلنِّكَاحِ لَا لِلتَّمَتُّعِ بَلْ لِلْخِدْمَةِ لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَبَ إعْفَافُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ إذَا تَعَيَّنَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لَكِنَّهُ لَا يُسَمَّى إعْفَافًا. (وَيُصَدَّقُ) مَنْ أَظْهَر حَاجَتَهُ إلَى النِّكَاحِ (بِلَا يَمِينٍ) لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَا يَلِيقُ بِحُرْمَتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ كَانَ ظَاهِرُ حَالِهِ يُكَذِّبُهُ كَذِي فَالِجٍ شَدِيدٍ وَاسْتِرْخَاءٍ فَفِيهِ نَظَرٌ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا تَجِبَ إجَابَتُهُ أَوْ يُقَالُ يَحْلِفُ هُنَا لِمُخَالَفَةِ حَالِهِ دَعْوَاهُ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ (فَرْعٌ وَالْإِعْفَافُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِحُرَّةٍ تَلِيقُ بِهِ وَلَوْ كِتَابِيَّةً) بِأَنْ يُبَاشِرَ لَهُ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ فِيهِ وَيُعْطِيَهُ الْمَهْرَ فِيهِمَا (أَوْ يُمَلِّكَهُ أَمَةً) تَحِلُّ لَهُ (أَوْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ الْمَهْرَ) فِي الْحُرَّةِ (أَوْ الثَّمَنَ) فِي الْأَمَةِ لِأَنَّ غَرَضَ الْإِعْفَافِ يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَهْرَ أَوْ الثَّمَنَ إلَّا بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ الشِّرَاءِ وَعُلِمَ بِمَا قَالَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ الْأَمَةَ لِأَنَّ شَرْطَ نِكَاحِهَا الْإِعْسَارُ وَهُوَ مُسْتَغْنٍ بِمَالِ وَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى مَهْرِ أَمَةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا لَهُ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْمَذْكُورَاتِ مَحَلُّهُ فِي الْوَلَدِ الْمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ أَمَّا غَيْرُهُ فَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ لَا يَبْذُلَ إلَّا أَقَلَّ مَا تَنْدَفِعُ بِهِ الْحَاجَةُ إلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِهِ. (وَلَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ بِرَفِيعَةٍ) بِجَمَالٍ أَوْ شَرَفٍ أَوْ يَسَارٍ (وَلَا غَيْرِ سُرِّيَّةٍ) أَيْ يُزَوِّجُهُ دُونَ سُرِّيَّةٍ (إنْ بَذَلَهَا) لَهُ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِغَيْرِ الرَّفِيعَةِ وَبِالسُّرِّيَّةِ وَكَمَا لَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ بِالزَّوْجَةِ دُونَ السُّرِّيَّةِ كَذَلِكَ عَكْسُهُ الْمَفْهُومُ بِالْأُولَى (وَلَا تُجْزِئُ شَوْهَاءُ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُهَيِّئَهَا لَهُ كَمَا لَا يُطْعِمُهُ طَعَامًا فَاسِدًا وَلِأَنَّهَا لَا تُعِفُّهُ وَفِي مَعْنَاهَا الْعَجُوزُ وَالْمَعِيبَةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا الْعَمْيَاءُ وَالْعَرْجَاءُ وَذَاتُ الْقُرُوحِ السَّيَالَةِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَنَحْوِهَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ فِيهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ (وَالتَّعْيِينُ) أَيْ تَعْيِينُ الْمَرْأَةِ (إلَى الْأَبِ) دُونَ الْوَلَدِ (إنْ اتَّفَقَا عَلَى) قَدْرِ (الْمَهْرِ) لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِغَرَضِهِ فِي قَضَاءِ شَهْوَتِهِ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْوَلَدِ وَمِثْلُهُ تَعْيِينُ الْأَمَةِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ (وَعَلَى الْوَلَدِ نَفَقَتُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَمَةِ (وَمُؤْنَتُهَا) لِأَنَّهُمَا مِنْ تَتِمَّةِ الْإِعْفَافِ وَذِكْرُ الْمُؤْنَةِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ النَّفَقَةِ (فَإِنْ أَيْسَرَ الْأَبُ) بَعْدَمَا مَلَّكَهُ الْوَلَدُ جَارِيَتَهُ أَوْ ثَمَنَهَا (لَمْ يَرْجِعْ الْوَلَدُ) عَلَيْهِ (فِي الْجَارِيَةِ أَوْ ثَمَنِهَا) لِأَنَّهُ مَلَّكَهُمَا لَهُ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِمَا فَكَانَا (كَنَفَقَةٍ لَمْ يَأْكُلْهَا) الْأَبُ فَإِنَّ الْوَلَدَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهَا بَعْدَمَا ذُكِرَ. وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُمَلِّكْهَا لَهُ مَنْ لَزِمَتْهُ وَكَتَمَلُّكِ الْأَبِ مَا ذُكِرَ تَمْلِيكُهُ الْمَهْرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ نَحْوُ عَجُوزٍ وَصَغِيرَةٍ) كَرَتْقَاءَ وَلَمْ تَنْدَفِعْ بِهَا حَاجَتُهُ (وَجَبَ) عَلَى الْوَالِدِ (الْإِعْفَافُ لَا نَفَقَتَانِ) فَلَوْ أَعَفَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ قَالُوا فِي بَابِهَا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ لَمْ يَلْزَمْ الْوَلَدَ إلَّا نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ يُوَزِّعُهَا الْأَبُ عَلَيْهِمَا وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِمَسْأَلَتِنَا لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هُنَا يَظْهَرُ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ لِلْجَدِيدَةِ لِئَلَّا تُفْسَخَ بِنَقْصِ مَا يَخُصُّهَا عَنْ الْمُدِّ (وَيَجِبُ) عَلَيْهِ (الْإِبْدَالُ) وَإِنْ تَكَرَّرَ (إنْ مَاتَتْ) زَوْجَةُ الْأَبِ أَوْ أَمَتُهُ (أَوْ فَسَخَتْ) زَوْجَتُهُ (أَوْ فَسَخَ) هُوَ (بِعَيْبٍ أَوْ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ (بِرِدَّةٍ وَرَضَاعٍ) أَيْ أَوْ رَضَاعٍ كَأَنْ أَرْضَعَتْ الَّتِي نَكَحَهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ (وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ) زَوْجَتَهُ بِخُلْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ أَعْتَقَ) أَمَتَهُ (بِعُذْرٍ) فِيهِمَا (كَشِقَاقٍ وَنُشُوزٍ) وَرِيبَةٍ وَذَلِكَ لِبَقَاءِ حَاجَتِهِ وَعَدَمِ تَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ نَفَقَةً فَسُرِقَتْ مِنْهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ (فَلَا) يَجِبُ الْإِبْدَالُ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الرِّدَّةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ إلَى النِّكَاحِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ الْأَبُ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِمْتَاعٍ بِغَيْرِ الْوَطْءِ لِجَبِّهِ أَوْ عَنَتِهِ وَخَشِيَ الْوُقُوعَ مِنْهُ حَرَامًا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ إعْفَافُهُ بِذَلِكَ وَفِيهِ احْتِمَالٌ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَبَ إعْفَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ إذَا تَعَيَّنَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ لَا يُسَمَّى إعْفَافًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْوَلَدُ أَنَا أَخْدِمُهُ بِنَفْسِي أَوْ بِخَادِمِي قَنَعَ مِنْهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ يُصَدَّقُ مَنْ أَظْهَرَ حَاجَتَهُ إلَى النِّكَاحِ) شَمِلَ مَا إذَا لَمْ تَظْهَرْ لَنَا (قَوْلُهُ وَالْإِعْفَافُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِحُرَّةٍ) لَوْ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ لَا تُعِفُّهُ لِشِدَّةِ شَبَقِهِ وَإِفْرَاطِ شَهْوَتِهِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْوَلَدَ إعْفَافُهُ بِاثْنَتَيْنِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ الْمَنْعُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ مُسْتَبْعَدٌ وَقَوْلُهُ وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ الْمَنْعُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِهِ) حَيْثُ كَانَ يَرَاهُ (قَوْلُهُ وَالتَّعْيِينُ إلَى الْأَبِ) إنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الْمَهْرِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهِ وَأَنْ يَتَسَرَّى (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ تَعْيِينُ الْأَمَةِ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ فَقِيَاسُ نَظِيرِهِ فِي النَّفَقَةِ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِمَا يَجِبُ إعْفَافُهُ بِهِ بِحُكْمِ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْوَلَدِ نَفَقَتُهَا إلَخْ) لَا الْأُدْمُ وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ لِأَنَّ فَقْدَهُمَا لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَيْسَرَ الْأَبُ لَمْ يَرْجِعْ الْوَلَدُ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ لِأَنَّ مَا يُسْتَحَقُّ لِلْحَاجَةِ لَا يَجِبُ رَدُّهُ بِزَوَالِ الْحَاجَةِ كَمَا لَوْ قَبَضَ نَفَقَةَ يَوْمِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ يَرَوْنَ أَنَّهُ يَمْلِكُ النَّفَقَةَ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ وَنَحْوَهَا بِالْقَبْضِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ التَّشْبِيهُ وَأَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهَا بِمَا أَحَبَّ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَمَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ بَعِيدٌ وَمَحَاسِنُ الشَّرِيعَةِ تَمْنَعُ مِنْ مُضَايَقَةِ الْأَبِ فِي نَفَقَةِ يَوْمِهِ بَعْدَ قَبْضِهَا وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا فِي يَوْمِهِ بِضِيَافَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هُنَا يَظْهَرُ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ لِلْجَدِيدَةِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ اهـ وَغَيْرُهُ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ إمْكَانِ بَيْعِهَا وَالِاسْتِبْدَالِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ صَحَّ وَفِي الْخَادِمِ نَحْوُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ طَلَّقَ أَوْ عَتَقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ إلَخْ) مَا الْحُكْمُ لَوْ طَلَّقَ أَوْ عَتَقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ ثُمَّ مَاتَتْ أَيَجِبُ التَّجْدِيدُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ هِبَةِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 بَيْنَ رِدَّتِهِ وَرِدَّتِهَا. وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ تَقْيِيدُهُ بِرِدَّتِهَا أَمَّا رِدَّتُهُ فَكَطَلَاقِهِ بِلَا عُذْرٍ بَلْ أَوْلَى (وَمَا دَامَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (فِي عِدَّةٍ رَجْعِيَّةٍ لَا يَجِبُ الْإِبْدَالُ) فَلَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَمَّا الْبَائِنَةُ فَيَجِبُ إبْدَالُهَا بِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي) أَحْكَامِ (نِكَاحِ الرَّقِيقِ وَفِيهِ طَرَفَانِ) (الْأَوَّلُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ تَسْلِيمُهَا) لِزَوْجِهَا (لَيْلًا وَقْتَ النَّوْمِ) لَا مَا عَدَاهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْخِدْمَةِ الَّتِي هِيَ حَقُّهُ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَيْ اسْتِخْدَامِهَا وَالتَّمَتُّعِ بِهَا وَقَدْ نَقَلَ الثَّانِيَةَ لِلزَّوْجِ فَبَقِيَ لَهُ الْأُخْرَى يَسْتَوْفِيهَا فِي مَا عَدَا مَا ذُكِرَ دُونَهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاسْتِرَاحَةِ وَالتَّمَتُّعِ وَلَا يَشْكُلُ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِ خَلْوَتِهِ بِهَا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُهَا وَلَا بِتَحْرِيمِ نَظَرِهِ إلَيْهَا لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْمُكَاتَبَةَ لِأَنَّهَا مَالِكَةٌ أَمْرَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ. فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَّ مُهَايَأَةٌ فَهِيَ فِي نَوْبَتِهَا كَالْحُرَّةِ وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهَا كَالْقِنَّةِ وَإِلَّا فَكَالْقِنَّةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقْتُ النَّوْمِ أَيْ عَادَةً مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ وَقْتُ فَرَاغِهَا مِنْ الْخِدْمَةِ عَادَةً فَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ وَقْتَ أَخْذِهَا مُضِيُّ ثُلُثِ اللَّيْلِ تَقْرِيبًا وَمَا ذُكِرَ فِيهَا هُوَ (بِعَكْسِ) الْأَمَةِ (الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْخِدْمَةِ) فَإِنَّمَا يَلْزَمُ سَيِّدَهَا تَسْلِيمُهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ نَهَارًا وَلَيْلًا إلَى وَقْتِ النَّوْمِ دُونَ مَا بَعْدَهُ لِيَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَتَهَا الْأُخْرَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ هُنَا (وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ (مُحْتَرِفَةً) فَإِنَّهُ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يُسَلِّمَهَا كَمَا ذُكِرَ وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ دَعُوهَا تَحْتَرِفُ لَهُ عِنْدِي لِمَا مَرَّ وَقَدْ يُرِيدُ السَّيِّدُ اسْتِخْدَامَهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ (فَإِنْ قَالَ) السَّيِّدُ (لَا أُسَلِّمُهَا) لَهُ (إلَّا نَهَارًا أَوْ) وَقْتَ النَّوْمِ وَأُخَلِّي لَهُ بَيْتًا (فِي دَارِي لَمْ يَلْزَمْ) الزَّوْجَ إجَابَتُهُ لِفَوَاتِ غَرَضِ الزَّوْجِ فِي الْأَوَّلِ وَمَنْعِ الْحَيَاءِ لَهُ مِنْ الْإِجَابَةِ لَهُ فِي الثَّانِي. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأُولَى نَعَمْ إنْ كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ لَا يَأْوِي إلَى أَهْلِهِ لَيْلًا كَالْحَارِسِ فَقَدْ يُقَالُ يَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ لِأَنَّ نَهَارَهُ كَلَيْلِ غَيْرِهِ فَامْتِنَاعُهُ عِنَادٌ وَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ تَعْلِيلُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أُخَلِّي لَهُ دَارًا بِجِوَارِي لَزِمَهُ الْإِجَابَةُ وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا أَظُنُّ (فَإِنْ سَافَرَ بِهَا السَّيِّدُ لَا الزَّوْجُ جَازَ) حَيْثُ لَا يَخْلُو بِهَا وَإِنْ مُنِعَ الزَّوْجُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا لِأَنَّهُ مَالِكٌ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ فَيُقَدَّمُ حَقُّهُ بِخِلَافِ الزَّوْجِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا مُنْفَرِدًا إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَيْلُولَةِ الْقَوِيَّةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَيِّدِهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ كَانَتْ مُكْتَرَاةً أَوْ مَرْهُونَةً أَوْ مُكَاتَبَةً كِتَابَةً صَحِيحَةً لَمْ يَجُزْ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا إلَّا بِرِضَى الْمُكْتَرِي وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُكَاتَبَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْجَانِيَةُ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ كَالْمَرْهُونَةِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ السَّيِّدُ الْفِدَاءَ وَإِذَا سَافَرَ السَّيِّدُ بِأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ (فَإِنْ سَافَرَ مَعَهَا الزَّوْجُ فَذَاكَ) وَاضِحٌ (وَإِلَّا   [حاشية الرملي الكبير] الْمُتَّهِبِ يَتَيَمَّمُ قَالَ فِي الْبَحْرِ إذَا أَعَفَّهُ ثُمَّ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ. قَالَ أَصْحَابُنَا يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ مِثْلُ أَنْ مَاتَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ فَعَلَيْهِ إعْفَافُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِاخْتِيَارِهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ ثَانِيًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا فَسَخَ بِعَيْبِهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّجْدِيدُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ تَقْيِيدُهُ بِرِدَّتِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَفِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَا يَقْتَضِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي أَحْكَامِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ) (قَوْلُهُ وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِ خَلَوْتِهِ بِهَا إلَخْ) اسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ اسْتِخْدَامَهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ إلَيْهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا وَهَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ نَظَرُ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا. (قَوْلُهُ بِتَحْرِيمِ خَلَوْتِهِ بِهَا) ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ جَوَازُهَا وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ هُنَا عَلَى أَنَّ لِسَيِّدِهَا السَّفَرَ بِهَا وَتَابَعَهُ الْأَصْحَابُ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْخِدْمَةِ عَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَالْقِيَاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ) مِنْهُمْ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يُسَلِّمَهَا كَمَا ذُكِرَ وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ أَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ الْمُزَوِّجِ أَقْوَى إذْ لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهَا وَالْمُرْتَهِنُ يَسْتَحِقُّ إدَامَةَ الْيَدِ وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَطَأَهَا الرَّاهِنُ فَتَنْقُصُ وَفَرْقٌ آخَرُ وَهُوَ تَرْغِيبُ السَّادَةِ فِي تَزْوِيجِ الْإِمَاءِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُرِيدُ اسْتِخْدَامَهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ) وَلِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ اسْتِخْدَامَهَا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْخِيرَ إلَى إحْضَارِهَا مِنْ مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَقَدْ لَا يَجِدُ مَنْ يُحْضِرُهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ لَا سِيَّمَا إنْ بَعُدَ مَنْزِلُ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ وَمَنْعِ الْحَيَاءِ لَهُ مِنْ الْإِجَابَةِ فِي الثَّانِي) لَوْ كَانَ زَوْجُهَا وَلَدَ سَيِّدِهَا وَكَانَ لِأَبِيهِ وِلَايَةُ إسْكَانِهِ لِسَفَهٍ أَوْ مُرُودَةٍ وَخِيفَ عَلَيْهِ مِنْ انْفِرَادِهِ فَيُشْبِهُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الْمُعَلَّلِ بِهِ فِي حَقِّ وَلَدِهِ مَعَ ضَمِيمَةِ عَدَمِ الِاسْتِقْلَالِ. وَقَوْلُهُ فَيُشْبِهُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَقَدْ يُقَالُ تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ شُغْلُهُ بِاللَّيْلِ كَالْأَتُونِيِّ وَالْحَارِسِ فَإِنَّ النَّهَارَ هُوَ مَحَلُّ سُكُونِهِ وَاللَّيْلَ مَحَلُّ شُغْلِهِ فَإِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِهَذَا نَهَارًا بَدَلًا عَنْ اللَّيْلِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ السَّيِّدُ بِتَسْلِيمِهَا نَهَارًا وَقَالَ أُسَلِّمُهَا لَيْلًا عَلَى عَادَةِ النَّاسِ الْغَالِبَةِ فَمَنْ الْمُجَابُ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُجَابَ الزَّوْجُ كَمَا لَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يُبَدِّلَ عِمَادَ السُّكُونِ الْغَالِبَ وَهُوَ اللَّيْلُ بِالنَّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْقِنَّةُ لَا كَسْبَ لَهَا وَلَا خِدْمَةَ فِيهَا لِزَمَانَةٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ خَبَلٍ أَوْ غَيْرِهَا هَلْ يُقَالُ عَلَى السَّيِّدِ تَسْلِيمُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا إذْ لَا وَجْهَ لِحَبْسِهَا عِنْدَهُ نَهَارًا بِلَا فَائِدَةٍ أَمْ لَا فَرْقَ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا. اهـ. الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُجَابَ الزَّوْجُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ شَيْخُنَا فَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّهُ يُجَابُ مِنْ طَلَبِ التَّسْلِيمِ فِي وَقْتِ فَرَاغِ الزَّوْجِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا سَيِّدًا أَوْ زَوْجًا (قَوْلُهُ جَازَ حَيْثُ لَا يَخْلُو بِهَا) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْجَانِيَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ السَّيِّدُ الْفِدَاءَ) أَيْ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ لِيَسْتَمْتِعَ بِهَا لَيْلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَكَذَا رَأَيْته فِي نُسَخٍ وَفِي نُسْخَةٍ يَسْتَمْتِعُ بِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَةَ نَهَارًا مِنْ طُغْيَانِ الْقَلَمِ (قَوْلُهُ فَإِنْ سَافَرَ مَعَهَا الزَّوْجُ فَذَلِكَ وَاضِحٌ) وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي سَفَرِ السَّيِّدِ بِعَبْدِهِ الْمُزَوَّجِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَهْرٍ مِنْ) أَيِّ أَمَةٍ (لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) إنْ كَانَ قَدْ سَلَّمَهُ لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ مَهْرِ مَنْ دَخَلَ بِهَا لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا سَلَّمَهُ ظَانًّا وُجُوبَ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ. فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ لَمْ يَسْتَرِدَّ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ (وَيُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ لَيْلًا) أَيْ وَيُشْتَرَطُ (لِوُجُوبِ) تَسْلِيمِ (الْمَهْرِ) تَسْلِيمُ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ الَّذِي يَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنْ الْوَطْءِ قَدْ حَصَلَ (و) يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُهَا لَهُ (لَيْلًا وَنَهَارًا لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ) لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّسْلِيمِ التَّامِّ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ (وَلَوْ) كَانَ التَّسْلِيمُ فِيمَا ذُكِرَ (لِلْحُرَّةِ) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ مَا ذُكِرَ ذَلِكَ (وَمَتَى قَتَلَ) السَّيِّدُ (أَمَتَهُ) الْمُزَوَّجَةَ (أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا) وَلَوْ خَطَأً (أَوْ وَطِئَهَا) السَّيِّدُ (وَالزَّوْجُ وَوَلَدُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ) فِي الثَّلَاثِ (سَقَطَ مَهْرُهَا) الْوَاجِبُ لَهُ لِتَفْوِيتِهِ مَحَلَّ حَقِّهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ وَتَفْوِيتُهَا كَتَفْوِيتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَحِقَّةً لَهُ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِفِعْلِهَا كَأَنْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ أَرْضَعَتْ الزَّوْجَ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِوُقُوعِ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ لِتَقَرُّرِهِ بِهِ وَلَا بِمَوْتِهَا وَلَا بِقَتْلِ الزَّوْجِ وَلَا بِقَتْلِ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَمْلِكْ الْمَهْرَ وَلَا بِقَتْلِ سَيِّدٍ كَذَلِكَ كَالْمُشْتَرِي لِغَيْرِ الْمُفَوِّضَةِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَحْصُلْ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَلَا مِنْ جِهَةِ مُسْتَحِقِّ الْمَهْرِ (لَا مَهْرُ حُرَّةٍ قَتَلَتْ نَفْسَهَا) وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَسْقُطُ مَهْرُهَا عَنْ الزَّوْجِ (لِأَنَّهُ يَرِثُهَا) فَيَغْرَمُ مَهْرَهَا وَلِأَنَّهَا كَالْمُسَلَّمَةِ إلَى الزَّوْجِ بِالْعَقْدِ إذْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ فِيهِمَا وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ نِكَاحِ الْحُرَّةِ الْوَصْلَةُ وَقَدْ وُجِدَتْ بِالْعَقْدِ وَمِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْوَطْءُ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ خَوْفِ الْعَنَتِ وَذَلِكَ غَيْرُ حَاصِلٍ قَبْلَ الدُّخُولِ. (وَإِنْ بِيعَتْ الْمُزَوَّجَةُ فَالْمَهْرُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَسَمَّى فِي الْعَقْدِ أَمْ لَا صَحِيحًا كَانَ الْمُسَمَّى أَوْ فَاسِدًا دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ (لِلْبَائِعِ إلَّا مَا وَجَبَ لِلْمُفَوِّضَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ بِفَرْضٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ مَوْتٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بِفَرْضٍ أَوْ مَوْتٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ) وَجَبَ لَهَا وَلِغَيْرِهَا (بِوَطْءٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ ثَمَّ مُتْعَةُ) أَمَةٍ (مُفَوِّضَةٍ طَلُقَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَرْضِ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمَهْرِ وَالْمُتْعَةِ (لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَجَبَ بِسَبَبٍ وَقَعَ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنَّ الْمَهْرَ فِيهِ وَجَبَ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالْفَرْضِ أَوْ بِالدُّخُولِ وَكُلٌّ مِنْهَا وَقَعَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَالْمُتْعَةُ الْوَاجِبَةُ بِالْفُرْقَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَلَوْ طَلُقَتْ غَيْرُ الْمُفَوِّضَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْوَطْءِ فَنِصْفُ الْمَهْرِ لِلْبَائِعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ عَتَقَتْ) أَمَتُهُ الْمُزَوَّجَةُ (فَلَهَا) فِيمَا ذُكِرَ وَفِيمَا يَأْتِي (مَا لِلْمُشْتَرِي) وَلِمُعْتِقِهَا فِيهِمَا مَا لِلْبَائِعِ (وَلَا يَحْبِسُهَا الْبَائِعُ لِلْمَهْرِ) الْوَاجِبِ لَهُ أَيْ لِاسْتِيفَائِهِ (لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا وَلَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الْمَهْرَ. (وَإِنْ وَجَبَ) الْمَهْرُ (لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ الْحَبْسُ) لِاسْتِيفَائِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (وَكَذَا الْمُعْتَقَةُ) الْوَاجِبُ لَهَا الْمَهْرُ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا كَذَلِكَ (لَكِنْ مُعْتَقَةٌ أَوْصَى لَهَا بِصَدَاقِهَا) بِأَنْ أَوْصَى لَهَا بِهِ مَالِكَهُ (لَا تَحْبِسُ نَفْسَهَا) لِاسْتِيفَائِهِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا لَهُ بِالْوَصِيَّةِ لَا بِالنِّكَاحِ (وَلَا يَحْبِسُ الْوَارِثُ أُمَّ وَلَدٍ زَوَّجَهَا أَبُوهُ) الْأَوْلَى مُوَرِّثُهُ (لِصَدَاقِهَا) أَيْ لِاسْتِيفَائِهِ وَإِنْ مَلَكَهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا وَاسْتِحْقَاقُهُ لِلصَّدَاقِ بِالْإِرْثِ لَا بِالنِّكَاحِ (وَلَا تَحْبِسُ) هِيَ (نَفْسَهَا لِأَجْلِهِ) لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ قَبْلَهُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَصْلًا كَمَا فَهِمَا بِالْأُولَى (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الزَّوْجَ (شَيْءٌ) أَيْ مَهْرٌ لِلْبَائِعِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ مُعْتِقٍ وَمُشْتَرٍ وَعَتِيقِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ابْتِدَاءً إذْ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَلَا يَثْبُتُ بَعْدَهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً صَحِيحَةً يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لِأَنَّهُ مَعَ السَّيِّدِ فِي الْمُعَامَلَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِقِسْطِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ لَوْ (قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي) أَوْ لِتَنْكِحِينِي (أَوْ عَلَى أَنْ أَنْكِحك) أَوْ لِأَنْكِحَك أَوْ نَحْوهَا (فَقَبِلَتْ فَوْرًا أَوْ قَالَتْ) لَهُ (أَعْتِقْنِي عَلَى أَنْ أَنْكِحَك) أَوْ نَحْوَهُ (فَأَعْتَقَهَا فَوْرًا عَتَقَتْ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا ابْتِدَاءً (وَاسْتَحَقَّ عَلَيْهَا الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْعِتْقِ وَإِنْ وَفَّتْ لَهُ بِالنِّكَاحِ سَوَاءٌ أَقَالَ مَعَ ذَلِكَ وَعِتْقُك صَدَاقُك أَمْ لَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهَا بِعِوَضٍ لَا مَجَّانًا وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ فَوْرًا لَكِنَّهُ عِوَضٌ فَاسِدٌ إذْ لَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فَصَارَ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ لَكِنْ لَوْ كَانَتْ أَمَتُهُ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً فَأَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ عِتْقُهَا صَدَاقَهَا قَالَ الدَّارِمِيُّ عَتَقَتْ وَصَارَتْ أَجْنَبِيَّةً يَتَزَوَّجُهَا كَسَائِرِ الْأَجَانِبِ وَلَا قِيمَةَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا سَلَّمَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ) أَيْ وَالْكِسْوَةِ (قَوْلُهُ وَمَتَى قَتَلَ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ) أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ حَتَّى فِي وُقُوعِهَا فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا عُدْوَانًا وَنَظِيرُ وَطْءِ الْأَبِ مَا لَوْ كَانَتْ الْمَالِكَةُ لِلْأَمَةِ امْرَأَةً وَزَوْجُ الْأَمَةِ ابْنُ الْمَالِكَةِ وَهُوَ عَبْدٌ مَثَلًا فَأَرْضَعَتْ الْمَالِكَةُ أَمَتَهَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْمَهْرُ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ جِهَةِ مَالِكَةِ الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَكَذَا لَوْ قَتَلَ السَّيِّدُ زَوْجَ الْأَمَةِ أَوْ قَتَلَتْهُ الْأَمَةُ وَلَوْ قَتَلَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ أَرْضَعَتْ الزَّوْجَ) سَوَاءٌ أَكَانَ حُرًّا أَمْ عَبْدًا فِي نِكَاحِ الْكُفَّارِ وَفِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَكُونُ الزَّوْجُ عَبْدًا لِلْأَبْنَاءِ عَلَى إجْبَارِ السَّيِّدِ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ مَوْت) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ هَاهُنَا أَنَّهُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْمَوْتَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَصْلُحُ مُسْتَقِلًّا بِالْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً صَحِيحَةً يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ) وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 (لَا الْوَفَاءَ) بِالنِّكَاحِ (مِنْهُمَا) فَلَا يَلْزَمُهُمَا (وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْأَمَةُ (مُسْتَوْلَدَةً) إذْ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهَا دَرَاهِمَ فِي نِكَاحِهَا لَغَا. (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا) مُعْتِقُهَا (وَأَصْدَقَهَا الْعِتْقَ فَسَدَ الصَّدَاقُ لِأَنَّهَا قَدْ عَتَقَتْ) فَلَا يَصْلُحُ عِتْقُهَا صَدَاقًا لِنِكَاحٍ مُتَأَخِّرٍ فَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ (أَوْ) أَصْدَقَهَا (الْقِيمَةَ) الْوَاجِبَةَ عَلَيْهَا عِوَضَ عِتْقِهَا (صَحَّ) إلَّا صَدَاقٌ (وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهَا) مِنْهَا إنْ عَلِمَاهَا (لَا إنْ جَهِلَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا) فَلَا يَصِحُّ إلَّا صَدَاقٌ كَسَائِرِ الْمَجْهُولَاتِ (فَلَهَا) عَلَيْهِ (مَهْرُ الْمِثْلِ) وَعَلَيْهَا لَهُ الْقِيمَةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ أَصْدَقَهَا غَيْرَ الْقِيمَةِ فَلَهَا مَا أَصْدَقَهَا وَلَهُ عَلَيْهَا الْقِيمَةُ وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ (وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِقِيمَةِ عَبْدٍ) لَهُ (أَتْلَفَتْهُ) صَحَّ الْإِصْدَاقُ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهَا مِنْهَا لَا إنْ جَهِلَاهَا أَوْ أَحَدُهَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ (وَلَوْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَنْ أَنْكِحَك أَوْ قَالَ) لَهُ (رَجُلٌ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَنْ أُنْكِحَك ابْنَتِي فَفَعَلَ عَتَقَ) الْعَبْدُ وَلَمْ يَلْزَمْ الْوَفَاءُ بِالنِّكَاحِ. (وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَةُ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ قَالَ أَعْتِقُ عَبْدَك عَنْك عَلَى أَلْفٍ عَلَيَّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ (كَمَا ذَكَرَهُ) الْأَصْلُ (فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ) لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي عِتْقِهِ لِلثَّوَابِ (لَا) مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ (هُنَا) مِنْ عَدَمِ وُجُوبِهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ فِي هَذِهِ بِعْتُك وَفِي الثَّانِيَةِ بِعْنِي وَمِنْ تَرْكِهِمَا فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالْأَلْفِ فِي الثَّالِثَةِ بَيْنَ تَرْكِهِمَا وَذِكْرِ شَيْءٍ مِنْهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّك قَدْ عَلِمْت بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ فِي قَوْلِهِ كَمَا ذَكَرَهُ إلَى آخِرِهِ تَجَوُّزًا لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّالِثَةِ الَّتِي حَذَفَهَا هُوَ لَا فِي الْأُولَيَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا لَكِنَّهُ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَيْءٍ عَلَى الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ حُكْمٌ بِهِ عَلَى الْمَبْنِيِّ غَالِبًا (وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَنْكِحِي زَيْدًا فَقَبِلَتْ فَفِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَتِهَا عَلَيْهَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ ظَاهِرٌ قَالَ وَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ لَفْظَ الرَّافِعِيِّ الْوَجْهَانِ بِالتَّعْرِيفِ وَهُوَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ خِلَافِ ذَلِكَ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا مَرْدُودٌ فَاَلَّذِي رَأَيْته فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَجْهَانِ بِلَا تَعْرِيفٍ كَالرَّوْضَةِ انْتَهَى. وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ أَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي تِلْكَ الْوُجُوبُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَفَّارَةِ (وَإِنْ قَالَتْ لِعَبْدِهَا أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَنِي) أَوْ نَحْوَهُ (عَتَقَ مَجَّانًا وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ) لِأَنَّهَا لَمْ تَشْتَرِطْ عَلَيْهِ عِوَضًا وَإِنَّمَا وَعَدَتْهُ وَعْدًا جَمِيلًا وَهُوَ أَنْ تَصِيرَ زَوْجَةً لَهُ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَتْ لَهُ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ أُعْطِيَك بَعْدَ الْعِتْقِ أَلْفًا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي عَكْسِهِ لِأَنَّ بُضْعَ الْمَرْأَةِ مُتَقَوِّمٌ شَرْعًا فَيُقَابَلُ بِالْمَالِ فَيَلْزَمُهَا لَهُ قِيمَةُ نَفْسِهَا (فَرْعٌ لَوْ قَالَ) لِأَمَتِهِ (إنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنِّي أَنْكِحُك) أَوْ نَحْوَهُ (بَعْدَ عِتْقِك فَأَنْت حُرَّةٌ) أَوْ إنْ يَسَّرَ اللَّهُ بَيْنَنَا نِكَاحًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ وَنَكَحَتْهُ (لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ وَإِنْ مَضَى بَعْدَ قَوْلِهِ زَمَنٌ يَسَعُ الْعِتْقَ (وَلَمْ يَعْتِقْ) وَذَلِكَ لِلدَّوْرِ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ حَالَ الْعَقْدِ شَاكٌّ هَلْ هِيَ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ (كَمَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرَّةٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ) مَثَلًا (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْحَالِ) لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ كَالْحُرِّ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا) لَهُ فِي التِّجَارَةِ (تَعَلَّقَا بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ رِبْحٍ حَادِثٍ) بَعْدَ مُوجِبِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ (وَكَذَا) رِبْحٌ (قَدِيمٌ وَرَأْسُ مَالٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا دَيْنَانِ لَزِمَاهُ بِعَقْدٍ مَأْذُونٍ فِيهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ وَكَسْبُهُ كَالرِّبْحِ وَرَأْسِ الْمَالِ فِي ذَلِكَ (وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ) لَهُ (يَتَعَلَّقَانِ بِكَسْبِهِ) لِأَنَّهُمَا مِنْ لَوَازِمِ النِّكَاحِ وَكَسْبُ الْعَبْدِ أَقْرَبُ شَيْءٍ يَصْرِفُ إلَيْهِمَا وَالْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ إذْنٌ فِي صَرْفِ كَسْبِهِ إلَى مُؤْنَاتِهِ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِكَسْبِهِ (الْحَدَثَ بَعْدَ النِّكَاحِ) فِي مَهْرٍ حَالٍّ (وَ) بَعْدَ (حُلُولِ مَهْرٍ مُؤَجَّلٍ) وَبَعْدَ وَطْءٍ أَوْ فَرْضٍ صَحِيحٍ فِي مَهْرِ مُفَوِّضَةٍ وَالنَّفَقَةُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي أَوْ نَحْوهَا فَقَبِلَتْ] قَوْلُهُ فَفَعَلَ عَتَقَ الْعَبْدُ وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ عَنْ الْبَاذِلِ لِلنِّكَاحِ دُونَ السَّيِّدِ وَأَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ اهـ وَلَمْ يَحْصُلْ الْمِلْكُ بِالْعِوَضِ الْفَاسِدِ وَإِنَّمَا حَصَلَ بِالْعِوَضِ الثَّابِتِ شَرْعًا وَهُوَ قِيمَةُ الْعَبْدِ. وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وُقُوعَ الْعِتْقِ عَنْ الْمُسْتَدْعَى وَأَنَّ ذَلِكَ مُلْحَقٌ بِالْخُلْعِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَصَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَالرَّافِعِيِّ فِي الْكَفَّارَاتِ وُقُوعُهُ عَنْهُ وَجْهًا وَاحِدًا وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْحَاوِي هُنَا (قَوْلُهُ فَفِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ وَجْهَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْوَجْهَيْنِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ خَاصٌّ فِي تَزْوِيجِ زَيْدٍ أَمَّا لَوْ كَانَ بِأَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ إعْفَافُ أَبِيهِ وَنَحْوُهُ أَوْ قَصَدَ إعْفَافَ عَبْدِهِ أَوْ وَلَدِهِ الْمَجْنُونِ أَنَّهُ تَلْزَمُهَا الْقِيمَةُ وَجْهًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ) (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ كَالْحُرِّ) لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ لَمْ يَجِبْ مَهْرُ النِّكَاحِ يَخْلُو عَنْ الْمَهْرِ فِي غَيْرِ هَذِهِ فِي صُوَرٍ إحْدَاهَا السَّفِيهُ إذَا نَكَحَ فَاسِدًا أَوْ وَطِئَ، الثَّانِيَةُ إذَا وُطِئَتْ الْمُفَوِّضَةُ فِي الْكُفْرِ وَاعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا بِحَالٍ ثُمَّ أَسْلَمُوا. الثَّالِثَةُ إذَا وَطِئَ الْعَبْدُ جَارِيَةَ سَيِّدِهِ بِشُبْهَةٍ الرَّابِعَةُ أَعْتَقَ مَرِيضٌ أَمَتَهُ وَهِيَ ثُلُثُ مَالِهِ وَنَكَحَهَا وَوَطِئَ وَمَاتَ وَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ بَقَاءَ النِّكَاحِ الْخَامِسَةُ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ مَعَ الْجَهْلِ بِالتَّحْرِيمِ وَطَاوَعَتْهُ وَقِيَاسُهُ يَأْتِي فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَنَحْوِهِمَا السَّادِسَةُ وُطِئَتْ حَرْبِيَّةٌ بِشُبْهَةٍ السَّابِعَةُ وَطِئَ مُرْتَدَّةً بِشُبْهَةٍ وَمَاتَتْ عَلَى الرِّدَّةِ الثَّامِنَةُ وُطِئَتْ مَيِّتَةٌ بِشُبْهَةٍ التَّاسِعَةُ وَالْعَاشِرَةُ وَطِئَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ غَيْرَ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الْوَطْأَةِ الْأُولَى الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ اسْتَرَقَّ الْكَافِرُ حُرًّا مُسْلِمًا وَجَعَلَهُ صَدَاقَ امْرَأَتِهِ وَأَقْبَضَهَا إيَّاهُ ثُمَّ أَسْلَمَا فَإِنَّ الْحُرَّ يُنْزَعُ مِنْ يَدِهَا وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَهْرٌ (قَوْلُهُ تَعَلَّقَا بِمَا فِي يَدِهِ إلَخْ) شَمِلَ مَهْرَ الْمِثْلِ إذَا فَسَدَ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ وَالْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ إذْنٌ فِي صَرْفِ كَسْبِهِ إلَى مُؤْنَاتِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَلَمْ يَسْتَوْفِ الْمَنْفَعَةَ وَلَا فِي الرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّ وَلَا فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِالْمَرْأَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 بِكَسْبِهِ الْحَادِثِ بَعْدَ التَّمْكِينِ (وَلَوْ) كَانَ الْكَسْبُ (نَادِرًا كَالْوَصِيَّةِ) وَالْهِبَةِ بِخِلَافِ كَسْبِهِ قَبْلَ الْمَذْكُورَاتِ لَا يَتَعَلَّقَانِ بِهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ فَإِنْ قُلْت قَدْ اعْتَبَرُوا فِي ضَمَانِ الْعَبْدِ كَسْبَهُ الْحَاصِلَ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى وُجُودِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَهُوَ الضَّمَانُ وَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْمَضْمُونَ ثَمَّ ثَابِتٌ حَالَةَ الْإِذْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (وَلَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِيهِمَا) أَيْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ (جَازَ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ (وَيُصْرَفُ كَسْبُهُ كُلَّ يَوْمٍ لِلنَّفَقَةِ) لِأَنَّهَا ضَرُورِيَّةٌ (ثُمَّ) إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ صَرَفَهُ (لِلْمَهْرِ ثُمَّ) إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ صَرَفَهُ (لِلسَّيِّدِ وَلَا يَدَّخِرُ) مِنْهُ شَيْئًا (لِلنَّفَقَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا تَعَلَّقَ) كُلٌّ مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ (بِذِمَّتِهِ) كَالْقَرْضِ لِلُزُومِهِ بِرِضَى مُسْتَحِقِّهِ (لَا غَيْرِهَا) مِنْ رَقَبَتِهِ إذْ لَا جِنَايَةَ وَلَا مِنْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِلْبُضْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْبَدَلُ غَيْرَهُ (وَعَلَى السَّيِّدِ تَخْلِيَتُهُ لَيْلًا) وَقْتَ النَّوْمِ (لِلِاسْتِمْتَاعِ) بِزَوْجَتِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ (وَلِلْكَسْبِ نَهَارًا) لِأَنَّهُ أَحَالَ حُقُوقَ النِّكَاحِ عَلَى الْكَسْبِ فَوَجَبَتْ التَّخْلِيَةُ لَهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الِاسْتِخْدَامُ لَيْلًا كَالْحَارِسِ فَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (إلَّا أَنْ يَتَحَمَّلَ) عَنْهُ وَهُوَ مُوسِرٌ (الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ) فَلَا يَلْزَمُهُ تَخْلِيَتُهُ لِلْكَسْبِ. (فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ) أَوْ حَبَسَهُ بِلَا تَحَمُّلٍ (لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ) مِثْلِ (مُدَّةِ الِاسْتِخْدَامِ) أَوْ الْحَبْسِ (وَ) مِنْ (نَفَقَتِهَا مَعَ الْمَهْرِ) أَمَّا أَصْلُ اللُّزُومِ فَلِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ كَأَنَّهُ أَحَالَ الْمُؤَنَ عَلَى كَسْبِهِ فَإِذَا فَوَّتَهُ طُولِبَ بِهَا مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الْجَانِي حَيْثُ صَحَّحْنَاهُ وَأَوْلَى وَأَمَّا لُزُومُ الْأَقَلِّ فَكَمَا فِي فِدَاءِ الْجَانِي بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَلِأَنَّ أُجْرَتَهُ إنْ زَادَتْ كَانَ لَهُ أَخْذُ الزِّيَادَةِ أَوْ نَقَصَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ وَقِيلَ يَلْزَمَانِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَخْدَمَهُ أَوْ حَبَسَهُ أَجْنَبِيٌّ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا تَفْوِيتُ مَنْفَعَةٍ وَالسَّيِّدُ سَبَقَ مِنْهُ الْإِذْنُ الْمُقْتَضِي لِالْتِزَامِ مَا وَجَبَ فِي الْكَسْبِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالِاسْتِخْدَامِ اسْتِخْدَامُهُ نَهَارًا فَإِنَّ حَقَّهُ فِي اسْتِمْتَاعِهِ لَيْلًا لَا بَدَلَ لَهُ فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا ضَمِنَ زَمَنَ نَهَارِهِ دُونَ لَيْلِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلِسَيِّدِهِ إذَا تَحَمَّلَ عَنْهُ مَا مَرَّ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ مَنْعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ كَمَا يُسَافِرُ بِأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يُسَافِرَ بِزَوْجَتِهِ مَعَهُ. (فَإِنْ سَافَرَ بِهِ السَّيِّدُ وَسَافَرَ بِهَا) الْعَبْدُ مَعَهُ (فَالْكِرَاءُ فِي كَسْبِهِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَيْهِ تَخْلِيَتُهُ حِينَئِذٍ لَيْلًا لِلِاسْتِمْتَاعِ كَالْحَضَرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ اللَّيْلُ بِمُتَعَيِّنٍ بَلْ الْمُرَادُ أَوْقَاتُ الِاسْتِرَاحَةِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ حَالُ السَّفَرِ (فَإِنْ امْتَنَعَتْ) مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ وَلَمْ يَمْنَعْ السَّيِّدُ لَهَا إذَا كَانَتْ رَقِيقَةً (سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهَا) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ بِالسَّفَرِ مَعَهُ (لَمْ تَسْقُطْ) نَفَقَتُهَا (وَعَلَى السَّيِّدِ) إنْ لَمْ يَتَحَمَّلْهَا (الْأَقَلُّ كَمَا سَبَقَ) أَيْ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ مُدَّةِ السَّفَرِ وَنَفَقَتُهَا مَعَ الْمَهْرِ (فَرْعٌ) لَوْ (أَذِنَ لِعَبْدِهِ) فِي التَّزَوُّجِ (فَتَزَوَّجَ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ نَفَقَتُهُ وَلَا مَهْرُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُمَا (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ فِيهِ (عَلَى أَنْ يَضْمَنَ) ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ (فَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا) بِحُكْمِ الْمِلْكِ. (فَإِنْ أَعْتَقَهَا وَأَوْلَادَهَا فَنَفَقَتُهَا فِي كَسْبِ الْعَبْدِ وَنَفَقَةُ أَوْلَادِهَا عَلَيْهَا ثُمَّ) إنْ أَعْسَرَتْ وَجَبَتْ (عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ دُونَهَا فَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ كَحُرٍّ تَزَوَّجَ أَمَةً (وَ) نَفَقَةُ (الْأَوْلَادِ عَلَى السَّيِّدِ) لِأَنَّهُمْ مِلْكُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْحُكْمُ فِي الْأَخِيرَةِ يَجْرِي فِيمَا لَوْ أَعْتَقَهَا دُونَهُ وَدُونَ أَوْلَادِهَا (فَصْلٌ) لَوْ (نَكَحَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنٍ وَوَطِئَ) قَبْلَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ (فَلَا حَدَّ) لِلشُّبْهَةِ (وَتَعَلَّقَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهِ) لَا بِرَقَبَتِهِ وَلَا كَسْبِهِ وَلَا مَالِ تِجَارَتِهِ لِمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ فِي كَبِيرَةٍ عَاقِلَةٍ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مُخْتَارَةً   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ هُنَا) أَيْ لِأَنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ (قَوْلُهُ يُصْرَفُ كَسْبُهُ كُلَّ يَوْمٍ لِلنَّفَقَةِ) ثُمَّ لِلْمَهْرِ وَفِي الْوَسِيطِ يَكْتَسِبُ لِلْمَهْرِ أَوَّلًا ثُمَّ لِلنَّفَقَةِ وَجَمَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ عَلَى مَا إذَا أَمَنَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى تَقْبِضَ الْمَهْرَ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ وَكَلَامُهُمَا عَلَى مَا إذَا بَذَلَتْ نَفْسَهَا فَتُقَدَّمُ النَّفَقَةُ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهَا نَاجِزَةٌ بِخِلَافِ الْمَهْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا الْجَمْعِ شَيْءٌ وَيَنْبَغِي عَدَمُ تَعْيِينِ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ إذْ هُمَا دَيْنٌ فِي كَسْبِهِ فَيَصْرِفُهُ عَمَّا يَشَاءُ مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ اهـ وَنَقَلَهُ فِي تَوَسُّطِهِ عَنْ بَعْضِ مُحَقِّقِي الْعَصْرِ (قَوْلُهُ وَعَلَى السَّيِّدِ تَخْلِيَتُهُ لَيْلًا) أَيْ وَقْتَ الْفَرَاغِ مِنْ خِدْمَتِهِ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي مَنْزِلِ سَيِّدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَخْلِيَتُهُ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي مَنْزِلِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ يَخْدُمُ سَيِّدَهُ نَهَارًا فِي مَنْزِلِهِ بِحَيْثُ يَلِجُ كُلَّ وَقْتٍ عَلَى زَوْجَتِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ يَسْتَخْدِمُهُ فِي سَوْقِهِ أَوْ زَرْعِهِ أَوْ رَعْيِهِ مَثَلًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا فِي مَنْزِلِ السَّيِّدِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَحَمَّلَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ) الْمُرَادُ بِتَحَمُّلِهِ إيَّاهُمَا أَدَاؤُهُمَا بَعْدَ وُجُوبِهِمَا (قَوْلُهُ فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ قَامَ بِبَعْضِ الْوَاجِبِ كَالْمَهْرِ مَثَلًا أَوْ أَبْرَأَتْ الزَّوْجَةُ مِنْهُ أَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَقُومُ بِنَفَقَتِهَا دُونَ كِسْوَتِهَا فَإِذَا نَظَرْنَا إلَى الْأَقَلِّ هَلْ نَأْخُذُ بِالْحِصَّةِ مِمَّا كَانَ وَاجِبًا أَوْ يُنْظَرُ إلَى الْوَاجِبِ ذَلِكَ الْوَقْتَ هَذَا فِيهِ وَقْفَةٌ اهـ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالثَّانِي (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ (تَنْبِيهٌ) جَمِيعُ مَا سَبَقَ فِي الْكُسُوبِ أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الْكَسْبِ فَالظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلسَّيِّدِ السَّفَرَ بِهِ وَاسْتِخْدَامَهُ حَضَرًا مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِ شَيْءٍ وَلَا لُزُومِ شَيْءٍ إذْ لَا كَسْبَ لَهُ أَلْبَتَّةَ وَلَا وَجْهَ لِتَعْطِيلِهِ لَا لِمَعْنًى وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ [فَصْلٌ نَكَحَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنٍ وَوَطِئَ قَبْلَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ] (قَوْلُهُ لَا بِرَقَبَتِهِ وَلَا كَسْبِهِ إلَخْ) لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فِي كَبِيرَةٍ) أَيْ حُرَّةٍ (قَوْلُهُ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مُخْتَارَةً) بِأَنْ مَكَّنَتْهُ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِهَا بِرِضَاهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 فَلَوْ كَانَتْ حُرَّةً طِفْلَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مُكْرَهَةً فَالْوَجْهُ تَعَلُّقُهُ بِرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ مَحْضَةٌ وَلِهَذَا وَجَبَ الْمَهْرُ عَلَى السَّفِيهِ إذَا نَكَحَهُنَّ بِلَا إذْنٍ وَوَطِئَ وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً وَسَلَّمَهَا سَيِّدُهَا فَمَوْضِعُ تَأَمُّلٍ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّتِهِ (وَمَتَى نَكَحَ) الْعَبْدُ أَمَةً (غَيْرَ مَأْذُونَةٍ وَوَطِئَ تَعَلَّقَ الْمَهْرُ بِرَقَبَتِهِ) لَا بِذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ أَكْرَهَ أَمَةً أَوْ حُرَّةً عَلَى الزِّنَا وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ لَكِنْ رَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ تَعَلُّقَهُ بِذِمَّتِهِ. (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي النِّكَاحِ فَنَكَحَ) نِكَاحًا (فَاسِدًا) وَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ (تَعَلَّقَ الْمَهْرُ بِذِمَّتِهِ) لَا بِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ لِمَا مَرَّ (وَكَذَا) يَتَعَلَّقُ بِهَا الزَّائِدُ (عَلَى مَا قُدِّرَ لَهُ) جَعْلًا أَوْ شَرْعًا لِذَلِكَ (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي) النِّكَاحِ (الْفَاسِدِ أَوْ فَسَدَ الْمَهْرُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ النِّكَاحِ (تَعَلَّقَ) الْمَهْرُ (بِكَسْبِهِ) وَمَالِ تِجَارَتِهِ لِوُجُودِ إذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَعَمْ إنْ عَيَّنَ لَهُ الْمَهْرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْكَسْبِ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُعَيَّنِ (فَرْعٌ لَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ الْإِذْنَ) لِلْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ (فَادَّعَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ عَلَى السَّيِّدِ بِأَنْ قَالَتْ أَدَّعِي عَلَيْهِ (أَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ مُسْتَحَقٌّ) لِي (بِمَهْرِي وَنَفَقَتِي سُمِعَتْ) دَعْوَاهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَخْلِيَتُهُ لِيَكْتَسِبَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ (فَصْلٌ) لَوْ (اشْتَرَى الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ لِسَيِّدِهِ) أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بِإِذْنِهِ (لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ) وَلَوْ (بِإِذْنِهِ) أَوْ مَلَّكَهُ ثَمَنَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ (وَإِنْ اشْتَرَتْ الْمُبَعَّضَةُ أَوْ الْمُبَعَّضُ زَوْجَهُ بِخَالِصِ مَالِهِ) وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ (أَوْ بِالْمُشْتَرَكِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مِنْ كَسْبِهِ (بِالْإِذْنِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَمَلَكَ جُزْءًا مِنْهُ فِي الْأَخِيرَةِ (وَكَذَا) إنْ اشْتَرَاهُ بِالْمُشْتَرَكِ (بِلَا إذْنٍ) لِأَنَّهُ مَلَكَ جُزْءًا مِنْهُ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِخَالِصِ مَالِ السَّيِّدِ بِإِذْنِهِ. (فَرْعٌ لَوْ مَلَكَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (سَقَطَ الْمَهْرُ كُلُّهُ) حَتَّى تَرُدَّهُ إنْ قَبَضَتْهُ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا كَرِدَّتِهَا (أَوْ بَعْدَهُ بَقِيَ) الْمَهْرُ (فِي ذِمَّتِهِ) وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ابْتِدَاءً لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ لَمْ تَرُدَّ شَيْئًا مِنْهُ وَكَالْحُرَّةِ الْمُكَاتَبَةُ وَالْمُبَعَّضَةُ (وَإِنْ مَلَكَ) الزَّوْجُ (زَوْجَتَهُ) أَوْ بَعْضَهَا (بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا (لَزِمَهُ الْمَهْرُ) لِتَقَرُّرِهِ بِالدُّخُولِ (أَوْ قَبْلَهُ) وَلَمْ تَكُنْ مُفَوِّضَةً (فَنِصْفُهُ) لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ هُنَا بِفِعْلِ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ فَغَلَبَ جَانِبُهُ كَالْخُلْعِ وَفِيمَا مَرَّ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِي الْفُرْقَةِ (وَكَذَا إنْ مَلَكَهَا) أَوْ بَعْضَهَا (بِالْإِرْثِ) يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ لِتَقَرُّرِهِ بِهِ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ لَا بِسَبَبِهَا (وَيَصِيرُ الْمَهْرُ) أَوْ نِصْفُهُ (تَرِكَةً فَإِنْ كَانَ) الْوَارِثُ (حَائِزًا وَلَا دَيْنَ وَلَا وَصِيَّةَ) هُنَاكَ (سَقَطَ) عَنْهُ لِأَنَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَارَ لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَائِزًا أَوْ كَانَ وَهُنَاكَ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ (فَلِغَيْرِهِ) مِنْ الْوَرَثَةِ وَرَبِّ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ (اسْتِيفَاءُ نَصِيبِهِ مِنْهُ وَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ مُكْرَهَةً) أَيْ أَوْ نَائِمَةً (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ تَعَلُّقُهُ بِرَقَبَتِهِ) نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْكَافِي أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ حُرَّةً وَوَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَوْلُهُ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمُسْلَمُ لَهُ رَشِيدًا فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَسَلَّمَهَا السَّيِّدُ الرَّشِيدُ فَلَا شَيْءَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا لِسَفِيهٍ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ الْقَطْعُ بِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الزَّائِدُ عَلَى مَا قُدِّرَ لَهُ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنُ لَوْ قَالَ انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت فَنَكَحَ بِأَضْعَافٍ مِنْ الْمَهْرِ فَفِي الزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ قَوْلَانِ كَمَا فِي أَصْلِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ الْتَزَمَهَا بِإِذْنِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْن الْمُبَذِّرِ إذَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ حَيْثُ بَطَلَتْ زِيَادَتُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَقَّ فِي أَكْسَابِ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ وَلَا حَقَّ لَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَنَاسَبَ أَنْ يُتْبَعُ بِهَا إذَا عَتَقَ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الزَّوْجَةِ بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى السَّيِّدِ وَالْمَنْعُ فِي الْمُبَذِّرِ لِحِفْظِ مَالِهِ فَافْتَرَقَا. وَبِهَذَا الْفَرْقِ قَطَعَ جَمَالُ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ الثَّانِي الْعَبْدُ صَحِيحٌ الْعِبَارَةُ مَحَلٌّ لِلِالْتِزَامِ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنَّمَا مَنْعُ التَّصَرُّفِ لِحَقِّ السَّيِّدِ وَلِهَذَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ اكْتَفَى بِمُطْلَقِ الْإِذْنِ وَصَحَّتْ عِبَارَتُهُ فِي عُقُودِهَا وَصِحَّةِ الْتِزَامِ أَعْوَاضِهَا فَكَانَ كَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَلِهَذَا لَا يُطْلَقُ فِي حَقِّهِ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا لَوْ كُوتِبَ هَلْ يُطَالَبُ بِالزَّائِدِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ أَمْ لَا وَكَذَا لَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْتَقْ وَلَكِنْ كُوتِبَ فَنَصَّ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ تُطَالِبَهُ وَلَوْ كَثُرَ مَالُهُ بِالْقِسْطِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْكُلِّ وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْكَسْبِ أَوَّلَ الْأَمْرَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ أَنْكَرَ السَّيِّدُ الْإِذْنَ لِلْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ فَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ الْمَهْر وَالنَّفَقَة] (قَوْلُهُ فَادَّعَتْ أَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ مُسْتَحَقٌّ لِي بِمَهْرِي إلَخْ) قَدْ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّصْوِيرِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ بِدُونِ مَالٍ وَالصَّحِيحُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى خِلَافُهُ [فَصْلٌ اشْتَرَى الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ لِسَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بِإِذْنِهِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ وَلَوْ بِإِذْنِهِ إلَخْ) قِيلَ كَيْفَ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ إنَّمَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ عَلَى وَفْقِ أَمْرِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ السَّيِّدَ قَدْ أَذِنَ فِي الشِّرَاءِ بِالْمَالِ الْمَدْفُوعِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُهُ وَاقِعًا لِلْعَبْدِ وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ فَلَغَا وَقَضِيَّةُ الشَّرْعِ أَنْ يَقَعَ الْمُعَوَّضُ لِمَالِك الْعِوَضِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ لِلسَّيِّدِ وَيَظْهَرُ الْتِفَاتُ ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ هَلْ يَبْقَى الْعُمُومُ [فَرْعٌ مَلَكَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا] (قَوْلُهُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) قَوْله وَإِذَا جَعَلَ ثَمَنًا فَكَأَنَّهَا اسْتَوْفَتْ الصَّدَاقَ قَبْلَ لُزُومِ الْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهَا بَعْدَمَا مَلَكَتْ الزَّوْجَ صَدَاقٌ فِي رَقَبَتِهِ حَتَّى يَسْقُطَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ فِي رَقَبَتِهِ وَهْمٌ وَهُوَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الرَّافِعِيِّ وَصَوَابُهُ فَلَيْسَ لَهَا بَعْدَمَا مَلَكَتْ الزَّوْجَ صَدَاقٌ فِي ذِمَّتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ حَتَّى تَرُدَّهُ إنْ قَبَضَتْهُ) قَالَ شَيْخُنَا بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ إبْهَامٍ فِي الرَّوْضَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مُحَالٌ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ وَأَنَّهُ مَتَى اشْتَرَتْ حُرَّةٌ زَوْجَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُوَ دَيْنٌ سَقَطَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 مَلَكَتْ) حُرَّةٌ (بَعْضَ زَوْجِهَا) أَوْ كُلَّهُ (بِالْإِرْثِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمَهْرُ) لِتَقَرُّرِهِ بِالدُّخُولِ فَنَصِيبُهَا وَهُوَ قِسْطُ مَا وَرَثَته مِنْهُ دَيْنٌ لَهَا عَلَى مَمْلُوكِهَا. (وَقِسْطُ الزَّائِدِ عَلَى نَصِيبِهَا مُتَعَلِّقٌ بِكَسْبِ نَصِيبِ غَيْرِهَا) أَيْ بِنَصِيبِ غَيْرِهَا مِنْ الْكَسْبِ وَقَوْلُ الْأَصْلِ بِكَسْبِ مَا تَرِثُ مِنْهُ صَوَابُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ بِكَسْبِ مَا لَمْ تَرِثْ مِنْهُ (وَلَوْ كَانَ) مِلْكُهَا ذَلِكَ (قَبْلَ الدُّخُولِ فَنِصْفُ الْمَهْرِ) وَاجِبٌ لَهَا وَحُكْمُهُ حُكْمُ جَمِيعِهِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ ضَمِنَ) السَّيِّدُ (عَنْ عَبْدِهِ الصَّدَاقَ لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ) أَوْ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الْمُبَعَّضَةِ (ثُمَّ بَاعَهَا إيَّاهُ بِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ بَلْ يَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ (لِأَنَّهُ) أَيْ تَصْحِيحُ الْبَيْعِ (يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ الثَّمَنِ لِسُقُوطِ صَدَاقِهَا) بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ اللَّازِمِ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ (أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا صَحَّ) الْبَيْعُ لِتَقَرُّرِ الصَّدَاقِ بِالدُّخُولِ وَاسْتَحَقَّتْهُ عَلَى السَّيِّدِ بِضَمَانِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِمِلْكِهَا الزَّوْجَ وَانْفِسَاخِ النِّكَاحِ (وَاسْتَوْفَتْ) أَيْ وَصَارَتْ بِذَلِكَ مُسْتَوْفِيَةً لِصَدَاقِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَضْمَنْهُ السَّيِّدُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا الصَّدَاقَ عَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ مَا لَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ عِوَضًا عَمَّا تَسْتَحِقُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي مَعْنَى ضَمَانِ السَّيِّدِ الصَّدَاقَ لَهَا أَنْ يُصَدِّقَ عَنْ عَبْدِهِ عَيْنًا ثُمَّ تَشْتَرِيَهُ الزَّوْجَةُ بِهَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَلَوْ بَاعَهَا إيَّاهُ بِغَيْرِ الصَّدَاقِ) بَعْدَ الدُّخُولِ (بَقِيَ صَدَاقُهَا بِذِمَّةِ عَبْدِهَا) وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ وَعَلَيْهَا لِلْبَائِعِ الثَّمَنُ (وَقَدْ يَجْرِي التَّقَاصُّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الضَّامِنِ) وَهُوَ الْبَائِعُ (وَإِنْ كَانَتْ) زَوْجَةُ الْعَبْدِ (أَمَةً مَأْذُونَةً) أَيْ مَأْذُونًا لَهَا فِي ابْتِيَاعِهِ فَابْتَاعَتْهُ بِعَيْنِ الصَّدَاقِ أَوْ بِغَيْرِهِ (صَحَّ الْبَيْعُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ) وَاسْتَمَرَّ النِّكَاحُ فَإِنَّ الْمِلْكَ لِسَيِّدِهَا (وَ) لَكِنْ إنْ بَاعَهُ لَهَا بِعَيْنِ الصَّدَاقِ (بَرِئَ الْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ) لِأَنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ بِأَدَاءِ الضَّامِنِ (وَلَا يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْعَبْدِ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الضَّمَانِ كَمَا لَوْ ضَمِنَ عَنْهُ دَيْنًا آخَرَ وَأَدَّاهُ فِي رِقِّهِ (وَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْعَبْدُ الْأَمَةَ (الْمَأْذُونَةَ بِغَيْرِ الصَّدَاقِ) لَمْ يَسْقُطْ الصَّدَاقُ عَنْ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَنْ مَلَكَ عَبْدًا لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَسْقُطُ بِمِلْكِهِ لَهُ فَلِسَيِّدِ الْأَمَةِ عَلَى بَائِعِ الْعَبْدِ الصَّدَاقُ وَلِلْبَائِعِ عَلَيْهِ الثَّمَنُ (فَالتَّقَاصُّ) قَدْ يَجْرِي بَيْنَهُمَا (كَمَا سَبَقَ فِي الْحُرَّةِ) فَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْعَبْدِ عَنْ حَقِّ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ بِالتَّقَاصِّ اسْتَوْفَى حَقَّهُ مِنْ الْبَائِعِ. (فَصْلٌ مِنْ الدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ أَنْ يَعْتِقَ الْمَرِيضُ أَمَةً هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَلَهُ مِائَتَانِ سِوَاهَا (ثُمَّ يَنْكِحُهَا بِمُسَمًّى فَيَنْعَقِدُ) النِّكَاحُ (لَكِنْ إنْ لَمْ يَجْرِ دُخُولٌ) بِهَا (فَلَا مَهْرَ) وَفِي نُسْخَةٍ فَيَنْعَقِدُ بِلَا مَهْرٍ إنْ لَمْ يَجُزْ دُخُولٌ (لِأَنَّ وُجُوبَهُ يُثْبِتُ) عَلَى الْمَيِّتِ (دَيْنًا يَرِقُّ بِهِ بَعْضُهَا) لِعَدَمِ خُرُوجِهَا مِنْ الثُّلُثِ (فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ وَالْمَهْرُ) فَإِثْبَاتُهُ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِهِ فَيَسْقُطُ (وَكَذَا) لَا مَهْرَ (إنْ دَخَلَ بِهَا وَعَفَتْ) عَنْ الْمَهْرِ (فَإِنْ لَمْ تَعْفُ) عَنْهُ (بَطَلَ الْعِتْقُ فِي الْبَعْضِ و) بَطَلَ (النِّكَاحُ) أَيْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ ذَلِكَ (وَاسْتَحَقَّتْ مِنْ الْمَهْرِ بِقِسْطِ مَا عَتَقَ) مِنْهَا لِمَا أَتْلَفَهُ مِنْ بَعْضِهَا فَيُقَالُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَمَهْرُهَا خَمْسِينَ عَتَقَ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَهَا بِالْمَهْرِ نِصْفُ شَيْءٍ لِأَنَّهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثَلَثُمِائَةٍ إلَّا شَيْئًا وَنِصْفُ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ فَبَعْدَ الْجَبْرِ ثَلَثُمِائَةٍ تَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ وَنِصْفَ شَيْءٍ فَمِائَةٌ تَعْدِلُ شَيْئًا وَسُدُسَ شَيْءٍ تَبْسُطُهَا أَسْدَاسًا وَتَقْلِبُ الِاسْمَ فَالشَّيْءُ سِتَّةٌ وَالْمِائَةُ سَبْعَةٌ فَالشَّيْءُ سِتَّةُ أَسْبَاعِ الْأَمَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ فِي الْوَصِيَّةِ. (ثُمَّ لَا تَرِثُ) بِالزَّوْجِيَّةِ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ أَدَخَلَ بِهَا أَمْ لَا (لِأَنَّ عِتْقَهَا وَصِيَّةٌ وَهِيَ لَا تُجَامِعُ الْإِرْثَ) فَلَوْ أَثْبَتْنَا الْإِرْثَ لَزِمَ إبْطَالُ الْوَصِيَّةِ وَهِيَ هُنَا الْإِعْتَاقُ وَإِذَا بَطَلَ بَطَلَتْ الزَّوْجِيَّةُ فَيَبْطُلُ الْإِرْثُ كَذَا عَلَّلَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا لَوْ وَرِثَتْهُ لَكَانَ عِتْقُهَا تَبَرُّعًا عَلَى الْوُرَّاثِ فَيَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهَا لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهَا الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهَا الْمُتَوَقِّفِ عَلَى إجَازَتِهَا فَيَتَوَقَّفُ كُلٌّ مِنْ إجَازَتِهَا وَإِرْثِهَا عَلَى الْآخَرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْأَصْلِ بِكَسْبِ مَا تَرِثُ مِنْهُ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْبَاقِي مِنْ كَسْبٍ مَا لَمْ تَرِثْهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَسَقَطَ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ لَفْظَةُ لَمْ وَتَبِعَهَا فِي الرَّوْضَةِ [فَصْلٌ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ أَمَةً هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ ثُمَّ يَنْكِحُهَا بِمُسَمًّى] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ ثُمَّ لَا تَرِثُ مُطْلَقًا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إذَا دَخَلَ بِهَا وَلَمْ تَضَعْ مِنْهُ بِحَبَلٍ بَعْدَ الْعَقْدِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِيلَادُ فَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ ثَبَتَ الْإِرْثُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمُقْتَضِيَةُ لِعَدَمِ الْإِرْثِ حُصُولُ الدَّوْرِ وَهِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُمْكِنُ عِتْقُهَا مِنْ الثُّلُثِ لِحُصُولِ مَا يَقْتَضِي عِتْقَهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَتَرِثُ وَقَدْ كَتَبْنَا نَظِيرَ ذَلِكَ فِي الْوَصَايَا. اهـ. قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تُعْتَقْ بِكَمَالِهَا بِالْإِعْتَاقِ الْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا فَلَا زَوْجِيَّةَ وَلَا إرْثَ وَإِنْ عَتَقَتْ فَكَيْفَ يَجِيءُ الِاسْتِيلَادُ بِحَبَلٍ بَعْدَ الْعَقْدِ الَّذِي هُوَ بَعْدَ الْعِتْقِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ عِتْقَهَا وَصِيَّةٌ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُسْتَوْلَدَتِهِ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهَا) أَيْ رِضَاهَا (فَرْعٌ) إذَا أَعْتَقَهَا الْوَارِثُ وَلَا دَيْنَ ثُمَّ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ فَقَدْ حَدَثَ الدَّيْنُ بِتَصَرُّفِهِ وَالدَّيْنُ إذَا حَدَثَ بِتَصَرُّفِهِ فَعَلَيْهِ الْأَدَاءُ فَإِنْ مَنَعَ الْأَدَاءُ فُسِخَ تَصَرُّفُهُ وَهُنَا لَا يُمْكِنُ فَسْخُ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ الْعِتْقُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَيَتَعَلَّقُ الْغُرْمُ بِذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُوسِرًا ثُمَّ أَعْسَرَ لَا يُقَالُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَعَلَى التَّرِكَةِ دَيْنٌ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ لِأَنَّا نَقُولُ حِينَ أَعْتَقَ لَمْ يَكُنْ عَلَى التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَإِنَّمَا حَدَثَ الدَّيْنُ بِاخْتِيَارِ الْعَتِيقَةِ الْفَسْخَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يُقَالُ فَلَا يُطَالِبُ إلَّا مَنْ قَبْض الصَّدَاقَ لِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِمَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ مُوسِرًا وَبِمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صَدَاقٌ مَقْبُوضٌ وَإِنَّمَا كَانَ مُسَمًّى فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ أَوْ عَيْنٍ لَمْ تُقْبَضْ لَا يُقَالُ فَالْمُسَمَّى وَالْعَيْنُ الَّتِي لَمْ تُقْبَضْ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ فَهُوَ كَالْمَقْبُوضِ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ فِي الْإِعْتَاقِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَعِتْقُ الْوَارِثِ لَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ. وَالْأَرْجَحُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَالتَّعَلُّقِ بِالْوَارِثِ اهـ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا إذَا أَجَازَ الْوَارِثُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى إجَازَتِهِ لِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ أَبْرَأَ صَاحِبَ الدَّيْنِ مِنْ دَيْنِهِ عِنْدَ حُصُولِ الدَّيْنِ لَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ فَسْخُهَا لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 فَيَمْتَنِعُ إرْثُهَا وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُمْ الْوَصِيَّةُ تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِي وَصِيَّةٍ تَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ لِكَوْنِ الْقَبُولِ قَائِمًا مَقَامَ إجَازَةِ الْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالْعِتْقِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إجَازَةِ الْعَتِيقِ (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْأَمَةُ (دُونَ الثُّلُثِ فَقَدْ يُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ) لَهَا (بِالْمَهْرِ) لِخُرُوجِهَا مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الدَّيْنِ وَقَدْ يُمْكِنُهَا الْمُطَالَبَةُ بِبَعْضِهِ. (وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِ غَيْرِهِ وَقَبَضَ صَدَاقَهَا وَأَنْفَقَهُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَتْلَفَهُ بِإِنْفَاقٍ وَغَيْرِهِ (ثُمَّ أَعْتَقَهَا) أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا كَمَا فِي الْأَصْلِ حَالَةَ كَوْنِهِ (مَرِيضًا قَبْلَ دُخُولٍ لَا بَعْدَهُ وَهِيَ ثُلُثُ مَالِهِ سَقَطَ خِيَارُ عِتْقِهَا لِأَنَّ فَسْخَهَا) لِلنِّكَاحِ (يُوجِبُ غُرْمَ الْمَهْرِ مِنْ التَّرِكَةِ فَيَرِقُّ بَعْضُهَا وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ) فَإِثْبَاتُ الْخِيَارِ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ لَمْ يُتْلِفْهُ وَكَانَتْ الْأَمَةُ ثُلُثَ مَالِهِ مَعَ الصَّدَاقِ وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ دُونَ الصَّدَاقِ أَوْ أَنْفَقَ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْخِيَارُ وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا بَعْدَهُ (وَكَذَا) يَسْقُطُ خِيَارُ عِتْقِهَا (إنْ أَعْتَقَهَا الْوَارِثُ الْمُعْسِرُ) وَقَدْ تَلِفَ صَدَاقُهَا (وَلَا دَيْنَ) عَلَى الْمَيِّتِ لِمَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ وَلَا دَيْنَ تَصْوِيرٌ لِصِحَّةِ إعْتَاقِ الْمُعْسِرِ لَا احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ (فَلَوْ كَانَ مُوسِرًا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ فَسَخَتْ لَزِمَهُ) بِإِعْتَاقِهِ لَهَا لِسَيِّدِ الْعَبْدِ (الْأَقَلُّ مِنْ الصَّدَاقِ وَقِيمَةُ الْأَمَةِ كَمَا لَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ عَبْدٌ فَأَعْتَقَهُ وَارِثُهُ الْمُوسِرُ) يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَالْقِيمَةُ الَّتِي لَزِمَتْ الْوَارِثَ يُضَارِبُ فِيهَا سَيِّدُ الْعَبْدِ وَالْغُرَمَاءُ (وَإِنْ مَاتَ عَنْ أَخٍ) وَارِثٍ حَائِزٍ (وَعَبْدَيْنِ فَأَعْتَقَهُمَا الْأَخُ ثُمَّ شَهِدَا بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَمْ يَرِثْ لِأَنَّهُ) بِإِرْثِهِ (يَحْجُبُ الْأَخَ فَيَبْطُلُ إعْتَاقُهُ) أَيْ الْأَخِ (وَشَهَادَتُهُمَا) أَيْ الْعَتِيقَيْنِ فَيَبْطُلُ النَّسَبُ (وَلَوْ شَهِدَا) أَيْ الْعَتِيقَانِ (بِبِنْتٍ أَوْ زَوْجَةٍ) لِلْمَيِّتِ (وَالْأَخُ مُوسِرٌ) وَقْتَ الْإِعْتَاقِ (وَرِثَتَا) أَيْ الْبِنْتُ وَالزَّوْجَةُ لِكَمَالِ الْعِتْقِ وَقْتَ الشَّهَادَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْأَخُ مُعْسِرًا وَقْتَ الْإِعْتَاقِ (فَلَا) تَرِثَانِ إذْ لَوْ وَرِثَتَا لَرَقَّ نَصِيبُهُمَا وَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ (وَإِنْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ أَبَاهُ) أَوْ ابْنَهُ (عِتْق) عَلَيْهِ (مَنْ الثُّلُثُ وَلَمْ يَرِثْ) لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَكَانَ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَى الْوَارِثِ فَيَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ (فَلَوْ) مَلَكَهُ بِلَا عِوَضٍ كَأَنْ (اتَّهَبَهُ) أَوْ وَرِثَهُ (وَرِثَ) مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا مِنْ الثُّلُثِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى إجَازَتِهِ. (وَإِنْ شَهِدَا) أَيْ الْعَتِيقَانِ (بِسَفَهِ مُعْتِقِهِمَا) وَقْتَ إعْتَاقِهِ لَهُمَا (أَوْ بِجَرْحِ شَاهِدَيْ عِتْقِهِمَا أَوْ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ عَلَى الْمُوصِي بِعِتْقِهِمَا) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) شَهِدَا (عَلَى مَنْ) أَيِّ زَوْجٍ (وَرِثَهُمَا مِنْ زَوْجَتِهِ وَأَعْتَقَهُمَا أَنَّهَا مُطَلَّقَتُهُ) يَعْنِي مُفَارَقَةً مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهَا فِرَاقًا بَائِنًا بِطَلَاقٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهَا لَوْ قُبِلَتْ لَرَقَّا (وَإِنْ أَقَرَّ الْأَخُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ لَمْ يَرِثْ) وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ (وَكَذَا إذَا نَكَلَ) الْأَخُ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ عَلَيْهِ مِمَّنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ (وَحَلَفَ الِابْنُ) تِلْكَ الْيَمِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ وَرِثَهُمَا) أَيْ عَبْدَيْنِ (أَبُوهُمَا) أَوْ ابْنُهُمَا (مِنْ زَيْدٍ فَعَتَقَا عَلَيْهِ وَمَاتَ) وَوَرِثَاهُ (فَأَقَرَّا عَلَى زَيْدٍ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ) تَرِكَتَهُ (لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَ لَرَقَّا. (وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ أَمَةً هِيَ ثُلُثُهُ) أَيْ ثُلُثُ مَالِهِ (فَادَّعَتْ دَيْنًا لَهَا عَلَيْهِ) بِإِجَارَةٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهَا لِأَنَّهَا لَوْ سُمِعَتْ مِنْهَا لَرَقَّ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا (وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ فِي الْمَرَضِ فَشَهِدَا بِمَا يَمْنَعُ عِتْقَهُمَا) كَأَنْ أَعْتَقَهُمَا وَهُمَا ثُلُثُ مَالِهِ وَشَهِدَا عَلَيْهِ بِوَصِيَّةٍ أَوْ بِإِعْتَاقٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ زَكَاةٌ أَوْ بِأَنَّهُ نَكَحَ امْرَأَةً بِكَذَا (لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا) وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ عَبْدِهِ مَالٌ فَأَخَذَهُ وَاشْتَرَى بِهِ عَبْدَيْنِ وَأَعْتَقَهُمَا فَشَهِدَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ فَادَّعَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ كَانَ غَصَبَهُمَا مِنْهُ وَشَهِدَا لَهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِي هـ، ن أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْلِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُ مَسَائِلَ تَقَدَّمَتْ آنِفًا فَفِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ (وَلَا يَحْكُمُ قَاضٍ أَعْتَقَهُ رَجُلٌ وَرِثَهُ مِنْ أَخٍ) لَهُ مَثَلًا (مَقْتُولٍ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِقَتْلِهِ مُرْتَدٍّ أَوْ أَنَّ لَهُ ابْنًا) لِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِهَا لَرَقَّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَقْتُولٍ مُعْتَبَرٌ فِي الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا. وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْهُ وَقَالَ فِيهَا كَذَا ذَكَرُوهُ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَحْكُمُ بِهَا وَيَثْبُتُ النَّسَبُ دُونَ الْإِرْثِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْأَخُ فِيهَا عَبْدَيْنِ وَشَهِدَا بِبُنُوَّةِ الْمُدَّعِي وَمُنِعَ بِأَنَّ الدَّوْرَ ثَمَّ فِي نَفْسِ شَهَادَةِ عَتِيقِ الْأَخِ بِخِلَافِهِ هُنَا لَيْسَ فِي نَفْسِ الشَّهَادَةِ بَلْ فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ لَمْ يُتْلِفْهُ إلَخْ) هَذَا وَاضِحٌ فِي صُورَةِ تَلَفِ الْمَهْرِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَتْلَفْ فَلَا لِأَنَّهُ بِالْفَسْخِ تَبْقَى الْعَيْنُ الَّتِي هِيَ الْمَهْرُ مُسْتَحَقَّةً لِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَلَا دَيْنَ عَلَى التَّرِكَةِ. قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ لَكِنْ يَنْقُصُ الثُّلُثُ بِخُرُوجِ الصَّدَاقِ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَا تُعْتَقُ كُلُّهَا فَلَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ) أَيْ رِضَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ لَهُ ابْنًا) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى رَجُلٍ بِدُونِ صِفَةِ أَخٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 نَفْسِ حُكْمِ الْحَاكِمِ الْعَتِيقِ وَالْإِثْبَاتُ فِيهِ طَرِيقٌ آخَرُ وَهُوَ رَفْعُ الْقَضِيَّةِ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ يَحْكُمُ بِالشَّهَادَةِ وَيُوَرِّثُ الِابْنَ وَيُرِقُّ الْحَاكِمُ الْعَتِيقَ وَلَا دَوْرَ (وَلَوْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بِعِتْقِهِ) أَيْ بِإِعْتَاقِهِ (لِأَخِيهِ فِي الصِّحَّةِ وَرِثَهُ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ. (فَصْلٌ الْمُبَعَّضُ وَالْمُكَاتَبُ لَا يَتَسَرَّيَانِ) وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّعْبِيرِ بِالتَّسَرِّي وَبِكَلَامِ الْأَصْلِ فِي مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ) فِي النِّكَاحِ (لَوْ نَكَحَ إحْدَى ابْنَتِي زَيْدٍ بِعَيْنِهَا وَادَّعَتَاهُ مَعًا) بِأَنْ قَالَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَا الْمُزَوَّجَةُ (وَصَدَّقَ) الزَّوْجُ (إحْدَاهُمَا) ثَبَتَ نِكَاحُهَا لِتَقَارِّهِمَا وَ (حَلَفَ لِلْأُخْرَى) لِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْدَفِعُ بِإِنْكَارِهِ وَالْمَقْصُودُ الْمَهْرُ فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا لَا تَحْلِفُ لِلْآخَرِ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي عَلَيْهَا مَهْرًا وَإِنَّمَا يَقْصِدُ النِّكَاحَ (فَإِذَا نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَتْ لَزِمَهُ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ) لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ بِإِنْكَارِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَإِنْ أَنْكَرَتَا) بِأَنْ قَالَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَسْت الْمُزَوَّجَةَ بَلْ صَاحِبَتِي (وَعَيَّنَ) الزَّوْجُ (إحْدَاهُمَا) لِلنِّكَاحِ (فَحَلَفَتْ) أَنَّهَا لَيْسَتْ الزَّوْجَةَ (بَطَلَ حَقُّهُ مِنْهَا أَيْضًا) أَيْ كَمَا بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الْأُخْرَى بِتَعْيِينِهِ الْأُولَى (إلَّا إنْ صَدَّقَهُ) الْوَلِيُّ (الْمُجْبِرُ) فِيمَنْ عَيَّنَهَا فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْهَا وَلَا يَضُرُّهُ إنْكَارُهَا (وَإِنْ نَكَلَتْ) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَ) هُوَ (اسْتَحَقَّهَا) وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ تَصْدِيقُ الْمُجْبِرِ فِيمَا إذَا ادَّعَتَا النِّكَاحَ مَعًا لِأَنَّهُ إذَا عَيَّنَ إحْدَاهُمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الزَّوْجِ. (وَإِنْ أَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا) بِنِكَاحِهَا (وَأَقَرَّ الْمُجْبَرُ بِنِكَاحِ الْأُخْرَى عُمِلَ بِإِقْرَارِ السَّابِقِ) مِنْهُمَا وَقِيلَ يَبْطُلَانِ جَمِيعًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ فَالْعَمَلُ إنَّمَا هُوَ بِإِقْرَارِ مَنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ عَلَى أَنَّ مَا فَهِمَهُ مِنْ التَّصْوِيرِ لَيْسَ مُرَادًا وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ مَا يُوهِمُهُ إذْ الْمُرَادُ إنَّمَا هُوَ إذَا تَعَدَّدَ الزَّوْجُ وَاتَّحَدَتْ الْمَرْأَةُ فَأَقَرَّتْ لِزَوْجٍ وَالْمُجْبِرُ لِآخَرَ هَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا أَوْ إقْرَارُهُ وَجْهَانِ تَقَدَّمَا مَعَ بَيَانِ الْمُعْتَمَدِ فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ (وَلَوْ شَهِدَا) عَلَى رَجُلٍ (بِنِكَاحٍ) لِامْرَأَةٍ (بِمُسَمًّى) مَعْلُومٍ وَهُوَ مُنْكِرٌ (وَغَرِمَ) لَهَا (نِصْفَهُ ثُمَّ رَجَعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا (رَجَعَ) هُوَ (عَلَيْهِمَا) بِمَا غَرِمَهُ لِأَنَّهُمَا السَّبَبُ فِي تَغْرِيمِهِ (فَلَوْ شَهِدَ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ شَهَادَتِهِمَا السَّابِقَةِ (اثْنَانِ بِالْإِصَابَةِ) أَوْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِهَا (وَاثْنَانِ بِالطَّلَاقِ) وَحُكِمَ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَاتِ وَغَرِمَ لَهَا الْمُسَمَّى (ثُمَّ رَجَعُوا) كُلُّهُمْ عَمَّا شَهِدُوا بِهِ (غَرِمَ) لَهُ (النِّصْفَ الثَّانِي) مِنْ الْمُسَمَّى أَيْ النِّصْفَ الْمُسْتَقِرَّ بِالدُّخُولِ (شُهُودُ الْإِصَابَةِ) لِأَنَّهُمْ السَّبَبُ فِي تَغْرِيمِهِ (لَا) شُهُودُ (الطَّلَاقِ) لِأَنَّهُمْ وَافَقُوا الزَّوْجَ فِي عَدَمِ النِّكَاحِ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَوِّتُوا عَلَيْهِ شَيْئًا يَزْعُمُهُ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ نِكَاحٌ فَقَدْ ارْتَفَعَ بِإِنْكَارِهِ قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ شُهُودُ الْإِصَابَةِ (إنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُ الْإِصَابَةِ) عَنْ تَارِيخِ النِّكَاحِ بِأَنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ نَكَحَهَا فِي الْمُحَرَّمِ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَصَابَهَا فِي صَفَرٍ (أَوْ صَرَّحَا بِوُقُوعِهَا) أَيْ الْإِصَابَةِ (فِي النِّكَاحِ) فَإِنْ أَطْلَقَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِجَوَازِ وُقُوعِهَا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ مِنْ زِنًا أَوْ غَيْرِهِ. (وَلَوْ شَهِدَ بِالنِّكَاحِ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمَا) الْأُولَى مِنْهُمْ (بِالْإِصَابَةِ) ثُمَّ رَجَعُوا (اخْتَصَّ شُهُودُ الْإِصَابَةِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْغُرْمِ) وَشُهُودُ النِّكَاحِ بِرُبْعِهِ إذْ النِّصْفُ الْأَوَّلُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِي مُخْتَصٌّ بِشُهُودِ الْإِصَابَةِ (وَإِنْ زُوِّجَتْ) امْرَأَةٌ (مِنْ) رَجُلٍ (مُعَيَّنٍ بِالْإِذْنِ) مِنْهَا (فِيهِ) أَيْ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْهُ (وَادَّعَتْ مَحْرَمِيَّةَ الزَّوْجِ) لَهَا كَأَنْ قَالَتْ هُوَ أَخِي مِنْ الرَّضَاعِ (أَوْ) ادَّعَتْ (جُنُونَ الْوَلِيِّ) حِينَ زَوَّجَهَا (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهَا لِأَنَّهَا تُنَاقِضُ مَا تَضَمَّنَهُ رِضَاهَا مِنْ حِلِّهَا لَهُ (إلَّا إنْ ادَّعَتْ نِسْيَانًا) لِلْمَحْرَمِيَّةِ أَوْ الْجُنُونِ (وَنَحْوِهِ) كَغَلَطٍ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا لِلْعُذْرِ (فَيَحْلِفُ لَهَا الزَّوْجُ) أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَحْرَمِيَّتَهُ وَجُنُونَ الْوَلِيِّ (فَلَوْ كَانَتْ مُجْبَرَةً) وَزُوِّجَتْ بِلَا إذْنٍ (أَوْ أُذِنَتْ) وَلَوْ مُجْبَرَةً (فِي) نِكَاحِهَا بِرَجُلٍ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ) وَادَّعَتْ ذَلِكَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا لِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا وَلَمْ تَعْتَرِفْ بِنَقِيضِهِ. فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَتْهُ ابْتِدَاءً لَا أَتَزَوَّجُ بِهِ وَهَذَا (كَغَائِبٍ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ) بِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ (فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ قَدْ) كُنْت (بِعْته فُلَانًا) أَوْ أَعْتَقْته أَوْ نَحْوَهُمَا فَإِنَّهُ (يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) وَيُنْقَضُ بَيْعُ الْحَاكِمِ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ] الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ) (قَوْلُهُ فَالْعَمَلُ إنَّمَا هُوَ بِإِقْرَارِ مَنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ) تَصْدِيقُ الزَّوْجِ حَاصِلٌ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ لِلنِّكَاحِ فَإِنْ أَقَرَّا مَعًا عُمِلَ بِإِقْرَارِهِمَا (قَوْلُهُ تَقَدَّمَا مَعَ بَيَانِ الْمُعْتَمَدِ فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ) هَذِهِ قَدْ قَدَّمَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ وَمَا أَفَادَهُ هُنَا صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَادَ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ بِالْإِذْنِ مِنْهَا) أَيْ نُطْقًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 وَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ: فُلَانًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (لَا إنْ بَاعَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ) ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُ نَقِيضُهُ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ فِي الْأُولَى حِينَ بَاعَهُ وَهُوَ مِلْكِي سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ أَوْ بِوَكِيلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى تَوْكِيلِ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ يَدَّعِي الْمُوَكِّلُ بَعْدَ بَيْعِ الْوَكِيلِ وَلُزُومِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ التَّوْكِيلِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ مُطْلَقَةً أَوْ فِي مُعَيَّنٍ وَادَّعَى عِتْقًا بَعْدَ التَّوْكِيلِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي تَرْكِ إعْلَامِ الْوَكِيلِ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ. (وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ بِكْرًا (غَيْرَ مُجْبَرَةٍ فَأَذِنَتْ) لِوَلِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ مُعَيَّنٍ (بِالسُّكُوتِ) ثُمَّ ادَّعَتْ مَحْرَمِيَّةَ الزَّوْجِ لَهَا أَوْ جُنُونَ الْوَلِيِّ (سُمِعَتْ دَعْوَاهَا لَكِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ) بِيَمِينِهِ وَمِثْلُهَا الْمُجْبَرَةُ إذَا أَذِنَتْ فِي ذَلِكَ (وَإِنْ ادَّعَى الْأَبُ أَوْ السَّيِّدُ الْمَحْرَمِيَّةَ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقُّ الزَّوْجَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي يَعْقِدُهُ وَلِذَلِكَ يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِتَقَارِّهِمَا وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَلِيُّ (أَوْ) ادَّعَى (السَّيِّدُ) بَعْدَ تَزْوِيجِهِ أَمَتَهُ (الْعِتْقَ) لَهَا (قُبِلَ فِيهِ لَا فِي النِّكَاحِ كَمَا لَوْ آجَرَهُ) أَيْ عَبْدَهُ (ثُمَّ قَالَ كُنْت أَعْتَقْته) قَبْلُ فِي الْعِتْقِ لَا فِي الْإِجَارَةِ (وَغَرِمَ لِلْعَبْدِ أُجْرَتَهُ) أَيْ أُجْرَةَ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَنَافِعِهِ ظُلْمًا كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ كُنْت غَصَبْته لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْبَيْعِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ (أَوْ) ادَّعَى سَيِّدُهَا (أَنَّهُ زَوَّجَهَا وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا أَوْ) وَالزَّوْجُ (وَاجِدٌ طَوْلَ حُرَّةٍ أَوْ وَهُوَ) مُحَرَّمٌ أَوْ (مَحْجُورٌ عَلَيْهِ) بِسَفَهٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ) بِيَمِينِهِ. (وَلَوْ عَهِدَ لَهُ حَالَ حَجْرٍ) أَوْ إحْرَامٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ جَرَيَانُ الْعَقْدِ صَحِيحًا (فَإِنْ ادَّعَى وَرَثَةُ الزَّوْجِ) بَعْدَ مَوْتِهِ (أَنَّ الْوَلِيَّ زَوَّجَهَا) لَهُ (بِلَا إذْنٍ) مِنْهَا وَأَنْكَرَتْ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَتْ) امْرَأَةٌ (بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا (زَوَّجَنِي أَخِي) مَثَلًا (وَأَنَا كَبِيرَةٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَنَا مُعْتَبَرَةُ الْإِذْنِ (بِلَا إذْنٍ لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهَا) تَنْزِيلًا لِدُخُولِهَا مَنْزِلَةَ رِضَاهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْهُ قَبْلَ تَمْكِينِهَا فَيُسْمَعُ قَوْلُهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُ كَأَصْلِهِ فِي آخِرِ الرَّجْعَةِ قَبُولُ قَوْلِهَا وَتَعْبِيرُهُمَا تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ بِالدُّخُولِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِتَمْكِينِهَا مِنْ الدُّخُولِ وَإِنْ انْتَفَى الدُّخُولُ (أَوْ) قَالَتْ زَوَّجَنِي أَخِي وَأَنَا (صَغِيرَةٌ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَلَوْ أَقَرَّتْ يَوْمَئِذٍ) أَيْ يَوْمَ قَوْلِهَا ذَلِكَ (بِالْبُلُوغِ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ ثُمَّ قَالَ كُنْت صَغِيرًا يَوْمَ الْإِقْرَارِ هَذَا (إنْ لَمْ تُمَكِّنْ) الزَّوْجَ مِنْ نَفْسِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ مَكَّنَتْهُ بَعْدَهُ ثُمَّ قَالَتْ ذَلِكَ لَمْ تُصَدَّقْ وَالتَّرْجِيحُ فِيمَا ذُكِرَ مَعَ هَذَا الشَّرْطِ مِنْ زِيَادَتِهِ. وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَزَادَ بَعْدَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ تَخْلَعْ نَفْسَهَا وَالْعِبْرَةُ فِي الْحَقِيقَةِ بِمَا لَا يَدُلُّ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ (وَإِنْ وَكَّلَ) الْوَلِيُّ فِي تَزْوِيجِهَا أَوْ الزَّوْجُ فِي قَبُولِهِ (ثُمَّ أَحْرَمَ) وَجَرَى الْعَقْدُ (وَادَّعَتْ) هِيَ أَوْ الْوَلِيُّ (وُقُوعَ النِّكَاحِ فِي الْإِحْرَامِ) وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ (صُدِّقَ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ) سَوَاءٌ أَعُهِدَ لِلْمُوَكِّلِ إحْرَامٌ سَابِقٌ أَمْ لَا عَمَلًا بِظَاهِرِ الصِّحَّةِ وَيُفَارِقُ تَصْدِيقَ الْجَانِي إذَا قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَأَمْكَنَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَنْكِحَةِ الِاحْتِيَاطُ وَعَقْدُهَا بِشُرُوطِهَا فَصُدِّقَ فِيهَا الزَّوْجُ وَالْقِصَاصُ مِمَّا يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ فَصُدِّقَ فِيهِ الْجَانِي حَيْثُ ظَهَرَ احْتِمَالُ قَوْلِهِ (فَرْعٌ لَوْ أَثْبَتَ) رَجُلٌ أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ وَأَثْبَتَتْ هِيَ) أَيْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً (بِنِكَاحِ آخَرَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ) لِأَنَّ حَقَّهُ فِي النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْهَا فَإِنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا فَكَانَ كَصَاحِبِ الْيَدِ مَعَ غَيْرِهِ. (وَإِنْ ادَّعَى) مُسْلِمٌ تَحْتَهُ ذِمِّيَّةٌ أَوْ مُسْلِمَةٌ (إسْلَامَ زَوْجَتِهِ الذِّمِّيَّةِ أَوْ ارْتِدَادَ الْمُسْلِمَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (وَأَنْكَرَتْ) زَوْجَتُهُ ذَلِكَ (بَطَلَ نِكَاحُهَا بِزَعْمِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ لِزَعْمِهِ لِأَنَّهُ زَعَمَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهَا إلَّا إنْ ادَّعَتْ نِسْيَانًا وَنَحْوَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمَوْجُودُ فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ سَمَاعُهَا مُطْلَقًا وَالتَّحْلِيفُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ نَحْوَهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اعْتَذَرَتْ بِغَلَطٍ أَوْ نِسْيَانٍ. (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَتْ مُجْبَرَةً وَزُوِّجَتْ بِلَا إذْنٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَمَكَّنَتْ الزَّوْجَ مِنْ نَفْسِهَا أَوْ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا أَوْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَقَامَتْ مَعَهُ فَكَمَا لَوْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا (قَوْلُهُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُبْدِ عُذْرًا كَغَلَطٍ أَوْ نِسْيَانٍ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَوْكِيلٍ بِبَيْعٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ ظَانًّا بُلُوغَهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً حَالَةَ الْعَقْدِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَلَا إرْثَ لَهَا فَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّغَرِ وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَادَّعَى وَارِثُهَا بِالْمَهْرِ فَقَالَ الزَّوْجُ كُنْت طِفْلًا حَالَ الْعَقْدِ فَلَمْ يَصِحَّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَوْ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى بُلُوغِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ قُبِلَتْ قَالَ شَيْخُنَا قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَصَحُّ خِلَافُ مَا قَالَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إذْ الْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِعْته وَأَنَا مَحْجُورٌ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِلْكِي ثُمَّ مَلَكْته اهـ أَيْ لِأَنَّ إقْدَامَ الْبَائِعِ عَلَى إيجَابِ الْبَيْعِ يَسْتَلْزِمُ اسْتِجْمَاعَ شَرَائِطِهِ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِتَمْكِينِهَا مِنْ الدُّخُولِ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا إذَا خَالَعَتْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى ذَلِكَ كُلُّ تَصَرُّفٍ يُشْعِرُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ كَحَبْسِ نَفْسِهَا لِطَلَبِ الْمَهْرِ وَقَبْضِهِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهِ وَفِي قَبْضِ النَّفَقَةِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَهْرِ وَطَلَبِ الْقَسَمِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ [فَرْعٌ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ وَأَقَامَتْ هِيَ بَيِّنَةً بِنِكَاحِ آخَرَ] (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى إسْلَامَ زَوْجَتِهِ الذِّمِّيَّةِ أَوْ ارْتَدَّ وَالْمُسْلِمَةُ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا كَافِرَةُ فَإِنْ أَرَادَ شَتْمَهَا لَمْ تَبِنْ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الشَّتْمِ وَنَوَى فِرَاقَهُ مِنْهَا لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ بَانَتْ مِنْهُ قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ادَّعَى إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُرِدْ شَتْمَهَا يَنْقَطِعُ نِكَاحُهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فِرَاقَهُ مِنْهَا وَقَوْلُ الْقَفَّالِ بَانَتْ مِنْهُ أَيْ فِي الْحَالِ إنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا فَبِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إنْ لَمْ تُسْلِمْ فِيهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 أَنَّ الذِّمِّيَّةَ أَسْلَمَتْ وَأَنْكَرَتْ وَصَارَتْ مُرْتَدَّةً بِإِنْكَارِهَا وَحَرُمَتْ وَأَنَّ الْمُسْلِمَةَ ارْتَدَّتْ وَحَرُمَتْ أَمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَيُوقَفُ النِّكَاحُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَفِي نُسْخَةٍ تَصْوِيرُ ذَلِكَ مِمَّنْ تَحْتَهُ الزَّوْجَتَانِ وَهُوَ الَّذِي فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ حَيْثُ قَالَ إذَا كَانَ تَحْتَهُ مُسْلِمَةٌ وَذِمِّيَّةٌ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا فَقَالَ لِلْمُسْلِمَةِ ارْتَدَدْت وَقَالَ لِلذِّمِّيَّةِ أَسْلَمْت فَأَنْكَرَتَا ارْتَفَعَ نِكَاحُهُمَا لِزَعْمِهِ (كِتَابُ الصَّدَاقِ) هُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا مَا وَجَبَ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ تَفْوِيتِ بُضْعٍ قَهْرًا كَرَضَاعٍ وَرُجُوعِ شُهُودٍ يُقَالُ فِيهِ صَدَقَةٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَثْلِيثِ ثَانِيهِ وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ أَوْ فَتْحِهِ مَعَ إسْكَانِ ثَانِيهِ فِيهِمَا وَبِضَمِّهِمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةِ بَاذِلِهِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي إيجَابِ الْمَهْرِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مَهْرٌ وَنِحْلَةٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا وَفَرِيضَةٌ وَأَجْرٌ وَطَوْلٌ وَعُقْرٌ وَعَلِيقَةٌ وَعَطِيَّةٌ وَحِبَاءُ وَنِكَاحٌ قَالَ تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النور: 33] وَقِيلَ الصَّدَاقُ مَا وَجَبَ بِتَسْمِيَةٍ فِي الْعَقْدِ وَالْمَهْرُ مَا وَجَبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] وَقَوْلُهُ {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 25] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُرِيدِ التَّزْوِيجِ «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَيُسْتَحَبُّ الْعَقْدُ بِهِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَخْلُ نِكَاحٌ عَنْهُ وَلِئَلَّا يُشْبِهَ نِكَاحَ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِلْخُصُومَةِ نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ لَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ عَلَى الْجَدِيدِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَعُلِمَ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْعَقْدِ بِهِ جَوَازُ إخْلَاءِ النِّكَاحِ عَنْ ذِكْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ نَعَمْ قَدْ يَجِبُ ذِكْرُهُ لِعَارِضٍ بِأَنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ جَائِزَةِ التَّصَرُّفِ أَوْ مِلْكًا لِغَيْرِ جَائِزِهِ أَوْ كَانَتْ جَائِزَتَهُ وَأَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَمْ تُفَوِّضْ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ فِي هَذِهِ عَلَى أَقَلِّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الزَّوْجَةِ وَفِيمَا عَدَاهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ (و) يُسْتَحَبُّ (أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ (وَ) أَنْ (لَا يَزِيدَ عَلَى خَمْسمِائَةٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ كَصَدَقَةِ بَنَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَوْجَاتِهِ. وَأَمَّا إصْدَاقُ أُمِّ حَبِيبَةَ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ فَكَانَ مِنْ النَّجَاشِيِّ إكْرَامًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (فَإِنْ عَقَدَ بِأَدْنَى مُتَمَوَّلٍ جَازَ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِخَبَرِ «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» (وَإِلَّا) بِأَنْ عَقَدَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِعَدَمِ مَالِيَّتِهِ (فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ) لِخُرُوجِهِ عَنْ الْعِوَضِيَّةِ وَمَثَّلَهُ الصَّيْمَرِيُّ بِالنَّوَاةِ وَالْحَصَاةِ وَقِشْرَةِ الْبَصَلَةِ وَقَمْعِ الْبَاذِنْجَانَةِ (وَفِيهِ) أَيْ كِتَابِ الصَّدَاقِ (سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِ الصَّحِيحِ مِنْهُ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الضَّمَانِ) لَهُ (فَالزَّوْجُ يَضْمَنُ الصَّدَاقَ الْمُعَيَّنَ) قَبْلَ قَبْضِهِ (ضَمَانَ الْعَقْدِ لَا) ضَمَانَ (الْيَدِ) لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَكَانَ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (فَلَا يَجُوزُ لَهَا بَيْعُهُ) وَلَا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُمْتَنِعَةِ ثَمَّ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِمَا ذُكِرَ وَلَوْ قُلْنَا أَنَّهُ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ جَازَ ذَلِكَ كَالْمُعَارِ وَالْمُسْتَامِ. (وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِهِ (بِآفَةٍ انْفَسَخَ) عَقْدُ الصَّدَاقِ (وَلَوْ عَرَضَهُ عَلَيْهَا) فَامْتَنَعَتْ مِنْ قَبْضِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ (وَيَعُودُ) أَيْ يُقَدَّرُ عَوْدُهُ (إلَى مِلْكِهِ قُبَيْلَ التَّلَفِ) حَتَّى لَوْ كَانَ عَبْدٌ أَلْزَمَهُ مُؤْنَةَ تَجْهِيزِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ (وَيَجِبُ) لَهَا عَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] [كِتَابُ الصَّدَاقِ] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِ الصَّحِيحِ مِنْ الصَّدَاقِ] [الْحُكْمِ الْأَوَّلُ فِي الضَّمَانِ لِلصَّدَاقِ] ِ) (قَوْلُهُ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مَهْرٌ إلَخْ) لَهُ ثَمَانِيَةُ أَسْمَاءٍ مَجْمُوعَةٍ فِي بَيْتِ: صَدَاقٌ وَمَهْرٌ نَحْلَةٌ وَفَرِيضَةٌ ... حِبَاءٌ وَأَجْرٌ ثُمَّ عَقْدُ عَلَائِقَ (قَوْلُهُ وَنِحْلَةٌ) النِّحْلَةُ الْهِبَةُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَمْتِعُ بِالزَّوْجِ كَاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا أَوْ أَكْثَرَ فَكَأَنَّهَا تَأْخُذُ الصَّدَاقَ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ وَقِيلَ نِحْلَةٌ أَيْ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ وَقِيلَ تَدَيُّنًا مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ يَنْتَحِلَ بِكَذَا أَيْ يَتَدَيَّنَ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الْعَقْدُ بِهِ) نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ كَرَاهَةُ إخْلَاءِ الْعَقْدِ عَنْ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ وَدَلِيلُ جَوَازِ إخْلَائِهِ مِنْهُ الْإِجْمَاعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236] أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ الْمُسَمَّى أَوْ الْفَرْضَ الْمُسْتَلْزِمَ لِعَدَمِ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِلْخُصُومَةِ) إنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَعْظَمَ الِاسْتِمْتَاعُ وَلَوَاحِقُهُ وَذَلِكَ يَقُومُ بِالزَّوْجَيْنِ فَهُمَا الرُّكْنُ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ لَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ عَلَى الْجَدِيدِ) كَذَا فِي الْمَطْلَبِ وَالْكِفَايَةِ وَفِي نُسَخِ الْعَزِيزِ الْمُعْتَمَدَةِ وَفِي بَعْضِ نُسْخَةِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْجَدِيدَ الِاسْتِحْبَابُ أَيْ كَمَا يُسْتَحَبُّ لِسَلِسِ الْبَوْلِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ أَنْ يَنْوِيَا رَفْعَ الْحَدَثِ مَعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا) لَا يَجُوزُ جَعْلُ رَقَبَةِ الْعَبْدِ صَدَاقًا لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ أَوْ الْمُبَعَّضَةِ أَوْ الْمُكَاتَبَةِ بَلْ يَبْطُلُ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ قَارَنَهُ مَا يُضَادُّهُ وَلَا أَحَد أَبَوَيْ الصَّغِيرَةِ أَوْ الْمَجْنُونَةِ أَوْ السَّفِيهَةِ صَدَاقًا لَهَا وَلَا جَعْلُ الْأَبِ أُمَّ ابْنِهِ صَدَاقًا لِابْنِهِ بَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ مِثْلٍ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ هَذِهِ الصُّوَرَ مِنْ قَوْلِهِمْ مَا صَحَّ مَبِيعًا صَحَّ صَدَاقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا وَالْقَصْدُ بَيَانُ مَا يَصِحُّ إصْدَاقُهُ وَلَمْ يَقُولُوا مَنْ جَازَ الْبَيْعُ مِنْهُ جَازَ الْإِصْدَاقُ مِنْهُ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ لَوَرَدَ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ عَقَدَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِعَدَمِ مَالِيَّتِهِ إلَخْ) لَوْ مَلَكَ جَارِيَةً مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا صَدَاقَ حُرَّةٍ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهَا وَهُوَ يَخْشَى الْعَنَتَ فَتَزَوَّجَ أَمَةً وَجَعَلَ بُضْعَ أَمَتِهِ صَدَاقًا لَهَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا صَدَاقٌ وَإِنْ كَانَ سَيِّدُ الْأَمَةِ مِمَّنْ يَمْلِكُ الْبُضْعَ عَلَى الِانْفِرَادِ وَالْجَارِيَةُ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الصَّدَاقِ أَنْ يَكُونَ مَالًا وَالْبُضْعُ لَيْسَ بِمَالٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ نَقْلَ حَقِّهِ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ بِالْإِجَارَةِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي. (قَوْلُهُ فَالزَّوْجُ يَضْمَنُ الصَّدَاقَ الْمُعَيَّنَ ضَمَانَ الْعَقْدِ) فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِيهِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ (فَرْعٌ) لَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَلَى صَدَاقٍ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ بَلْ عَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ صَحَّ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَهُ بِآفَةٍ) أَيْ أَوْ بِإِتْلَافٍ غَيْرِ مُضَمَّنٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 (مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ وَالْبُضْعَ كَالتَّالِفِ فَيَرْجِعُ إلَى بَدَلِهِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ (وَإِتْلَافُ مَا أَتْلَفَتْ) مِنْ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَبْضٌ) لَهُ إذَا كَانَتْ أَهْلًا لِلْقَبْضِ فَيَبْرَأُ مِنْهُ الزَّوْجُ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا فَقَتَلَهُ الْمُشْتَرِي لِصِيَالِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا فَلْيَكُنْ هُنَا كَذَلِكَ (وَإِتْلَافُهُ) أَيْ الزَّوْجِ لِلصَّدَاقِ (كَالْآفَةِ) فَيَنْفَسِخُ بِهِ عَقْدُ الصَّدَاقِ وَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ (وَمَتَى أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) بِغَيْرِ حَقٍّ (فَلَهَا الْخِيَارُ) كَنَظِيرِهِ ثَمَّ (فَإِنْ أَجَازَتْ) عَقْدَ الصَّدَاقِ (طَالَبَتْ الْأَجْنَبِيَّ بِالْبَدَلِ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَإِنْ فَسَخَتْ طَالَبَتْ الزَّوْجَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. (وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَيْنَيْنِ فَتَلِفَتْ إحْدَاهُمَا) قَبْلَ قَبْضِهَا بِآفَةٍ أَوْ بِإِتْلَافِ الزَّوْجِ انْفَسَخَ عَقْدُ الصَّدَاقِ فِيهَا لَا فِي الْبَاقِيَةِ وَعَلَيْهِ (فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ أَجَازَتْ) فِي الْبَاقِيَةِ (فَلَهَا قِسْطُ قِيمَةِ التَّالِفِ) الْأَوْلَى التَّالِفَةِ (مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَإِنْ فَسَخَتْ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ أَمَّا تَلَفُهَا بِإِتْلَافِ الزَّوْجَةِ فَقَبْضٌ أَوْ بِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ فَسَخَتْ طَالَبَتْ الزَّوْجَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ أَجَازَتْ طَالَبَتْ الْأَجْنَبِيَّ بِالْبَدَلِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ تَعَيَّبَ) الصَّدَاقُ قَبْلَ قَبْضِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ (كَقَطْعِ الْيَدِ فَلَهَا الْخِيَارُ) لِلنَّقْصِ سَوَاءٌ أَحَدَثَ بِآفَةٍ أَمْ بِجِنَايَةِ غَيْرِ الزَّوْجَةِ فَإِنْ فَسَخَتْ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ (وَلَا أَرْشَ) لَهَا (إنْ أَجَازَتْ) بَلْ تَأْخُذُهُ مَعِيبًا كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِ الْمَبِيعِ (إلَّا أَنْ عَيَّبَهُ أَجْنَبِيٌّ) فَلَهَا عَلَيْهِ الْأَرْشُ وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ. (فَرْعَانِ الْأَوَّلُ الِانْهِدَامُ) قَبْلَ الْقَبْضِ (عَيْبٌ) فَلَوْ أَصْدَقَهَا دَارًا فَانْهَدَمَتْ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَتْلَفْ مِنْ نَقْضِهَا شَيْءٌ فَهُوَ عَيْبُ لِأَنَّهُ نَقْصُ صِفَةٍ كَطَرَفِ عَبْدٍ فَتَتَخَيَّرُ (فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُ النَّقْضِ) أَوْ كُلُّهُ بِاحْتِرَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (انْفَسَخَ) عَقْدُ الصَّدَاقِ (فِيهِ) لِأَنَّهُ نَقْصُ جِرْمٍ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ عُلِمَا مِمَّا مَرَّ (الثَّانِي) لَوْ (أَصْدَقَهَا نَخْلًا وَثَمَرَتَهُ) أَيْ رُطَبَهُ (فَجَعَلَ) قَبْلَ قَبْضِهِمَا (الرُّطَبَ وَصَقْرَهُ) أَيْ السَّائِلِ مِنْهُ (مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَى النَّارِ (فِي قَارُورَةٍ لَهُ وَلَمْ يَنْقُصْ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا (بِالنَّزْعِ) أَيْ بِتَقْدِيرِ نَزْعِهِ مِنْهَا (وَلَا التَّرْكِ) لَهُ فِيهَا (فَلَا خِيَارَ) لَهَا بَلْ الزَّوْجُ كَفَاهَا مُؤْنَةَ الْجِذَاذِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ اسْتِبْقَاءً لِرُطُوبَةِ الرُّطَبِ وَاسْتِزَادَةً لِحَلَاوَتِهِ وَقَيَّدَ الْقَارُورَةَ بِقَوْلِهِ لَهُ لِيَتَأَتَّى مَا يَأْتِي مِنْ مُسَامَحَةِ الزَّوْجِ بِهَا (وَإِنْ نَقَصَ وَصْفُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الرُّطَبِ وَصَقْرِهِ أَوْ أَحَدِهِمَا (ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ) فَإِنْ فَسَخَتْ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ أَجَازَتْ قَنَعَتْ بِهِمَا وَلَا أَرْشَ. (أَوْ) نَقَصَ (عَيْنَهُ كَأَنْ شَرِبَ الرُّطَبُ) شَيْئًا (مِنْ الصَّقْرِ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (فِي قَدْرِهِ) أَيْ الذَّاهِبِ مِنْهُ (وَتَخَيَّرَتْ فِي الْبَاقِي) فَإِنْ فَسَخَتْ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهَا قِسْطُ الذَّاهِبِ مِنْهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ نَقْصُ عَيْنِ الصَّقْرِ بِزِيَادَةِ قِيمَةِ الرُّطَبِ وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ (وَإِنْ كَانَ يَعِيبُهُ) أَيْ الرُّطَبُ (الْإِخْرَاجُ مِنْ الْقَارُورَةِ) دُونَ التَّرْكِ فِيهَا (تَخَيَّرَتْ إلَّا إنْ سَمَحَ بِهَا) الزَّوْجُ لَهَا هِبَةً أَوْ إعْرَاضًا فَلَا خِيَارَ لَهَا بَلْ تُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا إمْضَاءً لِلْعَقْدِ وَإِذَا فَرَغَ مَا فِيهَا أَخَذَهَا الزَّوْجُ فِيمَا إذَا سَمَحَ بِالْإِعْرَاضِ (كَالنَّعْلِ) فِي الدَّابَّةِ الْمَبِيعَةِ (وَإِنْ تَعَيَّبَ بِالتَّرْكِ) فِيهَا (دُونَ النَّزْعِ) مِنْهَا (طَالَبَتْ بِالنَّزْعِ) وَلَا خِيَارَ لَهَا (وَإِنْ تَبَرَّعَ) عَلَيْهَا (بِالْقَارُورَةِ) إذْ لَا تُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ) هُوَ النَّخْلُ (فَقَطْ وَكَانَتْ الثَّمَرَةُ) أَيْ الرُّطَبُ وَصَقْرُهُ (لِلْمَرْأَةِ ضَمِنَ) الزَّوْجُ (نَقْصَ الرُّطَبِ وَالصَّقْرِ) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (الْمُتَعَدِّي وَلَا خِيَارَ لَهَا) لِأَنَّ مَا نَقَصَ لَيْسَ بِصَدَاقٍ. (وَإِنْ كَانَ الصَّقْرُ) مِلْكًا (لِلزَّوْجِ) بِأَنْ مَلَكَهُ مِنْ رُطَبٍ آخَرَ وَكَانَ رُطَبُ النَّخْلِ لِلزَّوْجَةِ (ضَمِنَ نَقْصَ الرُّطَبِ وَحْدَهُ) إنْ نَقَصَ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِنْ كَانَ الرُّطَبُ مِنْ الصَّدَاقِ فَإِنْ نَقَصَ بِالنِّزَاعِ فَلَهَا الْخِيَارُ وَإِلَّا فَلَا وَتَأْخُذُ الرُّطَبَ وَالزَّوْجُ الصَّقْرَ وَلَا شَيْءَ لَهُ لِمَا تَشَرَّبَهُ الرُّطَبُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ عَيَّبَهُ) أَيْ الرُّطَبَ (النَّزْعُ) مِنْ الْقَارُورَةِ لَا التَّرْكُ فِيهَا (وَسَمَحَ) لَهَا (بِالْقَارُورَةِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ) لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي إمْضَاءِ الْعَقْدِ هُنَا (إلَّا إنْ كَانَ الرُّطَبُ صَدَاقًا وَسَمَحَ بِالْقَارُورَةِ) وَحْدَهَا (أَوْ بِهَا وَبِالصَّقْرِ إنْ كَانَ) الصَّقْرُ (لَهُ) فَيَلْزَمُهَا الْقَبُولُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي إمْضَاءِ الْعَقْدِ هُنَا فَلَا خِيَارَ لَهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ السَّمَاحِ بِالْقَارُورَةِ وَحْدَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِذَا كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) كَالثَّمَنِ (إلَّا إذَا كَانَ صَنْعَةً) أَيْ تَعْلِيمُهَا فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَمِنْ الصَّنْعَةِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ وَغَايَرَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ مَا أَتْلَفَتْ قَبْضٌ لَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْمُكَلَّفَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَلَا بَيْنَ أَنْ تُتْلِفَهُ دَفْعًا وَغَيْرَهُ وَالظَّاهِرُ مَجِيءُ كُلِّ مَا ذُكِرَ فِي إتْلَافِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ هُنَا وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ إلَخْ) قَدْ مَرَّ فِي الْبَيْعِ اسْتِثْنَاءُ صُوَرٍ مِنْ أَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ فَتَجِيءُ هُنَا (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ) صُورَتُهَا أَنَّهَا رَأَتْ عَيْنَ الصَّدَاقِ سَلِيمًا ثُمَّ تَعَيَّبَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِتَعَيُّبِهِ حَالَ الْعَقْدِ [فَرْع أَصْدَقَهَا دَارًا فَانْهَدَمَتْ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَتْلَفْ مِنْ نَقْضِهَا شَيْءٌ] (قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ) الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 بَيْنَهُمَا الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي. فَقَالَ وَفِي التَّتِمَّةِ لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ أَوْ صَنْعَةً لَمْ يَجُزْ الِاعْتِيَاضُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ لَاعْتُبِرَ تَسْلِيمُ الزَّوْجَةِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَهُوَ خِلَافُ الِاتِّفَاقِ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ إذْ لَا فَرْقَ فِي الدَّيْنِ بَيْنَ الصَّنْعَةِ وَغَيْرِهَا فَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا كَالثَّمَنِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِ الْمُتَوَلِّي وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ضَعِيفٌ وَقَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْلِ (فَرْعٌ) لَوْ (زَادَ الصَّدَاقُ فِي يَدِهِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً) كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ (تَبِعَتْ الْأَصْلَ أَوْ مُنْفَصِلَةً) كَثَمَرَةٍ وَوَلَدٍ وَكَسْبٍ (فَمِلْكٌ لِلزَّوْجَةِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ وَلَوْ اقْتَصَرَ فِي الشِّقَّيْنِ عَلَى قَوْلِهِ فَمِلْكٌ لِلزَّوْجَةِ كَفَى (وَإِذَا تَلِفَتْ) أَيْ الزِّيَادَةُ فِي يَدِهِ (لَمْ يَضْمَنْهَا) لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهَا يَدُ أَمَانَةٍ (إلَّا إنْ طَلَبَتْهَا) مِنْهُ (فَامْتَنَعَ) مِنْ تَسْلِيمِهَا فَيَضْمَنُهَا. (وَلَوْ امْتَنَعَ) الْبَائِعُ (مِنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ) لِلْمُشْتَرِي (فَتَلِفَتْ) فِي يَدِهِ (فَكَإِتْلَافِهِ) لَهَا فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَالصَّدَاقُ كَالْمَبِيعِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَلَوْ أَبْدَلَ الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ بِالصَّدَاقِ كَانَ أَوْلَى وَأَنْسَبَ (وَلَا يَضْمَنُ) الزَّوْجُ (مَنْفَعَةَ) الصَّدَاقِ وَإِنْ (اسْتَوْفَاهَا) بِرُكُوبٍ أَوْ لُبْسٍ أَوْ اسْتِخْدَامٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ طَالَبَتْهُ بِالتَّسْلِيمِ فَامْتَنَعَ كَمَا فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ ضَمَانَهَا إذَا اسْتَوْفَاهَا أَوْ طَالَبَتْهُ بِالتَّسْلِيمِ فَامْتَنَعَ لِأَنَّهَا حَادِثَةٌ فَهِيَ كَالزِّيَادَةِ الْحَادِثَةِ إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ تَسْلِيمِهَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا عَقْدُ الصَّدَاقِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْمَنَافِعِ [فَصْلٌ أَصْدَقَهَا فَاسِدًا كَأَنْ أَصْدَقَهَا حُرًّا أَوْ خَمْرًا أَوْ مَغْصُوبًا] (فَصْلٌ) لَوْ (أَصْدَقَهَا) فَاسِدًا كَأَنْ أَصْدَقَهَا (حُرًّا أَوْ خَمْرًا) أَوْ مَغْصُوبًا (وَجَبَ) لَهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ) بِالْعَقْدِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ مُقَابِلِهِ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ بَدَلُهُ كَمَا لَوْ ابْتَاعَ بِثَمَنٍ فَاسِدٍ وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْمَبِيعِ تَجِبُ قِيمَتُهُ. (وَكَذَا) يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ (إذَا غَرَّهَا بِأَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ عَصِيرٌ) هَذَا فِي أَنْكِحَتِنَا أَمَّا أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ فَكُلُّ مَا اعْتَقَدُوا صِحَّةَ صَدَاقِهِ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ مَا فِي الْخُلْعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى غَيْرِ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ وَقَعَ رَجْعِيًّا عَدَمُ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي نَظِيرِهِ هُنَا فَتَكُونُ الزَّوْجَةُ كَالْمُفَوِّضَةِ لَكِنْ صَرَّحُوا هُنَا بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ انْتَهَى وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ ثَمَّ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ الْمُعَاوَضَةُ فَاعْتُبِرَ كَوْنُ الْعِوَضِ مَقْصُودًا بِخِلَافِ مَا هُنَا وَبِأَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّ مَقْصُودَهُ الْفُرْقَةُ وَهِيَ تَحْصُلُ غَالِبًا بِدُونِ عِوَضٍ (الْحُكْمُ الثَّانِي التَّسْلِيمُ) لِلْمَهْرِ (فَلِكَبِيرَةِ) عَاقِلَةٍ (سَلَّمَتْ نَفْسَهَا) لِلزَّوْجِ (مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ) نَفْسِهِ أَوْ وَلِيَّهُ (بِالْمَهْرِ وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (صَغِيرًا) كَمَا فِي النَّفَقَةِ. (وَلَهَا) أَيْ لِلْكَبِيرَةِ (حَبْسُ نَفْسِهَا حَتَّى يُسَلِّمَ) الزَّوْجُ (الْمَهْرَ) الْمُعَيَّنَ أَوْ الْحَالِّ كَالْبَائِعِ سَوَاءٌ أَخَّرَ تَسْلِيمَهُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا وَالْحَبْسُ فِي الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا أَوْ لِوَلِيِّهِ (لَا الْمُؤَجَّلِ وَلَوْ حَلَّ) قَبْلَ تَسْلِيمِهَا لِوُجُوبِ تَسْلِيمِهَا قَبْلَ الْحُلُولِ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالتَّأْجِيلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْحَبْسِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ (وَلِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ تَرْكُ الْحَبْسِ) لَهُمَا (لِلْمَصْلَحَةِ) فَعُلِمَ أَنَّ لَهُ حَبْسَهُمَا حَتَّى يُسَلِّمَ الزَّوْجُ الْمَهْرَ (وَإِنْ تَنَازَعَا) أَيْ الزَّوْجَانِ فِي الْبُدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ بِأَنْ قَالَ لَا أُسَلِّمُ الْمَهْرَ حَتَّى تُسَلِّمِي نَفْسَك وَقَالَتْ لَا أُسَلِّمُهَا حَتَّى تُسَلِّمَهُ أُجْبِرَا بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أُمِرَ بِتَسْلِيمِهِ إلَى عَدْلٍ ثُمَّ أُمِرَتْ بِالتَّمْكِينِ) فَإِذَا مَكَّنَتْ سَلَّمَ الْعَدْلُ الْمَهْرَ إلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَأْتِهَا الزَّوْجُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَصْلِ الْخُصُومَةِ قَالَ الْإِمَامُ فَلَوْ هَمَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ أَنْ تَسَلَّمَتْ الْمَهْرَ فَامْتَنَعَتْ فَالْوَجْهُ اسْتِرْدَادُهُ وَاسْتَشْكَلَ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَسْلِيمَهُ إلَى عَدْلٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ نَائِبَهَا فَالْمُجْبِرُ الزَّوْجُ وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ نَائِبُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجِيلِيُّ. وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا أَخَذَ الْحَاكِمُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُمْتَنِعِ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ يَمْلِكُهُ الْغَرِيمُ وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَمَعَ كَوْنِهِ نَائِبَهَا هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَسْلِيمِهِ إلَيْهَا وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ تَمْكِينِهَا بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِإِجْبَارِ الزَّوْجِ فَإِنَّا إذَا أَجْبَرْنَاهُ أَطْلَقْنَا تَصَرُّفَهَا فِي الْمَأْخُوذِ بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ وَأَجَابَ آخَرُ بِأَنَّهُ نَائِبُهُمَا وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ضَعِيفٌ إلَخْ) امْتِنَاعُ اعْتِيَاضِ الزَّوْجَةِ عَنْ تَعْلِيمِ الصَّنْعَةِ قِيَاسًا عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ تَسْلِيمِهَا فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ وَفَارَقَ جَوَازَهُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الدَّيْنِ بِشِدَّةِ الضَّعْفِ فِيهِ دُونَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي لَيْسَ بِضَعِيفٍ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْمَبِيعِ وَكَأَنَّهُ بَاعَ عَرْضًا بِعَرْضٍ وَلَا ثَمَنَ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْبَيْعِ [فَرْعٌ زَادَ الصَّدَاقُ فِي يَدِهِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ] (قَوْلُهُ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الزَّوْجَ مُسْتَقِلٌّ بِقَطْعِ الْعِصْمَةِ مَجَّانًا فَإِذَا قَابَلَهُ بِغَيْرِ مَقْصُودٍ فَقَدْ فَعَلَ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَوَلِيُّ النِّكَاحِ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِإِخْلَاءِ عَقْدِهِ مِنْ إيجَابِهِ لِلصَّدَاقِ وَكَذَا مُوَلِّيَتُهُ مَا لَمْ تُفَوِّضْ فَفِي تَسْمِيَتِهِ غَيْرَ الْمَقْصُودِ يُوجِبُ الْعَقْدُ مَهْرَ مِثْلِهَا وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهَا لِانْتِفَاءِ تَفْوِيضِهَا [الْحُكْمُ الثَّانِي التَّسْلِيمُ لِلْمَهْرِ] (قَوْلُهُ فَلِكَبِيرَةٍ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ) شَمِلَ كَلَامُهُمْ الْمُتَحَيِّرَةَ. (قَوْلُهُ وَالْحَبْسُ فِي الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا) وَلِوَلِيِّهِ فَإِنْ كَانَتْ مُبَعَّضَةً فَبِالنِّسْبَةِ إلَى حِصَّةِ الْبَعْضِ الرَّقِيقِ أَوْ أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَيُشْبِهُ أَنْ يَجْرِيَ فِي مَنْعِ سَيِّدِهَا خِلَافٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي تَبَرُّعَاتِهَا (قَوْلُهُ لَا الْمُؤَجَّلُ وَلَوْ حَلَّ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ فِي التَّنَازُعِ بَعْدَ الْحُلُولِ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ الِابْتِدَاءِ أَمَّا لَوْ خَافَتْ فَوْتَ الْمَهْرِ أَوْ الْبَائِعُ فَوْتَ الثَّمَنِ فَلَا كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ كَانَا حَالَّيْنِ مِنْ الْأَصْلِ فَتَأَمَّلْهُ وَلَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا فِي كَلَامِهِمْ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَجْنُونَةٌ) أَيْ وَسَفِيهَةٌ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ لَهُ حَبْسَهُمَا حَتَّى يُسَلِّمَ الزَّوْجُ الْمَهْرَ) أَيْ الْحَالَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلُهُ الْحَالَّ زِيَادَةٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَهِيَ تُفْهِمُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِمُؤَجَّلٍ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ سُلَيْمٍ الرَّازِيّ وَغَيْرِهِ فَهَلْ يَكُونُ كَبَيْعِ مَالِهَا نَسِيئَةً حَتَّى يُشْتَرَطَ فِيهِ الرَّهْنُ وَالْإِشْهَادُ كَمَا ذُكِرَ هُنَا وَمُلَاءَةُ الزَّوْجِ وَهَلْ يَكْفِي الْكَفِيلُ عَنْ الرَّهْنِ كُلُّ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ وَيَبْعُدُ جَوَازُ تَزْوِيجِهَا بِمُؤَجَّلٍ مِنْ مُعْسِرٍ وَتَسْلِيمُهَا إلَيْهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ الْبُضْعِ بِلَا عِوَضٍ وَإِذَا جَوَّزْنَاهُ فَهَلْ يَجُوزُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا حَالًّا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْأَجَلِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ وَأَجَابَ بِأَنَّ نَائِبُهَا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ الْعَدْلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 الْمَذْكُورِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَآخَرُ بِأَنَّهُ نَائِبُهُ وَلَا مَحْذُورَ فِي إجْبَارِهَا لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِعَدَمِ إجْبَارِهَا وَآخَرُ بِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا (وَتَجِبُ) عَلَيْهِ (نَفَقَتُهَا بِقَوْلِهَا إذَا سَلَّمَ) الْمَهْرَ (مَكَّنَتْ) لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُمَكِّنَةٌ (فَرْعٌ يَسْقُطُ حَقُّ الْحَبْسِ) لِلزَّوْجَةِ (بِالْوَطْءِ) لَهَا بِتَمْكِينِهَا مِنْهُ مُخْتَارَةً مُكَلَّفَةً وَلَوْ فِي الدُّبُرِ كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ مُتَبَرِّعًا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ (لَا بِالتَّسْلِيمِ) فَقَطْ فَلَهَا بَعْدَهُ حَبْسُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ الْمَهْرَ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي النِّكَاحِ بِالْوَطْءِ دُونَ التَّسْلِيمِ (وَلَا) بِوَطْئِهَا (مُكْرَهَةً وَصَغِيرَةً وَمَجْنُونَةً) وَلَوْ بِتَسْلِيمِ الْوَلِيِّ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِتَسْلِيمِهِنَّ نَعَمْ لَوْ سَلَّمَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرَةَ أَوْ الْمَجْنُونَةَ بِالْمَصْلَحَةِ فَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهَا وَإِنْ كَمُلَتْ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْوَلِيُّ الشُّفْعَةَ لِمَصْلَحَةٍ لَيْسَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِهَا بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَهَا بِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ بَلْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا وَرَأَى الْوَلِيُّ خِلَافَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ وُطِئَتْ (وَلَوْ امْتَنَعَتْ) مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا بِلَا عُذْرٍ (وَقَدْ بَادَرَ) بِتَسْلِيمِ الصَّدَاقِ (لَمْ يَسْتَرِدَّهُ) لِتَبَرُّعِهِ بِالْمُبَادَرَةِ (كَمَا لَوْ عَجَّلَ) الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَسْتَرِدُّهُ (بَلْ تُجْبَرُ) هِيَ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا (وَبِالتَّسْلِيمِ) أَيْ وَبِتَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا لَهُ (لَهَا قَبْضُ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ) كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَتُمْهَلُ) وُجُوبًا (بَعْدَ تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ) لَهَا (بِسُؤَالِهَا) أَوْ سُؤَالِ وَلِيِّهَا الْإِمْهَالَ (لِنَحْوِ تَنْظِيفٍ) مِنْ وَسَخٍ كَاسْتِحْدَادٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مُنَفِّرٌ فَإِزَالَتُهُ أَدْعَى إلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) بِلَيَالِيِهَا (فَمَا دُونَهَا) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذَلِكَ يَحْصُلُ فِيهَا وَلِأَنَّهَا أَقَلُّ الْكَثِيرِ وَأَكْثَرُ الْقَلِيلِ وَالْمُرَادُ مَا يَرَاهُ قَاضٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ (طَاهِرًا كَانَتْ) مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ (أَمْ لَا) فَلَا تُمْهَلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِنَحْوِ التَّنْظِيفِ الْجِهَازُ وَالسِّمَنُ وَنَحْوُهُمَا فَلَا تُمْهَلُ لَهَا وَكَذَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَلَا تُمْهَلُ لِانْقِطَاعِهِمَا لِأَنَّ مُدَّتَهُمَا قَدْ تَطُولُ وَيَتَأَتَّى التَّمَتُّعُ مَعَهُمَا بِلَا وَطْءٍ كَمَا فِي الرَّتْقَاءِ وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْإِمْهَالِ لِلتَّنْظِيفِ أَنْ تُمْهَلَ الْحَائِضُ إذَا لَمْ تَزِدْ مُدَّةُ حَيْضِهَا عَلَى مُدَّةِ التَّنْظِيفِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ فَيَخْتَصُّ عَدَمُ إمْهَالِهَا بِمَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْحَيْضِ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَتُمْهَلُ انْتَهَى وَكَالْحَيْضِ فِيمَا قَالَهُ النِّفَاسُ هَذَا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ إدْرَاجُهُمَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِنَحْوِ تَنْظِيفٍ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِأَصْلِهِ وَمُوَافِقًا لِلْمُتَوَلِّي. لَكِنْ يَفُوتُهُ شَرْطٌ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُمَا عَلَى مُدَّةِ التَّنْظِيفِ وَلَوْ عَلِمَتْ أَنَّهُ يَطَؤُهَا وَلَا يُرَاقِبُ اللَّهَ تَعَالَى فَهَلْ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ قَالَ وَلَا يَبْعُدُ تَجْوِيزُ ذَلِكَ أَوْ إيجَابُهُ عَلَيْهَا (وَيَحْرُمُ وَطْءُ مَنْ لَا تَحْتَمِلُ) الْوَطْءَ (لِصِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ) وَهُزَالٍ لِتَضَرُّرِهَا بِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِهِ فِي الْمَرِيضَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتُمْهَلُ) أَيْ مَنْ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ (حَتَّى تُطِيقَ) لِمَا مَرَّ (وَيُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ تَسْلِيمُهَا) أَيْ الصَّغِيرَةِ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ الْوَلِيِّ (فَلَوْ سُلِّمَتْ) لَهُ (صَغِيرَةٌ لَا تُوطَأُ لَمْ يَلْزَمْ) هـ (تَسْلِيمُ الْمَهْرِ) كَالنَّفَقَةِ (وَإِنْ سَلَّمَهُ) عَالِمًا بِحَالِهَا أَوْ جَاهِلًا (فَفِي اسْتِرْدَادِهِ وَجْهَانِ) كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ امْتَنَعَتْ بِلَا عُذْرٍ وَقَدْ بَادَرَ الزَّوْجُ إلَى تَسْلِيمِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ اسْتِرْدَادِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) سَلِّمُوا لِي مَنْ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ وَأَنَا (لَا أَطَؤُهَا) حَتَّى تَحْتَمِلَهُ (وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمَرِيضَةِ) لَهُ إنْ كَانَ ثِقَةً لِأَنَّهَا مَحَلُّ التَّمَتُّعِ فِي الْجُمْلَةِ (بَلْ لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا) لَهُ (لَمْ يَكُنْ لَهُ الِامْتِنَاعُ) مِنْ تَسَلُّمِهَا كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهِ إذَا مَرِضَتْ (وَتَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ) لَهَا لِمَا مَرَّ (بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ) لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا لَهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً لِأَنَّ الْأَقَارِبَ أَوْلَى بِحَضَانَتِهَا وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ هَيَجَانِ الشَّهْوَةِ وَلَوْ سُلِّمَتْ لَهُ كَانَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ تَسَلُّمِهَا   [حاشية الرملي الكبير] نَائِبٌ عَنْهَا حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ [فَرْعٌ يَسْقُطُ حَقُّ الْحَبْسِ لِلزَّوْجَةِ بِالْوَطْءِ لَهَا] (قَوْلُهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْحَبْسِ بِالْوَطْءِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ سَلَّمَتْ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ نَفْسَهَا ثُمَّ جُنَّتْ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا أَوْ سَكِرَتْ أَوْ نَامَتْ وَوَطِئَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ ثُمَّ أَفَاقَتْ وَصَحَتْ وَاسْتَيْقَظَتْ فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ وُطِئَتْ طَائِعَةً أَوْ كَمَا لَوْ وُطِئَتْ مُكْرَهَةً فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. الرَّاجِحُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَلَا مُكْرَهَةً) أَيْ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ نَائِمَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَذْلَ الرَّتْقَاءِ وَالْقُرَنَاءِ لِلِاسْتِمْتَاعِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ كَبَذْلِ السَّلِيمَةِ لِلْوَطْءِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ كَانَ لَهَا الِامْتِنَاعُ وَإِنْ اسْتَمْتَعَ بِذَلِكَ وَهِيَ مُخْتَارَةٌ فَلَا قَالَ وَلَوْ خَرَجَ مَعِيبًا فَهَلْ لَهَا الِامْتِنَاعُ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَهَا بِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ) وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الزَّبِيلِيُّ لَوْ سَلَّمَ الصَّغِيرَةَ أَبُوهَا قَبْلَ قَبْضِ الصَّدَاقِ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْوَطْءِ لِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ أَبُوهَا لَمْ يَكُنْ احْتِيَاطًا اهـ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَسَلَّمَتْ نَفْسَهَا فَلِوَلِيِّهَا مَنْعُ الزَّوْجِ بَعْدَ الْوَطْءِ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَبَيْنَ الشُّفْعَةِ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا الْأَخْذُ عَلَى الْفَوْرِ وَقَدْ فَاتَ لِلْمَصْلَحَةِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَسْأَلَتِنَا انْتِفَاءُ تَمْكِينِهَا مِنْ وَطْئِهَا حَالَ اعْتِبَارِ تَمْكِينِهَا وَهُوَ مَوْجُودٌ قَالَ شَيْخُنَا يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ تَرْكَ الْأَخْذِ بِهَا تَفْوِيتٌ مَعْدُومٌ فَأَشْبَهَ التَّحْصِيلَ فَلَهُ تَرْكُهُ بِالْمَصْلَحَةِ وَمَسْأَلَتُنَا تَفْوِيتٌ حَاصِلٌ إذْ الْبُضْعُ يُقَابِلُهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَإِذَا سَلَّمَهَا فَقَدْ فَوَّتَ عَلَيْهَا حَقَّهَا لَا سِيَّمَا حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ لَا يُرْجَى خَلَاصُ حَقِّهَا مِنْهُ كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ وُطِئَتْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ) أَيْ وَالصَّوْمُ وَالْإِحْرَامُ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْإِمْهَالِ إلَخْ) تَعْلِيلُ الْإِمْهَالِ لِنَحْوِ التَّنْظِيفِ وَتَعْلِيلُ عَدَمِهِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ يَقْتَضِيَانِ خِلَافَهُ. (قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَيَخْتَصُّ عَدَمُ إمْهَالِهَا مِمَّا إذَا كَانَتْ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ حَسَنٌ. اهـ. (قَوْلُهُ لَكِنْ يُفَوِّتُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُمَا إلَخْ) قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا (قَوْلُهَا وَلَا يَبْعُدُ تَجْوِيزُ ذَلِكَ) جَزَمَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ بِأَنَّ لَهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ إيجَابُهُ عَلَيْهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ تَسْلِيمُهَا) كَلَامُ غَيْرِهِ يُشْعِرُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا خَافَ عَلَيْهَا مِنْ غَشَيَانِهِ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ لِغِلْمَتِهِ وَقِلَّةِ تَقْوَاهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ اسْتِرْدَادِهِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 لِأَنَّهُ نِكَاحٌ لِلتَّمَتُّعِ لَا لِلْحَضَانَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَتَرْجِيحُ وُجُوبِ تَسْلِيمِ الْمَرِيضَةِ دُونَ الصَّغِيرَةِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ فَإِنَّهُ قَدْ حَكَاهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ ثُمَّ حُكِيَ عَنْ وَسِيطِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا وَطِئَ فَتَتَضَرَّرُ بِهِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ فَإِنَّهَا لَا تَتَضَرَّرُ لَوْ وَطِئَ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ أَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَصُّ الْمُخْتَصَرُ. (وَيَجِبُ) عَلَيْهِ (نَفَقَةُ النَّحِيلَةِ) أَيْ نَحِيفَةِ الْبَدَنِ (بِالتَّسْلِيمِ) أَيْ بِتَسْلِيمِهَا أَوْ تَسْلِيمِ وَلِيِّهَا لَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ لَوْ كَانَتْ نَحِيفَةً بِالْجِبِلَّةِ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ لِهَذَا الْعُذْرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَوَقَّعِ الزَّوَالِ كَالرَّتْقَاءِ (فَإِنْ خَافَتْ الْإِفْضَاءَ) لَوْ وُطِئَتْ لِعَبَالَةِ الزَّوْجِ (لَمْ يَلْزَمْهَا التَّمْكِينُ) مِنْ الْوَطْءِ فَيَتَمَتَّعُ بِغَيْرِهِ أَوْ يُطَلِّقُ (وَلَا فَسْخَ) لَهُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الرَّتَقِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْوَطْءَ مُطْلَقًا وَالنَّحَافَةُ لَا تَمْنَعُ وَطْءَ نَحِيفٍ مِثْلِهَا وَلَيْسَتْ بِعَيْبٍ أَيْضًا نَعَمْ إنْ أَفْضَاهَا وَطْءُ كُلِّ أَحَدِ فَلَهُ الْفَسْخُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الدِّيَاتِ (وَمَنْ أَفْضَى امْرَأَتَهُ) بِالْوَطْءِ (لَمْ تَعُدْ) إلَيْهِ (حَتَّى تَبْرَأَ) الْبُرْءَ الَّذِي لَوْ عَادَ لَمْ يَخْدِشْهَا (وَلَوْ ادَّعَتْ عَدَمَ الْبُرْءِ) كَأَنْ قَالَتْ لَمْ يَنْدَمِلْ الْجُرْحُ فَأَنْكَرَ هُوَ (أَوْ قَالَ وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ) فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ (عُرِضَتْ عَلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ) ثِقَاتٍ فِيهِمَا (أَوْ) رَجُلَيْنِ (مَحْرَمَيْنِ لِلصَّغِيرَةِ) وَكَالْمُحْرِمِينَ الْمَمْسُوحَانِ أَمَّا إذَا ادَّعَتْ النَّحِيفَةُ بَقَاءَ أَلَمٍ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ. (وَإِنْ ادَّعَى الْأَبُ) بَعْدَ طَلَبِ الزَّوْجِ تَسْلِيمَ زَوْجَتِهِ (مَوْتَهَا) وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ) بِيَمِينِهِ حَتَّى لَا يُسَلِّمَهُ الْمَهْرَ وَيُكَلِّفَهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بِمَوْتِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ (وَإِنْ تَزَوَّجَ) رَجُلٌ (بِتَعِزَّ امْرَأَةً بِزَبِيدَ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا بِتَعِزَّ) اعْتِبَارًا بِمَحَلِّ الْعَقْدِ (فَإِنْ طَلَبَهَا إلَى عَدَنَ فَنَفَقَتُهَا) مِنْ زُبَيْدٍ (إلَى تَعْزَ عَلَيْهَا ثُمَّ) مِنْ تَعْزَ (إلَى عَدَنَ عَلَيْهِ) وَهَلْ يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ الطَّرِيقِ مِنْ زُبَيْدٍ إلَى تَعْزَ أَمْ لَا قَالَ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ نَعَمْ وَحَكَى الرُّويَانِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِأَمْرِهِ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِتَعِزَّ قَالَ وَهَذَا أَقْيَسُ وَأَمَّا مِنْ تَعْزَ إلَى عَدَنَ فَعَلَيْهِ. (الْحُكْمُ الثَّالِثُ التَّقْرِيرُ فَلَا يَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ) لِلزَّوْجَةِ (إلَّا بِالْوَطْءِ) وَلَوْ حَرَامًا كَوُقُوعِهِ فِي حَيْضٍ أَوْ دُبُرٍ لِاسْتِيفَاءِ مُقَابِلِهِ وَلِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ يُوجِبُهُ ابْتِدَاءً فَوَطْءُ النِّكَاحِ أَوْلَى بِالتَّقْرِيرِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْوَطْءِ بِيَمِينِهِ (أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِهِ النِّكَاحُ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ وَإِنَّمَا هُوَ نِهَايَةٌ لَهُ وَنِهَايَةُ الْعَقْدِ كَاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ الْإِجَازَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ قَتْلَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ وَقَتْلَهَا نَفْسَهَا يُسْقِطَانِ الْمَهْرَ وَلَوْ أَعْتَقَ مَرِيضٌ أَمَتَهُ الَّتِي لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْعِتْقَ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ وَلَا مَهْرَ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ وَالْمُرَادُ بِاسْتِقْرَارِ الْمَهْرِ الْأَمْنُ مِنْ سُقُوطِهِ كُلِّهِ بِالْفَسْخِ أَوْ سُقُوطِ شَطْرِهِ بِالطَّلَاقِ (وَلَا بِالْخَلْوَةِ وَنَحْوِهَا) كَاسْتِدْخَالِ مَائِهِ وَالْمُبَاشَرَةِ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إلَّا الشَّطْرُ لِآيَةِ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] أَيْ تُجَامِعُوهُنَّ وَكَمَا لَا يَلْتَحِقُ ذَلِكَ بِالْوَطْءِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ مِنْ حَدٍّ وَغُسْلٍ وَغَيْرِهِمَا. (الْبَابُ الثَّانِي فِي) حُكْمِ (الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ وَلِفَسَادِهِ أَسْبَابٌ) سِتَّةٌ (الْأَوَّلُ) ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا (عَدَمُ الْمَالِيَّةِ) فِيهِ مُطْلَقًا أَوْ لِلزَّوْجِ كَخَمْرٍ وَمَغْصُوبٍ (وَقَدْ سَبَقَ) حُكْمُهُ وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدَيْنِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا حُرًّا أَوْ مَغْصُوبًا بَطَلَ الصَّدَاقُ فِيهِ وَصَحَّ فِي الْآخَرِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ وَتَخَيَّرَتْ فَإِنْ فَسَخَتْ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهَا مَعَ الْآخَرِ حِصَّةُ الْمَغْصُوبِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا (و) ثَانِيهِمَا (الْجَهَالَةُ) كَأَنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا غَيْرَ مَوْصُوفٍ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ السَّبَبُ (الثَّانِي   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ سَلِّمْ إلَيَّ مَنْ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ وَأَنَا لَا أَطَؤُهَا حَتَّى تَحْتَمِلَهُ] قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إلَخْ) الْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ الْأَصَحُّ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَأَمَّا أُجْرَةُ نَقْلِ جِهَازِهَا وَقُمَاشِهَا فَعَلَيْهَا مُطْلَقًا وَأُجْرَةُ جَارِيَتِهَا إنْ كَانَتْ لَا تُخْدَمُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُخْدَمُ فَعَلَيْهِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَسُئِلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ رَجُلٍ غَرِيبٍ زَوَّجَ بِنْتَه بِبَلَدٍ وَلَمْ يَسْتَوْفِ مَهْرَهَا فَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِهَا إلَى وَطَنِهِ فَلَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الصَّدَاقَ وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْغَرِيبَةَ إذَا زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الزَّوْجُ الصَّدَاقَ أَنَّ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ إلَى بَلَدِهَا مَعَ مَحْرَمٍ وَفِي الصُّورَتَيْنِ إذَا وَفَّى الزَّوْجُ الصَّدَاقَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ النَّقْلِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْمَرْأَةِ إلَى مَكَانِ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِغَرَضِهَا وَلَا نَفَقَةَ فِي مُدَّةِ الْغَيْبَةِ وَأَمَّا الْوَلِيُّ إذَا سَافَرَ بِالصَّغِيرَةِ فَمَا يَلْزَمُهَا بِسَبَبِ السَّفَرِ يَكُونُ عَلَى الْوَلِيِّ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ فَفِي مَالِهَا أَوْ يَكُونُ السَّفَرُ لِلنَّقْلَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَزُفَّتْ إلَيْهِ فِي مَنْزِلِهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا عَلَى جَارِي الْعَادَةِ بِإِذْنِهَا فَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ سَكَنِهِ وَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ بَالِغَةً فَسَكَتَتْ وَدَخَلَ عَلَيْهَا بِإِذْنِ أَهْلِهَا فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِمُدَّةِ مَقَامِهِ مَعَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعْمَلَ الزَّوْجُ أَوَانِي الْمَرْأَةِ وَهِيَ سَاكِتَةٌ عَلَى جَارِي عَادَتِهَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ وَأَرْشُ النَّقْصِ. [الْحُكْمُ الثَّالِثُ التَّقْرِيرُ فَلَا يَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ لِلزَّوْجَةِ إلَّا بِالْوَطْءِ وَلَوْ حَرَامًا] (قَوْلُهُ فَلَا يَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ إلَّا بِالْوَطْءِ) أَيْ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْلِيلُ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْلِيلُ حَتَّى لَا يَتَقَرَّرَ الْمَهْرُ بِاسْتِدْخَالِ حَشَفَةِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ التَّقْرِيرُ أَيْضًا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْوَطْءِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْلِيلُ فَلَا يَتَقَرَّرُ بِإِدْخَالِ حَشَفَةِ عِنِّينٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ اهـ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ (قَوْلُهُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ) صَرَّحَ بِهِ الْجِيلِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْمُعِينِ وَهُوَ ظَاهِرٌ [الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ) (قَوْلُهُ وَلَهُ أَسْبَابٌ سِتَّةٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَقِيَ سَبَبٌ سَابِعٌ وَهُوَ أَنْ يُصْدِقَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهَا مَا لَا يَبْقَى فِي مِلْكِهَا كَأَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا. (قَوْلُهُ أَوْ ثَوْبًا غَيْرَ مَوْصُوفٍ) أَوْ رَدَّ عَبْدِهَا الْآبِقِ أَوْ جَمَلَهَا الشَّارِدَ وَمَكَانُهُمَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 الشَّرْطُ) بِتَفْصِيلٍ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ) كَشَرْطِ أَنْ لَا تَأْكُلَ إلَّا كَذَا (أَوْ) تَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ لَكِنَّهُ (وَافَقَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ) كَشَرْطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا أَوْ يَقْسِمَ لَهَا (لَمْ يُؤَثِّرْ) فِي النِّكَاحِ وَلَا فِي الصَّدَاقِ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ. (وَإِلَّا) أَيْ لَمْ يُوَافِقْ مُقْتَضَى النِّكَاحِ (فَإِنْ لَمْ يُخِلَّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يُنْفِقَ أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يُسَافِرَ بِهَا أَوْ لَا يَقْسِمَ لَهَا أَوْ أَنْ يُسْكِنَهَا مَعَ ضَرَّتِهَا انْعَقَدَ) النِّكَاحُ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِمَقْصُودِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ فَبِفَسَادِ الشَّرْطِ أَوْلَى (بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى) لِفَسَادِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهَا فَلَمْ تَرْضَ بِالْمُسَمَّى وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِبَذْلِ الْمُسَمَّى إلَّا عِنْدَ سَلَامَةِ مَا شَرَطَهُ فَإِذَا فَسَدَ الشَّرْطُ وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ يَرْجِعُ إلَيْهَا وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (وَإِنْ أَخَلَّ بِهِ كَشَرْطِ أَنْ يُطَلِّقَهَا) وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ (أَوْ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ) فِي النِّكَاحِ (أَوْ) أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ (أَوْ) أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا أَوْ أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ أَوْ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ (بَطَلَ الْعَقْدُ) لِلْإِخْلَالِ الْمَذْكُورِ لَكِنَّ قَوْلَهُ أَوْ لَا تَرِثُهُ إلَى آخِرِ مَا زِدْته نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْحَنَّاطِيِّ ثُمَّ قَالَ وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَوَجْهُهُ أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ (لَا بِشَرْطِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (أَنْ لَا يَطَأَهَا) فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ (كَمَا سَبَقَ) بَيَانُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّحْلِيلِ (فَرْعٌ) (لَوْ نَكَحَهَا بِأَلْفٍ إنْ أَقَامَ) بِهَا فِي الْبَلَدِ (وَإِلَّا فَبِأَلْفَيْنِ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدٍ) لِغَيْرِهِ (عَلَى أَنَّ الْأَوْلَادَ لِلسَّيِّدَيْنِ انْعَقَدَ) النِّكَاحُ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ. (وَكَذَا) يَنْعَقِدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (إنْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي الصَّدَاقِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ عِوَضًا بَلْ فِيهِ مَعْنَى النِّحْلَةِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ الْخِيَارُ (أَوْ) نَكَحَهَا بِأَلْفٍ (عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَلْفًا أَوْ) عَلَى (أَنْ يُعْطِيَهُ أَلْفًا) لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الصَّدَاقِ فَهُوَ شَرْطٌ عُقِدَ فِي عَقْدٍ وَإِلَّا فَقَدْ جَعَلَ بَعْضَ مَا الْتَزَمَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ فَيَفْسُدُ كَمَا فِي الْبَيْعِ (السَّبَبُ الثَّالِثُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ) فِي الِابْتِدَاءِ كَأَنْ أَصْدَقَهَا عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ نَكَحَ امْرَأَتَيْنِ مَعًا بِعِوَضٍ وَاحِدٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي بِخِلَافِ تَفْرِيقِهَا فِي الدَّوَامِ وَفِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ وَمِنْ تَفْرِيقِهَا فِي الْأَجِيرِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِذَا زَوَّجَهُ بِنْتَه وَمَلَّكَهُ أَلْفًا مِنْ مَالِهَا بِعَبْدٍ صَحَّ الْمُسَمَّى) لِأَنَّ ذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ فِي صَفْقَةٍ إذْ بَعْضُ الْعَبْدِ صَدَاقٌ وَبَعْضُهُ مَبِيعٌ (وَوَزَّعْنَا الْعَبْدَ عَلَى الْأَلْفِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ) مَهْرُ الْمِثْلِ (أَلْفًا أَيْضًا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْنِ فَنِصْفُ الْعَبْدِ مَبِيعٌ) وَنِصْفُهُ صَدَاقٌ (قُلْت رُدَّ) الْعَبْدُ عَلَى الزَّوْجِ (بِعَيْبٍ رَجَعَتْ) زَوْجَتُهُ عَلَيْهِ (بِأَلْفٍ وَلَهَا) عَلَيْهِ (مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ رَدَّتْ) عَلَيْهِ (أَحَدَ النِّصْفَيْنِ) فَقَدْ (جَازَ) لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ. (فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (رَجَعَ لِلزَّوْجِ) نِصْفُ الصَّدَاقِ وَهُوَ (رُبُعُ الْعَبْدِ فَقَطْ وَإِنْ فُسِخَ النِّكَاحُ بِعَيْبٍ) أَوْ نَحْوِهِ (رَجَعَ إلَيْهِ الصَّدَاقُ كُلُّهُ وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ وَإِنْ تَلِفَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ) لَهُ (اسْتَرَدَّتْ الْأَلْفَ وَطَالَبَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَلَوْ وَجَدَ الزَّوْجُ بِالثَّمَنِ عَيْبًا وَرَدَّهُ اسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ وَيَبْقَى لَهَا النِّصْفُ الْآخَرُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَاشْتَرَى عَبْدَهَا بِأَلْفٍ صَحَّ) كُلٌّ مِنْ الصَّدَاقِ وَالشِّرَاءِ (وَقَسَّطَ) الْأَلْفَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ فَمَا خَصَّ مَهْرَ الْمِثْلِ فَهُوَ صَدَاقٌ (فَإِنْ رَدَّ الْعَبْدَ) عَلَيْهَا (بِعَيْبٍ اسْتَرَدَّ) الزَّوْجُ (قِسْطَهُ) أَيْ قِسْطَ الْعَبْدِ مِنْ الْأَلْفِ (وَلَيْسَ لَهَا رَدُّ الْبَاقِي) وَالرُّجُوعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى صَحِيحٌ (هَذَا إنْ بَقِيَ النِّكَاحُ وَإِنْ) الْأَوْلَى فَإِنْ (فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَرَدَّ) الزَّوْجُ (الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ الْعِوَضِ (فَإِنْ خَرَجَ الْأَلْفُ مُسْتَحَقًّا اسْتَرَدَّتْ الْعَبْدَ وَوَجَبَ) لَهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ زَوَّجَهُ إيَّاهَا وَمَلَّكَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَهَا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالصَّدَاقُ) لِأَنَّهُ رِبًا فَإِنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ. (فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ دَنَانِيرَ صِحَاحًا) إذْ عَابَتْهُ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ صَدَاقٍ وَصَرْفٍ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ (فَصْلٌ) لَوْ (نَكَحَ امْرَأَتَيْنِ مَعًا) كَأَنْ زَوَّجَهُ بِهِمَا أَبُو أَبَوَيْهِمَا أَوْ مُعْتِقُهُمَا أَوْ وَكِيلُ وَلِيِّهِمَا (أَوْ خَالَعَهُمَا) مَعًا (عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ فَسَدَ الْعِوَضُ) لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبِيدَ جَمْعٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (لَا النِّكَاحُ وَالْبَيْنُونَةُ) فَلَا يَفْسُدَانِ لِأَنَّ فَسَادَ الْعِوَضِ فِيهِمَا لَا يَقْتَضِي فَسَادَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مُعَاوَضَةً مَحْضَةً (وَرَجَعَ) فِيهِمَا (إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ) لِكُلٍّ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهُمَا خَمْرًا (وَكَذَا) يَفْسُدُ الْعِوَضُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي النِّكَاحِ) لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا يَدْخُلُهُ كَالصَّرْفِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ أَوْ أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ شَرْطُ نَفْيِ الْإِرْثِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْأَمَةِ فَلَوْ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً عَلَى أَنْ لَا يَرِثَهَا فَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ الْمَانِعُ قَائِمًا فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقًا فَبَاطِلٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى النِّكَاحِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْمَانِعِ وَيَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ تَنْزِيلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقًا وَكَذَا قَوْلُهُ فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ فَإِذَا زَوَّجَهُ بِنْتَه وَمَلَّكَهُ أَلْفًا مِنْ مَالِهَا بِعَبْدٍ صَحَّ الْمُسَمَّى) فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ قُلْت نُصَوِّرُهُ فِي بَالِغَةٍ رَشِيدَةٍ أَذِنَتْ فِي ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ مَحْجُورَةً وَهُوَ وَلِيُّ مَالِهَا وَرَأَى الْحَظَّ لَهَا فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْعِمْرَانِيُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 وَيَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (لَوْ زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَتَيْهِ) مِنْ رَجُلَيْنِ (بِعِوَضٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَتَا) أَيْ الْمُزَوَّجَتَانِ لِوَاحِدٍ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ (أَمَتَيْنِ لِسَيِّدٍ) وَاحِدٍ (لَمْ يَفْسُدْ) أَيْ الْعِوَضُ (لِاتِّحَادِ الْمُسْتَحِقِّ) فِي هَذِهِ وَتَعَدُّدِهِ فِي تِلْكَ. (السَّبَبُ الرَّابِعُ أَنْ يَتَضَمَّنَ إثْبَاتُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ (رَفْعَ النِّكَاحِ أَوْ رَفْعَ الصَّدَاقِ فَالْأَوَّلُ) مِثَالُهُ (أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي نِكَاحِ حُرَّةٍ) بِصَدَاقٍ (وَالصَّدَاقُ رَقَبَتُهُ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ) لِأَنَّهُ قَارَنَهُ بِمَا يُضَادُّهُ وَيَلْزَمُهُ بُطْلَانُ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَلَكَتْ زَوْجَهَا وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ فَيَرْتَفِعُ الصَّدَاقُ وَكَالْحُرَّةِ الْمُبَعَّضَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمُعَيَّنَةُ لِنِكَاحِ عَبْدِهِ (أَمَةً صَحَّ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ) لِأَنَّ الْمَهْرَ لِسَيِّدِهَا لَا لَهَا (فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّ مَنْ بَاعَ عَبْدًا قَدْ تَزَوَّجَ) بِإِذْنِهِ (فَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الْأَدَاءِ) لِلْمَهْرِ حُكْمُهُ (أَنَّ الْمُسْتَرَدَّ) مِنْ الْمَهْرِ (لِلْمُشْتَرِي كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ) هُنَا (لِسَيِّدِ الْأَمَةِ فَإِنْ أَعْتَقَ مَالِكُ الْأَمَةِ الْعَبْدَ ثُمَّ طَلَّقَهَا) الْعَبْدُ (قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (أَوْ ارْتَدَّتْ) قَبْلَهُ (فَعَلَى الْمُعْتِقِ لِلْعَتِيقِ نِصْفُ قِيمَتِهِ فِي صُورَةِ الطَّلَاقِ وَجَمِيعُهُ) الْأَوْلَى وَجَمِيعُهَا (فِي) صُورَةِ (الرِّدَّةِ) وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِقِيمَةِ نِصْفِهِ لَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ دُونَهُ. (وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ) فِيمَا ذَكَرَهُ (بَلْ بَاعَهُ كَانَ عَلَيْهِ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ النِّصْفِ وَالْجَمِيعِ (لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّ الصَّدَاقَ يَكُونُ أَبَدًا لِمَنْ لَهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الطَّلَاقِ أَوْ الِانْفِسَاخِ (وَلَوْ بَاعَ الْأَمَةَ ثُمَّ طَلَّقَهَا) الْعَبْدُ (أَوْ فَسَخَتْ) نِكَاحَهَا بِعَيْبٍ قَبْلَ الدُّخُولِ (بَقِيَ الْعَبْدُ لَهُ) أَيْ لِبَائِعِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَمِثَالُ الْقِسْمِ الثَّانِي) وَهُوَ أَنْ يَتَضَمَّنَ إثْبَاتُ الصَّدَاقِ رَفْعَهُ (أَنْ يَكُونَ لَهُ) أَيْ لِرَجُلٍ (وَلَدٌ حُرٌّ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُ بَيْعَهَا) كَأَنْ وَلَدَتْهُ مِنْهُ وَهِيَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِنِكَاحٍ ثُمَّ مَلَكَهَا فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ دُونَهَا (فَيُزَوِّجُهُ بِامْرَأَةٍ وَيُصْدِقُهَا أُمَّهُ فَإِنَّ الصَّدَاقَ يَفْسُدُ وَيَجِبُ) لِلْمَرْأَةِ (مَهْرُ الْمِثْلِ) وَذَلِكَ (لِأَنَّا إنْ) أَيْ لَوْ صَحَّحْنَاهُ (دَخَلَتْ) الْأَمَةُ (أَوَّلًا فِي مِلْكِ الِابْنِ وَعَتَقَتْ) عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ انْتِقَالُهَا إلَى الْمَرْأَةِ وَكَذَا لَوْ جَعَلَ أَحَدَ أَبَوَيْهَا صَدَاقًا لَهَا (وَمَتَى تَبَرَّعَ) الْوَالِدُ (عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِالصَّدَاقِ أَوْ اشْتَرَى لَهُ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ وَسَلَّمَهُ عَنْهُ ثُمَّ طَلَّقَ) قَبْلَ الدُّخُولِ (أَوْ رَدَّ) الْمَبِيعَ (بِعَيْبٍ عَادَ النِّصْفُ) أَيْ نِصْفُ الصَّدَاقِ فِي الْأُولَى (أَوْ الثَّمَنُ) فِي الثَّانِيَةِ (إلَى الِابْنِ وَلَا رُجُوعَ لِلْأَبِ فِيهِ فَلَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ) عَنْ الزَّوْجِ (أَوْ) وَالِدٌ (عَنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ عَادَ إلَيْهِمَا) لَا إلَى الْمُتَبَرِّعِ عَنْهُ. وَتَقَدَّمَ أَوَاخِرَ بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ ذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ وَغَيْرِهِ (السَّبَبُ الْخَامِسُ الْوَلِيُّ) أَيْ تَفْرِيطُهُ (فَإِنْ زَوَّجَ الْمُجْبَرَةَ بِالْإِجْبَارِ) بِأَنْ زَوَّجَ بِنْتَه الْمَجْنُونَةَ أَوْ الْبِكْرَ الصَّغِيرَةَ أَوْ الْكَبِيرَةَ بِغَيْرِ إذْنِهَا (بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ (أَوْ قَبْلَ) النِّكَاحِ (لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ لَا مِنْ مَالِ الْأَبِ بِأَكْثَرَ) مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ (بَطَلَ الْمُسَمَّى) لِانْتِفَاءِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِيهِ (وَصَحَّ النِّكَاحُ) بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْمَهْرِ وَلَوْ قَبْلَهُ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ صَحَّ الْمُسَمَّى عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا لِأَنَّ الْمَجْعُولَ صَدَاقًا يَكُنْ مِلْكًا لِلِابْنِ حَتَّى يَفُوتَ عَلَيْهِ وَالتَّبَرُّعُ بِهِ إنَّمَا حَصَلَ فِي ضِمْنِ تَبَرُّعِ الْأَبِ فَلَوْ أَلْغَى فَاتَ عَلَى الِابْنِ وَلَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي مَالِهِ وَبِهَذَا قَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَرَجَّحَ الْمُتَوَلِّي وَالسَّرَخْسِيُّ فَسَادَهُ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الِابْنِ ثُمَّ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِالزَّائِدِ وَأَيَّدَهُ الْأَصْلُ بِمَنْعِهِ إعْتَاقَهُ عَنْهُ عَبْدَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ نَكَحَ امْرَأَتَيْنِ مَعًا أَوْ خَالَعَهُمَا مَعًا عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ] قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتَا أَمَتَيْنِ لِسَيِّدٍ لَمْ يَفْسُدْ إلَخْ) أَوْ زَوَّجَ بِنْتَه وَأَمَتَهَا بِإِذْنِهَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ عَبْدٍ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ فَالْأَوَّلُ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي نِكَاحِ حُرَّةٍ وَالصَّدَاقُ رَقَبَتُهُ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّحْقِيقُ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَالصَّدَاقِ ثُمَّ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ كَمَا فِي قَوْلِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ جَزْمًا وَكَمَا فِي إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَفَائِدَتُهُ فِي التَّعْلِيقَاتِ وَنَحْوِهَا اهـ التَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهِمَا لِاقْتِرَانِ الْعَقْدِ بِمَا يُنَافِيهِ وَلِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُقْتَضَى وَالْمَانِعُ قُدِّمَ الْمَانِعُ وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِالْبَيْعِ وَالرَّجْعَةِ مَا يُنَافِيهِمَا لِأَنَّ إعْتَاقَ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ نَافِذٌ وَطَلَاقُ الرَّجْعِيَّةِ وَاقِعٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ دُونَهُ) لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ جَعَلَ أَحَدُ أَبَوَيْهَا صَدَاقًا لَهَا) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهَا عَلَقَةٌ فِي الْمَهْرِ بِالْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْهُ نَظَرْنَا إلَى جِهَتِهَا وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لِلسَّيِّدِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الِاخْتِلَافِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَصْدَقْتُك أَبَاك فَقَالَتْ بَلْ أُمِّي أَوْ عَكْسُهُ. (قَوْلُهُ وَمَتَى تَبَرَّعَ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ) أَيْ أَوْ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ عَادَ النِّصْفُ أَوْ الثَّمَنُ إلَى الِابْنِ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا إذَا أَصْدَقَ الْأَبُ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ قَدْرًا فِي ذِمَّةِ الْأَبِ ثُمَّ بَلَغَ الِابْنُ وَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ نَقْدِ الصَّدَاقِ مَا حُكْمُهُ فَأَجَابَ تَسْتَحِقُّ الزَّوْجَةُ عَلَى الْأَبِ النِّصْفَ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْفِقْهُ أَنَّ الِابْنَ يَسْتَحِقُّ عَلَى أَبِيهِ النِّصْفَ الْبَاقِي وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِنَظِيرِ ذَلِكَ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى الْقَدِيمِ إذَا قُلْنَا أَنَّ الْأَبَ يَكُونُ مُتَحَمِّلًا لَا ضَامِنًا وَهَذَا مِنْ الدَّقَائِقِ اللَّطِيفَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ لَوْ فَسَخَتْ بِعَيْبِهِ لَمْ يَسْقُطْ الصَّدَاقُ عَنْ الْأَبِ بَلْ يَكُونُ جَمِيعُهُ مُسْتَحَقًّا لِلِابْنِ اهـ وَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ فِي مَسْأَلَةِ الْفَسْخِ بِأَنَّ الْكُلَّ لِلْوَلَدِ لَكِنَّ فِي كَلَامِهِمَا مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الدَّفْعِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ بِأَنْ زَوَّجَ الْمُجْبَرَةَ بِالْإِجْبَارِ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) لَوْ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا مَعَ وُجُودِ رَاغِبٍ بِأَكْثَرَ مِنْهُ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْوَجْهُ إذَا رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً تَزِيدُ عَلَى مَصْلَحَةِ الزِّيَادَةِ الْمَبْذُولَةِ. وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْوَجْهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ الْمَجْنُون) أَيْ أَوْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (قَوْلُهُ وَصَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا قَطَعَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَالتَّرْغِيبِ وَقَالَ الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّعْجِيزِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الِابْنِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا وَقَالَ ابْنِ أَبِي الدَّمِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ فَإِنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِلطِّفْلِ بِقَرِيبِهِ الَّذِي يُعْتِقُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ الْقَبُولُ فَإِذَا قِيلَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا نَظَرَ لِتَوَقُّعِ النَّفَقَةِ فِي ثَانِي الْحَالِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 نَفْسِهِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ. وَرُدَّ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَ طِفْلِهِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا وَذَكَرَهُ الْقَاضِي هُنَاكَ وَالْبَنْدَنِيجِيّ فِي الْأَيْمَانِ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي عَبْدِ طِفْلِهِ فَفِي عَبْدِ نَفْسِهِ أَوْلَى وَالتَّرْجِيحُ فِي هَذَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (فَصْلٌ) لَوْ (عَقَدُوا سِرًّا بِأَلْفٍ و) أَعَادُوهُ (جَهْرًا بِأَلْفَيْنِ) تَجَمُّلًا (لَزِمَ الْأَلْفُ) أَوْ اتَّفَقُوا عَلَى أَلْفٍ سِرًّا ثُمَّ عَقَدُوا بِأَلْفَيْنِ جَهْرًا لَزِمَ الْأَلْفَانِ اعْتِبَارًا بِالْعَقْدِ وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ حُمِلَ نَصُّ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ السِّرِّ وَفِي آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ (أَوْ اتَّفَقُوا عَلَى تَسْمِيَةِ الْأَلْفِ بِأَلْفَيْنِ) بِأَنْ عَبَّرُوا بِهِمَا عَنْهَا (وَعَقَدُوا بِهِمَا لَزِمَا) لِجَرَيَانِ اللَّفْظِ الصَّرِيحِ بِهِمَا (أَوْ عَقَدُوا بِهِمَا عَلَى أَنْ لَا يَلْزَمَ إلَّا أَلْفٌ صَحَّ) النِّكَاحُ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِمَا مَرَّ (السَّبَبُ السَّادِسُ الْمُخَالَفَةُ) لِلْأَمْرِ (فَمَتَى قَدَّرْنَ) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (أَلْفًا) مَثَلًا (فَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ أَوْ وَكِيلُهُ بِدُونِهِ أَوْ بِلَا مَهْرٍ) أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ أَطْلَقَ (أَوْ أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ) بِأَنْ لَمْ تُقَدِّرْ مَهْرًا (فَزَوَّجَهَا) مَنْ ذُكِرَ (بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِلَا مَهْرٍ) أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) كَسَائِرِ الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّدَاقِ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَسَمَّى دُونَ تَسْمِيَتِهَا لَكِنَّهُ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُضَيِّعَ الزَّائِدَ عَلَيْهَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَلَوْ طَرَدَ فِي الرَّشِيدَةِ لَمْ يَبْعُدْ (وَإِنْ قَالَتْ) لِلْوَلِيِّ أَوْ وَكِيلِهِ (زَوِّجْنِيهِ) أَيْ الْخَاطِبَ (بِمَا شَاءَ فَفَعَلَ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ جَهِلَ) لِلْعَاقِدَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا مَا شَاءَهُ الْخَاطِبُ (وَإِلَّا فا) لْوَاجِبُ (الْمُسَمَّى) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَتْ بِمَا شِئْت أَوْ بِمَا شِئْت أَنَا (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) الْوَلِيُّ (لِلْوَكِيلِ زَوِّجْهَا مَنْ شَاءَتْ بِمَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِكَمْ (شَاءَتْ فَرَضِيَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَمَهْرٍ) فَزَوَّجَهَا بِهِ (صَحَّ) النِّكَاحُ لِرِضَاهَا بِذَلِكَ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنَا وَكِيلُ) فُلَانٍ (الْغَائِبِ) مَثَلًا فِي قَبُولِ نِكَاحِ فُلَانَةَ بِكَذَا (فَصَدَّقَهُ الْوَلِيُّ وَالْمَرْأَةُ فَتَزَوَّجَ لَهُ وَضَمِنَ الصَّدَاقَ فَإِنْ أَنْكَرَ الْغَائِبُ) الْوَكَالَةَ (وَحَلَفَ لَزِمَ الْوَكِيلَ نِصْفُ مَا ضَمِنَ) لِأَنَّ الْمَالَ ثَابِتٌ عَلَيْهِمَا بِزَعْمِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفٌ وَأَنَا ضَامِنُهُ فَأَنْكَرَ عَمْرٌو يَجُوزُ لِزَيْدٍ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ. (وَإِنْ قَالَ) الْوَلِيُّ (لِوَكِيلِهِ) أَيْ لِمَنْ يُرِيدُ تَوْكِيلَهُ وَكَّلْتُك فِي تَزْوِيجِ بِنْتِي فُلَانًا لَكِنْ (لَا تُزَوِّجْهُ إنْ لَمْ يُكْفَلْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (لَمْ تَصِحَّ الْوَكَالَةُ لِاشْتِرَاطِهِ الْكَفَالَةَ قَبْلَ الْعَقْدِ) وَحَذَفَ مِنْ الْأَصْلِ هُنَا شَيْئًا لِذِكْرِهِ لَهُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ (وَإِنْ قَالَ لَهُ زَوِّجْهَا بِأَلْفٍ وَجَارِيَةٍ وَلَمْ يَصِفْهَا) بَلْ أَوْ وَصَفَهَا (فَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ فَقَطْ أَوْ قَالَ) لَهُ (زَوِّجْهَا بِمَجْهُولٍ أَوْ خَمْرٍ فَزَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ) أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (صَحَّ) النِّكَاحُ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَقَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يَصِحَّ أَيْ النِّكَاحُ تَبِعَ فِيهِ كَالرَّافِعِيِّ طَرِيقَةَ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَوَكَّلَ الْأَمْرَ فِيهِ إلَى مَا قَرَّرَهُ قَبْلُ مِنْ أَنَّ طَرِيقَةَ الْعِرَاقِيِّينَ أَصَحُّ فَعَدَلَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا قَالَهُ لِيُوَافِقَ مُرَادَهُ (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّفْوِيضِ) وَهُوَ جَعْلُ الْأَمْرِ إلَى غَيْرِهِ وَيُقَالُ الْإِهْمَالُ وَمِنْهُ لَا يُصْلِحُ النَّاسَ فَوْضَى وَسُمِّيَتْ الْمَرْأَةُ مُفَوِّضَةً بِكَسْرِ الْوَاوِ لِتَفْوِيضِهَا أَمْرَهَا إلَى الزَّوْجِ أَوْ إلَى الْوَلِيِّ بِلَا مَهْرٍ أَوْ لِأَنَّهَا أَهْمَلَتْ الْمَهْرَ وَمُفَوَّضَةً بِفَتْحِهَا لِأَنَّ الْوَلِيَّ فَوَّضَ أَمْرَهَا إلَى الزَّوْجِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ (وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي صُورَتِهِ) وَهُوَ ضَرْبَانِ تَفْوِيضُ مَهْرٍ بِأَنْ تَقُولَ زَوِّجْنِيهِ بِمَا شَاءَ أَوْ بِمَا شِئْت أَوْ بِمَا شِئْت أَنَا وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ وَتَفْوِيضُ بُضْعٍ (وَهُوَ أَنْ تَأْذَنَ الرَّشِيدَةُ فِي تَزْوِيجِهَا بِلَا مَهْرٍ فَيُزَوِّجُهَا نَافِيًا لِلْمَهْرِ أَوْ سَاكِتًا عَنْهُ) بِخِلَافِ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ تَبَرُّعٌ (وَيُسْتَفَادُ بِتَفْوِيضِ سَفِيهَةٍ إذْنُهَا) فِي النِّكَاحِ (وَلَيْسَ سُكُوتُ الْآذِنَةِ عَنْ الْمَهْرِ تَفْوِيضًا) لِأَنَّ النِّكَاحَ يُعْقَدُ غَالِبًا بِمَهْرٍ فَيُحْمَلُ الْإِذْنُ عَلَى الْعَادَةِ فَكَأَنَّهَا قَالَتْ زَوِّجْنِي بِمَهْرٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ فِي هَذَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) لَوْ صَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ [فَصْلٌ عَقَدُوا سِرًّا بِأَلْفٍ وَأَعَادُوهُ جَهْرًا بِأَلْفَيْنِ تَجَمُّلًا] (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَسَمَّى دُونَ تَسْمِيَتِهَا إلَخْ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ عِبَارَتَهَا فِي الْمَالِ لَغْوٌ فَكَانَ الْوَلِيُّ مُبْتَدِئًا بِمَا سَمَّاهُ فَيَجِبُ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مُسْلِمٌ لَوْ ابْتَدَأَ بِهِ أَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَرَتَّبَهُ عَلَى تَسْمِيَةٍ لَمْ تُعْتَبَرْ فَلَغَا مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهَا (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي مِنْ فُلَانٍ إنْ رَدَّ عَلَيَّ ثِيَابِي فَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ إنْ رَدَّ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا لَمْ يَصِحَّ التَّزْوِيجُ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ زَوِّجْنِي مِنْ فُلَانٍ إنْ كَانَ يَتَزَوَّجُنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ جَازَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ كَلَامُهُ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي بِأَلْفٍ فَنَقَصَ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْإِذْنَ هُنَا مُعَلَّقٌ عَلَى مَا ذَكَرْته فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ فَقَدْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنٍ إذْ كَأَنَّهَا قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي بِشَرْطِ كَذَا وَإِلَّا فَلَمْ آذَنْك فِي تَزْوِيجِي بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الرَّافِعِيِّ فَالْإِذْنُ مِنْهَا غَيْرُ مُعَلَّقٍ غَيْرَ أَنَّهَا أَمَرَتْهُ بِشَيْءٍ وَخَالَفَهُ فَرَجَعَتْ إلَى الْمَرَدِّ. (تَنْبِيهٌ) جَرَتْ عَادَةُ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُزَوِّجُوا الصَّغَائِرَ بِمَهْرٍ مُؤَجَّلٍ وَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ مِنْ تَحْصِيلِ كُفْءٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ مَالِ الصَّغِيرِ بِالْمُؤَجَّلِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ وَلَكِنْ لَا يُسَلِّمُهَا حَتَّى يَأْخُذَ عَلَى الصَّدَاقِ رَهْنًا أَوْ ضَامِنًا لِئَلَّا تَفُوتَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ بِلَا مُقَابِلٍ فِي الْحَالِ وَهَذَا كَمَا يَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَنْ يَصُوغَ لَهَا الْحُلِيَّ مِنْ مَالِهَا وَيَتَّخِذَ لَهَا الْمُصْبِغَاتِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَالِيَّةُ تَنْقُصُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُرَغِّبُ الْأَزْوَاجَ فِيهَا ت وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّفْوِيضِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي صُورَة التَّفْوِيض فِي الْمَهْر] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّفْوِيضِ) (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ تَأْذَنَ الرَّشِيدَةُ) يَعْنِي الْمَالِكَةَ لِأَمْرِهَا وَلَوْ سَفِهَتْ بَعْدَ رُشْدِهَا (قَوْلُهُ نَافِيًا لِلْمَهْرِ أَوْ سَاكِتًا عَنْهُ) أَيْ أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. (وَقَالَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَادَّعَى (فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ) وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ نَصًّا قَاطِعًا وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَى وَالنَّصُّ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ قَاطِعًا بَلْ يَحْتَمِلُ جِدًّا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَسُكُوتُ السَّيِّدِ) عَنْ مَهْرِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ (عِنْدَ الْعَقْدِ تَفْوِيضٌ) لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْهُ فِي الْعَقْدِ يُشْعِرُ بِرِضَاهُ بِدُونِهِ بِخِلَافِ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِلْوَلِيِّ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ وَالشَّرْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ لَهَا بِالْمَصْلَحَةِ (وَلَوْ زَوَّجَهَا) الْوَلِيُّ (بِإِذْنِهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ) لَهَا (وَإِنْ وَطِئَ صَحَّ) النِّكَاحُ كَمَا لَوْ نَقَصَ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَهَلْ تَبْقَى مُفَوِّضَةً) وَيُجْعَلُ التَّفْوِيضُ صَحِيحًا بِإِلْغَاءِ النَّفْيِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (أَوْ) لَا؟ فَ (تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ) بِالْعَقْدِ وَيُجْعَلُ التَّفْوِيضُ فَاسِدًا (وَجْهَانِ) وَبِالثَّانِي قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ كَمَا فِي سَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ إيرَادِ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ الْمَذْهَبُ. (فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ وَلَا نَفَقَةَ) لَهَا (أَوْ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ) لَهَا (وَتُعْطِيَهُ) أَيْ وَتُعْطِيَ زَوْجَهَا (أَلْفًا) وَقَدْ أَذِنَتْ بِذَلِكَ (فَمُفَوِّضَةٌ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي التَّفْوِيضِ (وَإِنْ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ) مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَقَدْ أَذِنَتْ أَنْ تُزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ (صَحَّ الْمُسَمَّى أَوْ) زَوَّجَهَا (بِدُونِهِ فَمُفَوِّضَةٌ) فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ بِالْعَقْدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْبَغَوِيّ وَهُوَ عَجِيبٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى تَسْمِيَةٍ فَاسِدَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ) أَيْ التَّفْوِيضِ (فَلِلْمُفَوِّضَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ) لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ لَوْ نَكَحَ فِي الْكُفْرِ مُفَوِّضَةً ثُمَّ أَسْلَمَا وَاعْتِقَادُهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِمُفَوِّضَةٍ بِحَالٍ ثُمَّ وَطِئَ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْئًا بِلَا مَهْرٍ (لَا بِالْعَقْدِ) إذْ لَوْ وَجَبَ بِهِ لِتَشَطَّرَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَالْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا الْمُتْعَةُ (أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّهُ كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمُسَمَّى فَكَذَا فِي إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي التَّفْوِيضِ وَلِأَنَّ «يَرْوُعَ بِنْتَ وَاشِقٍ نَكَحَتْ بِلَا مَهْرٍ فَمَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَقَضَى لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَبِالْمِيرَاثِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ فِي صُورَةِ الْوَطْءِ (أَكْثَرُ مَا كَانَ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْوَطْءِ وَكَذَا فِي) صُورَةِ (الْمَوْتِ فِي وَجْهٍ و) مَهْرِهَا (يَوْمَ الْمَوْتِ فِي وَجْهٍ وَيَوْمَ الْوَطْءِ فِي وَجْهٍ) وَوَجْهُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ فِي صُورَةِ الْوَطْءِ أَنَّ الْبُضْعَ دَخَلَ بِالْعَقْدِ فِي ضَمَانِهِ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْإِتْلَافُ فَوَجَبَ الْأَكْثَرُ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ وَيَنْبَغِي فِيهَا اعْتِبَارُ يَوْمِ الْعَقْدِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي صُورَةِ الْوَطْءِ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهَا هُنَا لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ اعْتِبَارَ يَوْمِ الْعَقْدِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ عَنْ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِينَ (وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ) لِلزَّوْجِ (بِالْفَرْضِ) لِمَهْرٍ (قَبْلَ الْمَسِيسِ وَحَبْسِ نَفْسِهَا لَهُ) أَيْ لِلْفَرْضِ لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا (وَكَذَا) لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا (لِلتَّسْلِيمِ) أَيْ تَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ (وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَرْضِ فَلَا مَهْرَ لَهَا) أَيْ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْهُ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ. (فَرْعٌ الْمَفْرُوضُ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَسُكُوتُ السَّيِّدِ عَنْ مَهْرِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ) وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا إذَا قُلْنَا بِأَنَّ مَهْرَهَا لِلْمُوصَى لَهُ وَأَمَةِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا رَكِبَتْهُ الدُّيُونُ وَأَمَةِ الْقِرَاضِ إذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَالُ قِرَاضٍ وَقَوْلُهُ إذَا قُلْنَا بِأَنَّ مَهْرَهَا لِلْمُوصَى لَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِلْوَلِيِّ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ إلَخْ) وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَذْكُرُ الْمَهْرَ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجْعَلْ تَفْوِيضًا وَلَا كَذَلِكَ السَّيِّدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَخْلُفُهُ فَعُدَّ تَفْوِيضًا اهـ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ أَذِنَتْ الْمَرْأَةُ فِي التَّزْوِيجِ وَأَطْلَقَتْ إذْنَهَا وَلَمْ تَذْكُرْ الْمَهْرَ نَافِيَةً وَلَا مُثْبِتَةً فَإِذْنُهَا الْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِ الْمَهْرِ وِفَاقًا وَهُوَ بِمَثَابَةِ إذْنِ مَالِكِ الْمَتَاعِ فِي بَيْعِ مَتَاعِهِ اهـ وَسَكَتَ عَلَيْهِ (تَنْبِيهٌ) مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّ تَفْوِيضَ الْمُكَاتَبَةِ بِرِضَا السَّيِّدِ صَحِيحٌ كَتَبَرُّعِهَا بِإِذْنِهِ وَأَنَّ تَفْوِيضَ الْمَرِيضَةِ يَصِحُّ إنْ صَحَّتْ وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ تَبَرُّعًا فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ شَيْخُنَا هَكَذَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّفْوِيضَ فِي مَرَضِهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ لَا يُقَالُ يَجِبُ لَهَا بِالْمَوْتِ الْمَهْرُ فَلَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَشَبَهِهَا. (قَوْلُهُ وَهَلْ تَبْقَى مُفَوِّضَةً) وَيُجْعَلُ التَّفْوِيضُ صَحِيحًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا فَهُوَ الْأَصَحُّ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ وَجَّهَهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ إنَّمَا يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ حَيْثُ ذَكَرَ مُسَمًّى دُونَ مَا إذَا فَوَّضَ بِزِيَادَةِ النَّفْيِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا وَلَا نَفَقَةَ كَانَ أَبْلَغَ فِي التَّفْوِيضِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ النَّفَقَةِ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمُسَمَّى لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فَكَمَا لَا يَقْتَضِي هَذَا الْفَسَادَ عِنْدَ التَّفْوِيضِ فَكَذَا اشْتِرَاطُ نَفْيِ الْمَهْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. اهـ. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ زَوَّجَهَا بِدُونِهِ) أَيْ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ إلَخْ) الْعَجِيبُ مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ الْفَاسِدَةَ كَلَا تَسْمِيَةٍ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ وَالتَّسْمِيَةُ الْفَاسِدَةُ إنَّمَا تَقْتَضِي وُجُوبَ مَهْرِ مِثْلٍ بِالْعَقْدِ فِي غَيْرِ التَّفْوِيضِ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حُكْمِ التَّفْوِيضِ] (قَوْلُهُ فَلِلْمُفَوِّضَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ لَا بِالْعَقْدِ) الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ الْعَقْدُ سَبَبٌ لِوُجُوبِ أَحَدِ أَمْرَيْنِ الْمَهْرُ أَوْ مَا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ وَذَلِكَ الْوَاجِبُ يَتَعَيَّنُ إمَّا بِتَرَاضِيهِمَا وَإِمَّا بِالْوَطْءِ وَإِمَّا بِالْمَوْتِ فَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ شَرْطٌ وَالْعَقْدُ سَبَبٌ وَالْوَاجِبُ مُبْهَمٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْجُهَ إلَخْ) الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ اعْتِبَارِهِ إذْ الْبُضْعُ قَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْمُقَرَّرُ وَهُوَ الْمَوْتُ كَالْوَطْءِ وَمَتَى اخْتَلَفَ النَّقْدُ اُعْتُبِرَ فِيهِ حَالَةُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُؤَجَّلًا) لَيْسَ لَنَا دَيْنٌ يَتَأَجَّلُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ إلَّا هَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا) وَزَائِدٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَاهِلَيْنِ بِقَدْرِهِ كَالْمُسَمَّى ابْتِدَاءً وَلِأَنَّ الْمَفْرُوضَ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لِيَشْتَرِطَ الْعِلْمَ بِهِ بَلْ الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا مُبْهَمًا (فَإِنْ امْتَنَعَ) الزَّوْجُ مِنْ الْفَرْضِ لَهَا (أَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا) عَلَى قَدْرٍ (فَرَضَ الْقَاضِي مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا) كَمَا فِي قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ (لَا مُؤَجَّلًا) وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (وَإِنْ رَضِيَتْ) بِذَلِكَ لِأَنَّ مَنْصِبَهُ الْإِلْزَامُ بِمَالٍ حَالٍّ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ (وَلَهَا) إذَا فَرَضَهُ حَالًّا (تَأْخِيرُهُ) أَيْ تَأْخِيرُ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا (وَلَا اعْتِبَارَ بِتَفَاوُتٍ يَسِيرٍ يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ) فِي قَدْرِ الْمَهْرِ (وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْقَاضِي بِمَهْرِ الْمِثْلِ) حَتَّى لَا يَزِيدَ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصَ عَنْهُ إلَّا بِالتَّفَاوُتِ الْيَسِيرِ (لَا رِضَاهُمَا) بِمَا فَرَضَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ فَرْضَهُ حُكْمٌ مِنْهُ وَحُكْمُهُ لَا يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى رِضَا الْخَصْمَيْنِ. (وَلَوْ فَرَضَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ (فَرْعٌ يَبْطُلُ إبْرَاؤُهَا) عَنْ الْمَهْرِ (وَإِسْقَاطُ الْفَرْضِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَلِوَطْءٍ) فِيهِمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَأَمَّا الثَّانِي فَكَإِسْقَاطِ زَوْجَةِ الْمُوَلَّى حَقَّهَا مِنْ مُطَالَبَةِ زَوْجِهَا (وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْمُتْعَةِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ) لِأَنَّهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَبَعْدَهُ إبْرَاءٌ عَنْ مَجْهُولٍ (وَإِذَا فَسَدَ الْمُسَمَّى) كَأَنْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا (فَأَبْرَأَتْ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَهِيَ تَعْرِفُهُ صَحَّ) الْإِبْرَاءُ وَإِنْ جَهِلَتْهُ لَمْ يَصِحَّ (وَلَوْ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَتَبَقَّتْ أَلْفًا) أَيْ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ أَلْفٍ (فَأَبْرَأَتْهُ) أَيْ زَوْجَهَا (مِنْ أَلْفَيْنِ نَفَذَ) إبْرَاؤُهَا وَقَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَبَضَتْ أَلْفًا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ أَلْفٍ إلَى أَلْفَيْنِ فَإِنْ بَانَ مَهْرُهَا أَلْفًا أَوْ فَوْقَهُ إلَى أَلْفَيْنِ فَالْبَرَاءَةُ حَاصِلَةٌ وَإِنْ بَانَ فَوْقَ الْأَلْفَيْنِ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ وَحَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ مِنْ أَلْفَيْنِ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الضَّمَانِ فَلِهَذَا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ. (وَإِنْ أَعْطَاهَا) أَيْ دَفَعَ لَهَا زَوْجُهَا (أَلْفَيْنِ وَمَلَّكَهَا مَا فَوْقَ الْأَلْفِ إلَى أَلْفَيْنِ مَلَكَتْهُ) أَيْ مَلَكَتْ ذَلِكَ إنْ بَانَ مَهْرُهَا أَلْفًا أَوْ فَوْقَ أَلْفٍ إلَى أَلْفَيْنِ (فَإِنْ بَانَ أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ رَدَّتْ) إلَيْهِ (تَكْمِلَةَ الْأَلْفِ) أَيْ قَدْرَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ مَهْرِهَا وَالْأَلْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي التَّمْلِيكِ وَمَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ مِنْ صِحَّةِ التَّمْلِيكِ فِي الْأَلْفَيْنِ جَارٍ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ عَشَرَةٍ فِيمَا لَوْ قَالَ أَبْرَأْته مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ وَأَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ تِسْعَةٍ فَيَنْبَغِي إسْقَاطُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَلْفَيْنِ (فَرْعٌ لَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْ دَيْنٍ (ظَانًّا أَنْ لَا دَيْنَ لَهُ) عَلَيْهِ (صَحَّ) الْإِبْرَاءُ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا (وَيَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ) بِمَعْنَى الْبَرَاءَةِ (مِنْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (بِلَفْظِ التَّحْلِيلِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِسْقَاطِ وَالْعَفْوِ) وَالتَّمْلِيكِ (وَ) يَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ (مِنْهُ بِمَا يُمَلِّكُ الْأَعْيَانَ) أَيْ بِلَفْظٍ صَالِحٍ لِتَمْلِيكِ الْأَعْيَانِ (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ الْعَيْنُ الْمَدْفُوعَةُ إلَى الزَّوْجَةِ وَصَارَ الْحَاصِلُ دَيْنًا (فَبِالْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ) يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ. (فَصْلٌ الْمَفْرُوضُ الصَّحِيحُ يَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ) كَالْمُسَمَّى ابْتِدَاءً (لَا) الْمَفْرُوضُ (الْفَاسِدُ) كَخَمْرٍ فَلَا يَتَشَطَّرُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِهِ بَعْدَ إخْلَاءِ الْعَقْدِ عَنْ الْمَفْرُوضِ بِالْكُلِّيَّةِ (بِخِلَافِ فَاسِدِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ) لِعَدَمِ إخْلَاءِ الْعَقْدِ عَنْ الْعِوَضِ (فَرْعٌ يُحْكَمُ فِي ذِمِّيَّةٍ فَوَّضَتْ) بُضْعَهَا فِي نِكَاحِهَا ذِمِّيًّا (بِحُكْمِنَا) فِينَا (عِنْدَ التَّرَافُعِ) إلَيْنَا وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِيَحْكُمُ   [حاشية الرملي الكبير] لِاسْتِنَادِهِ إلَى عَقْدٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا إلَخْ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا فَرَضَ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ قَدَّرَهُ عَرْضًا فَإِنْ فَرَضَ مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَا أَثَرَ لِرِضَاهَا قَالَ ابْنُ دَاوُد عَنْ الْأَصْحَابِ لَوْ فَرَضَ لَهَا مِنْ غَيْرِ طَلَبِهَا مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا امْتِنَاعَ لَهَا لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهَا أَنْ تَرْفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَيَفْرِضَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ. قُلْت وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ كَانَ الْمَفْرُوضُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبَ وَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ رِضَاهَا بِهِ قَالَ ابْنُ دَاوُد وَلَا يَزِيدُ الْقَاضِي عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ إلَّا بِرِضَاهَا فَإِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ شَيْئًا قَلِيلًا نَفَذَ حُكْمُهُ وَأَرَادَ الْمُقَلِّدُ الَّذِي يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ إذَا وَجَدَ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَرَضَ الْقَاضِي مَهْرَ الْمِثْلِ إلَخْ) هَلْ يُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقْتَ الْعَقْدِ أَوْ وَقْتَ الْفَرْضِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَنُسِبَ الْأَوَّلُ لِابْنِ سُرَيْجٍ وَالثَّانِي لِابْنِ خَيْرَانَ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ يُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِصِفَتِهَا وَقْتَ الْعَقْدِ لَا وَقْتَ الْوَطْءِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ يَسْتَنِدُ إلَى حَالَةِ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي لِابْنِ خَيْرَانَ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ تَرْجِيحُ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْوَطْءَ إتْلَافٌ حِسِّيٌّ وَالْمَوْتَ إتْلَافٌ شَرْعِيٌّ وَفَرْضُ الْحَاكِمِ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا إلَخْ) قَالَ الصَّيْمَرِيُّ لَوْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ فِي نَاحِيَةٍ بِفَرْضِ الثِّيَابِ أَوْ غَيْرِهَا قُضِيَ لَهَا بِهِ اهـ فَلَعَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ نَقْدٌ يَتَعَامَلُونَ بِهِ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِيَنْظُرَ فِي أُمُورٍ مِنْهَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ بِبَلَدٍ وَكَانَا حَالَ طَلَبِ الْفَرْضِ بِغَيْرِهِ وَنَقْدُ الْبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفٌ أَوْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ عِنْدَ الْعَقْدِ نَوْعًا وَعِنْدَ الْفَرْضِ نَوْعًا غَيْرَهُ أَوْ جِنْسًا آخَرَ وَمِنْهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ بَلْ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ فَمَا الَّذِي يَفْرِضُهُ الْقَاضِي أَهُوَ مَا يُسَمَّى مِنْهَا لِنِسَائِهَا أَوْ مَا يَرَاهُ مِنْهَا أَوْ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا لِيَتَّفِقَا عَلَى نَقْدٍ مِنْهَا فَيَفْرِضُ مِنْهُ فَإِنْ تَنَازَعَا قَدَّرَ بِاجْتِهَادِهِ مَا يَرَاهُ مِنْهَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَلَوْ فَرَضَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَصِحَّ) يَنْبَغِي إذَا كَانَ الْأَجْنَبِيُّ سَيِّدَ الزَّوْجِ أَنْ يَصِحَّ الْفَرْضُ مِنْ مَالِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ فَرْعًا لَهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ لِيُؤَدِّيَ عَنْهُ الْوَلِيُّ يَفْرِضُ عَنْ مَحْجُورِ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي إذَا كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ إبْرَاؤُهَا عَنْ الْمَهْرِ وَإِسْقَاطُ الْفَرْضِ] (قَوْلُهُ وَمَلَّكَهَا مَا فَوْقَ الْأَلْفِ إلَى أَلْفَيْنِ مَلَكَتْهُ) أَيْ مَا فَوْقَ أَلْفٍ إلَى أَلْفَيْنِ فَتَمْلِكُهُ مَا عَدَا وَاحِدًا إذْ الْغَايَة لَا تَدْخُلُ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ إلَخْ) أَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ ظَانًّا أَنَّهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْعَفْوُ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ) وَلَا يَجُوزُ التَّمْلِيكُ بِلَفْظِ الْعَفْوِ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ [فَصْلٌ الْمَفْرُوضُ الصَّحِيحُ يَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَالْمُسَمَّى ابْتِدَاءً لَا الْمَفْرُوضُ الْفَاسِدُ] (قَوْلُهُ نَحْكُمُ فِي ذِمِّيَّةٍ فَوَّضَتْ بِحُكْمِنَا عِنْدَ التَّرَافُعِ إلَيْنَا) لَا يُخَالِفُ هَذَا مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ وَالشَّارِحُ أَوَّلَ الطَّرَفَ الثَّانِيَ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْحَرْبِيِّينَ وَلَا تَرَافُعَ مِنْهُمْ إلَيْنَا وَقَدْ حَصَلَ الْإِتْلَافُ وَهُوَ حَرْبِيٌّ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الذِّمِّيَّيْنِ إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا فَنَحْكُمُ عَلَيْهِمَا بِحُكْمِنَا لَا مَحَالَةَ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ فِي الْحَرْبِيِّينَ وَعَلَى وُجُوبِهِ فِي الذِّمِّيِّينَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 (فَصْلٌ حَيْثُ أَوْجَبْنَا مَهْرَ الْمِثْلِ فَهُوَ مَا يَرْغَبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا) عَادَةً (مِنْ) نِسَاءِ (عَصَبَاتِهَا) وَهُنَّ الْمَنْسُوبَاتُ إلَى مَنْ تُنْسَبُ هِيَ إلَيْهِ كَالْأُخْتِ وَبِنْتِ الْأَخِ وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمِّ (وَإِنْ مُتْنَ فَتُرَاعَى) الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى فَتُقَدَّمُ (الْأَخَوَاتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ مِنْ الْأَبِ) ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ عَمَّاتٌ كَذَلِكَ (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) فِي الْأَقْرَبِيَّةِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ فُقِدْنَ) أَيْ نِسَاءُ عَصَبَاتِهَا (أَوْ لَمْ يَنْكِحْنَ) أَوْ جُهِلَ مَهْرُهُنَّ (فَنِسَاءُ الْأَرْحَامِ) تُقَدَّمُ (الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى مِنْ الْجِهَاتِ وَكَذَا مِنْ الْجِهَةِ الْوَاحِدَةِ كَجَدَّاتٍ) وَخَالَاتٍ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُقَدَّمُ مِنْ نِسَاءِ الْأَرْحَامِ الْأُمُّ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْجَدَّاتُ ثُمَّ الْخَالَاتُ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخْوَالِ وَعَلَى هَذَا قَالَ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ أُمُّ أَبٍ وَأُمُّ أُمٍّ فَأَوْجُهٌ ثَالِثُهَا التَّسْوِيَةُ (ثُمَّ) إنْ تَعَذَّرَتْ نِسَاءُ الْأَرْحَامِ اُعْتُبِرَتْ (الْأَجَانِبُ) أَيْ الْأَجْنَبِيَّاتُ (وَتُرَاعَى الْمُمَاثَلَةُ) بَيْنَهَا وَبَيْنَهُنَّ (فِي النَّسَبِ) لِأَنَّهُ الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ لِلْمَهْرِ (وَفِي الْأَمَةِ) أَمَةٌ (مِثْلُهَا فِي خِسَّةِ السَّيِّدِ وَشَرَفِهِ) وَفِي الْعَتِيقَةِ عَتِيقَةٌ مِثْلُهَا وَفِي الْعَرَبِيَّةِ عَرَبِيَّةٌ مِثْلُهَا وَفِي الْبَدْوِيَّةِ بَدْوِيَّةٌ مِثْلُهَا وَفِي الْقَرَوِيَّةِ قَرَوِيَّةٌ مِثْلُهَا (وَتُعْتَبَرُ الْبَلَدُ) لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ فَلَوْ كُنَّ بِبَلْدَتَيْنِ وَهِيَ بِأَحَدِهِمَا اُعْتُبِرَ بِمَنْ بِبَلْدَتِهَا (لَكِنْ نِسَاؤُهَا) أَيْ نِسَاءُ عَصَبَاتِهَا (وَإِنْ غِبْنَ) عَنْ بَلَدِهَا (يُقَدَّمْنَ عَلَى نِسَاءِ بَلَدِهَا) الْأَجْنَبِيَّاتِ (نَعَمْ مَنْ سَاكَنَهَا مِنْهُنَّ فِي الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِهَا قَبْلَ انْتِقَالِهَا إلَى الْأُخْرَى (قُدِّمَ عَلَيْهِنَّ) إذَا لَمْ يُسَاكِنْهَا فِي بَلَدِهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُهَا إلَى بَلَدِهَا. (وَيُرَاعَى) مَعَ ذَلِكَ (الْعِفَّةُ وَالْجَمَالُ وَسَائِرُ الْخِصَالِ الْمَقْصُودَةِ) أَيْ الْمُرَغِّبَةِ (وَلَوْ يَسَارًا) كَبَكَارَةٍ وَفَصَاحَةٍ وَسِنٍّ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا (فَإِنْ فَضَّلَتْهُنَّ أَوْ نَقَصَتْ) عَنْهُنَّ بِصِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُرَغِّبَةِ (فُرِضَ) الْمَهْرُ (اللَّائِقُ بِالْحَالِ وَإِنْ سَامَحَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَصَبَةِ) بِبَعْضِ مَهْرِهَا (لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا) اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ فَلَا يَلْزَمُ الْبَاقِيَاتِ الْمُسَامَحَةُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ (لِنَقْصِ نَسَبٍ يُفَتِّرُ الرَّغْبَةَ) فَتُعْتَبَرُ الْمُسَامَحَةُ (وَإِنْ كُنَّ) كُلُّهُنَّ أَوْ غَالِبُهُنَّ (يُسَامِحْنَ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ اعْتَبَرْنَاهُ) فَلَوْ جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِمُسَامَحَةِ الْعَشِيرَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ خَفَّفْنَا مَهْرَ هَذِهِ فِي حَقِّ الْعَشِيرَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَكَذَا لَوْ سَامَحْنَ لِلشَّرِيفِ دُونَ غَيْرِهِ (وَيَجِبُ) مَهْرُ الْمِثْلِ (حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ (فَإِنْ اعْتَدْنَ التَّأْجِيلَ) فِي جَمِيعِ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ (نَقَصَ لِلتَّعْجِيلِ بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يَلِيقُ بِالْأَجَلِ (وَيُعْتَبَرُ مَهْرُهَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ يَوْمَ الْوَطْءِ) كَالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ (لَا) يَوْمَ (الْعَقْدِ) إذْ لَا حُرْمَةَ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ. (فَرْعٌ لَا يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ) أَيْ بِتَعَدُّدِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا لَمْ يُؤَدَّ الْمَهْرُ قَبْلَ التَّعَدُّدِ (إلَّا إنْ تَعَدَّدَتْ) أَيْ الشُّبْهَةُ كَأَنْ وَطِئَ امْرَأَةً مَرَّةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَرَّةً أُخْرَى بِنِكَاحٍ آخَرَ فَاسِدٍ أَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ ثُمَّ عَلِمَ الْوَاقِعَ ثُمَّ ظَنَّهَا مَرَّةً أُخْرَى زَوْجَتَهُ فَوَطِئَهَا أَوْ وَطِئَهَا مَرَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ وَمَرَّةً أُخْرَى يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى فَيَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ لِتَعَدُّدِ سَبَبِهِ (لَكِنْ يُعْتَبَرُ أَكْمَلُ الْأَحْوَالِ فِي الْوَطَآتِ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْوَطْأَةُ الْوَاقِعَةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَوَجَبَ ذَلِكَ الْمَهْرُ فَالْوَطَآتُ الْبَاقِيَةُ إذَا لَمْ تَقْتَضِ زِيَادَةً لَا تُوجِبُ نَقَصَانَا (وَيَتَعَدَّدُ) الْمَهْرُ (بِالْإِكْرَاهِ) أَيْ بِتَعَدُّدِهِ إذْ الْمُوجِبُ لَهُ الْإِتْلَافُ وَقَدْ تَعَدَّدَ بِلَا اتِّحَادِ شُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ (وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ) بِغَيْرِ إحْبَالٍ (أَوْ) الْجَارِيَةَ (الْمُشْتَرَكَةَ أَوْ مُكَاتَبَتَهُ مِرَارًا لَمْ يَتَعَدَّد الْمَهْرُ) بِالشَّرْطِ السَّابِقِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُكَاتَبَةِ لِأَنَّ شُبْهَتَيْ الْإِعْفَافِ وَامْلِكْ بِعَمَّانَ الْوَطَآتِ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ مَهْرَ الْمِثْلِ هُوَ مَا يَرْغَبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا عَادَةً مِنْ نِسَاءِ عَصَبَاتِهَا] قَوْلُهُ فَنِسَاءُ الْأَرْحَامِ إلَخْ) الْمُدْلِيَةُ بِالْأَبَوَيْنِ تُقَدَّمُ فِي الِاعْتِبَارِ عَلَى الْمُدْلِيَةِ بِالْأَبِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ وَكَتَبَ أَيْضًا مُرَادُهُ بِالْأَرْحَامِ هُنَا قَرَابَاتُ الْأُمِّ لَا ذَوُو الْأَرْحَامِ الْمَذْكُورُونَ فِي الْفَرَائِضِ لِأَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ لَيْسَتْ مِنْهُنَّ قَطْعًا (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَالرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ مِنْ نِسَاءِ الْأَرْحَامِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ فِقْهٌ جَيِّدٌ (قَوْلُهُ وَفِي الْعَتِيقَةِ عَتِيقَةٌ مِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ مَوَالِيهَا فِي الدَّرَجَةِ (قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ الْبَلَدُ) فَإِنْ عُدِمَ نِسَاءُ بَلَدِهَا فَأَقْرَبُ الْبِلَادِ (قَوْلُهُ الْأَجْنَبِيَّاتُ) حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ لِيُفِيدَ أَنَّهُنَّ يُقَدَّمْنَ عَلَى نِسَاءِ الْأَرْحَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فَإِنْ فُقِدَ نِسَاءُ عِصَابَتِهَا أَوْ لَمْ يَنْكِحْنَ أَوْ جُهِلَ مَهْرُهُنَّ فَنِسَاءُ الْأَرْحَامِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيُعْتَبَرُ أَوَّلًا بِنِسَاءِ عَصَبَاتِهَا وَإِنْ كُنَّ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى أَوْ مُتْنَ (قَوْلُهُ وَيُرَاعَى الْعِفَّةُ وَالْجَمَالُ إلَخْ) . وَقَالَ الْفَارِقِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَابْنُ يُونُسَ يُعْتَبَرُ الْمَهْرُ بِحَالِ الزَّوْجِ أَيْضًا مِنْ الْيَسَارِ وَالْعِلْمِ وَالْعِفَّةِ وَالنَّسَبِ فَقَدْ يُخَفَّفُ عَنْ الْعَالِمِ وَالْعَفِيفِ وَيَثْقُلُ عَلَى غَيْرِهِ وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الشَّامِلِ وَالِاسْتِقْصَاءِ فَعَلَى هَذَا إذَا وُجِدَ مِنْ النِّسَاءِ الْمُعْتَبَرَاتِ مَنْ بِصِفَتِهَا وَزَوْجُهَا مِثْلُ زَوْجِهَا فِي الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ اُعْتُبِرَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ بِهَا (قَوْلُهُ لَا يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مُكْرَهَةً (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا لَمْ إلَخْ) مَا قَالَهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَكَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ غ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُعْتَبَرُ أَكْمَلُ الْأَحْوَالِ فِي الْوَطَآتِ) الْمُرَادُ بِالتَّكَرُّرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَنْ يَحْصُلَ بِكُلِّ مَرَّةٍ قَضَاءُ الْوَطَرِ مَعَ تَعَدُّدِ الْأَزْمِنَةِ فَلَوْ كَانَ يَنْزِعُ وَيَعُودُ وَالْأَفْعَالُ مُتَوَاصِلَةٌ وَلَمْ يَقْضِ الْوَطَرَ إلَّا آخِرًا فَهُوَ وِقَاعٌ وَاحِدٌ بِلَا خِلَافٍ د (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إحْبَالٍ) أَوْ بِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ أَوْ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ) أَوْ مُطَلَّقَتَهُ الرَّجْعِيَّةَ. (قَوْلُهُ أَوْ مُكَاتَبَتَهُ) مَحَلُّهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ إذَا لَمْ تَحْمِلْ فَتُخَيَّرُ بَيْنَ الْمَهْرِ وَالتَّعْجِيزِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فَتَخْتَارُ الْمَهْرَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَوَطِئَهَا مَرَّةً أُخْرَى خُيِّرَتْ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمَهْرَ وَجَبَ لَهَا مَهْرٌ آخَرُ وَهَكَذَا سَائِرُ الْوَطَآتِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُ عِبَارَتِهِ فِي ذَلِكَ وَكُلَّمَا خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ الصَّدَاقَ ثُمَّ أَصَابَهَا فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَشْطِيرِ الصَّدَاقِ وَفِيهِ أَطْرَافٌ أَرْبَعَةٌ) (الْأَوَّلُ فِي مَوْضِعِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ فَيَعُودُ لِلزَّوْجِ نِصْفُ) كُلٍّ مِنْ (الْمُسَمَّى وَالْمَفْرُوضِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ وَيَبْرَأُ مِنْهُ إنْ كَانَ دَيْنًا وَلَوْ لَمْ يَخْتَرْهُ) أَيْ الزَّوْجُ النِّصْفَ وَلَمْ يَقْضِ بِهِ قَاضٍ (بِالطَّلَاقِ) وَلَوْ خَلَعَا (قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ بَاشَرَتْهُ) الزَّوْجَةُ (بِتَفْوِيضِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (إلَيْهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وَقِيسَ بِالطَّلَاقِ غَيْرُهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْفُرْقَةِ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ ارْتِفَاعِ الْعَقْدِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ سُقُوطُ كُلِّ الْعِوَضِ كَمَا فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَةَ كَالْمُسَلَّمَةِ لِزَوْجِهَا بِالْعَقْدِ مِنْ وَجْهٍ لِنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ الَّتِي يَمْلِكُهَا بِالنِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَبْضٍ فَاسْتَقَرَّ لِذَلِكَ بَعْضُ الْعِوَضِ وَسَقَطَ بَعْضُهُ لِعَدَمِ اتِّصَالِهِ بِالْمَقْصُودِ (و) يَعُودُ إلَيْهِ ذَلِكَ (بِكُلِّ فُرْقَةٍ لَا بِسَبَبٍ مِنْهَا كَأَنْ ارْتَدَّ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَهَا كَمَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ كَالْخُلْعِ وَصَحَّحَ الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ خِلَافَهُ. وَكَذَا الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ وَالْعِرَاقِيُّ بِحَسَبِ مَا فَهِمَا مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي الْمُتْعَةِ وَلَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَفِي وُجُوبِهَا وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي التَّشْطِيرِ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ فَجَعَلَا التَّصْحِيحَ رَاجِعًا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْمُتْعَةِ فَقَطْ وَلِهَذَا عَبَّرَ الْقَمُولِيِّ بِقَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَجِبُ ذَكَرَ فِي التَّشْطِيرِ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ فَعَزْوُ الزَّرْكَشِيّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ تَصْحِيحَ التَّشْطِيرِ لِلرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْمُتْعَةِ وَهْمٌ (أَوْ أَرْضَعَتْهُ أُمُّهَا وَنَحْوُهُ) كَأَنْ أَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ بِنْتُهُ (أَوْ وَطِئَهَا أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ بِشُبْهَةٍ فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْفُرْقَةُ (بِسَبَبٍ مِنْهَا كَإِسْلَامِهَا) وَلَوْ تَبَعًا (وَرِدَّتِهَا وَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ وَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا وَإِرْضَاعِهَا زَوْجَتَهُ) الْأُخْرَى الصَّغِيرَةَ (عَادَ) إلَيْهِ (الْجَمِيعُ) لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ الْمُعَوَّضَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَسَقَطَ الْعِوَضُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ قُلْت لِمَ جَعَلْتُمْ عَيْبَهَا كَفَسْخِهَا لِكَوْنِهِ سَبَبَ الْفَسْخِ وَلَمْ تَجْعَلُوا عَيْبَهُ كَفَسْخِهِ قُلْنَا الزَّوْجُ بَذَلَ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا فَإِذَا كَانَتْ مَعِيبَةً فَالْفَسْخُ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ إذْ لَمْ تُسَلِّمْ لَهُ حَقَّهُ وَالزَّوْجَةُ لَمْ تَبْذُلْ شَيْئًا فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الزَّوْجِ وَالْعِوَضُ الَّذِي مَلَكَتْهُ سَلِيمٌ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا فَسْخَ لَهَا إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ أَثْبَتَ لَهَا الْفَسْخَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا فَإِذَا اخْتَارَتْهُ لَزِمَهَا رَدُّ الْبَدَلِ كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ. (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَتْهُ) يَعُودُ إلَيْهِ الْجَمِيعُ بِمَعْنَى يَسْقُطُ عَنْهُ (فَلَوْ اشْتَرَاهَا تَشَطَّرَ) الصَّدَاقُ (وَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنْ لَا تَشْطِيرَ لَغَا الشَّرْطُ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَ وَنَفَى الْوَلَاءَ (فَإِنْ نَقَصَ) الصَّدَاقُ (فِي يَدِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ وَلَوْ بِلَا عُدْوَانٍ ضَمِنَتْ) لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَنْ مُعَاوَضَةٍ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ (وَلَوْ ادَّعَتْ حُدُوثَهُ) أَيْ النَّقْصِ (قَبْلَ الطَّلَاقِ) فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي تَغَيُّرِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَإِنْ تَلِفَ رَجَعَ) الزَّوْجُ (بِنِصْفِ قِيمَتِهِ لَا قِيمَةِ نِصْفِهِ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَبِنِصْفِ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَشْطِيرِ الصَّدَاقِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي مَوْضِعِ تَشْطِيرِ الصَّدَاقِ وَكَيْفِيَّتِهِ] ِ) (قَوْلُهُ فَيَعُودُ لِلزَّوْجِ نِصْفُ الْمُسَمَّى إلَخْ) سَبَقَ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا عَلَى مُسَمًّى صَحِيحٍ ثُمَّ مَنَعَهَا إيَّاهُ قَهْرًا وَتَمَلَّكَا ثُمَّ أَسْلَمَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَحِينَئِذٍ لَوْ طَلَّقَ فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَطْرَ إذْ لَا مَهْرَ غ (قَوْلُهُ بِالطَّلَاقِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَتَعَجَّبُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْضُ الشَّارِحِينَ يَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ يَدْخُلُ فِيهِ الرَّجْعِيُّ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ وَأُجِيبَ بِتَصَوُّرِ الرَّجْعَةِ بِلَا دُخُولٍ بِاسْتِدْخَالِهَا الْمَاءَ. (قَوْلُهُ وَيَعُودُ إلَيْهَا ذَلِكَ بِكُلِّ فُرْقَةٍ) أَيْ فِي الْحَيَاةِ احْتِرَازًا عَنْ الْفُرْقَةِ بِالْمَوْتِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ مُقَرَّرٌ لِلْمَهْرِ وَمِنْ صُوَرِهِ مَا لَوْ مُسِخَ أَحَدُهُمَا حَجَرًا أَمَّا لَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ حَيَوَانًا فَفِي التَّدْرِيبِ أَنَّهُ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ عَوْدُهُ لِلزَّوْجِ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ تَمَلُّكِهِ وَلَا لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ حَيٌّ فَيَبْقَى لِلزَّوْجَةِ قَالَهُ تَخْرِيجًا قَالَ وَيُحْتَمَلُ تَنْزِيلُ مَسْخِهِ حَيَوَانًا مَنْزِلَةَ الْمَوْتِ فَيَسْتَقِرُّ بِهِ الْمُسَمَّى اهـ وَتُنَجَّزُ الْفُرْقَةُ بِمَسْخِ أَحَدِهِمَا حَيَوَانًا بَعْدَ الدُّخُولِ مُتَّجَهٌ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَكُنْ مَسْخُ أَحَدِهِمَا حَيَوَانًا بَعْدَ الدُّخُولِ كَالرِّدَّةِ فَيُنْتَظَرُ عَوْدُهُ إنْسَانًا فِي الْعِدَّةِ قُلْنَا يُفَارِقُ الرِّدَّةَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ الْإِنْسَانِيَّةِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ جِنْسِ مَنْ يَصِحُّ نِكَاحُهُ وَعَوْدُهُ لَيْسَ إلَى اخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ وَالثَّانِي اطِّرَادُ الْعَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ بِعَدَمِ عَوْدِ الْمَسِيخِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَكَثِيرًا مَا يَعُودُ إنْ قَالَ شَيْخُنَا فَلَوْ مُسِخَ بَعْضُهُ جَمَادًا وَبَعْضُهُ حَيَوَانًا فَهَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَمْوَاتِ أَمْ الْأَحْيَاءِ الْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْأَعْلَى فَإِنْ كَانَ جَمَادًا فَمَيِّتٌ وَإِلَّا فَحَيٌّ كا وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ إنَّهُ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَتُنَجَّزُ الْفُرْقَةُ بِمَسْخِ أَحَدِهِمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ أَوْ مَعَهَا كَمَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ خِلَافَهُ) أَيْ لِأَنَّ جَانِبَهَا هُوَ الْمُغَلَّبُ فِي الْمَهْرِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْمُتْعَةِ فَقَطْ إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَهْرَ وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَالْمَانِعُ مِنْ شَطْرِهِ كَوْنُ الْفُرْقَةِ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبِهَا فَقَطْ وَالْفُرْقَةُ فِي مَسْأَلَتِنَا بِسَبَبِهِمَا فَغَلَّبُوا جَانِبَهُ وَالْمُتْعَةُ إنَّمَا تَجِبُ بِالْفُرْقَةِ فَاعْتَبَرُوا كَوْنَهَا لَا مِنْهَا وَلَا بِسَبَبٍ مِنْهَا وَمِنْهُمَا تَغْلِيبًا لِجَانِبِهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَرْضَعَتْهُ أُمُّهَا) أَيْ أَوْ بِنْتُهَا (قَوْلُهُ كَإِسْلَامِهَا وَلَوْ تَبَعًا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَى مُبَاشِرِ الْإِسْلَامِ أَيْ مِنْ أُصُولِهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ نِكَاحَ غَيْرِهِ بِإِسْلَامِهِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّضَاعِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ وَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ) أَيْ أَوْ بِإِعْسَارِهِ بِمَهْرِهَا أَوْ نَفَقَتِهَا أَوْ كِسْوَتِهَا (قَوْلُهُ وَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا إلَخْ) لَوْ مُسِخَتْ حَيَوَانًا حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا وَعَادَ كُلُّ الْمَهْرِ إلَى الزَّوْجِ كَمَا فِي التَّدْرِيبِ وَلَا فَرْقَ فِي فَسْخِهِ بِعَيْبِهَا بَيْنَ الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ وَالْحَادِثِ بَعْدَهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ. (قَوْلُهُ وَإِرْضَاعِهَا زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى الصَّغِيرَةَ) أَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ فَارْتَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ رَضَاعًا حَرَّمَهَا (قَوْلُهُ بِمَعْنًى سَقَطَ عَنْهُ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ دَيْنًا لَمْ يُقْبَضْ (قَوْلُهُ فَلَوْ اشْتَرَاهَا تَشَطَّرَ الشِّرَاءُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) مِثَالٌ وَالضَّابِطُ الْمَالِكُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَشَطُّرِهِ وَعَدَمِ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ أَنَّ الْمُسَمَّى وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَقَدْ جَرَى فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فَإِذَا مَلَكَهَا الزَّوْجُ تَشَطَّرَ فَالْمُتْعَةُ إنَّمَا تَجِبُ بِالشِّرَاءِ وَإِنَّمَا حَصَلَ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ فَكَيْفَ نُوجِبُهَا لَهُ عَلَى نَفْسِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَإِنَّمَا رَجَعَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لَا بِقِيمَةِ النِّصْفِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهَا لِأَنَّ التَّشْقِيصَ عَيْبٌ كَذَا قَالَهُ فِي الْأَصْلِ هُنَا قَبْلَ الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَقَالَ إنَّ الْغَزَالِيَّ تَسَاهَلَ فِي تَعْبِيرِهِ بِقِيمَةِ النِّصْفِ انْتَهَى. وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يَتَسَاهَلْ فِي ذَلِكَ بَلْ قَصَدَهُ كَإِمَامِهِ بَلْ قَالَ إمَامُهُ إنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ تَسَاهُلًا وَمُرَادُهُمْ قِيمَةُ النِّصْفِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالْفُرْقَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَقَدْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ فَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ وَهِيَ قِيمَةُ النِّصْفِ لَا نِصْفُ الْقِيمَةِ وَقَدْ أَنْكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْوَصَايَا عَلَى الرَّافِعِيِّ تَعْبِيرَهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ لَكِنَّهُ تَبِعَهُ هُنَا وَصَوَّبَ قَوْلَهُ رِعَايَةً لِلزَّوْجِ كَمَا رُوعِيَتْ الزَّوْجَةُ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا وَقَدْ نَبَّهَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَالْجُمْهُورَ قَدْ عَبَّرُوا بِكُلٍّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ وَكَذَا الْغَزَالِيُّ فَإِنَّهُ عَبَّرَ فِي وَجِيزِهِ بِمَا مَرَّ وَفِي بَسِيطِهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَهَذَا مِنْهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُؤَدَّاهُمَا عِنْدَهُمْ وَاحِدٌ بِأَنْ يُرَادَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ نِصْفُ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْ النِّصْفَيْنِ مُنْفَرِدًا لَا مُنْضَمًّا إلَى الْآخَرِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ النِّصْفِ أَوْ بِأَنْ يُرَادَ بِقِيمَةِ النِّصْفِ قِيمَتُهُ مُنْضَمًّا لَا مُنْفَرِدًا فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ (وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا) بِحَالِهِ (فَلَيْسَ لَهَا إبْدَالُهُ وَلَوْ أَدَّاهُ) لَهَا (عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ) مِنْ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ عَادَ إلَى مِلْكِ الزَّوْجِ بِالْفُرْقَةِ. (وَإِنْ تَغَيَّرَ) بِغَيْرِ تَلَفِهِ (فَقَدْ يَكُونُ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ بِهِمَا الْأَوَّلُ النَّقْصُ فَنُقْصَانُ الْوَصْفِ) كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ (فِي يَدِهَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ أَوْ نِصْفِهِ (مَعِيبًا) كَتَعَيُّبِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ (وَأَخْذِ قِيمَتِهِ سَلِيمًا) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَأَخْذِ مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ (فَإِنْ حَدَثَ) النَّقْصُ (فِي يَدِهِ قَبْلَ قَبْضِهَا) لَهُ وَرَضِيَتْ بِهِ أَخَذَهُ (نَاقِصًا بِلَا أَرْشٍ) لِأَنَّهُ نَقْصٌ وَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ (نَعَمْ لَوْ حَصَلَ) النَّقْصُ (بِجِنَايَةٍ وَأَخَذَتْ أَرْشَهَا) بَلْ أَوْ لَمْ تَأْخُذْهُ (فَلَهُ) مَعَ مَا ذُكِرَ (نِصْفُهُ) أَيْ الْأَرْشِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْفَائِتِ (فَإِذَا تَلِفَ الْبَعْضُ فِي يَدِهَا كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ أَخَذَ) هُوَ فِيمَا إذَا تَشَطَّرَ الصَّدَاقُ (نِصْفَ الْمَوْجُودِ وَنِصْفَ بَدَلِ الْمَفْقُودِ الثَّانِي الزِّيَادَةِ فَالْمُنْفَصِلَةِ) كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَالْكَسْبِ (لَهَا) سَوَاءٌ أَحَدَثَتْ فِي يَدِهَا أَمْ فِي يَدِ الزَّوْجِ (وَيَرْجِعُ) هُوَ (بِنِصْفِ الْأَصْلِ إلَّا فِي جَارِيَةٍ وَلَدَتْ) فَلَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِهَا (لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ (فَتُجْعَلُ كَالتَّالِفَةِ) فَيَرْجِعُ إلَى قِيمَةِ نِصْفِهَا (وَأَمَّا) الزِّيَادَةُ (الْمُتَّصِلَةُ كَالسِّمَنِ وَالصَّنْعَةِ فَلِلزَّوْجَةِ) فِيهَا (الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ تُسَلِّمَهُ) أَيْ نِصْفَ الْأَصْلِ (زَائِدًا أَوْ) أَنْ تُسَلِّمَ (قِيمَتَهُ غَيْرَ زَائِدٍ وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ لَا أَثَرَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ) فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ (لَا هُنَا لِأَنَّ هَذَا الْعَوْدَ ابْتِدَاءُ تَمَلُّكٍ) لَا فَسْخٌ بِخِلَافِ الْعَوْدِ فِي غَيْرِ الصَّدَاقِ فَإِنَّهُ فَسْخٌ. وَهُوَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ حِينِهِ فَإِنْ رَفَعَ مِنْ أَصْلِهِ فَكَأَنَّهُ لَا عَقْدَ أَوْ مِنْ حِينِهِ فَالْفَسْخُ مُشْبِهٌ بِالْعَقْدِ وَالزِّيَادَةُ تَتْبَعُ الْأَصْلَ فِي الْعَقْدِ فَكَذَا فِي الْفَسْخِ (وَلِهَذَا) أَيْ لِكَوْنِ الْعَوْدِ هُنَا ابْتِدَاءَ تَمَلُّكٍ لَا فَسْخًا (لَوْ سَلَّمَ عَبْدٌ صَدَاقَ زَوْجَتِهِ مِنْ كَسْبِهِ فَعَتَقَ ثُمَّ طَلَّقَ) قَبْلَ الدُّخُولِ (عَادَ النِّصْفُ إلَيْهِ لَا إلَى السَّيِّدِ وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهَا بِفَلَسٍ) ثُمَّ طَلُقَتْ (اُعْتُبِرَ مَعَ رِضَاهَا رِضَا الْغُرَمَاءِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ انْتَفَى الرِّضَا الْمَذْكُورُ (ضَارِبُ الزَّوْجِ) مَعَ الْغُرَمَاءِ (وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ الْكُلُّ) أَيْ كُلُّ الصَّدَاقِ (نَظَرَتْ فَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ عَارِضٍ كَرِدَّتِهَا) وَالرَّضَاعِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي عَوْدِ النِّصْفِ مِمَّا حَدَثَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ (أَوْ) بِسَبَبٍ (مُقَارِنٍ كَعَيْبِ أَحَدِهِمَا أَخَذَهُ بِزِيَادَتِهِ) الْمُتَّصِلَةِ وَكَالْمُقَارِنِ فِيمَا يَظْهَرُ الْعَيْبَ الْحَادِثَ قَبْلَ الزِّيَادَةِ لِتَسَلُّطِ الزَّوْجِ عَلَى الْفَسْخِ قَبْلَهَا. (الثَّالِثُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ وَهُمَا إمَّا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ كَكِبَرِ الْعَبْدِ) فَنَقْصُهُ مِنْ حَيْثُ الْحُسْنِ وَالْقِيمَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الصَّغِيرَ يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا يَعْرِفُ الْغَوَائِلَ وَيَقْبَلُ التَّأْدِيبَ وَالرِّيَاضَةَ وَزِيَادَتُهُ مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي تَغَيُّرِ الصَّدَاق قَبْلَ الطَّلَاقِ] قَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يَتَسَاهَلْ فِي ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالْفُرْقَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ إلَخْ) وَقَوْلُهُمْ إنَّ التَّشْقِيصَ عَيْبٌ مُسْلَمٌ لَكِنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ شَرْعًا إلَّا الشِّقْصُ وَلَمْ تُتْلِفْهُ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ وَيَجِبُ نِصْفُ الْقِيمَةِ عَلَى الشَّرِيكِ إذَا أَتْلَفَ الْمُشْتَرَكُ الْمُتَقَوِّمَ أَوْ غَصَبَهُ وَتَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ نَبَّهَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَالْجُمْهُورَ إلَخْ) إذَا اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً لَهُ نَصَّفَهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فَلِشَرِيكِهِ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَنِصْفُ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ (قَوْلُهُ فَنُقْصَانُ الْوَصْفِ فِي يَدِهَا يُثْبِتُ لَهُ الْخِيَارَ) لَوْ قَالَ الزَّوْجُ حَدَثَ النَّقْصُ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَعَلَيْك الضَّمَانُ فَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهُ وَلَا ضَمَانَ فَأَيُّهُمَا الْمُصَدَّقُ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَرْأَةُ قَالَ شَيْخُنَا إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ ضَمَانِهَا (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ حَصَلَ بِجِنَايَةٍ) أَيْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي يَدِ الزَّوْجِ أَوْ فِي يَدِهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ فِي يَدِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا الْعَوْدَ ابْتِدَاءُ تَمَلُّكٍ إلَخْ) وَلِأَنَّ الزَّوْجَ مُتَّهَمٌ بِالطَّلَاقِ وَلَا كَذَلِكَ الْبَائِعُ لِفَلَسِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ فَسْخٌ وَهُوَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُمَا لَوْ تَقَايَلَا فِي الصَّدَاقِ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الزَّوْجِ بِزِيَادَتِهِ وَإِطْلَاقُهُمْ يُنَافِيهِ وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الزَّوْجِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ سَبَبٌ عَارِضٌ كَرِدَّتِهَا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا جَزَمَ بِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ تَبْقَى لِلزَّوْجَةِ فِيمَا إذَا ارْتَفَعَ بِعَارِضٍ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ رِدَّتِهِ أَوْ رِدَّتِهَا يُنْقَضُ الْفَرْقُ السَّابِقُ الَّذِي فَرَّقَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى مَا قَدَّرُوهُ مِنْ الْحُكْمِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْعَارِضَ أَمْرٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا عَلَقَةَ لَهُ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ كَالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ هُنَا وَبِخِلَافِ الرُّجُوعِ بِسَبَبِ الْفَلَسِ فَإِنَّهُ بِسَبَبِ عَلَقَةٍ فِي الْعَقْدِ وَهِيَ الثَّمَنُ وَبِخِلَافِ رُجُوعِ الْوَالِدِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ ثَابِتٌ مِنْ أَصْلِ الْهِبَةِ بِخِلَافِ حُدُوثِ الرَّضَاعِ وَالرِّدَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ قَضَاءٌ شَرْعِيٌّ لَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. (قَوْلُهُ كَعَيْبِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَرَادَ بِعَيْبِهِ أَوْ عَيْبِهَا الْمُقَارَنَيْنِ أَوْ الْحَادِثَيْنِ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي أَنَّ الْعَقْدَ قَارَنَهُ سَبَبُ الْفَسْخِ وَهُوَ إمَّا وُجُودُ الْعَيْبِ أَوْ شَرْطُ اسْتِمْرَارِ السَّلَامَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 حَيْثُ إنَّهُ أَقْوَى عَلَى الشَّدَائِدِ وَالْأَسْفَارِ وَأَحْفَظُ لِمَا يُسْتَحْفَظُ (وَكِبَرُ الشَّجَرَةِ) فَنَقْصُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا (تَقِلُّ ثَمَرَتُهَا و) زِيَادَتُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ (يَكْثُرُ حَطَبُهَا وَكَالْحَبَلِ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ) فَالزِّيَادَةُ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّعُ الْوَلَدِ وَالنَّقْصُ لِلضَّعْفِ حَالًّا وَلِلْخَطَرِ مَآلًا خُصُوصًا فِي الْأَمَةِ وَلِأَنَّهُ يُفْسِدُ لَحْمَ الْمَأْكُولَةِ (أَوْ بِسَبَبَيْنِ كَأَنْ اعْوَرَّ) الْعَبْدُ (وَتَعَلَّمَ صَنْعَةً مَقْصُودَةً فَلِكُلٍّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ (الْخِيَارُ وَإِنْ نَقَصَتْ بِهَا) أَيْ بِالزِّيَادَةِ (الْقِيمَةُ فَإِنْ تَرَاضَيَا بِالرَّدِّ) لِنِصْفِ الْعَيْنِ (فَلَا زِيَادَةَ) عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا بِهِ فَالْقِيمَةُ خَالِيَةٌ عَنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ وَلَا تُجْبَرُ هِيَ عَلَى رَدِّ نِصْفِ الْعَيْنِ لِلزِّيَادَةِ وَلَا هُوَ عَلَى قَبُولِهِ لِلنَّقْصِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ خِيَارٌ لَهُ أَوْ لَهَا لَمْ يَمْلِكْ الزَّوْجُ الْمَهْرَ أَوْ نِصْفَهُ حَتَّى يَخْتَارَ ذُو الِاخْتِيَارِ (فَرْعٌ الْحَرْثُ زِيَادَةٌ فِي أَرْضِ الزَّرْعِ) لِأَنَّهُ يُهَيِّئُهَا لِلزَّرْعِ الْمُعَدَّةِ لَهُ (وَهُوَ نَقْصٌ فِي أَرْضِ الْبِنَاءِ) لِأَنَّهُ يُشْعِثُهَا (فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِالنَّاقِصَةِ أُجْبِرَتْ) عَلَى تَسْلِيمِهَا لَهُ لِأَنَّهَا دُونَ حَقِّهِ. (وَالزَّرْعُ نَقْصٌ) فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي قُوَّتَهَا غَالِبًا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى رَدِّ نِصْفِ الْعَيْنِ وَتَرْكِ الزَّرْعِ إلَى الْحَصَادِ فَذَاكَ قَالَ الْإِمَامُ وَعَلَيْهِ إبْقَاؤُهُ بِلَا أُجْرَةٍ لِأَنَّهَا زَرَعَتْ مِلْكَهَا الْخَالِصَ وَإِنْ رَغِبَ فِيهِ الزَّوْجُ وَامْتَنَعَتْ أُجْبِرَتْ عَلَيْهِ أَوْ رَغِبَتْ هِيَ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ وَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ فَلَوْ قَالَتْ خُذْ نِصْفَ الْأَرْضِ وَنِصْفَ الزَّرْعِ لَمْ يُجْبَرْ لِأَنَّ الزَّرْعَ لَيْسَ مِنْ عَيْنِ الصَّدَاقِ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ وَسَيَأْتِي بَعْضُ هَذَا فِي كَلَامِهِ (فَإِنْ طَلُقَتْ بَعْدَ الْحَصَادِ، وَالْعِمَارَةُ) لِلْأَرْضِ (قَائِمَةٌ) بِأَنْ كَانَ بِهَا أَثَرُهَا وَكَانَتْ تَصْلُحُ لِمَا لَا تَصِحُّ لَهُ قَبْلَ الزَّرْعِ (فَزِيَادَةٌ مَحْضَةٌ) فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا بِرِضَاهَا (فَصْلٌ الْغِرَاسُ نَقْصٌ) فِي الْأَرْضِ (كَالزَّرْعِ) فَلَوْ طَلَّقَهَا وَالْأَرْضُ مَزْرُوعَةٌ أَوْ مَغْرُوسَةٌ فَبَادَرَتْ بِالْقَلْعِ فَإِنْ بَقِيَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ لِضَعْفِهَا بِهِمَا وَهُوَ الْغَالِبُ فَهُوَ عَلَى خِيَرَتِهِ وَإِلَّا انْحَصَرَ حَقُّهُ فِي الْأَرْضِ (وَالثَّمَرَةِ بَعْدَ التَّأْبِيرِ أَوْ تَنَاثُرِ نَوْرٍ انْعَقَدَ ثَمَرُهُ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً وَقَبْلَهُمَا مُتَّصِلَةٌ) وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا. وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ انْعَقَدَ ثَمَرُهُ وَقَالَ أَوْ تَنَاثَرَ نَوْرُهَا كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (فَلَوْ رَضِيَتْ بِتَرْكِ الْمُتَّصِلَةِ لَا) الثَّمَرَةِ (الْمُؤَبَّرَةِ) لِلزَّوْجِ (أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِ نِصْفِ النَّخْلِ) فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ بِخِلَافِ الْمُؤَبَّرَةِ لِانْفِصَالِهَا (وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا قَطْعَ الْمُؤَبَّرَةِ لِيَرْجِعَ فِي النِّصْفِ) أَيْ نِصْفِ الشَّجَرِ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي خَالِصِ مِلْكِهَا فَتَتَمَكَّنُ مِنْ تَرْبِيَتِهَا وَإِبْقَائِهَا إلَى الْجَدَادِ (وَلَا لَهَا تَكْلِيفُهُ الرُّجُوعَ) فِي نِصْفِ الشَّجَرِ (وَإِبْقَاءِ ثَمَرَتِهَا إلَى الْجَدَادِ بَلْ لَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ) لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الشَّجَرِ خَالِيًا وَلِأَنَّ حَقَّهُ ثَبَتَ مُعَجَّلًا فَلَا يُؤَجَّلُ (فَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (ارْجِعْ وَأَنَا أَقْلَعُ الثَّمَرَ عَنْ الشَّجَرِ أَوْ الشَّجَرَ وَالزَّرْعَ عَنْ الْأَرْضِ) أَوْ بَادَرَتْ بِقَلْعِ ذَلِكَ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ إنْ لَمْ يَحْدُثْ) بِقَلْعِ ذَلِكَ (نَقْصٌ) فِي الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ (وَلَمْ يَطُلْ لِقَلْعِهِ مُدَّةٌ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ قَلْعِ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَمَتَى بَذَلَتْ لَهُ الزَّرْعَ أَوْ الثَّمَرَةَ) الْمُؤَبَّرَةَ (لِيَرْجِعَ) هُوَ (فِي الشَّجَرِ) فِي الثَّانِيَةِ (وَالْأَرْضِ) فِي الْأُولَى (لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ) وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ لَا الْمُؤَبَّرَة. (وَلَوْ رَضِيَ بِتَرْكِ زَرْعِهَا إلَى الْحَصَادِ أَوْ الثَّمَرَةِ إلَى الْجَدَادِ مَجَّانًا) لِيَرْجِعَ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ أَوْ الشَّجَرِ (أُجْبِرَتْ) لِأَنَّ ذَلِكَ فِي يَدِهِمَا كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِيهِ (ثُمَّ) بَعْدَ إجْبَارِهَا (هُمَا فِي السَّقْيِ كَشَرِيكَيْنِ فِي الشَّجَرِ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالثَّمَرِ) وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ (وَلَيْسَ لَهَا تَكْلِيفُهُ التَّأْخِيرَ) أَيْ تَأْخِيرَ الرُّجُوعِ (إلَى الْحَصَادِ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ أَوْ الْقِيمَةَ فِي الْحَالِ فَلَا يُؤَخَّرُ إلَّا بِرِضَاهُ وَأَرَادَ بِالْحَصَادِ مَا يَشْمَلُ الْجَدَادَ (فَإِنْ أَخَّرَ) بِأَنْ قَالَ أُؤَخِّرُ الرُّجُوعَ إلَى الْحَصَادِ (فَلَهَا الِامْتِنَاعُ وَإِنْ بَرَّأَهَا عَنْ الضَّمَانِ) بِأَنْ قَالَ أَرْجِعُ وَيَكُونُ نَصِيبِي وَدِيعَةً عِنْدَك وَقَدْ أَبْرَأْتُك مِنْ ضَمَانِهِ لِأَنَّ نَصِيبَهُ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهَا وَلَا عِبْرَةَ بِالْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ ضَمَانِ الْعَيْنِ مَعَ بَقَائِهَا بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ (وَالتَّأْخِيرُ) أَيْ وَتَأْخِيرُ الرُّجُوعِ إلَى الْحَصَادِ (بِالتَّرَاضِي جَائِزٌ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا (وَلَا يَلْزَمُ) فَلَوْ بَدَا لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ عَمَّا رَضِيَ بِهِ جَازَ لِأَنَّ ذَلِكَ وَعْدٌ فَلَا يَلْزَمُ وَمِثْلُ ذَلِكَ التَّرَاضِي عَلَى الرُّجُوعِ فِي نِصْفِ الشَّجَرِ فِي الْحَالِّ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ) لَوْ أَصْدَقَهَا (نَخْلَةً) مَعَ ثَمَرَتِهَا (مُؤَبَّرَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) وَلَمْ يَزِدْ الصَّدَاقَ (رَجَعَ فِي نِصْفِ الْجَمِيعِ وَإِنْ جُدَّتْ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ إلَخْ) وَطُولِ النَّخْلَةِ إذْ لَمْ نَقُلْ ثَمَرَتُهَا زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ وَلَا تُرَدُّ هَذِهِ عَلَى تَعْبِيرِهِ بِكِبَرِ الشَّجَرَةِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ قُرْبُهَا مِنْ الْهَرَمِ (قَوْلُهُ وَكَالْحَبَلِ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ) فَرَّقَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي خِيَارِ النَّقْصِ فِي الْبَيْعِ فَجَعَلَهُ عَيْبًا فِي الْأَمَةِ دُونَ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانَاتِ (قَوْلُهُ الْحَرْثُ زِيَادَةٌ فِي أَرْضِ الزَّرْعِ) اعْلَمْ أَنَّ حَرْثَ الْأَرْضِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّرَاعَةِ قَدْ يَكُونُ نَقْصًا لِفِعْلِهِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ كَمَا يَقُولُهُ الْأَكْثَرُونَ فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ زِيَادَةٌ بَلْ هُوَ خَارِجٌ عَلَى الْغَالِبِ قَوْلُهُ [فَصْلٌ طَلَّقَهَا وَالْأَرْضُ مَزْرُوعَةٌ أَوْ مَغْرُوسَةٌ فَبَادَرَتْ بِالْقَلْعِ] . (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْدُثْ نَقْصٌ) وَلَمْ تَطُلْ لِقَلْعِهِ مُدَّةٌ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا بَادَرْت بِقَطْعِ ثِمَارِهَا وَلَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ نَقْصًا فِي النَّخْلِ عَاجِلًا وَلَا مُتَوَقَّعًا رَجَعَ الشَّطْرُ إلَى الزَّوْجِ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَطْعُ قَبْلَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَلَوْ رَضِيَ بِتَرْكِ زَرْعِهَا إلَى الْحَصَادِ إلَخْ) لِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِقَطْعِهِ كَالْحِصْرِمِ هَلْ يُكَلِّفُهَا قَطْعَهُ كَذَلِكَ أَمْ لَهَا تَأْخِيرُهُ إلَى الْجُذَاذِ إطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ الثَّانِيَ وَفِيهِ احْتِمَالٌ ظَاهِرٌ قو [فَرْعٌ أَصْدَقَهَا نَخْلَةً مَعَ ثَمَرَتِهَا مُؤَبَّرَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يَزِدْ الصَّدَاقَ] (قَوْلُهُ رَجَعَ فِي نِصْفِ الْجَمِيعِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا أَطْلَقَهُ الرَّافِعِيُّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِيهَا قَهْرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ تَحْصُلْ فِي الثَّمَرَةِ زِيَادَةٌ مَا لَوْ حَصَلَتْ بِأَنْ كَانَتْ أَوَّلًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَدْ بَدَا صَلَاحُهَا أَوْ تَغَيَّرَتْ صِفَتُهَا بِكِبَرِهَا أَوْ بَعْدَ جُذَاذِهَا فَلَا رُجُوعَ قَهْرًا كَمَا يُوهِمُهُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ وَمُرَادُهُمَا أَنَّ الصَّدَاقَ هُوَ الشَّجَرَةُ وَالثَّمَرَةُ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي نِصْفِهِمَا بِطَرِيقَةِ كَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 الثَّمَرَةُ أَيْ قُطِعَتْ لِأَنَّ الْجَمِيعَ صَدَاقٌ (وَكَذَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الْكُلِّ مَنْ أَصْدَقَ) زَوْجَتَهُ نَخْلَةً (مُطْلِعَةً) ثَمَرَتُهَا (وَطَلَّقَ) هَا (وَهِيَ مُطْلِعَةٌ فَإِنْ أَبَّرْتَهَا) الْأَوْلَى أَبَّرَتْ (ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجَعَ فِي نِصْفِ الشَّجَرَةِ وَكَذَا الثَّمَرَةُ) أَيْ نِصْفُهَا كَذَلِكَ (إنْ رَضِيَتْ) لِأَنَّهَا قَدْ زَادَتْ (وَإِلَّا أَخَذَ نِصْفَ الشَّجَرِ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الطَّلْعِ) (فَرْعٌ لَوْ أَصْدَقَهَا حَامِلًا) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ جَارِيَةً حَامِلًا فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ فِي نِصْفِهَا حَامِلًا) لِأَنَّ الْجَمِيعَ صَدَاقٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ. (فَإِنْ وَلَدَتْ) قَبْلَ طَلَاقِهَا (فَلَهُ حَقٌّ فِي) نِصْفِ (الْوَلَدِ) كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا عَيْنَيْنِ (لَكِنْ لَهَا الْخِيَارُ) فِيهِ (لِزِيَادَتِهِ بِالْوِلَادَةِ فَإِنْ سَمَحَتْ) بِأَخْذِ الزَّوْجِ نِصْفَهُ مَعَ نِصْفِ أُمِّهِ (أَخَذَ نِصْفَهَا وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْحَامِلُ جَارِيَةً (وَإِنْ لَمْ تَسْمَحْ) بِهِ (فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ نِصْفِ الْأُمِّ) إنْ كَانَتْ جَارِيَةً (بَلْ) أَخْذُ (نِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الِانْفِصَالِ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ) بَيْنَهُمَا وَقَوْلُهُ يَوْمَ الِانْفِصَالِ قَيْدٌ لِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الْوَلَدِ فَقَطْ لَا قِيمَتِهِمَا مَعًا عَكْسُ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ وَقْتِ إمْكَانِ التَّقْوِيمِ (وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ التَّفْرِيقُ) بَيْنَهُمَا لِكَوْنِهِ مُمَيِّزًا (أَخَذَ نِصْفَهَا) مَعَ نِصْفِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا لَمْ تَسْمَحْ بِنِصْفِهِ (فَإِنْ نَقَصَتْ) قِيمَتُهَا (بِالْوِلَادَةِ فِي يَدِ) هَا (فَلَهُ الْخِيَارُ) إنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ (أَوْ) نَقَصَتْ (فِي يَدِهِ أَخَذَهُ) أَيْ نِصْفَهَا (نَاقِصًا) مَعَ قِيمَةِ نِصْفِهِ. (وَإِنْ أَصْدَقَهَا حَائِلًا فَحَمَلَتْ فِي يَدِهِ وَوَلَدَتْ فِي يَدِهَا) وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا (فَهَلْ النَّقْصُ مِنْ ضَمَانِهِ وَلَهَا الْخِيَارُ) لِأَنَّ السَّبَبَ وُجِدَ فِي يَدِهِ (أَمْ مِنْ ضَمَانِهَا وَالْخِيَارُ لَهُ) لِأَنَّ النَّقْصَ حَصَلَ عِنْدَهَا (وَجْهَانِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لَا يَخْفَى نَظَائِرُهُمَا أَيْ كَقَتْلِ الْمَبِيعِ بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ عَلَى قَبْضِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ (وَالْوَلَدُ لَهَا) لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهَا وَالْقَوْلُ فِي الْأُمِّ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ الْإِصْدَاقِ وَوَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا (فَرْعٌ لَوْ أَصْدَقَهَا حُلِيًّا فَكَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ) حُلِيًّا عَلَى هَيْئَتِهِ ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (لَمْ يَرْجِعْ) فِيهِ الزَّوْجُ (إلَّا بِرِضَاهَا) لِزِيَادَتِهِ بِالصَّنْعَةِ عِنْدَهَا وَالْمَوْجُودُ قَبْلَهَا كَانَ مِثْلَهَا لَا عَيْنَهَا أَوْ عَلَى هَيْئَةٍ أُخْرَى فَالْحَاصِلُ زِيَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَنَقْصٌ مِنْ وَجْهٍ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الرُّجُوعِ إلَى نِصْفِهِ جَازَ وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ نِصْفُ الْقِيمَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا نَحْوُ جَارِيَةٍ هَزَلَتْ ثُمَّ سَمِنَتْ) عِنْدَهَا كَعَبْدٍ نَسِيَ صَنْعَتَهُ ثُمَّ تَعَلَّمَهَا عِنْدَهَا فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ إلَّا بِرِضَاهَا كَذَلِكَ. (وَيَرْجِعُ فِي عَبْدٍ عَمِيَ ثُمَّ أَبْصَرَ) عِنْدَهَا كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فِي يَدِهَا ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ ثُمَّ فَارَقَهَا (فَلَوْ لَمْ تَرْضَ) الزَّوْجَةُ (فِي الْحُلِيِّ الْمُعَادِ) بِرُجُوعِ الزَّوْجِ (رَجَعَ بِنِصْفِ وَزْنِهِ تِبْرًا وَنِصْفِ قِيمَةِ صَنْعَتِهِ) وَهِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا (مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا فِي الْغَصْبِ فِيمَا لَوْ أَتْلَفَ حُلِيًّا وَهَذَا وَجْهٌ فِي الْأَصْلِ وَالْأَصَحُّ فِيهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْحُلِيِّ بِهَيْئَتِهِ الَّتِي كَانَتْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَيُفَارِقُ الْغَصْبَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ أَتْلَفَ مِلْكَ غَيْرِهِ فَكَلَّفْنَاهُ رَدَّ مِثْلِهِ مَعَ الْأُجْرَةِ وَالْمَرْأَةُ إنَّمَا كَسَرَتْ مِلْكَ نَفْسِهَا وَفِي مَعْنَى كَسْرِهَا لَهُ انْكِسَارُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَلَوْ كَانَ) الْمُصَدَّقُ (إنَاءَ ذَهَبٍ) أَوْ فِضَّةٍ فَكَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ أَوْ لَمْ تُعِدْهُ (لَمْ يَرْجِعْ) مَعَ نِصْفِهِ (بِالْأُجْرَةِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْهُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِصَنْعَتِهِ (وَلَوْ نَسِيَتْ الْمَغْصُوبَةُ الْغِنَاءَ) الَّذِي تَعَلَّمَتْهُ قَبْلَ الْغَصْبِ أَوْ بَعْدَهُ (لَمْ يَضْمَنْهُ الْغَاصِبُ وَإِنْ صَحَّ شِرَاؤُهَا بِزِيَادَةٍ لِلْغِنَاءِ) عَلَى قِيمَتِهَا بِلَا غِنَاءٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ فَلَا عِبْرَةَ بِفَوَاتِهِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْغَصْبِ مَعَ حَمْلِهِ عَلَى غِنَاءٍ يَخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةَ وَمَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ صِحَّةِ الشِّرَاءِ وَعَدَمِ الضَّمَانِ. (فَصْلٌ لَوْ أَصْدَقَهَا) أَيْ كَافِرٌ كَافِرَةً (خَمْرًا فَتَخَلَّلَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا (وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّ الْخَمْرَةَ لَا تَصْلُحُ صَدَاقًا وَلَا عِبْرَةَ بِذِكْرِهَا إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبْضٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ التَّرَافُعِ (أَوْ) تَخَلَّلَتْ قَالَ فِي الْبَيَانِ بِلَا عِلَاجٍ أَيْ بِعَيْنٍ (فِي يَدِهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ) أَوْ التَّرَافُعِ (ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ كُلٍّ مِنْ التَّخَلُّلِ وَالْإِسْلَامِ أَوْ التَّرَافُعِ (أَوْ ارْتَدَّ) بَعْدَهُ (رَجَعَ بِنِصْفِ الْخَلِّ) إنْ بَقِيَ (أَوْ بِمِثْلِ نِصْفِهِ إنْ تَلِفَ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ) وَإِفْرَادُ هَذَا بِالذِّكْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي (وَإِنْ كَانَ) الْمُصْدَقُ (جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَتْهُ) بَعْدَمَا قَبَضَتْهُ (ثُمَّ أَسْلَمَا) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا (وَ) بَعْدَ ذَلِكَ (طَلَّقَهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ) فِي نِصْفِهِ كَمَا لَوْ تَخَلَّلَ الْخَمْرُ فِي يَدِهَا. وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّمَا ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ هَذَا التَّصْحِيحَ بَحْثًا   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَرَّتهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا إلَخْ) أَمَّا إذَا أَصْدَقَهَا نَخْلَةً وَثَمَرَتُهَا مُؤَبَّرَةٌ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ [فَرْعٌ أَصْدَقَهَا حَامِلًا فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ] (قَوْلُهُ عَكْسُ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ) هُوَ ظَرْفٌ لَهُمَا بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِهِمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي حَيْثُ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ فَهِيَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتَيْ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ حَمْلَ النَّقْصِ عَلَى مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَائِلًا وَحَامِلًا أَمَّا نَقْصُ الْوِلَادَةِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْعَيْبِ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهَا لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا الْمَوْتَ ثَمَّ مِنْ الْحَمْلِ مَنْزِلَةَ الْمَوْتِ بِالْمَرَضِ [فَرْعٌ أَصْدَقَهَا حُلِيًّا فَكَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ حُلِيًّا اعَلَى هَيْئَتِهِ ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ] (قَوْلُهُ وَهَذَا وَجْهٌ فِي الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ الْأَصَحُّ فِيهِ إلَخْ) فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ مَا عَزَاهُ فِي الْخَادِمِ إلَيْهَا أَحَدُهُمَا وَهِيَ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ ثُمَّ قَالَ وَنَظْمُ الْكِتَابِ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الْأَوَّلِ لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ تَرْجِيحُ الثَّانِي اهـ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَدْ عَبَّرَ النَّسَائِيّ فِي الْمُنْتَقَيْ بِقَوْلِهِ وَجْهَانِ أَوْفَقُهُمَا لِمَا فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ مِثْلُ نِصْفِهِ تِبْرٌ أَوْ نِصْفُ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَصْحِيحَ الْأَوَّلِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا فِي أَصْلِهَا أَوْ أَنَّهُ تَرَكَهُ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلِهَذَا جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى الثَّانِي [فَصْلٌ أَصْدَقَ كَافِرٌ كَافِرَةً خَمْرًا فَتَخَلَّلَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا] (قَوْلُهُ رَجَعَ بِنِصْفِ الْخَلِّ أَوْ بِمِثْلِ نِصْفِهِ إلَخْ) لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ إذَا جَرَتْ مِنْ كَافِرٍ فَاسِدَةٌ فَهِيَ مُجْرَاةٌ مَجْرَى الصَّحِيحَةِ فَإِذَا كَانَتْ وَقْتَ الْإِسْلَامِ خَلًّا لَمْ يَعْدِلْ إلَى غَيْرِهَا كَمَا نَقُولُ فِي الْمَنْكُوحَةِ إذَا كَانَ الْمُفْسِدُ زَائِلًا وَقْتَ الْإِسْلَامِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 فَقَالَ ذَكَرْنَا فِي الْغَصْبِ أَنَّ الْأَصَحَّ كَوْنُ الْجِلْدِ لِلْمَالِكِ لَا لِلْغَاصِبِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ أَظْهَرَ هُنَا أَيْضًا وَهُوَ بَحْثٌ ضَعِيفٌ فَإِنَّ فِعْلَ الْغَاصِبِ مُحَرَّمٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي إخْرَاجِ مَا اخْتَصَّ بِهِ الْمَالِكُ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ إذَا رَهَنَ شَاةً فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَدَبَغَ جِلْدَهَا لَمْ يُعَدَّ رَهْنًا لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ حَدَثَتْ بِالْمُعَالَجَةِ بِخِلَافِ الْخَمْرِ إذَا تَخَلَّلَتْ (لَا إنْ تَلِفَ) الْجِلْدُ فِي يَدِهَا (قَبْلَ الطَّلَاقِ) وَبَعْدَ الدَّبْغِ فَلَا يَرْجِعُ (لِأَنَّ الْجِلْدَ مُتَقَوِّمٌ وَلَا قِيمَةَ لَهُ وَقْتَ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ) بِخِلَافِ الْخَلِّ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ تَخَلَّلَ ثُمَّ أَسْلَمَا) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا (وَجَبَ) عَلَيْهِ لَهَا (قِيمَةُ الْعَصِيرِ) لِتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَخَلُّلٍ (وَفِيهِ نَظَرٌ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَشَارَ بِهِ إلَى قَوْلِ الْمُهِمَّاتِ لَا يَسْتَقِيمُ إيجَابُ قِيمَةِ الْعَصِيرِ فَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ لَوْ جَرَى هَذَا فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَحِينَئِذٍ فَتَتَخَيَّرُ الزَّوْجَةُ هُنَا لِأَنَّ الصَّدَاقَ فِي يَدِ الزَّوْجِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ ضَمَانَ عَقْدٍ بَلْ بَقَاءُ الْعَقْدِ هُنَا أَوْلَى لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَعَ كَافِرٍ وَانْقِلَابُهُ خَمْرًا وَقَعَ فِي الْكُفْرِ أَيْضًا فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْمَالِيَّةِ عِنْدَهُمْ انْتَهَى. فَعَلَيْهِ إنْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَالْحِلُّ لَا قِيمَةُ الْعَصِيرِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ إيجَابُهَا تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ (وَلَوْ قَبَضَتْهُ خَمْرًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ أَسْلَمَا) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا (فَلَا رُجُوعَ لَهُ) لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ وَمَنْعِ إمْسَاكِ الْخَمْرِ فِي الْإِسْلَامِ (فَإِنْ تَخَلَّلَتْ فِي يَدِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ فِي نِصْفِهِ) إنْ بَقِيَ (أَوْ) فِي (مِثْلِهِ إنْ تَلِفَ) وَلَوْ بِإِتْلَافِهَا (وَإِنْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ دُخُولٍ) بِهَا (فَالْقَوْلُ فِي الْكُلِّ هُنَا مِنْ الْخَلِّ وَالْجَدِّ كَالْقَوْلِ فِي النِّصْفِ هُنَاكَ) أَيْ فِيمَا لَوْ طَلَّقَهَا أَوْ ارْتَدَّ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَصْلٌ كُلُّ عَمَلٍ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ) كَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَخِيَاطَةٍ وَخِدْمَةٍ وَبِنَاءٍ (يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا) كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهُ ثَمَنًا (فَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ سُورَةٍ) مِنْ الْقُرْآنِ (أَوْ جُزْءٍ) مِنْهُ بِنَفْسِهِ (اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ) أَيْ الْمُصْدَقِ. (وَ) اُشْتُرِطَ (عِلْمُ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ بِالْمَشْرُوطِ) تَعْلِيمُهُ بِأَنْ يَعْلَمَا عَيْنَهُ وَسُهُولَتَهُ أَوْ صُعُوبَتَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ (وَكَّلَا) أَوْ أَحَدُهُمَا مَنْ يُعَلِّمُهُ (وَلَا يَكْفِي) حِينَئِذٍ (التَّقْدِيرُ بِالْإِشَارَةِ إلَى) الْمَكْتُوبِ فِي (أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ) بِأَنْ يُقَالَ تَعَلَّمَهَا مِنْ هُنَا إلَى هُنَا إذْ لَا تُعْرَفُ بِهِ سُهُولَتُهُ وَصُعُوبَتُهُ وَاسْتَشْكَلَ بِالِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ الْكَفِيلِ الْمَشْرُوطَ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ جُهِلَتْ حَقِيقَتُهُ مِنْ الْإِعْسَارِ وَالْمَطْلِ وَضِدِّهِمَا وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ نَفْسُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَاحْتَطْنَا لَهُ وَالْكَفِيلُ تَوْثِقَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَخَفَّ أَمْرُهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْحَرْفِ) الَّذِي يُعَلِّمُهُ لَهَا كَقِرَاءَةِ نَافِعٍ أَوْ أَبِي عُمَرَ وَكَمَا فِي الْإِجَارَةِ فَيُعَلِّمُهَا مَا شَاءَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ أَرَادَ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَنَسَبَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى الْبَغْدَادِيِّينَ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ يُعَلِّمُهَا مَا غَلَبَ عَلَى قِرَاءَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ (فَإِنْ عَيَّنَهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ الْحَرْفَ (كَحَرْفِ نَافِعٍ تَعَيَّنَ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ (فَإِنْ خَالَفَ وَعَلَّمَهَا حَرْفَ أَبِي عُمَرَ فَمُتَطَوِّعٌ بِهِ وَيَلْزَمُهُ تَعْلِيمُ الْحَرْفِ الْمُعَيَّنِ) وَهُوَ حَرْفُ نَافِعٍ عَمَلًا بِالشَّرْطِ. (وَإِنْ أَصْدَقَهَا التَّعْلِيمَ) لِقُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ (شَهْرًا جَازَ) كَمَا فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا لَا تَعْلِيمِ (سُورَةٍ فِي شَهْرٍ) فَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي الِاسْتِئْجَارِ لِخِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ الْيَوْمَ (وَلَا مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ كَتَعْلِيمِ لَحْظَةٍ أَوْ كَلِمَةٍ) ك ثُمَّ نَظَرَ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ فَدَبَغَ جِلْدَهَا لَمْ يُعَدَّ رَهْنًا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ عَوْدِ الْجِلْدِ رَهْنًا وَبَيْنَ الرُّجُوعِ فِيهِ هُنَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ لَا إنْ تَلِفَ الْجِلْدُ فِي يَدِهَا) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) قَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى الصَّوَابِ فَقَالَ وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ عَادَ خَلًّا ثُمَّ أَسْلَمَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا لَزِمَهَا قَبْضُهُ. اهـ. فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْكَبِيرِ تَحْرِيفٌ مِنْ نَاسِخٍ وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ عَقِبَهُ وَلَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا فَصَارَ خَلًّا عِنْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى نِصْفِ الْخَلِّ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الرُّجُوعُ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هَذِهِ إلَى الْعَيْنِ وَلَا يَرْجِعُ ثَمَّ ر وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ فَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ لَوْ جَرَى هَذَا فِي يَدِ الْبَائِعِ إلَخْ) إنَّمَا جَعَلُوا عَوْدَ الْمَالِيَّةِ فِي الْبَيْعِ كَدَوَامِهَا تَحَرُّزًا عَنْ بُطْلَانِهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِخُرُوجِ الصَّدَاقِ عَنْ الْمَالِيَّةِ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ مُقْتَضِيًا لِانْفِسَاخِ الصَّدَاقِ حَتَّى يَجِبَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لِعَوْدِ مَالِيَّتِهِ وَلَمْ يُخَيِّرُوهَا لِتَرْجِعَ فِي الْخَلِّ إنْ لَمْ تَفْسَخْ الصَّدَاقَ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ غَيْرُ الْمَالِيَّةِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ وَإِيجَابُهُمْ قِيمَةَ الْعَصِيرِ لَا مِثْلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَصِيرٍ خَالَطَهُ مَاءٌ لِيَكُونَ مُتَقَوِّمًا. (قَوْلُهُ رَجَعَ فِي نِصْفِهِ إنْ بَقِيَ) لِأَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَتْ صِفَتُهَا وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْعَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً (قَوْلُهُ أَوْ فِي مِثْلِهِ إنْ تَلِفَ) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا [فَصْلٌ كُلُّ عَمَلٍ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ كَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَخِيَاطَةٍ وَخِدْمَةٍ وَبِنَاءٍ يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ كُلُّ عَمَلٍ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الصَّدَاقَ رَدَّ عَبْدِهَا الْآبِقِ أَوْ جَمَلِهَا الشَّارِدِ وَمَكَانُهُمَا مَعْرُوفٌ صَحَّ وَيَكُونُ إجَارَةً وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ حِينَئِذٍ بَاطِلٌ وَالْمُعَاقَدَةُ عَلَيْهِ جَعَالَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَالصَّدَاقُ لَازِمٌ فَتَنَافَيَا وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى مَا هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ (قَوْلُهُ وَعَلِمَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ بِالْمَشْرُوطِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِعِلْمِ الْوَلِيِّ عَنْ عِلْمِ الْمَرْأَةِ الْبَالِغَةِ الرَّشِيدَةِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَهَا فَتَأَمَّلْهُ. قَالَ شَيْخُنَا يُجَابُ بِأَنَّهُ وَكِيلُهَا وَالْأَعْوَاضُ يَكْفِي فِيهَا عِلْمُ الْوَكِيلِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُوَكِّلُ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا أَذِنَتْهُ لِيَعْقِدَ عَلَيْهَا فِي نَظِيرِ تَعْلِيمِ كَذَا لَهَا كا (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ إلَخْ) يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُشَاهَدَةَ الْكَفِيلِ تُفِيدُ إذْ الظَّاهِرُ عِنْوَانُ الْبَاطِنِ بِخِلَافِ مُشَاهَدَةِ الْمَكْتُوبِ (قَوْلُهُ فَيُعَلِّمُهَا مَا شَاءَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إيرَادُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَمُتَطَوِّعٌ بِهِ) لِأَنَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَ مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ فَلَا تَضَمُّنَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ) كَتَعْلِيمِ لَحْظَةٍ أَوْ كَلِمَةٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِإِزَاءِ أَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَهِيَ الْكَوْثَرُ ثَلَاثُ آيَاتٍ فَصَاعِدًا لِيَكُونَ قَدْرَ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْإِعْجَازُ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْإِعْجَازُ وَتَعَيُّنُ الْقُرْآنِ يَقْتَضِيهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 (وَيَصِحُّ الْإِصْدَاقُ بِتَعْلِيمِ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ تَعَيَّنَ) الزَّوْجُ (لِلتَّعْلِيمِ) كَأَنْ أَسْلَمَتْ وَلَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُهُ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ (لَا) بِتَعْلِيمِ (الشَّهَادَتَيْنِ فِي نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ وَلَا بِأَدَاءِ شَهَادَةٍ) لَهَا عِنْدَهُ لِعَدَمِ الْكُلْفَةِ فَلَوْ كَانَتْ لَا تَتَعَلَّمُ الشَّهَادَتَيْنِ إلَّا بِكُلْفَةٍ أَوْ كَانَ مَحَلُّ الْقَاضِي الْمُؤَدَّى عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ بَعِيدًا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مَرْكُوبٍ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَلَوْ لَمْ يُحْسِنْ) الزَّوْجُ (التَّعْلِيمَ) لِمَا شُرِطَ تَعْلِيمُهُ (لَمْ يَجُزْ) إصْدَاقُهُ (إلَّا فِي الذِّمَّةِ) لِعَجْزِهِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَيَأْمُرُ فِيهِ غَيْرَهُ بِتَعْلِيمِهَا أَوْ يَتَعَلَّمُ ثُمَّ يُعَلِّمُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ إصْدَاقُ مَا لَا يُمْكِنُ الْقِيَامُ بِهِ. (وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَتَعَلَّمَ ثُمَّ يُعَلِّمَهَا لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الْعَمَلَ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِهِ وَالْأَعْيَانُ لَا تُؤَجَّلُ (وَلَوْ أَبْدَلَا مَنْفَعَةً بِمَنْفَعَةٍ فِي عَقْدٍ مُجَدَّدٍ جَازَ) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ قَبَضَهَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ بِمَنْفَعَتِهَا دَابَّةً وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِي الْمَنْفَعَةِ الْعَيْنِيَّةِ بِخِلَافِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ إذْ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا لِامْتِنَاعِهِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ (وَلَوْ أَرَادَتْ تَعْلِيمَ غَيْرِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الزَّوْجَ الْإِجَابَةُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْحِفْظِ وَالْفَهْمِ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ عَبْدِهَا) أَوْ خِتَانَهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (جَازَ) لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهَا (لَا) تَعْلِيمَ (وَلَدِهَا) فَلَا يَجُوزُ إصْدَاقُهُ لَهُمَا كَمَا لَوْ شَرَطَ الصَّدَاقَ لَهُ (إلَّا إنْ لَزِمَهَا تَعْلِيمُ الْوَلَدِ) فَيَجُوزُ كَالْعَبْدِ (وَإِذَا تَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ لِبَلَادَةٍ نَادِرَةٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عَلَّمَهَا غَيْرُهُ) أَوْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ الزَّوْجُ وَالشَّرْطُ أَنْ يُعَلِّمَ بِنَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) كَمَا لَوْ تَلِفَ الصَّدَاقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَحَلُّهُ فِي الطَّلَاقِ إذَا وَقَعَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا فَيَجِبُ النِّصْفُ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَّمَهَا عَطْفٌ عَلَى تَعَذَّرَ وَجَعَلَهُ الْأَصْلُ مِثَالًا لِلتَّعَذُّرِ فَالْمُوَافِقُ أَنْ يَقُولَ أَوْ تَعْلِيمَ غَيْرِهِ لَهَا. (وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) فِي (أَنَّهُ لَمْ يُعَلِّمْهَا) وَإِنْ أَحْسَنَتْ التَّعَلُّمَ وَادَّعَتْ حُصُولَهُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصَّدَاقِ وَرُبَّمَا تَعَلَّمَتْ مِنْ غَيْرِهِ (فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ أَنْ عَلَّمَهَا) وَقَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ) عَلَيْهَا (بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ) لِلتَّعْلِيمِ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا عَيْنًا وَأَقْبَضَهَا فَتَلِفَتْ عِنْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْنِ (أَوْ قَبْلَهُ تَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَلَا يُؤْمَنُ الْوُقُوعُ فِي التُّهْمَةِ وَالْخَلْوَةُ لِمُحَرَّمَةٍ لَوْ جَوَّزْنَا التَّعْلِيمَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ وَلَيْسَ سَمَاعُ الْحَدِيثِ كَذَلِكَ فَإِنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْهُ لَضَاعَ وَلِلتَّعْلِيمِ بَدَلٌ يَعْدِلُ إلَيْهِ انْتَهَى وَفَارَقَتْ الْأَجْنَبِيَّةَ حَيْثُ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهَا لِلتَّعْلِيمِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَدْ تَعَلَّقَتْ آمَالُهُ بِالْآخَرِ وَحَصَلَ بَيْنَهُمَا نَوْعُ وُدٍّ فَقَوِيَتْ التُّهْمَةُ فَامْتَنَعَ التَّعْلِيمُ لِقُرْبِ الْفِتْنَةِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَإِنَّ قُوَّةَ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّعْلِيمِ كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُرَادُ بِالتَّعْلِيمِ الَّذِي يُبِيحُ النَّظَرَ هُوَ التَّعْلِيمُ الْوَاجِبُ كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَمَا هُنَا مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ وَهَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ وَأَفْهَمَ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَحْرُمْ الْخَلْوَةُ بِهَا كَأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى أَوْ صَارَتْ مَحْرَمًا لَهُ بِرَضَاعٍ أَوْ نَكَحَهَا ثَانِيًا لَمْ يَتَعَذَّرْ التَّعْلِيمُ وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ وَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَذُّرِ مَا يَشْمَلُ التَّعَسُّرَ وَإِلَّا فَالتَّعْلِيمُ مُمْكِنٌ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بِحَضْرَةِ مَنْ تَزُولُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَيَسَّرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّعْلِيمُ فِي مَجْلِسٍ كَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ فَقَدْ يُقَالُ لَا تَعَذُّرَ وَهُوَ مَا فِي النِّهَايَةِ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ بَقَاءُ التَّعَذُّرِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ مَنْ تَزُولُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ قَدْ لَا يَرْضَى بِالْحُضُورِ أَوْ يَرْضَى لَكِنْ بِأُجْرَةٍ وَذَلِكَ خِلَافُ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فَيَتَعَذَّرُ التَّعْلِيمُ (وَإِنْ أَصْدَقَ كِتَابِيَّةً تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (صَحَّ إنْ تَوَقَّعَ إسْلَامَهَا وَإِلَّا فَسَدَ) لِجَوَازِ تَعْلِيمِهِ لَهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي خَوْفًا مِنْ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهَا مَا لَا يَلِيقُ بِحُرْمَتِهِ (كَتَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (وَقَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَحْسُنْ التَّعْلِيمُ لَمَا شَرَطَ تَعْلِيمَهُ) بِأَنْ لَمْ يَحْفَظْهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يُعَلِّمَهَا إيَّاهُ مِنْ الْمُصْحَفِ. (قَوْلُهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهَا) أَيْ خِتَانُهُ كَذَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُنَا بِتَضْبِيبٍ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهَا) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي تَعْلِيمِ عَبْدِهَا وُجُوبَهُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ فِي وَلَدِهَا وَخِتَانِ عَبْدِهَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ وَلَدِهَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا صَدَاقٌ كَمَا لَوْ شَرَطَ الصَّدَاقَ لِوَلَدِهَا وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ غُلَامِهَا قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَصِحُّ كَالْوَلَدِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يَصِحُّ وَهَذَا أَصَحُّ وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا تَعْلِيمُ الْوَلَدِ أَوْ خِتَانُ عَبْدٍ فَشَرَطَتْهُ صَدَاقًا جَازَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْوُجُوبِ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ (قَوْلُهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهَا) أَيْ خِتَانُهُ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَاق) عِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَبَانَتْ قَالَ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ يُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ بَانَتْ الْفِرَاقَ بَيْنَهُمَا لِيَتَنَاوَلَ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ وَالْبَائِنَ وَالْفَسْخَ وَالِانْفِسَاخَ لِأَنَّ إرَادَةَ الْبَيْنُونَةِ الشَّرْعِيَّةِ مُخَالِفَةٌ لِظَوَاهِرِ الْكُتُبِ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهَا لَفْظُ الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ قَالَ الكوهكيلوني وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا لَمْ يَتَحَقَّقْ التَّعَذُّرُ لِإِمْكَانِ عَوْدِ الْمَحَلِّ وَحُصُولِ التَّعْلِيمِ. (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ تَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ) مَحَلُّهُ إذَا الْتَزَمَ تَعْلِيمَهَا بِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ الْتَزَمَهُ فِي ذِمَّتِهِ فَلَهُ تَحْصِيلُ مَنْ يُعَلِّمُهَا مَا أَصْدَقَهُ إيَّاهَا مِنْ مَحَارِمِهَا أَوْ النِّسَاءِ وَلَا يَتَعَذَّرُ قَطْعًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَعْلِيمِهَا جَمِيعَ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِ شَطْرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالنَّظَرُ فِيمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُعَلِّمُهَا مَا أَصْدَقَهَا إيَّاهُ غَيْرُهُ وَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهَا كَالْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَمَعْرِفَةِ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِجَوَازِ التَّعَلُّمِ مَعَ التَّحَرُّزِ مِنْ الْخَلْوَةِ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ) وَقِيلَ الْقَصْدُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْلِيمِ الْأَمْرَدُ خَاصَّةً أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تَفْقِدُ مَنْ يُعَلِّمُهَا مِنْ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَلَا يَجُوزُ نَظَرُ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا لِلتَّعْلِيمِ وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ التَّعَذُّرَ بِالتُّهْمَةِ الْحَاصِلَةِ بِتَعْلِيمِ الْمَنْطِق فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ أَعْظَمُ مِنْ تُهْمَةِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ صَارَتْ مَحْرَمًا لَهُ بِرَضَاعٍ) أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِنْتَهَا مَثَلًا (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَيَسَّرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّعْلِيمُ فِي مَجْلِسٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ وَالْمَجْلِسَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَالْمَجْلِسُ مِثَالٌ لِلزَّمَنِ الْيَسِيرِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَقَدْ يُقَالُ لَا تَعَذُّرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 لَهَا أَوْ لِمُسْلِمَةٍ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ إذْ لَا يَجُوزُ الِاشْتِغَالُ بِهِ لِتَبْدِيلِهِ. (أَوْ أَصْدَقَ التَّوْرَاةَ) أَوْ الْإِنْجِيلَ (كِتَابِيَّةً فَأَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا بَعْدَ التَّعْلِيمِ فَلَا شَيْءَ لَهَا) سِوَاهُ (أَوْ قَبْلَهُ فَمَهْرُ الْمِثْلِ) يَجِبُ لَهَا كَمَا فِي الْخَمْرِ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (تَعْلِيمَ فِقْهٍ أَوْ شِعْرٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ (لَا هَجْوٍ أَوْ) أَصْدَقَهَا (رَدَّ عَبْدِهَا مِنْ مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ لَا مَجْهُولٍ جَازَ) بِخِلَافِ تَعْلِيمِ الْمَحْجُورِ وَنَحْوِهِ وَرَدِّ عَبْدِهَا مِنْ مَوْضِعٍ مَجْهُولٍ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَإِذَا صَحَّ الصَّدَاقُ فِي رَدِّ عَبْدِهَا (فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَ رَدِّهِ) وَقَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ) عَلَيْهَا (بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ أَوْ قَبْلَهُ رَدَّهُ إلَى نِصْفِ الطَّرِيقِ) بِاعْتِبَارِ الْمُؤْنَةِ (وَسَلَّمَهُ) هُنَاكَ (لِحَاكِمٍ وَنَحْوِهِ) كَوَلِيٍّ أَوْ وَكِيلٍ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) هُنَاكَ (مَنْ يَقْبِضُهُ) مِنْهُ (رَدَّهُ إلَيْهَا وَلَهُ) عَلَيْهَا (نِصْفُ الْأُجْرَةِ) إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ (فَإِنْ عَادَ) الْعَبْدُ (بِنَفْسِهِ أَوْ رَدَّ) أَيْ أَوْ بِرَدِّ (غَيْرِهِ) أَوْ مَاتَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ نِصْفُهُ (لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ أَوْ تَزَوَّجَ) هَا (عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ) مَعْلُومٍ. (فَإِنْ تَلِفَ الثَّوْبُ أَوْ عَجَزَ هُوَ) أَيْ الزَّوْجُ كَأَنْ سَقَطَتْ يَدُهُ أَوْ مَاتَ (وَالْعَقْدُ عَلَى عَيْنِهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) لَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّ غَيْرَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ (فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ) وَقَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ) عَلَيْهَا (بِنِصْفِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ قَبْلَهَا خَاطَ نِصْفَهُ إنْ ضُبِطَ) فِعْلُ الْخِيَاطَةِ فِيهِ (وَإِلَّا فَعَلَيْهِ) لَهَا (نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَصْدَقَهَا الْعَفْوَ عَنْ قِصَاصٍ لَهُ عَلَيْهَا جَازَ) لِأَنَّهُ عِوَضٌ مَقْصُودٌ لَا إنْ أَصْدَقَهَا الْعَفْوَ (عَنْ حَدِّ قَذْفٍ و) عَنْ (شُفْعَةٍ) فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَلَا) يَجُوزُ (جَعْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (طَلَاقَ أُخْرَى أَوْ جَعْلُ بُضْعِ أَمَتِهِ صَدَاقًا) لِمَنْكُوحَةٍ فِيهِمَا وَلَوْ قَالَ أَوْ بُضْعٍ كَانَ أَوْلَى (فَصْلُ الْخِيَارِ الثَّابِتِ هُنَا) لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ لَهُمَا (لِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ) فِي الصَّدَاقِ (عَلَى التَّرَاخِي كَخِيَارِ الْهِبَةِ وَلَا يَمْلِكُ) الزَّوْجُ الصَّدَاقَ أَوْ نِصْفَهُ (قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الرُّجُوعَ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِاعْتِبَارِ التَّخْيِيرِ وَالتَّوَافُقِ مَعْنًى. (لَكِنْ عِنْدَ مُطَالَبَةِ الزَّوْجِ) لَهَا (نُكَلِّفُهَا الِاخْتِيَارَ) فَلَا تُمَكَّنُ مِنْ تَأْخِيرِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِي طَلَبِهِ تَعْيِينُ الْعَيْنِ وَلَا الْقِيمَةِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُنَاقِضُ تَفْوِيضَ الْأَمْرِ إلَيْهَا بَلْ يُطَالِبُهَا بِحَقِّهِ عِنْدَهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ امْتَنَعَتْ) مِنْ الِاخْتِيَارِ (لَمْ تُحْبَسْ) لَهُ (وَنُزِعَتْ مِنْهَا الْعَيْنُ) وَمُنِعَتْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا (فَإِنْ أَصَرَّتْ) عَلَى الِامْتِنَاعِ وَكَانَ نِصْفُ الْقِيمَةِ دُونَ نِصْفِ الْعَيْنِ لِلزِّيَادَةِ الْحَادِثَةِ (بِيعَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْعَيْنِ (بِقَدْرِ الْوَاجِبِ) مِنْ الْقِيمَةِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ بَاعَ) الْقَاضِي (الْجَمِيعَ وَتُعْطَى) هِيَ (الزَّائِدَ) عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ (فَإِنْ اسْتَوَى نِصْفُ الْعَيْنِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ أَعْطَى نِصْفَ الْعَيْنِ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْبَيْعِ ظَاهِرًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْإِعْطَاءِ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ بِهِ الْقَاضِي وَفِيهِ نَظَرٌ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ) الزَّوْجُ (الرُّجُوعَ) بِالصَّدَاقِ أَوْ نِصْفِهِ بِأَنْ لَمْ يَزِدْ (اسْتَقَلَّ بِهِ) وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِيمَا لَوْ دَبَّرَتْ الصَّدَاقَ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا فَيَسْتَقِلُّ الزَّوْجُ بِالرُّجُوعِ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ. (فَرْعٌ حَيْثُ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ) فِي الصَّدَاقِ الْمُتَقَوِّمِ لِتَلَفِهِ أَوْ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهَا أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فِيهِ (فَهِيَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتَيْ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ و) يَوْمِ (الْقَبْضِ) لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهَا لَا تَعَلُّقَ لِلزَّوْجِ بِهَا وَالنَّقْصُ عَنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ اعْتِبَارُ الْأَقَلِّ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ أَيْضًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَمِنْ تَعْبِيرِ التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ (وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَزَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الْمُفْتِي بِهِ وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ النَّصَّ مَفْرُوضٌ فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ الْحَاصِلَيْنِ بَيْنَ الْقَبْضِ وَالتَّلَفِ وَالْكَلَامُ هُنَا مَفْرُوضٌ فِي الْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ بَيْنَ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ (وَلَوْ تَلِفَ) الصَّدَاقُ (بَعْدَ الطَّلَاقِ فِي يَدِهَا ضَمِنَتْهُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) لِأَنَّ مِلْكَهُ تَلِفَ تَحْتَ يَدِ ضَامِنِهِ كَالْمَبِيعِ التَّالِفِ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ التَّشْطِيرِ) لِلصَّدَاقِ (بَعْدَ التَّصَرُّفِ) مِنْ الزَّوْجَةِ فِيهِ (فَزَوَالُ مِلْكِهَا عَنْهُ) بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا إنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ أَصْدَقَهَا الْعَفْوَ) عَنْ قِصَاصٍ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى عَبْدِهَا [فَصْلُ الْخِيَارِ الثَّابِتِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ لَهُمَا فِي الصَّدَاقِ عَلَى التَّرَاخِي] (فَصْلٌ الْخِيَارُ إلَخْ) (قَوْلُهُ وَمُنِعَتْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا.) لِأَنَّ عَلَقَةَ الزَّوْجِ فِيهَا فَوْقَ عَلَقَةِ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ وَالْغُرَمَاءِ بِالتَّرِكَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْإِعْطَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ بِهِ الْقَاضِي) لِأَنَّ مُدْرِكَهُ بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ إلَخْ) الْمُرَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ مَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ عَنْ قِيمَتِهِمَا بِأَنْ سَاوَتْ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا أَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْقِيمَتَيْنِ فَالْعِبْرَةُ بِهَا. وَاَلَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ إنَّهُ يُعْتَبَرُ أَقَلُّ قِيمَةٍ مِنْ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ إلَى الْقَبْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ ضَمِنَتْهُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) هَذَا إنْ لَمْ تَمْنَعْهُ مِنْهُ بَعْدَ طَلَبِهِ وَإِلَّا ضَمِنَتْهُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الكوهكيلوني وَظَنِّي أَنَّهُ إنْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَرَجَعَ إلَى كُلٍّ الْمَهْرُ وَأَبَتْ وَلَمْ يَزِدْ ثَمَنُ الْكُلِّ عَلَى كُلِّ الْقِيمَةِ قَضَى الْحَاكِمُ لَهُ بِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ مِنْهُ عَلَى قِيمَتِهِ قَضَى لَهُ بِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ وَأَوْفَقَ لِلْعُمُومِ فِي قَوْلِهِ بَيْعُ مَا يَفِي بِهِ [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ التَّشْطِيرِ لِلصَّدَاقِ بَعْدَ التَّصَرُّفِ مِنْ الزَّوْجَةِ فِيهِ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ النَّظَرِ) (قَوْلُهُ فَزَالَ مِلْكُهَا عَنْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ يُمْكِنُ اسْتِرْجَاعُهُ كَمَا لَوْ وَهَبَتْهُ لِوَلَدِهَا أَوْ أَفْلَسَ مُشْتَرِيهِ وَهُوَ بَاقٍ بِعَيْنِهِ يُمْكِنُهَا الرُّجُوعُ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مَحْجُورَةً لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ وَقَدْ أَفْلَسَ مُشْتَرِيهِ وَكَانَ الْحَظُّ لَهَا فِي الرُّجُوعِ فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ اسْتِرْجَاعُهُ وَرَدُّ نِصْفِهِ عَلَى الزَّوْجِ أَخْذًا بِالْأَحَظِّ لَهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ قو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 عَادَ) إلَيْهَا (كَتَلَفِهِ فَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ (إلَى) نِصْفِ (الْبَدَلِ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ إلَيْهَا فَلَهُ نِصْفُهُ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْعَيْنِ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَلِ فَالْعَيْنُ أَوْلَى مِنْهُ وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا أَعَادَ إلَيْهَا مَعَ طَلَاقِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ أَخْذِهِ الْبَدَلَ وَالْأَوْلَى وَالتَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفُهِمَ بِالْأُولَى أَنَّهَا لَوْ كَاتَبَتْهُ ثُمَّ عَجَّزَ نَفْسَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ كَانَ لَهُ الْعَوْدُ فِي نِصْفِهِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُ تَصَرُّفِهَا بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ لِأَنَّ حَقَّهُ كَانَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ (وَكَذَا مَرْهُونٌ إنْ قَبَضَ كَالْمَوْهُوبِ وَمَبِيعٍ بِخِيَارٍ حَكَمْنَا بِانْتِقَالِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ إلَى نِصْفِ الْبَدَلِ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ بِذَلِكَ إلَّا فِي الْمَرْهُونِ فَلِتَعَلُّقِ الْحَقِّ اللَّازِمِ بِهِ بِخِلَافِ مَرْهُونٍ وَمَوْهُوبٍ لَمْ يُقْبَضَا وَمَبِيعٍ بِخِيَارٍ لَمْ يُحْكَمْ فِيهِ بِانْتِقَالِهِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْعَاقِدَيْنِ أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ فَلَهُ نِصْفُ الْعَيْنِ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهَا بِذَلِكَ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ وَذِكْرُ حُكْمِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (ثُمَّ الْإِجَارَةُ وَالتَّزْوِيجُ) مِنْهَا لِلصَّدَاقِ (عَيْبٌ) لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِهِمَا فَيَتَخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ رُجُوعِهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَرُجُوعِهِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ (فَإِنْ صَبَرَ) فِي صُورَةِ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالتَّزْوِيجِ بِأَنْ قَالَ مَعَ اخْتِيَارِهِ رُجُوعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي صُورَتِهِ أَنَا أَصْبِرُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَانْفِكَاكِ الرَّهْنِ وَزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ (فَلَهَا الِامْتِنَاعُ) لِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَطَرِ الضَّمَانِ (حَتَّى يَقْبِضَ) هُوَ (الْمُسْتَأْجَرَ وَالْمَرْهُونَ) وَالْمُزَوِّجُ (وَيُسَلِّمَهَا) أَيْ الْعَيْنَ الْمُصَدَّقَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ لَهَا (لِتَبْرَأَ) أَيْ الزَّوْجَةُ مِنْ الضَّمَانِ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ حِينَئِذٍ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ وَيَبْقَى الرَّهْنُ فِي صُورَتِهِ فِي نِصْفِهَا وَمَا فَسَّرْت بِهِ ضَمِيرَ يُسَلِّمُهَا هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ وَيَجُوزُ عَوْدُهُ عَلَى الزَّوْجَةِ أَيْ وَيُسَلِّمُهَا أَيْ الصَّدَاقَ (أَوْ تُعْطِيهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى يَقْبِضُ أَيْ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ لِتُقْبِضَ الزَّوْجَ مَا ذُكِرَ إلَى آخِرِهِ أَوْ لِتُعْطِيَهُ (نِصْفَ الْقِيمَةِ وَلَوْ وَصَّتْ بِعِتْقِ الْعَبْدِ) الْمُصْدَقِ (رَجَعَ فِيهِ) الزَّوْجُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَيْسَتْ بِحَقٍّ لَازِمٍ. (وَكَذَا) يَرْجِعُ فِيهِ (لَوْ دَبَّرَتْهُ أَوْ عَلَّقَتْ عِتْقَهُ) بِصِفَةٍ (وَهِيَ مُعْسِرَةٌ) فِيهِمَا لِذَلِكَ (لَا مُوسِرَةٌ) لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ مَعَ قُدْرَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى الْوَفَاءِ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ وَالرُّجُوعِ بِقُوَّتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ فِيهِ لَا يُفَوِّتُ حَقَّ الزَّوْجِ بِالْكُلِّيَّةِ وَتَصْرِيحُهُ بِالتَّرْجِيحِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُعْسِرَةِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِذَا رَجَعَ الزَّوْجُ فِي نِصْفِهِ بَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ مُدَبَّرًا أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْمُدَبَّرِ (وَلَا يَمْنَعُ التَّدْبِيرُ فَسْخَ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ وَلَا رُجُوعَ) الْأَصْلِ (الْوَاهِبِ) فِي هِبَتِهِ لِفَرْعِهِ لِقُوَّةِ الْفَسْخِ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضٌ مَحْضٌ وَمَنْعُ الرُّجُوعِ فِي الْوَاهِبِ يُفَوِّتُ الْحَقَّ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الصَّدَاقِ فِيهِمَا (وَلَوْ طَلَّقَهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ (وَهُوَ مُحْرِمٌ وَالصَّدَاقُ صَيْدٌ عَادَ إلَيْهِ نِصْفُهُ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَنْشَأُ لِاجْتِلَابِ الْمِلْكِ فَأَشْبَهَ الْإِرْثَ (وَلَمْ يَلْزَمْ) بَلْ لَمْ يَجُزْ (إرْسَالُهُ لِلشَّرِكَةِ) وَلَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ الصَّيْدُ إلَى مِلْكِهِ وَلَزِمَهُ إرْسَالُهُ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ إمْسَاكِ الصَّيْدِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (فَصْلٌ الْوَلِيُّ لَا يَعْفُو عَنْ صَدَاقٍ) لِمُوَلِّيَتِهِ وَلَا عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ (مُطْلَقًا) أَيْ مُجْبِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُجْبِرٍ قَبْلَ الْفُرْقَةِ أَوْ بَعْدَهَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا دَيْنًا كَانَ الصَّدَاقُ أَوْ عَيْنًا كَسَائِرِ دُيُونِهَا وَحُقُوقِهَا (وَاَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) فِي قَوْله تَعَالَى إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ (الزَّوْجُ) يَعْفُو عَنْ حَقِّهِ لِيُسَلِّمَ لَهَا كُلَّ الْمَهْرِ لَا الْوَلِيُّ إذْ لَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ عُقْدَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ بِيَدِ الزَّوْجِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِهَا بِالْفُرْقَةِ (فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا) فِي ذِمَّتِهِ أَوْ ذِمَّتِهَا بِأَنْ قَبَضَتْهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهَا (فَالتَّبَرُّعُ بِهِ) مِنْ مُسْتَحِقِّهِ (يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ وَالْعَفْوِ وَالْإِسْقَاطِ وَالتَّرْكِ) وَالتَّحْلِيلِ وَالْإِحْلَالِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمَرْهُونِ فَلِتَعَلُّقِ الْحَقِّ اللَّازِمِ بِهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُرْتَهِنُ فَلَوْ رَهَنَتْهُ عِنْدَ الزَّوْجِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهَا فَإِذَا طَلَّقَهَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ النِّصْفُ إلَيْهِ فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهِ انْفَسَخَ الرَّهْنُ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ وَكَذَا لَوْ أَجَّرَتْ الْعَيْنَ مِنْهُ فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى رَأْيِ ابْنِ الْحَدَّادِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ بِهَا الزَّوْجُ إنْ كَانَتْ أَمَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا فِكَاكُ الرَّهْنِ جَزْمًا وَرَأَيْت فِي حَوَاشِي الْوَسِيطِ لِابْنِ السِّكْرِيِّ ذَكَرَ فِيهِ وَجْهَيْنِ نَعَمْ يَظْهَرُ إذَا حَلَّ الدَّيْنُ أَوْ كَانَ حَالًّا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى وَلِيِّ الْمَحْجُورَةِ الْفَكُّ وَالتَّسْلِيمُ إذَا كَانَ حَظُّهَا ظَاهِرًا فِيهِ (قَوْلُهُ وَرُجُوعُهُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ) بِخِلَافِ مِثْلِهِ فِي التَّحَالُفِ لِأَنَّ الْعَوْدَ بِالطَّلَاقِ مِلْكٌ مُبْتَدَأٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَعَلُّقَ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ كَرَهْنِهِ غ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ مَعَ قُدْرَةِ الزَّوْجَةِ إلَخْ) وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ قُرْبَةٌ مُتَعَلِّقٌ بِهَا غَرَضٌ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ الَّتِي لَا تُؤَثِّرُ فِي الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ وَتَصْرِيحُهُ بِالتَّرْجِيحِ وَالتَّقْيِيدِ إلَخْ) قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَغَيْرُهُ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُوسِرَةً تَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَجَعَ إلَى نِصْفِ الْعَبْدِ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَإِذَا رَجَعَ الزَّوْجُ فِي نِصْفِهِ بَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ مُدَبَّرًا إلَخْ) وَلَوْ بَاعَتْ الْمُدَبَّرَ ثُمَّ مَلَكَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهُ تَرْكُ الْعَيْنِ وَطَلَبُ نِصْفِ الْقِيمَةِ خَوْفًا مِنْ حُكْمِ قَاضٍ بِبُطْلَانِ الرُّجُوعِ وَالْبَيْعِ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ مُدَبَّرٌ فَعَلَّقْنَاهُ بِالْقِيمَةِ فَزَالَ التَّدْبِيرُ قَبْلَ أَخْذِهَا فَفِي الرُّجُوعِ إلَى نِصْفِهِ وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ وَالصَّدَاقُ نَاقِصٌ أَوْ زَائِلٌ عَنْ مِلْكِهَا فَزَالَ النَّقْصُ وَعَادَ الْمِلْكُ قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَالتَّعْلِيقُ بِصِفَةٍ كَالتَّدْبِيرِ وَقَوْلُهُ وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ إلَخْ أَصَحُّهُمَا الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ إلَخْ) لَوْ أَصْدَقَ الْكَافِرُ كَافِرَةً عَبْدًا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ عَادَ إلَيْهِ نِصْفُهُ [فَصْلٌ الْوَلِيُّ لَا يَعْفُو عَنْ صَدَاقٍ لِمُوَلِّيَتِهِ وَلَا عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ مُطْلَقًا] . (قَوْلُهُ فَالتَّبَرُّعُ بِهِ يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ مِنْ الصُّوَرِ صُورَةٌ فِي السَّلَمِ فِي الضَّمَانِ وَصُورَةٌ فِي الْإِجَارَةِ وَصُورَةٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَصُورَةٌ فِي الْقَرْضِ وَصُورَةٌ فِي النَّفَقَاتِ وَصُورَةٌ فِي اللُّقَطَةِ وَصُورَةٌ فِي كُلِّ ضَمَانٍ فِيهِ الْقَرَارُ وَصُورَةٌ فِي الْمَوَارِيث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 وَالْإِبَاحَةِ (وَكَذَا) بِلَفْظِ (الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ) مَعَ ذَلِكَ (قَبُولٌ) مِنْ الْمَدِينِ اعْتِمَادًا عَلَى حَقِيقَةِ التَّصَرُّفِ وَهِيَ الْإِسْقَاطُ. (وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ عَيْنًا اُشْتُرِطَ) فِي التَّبَرُّعِ بِهِ (التَّمْلِيكُ) بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (وَالْإِقْبَاضُ) إنْ كَانَ حَاضِرًا فِي يَدِ الْمُتَبَرِّعِ (أَوْ إمْكَانُهُ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ) أَيْ الْمُتَبَرِّعِ عَلَيْهِ أَوْ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ غَائِبٌ وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ (وَيُجْزِئُ) أَيْ يَكْفِي فِي التَّبَرُّعِ بِالْعَيْنِ (لَفْظُ الْعَفْوِ) لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ كَمَا يَكْفِي لَفْظُ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ (لَا) لَفْظُ (الْإِبْرَاءِ وَنَحْوِهِ) كَالْإِسْقَاطِ (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِيمَنْ وَهَبَتْ صَدَاقَهَا) لِزَوْجِهَا (ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِذَا أَصْدَقَهَا عَيْنًا وَوَهَبَتْهَا لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ) عَلَيْهَا (بِنِصْفِ الْبَدَلِ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ عَنْ غَيْرِ جِهَتِهِ فَأَشْبَهَ لَوْ مَلَكَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلِأَنَّهَا صَرَفَتْهَا بِتَصَرُّفِهَا إلَى جِهَةِ مَصْلَحَتِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَهَبَتْهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْهِبَةُ بِلَفْظِهَا أَمْ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ أَوْ الْعَفْوِ وَإِنَّمَا اُسْتُعْمِلَ الْعَفْوُ فِي هِبَةِ الْمَهْرِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي هِبَةِ غَيْرِهِ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ. (وَلَوْ شَرَطَتْ) فِي هِبَتِهَا لَهُ (أَنْ لَا يَرْجِعَ) فِي الْبَدَلِ (إنْ طَلَّقَ فَسَدَتْ الْهِبَةُ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ (فَرْعٌ إذَا وَهَبَتْهُ نِصْفَ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ) ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ) عَلَيْهَا (بِنِصْفِ الْبَاقِي وَبَدَلِ رُبُعِ الْكُلِّ) لِأَنَّ الْهِبَةَ وَرَدَتْ عَلَى مُطْلَقِ النِّصْفِ فَيُشِيعُ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ وَمَا أَبْقَتْهُ (وَمَتَى كَانَ) الصَّدَاقُ (دَيْنًا فَأَبْرَأَتْهُ) مِنْهُ (أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ) ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (لَمْ يَرْجِعْ) عَلَيْهَا بِشَيْءٍ بِخِلَافِ هِبَةِ الْعَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا فِي الدَّيْنِ لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ مَالًا وَلَمْ تَتَحَصَّلْ عَلَى شَيْءٍ بِخِلَافِهَا فِي هِبَةِ الْعَيْنِ (فَإِنْ سَلَّمَهُ) أَيْ الدَّيْنَ أَيْ بَذَلَهُ لَهَا (ثُمَّ وَهَبَتْهُ) لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (فَكَالْمُعَيَّنِ) أَيْ فَكَهِبَةِ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ (وَإِنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ النِّصْفِ) ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ الْبَاقِي أَمْ يَلْزَمُهُ لَهَا) الْبَاقِي فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهُ فَيَكُونُ مَا أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ مَحْسُوبًا عَنْ حَقِّهِ كَأَنَّهَا عَجَّلَتْهُ (وَجْهَانِ) . أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا رَجَّحُوهُ فِي هِبَةِ نِصْفِ الْعَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ هِبَتَهَا كُلَّهَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ التَّعْبِيرُ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي بِأَلْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ غَلَطٌ وَصَوَابُهُ نِصْفُ الْبَاقِي كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ وَبِهِ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ كَمَا رَأَيْت (وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ) الْمُشْتَرِي (بِالْمَبِيعِ عَيْبًا فَرَدَّهُ طَالَبَ بِالْبَدَلِ) كَنَظِيرِهِ فِي الصَّدَاقِ (وَأَبْرَاؤُهُ) أَيْ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِيَ فِي ذَلِكَ (عَنْ ثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ كَالْإِبْرَاءِ عَنْ صَدَاقٍ فِي الذِّمَّةِ) فَلَا رُجُوعَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ حَصَلَ فَسْخٌ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي نِصْفِ الثَّمَنِ وَنِصْفِ الصَّدَاقِ وَالْأَمْرُ سَهْلٌ (فَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ عُشْرِ الثَّمَنِ وَوَجَدَ) الْمُشْتَرِي (بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَرْشُهُ الْعُشْرُ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ) بِحُدُوثِ عَيْبٍ عِنْدَهُ (طَالَبَ) الْبَائِعُ (بِالْأَرْشِ) وَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ مَا أُبْرِئَ عَنْهُ (وَمَتَى شَهِدُوا لَهُ) أَيْ لِشَخْصٍ (بِعَيْنٍ) ادَّعَاهَا عَلَى غَيْرِهِ (ثُمَّ وَهَبَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَرَجَعَ الشُّهُودُ) بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ شَهَادَتِهِمْ (لَمْ يَغْرَمُوا) لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَقُولُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ بِالْهِبَةِ بَلْ يَزْعُمُ دَوَامَ الْمِلْكِ السَّابِقِ بِخِلَافِهِ فِي هِبَةِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ زَالَ حَقِيقَةً وَعَادَ بِالْهِبَةِ. (فَصْلٌ) لَوْ (خَالَعَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ اسْتَحَقَّهُ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى الصَّدَاقِ كُلِّهِ صَحَّ فِي نَصِيبِهَا فَقَطْ) أَيْ دُونَ نَصِيبِهِ (لَكِنْ لَهُ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ التَّشْطِيرَ وَإِذَا) الْأَوْلَى فَإِذَا (فُسِخَ) عِوَضُ الْخُلْعِ (رَجَعَ) عَلَيْهَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى النِّصْفِ الْبَاقِي لَهَا) بَعْدَ الْفُرْقَةِ (صَارَ الْكُلُّ) أَيْ كُلُّ الصَّدَاقِ (لَهُ) نِصْفُهُ بِعِوَضِ الْخُلْعِ وَنِصْفُهُ بِالتَّشْطِيرِ (وَمَتَى أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي لَهَا أَوْ غَيْره (وَقَعَ) الْعِوَضُ (مُشْتَرَكًا) بَيْنَهُمَا لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ وَكَأَنَّهُ خَالَعَ عَلَى نِصْفِ نَصِيبِهَا وَنِصْفِ نَصِيبِهِ فَيَصِحُّ فِي نِصْفِ نَصِيبِهَا فَقَطْ (فَلَهَا) عَلَيْهِ (رُبُعُ الْمُسَمَّى وَلَهُ) عَلَيْهَا (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ) بِحُكْمِ التَّشْطِيرِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ (وَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ) بِحُكْمِ مَا فَسَدَ مِنْ الْخُلْعِ (فَرْعٌ) لَوْ (خَالَعَهَا عَلَى أَنْ لَا تَبِعَةَ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمَهْرِ صَحَّ وَمَعْنَاهُ عَلَى مَا يَبْقَى لَهَا) مِنْهُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمُتْعَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمُتْعَةِ) هِيَ اسْمٌ لِلْمَالِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ دَفْعُهُ لِامْرَأَتِهِ بِمُفَارَقَتِهِ إيَّاهَا (وَيَسْتَوِي فِيهَا الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْحُرُّ   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ الرَّابِعُ وَهَبَتْ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ] قَوْلُهُ وَوَهَبَتْهَا لَهُ) أَيْ بَعْدَمَا قَبَضَتْهَا أَمَّا إذَا وَهَبَتْهَا قَبْلَ قَبْضِهَا وَقُلْنَا بِضَمَانِ الْعَقْدِ فَكَهِبَةِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِلْبَائِعِ وَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهَا كَذَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ كَلَامَهُمَا يُخَالِفُهُ فَقَدْ وَهِمَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَرَدَتْ عَلَى مُطْلَقِ النِّصْفِ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ الْإِشَاعَةِ وَقَدْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ وَالرَّهْنِ قَوْلَ الْحَصْرِ وَحَكَيَا فِي الْعِتْقِ فِي شُرُوطِ السِّرَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يُحْمَلُ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا مَا يَمْلِكُ وَفِي الْإِقْرَارِ عَلَى الْإِشَاعَةِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَأَجَابَ بِهِ الْغَزَالِيُّ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ الرَّاجِحُ وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى التَّفْصِيلِ لِقُوَّةِ مَدْرَكِهِ أَوْ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَهُوَ الْحَقُّ لِكَوْنِهِ قَوْلَ الْأَكْثَرِينَ وَأَمَّا الْحَصْرُ مُطْلَقًا فَلَا وَجْهَ لَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ رُبَّمَا يَخْتَلِفُ التَّرْجِيحُ بِاخْتِلَافِ مَأْخَذٍ أَوْ قَرِينَةٍ أَوْ عُرْفٍ وَإِنْ اتَّحَدَ التَّصْوِيرُ وَيُدْرَكُ ذَلِكَ بِالتَّأَمُّلِ وَالنَّظَرِ فِي الْمَأْخَذِ (قَوْلُهُ وَمَتَى كَانَ دَيْنُهُ فَأَبْرَأَتْهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ أَصْدَقَهَا عَيْنًا وَدَيْنًا كَأَنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا وَأَلْفًا فِي ذِمَّتِهِ فَوَهَبَتْ لَهُ الْعَبْدَ وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْحُكْمُ فِي الْعَيْنِ عَلَى مَا مَضَى لَوْ كَانَ كُلُّهُ عَيْنًا وَالْحُكْمُ فِي الدَّيْنِ عَلَى مَا مَضَى لَوْ كَانَ كُلُّهُ دَيْنًا (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ خَالَعَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ] الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمُتْعَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 وَالْعَبْدُ) وَالْمُبَعَّضُ (وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ) وَالْمُبَعَّضَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ (وَلَا تَجِبُ بِالْمَوْتِ) لِأَنَّهَا مُتَفَجِّعَةٌ لَا مُسْتَوْحِشَةٌ (وَلَا لِفُرْقَةٍ) بِطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ (قَبْلَ الدُّخُولِ إلَّا لِمُفَوِّضَةٍ لَمْ تَسْتَحِقَّ مَهْرًا) بِأَنْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا شَيْءٌ فَتَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ قَالَ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236] وَلِأَنَّ الْمُفَوِّضَةَ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا شَيْءٌ فَتَجِبُ لَهَا مُتْعَةٌ لِلْإِيحَاشِ بِخِلَافِ مَنْ وَجَبَ لَهَا الشَّطْرُ بِتَسْمِيَةٍ أَوْ بِفَرْضٍ فِي التَّفْوِيضِ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا فَيَكْفِي شَطْرُ مَهْرِهَا لِلْإِيحَاشِ وَالِابْتِذَالِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَجْعَل لَهَا سِوَاهُ بِقَوْلِهِ {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] (وَتَجِبُ لِلْمَدْخُولِ بِهَا بِالطَّلَاقِ وَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهَا) لِعُمُومِ {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 241] وَخُصُوصِ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: 28] وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ دَخَلَ بِهِنَّ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ بُضْعِهَا وَقَدْ اسْتَوْفَاهَا الزَّوْجُ فَيَجِبُ لِلْإِيحَاشِ مُتْعَةٌ. (و) تَجِبُ (بِكُلِّ فُرْقَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَطَلَاقِ وَوَطْءِ أَبِيهِ) أَوْ ابْنِهِ زَوْجَتَهُ (بِشُبْهَةٍ) وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ (لَا فُرْقَةَ مِنْهَا كَالْفَسْخِ) مِنْهَا (بِعَيْبِهِ وَلَا) فُرْقَةٍ (بِسَبَبٍ مِنْهَا كَرِدَّتِهَا وَعِتْقِهَا) وَعَيْبِهَا (وَإِسْلَامِهَا وَإِسْلَامِ أَبِ صَغِيرَةٍ) فَلَا مُتْعَةَ لَهَا كَمَا لَا يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلِانْتِفَاءِ الْإِيحَاشِ (وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا) لَا مُتْعَةَ لَهَا كَذَلِكَ وَتُفَارِقُ التَّشْطِيرَ بِأَنَّ مِلْكَهَا لِلصَّدَاقِ سَابِقٌ عَلَى الرِّدَّةِ بِخِلَافِ الْمُتْعَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ سُبِيَا مَعًا فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ فِرَاقٌ مِنْ جِهَتِهَا لِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْحِيَازَةِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ قَالَ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ (أَوْ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ) فَلَا مُتْعَةَ لَهَا وَإِنْ اسْتَدْعَى الزَّوْجُ شِرَاءَهَا لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْفِرَاقِ فَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ أَوْجَبْنَاهَا لَهُ لَأَوْجَبْنَاهَا لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمْ تَجِبْ بِخِلَافِ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ بِالْعَقْدِ فَوَجَبَ لِلْبَائِعِ. (وَتَجِبُ) الْمُتْعَةُ (لِسَيِّدِ) الزَّوْجَةِ (الْأَمَةِ فِي كَسْبِ الْعَبْدِ) كَالْمَهْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ ثُمَّ فَارَقَهَا لَا مُتْعَةَ كَمَا لَا مَهْرَ (فَصْلٌ الْمُسْتَحَبُّ) فِي فَرْضِ الْمُتْعَةِ (ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا) أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ (وَأَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ الْمَهْرِ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ (فَلَوْ بَلَغَتْهُ أَوْ جَاوَزَتْهُ جَازَ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا تَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ لِوُضُوحِهِ قُلْت وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ اسْتِحْبَابِ أَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ الْمَهْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُجْزِئُ مُتَمَوَّلٌ تَرَاضِيًا عَلَيْهِ) كَمَا فِي الْمَهْرِ (فَلَوْ تَنَازَعَا) فِي قَدْرِهَا (فَعَلَى قَدْرِ حَالَيْهِمَا) مِنْ يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ وَنَسَبِهَا وَصِفَاتِهَا تُقَدَّرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 236] (بِتَقْدِيرِ الْحَاكِمِ) بِاجْتِهَادِهِ. (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ) (فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (أَوْ وَارِثَاهُمَا) أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ (فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ) وَكَانَ مُدَّعَى الزَّوْجِ الْأَقَلَّ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ نَكَحْتنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ بِخَمْسِمِائَةٍ (أَوْ) فِي (صِفَتِهِ) الشَّامِلَةِ لِجِنْسِهِ كَأَنْ قَالَتْ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَقَالَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَتْ بِأَلْفٍ صَحِيحَةٍ فَقَالَ بِمُكَسَّرَةٍ (تَحَالَفَا كَمَا فِي الْبَيْعِ) سَوَاءٌ اخْتَلَفَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ بَعْدَهُ فَيَحْلِفَانِ (عَلَى الْبَتِّ) فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ (إلَّا الْوَارِثَ فِي النَّفْيِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ نَفْيُ) أَيْ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ (الْعِلْمِ) عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ فَيَقُولُ وَارِثُ الزَّوْجِ وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثِي نَكَحَهَا بِأَلْفٍ إنَّمَا نَكَحَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَيَقُولُ وَارِثُ الزَّوْجَةِ وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ نَكَحَ مُوَرِّثَتِي بِخَمْسِمِائَةٍ إنَّمَا نَكَحَهَا بِأَلْفٍ (ثُمَّ نَفْسَخُ) الصَّدَاقَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ) (فَتَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ) لِلْإِيحَاشِ وَلِأَنَّ تَطْلِيقَهَا يُؤَذِّنُ بِخَلَلٍ فَتَقِلُّ فِيهَا الرَّغَبَاتُ فَجَبَرْنَا ذَلِكَ بِالْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ) بِأَنْ تَكُونَ أُمُّهُ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا بِعَبْدٍ مُفَوِّضَةً أَوْ ابْنَةُ كَافِرٍ زَوْجُهَا كَافِرٌ مُفَوِّضَةً وَعِنْدَهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِلْمُفَوِّضَةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ سُبِيَا مَعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الزَّوْجِ) فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ) هُوَ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ [فَصْلٌ الْمُسْتَحَبُّ فِي فَرْضِ الْمُتْعَةِ] (قَوْلُهُ الْمُسْتَحَبُّ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا) أَيْ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ الْمَهْرِ) قَالَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُتْعَةَ لَا يُبْلِغُهَا الْقَاضِي نِصْفَ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا تَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ لِوُضُوحِهِ) إذْ لَا يَصِحُّ اجْتِهَادٌ يُؤَدِّي إلَى مُسَاوَاةِ مَا يَجِبُ لَهَا بِسَبَبِ الْإِيحَاشِ لِمَا يُرَغِّبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا لِلنِّكَاحِ لِأَنَّ كَلَامَ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ فِي فَرْضِ الْحَاكِمِ إيَّاهَا وَلَهُ نَظَائِرُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَشْهَدُ لَهُ مِنْهَا أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ الْحَدَّ وَلَا بِحُكُومَةِ عُضْوٍ مُقَدَّرَهُ وَلَا بِالرَّضْخِ السَّهْمَ [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الِاخْتِلَافِ) (قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ) فَلَوْ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ أَوْ نَحْوِهِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَلَا تَحَالُفَ وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ (قَوْلُهُ إلَّا الْوَارِثَ فِي النَّفْيِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ نَفْيُ الْعِلْمِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ أَحْسَنَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ فَقَالَ فِي الْوَارِثِ عِنْدِي إنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا لِأَنَّ مَنْ قَطَعَ بِأَلْفٍ قَطَعَ بِأَنَّهُ غَيْرُ أَلْفَيْنِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ نَكَحَهَا بِأَلْفَيْنِ مَعَ قَوْلِهِ وَلَقَدْ نَكَحَهَا بِأَلْفٍ ويَجُوزُ أَنَّهُ جَرَى عَقْدَانِ وَذَلِكَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقَطْعِ بِالنَّفْيِ بِخِلَافِ الْعَاقِدِ نَفْسِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَوْ اعْتَبَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى لَاكْتَفَى فِي التَّحَالُفِ بِيَمِينِ الْإِثْبَاتِ فِي جَانِبٍ وَبِيَمِينِ النَّفْيِ فِي جَانِبٍ آخَرَ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ بَاعَ بِأَلْفٍ كَانَ قَاطِعًا بِأَنَّهُ مَا بَاعَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَكَذَا فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُفْسَخُ الصَّدَاقُ) وَإِذَا فُسِخَ فَهَلْ يَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ فَسَخَاهُ أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ الصَّادِقُ مِنْهُمَا انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ الْكَاذِبُ لَمْ يَنْفَسِخْ بَاطِنًا هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 (وَيَجِبُ) لَهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ زَادَ عَلَى مَا ادَّعَتْ) لِمَصِيرِ الصَّدَاقِ بِالتَّحَالُفِ مَجْهُولًا (فَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مُسَمًّى) وَكَانَ فَوْقَ مَهْرِ مِثْلِ الزَّوْجَةِ فِيمَا إذَا ادَّعَتْهُ أَوْ دُونَهُ فِيمَا إذَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ (وَأَنْكَرَ الْآخَرُ التَّسْمِيَةَ وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا تَحَالَفَا) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْقَدْرِ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ يَقُولُ الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالْآخَرَ يَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ دُونَهُ عَلَى مَا عُرِفَ وَكَذَا يَتَحَالَفَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدَّعَى الزَّوْجَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ التَّفْوِيضَ (فَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ) مِنْ جَانِبٍ (وَعَدَمُ التَّفْوِيضِ) مِنْ جَانِبٍ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ وَكَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَقْدَيْنِ فَإِذَا حَلَفَتْ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِلتَّفْوِيضِ وَكَانَتْ دَعْوَاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَظَاهِرٌ كَمَا قِيلَ إنَّ دَعْوَاهَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا لَا تَدَّعِي عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا فِي الْحَالِ غَايَتُهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِالْفَرْضِ. (وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا التَّفْوِيضَ وَالْآخَرُ السُّكُوتَ عَنْ الْمَهْرِ صُدِّقَ الْآخَرُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّفْوِيضِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا قَدَّمْته آنِفًا وَإِذَا حَكَمْنَا بِالتَّحَالُفِ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ حَكَمْنَا لِلْحَالِفِ وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً حَكَمْنَا بِهَا (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) مُخْتَلِفَتَيْنِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الْمَهْرِ (فَيَتَعَارَضَانِ) حَتَّى يَتَسَاقَطَا فَيَتَحَالَفَا (أَوْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا وَجْهَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (وَلَوْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ وَمَهْرَ الْمِثْلِ فَاعْتَرَفَ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ) أَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا وَلَا إخْلَاءَ النِّكَاحِ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (طُولِبَ بِالْبَيَانِ) لِمَهْرٍ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِيهِ مَثَلًا فَلِلْقَاضِي فِي قَوْلِهِ أَنَّهَا تَحْلِفُ وَيَثْبُتُ لَهَا الْمَهْرُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا طُولِبَ بِبَيَانِهِ (لِيَتَحَالَفَا) إنْ ادَّعَتْ زِيَادَةً عَلَى مَا بَيَّنَهُ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الْإِنْكَارِ (حَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مَهْرَ مِثْلِهَا وَقَضَى لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا ابْتِدَاءً لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يُعْقَدُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ فَلَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَتَوَجَّهُ التَّحَالُفُ أَيْضًا لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى إثْبَاتِ مُدَّعَاهُ وَنَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدَّعِ قَدْرًا. (وَإِنْ ادَّعَتْ) عَلَيْهِ مَعَ النِّكَاحِ (مُسَمَّى قَدْرِ الْمَهْرِ فَقَالَ لَا أَدْرِي) أَوْ سَكَتَ (كُلِّفَ الْبَيَانَ) لِمَهْرٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِيهِ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الْإِنْكَارِ (حَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ (وَقُضِيَ لَهَا) بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ كُلِّفَ الْبَيَانَ فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ مَعَ حَذْفِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ قَالَ الْإِمَامُ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا قَالَ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَتْهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ لَهَا ثُمَّ حُكِيَ عَنْ الْقَاضِي عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ لَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ يَعْنِي بَعْدَ دَعْوَاهَا عَلَيْهِ النِّكَاحَ وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ عَلِقَتْ بِهِ مِنْهُ فِيهِ هَذَا وَلَدِي مِنْهَا لَزِمَهُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ إذَا حَلَفَتْ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ ظَاهِرٌ أَوْ قِيَاسُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُكَلَّفُ الْبَيَانَ إذَا أَنْكَرَ فَإِنْ أَصَرَّ حَلَفَتْ انْتَهَى فَتَكْلِيفُهُ الْبَيَانَ إنَّمَا هُوَ فِي الَّتِي حَذَفَهَا كَاَلَّتِي ذَكَرَهَا أَوَّلًا لَا فِي الَّتِي ذَكَرَهَا ثَانِيًا وَفَارَقَتْهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى فِيهَا مَعْلُومٌ فَكَانَتْ كَنَظَائِرِهَا بِخِلَافِهِ فِيهِمَا لَكِنَّهُ جَزَمَ كَأَصْلِهِ فِيهَا فِي بَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهَا الْمَهْرُ لِإِقْرَارِهِ بِمَا يَقْتَضِيهِ وَهَذَا هُوَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى حَذْفِهَا هُنَا. (وَإِنْ ادَّعَتْ مُسَمًّى عَلَى الْوَارِثِ) لِلزَّوْجِ (فَقَالَ لَا أَدْرِي) أَوْ سَكَتَ (حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَوَجَبَ) لَهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّ تَعَذُّرَ مَعْرِفَةِ الْمُسَمَّى كَعَدَمِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُكَلَّفْ الْبَيَانَ كَمَا فِي دَعْوَاهَا عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُمْكِنُهُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا عَقَدَ بِهِ غَالِبًا (وَالزَّوْجُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرَةِ يَتَحَالَفَانِ) لِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الْعَاقِدُ وَلَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ الْمَهْرِ فَكَانَ اخْتِلَافُهُ مَعَ الزَّوْجِ كَاخْتِلَافِ الْبَالِغَةِ مَعَهُ وَلِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي النِّكَاحِ وَالْمَهْرِ فَلَا يَبْعُدُ تَحْلِيفُهُ وَفَائِدَةُ التَّحَالُفِ أَنَّهُ رُبَّمَا يَنْكُلُ الزَّوْجُ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ فَيَثْبُتُ مُدَّعَاهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ الْفَائِدَةُ تَحْصُلُ بِتَحْلِيفِ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ تَحَالُفٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ حَلِفِ الْوَلِيِّ مَا فِي   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّ التَّحَالُفَ يُسْقِطُ اعْتِبَارَ الْمُسَمَّى فَصَارَ الِاعْتِبَارُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ كَمَا قِيلَ أَنَّ دَعْوَاهَا لَا تُسْمَعُ إلَخْ) مَا قِيلَ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِامْتِنَاعِ مُطَالَبَتِهَا لَهُ حِينَئِذٍ بِفَرْضِ مَهْرِ مِثْلِهَا لِدَعْوَاهُ مُسَمَّى دُونَهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ وَقَدْ شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ مَعَ حَذْفِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ صَحِيحٌ وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّيْخَيْنِ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا وَقِيَاسُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إلَى آخِرِهِ مِنْ كَلَامِهِمَا لَا حِكَايَةً لِكَلَامِ الْإِمَامِ فَيَكُونُ رَاجِعًا إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَالْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَا يُؤَثِّرُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ صَرِيحٌ فِيهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ ادَّعَتْ نِكَاحًا وَمَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ مَهْرًا مُسَمًّى يُسَاوِيهِ أَوْ ادَّعَاهُ الْوَلِيُّ فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَدَّعِ التَّفْوِيضَ أَوْ قَالَ فُلَانٌ ابْنِي مِنْ فُلَانَةَ كُلِّفَ بِبَيَانِ الْمَهْرِ فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَزَادَتْ تَحَالَفَا وَإِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يَذْكُرْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا وَقُضِيَ لَهَا. وَقَالَ ابْنِ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي قَوْلِ الْحَاوِي وَإِنْ ادَّعَتْ مَهْرَ الْمِثْلِ تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ فَالْمُسَمَّى كَذَلِكَ وَلِذَا أَطْلَقَ الْإِرْشَادُ الْمَهْرَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِنِكَاحٍ لَا مَهْرٍ كُلِّفَ الْبَيَانَ وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي نُكَتِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ قَالَ وَإِنْ ادَّعَتْ مَهْرًا وَأَقَرَّ بِالنِّكَاحِ دُونَهُ كُلِّفَ بِالْبَيَانِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ وُجُوبُ أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالزَّوْجُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرَةِ إلَخْ) وَالْمَرْأَةُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ الْفَائِدَةُ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّهُمَا إنَّمَا تَحَالَفَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ أَحَدُ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَقَطْ إذَا تَرَجَّحَ جَانِبُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَلِّيهِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَنَكَلَ لَا يَحْلِفُ وَإِنْ ادَّعَى مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ لِأَنَّهُ حَلَّفَهُ هُنَاكَ مُطْلَقًا عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ فَهُوَ حَلِفٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يُقْبَلُ النِّيَابَةُ وَهُنَا عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هَكَذَا فَهُوَ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَالْمَهْرُ يَثْبُتُ ضِمْنًا. (وَإِنَّمَا يَتَحَالَفَانِ إذَا ادَّعَى وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ الزِّيَادَةَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَاعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَلَا تَحَالُفَ لِأَنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) بِدُونِهِ وَإِنْ نَقَصَ الْوَلِيُّ (وَكَذَا إذَا اعْتَرَفَ) الزَّوْجُ (بِقَدْرٍ يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَكْثَرَ فَلَا تَحَالُفَ لِئَلَّا يَرْجِعَ) الْوَاجِبُ (إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَرْجِعُ فِي هَذَا كُلِّهِ) الْأَوْلَى فِيهِ (إلَى قَوْلِ الزَّوْجِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَذَا قَالُوهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحْلِيفِ الزَّوْجِ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ رَجَاءَ أَنْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ وَيَثْبُتُ مُدَّعَاهُ وَإِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ ثَبَتَ مَا قَالَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ وَذَكَرَ الزَّوْجُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَتَحَالَفَا بَلْ يُؤْخَذُ بِمَا قَالَهُ الزَّوْجُ وَقَدْ نَقَلَ الْأَصْلُ فِيهَا عَنْ الْحَنَّاطِيِّ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا وَجْهَ لِلتَّحَالُفِ فِيهَا (فَإِنْ نَكَلَ الْوَلِيُّ فَهَلْ يُقْضَى) بِيَمِينِ صَاحِبِهِ (أَوْ يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّبِيَّةِ) فَلَعَلَّهَا تَحْلِفُ (وَجْهَانِ) رَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ. (وَتَحْلِفُ صَغِيرَةٌ بَلَغَتْ) عَاقِلَةٌ (قَبْلَ التَّحَالُفِ) لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ فَلَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ (وَيَجْرِي هَذَا) الْحُكْمُ (فِي) اخْتِلَافِ الْمَرْأَةِ مَعَ (وَلِيِّ الصَّغِيرِ وَفِي) اخْتِلَافِ (وَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الزَّوْجَيْنِ (الصَّغِيرَيْنِ وَلَا يَحْلِفُ مُجْبِرُ الْبَالِغَةِ) الْعَاقِلَةِ بَلْ هِيَ الَّتِي تَحْلِفُ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ وَكَالْمُجْبِرِ غَيْرُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (بِخِلَافِ الْوَكِيلَيْنِ) فِي الْعَقْدِ الْمَالِيِّ كَالْبَيْعِ فَيَحْلِفَانِ لِأَنَّهُمَا الْعَاقِدَانِ بِخِلَافِ الْمُوَكِّلَيْنِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ (وَلَا) يَحْلِفُ (وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ فِيمَا لَمْ يُنْشِئْهُ) فَلَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهَا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَكَلَ لَمْ يَحْلِفْ هُوَ يَمِينَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِنْشَائِهِ (بَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) إنْ أَنْكَرَ وَلَمْ يَنْكُلْ (وَلَا يُقْضَى بِنُكُولٍ) مِنْهُ إنْ نَكَلَ بَلْ يَتَوَقَّفُ (حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ) أَوْ الصَّبِيَّةُ (وَيَحْلِفُ) وَكَالصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَجْنُونُ وَالْمَجْنُونَةُ (وَإِنْ أَثْبَتَتْ) بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ (أَنَّهُ نَكَحَهَا أَمْسِ بِأَلْفٍ وَالْيَوْمَ بِأَلْفٍ لَزِمَاهُ) لِإِمْكَانِ صِحَّةِ الْعَقْدَيْنِ كَانَ بِتَخَلُّلِهِمَا خُلْعٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعَرُّضِ لِتَخَلُّلِ الْفُرْقَةِ لِاسْتِلْزَامِ الثَّانِي لَهَا وَلَا لِلْوَطْءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الْمُسَمَّى فِي كُلِّ عَقْدٍ إلَى بَيَانِ الْمُسْقِطِ. (فَإِنْ ادَّعَى عَدَمَ الْوَطْءِ) فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ (وَيَشْطُرُ) مَا ذَكَرَ مِنْ الْأَلْفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ فَائِدَةُ تَصْدِيقِهِ (أَوْ) ادَّعَى (أَنَّ) الْعَقْدَ (الثَّانِيَ تَجْدِيدٌ لِلْأَوَّلِ) لَا عَقْدٌ آخَرُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَ (حَلَّفَهَا) عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ لِإِمْكَانِهِ (وَثَبَتَ لَهُ طَلْقَتَانِ) بِمَعْنَى أَنَّهَا تَبْقَى مَعَهُ بِطَلْقَتَيْنِ وَفِي عِبَارَتِهِ إجْحَافٌ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا يُطَالِبُ مِنْ الْمَهْرِ الْأَوَّلِ إلَّا بِالنِّصْفِ وَتَكُونُ مَعَهُ بِطَلْقَتَيْنِ وَلَوْ ادَّعَى فِي النِّكَاحِ الثَّانِي الطَّلَاقَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَقَنَعَ مِنْهُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ الثَّانِي أَيْضًا (وَإِنْ قَالَتْ) حُرَّةٌ لِمَنْ يَمْلِكُ أَبَوَيْهَا وَنَكَحَهَا بِأَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا (أَصْدَقْتنِي أُمِّي فَقَالَ بَلْ أَبَاك تَحَالَفَا) كَمَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ وَفَسْخِ عَقْدِ الصَّدَاقِ. (وَوَجَبَ) لَهَا عَلَيْهِ (مَهْرُ الْمِثْلِ لَا إنْ نَكَلَا أَوْ نَكَلَتْ) وَحَلَفَ هُوَ فَلَا يَجِبُ لَهَا مَهْرٌ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ بَعْدَ الرَّدِّ كَانَ كَمَنْ لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا (وَعَتَقَ الْأَبُ) دُونَ الْأُمِّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهَا قِيمَةُ الْأَبِ لِأَنَّهَا لَمْ تُفَوِّتْهُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعْتُك أَبَاك فَأَنْكَرَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ (وَوَقَفَ وَلَاؤُهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ لَهَا وَهِيَ تُنْكِرُ وَلَا تُعْتَقُ الْأُمُّ إلَّا إنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ) فَتُعْتَقُ الْأُمُّ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِأَنَّهَا صَدَاقٌ بِيَمِينِ الزَّوْجَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا (وَإِنْ قَالَ أَصْدَقْتُك أَبَاك وَنِصْفَ أُمِّك فَقَالَتْ بَلْ) أَصَدَقْتنِي كِلَيْهِمَا (وَتَحَالَفَا) وَفُسِخَ عَقْدُ الصَّدَاقِ (فَلَهَا) عَلَيْهِ (مَهْرُ الْمِثْلِ وَعَلَيْهَا قِيمَةُ الْأَبِ وَنِصْفُ) قِيمَةِ (الْأُمِّ وَكَذَا) قِيمَةُ (بَاقِيهَا إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ) هَذَا مُرَادُهُمْ بِلَا شَكٍّ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا نَفَوْا التَّحَالُفَ وَقَدْ تَنَاوَلَتْهُ قَاعِدَتُهُمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ وَأَنْكَرَ حَلَفَ. (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا وَجْهَ لِلتَّحَالُفِ فِيهَا) هُوَ كَمَا قَالَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ التَّحَالُفُ هُنَا بَعِيدٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الصُّورَةِ قَبْلَهَا وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ (قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِمَامُ إلَخْ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَرْجِيحِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدُ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قُلْت صَحَّحَ الْإِمَامُ ثَانِيَهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا الْعَاقِدَانِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقُ بِهِمَا أَحْكَامُ الْعَقْدِ وَلَا كَذَلِكَ وَلِيُّ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا حَلَفَ عِنْدَ تَعَذُّرِ حَلِفِ مُوَلِّيهِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ إلَخْ) لَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِطِفْلِهِ إرْثًا وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَقَالَ أَقَبَضْته لِلْمُوَرِّثِ أَوْ أَبْرَأَنِي مِنْهُ لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ بَلْ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ وَيُسْتَوْفَى الدَّيْنُ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِقْرَارِهِ إلَخْ) أَوْ بِعِلْمِ الْقَاضِي (تَنْبِيهٌ) زَوَّجَ الْحَاكِمُ امْرَأَةً ظَانًّا بُلُوغَهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا إرْثَ لَهَا فَأَنْكَرَتْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ صُدِّقَ الْوَارِثُ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا عِنْدَ الْعَقْدِ. وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً وَمَاتَتْ فَطَلَبَ الْوَارِثُ مَهْرَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ كُنْت طِفْلًا عِنْدَ الْعَقْدِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى بُلُوغِهِ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ قُبِلَتْ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ وَقَالَ كُنْت صَغِيرًا فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقَعُ غَالِبًا إلَّا بَعْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّغَرِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الْفَسَادِ (قَوْلُهُ وَعَتَقَ الْأَبُ بِإِقْرَارِهِ إلَخْ) يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَةِ هَذَا الْأَبِ قَدْرَ مَا سَلَّمَ لِلْمَرْأَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ سِوَاهُمَا كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ فِي نَظِيرِهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 كَوْنِ الْأَبِ وَنِصْفِ الْأُمِّ صَدَاقًا فَعَتَقَا وَبِالتَّحَالُفِ) مَعَ الْفَسْخِ (رَجَعَا إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَغَرِمَتْ قِيمَتَهُمَا) لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى رَدِّ الْعِتْقِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَتَحَالَفَا. (فَإِنْ حَلَفَ) هُوَ (وَنَكَلَتْ) هِيَ عَتَقَ الْأَبُ وَنِصْفُ الْأُمِّ (وَلَمْ يَسْرِ) الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهَا إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُعْسِرَةً كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَعَلَيْهَا لِأَنَّا حَكَمْنَا بِيَمِينِهِ أَنَّ الصَّدَاقَ هُوَ الْأَبُ وَنِصْفُ الْأُمِّ (أَوْ حَلَفَتْ دُونَهُ عَتَقَا) لِحُكْمِنَا بِأَنَّهُمَا صَدَاقٌ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ قَالَتْ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَصْدَقْتُك أَبَاك وَنِصْفَ أُمِّك (بَلْ) أَصَدَقْتنِي (الْأُمَّ وَنِصْفَ الْأَبِ وَتَحَالَفَا) وَفُسِخَ عَقْدُ الصَّدَاقِ (فَلَهَا) عَلَيْهِ (مَهْرُ الْمِثْلِ وَعِتْقُ نِصْفِ الْأَبِ مَجَّانًا) بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ (وَنِصْفِ الْأُمِّ بِالسِّرَايَةِ) إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُوسِرَةً كَمَا فِي الْأَصْلِ (فَتَغْرَمُ قِيمَتَهُ) أَيْ نِصْفِ الْأُمِّ (وَ) عَتَقَ (بَاقِيهِمَا بِاتِّفَاقِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى دُخُولِهِ فِي مِلْكِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا قِيمَةُ مَا عَتَقَ مِنْ الْأُمِّ وَقِيمَةُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَبِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ قِيمَةِ الْأَبِ كُلِّهِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ أَنَّهُ عَتَقَ كُلَّهُ عَلَيْهَا بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا وَالزَّوْجَةُ تَزْعُمُ أَنَّ نِصْفَهُ عَتَقَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَنِصْفَهُ الْآخَرَ عَتَقَ عَلَيْهَا بِالسِّرَايَةِ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى عِتْقِهِ كُلِّهِ لَكِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ. وَالِاخْتِلَافُ فِي الْجِهَةِ لَا يَضُرُّ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ نِصْفَهُ الْآخَرَ لَمْ يُعْتَقْ بِالسِّرَايَةِ بِإِقْرَارِهِ كَنِصْفِهِ الَّذِي غَرِمَتْ قِيمَتَهُ لَكِنَّهَا لَمَّا لَمْ تُوَافِقْهُ عَلَيْهِ لَمْ تَغْرَمْ قِيمَتَهُ إذْ لَا صُنْعَ مِنْهَا فِيهِ (وَإِنْ أَعْطَاهَا مَالًا فَقَالَتْ) أَعْطَيْتنِيهِ هَدِيَّةً (وَقَالَ) بَلْ (صَدَاقًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْمُعْطَى (مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لَفْظٌ وَاخْتَلَفَا فِيمَا نَوَاهُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِكَيْفِيَّةِ إزَالَةِ مِلْكِهِ وَبِنِيَّتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِنْ جِنْسِ الصَّدَاقِ وَقَعَ عَنْهُ وَإِلَّا فَإِنْ رَضِيَا بِبَيْعِهِ بِالصَّدَاقِ فَذَاكَ وَإِلَّا اسْتَرَدَّهُ وَأَدَّى الصَّدَاقَ فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَلَهُ الْبَدَلُ عَلَيْهَا وَقَدْ يَقَعُ فِي التَّقَاصِّ انْتَهَى وَالْمُصَنِّفُ تَرَكَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ وُجِدَ فِي نُسَخِهِ (وَإِنْ أَعْطَى غَيْرُ غَرِيمٍ) أَيْ مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ (شَيْئًا وَقَالَ أَعْطَيْتُك إيَّاهُ بِعِوَضٍ وَأَنْكَرَ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ نُسَوِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ فَيُقَالُ إنَّهُ أَعْرَفُ بِكَيْفَيْهِ إزَالَةِ مِلْكِهِ أَوْ يُقَالُ كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا عِوَضَ عَلَى الْمُعْطَى لَهُ فَالْأَصْلُ أَنْ يَبْقَى الصَّدَاقُ وَلَا يَصِيرَ عِوَضًا عَنْ الْمُعْطَى انْتَهَى. وَيُجَابُ بِأَنَّ الزَّوْجَ مُسْتَقِلٌّ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَبِقَصْدِهِ وَبِأَنَّهُ يُرِيدُ إبْرَاءَ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مُعْطِي مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ فِيهِمَا (وَتُسْمَعُ دَعْوَى تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ إلَى وَلِيِّ صَغِيرَةٍ) وَمَجْنُونَةٍ (وَسَفِيهَةٍ لَا) إلَى وَلِيِّ (رَشِيدَةٍ) وَلَوْ بِكْرًا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ (إلَّا إنْ ادَّعَى إذْنَهَا نُطْقًا) فَتُسْمَعُ عَلَيْهِ لِلْإِذْنِ الصَّرِيحِ لَهُ فِي الْقَبْضِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَنْكُوحَةِ صُدِّقَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (فِيمَا نَفَاهُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي عَقْدَيْنِ (وَإِنْ كَانَ) الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِهَا كَأَنْ (قَالَ) لِامْرَأَتَيْنِ (تَزَوَّجْتهمَا بِأَلْفٍ فَقَالَتْ إحْدَاهُمَا بَلْ أَنَا) فَقَطْ (بِأَلْفِ تَحَالَفَا) لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمُتَّفَقِ عَلَى نِكَاحِهَا (وَأَمَّا الْأُخْرَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ) الْأَوْلَى قَوْلُهَا أَيْ فِي نَفْيِ النِّكَاحِ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا جَارِيَةً وَوَطِئَهَا) عَالِمًا بِالْحَالِ (قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يُحَدَّ لِلشُّبْهَةِ) أَيْ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّهَا هَلْ تَمْلِكُ قَبْلَ الدُّخُولِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ أَوْ نِصْفَهُ فَقَطْ وَعَلَّلَهُ الْأَصْلُ بِهَذَا وَبِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَخْفَى مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى الْعَوَامّ ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِمَا مَا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهَا تَمْلِكُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ بِالْعَقْدِ فَعَلَى الثَّانِي يُحَدُّ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَرْجِيحٌ فِي هَذَا الْمَبْنِيِّ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْحَدُّ قَالَ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ الثَّانِي وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ شُبْهَةَ الْعُلَمَاءِ مَوْجُودَةٌ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ فَالرَّاجِحُ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَلُزُومُ الْحَدِّ مُفَرَّعٌ عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي أَوْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى شَيْءٍ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ (أَوْ بَعْدَهُ حُدَّ وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَى جَهْلِ مِلْكِهَا) لِلْجَارِيَةِ بِالدُّخُولِ (إلَّا مِنْ قَرِيبِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ) أَوْ مِمَّنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ (كِتَابُ الْوَلِيمَةِ) مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَهِيَ تَقَعُ عَلَى كُلِّ طَعَامٍ يُتَّخَذُ لِسُرُورٍ حَادِثٍ مِنْ عُرْسٍ وَإِمْلَاكٍ وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّ اسْتِعْمَالَهَا مُطْلَقَةً فِي الْعُرْسِ أَشْهُرُ وَفِي غَيْرِهِ تُقَيَّدُ فَيُقَالُ وَلِيمَةُ خِتَانٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَهِيَ لِدَعْوَةِ الْعُرْسِ) أَيْ الْإِمْلَاكِ وَهُوَ الْعَقْدُ (وَلِيمَةٌ) وَإِمْلَاكٍ وشندخي (وَهِيَ آكَدُهَا) أَيْ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ آكَدُ الْوَلَائِمِ (وَلِلْخِتَانِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ إلَخْ) الْفَرْقُ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [كِتَابُ الْوَلِيمَةِ] (قَوْلُهُ وَهِيَ لِدَعْوَةِ الْعُرْسِ وَلِيمَةٌ) مُرَادُهُ بِالْعُرْسِ الدُّخُولُ لَكِنَّهُ فِي الشَّرْعِ عَبَّرَ بِالْإِمْلَاكِ وَفَسَّرَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالنِّكَاحِ وَوَلِيمَةُ الْأَمْلَاكِ غَيْرُ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُمِّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ الْأَصْحَابُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ لِلتَّسَرِّي وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُهَا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا اصْطَفَى صَفِيَّةَ وَاخْتَلَى بِهَا قَالَ الصَّحَابَةُ وَهُمْ يَأْكُلُونَ هَلْ هِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِنْ الْإِمَاءِ قَالُوا إنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا حَجَبَهَا عَلِمُوا أَنَّهَا مِنْهُنَّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَلِيمَةَ كَانَتْ مَشْرُوعَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَوْلَمَ عَلَى مَارِيَةَ د وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَقْدُ) تُطْلَقُ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ أَيْضًا عَلَى وَلِيمَةِ الدُّخُولِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهَا بَعْدَ الدُّخُولِ اهـ قَالَ شَيْخُنَا وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالْعَقْدِ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالصَّوَابُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشَنْدَخِي) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالدَّالِ وَضَمِّهِمَا وَسُكُونِ النُّونِ كَذَا ضُبِطَ بِالْقَلَمِ (قَوْلُهُ وَهِيَ آكَدُهَا) لَوْ عَرَّسَ عَلَى أَرْبَعٍ دَفْعَةً كَفَى لَهُنَّ وَلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَوْ جَدَّدَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَالظَّاهِرُ تَجَدُّدُ الِاسْتِحْبَابُ وَقَوْلُهُ كَفَى لَهُنَّ وَلِيمَةٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 إعْذَارٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِعْجَامِ الذَّالِ (وَلِلْوِلَادَةِ عَقِيقَةٌ وَلِلسَّلَامَةِ مِنْ الطَّلْقِ خُرْسٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَيُقَالُ بِالصَّادِ (وَلِلْقُدُومِ) مِنْ السَّفَرِ (نَقِيعَةٌ) مِنْ النَّقْعِ وَهُوَ الْغُبَارُ أَوْ النَّحْرُ أَوْ الْقَتْلُ (وَهِيَ مَا) أَيْ طَعَامٌ (يُصْنَعُ لَهُ) أَيْ لِلْقُدُومِ سَوَاءٌ أَصَنَعَهُ الْقَادِمُ أَمْ صَنَعَهُ غَيْرُهُ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ لَكِنْ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ هُنَا ذَكَرَ ذَلِكَ قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي لَكِنْ صَوَّبَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ (وَلِلْبِنَاءِ وَكِيرَةٌ) مِنْ الْوَكْرِ وَهُوَ الْمَأْوَى (وَلِلْمُصِيبَةِ وَضِيمَةٌ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَلَيْسَتْ مِنْ الْوَلَائِمِ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ السُّرُورِ وَعَلَيْهِ مَشَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ السُّرُورِ إنَّمَا هُوَ فِي الْغَالِبِ (وَبِلَا سَبَبٍ مَأْدُبَةٌ) بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا وَلِحِفْظِ الْقُرْآنِ حِذَاقٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ (وَالْكُلُّ مُسْتَحَبٌّ) وَدَلِيلُ اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ إخْبَارُ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَأَنَّهُ أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ» وَأَنَّهُ «قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ تَزَوَّجَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» وَالْأَمْرُ فِيهِ لِلنَّدَبِ قِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَسَائِرِ الْوَلَائِمِ وَلِأَنَّهُ أَمَرَ فِيهِ بِالشَّاةِ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ لَوَجَبَتْ وَهِيَ لَا تَجِبُ إجْمَاعًا لَا عَيْنًا وَلَا كِفَايَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِحْبَابَ وَلِيمَةِ الْخِتَانِ مَحَلُّهُ فِي خِتَانِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ فَإِنَّهُ يُخْفَى وَيُسْتَحْيَا مِنْ إظْهَارِهِ وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُهُ لِلنِّسَاءِ فِيمَا بَيْنَهُنَّ خَاصَّةً قَالَ وَأَطْلَقُوا اسْتِحْبَابَ الْوَلِيمَةِ لِلْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِهِ أَمَّا مَنْ غَابَ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا يَسِيرَةً إلَى بَعْضِ النَّوَاحِي الْقَرِيبَةِ فَكَالْحَاضِرِ (وَأَقَلُّهَا لِلْمُتَمَكِّنِ شَاةٌ وَلِغَيْرِهِ مَا قَدَرَ) عَلَيْهِ. قَالَ النَّسَائِيّ وَالْمُرَادُ أَقَلُّ الْكَمَالِ شَاةٌ لِقَوْلِ التَّنْبِيهِ وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنْ الطَّعَامِ جَازَ (فَرْعٌ الْإِجَابَةُ) إلَى الدَّعْوَةِ (فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ إنْ لَمْ يَرْضَ) صَاحِبُهَا (بِالْعُذْرِ) أَيْ بِعُذْرِ الْمَدْعُوِّ (فَرْضُ عَيْنٍ وَ) فِي (غَيْرِهَا مُسْتَحَبَّةٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ تُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَتَتْرُكُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» قَالُوا وَالْمُرَادُ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَةُ عِنْدَهُمْ وَقَدْ يُؤَيَّدُ بِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ أَيْضًا «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ فَلْيُجِبْ» لَكِنْ فِيهِ أَيْضًا «مَنْ دُعِيَ إلَى عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ» وَفِي أَبِي دَاوُد «إذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ» وَقَضِيَّتُهُمَا وُجُوبُ الْإِجَابَةِ فِي سَائِرِ الْوَلَائِمِ وَبِهِ أَجَابَ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ. وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ وُجُوبِهَا فِي غَيْرِ الْعُرْسِ أَنَّ «عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ دُعِيَ إلَى خِتَانٍ فَلَمْ يُجِبْ وَقَالَ لَمْ يَكُنْ يُدْعَى لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَمَّا إذَا رَضِيَ بِعُذْرِهِ الَّذِي اعْتَذَرَ لَهُ بِهِ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ الْقَاضِي لِشُغْلِهِ بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ أَوْ تُسْتَحَبُّ (بِشُرُوطٍ) مِنْهَا (أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُسْلِمًا) فَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَالْأَمْرُ فِيهِ لِلنَّدَبِ) قِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ» (قَوْلُهُ وَهِيَ لَا تَجِبُ إجْمَاعًا لَا عَيْنًا وَلَا كِفَايَةً) لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمُحْتَاجِينَ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَأَطْلَقُوا اسْتِحْبَابَ الْوَلِيمَةِ لِلْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ) بِأَنْ يُصْنَعَ لَهُ طَعَامٌ أَوْ يَصْنَعَهُ هُوَ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي السَّفَرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ النَّسَائِيّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ كَمَالُ السُّنَّةِ إلَّا بِمَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنْ الطَّعَامِ جَازَ) لَوْ نَكَحَ أَرْبَعًا مَعًا فَهَلْ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَلِيمَةٌ أَمْ تَكْفِي وَلِيمَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ وَالْعُقُودِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْ الطَّعَامِ الْوَلِيمَةَ عَنْ الْكُلِّ كَفَى فَإِنْ قُلْت لَوْ نَكَحَ الْيَوْمَ وَاحِدَةً فَأَوْلَمَ ثُمَّ غَدًا ثَانِيَةً فَأَوْلَمَ ثُمَّ فِي الثَّالِثِ ثَالِثَةً فَأَوْلَمَ لَهَا هَلْ تَجِبُ الْإِجَابَةُ فِي الثَّلَاثِ قُلْت الظَّاهِرُ نَعَمْ أَنَّ كُلَّ وَلِيمَةٍ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِاَلَّتِي قَبْلَهَا كَمَا لَوْ تَطَاوَلَ الْفَصْلُ. وَيَقْرَبُ مِنْ هَذَا مَا لَوْ نَكَحَ وَاحِدَةً وَأَوْلَمَ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ نَكَحَهَا غَدًا وَأَوْلَمَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَجَدَّدَ نِكَاحَهَا فِي الثَّالِثِ وَأَوْلَمَ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ ثَانِيًا عَلَى مَنْ أَجَابَ أَوَّلًا أَمَّا لَوْ نَكَحَ ثَلَاثًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَأَوْلَمَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ فِي يَوْمٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَهَلْ يَتَعَدَّدُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ أَوْ لَا وَكَذَا لَوْ نَكَحَهُنَّ مُرَتَّبًا وَلَمْ تَتَخَلَّلْ الْوَلِيمَةُ فَهَلْ يَتَعَدَّدُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ نَظَرًا إلَى تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ أَوْ لَا نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَحُصُولُ الْغَرَضِ بِالْوَلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ وَاتِّحَادِ الْعَقْدِ فِي الْأَوَّلِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ وَقَوْلُهُ أَمْ تَكْفِي وَلِيمَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ إلَخْ وَكَذَا أَيْضًا قَوْلُهُ قُلْت الظَّاهِرُ نَعَمْ وَكَذَا قَوْلُهُ أَيْضًا فَهَلْ يَتَعَدَّدُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ [فَرْعٌ الْإِجَابَةُ إلَى الدَّعْوَةِ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ] (قَوْلُهُ الْإِجَابَةُ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ إلَخْ) وُجُوبُ الْإِجَابَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الْفِعْلِ بِدَلِيلِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُمَا وُجُوبُ الْإِجَابَةِ إلَخْ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا رَضِيَ بِعُذْرِهِ الَّذِي اعْتَذَرَ لَهُ بِهِ إلَخْ) وَإِنْ عَلِمَهُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ فَوَجْهَانِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ فِي مَعْنَاهُ كُلُّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى رَعِيَّتِهِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَحْضُرُ الْقَاضِي وَلِيمَةَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ حَالَ خُصُومَتِهِمَا وَلَا وَلِيمَتَهُمَا وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُهُ وَلِيمَةَ غَيْرِهِمَا بِشَرْطِ التَّعْمِيمِ وَفِي الْعُرْسِ آكَدُ فَإِنْ كَثُرَتْ وَقَطَعَتْهُ عَنْ الْحُكْمِ تَرَكَ الْجَمِيعَ وَلَا بَأْسَ بِتَخْصِيصِهِ مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِإِجَابَتِهِ وَيُكْرَهُ فِي دَعْوَةٍ اُتُّخِذَتْ لَهُ خَاصَّةً أَوْ لِلْأَغْنِيَاءِ وَدُعِيَ فِيهِمْ لَا مَا اُتُّخِذَ لِلْعُلَمَاءِ وَدُعِيَ فِيهِمْ أَوْ لِلْجِيرَانِ وَهُوَ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُسْلِمًا) أَيْ مُكَلَّفًا حُرًّا رَشِيدًا وَطَعَامُهُ مُبَاحًا قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَأَنْ لَا يَكُونَ ظَالِمًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا أَوْ مُتَكَلِّفًا طَالِبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّاعِي حُرًّا رَشِيدًا وَلَكِنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَرْجُو لَهُ وَفَاءً مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَكَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَرْفُ ذَلِكَ فِي دَيْنِهِ أَوْ نَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَصَحَّ تَحْرِيمُ صَدَقَتِهِ بِذَلِكَ وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 لِانْتِفَاءِ طَلَبِ الْمَوَدَّةِ مَعَهُ وَلِأَنَّهُ يُسْتَقْذَرُ طَعَامُهُ لِاحْتِمَالِ نَجَاسَتِهِ وَفَسَادِ تَصَرُّفِهِ (وَ) لِهَذَا (لَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ كَاسْتِحْبَابِ إجَابَةِ الْمُسْلِمِ) فِيمَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ إجَابَتُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ (وَإِنْ كُرِهَتْ مُخَالَطَتُهُ) وَيُعْتَبَرُ فِي الْوُجُوبِ كَوْنُ الْمَدْعُوِّ مُسْلِمًا أَيْضًا فَلَوْ دَعَا مُسْلِمٌ كَافِرًا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ. ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَأَنْ لَا يَخُصَّ) بِالدَّعْوَةِ (الْأَغْنِيَاءَ) وَلَا غَيْرَهُمْ بَلْ يَعُمُّ عَشِيرَتَهُ أَوْ جِيرَانَهُ أَوْ أَهْلَ حِرْفَتِهِ وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ لِخَبَرِ شَرُّ الطَّعَامِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَعُمَّ جَمِيعَ النَّاسِ لِتَعَذُّرِهِ بَلْ لَوْ كَثُرَتْ عَشِيرَتُهُ أَوْ نَحْوُهَا وَخَرَجَتْ عَنْ الضَّبْطِ أَوْ كَانَ فَقِيرًا لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيعَابُهَا فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِ عُمُومِ الدَّعْوَى بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ قَصْدُ التَّخْصِيصِ (وَ) أَنْ (لَا يَطْلُبَهُ طَمَعًا) فِي جَاهِهِ أَوْ لِإِعَانَتِهِ عَلَى بَاطِلٍ (أَوْ خَوْفًا مِنْهُ) لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ بَلْ لِلتَّوَدُّدِ وَالتَّقَرُّبِ وَكَذَا لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ (وَأَنْ يُعَيِّنَ الْمَدْعُوَّ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (لَا إنْ نَادَى فِي النَّاسِ) كَأَنْ فَتَحَ الْبَابَ وَقَالَ لِيَحْضُرَ مَنْ أَرَادَ أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اُدْعُ مَنْ شِئْت فَلَا تُطْلَبُ الْإِجَابَةُ مِنْ الْمَدْعُوِّ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ حِينَئِذٍ لَا يُورِثُ وَحْشَةً (وَأَنْ يَدْعُوَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ) أَيْ فِيهِ فَلَوْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ إلَّا فِي الْأَوَّلِ. (وَتُسْتَحَبُّ فِي الثَّانِي ثُمَّ تُكْرَهُ) فِيمَا بَعْدَهُ فَفِي أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ وَفِي الثَّالِث رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» نَعَمْ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِيعَابُ النَّاسِ فِي الْأَوَّلِ لِكَثْرَتِهِمْ أَوْ صِغَرِ مَنْزِلِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ كَوَلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ دُعِيَ النَّاسُ إلَيْهَا أَفْوَاجًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ أَوْلَمَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّانِيَةَ كَالْيَوْمِ الثَّانِي فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَلَا تُطْلَبُ إجَابَةُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَإِنْ أَذِنَ وَلِيُّهُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِ مَالِهِ لَا بِإِتْلَافِهِ نَعَمْ إنْ اتَّخَذَهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ فَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْحُضُورِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَأَنْ لَا يَحْضُرَ) هُنَاكَ (مَنْ يُؤْذِي) الْمَدْعُوَّ (أَوْ تَقْبُحُ مُجَالَسَتُهُ) كَالْأَرَاذِلِ فَإِنْ كَانَ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي التَّخَلُّفِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّأَذِّي فِي الْأَوَّلِ وَالْغَضَاضَةِ فِي الثَّانِي. وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ وَلِهَذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَلَوْ كَانَ مُنْكَرٌ) كَفَرْشِ الْحَرِيرِ فِي دَعْوَةٍ اُتُّخِذَتْ لِلرِّجَالِ وَفَرْشِ جُلُودِ نُمُورٍ بَقِيَ وَبَرُهَا كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَغَيْرُهُ (وَصُورَةُ الْحَيَوَانِ الْمَرْفُوعَةِ) كَأَنْ كَانَتْ عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ ثِيَابٍ مَلْبُوسَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ مَنْصُوبَةٍ (لَا) صُوَرُ (الشَّجَرِ وَالْقَمَرَيْنِ حَرُمَ الْحُضُورُ) لِأَنَّ الْحُضُورَ حِينَئِذٍ كَالرِّضَا بِالْمُنْكَرِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ بِخِلَافِ صُوَرِ الشَّجَرِ وَالْقَمَرَيْنِ لِأَنَّهُ يَحِلُّ تَصْوِيرُهَا كَمَا سَيَأْتِي هَذَا (إنْ لَمْ يَزُلْ) أَيْ الْمُنْكَرُ (لِأَجْلِهِ) أَيْ الْمَدْعُوِّ فَإِنْ كَانَ يَزُولُ لِأَجْلِهِ وَجَبَتْ إجَابَتُهُ إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الدُّخُولِ فَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ تَحْرِيمِهِ حَيْثُ قَالَ وَهَلْ دُخُولُ   [حاشية الرملي الكبير] وَقَالَ شَيْخُنَا بَعْدَ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ وَلَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ) الْإِضَافَةُ فِيهِ إضَافَةٌ إلَى الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ كَوْنُ الْمَدْعُوِّ مُسْلِمًا أَيْضًا) أَيْ وَكَوْنُهُ حُرًّا فَفِي الْعَبْدِ يُعْتَبَرُ إذْنُ سَيِّدِهِ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ كَوْنِ الدَّعْوَةِ وَقْتَ اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ وَلَمْ نَرَ لِلْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا بِوَقْتِهَا ثُمَّ نَقَلَ اسْتِنْبَاطَ وَالِدِهِ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ اتِّسَاعُهُ مِنْ الْعَقْدِ وَأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الدُّخُولِ وَغَيْرُ مَعْذُورٍ بِمُرَخَّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ مُكَلَّفًا رَشِيدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَنْ لَا يَكُونَ أَمْرُدَ يَخَافُ رِيبَةً أَوْ تُهْمَةً وَقَالَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ أَجِيرًا إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلِ شَرَعَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ. (وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ أَوْلَمَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْحُضُورِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَحْضُرُ مَنْ يُؤْذِي الْمَدْعُوَّ) فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ عَدُوٌّ لَهُ أَوْ دَعَاهُ عَدُوٌّ لَهُ لَا يَتَأَذَّى بِهِ فِيهِمَا وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ دِينِيَّةً كَانَتْ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ عُذْرًا (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ مُنْكَرٌ إلَخْ) شَمَلَ إطْلَاقُهُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ مُنْكَرٌ كَمَا فِي النَّبِيذِ لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ كَانُوا يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ الْمُخْتَلَفَ فِي حِلِّهِ فَلَا يُنْكَرُ قَالَ ابْنُ كَجٍّ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ اجْتِهَادٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْحُضُورُ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ كَمَا فِي الْمُنْكَرِ الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ. (قَوْلُهُ كَفُرُشِ الْحَرِيرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ سَبَقَ عَنْ نَقْلِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ بَسَطَ عَلَى فِرَاشِ الْحَرِيرِ شَيْئًا جَازَ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ كَالْحَشْوَةِ فَقَدْ يُقَالُ يَحْضُرُ وَيُفْرَشُ فَوْقَهُ شَيْءٌ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْقَفَّالِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ الْمَنْعَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ (قَوْلُهُ وَصُوَرُ الْحَيَوَانِ إلَخْ) وَمَغْصُوبٌ وَمَسْرُوقٌ وَكَلْبٌ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ وَالْأَعْمَى حُكْمُهُ فِي دُخُولِ هَذَا الْبَيْتِ حُكْمُ الْبَصِيرِ وَعَدَّ فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُبْتَدِعٌ يَدْعُو إلَى بِدْعَتِهِ وَلَا يَقْدِرُ الْمَدْعُوُّ عَلَى رَدِّهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يَضْحَكُ بِالْكَذِبِ وَالْفُحْشِ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ آنِيَةُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي طَعَامِ الدَّعْوَةِ أَوْ شَرَابِهَا فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَرَادَ وُجُودَهَا وَإِنْ لَمْ تُسْتَعْمَلْ لِتَحْرِيمِ اقْتِنَائِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فَقِيَاسُهُ أَنَّ كُلَّ مَا حَرُمَ اقْتِنَاؤُهُ كَانَ وُجُودُهُ هُنَاكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْإِجَابَةِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي كِتَابِهِ الِانْتِصَارِ إذَا كَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ دُخُولُهُ وَالْجُلُوسُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعُذْرٍ فِي إجَابَةِ الدَّعْوَةِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ أَوْ ثِيَابٌ مَلْبُوسَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ مُنْكَرًا فِي كَوْنِهَا مَلْبُوسَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا يُرَادُ لِلُّبْسِ سَوَاءٌ كَانَ مَلْبُوسًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ مُعَلَّقًا أَوْ مَوْضُوعًا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ تَحْرِيمِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ الْمَمْنُوعَةُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَجْهَانِ وَبِالتَّحْرِيمِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَبِالْكَرَاهَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَالصَّيْدَلَانِيُّ. وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ انْتَهَى وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُمْ مَالُوا إلَى الْكَرَاهَةِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَكِنْ حَكَى فِي الْبَيَانِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ التَّحْرِيمَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدُّخُولِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْحُضُورِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَكَصُوَرِ الْحَيَوَانِ فِي ذَلِكَ فُرُشُ الْحَرِيرِ كَمَا يُومِئُ إلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْلِ (وَلَا بَأْسَ بِصُوَرٍ مَبْسُوطَةٍ) كَأَنْ كَانَتْ عَلَى بُسُطٍ (تُدَاسُ أَوْ) مَخَادِرَ (يُتَّكَأُ عَلَيْهَا أَوْ) بِصُوَرٍ (مُمْتَهَنَةٍ بِالِاسْتِعْمَالِ) لِمَحَلِّهَا (كَطَبَقٍ وَقَصْعَةٍ وَكَذَا إنْ) كَانَتْ مُرْتَفِعَةً لَكِنْ (قُطِعَ رَأْسُهَا) لِأَنَّ مَا يُدَاسُ وَيُطْرَحُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ وَمَقْطُوعُ الرَّأْسِ لَا يُشْبِهُ حَيَوَانًا فِيهِ رُوحٌ بِخِلَافِ الْمَنْصُوبِ فَإِنَّهُ مُرْتَفِعٌ يُشْبِهُ الْأَصْنَامَ (وَإِنْ حَضَرَ الْمُنْكَرَ جَاهِلًا) بِهِ (نَهَاهُمْ) أَيْ مُرْتَكِبِيهِ إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ (لَا) إنْ كَانُوا (شَرَبَةَ نَبِيذٍ يَعْتَقِدُونَهُ) أَيْ حِلَّهُ فَلَا يَنْهَاهُمْ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَهُ كَالْمُنْكَرِ الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ. (فَإِنْ أَصَرُّوا) عَلَى ارْتِكَابِهِمْ الْمُنْكَرَ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِمْ (خَرَجَ) وُجُوبًا (فَإِنْ تَعَذَّرَ الْخُرُوجُ) كَأَنْ كَانَ لَيْلًا وَخَافَ (قَعَدَ كَارِهًا) بِقَلْبِهِ وَلَا يَسْتَمِعُ لِمَا يَحْرُمُ اسْتِمَاعُهُ (كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي جِوَارِ بَيْتِهِ) لَا يَلْزَمُهُ التَّحَوُّلُ وَإِنْ بَلَغَهُ الصَّوْتُ (وَلَا يَحْرُمُ الدُّخُولُ) لِمَكَانِ الْوَلِيمَةِ (وَفِي الْمَمَرِّ صُورَةٌ بَلْ لَا يُكْرَهُ) دُخُولُهُ وَلَا (دُخُولُ حَمَّامٍ بِبَابِهِ صُوَرٌ) لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ مَحَلِّ الْحُضُورِ فَكَانَتْ كَالْخَارِجَةِ عَنْ الْمَنْزِلِ وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا بَأْسَ بِتَصْوِيرِ الْقَمَرَيْنِ وَالشَّجَرِ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا رُوحَ لَهُ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا قَالَ لَهُ الْمُصَوِّرُ لَا أَعْرِفُ صَنْعَةً غَيْرَهَا قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ فَصَوِّرْ مِنْ الْأَشْجَارِ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ التَّصْوِيرِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْلُ اقْتَصَرَ عَلَى التَّصْرِيحِ بِحُكْمِ الصُّوَرِ. (فَرْعٌ وَيَحْرُمُ التَّصْوِيرُ) لِلْحَيَوَانِ (وَلَوْ فِي أَرْضٍ وَثَوْبٍ وَإِنْ تُسُومِحَ بِدَوْسِ مُصَوَّرٍ) إنْ اتَّفَقَ تَصْوِيرٌ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ الْمُصَوِّرِينَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَاسْتَثْنَى لَعِبَ الْبَنَاتِ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ أَمْرَ التَّرْبِيَةِ (وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) أَيْ لِلتَّصْوِيرِ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ (فَصْلٌ) إذَا دَعَاهُ جَمَاعَةٌ (يُجِيبُ الْأَسْبَقَ ثُمَّ الْأَقْرَبَ رَحِمًا ثُمَّ) الْأَقْرَبَ (دَارًا) كَمَا فِي الصَّدَقَةِ ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ (وَعَلَى الصَّائِمِ الْحُضُورُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» أَيْ فَلْيَدْعُ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ «فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ» وَإِذَا دُعِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ. (فَإِنْ كَانَ) الصَّوْمُ (نَفْلًا فَإِفْطَارُهُ لِلْمُجَاوَرَةِ) يَعْنِي لِجَبْرِ خَاطِرِ الدَّاعِي (أَفْضَلُ) مِنْ إمْسَاكِهِ وَلَوْ آخِرَ النَّهَارِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَمْسَكَ مَنْ حَضَرَ مَعَهُ وَقَالَ إنِّي صَائِمٌ قَالَ لَهُ يَتَكَلَّفُ لَك أَخُوك الْمُسْلِمُ وَتَقُولُ إنِّي صَائِمٌ أَفْطِرْ ثُمَّ اقْضِ يَوْمًا مَكَانَهُ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ أَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ الْحُكْمَ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ تَبَعًا لِلْمَرَاوِزَةِ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا شَقَّ عَلَيْهِ إمْسَاكُهُ وَإِلَّا فَالْمُسْتَحَبُّ إمْسَاكُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لِلْمُجَاوَرَةِ (وَلَوْ أَمْسَكَ الْمُفْطِرُ) عَنْ الْأَكْلِ (لَمْ يَحْرُمْ) بَلْ يَجُوزُ لَهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْأَكْلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَوَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَصْحِيحُ وُجُوبِ الْأَكْلِ (وَيَحْرُمُ) عَلَى الصَّائِمِ (الْإِفْطَارُ مِنْ) صَوْمِ (فَرْضٍ وَلَوْ تَوَسَّعَ وَقْتُهُ) كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَقَضَاءِ مَا فَاتَ مِنْ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَالْمَرْأَةُ تُجِيبُهَا الْمَرْأَةُ وَكَذَا) يُجِيبُهَا (الرَّجُلُ لَا مَعَ خَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ) فَلَا يُجِيبُهَا إلَى طَعَامٍ مُطْلَقًا (أَوْ) مَعَ عَدَمِ الْخَلْوَةِ فَلَا يُجِيبُهَا (إلَى طَعَامٍ خَاصٍّ بِهِ) كَأَنْ جَلَسَتْ بِبَيْتٍ وَبَعَثَتْ لَهُ الطَّعَامَ إلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْ دَارِهَا (خَوْفَ الْفِتْنَةِ) بِخِلَافِ مَا إذَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ مُمْتَهَنَةٍ بِالِاسْتِعْمَالِ) تَرَدَّدَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي الْإِبْرِيقِ لِكَوْنِهِ مُمْتَهَنًا بِالِاسْتِعْمَالِ لَكِنْ لَا يُجْعَلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَمَالَ إلَى الْمَنْعِ فَقَالَ إنَّهُ الْمُتَّجِهُ وَعِنْدِي أَنَّ الدَّنَانِيرَ الرُّومِيَّةَ الَّتِي عَلَيْهَا الصُّوَرُ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُنْكَرُ لِامْتِهَانِهَا بِالْإِنْفَاقِ وَالْمُعَامَلَةِ وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - يَتَعَامَلُونَ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلَمْ تَحْدُثْ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ إلَّا فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ (قَوْلُهُ كَطَبَقٍ وَقَصْعَةٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ نُقِشَتْ صُورَةٌ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَالْقِيَاسُ الْتِحَاقُهُ بِالثَّوْبِ لِامْتِهَانِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ قَطَعَ رَأْسَهَا) قَالَ الكوهكيلوني وَكَذَا حُكْمُ مَا صُوِّرَ بِلَا رَأْسٍ وَأَمَّا الرُّءُوسُ بِلَا أَبْدَانٍ فَهَلْ تَحْرُمُ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَالْحُرْمَةُ أَرْجَحُ اهـ هُوَ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَبَنَاهُمَا عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ لَا نَظِيرَ لَهُ إنْ جَوَّزْنَاهُ جَازَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيَشْمَلُهُ قَوْلُهُمْ وَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ قَوْلُهُ فَلَا يَنْهَاهُمْ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ شَمَلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ الْمَدْعُوُّ هُوَ الْقَاضِي أَوْ مَنْ نُصِبَ لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَهُوَ يَرَى الْحَدَّ فِيهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَ وُجُوبًا) شَمَلَ مَا لَوْ بَسَطَ عَلَى فِرَاشِ الْحَرِيرِ شَيْئًا وَجَلَسَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَأَنْ كَانَ لَيْلًا وَخَافَ) أَوْ خَافَ مِنْ سَطْوَةِ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ [فَرْعٌ التَّصْوِيرُ لِلْحَيَوَانِ وَلَوْ فِي أَرْضٍ وَثَوْبٍ] قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ التَّصْوِيرُ لِلْحَيَوَانِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرَ مِثْلَهُ كَإِنْسَانٍ لَهُ جَنَاحٌ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ بِلَا رَأْسٍ اهـ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَوِّرَ وَجْهَ إنْسَانٍ بِلَا بَدَنٍ. وَقَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ بِلَا رَأْسٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى لَعِبَ الْبَنَاتِ إلَخْ) وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ جَوَازَهُ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَتَابَعَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ [فَصْلٌ دَعَاهُ جَمَاعَةٌ إلَى الْوَلِيمَة] (قَوْلُهُ وَعَلَى الصَّائِمِ الْحُضُورُ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُ مَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَةُ فِي نَهَار رَمَضَانَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَالْمَدْعُوُّونَ كُلُّهُمْ مُكَلَّفُونَ صَائِمُونَ قَالَ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ إلَّا رُؤْيَةَ طَعَامِهِ وَالْقُعُودُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ مُشِقٌّ فَإِنْ أَرَادَ هَذَا فَلْيَدْعُهُمْ عِنْدَ الْغُرُوبِ قَالَ وَهَذَا وَاضِحٌ وَقَوْلُهُ اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ تَبَعًا لِلْمَرَاوِزَةِ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا اشْتَقَّ عَلَيْهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَخْ) وَاخْتَارَهُ فِي تَصْحِيحِهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ قَوِيٌّ لَكِنْ لَمْ أَجِدْ مَنْ وَافَقَهُ عَلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 لَمْ يَخَفْ. فَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَضْرَابُهُ يَزُورُونَ رَابِعَةَ الْعَدَوِيَّةَ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهَا فَإِنْ وُجِدَ رَجُلٌ كَسُفْيَانَ وَامْرَأَةٌ كَرَابِعَةَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي الْإِجَابَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِلْمَرْأَةِ إذْنُ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ لِلْمَدْعُوِّ (وَيُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ) كَمَا تُكْرَهُ مُعَامَلَتُهُ (فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ طَعَامَهُ حَرَامٌ حَرُمَتْ) إجَابَتُهُ. (فَصْلٌ التَّقْرِيبُ) أَيْ تَقْرِيبُ الْمُضِيفِ الطَّعَامَ (لِلضَّيْفِ إذْنٌ) لَهُ فِي الْأَكْلِ (وَإِنْ لَمْ يَدْعُهُ) إلَى مَنْزِلِهِ (فَلْيَأْكُلْ اكْتِفَاءً) بِالْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا فِي الشُّرْبِ مِنْ السِّقَايَاتِ فِي الطُّرُقِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَا وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ لَفْظِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ (لَا إنْ انْتَظَرُوا) أَيْ الْمُضِيفُونَ وَالْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ انْتَظَرَ أَيْ الْمُضِيفُ (غَيْرَهُ) فَلَا يَأْكُلُ (إلَّا بِإِذْنٍ) لَفْظًا أَوْ بِحُضُورِ الْغَيْرِ لِاقْتِضَاءِ الْقَرِينَةِ عَدَمَ الْأَكْلِ بِدُونِ ذَلِكَ. (وَيَمْلِكُ مَا الْتَقَمَهُ) بِالْتِقَامِهِ أَيْ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحُهُ وَصَرَّحَ بِتَرْجِيحِهِ الْقَاضِي وَالْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي تَرْجِيحُ أَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالِازْدِرَاءِ أَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَهُ (وَلَا يُطْعِمُ هِرَّةً) وَلَا سَائِلًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (إلَّا إنْ عَلِمَ رِضَاهُ) بِهِ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُبِيحُهُ لِغَيْرِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ عُرْفًا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فَقَوْلُهُمْ وَيَمْلِكُهُ أَيْ يَمْلِكُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِنَفْسِهِ كَالْعَارِيَّةِ لَا أَنَّهُ يَمْلِكُ الْعَيْنَ أَوْ الْمَنْفَعَةَ كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ وَإِنْ مَنَعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُفَارِقُ مُقَابِلَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَإِنَّمَا هُوَ إتْلَافٌ بِإِذْنِ الْمَالِكِ. (وَلِلضَّيْفِ تَلْقِيمُ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُفَاضِلَ) الْمُضِيفُ (طَعَامَهُمَا) فَلَيْسَ لِمَنْ خُصَّ بِنَوْعٍ أَنْ يُطْعِمَ غَيْرَهُ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ سَوَاءٌ خُصَّ بِالنَّوْعِ الْعَالِي أَمْ بِالسَّافِلِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِمَنْ خُصَّ بِالْعَالِي ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَيُكْرَهُ) لِلْمُضِيفِ (تَفَاضُلُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ الْخَاطِرِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِتَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الشِّبَعِ وَإِنَّهُ لَوْ زَادَ لَمْ يَضْمَنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ كَانَ الضَّيْفُ يَأْكُلُ كَعَشْرَةٍ مَثَلًا وَمُضِيفُهُ جَاهِلٌ بِحَالِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ فَوْقَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ فِي الْمِقْدَارِ قَالَ وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ قَلِيلًا فَأَكَلَ لُقَمًا كِبَارًا مُسْرِعًا حَتَّى يَأْكُلَ أَكْثَرَ الطَّعَامِ وَيَحْرِمَ أَصْحَابَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ (وَيَحْرُمُ التَّطَفُّلُ) وَهُوَ حُضُورُ الْوَلِيمَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ إلَّا إذَا عَلِمَ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْأُنْسِ وَالِانْبِسَاطِ. وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بِالدَّعْوَةِ الْخَاصَّةِ أَمَّا الْعَامَّةُ كَأَنْ فَتَحَ الْبَابَ لِيَدْخُلَ مَنْ شَاءَ فَلَا تَطَفُّلَ وَالطُّفَيْلِيُّ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّطَفُّلِ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى طُفَيْلٍ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانَ يَأْتِي الْوَلَائِمَ بِلَا دَعْوَةٍ فَكَانَ يُقَالُ لَهُ طُفَيْلُ الْأَعْرَاسِ (وَلَهُ) أَيْ لِلضَّيْفِ (حَمْلُ مَا عَلِمَ رِضَاهُ) أَيْ الْمُضِيفِ (بِهِ لَا إنْ شَكَّ) فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْمَأْخُوذِ وَجِنْسِهِ وَبِحَالِ الْمُضِيفِ وَالدَّعْوَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَإِذَا عَلِمَ رِضَاهُ يَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ إلَّا مَا يَخُصُّهُ أَوْ يَرْضَوْنَ بِهِ عَنْ طَوْعٍ لَا عَنْ حَيَاءٍ (وَلَهُ الشُّرْبُ مِنْ السِّقَايَاتِ) الْمَوْضُوعَةِ فِي الطُّرُقِ لِلْعُرْفِ (فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْأَكْلِ (تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ) وَلَوْ مِنْ جُنُبٍ وَحَائِضٍ (قَبْلَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ) لِلْأَمْرِ بِهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي الْأَكْلِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الشُّرْبُ وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. (وَهِيَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ) إذَا أَتَى بِهَا الْبَعْضُ سَقَطَتْ عَنْ الْبَاقِينَ كَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ (وَ) مَعَ ذَلِكَ (يُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ) بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ سُنَّةَ الْكِفَايَةِ كَفَرْضِهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْ الْكُلِّ لَا مِنْ الْبَعْضِ فَقَطْ (فَإِنْ تَرَكَهَا) وَلَوْ عَمْدًا (أَوَّلَهُ قَالَ) فِي أَثْنَائِهِ (بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ أَيْضًا وَلَوْ سَمَّى مَعَ كُلِّ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِي إجَابَةِ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ) لِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ كَانَ الدَّاعِي حُرًّا رَشِيدًا وَلَكِنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَوْ كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَرْفُ ذَلِكَ فِي دَيْنِهِ أَوْ نَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَصَحَّ تَحْرِيمُ صَدَقَتِهِ بِذَلِكَ وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ تَقْرِيبُ الْمُضِيفِ الطَّعَامَ لِلضَّيْفِ إذْنٌ لَهُ فِي الْأَكْلِ وَإِنْ لَمْ يَدْعُهُ] (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَشَرْحِ ابْن الْمُلَقِّن وَالنُّكَتِ أَنَّهُ رَجَّحَ فِي الصَّغِيرِ الْمِلْكَ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَهُوَ سَهْوٌ وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ثُمَّ قِيلَ يُمْلَكُ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقِيلَ بِالْأَخْذِ وَقِيلَ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَقِيلَ بِالِازْدِرَاءِ يَتَبَيَّنُ حُصُولُ الْمِلْكِ قَبْلَهُ رَجَّحَ مِنْهَا الْأَوَّلَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَكَذَا رَأَيْته فِيمَا لَا أُحْصِي مِنْ نُسْخَةٍ مِنْهُ انْتَهَى فس قَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ لَا تَجُوزُ إبَاحَتُهُ لِغَيْرِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ أَكْلِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعَبْدِ أَمَّا هُوَ فَإِنَّمَا يَأْكُلُهُ إتْلَافٌ بِإِذْنِ مَالِكِهِ. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِمَنْ خُصَّ بِالْعَالِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِتَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ زَادَ لَمْ يَضْمَنْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِهِ وَالْأَضْمَنُ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ . (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بِالدَّعْوَةِ الْخَاصَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ فِي آدَابِ الْأَكْلِ] (قَوْلُهُ تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْأَكْلِ) يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ التَّقَوِّيَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِيَكُونَ قُرْبَةً مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ لَا مِنْ حُظُوظِ النُّفُوسِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ إذَا كَانَ الْمُؤَاكِلُ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَسْتَقْذِرُهُ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ بِيَدِ الْآكِلِ بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ قُرُوحٌ أَوْ نَحْوُهَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا شَكَّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 لُقْمَةٍ فَهُوَ أَحْسَنُ حَتَّى لَا يَشْغَلَهُ الشَّرَهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى (وَ) يُسْتَحَبُّ (الْحَمْدُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي آخِرِ الْأَطْعِمَةِ (جَهْرًا فِيهِمَا) أَيْ فِي الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ رُفْقَتُهُ (لِيُقْتَدَى بِهِ) فِيهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِالْجَهْرِ فِي الْحَمْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَيَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبُّنَا بِرِفْعَةِ بِالِابْتِدَاءِ وَنَصْبِهِ بِالِاخْتِصَاصِ أَوْ النِّدَاءِ أَوْ جَرِّهِ بِالْبَدَلِ مِنْ لِلَّهِ. (وَ) يُسْتَحَبُّ (غَسْلُ الْيَدِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ) لَكِنَّ الْمَالِكَ يَبْتَدِئُ بِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَيَتَأَخَّرُ بِهِ فِيمَا بَعْدَهُ لِيَدْعُوَا النَّاسَ إلَى كَرْمِهِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (الْأَكْلُ بِالثَّلَاثِ) مِنْ الْأَصَابِعِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَالدُّعَاءُ لِلْمُضِيفِ بِالْمَأْثُورِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ) كَأَنْ يَقُولَ أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ وَقُرَيْشٍ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ (وَيَكْرَهُ الْأَكْلُ مُتَّكِئًا) لِخَبَرِ «أَنَا لَا آكُلُ مُتَّكِئًا» قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُتَّكِئُ هُنَا الْجَالِسُ مُعْتَمَدًا عَلَى وَطَاءٍ تَحْتَهُ كَقُعُودِ مَنْ يُرِيدُ الْإِكْثَارَ مِنْ الطَّعَامِ وَأَشَارَ غَيْرِهِ إلَى أَنَّهُ الْمَائِلُ عَلَى جَنْبِهِ وَمِثْلُهُ الْمَضْجَعُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَ) يُكْرَهُ الْأَكْلُ (مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ وَمِنْ الْوَسَطِ) وَالْأَعْلَى (لَا نَحْوُ الْفَاكِهَةِ) مِمَّا يُتَنَقَّلُ بِهِ. وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْإِيذَاءِ (وَيُكْرَهُ تَقْرِيبُ فَمِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الطَّعَامِ (بِحَيْثُ يَقَعُ مِنْ فَمِهِ إلَيْهِ شَيْءٌ وَذَمُّهُ) لِمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ وَيُكْرَهُ نَفْضُ يَدِهِ فِي الْقَصْعَةِ (لَا قَوْلُهُ لَا أَشْتَهِيهِ) أَوْ مَا اعْتَدْت أَكْلَهُ فَلَا يُكْرَهُ لِخَبَرِ الضَّبِّ فِي الصَّحِيحَيْنِ (وَيُكْرَهُ الْبُزَاقُ وَالْمُخَاطُ حَالَ أَكْلِهِمْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ (وَقَرْنِ ثَمَرَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا) كَعِنَبَتَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الرُّفَقَاءِ (وَالْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَالتَّنَفُّسِ وَالنَّفْخِ فِي الْإِنَاءِ) لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ (وَالشُّرْبُ قَاعِدًا أَوْلَى) مِنْهُ قَائِمًا أَوْ مُضْطَجِعًا فَالشُّرْبُ قَائِمًا بِلَا عُذْرٍ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ صَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَرَاهَتَهُ وَأَمَّا شُرْبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمًا فَلِبَيَانِ الْجَوَازِ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ شَرِبَ قَائِمًا عَالِمًا أَوْ نَاسِيًا أَنْ يَتَقَيَّأَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدُكُمْ قَائِمًا فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ» . (وَ) الشُّرْبُ (مِنْ فَمِ الْقِرْبَةِ مَكْرُوهٌ) لِلنَّهْيِ عَنْ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ أَيْ الْقِرْبَةِ وَلِأَنَّهُ يَقْذُرُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَيُنْتِنُهُ قِيلَ وَلِئَلَّا يَدْخُلَ فِي جَوْفِهِ مُؤْذٍ يَكُونُ فِي الْقِرْبَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ وَرُدَّ بِالشُّرْبِ مِنْ الْإِبْرِيقِ وَنَحْوِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكْرَعَ أَيْ يَشْرَبَ بِالْفَمِ بِلَا عُذْرٍ فِي الْيَدِ (وَيُسْتَحَبُّ الْجَمَاعَةُ وَالْحَدِيثُ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ عَلَى الطَّعَامِ) لِمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (لَعْقُ الْإِنَاءِ وَالْأَصَابِعِ وَأَكْلِ سَاقِطٍ) مِنْ اللُّقَمِ وَنَحْوِهَا إذَا (لَمْ يَتَنَجَّسْ أَوْ) تَنَجَّسَ (وَلَمْ يَتَعَذَّرْ تَطْهِيرُهُ) وَطَهُرَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَذَّرَ تَطْهِيرُهُ (وَ) يُسْتَحَبُّ (مُؤَاكَلَةُ عَبِيدٍ وَصِغَارِهِ) وَزَوْجَاتِهِ (وَأَنْ لَا يَخُصَّ نَفْسَهُ بِطَعَامٍ إلَّا لِعُذْرٍ) كَدَوَاءٍ (بَلْ يُؤْثِرُهُمْ) عَلَى نَفْسِهِ بِفَاخِرِ الطَّعَامِ كَقِطْعَةِ لَحْمٍ وَخُبْزٍ لَيِّنٍ أَوْ طَيِّبٍ (وَلَا يَقُومُ) عَنْ الطَّعَامِ (وَغَيْرُهُ يَأْكُلُ) مَا دَامَ يَظُنُّ بِهِ حَاجَةً إلَى الْأَكْلِ (وَأَنْ يُرَحِّبَ بِضَيْفِهِ وَيُكْرِمَهُ) كَمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى حُصُولِهِ ضَيْفًا عِنْدَهُ. وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ يَتَلَقَّطَ فُتَاتَ الطَّعَامِ وَأَنْ يَقُولَ الْمَالِكُ لِضَيْفِهِ وَلِغَيْرِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ إذَا رَفَعَ يَدَهُ مِنْ الطَّعَامِ كُلْ وَيُكَرِّرُهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ اكْتَفَى مِنْهُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَأَنْ يَتَخَلَّلَ وَلَا يَبْتَلِعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ أَسْنَانِهِ بِالْخِلَالِ بَلْ يَرْمِيهِ وَيَتَمَضْمَضُ بِخِلَافِ مَا يَجْمَعُهُ بِلِسَانِهِ مِنْ بَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَبْتَلِعُهُ وَأَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ أَكْلِهِ اللَّحْمَ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مِنْ الْخُبْزِ حَتَّى يَسُدَّ الْخَلَلَ وَأَنْ لَا يَشُمَّ الطَّعَامَ وَلَا يَأْكُلَهُ حَارًّا حَتَّى يَبْرُدَ وَأَنْ يُرَاعِيَ أَسْفَلَ الْكُوزِ حَتَّى لَا يَنْقُطَ وَأَنْ يَنْظُرَ فِي الْكُوزِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ وَلَا يَتَجَشَّأَ فِيهِ بَلْ يُنَحِّيهِ عَنْ فَمِهِ بِالْحَمْدِ وَيَرُدُّهُ بِالتَّسْمِيَةِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَشْرَبَ فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ بِالتَّسْمِيَةِ فِي أَوَائِلِهَا وَبِالْحَمْدِ فِي أَوَاخِرِهَا وَيَقُولَ فِي آخِرِ الْأَوَّلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَيَزِيدَ فِي الثَّانِي الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَفِي الثَّالِثِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَمِنْ آدَابِ الْمُضِيفِ أَنْ يُشَيِّعَ الضَّيْفَ عِنْدَ خُرُوجِهِ إلَى بَابِ الدَّارِ وَمِنْ آدَابِ الضَّيْفِ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَأَنْ لَا يَجْلِسَ فِي مُقَابَلَةِ حُجْرَةِ النِّسَاءِ وَسُتْرَتِهِنَّ وَأَنْ لَا يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الطَّعَامُ. وَيَنْبَغِي لِلْآكِلِ أَنْ يُقَدِّمَ الْفَاكِهَةَ ثُمَّ اللَّحْمَ ثُمَّ الْحَلَاوَةَ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْفَاكِهَةُ لِأَنَّهَا أَسْرَعُ اسْتِحَالَةً فَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ أَسْفَلَ الْمَعِدَةِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَائِدَةِ بَقْلٌ وَقَدْ ذَكَرْت زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْإِيذَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَرْنِ ثَمَرَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الصَّوَابُ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ فَالْقِرَانُ حَرَامٌ إلَّا بِرِضَاهُمْ وَيَحْصُلُ الرِّضَا بِالتَّصْرِيحِ بِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ قَرِينَةٍ أَوْ دَلَالَةٍ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا أَنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِهِ وَمَتَى شَكَّ فِي رِضَاهُمْ فَحَرَامٌ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لِأَحَدِهِمْ اُشْتُرِطَ رِضَاهُ فَإِنْ قَرَنَ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَحَرَامٌ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيَحْصُلُ الْجَوَازُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ أَحَدُهُمَا إذَا قَرَنَ الْمَالِكُونَ ثَانِيَهَا إذَا سَامَحُوا بِذَلِكَ ثَالِثُهَا إذَا كَانَ الْقَارِنُ هُوَ الْمَالِكَ (وَقَوْلُهُ الصَّوَابُ التَّفْصِيلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ صَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَرَاهَتَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ فِيهَا لِلْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَةِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إذْ خِلَافُ الْأَوْلَى هُوَ الْمَكْرُوهُ إذَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ بِخُصُوصِهِ لَكِنَّهُ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ لَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكْرَعَ أَيْ يَشْرَبَ بِالْفَمِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِعَدَمِ كَرَاهَتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَقُومُ عَنْ الطَّعَامِ إلَخْ) يَعْنِي وَلَا يَتْرُكُ الْأَكْلَ. (قَوْلُهُ وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى حُصُولِهِ ضَيْفًا عِنْدَهُ) وَيُظْهِرَ سُرُورَهُ بِهِ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ لِجَعْلِهِ أَهْلًا لِتَضْيِيفِهِ ش الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 (فَصْلٌ يَجُوزُ نَثْرُ السُّكَّرِ وَالدَّنَانِيرِ) وَنَحْوِهِمَا كَلَوْزٍ وَجَوْزٍ وَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَدَرَاهِمَ (فِي إمْلَاكٍ أَوْ خِتَانٍ) وَكَذَا سَائِرُ الْوَلَائِمِ فِيمَا يَظْهَرُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَتَرْكُهُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ سَبَبٌ إلَى مَا يُشْبِهُ النَّهْيَ (وَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ) لِذَلِكَ (وَتَرْكُهُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّهْيَ (إلَّا إذَا لَمْ يُؤْثِرُ النَّاثِرُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) بِأَنْ عَرَفَ مِنْهُ الْمُلْتَقِطُ ذَلِكَ (وَلَمْ يُزْرِ) الِالْتِقَاطُ فِي مُرُوءَتِهِ فَلَا يَكُونُ تَرْكُهُ أَوْلَى هَذَا مَا فِي الْأَصْلِ وَلَا يُخَالِفُهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى كَرَاهَةِ النَّثْرِ وَالِالْتِقَاطِ إنْ حُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى (وَلَوْ أَخَذَهُ اللَّاقِطُ أَوْ بَسَطَ لَهُ) حِجْرَهُ مَثَلًا (فَوَقَعَ بِحِجْرِهِ مَلَكَهُ) بِالْأَخْذِ وَالْوُقُوعِ فِيمَا ذُكِرَ اعْتِبَارًا بِالْعَادَةِ (وَلَوْ سَقَطَ) مِنْهُ (بَعْدَ أَخْذِهِ) كَمَا لَوْ أَفْلَتَ الصَّيْدُ عَقِيبَ وُقُوعِهِ فِي الشَّبَكَةِ (فَلَوْ أَخَذَ غَيْرَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) كَنَظِيرِهِ فِي الصَّيْدِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ وَقَعَ فِي ثَوْبِهِ بِلَا قَصْدٍ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ) فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ نَعَمْ إنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْغَبُ فِيهِ فَلَا أَوْلَوِيَّةَ لَهُ فَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ وَحَيْثُ كَانَ أَوْلَى بِهِ قَالَ فِي الْأَصْلُ فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ فَفِي مِلْكِهِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ عَشَّشَ طَائِرٌ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَ فَرْخَةَ غَيْرِهِ وَفِيمَا إذَا دَخَلَ السَّمَكُ مَعَ الْمَاءِ حَوْضَهُ وَفِيمَا إذَا وَقَعَ الثَّلْجُ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَهُ وَفِيمَا إذَا أَحْيَا مَا تَحَجَّرَهُ غَيْرُهُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْمَحْيِيَّ يَمْلِكُ وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَيْلُهُمْ إلَى الْمَنْعِ أَكْثَرُ لِأَنَّ الْمُتَحَجِّرَ غَيْرُ مَالِكٍ فَلَيْسَ الْإِحْيَاءُ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّوَرِ انْتَهَى (لَا إنْ سَقَطَ) مِنْ ثَوْبِهِ وَلَوْ لَمْ يَنْقُضْهُ فَلَيْسَ أَوْلَى بِهِ لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَالْفِعْلِ. (وَالْأَخْذُ) لَهُ (مِنْ الْهَوَاءِ) بِإِزَارٍ وَغَيْرِهِ (مَكْرُوهٌ مُمَلَّكٌ وَالصَّبِيُّ يَمْلِكُ مَا الْتَقَطَهُ) وَالسَّيِّدُ يَمْلِكُ مَا الْتَقَطَهُ رَقِيقُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَالْقَسْمِ وَالشِّقَاقِ وَفِيهِ بَابَانِ) (الْأَوَّلُ فِي الْعِشْرَةِ وَالْقَسْمِ) النِّكَاحُ مَنَاطُ حُقُوقِ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ كَالطَّاعَةِ وَمُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ وَحُقُوقُهَا عَلَيْهِ كَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ تَعَالَى {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] وَالْمُرَادُ تَمَاثُلُهُمَا فِي وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَقَالَ تَعَالَى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] (فَعَلَى الزَّوْجَيْنِ الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ) وَتَحْصُلُ (بِكَفِّ الْأَذَى وَالتَّخَرُّجِ) بِمَعْنَى الْخُرُوجِ (عَنْ الْحَقِّ بِالرِّضَا) بِأَنْ يُؤَدِّيَهُ رَاضِيًا طَلْقَ الْوَجْهِ (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) خَمْسَةٌ (الْأَوَّلُ فِي مُسْتَحِقِّ الْقَسْمِ) إثْبَاتًا وَنَفْيًا (فَلَا حَقَّ) فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ (لِلْوَاحِدَةِ وَ) لَكِنْ (يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُعَطِّلَهَا) بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا وَيُحْصِنَهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ. (وَأَقَلُّهُ) أَيْ مَا يَحْصُلُ بِهِ عَدَمُ التَّعْطِيلِ (لَيْلَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ) اعْتِبَارًا بِمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمَبِيتُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُ كَسُكْنَى الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلِأَنَّ فِي دَاعِيَةِ الطَّبْعِ مَا يُغْنِي عَنْ إيجَابِهِ (وَلَا) حَقَّ فِيهِ عَلَيْهِ (لِلْأَكْثَرِ) مِنْ وَاحِدَةٍ (إلَّا إنْ بَاتَ مَعَ زَوْجَتِهِ) مِنْهُنَّ (لَا أَمَةٍ فَتَسْتَحِقُّ الْبَاقِيَاتُ مِثْلُهَا) {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] وَخَبَرِ «إذَا كَانَتْ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ أَوْ سَاقِطٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ سَوَاءٌ أَبَاتَ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ بِقُرْعَةٍ أَمْ لَا وَسَيَأْتِي وُجُوبُهَا لِذَلِكَ أَمَّا لَوْ بَاتَ مَعَ أَمَةٍ فَلَا تَسْتَحِقُّ الْبَاقِيَاتُ الْقَسْمُ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي (وَالتَّسْوِيَةُ فِي الْجِمَاعِ وَ) بَقِيَّةِ (الِاسْتِمْتَاعِ مُسْتَحَبَّةٌ) لَا وَاجِبَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالنَّشَاطِ وَالشَّهْوَةِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا (وَلَا يُؤَاخِذُ بِمَيْلِ الْقَلْبِ) إلَى بَعْضِهِنَّ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ وَلَوْ قَسَمَ بَيْنَهُنَّ مُدَّةً وَسَوَّى ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ جَازَ كَالِابْتِدَاءِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ نَثْرُ السُّكَّرِ وَالدَّنَانِيرِ وَنَحْوِهِمَا إمْلَاكٍ أَوْ خِتَانٍ] قَوْلُهُ وَكَذَا سَائِرُ الْوَلَائِمِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ حُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى) قَدْ قَدَّمْت أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى هُوَ الْمَكْرُوهُ إذَا كَانَ فِيهِ نَهْيٌ بِخُصُوصِهِ (قَوْلُهُ مَلَكَهُ بِالْأَخْذِ أَوْ الْوُقُوعِ فِيهِ إلَخْ) شَمَلَ الصَّبِيَّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَيَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَيْلُهُمْ إلَى الْمَنْعِ أَكْثَرُ) فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّوَرِ) الْأَصَحُّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا الْمِلْكُ كَالْإِحْيَاءِ مَا عَدَا صُورَةَ النِّثَارِ لِقُوَّةِ الِاسْتِيلَاءِ فِيهَا. [كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَالْقَسْمِ وَالشِّقَاقِ] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الْعِشْرَةِ وَالْقَسْمِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي مُسْتَحِقِّ الْقَسْمِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا] (كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَالْقَسْمِ وَالشِّقَاقِ) (قَوْلُهُ فَعَلَى الزَّوْجَيْنِ الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ إلَخْ) قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ لَوْ ظَهَرَ زِنَاهَا حَلَّ لَهُ مَنْعُ قَسْمِهَا وَحُقُوقِهَا لِتَفْتَدِي مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَا حَقَّ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ) اسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الْإِعْرَاضِ عَنْ الزَّوْجَةِ الْمَظْلُومَةِ فِي الْقَسْمِ فَلَوْ بَانَ مِنْهُ اللَّوَاتِي ظَلَمَ لَهُنَّ فَفِي الْبَسِيطِ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا قَالَ وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةً وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ صَرَّحَ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يُعِيدَ الْمَظْلُومَ لَهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَرَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ مُسْتَنِدًا إلَى الْبَسِيطِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُوَ الْمُتَّجَهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَظْلُومَ بِسَبَبِهَا قَدْ اسْتَوْفَتْ نَوْبَةَ الْمَظْلُومَةِ مِنْ الزَّوْجِ وَلِهَذَا يَقُولُ الْأَصْحَابُ إنَّهَا الْمَظْلُومُ لَهَا وَحَصَلَ لِلْمَظْلُومَةِ الْغَيْرَةُ وَالْوَحْشَةُ وَالْمَرْعِيُّ فِي رَدِّ الظُّلَامَاتِ الْمُمَاثَلَةُ وَهَذِهِ الظُّلَامَةُ لَا يُمْكِنُ قَضَاؤُهَا إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُمَاثَلَةُ أَنْ تُؤْخَذَ نَوْبَةُ الْمَظْلُومِ لَهَا فَتُعْطَى لِلْمَظْلُومَةِ. وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُعَارِضُ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا بَاتَ عِنْدَ الْمَظْلُومِ بِهَا فَقَدْ حَصَلَ الظُّلْمُ مِنْ الزَّوْجِ وَحَصَلَ الظُّلْمُ مِنْ الضَّرَّةِ أَيْضًا وَبَرَاءُ ذِمَّةِ الضَّرَّةِ لَا تُمْكِنُ إلَّا بِالْقَضَاءِ مِنْ نَوْبَتِهَا بَعْدَ النِّكَاحِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَبَرَاءَةُ ذِمَّةِ الزَّوْجِ تُمْكِنُ بِالْمَبِيتِ فِي حَالِ بَيْنُونَةِ الضَّرَّةِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ إذَا بَاتَ عِنْدَهَا ثُمَّ عَادَتْ الضَّرَّةُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَبِيتُ مِنْ نَوْبَتِهَا وَكَيْفَ كَانَ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ نِكَاحُ الضَّرَّةِ لِيُوَفِّيَ مِنْ نَوْبَتِهَا حَقَّ الْمَظْلُومَةِ وَإِذَا خَطَبَ الضَّرَّةَ وَجَبَتْ عَلَيْهَا إجَابَةُ خِطْبَتِهِ لِتَوْفِيَةِ حَقِّ الْمَظْلُومَةِ وَلَيْسَ لَنَا نِكَاحٌ تَجِبُ إجَابَةُ الْخَاطِبِ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا هَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 (فَصْلٌ) (لَا قَسْمَ لِلْإِمَاءِ) وَلَوْ مُتَوَلِّدَاتٍ قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] أَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْعَدْلُ الَّذِي هُوَ فَائِدَةُ الْقَسْمِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ فِيهِ (وَ) لَكِنْ (يُسْتَحَبُّ الْعَدْلُ بَيْنَهُنَّ) لِئَلَّا يَحْقِدَ بَعْضُهُنَّ عَلَى بَعْضٍ (وَعَدَمُ التَّعْطِيلِ) لَهُنَّ لِيَأْمَنَ الْوُقُوعَ فِيمَا لَا يَنْبَغِي (وَيَقْسِمُ لِذَوَاتِ الْأَعْذَارِ) مِنْ الزَّوْجَاتِ كَمَا يَقْسِمُ لِغَيْرِهِنَّ (كَالرَّتْقَاءِ) وَالْقَرْنَاءِ وَالْحَائِضِ وَالْجَذْمَاءِ وَالْبَرْصَاءِ (وَالْمَجْنُونَةِ إنْ أُمِنَتْ) أَيْ أُمِنَ شَرُّهَا. (وَ) يَقْسِمُ (لِلْمُرَاهِقَةِ وَالْمُظَاهَرِ مِنْهَا) وَالْمَوْلَى مِنْهَا لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأُنْسُ وَالتَّحَرُّزُ عَنْ التَّخْصِيصِ الْمُوحِشِ لَا الِاسْتِمْتَاعُ (لَا مُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ) لِتَحْرِيمِ الْخَلْوَةِ بِهَا (وَ) لَا (نَاشِزَةٍ) كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ مَسْكَنِهِ أَوْ أَرَادَ الدُّخُولَ إلَيْهَا فَأَغْلَقَتْ الْبَابَ وَمَنَعَتْهُ فَلَا قَسْمَ لَهَا كَمَا لَا نَفَقَةَ (وَ) لَا (مُدَّعِيَةٍ لِلطَّلَاقِ) هَذِهِ أَدْخَلَهَا الْأَصْلُ فِي النَّاشِزَةِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَمُدَّعِيَةٍ لِلطَّلَاقِ لِوَافِقِهِ (- وَنُشُوزُ الْمَجْنُونَةِ يُسْقِطُ حَقَّهَا) مِنْ الْقَسْمِ كَنُشُوزِ الْعَاقِلَةِ لَكِنَّهَا لَا تَأْثَمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالْأَوْلَى) لِلزَّوْجِ فِي الْقَسْمِ عَلَى زَوْجَاتِهِ (أَنْ يَطُوفَ عَلَيْهِنَّ) اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَوْنًا لَهُنَّ عَنْ الْخُرُوجِ (وَلَهُ أَنْ يَسْتَدْعِيَ بِهِنَّ) بِزِيَادَةِ الْبَاءِ بِأَنْ يَدْعُوهُنَّ إلَى مَسْكَنِهِ (لَا إلَى مَنْزِلِ إحْدَاهُنَّ) فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَمِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ ضَرَّتَيْنِ بِمَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا (وَلَا يَأْتِي بَعْضًا) مِنْهُنَّ (وَيَدْعُو بَعْضًا) إلَى مَسْكَنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْصِيصِ. وَالنَّصُّ عَلَى أَنَّ لَهُ ذَلِكَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ مِمَّا يَأْتِي (فَإِنْ أَقْرَعَ) بَيْنَهُنَّ (لِمَنْ تُدْعَى) إلَيْهِ (أَوْ بَعْدَ بَيْتِ الْمَدْعُوَّةِ أَوْ كَانَتْ عَجُوزًا وَتِلْكَ) أَيْ الَّتِي يَأْتِيهَا (شَابَّةً فَحَلَفَ عَلَيْهَا فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ دُعَاءِ بَعْضِهِنَّ بِالْقُرْعَةِ وَإِتْيَانِ قَرِيبَةِ الْبَيْتِ وَالشَّابَّةِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَالْمُسَافِرَةِ بِبَعْضِهِنَّ بِالْقُرْعَةِ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَلِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ فِي الْإِتْيَانِ إلَى الْبَعِيدَةِ وَلِخَوْفِهِ عَلَى الشَّابَّةِ (فَإِنْ اشْتَغَلَتْ عَنْ الْإِجَابَةِ) إلَى دُعَائِهِ لَهَا (لِحَاجَتِهَا فَهِيَ نَاشِزَةٌ) لِمُخَالَفَتِهَا الْوَاجِبَ (أَوْ) اشْتَغَلَتْ عَنْهَا (لِمَرَضٍ فَحَمْلُهَا) إلَيْهِ إنْ أَرَادَ وَاجِبٌ (عَلَيْهِ وَإِنْ سَافَرَتْ) دُونَهُ وَلَوْ لِحَاجَتِهِ (سَقَطَ حَقُّهَا لَا) إنْ سَافَرَتْ (لِحَاجَتِهِ بِإِذْنِهِ فَيَقْضِي) لَهَا مَا فَاتَهَا (مِنْ حَقِّ الْبَاقِيَاتِ) (فَصْلٌ) (وَيَقْسِمُ) الزَّوْجُ (الْمُرَاهِقُ) كَالْبَالِغِ (فَإِنْ جَارَ) فِي قَسْمِهِ (أَثِمَ الْوَلِيُّ أَوْ) جَارَ فِيهِ (السَّفِيهُ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ (وَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ الطَّوَافُ بِالْمَجْنُونِ) عَلَيْهِنَّ سَوَاءٌ أَمِنَ مِنْهُ الضَّرَرَ أَمْ لَا (إلَّا إنْ طُولِبَ بِقَضَاءِ قَسْمٍ) وَقَعَ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ الطَّوَافُ بِهِ عَلَيْهِنَّ قَضَاءً لِحَقِّهِنَّ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ طُولِبَ مَا لَوْ لَمْ يُطَالَبْ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِأَنَّ لَهُنَّ التَّأْخِيرَ إلَى إفَاقَتِهِ لِتَتِمَّ الْمُؤَانَسَةُ (أَوْ) إنْ (كَانَ الْجِمَاعُ يَنْفَعُهُ) بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (أَوْ مَالَ عَلَيْهِ) بِمَيْلِهِ إلَى النِّسَاءِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَطُوفَ بِهِ عَلَيْهِنَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ يَدْعُوَهُنَّ إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ يَطُوفَ بِهِ عَلَى بَعْضِهِنَّ وَيَدْعُوَ بَعْضَهُنَّ بِحَسَبِ مَا يَرَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ إذَا كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِي الْعَاقِلِ (فَإِنْ ضَرَّهُ) الْجِمَاعُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (وَجَبَ) عَلَى وَلِيِّهِ (مَنْعُهُ) مِنْهُ (فَإِنْ تَقَطَّعَ الْجُنُونُ وَانْضَبَطَ) كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ (فَأَيَّامُهُ) أَيْ الْجُنُونِ (كَالْغَيْبَةِ) أَيْ كَأَيَّامِهَا فَتُطْرَحُ وَيَقْسِمُ فِي أَيَّامِ إفَاقَتِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ فِي الْجُنُونِ عِنْدَ وَاحِدَةٍ فَلَا قَضَاءَ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ. ثُمَّ قَالَ وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ وَجْهًا أَنَّهُ يَقْضِي لِلْبَاقِيَاتِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يُرَاعَى الْقَسْمُ فِي أَيَّامِ الْإِفَاقَةِ وَيُرَاعِيهِ الْوَلِيُّ فِي أَيَّامِ الْجُنُونِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ لَا قَسْمَ لِلْإِمَاءِ وَلَوْ مُتَوَلِّدَاتٍ] قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ فِيهِ) لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الِاسْتِمْتَاعِ وَلِهَذَا لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ بِالْعُنَّةِ. (قَوْلُهُ وَالْحَائِضُ) أَيْ وَالْمُتَحَيِّرَةُ (قَوْلُهُ وَالْبَرْصَاءُ) أَيْ وَالْمَرِيضَةُ وَاسْتَثْنَى فِي الْحَوَاشِي وَغَيْرِهَا مِنْ اسْتِحْقَاقِهَا الْقَسْمَ مَا لَوْ سَافَرَ بِنِسَائِهِ فَتَخَلَّفَتْ وَاحِدَةٌ لِمَرَضٍ فَلَا قَسْمَ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (وَقَوْلُهُ وَنُشُوزُ الْمَجْنُونَةِ يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ إلَخْ) وَهَذَا يُفْهِمُ أَنَّ الْقَسْمَ دَائِرٌ مَعَ النَّفَقَةِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّدْرِيبِ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ اسْتَحَقَّهَا مِنْ زَوْجَةٍ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ اسْتَحَقَّتْهُ كَالْمُحْرِمَةِ وَالْمَوْلَى مِنْهَا وَالْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَمَنْ لَا فَلَا كَالْمَحْبُوسَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ وَالْأَمَةِ الَّتِي لَمْ تُسْلَمْ نَهَارًا وَالْحُرَّةِ الْمُلْحَقَةِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْأَوَّلِ مَسْأَلَةُ الْمَاوَرْدِيِّ السَّابِقَةِ وَأَضَافَ إلَيْهَا تَخْرِيجًا الْمَجْنُونَةَ الَّتِي يَخَافُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَسْمُ لَهَا وَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا نُشُوزٌ وَلَا امْتِنَاعٌ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ لَهُ فَالنَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ وَذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا بَحْثًا وَقَوْلُهُ وَذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَدْعُوهُنَّ إلَى مَسْكَنِهِ) لَوْ كَانَ فِي نِسَائِهِ امْرَأَةٌ ذَاتُ قَدْرٍ وَخَفَرٍ لَمْ تَعْتَدْ الْبُرُوزَ فَلَا تَلْزَمُهَا إجَابَتُهُ إلَى مَسْكَنِهِ وَعَلَيْهِ الْقَسْمُ لَهَا فِي بَيْتِهَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ النِّهَايَةِ وَنُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ. لَكِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي الْبَحْرِ وَقَوْلُهُ فَلَا تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَافَرَتْ سَقَطَ حَقُّهَا) هَذَا حَيْثُ لَا عُذْرَ فَلَوْ اُضْطُرَّتْ كَمَا لَوْ خَرَجَتْ الْقَرْيَةُ وَارْتَحَلَ أَهْلُهَا وَلَمْ تُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ عَنْهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بِهَذَا نَاشِزًا قو وَقَوْلُهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بِهَذَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ يَقْسِمُ الزَّوْجُ الْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ] (قَوْلُهُ وَيُقْسِمُ الْمُرَاهِقُ فَإِنْ جَارَ أَثِمَ الْوَلِيُّ) وَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ وَلَا يُزَوَّجُ لِلْمُعَاشَرَةِ عَادَةً فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَطُوفَ بِهِ لِعَدَمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْقَسْمِ اهـ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ قَسَمَ لِبَعْضِهِنَّ وَطَلَبَتْ الْبَاقِيَاتُ لِحُصُولِ الْأُنْسِ بِالصَّبِيِّ كَالْمَجْنُونِ وَكَلَامُهُمْ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَجْنُونَ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ س وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ السَّفِيهُ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ إلَخْ) صُورَتُهُ أَنْ يَطْرَأَ سَفَهُهُ أَوْ يُزَوِّجُهُ وَلِيُّهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ. (قَوْلُهُ بِحَسَبِ مَا يَرَى) لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ إذَا كَانَ عَاقِلًا فَكَذَلِكَ وَلِيُّهُ فِي هَذَا الْحَالِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُخَاطَبُ بِمَا يُخَاطَبُ بِهِ الزَّوْجُ لَوْ كَانَ عَاقِلًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَأَنَّ مَحَلَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 وَتَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ وَنَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ وَهَذَا حَسَنٌ انْتَهَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ هُوَ مَا حَكَاهُ أَبُو الْفَرَجِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (وَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ) جُنُونُهُ (وَأَبَاتهُ الْوَلِيُّ فِي الْجُنُونِ مَعَ وَاحِدَةٍ وَأَفَاقَ فِي نَوْبَةِ الْأُخْرَى قَضَى مَا جَرَى فِي الْجُنُونِ) لِنَقْصِهِ (الطَّرَفَ الثَّانِيَ فِي الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ) لِلْقَسْمِ (وَعَلَيْهِ أَفْرَادُ كُلٍّ) مِنْهُنَّ (بِمَسْكَنٍ لَائِقٍ بِهَا وَلَوْ بِحُجُرَاتٍ تَمَيَّزَتْ مَرَافِقُهُنَّ) كَمُسْتَرَاحٍ وَبِئْرٍ وَسَطْحٍ وَمُرَقًّى إلَيْهِ (مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ) أَوْ خَانٍ وَاحِدٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْمَعَهُنَّ بِمَسْكَنٍ وَلَوْ لَيْلَةً وَاحِدَةً إلَّا بِرِضَاهُنَّ لِأَنَّهُ يُوَلِّدُ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ وَيُشَوِّشُ الْعِشْرَةَ. وَمِثْلُهُ السُّرِّيَّةُ مَعَ الزَّوْجَةِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَهُ جَمْعُ إمَائِهِ بِمَسْكَنٍ وَخَرَجَ بِتَمَيُّزِ مَرَافِقِهِنَّ مَا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ فَكَالْمَسْكَنِ الْوَاحِدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَإِنَّ أَفْرَادَ كُلٍّ بِخَيْمَةٍ وَمَرَافِقَ مِمَّا يَشُقُّ وَيَعْظُمُ ضَرَرُهُ مَعَ أَنَّ ضَرَرَهُنَّ لَا يَتَأَبَّدُ فَيُحْتَمَلُ (وَالْعُلْوُ وَالسُّفْلُ إنْ تَمَيَّزَتْ الْمَرَافِقُ مَسْكَنَانِ فَإِنْ رَضِينَ بِمَسْكَنٍ جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُنَّ. (فَصْلٌ عِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ) لِأَنَّهُ وَقْتُ السُّكُونِ (وَالنَّهَارُ تَابِعٌ) لَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْمَعَاشِ قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: 67] وَقَالَ {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: 10] {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 11] (تَقَدَّمَ) النَّهَارُ (أَوْ تَأَخَّرَ) أَيْ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ قَبْلَ اللَّيْلَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَهُوَ أَوْلَى وَعَلَيْهِ التَّوَارِيخُ الشَّرْعِيَّةُ فَإِنَّ أَوَّلَ الْأَشْهُرِ اللَّيَالِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْوَجْهُ فِي دُخُولِهِ لِذَاتِ النَّوْبَةِ لَيْلًا اعْتِبَارُ الْعُرْفِ لَا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِهَا. (وَنَحْوُ الْأَتُّونِيِّ) كَالْحَارِسِ لَيْلًا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَهُوَ وَقَّادُ الْحَمَّامِ نِسْبَةٌ إلَى الْأَتُّونِ وَهُوَ الَّذِي يُوقَدُ بِهِ النَّارُ (نَهَارُهُ لَيْلُهُ) فَهُوَ عِمَادُ قَسْمِهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ سُكُونِهِ وَاللَّيْلُ تَابِعٌ لَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ مَعَاشِهِ (وَ) عِمَادُ الْقَسْمِ (لِلْمُسَافِرِ وَقْتُ النُّزُولِ وَلَوْ نَهَارًا) قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لِأَنَّهُ وَقْتُ الْخَلْوَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَحْصُلْ الْخَلْوَةُ إلَّا حَالَةَ السَّيْرِ بِأَنْ كَانَا بِمِحَفَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَحَالَةُ النُّزُولِ يَكُونُ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي خَيْمَةٍ مَثَلًا كَانَ عِمَادُ قَسْمِهِ حَالَةَ السَّيْرِ دُونَ حَالَةِ النُّزُولِ حَتَّى يَلْزَمَهُ التَّسْوِيَةُ فِي ذَلِكَ (وَالدُّخُولُ) لِمَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ اللَّيْلُ (عَلَى امْرَأَةٍ فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا حَرَامٌ وَلَوْ لِحَاجَةٍ) كَعِيَادَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ ذَاتِ النَّوْبَةِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ) وَلَوْ ظَنًّا قَالَ الْغَزَالِيُّ أَوْ احْتِمَالًا وَكَحَرِيقٍ فَيَجُوزُ دُخُولُهُ لِتَبَيُّنِ الْحَالِ لِعُذْرِهِ (وَيَقْضِي) لِذَاتِ النَّوْبَةِ بِقَدْرِ مَا مَكَثَ مِنْ نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا (إنْ طَالَ) الزَّمَنُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِي بِالدُّخُولِ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ فَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ فَلَا قَضَاءَ (كَالْمُتَعَدِّي) بِالدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَقْضِي إنْ طَالَ الزَّمَنُ. (وَلَوْ جَامَعَ) مَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا (عَصَى) بِتَعَدِّيهِ بِالدُّخُولِ فِي صُوَرِ التَّعَدِّي وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ قَالَ الْإِمَامُ وَاللَّائِقُ بِالتَّحْقِيقِ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ الْجِمَاعُ بِالتَّحْرِيمِ وَيُصْرَفُ التَّحْرِيمُ إلَى إيقَاعِ الْمَعْصِيَةِ لَا إلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْمَعْصِيَةُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ لَا لِعَيْنِهِ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ (وَقَضَى الْمُدَّةَ) دُونَ الْجِمَاعِ لِتَعَلُّقِهِ بِالنَّشَاطِ كَمَا مَرَّ (لَا إنْ قَصُرَتْ) فَلَا يَقْضِيهَا وَيُعْرَفُ طُولُ الزَّمَنِ وَقِصَرُهُ بِالْعُرْفِ (فَرْعٌ لَا يَجِبُ) عَلَيْهِ (أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ فِي الْإِقَامَةِ) فِي الْبَيْتِ (نَهَارًا) لِأَنَّهُ زَمَنُ الِانْتِشَارِ فَقَدْ يَقِلُّ فِي يَوْمٍ وَيَكْثُرُ فِي آخَرَ وَالضَّبْطُ فِيهِ عُسْرٌ بِخِلَافِ اللَّيْلِ (لَكِنْ لَا يَدْخُلُ) أَيْ لَا يَجُوزُ دُخُولُهُ (عَلَى الْأُخْرَى فِيهِ إلَّا لِحَاجَةٍ كَعِيَادَةٍ وَوَضْعِ مَتَاعٍ) وَأَخْذِهِ وَتَعَرُّفِ خَبَرٍ وَتَسْلِيمِ نَفَقَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ   [حاشية الرملي الكبير] طَوَافِهِ بِهِ إذَا أَمِنَ ضَرَرَهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا حَسَنٌ) ظَاهِرُهُ الْمُخَالَفَةُ كَمَا فَهِمَهَا مَنْ نَقَلَ ذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ لَا مُخَالَفَةَ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْبَغَوِيّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُؤْمَنْ مِنْ الْجُنُونِ أَوْ لَمْ يَمِلْ إلَى النِّسَاءِ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي عَلَى عَكْسِهِ وَقَوْلُهُ بَلْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (الطَّرَفُ الثَّانِي) (قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَاهُنَّ) إذَا جَمَعَهُنَّ بِمَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِرِضَاهُنَّ كُرِهَ لَهُ وَطْءُ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ وَسُوءُ عِشْرَةٍ وَلَوْ طَلَبَهَا لَمْ تَلْزَمْهَا الْإِجَابَةُ وَلَا تَصِيرُ بِالِامْتِنَاعِ نَاشِزَةً (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُوَلِّدُ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ وَيُشَوِّشُ الْعِشْرَةَ) وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَسْتَحِقُّ السُّكْنَى فَلَا يَلْزَمُهَا الِاشْتِرَاكُ فِيهَا كَمَا لَا يَلْزَمُهَا الِاشْتِرَاكُ فِي كِسْوَةٍ وَاحِدَةٍ يَتَنَاوَبَانِهَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا لَا يَعْدُوهَا. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ السُّرِّيَّةُ مَعَ الزَّوْجَةِ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا بِمَسْكَنٍ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَرْضَ يَصِيرُ الْمَسْكَنُ غَيْرَ لَائِقٍ بِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ فَقَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ وَسُرِّيَّةٌ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي بَيْتٍ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ اهـ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ السَّفَرَ لَيْسَ مَحَلَّ السُّكْنَى فَهُوَ مُرَادُهُمْ وَإِنْ أَطْلَقُوا ش [فَصْلٌ عِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ] (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ فِي دُخُولِهِ لِذَاتِ النَّوْبَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْخَلْوَةِ) لِأَنَّ الْخَلْوَةَ تُمْكِنُ وَقْتَ السَّيْرِ (قَوْلُهُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَا بِمِحَفَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا) أَوْ خَانٍ أَوْ صَحْرَاءَ (قَوْلُهُ كَانَ عِمَادُ قَسْمِهِ حَالَةَ السَّيْرِ إلَخْ) وَهَذَا وَاضِحٌ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ فِي سَفِينَةٍ فَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ فَالْكَبِيرَةُ كَالدَّارِ ذَاتِ الْبُيُوتِ وَالصَّغِيرَةُ كَالْبَيْتِ الْوَاحِدِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ أَوْ احْتِمَالًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ طَالَ الزَّمَنُ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْصِ بِالدُّخُولِ) أَيْ كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ فَلَا قَضَاءَ) لَوْ كَانَ مَنْزِلُهَا بَعِيدًا يَمْضِي فِي ذَهَابِهِ إلَيْهِ وَعَوْدِهِ مِنْهُ زَمَنٌ طَوِيلٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ عِنْدَهَا بَلْ وَلَا مُكْثَ أَصْلًا وَقَوْلُهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِ قَضَاءِ مَا فَوَّتَهُ عَلَى صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ مِنْ لَيْلَتِهَا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَرَفَهُ إلَى ضَرَّةٍ أُخْرَى بَلْ يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهَا لَكِنَّهُ لَا يَقْضِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ [فَرْعٌ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْج أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ فِي الْإِقَامَةِ فِي الْبَيْتِ نَهَارًا] (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ إلَخْ) فَإِنْ طَوَّلَهُ قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ أَيْ وَالشَّامِلِ وَالْبَيَانِ يَجِبُ الْقَضَاءُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَوْ جُمْهُورِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 (وَلَوْ اسْتَمْتَعَ) عِنْدَ دُخُولِهِ لِحَاجَةٍ (بِغَيْرِ الْجِمَاعِ جَازَ) لِخَبَرِ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الَّتِي فِي نَوْبَتِهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ أَمَّا الْجِمَاعُ فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهِ (وَلَا يَخُصُّ وَاحِدَةً بِالدُّخُولِ) عَلَيْهَا بِأَنْ يَعْتَادَ الدُّخُولَ عَلَيْهَا فِي نَوْبَةِ غَيْرِهَا (وَلَوْ دَخَلَ) عَلَيْهَا (بِلَا حَاجَةٍ قَضَى) لِتَعَدِّيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا طَالَ الزَّمَنُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي قَضَاءِ اللَّيْلِ فَإِنْ دَخَلَ لِحَاجَةٍ فَلَا قَضَاءَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّ النَّهَارَ تَابِعٌ مَعَ وُجُودِ الْحَاجَةِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ فَوْقَ الْحَاجَةِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ مَحَلُّهُ فِي دُخُولِهِ بِلَا حَاجَةٍ هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ اللَّيْلُ أَمَّا غَيْرُهُ فَبِالْعَكْسِ. (فَرْعٌ) لَوْ (مَرِضَتْ أَوْ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ وَلَا مُتَعَهِّدَ) لَهَا (فَلَهُ تَمْرِيضُهَا) فِي الْأُولَى (وَالْمَبِيتُ عِنْدَهَا) فِي الثَّانِيَةِ لَيَالِيَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (وَيَقْضِي) لِغَيْرِهَا إنْ بَرِئَتْ (وَلَا يُوَالِيهِ) أَيْ الْقَضَاءُ فَلَا يَبِيتُ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الْأُخْرَيَات تِلْكَ اللَّيَالِيَ وَلَاءً (بَلْ يُفَرِّقُهُ فَيَجْعَلُ النُّوَبَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) فَأَقَلَّ حَتَّى يُتِمُّ الْقَضَاءَ وَإِنَّمَا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مِقْدَارِ النُّوَبِ فِي الْقَسْمِ ثَلَاثُ لَيَالٍ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَوْ كَانَتْ تَنْتِينَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَرِيضَتَانِ وَلَا مُتَعَهِّدَ لَهُمَا (مَرَّضَهُمَا بِالْقَسْمِ) أَيْ يَقْسِمُ اللَّيَالِيَ عَلَيْهِمَا وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي التَّمْرِيضِ (لَا الْقُرْعَةُ) نَفْيٌ لِمَا قَبْلُ مِنْ أَنَّهُ يُمَرِّضُهُمَا بِالْقُرْعَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي السَّفَرِ (وَقَضَى لِلْبَاقِيَاتِ) إنْ بَرِئَتَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ مَاتَتْ الْمَرِيضَةُ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ مِنْ نَوْبَتِهَا وَقَدْ سَقَطَتْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَا مُتَعَهِّدَ مَا إذَا كَانَ لَهَا مُتَعَهِّدٌ فَلَا يَبِيتُ عِنْدَهَا إلَّا فِي نَوْبَتِهَا. (فَرْعٌ لَوْ كَانَ يَعْمَلُ تَارَةً اللَّيْلَ) أَيْ فِيهِ (دُونَ النَّهَارِ وَتَارَةً عَكْسَهُ لَمْ يَجْزِهِ نَهَارُهُ عَنْ لَيْلِهِ) وَلَا عَكْسُهُ لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ (فَصْلٌ لَا يَجُوزُ الْقَسْمُ أَقَلَّ مِنْ لَيْلَةٍ) لِمَا فِي تَبْعِيضِهَا مِنْ تَنْغِيصِ الْعَيْشِ وَلِعُسْرِ ضَبْطِ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ وَمِنْ هُنَا لَا يَجُوزُ الْقَسْمُ بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَأَمَّا طَوَافُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى رِضَاهُنَّ (وَهِيَ) أَيْ اللَّيْلَةُ أَيْ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا (أَفْضَلُ) اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِيَقْرُبَ عَهْدُهُ بِهِنَّ (وَلَا) يَجُوزُ الْقَسْمُ (أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ) وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ لِأَنَّ فِيهِ إيحَاشًا وَهَجْرًا لَهُنَّ (إلَّا بِرِضَاهُنَّ) فَيَجُوزُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُنَّ (وَلْيُقْرِعْ لِلِابْتِدَاءِ) بِالْقَسْمِ وُجُوبًا تَحَرُّزًا عَنْ التَّرْجِيحِ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إنْ كُنَّ أَرْبَعًا) مَرَّةً بَيْنَ الْأَرْبَعِ وَثَانِيَةً بَيْنَ الثَّلَاثِ وَثَالِثَةً بَيْنَ الْبَاقِيَتَيْنِ (وَيُرَاعَى تَرْتِيبُهَا) أَيْ الْمَرَّاتُ إذَا تَمَّتْ النُّوَبُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ. (فَلَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ أَثِمَ وَأَقْرَعَ بَيْنَ الثَّلَاثِ ثُمَّ) إذَا تَمَّتْ النُّوَبُ (أَعَادَهَا) أَيْ الْقُرْعَةَ (لِلْجَمِيعِ) وَكَأَنَّهُ بِالْقُرْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَعَادِ ابْتَدَأَ الْقَسْمَ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ لِلْجَمِيعِ مِنْ زِيَادَتِهِ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْمُسَاوَاةِ) بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (فَتَجِبُ) الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُنَّ فَيَحْرُمُ التَّفْضِيلُ وَإِنْ تَرَجَّحَتْ وَاحِدَةٌ بِشَرَفٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِاسْتِوَائِهِنَّ فِي مَقَاصِدِ النِّكَاحِ وَأَحْكَامِهِ (إلَّا أَنَّ لِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةً) رَوَاهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مُرْسَلًا وَعَضَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ فَكَانَ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْقَسْمَ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا عَلَى النِّصْفِ إذْ لَا تَسْلَمُ لَهُ إلَّا لَيْلًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْسِمَ لِلْحُرَّةِ ثَلَاثًا وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةً وَنِصْفًا وَالْمُبَعَّضَةُ كَالْأَمَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. (فَإِنْ عَتَقَتْ فِي) اللَّيْلَةِ (الْأُولَى مِنْ لَيْلَتَيْ الْحُرَّةِ وَ) كَانَتْ (الْبُدَاءَةُ بِالْحُرَّةِ فَالثَّانِيَةُ) مِنْ لَيْلَتِهَا (لِلْعَتِيقَةِ) ثُمَّ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا هَذَا إنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ لَهَا عَلَى لَيْلَةٍ وَإِلَّا فَلَهُ تَوْفِيَةُ الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَإِقَامَةُ مِثْلِهِمَا عِنْدَ الْعَتِيقَةِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ قَالَ لِأَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَضُرُّ بِهِ لَا يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ فَلَوْ بَدَا لَهُ أَنْ يُقَلِّلَ أَوْ يُكْثِرَ بَعْدَ الْوَفَاءِ بِالتَّسْوِيَةِ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ غَيْرُهُ وَالثَّلَاثُ كَاللَّيْلَتَيْنِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ) عَتَقَتْ (فِي الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا فَإِنْ أَتَمَّهَا) وَلَهُ ذَلِكَ لِلْمَشَقَّةِ فِي خُرُوجِهِ لَيْلًا (بَاتَ مَعَ الْعَتِيقَةِ لَيْلَتَيْنِ لَا إنْ خَرَجَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْعِتْقِ (إلَى مَسْجِدٍ أَوْ إلَى الْعَتِيقَةِ) أَوْ نَحْوِهِمَا كَبَيْتِ صَدِيقٍ وَبَاتَ ثَمَّ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ مَضَى مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بَلْ قَدْ أَحْسَنَ بِخُرُوجِهِ إلَى الْعَتِيقَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ النِّصْفَ الْأَوَّلَ مِنْ اللَّيْلَةِ إنْ كَانَ حَقًّا لِلْحُرَّةِ فَيَجِبُ إذَا أَكْمَلَ اللَّيْلَةَ أَنْ لَا يَقْضِيَ جَمِيعَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا لَهَا   [حاشية الرملي الكبير] إذَا دَخَلَ لِحَاجَةٍ أَنْ يُقِيمَ فَوْقَ قَدْرِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ مَرِضَتْ أَوْضَرَبَهَا الطَّلْقُ وَلَا مُتَعَهِّدَ لَهَا فِي الْقَسْم بَيْن الزَّوْجَات] (قَوْلُهُ وَيَقْضِي) وَلَا يُوَالِيهِ أَيْ الْقَضَاءَ لِكُلٍّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ لَيَالٍ [فَرْعٌ كَانَ يَعْمَلُ تَارَةً بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ وَتَارَةً عَكْسَهُ كيف يَقْسِم بَيْن زَوْجَاته] (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ الْقَسْمُ أَقَلَّ مِنْ لَيْلَةٍ) مِثْلُهَا النَّهَارُ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ عِمَادُ قَسْمِهِ كَالْحَارِسِ (قَوْلُهُ وَلْيُقْرِعْ لِلِابْتِدَاءِ) قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ قَضَاءُ مَا دُونَ لَيْلَةٍ لِاثْنَتَيْنِ وَالطَّوَافُ عَلَى الْجَمِيعِ فِي سَاعَةٍ وَلَا تَقُلْ فِيهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ ع وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْإِقْرَاعِ إذَا لَمْ يَرْضَيْنَ بِتَقْدِيمِ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ قَضَاءُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ لِلْجَمِيعِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَبِهِ صَرَّحَ شَارِحُ الْهَادِي. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ) (قَوْلُهُ إذْ لَا تُسْلَمُ لَهُ إلَّا لَيْلًا) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ النَّهَارَ مُسْتَحَقٌّ لِلسَّيِّدِ لَوْ طَلَبَهَا فِيهِ وَالْخَاصُّ بِالزَّوْجِ اللَّيْلُ وَإِلَّا فَشَرْطُ اسْتِحْقَاقِهَا الْقَسْمُ تَسْلِيمُهَا لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُقَدَّرَ الَّذِي يَضْرِبُهُ لَا يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ وَلَا يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى النَّوْبَةِ الَّتِي قَدْ قَدَّرَهَا أَوَّلًا بِالِاتِّفَاقِ وَإِنَّمَا سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 فَيَجِبُ أَنْ يَقْضِيَهُ إذَا خَرَجَ فَوْرًا وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَقْضِيَ جَمِيعَهَا مَرْدُودٌ لِأَنَّ نِصْفَيْ اللَّيْلَةِ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ وَالسَّبْعَةِ فِي حَقِّ الزِّفَافِ لِلثَّيِّبِ فَالثَّلَاثُ حَقٌّ لَهَا وَإِذَا أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا قَضَى الْجَمِيعَ. فَكَذَا إذَا أَقَامَ النِّصْفَ الثَّانِيَ قَضَاهُ مَعَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَبِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الثَّانِي فَيَجِبُ أَنْ يَقْضِيَهُ إذَا خَرَجَ فَوْرًا مَرْدُودٌ أَيْضًا فَإِنَّ الْعِتْقَ قَبْلَ الْعِتْقِ لَا يُثْبِتُ لَهَا اسْتِحْقَاقُ نَظِيرِ النِّصْفِ الْمَقْسُومِ كَمَا لَوْ كَانَ عَبْدَيْنِ اثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُهُ وَلِآخَرَ ثُلُثَاهُ فَالْمُهَايَأَةُ بَيْنَهُمَا تَكُونُ يَوْمَيْنِ وَيَوْمًا فَإِذَا اشْتَرَى صَاحِبُ الثُّلُثِ السُّدُسَ مِنْ الْآخَرِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمَيْنِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مَا مَضَى وَقَضِيَّةُ مَا قَالَهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ أَنْ يُقَيَّدَ بِمَنْ طَلَبَتْ مِنْهُ تَمَامَ اللَّيْلَةِ وَإِلَّا فَيَقْتَضِي الزَّائِدَ فَقَطْ (وَإِنْ عَتَقَتْ فِي لَيْلَتِهَا لَا بَعْدَ تَمَامِهَا زَادَهَا لَيْلَةً) لِالْتِحَاقِهَا بِالْحُرَّةِ قَبْلَ الْوَفَاءِ فَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ تَمَامِهَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا ثُمَّ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا وَلَا أَثَرَ لِعِتْقِهِمَا فِي يَوْمِهَا لِأَنَّهُ تَابِعٌ (وَإِنْ كَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِالْأَمَةِ وَعَتَقَتْ فِي لَيْلَتِهَا فَكَالْحُرَّةِ) فَيُتِمُّهَا ثُمَّ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا (أَوْ عَتَقَتْ بَعْدَ تَمَامِهَا أَوْ فِي الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ) ثُمَّ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأَمَةَ قَدْ اسْتَوْفَتْ لَيْلَتَهَا قَبْلَ عِتْقِهَا فَتَسْتَوْفِي الْحُرَّةُ بِإِزَائِهَا لَيْلَتَيْنِ. وَهَذَا مَا قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَمَنَعَ الْبَغَوِيّ إيفَاءَ اللَّيْلَتَيْنِ وَقَالَ إنْ عَتَقَتْ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا أَتَمَّهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا أَوْ فِي الثَّانِيَةِ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا حَالًا وَعَلَى نَحْوِهِ جَرَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ لِمُسَاوَاتِهَا الْحُرَّةَ قَبْلَ إيفَائِهَا كَذَا نَقَلَ الْأَصْلُ ذَلِكَ بِلَا تَرْجِيحٍ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصَّحِيحُ الثَّانِي فَقَدْ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيُّونَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْجَدِيدِ مَا يُخَالِفُهُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِنَصٍّ فِي الْأُمِّ وَاسْتَشْكَلَ الْمَاوَرْدِيُّ النَّصَّ بِأَنَّ عِتْقَ الْأَمَةِ يُوجِبُ تَكْمِيلَ حَقِّهَا وَلَا يُوجِبُ نُقْصَانَ حَقِّ غَيْرِهَا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْحُرَّةُ عَلَى حَقِّهَا وَتَسْتَقْبِلُ زِيَادَةَ الْأَمَةِ بَعْدَ عِتْقِهَا قَالَ فَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ الْأَمَةُ بِعِتْقِهَا حَتَّى مَرَّ عَلَيْهَا أَدْوَارٌ وَهُوَ يَقْسِمُ لَهَا قَسْمَ الْإِمَاءِ لَمْ يَقْضِ لَهَا مَا مَضَى وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا انْتَهَى وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ عِنْدَ عِلْمِ الزَّوْجِ بِذَلِكَ. (وَلَا يَجِبُ قَسْمٌ لِأَمَةٍ لَا نَفَقَةٌ لَهَا) بِأَنْ لَمْ تُسَلَّمْ لَهُ تَسْلِيمًا تَامًّا (فَإِنْ اسْتَحَقَّتْهَا بِأَنْ سُلِّمَتْ لَهُ) لَيْلًا وَنَهَارًا (فَحَقُّ الْقَسْمِ لَهَا لَا لِسَيِّدِهَا) فَهِيَ الَّتِي تَمْلِكُ إسْقَاطَهُ بِهِبَتِهِ لِزَوْجِهَا أَوْ لِضَرَّتِهَا لَا سَيِّدُهَا لِأَنَّ مُعْظَمَ الْحَظِّ فِي الْقَسْمِ لَهَا كَمَا أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ لَهَا لَا لَهُ (وَإِنْ سَافَرَ بِهَا السَّيِّدُ وَقَدْ اسْتَحَقَّتْ لَيْلَةً) بِأَنْ قَسَمَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ ثُمَّ سَافَرَ سَيِّدُهَا بِهَا (قَالَ الْمُتَوَلِّي لَا تَسْقُطُ) بَلْ عَلَى الزَّوْجِ قَضَاؤُهَا عِنْدَ التَّمَكُّنِ لِأَنَّ الْفَوَاتَ حَصَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا فَعُذِرَتْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَاضِي وَنَصُّ الْأُمِّ يَرُدُّ عَلَيْهِمَا وَذَكَرَهُ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إلَيْهِ بِعَزْوِهِ إلَى الْمُتَوَلِّي (فَصْلٌ وَإِنْ جَدَّدَ عَلَيْهِنَّ زَوْجَةً وَلَوْ أَمَةً) أَوْ كَافِرَةً. (وَيُتَصَوَّرُ) جَمْعُ الْأَمَةِ مَعَ الْحُرَّةِ (فِي عَبْدٍ وَكَذَا) فِي (حُرٍّ تَحْتَهُ رَتْقَاءُ) أَوْ غَيْرُهَا مِمَّنْ لَا تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ أَوْ تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَيْسَرَ وَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا حُرَّةً (أَقَامَ) وُجُوبًا (عِنْدَ الْبِكْرِ) الَّتِي جَدَّدَهَا (سَبْعًا وَ) عِنْدَ (الثَّيِّبِ الَّتِي إذْنُهَا النُّطْقُ ثَلَاثًا) لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «سَبْعٌ لِلْبِكْرِ وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ثُمَّ قَسَمَ وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَسَمَ» وَالْمَعْنَى فِيهِ زَوَالُ الْحِشْمَةِ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا سَوَّى بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ لَا يَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ كَمُدَّةِ الْعُنَّةِ وَالْإِيلَاءِ وَزِيدَ لِلْبِكْرِ لِأَنَّ حَيَاءَهَا أَكْثَرُ وَالْحِكْمَةُ فِي الثَّلَاثِ وَالسَّبْعِ أَنَّ الثَّلَاثَ مُغْتَفَرَةٌ فِي الشَّرْعِ وَالسَّبْعُ عَدَدُ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا تَكْرَارٌ وَقَوْلُهُ وَكَذَا حُرٌّ تَحْتَهُ رَتْقَاءُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَدَخَلَ فِي الثَّيِّبِ الْمَذْكُورَةُ مَنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا قَالَهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ أَنْ يُقَيِّدَ إلَخْ) التَّشْبِيهُ فِي مُجَرَّدِ قَضَائِهِ الْكَثِيرَ دُونَ الْقَلِيلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَتَقَتْ فِي لَيْلَتِهَا) لَوْ قَالَ فِي أَصْلِهَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْأَصْلُ نَهَارًا. (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ إلَخْ) أَيْ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ (قَوْلُهُ وَالْغَزَالِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَمَنَعَ الْبَغَوِيّ إيفَاءَ اللَّيْلَتَيْنِ وَقَالَ إلَخْ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ فَسَوَّى بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْبُدَاءَةُ بِالْحُرَّةِ أَوْ بِالْأَمَةِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْأَمَةَ حَيْثُ كَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِهَا قَدْ اسْتَوْفَتْ لَيْلَتَهَا وَهِيَ أَمَةٌ فَتُسْتَوْفَى الْحُرَّةُ بِإِزَائِهَا لَيْلَتَيْنِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْحَاوِي اهـ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِنَصٍّ فِي الْأُمِّ) عِبَارَتُهُ وَيَقْسِمُ لِلْحُرَّةِ يَوْمَيْنِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ فَإِنْ عَتَقَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَدَارَ إلَى الْحُرَّةِ أَوْ الْحَرَائِرِ وَقَسَمَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَهَا يَوْمًا يَوْمًا بَدَأَ فِي ذَلِكَ بِالْأَمَةِ قَبْلَ الْحَرَائِرِ أَوْ بِالْحَرَائِرِ قَبْلَ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْسِمْ لَهُنَّ يَوْمَيْنِ يَوْمَيْنِ حَتَّى صَارَتْ الْأَمَةُ كَالْحَرَائِرِ الَّتِي لَهَا مَا لَهُنَّ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي لَا تَسْقُطُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْفَوَاتَ حَصَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا فَعُذِرَتْ) وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ أَيْضًا مَا لَوْ خَرِبَ الْبَلَدُ وَانْجَلَى أَهْلُهُ وَلَمْ تُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ وَقَالَ الْغَزِّيِّ وَقَدْ يَأْتِي فِي الْحُرَّةِ إذَا أُكْرِهَتْ عَلَى الْخُرُوجِ وَقَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ أَيْضًا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَالَ الْغَزِّيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَاضِي) عِبَارَتُهُ الْعَبْدُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ امْرَأَتَانِ فَأَقَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثُمَّ سَافَرَ بِهِ مَوْلَاهُ فَإِذَا رَجَعَ لَزِمَهُ أَنْ يَقْضِيَ الَّذِي فَوَّتَ نَوْبَتَهَا وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إذَا سَافَرَ بِهَا مَوْلَاهَا فَبَعْدَ مَا رَدَّهَا إلَى الزَّوْجِ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَقْضِيَ لَهَا نَوْبَتَهَا وَمَا فَاتَ عَنْهَا بِغَيْبَتِهَا (قَوْلُهُ وَيُتَصَوَّرُ فِي عَبْدٍ) أَيْ أَوْ مُبَعَّضٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ إلَخْ) أَوْ تَزَوَّجَ بِلَقِيطَةٍ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ زَوَالُ الْحِشْمَةِ إلَخْ) ذَكَرَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ مَيْلُ النَّفْسِ لِلْجَدِيدَةِ فَلَا يَلْحَقُهُنَّ بِاخْتِصَاصِهَا بِأَيَّامِ مِثْلِهَا غَضَاضَةٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِصُورَةِ الظُّلْمِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 كَانَتْ ثُيُوبَتُهَا بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ وَطْءٍ شُبْهَةٍ وَخَرَجَ بِهَا مَنْ حَصَلَتْ ثُيُوبَتُهَا بِمَرَضٍ أَوْ وَثْبَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (مُتَوَالِيَاتٍ) صِفَةٌ لِلسَّبْعِ وَلِلثَّلَاثِ وَاعْتُبِرَ تَوَالِيهَا لِأَنَّ الْحِشْمَةَ لَا تَزُولُ بِالْمُفَرَّقِ. (فَلَوْ فَرَّقَهَا لَمْ تُحْسَبْ وَقَضَاهَا) لَهَا (مُتَوَالِيًا وَقَضَى) بَعْدَ ذَلِكَ (لِلْأُخْرَيَاتِ مَا فَرَّقَ وَيُسْتَحَبُّ تَخْيِيرُ الثَّيِّبِ مِنْ ثَلَاثٍ وَلَا قَضَاءَ وَسَبْعٍ وَيَقْضِيهِنَّ) كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حَيْثُ قَالَ لَهَا «إنْ شِئْت سَبَّعْت عِنْدَك وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْت ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْت» أَيْ بِالْقَسْمِ الْأَوَّلِ بِلَا قَضَاءٍ وَإِلَّا لَقَالَ وَثَلَّثْت عِنْدَهُنَّ كَمَا قَالَ وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ رَوَاهُ مَالِكٌ وَكَذَا مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ (فَإِنْ سَبَّعَ) لَهَا (بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا) أَيْ طَلَبَهَا (أَوْ اخْتَارَتْ دُونَ سَبْعٍ لَمْ يَقْضِ إلَّا مَا فَوْقَ الثَّلَاثِ) لِأَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ فِي الْحَقِّ الْمَشْرُوعِ لِغَيْرِهَا وَإِنْ سَبَّعَ لَهَا بِاخْتِيَارِهَا قَضَى جَمِيعَ السَّبْعِ لِلْأُخْرَيَاتِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّهَا طَمِعَتْ فِي الْحَقِّ الْمَشْرُوعِ لِغَيْرِهَا فَبَطَلَ حَقُّهَا وَشُبِّهَ فِي التَّمِّ بِبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ (وَإِنْ طَلَبَتْ الْبِكْرُ عَشْرًا) مَثَلًا (لَمْ تُعْطَ) مَطْلُوبَهَا (فَإِنْ أَجَابَهَا قَضَى الثَّلَاثَ فَقَطْ) . (فَرْعٌ لَا يَتَجَدَّدُ حَقُّ الزِّفَافِ لِرَجْعِيَّةٍ) لِبَقَائِهَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَقَدْ وَافَاهَا حَقُّهَا (بِخِلَافِ الْبَائِنِ) يَتَجَدَّدُ حَقُّ زِفَافِهَا لِعَوْدِ الْجِهَةِ (وَ) بِخِلَافِ (مُفْتَرَشَةِ سَيِّدِهَا أَعْتَقَهَا) ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَيَجِبُ لَهَا حَقُّ الزِّفَافِ (وَإِنْ زُفَّتَا مَعًا وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا (لِلِابْتِدَاءِ لِحَقِّ الزِّفَافِ) فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا قَدَّمَهَا بِجَمِيعِ السَّبْعِ أَوْ الثَّلَاثِ فَإِنْ زُفَّتَا مُرَتَّبًا أَدَّى حَقَّ الْأُولَى أَوَّلًا (وَلَا يَثْبُتُ حَقُّهُ) أَيْ الزِّفَافُ (إلَّا لِمَنْ فِي نِكَاحِهِ أُخْرَى يَبِيتُ مَعَهَا بَلْ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ ثَلَاثٌ لَا يَبِيتُ مَعَهُنَّ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّ الزِّفَافِ لِلرَّابِعَةِ) كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ ابْتِدَاءً وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْأَصْلِ وَلَوْ نَكَحَ جَدِيدَتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فِي نِكَاحِهِ غَيْرُهُمَا وَجَبَ لَهُمَا حَقُّ الزِّفَافِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْقَسَمَ نَعَمْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْأَقْوَى الْمُخْتَارُ وُجُوبُهُ مُطْلَقًا لِخَبَرِ أَنَسٍ لَكِنْ رَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ فِي مُسْلِمٍ طُرُقًا فِيهَا الصَّرَاحَةُ بِمَا إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَكْثَرُ غَيْرُ الَّتِي زُفَّتْ إلَيْهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمُطْلَقَةُ مُقَيَّدَةً بِتِلْكَ الرِّوَايَاتِ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ بَلْ بِقَوْلِهِ حَتَّى كَانَ أَقْعَدَ. (فَرْعٌ) لَوْ (زُفَّتْ جَدِيدَةٌ وَلَهُ زَوْجَتَانِ قَدْ وَفَّاهُمَا) حَقَّهُمَا (وَفَّى الْجَدِيدَةَ) حَقَّهَا (وَاسْتَأْنَفَ) بَعْدَ ذَلِكَ الْقَسْمَ بَيْنَ الْجَمِيعِ (بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ بَقِيَتْ لَيْلَةٌ لِأَحَدِهِمَا بَدَأَ بِالْجَدِيدَةِ ثُمَّ وَفَّى الْقَدِيمَةَ لَيْلَتَهَا ثُمَّ يَبِيتُ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ نِصْفَ لَيْلَةٍ) لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الْقَسْمِ (وَيَخْرُجُ الْمَسْجِدَ) أَوْ نَحْوُهُ أَيْ إلَيْهِ بَقِيَّةَ اللَّيْلَةِ (ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ) بَيْنَ الثَّلَاثِ بِالسَّوِيَّةِ (فَرْعٌ لَا يَتَخَلَّفُ) بِسَبَبِ حَقِّ الزِّفَافِ (عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَاتِ وَلِسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ) كَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ (مُدَّةَ الزِّفَافِ إلَّا لَيْلًا) فَيَتَخَلَّفُ وُجُوبًا تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ شَاذَّةٌ لِبَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ وَقَضِيَّةُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَكَلَامِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ اللَّيْلَ كَالنَّهَارِ فِي اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ لِذَلِكَ. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ الْمَرَاوِزَةِ الْجُوَيْنِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي خُلَاصَتِهِ نَعَمْ الْعَادَةُ جَارِيَةُ بِزِيَادَةِ الْإِقَامَةِ فِي مُدَّةِ الزِّفَافِ عَلَى أَيَّامِ الْقَسْمِ فَيُرَاعَى ذَلِكَ (وَأَمَّا لَيَالِي الْقَسْمِ) فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْخُرُوجِ لِذَلِكَ وَعَدَمِهِ بِأَنْ يَخْرُجَ فِي لَيْلَةِ الْجَمِيعِ أَوْ لَا يَخْرُجَ أَصْلًا (فَإِنْ خَصَّ لَيْلَةَ بَعْضِهِنَّ بِالْخُرُوجِ إلَى ذَلِكَ أَثِمَ) (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الظُّلْمِ وَالْقَضَاءِ فَمَنْ تَحْتَهُ ثَلَاثٌ فَطَافَ عَلَى امْرَأَتَيْنِ) مِنْهُنَّ (عِشْرِينَ لَيْلَةً) إمَّا عَشْرًا عِنْدَ هَذِهِ ثُمَّ عَشْرًا عِنْدَ هَذِهِ وَأَمَّا لَيْلَةً لَيْلَةً إلَى تَمَامِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهَا مَنْ حَصَلَتْ ثُيُوبَتُهَا بِمَرَضٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا هُنَا لِلْمَأْتِيَّةِ فِي دُبُرِهَا وَقَدْ أَلْحَقُوهَا هُنَاكَ بِالْبِكْرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا أَنَّ لَهَا فِي الزِّفَافِ حَقُّ الْبِكْرِ قَطْعًا وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَخْيِيرُ الثَّيِّبِ بَيْنَ ثَلَاثٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْخَبَّازِ لَيْتَ شَعْرِي مَا حُكْمُ التَّتْمِينِ بِطَلَبِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ سَبَّعَ لَهَا بِاخْتِيَارِهَا إلَخْ) فَاخْتِيَارُهَا لِلسَّبْعِ مُتَضَمَّنٌ لِلْعَفْوِ عَنْ الثَّلَاثِ الَّتِي هِيَ حَقُّهَا لِأَنَّ التَّخْيِيرَ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ قَضَاءُ السَّبْعِ [فَرْعٌ لَا يَتَجَدَّدُ حَقُّ الزِّفَافِ لِرَجْعِيَّةٍ بِخِلَافِ الْبَائِنِ] (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَائِنِ يَتَجَدَّدُ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْبِكْرِ ثَلَاثًا وَافْتَضَّهَا ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ نَكَحَهَا فَإِنَّهُ يُوَافِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهَا وَهُوَ أَرْبَعُ لَيَالٍ ثُمَّ يَبِيتُ عِنْدَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ فَإِنْ قِيلَ مُوَالَاةُ مُدَّةِ الزِّفَافِ وَاجِبَةٌ وَقَدْ فَاتَتْ هُنَا فَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُوَالَاةَ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ مُمْكِنَةٌ لَا عُذْرَ فِي تَرْكِهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِنَا قَالَ شَيْخُنَا. وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ حَيْثُ ذَكَرَ لُزُومَ حَقِّ الزِّفَافِ ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ فَلَهَا ثَلَاثٌ إنْ قُلْنَا بِتَحَدُّدِ حَقِّ الزِّفَافِ وَأَرْبَعٌ تَتِمَّةُ حَقِّهَا الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ تَجَدُّدِهِ إذْ قَوْلُهُ فَلَهَا ثَلَاثٌ أَيْ بِسَبَبِ الْعَقْدِ الثَّانِي وَأَمَّا لِلْأَرْبَعِ فَسَكَتَ عَنْهَا لِلْعِلْمِ بِهَا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَهَا إنَّ حَقَّهُ يَقْتَضِي بِلَا خِلَافٍ وَمِمَّا ذَكَرَهُ فِيهَا عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ تَجَدُّدِهِ فَيَقْضِي الرَّبُّ تَتِمَّةَ الْأَوَّلِ فَأَفَادَ أَنَّ قَضَاءَهَا لَازِمٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ فِي مُسْلِمٍ طُرُقًا فِيهَا الصَّرَاحَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ زُفَّتْ جَدِيدَةٌ وَلَهُ زَوْجَتَانِ قَدْ وَفَّاهُمَا حَقَّهُمَا] (قَوْلُهُ وَفِي الْجَدِيدَةِ حَقُّهَا) لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَقْدِ وَحَقُّ الْقَدِيمَةِ مُسْتَحَقٌّ بِالْفِعْلِ وَالْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ أَقْوَى وَآكَدُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الْقَسْمِ) أَيْ وَحِصَّةُ كُلٍّ مِنْ الثِّنْتَيْنِ مِنْ اللَّيْلَةِ الْمَذْكُورَةِ نِصْفُهَا فَيَبِيتُ مَعَهَا نِصْفَ لَيْلَةٍ. [فَرْعٌ لَا يَتَخَلَّفُ بِسَبَبِ حَقِّ الزِّفَافِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَاتِ وَلِسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ] (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ شَاذَّةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الظُّلْمِ وَالْقَضَاءِ فِي الْقَسْم بَيْن الزَّوْجَات] (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الظُّلْمِ وَالْقَضَاءِ) (قَوْلُهُ فَمَنْ تَحْتَهُ ثَلَاثٌ فَطَافَ عَلَى امْرَأَتَيْنِ عِشْرِينَ لَيْلَةً إلَخْ) قَالَ فِي الْأُمِّ لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَتَرَكَ الْقَسْمَ لِإِحْدَاهُنَّ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً قَسَمَ لَهَا عَشْرًا قَالَ الْأَصْحَابُ صُورَتُهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ الثَّلَاثِ عَشْرًا عَشْرًا أَوْ يُعَطِّلَ الْعَشْرَ لِرَابِعَةٍ فَلَا يَبِيتُ عِنْدَ وَاحِدَةٍ فِيهَا أَمَّا لَوْ وَزَّعَ الْأَرْبَعِينَ عَلَى الثَّلَاثِ بِالسَّوِيَّةِ فَحِصَّةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَثُلُثٌ فَيَقْسِمُ لِلرَّابِعَةِ مِثْلَ ذَلِكَ وَضَعَّفَ فِي الشَّامِلِ مَا حَمَلَ الْأَصْحَابُ النَّصَّ عَلَيْهِ قَالَ وَلَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُطْلِقَ ذَلِكَ لِأَنَّا نَعْلَمُ بِذَلِكَ كَمْ أَقَامَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ أَقَامَ عِنْدَهُنَّ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَلِمَا قَالَهُ عِنْدِي وَجْهٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ الَّذِي تَسْتَحِقُّهُ بِالْقَضَاءِ عَشْرٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 الْعَشْرِ (فَلِيَقْضِ الْمَظْلُومَةَ عَشْرًا مُتَوَالِيَةً) فَلَيْسَ لَهُ تَفْرِيقًا وَإِنْ فَرَّقَ الْمَظْلُومَةَ لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ دَفْعَةً كَالدَّيْنِ (إلَّا أَنْ يُزَوِّجَ جَدِيدَةً أَوْ قُدِّمَتْ) زَوْجَةٌ لَهُ (غَائِبَةٌ) عَقِبَ مُضِيِّ الْعِشْرِينَ (فَيَبْدَأُ) لِلْجَدِيدَةِ (بِحَقِّ الزِّفَافِ) مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ سَبْعٍ لَا بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لَهَا. (فَإِذَا أَرَادَ قَضَاءَ) حَقِّ (الْمَظْلُومَةِ قَسَمَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَدِيدَةِ أَوْ الْقَادِمَةِ بِالْقُرْعَةِ فَيَجْعَلُ لِلْجَدِيدَةِ أَوْ الْقَادِمَةِ لَيْلَةً وَلِلْمَظْلُومَةِ ثَلَاثًا لَيْلَتَهَا وَلَيْلَتَيْ الْأُخْرَيَيْنِ) يَفْعَلُ ذَلِكَ (ثَلَاثَ نُوَبٍ) وَحِينَئِذٍ فَقَدْ وَفَّاهَا تِسْعًا وَبَقِيَ لَهَا لَيْلَةٌ (فَإِنْ) كَانَ (بَدَأَ بِالْمَظْلُومَةِ وَفَّى الْجَدِيدَةَ) أَوْ الْقَادِمَةَ (لَيْلَتَهَا) لِتَمَامِ الْقَسْمِ (ثُمَّ أَوْفَى الْمَظْلُومَةَ اللَّيْلَةَ الْعَاشِرَةَ) الَّتِي بَقِيَتْ لَهَا (وَيَبْقَى لِلْجَدِيدَةِ أَوْ الْقَادِمَةِ فِي مُقَابِلَتِهَا) أَيْ لَيْلَةٍ الْمَظْلُومَةِ (ثُلُثُ لَيْلَةٍ) لِأَنَّ حَقَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ وَحِصَّةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ مِنْ اللَّيْلَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُلُثُهَا (فَيَبِيتُهَا) أَيْ اللَّيْلَةَ أَيْ ثُلُثَهَا (مَعَهَا) فَلَوْ قَالَ فَيَبِيتُهُ كَانَ أَوْلَى (ثُمَّ يَخْرُجُ) مِنْ عِنْدِهَا (وَيَنْفَرِدُ) عَنْ زَوْجَاتِهِ بَقِيَّةَ اللَّيْلَةِ (ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ لِلْجَمِيعِ) بِالْقُرْعَةِ (وَإِنْ كَانَتْ الْبُدَاءَةُ) الْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ وَإِنْ بَدَأَ (بِالْجَدِيدَةِ) أَوْ بِالْقَادِمَةِ (وَتَمَّتْ التِّسْعُ) لِلْمَظْلُومَةِ هَذَا إيضَاحٌ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ. (فَيَبِيتُ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ) أَوْ الْقَادِمَةِ (ثُلُثَ لَيْلَةٍ) وَيَخْرُجُ بَقِيَّتَهَا (ثُمَّ) يَبِيتُ (لَيْلَةً عِنْدَ الْمَظْلُومَةِ ثُمَّ يُعَادُ الْقَسْمُ) لِلْجَمِيعِ بِالسَّوِيَّةِ (بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا) أَيْ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ الْمَظْلُومِ بِهِمَا (فَهَلْ يَقْضِي الْمَظْلُومَةَ خَمْسًا) فَقَطْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي الْعَشْرَ مِنْ حَقِّهِمَا وَقَدْ بَطَلَ حَقُّ إحْدَاهُمَا (أَوْ عَشْرًا) تَسْوِيَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَاقِيَةِ (وَجْهَانِ) نَقَلَ الْأَصْلُ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالثَّانِي عَنْ الْبَغَوِيّ وَعَلَى الثَّانِي اقْتَصَرَ شَيْخُنَا الْحِجَازِيُّ فِي اخْتِصَارِهِ كَلَامَ الرَّوْضَةِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَهُمْ إنَّ الْقَضَاءَ مِنْ نَوْبَةِ الْمَظْلُومِ بِهَا وَإِنْ بَاتَهُ فِي حَالِ فُرْقَتِهَا عَنْ الْمَظْلُومِ لَا يُحْسَبُ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي يُوَافِقُ كَلَامَ الْأَكْثَرِينَ فِي صُوَرِ الْفَصْلِ (فَرْعٌ) قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ فَقَسَمَ لِثَلَاثٍ مِنْهُنَّ لَيْلَةً لَيْلَةً وَنَشَزَتْ الرَّابِعَةُ لَيْلَتَهَا سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْقَسْمِ فَلَوْ عَادَتْ إلَى طَاعَتِهِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يَقْضِهَا أَوْ قَبْلَهُ فَهَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا مَا بَقِيَ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ الْأَصَحُّ نَعَمْ لِأَنَّ حَقَّهَا جَمِيعُ اللَّيْلَةِ وَلَا نُشُوزَ مِنْهَا فِي الْبَاقِي انْتَهَى. وَالْأَقْيَسُ لَا كَمَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا الْقَسْمُ بِنُشُوزِ بَعْضِ الْيَوْمِ (وَإِنْ خَرَجَ أَوْ أُخْرِجَ مُضْطَرًّا) فِيهِمَا (فِي لَيْلَةِ إحْدَاهُنَّ قَضَاهَا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا مَا فَوَّتَهُ بِذَلِكَ (وَذَلِكَ الْوَقْتُ) الَّذِي فَوَّتَ فِي مِثْلِهِ (أَوْلَى) بِالْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِهِ فَيَقْضِي لِأَوَّلِ اللَّيْلِ مِنْ أَوَّلِهِ وَلِآخِرِهِ مِنْ آخِرِهِ فَإِنْ خَالَفَ جَازَ لِأَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ وَقْتُ الْقَضَاءِ (ثُمَّ يَخْرُجُ) مِنْ عِنْدِهَا (وَيَنْفَرِدُ) عَنْ زَوْجَاتِهِ بَقِيَّةَ اللَّيْلَةِ (إلَّا أَنْ يَخَافَ عَسًّا) أَوْ نَحْوَهُ لَوْ خَرَجَ (فَيَقِفُ) عَنْ الْخُرُوجِ أَيْ يُقِيمُ عِنْدَهَا لِلْعُذْرِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ فَيَقِفُ مُصَحَّفٌ عَنْ فَيَبِيتُ أَوْ عَنْ فَيُعْذَرُ كَمَا وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ (وَالْأَوْلَى) لَهُ (أَنْ لَا يَسْتَمْتِعَ) بِهَا فِيمَا وَرَاءَهُ مِنْ الْقَضَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ الْأَوْلَى وَقَدْ أَطْلَقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ إذَا جَامَعَ فِي يَوْمٍ أُخْرَى فَهُوَ مُحَرَّمٌ قَطْعًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ جَامَعَ ثُمَّ فِي نَوْبَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِهِ هُنَا. (وَإِنْ وَهَبَتْ) وَاحِدَةٌ مِنْ زَوْجَاتِهِ (حَقَّهَا) مِنْ الْقَسْمِ (لِمُعَيَّنَةٍ وَرَضِيَ) بِالْهِبَةِ (بَاتَ عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ لَيْلَتَيْنِ) لَيْلَةً لَهَا وَلَيْلَةً لِلْوَاهِبَةِ (وَإِنْ كَرِهَتْ) كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَهَبَتْ سَوْدَةُ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهَذِهِ الْهِبَةُ لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَوْهُوبِ لَهَا بَلْ يَكْفِي رِضَا الزَّوْجُ لِأَنَّ الْحَقَّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاهِبَةِ وَمَحَلُّ بَيَاتِهِ عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ لَيْلَتَيْنِ (مَا دَامَتْ الْوَاهِبَةُ فِي نِكَاحِهِ) فَلَوْ خَرَجَتْ عَنْ نِكَاحِهِ لَمْ يَبِتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ إلَّا لَيْلَتَهَا وَلَوْ قَالَ مَا دَامَتْ تَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ كَانَتَا) أَيْ اللَّيْلَتَانِ (مُتَفَرِّقَتَيْنِ لَمْ يُوَالِ بَيْنَهُمَا) لِلْمَوْهُوبَةِ بَلْ يُفَرِّقُهُمَا كَمَا كَانَتَا قَبْلَ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ حَقُّ الَّتِي بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّ الْوَاهِبَةَ قَدْ تَرْجِعُ بَيْنَ اللَّيْلَتَيْنِ وَالْمُوَالَاةُ تُفَوِّتُ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمَا وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِمَا إذَا تَأَخَّرَتْ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ وَأَرَادَ تَأْخِيرَهَا جَازَ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَكَذَا لَوْ تَأَخَّرَتْ فَأَخَّرَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ إلَيْهَا بِرِضَاهَا تَمَسُّكًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ. (وَإِنْ وَهَبَتْهُ) أَيْ حَقَّهَا (لِلْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الضَّرَّاتِ أَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (جَعَلَهَا كَالْمَعْدُومَةِ) فَيُسَوِّي بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ (وَلَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ فَخَصَّ بِهِ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ   [حاشية الرملي الكبير] وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَعَهُنَّ فِي الْأَرْبَعِينَ مَا كَانَتْ حِصَّتُهَا إلَّا عَشْرًا فَاَلَّذِي تَسْتَحِقُّهُ قَضَاءُ عَشْرٍ كَمَا قَالَ ثَلَاثُ لَيَالٍ وَثُلُثٌ تَسْتَحِقُّهَا أَدَاءً لِأَنَّ زَمَنَ الْقَضَاءِ لَهَا فِيهِ قَسْمٌ فَتَكُونُ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ أَدَاءً لَا قَضَاءً وَتَابَعَهُ الْعِمْرَانِيُّ قَالَ شَيْخُنَا يَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَيَبْدَأُ لِلْجَدِيدَةِ بِحَقِّ الزِّفَافِ إلَخْ) وَلِأَنَّ قَسْمَ الْجَدِيدَةِ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَقْدِ وَذَلِكَ الْقَسْمُ مُسْتَحَقٌّ بِالْفِعْلِ وَالْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ أَقْوَى وَآكَدُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَقْضِي (قَوْلُهُ فَهَلْ يَقْضِي الْمَظْلُومَةَ خَمْسًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ فَقَسَمَ لِثَلَاثٍ مِنْهُنَّ لَيْلَةً لَيْلَةً وَنَشَزَتْ الرَّابِعَةُ لَيْلَتَهَا] (قَوْلُهُ الْأَصَحُّ نَعَمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْيَسُ لَا كَمَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْيَوْمَ كَالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَتَبَعَّضُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّفَقَةِ بِخِلَافِ مَبِيتِ اللَّيْلَةِ فَإِنَّ وُجُوبَ بَعْضِهِ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ إنْ وَهَبَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ زَوْجَاتِهِ) أَيْ وَلَوْ أَمَةٌ (قَوْلُهُ وَرَضِيَ بِالْهِبَةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ الرِّضَا لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ إسْقَاطَ حَقِّهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ ش (قَوْلُهُ وَلَوْ وَهَبَتْ لَهُ فَخَصَّ بِهِ وَاحِدَةً جَازَ) لَوْ وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا لِزَوْجِهَا وَضَرَائِرِهَا وَرَضِيَ فَالْقِيَاسُ قِسْمَتُهَا عَلَى الرُّءُوس وَمَا خَصَّهُ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ وَهَبَتْهُ فَقَطْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 وَلَوْ فِي كُلِّ دُورٍ وَاحِدَةً (جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَيَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي اللَّيْلَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَانِ أَمْ لَا وَحُكْمُهُ مَا مَرَّ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَجُوزَ وَضْعُ الدَّوْرِ فِي الِابْتِدَاءِ كَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ لَيْلَةً بَيْنَ لَيَالِيِهِنَّ دَائِرَةً بَيْنَهُنَّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّخْصِيصُ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ الْمَيْلَ وَيُورِثُ الْوَحْشَةَ فَيَجْعَلُ الْوَاهِبَةَ كَالْمَعْدُومَةِ وَيُسَوِّي بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَشَارَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ إلَى تَخْصِيصِ الْخِلَافِ بِقَوْلِهَا وَهَبْتُك فَخَصِّصْ مَنْ شِئْت فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى وَهَبْتُك امْتَنَعَ التَّخْصِيصُ قَطْعًا وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ. (وَلِلْوَاهِبَةِ أَنْ تَرْجِعَ) فِي هِبَتِهَا مَتَى شَاءَتْ وَيَعُودُ حَقُّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ (فَيَخْرُجُ) بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ عِنْدِ الْمَوْهُوبِ لَهَا (فَوْرًا) وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْفَوْرِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا تَرْجِعُ فِي الْمَاضِي) كَسَائِرِ الْهِبَاتِ الْمَقْبُوضَةِ (وَلَا قَضَاءَ) عَلَيْهِ (لِمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَيْلٌ (وَلَوْ أُبِيحَ لَهُ أَكْلٌ) مِنْ ثَمَرِ بُسْتَانٍ ثُمَّ رَجَعَ الْمُبِيحُ (فَأَكَلَ) مِنْهُ الْمُبَاحُ لَهُ (قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ غَرِمَ) بَدَلَ مَا أَكَلَهُ لِأَنَّ الْغَرَامَاتِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ هَذَا وَقِيلَ لَا غُرْمَ أَيْضًا كَالْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَرَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ وَنَظَّرَهُ بِمَسَائِلَ ذَكَرْت بَعْضَهَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ الْغُرْمَ وَفِي غَيْرِهِ عَدَمَهُ وَعَلَى الثَّانِي قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ حَيْثُ يَفْسُدُ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ انْعِزَالِهِ وَقَبْلَ عَمَلِهِ بِهِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِذَا انْعَزَلَ انْعَزَلَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَأَمَّا الْمُبِيحُ فَلَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ عَلَيْهِ لَا لَهُ فَحَقُّهُ إذَا رَجَعَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُبَاحُ لَهُ قَالَ وَمَحَلُّ اسْتِوَاءِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فِي الْغَرَامَاتِ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ الْمَغْرُومُ لَهُ فَإِنْ قَصَّرَ لَمْ يَرْجِعْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُقَصِّرْ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الرُّجُوعِ مَانِعٌ. كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ ثُمَّ بَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي حَبْسِهِ وَكَذَا فِي عَبْدٍ لَمْ يَخْرُجْ عِتْقُهُ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمُعْتِقِ مَالٌ فَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَ (فَإِنْ) بَاتَ الزَّوْجُ فِي نَوْبَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ غَيْرِهَا ثُمَّ (ادَّعَى أَنَّهَا وَهَبَتْ حَقَّهَا) وَأَنْكَرَتْ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ (إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَإِنْ بَاعَتْ حَقَّهَا) مِنْ الْقَسْمِ بِأَنْ أَخَذَتْ عَنْهُ عِوَضًا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الضَّرَّةِ (لَمْ يَصِحَّ) فَيَلْزَمُهَا رَدُّ مَا أَخَذَتْهُ وَتَسْتَحِقُّ الْقَضَاءَ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلَّمْ لَهَا الْعِوَضُ (وَيَعْصِي بِطَلَاقِ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ) حَقَّهَا بَعْدَ حُضُورِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ التَّرْجِيحُ الْأَوَّلُ) رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمُحَرَّرِ (قَوْلُهُ امْتَنَعَ التَّخْصِيصُ قَطْعًا) وَهُوَ وَجْهٌ ثَالِثٌ فَيَخْرُجُ بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ عِنْدِ الْمَوْهُوبِ لَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَأَنَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُقَالَ لَزِمَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ عِنْدِ مَنْ بَاتَ عِنْدَهَا لِيَشْمَلَ جَمِيعَ أَقْسَامِ الْهِبَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ وَلَا قَضَاءَ لِمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ) وَمَا فَاتَ قَبْلَ عِلْمِ الزَّوْجِ لَا يُقْضَى وَكَذَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عِلْمُ الزَّوْجَةِ بِذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِلْقَضَاءِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ. (قَوْلُهُ وَنَظَّرَهُ بِمَسَائِلَ إلَخْ) مِنْهَا إذَا اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْعَارِيَّةِ عَنْ الْقَفَّالِ مِنْ غَيْرِ اعْتِرَاضٍ عَلَيْهِ وَمِنْهَا إذَا رَمَى مُسْلِمٌ إلَى مُسْلِمٍ تَتَرَّسَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ فَفِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ وَجَبَتْ دِيَتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَمِنْهَا إذَا بَاشَرَ الْوَلِيُّ الْقِصَاصَ مِنْ الْحَامِلِ جَاهِلًا بِالْحَمْلِ فَتَلِفَ الْحَمْلُ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى السُّلْطَانِ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ ثُمَّ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَمِنْهَا إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا وَلَا دِيَةَ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَمِنْهَا إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ رَجُلًا يَقْتُلُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْمَأْمُورُ لَا يَعْلَمُ فَلَا دِيَةَ عَلَى الْقَاتِلِ وَمِنْهَا إذَا جُنَّ الْمُحْرِمُ ثُمَّ قَتَلَ صَيْدًا فَلَا يَجِبُ الْجَزَاءُ فِي الْأَصَحِّ مِنْ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ مَعَ أَنَّ الْإِتْلَافَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَالْعَاقِلِ اهـ وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَيُتَّجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّظَائِرِ الْمَذْكُورَةِ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ مِنْهَا مَا إذَا اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ إلَخْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّسْلِيطَ الْمُسْتَفَادَ بِالْعَارِيَّةِ أَقْوَى مِنْ الْمُسْتَفَادِ بِالْإِبَاحَةِ لَا وَجْهَ مِنْهَا أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ لَفْظٍ إمَّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْفِعْلُ مِنْ الْآخَرِ. وَالْإِبَاحَةُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَأَيْضًا فَالتَّسَامُحُ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْ التَّسَامُحِ فِي الْأَعْيَانِ (قَوْلُهُ قَالَ وَمَحَلُّ اسْتِوَاءِ الْعِلْمِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الْبُلْقِينِيِّ الْمَذْكُورَ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيِهِ الْآتِي فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ كَوْنِهِ لَوْ وَكَّلَ فِي الْقِصَاصِ فَاقْتَصَّ الْوَكِيلُ جَاهِلًا عَفْوَ مُوَكِّلِهِ لَزِمَ الْوَكِيلَ الدِّيَةُ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِإِعْلَامِهِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ ثُمَّ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ فَيَثْبُتُ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا هُنَا وَأَمَّا مَسْأَلَةُ عَدَمِ الرُّجُوعِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْعِتْقِ فَظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَتْ حَقَّهَا لَمْ يَصِحَّ) قَالَ السُّبْكِيُّ عَمَّتْ الْبَلْوَى فِي زَمَانِنَا بِالنُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ حَقَّ الْقَسْمِ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ النُّزُولَ بِعِوَضٍ لَا يَجُوزُ وَكَذَا بِغَيْرِ عِوَضٍ أَعْنِي لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ. وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ إذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا فِيمَا يَجِبُ مِنْ صِفَةِ الْوَظِيفَةِ أَوْ تَسَاوَيَا وَلَمْ يُوَافِقْ النَّاظِرُ عَلَيْهِ لِمُصْلِحَةٍ رَآهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ وَجْهٌ بَعِيدٌ بِالْجَوَازِ إذَا رَضِيَ النَّاظِرُ وَأَمْضَاهُ وَإِنْ لَمْ يُمْضِهِ فَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّ النَّازِلِ فَيُوَلِّي النَّاظِرَ مَنْ يَشَاءُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ نَزَلَ لِزَيْدٍ وَإِذَا لَمْ يُتِمَّ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَهُ تَوْلِيَةُ غَيْرِهِ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً لَيْسَ لِلْمَنْزُولِ لَهُ حَقٌّ إذَا لَمْ يُوَافِقْهُ النَّاظِرُ فَإِنْ وَافَقَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ حَقًّا كَالْمَرْأَةِ الْمَوْهُوبِ لَهَا إذَا رَضِيَ الزَّوْجُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِتَصَرُّفِ النَّازِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إلَيْهِ بَلْ لِلنَّاظِرِ ثُمَّ فِي هَذَا الزَّمَانِ يَتَمَسَّكُ بِالنُّزُولِ بَعْدَ مَوْتِ النَّازِلِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ مُتَمَسِّكًا نَعَمْ إنْ رَأَى النَّاظِرُ أَهْلِيَّتَهُ فَلَا بَأْسَ بِجَبْرِ مَقْصِدِ الْمَيِّتِ بِمُوَافَقَتِهِ قَالَ وَسَيَأْتِي فِي الْخُلْعِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ اهـ وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ نَزَلَ لِآخَرَ عَنْ وَظِيفَتِهِ فَأَثْبَتَ النُّزُولَ عِنْدَ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَحَكَمَ لَهُ بِمُوجِبِهِ وَنَفَّذَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْقُضَاةِ وَأَنْهَى ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ النَّظَرُ الشَّرْعِيُّ فَوَلَّاهَا لَهُ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْوِلَايَةِ حَاكِمٌ وَنَفَّذَ حُكْمَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحُكَّامِ وَاسْتَخْرَجَ تَوْقِيعَيْنِ شَرِيفَيْنِ يَتَضَمَّنَانِ تَقْرِيرَهُ وَبَاشَرَهَا مُدَّةً ثُمَّ نَازَعَهُ شَخْصٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَنْهَى لِنَاظِرِهَا إنَّهَا شَاغِرَةٌ عَنْ النُّزُولِ فَوَلَّاهَا لَهُ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْوَظِيفَةَ لِلْمَنْزُولِ لَهُ دُونَ غَرِيمِهِ الْمَذْكُورِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 وَقْتِهِ لِتَفْوِيتِهِ حَقَّهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَهَذَا سَبَبٌ آخَرُ لِكَوْنِ الطَّلَاقِ بِدْعِيًّا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ الْعِصْيَانُ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ سُؤَالِهَا وَإِلَّا فَلَا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ عَلَى رَأْيِ وَقَوْلِ ابْنِ الْعِمَادِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بَائِنًا. أَمَّا الرَّجْعِيُّ فَلَا عِصْيَانَ فِيهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّجْعَةِ وَالْمَبِيتِ وَيَكُونَانِ وَاجِبَيْنِ يَرُدُّهُ تَسْوِيَتُهُمْ فِي الْبِدْعِيِّ بَيْنَ الْبَائِنِ وَالرَّجْعِيِّ وَقَوْلُهُمْ (فَإِنْ أَعَادَهَا وَلَوْ بِعَقْدٍ وَالْمُسْتَوْفِيَةُ مَعَهُ وَلَوْ بِعَقْدٍ بَعْدَ طَلَاقٍ قَضَاهَا) أَيْ الْمُعَادَةَ حَقَّهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ الْمَظْلِمَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمُسْتَوْفِيَةُ مَعَهُ (فَلَا) قَضَاءَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي مِنْ نَوْبَةِ الَّتِي ظَلَمَ لَهَا لِأَنَّهَا الَّتِي اسْتَوْفَتْ نَوْبَةَ الْمَظْلُومَةِ (وَلَا يَحْسِبُ مَبِيتَهُ مَعَ الْمَظْلُومَةِ) عَنْ الْقَضَاءِ (قَبْلَ عَوْدِهَا) أَيْ الْمُسْتَوْفِيَةِ لِذَلِكَ (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ (تَحْتَهُ أَرْبَعٌ فَلَمْ يَقْسِمْ لِوَاحِدَةٍ أَرْبَعِينَ) لَيْلَةً بِأَنْ وَزَّعَهَا عَلَى الثَّلَاثِ بِالسَّوِيَّةِ (قَضَاهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ (ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَثُلُثٌ) مِثْلُ مَا بَاتَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَثُلُثًا (وَفِي الْأُمِّ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا عَشْرًا وَتَأَوَّلُوهُ) أَيْ الْأَصْحَابُ (بِمَا إذَا بَاتَ مُنْفَرِدًا) عَنْهُنَّ (عَشْرًا) بِأَنْ بَاتَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ عَشْرًا وَعَطَّلَ الْعَشْرَ الرَّابِعَةَ. وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لِمَا قَالَهُ فِي الْأُمِّ عِنْدِي وَجْهٌ صَحِيحٌ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَعَهُنَّ فِي الْأَرْبَعِينَ لَمْ يَخُصَّهَا إلَّا عَشْرٌ فَاَلَّذِي تَسْتَحِقُّهُ بِالْقَضَاءِ عَشْرٌ كَمَا قَالَ وَثَلَاثُ لَيَالٍ وَثُلُثٌ تَسْتَحِقُّهَا أَدَاءً لِأَنَّ زَمَنَ الْقَضَاءِ لَهَا فِيهِ قَسْمٌ فَيَكُونُ ثَلَاثًا وَثُلُثًا أَدَاءً لَا قَضَاءً وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ الْعِمْرَانِيُّ (الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي السَّفَرِ بِبَعْضِهِنَّ لَا يَجُوزُ) لِلزَّوْجِ ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ لَا يَقْسِمُ لَهُنَّ إلَّا بِالْقُرْعَةِ) عِنْدَ تَنَازُعِهِنَّ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَإِذَا سَافَرَ بِهَا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَاءٌ بَعْدَ عَوْدِهِ فَصَارَ سُقُوطُ الْقَضَاءِ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ وَلِأَنَّ الْمُسَافِرَ مَعَهُ وَإِنْ فَازَتْ بِصُحْبَتِهِ فَقَدْ تَعِبَتْ بِالسَّفَرِ وَمَشَاقِّهِ هَذَا (فِي سَفَرٍ مُبَاحٍ وَلَوْ) كَانَ (قَصِيرًا) أَمَّا غَيْرُ الْمُبَاحِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا فِيهِ بِقُرْعَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا فَإِنْ سَافَرَ بِهَا حَرُمَ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِلْبَاقِيَاتِ (وَإِذَا نَوَى الْإِقَامَةَ) بِمَقْصِدِهِ أَوْ بِمَحَلٍّ آخَرَ فِي طَرِيقِهِ (مُدَّةً تَقْطَعُ التَّرَخُّصَ لِلْمُسَافِرِ) وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ (وَجَبَ الْقَضَاءُ لَا فِي الرُّجُوعِ) أَيْ وَجَبَ قَضَاءُ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ لَا مُدَّةِ الرُّجُوعِ وَلَا مُدَّةِ الذَّهَابِ لَكِنْ هَلْ يَقْضِي مُدَّةَ الذَّهَابِ مِنْ الْمَحَلِّ الْآخَرِ فِي صُورَتِهِ السَّابِقَةِ أَوْ لَا ذَكَرَ الْأَصْلُ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ وَلَوْ اعْتَزَلَهَا مُدَّةَ الْإِقَامَةِ لَمْ يَقْضِهَا. (وَإِنْ أَقَامَ) فِي مَقْصِدِهِ أَوْ غَيْرِهِ (مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ قَضَى الزَّائِدَ عَلَى مُدَّةِ) تَرَخُّصِ (السَّفَرِ) فَلَوْ أَقَامَ لِشُغْلٍ يَنْتَظِرُ تَنَجُّزَهُ كُلَّ سَاعَةٍ فَلَا يَقْضِي إلَّا أَنْ يَمْضِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا (فَإِنْ سَافَرَ بِبَعْضِهِنَّ لِنَقْلَةٍ حَرُمَ) عَلَيْهِ (وَقَضَى) لِلْبَاقِيَاتِ (وَلَوْ أَقْرَعَ) بَيْنَهُنَّ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِبَعْضٍ كَمَا فِي الْحَضَرِ (فَلَوْ غَيَّرَ نِيَّةَ النَّقْلَةِ بِنِيَّةِ السَّفَرِ) لِغَيْرِهَا (فَهَلْ يَسْقُطُ) عَنْهُ (الْقَضَاءُ) وَالْإِثْمُ بِذَلِكَ أَوْ يَسْتَمِرُّ حُكْمُهُمَا إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْبَاقِيَاتِ (وَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالثَّانِي (وَلَوْ سَافَرَ لِنَقْلَةٍ وَلَمْ يَنْقُلْهُنَّ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ وَلَا طَلَّقَهُنَّ أَثِمَ) فَيَجِبُ أَنْ يَنْقُلَهُنَّ جَمِيعًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ أَوْ يُطَلِّقَهُنَّ لِتَضَرُّرِهِنَّ بِالتَّخَلُّفِ وَيَأْسِهِنَّ عَنْ الْبَيْتُوتَةِ وَالتَّحَصُّنِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَرِ لَا يُكَلَّفُ بِالْبَيْتُوتَةِ اكْتِفَاءً بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ. (وَلَا يَنْقُلُ بَعْضَهُنَّ بِنَفْسِهِ وَبَعْضَهُنَّ بِوَكِيلِهِ إلَّا بِالْقُرْعَةِ) فَيَحْرُمُ ذَلِكَ بِدُونِهَا (وَيَقْضِي) إنْ فَعَلَ ذَلِكَ (لِمَنْ) بَعَثَهَا (مَعَ الْوَكِيلِ وَلَوْ أَقْرَعَ) بَيْنَهُنَّ لِاشْتِرَاكِهِنَّ فِي السَّفَرِ (فَرْعٌ) لَوْ (سَافَرَ بِهَا لِحَاجَةٍ بِقُرْعَةٍ) ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ (وَحِينَ نَوَى الْإِقَامَةَ كَتَبَ يَسْتَدْعِي بِالْمُخَلَّفَاتِ) بِزِيَادَةِ الْبَاءِ أَيْ يَسْتَحْضِرُهُنَّ (فَهَلْ يَقْضِي الْمُدَّةَ مِنْ وَقْتِ كِتَابَتِهِ) أَوْ لَا يَقْضِيهَا (وَجْهَانِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ عَلَى رَأْيٍ) أَيْ مَرْجُوحٍ [فَرْعٌ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ فَلَمْ يَقْسِمْ لِوَاحِدَةٍ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً] (قَوْلُهُ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَثُلُثَا) وَقَفَ عَلَيْهِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ [الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي السَّفَرِ بِبَعْضِ الزَّوْجَات] (الطَّرَفُ الْخَامِسُ السَّفَرُ بِبَعْضِهِنَّ) (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْسِمُ لَهُنَّ إلَّا بِالْقُرْعَةِ) أَيْ أَوْ بِالتَّرَاضِي كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ لَهُنَّ الرُّجُوعُ لَا أَنْ يَشْرَعَ فِي السَّفَرِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ لَوْ كَانَ فِيهِنَّ مَنْ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا بِجُنُونٍ أَوْ صِبًا تَعَيَّنَ الْإِقْرَاعُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ عِنْدَ تَنَازُعِهِنَّ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَاجِزَةَ عَنْ السَّفَرِ لَا تَدْخُلُ فِي الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمُسَافِرَ مَعَهُ وَإِنْ فَازَتْ بِصُحْبَتِهِ إلَخْ) وَالْمُقِيمَةُ وَإِنْ فَاتَهَا حَظُّهَا مِنْ الزَّوْجِ فَقَدْ تَرَفَّهَتْ بِالدَّعَةِ وَالْإِقَامَةِ فَتَقَابَلَ الْأَمْرَانِ فَاسْتَوَيَا (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا فِيهِ بِقُرْعَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا إلَخْ) لِأَنَّ جَوَازَ السَّفَرِ بِهَا بِالْقُرْعَةِ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ. (قَوْلُهُ فِي صُورَتِهِ السَّابِقَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ بِمَحَلٍّ آخَرَ فِي طَرِيقِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَ الْأَصْلُ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ) أَرْجَحُهُمَا لَا (قَوْلُهُ إذْ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِبَعْضٍ كَمَا فِي الْحَضَرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ تَرْكَ الْكُلِّ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي لَكِنْ حَكَى فِي الْبَسِيطِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَابِعٌ لِلْفُورَانِيِّ وَهُوَ الْوَجْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهْمَالِ وَالْإِضْرَارِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ سَافَرَ لِنَقْلَةٍ إلَى قَوْلِهِ أَثِمَ (قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَمِرُّ حُكْمُهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) نَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالثَّانِي وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ أَقَامَ بِمَقْصِدِهِ وَانْقَطَعَ تَرَخُّصُهُ ثُمَّ أَنْشَأَ مِنْهُ سَفَرًا إلَى أَمَامِهِ قَالَ الْإِمَامُ فَإِنْ بَدَا لَهُ هَذَا السَّفَرُ وَلَمْ يَكُنْ نَوَاهُ فِي خُرُوجِهِ الْأَوَّلِ قَضَى هَذِهِ الْأَيَّامَ وَإِنْ كَانَ نَوَاهُ أَوَّلًا فَهَذَا مُحْتَمَلٌ وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ اهـ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ لَوْ دَخَلَ الْبَلَدَ الْمَقْصُودَ مَعَ الَّتِي خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا ثُمَّ عَنَّ لَهُ سَفَرٌ آخَرُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ مَضَى وَلَا يَقْضِي لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ سَفَرٌ وَاحِدٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ فِي الزِّيَادَةِ حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ. وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ فِيمَا إذَا انْقَطَعَ تَرَخُّصُهُ بِمَقْصِدِهِ وَإِنْ كَانَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ نَظَرٌ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ تَرَخُّصُهُ ش الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ النَّصِّ. (قَوْلُهُ وَيَقْضِي لِمَنْ مَعَ الْوَكِيلِ) الْمُرَادُ بِالْوَكِيلِ هُنَا الْمَحْرَمُ فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا امْتَنَعَ عَلَيْهَا السَّفَرُ وَحْدَهُ وَفِي الِاكْتِفَاءِ فِي هَذِهِ السَّفَرُ بِالنِّسْوَةِ الثِّقَاتِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ مَعَهُنَّ لِأَنَّهُ سَفَرٌ وَاجِبٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَصَحُّ بَلْ الصَّوَابُ نَعَمْ (أَوْ) سَافَرَ بِهَا لِحَاجَةٍ (بِلَا قُرْعَةٍ قَضَى لِلْبَاقِيَاتِ) جَمِيعَ الْمُدَّةِ (وَلَوْ لَمْ يَبِتْ مَعَهَا مَا لَمْ يُخَلِّفْهَا فِي بَلَدٍ) فَإِنْ خَلَّفَهَا فِي بَلَدٍ لَمْ يَقْضِ لَهُنَّ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ ثُمَّ نَقَلَ عَنْهَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إلَّا مَا بَاتَ عِنْدَهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَقْضِي وَإِنْ خَلَّفَهَا فِي بَلَدٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَصَحُّ. (فَصْلٌ) لَوْ (سَافَرَ بِزَوْجَتَيْنِ بِقُرْعَةٍ فَظَلَمَ إحْدَاهُمَا قَضَاهَا) حَقَّهَا (فِي السَّفَرِ فَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ) ذَلِكَ (فَفِي الْحَضَرِ) يَقْضِيهَا (مِنْ نَوْبَةِ صَاحِبَتِهَا) الَّتِي ظُلِمَتْ بِهَا (فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِلَا قُرْعَةٍ) وَالْأُخْرَى بِقُرْعَةٍ (عَدَلَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا تَخْتَصُّ ذَاتُ الْقُرْعَةِ بِمُدَّةِ السَّفَرِ إذَا انْفَرَدَتْ) عَنْ غَيْرِهَا مِنْ الزَّوْجَاتِ (وَيَقْضِي مِنْ نَوْبَةِ صَاحِبَتِهَا لِمَنْ تَخَلَّفَ إذَا رَجَعَ) مِنْ سَفَرِهِ (لَا زَمَانَ الزِّفَافِ إنْ كَانَتْ جَدِيدَةً) فَلَا يَقْضِيهِ لِاخْتِصَاصِهَا بِهِ (وَلَهُ تَخْلِيفُ إحْدَاهُمَا فِي بَلَدٍ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ نَكَحَ فِي طَرِيقِهِ) جَدِيدَةً (وَهُوَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَهُ إحْدَاهُنَّ فَلَا قَضَاءَ لِلْمُتَخَلِّفَاتِ مَا لَمْ يَقُمْ فَوْقَ مُدَّةِ التَّرَخُّصِ بِالسَّفَرِ) فَإِنْ أَقَامَ ذَلِكَ فِيهِ قَضَى لَهُنَّ جَمِيعَ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ إنْ نَوَاهَا وَإِلَّا قَضَى مَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِ. (فَرْعٌ حَقُّ الزِّفَافِ) مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ سَبْعٍ (يَنْدَرِجُ) فِي أَيَّامِ السَّفَرِ (إذَا سَافَرَ بِمَزْفُوفَةٍ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ زَوَالِ الْحِشْمَةِ (بِخِلَافِ حَقِّ الْمَظْلُومَةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْدَرِجُ فِي) أَيَّامِ (السَّفَرِ إلَّا إذَا كَانَ) السَّفَرُ بِهَا (بِغَيْرِ قُرْعَةٍ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ فَلَوْ نَكَحَ جَدِيدَتَيْنِ وَسَافَرَ بِإِحْدَاهُمَا بِقُرْعَةٍ انْدَرَجَ حَقُّ زِفَافِهَا فِي أَيَّامِ السَّفَرِ فَإِذَا عَادَ وَفَّى حَقَّ الْأُخْرَى كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ قَبْلَ السَّفَرِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ كَمَا لَوْ قَسَمَ لِبَعْضِهِنَّ وَسَافَرَ فَإِنَّهُ يَقْضِي بَعْدَ الرُّجُوعِ لِمَنْ لَمْ يَقْسِمْ لَهَا وَفَارَقَ حَقُّ الْمَظْلُومَةِ إذَا سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ حَيْثُ لَا يَنْدَرِجُ فِي السَّفَرِ بِأَنَّ مَحَلَّهُ نَوْبَةُ الضَّرَائِرِ وَأَيَّامُ السَّفَرِ حَقٌّ لَهَا خَاصَّةً بِخِلَافِ حَقِّ الزِّفَافِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِنَّ وَإِنَّمَا وَجَبَ لِتَحْصِيلِ الْأُنْسِ وَإِذْهَابِ الْحِشْمَةِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالصُّحْبَةِ فِي السَّفَرِ (وَلَوْ نَكَحَ جَدِيدَتَيْنِ وَزُفَّتَا) إلَيْهِ (مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَسَافَرَ بِإِحْدَاهُمَا بِالْقُرْعَةِ انْدَرَجَ حَقُّ زِفَافِهَا) فِي أَيَّامِ السَّفَرِ كَمَا مَرَّ أَيْضًا (وَلَوْ رَجَعَ) مِنْ سَفَرِهِ (قَضَى حَقَّ زِفَافِ الْمُتَخَلِّفَةِ فَلَوْ رَجَعَ) مِنْ سَفَرِهِ (بَعْدَ يَوْمَيْنِ قَضَى لِلْمُتَخَلِّفَةِ) حَقَّ زِفَافِهَا (بَعْدَ تَتْمِيمِ حَقِّ) زِفَافِ (الْقَادِمَةِ) مِنْ السَّفَرِ. (وَلَوْ سَافَرَ ذُو زَوْجَاتٍ وَإِمَاءٍ) أَوْ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ (بِأَمَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ جَازَ) كَمَا هُوَ قِيَاسُ أَصْلِ الْقَسْمِ (وَإِنْ سَافَرَ بِإِحْدَى زَوْجَاتِهِ الثَّلَاثِ بِقُرْعَةٍ ثُمَّ نَكَحَ جَدِيدَةً فِي السَّفَرِ فَمَنَعَهَا حَقَّ الزِّفَافِ) ظُلْمًا (وَأَقَامَ سَبْعًا عِنْدَ الْقَدِيمَةِ ثُمَّ رَجَعَ) مِنْ سَفَرِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْجَدِيدَةَ حَقَّ زِفَافِهَا (قَضَاهَا حَقَّ الزِّفَافِ ثُمَّ قَضَاهَا السَّبْعَ مِنْ نَوْبَةِ الْمُسَافِرَةِ فَيَدُورُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ وَيَكُونُ لَهَا نَوْبَتَانِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ) بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا لَيْلَتَيْنِ وَعِنْدَ كُلٍّ مِنْ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لَيْلَةً وَهَكَذَا حَتَّى يُتِمَّ السَّبْعَ (وَلَوْ لَمْ يُسَافِرْ بِأَحَدٍ) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (وَمَنَعَ الْجَدِيدَةَ) حَقَّ الزِّفَافِ (وَبَاتَ عِنْدَ قَدِيمَةٍ) مِنْ الثَّلَاثِ (عَشْرًا ظُلْمًا وَفَّى الْجَدِيدَةَ زِفَافَهَا وَدَارَ عَلَيْهَا وَعَلَى الْمَظْلُومَتَيْنِ حَتَّى يُتِمَّ لِكُلٍّ) مِنْهُنَّ (عَشْرًا) (الْبَابُ الثَّانِي فِي الشِّقَاقِ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهُوَ (قَدْ يَكُونُ بِسَبَبٍ مِنْهَا وَ) قَدْ (يَكُونُ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَ) قَدْ (يَكُونُ) بِسَبَبٍ مِنْهُمَا. (فَإِنْ كَانَ) بِسَبَبٍ (مِنْهَا نُظِرَتْ فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ نُشُوزِهَا كَالْعُبُوسِ) بَعْدَ طَلَاقَةِ الْوَجْهِ (وَالْكَلَامِ الْخَشِنِ) بَعْدَ لِينِهِ (وَعَظَهَا) نَدْبًا لِآيَةِ {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34] كَأَنْ يَقُولَ لَهَا اتَّقِ اللَّهَ فِي الْحَقِّ الْوَاجِبِ لِي عَلَيْك وَاحْذَرِي الْعُقُوبَةَ وَيُبَيِّنَ لَهَا أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ وَالْقَسْمَ فَقَدْ تَتَأَدَّبُ بِذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَذْكُرَ لَهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ خَبَرِ «إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» وَمَا فِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ خَبَرِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا رَاضٍ عَنْهَا دَخَلَتْ الْجَنَّةَ» (وَلَا يَهْجُرُهَا) فِي فِرَاشِهَا وَلَا يَضْرِبُهَا فَلَعَلَّهَا تُبْدِي عُذْرًا أَوْ تَتُوبَ عَمَّا جَرَى مِنْهَا بِلَا عُذْرٍ (فَإِنْ نَشَزَتْ) وَلَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهَا النُّشُوزُ (هَجَرَهَا فِي الْفِرَاشِ) مَعَ وَعْظِهَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ لِأَنَّ فِي الْهَجْرِ أَثَرًا ظَاهِرًا فِي تَأْدِيبِ النِّسَاءِ (لَا) فِي (الْكَلَامِ) أَيْ لَا يُنْدَبُ هَجْرُهَا فِيهِ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ. (وَيَحْرُمُ الْهَجْرُ بِهِ) لِلزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا (فَوْقَ ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» (إلَّا لِمُبْتَدِعٍ أَوْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ سَافَرَ بِزَوْجَتِهِ لِحَاجَةٍ بِقُرْعَةٍ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ] قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَصَحُّ بَلْ الصَّوَابُ نَعَمْ) إنَّمَا سَكَتَا عَنْ تَرْجِيحِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَدَّمَاهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ فَإِنْ خَلَّفَهَا فِي بَلَدٍ لَمْ يَقْضِ لَهُنَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَصَحُّ) هُوَ قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَقْضِي إلَخْ [فَصْلٌ سَافَرَ بِزَوْجَتَيْنِ بِقُرْعَةٍ فَظَلَمَ إحْدَاهُمَا] (قَوْلُهُ وَلَهُ تَخْلِيفُ إحْدَاهُمَا فِي بَلَدٍ بِالْقُرْعَةِ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْبَلَدَ لَا يَبْعُدُ عَوْدُهُ إلَيْهِ [فَرْعٌ حَقُّ الزِّفَافِ مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ سَبْعٍ يَنْدَرِجُ فِي أَيَّامِ السَّفَرِ] (قَوْلُهُ بِخِلَافِ حَقِّ الْمَظْلُومَةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْدَرِجُ فِي السَّفَرِ) دَخَلَ فِي إطْلَاقِهِ مَا إذَا قَسَمَ وَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْقَسْمِ وَكَانَتْ الَّتِي بَقِيَ حَقُّهَا هِيَ الْقَارِعَةَ فَلَا تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ نَوْبَتِهَا بَلْ إذَا رَجَعَ وَفَّاهَا نَوْبَتَهَا [الْبَابُ الثَّانِي فِي الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الشِّقَاقِ) (قَوْلُهُ وَلَا يَهْجُرُهَا فِي فِرَاشِهَا) كَلَامُهُمْ قَدْ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ هَجْرِهَا فِي الْمَضْجَعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا فَوَّتَ حَقًّا لَهَا مِنْ قَسْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ عَدَمُ تَحْرِيمِهِ لِأَنَّ الِاضْطِجَاعَ مَعَهَا حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُ. نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ عَدَمُ تَحْرِيمِهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ الْهَجْرُ بِهِ فَوْقَ ثَلَاثٍ) فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ هَجْرَهَا لَمْ يَحْرُمْ كَمَا أَنَّ الطِّيبَ وَنَحْوَهُ إذَا تَرَكَهُ الْإِنْسَانُ بِلَا قَصْدٍ لَمْ يَأْثَمْ وَإِنْ قَصَدَ بِتَرْكِهِ الْإِحْدَادَ أَثِمَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 فَاسِقٍ) أَوْ نَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَجَاهَرْ بِمَا اتَّصَفَ بِهِ (أَوْ رَجَا بِالْهَجْرِ صَلَاحَ دِينٍ) لِلْهَاجِرِ أَوْ لِلْمَهْجُورِ فَلَا يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ هَجْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ مُرَارَةَ بْنِ الرَّبِيعِ وَهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَنَهْيُهُ الصَّحَابَةَ عَنْ كَلَامِهِمْ وَكَذَا مَا جَاءَ مِنْ هَجْرِ السَّلَفِ بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ التَّحْرِيمَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِهَجْرِهَا رَدَّهَا لِحَظِّ نَفْسِهِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ رَدَّهَا عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَإِصْلَاحَ دِينِهَا فَلَا تَحْرِيمَ قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُمْ إذْ النُّشُوزُ حِينَئِذٍ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ وَذَكَرَ نَحْوُهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَلَا حُجَّةَ لِلنَّوَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مُدَّعَاهُ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْهَجْرِ بِغَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّعَدِّيَ وَالنُّشُوزَ مِمَّا يُسَلِّطُ عَلَى الضَّرْبِ وَالسُّكُوتُ أَهْوَنُ مِنْهُ (فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهَا النُّشُوزُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ ضَرَبَهَا) لِظَاهِرِ الْآيَةِ فَتَقْدِيرُهَا وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ فَإِنْ نَشَزْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ وَإِنَّمَا يَضْرِبُهَا (إنْ أَفَادَ) ضَرْبُهَا فِي ظَنِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَضْرِبُهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ (وَهُوَ ضَرْبُ التَّعْزِيرِ) فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُدْمِيًا وَلَا مُبَرِّحًا (وَسَنَذْكُرُهُ بِبَابِهِ وَالْأَوْلَى لَهُ الْعَفْوُ) عَنْ الضَّرْبِ وَخَبَرُ النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ عَلَى الضَّرْبِ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ لَا عَلَى النَّسْخِ إذْ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَعَلِمْنَا التَّارِيخَ (بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ) فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُ الْعَفْوِ لِأَنَّ ضَرْبَهُ لِلتَّأْدِيبِ مَصْلَحَةٌ لَهُ وَضَرْبُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ مَصْلَحَةٌ لِنَفْسِهِ (فَرْعٌ وَالنُّشُوزُ نَحْوُ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ) إلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ (لَا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَا إلَى الِاسْتِفْتَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا (وَكَمَنْعِ الِاسْتِمْتَاعِ) أَيْ مَنْعِهَا الزَّوْجَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ (وَلَوْ غَيْرَ الْجِمَاعِ لَا) مَنْعِهَا لَهُ مِنْهُ (تَدَلُّلًا وَلَا الشَّتْمِ) لَهُ (وَلَا الْإِيذَاءِ) لَهُ (بِاللِّسَانِ) أَوْ غَيْرِهِ (بَلْ تَأْثَمُ بِهِ) وَتَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ عَلَيْهِ. (وَيَتَوَلَّى تَأْدِيبَهَا) بِنَفْسِهِ (عَلَى ذَلِكَ) وَلَا يَرْفَعُهَا إلَى الْقَاضِي لِيُؤَدِّبَهَا لِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً وَعَارًا وَتَنْكِيدًا لِلِاسْتِمْتَاعِ فِيمَا بَعْدُ وَتَوْحِيشًا لِلْقُلُوبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَتَمَتْ أَجْنَبِيًّا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي وَلِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ عِيَادَةِ أَبَوَيْهَا وَمِنْ شُهُودِ جِنَازَتِهِمَا وَجِنَازَةِ وَلَدِهَا وَالْأَوْلَى خِلَافُهُ (وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ مِنْهُ بِأَنْ مَنَعَهَا حَقًّا لَهَا) كَقَسْمٍ وَنَفَقَةٍ (أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ إيَّاهُ) لِعَجْزِهَا عَنْهُ بِخِلَافِ نُشُوزِهَا فَإِنَّ لَهُ إجْبَارَهَا عَلَى إيفَاءِ حَقِّهِ لِقُدْرَتِهِ (وَيَزْجُرُهُ) الْحَاكِمُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَنْهَاهُ (إنْ أَذَاهَا وَضَرَبَهَا بِلَا سَبَبٍ ثُمَّ يُعَزِّرُهُ) إنْ عَادَ وَطَلَبَتْ التَّعْزِيرَ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُعَزِّرُهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى مَعَ أَنَّ الْإِيذَاءَ بِلَا سَبَبٍ مَعْصِيَةٌ وَكَأَنَّهُ لِأَجْلِ ضَرُورَةِ الْعِشْرَةِ فَقَدْ يَنْتَهِي بِالنَّهْيِ فَلَا مَعْنَى لِلْإِيحَاشِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَيُسْكِنُهُمَا) الْحَاكِمُ (عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ) أَيْ الزَّوْجَ (مِنْ التَّعَدِّي) عَلَيْهَا عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِجَنْبِ ثِقَةٍ قَالَ فِيهِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّعَدِّي مِنْهُمَا جَمِيعًا فَكَذَلِكَ يَفْعَلُ الْحَاكِمُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْحَيْلُولَةِ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَعُودَ إلَى الْعَدْلِ قَالَ وَلَا يَعْتَمِدُ قَوْلَهُ فِي الْعَدْلِ وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُ قَوْلَهَا وَشَهَادَةَ الْقَرَائِنِ انْتَهَى وَفَصَّلَ الْإِمَامُ فَقَالَ إنْ ظَنَّ الْحَاكِمُ تَعَدِّيَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ تَحَقَّقَهُ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَخَافَ أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا مُبَرِّحًا لِكَوْنِهِ جَسُورًا أَحَالَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ عَدْلٌ إذْ لَوْ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُمَا وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّعْزِيرِ لَرُبَّمَا بَلَغَ مِنْهَا مَبْلَغًا لَا يُسْتَدْرَكُ انْتَهَى فَمَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْحَيْلُولَةَ أَرَادَ الْحَالَ الْأَوَّلَ وَمَنْ ذَكَرَهَا كَالْغَزَالِيِّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّوَوِيِّ فِي تَنْقِيحِهِ أَرَادَ الثَّانِيَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ بَعْدَ التَّعْزِيرِ وَالْإِسْكَانِ (فَإِنْ كَانَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ رُجِيَ بِالْهَجْرِ صَلَاحُ دَيْنٍ لِلْهَاجِرِ) قَالَ شَيْخُنَا أَوْ دُنْيَاهُ كَمَا ذَكَرَهُ النَّاشِرِيّ فِي نُكَتِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُمْ) هُوَ دَاخِلٌ فِيمَا اسْتَثْنَوْهُ (قَوْلُهُ وَالسُّكُوتُ أَهْوَنُ مِنْهُ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِتَكَرُّرِ مَشَقَّةِ الْهَجْرِ فِي الْكَلَامِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي تَأْدِيبِ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهَا النُّشُوزُ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ ضَرَبَهَا، إبَاحَةُ الضَّرْبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وِلَايَةٌ مِنْ الشَّرْعِ لِلزَّوْجِ لِأَخْذِ حَقِّهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَضْرِبُ فِيهِ الْمُسْتَحِقُّ مَنْ مَنَعَ حَقَّهُ غَيْرَ هَذَا وَالْعَبْدِ إذَا مَنَعَ حَقَّ سَيِّدِهِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ فِيهِمَا لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ بِسَبَبِ عَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَرَبَهَا وَادَّعَى أَنَّهُ بِسَبَبِ نُشُوزِهَا وَأَنْكَرَتْهُ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِصْيَانِهَا لَكِنْ عَارَضَهُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ظُلْمِ الزَّوْجِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ قَالَ وَهَذَا الَّذِي يَقْوَى فِي ظَنِّي لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ وَلِيًّا فِي ذَلِكَ وَالْوَلِيُّ يُرْجَعْ إلَيْهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ اهـ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ فَتَقْدِيرُهَا وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ إلَخْ) وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ تَعَالَى رَتَّبَ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ عَلَى خَوْفِ النُّشُوزِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَضْرِبُهَا قَبْلَ ظُهُورِهِ وَلِأَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى التَّرْتِيبِ بِأَنْ قَدَّمَ الْوَعْظَ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِالْهَجْرِ وَالضَّرْبِ (قَوْلُهُ وَلَا مُبَرِّحًا) أَيْ وَلَا عَلَى الْوَجْهِ وَالْمَهَالِكِ أَيْ يَجِبُ ذَلِكَ وَقَدْ فَسَّرُوا الْبَرَحَ بِاَلَّذِي يُخْشَى مِنْهُ تَلَفُ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ التَّأْدِيبَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْمُبَرِّحِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمُبَرِّحُ وَلَا غَيْرُهُ [فَرْعٌ النُّشُوزُ نَحْوُ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ إلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ] (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَا إلَى الِاسْتِفْتَاءِ إلَخْ) أَيْ أَوْ خَرَجَتْ لِلطَّحْنِ أَوْ الْخَبْزِ أَوْ شِرَاءِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ خَافَتْ مِنْ انْهِدَامِ الْمَنْزِلِ أَوْ جَلَاءِ مَنْ حَوْلِهَا مِنْ الْجِيرَانِ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ انْقَضَتْ إجَارَةُ الْمَنْزِلِ أَوْ رَجَعَ مُعِيرُهُ. (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ لِأَجَلِ ضَرُورَةِ الْعِشْرَةِ) لِأَنَّ إسَاءَةَ الْخُلُقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ تَكْثُرُ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ) تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَحَالَ بَيْنَهُمَا) قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إدْرَارُ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا بَاذِلَةٌ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا وَهَذِهِ الْحَيْلُولَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِنْ جِهَةِ عُدْوَانِهِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِذَلِكَ نَفَقَتُهَا كَمَا لَوْ جَنَى جِنَايَةً فَحُبِسَ بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ وَفَصَّلَ الْإِمَامُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالتَّحْقِيقِ (قَوْلُهُ فَمَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْحَيْلُولَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 لَا يَتَعَدَّى عَلَيْهَا لَكِنَّهُ يَكْرَهُهَا) أَيْ يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا (لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ) أَوْ نَحْوِهِ (وَيُعْرِضُ عَنْهَا) كَأَنْ لَا يَدْعُوهَا إلَى فِرَاشِهِ أَوْ يَهُمُّ بِطَلَاقِهَا (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُسْتَحَبُّ) لَهَا (أَنْ تَسْتَعْطِفَهُ بِمَا يُحِبُّ) كَأَنْ تَسْتَرْضِيَهُ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهَا مِنْ قَسْمٍ أَوْ نَفَقَةٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ سَوْدَةَ لَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ فَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ لَهَا يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ» (وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ يُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا كَرِهَتْ صُحْبَتَهُ أَنْ يَسْتَعْطِفَهَا بِمَا تُحِبُّ (فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (تَعَدِّيَ صَاحِبِهِ) عَلَيْهِ وَأَشْكَلَ الْحَالُ عَلَى الْحَاكِمِ (سَأَلَ ثِقَةً خَبِيرًا بِهِمَا فَإِنْ عَدِمَ أَسْكَنَهُمَا إلَى جَنْبِ ثِقَةٍ) يَتَعَرَّفُ حَالَهُمَا ثُمَّ (يُنْهِي إلَيْهِ) مَا تَعَرَّفَهُ (فَيَزْجُرُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَيَمْنَعُ (الظَّالِمَ) عَنْ ظُلْمِهِ وَاكْتَفَى هُنَا بِثِقَةٍ وَاحِدٍ تَنْزِيلًا لِذَلِكَ مَنْزِلَةَ الرِّوَايَةِ لِمَا فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ مِنْ الْعُسْرِ (فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ وَفَحُشَ وَجَبَ) عَلَى الْحَاكِمِ (أَنْ يَبْعَثَ حَكَمًا لَهَا وَحَكَمًا لَهُ بِرِضَاهُمَا لِيُصْلِحَا) بَيْنَهُمَا إنْ تَيَسَّرَ الْإِصْلَاحُ (أَوْ يُفَرِّقَا) بَيْنَهُمَا (بِطَلْقَةٍ) فَقَطْ (إنْ عَسُرَ الْإِصْلَاحُ) لِلْآيَةِ وَاعْتُبِرَ رِضَاهُمَا لِأَنَّ الْحَكَمَيْنِ وَكِيلَانِ كَمَا قَالَ. (وَهُمَا وَكِيلَانِ لَهُمَا) فَلَيْسَا بِحَاكِمَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ لِأَنَّ الْحَالَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْفِرَاقِ وَالْبُضْعُ حَقُّ الزَّوْجِ وَالْمَالُ حَقُّ الزَّوْجَةِ وَهُمَا رَشِيدَانِ فَلَا يُوَلِّي عَلَيْهِمَا فِي حَقِّهِمَا (فَيُشْتَرَطُ تَوْكِيلُ الزَّوْجَيْنِ لَهُمَا فِيمَا يَفْعَلَانِ) فَيُوَكِّلُ الزَّوْجُ (هَذَا) أَيْ حَكَمَهُ (فِي التَّطْلِيقِ وَالْخُلْعِ وَ) تُوَكِّلُ الزَّوْجَةُ (هَذَا) أَيْ حَكَمَهَا (فِي الْبَذْلِ) لِلْعِوَضِ (وَالْقَبُولِ) لِلطَّلَاقِ بِهِ وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى أَوْ (فَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِبَعْثِهِمَا) وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ (أَدَّبَ الْحَاكِمُ الظَّالِمَ وَاسْتَوْفَى لِلْمَظْلُومِ) حَقَّهُ (وَلَا يَكْفِي حُكْمٌ وَاحِدٌ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ يَتَّهِمُهُ وَلَا يُفْشِي إلَيْهِ سِرَّهُ (وَشَرْطُهُمَا الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْعَدَالَةُ) الْمُتَضَمَّنَةُ لِلتَّكْلِيفِ (وَالِاهْتِدَاءُ إلَى الْمَقْصُودِ) بِمَا بُعِثَا لَهُ لَا الِاجْتِهَادِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِيهِمَا ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ لِتَعَلُّقِ وَكَالَتِهِمَا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ كَمَا فِي أَمِينِهِ. (فَإِنْ أَصْلَحَا) بَيْنَهُمَا (بِتَرْكِ حَقٍّ) كَقَسْمٍ وَنَفَقَةٍ وَعَدَمِ تَسَرٍّ أَوْ نِكَاحٍ عَلَيْهَا (لَمْ يَلْزَمْ) تَرْكُهُ (وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِهِمَا) لِلْآيَةِ وَلِأَنَّ الْأَهْلَ أَشْفَقُ وَأَقْرَبُ إلَى رِعَايَةِ الْإِصْلَاحِ وَأَعْرَفُ بِبَوَاطِنِ الْأَحْوَالِ وَلِأَنَّ الْقَرِيبَ يُفْشِي سِرَّهُ إلَى قَرِيبِهِ مِنْ غَيْرِ حِشْمَةٍ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ بَعَثَ أَجْنَبِيَّيْنِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَجُوزُ بَعْثُ عَدُوَّيْنِ (وَ) يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُمَا (ذَكَرَيْنِ) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِحْبَابِ فِي هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ ذَهَبَ الْقَاضِي) إلَيْهِمَا (وَهُوَ أَهْلُ أَحَدِهِمَا جَازَ) وَإِنْ اتَّهَمَهُ الْآخَرُ وَكَذَا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِمَا أَوْ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَيَخْلُو كُلُّ حَكَمٍ) مِنْهُمَا (بِصَاحِبِهِ) أَيْ بِمُوَكِّلِهِ (وَيَفْهَمُ مُرَادَهُ وَلَا يُخْفِي حَكَمٌ عَنْ حَكَمٍ شَيْئًا) إذَا اجْتَمَعَا (وَيَعْمَلَانِ بِالْمَصْلَحَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا) رَأَيَا (بَعَثَ) اثْنَيْنِ (غَيْرَهُمَا) حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى شَيْءٍ. (فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) أَوْ جُنَّ (وَلَوْ بَعْدَ اسْتِعْلَامِ الْحَكَمَيْنِ رَأْيَهُ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُمَا) أَيْ أَمْرُهُمَا لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ جُنَّ قَبْلَ الْبَعْثِ لَمْ يَجُزْ بَعْثُ الْحَكَمَيْنِ (وَإِنْ غَابَ) أَحَدُهُمَا بَعْدَ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ (نَفَذَ) أَمْرُهُمَا كَمَا فِي سَائِرِ الْوُكَلَاءِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ رُشْدُ الزَّوْجَةِ لِيَتَأَتَّى بَذْلُهَا الْعِوَضَ لَا رُشْدُ الزَّوْجِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَجُوزُ خُلْعُ السَّفِيهِ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِيهِ. (فَرْعٌ لَوْ قَالَ) الزَّوْجُ لِوَكِيلِهِ (خُذْ مَالِي مِنْهَا ثُمَّ طَلِّقْهَا) أَوْ خَالِعْهَا أَوْ إذَا أَخَذْت مَالِي مِنْهَا فَطَلِّقْهَا أَوْ خَالَعَهَا (أَوْ طَلِّقْهَا) أَوْ خَالَعَهَا (عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مَالِي) مِنْهَا (اُشْتُرِطَ تَقْدِيمُ الْأَخْذِ) لِلْمَالِ عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ الْخُلْعِ وَكَذَا لَوْ قَالَ خُذْ مَالِي مِنْهَا وَطَلِّقْهَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ فَاشْتُرِطَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْوَاوُ لِلتَّرْتِيبِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِتَوَهُّمِهِ كَالْإِسْنَوِيِّ أَنَّ الْبَغَوِيّ فَرَّعَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ (أَوْ) قَالَ لَهُ (طَلِّقْهَا) أَوْ خَالَعَهَا (ثُمَّ خُذْ مَالِي) مِنْهَا (جَازَ تَقْدِيمُ الْأَخْذِ) لِلْمَالِ عَلَى مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ خَيْرٍ وَكَالتَّوْكِيلِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فِيمَا ذُكِرَ التَّوْكِيلُ مِنْ جَانِبِهَا كَأَنْ قَالَتْ خُذْ مَالِي مِنْهُ ثُمَّ اخْلَعْنِي ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (كِتَابُ الْخُلْعِ) بِضَمِّ الْخَاءِ مِنْ الْخَلْعِ بِفَتْحِهَا وَهُوَ النَّزْعُ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ لِبَاسُ الْآخَرِ قَالَ تَعَالَى {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187] فَكَأَنَّهُ بِمُفَارَقَةِ الْآخَرِ نَزَعَ لِبَاسَهُ وَسَيَأْتِي مَعْنَاهُ فِي الشَّرْعِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَاكْتَفَى هُنَا بِثِقَةٍ وَاحِدٍ) تَنْزِيلًا لِذَلِكَ مَنْزِلَةَ الرِّوَايَةِ أَلَا تَرَاهُمْ عَبَّرُوا بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا لَفْظَ الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ وَجَبَ أَنْ يَبْعَثَ حَكَمًا لَهَا إلَخْ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا ارْتَفَعَ الزَّوْجَانِ الْمَخُوفُ شِقَاقُهُمَا إلَى الْحَاكِمِ فَحَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ أَرَ مَنْ حَكَى عَنْ الشَّافِعِيِّ اسْتِحْبَابَ الْبَعْثِ غَيْرَ الرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ وَهُمَا رَشِيدَانِ إذَا كَانَ الزَّوْجَانِ غَيْرَ بَالِغَيْنِ) فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَبْعَثُ الْحَكَمَيْنِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الطَّلَاقِ مِنْ الزَّوْجِ وَعَدَمِ إمْكَانِ بَذْلِ الْمَالِ مِنْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ فَلَا يُوَلِّي عَلَيْهِمَا فِي حَقِّهِمَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَرْدُودَ إلَيْهِمَا الْإِصْلَاحُ دُونَ الْفُرْقَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَجُوزُ بَعْثُ عَدُوَّيْنِ) قَالَ شَيْخُنَا يَظْهَرُ أَنَّ كَلَامَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُمَا حَكَمَانِ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهُمَا وَكِيلَانِ فَيُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا [فَرْعٌ قَالَ الزَّوْجُ لِوَكِيلِهِ خُذْ مَالِي مِنْهَا ثُمَّ طَلِّقْهَا أَوْ خَالِعْهَا] (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ إلَخْ) فَإِنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْأَخْذِ قَدْ تَغْضَبُ فَتَجْحَدُ أَوْ تَمْتَنِعُ مِنْ الْأَدَاءِ. (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ [كِتَابُ الْخُلْعِ] الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا} [النساء: 4] الْآيَةَ وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَتَتْ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ وَفِي رِوَايَةٍ مَا أَنْقِمُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ أَيْ كُفْرَانَ النِّعْمَةِ فَقَالَ أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً وَفِي رِوَايَةٍ فَرَدَّتْهَا وَأَمَرَهُ بِفِرَاقِهَا» وَهُوَ أَوَّلُ خُلْعٍ وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَمْلِكَ الزَّوْجُ الِانْتِفَاعَ بِالْبُضْعِ بِعِوَضٍ جَازَ أَنْ يُزِيلَ ذَلِكَ الْمِلْكَ بِعِوَضٍ كَالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فَالنِّكَاحُ كَالشِّرَاءِ وَالْخُلْعُ كَالْبَيْعِ وَأَيْضًا فِيهِ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الْمَرْأَةِ غَالِبًا (هُوَ) فِي الشَّرْعِ (فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ) مَقْصُودٍ (رَاجِعٍ إلَى الزَّوْجِ) أَوْ سَيِّدِهِ عَدَلَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ يَأْخُذُهُ الزَّوْجُ إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَا ثَبَتَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ وَزِدْت مَقْصُودٍ لِيَخْرُجَ الْخُلْعُ بِدَمٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ رَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ (وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الصَّدَاقِ وَغَيْرِهِ) وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ لَكِنْ تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ وَيَصِحُّ فِي حَالَتَيْ الشِّقَاقِ وَالْوِفَاقِ وَذِكْرُ الْخَوْفِ فِي الْآيَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. (وَلَا يُكْرَهُ عِنْدَ الشِّقَاقِ أَوْ) عِنْدَ (كَرَاهِيَتِهَا لَهُ) لِسُوءِ خُلُقِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) عِنْدَ خَوْفِ (تَقْصِيرٍ) مِنْهَا (فِي حَقِّهِ) أَوْ عِنْدَ حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مِنْ مَدْخُولٍ بِهَا عَلَى فِعْلِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فِعْلِهِ وَذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي خَوْفِ التَّقْصِيرِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِذَلِكَ مَا لَوْ مَنَعَهَا نَفَقَةً أَوْ غَيْرَهَا فَافْتَدَتْ لِتَتَخَلَّصَ مِنْهُ انْتَهَى فَإِنْ مَنَعَهَا ذَلِكَ لِتُخَالِعَهُ فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إكْرَاهٌ لَهَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَيْضًا وَمَا قِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ أَيْضًا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ بِمَنْعِ الْحَقِّ صَارَ مُكْرِهًا لَهَا بَعِيدٌ (فَإِنْ كَرِهَهَا لَا لِزِنَاهَا فَأَسَاءَ عِشْرَتَهَا) بِمَنْعِ حَقِّهَا (حَتَّى اخْتَلَعَتْ كُرِهَ) الْخُلْعُ وَإِنْ كَانَ نَافِذًا (وَأَثِمَ بِفِعْلِهِ) وَيُكْرَهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ وَإِنْ كَرِهَهَا لِزِنَاهَا أَيْ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَأَسَاءَ عِشْرَتَهَا حَتَّى اخْتَلَعَتْ لَمْ يُكْرَهْ وَإِنْ أَثِمَ بِفِعْلِهِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] . (وَإِنْ أَكْرَهَهَا) بِالضَّرْبِ وَنَحْوِهِ (عَلَى الْخُلْعِ) أَيْ اخْتِلَاعِهَا فَاخْتَلَعَتْ (لَمْ يَصِحَّ) لِلْإِكْرَاهِ (وَوَقَعَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا إنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَالَ) وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّ مُطْلَقَ الْخُلْعِ يَقْتَضِي الْمَالَ فَيَقَعُ بَائِنًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْتَضِيهِ إذَا وَجَدَ طَرَفَا الْعَقْدِ وَالْمَرْأَةُ هُنَا لَمْ تَقْبَلْ قَبُولًا مُعْتَبَرًا (وَإِنْ سَمَّاهُ أَوْ قَالَ طَلَّقْتُك بِكَذَا وَضَرَبَهَا لِتَقْبَلَ) فَقَبَلَتْ (لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْبَلْ مُخْتَارَةً (وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَى الْخُلْعِ وَأَقَامَتْ) بِهِ بَيِّنَةً (وَادَّعَى الْخُلْعَ) أَيْ اعْتَرَفَ بِهِ دُونَ الْإِكْرَاهِ (رَدَّ الْمَالَ) إلَيْهَا (وَبَانَتْ) مِنْهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ بَلْ أَنْكَرَ الْمَالَ أَوْ سَكَتَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا (وَفِي هَذَا الْكِتَابِ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهِ) أَيْ الْخُلْعِ أَيْ مَدْلُولِهِ (وَهُوَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ) صَرِيحًا كَانَ أَوْ كِنَايَةً (طَلَاقٌ وَكَذَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ) وَنَحْوِهِ كَالْفِدَاءِ لِوُرُودِ لَفْظِ الْقُرْآنِ بِهِ فِي الْفِدَاءِ قَالَ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] وَقِيسَ بِالْفِدَاءِ الْخُلْعُ فَيَنْقُصُ بِهِمَا عَدَدُ الطَّلَاقِ كَلَفْظِ الطَّلَاقِ (لَا فَسْخَ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَسْخًا لَمَا جَازَ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْفَسْخَ يُوجِبُ اسْتِرْجَاعَ الْبَدَلِ وَإِذَا كَانَ طَلَاقًا. (فَيَصِحُّ بِخَالَعْتُ نِصْفَك أَوْ يَدَك) أَوْ نَحْوَهُمَا بِكَذَا (أَوْ خَالَعْتكِ شَهْرًا) بِكَذَا فِي لَفْظِ الطَّلَاقِ (وَلَفْظِ الْخُلْعِ وَكَذَا الْمُفَادَاةُ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ) لِشُيُوعِهِمَا فِي الْعُرْفِ وَالِاسْتِعْمَالِ لِلطَّلَاقِ فَالْتَحَقَا بِالْمُتَكَرِّرِ فِي الْقُرْآنِ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْمُفَادَاةِ وَرَدَتْ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَقِيلَ لَيْسَ ذَلِكَ بِصَرِيحٍ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ صَرِيحٌ (إنْ ذُكِرَ الْمَالُ) لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِالْبَيْنُونَةِ (وَكَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْهُ) كَأَنْ قَالَ خَالَعْتكِ أَوْ فَادِيَتُك أَوْ افْتَدَيْتُك فَقَبِلَتْ لِأَنَّ قَبُولَهَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِنَّهُ رَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ) أَيْ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَذِكْرُ الْخَوْفِ فِي الْآيَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ فِي حَالَةِ الْخَوْفِ وَهِيَ مُضْطَرَّةٌ إلَى بَذْلِ الْمَالِ فَفِي حَالَةِ الرِّضَا أَوْلَى وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ عِنْدَ الشِّقَاقِ إلَخْ) إنَّمَا كُرِهَ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ النِّكَاحِ الَّذِي طَلَبَ الشَّارِعُ دَوَامَهُ (قَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ إلَخْ) الْحَلِفُ بِطَلْقَتَيْنِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إكْرَاهٌ لَهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ ثُمَّ رَأَيْت أَنَّهُ قَائِلٌ فِي مَسْأَلَةِ الْأَصْلِ بِأَنَّهُ إكْرَاهٌ أَيْضًا فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَرْجُوحٌ فِيهِمَا وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْمَصَادِرِ لِأَنَّهُ إذَا مَنَعَهَا حَقَّهَا لَمْ يُكْرِهَا عَلَى الْخُلْعِ بِخُصُوصِهِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَثِمَ بِفِعْلِهِ) وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ وَقَالَ إنَّهُ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَة الْخُلْعِ] (قَوْلُهُ وَهُوَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ طَلَاقٌ إلَخْ) أَلْفَاظُ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا تَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ وَالضَّابِطُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنَّ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ إنْ تَكَرَّرَ حَتَّى اُشْتُهِرَ كَالْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فَصَرِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ بَلْ ذُكِرَ فِي الشَّرْعِ مَرَّةً وَلَمْ يَشِعْ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ كَالْمُفَادَاةِ فِي الْخُلْعِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] وَالْفَكُّ فِي الْعِتْقِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 13] وَالْإِمْسَاكُ فِي الرَّجْعَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] فَوَجْهَانِ أَيْ وَالْأَصَحُّ الْتِحَاقُهُ بِالصَّرِيحِ فِي الْكُلِّ وَأَمَّا مَا لَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَكِنْ شَاعَ فِي الْعُرْفِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ شَرْعًا فِي الطَّلَاقِ وَشَاعَ الْعُرْفُ فِي إرَادَتِهِ فَوَجْهَانِ أَيْ وَالْأَصَحُّ الْتِحَاقُهُ بِالْكِنَايَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَمَا لَمْ يَرِدْ عَلَى لِسَانِ الشَّارِعِ وَشَاعَ عَلَى أَلْسِنَةِ حَمَلَتِهِ وَكَانَ هُوَ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَقْدِ فَفِي كَوْنِهِ صَرِيحًا وَجْهَانِ وَالْأَصَحُّ صَرَاحَتُهُ كَلَفْظِ التَّمْلِيكِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فَيَنْقُصُ بِهِمَا عَدَدُ الطَّلَاقِ) لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ لَا يَمْلِكُهَا غَيْرُ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْهُ) لِأَنَّ تَكَرُّرَهُ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ لِإِرَادَةِ الْفِرَاقِ كَالْمُتَكَرِّرِ فِي الْقُرْآنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ تَصْحِيحِ إنَّهُ كِنَايَةٌ وَمِنْ هُنَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا فِي الرَّوْضَةِ إلَى مَا قَالَهُ. وَزَعَمَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ بِمَالٍ وَبِدُونِهِ وَإِنَّ أَكْثَرَ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ (وَيُلْزِمُهَا بِهِ) أَيْ بِالْخُلْعِ بِلَا مَالٍ (مَعَ الْقَبُولِ) مِنْهَا بَعْدَ إضْمَارِهِ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ) لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِجَرَيَانِ الْخُلْعِ بِعِوَضٍ فَيَرْجِعُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ كَالْخُلْعِ بِمَجْهُولٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ خَالَعَ بِخَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَكَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالنِّكَاحِ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْخُلْعُ مَعَ الزَّوْجَةِ فَإِنْ كَانَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَجِبُ مَهْرٌ بَلْ تَطْلُقُ مَجَّانًا وَكَذَا لَوْ خَالَعَ مَعَهُ بِخَمْرٍ أَوْ مَغْصُوبٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَيْتَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الِاخْتِلَاعِ مَعَهُ وَلَوْ نَفَى الْعِوَضَ فَقَالَ خَالَعْتكِ بِلَا عِوَضٍ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِنْ قَبِلَتْ وَأَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ خَالَعْتكِ وَلَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا وَإِنْ أَجَابَتْهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَمَحَلُّ صَرَاحَتِهِ إذَا قَبِلَتْ وَأَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا (وَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى صَدَاقِهَا) أَوْ عَلَى بَقِيَّتِهِ (وَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) كَمَا لَوْ تَخَالَعَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِوُقُوعِهِ رَجْعِيًّا فِي الْخُلْعِ بِدَمٍ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الدَّمَ لَا يُقْصَدُ كَمَا سَيَأْتِي فَذِكْرُهُ صَارِفٌ لِلَّفْظِ عَنْ الْعِوَضِ بِخِلَافِ خُلْعِهَا عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ عَلَى مَا فِي كَفِّهَا وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَالسُّكُوتِ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْبَيْنُونَةَ وَوُجُوبَ الْمَهْرِ. (فَصْلٌ يَصِحُّ الْخُلْعُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ وَبِالْعَجَمِيَّةِ) كَالْعَرَبِيَّةِ (وَالْهَزْلُ) كَالطَّلَاقِ هَزْلًا (وَ) لَفْظُ (بِعْتُك نَفْسَك وَأَقَلْتُك إيَّاهَا بِكَذَا مَعَ الْقَبُولِ فَوْرًا كِنَايَةٌ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْقَبُولُ فَوْرًا (وَكَذَا) قَوْلُ الزَّوْجِ (بِعْتُك طَلَاقَك بِكَذَا أَوْ) قَوْلُ الزَّوْجَةِ (بِعْتُك ثَوْبِي) مَثَلًا (بِطَلَاقِي) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كِنَايَةٌ (بِشَرْطِ النِّيَّةِ مِنْهُمَا) كَبِعْتُكِ نَفْسَك إلَّا أَنْ يُجِيبَ الْقَابِلُ بِقَبِلْتُ فَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ. (فَرْعٌ إذَا قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ خَالَعْتكِ عَلَيْهِ أَوْ عَكَسَا) فَقَالَتْ خَالِعْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ طَلَّقْتُك عَلَيْهِ (نَفَذَ) وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ اللَّفْظِ كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ سَرَّحْتُك عَلَيْهِ (وَإِنْ وَكَّلَهُ) أَيْ الزَّوْجُ شَخْصًا (فِي الطَّلَاقِ فَطَلَّقَ بِعِوَضٍ) بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ (لَمْ يَنْفُذْ فِيمَنْ تُتَصَوَّرُ رَجْعَتُهُ) بِأَنْ يَكُونَ دَخَلَ بِهَا وَبَقِيَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ طَلْقَةٍ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ الرَّجْعَةَ بِخِلَافِهِ فِيمَنْ لَا تُتَصَوَّرُ رَجْعَتُهُ فَيَنْفُذُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ فِي الْأُولَى عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ فَفِي نُفُوذِهِ احْتِمَالَانِ لِأَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهُ مَعَ فَائِدَةٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْ التَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ فَالتَّرْجِيحُ فِيهَا أَخْذًا مِنْ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَصُورَةُ ذَلِكَ كَمَا يُومِئُ إلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنْ لَا يُخَالِفَ الْوَكِيلُ الزَّوْجَ فِي الْعَدَدِ فَإِنْ خَالَفَهُ فِيهِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ عَنْ الْقَفَّالِ فِي الْبَابِ الثَّانِي فَاسْتِدْرَاكُ الْمُهِمَّاتِ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ الْقَفَّالِ وَإِنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ فَإِنْ أَرَادَ بِكَلَامِ الْقَفَّالِ مُقْتَضَاهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ الرَّافِعِيُّ ثَمَّ فَسَيَأْتِي بَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُقْتَضَاهُ. (فَصْلٌ الْخُلْعُ قِسْمَانِ الْأَوَّلُ أَنْ يَبْدَأَ) الزَّوْجُ (بِطَلَاقِهَا عَلَى عِوَضٍ) فَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لِأَخْذِهِ مُقَابِلَ مِلْكِهِ وَفِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ لِتَرَتُّبِ الطَّلَاقِ عَلَى قَبُولِ الْمَالِ أَوْ بَدَلِهِ كَمَا يَتَرَتَّبُ الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ عَلَيْهَا ثُمَّ قَدْ يَغْلِبُ مَعْنَى أَحَدِهِمَا وَقَدْ يُرَاعَى كُلٌّ مِنْهُمَا بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الصِّيَغُ فَإِنْ أَتَى بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ (كَطَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ فَتَغْلِبُ فِيهِ الْمُعَاوَضَةُ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْقَبُولِ) مِنْهَا كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُعَاوَضَاتِ (وَيُشْتَرَطُ قَبُولٌ) مِنْهَا وَلَوْ بِكِنَايَةٍ (مُطَابِقٌ) لِإِيجَابِهِ (فَوْرًا) أَيْ فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ فَلَوْ تَخَلَّلَ زَمَنٌ أَوْ كَلَامٌ طَوِيلٌ لَمْ يَنْفُذْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الرَّاجِحُ نَقْلًا وَدَلِيلًا وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَفِي الْبَحْرِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ فَرَّعَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ وَمِنْ هُنَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا فِي الرَّوْضَةِ إلَى مَا قَالَهُ) قَدْ حَاوَلَ الشَّيْخُ أَبُو زُرْعَةَ التَّوْفِيقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمُحَرَّرِ بِحَمْلِ مَا فِيهِمَا مِنْ إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ إذَا جَرَى الْخُلْعُ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْمَالِ عَلَى مَا إذَا اقْتَرَنَتْ بِهِ نِيَّةُ الطَّلَاقِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ إذْ لَيْسَ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ صَرِيحُ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا فِي الرَّوْضَةِ حَقِيقٌ بِأَنْ يُعْتَمَدَ (أَنْ) لِأَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ مُنْحَصِرَةٌ فِي أَلْفَاظٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا أَوْ مِنْ أَصْلِنَا انْحِصَارُهَا فِي ثَلَاثٍ. (قَوْلُهُ فَمَحَلُّ صَرَاحَتِهِ إذَا قَبِلَتْ وَأَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ كِنَايَةٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى صَدَاقِهَا إلَخْ) قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ بِمَا لَك عَلَيَّ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ بِمَا بَقِيَ لَك مِنْهُ فَقَالَتْ قَبِلْت ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ فَتَقَعُ الْبَيْنُونَةُ وَعَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مَا طَلَّقَهَا مَجَّانًا بَلْ ظَنَّ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِأَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا اهـ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِبَارُ عِلْمِ الزَّوْجِ وَجَهْلِهِ وَهُوَ الْحَقُّ وَيُؤَيِّدُهُ بَحْثُ الرَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَالَعَةِ عَلَى مَا فِي كَمِّهَا قَالَ شَيْخُنَا بَنَاهُ عَلَى رَأْيِهِ فِيهَا وَإِلَّا فَالْمُرَجَّحُ فِي مَسْأَلَةِ الْكَمِّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَائِنًا عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا فَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا كَاتِبُهُ. [فَصْلٌ الْخُلْعُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ] (قَوْلُهُ فَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ نِيَّةُ الْقَابِلِ أَمَّا الْمُبْتَدِئُ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ [فَرْعٌ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ خَالَعْتكِ عَلَيْهِ أَوْ عَكَسَا] (قَوْلُهُ فِيمَا لَا تُتَصَوَّرُ رَجْعَتُهُ) أَيْ كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ فَيَنْفُذُ فِي الصُّورَتَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ [فَصْلٌ الْخُلْعُ قِسْمَانِ] [الْقِسْم الْأَوَّلُ أَنْ يَبْدَأَ الزَّوْجُ بِطَلَاقِهَا عَلَى عِوَضٍ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ أَيْ فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ) وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الِارْتِبَاطُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَشَمَلَ كَلَامُهُ قَبُولَ الْخَرْسَاءِ بِإِشَارَتِهَا الْمُفْهِمَةِ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا بِاللَّفْظِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 وَسَيَأْتِي (نَعَمْ لَوْ قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةٌ بِأَلْفٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ بِالْأَلْفِ) كَمَا لَوْ سَأَلَتْهُ طَلْقَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ وَالزَّوْجَةُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا بِسَبَبِ الْمَالِ وَقَدْ وَافَقَتْهُ فِي قَدْرِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ مَحْضُ مُعَاوَضَةٍ. (فَإِنْ قَبِلَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ أَوْ الثَّلَاثَ بِأَلْفَيْنِ) أَوْ بِخَمْسِمِائَةٍ (لَمْ يَصِحَّ) لِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَتَتْهُ بِأَلْفَيْنِ حَيْثُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَنَّ الْقَبُولَ جَوَابُ الْإِيجَابِ فَإِذَا خَالَفَهُ فِي الْمَعْنَى لَمْ يَكُنْ جَوَابًا وَالْإِعْطَاءُ لَيْسَ جَوَابًا وَإِنَّمَا هُوَ فِعْلٌ فَإِذَا أَتَتْ بِأَلْفَيْنِ فَقَدْ أَتَتْ بِأَلْفٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِالزِّيَادَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَإِنْ أَتَى بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ غُلِّبَ التَّعْلِيقُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ) قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ وَلَا يُشْتَرَطُ إيجَادُ الصِّفَةِ فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ كَسَائِرِ التَّعَالِيقِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي الْأَخِيرِ بَيَّنَّهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ اقْتَضَى) أَيْ لَفْظُ التَّعْلِيقِ (التَّرَاخِيَ) بِأَنْ لَمْ يَقْتَضِ فَوْرًا (كَمَتَى أَعْطَيْتنِي أَلْفًا وَمَتَى مَا وَأَيُّ حِينٍ) أَعْطَيْتنِي أَلْفًا (لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ وَلَا الْإِعْطَاءُ فَوْرًا) وَمَحَلُّ اقْتِضَاءِ ذَلِكَ لِلتَّرَاخِي فِي الْإِثْبَاتِ أَمَّا فِي النَّفْيِ فَلِلْفَوْرِ فَلَوْ قَالَ مَتَى لَمْ تُعْطِنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْإِعْطَاءُ وَلَمْ تُعْطِ طَلَقَتْ. (وَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِلَفْظِ إنْ أَوْ إذَا) أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ (إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا) لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعِوَضِ فِي الْمُعَاوَضَةِ وَإِنَّمَا تُرِكَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ فِي مَتَى وَنَحْوِهَا لِصَرَاحَتِهَا فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ مَعَ كَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لَهُ مَتَى طَلَّقْتنِي فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ حَيْثُ يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مِنْ جَانِبِهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ كَمَا سَيَأْتِي (إلَّا إنْ كَانَتْ) زَوْجَتُهُ (أَمَةً وَالْمَشْرُوطُ غَيْرَ خَمْرٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا (لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْإِعْطَاءِ إلَّا مِنْ كَسْبِهَا) وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي الْمَجْلِسِ غَالِبًا (وَإِنْ كَانَ) الْمَشْرُوطُ (خَمْرًا اُشْتُرِطَ) الْإِعْطَاءُ فَوْرًا وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْ الْخَمْرَ (لِأَنَّ يَدَهَا وَيَدَ الْحُرَّةِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ) وَقَدْ تَشْتَمِلُ يَدُهَا عَلَيْهِ (وَإِنْ أَعْطَتْهُ الْأَلْفَ مِنْ كَسْبِهَا طَلَقَتْ بَائِنًا) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَرَدَّ) الزَّوْجُ وُجُوبًا (الْمَالَ لِلسَّيِّدِ وَتَعَلَّقَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهَا) فَتُطَالَبُ بِهِ إذَا عَتَقَتْ. وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً إلَى آخِرِهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي تَتِمَّتِهِ وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّ الْأَمَةَ لَيْسَتْ كَالْحُرَّةِ فِي صُورَةِ الْخَمْرِ أَيْضًا فَارَقَا بِأَنَّ الْحُرَّةَ قَدْ يَكُونُ فِي يَدِهَا خَمْرٌ وَالْأَمَةُ لَا يَدَ لَهَا وَلَا مِلْكَ أَيْ فَغَلَبَ جَانِبُ التَّعْلِيقِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَتَقَيَّدُ إعْطَاءُ الْأَلْفِ بِالْإِعْطَاءِ مِنْ كَسْبِهَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَسْبِهَا وَغَيْرِهِ إذَا كَانَ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ كَسْبِهَا مِثَالٌ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَسْبِهَا وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَالِ السَّيِّدِ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي يَلْزَمُ الزَّوْجَ رَدُّ الْمَالِ لِلسَّيِّدِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَا أَعْطَيْته مَغْصُوبًا أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيلِهِ حَيْثُ قَالَ إذَا أَعْطَتْهُ الزَّوْجَةُ أَلْفًا مَغْصُوبَةً لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً فَأَعْطَتْهُ أَلْفًا مَغْصُوبَةً أَوْ مَمْلُوكَةً لِلسَّيِّدِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهَا لَا يُتَصَوَّرُ لَهَا الْمِلْكُ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَالَ لَكِنْ نَقَلَ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهُ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ وَصُورَةُ الثَّوْبِ ذَكَرَهَا فِي تَهْذِيبِهِ وَلَمْ أَرَهَا فِي تَعْلِيقِهِ وَلَا صُورَةَ الْأَلْفِ فِي تَهْذِيبِهِ وَلَعَلَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا فَلَا تَعَارُضَ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يُفْهِمُ التَّعَارُضَ وَبِتَقْدِيرِ التَّعَارُضِ فَالْأَوْجَهُ مَا قَرَّرْته أَوَّلًا مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي إعْطَائِهَا   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَضَى التَّرَاخِيَ كَمَتَى إلَخْ) فِي الْكِفَايَةِ إنَّ مَهْمَا مِثْلُ مَتَى وَمُقْتَضَاهُ إنَّهُ إذَا قَالَ مَهْمَا أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ يَجُوزُ التَّرَاخِي وَفِي النِّهَايَةِ مَا يَقْتَضِيهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ مَتَى مَا أَوْ مَهْمَا أَعْطَيْتنِي بِأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْجَوَابِ (قَوْلُهُ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ وَلَا الْإِعْطَاءُ فَوْرًا) لِأَنَّ مَتَى صَرِيحَةٌ فِي التَّرَاخِي بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَتَى أَعْطَيْتنِي السَّاعَةَ كَانَ مُحَالًا وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالْقَرَائِنِ لِأَنَّ النَّصَّ لَا يَتَبَدَّلُ مَعْنَاهُ كَذَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا) أَيْ إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً وَإِلَّا فَوَقْتُ بُلُوغِ الْخَبَرِ وَهَذَا فِي إنْ الْمَكْسُورَةِ أَمَّا الْمَفْتُوحَةُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ بَائِنًا لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لِأَنَّك أَعْطَيْتنِي أَلْفًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي إذْ لِأَنَّهَا لِمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ. اهـ. وَقِيَاسُ مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا جَوَّزْتُمْ لَهَا التَّأْخِيرَ لِشُبْهَةِ الْجِعَالَةِ كَمَا جَوَّزْتُمْ لَهَا صِيغَةَ التَّعْلِيقِ لِذَلِكَ قِيلَ لِتَيْسِيرِ التَّعْجِيلِ عَلَيْهَا وَتَعَسُّرِهِ عَلَى عَامِلِ الْجِعَالَةِ لِعُسْرِ الْعَامِلِ فِيهَا وَجَهَالَتِهِ كَرَدِّ الْآبِقِ وَنَحْوِهِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ شَيْخُنَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ إنْ وَإِذَا فِي اقْتِضَاءِ الْفَوْرِيَّةِ هُوَ فِي جَانِبِ الثُّبُوتِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي جَانِبِ النَّفْيِ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فَقَوْلُهُ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ أَنْ يُطَلِّقَ وَلَمْ يُطَلِّقْ طَلَقَتْ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك لَمْ تَطْلُقْ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ تَطْلِيقِهَا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً) الْمُبَعَّضَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ كَالْحُرَّةِ لَا يَجْرِي فِيهِمَا خِلَافٌ الْمُتَوَلِّي لِاسْتِيلَائِهِمَا عَلَى الْمَالِ الْمُبَعَّضَةُ بِحِصَّةِ الْحُرِّيَّةِ وَالْمُكَاتَبَةُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ وَمِثْلُهُمَا الْمَأْذُونُ لَهَا فِي التِّجَارَةِ وَالْخُلْعِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ عِوَضًا مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ أَعْطَيْتنِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهُ شُرُوطُ الْفَوْرِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً اهـ وَمَتَى عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَتَمَكَّنَتْ مِنْ الدَّفْعِ أَوْ أَعْطَاهَا السَّيِّدُ الْمَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُطَالَبَةِ عَلَى الْفَوْرِ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ) وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْخُوَارِزْمِيّ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَتَقَيَّدُ إعْطَاءُ الْأَلْفِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ كَسْبِهَا مِثَالٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا إلَخْ) أَوْ هَذَا الثَّوْبَ فَأَعْطَتْهُ طَلَقَتْ وَرَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا) يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِعْطَاءَ فِي حَقِّهَا لِكَوْنِهَا لَا تَمْلِكُ مَنُوطٌ بِمَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ فَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا إذْ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ لِجَهَالَتِهِ فَصَارَ كَإِعْطَاءٍ لِحُرَّةٍ ثَوْبًا مَغْصُوبًا أَوْ نَحْوِهِ بِخِلَافِ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا أَوْ هَذَا الثَّوْبَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 الْفَوْرُ بَلْ مَتَى وُجِدَ مِنْهَا الْإِعْطَاءُ طَلَقَتْ وَلَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لَا فَرْقَ عِنْدِي بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِحُرَّةٍ مُعْسِرَةٍ فِيهِ نَظَرٌ (الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ تَبْدَأَ هِيَ فَتَسْأَلَ الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ كَطَلِّقْنِي بِأَلْفٍ أَوْ مَتَى طَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ) وَيُجِيبُهَا (سَوَاءٌ عَلَّقَتْ) كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (أَوْ نَجَّزَتْ) كَمَا فِي الْأُولَى وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ) لِمِلْكِهَا الْبُضْعَ بِالْعِوَضِ (فِيهَا شَوْبُ جَعَالَةٍ) لِأَنَّ مُقَابِلَ مَا بَذَلَتْهُ وَهُوَ الطَّلَاقُ يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ كَالْعَامِلِ فِي الْجِعَالَةِ. (وَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ الْجَوَابِ) لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْمُعَاوَضَاتِ وَالْجِعَالَاتِ وَكَأَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ مُعَاوَضَةً مِنْ جَانِبِهَا أَنْ لَا يَحْتَمِلَ فِيهِ صِيغَةَ التَّعْلِيقِ لَكِنَّهَا احْتَمَلَتْ لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْجِعَالَةِ الْمُحْتَمِلَةِ لَهَا حَيْثُ يُقَالُ إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ كَذَا (وَيُشْتَرَطُ الطَّلَاقُ) بَعْدَ سُؤَالِهَا (فَوْرًا) وَإِنْ عَلَّقَتْ بِمَتَى لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ مِنْ جَانِبِهَا الْمُعَاوَضَةُ كَمَا مَرَّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَوْرًا (كَانَ) تَطْلِيقُهُ لَهَا (ابْتِدَاءً) لِلطَّلَاقِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى إنَّهُ جَوَابٌ وَكَانَ جَاهِلًا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (فَلَوْ قَالَتْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ) وَهُوَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي الطَّرَفِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الرَّابِعِ مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَذْكُورَةٌ ثَمَّ أَيْضًا (فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً) بِثَلَاثَةٍ أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَتْ الْوَاحِدَةُ وَ (اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ كَنَظِيرِهِ فِي الْجَعَالَةِ) كَأَنْ قَالَ رُدَّ عَبْدَيْ بِأَلْفٍ فَرَدَّ أَحَدَهُمَا. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتَيْهِ (طَلَّقْتُكُمَا) أَوْ خَالَعْتُكُمَا أَوْ نَحْوَهُمَا (بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا) فَقَطْ (أَوْ) قَالَ (طَلَّقْت إحْدَاكُمَا بِأَلْفٍ وَأَبْهَمَ فَقَبِلَتَا مَعًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ) لِعَدَمِ مُوَافَقَةِ الْقَبُولِ الْإِيجَابَ وَشُبِّهَتْ الْأُولَى بِمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكُمَا هَذَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا وَالثَّانِيَةُ بِمَا لَوْ قَالَ بِعْت أَحَدَكُمَا هَذَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَا مَعًا وَمَا ذُكِرَ فِيهَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ وَغَيْرِهِ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ قَدْ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى مَنْ يُعَيِّنُهَا وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْعِتْقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتَا عَتَقَتْ وَاحِدَةٌ بِقِيمَتِهَا وَأُمِرَ بِالتَّعْيِينِ وَلَمَّا نَقَلَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ مَسْأَلَةَ الْعِتْقِ قَالَ وَلَعَلَّ قَائِلَهُ يَقُولُ فِي الطَّلَاقِ كَذَلِكَ لَا قِيَاسَ مَا قُلْت وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَوْجَهُ مَعْنَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْمَنْقُولُ وُقُوعُ الْعِتْقِ دُونَ الطَّلَاقِ وَيُفَرَّقَ بِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْعِتْقِ وَمُنَفِّرٌ عَنْ الطَّلَاقِ وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ ذَاكَ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ بِخِلَافِ الْخُلْعِ فِيهِ نَظَرٌ (أَوْ) قَالَ (طَلَّقْتُك وَضَرَّتَك بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ طَلَقَتَا وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ) لِأَنَّ الْخِطَابَ هُنَا مَعَهَا وَحْدَهَا وَهِيَ مُخْتَلِعَةٌ لِنَفْسِهَا وَقَابِلَةٌ لِضَرَّتِهَا كَالْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى. (وَإِنْ قَالَتَا) لَهُ (طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ وَلَمْ يَقُولَا مُنَاصَفَةً فَطَلَّقَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا) طَلَقَتَا فِي الْأُولَى وَإِحْدَاهُمَا فِي الثَّانِيَةِ كَمَا لَوْ قَالَ اثْنَانِ رُدَّ عَبْدَيْنَا بِكَذَا فَرَدَّهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فَقَطْ (فَعَلَى الْمُطَلَّقَةِ) فِيهِمَا (مَهْرُ الْمِثْلِ) لَا نِصْفُ الْأَلْفِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَلْزَمُهَا مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِاثْنَيْنِ بِعْتُكُمَا عَبْدِي بِأَلْفٍ فَقَبِلَا بِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الْبُضْعَيْنِ أَمَّا إذَا قَالَتَا مُنَاصَفَةً فَعَلَى الْمُطَلَّقَةِ نِصْفُ الْأَلْفِ (وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ بَانَتْ بِخَمْسِمِائَةٍ) كَمَا لَوْ قَالَ رُدَّ عَبْدِي بِأَلْفٍ فَرَدَّهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الْخُلْعِ) (وَهِيَ خَمْسَةٌ) الزَّوْجُ وَالْمُخْتَلِعُ وَالْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ وَالصِّيغَةُ (الْأَوَّلُ الزَّوْجُ وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ فَيَصِحُّ مِنْ السَّفِيهِ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَلِيُّ لِأَنَّ طَلَاقَهُ مَجَّانًا نَافِذٌ (وَ) لَكِنَّهَا إنَّمَا (تُسَلِّمُ الْمَالَ لِلْوَلِيِّ) نَالَا لَهُ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ نَعَمْ لَوْ قَيَّدَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ كَأَنْ قَالَ إنْ دَفَعْت إلَيَّ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ كَانَ لَهَا أَنْ تَدْفَعَهُ إلَيْهِ لَا إلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ هَذَا مِلْكُهُ قَبْلَ الدَّفْعِ وَفِي هَذَا إنَّمَا يَمْلِكُهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَعَلَى وَلِيِّهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى أَخْذِهِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ حَتَّى تَلِفَ فَلَا غُرْمَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجَةِ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ (فَإِنْ سَلَّمْته لِلسَّفِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَهُوَ دَيْنٌ لَمْ تَبْرَأْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ قَبْضٌ صَحِيحٌ وَتَسْتَرِدُّهُ مِنْهُ فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهَا ضَيَّعَتْ مَا لَهَا   [حاشية الرملي الكبير] [الثَّانِي مِنْ أَقْسَامُ الْخُلْعِ أَنْ تَبْدَأَ هِيَ فَتَسْأَلَ الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ] قَوْلُهُ كَطَلِّقْنِي بِأَلْفٍ إلَخْ) لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِهِ ابْتِدَاءَ طَلَاقٍ لَا جَوَابًا لِالْتِمَاسِهَا قُبِلَ مِنْهُ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَلَهَا تَحْلِيفُهُ إنَّهُ أَرَادَ الِابْتِدَاءَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مُقَابِلَ مَا بَذَلَتْهُ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْجَاعِلَ يَلْتَمِسُ مَا فِيهِ خَطَرٌ وَالطَّلَاقُ يُعَلَّقُ بِالْأَخْطَارِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْجِعَالَةِ) الشَّائِبَةُ لَحْنٌ وَالصَّوَابُ الشَّوْبُ وَهُوَ الْخَلْطُ قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ وَرُدَّ بِأَنَّهَا صَوَابٌ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الطَّلَاقُ فَوْرًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ صَرَّحَتْ بِالتَّرَاخِي فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ وَيَلْزَمُهَا الْمُسَمَّى إذَا أَجَابَهَا فِي زَمَنِ التَّرَاخِي وَلَمْ يَذْكُرُوهُ (قَوْلُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) حَتَّى لَا يَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً إلَخْ) لَوْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ أَوْ وَاحِدَةً وَنِصْفًا فَهَلْ يَسْتَحِقُّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ أَوْ نِصْفَهُ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا وَلَا نَوَاهُ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ أَوْ الْوَاحِدَةِ لَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ نَقْلٌ وَالظَّاهِرُ الْوَاحِدَةُ اهـ قَالَ الْبَكْرِيُّ وَالظَّاهِرُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ اهـ قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ بِالْأَوَّلِ فِي بَابِ تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الطَّرَفِ الثَّالِثِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْوَاحِدَةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ طَلَّقْتُكُمَا أَوْ خَالَعْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا] . (قَوْلُهُ بِأَنَّ ذَاكَ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ) إذْ هُوَ عَقْدُ عَتَاقَةٍ [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الْخُلْعِ] [الْأَوَّلُ مِنْ أَرْكَانُ الْخُلْعِ الزَّوْجُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الْخُلْعِ) (قَوْلُهُ كَانَ لَهَا أَنْ تَدْفَعَهُ إلَيْهِ) لَا إلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَطْلُقُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لَا إلَى وَلِيِّهِ (قَوْلُهُ وَفِي هَذَا إنَّمَا يَمْلِكُهُ بِالدَّفْعِ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي إنَّهُ مَلَكَهُ بِالْقَبْضِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ دَفَعْت وَهُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ إنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى صِفَةٍ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا اقْتَرَنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْطَاءِ كَقَوْلِهِ وَجَعَلْته لِي أَوَّلًا صَرْفُهُ فِي حَاجَتِي أَوْ سَبَقَ مِنْهَا طَلَبٌ بِعِوَضٍ أَوْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِإِرَادَةِ التَّمْلِيكِ بِهِ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) وَجَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَالدِّزمَارِيُّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 بِتَسْلِيمِهِ إلَى السَّفِيهِ كَمَنْ بَاعَهُ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهَا لَا تَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْعِوَضِ إلَيْهِ مُطْلَقًا وَاسْتَثْنَى الْحَاوِي وَالشَّامِلُ وَالْبَحْرُ مَا لَوْ بَادَرَ الْوَلِيُّ فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَتَبْرَأُ حِينَئِذٍ. وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَالَ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهَا لِفَسَادِ الْقَبْضِ فَهِيَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ أَذِنَتْ فِي قَبْضِهِ عَمَّا عَلَيْهَا فَإِذَا قَبَضَهُ الْوَلِيُّ مِنْ السَّفِيهِ لَهُ اعْتَدَّ بِهِ (أَوْ) سَلَّمَتْهُ لَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ (عَيَّنَ وَعَلِمَ الْوَلِيُّ) بِالْحَالِ (أَخَذَهَا مِنْهُ فَإِنْ تَرَكَهَا) فِي يَدِهِ (حَتَّى تَلِفَتْ) بَعْدَ عِلْمِهِ (فَهَلْ يَضْمَنُ) لَهُ تَنْزِيلًا لِعِلْمِهِ بِذَلِكَ مَنْزِلَةَ إذْنِهِ لَهُ فِي الْقَبْضِ أَوْ لَا لِتَقْصِيرِ الْمَرْأَةِ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ فَتَلِفَتْ) فِي يَدِ السَّفِيهِ (فَهِيَ مُفَرِّطَةٌ) مِنْ زِيَادَتِهِ (فَتَضْمَنُ) لَهُ (مَهْرَ الْمِثْلِ لَا قِيمَتَهَا) أَيْ الْعَيْنِ أَمَّا إذَا سَلَّمَتْهُ لَهُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَفِي الِاعْتِدَادِ بِقَبْضِهِ وَجْهَانِ عَنْ الدَّارَكِيِّ وَرَجَّحَ الْحَنَّاطِيُّ الِاعْتِدَادَ بِهِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالتَّلْخِيصِ قَالَ الدَّارَكِيُّ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَبْرَأُ كَمَا لَوْ أَمَرَهَا بِالدَّفْعِ إلَى أَجْنَبِيٍّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي لَا يَبْرَأُ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقَبْضِ فَلَا يُفِيدُ الْإِذْنُ شَيْئًا. ثُمَّ قَالَ وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّ التَّرْجِيحَ لِلدَّارِكِيِّ وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا رَجَّحَهُ مِنْ كَلَامِ الْأُمِّ وَكَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا الدَّارِمِيُّ فَجَزَمَ بِأَنَّ الدَّفْعَ بِالْإِذْنِ كَهُوَ بِلَا إذْنٍ (فَرْعٌ خُلْعُ الْعَبْدِ وَلَوْ مُدَبَّرًا بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ (جَائِزٌ) وَيَدْخُلُ الْعِوَضُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ قَهْرًا كَإِكْسَابِهِ (وَالتَّسْلِيمُ إلَيْهِ كَالسَّفِيهِ) أَيْ كَالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ (لَكِنَّ الْمُخْتَلِعَ يُطَالِبُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِمَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ) بِخِلَافِ مَا تَلِفَ فِي يَدِ السَّفِيهِ لَا يُطَالَبُ بِهِ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الرُّشْدِ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْعَبْدِ لِحَقِّ السَّيِّدِ فَيَقْتَضِي نَفْيَ الضَّمَانِ مَا بَقِيَ حَقُّ السَّيِّدِ وَالْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ بِسَبَبِ نُقْصَانِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي نَفْيَ الضَّمَانِ حَالًا مَآلًا وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَوْ سَلَّمَتْ الْعَيْنَ لِلْعَبْدِ وَعَلِمَ بِهِ السَّيِّدُ وَتَرَكَهَا حَتَّى تَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَضْمَنُ لِنَفْسِهِ. (وَالْمُبَعَّضُ إنْ خَالَعَ وَبَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ (مُهَايَأَةٌ فَالْعِوَضُ مِنْ الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ) فَتَدْخُلُ فِي النَّوْبَةِ كَالْغَالِبَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ خَالَعَهَا فِي نَوْبَةِ نَفْسِهِ قَبَضَ جَمِيعَ الْعِوَضِ أَوْ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ قَبَضَ مَا يَخُصُّ حُرِّيَّتَهُ (وَالْمُكَاتَبُ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ) الْعِوَضَ لِصِحَّةِ يَدِهِ وَاسْتِقْلَالِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ (الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُخْتَلِعُ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (فَيُشْتَرَطُ) فِيهِ (نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ) فِي الْمَالِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي الْخُلْعِ وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَخَرَجَ بِهِ مَنْ بِهِ حَجْرٌ (وَلِلْحَجْرِ أَسْبَابٌ الْأَوَّلُ الرِّقُّ فَإِنْ اخْتَلَعَتْ) رَقِيقَةٌ نَفْسَهَا بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهَا (صَحَّ) الْخُلْعُ يَعْنِي وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِوُقُوعِهِ بِعِوَضٍ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا كَالْخُلْعِ بِخَمْرٍ وَمَغْصُوبٍ (وَتَعَلُّقُ الْعِوَضِ بِذِمَّتِهَا) فَتُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا فِي الْحَالِ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ وَصِحَّةُ الْخُلْعِ إنَّمَا تَأْتِي فِي صُورَةِ الدَّيْنِ لَا فِي صُورَةِ الْعَيْنِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ فَفِي تَعْبِيرِهِ بِهَا تَغْلِيبٌ وَالْأَصْلُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْبَيْنُونَةِ فَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ. (فَإِنْ كَانَ) الْعِوَضُ (عَيْنًا فَمَهْرُ الْمِثْلِ) هُوَ الْوَاجِبُ لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ عِنْدَ الْفَسَادِ (أَوْ دَيْنًا فَالْمُسَمَّى) هَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلَيْ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ لَكِنَّهُ رَجَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ يَمِيلُ إلَيْهِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ فَكَانَ كَشِرَاءِ الرَّقِيقِ بِلَا إذْنٍ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ الْأَوَّلَ فَارَقَا بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْخُلْعِ حُصُولُ الْبُضْعِ لِمَنْ لَزِمَهُ الْعِوَضُ بِدَلِيلِ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ يُعْتَبَرُ فِيهِ حُصُولُ الْمَبِيعِ لِمَنْ لَزِمَهُ الثَّمَنُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي شِرَاءِ الرَّقِيقِ وَكَذَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنَّهُ قَالَ الْقِيَاسُ الثَّانِي إذْ لُزُومُ الْمُسَمَّى مَعَ الْحُكْمِ بِفَسَادِ الْعَقْدِ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّ الْقَائِلَ بِلُزُومِ الْمُسَمَّى قَائِلٌ بِفَسَادِ الْعَقْدِ. (فَإِنْ أَذِنَ لَهَا) وَلَوْ سَفِيهَةً (أَنْ تَخْتَلِعَ بِعَيْنٍ لَهُ صَحَّ) الْخُلْعُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْحَاوِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ. وَقَدْ جَزَمَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ اللُّقَطَةِ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ وَهِيَ مَا إذَا الْتَقَطَ الصَّبِيُّ فَإِنَّ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْ يَدِهِ فَإِنْ قَصَّرَ بِتَرْكِهَا فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَتْ أَوْ أَتْلَفَهَا لَزِمَ الْوَلِيَّ الضَّمَانُ فِي مَالِ نَفْسِهِ اهـ وَمُقْتَضَى هَذَا الْجَزْمُ بِإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّ السَّفِيهَ فِي الِالْتِقَاطِ كَالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ الْحَنَّاطِيُّ الِاعْتِدَادَ بِهِ) وَكَذَا الرُّويَانِيُّ فِي الْكَافِي وَالْبُلْقِينِيِّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَجْرِيَ فِي كُلِّ دَيْنٍ وَالْأَعْيَانُ أَوْلَى [فَرْعٌ خُلْعُ الْعَبْدِ بِلَا إذْنٍ مِنْ سَيِّدِهِ وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ] (قَوْلُهُ وَالتَّسْلِيمُ إلَيْهِ كَالسَّفِيهِ) شَمَلَ مَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَوْ سَلَّمَتْ الْعَيْنَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُخْتَلِعُ] (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالِ) شَمَلَ مِنْ سَفَهٍ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يَعُدْ الْحَجْرُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِلَا إذْنٍ صَحَّ) وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً (قَوْلُهُ وَتَعَلَّقَ بِذِمَّتِهَا) اعْلَمْ أَنَّهَا لَوْ خَالَعَتْ بِمَالٍ وَشَرَطَتْهُ إلَى وَقْتِ الْعِتْقِ فَسَدَ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ كَوْنِهَا لَا تُطَالِبُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّأْجِيلَ بِالشَّرْعِ فَلَا تَضُرُّ جَهَالَتُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا عَجِيبٌ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَيُفْسِدُهُ (قَوْلُهُ وَصِحَّةُ الْخُلْعِ إنَّمَا تَأْتِي فِي صُورَةِ الدَّيْنِ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ هُوَ صَحِيحٌ حَيْثُ بَانَتْ وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِالْفَسَادِ عِوَضُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا عَدُّهُمْ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ الْغَيْرِ الْمَحْضَةِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ بِفَسَادِ عِوَضِهَا الْخُلْعَ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَحَّ وَقَوْلُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَمَهْرُ الْمِثْلِ) هَذَا إذَا نُجِّزَ الطَّلَاقُ فَإِنْ قَيَّدَهُ بِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ دَيْنًا فَالْمُسَمَّى) وَإِنْ ظَنَّ حُرِّيَّتَهَا (قَوْلُهُ هَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلَيْ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَارَقَا بِمَا حَاصِلُهُ إلَخْ) وَأَيْضًا قَدْ يَكُونُ الْمُسَمَّى دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَفِي إفْسَادِهِ إلْزَامُ ذِمَّتِهَا مَهْرَ الْمِثْلِ وَفِيهِ إضْرَارٌ لَهَا بِلَا نَفْعٍ يَعُودُ إلَى السَّيِّدِ بَلْ قَدْ يَضُرُّهُ لَوْ عَتَقَتْ وَوَرِثَهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 (بِهَا) وَاسْتَحَقَّهَا الزَّوْجُ (أَوْ بِدَيْنٍ) صَحَّ بِهِ وَ (تَعَلَّقَ بِكَسْبِهَا) الْحَادِثُ بَعْدَ الْخُلْعِ (وَبِمَالِ تِجَارَةٍ فِي يَدِهَا لَا بِذِمَّةِ السَّيِّدِ) كَمَهْرِ الْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ الْمَأْذُونِ فِيهِ (فَإِنْ قَالَ) لَهَا (اخْتَلِعِي بِمَا شِئْت فَلَا حَجْرَ) عَلَيْهَا فَلَهَا أَنْ تَخْتَلِعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبِأَزْيَدَ مِنْهُ وَيَتَعَلَّقُ الْجَمِيعُ بِكَسْبِهَا وَبِمَالِ تِجَارَةٍ بِيَدِهَا قَالَ السُّبْكِيُّ لِأَنَّ هَذَا عُمُومٌ لَا إطْلَاقٌ وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مَا يُوَافِقُهُ فِيمَا إذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ بِعْ بِمَا شِئْت وَمَا ذُكِرَ ثَمَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْغَبْنِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَا قَضِيَّتُهُ أَنْ لَا تَكُونَ الزِّيَادَةُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ هُنَا مَأْذُونًا فِيهَا انْتَهَى وَقَدْ صَحَّحَ أَعْنِي السُّبْكِيَّ ثَمَّ جَوَازَ الْبَيْعِ بِالْغَبْنِ عَلَى خِلَافِ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَصْلُ كَمَا بَيَّنَّاهُ ثَمَّ لَكِنْ يُجَابُ عَنْ إشْكَالِ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْعُمُومِ هُنَا فِي الزِّيَادَةِ لَا مَانِعَ مَعَهُ مَعَ احْتِيَاجِ السَّيِّدِ وَأَمَتِهِ إلَى ارْتِكَابِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمَا بِخِلَافِ الْعَمَلِ بِهِ ثَمَّ فِي الْغَبْنِ إذْ لَا مَرَدَّ لَهُ وَغَيْرُ نَقْدِ الْبَلَدِ لَهُ مَرَدٌّ وَهُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ وَلَا مَانِعَ. (فَإِنْ قَدَّرَ) دَيْنًا أَوْ عَيْنًا كَأَنْ قَالَ اخْتَلِعِي بِأَلْفٍ أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ (فَزَادَتْ) عَلَيْهِ (أَوْ أَطْلَقَ) الْإِذْنَ (فَزَادَتْ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ تَعَلَّقَ الزَّائِدُ) فِيهِمَا (بِذِمَّتِهَا) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَجُوزُ لَهَا عِنْدَ الْإِذْنِ فِي الْخُلْعِ فِي الذِّمَّةِ أَنْ تُخَالِعَ عَلَى عَيْنٍ بِيَدِهَا وَيَجُوزُ الْعَكْسُ (فَرْعٌ وَاخْتِلَاعُ الْمُكَاتَبَةِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهَا (كَالْأَمَةِ) أَيْ كَاخْتِلَاعِهَا (بِلَا إذْنٍ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِكَسْبِهَا وَمَا فِي يَدِهَا وَاخْتِلَاعُهَا بِالْإِذْنِ كَاخْتِلَاعِ الْأَمَةِ بِالْإِذْنِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ بِلَا إذْنٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ كَالرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ وَالْمَنْصُوصَ أَنَّ خُلْعَهَا بِإِذْنٍ كَهُوَ بِلَا إذْنٍ لَا يُطَابِقُ مَا فِي الرَّافِعِيِّ. وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَلَوْ اخْتَلَعَ) السَّيِّدُ (أَمَتَهُ الَّتِي تَحْتَ حُرٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ بِرَقَبَتِهَا لَمْ يَصِحَّ) إذْ لَوْ صَحَّ لَقَارَنَتْ الْفُرْقَةُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ لِأَنَّ الْعِوَضَيْنِ يَتَسَاوَيَانِ وَمِلْكُ الْمَنْكُوحَةِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ (كَمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ غَيْرُ مُدَبَّرَةٍ) مَمْلُوكَةٍ (لِأَبِيهِ بِمَوْتِهِ) فَمَاتَ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ مِلْكَ الزَّوْجِ لَهَا حَالَةَ مَوْتِ أَبِيهِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً طَلَقَتْ وَهُوَ مَا احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ غَيْرَ مُدَبَّرَةٍ وَالنَّظِيرُ الْمَذْكُورُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَكَالْحُرِّ وَالْمُكَاتَبُ الْمُبَعَّضُ إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ فِي غَيْرِ نَوْبَةِ السَّيِّدِ (السَّبَبُ الثَّانِي السَّفَهُ فَإِنْ طَلَّقَ السَّفِيهَةَ) أَيْ الْمَحْجُورَ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ أَوْ عَلَى أَلْفٍ إنْ شَاءَتْ فَشَاءَتْ فَوْرًا) أَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَقَعَ رَجْعِيًّا) لِاسْتِقْلَالِ الزَّوْجِ بِهِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ وَقَعَ بَائِنًا (بِلَا مَالٍ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا الْوَلِيُّ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِلِالْتِزَامِ وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا صَرْفُ مَالِهَا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى وَمِثْلِهَا الْآخَرُ بِأَنَّ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا عَلِمَ الزَّوْجُ السَّفَهَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ وَمَا بَحْثَاهُ مُوَافِقٌ لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ فِيمَا لَوْ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْمَعْرُوفَ خِلَافُهُ (وَلَا طَلَاقَ إنْ لَمْ تَقْبَلْ) لِاقْتِضَاءِ الصِّيغَةِ الْقَبُولَ فَهُوَ كَالتَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهَا لِيَقَعَ الطَّلَاقُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِإِعْطَاءِ السَّفِيهَةِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهَا وَبِهِ أَفْتَى السُّبْكِيُّ فِي قَوْلِهِ لَهَا إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ مَهْرِك   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ الْحَادِثِ بَعْدَ الْخُلْعِ) مُعْتَادًا كَانَ أَوْ نَادِرًا (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَا قَضِيَّتُهُ أَنْ لَا تَكُونَ الزِّيَادَةُ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَكِيلَ عِنْدَ إطْلَاقِ الْإِذْنِ مِمَّا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَأَمْكَنَ حَمْلُ عُمُومِ مَا فِي حَقِّهِ عَلَى الْإِذْنِ فِيهِ إذْ هُوَ حَقِيقَتُهُ وَالْأَمَةُ عِنْدَ إطْلَاقِ الْإِذْنِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا الزِّيَادَةُ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ فِي حَقِّهَا عَلَى حَقِيقَتِهِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى الْإِذْنِ فِيمَا كَانَ مُمْتَنِعًا عَلَيْهَا وَهُوَ الزِّيَادَةُ فَحُمِلَتْ مَا عَلَى كَمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا اخْتَلِعِي بِكَمْ شِئْت (تَنْبِيهٌ) جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي خُلْعِ الْأَمَةِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَمَا فِي الْحُرَّةِ السَّفِيهَةِ. [فَرْعٌ اخْتِلَاعُ الْمُكَاتَبَةِ بِلَا إذْنٍ مِنْ سَيِّدِهَا وَاخْتِلَاعُهَا بِالْإِذْنِ] (قَوْلُهُ اخْتِلَاعُ الْمُكَاتَبَةِ بِلَا إذْنٍ كَالْأَمَةِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تُخَالِعَهُ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهَا لَهَا أَنْ تَعْدِلَ إلَى الْخُلْعِ بِمَالٍ فِي يَدِهَا وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُلْعِ بِمَالٍ فِي يَدِهَا أَنْ تَعْدِلَ إلَى ذِمَّتِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي عَيْنٍ لَهَا أَنْ تَعْدِلَ إلَى غَيْرِهَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً بِخِلَافِ الْأَمَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ فِي قَدْرِ الْمَالِ وَلَا حَجْرَ عَلَيْهَا فِي أَعْيَانِهِ لِأَنَّ لَهَا نَقْلَ الْأَعْيَانِ مِنْ عَيْنٍ إلَى عَيْنٍ فَجَازَ خُلْعُهَا بَعْدَ الْإِذْنِ بِكُلِّ عَيْنٍ وَكَتَبَ أَيْضًا أَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى مِلْكِهَا فَكَالْحُرَّةِ أَوْ مِلْكِ سَيِّدِهَا فَكَالْأَمَةِ أَوْ عَلَى مُلْكِهِمَا تَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ (قَوْلُهُ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ بِلَا إذْنٍ إلَخْ) ذَكَرَهُ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ حَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ لَا يُطَابِقُ أَمَّا فِي الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْ التَّبَرُّعَاتِ) وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ عَقِبَ هَذَا فَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ خُلْعُهَا وَهُوَ قَصَّهُ هُنَا فَخُلْعُهَا بِإِذْنٍ كَهُوَ بِلَا إذْنٍ لَا يَقْتَضِي تَنَاقُضًا غَايَتُهُ أَنَّهُ نَبَّهَ كَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ النَّصَّ يُخَالِفُ الْمُصَحَّحَ الْمُوَافِقَ لِنَصِّهِ عَلَى صِحَّةِ هِبَةِ الْمُكَاتَبِ بِالْإِذْنِ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ هِبَتُهُ بِلَا عَوْدِ شَيْءٍ إلَيْهِ فَالْخُلْعُ أَجْوَزُ لِعَوْدِ الْبُضْعِ إلَيْهَا وَالْقَائِلُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَرَّقَ بِأَنَّ الْخُلْعَ يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ النِّكَاحِ بِلَا قُرْبَةٍ وَلَا مِنَّةٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَهَذَا الْفَرْقُ لَا يُجْدِي لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ حَجْرِ الرِّقِّ إنَّمَا هُوَ مَنْعُ التَّصَرُّفِ مِنْ الْمَالِ لِحَقِّ السَّيِّدِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ زَالَ هَذَا الْمَعْنَى. (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً طَلَقَتْ) مِثْلُهَا أُمُّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ فِي غَيْرِ نَوْبَةِ السَّيِّدِ) بِأَنْ لَا تَكُونَ مُهَايَأَةٌ أَوْ كَانَ الِاخْتِلَاعُ فِي نَوْبَةِ الْمُبَعَّضِ (قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَ السَّفِيهَةَ عَلَى أَلْفٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَأَلْت عَمَّنْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى صَدَاقِهَا فَادَّعَى أَبُوهَا أَنَّهَا تَحْتَ حِجْرِهِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ هَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ قَدْ عَارَضَ الْأَبَ فِي دَعْوَاهُ بَقَاءَ الْحِجْرِ وَادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ رَشِيدَةً حِينَ خَالَعَتْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ فِي الظَّاهِرِ لِاعْتِرَافِهِ بِالْبَيْنُونَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْمَعْرُوفَ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهَا لِيَقَعَ الطَّلَاقُ) لَيْسَ لَنَا طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا سِوَاهُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ) لَيْسَ كَذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي هَذِهِ لَا طَلَاقَ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِبْرَاءُ لَمْ يُوجَدْ قَالَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَلَهُ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ فِي صُورَةِ الْإِعْطَاءِ احْتِمَالَانِ أَرْجَحُهُمَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِالْإِعْطَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ وَلَيْسَتْ كَالْأَمَةِ لِأَنَّ تِلْكَ يَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ. وَالثَّانِي أَنْ يَنْسَلِخَ الْإِعْطَاءُ عَنْ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ التَّمْلِيكُ إلَى مَعْنَى الْإِقْبَاضِ فَتَطْلُقُ رَجْعِيًّا انْتَهَى وَهَذَا أَوْجَهُ تَنْزِيلًا لِإِعْطَائِهَا مَنْزِلَةَ قَبُولِهَا (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِرَشِيدَةٍ وَسَفِيهَةٍ) أَيْ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ (طَلَّقْتُكُمَا بِأَلْفٍ وَلَوْ مَعَ) قَوْلِهِ (إنْ شِئْتُمَا فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا لَغَا) الطَّلَاقُ فَلَا يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا يَقْتَضِي الْقَبُولَ مِنْهُمَا (أَوْ) قَبِلَتَا (جَمِيعًا بَانَتْ الرَّشِيدَةُ) لِأَنَّهَا أَهْلٌ لِلِالْتِزَامِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِلْجَهْلِ بِمَا يَلْزَمُهَا مِنْ الْمُسَمَّى (وَطَلَقَتْ السَّفِيهَةُ رَجْعِيًّا) لَا بَائِنًا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِلِالْتِزَامِ وَالْقَبُولِ فِي صُورَةِ الْمَشِيئَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِلَفْظِ الْمَشِيئَةِ (وَكَذَا إنْ سَأَلَتَاهُ) فَقَالَتَا طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ (وَأَجَابَهُمَا) فَيَقَعُ عَلَى الرَّشِيدَةِ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَعَلَى السَّفِيهَةِ رَجْعِيًّا لِمَا ذُكِرَ. (فَإِنْ أَجَابَ السَّفِيهَةَ طَلَقَتْ رَجْعِيًّا أَوْ الرَّشِيدَةَ فَبَائِنًا) يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَوْ قَالَ لِسَفِيهَتَيْنِ طَلَّقْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتَا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا رَجْعِيًّا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَأُصُولُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ تَقَدَّمَتْ (السَّبَبُ الثَّالِثُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ فَالْخُلْعُ مَعَهُمَا) كَقَوْلِهِ لِإِحْدَاهُمَا أَنْت طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ (لَغْوٌ) وَلَوْ مَعَ تَمْيِيزٍ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ الْقَبُولِ فَلَا عِبْرَةَ بِعِبَارَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ وَقِيلَ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الصُّورَةِ الصَّغِيرَةِ الْمُمَيِّزَةِ رَجْعِيًّا وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ الثَّانِيَ قَالُوا وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى وُقُوعِهِ رَجْعِيًّا فِيمَا ذُكِرَ فَقَالَ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَبِيَّةً أَوْ بَالِغَةً لَيْسَتْ رَشِيدَةً أَوْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهَا فَاخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ فَكُلُّ مَا أُخِذَ مِنْهَا مَرْدُودٌ عَلَيْهَا وَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَيَمْلِكُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ النَّصِّ فِي الصَّبِيَّةِ وَالْمَجْنُونَةِ عَلَى مَا إذَا ابْتَدَأْنَا بِالْخُلْعِ مَعَ الزَّوْجِ فَطَلَّقَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَالِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْجَوَابَ. . (السَّبَبُ الرَّابِعُ الْمَرَضُ فَإِنْ خَالَعَتْهُ مَرِيضَةٌ) مَرَضَ الْمَوْتِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (فَالزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ مُحَابَاةٌ) تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَهِيَ كَالْوَصِيَّةِ لِلْأَجْنَبِيِّ لَا لِلْوَارِثِ لِخُرُوجِ الزَّوْجِ بِالْخُلْعِ عَنْ الْإِرْثِ نَعَمْ إنْ وَرِثَ بِجِهَةٍ أُخْرَى كَابْنِ عَمٍّ أَوْ مُعْتَقٍ فَالزَّائِدُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَإِنْ خَالَعَتْهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَالْمُسَمَّى مُعْتَبَرٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهَا وَلَمْ يَعْتَبِرُوهُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ اعْتَبَرُوا خُلْعَ الْمُكَاتَبَةِ تَبَرُّعًا لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ أَوْسَعُ وَمِلْكَهُ أَتَمُّ بِدَلِيلِ جَوَازِ صَرْفِهِ الْمَالَ فِي شَهَوَاتِهِ وَنِكَاحِ الْأَبْكَارِ بِمُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ وَطْئِهِنَّ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ وَالْمُكَاتَبُ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ فَيَنْزِلُ الْخُلْعُ فِي حَقِّهِ مَنْزِلَةَ التَّبَرُّعِ بِكَوْنِهِ مِنْ قَبِيلِ قَضَاءِ الْأَوْطَارِ الَّذِي يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُكَاتَبُ دُونَ الْمَرِيضِ. (فَإِنْ خَالَعَتْهُ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ فَالْمُحَابَاةُ بِنِصْفِهِ فَإِنْ احْتَمَلَهُ) أَيْ النِّصْفَ (الثُّلُثُ أَخَذَهُ) أَيْ لِزَوْجِ الْعَبْدِ نِصْفُهُ عِوَضًا وَنِصْفُهُ وَصِيَّةً وَلَا خِيَارَ لَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ الثُّلُثُ (فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ وَمَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي) كَأَنْ خَلَّفَتْ مَعَ الْعَبْدِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَتُضَمُّ إلَى نِصْفِ الْعَبْدِ فَتَكُونُ التَّرِكَةُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ فَلَهُ ثُلُثُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَهِيَ قَدْرُ رُبْعِ الْعَبْدِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ نِصْفُهُ بِالْخُلْعِ وَرُبْعُهُ بِالْوَصِيَّةِ (وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُسَمَّى وَيَأْخُذَ مَهْرَ الْمِثْلِ) وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ وَقَدْ ارْتَفَعَتْ بِالْفَسْخِ (إلَّا إنْ كَانَ) عَلَيْهَا (دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْعَبْدِ) وَهُوَ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ لَهُ سِوَاهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْمُحَابَاةِ (وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ) الْمُسَمَّى (وَيُضَارِبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَلَا فَائِدَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ إلَّا الْخَلَاصُ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ (وَإِنْ زَاحَمَتْهُ أَرْبَابُ الْوَصَايَا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْعَبْدِ وَيُزَاحِمَ) أَرْبَابَ (الْوَصَايَا بِالنِّصْفِ) الْآخَرِ فِيهِ لِأَنَّهُ فِيهِ كَأَحَدِهِمْ (وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ) الْمُسَمَّى (وَيُقَدَّمَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) عَلَى أَرْبَابِ الْوَصَايَا وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ لِمَا مَرَّ وَإِنَّمَا تُتَّجَهُ الْمُزَاحَمَةُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي وَصِيَّةٍ مُنْجَزَةٍ مُقَارِنَةٍ لِوَصِيَّةِ الْخُلْعِ وَإِلَّا فَلَا مُزَاحِمَةَ لِتَقَدُّمِ التَّبَرُّعِ الْمُنْجَزِ عَلَى الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ وَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ مِنْ الْمُنْجَزِ. (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهَا (سِوَى الْعَبْدِ) وَلَا دَيْنَ وَلَا وَصِيَّةَ (خُيِّرَ بَيْنَ ثُلُثَيْهِ) النِّصْفُ مُعَاوَضَةً وَالسُّدُسُ وَصِيَّةً وَهُوَ ثُلُثُ الْبَاقِي (وَبَيْنَ الْفَسْخِ) لِلْمُسَمَّى (وَ) أَخَذَ (مَهْرَ الْمِثْلِ) عَنْهُ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ لَا طَلَاقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَرْجَحُهُمَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى أَنْ يَحْلِفَ الْعَامِّيُّ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْ شَيْءٍ مَثَلًا ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَيُرْشِدُهُ كَمَا شَاهَدْنَاهُ أَكْثَرُ مَنْ يُفْتِي أَوْ يَقْضِي إلَى أَنْ يُخَالِعَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُجَدِّدُ نِكَاحَهَا مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ عَنْ رُشْدِهَا مَعَ نُدْرَةِ الرُّشْدِ فِي نِسَاءِ الْعَصْرِ فَيُوقِعُ الْجَاهِلَ مِثْلَهُ فِي ظُلُمَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْجَهُ تَنْزِيلًا لِإِعْطَائِهَا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ [فَرْعٌ قَالَ لِرَشِيدَةٍ وَسَفِيهَةٍ طَلَّقْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ قَبِلَتَا] (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا يَقْتَضِي الْقَبُولَ مِنْهُمَا) مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّ الرَّشِيدَتَيْنِ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ النَّصِّ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُحْمَلُ النَّصُّ عَلَى مَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِالدَّفْعِ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ وَمَا طَلَّقَهَا عَلَى مَا أَخَذَهُ مِنْهَا وَاقِعٌ فَلَا تَكُونُ فِيهِ دَلَالَةٌ لِهَذَا الْوَجْهِ وَتَكُونُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ وَقَعَ وَكَذَا الْمَجْنُونُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَالْمُسَمَّى مُعْتَبَرٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهَا) أَيْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِقِيمَتِهِ أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَهْرِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تُتَّجَهُ الْمُزَاحَمَةُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ إلَى آخِرِهِ (وَأَمَّا مَرَضُ الزَّوْجِ فَلَا يُؤَثِّرُ) فِي الْخُلْعِ فَيَصِحُّ مِنْهُ فِيهِ وَلَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ (لِأَنَّ لَهُ تَطْلِيقَهَا مَجَّانًا) وَلِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يَبْقَى لِلْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ يُخَالِعْ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ خَالَعَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ مَالِهِ فِي مَرَضِهِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ الْعِوَضُ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُعَوَّضُ وَهُوَ الْبُضْعُ وَشَرْطُهُ أَنْ يَمْلِكَهُ) الزَّوْجُ (فَيَصِحَّ خُلْعُ الرَّجْعِيَّةِ) لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ بِخِلَافِ الْبَائِنِ لِأَنَّ الْمَبْذُولَ لِإِزَالَةِ مِلْكِ الزَّوْجِ عَنْ الْبُضْعِ وَلَا مِلْكَ لَهُ عَلَى الْبَائِنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ عَاشَرَ الرَّجْعِيَّةَ مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ بِلَا وَطْءٍ وَانْقَضَتْ الْأَقْرَاءُ أَوْ الْأَشْهُرُ وَقُلْنَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يُرَاجِعُهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ خُلْعُهَا لِأَنَّهَا بَائِنٌ إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَمَا قَالَهُ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَطَالِقٌ ثَانِيَةً وَطَالِقٌ ثَالِثَةً فَإِنْ أَرَادَ بِالْعِوَضِ الْأُولَى وَقَعَتْ دُونَ الْأُخْرَيَيْنِ أَوْ الثَّانِيَةَ وَقَعَتْ الْأُولَيَانِ دُونَ الثَّالِثَةِ أَوْ الثَّالِثَةَ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الْخُلْعَ وَرَدَ عَلَى الثَّالِثَةِ فَوَقَعَ مَا تَقَدَّمَهَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَالْخُلْعُ فِي الرِّدَّةِ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (بَعْدَ الدُّخُولِ مَوْقُوفٌ) فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَّا صِحَّةَ الْخُلْعِ وَإِلَّا فَلَا لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ (وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ) أَوْ نَحْوُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ (ثُمَّ خَالَعَ) وُقِفَ فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَّا صِحَّةَ الْخُلْعِ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمِنْ فَوَائِدِ الْوَقْفِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِيمَا جُعِلَ عِوَضًا حَتَّى يَنْكَشِفَ الْأَمْرُ فَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَبْلَ الِانْكِشَافِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ بَانَ الْمِلْكُ لَهُ أَمْكَنَ أَنْ يُخَرَّجَ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ عَلَى بَيْعِ مَالِ الْأَبِ بِظَنِّ حَيَاتِهِ فَبَانَ مَوْتُهُ وَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ هُنَاكَ اعْتَمَدَ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ بَقَاءُ مِلْكِ الْأَبِ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَمَا قَالَهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى ضَعِيفٍ فَلَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ بِمَا يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةٍ كَانَ حَسَنًا (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْعِوَضُ وَهُوَ كَالصَّدَاقِ يَجُوزُ قَلِيلًا وَكَثِيرًا) عَيْنًا وَدَيْنًا وَمَنْفَعَةً بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى مَنْفَعَةِ بُضْعٍ (وَيُشْتَرَطُ فِيهِ) مَا يُشْتَرَطُ (فِي سَائِرِ الْأَعْوَاضِ) كَالْعِلْمِ بِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ (فَإِنْ خَالَعَ عَلَى مَجْهُولٍ كَعَبْدٍ) غَيْرِ مُعَيَّنٍ (أَوْ) عَلَى (مَا فِي كَفِّهَا وَلَوْ كَانَ) كَفُّهَا (فَارِغًا) الْأَوْلَى وَلَوْ كَانَتْ فَارِغَةً وَعَلِمَ بِهِ (أَوْ) خَالَعَ (مَعَ شَرْطٍ فَاسِدٍ كَتَطْلِيقِ ضَرَّتِهَا أَوْ عَلَى أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَهِيَ حَامِلٌ) أَوْ لَا سُكْنَى لَهَا أَوْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا. (أَوْ) خَالَعَ بِأَلْفٍ (إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ بَانَتْ) مِنْهُ لِوُقُوعِهِ بِعِوَضٍ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ عِنْدَ فَسَادِ الْعِوَضِ كَمَا فِي فَسَادِ الصَّدَاقِ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ فَسَادِهِ مَرْجُوعُ الْعِوَضِ الْآخَرِ إلَى مُسْتَحَقِّهِ وَالْبُضْعُ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ فَوَجَبَ رَدُّ بَدَلِهِ كَمَا فِي فَسَادِ الصَّدَاقِ (وَكَذَا) تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (إذَا خَالَعَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ مَغْصُوبٍ أَوْ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ) أَوْ مَا لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ (أَوْ) عَلَى (عَيْنٍ وَتَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ) أَوْ فَوَاتِ صِفَةٍ مَشْرُوطَةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ خُلْعَ الْكُفَّارِ بِعِوَضٍ غَيْرِ مَالِ صَحِيحٍ كَمَا فِي أَنْكِحَتِهِمْ فَإِنْ وَقَعَ إسْلَامٌ بَعْدَ قَبْضِهِ كُلِّهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ فَالْقِسْطُ (فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى دَمٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يُقْصَدُ كَالْحَشَرَاتِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ بِحَالٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ بِخِلَافِ الْمَيْتَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تُقْصَدُ لِلضَّرُورَةِ وَلِلْجَوَارِحِ. وَلِلرَّافِعَيَّ فِي التَّعْلِيلِ نَظَرٌ ذَكَرْته مَعَ مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فَأَعْطَتْهُ) ثَوْبًا (بِالصِّفَةِ طَلَقَتْ) لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ تَعْلِيقٍ وَإِلَّا فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ بِالْقَبُولِ (فَإِنْ خَرَجَ مَعِيبًا) وَرَدَّهُ (طَالَبَ بِبَدَلِهِ) سَلِيمًا (كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ إلَّا إذَا كَانَ) الْخَلْعُ (بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ كَإِنْ أَعْطَيْتنِي) ثَوْبًا بِصِفَةِ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ ثَوْبًا (بِالصِّفَةِ) وَظَهَرَ مَعِيبًا وَرَدَّهُ (فَإِنَّهُ يَرْجِعُ)   [حاشية الرملي الكبير] [الثَّالِثُ مِنْ أَرْكَان الْخَلْع الْمُعَوَّضُ] قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقُلْنَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يُرَاجِعُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى ضَعِيفٍ) لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ وَكَانَ مَيِّتًا صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ [الرَّابِعُ مِنْ أَرْكَانُ الْخُلْعِ الْعِوَضُ] (قَوْلُهُ وَعَيْنًا وَمَنْفَعَةً) لَوْ خَالَعَهَا عَلَى تَعْلِيمِ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ حَيْثُ قَالُوا بِالتَّعَذُّرِ إنَّهُ لَا يَصِحُّ وَ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَعَ عَلَى مَجْهُولٍ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ خَالَعَ عَلَى مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ فَإِنَّ الْمُعْتَمَدَ فَسَادُ الْمُسَمَّى كُلِّهِ، وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْخُلْعِ بِالْمَجْهُولِ إذَا لَمْ يُعَلِّقْ أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهِ وَأَمْكَنَ مَعَ الْجَهْلِ فَلَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك مَثَلًا وَهُوَ مَجْهُولٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا لَمْ تَطْلُقْ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَذَا الدَّيْنِ زَكَاةٌ فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَقَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك أَوْ دَيْنِك فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ وَقَدْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ الْفُقَرَاءُ فَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ كَمَا لَوْ بَاعَ الْمَالَ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي قَدْرِهَا. (قَوْلُهُ أَوْ مَا فِي كَفِّهَا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ فَارِغَةً وَعَلِمَ بِهِ) إنَّمَا وَقَعَ هُنَا بَائِنًا لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ اعْتِبَارَ الْمَالِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي كَفِّهَا صِفَةٌ لِمَا أَوْصَلَهُ لَهَا غَايَتُهُ أَنَّهُ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ كَاذِبَةٍ فَتَلْغُو فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ مَجْهُولٍ فَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ جَوْجَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلِلرَّافِعِيِّ فِي التَّعْلِيلِ نَظَرٌ إلَخْ) وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَإِنَّ الدَّمَ قَدْ يُقْصَدُ لِأَغْرَاضٍ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَكُونُ ذِكْرُ الدَّمِ كَالسُّكُوتِ عَنْ الْمَهْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَهُ مَا لَا يُقْصَدُ صَارِفٌ لِلَّفْظِ عَنْ اقْتِضَائِهِ الْعِوَضَ بِخِلَافِ السُّكُوتِ عَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَائِلَهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الدَّمَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَالرَّافِعِيُّ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى أَنَّهُ مَقْصُودٌ نَعَمْ أَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الدَّمَ وَإِنْ قُصِدَ فَإِنَّمَا يُقْصَدُ لِأَغْرَاضٍ تَافِهَةٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 عَلَيْهَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لَا بِبَدَلِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِعِوَضٍ فِي الذِّمَّةِ (فَإِنْ قَدَّرَ) الزَّوْجُ (لِوَكِيلِهِ فِي الْخُلْعِ مَالًا فَزَادَ) عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (صَحَّ) لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَأْذُونِ فِيهِ وَزَادَ فِي الْأَوْلَى خَيْرًا. (أَوْ نَقَصَ) عَنْهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِلْمُخَالَفَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) التَّوْكِيلَ فِي الْخُلْعِ (فَخَالَعَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ) مِنْهُ (صَحَّ) لِأَنَّهُ أَتَى بِمُقْتَضَى مُطْلَقِ الْخُلْعِ وَزَادَ فِي الثَّانِيَةِ خَيْرًا وَكَمَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ (أَوْ) خَالَعَ (بِدُونِهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) كَمَا لَوْ خَالَعَ بِخَمْرٍ وَفَارَقَتْ النَّقْصَ عَنْ مُقَدَّرِ الزَّوْجِ بِصَرِيحِ الْمُخَالَفَةِ لَهُ فِيهَا بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا طَلَاقَ أَصْلًا كَمَا فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ كَأَنَّهُ أَقْوَى تَوْجِيهًا وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إنَّهُ الْأَقْوَى وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْبَغَوِيّ. (وَخُلْعُ الْوَكِيلِ بِالْمُؤَجَّلِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمُسَمَّى أَوْ) بِغَيْرِ (نَقْدِ الْبَلَدِ كَالنُّقْصَانِ) أَيْ كَخُلْعِهِ بِأَنْقَصَ مِنْ الْمُقَدَّرِ أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَإِنْ وَكَّلَتْهُ لِيَخْتَلِعَهَا بِمِائَةٍ فَاخْتَلَعَ) بِهَا أَوْ بِدُونِهَا (جَازَ) لِأَنَّهُ أَتَى فِي الْأُولَى بِالْمَأْذُونِ فِيهِ وَزَادَ فِي الثَّانِيَةِ خَيْرًا (أَوْ بِأَكْثَرَ) مِنْهَا (فِي مَالِهَا أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ الْعِوَضِ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ خَالِعْ بِدَرَاهِمَ فَخَالَعَ بِدَنَانِيرَ أَوْ ثَوْبٍ (وَزَعَمَهُ بِوَكَالَةٍ) مِنْهَا (نَفَذَ) الْخُلْعُ بِخِلَافِ وَكِيلِ الزَّوْجِ إذَا نَقَصَ عَنْ مُقَدَّرِهِ كَمَا مَرَّ لِمُخَالَفَةِ الزَّوْجِ الْمَالِكِ لِلطَّلَاقِ وَالْمَرْأَةُ لَا تَمْلِكُهُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنْهَا قَبُولُ الْعِوَضِ فَمُخَالَفَةُ وَكِيلِهَا إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الْعِوَضِ وَفَسَادُهُ لَا يَمْنَعُ الْبَيْنُونَةَ وَلِأَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فِيهِ شَوْبُ تَعْلِيقٍ فَكَأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمُقَدَّرِ وَعِنْدَ نَقْصِهِ لَمْ تَحْصُلْ الصِّفَةُ (وَلَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) سَوَاءٌ أَزَادَ عَلَى مُقَدَّرِهَا أَمْ نَقَصَ لِفَسَادِ الْعِوَضِ قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعَلَى وَكِيلِهَا الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِذَا غَرِمَهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَاسْتَشْكَلَ الْبَارِزِيُّ لُزُومَ الزَّائِدِ بِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ إنَّمَا وَجَبَ لِفَسَادِ الْعِوَضِ فَلَا وَجْهَ لِلُزُومِهِ قَالَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْغَزَالِيُّ وَلَا الرَّافِعِيُّ. (وَلَا يُطَالِبُ وَكِيلَهَا) بِمَا لَزِمَهَا (إلَّا إنْ ضَمِنَ) كَأَنْ يَقُولَ عَلَى إنِّي ضَامِنٌ فَيُطَالَبُ بِمَا سُمِّيَ وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُؤَثِّرُ تَرَتُّبُ ضَمَانِهِ عَلَى إضَافَةٍ فَاسِدَةٍ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَقْدٌ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْأَجْنَبِيُّ فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهِ الضَّمَانُ بِمَعْنَى الِالْتِزَامِ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ خِلَافُ ضَمَانِ الثَّمَنِ وَنَحْوُهُ (فَإِنْ أَضَافَ) الْوَكِيلُ (الْخُلْعَ إلَى نَفْسِهِ) أَوْ أَطْلَقَهُ وَلَمْ يَنْوِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ (فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ) فَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ لِأَنَّ اخْتِلَاعَ الْأَجْنَبِيِّ لِنَفْسِهِ صَحِيحٌ فَإِضَافَتُهُ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إطْلَاقُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إعْرَاضٌ عَنْ التَّوْكِيلِ وَاسْتِبْدَادٌ بِالْخُلْعِ مَعَ الزَّوْجِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْخُلْعَ (وَلَمْ يُضِفْ) إلَيْهِ وَلَا إلَيْهَا وَقَدْ نَوَاهَا (طُولِبَ) بِمَا سَمَّاهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى مَا سَمَّتْهُ وَعَلَيْهَا مِنْهُ مَا سَمَّتْهُ لِأَنَّ صَرْفَ اللَّفْظِ الْمُطْلَقِ إلَيْهِ مُمْكِنٌ فَكَأَنَّهُ افْتَدَاهَا بِمُسَمَّاهَا وَزِيَادَةٍ مِنْ عِنْدِهِ فَعَلَيْهِ مَا زَادَهُ وَفُهِمَ بِالْأَوْلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَضَافَ مُسَمَّاهَا إلَيْهَا وَمَا زَادَهُ إلَيْهِ. (وَ) إذَا غَرِمَ فِي هَذِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الضَّمَانِ (رَجَعَ) عَلَيْهَا (لَكِنْ بِقَدْرِ مَا سَمَّتْ) فَقَطْ إنْ سَمَّتْ شَيْئًا لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَلِأَنَّ الزَّائِدَ فِي مَسْأَلَةِ الضَّمَانِ تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ فِيهَا بِمَا غَرِمَتْهُ زَائِدًا عَلَى مُسَمَّاهَا وَيَكُونُ اسْتِقْرَارُ الزَّائِدِ عَلَيْهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (وَإِنْ أَطْلَقَتْ التَّوْكِيلَ فَكَأَنَّهَا قَدَّرَتْ مَهْرَ الْمِثْلِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ قَدْ يُخَالِعُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِنْ قَدَّرَ لِوَكِيلِهِ فِي الْخُلْعِ إلَخْ) وَجْهُ صِحَّةِ تَوْكِيلِهِ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ رَفْعُ عَقْدٍ فَأَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ التَّوْكِيلَ فِي الْخُلْعِ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ قَالَ: خَالِعْ زَوْجَتِي. وَلَمْ يَقُلْ بِمَالٍ وَفَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ الْخُلْعِ لَا يَقْتَضِي مَالًا حَمْلًا لَهُ عَلَى الْخُلْعِ الْمُعْتَادِ عُرْفًا وَهُوَ الْخُلْعُ بِالْمَالِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي إرْشَادِهِ وَقَالَ فِي تَمْشِيَتِهِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ أَيْ كَخُلْعِهِ بِأَنْقَصِ مِنْ الْمُقَدَّرِ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ وَفِيمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ نَقْدَ الْبَلَدِ وَالْحَالَ (قَوْلُهُ أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَخَلَعَ وَكِيلُهُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمُسَمَّى أَوْ بِالتَّأْجِيلِ كَخُلْعِهِ بِدُونِ الْمُقَدَّرِ إنْ قَدَّرَ وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعَلَى وَكِيلِهَا الزَّائِدُ إلَخْ) قَالَ فِي تَمْشِيَتِهِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَقَطْ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْغَزَالِيُّ وَلَا الرَّافِعِيُّ) وَإِنَّمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَلْ يُطَالِبُ الْوَكِيلُ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا قَالَ الْأَئِمَّةُ لَا يُطَالِبُ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَيُطَالِبُ بِمَا سَمَّى وَإِذَا أَخَذَهُ الزَّوْجُ مِنْهُ فَفِي التَّهْذِيبِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إلَّا بِمَا سَمَّتْ وَيَجِيءُ فِيهِ قَوْلٌ آخَرُ إنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ ثُمَّ قَالَ أَعْنِي الْبَارِزِيَّ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّ الْمُسَمَّى قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ وَمُطَالَبَتُهُ لَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُطَالِبُ وَكِيلَهَا بِمَا لَزِمَهَا) فَلَوْ جَحَدَتْ الْوَكَالَةَ لَمْ يَغْرَمْ الْوَكِيلُ وَلِلزَّوْجِ تَحْلِيفُهَا دُونَهُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا إنْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ فَإِنْ صَدَّقَهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُضِفْ طُولِبَ بِمَا سَمَّاهُ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَنْوِيَ الْمُوَكِّلَةَ فَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَنْوِهَا نَزَلَ الْخُلْعُ عَلَيْهِ وَصَارَ خُلْعَ أَجْنَبِيٍّ وَانْقَطَعَتْ الطِّلْبَةُ عَنْ الْمَرْأَةِ جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَقَالَ إنَّهُ بَيِّنٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَكَلَامُ الْعِرَاقِيِّينَ مُصَرَّحٌ بِهِ وَقَاسُوهُ عَلَى مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يَقَعُ لِنَفْسِهِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يَقَعُ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ نَوَاهَا وَحَاوَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إثْبَاتَ خِلَافٍ فِيهِ وَلَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ الْإِمَامِ. وَأَعْجَبُ مِنْهُ جَزْمُ الْغَزَالِيُّ بِخِلَافِهِ مِنْ غَيْرِ تَنْبِيهٍ عَلَيْهِ لَكِنَّ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فِي صُورَةِ الْمُوَافَقَةِ وَكَلَامُنَا فِي الْمُخَالَفَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي صُورَةِ الْمُوَافَقَةِ مَعَ الْإِطْلَاقِ قَرِينَةٌ تَوْكِيلُهَا تَقْتَضِي تَنْزِيلَ جَعْلِهِ عَلَيْهَا وَفِي الْمُخَالَفَةِ تَنْزِيلُهُ عَلَيْهِ ر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِمَا سَمَّاهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنَّهُ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى رُجُوعِهِ عَلَيْهَا لَا يَرْجِعُ إلَّا بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ (فَرْعٌ) لَوْ (خَالَعَ وَكِيلُهَا) الزَّوْجَ (بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) مَثَلًا (وَلَوْ بِإِذْنِهَا) فِيهِ (نَفَذَ) لِأَنَّهُ وَقَعَ بِعِوَضٍ مَقْصُودٍ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْبَيْعِ بِأَنَّ فِي الْخُلْعِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَكَأَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِقَبُولِ ذَلِكَ فَأَشْبَهَ مَا إذَا خَاطَبَهَا بِهِ فَقَبِلَتْ. (وَلَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْعِوَضِ (أَوْ) خَالَعَ (وَكِيلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (عَلَى خَمْرٍ) مَثَلًا وَكَانَ قَدْ (وَكَّلَهُ بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَيَنْفُذُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (لَا إنْ خَالَفَ) وَكِيلَهُ (فَأَبْدَلَ خَمْرًا) وَكَّلَهُ بِالْخُلْعِ بِهَا (بِخِنْزِيرٍ فَيَلْغُو) أَيْ الْخُلْعُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَهُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ (فَرْعٌ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّ مَنْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْنِي بِطَلْقَةٍ عَلَى أَلْفٍ فَاخْتَلَعَهَا بِثَلَاثَةٍ عَلَى أَلْفٍ فَإِنْ أَضَافَ) الْخُلْعَ (إلَيْهَا وَقَعَ طَلْقَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ) عَلَيْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ أَطْلَقَ وَنَوَاهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَقَعَ الثَّلَاثُ بِأَلْفٍ عَلَيْهَا) مِنْهُ (ثُلُثُهُ) فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَسْأَلَتُهَا إلَّا بِهِ (وَالْبَاقِي عَلَى الْوَكِيلِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَعَ الثَّلَاثُ وَاحِدَةً مِنْهَا بِالْأَلْفِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي خُلْعِ الزَّوْجَةِ مَعَ الزَّوْجِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي خُلْعِ وَكِيلِهَا مَعَهُ. (وَفِيهَا) أَيْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ (أَنَّهَا إنْ وَكَّلَتْهُ) فِي أَنَّهُ (يَخْتَلِعُهَا بِثَلَاثٍ عَلَى أَلْفٍ فَاخْتَلَعَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَأَضَافَ إلَيْهَا لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ (وَإِلَّا وَقَعَ وَلَزِمَ الْوَكِيلَ مَا سَمَّاهُ وَ) فِيهَا أَنَّهُ (إنْ قَالَ) الزَّوْجُ (لِوَكِيلِهِ خَالِعْهَا ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَخَالَعَ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ نَفَذَ) الْخُلْعُ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا (وَ) إنَّهُ (إنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِتَطْلِيقِهَا بِأَلْفٍ وَآخَرَ) بِتَطْلِيقِهَا (بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ أَوْجَبَا مَعًا وَأَجَابَتْهُمَا مَعًا لَمْ يَنْفُذْ) أَيْ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ (وَإِلَّا نَفَذَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُمَا كَذَلِكَ فِي بَيْعٍ) بِأَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يَبِيعُ عَبْدَهُ بِأَلْفٍ وَآخَرَ يَبِيعُهُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ عَقَدَا مَعًا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَالْأَصَحُّ السَّابِقُ وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْنِي بِمَا اسْتَصْوَبْت فَاخْتَلَعَهَا بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهَا أَوْ بِصَدَاقٍ لَهَا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ جَازَ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ مَا يُفَوَّضُ إلَى الرَّأْيِ يَنْصَرِفُ إلَى الذِّمَّةِ عَادَةً لَا إلَى الْأَعْيَانِ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا شِئْت. (وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ) إنَّهُ (لَوْ وَكَّلَهُ بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ ثَلَاثًا وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا) بِلَا مَالٍ (وَمُقْتَضَاهُ) أَنَّهُ (لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِهِ) أَيْ بِأَلْفٍ (لَا مَالٍ) أَيْضًا (وَلَا يَبْعُدُ ثُبُوتُهُ) أَيْ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الزَّوْجُ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ خَالِعْهَا بِمِائَةٍ فَخَالِعهَا بِأَكْثَرَ قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ بِهِ الطَّلَاقُ وَهُوَ قَدْ يَكُونُ بِمَالٍ وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِهِ فَإِذَا أَتَى بِمَا وَكَّلَهُ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَا عِوَضٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِهِبَةِ شَيْءٍ لِزَيْدٍ فَبَاعَهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ بِمِائَةٍ فَبَاعَهُ بِأَزْيَدَ جَازَ وَإِدْخَالُ الْعِوَضِ فِي مِلْكِ الْمُوَكِّلِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لَهُ جُمْلَةً بَعِيدٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالزِّيَادَةِ التَّابِعَةِ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَا عِوَضٍ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ فِي الطَّلَاقِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْعِوَضِ غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْعِوَضَ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ فِي الْهِبَةِ فَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِقْهٌ وَاضِحٌ مَأْخُوذٌ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي مَسْأَلَةِ الْبُوشَنْجِيِّ. لَكِنْ مَا زَعَمَهُ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَفَّالِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَالِ فِيمَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ الزَّوْجَ فِي الْعَدَدِ وَالْمُقْتَضَى الْمَذْكُورُ فِيمَا إذَا لَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ فَافْهَمْ (الرُّكْنُ الْخَامِسُ الصِّيغَةُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَلَامُ أَجْنَبِيٍّ كَثِيرٌ) مِمَّنْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ مُطْلَقًا وَالْكَثِيرُ مِمَّنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ الْجَوَابُ (فَإِنْ تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ) بِكَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ) فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ (أَوْ بَعْدَهُ فَالطَّلَاقُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ نَفَذَ) الطَّلَاقُ (وَلَزِمَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْنِي بِطَلْقَةٍ عَلَى أَلْفٍ فَاخْتَلَعَهَا بِثَلَاثَةٍ عَلَى أَلْفٍ] قَوْلُهُ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ إلَخْ) وَفِيهَا لَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْنِي بِمَا اسْتَصْوَبَتْ فَاخْتَلَعَهَا عَلَى مَالٍ فِي ذِمَّتِهَا أَوْ صَدَاقِهَا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ جَازَ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشِّرَاءِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ طَلَّقْتنِي وَاحِدَةً إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ فِي مَسْأَلَتِنَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى تَوْزِيعِ الْأَلْفِ عَلَى الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ فَلَزِمَ الْمُوَكِّلَةَ مِنْهُ حِصَّةُ مَا أَذِنَتْ فِيهِ وَلَزِمَ الْوَكِيلَ بَاقِيهِ لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالْخُلْعِ بِخِلَافِهِمَا فِي تِلْكَ فَإِنَّهُمَا إنَّمَا اتَّفَقَا عَلَى إيقَاعِ الْوَاحِدَةِ بِالْأَلْفِ وَالزَّوْجُ قَدْ اسْتَقَلَّ بِإِيقَاعِ الْأُخْرَيَيْنِ مَجَّانًا. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ خَالَعَهَا بِعَبْدٍ فَإِنْ ذَكَرَ نَوْعَهُ صَحَّ الْخُلْعُ بِهِ وَإِلَّا فَهَلْ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَجْهَانِ فَإِنْ صَحَّتْ فَخَالَعَ بِمُعَيَّنٍ قِيمَتُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ جَازَ أَوْ بِمَوْصُوفٍ بِصِفَةِ السَّلَمِ فَهَلْ يَجُوزُ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ وَنُفُوذُ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا شِئْت) يَنْصَرِفُ ذَلِكَ إلَى ثَمَنِ الذِّمَّةِ لَا إلَى الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ ثُبُوتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ خَالِعْهَا بِمِائَةٍ فَخَالَعَهَا بِأَكْثَرَ) فَارَقَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ بِقَدْرٍ فَبَاعَهُ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ بِأَنَّ الْخُلْعَ إنَّمَا يَقَعُ غَالِبًا عِنْدَ الشِّقَاقِ إمَّا ظَاهِرًا وَإِمَّا بَاطِنًا وَمَعَ ذَلِكَ فَيَبْعُدُ قَصْدُ الْمُحَابَاةِ [الْخَامِسُ مِنْ أَرْكَان الْخَلْع الصِّيغَةُ] (قَوْلُهُ الرُّكْنُ الْخَامِسُ الصِّيغَةُ بِاللَّفْظِ مِنْ النَّاطِقِ) وَفِي مَعْنَاهُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةُ وَالْكِتَابَةُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ كَلَامُ أَجْنَبِيٍّ كَثِيرٌ) أَمَّا الْيَسِيرُ فَالصَّحِيحُ فِي النِّهَايَةِ مَا فِي الْمُحَرَّرِ هُنَا احْتِمَالُهُ وَيُؤَيِّدُهُ صِحَّةُ الْآذَانِ وَمَا إذَا طَلَبَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً مَجَّانًا وَثِنْتَيْنِ بِثُلُثَيْ الْأَلْفِ لِتَخَلُّلِ مَا أَوْقَعَهُ مَجَّانًا. وَاحْتَجَّ مُحْتَجُّونَ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَتَا طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ ثُمَّ ارْتَدَّتَا بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ أَجَابَهُمَا وَعَادَتَا فِي الْعِدَّةِ بَانَ نُفُوذُهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَلَوْ عَادَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ وَقَعَ عَلَيْهَا وَأَجَابَ بِأَنَّ الطَّالِبَ قَدْ يَشْتَغِلُ بَعْدَ خِطَابِهِ بِشَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ طَالِبٌ لِلْجَوَابِ بِخِلَافِ الْمُخَاطَبِ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ لَكِنْ أَجَابَ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ بِمِثْلِ النَّصِّ فَالْفَرْقُ سَاقِطٌ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَالْكَثِيرُ مِمَّنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ الْجَوَابُ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةٍ ضَعِيفَةٍ تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهَا وَهُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ مَنْ يَطْلُبُ جَوَابَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 الْمَالُ) أَيْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبْطِلْهُ تَخَلُّلُ الرِّدَّةِ لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُسَلِّمْ فِي الْعِدَّةِ (فَلَا) طَلَاقَ وَلَا مَالَ وَإِنْ وَقَعَتْ الرِّدَّةُ مَعَ الْقَبُولِ فَالظَّاهِرُ بَيْنُونَتُهَا بِالرِّدَّةِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَإِنْ سَأَلَتَاهُ) أَيْ زَوْجَتَاهُ (بَعْدَ الدُّخُولِ الطَّلَاقَ بِأَلْفٍ فَأَجَابَهُمَا وَتَخَلَّلَتْ رِدَّتُهُمَا أَوْ رِدَّةُ إحْدَاهُمَا) بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (أَوْ سَبَقَتْ الرِّدَّةُ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا ذَلِكَ (فَطَلَاقُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (مَوْقُوفٌ عَلَى إسْلَامِهَا فِي الْعِدَّةِ لَكِنْ) إذَا وَقَعَ إنَّمَا يَقَعُ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لَا بِنِصْفِ الْأَلْفِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَلْزَمُهَا مِنْهُ وَلَا بِحِصَّتِهَا مِنْهُ إذَا وُزِّعَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهِمَا (ثُمَّ الطَّلَاقُ الْمَوْقُوفُ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ) فَتُحْسَبُ الْعِدَّةُ مِنْهُ وَذِكْرُ حُكْمٍ سَبَقَ رِدَّةَ إحْدَاهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُبْتَدِئَ وَقَالَ) الْأَوْلَى قَوْلُ الرَّوْضَةِ فَقَالَ (طَلَّقْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَارْتَدَّتَا) أَوْ إحْدَاهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (ثُمَّ قَبِلَتَا فَبَيْنُونَةُ إحْدَاهُمَا بِالرِّدَّةِ تَمْنَعُ طَلَاقَ الْأُخْرَى) كَمَا تَمْنَعُ طَلَاقَ نَفْسِهَا فَلَوْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُمَا وَأَصَرَّتْ الْأُخْرَى لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَبِلَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا ابْتَدَأَ بِالْإِيجَابِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا ابْتَدَأَتَا. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ خَالَعْتكِ بِأَلْفٍ فَقَالَتْ قَبِلْت الْأَلْفَ وَ) إنْ (لَمْ يَذْكُرْ الْخُلْعَ أَوْ قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ طَلَّقْتُك وَ) إنْ (سَكَتَ) عَنْ ذِكْرِ الْمَالِ (أَوْ قَالَ) لَهَا (الْمُتَوَسِّطُ) بَيْنَهُمَا (اخْتَلَعْتُ نَفْسَك) مِنْهُ (بِكَذَا فَقَالَتْ اخْتَلَعْتُ ثُمَّ قَالَ لَهُ) عَلَى الْفَوْرِ (خَالِعْهَا فَقَالَ) لَهَا (خَالَعْتكِ) أَوْ خَالَعَتْ (كَفَى) فِي صِحَّةِ مَا ذُكِرَ (وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْ) أَيْ الْمَرْأَةُ فِي الْأَخِيرَةِ (إلَّا كَلَامَ الْوَكِيلِ) يَعْنِي الْمُتَوَسِّطِ فَلَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُهَا الزَّوْجَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ خَاطَبَ أَصَمَّ فَأَسْمَعَهُ غَيْرُ الْمُخَاطِبِ وَقَبِلَ صَحَّ الْعَقْدُ (فَصْلٌ لَا رَجْعَةَ فِي طَلَاقِ الْعِوَضِ وَإِنْ فَسَدَ) الْعِوَضُ لِأَنَّهَا إنَّمَا بَذَلَتْهُ لِتَمْلِكَ بُضْعَهَا فَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ وِلَايَةَ الرُّجُوعِ إلَيْهِ كَمَا أَنَّ الزَّوْجَ إذَا بَذَلَهُ صَدَاقًا لِتَمْلِكَ الْبُضْعَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ وِلَايَةُ الرُّجُوعِ إلَى الْبُضْعِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ فِدْيَةً وَالْفِدْيَةُ خَلَاصُ النَّفْسِ مِنْ السَّلْطَنَةِ عَلَيْهَا. (وَمَتَى شَرَطَ) فِي الْخُلْعِ (الرَّجْعَةَ) كَخَالَعْتُكِ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك الرَّجْعَةَ (بَطَلَ الْعِوَضُ وَوَقَعَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا) لِتَنَافِي شَرْطَيْ الْمَالِ وَالرَّجْعَةِ فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى أَصْلُ الطَّلَاقِ وَقَضِيَّتُهُ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ (وَإِنْ شَرَطَ) فِيهِ (رَدَّ الْعِوَضِ مَتَى شَاءَ لِيُرَاجَعْ بَانَتْ) لِرِضَاهُ بِسُقُوطِ الرَّجْعَةِ هُنَا وَمَتَى سَقَطَتْ لَا تَعُودُ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْعِوَضِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ (فَصْلٌ لَهَا) إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً (تَوْكِيلُ امْرَأَةٍ وَكَذَا لَهُ) تَوْكِيلُهَا (فِي خُلْعٍ وَطَلَاقٍ) كَمَا فِي غَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ طَلَاقَ نَفْسِهَا بِقَوْلِهِ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك وَذَلِكَ إمَّا تَمْلِيكٌ لِلطَّلَاقِ أَوْ تَوْكِيلٌ بِهِ إنْ كَانَ تَوْكِيلًا فَذَاكَ أَوْ تَمْلِيكًا فَمَنْ جَازَ تَمْلِيكُهُ لِشَيْءٍ جَازَ تَوْكِيلُهُ بِهِ (وَلَهُ تَوْكِيلُ عَبْدٍ وَسَفِيهٍ) أَيْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فِي ذَلِكَ وَلَوْ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِوَكِيلِهِ فِي الْخُلْعِ عُهْدَةٌ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ لَوْ خَالَعَ لِنَفْسِهِ جَازَ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي خُلْعِ غَيْرِهِ (لَا فِي الْقَبْضِ) لِلْعِوَضِ بِلَا إذْنٍ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا أَهْلًا لِقَبْضِ حَقِّهِمَا. أَمَّا بِالْإِذْنِ فَيَصِحُّ كَمَا يَصِحُّ قَبْضُ السَّفِيهِ بِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الدَّارَكِيِّ وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي هَذِهِ وَذِكْرُ حُكْمِ الْعَبْدِ فِيهَا وَفِيمَا يَأْتِي عَقِبَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ وَكَّلَهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْقَبْضِ وَقَبَضَ (وَالْعِوَضُ مُعَيَّنٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَكِنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ (ضَيَّعَ) الزَّوْجُ مَالَهُ (وَبَرِئَتْ) مِنْهُ الْمَرْأَةُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُعَيَّنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُهُ فَلَا تَبْرَأُ الْمَرْأَةُ بِدَفْعِهِ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَتَبِعَ فِي هَذَا السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْإِطْلَاقُ هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الْمَنْقُولِ إذَا أَذِنَ الزَّوْجُ لِلسَّفِيهِ مَثَلًا كَإِذْنِ وَلِيِّهِ لَهُ وَوَلِيُّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِ دَيْنٍ لَهُ فَقَبَضَهُ اعْتَدَّ بِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَرْجِيحِ الْحَنَّاطِيِّ (وَإِنْ وَكَّلَتْ عَبْدًا) فِي اخْتِلَاعِهَا جَازَ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ وَإِذَا امْتَثَلَ (فَاخْتَلَعَهَا) بِعَيْنِ مَالِهَا فَذَاكَ أَوْ بِمَالٍ (فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَيْهَا طُولِبَتْ بِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَإِنْ وَكَّلَتْهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ تَعَلَّقَ) الْمَالُ (بِكَسْبِهِ) أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ كَمَا لَوْ اخْتَلَعَتْ الْأَمَةُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ. (وَرَجَعَ) بِهِ عَلَيْهَا إنْ غَرِمَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ وَكَّلَتْهُ بِلَا إذْنٍ (طُولِبَ) أَيْ طَالَبَهُ الزَّوْجُ جَوَازًا بِالْمَالِ (بَعْدَ الْعِتْقِ) وَطَالَبَهَا فِي الْحَالِ (وَيَرْجِعُ) هُوَ بِهِ (عَلَيْهَا إنْ قَصَدَهُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَمْ يُبْطِلْهُ تَخَلُّلُ الرِّدَّةِ لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ تَخَلُّلَ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ الْكَثِيرِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْمُبْتَدِئِ وَكَوْنِهِ مِنْ الْمُخَاطَبِ الْمَطْلُوبِ جَوَابُهُ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ بَيْنُونَتُهَا بِالرِّدَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ) قَالَ شَيْخُنَا عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ تُخَالِفُهُ. [فَصْلٌ قَالَ خَالَعْتكِ بِأَلْفٍ فَقَالَتْ قَبِلْت الْأَلْفَ] (قَوْلُهُ أَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ طَلَّقْتُك إلَخْ) لَوْ قَالَ أَرَدْت ابْتِدَاءَ طَلَاقِهَا قُبِلَ مِنْهُ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَلَهَا تَحْلِيفُهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ جَوَابَهَا [فَصْلٌ لَا رَجْعَةَ فِي طَلَاقِ الْعِوَضِ وَإِنْ فَسَدَ الْعِوَضُ] (قَوْلُهُ لَتَنَافِي شَرْطَيْ الْمَالِ وَالرَّجْعَةِ إلَخْ) وَأَيْضًا فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ وَإِثْبَاتُ أَحَدِ الْمَشْرُوطَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَالرَّجْعَةُ أَوْلَى بِالثُّبُوتِ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَثْبُتُ بِالشَّرْعِ وَالْمَالُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالشَّرْطِ وَالِالْتِزَامِ [فَصْلٌ لِلْمَرْأَةِ تَوْكِيلُ امْرَأَةٍ وَكَذَا لَهُ تَوْكِيلُهَا فِي خُلْعٍ وَطَلَاقٍ] (قَوْلُهُ لَهَا) (تَوْكِيلُ امْرَأَةٍ) أَيْ رَشِيدَةٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَهُ فِي خُلْعٍ وَطَلَاقٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ فِي تَسْلِيطِ وَكِيلِ الْخُلْعِ عَلَى قَبْضِ الْعِوَضِ وَالْخِلَافَ فِي قَبْضِ وَكِيلِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الْمَنْقُولِ إذَا أَذِنَ الزَّوْجُ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ السَّفِيهِ وَالرَّقِيقِ فِيمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ السَّيِّدِ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَبْضُ السَّفِيهِ كَقَبْضِ الصَّبِيِّ. فَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَصِحَّ قَبْضُ السَّفِيهِ هُنَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ خَالَعَ عَلَى عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَيَكُونُ الْمَدْفُوعُ مِنْ ضَمَانِ بَاذِلِهِ (قَوْلُهُ وَوَلِيُّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِ دَيْنٍ لَهُ) أَيْ لِلسَّفِيهِ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ قَصَدَهُ) أَيْ الرُّجُوعَ يَعْنِي بِأَنْ نَوَاهَا بِاخْتِلَاعِهَا أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى نَفْسَهُ بِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 أَيْ الرُّجُوعَ وَغَرِمَ وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ صِحَّةِ ضَمَانِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ ثَمَّ مَقْصُودٌ وَهُنَا إنَّمَا حَصَلَ ضِمْنًا فِي عَقْدِ الْخُلْعِ لَكِنْ فِي اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ نَظَرٌ فَإِنْ اُشْتُرِطَ أَيْضًا فِي الْحُرِّ فَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ فِي اخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِلَّا اُحْتِيجَ إلَى الْفَرْقِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْقَصْدِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي (وَإِنْ وَكَّلَتْ سَفِيهًا) أَيْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَعَهَا (وَأَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا صَحَّ) وَلَزِمَهَا الْمَالُ. وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى السَّفِيهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهِ (وَقَعَ رَجْعِيًّا) كَاخْتِلَاعِ السَّفِيهَةِ نَفْسَهَا (وَلَهُمَا) أَيْ لِلزَّوْجَيْنِ مَعًا (تَوْكِيلُ ذِمِّيٍّ) وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يُخَالِعُ الْمُسْلِمَةَ وَيُطَلِّقُهَا بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَتَخَلَّفَ فَخَالَعَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ حُكِمَ بِصِحَّةِ الْخَلْعِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالذِّمِّيِّ بَلْ الْحَرْبِيُّ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَعَبَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْكَافِرِ (وَلَوْ وَكَّلَا رَجُلًا فِي تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) لِلْخُلْعِ (لَمْ يَتَوَلَّهُمَا) كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ (وَلَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفًا) مِنْهُمَا مَعَ الْآخَرِ أَوْ وَكِيلِهِ (فَصْلٌ يَصِحُّ كَوْنُ الْعِوَضِ مَنْفَعَةً تُسْتَأْجَرُ كَإِرْضَاعِ الطِّفْلِ وَحَضَانَتِهِ) وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِمَا (مُدَّةً مَعْلُومَةً) كَمَا يَصِحُّ كَوْنُهُ عَيْنًا (فَإِنْ امْتَنَعَ الطِّفْلُ) مِنْ الِارْتِضَاعِ (أَوْ مَاتَ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (فِي الْبَاقِي) مِنْ الْمُدَّةِ لَا فِي الْمَاضِي مِنْهَا عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا (بِقِسْطِهِ) أَيْ الْبَاقِي (مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) إذَا وُزِّعَ عَلَى أُجْرَتَيْ مِثْلِ الْمُدَّتَيْنِ (فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى كَفَالَتِهِ عَشْرَ سِنِينَ تُرْضِعُهُ مِنْهَا سَنَتَيْنِ وَتَحْضُنُهُ وَتُنْفِقُهُ) أَيْ تُنْفِقُ عَلَيْهِ (الْبَاقِيَ) مِنْهَا (وَقَدْرَ كِفَايَةِ كُلِّ يَوْمٍ وَكِسْوَةَ كُلِّ فَصْلٍ) أَوْ سَنَةٍ وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَوَصْفُهُ (بِصِفَاتِ السَّلَمِ الصَّحِيحِ صَحَّ) الْخُلْعُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ الْجَامِعِ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ إجَارَةٍ وَسَلَمٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُقَدِّرْ شَيْئًا أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ أَوْ لَمْ يَصِفْهُ بِصِفَاتِ السَّلَمِ (فَلَا) يَصِحُّ (وَوَجَبَ) عَلَيْهَا لَهُ (مَهْرُ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْعِوَضِ (وَلِلزَّوْجِ) فِيمَا إذَا صَحَّ الْخُلْعُ (أَمْرُهَا بِالْإِنْفَاقِ) عَلَى الطِّفْلِ (وَ) لَهُ (أَخْذُهَا) أَيْ النَّفَقَةِ (لِيُنْفِقَ) هُوَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا وَأَرَادَ بِالْإِنْفَاقِ مَا يَشْمَلُ الْكِسْوَةَ ثُمَّ إنْ عَاشَ الطِّفْلُ حَتَّى اسْتَوْفَى الْعِوَضَ فَذَاكَ (فَإِنْ خَرَجَ زَهِيدًا) أَيْ قَلِيلَ الْأَكْلِ وَفَضَلَ مِنْ الْمُقَدَّرِ شَيْءٌ (فَالزَّائِدُ لِلزَّوْجِ أَوْ رَغِيبًا) أَيْ كَثِيرَ الْأَكْلِ وَاحْتَاجَ إلَى زَائِدٍ (فَالزَّائِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ. (فَإِنْ مَاتَ) الطِّفْلُ (فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (فِيمَا بَقِيَ مِنْ مُدَّتِهِ لَا فِي) مَا مَضَى مِنْهَا وَلَا فِي (النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ) عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَيَسْتَوْفِي الزَّوْجُ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ وَيَرْجِعُ لِمَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ مِنْ الْمُدَّةِ إلَى حِصَّتِهِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (فَتُقَوَّمُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَأُجْرَةُ) مِثْلِ (مُدَّةِ الرَّضَاعِ) الْمَاضِيَةِ وَالْبَاقِيَةِ (وَتُعْرَفُ نِسْبَةُ) قِيمَةُ (بَاقِيهَا) مِنْ جَمِيعِهَا (فَيُؤْخَذُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) بِتِلْكَ النِّسْبَةِ أَمَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَيَبْقَى اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَشَمَلَهُ قَوْلُهُ (وَلَا تَتَعَجَّلُ النَّفَقَةُ) وَالْكِسْوَةُ أَيْ اسْتِحْقَاقُهَا (بِمَوْتِهِ) فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ أَوْ بَعْدَهَا بَلْ يَبْقَى مُنَجَّمًا كَمَا كَانَ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَدِينِ (فَإِنْ انْقَطَعَ جِنْسُ النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ ثَبَتَ) لِلزَّوْجِ (الْخِيَارُ) كَمَا فِي السَّلَمِ فِيهِ إذَا انْقَطَعَ (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (لَا فِي الْمُنْقَطِعِ) فَقَطْ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا وَأَرَادَ إفْرَادَهُ بِالرَّدِّ. فَقَوْلُهُ (فَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ فُسِخَ فِي الْجَمِيعِ) زِيَادَةُ إيضَاحٍ وَمَعَ هَذَا فَلَوْ قَالَ ثَبَتَ الْخِيَارُ فَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ فُسِخَ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي الْمُنْقَطِعِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ وَإِنَّمَا لَمْ يُفْسَخْ فِي الْمَنَافِعِ كَالْأَعْيَانِ لِبُعْدٍ بَيْنَهُمَا جِنْسًا وَعَقْدًا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ) وَمُقْتَضَاهَا (فَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك) أَوْ أَنْت طَالِقٌ (عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ لَزِمَ) الْأَلْفُ وَبَانَتْ مِنْهُ (أَوْ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفًا) فَقَبِلَتْ (فَكَذَلِكَ) لِأَنَّ عَلَى لِلشَّرْطِ فَجُعِلَ كَوْنُهُ عَلَيْهَا شَرْطًا (أَوْ وَعَلَيْك لِي أَلْفٌ وَقَعَ رَجْعِيًّا) وَإِنْ قَبِلَتْ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا وَلَا شَرْطًا بَلْ جُمْلَةً مَعْطُوفَةً عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِهَا وَتَلْغُو فِي نَفْسِهَا (إلَّا إنْ سَبَقَهُ اسْتِيجَابٌ) مِنْ الزَّوْجَةِ (بِأَلْفٍ) كَأَنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَلَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَقَالَ طَلَّقْتُك وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ (فَيَلْزَمُ) لِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا الْتِزَامُ الْمَالِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا. وَالزَّوْجُ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ حُمِلَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ) وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ [فَصْلٌ يَصِحُّ كَوْنُ الْعِوَضِ فِي الْخُلْعِ مَنْفَعَةً تُسْتَأْجَرُ] (قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ انْفَسَخَ فِي الْبَاقِي) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِمَوْتِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَإِنْ أَتَى بِصَبِيٍّ مِثْلِهِ لِتُرْضِعَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلِلزَّوْجِ أَمْرُهَا بِالْإِنْفَاقِ إلَخْ) وَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ الْوَلَدِ بِتَزْوِيجِهَا لِلُزُومِ الْإِجَارَةِ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْخَلْعِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ) (قَوْلُهُ فَجُعِلَ كَوْنُهُ عَلَيْهَا شَرْطًا) فَلَا تَطْلُقُ بِضَمَانِهَا إيَّاهُ وَلِإِعْطَائِهَا لَهُ وَإِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِطَلَاقِهَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا وَلَا شَرْطًا إلَخْ) شَبَّهَهُ الشَّافِعِيُّ بِمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك حِجَّةٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ أَنَّهُ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ لَفْظَ الْخُلْعِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا وَتَلْغُو الْجُمْلَةُ الْمَعْطُوفَةُ (قَوْلُهُ كَأَنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَلَك أَلْفٌ) أَوْ أَضْمَنُ لَك أَوْ أَعْطَيْتُك أَلْفًا. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا الْتِزَامُ الْمَالِ) فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَعُودُ إلَيْهَا فَالظَّاهِرُ إنَّهَا سَأَلَتْهُ بِالْعِوَضِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَتِهِ تَمْلِكُ بُضْعَهَا وَالزَّوْجُ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ إلَخْ وَلِأَنَّ الْوَاوَ لِجَوَابِ الْأَمْرِ وَالْأَمْرُ كَالشَّرْطِ هَكَذَا قَالَهُ الْخَلِيلُ لَمَّا سَأَلَهُ سِيبَوَيْهِ وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ احْمِلْ هَذَا وَلَك دِرْهَمٌ فَإِنَّهُ بِمَثَابَةِ احْمِلْهُ بِدِرْهَمِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 لَفْظُهُ عَلَى مَا يَنْفَرِدُ بِهِ وَاسْتَثْنَى الْأَصْلُ مَعَ ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي مَا لَوْ شَاعَ فِي الْعُرْفِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الِالْتِزَامِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي كَالْأَكْثَرِينَ إذَا تَعَارَضَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ مَدْلُولَانِ لُغَوِيٌّ وَعُرْفِيٌّ قُدِّمَ اللُّغَوِيُّ وَلِقَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّرَاحَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الشُّيُوعِ إذْ قَضِيَّتُهُ عَدَمُ اللُّزُومِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ (وَكَذَا) يَلْزَمُ ذَلِكَ بِمَا ذُكِرَ (لَوْ ادَّعَى) بِهِ (قَصْدَ الْإِلْزَامِ فَصَدَّقَتْهُ أَوْ) كَذَّبَتْهُ لَكِنْ (رَدَّتْ الْيَمِينَ) عَلَيْهِ (فَحَلَفَ) وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ كَنَظِيرِهِ فِيمَا ذُكِرَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ قَالَ بِعْتُك وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ فَكِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ أَوْ) بِعْتُك (عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك) دَرَاهِمَ هِيَ (أَلْفٌ فَصَرِيحٌ) فِيهِ (وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي بِمَالٍ فَأَجَابَهَا) بِقَوْلِهِ (طَلَّقْتُك) أَوْ طَلَّقْتُك بِالْمَالِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (بَانَتْ) لِوُجُودِ الْمُعَاوَضَةِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْعِوَضِ (أَوْ) بِقَوْلِهِ (طَلَّقْتُك بِأَلْفٍ أَوْ وَعَلَيْك أَلْفٌ لَمْ يَلْزَمْ) أَيْ الْأَلْفُ وَلَمْ تَطْلُقْ (حَتَّى تَقْبَلَ) فَإِذَا قَبِلَتْ لَزِمَ الْأَلْفُ وَطَلَقَتْ. وَوَجَّهَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الثَّانِيَةِ بِتَنْزِيلِ تَقَدُّمِ اسْتِيجَابِهَا مَنْزِلَةَ مَا لَوْ أَتَى بِصِيغَةِ الْمُعَاوَضَةِ (وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ طَلَّقْتُك وَعَلَيْك أَلْفٌ بَانَتْ بِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ طَلَّقْتُك فَقَطْ بَانَتْ بِهِ فَقَوْلُهُ وَعَلَيْك أَلْفٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مُؤَكِّدًا لَا يَكُونُ مَانِعًا ثُمَّ لَوْ ادَّعَى قَصْدَ الِابْتِدَاءِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الرَّابِعِ (فَإِنْ أَنْكَرَتْ دَعْوَى الِاسْتِيجَابِ) مِنْ الزَّوْجِ (أَوْ) دَعْوَى (ذِكْرِ الْمَالِ) فِيهِ (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَتَبِينُ بِإِقْرَارِهِ) وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ إنْكَارِ دَعْوَى ذِكْرِ الْمَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ طَلَبْت مِنِّي الطَّلَاقَ بِبَدَلٍ فَقُلْت فِي جَوَابِك أَنْت طَالِقٌ وَعَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَتْ بَلْ ابْتَدَأْت فَلَا شَيْءَ لَك صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِ الْعِوَضِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِقَوْلِهِ (وَإِنْ قَالَ إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ) أَوْ أَنْت طَالِقٌ إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا (فَقَالَتْ فَوْرًا ضَمِنْت أَوْ ضَمِنْت أَلْفَيْنِ) أَوْ أَلْفًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (طَلَقَتْ) وَلَزِمَهَا الْعِوَضُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ الْمُقْتَضِي لِلْإِلْزَامِ مَعَ مَزِيدٍ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَمِنَتْ دُونَ أَلْفٍ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَبِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي طَلَّقْتُك بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ لِاشْتِرَاطِ التَّوَافُقِ فِي صِيغَةِ الْمُعَاوَضَةِ ثُمَّ الْمَزِيدُ يَلْغُو ضَمَانُهُ كَمَا سَيَأْتِي. وَلَوْ ذَكَرَهُ هُنَا كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (لَا إنْ أَعْطَتْهُ) الْأَلْفَ (أَوْ قَالَتْ رَضِيت) أَوْ شِئْت أَوْ قَبِلْت بَدَلَ ضَمِنْت فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ لَا غَيْرُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي فِي الْبَابِ الضَّمَانَ الْمُحْتَاجَ إلَى أَصِيلٍ فَذَاكَ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ وَلَا الِالْتِزَامُ الْمُبْتَدَأُ لِأَنَّ ذَاكَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنَّذْرِ بَلْ الْمُرَادُ الْتِزَامٌ مَقْبُولٌ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ لِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ وَفِيمَا ذُكِرَ إشْعَارٌ بِاعْتِبَارِ لَفْظِ الضَّمَانِ حَتَّى لَا يُغْنِيَ عَنْهُ غَيْرُهُ وَلَوْ مُرَادِفًا لَهُ كَلَفْظِ الِالْتِزَامِ وَيُحْتَمَلُ إغْنَاءُ الْمُرَادِفِ كَهَذَا الْمِثَالِ دُونَ غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ لَهُ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لَهَا (طَلِّقِي نَفْسَك إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَقَالَتْ فَوْرًا ضَمِنْت وَطَلَّقْت نَفْسِي أَوْ طَلَّقْت وَضَمِنْت بَانَتْ) بِالْأَلْفِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا شَرْطٌ فِي الْآخَرِ يُعْتَبَرُ اتِّصَالُهُ بِهِ فَهُمَا قَبُولٌ وَاحِدٌ فَاسْتَوَى تَقَدُّمُ أَحَدِهِمَا وَتَأَخُّرُهُ فِي ذَلِكَ (وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّسْلِيمُ) لِلْمَالِ عَنْ الْمَجْلِسِ (لَا إنْ أَتَتْ بِأَحَدِهِمَا) فَلَا تَبِينُ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهَا التَّطْلِيقَ بِشَرْطَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا. (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِأَلْفٍ إنْ شِئْت فَقَالَ فَوْرًا شِئْت طَلُقَتْ) بِالْأَلْفِ (وَلَوْ لَمْ تَقُلْ قَبِلْت) لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا عُلِّقَ بِمَشِيئَتِهَا وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْمَشِيئَةُ فَوْرًا بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِسَائِرِ الصِّفَاتِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِهَا اسْتِدْعَاءٌ لِجَوَابِهَا وَاسْتِنَابَةٌ لِرَغْبَتِهَا فَنَزَلَتْ مَشِيئَتُهَا مَنْزِلَةَ الْقَبُولِ فِي سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ وَلِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَفْوِيضَ الْأَمْرِ إلَيْهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك (وَلَوْ اكْتَفَتْ بِقَبِلْتُ) عَنْ شِئْت (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْقَبُولَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْأَصْلُ مَعَ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إذَا تَعَارَضَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ إلَخْ) لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا إذَا اُشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُ لَفْظٍ فِي إرَادَةِ شَيْءٍ وَلَمْ يُعَارِضْهُ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ وَالْكَلَامُ هُنَاكَ فِيمَا إذَا تَعَارَضَ مَدْلُولَانِ لُغَوِيٌّ وَعُرْفِيٌّ ت يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ اللُّغَوِيِّ مَا لَمْ يَشِعْ الْعُرْفِيُّ بِحَيْثُ إذَا أُطْلِقَ اللَّفْظُ إنَّمَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ الْفَهْمُ إلَى الْعُرْفِيِّ أَمَّا إذَا شَاعَ الْعُرْفِيُّ كَذَلِكَ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَوِيِّ ش سُئِلَتْ عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَبْرِئِينِي وَأَنْت طَالِقٌ وَقَصَدَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَأَجَبْت فِيهِ بِالْحَمْلِ عَلَى التَّعْلِيقِ غ وَقَوْلُهُ فَأَجَبْت فِيهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفٌ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ أَلْفًا. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِمَالٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَالِ التَّقْيِيدَ بَلْ فِي حُكْمِهِ مَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَأَنَا أُعَلِّمُك كَذَا مِنْ صَنْعَةٍ أَوْ عِلْمٍ وَكُلِّ مَا يُعَاوَضُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ ادَّعَى قَصْدَ الِابْتِدَاءِ إلَخْ) لِإِقْرَارِهِ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ الْعِوَضَ (قَوْلُهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِ الْعِوَضِ إلَخْ) لَوْ انْعَكَسَ التَّصْوِيرُ صُدِّقَ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ فِي إثْبَاتِ الرَّجْعَةِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَلَا عِوَضَ لَهُ (قَوْلُهُ فَقَالَتْ فَوْرًا) أَوْ إذَا بَلَغَهَا الْخَبَرُ (قَوْلُهُ طَلَقَتْ وَلَزِمَهَا الْعِوَضُ إلَخْ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ هَذَا الْقَدْرُ عَلَى غَيْرِهِ وَضَمِنَتْهُ فَإِنْ كَانَ وَقَالَتْ ضَمِنْت لَك الْأَلْفَ الَّتِي عَلَى فُلَانٍ فَهَلْ يَقَعُ بَائِنًا حَمْلًا لِلضَّمَانِ عَلَى حَقِيقَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ رَجْعِيًّا فِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الثَّانِي حَيْثُ قَصَدَ ضَمَانَ ذَلِكَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْأَصِيلِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَعْلِيقٌ عَلَى صِفَةٍ كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ وَفِيمَا ذُكِرَ إشْعَارٌ بِاعْتِبَارِ لَفْظِ الضَّمَانِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَظَرَ إلَى جَانِبِ التَّعْلِيقِ فَاعْتَبَرَ وُجُودَ اللَّفْظِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي الْمُرَادِفُ كَاتِبُهُ [فَرْعٌ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَقَالَتْ فَوْرًا ضَمِنْت وَطَلَّقْت نَفْسِي] (قَوْلُهُ فَهُمَا قَبُولٌ وَاحِدٌ) أَيْ فَلَا يَقَعَانِ إلَّا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ أَحْبَبْت فِرَاقِي فَأَمْرُك بِيَدِك فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَقُولَ أَحْبَبْت فِرَاقَك ثُمَّ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفُذْ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ بِنَحْوِ مَتَى كَمَتَى مَا وَمَهْمَا) وَأَيُّ وَقْتٍ وَحِينَ وَزَمَنَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 لَيْسَ بِمَشِيئَةٍ وَلَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ عَلَى قَاعِدَةِ التَّعْلِيقَاتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (فَإِنْ قَالَ) أَيْ عَلَّقَ فِيمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ الْفَوْرُ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ (بِنَحْوِ مَتَى لَمْ يَشْتَرِطْ الْفَوْرَ) بَلْ مَتَى شَاءَتْ طَلَقَتْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا فِي فَصْلِ الْخُلْعِ قِسْمَانِ (وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ طَلَّقْتُك بِالْأَلْفِ إنْ شِئْت أَوْ بِأَلْفٍ) إنْ شِئْت (وَنَوَى الدَّرَاهِمَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (فَابْتِدَاءٌ) مِنْهُ لِلطَّلَاقِ إذْ لَا يَصْلُحُ جَوَابًا لَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْلِيقِ. (وَ) إذَا كَانَ ابْتِدَاءً (اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ) مِنْهَا فَوْرًا لِمَا مَرَّ (وَكَذَا) يَكُونُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً حَتَّى تُشْتَرَطَ الْمَشِيئَةُ مِنْهَا (إنْ نَوَى الدَّنَانِيرَ) مَثَلًا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ إنْ نَوَى غَيْرَ الدَّرَاهِمِ وَهِيَ أَعَمُّ (وَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِالْإِعْطَاءِ) لِشَيْءٍ (فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) بِنِيَّةِ الدَّفْعِ عَنْ جِهَةِ التَّعْلِيقِ (كَفَى) فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إيَّاهُ مِنْ الْقَبْضِ إعْطَاءٌ مِنْهَا إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ أَعْطَاهُ فَلَمْ يَأْخُذْ وَهُوَ بِامْتِنَاعِهِ مُفَوِّتٌ لِحَقِّهِ (وَمَلَكَهُ) أَيْ مَا أَعْطَتْهُ لَهُ (كَرْهًا) أَيْ قَهْرًا وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَلَا يُمْكِنُ إيقَاعُهُ مَجَّانًا مَعَ قَصْدِ الْعِوَضِ وَقَدْ مَلَكَتْ زَوْجَتُهُ بُضْعَهَا فَيَمْلِكُ الْآخَرُ الْعِوَضَ عَنْهُ وَكَالْإِعْطَاءِ الْإِيتَاءُ (وَكَذَا إنْ أَمَرَتْ) وَكِيلَهَا بِالْإِعْطَاءِ (وَأَعْطَى بِحُضُورِهَا) كَفَى وَمَلَكَهُ الزَّوْجُ كَرْهًا تَنْزِيلًا لِحُضُورِهَا مَعَ إعْطَاءِ وَكِيلِهَا مَنْزِلَةَ إعْطَائِهَا (لَا) إنْ أَعْطَاهُ لَهُ فِي (غَيْبَتِهَا) لِأَنَّهَا لَمْ تُعْطِهِ حَقِيقَةً وَلَا تَنْزِيلًا (وَلَا إنْ عَاوَضَتْهُ) بِأَنْ أَعْطَتْهُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُعَلَّقِ بِهِ عِوَضًا. (وَقَوْلُهُ) لَهَا (إنْ أَقْبَضْتنِي أَوْ سَلَّمْت أَوْ دَفَعْت) أَوْ أَدَّيْت (إلَيَّ كَذَا) فَأَنْت طَالِقٌ (تَعْلِيقٌ لَا تَمْلِيكٌ) لِأَنَّ الْإِقْبَاضَ لَا يَقْتَضِيهِ بِخِلَافِ الْإِعْطَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ أَعْطَاهُ عَطِيَّةً فُهِمَ مِنْهُ التَّمْلِيكُ بِخِلَافِ أَقْبَضَهُ (فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا) لَا بَائِنًا (وَلَا يَخْتَصُّ) الْإِقْبَاضُ (بِالْمَجْلِسِ) كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ (وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ عِنْدَهُ) بَلْ يُشْتَرَطُ الْأَخْذُ بِالْيَدِ لِأَنَّ الْوَضْعَ لَا يُسَمَّى قَبْضًا فَلَوْ أَمَرَتْ وَكِيلَهَا بِالْإِقْبَاضِ وَأَقْبَضَهُ بِحُضُورِهَا كَفَى لَا فِي غَيْبَتِهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ عِنْدَهُ تَبِعَ فِيهِ الْمِنْهَاجَ كَأَصْلِهِ وَالْغَزَالِيَّ فِي بَسِيطِهِ وَوَجِيزِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ فِي إنْ قَبَضْت مِنْك كَذَا وَبَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ فَرْقٌ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ التَّعْلِيقِ قَالَ وَلَوْ قَالَ إنْ قَبَضْت مِنْك كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ إنْ أَقْبَضْتنِي وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قَبْضًا انْتَهَى. (فَإِنْ سَبَقَ) مِنْهُ (مَا يَدُلُّ عَلَى الِاعْتِيَاضِ كَقَوْلِهِ إنْ أَقْبَضْتنِي) كَذَا (لِأَقْضِيَ بِهِ دَيْنِي وَنَحْوَهُ) مِثْلَ لِأَصْرِفَهُ فِي حَوَائِجِي (فَتَمْلِيكٌ) كَالْإِعْطَاءِ (فَإِنْ قَالَ إنْ قَبَضْت مِنْك لَمْ يُشْتَرَطْ اخْتِيَارُهَا) فِي الْإِقْبَاضِ بَلْ يَكْفِي قَبْضُهُ مِنْهَا مُكْرَهَةً لِوُجُودِ الصِّفَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْإِعْطَاءِ وَالْإِقْبَاضِ لِأَنَّهَا لَمْ تُعْطِهِ وَلَمْ تُقْبِضْهُ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا) فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَعْطَتْهُ أَلْفَيْنِ طَلَقَتْ) لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ هُنَا بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ وَإِعْطَاءُ الْأَلْفَيْنِ يَشْتَمِلُ عَلَى إعْطَاءِ أَلْفٍ وَلَوْ قَالَ فَأَتَتْهُ بِأَلْفَيْنِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَلَيْسَ مُرَادًا فِي أَخْذِ الْأَلْفَيْنِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (بِخِلَافِ) مَا لَوْ قَالَ (خَالَعْتكِ عَلَى أَلْفٍ) فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ (لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ) فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مُوَافَقَةُ الْقَبُولِ وَالْإِيجَابِ. (ثُمَّ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ) الَّتِي قَبَضَهَا مَعَ الْأَلْفِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا (مَعَهُ أَمَانَةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ إنْ ضَمِنْت) لِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ (فَزَادَتْ) فِي ضَمَانِهَا عَلَى الْأَلْفِ (لَغَا الزَّائِدُ) وَإِنْ أَعْطَتْهُ لَهُ مَعَ الْأَلْفِ كَانَ أَمَانَةً وَهَذَا الَّذِي زِدْته هُوَ الْمُرَادُ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ أَوْ حَذْفُ لَغَا الزَّائِدُ [فَرْعٌ الدَّرَاهِمُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْخُلْعِ الْمُنَجَّزِ] (فَرْعٌ الدَّرَاهِمُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْخُلْعِ الْمُنَجَّزِ يَنْزِلُ عَلَى) غَالِبِ (نَقْدِ الْبَلَدِ) وَلَوْ نَاقِصَ الْوَزْنِ أَوْ زَائِدَهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا وَرَغْبَةِ النَّاسِ فِيمَا يَرُوجُ ثَمَّ (وَ) يَنْزِلُ (فِي الْخُلْعِ الْمُعَلَّقِ وَ) فِي (الْإِقْرَارِ عَلَى) الدَّرَاهِمِ (الْإِسْلَامِيَّةِ) الَّتِي تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي بَابِ زَكَاةِ النَّقْدِ (لَا) عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ لِقِلَّةِ وُقُوعِ التَّعْلِيقِ وَلِأَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ مِنْهَا فَوْرًا إلَخْ) فَإِنْ لَمْ تَشَأْ فَوْر أَوْقَعَ الطَّلَاقَ رَجْعِيًّا فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَمَلَكَهُ) أَيْ مَا أَعْطَتْهُ لَهُ عُلِمَ مِنْهُ إنَّهَا لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً لَمْ تَطْلُقْ بِإِعْطَائِهَا (قَوْلُهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا) وَيَقَعُ بِإِقْبَاضِ الْمَغْصُوبِ وَالْمُشْتَرَكِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمُكَاتَبِ لِأَنَّ الْإِقْبَاضَ لَا يُبْنَى عَلَى الْمِلْكِ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَمَرَتْ وَكِيلَهَا بِالْإِقْبَاضِ وَأَقْبَضَهُ بِحُضُورِهَا كَفِي) لَيْسَ ذَلِكَ بِكَافٍ (قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ الْمِنْهَاجَ كَأَصْلِهِ) قَدْ تَكَلَّمَ السُّبْكِيُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمِنْهَاجِ وَأَحْسَنَ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَصَحَّحَ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ إلَخْ) لَيْسَ ذَلِكَ ظَاهِرَهُ بَلْ ظَاهِرُهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ إذْ قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ إلَى آخِرِهِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الصِّيغَتَيْنِ فَيَعُودُ إلَيْهِمَا وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَإِنَّ الْإِقْبَاضَ مُتَضَمِّنٌ لِلْقَبْضِ وَعِبَارَةُ الْمُنْتَقَى وَلَوْ قَالَ إنْ أَقْبَضَنِي أَوْ إنْ قَبَضْت مِنْك ثُمَّ قَالَ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ إذْ لَا يُسَمَّى قَبْضًا وَلَا الْبَعْثُ لِأَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْهَا وَلَوْ قَبَضَ مِنْهَا مُكْرَهَةً كَفَى لِلصِّفَةِ بِخِلَافِ الْإِعْطَاءِ إذَا لَمْ تُعْطِ اهـ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ بِمَا فِي الْمِنْهَاجِ قَالَ شَيْخُنَا وَأَيْضًا فَوَجْهُ مَا فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَثٌّ وَلَا مَنْعٌ وَلَا تَحْقِيقُ خَبَرٍ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَقْسَامِ الْحَلِفِ فَاكْتَفَى فِيهِ بِمُطْلَقِ الْوُجُودِ وَلَوْ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَالتَّعْلِيقِ بِقُدُومِ السُّلْطَانِ وَالْحَجِيجِ كَمَا سَيَأْتِي فِي خَطِّ الْوَالِدِ بِقَلِيلٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الِاعْتِيَاضِ إلَخْ) أَوْ سَبَقَ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الِاعْتِيَاضِ كَطَلِّقْنِي بِأَلْفٍ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْإِعْطَاءِ وَالْإِقْبَاضِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ فِي الْإِقْبَاضِ الِاكْتِفَاءُ بِقَبْضِهِ مِنْهَا مُكْرَهَةً كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ لَا يَخْتَلِفُ بِالْإِكْرَاهِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ حَثٌّ وَلَا مَنْعٌ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ [فَرْعٌ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ أَلْفَيْنِ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ الدَّرَاهِمُ) أَيْ وَالدَّنَانِيرُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَقَدْ يَتَقَدَّمُ وُجُوبُهُ عَلَى الْغَلَبَةِ أَوْ يَجِبُ بِمُعَامَلَةٍ أُخْرَى وَلَا (عَلَى النَّاقِصَةِ أَوْ الزَّائِدَةِ) وَزِنًا (وَإِنْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهَا) لِأَنَّ الْغَلَبَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ كَمَا عُرِفَ. وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي الْمُوَازَنَةِ (إلَّا إنْ قَالَ الْمُعَلِّقُ أَرَدْتهَا وَاعْتِيدَتْ) كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ التَّعَامُلُ بِهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ (وَلَا يَجِبُ) عَلَيْنَا (سُؤَالُهُ) قَبْلَ إخْبَارِهِ بِمُرَادِهِ بَلْ يَأْخُذُ بِالظَّاهِرِ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الْإِسْلَامِيَّةِ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ عَنْ مُرَادِهِ (فَإِنْ أَعْطَتْهُ) فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ بِإِعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ (الْوَازِنَةِ لَا مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ طَلَقَتْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُ فِضَّتِهَا) جَوْدَةً وَرَدَاءَةً (وَ) لَكِنْ (لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ) عَلَيْهَا (وَيُطَالِبَ بِالْغَالِبِ) وَفِي نُسْخَةٍ بِبَدَلِهِ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَشْتَمِلُ عَلَى صِفَةٍ وَمُعَاوَضَةٍ فَأَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ بِالصِّفَةِ وَأَلْزَمْنَا الْغَالِبَ عَلَى مُوجِبِ الْمُعَاوَضَةِ (وَإِنْ غَلَبَتْ) الدَّرَاهِمُ (الْمَغْشُوشَةُ) وَأَعْطَتْهَا لَهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ اسْمَ الدَّرَاهِمِ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْفِضَّةَ (وَلَهَا حُكْمُ النَّاقِصَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ وَالتَّفْسِيرُ بِهَا كَهُوَ بِالنَّاقِصَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْتهَا وَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِإِعْطَاءِ الْخَالِصَةِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا الْخَالِصَةَ وَيُطَالِبَهَا بِالْمَغْشُوشَةِ كَمَا مَرَّ فِي النَّاقِصَةِ (فَلَوْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ خَالِصًا فَأَعْطَتْهُ مَغْشُوشًا تَبْلُغُ نُقْرَتُهَا) الْأُولَى نُقْرَتَهُ (أَلْفًا طَلَقَتْ) لِمَا مَرَّ أَنَّ لَفْظَ الدِّرْهَمِ لِلْفِضَّةِ وَلَمْ تُوجَدْ عَادَةٌ صَارِفَةٌ. (وَمَلَكَهَا) أَيْ الْمَغْشُوشَةَ بِغِشِّهَا لِأَنَّ قَبْضَهَا اُعْتُبِرَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَكَذَا فِي إفَادَةِ الْمِلْكِ وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ تَنْزِلُ عَلَى الْغَالِبِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَوَجَّهَ فِي الرَّوْضَةِ مِلْكَهُ الْغِشَّ بِحَقَارَتِهِ فِي جَنْبِ الْفِضَّةِ فَكَانَ تَابِعًا كَمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ فِعْلِ الدَّابَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ عَادَ مِلْكُهُ إلَيْهَا (وَذَلِكَ) أَيْ الْغِشُّ (عَيْبٌ فَلَهُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ) عَلَيْهَا إذَا رَدَّهُ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لَا بِبَدَلِ الْمَغْشُوشِ لِأَنَّهُ كَالْعِوَضِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْوَازِنَةِ الَّتِي مِنْ غَيْرِ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ (وَإِنْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِإِعْطَاءٍ عِنْدَ مُطْلَقٍ) أَيْ غَيْرِ مَوْصُوفٍ بِصِفَاتِ السَّلَمِ (فَأَعْطَتْهُ عَبْدًا لَا مُكَاتَبًا وَلَا مَغْصُوبًا وَ) لَا (مَرْهُونًا) أَوْ نَحْوَهُ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ وَجَانٍ مُتَعَلِّقٍ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ (بَانَتْ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَبْدُ سَلِيمًا أَمْ مَعِيبًا وَلَوْ مُدَبَّرًا وَمُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لِوُقُوعِ اسْمِ الْعَبْدِ وَإِمْكَانِ نَقْلِهِ وَتَمْلِيكِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَعْتَمِدُ التَّمْلِيكَ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي ذَلِكَ. (وَإِنْ قَالَ) إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدًا (تُرْكِيًّا) فَأَنْت طَالِقٌ (اُشْتُرِطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ أَنْ تُعْطِيَهُ تُرْكِيًّا فَلَوْ أَعْطَتْهُ غَيْرَ تُرْكِيٍّ لَمْ تَطْلُقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ (وَلَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ الزَّوْجُ الْعَبْدَ فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ بِهِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَلَا يُمْلَكُ بِمُعَاوَضَةٍ (وَلَزِمَهَا) لَهُ (مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ مَجَّانًا وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ إلَى قِيمَةِ الْمَجْهُولِ (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (أَمَةً لَمْ تَطْلُقْ بِإِعْطَائِهِ) لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهُ وَتَقَدَّمَ عَكْسُهُ فِي فَصْلِ الْخُلْعِ قِسْمَانِ وَأَنَّهُ الْأَوْجَهُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ التَّعْلِيقِ لِكَوْنِهَا لَا مِلْكَ لَهَا وَلَا يَدَ وَأَنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ (إلَّا إنْ عَيَّنَهُ) كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْعَبْدَ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ لَهُ فَتَطْلُقُ لِتَعَيُّنِهِ بِالْإِشَارَةِ وَيَلْزَمُهَا لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِعَبْدٍ مَغْصُوبٍ (وَإِنْ وَصَفَهُ كَمَا فِي السَّلَمِ فَأَعْطَتْهُ بِالصِّفَةِ طَلَقَتْ وَمَلَكَهُ) الزَّوْجُ كَمَا فِي السَّلَمِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُعْطِهِ بِالصِّفَةِ (فَلَا) تَطْلُقُ وَلَا يَمْلِكُهُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (فَإِذَا خَرَجَ) الْمَقْبُوضُ بِالصِّفَةِ (مَعِيبًا وَرَدَّهُ) بِالْعَيْبِ (رَجَعَ) عَلَيْهَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لَا بِعَبْدٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ سَلِيمًا لِأَنَّهُ بِالصِّفَةِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ. (وَفِي اخْتِلَافِ النَّقْدِ) كَأَنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ أَلْفًا مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لَهُ رَدُّهُ ثُمَّ (يُطَالِبُ بِالْبَدَلِ) أَيْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ ذِكْرِ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَغْشُوشِ وَذَاكَ الْفَرْقُ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ السَّابِقَةِ أَيْضًا (وَلَوْ عَلَّقَهُ بِإِعْطَاءِ هَذَا الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَوْ هَذَا الْحُرِّ) أَوْ الْمُكَاتَبِ أَوْ نَحْوِهِ (فَأَعْطَتْهُ طَلَقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) كَمَا لَوْ عَلَّقَ عَلَى خَمْرٍ (وَلَوْ عَلَّقَ بِخَمْرٍ) مُعَيَّنَةٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ (فَالْمَغْصُوبَةُ مِنْهَا) كَأَنْ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً أَوْ لِذِمِّيٍّ (كَغَيْرِهَا فِي) وُقُوعِ (الطَّلَاقِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ هُنَا مُضَافٌ لِمَا لَا يُمْلَكُ وَالتَّصْرِيحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ عَيَّنَ عَبْدًا) كَأَنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْعَبْدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَأَعْطَتْهُ) لَهُ (وَبَانَ مُسْتَحَقًّا) أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ نَحْوَهُ (بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِخَمْرٍ (وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الثَّوْبَ) أَوْ ثَوْبًا (وَهُوَ هَرَوِيٌّ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ) لَهُ (فَبَانَ مَرْوِيًّا) أَوْ بِالْعَكْسِ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ نِسْبَةٌ إلَى مَرْوَ مَدِينَةٍ مَعْرُوفَةٍ بِخُرَاسَانَ (لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ. (أَوْ) قَالَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ عَادَ مِلْكُهُ إلَيْهَا) إنَّمَا يَعُودُ النَّعْلُ إلَى الْمُشْتَرِي إذَا أَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يُمَلِّكْهُ لِلْبَائِعِ فَإِنْ مَلَّكَهُ لَهُ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ وَهَذِهِ الْحَالَةُ هِيَ الْمُشَبَّهُ بِهَا فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَعُودُ الْغِشُّ إلَى مِلْكِهَا بِانْفِصَالِهِ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ لِلنَّعْلِ إلَى التَّمْلِيكِ بِخِلَافِ الْغِشِّ لِأَنَّ النَّعْلَ بِصَدَدِ السُّقُوطِ مِنْ الدَّابَّةِ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ فَأَعْطَتْهُ عَبْدًا إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ أَعْطَتْهُ خُنْثَى فَبَانَ ذَكَرًا (قَوْلُهُ وَلَا مَرْهُونًا) أَيْ وَلَا مَوْقُوفًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ أَعْطَتْهُ أَبَاهُ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَبَ مِثَالٌ لِكُلِّ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَهَلْ يَكُونُ فِي مَعْنَاهُمْ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ وَإِلَّا شَبَهَ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ فَإِذَا خَرَجَ مَعِيبًا وَرَدَّهُ رَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) فَإِنْ قِيلَ لَوْ رَدَّ السَّيِّدُ نُجُومَ الْكِتَابَةِ بِالْعَيْبِ ارْتَفَعَ الْعِتْقُ فَلِمَ لَا ارْتَفَعَ الطَّلَاقُ هُنَا قُلْنَا الْمُغَلَّبُ عَلَى الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ فَأَبْرَأهُ مِنْهُ عَتَقَ وَالْمُغَلَّبُ هُنَا التَّعْلِيقُ وَلِهَذَا لَوْ عَلَّقَ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهَا ثُمَّ أَبْرَأهَا مِنْهُ لَمْ تَطْلُقْ نَعَمْ نَظِيرُ الْخُلْعِ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الرَّدِّ وَالرُّجُوعِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَعِيبِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَانَ الزَّوْجُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفَوِّتُ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى السَّفِيهِ أَوْ الْغُرَمَاءِ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَثْنَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُكَاتَبُ أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ كَعَبْدِك هَذَا فَبَانَ حُرًّا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 إنْ أَعْطَيْتنِي (هَذَا الثَّوْبَ الْهَرَوِيَّ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ لَهُ (فَبَانَ مَرْوِيًّا) أَوْ بِالْعَكْسِ طَلَقَتْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ صِيغَةَ شَرْطٍ بَلْ صِيغَةُ وَاثِقٍ بِحُصُولِ الْوَصْفِ لَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِيهِ لَا يُقَالُ الْوَصْفُ كَالشَّرْطِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِهِ وَهُوَ هَرَوِيٌّ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ وَهُوَ هَرَوِيٌّ جُمْلَةٌ فَكَانَ بَعْدَ الشَّرْطِ الَّذِي لَا يَدْخُلُ إلَّا عَلَى الْجُمَلِ أَقْوَى فِي الرَّبْطِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْهَرَوِيَّ لِكَوْنِهِ مُفْرَدًا (فَإِنْ نَجَزَ) الطَّلَاقَ (فَقَالَ طَلَّقْتُك) أَوْ خَالَعْتكِ (عَلَى هَذَا الثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ أَوْ وَهُوَ هَرَوِيٌّ فَقَبِلَتْ) وَأَعْطَتْهُ لَهُ (وَبَانَ مَرْوِيًّا طَلَقَتْ وَلَمْ يُرَدَّ) (إذْ لَا تَغْرِيرَ مِنْ جِهَتِهَا) وَلَا اشْتِرَاطَ مِنْهُ لِلْوَصْفِ وَإِنَّمَا ذِكْرُهُ ذِكْرُ وَاثِقٍ بِحُصُولِهِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ هَرَوِيٌّ كَهُوَ فِي قَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ هَرَوِيٌّ فَبَانَ مَرْوِيًّا حَيْثُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ دَخَلَ ثَمَّ عَلَى كَلَامٍ غَيْرِ مُسْتَقِلٍّ وَهُوَ إنْ أَعْطَيْتنِي فَيَتَقَيَّدُ بِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَلَمَّا ذَكَرَ عَدَمَ الرَّدِّ فِي مَسْأَلَتِنَا قَالَ كَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ انْتَهَى. وَاَلَّذِي فِي الْإِبَانَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَإِنْ فَرَضُوهُ فِي الْأُولَى إذْ الثَّانِيَةُ مِثْلُهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ أَيْضًا لِمَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي شِرَاءِ دَابَّةٍ تَحَفَّلَتْ بِنَفْسِهَا كَمَا مَرَّ (أَوْ) قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ خَالَعْتكِ عَلَى هَذَا الثَّوْبِ (عَلَى أَنَّهُ هَرَوِيٌّ) فَأَعْطَتْهُ لَهُ فَبَانَ مَرْوِيًّا (أَوْ قَالَتْ هِيَ هُوَ هَرَوِيٌّ فَطَلِّقْنِي عَلَيْهِ فَفَعَلَ) أَيْ فَطَلَّقَهَا عَلَيْهِ فَبَانَ مَرْوِيًّا (بَانَتْ بِهِ وَلَهُ الْخِيَارُ) وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ عَنْ الْهَرَوِيِّ أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّهَا غَرَّتْهُ وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا إلَّا خَلَفَ الشَّرْطِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ بَلْ الْخِيَارَ (وَإِذَا رَدَّ) الثَّوْبَ فِيهِمَا (رَجَعَ) عَلَيْهَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لَا بِقِيمَةِ الثَّوْبِ (وَإِنْ تَعَذَّرَ) رَدُّهُ (لِتَلَفٍ أَوْ تَعَيُّبٍ) لَهُ فِي يَدِهِ (رَجَعَ) عَلَيْهَا (بِقَدْرِ النَّقْصِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) لَا بِقَدْرِهِ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَا بِهَرَوِيٍّ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ بِالْعَقْدِ (وَلَوْ شُرِطَ كَوْنُهُ كَتَّانًا فَخَرَجَ قُطْنًا) أَوْ عَكْسَهُ (فَسَدَ الْعِوَضُ) وَلَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ صُورَتَيْ الْهَرَوِيِّ لِرُجُوعِ الِاخْتِلَافِ هُنَا إلَى الْجِنْسِ وَهُنَاكَ إلَى الصِّفَةِ. (فَلَوْ قَالَتْ) لَهُ (هَذَا الثَّوْبُ هَرَوِيٌّ أَوْ كَتَّانٌ فَقَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الثَّوْبَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ) لَهُ (فَبَانَ مَرْوِيًّا) أَوْ قُطْنًا (بَانَتْ بِهِ وَلَا رَدَّ) لَهُ (لِأَنَّهُ شَرْطٌ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَمْ يَضُرَّ) وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْكَتَّانِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ مَوْصُوفٍ) بِصِفَاتِ السَّلَمِ (فَأَعْطَتْهُ) ثَوْبًا (بِالصِّفَةِ) الْمَشْرُوطَةِ (بَانَتْ بِالْقَبُولِ فَإِنْ خَرَجَ مَرْوِيًّا رَدَّهُ وَطَالَبَ بِالْمَوْصُوفِ) هَذَا مَا قَدَّمَهُ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ بِمَالٍ وَاخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ وَفِيهِ أَطْرَافٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي أَلْفَاظِهَا فَقَوْلُهَا) لَهُ (إنْ طَلَّقْتنِي وَمَتَى طَلَّقْتنِي) أَوْ إذَا طَلَّقْتنِي (فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ) أَوْ عَلَى أَلْفٍ (أَوْ عَلَى أَنْ أَضْمَنَهُ) لَك (أَوْ أُعْطِيَهُ) لَك أَوْ نَحْوَهَا (صِيَغٌ صَحِيحَةٌ) فِي الِالْتِزَامِ (وَلَا شَيْءَ) عَلَيْهَا بِذَلِكَ (إلَّا إنْ طَلَّقَ فَوْرًا) فَعَلَيْهَا الْعِوَضُ. وَلَا فَرْقَ فِي التَّعْلِيقِ بَيْنَ مَتَى وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَتَى أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَصَدْت الِابْتِدَاءَ) بِالطَّلَاقِ دُونَ الْجَوَابِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى جَوَابِهَا إنْ ذَكَرَ مَالًا وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ (وَلَهَا تَحْلِيفُهُ) أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ إنْ اتَّهَمَتْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ دَعْوَاهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْتِمَاسِهَا وَإِجَابَتِهَا فَوْرًا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَظَاهِرُ الْحَالِ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ ثُمَّ رَأَيْت لَهُ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ أَنَّ وُقُوعَهُ رَجْعِيًّا إنَّمَا هُوَ فِي الْبَاطِنِ أَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَيَقَعُ بَائِنًا قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا هُوَ الْوَجْهُ اللَّائِقُ بِمَنْصِبِهِ وَلَا يُغْتَرُّ بِمَنْ تَابَعَهُ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَظْفَرُوا بِمَا حَقَّقَهُ بَعْدُ (وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي وَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَهُوَ هَرَوِيٌّ) أَوْ عَلَى أَنَّهُ هَرَوِيٌّ أَوْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ هَرَوِيًّا (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْإِبَانَةِ وَالنِّهَايَةِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَهِيَ تَعْلَمُهُ وَهِيَ جَائِزَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا بَانَتْ وَبَرِيء مِنْهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنَّ فُلَانًا مِنْ دَيْنِك فَأَبْرَأَتْهُ وَقَعَ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ فُلَانٌ عَبْدَهُ وَقَدْ تَعَلَّقَ دَيْنُهَا بِرَقَبَتِهِ فَيَكُونُ كَالدَّيْنِ عَلَى الزَّوْجِ وَكَذَا لَوْ كَانَ كَافِلًا لِفُلَانٍ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ. وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ فِي الْكَافِي إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ الصَّدَاقِ وَنَفَقَةِ الْغَدِ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُمَا قَالَ الْقَفَّالُ لَمْ تَطْلُقْ [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ بِمَالٍ وَاخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي أَلْفَاظِ الْخُلْعِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ إلَخْ) (قَوْلُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَصَدْت الِابْتِدَاءَ إلَخْ) وَيُفَارِقُ نَعَمْ لِجَوَابِ أَطْلَقْت إذْ لَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا) أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا هُوَ الْوَجْهُ) أَيْ التَّحْقِيقُ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ إنَّهُ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي إلَخْ) لَوْ قَالَتْ أَبْرَأْتُك مِنْ صَدَاقِي وَعَلَيْك الطَّلَاقُ أَوْ بِشَرْطِ الطَّلَاقِ أَوْ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي أَوْ بِالصَّكِّ أَوْ أَرَادَتْ بِهِ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ فَطَلَّقَهَا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ بَانَتْ وَبَرِئَ مِنْ الصَّدَاقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سُئِلَتْ فِي فُتْيَا عَمَّنْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى صَدَاقِهَا عَلَيْهِ فَادَّعَى أَبُوهَا أَنَّهَا تَحْتَ حَجْرِهِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لَهُ بِذَلِكَ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَمْ بَائِنًا فَأَجَبْت يَقَعُ رَجْعِيًّا لَهُ الرَّجْعَةُ بِشَرْطِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عَارَضَ الْأَبُ فِي دَعْوَاهُ بَقَاءَ الْحِجْرِ وَادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ رَشِيدَةً حِينَ خَالَعَتْهُ. فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ فِي الظَّاهِرِ لِاعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الْخُلْعِ وَالْبَيْنُونَةِ وَقَوْلُهُ فَأَجَبْت يَقَعُ رَجْعِيًّا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى جَمِيعِ صَدَاقِهَا الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَهُ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ جَمِيعَ الصَّدَاقِ لَا يَسْتَقِرُّ مَعَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَهُ نِصْفُ الْمُسَمَّى أَيْضًا وَأَطَالَ الْكَمَالُ صَارَ فِي الْجَوَابِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 أَوْ وَلَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَطَلَّقَهَا بَانَتْ بِهِ) لِأَنَّهَا صِيغَةُ الْتِزَامٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (أَوْ إنْ طَلَّقْتنِي فَأَنْت بَرِيءٌ) أَوْ فَقَدْ أَبْرَأْتُك مِنْ صَدَاقِي فَطَلَّقَهَا (لَمْ يَبْرَأْ) مِنْهُ. (وَوَقَعَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا) لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يُعَلَّقُ وَطَلَاقُ الزَّوْجِ طَمَعًا فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ صَحِيحٍ فِي الِالْتِزَامِ لَا يُوجِبُ عِوَضًا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ طَلَّقَ طَمَعًا فِي شَيْءٍ وَرَغِبَتْ هِيَ فِي الطَّلَاقِ بِالْبَرَاءَةِ فَيَكُونُ فَاسِدًا كَالْخَمْرِ أَيْ فَيَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَوْلِهَا إنْ طَلَّقْتَنِي فَلَكَ أَلْفٌ فَإِنْ كَانَ ذَاكَ تَعْلِيقًا لِلْإِبْرَاءِ فَهَذَا تَعْلِيقٌ لِلتَّمْلِيكِ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَوَاخِرَ الْبَابِ تَبَعًا لِنَقْلِ أَصْلِهِ لَهُ ثُمَّ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي وَقَدْ نَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ التَّحْقِيقُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ الزَّوْجُ عَدَمَ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ ظَنَّ صِحَّتَهُ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُتَّجَهُ مَا يَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ وَقَدْ اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الْحَقُّ (وَلَوْ قَالَتْ) لَهُ طَلِّقْنِي (وَأَضْمَنُ لَك أَلْفًا) فَطَلَّقَهَا (لَزِمَ) الْأَلْفُ (وَبَانَتْ أَوْ) طَلِّقْنِي (وَأُعْطِيك أَلْفًا وَطَلَّقَ مُطْلَقًا) عَنْ التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ (وَقَعَ رَجْعِيًّا) . قَالُوا لِأَنَّ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ لَا يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ (وَإِنْ تَخَاطَبَا بِكِنَايَةٍ فَقَالَتْ: أَبِنِّي. فَقَالَ: أَبَنْتُك. وَنَوَيَا الطَّلَاقَ وَلَمْ يَذْكُرَا مَالًا فَرَجْعِيٌّ وَإِنْ) ذَكَرَاهُ كَأَنْ (قَالَتْ أَبِنِّي بِأَلْفٍ فَقَالَ أَبَنْتُك بِهِ وَنَوَيَا) الطَّلَاقَ (بَانَتْ بِهِ وَلَوْ نَوَى) الطَّلَاقَ (دُونَهَا) وَذَكَرَا مَالًا أَوْ ذَكَرَهُ هُوَ دُونَهَا أَوْ عَكْسُهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ رَبَطَ الطَّلَاقَ بِالْمَالِ وَهِيَ لَمْ تَسْأَلْ طَلَاقًا وَلَمْ تَلْتَزِمْ مَالًا فِي مُقَابَلَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ مَالٌ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِنْ نَوَتْ هِيَ دُونَهُ لَمْ تَطْلُقْ (وَلَوْ) كَانَ لَفْظُ أَحَدِهِمَا صَرِيحًا وَالْآخَرُ كِنَايَةٌ كَأَنْ (قَالَتْ طَلِّقْنِي بِكَذَا فَقَالَ أَبَنْتُكِ وَنَوَى) الطَّلَاقَ أَوْ قَالَتْ أَبِنِّي بِكَذَا وَنَوَتْ فَقَالَ طَلَّقْتُك (صَحَّ) أَيْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ مَعَ النِّيَّةِ كَالصَّرِيحِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي سُؤَالِهَا عَدَدًا فَلَوْ قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا طَلْقَةً وَهِيَ الثَّالِثَةُ) لِكَوْنِهِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا (اسْتَحَقَّهُ) وَإِنْ ظَنَّتْ أَنَّهُ يَمْلِكُ الثَّلَاثَ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِهَا مَقْصُودُ الثَّلَاثِ وَهِيَ الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَتَيْنِ فَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الثَّالِثَةُ بِأَنْ كَانَ يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَطَلَّقَهَا طَلْقَةً (فَثُلُثَهُ) أَيْ فَيَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الْأَلْفِ (وَلَوْ كَانَتْ) الَّتِي أَوْقَعَهَا (الثَّانِيَةَ) عَمَلًا بِالتَّقْسِيطِ عَلَى الْعَدَدِ الَّذِي سَأَلَتْهُ (وَ) اسْتَحَقَّ (بِالثِّنْتَيْنِ) أَيْ بِتَطْلِيقِهِ طَلْقَتَيْنِ وَهُوَ يَمْلِكُ الثَّلَاثَ (ثُلُثَيْهِ) أَيْ الْأَلْفِ وَاسْتَحَقَّ (بِوَاحِدَةٍ وَنِصْفٍ نِصْفَهُ) لَا ثُلُثَيْهِ نَظَرًا لِمَا أَوْقَعَهُ لَا لِمَا وَقَعَ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى مَا أَوْقَعَهُ إنَّمَا وَقَعَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ أَيْ فَلَيْسَ هُوَ كَإِنْشَاءِ الشَّخْصِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا فِي الظِّهَارِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ مُوسِرٌ عَبْدًا مُشْتَرَكًا عَنْ الْكَفَّارَةِ أَجْزَأَهُ إنْ نَوَى عِتْقَ الْجَمِيعِ عَنْهَا وَإِنْ وَجَّهَ الْعِتْقَ إلَى نَصِيبِهِ فَقَطْ لِحُصُولِ الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي قَوْلِهِ لَا يُجْزِئُ إذَا وَجَّهَ الْعِتْقَ إلَى نَصِيبِهِ فَقَطْ لِأَنَّ نَصِيبَ الْغَيْرِ عَتِيقٌ بِالسِّرَايَةِ لَا بِإِعْتَاقِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ وَقَدْ وُجِدَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوَاخِرَ الْبَابِ) أَيْ الْخَامِسِ (قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَرْضَ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا مَجَّانًا بَلْ ظَنَّ أَنَّ الْإِبْرَاءَ صَحِيحٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ التَّحْقِيقُ الْمُعْتَمَدُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ وَكَتَبَ أَيْضًا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَارِّ أَنَّ صُورَةَ الْوُقُوعِ بَائِنًا فِيمَنْ يَجْهَلُ بُطْلَانَ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ فَإِنْ عَلِمَهُ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي التَّدْرِيبِ أَنْ وَلَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْت ضَرَّتِي فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي فَطَلَّقَهَا لَمْ يَبْرَأْ وَتَقَعُ الْبَيْنُونَةُ وَعَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِ ضَرَّتِهَا. (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَابْنُ أَبِي الدَّمِ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي سُؤَالِهَا فِي عَدَد الطَّلَقَات] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي سُؤَالِهَا عَدَدًا) (قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا طَلْقَةً وَهِيَ الثَّالِثَةُ) أَيْ أَوْ الثَّانِيَةُ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ الثَّلَاثِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ إيقَاعَ بَعْضِ تِلْكَ الطَّلْقَةِ كَإِيقَاعِ كُلِّهَا قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّهُ أَفَادَهَا الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى بِذَلِكَ فَحَصَلَ مَقْصُودُهَا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ لِمَا ذُكِرَ فَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْلَهُمْ لَوْ طَلَبَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا نِصْفَ طَلْقَةٍ اسْتَحَقَّ نِصْفَ ثُلُثِ الْأَلْفِ وَهُوَ السُّدُسُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفِدْهَا الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَتَيْنِ إلَخْ) هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى (فَرْعٌ) لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ طَلَّقْت نِصْفَك عَلَى أَلْفٍ تَقَعُ الْبَيْنُونَةُ وَكَمْ يَسْتَحِقُّ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَى جُمْلَتِهَا أَمْ عَلَى نِصْفِهَا ثُمَّ يَسْرِي إلَى النِّصْفِ الْآخَرِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَعَلَيْهَا الْأَلْفُ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي فَخَمْسُمِائَةٍ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ. وَلَوْ قَالَ إنْ وَهَبَتْنِي زَوْجَتِي صَدَاقَهَا فَهِيَ طَالِقٌ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَالزَّوْجَةُ غَائِبَةٌ فَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّهَا لَمَّا بَلَغَهَا الْخَبَرُ أَبْرَأَتْهُ فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ طَلَقَتْ رَجْعِيًّا وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ وَهَذَا الْإِبْرَاءُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ فَوْرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ خُلْعًا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَأَفْتَى فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِزَوْجَتِهِ فَقَالَ إنْ أَخِرَتَيْهِ إلَى رَأْسِ السَّنَةِ وَأَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ أَخَّرْت وَأَبْرَأْتُك إنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ تَأْخِيرًا لَازِمًا فَيَفْسُدُ الْعِوَضُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَبْقَى عَلَيْهِ صَدَاقُهَا وَالدَّيْنُ كَمَا كَانَ اهـ قَالَ الْغَزِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تُوجَدْ وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَخَذْت بِنْتَك بِكَفَالَةٍ سَنَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ أَخَذْتهَا فَأَفْتَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَغَلَّطَهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِأَخْذِهَا الْتِزَامُ ذَلِكَ وَقَوْلُهَا أَخَذْت لَا يَلْزَمُهَا لِلْجَهَالَةِ قَالَ وَلَوْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا ثُمَّ جَاءَ إلَى الشُّهُودِ لِيَكْتُبَ لَهَا فَقَالَ الشَّاهِدُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالطَّلَاقِ السَّابِقِ قَدْ خَالَعْتُهَا عَلَى كَذَا بِطَلْقَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَقَبِلَتْ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِذَلِكَ الطَّلْقَةَ الْمَاضِيَةَ لَا إنْشَاءَ طَلَاقٍ آخَرَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْمُعَارَضَةُ فِيمَا يُوقِعُهُ (وَلَوْ قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي عَشْرًا بِأَلْفٍ) وَهُوَ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا طَلْقَةً (اسْتَحَقَّهُ بِوَاحِدَةٍ تُكْمِلُ الثَّلَاثَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ (فَعُشْرَهُ) أَيْ فَيَسْتَحِقُّ بِوَاحِدَةٍ عُشْرَ الْأَلْفِ (وَبِالثِّنْتَيْنِ عُشْرَيْهِ) أَيْ خُمُسَهُ وَبِالثَّلَاثِ جَمِيعَ الْأَلْفِ وَلَوْ مَلَكَ طَلْقَتَيْنِ اسْتَحَقَّ بِالْوَاحِدَةِ الْعُشْرَ وَبِالثِّنْتَيْنِ الْجَمِيعَ وَضَبَطُوا ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ مَلَكَ الْعَدَدَ الْمَسْئُولَ كُلَّهُ فَأَجَابَهَا بِهِ فَلَهُ الْمُسَمَّى أَوْ بِبَعْضِهِ فَلَهُ قِسْطُهُ وَإِنْ مَلَكَ بَعْضَ الْمَسْئُولِ وَتَلَفَّظَ بِالْمَسْئُولِ أَوْ حَصَلَ مَقْصُودُهَا بِمَا أَوْقَعَ فَلَهُ الْمُسَمَّى وَإِلَّا فَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى الْمَسْئُولِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ قَالَتْ) لَهُ وَهُوَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ (طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَثِنْتَيْنِ مَجَّانًا لَمْ تَقَعْ الْوَاحِدَةُ) لِعَدَمِ التَّوَافُقِ كَمَا لَوْ طَلَبَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ (وَوَقَعَ الثِّنْتَانِ مَجَّانًا) لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ مَجَّانًا فَيَقَعَانِ رَجْعِيَّتَيْنِ وَهَذَا مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ. وَقَالَ فِي الْأَصْلِ إنَّهُ حَسَنٌ مُتَّجَهٌ بَعْدَ أَنْ اُسْتُبْعِدَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ وُقُوعِ الْأُولَى بِثُلُثِ الْأَلْفِ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِوَاحِدَةٍ إلَّا بِهِ كَالْجِعَالَةِ وَلَا يَقَعُ الْأُخْرَيَانِ لِلْبَيْنُونَةِ (وَإِنْ قَالَ) جَوَابًا لِمَا ذُكِرَ طَلَّقْتُك (وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَثِنْتَيْنِ مَجَّانًا وَقَعَتْ الْأُولَى) بِثُلُثِهِ لِمُوَافَقَتِهِ مَا اقْتَضَاهُ طَلَبُهَا مِنْ التَّوْزِيعِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَا بَعْدَهَا لِلْبَيْنُونَةِ (أَوْ) طَلَّقَهَا (ثِنْتَيْنِ مَجَّانًا وَوَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَقَعَ الثَّلَاثُ) وَاحِدَةً مِنْهَا بِثُلُثِهِ هَذَا (إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا فَالثِّنْتَانِ) تَقَعَانِ دُونَ الثَّلَاثَةِ لِلْبَيْنُونَةِ (وَلَوْ قَالَ) طَلَّقْتُك (ثَلَاثًا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ) وَاحِدَةً مِنْهَا (بِثُلُثِهِ) لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ بِطَلْقَتَيْنِ وَهَذَا مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَفِيهِ كَلَامُ الْإِمَامِ السَّابِقِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فَعَلَى قَوْلِهِ لَا يَقَعُ إلَّا ثِنْتَانِ رَجْعِيَّتَانِ وَكَانَ اللَّائِقُ بِالْمُصَنِّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ (وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ وَلَوْ أَعَادَهُ فِي جَوَابِهِ) كَأَنْ قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِالْأَلْفِ لِتَضَمُّنِهِ الْإِجَابَةَ كَمَا لَوْ زَادَ الْعَامِلُ فِي الْجِعَالَةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ إذَا قَالَ بِعْنِي هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ بِعْتُكَهُ مَعَ ذَلِكَ بِأَلْفٍ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ. وَالْخُلْعُ شَبِيهٌ بِالْجِعَالَةِ وَلِأَنَّ تَمْلِيكَ الزَّائِدِ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْبَائِعُ بِخِلَافِ إيقَاعِ الزَّائِدِ عَلَى طَلْقَةٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَلْ الْأَلْفُ فِي مُقَابَلَةِ مَا أَوْقَعَهُ أَوْ الْوَاحِدَةُ وَجْهَانِ ظَاهِرُ النَّصِّ ثَانِيهِمَا وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْخِلَافِ فَائِدَةٌ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ بَلْ لَهُ فَوَائِدُ مِنْهَا لَوْ وَكَّلَهُ بِطَلْقَتَيْنِ مَجَّانًا وَوَاحِدَةٌ بِمَا شَاءَ مِنْ الْعِوَضِ فَسَأَلَتْهُ طَلْقَةً بِأَلْفٍ فَأَوْقَعَ ثَلَاثًا فَإِنْ جَعَلْنَا الْأَلْفَ فِي مُقَابَلَةِ الْوَاحِدَةِ وَقَعَ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ وَافَقَ الْإِذْنَ وَإِنْ جَعَلْنَاهُ فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ فَقَدْ خَصَّ كُلَّ طَلْقَةٍ بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ إيقَاعِ طَلْقَتَيْنِ بِعِوَضٍ فَلَا يَقَعَانِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَتَقَعُ بِثُلُثِ الْأَلْفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَمِنْهَا لَوْ أَذِنَتْ فِي وَفَاءِ مَا يَخُصُّ الطَّلْقَةَ الْمَسْئُولَةَ أَوْ ضَمِنَ شَخْصٌ عَنْهَا ذَلِكَ أَوْ أَبْرَأهَا الزَّوْجُ عَنْهُ (أَوْ) طَلَّقَهَا (بِثَوْبٍ) مَثَلًا (فَهُوَ ابْتِدَاءٌ) فَيُنْظَرُ أَيَتَّصِلُ بِهِ قَبُولٌ أَمْ لَا (وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا) مِمَّا يَأْتِي (أَوْ أَرَادَ بِالْأَلْفِ) مُقَابَلَةَ (الْأُولَى لَمْ يَقَعْ غَيْرُهَا) لِأَنَّهُ جَوَابٌ لِقَوْلِهَا وَلَغَتْ الْأُخْرَيَانِ لِلْبَيْنُونَةِ بِالْأُولَى (أَوْ) أَرَادَ بِهِ (الثَّانِيَةَ) وَلَوْ مَعَ الثَّالِثَةِ (فَالْأُولَى) تَقَعُ (رَجْعِيَّةً فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) وَالثَّانِيَةُ بَائِنَةً بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ خُلْعِ الرَّجْعِيَّةِ وَلَغَتْ الثَّالِثَةُ لِلْبَيْنُونَةِ وَخَرَجَ بِالْمَدْخُولِ بِهَا غَيْرُهَا فَتَبِينُ بِالْأُولَى وَيَلْغُو مَا بَعْدَهَا لِلْبَيْنُونَةِ (أَوْ) أَرَادَ بِهِ (الثَّالِثَةَ وَقَعَ الثَّلَاثُ) الثَّالِثَةُ بِالْعِوَضِ (وَالْأُولَيَانِ بِلَا عِوَضٍ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْجَمِيعَ) أَوْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ أَوْ وَالثَّالِثَةَ (وَقَعَتْ الْأُولَى فَقَطْ بِثُلُثِ الْأَلْفِ) عَمَلًا بِالتَّقْسِيطِ وَلَغَا الْبَاقِي لِلْبَيْنُونَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِي الْمُهَذَّبِ مِثْلَ هَذَا التَّفْصِيلَ فِيمَا إذَا ابْتَدَأَ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ قَبُولًا مُطَابِقًا لِلْإِيجَابِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِمَا قِيلَ إنَّ عِبَارَةَ الْمُهَذَّبِ تُفْهَمُ خِلَافَهُ وَلَيْسَ كَمَا قِيلَ (فَإِنْ قَالَ) فِي جَوَابِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ (إحْدَاهُنَّ بِأَلْفٍ تَعَذَّرَ إرَادَةُ) مُقَابَلَةِ (الْجَمِيعِ) وَبَقِيَّةُ الْأَحْوَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا كَمَا   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّهُ بِوَاحِدَةٍ) وَلَوْ بِإِيقَاعِهِ دُونَهَا (قَوْلُهُ فَأَجَابَهَا بِهِ فَلَهُ الْمُسَمَّى) شَمَلَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا وَقَدْ سَأَلْته الثَّلَاثَ أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ لَكِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا تَطْلُقُ الْأُولَى فَقَطْ وَيَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الْأَلْفِ لِأَنَّهُ إذَا جَعَلَ لِلْأُولَى قِسْطًا صَارَتْ مُخْتَلِعَةً لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ وَكَتَبَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ لَوْ قَالَ لَهَا وَقَدْ سَأَلَتْهُ الثَّلَاثَ عَلَى أَلْفٍ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ طَلَقَتْ الْأُولَى فَقَطْ وَاسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ فِي جَوَابِهَا أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت أَنْ تَكُونَ الْأُولَى فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ طَلَقَتْ وَاحِدَةً وَهِيَ الْأُولَى وَحْدَهَا بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَلَمْ يَقَعْ الْبَاقِي لِأَنَّهُ إذَا جَعَلَ لِلْأُولَى قِسْطًا صَارَتْ مُخْتَلِعَةً لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ تَقَدَّمَ فِي خَطِّ الْوَالِدِ مَا يُخَالِفُهُ. (قَوْلُهُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ وُقُوعِ الْأُولَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ جَزَمَ بِهَذَا فِي الْعُبَابِ وَنَقَلَ عَنْ الْوَالِدِ اعْتِمَادَ مَا فِي الْمَتْنِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْبَهْجَةِ وَيُؤَيِّدُهُ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ) جَرَى عَلَيْهِ أَيْضًا الْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ (قَوْلُهُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ لَمْ يُوَافِقْهَا فِي الْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ إلَّا بَعْدَ أَنْ خَالَفَ مَا اقْتَضَاهُ طَلَبُهَا مِنْ تَوْزِيعِ الْأَلْفِ عَلَى الثَّلَاثِ حَيْثُ أَوْقَعَ وَاحِدَةً بِهِ فَلَغَتْ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ (قَوْلُهُ ظَاهِرُ النَّصِّ ثَانِيهِمَا) أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهَا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ فِي مُقَابَلَةِ طَلْقَةٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ فِي مُقَابَلَةِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْخِلَافِ فَائِدَةٌ) أَيْ فِي لُزُومِ الْأَلْفِ لِلْمُطَلَّقَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ إيقَاعِ طَلْقَتَيْنِ بِعِوَضٍ فَلَا تَقَعَانِ) قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَصْلُ الْخُلْعِ قِسْمَانِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ أَيْضًا إذَا جَعَلْنَا الْأَلْفَ فِي مُقَابِلَتِهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 مَرَّ. (وَإِنْ قَالَتْ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ) عَلَيْهَا (إلَّا طَلْقَةً طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا) وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ (إحْدَاهُنَّ بِأَلْفٍ وَنَوَى بِهِ الطَّلْقَةَ الْأُولَى لَزِمَهَا) الْأَلْفُ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا مِنْ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى حَصَلَ بِذَلِكَ (وَكَذَا لَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) لِمُطَابَقَةِ الْجَوَابِ السُّؤَالَ (وَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَهَا وَقَعَتْ الْأُولَى فَقَطْ مَجَّانًا فَإِنْ قَالَتْ) لَهُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ (وَاحِدَةٌ) مِنْهُنَّ (مُكَمِّلَةٌ الثِّنْتَيْنِ) يَقَعَانِ عَلَى (إذَا تَزَوَّجْتنِي) بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ يَكُونَانِ فِي ذِمَّتِك تُنْجِزُهُمَا حِينَئِذٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً (وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ الْوَاحِدَةُ (فَقَطْ) وَلَغَا كَلَامُهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ وَإِثْبَاتُهُ فِي الذِّمَّةِ بَاطِلَانِ (وَلَهَا الْخِيَارُ) فِي الْعِوَضِ لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ (فَإِنْ أَجَازَتْ بِثُلُثِ الْأَلْفِ) تَخَيَّرَ عَمَلًا بِالتَّقْسِيطِ كَمَا فِي الْبَيْعِ (وَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ الْمِثْلِ) يُفْسَخُ (وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ بِأَلْفٍ أَوْ طَلِّقْ بَعْضِي) وَفِي نُسْخَةٍ نِصْفِي أَوْ يَدِي أَوْ رِجْلِي (بِأَلْفٍ فَفَعَلَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ) تَكْمِيلًا لِلْبَعْضِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ صِيغَةِ الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَتْ بِعْتُك هَذَا نِصْفَ بَيْعَةٍ أَوْ بِعْته لِبَعْضِك لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ (وَكَذَا) تَقَعُ طَلْقَةٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (إنْ ابْتَدَأَ بِذَلِكَ) بِأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفُك طَالِقٌ بِأَلْفٍ (فَقَبِلَتْ أَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ يَدَهَا مَثَلًا) لِفَسَادِ الصِّيغَةِ فِي الْأُولَى وَعَدَمِ إمْكَانِ التَّقْسِيطِ فِي الثَّانِيَةِ. (وَإِنْ طَلَّقَ) فِيهَا (نِصْفَهَا فَنِصْفُ الْمُسَمَّى) يَجِبُ لِإِمْكَانِ التَّقْسِيطِ كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي تَعْلِيقِهَا بِزَمَانٍ فَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي غَدًا أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ بِأَلْفٍ أَوْ خُذْ هَذَا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي غَدًا) فَأَخَذَهُ (أَوْ إنْ طَلَّقْتنِي غَدًا أَوْ مَتَى شِئْت فِي هَذَا الشَّهْرِ فَلَكَ أَلْفٌ فَطَلَّقَهَا فِيهِ) أَيْ فِيمَا عَيَّنَتْهُ (أَوْ قَبْلَهُ بَانَتْ) لِأَنَّهُ إنْ أَطْلَقَ فِيهِ فَقَدْ حَصَلَ مَقْصُودُهَا أَوْ قَبْلَهُ فَقَدْ زَادَهَا كَمَا لَوْ سَأَلَتْ طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لَا بِالْمُسَمَّى لِفَسَادِ الصِّيغَةِ أَيْ بِتَصْرِيحِ الزَّوْجَةِ بِتَأْخِيرِ الطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ مِنْ جَانِبِهَا لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ الْمُعَاوَضَةُ وَبِهَذَا فَارَقَتْ الرَّابِعَةُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَتْ إذَا جَاءَ الْغَدُ وَطَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ فَطَلَّقَهَا فِي الْغَدِ حَيْثُ يَلْزَمُ الْمُسَمَّى وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَالِمُ بِبُطْلَانِ مَا جَرَى وَالْجَاهِلُ بِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْخُلْعِ بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ رَجْعِيًّا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْأَصْلِ فِي هَذَا. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيمَا ذُكِرَ طَلَاقُهُ فَوْرًا (بِخِلَافِ قَوْلِهَا مَتَى) طَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ (وَلَمْ تُصَرِّحْ) هِيَ (بِالزَّمَنِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ طَلَاقُهَا فَوْرًا) كَمَا مَرَّ (وَالْفَرْقُ أَنَّهَا صَرَّحَتْ هُنَا بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ) فَضَعُفَتْ الْقَرِينَةُ وَهِيَ ذِكْرُ الْعِوَضِ عَنْ مُقَاوَمَةِ الصَّرِيحِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ (وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ أَوْ قَصَدَ الِابْتِدَاءَ فَرَجْعِيٌّ) لِمُخَالَفَتِهِ قَوْلَهَا فِي الْأُولَى وَعَمَلًا بِقَصْدِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَيُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهِ) إنْ اتَّهَمَتْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَقَدْ ذَكَرْته أَوَّلَ الْبَابِ (وَاعْلَمْ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُقَ) فِي الصُّوَرِ السَّابِقَةِ (وَإِنْ عَلَّقَتْ) كَسَائِرِ الْعِوَضَاتِ إذْ الْمُغَلَّبُ فِي جَانِبِهَا الْمُعَاوَضَةُ بِخِلَافِ جَانِبِ الزَّوْجِ فِيمَا إذَا عَلَّقَ وَكَلَامُهُ هُنَا أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهَا قَبْلَ الْقَبُولِ صَوَابُهُ بَعْدَ الْقَبُولِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ (وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي شَهْرًا بِأَلْفٍ فَفَعَلَ وَقَعَ) طَلَاقُهُ (مُؤَبَّدًا) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُؤَقَّتُ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِالتَّأْقِيتِ (وَإِنْ عَلَّقَهُ) الزَّوْجُ (بِصِفَةٍ وَذَكَرَ عِوَضًا كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ غَدٌ أَوْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ فَوْرًا وَكَذَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِسُؤَالِهَا) . كَقَوْلِهَا عَلِّقْ طَلَاقِي بِغَدٍ أَوْ بِدُخُولِ الدَّارِ بِأَلْفٍ فَعَلَّقَ (طَلَقَتْ بِالْمُسَمَّى عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ) الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ وَكَمَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ يَجُوزُ عَنْ الْمُعَلَّقِ (وَيَسْتَحِقُّ) الزَّوْجُ (الْمُسَمَّى فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْأَعْوَاضَ الْمُطْلَقَةَ يَلْزَمُ تَعْلِيقُهَا فِي الْحَالِ وَالْمُعَوَّضُ تَأَخَّرَ بِالتَّرَاضِي لِوُقُوعِهِ فِي التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ الْمُنَجَّزِ مِنْ خُلْعٍ وَغَيْرِهِ يَجِبُ فِيهِ تَقَارُنُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمِلْكِ (وَكَذَا يَسْتَحِقُّهُ فِي الْحَالِ لَوْ قَالَتْ لَهُ إذَا جَاءَ الْغَدُ وَطَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ فَقَالَ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت طَالِقٌ) قَوْلُهُ فِي الْحَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ فَقَالَ إلَى آخِرِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَا يُنَاسِبُهُ اسْتِحْقَاقُ الْمُسَمَّى   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ نِصْفِي) هَذِهِ تَحْرِيفٌ مِنْ نَاسِخٍ وَإِلَّا لَزِمَهَا خَمْسُمِائَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ طَلَّقَ نِصْفَهَا فَنِصْفُ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ التَّقْسِيطِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَى الْمَذْكُورِ ثُمَّ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ وَهَذَا نَظِيرُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَعْتِقْ نِصْفَ هَذَا الْعَبْدِ عَنِّي بِأَلْفٍ مِنْ أَنَّهُ يَسْرِي الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِلسَّائِلِ وَلَا يَغْرَمُ بِسَبَبِ السِّرَايَةِ شَيْئًا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ يَكُونُ لِلسَّائِلِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَحِكَايَةُ ذَلِكَ عَنْ الْأَصْحَابِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يَقُلْهُ إلَّا بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ كَمَا سَتَعْرِفُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي تَعْلِيقِ الزَّوْجَةِ الْخُلْعَ بِزَمَانٍ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي تَعْلِيقِهَا فِيهِ بِزَمَانٍ) (قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ذَكَرُوا فِي الْكَفَّارَاتِ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي غَدًا بِأَلْفٍ فَقَدْ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ وَقَضِيَّتُهُ اسْتِحْقَاقُ الْمُسَمَّى هَاهُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لِحَاظُ الْمُعَاوَضَةِ هُنَا أَقْوَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْعِتْقَ يَصِحُّ الْتِزَامُهُ لِلْغَيْرِ فِي الذِّمَّةِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهَا لَوْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ نَاجِزًا بِعِوَضٍ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ جَوَابَهَا بَلْ الِابْتِدَاءُ قُبِلَ مِنْهُ بِالْيَمِينِ فَهَاهُنَا أَوْلَى قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَحَالَةُ الْإِطْلَاقِ يَظْهَرُ أَنْ تَكُونَ مُنَزَّلَةً عَلَى الِابْتِدَاءِ لِطُولِ الْفَصْلِ بِخِلَافِهِ فِي الطَّلَاقِ الْمَسْئُولِ مُعَجَّلًا (قَوْلُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى فِي الْحَالِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ الْوَجْهُ لِتَمَامِ شِقَّيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي الْأَصْلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 فِي الْحَالِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ مُعَلَّقٌ بِمَجِيءِ الْغَدِ وَبِالطَّلَاقِ فَالْوَجْهُ حَذْفُ فِي الْحَالِ وَالتَّعْبِيرُ فِي الْجَوَابِ بِقَوْلِ الْأَصْلِ فَطَلَّقَهَا فِي الْغَدِ إجَابَةً لَهَا وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْغَدِ فَظَاهِرُ وُقُوعِهِ ثَمَّ إنْ بَقِيَتْ قَابِلَةً لِلطَّلَاقِ إلَى الْغَدِ اسْتَحَقَّ فِيهِ الْمُسَمَّى وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ الطَّلَاقُ) بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا (بِفِرَاقٍ وَنَحْوِهِ) كَمَوْتٍ (قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ رَدَّهُ) أَيْ الْمُسَمَّى كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ مِنْ جَانِبِهِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ جِعَالَةٍ) وَمِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيقِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي مُخَالَعَةِ الزَّوْجِ مَعَ الزَّوْجَةِ وَجَازَ خُلْعُ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ فِدَاءٌ كَالْتِزَامِ الْمَالِ لِيُعْتِقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ كَأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ سَيِّئَ الْعِشْرَةِ (فَإِنْ قَالَ) لَهُ (أَجْنَبِيٌّ طَلِّقْ امْرَأَتَك وَلَك أَلْفٌ فَفَعَلَ لَزِمَ ذِمَّتَهُ) الْأَلْفُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا (حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا) كَالزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اخْتِلَاعُهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً (فَإِنْ كَانَ سَفِيهًا وَقَعَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا) كَمَا لَوْ اخْتَلَعَتْ سَفِيهَةٌ نَفْسَهَا. (وَلَوْ قَالَ) شَخْصٌ لِآخَرَ (بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَعَلَيَّ أَلْفٌ) أَوْ بِعْهُ عَبْدَك بِأَلْفٍ فِي مَالِي كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَفَعَلَ (لَغَا) ذَلِكَ الْقَوْلُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ عَلَى الْقَائِلِ شَيْئًا وَإِنْ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْأُولَى إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ الثَّمَنَ عَلَى غَيْرِ مَنْ يَمْلِكُ الْمَبِيعَ (وَوَكِيلُهَا فِي الْخُلْعِ إنْ صَرَّحَ) فِيهِ (بِالْوَكَالَةِ لَمْ يُطَالَبْ) بِالْعِوَضِ وَإِنَّمَا الْمُطَالَبُ بِهِ هِيَ بِخِلَافِ وَكِيلِ الْمُشْتَرِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْوَكَالَةِ (طُولِبَ) بِهِ كَمَا تُطَالَبُ هِيَ بِهِ (وَرَجَعَ عَلَيْهَا) إذَا غَرِمَهُ كَوَكِيلِ الْمُشْتَرِي (إلَّا إنْ قَصَدَ الِاسْتِقْلَالَ) بِالْخُلْعِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ لَمْ تَوَكَّلْهُ فَاسْتَثْنَى مِنْهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا قَصَدَ الْوَكَالَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْخُلْعِ لَهَا فَوَقَعَ لَهَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ فِي الشِّرَاءِ فَإِنَّ فَائِدَتَهُ كَمَا تَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ تَكُونُ لِلْوَكِيلِ فَوُقُوعُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلْوَكِيلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ مَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ أَصْلُهُ لِلْغَزَالِيِّ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ. فَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ إمَامُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا اشْتِبَاهٌ فَإِنَّ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فِيمَا إذَا لَمْ يُخَالِفْ الْوَكِيلُ الْمَرْأَةَ فِيمَا سَمَّتْهُ وَكَلَامُ إمَامِهِ فِيمَا إذَا خَالَفَهَا فِيهِ وَمَسْأَلَةُ قَصْدِ الِاسْتِقْلَالِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَيُفْهَمُ مِنْهَا بِالْأَوْلَى حُكْمُ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالِاسْتِقْلَالِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ (وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ الزَّوْجَةَ لِتَخْتَلِعَ عَنْهُ) فَتَتَخَيَّرَ هِيَ بَيْنَ الِاخْتِلَاعِ لَهَا وَالِاخْتِلَاعِ لَهُ بِأَنْ تُصَرِّحَ أَوْ تَنْوِيَ كَمَا مَرَّ فِي عَكْسِهِ فَإِنْ أَطْلَقَتْ وَقَعَ لَهَا لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَهَا كَمَا مَرَّ (فَإِنْ قَالَ) لَهَا (سَلِي زَوْجَك طَلَاقَك بِأَلْفٍ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ فَلَيْسَ بِتَوْكِيلٍ) حَتَّى لَوْ اخْتَلَعَتْ كَانَ الْمَالُ عَلَيْهَا (بِخِلَافِ قَوْلِهَا لَهُ) ذَلِكَ فَإِنَّهُ تَوْكِيلٌ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ عَلَيَّ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْخُلْعِ لَهَا (وَإِنْ قَالَ) لَهَا سَلِي زَوْجَك طَلَاقَك بِأَلْفٍ (عَلَيَّ فَفَعَلَتْ وَنَوَتْ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ) أَوْ تَلَفَّظَتْ بِهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَالْمَالُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا) وَقَوْلُ الْأَجْنَبِيِّ لِلْأَجْنَبِيِّ سَلْ فُلَانًا يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ عَلَى أَلْفٍ كَقَوْلِهِ لِلزَّوْجَةِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ قَوْلِهِ عَلَيَّ وَعَدَمِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ أَضَافَ) الْأَجْنَبِيُّ (الْخُلْعَ إلَيْهَا) مُصَرِّحًا (بِالْوَكَالَةِ كَاذِبًا) بِأَنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ (لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ لِارْتِبَاطِهِ بِالْعِوَضِ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ الْخِطَابُ مَعَهَا فَلَمْ تَقْبَلْ نَعَمْ إنْ اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِالْوَكَالَةِ بَانَتْ بِاعْتِرَافِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ (وَأَبُوهَا كَالْأَجْنَبِيِّ) فِيمَا ذُكِرَ فَإِنْ اخْتَلَعَهَا بِمَالِهِ فَذَاكَ (وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً) أَوْ بِمَالِهَا وَصَرَّحَ بِنِيَابَةٍ كَاذِبًا أَوْ بِوِلَايَةٍ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ وَلَا وَلِيٍّ فِي ذَلِكَ إذْ الْوِلَايَةُ لَا تُثْبِتُ لَهُ التَّبَرُّعَ بِمَالِهَا وَإِنْ صَرَّحَ بِالِاسْتِقْلَالِ فَكَالْخُلْعِ بِمَغْصُوبٍ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ لِمَالِهَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ وَعَنْهُ احْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ قَالَ الْأَبُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ) لِلزَّوْجِ (غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ لِاسْتِقْلَالٍ وَلَا نِيَابَةٍ طَلِّقْهَا عَلَى عَبْدِهَا أَوْ عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ أَوْ الْخَمْرِ) فَطَلَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ (وَقَعَ رَجْعِيًّا) كَخُلْعِ السَّفِيهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي مَالِهَا كَالسَّفِيهِ وَهِيَ لَمْ تَلْتَزِمْ مَالًا وَلَا يُمْكِنُ مُطَالَبَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالزَّوْجُ مُسْتَقِلٌّ بِالطَّلَاقِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا. (بِخِلَافِ الْتِمَاسِ كَبِيرَةٍ) مِنْ زَوْجِهَا طَلَاقًا بِمَغْصُوبٍ أَوْ خَمْرٍ وَطَلَّقَهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَةَ تَبْذُلُ الْمَالَ لِتَصِيرَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَهَا وَالزَّوْجُ لَمْ يَبْذُلْ الْمِلْكَ لَهَا مَجَّانًا فَلَزِمَهَا الْمَالُ وَالْأَبُ وَالْأَجْنَبِيُّ مُتَبَرِّعٌ بِمَا يَبْذُلُهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ فِيهِ فَائِدَةٌ فَإِذَا أَضَافَ إلَى مَالِهَا فَقَدْ صَرَّحَ بِتَرْكِ التَّبَرُّعِ (وَلَوْ قَالَ) الْأَبُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ لِزَوْجِهَا طَلِّقْهَا (بِهَذَا الْعَبْدِ) وَهُوَ لَهَا (وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا وَلَا أَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَقَعَ) الطَّلَاقُ بَائِنًا (لِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ) أَنَّهُ عَبْدُهَا لِأَنَّهُ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ حَذْفُهُ فِي الْحَالِ إلَخْ) اعْتِرَاضُهُ سَاقِطٌ فَتَصَرُّفُ الْمُصَنِّفِ حَسَنٌ أَفَادَ بِهِ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَاسْتِحْقَاقِهِ الْمُسَمَّى بَيْنَ أَنْ يُنَجِّزَ طَلَاقَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَنْ يُعَلِّقَهُ بِهِ وَيَسْتَحِقَّ الْمُسَمَّى فِي الْحَالِ وَلَيْسَ اسْتِحْقَاقُهُ مُعَلَّقًا بِمَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا الْمُعَلَّقُ بِهِ اسْتِقْرَارُهُ فَالْوَجْهُ ذِكْرُ قَوْلِهِ فِي الْحَالِ وَالْأَحْسَنُ مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ] (قَوْلُهُ الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ) لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ طَلِّقْهَا عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ أَوْ عَلَى هَذَا الْخَمْرِ أَوْ عَلَى عَبْدِ زَيْدٍ هَذَا وَطَلَّقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا بِخِلَافِ مَا إذَا الْتَمَسَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبُضْعَ يَقَعُ لِلْمَرْأَةِ فَلَزِمَهَا بَدَلُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِزَوْجِ امْرَأَتَيْنِ طَلِّقْ إحْدَاهُمَا عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِي فَأَجَابَهُ الزَّوْجُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ هَذَا السُّؤَالَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ فِي الْخُلْعِ فَرْعُ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجَتَانِ لَوْ قَالَ لَهُمَا الزَّوْجُ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتَا لَمْ يَصِحَّ فَكَذَلِكَ هُنَا وَالْأَرْجَحُ عِنْدَنَا وُقُوعُهُ رَجْعِيًّا إذَا عُلِمَ فَسَادُهُ هَذَا كَمَا لَوْ خَالَعَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فَقَالَ لَهُ طَلِّقْهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَوْ عَلَى هَذَا الْحُرِّ فَإِنَّ الْأَرْجَحَ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ سَفِيهًا وَقَعَ رَجْعِيًّا) مَنْ سَفِهَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ كَالرَّشِيدِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 الْتَزَمَ الْمَالَ فِي نَفْسِهِ فَكَانَ كَخُلْعِهَا بِمَغْصُوبٍ سَوَاءٌ أَقَالَ مَعَ ذَلِكَ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَمْ لَا (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (الْأَبُ طَلِّقْهَا وَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِهَا فَفَعَلَ وَقَعَ رَجْعِيًّا) وَلَا يَبْرَأُ مِنْ صَدَاقِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ إذْ لَيْسَ لَهُ الْإِبْرَاءُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا فَلَمَّا فَاتَ الْعِوَضُ أَشْبَهَ السَّفِيهَ. (فَلَوْ الْتَزَمَ مَعَ ذَلِكَ دَرْكَ بَرَاءَتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ كَأَنْ قَالَ وَضَمِنْت بَرَاءَتَك مِنْ الصَّدَاقِ (بَانَتْ وَلَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمَالَ فِي نَفْسِهِ فَكَانَ كَخُلْعِهَا بِمَغْصُوبٍ (فَإِنْ كَانَ جَوَابُ الزَّوْجِ بَعْدَ ضَمَانِ الدَّرَكِ إنْ بُرِّئْت مِنْ صَدَاقِهَا فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا لَمْ تُوجَدْ (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الِاخْتِلَافِ) لَوْ قَالَتْ خَالَعْتَنِي عَلَى كَذَا فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَعَدَمُ الْخُلْعِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ) وَقَدْ خَالَعَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَأَجَابَتْهُ إحْدَاهُمَا (لِلْمُجِيبَةِ قَصَدْت ضَرَّتَك بِالْخُلْعِ) وَقَالَتْ الْمُجِيبَةُ بَلْ قَصَدْتنِي (وَاسْمُهُمَا وَاحِدٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ وَلَا فُرْقَةَ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِتَصَرُّفِهِ (أَوْ) قَالَ (طَلَّقْتُك بِعِوَضٍ فَأَنْكَرَتْ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَإِنْ عَادَتْ وَاعْتَرَفَتْ بَعْدُ بِيَمِينِهَا بِمَا ادَّعَاهُ لَزِمَهَا دَفْعُهُ إلَيْهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَبَانَتْ) مِنْهُ (بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ تَسْقُطْ) عَنْهُ (السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ) لَهَا فِي الْعِدَّةِ وَذِكْرُ السُّكْنَى تَبِعَ فِيهِ أَصْلَهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَصَوَابُهُ لِلْكِسْوَةِ لِأَنَّ السُّكْنَى تَجِبُ لِلْمُخْتَلِعَةِ قَالَ وَلَا يَسْقُطُ أَيْضًا إرْثُهَا مِنْهُ لَوْ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ قَالَ سَأَلْت الطَّلَاقَ بِأَلْفٍ فَأَنْكَرَتْ السُّؤَالَ) أَصْلًا (وَلَوْ ادَّعَتْ طُولَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) فَأَنْكَرَ (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَيَسْقُطُ الْعِوَضُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهَا وَعَدَمُ الطَّلَاقِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَلَوْ قَالَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِ الْعِوَضِ كَانَ أَوْضَحَ بَلْ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ صُدِّقَتْ إلَى آخِرِهِ وَعَبَّرَ بِأَوْ بَدَلَ وَلَوْ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (وَكَذَا يُصَدَّقُ) بِيَمِينِهِ (إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ طُولَ الْفَصْلِ فَلَوْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ وَطَلَّقَهَا بِدُونِ ذِكْرِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَتْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا فَبَنَتْ وَقَالَ بَلْ مُنْفَصِلًا فَلِي الرَّجْعَةُ صُدِّقَ كَمَا يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ أَصْلِ الطَّلَاقِ (وَتَثْبُتُ لَهُ الرَّجْعَةُ وَبِالِاخْتِلَافِ وَلَوْ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فِي جِنْسِ الْعِوَضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ) مِنْ صِحَّةٍ وَتَكْسِيرٍ وَنَحْوِهِمَا (أَوْ تَعْيِينِ الْعَقْدِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَطْلَقْنَاهُ وَالْآخَرُ عَيَّنَّاهُ وَلَا بَيِّنَةَ (تَحَالَفَا كَمَا فِي الْبَيْعِ) وَبَانَتْ مِنْهُ. (وَفَائِدَتُهُ) أَيْ التَّحَالُفِ (الرُّجُوعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ) بَعْدَ الْفَسْخِ كَتَحَالُفِهِمَا فِي الصَّدَاقِ وَلِأَنَّهُ بَدَلُ الْبُضْعِ التَّالِفِ وَكَانَ كَقِيمَةِ الْمَبِيعِ التَّالِفِ (وَإِذَا أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا) فَتَسْقُطَانِ (وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفِ شَيْءٍ) مُبْهَمٍ (وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ (إلَّا إنْ نَوَيَا جِنْسًا وَاحِدًا فَيَتَعَيَّنُ) وَإِنْ لَمْ يَتَوَاطَآ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ إلْحَاقًا لِلْمَنْوِيِّ بِالْمَلْفُوظِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ هَذَا وَلَوْ نَوَيَا جِنْسًا وَاحِدًا وَهِيَ جَارِيَةٌ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي وَالْأَوْلَى عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) خَالَعَهَا (عَلَى أَلْفٍ وَنَوَيَا جِنْسًا تَعَيَّنَ) كَذَلِكَ وَهَذِهِ عُلِمَتْ مِمَّا قَبْلَهَا فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا شَيْئًا لَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ نِيَّتَاهُمَا) بِأَنْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا جِنْسًا (وَتَصَادَقَا) عَلَى ذَلِكَ (فَلَا فُرْقَةَ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ تَكَاذَبَا) فِيهِ كَأَنْ قَالَ أَرَدْنَا بِالْأَلْفِ النُّقْرَةَ فَقَالَتْ بَلْ الْفُلُوسَ (تَحَالَفَا) لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي جِنْسِ الْعِوَضِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا سَمَّيَاهُ. (وَبَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) بَعْدَ الْفَسْخِ (وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فِي إرَادَةِ الدَّرَاهِمِ) النُّقْرَةِ (فِي) قَوْلِهِ (طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ) وَثَمَّ دَرَاهِمُ وَلَا غَالِبَ مِنْهَا (وَادَّعَتْ أَنَّهَا أَرَادَتْ الْفُلُوسَ وَكَذَّبَهَا بَانَتْ) لِمَا يَأْتِي وَمُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ صَدَّقَهَا فِي إرَادَتِهِ الْفُلُوسَ وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ النُّقْرَةَ وَكَذَّبَتْهُ (بَانَتْ ظَاهِرُ الِانْتِظَامِ الصِّيغَةُ وَلَا شَيْءَ لَهُ) عَلَيْهَا فِيهِمَا (لِإِنْكَارِهِ الْفُرْقَةَ هُنَا) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْكَارِهَا) لَهَا (هُنَاكَ) أَيْ فِي الْأُولَى وَيُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ يَمِينُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (إلَّا إنْ عَادَ وَصَدَّقَهَا) فِي الْأُولَى (أَوْ) عَادَتْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لَهُ الْأَبُ طَلِّقْهَا وَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِهَا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي اخْتِلَاعِ الْأَبِ بِصَدَاقِهَا إنَّمَا يَقَعُ رَجْعِيًّا إذَا اخْتَلَعَ بِالصَّدَاقِ نَفْسَهُ فَإِنْ عَبَّرَ بِالصَّدَاقِ عَلَى مَعْنًى مِثْلِ الصَّدَاقِ وَكَانَتْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي ذَلِكَ مِنْ حَوَالَةِ الزَّوْجِ عَلَى الْأَبِ وَقَبُولِ الْأَبِ لَهَا بِحُكْمِ أَنَّهَا تَحْتَ حِجْرِهِ فَاَلَّذِي أَفْتَيْت بِهِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بَائِنًا بِمِثْلِ الصَّدَاقِ وَتَقْدِيرُ الْمِثْلِ فِي ذَلِكَ مُتَعَيِّنٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ بِعْت بِمَا اشْتَرَيْت وَرِبْحِ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِنْ بَاعَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِالثَّمَنِ» قَالَ وَالْخِلَافُ فِي بِعْت بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ وَأَوْصَيْت لَهُ بِنَصِيبِ ابْنِي مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْمِثْلِ فَمَعَ الْقَرِينَةِ يَصِحُّ قَطْعًا اهـ مَا قَالَهُ هُوَ مُرَادُ الْأَصْحَابِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ بِلَا شَكٍّ س. (قَوْلُهُ فَكَانَ كَخُلْعِهَا بِمَغْصُوبٍ) إذْ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهِيَ ضَمَانُ عَيْنِ الْبَرَاءَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الِاخْتِلَافِ) (قَوْلُهُ لَوْ قَالَتْ خَالَعْتَنِي عَلَى كَذَا فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَخْ) لَوْ اعْتَرَفَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخُلْعِ قَضَى لَهُ بِالْعِوَضِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ لِوُقُوعِهِ هُنَا فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ (قَوْلُهُ وَبَانَتْ بِإِقْرَارِهِ) وَهَذَا مِنْ قَاعِدَةِ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا يَضُرُّهُ وَالْآخَرُ يَنْفَعُهُ وَيَضُرُّ غَيْرَهُ قُبِلَ فِيمَا يَضُرُّهُ وَرُدَّ فِيمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ أَيْضًا إرْثُهَا مِنْهُ) لَوْ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الظَّاهِرُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا (قَوْلُهُ إلْحَاقًا لِلْمَنْوِيِّ بِالْمَلْفُوظِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ فَإِذَا تَوَافَقَا عَلَى شَيْءٍ بِالنِّيَّةِ كَانَ كَمَا لَوْ تَوَافَقَا عَلَيْهِ بِالنُّطْقِ. (قَوْلُهُ وَثَمَّ دَرَاهِمُ وَلَا غَالِبَ مِنْهَا) التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الْغَلَبَةِ تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ صَرِيحٌ فِي رَدِّهِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ عَادَ وَصَدَّقَهَا فِي الْأُولَى) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَلَى إرَادَةِ الْفُلُوسِ مِنْهُ وَمِنْهَا (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلْحَاوِي لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّهَا أَعْطَتْهُ أَلْفًا عَلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 وَ (صَدَّقَتْهُ) فِي الثَّانِيَةِ (فَيَسْتَحِقُّ) عَلَيْهَا (الْمُسَمَّى) لَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا لَا شَيْءَ لَهُ) عَلَيْهَا وَتَبِينُ ظَاهِرًا (لَوْ قَالَتْ أَرَدْنَا الدَّرَاهِمَ وَقَالَ أَرَدْتهَا دُونَك) لِمَا ذُكِرَ. (وَلَوْ قَالَ أَرَدْت الدَّرَاهِمَ وَقَالَتْ أَرَدْت الْفُلُوسَ بِلَا تَصَادُقٍ وَتَكَاذُبٍ) بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ أَحَدٌ مِنْهُمَا لِجَانِبِ الْآخَرِ بَانَتْ مِنْهُ وَ (وَجَبَ) لَهُ عَلَيْهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ بِلَا تَحَالُفٍ) لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي عَلَيْهَا مُعَيَّنًا حَتَّى تَحْلِفَ (وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ) فَأَجَبْتنِي (فَقَالَ بَلْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ) فَأَجَبْتُك (تَحَالَفَا) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْمُعَوَّضِ (وَوَقَعَتْ وَاحِدَةٌ لِمَهْرِ الْمِثْلِ) بَعْدَ الْفَسْخِ (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) وَسَبَقَتْ إحْدَاهُمَا تَارِيخًا (قُدِّمَتْ السَّابِقَةُ وَإِلَّا تَحَالَفَا) وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك وَحْدَك بِأَلْفٍ فَقَالَتْ بَلْ طَلَّقْتنِي وَضَرَّتِي تَحَالَفَا وَعَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي وَاحِدَةً) فَلَكَ الثُّلُثُ (فَقَالَ بَلْ ثَلَاثًا) فَلِي الْأَلْفُ (أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ) فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا (وَلَهُ عَلَيْهَا يَمِينٌ) نَفْيُ الْعِلْمِ أَنَّهُ مَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (وَيَسْتَحِقُّ) عَلَيْهَا بَعْدَ حَلِفِهَا (ثُلُثَ الْأَلْفِ) كَمَا لَوْ قَالَ إنْ رَدَدْت أَعْبُدِي الثَّلَاثَةَ فَلَكَ أَلْفٌ فَقَالَ رَدَدْتهمْ وَقَالَ مَا رَدَدْت إلَّا وَاحِدًا وَلَا مَعْنَى لِلتَّحَالُفِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي صِفَةِ الْعَقْدِ أَوْ الْعِوَضِ وَهُمَا هُنَا مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الْمَسْئُولَ ثَلَاثٌ وَأَنَّ الْعِوَضَ أَلْفٌ فَاسْتَحَقَّ ثُلُثَهُ لِمَا قُلْنَاهُ. (نَعَمْ إنْ أَنْشَأَ الثَّلَاثَةَ) وَقَالَ مَا طَلَّقْتهَا قَبْلُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَمْ يَطُلْ) فَصْلٌ اسْتَحَقَّ عَلَيْهَا (الْأَلْفَ) لِأَنَّ الْوَقْتَ وَقْتُ الْجَوَابِ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَتْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ وَاحِدَةً بِأَلْفَيْنِ) أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ سَكَتَ عَنْ الْعِوَضِ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا مَرَّةً (تَحَالَفَا) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْفَسْخِ (أَوْ) قَالَتْ (خَالَعْتَنِي بِأَلْفٍ يَزِنُهُ) أَيْ عَلَى أَنْ يَزِنَهُ (عَنِّي زَيْدٌ أَوْ) بِأَلْفٍ (ضَمِنَهُ) عَنِّي زَيْدٌ (لَزِمَهَا) الْأَلْفُ وَلَا يَنْفَعُهَا مَا قَالَتْهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الطَّلَبَ عَنْهَا (أَوْ) قَالَتْ (خَالَعَتْ) أَنْت (زَيْدًا) لِنَفْسِهِ بِمَالِهِ (فَقَالَ بَلْ خَالَعْتكِ لَمْ يَلْزَمْهَا) وَلَا زَيْدًا شَيْءٌ (وَبَانَتْ) مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا نَقُولُ إنَّهُ أَقَرَّ بِعَقْدٍ صُدِّقَتْ فِي نَفْيِهِ فَيَلْغُو وَيَبْقَى النِّكَاحُ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الشِّرَاءَ تَبْقَى الْعَيْنُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالْبَيْعِ لِتَضَمُّنِ الْخُلْعِ إتْلَافَ الْعِوَضِ وَهُوَ الْبُضْعُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُفْسَخُ بِتَعَذُّرِ الْعِوَضِ وَالْبَيْنُونَةُ لَا تَرْتَدُّ نَعَمْ نَظِيرُهُ مِنْ الْبَيْعِ أَنْ تَقُولَ بِعْتُك عَبْدِي فَأَعْتَقْته وَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَيُحْكَمُ بِعِتْقِ الْعَبْدِ بِإِقْرَارِهِ. (وَلَوْ قَالَتْ خَالَعْتَنِي بِأَلْفٍ لِي فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ وَقَبَضْته) أَنْت (أَوْ) قَالَتْ (خَالَعْتكِ وَكِيلَةً لِزَيْدٍ وَأَضَفْت) الْخُلْعَ (إلَيْهِ) فَأَنْكَرَ (تَحَالَفَا) لِأَنَّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَبَضَتْهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ (وَإِنْ قَالَتْ لَمْ أُضِفْ إلَيْهِ) الْخُلْعَ (لَكِنْ نَوَيْت) هـ لَهُ فَأَنْكَرَ أَصْلَ الْوَكَالَةِ أَوْ نِيَّةَ الْإِضَافَةِ بَلْ أَوْ صَدَّقَهَا فِيهَا (طُولِبَتْ) لِتَعَلُّقِ الْعَهْدِ بِالْوَكِيلِ [فَرْعٌ طَلَّقَهَا بِأَلْفٍ وَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهَا وَاخْتَلَفَا عَلَى السَّابِق مِنْ الْخُلْعُ الْإِرْضَاعِ] (فَرْعٌ) لَوْ (طَلَّقَهَا بِأَلْفٍ وَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهَا) وَفِي نُسْخَةٍ وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ لِلْأَصْلِ بِنْتَهَا (زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ) وَاخْتَلَفَا (فَقَالَ الْخُلْعُ سَابِقٌ) عَلَى الْإِرْضَاعِ فَعَلَيْك الْمَالُ وَقَالَتْ بَلْ لَيْسَ بِسَابِقٍ عَلَيْهِ فَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ لَغْوٌ (فَإِنْ عَيَّنَا يَوْمَ الْإِرْضَاعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِ الْخُلْعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنَا يَوْمَ الْإِرْضَاعِ سَوَاءٌ أَعَيَّنَا يَوْمَ الْخُلْعِ أَمْ لَا (فَقَوْلُهُ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَعَدَمُ الرَّضَاعِ يَوْمَ الْخُلْعِ وَلِأَنَّ اشْتِغَالَهُمَا بِالْخُلْعِ ظَاهِرٌ فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ ثَلَاثًا. (وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ الْمُخَالِعُ أَكْرَهْتهَا) عَلَى الْخُلْعِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ كُنْت مُكْرَهَةً وَهِيَ أَعَمُّ (فَأَنْكَرَتْ رَدَّ) عَلَيْهَا (الْمَالَ) لِإِقْرَارِهِ (وَلَا رَجْعَةَ) لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ (وَكَذَا إنْ قَالَتْ أَكْرَهَتْنِي) عَلَى الْخُلْعِ (فَأَنْكَرَ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً) بِذَلِكَ لَزِمَهُ رَدُّ الْمَالِ لِبُطْلَانِ الْخُلْعِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِاعْتِرَافِهِ بِالْبَيْنُونَةِ (فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِنْكَارِ) بِأَنْ سَكَتَ (أَوْ كَانَ الْمُنْكِرُ وَكِيلَهُ فَلَهُ الرَّجْعَةُ) بِعَدَمِ اعْتِرَافِهِ بِالْبَيْنُونَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالْإِكْرَاهِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَيَلْزَمُهَا الْمَالُ [فَصْلٌ خَالَعَهَا بِثَوْبٍ أَصْدَقَهُ لَهَا] (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ لَوْ (خَالَعَهَا بِثَوْبٍ) مَثَلًا أَصْدَقَهُ لَهَا (لَمْ يَسْقُطْ صَدَاقُهَا) مِنْهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْخُلْعُ عَلَى عَيْنِ الصَّدَاقِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْهُ وَبَعْدَ قَبْضِهِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الزَّوْجِ مِنْ نِصْفِهِ عِنْدَنَا انْتَهَى فَفِي الْأَوَّلِ حَقُّهَا بَاقٍ فِي الْعَيْنِ وَيَلْزَمُهَا لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْخُلْعِ وَفِي الثَّانِي يَسْقُطُ حَقُّهَا   [حاشية الرملي الكبير] طَلَاقِهَا لِأَنَّ إذْ تَخْتَصُّ بِمَاضِي الزَّمَانِ دُونَ مُسْتَقْبَلِهِ وَإِذَا تَخْتَصُّ بِمُسْتَقْبِلِ الزَّمَانِ دُونَ مَاضِيهِ فَإِنْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ وَطَالَبَتْهُ بِالْأَلْفِ لَزِمَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِقَبْضِهَا وَمُدَّعٍ اسْتِحْقَاقَهَا فَلَزِمَهُ إقْرَارُهُ وَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ وَيَقَعُ طَلَاقُهُ بَائِنًا لِاعْتِرَافِهِ اهـ فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ إذْ وَإِذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يُمَيِّزْ إنْ وَأَنْ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا ادَّعَى الْعَامِّيُّ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ بِذَلِكَ لِخَفَائِهِ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيُمْكِنُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 مِنْ الْعَيْنِ وَيَلْزَمُهَا لَهُ بَدَلُ نِصْفِهَا. (وَلَيْسَ لَهُ خُلْعُ زَوْجَةِ وَلَدِهِ) الطِّفْلِ أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّ الْفِرَاقَ إنَّمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ (وَقَدْ سَبَقَ حُكْمُ مَنْ أَبْرَأَتْ) زَوْجَهَا (مِنْ صَدَاقِهَا ثُمَّ خَالَعْت بِهِ) فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْخُلْعَ (وَلَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنِي أَبْرَأَتْك عَنْ صَدَاقِي أَوْ فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْهُ فَطَلَّقَ أَوْ خَالَعَ حَامِلًا بِنَفَقَةِ عِدَّتِهَا لَمْ يَبْرَأْ) لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْإِبْرَاءِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالتَّسْمِيَةَ فِي الثَّالِثَةِ بَاطِلَانِ (وَطَلَقَتْ) بَائِنًا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُسَمَّى فِي الْأُولَيَيْنِ وَفَسَادُهُ فِي الثَّالِثَةِ (وَالْخُلْعُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى وَلَدِهِ سَنَةً) مَثَلًا (كُلُّ يَوْمٍ كَذَا فَاسِدٌ) لِلْجَهْلِ بِالْمُسَمَّى فَتَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (وَلَعَلَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَوْفِ صِفَةَ الْمُسْلَمِ) فَإِنْ اسْتَوْفَاهَا صَحَّ الْخُلْعُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَ كَأَصْلِهِ الْمَسْأَلَةَ آخِرَ الْبَابِ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الْخُلْعِ (وَمَنْ خُولِعَتْ بِحَضَانَةِ وَلَدِهَا) مِنْهُ (سَنَةً) مَثَلًا (فَتَزَوَّجَتْ) فِي أَثْنَائِهَا (لَمْ يُنْزَعْ) مِنْهَا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ (وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى) ثَوْبٍ (هَرَوِيٌّ) وَوَصَفَهُ (بِصِفَاتِ السَّلَمِ فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا لَمْ يَجُزْ) أَخْذُهُ (إلَّا بِوَجْهِ) . وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى وَجْهِ (الِاسْتِبْدَالِ) بِأَنْ يَجْعَلَهُ بَدَلًا عَمَّا عَلَيْهَا فَيَقْبَلَهُ الزَّوْجُ فَيَجُوزَ كَالِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ بِمَا ذُكِرَ فَالْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ إلَّا بِوَجْهِ الِاسْتِبْدَالِ أَيْضًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ بِصِفَاتِ السَّلَمِ لَشَمَلَهُ وَكَانَ أَخْصَرَ (وَإِنْ قَالَتْ لَهُ أَنْت) بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي (فَطَلِّقْنِي بَرِئَ) مِنْهُ (وَلَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا قَصَدَتْ جَعْلَ الْإِبْرَاءِ عِوَضًا عَنْ الطَّلَاقِ وَلِذَلِكَ تَرَتَّبَ سُؤَالُ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فَلْيَكُنْ كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ عَنْ صَدَاقِي (وَإِنْ قَالَتْ خَالَعْتكِ بِصَدَاقِي الَّذِي فِي ذِمَّتِك فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ سَقَطَ) عَنْهُ (صَدَاقُهَا بِخِلَافِ قَوْلِهَا اشْتَرَيْت دَارَك بِهِ) فَأَنْكَرَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِأَنَّ الْخُلْعَ بِهِ يَقْتَضِي سُقُوطَهُ بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الزَّوْجِ إذَا بَرِئَتْ مِنْهُ لَا يُمْكِنُ اشْتِغَالُهَا بِهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ إذْ قَدْ تَخْرُجُ الدَّارُ مُسْتَحَقَّةً أَوْ تُرَدُّ بِعَيْبٍ أَوْ تَتْلَفُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَعُودُ الصَّدَاقُ (وَإِنْ ادَّعَى خُلْعَهَا) فَأَنْكَرَتْ (فَحَلَفَتْ ثُمَّ وَطِئَهَا لَزِمَهُ الْحَدُّ ظَاهِرًا دُونَهَا) لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا فِي نِكَاحِهِ (لَا بَاطِنًا إنْ كَذَبَ) . فَإِنْ صَدَقَ لَزِمَهُ الْحَدُّ بَاطِنًا أَيْضًا (وَلَوْ قَالَ) لَهَا (أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِأَلْفٍ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فَوْرًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْعِوَضِ وَقِيلَ لَا تَقَعُ إلَّا بِقَوْلِهَا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتَقَعُ الْأُخْرَى بِالْأَلْفِ إنْ قَبِلَتْ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا) فَالْأُولَى رَجْعِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ بَائِنٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ أَوْ قَبِلَتْ وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا (فَلَا) تَقَعُ الْأُخْرَى لِعَدَمِ قَبُولِهَا فِي الْأُولَى وَلِبَيْنُونَتِهَا بِالطَّلْقَةِ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ (كِتَابُ الطَّلَاقِ) هُوَ لُغَةً حَلُّ الْقَيْدِ وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَعَرَّفَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ يُحْدِثُهُ بِلَا سَبَبٍ فَيَقْطَعُ النِّكَاحَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْكِتَابُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] وَقَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَالسُّنَّةُ كَقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ لِي رَاجِعْ حَفْصَةَ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ وَإِنَّهَا زَوْجَتُك فِي الْجَنَّةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَقَوْلِهِ «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ مِنْ الطَّلَاقِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ (وَفِيهِ أَبْوَابٌ) سِتَّةٌ (الْأَوَّلُ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ) إثْبَاتًا وَنَفْيًا (وَ) فِي (غَيْرِهِمَا وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ فَالسُّنِّيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا) فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَلَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ (لَيْسَتْ بِحَامِلٍ وَلَا صَغِيرَةٍ وَلَا آيِسَةٍ) وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَذَلِكَ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ وَعَدَمَ النَّدَمِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَتْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ وَاحِدَةً بِأَلْفَيْنِ وَلَا بَيِّنَةَ] قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ أَنْتَ بَرِيءٌ) أَيْ أَوْ أَبْرَأْتُك (قَوْلُهُ مِنْ صَدَاقِي فَطَلِّقْنِي) أَوْ قَالَ الزَّوْجُ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك طَلَّقْتُك فَقَالَتْ أَبْرَأْتُك (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ إنْ بَرِئْت مِنْ مَهْرِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ وَقَدْ أَقَرَّتْ بِهِ لِشَخْصٍ تَطْلُقُ) وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ وَعَلَيَّ تَمَامُ الْبَرَاءَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ شَرْطًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِوُجُودِ الْبَرَاءَةِ أَجَابَ الْأَصْبَحِيُّ بِأَنَّهُ يَكُونُ شَرْطًا عَلَى الْمُخْتَارِ سِيَّمَا إذَا قَالَ أَرَدْت بِهِ الشَّرْطَ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ حُكْمُهُ حُكْمُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ أَجَابَ الْأَصْبَحِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهَا فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَهِيَ قَيْدٌ فِي تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا وَهُوَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ إذْ الْحَالُ مُقَيَّدَةٌ كَالشَّرْطِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخُلْعَ بِهِ يَقْتَضِي سُقُوطَهُ بِالْكُلِّيَّةِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَأَوْضَحُ مِنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ الدَّارَ بِمُقْتَضَى قَوْلِهَا مَنَعَهَا ظُلْمًا فَتَرْجِعُ إلَى بَدَلِهَا وَهُوَ الثَّمَنُ لَكِنْ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ لِتَعَذُّرِ الْعِوَضِ أَوْ الِانْفِسَاخِ لِأَنَّ إنْكَارَهُ كَإِتْلَافِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ تَأْخُذُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ فِي مِثْلِهِ خِلَافٌ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِ الْجَمِيعِ عَلَى الثَّالِثِ وَهُوَ حَسَنٌ غ. [كِتَابُ الطَّلَاقِ] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيّ إثْبَاتًا وَنَفْيًا] [الطَّرَفَ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ] (كِتَابُ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ نِيَابَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْ قَوْلِيَّةٍ لَا بِالتَّنْجِيزِ وَلَا بِالتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ قَسَّمَ الْأَصْحَابُ الطَّلَاقَ إلَى وَاجِبٍ كَطَلَاقِ الْمَوْلَى وَطَلَاقِ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ إذَا رَأَيَاهُ وَإِلَى مُسْتَحَبٍّ كَمَا إذَا كَانَ يُقَصِّرُ فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ عَفِيفَةٍ أَوْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ وَإِلَى مَحْظُورٍ كَطَلَاقِ الْبِدْعَةِ وَإِلَى مَكْرُوهٍ وَهُوَ عِنْدَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ قَالُوا وَلَيْسَ فِيهِ مُبَاحٌ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى جَوَازِهِ إذَا كَانَ لَا شَهْوَةَ لَهُ وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا مِنْ غَيْرِ حُصُولٍ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ طَلَاقُهَا (قَوْلُهُ فَالسُّنِّيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا) وَلَوْ بِوَطْءٍ فِي دُبُرِهَا وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُهَا مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ (قَوْلُهُ لَيْسَتْ بِحَامِلٍ إلَخْ) وَلَا حَالَةٍ يَسْتَعْقِبُ الطَّلَاقَ الشُّرُوعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ يُجَامِعَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ الْحَمْلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» (وَالْبِدْعِيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا بِلَا عِوَضٍ مِنْهَا فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ قَوْله تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَزَمَنُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ (أَوْ) فِي (طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ فِيهِ وَلَوْ) كَانَ الْجِمَاعُ أَوْ الِاسْتِدْخَالُ (فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ) (إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ حَمْلُهَا) وَكَانَتْ مِمَّنْ قَدْ تَحْبَلُ لِأَدَائِهِ إلَى النَّدَمِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُطَلِّقُ الْحَائِلَ دُونَ الْحَامِلِ وَعِنْدَ النَّدَمِ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ فَيَتَضَرَّرُ هُوَ وَالْوَلَدُ وَلِأَنَّ عِدَّتَهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا تَكُونُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَوْ كَانَتْ حَائِلًا تَكُونُ بِالْأَقْرَاءِ وَرُبَّمَا يَلْتَبِسُ الْأَمْرُ وَتَبْقَى مُرْتَابَةً فَلَا يَتَهَيَّأُ لَهَا التَّزَوُّجُ. وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الْحَيْضِ بِالْجِمَاعِ فِي الطُّهْرِ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِيهِ وَكَوْنِ بَقِيَّتِهِ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ أَوَّلًا وَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الدُّبُرِ بِالْجِمَاعِ فِي الْقُبُلِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلَوْ فِي حَيْضٍ أَنَّ مَا قَبْلَهُ شَامِلٌ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ قَالَ أَوْ حِيضَ قَبْلَهُ كَانَ أَوْلَى وَكَأَنَّهُ غَلَّبَ قَوْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ عَلَى ذَلِكَ (وَكَذَا) طَلَاقُ (مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ) فَإِنَّهُ يُدْعَى كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ سُؤَالِهَا وَإِلَّا فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا بِسُؤَالِهَا مُسْقِطَةٌ لَحَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا (أَمَّا الصَّغِيرَةُ وَالْحَامِلُ) مِنْ الْمُطَلِّقِ (وَلَوْ حَاضَتْ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ وَالْمُخْتَلِعَةُ فَلَا بِدْعَةَ لَهُنَّ وَلَا سُنَّةَ) لِانْتِقَاءِ مَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَلِأَنَّ افْتِدَاءَ الْمُخْتَلِعَةِ يَقْتَضِي حَاجَتَهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْفِرَاقِ وَرِضَاهَا بِطُولِ التَّرَبُّصِ وَأَخْذَهُ الْعِوَضَ يُؤَكِّدُ دَاعِيَةَ الْفِرَاقِ وَيُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَالْحَامِلُ وَإِنْ تَضَرَّرَتْ بِالطُّولِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَقَدْ اسْتَعْقَبَ الطَّلَاقَ شُرُوعُهَا فِي الْعِدَّةِ. قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَدْ تُضْبَطُ الْأَقْسَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ بِأَنْ يُقَالَ الطَّلَاقُ إنْ حَرُمَ إيقَاعُهُ فَبِدْعِيٌّ وَإِلَّا فَسُنِّيٌّ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَوِرُهَا التَّحْرِيمُ وَلَيْسَ بِسُنِّيٍّ وَلَا بِدْعِيٍّ فِي غَيْرِهَا (وَقَدْ يَجِبُ الطَّلَاقُ فِي الْإِيلَاءِ) عَلَى الْمُوَلَّى (وَ) فِي (الشِّقَاقِ) عَلَى الْحَكَمَيْنِ (إذَا أَمَرَ) الْمُطَلِّقُ (بِهِ فَلَا بِدْعَةَ فِيهِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ رِضَا الزَّوْجَةِ بِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأَوْلَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَجُهَا بِالْإِيذَاءِ إلَى الطَّلَبِ وَهُوَ غَيْرُ مَلْجَأٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ فِيهَا الْوُجُوبُ الْمُخَيَّرُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا إمَّا الطَّلَاقُ أَوْ الْفَيْئَةُ أَوْ الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ. (وَيُسْتَحَبُّ الطَّلَاقُ لِخَوْفِ تَقْصِيرِهِ) فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ لِعَدَمِ عِفَّتِهَا) بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ طَلَاقَ الْوَلَدِ إذَا أَمَرَهُ بِهِ وَالِدُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَا لِتَعَنُّتٍ وَنَحْوِهِ (وَيُكْرَهُ عِنْدَ سَلَامَةِ الْحَالِ) لِخَبَرِ «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ مِنْ الطَّلَاقِ» . (وَلَوْ سَأَلَتْهُ) الطَّلَاقَ (بِلَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا) الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِهَا فِي الْحَدِيثِ أَمْرُ نَدْبٍ وَالْقَرِينَةُ عَلَى كَوْنِهِ أَمْرًا لَامُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ لَفْظَ مُرْهُ وَالْفَاءَ وَقِيلَ لِيُرَاجِعْهَا لَكَانَ أَمْرًا لِلْغَائِبِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرْهُ مُرَادٌ بِهِ الْأَمْرُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَلِكِ لِوَزِيرِهِ قُلْ لِفُلَانٍ يَفْعَلْ كَذَا أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ الْمَلِكِ وَالْقَرِينَةُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُبْلِغٌ لِأَمْرِ الْمَلِكِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي هَا هُنَا. (قَوْلُهُ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) إذَا لَمْ يَسْتَعْقِبْ الطَّلَاقَ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِحَالِهَا وَبِتَحْرِيمِ طَلَاقِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا. اهـ. وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْبِدْعِيِّ وَقَوْلُهُ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ) بِنَاءً عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ اسْتِئْنَافُهَا الْعِدَّةَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ) وَلَا يَمْنَعُ تَحْرِيمُهُ وُقُوعَهُ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ مَبْنِيٍّ عَلَى التَّغْلِيبِ فَلَا يَمْنَعُهُ تَضَرُّرُ الْمَمْلُوكِ كَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ) أَيْ الْمُحْتَرَمَ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ) أَيْ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا) أَيْ إنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ الْمَارِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ هُنَا الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَقَالَ لَهَا سَيِّدُهَا إنْ طَلَّقَك الزَّوْجُ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ فَسَأَلَتْهُ ذَلِكَ لِأَجَلٍ الْعِتْقِ بَلْ يَتَّجِهُ هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ حَائِضًا. وَالصُّورَةُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَسَأَلَتْهُ لِلْخَلَاصِ مِنْ الرِّقِّ إذْ دَوَامُهُ أَضُرُّ بِهَا مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَمُوتُ فَيَدُومُ أَسْرُهَا بِالرِّقِّ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ فِي الْحَيْضِ لَمْ يَكُنْ بِدْعِيًّا وَإِنْ طَالَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَصَدَ خَلَاصَهَا مِنْ أَصْلِ الرِّقِّ وَأَنْعَمَ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ) أَيْ وَالْمُتَحَيِّرَةُ (قَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمُرَادُهُ يَعْنِي الرَّافِعِيَّ الْفَيْئَةُ بِاللِّسَانِ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فِي الْحَيْضِ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ فَالْحُكْمُ مِنْ حَيْثُ هَؤُلَاءِ يَتَقَيَّدُ بِفَيْئَةِ اللِّسَانِ بَلْ لَا تَكْفِي فِيمَا إذَا طَلَبَتْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ. (قَوْلُهُ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَتَعَيَّنُ كَمَا لَوْ آلَى ثُمَّ غَابَ أَوْ آلَى وَهُوَ غَائِبٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَوَكَّلَتْ فِي الْمُطَالَبَةِ فَذَهَبَ وَكِيلُهَا إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الزَّوْجُ وَطَالَبَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ فِي الْحَالِ وَبِالسَّيْرِ إلَيْهَا أَوْ بِحَمْلِهَا إلَيْهِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَسِيرُ إلَيْهَا لَمْ يُمَكَّنْ بَلْ يُجْبَرْ عَلَى الطَّلَاقِ عَيْنًا. اهـ. (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً) أَوْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ وَاجِبِ الدِّينِ أَوْ كَانَتْ تُؤْذِي أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ كَانَتْ مُفْسِدَةً لِمَالِهِ أَوْ يَخَافُ مِنْ الْقَالَةِ لِبُرُوزِهَا وَتَبَرُّجِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فُجُورَهَا أَوْ بَانَ كَوْنُهَا عَقِيمًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 عِوَضٍ أَوْ اخْتَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ حَرُمَ) إذْ لَا تُعْلَمُ بِذَلِكَ حَاجَتُهَا إلَى الْخَلَاصِ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ خَلْعُهُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ أَخْذَهُ الْعِوَضَ يُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَلَيْسَ فِيهِ تَطْوِيلُ عِدَّةٍ عَلَيْهَا. (فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ) مُطَلَّقَتُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ الطُّهْرُ الثَّانِي لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ بَقِيَّةُ صُوَرِ الْبِدْعِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الرَّجْعَةَ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَجِبُ قَالَ الْإِمَامُ وَمَعَ اسْتِحْبَابِ الرَّجْعَةِ لَا نَقُولُ إنَّ تَرْكَهَا مَكْرُوهٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهَا وَلِدَفْعِ الْإِيذَاءِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ صَرَّحَ فِيمَا قَالَهُ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا وَالِاسْتِنَادُ إلَى الْخَبَرِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَا نَهْيَ فِيهِ (فَإِنْ رَاجَعَ وَالْبِدْعَةُ لِحَيْضٍ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ مِنْهُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلِئَلَّا يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّجْعَةِ مُجَرَّدَ الطَّلَاقِ وَكَمَا يُنْهَى عَنْ النِّكَاحِ لِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ يُنْهَى عَنْ الرَّجْعَةِ وَلَا يُسْتَحَبُّ الْوَطْءُ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ اكْتِفَاءً بِإِمْكَانِ التَّمَتُّعِ (أَوْ) رَاجَعَ وَ (كَانَتْ الْبِدْعَةُ لِطُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ) أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ حَمْلُهَا (وَوَطِئَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ) فِيهِ (فَلَا بَأْسَ بِطَلَاقِهَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ أَوْ رَاجَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَطَأْهَا (اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِيهِ) أَيْ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي لِئَلَّا تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلَاقِ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَ هَذِهِ لِلُزُومِ الرَّجْعَةِ لَهُ لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا. (فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ حَيْضِك فَسُنِّيٌّ) لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ (طُهْرِك فَبِدْعِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوَشُ بَيْنَ دَمَيْنِ لَا لِانْتِقَالٍ مِنْهُ إلَى الْحَيْضِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مُقَيَّدَانِ لِضَابِطَيْ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ. (وَ) الطَّلَاقُ (الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ صَادَفَتْ زَمَنَ الْبِدْعَةِ بِدْعِيٌّ) لَكِنْ (لَا إثْمَ فِيهِ) أَوْ زَمَنَ السَّنَةِ سُنِّيٌّ فَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ بِدْعِيًّا أَوْ سُنِّيًّا بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ لَا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ إذْ لَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ وَلَا نَدَمَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَيْضِ وَبِالْجُمْلَةِ (فَلْيُرَاجَعْ) اسْتِحْبَابًا (وَتَعْلِيقُهُ حَالَ الْحَيْضِ مُبَاحٌ) . (فَرْعٌ) لَوْ (طَلَّقَهَا) وَلَوْ فِي الطُّهْرِ (حَامِلًا) بِحَمْلٍ (لِغَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ أَوْ مِنْ زِنًا سَابِقٍ) عَلَى الطَّلَاقِ (وَقَعَ بِدْعِيًّا لِتَأَخُّرِ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ) لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَانْقِضَاءِ النِّفَاسِ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْهُ (وَذَكَرَ) الْأَصْلُ (فِي الْعَدَدِ فِي حَمْلِ الزِّنَا خِلَافَ هَذَا) لَيْسَ خِلَافَهُ بَلْ ذَاكَ فِيمَا إذَا حَاضَتْ وَهَذَا فِيمَا إذْ لَمْ تَحِضْ بِقَرِينَةِ تَعْلِيقِهِ السَّابِقِ وَإِذَا رَاجَعَ الْحَامِلَ الْمَذْكُورَةَ فَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا حَتَّى تَضَعَ ثُمَّ يَنْقَطِعَ نِفَاسُهَا ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ لِئَلَّا تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلَاقِ. (وَلَا بِدْعَةَ) وَلَا سُنَّةَ (فِي فَسْخِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ ضَرَرٍ نَادِرٍ فَلَا يُنَاسِبُهُ تَكْلِيفُ رِعَايَةِ الْأَوْقَاتِ وَلِأَنَّهُ فَوْرِيٌّ غَالِبًا فَلَوْ كَانَ كَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ لَأُخِّرَ عَنْ زَمَنِ الْبِدْعَةِ إلَى زَمَنِ السُّنَّةِ فَيَتَنَافَى الْفَوْرِيَّةُ وَالتَّأْخِيرُ (وَ) لَا فِي (عِتْقِ مَوْطُوءَةٍ) لَهُ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ أَعْظَمُ (وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ) لِمَا فِي خَبَرِ اللِّعَانِ أَنَّ الْمُلَاعَنَ قَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَوْ كَانَ بِدْعِيًّا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ بِاللِّعَانِ وَذَلِكَ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مِثْلِهِ وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ فَجَازَ مُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا كَعِتْقِ الْعَبِيدِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ مَحْبُوبٌ وَالطَّلَاقُ مَبْغُوضٌ وَكَمَا لَا يَحْرُمُ جَمْعُهَا (لَا يُكْرَهُ وَ) لَكِنْ (يُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى طَلْقَةٍ فِي الْقُرْءِ) لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ وَفِي الشَّهْرِ لِذَاتِ الْأَشْهُرِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّجْعَةِ أَوْ التَّجْدِيدِ إنْ نَدِمَ (وَإِلَّا فَفِي الْيَوْمِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُفَرِّقْ الطَّلْقَاتِ عَلَى الْأَيَّامِ (وَيُفَرِّقُهُنَّ عَلَى الْحَامِلِ طَلْقَةً فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ خُلْعُهُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ إلَخْ) بَلْ هُوَ حَرَامٌ قَطْعًا فَقَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فِيهِ وَمَا لَمْ تَسْأَلْهُ بِخِلَافِ الْحَيْضِ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ فِيهِ لِحَقِّهَا وَقَدْ رَضِيَتْ فَسَقَطَ وَهَاهُنَا الْبِدْعَةُ لِحَقِّ الْوَلَدِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِرِضَاهَا [فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ مُطَلَّقَتُهُ] (قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ طَلَّقَهَا لِمَا تَحَقَّقَهُ مِنْ فُجُورِهَا أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ شَاعَ ذَلِكَ عَنْهَا أَوْ زَنَتْ بَعْدَ طَلَاقِهِ إيَّاهَا وَنَحْوِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْتَحَبَّ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا وَلَا تَبْعُدُ كَرَاهَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُرَاغَمَةِ الْغَيْرَةِ وَالْمُرُوءَةِ وَجَلْبِ الْوَقِيعَةِ فِيهِ وَلَا سِيَّمَا إذَا حَمَلَتْ مِنْ زِنًا وَظَهَرَ ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْتَحَبَّ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَا تَبْعُدُ كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ حَيْضِك] (قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي) أَيْ أَوْ عِنْدَ. (قَوْلُهُ فَسُنِّيٌّ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ تَمَّ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي آخِرِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ أَوْ طُهْرُك فَبِدْعِيٌّ) مِثْلُهُ مَا لَوْ تَمَّ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي آخِرِ الطُّهْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ مُعْتَدَّةً قَبْلَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِتَعْصِيبِهِ كَإِنْشَائِهِ الطَّلَاقَ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ يَقَعُ بِدْعِيًّا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ مِنْهُ وَهَذَا كَرَجُلٍ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ آدَمِيًّا فَقَتَلَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ الطَّلَاقُ فِي زَمَانِ الْحَيْضِ وَإِيجَادُ الصِّفَةِ لَيْسَ بِتَكْلِيفٍ نَعَمْ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ يَقْرُبُ إنْ نَظَرْنَا إلَى الْمَعْنَى وَلَوْ وُجِدَ التَّعْلِيقُ وَالصِّفَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالِاخْتِيَارِ فِي حَالِ الْحَيْضِ فَيَظْهَرُ التَّحْرِيمُ نُظِرَ إلَى اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى هَذَا إنْ كَانَ فِي حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ وُجِدَ التَّعْلِيقُ فِي حَيْضَةٍ وَالصِّفَةُ فِي حَيْضَةٍ أُخْرَى فَفِيهِ احْتِمَالٌ إنْ نَظَرْنَا إلَى اللَّفْظِ لَا إلَى الْمَعْنَى وَقَوْلُهُ أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِوُقُوعِهِ فَإِنَّ الصِّفَةَ وُقُوعٌ لَا إيقَاعٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَثِمَ بِإِيقَاعِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ. [فَرْعٌ طَلَّقَهَا حَامِلًا بِشُبْهَةٍ أَوْ مِنْ زِنًا سَابِقٍ عَلَى الطَّلَاقِ] (قَوْلُهُ وَلَا فِي عِتْقِ مَوْطُوءَةٍ إلَخْ) لِأَنَّهُ إنْعَامٌ عَلَيْهَا وَهِيَ مُغْتَبِطَةٌ بِهِ وَهُوَ أَبَرُّ لَهَا مِنْ أَنْ يُؤَخِّرَ إعْتَاقَهَا إلَى أَنْ تَطْهُرَ فَرُبَّمَا يَنْدَمُ فَلَا يُعْتِقُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ يَمُوتُ السَّيِّدُ قَبْلَ طُهْرِهَا فَيَسْتَمِرُّ رِقُّهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 الْحَالِ وَيُرَاجَعُ وَأُخْرَى بَعْدَ النِّفَاسِ وَالثَّالِثَةُ بَعْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ) وَقِيلَ يُطَلِّقُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ طَلْقَةً وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي إضَافَتِهِ) أَيْ الطَّلَاقُ (إلَى السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ) بِشَرْطٍ وَبِدُونِهِ (فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ أَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ) مَثَلًا (فَأَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَكَانَتْ حَالَ الْإِضَافَةِ أَوْ الدُّخُولِ فِي حَالِ سُنَّةٍ أَوْ بِدْعَةٍ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَإِلَّا فَحِينَ تُوجَدُ الصِّفَةُ) تَطْلُقُ (فَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ) فِي صُورَتَيْ التَّطْلِيقِ السَّابِقَتَيْنِ وَكَانَتْ (صَغِيرَةً لَمْ تَحِضْ) أَوْ نَحْوُهَا مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ كَحَامِلٍ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) وَلَغَا الْوَصْفُ إذْ لَيْسَ فِي طَلَاقِهَا سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ حَاضَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (فِي قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (لِلسُّنَّةِ بِالطُّهْرِ مِنْ حَيْضٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِي أَحَدِهِمَا) مَعَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَامَعَهَا فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِعَدَمِ السُّنَّةِ (وَ) يَقَعُ الطَّلَاقُ (فِي قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (لِلْبِدْعَةِ بِظُهُورِ دَمِ الْحَيْضِ أَوْ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الطُّهْرِ) مَعَ الدُّخُولِ (وَعَلَيْهِ النَّزْعُ) عَقِبَ الْإِيلَاجِ (فَلَوْ اسْتَدَامَ) الْوَطْءَ (مِنْ غَيْرِ نَزْعٍ فَلَا حَدَّ) وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَعُلِمَ التَّحْرِيمُ لِأَنَّ أَوَّلَهُ مُبَاحٌ (وَلَا مَهْرَ) لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْوَطَآتِ وَلَوْ نَزَعَ وَعَادَ فَهُوَ ابْتِدَاءُ وَطْءٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ. (فَرْعٌ اللَّامُ فِيمَا يُعْهَدُ انْتِظَارُهُ وَتَكَرُّرُهُ لِلتَّأْقِيتِ) كَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَهِيَ مِمَّنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا فِي حَالِ السُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ لِأَنَّهُمَا حَالَتَانِ مُنْتَظَرَتَانِ يَتَعَاقَبَانِ تَعَاقُبَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَيَتَكَرَّرَانِ تَكَرُّرَ الْأَسَابِيعِ وَالشُّهُورِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ لِرَمَضَانَ مَعْنَاهُ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَأَنْتِ طَالِقٌ نَعَمْ لَوْ قَالَ أَرَدْت الْإِيقَاعَ فِي الْحَالِ قُبِلَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ مَعَ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَ) اللَّامُ (فِيمَا لَا يُعْهَدُ) انْتِظَارُهُ وَتَكَرُّرُهُ (لِلتَّعْلِيلِ كَطَلَّقْتُكِ لِرِضَا زَيْدٍ أَوْ لِقُدُومِهِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ) أَوْ لِلسُّنَّةِ (وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ حَامِلٌ) أَوْ نَحْوُهَا (مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَرْضَ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَقْدُمْ وَالْمَعْنَى فَعَلْت هَذَا لِيَرْضَى أَوْ يَقْدُمَ وَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ قَوْلِ السَّيِّدِ أَنْت حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى (فَلَوْ نَوَى) بِهَا (التَّعْلِيقَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) وَيَدِينُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت طَلَاقَهَا مِنْ الْوَثَاقِ (وَلَوْ قَالَ فِي الصَّغِيرَةِ وَنَحْوِهَا) أَنْتِ طَالِقٌ (لِوَقْتِ الْبِدْعَةِ) أَوْ لِوَقْتِ السُّنَّةِ (وَنَوَى التَّعْلِيقَ قُبِلَ) لِتَصْرِيحِهِ بِالْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا مَرَّ نَقْلُ الْأَصْلُ ذَلِكَ عَنْ بَسِيطِ الْغَزَالِيِّ تَفَقُّهًا وَأَقَرَّهُ (وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ بِرِضَا زَيْدٍ أَوْ بِقُدُومِهِ تَعْلِيقٌ) كَقَوْلِهِ إنْ رَضِيَ أَوْ قَدِمَ (وَقَوْلُهُ) لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ (لَا لِلسُّنَّةِ كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ وَعَكْسِهِ) أَيْ وَقَوْلُهُ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لَا لِلْبِدْعَةِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ سُنَّةٌ لِطَلَاقٍ أَوْ طَلْقَةٌ سُنِّيَّةٌ كَقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ بِدْعَةُ الطَّلَاقِ أَوْ طَلْقَةٌ بِدْعِيَّةٌ كَقَوْلِهِ لِلْبِدْعَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَائِضٍ وَنَحْوِهَا) مِمَّنْ طَلَاقُهَا بِدْعِيٌّ (إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا طَلَاقَ وَلَا تَعْلِيقَ) حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ إذَا صَارَتْ فِي حَالِ السُّنَّةِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ وَأَنْت طَاهِرٌ فَإِنْ قَدِمَ وَهِيَ طَاهِرٌ طَلُقَتْ لِلسُّنَّةِ وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ لَا فِي الْحَالِ وَلَا إذَا طَهُرَتْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ وَهِيَ طَاهِرٌ بِمَا إذَا لَمْ يُجَامِعْهَا فِي طُهْرِهَا قَبْلَ الْقُدُومِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدِمَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَا تَطْلُقُ إذَا طَهُرَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ لَا تَطْلُقُ إلَى آخِرِهِ فَلَمَّا قَدِمَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْآنَ بَلْ بَعْدُ فِي حَالِ السُّنَّةِ (أَوْ) قَالَ لِذَاتِ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ (أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا) أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا (وَقَالَ أَرَدْت) الْوُقُوعَ (فِي الْحَالِ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ لَا فِيمَا يُخَالِفُهُ صَرِيحًا وَإِذَا تَنَافَيَا لَغَتْ النِّيَّةُ وَعُمِلَ بِاللَّفْظِ لِأَنَّهُ أَقْوَى (فَإِنْ قَالَ) لَهَا فِي حَالِ الْبِدْعَةِ   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي إضَافَة الطَّلَاقُ إلَى السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ بِشَرْطٍ وَبِدُونِهِ] الطَّرَفُ الثَّانِي فِي إضَافَتِهِ لِلسُّنَّةِ) (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إلَخْ) قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِالسُّنَّةِ أَوْ فِي السُّنَّةِ كَقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلطَّاعَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ تَحِضْ أَوْ نَحْوَهَا إلَخْ) لَوْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً لَمْ يَقَعْ فِي زَمَانِ الشَّكِّ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً فَمَا الْحُكْمُ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَدْ يَشْمَلُهُ كَلَامُ الدَّارِمِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الطُّهْرِ) مِثْلُ إيلَاجِ الزَّوْجِ إيلَاجُ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ. (قَوْلُهُ وَاللَّامُ فِيمَا لَا يُعْهَدُ لِلتَّعْلِيلِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِهَا (قَوْلُهُ لِرِضَا زَيْدٍ) أَوْ لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ حَامِلٌ) هَلْ الْمُتَحَيِّرَةُ فِي مَعْنَى الصَّغِيرَةِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَمْ أَرَ لَهُمْ فِيهَا شَيْئًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ فِي مَعْنَى الصَّغِيرَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فَعَلْت هَذَا لِيَرْضَى إلَخْ) لِأَنَّ اللَّامَ وَضَعَهَا لِلتَّعْلِيلِ وَإِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي التَّوْقِيتِ إذَا اقْتَرَنَتْ بِذِكْرِ الْوَقْتِ أَوْ بِمَا مَرَّ وَيَجْرِي مَجْرَى الْوَقْتِ وَلَمْ يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَحُمِلَ عَلَى التَّعْلِيلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ مَنْ يَعْرِفُ الْوَضْعَ وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِرِضَا زَيْدٍ إلَخْ) أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ بِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى يَعْتِقُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ رِضَاهُ بِهِ. [فَرْعٌ قَالَ لِحَائِضٍ وَنَحْوِهَا إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ] (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدِمَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الْقُدُومُ وَهِيَ طَاهِرٌ قَدْ وُجِدَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا صِفَةُ السُّنَّةِ فَنَنْظُرُ فَإِذَا وُجِدَتْ طَلُقَتْ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ) لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا لَفْظَ لَهُ (قَوْلُهُ لَا فِيمَا يُخَالِفُهُ صَرِيحًا) لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلَاقًا سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهِ لَيْسَتْ صَرِيحَةً بَلْ ظَاهِرَةً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 (أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ) أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا الْآنَ (وَقَعَ) فِي الْحَالِ (لِلْإِشَارَةِ) إلَى الْوَقْتِ وَيَلْغُو اللَّفْظُ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْتُك لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا وَقَعَ فِي الْحَالِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ ذَاتَ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ أَمْ لَا لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ فَحَالُهَا مَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَتْ فَالْوَصْفَانِ مُتَنَافِيَانِ فَسَقَطَا وَبَقِيَ أَصْلُ الطَّلَاقِ (فَإِنْ أَرَادَ بِالسُّنِّيِّ الْوَقْتَ وَالْبِدْعِيِّ الثَّلَاثَ فِي قَوْلِهِ) لِذَاتِ أَقْرَاءٍ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا (سُنِّيًّا بِدْعِيًّا قُبِلَ وَإِنْ تَأَخَّرَ الطَّلَاقُ) أَيْ وُقُوعُهُ لِأَنَّ ضَرَرَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ أَكْثَرُ مِنْ فَائِدَةِ تَأَخُّرِ الْوُقُوعِ. (فَصْلٌ لَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ فَالصَّغِيرَةُ وَنَحْوُهَا) مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ (تَطْلُقُ فِي الْحَالِ ثَلَاثًا) كَمَا لَوْ وَصَفَهَا كُلَّهَا بِالسُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ (وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ) تَطْلُقُ (طَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ وَطَلْقَةً) ثَالِثَةً (فِي الْحَالِ الثَّانِي) لِأَنَّ التَّبْعِيضَ يَقْتَضِي التَّشْطِيرَ ثُمَّ يَسْرِي كَمَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَعْضُهَا لِزَيْدٍ وَبَعْضُهَا لِعَمْرٍ وَيُحْمَلُ عَلَى التَّشْطِيرِ (فَلَوْ قَالَ أَرَدْت عَكْسَهُ) أَيْ إيقَاعَ طَلْقَةٍ فِي الْحَالِ وَطَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ الثَّانِي (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْبَعْضِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الْأَجْزَاءِ (وَلَوْ أَرَادَ بَعْضَ كُلِّ طَلْقَةٍ) أَيْ إيقَاعَهُ فِي الْحَالِ (وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي الْحَالِ) بِطَرِيقِ التَّكْمِيلِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَسَكَتَ وَهِيَ فِي حَالِ السُّنَّةِ) أَوْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ (وَقَعَ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ) فَقَطْ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ النِّصْفِ وَإِنَّمَا حُمِلَ فِيمَا مَرَّ عَلَى التَّشْطِيرِ لِإِضَافَتِهِ الْبَعْضَيْنِ إلَى الْحَالَيْنِ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (خَمْسًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي الْحَالِ) أَخْذًا بِالتَّشْطِيرِ وَالتَّكْمِيلِ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةٌ لِلسُّنَّةِ وَطَلْقَةٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ طَلْقَةٌ فِي الْحَالِ وَ) وَقَعَ (فِي الْمُسْتَقْبَلِ طَلْقَةٌ وَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَتَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ وَقَعَ الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ الطَّلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ وَصْفٌ لِلطَّلْقَتَيْنِ فِي الظَّاهِرِ فَيَلْغُو لِلتَّنَافِي وَيَبْقَى الطَّلْقَتَانِ وَهَذَا (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ) فَإِنَّهُ يَقَعُ الْجَمِيعُ فِي الْحَالِ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ أَحْسَنُ الطَّلَاقِ وَأَتَمُّهُ وَنَحْوُهُ) مِنْ صِفَاتِ الْمَدْحِ كَأَجْمَلِهِ وَأَفْضَلِهِ وَأَعْدَلِهِ (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلسُّنَّةِ) فَلَا يَقَعُ إنْ كَانَتْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى حَالِ السُّنَّةِ. (وَأَقْبَحِهِ) أَيْ وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ أَقْبَحُ الطَّلَاقِ (وَنَحْوُهُ) مِنْ صِفَاتِ الذَّمِّ كَأَسْمَجِهِ وَأَفْضَحِهِ وَأَفْحَشِهِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْحَرَجِ) أَوْ طَلَاقُ الْحَرَجِ (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ) فَلَا يَقَعُ إنْ كَانَ فِي حَالِ السُّنَّةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى حَالِ الْبِدْعَةِ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْحُسْنِ الْبِدْعِيَّ) لِأَنَّهُ فِي حَقِّهَا أَحْسَنُ لِسُوءِ خُلُقِهَا (وَبِالْقَبِيحِ السَّيِّئَ) لِحُسْنِ عِشْرَتِهَا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا إلَّا فِيمَا يَضُرُّهُ) بِأَنْ كَانَتْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ فِي الْأُولَى وَفِي حَالِ السُّنَّةِ فِي الثَّانِيَةِ فَيُقْبَلُ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ فَسَّرَ الْقَبِيحَ بِالثَّلَاثِ قُبِلَ) مِنْهُ وَهَذِهِ قَدَّمَهَا مَعَ زِيَادَةِ قَبِيلِ الْفَصْلِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ هُنَا فَإِنْ فَسَّرَ كُلَّ صِفَةٍ بِمَعْنًى فَقَالَ أَرَدْت كَوْنَهَا حَسَنَةً مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَقَبِيحَةً مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ حَتَّى تَقَعَ الثَّلَاثُ أَوْ بِالْعَكْسِ قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ. (وَإِنْ قَالَ لِطَاهِرٍ غَيْرِ مَمْسُوسَةٍ أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً وَالْقُرْءُ) هُنَا (هُوَ الطُّهْرُ) وَإِنْ لَمْ يَحْتَوِشْ بِدَمَيْنِ لِصِدْقِ الِاسْمِ وَإِنَّمَا شُرِطَ الِاحْتِوَاشُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِتَكَرُّرِ الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِإِظْهَارِ احْتِوَاشِهَا الدِّمَاءَ (بَانَتْ فِي الْحَالِ بِطَلْقَةٍ فَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا قَبْلَ الطُّهْرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَقَوْلَا عَوْدِ الْحِنْثِ) يَجْرِيَانِ فِي وُقُوعِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْعَوْدِ (أَوْ) جَدَّدَهُ (بَعْدَهُمَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) الْأُولَى قَوْلُ الْأَصْلِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ قَبْلَ التَّجْدِيدِ (أَوْ) قَالَهُ لِطَاهِرٍ (مَمْسُوسَةٍ وَقَعَ لِكُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةٌ) سَوَاءٌ أَجَامَعَهَا فِيهِ أَمْ لَا وَتَكُونُ الطَّلْقَةُ سُنِّيَّةً إنْ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَبِدْعِيَّةً إنْ جَامَعَهَا فِيهِ وَتُشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ بِالطَّلْقَةِ الْأُولَى أَمَّا إذَا قَالَهُ لِحَائِضٍ فَلَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْقُرْءَ عِنْدَنَا الطُّهْرُ كَمَا مَرَّ (أَوْ) قَالَهُ (لِحَامِلٍ أَوْ صَغِيرَةٍ أَوْ آيِسَةٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا مَمْسُوسَةٌ (وَقَعَ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ) كَمَا مَرَّ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ (فَإِنْ رَاجَعَ الْحَمْلَ وَقَعَتْ أُخْرَى بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ ثُمَّ تُسْتَأْنَفُ الْعِدَّةُ) لِهَذِهِ الطَّلْقَةِ سَوَاءٌ أَوْطَأَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا (فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْوَضْعِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَامِلُ حَائِضًا) وَقْتَ التَّعْلِيقِ (لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ) لِتُوجَدَ الصِّفَةُ (وَلَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ طُهْرِهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ قُرْءٌ وَاحِدٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْقُرْءَ مَا دَلَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ مَعَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ سُنِّيًّا الْآنَ) أَوْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. [فَرْعٌ قَالَ طَلَّقْتُك لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا] (قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا) أَوْ طَلْقَةً حَسَنَةً قَبِيحَةً أَوْ جَمِيلَةً فَاحِشَةً أَوْ لِلْحَرَجِ وَالْعَدْلِ. [فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ] (قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْمَ الْبَعْضِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الْأَجْزَاءِ) أَيْ حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَعْضُهَا لِزَيْدٍ وَبَعْضُهَا لِعَمْرٍو ثُمَّ فَسَّرَ الْبَعْضَ بِدُونِ النِّصْفِ قُبِلَ (قَوْلُهُ كَأَجْمَلِهِ وَأَفْضَلِهِ إلَخْ) أَيْ وَأَكْمَلِهِ وَأَجْوَدِهِ أَوْ خَيْرَ الطَّلَاقِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لِلطَّاعَةِ. (قَوْلُهُ وَأَفْحَشِهِ) أَيْ وَأَفْظَعِهِ وَأَرْدَئِهِ وَأَتْلَفَهُ وَشَرِّ الطَّلَاقِ وَأَضَرِّهِ وَأَمَرِّهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْحَسَنِ الْبِدْعِيَّ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي أَحْسَنِ الطَّلَاقِ أَعْجَلَهُ أَوْ لَمْ أَعْرِفْ مَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ وَالْقُرْءُ هُنَا الطُّهْرُ) لَا شَكَّ أَنَّا وَجَدْنَا هُنَا قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالطُّهْرِ وَهِيَ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ لَمَّا كَانَ حَرَامًا كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ عَدَمَ إرَادَتِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ وَإِرَادَةَ الْمَعْنَى الْآخَرِ وَحِينَئِذٍ صَارَ هَذَا الْحُكْمُ عَامًّا لِمَنْ يَعْلَمُ تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ أَيْضًا وَلَوْ كَافِرًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 الْحَمْلِ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقُرْءَ هُنَا الطُّهْرُ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ (فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً) فَإِنَّ طَلَاقَهَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ طُهْرِهَا (وَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ الْأَقْرَاءِ) وَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ. (فَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ (بِكُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً لِلسُّنَّةِ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَكَمَا ذُكِرَ فِيمَا لَوْ لَمْ يَقُلْ لِلسُّنَّةِ (إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ لَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ فِي طُهْرٍ جُومِعَتْ فِيهِ) لِعَدَمِ وَصْفِ السُّنَّةِ (وَمَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا) إمَّا (لِلسُّنَّةِ أَوْ بِلَا قَيْدٍ وَنَوَى التَّفْرِيقَ) لَهَا (عَلَى الْأَقْرَاءِ مُنِعَ) أَيْ لَمْ يُقْبَلْ (ظَاهِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ دَفْعَةً فِي حَالِ السُّنَّةِ فِي الْأُولَى وَفِي الْحَالِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُعَارِضُهُ فِي الْأُولَى ذِكْرُ السُّنَّةِ إذْ لَا سُنَّةَ فِي التَّفْرِيقِ (إلَّا إنْ تَلَفَّظَ بِالسُّنَّةِ وَكَانَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ) لِلثَّلَاثِ كَالْمَالِكِيِّ فَيَقْبَلُ ظَاهِرُ الْمُوَافَقَةِ تَفْسِيرَهُ اعْتِقَادَهُ وَتَبِعَ فِي تَقْيِيدِهِ بِالسُّنَّةِ أَصْلَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَأُمِرَتْ) زَوْجَتُهُ (بِالِامْتِنَاعِ) مِنْهُ ظَاهِرًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا فِيهِ (وَجَازَ) لَهُ (الْوَطْءُ) لَهَا (بَاطِنًا) إذَا رَاجَعَهَا وَكَانَ صَادِقًا وَفِي ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ (وَلَهَا التَّمْكِينُ) مِنْ وَطْئِهِ لَهَا (إنْ صَدَّقَتْهُ) بِقَرِينَةٍ (وَهَذَا مَعْنَى التَّدْيِينُ) وَهُوَ لُغَةً أَنْ تَكِلَهُ إلَى دِينِهِ وَإِذَا صَدَّقَتْهُ فَرَآهُمَا الْحَاكِمُ مُجْتَمِعَيْنِ فَهَلْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَقْوَاهُمَا فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ (وَيُدَيَّنُ مَنْ طَلَّقَ صَغِيرَةً لِلسُّنَّةِ) أَوْ بِلَا قَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ (وَقَالَ أَرَدْت إذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ) لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَانْتَظَمَ مَعَ كَوْنِ اللَّفْظِ لَيْسَ نَصًّا فِي إفْرَادِهِ (وَإِنْ قَالَ) (أَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (لَا إنْ شَاءَ اللَّهُ دُيِّنَ) وَالْفَرْقُ أَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوَهُ كَأَنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ بِرَفْعِ حُكْمِ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ وَمَا عَدَاهُ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ يُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ وَقَوْلُهُ مِنْ وَثَاقٍ تَأْوِيلٌ وَصَرْفٌ لِلَّفْظِ مِنْ مَعْنًى إلَى مَعْنًى فَكَفَتْ فِيهِ النِّيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً قَالَ فِي الْأَصْلِ وَشَبَّهُوا ذَلِكَ بِالنَّسْخِ لَمَّا كَانَ رَفْعًا لِلْحُكْمِ بِالْكُلِّيَّةِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِاللَّفْظِ بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ فَلِذَلِكَ جَازَ بِاللَّفْظِ وَبِغَيْرِهِ كَالْقِيَاسِ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ النُّسَخُ جَائِزٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّحِيحِ كَالتَّخْصِيصِ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ. (وَلَوْ خَصَّصَ عَامًّا كَنِسَائِي) طَوَالِقُ (أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً دُيِّنَ) لِمَا مَرَّ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ (ظَاهِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ عُمُومَ اللَّفْظِ الْمَحْصُورِ إفْرَادُهُ الْقَلِيلَةُ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) تُشْعِرُ بِإِرَادَةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ غَيْرِ الطَّلَاقِ (كَحَلِّهَا مِنْ وَثَاقٍ) عِنْدَ قَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت حَلَّهَا مِنْ وَثَاقِهَا (وَقَوْلُ الْمُسْتَثْنَاةِ وَهِيَ تُخَاصِمُهُ تَزَوَّجْت) عَلَيَّ إذَا قَالَ عَقِبَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِقُوَّةِ إرَادَتِهِ بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِأَكْلِ خُبْزٍ) أَوْ نَحْوِهِ (ثُمَّ فَسَّرَ بِنَوْعٍ خَاصٍّ) فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَمَا حُكِيَ عَنْ النَّصِّ فِي لَا آكُلُ مِنْ أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِنَوْعٍ يُحْمَلُ عَلَى وُجُودِ الْقَرِينَةِ أَوْ عَلَى الْقَبُولِ بَاطِنًا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ (وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت) التَّكْلِيمَ (شَهْرًا لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ) فَلَا تَطْلُقُ إذَا كَلَّمَتْهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحَقِّ آدَمِيٍّ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ ثُمَّ قَالَ قَصَدْت شَهْرًا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى. (وَالضَّابِطُ) فِيمَا يُدَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يُدَيَّنُ (أَنَّهُ إنْ فَسَّرَ) كَلَامَهُ (بِمَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ فَقَالَ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ) عَلَيْك (أَوْ) أَرَدْت (إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ (أَوْ) فَسَّرَهُ (بِتَخْصِيصٍ بِعَدَدٍ كَطَلَّقْتُك ثَلَاثًا وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ) كَقَوْلِهِ (أَرْبَعَتُكُنَّ) طَوَالِقُ (وَأَرَادَ إلَّا ثَلَاثَةً لَمْ يُدَيَّنْ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ (مِنْ مُقَيِّدٍ لِلطَّلَاقِ أَوْ صَارِفٍ) لَهُ (إلَى مَعْنًى آخَرَ أَوْ مُخَصِّصٍ) لَهُ بِبَعْضِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقُرْءَ هُنَا الطُّهْرُ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لِلِابْتِدَاءِ قُوَّةً فَأَثَّرَ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ الْخَالِي عَنْ الِاحْتِوَاشِ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهَا التَّمْكِينُ إنْ صَدَّقَتْهُ) فَإِنْ قَالَتْ لَا أَعْلَمُ صِدْقَهُ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهَا وَإِذَا عَلِمَ الْقَاضِي الْحَالَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَتَحْرُمُ بِهِ بَاطِنًا وَقَبْلَ تَفْرِيقِهِ لَيْسَ لِمَنْ ظَنَّ صِدْقَ الزَّوْجِ نِكَاحُهَا وَفِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا تَحْرِيمُهُ (قَوْلُهُ أَقْوَاهُمَا فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِلَا قَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّسْخُ بِالْقِيَاسِ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَاخْتَارَهُ وَحَكَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك فَلَا نَقْلَ فِيهَا وَكَثِيرًا مَا يُسْأَلُ عَنْهَا وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ فِيهَا أَنَّهُ إنْ قَدَّمَ غَيْرَ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَخَّرَهَا فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا طَلُقَتْ وَهَكَذَا أَقُولُ فِي إلَّا إنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا طَلُقَتْ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا قَالَ الشَّيْخُ الْقَفَّالُ إنْ قَالَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ طَلُقَتْ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَصِحُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ قَالَ الْقَفَّالُ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ طَالِقٌ إلَّا عَمْرَةَ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ سِوَاهَا طَلُقَتْ. اهـ. . (قَوْلُهُ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا) لَوْ ادَّعَى فِي الْمُشْتَرَكِ إرَادَةَ أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ قُبِلَ ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ) فَإِنَّ قَصْدَهُ تَصْدِيقُ نَفْسِهِ وَنَفْيُ التُّهْمَةِ وَأَنَّهُ مَا أَوْحَشَهَا بِإِدْخَالِ ضِرَّةٍ عَلَيْهَا وَمَنْعِهَا مِنْ سُؤَالِ الطَّلَاقِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 نِسَائِهِ (كَقَوْلِهِ) بَعْدَ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرَدْت إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (أَوْ) أَنَّك (طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ) أَرَدْت (إلَّا فُلَانَةَ بَعْدَ) قَوْلِهِ (كُلُّ امْرَأَةٍ) لِي طَالِقٌ (أَوْ نِسَائِي) طَوَالِقُ (دُيِّنَ) وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ لَفْظَ الْأَرْبَعَةِ وَنَحْوَهَا مِنْ الْأَعْدَادِ نَصٌّ فِي الْعَدَدِ الْمَعْلُومِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي بَعْضِهِ غَيْرُ مَفْهُومٍ بِخِلَافِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَوَلَدَتْ وَاحِدًا طَلُقَتْ بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (أَوْ) وَلَدَتْ (تَوْأَمَيْنِ مَعًا فَطَلْقَتَيْنِ) تَطْلُقُ (بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ أَيْضًا) لِأَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ وَكُلَّمَا تَقْضِي التَّكْرَارَ (فَلَوْ تَعَاقَبَا) بِأَنْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ (طَلُقَتْ) طَلْقَةً (بِوِلَادَةِ الْأَوَّلِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (لَا) طَلْقَةً أُخْرَى (بِالطُّهْرِ مِنْ) وِلَادَةِ (الثَّانِي لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ) أَيْ بِوَضْعِهِ (أَوْ) قَالَ لَهَا (كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ) لِلسُّنَّةِ (فَوَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ وَفِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ (فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَطْهُرَ) مِنْ النِّفَاسِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَطْلُقُ طَلْقَةً أُخْرَى وَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا إنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَطْهُرَ كَذَا ذَكَرُوهُ (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا) وَلَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ (لَا تَطْلُقُ لِانْقِضَاءِ عِدَّةِ) الطَّلَاقِ (الْمُتَجَزِّئَةِ) أَيْ بِوَضْعِ الْآخَرِ أَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا فَنَكَحَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ فَلَا تَقَعُ طَلْقَةٌ أُخْرَى بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ. (وَإِنْ قَالَ لِحَامِلٍ مِنْ زِنًا أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَالْحَمْلُ كَالْمَعْدُومِ) إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ (فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَمْسُوسَةٍ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَوْ) كَانَتْ (مَمْسُوسَةً وَلَمْ تَرَ الدَّمَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ النِّفَاسِ وَكَذَا) إنْ رَأَتْهُ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ (الْحَيْضِ إنْ عَلَّقَ وَهِيَ حَائِضٌ) كَالْحَائِلِ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ حَيْثُ يَقَعُ طَلَاقُهَا فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا إذْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ كَمَا مَرَّ. (وَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (بِصِيغَةِ الشَّكِّ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لَا فِي الْحَالَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا بَلْ (فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ الْيَقِينُ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَجِيءَ الْغَدُ وَهَذَا فِيمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَمَّا غَيْرُهَا فَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً سُنِّيَّةً) أَوْ حَسَنَةً (فِي دُخُولِ الدَّارِ كَإِذَا) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً سُنِّيَّةً أَوْ حَسَنَةً إذَا (دَخَلْت الدَّارَ) فَتَطْلُقُ إذَا دَخَلَتْهَا طَلْقَةً سُنِّيَّةً حَتَّى لَوْ كَانَتْ فِي حَيْضٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ أَوْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَوْ جَامَعَهَا فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ (قَالَهُ) إسْمَاعِيلُ (الْبُوشَنْجِيُّ وَإِنْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِالسُّنَّةِ وَهِيَ طَاهِرٌ فَادَّعَى جِمَاعَهَا فِيهِ) حَتَّى لَا تَطْلُقَ فِي الْحَالِ وَأَنْكَرَتْ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَكَمَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى وَالْعِنِّينُ جَامَعْت قَالَهُ الْبُوشَنْجِيُّ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ (وَ) قَوْلُهُ لَهَا (طَلَّقْتُك طَلَاقًا كَالثَّلْجِ أَوْ كَالنَّارِ يَقَعُ فِي الْحَالِ) وَيَلْغُو التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنْ قَصَدَ التَّشْبِيهَ بِالثَّلْجِ فِي الْبَيَاضِ وَبِالنَّارِ فِي الْإِضَاءَةِ طَلُقَتْ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ أَوْ التَّشْبِيهَ بِالثَّلْجِ فِي الْبُرُودَةِ وَبِالنَّارِ فِي الْحَرَارَةِ وَالْإِحْرَاقِ طَلُقَتْ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ. . [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ] [الْأَوَّلُ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ الْمُطَلِّقُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَهِيَ خَمْسَةٌ) (الْأَوَّلُ الْمُطَلِّقُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ التَّكْلِيفُ) وَالِاخْتِيَارُ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَمُخْتَارٍ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بَعْدَ الْأَهْلِيَّةِ لِفَسَادِ عِبَارَتِهِ وَلِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ وَسَيَأْتِي. (الرُّكْنُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ الْأَوَّلُ فِي اللَّفْظِ وَهُوَ) (صَرِيحٌ) وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ ظَاهِرُهُ غَيْرَ الطَّلَاقِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ (وَكِنَايَةٍ) وَهِيَ مَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ فَهِيَ (تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ فَالصَّرِيحُ الطَّلَاقُ وَالسَّرَاحُ) بِفَتْحِ السِّينِ (وَالْفِرَاقُ) وَالْخُلْعُ وَالْمُفَادَاةُ كَمَا تَقَدَّمَ لِاشْتِهَارِهَا فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ أَوْ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ) أَوْ مِنْ الْعَمَلِ. [فَصْلٌ قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ] (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا لَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْحَامِلَ مِنْ شُبْهَةٍ لَيْسَ طَلَاقُهَا سُنِّيًّا وَلَا بِدْعِيًّا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ طَلَاقَهَا لَا يَسْتَعْقِبُ شُرُوعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَحَدُّ الْبِدْعِيِّ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِدْعِيٌّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ التَّكْلِيفُ) قَدْ يُتَصَوَّرُ طَلَاقُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ فِيمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا فِي حَالِ التَّكْلِيفِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ إلَخْ) السَّكْرَانُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَلَكِنْ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ التَّكَالِيفِ كَمَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ الْمَجْنُونَ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعُقَلَاءِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِعَاقِلٍ وَهَذَا مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ السَّكْرَانَ مُكَلَّفٌ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ فِي حَالِ سُكْرِهِ بِالْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى مَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُ وَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ كَوْنِ السَّكْرَانِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ ظَاهِرًا وَاعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ وُقُوعُ حَجِّ الْمَجْنُونِ نَفْلًا. [الرُّكْنُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي لَفْظِ الطَّلَاقُ] (قَوْلُهُ فَالصَّرِيحُ الطَّلَاقُ وَالسَّرَاحُ وَالْفِرَاقُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الدَّارِمِيُّ قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا الطَّلَاقَ فَهُوَ صَرِيحُهُ حَسْبُ أَيْ وَالْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ كِنَايَةٌ لَهُ قَطْعًا وَنَحْوُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ فِي الْحِلْيَةِ لَوْ قَالَ عَرَبِيٌّ فَارَقْتُك وَلَمْ يَعْرِفْ عُرْفَ الشَّرْعِ الْوَارِدِ فِيهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا يُحَرِّمُ وَمَا قَالَاهُ ظَاهِرٌ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ إنَّ كُلَّ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ أَحْرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الصَّرِيحِ سَوَاءٌ كَانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 وَوُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ مَعَ تَكَرُّرِ بَعْضِهَا فِيهِ وَإِلْحَاقِ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهَا بِمَا تَكَرَّرَ بِجَامِعِ اسْتِعْمَالِهِمَا فِيمَا ذُكِرَ (كَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقٌ) بِالتَّشْدِيدِ (وَيَا طَالِقُ وَيَا مُطَلَّقَةُ) بِالتَّشْدِيدِ (أَمَّا مُطْلَقَةٌ بِالتَّخْفِيفِ فَكِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهَا الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ (وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ الطَّلَاقُ أَوْ طَلِقَةٌ أَوْ نِصْفُ طَلِقَةٍ أَمَّا أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ وَنِصْفُ طَالِقٍ فَصَرِيحٌ) لَيْسَ أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ بَلْ فِي السَّقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَ مِنْهَا صَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ وَاَلَّذِي فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ أَنَّ أَنْتِ لَك طَلِقَةٌ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْكَافِ صَرِيحٌ أَمَّا أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ فَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ كَأَنْتِ طَلِقَةٌ (وَالْفِعْلُ مِنْ لَفْظَيْ الطَّلَاقِ وَالسَّرَاحِ صَرِيحٌ) كَفَارَقْتُك وَسَرَّحْتُك فَهُمَا كَطَلَّقْتُك (وَالْمُشْتَقُّ مِنْهُمَا) كَمُفَارَقَةٍ وَمُسَرَّحَةٍ (كَالْمُشْتَقِّ مِنْ الطَّلَاقِ) أَيْ كَمُطَلَّقَةٍ (وَ) قَوْلُهُ (أَنْتِ وَطَلِقَةٌ أَوْ وَأَنْتِ وَالطَّلَاقُ) أَيْ قَرَنْت بَيْنَكُمَا (كِنَايَةٌ) وَلَا مَعْنًى لِلْوَاوِ وَالثَّانِيَةُ فِي أَوْ وَأَنْتِ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ مِنْ الْعَمَلِ وَسَرَّحْتُك إلَى كَذَا وَفَارَقْتُك فِي الْمَنْزِلِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (كِنَايَةٌ إنْ قَارَنَهُ الْعَزْمُ عَلَى الزِّيَادَةِ) الَّتِي أَتَى بِهَا (أَوْ تَوَسَّطَ) هـ (لَا إنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَقَالَ مِنْ وَثَاقٍ) أَوْ نَحْوَهُ فَلَا تَكُونُ كِنَايَةً بَلْ صَرِيحٌ فَتَأْثِيرُ النِّيَّةِ مَشْرُوطٌ بِالْإِتْيَانِ بِهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا يَأْتِي أَوَّلَ الْفَصْلِ الْآتِي. (وَتَرْجَمَةُ) لَفْظِ (الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ) لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي مَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْلِهَا شُهْرَةَ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَدَمِ صَرَاحَةٍ نَحْوِ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ عِنْدَ النَّوَوِيِّ بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ ذَاكَ وَإِنْ اشْتَهَرَ فِيهِ (وَ) تَرْجَمَةُ (صَاحِبَيْهِ) أَيْ الطَّلَاقُ وَهُمَا الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ (كِنَايَةٌ) كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي تَرْجَمَتِهِمَا الْوَجْهَانِ فِي تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ لَكِنْ بِالتَّرْتِيبِ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الصَّرَاحَةِ لِأَنَّ تَرْجَمَتَهُمَا بَعِيدَةٌ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فِي الطَّلَاقِ قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ أَظْهَرُ وَبِهِ أَجَابَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ هُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَعِبَارَةُ الرُّويَانِيِّ فِي حِلْيَتِهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا عِنْدِي وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ اخْتِيَارٌ لَهُمَا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَبِهِ جَزَمَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ فِي الْخُلْعِ عَنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَكَلَامُ الْمُحَرَّرِ يَقْتَضِيهِ وَقَدْ بَسَطَ الْأَذْرَعِيُّ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ فَالْمَذْهَبُ مَا فِي الْمُحَرَّرِ لَا مَا فِي الرَّوْضَةِ (وَ) قَوْلُهُ (أَلْقَيْت عَلَيْك طَلْقَةً صَرِيحٌ وَفِي وَضَعْت عَلَيْك) طَلْقَةً (أَوْ لَك طَلْقَةٌ) (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ لِوُجُودِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَضَمَّنْ إيقَاعًا. وَقَوْلُ الْقَائِلِ لَك هَذَا الثَّوْبُ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمِلْكِ وَيَحْتَمِلُ الْهِبَةَ وَقِيَاسٌ صَرَاحَةً أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي تَرْجِيحُ صَرَاحَةً وَضَعْت عَلَيْك طَلْقَةً وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ صَرَاحَةً لَك طَلْقَةٌ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كِنَايَةٌ.   [حاشية الرملي الكبير] عِنْدَنَا صَرِيحًا أَمْ كِنَايَةً وَكُلُّ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ كِنَايَةً أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْكِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا عِنْدَنَا لِأَنَّا نَعْتَبِرُ عُقُودَهُمْ فِي شِرْكِهِمْ بِمُعْتَقِدِهِمْ فَكَذَا إطْلَاقُهُمْ. اهـ. وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ التَّصْرِيحَ بِخِلَافِهِ وَلَا رِفَاقِهِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا حَكَمْنَا فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ بَيْنَهُمْ بِمَا نَحْكُمُ بِهِ بَيْنَنَا نَعَمْ لَا نَتَعَرَّضُ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَرَافُعٍ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ حَكَمْنَا فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) أَيْ وَأَنْتِ سَرَاحٌ أَوْ السَّرَاحُ أَوْ أَنْتِ أَطْلَقُ مِنْ امْرَأَةٍ فُلَانٍ وَامْرَأَةُ فُلَانٍ مُطَلَّقَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ نِصْفُ طَالِقٍ فَصَرِيحٌ) كَقَوْلِهِ نِصْفُك طَالِقٌ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ إنْ أَنْتِ لَك طَلْقَةٌ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْكَافِ إلَخْ) سَتَأْتِي هَذِهِ فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا (فَرْعٌ) فِي الْوَدَائِعِ لِابْنِ سُرَيْجٍ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ كُلَّ تَطْلِيقٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلطَّلَاقِ غَايَةً وَهَذِهِ غَايَتُهُ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْعَمَلِ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَعْمَلُ كَبَنَاتِ الْمُلُوكِ (قَوْلُهُ وَفَارَقْتُك فِي الْمَنْزِلِ كِنَايَةٌ) قَدْ ذَكَرُوا فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَقَالَ لِإِحْدَاهُنَّ فَارَقْتُك أَنَّهُ فَسْخٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ (قَوْلُهُ إنْ قَارَنَهُ الْعَزْمُ عَلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي أَتَى بِهَا) فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالزِّيَادَةِ وَنَوَاهَا قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الطَّلَاقِ دُيِّنَ فَإِنْ كَانَتْ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ قَالَهُ وَهُوَ يُحِلُّهَا مِنْ وَثَاقٍ قُبِلَ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ. (فَرْعٌ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَا كِدْت أَنْ أُطَلِّقَك فَهُوَ إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّفْيَ الدَّاخِلَ عَلَى كَادَ أَنْ لَا يُثْبِتَهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَأَخَذْنَاهُ بِهِ لِلْعُرْفِ. (قَوْلُهُ وَتَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ) سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ وَهُوَ لَا يُفَرِّقُ هُوَ وَلَا قَوْمُهُ بَيْنَ الطَّاءِ وَالتَّاءِ فَيَنْطِقُونَ بِالتَّاءِ مَكَانَ الطَّاءِ فَقَالَ أَنْت تَالِقٌ أَوْ التَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ وَالشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ وَالسِّرَاجُ الْعَبَّادِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعَصْرِيِّينَ وَقَاسُوهُ عَلَى تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ تَرْجَمَةَ الطَّلَاقِ مَوْضُوعَةٌ فِي لُغَةِ الْعَجَمِ لِلطَّلَاقِ فَلَمْ تَحْتَمِلْ غَيْرَهُ بِخِلَافِ التَّلَاقِ بِالتَّاءِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَإِذَا اُشْتُهِرَ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ يَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَحْوِهِ فَأَجَبْت بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمَذْكُورَةَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا إلَّا بِنِيَّةٍ وَقَدْ شَمِلَهَا قَوْلُهُمْ إذَا اُشْتُهِرَ فِي الطَّلَاقِ سِوَى الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ الصَّرِيحَةِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَفِي الْتِحَاقِهِ بِالصَّرِيحِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْمُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا. اهـ. وَيُؤَيِّدُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَا عِنْدَ نِيَّتِهِ أَنَّ حَرْفَ التَّاءِ قَرِيبٌ مِنْ مَخْرَجِ الطَّاءِ وَيُبْدَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الْوَالِدُ فِي " لَازِمٌ لِي، وَوَاجِبٌ عَلَيَّ " مَمْنُوعٌ. (قَوْلُهُ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَلَامٌ الصَّغِيرُ يَفْهَمُهُ وَالْفَرْقُ اشْتِهَارُ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي كُلِّ لُغَةٍ بِخِلَافِ لَفْظِ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ) هُوَ الْأَصَحُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 (فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْكِنَايَةِ نِيَّةٌ) بِالْإِجْمَاعِ (مُقَارِنَةٌ) لِلَّفْظِ. (وَلَوْ) كَانَتْ مُقَارِنَةً (لِبَعْضِ اللَّفْظِ) كَفِي وَالِاكْتِفَاءِ بِالْبَعْضِ وَلَوْ بِآخِرِهِ صَحِيحُهُ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا وَنَقَلَ فِي تَنْقِيحِهِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهَا لِأَوَّلِ اللَّفْظِ فَلَا يَكْفِي وُجُودُهَا بَعْدَهُ إذْ انْعِطَافُهَا عَلَى مَا مَضَى بَعِيدٌ بِخِلَافِ اسْتِصْحَابِ مَا وُجِدَ وَلِأَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ فِي أَوَّلِهِ عُرِفَ قَصْدُهُ مِنْهُ فَالْتَحَقَ بِالصَّرِيحِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ الْأُمِّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبِهِ الْفَتْوَى كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الشَّرْحَيْنِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ لَهُ أَنَّهُ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ اشْتِرَاطَ مُقَارَنَتِهَا لِجَمِيعِ اللَّفْظِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَاللَّفْظُ الَّذِي يُعْتَبَرُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ هُوَ لَفْظُ الْكِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ. فَمَثَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ لِقَرْنِهَا بِالْأَوَّلِ بِقَرْنِهَا بِالْبَاءِ مِنْ بَائِنٍ وَالْآخَرَانِ بِقَرْنِهَا بِالْخَاءِ مِنْ خَلِيَّةٍ لَكِنْ مَثَّلَ لَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ بِقَرْنِهَا بِأَنْتِ مِنْ أَنْتِ بَائِنٌ وَصَوَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْأَوَّلَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْكِنَايَاتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ جُعِلَتْ لِصَرْفِ اللَّفْظِ إلَى أَحَدِ مُحْتَمَلَاتِهِ وَالْمُحْتَمَلُ إنَّمَا هُوَ بَائِنٌ مَثَلًا وَأَمَّا أَنْتِ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمُخَاطَبِ لَكِنْ أَثْبَتَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ وَأَيَّدَ الِاكْتِفَاءَ بِهَا عِنْدَ أَنْتِ بِمَا إذَا أَوْقَعَ أَنْتِ زَمَنَ الطُّهْرِ وَطَالِقٌ زَمَنَ الْحَيْضِ فَإِنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ قَالَ يَكُونُ الطَّلَاقُ سُنِّيًّا وَيَحْصُلُ لَهَا قُرْءٌ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَنْتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ الْكِنَايَةِ فَهُوَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا لِأَنَّ مَعْنَاهَا الْمَقْصُودَ لَا يَتَأَدَّى بِدُونِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْكِنَايَةُ (كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ) وَ (بَرِيَّةٌ) أَيْ مِنِّي وَ (بَتَّةٌ) وَ (بَتْلَةٌ) أَيْ مَقْطُوعَةُ الْوَصْلَةِ وَ (بَائِنٌ) مِنْ الْبَيْنِ وَهُوَ الْفِرَاقُ. (وَحَرَامٌ وَلَوْ) مَعَ عَلَيَّ أَوْ (زَادَ) فِيهِ (أَبَدًا) فَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ صَرِيحًا لِأَنَّ التَّحْرِيمَ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ وَقَدْ يُظَنُّ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ بِالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ وَأَنْتِ (حُرَّةٌ) وَ (وَاحِدَةٌ) وَ (اعْتَدِّي) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِلْعِدَّةِ فِي الْجُمْلَةِ (وَتَسَتَّرِي) أَيْ لِأَنَّك حَرُمْت عَلَيَّ بِالطَّلَاقِ فَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَرَاك (وَاسْتَبْرِئِي زَوْجَك) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَ (الْتَحِقِي بِأَهْلِك) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك سَوَاءٌ أَكَانَ لَهَا أَهْلٌ أَمْ لَا وَ (حَبْلُك عَلَى غَارِبِك) أَيْ خَلَّيْت سَبِيلَك كَمَا يُخَلَّى الْبَعِيرُ فِي الصَّحْرَاءِ وَزِمَامُهُ عَلَى غَارِبِهِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الظَّهْرِ وَارْتَفَعَ مِنْ الْعِتْقِ لِيَرْعَى كَيْف شَاءَ (لَا أَنْدَهُ سَرْبَك) أَيْ لَا أَهْتَمُّ بِشَأْنِك لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَأَنْدَهُ أَزْجُرُ وَالسَّرْبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مَا يُرْعَى مِنْ الْمَالِ كَالْإِبِلِ وَذَكَرَ الْمُطَرِّزِيُّ أَنَّ السِّرْبَ بِكَسْرِ السِّينِ الْجَمَاعَةُ مِنْ الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ فَيَجُوزُ كَسْرُ السِّينِ هُنَا أَيْضًا (وَاعْزُبِي) بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ زَايٍ أَيْ تَبَاعَدِي عَنِّي. وَ (اُغْرُبِي) بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ أَيْ صِيرِي غَرِيبَةً بِلَا زَوْجٍ وَ (اذْهَبِي) أَيْ إلَى أَهْلِك لِأَنِّي طَلَّقْتُك (لَا اذْهَبِي إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ (إنْ نَوَاهُ بِمَجْمُوعِهِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ بَلْ هُوَ لِاسْتِدْرَاكِ مُقْتَضَى قَوْلِهِ اذْهَبِي فَإِنْ نَوَاهُ بِقَوْلِهِ اذْهَبِي وَقَعَ وَ (وَدَعِينِي) وَ (بَرِئْت مِنْك وَلَا حَاجَةَ لِي فِيك) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَ (تَجَرَّعِي) أَيْ كَأْسَ الْفِرَاقِ وَ (ذُوقِي) أَيْ مَرَارَتَهُ وَ (تَزَوَّدِي) أَيْ اسْتَعِدِّي لِلُّحُوقِ بِأَهْلِك فَقَدْ طَلَّقْتُك (وَيَا بِنْتِي إنْ أَمْكَنَ) كَوْنُهَا بِنْتَه وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَةِ لِلْمُلَاطَفَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ (وَتَزَوَّجِي) وَانْكِحِي أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَأَحْلَلْتُك) أَيْ لِلْأَزْوَاجِ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَرَدَدْت عَلَيْك الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ) هَذَا كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَإِنْ قَالَ رَدَدْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَكِنَايَةٌ فِي وَاحِدَةٍ (وَفَتَحْت عَلَيْك الطَّلَاقَ) أَيْ أَوْقَعْته وَفِي نُسْخَةٍ الطَّرِيقَ وَفِي أُخْرَى طَرِيقِي أَيْ لِلْوَصْلَةِ إلَى الْأَزْوَاجِ (وَلَعَلَّ اللَّهَ يَسُوقُ إلَيْك الْخَيْرَ) أَيْ بِالطَّلَاقِ (وَبَارَكَ اللَّهُ لَك) أَيْ فِي الْفِرَاقِ (لَا إنْ قَالَ) بَارَكَ اللَّهُ (فِيك) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بَارَكَ اللَّهُ لِي   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي كِنَايَةِ الطَّلَاق النِّيَّة] فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْكِنَايَةِ نِيَّةٌ) (قَوْلُهُ وَالِاكْتِفَاءُ بِالْبَعْضِ وَلَوْ بِآخِرِهِ صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُقُوعِ وَقَدْ قَارَنَتْهُ النِّيَّةُ (قَوْلُهُ لَكِنْ مَثَّلَ لَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ بِقَرْنِهَا بَانَتْ مِنْ أَنْتِ بَائِنٌ) مَعْلُومٌ أَنَّ نِيَّتَهُ بِبَائِنٍ طَالِقٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الطَّلَاقَ بِمَجْمُوعِ قَوْلِهِ اذْهَبِي إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَا يَحْتَمِلُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ أَثْبَتَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ وَأَيَّدَ الِاكْتِفَاءَ بِهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ فِيمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ النُّبَلَاءِ لِأَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ إنَّمَا قَالَ بِكَوْنِهِ سَيِّئًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِمَجْمُوعِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ بَلْ شَرَعَ فِي التَّطْلِيقِ حَالَةَ الطُّهْرِ فَلَمْ يَقْصِدْ تَطْوِيلَ الْعِدَّةِ وَلَا نِزَاعَ أَنَّ لِقَوْلِهِ أَنْتِ أَثَرًا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَلِذَلِكَ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ بِكَوْنِهِ سُنِّيًّا وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ قُرْءٌ فَبَعِيدٌ جِدًّا لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ اللَّفْظِ أَوْ مَعَ آخِرِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ إلَّا فِي حَالِ الْحَيْضِ وَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَقَعَ سُنِّيًّا (قَوْلُهُ وَبَائِنٌ) هِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ كَطَالِقٍ وَيَجُوزُ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ بَائِنَةٌ (قَوْلُهُ وَحَرَامٌ وَلَوْ زَادَ أَبَدًا إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَضَافَ إلَى قَوْلِهِ تَصَدَّقْت صَدَقَةً لَا تُبَاعُ أَوْ لَا تُوهَبُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ صَرَاحَتُهُ فِي الْوَقْفِ وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثَةِ فُرُوقٍ أَحَدُهُمَا أَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ مَحْصُورَةٌ بِخِلَافِ الْوَقْفِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ بَيْنُونَةٍ مُحَرَّمَةٍ لَا تَحِلُّ لِي أَبَدًا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالطَّلَاقِ بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَفْسُوخُ وَالزَّائِدُ فِي أَلْفَاظِ الْوَقْفِ يَخْتَصُّ بِالْوَقْفِ الثَّالِثِ تَصَدَّقْت بِكَذَا يَقْتَضِي زَوَالَ الْمِلْكِ وَلَهُ مَحْمَلَانِ مَحْمِلُ الصَّدَقَةِ الَّتِي تَحْتَمِلُ الْمِلْكَ وَمَحْمِلُ الصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ الْوَقْفُ فَالزِّيَادَةُ تُعَيِّنُ الْمَحْمَلَ الثَّانِي بِخِلَافِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ خَطَأٌ (قَوْلُهُ وَتَجَرَّعِي) أَمَّا جَرَّعْتنِي وَغَصِصْتنِي فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ (قَوْلُهُ وَأَحْلَلْتُك) أَوْ أَنْتِ أَوْلَى النَّاسِ بِنَفْسِك أَوْ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرِي فِيك أَوْ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك فِي أَوْ أَبْعَدَك اللَّهُ أَوْ أَحْلَلْت أُخْتَك لِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 فِيك وَهُوَ يَشْعُرُ بِرَغْبَتِهِ فِيهَا (وَوَهَبْتُك لِأَهْلِك أَوْ لِلنَّاسِ) أَوْ لِأَبِيك أَوْ لِلْأَزْوَاجِ أَوْ لِلْأَجَانِبِ فَهُوَ كِنَايَةُ. (وَكَذَا حَلَالُ اللَّهِ) أَوْ حِلُّ اللَّهِ (عَلَيَّ حَرَامٌ) أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (وَلَوْ تَعَارَفُوهُ طَلَاقًا) وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّ الصَّرِيحَ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقُرْآنِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ الْحُرُمُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ مَا فَعَلْت كَذَا (فَلَوْ حَلَفَ بِهِ وَلَهُ نِسَاءٌ فَحَنِثَ طَلُقَتْ إحْدَاهُنَّ) فَقَطْ (إنْ لَمْ يُرِدْ الْجَمِيعَ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ (فَلْيُعَيِّنْهَا) كَمَا لَوْ حَلَفَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ الْجَمِيعَ وَقَعَ عَلَيْهِنَّ (وَكُلِي) أَيْ زَادَ الْفِرَاقِ (وَاشْرَبِي) أَيْ شَرَابَهُ (لَا قُومِي وَأَغْنَاك اللَّهُ) وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ إلَّا بِتَعَسُّفٍ كَأَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاءَك وَمَا أَحْسَنَ وَجْهَك وَتَعَالِي وَاقْرُبِي وَاغْزِلِي وَاقْعُدِي. (وَالْعِتْقُ) أَيْ صَرَائِحُهُ (وَكِنَايَاتُهُ كِنَايَاتٌ) فِي الطَّلَاقِ كَعَكْسِهِ أَيْ كَمَا أَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ كِنَايَاتٌ فِي الْعِتْقِ لِمَا بَيْنَ مِلْكَيْ النِّكَاحِ وَالْيَمِينِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ (لَا) قَوْلُهُ (اعْتَدَّ وَاسْتَبْرِئْ رَحِمَك) إنْ قَالَهُ (لِلْعَبْدِ) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ الْعِتْقُ وَإِنْ نَوَاهُ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ (أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ خَلِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ) أَوْ نَحْوُهَا (فَكِنَايَةٌ) إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقُهَا وَقَعَ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا فَصَحَّ حَمْلُ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حِلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ فَاللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ كِنَايَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ لَيْسَ كِنَايَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحِلُّ النِّكَاحَ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالْعِتْقُ يُحِلُّ الرِّقَّ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا لَمْ تَقَعْ سَوَاءٌ أَنَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ أَمْ طَلَاقَ نَفْسِهِ أَمْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا لِأَنَّهُ إضَافَةٌ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحَلِّهِ وَتَصْوِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ لَفْظَةِ مِنْك وَكَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي عَدَمَ اعْتِبَارِهَا وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ وَلِهَذَا حَذَفَهَا الدَّارِمِيُّ (لَا اسْتَبْرِئِي رَحِمِي مِنْك) أَوْ أَنَا مُعْتَدٌّ مِنْك فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ لِاسْتِحَالَتِهِ فِي حَقِّهِ (وَالظِّهَارُ كِنَايَةٌ فِي عِتْقِ الْأَمَةِ) فَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَتْ لِأَنَّهُ لَا نَفَاذَ لِلظِّهَارِ فِيهَا كَمَا لَا نَفَاذَ لِلطَّلَاقِ فِيهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْ الْعِتْقِ (لَا فِي الطَّلَاقِ) إذْ لَيْسَ الظِّهَارُ كِنَايَةً فِيهِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ كِنَايَةً فِي الظِّهَارِ وَإِنْ احْتَمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لِمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ مِنْ إفَادَةِ التَّحْرِيمِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَنْفِيذُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَلَا يُشْكِلُ بِأَنْتِ حَرَامٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ نَفَذَ لِأَنَّ هَذَا صَرِيحُ اشْتِهَارٍ أَوْ مَا فِي الْقَاعِدَةِ صَرِيحٌ وَضْعًا عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ ظِهَارًا) (وَقَعَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَجَازَ أَنْ يُكَنِّيَ عَنْهُ بِالْحَرَامِ (وَلَوْ نَوَاهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ تَخَيَّرَ) وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُزِيلُ النِّكَاحَ وَالظِّهَارَ يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ وَقِيلَ إنْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ الظِّهَارَ أَوَّلًا صَحَّا مَعًا أَوْ الطَّلَاقَ أَوَّلًا وَكَانَ بَائِنًا فَلَا مَعْنَى لِلظِّهَارِ بَعْدَهُ أَوْ رَجْعِيًّا كَانَ الظِّهَارُ مَوْقُوفًا فَإِنْ رَاجَعَهَا فَهُوَ صَحِيحٌ وَالرَّجْعَةُ عَوْدٌ وَإِلَّا فَهُوَ لَغْوٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ. لَكِنْ رَجَّحَ فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْأَصْلُ ذِكْرًا وَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ تَعَاقُبِ الْبَيِّنَتَيْنِ مُؤَيِّدٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِقَرْنِ النِّيَّةِ لِبَعْضِ اللَّفْظِ (أَوْ) نَوَى (تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا) أَوْ فَرْجِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ رَأْسِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَطْلَقَ ذَلِكَ أَوْ أَقَّتَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَكُلِي وَاشْرَبِي إلَخْ) وَكُلِي وَاشْرَبِي مِنْ كِيسِك فَإِنَّك قَدْ طَلُقْت. (قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ وَكِنَايَاتُهُ كِنَايَاتٌ فِي الطَّلَاقِ كَعَكْسِهِ) لَوْ وَكَّلَ سَيِّدُ الْأَمَةِ زَوْجَهَا فِي عِتْقِهَا أَوْ عَكْسِهِ فَطَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ مَعًا وَقَعَا وَيَصِيرُ كَإِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ تَوَقَّفْت فِي كَوْنِ كَثِيرٍ مِنْهَا كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ لِلَّهِ وَيَا مَوْلَايَ وَيَا مَوْلَاتِي وَإِذَنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا أَطْلَقُوهُ هُنَا عَلَى إرَادَةِ الْغَالِبِ لَا أَنَّ كُلَّ كِنَايَةٍ هُنَاكَ كِنَايَةٌ هُنَا (قَوْلُهُ لَا أَعْتَدُّ وَاسْتَبْرِ رَحِمَك لِلْعَبْدِ) قَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ الْحُسْبَانِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِهَذَا مَا لَوْ قَالَ تَقَنَّعْ أَوْ تَسَتَّرْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُخَاطَبُ بِهِ عَادَةً لِبُعْدِهِ عَنْ الْمُرَادِ وَلَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ فَوَجْهَانِ وَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُمَا بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَمَةُ مَوْطُوءَةً فَإِنْ كَانَتْ كَانَ ذَلِكَ كِنَايَةً قَطْعًا وَأَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ كَالْمَيْتَةِ أَوْ كَالْخِنْزِيرِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ خِدْمَتُك عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلَهُ تَجَرَّعِي وَذُوقِي فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَلَا يَجْرِي فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ إلَّا إذَا كَانَ مُرَادُهُ دَوَامَ الْمِلْكِ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ كِنَايَةً (قَوْلُهُ وَتَصْوِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي اعْتِبَارُ لَفْظَةِ مِنْك) وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّهُ إذَا حُذِفَ لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ مَذْكُورًا وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى نِيَّتِهِ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا قَالَ طَالِقٌ وَنَوَى أَنْتِ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الزَّوْجَةِ إنْ وَقَوْلُ الزَّوْجِ طَلَّقْت نَفْسِي كَقَوْلِهِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَإِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ وَقَصَدَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ فَيُعَيِّنُ. [فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ ظِهَارًا] (فَصْلٌ قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ) (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ الظِّهَارَ أَوَّلًا صَحَّا مَعًا إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ هَذَا التَّفْصِيلُ فَاسِدٌ عِنْدِي لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ إذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّصَرُّفَاتُ لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ بِإِرَادَتِهِمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ اهـ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمِنْهَاجِ وَلِذَا أَطْلَقَ الْإِرْشَادُ كَأَصْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ نَوَاهُمَا مَعًا فَمَعْنَاهُ جَمِيعًا لِيُوَافِقَ إطْلَاقَ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَا الْمَعِيَّةَ الْمُقَابِلَةَ لِلتَّرْتِيبِ صَوْنًا لِكَلَامِهِ عَنْ الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ أَوْ تَحْرِيمُ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا كُرِهَ وَلَمْ تَحْرُمْ إلَخْ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 (كُرِهَ) لِإِيجَابِهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْكَرَاهَةُ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي الظِّهَارِ (وَلَمْ تَحْرُمْ) هِيَ عَلَيْهِ لِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ إنِّي جَعَلْت امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامًا فَقَالَ كَذَبْت لَيْسَتْ عَلَيْك حَرَامًا ثُمَّ تَلَا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ} [التحريم: 1] (وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَطَأْ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ «مَارِيَةَ لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1] {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] » أَيْ أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ كَفَّارَةً كَكَفَّارَةِ أَيْمَانِكُمْ (وَلَيْسَ ذَلِكَ يَمِينًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ (وَكَذَا) يُكْرَهُ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ يَمِينًا (إذَا لَمْ يَنْوِ) بِهِ (شَيْئًا) لِعُمُومِ مَا مَرَّ وَشُمُولِ كَلَامِهِ لِمَا عَدَا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ) (قَالَ أَرَدْت بِهِ الْيَمِينَ مِنْ الْوَطْءِ) أَيْ عَلَى تَرْكِهِ (لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ) إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِأَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ (وَلَوْ) (حَرَّمَ) الشَّخْصُ (غَيْرَ الْإِبْضَاعِ) كَأَنْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ أَوْ الْعَبْدُ حَرَامٌ عَلَيَّ (فَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِبْضَاعِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالِاحْتِيَاطِ وَلِشِدَّةِ قَبُولِهَا التَّحْرِيمَ بِدَلِيلِ تَأْثِيرِ الظِّهَارِ فِيهَا دُونَ الْأَمْوَالِ وَكَالْأَمْوَالِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ لَيْسَ بِزَوْجَةٍ وَلِأَمَةٍ لَهُ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ. وَأَمَّا الْأَمَةُ فَقَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ) لِقِصَّةِ مَارِيَةَ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَأُخْتِهِ لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ (وَفِي) وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ (الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهَا) كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ (وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِي زَوْجَةٍ أَحْرَمَتْ أَوْ اعْتَدَّتْ بِشُبْهَةٍ) أَحَدُهُمَا لَا لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا وَثَانِيهِمَا نَعَمْ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِاسْتِبَاحَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ وَجَزَمَ الرُّويَانِيُّ بِالْأَوَّلِ فِي أَمَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْقَاضِي بِهِ فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ (وَلَا كَفَّارَةَ) بِذَلِكَ (فِي رَجْعِيَّةٍ) لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا (وَوَجَبَتْ فِي حَائِضٍ وَصَائِمَةٍ وَنَحْوِهَا) كَنُفَسَاءَ وَمُصَلِّيَةٍ لِأَنَّهَا عَوَارِضُ سَرِيعَةُ الزَّوَالِ فَإِنْ أَرَادَ تَحْرِيمَ وَطْئِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (هَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ الْمَذْكُورَةِ (إذَا نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِ الْأَمَةِ) أَوْ نَحْوِ عَيْنِهَا مِمَّا مَرَّ (أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى عِتْقًا نَفَذَ) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِ (أَوْ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَغَا) لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِي حَقِّ الْأَمَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ (حَرَّمَ كُلَّ مَا يَمْلِكُ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَتَكْفِيه) كَفَّارَةٌ (وَاحِدَةٌ) كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ جَمَاعَةً فَكَلَّمَهُمْ وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَمَا نَقَلَهُ فِي الظِّهَارِ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ فِي هَذِهِ ضَعِيفٌ وَلِهَذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ (وَلَوْ حَرَّمَ زَوْجَتَهُ مَرَّاتٍ) كَأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (فِي مَجْلِسٍ كَفَاهُ كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ (وَكَذَا) فِي (مَجَالِسَ وَنَوَى التَّأْكِيدَ لَا) إنْ نَوَى (الِاسْتِئْنَافَ) فَلَا يَكْفِيه كَفَّارَةٌ بَلْ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَرَّاتِ وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَوْ نَوَاهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ خِلَافَهُ (فَإِنْ أَطْلَقَ فَقَوْلَانِ) أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ التَّعَدُّدِ كَمَا فِي تَكَرُّرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَ) قَوْلُهُ لَهَا (أَنْت حَرَامٌ) (كِنَايَةٌ) فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ (إنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ) فَإِنْ قَالَهَا فَهُوَ صَرِيحٌ. (فَرْعٌ لَوْ) (قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ) أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (فَكَقَوْلِهِ) أَنْتِ (حَرَامٌ عَلَيَّ) فِيمَا مَرَّ وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِمَا عَدَا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ فِيمَا إذَا نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ أَطْلَقَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا تَرْجِيحُ لُزُومِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ وَعَنْ الْإِمَامِ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (لَا إنْ قَصَدَ) بِهِ (الِاسْتِئْنَافَ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. [فَرْعٌ لَا يَلْحَقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ] (فَرْعٌ) (لَا يَلْحَقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ) الطَّلَاقَ (وَلَا قَرِينَةٌ) مِنْ غَضَبٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ خِلَافَ مَا تُشْعِرُ بِهِ الْقَرِينَةُ وَاللَّفْظُ فِي نَفْسِهِ مُحْتَمِلٌ (وَلَا) يَلْحَقُهَا بِهِ (مُوَاطَأَةٌ كَالتَّوَاطُؤِ عَلَى جَعْلِ) قَوْلِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَطَلَّقْتُك) كَأَنْ قَالَ مَتَى قُلْت لِامْرَأَتِي أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنِّي أُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا (بَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءً) أَيْ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ بِهِ لِاحْتِمَالِ تَغْيِيرِ نِيَّتِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا مُوَاطَأَةَ إلَى آخِرِهِ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ (وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْأَصْحَابُ (إنَّ) قَوْلَهُ   [حاشية الرملي الكبير] الْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّشْرِيكُ هُنَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ لَا يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ اتِّفَاقًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ طَلُقَتْ وَلَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَحْرُمْ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ) وَإِنْ اشْتَهَرَ لَفْظُ الْحَرَامِ فِي الطَّلَاقِ وَاللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ حِلُّ الْوَطْءِ عَلَى إخْرَاجِهَا كَمَا يَتَوَقَّفُ الْوَطْءُ فِي الظِّهَارِ وَعَلَى التَّكْفِيرِ وَالْفَرْقُ غِلَظُ حُرْمَةِ الظِّهَارِ فَإِنَّ النُّطْقَ بِهِ حَرَامٌ وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ الْكَبَائِرِ وَأَمَّا النُّطْقُ بِالتَّحْرِيمِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ (قَوْلُهُ وَكَالْأَمْوَالِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ) شَمِلَ الْمُسْتَوْلَدَةَ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَبْرَأَةُ) أَيْ وَالْمُكَاتَبَةُ (قَوْلُهُ أَوْ اعْتَدَّتْ بِشُبْهَةٍ) أَيْ أَوْ ارْتَدَّتْ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا لِصِدْقِهِ فِي وَضْعِهَا) هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِي حَقِّ الْأَمَةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُمْهُورُ وَإِنْ قَالَ الرِّيمِيُّ فِي نِيَّةِ الظِّهَارِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا. [فَرْعٌ حَرَّمَ عَلَى نَفْسه كُلَّ مَا يَمْلِكُ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ] (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَوْ نَوَاهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ التَّعَدُّدِ) هُوَ الْأَصَحُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 (أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ صَرِيحٌ فِي الْكَفَّارَةِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَعْنَى لُزُومِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ لَيْسَ لُزُومُهَا مَعْنًى لِلَّفْظِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِهِ (فَإِنْ) (ادَّعَتْ) فِي تَلَفُّظِهِ بِكِنَايَةِ (نِيَّتِهِ) لِلطَّلَاقِ (فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ (حُكِمَ بِالطَّلَاقِ) فَرُبَّمَا كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ ثُمَّ جَحَدَ أَوْ اُعْتُمِدَتْ قَرَائِنُ يَجُوزُ الْحَلِفُ بِمِثْلِهَا. [فَصْلٌ مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي الطَّلَاق مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ] (فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (لَمْ يَبْقَ بَيْنِي وَبَيْنَك شَيْءٌ وَبَيْعٌ) (الطَّلَاقُ) لَهَا (بِصِيغَتِهِ) أَيْ الْبَيْعُ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ (بِلَا عِوَضٍ) أَوْ بِعِوَضٍ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْخُلْعِ (أَوْ) قَوْلُهُ (أَبْرَأْتُك أَوْ عَفَوْت عَنْك أَوْ بَرِئْت مِنْ نِكَاحِك أَوْ بَرِئْت إلَيْك مِنْ طَلَاقِك) (كِنَايَةٌ) وَمَعْنَاهُ فِي الْآخِرَةِ تَبَرَّأْت مِنْك بِوَاسِطَةِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْك (لَا) قَوْلُهُ (بَرِئْت مِنْ طَلَاقِك) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَاهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ إيقَاعُهُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِهِ بَرِئْت مِنْ عُهْدَتِهِ أَوْ مِنْ سَبَبِ إيقَاعِهِ فَإِنَّ سَبَبَهُ مِنْك. (وَقَوْلُهُ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ لَا فَرْضٌ) عَلَيَّ (صَرِيحٌ) لِلْعُرْفِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي الثَّالِثِ قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُزَنِيّ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَهُوَ كِنَايَةٌ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ صَرِيحٌ وَهُوَ الْأَوْجَهُ بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْحَقُّ فِي هَذَا الزَّمَنِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ فَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ. (وَ) قَوْلُهُ (طَلَّقَك اللَّهُ وَأَعْتَقَك اللَّهُ وَأَبْرَأَك اللَّهُ لِزَوْجَتِهِ) فِي الْأُولَى (وَأَمَتِهِ) فِي الثَّانِيَةِ وَغَرِيمِهِ فِي الثَّالِثَةِ (صَرِيحٌ) فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْإِبْرَاءِ إذْ لَا يُطَلِّقُ اللَّهُ وَلَا يُعْتِقُ وَلَا يُبْرِئُ إلَّا وَالزَّوْجَةُ طَالِقٌ وَالْأَمَةُ مُعْتَقَةٌ وَالْغَرِيمُ بَرِيءٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ بَاعَك اللَّهُ وَأَقَالَك كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ وَيُعْرَفُ بِأَنَّ الصِّيَغَ هُنَا قَوِيَّةٌ لِاسْتِقْلَالِهَا بِالْمَقْصُودِ بِخِلَافِ صِيغَتَيْ الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ. (وَ) قَوْلُهُ (طَلَاقُك عَلَيَّ وَلَسْت زَوْجَتِي) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (كِنَايَةٌ) وَفَارَقَ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ عَلَى قَوْلِ الصَّيْمَرِيِّ بِاحْتِمَالِهِ طَلَاقُك فَرْضٌ عَلَيَّ مَعَ عَدَمِ اشْتِهَارِهِ بِخِلَافِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ (وَيَقَعُ بِأَنْتِ طَالِقَانِ وَطَوَالِقُ طَلْقَةٌ) فَقَطْ (وَكَذَا) يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ (أَنْت طَالِقٌ بِالتَّرْخِيمِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ (وَقِيلَ لَا يَقَعُ بِهِ وَإِنْ نَوَى وَإِنْ قَالَ ذُو زَوْجَةٍ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْت طَلُقَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ) لِأَنَّهُ يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك وَسِوَاك) أَيْ أَوْ سِوَاك (طَالِقٌ) فَلَا تَطْلُقُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَوَجْهُهُ أَنَّ إلَّا أَصْلُهَا الِاسْتِثْنَاءُ فَلَزِمَ الِاسْتِغْرَاقُ إذْ هُوَ إخْرَاجٌ بَعْدَ إدْخَالٍ، وَغَيْرُ وَنَحْوُهَا أَصْلُهُمَا الصِّفَةُ فَيَكُونُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُغَايَرَةِ لِلْمُخَاطَبَةِ فَقَطْ وَسَوَّى السُّبْكِيّ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهِ فَقَالَ الَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ قَدَّمَ غَيْرَ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَخَّرَهَا طَلُقَتْ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي إلَّا فَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ طَلُقَتْ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهَا مُسْتَنِدًا إلَى كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَكَلَامُ الْخُوَارِزْمِيَّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهَا وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ (وَبِخِلَافِ قَوْلِهِ لِنِسْوَةٍ هِيَ) أَيْ زَوْجَتُهُ (فِيهِنَّ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ إلَّا هَذِهِ) وَأَشَارَ إلَيْهَا أَوْ إلَّا زَوْجَتِي فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُنَّ وَاسْتَثْنَى زَوْجَتَهُ. (وَقَوْلُهُ بِطَلَاقِك لَأَفْعَلَنَّ) كَذَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ] قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي) أَيْ أَوْ يَلْزَمُنِي وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغُلَامِهِ اعْمَلْ الشُّغْلَ الْفُلَانِيَّ فَقَالَ لَا أُحْسِنُهُ فَقَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَنَّك تَعْرِفُ أَيْنَ يَسْكُنُ إبْلِيسُ فَإِنْ قَصَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْغُلَامَ حَاذِقٌ فَطِنٌ نَبِيهٌ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ الْأُمُورُ الْعُرْفِيَّةُ غَالِبًا يَقَعُ طَلَاقُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ إلَخْ) قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا إلَّا أَنْ يَسْبِقَنِي الْقَضَاءُ وَالْقَدْرُ ثُمَّ فَعَلَهُ وَقَالَ أَرَدْت إخْرَاجَ مَا يُقَدَّرُ مِنْهُ عَنْ الْيَمِينِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا تَطْلُقُ وَقَوْلُهُ أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي صَرِيحٌ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ أَلْزَمْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك فِرَاقِي أَوْ طَلَاقِي كَانَ صَرِيحًا (قَوْلُهُ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ صَرِيحٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ) وَلِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ النَّقْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فس. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ سَائِرُ زَوْجَاتِهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَإِنْ كَانَ وَضْعُ اللُّغَةِ يَقْتَضِي الطَّلَاقَ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الثَّلَاثِ وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعُمُومِ قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ قَالَ وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلَاقٌ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ التَّعْلِيقَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ فَإِنْ نَوَاهُ بِهِ وَقَعَ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ بَيْنَ جَرِّ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَعَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي تَمْهِيدِهِ مَا يَعْتَادُهُ النَّاسُ فِي الْعِتْقِ حَيْثُ يَقُولُونَ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَثِيرًا مَا يَنْطِقُونَ بِهِ مَجْرُورًا مَقْسَمًا بِهِ فَيَقُولُونَ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ بِزِيَادَةِ وَاوِ الْقَسَمِ وَذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنَّ مَدْلُولَ ذَلِكَ هُوَ الْقَسَمُ بِهِمَا فِي حَالِ لُزُومِهَا فَتَأَمَّلْهُ وَهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلْقَسَمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَضْلًا عَنْ التَّقْيِيدِ ثُمَّ تَكَرُّرِ السُّؤَالِ لَهُ عَنْ قَوْلِك مَثَلًا الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا مِنْ غَيْرِ وَاوِ الْقَسَمِ بَلْ وَعَنْ قَوْلِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي فَقَطْ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ مُطْلَقًا أَوْ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ ثُمَّ أَلْحَقَ بِخَطِّهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَيُوَجَّهُ بِأَنْ يَلْزَمُنِي مُسْتَعْمَلٌ فِي الْحَالِ لِلْعُرْفِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَقَعُ بِهِ وَإِنْ نَوَى) أَيْ لِأَنَّ التَّرْخِيمَ لَا يَقَعُ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ إلَّا نَادِرًا فِي الشِّعْرِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ) لَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُ الْقَفَّالِ وَالْخُوَارِزْمِيّ عَلَى تَصْوِيرٍ وَاحِدٍ ع (قَوْلُهُ فَقَالَ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ بِطَلَاقِك لَأَفْعَلَنَّ كَذَا) إذَا قَالَ وَالطَّلَاقِ لَا أَفْعَلُ كَذَا بِالْجَرِّ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَهُ ر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 (أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك وَلَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ لَغْوٌ) أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ حِينَ التَّعْلِيقِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَيْسَ بِكَلَامٍ وَيُفَارِقُ وُقُوعَهُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ بِحُصُولِ الْإِفْهَامِ بِهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَكَذَا) يَلْغُو قَوْلُهُ (أَنْت طَالِقٌ أَوْ لَا) بِإِسْكَانٍ لِوَاوٍ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِفْهَامٌ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ هَلْ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (إنْشَاءً) لِلطَّلَاقِ (فَتَطْلُقُ) وَلَا يُؤَثِّرُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ أَوْ لَا وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَ كَأَصْلِهِ الْمَسْأَلَةَ كُلَّهَا فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فَهِيَ مُكَرَّرَةٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُوَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ طَلُقَتْ. (وَإِنْ نُسِبَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِ أُمِّهَا فَقَالَ) زَوْجُهَا (بِنْتُ فُلَانٍ طَالِقٌ وَنَوَاهَا طَلُقَتْ) وَلَا يَضُرُّ التَّجَوُّزُ فِي نِسْبَتِهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ النِّكَاحِ (وَإِلَّا فَلَا) تَطْلُقُ (وَلَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ) إنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَمَا وَقَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ اسْتَنَدَ فِيهِ إلَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمْ وَالْأَصَحُّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ الْأَوَّلُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ. (وَلَيْسَ) قَوْلُهُ (بَانَتْ مِنِّي امْرَأَتِي أَوْ حَرُمَتْ عَلَيَّ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ) فَيَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ (وَإِنْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ مُدَّةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ فَسَّرَ الْكِنَايَةَ بِالطَّلَاقِ لِيَرْفَعَ الثَّلَاثَ) أَيْ وُقُوعَهَا لِمُصَادِفَتِهَا الْبَيْنُونَةَ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ أَيْ تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى مُدَّةٍ. (وَإِنْ قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ) زَيْنَبَ (غَيْرَ زَوْجَتِهِ قُبِلَ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْقَبُولِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ وَقَالَ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ إنَّهُ الصَّحِيحُ الَّذِي عِلِّيّه الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا إنْ سَبَقَ اسْتِدْعَاؤُهَا) بِأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت زَيْنَبَ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت زَيْنَبَ غَيْرَهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ لِدَلَالَةِ الْحَالِ (وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ أَنَّ سُؤَالَ الْمَرْأَةِ لَا يُلْحِقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ) وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ زَيْنَبَ لَيْسَ كِنَايَةً عَنْ الزَّوْجَةِ وَإِنَّمَا هُوَ صَرِيحٌ فِيهَا وَالْإِبْهَامُ إنَّمَا حَصَلَ بِتَسْمِيَةِ غَيْرِهَا بِاسْمِهَا فَهُوَ كَالْمُشْتَرَكِ يَنْصَرِفُ إلَى أَحَدِ مُسَمَّيَاتِهِ بِالْقَرِينَةِ نَعَمْ قَدْ يُنَازَعُ فِي أَنَّ الْقَرِينَةَ هُنَا تَقْتَضِي طَلَاقَ زَوْجَتِهِ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ طَلَّقْتُك إلَى طَلَّقْت زَيْنَبَ يُشْعِرُ بِإِرَادَةِ غَيْرِهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَرَادَهُ سَوَاءٌ أَسَبَقَ سُؤَالُهَا أَمْ لَا فَتَطْلُقُ ثُمَّ التَّنَاقُضُ الْمُشَارُ إلَيْهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ الَّتِي شُرِحَتْ عَلَيْهَا تَبَعًا لِأَصْلِهَا أَمَّا عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مِنْ تَرْكِهِ قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ زَيْنَبُ إلَى آخِرِهِ فَلَا تَنَاقُضَ. (وَقَوْلُهُ لِلْوَلِيِّ زَوِّجْهَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ) بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَهَا تُزَوِّجِي أَوْ انْكِحِي لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ وَطَالِقٌ فَلْيُفَسَّرْ الْأَوَّلُ) أَيْ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى تَفْسِيرِهِ وَلَا يُجْعَلُ الثَّانِي تَفْسِيرًا لَهُ. (وَإِنْ) كَرَّرَ كِنَايَةً كَأَنْ (قَالَ اعْتَدِّي نَاوِيًا) بِهِ الطَّلَاقَ (وَكَرَّرَهُ غَافِلًا عَنْ التَّأْكِيدِ وَالِاسْتِئْنَافِ فَعَلَى أَيِّهِمَا يُحْمَلُ؟ قَوْلَانِ) أَوْجَهُهُمَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ فَإِنْ نَوَى التَّأْكِيدَ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ الِاسْتِئْنَافُ فَثِنْتَانِ إنْ كَرَّرَ مَرَّةً وَإِلَّا فَثَلَاثٌ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَلْفَاظُ) وَنَوَى الطَّلَاقَ (تَعَدَّدَ) بِعَدَدِهَا وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ عَنْ جَدِّهِ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُخَالِفٌ لِلرَّاجِحِ فِي اخْتِلَافِ الصَّرَائِحِ مِنْ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا لَوْ اتَّفَقَتْ وَلَعَلَّ مَا قَالَهُ شُرَيْحٌ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ فِي اخْتِلَافِ الصَّرَائِحِ. (وَلَوْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْ امْرَأَتَك فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ فِي الْأُولَى وَالتَّفْوِيضِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ وَلَا دَلَالَةٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ امْرَأَتِي وَنَوَى الطَّلَاقَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ كَانَ أَبَوَا زَوْجَتَيْهِ) مُسَمَّيَيْنِ (مُحَمَّدَيْنِ وَغَلَبَ عَلَى إحْدَاهُمَا) عِنْدَ النَّاسِ (زَيْدٌ فَقَالَ بِنْتُ مُحَمَّدٍ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) بِنْتُ مُحَمَّدٍ مُعَيَّنًا (حَتَّى يُرِيدَ نَفْسَهُ) أَيْ الْمُعَيَّنَ فَتَطْلُقُ بِنْتُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي اسْمِ الشَّخْصِ بِتَسْمِيَةِ أَبَوَيْهِ لَا بِتَسْمِيَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ إلَخْ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتِ فِي أَوَّلِ الطَّلَاقِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ نُسِبَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِ أُمِّهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا ابْنَةُ غَيْرِهِ أَمَّا إذَا كَانَ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهَا ابْنَةُ مَنْ اُشْتُهِرَ نَسَبُهَا إلَيْهِ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا كَمَا لَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي أَوْ طَلَّقْت نِسَاءَ الْعَالَمِينَ وَزَوْجَتِي لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ طَلَاقَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ حَتَّى يَصِحَّ الْعَطْفُ. (قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ أَرَدْت الْإِخْبَارَ بِأَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَعَرَفَ ذَلِكَ الطَّلَاقَ ثُمَّ رَأَيْت مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْقَاضِي الطَّبَرِيِّ قَالَ الدَّارَكِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْيَزِيِدِيّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ فَسَمَّى امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَجْنَبِيَّةً اسْمُهَا اسْمُ امْرَأَتِهِ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجِهَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ فُلَانَةُ امْرَأَتِي أَوْ طَلَّقْت فُلَانَةَ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْقَبُولِ إلَخْ) لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ وَاسْمُهَا فَاطِمَةُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت فَاطِمَةَ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت فَاطِمَةَ أُخْرَى طَلُقَتْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِدَلَالَةِ الْحَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت فَاطِمَةَ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت فَاطِمَةَ أُخْرَى قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ. (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لِلْوَلِيِّ زَوِّجْهَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَسْلِيطَ الْوَلِيِّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا. (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ) هُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ تَعَدَّدَ بِعَدَدِهَا) أَيْ إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ. (قَوْلُهُ فَتَطْلُقُ بِنْتُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) يُتَّجَهُ تَحْلِيفُهُ عِنْدَ طَلَبِ الْأُخْرَى ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 النَّاسِ وَقَدْ تَتَعَدَّدُ الْأَسْمَاءُ (وَلَوْ قِيلَ لِزَيْدٍ يَا زَيْدُ فَقَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت) زَيْدًا (غَيْرِي قُبِلَ) مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ فَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ إذَا أَرَادَ نَفْسَهُ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا وَهُوَ مَنْقُولُ الْأَصْلِ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا رَجَّحَهُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْلُق إلَّا عِنْدَ إرَادَتِهِ نَفْسَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ إلَّا حِينَئِذٍ وَلِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الْقَبُولِ فِي مَسْأَلَةِ زَيْنَبَ السَّابِقَةِ (وَلَوْ قِيلَ) لَهُ (أَطَلَّقْت) امْرَأَتَك (فَقَالَ) لِلْقَائِلِ (اعْلَمْ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَعْلَمَ وَلَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْعِلْمُ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي قَبْلَ التَّدْبِيرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْت تَعْلَمُ أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي بِيَدِي حُرٌّ حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقُولُ لَهُ عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَمَّ مُعَلَّقٌ بِاعْتِرَافِهِ بِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ) لِفُقَهَاءَ (اُكْتُبُوا لَهَا ثَلَاثًا فَفِي كَوْنِهِ كِنَايَةً تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِأَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ أَحَدُهُمَا لَا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِعْلُ الْكَاتِبِ وَلَمْ يُفَوِّضْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ إلَيْهِ حَتَّى يَقَعَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُ وَثَانِيهِمَا وَهُوَ أَقْرَبُ نَعَمْ بِتَقْدِيرِ اُكْتُبُوا لَهَا ثَلَاثًا لِأَنِّي طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا (وَقَوْلُهُ أَنْت كَذَا أَوْ كَمَا أُضْمِرَ أَوْ امْرَأَتِي الْحَاضِرَةُ طَالِقٌ وَكَانَتْ غَائِبَةً لَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَاهُ إذْ لَا إشْعَارَ لِلْأَوَّلَيْنِ بِالْفُرْقَةِ وَلَا لِلثَّالِثِ بِهَا فِي الْغَائِبَةِ. (وَلَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَيَّنَ نَفْسَهُ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُعَبِّرُ بِغَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا لَمْ يَقَعْ (وَقَوْلُهُ) لِابْنِهِ الْمُكَلَّفِ (قُلْ لِأُمِّك أَنْت طَالِقٌ) وَلَمْ يُرِدْ التَّوْكِيلَ (يَحْتَمِلُ التَّوْكِيلَ) فَإِذَا قَالَهُ لَهَا طَلُقَتْ كَمَا تَطْلُقُ بِهِ لَوْ أَرَادَ التَّوْكِيلَ (وَ) يَحْتَمِلُ (الْإِخْبَارَ) أَيْ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَيَكُونُ الِابْنُ مُخْبِرًا لَهَا بِالْحَالِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُدْرَكُ التَّرَدُّدِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ إنْ جَعَلْنَاهُ كَصُدُورِ الْأَمْرِ مِنْ الْأَوَّلِ كَانَ الْأَمْرُ بِالْإِخْبَارِ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْبَارِ مِنْ الْأَبِ فَيَقَعُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَبِالْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَفْسِرَ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ عَمِلَ بِالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ بَلْ بِقَوْلِ الِابْنِ لِأُمِّهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ. (وَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ) فِي الطَّلَاقِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْوَكَالَةَ) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يُطَلِّقُ لِمُوَكِّلِهِ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي أَوَاخِرِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ بِأَنْ لَا يَقُولَ طَلَّقْتهَا عَنْ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الدِّيَاتِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَكِيلُ الْمُقْتَصِّ قَتَلْته بِشَهْوَةِ نَفْسِي لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ كَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ لَا يَقَعُ إلَّا لِمُوَكِّلِهِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ (وَإِنْ قَالَ) الْوَكِيلُ (طَلَّقْت مَنْ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ بِلَفْظِي فَوَجْهَانِ) فِي أَنَّ الَّتِي وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِهَا هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ فِي السِّكَّةِ طَالِقٌ وَزَوْجَتُهُ فِيهَا طَلُقَتْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ فِي هَذِهِ لَوْ قَالَ امْرَأَةُ كُلِّ مَنْ فِي السِّكَّةِ طَالِقٌ وَهُوَ فِي السِّكَّةِ إلَى آخِرِهِ إنَّمَا يَتَّجِهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ. (وَإِنْ قِيلَ) لَهُ (إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتُك طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ وَكَانَ قَدْ فَعَلَهُ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْهُ وَإِنَّمَا أَجَازَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي قَالَ الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ طَلَّقْتهَا فَقَالَ نَعَمْ وَهَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي تَعْلِيقِهِ الْأَوَّلِ. (وَإِنْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا لَمْ تَطْلُقْ) زَوْجَتُهُ (بَاطِنًا) وَإِنَّمَا تَطْلُقُ ظَاهِرًا (وَإِنْ قَالَ) لِإِحْدَى نِسَاؤُهُ (أَنْت طَالِقٌ مِائَةً فَقَالَتْ تَكْفِينِي ثَلَاثٌ فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك فَكِنَايَةٌ فِي الضَّرَائِرِ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ عَلَى كُلٍّ ثَلَاثٌ وَكَانَ التَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ بِثَلَاثٍ وَهُنَّ طَوَالِقُ بِالْبَاقِي وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطِبْهُنَّ وَإِنَّمَا رَدَّ عَلَيْهِنَّ شَيْئًا لَاغِيًا (هَذَا قَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ قَالَتْ تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ) فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك (طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَالضَّرَائِرُ طَلْقَتَيْنِ إنْ نَوَى) الطَّلَاقَ (أَوْ قَالَتْ تَكْفِينِي ثَلَاثًا) صَوَابُهُ ثَلَاثٌ فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك (لَغَا مَا أَلْقَاهُ عَلَى الضَّرَائِرِ) بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وُقُوعُ ثَلَاثٍ عَلَى الضَّرَائِرِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَغَوِيّ فِي الشِّقَّيْنِ مَعًا وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ. (وَقَوْلُهُ حَرَّمْتُك وَالنِّيَّةُ نِيَّةُ زَيْدٍ كَحَرَّمْتُك) بِدُونِ ذِكْرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْقُولُ الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا وَهُوَ أَقْرَبُ نَعَمْ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ التَّوْكِيلَ) فَإِنْ أَرَادَ التَّوْكِيلَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَقُولَ الِابْنُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَفْسَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْوَكَالَةَ لِانْتِفَاءِ الصَّارِفِ عَنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا أَطْلَقَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَنْ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا فِيمَا لَا يَصِحُّ فِيهِ الْوُقُوعُ لِنَفْسِهِ أَمَّا مَا يَصِحُّ فِيهِ الْوُقُوعُ لَهُ فَلَا شَكَّ فِي اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ كَمَا سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ. (قَوْلُهُ فَقَالَ نَعَمْ إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَنْت سَرَقْت مَالِي فَأَنْكَرَ فَقَالَ إنْ كُنْت سَرَقْته فَامْرَأَتُك طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ قَالَ طَالِقٌ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَحْدَهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يَقُلْ امْرَأَتِي وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ سَرَقْت مَالِي فَقَالَ مَا سَرَقْته فَقَالَ إنْ كُنْت سَرَقْته فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيْك حَرَامٌ فَقَالَ نَعَمْ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ عَلَى مَذْهَبِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ عِنْدَهُمْ هَذَا اللَّفْظُ كِنَايَةٌ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ وَاللَّفْظُ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ كَانَتْ تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ ثَلَاثٌ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأُولَى صَوَابٌ أَيْضًا بِجَعْلِ فَاعِلِ يَكْفِينِي ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الطَّلَاقِ لِفَهْمِهِ مِنْ طَالِقٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ) فَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ بَعْدَ التَّنْقِيبِ التَّامِّ أَنْ جُعِلَ ذَلِكَ كِنَايَةً فِي الضَّرَائِرِ إلَّا الْمُتَوَلِّي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 الْبَاقِي (وَالْبَاقِي لَغْوٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي هَذَا وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ فَعَلْت كَذَا فَأَنْكَرَ فَقَالَ الْحِلُّ عَلَيْك حَرَامٌ وَالنِّيَّةُ نِيَّتِي أَنَّك مَا فَعَلْت كَذَا فَقَالَ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك مَا فَعَلْته لَغَا قَوْلُهُ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك وَيَكُونُ كَمَا لَوْ تَلَفَّظَ بِهِ ابْتِدَاءً (وَإِنْ قِيلَ لِمَنْ أَنْكَرَ) شَيْئًا (امْرَأَتُك طَالِقٌ إنْ كُنْت كَاذِبًا فَقَالَ طَالِقٌ) طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ إنْ كَانَ كَاذِبًا لِتَرَتُّبِ كَلَامِهِ عَلَى كَلَامِ الْقَائِلِ (إلَّا إنْ أَرَادَ غَيْرَهَا) فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إشَارَةٌ إلَيْهَا وَلَا تَسْمِيَةٌ (أَوْ قَالَ بِنْتِي أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ) وَأَنْت يَا زَوْجَتِي (أَوْ) قَالَ (نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْت يَا زَوْجَتِي لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ عَطَفَهَا عَلَى نِسْوَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ. (الطَّرَفُ الثَّانِي) فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ (مَقَامَ اللَّفْظِ فَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ) مِنْ عُقُودٍ وَحُلُولٍ كَإِقْرَارٍ وَدَعْوًى كَالنُّطْقِ (فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) أَحْكَامُهُ (وَلَوْ) كَانَ (كَاتِبًا) لِعَجْزِهِ مَعَ دَلَالَتِهَا عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النُّطْقُ (لَكِنْ) (لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ) بِإِشَارَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ) بِهَا وَلَا يَحْنَثُ بِهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْكَلَامِ (فَإِنْ أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ) أَيْ الذَّكِيَّ (وَغَيْرَهُ الطَّلَاقَ مَثَلًا فَصَرِيحٌ أَوْ) أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ (وَحْدَهُ فَكِنَايَةٌ) تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَقِيلَ يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا رَجَّحَهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (وَتَفْسِيرُهُ صَرِيحُ إشَارَتِهِ) فِي الطَّلَاقِ (بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَتَفْسِيرِ اللَّفْظِ الشَّائِعِ فِي الطَّلَاقِ بِغَيْرِهِ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرٌ إلَّا بِقَرِينَةٍ (وَلَوْ أَشَارَ نَاطِقٌ) بِالطَّلَاقِ (وَ) إنْ (نَوَى) كَأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اذْهَبِي (لَغَا) وَإِنْ أَفْهَمَ بِهَا كُلَّ أَحَدٍ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْعِبَارَةِ إلَى الْإِشَارَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلطَّلَاقِ وَإِنْ قَصَدَهُ بِهَا فَهِيَ لَا تُقْصَدُ لِلْإِفْهَامِ إلَّا نَادِرًا وَلَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ (فَلَوْ قَالَ) مَنْ لَهُ امْرَأَتَانِ (امْرَأَتِي طَالِقٌ مُشِيرًا لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ أَرَدْت الْأُخْرَى قُبِلَ) مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ بِالْإِشَارَةِ شَيْءٌ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ بَلْ يُطَلَّقَانِ جَمِيعًا وَالتَّرْجِيحُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ آخَرَ الْبَابِ الْخَامِسِ (وَإِنْ قَالَ) لِأَحَدِهِمَا (أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ فَهَلْ) لَفْظُهُ (هَذِهِ كِنَايَةٌ أَوْ صَرِيحٌ وَجْهَانِ) عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي مَا لَمْ يَنْوِ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ عَطَفَهَا عَلَى مَنْ طَلُقَتْ وَكَمَا لَوْ قَالَ مَنْ أَكْرَهَ عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ طَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا. (فَصْلٌ كَتْبُ الطَّلَاقِ) وَلَوْ صَرِيحًا (كِنَايَةٌ وَلَوْ مِنْ الْأَخْرَسِ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ قَرَأَهُ) أَيْ مَا كَتَبَهُ حَالَ الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا (فَصَرِيحٌ فَلَوْ قَالَ قَرَأْته حَاكِيًا) مَا كَتَبْته (بِلَا نِيَّةً) لِلطَّلَاقِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَحُلُّ الْوَثَاقَ وَقَالَ نَوَيْت حَلَّهُ (وَفَائِدَتُهُ) أَيْ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ (إذَا لَمْ يُقَارِنْ الْكَتْبَ النِّيَّةُ) فَإِنْ قَارَنَهَا طَلُقَتْ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ (وَمِثْلُهُ) فِيمَا ذُكِرَ (الْعِتْقُ وَالْإِبْرَاءُ وَالْعَفْوُ) عَنْ الْقِصَاصِ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرَ النِّكَاحِ. . [فَرْعٌ كَتَبَ أَنْتِ أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ] (فَرْعٌ) لَوْ (كَتَبَ أَنْت) أَوْ زَوْجَتِي (طَالِقٌ وَنَوَى) الطَّلَاقَ (طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ كِتَابُهُ) إلَيْهَا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ طَرِيقٌ فِي إفْهَامِ الْمُرَادِ كَالْعِبَارَةِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَحْتَمِلُ النَّسْخَ وَالْحِكَايَةَ وَتَجْرِبَةَ الْقَلَمِ وَالْمِدَادِ وَغَيْرِهَا (وَإِنْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَرَأْته أَوْ فَهِمَتْهُ مُطَالَعَةً) وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ مِنْهُ (طَلُقَتْ) فَإِنْ قَرَأَتْ أَوْ فَهِمَتْ بَعْضَهُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَلَوْ قُرِئَ عَلَيْهَا لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ الشَّرْطِ مَعَ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ بِعَزْلِ الْقَاضِي لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللَّفْظِ وَعَزْلُ الْقَاضِي عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْقُضَاةِ أَنْ تُقْرَأَ عَلَيْهِمْ الْكُتُبُ (إلَّا إذَا كَانَتْ أُمِّيَّةً وَعَلِمَ) الزَّوْجُ بِأَنَّهَا أُمِّيَّةٌ فَتَطْلُقُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ (لَا إنْ جَهِلَ) أَنَّهَا أُمِّيَّةٌ فَلَا تَطْلُقُ نَظَرًا إلَى حَقِيقَةِ اللَّفْظِ. (وَلَوْ كَتَبَ إذَا وَصَلَك) أَوْ بَلَغَك أَوْ أَتَاك (كِتَابِي) فَأَنْت طَالِقٌ (طَلُقَتْ بِوُصُولِهِ) إلَيْهَا رِعَايَةً لِلشَّرْطِ (لَا) إنْ وَصَلَ إلَيْهَا (مَمْحِيٌّ) مَا فِيهِ وَفِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَغَا قَوْلُهُ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك إلَخْ) لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ وَاللَّفْظُ مِنْ وَاحِدٍ فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ وَاحِدٍ وَاللَّفْظُ مِنْ آخَرَ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْغَيْرَ لَا يَقُومُ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي النِّيَّةِ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ مَقَامَ اللَّفْظِ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ مَقَامَ اللَّفْظِ) (قَوْلُهُ فَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ كَالنُّطْقِ) قَالَ الْإِمَامُ فِي الْأَسَالِيبِ وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِيهَا بَيَانٌ وَلَكِنَّ الشَّارِعَ تَعَبَّدَ النَّاطِقِينَ بِالْعِبَارَةِ فَإِذَا عَجَزَ الْأَخْرَسُ لِخَرَسِهِ عَنْ الْعِبَارَةِ أَقَامَتْ الشَّرِيعَةُ إشَارَتَهُ مُقَامَ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُهُ) يَشْمَلُ مَا لَوْ عَلَّقَ عَلَى مَشِيئَةِ زَيْدٍ وَكَانَ نَاطِقًا ثُمَّ خَرِسَ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ مُنْشَؤُهُمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ التَّعْلِيقِ أَوْ بِحَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ وَغَيْرَهُ الطَّلَاقَ فَصَرِيحٌ) كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ كَمْ طَلَّقْت امْرَأَتَك فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ) وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا. [فَصْلٌ كِتَابَةُ الطَّلَاقِ] (قَوْلُهُ أَوْ فَهِمَتْهُ مُطَالَعَةً طَلُقَتْ) نَعَمْ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا أَرَدْت الْقِرَاءَةَ بِاللَّفْظِ قَبْلَ قَوْلِهِ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ إطْلَاقِ قِرَاءَتِهَا إيَّاهُ عَلَى مُطَالَعَتِهَا إيَّاهُ وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِهِ وَبَيْنَ جَوَازِ إجْرَاءِ ذِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ الْقُرْآنَ عَلَى قَلْبِهِ وَنَظَرِهِ فِي الْمُصْحَفِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ أُمِّيَّةً وَعَلِمَ الزَّوْجُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْرَأَهُ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ طَالَعَهُ أَوْ فَهِمَهُ أَوْ قَرَأَهُ خَالِيًا ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ إذْ الْغَرَضُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِيهِ بَقِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ بِقِرَاءَتِهَا وَكَانَتْ قَارِئَةً وَهُوَ يَعْلَمُ ثُمَّ نَسِيَتْ الْقِرَاءَةَ أَوْ عَمِيَتْ ثُمَّ جَاءَ الْكِتَابُ أَهَلْ تَطْلُقُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهَا وَلَوْ عَلَّقَهُ بِقِرَاءَتِهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا غَيْرُ قَارِئَةٍ ثُمَّ تَعَلَّمَتْ وَوَصَلَ كِتَابُهُ هَلْ تَكْفِي قِرَاءَةُ غَيْرِهَا الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّانِيَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِي الْأُولَى لِذَلِكَ وَلَا نَقْلَ عِنْدِي فِيهِمَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 نُسْخَةٍ مَمْحِيًّا فَلَا تَطْلُقُ كَمَا لَوْ ضَاعَ (إلَّا إنْ بَقِيَتْ الْآثَارُ مَقْرُوءَةً) أَيْ يُمْكِنُ قِرَاءَتُهَا فَتَطْلُقُ كَمَا لَوْ وَصَلَ وَالْمَكْتُوبُ بِحَالِهِ وَالْأَوْلَى قِرَاءَةُ مَمْحِيٍّ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى بِكَسْرِ الْحَاءِ فَيَكْتُبُ مَمْحٍ مِنْ امَّحَى بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ لُغَةٌ فِي انْمَحَى لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْقُوصٌ وَإِعْرَابُ الْمَنْقُوصِ نَصْبًا كَإِعْرَابِهِ رَفْعًا وَجَرًّا فِي لُغَةٍ وَلَا يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ رُبَاعِيًّا مَعَ أَنَّهُ ثُلَاثِيٌّ تَقُولُ مَحَى لَوْحَهُ يَمْحُوهُ مَحْوًا وَيَمْحِيه مَحْيًا وَيَمْحُهُ فَهُوَ مَمْحُوٌّ وَمَمْحِيٌّ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَلَوْ انْمَحَى إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ) لِوُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ تَطْلُقُ إنْ قَالَ كِتَابِي كَمَا ذُكِرَ لَا إنْ قَالَ كِتَابِي هَذَا أَوْ الْكِتَابُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ تَصْوِيرُهُ بِكِتَابِي يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّالِثِ وَقَدْ اسْتَحْسَنَهُ الْأَصْلُ. (وَلَا أَثَرَ) فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (لِبَقَاءِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِهِ مَوْضِعَ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ وُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَإِنْ عُلِّقَ بِبُلُوغِ الطَّلَاقِ) أَوْ وُصُولِهِ أَوْ إتْيَانِهِ (فَسَلِمَ) مِنْ الِانْمِحَاءِ (مَوْضِعُ الطَّلَاقِ وَقَعَ قَطْعًا) فَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ لَمْ يَقَعْ وَلَا حَاجَةَ بِقَوْلِهِ قَطْعًا (وَقِرَاءَةُ بَعْضِ الْكِتَابِ) أَوْ فَهْمُهُ مُطَالَعَةً (إنْ عُلِّقَ بِقِرَاءَتِهِ كَوُصُولِ بَعْضِهِ إنْ عُلِّقَ بِوُصُولِهِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثُمَّ (وَإِنْ عُلِّقَ بِوُصُولِ الْكِتَابِ ثُمَّ بِوُصُولِ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ بِوُصُولِ الْكِتَابِ طَلْقَتَيْنِ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ (أَوْ) عُلِّقَ (بِوُصُولِ نِصْفِ الْكِتَابِ فَوَصَلَ كُلُّهُ طَلُقَتْ) لِاشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى النِّصْفِ. (وَإِنْ كَتَبَ غَيْرَهُ أَوْ كَنَّى) بِلَفْظِ (بِإِذْنِهِ وَ) لَوْ (نَوَى هُوَ) الطَّلَاقَ (لَغَا) فَالْعِبْرَةُ بُنَيَّةِ الْكَاتِبِ وَالْكَانِي (وَالْكَتْبُ عَلَى الْأَرْضِ) أَوْ نَحْوِهَا (كِتَابَةٌ لَا عَلَى الْمَاءِ وَالْهَوَاءِ) وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ (وَإِنْ كَتَبَ أَنْت طَالِقٌ وَاسْتَمَدَّ) بِالْقَلَمِ مِنْ الدَّوَاةِ نُظِرَ (إنْ كَانَ) الِاسْتِمْدَادُ (لِحَاجَةٍ ثُمَّ كَتَبَ تَعْلِيقًا) كَإِذَا أَتَاك كِتَابِي (صَحَّ التَّعْلِيقُ) ظَاهِرًا فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْكِتَابُ (وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْحَالِ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنْ كَانَ السُّكُوتُ لِحَاجَةٍ تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِالشَّرْطِ وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْحَالِ (وَإِنْ أَنْكَرَ) الزَّوْجُ (الْكِتَابَ) أَيْ كَتْبَ الطَّلَاقِ (أَوْ النِّيَّةَ) وَادَّعَتْهُ الزَّوْجَةُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ) لِلطَّلَاقِ وَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَاحْتَجُّوا لَهُ أَيْضًا «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: 28] » إلَى آخِرِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهِنَّ الْفُرْقَةَ أَثَرٌ لَمْ يَكُنْ لِتَخْيِيرِهِنَّ مَعْنًى وَاسْتُشْكِلَ بِمَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِاخْتِيَارِهَا الدُّنْيَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إيقَاعِهِ بِدَلِيلِ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: 28] (قَوْلُهُ طَلِّقِي نَفْسَك) لِزَوْجَتِهِ (أَوْ اعْتِقِي نَفْسَك لِأَمَتِهِ تَمْلِيكٌ) لِلطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِغَرَضِهِمَا (كَالْهِبَةِ) وَنَحْوِهَا فَكَأَنَّهُ يَقُولُ مَلَّكْتُكُمَا نَفْسَكُمَا فَيَمْلِكَانِهَا بِالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ (لَا تَوْكِيلٌ) بِذَلِكَ دَفْعٌ لِمَا قِيلَ إنَّهُ تَوْكِيلٌ كَمَا فِي التَّفْوِيضِ لِأَجْنَبِيٍّ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لَهُمَا فِيهِ غَرَضًا وَلَهُمَا بِالزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ اتِّصَالًا (فَإِنْ كَانَ) التَّفْوِيضُ (بِمَالُ فَيُمْلَكُ بِعِوَضٍ) كَالْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ بِلَا عِوَضٍ كَالْهِبَةِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ التَّفْوِيضُ أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهِ (التَّكْلِيفُ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَا مَعَ غَيْرِ مُكَلَّفَةٍ لِفَسَادِ الْعِبَارَةِ (وَالتَّطْلِيقُ فَوْرًا لِتَضَمُّنِهِ الْقَبُولَ) وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ يَقْتَضِيه فَلَوْ أَخَّرَتْ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ ثُمَّ طَلَّقَتْ لَمْ يَقَعْ (إلَّا أَنْ قَالَ) طَلِّقِي نَفْسَك (مَتَى شِئْت) فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ وَإِنْ اقْتَضَى التَّمْلِيكُ اشْتِرَاطَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لِمَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ سُومِحَ فِي تَمْلِيكِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَبَعْضِ مُخْتَصِرِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّفْوِيضَ تَمْلِيكٌ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَوَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا ذُكِرَ وَالْأَصْلُ إنَّمَا ذَكَرَهُ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ وَصَوَّبَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَهُوَ الْحَقُّ وَالْإِعْتَاقُ كَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ وَفِيمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَبْحَثَ مَوْضُوعٌ لَهُ. (وَلِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ) عَنْ التَّفْوِيضِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَوْ انْمَحَى إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ) لَوْ قَالَ إذَا جَاءَك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَتَاهَا بَعْضُ الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الطَّلَاقِ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَك خَطِّي فَأَنْت طَالِقٌ فَذَهَبَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ ذِكْرُ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَسَكَتَ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ بِكِتَابَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَإِلَّا فَكِتَابَةُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ خَطَّهُ لَمْ تَطْلُقْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بَلْ يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى إثْبَاتِ قِرَاءَتِهِ أَوْ نِيَّتِهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ الشَّهَادَةُ عَلَى أَنَّهُ خَطَّهُ إذَا شَاهَدُوهُ وَقْتَ كِتَابَتِهِ وَكَانَ الْخَطُّ مَحْفُوظًا عِنْدَهُمْ لِيَأْمَنُوا التَّزْوِيرَ. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ فِي الطَّلَاقُ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ) . (فَرْعٌ) فَوَّضَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ إلَى رَجُلَيْنِ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ ثَلَاثًا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَيْهَا وَاخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ فَيَثْبُتُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ قَالَ الْفُورَانِيُّ لَا يَقَعُ سَيَأْتِي عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّطْلِيقُ فَوْرًا) كَأَنْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ التَّطْلِيقَ هُنَا جَوَابُ التَّمْلِيكِ فَكَانَ كَقَبُولِهِ وَقَبُولُهُ فَوْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَّرَتْ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ قَالَتْ عَلَى الْفَوْرِ قَبِلْت (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَبَعْضِ مُخْتَصِرِي الرَّوْضَةِ) كَالْأُصْفُونِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ) وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْحِجَازِيُّ وَنَقَلَهُ فِي التَّدْرِيبِ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ جَرَى عَلَيْهِ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّمْلِيكِ وَمَنْ أَثْبَتَ الْقَوْلَيْنِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ إذَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ إلَيْهَا وَجَعَلَهُ عَلَى التَّرَاخِي فَاَلَّذِي رَمَزَ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ فِي خِلَالِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ رَأَيْنَاهُ تَمْلِيكًا عَلَى مَا حَكَيْنَاهُ فِي الْجَوَابِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّطْلِيقِ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) أَيْ التَّفْوِيضُ (فَقَوْلُهُ إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ زَيْدٌ) مَثَلًا (فَطَلِّقِي نَفْسَك لَغْوٌ) كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ إذَا جَاءَ الْغَدُ) مَثَلًا (فَأَمْرُ امْرَأَتِي) أَيْ فِي الطَّلَاقِ (بِيَدِك وَقَصَدَ التَّقْيِيدَ بِالْغَدِ تَقَيَّدَ) الطَّلَاقُ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَصَدَ إطْلَاقَ الطَّلَاقِ لَهُ بَعْدَ وُجُودِ الْغَدِ أَوْ أَطْلَقَ (فَلَهُ الطَّلَاقُ بَعْدَهُ) مَتَى شَاءَ كَمَا لَهُ الطَّلَاقُ فِيهِ وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِمَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (أَمْرُهَا بِيَدِك إلَى شَهْرٍ) أَوْ شَهْرًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَهُ التَّطْلِيقُ) فِيهِ لَا بَعْدَهُ (وَإِنْ قَالَ) لَهَا (طَلِّقِي نَفْسَك فَعَلَّقَتْهُ بِقُدُومِ زَيْدٍ لَغَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهَا التَّعْلِيقَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ الَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ (وَإِنْ قَالَتْ) بَعْدَ قَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك (كَيْف أُطَلِّقُ نَفْسِي ثُمَّ طَلَّقَتْ وَقَعَ) الطَّلَاقُ وَالْفَصْلُ بِذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ لِقَصْرِهِ (وَلَوْ وَكَّلَهَا أَوْ وَكَّلَ آخَرَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ لَمْ يَصِحَّ) كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ أَيْضًا فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِهِ يُوجَدُ لَا مَحَالَةَ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْأَيْمَانِ فَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لَهَا بَيِّنِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَيَا) عِنْدَ قَوْلِهِمَا الطَّلَاقَ (طَلُقَتْ) كَمَا تَطْلُقُ بِالصَّرِيحِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ لَفْظُهُمَا بِالْكِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ لَمْ يُفَوِّضْ الطَّلَاقَ وَإِذَا لَمْ تَنْوِ هِيَ مَا امْتَثَلَتْ (وَتَطْلُقُ إذَا قَالَ) لَهَا (طَلِّقِي) نَفْسَك (فَقَالَتْ سَرَّحْت) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الصَّرَاحَةِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ (لَوْ كَنَّى) وَنَوَى (فَصَرَّحَتْ هِيَ أَوْ وَكِيلُهُ) فِي الطَّلَاقِ (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ صَرَّحَتْ فَكَنَّتْ هِيَ أَوْ وَكِيلُهُ وَنَوَيَا (إلَّا إنْ أَمَرَهُمَا بِأَحَدِهِمَا فَخَالَفَا) كَأَنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك أَوْ لَهُ طَلِّقْهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوْ قَالَ بِكِنَايَتِهِ فَعَدَلَا عَنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا تَطْلُقُ لِمُخَالَفَتِهِمَا صَرِيحَ كَلَامِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ طَلِّقْهَا بِلَفْظِ التَّطْلِيقِ فَطَلَّقَهَا بِلَفْظِ التَّسْرِيحِ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ تَطْلُقْ لِلْمُخَالَفَةِ (وَإِنْ أَجَابَتْ زَوْجَهَا بِطَلَّقْتُك فَكِنَايَةٌ كَقَوْلِهِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ) بِجَامِعِ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لَهَا نَاوِيًا لِلتَّفْوِيضِ) لِلطَّلَاقِ (اخْتَارِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت أَوْ) قَالَ (اخْتَارِي) فَقَطْ (فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي وَنَوَتْ) فِيهِمَا (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (وَإِنْ تَرَكَا النَّفْسَ مَعًا فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَتْ نَفْسَهَا إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِ أَحَدِهِمَا مَا يُشْعِرُ بِالْفِرَاقِ وَثَانِيهِمَا يَقَعُ إذَا نَوَتْ نَفْسَهَا وَبِهِ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ الْجَزْمُ بِهِ وَجَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَلَوْ قَالَتْ) بَعْدَ قَوْلِهِ اخْتَارِي نَفْسَك أَوْ اخْتَارِي فَقَطْ (نَاوِيَةً) لِلطَّلَاقِ (اخْتَرْت أَهْلِي أَوْ الْأَزْوَاجَ) أَوْ غَيْرَك (طَلُقَتْ) لِإِشْعَارِهَا بِالْفِرَاقِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ نَاوِيَةً مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) إنْ أَجَابَتْهُ (بِاخْتَرْت زَوْجِي) أَوْ الزَّوْجَ (أَوْ النِّكَاحَ) فَلَا تَطْلُقُ لِعَدَمِ إشْعَارِهِ بِهِ (وَإِنْ قَالَتْ) فِي جَوَابِهِ (أَخْتَارُ لَمْ تَطْلُقْ) لِاحْتِمَالِ الِاسْتِقْبَالِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ (إلَّا إنْ قَصَدَتْ) بِهِ (الْإِنْشَاءَ) فَتَطْلُقُ (وَالْقَوْلُ فِي عَدَمِ اخْتِيَارِهَا) لِلطَّلَاقِ (فَوْرًا قَوْلُهُ) لِلْأَصْلِ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الِاخْتِيَارِ مُمْكِنَةٌ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ التَّخْيِيرِ أَوْ فِي اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى. (وَ) الْقَوْلُ (فِي الْبَيِّنَةِ) إثْبَاتًا وَنَفْيًا (قَوْلُ النَّاوِي) لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ نَعَمْ لَوْ قَالَتْ مَا نَوَيْت فَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ نَوَيْت طَلُقَتْ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَكَذَا) الْقَوْلُ فِيهَا (قَوْلُهُ مَنْ وُكِّلَ فِي الطَّلَاقِ فَكَنَّى) بِهِ كَأَنْ قَالَ لَهَا أَنْت بَائِنٌ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك وَزَعَمَ أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ وَلَمْ تُكَذِّبْهُ وَكَذَّبَهُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ (لَا إنْ كَذَّبَاهُ مَعًا) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ (وَإِنْ فَوَّضَهَا) أَيْ فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ (فِيمَا شَاءَتْ مِنْ الثَّلَاثِ) كَأَنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي أَوْ طَلِّقِي نَفْسَك مِنْ ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ مَا شِئْت (مَلَكَتْ مَا دُونَهَا) مِنْ وَاحِدَةٍ وَثِنْتَيْنِ وَلَا تَمْلِكُ الثَّلَاثَ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ (وَإِنْ كَرَّرَ) قَوْلَهُ (اخْتَارِي وَأَرَادَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ بِاخْتِيَارِهَا فَإِنْ أَرَادَ عَدَدًا وَقَعَ أَوْ أَطْلَقَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَمْرُك بِيَدِك فَتَزَوَّجَ فَفِي مَصِيرِهِ مُفَوِّضًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِتَفْوِيضٍ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَلَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ الَّذِي عِنْدِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ قَالَ لَهَا بَيِّنِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَيَا الطَّلَاقَ] (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ طَلَّقَهَا بِلَفْظِ التَّطْلِيقِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ قَالَ لَهَا نَاوِيًا لِلتَّفْوِيضِ لِلطَّلَاقِ اخْتَارِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت] (قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا يَقَعُ إنْ نَوَتْ نَفْسَهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ إذْ الْقَرِينَةُ دَلَّتْ عَلَى الْمَحْذُوفِ فَكَانَ كَالْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ أَخْتَارُ) أَيْ أَوْ أَطْلُقُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ الِاسْتِقْبَالِ) لَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَ النُّحَاةِ الْمُضَارِعُ إذَا تَجَرَّدَ فَالْحَالُ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْحَالِ وَعَارَضَهُ أَصْلُ بَقَاءِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ وَلَا تَمْلِكُ الثَّلَاثَةَ) لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ كَمَا لَوْ قَالَ ضَعُوا عَنْ الْمُكَاتِبِ مَا شَاءَ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشَاءَ الْكُلَّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 وَقَعَ بِعَدَدِ اللَّفْظِ إنْ لَمْ تُخَالِفْهُ فِيهِمَا وَإِلَّا وَقَعَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ. (وَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا عَبَثًا) وَنَوَتْ (فَصَادَفَتْ التَّفْوِيضَ) لَهَا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا (طَلُقَتْ) كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ حَيٌّ فَبَانَ مَيِّتًا بَلْ أَوْلَى (وَإِنْ جَعَلَ طَلَاقَهَا بِيَدِ اللَّهِ وَيَدِ زَيْدٍ لَغَا إنْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ) فَلَيْسَ لِزَيْدٍ أَنْ يُطَلِّقَهَا (لَا) إنْ قَصَدَ (التَّبَرُّكَ) أَوْ أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ فَلَا يَلْغُو قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ الْعَطْفِ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (جَعَلْت كُلَّ أَمْرٍ لِي عَلَيْك بِيَدِك كِنَايَةٌ فِي التَّفْوِيضِ) إلَيْهَا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا مَا لَمْ يَنْوِهَا هُوَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَ) قَوْلُهُ (طَلِّقِي نَفْسَك فِي غَدٍ لَغْوٌ) وَإِنْ ضَمَّهُ إلَى غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الْأَصْلُ فَيَلْغُو فِيهِ قَوْلُهُ وَغَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي أَوْ أَبِينِي نَفْسَك فَطَلَّقَتْ) نَفْسَهَا (وَنَوَيَا الثَّلَاثَ وَقَعَتْ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ وَقَدْ نَوَيَاهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِيَاهَا بِأَنْ نَوَى أَحَدُهُمَا عَدَدًا وَالْآخَرُ أَقَلَّ مِنْهُ (فَأَقَلُّ النِّيَّتَيْنِ) يَقَعُ لِأَنَّهُ الْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى فَأَقَلُّ الْمَنْوِيَّيْنِ (وَلَوْ لَمْ يَنْوِ) هُوَ أَوْ هِيَ (شَيْئًا وَقَعَتْ وَاحِدَةً) وَإِنْ نَوَى عَدَدًا وَطَلَّقَتْ بِالصَّرِيحِ لِأَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي الْعَدَدِ وَهِيَ لَمْ تَنْوِ عَدَدًا (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ بِلَا نِيَّةٍ طَلَّقْت وَقَعْنَ) لِأَنَّ قَوْلَهَا هُنَا جَوَابٌ لِكَلَامِهِ فَهُوَ كَالْمُعَادِ فِي الْجَوَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَلَفَّظْ هُوَ بِالثَّلَاثِ وَنَوَاهَا لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ عَوْدِهِ فِي الْجَوَابِ إذْ التَّخَاطُبُ بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ (أَوْ) قَالَتْ (طَلَّقْت وَاحِدَةً وَقَعَتْ) لِأَنَّهَا الْمُوقِعَةُ أَوْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَتَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ زَادَتْ الثِّنْتَيْنِ) الْبَاقِيَتَيْنِ عَلَى الْوَاحِدَةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا (فَوْرًا وَلَوْ بَعْدَمَا رَاجَعَ وَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَطْلُقَ الثَّلَاثَ دَفْعَةً وَبَيْنَ قَوْلِهَا طَلَّقْت وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَلَا يَقْدَحُ تَخَلُّلُ الرَّجْعَةِ مِنْ الزَّوْجِ وَالتَّصْرِيحُ بِفَوْرِيَّةِ الزِّيَادَةِ وَبِحُكْمِ مَا إذَا لَمْ يُرَاجِعْ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا) أَوْ ثِنْتَيْنِ (فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ لِأَنَّهَا الْمَأْذُونُ فِيهِ وَالْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ (وَالْوَكِيلُ كَذَلِكَ) أَيْ كَالْمَرْأَةِ فِيمَا ذُكِرَ فَلَا يَقَعُ بِطَلَاقِهِ إلَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً أَوْ) قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك (وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَشِيئَةَ وَإِنْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ فَقَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا وَعَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً (لَغَا) فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ لِصَيْرُورَةِ الْمَشِيئَةِ شَرْطًا فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ وَالْمَعْنَى طَلِّقِي إنْ اخْتَرْت الثَّلَاثَ فَإِذَا اخْتَارَتْ غَيْرَهُنَّ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى تَفْوِيضِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَعْنَى فَوَّضْت إلَيْك أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَإِنْ شِئْت فَافْعَلِي مَا فَوَّضْت إلَيْك وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَلَا نُفُوذَ مَا يَدْخُلُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا فَقَالَ إنْ شِئْت طَلِّقِي ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً كَانَ كَمَا لَوْ أَخَّرَهَا عَنْ الْعَدَدِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ فَيُشْتَرَطُ قَصْدُ اللَّفْظِ بِمَعْنَاهُ) أَيْ مَعَهُ لِيُزِيلَ مِلْكَ النِّكَاحِ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنَّ الْبَاءَ فِي بِمَعْنَاهُ تَحْرِيفٌ وَإِنَّمَا صَوَابُهُ بِاللَّامِ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى مَعًا وَاعْتُبِرَ قَصْدُ الْمَعْنَى لِيَخْرُجَ حِكَايَةُ طَلَاقِ الْغَيْرِ وَتَصْوِيرُ الْفَقِيهِ وَالنِّدَاءُ بِطَالِقٍ لِمُسَمَّاةٍ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَقَصْدُهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ كَهَذِهِ الْمُخْرِجَاتِ لَا مُطْلَقًا إذْ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ قَصَدَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَفَهِمَ مَعْنَاهُ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَاهُ كَمَا فِي حَالِ الْهَزْلِ بَلْ لَوْ قَالَ مَا قَصَدْته لَمْ يُدَيَّنْ وَمِنْ هُنَا قَالُوا الصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ وَعَلَى اعْتِبَارِ قَصْدِ الْمَعْنَى فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ بَعْضِ فُضَلَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَيْ وَفَهْمُهُ وَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَعَ ذَاكَ قَصْدُ الْإِيقَاعِ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ فَقَالَ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ إنَّمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ إذَا نَوَى حَقِيقَةَ الطَّلَاقِ وَقَصَدَ إيقَاعَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ (فَحِكَايَةُ الطَّلَاقِ) كَقَوْلِهِ قَالَ فُلَانٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ (وَكَذَا طَلَاقُ النَّائِمِ) وَالْمُبَرْسَمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَغْوٌ وَإِنْ قَالَ) بَعْدَ اسْتِيقَاظِهِ (أَجَزْته أَوْ أَوْقَعْته) لِعَدَمِ قَصْدِ مَعْنَاهُ وَلِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ وَذَكَرَ مِنْهَا النَّائِمَ» . (وَكَذَا سَبْقُ اللِّسَانِ) إلَى لَفْظِ الطَّلَاقِ لَغْوٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ اللَّفْظَ (لَكِنْ يُؤَاخَذُ بِهِ وَلَا يُصَدَّقُ) فِي دَعْوَاهُ السَّبْقَ (ظَاهِرًا إنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ بِخِلَافِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ) وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ كَمَالَ التَّفْوِيضِ. (قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ كَذَلِكَ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إذَا وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَقَعَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ فَتَسْمِيَةُ بَعْضِهِ كَتَسْمِيَةِ كُلِّهِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْهَا طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا نِصْفًا وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا مُؤَقَّتًا كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ شَهْرًا. اهـ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ نِصْفَ طَلْقَةٍ فَطَلَّقَهَا كَذَلِكَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إذَا وَكَّلَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ فِي فَصْلٍ فِي إيقَاعِ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا فَبَحْثُ الشَّارِحُ الْآتِي مَرْدُودٌ. [الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ] (الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ وَكَذَا سَبْقُ اللِّسَانِ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ طَلَبْتُك فَسَبَقَ لِسَانِي إلَى طَلَّقْتُك وَمِنْ صُوَرِ سَبْقِ اللِّسَانِ أَنْ يَرَاهَا طَالِعَةً فِي سُلَّمٍ أَوْ حَبْلٍ فَيَقُولُ إلَى أَيْنَ أَنْتِ طَالِقَةٌ ثُمَّ يَقُولُ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ إلَى أَيْنَ أَنْتِ طَالِعَةٌ أَوْ يَرَاهَا ذَاهِبَةً فِي طَرِيقٍ فَيَقُولُ إلَى أَيْنَ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَقَالَ أَرَدْت إلَى أَيْنَ أَنْتِ مُنْطَلِقَةٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 مَا إذَا كَانَتْ قَرِينَةٌ كَأَنْ دَعَاهَا بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ إلَى فِرَاشِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ الْآنَ طَاهِرَةٌ فَسَبَقَ لِسَانُهُ وَقَالَ أَنْتِ الْآنَ طَالِقَةٌ (وَلَوْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ) فِي دَعْوَاهُ السَّبْقَ (بِأَمَارَةٍ فَلَهَا مُصَادَقَتُهُ) أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ (وَكَذَا لِلشُّهُودِ) الَّذِينَ سَمِعُوا الطَّلَاقَ مِنْهُ وَعَرَفُوا صِدْقَ دَعْوَاهُ السَّبْقَ بِأَمَارَةٍ (أَنْ لَا يَشْهَدُوا) عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَذَكَرَ أَوَاخِرَ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ لَفْظَ رَجُلٍ بِالطَّلَاقِ وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمُطْلَقِ الطَّلَاقِ وَكَانَ مَا هُنَا فِيمَا إذَا ظَنُّوا وَمَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا تُحَقَّقُوا كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُمْ وَمَعَ ذَلِكَ فِيمَا هُنَا نَظَرٌ (فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا أَوْ طَارِقًا أَوْ طَالِبًا) أَوْ نَحْوَهَا مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تُقَارِبُ حُرُوفَ طَالِقٍ (فَنَادَاهَا يَا طَالِقُ طَلُقَتْ وَ) لَكِنْ (إنْ ادَّعَى سَبْقَ اللِّسَانِ) إلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ (قُبِلَ مِنْهُ) ظَاهِرًا لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ (أَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا فَنَادَاهَا) بِهِ (لَمْ تَطْلُقْ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ نِدَاءَهَا بِاسْمِهَا (إلَّا إنْ نَوَى) الطَّلَاقَ فَتَطْلُقُ وَصُورَةُ عَدَمِ طَلَاقِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ تُوجَدَ التَّسْمِيَةُ بِطَالِقٍ عِنْدَ النِّدَاءِ فَإِنْ زَالَتْ ضَعُفَتْ الْقَرِينَةُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نِدَاءِ عَبْدِهِ الْمُسَمَّى بِحَرْبِيٍّ حُرٌّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَضَبَطَ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ يَا طَالِقْ بِإِسْكَانِ الْقَافِ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إنْ قَالَ يَا طَالِقُ بِالضَّمِّ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى الضَّمِّ يُرْشِدُ إلَى إرَادَةِ الْعَلَمِيَّةِ وَإِنْ قَالَ يَا طَالِقًا بِالنَّصْبِ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ إلَى التَّطْلِيقِ وَيَنْبَغِي فِي الْحَالَيْنِ أَنَّا لَا نَرْجِعُ لِدَعْوَى خِلَافِ ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ. (فَصْلٌ يَقَعُ طَلَاقُ الْهَازِلِ وَعِتْقُهُ وَكَذَا نِكَاحُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) فَلَا يُدَيَّنُ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ فِي مُعْرِضِ الدَّلَالِ أَوْ الِاسْتِهْزَاءِ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْتُك وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ وَعَدَمُ رِضَاهُ بِوُقُوعِهِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لَا أَثَرَ لَهُ لِخَطَأِ ظَنِّهِ كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ وَلِخَبَرِ «ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ وَقِيسَ بِالثَّلَاثَةِ غَيْرُهَا وَخُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْضَاعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَزِيدِ اعْتِنَاءٍ عَلَى أَنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَى أَنَّ هَزْلَ الْعِتْقِ جَدٌّ وَإِنَّمَا لَمْ يُدَيَّنْ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْ اللَّفْظَ إلَى غَيْرِ مَعْنَاهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت عَنْ وَثَاقٍ لِأَنَّهُ ثَمَّ صَرَفَ اللَّفْظَ عَنْ ظَاهِرِهِ إلَى مَعْنًى آخَرَ. (وَلَوْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً) لِكَوْنِهَا فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ زَوَّجَهُ أَبَاهُ فِي صِغَرِهِ أَوْ وَكِيلُهُ فِي كِبَرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ نَحْوَهَا (أَوْ نَسِيَ النِّكَاحَ فَطَلَّقَهَا طَلُقَتْ ظَاهِرًا) لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي مَحَلِّهِ وَظَنُّ غَيْرِ الْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُهُ (وَفِي الْبَاطِنِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى) صِحَّةِ (الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ) وَعَدَمِهَا وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْوُقُوعُ (وَلَوْ جَفَاهُ جَمْعٌ) كَأَنْ كَانَ وَاعِظًا وَطَلَبَ مِنْ الْحَاضِرِينَ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ مُتَضَجِّعًا مِنْهُمْ (طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ امْرَأَتُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ) بِهَا (لَغَا) فَلَا تَطْلُقُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ أَفْتَى بِخِلَافِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ وَلِأَنَّ النِّسَاءَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَوْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ بِإِمَارَةٍ فَلَهَا مُصَادَقَتُهُ) وَلَا يُكْرَهُ لَهَا وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النُّشُوزُ عَنْهُ فَإِنْ نَشَزَتْ لَمْ يُجْبِرْهَا الْحَاكِمُ وَإِنْ أَثِمَتْ لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ وَكَانَ مَا هُنَا فِيمَا إذَا ظَنُّوا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَالِعًا أَوْ طَارِقًا إلَخْ) لَوْ كَانَ الزَّوْجُ أَلْثَغَ يُبْدِلُ الرَّاءَ لَامًا وَاسْمُهَا طَارِقٌ فَلَا شَكَّ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّهُ أَرَادَ النِّدَاءَ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَاهِرَةً أَوْ اسْمًا آخَرَ فَأَرَادَ أَنْ يُنَادِيَهَا بِاسْمِهَا فَسَبَقَ إلَى لِسَانِهِ يَا طَالِقُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَالْمُكْرَهِ (قَوْلُهُ وَصُورَةُ عَدَمِ طَلَاقِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ تُوجَدَ التَّسْمِيَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يُؤَثِّرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ طَلَاقُ الْهَازِلِ وَعِتْقُهُ وَنِكَاحُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَقَعُ طَلَاقُ الْهَازِلِ) أَيْ وَاللَّاعِبِ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا عَطْفُهُ اللَّعِبَ عَلَى الْهَزْلِ يَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا وَكَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقْتَضِي تَرَادُفَهُمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْفَائِقِ الْهَزْلُ وَاللَّعِبُ مِنْ وَادِي الِاضْطِرَابِ وَعَطْفُهُ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْوَاوِ مِنْ بَابِ عَطْفِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ إلَّا لَفْظَ الْهَزْلِ فَقَطْ وَإِنَّمَا جَمَعَ الْمُحَرَّرُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ فِي الشَّرْحِ صَوَّرَ الْهَازِلَ فِيمَا إذَا لَاعَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَفِي النِّهَايَةِ الْهَازِلُ الَّذِي يَقْصِدُ اللَّفْظَ دُونَ مَعْنَاهُ وَاللَّاعِبُ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُ اللَّفْظُ دُونَ قَصْدٍ. (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْوُقُوعُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَذَفَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ذِكْرَ الْبِنَاءِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِهِ (قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَأَنْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَى زَيْدٍ فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهِمْ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَقَالَ هُوَ الَّذِي أَعْتَقِدهُ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الطَّلَاقِ لُغَةً الْهَجْرُ وَالْمُفَارَقَةُ وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْوَاعِظِ عَلَى الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّهُ هُنَا مُتَعَذِّرٌ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي جَمِيعِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَشَرْطُ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ عَدَمُ تَضَادِّهِمَا فَتَعَيَّنَتْ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ لَا تُفِيدُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ بِكِنَايَتِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ بَلْ لَوْ صَرَّحَ وَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَزَوْجَتِي لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَكُتِبَ أَيْضًا فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَوْ زَاحَمَتْهُ امْرَأَةٌ فِي طَرِيقٍ فَقَالَ تَأَخَّرِي يَا حُرَّةُ فَبَانَتْ أَمَتَهُ لَا تَعْتِقُ وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْهُ فِي أَوَائِلِ الْعِتْقِ وَأَقَرَّاهُ وَهِيَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ هُنَا عَلَى أَنَّ النِّدَاءَ بِالصَّرِيحِ صَرِيحٌ كَقَوْلِهِ يَا طَالِقُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ حَقِيقَةُ الطَّلَاقِ لُغَةً الْهَجْرُ وَالْمُفَارَقَةُ وَشَرْعًا حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْوَاعِظِ عَلَى الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي جَمِيعِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَشَرْطُ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ عَدَمُ تَضَادِّهِمَا فَتَعَيَّنَتْ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ لَا تُفِيدُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ بَلْ لَوْ صَرَّحَ وَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَزَوْجَتِي لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِيمَنْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا فَاطِمَةُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى نِسْوَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ فَكَانَ لَغْوًا بِاعْتِبَارِ مَا عَطْفٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 لَا يَدْخُلْنَ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ إلَّا بِدَلِيلٍ انْتَهَى وَاعْتُرِضَ بِمَنْعِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ إذْ مَعْنَاهُ الْفُرْقَةُ وَقَدْ نَوَاهَا وَبِأَنَّ دَلِيلَ الدُّخُولِ هُنَا مَوْجُودٌ وَهُوَ مُشَافَهَةُ الْحَاضِرِينَ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ فِيهِمْ لَا يَمْنَعُ الْإِيقَاعَ كَمَنْ خَاطَبَهَا يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْوَاعِظُ بِخِلَافِ مَنْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ الْقَصْدِ لِلتَّغْلِيبِ وَلَا قَصْدَ. (فَرْعٌ) لَوْ (لُقِّنَ) الزَّوْجُ (الطَّلَاقَ) أَيْ كَلِمَتُهُ (بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا) فَقَالَهَا (جَاهِلًا مَعْنَاهَا فَقَصَدَ بِهِ) الْأَوْلَى بِهَا (الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ) كَمَا لَوْ قَصَدَهُ بِلَفْظٍ لَا مَعْنَى لَهُ وَكَمَا لَوْ لُقِّنَ كَلِمَةَ الْكُفْرِ فَقَالَهَا لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ لَفَظَ عَجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُلَقَّنَ وَأَنْ لَا يُلَقَّنَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا) لَا يَقَعُ (لَوْ قَصَدَ) بِهَا (مَعْنَاهَا بِالْعَرَبِيَّةِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ قَصْدُهُ (وَيُؤَاخَذُ) بِمَعْنَاهَا فِيمَا ذُكِرَ (ظَاهِرًا مُخَالِطُ أَهْلِهَا) وَيُدَيَّنُ. (فَصْلٌ) فِي الْإِكْرَاهِ (لَا يَصِحُّ طَلَاقٌ وَإِسْلَامٌ) وَغَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ (مِنْ مُكْرَهٍ بِبَاطِلٍ) لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ لَوْ صَدَرَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ وَصَحَّ إسْلَامُهُ فَإِذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ لَغَا كَالرِّدَّةِ نَعَمْ تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ فِيهَا مُكْرَهًا بَطَلَتْ (لَا حَقَّ) أَيْ لَا مِنْ مُكْرَهٍ بِحَقٍّ (فَيَصِحُّ إسْلَامُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ بِالْإِكْرَاهِ) لَهُمَا عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَكَذَا طَلَاقُ الْمَوْلَى وَاحِدَةً بِإِكْرَاهِ الْقَاضِي لَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُ أَمْرِهِ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْفَيْئَةِ (لَا) إسْلَامُ (الذِّمِّيِّ) لِأَنَّهُ مُقَرٌّ عَلَى كُفْرِهِ بِالْجِزْيَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُعَاهِدَ كَالذِّمِّيِّ (فَلَوْ أَكْرَهَ الْقَاضِي) الزَّوْجَ (الْمَوْلَى عَلَى) الطَّلْقَاتِ (الثَّلَاثِ) فَتَلَفَّظَ بِهَا (وَقُلْنَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (لَغَا) الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهُ (وَإِلَّا وَقَعَتْ وَاحِدَةً) وَلَغَا الزَّائِدُ (وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ بِصِيغَةٍ) مِنْ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ (أَوْ صِفَةٍ) مِنْ تَنْجِيزٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ تَوْحِيدٍ لِلطَّلَاقِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ ضِدِّهِ (فَأَتَى بِغَيْرِهَا أَوْ) عَلَى الطَّلَاقِ (بِتَخْيِيرٍ) فِيهِ أَوْ فِي الزَّوْجَاتِ كَطَلِّقْ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ حَفْصَةَ أَوْ عَمْرَةَ (أَوْ) عَلَى طَلَاقٍ (مُبْهَمٍ) مَحَلُّهُ كَطَلِّقْ إحْدَى زَوْجَتَيْك (فَعَيَّنَ) فِي التَّخْيِيرِ أَوْ الْإِبْهَامِ (أَوْ عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ فَقَالَ هِيَ وَعَمْرَةُ طَلْقَانِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِظُهُورِ قَصْدِ الِاخْتِيَارِ بِعُدُولِهِ عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَالَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ أَوْ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ عَمْرَةُ لَا حَفْصَةُ) وَإِنْ عُطِفَتْ عَمْرَةُ عَلَى مَنْ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ تَطْلُقْ هُنَا مَحَلٌّ لِطَلَاقِ الزَّوْجِ حَالَةَ إيقَاعِهِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي وَفِي نِسَاءِ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي. (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى الْمُكْرَهُ التَّوْرِيَةَ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت بِطَلَاقِ فَاطِمَةَ غَيْرَ زَوْجَتِي أَوْ الطَّلَاقَ مِنْ وَثَاقٍ (قُبِلَ) مِنْهُ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا لِأَنَّهُ لَا طَلَاقَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ التَّوْرِيَةَ (وَلَا يَلْزَمُهُ) لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (التَّوْرِيَةُ) بِأَنْ يُرِيدَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ (فَلَوْ تَرَكَهَا عَالِمًا) بِهَا وَلَوْ (مِنْ غَيْرِ دَهْشَةٍ) أَصَابَتْهُ بِالْإِكْرَاهِ (لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى اللَّفْظِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ تُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ وَيُفَارِقُ الْمَصُولَ عَلَيْهِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْهَرَبُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِأَنَّ النُّفُوسَ يُحْتَاطُ لَهَا مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا وَالتَّوْرِيَةُ مِنْ وَرَّيْت الْخَبَرَ تَوْرِيَةً أَيْ سَتَرَتْهُ وَأَظْهَرْت غَيْرَهُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ وَرَاءِ الْإِنْسَانِ كَأَنَّهُ يَجْعَلُهُ وَرَاءَهُ حَيْثُ لَا يُظْهَرُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَمَعْنَاهَا أَنْ يُطَلِّقَ لَفْظًا هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنًى وَيُرِيدُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ. (وَلَوْ أُكْرِهَ) عَلَى الطَّلَاقِ (فَقَصَدَ الْإِيقَاعَ) بِهِ (وَقَعَ) لِقَصْدِهِ فَصَرِيحُ لَفْظِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ كِنَايَةٌ (وَلَوْ أُكْرِهَ غَيْرُ الزَّوْجِ الْوَكِيلُ) فِي الطَّلَاقِ عَلَيْهِ (لَغَا) طَلَاقُ الْوَكِيلِ فَلَا يَقَعُ وَإِنْ وُجِدَ اخْتِيَارُ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ أَمَّا لَوْ أَكْرَهَهُ الزَّوْجُ فَيَقَعُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ. [فَصْلٌ حَدُّ الْإِكْرَاهِ] (فَصْلٌ حَدُّ الْإِكْرَاهِ أَنْ يُهَدِّدَ الْمُكْرَهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِكْرَاهِ (بِعَاجِلٍ) مِنْ أَنْوَاعِ الْعِقَابِ (يُؤَثِّرُ لِعَاقِلٍ لِأَجْلِهِ الْإِقْدَامَ عَلَى مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ) بِهِ مَا هَدَّدَهُ بِهِ إنْ امْتَنَعَ مِمَّا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ (وَعَجَزَ عَنْ الْهَرَبِ) وَالْمُقَاوَمَةِ (وَالِاسْتِغَاثَةِ) بِغَيْرِهِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الدَّفْعِ وَخَرَجَ بِعَاجِلِ الْآجِلِ فَلَا يَحْصُلُ   [حاشية الرملي الكبير] عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مُجَرَّدُ الْهَجْرِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ فِي مَحَلِّ الزَّوْجِيَّةِ فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُرِدْ الْوَاعِظُ ذَلِكَ فِي مُخَاطَبَتِهِ لِلْحَاضِرِينَ فَلَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ عِصْمَةٌ يَقْطَعُهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مُفَارَقَتَهُمْ وَمُتَارَكَتَهُمْ وَعَدَمَ الِاجْتِمَاعِ بِهِمْ وَهَذَا صَارِفٌ عَنْ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا فَلَا يَقَعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ طَلَاقٌ. [فَرْعٌ لُقِّنَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا فَقَالَهَا جَاهِلًا مَعْنَاهَا] (قَوْلُهُ لُغَةُ الطَّلَاقِ بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا) شَمِلَ الْعَجَمِيَّ وَالْعَرَبِيَّ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُلَقَّنَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ فِي الْإِكْرَاهِ فِي الطَّلَاق] (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُ أَمْرِهِ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْفَيْئَةِ) صُورَتُهُ أَنْ يَتَعَيَّنَ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ آلَى مِنْ غَائِبَةٍ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِالْفَيْئَةِ وَمَضَى زَمَنُ إمْكَانٍ لِلِاجْتِمَاعِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ عَيْنًا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُعَاهِدَ أَيْ وَالْمُسْتَأْمَنَ كَالذِّمِّيِّ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَكْرَهَ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ الكوهكيلوني فِي الضَّابِطِ إنَّ كُلَّ مَا لَا يَلْزَمُهُ حَالَ الطَّوَاعِيَةِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ بِالْإِكْرَاهِ وَكُلَّ مَا يَلْزَمُهُ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَطَلَاقِ زَوْجَةِ الْمَوْلَى وَبَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْأَدَاءِ. [فَرْعٌ ادَّعَى الْمُكْرَهُ عَلَى الطَّلَاقَ التَّوْرِيَةَ] (قَوْلُهُ لَوْ ادَّعَى الْمُكْرَهُ التَّوْرِيَةَ إلَخْ) كُلُّ قَرِينَةٍ إذَا ادَّعَاهَا الْمُخْتَارُ يُدَيَّنُ بِهَا فِي الْبَاطِنِ إذَا ادَّعَاهَا الْمُكْرَهُ تُقْبَلُ ظَاهِرًا. (فَصْلٌ) حَدُّ الْإِكْرَاهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 بِهِ الْإِكْرَاهُ كَقَوْلِهِ لِأَضْرِبَنَّكَ غَدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إيقَاعُ مَا هَدَّدَهُ بِهِ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَا سِيَّمَا إذَا عُرِفَ مِنْ عَادَةِ الظَّالِمِ إيقَاعُ ذَلِكَ انْتَهَى وَمَعَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَاجِلًا لَا يُشْتَرَطُ تَنْجِيزُهُ بَلْ يَكْفِي التَّوَعُّدُ لَفْظًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَيَخْتَلِفُ الْإِكْرَاهُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَسْبَابِ) الْمُكْرَهِ عَلَيْهَا فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ إكْرَاهًا فِي شَخْصٍ دُونَ آخَرَ وَفِي سَبَبٍ دُونَ آخَرَ (فَالتَّخْوِيفُ بِالْحَبْسِ الطَّوِيلِ وَالصَّفْعِ ظَاهِرًا) أَيْ فِي الْمَلَأِ وَتَسْوِيدِ الْوَجْهِ (وَالطَّوَافِ) فِي السُّوقِ أَيْ التَّخْوِيفِ بِكُلٍّ مِنْهَا (لِذِي مُرُوءَةٍ وَإِتْلَافِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (لَا) إتْلَافِ الْمَالِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (الَّذِي لَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُكْرَهِ كَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي حَقِّ الْمُوسِرِ (إكْرَاهٌ عَلَى الطَّلَاقِ) وَنَحْوِهِ (لَا عَلَى الْقَتْلِ) وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ إتْلَافُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ إكْرَاهًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَحَمَّلُهُ وَلَا يُطَلِّقُ بِخِلَافِ الْمَالِ الَّذِي يُضَيِّقُ عَلَى الْمُكْرَهِ (وَ) الْإِكْرَاهُ (بِإِتْلَافِ الْمَالِ إكْرَاهٌ فِي إتْلَافِ الْمَالِ) وَحُصُولُ الْإِكْرَاهِ بِمَا ذُكِرَ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ لَكِنْ فِي بَعْضِ تَفْصِيلِهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي حُكِيَ عَنْ النَّصِّ وَصَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَقَالَ فِي الشَّرْحَيْنِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِمَحْذُورٍ مِنْ نَحْوِ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ أَخْذٍ مَالٍ أَوْ إتْلَافِهِ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ اسْتِخْفَافٍ وَتَخْتَلِفُ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ وَلَا يَخْتَلِفُ بِهِ مَا قَبْلَهَا وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ (لَا بِطَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي) أَوْ كَفَرْت أَوْ أَبْطَلْت صَوْمِي أَوْ صَلَاتِي فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ (وَلَا بِتَخْوِيفٍ مِنْ قِصَاصٍ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ طَلِّقْ امْرَأَتَك وَإِلَّا اقْتَصَصْت مِنْك فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ (وَإِنْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نُخَلِّيك حَتَّى تَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّك تَكْتُمُنَا) أَيْ لَا تُخْبِرُ بِنَا (فَحَلَفَ) بِذَلِكَ (فَهُوَ إكْرَاهٌ) مِنْهُمْ لَهُ عَلَى الْحَلِفِ (فَإِذَا أَخْبَرَ بِهِمْ لَمْ تَطْلُقْ) زَوْجَتُهُ (أَوْ أُكْرِهَ) بِأَنَّ حَمَلَهُ ظَالِمٌ (عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى زَيْدٍ أَوْ مَالِهِ) وَقَدْ أَنْكَرَ مَعْرِفَةَ مَحَلِّهِ فَلَمْ يُخَلِّهِ حَتَّى يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ (فَحَلَفَ بِهِ كَاذِبًا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الطَّلَاقِ بَلْ خُيِّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّلَالَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْت مُكْرَهًا) فَأَنْكَرَتْ زَوْجَتُهُ (وَهُنَاكَ قَرِينَةٌ كَالْحَبْسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا فَلَا كَدَعْوَى الْإِغْمَاءِ) بِأَنْ طَلَّقَ مَرِيضٌ ثُمَّ قَالَ كُنْت مُغْمًى عَلَيَّ فَإِنَّهُ إنْ عُهِدَ لَهُ إغْمَاءٌ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ ادَّعَى الصِّبَا) بَعْدَ طَلَاقِهِ بِقَيْدٍ زَادَ بِقَوْلِهِ (وَأَمْكَنَ) صِدْقُهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ مَعَ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَى النَّوْمِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ قَالَ طَلَّقْت وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ نَائِمٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى وَوَجْهُ النَّظَرِ بِأَنَّهُ لَا أَمَارَةَ عَلَى النَّوْمِ بِخِلَافِ الصِّبَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ النَّوْمِ لِهَذَا النَّظَرِ وَتَعَجَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَزَمَ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي عَدَمِ قَصْدِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ظَاهِرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِمَا وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ تِلْكَ لَا تُشْبِهُ هَذِهِ فَإِنَّ الزَّوْجَ تَلَفَّظَ ثَمَّ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ ثُمَّ ادَّعَى صَرْفَهُ بِعَدَمِ الْقَصْدِ وَالْمُدَّعَى هُنَا طَلَاقٌ مُقَيَّدٌ بِحَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا الطَّلَاقُ فَقُبِلَ قَوْلُهُ لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ. (فَصْلٌ) فِي طَلَاقِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ (يَنْفَدُ طَلَاقُ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ) بِشُرْبِ خَمْرٍ (وَشُرْبِ دَوَاءٍ مُجَنِّنٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ) وَذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ أَوْ إتْلَافُ عُضْوِ أَحَدِهِمْ (قَوْلُهُ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ) لِيَجْتَمِعَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُ مَا فِي الزَّوَائِدِ لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا تَبَعًا لِلشَّاشِيِّ فِي الْمُعْتَمَدِ وَقَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا تَوَعَّدَ بِأَخْذِ الْقَلِيلِ مِنْ مَالِ مَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي إلَخْ) قَالَ الْحُسْبَانِيُّ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَظْهَرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ إذَا قَالَهُ مَنْ لَوْ هَدَّدَ بِقَتْلِهِ كَانَ مُكْرَهًا كَالْوَلَدِ وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بِتَخْوِيفٍ مِنْ قِصَاصٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نُخَلِّيك إلَخْ) أَيْ وَقَدْ هَدَّدُوهُ بِمَا هُوَ إكْرَاهٌ (قَوْلُهُ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى زَيْدٍ أَوْ مَالِهِ فَحَلَفَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيُسْأَلُ عَنْهُ كَثِيرًا أَنَّ الْمَكَسَةَ أَوْ أَعْوَانَهُمْ يُمْسِكُونَ التَّاجِرَ وَغَيْرَهُ وَيَقُولُونَ بِعْت بِضَاعَةً بِلَا مَكْسٍ أَوْ خُفْيَةً أَوْ حِدْت عَنْ الطَّرِيقِ فَيُنْكِرُ فَيَقُولُونَ احْلِفْ بِالطَّلَاقِ بِأَنَّك لَمْ تَصْنَعْ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ خَوْفًا مِنْ شَرِّهِمْ إذْ لَوْ اعْتَرَفَ ضَرَبُوهُ وَأَخَذُوا مَالَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا إذْ لَا غَرَضَ لَهُمْ فِي حَلِفِهِ وَلَمْ يُكْرِهُوهُ عَلَيْهِ عَيْنًا وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ قَالَ طَلَّقْت مُكْرَهًا فَأَنْكَرَتْ زَوْجَتُهُ] (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ فِيهِ نَظَرٌ) وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كُنْت نَائِمًا وَقْتَ تَلَفَّظْت بِالطَّلَاقِ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَغْشِيًّا عَلَيَّ وَنَازَعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَقَالَتْ تَنَاوَمْت أَوْ تَجَانَنْت أَوْ تَغَاشَيْتَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَوْ قَالَ كُنْت مَجْنُونًا فَقَالَتْ مَا جُنَّ قَطُّ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ فَالنَّوْمُ لِمَا عُهِدَ مِنْهُ قَبْلَ قَوْلِهِ كَالْمَجْنُونِ لِمَا عُهِدَ مِنْهُ وَقِيَاسُهُ فِي الْمَرِيضِ إذَا عُهِدَ مِنْهُ الْغَشْيُ فَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ فَتُصَدَّقُ هِيَ وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ وَتَعَجَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا إيرَادٌ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ هَا هُنَا قَيَّدَ إقْرَارَهُ بِحَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا الطَّلَاقُ فَقُبِلَ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ وَعَدَمِ مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ شَخْصًا وَقَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ عُرِفَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْيَمِينِ الَّتِي أَوْرَدَهَا فَصُورَتُهَا مَا إذَا أَتَى بِصَرِيحِ الْيَمِينِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِمُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِمَا) أَيْ فَكَانَ يَنْبَغِي رَدُّ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ بِهَذَا. [فَصْلٌ فِي طَلَاقِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ] (قَوْلُهُ يَنْفُذُ طَلَاقُ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ إلَخْ) لِأَنَّهُ كَالصَّاحِي فِي قَضَاءِ صَلَوَاتِ زَمَنِ سُكْرِهِ وَكَذَا فِي وُقُوعِ طَلَاقِهِ وَغَيْرِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِيَنْزَجِرَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 بِلَا حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ السُّكْرُ بِمَا ذُكِرَ كَزَوَالِ عَقْلِهِ بِوَثْبَةٍ (وَلَوْ كَانَ) السُّكْرُ (طَافِحًا) عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَسْقُطُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ لِعِصْيَانِهِ بِإِزَالَةِ عَقْلِهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ وَخَالَفَ الْإِمَامُ فِي الطَّافِحِ (وَكَذَا تَنْفُذُ سَائِرُ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ مِمَّا لَهُ وَعَلَيْهِ) مَعًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَوْ مُنْفَرِدَيْنِ كَالْإِسْلَامِ وَالطَّلَاقِ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ نُفُوذِ طَلَاقِهِ مَا لَوْ طَلَّقَ بِكِنَايَةٍ لِاحْتِيَاجِهَا إلَى النِّيَّةِ كَمَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَخَرَجَ بِالْمُتَعَدِّي غَيْرُهُ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ أَوْ شَرِبَ دَوَاءً مُجَنِّنًا لِحَاجَةٍ فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ (وَالرُّجُوعُ فِي مَعْرِفَةِ السُّكْرِ إلَى الْعُرْفِ قُلْت وَلَا حَاجَةَ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ) الْقَائِلِ بِنُفُوذِ تَصَرُّفِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ (إلَى مَعْرِفَةِ السُّكْرِ لِأَنَّهُ إمَّا صَاحٍ وَإِمَّا سَكْرَانُ زَائِلُ الْعَقْلِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّاحِي بَلْ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ السُّكْرِ فِي غَيْرِ الْمُتَعَدَّى) بِهِ (وَفِيمَا إذَا قَالَ إنْ سَكِرْت فَأَنْت طَالِقٌ فَيُقَالُ أَدْنَاهُ) أَيْ أَدْنَى السُّكْرِ الْمُقَابِلِ لِأَنْهَاهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ طَافِحًا (أَنْ يَخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَيَنْكَشِفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ) كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ أَدْنَى وَقَدْ جَعَلَهُ الْأَصْلُ حَدًّا لِلسَّكْرَانِ مَعَ حُدُودٍ أُخَرَ وَجَعَلَ أَقْرَبَهَا مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الرُّجُوعِ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَلَوْ قَالَ السَّكْرَانُ بَعْدَمَا طَلَّقَ إنَّمَا شَرِبْت الْخَمْرَ مُكْرَهًا أَيْ وَثَمَّ قَرِينَةٌ أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْته مُسْكِرٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُسْتَفْسَرَ فَإِنْ ذَكَرَ مَا يَكُونُ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا فَذَاكَ وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ إكْرَاهًا وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ. (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحَلُّ وَهُوَ الْمَرْأَةُ فَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ (فَذَاكَ) وَاضِحٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ جِسْمُك أَوْ جَسَدُك أَوْ شَخْصُك أَوْ جُثَّتُك أَوْ ذَاتُك طَالِقٌ طَلُقَتْ (وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا) مَعْلُومًا كَالنِّصْفِ أَوْ مُبْهَمًا كَالْبَعْضِ شَائِعًا كَمَا مَثَّلْنَا أَوْ مُعَيَّنًا أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا ظَاهِرًا كَانَ كَالْيَدِ أَوْ بَاطِنًا كَالْكَبِدِ (وَلَوْ) كَانَ الْجُزْءُ (مِمَّا يَنْفَصِلُ) مِنْهَا فِي الْحَيَاةِ (كَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ طَلُقَتْ) كَمَا فِي الْعِتْقِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ يَحْصُلُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْغَى وَتَبْعِيضُهُ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ تَعْمِيمُهُ (لَا الْفَضَلَاتِ) كَرِيقٍ وَعَرَقٍ وَبَوْلٍ (وَلَوْ لَبَنًا وَمَنِيًّا) فَلَا تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ بِطَلَاقِ شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَاللَّبَنُ وَالْمَنِيُّ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا دَمًا فَقَدْ تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالْبَوْلِ وَكَالْفَضَلَاتِ الْأَخْلَاطِ كَالْبَلْغَمِ وَالْمَرْتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالشَّحْمُ وَالسَّمْنُ وَالدَّمُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا جُزْءٌ مِنْ الْبَدَنِ وَبِهَا قِوَامُهُ فَإِذَا أَطْلَقَ شَيْئًا مِنْهَا طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي السَّمْنِ هُوَ مَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَبَعْضِ نُسَخِ الْكَبِيرِ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ كَالْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهَا مَعْنًى قَائِمٌ بِالذَّاتِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ إنَّ تِلْكَ النُّسْخَةَ سَقِيمَةٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ السَّقِيمَةُ هَذِهِ وَالسَّمْنُ لَيْسَ مَعْنِيٌّ بَلْ هُوَ زِيَادَةُ لَحْمٍ فَيَكُونُ كَاللَّحْمِ وَأَلْحَقَ الْمُتَوَلِّي بِالدَّمِ رُطُوبَةَ الْبَدَنِ (لَا الْجَنِينَ) لِأَنَّهُ شَخْصٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ (وَلَا الْعُضْوَ الْمُلْتَحِمَ) بِالْمَرْأَةِ (بَعْدَ الْفَصْلِ) مِنْهَا لِأَنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ قَطْعِهِ وَعَدَمِ تَعْلِيقِ الْقِصَاصِ بِهِ (وَلَا الْمَعَانِي الْقَائِمَةَ بِالذَّاتِ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْحَرَكَةِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ) الْمَعْنَوِيَّةِ كَالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَالْمَلَاحَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَجْزَاءً مِنْ بَدَنِهَا (فَإِنْ قَالَ اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إنْ لَمْ يُرِدْ) بِهِ (الذَّاتَ) فَإِنْ أَرَادَهَا بِهِ طَلُقَتْ (أَوْ) قَالَ (رُوحُك أَوْ نَفْسُك) بِإِسْكَانِ الْفَاءِ (طَالِقٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ مِمَّا لَهُ وَعَلَيْهِ مَعًا) خَرَجَ بِهِ النَّائِبُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ نُفُوذِ طَلَاقِهِ مَا لَوْ طَلَّقَ بِكِنَايَةٍ إلَخْ) أَمَّا لَوْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ طَلَاقُهُ بِهَا (قَوْلُهُ مَعَ حُدُودٍ أُخَرَ إلَخْ) عَنْ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ الَّذِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَبَيْنَ أُمِّهِ وَامْرَأَتِهِ وَقِيلَ إنَّهُ الَّذِي يُفْصِحُ بِمَا كَانَ يَحْتَشِمُ مِنْهُ وَقِيلَ الَّذِي يَتَمَايَلُ فِي مَشْيِهِ وَيَهْذِي فِي كَلَامِهِ وَقِيلَ الَّذِي لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُسْتَفْسَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الرُّكْنُ الرَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ الْمَحَلُّ] (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحَلُّ) (قَوْلُهُ كَالشَّعْرِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ لَوْ أَشَارَ إلَى شَعْرَةٍ فَقَالَ هَذِهِ الشَّعْرَةُ مِنْك طَالِقٌ طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا فَرْجَك طَلُقَتْ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَالِاسْتِثْنَاءُ لَا يَسْرِي وَلَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ أَنْت طَالِقٌ وَرَأْسُ عَمْرَةَ بِرَفْعِ رَأْسِ طَلُقَتَا وَقِيلَ إذَا لَمْ يَنْوِ فَفِي طَلَاقِ عَمْرَةَ وَجْهَانِ وَلَوْ قَالَ رَأْسِ عَمْرَةَ بِجَرِّ الرَّأْسِ لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ فَإِنَّهُ أَقْسَمَ بِرَأْسِهَا عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا) كَفَرْجِك أَوْ دُبُرِك (قَوْلُهُ ظَاهِرًا كَانَ كَالْيَدِ) أَوْ بَاطِنًا كَالْكَبِدِ لَوْ قَالَ أُنْثَيَاك أَوْ إحْدَى أُنْثَيَيْك طَالِقٌ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَحْمَدُ الرَّسُولُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَالَ لِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ أُنْثَيَيْنِ مِنْ دَاخِلِ الْفَرْج وَقَالَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ وَأَظُنُّهُ قَالَ إحْدَاهُمَا لِنَبْتِ الشَّعْرِ وَالثَّانِيَةُ لِنُزُولِ الْمَنِيِّ. اهـ. وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُمْ عُضْوٌ يَشْمَلُهُ فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ. اهـ. نَاشِرِيّ وَقَوْلُهُ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَحْمَدُ الرَّسُولُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْقُونَوِيِّ فِي شَرْحِ الْحَاوِي (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ زِيَادَةُ لَحْمٍ فَيَكُونُ كَاللَّحْمِ) يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا ضَمَانَهُ فِي الْغَصْبِ فِيمَا لَوْ سَمِنَتْ ثُمَّ هَزَلَتْ فَأَوْجَبُوا ضَمَانَ كُلِّ سِمَنٍ تَكَرَّرَ بِخِلَافِ الصَّنْعَةِ إذَا زَالَتْ ثُمَّ عَادَتْ (قَوْلُهُ وَلَا الْمَعَانِي إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ وَلَا أَصْلُهُ لِمَا إذَا قَالَ عَقْلُك طَالِقٌ وَقَدْ اسْتَفْتَيْت عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَجَبْت فِيهَا بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفِقْهِ أَنَّ الْعَقْلَ عَرَضٌ وَلَيْسَ بِجَوْهَرٍ. اهـ. قَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ وَأَنَّهُ مِنْ الْمَعَانِي وَقَوْلُهُ وَأَجَبْت فِيهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) إنْ لَمْ يُرِدْ الذَّاتَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت اسْمَهَا دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ قَبُولِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 لَا نَفَسُك بِفَتْحِ الْفَاءِ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُمَا أَصْلُ الْآدَمِيِّ وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ نَفَسِك بِفَتْحِ الْفَاءِ لِأَنَّهُ أَجْزَاءٌ مِنْ الْهَوَاءِ تَدْخُلُ الرِّئَةَ وَتَخْرُجُ مِنْهَا لَا جُزْءٌ مِنْ الْمَرْأَةِ وَلَا صِفَةٌ لَهَا وَمِثْلُهُ ظِلُّك وَطَرِيقُك وَصُحْبَتُك صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ (حَيَاتُك) طَالِقٌ (إنْ أَرَادَ بِهَا الرُّوحَ) أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ (لَا) إنْ أَرَادَ بِهَا (الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْحَيِّ) كَسَائِرِ الْمَعَانِي. (فَرْعٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَى الْجُزْءِ ثُمَّ يَسْرِي) إلَى بَاقِي الْبَدَنِ كَمَا فِي الْعِتْقِ (فَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَمِينُك طَالِقٌ فَقُطِعَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ كَمَنْ خَاطَبَهَا) بِذَلِكَ (وَلَا يَمِينَ) لَهَا لِفِقْدَانِ الْجُزْءِ الَّذِي يَسْرِي مِنْهُ الطَّلَاقُ إلَى الْبَاقِي كَمَا فِي الْعِتْقِ وَكَمَا لَوْ قَالَ فَلِحْيَتُك أَوْ ذَكَرُك طَالِقٌ وَصَوَّرَ الرُّويَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا فَقَدَتْ يَمِينَهَا مِنْ الْكَتِفِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ (وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَوْ لِمُلْتَقَطَةٍ يَدُك أُمُّ وَلَدِي) فِي الْأُولَى (أَوْ) يَدُك (ابْنِي) فِي الثَّانِيَةِ (لَغَا) فَلَا يَثْبُتُ بِهِ اسْتِيلَادٌ وَلَا نَسَبٌ لِعَدَمِ السِّرَايَةِ فِيهِمَا. (الرُّكْنُ الْخَامِسُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَحَلِّ فَيَقَعُ فِي الْعِدَّةِ طَلَاقُ رَجْعِيَّةٍ) لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ (لَا) طَلَاقٌ (بَائِنٌ) لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا (وَقَوْلُهُ) لِأَجْنَبِيَّةٍ (إنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ لَغْوٌ) لِذَلِكَ وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقَ إلَّا بَعْدَ مِلْكٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ بِلَفْظِ «لَا طَلَاقَ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ وَلَا عَتَاقَ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ» وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ أَيْ لَا طَلَاقَ وَاقِعٌ وَلَا مُعَلَّقَ وَلَا عَتَاقَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ كَالنَّذْرِ بِنَحْوِ قَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ حَيْثُ يَلْزَمُهُ النَّذْرُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ رَقَبَةً لِأَنَّ ذَاكَ الْتِزَامٌ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ (فَإِنْ قَالَ) لِرَقِيقٍ (إنْ مَلَكْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقك أَوْ فَأَنْت وَصِيَّةٌ لِزَيْدٍ فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ النَّذْرِ الْتِزَامٌ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ وَصُورَةُ الْوَصِيَّةِ أَوْلَى بِذَلِكَ وَثَانِيهِمَا لَا لِتَعَلُّقِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ (وَ) إنْ قَالَ (لِغَيْرِ حَامِلٍ) أَوْ لِحَامِلٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَكَانَ الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ لِأَمَتِهِ أَوْ لِحَائِلٍ (إنْ وَلَدْت فَوَلَدُك حُرٌّ فَوَلَدَتْ عَتَقَ) الْوَلَدُ لِأَنَّهُ مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِي الْأَصْلِ فَمَلَكَهُ فِي الْفَرْعِ كَمَا أَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّارِ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَا تَلِدُهُ الْأَمَةُ ثُمَّ عَلَّقَ بِذَلِكَ فَوَلَدَتْ لَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ تَنْزِيلًا لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنَافِعَهَا فِي الْوِلَادَةِ مَنْزِلَةَ مِلْكِهِ لَهَا وَكَلَامُهُمْ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ. (وَلَوْ عَلَّقَ الْعَبْدُ) الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ (بِدُخُولِهَا فَعَتَقَ ثُمَّ دَخَلْت أَوْ بِعِتْقِهِ فَعَتَقَ وَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلثَّالِثَةِ حَالَةَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ مَلَكَ التَّعْلِيقَ فِي الْجُمْلَةِ وَلِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ النِّكَاحِ الْمُقَيَّدِ بِمِلْكِ الثَّلَاثِ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ وُجِدَتْ وَشُبِّهَ ذَلِكَ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ حَالَ الْبِدْعَةِ (وَإِنْ عَلَّقَ) الزَّوْجُ (طَلَاقَهَا) بِصِفَةٍ كَدُخُولِ الدَّارِ (فَأَبَانَهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ لَمْ تَطْلُقْ) لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالدُّخُولِ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ (وَكَذَا) إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّزْوِيجِ (إذْ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ الْحِنْثُ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ (وَلَا فِي غَيْرِهِ كَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَالْعِتْقِ بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ النِّكَاحِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالرَّقَبَةِ فِي الثَّالِثِ وَبَعْدَ تَجَدُّدِهِ وَذَلِكَ لِتَخَلُّلِ حَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَرُفِعَ حُكْمُ الْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَالتَّعْلِيقِ فِي حَالِ عَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ (وَلَا يَضُرُّهُ) أَيْ عَوْدُ الْحِنْثِ فِيمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ) الظَّاهِرُ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ إذْ الْحَيَاةُ صِفَةٌ تَقْتَضِي الْحِسَّ وَالْحَرَكَةَ الْإِرَادِيَّةَ وَتَفْتَقِرُ إلَى الْبَدَنِ وَالرُّوحِ. [فَرْعٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَى الْجُزْءِ ثُمَّ يَسْرِي إلَى بَاقِي الْبَدَنِ] (قَوْلُهُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْيَدَ هَلْ تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ هَلْ تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الرُّكْنُ الْخَامِسُ فِي الطَّلَاقِ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَحَلِّ] (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ لَغْوٌ) رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ آبَائِهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّ أُمِّي عَرَضَتْ عَلَيَّ قَرَابَةً فَقُلْت هِيَ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِلْكٌ قُلْت لَا قَالَ لَا بَأْسَ» وَرُوِيَ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ يَوْمَ أَتَزَوَّجُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ فَقَالَ طَلَّقَ مَا لَا يَمْلِكُ» وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ صَرِيحَانِ فِي إبْطَالِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ لَا طَلَاقَ إلَخْ) اسْتَدَلَّ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] وَعَلَّلَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْعَقْدِ فَبَطَلَ أَثَرُهُ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَرُفِعَ إلَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ فَفَسَخَهُ انْفَسَخَتْ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ أَنَّهُ يَمِينٌ أَوْ لَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ قَالَ الْهَرَوِيُّ لَيْسَ ذَلِكَ بِفَسْخٍ بَلْ هُوَ حُكْمٌ بِإِبْطَالِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْيَمِينَ الصَّحِيحَةَ لَا تُفْسَخُ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ النَّذْرِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ أَوْ فَهُوَ حُرٌّ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَّقَ بِذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَلَّقَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَبَعْدَ الْقَبُولِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالدُّخُولِ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ) لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنَاوَلَتْ فِعْلًا وَاحِدًا وَقَدْ وُجِدَ فِي حَالٍ لَا يَقَعُ فِيهَا فَانْحَلَّتْ (قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَهُ) قَالَ الْغَزِّيِّ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فَأَبَانَهَا ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا لَمْ تَنْحَلَّ يَمِينُهُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ نِكَاحِهَا طَلُقَتْ عَلَى أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَوْ تَزَوَّجَ فِي الْبَيْنُونَةِ ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا لَمْ تَطْلُقْ بِمَا جَرَى فِي الْبَيْنُونَةِ فَلَوْ كَانَ قَالَ إذَا تَزَوَّجْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْك فَأَبَانَهَا وَتَزَوَّجَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَلَا تَطْلُقُ إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا امْرَأَةً بَعْدَ أَنْ نَكَحَهَا. اهـ. مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُقُوعِ طَلَاقِهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يُرَادَ بِهِ النِّكَاحُ الثَّانِي لِسَبْقِهِ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَقَدْ انْقَطَعَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 ذُكِرَ (تَخَلُّلُ) الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيِّ وَالرَّجْعَةِ) بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَتْ نِكَاحًا مُجَدَّدًا وَلَا تَخَلُّلُ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ مَا ذُكِرَ (وَلَوْ قَالَ إنْ أَبَنْتُكِ ثُمَّ نَكَحْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ لِمَا مَرَّ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بِقَوْلِهِ وَدَخَلْت الدَّارَ وَجَعَلَهُ عَقِبَ نَكَحْتُك كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ كَانَ أَخْصَرَ. (وَمَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الثَّلَاثِ) وَلَوْ بَعْدَ الزَّوْجِ (عَادَتْ إلَيْهِ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا) دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ يُحْوِجُ إلَى زَوْجٍ آخَرَ فَالنِّكَاحُ الثَّانِي وَالدُّخُولُ فِيهِ لَا يَهْدِمَانِهِ كَوَطْءِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ أَمَّا بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا فَتَعُودُ إلَيْهِ بِالثَّلَاثِ لِأَنَّ دُخُولَ الثَّانِي بِهَا أَفَادَ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لِاسْتِغْرَاقِهِ فَكَانَ نِكَاحًا مُفْتَتَحًا بِأَحْكَامِهِ. (فَصْلٌ لِلْحُرِّ) طَلْقَاتٌ (ثَلَاثٌ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] أَيْنَ الثَّالِثَةُ فَقَالَ {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] » (وَلِلْعَبْدِ) مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا (طَلْقَتَانِ) فَقَطْ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُمَلِّكُ فَاعْتُبِرَ بِمَالِكِهِ وَمَشْرُوعٌ لِحَاجَةِ الرَّجُلِ فَاعْتُبِرَ بِجَانِبِهِ وَالْمُبَعَّضُ كَالْعَبْدِ (وَإِنْ طَلَّقَهَا الذِّمِّيُّ) الْحُرُّ (طَلْقَةً ثُمَّ اُسْتُرِقَّ) بَعْدَ نَقْضِهِ الْعَهْدَ (ثُمَّ نَكَحَهَا) بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (عَادَتْ) لَهُ (بِطَلْقَةٍ) فَقَطْ لِأَنَّهُ رَقَّ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ عَدَدِ الْعَبِيدِ (وَكَذَا لَوْ سَبَقَ مِنْهُ) قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ (طَلْقَتَانِ) ثُمَّ نَكَحَهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِطَلْقَةٍ (لِأَنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ (بِهِمَا) فَطَرَيَانُ الرِّقِّ لَا يَرْفَعُ الْحِلَّ الثَّابِتَ (وَمَنْ عَتَقَ بَعْدَ طَلْقَةٍ) أَوْقَعَهَا عَلَى زَوْجَتِهِ ثُمَّ رَاجَعَهَا أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ (بَقِيَ لَهُ طَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ عَدَدِ الْعَبِيدِ (أَوْ) عَتَقَ (بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ) فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ لِاسْتِيفَائِهِ عَدَدَ الْعَبِيدِ فِي الرِّقِّ وَلِأَنَّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِهِمَا فِي الرِّقِّ فَلَا تُرْفَعُ الْحُرْمَةُ بِعِتْقٍ يَحْدُثُ بَعْدَهُ كَمَا قُلْنَا إنَّ الذِّمِّيَّ الْحُرَّ إذَا طَلَّقَ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ لَا يَرْتَفِعُ الْحِلُّ بِرِقٍّ يَحْدُثُ بَعْدَهُ (وَكَذَا) لَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ (لَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (هَلْ وَقَعَتَا) أَيُّ الطَّلْقَتَانِ (قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الرِّقَّ وَوُقُوعَ الطَّلْقَتَيْنِ مَعْلُومَانِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الرِّقِّ حِينَ أَوْقَعَهُمَا (فَإِنْ ادَّعَى تَقَدُّمَ الْعِتْقِ) عَلَيْهِمَا (وَأَنْكَرَتْ هِيَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِوَقْتِ الطَّلَاقِ (إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى يَوْمِ الطَّلَاقِ) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ (وَادَّعَى الْعِتْقَ قَبْلَهُ) فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الرِّقِّ قَبْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى يَوْمِ الْعِتْقِ وَمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ. (فَصْلٌ طَلَاقُ الْمَرِيضِ) فِي الْوُقُوعِ (الصَّحِيحِ) أَيْ كَطَلَاقِهِ فِيهِ (فَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي) الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيِّ) مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ فِي الرَّجْعِيَّةِ بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ لَهَا كَمَا مَرَّ وَصِحَّةِ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ مِنْهَا وَوُجُوبِ نَفَقَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَالِّهَا (لَا) فِي الطَّلَاقِ (الْبَائِنِ) لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ نِيَّةِ الْعَدَدِ فِي الطَّلَاقِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ وَفِيهِ أَطْرَافٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ فِي نِيَّةِ الْعَدَدِ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ) أَوْ نَحْوُهُ (وَنَوَى ثَلَاثًا) مَثَلًا (وَقَعْنَ) لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهَا سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا (أَوْ أَنْتِ وَاحِدَةٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً سَوَاءً رَفَعَ) فِيهِمَا (وَاحِدَةٌ أَوْ نَصَبَ وَنَوَى ثَلَاثًا وَقَعْنَ) لِاحْتِمَالِ الْحَمْلِ عَلَى وَاحِدَةٍ مُلَفَّقَةٍ مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ عَلَى تَوَحُّدِ الْمَرْأَةِ عَنْ زَوْجِهَا بِمَا نَوَاهُ وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ وُقُوعُهَا أَيْضًا فِي الْجَرِّ وَالسُّكُونِ وَيُقَدَّرُ الْجَرُّ بِأَنْتِ ذَاتُ وَاحِدَةٍ أَوْ مُتَّصِفَةٌ بِوَاحِدَةٍ أَوْ بِكَوْنِ الْمُتَكَلِّمِ لَحَنَ وَاللَّحْنُ لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ عِنْدَنَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ. وَأَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا ذُكِرَ فِي حَالِ النَّصْبِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَخَالَفَ فِيهِ الْمِنْهَاجَ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَ وُقُوعَ وَاحِدَةٍ فَقَطْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] ثُمَّ قَالَ {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وَلَمْ يُفَرِّقْ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ أَنْ تَتَزَوَّجَ قَبْلَ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ فَقَدْ يَدْخُلُ بِهَا الزَّوْجُ وَقَدْ لَا يَدْخُلُ فَدَخَلَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ كُلُّهَا تَحْتَ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ. [فَصْلٌ لِلْحُرِّ طَلْقَاتٌ ثَلَاثٌ] (قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ بِمَالِكِهِ) كَعَدَدِ الزَّوْجَاتِ. [فَصْلٌ طَلَاقُ الْمَرِيضِ فِي الْوُقُوعِ الصَّحِيحِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ إلَخْ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ بَائِنٌ إلَى أَنَّ الْكِنَايَةَ كَالصَّرِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ لِحَدِيثِ «رُكَانَةَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَحَلَّفَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لَوَقَعَ وَيُشْتَرَطُ فِي نِيَّةِ الْعَدَدِ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ فَإِنْ نَوَاهَا فِي أَثْنَائِهِ فَعَلَى مَا مَرَّ فِي نِيَّةِ أَصْلِ الطَّلَاقِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِي التَّأْكِيدِ إرَادَتُهُ فِي أَوَّلِ التَّأْسِيسِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي اقْتِرَانِ نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ سَأَلْت عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا وَلَمْ يَقْصِدْ تَوْزِيعًا وَلَا إيقَاعَ الثَّلَاثِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ فَهَلْ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ فَأَجَبْت بِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَنْ يَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتُمَا طَالِقَانِ مِنْ الْكُلِّيِّ التَّفْصِيلِيِّ فَهُوَ حُكْمٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى انْفِرَادِهَا كَصِيغَةِ الْعُمُومِ فَكَانَ قَوْلُهُ ثَلَاثًا رَاجِعًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَا إلَى مَجْمُوعِهِمَا وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْعَصْرِيِّينَ أَنَّهُ أَجَابَ بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى تَوْزِيعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِمَا كَأَنَّهُ قَاسَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْقَعْت عَلَيْكُمَا أَوْ بَيْنَكُمَا ثَلَاثًا وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي مَا أَجَبْت بِهِ وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةً (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ وُقُوعُهَا أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا ذُكِرَ فِي حَالِ النَّصْبِ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَخَالَفَ فِيهِ الْمِنْهَاجُ إلَخْ) وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ أَنْتِ اثْنَتَانِ إذَا نَوَى بِهِ ثَلَاثًا فَيَجِيءُ فِيمَا يَظْهَرُ فِيهِ الْخِلَافُ هَلْ يَقَعُ مَا نَوَى أَوْ لَا يَقَعُ إلَّا اثْنَتَانِ قَالَ شَيْخُنَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ ثَلَاثًا وَنَوَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ مِنْ أَنَّ وَاحِدَةً صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَالنِّيَّةُ مَعَ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْمَنْوِيَّ لَا تُؤَثِّرُ (فَإِنْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ ثَلَاثًا وَنَوَى الطَّلَاقَ لَا الثَّلَاثَ وَقَعْنَ) لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ وَكِنَايَةٌ فِي الْعَدَدِ وَقَدْ نَوَاهُ وَكَذَا إنْ نَوَى الثَّلَاثَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ (أَنْت بَائِنٌ ثَلَاثًا وَنَوَى وَاحِدَةً فَهَلْ يُنْظَرُ إلَى اللَّفْظِ) فَيَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهَا (أَوْ) إلَى (النِّيَّةِ) فَوَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِالثَّلَاثِ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ (وَجْهَانِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي الْجَزْمُ بِالْأَوَّلِ وَذِكْرُ الثَّلَاثِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِثَالٌ فَالثِّنْتَانِ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَلَوْ أَرَادَ الثَّلَاثَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (فَمَاتَتْ أَوْ أَمْسَكَ فُوهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ لَا قَبْلَهُ وَقَعْنَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَاهَا بِأَنْتِ طَالِقٌ لِتَضَمُّنِ إرَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ قَصْدَهَا وَقَدْ تَمَّ مَعَهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي حَيَاتِهَا أَوْ قَبْلَ إمْسَاكٍ فِيهِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا مُبَيِّنٌ لِأَنْتِ طَالِقٌ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَا يُقَالُ تَبِينُ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَقِيلَ يَقَعُ وَاحِدَةً وَقِيلَ لَا شَيْءَ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَقَصَدَ أَنْ يُحَقِّقَهُ بِاللَّفْظِ فَثَلَاثٌ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَ فِي الْأَنْوَارِ قَوْلَ الْبُوشَنْجِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَفَّالِ وَغَيْرِهِمَا أَمَّا إذَا حَصَلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ لِخُرُوجِهَا عَنْ مَحَلِّ الطَّلَاقِ أَوْ إمْسَاكٍ فِيهِ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِهِ (وَرِدَّتُهَا وَإِسْلَامُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (كَمَوْتِهَا) فِيمَا ذُكِرَ. (فَصْلٌ) لَوْ قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ (أَنْت طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْبَرَهُ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ أَطْوَلَهُ) أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ أَشَدَّهُ أَوْ نَحْوَهَا (وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ) فَقَطْ رَجْعِيَّةٌ (وَكَذَا لَوْ قَالَ بِعَدَدِ التُّرَابِ) بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّ التُّرَابَ اسْمُ جِنْسٍ لَا جَمْعٌ وَقَالَ الْبَغَوِيّ عِنْدِي تَقَعُ الثَّلَاثُ بِنَاءً عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْمُبَرِّدِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْقَاضِي وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرِهِمْ وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ الْبَغَوِيّ قَالَا وَلَا يَقْتَضِي الْعُرْفُ غَيْرَهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لِأَنَّ التُّرَابَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ جَمْعًا فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَاحِدُهُ تُرَابَةٌ (أَوْ) بِعَدَدِ (شَعْرِ إبْلِيسَ) لِأَنَّهُ نَجَّزَ الطَّلَاقَ وَرَبَطَ عَدَدَهُ بِشَيْءٍ شَكَكْنَا فِيهِ فَنُوقِعُ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَيُلْغَى الْعَدَدُ إذْ الْوَاحِدَةُ لَيْسَتْ بِعَدَدٍ لِأَنَّ أَقَلَّ الْعَدَدِ اثْنَانِ (فَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (بِعَدَدِ أَنْوَاعِ التُّرَابِ أَوْ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ بِالْمُثَلَّثَةِ أَوْ كُلِّهِ أَوْ يَا مِائَةَ طَالِقٍ أَوْ أَنْت مِائَةُ طَالِقٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ) لِظُهُورِ ذَلِكَ فِيهَا وَالتَّصْرِيحُ بِالضَّبْطِ بِالْمُثَلَّثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) أَنْتِ (كَمِائَةِ طَالِقٍ فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا تَقَعُ ثَلَاثٌ لِوُقُوعِ الشَّبَهِ فِي الْعَدَدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَثَانِيهُمَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ وَاخْتَارَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ بَعْدُ وَأَقَرَّهُ وَاخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ (أَوْ) أَنْت (طَالِقٌ) طَلْقَةً وَاحِدَةً (أَلْفَ مَرَّةٍ أَوْ كَأَلْفٍ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (بِوَزْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا) فِي الثَّلَاثِ (فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَاحِدَةِ فِي الْأُولَتَيْنِ يَمْنَعُ لُحُوقَ الْعَدَدِ وَذِكْرُ الْوَزْنِ فِي الثَّالِثَةِ يُلْغَى لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُوزَنُ وَاسْتَشْكَلَ حُكْمُ الْأُولَيَيْنِ (أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ إنْ لَمْ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالتَّعْلِيقِ بِلَا قَصْدٍ لَمْ يَنْفَعْ فَهُنَا أَوْلَى (إلَّا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ الِاسْتِثْنَاءَ) فَلَمْ يُتِمَّهُ فَلَا تَطْلُقُ (وَيُصَدَّقُ) فِي دَعْوَى ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ   [حاشية الرملي الكبير] وَاحِدَةً أَنَّهُ يَقَعُ الْمَنْوِيُّ عَلَى الْمُرَجَّحِ مَا يَشْهَدُ لِمَا ذُكِرَ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْأَجْزَاءِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يُنْظَرُ إلَى اللَّفْظِ أَوْ النِّيَّةِ) وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكِنَايَةِ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ الثَّلَاثَ) بِأَنْ نَوَاهَا مُقْتَرِنَةً بِلَفْظَةِ طَالِقٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ إلَخْ) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ إذْ النِّيَّةُ إذَا لَمْ تُقَارِنْ اللَّفْظَ لَا أَثَرَ لَهَا ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّوْشِيحِ أَنَّهُ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ وَكَأَنَّهُ تَحْقِيقُ مَنَاطٍ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَوْتَهَا قَبْلَ تَمَامٍ ثَلَاثًا وَبَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا كَمَوْتِهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مُصَرَّحًا بِهِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ بِوَقْعِ الثَّلَاثِ إذَا شَرَعَ فِي لَفْظِ ثَلَاثًا وَمَاتَتْ فِي أَثْنَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ شَرَعَ فِيهِ كَمَا قِيلَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ثُمَّ مَاتَتْ فَقَالَ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ دَخَلْت الدَّارَ أَنَّهُ يُقْبَلُ لِوُجُودِ بَعْضِ لَفْظِ التَّعْلِيقِ. [فَصْلٌ قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ نَحْوَهَا] (فَصْلٌ قَوْلُهُ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا) أَيْ أَوْ مِلْءَ الْبُيُوتِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهَا) أَيْ كَأَكْمَلِهِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّ التُّرَابَ اسْمُ جِنْسٍ) أَيْ وَاحِدٌ لَا يَقْتَضِي الْعَدَدَ صَرِيحًا وَلَا ضِمْنًا (قَوْلُهُ فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَاحِدُهُ تُرَابَةٌ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا قَلِيلَ وَلَا كَثِيرَ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَلَوْ قَالَ لَا كَثِيرَ وَلَا قَلِيلَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ قَالَهُ فِي الْمُطَارَحَاتِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَا قَلِيلَ وَقَعَ الْكَثِيرُ وَهُوَ الثَّلَاثُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَلَمْ يَرْتَفِعْ وَفِي الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ لَا كَثِيرَ وَقَعَ الْقَلِيلُ وَهُوَ وَاحِدَةٌ وَفِي قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا قَلِيلَ رَفْعٌ لَهُ وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَأَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ وَمُدْرِكُهُ ظَاهِرٌ وَأَفْتَى الْفَقِيهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ بِوُقُوعِ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ كَأَنَّهُ قَالَ طَلْقَةً وَشَيْئًا وَلَمَّا قَالَ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَقَعَتْ أَيْضًا طَلْقَتَانِ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ وَشَيْئًا فَتَقَعُ الثَّلَاثُ. اهـ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَكْثَرَ لَيْسَ إنْشَاءَ طَلَاقٍ بَلْ هَذَا عَطْفٌ عَلَى التَّفْسِيرِ لِلْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَقَلَّ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ تَفْسِيرًا وَالتَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا هُوَ أَقَلُّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرُ مِنْ طَلْقَةٍ وَهَذَا الْمَجْمُوعُ لَا يَزِيدُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ قَطْعًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بِوَزْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَخْ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْقَالَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ مَثَاقِيلَ أَوْ خَمْسَةً أَوْ عَشَرَةً أَوْ عِشْرِينَ فَطَلْقَةٌ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ وَمَنَعَ إتْمَامَ الْكَلَامِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 الظَّاهِرَةِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْبَابِ السَّادِسِ مَا حَاصِلُهُ الْوُقُوعُ إلَّا بِقَرِينَةٍ أُخْرَى بِأَنْ مَنَعَ إتْمَامَ الْكَلَامِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ فَلَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا قَرِينَةَ فَالْقِيَاسُ الْوُقُوعُ لَا عَدَمُهُ كَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ الْإِتْمَامِ بِلَا مَانِعٍ دَالٌّ عَلَى الْإِضْرَابِ عَنْهُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ السَّابِقُ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ إنَّ الصِّيغَةَ وَضْعُهَا التَّعْلِيقُ لِأَنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى مَا وُضِعَتْ لَهُ مَشْرُوطٌ بِذِكْرِ مَدْخُولِهَا مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُجَامِعَ الطَّلَاقَ نَحْوُ إنْ كُنْت زَوْجَتِي. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ فَإِنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ لَهَا أَنْت مُطَلَّقَةٌ أَنْت مُسَرَّحَةٌ أَنْت مُفَارِقَةٌ مُتَوَالِيًا) فِيهِمَا (وَكَذَا لَوْ لَمْ يُكَرِّرْ أَنْتِ) بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ مُسَرَّحَةٌ مُفَارِقَةٌ (وَقَعَ الثَّلَاثُ إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ (لَا إنْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ) فَلَا يَقَعُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالْأُخْرَيَيْنِ فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ فِي الْكَلَامِ مَعْهُودٌ فِي جَمِيعِ اللُّغَاتِ (أَوْ) أَكَّدَهَا (بِالثَّانِيَةِ أَوْ) أَكَّدَ (الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ) فَطَلْقَتَانِ يَقَعَانِ عَمَلًا بِقَصْدِهِ (فَلَوْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ فَثَلَاثٌ) لِتَخَلُّلِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْمُؤَكَّدِ وَالْمُؤَكِّدِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا مُتَوَالِيًا عَمَّا لَوْ فَرَّقَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدٌ لِلْفَصْلِ نَعَمْ يُدَيَّنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَقَالَ أَكَّدْت الْأُولَى) بِالْأُخْرَيَيْنِ أَوْ بِإِحْدَاهُمَا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) لِاخْتِصَاصِهِمَا بِالْعَاطِفِ الْمُوجِبِ لِلتَّغَايُرِ (أَوْ) أَكَّدْت (الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ قُبِلَ) لِتَسَاوِيهِمَا (وَتَطْلُقُ ثَلَاثًا بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَطَالِقٌ لِلْمُغَايَرَةِ وَكَذَا) بِقَوْلِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ (وَكَذَا) بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ (لَا بَلْ) طَالِقٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَى الْمُغَايَرَةِ (وَلَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا) مِنْ ذَلِكَ (إلَّا طَلْقَةٌ وَ) إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا فَلَا يَقَعُ بِمَا بَعْدَهَا شَيْءٌ وَيُخَالِفُ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا حَيْثُ تَقَعُ بِهِ الثَّلَاثُ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُنَجَّزِ (فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا) الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ فَلَوْ قَالَ لَهَا (إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ) أَوْ عَكَسَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَدَخَلَتْ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ) لِتَعَلُّقِهَا بِالدُّخُولِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهَا وَكَمَا لَوْ قَالَهُ لِلْمَدْخُولِ بِهَا وَاسْتَشْكَلَ هَذَا فِي صُورَةِ الْعَكْسِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ نَحْوَهُ اخْتَصَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْأَخِيرَةِ وَتَقَعُ وَاحِدَةً وَقِيَاسُهُ هُنَا وُقُوعُ وَاحِدَةٍ مُنَجَّزَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ مُفَرَّقٍ فَاخْتَصَّ بِالْأَخِيرِ (لَا إنْ عَطَفَ بِثُمَّ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ فَلَا تَقَعُ الثَّلَاثُ بَلْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى وَقَعَ لِصَاحِبِ الْأَنْوَارِ إلْحَاقُ الْفَاءِ بِالْوَاوِ وَأَخْذًا مِنْ اقْتِصَارِهِمْ عَلَى تَمْثِيلِهِمْ بِثُمَّ وَهُوَ عَجِيبٌ. (وَلَوْ كَرَّرَ) فِي مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهَا (إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ) كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ (لَمْ يَتَعَدَّدْ) أَيْ الطَّلَاقُ (إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ) فَيَتَعَدَّدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَقَصْدُ الِاسْتِئْنَافِ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَهُ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ الْوُقُوعُ لَا عَدَمُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ فِي الطَّلَاقِ] (قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَرَّرَ اللَّفْظَ أَرْبَعًا فَالْحُكْمُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ كَالْحُكْمِ فِي صُورَةِ تَكْرِيرِهِ ثَلَاثًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَخَيَّلَ أَنَّ الرَّابِعَةَ يَقَعُ بِهَا طَلْقَةٌ لِفَرَاغِ الْعَدَدِ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ التَّأْكِيدُ بِمَا يَقَعُ لَوْلَا قَصْدُ التَّأْكِيدِ فَلِإِنْ يُؤَكَّدُ بِمَا لَا يَقَعُ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ التَّأْكِيدِ أَوْلَى. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّمْهِيدِ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَقْبَلُ التَّأْكِيدَ مُطْلَقًا كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي امْتِنَاعِهِ وَبِتَقْدِيرِهِ فَالْخُرُوجُ عَنْ الْمَهِيعِ النَّحْوِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ كَمَا أَوْضَحَهُ الْأَصْحَابُ فِي الْإِقْرَارِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ أَجَابَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيه بِحَاصِلِ مَا ذَكَرْته اهـ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَفْظِيٌّ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ يَجْرِي فِي الزَّوَائِدِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرَةَ لَمَّا «عَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَةَ الزُّورِ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ أَنَّهُ نَطَقَ بِذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ» إذْ يَبْعُدُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّلَاثِ فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ ثَلَاثًا فِي الْغَالِبِ وَقَوْلُهُ فَالْحُكْمُ عِنْدِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ) وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَأْتِي فِي تَكْرِيرِ الْكِنَايَاتِ كَقَوْلِهِ اعْتَدِّي اعْتَدِّي اعْتَدِّي (قَوْلُهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ) لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْإِيقَاعِ كَاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَلِهَذَا يُقَالُ إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ التَّأْسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ فَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى (قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدٌ لِلْفَصْلِ) نَعَمْ إذَا كَانَ فَصْلُهُ لِعُذْرٍ كَأَنْ كَانَ بِهِ عِيٌّ أَوْ مَنَعَهُ سُعَالٌ طَوِيلٌ مُتَوَاصِلٌ قَبْلَ قَوْلِهِ إنَّهُ أَرَادَ التَّأْكِيدَ لِلْقَرِينَةِ الدَّالَّةَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ اتِّصَالِ الْكَلَامِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فَوَضَعَ إنْسَانٌ يَدَهُ عَلَى فِيهِ مَعَ تَمَامِ قَافِ طَالِقٍ ثُمَّ أَرْسَلَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بِهِ تَأْكِيدَ مَا تَقَدَّمَ وَكُنْت عَازِمًا عَلَيْهِ فَمَنَعَنِي وَضْعُ الْيَدِ عَلَى فِي مِنْهُ. (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا لِاخْتِصَاصِهِمَا إلَخْ) أَيْ وَيُدَيَّنُ. (فَرْعٌ) فِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا فَإِنْ أَرَادَ طَلْقَتَيْنِ وَقَعَتَا وَإِنْ أَرَادَ لِتَأْكِيدٍ وَنَصَبَ عَلَى الْحَالِ قُبِلَ مِنْهُ وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ قُبِلَ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا إلَخْ) قَالَ الدَّارِمِيُّ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى ثَلَاثًا أَوْ كَرَّرَهُ وَنَوَى بِالْأَوَّلِ ثَلَاثًا وَقَعْنَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَرَّرَهُ وَنَوَى بِالْأَوَّلِ ثَلَاثًا فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ وَاضِحَةٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهَا جَرْيًا عَلَى ظَاهِرِ الْإِطْلَاقِ فَاسْتَحْضَرَهَا فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ فِي صُوَرِ التَّكْرَارِ لَا سِيَّمَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرَ وَالْأَرْجَحُ إلَى الْجَمِيعِ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ فَالْجَوَابُ الَّذِي أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تُشْبِهُ الْحُدُودَ الْمُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ فَتَتَدَاخَلُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا تَعَدُّدَ فِيهِمَا كَمَا لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فِيمَا لَوْ حَنِثَ فِي أَيْمَانٍ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ. (وَلَوْ طَالَ فَصْلٌ وَتَعَدَّدَ مَجْلِسٌ) غَايَةٌ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا لِلْمُسْتَثْنَى فَلَوْ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ وَلَا تَعَدَّدَ مَجْلِسٌ كَانَ غَايَةً لِلْمُسْتَثْنَى (فَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَقَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ حُذِفَ الْعَاطِفُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (وَيَقَعُ لِلْمَمْسُوسَةِ) أَيْ الْمَدْخُولِ بِهَا (بِقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ ثَلَاثٌ) وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْإِقْرَارِ بِقُرْبِ الِاسْتِدْرَاكِ فِي الْإِخْبَارِ وَبَعْدَهُ فِي الْإِنْشَاءِ وَبِظُهُورِ التَّعَدُّدِ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْإِقْرَارِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَعَادَ اللَّفْظَ هُنَا بَعْدَ فَصْلِ تَعَدَّدَ الطَّلَاقُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ (وَ) يَقَعُ لَهَا (بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ) طَلْقَةٌ (مُنَجَّزَةٌ وَ) طَلْقَتَانِ (مُعَلَّقَتَانِ) رَدًّا لِلشَّرْطِ إلَى مَا يَلِيه خَاصَّةً لِأَجَلٍ بَلْ وَبِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ طَالِقٌ فَطَالِقٌ طَلْقَتَانِ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا وَيَقَعُ لِلْمَمْسُوسَةِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ بَلْ وَاحِدَةً ثَلَاثٌ وَلِغَيْرِهَا ثِنْتَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَ) يَقَعُ (بِقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً قَبْلَ أَوْ بَعْدَ) طَلْقَةٍ (أَوْ بَعْدَهَا أَوْ قَبْلَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ مَعَ) طَلْقَةٍ (أَوْ مَعَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ تَحْتَ) طَلْقَةٍ (أَوْ تَحْتَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ فَوْقَ) طَلْقَةٍ (أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ طَلْقَتَانِ لِلْمَمْسُوسَةِ) يَقَعَانِ مَعًا فِي مَعَ بِتَمَامِ الْكَلَامِ وَمُتَعَاقِبَتَيْنِ فِي غَيْرِهَا بِتَمَامِ الْكَلَامِ بِأَنْ تَقَعَ أَوَّلًا الْمُضَمَّنَةُ ثُمَّ الْمُنَجَّزَةُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ تَحْتَهَا طَلْقَةٌ وَبِالْعَكْسِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ أَوْ تَحْتَ طَلْقَةٍ عَلَى كَلَامٍ يَأْتِي فِي تَحْتَ وَفَوْقَ (وَكَذَا غَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ) يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَتَانِ (فِي قَوْلِهِ مَعَ) طَلْقَةٍ (أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ) لِاقْتِضَاءِ مَعَ مَعْنَى الضَّمِّ وَالْمُقَارَنَةِ فَيَقَعَانِ مَعًا بِلَا تَرْتِيبٍ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ لَا يَقَعُ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ لِظُهُورِ التَّرْتِيبِ فِيهَا وَتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ هَذَا مَفْهُومُ كَلَامِهِ وَهُوَ فِي تَحْتَ وَفَوْقَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي لَكِنْ الَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُمَا كَمَعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ مَشَى شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ. (فَإِنْ أَرَادَ) فِي الْمَمْسُوسَةِ (بِبَعْدَ) فِي قَوْلِهِ طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ (أَنِّي سَأُطَلِّقُهَا) بَعْدَ هَذَا طَلْقَةً (دُيِّنَ) فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا (أَوْ) أَرَادَ (بِقَبْلِهَا أَنَّهُ أَوْ غَيْرَهُ) مِنْ زَوْجٍ آخَرَ (سَبَقَ مِنْهُ) (طَلَاقٌ لَهَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ) فِيمَا إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي وَفَسَّرَ بِهَذَا وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ سَبْقِ الطَّلَاقِ مِنْهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِ مَمْسُوسَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) كَمَا لَوْ قَالَهُ لِلْمَمْسُوسَةِ وَسَيَأْتِي (أَوْ) قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً وَمِائَةً أَوْ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ طَلْقَةً وَنِصْفًا أَوْ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ) طَلْقَةً بَلْ (ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا لِعَطْفِ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ فِي إحْدَى عَشْرَةَ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ فَهُوَ بِمَعْنَى الْمُفْرَدِ (أَوْ) قَالَ ذَلِكَ (لِلْمَمْسُوسَةِ تَعَدَّدَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) كَمَا مَرَّ بَعْضُهُ (أَوْ) قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً قَبْلَهَا) . قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ بَعْدَهَا (كُلُّ تَطْلِيقَةٍ طَلُقَتْ الْمَمْسُوسَةُ ثَلَاثًا) مَعَ تَرْتِيبٍ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَبَاقِي الثَّلَاثِ وَطَلُقَتْ غَيْرُهَا وَاحِدَةً أَمَّا فِي بَعْدِهَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي قَبْلِهَا فَلِأَنَّ الْوَاقِعَ إنَّمَا هُوَ الْمُنَجَّزُ لَا الْمُضَمَّنُ لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّوْرُ (أَوْ) قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنْت (طَالِقٌ حَتَّى يُتِمَّ الثَّلَاثَ) أَوْ أُكْمِلَهَا أَوْ أُوقِعَهَا عَلَيْك (وَلَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ فَوَاحِدَةٌ) وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْوَانًا مِنْ الطَّلَاقِ فَوَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا) وَلَوْ قَالَ أَنْوَاعًا مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْنَاسِهِ مِنْهُ أَوْ أَصْنَافًا لِظَاهِرِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ (وَإِنْ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ يَا مُطَلَّقَةُ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت تِلْكَ الطَّلْقَةَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ أَطْلَقَ) فَلَا تَعَدُّدَ فِيهِمَا وَجَّهَهُ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ جَرَيَانَ الْعَادَةِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُكَرِّرُ الْيَمِينَ الْوَاحِدَةَ مَرَّاتٍ. (قَوْلُهُ أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ إلَخْ) أَيْ أَوْ عَلَى طَلْقَةٍ أَوْ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ لَا يَقَعُ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُهُمَا يَقْتَضِي مُوَافَقَتَهُمَا لِلْمُتَوَلِّي. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُمَا كَمَعَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَعَ لِلْقِرَانِ فِي اللُّغَةِ وَفَوْقَ وَتَحْتَ لِلتَّرْتِيبِ الْمُنَافِي لِلْقِرَانِ وَعِبَارَةُ التَّتِمَّةِ إذَا قَالَ طَلْقَةً فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً تَحْتَ طَلْقَةٍ فَهَذَا وَصْفٌ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْئًا مَحْسُوسًا حَتَّى يَتَعَيَّنَ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ فَيَلْغُو قَوْلُهُ فَوْقَ وَقَوْلُهُ تَحْتَ فَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً طَلْقَةً وَالْحُكْمُ فِيهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ اهـ وَفِي الذَّخَائِرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا لَوْ قَالَ قَبْلَ وَبَعْدَ وَتَكُونُ تَحْتَ وَفَوْقَ عِبَارَةً عَنْ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَحْتَ طَلْقَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ وَإِذَا قَالَ فَوْقَ طَلْقَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي الظَّرْفِ عُرْفًا وَعَادَةً وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ اللَّفْظَ يَتَضَمَّنُ الْجَمْعَ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَيُؤَكَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ بِأَنَّ تَحْتَ وَفَوْقَ ظَرْفَا مَكَان يَكُونُ لِلْجَوَاهِرِ وَالْأَجْسَامِ وَالطَّلَاقُ لَفْظٌ مِنْ قَبِيلِ الْإِعْرَاضِ لَا يُوصَفُ بِذَلِكَ فَكَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى صَرْفِ اللَّفْظِ إلَى الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ الْمُمْكِنَةِ فِي الْإِيقَاعِ إذْ لَا بُدَّ لِلْوُقُوعِ مِنْ زَمَانٍ وَالزَّمَانُ لَهُ قَبْلٌ وَبَعْدٌ وَلَيْسَ لَهُ فَوْقٌ وَتَحْتٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مَشَى شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ فَوَاحِدَةٌ فَقَطْ تَقَعُ) لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا لِعَطْفِ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذْ لَمْ يَنْوِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ فَإِنْ نَوَاهُنَّ بِهِ وَقَعْنَ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 فَهَلْ يُقْبَلُ) مِنْهُ (أَوْ يَقَعُ) طَلْقَةً (أُخْرَى وَجْهَانِ) أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ. (وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا) أَوْ طَلِّقْنِي وَطَلِّقْنِي وَطَلِّقْنِي أَوْ طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (فَقَالَ طَلَّقْتُك) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ (وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَوَاحِدَةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّ الْجَوَابَ مُنَزَّلٌ عَلَى السُّؤَالِ فَيَنْبَغِي وُقُوعُ ثَلَاثٍ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ بِلَا نِيَّةٍ طَلَّقْت وَالنَّظَرُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ السَّائِلَ فِي تِلْكَ مَالِكٌ لِلطَّلَاقِ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ (وَلَوْ طَلَّقَهَا) طَلْقَةً (رَجْعِيَّةً ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا لَغَا) فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَقَعَ طَلْقَتَانِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي وَصَوَّبَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْحِسَابِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ حِسَابُ الضَّرْبِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ وَأَرَادَ مَعَ) طَلْقَةٍ (وَقَعَ طَلْقَتَانِ) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْإِقْرَارِ (أَوْ الظَّرْفِ أَوْ الْحِسَابِ أَوْ يُرِدْ شَيْئًا فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا مُقْتَضَى الظَّرْفِ وَمُوجِبُ الْحِسَابِ وَالْمُحَقَّقُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِرَادَةِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ وَأَرَادَ مَعَ فَثَلَاثٌ أَوْ الْحِسَابُ فَإِنْ عَلِمَهُ فَطَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُمَا مُوجِبَتَاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ الْحِسَابَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ (فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ (وَلَوْ قَالَ أَرَدْت مَا يَقْتَضِيهِ الْحِسَابُ) لِأَنَّ مَا لَا يَعْلَمُهُ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ (وَكَذَا) يَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ (إنْ قَصَدَ الظَّرْفَ) لِأَنَّهَا مُقْتَضَاهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا الْغَزَالِيُّ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ) وَلَمْ يُرِدْ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَةٌ) سَوَاءٌ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ الظَّرْفَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ (وَكَذَا) يَقَعُ طَلْقَةً بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ إلَّا إنْ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ فَثِنْتَانِ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً وَرُبْعًا أَوْ) وَ (نِصْفًا فِي وَاحِدَةٍ وَرُبْعٍ) وَلَمْ يُرِدْ الْمَعِيَّةَ (فَثِنْتَانِ وَإِنْ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ فَثَلَاثٌ) بِتَكْمِلَةِ الْكَسْرِ فِي الْأَرْبَعِ. (وَلَوْ عَلَّقَ عَدَدَ طَلَاقِ زَيْدٍ) كَأَنْ قَالَ طَلَّقْتُك مِثْلَ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ أَوْ عَدَدَ طَلَاقِهِ (أَوْ نَوَاهُ) أَيْ الْعَدَدَ (وَهُوَ يَجْهَلُهُ) فِيهِمَا (فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ فَثَلَاثٌ) إدْخَالًا لِلطَّرَفَيْنِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الضَّمَانِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَالظَّاهِرُ اسْتِيفَاؤُهُ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ كَمَا قَدَّمْته فِي بَابِ الضَّمَانِ (وَكَذَا) يَقَعُ الثَّلَاثُ (لَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (مَا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ إلَى الثَّلَاثِ) لِأَنَّ مَا بَيْنَ بِمَعْنَى مِنْ بِقَرِينَةِ إلَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (مَا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا الصَّادِقَةُ بِالْبَيْنِيَّةِ بِجَعْلِ الثَّلَاثِ بِمَعْنَى الثَّالِثَةِ. (النَّوْعُ الثَّانِي التَّجْزِئَةُ الطَّلَاقُ لَا يَتَجَزَّأُ) بَلْ ذِكْرُ بَعْضِهِ كَذِكْرِ كُلِّهِ لِقُوَّتِهِ سَوَاءٌ أَبْهَمَ أَمْ عَيَّنَ (فَقَوْلُهُ) أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْضَ طَلْقَةٍ) أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ تَقَعُ بِهِ (طَلْقَةٌ وَلَوْ زَادَ فِي أَجْزَاءِ الْمُطَلِّقَةِ فَقَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ) أَوْ أَرْبَعَةَ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَتَانِ) لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ مَتَى زَادَتْ عَلَى طَلْقَةٍ حُسِبَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ طَلْقَةٍ أُخْرَى وَأُلْغِيَ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَنِصْفَ طَلْقَةٍ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (خَمْسَةَ أَنْصَافِهَا) أَوْ سَبْعَةَ أَثْلَاثِهَا أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا جَاوَزَتْ فِيهِ الْأَجْزَاءُ طَلْقَتَيْنِ (فَثَلَاثٌ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ رُبْعَ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ) أَوْ رُبْعَيْ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَةٌ إنْ لَمْ يُرِدْ كُلًّا) أَيْ كُلَّ جُزْءٍ (مِنْ طَلْقَةٍ) فَإِنْ أَرَادَهُ وَقَعَ ثِنْتَانِ (وَكَذَا) يَقَعُ طَلْقَةً بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفُ طَلْقَتَيْنِ) وَلَمْ يُرِدْ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا وَحَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ فَلَا نُوقِعُ مَا زَادَ بِالشَّكِّ قَالَ الْإِمَامُ وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ نِصْفُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ لِأَنَّهُمَا شَخْصَانِ لَا يَتَمَاثَلَا فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا إضَافَةٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَالطَّلْقَتَانِ يُشْبِهَانِ الْعَدَدَ الْمَحْضَ. (وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَى نِصْفِ دِرْهَمَيْنِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) لِأَنَّهُ نِصْفُهُمَا (أَوْ) لَهُ عَلَى (ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ دِرْهَمٍ فَدِرْهَمٌ وَنِصْفٌ) لِأَنَّ الْمَالَ يَتَجَزَّأُ (وَيَقَعُ بِقَوْلِهِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَقْرَبُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِذَلِكَ إذَا خَاطَبَهَا بِذَلِكَ فِي عِدَّةِ طَلْقَةٍ رَجْعِيَّةٍ قَبْلَ أَنْ يُرَاجِعَهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ إذَا طَلَّقَ رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا وَنَوَى قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ فَلَغْوٌ وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ. اهـ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إذَا طَلَّقَ رَجْعِيًّا ثُمَّ سَكَتَ وَرَاجَعَ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا فَإِنْ قَصَدَ بِكَلَامِهِ ثَانِيًا أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ وَبَيَانٌ لَهُ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا أَنَّهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَمَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً أَنْتِ ثَلَاثًا وَنَوَى الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ فَإِنَّهُ يَقَعُ وَإِنَّهُ إنْ قَالَ إنْ غِبْت عَنْ زَوْجَتِي سَنَةً فَمَا أَنَا لَهَا بِزَوْجٍ وَلَا هِيَ لِي بِامْرَأَةٍ فَهُوَ إقْرَارٌ فِي الظَّاهِرِ بِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ السَّنَةِ وَتَوَقُّعِ زَوَالِهَا بِذَلِكَ مُحْتَمَلٌ فَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ ظَاهِرًا وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. [فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ] (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي وَصَوَّبَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ الْحِسَابِ فِي الطَّلَاق] [النَّوْع الْأَوَّلُ حِسَابُ الضَّرْبِ فِي الطَّلَاق] (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ الْحِسَابَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ فَوَاحِدَةٌ فَقَطْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا جَهِلَ مَا يُرِيدُونَ بِهِ جُمْلَةً وَرَأْسًا أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ عَدَدًا لَكِنَّهُ جَهِلَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. (قَوْلُهُ فَوَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَدَدًا وَنَوَى عَدَدًا مِنْ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ قَطْعًا فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ) وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ. [النَّوْعُ الثَّانِي التَّجْزِئَةُ فِي الطَّلَاقُ] (قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ فِي أَجْزَاءِ الْمُطَلِّقَةِ فَقَالَ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ إلَخْ) صَحِيحٌ الْبُلْقِينِيُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَةٌ فَإِنَّ الْأَجْزَاءَ الْمَذْكُورَةَ يَصِحُّ أَنْ تَقَعَ فِي وَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ فَيُقْضَى فِيهَا بِقِسْمَةِ الْمَالِ الْوَاحِدِ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الْعَوْلِ جَوَابُهُ إنَّ الْوَصِيَّةَ وَالْوَقْفَ مَحْصُورَانِ فِي الْمَالِ فَوَجَبَ فِيهِ التَّوْزِيعُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ يُمْكِنُ إعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَمِثْلَهُ وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ لِدُخُولِ وَاوِ الْعَطْفِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ النِّصْفَيْنِ إلَى طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَمِثْلَيْهِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ) أَوْ ثُلُثَيْ طَلْقَتَيْنِ (طَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ (وَ) يَقَعُ (بِثَلَاثَةِ أَنْصَافٍ طَلْقَتَيْنِ أَوْ) ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ (الطَّلَاقُ ثَلَاثٌ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَانِ كَمَا مَرَّ آنِفًا فَثَلَاثَةٌ أَيْضًا فِيهِمَا ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِصَرْفِ اللَّفْظِ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ إلَى الْجِنْسِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّهُ أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ وَعَطَفَ فَاقْتَضَى التَّغَايُرَ (وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ الطَّلْقَةَ) وَلَمْ تَزِدْ الْأَجْزَاءُ عَلَيْهَا كَأَنْ قَالَ نِصْفُ وَثُلُثُ وَسُدُسُ طَلْقَةٍ (أَوْ) كَرَّرَهَا لَكِنْ (حَذَفَ الْوَاوَ) كَأَنْ قَالَ نِصْفُ طَلْقَةٍ ثُلُثُ طَلْقَةٍ سُدُسُ طَلْقَةٍ (أَوْ) لَمْ يُكَرِّرْهَا بَلْ (حَذَفَ الطَّلْقَةَ أَوْ الْوَاوَ) الصَّادِقُ ذَلِكَ بِحَذْفِهِمَا بِجَعْلِهِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ كَأَنْ قَالَ نِصْفُ ثُلُثِ سُدُسٍ أَوْ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَسُدُسٌ أَوْ نِصْفُ ثُلُثِ سُدُسِ طَلْقَةٍ (فَوَاحِدَةٌ) إذْ كُلُّهَا أَجْزَاءُ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ (فَلَوْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ بِلَا وَاوٍ) وَكَرَّرَ الطَّلْقَةَ (كَنِصْفِ طَلْقَةٍ ثُلُثِ طَلْقَةٍ رُبْعِ طَلْقَةٍ فَطَلْقَتَانِ) كَمَا لَوْ قَالَ ثَلَاثَةُ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ وَنِصْفَهَا وَنِصْفَهَا فَثَلَاثٌ إلَّا إنْ أَرَادَ بِالنِّصْفِ الثَّالِثِ التَّأْكِيدَ فَطَلْقَتَانِ وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْشَاءِ تَخَيَّرَ) بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَعْتَقْت هَذَا أَوْ هَذَيْنِ (أَوْ) عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ (شَاكًّا لَمْ تَلْزَمْ الثَّانِيَةُ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ وَلَا يُنَافِي التَّخْيِيرَ فِي الْأُولَى عَدَمُهُ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا وَلِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ حَيْثُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ إلَّا غَدًا أَوْ بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِلْحَالَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّ ذَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخْتَرْ خِلَافَهُ وَإِنَّمَا سَكَتُوا عَنْ التَّخْيِيرِ ثُمَّ لِأَنَّ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ غَايَةً تُنْتَظَرُ بِخِلَافِهِ هُنَا. (النَّوْعُ الثَّالِثُ التَّشْرِيكُ فَإِنْ أَوْقَعَ عَلَى أَرْبَعٍ) بِأَنْ قَالَ أَوْقَعْت عَلَيْهِنَّ (طَلْقَةً طُلِّقْنَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً أَوْ أَرْبَعًا) أَوْ ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ يَطْلُقْنَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ مَا ذُكِرَ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِنَّ خَصَّ كُلًّا مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ أَوْ بَعْضُهَا فَتَكْمُلُ (إلَّا إنْ نَوَى تَوْزِيعَهُنَّ) أَيْ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ (فَثَلَاثًا ثَلَاثًا) يَقَعْنَ فِي صُورَتَيْ الْأَرْبَعِ وَالثَّلَاثِ وَثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ فِي صُورَةِ الثِّنْتَيْنِ وَلِبُعْدِ هَذَا عَنْ الْفَهْمِ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (أَوْ أَوْقَعَ) عَلَيْهِنَّ (خَمْسًا) أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا (أَوْ ثَمَانِيًا طَلُقْنَ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ التَّوْزِيعَ أَوْ قَالَ تِسْعًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ أَوْقَعَ بَيْنَهُنَّ ثَلَاثًا) مَثَلًا (وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إحْدَاهُنَّ) وَأَخْبَرَ بِهِ (لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرًا لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ كَمَا لَوْ قَالَ أَوْقَعْت الطَّلَاقَ بَيْنَكُنَّ (وَدُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت طَلْقَتَيْنِ) مِنْ الثَّلَاثِ (لَعَمْرَةَ وَوَاحِدَةً لِلْبَاقِيَاتِ) وَفِي نُسْخَةٍ لِلْجَمِيعِ (قُبِلَ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَتَعَطَّلْ الطَّلَاقُ فِي بَعْضِهِنَّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَدَدِ بَيْنَهُنَّ وَإِنْ تَفَاوَتْنَ فِيمَا يَلْحَقُهُنَّ (فَلَوْ أَوْقَعَ بَيْنَهُنَّ ثُلُثَ طَلْقَةٍ وَرُبْعَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ تَغَايُرَ الْأَجْزَاءِ وَعَطْفَهَا يُشْعِرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ جُزْءٍ بَيْنَهُنَّ (فَإِنْ أَوْقَعَ) بِأَنْ قَالَ أَوْقَعْت بَيْنَهُنَّ (طَلْقَةً وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً فَهَلْ يَطْلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ التَّفْصِيلَ يُشْعِرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ (أَوْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً) كَقَوْلِهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ (وَجْهَانِ) أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ (وَإِنْ أَوْقَعَ بَيْنَ أَرْبَعٍ أَرْبَعًا وَقَالَ أَرَدْت) أَنِّي أَوْقَعْت (عَلَى ثِنْتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَيَيْنِ) لَمْ أُوقِعْ عَلَيْهِمَا شَيْئًا (لَحِقَ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (وَ) لَحِقَ (الْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ) لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الطَّلَاقُ فِي بَعْضِهِنَّ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَلَوْ ذَكَرَهَا عَقِبَ مَسْأَلَةِ عَمْرَةَ كَالرَّافِعِيِّ كَانَ أَنْسَبَ. (فَرْعٌ) لَوْ (طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْت كَهِيَ أَوْ مِثْلُهَا وَنَوَى طَلَاقَهَا طَلُقَتْ) وَإِلَّا فَلَا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ غَيْرَ الطَّلَاقِ وَالْمُرَادُ بِإِشْرَاكِهَا مَعَهَا جَعْلُهَا مُشَارِكَةً لَهَا فِي كَوْنِهَا مُطَلَّقَةً لَا فِي طَلَاقِهَا إذْ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ عَلَيْهَا لَا يُمْكِنُ جَعْلُ بَعْضِهِ لِغَيْرِهَا أَمَّا لَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك مَعَهَا فِي الطَّلَاقِ فَتَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الظِّهَارِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ (لَوْ أَشْرَكَهَا فِي طَلَاقٍ وَقَعَ عَلَى امْرَأَةِ غَيْرِهِ وَنَوَى وَإِنْ أَشْرَكَهَا مَعَ ثَلَاثٍ) طَلَّقَهُنَّ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَنَوَى (وَأَرَادَ أَنَّهَا شَرِيكَةُ كُلٍّ) مِنْهُنَّ (طَلُقَتْ ثَلَاثًا أَوْ) أَنَّهَا (مِثْلُ إحْدَاهُنَّ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (وَاحِدَةً وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ) نِيَّةَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً وَلَا عَدَدًا لِأَنَّ جَعْلَهَا كَإِحْدَاهُنَّ أَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ وَأَظْهَرُ مِنْ تَقْدِيرِ تَوْزِيعِ كُلِّ طَلْقَةٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَوْ أَوْقَعَ بَيْنَ ثَلَاثٍ طَلْقَةً ثُمَّ أَشْرَكَ الرَّابِعَةَ   [حاشية الرملي الكبير] [النَّوْعُ الثَّالِثُ التَّشْرِيكُ فِي الطَّلَاقِ] قَوْلُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ) أَيْ وَالتَّخْصِيصُ يُنَاقِضُهَا فَلَمْ يُقْبَلْ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَدَدِ بَيْنَهُنَّ) وَإِنْ تَفَاوَتْنَ فِيمَا يَلْحَقُهُنَّ وَهَذَا كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هَاتَانِ الدَّارَانِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. [فَرْعٌ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا وَنَوَى طَلَاقَهَا] (قَوْلُهُ وَقَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى قَسَمْت الطَّلَاقَ بَيْنَكُمَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ وَصَارَ حَقٌّ فِي إحْدَاهُمَا فَلَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا مِثْلُ ذَلِكَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 مَعَهُنَّ وَقَعَ عَلَى الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ وَعَلَى الرَّابِعَةِ طَلْقَتَانِ إذْ يَخُصُّهَا بِالشَّرِكَةِ طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ قَالَ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ لَوْ طَلَّقَ إحْدَى نِسَاؤُهُ الثَّلَاثِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ أَشْرَكْتُك مَعَهَا ثُمَّ لِلثَّالِثَةِ أَشْرَكْتُك مَعَ الثَّانِيَةِ طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ حِصَّتَهَا مِنْ الْأُولَى طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ وَالثَّالِثَةُ طَلْقَةً لِأَنَّ حِصَّتَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ قَرِيبًا. (فَإِنْ أَشْرَكَهَا مَعَ امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (ثَلَاثًا) وَنَوَى (فَهَلْ تَطْلُقُ وَاحِدَةً) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ (أَوْ ثَلَاثًا) لِأَنَّهَا أَشْرَكَهَا مَعَهَا فِي كُلِّ طَلْقَةٍ (أَوْ اثْنَتَيْنِ) لِأَنَّهُ أَشْرَكَهَا مَعَهَا فِي ثَلَاثٍ فَيَخُصُّهَا طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ (وُجُوهُ الْمَذْهَبِ ثَالِثُهَا) ذِكْرُ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَتَرْجِيحُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ أَخْذٌ مِنْ جَزْمِ الْجُرْجَانِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ السَّابِقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَحَلٌّ إذَا نَوَى الشَّرِكَةَ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ كَلَامَ الْمَنْثُورِ مُقَيَّدٌ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ أَنْتِ شَرِيكَتُهَا فِي هَذَا الطَّلَاقِ وَكَذَا قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لَكِنَّ الْقَاضِيَ أَسْقَطَهُ فَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي هَذَا الطَّلَاقِ أَنَّهُ أَرَادَ الْعَدَدَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْوِهِ فَالْأَوْجَهُ فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَعُمْدَةُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ التَّابِعُ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لِلْآخِرَتَيْنِ أَشْرَكْتُكُمَا مَعَهُمَا وَنَوَى فَإِنْ نَوَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَالْأُولَيَيْنِ مَعًا أَوْ أَنَّهَا تُشَارِكُ كُلًّا مِنْهُمَا فِي طَلْقَتِهَا طَلُقَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَتَيْنِ وَإِنْ نَوَى أَنَّهَا كَوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ أَطْلَقَ فَطَلْقَةٌ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا صَحَّ ثُمَّ إنْ أَرَادَ اشْتِرَاكَهَا مَعَهَا فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِدُخُولِ الْأُولَى طَلُقَتَا بِدُخُولِهَا وَإِنْ أَرَادَ إشْرَاكَهَا مَعَهَا فِي أَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِدُخُولِهَا كَمَا فِي الْأُولَى تَعَلَّقَ طَلَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدُخُولِ نَفْسِهَا فَلَوْ أَطْلَقَ فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِي وَلَوْ قَالَ أَرَدْت تَوَقُّفَ طَلَاقِ الْأُولَى عَلَى دُخُولِ الثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ] [الضَّرْب الْأَوَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا فِي الطَّلَاقِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ ضَرْبَانِ) الْأَوَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ (بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا فَيُشْتَرَطُ) فِيهِ (أَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ) الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (وَأَنْ لَا يُفْصَلَ) بَيْنَهُمَا (بِأَكْثَرَ مِنْ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ أَوْ الْعَيِّ) أَوْ التَّذَكُّرِ أَوْ انْقِطَاعِ الصَّوْتِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ فَاصِلًا بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ يَسِيرًا (وَهُوَ) أَيْ الِاتِّصَالُ هُنَا (أَبْلُغُ مِنْ اتِّصَالِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إذْ يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ اثْنَيْنِ مَا لَا يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ وَاحِدٍ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَقْصِدَهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ (وَلَوْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا (فَلَا يُشْتَرَطُ) مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا يَكْفِي بَعْدَ الْفَرَاغِ إذْ لَوْ كَفَى لَلَزِمَ عَلَيْهِ رَفْعُ الطَّلَاقِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ وَلَوْ كَانَ أَوْلَى (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاتِّصَالِ وَالْقَصْدِ (فِي التَّعْلِيقِ) بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ تَقْيِيدُ كَالِاسْتِثْنَاءِ (فَقَوْلُهُ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَاطِلٌ لِلِاسْتِغْرَاقِ) فَتَقَعُ الثَّلَاثُ (وَلَا يُجْمَعُ الْمَعْطُوفُ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ) الْحَاصِلِ بِجَمْعِهِمَا (وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى لِإِثْبَاتِهِ) وَلَا فِيهِمَا لِذَلِكَ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْإِقْرَارِ وَهُوَ وَاحِدٌ (فَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً وَقَعَتْ طَلْقَةً) لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى إذَا لَمْ يُجْمَعْ مُفَرَّقُهُ لَمْ يَبْلُغْ إلَّا مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ وَهُوَ وَاحِدَةٌ (أَوْ) طَلَّقَ ثَلَاثًا (إلَّا وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ) إلْغَاءٌ لِقَوْلِهِ وَاثْنَتَيْنِ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِمَا (أَوْ) طَلَّقَ (طَلْقَتَيْنِ وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً وَقَعَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الْوَاحِدَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ طَلْقَةٍ فَيَسْتَغْرِقُ فَيَلْغُو (أَوْ) طَلَّقَ (ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْمُزَنِيّ إنْ نَوَى الشَّرِكَةَ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَقَعَ طَلْقَتَانِ وَإِلَّا فَطَلْقَةٌ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ. [فَرْعٌ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْلَمْ أَنَّ مَسَائِلَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمُهِمَّاتِ الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى وَيَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهَا وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَجْهَلُ حَقِيقَةَ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا تَطْلُقِي وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا لَا وَاحِدَةً وَقَصَدَ بِذَلِكَ مَا يُقْصَدُ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَتَانِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ. اهـ. هُوَ وَاضِحٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَقَعُ فِي الْحَالِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَوْقَعَ ذَلِكَ عَلَى الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْفَتَاوَى يَمِيلُ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ الْأَوْلَى نَعَمْ إنْ قَصَدَ إيقَاعَ الثَّلَاثِ مُعَلَّقَةً عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ فَذَاكَ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ إلَخْ) وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ وَلَا يُدَيَّنْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَسْمَعُهُ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي نَفِيه وَيُحْكَمُ بِالْوُقُوعِ إذَا حَلَفَتْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّهُ تَعَقَّبَ الْإِقْرَارَ بِمَا يَرْفَعُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ يَسِيرًا) شَمِلَ مَا لَوْ عَطَسَ مَعَ فَرَاغِهِ مِنْ طَالِقٍ فَحَمِدَ وَاسْتَثْنَى مُتَّصِلًا بِالْحَمْدِ أَوْ شَمَّتَ عَاطِسًا أَوْ رَدَّ سَلَامًا ثُمَّ اسْتَثْنَى (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَوَّلِهِ) كَمَا يَكْفِي نِيَّةُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ فِي أُولَاهُمَا (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا) أَيْ كَدُخُولِ الدَّارِ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَاطِلٌ) لِلِاسْتِغْرَاقِ لِإِفْضَائِهِ إلَى اللَّغْوِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ رَفَعَ حُكْمَ اللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ جَمِيعَهُ فَالْكَلَامُ مُنْتَظَمٌ مَعَهُ إذْ هُوَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ صِيغَتُهَا التَّرَدُّدُ إذْ الْمَشِيئَةُ غَيْبٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ مَبْنَى الْكَلَامِ عَلَى التَّنَاقُضِ وَحَكَمْنَا بِانْتِفَاءِ الطَّلَاقِ لِأَمْرٍ اقْتَضَاهُ لَا لِاخْتِلَالِ الْكَلَامِ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَقَعَتْ ثَلَاثًا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ ثَلَاثٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ يَنْبَغِي تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَقِبَ الْجُمَلِ يَعُودُ إلَيْهَا أَنْ تَقَعَ طَلْقَتَانِ قُلْت الظَّاهِرُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً) لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ إنَّمَا حَصَلَ بِالْأَخِيرَةِ (وَكَذَا) لَوْ طَلَّقَ (ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً) طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِجَوَازِ الْجَمْعِ هُنَا إذْ لَا اسْتِغْرَاقَ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ حُرُوفُ الْعَطْفِ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً ثُمَّ وَاحِدَةً بَلْ وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ) تَقَعُ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُسْتَغْرَقٌ فَلَا يُجْمَعُ وَإِنْ قِيلَ بِالْجَمْعِ فِي غَيْرِ هَذِهِ لِتَغَايُرِ الْأَلْفَاظِ (وَإِنْ قَالَ) أَنْت (طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِلِاسْتِغْرَاقِ بِاسْتِثْنَاءِ الْوَاحِدَةِ مِمَّا قَبْلَهَا (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا اثْنَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَطَلْقَتَانِ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ. (فَصْلٌ تَقَعُ بِثَلَاثٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً طَلْقَةٌ) لِأَنَّهُ بِتَعْقِيبِ الِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ أَخْرَجَهُ عَنْ الِاسْتِغْرَاقِ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى طَلْقَتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهَا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَثَلَاثٌ إلَّا وَاحِدَةٌ ثِنْتَانِ (فَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَطَلْقَتَانِ) لِمَا عُلِمَ قَبْلَهَا (وَ) يَقَعُ (بِثَلَاثٍ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ طَلْقَةٌ) إلْغَاءٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ (وَ) لَوْ أَتَى (بِثَلَاثٍ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً قِيلَ) يَقَعُ (ثَلَاثٌ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ (وَقِيلَ ثِنْتَانِ) إلْغَاءٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي فَقَطْ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الَّذِي قَبْلَهَا تَرْجِيحُ هَذَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَقِيلَ) تَقَعُ (ثِنْتَانِ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ فَالْمَعْنَى إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ فَيُضَمُّ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ الثِّنْتَيْنِ (وَقِيلَ وَاحِدَةٌ) إلْغَاءٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِمَا مَرَّ آنِفًا وَهَذَا أَوْجَهُ إذْ جَعْلُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الصَّحِيحِ لَا فِي الْمُسْتَغْرِقِ آخِرَ الْكَلَامِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَقِيلَ ثِنْتَانِ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ قَالَ الْحَنَّاطِيُّ وَيُحْتَمَلُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُوَجَّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ لِاسْتِغْرَاقِهِ فَيَلْغُو وَيَبْقَى قَوْلُهُ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً وَالثَّانِي بِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا ثَلَاثًا لَا تَقَعُ إلَّا اثْنَتَيْنِ يَقَعَانِ إلَّا وَاحِدَةً لَا تَقَعُ فَيَبْقَى وَاحِدَةٌ وَاقِعَةٌ وَالثَّالِثُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ لِاسْتِغْرَاقِهِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ لِتَرَتُّبِهِ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي. (فَصْلٌ وَلَوْ زَادَ) الْمُطَلِّقُ عَلَى (الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ) مِنْ الطَّلَاقِ وَاسْتَثْنَى (انْصَرَفَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى اللَّفْظِ) الْمَذْكُورِ لَا إلَى الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَفْظِيٌّ فَيُتَّبَعُ فِيهِ مُوجِبُ اللَّفْظِ (فَتَطْلُقُ بِخَمْسٍ إلَّا ثَلَاثًا طَلْقَتَيْنِ وَبِخَمْسٍ إلَّا اثْنَتَيْنِ ثَلَاثًا وَبِأَرْبَعٍ إلَّا ثَلَاثًا طَلْقَةً وَبِسِتٍّ إلَّا أَرْبَعًا طَلْقَتَيْنِ وَبِأَرْبَعٍ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ ثَلَاثًا) وَبِخَمْسٍ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً ثَلَاثًا (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إلَّا أَرْبَعًا فَثَلَاثٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا يُجْمَعُ مُفَرَّقُهُ. [فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ بَائِنٌ إلَّا بَائِنًا أَوْ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى بِأَنْتِ بَائِنٌ الثَّلَاثَ] (فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ إلَّا بَائِنًا أَوْ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى بِأَنْتِ بَائِنٌ الثَّلَاثَ وَقَعَ طَلْقَتَانِ) اعْتِبَارًا بِنِيَّتِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَلَفَّظَ بِالثَّلَاثِ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفِي مَعْنَاهُ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى بِأَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ (وَقَوْلُهُ مُسْتَأْنِفًا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَلْقَةً كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً) فَتَقَعُ طَلْقَتَانِ تَبِعَ فِي هَذَا أَصْلَهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ   [حاشية الرملي الكبير] أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْعَوْدِ إلَى الْكُلِّ وَكَيْف يَسْتَثْنِي وَاحِدَةً وَيُصَيِّرُهَا ثِنْتَيْنِ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ وَهُوَ إلَّا وَاحِدَةً مِنْ كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقَيْنِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ صُوَرِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَعَقِّبِ لِلْجُمَلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِهَذَا كَلَامُهُمْ فِي عَوْدِهَا لِلْكُلِّ وَتَمْثِيلُهُمْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ع فِيهِ نَظَرٌ فس. [فَصْلٌ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ طَلْقَةٌ] (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ سَأَلْت عَمَّنْ كَلَّفَ شَخْصًا الْمَبِيتَ عِنْدَهُ لَيَالِيَ فَحَلَفَ لَا يَبِيتُ غَيْرَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ عِنْدَهُ فِيهَا فَأَجَبْت بِأَنَّ مُقْتَضَى قَاعِدَتِنَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ أَيْضًا فَيَحْنَثُ بِتَرْكِهِ لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ بِحُضُورِي فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْكُو غَرِيمَهُ إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ شَكَوَاهُ مُطْلَقًا فَأَجَابَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ الشَّكْوَى مِنْ غَيْرِ حَاكِمِ الشَّرْعِ وَيُوَافِقُهُ تَصْحِيحُ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْإِيلَاءِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا وَهُوَ نَاظِرٌ لِلْمَعْنَى مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمُقْتَضَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي سُئِلْت عَنْهَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِأَنَّ قَصْدَهُ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ الزِّيَادَةِ عَلَى لَيْلَةٍ لَا إثْبَاتُ اللَّيْلَةِ فَيَخْرُجُ عَنْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ لِمَا يُفْهَمُ عُرْفًا وَقَدْ يُقَالُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لَمَّا كَانَ الْحَلِفُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ كَانَ نَقِيضَ الِامْتِنَاعِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ التَّخْيِيرُ فِي الْمُسْتَثْنَى فَلِهَذَا لَمْ نُحْنِثْهُ بِتَرْكِهِ بِخِلَافِ الْمَاضِي وَالْحَالِ اهـ وَقَوْلُهُ فَأَجَبْت إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَأَجَابَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ زَادَ الْمُطَلِّقُ عَلَى الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ مِنْ الطَّلَاقِ وَاسْتَثْنَى] (تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَقَلَّهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَفِي الِاسْتِقْصَاءِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِأَنَّ أَقَلَّ الْقَلِيلِ بَعْضُ طَلْقَةٍ فَبَقِيَ طَلْقَتَانِ وَالْبَعْضُ الْبَاقِي فَيَكْمُلُ وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَقَلَّ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يَقَعُ بَعْضُ الطَّلْقَةِ ثُمَّ يَكْمُلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَكْثَرَ الطَّلَاقِ وَمُقْتَضَى حَمْلِ أَكْثَرِ الطَّلَاقِ عَلَى الثَّلَاثِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَغْرِقًا فَتَقَعُ الثَّلَاثُ وَمُقْتَضَى مَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ حَمْلُهَا عَلَى طَلْقَتَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثَة أَنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةٌ لِأَنَّهُ يَبْقَى بَعْد الِاسْتِثْنَاءِ جُزْءٌ مِنْ طَلْقَةٍ ثُمَّ تَكْمُلُ وَقَوْله فَفِي الِاسْتِقْصَاء إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى حَمْلِ أَكْثَرِ الطَّلَاقِ عَلَى الثَّلَاثِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْأَوْجُهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ وَقَعَ الثَّلَاثُ. وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى مَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ أَيْضًا يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَقَلِّهِ وَأَكْثَرِهِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا حَدّ لَهُ بِخِلَافِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ) لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ إذْ الْمُمْتَنَعُ جَمْعُهُ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ وَلَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا مِنْهُ إذْ لَيْسَ فِيهَا إلَّا جَمْعُ الثَّانِيَةِ إلَى الْأُولَى. اهـ. وَهُوَ مَرْدُودٌ " هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ " الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ إلْغَاءً لِلِاسْتِثْنَاءِ لِاسْتِغْرَاقِهِ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ لِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ مُسْتَأْنِفًا مُؤَكِّدًا لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ (وَقَوْلُهُ) فِيمَا ذُكِرَ (إلَّا طَالِقًا كَقَوْلِهِ إلَّا طَلْقَةً) فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَرَّرَ وَلَوْ قَالَ عَقِيبَ إلَّا طَلْقَةً أَوْ إلَّا طَالِقًا كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا كَانَ أَخَصَرَ (وَتَقَعُ بِثَلَاثٍ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ ثَلَاثٌ) لِأَنَّهُ أَبْقَى نِصْفَ طَلْقَةٍ فَتَكْمُلُ لَا يُقَالُ قَدْ اسْتَثْنَى النِّصْفَ فَيَكْمُلُ فَلَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَتَانِ لِأَنَّا نَقُولُ التَّكْمِيلُ إنَّمَا يَكُونُ فِي طَرَفِ الْإِيقَاعِ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (وَ) يَقَعُ (بِثَلَاثٍ إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفًا طَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُ أَبْقَى طَلْقَةً وَنِصْفًا فَتَكْمُلُ وَلَوْ قَالَ طَلْقَةً إلَّا نِصْفًا وَقَعَتْ طَلْقَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَهَلْ يَقَعُ بِثَلَاثٍ إلَّا طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا ثَلَاثٌ) بِمَا تَقَرَّرَ آنِفًا (أَوْ وَاحِدَةً) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ الْمُفَرَّقُ فَيَلْغُو ذِكْرُ النِّصْفِ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ (وَجْهَانِ) أَقْيَسُهُمَا الثَّانِي (وَيَقَعُ بِثَلَاثٍ إلَّا طَلْقَتَيْنِ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ طَلْقَتَانِ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَكَذَا) يَقَعَانِ (بِوَاحِدَةٍ وَنِصْفٍ إلَّا وَاحِدَةً) إلْغَاءٌ لِاسْتِثْنَاءِ الْوَاحِدَةِ مِنْ النِّصْفِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَقِيلَ يَقَعُ طَلْقَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنْ نَجْمَعَ الْمُفَرَّقَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهَا تَرْجِيحُ الثَّانِي (وَ) لَوْ أَتَى (بِثَلَاثٍ إلَّا نِصْفًا وَأَرَادَ) بِالنِّصْفِ (نِصْفَ الثَّلَاثِ أَوْ أَطْلَقَ) وَقَعَ (طَلْقَتَانِ وَإِنْ أَرَادَ) بِهِ نِصْفَ طَلْقَةٍ (فَثَلَاثٌ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثٌ إلَّا أَقَلَّهُ وَلَا نِيَّةَ فَفِي الِاسْتِقْصَاءِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِأَنَّ أَقَلَّ الطَّلَاقِ بَعْضُ طَلْقَةٍ فَبَقِيَ طَلْقَتَانِ وَالْبَعْضُ الْبَاقِي فَيَكْمُلُ وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّ أَقَلَّهُ طَلْقَةٌ فَتَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ. (وَلَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ) عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (فَقَالَ أَنْت إلَّا وَاحِدَةً طَالِقٌ ثَلَاثًا فَكَتَأْخِيرِهِ) عَنْهُ فَيَقَعُ فِي هَذَا الْمِثَالِ طَلْقَتَانِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِاسْتِدْرَاكِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْكَلَامِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ فِي الْأَيْمَانِ وَلِمَا نَقَلَهُ بَعْدُ عَنْ الْقَاضِي مِنْ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي قَوْلِهِ أَرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا غَيْرَ وَاحِدَةٍ بِنَصْبِ غَيْرِ وَقَعَ طَلْقَتَانِ أَوْ بِضَمِّهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ يَقَعُ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَعْتٌ لَا اسْتِثْنَاءٌ قَالَا وَلَيْسَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصٌّ فَإِنْ كَانَ الْمُطَلِّقُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَالْجَوَابُ مَا قَالُوهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ كَانَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ اخْتِلَافِ وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَفْسِرَ الْعَامِّيُّ وَيُعْمَلَ بِتَفْسِيرِهِ. (الضَّرْبُ الثَّانِي التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ طَلَاقُك (قَاصِدًا لِلتَّعْلِيقِ لَمْ تَطْلُقْ) لِخَبَرِ «مَنْ حَلَفَ ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلِأَنَّ الْمَشِيئَةَ الْمُعَلَّقَ بِهَا غَيْرُهُ مَعْلُومَةٌ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِهَا يَقْتَضِي حُدُوثَهَا بَعْدَهُ كَالتَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ وَمَشِيئَتُهُ تَعَالَى قَدِيمَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهَا فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِالْمَشِيئَةِ التَّعْلِيقَ بِأَنْ سَبَقَتْ إلَى لِسَانِهِ لِتَعَوُّدِهِ بِهَا كَمَا هُوَ الْأَدَبُ أَوْ قَصَدَ بِهَا التَّبَرُّكَ أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ لَا طَلُقَتْ وَلَيْسَ هَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ لِأَنَّ ذَاكَ كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ وَالتَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ مُنْتَظِمٌ فَإِنَّهُ قَدْ يَقَعُ مَعَهُ الطَّلَاقُ وَقَدْ لَا يَقَعُ كَمَا تَقَرَّرَ (وَكَذَا يَمْتَنِعُ بِهَا انْعِقَادُ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ) كَالْعِتْقِ وَالنَّذْرِ وَالْيَمِينِ وَالْبَيْعِ وَالتَّعْلِيقِ لِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَمَتَى وَإِذَا) وَنَحْوِهِمَا (مِثْلُ إنْ) فِيمَا ذُكِرَ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ فَقَدْ قَالَ إنَّهُ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ مُسْتَأْنِفًا مُؤَكِّدًا إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (فَرْعٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَالْقِيَاسُ طَلْقَةٌ وَلَوْ قَالَ طَلْقَةً وَنِصْفَ إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ الْقِيَاسُ وُقُوعُ طَلْقَةٍ لِأَنَّا نُكْمِلُ النِّصْفَ فِي طَرَفِ الْإِيقَاعِ فَيَصِيرُ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُمَا طَلْقَةً وَنِصْفَ فَبَقِيَ نِصْفُ طَلْقَةٍ ثُمَّ نُكْمِلُ لِلْإِيقَاعِ فَبَقِيَ طَلْقَةٌ وَمَنْ يَرَى التَّكْمِيلَ فِي جَانِبِ الرَّفْعِ أَيْضًا قِيَاسُهُ أَنْ يُوقِعَ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عِنْدَهُ يَصِيرُ مُسْتَغْرِقًا فَإِنَّهُ أَوْقَعَ طَلْقَةً وَنِصْفًا ثُمَّ كَمَّلْنَا ذَلِكَ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَ طَلْقَةً وَنِصْفًا ثُمَّ كَمَّلْنَا ذَلِكَ طَلْقَتَيْنِ فِي الرَّفْعِ فَقَدْ اسْتَثْنَى طَلْقَتَيْنِ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ فَوَقَعَ طَلْقَتَانِ قُلْت وَيُؤَيِّدُ هَذَا هُنَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي لَفْظِهِ صُورَتُهُ صُورَةُ الْمُسْتَغْرِقِ فَقَوَّى فِيهِ جَانِبَ الِاسْتِغْرَاقِ اهـ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الرَّاجِحَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ وَقَوْلُهُ قَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ الْقِيَاسُ وُقُوعُ طَلْقَةِ الْقِيَاسِ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَلْغُو ذِكْرُ النِّصْفِ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ) هَذَا التَّعْلِيلُ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ قَائِلٍ بِتَكْمِيلِ النِّصْفِ الْمُسْتَثْنَى أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ فَيُقَالُ أَوْ وَاحِدَةٌ تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ أَقْيَسُهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ الثَّانِي) فِي الْمُعَايَاةِ لِلْجُرْجَانِيِّ لَوْ قَالَ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ فَفِي الِاسْتِثْنَاءِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ فَقَالَ أَنْت إلَّا وَاحِدَةً طَالِقٌ ثَلَاثًا فَكَتَأْخِيرِهِ) لِأَنَّ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ فِي ذَلِكَ لُغَةُ الْعَرَبِ. [فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا غَيْرَ وَاحِدَةٍ] (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَعْتٌ لَا اسْتِثْنَاءٌ) فَتَقْدِيرُهُ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لَيْسَتْ وَاحِدَةً. [الضَّرْبُ الثَّانِي تَعْلِيقُ الطَّلَاق بِالْمَشِيئَةِ] (الضَّرْبُ الثَّانِي التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ) (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَاصِدًا لِلتَّعْلِيقِ لَمْ تَطْلُقْ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ قُلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَتْ لَمْ تَقُلْ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ يَنْبَنِي عَلَى تَبْعِيضِ الْإِقْرَارِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَتَبَعَّضُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا صُدِّقَتْ فَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَأَلْت عَمَّنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَ ثَلَاثًا فَأَنْكَرَ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ فَقَالَ اسْتَثْنَيْت عَقِبَهُ فَقَالَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْحَاكِمِ وَقَدْ سَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَتَلَفَّظْ عَقِبَهُ فَاسْتَخَرْت اللَّهَ تَعَالَى وَأَفْتَيْت بِالْوُقُوعِ وَعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ وَقَوْلُهُ إلَّا صُدِّقَتْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ وَالْبَيْعُ) أَيْ وَالظِّهَارُ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَكُونُ مُظَاهِرًا أَوْ يَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الظِّهَارَ إخْبَارٌ وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْوَاقِعِ لَا يُعَلَّقُ بِالصِّفَاتِ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الظِّهَارَ كَغَيْرِهِ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ إنْشَاءٌ لَا إخْبَارٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 (وَتَقْدِيمُ التَّعْلِيقِ) عَلَى الْمُعَلَّقِ بِهِ (كَتَأْخِيرِهِ) عَنْهُ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْت طَالِقٌ (وَلَوْ فَتَحَ) هَمْزَةَ (إنْ أَوْ أَبْدَلَهَا بِإِذْ أَوْ بِمَا) كَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْ شَاءَ اللَّهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَوْ إذْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ وَاحِدَةً) لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لِلتَّعْلِيلِ، وَالْوَاحِدَةُ هِيَ الْيَقِينُ فِي الثَّالِثِ وَسَوَاءٌ فِي الْأَوَّلِ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا صَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ هُنَا لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا تَبَعًا لِتَرْجِيحِ الْمِنْهَاجِ وَلِتَرْجِيحِ الرَّوْضَةِ أَوَائِلَ التَّعْلِيقِ وَقُبَيْلَ التَّعْلِيقِ بِالْحِلِّ وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ. (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا) أَوْ وَاثْنَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ وَاحِدَةً) لِاخْتِصَاصِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ بِالْأَخِيرِ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ كَمَا مَرَّ (وَفِي عَكْسِهِ) بِأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ تَطْلُقُ (ثَلَاثًا) كَذَلِكَ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ (حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) وَلَمْ يَنْوِ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاطِفَيْنِ (طَلُقَتْ حَفْصَةُ) دُونَ عَمْرَةَ لِذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ طَالِقَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ الصَّحِيحَةِ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ أَنَّ ذَلِكَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ طَالِقَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً ثَلَاثًا أَوْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ تَطْلُقْ) لِعَوْدِ الْمَشِيئَةِ إلَى الْجَمِيعِ لِحَذْفِ الْعَاطِفِ (وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ) إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَقَعَتْ طَلْقَةٌ لِأَنَّ النِّدَاءَ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ) لِاقْتِضَائِهِ حُصُولَ الِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ مِنْ الْوُصُولِ أَنْتَ وَاصِلٌ وَلِلْمَرِيضِ الْمُتَوَقَّعِ شِفَاؤُهُ قَرِيبًا أَنْتَ صَحِيحٌ فَيُنْتَظَمُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي مِثْلِهِ فَعُلِمَ أَنَّ يَا طَالِقُ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ (فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ) بِقَوْلِهِ يَا زَانِيَةُ (وَلَا تَطْلُقُ) لِرُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الطَّلَاقِ خَاصَّةً وَتَخَلُّلُ يَا طَالِقُ أَوْ يَا زَانِيَةُ لَا يَقْدَحُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْمُخَاطَبَةِ فَأَشْبَهَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا حَفْصَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَكَذَا) تَطْلُقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً بِقَوْلِهِ (أَنْت يَا طَالِقُ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَاصِدًا لِلتَّوْكِيدِ لَمْ تَطْلُقْ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ. (فَرْعٌ لَا تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ أَوْ إذَا لَمْ أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ) أَيْ طَلَاقُك لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِذَلِكَ يَقْتَضِي الْوُقُوعَ بِدُونِ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى وَهُوَ مُحَالٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ اجْتَمَعَ السَّوَادُ وَالْبَيَاضُ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لَوْ وَقَعَ كَانَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ لَانْتَفَى عَدَمُ مَشِيئَتِهِ فَلَا يَقَعُ لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ بِهِ (وَكَذَا لَا تَطْلُقُ) بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) أَيْ طَلَاقُك لِلشَّكِّ فِي عَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَلِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَشِيئَةِ يُوجِبُ حَصْرَ الْوُقُوعِ فِي حَالِ عَدَمِهَا وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِهَا وَهُوَ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ أَوْ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْمَشِيئَةُ) مِنْ زَيْدٍ فِي الْأُولَى (وَالدُّخُولَ مِنْهُ) فِي الثَّانِيَةِ (فِي الْحَيَاةِ طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ أَوْ) قُبَيْلَ (جُنُونٍ اتَّصَلَ بِهِ) أَيْ بِالْمَوْتِ لِتَحَقُّقِ عَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَالدُّخُولِ الْمُعَلَّقِ بِهِ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ الثَّانِي فِي الْمَشِيئَةِ وَنَحْوِهَا لَا فِي الدُّخُولِ وَنَحْوِهِ كَالْجُنُونِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْإِغْمَاءِ وَالْعَيِّ أَمَّا إذَا وُجِدَ ذَلِكَ فَلَا تَطْلُقُ (وَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ وَشُكَّ فِي مَشِيئَتِهِ) وَدُخُولِهِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِلشَّكِّ فِي الصِّفَةِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّلَاقِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ فِي إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ فَتَطْلُقُ إنْ لَمْ تُوجَدْ مَشِيئَتُهُ لَا إنْ وُجِدَتْ وَلَا إنْ مَاتَ وَشُكَّ فِي مَشِيئَتِهِ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَيُفَارِقُ الْحِنْثَ فِي نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ بِأَنَّ الْحِنْثَ هُنَا يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ النِّكَاحِ بِالشَّكِّ بِخِلَافِهِ ثُمَّ لَا يُقَالُ وَالْحِنْثُ ثَمَّ يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالشَّكِّ لِأَنَّا نَقُولُ النِّكَاحُ جَعْلِيٌّ وَالْبَرَاءَةُ شَرْعِيَّةٌ وَالْجَعْلِيُّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّهْنِ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ الْيَوْمَ) وَلَمْ يَشَأْ فِيهِ (طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ) فَالْيَوْمُ هُنَا كَالْعُمْرِ فِيمَا مَرَّ (وَقَوْلُهُ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِاخْتِصَاصِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ بِالْأَخِيرِ إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْمُتَكَلِّمُ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجُمْلَتَيْنِ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ عَادَ إلَيْهِمَا جَزْمًا كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ الْأَيْمَانِ فَتَفَطَّنْ لَهُ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجَمِيعِ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ بِالنِّيَّةِ أَيْضًا. اهـ. لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ بِالْوَاوِ كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا يُوَافِقُ مَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَ ابْنِ الْمُقْرِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يَصِيرَ الْجَمِيعُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ أَيْضًا مِثْلُهُ مَا إذَا أَطْلَقَ فَيَعُودُ إلَيْهِمَا عَلَى قَاعِدَةِ الْبَابِ فَكَلَامُ الْمَتْنِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ قَالَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَمْرَةَ فَقَطْ طَلُقَتْ حَفْصَةُ وَحْدَهَا وَإِنْ أَرَادَهُمَا مَعًا لَمْ تَطْلُقَا وَإِنْ أَطْلَقَ رَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهِمَا لِرُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْعَطْفِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إلَى جَمِيعِ الْمَذْكُورِ قَالَ شَيْخُنَا وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ مَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ رُجُوعِهِ لَهُمَا وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِمَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَمْرَةَ وَحْدَهَا دُونَ حَفْصَةَ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ يَا طَالِقُ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْمَلُ فِي الْإِخْبَارِ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَجَمِيعُ الْأَفْعَالِ كَطَلَّقْتُك أَمَّا فِي الْأَسْمَاءِ فَلَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا عَلَّلُوهُ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى إيضَاحٍ وَإِنَّ الِاسْمَ لَا يَنْتَظِمُ مِنْهُ اسْتِثْنَاءً وَمَعْنَاهُ إنَّمَا يَنْتَظِمُ مِنْ الْحُكْمِ. اهـ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَنْتَظِمُ أَنْ يُقَالَ يَا أَسْوَدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ) وَلَيْسَ اسْمُهَا طَالِقًا فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا لَمْ تَطْلُقْ بِذَلِكَ. [فَرْعٌ لَا تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَوْ إذَا لَمْ أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ] (قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ الْحِنْثَ فِي نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَيْمَانِ إلَّا مُجَرَّدُ الْحِنْثِ وَهُوَ قَدْ حَلَفَ وَشَكَّ فِي الْمُسْقِطِ لِلْحِنْثِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَفِي الطَّلَاقِ تَرَتَّبَ عَلَى الْحِنْثِ حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ فَبِهَذَا تَرَجَّحَ جَانِبُ عَدَمِ الْحِنْثِ فِي الطَّلَاقِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 يَشَأْ اللَّهُ) أَوْ زَيْدٌ (أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِ مَشِيئَةِ الطَّلَاقِ لَا بِمَشِيئَةِ عَدَمِهِ فَإِنْ وُجِدَتْ الْمَشِيئَةُ) لِلطَّلَاقِ (لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَشَأْ) أَيْ الطَّلَاقَ بَلْ عَدَمَهُ (أَوْ سَكَتَ حَتَّى مَاتَ طَلُقَتْ) حَالًا فِي الْأُولَى وَقُبَيْلَ مَوْتِهِ فِي الثَّانِيَةِ هَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى لَمْ يَشَأْ الطَّلَاقَ فَإِنْ أَرَادَ إنْ لَمْ يَشَأْ عَدَمَ الطَّلَاقِ قُبِلَ مِنْهُ وَرُتِّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ. (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ) (فَإِنْ شَكَّ فِي) وُقُوعِ (الطَّلَاقِ) مِنْهُ (أَوْ) فِي (وُجُودِ الصِّفَةِ) الْمُعَلَّقِ بِهَا كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ وَشَكَّ هَلْ كَانَ غُرَابًا أَوْ لَا (لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ) وَبَقَاءُ النِّكَاحِ (أَوْ) شَكَّ (فِي الْعَدَدِ) بِأَنْ طَلَّقَ وَشَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ (أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّائِدِ عَلَيْهِ (وَيُسْتَحَبُّ الِاحْتِيَاطُ بِمُرَاجَعَةٍ أَوْ طَلَاقٍ) لِخَبَرِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ رَاجِعٌ لِيُتَيَقَّنَ الْحِلُّ أَوْ الْبَائِنُ بِدُونِ ثَلَاثٍ جَدَّدَ النِّكَاحَ أَوْ بِثَلَاثٍ أَمْسَكَ عَنْهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَالَ الرَّافِعِيُّ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي الْعَدَدِ أَخَذَ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ شَكَّ فِي وُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَنْكِحْهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. (فَصْلٌ وَإِنْ عَلَّقَ شَخْصٌ) لَهُ زَوْجَتَانِ أَوْ أَمَتَانِ (بِنَقِيضَيْنِ كَإِنْ) أَيْ كَقَوْلِهِ إنْ (كَانَ) هَذَا الطَّائِرُ (غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ) أَنْت (حُرَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَضِرَّتُك طَالِقٌ) أَوْ رَفِيقَتُك حُرَّةٌ (وَأَشْكَلَ) حَالُهُ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ (عَلَى إحْدَاهُمَا) لِحُصُولِ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ (وَاعْتَزَلَهُمَا) وُجُوبًا إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ لِاشْتِبَاهِ الْمُبَاحَةِ بِغَيْرِهَا (وَعَلَيْهِ الْبَحْثُ) عَنْ الطَّائِرِ (وَالْبَيَانُ) لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ إنْ اتَّضَحَ لَهُ لِيَعْلَمَ الْمُطَلَّقَةَ أَوْ الْمُعْتَقَةَ مِنْ غَيْرِهَا وَهَذَا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَفِي الرَّجْعِيِّ إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (أَوْ) عَلَّقَ (شَخْصَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعِتْقِ) صَوَابُهُ عِتْقٌ (أَمَتِهِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَأَشْكَلَ حَالُهُ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا) فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِي أَمَتِهِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِالتَّعْلِيقِ فَتَعْلِيقُ الْآخَرِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ كَمَا لَوْ سَمِعَ صَوْتَ حَدَثٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ قَامَ كُلٌّ إلَى الصَّلَاةِ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا حَنِثَ صَاحِبِي) أَوْ مَا حَنِثْت أَنَا (وَمَلَكَ أَمَتَهُ وَلَوْ بَعْدَ بَيْعِ أَمَتِهِ عَتَقَتْ مَجَّانًا) أَيْ بِلَا رُجُوعٍ بِثَمَنِهَا إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدُهُمَا شَيْئًا (اعْتَزَلَهُمَا جَمِيعًا) إنْ كَانَتَا فِي مِلْكِهِ (أَوْ مَنْ بَقِيَ) مِنْهُمَا إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فِي مِلْكِهِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَحْثِ وَالْبَيَانِ (كَمَا لَوْ كَانَتَا حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ التَّعْلِيقِ (فِي مِلْكِهِ) وَعَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ (وَمُنِعَ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا حَتَّى يَبِينَ) الْحَالُ وَقَوْلُهُ أَوْ مَنْ بَقِيَ شَامِلٌ لِبَقَاءِ أَمَتِهِ وَلِبَقَاءِ أَمَةِ صَاحِبِهِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَفِيهِ كَلَامٌ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ) ذَا الطَّائِرِ (غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ حَمَامَةً فَضِرَّتُك طَالِقٌ وَلَمْ يَعْلَمْ) أَنَّهُ غُرَابٌ أَوْ حَمَامَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا (لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا)   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ] ِ) الشَّكُّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ التَّرَدُّدُ عَلَى السَّوَاءِ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا هُوَ قَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِمْ الْمَسْأَلَةَ بِالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الرُّجْحَانِ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَكَّ فِي الطَّلَاقِ أَوْ وُجُودِ الصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَلَبَةُ ظَنٍّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الِاحْتِيَاطُ إلَخْ) الِاحْتِيَاطُ لِمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا أَنْ يُطَلِّقَ طَلْقَةً مُعَلَّقَةً عَلَى نَفْيِ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ أَكُنْ طَلَّقْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ كَيْلًا يَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِيَتَيَقَّنَ الْحِلَّ) لِأَنَّ الْمُحَقَّقَ بِالطَّلَاقِ التَّحْرِيمُ الَّذِي يَزُولُ بِالرَّجْعَةِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهَا (قَوْلُهُ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا) حَذَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِهِ فَإِنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّتْ لِغَيْرِهِ بِيَقِينٍ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَإِنَّمَا الصَّوَابُ فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ يَلْتَزِمُ الثَّلَاثَ حَتَّى إذَا أَرَادَ تَزَوُّجَهَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا ثَلَاثًا بِيَقِينٍ. [فَصْلٌ عَلَّقَ شَخْصٌ لَهُ زَوْجَتَانِ أَوْ أَمَتَانِ الطَّلَاق بِنَقِيضَيْنِ] (قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَّقَ شَخْصَانِ كُلٌّ بِعِتْقِ أَمَتِهِ إلَخْ) وَفِي التَّعْلِيقِ بِنَقِيضَيْنِ لِعِتْقِ رَقِيقٍ مُعْسِرَيْنِ لَمْ يَتَفَاوَتَا فِيهِ إذَا بَاعَاهُ لِثَالِثٍ أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِلْآخَرِ يَعْتِقُ نِصْفُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِوُجُودِ الصِّفَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ يَقِينًا فِي النِّصْفِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ لِلشَّكِّ فِي الصِّفَةِ فَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهِ عَتَقَ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ وَخَرَجَ بِمُعْسِرَيْنِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي الْمُوسِرَانِ فَيَعْتِقُ الْجَمِيعُ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ لِتَحَقُّقِ حِنْثِ أَحَدِهِمَا فَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَيَسْرِي إلَى الْبَاقِي وَيُوقَفُ الْوَلَاءُ وَلِكُلٍّ أَنْ يَدَّعِيَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ عَلَى الْآخَرِ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ. وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا الْمُعْسِرُ وَالْمُوسِرُ فَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ إذْ لَا يَخْلُو الْحَالُ مِنْ حِنْثِهِ أَوْ حِنْثِ صَاحِبِهِ وَسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَى نَصِيبِهِ بِخِلَافِ نَصِيبِ الْمُوسِرِ لِلشَّكِّ وَلِلْمُعْسِرِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالْإِرْثُ وَنَحْوُهُمَا وَلَوْ تَبَادَلَ الْمُعْسِرُ أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ بِالْآخَرِ تَصَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ كَمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيمَا انْتَقَلَ عَنْهُ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَ جَوَازُ التَّبَادُلِ بِالْقَطْعِ بِفَسَادِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ بِفَسَادِهِ مُعَيَّنًا كَنَظِيرِهِ فِي تَحَرِّي الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ صَوَابُهُ عِتْقُ أَمَتِهِ) مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ صَوَابٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَمَنْعُ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا حِينَ يَتَبَيَّنُ الْحَالُ) هَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ لَكِنْ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ أَوْ جَمَاهِيرُهُمْ بِتَعَيُّنِ الْعِتْقِ فِي الْمُشْتَرَى وَقَوْلُهُ هَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ كَلَامٌ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا أَمَتَهُ وَاشْتَرَى الْأُخْرَى فَفِي الْوَسِيطِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَا فِي الْبَسِيطِ وَقَدْ قَالَ فِيهِ إنَّهُ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهَا لِأَنَّ تِلْكَ وَاقِعَةٌ قَدْ انْقَضَتْ كَمَا لَا تُقْضَى الصَّلَاةُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ تَحَرِّي الْقِبْلَةِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ لِأَنَّ الِاسْتِصْحَابَ ضَعِيفٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 لِمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَصْلِ. (فَصْلٌ) لَوْ (طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) بِعَيْنِهَا (وَنَسِيَ) هَا (اعْتَزَلَهُمَا) حَتَّى يَتَذَكَّرَ فَإِنْ صَدَّقَتَاهُ فِي النِّسْيَانِ فَلَا مُطَالَبَةَ بِالْبَيَانِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَإِنْ كَذَّبَتَاهُ وَبَادَرَتْ وَاحِدَةٌ وَقَالَتْ أَنَا الْمُطَلَّقَةُ لَمْ يَكْفِ فِي الْجَوَابِ نَسِيت أَوْ لَا أَدْرِي لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَ نَفْسَهُ بَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمَنْ ادَّعَتْ) مِنْهُمَا (الطَّلَاقَ يَحْلِفُ لَهَا يَمِينًا جَازِمَةً) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِطَلَاقِهَا وَلَوْ ادَّعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَعْلَمُ الَّتِي عَنَاهَا بِالطَّلَاقِ وَسَأَلَتْ تَحْلِيفَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَمْ تَقُلْ فِي الدَّعْوَى أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَبُولُ هَذِهِ الدَّعْوَى وَتَحْلِيفُهُ عَلَى ذَلِكَ. (فَصْلٌ اسْمُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبُ فَقَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ) زَيْنَبَ أُخْرَى (أَجْنَبِيَّةً أَوْ أَمَتَهُ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) وَيُدَيَّنُ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ إحْدَاكُمَا يَتَنَاوَلُهُمَا تَنَاوُلًا وَاحِدًا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ زَوْجَتِهِ وَلَا بِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ بِخِلَافِ زَيْنَبَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ لَا غَيْرَهَا (أَوْ) أَرَادَ فِيمَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا صَحِيحًا وَأُخْرَى نِكَاحًا فَاسِدًا وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ (فَاسِدَةَ النِّكَاحِ قُبِلَ) كَمَا لَوْ أَرَادَ الْأَجْنَبِيَّةَ فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بَلْ أَوْلَى هَذَا مَا فِي الْفَصْلِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَصْدُقُ بِهِ وَبِأَنْ يَكُونَ اسْمُ كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ زَيْنَبَ وَيُعَلِّقُ بِقَوْلِهِ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ فَاسِدَةَ النِّكَاحِ بَلْ عِبَارَتُهُ ظَاهِرَةٌ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلَوْ قَالَ لَهَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ (وَلِأَجْنَبِيَّةٍ) أَوْ أَمَتِهِ (أَوْ رَجُلٍ أَوْ دَابَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ طَلُقَتْ) إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ (فَإِنْ نَوَى الْأَجْنَبِيَّةَ أَوْ الْأَمَةَ لَا الرَّجُلَ وَالدَّابَّةَ قُبِلَ) مِنْهُ (بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ مَعَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْأَمَةِ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالدَّابَّةِ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَجَبَ فَوْرًا التَّعْيِينُ) لَهَا (إنْ أَبْهَمَ) الطَّلَاقَ (وَالتَّبْيِينُ إنْ عَيَّنَ) لِتَتَمَيَّزَ الْمُحَرَّمَةُ عَنْ غَيْرِهَا فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ عَصَى فَإِنْ امْتَنَعَ حُبِسَ وَعُزِّرَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمْهَلَ لَمْ يُمْهَلْ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُمْهَلُ لِقَوْلِ الرُّويَانِيِّ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ لَوْ اسْتَمْهَلَ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا أَبْهَمَ أَوْ عَيَّنَ نَسِيَ فَإِنْ عَيَّنَ وَلَمْ يَدَّعِ نِسْيَانًا فَالْأَوْجَهُ لِكَلَامِهَا هَذَا (فِي غَيْرِ رَجْعِيٍّ) أَمَّا فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فَوْرًا تَعْيِينٌ وَلَا بَيَانٌ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ (وَإِنْ مَاتَتَا) فَإِنَّهُ يَجِبُ فَوْرًا التَّعْيِينُ وَالتَّبْيِينُ لِيَتَبَيَّنَ حَالُ الْإِرْثِ (وَلَا يُعْذَرُ فِي دَعْوَى النِّسْيَانِ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ كَذَّبَتَاهُ) بَلْ يَحْلِفُ لَهُمَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَالطَّلَاقُ) يَقَعُ (بِاللَّفْظِ) فِيمَا إذَا طَلَّقَ إحْدَاهُمَا (وَلَوْ أَبْهَمَ) لِأَنَّهُ جَزَمَ بِهِ وَنَجَّزَهُ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَّا أَنَّ مَحَلَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرُ مُبَيَّنٍ فَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ أَوْ التَّبْيِينِ (لَكِنْ عِدَّةُ) الطَّلَاقِ (الْمُبْهَمِ مِنْ التَّعْيِينِ) وَالْمُعَيَّنِ مِنْ اللَّفْظِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَحَلِّ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَيَجُوزُ أَنْ تَتَأَخَّرَ الْعِدَّةُ عَنْ وَقْتِ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ كَمَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِالْوَطْءِ وَتُحْسَبُ مِنْ التَّفْرِيقِ (وَيَعْتَزِلُهُمَا) إلَى التَّعْيِينِ أَوْ التَّبْيِينِ لِاشْتِبَاهِ الْمُبَاحَةِ بِغَيْرِهَا (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا) إلَى ذَلِكَ لِحَبْسِهِمَا عِنْدَهُ   [حاشية الرملي الكبير] بِالْإِضَافَةِ إلَى التَّحَرِّي قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ الْأَقْيَسُ احْتِيَاطًا لِلْعِتْقِ وَلِأَنَّ الْأَمْوَالَ وَغَرَامَتَهَا أَشَدُّ مِنْ الْقِبْلَةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِ رَقِيقِهِ كَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ وَأَنَّ الَّذِي عَتَقَ هُوَ رَقِيقُ الْآخَرِ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ الْعِرَاقِيِّينَ أَمَّا عَلَى طَرِيقَتِهِمْ فَيَعْتِقُ الْمُشْتَرَى بِلَا شَكٍّ اهـ وَالْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي مَسْأَلَةِ التَّبَادُلِ مَا فِي الْبَسِيطِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَعْتِقُ الْمُشْتَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهِ عَلَيْهَا إذَا اجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ عِتْقِهِ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِيهِ. [فَصْلٌ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ بِعَيْنِهَا وَنَسِيَهَا] (فَصْلٌ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الزَّوْجَةِ أَنَّهَا تَعْلَمُ سَبْقَ أَحَدِ النِّكَاحَيْنِ. [فَصْلٌ اسْمُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبُ فَقَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ زَيْنَبَ أُخْرَى أَجْنَبِيَّةً أَوْ أَمَتَهُ] (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ كَالْإِسْنَوِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَصْدُرْ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ طَلَاقٌ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا يُحْكَمُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِصِدْقِ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا صِدْقًا وَاحِدًا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْعِتْقِ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ وَلِعَبْدٍ آخَرَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ عِتْقَ الْآخَرِ. اهـ. . [فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ] (قَوْلُهُ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَجَبَ فَوْرًا التَّعْيِينُ إلَخْ) قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لَا اخْتِصَاصَ لِذَلِكَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِحْدَى زَوْجَتَيْ طَالِقٌ فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ يُفَرِّقُ بَيْنَ قَصْدِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْإِبْهَامِ وَلَوْ قَالَ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ مِصْرَ وَالشَّامِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَلَهُ زَوْجَتَانِ فَلَهُ تَعْيِينُ إحْدَاهُمَا لِهَذَا التَّعْلِيقِ وَقَدْ سُئِلْت عَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ فَقَالَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ يَلْزَمُنِي لَا أَنَامُ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مَا خَلَاصُهُ وَإِذَا نَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَيْف يَقَعُ الطَّلَاقُ فَأَجَبْت بِأَنَّ خَلَاصَهُ أَنْ يُعَيِّنَ إحْدَاهُمَا لِلتَّعْلِيقِ ثُمَّ يُخَالِعَهَا ثُمَّ يُجَدِّدَ الْعَقْدَ وَيَنَامَ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَأَنَّهُ إذَا نَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَبْلَ هَذَا الْخُلْعِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِمَا وَلَهُ تُعْيِينَهُ فِيمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. اهـ. وَقَوْلُهُ فَأَجَبْت بِأَنَّ خَلَاصَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) الْقَاعِدَةُ أَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ وَيَلْزَمُ عَلَيْهَا أَنَّهُ إذَا قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَنْ يُطَلِّقَ الْجَمِيعَ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مِمَّا نَقَلَهُ الْعُرْفُ عَنْ مَوْضُوعِهِ اللُّغَوِيِّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَالِي صَدَقَةٌ عَمَّ جَمِيعَ مَالِهِ لِعَدَمِ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ إيَّاهُ وَالِاسْمُ الْمُعَرَّفُ فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ يَعُمُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَنْ تَقَعَ الثَّلَاثُ عِنْدَ الْحَلِفِ عَمَلًا بِالْعُمُومِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَنْقُولٌ بِالْعُرْفِ وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا لَا تَلْزَمُ الْحَالِفَ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَلَا خَطَرَ بِبَالِهِ وَلَا لَفْظُهُ صَرِيحٌ فِيهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 حَبْسَ الزَّوْجَاتِ وَإِذَا عَيَّنَ أَوْ بَيَّنَ لَا يَسْتَرِدُّ الْمَدْفُوعَ لِلْمُطَلَّقَةِ لِذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ تَبَيَّنَ) الطَّلَاقُ فِي إحْدَاهُمَا (فَلِلْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ) بِأَنْ تَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّك نَوَيْتَنِي وَتُحَلِّفُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَطَلُقَتَا (لَا إنْ عَيَّنَ) فِي إحْدَاهُمَا فَلَيْسَ لِلْأُخْرَى ذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ يُنْشِئُهُ. (فَرْعٌ لَيْسَ الْوَطْءُ) لِإِحْدَاهُمَا فِيمَا ذُكِرَ (تَعْيِينًا) وَلَا تَبْيِينًا لِلطَّلَاقِ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطَأَ الْمُطَلَّقَةَ وَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ لَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ ابْتِدَاءً فَلَا يُتَدَارَكُ بِالْفِعْلِ وَلِذَلِكَ لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِالْوَطْءِ فَتَبْقَى الْمُطَالَبَةُ بِالتَّعْيِينِ وَالتَّبْيِينِ (فَلَوْ عَيَّنَ) الطَّلَاقَ (فِيمَنْ وَطِئَهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا طَلُقَتْ بِاللَّفْظِ مَعَ جَهْلِهَا أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ (وَإِنْ بَيَّنَ) فِيهَا (وَهِيَ بَائِنٌ لَزِمَهُ الْحَدُّ) لِاعْتِرَافِهِ بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ بِلَا شُبْهَةٍ (وَالْمَهْرُ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ لَا حَدَّ بِوَطْئِهِ لَهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي الْأُولَى وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهَا طَلُقَتْ بِاللَّفْظِ أَوْ لَا لَكِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ يَحُدُّ فِيهَا أَيْضًا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ (فَإِنْ بَيَّنَ فِي غَيْرِ مَوْطُوءَتِهِ قُبِلَ فَإِنْ ادَّعَتْ الْمَوْطُوءَةَ أَنَّهُ أَرَادَهَا) بِالطَّلَاقِ (وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ وَطَلُقَتْ وَلَزِمَهُ مَهْرُهَا وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ ثَبَتَ بِظَاهِرِ الْيَمِينِ (وَإِنْ قَالَ الْمُبَيِّنُ) أَيْ مُرِيدُ الْبَيَانِ (أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ مَعَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتَا) لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُمَا بِالطَّلَاقِ وَرُجُوعُهُ بِذِكْرِ بَلْ عَنْ الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ الْأُولَى لَا يُقْبَلُ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ هَذَا (فِي الظَّاهِرِ) أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْمُطَلَّقَةُ مَنْ نَوَاهَا فَقَطْ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ (وَلَوْ عَطَفَ بِثُمَّ أَوْ بِالْفَاءِ) بِأَنْ قَالَ هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ (طَلُقَتْ الْأُولَى فَقَطْ) لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا شَيْءٌ (وَكَذَا) تَطْلُقُ الْأُولَى فَقَطْ (لَوْ قَالَ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ) أَوْ بَعْدَهَا هَذِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ قَالَ) هَذِهِ (بَعْدَ هَذِهِ فَالْمُشَارُ إلَيْهَا ثَانِيًا) هِيَ الْمُطَلَّقَةُ (وَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ) وَالْمُطَالَبَةُ بِالْبَيَانِ (فَإِنْ قَالَ وَهُنَّ ثَلَاثٌ) بَعْدَ قَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ (أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ طَلُقَتْ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ وَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ فَبِالْعَكْسِ) أَيْ فَتَطْلُقُ الْأَخِيرَةُ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ (هَذَا إذَا وَصَلَ) الْأَلْفَاظَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا فَصَلَهَا (وَحُكْمُهُ) يُعْرَفُ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ. (وَإِنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَفَصَلَ الثَّالِثَةَ) عَنْ الْأُولَيَيْنِ بِوَقْفَةٍ أَوْ بِنَغْمَةٍ أَوْ أَدَاءٍ (فَالتَّرَدُّدُ) لِلطَّلَاقِ كَائِنٌ (بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُولَتَيْنِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (فَإِنْ بَيَّنَ فِيهَا طَلُقَتْ وَحْدَهَا أَوْ فِي الْأُولَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا مَعًا) لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ فَلَا يَفْتَرِقَانِ (وَإِنْ فَصَلَ الْأُولَى) عَنْ الْأَخِيرَتَيْنِ (طَلُقَتْ) هِيَ (وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ) فَعَلَيْهِ بَيَانُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا وَعَدَلَ إلَى ذَلِكَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ تَرَدَّدَ الطَّلَاقُ بَيْنَ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُولَى طَلُقَتْ وَحْدَهَا وَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُخَرَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا جَمِيعًا لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ تَبَعًا لِلنَّسَائِيِّ إنَّ قَوْلَهُ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ غَلَطٌ وَصَوَابُهُ طَلُقَتْ الْأُولَى وَتَرَدَّدَ الطَّلَاقُ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّهُ عَطَفَ الثَّانِيَةَ بِالْوَاوِ وَالثَّالِثَةَ بِأَوْ وَقَوْلُهُ فَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُولَى طَلُقَتْ وَحْدَهَا غَلَطٌ مِنْ وَجْهَيْنِ كَوْنُهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ وَكَوْنُ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا بَلْ مَعَ إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ بَيَّنَ فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ طَلُقَتَا غَلَطٌ بَلْ يَقْتَصِرُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا مَعَ الْأُولَى (وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ) فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنْ سَرَدَ أَلْفَاظَهَا (احْتَمَلَ الْمَعْنَيَانِ) أَيْ فَصْلُ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَيَيْنِ وَفَصْلُ الْأُولَى عَنْ الْأُخْرَيَيْنِ (فَيَسْأَلُ) وَيَعْمَلُ بِمَا أَظْهَرَ إرَادَتَهُ (وَإِنْ عَطَفَ الثَّانِيَةَ بِأَوْ وَالثَّالِثَةَ بِالْوَاوِ) فَقَالَ أَرَدْت هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ (فَبِالْعَكْسِ) أَيْ فَإِنْ فَصَلَ الْأُولَى عَنْ الْأُخْرَيَيْنِ فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمَا فَإِنْ بَيَّنَ فِيهَا طَلُقَتْ وَحْدَهَا أَوْ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا مَعًا وَإِنْ فَصَلَ الْأَخِيرَةَ عَنْ الْأُولَيَيْنِ طَلُقَتْ هِيَ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ اُحْتُمِلَ الْمَعْنَيَانِ (هَذَا إنْ فَصَلَ بِوَقْفَةٍ يَسِيرَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَنْتَظِمُ بِهِ مَعَهَا الْكَلَامُ فَإِنْ طَالَ) الْفَصْلُ (لَغَا مَا بَعْدَهُ) إذْ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِفَادَةِ. (وَإِنْ قَالَ وَهُنَّ أَرْبَعٌ أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ طَلُقْنَ) جَمِيعًا (وَكَذَا) تَطْلُقْنَ جَمِيعًا (لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ) فَلَوْ عَطَفَ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ فَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الْأُخْرَيَاتُ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَلَا يَخْفَى عَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَتَطْلُقُ الْأُولَيَانِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَإِنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَفَصَلَ الرَّابِعَةَ) عَنْ الثَّلَاثِ (فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّلَاثِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ لَيْسَ الْوَطْءُ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ تَعْيِينًا إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ] قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي الْأُولَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ) أَيْ مُؤَاخَذَةً لَهُ كَالْمُقِرِّ الْكَاذِبِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ وَيُؤَاخَذُ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا شَيْءٌ) وَجْهُهُ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنَّ حَرْفَ ثُمَّ لَيْسَ يَتَضَمَّنُ وُقُوعًا وَلَكِنَّهُ يَقْتَضِي مَعْطُوفَهُ عَلَى الْأَوْلَى وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ ثُمَّ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ حَتَّى نُوقِعَ بِهِ وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذِهِ فَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَعْدَ هَذِهِ. (قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ) أَيْ وَالْبُلْقِينِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 (وَإِنْ فَصَلَ الثَّالِثَةَ عَمَّا قَبْلَهَا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَإِنْ فَصَلَ الْأُولَى) عَمَّا بَعْدَهَا (طَلُقَتْ وَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ الرَّابِعَةِ وَالْمُتَوَسِّطَتَيْنِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَإِنْ سَرَدَ) الْأَلْفَاظَ بِأَنْ لَمْ يَفْصِلْهَا (احْتَمَلَ الْمَعَانِيَ الثَّلَاثَةَ) أَيْ فَصَلَ الرَّابِعَةَ وَفَصَلَ الثَّالِثَةَ وَفَصَلَ الْأُولَى (فَيَسْأَلُ) وَيَعْمَلُ بِمَا أَظْهَرَ إرَادَتَهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا فَصَلَ بِوَقْفَةٍ يَسِيرَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَقِسْ بَاقِيَ الصُّوَرِ عَلَى بَعْضِهَا) الْمَذْكُورِ فَلَوْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ طَلُقَتْ إحْدَى الْأُولَتَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ فَقَدْ يَفْصِلُ الْأُولَى عَنْ الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةِ وَيَضُمُّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ فَتَطْلُقُ الْأُولَى وَيَتَرَدَّدُ الطَّلَاقُ بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَحْدَهَا وَبَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ مَعًا وَقَدْ يُفْرَضُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ وَالْأُخْرَيَيْنِ وَالضَّمُّ فِيهِمَا فَتَطْلُقُ الْأُولَيَانِ أَوْ الْأُخْرَيَانِ وَقَدْ يُفْرَضُ فَصْلُ الرَّابِعَةِ عَمَّا قَبْلَهَا فَتَطْلُقُ الرَّابِعَةُ وَيَتَرَدَّدُ الطَّلَاقُ بَيْنَ الثَّالِثَةِ وَحْدَهَا وَبَيْنَ الْأُولَيَيْنِ مَعًا. (وَإِنْ قَالَ هَذِهِ) الْمُطَلَّقَةُ (ثُمَّ قَالَ لَا أَدْرِي هِيَ) هَذِهِ (أَمْ غَيْرُهَا طَلُقَتْ وَوُقِفَ الْبَاقِيَاتُ) أَيْ أَمْرُهُنَّ (فَإِنْ قَالَ) بَعْدَ ذَلِكَ (تَحَقَّقْت أَنَّهَا هِيَ قُبِلَ مِنْهُ) وَلَمْ يُطَلِّقْ غَيْرَهَا (وَإِنْ بَيَّنَ فِي غَيْرِهَا حُكِمَ بِطَلَاقِهَا أَيْضًا) وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عَنْ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ (هَذَا كُلُّهُ فِي تَبْيِينِ الْمُعَيَّنَةِ) هَذَا إيضَاحٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ قَالَ الْمُبَيَّنُ إلَى آخِرِهِ (وَإِنْ عَيَّنَ الْمُبْهَمَ) لِطَلَاقِهِ أَوْ عَيَّنَ الْمُطَلِّقُ طَلَاقَهُ الْمُبْهَمَ (فَقَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ) أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ (لَغَتْ الثَّانِيَةُ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُبْهَمِ إنْشَاءً لِلِاخْتِيَارِ) لَا إخْبَارٌ عَنْ سَابِقٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ فَيَلْغُو ذِكْرُ اخْتِيَارِ غَيْرِهَا. [فَرْعٌ لَوْ مَاتَتَا قَبْلَ بَيَانِ الطَّلَاق أَوْ تَعْيِينِهِ وُقِفَ مِيرَاثُهُ مِنْهُمَا] (فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَتَا قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ وُقِفَ مِيرَاثُهُ مِنْهُمَا) حَتَّى يُبَيِّنَ أَوْ يُعَيِّنَ (فَإِنْ عَيَّنَ أَوْ بَيَّنَ وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ لَمْ يَرِث مِنْ الْمُطَلَّقَةِ) لِبَيْنُونَتِهَا مِنْهُ وَيَرِثُ مِنْ الْأُخْرَى (ثُمَّ إنْ نَوَى مُعَيَّنَةً فَبَيَّنَ فِي وَاحِدَةٍ فَلِوَرَثَةِ الْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهَا) بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَرُومُ الشَّرِكَةَ فِي تَرِكَتِهَا (فَإِنْ) حَلَفَ فَذَاكَ وَإِنْ (نَكَلَ حَلَفُوا وَلَمْ يَرِثْ مِنْهَا أَيْضًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ (وَإِنْ حَلَفَ) كَمَا قُلْنَا (قَالَ فِي الرَّوْضَةِ) كَأَصْلِهَا (طَالَبُوهُ بِكُلِّ الْمَهْرِ إنْ دَخَلَ) بِمُوَرِّثَتِهِمْ (وَإِلَّا فَهَلْ يُطَالِبُوهُ بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ الْمَهْرِ (لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهَا زَوْجَةٌ أَمْ بِنِصْفِهِ لِزَعْمِهِمْ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ) قَبْلَ الدُّخُولِ (وَجْهَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (وَرِثَ نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ رُبْعَهُ فَلَا يُطَالِبُونَهُ إلَّا بِمَا زَادَ عَلَى إرْثِهِ) وَيُدْفَعُ النَّظَرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمُطَالَبَتِهِمْ بِكُلِّ الْمَهْرِ أَوْ بِنِصْفِهِ مُطَالَبَتُهُمْ بِنَصِيبِهِمْ مِنْ ذَلِكَ وَأَقْرَبُ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ثَانِيهِمَا لِزَعْمِهِمْ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فَهُمْ مُنْكِرُونَ اسْتِحْقَاقَ النِّصْفِ (وَإِنْ عَيَّنَ) امْرَأَةً (فِي) الطَّلَاقِ (الْمُبْهَمِ فَلَا اعْتِرَاضَ لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى) عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إلَى اخْتِيَارِهِ. (وَإِنْ كَذَّبَهُ وَرَثَةُ الْمُطَلَّقَةِ) يَعْنِي الْمُبَيَّنَةُ لِلطَّلَاقِ (فَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ) أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ (وَقَدْ أَقَرُّوا لَهُ بِإِرْثٍ لَا يَدَّعِيه وَادَّعُوا) عَلَيْهِ (مَهْرًا اسْتَقَرَّ بِالْمَوْتِ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ فِي هَذِهِ بِوَرَثَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلطَّلَاقِ يُوهِمُ أَنَّهُ أَرَادَ مَسْأَلَةَ الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّ التَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ لَا إخْبَارٌ فَلَا يَقَعُ فِيهِ تَكْذِيبٌ (وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْبَيَانِ وَالتَّعْيِينِ (قَامَ الْوَارِثُ مَقَامَهُ فِي التَّبْيِينِ لَا فِي التَّعْيِينِ) لِأَنَّ الْبَيَانَ إخْبَارٌ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ أَوْ قَرِينَةِ وَالتَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ يَصْدُرُ عَنْ شَهْوَةٍ فَلَا يَخْلُفُهُ الْوُرَّاثُ فِيهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ لَا يَخْلُفُهُ وُرَّاثُهُ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَتَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ أَيْضًا وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ مَاتَتَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ وَالْأُخْرَى بَعْدَهُ أَوْ لَمْ تَمُتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى. وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا لَمْ يُعَيِّنْ وَارِثُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ مِيرَاثَ زَوْجَتِهِ مِنْ رُبُعٍ أَوْ ثُمُنٍ يُوقَفُ بِكُلِّ حَالٍ إلَى الِاصْطِلَاحِ سَوَاءٌ أَخْلَفَ زَوْجَةً أَمْ أَكْثَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمَا فَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْيِينِ إحْدَاهُمَا لِلطَّلَاقِ (فَإِنْ تَوَقَّفَ) الْوَارِثُ فِي التَّبْيِينِ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الزَّوْجَتَيْنِ (وُقِفَ) مِنْ تَرِكَتِهِ (مِيرَاثُ زَوْجَةٍ) بَيْنَهُمَا (حَتَّى يَصْطَلِحَا) أَوْ يَصْطَلِحَ وَرَثَتُهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا وَإِنْ مَاتَتْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَوْ مَاتَتَا قَبْلَ الْبَيَانِ إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَوْتَ إحْدَاهُمَا كَمَوْتِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَقْتَضِي أَنَّ لَهُ فِي مَوْتِ إحْدَاهُمَا تَعْيِينَ الْحَيَّةِ وَالْمَيِّتَةِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ وَهُوَ فِي الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ وُجُودُ الصِّفَةِ عَلَى مَوْتِ إحْدَاهُمَا وَاضِحٌ وَأَمَّا فِي الْمُعَلَّقِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ مَوْتُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْحِنْثِ كَقَوْلِهِ إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا يَدْخُلُ فُلَانٌ الدَّارَ وَلَهُ زَوْجَتَانِ فَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ لَا تَطْلُقُ إلَّا إحْدَاهُمَا كَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْحَيَّةُ نَظَرًا إلَى حَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ لَهُ تَعْيِينُ الْمَيِّتَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ وَالْأَصَحُّ فِي نَظَائِرِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ التَّعْلِيقِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْيِينُ الْمَيِّتَةِ وَإِنْ وُجِدَ الْحِنْثُ بَعْدَهَا وَقَالَ النَّاشِرِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ تَعْيِينُ الْحَيَّةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالصُّورَةُ هَذِهِ لَا سِيَّمَا فِي قَوْلِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي فَإِنَّهُ الْتَزَمَ الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الزَّوْجَاتِ فَيَقَعُ عَلَى مَنْ هِيَ فِي زَوْجِيَّتِهِ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لِتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِهَا. اهـ. الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ مَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَيِّتَةٍ وَقَوْلُهُ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْحَيَّةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ طَالَبُوهُ بِكُلِّ الْمَهْرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَمْ بِنِصْفِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وُقِفَ مِيرَاثُ زَوْجَةٍ بَيْنَهُمَا) مَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَتَا مِمَّنْ تَرِثَانِ مِنْهُ فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا كِتَابِيَّةً وَالْأُخْرَى وَالزَّوْجُ مُسْلِمَاتٍ فَالْأَصَحُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ شَيْءٌ وَهَذَا مِثْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ اخْتِيَارِ صَاحِبِ الشَّامِلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْوَقْفُ وَلَمْ يَنْقُلْ تَرْجِيحًا بِخِلَافِهِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا مِثْلُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 قَبْلَهُ وُقِفَ مِنْ تَرِكَتِهِمَا مِيرَاثُ زَوْجٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ وَقَدْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُمَا قَبْلَهُ (ثُمَّ الْأُخْرَى بَعْدَهُ وُقِفَ مِيرَاثُ الزَّوْجِ مِنْ تَرِكَتِهَا) أَيْ الْأُولَى (وَ) وُقِفَ (مِيرَاثُ الزَّوْجَةِ) مِنْهُمَا (مِنْ تَرِكَتِهِ) حَتَّى يَحْصُلَ الِاصْطِلَاحُ (ثُمَّ إنْ بَيَّنَ الْوَارِثُ) الطَّلَاقَ (فِي الْمَيِّتَةِ) مِنْهُمَا (أَوَّلًا قُبِلَ) وَلَمْ نُحَلِّفْهُ (لِإِضْرَارِهِ بِنَفْسِهِ) لِحِرْمَانِهِ مِنْ الْإِرْثِ وَلِشَرِكَةِ الْأُخْرَى فِي إرْثِهِ (وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ (أَوْ) بَيْنَهُ (فِي الْمُتَأَخِّرَةِ أَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً) لَمْ تَمُتْ (فَلِوَرَثَتِهَا) فِي الْأُولَى (أَوْ لَهَا) فِي الثَّانِيَةِ (تَحْلِيفُهُ) لِأَنَّهُ يَرُومُ حِرْمَانَهُمْ مِنْ مِيرَاثِ الزَّوْجِ فَيَحْلِفُ (عَلَى الْبَتِّ) أَنَّ مُوَرِّثَهُ طَلَّقَهَا لِأَنَّ يَمِينَ الْإِثْبَاتِ يَكُونُ عَلَى الْبَتِّ (وَلِوَرَثَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلنِّكَاحِ تَحْلِيفُهُ) لِأَنَّهُ يَرُومُ الشَّرِكَةَ فِي تَرِكَتِهَا فَيَحْلِفُ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَنَّ مُوَرِّثَهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ وَارِثُ الزَّوْجِ (عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ (بِطَلَاقِ الْمُتَأَخِّرَةِ) لِلتُّهْمَةِ بِجَرِّهِ النَّفْعَ بِشَهَادَتِهِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ وَرَثَةِ الزَّوْجِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فُلَانَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا إنْ مَاتَ قَبْلَ الزَّوْجَيْنِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتَا قَبْلَهُ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُمَا فَبَيَّنَ الْوُرَّاثُ وَاحِدَةً فَلِوَرَثَةِ الْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَ مُوَرِّثَتَهُمْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ لَوْ ادَّعَتْ فِي مَسْأَلَةِ الْغُرَابِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِكَوْنِ الطَّائِرِ غُرَابًا (أَنَّهُ غُرَابٌ وَأَنْكَرَ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا (لَا) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ غُرَابًا وَلَا عَلَى نِسْيَانِهِ (بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقُ (بِدُخُولِ غَيْرِهِ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ الدُّخُولِ وَأَنْكَرَ حُصُولَهُ (فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى) نَفْيِ (الْعِلْمِ) بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ وَأَمَّا نَفْيُ الْغَرَابِيَّةِ فَهُوَ نَفْيُ صِفَةٍ فِي الْغَيْرِ وَنَفْيُ الصِّفَةِ كَثُبُوتِهَا فِي إمْكَانِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ شَيْءٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْغَرَابِيَّةِ إذَا تَعَرَّضَ لَهُ فِي الْجَوَابِ أَمَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَتْ بِمُطَلَّقَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى مِنْهُ بِذَلِكَ كَنَظَائِرِهِ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ كَانَ) هَذَا الطَّائِرُ (غُرَابًا فَنِسَائِي) طَوَالِقُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ وَأَشْكَلَ) الْحَالُ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ غُرَابٌ أَوْ غَيْرَهُ (وَصَدَّقُوهُ) أَيْ النِّسْوَةُ وَالْعَبْدُ (أَوْ كَذَّبُوهُ وَحَلَفَ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (اعْتَزَلَهُنَّ) أَيْ النِّسْوَةُ (وَلَمْ يَسْتَخْدِمْ الْعَبْدَ) وَلَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ إلَى الْبَيَانِ لِتَيَقُّنِ التَّحْرِيمِ فِي إحْدَاهُمَا كَطَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَلَا يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا مَا دَامَ حَيًّا لِتَوَقُّعِ الْبَيَانِ (وَأَنْفَقَ عَلَى الْجَمِيعِ) إلَيْهِ أَمَّا إذَا نَكَلَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا وَيُقْضَى بِمَا ادَّعَاهُ (فَإِنْ اعْتَرَفَ بِطَلَاقِهِنَّ) بِأَنْ قَالَ حَنِثْت فِيهِ أَوْ فِي يَمِينِهِنَّ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ فَذَاكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ (وَ) إنْ (كَذَّبَهُ الْعَبْدُ) وَادَّعَى الْعِتْقَ (حَلَفَ) السَّيِّدُ (لَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَحُكِمَ بِالطَّلَاقِ) بِالِاعْتِرَافِ (وَالْعِتْقِ) بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (وَكَذَا عَكْسُهُ) فَإِنْ اعْتَرَفَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ بِأَنْ قَالَ حَنِثْت فِيهِ أَوْ فِي يَمِينِ الْعَبْدِ فَإِنْ صَدَّقَهُ النِّسْوَةُ فَذَاكَ وَلَا يَمِينَ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ حَلَفَ لَهُنَّ فَإِنْ نَكَلَ حُكِمَ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ (وَإِنْكَارُهُ الْحِنْثَ فِي إحْدَاهُمَا اعْتِرَافٌ بِهِ فِي الْآخَرِ) فَقَوْلُهُ لَمْ أَحْنَثْ فِي يَمِينِ الْعَبْدِ كَقَوْلِهِ حَنِثْت فِي يَمِينِ النِّسْوَةِ وَقَوْلُهُ لَمْ أَحْنَثْ فِي يَمِينِ النِّسْوَةِ كَقَوْلِهِ حَنِثْت فِي يَمِينِ الْعَبْدِ (وَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُنَّ عِلْمَهُ بِالطَّلَاقِ وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَتْ طَلُقَتْ وَحْدَهَا فَإِنْ ادَّعَتْ) عَلَيْهِ (الْأُخْرَى) ذَلِكَ الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ أُخْرَى (فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَلَا يَضُرُّهُ النُّكُولُ مَعَ غَيْرِهَا) أَيْ وَلَا يُجْعَلُ نُكُولُهُ فِي حَقِّ وَاحِدَةٍ نُكُولًا فِي حَقِّ غَيْرِهَا. قَالَ الْبَغَوِيّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَتْ إحْدَاهُنَّ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِالْحِنْثِ حَيْثُ تَطْلُقُ هِيَ وَصَوَاحِبَاتُهَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ عَامَّةٌ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَادَّعَتْ إحْدَاهُمَا الدُّخُولَ وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ وَطَلُقَتْ دُونَ صَاحِبَتِهَا وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ طَلُقَتَا جَمِيعًا انْتَهَى وَلَوْ ادَّعَيْنَ كُلُّهُنَّ عِلْمَهُ بِالطَّلَاقِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَفَ بَعْضُهُنَّ دُونَ بَعْضٍ حُكِمَ بِطَلَاقِ مَنْ حَلَفَتْ دُونَ مَنْ لَمْ تَحْلِفْ وَيَجْرِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ الْأَمْرِ بِالْبَيَانِ وَالْحَبْسِ وَالتَّعْزِيرِ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (وَمَتَى مَاتَ) قَبْلَ بَيَانِهِ (قُبِلَ) الْبَيَانُ (مِنْ الْوَرَثَةِ إنْ عَيَّنُوا) الْأُولَى أَنْ بَيَّنُوا (الْحِنْثَ فِي الْعَبْدِ) لِإِضْرَارِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ بِتَشْرِيكِ النِّسْوَةِ فِي التَّرِكَةِ وَإِخْرَاجِ الْعَبْدِ عَنْهَا (لَا) إنْ بَيَّنُوهُ (فِي النِّسْوَةِ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ (لِلتُّهْمَةِ) بِإِسْقَاطِ إرْثِهِنَّ وَإِرْقَاقِ الْعَبْدِ وَفِي نُسْخَةٍ قُبِلَ مِنْ الْوَارِثِ إنْ عَيَّنَ إلَى آخِرِهِ وَيُنَاسِبُهَا   [حاشية الرملي الكبير] (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ وَلَهُ زَوْجَاتٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَلَهُ تَعْيِينُهَا فِي وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي يَتَبَيَّنُ لِي أَنَّهُنَّ يَطْلُقْنَ كُلُّهُنَّ. اهـ. وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَنْوَارِ وَقَوْلُهُ وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَنْوَارِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ ادَّعَتْ فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِكَوْنِ الطَّائِرِ غُرَابًا أَنَّهُ غُرَابٌ وَأَنْكَرَ] (قَوْلُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ شَيْءٌ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْفَرْقُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ رَأَى الطَّائِرَ فَقَدْ عَرَفَ صِفَتَهُ فَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ غَيْرَهَا خَالَفَ مَا فِي عِلْمِهِ بِالرُّؤْيَةِ فَنَاسَبَ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتِّ وَأَمَّا عَدَمُ الدُّخُولِ فَلَيْسَ مَرْئِيًّا وَلَا هُنَاكَ دَلَالَةٌ عَلَى نَفْيِهِ مِنْ الْحَوَاسِّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ لَازَمَهَا بِحَيْثُ قَطَعَ بِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ لَكِنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ نَادِرٌ. [فَصْلٌ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَنِسَائِي طَوَالِقُ] (قَوْلُهُ لَا فِي النِّسْوَةِ لِلتُّهْمَةِ) رَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِي تَعْيِينِ الْحِنْثِ مِنْ الزَّوْجَةِ تُهْمَةٌ فَقَدْ تَرِثُهُ هِيَ بِأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَيَتَأَخَّرَ مَوْتُهَا وَقَدْ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا تَوَارُثٌ لِرِقٍّ أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ وَقَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَلَكِنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَقَدْ يَزِيدُ الْإِرْثُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقَدْ يَكُونُ فِي تَعْيِينِ الْحِنْثِ فِي الْعَبْدِ تُهْمَةٌ فِيمَا إذَا قَتَلَهُ قَاتِلٌ وَهُوَ وَارِثُهُ وَكَانَتْ دِيَتُهُ زَائِدَةً عَلَى قِيمَتِهِ وَعَلَى حِصَّتِهَا مِنْ الْإِرْثِ وَقَدْ لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا قَالَ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّا لَا نَقْبَلُهُ مُطْلَقًا كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ أَوْ نَرُدُّهُ مَعَ التُّهْمَةِ خَاصَّةً يُتَّجَهُ تَخَرُّجُهُ عَلَى إقْرَارِ الْخُنْثَى بِالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ فِي مَحَلِّ التُّهْمَةِ وَفِيهِ اضْطِرَابٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 قَوْلُهُ (فَإِنْ تَوَقَّفَ) بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ (أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) رَجَاءَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي الطَّلَاقِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي السَّرِقَةِ لِتَأْثِيرِهَا فِي الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي الْقَطْعِ وَفِي النِّكَاحِ لِتَأْثِيرِهَا فِي الْمَالِ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي النِّكَاحِ (فَإِنْ خَرَجَتْ لِلْعَبْدِ عَتَقَ وَيَكُونُ) عِتْقُهُ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ عَلَّقَ فِي الْمَرَضِ) وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ (وَلَمْ يَزْنِ) مِنْ الزَّوْجِ (إنْ ادَّعَيْنَ طَلَاقًا بَائِنًا وَإِلَّا وَرِثْنَ وَإِنْ خَرَجَتْ لَهُنَّ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ) إذْ لَا أَثَرَ لِلْقُرْعَةِ فِي الطَّلَاقِ وَلَا تُعَادُ (وَوَقَفَ إرْثُهُنَّ وَالْأَوْلَى لَهُنَّ تَرْكُهُ لِلْوَرَثَةِ) . (فَصْلٌ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ لَوْ قَالَ) لِإِحْدَى نِسَاؤُهُ (أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَإِنْ فَصَلَ الثَّالِثَةَ عَنْ الْأُولَتَيْنِ أَوْ الْأُولَى عَنْ الْأَخِيرَتَيْنِ) أَوْ أَرَادَ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ) فِي فَرْعٍ لَيْسَ الْوَطْءُ تَعْيِينًا فَفِي الْأُولَى إنْ عَيَّنَ الثَّالِثَةَ طَلُقَتْ وَحْدَهَا أَوْ الْأُولَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا وَفِي الثَّانِيَةِ تَطْلُقُ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ (فَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ الْأُولَتَيْنِ وَالثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا) بِهِ (طَلُقَتْ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخَرَتَيْنِ) فَيُعَيِّنُهَا (وَلَوْ اصْطَفَّ) نِسْوَتُهُ (الْأَرْبَعُ) صَفًّا (فَقَالَ الْوُسْطَى مِنْكُنَّ طَالِقٌ قَالَ النَّوَوِيُّ) كَالْقَاضِي (طَلُقَتْ إحْدَى الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ) لِأَنَّ مَوْضِعَ الْوُسْطَى لِوَاحِدَةٍ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ فِيمَا إذَا قَالَ ضَعُوا عَنْ الْمُكَاتِبِ أَوْسَطَ النُّجُومِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ (وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ وَإِنْ طَلَّقَ زَوْجَتَيْهِ رَجْعِيًّا ثُمَّ) قَبْلَ الْمُرَاجَعَةِ (طَلَّقَ إحْدَاهُمَا ثَلَاثًا وَأَبْهَمَ) الْمُطَلَّقَةَ (فَلَهُ التَّعْيِينُ وَلَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِاللَّفْظِ لَا بِالتَّعْيِينِ (وَلَا يَتَزَوَّجُ بِإِحْدَاهُمَا قَبْلَ التَّعْيِينِ) وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) . [الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ) (تَعْلِيقُهُ جَائِزٌ) كَالْعِتْقِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكْرَهُ طَلَاقَهَا فَيَدْفَعُ بِتَعْلِيقِهِ تَنْجِيزَهُ وَاسْتَأْنَسُوا لَهُ بِخَبَرِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ كَالْحَلِفِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْخُلْعِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (فَلَا يَقَعُ قَبْلَ) وُجُودِ (الشُّرُوطِ وَلَوْ) كَانَ مَعْلُومَ الْحُصُولِ أَوْ (قَالَ عَجَّلْته) أَيْ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ لِتَعَلُّقِهِ بِالْوَقْتِ الْمُسْتَقْبَلِ كَالْجُعْلِ فِي الْجَعَالَةِ وَصَوْمِ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ نَذَرَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ بِقَوْلِهِ عَجَّلْت الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ جَزْمًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُقُوعِ أُخْرَى عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ انْتَهَى وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَصِحَّ التَّعْجِيلُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَطْلُقَ فِي الْحَالِ انْتَهَى وَيُوَجَّهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَا بَعْدَهُ بِأَنَّ قَائِلَهُ أَلْغَى وَصْفَ التَّعْلِيقِ وَنَوَى طَلَاقًا مُبْتَدَأً. (فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ وَقَالَ قَصَدْت الشَّرْطَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى التَّعْلِيقِ إنْ قَصَدَهُ وَعَدَلَ إلَى التَّنْجِيزِ (إلَّا إنْ مَنَعَ الْإِتْمَامَ) كَأَنْ وَضَعَ غَيْرُهُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ (وَحَلَفَ) فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا لِلْقَرِينَةِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ عَلَى شَيْءٍ كَقَوْلِهِ إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا وَقَدْ فَعَلَهُ (وَسَبَقَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا اعْتَرَضَ بِهِ مَرْدُودٌ وَمَا أَظُنُّهُ صَدَرَ مِنْهُ عَنْ رَوِيَّةٍ أَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّ الزَّوْجَ قَدْ يَرِثُ مِنْهَا فَغَلَطٌ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ وَقَدْ تَرِثُ الْمَرْأَةُ بِأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَيَمُوتَ الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ اعْتِرَاضٌ سَاقِطٌ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ عَلَّلَ بِقَوْلِهِ فَيَرِقُّ الْعَبْدُ وَيَسْقُطُ إرْثُ الزَّوْجَةِ وَهَذَا يَدْفَعُ الرَّجْعِيَّةَ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ لَا يَتَصَوَّرُ حِرْمَانُهَا حَتَّى يُتَّجَهَ إيرَادُهَا وَقَوْلُهُ وَقَدْ لَا يَرِثُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ كَمَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَقِيقَةً أَوْ كَافِرَةً أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَلَكِنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَذُهُولٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ عَدَمَ إرْثِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الطَّلَاقِ وَالطَّلَاقُ الْمُبْهَمُ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُقُوعُهُ حَتَّى يَنْفِيَ التُّهْمَةَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الْإِرْثَ قَدْ يَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّ الْإِرْثَ قَدْ يَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَنْتَفِي التُّهْمَةُ وَمَتَى زَادَتْ حَصَلَتْ التُّهْمَةُ وَقَوْلُهُ إنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَقْتُلُهُ قَاتِلٌ فَيُتَّهَمُ فِي تَعْيِينِ الْعِتْقِ فِيهِ لِيَرِثَ دِيَتَهُ إطْلَاقٌ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرِثُ دِيَتَهُ حَيْثُ لَا وَارِثَ لَهُ مِنْ النَّسَبِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا ذُهُولٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مَتَى طَلَّقَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ طَلَاقًا بَائِنًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانِ الْوُرَّاثِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَقِيقَةً أَوْ كَافِرَةً فَيُنْظَرُ إنْ بَيَّنَ الْعِتْقَ فِي الْعَبْدِ قُبِلَ قَطْعًا لِإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ عَيَّنَ الطَّلَاقَ فِي الزَّوْجَةِ جَاءَ الْخِلَافُ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ نَرُدُّهُ مَعَ التُّهْمَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ قَالَ لِإِحْدَى نِسَائِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ تَعْلِيقُهُ جَائِزٌ) يُشْتَرَطُ فِي التَّعْلِيقِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى الشَّرْطِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ وَأَنْ يَتَّصِلَ الشَّرْطُ بِالطَّلَاقِ وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِالشَّرْطِ بِلِسَانِهِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ عَجَّلْته) أَيْ الطَّلَاقَ أَوْ قَالَ أَرَدْت تَعْجِيلَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ لِي صِحَّةُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ الْمَاشِي عَلَى الْقَوَاعِدِ وَهَذِهِ النُّقُولُ لَا تُعَارِضُ مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَفِيهِ وَجْهٌ عَنْ حِكَايَةِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ التَّنْجِيزَ بِمَا أَوْقَعَهُ قَبْلَ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ تَعْجِيلُ الْمُعَلَّقِ مَعَ بَقَاءِ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى شَرْطِهِ وَالْأَثَرُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمُؤَثِّرِ بَلْ يُقَارِنُهُ أَوْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ ثُمَّ لَوْ قُلْنَا بِصِحَّةِ تَعْجِيلِ الْمُعَلَّقِ مَعَ بَقَاءِ التَّعْلِيقِ لَلَزِمَ أَنْ لَا يَقَعَ بِالدُّخُولِ شَيْءٌ آخَرُ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ سَبَقَ وُقُوعَهُ وَاَلَّذِي يُوقِعُهُ لَمْ يُعَلِّقْ فَكَيْفَ يُوقِعُ مَا لَمْ يُعَلِّقْ ت. (قَوْلُهُ بَلْ يَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةً جَزْمًا) الْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَتَطْلُقُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ . (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ إلَخْ) وَأَنَّ الْكَلَامَ تَمَّ وَاسْتَأْنَفَ أَنْ يُرِيدَ إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَأَكْرِمْهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 فِي بَابِ تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ (عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ خِلَافُهُ وَلَعَلَّ هَذَا أَصَحُّ) مِنْهُ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثَمَّ وَقَوْلُهُ وَسَبَقَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ ابْتِدَاءً) أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَرْطِهِ مُقْتَصِرًا عَلَى فَاءِ الْجَزَاءِ (فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت الشَّرْطَ فَسَبَقَ لِسَانِي) إلَى الْجَزَاءِ (لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ظَاهِرًا) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَقَدْ خَاطَبَهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَالْفَاءُ قَدْ تُزَادُ فِي غَيْرِ الشَّرْطِ وَرُبَّمَا كَانَ قَصْدُهُ أَنْ يَقُولَ أَمَّا بَعْدُ فَأَنْتِ طَالِقٌ. (وَقَوْلُهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْت طَالِقٌ بِحَذْفِ الْفَاءِ تَعْلِيقٌ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ وَقَدْ يُسْأَلُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت التَّنْجِيزَ حُكِمَ بِهِ أَوْ التَّعْلِيقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ الْمُرَاجَعَةُ حُمِلَ عَلَى التَّعْلِيقِ وَالتَّصْرِيحِ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَوَّبَ بِالْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ إنْ كَانَ نَحْوِيًّا وَقَعَ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ أَنْ نَافِيَةً بِدَلِيلِ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ فَتَحَ أَنْ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا قَالُوهُ فِي النَّحْوِيِّ صَحِيحٌ إنْ نَوَاهُ دُونَ مَا إذَا أَطْلَقَ لِأَنَّ إنْ الْمَكْسُورَةَ ظَاهِرَةٌ فِي الشَّرْطِ وَالْفَاءُ تُحْذَفُ كَثِيرًا (فَإِنْ جَعَلَ مَكَانَ الْفَاءِ وَاوًا) بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْت طَالِقٌ (وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ) بِالْأَوَّلِ (أَوْ التَّنْجِيزَ) بِالثَّانِي (أَوْ) قَصَدَ (جَعْلَهُمَا شَرْطَيْنِ لِعِتْقٍ وَنَحْوِهِ) كَطَلَاقٍ قُبِلَ مِنْهُ بِلَا يَمِينٍ فِي الثَّانِي وَبِيَمِينٍ فِيمَا عَدَاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا (فَتَعْلِيقٌ) بِالدُّخُولِ (مِنْ جَاهِلٍ بِالْقَرِينَةِ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْعَالِمِ بِهَا فَلَا يَكُونُ تَعْلِيقًا وَلَا غَيْرَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ عِنْدَهُ نَعَمْ إنْ جَعَلَ أَنْ نَافِيَةً احْتَمَلَ كَوْنُ الْوَاوِ لِلْحَالِ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَوْ لِلْعَطْفِ فَيَقَعُ فَيُسْأَلُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَبَقِيَ مَا لَوْ جَهِلْنَا أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ جَاهِلٌ بِهَا وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُرَاجَعَةِ (وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ هُنَا بَيْنَ الْجَاهِلِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِ) كَمَا تَقَرَّرَ (وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ) أَنْت طَالِقٌ (أَنْ شَاءَ اللَّهُ) بِالْفَتْحِ كَمَا مَرَّ (وَفُرِّقَ) بَيْنَهُمَا أَيْضًا (فِي قَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (أَنْ دَخَلْت الدَّارَ بِالْفَتْحِ) كَمَا سَيَأْتِي (وَهُمَا سَوَاءٌ) فِي الْمَعْنَى وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَيُجَابُ بِأَنَّ حَمْلَ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى التَّعْلِيقِ يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ الطَّلَاقِ أَصْلًا بِخِلَافِ أَنْ دَخَلْت الدَّارَ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَجَابَ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ فَعِنْدَ الْفَتْحِ يَنْصَرِفُ لِلتَّعْلِيلِ بِهِ مُطْلَقًا وَالثَّانِي يَغْلِبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ فَعِنْدَ الْفَتْحِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَالِمِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ وَكَذَا) لَوْ قَالَ (وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) دَخَلَتْ أَمْ لَمْ تَدْخُلْ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَهُ بِالدُّخُولِ لَمْ يُقْبَلْ لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ وَيُدَيَّنُ لِلِاحْتِمَالِ ذَكَرَهُ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ. (فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ بِشَرْطٍ وَقَالَ أَرَدْت التَّنْجِيزَ) فَسَبَقَ لِسَانِي إلَى الشَّرْطِ (قُبِلَ) مِنْهُ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ (وَفِي التَّعْلِيقِ أَطْرَافٌ) سَبْعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْأَوْقَاتِ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ دُخُولِهِ أَوْ مَجِيئِهِ) أَوْ ابْتِدَائِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ أَوْ أَوَّلِ آخِرِ أَوَّلِهِ (طَلُقَتْ بِدُخُولِ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَالِاعْتِبَارُ فِي دُخُولِهِ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ فَلَوْ عَلَّقَ بِبَلَدِهِ وَانْتَقَلَ إلَى أُخْرَى وَرُئِيَ فِيهَا الْهِلَالُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُرَ فِي تِلْكَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا اخْتَلَفَتْ الْمَطَالِعُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (فِي نَهَارِ شَهْرِ كَذَا) أَوْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ (فَبِطُلُوعِ فَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ) تَطْلُقُ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْفَجْرَ أَوَّلُ الْيَوْمِ وَأَوَّلُ النَّهَارِ (فَإِنْ أَرَادَ وَسَطَهُ) أَيْ الشَّهْرِ أَوْ آخِرَهُ (وَقَدْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ) أَرَادَ مِنْ الْأَيَّامِ (إحْدَى الثَّلَاثِ) الْأَوْلَى أَحَدُ الثَّلَاثَةِ (الْأَوَّلُ) مِنْهُ. (وَقَدْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (غُرَّتَهُ دُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ فِيهِمَا وَ (لِأَنَّهُنَّ) أَيْ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ (غُرَرٌ) فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا (إلَّا إنْ قَالَ أَرَدْت بِغُرَّتِهِ أَوْ بِرَأْسِ الشَّهْرِ) الْأَوْلَى بِرَأْسِهِ (الْمُنْتَصَفَ) فَلَا يُدَيَّنُ لِأَنَّ غُرَّةَ الشَّهْرِ لَا تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَرَأْسُهُ لَا تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ وَالْمُنْتَصَفُ مِثَالٌ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي رَمَضَانَ) مَثَلًا (وَهُوَ فِيهِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ فَإِنْ قَالَ) وَهُوَ فِي رَمَضَانَ أَنْت طَالِقٌ (فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ أَنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ إذَا (جَاءَ) رَمَضَانُ (فَفِي قَابِلٍ) أَيْ فَتَطْلُقُ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ الْقَابِلِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ (وَإِنْ عَلَّقَ بِآخِرِ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ سَلْخِهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا (فَبِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ) أَيْ الشَّهْرِ (أَوْ مِنْهَا) أَيْ السَّنَةِ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ الْآخِرُ الْمُطْلَقُ وَالسَّابِقُ لِلْفَهْمِ وَاسْمُ السَّلْخِ يَقَعُ عَلَيْهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَكَسَلْخِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَعَلَّ مِمَّا صَحَّ) يُحْمَلُ كَلَامُ الْبُوشَنْجِيِّ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ فَهَلْ تَطْلُقُ حَالًا أَوْ بِالدُّخُولِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا؛ لِأَنَّ " لَوْ " تَرِدُ شَرْطًا لِلِاسْتِقْبَالِ فَتَصْرِفُ الْمَاضِي إلَى الِاسْتِقْبَالِ نَحْوُ أَكْرِمْ زَيْدًا وَلَوْ أَسَاءَ أَيْ وَإِنْ وَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الْكُوَّةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَوُسِّعَتْ حَتَّى صَارَتْ بَابًا فَيَحْتَمِلُ الْوُقُوعُ الْخُرُوجَ مِنْ مَوْضِعِ الْكُوَّةِ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ اسْمُ كُوَّةٍ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا الرَّاجِحُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ دُونَ الْعَالِمِ بِهَا فَلَا يَكُونُ تَعْلِيقًا وَلَا غَيْرَهُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي عَارِفِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ تَعْلِيقًا وَلَا غَيْرَهُ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ تَنْجِيزٌ؛ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ. اهـ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ جَعَلَ إنْ نَافِيَةً إلَخْ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قَصْدِ الْإِنْشَاءِ فَأَمَّا إذَا جَعَلْنَا إنْ نَافِيَةً وَأَنْتِ طَالِقٌ حَالًا كَانَ الْمَعْنَى مَا دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَيْ مَا دَخَلْت فِي الْحَالِ طَلَاقُك بَلْ دَخَلَتْ فِي حَالِ عَدَمِ طَلَاقِك وَذَلِكَ صَرِيحُ خَبَرِ لَا إنْشَاءُ تَعْلِيقٍ وَلَا طَلَاقَ فَبَطَلَ مَا ذَكَرَهُ ت. (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ ظَرْفًا فَوَقَعَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ كَدُخُولِ جُزْءٍ مِنْ الدَّارِ [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاق بِالْأَوْقَاتِ] (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفَجْرَ أَوَّلُ الْيَوْمِ إلَخْ) الْيَوْمُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَطْعًا وَالنَّهَارُ مِنْ طُلُوعِهِ عَلَى الْأَصَحِّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 انْسِلَاخُهُ وَخُرُوجُهُ وَانْقِضَاؤُهُ وَمُضِيُّهُ وَنُفُوذُهُ وَ (كَذَا) تَطْلُقُ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ (إنْ عَلَّقَ بِآخِرِ أَوَّلِ آخِرِهِ) لِأَنَّ آخِرَهُ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ وَأَوَّلَهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ فَآخِرُ أَوَّلِهِ الْغُرُوبُ وَهُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ كَذَا قَالُوهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ قَبْلَ زَوَالِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ آخِرُ أَوَّلِهِ وَوَقْتُ الْغُرُوبِ إنَّمَا هُوَ الْيَوْمُ لَا آخِرُ أَوَّلِهِ (وَإِنْ عَلَّقَ بِأَوَّلِ آخِرِهِ فَبِأَوَّلِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ) مِنْهُ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ أَوَّلُ آخِرِهِ (أَوْ آخِرُهُ) أَيْ أَوْ عَلَّقَ بِآخِرِ (أَوَّلِهِ فَبِآخِرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) مِنْهُ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ آخَرُ أَوَّلِهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقِيلَ تَطْلُقُ بِآخِرِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْهُ لِأَنَّهَا أَوَّلُهُ بِالْحَقِيقَةِ وَصَوَّبَهُ الشَّاشِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي النَّقْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَفِي التَّرْجِيحِ فَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ الْأَوَّلَ عَنْهُمْ وَرَجَّحَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ وَالْأَقْيَسُ كَمَا قَالَ الْعِمْرَانِيُّ الثَّانِي (أَوْ بِانْتِصَافِ الشَّهْرِ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ) تَطْلُقُ (وَإِنْ نَقَصَ) الشَّهْرُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ (أَوْ بِنِصْفِ نِصْفِهِ) الْأَوَّلِ (فَبِطُلُوعِ فَجْرِ الثَّامِنِ) تَطْلُقُ لِأَنَّ نِصْفَ نِصْفُهُ سَبْعِ لَيَالٍ وَنِصْفٌ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ وَنِصْفٌ وَاللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ فَيُقَابَلُ نِصْفُ لَيْلِهِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَيُجْعَلُ ثَمَانِ لَيَالٍ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا وَسَبْعُ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا. (أَوْ) عَلَّقَ (بِنِصْفِ الْيَوْمِ) كَانَ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ يَوْمٍ كَذَا (فَعِنْدَ الزَّوَالِ) مِنْهُ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ يُحْسَبُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ شَرْعًا وَنِصْفُهُ الْأَوَّلُ أَطْوَلُ (أَوْ) عَلَّقَ (بِمُضِيِّ يَوْمٍ وَهُوَ بِالنَّهَارِ فَفِي وَقْتِهِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي) تَطْلُقُ لِأَنَّ الْيَوْمَ حَقِيقَةً فِي جَمِيعِهِ مُتَوَاصِلًا أَوْ مُتَفَرِّقًا (أَوْ) وَهُوَ (بِاللَّيْلِ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ) تَطْلُقُ إذْ بِهِ يَتَحَقَّقُ مُضِيُّ يَوْمٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ لَكِنْ فِيهِ تَلْفِيقُ الْيَوْمِ مِنْ الْبَعْضَيْنِ الْمُفَرَّقَيْنِ وَقَدْ مَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ انْتَهَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّفْرِيقَ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ ثَمَّ تَفْرِيقٌ تَخَلَّلَهُ زَمَانٌ لَا اعْتِكَافَ فِيهِ أَمَّا لَوْ دَخَلَ فِيهِ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ وَاسْتَمَرَّ إلَى نَظِيرِهِ مِنْ الثَّانِي أَوْ قَالَ فِي إثْنَائِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا مِنْ هَذَا الْوَقْتِ فَيَكْفِيهِ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا هُنَا لِأَنَّ زَمَنَ التَّعْلِيقِ حَصَلَ الشُّرُوعُ فِيهِ عَقِبَ الْيَمِينِ وَلَوْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ عَلَى أَوَّلِ نَهَارٍ طَلُقَتْ عِنْدَ غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ نَهَارًا أَنْتِ طَالِقٌ (أَنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ إذَا (مَضَى الْيَوْمُ فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ) تَطْلُقُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ لَحْظَةٌ لِأَنَّهُ عَرَّفَهُ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (فَإِنْ كَانَ) قَالَهُ (لَيْلًا لَغَا) إذْ لَا نَهَارَ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى الْمَعْهُودِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْجِنْسِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاؤُهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُ الدُّنْيَا فَكَانَتْ صِفَةً مُسْتَحِيلَةً. (أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ) قَالَهُ (لَيْلًا) وَيَلْغُو ذِكْرُ الْيَوْمِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ وَإِنَّمَا أَوْقَعَ وَسَمَّى الْوَقْتَ بِغَيْرِ اسْمِهِ نَعَمْ لَوْ قَالَ فِي صُورَةِ اللَّيْلِ أَرَدْت الْيَوْمَ التَّالِي لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ حَتَّى لَا يَقَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَإِنْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ شَهْرٍ فَبِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا تَطْلُقُ (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (لَيْلًا فَبِمُضِيِّ قَدْرِهِ) أَيْ اللَّيْلِ أَيْ مَا سَبَقَ مِنْهُ عَلَى التَّعْلِيقِ (مِنْ لَيْلَةِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ) تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا كَمَّلَ بِقَدْرِ مَا سَبَقَ مِنْهُ عَلَى التَّعْلِيقِ مِنْ يَوْمِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَهَذِهِ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهَا أَنْ يُعَلِّقَ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ فَإِنْ عَلَّقَ فِيهِ كَفَى بَعْدَهُ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ كَمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إجْحَافًا وَقَلَاقَةً (فَإِنْ اتَّفَقَتْ مُقَارَنَةُ) ابْتِدَاءً (هِلَالٍ) لِلتَّعْلِيقِ (كَفَى) مُضِيُّ الشَّهْرِ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا أَمَّا إذَا عَلَّقَ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ مُعَرَّفًا فَتَطْلُقُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) عَلَّقَ (بِانْقِضَاءِ سَنَةِ فَبِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا) بِالْأَهِلَّةِ تَامَّةً أَوَّلًا أَيْ فَبِمُضِيِّهَا تَطْلُقُ (وَيُتَمِّمُ الْمُنْكَسِرَ) مِنْ الثَّالِثَ عَشَرَ إنْ وَقَعَ كَسْرٌ بِأَنْ عَلَّقَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ كَمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ (وَإِنْ شَكَّ) بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ التَّعْلِيقِ (هَلْ تَمَّ الْعَدَدُ عَمِلَ بِالْيَقِينِ وَحَلَّ لَهُ الْوَطْءُ حَالَ التَّرَدُّدِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُضِيِّ الْعَدَدِ وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ (أَوْ) عَلَّقَ (بِانْقِضَاءِ السَّنَةِ فَبِانْقِضَاءِ بَاقِيهَا عَرَبِيَّةً) تَطْلُقُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا لَحْظَةٌ لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْيَوْمِ (وَلَوْ قَالَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ كَذَا قَالُوهُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) الْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ كَمَا بَيَّنُوهُ. (قَوْلُهُ أَوْ بِاللَّيْلِ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ إلَخْ) حَكَى فِي الْمُطَالَبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ قَالَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةً أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ طَلْقَةً وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي طَلْقَةً وَكَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَالَ وَقِيَاسُ تَنْزِيلِ الْيَوْمِ الْمُنَكَّرِ عَلَى يَوْمٍ كَامِلٍ بِالتَّعْلِيقِ أَنْ لَا تَطْلُقَ الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ وَكَذَا الثَّالِثَةَ حَتَّى بِمُضِيٍّ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَكَذَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَا تَكْمُلُ بِهِ سَاعَاتُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي. اهـ. وَهُوَ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا عَلَّقَ عَلَى مُضِيِّ الْيَوْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَمَالِهِ وَفِي مَسْأَلَتِهِ عَلَّقَ عَلَى الْيَوْمِ وَهُوَ صَادِقٌ بِأَوَّلِهِ فَلَا تَشَابُهَ بَيْنَهُمَا 1 - (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا قَالَهُ غَلَطٌ حَصَلَ بِذُهُولٍ عَمَّا قَرَّرَهُ فِي الِاعْتِكَافِ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّمَانَ الْمَنْذُورَ لَيْسَ مَحْمُولًا عَلَى الزَّمَانِ الْمُتَّصِلِ بِالنَّذْرِ بَلْ يَجُوزُ لِلنَّاذِرِ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ وَفِعْلُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ زَمَنًا مُعَيَّنًا كَقَوْلِهِ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَشِبْهِهِ. وَأَمَّا التَّعْلِيقُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى أَوَّلِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَّصِلَةِ فَنَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا مِنْ النَّذْرِ أَنْ يَقُولَ يَوْمًا مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَجَازَ التَّفْرِيقُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ عَلَى أَوَّلِ نَهَارٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا تَمَّ التَّعْلِيقُ وَاسْتَعْقَبَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ أَمَّا لَوْ ابْتَدَأَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ فَقَدْ مَضَى جُزْءٌ قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَا يَقَعُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَقَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ شَعْبَانَ أَوْ رَمَضَانَ غَيْرَ ذِكْرِ شَهْرٍ قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَقَعَ سَاعَةَ تَكَلَّمَ. (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلَّقَ فِيهِ كَفَى بَعْدَهُ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 أَرَدْت) بِالسَّنَةِ مُنَكَّرَةً أَوْ مُعَرَّفَةً سَنَةً (رُومِيَّةً) أَوْ فَارِسِيَّةً (أَوْ) بِالسَّنَةِ مُعَرَّفَةً سَنَةً (كَامِلَةً لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ (ظَاهِرًا) لِتُهْمَةِ التَّأْخِيرِ (وَيُدَيَّنُ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَعَمْ لَوْ كَانَ بِبِلَادِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ فَيَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِ قَالَ وَلَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ شُهُورٍ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةٍ أَوْ الشُّهُورِ فَبِمُضِيِّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي وَبِمُضِيِّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا الْآيَةَ عِنْدَ الْجِيلِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْجِيلِيِّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ سَاعَاتٍ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ أَوْ السَّاعَاتِ فَبِمُضِيِّ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً لِأَنَّهَا جُمْلَةُ سَاعَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. (فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَصُعُودِ السَّمَاءِ) وَالطَّيَرَانِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى إذَا أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْمُرَادَ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٍ عَنْ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49] (أَوْ عَقْلًا كَإِحْيَائِهَا الْمَوْتَى) وَالْجَمْعُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ (أَوْ شَرْعًا كَنَسْخِ صَوْمِ رَمَضَانَ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْجِزْ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ وَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ وَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ امْتِنَاعَ الْوُقُوعِ لِامْتِنَاعِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] وَالْيَمِينُ فِيمَا ذُكِرَ مُنْعَقِدَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ حَتَّى يَحْنَثَ بِهَا الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ لِأَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِهَا ثَمَّ لَيْسَ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُسْتَحِيلِ بَلْ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا يَنْعَقِدُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَن فُلَانًا وَهُوَ مَيِّتٌ مَعَ تَعَلُّقِهَا بِالْمُسْتَحِيلِ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبِرِّ يَهْتِكُ حُرْمَةَ الِاسْمِ فَيُحْوِجُ إلَى التَّكْفِيرِ. (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) سَوَاءٌ أَرَادَ وُقُوعَهُ أَمْسِ أَمْ فِي الْحَالِ مُسْتَنِدٌ إلَى أَمْسِ أَمْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَمْ مَاتَ أَمْ جُنَّ قَبْلَ بَيَانِ الْإِرَادَةِ أَمْ خَرِسَ وَلَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَرَبَطَهُ بِمُمْتَنِعٍ فَيَلْغُو الرَّبْطُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَلَا بِدْعَةَ فِي طَلَاقِهَا (فَإِنْ أَرَادَ الْإِخْبَارِ) بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا أَمْسِ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَقَدْ رَاجَعَهَا أَوْ وَهِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ أَوْ بَائِنٌ (قُبِلَ) مِنْهُ لِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ إلَى أَمْسِ (وَاعْتَدَّتْ مِنْ أَمْسِ إنْ صَدَّقَتْهُ) وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُهَا أَوَّلًا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْعَدَدِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ (فَمِنْ الْإِقْرَارِ) تَعْتَدُّ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْت) أَنَّهَا طَلُقَتْ أَمْسِ مِنِّي (فِي عَقْدٍ غَيْرِ هَذَا) الْعَقْدِ (أَوْ مِنْ زَوْجٍ) آخَرَ (قَبْلِي قُبِلَ) مِنْهُ (إنْ عُرِفَ) عَقْدٌ سَابِقٌ وَطَلَاقٌ فِيهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ أَصَدَّقَتْهُ فِي إرَادَتِهِ أَمْ لَا. وَيُخَالِفُ مَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِاعْتِرَافِهِ ثَمَّ بِطَلَاقٍ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَهُنَا أَرَادَ صَرْفَهُ عَنْهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ (فَلَا) يُقْبَلُ مِنْهُ وَيُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا فِي الْحَالِ وَهَذَا مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ ذَكَرَ أَعْنِي الْإِمَامَ احْتِمَالًا جَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيَّ السَّقِيمَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ (وَلَهَا) إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ (تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهَا طَلُقَتْ فِي هَذَا الْعَقْدِ أَوْ فِي عَقْدٍ غَيْرِهِ (وَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (لِلشَّهْرِ الْمَاضِي فَكَذَلِكَ) أَيْ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ (إنْ أَرَادَ التَّارِيخَ) وَكَأَنَّهُ قَالَ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَادَ التَّعْلِيلَ أَوْ أَطْلَقَ (وَقَعَ فِي الْحَالِ) كَمَا لَوْ قَالَ لَوْ رَضِيَ فُلَانٌ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ) مَثَلًا (فَقَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ) الْأَنْسَبُ بِكَلَامِهِ الْآتِي قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِتَعَذُّرِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْلَ آخِرِ التَّعْلِيقِ (وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ) حَتَّى لَوْ قَدِمَ زَيْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا بِأَنْ سَافَرَ ثُمَّ قَدِمَ وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ. (أَوْ) قَدِمَ (بَعْدَ) مُضِيِّ (أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ) مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ (تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ قَبْلَ شَهْرٍ) مِنْ قُدُومِهِ (فَتَعْتَدُّ مِنْ حِينَئِذٍ) لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِزَمَنٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُدُومِ شَهْرٌ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ وَاعْتُبِرَتْ الْأَكْثَرِيَّةُ الصَّادِقَةُ بِآخِرِ التَّعْلِيقِ فَأَكْثَرَ لِيَقَعَ فِيهَا الطَّلَاقُ وَذِكْرُهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَاعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْأَصْلِ وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ فِي زَمَنٍ يَسَعُ وُقُوعَهُ زَائِدًا عَلَى الشَّهْرِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ آخِرُهُ فَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ مَعَ الْآخِرِ إذْ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ يَتَقَارَنَانِ فِي الْوُجُودِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ. (وَإِنْ خَالَعَهَا) وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ (ثُمَّ قَدِمَ) زَيْدٌ (بَعْدَ الْخُلْعِ بِشَهْرٍ) صَوَابُهُ مَا فِي الْأَصْلِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ (صَحَّ الْخُلْعُ) وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهَا عِنْدَ الصِّفَةِ بَائِنٌ (أَوْ بِدُونِهِ) الْمُرَادُ بِدُونِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ (وَالطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا هُوَ الْأَصَحُّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ السَّنَةِ دُونَ ثَلَاثَةِ شُهُورٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا حَمْلًا لِلتَّعْرِيفِ عَلَى إرَادَةِ الْبَاقِي مِنْهَا وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَتَكْمُلُ كَمَا يُسْتَفَادُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عِبَارَةِ الْقَمُولِيِّ فِي جَوَاهِرِهِ. [فَصْلٌ عَلَّقَ الطَّلَاق بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا] (فَصْلٌ قَوْلُهُ لَوْ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَصُعُودِ السَّمَاءِ إلَخْ) وَقَدْ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَتَبَ أَيْضًا وَإِنْ عَلَّقَ عَلَى عَدَمِهِ وَقَعَ. (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ . (قَوْلُهُ وَلَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ) أَيْ وَلَا كِتَابَةَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 ثَلَاثٌ لَمْ يَصِحَّ) الْخُلْعُ وَالْمَالُ مَرْدُودٌ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْخُلْعِ بِطَرِيقِ التَّبَيُّنِ أَمَّا لَوْ خَالَعَهَا وَلَمْ يَمْضِ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ فَالْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ لَكِنْ فِي الشِّقِّ الَّذِي لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الْخُلْعُ إنْ كَانَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالْقُدُومِ دُونَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ أَيْضًا صَحَّ الْخُلْعُ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ بِالصِّفَةِ قَبْلَهُ صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي مَعْنَى الثَّلَاثِ مَا دُونَهَا إذَا لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ أَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَصِحُّ مَعَهُ الْخُلْعُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ خُلْعِ الرَّجْعِيَّةِ (وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ) الْأَنْسَبُ بِمَا قَدَّمَهُ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ أَثْنَاءَ التَّعْلِيقِ (وَمَاتَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ بِدُونِ شَهْرٍ) أَوْ بِشَهْرٍ (لَمْ يَرِثْهَا) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَمَحِلُّهُ إذَا مَاتَتْ وَهِيَ بَائِنٌ أَمَّا إذَا مَاتَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ فَيَرِثُهَا لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَكَمَوْتِهَا فِيمَا ذُكِرَ مَوْتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِإِرْثِهَا مِنْهُ وَعَدَمِ إرْثِهَا. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) نَهَارًا (أَنْت طَالِقٌ غَدَ أَمْسِ أَوْ أَمْسِ غَدٍ بِالْإِضَافَةِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (فِي الْحَالِ) لِأَنَّ غَدَ أَمْسِ وَأَمْسِ غَدٍ هُوَ الْيَوْمُ وَلَوْ قَالَهُ لَيْلًا وَقَعَ غَدًا فِي الْأُولَى وَحَالًا فِي الثَّانِيَةِ وَتَبِعَ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْحَالِ الرَّافِعِيُّ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْيَوْمِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (أَمْسِ غَدٍ أَوْ غَدَ أَمْسِ بِغَيْرِ إضَافَةٍ لَغَا ذِكْرُ أَمْسِ) وَوَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْغَدِ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْغَدِ بِالْأَمْسِ وَلَا يُمْكِنُ الْوُقُوعُ فِيهِمَا وَلَا الْوُقُوعُ فِي أَمْسِ فَتَعَيَّنَ الْوُقُوعُ فِي الْغَدِ لِإِمْكَانِهِ. (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (الْيَوْمَ غَدًا فَوَاحِدَةً) تَقَعُ (فِي الْحَالِ) وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الْغَدِ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْيَوْمَ طَالِقٌ غَدًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا ذَلِكَ (وَكَذَا) تَقَعُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ فِي الْحَالِ (لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ نِصْفَهَا الْيَوْمَ وَنِصْفَهَا الْآخَرَ غَدًا) لِأَنَّ مَا أَخَّرَهُ مُعَجَّلٌ (فَإِنْ أَطْلَقَ نِصْفَيْنِ) بِأَنْ أَرَادَ نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ غَدًا (فَطَلْقَتَانِ) إلَّا إنْ تَبَيَّنَ بِالْأُولَى وَكَذَا لَوْ قَالَ أَرَدْت الْيَوْمَ طَلْقَةً وَغَدًا أُخْرَى كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (غَدًا الْيَوْمَ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (غَدًا فَقَطْ) أَيْ لَا فِي الْيَوْمِ أَيْضًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعَلَّقَ بِالْغَدِ وَذِكْرَهُ الْيَوْمَ بَعْدَهُ كَتَعْجِيلِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ وَهُوَ لَا يَتَعَجَّلُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَهُ فَوَاحِدَةً) تَقَعُ (فِي الْحَالِ) وَلَا يَقَعُ فِي الْغَدِ وَلَا بَعْدَ شَيْءٍ آخَرَ إذْ الْمُطَلَّقَةُ الْيَوْمَ مُطَلَّقَةٌ فِيمَا بَعْدَهُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ فَطَلْقَتَانِ) تَقَعَانِ (فِي الْيَوْمَيْنِ) وَلَوْ زَادَ فَقَالَ وَفِيمَا بَعْدَ غَدٍ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَعَلَى هَذِهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ. (وَكَذَا) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ (فِي اللَّيْلِ وَفِي النَّهَارِ) تَقَعُ طَلْقَةٌ بِاللَّيْلِ وَأُخْرَى بِالنَّهَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّ الْمَظْرُوفَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الظَّرْفِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ الدَّلِيلُ بِوَاضِحٍ فَقَدْ يَتَّحِدُ الْمَظْرُوفُ وَيَخْتَلِفُ الظَّرْفُ انْتَهَى وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُ ذَلِكَ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ (فَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ لِعَدَمِ إعَادَتِهِ (أَوْ كُلَّ يَوْمٍ تَكَرَّرَ) الطَّلَاقُ بِأَنْ يَقَعَ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةٌ حَتَّى تَكْمُلَ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ. (أَوْ أَنْت طَالِقٌ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ بَعْدَ غَدٍ طَلُقَتْ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ الْغَدِ لَا فِي الْغَدِ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا فِي الْغَدِ لِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (يَوْمًا وَيَوْمًا لَا وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ نَوَى طَلْقَةً يَثْبُتُ حُكْمُهَا فِي يَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ أَوْ تَقَعُ فِي يَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ (فَوَاحِدَةٌ) وَإِنْ نَوَى طَلْقَةً تَقَعُ فِي يَوْمٍ لَا فِي تَالِيهِ وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَعَ ثَلَاثٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَفَاصِلَةٍ. (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ لَغَا كَلَامُهُ فَلَا تَطْلُقُ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِوُجُودِهَا فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ وَإِنْ وُجِدَتْ فَقَدْ مَضَى الْوَقْتُ الَّذِي جَعَلَهُ مَحِلًّا لِلْإِيقَاعِ. (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (الْيَوْمَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ) فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا (فَفِي آخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ) تَطْلُقُ وَهُوَ إذَا بَقِيَ مِنْ الْيَوْمِ زَمَنٌ لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ إذْ بِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ وَكَآخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ لَحْظَةٌ قَبْلَ الْفَسْخِ أَوْ مَوْتُ أَحَدِهِمَا أَوْ جُنُونُ الزَّوْجِ الْمُتَّصِلُ بِمَوْتِهِ أَوْ بِآخِرِ الْيَوْمِ. [فَصْلٌ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ سَنَةٍ طَلْقَةً] (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْت طَالِقٌ كُلَّ سَنَةٍ) طَلْقَةً (طَلُقَتْ وَاحِدَةً فِي الْحَالِ ثُمَّ الْمَوْعِدُ) لِوُقُوعِ الْبَقِيَّةِ مِثْلُ (ذَلِكَ الْوَقْتِ كُلَّ سَنَةٍ لَا أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ) كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ التَّكْلِيمِ سِنِينَ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْتِدَاءً) أَيْ فِي حَلِفِهِ (السَّنَةَ) أَيْ السِّنِينَ (الْعَرَبِيَّةَ) فَتَقَعُ الثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ الْقَابِلِ وَالثَّالِثَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي بَعْدَهُ (وَيُتَصَوَّرُ) هَذَا وَمَا قَبْلَهُ (بِطُولِ الْعِدَّةِ أَوْ الْمُرَاجَعَةِ) لِلزَّوْجَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَانَتْ مِنْهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا تَقَعُ الْبَقِيَّةُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ. (وَإِنْ قَالَ) أَنْت   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْل قَالَ نَهَارًا أَنْتِ طَالِقٌ غَدَ أَمْسِ] قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ الْغَدُ إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ فَقَدْ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِهِ غَايَةُ الْفَوْزِ فِي دِرَايَةِ الدَّوْرِ بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْمَسْطُورَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْفَوَائِدِ الْمَحْضَةِ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ (فَصْلٌ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إلَخْ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 طَالِقٌ (كُلَّ يَوْمٍ طَلْقَةً) أَوْ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (وَهُوَ بِالنَّهَارِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَةً ثُمَّ الْمَوْعِدِ) لِوُقُوعِ الْبَقِيَّةِ (فَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ فَإِنْ أَرَادَ) أَنَّهَا تَقَعُ فِي مِثْلِ (ذَلِكَ الْوَقْتِ) الَّذِي عَلَّقَ فِيهِ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ قَابِلٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ وَاعْتُبِرَ فَجْرُ كُلِّ يَوْمٍ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ لِمَا فِي اعْتِبَارِ غَيْرِهِ مِنْ تَلْفِيقِ الْيَوْمِ بِلَا دَاعٍ وَإِنْ قَالَهُ وَهُوَ بِاللَّيْلِ وَقَعَ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ التَّالِيَةِ لِلتَّعْلِيقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِأَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ فَلَيْلَةُ الْقَدْرِ) تَطْلُقُ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهَا تَطْلُقُ أَوَّلَ آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ الْعُشْرِ الْأَخِيرِ (أَوْ) بِأَفْضَلِ (الْأَيَّامِ فَيَوْمِ عَرَفَةَ) تَطْلُقُ أَوْ بِأَفْضَلِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ فَيَوْمِ الْجُمُعَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ يَوْمُ عَرَفَةَ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَفِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلسُّلَيْمِيِّ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سَيِّدُ الشُّهُورِ رَمَضَانُ» (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَبِالْغُرُوبِ) تَطْلُقُ (إنْ عَلَّقَ نَهَارًا وَإِلَّا فَبِالْفَجْرِ) وَكُلٌّ مِنْهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ وَجُزْءٍ النَّهَارِ إذْ لَا فَاصِلَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ. (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي) أَوْ فِي حَيَاتِي (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ فَإِنْ ضَمَّ الْقَافَ وَفَتْحَ الْبَاءِ) مِنْ قَبْلُ (أَوْ) قَالَ (قُبَيْلَ) بِالتَّصْغِيرِ (فَقُبَيْلَ الْمَوْتِ) تَطْلُقُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ فَتْحِ بَاءِ قَبْلُ غَلَطٌ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ إنَّمَا فِيهِ ضَمُّ الْبَاءِ وَإِسْكَانُهَا كَنَقِيضِهِ وَهُوَ الدُّبُرُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا لِضَمِّ الْقَافِ فَقَطْ انْتَهَى وَرَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ قَبْلُ هُنَا لَيْسَتْ نَقِيضَةَ بَعْدُ بَلْ بِمَعْنَى مَا يُسْتَقْبَلُ فَمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي أَيْ عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ وَذَلِكَ قُبَيْلَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِمْ كَلَامُ الْأَزْهَرِيِّ قَالَ وَفِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَسَرَ الْقَافَ أَيْضًا طَلُقَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَفِي رَدِّهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ لَمْ يَجْعَلْ قَبْلُ نَقِيضَةَ بَعْدُ بَلْ جَعَلَهَا نَقِيضَةَ الدُّبُرِ وَكَأَنَّ نُسْخَتَهُ الزَّمَنُ بَدَلَ الدُّبُرِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِبَعْدُ عَلَى أَنَّ الضَّبْطَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَزْهَرِيِّ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (بَعْدَ قَبْلَ مَوْتِي فَفِي الْحَالِ) تَطْلُقُ لِأَنَّهُ بَعْدَ قَبْلَ مَوْتِهِ. (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَك وَنَحْوُهُ مِمَّا قَدْ يُتَعَذَّرُ) وُجُودُهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ مِمَّا لَا يُقْطَعُ بِوُجُودِهِ كَدُخُولِ الدَّارِ (فَلَا شَيْءَ) مِنْ الطَّلَاقِ يَقَعُ (حَتَّى يَضْرِبَهَا) وَالْمُرَادُ حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (فَيَتَبَيَّنُ) حِينَئِذٍ (وُقُوعُهُ عَقِبَ اللَّفْظِ) هَذَا مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ مُسْتَنِدٌ إلَى حَالِ اللَّفْظِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي وُجُودَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا لَا يُوجَدُ ثُمَّ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ أَجَابَ عَنْهُ غَيْرُهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ قُبَيْلَ الضَّرْبِ بِاللَّفْظِ السَّابِقِ وَيُحْتَمَلُ الِاسْتِنَادُ إلَيْهِ عَلَى هَذَا لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي فِي أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَا بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الضَّرْبَ غَيْرُ مَحْدُودٍ بِخِلَافِ الْوَقْتِ ثُمَّ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ. (أَوْ) أَنْت (طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا يَوْمُ الْأَضْحَى طَلُقَتْ عُقَيْبَ) يَوْمِ (الْأَضْحَى الْمُقْبِلِ) لِيَكُونَ قَبْلَ التَّطْلِيقَةِ (فَإِنْ أَرَادَ) الْأَضْحَى (الْمَاضِي فَفِي الْحَالِ) تَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَالَ يَوْمُ السَّبْتِ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَأَرَادَ الْجُمُعَةَ الْمَاضِيَةَ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (قَبْلَ مَوْتِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِشَهْرٍ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ شَهْرٍ) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْقُدُومِ قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ (لَمْ تَطْلُقْ وَإِلَّا) بِأَنْ مَاتَ بَعْدَهُ (طَلُقَتْ قَبْلَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) الْأَخْصَرُ قَبْلَ مَوْتِهِ (بِشَهْرٍ) لِأَنَّهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ مَوْتُ الْآخَرِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقَعَ قَبْلَ مَوْتِهَا بِشَهْرٍ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ عِيدَيْ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى بِشَهْرٍ فَتَطْلُقُ أَوَّلَ رَمَضَانَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (قَبْلَ مَا بَعْدَهُ رَمَضَانُ) وَأَرَادَ بِمَا بَعْدَهُ الشَّهْرَ (فَآخِرُ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ) تَطْلُقُ (وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَوْمَ فَقُبَيْلَ فَجْرِ يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ) إنْ كَانَ تَامًّا (وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَوْمَ بِلَيْلَتِهِ فَقُبَيْلَ الْغُرُوبِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ) إنْ كَانَ تَامًّا (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (بَعْدَمَا قَبْلَهُ رَمَضَانُ) وَأَرَادَ بِمَا قَبْلَهُ الشَّهْرَ (فَبِمُسْتَهَلِّ) ذِي (الْقِعْدَةِ) تَطْلُقُ (وَإِنْ أَرَادَ) بِهِ (الْأَيَّامَ) الْأُولَى الْيَوْمَ بِاللَّيْلَةِ بَعْدَهُ (فَفِي) أَوَّلِ (الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ شَوَّالٍ) تَطْلُقُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ اللَّيْلَةَ فَالْقِيَاسُ تَطْلُقُ وَبِغُرُوبِ شَمْسِ أَوَّلِ شَوَّالٍ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ تَعْلِيقٌ) فَلَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ بَلْ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ وَيَتَأَبَّدُ الطَّلَاقُ فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ فَقَالَ هِيَ امْرَأَتُهُ سَنَةً وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ تَأْجِيلَ الْإِيقَاعِ كَمَا يَحْتَمِلُ تَأْجِيلَ الْوَاقِعِ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ (فَإِنْ أَرَادَ التَّأْقِيتَ) لِلطَّلَاقِ مَعَ تَنْجِيزِهِ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ مُؤَبَّدًا وَ) . قَوْلُهُ (أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً لَا يَقَعُ) عَلَيْك (إلَّا غَدًا تَعْلِيقٌ) فَلَا تَطْلُقُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهَا تَطْلُقُ أَوَّلَ آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ الْعُشْرِ الْأَخِيرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ فَتْحِ بَاءِ قَبْلُ غَلَطٌ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا التَّغْلِيطُ مِنْ حَيْثُ الضَّبْطُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَك وَنَحْوُهُ) كَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أُطَلِّقَك. (قَوْلُهُ فَيَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ عَقِبَ اللَّفْظِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَآخِرُ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ تَطْلُقُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الزَّمَنَ الَّذِي يَلِيهِ شَعْبَانُ لَا مُطْلَقَ الشَّهْرِ وَلَا مُطْلَقَ الْقَبْلِ فَإِنَّ مُطْلَقَ الشَّهْرِ يَقْتَضِي طَلَاقَهَا بِأَوَّلِ شَهْرِ رَجَبٍ وَمُطْلَقُ الزَّمَانِ يَقْتَضِي الطَّلَاقَ حَالًا. اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ اللَّيْلَةَ فَالْقِيَاسُ إلَخْ) هُوَ وَاضِحٌ وَسَكَتَ عَنْهُ كَأَصْلِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 إلَّا بِمَجِيءِ الْغَدِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً تَقَعُ عَلَيْك غَدًا (أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَإِنْ جَاءَ الْغَدُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) طَلْقَةً كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت طَلْقَةً أُخْرَى إذَا جَاءَ الْغَدُ قُبِلَ) مِنْهُ فَتَطْلُقُ أُخْرَى إذَا جَاءَ الْغَدُ إنْ لَمْ تَبِنْ مِنْهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ غَدًا أَوْ عَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ فَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ) وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَجْلِ حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ فَإِذَا عَيَّنَ الطَّلَاقَ أَوْ الْحُرِّيَّةَ تَعَيَّنَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ. [فَصْلُ أَلْفَاظِ التَّعْلِيقِ] (فَصْلُ أَلْفَاظِ التَّعْلِيقِ مِنْ وَإِذَا وَإِنْ) وَمَتَى (وَمَتَى مَا وَمَهْمَا وَكُلَّمَا وَأَيُّ) كَقَوْلِهِ مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ أَوْ إذَا أَوْ إنْ أَوْ مَتَى أَوْ مَتَى مَا أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا أَوْ أَيُّ وَقْتٍ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ وَمِنْهَا إذْ مَا وَمَا نَحْوُ مَا فَعَلْته مِنْ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ وَأَيَّانَ وَأَيَّامَا وَأَيْنَ وَحَيْثُ وَلَوْ وَكَيْفَ نَحْوُ كَيْفَ تَجْلِسِينَ فَأَنْت طَالِقٌ (لَكِنْ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) وَضْعًا وَاسْتِعْمَالًا (بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ وَالْجَمِيعُ فِي التَّعْلِيقِ) إثْبَاتًا كَالدُّخُولِ (لَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ) فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّعْلِيقُ بِهِ مَتَى وُجِدَ وَلَا دَلَالَةَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى فَوْرٍ وَلَا تَرَاخٍ (إلَّا بَعْضَ الصِّيَغِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ) وَذَلِكَ فِي تَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَةِ زَوْجَتِهِ مُخَاطَبَةً كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت (أَوْ الْمَالِ) كَإِنْ ضَمِنْت لِي أَوْ إذَا أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْفَوْرَ لِتَضَمُّنِ الْأَوَّلِ تَمْلِيكَ الطَّلَاقِ وَالثَّانِي تَمْلِيكَ الْمَالِ (كَمَا سَبَقَ) الْأَوَّلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالثَّانِي فِي بَابِ الْخُلْعِ وَسَيَأْتِي الْأَوَّلُ أَيْضًا مَعَ التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ) وَنَفْيِهِ وَنَحْوُهُمَا (فَإِنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إنْ طَلَّقْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا) وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا (وَقَعَتْ) طَلْقَةٌ (أُخْرَى بِالتَّعْلِيقِ فَإِنْ قَالَ) لَمْ أُرِدْ التَّعْلِيقَ بَلْ (أَرَدْت أَنَّهَا تَصِيرُ مُطَلَّقَةً بِتِلْكَ) الطَّلْقَةِ (لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرًا (وَدُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ وَقَوْلُهُ لِمَدْخُولٍ بِهَا مُضِرٌّ لِأَنَّ غَيْرَهَا كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا مَدْخُولًا بِهَا عِنْدَ تَطْلِيقِهَا فَلَوْ حَذَفَهُ وَذَكَرَ مَا ذَكَرْته عَقِبَهُ طَلَّقَهَا تَبَعًا لِأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى (فَإِنْ خَالَعَهَا أَوْ كَانَتْ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ (غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَمْ تَقَعْ) الطَّلْقَةُ (الثَّانِيَةُ) أَيْ الْمُعَلَّقَةُ (لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ بِالْأُولَى وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ) فَامْتِنَاعُ وُقُوعِ الْمُعَلَّقَةِ لَيْسَ لِتَأَخُّرِ الْجَزَاءِ عَنْ الشَّرْطِ إذْ الصَّحِيحُ تَقَارُنُهُمَا فِي الْوُجُودِ بَلْ امْتِنَاعُهُ لِلتَّنَافِي بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ إذْ الْبَيْنُونَةُ الْحَاصِلَةُ بِالشَّرْطِ تُنَافِي وُقُوعَ الْمُعَلَّقِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ (وَإِنْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ) فِي الطَّلَاقِ (وَقَعَتْ الْمُنَجَّزَةُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُعَلَّقَةِ (لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ تَطْلِيقُهُ) بَلْ تَطْلِيقُ وَكِيلِهِ وَخَرَجَ بِوَكِيلِهِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا مَلَّكْتُك طَلَاقَك فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَإِنَّ الْمُعَلَّقَ يَقَعُ أَيْضًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنَّهُ مُسْتَشْكَلٌ بِالتَّعْلِيلِ (وَإِنْ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (بِوُجُودِ شَرْطٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى التَّعْلِيقِ) بِالتَّطْلِيقِ (لَمْ تَقَعْ أُخْرَى) لِأَنَّ وُجُودَ الصِّفَةِ لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ وَلَا إيقَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ) الشَّرْطُ (وَقَعَتْ) أَيْ الْأُخْرَى لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ وَإِيقَاعٌ كَمَا سَيَأْتِي (وَالطَّلْقَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِصِفَةٍ تَقَعُ مُقْتَرِنَةً بِهَا) لِأَنَّ الشَّرْطَ عِلَّةٌ وَضْعِيَّةٌ وَالطَّلَاقُ مُعَلَّقٌ بِهَا فَيَتَقَارَنَانِ فِي الْوُجُودِ كَالْعِلَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ مَعَ مَعْلُولِهَا وَإِنَّمَا التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ فِيهِمَا رُتَبِيٌّ (وَإِنَّمَا لَمْ تَطْلُقْ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا) فِي صُورَتِهَا السَّابِقَةِ طَلْقَةً (ثَانِيَةً لِأَنَّ مَعْنَى إنْ طَلَّقْتُك إنْ صِرْت مُطَلَّقَةً وَبِمُجَرَّدِ مَصِيرِهَا مُطَلَّقَةً بَانَتْ) وَالْبَيْنُونَةُ تُنَافِي وُقُوعَ أُخْرَى وَيُخَالِفُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ فِيهِ بِهِمَا وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى وَالْمُنَجَّزُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْمُعَلَّقِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ وَبِمُجَرَّدِ إلَى آخِرِهِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ انْتَفَى التَّعْلِيقُ. (فَرْعُ التَّعْلِيقِ) لِلطَّلَاقِ (مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ وَإِيقَاعٌ) يَقَعُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الطَّلْقَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِهِ (وَمُجَرَّدُ وُجُودِ الصِّفَةِ وُقُوعٌ) لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ (كَتَطْلِيقِ الْوَكِيلِ) فَإِنَّهُ وُقُوعٌ لِطَلَاقِ الْمُوَكِّلِ لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ مِنْهُ (وَمُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ وَلَا إيقَاعٍ وَلَا وُقُوعٍ) وَقَدْ بَيَّنَ أَمْثِلَةَ ذَلِكَ فَقَالَ (فَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالتَّطْلِيقِ أَوْ بِإِيقَاعِهِ) كَأَنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَأَنْت طَالِقٌ (ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ) طَلْقَةً بِالدُّخُولِ وَطَلْقَةً بِالتَّطْلِيقِ أَوْ الْإِيقَاعِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ مَعَ الدُّخُولِ (فَلَوْ تَقَدَّمَ التَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ ثُمَّ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ) إنْ (أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَقَعْ الثَّانِيَةُ) أَيْ الْمُعَلَّقَةُ بِالتَّطْلِيقِ أَوْ الْإِيقَاعِ لِمَا مَرَّ أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الصِّفَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأَيًّا مَا) أَيْ وَإِذَا مَا [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ وَنَفْيِهِ] (قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ إلَخْ) قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَطَلَّقْتُك قَالَ الْكِنْدِيُّ عُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِدِمَشْقَ مَنْسُوبَةً إلَى الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَلَيْسَتْ مَذْكُورَةً فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ ثُمَّ أَجَابَ فِيهَا بِأَنَّ طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَأَمَّا إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَلَّقْتُك فَلَا تَطْلُقُ إلَّا عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ قَالَ السُّبْكِيُّ أَخْطَأَ الْكِنْدِيُّ فِيمَا قَالَهُ وَالصَّوَابُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْأُولَى يَقَعُ عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ لَا قَبْلَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَقَعُ أَصْلًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك مَعْنًى أَنْتِ طَالِقٌ فَيَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لِمَدْخُولٍ بِهَا مُضِرٍّ) لَا ضَرَرِ فِيهِ. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مُسْتَشْكِلٌ بِالتَّعْلِيلِ) يُجَابُ بِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ كَانَ الْمُطَلِّقُ حَقِيقَةً هُوَ الْمُفَوِّضُ إلَيْهَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 وُقُوعٌ لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ (وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقُهُ) الثَّانِي (بِالْوُقُوعِ) كَأَنْ قَالَ بَعْدَ تَعْلِيقِهِ بِالدُّخُولِ إنْ وَقَعَ عَلَيْك الطَّلَاقُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ دَخَلَتْ (وَقَعَتْ) أَيْ الثَّانِيَةُ لِوُجُودِ الْوُقُوعِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ (وَالتَّعْلِيقُ) أَيْ الْمُعَلَّقُ (بِالْوُقُوعِ يَقَعُ بِطَلَاقِ الْوَكِيلِ) بَعْدَهُ (وَوُجُودُ الشَّرْطِ) بَعْدَهُ (الْمُتَقَدِّمِ) عَلَيْهِ قَوْلًا وَهَذَا مَعَ فَلَاقَتِهِ مُكَرَّرٌ كَمَا لَا يَخْفَى. . (وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا) وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا (وَقَعَتْ الثَّلَاثُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ فَيَقَعُ بِوُقُوعِ الْأُولَى ثَانِيَةٌ وَبِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ ثَالِثَةٌ (وَلَوْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا طَلَّقْتُك) فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا (لَمْ يَقَعْ إلَّا اثْنَتَانِ) فَلَا تَقَعُ الثَّالِثَةُ لِأَنَّ الصِّفَةَ وَهِيَ التَّطْلِيقُ لَمْ تَتَكَرَّرْ (لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَقَعُ بِمُجَرَّدِ صِفَةٍ) وَهِيَ تَطْلِيقُ الْأُولَى فَهِيَ وُقُوعٌ (لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ وَلَمْ تُعَلَّقْ) يَعْنِي الثَّالِثَةُ (إلَّا بِالتَّطْلِيقِ فَلَمْ تَقَعْ) أَيْ الثَّالِثَةُ (وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ) لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ التَّكْرَارَ (لَكِنْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ) لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا مَرَّةً أُخْرَى كَانَ بِالْمُنَجَّزَةِ مُسْتَوْفِيًا لِلثَّلَاثِ (أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إذَا أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) وَاحِدَةٌ بِالتَّنْجِيزِ وَاثْنَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ. (فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِعْتَاقِهِ عَبْدَهُ) بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْتَقْت عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ (ثُمَّ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ) كَالدُّخُولِ (وَعَتَقَ بِوُجُودِهَا طَلُقَتْ) لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ بِالدُّخُولِ مَعَ الدُّخُولِ إعْتَاقٌ فَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِهِ (لَا إنْ تَقَدَّمَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ) عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ أَعْتَقْت عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا مُجَرَّدُ صِفَةِ الدُّخُولِ وَهُوَ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ إنْ دَخَلْت فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهَا إذَا عَتَقَ أَوْ أَوْقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ لِوُجُودِ الْعِتْقِ بَعْدَ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ. [فَرْعٌ قَالَ لِحَفْصَةِ إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِعُمْرَةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ طَلُقَتَا) جَمِيعًا عَمْرَةُ بِالدُّخُولِ وَحَفْصَةُ بِتَطْلِيقِ عَمْرَةَ بِالتَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ. (وَإِنْ قَالَ لِعُمْرَةٍ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ عَمْرَةُ طَلُقَتْ) بِدُخُولِهَا (وَحْدَهَا) إذْ لَا تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الصِّفَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ قَالَ لِحَفْصَةَ) قَبْلَ تَعْلِيقِ طَلَاقِ عَمْرَةَ بِالدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (إنْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى عَمْرَةَ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ عَمْرَةُ (طَلُقَتَا جَمِيعًا) لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ عَلَى عَمْرَةَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ. (وَإِنْ قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ عَكَسَ) فَقَالَ لِعُمْرَةِ إنْ طَلَّقْت حَفْصَةَ فَأَنْت طَالِقٌ (ثُمَّ طَلَّقَ حَفْصَةَ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ) وَاحِدَةٌ بِالتَّنْجِيزِ وَأُخْرَى بِتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا عَلَى تَطْلِيقِ عَمْرَةَ وَقَدْ وُجِدَ بِتَعْلِيقِهِ مَعَ صِفَتِهِ (وَ) طَلُقَتْ (عَمْرَةُ طَلْقَةً) بِتَطْلِيقِ حَفْصَةَ (وَإِنْ طَلَّقَ عَمْرَةَ بَدَلَ حَفْصَةَ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً) أَيْ طَلُقَتْ عَمْرَةُ بِالتَّنْجِيزِ وَحَفْصَةُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهُوَ تَطْلِيقُ عَمْرَةَ وَلَا يَعُودُ عَلَيْهَا مِنْ وُقُوعِ طَلَاقِ حَفْصَةَ طَلْقَةٌ أُخْرَى لِمَا مَرَّ أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَيْسَتْ بِتَطْلِيقٍ (وَإِنْ كَانَ) تَعْلِيقُ طَلَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِصِيغَةِ إنْ وَقَعَ طَلَاقِي) بِأَنْ قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِعُمْرَةِ إنْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى حَفْصَةَ فَأَنْت طَالِقٌ (وَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ) طَلْقَةً بِالتَّنْجِيزِ وَأُخْرَى بِصِفَةِ الْوُقُوعِ عَلَى الْأُخْرَى (وَ) طَلُقَتْ (الْأُخْرَى طَلْقَةً) بِالصِّفَةِ (أَوْ) كَانَ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا) وَقَعَ طَلَاقِي وَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا (طَلُقَتَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا) إنْ كَانَ يَمْلِكُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الثَّلَاثَ. (وَإِنْ قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْتُك فَعَمْرَةُ طَالِقَةٌ ثُمَّ عَكَسَ) فَقَالَ لِعُمْرَةِ إنْ طَلَّقْتُك فَحَفْصَةُ طَالِقٌ (ثُمَّ طَلَّقَ حَفْصَةَ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً) أَيْ طَلُقَتْ حَفْصَةُ بِالتَّنْجِيزِ وَعَمْرَةُ بِالصِّفَةِ وَلَا يَعُودُ عَلَى حَفْصَةَ مِنْ الْوُقُوعِ عَلَى عَمْرَةَ طَلْقَةٌ أُخْرَى لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ الصِّفَةِ لَيْسَتْ بِتَطْلِيقٍ (وَإِنْ طَلَّقَ عَمْرَةَ بَدَلَ حَفْصَةَ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ) طَلْقَةً بِالتَّنْجِيزِ وَأُخْرَى بِالصِّفَةِ (وَ) طَلُقَتْ (حَفْصَةُ طَلْقَةً) بِالصِّفَةِ. [فَرْعٌ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً) مِنْكُنَّ (فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَكُلَّمَا طَلَّقَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (طُلِّقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً) لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ (وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ) ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَطْلُقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً (إلَّا أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ طَلْقَتَانِ) لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِتَطْلِيقِهَا وَقَدْ وُجِدَ فَإِنْ طَلَّقَ ثَانِيَةً تَمَّ لَهَا وَلِلْأُولَى ثَلَاثٌ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعُ التَّعْلِيقِ لِلطَّلَاقِ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ] قَوْلُهُ أَوْ كَانَ بِصِيغَةِ كُلَّمَا إلَخْ) كُلَّمَا إنَّمَا تُخَالِفُ غَيْرَهَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْوُقُوعِ لَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِيقَاعِ أَوْ بِالتَّطْلِيقِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 ثَلَاثٌ وَالْبَاقِيَتَيْنِ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ فَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا تَمَّ لَهُمَا أَيْضًا الثَّلَاثُ فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يُقَرِّرْ قَوْلَهُ فَكَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَيْ فَكُلَّمَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ طُلِّقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً قُلْت لَا يَصْدُقُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ مَعَ الْمُسْتَثْنَى فِي طَلَاقِ الْأَخِيرَتَيْنِ. [فَرْعٌ نَكَحَ ثَلَاثًا مُرَتِّبًا فَقَالَ إنْ طَلَّقْت الْأُولَى فَالثَّانِيَةُ طَالِقٌ] (فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَ ثَلَاثًا مُرَتِّبًا فَقَالَ إنْ طَلَّقْت الْأُولَى فَالثَّانِيَةُ طَالِقٌ أَوْ الثَّانِيَةَ فَالثَّالِثَةُ طَالِقٌ أَوْ الثَّالِثَةَ فَالْأُولَى طَالِقٌ فَطَلَّقَ الْأُولَى طَلُقَتْ مَعَهَا الثَّانِيَةُ) بِالصِّفَةِ دُونَ الثَّالِثَةِ إذْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا تَطْلِيقُ الثَّانِيَةِ (أَوْ) طَلَّقَ (الثَّانِيَةَ طَلُقَتْ مَعَهَا الثَّالِثَةُ) دُونَ الْأُولَى لِمِثْلِ مَا مَرَّ (أَوْ الثَّالِثَةُ طُلِّقْنَ جَمِيعًا) الثَّالِثَةُ بِالتَّنْجِيزِ وَالْأُخْرَيَانِ بِالصِّفَةِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ عَلَى تَطْلِيقِ الْأُولَى وَقَدْ وُجِدَ لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ عَلَى طَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَالتَّعْلِيقُ مَعَ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ (فَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ) مُبْهَمَةً (وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَالثَّالِثَةُ مُطَلَّقَةٌ) بِكُلِّ حَالٍ (وَيُوقَفُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا) فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا وَرِثَ الْجَمِيعُ وَإِلَّا وُقِفَ. [فَصْلٌ كَانَ تَحْتَهُ نِسْوَةٌ وَلَهُ عَبِيدٌ فَقَالَ إنَّ طَلَّقْت وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ] (فَصْلٌ) لَوْ كَانَ تَحْتَهُ نِسْوَةٌ (أَرْبَعٌ) وَلَهُ عَبِيدٌ (فَقَالَ إنْ طَلَّقْت وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (فَعَبْدٌ) مِنْ عَبِيدِي (حُرٌّ أَوْ) طَلَّقْت (اثْنَتَيْنِ فَعَبْدَانِ) حُرَّانِ (أَوْ) طَلَّقْت (ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ أَعْبُدٍ) أَحْرَارٌ (أَوْ) طَلَّقْت (أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةُ أَعْبُدٍ) أَحْرَارٌ (فَطَلَّقَهُنَّ مَعًا أَوْ مُفَرِّقًا) أَيْ مُرَتِّبًا فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ (عَتَقَ عَشَرَةً) مِنْ عَبِيدِهِ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَاثْنَانِ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَأَرْبَعَةٌ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ عَشَرَةٌ وَكَانَ غَيْرُهَا مِنْ سَائِرِ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ إلَّا كُلَّمَا وَسَيَأْتِي وَأَوْ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى وَلَوْ عَطَفَ الزَّوْجُ بِثُمَّ لَمْ يُضَمَّ الْأَوَّلُ لِلثَّانِيَّ لِلْفَصْلِ بِثُمَّ فَلَا يَعْتِقُ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ بَعْدَ الْأُولَى ثِنْتَيْنِ وَلَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَرْبَعًا وَيَعْتِقُ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ اثْنَانِ فَمَجْمُوعُ الْعَتِيقِ ثَلَاثَةٌ وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّات ثُمَّ قَالَ وَيَتَّجِهُ أَنْ تَكُونَ الْفَاءُ كَثُمَّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ فِيهِمَا إنَّمَا يَأْتِي فِي طَلَاقِهِنَّ مُرَتِّبًا فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ مَعًا عَتَقَ عَبْدٌ وَاحِدٌ (فَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ) فِي ذَلِكَ (بِكُلَّمَا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ) عَبْدًا لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ وَمَا عُدَّ مَرَّةً أَيْ بِاعْتِبَارٍ لَا بَعْدَ أُخْرَى أَيْ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ فَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّانِيَةِ ثَانِيَةً لَا يُعَدُّ بَعْدَهَا أُخْرَى ثَانِيَةٌ وَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّالِثَةِ ثَالِثَةً لَا يُعَدُّ بَعْدَهَا ثَالِثَةٌ فَيَعْتِقُ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثَلَاثٍ وَسَبْعَةٌ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ وَطَلَاقُ أَرْبَعٍ وَسَوَاءٌ أَتَى بِكُلَّمَا فِي التَّعْلِيقَاتِ كُلِّهَا أَمْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَمْ فِي الْأُولَيَيْنِ إذْ لَا تَكْرَارَ فِي الْأَخِيرَيْنِ وَإِنَّمَا صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ بِالْإِتْيَانِ بِهَا فِي الْكُلِّ لِيَتَأَتَّى مَجِيءُ الْأَوْجُهِ كُلِّهَا الَّتِي مِنْهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ عِشْرُونَ لَكِنْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَلَوْ أَتَى بِهَا فِي الْأَوَّلِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَخِيرَيْنِ عَتَقَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ فِي الثَّانِي وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَخِيرَيْنِ فَاثْنَا عَشَرَ (وَتَعْيِينُ الْعَبِيدِ) الْمَحْكُومِ بِعِتْقِهِمْ (إلَيْهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَطْلَقُوا ذَلِكَ وَيَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا يَعْتِقُ بِالْوَاحِدَةِ وَبِالثِّنْتَيْنِ بِالثَّلَاثِ بِالْأَرْبَعِ فَإِنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِي الْأَكْسَابِ إذَا طَلَّقَ مُرَتِّبًا لَا سِيَّمَا مَعَ التَّبَاعُدِ وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ لِوُضُوحِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ كُلَّمَا صَلَّيْت رَكْعَةً فَعَبْدِي حُرٌّ وَهَكَذَا إلَى الْعَشَرَةِ فَصَلَّى عَشْرًا عَتَقَ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ عَبْدًا وَإِنْ عَلَّقَ بِإِنْ أَوْ نَحْوِهَا فَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ. [فَصْلٌ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ أَوْ غَيْرِهِ] (فَصْلٌ) فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ أَوْ غَيْرِهِ (كُلُّ الْأَدَوَاتِ فِي التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ تَقْتَضِي الْفَوْرَ إلَّا) لَفْظَةَ (إنْ فَإِنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا لِلتَّرَاخِي (فَمَتَى قَالَ إذَا لَمْ أَوْ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ وَمَضَى زَمَنٌ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِعْتَاقِهِ عَبْدَهُ] فَصْلٌ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ) . (قَوْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ مَعًا عَتَقَ عَبْدٌ وَاحِدٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِكُلَّمَا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا) ؛ لِأَنَّ فِي طَلَاقِ الْأَرْبَعِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي الْمَرَاتِبِ الْأَرْبَعِ فَيَعْتِقُ بِهَا أَرْبَعَةٌ وَفِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ أَرْبَعَةٌ إلَّا فِي مَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ ثَلَاثَةٌ فَاضْرِبْ أَرْبَعَةٌ فِي عَدَدِ الْمَرَاتِبِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ تَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ أَنْقِصْ وَاحِدَةً فِي مَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ يَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ لَكِنْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَالَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ غَيْرُهُ. (تَنْبِيهٌ) إذَا كَانَ لَهُ عَبِيدٌ وَنِسَاءٌ فَقَالَ كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِرَارًا لَمْ يَعْتِقْ سِوَى عَبْدٌ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ (فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ كُلُّ الْأَدَوَاتِ) فِي التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ تَقْتَضِي الْفَوْرَ إلَّا إنْ فَإِنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي بِفُلَانٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَجَابَ جَمَالُ الدِّينِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَحْتَجِبِي عَنِّي وَأَفْتَى بِنَحْوِهِ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ وَأَفْتَى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاشِرِيُّ بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا بِفَوَاتِ الصِّفَةِ وَهُوَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا أَمَّا الزَّوْجَةُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَأَفْتَى ابْنُ عُجَيْلٍ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَرْجِعِي إلَى زَوْجِك الْأَوَّلِ لَا تَطْلُقُ سَوَاءٌ رَجَعَتْ أَمْ لَا وَأَجَابَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُجَيْلٍ بِنَحْوِ جَوَابِ الْجَمَّالِ وَكَانَتْ مَشَايِخُنَا يُفْتُونَ بِذَلِكَ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ جَازَ وَلَزِمَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ إذَا أَوْصَى بِإِعْتَاقِ أَمَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ عَتَقَتْ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ لَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ وَلَا النِّكَاحُ وَيَجِبُ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا اهـ وَحَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ مَمْلُوكَةٌ قُلْنَا وَالْبُضْعُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمِلْكِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَكَمَا فَوَّتَتْ بُضْعَهُ يَجِبُ عَلَيْهَا عِوَضُهُ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْأَمَةِ قِيمَتُهَا أَقُولُ وَكَانَ وَالِدِي يُفْتِي بِمَا أَجَابَ بِهِ الْجَمَّالُ وَبِهِ أَفْتَى. اهـ. وَقَوْلُهُ وَأَفْتَى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاشِرِيُّ بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ وَإِذَا فِي ذَلِكَ أَنَّ حَرْفَ إنْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَتَرَدَّدُ فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 يَسَعُ الطَّلَاقَ فَلَمْ يُطَلِّقْ) فِيهِ (طَلُقَتْ لَا إنْ مُنِعَ) مِنْ الطَّلَاقِ كَأَنْ أَمْسَكَ غَيْرُهُ فَمَه أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى تَرْكِ التَّطْلِيقِ فَلَا تَطْلُقُ لِلْعُذْرِ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِإِذَا مَعْنَى أَنْ قُبِلَ ظَاهِرًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يُقَامُ مَقَامَ الْآخَرِ (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ إنْ لَمْ) أُطَلِّقْك (فَلَا تَطْلُقُ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الطَّلَاقِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ إنْ حَرْفُ شَرْطٍ لَا إشْعَارَ لَهُ بِالزَّمَانِ وَغَيْرَهَا ظَرْفُ زَمَانٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا قِيلَ لَك مَتَى أَلْقَاك صَحَّ أَنْ تَقُولَ إذَا أَوْ مَتَى شِئْت أَوْ نَحْوَهُمَا وَلَا يَصِحُّ إنْ شِئْت فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ إنْ فَاتَنِي تَطْلِيقُك وَفَوَاتُهُ بِالْيَأْسِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ أَيُّ وَقْتٍ فَاتَنِي فِيهِ التَّطْلِيقُ وَفَوَاتُهُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ التَّطْلِيقُ وَلَمْ يُطَلِّقْ وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ مِنْهُ (بِأَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمَا أَوْ يُجَنَّ الزَّوْجُ جُنُونًا مُتَّصِلًا بِمَوْتِهِ فَيَقَعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْجُنُونِ) بِحَيْثُ لَا يَبْقَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ لِانْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ بِمُجَرَّدِ جُنُونِهِ لِاحْتِمَالِ الْإِفَاقَةِ وَالتَّطْلِيقِ بَعْدَهَا. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالتَّعْبِيرُ بِقُبَيْلَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَكَالْجُنُونِ الْإِغْمَاءُ وَالْخَرَسُ الَّذِي لَا كِتَابَةَ لِصَاحِبِهِ وَلَا إشَارَةَ مُفْهِمَةً. (وَإِنْ فُسِخَ النِّكَاحُ) أَوْ انْفَسَخَ (أَوْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ وَمَاتَ) أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (قَبْلَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ) أَوْ الرَّجْعَةِ (أَوْ بَعْدَهُ) وَلَمْ يُطَلِّقْ (تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ إنْ كَانَ) الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ (رَجْعِيًّا) إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لِفَوَاتِ الْمَحِلِّ بِالِانْفِسَاخِ إنْ لَمْ يُجَدِّدْ وَعَدَمُ عَوْدِ الْحِنْثِ إنْ جَدَّدَ وَلَمْ يُطَلِّقْ فَيَتَعَيَّنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ وَاعْتُبِرَ طَلَاقُ وَكِيلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُفَوِّتُ الصِّفَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ طَلَاقِهِ هُوَ وَهَذَا هُوَ فَائِدَةُ عَطْفِهِ طَلَاقَ الْوَكِيلِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى حُكْمِ مَا قَبْلَهُ وَاعْتُبِرَ فِي وُقُوعِهِ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ كَوْنُهُ رَجْعِيًّا لِيُتَصَوَّرَ الِانْفِسَاخُ بَعْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَائِنًا (لَمْ يَقَعْ) قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ (لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَمْنَعُ الِانْفِسَاخَ فَيَقَعُ الدَّوْرُ) إذْ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَحْصُلْ الِانْفِسَاخُ فَلَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ فَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ (فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ التَّجْدِيدِ) لِلنِّكَاحِ (أَوْ عَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ) غَيْرِ التَّطْلِيقِ (كَالضَّرْبِ فَضَرَبَهَا وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ) وَلَوْ طَلَاقًا بَائِنًا (انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْبِرَّ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ ضَرْبَ الْمَجْنُونِ فِي تَحَقُّقِ الصِّفَةِ وَنَفْيِهَا كَضَرْبِ الْعَاقِلِ وَالضَّرْبُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنْ أَبَانَهَا وَاسْتَمَرَّتْ الْبَيْنُونَةُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ ضَرْبٌ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ هُنَا مَا يَقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِهِ أَصْلًا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ. (وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ) فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا (طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ) لِحُصُولِ الْيَأْسِ حِينَئِذٍ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آخِرَ فَصْلٍ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدَ أَمْسِ (وَقَوْلُهُ إنْ تَرَكْت طَلَاقَك أَوْ) إنْ (سَكَتّ عَنْهُ) فَأَنْت طَالِقٌ (يَقْتَضِي الْفَوْرَ) فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَالِ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (بِخِلَافِ مَا إذَا نَفَاهُمَا) فَقَالَ إنْ لَمْ أَتْرُكْ طَلَاقَك أَوْ إنْ لَمْ أَسْكُتْ عَنْهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ طَلَّقَ فَوْرًا) وَاحِدَةً ثُمَّ سَكَتَ (انْحَلَّ يَمِينُ التَّرْكِ) فَلَا تَقَعُ أُخْرَى لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ طَلَاقَهَا (لَا) يَمِينُ (السُّكُوتِ) فَتَقَعُ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ.   [حاشية الرملي الكبير] وَحَرْفَ إذَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ وَلِهَذَا إذَا قَالَ الْقَائِلُ إنْ مِتَّ أَوْ إنْ جَاءَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ حُكِمَ بِكُفْرِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ إذَا مِتَّ أَوْ جَاءَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ وَقَوْلُهُ حُكِمَ بِكُفْرِهِ لِتَرَدُّدِهِ قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحِلَّ كُفْرِهِ إذَا اسْتَحْضَرَ التَّرَدُّدَ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ) شَمِلَ الِانْفِسَاخَ بِسَبَبِ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا بِلِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ. (قَوْلُهُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) وَلَيْسَ فِيهِ عَوْدُ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَا إلَى الْمُجَدَّدِ. (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ هُنَا إلَخْ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ أَبَانَهَا وَدَامَتْ الْبَيْنُونَةُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ الضَّرْبُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ وَالطَّلَاقَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي اللَّيْلَةَ فِي دَارِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا دَارَ لَهُ فَهَلْ تَطْلُقُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ حُصُولِهَا فِي دَارِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ أَوْ جُنَّ السَّيِّدُ طَلُقَتْ لَكِنْ حَالًا أَوْ بِالْغُرُوبِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا. (قَوْلُهُ فَيَقَعُ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَّقَهَا فِي الْحَالِ لَمْ يَسْكُتْ عَنْ طَلَاقِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ ثَانِيًا بِغَيْرِ إذْنٍ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالْخُرُوجِ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ هُنَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ السُّكُوتُ فِعْلٌ فَإِذَا طَلَّقَ ثُمَّ سَكَتَ فَكَأَنَّهُ أَنْشَأَ سُكُوتًا بِخِلَافِ التَّرْكِ فَإِنَّهُ عَدِمَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ فَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَرَكْت طَلَاقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ بِمَنْزِلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ دُونَ الْمُعَلَّقِ وَارْتَفَعَ حُكْمُ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ وَقَدْ زَالَ الشَّرْطُ بِوُقُوعِ الْمُنَجَّزِ فَلَمْ يَبْقَ لِلتَّعْلِيقِ حُكْمٌ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ أَدْخُلَ ثُمَّ دَخَلَ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ حُكْمَ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِالدُّخُولِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ سَكَتُّ عَنْ طَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَقِبَ ذَلِكَ يَقَعُ الْمُنَجَّزُ وَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ التَّعْلِيقِ لِبَقَاءِ شَرْطِهِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ عَلَى السُّكُوتِ وَالْمُتَلَفِّظُ بِالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ لَا يُسَمَّى سَاكِتًا حَالَ تَلَفُّظِهِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ سُكُوتٌ عَنْ الطَّلَاقِ فَيَبْقَى التَّعْلِيقُ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ سَكَتَ عَقِبَ الْمُنَجَّزِ لَحْظَةً وَقَعَ الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَلَّقُ بِالسُّكُوتِ وَلَا يُسَمَّى سَاكِتًا حَالَ تَلَفُّظِهِ بِالطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ فِي الْأُولَى عَلَّقَ عَلَى التَّرْكِ وَلَمْ يُوجَدْ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى السُّكُوتِ وَقَدْ وُجِدَ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ سَكَتَ عَنْ طَلَاقِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ أَوَّلًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ تَرَكَ طَلَاقَهَا إذَا لَمْ يَتْرُكْهُ أَوَّلًا (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا فَمَضَى قَدْرُ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ) أَيْ قَدْرُ مَا يَسْعَهُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ بِلَا تَطْلِيقٍ (طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ لَمْ تَبِنْ بِالْأُولَى) وَإِلَّا فَتَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ (وَحِينَ أَوْ حَيْثُ) أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا (لَمْ أُطَلِّقْك كَقَوْلِهِ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك) فِيمَا مَرَّ (وَإِنْ أَرَادَ بِإِنْ مَعْنَى إذَا قُبِلَ) مِنْهُ (لِأَنَّهُ أَغْلَظُ) عَلَيْهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَرَادَ بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ إنْ (وَقْتًا) مُعَيَّنًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا (دُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا أَرَادَهُ وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي إنْ فَحَوَّلَهُ الْمُصَنِّفُ إلَى غَيْرِهَا كَقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ مُحَرَّفٌ أَوْ غَلَطٌ لِأَنَّ إنْ لَا تَقْتَضِي الْوُقُوعَ إلَّا آخِرِ الْعُمُرِ فَمَا عَيَّنَهُ يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّدْيِينُ إذَا ادَّعَى أَمْرًا أَخَفَّ مِمَّا يَلْزَمُهُ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ س ظَاهِرٌ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَرَادَ بِإِذَا مَعْنَى إنْ لِأَنَّهُ ثَمَّ أَرَادَ بِلَفْظٍ مَعْنَى لَفْظٍ آخَرَ بَيْنَهُمَا اجْتِمَاعٌ فِي الشَّرْطِيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بِالْفَتْحِ) فِيهِمَا (وَهُوَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) دَخَلَتْ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى التَّعْلِيلِ لَا التَّعْلِيقِ أَيْ لِعَدَمِ الدُّخُولِ أَوْ الدُّخُولِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} [القلم: 14] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلتَّعْلِيلِ فِي غَيْرِ التَّأْقِيتِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَلَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ جَاءَتْ السُّنَّةُ أَوْ الْبِدْعَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ لَأَنْ جَاءَتْ وَاللَّامُ فِي مِثْلِهِ لِلتَّأْقِيتِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ وَإِنْ سَكَتُوا عَنْهُ وَمَا قَالَهُ فِي لَأَنْ جَاءَتْ مَمْنُوعٌ وَلَوْ سُلِّمَ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ فِي إنْ جَاءَتْ فَإِنَّ الْمُقَدَّرَ لَيْسَ فِي قُوَّةِ الْمَلْفُوظِ مُطْلَقًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْعَرَبِيَّةَ (فَهُوَ تَعْلِيقٌ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تُوجَدَ الصِّفَةُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَصْدُهُ لَهُ وَهُوَ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَدَوَاتِ (فَإِنْ قَالَ) الْعَارِفُ بِالْعَرَبِيَّةِ (أَنْت طَالِقٌ أَنْ طَلَّقْتُك بِالْفَتْحِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِإِقْرَارِهِ) وَالْأُخْرَى بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنِّي طَلَّقْتُك قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إذْ دَخَلْت الدَّارَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّ إذْ لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ إذْ وَإِذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ يُمَيِّزُ بَيْنَ أَنْ وَإِنْ انْتَهَى وَمَا بَحَثَهُ نَقَلَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَعْتَمِدْهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ إذْ شَاءَ اللَّهُ وَإِذْ دَخَلْت وَاكْتَفَى بِذِكْرِهَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَالِقًا فَلَا شَيْءَ) يَقَعُ (حَتَّى يُطَلِّقَهَا فَتَطْلُقُ) حِينَئِذٍ (طَلْقَتَيْنِ) وَالتَّقْدِيرُ إذَا صِرْت مُطَلَّقَةً فَأَنْتَ طَالِقٌ هَذَا (إنْ لَمْ تَبِنْ) بِالطَّلْقَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ غَيْرُهَا نَعَمْ إنْ أَرَادَ إيقَاعَ طَلْقَةٍ مَعَ الْمُنَجَّزَةِ وَقَعَ ثِنْتَانِ وَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَعَ تَطْلِيقِي إيَّاكِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَالِقًا فَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَدَخَلَتْ وَقَعَتْ الْمُعَلَّقَةُ وَإِنْ دَخَلَتْ غَيْرَ طَالِقٍ لَمْ تَقَعْ الْمُعَلَّقَةُ بِهِ الْأَصْلُ (وَقَوْلُهُ إنْ قَدِمْت طَالِقًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ تَعْلِيقُ طَلْقَتَيْنِ بِقُدُومِهَا مُطَلَّقَةً) فَإِنْ قَدِمَتْ طَالِقًا وَقَعَ طَلْقَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ وَكَالْقُدُومِ غَيْرُهُ كَالدُّخُولِ وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ. (وَإِنْ قَالَ أَنْت إنْ كَلَّمْتُك طَالِقًا وَقَالَ) بَعْدَهُ (نَصَبْت) طَالِقًا (عَلَى الْحَالِ وَلَمْ أُتِمَّ) كَلَامِي (قُبِلَ) مِنْهُ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا يُرَادُ عِنْدَ الرَّفْعِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا كَلَّمَهَا وَغَايَتُهُ أَنَّهُ لَحْنٌ وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي مَسْأَلَةِ عَدَمِ الْإِرَادَةِ مُتَدَافِعٌ وَوَجْهُ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِيهَا عَدَمُ انْتِظَامِ الْكَلَامِ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ) فَلَوْ (قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا وَحَمْلُهَا تَمَكَّنَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ) فِي الْحَالِ (إنْ كَانَ حَمْلُهَا ظَاهِرًا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ (أَوْ) لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا لَكِنْ (وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ التَّعْلِيقِ (وَكَذَا لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْهُ وَلَمْ تُوطَأْ وَالْمُرَادُ فِي هَاتَيْنِ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا طَلُقَتْ مِنْ التَّعْلِيقِ لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ مِنْ حِينَئِذٍ وَلِهَذَا حَكَمْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ (لَا إنْ وُطِئَتْ) فِي مُدَّةِ السِّنِينَ الْأَرْبَعِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَطْءً يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْوَطْءِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَلَا تَطْلُقُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَلَا إنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ مِنْ التَّعْلِيقِ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا حِينَ التَّعْلِيقِ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ لِلْأَرْبَعِ حُكْمَ مَا فَوْقَهَا خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ جَرَى   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ] فَصْلٌ قَالَ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ) . (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ فِي إنْ جَاءَتْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ أَنْ وَإِنْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ] (قَوْلُهُ إنْ كَانَ حَمْلُهَا ظَاهِرًا) بِأَنْ ادَّعَتْهُ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ شَهِدَ بِهِ رَجُلَانِ. (قَوْلُهُ لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ مِنْ حِينَئِذٍ إلَخْ) إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ كَامِلًا فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا قَالَاهُ وَعَلَى هَذِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْوَلَدُ الْكَامِلُ فَلَوْ وَلَدَتْ لِدُونِهَا مُضْغَةً لَمْ يَقَعْ لِلْعِلْمِ بِحُدُوثِهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ الْمُضْغَةَ لَا تَمْكُثُ فِي الْبَطْنِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَالْمَوْضُوعُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا حَتَّى يَكْمُلَ وَإِلَّا فَهُوَ سِقْطٌ. (قَوْلُهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الرَّاجِحُ مَا قَالَاهُ وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ حُكْمُ مَا دُونَهَا وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْكَافِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْوَسِيطِ وَوَجْهُهُ أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ فَإِذَا أَتَتْ لِأَرْبَعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ حَامِلًا وَإِلَّا زَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ وَنَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ قِيَامِ الْوَطْءِ وَقَالَ إنَّ كَمَالَ الْوَلَدِ وَنَفْخَ الرُّوحِ فِيهِ يَكُونُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ الْخَبَرُ فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا احْتَمَلَ الْعُلُوقَ بِهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ قَالَ وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ غَالِبًا وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ يَكُونُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ تَحْدِيدًا فَإِنَّ لَفَظَّةَ ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ فَإِتْيَانُهُ بِثُمَّ دَلَّ عَلَى تَرَاخِي أَمْرِ اللَّهِ بِذَلِكَ وَلَا تُعْرَفُ مُدَّةُ التَّرَاخِي فَلَمَّا اسْتَنْبَطَ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْقُرْآنِ أَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ عَلِمْنَا أَنَّهَا مُدَّةُ التَّرَاخِي وَأَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ عِنْدَهَا وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ فِي قَوْلِهِمْ أَوْ وَلَدَتْهُ الْوَلَدُ التَّامِّ (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ يُسَنُّ) لِلزَّوْجِ (اجْتِنَابُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) احْتِيَاطًا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ (فَلَوْ وَطِئَهَا) قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا أَوْ بَعْدَهُ (وَبَانَتْ حَامِلًا كَانَ) الْوَطْءُ (شُبْهَةً) يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ (وَالِاسْتِبْرَاءُ) هُنَا (كَمَا فِي) اسْتِبْرَاءِ (الْأَمَةِ) فَيَكُونُ بِحَيْضَةٍ أَوْ بِشَهْرٍ بَدَلَهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قِيَامُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَهِيَ تَحْصُلُ بِذَلِكَ وَالِاسْتِبْرَاءُ (قَبْلَ التَّعْلِيقِ كَافٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ حَالِهَا فِي الْحَمْلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ وَاسْتِبْرَاءِ الْمَمْلُوكَةِ. (فَإِنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا) أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ (وَهِيَ مِمَّنْ يَحْمِلُ حَرُمَ وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ فِي النِّسَاءِ الْحِيَالُ (وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءُ أَيْ الْفَرَاغُ مِنْهُ (مُوجِبٌ) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ يَوْمٍ إلَى آخِرِهِ فَالِاسْتِبْرَاءُ هُنَا وَاجِبٌ وَمُوجِبٌ (لِلْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ) لِظَاهِرِ الْحَالِ (فَتُحْسَبُ الْحَيْضَةُ) أَوْ الشَّهْرُ (مِنْ الْعِدَّةِ) الَّتِي وَجَبَتْ بِالطَّلَاقِ فَتُتِمُّهَا (لَا إنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ) فَلَا يُحْسَبُ ذَلِكَ مِنْ الْعِدَّةِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى مُوجِبِهَا (فَإِنْ وَلَدَتْ) وَلَوْ (بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَالْحُكْمُ فِي تَبَيُّنِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِهِ بِعَكْسِ مَا سَبَقَ) فَلَا تَطْلُقُ إنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ تُوطَأْ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ لَا إنْ وُطِئَتْ وَطْئًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِيَالُهَا حِينَئِذٍ وَحُدُوثُ الْوَلَدِ مِنْ هَذَا الْوَطْءِ وَلَا إنْ وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ مِنْ التَّعْلِيقِ لِتَحَقُّقِ الْحِيَالِ عِنْدَهُ (فَإِنْ وَطِئَهَا) قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (وَبَانَتْ مُطَلَّقَةً) مِنْهُ (لَزِمَهُ الْمَهْرُ) لَا الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ تَحْمِلُ كَأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ. (وَإِنْ قَالَ إنْ أَحَبَلَتُك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَالتَّعْلِيقُ بِمَا يَحْدُثُ) مِنْ الْحَمْلِ فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ تَطْلُقْ بَلْ يَتَوَقَّفُ طَلَاقُهَا عَلَى حَمْلٍ فَإِنْ وَضَعَتْ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْوَطْءِ (وَكُلَّمَا وَطِئَهَا وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَحْبَلِي فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَيْأَسَ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذَكَرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَإِذَا وَطِئَهَا مَرَّةً مُنِعَ حَتَّى تَحِيضَ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَامِلٍ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ بِدِينَارٍ فَقَبِلَتْ طَلُقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَجْهُ فَسَادِهِ بِأَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولٌ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَصْلُ الْقَبُولَ بَلْ شَرَطَ إعْطَاءَ الدِّينَارِ فَأَبْدَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِاشْتِرَاطِ الْقَبُولِ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ. [فَصْل قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ بِأُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ أَحَدَهُمَا] (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ أَوْ) إنْ كَانَ (فِي بَطْنِك ذَكَرٌ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ كُنْت حَامِلًا بِأُنْثَى أَوْ) إنْ كَانَ (فِي بَطْنِك أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ أَحَدَهُمَا وَقَعَ بِهِ مَا أَوْقَعَ) بِالتَّعْلِيقِ فَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ طَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ (وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَكَانَ بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (فَثَلَاثٌ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ (وَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ) فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ (مِنْ اللَّفْظِ أَوْ) وَلَدَتْ (خُنْثَى فَطَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ (إلَّا إنْ بَانَ أُنْثَى) فَطَلْقَتَانِ وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى وَخُنْثَى فَطَلْقَتَانِ وَتُوقَفُ الثَّالِثَةُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُ الْخُنْثَى (وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ اللَّفْظِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ عَبَّرَ بِأَنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ مَا فِي بَطْنِك) ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ (فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ يَقَعْ بِهِمَا شَيْءٌ) لِأَنَّ قَضِيَّةَ اللَّفْظِ كَوْنُ جَمِيعِ الْحَمْلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَمْ يُوجَدْ (فَلَوْ وَلَدَتْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ ذَكَرَيْنِ فَكَوَاحِدٍ) أَيْ فَكَأُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ فَيَقَعُ بِالذَّكَرَيْنِ طَلْقَةٌ وَبِالْأُنْثَيَيْنِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ مَا فِي بَطْنِك مِنْ هَذَا الْجِنْسِ (أَوْ) وَلَدَتْ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ قَالَ وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ غَالِبًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ. (قَوْلُهُ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) أَيْ أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ) يُجَابُ بِأَنَّ الْوَطْءَ هُنَا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ فِي حُصُولِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ. (قَوْلُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَيْأَسَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْع قَالَ لِحَامِلٍ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ بِدِينَارٍ فَقَبِلَتْ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكَانَ الْحَمْلُ حِينَ الْحَلِفِ عَلَقَةً أَوْ مَنِيًّا أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ مَعَ كَوْنِ الْحَمْلِ إذْ ذَاكَ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] فَالْيَمِينُ لَا تَنْزِلُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ فِي الْقُوتِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِرَاقِيِّ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ حِينِ وُقُوعِ النُّطْفَةِ فِي الرَّحِمِ وَبِالتَّخْطِيطِ ظَهَرَ ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 (خُنْثَى وَذَكَرًا وَقَفَ) الْحُكْمُ (فَإِنْ بَانَ) الْخُنْثَى (ذَكَرًا فَوَاحِدَةً) أَوْ أُنْثَى لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ (وَعَكْسُهُ لَا يَخْفَى) حُكْمُهُ بِأَنْ وَلَدَتْ خُنْثَى وَأُنْثَى فَيُوقَفُ الْحُكْمُ فَإِنْ بَانَ الْخُنْثَى أُنْثَى فَطَلْقَتَانِ أَوْ ذَكَرًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ (وَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدَتْ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِانْفِصَالِ مَا تَمَّ تَصْوِيرُهُ وَلَوْ مَيِّتًا) وَسَقْطًا بِخِلَافِ مَا لَمْ يَتِمَّ (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ تَمَامِ خُرُوجِهِ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْوِلَادَةَ لَمْ تُوجَدْ حَالَ الزَّوْجِيَّةِ بَلْ عِنْدَ انْتِهَاءِ النِّكَاحِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي (فَإِنْ عَقَّبَتْهُ) أَيْ الْوَلَدَ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ (بِآخَرَ يَلْحَقُ الزَّوْجَ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ) أَمَّا لَوْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِذَلِكَ. (أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا وَلَدَتْ وَلَدًا) فَأَنْت طَالِقٌ (فَوَلَدَتْ فِي بَطْنٍ) وَاحِدٍ (ثَلَاثَةً مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَامِلًا وَقْتَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (وَمَتَى تَرَتَّبُوا) أَيْ الْأَوْلَادُ فِي الْوِلَادَةِ (وَهُمْ أَرْبَعَةٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ ثَلَاثَةٍ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالرَّابِعِ (أَوْ) وَهُمْ (ثَلَاثَةٌ فَطَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ الْأَوَّلَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّالِثِ وَلَا تَطْلُقُ ثَالِثَةً إذْ بِهِ يَتِمُّ انْفِصَالُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ فَلَا يُقَارِنُهُ طَلَاقٌ (أَوْ) وَهُمْ (اثْنَانِ فَطَلْقَةً لِانْقِطَاعِ الْعِدَّةِ بِالْأَخِيرِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا تَقَرَّرَ (فَقَوْلُهُ لِلرَّجْعِيَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك لَاغٍ) لِمَا مَرَّ أَنَّ انْقِضَاءَهَا لَا يُقَارِنُهُ طَلَاقٌ وَلَوْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ مَعًا وَاثْنَيْنِ مَعًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَخِيرَيْنِ وَإِنْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً مَعًا ثُمَّ وَاحِدًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَتَطْلُقُ فِي عَكْسِهِ طَلْقَةً قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَطَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ مَا وَلَدَتْهُ وَلَدٌ وَذَكَرٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ فَقِيهًا فَطَلْقَتَيْنِ فَكَلَّمَتْ رَجُلًا فَقِيهًا يَقَعُ ثَلَاثٌ وَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِلشَّكِّ فِي ذُكُورِيَّتِهِ وَيُوقَفُ مَا عَدَاهَا إلَى الْبَيَانِ (أَوْ إنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ وَهِيَ زَوْجَةٌ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَتَعْتَدُّ بِمَا هُوَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَثِنْتَيْنِ وَتَعْتَدُّ بِذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) إنْ وَلَدَتْهُمَا (مُتَعَاقِبَيْنِ) يَقَعُ ثَلَاثٌ (إنْ كَانَ بَعْدَهُمَا) وَلَدٌ (ثَالِثٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ) بِأَنْ يَلْحَقَ الزَّوْجَ سَوَاءٌ أَوَلَدَتْ الذَّكَرَ قَبْلَ الْأُنْثَى أَمْ بِالْعَكْسِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُمَا ثَالِثٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ) لِمُصَادَفَتِهِ الْبَيْنُونَةَ وَإِنَّمَا تَطْلُقُ فَتَطْلُقُ بِهِ طَلْقَةً إنْ كَانَ ذَكَرًا وَطَلْقَتَيْنِ إنْ كَانَ أُنْثَى (فَإِنْ شَكَّ فِي التَّعَاقُبِ فَالْوَاقِعُ) عَلَيْهَا (طَلْقَةٌ) وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ (وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا حَتَّى تَنْكِحَ) زَوْجًا (غَيْرَهُ) لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَةً) يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهَا (وَتَنْقَضِي بِهِ) أَيْ بِوِلَادَتِهِ (عِدَّتُهَا لِأَنَّهَا تَطْلُقُ بِاللَّفْظِ أَوْ) وَلَدَتْ (أُنْثَى فَطَلْقَتَانِ ثُمَّ تَعْتَدُّ) بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ (لِأَنَّهَا تَطْلُقُ بِالْوِلَادَةِ أَوْ) وَلَدَتْ (أُنْثَى ثُمَّ ذَكَرًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) ثِنْتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُنْثَى وَبِوِلَادَةِ الذَّكَرِ تَبَيَّنَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ قَبْلَ كَوْنِهَا كَانَتْ حَامِلًا بِذَكَرٍ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) عَنْ الثَّلَاثِ (بِهِ) أَيْ بِوِلَادَةِ الذَّكَرِ (أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا ثُمَّ أُنْثَى (أَوْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا طَلُقَتْ بِالذَّكَرِ) طَلْقَةً أَيْ تَبَيَّنَ وُقُوعُهَا (وَلَا شَيْءَ بِالْأُنْثَى لِمُقَارَنَةِ الْعِدَّةِ) الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِوِلَادَتِهَا إذْ بِهَا تَنْقَضِي. (وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ) حَوَامِلَ مِنْهُ (كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُنَّ) أَوْ أَيَّتُكُنَّ وَلَدَتْ (فَصَوَاحِبُهَا أَوْ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ فَوَلَدْنَ مَعًا طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ صَوَاحِبَ فَيَقَعُ عَلَيْهِنَّ بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ عَلَّقَ بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلَاقَ الْوَالِدَةِ وَغَيْرِهَا (وَعِدَّتُهُنَّ بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِالْوِلَادَةِ وَالْعِدَّةُ عَقِبَ الطَّلَاقِ (أَوْ) وَلَدْنَ (مُرَتَّبًا فِي الْعِدَّةِ طَلُقَتْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أَمَّا الرَّابِعَةُ فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ وَأَمَّا الْأُولَى فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَبِوِلَادَةِ نَفْسِهَا وَكُلٍّ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ فِي الثَّانِيَةِ إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا عِنْدَ وِلَادَةِ الثَّالِثَةِ وَعِنْدَ وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ فِي الْأُولَى وَالطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يَنْفِي الصُّحْبَةَ وَالزَّوْجِيَّةَ فَإِنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ نِسَائِهِ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِ. (وَعِدَّةُ الْأُولَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ كُلَّمَا وَلَدَتْ وَلَدًا) قَالَ شَيْخُنَا عَبَّرَ هُنَا بِوَلَدٍ صَارَ شَامِلًا لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ فَلَا يُعَارِضُهُ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ بِوِلَادَةِ ثَلَاثَةٍ مَعًا حَيْثُ لَا نِيَّةَ لِعُرُوِّ ذَاكَ عَنْ لَفْظِ وَلَدٍ وَإِنَّمَا هُوَ إنْ وَلَدْت فَصَارَ اسْمًا لِمَا تَضَعُهُ مِنْ بَطْنِهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ مَعًا وَلَوْ مُتَعَدِّدًا. (قَوْلُهُ أَوْ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ فَطَلْقَتَيْنِ إلَخْ) فَإِنْ انْفَصِلُوا مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَاعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ وَلَوْ وَضَعَتْ اثْنَيْنِ مَعًا وَاثْنَيْنِ مَعًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْآخَرَيْنِ وَفِي ثَلَاثٍ ثُمَّ وَاحِدٍ تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَعَكْسُهُ طَلْقَةً ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي. (قَوْلُهُ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً إلَخْ) لَوْ وَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ وَلَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ نُبِشَ لِيُعْرَفَ [فَرْعٌ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً] (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُنَّ إلَخْ) قِيلَ وَتَعْلِيلُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِكُلَّمَا مِثَالٌ فَإِنْ وَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ كَذَلِكَ وَهُوَ مَرْدُودٌ يَمْنَعُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ كُلَّمَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا فَلَا يَقَعُ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ طَلَاقٌ بَعْدَ وُقُوعِ الْأَوَّلِ س إلْحَاقُهُ أَيَّتَكُنَّ بِكُلَّمَا مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ لِلْعُمُومِ لَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ وَقَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ طَلَاقٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ) الْمُرَادُ بِهَا وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ فَأَنْتُنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ نِسَاؤُهُ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ لَاحَظْنَا قَوْلَهُ فِي الْجَوَابِ بِكَوْنِهَا رَجْعِيَّةً لَمَا طَلُقَتْ الْأُولَى بِوِلَادَةِ الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهَا طَلُقَتْ بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَهِيَ قَبْلَ وِلَادَتِهَا بَائِنٌ بِثَلَاثٍ وَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّ الْمُرَادَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ وَالرَّابِعَةُ بِوِلَادَتِهَا (وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةُ طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى (وَالثَّالِثَةُ طَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَإِنَّمَا لَمْ تَطْلُقَا أَكْثَرَ مَنْ بَعْدَهُمَا (لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهِمَا بِالْوِلَادَةِ) أَيْ بِوِلَادَتِهِمَا إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ ثَانِي تَوْأَمَيْهِمَا إلَى وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ وَإِلَّا طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا (وَلَوْ وَلَدْت ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً فِي الْأُولَى وَبِوِلَادَةِ نَفْسِهَا وَكُلٍّ مِنْ رَفِيقَتِهَا وَإِحْدَى الْأَخِيرَتَيْنِ طَلْقَةً فِي الثَّانِيَةِ (وَعِدَّتُهُمَا بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ (وَ) طَلُقَتْ (الْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِالْوِلَادَةِ) أَيْ بِوِلَادَتِهِمَا فَلَا يَقَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِوِلَادَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ (أَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثٌ مَعًا ثُمَّ الرَّابِعَةُ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أَمَّا الرَّابِعَةُ فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً وَأَمَّا الثَّلَاثُ فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً فِي الْأُولَى وَبِوِلَادَةِ نَفْسِهَا وَكُلٍّ مِنْ رَفِيقَتَيْهَا طَلْقَةً فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ الثَّلَاثُ مَعًا (طَلَّقَ غَيْرَ الْأُولَى طَلْقَةً طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى ثُمَّ تَنْقَضِي عِدَّتُهُنَّ بِوِلَادَتِهِنَّ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِنَّ شَيْءٌ آخَرُ (وَ) طَلُقَتْ (الْأُولَى ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ الْبَاقِيَاتِ إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ تَرَتَّبَ ثِنْتَانِ) فِي الْوِلَادَةِ (ثُمَّ) وَلَدَتْ (ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ الْبَاقِيَاتِ إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَالثَّانِيَةُ طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا وَالْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَةً (وَتَنْقَضِي عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا) فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ آخَرُ (أَوْ) وَلَدَتْ (ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ تَرَتَّبَ ثِنْتَانِ) عَكْسُ مَا قَبْلَهُمَا (طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِمَا مَرَّ (إلَّا الثَّالِثَةَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا) فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ وَبَقِيَتْ ثَامِنَةٌ وَهِيَ مَا لَوْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثِنْتَانِ ثُمَّ وَاحِدَةٌ طَلُقَتْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا مِثْلُ مَا مَرَّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَطَلُقَتْ الْأُخْرَيَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِوَاسِطَةِ جَمْعِهِ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الصَّوَاحِبِ وَمَسْأَلَةِ فَأَنْتُنَّ. (فَرْعٌ وَالتَّصْوِيرُ بِمَا ذَكَرَ) بِقَوْلِهِ لِلْأَرْبَعِ كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا أَوْ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ (فَإِذَا طَلَّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (طَلْقَةً مُنَجَّزَةً ثُمَّ وَلَدْنَ عَلَى التَّعَاقُبِ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْأُولَى) عَنْ الطَّلْقَةِ (بِوِلَادَتِهَا وَازْدَادَتْ الثَّانِيَةُ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى (ثَانِيَةً) وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَنْ الطَّلْقَتَيْنِ بِوِلَادَتِهَا (وَاسْتَكْمَلَ الْأُخْرَيَانِ الثَّلَاثَ) وَاحِدَةً بِالتَّنْجِيزِ وَثِنْتَانِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِلْأَرْبَعِ (كُلَّمَا وَلَدَتْ ثِنْتَانِ) مِنْكُنَّ (فَالْأُخْرَيَانِ طَالِقَانِ فَوَلَدْنَ مُرَتَّبًا طَلُقَتْ الْأُخْرَيَانِ) فَقَطْ (بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ) طَلْقَةً طَلْقَةً (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا وَ) طَلُقَتْ (الْأُولَيَانِ بِوِلَادَةِ الرَّابِعَةِ) طَلْقَةً طَلْقَةً (وَ) انْقَضَتْ (عِدَّتُهُمَا بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ. [فَرْعٌ قَالَ لِحَامِلَيْنِ أَوْ حَائِلَيْنِ كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَامِلَيْنِ) أَوْ حَائِلَيْنِ (كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا) بِوِلَادَتِهِمَا طَلْقَةً طَلْقَةً (وَبِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ تَطْلُقُ الْأُولَى فَقَطْ) طَلْقَةً ثَانِيَةً إنْ بَقِيَتْ فِي الْعِدَّةِ وَتَنْقَضِي عِدَّةُ الثَّانِيَةِ بِوِلَادَتِهَا (وَإِنْ وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ الْأُخْرَى ثُمَّ الْأُولَى ثُمَّ الْأُخْرَى مِنْ بَطْنٍ وَاحِدٍ طَلُقَتَا) بِالْوِلَادَتَيْنِ (الْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّةُ الْأُولَى) عَنْ الطَّلْقَتَيْنِ (بِوَلَدِهَا الثَّانِي) أَيْ بِوِلَادَتِهِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ (وَازْدَادَتْ بِهِ الْأُخْرَى) طَلْقَةً (ثَالِثَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَيْضًا) عَنْ الثَّلَاثِ (بِوِلَادِهَا الثَّانِي) أَيْ بِوِلَادَتِهِ (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا وَلَدْتُمَا) فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ (فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَوْلَادِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ (وَلَوْ مُتَعَاقِبِينَ ثُمَّ) وَلَدَتْ (الْأُخْرَى كَذَلِكَ) أَيْ ثَلَاثَةً وَلَوْ مُتَعَاقِبِينَ (طَلُقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ) الثَّلَاثَةَ (وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةُ كَذَلِكَ) أَيْ ثَلَاثًا لِوِلَادَتِهَا الثَّلَاثَةَ (إلَّا إنْ انْفَرَدَ الْأَخِيرُ) بِالْوِلَادَةِ (فَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ) فَقَطْ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَإِلَّا إنْ وَلَدَتْ الْأَخِيرَيْنِ مَعًا فَتَنْقَضِي بِهِمَا الْعِدَّةُ وَتَطْلُقُ طَلْقَةً فَقَطْ فَوُقُوعُ الثَّلَاثِ عَلَى الثَّانِيَةِ مَحِلُّهُ إذَا وَلَدَتْ الثَّلَاثَةَ مَعًا وَالتَّصْرِيحُ بِمَجْمُوعِ الْقَيْدِ وَالْمُقَيَّدِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ وَلَدَتْ الْأُولَى وَاحِدًا وَالثَّانِيَةُ ثَلَاثَةً مُتَعَاقِبِينَ ثُمَّ الْأُولَى اثْنَيْنِ كَذَلِكَ) أَيْ مُتَعَاقِبَيْنِ (طَلُقَتَا بِالْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِيَةِ طَلْقَةً طَلْقَةً ثُمَّ الْإِطْلَاقُ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (حَتَّى تَلِدَ الْأُولَى) وَلَدًا (فَتَزْدَادَ بِالثَّانِي) أَيْ بِوِلَادَتِهِ مُنْضَمًّا إلَى وِلَادَةِ الثَّانِيَةِ الثَّانِي (طَلْقَةً) ثَانِيَةً   [حاشية الرملي الكبير] بِصَوَاحِبِهَا الصَّوَاحِبُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ لِإِحَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ الْغَرَضُ مِنْ الْوَصْفِ التَّعْرِيفُ فَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ وَلَدَتْ طَلُقَتْ غَيْرُهَا بِوِلَادَتِهَا غ. (قَوْلُهُ فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ) وَبَقِيَتْ ثَامِنَةٌ عَبَّرَ الْفَتَى عَنْ الثَّمَانِ صُوَرٍ بِقَوْلِهِ طَلُقَتْ كُلٌّ بِعَدَدِ مَنْ سَبَقَهَا وَمَنْ لَمْ تُسْبَقْ ثَلَاثًا قَالَ ابْنُ الْوَرْدِيُّ ضَابِطُهُ أَنَّ الثَّلَاثَ الْقَاعِدَةُ إلَّا لِوَاضِعٍ عَقِيبَ وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَطَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَقَطْ فَذِي تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ [فَرْعٌ قَالَ لِلْأَرْبَعِ كُلَّمَا وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مِنْكُنَّ فَالْأُخْرَيَانِ طَالِقَانِ] (قَوْلُهُ حَتَّى تَلِدَ الْأُولَى فَتَزْدَادَ بِالثَّانِي إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَقَعْ عَلَى الثَّانِيَةِ بِوَلَدِهَا الثَّانِي ثَانِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وِلَادَةٌ لِلْأُولَى نَضُمُّهَا إلَيْهَا لِتَكُونَا وِلَادَتَيْنِ حَتَّى تَقَعَ عَلَيْهَا ثَانِيَةٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 (وَتَنْقَضِي عِدَّةُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (بِوَلَدِهَا الثَّالِثِ فَإِنْ وَلَدَتْ الْأُولَى) وَلَدًا (ثُمَّ الْأُخْرَى) وَلَدًا (ثُمَّ الْأُولَى) وَلَدًا (ثُمَّ الْأُخْرَى) وَلَدًا (وَهَكَذَا) إلَى وِلَادَةِ (ثَلَاثَةٍ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ بَطْنٍ (فَطَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) تَطْلُقَانِ إحْدَاهُمَا بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ الْأَوَّلَ وَالْأُخْرَى بِوِلَادَتِهَا الثَّانِي وَتَنْقَضِي عِدَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِوِلَادَتِهَا الثَّالِثَ. (فَرْعٌ سَبَقَ أَنَّ خُرُوجَ كُلِّ الْوَلَدِ شَرْطٌ فِي التَّعْلِيقِ بِالْوِلَادَةِ) أَيْ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ فَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ وَمَاتَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَرْأَةُ لَمْ تَطْلُقْ وَوَرِثَ الْبَاقِي مِنْهُمَا الْمَيِّتَ (فَلَوْ قَالَ إنْ وَلَدْت فَعَبْدِي حُرٌّ) أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ (لَمْ يَعْتِقْ بِخُرُوجِ بَعْضِهِ) وَلَمْ تَطْلُقْ (فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْعَبْدَ حِينَئِذٍ (بِشَرْطِ الْخِيَارِ) لَهُ أَوْ لَهُمَا (وَانْفَصَلَ الْوَلَدُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَتَقَ) الْعَبْدُ (لِأَنَّ عِتْقَهُ يَنْفُذُ مِنْهُ فِي مُدَّتِهِ) وَإِنْ انْفَصَلَ بَعْدَهَا لَمْ يَعْتِقْ. [فَصْلٌ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِحَمْلِهَا أَوْ وِلَادَتِهَا فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا] (فَصْلٌ) لَوْ (عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِحَمْلِهَا أَوْ وِلَادَتِهَا فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا فَشَهِدَ أَرْبَعٌ) مِنْ النِّسْوَةِ بِذَلِكَ (لَمْ يَقْبَلْنَ) أَيْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُنَّ لَا يُقْبَلْنَ فِيهِ (وَإِنْ قُبِلْنَ فِي) ثُبُوتِ (النَّسَبِ) وَالْمِيرَاثِ بِشَهَادَتِهِنَّ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَوَابِعِ الْوِلَادَةِ وَضَرُورَاتِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَهَذِهِ إنَّمَا ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي صُورَةِ الْوِلَادَةِ دُونَ صُورَةِ الْحَمْلِ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُوَافِقُهُ أَمَّا إذَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ. (وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ) تَلِدِينَهُ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ ذَكَرًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلُقَتْ وَلَوْ لَمْ تَلِدْ غَيْرَهُ إذْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ كَوْنِهِ أَوَّلًا أَنْ تَلِدَ بَعْدَهُ آخَرَ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ إذَا الْأَوَّلُ لُغَةً ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ ثَانٍ أَمْ لَا قَالَ تَعَالَى {إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ} [الدخان: 34] {إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأُولَى} [الدخان: 35] وَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لَيْسَ لَهُمْ إلَّا مَوْتَةٌ وَاحِدَةٌ (أَوْ قَالَ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ) مِنْ هَذَا الْحَمْلِ (ذَكَرًا فَطَلْقَةً أَوْ) يَعْنِي وَإِنْ كَانَ (أُنْثَى فَثَلَاثًا فَوَلَدَتْ الذَّكَرَ أَوَّلًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَةِ الْأُنْثَى أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ وَلَدَتْ الْأُنْثَى أَوَّلًا (طَلَّقَا ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالذَّكَرِ وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ جَهِلَ التَّعَاقُبَ) وَالْمَعِيَّةَ (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِيَّةِ فِيهِمَا وَلِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ (فَلَوْ تَعَاقَبَا وَجَهِلَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (فَطَلْقَةً) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ تَطْلُقَ ثَلَاثًا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ (وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالثَّانِي) مِنْهُمَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ جَعَلَ) وِلَادَةَ (الْأُنْثَى) مِنْ زَوْجَةٍ شَرْطًا (لِطَلَاقِ الْأُخْرَى) بِأَنْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَوَلَدَتْهُمَا مُرَتَّبًا (وَجَهِلَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (يُوقَفُ الزَّوْجُ) أَيْ يُمْنَعُ (عَنْهُمَا) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى إحْدَاهُمَا وَالْتِبَاسِهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا حَتَّى تَبِينَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا (فَإِنْ جَعَلَهَا) شَرْطًا (لِعِتْقٍ) بِأَنْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَعَبْدِي حُرٌّ فَوَلَدَتْهُمَا مُرَتَّبًا وَجَهِلَ السَّابِقَ (أَقْرَعَ) بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ (فَإِنْ خَرَجَتْ لِلْعَبْدِ عَتَقَ وَإِلَّا لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ فِي الطَّلَاقِ وَلَا تُعَادُ الْقُرْعَةُ (فَلَوْ وَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ) وَلَمْ يُعْرَفْ نُبِشَ (لِيُعْرَفَ) فَيُرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ. [الطَّرَفُ الرَّابِعُ تَّعْلِيقِ الطَّلَاق بِالْحَيْضِ] (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ) فَلَوْ (قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ اشْتَرَطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (حَيْضَةً كَامِلَةً فَيَقَعُ سُنِّيًّا) لِوُقُوعِهِ فِي الطُّهْرِ (أَوْ إنْ طَهُرْت طُهْرًا وَاحِدًا) فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَقَعَ بِدْعِيًّا) لِوُقُوعِهِ فِي الْحَيْضِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَلِوُقُوعِهِ سُنِّيًّا وَبِدْعِيًّا شَرْطٌ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ وَقَوْلُهُ وَاحِدًا إيضَاحٌ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ حَيْضَةً) فِي الْأُولَى (وَطُهْرًا) فِي الثَّانِيَةِ (طَلُقَتْ بِالطَّعْنِ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَيْضِ فِي الْأُولَى وَالطُّهْرِ فِي الثَّانِيَةِ (إنْ تَمَّ) كُلٌّ مِنْهُمَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ بِالطَّعْنِ فِيهِ أَنَّهُ حَيْضٌ أَوْ طُهْرٌ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِمَا تُؤْمَرُ بِهِ الْحَائِضُ فِي الْأُولَى وَالطَّاهِرَةُ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ (وَيُشْتَرَطُ) لِطَلَاقِهَا فِيمَا ذُكِرَ (حَيْضٌ أَوْ طُهْرٌ جَدِيدٌ فَلَا يَكْفِي الِاسْتِدَامَةُ) فَلَوْ كَانَتْ حَالَ التَّعْلِيقِ حَائِضًا فِي الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ أَوْ طَاهِرًا فِي الثَّانِيَةِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ سَائِرُ الْأَوْصَافِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ نَحْوِ اسْتِدَامَةِ الرُّكُوبِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْأَيْمَانِ وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ اسْتِدَامَةُ الْحَيْضِ حَيْضًا كَمَا فِي اسْتِدَامَةِ الرُّكُوبِ لِأَنَّ دَوَامَ الْحَيْضِ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهَا بِخِلَافِ دَوَامِ الرُّكُوبِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا فَرَّقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا تَعْلِيقٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْحَلِفِ وَمَا هُنَاكَ حَلِفٌ. (وَإِنْ قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِا) لْحَيْضَةِ (الْأُولَى وَاحِدَةً وَبِالثَّانِيَةِ أُخْرَى) لِتَحَقُّقِ الصِّفَتَيْنِ (فَإِنْ عَطَفَ بِثُمَّ) بِأَنْ قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إنْ حِضْت   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ خُرُوجَ كُلِّ الْوَلَدِ شَرْطٌ فِي التَّعْلِيقِ بِالْوِلَادَةِ] مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الرَّابِعُ) (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي الِاسْتِدَامَةُ) خِلَافًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمُتَوَلِّي. (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا فَرَّقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ مَمْنُوعٌ فَالْمَوْجُودُ فِي الطَّلَاقِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ تَعْلِيقًا مُجَرَّدًا عَنْ الْحَلِفِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ حِضْت أَوْ إنْ أَدْرَكَتْ الثِّمَارَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِحَلِفٍ فَهَذَا لَا يَأْتِي فِيهِ تَنْزِيلُ الدَّوَامِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي إذَا أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَقْلِبُ الْمُضِيَّ إلَى الِاسْتِقْبَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْقِيقِ ذَلِكَ الْفِعْلِ مُسْتَقْبَلًا أَلَا تَرَاهُ يُقَالُ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ الْيَوْمَ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُلْمَحَ فِيهِ تَنْزِيلُ الدَّوَامِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْحَيْضِ فَقَوْلُ الْمُعَلِّقِ فِيهَا إنْ حِضْت فَأَنْت طَالِقٌ يَقْتَضِي فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا إذْ لَوْ أَرَادَ الْحَالَ لَقَالَ إنْ كُنْت حَائِضًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَالْفِعْلُ الْمُسْتَقْبَلُ لَا يُوجَدُ حَقِيقَةً إلَّا فِي مُسْتَأْنَفٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَا) لطَّلْقَةُ (الثَّانِيَةُ مُعَلَّقَةٌ بِحَيْضَتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَى) فَلَا تَقَعُ حَتَّى تَحِيضَ بَعْدَ الْأُولَى حَيْضَتَيْنِ لِأَنَّ كَلِمَةَ ثُمَّ تُشْعِرُ بِذَلِكَ وَالْفَاءُ كَثُمَّ كَمَا قَدَّمْته فِي نَظِيرِهِ (وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَكُلَّمَا حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِا) لْحَيْضَةِ (الْأُولَى طَلْقَةً وَبِالثَّانِيَةِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ. (وَلَوْ قَالَ) لِامْرَأَتَيْهِ (إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً أَوْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ لَغَتْ لَفْظَةُ الْحَيْضَةِ أَوْ الْوَلَدُ) لِاسْتِحَالَةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي حَيْضَةٍ أَوْ وَلَدٍ وَاسْتُعْمِلَ الْبَاقِي فَإِذَا طَعَنَتَا فِي الْحَيْضِ أَوْ وَلَدَتَا طَلُقَتَا (فَإِنْ قَالَ) إنْ وَلَدْتُمَا (وَلَدًا وَاحِدًا) فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ (فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ) فَلَا تَطْلُقَانِ بِوِلَادَتِهِمَا وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ ذَلِكَ بِأَنَّا إنْ نَظَرْنَا إلَى تَقْيِيدِهِ بِالْحَيْضَةِ وَتَعَذُّرِ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهَا لَزِمَ عَدَمُ الْوُقُوعِ أَوْ إلَى الْمَعْنَى وَهُوَ تَمَامُ حَيْضَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَزِمَ تَوَقُّفُ الْوُقُوعِ عَلَى تَمَامِهِمَا فَالْخُرُوجُ عَنْ هَذَيْنِ مُشْكِلٌ ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْوَلَدِ مِنْ أَنَّ لَفْظَ وَاحِدٌ تَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ يَجْرِي تَعْيِينُهُ فِي الْحَيْضَةِ لِأَنَّهَا لِلْمَرْأَةِ لِوَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ وَلَدًا وَاحِدًا انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ وَلَدًا وَاحِدًا نَصٌّ فِي الْوَحْدَةِ فَأَلْغَى الْكَلَامَ كُلَّهُ وَحَيْضَةٌ ظَاهِرٌ فِيهَا فَأُلْغِيَتْ وَحْدَهَا وَبِإِلْغَائِهَا سَقَطَ اعْتِبَارُ تَمَامِ الْحَيْضَةِ. (فَصْلٌ) لَوْ (عَلَّقَ بِحَيْضِهَا طَلَاقَهَا فَادَّعَتْ) حَيْضَهَا فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ (وَكَذَّبَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) فَيُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا لِأَنَّهَا أَعْرَفُ مِنْهُ بِهِ وَتَتَعَذَّرُ أَيْ تَتَعَسَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ شُوهِدَ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَيْضٌ لِجَوَازِ كَوْنِهِ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا) لَوْ عَلَّقَ بِمَا (لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهَا) غَالِبًا (كَالنِّيَّةِ وَالْبُغْضِ وَالْحُبِّ وَلَوْ عَلَّقَ بِطَلَاقِهَا وَطَلَاقِ ضَرَّتِهَا) حَقَّهُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقَهَا وَطَلَاقَ ضَرَّتِهَا وَلَعَلَّهُ كَانَ كَذَلِكَ لَكِنْ اتَّصَلَتْ الْهَاءُ بِالطَّاءِ (فَادَّعَتْهُ) أَيْ مَا عَلَّقَ بِهِ كَحَيْضِهَا (وَكَذَّبَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا وَطَلُقَتْ وَحْدَهَا) فَلَا تَطْلُقُ الْأُخْرَى إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِيَةِ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ حَلَّفْنَاهَا فَإِنَّ التَّحْلِيفَ لِغَيْرِهَا وَالْحُكْمُ لِلْإِنْسَانِ بِحَلِفِ غَيْرِهِ مَعَ عَدَمِ تَعْلِيقِ الْخُصُومَةِ بِهِ مُمْتَنِعٌ فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ فِي تَصْدِيقِ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِوِلَادَتِهَا أَوْ زِنَاهَا) فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا (لَمْ تُصَدَّقْ) بَلْ تُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِالدُّخُولِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ مُتَيَسِّرَةٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ (وَإِنْ ادَّعَتْ عِلْمَهُ بِزِنَاهَا لَمْ يَحْلِفْ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (وَ) لَكِنْ (تُحَلِّفُهُ إنْ ادَّعَتْ الْفُرْقَةَ) أَنَّهَا لَمْ تَقَعْ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْمُرَجَّحُ خِلَافُهُ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ عَلَى اضْطِرَابٍ فِيهِ (وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ طَلَاقَ زَوْجَتَيْهِ (بِحَيْضَتِهِمَا فَادَّعَتَاهُ) وَكَذَّبَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَلَا طَلَاقَ لِأَنَّ طَلَاقَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِشَرْطَيْنِ وَلَمْ يَثْبُتَا بِقَوْلِهِمَا وَإِنْ صَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا (وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا) فَقَطْ (فَحَلَفَتْ الْمُكَذَّبَةُ) أَنَّهَا حَاضَتْ (طَلُقَتْ وَحْدَهَا) لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِيَمِينِهَا وَحَيْضِ ضَرَّتِهَا بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَهَا وَالْمُصَدَّقَةُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهَا حَيْضُ ضَرَّتِهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَالِفِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ تَطْلُقْ (وَتَطْلُقُ الْمُكَذَّبَةُ) فَقَطْ (بِلَا يَمِينٍ فِي قَوْلِهِ) لِزَوْجَتَيْهِ (مَنْ حَاضَتْ مِنْكُمَا فَصَاحِبَتُهَا طَالِقٌ) وَادَّعَتَاهُ وَصَدَّقَ إحْدَاهُمَا وَكَذَّبَ الْأُخْرَى لِثُبُوتِ حَيْضِ الْمُصَدَّقَةِ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ. (فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ وَادَّعَيْنَهُ فَصَدَّقَهُنَّ إلَّا وَاحِدَةً فَحَلَفَتْ طَلُقَتْ وَحْدَهَا) أَيْ دُونَ الْمُصَدَّقَاتِ لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِحَلِفِ الْمُكَذَّبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَإِنْ كَذَّبَ ثِنْتَيْنِ) وَحَلَفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَا طَلَاقَ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (كَتَكْذِيبِ الْجَمِيعِ) إذْ لَا يَثْبُتُ حَيْضُ مُكَذَّبَةٍ بِحَلِفِهَا فِي حَقِّ أُخْرَى فَلَمْ يَثْبُتْ الْمُعَلَّقُ بِهِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُنَّ وَإِنْ صَدَّقَ الْجَمِيعَ طُلِّقْنَ. (وَإِنْ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا حَاضَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ) فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا وَاحِدًا إلَخْ) أَوْ حِضْتُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ وَلَدًا وَاحِدًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ عَلَّقَ بِحَيْضِهَا طَلَاقَهَا فَادَّعَتْ حَيْضَهَا فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَكَذَّبَهَا] (قَوْلُهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى ذَلِكَ) قَالَ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] فَحَرَّمَ الْكَتْمَ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِهِنَّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] . (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِهِ مِنْهُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَهُ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا كَانَ رَاضِيًا بِأَمَانَتِهَا وَقَوْلُ الْأَمِينِ إذَا عَرِيَ عَنْ التُّهْمَةِ مَقْبُولٌ وَلَا تُهْمَةَ؛ لِأَنَّهَا تُسْقِطُ حُقُوقَهَا عَنْ الزَّوْجِ وَلَوْ قَالَ إنْ حِضْت فَضَرَّتُك طَالِقٌ وَكَذَّبَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ صَدَّقَهَا طَلُقَتْ الضَّرَّةُ وَلَوْ قَالَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي صِدْقُهَا وَلَكِنْ أُجَوِّزُ كَذِبَهَا لَمْ تَطْلُقْ فَإِنْ قِيلَ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا صَدَّقَهَا طَلُقَتْ وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي تَصْدِيقِهَا إلَّا غَلَبَةُ الظَّنِّ بِهِ النَّاشِئِ عَنْ إخْبَارِهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ إذَا صَرَّحَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، قِيلَ التَّصْرِيحُ بِالْمُسْتَنَدِ قَدْ يَمْنَعُ الْقَبُولَ كَالشَّاهِدِ بِالْمِلْكِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَإِذَا أَطْلَقَ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ الِاسْتِفَاضَةُ لَمْ تُسْمَعْ. (قَوْلُهُ وَالْبُغْضُ وَالْحُبُّ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ أَحْبَبْت دُخُولَ النَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ أَحْبَبْت دُخُولَهَا فَهَلْ تَطْلُقُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ. (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ كَانَ كَذَلِكَ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِيَةِ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ) أَوْرَدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَقْضِي بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَقَالَ شِئْت فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ قَالَ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِهَا مُتَّهَمَةً فِي طَلَاقِ ضَرَّتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَقَدْ عَلَّقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا. اهـ. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحَيْضِ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِوِلَادَتِهَا أَوْ زِنَاهَا لَمْ تُصَدَّقْ) مِثْلُهُ مَا إذَا قَالَ إنْ قُلْت كَذَا أَوْ سَبَيْت فُلَانًا مَثَلًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ ادَّعَتْ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ إنَّهَا لَمْ تَقَعْ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْلِفُ. (قَوْلُهُ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ كُنْت أَبْحَثُ فِيهِ كَثِيرًا ثُمَّ وَقَفْت بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَفَّالِ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ بِحَلِفِهِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 (فَحَاضَتْ ثَلَاثٌ مِنْهُنَّ طَلُقَتْ الْأَرْبَعُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ قُلْنَ حِضْنَ فَكَذَّبَهُنَّ وَحَلَفْنَ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً) لِأَنَّ يَمِينَهَا يَكْفِي فِي حَيْضِهَا فِي حَقِّهَا (أَوْ صَدَّقَ وَاحِدَةً فَقَطْ طَلُقَتْ طَلْقَةً) بِقَوْلِهَا (وَ) طَلُقَتْ (الْمُكَذَّبَاتُ) طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ أَيْ يُطَلَّقُ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةً بِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِقَوْلِهَا وَطَلْقَةً بِحَيْضِ الَّتِي صَدَّقَهَا الزَّوْجُ (أَوْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَ) طَلُقَتْ (الْمُكَذَّبَاتُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طُلِّقَ الْجَمِيعُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا حَاضَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَادَّعَيْنَهُ وَصَدَّقَهُنَّ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَإِنْ كَذَّبَهُنَّ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُنَّ (وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ الْبَاقِيَاتُ طَلْقَةً طَلْقَةً) لِثُبُوتِ حَيْضِ صَاحِبَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ (دُونَهَا) فَلَا تَطْلُقُ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهَا حَيْضُ وَاحِدَةٍ مِنْ صَوَاحِبِهَا (وَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَةً وَاحِدَةً ثَبَتَ حَيْضُهَا (وَ) طَلُقَتْ (الْمُكَذَّبَتَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَتَيْنِ ثَبَتَ حَيْضُهُمَا (وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طُلِّقْنَ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَتَيْنِ (وَ) طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَةُ (ثَلَاثًا) لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثَ صَوَاحِبَ. (فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِرُؤْيَتِهَا الدَّمَ حُمِلَ عَلَى) دَمِ (الْحَيْضِ) لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ (فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ) فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَلَوْ فُسِّرَ بِغَيْرِ دَمِ الْحَيْضِ فَإِنْ كَانَ يَتَعَجَّلُ قَبْلَ حَيْضِهَا قُبِلَ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ فَلَا. [فَرْع قَالَ لِحَائِضٍ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَائِضٍ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً فِي الْحَالِ وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ مَعَ صِفَتِهِمَا) وَهِيَ أَوَّلُ الْحَيْضِ الثَّانِي وَأَوَّلُ الثَّالِثِ (وَفِي التَّعْلِيقِ بِنِصْفِ حَيْضَةٍ) بِأَنْ قَالَ إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ (تَطْلُقُ بِمُضِيِّ نِصْفِ أَيَّامِ الْعَادَةِ) فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ مَثَلًا طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. [الطَّرَفُ الْخَامِسُ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ] (الطَّرَفُ الْخَامِسُ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ) أَمَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقَدَّمُ وَأَمَّا بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ فَقَدْ يَكُونُ بِمَشِيئَةِ زَوْجَتِهِ بِخِطَابٍ وَقَدْ يَكُونُ بِمَشِيئَتِهَا بِدُونِ خِطَابٍ وَقَدْ يَكُونُ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا فَلَوْ (قَالَ يُخَاطِبُهَا) أَيْ مُخَاطَبًا لَهَا (أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ إذَا شِئْت فَإِنْ قَالَتْ فَوْرًا شِئْت وَلَوْ بِتَكْرِيرِ شِئْت طَلُقَتْ) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَمْلِيكهَا الْبُضْعَ وَالتَّصْرِيحَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِتَكْرِيرِ شِئْت مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا مَجْنُونَةَ وَصَبِيَّةَ وَلَوْ مُمَيِّزَةً) فَلَا تَطْلُقُ بِذَلِكَ إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلِّقِي نَفْسَك فَطَلُقَتْ لَمْ تَطْلُقْ فَكَذَا إذَا عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا (إلَّا إنْ قَالَ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ قُلْت شِئْت) لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَحْضُ تَلَفُّظِهَا بِالْمَشِيئَةِ وَقَدْ وُجِدَ، وَالصَّبِيُّ فِيمَا ذُكِرَ كَالصَّبِيَّةِ وَالسَّكْرَانَ كَالْمُكَلَّفِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ (فَإِنْ قَالَتْ) زَوْجَتُهُ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ إذَا شِئْت (شِئْت غَدًا أَوْ) . شِئْت (إنْ شِئْت) أَوْ شَاءَ فُلَانٌ (فَشَاءَ) الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَةِ أَوْ لَمْ يَشَأْ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ بِمَشِيئَةٍ مَجْزُومٍ بِهَا وَلَمْ تَحْصُلْ (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ (لَوْ شَاءَتْ بِقَلْبِهَا وَلَمْ تَنْطِقْ فَإِنْ عَكَسَتْ) بِأَنْ نَطَقَتْ وَلَمْ تَشَأْ بِقَلْبِهَا بَلْ كَرِهَتْ مَا شَاءَتْهُ (طَلُقَتْ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا) إذْ التَّعْلِيقُ فِي الْحَقِيقَةِ بِلَفْظِ الْمَشِيئَةِ لَا بِمَا فِي الْبَاطِنِ بِدَلِيلِ إنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ أَجْنَبِيٍّ فَقَالَ شِئْت صُدِّقَ وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ لَمَا صُدِّقَ كَمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ ضَرَّتِهَا بِحَيْضِهَا لَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّ الضَّرَّةِ. (وَإِنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا) وَلَوْ خِطَابًا كَأَنْ قَالَ إنْ شِئْت أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ (أَوْ) عَلَّقَ (بِلَفْظِ مَتَى) كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَتَى شِئْت (لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ) لِانْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ فِي الْأَوَّلِ وَلِتَصْرِيحِهِ بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ فِي الثَّانِي كَمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ وَكَمَتَى أَيْ وَقْتِ (وَكَذَا) لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ (لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا غَيْرَ مُخَاطَبَةٍ) بِأَنْ قَالَ لَهَا وَلَوْ حَاضِرَةً زَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ لِبَعْدِ التَّمْلِيكِ بِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ (وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ بِالْمَشِيئَةِ كَالنُّطْقِ) مِنْ النَّاطِقِ فَيَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ (وَلَوْ خَرِسَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ) فَإِنَّ مَشِيئَتَهُ كَالنُّطْقِ (وَإِنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا) خِطَابًا (وَمَشِيئَةِ زَيْدٍ اُشْتُرِطَ الْفَوْرُ فِي مَشِيئَتِهَا فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَشِيئَةِ زَيْدٍ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ لَوْ انْفَرَدَ كَمَا إنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت وَدَخَلْت الدَّارَ أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ حُكْمُهُ لَوْ انْفَرَدَ (وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فِي ظَاهِرٍ وَإِنْ تَضَمَّنَ تَمْلِيكًا فَكَانَ (كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ) . [فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاق بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ بِعَدَمِهَا] (فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ) أَوْ بِعَدَمِهَا (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَهُمْ مَشِيئَةٌ وَلَمْ يُعْلَمْ حُصُولُهَا فَهِيَ كَمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى (وَكَذَا لَا) تَطْلُقُ إذَا عَلَّقَ (بِمَشِيئَةِ بَهِيمَةٍ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ.   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ لِثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ] مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الْخَامِسُ) . (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ أَجْنَبِيٍّ إلَخْ) اسْتَثْنَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْفُرُوقِ مَا إذَا قَالَ إذَا شِئْت بِقَلْبِك فَشَاءَ كَارِهًا لَمْ تَطْلُقْ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 [فَصْلٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا] (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِامْرَأَتَيْهِ (طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَطْلُقْ) بِعَدَمِ مَشِيئَتِهِمَا هَذَا مِنْ زِيَادَةٍ (أَوْ شَاءَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (طَلَاقَهَا) أَيْ طَلَاقَ نَفْسِهَا (دُونَ ضَرَّتِهَا فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ تَعْلِيقُ طَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَشِيئَتِهَا وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا لِأَنَّ مَشِيئَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا طَلَاقَهُمَا عِلَّةٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَعَلَى ضَرَّتِهَا. (وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ شِئْت أَمْ أَبَيْت طَلَاقٌ مُنَجَّزٌ) إذَا لَا تَعْلِيقَ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ شِئْت أَوْ أَبَيْت تَعْلِيقٌ بِإِحْدَاهُمَا) فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ قُمْت أَوْ قَعَدْت (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (كَيْفَ شِئْت أَوْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْت طَلُقَتْ شَاءَتْ أَمْ لَا) وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَشَاءَ فِي الْمَجْلِسِ الطَّلَاقَ أَوْ عَدَمَهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعِتْقِ يَقْتَضِي رُجْحَانَ الثَّانِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَشَاءَتْ أَقَلَّ) مِنْهَا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ مَشِيئَةَ أَقَلَّ مِنْهَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً لَهَا (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَشَاءَتْ ثَلَاثًا) أَوْ ثِنْتَيْنِ (طَلُقَتْ وَاحِدَةً) لِأَنَّهَا إذَا شَاءَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَقَدْ شَاءَتْ وَاحِدَةً. [فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك] (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك) أَوْ فُلَانٌ (وَاحِدَةً فَشَاءَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ شَاءَ وَاحِدَةً فِيهِمَا وَزَادَ فِي الثَّانِيَةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك وُقُوعَ وَاحِدَةٍ فَتَقَعُ) لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ. (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك) أَوْ فُلَانٌ (ثَلَاثًا فَشَاءَ ثَلَاثًا لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ شَاءَ ثَلَاثًا (أَوْ شَاءَ دُونَهَا) أَيْ الثَّلَاثِ (أَوْ لَمْ يَشَأْ) شَيْئًا (طَلُقَتْ) وَاحِدَةً. [فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك] (فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك) أَوْ نَحْوُهُ كَلَوْلَا اللَّهُ وَلَوْلَا دِينُك (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ الْمَعْنَى لَوْلَاهُ لَطَلَّقْتُك (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ لَوْ قَالَ (أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك) لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْلَا حُرْمَةُ أَبِيهَا لَطَلَّقْتهَا وَأَكَّدَ هَذَا الْخَبَرَ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك هَذَا (إنْ تَعَارَفُوهُ يَمِينًا) بَيْنَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفُوهُ يَمِينًا طَلُقَتْ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ بَعْدُ وَمَحِلُّ عَدَمِ الطَّلَاقِ إذَا صُدِّقَ فِي خَبَرِهِ (فَإِنْ كَذَبَ فِيهِ طَلُقَتْ بَاطِنًا وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِكَذِبِهِ (فَظَاهِرًا) أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَنَا إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ. [فَرْعٌ قَالَ لَهَا شَائِي أَوْ أَحِبِّي أَوْ اخْتَارِي الطَّلَاقَ] (فَرْعٌ لَوْ قَالَ) لَهَا (شَائِي أَوْ أَحِبِّي أَوْ أَرِيدِي أَوْ ارْضَيْ أَوْ اهْوَيْ أَوْ اخْتَارِي الطَّلَاقَ وَأَرَادَ التَّفْوِيضَ) لِلطَّلَاقِ إلَيْهَا (فَقَالَتْ شِئْته أَوْ أَحْبَبْته) أَوْ أَرَدْته (أَوْ رَضِيته أَوْ هَوِيته أَوْ اخْتَرْته طَلُقَتْ لَا فِي) الصُّوَرِ (الثَّلَاثِ الْأَوَّلِ) فَلَا تَطْلُقُ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ لِأَنَّهُ اسْتَدْعَى مِنْهَا كُلًّا مِنْ الثَّلَاثِ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا وَلَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا وَلَا فَوَّضَهُ إلَيْهَا وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ فَقَوْلُهَا شِئْت أَوْ أَحْبَبْت أَوْ أَرَدْت لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ هَذَا مَا أَفْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا وَعَنْ الْبُوشَنْجِيِّ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا أَقْوَى انْتَهَى وَلَمْ يُرِدْ الْبُوشَنْجِيُّ الْحَصْرَ فِي الثَّلَاثِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا أَمْثِلَةً بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِ الْجَارِي فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ. (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ أَحْبَبْت) مَثَلًا (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَحْبَبْت فَقَالَتْ شِئْت مَثَلًا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ لَفْظَيْ الْمَشِيئَةِ وَالْمَحَبَّةِ يَقْتَضِي مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْآخَرُ وَلِهَذَا يُقَالُ الْإِنْسَانُ يَشَاءُ دُخُولَ الدَّارِ وَلَا يُقَالُ يُحِبُّهُ وَيُحِبُّ وَلَدَهُ وَلَا تَسُوغُ لَفْظَةُ الْمَشِيئَةِ فِيهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ أَرَدْت فَتَقُولُ هِيَ شِئْت أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا تَطْلُقُ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْبُوشَنْجِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى قَالَ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ أَيْ لِأَنَّ اللَّفْظَيْنِ مُتَرَادِفَانِ (أَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِفُلَانٍ) غَيْرُ ذَلِكَ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُرِيدَ) أَوْ يَشَاءَ أَوْ يَرَى (غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَبْدُ لَهُ طَلُقَتْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ) أَوْ جُنُونِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ لِفَوَاتِ مَا جَعَلَهُ مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ يَبْدُوَ لِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَأَرَادَ رَفْعَهُ إذَا بَدَا لَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْبَغَوِيّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا الْبَحْثُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَحَكَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَهُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَلَمْ يَطَّلِعْ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى هَذَا النَّصِّ فَقَالَ إنَّهُ نَصٌّ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ فَثَبَتَ أَنَّهُ نَصٌّ عَلَيْهِ وَعَلَى نَظِيرِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يُخَالِفُهُ فَيُعْمَلُ بِهِ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَشَأْ فُلَانٌ فَقَالَ لَمْ أَشَأْ) أَيْ الطَّلَاقَ أَوْ سَكَتَ حَتَّى مَاتَ (طَلُقَتْ) فِي الْحَالِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك وُقُوعَ وَاحِدَةٍ إلَخْ) أَوْ عَدَمَ وُقُوعِهَا إذَا شَاءَهَا فَطَلْقَتَانِ (قَوْلُهُ هَذَا مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَذَا فَهِمَهُ مِنْهُ الْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَرَدْت فَتَقُولُ هِيَ شِئْت أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ أَشَاءَ) أَوْ يَبْدُوَ لِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الطَّلَاقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 فِي الْأُولَى وَقُبَيْلَ الْمَوْتِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ زِيَادَتِهِ قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ. (الطَّرَفُ السَّادِسُ فِي) مَسَائِلِ (الدَّوْرِ) لَوْ (قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ مَتَى طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا) لِمَوْطُوءَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ وَاحِدَةً) أَوْ ثِنْتَيْنِ (لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ أَعْتَقْتُك) أَوْ مَتَى أَعْتَقْتُك (فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا حَصَلَ الدَّوْرُ) فَعَلَى صِحَّتِهِ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْمُنَجَّزُ لَوَقَعَ الْمُعَلَّقُ قَبْلَهُ بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ وَلَوْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ الْمُخْتَارَ بُطْلَانُ الدَّوْرِ وَعَلَيْهِ قَالَ (وَالْمُخْتَارُ) وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ) دُونَ الْمُعَلَّقِ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهُ مَشْرُوطًا بِهِ فَوُقُوعُهُ مُحَالٌ بِخِلَافِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ إذْ قَدْ يَتَخَلَّفُ الْجَزَاءُ عَنْ الشَّرْطِ بِأَسْبَابٍ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِعِتْقِ غَانِمٍ ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا يَفِي ثُلُثُ مَالِهِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا لَا يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا بَلْ يَتَعَيَّنُ عِتْقُ غَانِمٍ وَشَبَّهَ هَذَا بِمَا لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ يَثْبُتُ النَّسَبُ دُونَ الْمِيرَاثِ وَلِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ مُمْتَنِعٌ وَوُقُوعَ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَالْمُنَجَّزُ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِافْتِقَارِ الْمُعَلَّقِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْجَزَاءَ قَبْلَ الشَّرْطِ وَهُوَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ فَيَلْغُو التَّعْلِيقُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ فَيَبْعُدُ سَدُّ بَابِهِ (وَكَذَا يَقَعُ) الْمُنَجَّزُ فَقَطْ لَوْ قَالَ (أَنْت طَالِقٌ) الْيَوْمَ (ثَلَاثًا إنْ طَلَّقْتُك غَدًا وَاحِدَةً) فَطَلَّقَهَا غَدًا وَاحِدَةً. (فَإِنْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ) مَثَلًا (فَطَلَّقَهَا قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ وَقَعَتْ الْمُنَجَّزَةُ) دُونَ الْمُعَلَّقَةِ لِأَنَّ الْوُقُوعَ لَا يَسْبِقُ اللَّفْظَ (أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّهَا (وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ فَطَلْقَتَانِ) إحْدَاهُمَا مُنَجَّزَةٌ وَالْأُخْرَى مُعَلَّقَةٌ (أَوْ) وَهِيَ (مُنْقَضِيَةٌ فَالْمُنَجَّزَةُ) دُونَ الْمُعَلَّقَةِ أَمَّا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ فَالْمُنَجَّزَةُ مُطْلَقًا (فَإِنْ كَانَ قَالَ) لِمَوْطُوءَةٍ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ (ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَلَا دَوْرَ) فَيَقَعُ الْمُنَجَّزُ بِكُلِّ حَالٍ (أَوْ بَعْدَهَا فَدَوْرٌ فَيَقَعُ الْمُنَجَّزُ) دُونَ الْمُعَلَّقِ (عَلَى الْمُخْتَارِ فَإِنْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ أَوْ طَلُقَتْ بِصِفَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ) تَعْلِيقًا عَلَى تَعْلِيقِهِ بِالتَّطْلِيقِ كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ ثُمَّ دَخَلَتْ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ (فَلَا دَوْرَ) لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَإِنَّمَا وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ فَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ فِي الْأُولَى وَالْمُعَلَّقُ بِالدُّخُولِ فِي الثَّانِيَةِ (إلَّا) بِمَعْنَى لَكِنْ (إنْ عَلَّقَ بِالْوُقُوعِ أَوْ الْحِنْثِ) كَأَنْ قَالَ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي أَوْ حِنْثٌ فِي يَمِينِي فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ طَلُقَتْ بِصِفَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ تَعْلِيقًا فَدَوْرٌ فَيَقَعُ عَلَى الْمُخْتَارِ طَلَاقُ الْوَكِيلِ وَالْمُعَلَّقِ بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَوْلُهُ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ أُطَلِّقَك وَاحِدَةً) ثُمَّ طَلَّقَهَا (دَوْرٌ وَلَوْ طَلَّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) لِاشْتِمَالِ الْعَدَدِ عَلَى وَاحِدَةٍ فَعَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَعَلَى بُطْلَانِهِ يَقَعُ الْمُنَجَّزُ (أَوْ) قَالَ (إنْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ وَاحِدَةً فَإِنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا فَدَوْرٌ) فَتَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَى الْمُخْتَارِ وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَ الْمُنَجَّزُ بِكُلِّ حَالٍ. [فَرْعٌ قَالَ إنْ آلَيْت أَوْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ لَاعَنْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ] (فَرْعٌ لَوْ قَالَ إنْ آلَيْت أَوْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ لَاعَنْتُك أَوْ رَاجَعْتُك أَوْ فَسَخْت النِّكَاحَ بِعَيْبِك) أَوْ حَلَفْت بِطَلَاقِك (فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَفَعَلَهُ) أَيْ مَا عَلَّقَ بِهِ (حَصَلَ الدَّوْرُ) فَلَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ (وَيَنْفُذُ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ) مِنْ ذَلِكَ (عَلَى الْمُخْتَارِ) مِنْ بُطْلَانِ الدَّوْرِ (فَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ (بِمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِهِ كَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ أَوْ عِتْقِهَا أَوْ اسْتِحْقَاقِ) أَيْ أَوْ عَلَّقَ بِاسْتِحْقَاقِ (حَقٍّ لَهَا كَالنَّفَقَةِ) وَالْقَسْمِ وَالْفَسْخِ بِعَيْبِهِ أَوْ عِتْقِهَا وَطَلَبِ الطَّلَاقِ فِي الْإِيلَاءِ (فَاسْتَحَقَّتْهُ   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ السَّادِسُ فِي مَسَائِلِ الدَّوْرِ] مَبْحَثٌ الطَّرَفُ السَّادِسُ) . (قَوْلُهُ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ مَتَى طَلَّقْتُك إلَخْ) قَالَ مَتَى وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى زَوْجَتِي بِتَعْلِيقٍ أَوْ تَنْجِيزٍ فَطَلَاقُهَا مَوْقُوفٌ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلُقَتْ وَالتَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ لَاغٍ غ إذْ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ يَسْتَحِيلُ تَعْلِيقُهُ (قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ) أَيْ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ) فَلَزِمَ مِنْ وُقُوعِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ فَلَمْ يَقَعْ وَهَذَا كَمَا لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِصَدَاقِهَا الَّذِي ضَمِنَهُ السَّيِّدُ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَلَكَتْهُ فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَيَسْقُطُ الصَّدَاقُ قُبَيْلَ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ عُظَمَاءَ عُلَمَاءِ مَشَايِخِي وَهُمْ الَّذِينَ انْتَهَتْ إلَيْهِمْ رِيَاسَةُ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ وَقَدْ جَمَعْت فِيهِ جُزْءًا كَبِيرًا اسْتَوْعَبْتُ فِيهِ الْأَجْوِبَةَ عَنْ شُبْهَةِ مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَنَبَّهْت فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْوُقُوعِ بَعْدَ سِتِّمِائَةٍ إلَّا عَنْ السُّبْكِيّ ثُمَّ رَجَعَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وَإِلَّا الْإِسْنَوِيُّ وَعُمْدَتُهُ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ فَنَقَضَتْهُ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ يَقُولُونَ بِالْوُقُوعِ وَأَوْضَحْت ذَلِكَ غَايَةَ الْإِيضَاحِ وَنَقَلْت فِيهِ قَوْلَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فِي قَوْلِهِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ وَبَيَّنْت أَنَّ الَّذِي نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ إنَّمَا هُوَ الدَّوْرُ الشَّرْعِيُّ وَلَمْ يُعَرِّجْ قَطُّ عَلَى هَذَا الدَّوْرِ الْجُعْلِيِّ. (قَوْلُهُ وَوُقُوعُ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَالْمُنَجَّزُ أَوْلَى إلَخْ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا عَكَسَ التَّعْلِيقَ فَقَالَ كُلَّمَا تَلَفَّظْت بِطَلَاقِك فَلَمْ يَقَعْ عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَإِذَا طَلَّقَهَا انْحَلَّ الدَّوْرُ قَالَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْقَبْلِيَّ قَدْ صَارَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُعَلَّقًا عَلَى النَّقِيضِينَ وَهُمَا الْوُقُوعُ وَعَدَمُ الْوُقُوعِ وَكُلَّمَا كَانَ لَازِمًا لِلنَّقِيضَيْنِ فَهُوَ وَاقِعٌ ضَرُورَةً لِاسْتِحَالَةِ وُقُوعِ خُلُوِّ الْوَاقِعِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَقَدْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ فِي تَعْلِيقِهِ فَقَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ وُقُوعُ الْقَبْلِيِّ وَكَيْفَ يَكُونُ مُقْتَضَاهُ وَوُقُوعُهُ مُسْتَحِيلًا؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ امْتِنَاعَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ، وَأَمَّا التَّعْلِيقُ الثَّانِي فَهُوَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْقَبْلِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ لَكِنَّ وُقُوعَ الْقَبْلِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ مُسْتَحِيلٌ لِلدَّوْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بِالتَّعْلِيقِ الثَّانِي لَوَقَعَ قَبْلَهُ الثَّلَاثُ وَجَاءَ الدَّوْرُ وَاعْتَرَضَ أَيْضًا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِمَا أَحْدَثَهُ مِنْ التَّعْلِيقِ لَزِمَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثَ قَبْلَهُ فَالتَّعْلِيقُ الْأَوَّلُ مَتَى وَقَعَ لَمْ يَقَعْ بِالتَّعْلِيقِ الثَّانِي شَيْءٌ فَالدَّوْرُ مُسْتَمِرٌّ بِحَالِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 أَوْ فَسَخَتْ) بِمَا ذُكِرَ (نَفَذَ الْفَسْخُ وَثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ) وَلَا دَوْرَ وَإِنْ أَثْبَتْنَاهُ فِيمَا مَرَّ لِأَنَّ هَذِهِ فَسَوْخٌ وَحُقُوقٌ تَثْبُتُ عَلَيْهِ قَهْرًا وَلَا تَتَعَلَّقُ بِمُبَاشَرَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ فَلَا يَصْلُحُ تَصَرُّفُهُ رَافِعًا لَهَا وَمُبْطِلًا لِحَقِّ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ عَلَّقَ بِانْفِسَاخِ نِكَاحِهَا ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ اشْتَرَاهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ. [فَرْعٌ قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ وَوَطِئَهَا لَمْ تَطْلُقْ لِلدَّوْرِ لِأَنَّهُ إذَا) الْأُولَى لَوْ (وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَكُنْ الْوَطْءُ مُبَاحًا) وَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا يُقَيَّدُ هُنَا بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ لِأَنَّ الدَّوْرَ يَحْصُلُ بِالْوَاحِدَةِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ. (أَوْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إنْ طَلَّقْتُك طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهَا طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا) طَلْقَةً (رَجْعِيَّةً فَدَوْرٌ فَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَلَا تَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ (وَإِنْ اخْتَلَعَهَا) أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا (وَقَعَ الْمُنَجَّزُ) دُونَ الْمُعَلَّقِ (وَلَا دَوْرَ لِأَنَّ الصِّفَةَ) وَهِيَ الطَّلْقَةُ الرَّجْعِيَّةُ (لَمْ تُوجَدْ وَإِنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك) طَلَاقًا (رَجْعِيًّا فَأَنْت طَالِقٌ مَعَهُ ثَلَاثًا) فَطَلَّقَهَا (فَدَوْرٌ وَيَقَعُ) الْأُولَى فَيَقَعُ (مَا نَجَّزَ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ طَلَّقْتُك رَجْعِيًّا فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَيَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَا دَوْرَ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً كَانَتْ رَجْعِيَّةً ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الطَّلْقَتَانِ. [فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَتَى دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ زَوْجَتِي فَعَبْدِي حُرٌّ] (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (مَتَى دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْت زَوْجَتِي فَعَبْدِي حُرٌّ قَبْلَهُ وَمَتَى دَخَلَهَا وَهُوَ عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَدَخَلَا مَعًا فَدَوْرٌ) فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَلَا تَطْلُقُ الزَّوْجَةُ لِأَنَّهُمَا لَوْ حَصَلَا لَحَصَلَا مَعًا قَبْلَ دُخُولِهِمَا وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ عَبْدَهُ وَقْتَ الدُّخُولِ وَلَا الْمَرْأَةُ زَوْجَتَهُ وَقْتَئِذٍ فَلَا تَكُونُ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا حَاصِلَةً وَلَا يَأْتِي فِي هَذِهِ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ الدَّوْرِ إذْ لَيْسَ فِيهَا سَدُّ بَابِ التَّصَرُّفِ (وَإِنْ تَرَتَّبَا) دُخُولًا (وَقَعَ) الْمُعَلَّقُ عَلَى (الْمَسْبُوقِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ السَّابِقِ فَلَوْ دَخَلَتْ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا ثُمَّ الْعَبْدُ عَتَقَ وَلَمْ تَطْلُقْ هِيَ لِأَنَّهُ حِينَ دَخَلَ لَمْ يَكُنْ عَبْدًا لَهُ فَلَمْ تَحْصُلْ صِفَةُ طَلَاقِهَا وَلَوْ دَخَلَ الْعَبْدُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمَرْأَةُ طَلُقَتْ وَلَمْ يَعْتِقْ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) فِي تَعْلِيقِهِ الْمَذْكُورِ لَفْظَ (قَبْلَهُ) فِي الطَّرَفَيْنِ (وَدَخَلَا مَعًا عَتَقَ وَطَلُقَتْ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الدُّخُولِ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ (وَإِنْ تَرَتَّبَا) دُخُولًا (فَكَمَا سَبَقَ) آنِفًا فِي نَظِيرَتِهَا. [فَرْعٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَتَى أُعْتِقَتْ أَنْتِ أَمَتِي وَأَنْتِ زَوْجَتِي] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (مَتَى أُعْتِقَتْ) أَنْت (أَمَتِي وَأَنْت زَوْجَتِي فَهِيَ حُرَّةٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا مَتَى أَعْتَقْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَ إعْتَاقِك إيَّاهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ أَعْتَقَتْهَا الْمَرْأَةُ قَبْلَ ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (عَتَقَتْ) لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ (وَلَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا لَوْ طَلُقَتْ لَطَلُقَتْ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الطَّلَاقُ مُتَقَدِّمًا عَلَى اللَّفْظِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ وَإِنَّمَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ تَلَفُّظُ الزَّوْجَةِ بِإِعْتَاقِهَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فِي إعْتَاقِهَا (أَوْ) أَعْتَقَهَا (بَعْدَهَا) أَيْ الثَّلَاثِ (لَمْ يَقَعَا) أَيْ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْإِعْتَاقِ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لَهُ فَلَا تَعْتِقُ الْأَمَةُ لِأَنَّهَا لَوْ عَتَقَتْ لَطَلُقَتْ الزَّوْجَةُ قَبْلَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً لَهُ وَإِذَا لَمْ تَعْتِقْ لَمْ تَطْلُقْ أَيْضًا لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِعِتْقِهَا. [الطَّرَفُ السَّابِعُ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ] (الطَّرَفُ السَّابِعُ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ) وَنَحْوِهِ (فَمِنْهَا الْحَلِفُ وَهُوَ مَا اقْتَضَى مَنْعًا) مِنْ الْفِعْلِ (أَوْ حَثًّا) عَلَيْهِ (أَوْ تَحْقِيقَ خَبَرٍ وَجَلْبَ تَصْدِيقٍ) لِلْحَالِفِ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ فَرْعُ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَنْعُ وَالْحَثُّ لِنَفْسِهِ أَمْ لِزَوْجَتِهِ أَمْ لِغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ وَجَلْبُ تَصْدِيقٍ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (فَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (إذَا) أَوْ إنْ (حَلَفْت أَوْ أَقْسَمْت أَوْ عَقَدْت يَمِينِي) بِطَلَاقِك (فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَدْخُلِي) الدَّارَ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت أَوْ نَحْوَهَا (فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) طَلْقَةً (لِلْحَلِفِ) بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ إذْ الْأَوَّلُ مِثَالٌ لِلْمَنْعِ لَهَا مِنْ الدُّخُولِ وَالثَّانِي مِثَالٌ لِلْحَثِّ لَهَا عَلَيْهِ وَالثَّالِثُ مِثَالٌ لِتَحْقِيقِ الْخَبَرِ (وَ) تَطْلُقُ (بِوُجُودِ الصِّفَةِ الْأُخْرَى) مِنْ الدُّخُولِ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ عَدَمِ كَوْنِ الْأَمْرِ كَمَا قَالَهُ أَوْ نَحْوَهَا إنْ وُجِدَتْ (فِي الْعِدَّةِ) طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ رَجْعِيًّا (لَا إنْ قَالَ) بَعْدَ تَعْلِيقِهِ بِالْحَلِفِ (إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ) إنْ (حِضْت وَنَحْوَهُ) كَإِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إنْ طَهُرْت أَوْ إنْ نَفِسَتْ فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ (لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَلِفٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْعٍ وَلَا حَثٍّ وَلَا تَحْقِيقِ خَبَرٍ بَلْ مَحْضُ تَعْلِيقٍ وَكَمَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا يَقْدُمُ الْحَاجُّ وَلَا يَدْخُلُ الشَّهْرُ وَلَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ وَلَا يَجِيءُ الْمَطَرُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ لَكِنْ   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 الرَّافِعِيُّ جَعَلَهُ فِي الْأَيْمَانِ يَمِينًا وَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِالصِّفَةِ إنْ وُجِدَتْ (إلَّا إنْ ادَّعَى) الزَّوْجُ (الطُّلُوعَ) لِلشَّمْسِ مَثَلًا (فَكَذَّبَتْهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تَطْلُعْ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ حَلِفٌ) لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ تَحْقِيقَ الْخَبَرِ وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا بِالطُّلُوعِ بَلْ بِتَبَيُّنِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ. (فَإِنْ قَالَ إنْ أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَصَدَ مَنْعَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يَمْتَنِعُ) أَوْ مِمَّنْ يُبَالِي (بِحَلِفِهِ فَحَلَفَ وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّأْقِيتَ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مِمَّنْ لَا يَمْتَنِعُ بِحَلِفِهِ كَالسُّلْطَانِ أَوْ الْحَجِيجِ (فَتَعْلِيقٌ) مَحْضٌ لَا حَلِفٌ وَفِي مَعْنَى الْقُدُومِ الدُّخُولُ وَالْخُرُوجُ وَنَحْوُهُمَا. [فَرْعٌ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إذَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إذَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ) أَيْ أَتَى بِهِ مُكَرَّرًا (ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ فَرَّقَهَا) أَيْ مَرَّاتِ الْحَلِفِ (قَدْرًا يَسَعُ الْحَلِفَ بِهِ) أَيْ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ وَصَلَهَا (وَقَعَ بِالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ إنْ سَكَتَ بَعْدَهَا) عَنْ الْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ بِإِنْ (لِاقْتِضَاءِ إذَا لَمْ الْفَوْرِ) دُونَ إنْ لَمْ وَلَا يَقَعُ بِالْأُولَى وَلَا بِالثَّانِيَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ حَلَفَ بَعْدَهُمَا بِطَلَاقِهَا وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا إلَى قَصْدِ التَّأْكِيدِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ الثَّانِيَ مَثَلًا لَا يَصْلُحُ لِلتَّأْكِيدِ إذْ شَرْطُهُ عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْأَوَّلِ وَهُنَا يُؤَثِّرُ فِيهِ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لَهُ تَنْحَلُّ بِهَا بِخِلَافِهِ فِيمَا لَوْ كَرَّرَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَيُقَاسُ بِالثَّلَاثِ مَا فَوْقَهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ لِمَدْخُولٍ بِهَا غَيْرُهَا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ أَكَرَّرَ أَمْ لَا (وَتَقَعُ الثَّلَاثُ فِي قَوْلِهِ لِمَوْطُوءَةٍ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك) فَأَنْت طَالِقٌ (بِتَكْرِيرِهِ) لَهُ (أَرْبَعًا) لِأَنَّ مَا كَرَّرَهُ حَلِفٌ فَيَقَعُ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ طَلْقَةً لِأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ الْأُولَى وَيَقَعُ بِالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَتَنْحَلُّ وَيَقَعُ بِالرَّابِعَةِ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّالِثَةِ وَتَنْحَلُّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَرَّرَ التَّعْلِيقَ بِالدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِالدُّخُولِ إلَّا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ فِي صُورَةِ الْحَلِفِ تَنْحَلُّ كُلُّ يَمِينٍ بِالْيَمِينِ الَّتِي بَعْدَهَا وَالتَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ لَا يَنْحَلُّ الدُّخُولُ الَّذِي بَعْدَهُ فَلَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ وَخَرَجَ بِالْمَوْطُوءَةِ غَيْرُهَا فَيَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ فَقَطْ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ (وَ) يَقَعُ الثَّلَاثُ (فِي قَوْلِهِ كُلَّمَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِك) فَأَنْت طَالِقٌ (بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ) كُلٌّ مِنْهَا يَسَعُ الْحَلِفَ بِهِ لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ. (وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ إذَا كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ أَرْبَعًا وَقَعَ بِالثَّانِيَةِ) طَلْقَةٌ (وَهِيَ يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ وَتَنْحَلُّ بِالثَّالِثَةِ) لِأَنَّ التَّعْلِيقَ هُنَا بِالْكَلَامِ وَالْكَلَامُ قَدْ يَكُونُ فِي الْبَيْنُونَةِ وَفِيمَا مَرَّ التَّعْلِيقُ بِالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي حَالَةِ الْبَيْنُونَةِ وَقَوْلُهُ وَهِيَ يَمِينٌ إلَى آخِرِهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ إنَّمَا تَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَوْدِ الْحِنْثِ وَذَلِكَ إنَّمَا يُنَاسِبُ الْأَصْلَ. [فَرْعٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ دَخَل بِإِحْدَاهُمَا إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ وَكَرَّرَهُ مِرَارًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِمَا إلَّا طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ) بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ (لِأَنَّ تِلْكَ) أَيْ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا (بَانَتْ) بِهَا وَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِالثَّالِثَةِ لِأَنَّ شَرْطَ الطَّلَاقِ الْحَلِفُ بِهِمَا وَلَا يَصِحُّ الْحَلِفُ بِالْبَائِنِ كَمَا قَالَ (فَيَلْغُو الْحَلِفُ بِهِ) أَيْ بِطَلَاقِهَا (فَإِنْ نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا) وَحْدَهَا (وَتِلْكَ) أَيْ الْمَدْخُولُ بِهَا (فِي الْعِدَّةِ) أَوْ رَاجَعَهَا (طَلُقَتْ) لِحُصُولِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا إذْ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا مَعًا (لَا الْمَنْكُوحَةِ) فَلَا تَطْلُقُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَتَجْدِيدِ النِّكَاحِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا مَا لَوْ دَخَلَ بِهِمَا فَتَطْلُقَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ وَمَا لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَتَطْلُقَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً وَتَبِينَانِ (وَإِنْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ فَلَا طَلَاقَ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِ إحْدَاهُمَا وَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا) بِمُوجِبِ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ (وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ) أَوْ التَّعْيِينُ لِلْمُطَلَّقَةِ (وَكَذَا لَوْ قَالَ) إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا (فَعَمْرَةُ) مِنْكُمَا (طَالِقٌ عِوَضُ إحْدَاكُمَا) وَكَرَّرَهُ (لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِطَلَاقِهِمَا وَإِنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَحْدَهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ (فَلَوْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ وَأَعَادَهُ) مَرَّةً (ثَانِيَةً طَلُقَتَا مَعًا) لِأَنَّ طَلَاقَهُمَا هُنَا مُعَلَّقٌ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِ إحْدَاهُمَا. [فَرْعٌ قَالَ لِنِسْوَتِهِ أَيُّمَا امْرَأَةٍ لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِهَا مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِنِسْوَتِهِ (أَيُّمَا امْرَأَةٍ لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِهَا) مِنْكُنَّ (فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْنَ بِإِمْكَانِ الْحَلِفِ بَلْ بِالْيَأْسِ مِنْهُ) بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَوْتِهِنَّ أَوْ بِجُنُونِهِ الْمُتَّصِلِ بِمَوْتِهِ إذْ لَيْسَ فِي عِبَارَتِهِ تَعَرُّضٌ لِلْوَقْتِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَتَى أَوْ أَيُّ وَقْتٍ لَمْ أَحْلِفْ وَقِيلَ إذَا سَكَتَ سَاعَةً يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ فِيهَا   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 بِطَلَاقِهِنَّ طَلُقْنَ فَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ بَعْدَ هَذَا عَقِبَ الْكَلَامِ عَلَى النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا فَالْأُخْرَيَاتُ طَوَالِقُ. [فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ] (فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ وَبِأَكْلِ نِصْفِهَا فَأَكَلَتْهَا فَطَلْقَتَيْنِ) تَطْلُقُ لِحُصُولِ الصِّفَتَيْنِ (وَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا) وَلَوْ فِي النِّصْفِ فَقَطْ (فَثَلَاثًا) تَطْلُقُ لِأَنَّهَا أَكَلَتْ رُمَّانَةً وَأَكَلَتْ نِصْفَ رُمَّانَةٍ مَرَّتَيْنِ. [فَرْعٌ تَعْلِيق الطَّلَاق بِالْبِشَارَةِ يَخْتَصُّ عُرْفًا بِالْخَبَرِ] (فَرْعٌ الْبِشَارَةُ تَخْتَصُّ عُرْفًا بِالْخَبَرِ) الْأَوَّلُ (السَّارُّ الصِّدْقُ قَبْلَ الشُّعُورِ) بِهِ وَذِكْرُ السَّارِّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِهِ إذَا أُطْلِقَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِخَبَرٍ أَوْ أَمْرٍ عَنْ زَيْدٍ فَلَوْ قَيَّدَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَهِيَ طَالِقٌ اكْتَفَى بِصِدْقِ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ كَارِهًا لَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَالْخَبَرُ يَعُمُّ) السَّارَّ وَالصِّدْقَ وَغَيْرَهُمَا (فَلَوْ قَالَ مَنْ بَشَّرَتْنِي مِنْكُنَّ بِكَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَبَشَّرَتَاهُ مَعًا طَلُقَتَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْكُمَا هَذَا الرَّغِيفَ فَهِيَ طَالِقٌ فَأَكَلَتَاهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَصْلًا إذْ لَمْ تَأْكُلْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَالْبِشَارَةُ لَفْظٌ عَامٌّ لَا يَنْحَصِرُ فِي وَاحِدَةٍ فَيَصْدُقُ اسْمُهَا بِبِشَارَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَطَلُقَتَا (أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأُولَى) تَطْلُقُ (أَوْ كَذَبَتَاهُ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ كَذَبَتَا عَلَيْهِ (أَوْ) بَشَّرَتَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا (بَعْدَ مَا عَلِمَ بِهِ فَلَا طَلَاقَ فَإِنْ كَذَّبَتْ الْأُولَى وَصَدَّقَتْ الثَّانِيَةُ طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ) فَقَطْ (فَإِنْ قَالَ مَنْ أَخْبَرَتْنِي) مِنْكُمَا بِكَذَا (فَأَخْبَرَتَاهُ) وَلَوْ (كَذِبًا أَوْ بَعْدَ الْعِلْمِ) أَيْ عِلْمِهِ (بِالْخَبَرِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا طَلُقَتَا) لِأَنَّ الْخَبَرَ يَقَعُ عَلَى الصِّدْقِ وَالْأَوَّلِ وَغَيْرِهِمَا (وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ بِقُدُومٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَحْصُلَانِ) أَيْ الْبِشَارَةُ وَالْخَبَرُ (بِالْمُكَاتَبَةِ) كَمَا يَحْصُلَانِ بِاللَّفْظِ (لَا الرَّسُولِ) لِأَنَّهُ الْمُبَشِّرُ وَالْمُخْبِرُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ فُلَانَةُ تُبَشِّرُك بِكَذَا أَوْ أَرْسَلَتْنِي لِأُخْبِرَك بِكَذَا فَإِنْ قَالَهُ فَهِيَ الْمُبَشِّرَةُ وَالْمُخْبِرَةُ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ مِنْ الْعِتْقِ فِي التَّدْبِيرِ وَذِكْرِ حُصُولِ الْخَبَرِ وَعَدَمِ حُصُولِهِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَصْلٌ لَوْ نَادَى عَمْرَةَ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَطَلَّقَهَا يَظُنُّهَا عَمْرَةَ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ (لَا عَمْرَةُ) لِأَنَّهَا لَمْ تُخَاطَبْ بِالطَّلَاقِ وَظَنُّ خِطَابِهَا بِهِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَهُ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْ نِسَاؤُهُ أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا دُونَ الْمَظْنُونَةِ (فَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا) أَيْ الْمُجِيبَةَ (حَفْصَةُ وَقَصَدْتهَا) بِالطَّلَاقِ (طَلُقَتْ وَحْدَهَا) لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (أَوْ) قَالَ (قَصَدْت عَمْرَةَ) وَحْدَهَا (حُكِمَ بِطَلَاقِهَا) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ نَادَاهَا وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ خَاطَبَهَا وَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا وَفِي نُسْخَةٍ بِطَلَاقِهِمَا وَهُوَ صَحِيحٌ (وَدُيِّنَ فِي حَفْصَةَ) وَوَقَعَ طَلَاقُهَا ظَاهِرًا لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِهِ عَنْهَا ظَاهِرًا. [فَصْلٌ عَلَّقَ الْمُدَبَّرُ طَلْقَتَيْنِ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ] (فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ الْمُدَبَّرُ طَلْقَتَيْنِ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ بِوُجُودِ صِفَةٍ عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَيْهَا) كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت حُرٌّ (فَمَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَخَرَجَ) الْمُدَبَّرُ (مِنْ الثُّلُثِ) أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ (أَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا عِتْقُ الْعَبْدِ (بَقِيَ لَهُ طَلْقَةٌ) فَلَهُ مُرَاجَعَةُ زَوْجَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ وَقَعَا مَعًا فَلَمْ يَكُنْ رَقِيقًا حَالَ الطَّلَاقِ حَتَّى يَفْتَقِرَ إلَى مُحَلِّلٍ وَالْعِتْقُ كَمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ الطَّلَاقَ لَمْ يَتَأَخَّرْ فَإِذَا وَقَعَا مَعًا غَلَبَ جَانِبُ الْحُرِّيَّةِ كَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأُمِّ وَلَدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ لِأَنَّ بَعْضَهُ رَقِيقٌ (لَا إنْ عَلَّقَهُمَا) أَيْ الطَّلْقَتَيْنِ (بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ السَّيِّدِ) مَعَ تَعْلِيقِ السَّيِّدِ عِتْقَهُ بِمَوْتِهِ فَلَا يَبْقَى لَهُ طَلْقَةٌ بَلْ تَبِينُ مِنْهُ وَتَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ (لِتَقَدُّمِ الطَّلَاقِ) عَلَى الْعِتْقِ (وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِالْغَدِ إنْ عَتَقْت فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَجَاءَ الْغَدُ عَتَقَ وَبَقِيَ لَهُ طَلْقَةٌ لِتَقَدُّمِ الْعِتْقِ) عَلَى الطَّلَاقِ. [فَرْعٌ عَلَّقَ زَوْجُ الْأَمَةِ طَلَاقَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا] (فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ زَوْجُ الْأَمَةِ طَلَاقَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَهُوَ وَارِثُهُ فَمَاتَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً أَوْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ (دَيْنٌ) لِأَنَّهَا بِمَوْتِهِ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَلَا يُصَادِفُ الطَّلَاقُ مَحِلًّا كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِمَوْتِ نَفْسِهِ أَوْ بِمَوْتِهَا وَلِأَنَّ مَوْتَهُ يَقْتَضِي   [حاشية الرملي الكبير] فَصْلٌ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ (قَوْلُهُ اكْتَفَى بِصِدْقِ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ كَارِهًا لَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَالْبِشَارَةُ لَفْظٌ عَامٌّ لَا يَنْحَصِرُ فِي وَاحِدَةٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مَنْ الشَّرْطِيَّةُ تُفِيدُ الْعُمُومَ وَلِأَنَّ بِشَارَةَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتُفِيدُ الْعُمُومَ إذْ التَّقْدِيرُ مَنْ بَشَّرَنِي بِشَارَةً قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَاهُ مِنْ الْحُكْمِ بِالْوُقُوعِ مُشْكِلٌ لَا يُوَافِقُ الْقَوَاعِدَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مُخْتَصَّةٌ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ قَيْدِ الْأَوَّلِيَّةِ، وَالْمَعِيَّةُ لَيْسَ فِيهَا أَوَّلِيَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرٌ فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا مَعًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِيَّةِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْبِشَارَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْأَوَّلِيَّةِ وَالْأَوَّلِيَّةُ مُنْتَفِيَةٌ فِي الْمَعِيَّةِ فَحَصَلَ أَنَّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا لَا مُعَوَّلَ عَلَيْهِ وَقَدْ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ مَنْ تَقْتَضِي التَّبْعِيضَ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِلَادَةِ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَوَّلِيَّةِ فِي الْبِشَارَةِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ هُنَاكَ بِالْأَوَّلِيَّةِ وَلَيْسَ نَظِيرَ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا نَظِيرُهَا أَنْ يَقُولَ أَوَّلُ مَنْ تُبَشِّرُنِي فَهِيَ طَالِقٌ وَقَوْلُهُ إنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ فَسَّرَ الْبِشَارَةَ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ كَمَا يَقَعُ مِنْ وَاحِدٍ يَقَعُ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَالْمُخْبِرِ الْأَوَّلِ فَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ الْمُخْبِرِ وَالْمُخْبِرُ الْأَوَّلُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاتِّحَادُ وَالتَّعْلِيقُ إنَّمَا هُوَ عَلَى حُصُولِ الْخَبَرِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَهُ فَهِيَ الْمُبَشِّرَةُ وَالْمُخْبِرَةُ كَمَا سَيَأْتِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 الِانْفِسَاخَ وَالطَّلَاقُ وَاجْتِمَاعُهُمَا مُمْتَنِعٌ فَيَقَعُ الْأَقْوَى وَهُوَ الِانْفِسَاخُ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ قَهْرًا وَالطَّلَاقُ يَتَعَلَّقُ وُقُوعُهُ بِالِاخْتِيَارِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ وَنَوَى عِتْقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ وَخَرَجَ بِالْوَارِثِ غَيْرُهُ كَأَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ فَتَطْلُقُ حِينَئِذٍ (فَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً) وَالزَّوْجُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا (طَلُقَتْ إنْ عَتَقَتْ بِالتَّدْبِيرِ) الْأَوْلَى بِمَوْتِ سَيِّدِهَا (وَلَوْ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ) لِلْعِتْقِ كَمَا تَعْتِقُ بِهِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ إذْ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِعَدَمِ دُخُولِهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي مِلْكِ الْوَارِثِ حِينَئِذٍ. [فَرْعٌ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ بِشِرَائِهَا] (فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ طَلَاقَهَا) أَيْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ (بِشِرَائِهَا وَعَلَّقَ السَّيِّدُ عِتْقَهَا بِبَيْعِهَا وَاشْتَرَاهَا) مِنْهُ زَوْجُهَا (عَتَقَتْ فِي الْحَالِ عَلَى السَّيِّدِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَقُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَمْ الْمُشْتَرِي أَمْ مَوْقُوفٌ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ فَالْأَمَةُ مِلْكٌ لَهُ وَقَدْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ وَإِعْتَاقُهُ فَسْخٌ فَتَعُودُ الْأَمَةُ بِالْإِعْتَاقِ إلَى مِلْكِهِ (وَطَلُقَتْ) إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الْمُشْتَرِي وَقَدْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ (لَا إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي) فَلَا تَطْلُقُ لِمُصَادَفَةِ حَالِ حُصُولِ الْمِلْكِ وُقُوعَ الِانْفِسَاخِ (كَمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمِلْكِهَا) بِأَنْ قَالَ مَعَ تَعْلِيقِ السَّيِّدِ عِتْقَهَا عَلَى بَيْعِهَا إنْ مَلَكْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَمَلَكَهَا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ فِي الْحَالِ وَلَا تَطْلُقُ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَطَلَّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (طَلُقَتْ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ) فِيهِ (لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ وَفُسِخَ) الْعَقْدُ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَمْلِكْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفٌ وَلَمْ يُفْسَخْ الْعَقْدُ (فَلَا) تَطْلُقُ لِانْفِسَاخٍ كَمَا مَرَّ (وَإِذَا طَلَّقَهَا) حِينَئِذٍ (دُونَ ثَلَاثٍ) رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا (فَلَهُ وَطْؤُهَا) بِمِلْكِ الْيَمِينِ (فِي عِدَّتِهِ) وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى انْقِضَائِهَا كَمَا لَهُ نِكَاحُ مُخْتَلِعَتِهِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ. (فَصْلٌ لَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ أَوْ) لِأَمَتِهِ أَنْت (حُرَّةٌ يَوْمَ يَقْدُمُ زَيْدٌ فَمَاتَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (أَوْ بَاعَهَا) أَيْ الْأَمَةُ (ضَحْوَةً وَقَدِمَ ظُهْرًا تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ مِنْ الْفَجْرِ لَا عَقِيبَ الْقُدُومِ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ مُضَافٌ إلَى يَوْمِ الْقُدُومِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا وَقَدْ حَصَلَ الْوَصْفُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ فَمَاتَتْ أَوْ بَاعَهَا ضَحْوَةً مِثَالٌ فَلَوْ لَمْ يَقَعْ مَوْتٌ وَلَا بَيْعٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (فَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا لَغَا) أَيْ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تَعْتِقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْوَصْفِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْوَقْتَ) فَتَطْلُقُ أَوْ تَعْتِقُ لِأَنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16] فَإِنَّهُ أَرَادَ وَقْتَ الْقِتَالِ. [فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا بِثَلَاثِ أَصَابِعَ] (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا بِثَلَاثِ أَصَابِعَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا كَمَا تَطْلُقُ فِي أُصْبُعٍ طَلْقَةً وَفِي أُصْبُعَيْنِ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِي الْعَدَدِ وَفِي الْحَدِيثِ «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ وَعَقَدَ بِإِبْهَامِهِ فِي الثَّالِثَةِ وَأَرَادَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ مَعَ الْإِشَارَةِ يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ بِالْعَدَدِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً لِذَلِكَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ وَأَقَرَّهُ (فَإِنْ أَرَادَ) بِالْإِشَارَةِ فِي صُورَةِ الثَّلَاثِ (الْمَقْبُوضِينَ لَا إحْدَاهُمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فَلَا يَقَعُ أَكْثَرُ مِنْ طَلْقَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي إرَادَةِ إحْدَاهُمَا لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مَعَ اللَّفْظِ صَرِيحَةٌ فِي الْعَدَدِ كَمَا مَرَّ فَلَا يُقْبَلُ خِلَافُهَا (فَإِنْ أَشَارَ) مَعَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (وَلَمْ يَقُلْ هَكَذَا لَغَتْ الْإِشَارَةُ وَلَمْ يَتَعَدَّدْ) أَيْ الطَّلَاقُ فِي ذَلِكَ (إلَّا بِالنِّيَّةِ وَقَوْلُ الْمُشِيرِ بِثَلَاثٍ أَنْتِ هَكَذَا لَغْوٌ) أَيْ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ (وَلَوْ نَوَى الطَّلَاقَ) لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُشْعِرُ بِهِ وَالنِّيَّةَ لَا تُؤَثِّرُ بِغَيْرِ لَفْظٍ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِهَا الْأُصْبُعَ دُونَ الزَّوْجَةِ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَلَمْ يُدَيَّنْ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ الثَّلَاثَ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ بِإِحْدَاهُمَا) أَيْ الصِّفَتَيْنِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِإِحْدَاهُمَا (إنْ قَدِمَ) أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى الشَّرْطِ (وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ) فِيهِمَا فَلَا يَقَعُ بِالصِّفَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ (فَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (وَإِنْ كَلَّمْت) زَيْدًا بِتَقْدِيمِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ تَأْخِيرِهِ (وَقَعَ بِكُلِّ صِفَةٍ طَلْقَةٌ وَ) لَوْ قَالَ (إنْ دَخَلْت وَكَلَّمْت) بِتَقْدِيمِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ تَأْخِيرِهِ (اُشْتُرِطَا) أَيْ الْوَصْفَانِ أَيْ وُجُودُهُمَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ نَادَى عَمْرَةَ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَطَلَّقَهَا يَظُنُّهَا عَمْرَةَ] قَوْلُهُ أَوْ مَوْقُوفٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. [فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدُمُ زَيْدٌ] (فَصْلٌ قَالَ أَنْت طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا) . (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 (لِوُقُوعِ طَلْقَةٍ فَإِنْ عَطَفَ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ) كَإِنْ دَخَلْت فَكَلَّمْت أَوْ ثُمَّ كَلَّمْت (اُشْتُرِطَ تَرْتِيبُهُمَا) بِأَنْ تَقَدَّمَ فِي الْمِثَالِ الدُّخُولُ عَلَى الْكَلَامِ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ فِي الْفَاءِ اتِّصَالُ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي التَّدْبِيرِ وَقِيَاسُهُ اشْتِرَاطُ انْفِصَالِهِ عَنْهُ فِي ثُمَّ فِي ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ تَرْتِيبُهُمَا (فِي) قَوْلِهِ (إنْ دَخَلْت إنْ كَلَّمْت لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلْأَوَّلِ فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلتَّعْلِيقِ وَهُوَ يَقْبَلُهُ كَمَا أَنَّ التَّنْجِيزَ يَقْبَلُهُ وَيُسَمَّى اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي} [هود: 34] الْآيَةَ أَيْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ فَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إنْ أَرَدْت أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ (فَإِنْ عُكِسَتْ) بِأَنْ دَخَلَتْ ثُمَّ كَلَّمَتْ أَوْ وُجِدَا مَعًا (لَمْ تَطْلُقْ وَانْحَلَّتْ) أَيْ الْيَمِينُ فَلَوْ كَلَّمَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَرَّةِ الْأُولَى كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ دُخُولٌ سَبَقَهُ كَلَامٌ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا بَعْضُهُ وَهُوَ الْكَلَامُ فَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ حَنِثَ وَالتَّعْلِيقُ بِإِنْ فِي الشَّرْطَيْنِ مِثَالٌ فَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ مِثْلُهَا (وَلَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتُك إنْ وَعَدْتُك إنْ سَأَلْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ اُشْتُرِطَ سُؤَالُهَا ثُمَّ وَعْدُهُ ثُمَّ إعْطَاؤُهُ) وَالْمَعْنَى إنْ سَأَلْتنِي فَوَعَدْتُك فَأَعْطَيْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بَعْدَ كَلَامِهِ عَلَى تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا فِي حَقِّ الْعَارِفِ فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت وَأَرَادَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْكَلَامِ أَوْ عَكْسَهُ قُبِلَ) مِنْهُ (مَا أَرَادَ) وَإِلَّا اُشْتُرِطَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ (أَوْ) قَالَ (إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا وَعَمْرٌو مَعَ بَكْرٍ) فَأَنْت طَالِقٌ (اشْتَرَطَ تَكْلِيمَهُمَا وَكَوْنُ عَمْرٍو مَعَ بَكْرٍ حَالَ كَلَامِهِ) كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا وَهُوَ رَاكِبٌ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ مَنْ لُغَتُهُ بِهَا) أَيْ بِلَا (مِثْلُ إنْ) كَالْبَغْدَادِيِّينَ (طَلُقَتْ بِالدُّخُولِ) وَفَاعِلُ قَالَ مَنْ أَمَّا مَنْ لَيْسَتْ لُغَتُهُ كَذَلِكَ فَتَطْلُقُ زَوْجَتُهُ حَالًا. [فَرْعٌ قَالَ أَرْبَعُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَرْبَعُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ) أَوْ إلَّا وَاحِدَةً (طَلُقْنَ) جَمِيعًا (وَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ) لِأَنَّ الْأَرْبَعَ لَيْسَتْ صِيغَةَ عُمُومٍ وَإِنَّمَا هِيَ اسْمٌ خَاصٌّ لِعَدَدٍ مَعْلُومٍ خَاصٍّ فَقَوْلُهُ إلَّا فُلَانَةَ رَفْعٌ لِلطَّلَاقِ عَنْهَا بَعْدَ التَّنْصِيصِ عَلَيْهَا فَهِيَ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَعْدَادِ فِي الْإِقْرَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُسَلَّمٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ كَأَنْ قَالَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ لَك إلَّا وَاحِدًا مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ نَظِيرَ مَا هُنَا وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِنْ صَرَّحَ بِاسْمِ الْعَدَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ (بِخِلَافِ أَرْبَعُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ) فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فِي هَذِهِ وَقَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا تَنَاقُضَ بِخِلَافِ الْأُولَى وَرَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْمُسْتَثْنَى وَتَأَخُّرِهِ وَهُوَ حَسَنٌ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَصْلُ نَقْلُ الْمَسْأَلَةَ بِطَرَفَيْهَا عَنْ الْقَاضِي وَاسْتَشْكَلَ تَعْلِيلَهَا بِمَا ذَكَرَ وَمَيْلُهُ إلَى صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مُطْلَقًا (أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا حَتَّى يَدْخُلَ عَمْرٌو الدَّارَ) أَوْ إلَى أَنْ يَدْخُلَ (اُشْتُرِطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (تَكْلِيمُ زَيْدٍ قَبْلَ دُخُولِ عَمْرٍو الدَّارَ) وَالْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا قَبْلَ دُخُولِ عَمْرٍو الدَّارَ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لَهُ شَخْصٌ (مُسْتَخِيرًا أَطَلَّقْت) زَوْجَتَك أَوْ طَلَّقْتهَا وَأَرَادَ الِاسْتِفْهَامَ (فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يُرَادِفُهَا كَجَيْرَ وَأَجَلْ (فَإِقْرَارٌ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ (وَيَقَعُ) عَلَيْهِ (ظَاهِرًا إنْ كَذَبَ) وَيُدَيَّنُ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) طَلَاقًا (مَاضِيًا وَرَاجَعْت صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِهِ وَإِنْ قَالَ أَبَنْتهَا وَجَدَّدْت النِّكَاحَ فَكَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ وَفَسَّرَ بِذَلِكَ (أَوْ قَالَ) لَهُ (ذَلِكَ مُلْتَمِسًا لِلْإِنْشَاءِ فَقَالَ نَعَمْ طَلَّقْت وَقَعَ وَكَذَا) يَقَعُ (إذَا اقْتَصَرَ عَلَى نَعَمْ) إذَا السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ فَكَأَنَّهُ قَالَ نَعَمْ طَلَّقْتهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ] قَوْلُهُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا فِي حَقِّ الْعَارِفِ فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ. اهـ. قَالَ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ لَمْ أَجِدْهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَلَكِنَّ قَوَاعِدَهُمْ تَقْتَضِيهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إلَخْ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ انْحِلَالِهَا حُصُولُ الْحِنْثِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي الْبَيْنُونَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافُ الْإِصْطَخْرِيِّ وَالْيَمِينُ مَتَى تَعَلَّقَتْ عَلَى فِعْلٍ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْوُجُودِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِنَظِيرِهِ إلَّا إذَا دَلَّتْ صِيغَةُ التَّعْلِيقِ عَلَى التَّكْرِيرِ كَكُلَّمَا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فِي الِاعْتِرَاضِ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ دُخُولٌ سَبَقَهُ كَلَامٌ مَمْنُوعٌ بَلْ دُخُولُ أَوَّلٍ يَسْبِقُهُ كَلَامٌ وَالدُّخُولُ الْأَوَّلُ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُهُ وَهُوَ تَقْدِيمُ الْكَلَامِ وَالدُّخُولُ الثَّانِي لَمْ يُعَلَّقْ بِهِ طَلَاقٌ وَهَذَا دَقِيقٌ فَتَأَمَّلْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ شَيْخَنَا أَثِيرَ الدِّينِ صَحَّحَ فِي الِارْتِشَافِ أَنَّ الْأَصَحَّ اشْتِرَاطُ تَقْدِيمِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا صَحَّحَ الْفُقَهَاءُ إلَّا أَنَّ ابْنَ مَالِكٍ صَحَّحَ أَنَّ الثَّانِيَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَهُوَ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِمَّا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيقُ بِإِنْ فِي الشَّرْطَيْنِ مِثَالٌ إلَخْ) نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّدْبِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ إذَا مِتَّ إنْ شِئْت تَأَخُّرَ الْمَشِيئَةِ عَنْ الْمَوْتِ ثُمَّ قَالَ وَلْيَجْرِ هَذَا الْخِلَافُ فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ كَقَوْلِهِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا [فَرْعٌ قَالَ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت وَأَرَادَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ لَيْسَتْ صِيغَةَ عُمُومٍ) قَالَ شَيْخُنَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] . (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَعْدَادِ فِي الْإِقْرَارِ) أَيْ وَالطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فِي هَذِهِ وَقَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا تَنَاقُضَ) بِخِلَافِ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ وَمَيْلُهُ إلَى صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مُطْلَقًا) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا فِي كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْمَالِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 وَلِهَذَا كَانَ صَرِيحًا فِي الْأَقْرَاءِ (وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى طَلَّقْت فَقِيلَ) هُوَ (كِتَابَةً) لِأَنَّ نَعَمْ تَتَعَيَّنُ لِلْجَوَابِ وَقَوْلُهُ طَلَّقْت مُسْتَقْبَلٌ بِنَفْسِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَلَا طَلَاقَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْهَا فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت فَإِنَّهُ يَقَعُ فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ وَالتَّفْوِيضِ (وَقِيلَ) هُوَ (كَنَعَمْ) فَيَكُونُ صَرِيحًا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَلَوْ جَهِلَ حَالَ السُّؤَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ لَا يُسْتَفْهَمُ عَنْهُ وَصَرْفُهُ إلَى الِالْتِمَاسِ مَجَازٌ يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ هُنَا. (فَرْعٌ لَوْ قِيلَ) لَهُ (أَلَكَ زَوْجَةٌ فَقَالَ لَا لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ نَوَى) لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ وَقَطَعَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ ذَكَرَ تَفَقُّهًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَأَنَّ لَهَا تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا وَعَلَيْهِ جَرَى الْأَصْفُونِيُّ وَشَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي اخْتِيَارِهِمَا كَلَامَ الرَّوْضَةِ (وَلَوْ قِيلَ) لَهُ (أَطَلَّقْت) زَوْجَتَك (ثَلَاثًا) أَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّلَاثِ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (فَقَالَ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالطَّلَاقِ) لِاحْتِمَالِ جَرَيَانِ تَعْلِيقٍ أَوْ وَعْدٍ أَوْ مُخَاصَمَةٍ تَئُولُ إلَيْهِ فَلَوْ فَسَّرَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (مَا أَنْت لِي بِشَيْءٍ لَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ (وَإِنْ نَوَى أَوْ) قَالَ (امْرَأَتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا) وَالْحَالُ إنَّهَا (لَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ قَبْلَهُ (طَلُقَتْ) وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا) مَثَلًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا (إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَأَنْت طَالِقٌ تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ (بِتَفْرِيقِهِ) مِنْهَا بِحَيْثُ لَا تَلْتَقِي مِنْهُ نَوَاتَانِ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ (إلَّا إنْ أَرَادَ التَّعْيِينَ) لِنَوَاهَا مِنْ نَوَاهُ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ (وَكَذَا إنْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ جَوْزِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ) وَفِي نُسْخَةٍ تَرْكُ الْيَوْمِ (أَوْ) بِعَدَدِ (حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا) أَوْ إنْ لَمْ تَذْكُرِي لِي ذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ (إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْرِيفَ) أَيْ التَّعْيِينَ (بِأَنْ تَأْخُذَ عَدَدًا تَتَيَقَّنُهُ) أَيْ تَذْكُرُ عَدَدًا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ (ثُمَّ تُكَرِّرُهُ مَعَ زِيَادَةِ وَاحِدٍ وَاحِدٍ) فَتَقُولُ مِائَةٌ وَوَاحِدَةٌ مِائَةٌ وَاثْنَتَانِ وَهَكَذَا (وَتَحْتَاطُ) فَتُزِيدُ حَتَّى تَبْلُغَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَزِيدُهُ عَلَيْهِ فَتَكُونُ مُخْبِرَةً بِذَلِكَ الْعَدَدِ وَذَاكِرَةً لَهُ. أَمَّا إذَا قَصَدَ التَّعْرِيفَ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِمَا ذَكَرَتْهُ وَاسْتَشْكَلَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ يَعُمُّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَعَلَيْهِ فَيَتَلَخَّصُ بِأَيِّ عَدَدٍ ذَكَرَتْهُ لِحُصُولِ مُسَمَّى الْخَبَرِ بِهِ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا كَمَا فِي تَعْلِيقِهِ بِإِخْبَارِهَا بِقُدُومِ زَيْدٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لِلرُّمَّانَةِ وَنَحْوِهَا عَدَدًا خَاصًّا وَقَدْ عَلَّقَ بِهِ فَإِذَا أَخْبَرَتْهُ بِعَدَدِ حَبِّهَا كَاذِبَةً لَمْ تُخْبِرْ بِهِ بِخِلَافِ قُدُومِ زَيْدٍ فَيُصَدَّقُ بِالْخَبَرِ الْكَاذِبِ (فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تَعُدِّي جَوْزَهَا) أَيْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ قَالَ لَهُ شَخْصٌ مُسْتَخِيرًا أَطَلَّقْت زَوْجَتَك وَأَرَادَ الِاسْتِفْهَامَ فَقَالَ نَعَمْ] قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى طَلَّقْت إلَخْ) لَوْ لَمْ يُجِبْهُ لَفْظًا بَلْ كَتَبَ نَعَمْ أَوْ بَلَى أَوْ كَانَ ذَلِكَ أَوْ كَذَا كَانَ فَهَلْ هُوَ كَتَطْلِيقِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ كَتَطْلِيقِهِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ هُوَ كَنَعَمْ) فَيَكُونُ صَرِيحًا وَهُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ قِيلَ لَهُ أَلَكَ زَوْجَةٌ فَقَالَ لَا] (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ إلَخْ) وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَاهُ فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ فَأَنْكَرَ لَا يَكُونُ إنْكَارُهُ طَلَاقًا. (قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ تَفَقُّهًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ 1 - (تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَفْطَرْت اللَّيْلَةَ عَلَى حَارٍّ أَوْ بَارِدٍ وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فَقَالَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فِطْرِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فَقَالَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُفْطِرًا بِدُخُولِ اللَّيْلَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا صَرِيحُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَوَّلُ مُقْتَضَى مَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ ابْن الْعِمَادِ وَفِيمَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ تَقْدِيمُ الْعُرْفِ الْخَاصِّ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِ لَحْمِ الْحُوتِ وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ بِسَاطًا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ فِي سِرَاجٍ بِجُلُوسِهِ فِي الشَّمْسِ وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ سِرَاجًا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى وَتَدٍ بِجُلُوسِهِ عَلَى الْجَبَلِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَفْطَرْت بِالْكُوفَةِ وَكَانَ بِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ لَكِنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ قِيَاسُ قَوْلِنَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ يَكُونُ بِالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ فَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِفَتْوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ وَبِهِ تَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى وَلَوْ قَالَ إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَدْرَكَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمِيعَ وَهَذَا أَيْضًا مُوَافِقٌ لِفَتْوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ قَالَ شَيْخُنَا فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَأَفْطَرَ عَلَى شَيْءٍ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فَقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ] (فَصْلٌ قَالَ وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا إلَخْ) . (قَوْلُهُ إلَّا إنْ أَرَادَ التَّعْيِينَ لِنَوَاهَا مِنْ نَوَاهُ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ) لَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِالْوُقُوعِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جُمْلَةً كَانَ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ عَادَةً وَقَدْ ذَكَرُوا فِيهِ عَدَمَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَ التَّعْيِينَ فَعَيَّنَتْ نَوًى وَمَيَّزَتْهُ وَقَالَتْ هَذَاك نَوَاك وَلَمْ يَجْرِ مِنْهُ تَكْذِيبٌ وَلَا غَيْرُهُ فَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُفْهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُخَلِّصٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَقَدْ تَعَرَّفَ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُ مَسْأَلَةَ التَّمْرَةِ إذَا اخْتَلَطَتْ بِصُبْرَةٍ فَأَكَلَتْهَا إلَّا تَمْرَةً قَالَ فِي الْكَافِي بَعْدَ إطْلَاقِهِ الْقَوْلَ بِالْخَلَاصِ بِتَفْرِيقِ النَّوَى وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِنَوَايَ أَوْ إنْ لَمْ تُشِيرِي إلَى نَوَايَ فَأَنْت طَالِقٌ فَالطَّرِيقُ أَنْ تَعُدَّ النَّوَى عَلَيْهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَتَقُولَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ هَذِهِ نَوَاتُك. اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قُدُومِ زَيْدٍ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّمَا خَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَرِينَةَ تُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الذِّكْرُ لَا مُطْلَقُ الْخَبَرِ الثَّانِي أَنَّ الْإِخْبَارَ إنْ كَانَ لِمَا وَقَعَ مَعْدُودًا أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَقِيلَ) تَتَلَخَّصُ مِنْ الْحِنْثِ بِأَنْ تَفْعَلَ (هَكَذَا) أَيْ بِمَا ذُكِرَ آنِفًا (وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ تَبْتَدِئَ مِنْ الْوَاحِدِ) وَتَزِيدَ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إلَى الْعِلْمِ بِمَا ذَكَرَ. (فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِابْتِلَاعِ تَمْرَةٍ فِي فَمِهَا وَبِقَذْفِهَا وَبِإِمْسَاكِهَا) بِأَنْ قَالَ إنْ ابْتَلَعْتِيهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ قُذُفَتَاهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ أَمُسْكَتَيْهَا فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَكَلَتْ بَعْضَهَا فَوْرًا وَرَمَتْ) الْبَاقِي أَوْ لَمْ تَرْمِهِ (تَخَلَّصَتْ) مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا لِأَنَّ أَكْلَ الْبَعْضِ وَرَمْيَ الْبَعْضِ أَوْ إمْسَاكَهُ مُغَايِرٌ لِكُلِّ مِنْ الثَّلَاثَةِ هَذَا (إنْ تَأَخَّرَتْ يَمِينُ الْإِمْسَاكِ) كَمَا ذَكَرَ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ أَوْ تَوَسَّطَتْ أَوْ أَخَّرَتْ الزَّوْجَةُ أَكْلَ الْبَعْضِ لَمْ يَتَخَلَّصْ بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْإِمْسَاكِ (فَإِنْ عَلَّقَ بِأَكْلِهَا وَعَدَمِ أَكْلِهَا) بِأَنْ قَالَ إنْ أَكَلْتِيهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ تَأْكُلِيهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَلَا خَلَاصَ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَكْلِ بَعْضِهَا فَوْرًا فَإِنْ فَعَلَتْهُ حَنِثَ فِي يَمِينِ عَدَمِ الْأَكْلِ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ أَكْلِهَا الْبَاقِي (وَلَوْ عَلَّقَ بِالْأَكْلِ فَابْتَلَعَتْ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ يُقَالُ ابْتَلَعَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَوَقَعَ لَهُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَكْسُ هَذَا. (وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (وَهِيَ عَلَى سُلَّمٍ بِالصُّعُودِ بِالنُّزُولِ ثُمَّ بِالْوُقُوفِ) أَيْ بِالْمُكْثِ (فَطَفَرَتْ) أَيْ وَثَبَتَ (أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى) سُلَّمٍ (آخَرَ أَوْ أَضْجَعَ) السُّلَّمَ عَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ عَلَيْهِ وَتَقُومُ مِنْ مَوْضِعِهَا (أَوْ حُمِلَتْ) وَصَعِدَ بِهَا الْحَامِلُ أَوْ نَزَلَ (بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَوْرًا) فِي الْجَمِيعِ (لَمْ تَطْلُقْ) وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِثُمَّ اعْتِبَارَ تَأْخِيرِ التَّعْلِيقِ بِالْوُقُوفِ إذْ لَوْ لَمْ تَتَأَخَّرْ طَلُقَتْ وَخَرَجَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا مَا لَوْ حُمِلَتْ بِأَمْرِهَا فَيَحْنَثُ نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ بِأَنْ يَكُونَ وَاقِفًا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا أَثَرَ لِأَمْرِهَا. (فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَهُ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ أَوْ رَغِيفٍ فَأَكَلَتْ إلَّا حَبَّةً أَوْ لُبَابَةً يَقَعُ مَوْقِعًا) بِأَنْ يُسَمِّيَ قِطْعَةَ خُبْزٍ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ الرُّمَّانَةَ أَوْ الرَّغِيفَ وَإِنْ تَسَامَحَ أَهْلُ الْعُرْفِ فِي إطْلَاقِ أَكْلِ الرُّمَّانَةِ أَوْ الرَّغِيفِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَا يَقَعُ مَوْقِعًا إذْ فُتَاتُ الْخُبْزِ الَّذِي يَدِقُّ مُدْرَكُهُ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي الرُّمَّانَةِ فِيمَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ حَبَّةٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيهِ. [فَرْعٌ سَقَط الْحَجَر مِنْ عُلْو إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي السَّاعَةَ مَنْ رَمَاهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ] (فَرْعٌ) لَوْ (سَقَطَ الْحَجَرُ) مِنْ عُلْوٍ (أَوْ اتَّهَمَهَا) زَوْجُهَا بِسَرِقَةٍ (فَقَالَ) فِي الْأَوَّلِ (إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي السَّاعَةَ مَنْ رَمَاهُ أَوْ) قَالَ فِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ (تَصْدُقِينِي أَسَرَقْتِ أَمْ لَا فَأَنْتِ طَالِقٌ) وَلَمْ يُرِدْ تَعْيِينًا فِيهِمَا (فَقَالَتْ) فِي الْأُولَى رَمَاهُ (مَخْلُوقٌ لَا آدَمِيٌّ أَوْ) فِي الثَّانِيَةِ (سَرَقْته مَا سَرَقْته تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ لِأَنَّهَا صَادِقَةٌ بِالْإِخْبَارِ فِي الْأُولَى وَبِأَحَدِ الْإِخْبَارَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَخَلَّصْ فِي الْأُولَى بِقَوْلِهَا رَمَاهُ آدَمِيٌّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ رَمَاهُ كَلْبٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ نَحْوُهُمَا لِأَنَّ سَبَبَ الْحِنْثِ وُجِدَ وَشَكَكْنَا فِي الْمَانِعِ وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الْيَوْمَ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ تَعْرِفْ مَشِيئَتَهُ (أَوْ) قَالَ (إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي كَمْ رَكَعَاتُ الْفَرَائِضِ) فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ (فَقَالَتْ سَبْعَ عَشْرَةَ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ) لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ (أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ) أَيْ (لِلْجُمُعَةِ) أَيْ لِيَوْمِهَا (أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ وَهِيَ) مُخْتَصَّةٌ (بِالسَّفَرِ تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ حَتَّى لَوْ قَالَ الثَّلَاثَ مَنْ لَمْ يُخْبِرْنِي مِنْكُنَّ بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأُخْرَى خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَالِثَةٌ إحْدَى عَشْرَةَ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِصِدْقِهِنَّ فِيمَا ذَكَرْنَهُ مِنْ الْعَدَدِ كَمَا تَقَرَّرَ نَعَمْ إنْ أَرَادَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ عَيْنًا فَالْحَلِفُ عَلَى مَا أَرَادَ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ لَمْ أَقُلْ كَمَا تَقُولِينَ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ) لَهُ (أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَخَلَاصُهُ) مِنْ الْحِنْثِ (أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (مِنْ وَثَاقٍ أَوْ) أَنْتِ (قُلْت أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (كَيْفَ تَقُولُ إذَا أَرَدْت أَنْ تُطَلِّقَنِي فَقَالَ أَقُولُ أَنْت طَالِقٌ لَغَا) فَلَا تَطْلُقُ بِهِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا يَفْعَلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (وَإِنْ عَلَّقَهُ وَهِيَ فِي نَهْرٍ) أَيْ مَاءٍ جَارٍ (بِالْخُرُوجِ) مِنْهُ (أَوْ بِاللُّبْثِ) فِيهِ الْأَوْلَى وَبِاللُّبْثِ بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ خَرَجْت مِنْهُ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ لَبِثَ فِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ (لَمْ تَطْلُقْ) خَرَجَتْ أَوْ لَبِثَتْ (لِأَنَّهُ) بِجَرَيَانِهِ (مُفَارِقُهَا أَوْ) وَهِيَ (فِي رَاكِدٍ فَلْتُحْمَلْ مِنْهُ فَوْرًا) لِيَتَخَلَّصَ الزَّوْجُ مِنْ الْحِنْثِ (أَوْ عَلَّقَهُ بِإِرَاقَةِ مَاءِ الْكُوزِ وَبِتَرْكِهِ) فِيهِ (وَبِشُرْبِهَا وَبِشُرْبِ غَيْرِهَا إيَّاهُ) بِأَنْ.   [حاشية الرملي الكبير] مَفْعُولًا كَرَمْيِ الْحَجَرِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَ الْمُحْتَمَلُ الْوُقُوعَ وَعَدَمَهُ كَقُدُومِ زَيْدٍ كَفَى فِيهِ مُطْلَقُ الْإِخْبَارِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ تَبْتَدِئَ مِنْ الْوَاحِدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا هُوَ وَاضِحٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأُولَى وَهِيَ مَنْ لَمْ تُخْبِرْنِي بِعَدَدِ كَذَا وَبَيْنَ هَذِهِ وَهِيَ إنْ لَمْ تَعُدِّي وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِابْتِدَاءِ الْعَدَدِ [فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِابْتِلَاعِ تَمْرَةٍ فِي فَمِهَا] (قَوْلُهُ فَأَكَلَتْ بَعْضَهَا فَوْرًا وَرَمَتْ الْبَاقِيَ إلَخْ) أَوْ رَمَتْ بَعْضَهَا فَوْرًا وَأَمْسَكَتْ الْبَاقِيَ. (قَوْلُهُ وَوَقَعَ لَهُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَكْسُ هَذَا) إنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَفِي الْأَيْمَانِ الْعُرْفُ وَأَهْلُهُ يُطْلِقُونَ اسْمَ الْأَكْلِ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْمَفْهُومُ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِمَا أَنَّ مُجَرَّدَ الِابْتِلَاعِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَضْغِ كَالْخُبْزِ لَا يُسَمَّى أَكْلًا فَيَصِحُّ فِي مِثْلِهِ أَنْ يُقَالَ ابْتَلَعَ وَمَا أَكَلَ وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَضْغِ كَالْعَصِيدَةِ وَالْهَرِيسَةِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ يَسِيرًا كَالسُّكَّرِ فَابْتِلَاعُهُ يُسَمَّى أَكْلًا (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاق بِأَكْلِ رُمَّانَة أَوْ رَغِيف فَأَكَلَتْ إلَّا حَبَّةً أَوْ لُبَابَةً] (قَوْلُهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي السَّاعَةَ مَنْ رَمَاهُ أَوْ تَصْدُقِينِي إلَخْ) أَمَّا إذَا قَالَ إنْ لَمْ تُعْلِمِينِي بِالصِّدْقِ فَإِنَّهَا لَا تَتَلَخَّصُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الْيَوْمَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ فَيَقَعُ؛ لِأَنَّا عَلِمْنَا وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَشَكَكْنَا فِي رَافِعِهِ وَهُوَ وُجُودُ مَشِيئَتِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ الْيَوْمَ وَمَاتَ وَشَكَّ فِي دُخُولِهِ حَيْثُ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِشَرْطِ أَنْ يَنْتَفِيَ دُخُولُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فَلَمْ يَقَعْ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَرَادَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ عَيْنًا فَالْحَلِفُ عَلَى مَا أَرَادَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 قَالَ لَهَا إنْ أَرَقْت مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ شَرِبْته أَنْت أَوْ غَيْرُك فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ تَرَكْت فَأَنْت طَالِقٌ (فَبَلَّتْ بِهِ خِرْقَةً وَضَعَتْهَا فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ) وَكَذَا لَوْ بَلَّتْهَا بِبَعْضِهِ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَإِنْ تَرَكْته كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّمْرَةِ وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَإِنْ شَرِبْته تَطْلُقُ لِأَنَّهَا تَرَكَتْهُ. (فَرْعٌ الْأَصْحَابُ إلَّا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يَمِيلُونَ فِي التَّعْلِيقِ إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ) اللُّغَوِيِّ (عَلَى الْعُرْفِ) الْغَالِبِ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ كَمَا مَرَّ فِي إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْوَضْعِيَّ التَّفْرِيقُ وَمَعْنَاهُ الْعُرْفِيَّ التَّعْيِينُ هَذَا إنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فَإِنْ اضْطَرَدَ عُمِلَ بِهِ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ حِينَئِذٍ وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ فِيمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِقَوْلِ الْغَزَالِيِّ بَلْ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ وَمِنْهُ مَا يَأْتِي فِي الْخَسِيسِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَيُشْبِهُ إلَى آخِرِهِ. (فَرْعٌ) فِي بَيَانِ أَوْصَافٍ تَجْرِي فِي مُخَاصَمَةِ الزَّوْجَيْنِ وَيُعَلَّقُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ (الْخَسِيسُ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ) بِأَنْ تَرَكَ دِينَهُ بِاشْتِغَالِهِ بِدُنْيَاهُ (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى) فِي الْعُرْفِ (مَا لَا يَلِيقُ بِهِ بُخْلًا) بِمَا يَلِيقُ بِهِ خِلَافَ مَنْ يَتَعَاطَاهُ تَوَاضُعًا (وَأَخَسُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخَسِيسِ أَيْ وَأَخَسُّ الْأَخْسَاسِ (مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ وَالسَّفَهُ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ سِيَاقٌ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ فِي مَعْرِضِ إسْرَافٍ أَوْ بَذَاءَةِ لِسَانٍ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ (وَالْقَوَّادُ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) جَمِيعًا (حَرَامًا) وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ أَهْلِهِ وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرْدِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. (وَالْقَرْطَبَانِ مَنْ يَسْكُتُ عَلَى الزَّانِي بِامْرَأَتِهِ) وَفِي مَعْنَاهُ مَحَارِمُهُ وَنَحْوُهُنَّ. (وَقَلِيلُ الْحَمِيَّةِ مَنْ لَا يَغَارُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَحَارِمِهِ) وَنَحْوِهِنَّ (وَالْقَلَّاشُ الذَّوَّاقُ لِلطَّعَامِ كَالْمُشْتَرِي وَلَا يُرِيدُهُ) أَيْ يَرَى أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ وَلَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ (وَالدَّيُّوثُ) بِالْمُثَلَّثَةِ (مَنْ لَا يَمْنَعُ الدَّاخِلَ عَلَى زَوْجَتِهِ) مِنْ الدُّخُولِ وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَارِمَهُ وَإِمَاءَهُ كَزَوْجَتِهِ لِلْعُرْفِ (وَالْبَخِيلُ مَانِعُ الزَّكَاةِ وَمَنْ لَا يُقْرِي الضَّيْفَ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَخِيلٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ الْبَخِيلُ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَلَا يُقْرِي الضَّيْفَ (وَمَنْ قِيلَ لَهُ يَا زَوْجَ الْقَحْبَةِ فَقَالَ إنْ كَانَتْ) زَوْجَتِي (كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ إنْ قَصَدَ التَّخَلُّصَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ عَارِهَا كَمَا لَوْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ (وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ) فَإِنْ وُجِدَتْ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا (وَالْقَحْبَةُ هِيَ الْبَغِيَّةُ وَإِنْ تَفَاخَرَا) فِي الْخُصُومَةِ كَأَنْ قَالَ لَهَا إيشِ تَكُونِينَ أَنْت فَقَالَتْ وإِيشْ تَكُونُ أَنْت (فَقَالَ إنْ لَمْ أَكُنْ مِنْك بِسَبِيلٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ مِنْهَا بِسَبِيلٍ) لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ (أَوْ) قَصَدَ (الْمُكَافَأَةَ) لَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ (طَلُقَتْ) إذْ الْمَقْصُودُ إيقَاعُ الْفُرْقَةِ وَقَطْعُ مَا بَيْنَهُمَا وَلَوْ (قَالَتْ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ أَنْت مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ) لَهَا (إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهَا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ظَاهِرًا فَإِنْ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ (أَوْ) قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا (الْكَافِرِ) فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ (طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ظَاهِرًا (فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنْ لَا طَلَاقَ) نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا طَلُقَتْ فِي الْحَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ إنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ إذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا وَقَعَ طَلَاقُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَنْدَنِيجِيّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى. وَلَوْ (قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنَا أَسْتَنْكِفُ مِنْك فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَسْتَنْكِفُ مِنِّي فَهِيَ طَالِقٌ فَظَاهِرَهُ الْمُكَافَأَةِ) فَتَطْلُقُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالسَّفِلَةُ مَنْ يَعْتَادُ دَنِيءَ الْأَفْعَالِ لَا نَادِرًا) فَلَوْ قَالَتْ لَهُ يَا سَفِلَةُ فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَا الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ بِمَا ذُكِرَ (وَالْكَوْسَجُ مَنْ قَلَّ شَعْرُ وَجْهِهِ وَعُدِمَ شَعْرُ عَارِضَيْهِ وَالْغَوْغَاءُ مَنْ يُخَالِطُ الْأَرَاذِلَ وَيُخَاصِمُ) النَّاسَ (بِلَا حَاجَةٍ وَالْأَحْمَقُ مَنْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ إنْ لَمْ أَقُلْ كَمَا تَقُولِينَ فَأَنْتِ طَالِقٌ] قَوْلُهُ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ) أَوْ قَبِلَتْ بَعْضَهُ أَوْ ثَقَبَتْ أَسْفَلَ الْكُوزِ فَخَرَجَ الْمَاءُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ جَعَلَتْ طَرَفَ قَصَبَةٍ فِي فِيهَا وَطَرَفَهَا الْآخَرَ فِي الْكُوزِ فَصَعِدَ الْمَاءُ أَوْ بَعْضُهُ إلَى فِيهَا ثُمَّ مَجَّتْهُ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَإِنْ تَرَكَتْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ تَّعْلِيقِ الطَّلَاق إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ] (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ) عِبَارَتُهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَنْضَبِطُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَإِدَارَةُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ إطْرَادًا وَاضْطِرَابًا وَيَكْفِيهِ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى قُوَّةً وَضَعْفًا وَقَدْ يَقْوَى الْعُرْفُ فَيَقْتَضِي هِجْرَانَ الْوَضْعِ وَقَدْ يَضْطَرِبُ فَيُؤْخَذُ بِالْوَضْعِ وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ [فَرْعٌ بَيَانِ أَوْصَافٍ تَجْرِي فِي مُخَاصَمَةِ الزَّوْجَيْنِ] (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ بُخْلًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَكْثَرُ الْعَامَّةِ يُطْلِقُ لَفْظَ الْخَسِيسِ عَلَى الْبَخِيلِ سَوَاءٌ أَتَعَاطَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ عُرْفُهُمْ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَالسَّفَهُ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْعُرْفُ فِي وَقْتِنَا جَارٍ بِإِطْلَاقِ ذَلِكَ عَلَى بَذِيءِ اللِّسَانِ الْمُتَفَحِّشِ الْمُوَاجِهِ بِمَا يَسْتَحْيِي غَالِبُ النَّاسِ مِنْ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا مِنْ الْعَامِّيِّ لَا الَّذِي يَعْرِفُ السَّفَهَ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ تَدُلُّ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى إرَادَتِهِ ذَلِكَ بِأَنْ خَاطَبَهَا بِفُحْشٍ مِنْ الْقَوْلِ وَالْبَذَاءَةِ فَقَالَتْ لَهُ يَا سَفِيهُ مُشِيرَةً إلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرَادِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) وَكَذَا بَيْنَ النِّسَاءِ وَالنِّسَاءِ الْمُسَاحِقَاتِ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ مَحَارِمَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَخِيلٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَالْقَحْبَةُ إلَخْ) كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً أَنْكَرَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَوْنَهَا مُوَلَّدَةً قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ عَجِيبٌ فَقَدْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ اللُّغَوِيِّينَ مِنْهُمْ الصَّاغَانِيُّ فِي الْعُبَابِ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ فَقَالَ الْقَحْبَةُ كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 يَفْعَلُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِقُبْحِهِ) كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا عَنْ صَاحِبَيْ الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَقِيلَ مَنْ نَقَصَتْ مَرْتَبَةُ أُمُورِهِ وَأَحْوَالِهِ عَنْ مَرَاتِبِ أَمْثَالِهِ نَقْصًا بَيِّنًا بِلَا مَرَضٍ وَلَا سَبَبٍ وَقِيلَ مَنْ يَعْمَلُ مَا يَضُرُّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِقُبْحِهِ وَقِيلَ مَنْ يَضَعُ كَلَامَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيَأْتِي بِالْحَسَنِ فِي مَوْضِعِ الْقَبِيحِ وَعَكْسِهِ وَقِيلَ مَنْ لَا يَنْتَفِعُ بِعَقْلِهِ (والجهوذوري) مَنْ قَامَ بِهِ (الذِّلَّةُ وَالْخَسَاسَةُ) وَقِيلَ مَنْ قَامَ بِهِ صُفْرَةُ الْوَجْهِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ الثَّانِي (فَإِنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُوصَفُ بِهَذَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ قَصَدَتْ الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا والجهوذوري مَكْتُوبٌ فِي الْأَصْلِ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الْوَاوِ. (فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (بِالْمُخَاصَمَةِ) أَيْ فِيهَا (وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (يَا خَسِيسُ أَوْ يَا سَفِيهُ فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَلِكَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ) لَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ مِنْ الطَّلَاقِ كَمَا غَاظَتْهُ بِالشَّتْمِ (طَلُقَتْ) حَالًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَسِيسًا وَلَا سَفِيهًا لِأَنَّ الْغَيْظَ بِالطَّلَاقِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَالتَّقْدِيرُ تَزْعُمِينَ أَنِّي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ إذَنْ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ (فَتَعْلِيقٌ فَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَيْ وُجُودُهُ عَمَلًا بِمُقْتَضَاهُ فَإِنْ عَمَّ الْعُرْفُ بِالْمُكَافَأَةِ وَضُبِطَ قُدِّمَ عَلَى الْوَضْعِ عَلَى مَا قَدَّمَتْهُ (فَإِنْ شَكَّ) فِي وُجُودِ الشَّرْطِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (أَوْ قَالَتْ) لَهُ كَمْ تُحَرِّكُ لِحْيَتَك فَقَدْ (رَأَيْت مِثْلَ لِحْيَتِك كَثِيرًا فَقَالَ إنْ) كُنْت (رَأَيْت مِثْلَهَا) كَثِيرًا (فَأَنْت طَالِقٌ. فَهَذِهِ) اللَّفْظَةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ (كِنَايَةٌ عَنْ الرُّجُولِيَّةِ أَوْ الْفُتُوَّةِ) أَوْ نَحْوِهِمَا (فَإِنْ قَصَدَ) بِهَا (الْمُغَايَظَةَ وَالْمُكَافَأَةَ أَوْ الرُّجُولِيَّةَ وَالْفُتُوَّةَ طَلُقَتْ أَوْ الْمُشَاكَلَةَ فِي الصُّورَةِ فَلَا) تَطْلُقُ إلَّا إنْ كَانَتْ رَأَتْ مِثْلَهَا كَثِيرًا وَلَفْظَةُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ أَصْلِهِ وَهِيَ مِثَالٌ وَلِذَلِكَ حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ أَوْ الرُّجُولِيَّةَ وَالْفُتُوَّةَ مَنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ كَالْمُشَاكَلَةِ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا. (فَرْعٌ) لَوْ (قِيلَ لِزَانٍ زَنَيْت فَقَالَ مَنْ زَنَى فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ إذْ قَصْدُهُ ذَمُّ الزَّانِي) لَا إيقَاعُ الطَّلَاقِ (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت) مَثَلًا (فَكَذَّبَتْهُ فَقَالَ إنْ كُنْت زَنَيْت فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ) حَالًا (بِإِقْرَارِهِ) السَّابِقِ. [فَصْلٌ قَالَ إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَالَفَتْ] (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ خَالَفْت أَمْرِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَخَالَفَتْ نَهْيَهُ) كَأَنْ قَالَ لَهَا لَا تَقُومِي فَقَامَتْ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا خَالَفَتْ نَهْيَهُ دُونَ أَمْرِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِسَبَبِ الْعُرْفِ (بِخِلَافِ عَكْسِهِ) بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ خَالَفْت نَهْيِي فَأَنْت طَالِقٌ فَخَالَفَتْ أَمْرَهُ كَأَنْ قَالَ لَهَا قُومِي فَقَعَدَتْ فَتَطْلُقُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا فَاسِدٌ إذْ لَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ فِيمَا يَخْتَارُهُ وَإِنْ كَانَ فَالْيَمِينُ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ بَلْ عَلَى اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ. (وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمُضِيِّ حِينٍ أَوْ زَمَانٍ) كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِمُضِيِّ أَوْ بَعْدَ أَوْ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ (طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) لِوُقُوعِهِ عَلَيْهَا كَمَا يَقَعُ عَلَى مَا فَوْقَهَا وَيُفَارِقُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ لِلشَّكِّ فِي الْمُرَادِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ وَلَأَقْضِيَنَّك وَعْدٌ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَيْهِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ إنْ عَلَّقَهُ بِمُضِيِّ (حُقُبٍ أَوْ عَصْرٍ) أَوْ دَهْرٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ (وَفِيهِ نَظَرٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَهُوَ بَعِيدٌ لَا وَجْهَ لَهُ أَيْ لِمُنَافَاتِهِ تَفَاسِيرَهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَفَسَّرَ الْإِمَامُ الْعَصْرَ بِأَنَّهُ زَمَنٌ طَوِيلٌ يَحْوِي أُمَمًا وَيَنْقَرِضُ بِانْقِرَاضِهِمْ وَفِي مَعْنَاهُ الْحُقُبُ وَالدَّهْرُ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ الْحُقُبَ الْمُلْحَقَ بِهِ الْآخَرَانِ بِثَمَانِينَ سَنَةً وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثِينَ سَنَةً وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا نَظَرَ وَلَا بُعْدَ فَقَدْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْحِقَبَ وَالْعَصْرَ بِالدَّهْرِ وَالدَّهْرَ بِالزَّمَنِ وَأَمَّا الْحُقُبُ بِضَمِّ الْقَافِ فَهُوَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَوَقَعَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْجَوْهَرِيِّ وَعَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ لَا تَطْلُقُ أَصْلًا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي وَعَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْبَعْضُ تَطْلُقُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَوْ قَالَ الْحَالِفُ أَرَدْت مَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ مَكْتُوبٌ فِي الْأَصْلِ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الْوَاوِ) الَّذِي رَأَيْته فِيهِ مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ [فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِالْمُخَاصَمَةِ] (فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي بِالْمُخَاصَمَةِ) . (قَوْلُهُ أَوْ الْمُشَاكَلَةِ فِي الصُّورَةِ) أَيْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا. (قَوْلُهُ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا) لِكَثْرَةِ الْأَمْثَالِ إنَّمَا صَوَابُهُ وَإِلَّا فَيَقَعُ لِكَثْرَةِ الْأَمْثَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى رُؤْيَةِ الْأَمْثَالِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيطِ عَلَى الصَّوَابِ قُلْتُ وَكَانَ صَوَابُ التَّعْبِيرِ وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّفَةِ وَهِيَ رُؤْيَةُ كَثْرَةِ الْأَمْثَالِ ت وَجْهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَنَّ رُؤْيَتَهَا مِثْلَهُ فِي الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وُجِدَتْ وَلَا بُدَّ بِخِلَافِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الشَّكْلِ وَالصُّورَةِ وَعَدَدِ الشَّعَرَاتِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ وُجِدَتْ وَقَوْلُهُ وَجْهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ قِيلَ لِزَانٍ زَنَيْت فَقَالَ مَنْ زَنَى فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ] (قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ مُخَالَفَةً لِأَمْرِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْأَمْرِ الْإِيقَاعُ وَبِمُخَالَفَتِهَا نَهْيَهُ حَصَلَ الْإِيقَاعُ لَا تَرْكُهُ وَالْمَطْلُوبُ بِالنَّهْيِ الْكَفُّ أَيْ الِانْتِهَاءُ وَبِمُخَالَفَتِهَا أَمْرَهُ لَمْ تَكُفَّ وَلَمْ تَنْتَهِ لِإِتْيَانِهَا بِضِدِّ مَطْلُوبِهِ وَالْعُرْفُ شَاهِدٌ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ إنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا حُقُبٌ أَوْ عَصْرٌ أَوْ دَهْرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ مِنْ الزَّمَانِ وَالْكَثِيرِ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) الِاسْتِشْكَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى نَفْيِ إطْلَاقِ الْحُقُبِ وَالْعَصْرِ وَالدَّهْرِ عَلَى زَمَنِ الْقَلِيلِ وَمَنْ عَلَّلَ مِنْ الْأَصْحَابِ بِالْإِطْلَاقِ عَلَى الْقَلِيلِ فَتَعْلِيلُهُ مُتَضَمِّنٌ لِنَقْلِ ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ وَالْمُثْبَتُ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ فَلِذَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِرْشَادُ. (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ إنَّهُ لَا نَظَرَ وَلَا بُعْدَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ ثَمَانُونَ سَنَةً) فِي الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْكَهْفِ حُقُبًا زَمَانًا وَفِي تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ وَالْحُقُبُ الدَّهْرُ وَقِيلَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَقِيلَ سَبْعُونَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 الْمُبَعَّضَ وَلَا أَعْرِفُ غَيْرَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَهُوَ بَعِيدٌ وَيَنْبَغِي قَبُولُهُ إنْ احْتَفَّ بِقَرَائِنَ تُصَدِّقُهُ. (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِالضَّرْبِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِضَرْبِهِ حَيًّا) لَا مَيِّتًا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَظِنَّةِ الْإِيلَامِ (بِالسَّوْطِ وَبِالْوَكْزِ) أَيْ الضَّرْبُ وَالدَّفْعُ وَيُقَالُ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْيَدِ عَلَى الذَّقَنِ (وَاللَّكْزُ) أَيْ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْيَدِ عَلَى الصَّدْرِ هَذَا (إنْ آلَمَ) الْمَضْرُوبَ (وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُؤْلِمْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا غَلَطٌ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ تَصْحِيحِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُقَالُ ضَرَبَهُ فَلَمْ يُؤْلِمْهُ (لَا الْعَضُّ وَقَطْعُ الشَّعْرِ) فَلَا يَحْصُلُ الضَّرْبُ بِهِمَا فَلَا يَقَعُ بِهِمَا الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِالْقَذْفِ أَوْ اللَّمْسِ) الْأَنْسَبُ بِمَا بَعْدَهُ الْمَسُّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (طَلُقَتْ بِقَذْفِ الْمَيِّتِ وَمَسِّ بَشَرٍ) لِصِدْقِ الِاسْمِ فِيهِ كَمَا فِي الْحَيِّ وَلِهَذَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ مَاسِّهِ وَخَرَجَ بِالْبَشَرَةِ مَسُّهُ بِحَائِلٍ وَمَسُّ شَعْرِهِ وَظُفُرِهِ وَسِنِّهِ. (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِقُدُومِ) أَيْ بِقُدُومِ شَخْصٍ (فَقَدِمَ بِهِ مَيِّتًا لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا) حَيًّا (مَحْمُولًا بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ وَإِنْ كَانَ زَمِنًا وَمُخْتَارًا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَمْلِ فَتَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَدِمَ رَاكِبًا وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِذْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالِاخْتِيَارِ (وَإِنْ عَلَّقَ بِالْقَذْفِ أَوْ الْقَتْلِ بِالْمَسْجِدِ) بِأَنْ قَالَ إنْ قَذَفْت فُلَانًا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ قَتَلْته فِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ (اشْتَرَطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (كَوْنَ الْقَاذِفِ أَوْ الْمَقْتُولِ فِيهِ) إذْ قَرِينَةُ الْحَالِ تُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِامْتِنَاعُ عَمَّا يَهْتِكُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ وَهَتْكُهَا بِالْقَذْفِ إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا كَانَ الْقَاذِفُ فِيهِ وَبِالْقَتْلِ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ أَوْ الْقَاتِلُ خَارِجَهُ (فَلَوْ أَرَادَ الْعَكْسَ) أَيْ كَوْنَ الْمَقْذُوفِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الْقَاتِلِ فِيهِ (صُدِّقَ بِيَمَنِيِّهِ) ظَاهِرًا لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهُ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِهِمَا) أَيْ بِالْقَذْفِ وَالْقَتْلِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ إنْ قَذَفْت أَوْ قَتَلْت فُلَانًا (فِي الدَّارِ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ) إذْ لَا قَرِينَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِمَا فِي الدَّارِ. (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِرُؤْيَتِهَا زَيْدًا فَرَأَتْ وَلَوْ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ) وَلَوْ غَيْرَ وَجْهِهِ (حَيًّا وَمَيِّتًا) أَيْ أَوْ مَيِّتًا (وَلَوْ) رَأَتْهُ (وَهِيَ سَكْرَى) أَوْ وَهُوَ سَكْرَانُ (وَلَوْ كَانَ) الْمَرْئِيُّ (فِي مَاءٍ) صَافٍ (أَوْ زُجَاجٍ شَفَّافٍ لَا خَيَالَهُ فِيهِمَا طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ وَالْمَاءُ وَالزُّجَاجُ الْمَذْكُورَانِ بَيْنَ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ كَإِجْرَاءِ الْهَوَاءِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَأَتْ خَيَالَهُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى ذَلِكَ اسْمُ الرُّؤْيَةِ الْمُطْلَقَةِ وَعُلِمَ مِمَّا قَالَهُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ نَائِمَةً أَوْ مَسْتُورًا بِثَوْبٍ أَوْ مَاءٍ كَدِرٍ أَوْ زُجَاجٍ كَثِيفٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِرُؤْيَتِهَا خَيَالَهُ فِي الْمِرْآةِ كَذَلِكَ نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ طَلُقَتْ إذْ لَا يُمْكِنُهَا رُؤْيَتُهُ إلَّا كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهِ وَجْهَهُ وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذُكِرَ صِدْقُ رُؤْيَتِهِ كُلِّهِ عُرْفًا فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ أَمَّا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مِنْ كُوَّةٍ فَرَأَتْ ذَلِكَ الْعُضْوَ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَتْ كَمْهَاءَ) أَيْ وُلِدَتْ عَمْيَاءَ (فَتَعَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ) فَلَا تَطْلُقُ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِعَمْيَاءَ إلَى كَمْهَاءَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ يَتَعَيَّنُ اخْتِصَاصُهُ بِالْكَمْهَاءِ وَإِلَّا فَالْبُرْءُ بِالْعِلَاجِ يُمْكِنُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَقْتَصِرُ ذَلِكَ عَلَى الْكَمْهَاءِ بَلْ مَنْ أَيِسَ مَنْ بُرْئِهَا عَادَةً كَمَنْ تَرَاكَمَ عَلَى عَيْنِهَا الْبَيَاضُ أَوْ غَارَتَا كَالْكَمْهَاءِ. (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِرُؤْيَتِهَا الْهِلَالَ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا) لَهُ (أَوْ بِتَمَامِ الْعَدَدِ) فَتَطْلُقُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» بِخِلَافِ رُؤْيَةِ زَيْدٍ مَثَلًا فَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ زَجْرَهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ وَعَلَى اعْتِبَارِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ كَمَا فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ أَوْ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ فَاسِقٌ فَصَدَّقَهُ فَالظَّاهِرُ مُؤَاخَذَتُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ (قَالَ أَرَدْت) بِالرُّؤْيَةِ (الْمُعَايَنَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لَا فِي) التَّعْلِيقِ بِرُؤْيَةِ (الْعُمْيَانِ) فَلَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ (لَكِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي قَبُولُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ آلَمَ الْمَضْرُوبَ إلَخْ) هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مَا نَصُّهُ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إيلَامٌ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْرِطْهُ وَاكْتَفَى بِالصَّدْمَةِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْأَكْثَرُونَ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ تَدْفَعُ التَّنَاقُضَ أَيْ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيلَامِ بِالْقُوَّةِ وَمَا فِي الْأَيْمَانِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيلَامِ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَمَسَّ شَعْرَهُ وَظُفُرَهُ إلَخْ) أَيْ وَعُضْوَهُ الْمُنْفَصِلَ (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِذْنِ أَوْلَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِمَا فِي الدَّارِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِرُؤْيَتِهَا زَيْدًا فَرَأَتْ وَلَوْ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ إلَخْ) قَالَ الْمُتَوَلِّي تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ بَشَرَتِهِ فَلَوْ كَانَ مُتَغَطِّيًا بِشَيْءٍ فَلَمْ يَقَعْ بَصَرُهَا عَلَيْهِ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهَا مَا رَأَتْهُ وَإِنَّمَا رَأَتْ ثَوْبَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ جَمِيعِ بَدَنِهِ بَلْ إذَا رَأَتْ بَعْضَهُ مَكْشُوفًا وَإِنْ كَانَ بَاقِي بَدَنِهِ مُغَطًّى وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْوَجْهِ لَوْ رَأَتْ صَدْرَهُ أَوْ بَطْنَهُ أَوْ ظَهْرَهُ أَوْ رَأْسَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ فَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مِنْ كُوَّةٍ فَرَأَتْ ذَلِكَ الْعُضْوَ مِنْهُ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا يُبَيِّنُ مُرَادَ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيِّ بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ. (قَوْلُهُ وَعُلِمَ بِمَا قَالَهُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ نَائِمَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ جَاهِلَةً. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ طَلُقَتْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ أَمَّا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَقْصُرُ ذَلِكَ عَلَى الْكَمْهَاءِ بَلْ مَنْ أَيِسَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَفِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ لَعَلَّ كَلَامَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْمَهِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ) سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ رَأَيْت الْقَمَرَ فَأُجِبْت بِأَنَّ الْمُرَادَ بِرُؤْيَتِهِ عِلْمُهَا بِهِ كَمَا فِي الْهِلَالِ وَأَوَّلُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا لَهُ) أَيْ بَعْدَ الْغُرُوبِ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ مُؤَاخَذَتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 يُدَيَّنُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرنَا فِيمَا إذَا قَالَ لِلْعَمْيَاءِ إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ فِي قَبُولِ التَّفْسِيرِ بِالْمُعَايَنَةِ أَيْ حَتَّى يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ قَالَ وَبِالْقَبُولِ أَجَابَ الْحَنَّاطِيُّ قَالَ الْإِمَامُ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ عَلَّقَ بِالْعَرَبِيَّةِ أَمْ بِالْعَجَمِيَّةِ وَتَبِعَ ابْنَ الرِّفْعَةِ وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ عَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ سَوَاءٌ فِيهِ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى لِأَنَّ الْعُرْفَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَبِمَا قَالَهُ جَزَمَ الْفُورَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَحَكَى الْأَصْلُ الْمَقَالَتَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَجَمِيَّ إذْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا ذَلِكَ فَالرَّاجِحُ الْفَرْقُ وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ مِنْهُ مَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبِيُّ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْفَرْقِ (وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ) أَيْ يَمِينُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ إذَا صَرَّحَ فِيهَا بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ فَسَّرَ بِهَا وَقَبِلْنَاهُ (بِمُضِيِّ ثَلَاثٍ) مِنْ اللَّيَالِي وَلَمْ تَرَ فِيهَا الْهِلَالَ (مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ نَسْتَقْبِلُهُ) فَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الشَّهْرِ وَلَا لِرُؤْيَتِهِ فِيهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ هِلَالًا. (فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ سُكْرًا يَسْمَعُ مَعَهُ وَيَتَكَلَّمُ وَكَذَا) إنْ كَلَّمَتْهُ (وَهِيَ سَكْرَى لَا السُّكْرُ الطَّافِحُ طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ مِمَّنْ يُكَلِّمُ غَيْرَهُ وَيَتَكَلَّمُ هُوَ عَادَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْمَعْ السَّكْرَانُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَبِخِلَافِ مَا إذَا انْتَهَتْ السَّكْرَى إلَى السُّكْرِ الطَّافِحِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي إذَا جَعَلْنَا لِلسَّكْرَانِ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ وَخَالَفْنَا بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُ مَا هُنَا مِنْ أَنَّ الطَّافِحَ كَغَيْرِهِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ هُنَا التَّكْلِيمُ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ مِمَّنْ ذُكِرَ عَادَةً فَعَلَيْهِ لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهِ غَيْرَهُ ثُمَّ طَفَحَ عَلَيْهِ السُّكْرُ فَكَلَّمَ الْغَيْرَ لَمْ يَحْنَثْ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ (لَا) إنْ كَلَّمَتْهُ (فِي نَوْمٍ وَإِغْمَاءٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ تَكْلِيمًا عُرْفًا (وَلَا) إنْ كَلَّمَتْهُ (فِي جُنُونِهَا) كَمَا لَوْ كَلَّمَتْهُ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِمَا ذُكِرَ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ طَلُقَتْ بِذَلِكَ قَالَهُ الْقَاضِي (وَلَا) إنْ كَلَّمَتْهُ (بِهَمْسٍ) وَهُوَ خَفْضُ الصَّوْتِ بِالْكَلَامِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْمُخَاطَبُ (وَلَا نِدَاءٍ مِنْ حَيْثُ) أَيْ مِنْ مَكَان (لَا يُسْمَعُ) مِنْهُ (وَإِنْ فَهِمَهُ بِقَرِينَةٍ أَوْ حَمَلَتْهُ رِيحٌ) إلَيْهِ (وَسَمِعَ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى كَلَامًا عَادَةً (فَإِنْ كَلَّمَتْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لِذُهُولٍ) مِنْهُ أَوْ لِشُغْلٍ (أَوْ لَغَطٍ) وَلَوْ كَانَ (لَا يُفِيدُ مَعَهُ الْإِصْغَاءُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ وَعَدَمُ السَّمَاعِ لِعَارِضٍ وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ فِي مَسْأَلَةِ اللَّغَطِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ (أَوْ) لَمْ يَسْمَعْ (لِصَمَمٍ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا لَمْ تُكَلِّمْهُ عَادَةً وَقِيلَ تَطْلُقُ لِمَا مَرَّ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ لَكِنَّ الثَّانِي هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ وَنَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي ثَمَّ عَنْ النَّصِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ كَلَامٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ الْوُقُوعُ فَتَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ انْتَهَى فَيُوَافِقُ مَا قَبْلَهُ فِي الذُّهُولِ وَنَحْوِهِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ يَسْمَعُ مَعَ رَفْعِهِ (وَالتَّعْلِيقُ بِتَكْلِيمِهَا نَائِمًا) بِأَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت نَائِمًا (أَوْ غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ مَثَلًا (تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) فَلَا تَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت مَيِّتًا أَوْ جَمَادًا. (فَصْلٌ مَتَى عَلَّقَهُ بِفِعْلِهِ) شَيْئًا (فَفَعَلَهُ نَاسِيًا) لِلتَّعْلِيقِ (أَوْ) ذَاكِرًا لَهُ (مُكْرَهًا) عَلَى الْفِعْلِ (أَوْ) مُخْتَارًا (جَاهِلًا) بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أَيْ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ كَضَمَانِ الْمُتْلَفِ فَالْفِعْلُ مَعَهَا كَلَا فِعْلٍ، هَذَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ أَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ وَقَعَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ نَاسِيًا لَهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّ زَيْدًا لَيْسَ فِي الدَّارِ وَكَانَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ وَنَسِيَ. فَإِنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ عِلْمُهُ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى مُعْتَقَدِهِ وَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا إلَخْ) وَيُجَابُ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ ثَمَّ بَاقِيَةٌ عَلَى مَعْنَاهَا وَهُنَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا تَقَرَّرَ. (قَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ إنْ عَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالرَّاجِحُ الْفَرْقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ 1 - (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ إنْ رَأَيْت مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْت طَالِقٌ فَرَأَتْهُ فِي الْمَنَامِ فَإِنْ أَرَادَ رُؤْيَتَهُ فِيهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فَإِنْ نَازَعَهَا فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا إذْ لَا يَطَّلِعُ غَيْرُهَا عَلَى رُؤْيَاهَا إلَّا مِنْ قِبَلِهَا وَإِنْ أَرَادَ رُؤْيَتَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا فِي الْمَنَامِ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا فَهَلْ يَقَعُ؛ لِأَنَّ مَنْ رَآهُ فَقَدْ رَآهُ أَوْ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ رَأَيْت النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَثْبُتُ بِمَا يُسْمَعُ مِنْهُ فِي الْمَنَامِ فِيهِ وَجْهَانِ وَمَا رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةً وَلَكِنَّ الْمَيْلَ إلَى الثَّانِي ك [فَصْلٌ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ] (قَوْلُهُ لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمَك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَ مَرَّةً أُخْرَى طَلُقَتْ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا أَوْ بَكْرًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ أَحَدَهُمْ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ أَوْ كَلَّمَتْهُمْ فَوَاحِدَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا. (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ) عِبَارَتُهُ اسْتِثْنَاءُ السُّكْرِ الطَّافِحِ لَيْسَ لِمُوَافَقَةِ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي مَرَاتِبِ السَّكْرَانِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ فِي التَّكْلِيمِ وَتَكْلِيمُ الطَّافِحِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْهَذَيَانِ الَّذِي لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ تَكْلِيمًا وَإِنْ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّغْلِيظَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِمَا ذُكِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ طَلُقَتْ بِذَلِكَ) أَيْ بِتَكْلِيمِهَا لَهُ فِي جُنُونِهَا. (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ) انْعَكَسَ هَذَا النَّقْلُ عَلَى بَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ) هُوَ الْمُرَادُ [فَصْلٌ عَلَّقَ الطَّلَاق بِفِعْلِهِ شَيْئًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا] (فَصْلٌ مَتَى عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ إلَخْ) . (قَوْلُهُ فَفَعَلَهُ نَاسِيًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ عَلَى وَجْهِ النِّسْيَانِ أَوْ الْجَهْلِ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَعُفِيَ عَنْهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ أَطْلَقَ فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَانِ رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ الْحِنْثَ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ إذْ لَا حِنْثَ وَلَا مَنْعَ بَلْ تَحْقِيقٌ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ قَبْلَ الْحَلِفِ بِخِلَافِهِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَرَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ عَدَمَ الْحِنْثِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي فَصْلِ قَالَ إنْ ابْتَلَعْت (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ إنْ عَلَّقَ بِفِعْلِ (غَيْرٍ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَقَدْ (قَصَدَ) بِذَلِكَ (مَنْعَهُ) أَوْ حَثَّهُ (وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالِي) بِتَعْلِيقِهِ فَلَا يُخَالِفُهُ فِيهِ لِصَدَاقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (وَعُلِمَ بِالتَّعْلِيقِ فَفَعَلَهُ الْغَيْرُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهُ أَوْ حَثَّهُ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْحَجِيجِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَفَعَلَهُ كَذَلِكَ (طَلُقَتْ) لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَنْعٍ أَوْ حَثٍّ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ كَالْمِنْهَاجِ مَا إذَا قَصَدَ مَعَ مَا ذُكِرَ فِيمَنْ يُبَالِي بِهِ إعْلَامَهُ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا تَطْلُقُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ أَصْلِهِ وَجَرَى هُوَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَعَزَاهُ الزَّرْكَشِيُّ لِلْجُمْهُورِ (وَلَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا فَفَعَلَ نَاسِيًا طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَقَدْ ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْسَى فَنَسِيَ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْسَ بَلْ نَسِيَ (أَوْ بِدُخُولِ بَهِيمَةٍ وَنَحْوِهَا) كَطِفْلٍ (فَدَخَلَتْ لَا مُكْرَهَةً طَلُقَتْ) بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَتْ مُكْرَهَةً لَا تَطْلُقُ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا مَرَّ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُعَلَّقَ بِفِعْلِهِ التَّعْلِيقَ وَكَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ أَوْ مِمَّنْ يُبَالِي وَلَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ إعْلَامَهُ وَدَخَلَ مُكْرَهًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْآدَمِيَّ فِعْلُهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنْ أَتَى بِهِ مُكْرَهًا وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِهِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْبَهِيمَةِ فَكَأَنَّهَا حِينَ الْإِكْرَاهِ لَمْ تَفْعَلْ شَيْئًا. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِأَرْبَعٍ) تَحْتَهُ (إنْ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَطِئَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ (طَلُقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً) لَا يُقَالُ هَلَّا طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بِجَامِعِ الْعُمُومِ وَهُوَ هُنَا مَوْجُودٌ بِوُقُوعِ النَّكِرَةِ بَعْدَ النَّفْيِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا وَقَعَتْ بَعْدَ النَّفْيِ صُورَةً لَا مَعْنًى إذْ الْمَعْنَى إنْ تَرَكْتُ وَطْءَ وَاحِدَةٍ (أَوْ) قَالَ (أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا الْيَوْمَ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِيهِ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ صَوَاحِبَ لَمْ يَطَأْهُنَّ (وَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً فَقَطْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثَ صَوَاحِبَ لَمْ يَطَأْهُنَّ (وَ) طَلُقَتْ (الْبَاقِيَاتُ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَتَيْنِ لَمْ يَطَأْهُمَا (أَوْ وَطِئَ اثْنَتَيْنِ) فَقَطْ (طَلُقَتَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَتَيْنِ لَمْ يَطَأْهُمَا (وَ) طَلُقَتْ (الْأُخْرَيَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَةً لَمْ يَطَأْهَا (أَوْ) وَطِئَ ثَلَاثًا فَقَطْ (فَطَلْقَةً طَلْقَةً) تَطْلُقْنَ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَةً لَمْ يَطَأْهَا (وَلَمْ تَطْلُقْ الرَّابِعَةُ) إذْ لَيْسَ لَهَا صَاحِبَةٌ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ (فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْيَوْمَ) فِي تَعْلِيقِهِ وَلَمْ يَطَأْ قَبْلَ مَوْتِهِ (وَقَعَ الثَّلَاثُ قُبَيْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهِنَّ وَبِمَوْتِ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ قَبْلَ الْوَطْءِ (وَهُوَ حَيٌّ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ قَدْ يَطَأُ الْبَاقِيَاتِ (وَطَلَّقَ صَوَاحِبَهَا طَلْقَةً طَلْقَةً) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَةً لَمْ يَطَأْهَا (فَإِنْ مَاتَتْ الثَّانِيَةُ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ ثَانِيَةً قَبْلَ الْوَطْءِ (تَبَيَّنَّا وُقُوعَ طَلْقَةٍ عَلَى الْمَيِّتَةِ قُبَيْلَ مَوْتِهَا وَ) وَقَعَ (عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ بَقِيَتْ الْعِدَّةُ) وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِنَّ شَيْءٌ (فَإِنْ مَاتَتْ ثَالِثَةٌ) قَبْلَ الْوَطْءِ (فَطَلْقَتَانِ) يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُمَا (عَلَى الْأُولَيَيْنِ) قَبْلَ مَوْتِهِمَا (وَطَلُقَتْ الْبَاقِيَةُ) طَلْقَةً (ثَالِثَةً) إنْ بَقِيَتْ الْعِدَّةُ (فَإِنْ مَاتَتْ الرَّابِعَةُ) قَبْلَ الْوَطْءِ (تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الثَّلَاثِ عَلَى الْكُلِّ) هَذَا (إنْ لَمْ يَطَأْ فِي الْحَالَاتِ كُلِّهَا) كَمَا تَقَرَّرَ فَإِنْ وَطِئَ كُلًّا مِنْهُنَّ قَبْلَ مَوْتِهَا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِنْ وَطِئَ بَعْضَهُنَّ فَقَطْ فَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ فِيمَا إذَا قَيَّدَ بِالْيَوْمِ. (فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِسَرِقَتِهَا مِنْهُ فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ خِيَانَةٌ لَا سَرِقَةٌ. (وَإِنْ قَالَ) لَهَا إنْ (كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ كَلَّمَهَا بِالْإِعَادَةِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ فَاعْلَمِي فِيمَا (لَوْ قَالَ) لَهَا إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ (فَاعْلَمِي وَإِذَا قَالَ) لَهَا (إذَا بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ إذَا بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَكَلَّمَهَا ثُمَّ كَلَّمَتْهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَانْحَلَّتْ) يَمِينُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِيَمِينِهَا، وَيَمِينُهَا انْحَلَّتْ بِكَلَامِهِ أَوَّلًا فَلَوْ كَلَّمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَعْدُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. (وَكَذَا) لَا يَقَعَانِ وَتَنْحَلُّ يَمِينَاهُمَا (لَوْ قَالَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (إنْ بَدَأْتُك بِالسَّلَامِ) إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (فَسَلَّمَا مَعًا) لِعَدَمِ ابْتِدَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ فِي الْبِشَارَةِ لِأَنَّهَا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا وَهِيَ مِنْهُمَا مَعًا أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ هُنَا ابْتِدَاءُ سَلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَمْ يُوجَدْ. (وَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ أَطْلَقَ إلَخْ) يَحْنَثُ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي مَوَاضِعَ كَمَا أَوْضَحْته فِي الْفَتَاوَى وَلَا يَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ كَالْأُولَى. (قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ الْحِنْثَ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ حِنْثَ النَّاسِي مُطْلَقًا. (تَنْبِيهٌ) وَالْحَلِفُ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ فِيهَا يُوجِبُ الْحِنْثَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَهُوَ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَّا لِلتَّعْلِيقِ بِكَوْنِهِ فِيهَا وَلَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ بِكَوْنِهِ فِيهَا. (قَوْلُهُ أَوْ جَاهِلًا) أَيْ بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ مَا إذَا قَصَدَ مَا ذُكِرَ فِيمَنْ يُبَالِي بِهِ إعْلَامَهُ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا تَطْلُقُ) أَيْ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ إعْلَامِهِ فَلَمْ يُعْلِمْهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا طَلُقَتْ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ مُخْتَارًا وَلَا مُكْرَهًا فَفَعَلَ مُكْرَهًا قَالَ لِأَرْبَعٍ تَحْتَهُ إنْ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَوْلُهُ كَطِفْلٍ لَا يُمَيِّزُ) وَمَجْنُونٍ. [فَصْل قَالَ لِأَرْبَع تَحْتَهُ إنْ لَمْ أَطَأ الْيَوْم وَاحِدَة مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَطِئَ وَاحِدَةً] (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْعُمُومِ) وَهُوَ هُنَا مَوْجُودٌ بِوُقُوعِ النَّكِرَةِ بَعْدَ النَّفْيِ الْعُمُومُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَدْلُولُ انْتِفَاءِ وَطْئِهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَا يَتَحَقَّقُ شَرْطُ طَلَاقِهِنَّ إلَّا بِهِ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى تَكْرِيرِ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا أَفَادَ التَّكْرِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ قَوْلُهُ فِيهَا أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا فَإِنَّ مَدْلُولَهُ أَنَّ انْتِفَاءَ وَطْءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُقْتَضٍ لِتَطْلِيقِ صَوَاحِبِهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 قَالَ) الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ (إنْ أَخَذْت مَا لَكَ عَلَيَّ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَخَذَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ بِتَلَصُّصٍ أَوْ انْتَزَعَهُ) مِنْهُ (مُكْرَهًا) وَكَانَ الْمَالُ مُعَيَّنًا فِي الْجَمِيعِ أَوْ دَيْنًا وَرَضِيَ الْمَدِينُ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِعْطَاءِ فِي الْأَخِيرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَمِثْلُهَا الثَّالِثَةُ (طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ (لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ) فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ نَعَمْ إنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ أَخَذَهُ مِنْهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي آخِرِ السَّلَمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ أَخَذَهُ) مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَلَوْ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ (السُّلْطَانُ وَأَعْطَاهُ) لِلدَّائِنِ (أَوْ غَرِمَهُ أَجْنَبِيٌّ) عَنْ الْمَدِينِ (لَمْ تَطْلُقْ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ عَلَى الْمَدِينِ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ امْتِنَاعِهِ فَكَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ السُّلْطَانِ مِنْ الدَّائِنِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَصْبٌ لَا أَخْذُ حَقٍّ وَأَمَّا عِنْدَ امْتِنَاعِهِ فَلِأَنَّهُ بَرِئَ بِأَخْذِ السُّلْطَانِ فَلَا يَصِيرُ بِأَخْذِهِ مِنْ السُّلْطَانِ آخِذًا حَقَّهُ عَلَى الْمَدِينِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ حَقِّهِ لَا نَفْسَ حَقِّهِ (فَإِنْ قَالَ) إنْ أَخَذْت مَالَك (مِنِّي بَدَلَ) إنْ أَخَذْت مَالَك (عَلَيَّ لَمْ تَطْلُقْ بِإِعْطَاءِ الْوَكِيلِ وَنَحْوِهِ) مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ وَتَعْبِيرُهُ بِنَحْوِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالسُّلْطَانِ. (وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتُك حَقَّك) فَامْرَأَتِي طَالِقٌ (اُشْتُرِطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (اخْتِيَارُ الْمَدِينِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ اخْتِيَارِ الدَّائِنِ (وَإِعْطَاؤُهُ) بِنَفْسِهِ (لَا) إعْطَاءُ (وَكِيلِهِ) يَعْنِي لَا يَكْفِي إعْطَاءُ وَكِيلِهِ أَوْ نَحْوِهِ إنْ غَابَ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْخُلْعِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَرِيضَةً) بِالنَّصْبِ (لَمْ تَطْلُقْ إلَّا حَالَ الْمَرَضِ) لِأَنَّ الْحَالَ كَالظَّرْفِ لِلْفِعْلِ (وَكَذَا لَوْ لَحَنَ فَرَفَعَ) مَرِيضَةً كَذَلِكَ وَقِيلَ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ مَرِيضَةً صِفَةٌ لَهَا لَا حَالٌ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ الرَّفْعُ لَيْسَ بِلَحْنٍ وَالتَّقْدِيرُ وَأَنْتِ مَرِيضَةٌ فَالْجُمْلَةُ حَالٌ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَكَالرَّفْعِ الْجَرُّ وَالسُّكُونُ. (وَلَوْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِدُخُولِهِمَا) أَيْ زَوْجَتَيْهِ (الدَّارَيْنِ اُشْتُرِطَ) لِوُقُوعِهِ (دُخُولُ كُلٍّ) مِنْهُمَا الدَّارَيْنِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ اُشْتُرِطَ أَنْ تَدْخُلَهُمَا فَلَوْ دَخَلَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا إحْدَى الدَّارَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِأَكْلِهِمَا لِرَغِيفَيْنِ فَأَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (رَغِيفًا) وَالْمُرَادُ فَأَكَلَتَاهُمَا بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ (طَلُقَتَا) لِأَنَّهُمَا أَكْلَتَاهُمَا وَلَا يُمْكِنُ أَكْلُ كُلٍّ وَاحِدَةٍ الرَّغِيفَيْنِ بِخِلَافِ دُخُولِهِمَا الدَّارَيْنِ وَإِنَّمَا حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَكْلِهِمَا الرَّغِيفَيْنِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَكْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا الرَّغِيفَيْنِ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ لِأَنَّ الْكُلِّيَّ الْإِفْرَادِيَّ إذَا تَعَذَّرَ حُمِلَ عَلَى الْمَجْمُوعِيِّ كَقَوْلِهِ إنْ دَفَنْتُمَا هَذَا الْمَيِّتَ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ مَنْ مَالُهُ خَمْسُونَ) وَقَدْ قِيلَ لَهُ أَنْت تَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ (إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ أَنِّي لَا أَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى الْمِائَةِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (أَرَادَ أَنِّي أَمْلِكُ مِائَةً بِلَا زِيَادَةٍ طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ قَالَ إنْ كُنْت لَا أَمْلِكُ إلَّا مِائَةً لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الْوَصْفِ وَذِكْرُ لَا فِي الثَّانِيَةِ مَعَ التَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَى تَرْكِ لَا كَمَا فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهَا تَطْلُقُ صَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ. (فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِالْخُرُوجِ) أَيْ بِخُرُوجِهَا (إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَتْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لَهُ (وَلَوْ خَرَجَتْ لَهُمَا طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا خَرَجَتْ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَكَلَّمَتْ زَيْدًا وَعَمْرًا (هَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) هُنَا (وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ) الْمَعْرُوفُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا (لَا تَطْلُقُ) وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِهِ وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ الْخُرُوجُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِسَرِقَتِهَا مِنْهُ فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ] قَوْلُهُ لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ حَتَّى أَعْطَى بِنَفْسِهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي فِعْلِ الْمُكْرَهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ بِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى وَفَاءِ الْحَقِّ بِمُطْلَقِ الْإِعْطَاءِ فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُوَكِّلَ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إلَّا بِمُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ فَالْمُتَّجَهُ الْحِنْثُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إنَّهَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ) ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِحَقٍّ يَمْنَعُ الْحِنْثَ أَيْضًا فَصُورَةُ مَا تَفَقَّهَهُ إذَا لَمْ يُكْرِهْهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَخْذِهِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِي الْإِكْرَاهِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَكَوْنِهِ بِحَقٍّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي عَقْدٍ أَوْ حَلٍّ يَحْصُلُ بِصِحَّتِهِ أَوْ نُفُوذِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْآدَمِيِّ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَا يَفْتَرِقُ حُكْمُهُمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ إنْ غَابَ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةً بِالنَّصْبِ] (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ لَحَنَ فَرَفَعَ مَرِيضَةً) قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّهُ لَيْسَ بِلَحْنٍ؛ لِأَنَّ الْحَالَ تَجِيءُ جُمْلَةً اسْمِيَّةً وَقَدْ حُذِفَ صَدْرُهَا وَالتَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مَرِيضَةٌ وَهَذَا الْحَذْفُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ فَالصَّوَابُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَالِ مَعَ الرَّفْعِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا فِيمَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ أَمَّا مَنْ لَا يَعْرِفُهَا وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِاللَّفْظِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْرِفَهُ أَوْ يَجْهَلَهُ كَصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ مُتَسَاوِيَانِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْإِعْرَابَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالْأَغْرَاضِ فَإِذَا جُهِلَتْ عُدِمَتْ وَبَقِيَ الطَّلَاقُ مُنْفَرِدًا قَالَ وَسَكَتَ عَنْ حَالَةٍ ثَالِثَةٍ وَهِيَ أَنْ يَقِفَ بِالسُّكُونِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهَا الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ يُسْأَلُ عَنْ مُرَادِهِ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدَهُمَا حُمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْخَبَرِ دُونَ الشَّرْطِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَلِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَصْدِ [فَرْعٌ قَالَ مَنْ مَالُهُ خَمْسُونَ إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ] (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ مِنْ مَالِهِ خَمْسُونَ إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ كَانَ فِي كَفَّيْ دَرَاهِمُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَعَبْدِي حُرٌّ وَكَانَ فِي كَفِّهِ أَرْبَعَةٌ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ فِي كَفِّهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ إنَّمَا هُوَ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لَا دَرَاهِمَ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا إنْ كَانَ فِي كَفِّهِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 لِمَقْصُودِ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الْحَمَّامِ وَهُنَا الْحَمَّامُ مَقْصُودٌ بِالْخُرُوجِ انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ مَا هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ الْحَمَّامِ فَقَطْ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَيُصَدَّقُ حِينَئِذٍ عَلَى الْخُرُوجِ لَهُمَا أَنَّهُ خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهُمَا خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ. (وَإِنْ نَشَزَتْ) فَخَرَجَتْ إلَى دَارِ أَبِيهَا مَثَلًا (فَحَلَفَ) بِالطَّلَاقِ لَا يَرُدُّهَا (أَحَدٌ فَأَكْتَرَتْ) بَهِيمَةً (وَرَجَعَتْ إلَيْهِ مَعَ الْمُكَارِي) مَثَلًا (لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ صَحِبَهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا وَانْحَلَّتْ) يَمِينُهُ فَلَوْ خَرَجَتْ فَرَدَّهَا الزَّوْجُ أَوْ غَيْرُهُ لَمْ تَطْلُقْ إذْ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا. [فَصْلٌ قَوْلُهُ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَدْخُلُ الدَّارَ مِنْ نِسَائِي طَالِقٌ] (فَصْلٌ قَوْلُهُ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَدْخُلُ الدَّارَ مِنْ نِسَائِي طَالِقٌ تَعْلِيقٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَدَاةُ تَعْلِيقٍ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَ) قَوْلُهُ مُشِيرًا إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (هَذِهِ الَّتِي تَدْخُلُ الدَّارَ طَالِقٌ تَنْجِيزٌ) فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ (وَإِنْ ادَّعَتْ) عَلَيْهِ امْرَأَةٌ (نِكَاحَهُ) لَهَا (فَأَنْكَرَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تَنْكِحْ) غَيْرَهُ عَمَلًا بِقَوْلِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ نَكَحْتهَا وَأَنَا وَاجِدٌ طَوْلَ حُرَّةٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِطَلْقَةٍ لِأَنَّهُ ثَمَّ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ وَادَّعَى مُفْسِدًا وَهُنَا لَمْ يُقِرَّ أَصْلًا كَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ إذْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ فُرْقَةُ فَسْخٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ آخِرَ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ. (وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ لَا أَدْخُلُ) هَذِهِ الدَّارَ (تَعْلِيقٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَدَاةُ تَعْلِيقٍ فَلَا تَطْلُقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَةُ الزَّوْجِ بِلَا مِثْلَ إنْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي أَنْت طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُضَارِعَ عَلَى أَصْلِ وَضْعِ التَّعْلِيقِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بِمُسْتَقْبَلٍ فَكَانَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمَاضِي. (وَإِنْ قَالَ حَلَفْت بِطَلَاقِك) عَلَيَّ (إنْ فَعَلْت) كَذَا (ثُمَّ قَالَ لَمْ أَحْلِفْ وَ) إنَّمَا (أَرَدْت تَخْوِيفَهَا دُيِّنَ) وَطَلُقَتْ ظَاهِرًا إنْ فَعَلَتْ (أَوْ) قَالَ (إنْ خَرَجْت أَنْت جَعَلْت أَمْرَك) وَفِي نُسْخَةٍ أَمْرَ طَلَاقِك (بِيَدِك فَقَالَتْ أَخْرُجُ فَجَعَلَهُ بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ أَرَدْت) جَعْلَ ذَلِكَ (بَعْدَ الْخُرُوجِ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ. (أَوْ) قَالَ (إنْ أَبْرَأْت زَيْدًا) مِنْ دَيْنِك فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَبْرَأَتْهُ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا بِخِلَافِ) مَا لَوْ قَالَ لَهَا (إنْ أَبْرَأْتنِي) مِنْ دَيْنِك فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا لِعَوْدِ مَنْفَعَةِ الْعِوَضِ إلَيْهِ فِي هَذِهِ دُونَ تِلْكَ فَكَانَ ذَلِكَ فِيهَا تَعْلِيقًا مَحْضًا. (أَوْ قَالَ لِأُمِّهَا ابْنَتُك طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بِنْتَك الْأُخْرَى صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَوَابًا لِالْتِمَاسِهَا مِنْهُ طَلَاقَ ابْنَتِهَا الَّتِي تَحْتَهُ (أَوْ) قَالَ (إنْ فَعَلْت مَعْصِيَةً) فَأَنْت طَالِقٌ (لَمْ تَطْلُقْ بِتَرْكِ الطَّاعَةِ) كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ فَلَوْ فَعَلَتْ مَعْصِيَةً كَسَرِقَةٍ وَزِنًا طَلُقَتْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ أَنْ لَا تَطْلُقَ بِالزِّنَا إذَا كَانَ الْمَوْجُودُ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ التَّمْكِينِ بِأَنْ كَشَفَ عَوْرَتَهَا فَسَكَتَتْ أَوْ كَانَتْ مَكْشُوفَةَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ تَرْكُ الدَّفْعِ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنًى لِلزِّنَا مِنْهَا إلَّا التَّمْكِينُ مِنْهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ تَمْكِينٌ وَقَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الصَّوْمِ أَنَّهُ إذَا طُعِمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّفْعِ أَنَّهُ يُفْطِرُ فَجُعِلَ السُّكُوتُ كَفِعْلِ الْأَكْلِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ يَا طَالِقُ لَا طَلَّقْتُك وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ) طَلْقَةٌ بِالنِّدَاءِ وَطَلْقَةٌ بِمَا قَبْلَهُ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِيَا طَالِقُ النِّدَاءَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لُغَتُهُ بِلَا مِثْلَ إنْ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِالنِّدَاءِ ثُمَّ إنْ طَلَّقَ ثَانِيَةً وَقَعَتْ أُخْرَى إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا. (أَوْ قَالَ إنْ وَطِئْت أَمَتِي بِغَيْرِ إذْنِك فَأَنْت طَالِقٌ) فَاسْتَأْذَنَهَا (فَقَالَتْ) لَهُ (طَأْهَا فِي عَيْنِهَا فَلَيْسَ بِإِذْنٍ) نَعَمْ إنْ دَلَّ الْحَالُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ كَانَ إذْنًا وَقَوْلُهَا فِي عَيْنِهَا تَوَسُّعًا فِي الْإِذْنِ لَا تَخْصِيصًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (فَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي أَحْلَى مِنْ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) لِظَنِّهِ أَنَّهُ يُخَاطِبُ غَيْرَهَا وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجِهَا إلَى غَيْر الْحَمَّامِ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ] قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ مَا هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ إنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ عِبَادَةٍ اهـ فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَعَدَمُ وُقُوعِهِ فِي تِلْكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إلَى فِي مَسْأَلَتِنَا لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ الْمَكَانِيَّةِ أَيْ إنْ انْتَهَى خُرُوجُك لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ انْتَهَى لِغَيْرِهَا وَاللَّامُ فِي تِلْكَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ إنْ كَانَ خُرُوجُك لِأَجْلِ غَيْرِ الْعِبَادَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَخُرُوجُهَا لِأَجْلِهِمَا مَعًا لَيْسَ خُرُوجًا لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَتُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُضَارِعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ دَيْنِك) أَيْ أَوْ مَهْرِك أَوْ صَدَاقِك. (قَوْلُهُ فَأَبْرَأَتْهُ) أَيْ فَوْرًا أَوْ إذَا بَلَغَهَا الْخَبَرُ إنْ غَابَتْ إلَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً غَيْرَ مَأْذُونَةٍ فِي الْخُلْعِ بِهِ أَوْ عَلَّقَ بِمَا لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا لِعَوْدِ مَنْفَعَةِ الْعِوَضِ إلَيْهِ إلَخْ) يُخَالِفُهُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَأَبْرَأَتْ كَانَ رَجْعِيًّا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْخِلَافُ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ تَمْلِيكٌ أَوْ إسْقَاطٌ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ كَانَ خُلْعًا، أَوْ إسْقَاطً فَلَا وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَذَا الدَّيْنِ زَكَاةٌ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ زَكَاةٌ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ وَقَدْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ الْفُقَرَاءُ فَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ. اهـ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ بِقَدْرِ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ وَهِيَ جَائِزَةُ التَّصَرُّفِ لَوْ ادَّعَتْ جَهْلَهَا بِقَدْرِ مَا أَبْرَأَتْ مِنْهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ دَيْنِهَا وَإِنْ بَانَتْ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ تَمْلِيكٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَذَا الدَّيْنِ زَكَاةٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَوَابًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ إلَخْ) مَا قَالَهُ مَرْدُودٌ. (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنًى لِلزِّنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَا طَالِقُ لَا طَلَّقْتُك] (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ دَلَّ الْحَالُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ كَانَ إذْنًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ إنَّهَا تَطْلُقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّهَا هِيَ الْحُرَّةُ فَلَا تَكُونُ أَحْلَى مِنْ نَفْسِهَا وَإِلَى هَذَا مَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَفِيهِ نَظَرٌ) وَكَانَ الْأَنْسَبُ لَهُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ أَنْ يُبَدِّلَ قَوْلَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَفِيهِ نَظَرٌ بِقَوْلِهِ فِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ قَالَ طَلُقَتْ كَانَ أَوْلَى بِمَا مَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. (أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ لَمْ تَتَغَدَّيْنَ مَعِي أَوْ) إنْ (لَمْ تُلْقِي الْمِفْتَاحَ) فَأَنْت طَالِقٌ (وَلَمْ يُرِدْ فِي الْحَالِ حُمِلَ عَلَى التَّرَاخِي) فَلَوْ تَغَدَّتْ مَعَهُ أَوْ أَلْقَتْ الْمِفْتَاحَ بَعْدَ مُدَّةٍ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ فِعْلِهَا ذَلِكَ طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ مَاتَتْ أَوَّلًا وَإِلَّا فَقُبَيْلَ مَوْتِهِ إذَا مَاتَتْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَفْعَلُ قَبْلَ مَوْتِهَا فَلَا تَطْلُقُ فَإِنْ أَرَادَ فِي الْحَالِ فَامْتَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ طَلُقَتْ وَرَأَى الْبَغَوِيّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْحَالِ لِلْعَادَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. (أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ لَمْ تَبِيعِي هَذِهِ الدَّجَاجَاتِ) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَتَلَتْ وَاحِدَةً) مِنْهَا أَوْ مَاتَتْ وَقَدْ تَمَكَّنَتْ مِنْ ذَبْحِهَا (طَلُقَتْ) لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ وَلَوْ جَرَحَتْهَا ثُمَّ بَاعَتْهَا فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ ذُبِحَتْ لَمْ تَحِلَّ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ إنْ قَرَأْت عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ) مَثَلًا (بِلَا زِيَادَةٍ) فَأَنْت طَالِقٌ (وَفِي حَدِّهَا) أَيْ الْعَشْرِ (خِلَافٌ) لِلْقُرَّاءِ (فَيَعْتَمِدُ) الْمُسْتَفْتِي عَنْ ذَلِكَ (قَوْلَ الْمُفْتِي وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِقِرَاءَتِهَا) أَيْ الْعَشْرِ (فِي الصَّلَاةِ فَقَرَأَتْهَا) فِيهَا (ثُمَّ أَفْسَدَتْهَا) أَيْ الصَّلَاةَ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ يَفْسُدُ أَوَّلُهَا بِفَسَادِ آخِرِهَا لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّيَ يَحْنَثُ بِالتَّحْرِيمِ بِالصَّلَاةِ وَإِنْ أَفْسَدَهَا بَعْدُ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ هُنَا فِي الصَّلَاةِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَا أُصَلِّي صَلَاةً وَهُوَ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا كَمَا ذَكَرُوهُ ثَمَّ. (أَوْ) قَالَ (إنْ قَبَّلْت ضَرَّتَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَبَّلَهَا مَيِّتَةً لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ) تَعْلِيقِهِ بِتَقْبِيلِ (أُمِّهِ) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِتَقْبِيلِهِ لَهَا مَيِّتَةً إذْ قُبْلَةُ الزَّوْجَةِ قُبْلَةُ شَهْوَةٍ وَلَا شَهْوَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقُبْلَةُ الْأُمِّ قُبْلَةُ كَرَامَةٍ فَيَسْتَوِي فِيهَا الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ (أَوْ) قَالَ (إنْ غَسَلْت ثَوْبِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَغَسَلَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ غَمَسَتْهُ) هِيَ فِي الْمَاءِ (تَنْظِيفًا) لَهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْغَسْلُ بِالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ وَنَحْوِهِمَا وَإِزَالَةُ الْوَسَخِ. [فَصْلٌ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ كُنْت حَرَّمْتهَا عَلَى نَفْسِي قَبْلَ هَذَا] (فَصْلٌ) لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ كُنْت حَرَّمْتهَا عَلَى نَفْسِي قَبْلَ هَذَا وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. وَلَوْ (قَالَ إنْ ابْتَلَعْت شَيْئًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِابْتِلَاعِ رِيقِهَا إلَّا إنْ أَرَادَ شَيْئًا غَيْرَهُ) فَلَا تَطْلُقُ بِذَلِكَ عَمَلًا بِإِرَادَتِهِ (أَوْ) إنْ ابْتَلَعَتْ (الرِّيقَ طَلُقَتْ بِكُلِّ رِيقٍ) أَيْ رِيقِهَا أَوْ رِيقِ غَيْرِهَا (فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ رِيقِهَا) أَيْ رِيقِ غَيْرِهَا (دُيِّنَ) وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرٌ أَوْ أَرَادَ رِيقَهَا قُبِلَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِضَرْبِهَا فَضَرَبَ غَيْرَهَا) وَلَمْ يَعْلَمْ قَصْدَهُ (فَأَصَابَهَا) ضَرْبُهُ (طَلُقَتْ وَلَا يُصَدَّقُ) فِي (أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهَا) لِأَنَّ الضَّرْبَ يَقِينٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إظْهَارِ قَصْدِهِ قَبْلَ الضَّرْبِ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى تَصْدِيقِهِ كَأَنْ رَجَمَ ابْنَهُ أَوْ عَبْدَهُ بِحَجَرٍ وَهِيَ غَائِبَةٍ فَبَرَزَتْ مِنْ بَابِ الْبَيْتِ مَثَلًا فَأَصَابَهَا صُدِّقَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا إذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ قَصَدَ ضَرْبَ غَيْرِهَا فَلَا تَطْلُقُ كَالْمُكْرَهِ. (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِالدُّخُولِ) أَيْ بِدُخُولِهِ (عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ) هُوَ (مَعَهُ) أَوْ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَهُ فُلَانٌ (لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ وَإِنْ دَخَلَ فُلَانٌ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ هُوَ عَلَيْهِ طَلُقَتْ لِوُجُودِهَا (أَوْ) حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ (لَا يَخْرُجُ) مِنْ الْبَلَدِ (حَتَّى يَقْضِيَهُ دَيْنَهُ بِالْعَمَلِ فَعَمِلَ) لَهُ (بِبَعْضٍ) مِنْ الدَّيْنِ (وَقَضَى بَعْضَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ الْعَمَلِ (ثُمَّ خَرَجَ طَلُقَتْ فَإِنْ أَرَادَ قَضَاءَهُ) لَهُ (مُطْلَقًا قُبِلَ فِي الْحُكْمِ) كَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّ الْمَجْزُومَ بِهِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ الْعَكْسُ فَقَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ تَتَبَّعْت فَتَاوَى الْبَغَوِيّ فَرَأَيْت فِي بَعْضِهَا قُبِلَ ظَاهِرًا وَمِنْهَا أَخَذَ الرَّافِعِيُّ وَرَأَيْت فِي أَكْثَرِهَا قُبِلَ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا وَهَذَا هُوَ صَوَابُ النَّقْلِ فَاعْتَمِدْهُ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فَأَخَذَ مِنْهُ عِوَضًا حَنِثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ بَلْ عَوَّضَهُ وَهَذَا لَمْ يُوَفِّهِ دَيْنَهُ بِالْعَمَلِ بَلْ بِغَيْرِهِ. (وَإِنْ سُئِلَ الْمُطَلِّقُ) لِزَوْجَتِهِ (أَطَلَّقْت ثَلَاثًا فَقَالَ طَلَّقْت وَقَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً قُبِلَ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (لِأَنَّ) قَوْلَهُ (طَلَّقْت لَيْسَ مُتَعَيِّنًا لِلْجَوَابِ فَقَدْ يُرِيدُ الْإِنْشَاءَ) أَيْ إنْشَاءَ الْإِخْبَارِ أَوْ الطَّلَاقِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلَّقْتهَا صَالِحٌ لِلِابْتِدَاءِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِلْجَوَابِ وَذِكْرُ ثَلَاثًا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ حَسَنٌ. (وَلَوْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِسَرِقَةِ ذَهَبٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) بَلْ هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إنَّهَا بَاعَتْ أَيْضًا مَا عَدَا الْمَجْرُوحَةَ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْفَتَى. قَوْلُهُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ جَرْحَهَا هَذَا كَالْعَدَمِ وَإِنَّمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِبَيْعِهِنَّ جَمِيعِهِنَّ إذَا الْحِنْثُ مُمْكِنٌ مَا بَقِيَ وَاحِدَةٌ إذْ لَعَلَّهَا تَمُوتُ فَيَحْنَثُ فَصَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ وَالْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَوَقَعَ فِي الْأَصْفُونِيِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ الْإِسْنَوِيُّ لِهَذَا وَقَدْ نَبَّهْت عَلَيْهَا فِي مُهِمَّاتِ الْمُهِمَّاتِ فَسَلَّمَ الْمُصَنِّفُ بِحَذْفِهَا مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ (قَوْلُهُ لَا يَصْدُقُ فِي أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهَا) أَيْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ صَوَابُ النَّقْلِ فَاعْتَمِدْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 فَسَرَقَتْ) ذَهَبًا (مَغْشُوشًا طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِجَوَابِهَا) لَهُ (عَنْ خِطَابِهِ) بِأَنْ قَالَ إنْ أَجَبْتنِي عَنْ خِطَابِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ خَاطَبَهَا (فَقَصَدَتْ خِطَابَهُ بِآيَةٍ) أَيْ بِقِرَاءَةِ آيَةٍ (تَتَضَمَّنُ جَوَابَهُ طَلُقَتْ) لِذَلِكَ وَإِنْ قَصَدَتْ مَعَهُ الْقِرَاءَةَ فَإِنْ كَذَّبَهَا فِي أَنَّهَا قَصَدَتْ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الْمُصَدِّقَةُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ وَإِنْ قَصَدَتْ بِهَا الْقِرَاءَةَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ قَصْدَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قَصْدٌ لَمْ تَطْلُقْ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِاسْتِيفَائِهَا إرْثَهَا) مِنْ مَالِ مُوَرِّثِهَا (وَقَدْ تَلِفَ) كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ (كَفَى) فِي عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِهَا (الِاسْتِبْدَالُ) عَنْهُ (لَا) إنْ اسْتَبْدَلَتْ عَنْهُ (وَهُوَ بَاقٍ) فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ (وَلَا الْإِبْرَاءُ) عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِيفَاءً. (وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ هَذَا) الشَّيْءَ هُوَ (الَّذِي أَخَذَتْهُ) مِنْ فُلَانٍ (فَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ غَيْرُهُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ إلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ الْعِلْمَ بِهِ وَزَادَ قَوْلَهُ (إنْ تَعَمَّدَ) لِيُخْرِجَ الْجَاهِلَ فَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ إيَّاهُ وَهُوَ غَيْرُهُ يَكُونُ جَاهِلًا وَالْجَاهِلُ لَا يَحْنَثُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي أَوَّلِ الْأَيْمَانِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ فَتَفَطَّنْ لَهُ وَاسْتَحْضِرْهُ فَإِنَّهُ كَثِيرُ الْوُقُوعِ فِي الْفَتَاوَى وَقَدْ ذَهِلَ عَنْهُ الشَّيْخَانِ فِي مَسَائِلَ وَإِنْ كَانَا قَدْ تَفَطَّنَا لَهُ فِي مَسَائِلَ أُخَرَ وَتَقَدَّمَ فِيهِ كَلَامٌ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ (وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلْت) كَذَا عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَا يَفْعَلُ كَذَا (فَشَهِدَ عَدْلَانِ) بِأَنْ أَخْبَرَا (أَنَّهُ فَعَلَهُ فَظَنَّ صِدْقَهُمَا لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ) نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ (قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا) إنَّمَا يَأْتِي (إذَا أَوْقَعْنَا طَلَاقَ النَّاسِي وَ) مَا قَالَهُ (هُوَ الْحَقُّ) قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ عِنْدَ تَصْدِيقِهِ قَالَ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ وَطَرِيقُهُ فِي دَفْعِهِمَا أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِيهِ. (وَإِنْ فَتَحَتْ إحْدَاهُنَّ) أَيْ زَوْجَاتِهِ (الْبَابَ فَقَالَ الْفَاتِحَةُ) مِنْكُنَّ طَالِقٌ (وَادَّعَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُنَّ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ (وَلَيْسَ لَهُ التَّعْيِينُ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (إنْ جَهِلَهَا) أَيْ الْفَاتِحَةَ (بِخِلَافِ) الطَّلَاقِ (الْمُبْهَمِ) لِأَنَّ مَحَلَّ الطَّلَاقِ عُيِّنَ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ (وَلَوْ بَعَثَ إلَيْهِ) غَيْرَهُ (رَجُلًا وَ) إنْ (عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ إلَيْهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَقَدْ بَعَثْته إلَيْك لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ بَعَثَهُ فَلَمْ يَمْتَثِلْ. (وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ إنْ لَمْ تُطِيعِينِي) كَأَنْ قَالَ إنْ لَمْ تُطِيعِينِي فَأَنْت طَالِقٌ (طَلُقَتْ بِعِصْيَانِهَا أَمْرَهُ) لَهَا بِشَيْءٍ (أَوْ نَهْيَهُ) لَهَا عَنْهُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (لَا بِقَوْلِهَا) لَهُ وَلَوْ بَعْدَ أَمْرِهِ أَوْ نَهْيِهِ لَهَا (لَا أُطِيعُك) فَلَا تَطْلُقُ. (أَوْ) حَلَفَ بِالطَّلَاقِ (إنْ دَخَلْت دَارَك) كَأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت دَارَك فَأَنْت طَالِقٌ (وَلَا دَارَ لَهَا) وَقْتَ الْحَلِفِ (طَلُقَتْ بِدُخُولِ كُلِّ دَارٍ مَلَكَتْهَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَلِفِ (فَإِنْ قَالَ) إنْ دَخَلْت دَارَك الْآنَ (فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ) فَلَا تَطْلُقُ وَإِنْ دَخَلَ دَارًا مَلَكَتْهَا بَعْدُ (وَلَوْ أَقَرَّ بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ أَبَدًا لَمْ يُحْكَمْ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ) وَلِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ تَحْرِيمَهَا بِالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ. (أَوْ قَالَ إنْ أَجَبْت كَلَامِي فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَ غَيْرَهَا فَأَجَابَتْهُ هِيَ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسَمَّى جَوَابًا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُخَاطَبَةَ (أَوْ) قَالَ (إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَخْرَجَهَا) هُوَ (فَهَلْ يَكُونُ إذْنًا) لَهَا فِي الْخُرُوجِ أَوْ لَا (وَجْهَانِ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ) فَتَطْلُقُ. (وَلَوْ قَالَ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ امْرَأَةُ الْقَاضِي طَالِقٌ لَمْ يُؤَاخَذْ) بِهِ (إلَّا إنْ قَصَدَ نَفْسَهُ) نَظِيرَ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِيمَا لَوْ قَالَ مَنْ اسْمُهُ زَيْدٌ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَنْقُولِهِ وَمَنْقُولُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثَمَّ وَقِيلَ يُؤَاخِذُ بِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَعْزُولِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ كَانَ فِيمَا قَرَّرَهُ نَظَرٌ. (وَلَوْ لَبِسَ خُفَّ غَيْرِهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ) أَنِّي مَا (اسْتَبْدَلْت) بِهِ خُفِّي (فَإِنْ عَلِمَ) بَعْدَ حَلِفِهِ (أَنَّ خُفَّهُ مَعَ مَنْ خَرَجَ) قَبْلَهُ مِمَّنْ كَانَ جَالِسًا مَعَهُ (وَقَصَدَ أَنِّي لَمْ آخُذْ بَدَلَهُ كَانَ كَاذِبًا فَإِنْ كَانَ عَالِمًا) عِنْدَ حَلِفِهِ (بِأَخْذِهِ) أَيْ بِأَخْذِ بَدَلِهِ (طَلُقَتْ أَوْ جَاهِلًا فَكَالنَّاسِي) فَلَا تَطْلُقُ (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَهُوَ فِي الْعُرْفِ مُسْتَبْدِلٌ) فَتَطْلُقُ (وَفِي الْوَضْعِ) وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ كَمَا مَرَّ (غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ) لِعَدَمِ الطَّلَبِ فَلَا تَطْلُقُ (وَإِنْ خَرَجَ وَقَدْ بَقِيَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ وَعَلِمَ أَنَّهُ) أَيْ خُفَّهُ (كَانَ بَاقِيًا أَوْ شَكَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي تَعَارُضِ الْوَضْعِ وَالْعُرْفِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ هُنَا مُسْتَبْدِلٌ عُرْفًا وَوَضْعًا) وَفِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَ بِاسْتِيفَائِهَا إرْثَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَسْتَوْفِ حَقَّك مِنْ تَرِكَةِ أَبِيك تَامًّا فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ إخْوَتُهَا قَدْ أَتْلَفُوا بَعْضَ التَّرِكَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِيفَاءِ حِصَّتِهَا مِنْ الْبَاقِي وَضَمَانِ التَّالِفِ وَلَا يَكْفِي الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِالِاسْتِيفَاءِ إلَّا أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا إذَا أَوْقَعْنَا طَلَاقَ النَّاسِي إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ عَلَى مَا لَوْ حَلَفَ وَفَعَلَ عَامِدًا ثُمَّ نَسِيَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مَنْ ذِكْرٍ وَتَذَكَّرَ الْحَالَ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ فَتَطْلُقُ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ وَمُرَادُهُ بِأَخْرَجَهَا دَفْعُهَا أَوْ جَرُّهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 نَظَرِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ وَضْعًا لِعَدَمِ الطَّلَبِ. (وَلَوْ نُحِتَتْ خَشَبَةً فَقَالَ إنْ عُدْت لِمِثْلِهِ) أَيْ لِمِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ (فَأَنْت طَالِقٌ فَنَحَتَتْ) خَشَبَةً (غَيْرَهَا) وَلَوْ مِنْ شَجَرَةٍ أُخْرَى (طَلُقَتْ) لِأَنَّ النَّحْتَ كَالنَّحْتِ. (وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ دَارِي فَأَنْت طَالِقٌ) ثَلَاثًا (فَخَالَعَهَا) بِنَفْسِهَا أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ فِي اللَّيْلِ وَإِنْ تَمَكَّنَتْ قَبْلَهُ مِنْ الْخُرُوجِ (ثُمَّ جَدَّدَ) نِكَاحَهَا أَوْ لَمْ يُجَدِّدْهُ (وَ) إنْ (لَمْ تَخْرُجْ لَمْ تَطْلُقْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ مَحِلُّ الْيَمِينِ وَلَمْ يَمْضِ كُلُّ اللَّيْلِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ لَهُ حَتَّى تَطْلُقَ لَكِنْ أَفْتَى ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ لَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فِي مُدَّةِ كَذَا بَعْدَ أَنْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ وَقَالَ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ خَطَأٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ يُنْتَظَرْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ طَلُقَتْ قَبْلَ الْخُلْعِ وَبَطَلَ الْخُلْعُ انْتَهَى وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا صَحَّ الْخُلْعُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ أَنَّهُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا كَمَا مَثَّلْنَا لَزِمَ أَنْ لَا يَصِحَّ الْخُلْعُ كَمَا قَالَ لَكِنْ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهَا تَطْلُقُ قَبْلَ الْخُلْعِ لِبَقَائِهَا مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ مَعَ عَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الْخُرُوجِ حِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا تَطْلُقَ إلَّا قُبَيْلَ الْفَجْرِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِي الْبَائِنِ وَأَنَّ وُقُوعَهُ قُبَيْلَ الْخُلْعِ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ فَلَا يَقَعُ لِلدَّوْرِ وَيَصِحُّ الْخُلْعُ إذْ لَا مَانِعَ. (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ) مِنْ الْبَلَدِ (إلَّا مَعَهَا) فَخَرَجَا (فَسَبَقَهَا بِخُطُوَاتٍ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَضْرِبُهَا إلَّا بِوَاجِبٍ فَشَتَمَتْهُ فَضَرَبَهَا بِالْخَشَبِ) مَثَلًا (لَمْ تَطْلُقْ) لِلْعُرْفِ فِي الْأُولَى وَلِضَرْبِهِ لَهَا بِوَاجِبٍ فِي الثَّانِيَةِ إذْ الْمُرَادُ فِيهَا بِالْوَاجِبِ مَا تَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا. (أَوْ قَالَ إنْ رَأَيْت مِنْ أُخْتِي شَيْئًا وَلَمْ تُعْلِمِينِي) بِهِ (فَأَنْت طَالِقٌ حُمِلَ عَلَى) مُوجِبِ (الرِّيبَةِ وَ) مُوهِمِ (الْفَاحِشَةِ) دُونَ مَا لَا يَقْصِدُ الْعِلْمَ بِهِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ (وَكَانَ) إعْلَامُهَا بِهِ (عَلَى التَّرَاخِي) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهَا بِهِ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ أَخَذَتْ لَهُ دِينَارًا فَقَالَ إنْ لَمْ تُعْطِينِي الدِّينَارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَ) كَانَتْ قَدْ أَنْفَقَتْهُ (لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالْيَأْسِ) مِنْ إعْطَائِهَا لَهُ بِالْمَوْتِ (فَإِنْ تَلِفَ) الدِّينَارُ (قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ) لَهُ (فَكَمُكْرَهَةٍ) أَيْ فَكَالْمُكْرَهِ عَلَى الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا تَطْلُقُ أَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ طَلُقَتْ وَلَا يُشْكِلُ بِعَدَمِ طَلَاقِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ السَّابِقَةِ إذَا خَالَعَهَا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ خُرُوجُهَا لِأَنَّ مَحِلَّ الطَّلَاقِ فِي تِلْكَ زَالَ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَهُنَا) فِي الْأَصْلِ. (مَسْأَلَةٌ سَبَقَتْ) فِي الطَّرَفِ الرَّابِعِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ وَهِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِرُؤْيَتِهَا الدَّمَ حُمِلَ عَلَى دَمِ الْحَيْضِ وَذَكَرَ هُنَا أُخْرَى قَدَّمْتهَا فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ مَعَ مَا فِيهَا وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلُ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ وَلَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ (وَلَوْ عَلَّقَ بِدُخُولِ هَذِهِ الدَّارَ وَأَشَارَ إلَى مَوْضِعٍ) مِنْهَا (فَدَخَلَتْ غَيْرَهُ) مِنْهَا (طَلُقَتْ) ظَاهِرًا (وَدُيِّنَ) نَعَمْ إنْ اشْتَمَلَتْ الدَّارُ عَلَى حُجَرٍ فَأَشَارَ إلَى حُجْرَةٍ مِنْهَا فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ ظَاهِرًا لَا سِيَّمَا إذَا انْفَرَدَتْ بِمَرَافِقِهَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (أَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي الْمَأْتَمِ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ فِي جَمَاعَةِ النِّسَاءِ فِي الْمَصَائِبِ (فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ أَمَتِي فِي الْحَمَّامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَكَانَتَا فِيهِمَا) أَيْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْمَأْتَمِ وَالْأَمَةُ فِي الْحَمَّامِ (عَتَقَتْ) أَمَتُهُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَلَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ الْأَمَةَ عَتَقَتْ بِالتَّعْلِيقِ) الْأَوَّلِ أَيْ عِنْدَ تَمَامِهِ (فَلَمْ تَبْقَ أَمَتُهُ بَعْدَهُ وَإِنْ قَدَّمَ) التَّعْلِيقَ (بِالْأَمَةِ) أَيْ بِكَوْنِهَا فِي الْمَأْتَمِ فَقَالَ إنْ كَانَتْ أَمَتِي فِي الْمَأْتَمِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي الْحَمَّامِ فَأَمَتِي حُرَّةٌ فَكَانَتَا فِيهِمَا (وَقَعَا) أَيْ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ لَكِنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَقَعُ (إنْ كَانَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ (رَجْعِيَّةً وَإِلَّا فَلَا عِتْقَ) لِأَنَّهَا بَانَتْ عِنْدَ تَمَامِ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ فَلَمْ تَبْقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَهُ (أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي الْمَأْتَمِ وَأَمَتِي فِي الْحَمَّامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَمَتِي حُرَّةٌ) فَكَانَتَا فِيهِمَا (وَقَعَا) لِوُجُودِ الصِّفَةِ. (وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ بِمُضِيِّ يَوْمٍ لَمْ تَأْكُلْ كُلٌّ) مِنْهُمَا (تُفَّاحَتَهَا فِيهِ) بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي تُفَّاحَتَك الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ لِأَمَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي تُفَّاحَتَك الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ (فَاشْتَبَهَتَا وَأَكَلَتَا) هُمَا بِأَنْ أَكَلَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاحِدَةً (وَلَوْ بِلَا تَحَرٍّ) مِنْهَا وَمِنْ الزَّوْجِ فِي أَنَّ مَا أَكَلَتْهَا تُفَّاحَتُهَا (فَلَا شَيْءَ) مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ يَقَعُ (لِلشَّكِّ) وَقِيلَ يُعْتَبَرُ التَّحَرِّي وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَكَلَتْهُمَا الْحُرَّةُ) الْأَوْلَى الْمَرْأَةُ (وَبَاعَ الْأَمَةَ فِي يَوْمِهِ) مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ غَيْرِهَا (تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ (بِيَقِينٍ) وَكَذَا لَوْ خَالَعَ الزَّوْجَةَ وَبَاعَ الْأَمَةَ فِي يَوْمِهِ ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ وَالشِّرَاءَ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ لَكِنَّهُ ضَعَّفَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُخَلِّصٌ وَكَذَا لَوْ أَكَلَتْهُمَا الْأَمَةُ وَخَالَعَ الزَّوْجَةَ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَفِي نَظَرِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا صَحَّ الْخُلْعُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهُ بَاطِلٌ) إنَّمَا أَفْتَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثَ وَقَدْ أَوْضَحْته فِي أَوَائِلِ الْخُلْعِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا الْقِيَاسَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مَتَى كَانَ رَجْعِيًّا وَقَعَ الطَّلَاقُ قُبَيْلَ الْخُلْعِ وَصَحَّ الْخُلْعُ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ خَالَعَ الزَّوْجَةَ وَبَاعَ الْأَمَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُخَلِّصٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ أَنَّهُ لَا يَخْلُصُ بِذَلِكَ بَلْ يَنْتَظِرُ الْحَالَ فَإِنْ لَمْ يَأْكُلَا فِي الْيَوْمِ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْخُلْعِ وَالْعِتْقُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبِأَنَّ بُطْلَانَهُمَا مَرْدُودٌ بِمَا رَدَدْت بِهِ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ السَّابِقَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ مَحَلُّهُ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَمَا هُنَا فِي الْبَائِنِ. (وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا مِلْكِي فَأَنْت طَالِقٌ فَوَكَّلَ مَنْ يَبِيعُهُ) أَوْ بَاعَهُ بِنَفْسِهِ (لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ) أَيْ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَا تَطْلُقُ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي التَّوْكِيلِ أَوْ فِي الْبَيْعِ أَوْ وَلِيًّا. (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ كُلَّمَا كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَ رَجُلَيْنِ) وَلَوْ بِكَلِمَةٍ (وَقَعَ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَالْوَاحِدَةِ فِي الثَّانِيَةِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَ ثَلَاثَةً وَقَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ. (أَوْ) قَالَ (إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ) فَأَنْت طَالِقٌ (حَنِثَ بِثَلَاثٍ) أَيْ بِتَزَوُّجِهِنَّ لِأَنَّهُنَّ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَمِثْلُهَا إنْ اشْتَرَيْت الْعَبْدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ إنْ خَرَجْت) مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَتَعَلَّقَتْ بِغُصْنِ شَجَرَةِ الدَّارِ الْخَارِجَةِ) عَنْهَا (طَلُقَتْ أَوْ إنْ لَمْ تَصُومِي غَدًا) فَأَنْت طَالِقٌ (فَحَاضَتْ فَمُكْرَهَةٌ) أَيْ فَكَمُكْرَهَةٍ فَلَا تَطْلُقُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَقْلًا عَنْ الْخُوَارِزْمِيَّ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُصَلِّي صَلَاةَ الظُّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ وَقْتَ الظُّهْرِ فَإِنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِ الصَّلَاةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا. (أَوْ) قَالَ لِنِسْوَتِهِ (مَنْ حَمَلَتْ مِنْكُنَّ هَذِهِ الْخَشَبَةَ) فَهِيَ طَالِقٌ (فَحَمَلَهَا) مِنْهُنَّ (أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ إلَّا إنْ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ تَعْجِزُ) عَنْ حَمْلِهَا فَتَطْلُقْنَ نَظَرًا لِلْعُرْفِ (وَهُنَا) فِي الْأَصْلِ. (مَسْأَلَةٌ سَبَقَتْ) فِي أَوَاخِرِ الطَّرَفِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إيقَاعَهُ عَنْ مُوَكِّلِهِ وَفِيهِ بُعْدٌ (وَمَتَى حَلَفَ) بِالطَّلَاقِ (لَيَطَؤُهَا اللَّيْلَةَ فَتَرَكَهُ) أَيْ الْوَطْءَ (لِحَيْضٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَإِحْرَامٍ طَرَأَ لَهَا (فَمُكْرَهٌ) أَيْ فَكَمُكْرَهٍ فَلَا تَطْلُقُ. (أَوْ) حَلَفَ بِأَنَّهُ (إنْ لَمْ يُشْبِعْهَا جِمَاعًا) فَهِيَ طَالِقٌ (فَلْيَطَأْهَا حَتَّى يُنْزِلَ) مَنِيَّهَا بِأَنْ تَقَرَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ لَا أُرِيدُ الْجِمَاعَ (أَوْ) حَتَّى (تَسْكُنَ لَذَّتُهَا) أَيْ شَهْوَتُهَا وَكَانَتْ هِيَ لَا تُنْزِلُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ لَمْ تَشْتَهِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ) فَلَا تَطْلُقُ. (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَبِيتُ عِنْدَهَا فَبَاتَ فِي مَنْزِلِهَا وَقَدْ) خَرَجَتْ مِنْهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْمَبِيتَ عِنْدَهَا يَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِهَا. (وَلَوْ حَلَفَ لَيَصِيدَنَّ هَذَا الطَّائِرَ الْيَوْمَ فَاصْطَادَ طَائِرًا فَادَّعَى أَنَّهُ هُوَ) وَكَذَّبَتْهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِاحْتِمَالِ قَوْلِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ (لَوْ جُهِلَ) الْحَالُ (وَاحْتَمَلَ) الْأَمْرُ أَنَّ لِلْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَكَنَظِيرِهِ فِي أَنْت طَالِقُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ زَيْدٌ الْيَوْمَ الدَّارَ وَجَهِلَ دُخُولَهُ وَتَقَدَّمَ أَوَاخِرَ الْبَابِ الرَّابِعِ نَظِيرُ ذَلِكَ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ. (وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك الطَّلْقَةَ الرَّابِعَةَ فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَجْهَانِ يَقْرُبَانِ مِنْ الْخِلَافِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمُحَالِ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَشْتَهِهِ أَنْ تَقُولَ هُنَا كَذَلِكَ فَلَا تَطْلُقُ. (فَصْلٌ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ) مَثَلًا (فَسَاكَنَهُ بَعْضَهُ أَوْ) حَلَفَ (لَا يُفْطِرُ بِالْكُوفَةِ) مَثَلًا وَكَانَ يَوْمَ الْفِطْرِ بِهَا (فَأَمْسَكَ بِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ لَمْ يَحْنَثْ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيهِمَا مِنْ حَمْلِ الْمُسَاكَنَةِ عَلَى جَمِيعِ الْمُدَّةِ وَالْإِفْطَارِ عَلَى تَنَاوُلِ الْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ فِيهِ مَرَّةً عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيهِ أَيْضًا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُعَيِّدُ بِهَا) أَيْ بِالْكُوفَةِ فَأَقَامَ بِهَا يَوْمَ الْعِيدِ أَوْ مُعْظَمَهُ (حَنِثَ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْعِيدِ) لِلْعُرْفِ مِنْ حَمْلِ التَّعْيِيدِ بِمَكَانٍ عَلَى الْإِقَامَةِ بِهِ. (أَوْ) قَالَ (إنْ أَكَلَتْ أَكْثَرَ مِنْ رَغِيفٍ) فَأَنْت طَالِقٌ (حَنِثَ بِرَغِيفٍ وَأُدُمٍ) أَيْ بِأَكْلِهِمَا وَقَوْلُهُ بِرَغِيفٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِخُبْزٍ أَوْ قَالَ إنْ أَكَلَتْ الْيَوْمَ إلَّا رَغِيفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رَغِيفًا ثُمَّ فَاكِهَةً حَنِثَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِثُمَّ نَظَرٌ. (أَوْ) قَالَ (إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَفَاتَتْهُ رَكْعَةٌ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الظُّهْرَ عِبَارَةٌ عَنْ الرَّكَعَاتِ الْأَرْبَعِ وَلَمْ يُدْرِكْهَا بَلْ أَدْرَكَ بَعْضَهَا. (وَإِنْ قَالَ لِمُطَلَّقَاتِهِ)   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ إلَخْ) قَدْ ذَكَرْت هُنَاكَ الْفَرْقَ بَيْنَ نَفْيِ التَّطْلِيقِ وَنَفْيِ غَيْرِهِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَمْنَعُ مِنْ وُجُودِ الْحِنْثِ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ غَيْرِ التَّطْلِيقِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَ ثَلَاثَةً وَقَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ التَّطْلِيقَاتُ الثَّلَاثَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِثَلَاثٍ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إيقَاعَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَشْتَهِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ) فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا قَالَ إنْ لَمْ تُحْيِي مَيِّتًا فَلَا يَقَعُ إلَّا قُبَيْلَ الْمَوْتِ قُلْنَا إنَّمَا تَنَجَّزَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا يَثْبُتُ حَيْثُ يُمْكِنُ وُجُودُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ فَيُرْتَقَبُ حُصُولُهُ كَيْفَ وَقَدْ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي مُمْتَنِعِ الْحِنْثِ دُونَ مُمْتَنِعِ الْبِرِّ وَهَذَا شَيْءٌ لَا نِزَاعَ فِيهِ (قَوْلُهُ فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ مِنْهُ وُقُوعُهُ فِي الْحَالِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - 1 - (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَدْرَكَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمِيعَ وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَطَأْك غَدًا فِي وَسَطِ السُّوقِ فَأَنْت طَالِقٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَدْخُلَا مَعًا فِي هَوْدَجٍ وَيَطَأَهَا فِيهِ وَلَوْ قَالَ إذَا بَلَغَ وَلَدِي الْخِتَانَ فَلَمْ أَخْتِنْهُ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ حَدًّا يَحْتَمِلُ الْخِتَانَ فَلَمْ يَخْتِنْهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيتٌ فَيُقَدَّرُ بِالْإِمْكَانِ وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ وَقْتُهُ يَوْمُ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ لَوْ قَالَ إنْ سَافَرْت فَأَنْت طَالِقٌ حَنِثَ بِالسَّفَرِ الْقَصِيرِ وَلَوْ إلَى رُسْتَاقِ الْبَلَدِ. [فَصْلٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ] (فَصْلٌ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ) . (قَوْلُهُ فَسَاكَنَهُ بَعْضَهُ إلَخْ) لَوْ حَلَفَ لَا يُشَتِّي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ هَذِهِ السَّنَةَ وَأَقَامَ بِهَا أَكْثَرَ الشِّتَاءِ ثُمَّ رَحَلَ مِنْهَا قَبْلَ انْقِضَائِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ جَمِيعُ الشِّتَاءِ إذْ حَقِيقَتُهُ جَمِيعُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 طَلَاقًا رَجْعِيًّا (كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْكُنَّ (أُرَاجِعُهَا طَالِقٌ كُلَّمَا كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ طَلَّقَ مَنْ رَاجَعَهَا مِنْهُنَّ) قَبْلَ تَكْلِيمِهِ (فَإِنْ رَاجَعَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (ثُمَّ كَلَّمَهُ) طَلُقَتْ (ثُمَّ) إنْ رَاجَعَ (أُخْرَى لَمْ تَطْلُقْ الْأُخْرَى حَتَّى يُكَلِّمَهُ) لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ التَّكْلِيمُ بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ وَلَمْ يُوجَدْ (أَوْ) قَالَ (آخِرُ مَنْ أُرَاجِعُهَا) طَالِقٌ مِنْكُنَّ (فَرَاجَعَ ثَلَاثًا مُرَتِّبًا وَمَاتَ تَبَيَّنَّا طَلَاقَ الثَّالِثَةِ) أَيْ وُقُوعَهُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ كَوْنُهَا آخِرَ مَنْ رَاجَعَهَا (فَلَا تَرِثُهُ إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) قَبْلَ مَوْتِهِ (وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ) أَيْ مَهْرُ مِثْلِهَا (إنْ) كَانَ (وَطِئَهَا) وَقَوْلُهُ مُرَتِّبًا مِنْ زِيَادَتِهِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ رَاجَعَهُنَّ مَعًا أَمَّا لَوْ رَاجَعَ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا أَوْ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ ثَالِثَةً فَظَاهِرٌ أَنَّا نَتَبَيَّنُ طَلَاقَ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الثَّانِيَةِ (فَإِنْ طَلَّقَ الْأُولَى) بَعْدَ مُرَاجَعَتِهَا (ثُمَّ رَاجَعَهَا بَعْدَهُنَّ) أَيْ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِنَّ (فَهِيَ الْأَخِيرَةُ) بَعْدَمَا كَانَتْ الْأُولَى وَتَبَيَّنَ أَنَّ الثَّالِثَةَ لَيْسَتْ أَخِيرَةً وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الثَّانِيَةِ (وَالتَّعْلِيقُ) لِلطَّلَاقِ (بِالنِّكَاحِ يُحْمَلُ عَلَى الْعَقْدِ) لَا الْوَطْءِ (إنْ لَمْ يَنْوِ الْوَطْءَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ تُشْعِرُ بِإِرَادَتِهِ. (وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تُمَكِّنِينِي السَّاعَةَ) مِنْ الْوَطْءِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَخَّرَتْ حَتَّى مَضَتْ السَّاعَةُ طَلُقَتْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ إطْلَاقَ السَّاعَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَوْرِ لَا عَلَى السَّاعَةِ الزَّمَانِيَّةِ (أَوْ إنْ كَلَّمْت بَنِي آدَمَ) فَأَنْت طَالِقٌ (اُشْتُرِطَ) فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (ثَلَاثَةً) أَيْ تَكْلِيمُ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ. (وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ انْعَقَدَ مَا أَرَادَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْيَمِينَيْنِ مُفْرَدًا أَوْ جَمْعًا حَتَّى لَوْ قَالَ أَرَدْتهمَا مَعًا عُمِلَ بِمُرَادِهِ (وَ) قَوْلُهُ (أَنْتِ طَالِقٌ فِي الدَّارِ كَقَوْلِهِ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ دَخَلْت الدَّارَ) فَلَا تَطْلُقُ قَبْلَ دُخُولِهَا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ فِي غَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ قَبْلَ مَجِيئِهِ (أَوْ) قَالَ لِاثْنَتَيْنِ (إنْ مَلَكْتُمَا عَبْدًا فَأَنْت) الْأَوْلَى قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فَامْرَأَتِي (طَالِقٌ اُشْتُرِطَ) لِلْحِنْثِ (اجْتِمَاعُ مِلْكَيْهِمَا عَلَيْهِ) حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ بَاعَهُ لِلْآخَرِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يَحْنَثُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (أَوْ إنْ لَبِسْت قَمِيصَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِلُبْسِهِمَا وَلَوْ مُتَوَالِيَيْنِ أَوْ إنْ اغْتَسَلْت) فَأَنْت طَالِقٌ (طَلُقَتْ بِالْغُسْلِ) وَلَوْ عَنْ غَيْرِ جَنَابَةٍ (فَإِنْ أَرَادَ) الْغُسْلَ (مِنْ جَنَابَةٍ دُيِّنَ) وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا نَعَمْ إنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ رَاوَدَهَا فَامْتَنَعَتْ فَغَضِبَ فَحَلَفَ كَذَلِكَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرًا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. (أَوْ) حَلَفَ (لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَهُوَ) أَيْ وَقْتَ حَلِفِهِ (لَيْلٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ حُمِلَ) عَدَمُ كَلَامِهِ لَهُ (عَلَى الْغَدِ فَلَهُ تَكْلِيمُهُ قَبْلَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ ذِكْرُ الْيَوْمِ مُعَرَّفًا وَلَعَلَّهُ الصَّوَابُ وَحِينَئِذٍ فَفِي تَكْلِيمِهِ لَهُ قَبْلَهُ نَظَرٌ وَالْيَوْمُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الزَّمَنُ الْحَاضِرُ وَلَوْ لَيْلًا. (أَوْ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا) مَثَلًا (وَقَالَ أَرَدْت) أَنَّهَا تَطْلُقُ (وَاحِدَةً إنْ دَخَلَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهَا تَطْلُقُ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا يَقْتَضِيهِ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ لَكِنْ الْأَوْجَهُ فِيهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ لِلشَّكِّ فِي مُوجِبِ الثَّلَاثِ. (أَوْ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ) فَأَنْت طَالِقٌ (وَلَهَا بُسْتَانٌ بَابُهُ) مَفْتُوحٌ (إلَيْهَا وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْهَا فَلَهُ حُكْمُهَا) فَلَا تَطْلُقُ بِخُرُوجِهَا مِنْهُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْدُودًا مِنْهَا طَلُقَتْ بِذَلِكَ. (أَوْ) حَلَفَ (لَا أَتَزَوَّجُ مَا دَامَ أَبَوَايَ) حَيَّيْنِ (وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَلْيَتَزَوَّجْ) وَلَا يَحْنَثُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَطْعَنُهَا بِنَصْلِ هَذَا الرُّمْحِ) أَوْ السَّهْمِ (حَنِثَ) بِطَعْنِهَا بِهِ وَلَوْ (مَنْزُوعًا) مِنْ الرُّمْحِ أَوْ السَّهْمِ (وَمُرَكَّبًا فِي غَيْرِهِ أَوْ إنْ شَتَمْتنِي وَلَعَنْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَلَعَنَتْهُ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِالْأَمْرَيْنِ وَلَمْ يُوجَدَا وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ شَتَمْتنِي وَإِنْ لَعَنْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَصْلِ وَالْمُصَنِّفُ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ أَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْمَعْطُوفَيْنِ بِالْوَاوِ يَمِينَانِ تَقَدَّمَا أَوْ تَأَخَّرَا وَحِينَئِذٍ فَتَطْلُقُ هُنَا بِاللَّعْنِ وَحْدَهُ وَبِالشَّتْمِ وَحْدَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ مَعَ حَذْفِ وَاوِ الْعَطْفِ. (أَوْ) حَلَفَ (لَا تُقِيمُ فِي الْبَلَدِ ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ (لِضِيَافَةٍ فَخَرَجَتْ) مِنْهَا (لِدُونِهَا) أَيْ الثَّلَاثِ (ثُمَّ عَادَتْ) إلَيْهَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِيهَا ثَلَاثًا (أَوْ قَالَ نِصْفَ اللَّيْلِ) مَثَلًا (إنْ بِتّ عِنْدَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَبَاتَ) عِنْدَهَا بَقِيَّةَ اللَّيْلِ (حَنِثَ لِلْقَرِينَةِ وَإِنْ اقْتَضَى الْمَبِيتُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ وَإِنْ عَرَفَ رَجُلًا) بِوَجْهِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّا نَتَبَيَّنُ طَلَاقَ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الثَّانِيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الثَّانِيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ طَلَاقَ السَّاعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ ذَكَرَ الْيَوْمَ مُعَرَّفًا) وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْأَنْوَارِ. (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَفِي تَكْلِيمِهِ لَهُ قَبْلَهُ نَظَرٌ إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ إطْلَاقَهُ عَلَى اللَّيْلِ مَجَازٌ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِيهَا ثَلَاثًا) أَيْ لِلضِّيَافَةِ وَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ اللَّفْظِ فِي الْعُرْفِ التَّوَالِي فَحُمِلَ عَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 (دُونَ اسْمِهِ وَطَالَتْ صُحْبَتُهُ لَهُ فَحَلَفَ لَا أَعْرِفُهُ حَنِثَ أَوْ) حَلَفَ (لَا أَنَامُ عَلَى ثَوْبٍ لَك فَتَوَسَّدَ مِخَدَّتَهَا) مَثَلًا (لَمْ يَحْنَثْ) كَمَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ. (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْدٍ فَأَضَافَهُ) أَوْ نَثَرَ مَأْكُولًا فَالْتَقَطَهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ خَلَطَا زَادَيْهِمَا) وَأَكَلَ مِنْ ذَلِكَ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ الطَّعَامَ قُبَيْلَ الِازْدِرَادِ وَالْمُلْتَقِطُ يَمْلِكُ الْمَلْقُوطَ بِالْأَخْذِ وَالْخَلْطُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا أَبَدًا إلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا فَكَلَّمَهُمَا جَمِيعًا حَنِثَ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ إلَّا هَذَا وَهَذَا فَكَلَّمَهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّمَا يَتَّجِهُ إذْ كَانَتْ الصُّورَتَانِ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ. (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ دَارِهِ مَا دَامَ فِيهَا فَانْتَقَلَ مِنْهَا وَعَادَ) إلَيْهَا (ثُمَّ دَخَلَهَا) الْحَالِفُ وَهُوَ فِيهَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ بِالِانْتِقَالِ مِنْهَا نَعَمْ إنْ أَرَادَ كَوْنَهُ فِيهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ إنْ قَتَلْت زَيْدًا غَدًا فَضَرَبَهُ الْيَوْمَ وَمَاتَ مِنْهُ غَدًا لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْفِعْلُ الْمُفَوِّتُ لِلرُّوحِ وَلَمْ يُوجَدْ غَدًا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُغْضِبُهَا فَضَرَبَ ابْنَهَا وَلَوْ تَأْدِيبًا فَغَضِبَتْ حَنِثَ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ. (أَوْ) حَلَفَ (لَا صُمْت زَمَانًا) حَنِثَ (بِالشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا صُمْت وَمَا قَالَهُ مُسَاوٍ نُسَخَ الْأَصْلِ الْمُعْتَمَدَةَ الْمُعَبِّرُ فِيهَا بِقَوْلِهِ لَا يَصُومُ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الْأَصْلِ السَّقِيمَةِ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ لَيَصُومَن وَهُوَ تَحْرِيفٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (أَوْ) حَلَفَ (لَيَصُومَن أَزْمِنَةً كَفَاهُ يَوْمٌ) يَصُومُهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَزْمِنَةٍ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ (أَوْ) حَلَفَ (لَيَصُومَن الْأَيَّامَ فَلْيَصُمْ ثَلَاثًا) مِنْهَا حَمْلًا عَلَيْهَا لَا عَلَى أَيَّامِ الْعُمُرِ. (أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَ اللَّهُ يُعَذِّبُ الْمُوَحِّدِينَ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) إنْ كَانَ يُعَذِّبُ (أَحَدًا مِنْهُمْ) فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِيمَا إذَا أَرَادَ إنْ كَانَ يُعَذِّبُهُمْ كُلَّهُمْ أَوْ يُطَلِّقُ لِأَنَّ التَّعْذِيبَ يَخْتَصُّ بِبَعْضِهِمْ. (وَإِنْ اُتُّهِمَ) كَأَنْ اتَّهَمَتْهُ زَوْجَتُهُ (بِاللِّوَاطِ فَحَلَفَ لَا يَأْتِي حَرَامًا حَنِثَ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ) مِنْ تَقْبِيلٍ أَوْ لَمْسٍ أَوْ نَحْوِهِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ فَعَلْت كَذَا حَرَامًا فَقَالَ إنْ فَعَلْت حَرَامًا فَأَنْت طَالِقٌ لِأَنَّ كَلَامَهُ ثَمَّ تَرَتَّبَ عَلَى كَلَامِهَا وَهُنَا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ فَحُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَكَأَنَّهَا ابْتَدَأَتْهُ بِنَوْعٍ مِنْ الْحَرَامِ فَنَفَى عَنْ نَفْسِهِ جِنْسَ الْحَرَامِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ بَلْ الصَّوَابُ وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَا أَثَرَ لِتَرَتُّبِ كَلَامِهِ عَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَوْ قِيلَ لَهُ كَلِّمْ زَيْدًا الْيَوْمَ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْته انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَبَدِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْيَوْمَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْأَيْمَانِ انْتَهَى وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ أَرَادَ ثَمَّ مَا إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ مَا ذَكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ خَاصَّةً. (أَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ وَلَا تَخْرُجِينَ مِنْ الصِّفَةِ أَيْضًا لَغَا الْأَخِيرُ) لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ لَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ وَلَا عَطْفٍ فَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بَدَلَ الْأَخِيرِ عَقِبَ مَا قَبْلَهُ وَمِنْ الصِّفَةِ أَيْضًا طَلُقَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (أَوْ أَنْت طَالِقٌ فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي مَكَّةَ أَوْ فِي الظِّلِّ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُنْتَظَرُ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ) فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ فِي الدَّارِ مِنْ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ هَذَا مِثْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ إنَّ غَيْرَهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ (فِي الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُنْتَظَرُ فَتَعْلِيقٌ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَجِيءَ الشِّتَاءُ وَنَحْوُهُ. (أَوْ) قَالَ (إنْ أَكَلَتْ طَبِيخَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَوَضَعَتْ الْقِدْرَ عَلَى نَارٍ) غَيْرِ مُوقَدَةٍ (فَأَوْقَدَهَا غَيْرُهَا أَوْ) إنْ أَكَلَتْ (طَعَامَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَخَمَّرَ عَجِينَهُ مِنْهُ) بِأَنْ أَخَذَ مِنْهُ خَمِيرًا أَوْ مَاءً أَوْ مِلْحًا فَعَجَنَ بِهِ دَقِيقَهُ (وَأَكَلَهُ) أَيْ مَا طُبِخَ أَوْ عُجِنَ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الَّذِي طَبَخَ فِي الْأُولَى غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَطَعَامُهَا فِي الثَّانِيَةِ مُسْتَهْلَكٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ قَدْ اُسْتُهْلِكَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَاخْتَلَطَ مُشْتَرَاهُ بِمُشْتَرِي غَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ يَحْنَثُ إذَا أَكَلَ مِنْهُ مَا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ لِأَنَّ ذَاكَ فِي مُسْتَهْلَكِ عَيْنِهِ بَاقِيَةٌ بِخِلَافِ هَذَا وَلِهَذَا يُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا. (أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَ عِنْدَك نَارٌ) فَأَنْت طَالِقٌ (حَنِثَ بِالسِّرَاجِ) أَيْ بِوُجُودِهِ عِنْدَهَا (أَوْ إنْ جُعْت يَوْمًا فِي بَيْتِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَجَاعَتْ يَوْمًا بِلَا صَوْمٍ طَلُقَتْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاعَتْ يَوْمًا بِصَوْمٍ. (أَوْ) حَلَفَ (لَا دَخَلْت دَارَك فَبَاعَتْهَا ثُمَّ دَخَلَهَا لَمْ يَحْنَثْ) . أَوْ قَالَ (إنْ لَمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْد إلَخْ) لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ دَقِيقًا لِيَخْبِزَهُ فَخَبَزَهُ بِخَمِيرَةٍ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلِكٌ كَذَا فِي الْكَبِيرِ نَقْلًا عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ بِلَا شَكٍّ فَيَأْتِي فِيهِ مَا قَالُوهُ فِيهِ فِي الْأَيْمَانِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَكَلَ مَا يَزِيدُ عَلَى حِصَّتِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْفِقْهُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَأَمَّا الَّذِي اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ فِي مُخْتَلِطٍ تَكُونُ عَيْنُهُ بَاقِيَةً وَلِهَذَا يُجَابُ إذَا طَلَبَ الْقِسْمَةَ وَأَمَّا الْخَمِيرَةُ الْمُسْتَهْلَكَةُ فَلَا يُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ فِيهَا وَكَذَا لَوْ خَبَزَهُ بِمِلْحٍ أَوْ مَاءٍ مِنْ عِنْدِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَكَتَبَ شَيْخُنَا بِحِذَائِهِ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ الطَّعَامَ قَبْلَ الِازْدِرَادِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ إنَّمَا يَتَّجِهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ أَرَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 تَكُونِي أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ) وَجْهُك (أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ كَانَتْ زِنْجِيَّةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] إذْ الْمُرَادُ بِهِ إحْكَامُ الْخِلْقَةِ وَكَمَالُ الْعَقْلِ نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالُ فَظَاهِرٌ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْقَاضِي كَالْقَفَّالِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ قَبِيحَةَ الشَّكْلِ تَطْلُقُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الصَّحِيحَةِ بَعْدَمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَ أَضْوَأُ مِنْ الْقَمَرِ فَالْحُكْمُ بِخِلَافِهِ أَيْ فَتَطْلُقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ. (وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا اُصْبُغْ لِي ثَوْبًا تُؤْجَرْ) عَلَيْهِ (فَقَالَ إنْ كَانَ) لِي (فِيهِ أَجْرٌ) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَالَتْ اسْتَفْتَيْت فُلَانًا الْعَالِمَ) فَأَفْتَانِي بِأَنَّ لَك أَجْرًا فَأَطْلَقَ (فَقَالَ إنْ كَانَ عَالِمًا فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ النَّاسُ يُسَمُّونَهُ عَالِمًا طَلُقَتْ بِهَذَا) لِأَنَّ النَّاسَ يُسَمُّونَهُ عَالِمًا (لَا بِالثَّوْبِ) أَيْ صَبْغِهِ (لِأَنَّهُ مُبَاحٌ) وَالْمُبَاحُ لَا أَجْرَ فِيهِ وَقِيلَ تَطْلُقُ بِهِ أَيْضًا إنْ قَصَدَ الْبِرَّ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُؤْجَرُ فِي الْمُبَاحِ إذَا قَصَدَ الْبِرَّ (وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ) فِي الرَّوْضَةِ (اعْتِرَاضًا) وَهُوَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْخِلَافِ فِي هَذَا لِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الطَّاعَةَ كَانَ فِيهِ أَجْرٌ وَيَحْنَثُ وَإِلَّا فَلَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِعْلٌ بِنِيَّةِ الطَّاعَةِ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ (فِيهِ نَظَرٌ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ الْمُوَجَّهَ لَهُ بِأَنَّ الثَّوَابَ بِالْقَصْدِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَهُوَ لَا يَضُرُّ النَّوَوِيُّ فِي مُرَادِهِ مِنْ أَنَّ صِفَةَ الطَّلَاقِ مِنْ الصَّبْغِ الْمُقَيَّدُ بِنِيَّةِ الطَّاعَةِ لَمْ تُوجَدْ. (أَوْ) حَلَفَ (لَا قَصَدْتُك لِلْجِمَاعِ) بِأَنْ قَالَ إنْ قَصَدْتُك بِالْجِمَاعِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَصَدَتْهُ) هِيَ (فَجَامَعَهَا لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ لَا قَصَدْت جِمَاعَك) بِأَنْ قَالَ إنْ قَصَدْت جِمَاعَك فَأَنْت طَالِقٌ فَقَصَدَتْهُ فَجَامَعَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ. (وَإِنْ حَلَفَ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ كُلٌّ) مِنْهُمَا (أَنَّ إمَامَهُ أَفْضَلُ) مِنْ إمَامِ الْآخَرِ (لَمْ يَحْنَثْ) تَشْبِيهًا بِمَسْأَلَةِ الْغُرَابِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِمَامَيْنِ قَدْ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُهُ الْآخَرُ (أَوْ) اخْتَلَفَ (سُنِّيٌّ وَرَافِضِي فِي) أَفْضَلِيَّةِ (أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ) فَحَلَفَ السُّنِّيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ وَعَكَسَ الْآخَرُ (حَنِثَ الرَّافِضِيُّ) لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عَلِيٍّ (أَوْ) اخْتَلَفَ (سُنِّيٌّ وَمُعْتَزِلِيٌّ فِي أَنَّ الشَّرَّ وَالْخَيْرَ مِنْ اللَّهِ) أَوْ مِنْ الْعَبْدِ فَحَلَفَ السُّنِيُّ أَنَّهُمَا مِنْ اللَّهِ وَالْمُعْتَزِلِيُّ أَنَّهُمَا مِنْ الْعَبْدِ (حَنِثَ الْمُعْتَزِلِيُّ) لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ اللَّهِ. (وَلَوْ حَلَفَ إنْ بَقِيَ لَك هُنَا مَتَاعٌ وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ فَبَقَّى هَاوُنٌ) بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الْبَيْتَ، وَوَجَدْت فِيهِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِك وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَ فَوَجَدَ فِي الْبَيْتِ هَاوُنًا لَهَا (فَقِيلَ لَا تَطْلُقُ) لِلِاسْتِحَالَةِ فَلَيْسَ الْهَاوُنُ مُرَادًا فِي الْيَمِينِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ (وَقِيلَ تَطْلُقُ عِنْدَ الْمَوْتِ) أَيْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهَا لِلْيَأْسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَبِهِ جَزَمَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَلَمْ يَحْكِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ غَيْرَهُ انْتَهَى وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ الصَّحِيحُ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْحِنْثُ الْآنَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْعَجْزَ يَتَحَقَّقُ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ الِانْتِظَارُ فِيمَا يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي هَذِهِ بَلْ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْبَحْرِ وَلَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِثْلَهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِثْلَهُ لَوْ قَالَ لَأُكَسِّرَنَّ هَذَا الْهَاوُنَ عَلَى رَأْسِك. (وَإِنْ قَالَ مَنْ خَرَجَتْ) مِنْ نِسَائِي (مَكْشُوفَةً لِيُبْصِرَهَا الْأَجَانِبُ فَهِيَ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ مَكْشُوفَةً) لِذَلِكَ (طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يُبْصِرُوهَا فَإِنْ قَالَ) مَنْ خَرَجَتْ مَكْشُوفَةً (وَأَبْصَرُوهَا) الْأَفْصَحُ وَأَبْصَرَهَا (الْأَجَانِبُ) فَهِيَ طَالِقٌ (اشْتَرَطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (أَنْ يُبْصِرُوهَا) وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي هَذِهِ مُعَلَّقٌ عَلَى صِفَتَيْنِ وَلَمْ تُوجَدْ إلَّا إحْدَاهُمَا وَفِي تِلْكَ عَلَى صِفَةٍ فَقَطْ وَقَدْ وُجِدَتْ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَنْبَلِيِّ يَقُولُ إنْ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَالْأَشْعَرِيِّ يَقُولُ إنْ كَانَ عَلَى الْعَرْشِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَقَالَ إنْ أَرَادَ الْحَنْبَلِيُّ الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ. (كِتَابُ الرَّجْعَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ عِنْدَ الْأَزْهَرِيِّ وَهِيَ لُغَةً الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَبَقِيَ هَاوَنٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَالْهَاوَنُ الَّذِي يُدَقُّ فِيهِ مُعَرَّبٌ وَكَأَنَّ أَصْلَهُ هَاوُونٌ؛ لِأَنَّ جَمْعَهُ هَوَاوِينُ مِثْلُ قَانُونٍ وَقَوَانِينَ فَحَذَفُوا مِنْهُ الْوَاوَ الثَّانِيَةَ اسْتِثْقَالًا وَفَتَحُوا الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ فَاعِلٌ بِالضَّمِّ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَالْهَاوَنُ وَالْهَاوُنَ وَالْهَاوُونُ الَّذِي يُدَقُّ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَقِيلَ لَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ) قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ حَلَفَ إنْ بَقِيَ لَك هُنَا مَتَاعٌ وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ فَبَقِيَ هَاوَنَ هَلْ هُوَ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَسَائِلَ الْمُسْتَحِيلِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَعَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَإِنْ صَعِدْت السَّمَاءَ أَوْ عَقْلًا كَإِنْ أَحْيَيْت مَيِّتًا أَمْ شَرْعًا كَإِنْ نُسِخَ صَوْمُ رَمَضَانَ وَمِنْ الْمُسْتَحِيلِ مَسْأَلَةُ الْهَاوُنِ الْمَذْكُورَةِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ فِيهِ (خَاتِمَةٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَدْخُلِي الدَّارَ أَوْ عَلَيَّ أَنْ لَا تَدْخُلِي الدَّارَ أَوْ عَلَيَّ أَنْ لَا تُسَافِرِي وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَفِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثَ وَحَنِثَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ يُعَيِّنُهَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوقِعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةً حَتَّى تَكْمُلَ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَفَادَ الْفُرْقَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى وَلَمْ يَقِفْ السُّبْكِيُّ عَلَى هَذَا فَقَالَ تَفَقُّهًا الظَّاهِرُ جَوَازُ ذَلِكَ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيْت فِيمَنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ وَلَهُ زَوْجَتَانِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ عَيَّنَ لِإِحْدَاهُمَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَالْأُخْرَى طَلْقَتَيْنِ رَجْعِيَّتَيْنِ ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْحِنْثِ وَمَا بَعْدَهُ وَإِنْ تُخُيِّلَ فَرْقٌ فَبَعِيدٌ س وَقَوْلُهُ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيْت فِيمَنْ حَلَفَ إلَخْ. [كِتَابُ الرَّجْعَةِ] [الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الرَّجْعَة] (كِتَابُ الرَّجْعَةِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 وَشَرْعًا رَدُّ الْمَرْأَةِ إلَى النِّكَاحِ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ بَائِنٍ فِي الْعِدَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] أَيْ فِي الْعِدَّةِ {إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: 228] أَيْ رَجْعَةً كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَوْلُهُ {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَالرَّدُّ وَالْإِمْسَاكُ مُفَسَّرٌ أَنَّ بِالرَّجْعَةِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا كَمَا مَرَّ «وَطَلَّقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتُوا عَنْ كَوْنِهَا سُنَّةً أَوْ لَا لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْحَالِ (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ ثَلَاثَةٌ) مُرْتَجِعٌ وَصِيغَةٌ وَزَوْجَةٌ وَجَعَلَ الْأَصْلُ مِنْ أَرْكَانِهَا الطَّلَاقَ مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ سَبَبٌ لَهَا (الْأَوَّلُ) الزَّوْجُ (الْمُرْتَجِعُ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ عَقْدِ النِّكَاحِ) بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا غَيْرَ مُرْتَدٍّ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ كَإِنْشَاءِ النِّكَاحِ (فَلَا تَصِحُّ) الرَّجْعَةُ (فِي الرِّدَّةِ) وَالصِّبَا وَالْجُنُونِ كَمَا لَا يَصِحُّ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ فِيهَا وَتَصِحُّ مِنْ السَّكْرَانِ وَأَوْرَدَ عَلَى ذَلِكَ الْمُحْرِمَ فَإِنَّهُ يُرَاجِعُ وَلَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ وَرُدَّ بِأَنَّ فِيهِ الْأَهْلِيَّةَ وَإِنَّمَا الْإِحْرَامُ مَانِعٌ (لَكِنْ لِلْعَبْدِ) وَالسَّفِيهِ (الرَّجْعَةُ بِلَا إذْنٍ) وَإِنْ احْتَاجَ فِي النِّكَاحِ إلَيْهِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ (وَلِحُرٍّ تَحْتَهُ حُرَّةٌ مُرَاجَعَةٌ لِأَمَةٍ) الَّتِي طَلَّقَهَا لِذَلِكَ (وَيُرَاجِعُ الْوَلِيُّ لِمَجْنُونٍ) طَلَّقَ قَبْلَ جُنُونِهِ حَيْثُ (يَجُوزُ) لَهُ (تَزْوِيجُهُ) بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ الْمَجْنُونُ. (الرُّكْنُ الثَّانِي الصِّيغَةُ وَصَرِيحُهَا رَاجَعْت فُلَانَةَ أَوْ ارْتَجَعْتهَا أَوْ رَجَعْتهَا) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي لِشُهْرَتِهَا فِي ذَلِكَ وَوُرُودِهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَيَلْحَقُ بِهَا سَائِرُ مَا اُشْتُقَّ مِنْ مَصْدَرِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي كَانَتْ مُرَاجَعَةً أَوْ مُرْتَجَعَةً (وَلَوْ كَانَتْ) الصِّيغَةُ (بِالْعَجَمِيَّةِ) سَوَاءٌ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ أَمْ لَا كَمَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ (وَكَذَا رَدَّدْتهَا) لِوُرُودِهِ فِي الْكِتَابِ قَالَ تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي مَعَ رَاجَعْت زَوْجَتِي وَنَحْوَهُ) مِنْ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ (لَكِنَّهُ فِي رَدَدْت زَوْجَتِي شَرْطٌ) لِصَرَاحَتِهِ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ إلَى الْفَهْمِ ضِدُّ الْقَبُولِ فَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ الرَّدُّ إلَى الْأَبَوَيْنِ بِسَبَبِ الْفِرَاقِ فَلَزِمَ تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَشْهُورُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ فِيهِ أَيْضًا (وَ) قَوْلُهُ (رَاجَعْت) مَثَلًا (بِلَا إضَافَةٍ) إلَى مُظْهَرٍ أَوْ مُضْمَرٍ (لَا يُجْزِئُ) فَلَا بُدَّ مِنْ إضَافَةٍ إلَيْهِ كَرَاجَعْتُ فُلَانَةَ أَوْ رَاجَعْتُك أَوْ رَاجَعْتهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَ) قَوْلُهُ (رَاجَعْتهَا لِلضَّرْبِ أَوْ لِلْإِكْرَامِ) أَوْ نَحْوِهِمَا (لَا يَضُرُّ) فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ (إلَّا إنْ قَصَدَهُمَا دُونَ الرَّجْعَةِ) فَيَضُرُّ فَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ فِيمَا إذَا قَصَدَهُمَا مَعَهَا أَوْ أَطْلَقَ (فَيُسْأَلُ) احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ قَدْ يُبَيِّنُ مَا لَا تَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ (فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ السُّؤَالِ حَصَلَتْ الرَّجْعَةُ) لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ (وَ) قَوْلُهُ (أَمْسَكْتُك وَتَزَوَّجْتُك وَاخْتَرْت رَجْعَتَك وَرَفَعْت تَحْرِيمَك وَأَعَدْت حِلَّك وَنَحْوَهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (كِنَايَةً) لِاحْتِمَالِهِ الرَّجْعَةَ وَغَيْرِهَا وَلِأَنَّ تَزَوَّجْتُك وَنَحْوَهُ كَ نَكَحْتُك صَرِيحَانِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فَلَا يَكُونَانِ صَرِيحَيْنِ فِي الرَّجْعَةِ لِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي شَيْءٍ لَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي غَيْرِهِ كَالطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَمَا قَالَهُ فِي أَمْسَكْتُك مِنْ أَنَّهُ كِنَايَةٌ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ وَالْأَذْرَعِيَّ النَّاقِلَيْنِ لَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَعَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي اشْتِرَاطِ الْإِضَافَةِ فِيهِ الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي رَدَدْتهَا لَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ فِي التَّهْذِيبِ اسْتِحْبَابُهَا فِيهِ مَعَ حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ فِي الِاشْتِرَاطِ فِي رَدَدْتهَا وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي رَدَدْتهَا. (وَكَذَا لَوْ جَرَى عَقْدٌ) لِلنِّكَاحِ عَلَيْهَا (بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ) بَدَلَ الرَّجْعَةِ كَانَ كِنَايَةً لِمَا مَرَّ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ صَرَائِحَ الرَّجْعَةِ مُنْحَصِرَةٌ فِيمَا ذَكَرَهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَلَا تُجْزِئُ فِي غَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ صَرَائِحُهُ مَحْصُورَةٌ مَعَ أَنَّهُ إزَالَةُ حِلٍّ فَالرَّجْعَةُ الَّتِي تُحَصِّلُهُ أَوْلَى. [فَرْع الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ] (فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ) عَلَى الرَّجْعَةِ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ اسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ وَلِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ وَالْأَمْرِ بِهِ فِي آيَةِ {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 234] مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وَإِنَّمَا وَجَبَ الْإِشْهَادُ عَلَى النِّكَاحِ لِإِثْبَاتِ الْفِرَاشِ وَهُوَ ثَابِتٌ هُنَا (فَتَصِحُّ بِالْكِنَايَةِ وَالْكِتَابَةِ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى النُّطْقِ كَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ، وَعَطْفُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْكِنَايَةِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (لَا بِالْوَطْءِ) وَمُقَدَّمَاتِهِ وَإِنْ نَوَى بِهَا الرَّجْعَةَ لِعَدَمِ دَلَالَتِهَا عَلَيْهَا وَكَمَا لَا يَحْصُلُ بِهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا إلَخْ) وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] الْآيَةَ وَالْمُرَادُ بِبُلُوغِ الْأَجَلِ هُنَا مُقَارَبَةُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إذَا انْقَضَتْ فَلَا إمْسَاكَ لَهُ. (قَوْلُهُ وَطَلَّقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَفْصَةَ وَسَوْدَةَ) وَأَنْكَرَ ابْنُ حَزْمٍ سَوْدَةَ وَقَالَ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَطُّ. (قَوْلُهُ وَلِحُرٍّ تَحْتَهُ حُرَّةٌ مُرَاجَعَةُ الْأَمَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا) لَوْ عَتَقَتْ الرَّجْعِيَّةُ تَحْتَ عَبْدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا وَلِهَذَا قَالُوا فِي بَابِ الْخِيَارِ بِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّ لَهَا الْفَسْخَ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَنْقَطِعَ سَلْطَنَةُ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ الرُّكْنُ الثَّانِي الصِّيغَةُ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ بُضْعٍ مَقْصُودَةٍ فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ الْقَوْلِ كَالنِّكَاحِ. (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي) مَعْنَاهُ أَنَّهَا رَجَعَتْ إلَى النِّكَاحِ الْكَامِلِ الَّذِي لَمْ تَكُنْ الْبَيْنُونَةُ فِيهِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ وَرَاجَعْت بِلَا إضَافَةٍ لَا يُجْزِئُ) عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ ضَمِيرٍ أَوْ اسْمٍ أَوْ إشَارَةٍ أَوْ وَصْفٍ كَرَاجَعْتُكِ أَوْ رَاجَعْت فُلَانَةَ أَوْ هَذِهِ أَوْ زَوْجَتِي أَوْ نَحْوَهَا. (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْصُوصُ الْأُمِّ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ فِي التَّهْذِيبِ اسْتِحْبَابُهَا فِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَحْتَاج فِيهِ إلَى أَنْ يَقُولَ إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ فَتَصِحُّ بِالْكِنَايَةِ وَالنِّيَّةِ فِيهَا) كَمَا فِي كِنَايَةِ الطَّلَاقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 النِّكَاحُ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَيْفَ يَقْطَعُهَا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ وَطْءَ الْكَافِرِ وَمُقَدِّمَتَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ رَجْعَةً وَأَسْلَمُوا لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فَنُقِرُّهُمْ كَمَا نُقِرُّهُمْ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ بَلْ أَوْلَى. (وَ) لَا (إنْكَارَ الطَّلَاقِ) أَيْ إنْكَارَ الزَّوْجِ لَهُ أَيْ لَا تَصِحُّ بِهِ الرَّجْعَةُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زَيَّاتِهِ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا) كَالنِّكَاحِ فَلَوْ قَالَ رَاجَعْتُك إنْ شِئْت فَقَالَ شِئْت لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَلَا يَضُرُّ رَاجَعْتُك إذْ شِئْت أَوْ إنْ) شِئْت (بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لَا كَسْرِهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيلٌ لَا تَعْلِيقٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ فَيَسْتَفْسِرُ الْجَاهِلُ بِالْعَرَبِيَّةِ. (وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا) أَيْ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ (وَأَبْهَمَ ثُمَّ رَاجَعَ) أَوْ طَلَّقَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ رَاجَعَ إحْدَاهُمَا (لَمْ يَصِحَّ) إذْ لَيْسَتْ الرَّجْعَةُ فِي احْتِمَالِ الْإِبْهَامِ كَالطَّلَاقِ لِشَبَهِهَا بِالنِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ مَعَهُ (وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالرَّجْعَةِ) كَأَنْ قَالَ لِرَجْعِيَّةٍ مَتَى رَاجَعْتُك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ لِمَنْ هِيَ فِي نِكَاحِهِ مَتَى طَلَّقْتُك وَرَاجَعْتُك فَأَنْت طَالِقٌ (فَرَاجَعَهَا صَحَّ) الِارْتِجَاعُ (وَطَلُقَتْ) وَهَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الزَّوْجَةُ فَلَا يُرَاجِعُ إلَّا فِي عِدَّةِ وَطْءٍ) مِنْ زَوْجٍ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ (وَطَلَاقٍ) بَعْدَ الْوَطْءِ (بِلَا عِوَضٍ وَلَا اسْتِيفَاءِ عَدَدٍ) لِلطَّلَاقِ وَكَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ مَاءِ الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ فِي اللَّعْنَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَالِاسْتِدْخَالِ إذْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] إذْ لَوْ كَانَ حَقُّ الرَّجْعَةِ بَاقِيًا لَمَا أُبِيحَ لَهُنَّ النِّكَاحُ وَالْمُرَادُ بِالْبُلُوغِ هُنَا حَقِيقَتُهُ وَفِي {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] مُقَارَبَةُ الْأَجَلِ وَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَ فِيمَا قَبْلَ عِدَّتِهِ كَأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فِي الْعِدَدِ أَوْ طَلَّقَهَا حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَفِي اشْتِرَاطِ تَحَقُّقِ الطَّلَاقِ خِلَافٌ فَلَوْ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ وَشَكَّ فِي حُصُولِهِ فَرَاجَعَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ حَاصِلًا فَفِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَجْهَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْقَمُولِيُّ وَرَأَيْته كَذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَإِلَّا ثَبَتَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخِ كَمَالُ الدِّينِ سَلَّارٌ شَيْخُ النَّوَوِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ أَنَّهَا تَصِحُّ وَخَرَجَ بِالطَّلَاقِ الْفَسْخُ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي الطَّلَاقِ وَلِأَنَّ الْفَسْخَ شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَلَا يَلِيقُ بِهِ جَوَازُ الرَّجْعَةِ وَبِقَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ لِبَيْنُونَتِهَا وَبِقَوْلِهِ وَلَا اسْتِيفَاءِ عَدَدٍ مَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ لِبَيْنُونَتِهَا وَلِئَلَّا يَبْقَى النِّكَاحُ بِلَا طَلَاقٍ وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَهُ يُحْوِجُ إلَى مُحَلِّلٍ. (وَلَا) يُرَاجِعُ (حَالَ رِدَّةٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ مِنْهَا فِي الْعِدَّةِ وَهَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (فَإِذَا طَلَّقَهَا فِي الرِّدَّةِ وَقَفَ) الطَّلَاقُ فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَّا نُفُوذَهُ وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ رَاجَعَهَا فِيهَا لَغَا) وَإِنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةِ الِاسْتِبَاحَةُ وَمَا دَامَ أَحَدُهُمَا مُرْتَدًّا لَا يَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِهَا وَلِأَنَّهَا جَارِيَةٌ إلَى الْبَيْنُونَةِ وَالرَّجْعَةُ لَا تُلَائِمُ حَالَهَا وَتُخَالِفُ الطَّلَاقَ حِينَئِذٍ حَيْثُ يُوقَفُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ كَالرِّدَّةِ فَيَتَنَاسَبَانِ وَلَيْسَتْ الرِّدَّةُ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِحْرَامِ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ عَارِضَةٌ وَلَا أَثَرَ لَهَا فِي زَوَالِ النِّكَاحِ. (وَلَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَةُ ذِمِّيٍّ) أَوْ أَسْلَمَ وَزَوْجَتُهُ وَثَنِيَّةٌ (فَرَاجَعَهَا لَمْ يَصِحَّ) لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الرِّدَّةِ (فَلَوْ أَسْلَمَ) أَوْ أَسْلَمَتْ (فِي الْعِدَّةِ اسْتَأْنَفَ) الرَّجْعَةَ (وَلَا يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ رَجْعَتِهَا (رِضَاهَا) وَلَا حُضُورُ الْوَلِيِّ وَلَا عِلْمُهُ بِهَا (وَلَا رِضَا سَيِّدِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] (وَيُسَنُّ إعْلَامُهُ) أَيْ سَيِّدِهَا وَمِثْلُهُ الْوَلِيُّ. (وَلَا تَسْقُطُ) الرَّجْعَةُ (بِالْإِسْقَاطِ) لَهَا وَلَا يُشْتَرَطُ إسْقَاطُهَا كَمَا لَا يَسْقُطُ الْوَلَاءُ فِي الْعِتْقِ بِشَرْطِ إسْقَاطِهِ. [فَصْلٌ قَالَ طَلَّقْتُك فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ بَلْ فِي شَوَّالٍ] (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْتُك فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ بَلْ فِي شَوَّالٍ فَتُؤَاخِذُ) بِقَوْلِهَا (لِأَنَّهَا غَلَّظَتْ عَلَى نَفْسِهَا) بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَأَمَّا نَفَقَتُهَا فِي الْمُدَّةِ لِزَائِدَةٍ فَتَسْتَحِقُّهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ إسْقَاطَهَا وَالْأَصْلُ دَوَامُهَا وَعَدَمُ الطَّلَاقِ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي (وَالْقَوْلُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِمَا سِوَى الْأَشْهُرِ) مِنْ الْوِلَادَةِ وَالْأَقْرَاءِ (قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا (إنْ أَمْكَنَ) دَعْوَاهَا وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ إذْ يَعْسُرُ عَلَيْهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى مَا فِي رَحِمِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] وَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهُنَّ مَقْبُولٌ لَمْ يَأْثَمْنَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَيْفَ يَقْطَعُهَا) وَلَيْسَ كَوَطْءِ الْمَبِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ بِحَالٍ فَجَازَ أَنْ يَقْطَعَهُ وَلِأَنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ كَالسَّبْيِ فَالرَّدُّ إلَى الْمِلْكِ مِثْلُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ وَطْءَ الْكَافِرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا) ؛ لِأَنَّهَا إمَّا ابْتِدَاءُ عَقْدٍ فَلَا تَقْبَلُهُ كَالنِّكَاحِ وَإِمَّا اسْتِدَامَةٌ فَكَذَلِكَ كَاخْتِيَارِ مَنْ أَسْلَمَ. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُتَّجَهُ التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا وَأُبْهِم ثُمَّ رَاجَعَ لَمْ يَصِحَّ) وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَنَسِيَهَا فَوَجْهَانِ فِي الْجَوَاهِرِ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ يُبْنَى الْحُكْمُ عَلَى الشَّكِّ لِتَعَذُّرِ الْمُحَقَّقِ فِي صُوَرٍ مِنْهَا الرَّجْعَةُ فِي عِدَّةِ نِكَاحٍ شَكَّ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ فَإِنَّهَا رَجْعَةٌ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ وَكَذَا الرَّجْعَةُ مَعَ الشَّكِّ فِي حُصُولِ الْإِبَاحَةِ كَمَنْ طَلَّقَ وَشَكَّ هَلْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً ثُمَّ رَاجَعَ فِي الْعِدَّةِ تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَقَدْ شَكَّ فِي انْقِطَاعِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُرَاجِعُ إلَّا فِي عِدَّةٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي الْعِدَّةِ الْأُولَى حَتَّى يُخْرِجَ مَا إذَا خَالَطَهَا مُخَالَطَةَ الْأَزْوَاجِ بِغَيْرِ وَطْءٍ وَقُلْنَا بِبَقَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْعِدَدِ فَإِنَّهُ لَا رَجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي حَالِ الرَّجْعَةِ مِنْ كَوْنِهَا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ لَكِنْ ذَكَرُوا فِي بَابِ الْعِدَدِ أَنَّهَا إذَا اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ عَنْ طَلَاقٍ ثُمَّ طَرَأَتْ عِدَّةُ حَمْلٍ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا ثَبَتَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ كَمَالٌ سَلَّارٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهَا فِي الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ فَتَسْتَحِقُّهَا إلَخْ) وَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهَا ضَعِيفٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 بِالْكِتْمَانِ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِكِتْمَانِهِنَّ حِينَئِذٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] وَخَرَجَ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ غَيْرُهُ كَالنَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَبِمَا سِوَى الْأَشْهُرِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ لِرُجُوعِ النِّزَاعِ إلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ وَهُوَ الْمُصَدَّقُ فِي أَصْلِهِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ وَبِقَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَعْوَاهَا لِصِغَرٍ أَوْ إيَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ أَيْضًا وَفُرِّعَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ (فَيُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا بِالْوِلَادَةِ لِتَمَامِ سِتَّةٍ) الْأَوْلَى التَّمَامُ بِسِتَّةِ (أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ) لَحْظَةٌ لِلْوَطْءِ وَلَحْظَةٌ لِلْوِلَادَةِ (مِنْ) حِينِ (إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ النِّكَاحِ (وَلِمَنْصُورٍ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا (وَلَحْظَتَيْنِ) مِنْ حِينِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ (وَلِمُضْغَةٍ) بِلَا صُورَةٍ بِمُضِيِّ (ثَمَانِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ) مِنْ حِينِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَقْسَامُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَدَلِيلُ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ الْأُولَى بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ قَوْله تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] مَعَ قَوْلِهِ {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] وَدَلِيلُ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بِمَا ذُكِرَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَشَقِيٍّ أَوْ سَعِيدٍ» . وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا» الْحَدِيثَ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ أَصَحُّ أَوْ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ كَأَنْ قَالَ أُخْبِرُكُمْ بِكَذَا ثُمَّ أُخْبِرُكُمْ كَذَا وَيُجَابُ أَيْضًا بِحَمْلِ التَّصْوِيرِ فِي الثَّانِي عَلَى غَيْرِ التَّامِّ وَفِي الْأَوَّلِ عَلَى التَّامِّ أَوْ بِحَمْلِهِ عَلَى التَّصْوِيرِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُفَادَةِ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ فَاءُ فَصَوَّرَهَا إذْ التَّقْدِيرُ فَمَضَتْ مُدَّةٌ فَصَوَّرَهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَجَعَلَهُ غُثَاءً} [الأعلى: 5] (وَ) يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا (بِالْأَقْرَاءِ لِمُطَلَّقَةٍ بِطُهْرٍ) أَيْ فِيهِ وَهِيَ حُرَّةٌ مُعْتَادَةٌ (بِاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ) لَحْظَةٍ لِلْقَرْءِ الْأَوَّلِ وَلَحْظَةٍ لِلطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ كَذَلِكَ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً (وَلَوْ خَالَفَ) ذَلِكَ (عَادَتَهَا) فَإِنَّهُ يُمْكِنُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا بِهِ (وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً فَبِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ) لِلطَّعْنِ فِي الدَّمِ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا لِأَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ لَيْسَ بِقَرْءٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْتَوَشٍ بِدَمَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ لَحْظَةٌ أُخْرَى لِاحْتِمَالِ طَلَاقِهَا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ الطُّهْرِ (وَ) بِمُضِيِّ (سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ لِمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِآخِرِ الْحَيْضِ) فَتَطْهُرُ بِعِدَّةِ أَقَلِّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ وَتَحِيضُ كَذَلِكَ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً (وَكَذَا) بِمُضِيِّ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ لِمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا (بِالْوِلَادَةِ) بِأَنْ لَمْ تَرَ نِفَاسًا وَهِيَ مُعْتَادَةٌ فَإِنْ رَأَتْهُ أَوْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً زَادَتْ الْمُدَّةُ فَقَوْلُ الْأَصْلِ بَعْدَمَا ذُكِرَ وَيُعْتَبَرُ مُضِيُّ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَالطَّعْنُ فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ سَهْوٌ وَصَوَابُهُ حَيْضَتَانِ وَالطَّعْنُ فِي الثَّالِثَةِ (وَإِنْ كَانَتْ قِنَّةً) فَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ وَهِيَ مُعْتَادَةٌ (فَسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) تَنْقَضِي بِهَا عِدَّتُهَا بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً (أَوْ وَهِيَ مُبْتَدَأَةٌ فَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ) تَنْقَضِي بِهَا عِدَّتُهَا (أَوْ) طَلُقَتْ (فِي حَيْضٍ) أَوْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بِالْوِلَادَةِ (فَأَحَدٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ) تَنْقُصِي بِهَا عِدَّتُهَا (وَاللَّحْظَةُ الْأَخِيرَةُ) فِي مُدَّةِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ (فَأَصْلُهُ) لِلْقَرْءِ الثَّالِثِ عَمَّا بَعْدَهُ أَيْ مُبَيِّنَةً لَهُ لَا مِنْ الْعِدَّةِ فَهِيَ (لَا تَصْلُحُ الرَّجْعَةُ) وَلَا لِغَيْرِهَا مِنْ آثَارِ نِكَاحِ الْمُطَلِّقِ كَإِرْثٍ. وَلَوْ لَمْ تَذْكُرْ الْمَرْأَةُ هَلْ طَلُقَتْ فِي طُهْرٍ أَوْ حَيْضٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَخَذَتْ بِالْأَقَلِّ وَهُوَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ عِدَّتِهَا إلَّا بِيَقِينٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَالصَّوَابُ (فَإِنْ ادَّعَتْهُ) أَيْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ (لِدُونِ الْإِمْكَانِ كَذَّبْنَاهَا وَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَ ثُمَّ إنْ ادَّعَتْهُ) أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ (لِلْإِمْكَانِ صَدَّقْنَاهَا وَلَوْ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى) لِأَنَّ إصْرَارَهَا يَتَضَمَّنُ دَعْوَى الِانْقِضَاءِ الْآنَ وَكَمَا لَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ فِي الزَّكَاةِ غَلَطًا فَاحِشًا مِنْ الْخَارِصِ وَرُدَّ قَوْلُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْخَرَصِ.   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ كَالنَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ) أَيْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِوَضْعِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَتْ مُؤْتَمَنَةً فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ مُتَّهَمَةً فِيهِ. (قَوْلُهُ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا) التَّعْبِيرُ بِهَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْهُرَ عَدَدِيَّةٌ لَا هِلَالِيَّةٌ وَمِنْ الْأَشْهُرِ الْعَدَدِيَّةِ الْأَشْهُرُ السِّتَّةُ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَحَيْثُ صَدَّقْنَاهَا فِي الْوَضْعِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِدَّةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّسَبِ وَثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِوَضْعِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَتْ مُؤْتَمَنَةً فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ مُتَّهَمَةً فِيهِ وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّوَابُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً» إلَخْ) أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ بَعْثَهُ الْمَلَكَ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةَ لِلتَّصْوِيرِ وَخَلْقِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْجِلْدِ وَاللَّحْمِ وَالْعِظَامِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَبَعْثَتِهِ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ لِنَفْخِ الرُّوحِ وَقَدْ حَصَلَتْ الْمُغَايِرَةُ بَيْنَ الْبَعْثَتَيْنِ اهـ وَالْحَدِيثَانِ كَالصَّرِيحِينَ فِي هَذَا الْجَمْعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الْأَجْوِبَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَأَمَّا مَا يُشَاهَدُ مِنْ تَحَرُّكِ الْوَلَدِ قَبْلَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا خُصُوصًا فِي الذَّكَرِ فَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهَا غَايَةُ نِهَايَةِ الْإِرْسَالِ فَلَا بِدْعَ فِي أَنْ يَحْصُلَ النَّفْخُ قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ قِنَّةً) أَيْ أَوْ مُبَعَّضَةً (قَوْلُهُ وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَالصَّوَابُ) لَا سِيَّمَا فِيمَنْ أَرَادَتْ التَّزْوِيجَ بِغَيْرِ الْمُطَلِّقِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى) قَالَ الْفَتَى مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْإِصْرَارَ مَعَ دَعْوَاهَا لِلْإِمْكَانِ وَلَيْسَ هُوَ فِي الرَّوْضَةِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِصْرَارِ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى كَافٍ فِي تَصْدِيقِهَا الْآنَ عَلَى الْأَصَحِّ فَزِدْت لَفَظَّةً وَكَذَا فَاسْتَقَامَ بِهَا الْكَلَامُ فَصَارَ ثُمَّ إنْ ادَّعَتْ لِلْإِمْكَانِ صَدَّقْنَاهَا وَكَذَا لَوْ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى فَلْتَصِرْ فِي النُّسَخِ هَكَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 (فَصْلٌ) الرَّجْعَةُ مُخْتَصَّةٌ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ (وَطِئَ) الرَّجْعِيَّةَ (فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ) الْفَرَاغِ مِنْ (الْوَطْءِ) وَدَخَلَ فِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ (وَاخْتَصَّتْ الرَّجْعَةُ بِبَقِيَّةِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ) دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا بِالْوَطْءِ (فَلَوْ أَحْبَلَهَا بِالْوَطْءِ رَاجَعَهَا مَا لَمْ تَلِدْ) لِوُقُوعِ عِدَّةِ الْوَطْءِ عَنْ الْجِهَتَيْنِ كَالْبَاقِي مِنْ الْأَقْرَاءِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يَتَبَعَّضُ وَمُدَّةُ الْحَمْلِ لَا تَتَبَعَّضُ فَإِنْ وَلَدَتْ فَلَا رَجْعَةَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الرَّجْعَة] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا) (فَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالرَّجْعِيَّةِ وَالنَّظَرُ) إلَيْهَا وَسَائِرُ التَّمَتُّعَاتِ؛ لِأَنَّهَا مُفَارَقَةٌ كَالْبَائِنِ (وَيُعَزَّرُ بِوَطْئِهَا) إنْ كَانَ عَالِمًا مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَ الْوَطْءِ وَرَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ لِإِقْدَامِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ عِنْدَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ (لَا جَاهِلًا وَ) لَا (مُعْتَقِدًا حِلَّهُ) لِعُذْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمَرْأَةُ. وَكَالْوَطْءِ فِي التَّعْزِيرِ سَائِرُ التَّمَتُّعَاتِ (وَيَلْزَمُهُ) بِالْوَطْءِ (مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ رَاجَعَ بَعْدَهُ) لِأَنَّهَا فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ كَالْبَائِنِ فَكَذَا فِي الْمَهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُزِيلُ أَثَرَ الرِّدَّةِ وَالرَّجْعَةُ لَا تُزِيلُ أَثَرَ الطَّلَاقِ. (وَيَصِحُّ فِيهَا طَلَاقٌ وَخُلْعٌ وَلِعَانٌ وَظِهَارٌ) وَإِيلَاءٌ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكٍ لِرَجْعَةٍ لَكِنْ لَا حُكْمَ لِلْأَخِيرَيْنِ حَتَّى يُرَاجِعَ بَعْدَهُمَا مِمَّا سَيَأْتِيَانِ فِي بَابَيْهِمَا (وَيَتَوَارَثَانِ وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا) عَلَيْهِ لِبَقَاءِ أَثَرِ الزَّوْجِيَّةِ فِيهَا بِصِحَّةِ مَا مَرَّ. (وَلَوْ قَالَ زَوْجَاتِي طَوَالِقُ دَخَلَتْ) فِيهِمْ الرَّجْعِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ. (وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) الرَّقِيقَةَ (فِي الرَّجْعَةِ) الْأُولَى فِي الْعِدَّةِ (اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ) لِأَنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَإِحْدَاثُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ لَيْسَ كَالرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ النِّكَاحَ وَيُضَادُّهُ فَلَا يَصْلُحُ اسْتِدْرَاكًا لِمَا وَقَعَ مِنْ الْخَلَلِ فَوَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا (وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَا يُجْزِئُ بَقِيَّةُ طُهْرِ الْعِدَّةِ) عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ كَامِلَةٍ، وَإِذَا ثَبَتَ تَحْرِيمُ التَّمَتُّعِ بِالرَّجْعَةِ وَوُجُوبُ الْمَهْرِ بِوَطْئِهَا وَصِحَّةُ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ وَالطَّلَاقِ وَالتَّوَارُثِ (فَالرَّجْعَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ الْأَصْلِ (مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ) وَإِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ آيَاتِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْأَخِيرَةِ فِي كَلَامِي (وَالتَّرْجِيحُ) لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ أَوْ بِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ يَخْتَلِفُ (بِحَسَبِ ظُهُورِ دَلِيلٍ) لِأَحَدِهِمَا تَارَةً وَلِلْآخِرِ أُخْرَى قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَنَظِيرُهُ الْقَوْلَانِ فِي أَنَّ النَّذْرَ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ أَمْ جَائِزِهِ وَفِي أَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ أَمْ تَمْلِيكٌ. (فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ: لَوْ ادَّعَى الرَّجْعَةَ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ) وَأَنْكَرَتْ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا (وَكَانَ) أَيْ وَجَعَلَ دَعْوَاهُ لَهَا (إنْشَاءً) لَهَا وَقِيلَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى إقْرَارٌ وَالْإِقْرَارُ وَالْإِنْشَاءُ مُتَنَافِيَانِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا رَجَّحَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ بَلْ النَّصُّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ مَقْبُولٌ لَا إنْشَاءٌ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَحْسَبُهُ إجْمَاعَ الْعِرَاقِيِّينَ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ إنْشَاءً. (أَوْ) دَعَاهَا (بَعْدَ انْقِضَائِهَا وَقَبْلَ النِّكَاحِ فَإِنْ قَالَا انْقَضَتْ أَمْسِ وَادَّعَى الرَّجْعَةَ قَبْلَهُ) وَادَّعَتْهَا هِيَ بَعْدَهُ (صُدِّقَتْ هِيَ) بِيَمِينِهِ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ رَاجَعَهَا أَمْسِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ قَبْلَ أَمْسِ وَلِأَنَّهُ يَدَّعِي بَعْدَ انْقِضَاءِ سَلْطَنَتِهِ وُقُوعَ تَصَرُّفِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ إذَا ادَّعَى بَعْدَ الْعَزْلِ أَنَّهُ تَصَرَّفَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ (أَوْ قَالَا رَاجَعَ أَمْسِ، وَادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا قَبْلَهُ) وَادَّعَاهُ بَعْدَهُ (صُدِّقَ هُوَ) بِيَمِينِهِ أَنَّهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الرَّجْعَةُ مُخْتَصَّةٌ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا) (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالرَّجْعِيَّةِ) إنَّمَا حُرِّمَ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ أَوْجَبَتْ عَلَيْهَا بَرَاءَةَ رَحِمِهَا فَلَوْ أَبَحْنَا لَهُ وَطْأَهَا لَلَزِمَهَا تَمْكِينُهُ وَالْوَطْءُ سَبَبٌ لِشَغْلِ رَحِمِهَا فَتَصِيرُ فِي الْحَالَةِ الْوَاحِدَةِ مَأْمُورَةً بِمَا يُوجِبُ رَحِمَهَا وَمَا هُوَ سَبَبٌ لِشَغْلِهِ، وَأَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ فَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ حَرَّمَ الْوَطْءَ فَحَرَّمَ مُقَدِّمَاتِهِ كَالْبَائِنِ (قَوْلُهُ وَالنَّظَرُ إلَيْهَا) أَيْ وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ) لِلشُّبْهَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ سَلْطَنَةُ الرَّدِّ وَخِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ بِالْوَطْءِ مَهْرُ الْمِثْلِ) ظَاهِرُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْوَطْءُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْقِيَاسُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَوَطْءِ الْأَبِ وَالشَّرِيكِ وَالْمُكَاتَبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ) كَمَا لَوْ اسْتَبْرَأَ الْمُسْتَوْلَدَةَ ثُمَّ أَعْتَقَهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ إلَخْ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فِي سِتَّةَ عَشْرَ آيَةً وَبَيَّنَهَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ إلَخْ وَلَا نَفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلْيُعْرَفْ أَنَّ الْقَاعِدَةَ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَإِنْ رَاجَعَهَا وَكَذَا لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ وَحَلَفَ. [فَصْلٌ الِاخْتِلَافِ فِي الرَّجْعَةَ] (قَوْلُهُ صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ) عِبَارَتُهُ وَإِنْ قَالَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ قَدْ رَاجَعْتُك أَمْسِ أَوْ يَوْمَ كَذَا الْيَوْمُ مَاضٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ كَانَ رَجْعَةً وَهَكَذَا لَوْ قَالَ كُنْت رَاجَعْتُك بَعْدَ الطَّلَاقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ إسْقَاطَ حَقٍّ لَهَا بِأَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَيَرْفَعَهُ بِالْإِقْرَارِ بِالرَّجْعَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَذْهَبِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ) وَقَالَ بَلْ النَّصُّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ مَقْبُولٌ لِإِنْشَاءٍ وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَاهَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا إلَخْ) لَوْ كَانَتْ امْرَأَةً صَبِيَّةً أَوْ مَعْتُوهَةً فَقَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا رَاجَعْتهَا فِيهَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ سَوَاءٌ صَدَقَهُ وَلِيُّهَا أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ غَيْرَ أَبٍ، وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَعَرَضَ لَهَا مَرَضٌ أَذْهَبَ عَقْلَهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كُنْت رَاجَعْتهَا فِيهَا لَمْ يُقْبَلْ، فَإِنْ أَفَاقَتْ وَصَدَّقَتْهُ قُبِلَ وَكَانَتْ زَوْجَتَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 مَا انْقَضَتْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِضَائِهَا قَبْلَهُ. (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِوَقْتٍ بِأَنْ اقْتَصَرَ هُوَ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ سَابِقَةٌ وَهِيَ عَلَى أَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ سَابِقٌ (صُدِّقَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (بِالدَّعْوَى) بِيَمِينِهِ لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ سَبَقَتْ الزَّوْجَةُ وَقَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ مُرَاجَعَتِك، ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ بَلْ بَعْدَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الِانْقِضَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَاعْتَضَدَ دَعْوَاهَا بِالْأَصْلِ، وَإِنْ سَبَقَ الزَّوْجُ وَقَالَ رَاجَعْتُك قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك، ثُمَّ قَالَتْ هِيَ بَلْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الرَّجْعَةِ وَاخْتَلَفَا فِي الِانْقِضَاءِ وَاعْتَضَدَ دَعْوَاهُ بِالِاتِّفَاقِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِانْقِضَاءِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ إطْلَاقِ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ فِيمَا إذَا سَبَقَ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ، وَاَلَّذِي فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْقَفَّالِ وَالْبَغَوِيِّ وَالْمُتَوَلِّي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَرَاخِي كَلَامِهَا عَنْهُ، فَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ قَوْلِيَّةٌ فَقَوْلُهُ رَاجَعْتُك كَإِنْشَائِهَا حَالًا وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ لَيْسَ بِقَوْلِيٍّ فَقَوْلُهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي إخْبَارٌ عَمَّا تَقَدَّمَ فَكَانَ قَوْلُهُ رَاجَعْتُك صَادَفَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ وَكَأَنَّ الرَّوْضَةَ أَسْقَطَتْهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي مَنْشَأِ الرَّجْعَةِ وَهَلْ الْمُرَادُ سَبْقُ الدَّعْوَى عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ لَا؟ قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ نَعَمْ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ وَاعْتَمَدَهُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِيمَا إذَا سَبَقَهَا الزَّوْجُ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَرَاخَ كَلَامُهَا عَنْ كَلَامِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ (فَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا صُدِّقَتْ) بِيَمِينِهَا لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ لَا يُعْلَمُ غَالِبًا إلَّا مِنْهَا وَالزَّوْجُ يُمْكِنُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ سَبْقٌ حَتَّى يَتَقَدَّمَ بِهِ وَلِأَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ مُحَقَّقٌ فَهُوَ أَصْلٌ وَالرَّجْعَةُ رَدٌّ لِلنِّكَاحِ فِي الْمَاضِي وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا (وَإِنْ اعْتَرَفَا بِتَرْتِيبِهِمَا وَأَشْكَلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (قُضِيَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ بِيَمِينِهِ (لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِدَّةِ) وَوِلَايَةُ الرَّجْعَةِ. (فَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ مُنْشِئًا (رَاجَعْتُك فَقَالَتْ مُتَّصِلًا بِهِ قَدْ انْقَضَتْ) عِدَّتِي (قَبْلُ) أَيْ قَبْلَ رَجْعَتِك (صُدِّقَتْ) لِأَنَّ قَوْلَهُ رَاجَعْت إنْشَاءٌ وَقَوْلَهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي إخْبَارٌ فَيَكُونُ الِانْقِضَاءُ سَابِقًا عَلَى قَوْلِهَا، أَمَّا لَوْ قَالَتْ ذَلِكَ مُتَرَاخِيَةً عَنْ قَوْلِ الزَّوْجِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ رَاجَعْتُك أَمْسِ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ إلَى الْآنَ فَقَالَتْ بَلْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَمْسِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مُنْشِئًا لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِكَلَامِ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ السَّابِقِ تَصْدِيقُهَا. (وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ) زَوْجًا آخَرَ (وَادَّعَى مُطَلِّقُهَا) تَقَدُّمَ الرَّجْعَةِ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (فَلَهُ الدَّعْوَى) بِهِ (عَلَيْهَا، وَكَذَا عَلَى الزَّوْجِ) لِأَنَّهَا فِي حِبَالَتِهِ وَفِرَاشِهِ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ قَطْعِ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ فَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالثَّانِي هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ مِنْ اثْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ سَبْقَ نِكَاحِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمَا هُنَا مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ (فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِمُدَّعَاهُ (انْتَزَعَهَا) مِنْ الزَّوْجِ سَوَاءٌ أَدْخَلَ أَمْ لَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً (فَإِنْ بَدَأَ بِهَا) فِي الدَّعْوَى (فَأَقَرَّتْ) لَهُ بِالرَّجْعَةِ (لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهَا (عَلَى الثَّانِي مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهَا (فَإِنْ زَالَ حَقُّهُ) بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بِإِقْرَارٍ أَوْ حَلَفَ الْأَوَّلُ يَمِينَ الرَّدِّ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهَا (سُلِّمَتْ لِلْأَوَّلِ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ (وَقَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ زَوَالِ حَقِّ الثَّانِي (يَجِبُ عَلَيْهَا لِلْأَوَّلِ مَهْرُ مِثْلِهَا لِلْحَيْلُولَةِ) أَيْ لِأَنَّهَا أَحَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِالنِّكَاحِ الثَّانِي حَتَّى لَوْ زَالَ حَقُّ الثَّانِي رُدَّ لَهَا الْمَهْرُ لِارْتِفَاعِ الْحَيْلُولَةِ وَالتَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ لِلْحَيْلُولَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي حِبَالَةِ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا) أَيْ زَوْجِيَّتَهَا (آخَرُ فَأَقَرَّتْ) لَهُ بِهَا (وَقَالَتْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَ مِنْ إطْلَاقِ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ فِيمَا إذَا سَبَقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ) وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْعَدَدِ فِيمَا إذَا وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا أَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ أَحَدِهِمَا فَالْعَكْسُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا صُدِّقَ الزَّوْجُ وَالْمُدْرَكُ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ هُوَ غَفْلَةٌ فَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْعَدَدِ مُوَافِقٌ لِمَا هُنَا عِنْدَ اتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ لَا عَكْسِهِ فَفِيهِمَا هُنَاكَ لَوْ وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا، ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ طَلَّقْتُك بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلِي الرَّجْعَةُ وَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهَا، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ طَلَّقْتُك يَوْمَ السَّبْتِ وَقَالَتْ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ فَصُدِّقَ فِيهِ كَأَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَتْ وَلَدْت يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَالَ يَوْمَ السَّبْتِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ فِي الْوِلَادَةِ فَكَذَا فِي وَقْتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ وَادَّعَى تَقَدُّمَ الْوِلَادَةِ وَهِيَ تَقَدُّمَ الطَّلَاقِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ سَلْطَنَةِ النِّكَاحِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْفَرْقِ عِنْدَ عَدَمِ الِاتِّفَاقِ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الطَّلَاقِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ وَبِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ هُنَاكَ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُسْعِفُهُ وَيُعَرِّضُهُ لِلزَّوَالِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الرَّجْعَةِ فَقَدْ سَبَقَ فِيهَا طَلَاقٌ ضَعُفَ بِهِ النِّكَاحُ وَصَارَ زَوَالُهُ مَوْقُوفًا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَانْقِضَاؤُهَا مَرْجُوعٌ فِيهِ إلَى قَوْلِهَا فَلِهَذَا نَظَرْنَا هُنَا إلَى السَّابِقِ بِالدَّعْوَى وَرَجَّحْنَا قَوْلَهُ هُنَاكَ عِنْدَ عَدَمِ الِاتِّفَاقِ عَلَى وَقْتٍ لِسَلَامَةِ الْعِصْمَةِ عَمَّا يُورِثُ خَلَلًا فِيهَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ رَاجَعْتُك أَمْسِ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ إلَى الْآنَ فَقَالَتْ بَلْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَمْسِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مُنْشِئًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا التَّزَوُّجَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُطَلِّقُ غَائِبًا وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ رَاجِعٌ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمَا هُنَا مُتَّفِقَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي حُبَالَةِ رَجُلٍ إلَخْ) ، وَلَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ ثَلَاثًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 كُنْت طَلَّقْتنِي فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارَهَا) لَهُ (وَتُنْزَعُ لِلْأَوَّلِ) الْأُولَى لَهُ أَيْ الَّذِي طَلَّقَهَا (إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ وَالْفَرْقُ اتِّفَاقُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (فِي الْأُولَى عَلَى الطَّلَاقِ) وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرَّجْعَةِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ نَعَمْ إنْ أَقَرَّتْ أَوَّلًا بِالنِّكَاحِ لِلثَّانِي أَوْ أَذِنَتْ فِيهِ لَمْ تُنْزَعْ مِنْهُ كَمَا لَوْ نَكَحَتْ رَجُلًا بِإِذْنِهَا، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِرَضَاعٍ مُحَرَّمٍ بَيْنَهُمَا لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَانَ مِلْكَ فُلَانٍ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي، وَكَذَا الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ لِمَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنِّيَّةِ، فَإِنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا لَمْ تُنْزَعْ مِنْهُ جَزْمًا (وَلَوْ أَنْكَرَتْ) رَجْعَتَهُ (فَلَهُ تَحْلِيفُهَا) عَلَى نَفْيِ عِلْمِهَا بِالرَّجْعَةِ (لِلْغُرْمِ) أَيْ لِيَغْرَمَ مَهْرَ الْمِثْلِ إذَا أَقَرَّتْ أَوْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ هُوَ، فَإِنْ حَلَفَتْ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ. (وَإِنْ بَدَأَ بِالزَّوْجِ) فِي الدَّعْوَى (فَأَقَرَّ) لَهُ (أَوْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَ الْأَوَّلُ) الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ (بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِي وَلَا يَسْتَحِقُّهَا الْأَوَّلُ) حِينَئِذٍ (إلَّا بِإِقْرَارِهَا) لَهُ (أَوْ حَلَّفَهُ بَعْدَ نُكُولِهَا وَلَهَا عَلَى الثَّانِي بِالْوَطْءِ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ اسْتَحَقَّهَا الْأَوَّلُ وَإِلَّا فَالْمُسَمَّى) إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَنِصْفُهُ إنْ كَانَ قَبْلَهُ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ نَكَلَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي إنْكَارِهِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ انْقَضَتْ وَالنِّكَاحُ وَقَعَ صَحِيحًا فِي الظَّاهِرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرَّجْعَةِ [طَلَّقَهَا دُونَ ثَلَاث بِلَا عِوَض وَقَالَ وَطِئْت فَلِي الرَّجْعَةُ وَأَنْكَرَتْ وَطْأَهُ] (فَرْعٌ) لَوْ (طَلَّقَهَا) دُونَ ثَلَاثٍ بِلَا عِوَضٍ (وَقَالَ وَطِئْت فَلِي الرَّجْعَةُ) وَأَنْكَرَتْ وَطْأَهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فَتَحْلِفُ) أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَيُفَارِقُ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهَا فِيمَا إذَا أَنْكَرَتْ وَطْءَ الْمَوْلَى أَوْ الْعِنِّينِ إذَا ادَّعَاهُ بِأَنَّ النِّكَاحَ ثَابِتٌ ثُمَّ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي مَا يُزِيلُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَهُنَا الطَّلَاقُ قَدْ وَقَعَ وَهُوَ يَدَّعِي الرَّجْعَةَ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (وَتَتَزَوَّجُ) بَعْدَ حَلِفِهَا (فِي الْحَالِ) فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا. (وَيُمْنَعُ) الْمُطَلِّقُ (لِإِقْرَارِهِ) بِوَطْئِهَا (نِكَاحَ أُخْتِهَا) وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا (فِي الْعِدَّةِ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ، ثُمَّ هُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمَهْرِ وَهِيَ لَا تَدَّعِي إلَّا نِصْفَهُ (فَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَخَذَتْ الْمَهْرَ) كُلَّهُ (لَمْ تُطَالِبْ بِهِ) وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَخَذَتْهُ (طَالَبَتْ بِالنِّصْفِ فَقَطْ) عَمَلًا بِإِنْكَارِهَا (فَلَوْ أَخَذَتْهُ) أَيْ النِّصْفَ (ثُمَّ اعْتَرَفَتْ) لِلزَّوْجِ (بِالدُّخُولِ لَمْ تَسْتَحِقَّ) عَلَيْهِ (النِّصْفَ الثَّانِيَ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ مِنْهُ) وَقِيلَ تَسْتَحِقُّهُ بِلَا إقْرَارٍ مِنْهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ تَرْجِيحِ الرَّافِعِيِّ فِي الْإِقْرَارِ وَذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا مَسْأَلَتَيْنِ حَذَفَهُمَا الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. [فَرْعٌ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ الدُّخُولَ فَأَنْكَرَ] (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَتْ الدُّخُولَ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَلَا رَجْعَةَ وَلَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى (وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهَا. (وَإِنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا) بَعْدَ دَعْوَاهَا الدُّخُولَ (لَمْ تَسْقُطْ) عِدَّتُهَا؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارِهَا. [فَرْعٌ أَنْكَرَتْ الرَّجْعَةَ وَاقْتَضَى الْحَالُ تَصْدِيقَهَا ثُمَّ أَقَرَّتْ] (فَرْعٌ) لَوْ (أَنْكَرَتْ الرَّجْعَةَ) وَاقْتَضَى الْحَالُ تَصْدِيقَهَا (ثُمَّ أَقَرَّتْ) بِهَا (قَبِلْنَاهُ) أَيْ إقْرَارَهَا؛ لِأَنَّهَا جَحَدَتْ حَقَّ الزَّوْجِ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهِ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ كَمَا فِي الْقِصَاصِ (وَلَوْ أَنْكَرَتْ غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ الْإِذْنَ) فِي النِّكَاحِ وَكَانَ إنْكَارُهَا (قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا (ثُمَّ اعْتَرَفَتْ) بِأَنَّهَا كَانَتْ أَذِنَتْ (لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا) لِأَنَّ النَّفْيَ إذَا تَعَلَّقَ بِهَا كَانَ كَالْإِثْبَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ فِعْلِهِ عَلَى الْبَتِّ كَالْإِثْبَاتِ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِذَلِكَ وَبِأَنَّ إذْنَ الزَّوْجَةِ شَرْطٌ فِي النِّكَاحِ دُونَ الرَّجْعَةِ (وَجُدِّدَ النِّكَاحُ) بَيْنَهُمَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ بِدُونِ تَجْدِيدٍ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ قُبَيْلَ بَابِ الصَّدَاقِ. (وَكَذَا مَنْ أَقَرَّتْ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ) مُحَرِّمٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَجُلٍ (ثُمَّ رَجَعَتْ لَا يُقْبَلُ) رُجُوعُهَا؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَالْإِثْبَاتُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ عِلْمٍ فَفِي الرُّجُوعِ عَنْهُ تَنَاقُضٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ النَّفْيِ وَالنَّفْيُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَنْ عِلْمٍ نَعَمْ لَوْ قَالَ مَا أَتْلَفَ فُلَانٌ مَالِي، ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى أَنَّهُ أَتْلَفَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا أَتْلَفَهُ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ عَلَى نَفْسِهِ بِبَرَاءَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَنَى الْإِمَامُ عَلَى الْفَرْقِ السَّابِقِ مَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَتْ هِيَ، ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا لَا يُقْبَلُ لِاسْتِنَادِ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ إلَى إثْبَاتٍ (فَرْعٌ) لَوْ (كَانَتْ الزَّوْجَةُ) الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (أَمَةً) وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ (فَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ حَيْثُ قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْحُرَّةِ) وَفِي نُسْخَةٍ الزَّوْجَةُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ حَقُّهُ (وَالْمَذْهَبُ) الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ وَغَيْرِهِمَا (خِلَافُهُ) وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا كَالْحُرَّةِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] وَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تُوَاطِئَ شَخْصًا لِيَدَّعِيَ نِكَاحَهَا، ثُمَّ تُقِرَّ لَهُ بِأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ مِنْ قَبْلُ حَتَّى تَخْلَصَ مِنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي وَكَذَا الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْحَقُّ أَنَّهَا مَتَى كَانَتْ قَدْ اعْتَرَفَتْ لِمَنْ فِي حُبَالَتِهِ بِالزَّوْجِيَّةِ اعْتِرَافًا صَرِيحًا أَوْ ضِمْنِيًّا كَتَمْكِينِهِ أَوْ إذْنِهَا فِي نِكَاحِهِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يُسْمَعْ إقْرَارُهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ، فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا لَمْ تُنْزَعْ مِنْهُ جَزْمًا) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِثْبَاتِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الرَّجُلَ ادَّعَى حَقًّا فَأَنْكَرَتْهُ، ثُمَّ عَادَتْ إلَى الِاعْتِرَافِ وَإِذَا تَوَافَقَا عَلَى ثُبُوتِ حَقِّهِ لَمْ يَجُزْ إبْطَالُهُ وَيُقْبَلُ لِحَقِّ الزَّوْجِ كَمَا لَوْ ادَّعَى زَوْجِيَّةً فَأَنْكَرَتْهَا، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهَا أَوْ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ قِصَاصًا فَأَنْكَرَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهَا فُلَانٌ أَخِي (قَوْلُهُ لَا يُقْبَلُ) لِاسْتِنَادِ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ إلَى إثْبَاتٍ. وَجْهُ عَدَمِ قَبُولِ رُجُوعِهَا أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِطَلَاقِهَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِهِ عَلَى مُقَابِلِهِ. [فَرْعٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَمَةً وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ] (قَوْلُهُ فَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَبِيَّةً أَوْ مَعْتُوهَةً فَقَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا رَاجَعْتهَا فِيهَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ وَلِيُّهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَمْ غَيْرَهُ، وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَعَرَضَ لَهَا مَرَضٌ أَذْهَبَ عَقْلَهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كُنْت رَاجَعْتهَا قَبْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ، فَإِنْ أَفَاقَتْ وَصَدَّقَتْهُ قُبِلَ. قَالَ شَيْخُنَا قَدْ قُدِّمَ هَذَا أَيْضًا (قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ الزَّوْجَةُ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ وَغَيْرِهِمَا خِلَافُهُ) قَالَ وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَالْأَوَّلُ مَرْدُودٌ زَادَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بَلْ غَلَطَ وَإِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَقْوَى (فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَخْبَرَتْنِي) مُطَلَّقَتِي (بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَرَاجَعْتهَا مُكَذِّبًا لَهَا) أَوْ لَا مُصَدِّقًا وَلَا مُكَذِّبًا (ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِالْكَذِبِ) بِأَنْ قَالَتْ مَا كَانَتْ انْقَضَتْ (فَالرَّجْعَةُ صَحِيحَةٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْهَا [كِتَابُ الْإِيلَاءِ] [الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الْإِيلَاء] (كِتَابُ الْإِيلَاءِ) هُوَ لُغَةً الْحَلِفُ قَالَ الشَّاعِرُ وَأَكْذَبُ مَا يَكُونُ أَبُو الْمُثَنَّى ... إذَا آلَى يَمِينًا بِالطَّلَاقِ وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ وَخَصَّهُ بِالْحَلِفِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ مُطْلَقًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] الْآيَةَ وَإِنَّمَا عُدِّيَ فِيهَا بِمِنْ وَهُوَ إنَّمَا يُعَدَّى بِعَلَى؛ لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْبُعْدِ كَأَنَّهُ قِيلَ يُؤْلُونَ مُبْعَدِينَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ وَهُوَ حَرَامٌ لِلْإِيذَاءِ وَلَيْسَ مِنْهُ إيلَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) حَالِفٌ وَمَحْلُوفٌ بِهِ وَمُدَّةٌ وَمَحْلُوفٌ عَلَيْهِ زَادَ فِي الْأَنْوَارِ وَصِيغَةٌ وَزَوْجَةٌ (الْأَوَّلُ الْحَالِفُ وَشَرْطُهُ زَوْجٌ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْجِمَاعُ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَسَيِّدٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ إلَّا لِسَكْرَانَ وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ وَلَا مِمَّنْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْجِمَاعُ كَمَجْنُونٍ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ وَذِكْرُ مُخْتَارٍ مِنْ زِيَادَتِهِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ. (فَيَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ) بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ (وَ) مِنْ (الْكَافِرِ، وَلَا يَنْحَلُّ) إيلَاؤُهُ (بِالْإِسْلَامِ وَ) يَصِحُّ (مِنْ الْغَضْبَانِ) لِأَنَّ الْآيَةَ تَشْمَلُ حَالَتَيْ الْغَضَبِ وَالرِّضَا وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَسَائِرِ الْأَيْمَانِ (وَ) مِنْ (الْعِنِّينِ وَالْمَرِيضِ وَالْخَصِيِّ) لِذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِالْعِنِّينِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) مِنْ (أَشَلَّ ذَكَرٍ وَمَجْبُوبٍ) كُلَّ الذَّكَرِ أَوْ بَعْضَهَ (إلَّا إنْ بَقِيَ قَدْرُ الْحَشَفَةِ) فَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْجِمَاعِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ قَصْدُ الْإِيذَاءِ. (وَلَا يَنْحَلُّ) الْإِيلَاءُ (بِالْجَبِّ) لِعُرُوضِ الْعَجْزِ فِي الدَّوَامِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِيلَاءِ السَّابِقِ عَلَيْهِ (وَيَصِحُّ) إيلَاءٌ لِزَوْجٍ (مِنْ صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ جِمَاعُهَا فِيمَا قَدَّرَهُ مِنْ الْمُدَّةِ وَمَرِيضَةٍ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ حَتَّى تُدْرِكَ) الصَّغِيرَةُ إطَاقَةَ الْجِمَاعِ (وَتُطِيقُ الْمَرِيضَةُ) ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَصِحُّ مِنْ مُتَحَيِّرَةِ لِاحْتِمَالِ الشِّفَاءِ وَمِنْ مُحْرِمَةٍ لِاحْتِمَالِ التَّحَلُّلِ لِحَصْرٍ وَغَيْرِهِ وَمِنْ مُظَاهَرٍ مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ لِإِمْكَانِ الْكَفَّارَةِ قَالَ فِي الْأُولَى وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الشِّفَاءِ وَقِيَاسُهُ فِيمَا بَعْدَهَا أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ إلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَالتَّكْفِيرِ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ حَتَّى تُطِيقَ كَانَ أُولَى وَأَخْصَرَ إلَّا أَنَّهُ تَبِعَ أَصْلَهُ. (وَ) يَصِحُّ (مِنْ عَجَمِيٍّ بِالْعَرَبِيَّةِ وَعَكْسُهُ) أَيْ وَمِنْ عَرَبِيٍّ بِالْعَجَمِيَّةِ (إنْ عُرِفَ الْمَعْنَى) كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ آلَى مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا) بَعْدَ إيلَائِهِ (فَحَالَفَ) فَيَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ قَبْلَ التَّزَوُّجِ أَوْ بَعْدَهُ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَلِفُ الْخَالِي عَنْ الْإِيلَاءِ (لَا مُولٍ) لِأَنَّ الْإِيلَاءَ مُخْتَصٌّ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِخِطَابِ الْأَجْنَبِيَّةِ كَالطَّلَاقِ قَالَ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] وَلَيْسَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا قَصْدُ الْإِيذَاءِ (وَيَصِحُّ مِنْ رَجْعِيَّةٍ) كَمَا يَصِحُّ طَلَاقُهَا (وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ قَبْلَ الرَّجْعَةِ) لِأَنَّهَا فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ جَارِيَةٌ إلَى الْبَيْنُونَةِ وَلِأَنَّهَا تَحْرُمُ بِالطَّلَاقِ فَلَا وَقْعَ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْحَرَامِ (وَلَا يَصِحُّ مِنْ رَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ قَصْدِ الْإِيذَاءِ كَمَا فِي الْمَجْبُوبِ (الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَحْلُوفُ بِهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ الْتَزَمَ شَيْئًا كَصَوْمٍ وَطَلَاقٍ وَغَيْرِهِ) الْأَوْلَى وَغَيْرُهُمَا (مِمَّا لَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَإِنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ)   [حاشية الرملي الكبير] زَوْجَتُهُ أَمَةً فَصَدَّقَتْهُ كَانَتْ كَالْحُرَّةِ فِي جَمِيعِ أَمْرِهَا، وَلَوْ كَذَّبَهُ مَوْلَاهَا لَمْ أَقْبَلْ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيلَ بِالرَّجْعَةِ وَالتَّحْرِيمَ بِالطَّلَاقِ فِيهَا وَلَهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ) وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ. [فَرْعٌ قَالَ أَخْبَرَتْنِي مُطَلَّقَتِي بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَرَاجَعْتهَا مُكَذِّبًا لَهَا ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِالْكَذِبِ] (كِتَابُ الْإِيلَاءِ) (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً الْحَلِفُ) بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاَلَّذِينَ يُقْسِمُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْبُعْدَ وَقِيلَ مِنْ لِلسَّبَبِيَّةِ) أَيْ يَحْلِفُونَ بِسَبَبِ نِسَائِهِمْ وَقِيلَ بِمَعْنَى عَلَى وَقِيلَ بِمَعْنَى فِي عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ فِيهِمَا أَيْ عَلَى تَرْكِ وَطْءٍ أَوْ فِي تَرْكِ وَطْءٍ وَقِيلَ مِنْ زَائِدَةٌ وَالتَّقْدِيرُ يُؤْلُونَ أَيْ يَعْتَزِلُونَ نِسَاءَهُمْ أَوْ أَنَّ آلَى يَتَعَدَّى بِعَلَى وَمَنْ قَالَهُ أَبُو الْبَقَاءِ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُقَالُ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَعَلَى امْرَأَتِهِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الْحَالِفُ) لَوْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا مُظَاهِرًا وَلَيْسَ بِحَلِفٍ لَكِنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْجِمَاعُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ مُدَّةً يَتَحَقَّقُ انْقِضَاؤُهَا قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى حَالَةِ الْإِمْكَانِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ حَلِفِهِ تَنْقَضِي فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَمَا لَوْ حَلَفَ وَأَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ. (قَوْلُهُ فِيمَا قَدَّرَهُ مِنْ الْمُدَّةِ) مَعَ زِيَادَةٍ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ مِنْ مُتَحَيِّرَةٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَمِنْ مُظَاهَرٍ مِنْهَا إلَخْ) وَمَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الشِّفَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ فِيمَا بَعْدَهَا أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ إلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ حَلَفَ زَوْجُ الْمَشْرِقِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ لَا يَطَؤُهَا كَانَ مُولِيًا لِاحْتِمَالِ الْوُصُولِ عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَلَوْ آلَى مُرْتَدٌّ أَوْ مُسْلِمٌ مِنْ مُرْتَدَّةٍ فَعِنْدِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ، فَإِنْ جَمَعَهَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ وَكَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بَلْ إنْ الْتَزَمَ شَيْئًا كَصَوْمٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ أَوْ بِهَا مَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ كَمَرَضٍ فَقَالَ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ قَاصِدًا بِهِ نَذْرَ الْمُجَازَاةِ لَا الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَلَا مَأْثُومًا وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ نَذْرِ الْمُجَازَاةِ، وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ إطْلَاقُ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 أَوْ صَلَاةٌ أَوْ حَجٌّ (أَوْ فَأَنْتِ حَرَامٌ) أَوْ طَالِقٌ أَوْ فَضَرَّتُك طَالِقٌ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ (صَارَ مُولِيًا) لِأَنَّ مَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ بِالْوَطْءِ يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَيَتَحَقَّقُ الْإِضْرَارُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى حَلِفًا فَشَمَلَهُ إطْلَاقُ آيَةِ الْإِيلَاءِ وَفِي مَعْنَاهُ الظِّهَارُ كَقَوْلِهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً فَإِنَّهُ إيلَاءٌ مِمَّا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْيَمِينُ الْمَذْكُورَةُ (يَمِينُ لَجَاجٍ) فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَهُ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ (وَلَيْسَ الْيَمِينُ بِصَوْمِ هَذَا الشَّهْرِ إيلَاءً) فَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ الشَّهْرَ الْفُلَانِيَّ وَهُوَ يَنْقَضِي قَبْلَ مُجَاوَزَةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْيَمِينِ لَمْ يَنْعَقِدْ الْإِيلَاءُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ مُدَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَزَمَ صَوْمَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ أَوْ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْمُدَّةِ مِنْ الْيَمِينِ كَأَنْ قَالَ فِي أَوَّلِ رَجَبٍ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ ذِي الْقِعْدَةِ أَوْ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ فَإِنَّهُ إيلَاءٌ (وَلَا) بِصَوْمِ (هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا إنْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) فَيَكُونُ إيلَاءً (وَهِيَ) أَيْ الْيَمِينُ (بِصَوْمِ شَهْرِ الْوَطْءِ إيلَاءٌ) كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ الشَّهْرِ الَّذِي أَطَأُ فِيهِ فَإِذَا وَطِئَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ لَزِمَهُ مُقْتَضَى الْيَمِينِ (وَيُجْزِئُهُ صَوْمُ بَقِيَّتِهِ) سَوَاءٌ قُلْنَا بِلُزُومِ مَا الْتَزَمَهُ أَمْ بِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ (وَيَقْضِي يَوْمَ الْوَطْءِ) كَنَظِيرِهِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدُمُ فِيهِ زَيْدٌ وَقَدِمَ نَهَارًا. (وَعَلَى الْوَلِيِّ الْكَفَّارَةُ إنْ وَطِئَ) بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ فِيهَا (وَلَوْ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ) لِحِنْثِهِ فِي يَمِينِهِ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينِهِ إنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَإِلَّا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ. (فَإِنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَمَا سَأَمْلِكُ حُرٌّ أَوْ فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَك أَوْ فَأَنَا زَانٍ أَوْ فَأَنْت زَانِيَةٌ لَغَا) إذْ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ شَيْءٌ (وَلَا يَكُونُ قَاذِفًا لَهَا بِوَطْئِهَا) أَيْ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ الْمُعَلَّقَ لَا يُلْحِقُ عَارًا (لَكِنْ يُعَزَّرُ) لَهَا بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ آذَهَا بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ زُنَاةٌ. (وَقَوْلُهُ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ) أَيْ مِنْ الْوَطْءِ (كَقَوْلِهِ إنْ أَصَبْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَصَبْتُك) فِي أَنَّهُ (لَا يَكُونُ مُولِيًا فِي الْحَالِ) إذْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالْوَطْءِ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِسَبَبِهِ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ أَوْ الْحُرِّيَّةِ بِمُضِيِّ سَنَةٍ كَمَا يَتَعَلَّقُ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِالْوَطْءِ (وَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ) قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ (وَخُرُوجِهِ) قَبْلَهُ (عَنْ مِلْكِهِ) بِبَيْعٍ لَازِمٍ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ حِينَئِذٍ شَيْءٌ (لَا بِتَدْبِيرِهِ وَكِتَابَتِهِ وَلَا بِالِاسْتِيلَادِ) لِأَمَتِهِ الَّتِي عَتَقَهَا بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يُعْتَقُ لَوْ وُطِئَ (فَإِذَا عَادَ مِلْكُهُ) فِي الْعَبْدِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْهُ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ (لَمْ يَعُدْ) أَيْ الْإِيلَاءُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ. (وَإِنْ قَالَ إنْ وَطِئَتْك فَعَبْدِي حُرٌّ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ، فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ) مِنْ آخِرِ تَلَفُّظِهِ (انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) وَلَا عِتْقَ لِتَعَذُّرِ تَقَدُّمِهِ عَلَى اللَّفْظِ وَاسْتُشْكِلَ انْحِلَالُهَا بِالْوَطْءِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلْهُ (وَإِنْ مَضَى شَهْرٌ) مِمَّا ذَكَرَ (وَلَمْ يَطَأْ صَارَ مُولِيًا) فَتُضْرَبُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَيُطَالَبُ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ زَمَنٍ يَسَعُ الْعِتْقَ كَمَا ذَكَرَهُ الْفُورَانِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ (وَحِينَ يَطَأُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ مُضِيِّ شَهْرٍ (تَبَيَّنَ عِتْقُهُ قَبْلَ الْوَطْءِ بِشَهْرٍ وَ) تَبَيَّنَ (انْفِسَاخُ الْبَيْعِ بِعِتْقِهِ إنْ كَانَ بَاعَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ بِدُونِ شَهْرٍ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَاعَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ (فَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ) لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ الْعِتْقُ قَبْلَهُ لِتَقَدُّمِ الْبَيْعِ عَلَى شَهْرٍ وَلَا يَخْفَى مِمَّا مَرَّ عَنْ الْفُورَانِيِّ اعْتِبَارُ زِيَادَةٍ عَلَى الشَّهْرِ فِيمَا ذَكَرَ بَعْدَهُ وَفِي مَعْنَى الْبَيْعِ كُلُّ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ مِنْ مَوْتٍ وَهِبَةٍ وَغَيْرِهِمَا. (وَإِنْ طَلَّقَ حِينَ طُولِبَ) بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ (ثُمَّ رَاجَعَ) أَيْ أَعَادَ مُطَلَّقَتَهُ (ضُرِبَتْ الْمُدَّةُ ثَانِيًا إلَّا إنْ بَانَتْ مِنْهُ فَجَدَّدَ) نِكَاحَهَا فَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ، وَإِذَا وَطِئَهَا تَبَيَّنَ عِتْقُ الْعَبْدِ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ، وَإِنْ وَقَعَ الْوَطْءُ بِصُورَةِ الزِّنَا كَمَا صَرَّحَ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْمُطَالَبَةِ فِيمَا ذَكَرَ، وَإِنْ ذَكَرَهَا أَصْلُهُ أَيْضًا (أَوْ) قَالَ إنْ وَطِئْتُك (فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي، فَإِنْ كَانَ قَدْ ظَاهَرَ) وَعَادَ (صَارَ مُولِيًا سَوَاءٌ حَلَفَ نَاسِيًا لِلظِّهَارِ أَوْ لَا) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فَعِتْقُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَتَعْجِيلُ عِتْقِهِ عَنْ الظِّهَارِ زِيَادَةٌ عَلَى مُوجَبِ الظِّهَارِ الْتَزَمَهَا بِالْوَطْءِ وَهِيَ صَالِحَةٌ لِلْمَنْعِ عَنْهُ (ثُمَّ إنْ وَطِئَ) فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا (عَتَقَ عَنْ الظِّهَارِ) لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عِنْدَ الْوَطْءِ أَعْتَقْتُك عَنْ ظِهَارِي وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي سَائِرِ التَّعَلُّقَاتِ كَأَنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي (فَإِنْ كَانَ لَمْ يُظَاهِرْ فَقَدْ أَقَرَّ) عَلَى نَفْسِهِ (بِظِهَارٍ فَيَصِيرُ مُولِيًا مُظَاهِرًا فِي الظَّاهِرِ) لَا فِي الْبَاطِنِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلْهُ) عَدَمُ تَنَاوُلِهِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ حِينَ يَطَأُ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَبَيَّنُ عِتْقُهُ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي يَمِينِ اللَّجَاجِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلِمَ تَبَيَّنَ الْعِتْقُ أَمْ كَيْفَ صُورَتُهَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ وَمَا فِي الْأَيْمَانِ قَوْلٌ آخَرُ فَهَلُمَّ بِالتَّنَاقُضِ وَقَالَ فِي الْمُهَذَّبِ إنْ كَانَتْ صِيغَتُهُ تَعْلِيقَ عِتْقِ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ نَذْرٍ كَانَ نَذْرَ لَجَاجٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَاقُضَ. (قَوْلُهُ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إلَخْ) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ عَمَّا إذَا قَالَ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ عِنْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَمْ يَلْزَمْ تَعْيِينًا وَلَا تَعْجِيلًا نَعَمْ يُتَصَوَّرُ فِي عَبْدٍ مُعَيَّنٍ يَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 إنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (فَإِنْ وَطِئَهَا) فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا (عَتَقَ فِي الظِّهَارِ وَإِنْ قَالَ) إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ (عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرَتْ فَلَا إيلَاءَ حَتَّى يُظَاهِرَ) إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الظِّهَارِ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِهِ مَعَ الْوَطْءِ (وَبَعْدَ الظِّهَارِ إنْ وَطِئَ) فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا (عَتَقَ) لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِهِ (لَا عَنْ الظِّهَارِ لِتَقَدُّمِ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ) وَالْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الظِّهَارِ بِلَفْظٍ يُوجَدُ بَعْدَهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ بِشَرْطَيْنِ بِغَيْرِ عَطْفٍ، فَإِنْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ عَلَيْهِمَا أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُمَا اعْتَبَرَ فِي حُصُولِ الْمُعَلَّقِ وُجُودَ الشَّرْطِ الثَّانِي قَبْلَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا كَمَا صَوَّرُوا هُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الثَّانِي تَعَلَّقَ بِالْأَوَّلِ فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدَ إذَا تَقَدَّمَ الْوَطْءُ أَوْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْأَوَّلُ تَعَلَّقَ بِالثَّانِي عِتْقٌ انْتَهَى. فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ قَالَ مَا أَرَدْت شَيْئًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إيلَاءَ مُطْلَقًا (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدِي) هَذَا (عَنْ ظِهَارِي وَهُوَ مُظَاهِرٌ) مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَعَادَ (صَارَ مُولِيًا) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ مَنْ فِي ذِمَّتِهِ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ فَنَذَرَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّرِ أَنْ يَعْتِقَ الْعَبْدَ الْفُلَانِيَّ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إعْتَاقُهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ ابْتِدَاءَ إعْتَاقِهِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ نَذَرَ صَرْفَ زَكَاةٍ إلَى مُعَيَّنِينَ مِنْ الْأَصْنَافِ أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ عَنْ يَوْمٍ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَتَعَيَّنُ الْأَصْنَافُ وَلَا الْيَوْمُ بِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَبِأَنَّ غَرَضَ الْعِتْقِ أَوْلَى بِالرِّعَايَةِ فَلَوْ طَلَّقَ خَرَجَ عَنْ مُوجَبِ الْإِيلَاءِ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ فِي ذِمَّتِهِ يَعْتِقُ عَنْهَا ذَلِكَ الْعَبْدَ أَوْ غَيْرَهُ (فَإِنْ وَطْء) فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا (وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ خَرَجَ) عَنْ عُهْدَةِ (يَمِينِهِ وَيُجْزِئُهُ عَنْ الظِّهَارِ) وَ (إنْ أَعْتَقَهُ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الظِّهَارِ) فَيَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ عَنْهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْهُمَا لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلتَّشْرِيكِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا مِنْهُمَا فَالظَّاهِرُ إجْزَاؤُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا أَصْلًا. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ وَطِئْتُك طَالِقٌ ثَلَاثًا) أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ فَهُوَ إيلَاءٌ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ يَمْنَعُ عَنْهُ (فَلَهُ وَطْؤُهَا وَعَلَيْهِ النَّزْعُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ) فِي الْفَرْجِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حِينَئِذٍ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ وَالنَّزْعِ بَعْدَ الطَّلَاقِ تَرْكٌ لِلْوَطْءِ وَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وُجُوبُ النَّزْعِ عَيْنًا لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ النَّزْعُ أَوْ الرَّجْعَةُ (فَلَوْ اسْتَدَامَ) الْوَطْءُ وَلَوْ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ ابْتِدَاءً (وَلَا مَهْرَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ وَقَعَ فِي النِّكَاحِ (وَإِنْ نَزَعَ، ثُمَّ أَوْلَجَ وَهِيَ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ (مَفْرُوضَةٌ فِي) تَعْلِيقِ (طَلَاقِ الثَّلَاثِ، فَإِنْ جَهِلَا التَّحْرِيمَ) لِلِاسْتِدَامَةِ (فَوَطْءُ شُبْهَةٍ) فَلَا حَدَّ فِيهِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ (كَمَا لَوْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً، فَإِنْ عَلِمَاهُ فَزِنًا) فَيَلْزَمُهُمَا الْحَدُّ وَلَا مَهْرَ وَلَا نَسَبَ وَلَا عِدَّةَ (فَإِنْ أَكْرَهَهَا) عَلَى الْوَطْءِ (أَوْ عَلِمَ) التَّحْرِيمَ (دُونَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ) وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بَلْ عَلَيْهِ (وَلَوْ عَلِمَتْ) ذَلِكَ (دُونَهُ وَقَدَرَتْ عَلَى الدَّفْعِ حُدَّتْ وَلَا مَهْرَ) لَهَا (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لَهَا (قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَمُولٍ وَتَطْلُقُ بِالْوَطْءِ) طَلَاقًا (رَجْعِيًّا) لِأَنَّهُ وَإِنْ وَقَعَ مُقَارِنًا لِلصِّفَةِ فَالْوَطْءُ الْجَارِي يَقْتَضِي الْعِدَّةَ فَيَكُونُ الطَّلَاقُ مَعَ الْعِدَّةِ وَهُوَ مُثْبِتُ لِلرَّجْعَةِ فَلَا يَمْنَعُهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَرُبَّمَا قِيلَ الْوَطْءُ مُقَرَّرٌ وَالطَّلَاقُ مُبَيَّنٌ فِيهِمَا، وَإِنْ اجْتَمَعَا غُلِّبَ جَانِبُ الْمُقَرِّرِ لِلنِّكَاحِ وَقَدْ شُبِّهَتْ الْمَسْأَلَةُ بِمَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِزَوْجَتِهِ إذَا مَاتَ سَيِّدِي فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ سَيِّدٌ إذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ فَمَاتَ سَيِّدُهُ لَا يَحْتَاجُ نِكَاحُهَا إلَى مُحَلِّلٍ لِمُقَارَنَةِ الطَّلْقَتَيْنِ الْعِتْقَ [فَصْلٌ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ] (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَوَطِئَهَا) فِي الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا (طَلُقَتْ الضَّرَّةُ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ (وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِوَطْئِهَا بَعْدَ ذَلِكَ (وَإِنْ طَلَّقَ الضَّرَّةَ) طَلَاقًا بَائِنًا (انْحَلَّ الْإِيلَاءُ) لِذَلِكَ (لَا رَجْعِيًّا) فَلَا يَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ حَتَّى لَوْ وَطِئَ الْمُخَاطَبَةَ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ (وَلَا يَعُودُ بِالتَّجْدِيدِ) لِنِكَاحِهَا (إنْ بَانَتْ حُكْمُ الْإِيلَاءِ) لِعَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ (وَإِنْ طَلُقَتْ هِيَ) أَيْ الْمُخَاطَبَةُ (سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهَا مَا لَمْ يُرَاجِعْهَا) فَإِنْ رَاجَعَهَا بَعْدُ عَادَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ وَلَا يَعُودُ بِتَجْدِيدِ نِكَاحِهَا إنْ بَانَتْ (وَيَبْقَى طَلَاقُ الضَّرَّةِ مُعَلَّقًا بِالْوَطْءِ) لِلْمُخَاطَبَةِ (فَتَطْلُقُ بِهِ وَلَوْ كَانَ زِنًا) (وَلَوْ قَالَ) لِامْرَأَتَيْهِ (إنْ وَطِئْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ وَنَوَاهَا) أَيْ إحْدَاهُمَا (وَامْتَنَعَ) بَعْدَ الْمُدَّةِ (مِنْ الْبَيَانِ) لَهَا (وَ) مِنْ (الْفَيْئَةِ طَلَّقَ الْقَاضِي) عَلَيْهِ (الْمَنْوِيَّةَ) نِيَابَةً عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ إلَخْ) كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الْإِيلَاءِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بَيَانُ مَا يَصِيرُ بِهِ مُولِيًا وَمَا لَا يَصِيرُ، وَأَمَّا تَحْقِيقُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِتْقُ فَإِنَّمَا جَاءَ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَالْمَقْصُودُ غَيْرُهُ فَيُؤْخَذُ تَحْقِيقُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْإِيلَاءِ فَحَيْثُ اقْتَضَى التَّعْلِيقُ تَقْدِيمَ الظِّهَارِ وَتَعْلِيقَ الْعِتْقِ بَعْدَهُ بِالْوَطْءِ كَانَ إيلَاءً وَإِلَّا فَلَا وَذَلِكَ الِاقْتِضَاءُ قَدْ يَكُونُ بِنِيَّةِ الْمُولِي، وَقَدْ يَكُونُ بِقَرِينَةٍ فِي كَلَامِهِ، وَقَدْ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ دَلَالَةٍ لَفْظِيَّةٍ م (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إيلَاءً مُطْلَقًا) لَكِنَّ الْأَوْفَقَ بِمَا فُسِّرَ بِهِ آيَةُ {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا} [الجمعة: 6] مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ شَرْطٌ لِجُمْلَةِ الثَّانِي وَجَزَاؤُهُ أَنْ يَكُونَ مُولِيًا إنْ وَطِئَ، ثُمَّ ظَاهَرَ وَكَتَقَدُّمِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فِيمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مُقَارَنَتُهُ لَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ س. [فَرْعٌ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدِي] (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا أَصْلًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ قَالَ إنْ وَطِئْتُك طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ] (قَوْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ النَّزْعُ أَوْ الرَّجْعَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 تَوَجَّهَ عَلَيْهِ وَتَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ فَإِذْ امْتَنَعَ نَابَ عَنْهُ الْحَاكِمُ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالْعَضْلِ (وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا قَبْلَ الْبَيَانِ) ؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ عِنْدَهُ وَقَوْلُ الْأَصْلِ لَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا عَلَى الْإِبْهَامِ سَبْقُ قَلَمٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ (فَإِنْ وَطِئَ) إحْدَاهُمَا (قَبْلَ الْبَيَانِ لَمْ يَحْكُمْ بِطَلَاقِ الْأُخْرَى لِلشَّكِّ) فِي أَنَّ الَّتِي نَوَاهَا هِيَ الْمَوْطُوءَةُ أَوْ الْأُخْرَى (وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْأُخْرَى بَانَ أَنَّهُ مُولٍ مِنْ الْأُخْرَى) عَمَلًا بِإِرَادَتِهِ (فَتُطَالِبُهُ) الْأُخْرَى (بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ، فَإِنْ وَطِئَهَا طَلُقَتْ الْمَوْطُوءَةُ أَوَّلًا، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْمَوْطُوءَةَ طَلُقَتْ الْأُخْرَى وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَلَوْ أَبْهَمَ) الْمُولِي مِنْهَا بِأَنْ لَمْ يَنْوِ إحْدَاهُمَا (فَكَمَا لَوْ قَالَ) لِنِسَائِهِ (لَا جَامَعْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ وَأَرَادَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (مُبْهَمَةً وَسَيَأْتِي) حُكْمُهُ (وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَطِئْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ وَوَطِئَ إحْدَاهُمَا تَخَلَّصَ مِنْ الْإِيلَاءِ) الْأَوَّلِ (وَطَلُقَتْ الْأُخْرَى) وَلَا يَتَخَلَّصُ بِالْكُلِّيَّةِ مِنْ إيلَاءِ الْأُخْرَى، وَإِنْ سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهَا فِي الْحَالِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ فِي حَقِّهَا وَاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ التَّكْرَارِ فَإِذَا رَاجَعَهَا عَادَ فِيهَا حُكْمُ الْإِيلَاءِ [فَصْلٌ الْقُرْبُ مِنْ الْحِنْثِ لَيْسَ بِإِيلَاءٍ] (فَصْلٌ الْقُرْبُ مِنْ الْحِنْثِ لَيْسَ بِإِيلَاءٍ) إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لُزُومُ شَيْءٍ وَلَا يَلْحَقُهُ بِهِ ضَرَرٌ (فَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَا حِنْثَ إلَّا بِوَطْءٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بِوَطْئِهِنَّ (كُلِّهِنَّ) لَا بِوَطْءِ بَعْضِهِنَّ، وَإِنْ قَرُبَ مِنْ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَعْقُودٌ عَلَى الْكُلِّ فَهُوَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا أَوْ بَكْرًا أَوْ عَمْرًا وَيَلْزَمُهُ بِوَطْئِهِنَّ (كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ الْيَمِينَ وَاحِدَةٌ (وَلَا إيلَاءَ حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا) مِنْهُنَّ (وَلَوْ فِي الدُّبُرِ فَيَقَعُ الْإِيلَاءُ عَلَى الرَّابِعَةِ لِتَعَلُّقِ الْحِنْثِ بِهَا) أَيْ بِوَطْئِهَا (فَإِنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُنَّ (وَلَمْ يَطَأْهَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) الشَّامِلَةُ لِلْإِيلَاءِ لِتَعَذُّرِ الْحِنْثِ وَلَا نَظَرَ إلَى تَصَوُّرِ الْوَطْءِ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَطْءِ إنَّمَا يَنْطَلِقُ عَلَى مَا يَقَعُ فِي الْحَيَاةِ (فَإِذَا أَبَانَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (أَوْ مَلَكَهَا وَأَعْتَقَهَا) قَبْلَ الْوَطْءِ (ثُمَّ وَطِئَ الثَّلَاثَ، ثُمَّ نَكَحَهَا انْحَلَّ الْإِيلَاءُ) لِعَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ وَانْحِلَالُهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَطْءٍ وَلَا نِكَاحٍ وَتَرَتَّبَ نِكَاحُهَا عَلَى وَطْءٍ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى (لَا الْيَمِينُ) فَلَا تَنْحَلُّ حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَنَاوَلُ الْيَمِينَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ وَمَسْأَلَةُ الْمِلْكِ وَالْإِعْتَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ وَأَرَادَ كُلَّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (وَكَذَا لَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا صَارَ مُولِيًا مِنْهُنَّ) عَمَلًا بِإِرَادَتِهِ فِي الْأُولَى وَحَمْلًا لَهُ عَلَى عُمُومِ السَّلْبِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ (فَلَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (حَنِثَ) لِأَنَّهُ خَالَفَ قَوْلَهُ أُجَامِعُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ (وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَالْيَمِينُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ) وَفِيهِ بَحْثٌ يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ الْآتِي مَعَ جَوَابِهِ قَرِيبًا (وَمَنْ طَلَّقَهَا) مِنْ الْأَرْبَعِ (سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهَا) وَبَقِيَ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ (فَإِنْ رَاجَعَهَا ضُرِبَتْ الْمُدَّةُ ثَانِيًا، وَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ نُظِرَتْ، فَإِنْ عَيَّنَ) هَا (فَلْيُبَيِّنْهَا كَمَا فِي الطَّلَاقِ) فَإِنْ بَيَّنَهَا (فَلِلْبَاقِيَاتِ) إنْ كَذَّبَتْهُ (تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ أَقَرَّ لَهُنَّ) بِأَنْ أَقَرَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ بِأَنَّهُ نَوَاهَا (أَوْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفْنَ وَأَخَذْنَاهُ) بِمُوجَبِ الْأَقَارِيرِ. (فَإِنْ وَطِئَهُنَّ) فِي صُورَةِ إقْرَارِهِ (تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ) عَمَلًا بِتَعَدُّدِ أَقَارِيرِهِ (لَا فِي صُورَةِ النُّكُولِ) وَالْحَلِفِ فَلَا يَتَعَدَّدُ؛ لِأَنَّ بِيَمِينِهِنَّ لَا تَصْلُحُ لِإِلْزَامِهِ الْكَفَّارَةُ وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ، وَإِنْ كَانَتْ كَالْإِقْرَارِ تُعْطِي حُكْمَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَضُرُّ لُزُومُ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا وَلَا يُخَالِفُ مَحْذُورًا وَلَا كَفَّارَةَ (وَإِنْ قَالَ لِثَلَاثٍ) مِنْ الْأَرْبَعِ (لَمْ أُرِدْكُنَّ) أَوْ مَا آلَيْت مِنْكُنَّ (تَعَيَّنَتْ الرَّابِعَةُ) لِلْإِيلَاءِ (وَإِنْ أَبْهَمَ) الْمُولِي مِنْهَا (فَهُوَ مُولٍ مِنْ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ مُبْهَمَةٍ فَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ (فَإِنْ عَيَّنَ) وَاحِدَةً (لَمْ يُحَلِّفْهُ الْبَاقِيَاتُ) وَلَا تُنَازِعُهُ (وَيَضْرِبُ لَهَا الْمُدَّةَ مِنْ) وَقْتِ (اللَّفْظِ) لَا مِنْ وَقْتِ التَّعْيِينِ كَمَا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ طَالَبَهُ الْجَمِيعُ بَعْدَ) مُضِيِّ الْمُدَّةِ (بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ) وَاعْتُبِرَ طَلَبُ الْجَمِيعِ لِيَكُونَ طَلَبُ الْمُولِي مِنْهَا حَاصِلًا (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْهُمَا (طَلَّقَ الْقَاضِي إحْدَاهُنَّ) مُبْهَمَةً (وَمَنَعَ مِنْهُنَّ حَتَّى يُعَيِّنَ) الْمُطَلَّقَةَ (فَلَوْ رَاجَعَهَا قَبْلَ التَّعْيِينِ لَمْ تَصِحَّ) الرَّجْعَةُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (ثُمَّ إنْ فَاءَ) إلَى بَعْضِهِنَّ (أَوْ طَلَّقَ بَعْضَهُنَّ قَبْلَ التَّعْيِينِ لَمْ يَنْحَلَّ الْإِيلَاءُ) لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُولِيَ مِنْهَا غَيْرُهُنَّ (وَإِنْ قَالَ طَلَّقْت مَنْ آلَيْت مِنْهَا انْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَلَزِمَهُ التَّعْيِينُ) لِلْمُطَلَّقَةِ وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَمُولٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ لِحُصُولِ الْحِنْثِ بِوَطْءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ مَعْنَاهُ عُمُومُ حُصُولٍ لِوَطْئِهِنَّ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ كَمَا مَرَّ فَإِنَّ مَعْنَاهُ سَلْبُ الْعُمُومِ أَيْ لَا يَعُمُّ وَطْئِي لَكِنَّ وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ فِي الْحَالِ فَإِذَا مَضَتْ فَلِكُلٍّ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ أَوْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ] قَوْلُهُ وَلَا إيلَاءَ حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ) شَمَلَ وَطْأَهُنَّ بِالزِّنَا بِأَنْ يُطَلِّقَهُنَّ قَبْلَ وَطْئِهِنَّ، ثُمَّ يَطَأهُنَّ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُنَّ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ الْوَاحِدَ عَلَى الْمُتَعَدِّدِ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحِنْثِ بِأَيِّ وَاحِدٍ وَقَعَ وَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْوَاحِدَةَ لَا يَتَبَعَّضُ فِيهَا الْحِنْثُ وَمَتَى حَصَلَ حِنْثٌ حَصَلَ الِانْحِلَالُ وَإِذْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذَيْنِ الدَّارَيْنِ فَدَخَلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَنِثَ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْإِفْصَاحِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَفِيهِ رَدٌّ لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 الطَّلَاقِ فَإِذَا طَلَّقَهُنَّ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ، فَإِنْ رَاجَعَهُنَّ ضُرِبَتْ الْمُدَّةُ ثَانِيًا، وَإِنْ طَلَّقَ بَعْضَهُنَّ فَالْبَاقِيَاتُ عَلَى مُطَالَبَتِهِنَّ، وَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُنَّ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ فِيهِنَّ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ وَقِيلَ لَا لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَخْصِيصِ كُلٍّ مِنْهُنَّ بِالْإِيلَاءِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ وَبَحَثَ الْأَصْلُ بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهَا أَنَّهُ إنْ أَرَادَ تَخْصِيصَ كُلٍّ مِنْهُنَّ بِالْإِيلَاءِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الِانْحِلَالِ وَإِلَّا فَلْيَكُنْ كَقَوْلِهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَا حِنْثَ إلَّا بِوَطْءِ جَمِيعِهِنَّ، وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْحَلِفَ الْوَاحِدَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحِنْثِ بِأَيِّ وَقْعٍ لَا تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ فَالْيَمِينُ الْوَاحِدَةُ لَا يَتَبَعَّضُ فِيهَا الْحِنْثُ وَمَتَى حَصَلَ فِيهَا حِنْثٌ حَصَلَ الِانْحِلَالُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُدْخِلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَدْخَلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَنِثَ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ (فَصْلٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا أُجَامِعُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً أَوْ قَالَ عَشْرًا) أَوْ غَيْرَهَا وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ قَالَ (فَلَيْسَ بِمُولٍ حَتَّى يَطَأَ الْعَدَدَ) الَّذِي اسْتَثْنَاهُ (وَيَبْقَى) مِنْ السَّنَةِ (فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) فَيَكُونُ مُولِيًا لِحُصُولِ الْحِنْثِ وَلُزُومِ الْكَفَّارَةِ لَوْ وَطِئَ (فَإِنْ بَقِيَ) مِنْهَا (دُونَهَا) الْأَوْلَى دُونَهُ (فَحَالَفَ) لَا مُولٍ (وَقَوْلُهُ يَوْمًا كَقَوْلِهِ مَرَّةً) هَذَا مُكَرَّرٌ (فَلَوْ مَضَتْ سَنَةٌ وَلَمْ يُجَامِعْهَا فَلَا كَفَّارَةَ) لِأَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ مَنْعُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا اسْتَثْنَاهُ نَعَمْ إنْ أَرَادَ الْوَطْءَ فِيهَا وَحَنِثَ فِيهَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ (لَكِنْ لَوْ أَوْلَجَ) فِي صُورَةٍ إلَّا مَرَّةً (ثُمَّ نَزَعَ، ثُمَّ أَوْلَجَ) ثَانِيًا (حَنِثَ بِالثَّالِثَةِ) مِنْ الْمَرَّتَيْنِ (لِأَنَّهُ وَطِئَ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ) وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك (السَّنَةَ بِالتَّعْرِيفِ) إلَّا مَرَّةً أَوْ غَيْرَهَا (اقْتَضَى) السَّنَةَ (الْحَاضِرَةَ) فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ وَطْئِهِ الْعَدَدَ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ كَانَ مُولِيًا وَإِلَّا فَلَا (وَمَتَى قَالَ إنْ أَصَبْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَصَبْتُك فَلَا إيلَاءَ حَتَّى يَطَأَ) إذْ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ (فَصْلٌ) لَوْ (آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ بِاَللَّهِ وَقَالَ لِضَرَّتِهَا أَشْرَكْتُك مَعَهَا) أَوْ أَنْت شَرِيكَتُهَا أَوْ مِثْلُهَا (وَنَوَى) الْإِيلَاءَ (لَمْ يَلْحَقْ الثَّانِيَةَ) لِأَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ إنَّمَا تَكُونُ بِاسْمِهِ أَوْ صِفَتِهِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ بِهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَقَالَ أَرَدْت بِاَللَّهِ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ (وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا وَأَشْرَكَ) مَعَهَا الثَّانِيَةَ (وَنَوَى) الظِّهَارَ مِنْهَا (لَحِقَهَا) تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الطَّلَاقِ عَلَى شَائِبَةِ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ وَنَوَى مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ (، وَإِنْ كَانَ الْإِيلَاءُ بِطَلَاقِهَا) أَوْ بِعَتَاقٍ لَا بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَقَالَ) بَعْدَ قَوْلِهِ لِضَرَّتِهَا أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ نَحْوَهُ (أَرَدْت أَنَّ الْأُولَى لَا تَطْلُقُ إلَّا إذَا أَصَبْتهمَا جَمِيعًا لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ إذْ لَا يَجُوزُ نَقْصُ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ إلَى أُخْرَى فَإِذَا وَطِئَ الْأُولَى طَلُقَتْ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) أَنَّ (طَلَاقَ الضَّرَّةِ) مُعَلَّقٌ (بِوَطْءِ الْأُولَى) أَيْضًا (طَلُقَتْ) كَالْأُولَى (بِوَطْئِهَا) لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالْكِتَابَةِ (وَلَوْ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ بِوَطْءِ نَفْسِهَا) كَمَا فِي الْأُولَى (فَفِي هَذِهِ) الْحَالَةِ (تُشَارِكُهَا فِي الْإِيلَاءِ) لِصِحَّةِ التَّشْرِيكِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ فِي تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ فَكَذَا فِي تَعْلِيقِهِ، أَمَّا فِي الْحَالَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ فَلَا تُشَارِكُهَا فِيهِ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت إنْ وَطِئْت الثَّانِيَةَ فَالْأُولَى طَالِقٌ فَيَكُونُ قَدْ عَلَّقَ طَلَاقَ الْأُولَى بِوَطْءِ هَذِهِ وَعَلَّقَهُ بِوَطْءِ نَفْسِهَا فَتُشَارِكُهَا الثَّانِيَةُ فِي الْإِيلَاءِ أَيْضًا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ طَلَاقَهُمَا مُعَلَّقٌ بِوَطْئِهِمَا مَعًا لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأُولَى كَمَا مَرَّ وَيُقْبَلُ فِي الثَّانِيَةِ لَكِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا حَتَّى يَطَأَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ قَبْلَ وَطْئِهَا عَلَى وَطْءِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهَا (وَهَكَذَا) أَيْ وَمِثْلُ التَّشْرِيكِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ (التَّشْرِيكُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوه، فَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ لَا بَلْ هَذِهِ) مُشِيرًا إلَى امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى (وَأَرَادَ أَنَّ الطَّلَاقَ بِدُخُولِهَا) أَيْ الْمُخَاطَبَةِ (لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى هَذِهِ أَوْ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأُولَى (بِدُخُولِ نَفْسِهَا طَلُقَتَا جَمِيعًا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِدُخُولِ الْأُولَى فِي الْأُولَى وَبِدُخُولِ نَفْسِهَا فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يُقْبَلُ مَا أَرَادَهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ التَّعْلِيقِ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ وَحَنِثَ أَوْ لَمْ يَحْنَثْ يَمِينِي فِي يَمِينِك) مَعَ كَوْنِهِ (يُرِيدُ تَطْلِيقَ امْرَأَتِي بِطَلَاقِ امْرَأَتِك) أَيْ أَنَّهَا طَالِقٌ فِي الْأُولَى وَمُعَلَّقٌ طَلَاقُهَا فِي الثَّانِيَةِ كَامْرَأَتِك (اسْتَوَيَا) وُقُوعًا فِي الْأُولَى وَتَعْلِيقًا فِي الثَّانِيَةِ وَذِكْرُهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ كَانَ) قَالَ ذَلِكَ (قَبْلَ الْحَلِفِ) أَيْ حَلِفِ الْآخَرِ (لَغَا) إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى إذَا حَلَفَ صِرْت حَالِفًا فَلَا يَصِيرُ بِحَلِفِهِ حَالِفًا سَوَاءٌ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ لِأَرْبَع وَاَللَّه لَا أُجَامِع مَعَ وَاحِدَة مِنْكُنَّ وَأَرَادَ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ] قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْأَصْلُ بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهَا إلَخْ) يُؤَيِّدُ مَا بَحَثَهُ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْمَسْئُولَ بِكُلٍّ إذَا أَخَّرَ عَنْ النَّفْيِ يُفِيدُ سَلْبَ الْعُمُومِ لَا عُمُومَ السَّلْبِ وَبِهِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ لَا أَطَأُ كُلَّ وَاحِدَةٍ وَلَا أَطَأُ وَاحِدَةً حَيْثُ لَا إرَادَةَ فَتَسْوِيَةُ الْأَصْحَابِ حِينَئِذٍ فِي الْحُكْمِ بَعِيدَةٌ وَأَبْعَدُ مِنْهَا قَطْعُهُمْ بِهِ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ هَذَا وَلَكِنْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَكْثَرُ لَا كُلِّيٌّ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18] (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) قَالَ الْمُصَنِّف فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ الْحَقُّ مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَاَللَّهِ لَا أَطَأُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ مَعْنَاهُ وَاَللَّهِ لَأَتْرُكَنَّ وَطْءَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَطْءَ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِذَلِكَ. [فَصْلٌ حَلَفَ لَا أُجَامِعُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً] (قَوْلُهُ هَذَا مُكَرَّرٌ) لَيْسَ بِمُكَرَّرٍ إذْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ يَوْمًا أَنَّ مُفَادَهُ كَمُفَادَةِ قَوْلِهِ مَرَّةً. [فَصْلٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ بِاَللَّهِ وَقَالَ لِضَرَّتِهَا أَشْرَكْتُك مَعَهَا وَنَوَى الْإِيلَاءَ] (قَوْلُهُ طَلُقَتَا جَمِيعًا) قَالَ شَيْخُنَا عِبَارَةُ الْمَتْنِ صَالِحَةٌ لِلتَّوْزِيعِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ فَهِمَ أَنَّهُ عَلَى مَرْجُوعٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 أَحَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَمْ بِالطَّلَاقِ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَتَى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَّقْت امْرَأَتِي فَإِذَا طَلَّقَ الْآخَرُ طَلُقَتْ هَذِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ صَارَ مُولِيًا) سَوَاءٌ نَوَى الطَّلَاقَ أَوْ الظِّهَارَ أَوْ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَمْ أَطْلَقَ وَهَذَا مَرَّ فِي أَوَّلِ هَذَا الرُّكْنِ. [فَصْلٌ الْإِيلَاءُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ] (فَصْلٌ الْإِيلَاءُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ) كَالطَّلَاقِ (فَإِنْ حَلَفَ لَا أُجَامِعُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَدَخَلَتْ صَارَ مُولِيًا أَوْ) حَلَفَ (لَا أُجَامِعُك إنْ شِئْت وَأَرَادَ إنْ شِئْت الْجِمَاعَ أَوْ الْإِيلَاءَ فَشَاءَهُ صَارَ مُولِيًا) كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ (وَإِنْ أَرَادَ شِئْت أَنْ لَا أُجَامِعَك فَلَا إيلَاءَ إذْ مَعْنَاهُ لَا أُجَامِعُك إلَّا بِرِضَاك) وَهِيَ إذَا رَضِيَتْ فَوَطِئَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ) الْمَشِيئَةَ حَمْلًا عَلَى مَشِيئَةِ عَدَمِ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ (وَلِلتَّعْلِيقِ بِمَشِيئَتِهَا وَمَشِيئَةِ غَيْرِهَا فِي الْفَوْرِ وَعَدَمِهِ حُكْمُ الطَّلَاقِ) فَيُعْتَبَرُ الْفَوْرُ فِيمَا إذَا خَاطَبَهَا وَلَمْ يُعَلِّقْ بِمَتَى أَوْ نَحْوِهَا وَعَدَمُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُك مَتَى شِئْت وَأَرَادَ) بِهِ (إنِّي أُجَامِعُك مَتَى شِئْت) أَوْ أَرَدْت (أَنَا فَلَا إيلَاءَ) لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ (أَوْ) أَرَادَ (التَّعْلِيقَ) لِجِمَاعِهَا بِمَشِيئَتِهَا لَهُ أَوْ لِعَدَمِهِ (فَلَهُ حُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ التَّعْلِيقِ الْمَلْفُوظِ بِهِ فَإِذَا شَاءَتْ يَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (فَعَلَامَ يُنَزَّلُ) أَيْ هَلْ يُنَزَّلُ عَلَى تَعْلِيقِ الْإِيلَاءِ أَوْ لَا؟ (وَجْهَانِ) أَوْجُهُهُمَا الثَّانِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ (أَوْ) قَالَ وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُك إلَّا أَنْ تَشَائِي) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ مَا لَمْ تَشَائِي (وَأَرَادَ التَّعْلِيقَ) لِلْإِيلَاءِ (أَوْ الِاسْتِثْنَاءَ) عَنْهُ (فَمُولٍ) لِأَنَّهُ حَلَفَ وَعَلَّقَ رَفْعَ الْيَمِينِ بِالْمَشِيئَةِ (فَإِنْ شَاءَتْ الْمُجَامَعَةَ فَوْرًا انْحَلَّ الْإِيلَاءُ فَلَا) يَنْحَلُّ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ. (أَوْ) قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك (حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ، فَإِنْ شَاءَ) الْمُجَامَعَةَ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا (انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْهَا (صَارَ مُولِيًا بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ) لِلْيَأْسِ مِنْهَا سَوَاءٌ أَشَاءَ أَنْ لَا يُجَامِعَهَا أَمْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا (لَا بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ) لِعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الْمَشِيئَةِ (أَوْ) قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك (إنْ شِئْت أَنْ أُجَامِعَك فَشَاءَتْ فَوْرًا) أَنْ يُجَامِعَهَا (صَارَ مُولِيًا) هَذَا عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُدَّةُ، فَإِنْ قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا وَطِئْتُك وَأَطْلَقَ) أَوْ قَالَ أَبَدًا كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (صَارَ مُولِيًا، وَكَذَا إنْ قَيَّدَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَ) التَّقْيِيدُ (بِلَحْظَةٍ لَا تَسَعُ الْمُطَالَبَةَ وَفَائِدَتُهُ) مَعَ هَذِهِ اللَّحْظَةِ (الْإِثْمُ) لِإِيذَائِهَا وَقَطْعُ طَمَعِهَا مِنْ الْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ اللَّحْظَةُ تَسَعُ الْمُطَالَبَةَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَفِي كَلَامِ الرُّويَانِيِّ مَا يُوَافِقُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ عَجِيبٌ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِالْحَلِفِ عَلَى مَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِزَمَانٍ يَتَأَتَّى فِيهِ الْمُطَالَبَةُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) وَهَكَذَا (فَلَيْسَ بِمُولٍ) إذْ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا تُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِمُوجَبِ الْيَمِينِ الْأُولَى لِانْحِلَالِهَا وَلَا بِالثَّانِيَةِ إذْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْمُهْلَةِ مِنْ انْعِقَادِهَا وَهَكَذَا وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْبِرُ عَنْ الزَّوْجِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَبَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِلُّ فَالْحَلِفُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ فَأَقَلَّ لَيْسَ بِإِيلَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ فِيهَا (بَلْ حَالِفٌ لَكِنْ يَأْثَمُ) فِيمَا قَالَهُ إثْمَ الْإِيذَاءِ وَالْإِضْرَارِ لَا إثْمَ الْإِيلَاءِ (فَإِنْ أَسْقَطَ وَاَللَّهِ الثَّانِيَةَ) بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (فَمُولٍ) ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك سَنَةً) وَفِي نُسْخَةٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ (فَهُمَا إيلَاءَانِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ) بِمُقْتَضَى الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ (بَعْدَ) مُضِيِّ (أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَى انْقِضَاءِ) الشَّهْرِ (الْخَامِسِ) وَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ (الْأَوَّلُ، ثُمَّ) بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخَامِسِ (تُضْرَبُ الْمُدَّةُ لِلثَّانِي) سَوَاءٌ أَفَاءَ فِي الْأُولَى أَمْ لَا (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُهُ) هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (فَإِنْ طَلَّقَ) قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الثَّانِي (ثُمَّ رَاجَعَ وَالْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عَادَ الْإِيلَاءُ) أَيْ حُكْمُهُ فَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ فِي الْحَالِ (وَإِلَّا فَلَا) إيلَاءَ (وَيَبْقَى وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ) مَنُوطًا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ لِمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ وَحَنِثَ أَوْ لَمْ يَحْنَثْ يَمِينِي فِي يَمِينِك] قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ قَيَّدَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ بَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا) أَيْ يَشُقُّ عَلَيْهَا وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقًا بَائِنًا مَنْ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ يَنْقَضِي بِزَمَنٍ قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَنْعَقِدْ الْإِيلَاءُ إذْ شَرْطُ صِحَّتِهِ إمْكَانُ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ إلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذِهِ الْأَشْهُرُ هِلَالِيَّةٌ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا لَمْ يُحْكَمْ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ مُولٍ، فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ هِلَالِيَّةٌ وَلَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ الْعَدَدُ لِنَقْصِ الْأَهِلَّةِ أَوْ بَعْضِهَا تَبَيَّنَ حِينَئِذٍ كَوْنُهُ مُولِيًا. مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْأَشْهُرَ هِلَالِيَّةٌ مُسَلَّمٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُحْكَمْ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ مُولٍ مَمْنُوعٌ بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُحْكَمَ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ مُولٍ إذْ الْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ بِالْعَادَةِ أَنَّ الْأَشْهُرَ الْأَرْبَعَةَ الْمُتَوَالِيَةَ تَنْقُصُ عَنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَلَوْ سَلِمَ عَدَمُ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِذَلِكَ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِأَنَّهُ مُولٍ عَلَى مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَلْ أَيُّ شَهْرٍ نَقَصَ حُكِمَ عِنْدَ فَرَاغِهِ بِأَنَّهُ مُولٍ س وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذِهِ الْأَشْهُرُ هِلَالِيَّةٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ الْإِيلَاءِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِأَنَّهُ لَا تُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِمُوجَبِ الْيَمِينِ الْأُولَى لِانْحِلَالِهَا هَذَا وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ إيلَاءٌ لَا مُطَالَبَةٌ فِيهِ وَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ إيلَاءٌ فِيهِ مُطَالَبَةٌ س وَقَوْلُهُ هَذَا وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِمُولٍ) أَيْ لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ لَا تَعَلُّقَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهَا بِالْأُخْرَى وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِمَا لَوْ اشْتَرَى أَوْسُقًا كَثِيرَةً عَلَى صُورَةِ الْعَرَايَا فِي صَفَقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 (بِالْوَطْءِ) فِي الْمُدَّةِ فِي يَمِينِهِ (فَلَوْ أَتَى بِالْيَمِينِ وَلَمْ يَقُلْ، فَإِنْ مَضَتْ) بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك سَنَةً (تَدَاخَلَتَا) أَيْ الْيَمِينَانِ بِتَدَاخُلِ مُدَّتِهِمَا (وَانْحَلَّتَا بِوَطْءٍ وَاحِدٍ) فَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْحَانِثَ فِي يَمِينَيْنِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا وَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامَ زَيْدٍ فَأَكَلَ خُبْزَهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ [فَصْلٌ عَلَّقَ الْوَطْءَ بِمُسْتَحِيلٍ كَصُعُودِ السَّمَاءِ] (فَصْلٌ) لَوْ (عَلَّقَ) الْوَطْءَ (بِمُسْتَحِيلٍ كَصُعُودِ السَّمَاءِ أَوْ بِمُسْتَبْعَدٍ) فِي الِاعْتِقَادِ حُصُولَهُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (كَخُرُوجِ الدَّجَّالِ) وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَنُزُولِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَقُدُومِ زَيْدٍ) مِنْ سَفَرِهِ (وَالْمَسَافَةُ بَعِيدَةٌ) لَا تُقْطَعُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (فَمُولٍ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَمَا لَوْ قَالَ لَا أَطَؤُك أَبَدًا وَأَمَّا فِيمَا بَعْدَهَا فَلِظَنِّ تَأَخُّرِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ بِهِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (فَإِنْ قَالَ) فِي الْأَخِيرَةِ (ظَنَنْت قُرْبَهَا) أَيْ الْمَسَافَةِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بَلْ حَالِفًا (وَ) عَلَّقَهُ بِمَا (بِتَحَقُّقِ قُرْبِهِ) أَيْ وُجُودِهِ قَبْلَ الْمُدَّةِ كَذُبُولِ الْبَقْلِ وَجَفَافِ الثَّوْبِ أَوْ بِمَا يُظَنُّ (كَقُدُومِ قَافِلَةٍ تَعْتَادُ الْمَجِيءِ) غَالِبًا (كُلَّ شَهْرٍ) وَجِيءَ الْمَطَرُ فِي وَقْتِ غَلَبَةِ الْأَمْطَارِ (فَلَيْسَ بِمُولٍ) لِتَحَقُّقِ الْمَذْكُورِ بَلْ حَالَفَ وَمُرَادُهُ بِالتَّحَقُّقِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ (وَإِنْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ) أَيْ وُجُودُ الْمُعَلَّقِ بِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَوُجُودُهُ بَعْدَهَا (كَدُخُولِ زَيْدٍ الدَّارَ وَقُدُومِهِ مِنْ قُرْبٍ) أَيْ مَكَان قَرِيبٍ وَمَرَضِهِ (لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ) وَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ بِهِ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ قَصْدِ الْمُضَارَّةِ أَوَّلًا وَأَحْكَامُ الْإِيلَاءِ مَنُوطَةٌ بِهِ لَا بِمُجَرَّدِ الضَّرَرِ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ وَلِهَذَا لَوْ امْتَنَعَ بِلَا يَمِينٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَلَوْ وَطِئَ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِهِ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ بِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. [فَرْعٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك عُمُرِي أَوْ عُمُرَك أَوْ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُك عُمُرِي) أَوْ عُمُرَك (أَوْ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي فَمُولٍ) لِحُصُولِ الْيَأْسِ مِنْ الْوَطْءِ مُدَّةَ الْعُمُرِ وَكَمَا لَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُك أَبَدًا، فَإِنَّ أَبَدَ كُلُّ إنْسَانٍ عُمُرَهُ (وَكَذَا) لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك (حَتَّى يَمُوتَ زَيْدٌ) لِأَنَّ الْمَوْتَ كَالْمُسْتَبْعَدِ فِي الِاعْتِقَادَاتِ فَيَلْحَقُ بِالتَّعْلِيقِ بِنُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. (أَوْ) لَا أُجَامِعُك (حَتَّى تَفْطِمِي وَلَدَك وَأَرَادَ) تَمَامَ (الْحَوْلَيْنِ وَبَقِيَ) مِنْهُمَا (مُدَّةَ الْإِيلَاءِ فَمُولٍ) وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ أَرَادَ فِعْلَ الْفِطَامِ وَلَا يُمْكِنُ) فِطَامُهُ (إلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) لِصِغَرٍ أَوْ ضَعْفِ بِنْيَةٍ (فَمُولٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ) فِطَامُهُ قَبْلَهَا (فَكَالتَّعْلِيقِ بِدُخُولِ الدَّارِ) وَنَحْوِهِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا؛ لِأَنَّ فِطَامَهُ مُمْكِنٌ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْهُ الشَّرْعُ وَالْإِيلَاءُ تَعَلَّقَ بِإِمْكَانِ الْفِعْلِ لَا بِجَوَازِهِ فِي الشَّرْعِ. (أَوْ) لَا أُجَامِعُك (حَتَّى تَحْبَلِي وَهِيَ صَغِيرَةٌ) كَبِنْتِ خَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ (أَوْ آيِسَةٍ فَمُولٍ) ؛ لِأَنَّ حَبْلَ مَنْ فِي هَذَا السِّنِّ مُسْتَحِيلٌ أَوْ نَادِرٌ (وَإِلَّا فَكَالتَّعْلِيقِ بِمَشْكُوكٍ) فِيهِ كَدُخُولِ الدَّارِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا وَلَوْ عَلَّقَ بِقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ فِطَامِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِكَوْنِهِ مُولِيًا فَمَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَقَوْلِهِ حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ فَمَاتَ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ وَقَدْ مَرَّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ صَارَ مُولِيًا بِمَوْتِهِ. [فَرْعٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك وَقَالَ أَرَدْت شَهْرًا أَوْ نَحْوَهُ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُك وَقَالَ أَرَدْت شَهْرًا) أَوْ نَحْوَهُ (دِينَ) وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ التَّأْبِيدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَيَطُولَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِك، ثُمَّ فَسَّرَ بِشَهْرٍ يُقْبَلُ لِوُقُوعِ اسْمِ التَّطْوِيلِ عَلَيْهِ (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ تَرْكُ الْجِمَاعِ لَا غَيْرُ) فَالْحَلِفُ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِمَاعِ لَيْسَ بِإِيلَاءٍ (وَصَرِيحُهُ) الْأَوْلَى قَوْلُهُ أَصْلُهُ وَمِنْ صَرِيحِهِ (مَهْجُوًّا ل ن ي ك) أَيْ لَفْظُ النَّيْكِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَنِيكُك (أَوْ لَا أُدْخِلُ أَوْ لَا أُولِجُ) أَوْ لَا أُغَيِّبُ (ذَكَرِي أَوْ حَشَفَتِي فِي فَرْجِك) وَالْمُرَادُ مِنْ الذَّكَرِ قَدْرُ الْحَشَفَةِ فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ تَغْيِيبَ جَمِيعِهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا كَمَا لَوْ قَالَ لَا أَسْتَوْفِي الْإِيلَاجَ (أَوْ لَا أَقْتَضُّك) بِالْقَافِ أَوْ بِالْفَاءِ (وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ لَا أُصِيبُك) أَوْ (لَا أُجَامِعُك) أَوْ (لَا أُطَاوِعُك) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِذَكَرِي أَوْ بِحَشَفَتِي لِشُيُوعِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْوِقَاعِ (وَقَدْ يَدِينُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ إنْ ذَكَرَ مُحْتَمَلًا وَلَمْ يَقُلْ بِذَكَرِي) أَوْ بِحَشَفَتِي كَأَنْ يُرِيدُ بِالْأَوَّلَيْنِ الِاقْتِضَاضَ وَالْإِصَابَةَ بِغَيْرِ الذَّكَرِ وَبِالْجِمَاعِ الِاجْتِمَاعَ وَبِالْوَطْءِ بِالْقَدَمِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ مِمَّا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ غَيْرَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدِينُ فِيهِ أَيْضًا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْفَرْجِ الدُّبُرَ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظَةِ وَذِكْرُ التَّدْيِينِ فِي الْإِصَابَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ قُدُومًا قَالُوهُ مِنْ صَرَاحَةِ الِاقْتِضَاضِ فِيمَا ذَكَر قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ظَاهِر إذَا لَمْ تَكُنْ الْبِكْرُ غَوْرَاءَ، أَمَّا هِيَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُولِيًا مِنْهَا إذَا عَلِمَ حَالَهَا قَبْلَ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ بِغَيْرِ   [حاشية الرملي الكبير] فَصْلٌ) (قَوْلُهُ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ) أَيْ عَادَةً أَوْ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا (قَوْلُهُ وَنُزُولِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) إذَا كَانَ الْإِيلَاءُ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ أَوْ بَعْدَهُ فِي أَوَّلِ أَيَّامِهِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَعَ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِالْأَيَّامِ الْمَعْهُودَةِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ إيلَاءً (قَوْلُهُ وَإِنْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ إلَخْ) فَلَوْ آلَى مِمَّنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا الْبَائِنَ بِزَمَنٍ يَتَحَقَّقُ انْقِضَاؤُهُ قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَصِحَّ. [فَرْعٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك خَمْسَة أَشْهُرٍ فَإِنْ مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك سَنَةً] (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدِينُ فِيهِ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ وَاضِحٌ إذْ مُرَادُ الْأَصْحَابِ بِعَدَمِ التَّدْيِينِ فِيهِ بِالنَّظَرِ إلَى مَعْنَى الصِّيغَةِ كَمَا دِينَ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الذَّكَرِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى مُتَعَلِّقِهَا فَلَيْسَ كَلَامُهُمْ فِيهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 اقْتِضَاضٍ وَحَقُّهَا إنَّمَا هُوَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفَيْئَةُ فِي حَقِّ الْبِكْرِ تُخَالِفُهَا فِي حَقِّ الثَّيِّبِ كَمَا يُفْهِمُهُ إيرَادُ الْقَاضِي وَالنَّصُّ (ثُمَّ الْمُبَاشَرَةُ وَالْمُبَاضَعَةُ وَالْمُلَامَسَةُ وَالْمَسُّ وَالْإِفْضَاءُ وَالْمُبَاعَلَةُ وَالِافْتِرَاشُ وَالدُّخُولُ بِهَا وَالْمُضِيُّ إلَيْهَا وَالْغَشَيَانُ وَالْقُرْبَانُ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَشْهَرَ مِنْ ضَمِّهَا (وَالْإِثْبَاتُ كِنَايَاتٌ فِي الْجِمَاعِ لَا صَرَائِحُ) لِأَنَّ لَهَا مَعَانِيَ غَيْرَ الْوَطْءِ وَلَمْ تَشْتَهِرْ فِي الْوَطْءِ اشْتِهَارَ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ فِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا رَجَحُوهُ فِي الْمَسِّ يُخَالِفُ قَاعِدَةَ أَنَّ الصَّرَاحَةَ تُؤْخَذُ مِنْ تَكَرُّرِ اللَّفْظِ فِي الْقُرْآنِ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْبَقَرَةِ وَالْأَحْزَابِ وَفِي الْحَدِيثِ «، فَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ لَهُ فِي مَعْنَاهُ الْمُرَادِ. (وَقَوْلُهُ) وَاَللَّهِ (لَأَبْعُدَنَّ أَوْ لَأَغِيبَنَّ عَنْك أَوْ لَأَغِيظَنَّكِ) أَوْ لَأَسْوَأْنَك (كِنَايَاتٌ فِي الْجِمَاعِ وَالْمُدَّةِ) لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا (أَوْ لَأُطِيلَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِك أَوْ لَأَسُوأَنَّكِ فِيهِ صَرِيحٌ فِي الْجِمَاعِ كِنَايَةٌ فِي الْمُدَّةِ وَقَوْلُهُ) وَاَللَّهِ (لَا أَجْمَعُ رَأْسَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ لَا تَجْتَمِعُ رَأْسَنَا عَلَى وِسَادَةٍ أَوْ تَحْتَ سَقْفٍ (كِنَايَةٌ) لِمَا ذَكَرَ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْجِمَاعِ اجْتِمَاعُ رَأْسَيْهِمَا عَلَى وِسَادَةٍ أَوْ تَحْتَ سَقْفٍ. (فَإِنْ قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُك إلَّا فِي الدُّبُرِ فَمُولٍ أَوْ إلَّا فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَ) نَهَارِ (رَمَضَانَ وَالْمَسْجِدِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ وَطْئِهَا وَعَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ، ثُمَّ تُطَالِبُ بَعْدَهَا بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ، فَإِنْ فَاءَ إلَيْهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ فِي الْحَالِ لِزَوَالِ الْمُضَارَّةِ بِهِ وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ ثَانِيًا لِبَقَاءِ الْيَمِينِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْمُولِي بَعْدَ الْمُدَّةِ، ثُمَّ رَاجَعَ تُضْرَبُ الْمُدَّةُ ثَانِيًا وَثَانِيهِمَا لَا وَبِهِ جَزَمَ السَّرَخْسِيُّ فِي صُورَةِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَامَعَ فِيهَا حَصَلَتْ الْفَيْئَةُ فَاسْتِثْنَاؤُهُ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْإِيلَاءِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ وَلَا يُتَّجَهُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الرَّاجِحُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُجَامِعُهَا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا بَلْ هُوَ مُحْسِنٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَتَيْنِ قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَلِكَ فَأَكَّدَ الْمَمْنُوعُ مِنْهُ بِالْحَلِفِ (أَوْ لَا أُجَامِعُك إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ وَأَرَادَ) الْجِمَاعَ (فِي الدُّبُرِ) أَوْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ (أَوْ بِدُونِ الْحَشَفَةِ فَمُولٍ وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَادَ الْجِمَاعَ الضَّعِيفَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (فَلَا) إيلَاءَ؛ لِأَنَّ ضَعِيفَ الْجِمَاعِ كَقَوِيِّهِ فِي الْحُكْمِ وَالْأَصْلُ فِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا عَدَمُ الْحَلِفِ عَلَى الْحَالِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مُولِيًا وَحُكْمُ عَدَمِ الْإِرَادَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ تَفَقُّهًا وَلَوْ قَالَ لَأُجَامِعَنَّكِ جِمَاعَ سُوءٍ أَوْ لَأُجَامِعَنَّكِ جِمَاعَ سُوءٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا كَمَا لَوْ قَالَ لَأُجَامِعَنَّكِ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَوْ لَأُجَامِعَنَّكِ مِنْ الْقُبُلِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي نُسَخِهِ. (فَإِنْ قَالَ) وَاَللَّهِ (لَأَغْتَسِلُ عَنْك وَأَرَادَ تَرْكَ الْغُسْلِ) دُونَ تَرْكِ الْجِمَاعِ (أَوْ ذَكَرَ أَمْرًا مُحْتَمَلًا كَالْإِكْسَالِ) بِأَنْ لَا يَمْكُثَ بَعْدَ الْوَطْءِ حَتَّى يُنْزِلَ (وَاعْتَقَدَهُ) أَيْ وَاعْتَقَدَ أَنَّ الْوَطْءَ بِلَا إنْزَالٍ (لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ أَوْ) أَرَادَ (إنِّي أُجَامِعُهَا بَعْدَ) جِمَاعِ (غَيْرِهَا) لِيَكُونَ الْغُسْلُ عَنْ الْأُولَى لِحُصُولِ الْجِنَايَةِ بِهَا (قُبِلَ) مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَمَا قَالَهُ فِي الْأُولَى هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُ الشَّامِلِ وَالتَّتِمَّةِ وَالْبَيَانِ لَكِنْ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّب أَنَّهُ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ فَيَكُونُ مُولِيًا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَهَذَا النَّصُّ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ) قَالَ وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُ فَرْجَك أَوْ) لَا أُجَامِعُ (نِصْفَهُ الْأَسْفَلَ فَإِيلَاءٌ لَا) إنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ (سَائِرَ الْأَعْضَاءِ) أَيْ بَاقِيَهَا كَأَنْ قَالَ لَا أُجَامِعُ يَدَك أَوْ نِصْفَك الْأَعْلَى أَوْ بَعْضَك أَوْ نِصْفَك فَلَا يَكُونُ إيلَاءً إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْبَعْضِ الْفَرْجَ وَبِالنِّصْفِ النِّصْفَ الْأَسْفَلَ فَيَكُونُ إيلَاءً [الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْإِيلَاءِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ ضَرْبُ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْإِيلَاءِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ) (الْأَوَّلُ ضَرْبُ الْمُدَّةِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ) بِنَصِّ الْقُرْآنِ (لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ) حُرَّةً كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ أَمَةً؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ شُرِعَتْ لِأَمْرٍ جِبِلِّيٍّ وَهُوَ قِلَّةُ الصَّبْرِ عَنْ الزَّوْجِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِبِلَّةِ وَالطَّبْعِ لَا يَخْتَلِفُ بِالْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ كَمَا فِي مُدَّةِ الْعُنَّةِ وَهِيَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ كَالْأَجَلِ حَقٌّ لِلْمَدِينِ وَلَا يَحْتَاجُ ضَرْبُهَا إلَى ضَارِبٍ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ بِخِلَافِ مُدَّةِ الْعُنَّةِ لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا كَمَا مَرَّ (وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ) وَقْتِ (الْإِيلَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ) مِنْ الْوَطْءِ وَإِلَّا فَمِنْ وَقْتِ زَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الْأَوَّلِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفَيْئَةُ فِي حَقِّ الْبِكْرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَاكَ مُقَيَّدٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (وَقَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَقَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ السَّرَخْسِيُّ أَيْ وَالرَّافِعِيُّ فِي الصَّغِيرِ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْإِيلَاءِ) (قَوْلُهُ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْإِيلَاءِ) شَمَلَ مَا لَوْ آلَى مِنْ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، ثُمَّ عَيَّنَهَا فَإِنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ عَلَى الْأَصَحِّ لَا مِنْ التَّعْيِينِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 [فَصْل مُدَّةُ الْإِيلَاءِ حَالَ الطَّلَاق وَالرِّدَّة] (فَصْلٌ لَا تُحْسَبُ الْمُدَّةُ حَالَ طَلَاقٍ وَرِدَّةٍ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ رَاجَعَ الزَّوْجُ أَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ (وَتُقْطَعُ) الْمُدَّةُ (بِطَرَيَانِ ذَلِكَ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالرِّدَّةِ (وَيَسْتَأْنِفُ) فِي صُورَةِ الطَّلَاقِ (وَلَوْ طَلَّقَ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ) يَعْنِي بَعْدَ الْمُدَّةِ بِمُطَالَبَةٍ أَوْ بِدُونِهَا (بِرَجْعَةٍ) أَيْ تُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةُ بِالرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّ الْإِضْرَارَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالِامْتِنَاعِ الْمُتَوَالِي فِي نِكَاحٍ سَلِيمٍ (لَا تَجْدِيدِ نِكَاحٍ) بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا لِعَدَمِ عَوْدِ الْإِيلَاءِ (وَبِإِسْلَامٍ) أَيْ وَتُسْتَأْنَفُ فِي صُورَةِ الرِّدَّةِ بِإِسْلَامِ الْمُرْتَدِّ (فِي الْعِدَّةِ) وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْمُدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُؤَثِّرُ فِي قَطْعِ النِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْعِدَّةِ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَرْتَدَّ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ قَبْلَهُ انْقَطَعَ النِّكَاحُ هَذَا (إنْ بَقِيَ) مِنْ مُدَّةِ الْيَمِينِ بَعْدَ الرَّجْعَةِ وَالْإِسْلَامِ (فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْوَطْءِ بَاقٍ وَالْمُضَارَّةُ حَاصِلَةٌ وَكَأَنَّهُ رَاجَعَ أَوْ أَسْلَمَ، ثُمَّ حَلَفَ ثَانِيًا قَالَ الْإِمَامُ وَكَانَ يَنْقَدِحُ أَنْ يُقَالَ كُلَّمَا رَاجَعَهَا تَعُودُ الطُّلْبَةُ لِاتِّحَادِ النِّكَاحِ لَكِنَّهُ لَمَّا طَلَّقَ أَتَى بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْمَطْلُوبِ أَحَدِهِمَا فَأَسْقَطَ الطُّلْبَةَ وَمَا قَالَهُ يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الرِّدَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ ذَلِكَ فَلَا اسْتِئْنَافَ (وَكَذَا حُكْمُ أَعْذَارِهَا الْمَانِعَةِ مِنْ الْوَطْءِ كَالنُّشُوزِ وَالْمَرَضِ وَالصِّغَرِ وَجُنُونٍ) الْأَوْلَى وَالْجُنُونِ حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (يَمْنَعُ التَّمْكِينَ) مِنْ الْوَطْءِ (وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ فَرْضَيْنِ) وَإِحْرَامِ فَرْضٍ (وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ) فَلَا تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مَعَهَا وَتُسْتَأْنَفُ إذَا زَالَتْ لِمَا مَرَّ فِي صُورَتَيْ الطَّلَاقِ وَالرِّدَّةِ نَعَمْ إنْ طَرَأَ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ وَقَبْلَ الْمُطَالَبَةِ، ثُمَّ زَالَتْ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِلَا اسْتِئْنَافِ مُدَّةٍ لِوُجُودِ الْمُضَارَّةِ فِي الْمُدَّةِ عَلَى التَّوَالِي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَرَجَّحَهُ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ فَلَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا فِيهِ (لَا حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) فَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ الْحَيْضِ غَالِبًا فَلَوْ لَمْ تُحْسَبْ مَعَهُ لَتَضَرَّرَتْ بِطُولِهَا وَأُلْحِقَ بِهِ النِّفَاسُ لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَتَبِعَ كَأَصْلِهِ فِي ذِكْرِهِ لَهُ الْبَغَوِيّ كَشَيْخِهِ الْقَاضِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ وَالْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُدَّةَ لَا تُحْسَبُ مَعَهُ لِنَدُورَهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. (وَتُحْسَبُ) الْمُدَّةُ (حَالَ جُنُونِهِ وَمَرَضِهِ وَسَائِرِ أَعْذَارِهِ) كَصَوْمِهِ وَاعْتِكَافِهِ وَإِحْرَامِهِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا؛ لِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ وَالْمَانِعُ مِنْهُ وَهُوَ الْمُقَصِّرُ بِإِيلَائِهِ وَلِهَذَا اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ وَإِنَّمَا لَمْ تُحْسَبُ مَعَ طَلَاقِهِ وَرِدَّتِهِ لِإِخْلَالِهِمَا بِالنِّكَاحِ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْمُطَالَبَةِ بِالرُّجُوعِ إلَى الْوَطْءِ] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْمُطَالَبَةِ فَلَهَا بَعْدَ) مُضِيِّ (الْمُدَّةِ الطَّلَبُ بِالْفَيْئَةِ) أَيْ الرُّجُوعُ إلَى الْوَطْءِ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْهُ بِالْإِيلَاءِ (أَوْ الطَّلَاقِ) إنْ لَمْ يَفِ كَمَا سَيَأْتِي لِلْآيَةِ وَلِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهَا وَإِنَّمَا طَالَبَتْهُ بِالْفَيْئَةِ أَوَّلًا لِأَنَّ حَقَّهَا فِيهَا (فَإِنْ أَسْقَطَتْهُ) أَيْ الطَّلَبَ (ثُمَّ نَدِمَتْ طَالَبَتْ) مَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرِّضَا بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْعُنَّةِ بِأَنَّهَا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَتَقَسَّطُ عَلَى الْأَيَّامِ بِخِلَافِ حَقِّ الْوَطْءِ وَالنَّفَقَةِ وَلِأَنَّهَا عَيْبٌ وَالرِّضَا بِهِ يُسْقِطُ حَقَّ الْفَسْخِ (وَلَا يُطَالَبُ) الزَّوْجُ (لِمُرَاهِقَةٍ وَمَجْنُونَةٍ بَلْ يُخَوَّفُ) نَدْبًا (مِنْ اللَّهِ) تَعَالَى بِنَحْوِ اتَّقِ اللَّهَ بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا يُضَيَّقُ عَلَيْهِ إذَا بَلَغَتْ أَوْ أَفَاقَتْ وَطَلَبَتْ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ تَخْتَصُّ بِالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ حَقُّهَا كَالْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ وَكَمَا أَنَّ الطَّلَاقَ يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ (وَ) لِهَذَا كَانَ (الطَّلَبُ لِلْأَمَةِ لَا لِلسَّيِّدِ) (فَرْعٌ لَا تُطَالِبُ) الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا (وَبِهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ كَحَيْضٍ) وَنِفَاسٍ (وَصَوْمِ فَرْضٍ وَحَبْسٍ) يَمْنَعُ التَّمْكِينَ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ الْمَطْلُوبِ بِخِلَافِ صَوْمِ النَّفْلِ (فَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ بِهِ وَهُوَ طَبْعِيٌّ كَالْمَرَضِ أَوْ خَوْفِ زِيَادَتِهِ) أَوْ بُطْءِ الْبُرْءِ مِنْهُ (لَوْ وَطِئَ طُولِبَ بِفَيْئَةِ اللِّسَانِ أَوْ الطَّلَاقِ) إنْ لَمْ يَفِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يَنْدَفِعُ الْأَذَى الَّذِي حَصَلَ بِاللِّسَانِ (بِلَا مُهْلَةٍ) لِفَيْئَةِ اللِّسَانِ، وَإِنْ اُسْتُمْهِلَ؛ لِأَنَّ الْوَعْدَ هَيِّنٌ مُتَيَسِّرٌ (فَيَقُولُ) فِيهَا (إذَا قَدَرْت فِئْت) وَزَادَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَنَدِمْت عَلَى مَا فَعَلْت وَجَرَى عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْمَرَاوِزَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ التَّأْكِيدُ وَالِاسْتِحْبَابُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. (وَحِينَ يَقْدِرُ) عَلَى وَطْئِهَا (يُطَالَبُ بِالْوَطْءِ أَوْ الطَّلَاقِ) إنْ لَمْ يَطَأْ تَحْقِيقًا لِفَيْئَةِ اللِّسَانِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ مُدَّةٍ (وَإِنْ حُبِسَ بِدَيْنٍ وَقَدَرَ عَلَى قَضَائِهِ لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْحَبْسُ (عُذْرًا) فَيُؤْمَرُ بِالْقَضَاءِ وَالْفَيْئَةِ بِالْوَطْءِ أَوْ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حُبِسَ ظُلْمًا (، وَإِنْ كَانَ) عُذْرُهُ (شَرْعِيًّا كَإِحْرَامٍ) وَصَوْمٍ وَاجِبٍ (وَظِهَارٍ قَبْلَ التَّكْفِيرِ طُولِبَ بِالطَّلَاقِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُهُ بِخِلَافِ عُذْرِهِ الطَّبِيعِيِّ؛ لِأَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَلَهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الطَّلَبُ بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقُ) فِي الْعَزِيزِ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ إذَا لَمْ يَفِ الْمُولِي طَلَبَ الْفَيْئَةِ وَحْدَهَا، فَإِنْ لَمْ يَفِ أُمِرَ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ الْمَنْعَ بَلْ تَرَدَّدَ الطَّلَبُ بَيْنَ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ عَلَى هَذَا وَفِي الصَّغِيرِ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْعُمْدَةَ عَلَى غَيْرِ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا الصَّوَابُ وَظَاهِرُ النَّصِّ الْأَوَّلُ وَاعْتَمَدَ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَرَدَّ بِهِ عَلَى مَا فِي التَّنْبِيهِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالصَّوَابِ. [فَرْعٌ لَا تُطَالِبُ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا وَبِهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ] (قَوْلُهُ كَالْمَرَضِ إلَخْ) أَوْ الْجَبِّ الطَّارِئِ أَوْ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ التَّأْكِيدُ وَالِاسْتِحْبَابُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ) وَلِهَذَا اقْتَصَرَ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْوَعْدِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 الْوَطْءَ فِيهِ مُتَعَذِّرٌ وَهُنَا مُمْكِنٌ وَهُوَ الْمُضَيِّقُ عَلَى نَفْسِهِ وَبِخِلَافِ الظِّهَارِ بَعْدَ التَّكْفِيرِ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِثْلَ مَا مَرَّ وَقَوْلُهُ (لَا غَيْرُهُ) تَأْكِيدٌ. (وَيَحْرُمُ) عَلَيْهَا (تَمْكِينُهُ) مِنْ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْحَرَامِ (فَإِنْ مَكَّنَتْهُ) مِنْ الْوَطْءِ (وَوَطِئَ انْحَلَّ الْإِيلَاءُ) وَإِنْ حُرِّمَ الْوَطْءُ لِحُصُولِ مَقْصُودِهَا. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْمَقْصُود بِالطَّلَبِ وَهُوَ الْفَيْئَةُ أَوْ الطَّلَاقُ إنْ لَمْ يَفِ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْمَقْصُودِ بِالطَّلَبِ وَهُوَ الْفَيْئَةُ) أَوْ الطَّلَاقُ إنْ لَمْ يَفِ (فَيُقَالُ لَهُ) مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ وَالْقَاضِي (فِئْ وَإِلَّا طُلِّقَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْمَقْصُودُ الْفَيْئَةُ لَكِنَّهُ يُطَالَبُ بِالطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَفِ فَتُصَدَّقُ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهَا تُطَالِبُهُ أَوَّلًا بِالْفَيْئَةِ، فَإِنْ أَبَى طَالَبَتْهُ، وَصِدْقُهَا بِالثَّانِي أَظْهَرُ مِنْهُ بِالْأَوَّلِ، ثُمَّ حَكَى أَعْنِي الْأَصْلَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمُطَالَبَةُ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ (فَإِذَا) الْأَوْلَى، فَإِنْ (امْتَنَعَ) مِنْ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ بَعْدَ أَمْرِ الْقَاضِي (طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي) نِيَابَةً عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ وَتَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ فَإِذَا امْتَنَعَ نَابَ عَلَيْهِ الْقَاضِي كَقَضَاءِ الدَّيْنَ وَالْعَضْلَ (طَلْقَةً) وَاحِدَةً لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَقَعْ الزَّائِدُ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَكَيْفِيَّةُ تَطْلِيقِهِ أَنْ يَقُولَ أَوْقَعْت عَلَى فُلَانَةَ عَنْ فُلَانٍ طَلْقَةً أَوْ حَكَمْت عَلَيْهِ فِي زَوْجَتِهِ بِطَلْقَةٍ أَوْ نَحْوَهُمَا (وَيُمْهَلُ) الزَّوْجُ لِيَفِئْ (إنْ أُمْهِلَ) أَيْ اُسْتُمْهِلَ (لِنُعَاسٍ وَشِبَعٍ وَجُوعٍ وَنَحْوِهِ) كَصِيَامِ يَوْمٍ فَمَا دُونَهُ بِقَدْرِ مَا يَسْتَعِدُّ بِهِ لِلْوَطْءِ فَلَا يُمْهَلُ فَوْقَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ مَقْدِرَةٌ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ (وَكَذَا) يُمْهَلُ لِيَطَأَ يَوْمًا فَمَا دُونَهُ بِقَدْرِ مَا يَتَيَسَّرُ بِهِ الْمَقْصُودُ أَنْ اُسْتُمْهِلَ (لِلتَّكْفِيرِ عَنْ الظِّهَارِ بِالْمَالِ) مِنْ عِتْقٍ أَوْ طَعَامٍ (لَا الصَّوْمِ) فَلَا يُمْهَلُ لِلتَّكْفِيرِ بِهِ لِطُولِهِ (وَيُشْتَرَطُ) فِي تَطْلِيقِهِ عَلَيْهِ (حُضُورُهُ) عِنْدَهُ (لِيُثْبِتَ امْتِنَاعَهُ) فَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ آلَى وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ لَمْ يُطَلِّقْ عَلَيْهِ الْقَاضِي بَلْ مِنْ الِامْتِنَاعِ بِحُضُورِهِ (كَالْعَضْلِ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ) حُضُورُهُ بِتَمَرُّدٍ أَوْ تَوَارٍ أَوْ غَيْبَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ (وَلَا يُشْتَرَطُ لِلطَّلَاقِ) عَلَيْهِ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ ثُبُوتِ امْتِنَاعِهِ بِمَا ذَكَرَ (حُضُورُهُ) عِنْدَهُ (وَلَا يَنْفُذُ طَلَاقُ الْقَاضِي) عَلَيْهِ (بِمُدَّةِ إمْهَالِهِ) أَيْ فِيهَا، وَإِنْ مَضَتْ بِلَا فَيْئَةٍ لِتَظْهَرَ فَائِدَةُ الْإِمْهَالِ وَيُفَارِقُ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ حَيْثُ يُهْدَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا عِصْمَةَ لَهُ وَلَا مَدْفَعَ لِلْقَتْلِ الْوَاقِعِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ (وَلَا بَعْدَ وَطْئِهِ أَوْ طَلَاقِهِ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ بِهِ عِنْدَ تَطْلِيقِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْفُذُ طَلَاقُهُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُمْتَنِعًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ نَفَذَ تَطْلِيقُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَنَفَذَ تَطْلِيقُ الزَّوْجِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِطَلَاقِ الْقَاضِي كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ (فَلَوْ طَلَّقَا مَعًا وَقَعَا) أَيْ الطَّلَّاقَاتُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَ مَعَ الْفَيْئَةِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ (فَرْعٌ) لَوْ (آلَى) حَالَةَ كَوْنِهِ (غَائِبًا أَوْ غَابَ) بَعْدَ إيلَائِهِ (قَبْلَ الطَّلَبِ وَوَكَّلَتْ) فِيهِ (فَطَالَبَهُ الْوَكِيلُ بَعْدَ الْمُدَّةِ) وَرَفَعَهُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الزَّوْجِ (أَمَرَهُ قَاضِي تِلْكَ الْبَلَدِ بِفَيْئَةِ اللِّسَانِ) فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ حِسِّيٌّ وَبِطِبِّهَا أَيْ حَمْلِهَا إلَيْهِ أَوْ خُرُوجِهِ إلَيْهَا أَوْ بِطَلَاقِهَا إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمَرَهُ بِالْفَيْئَةِ وَيُعَذَّرُ فِي تَأْخِيرِهِ (لِلتَّأَهُّبِ) لِسَفَرِهِ (وَلِخَوْفِ الطَّرِيقِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلِلْمَرَضِ وَكَأَنَّهُمْ سَهَّلُوا لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ إذَا اخْتَارَ السَّفَرَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ فَلَهُ مَنْدُوحَةٌ إلَى حَمْلِهَا إلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ يَفِئْ بِاللِّسَانِ أَوْ) فَاءَ (بِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ) إلَيْهَا (وَلَمْ يَطْلُبْهَا) إلَيْهِ (وَمَضَتْ مُدَّةُ الْإِمْكَانِ) لِذَلِكَ (طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِطَلَبِ وَكِيلِهَا) وَقَوْلُهُ (بِلَا مُهْلَةٍ) مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَهَا أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهَا إلَى قَاضِي بَلَدِهَا وَتَدَّعِيَ عَلَى الْغَائِبِ لِيَكْتُبَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ بِمَا جَرَى فَيَطْلُبَ مِنْهُ ذَلِكَ. (وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ) لَهُ بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ (وَ) بَعْدَ (الِامْتِنَاعِ) مِنْهُمَا (طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِطَلَبِهَا) لِلطَّلَاقِ (وَلَا يُمْهَلُ) وَإِنْ اُسْتُمْهِلَ. [فَرْعٌ ادَّعَى الْمُولِي التَّعْنِينَ] (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى الْمُولِي التَّعْنِينَ) أَوْ الْعَجْزَ عَنْ افْتِضَاضِ الْبِكْرِ وَأَنْكَرَتْ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ (بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ فَلَا تَسْقُطُ مُطَالَبَتُهُ؛ لِأَنَّ التَّعْنِينَ بَعْدَ الْوَطْءِ لَا يُؤَثِّرُ فَتَظْهَرُ تُهْمَتُهُ (أَوْ قَبْلَهُ قُبِلَ) مِنْهُ (بِيَمِينِهِ) فَلَا يُطَالِبُ بِالْوَطْءِ (فَيَفِيءُ بِاللِّسَانِ أَوْ الطَّلَاقِ) أَيْ فَيُطَالِبُ بِفَيْئَةٍ لِلِّسَانِ أَوْ بِالطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَفِئْ لِظُهُورِ عَجْزِهِ (فَإِنْ فَاءَ) بِاللِّسَانِ (ضُرِبَتْ مُدَّةُ التَّعْنِينِ بِطَلَبِهَا) ضَرَبَهَا (وَيَمْضِي حُكْمُهُ) . [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ فَيْئَةِ الْقَادِرِ] (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي) بَيَانِ (فَيْئَةِ الْقَادِرِ) عَلَيْهَا (وَتَحْصُلُ بِإِدْخَالِهِ الْحَشَفَةَ) أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا وَلَوْ مُحَرَّمًا (فِي الْقُبُلِ مُخْتَارًا) عَالِمًا عَامِدًا ثَيِّبًا كَانَتْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَبِأَنَّهَا تُطَالِبُهُ أَوَّلًا بِالْفَيْئَةِ، فَإِنْ أَبَى طَالَبَتْهُ بِالطَّلَاقِ) اقْتَصَرَ فِي الصَّغِيرِ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْعُمْدَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ وَظَاهِرُ النَّصِّ اهـ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي مَعْنَى الدَّعْوَى الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ) اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ. وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالصَّوَابِ. (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوَهُمَا) وَقَعَتْ طَلْقَةٌ بَيْنَ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ، فَإِنْ قَالَ طَلَّقْت فُلَانَةَ أَوْ حَكَمْت بِطَلَاقِ فُلَانَةَ أَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ الْحُكْمُ بِالْكِنَايَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْت خَلِيَّةٌ وَبَرِيَّةٌ عَنْ فُلَانٍ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَجَبَ أَنْ يَصِحَّ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ. (قَوْلُهُ لَا الصَّوْمُ فَلَا يُمْهَلُ لِلتَّكْفِيرِ بِهِ لِطُولِهِ) قَالَ فِي التَّهْذِيبِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ نَفَذَ تَطْلِيقُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَنَفَذَ تَطْلِيقُ الزَّوْجِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَ مَعَ الْفَيْئَةِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْع آلَى حَالَة كَوْنِهِ غَائِبًا أَوْ غَابَ بَعْد إيلَائِهِ] (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَهَا أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهَا إلَى قَاضِي بَلَدِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (الطَّرَفُ الرَّابِعُ) (قَوْلُهُ وَتَحْصُلُ بِإِدْخَالِهِ الْحَشَفَةَ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى أَوْ أَجْنَبِيَّةً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 أَوْ بِكْرًا إنْ زَالَتْ بِهِ بَكَارَتُهَا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهَا؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (فَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ) بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِإِدْخَالِهِ الْحَشَفَةَ إدْخَالُهُ مَا دُونَهَا كَسَائِرِ أَحْكَامِهِ وَبِالْقُبُلِ الدُّبُرُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِيهِ مَعَ حُرْمَتِهِ لَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ. نَعَمْ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي إيلَائِهِ بِالْقُبُلِ وَلَا نَوَاهُ بِأَنْ أَطْلَقَ انْحَلَّ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ (وَإِنْ اسْتَدْخَلَتْهَا) أَيْ الْحَشَفَةَ (أَوْ أَدْخَلَهَا) هُوَ (نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَجِبُ) الْأَوْلَى وَلَمْ تَجِبْ (كَفَّارَةٌ وَلَمْ يَنْحَلَّ الْيَمِينُ) وَإِنْ حَصَلَتْ الْفَيْئَةُ وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ، أَمَّا عَدَمُ الْخَبَثِ وَعَدَمُ انْحِلَالِ الْيَمِينِ فَلِعَدَمِ فِعْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِدْخَالِ وَاخْتِلَالِهِ فِيمَا عَدَاهَا وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَلِعَدَمِ الْحِنْثِ (وَيَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْمُطَالَبَةِ) لِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا وَانْدِفَاعِ ضَرَرِهَا (كَمَا لَوْ رَدَّ الْمَجْنُونُ الْوَدِيعَةَ) إلَى صَاحِبِهَا (وَلِأَنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ كَالْعَاقِلِ فِي) تَقْرِيرِ (الْمَهْرِ وَالتَّحْلِيلِ وَتَحْرِيمِ الرِّيبَةِ) وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَيُفَارِقُ سُقُوطُ حَقِّهَا عَدَمَ الْحِنْثِ وَالْكَفَّارَةَ بِأَنَّ رِعَايَةَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ عَنْ الْحَيْضِ لِلْمُسْلِمِ دُونَ الْعِبَادَةِ إذْ لَيْسَ لَهَا نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ فَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَامِدًا مُخْتَارًا عَاقِلًا حَنِثَ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ [فَصْلٌ اخْتِلَافَ الزَّوْجَانِ فِي الْإِيلَاءِ] (فَصْلٌ لَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي الْإِيلَاءِ أَوْ) فِي (انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ) بِأَنْ ادَّعَتْهُ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ [فَرْعٌ اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَهُ] (فَرْعٌ) لَوْ (اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ) بَعْدَ الْمُدَّةِ (وَأَنْكَرَهُ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الطَّلَبِ) عَمَلًا بِاعْتِرَافِهَا (وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهَا) عَنْهُ لِاعْتِرَافِهَا بِوُصُولِ حَقِّهَا إلَيْهَا (وَلَوْ وَطِئَ مَنْ آلَى مِنْهَا) وَهُوَ (يَظُنُّهَا غَيْرَهَا سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْمُطَالَبَةِ) لِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا وَلَمْ يَحْنَثْ وَلَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ وَلَمْ يَنْحَلَّ الْيَمِينُ لِمَا مَرَّ فِي وَطْئِهِ نَاسِيًا فَلَوْ حَذَفَ هُنَا وَقَالَ ثَمَّ أَوْ ظَانًّا أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ غَيْرُ الْمُولَى مِنْهَا كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ. [فَصْلٌ تَكْرِيرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ] (فَصْلٌ) لَوْ (كَرَّرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ) مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ (وَأَرَادَ) بِغَيْرِ الْأُولَى (التَّأْكِيدَ) لَهَا (وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ وَطَالَ الْفَصْلُ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ كَنَظِيرِهِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ بِأَنَّ التَّنْجِيزَ إنْشَاءٌ وَإِيقَاعٌ وَالْإِيلَاءُ وَالتَّعْلِيقُ مُتَعَلِّقَانِ بِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ فَالتَّأْكِيدُ بِهِمَا أَلْيَقُ (أَوْ) أَرَادَ (الِاسْتِئْنَافَ تَعَدَّدَتْ) أَيْ الْأَيْمَانُ (وَلَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا (فَوَاحِدَةٌ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ) حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ (وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ) لِبُعْدِ التَّأْكِيدِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ وَنَظِيرُهُمَا جَارٍ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ حَلَفَ يَمِينًا سَنَةً وَيَمِينًا سَنَتَيْنِ) مَثَلًا (وَعِنْدَ الْحُكْمِ بِالتَّعَدُّدِ) لِلْيَمِينِ (يَكْفِيهِ) لِانْحِلَالِهَا (وَطْءٌ وَاحِدٌ) وَيَتَخَلَّصُ بِالطَّلَاقِ عَنْ الْأَيْمَانِ كُلِّهَا (وَكَذَا) يَكْفِيهِ (كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ فَصْلٍ عُلِّقَ بِمُسْتَحِيلٍ. [كِتَابُ الظِّهَارِ] (كِتَابُ الظِّهَارِ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ الْأَصْلِيَّةَ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَخَصُّوا الظَّهْرَ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبُ الزَّوْجِ يُقَالُ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَتَظَهَّرَ وَتَظَاهَرَ وَاظَّاهَرَ مِنْهَا بِمَعْنًى وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَالْإِيلَاءِ فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ إلَى تَحْرِيمِهَا بَعْدَ الْعَوْدِ وَلُزُومِ الْكَفَّارَةِ مِمَّا سَيَأْتِي وَحَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ تَشْبِيهُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ فِي الْحُرْمَةِ بِمَحْرَمِهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ لَمَّا ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي اسْمِهَا وَنَسَبِهَا. (وَهُوَ حَرَامٌ) قَالَ تَعَالَى {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2] (وَقَوْلُهُ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ) لَيْسَ بِحَرَامٍ بَلْ (مَكْرُوهٌ) لِأَنَّ الظِّهَارَ عُلِّقَ بِهِ الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى وَإِنَّمَا عُلِّقَ بِقَوْلِهِ أَنْتَ عَلَيَّ حَرَامٌ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَالْيَمِينُ وَالْحِنْثُ لَيْسَ بِمُحَرَّمَيْنِ وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ مَعَ الزَّوْجِيَّةِ قَدْ يَجْتَمِعَانِ وَالتَّحْرِيمُ الَّذِي هُوَ كَتَحْرِيمِ الْأُمِّ مَعَ الزَّوْجِيَّةِ لَا يَجْتَمِعَانِ. [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي أَرْكَان الظِّهَار] (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الزَّوْجَانِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ) مُخْتَارٍ (وَإِنْ كَانَ مَمْسُوحًا وَذِمِّيًّا) وَعَبْدًا كَالطَّلَاقِ فَخَرَجَ الْأَجْنَبِيُّ وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُكْرَهُ وَالزَّوْجَةُ فِي قَوْلِهَا لِزَوْجِهَا أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنَا عَلَيْك كَظَهْرِ أُمِّك فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُهُمْ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ وَذِمِّيًّا وَكَافِرًا كَانَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ بِكْرًا إنْ زَالَتْ بَكَارَتَهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَمِنْ شَرْطِ الْوَطْءِ فِي الْبِكْرِ إذْهَابُ الْعُذْرَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ لَا يُمْكِنُ غَالِبًا إلَّا بِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِمَا أَشَرْت إلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَتَحْصُلُ بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ فِي الثَّيِّبِ أَوْ ذَهَابِ الْبَكَارَةِ بِهَا قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ كُلُّ حُكْمٍ يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ يَتَعَلَّقُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ إذَا كَانَ سَلِيمًا وَبِتَغْيِيبِ مَا يُعَادِلُ الْحَشَفَةَ إذَا كَانَ مَقْطُوعًا هَذَا فِي حَقِّ الثَّيِّبِ، وَأَمَّا الْبِكْرُ فَلَا تَتَخَلَّصُ عَنْ الْمُطَالَبَةِ إلَّا بِإِذْهَابِ الْعُذْرَةِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَأَقَلُّ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْفَيْئَةُ أَنْ يَفْتَضَّهَا بِآلَةِ الِافْتِضَاضِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَأَنْ يُغَيِّبَ الْحَشَفَةَ فِي فَرْجِهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا (قَوْلُهُ وَبِالْقُبُلِ الدُّبُرُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ عَدَمِ الْفَيْئَةِ بِالْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ حَنِثَ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ وَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ كَمَا لَوْ مَا طَلَّقَهَا حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةَ الْحَلِفِ قَالَ وَيَنْبَغِي فَرْضُهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ هَذَا تَنْبِيهٌ حَسَنٌ لَكِنْ لَا يُقَالُ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ حُصُولُ الْفَيْئَةِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمِنْهَاجُ وَالرَّوْضَةُ وَأَصْلُهَا وَلَا إيفَاؤُهَا حَقَّهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَدْخَلَهَا أَيْ الْحَشَفَةَ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَائِمًا أَوْ مُسْتَيْقِظًا سَاكِنًا وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَكَأَنَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى أَنَّ حَقِيقَتَهُ مَنْعُ أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ لَا يَغِيبُ أَوْ لَا يَدْخُلُ ذَكَرِي فِي فَرْجِك امْتَنَعَ تَصْوِيرُ مَسْأَلَةِ الْمُسْتَيْقِظِ (كِتَابُ الظِّهَارِ) (قَوْلُهُ وَذِمِّيًّا لِعُمُومِ الْآيَةِ) وَلِأَنَّهُ لَفْظٌ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ فَصَحَّ مِنْهُ كَالطَّلَاقِ، وَالْكَفَالَةُ فِيهَا شَائِبَةُ الْغَرَامَةِ. (قَوْلُهُ وَالْمَجْنُونُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ ظِهَارٌ مُنَجَّزٌ وَلَا مُعَلَّقٌ) أَمَّا لَوْ عَلَّقَهُ وَهُوَ عَاقِلٌ، ثُمَّ جُنَّ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 أَعَمَّ (وَ) إنَّمَا يَصِحُّ (فِي امْرَأَةٍ يَصِحُّ طَلَاقُهَا وَلَوْ صَغِيرَةً وَرَتْقَاءَ) وَكَافِرَةً وَحَائِضًا وَمُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ وَرَجْعِيَّةً وَأَمَةً فَلَا يَصِحُّ فِي أَجْنَبِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمُ الزَّوْجَةِ فَلَا تَحْرُمُ بِهِ الْأَجْنَبِيَّةُ وَالْأَمَةُ كَالطَّلَاقِ فَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إذَا نَكَحْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَصِحَّ (وَظِهَارُ السَّكْرَانِ كَطَلَاقِهِ) فَيَصِحُّ. (الرُّكْنُ الثَّانِي الصِّيغَةُ) لَهُ (وَصَرِيحُهُ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَكَذَا أَنْت كَظَهْرِ أُمِّي بِتَرْكِ الصِّلَةِ) كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ صَرِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنِّي لِتَبَادُرِ ذَلِكَ إلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ (وَهِيَ) أَيْ الصِّلَةُ (عَلَيَّ وَمِنِّي نَحْوَهُ) كَمَعِي وَعِنْدِي (وَكَالظَّهْرِ الْيَدُ وَالرِّجْلُ وَالشَّعْرُ) وَالْجُمْلَةُ وَالنَّفْسُ وَالذَّاتُ وَالْجِسْمُ وَالْبَدَنُ (وَسَائِرُ الْأَجْزَاءِ) كَالصَّدْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَرْجِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ كَيَدِ أُمِّي أَوْ رِجْلِهَا أَوْ شَعْرِهَا أَوْ جُمْلَتِهَا؛ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ لِلزَّوْجَةِ بِبَعْضِ أَعْضَاءِ الْأُمِّ أَوْ بِمَا يَتَضَمَّنُ الظَّهْرَ فَكَانَ كَالْمُشَبَّهِ بِالظَّهْرِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِهِ فَكَانَ كَالظَّهْرِ (إلَّا مَا احْتَمَلَ) مِنْ ذَلِكَ (الْكَرَامَةَ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُزْءًا (كَأُمِّي وَعَيْنِهَا، وَكَذَا رَأْسُهَا وَرُوحُهَا) فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ (بَلْ كِنَايَةٍ فِي الظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ) فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا إلَّا بِنِيَّةٍ (وَتَشْبِيهُهُ جُزْءًا مِنْ الْمَرْأَةِ وَنَحْوِهَا بِجُزْءٍ مِنْ الْأُمِّ وَنَحْوِهَا) كَالْأُخْتِ كَقَوْلِهِ يَدُك عَلَيَّ كَيَدِ أُمِّي أَوْ كَيَدِ أُخْتِي أَوْ نِصْفُك عَلَيَّ كَنِصْفِ أُمِّي أَوْ كَنِصْفِ أُخْتِي (ظِهَارٌ إذْ كُلُّ تَصَرُّفٍ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ يَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّهِ) كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ (وَمَا لَا) يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ (فَلَا) تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّهِ وَفِي مَعْنَى الْجُزْءِ الْجُمْلَةُ وَالذَّاتُ وَنَحْوُهُمَا كَمَا مَرَّ (وَفِي الْإِيلَاءِ تَفْصِيلٌ) مَرَّ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّانِي مِنْهُ (وَلَا يُقْبَلُ مِمَّنْ أَتَى بِصَرِيحِ الظِّهَارِ إرَادَةُ غَيْرِهِ) كَمَا فِي صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُشَبَّهُ بِهِ وَهُوَ ظَهْرُ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ) مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَإِنْ بَعُدَتْ وَغَيْرُ الظَّهْرِ مِمَّا مَرَّ كَالظَّهْرِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَكَذَا كُلُّ أُنْثَى مُحَرَّمٌ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (لَمْ يَحْدُثْ) أَيْ لَمْ يَطْرَأْ (تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ) كَأُخْتِهِ وَبِنْتِهِ مِنْ النَّسَبِ وَمُرْضِعَةِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ الَّتِي نَكَحَهَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ بِخِلَافِ مَنْ طَرَأَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ كَزَوْجَةِ ابْنِهِ وَمُلَاعَنَتِهِ لِطُرُوءِ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَبِخِلَافِ غَيْرِ الْأُنْثَى مِنْ ذَكَرٍ وَخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ التَّمَتُّعِ (وَلَوْ شَبَّهَهَا بِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا ظِهَارَ) لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ لَيْسَ بِسَبَبِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَالْوَصْلَةِ (وَتَحْرِيمُ الْمُرْضِعَةِ) لِلزَّوْجِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ بَعْدَ وِلَادَتِهِ وَأُمِّ زَوْجَتِهِ (حَادِثٌ) فَلَا يَكُونُ تَشْبِيهُهُ بِهِنَّ ظِهَارًا؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يُشْبِهْنَ الْمَحَارِمَ فِي التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ (لَا) تَحْرِيمُ (بِنْتِهَا) أَيْ بِنْتِ مُرْضِعَتِهِ (الْمَوْلُودَةِ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ ارْتِضَاعِهِ مِنْ أُمِّهَا فَلَيْسَ حَادِثًا فَيَكُونُ التَّشْبِيهُ بِهَا ظِهَارًا بِخِلَافِ الْمَوْلُودَةِ قَبْلَهُ وَكَالْمَوْلُودَةِ بَعْدَهُ الْمَوْلُودَةُ مَعَهُ فِيمَا يَظْهَرُ [فَصْلٌ تَعْلِيقُ الظِّهَار] (فَصْلٌ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ) أَيْ الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ كَالطَّلَاقِ، وَالْكَفَّارَةُ كَالْيَمِينِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ (فَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَعِنْدَهَا أَجْنَبِيَّةٌ إنْ ظَاهَرْت مِنْ هَذِهِ أَوْ مِنْ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرٍ أُمِّي فَتَزَوَّجَهَا وَظَاهَرَ مِنْهَا صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهُمَا) وَذَكَرَ الْأَجْنَبِيَّةَ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلِاشْتِرَاطِ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا، ثُمَّ دَخَلَهَا حَنِثَ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ الْحِنْثِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ فَكَلَّمَهُ بَعْدَمَا صَارَ شَيْخًا وَنَظَائِرُهُ بِأَنَّا لَوْ لَمْ نَحْمِلْهُ هُنَا عَلَى التَّعْرِيفِ كَانَ تَعْلِيقًا بِالْمُحَالِ إذْ الظِّهَارُ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لَغْوٌ (فَإِنْ ظَاهَرَ مِنْهَا) أَيْ الْأَجْنَبِيَّةِ (قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَغْوٌ) لِانْتِفَاءِ الزَّوْجِيَّةِ (وَلَا يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ) لِانْتِفَاءِ   [حاشية الرملي الكبير] مَجْنُونٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُظَاهِرًا. (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إذَا نَكَحْتُك أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ قَالَ السَّيِّدُ إلَخْ) فَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَكَالظَّهْرِ الْيَدُ وَالرِّجْلُ إلَخْ) إنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ بِالذِّكْرِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ كَالْكَبِدِ وَالْقَلْبِ لَا يَكُونُ بِذِكْرِهَا مُظَاهِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الرَّوْنَقِ وَاللُّبَابِ د. (قَوْلُهُ وَسَائِرُ الْأَجْزَاءِ) هَذَا فِي الْأَجْزَاءِ الظَّاهِرَةِ أَمَّا الْبَاطِنَةُ كَالْقَلْبِ وَالْكَبِدِ فَلَا فَيُنْظَرُ ذَلِكَ وَيُتَأَمَّلُ وَفِيمَا إذَا أَضَافَ إلَى مَا يَنْفَصِلُ كَالْمَنِيِّ وَاللَّبَنِ وَجْهَانِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا وَقَوْلُهُ أَمَّا الْبَاطِنَةُ كَالْقَلْبِ وَالْكَبِدِ فَلَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَذَا قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ فِي تَعْلِيقُهُ الْحَدَّ الْجَامِعَ الْفَاصِل فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ تَصِحُّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ كَانَ ظِهَارًا. (قَوْلُهُ إلَّا مَا احْتَمَلَ الْكَرَامَةَ كَأُمِّي إلَخْ) وَقَعَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا حُرِّمَتْ أُمِّي فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الظِّهَارِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ كَأُمِّي كِنَايَةٌ وَقَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كِنَايَةٌ، فَإِنْ نَوَاهَا صَارَ مُظَاهِرًا (قَوْلُهُ وَرُوحُهَا) أَيْ وَحَيَاتُهَا (قَوْلُهُ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا إلَّا بِنِيَّةٍ) بِأَنْ يَنْوِيَ أَنَّهَا كَظَهْرِ أُمِّهِ فِي التَّحْرِيمِ وَالْمُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الظَّهْرِ مِمَّا يَصِيرُ بِهِ مُظَاهِرًا إذَا ذَكَرَهُ كَالظَّهْرِ. (قَوْلُهُ إذْ كُلُّ تَصَرُّفٍ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّهِ إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْإِيلَاءُ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَلَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ الْمَحَلِّ إلَّا الْفَرْجَ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا تُسْتَدْرَكُ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ صِحَّةُ الْإِضَافَةِ إلَى الْبَعْضِ فِي الْجُمْلَةِ لَا فِي جَمِيعِ آحَادِهِ وَالْإِيلَاءُ يُضَافُ إلَى بَعْضٍ خَاصٍّ وَاسْتِدْرَاكُ الْبَازِرِيِّ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا وَلَا يَصِحُّ أَنْ تُضَافَ إلَى بَعْضِ الْمَحَلِّ ذَكَرَهُ فِي التَّمْيِيزِ وَيُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ الْكَفَالَةُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا وَيَصِحُّ أَنْ تُضَافَ إلَى بَعْضِ الْمَحَلِّ عَلَى خِلَافٍ فِيهَا وَالتَّدْبِيرُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، وَلَوْ قَالَ دَبَّرْت يَدَك أَوْ رِجْلَك لَمْ يَصِحَّ التَّدْبِيرُ عَلَى وَجْهٍ وَالْإِبْرَاءُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ لِلدَّمِ عَفَوْت عَنْ بَعْضِ دَمِك فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْبَعْضِ مِنْهُ كَالْعَفْوِ عَنْ الْكُلِّ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَالْقَذْفُ فَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت زَانٍ لَا يَكُونُ قَذْفًا، وَلَوْ قَالَ زَنَى قُبُلُك كَانَ قَاذِفًا. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ) (قَوْلُهُ لِطُرُوءِ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ) وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ إرَادَةَ الْحَالَةِ الَّتِي كَانَتْ حَلَالًا فِيهَا (قَوْلُهُ وَكَالْمَوْلُودَةِ بَعْدَهُ الْمَوْلُودَةُ مَعَهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بِأَنَّا لَوْ لَمْ نَحْمِلْهُ عَلَى التَّعْرِيفِ إلَخْ) وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ النُّحَاةِ إنَّ الصِّفَةَ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلتَّوْضِيحِ نَحْوَ زَيْدٌ الْعَالِمُ وَفِي النَّكِرَةِ لِلتَّخْصِيصِ نَحْوَ مَرَرْت بِرَجُلٍ فَاضِلٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 الصِّفَةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ) أَيْ التَّلَفُّظَ بِالظِّهَارِ فَيَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْهَا لِوُجُودِ الصِّفَةِ (كَالتَّعْلِيقِ) لِلظِّهَارِ مَثَلًا (بِبَيْعِ الْخَمْرِ) فِي أَنَّهُ إذَا أَتَى بِلَفْظِ بَيْعِهَا لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا تَنْزِيلًا لِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ عَلَى الصَّحِيحَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّلَفُّظَ بِبَيْعِهَا فَيَكُونُ مُظَاهِرًا (وَكَذَا قَوْلُهُ إنْ تَظَاهَرْت مِنْ فُلَانَةَ أَجْنَبِيَّةً أَوْ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ) فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَا يَكُونُ بِهِ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ سَوَاءٌ أَخَاطَبَهَا بِلَفْظِ الظِّهَارِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا أَمْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ الْمُظَاهَرَةِ مِنْهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّلَفُّظَ بِظِهَارِهَا فَيَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِاسْتِثْنَاءِ إرَادَةِ التَّلَفُّظِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ الظِّهَارَ بِدُخُولِهَا الدَّارَ فَدَخَلَتْ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ نَاسٍ فَمُظَاهِرٌ) مِنْهَا كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِدُخُولِهَا وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ النِّسْيَانُ وَالْجُنُونُ فِي فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَى فِعْلِهِ (وَلَا عَوْدَ) مِنْهُ (حَتَّى يُفِيقَ) مِنْ جُنُونِهِ (أَوْ يَتَذَكَّرَ) أَيْ يَتَذَكَّرَ بَعْدَ نِسْيَانِهِ (ثُمَّ يُمْسِكَ) الْمُظَاهِرُ مِنْهَا زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَلَمْ يُطَلِّقْ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ هُنَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَسَبَبُهُ سُقُوطُ لَفْظَةِ لَا مِنْهُ. [فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي] (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِنْ أَفْرَدَ قَصْدَ كُلٍّ) مِنْهُمَا (بِلَفْظِهِ) بِأَنْ قَصَدَ بِأَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ وِبِكَظَهْرِ أُمِّي الظِّهَارَ (وَالطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَقَعَا) أَيْ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ لِصِحَّةِ ظِهَارِ الرَّجْعِيَّةِ مَعَ صَلَاحِيَّةِ قَوْلِهِ كَظَهْرِ أُمِّي لَأَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِيهِ فَإِنَّهُ إذَا قَصَدَهُ قُدِّرَتْ كَلِمَةُ الْخِطَابِ مَعَهُ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي (وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ) شَيْئًا (أَوْ قَصَدَ بِاللَّفْظَيْنِ) أَيْ بِمَجْمُوعِهِمَا (أَحَدَهُمَا) أَيْ الطَّلَاقَ أَوْ الظِّهَارَ (أَوْ كِلَاهُمَا) بِلُغَةِ إجْرَائِهِ مَجْرَى الْمَقْصُورِ (أَوْ) قَصَدَ (بِلَفْظِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (الْآخَرَ) بِأَنْ قَصَدَ الظِّهَارَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَالطَّلَاقُ بِكَظَهْرِ أُمِّي (وَقَعَ الطَّلَاقُ) لِإِتْيَانِهِ بِصَرِيحِ لَفْظِهِ (وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الظِّهَارِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ ظِهَارٌ فِي أَجْنَبِيَّةٍ وَأَمَّا فِي تَالِيَتِهَا فَلِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ لَفْظِهِ مَعَ عَدَمِ قَصْدِهِ وَأَمَّا فِي الْبَقِيَّةِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ وَلَفْظُ الطَّلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الظِّهَارِ وَعَكْسُهُ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إذَا خَرَجَ كَظَهْرِ أُمِّي عَنْ الصَّرَاحَةِ وَقَدْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَتْ الْأُولَى رَجْعِيَّةً (وَإِنْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ وَأَرَادَهُمَا) أَيْ الظِّهَارَ وَالطَّلَاقَ (حَصَلَا وَلَا عَوْدَ) ؛ لِأَنَّهُ عَقِبَ الظِّهَارِ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ رَاجَعَ كَانَ عَائِدًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (وَإِنْ أَطْلَقَ فَمُظَاهِرٌ وَفِي) وُقُوعِ (الطَّلَاقِ وَجْهَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مُخَاطَبَةٌ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي عَكْسِهِ تَرْجِيحُ عَدَمِ وُقُوعِهِ فِي هَذِهِ وَتَقْيِيدُ وُقُوعِهَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا بِمَا إذَا أَرَادَ الظِّهَارَ بِأَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي وَالطَّلَاقُ بِطَالِقٍ، فَإِنْ أَرَادَهُمَا بِالْمَجْمُوعِ فَلَا يَقَعُ إلَّا الظِّهَارُ، وَكَذَا إنْ أَرَادَ بِهِ أَحَدَهُمَا أَوْ أَرَادَ الطَّلَاقَ بِأَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي وَالظِّهَارَ بِطَالِقٍ (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى بِمَجْمُوعِهِ الظِّهَارِ فَظِهَارٌ) لِأَنَّ لَفْظَ الْحَرَامِ ظِهَارٌ مَعَ النِّيَّةِ فَمَعَ اللَّفْظِ وَالنِّيَّةِ أَوْلَى (وَإِنْ نَوَى) بِهِ (الطَّلَاقَ فَطَلَاقٌ) لِأَنَّ لَفْظَ الْحَرَامِ مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ كَصَرِيحِهِ (وَلَوْ أَرَادَهُمَا بِمَجْمُوعِهِ أَوْ بِقَوْلِهِ أَنْتِ) عَلَيَّ (حَرَامٌ تَخَيَّرَ) أَيْ اخْتَارَ (أَحَدَهُمَا) فَيَثْبُتُ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعَا جَمِيعًا لِتَعَذُّرِ جَعْلِهِ لَهُمَا لِاخْتِلَافِ مُوجَبِهِمَا (وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الطَّلَاقَ وَبِالْآخَرِ الظِّهَارَ وَهُوَ) أَيْ الطَّلَاقُ (رَجْعِيٌّ حَصَلَا) لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَحْدَهُ (وَإِنْ عَكَسَ) بِأَنْ أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الظِّهَارَ وَبِالْآخَرِ الطَّلَاقَ (فَالظِّهَارُ) يَقَعُ (وَحْدَهُ) إذْ الْآخَرُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ الطَّلَاقِ لِصَرَاحَتِهِ فِي الظِّهَارِ كَذَا عَلَّلَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّةُ بَقَائِهِ عَلَى صَرَاحَتِهِ تَعَيُّنُ الظِّهَارِ فِيمَا إذَا أَرَادَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا كَمَا مَرَّ مَعَ أَنَّ بَقَاءَهُ عَلَى صَرَاحَتِهِ يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِهَا (وَكَذَا) يَقَعُ الظِّهَارُ (وَحْدَهُ لَوْ أَطْلَقَ) لِأَنَّ لَفْظَ الْحَرَامِ ظِهَارٌ مَعَ النِّيَّةِ فَمَعَ اللَّفْظِ أَوْلَى وَأَمَّا عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَلِعَدَمِ صَرِيحِ لَفْظِهِ وَنِيَّتِهِ (وَلَوْ أَرَادَ بِالتَّحْرِيمِ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ) تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهَا مُقْتَضَاهُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ كَظَهْرِ أُمِّي تَأْكِيدًا لِلتَّحْرِيمِ فَلَا يَكُونُ ظِهَارًا كَمَا قَالَ (وَلَا ظِهَارَ إلَّا إنْ نَوَاهُ بِالثَّانِي) وَهُوَ كَظَهْرِ أُمِّي (وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظُ التَّحْرِيمِ) عَنْ لَفْظِ الظِّهَارِ فَقَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي حَرَامٌ (فَمُظَاهِرٌ) لِصَرِيحِ لَفْظِ الظِّهَارِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ) لِأَنَّهُ إنْ ظَاهَرَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ نَكَحَهَا لَمْ تَكُنْ أَجْنَبِيَّةً أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّ الظِّهَارُ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ الْخَمْرَ فَبَاعَهُ لَمْ يَحْنَثْ تَنْزِيلًا لِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ عَلَى الصَّحِيحِ. [فَرْعٌ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِدُخُولِهَا الدَّارَ فَدَخَلَتْ وَهُوَ مَجْنُونٌ] (قَوْلُهُ بِأَنْ قَصَدَ بِأَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ) أَيْ أَوْ طَلَّقَ (قَوْلُهُ وِبِكَظَهْرِ أُمِّي الظِّهَارَ أَوْ نَوَى بِهِمَا ظِهَارًا) أَوْ نَوَى بِكُلٍّ مِنْهُمَا ظِهَارًا، وَلَوْ مَعَ الطَّلَاقِ أَوْ نَوَى بِالْأَوَّلِ غَيْرَهُمَا وَبِالثَّانِي ظِهَارًا، وَلَوْ مَعَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ قَصَدَ بِلَفْظِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ وَكَتَبَ أَيْضًا أَوْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ أَوْ نَوَاهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا بِالْأَوَّلِ وَنَوَى بِالثَّانِي طَلَاقًا أَوْ طَلَّقَ الثَّانِيَ وَنَوَى الْأَوَّلَ مَعْنَاهُ أَوْ مَعْنَى الْآخَرِ أَوْ مَعْنَاهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ الْأَوَّلَ وَنَوَاهُ بِالثَّانِي أَوْ نَوَى بِهِمَا أَوْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بِالثَّانِي غَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا غَيْرَ الَّذِي أَوْقَعَهُ وَكَلَامُهُمْ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ ذَلِكَ ش هَذَا كَلَامٌ مَرْدُودٌ وَيُجَابُ عَنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ إذَا نَوَى بِكَظَهْرِ أُمِّي الطَّلَاقَ قُدِّرَتْ كَلِمَةُ الْخِطَابِ مَعَهُ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي وَحِينَئِذٍ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الظِّهَارِ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي عَكْسِهِ تَرْجِيحُ عَدَمِ وُقُوعِهِ فِي هَذِهِ) هُوَ الْأَصَحُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 وَيَكُونُ قَوْلُهُ حَرَامٌ تَأْكِيدًا سَوَاءٌ أَنَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا فَيَدْخُلُ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى فِي مُقْتَضَى الظِّهَارِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى أَمْ أَطْلَقَ بِقَرِينَةٍ قَوْلُهُ (إلَّا إنْ نَوَى بِهِ) أَيْ بِلَفْظِ التَّحْرِيمِ (الطَّلَاقَ فَيَقَعَانِ وَلَا عَوْدَ) لِتَعْقِيبِهِ الظِّهَارَ بِالطَّلَاقِ وَلَوْ قَالَ أَنْت مِثْلُ أُمِّي أَوْ كَرُوحِهَا أَوْ عَيْنِهَا وَنَوَى الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ صَرِيحَ ظِهَارٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ) أَيْ الظِّهَارِ (وَلِلظِّهَارِ حُكْمَانِ الْأَوَّلُ يَحْرُمُ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ) لَهُ (وَطْءٌ) مِنْ الْمُظَاهِرِ (حَتَّى يُكَفِّرَ بِالْإِطْعَامِ أَوْ غَيْرِهِ) مِمَّا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ التَّكْفِيرَ فِي الْآيَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ حَيْثُ قَالَ فِي الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِي الْإِطْعَامِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَوَاقَعَهَا لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ» وَيُرْوَى اعْتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ وَهَذَا فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ، أَمَّا الْمُؤَقَّتُ فَحَتَّى يُكَفِّرَ أَوْ تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ مِمَّا سَيَأْتِي. (وَهِيَ) أَيْ الْمُظَاهَرُ مِنْهَا (فِي سَائِرِ) أَنْوَاعِ (الِاسْتِمْتَاعِ كَالْحَائِضِ) فَيَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِهَا بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مَعْنًى لَا يَحِلُّ بِالْمِلْكِ كَالْحَيْضِ وَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ كَالْحَائِضِ مِنْ تَرْجِيحِ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَنْ الْإِمَامِ وَرَجَّحَهُ فِي الصَّغِيرِ. (الْحُكْمُ الثَّانِي وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ) عَلَى الْمُظَاهِرِ (بِالْعَوْدِ وَهُوَ) فِي غَيْرِ الرَّجْعِيَّةِ (أَنْ يُمْسِكَهَا) فِي النِّكَاحِ وَالظِّهَارِ غَيْرَ مُؤَقِّتٍ (زَمَانًا يُمْكِنُهُ مُفَارِقَتُهَا فِيهِ) قَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] الْآيَةَ وَالْعَوْدُ لِلْقَوْلِ مُخَالَفَتُهُ يُقَالُ قَالَ فُلَانٌ قَوْلًا، ثُمَّ عَادَ لَهُ وَعَادَ فِيهِ أَيْ خَالَفَهُ وَنَقَضَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِمْ عَادَ فِي هِبَتِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَوْدِ إلَى الْقَوْلِ فَإِنَّهُ قَوْلٌ مِثْلُهُ وَمَقْصُودُ الظِّهَارِ وَصْفُ الْمَرْأَةِ بِالتَّحْرِيمِ وَإِمْسَاكُهَا يُخَالِفُهُ وَهَلْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ أَوْ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدُ شَرْطٌ أَوْ بِالْعُودِ؛ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ؟ أَوْجُهٌ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ بِلَا تَرْجِيحٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ الْمُوَافِقُ لِتَرْجِيحِهِمْ أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ تَجِبُ بِالْيَمِينِ وَالْحِنْثِ جَمِيعًا (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَقِبَهُ) أَيْ الظِّهَارِ (أَوْ فُسِخَ) النِّكَاحُ بِسَبَبِهِ أَوْ بِسَبَبِهَا (بِمَا يَقْتَضِيهِ) أَيْ الْفَسْخَ أَوْ انْفَسَخَ (أَوْ جُنَّ الزَّوْجُ أَوْ طَلَّقَ بَائِنًا، وَإِنْ جَدَّدَ أَوْ رَجْعِيًّا وَلَمْ يُرَاجِعْ أَوْ ارْتَدَّ) أَحَدُهُمَا (قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَصَرَّ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ) فَلَا عَوْدَ لِعَدَمِ إمْسَاكِهَا فِي النِّكَاحِ فِي غَيْرِ الْجُنُونِ وَتَعَذُّرِ الْفُرْقَةِ فِي الْجُنُونِ (وَلَا كَفَّارَةَ) لِعَدَمِ الْعَوْدِ (وَكَذَا) لَا عَوْدَ وَلَا كَفَّارَةَ (لَوْ لَاعَنَهَا أَوْ اشْتَرَاهَا مُتَّصِلًا) بِالظِّهَارِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ عَلَى الْقَبُولِ فِي الشِّرَاءِ لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ بِمَجْمُوعِهَا مُوجِبَةٌ لِلْفُرْقَةِ فَإِذَا اشْتَغَلَ بِمُوجَبِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ طُولُهُ بِدَلِيلِ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ يَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ أَنْتِ طَالِقٌ بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ طَلَّقْتُك، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ أَقْصَرَ (وَتَخَلُّلُ الْمُسَاوِمَةِ) وَنَحْوِهَا مِنْ أَسْبَابِ الشِّرَاءِ كَتَقْرِيرِ الثَّمَنِ بَيْنَ الظِّهَارِ وَالْفُرْقَةِ (وَالْقَذْفِ) بِلَا نِدَاءٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (وَإِثْبَاتُهُ لَا كَلِمَاتُ اللِّعَانِ عَوْدٌ) لِأَنَّهُ مُمْسِكٌ إلَى فَرَاغِهِ مِنْ ذَلِكَ قَادِرٌ عَلَى الْفُرْقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ ذَلِكَ لِلظِّهَارِ بِخِلَافِ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ؛ لِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ لِلْفُرْقَةِ كَمَا مَرَّ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا لِعِلْمِهَا مِنْ قَوْلِهِ. وَكَذَا لَوْ لَاعَنَهَا (فَإِنْ قَالَ) عَقِبَ الظِّهَارِ (طَلَّقْتُك بِأَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلْ) هِيَ (فَطَلَّقَهَا فَوْرًا) بِلَا عِوَضٍ (فَلَا عَوْدَ) لِاشْتِغَالِهِ بِسَبَبِ الْفُرْقَةِ (وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا) عَقِبَ الظِّهَارِ بِصِفَةٍ (فَعَائِدٌ) لِأَنَّهُ أَخَّرَ الطَّلَاقَ مَعَ إمْكَانِ التَّعْجِيلِ فَكَانَ مُمْسِكًا لَهَا إلَى وُجُودِ الصِّفَةِ (لَا إنْ عَلَّقَهُ) بِصِفَةٍ كَدُخُولِهِ الدَّارَ (ثُمَّ ظَاهَرَ وَأَرْدَفَهُ بِالصِّفَةِ) فَلَا يَكُونُ عَائِدًا لِتَحَقُّقِ الْفُرْقَةِ (فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَا زَانِيَةُ أَنْت طَالِقٌ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ) بَيْنَ أَنْت طَالِقٌ وَمَا قَبْلَهُ (لِعَانٌ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا) وَيَكُونُ قَوْلُهُ يَا زَانِيَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ (كَقَوْلِهِ يَا زَيْنَبُ) أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَنْعِ الْعَوْدِ، فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا لِعَانٌ كَانَ عَائِدًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا وَقِيلَ يَكُونُ عَائِدًا لِاشْتِغَالِهِ بِالْقَذْفِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ [فَصْلٌ رَجْعَةُ مَنْ طَلُقَتْ وَلَوْ قَبْلَ الظِّهَارِ] (فَصْلٌ رَجْعَةُ مَنْ طَلُقَتْ وَلَوْ قَبْلَ الظِّهَارِ عَوْدٌ) سَوَاءٌ أَمْسَكَهَا بَعْدَهَا أَمْ لَا (لَا إسْلَامُ الْمُرْتَدِّ) عَقِبَ الظِّهَارِ فِي الْعَبْدِ فَلَيْسَ عَوْدًا (حَتَّى يُمْسِكَهَا) بَعْدَهُ فَيَكُونَ الْإِمْسَاكُ عَوْدًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجْعَةَ إمْسَاكٌ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي] قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَنْت مِثْلُ أُمِّي أَوْ كَرُوحِهَا إلَخْ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. [الْبَابُ الثَّانِي حُكْم الظِّهَارِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ) (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِهَا) يَعْنِي بِهِ الْمُبَاشَرَةَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِمَ لَا يُفَرَّقْ بَيْنَ مَنْ تُحَرِّكُ الْقُبْلَةُ أَوْ نَحْوُهَا شَهْوَتَهُ وَغَيْرِهِ كَمَا سَبَقَ فِي الصَّوْمِ؟ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمْتَعَ لَوَطِئَ لِشَبَقِهِ وَرِقَّةِ تَقْوَاهُ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يُمْسِكَهَا زَمَنًا يُمْكِنُهُ مُفَارَقَتُهَا فِيهِ) كَأَنْ يَشْرَعَ فِي إيجَارِهَا لَبَنًا تَحْرُمُ بِهِ عَلَيْهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ. (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَاهَا مُتَّصِلًا) لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالشِّرَاءِ بَلْ الْمُرَادُ مِلْكُهَا وَهَذَا إذَا مَلَكَهَا بِغَيْرِ الْإِرْثِ مُتَّصِلًا بِالظِّهَارِ (قَوْلُهُ لَا إنْ عَلَّقَهُ، ثُمَّ ظَاهَرَ وَأَرْدَفَهُ بِالصِّفَةِ إلَخْ) إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدُخُولِ الدَّارِ، ثُمَّ ظَاهَرَ وَبَادَرَ بِالدُّخُولِ وَلَكِنْ كَانَتْ الدَّارُ بَعِيدَةً فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَائِدٌ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ بَادَرَ بِالدُّخُولِ عَقِبَ الظِّهَارِ فَلَا عَوْدَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَتْ الدَّارُ بَعِيدَةً فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ قَبْلَ الظِّهَارِ فَهَلْ نَقُولُ لَا يَكُونُ عَائِدًا لِاشْتِغَالِهِ بِأَسْبَابِ الْفِرَاقِ أَوْ نَقُولُ يَكُونُ عَائِدًا لَا سِيَّمَا مَعَ إفْرَاطِ الْبُعْدِ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَكُونُ عَائِدًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ وَالْإِسْلَامُ بَعْدَ الرِّدَّةِ تَبْدِيلٌ لِلدِّينِ الْبَاطِلِ بِالْحَقِّ وَالْحِلُّ تَابِعٌ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ إمْسَاكٌ (وَإِنْ ظَاهَرَ فِي الْكُفْرِ فَأَسْلَمَا مَعًا أَوْ) أَسْلَمَ (هُوَ وَهِيَ كِتَابِيَّةٌ فَهُوَ عَائِدٌ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ) وَتَخَلَّفَ هُوَ (أَوْ أَسْلَمَ هُوَ وَهِيَ وَثَنِيَّةٌ) أَوْ نَحْوَهَا (قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَجْتَمِعَا) إسْلَامًا (فِي الْعِدَّةِ فَلَا) يَكُونُ عَائِدُ الِارْتِفَاعِ النِّكَاحَ (إنْ أَسْلَمَا فِي الْعِدَّةِ) مُرَتَّبًا (وَتَأَخَّرَ إسْلَامُهُ) عَنْ إسْلَامِهَا (فَالْإِمْسَاكُ) لَهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ (عَوْدٌ أَوْ) تَأَخَّرَ (إسْلَامُهَا) عَنْ إسْلَامِهِ (وَعُلِمَ بِهِ) أَيْ بِإِسْلَامِهَا (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَإِمْسَاكُهَا بَعْدَهُ عَوْدٌ (وَلَيْسَ مُجَرَّدُ الْإِسْلَامِ) مِنْ أَحَدِهِمَا (عَوْدًا) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ. [فَصْلٌ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ] (فَصْلٌ) لَوْ (عَلَّقَ الظِّهَارَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ فَفَعَلَ لَمْ يَصِرْ عَائِدًا بِالْإِمْسَاكِ قَبْلَ عِلْمِهِ) بِالْفِعْلِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ (أَوْ) عَلَّقَ (بِفِعْلِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ ذَاكِرًا) لِلتَّعْلِيقِ (ثُمَّ نَسِيَ) الظِّهَارَ عَقِبَ ذَلِكَ (فَأَمْسَكَهَا نَاسِيًا) لَهُ (صَارَ عَائِدًا) إذْ نِسْيَانُهُ الظِّهَارَ عَقِبَ فِعْلِهِ عَالِمًا بِهِ بَعِيدٌ نَادِرٌ وَقِيلَ يَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِي حَنِثَ النَّاسِي قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ أَحْسَنُ بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ وَاعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ مَا اسْتَحْسَنَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ انْعِقَادُ الظِّهَارِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعَلِّقُ بِفِعْلِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ وَبِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَعَلَّلَهُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ لَكِنَّ قِيَاسَ تَشْبِيهِهِ بِالطَّلَاقِ أَنْ يُعْطَى حُكْمَهُ فِيمَا مَرَّ فِيهِ. (فَصْلٌ إذَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ فَمَاتَا) أَيْ الزَّوْجَانِ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا (أَوْ أَبَانَهَا) أَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ فُسِخَ النِّكَاحُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (لَمْ تَسْقُطْ) أَيْ الْكَفَّارَةُ لِاسْتِقْرَارِهَا كَالدَّيْنِ لَا يَسْقُطُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ (وَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا) بَعْدَ إبَانَتِهَا (بَقِيَ التَّحْرِيمُ) لِلْوَطْءِ (مَا لَمْ يُكَفِّرْ، وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا) بَعْدَ إبَانَتِهَا لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ. [فَصْلٌ تَوْقِيتُ الظِّهَارِ] (فَصْلٌ يَصِحُّ تَوْقِيتُهُ) أَيْ الظِّهَارِ كَالطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ يَقَعُ مُؤَبَّدًا وَالظِّهَارُ يَقَعُ مُؤَقَّتًا مِمَّا سَيَأْتِي وَلِأَنَّ «سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ حَتَّى انْسَلَخَ رَمَضَانُ فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُ بِالتَّكْفِيرِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ (فَإِذَا قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً صَارَ مُظَاهِرًا) مِنْهَا ظِهَارًا مُؤَقَّتًا عَمَلًا بِلَفْظِهِ وَتَغْلِيبًا لِشَبَهِ الْيَمِينِ عَلَى شَبَهِ الطَّلَاقِ (وَيَصِيرُ مُولِيًا) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ وَطْئِهَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَوْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ لِلْإِيلَاءِ وَكَفَّارَةٌ لِلظِّهَارِ لِلْعَوْدِ فَإِنَّهُ فِي الْمَوْقِتِ بِالْوَطْءِ مِمَّا سَيَأْتِي جَزَمَ بِذَلِكَ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُمَا وَعَنْ الْبَارِزِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فَقَطْ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إذْ لَا يَمِينَ وَيُوَجَّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ ذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْيَمِينِ كَمَا فِي أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ سَنَةً وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ لُزُومُ كَفَّارَةِ الْإِيلَاءِ عَلَى الْوَطْءِ (وَلَا يَصِيرُ عَائِدًا إلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ) الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مُؤَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِمْسَاكُ لِمَا بَعْدَ الْمُدَّةِ لَا لِلْوَطْءِ فِيهَا فَلَا يَقَعُ مُخَالِفًا لِلْوَصْفِ بِالتَّحْرِيمِ (وَلَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ) لِأَنَّ الْعَوْدَ الْمُوجَبَ لِلْكَفَّارَةِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ (بَلْ يَجِبُ النَّزْعُ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ) كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَاسْتِمْرَارُ الْوَطْءِ وَطْءٌ (ثُمَّ) بَعْدَ النَّزْعِ (يَحْرُمُ) الْوَطْءُ (حَتَّى يُكَفِّرَ أَوْ تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ، ثُمَّ) إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُكَفِّرْ (يَحِلُّ) الْوَطْءُ لِارْتِفَاعِ الظِّهَارِ (وَتَبْقَى الْكَفَّارَةُ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطَأْ فَلَا كَفَّارَةَ) لِذَلِكَ فَالظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ يُخَالِفُ الْمُطْلَقَ فِي أَنَّ الْعَوْدَ فِيهِ بِالْوَطْءِ وَفِي أَنَّ الْوَطْءَ الْأَوَّلَ مُبَاحٌ وَفِي أَنَّ التَّحْرِيمَ بَعْدَ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ يَمْتَدُّ إلَى التَّكْفِيرِ أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (فَرْعٌ لَوْ وَقَّتَ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا) كَقَوْلِهِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ شَهْرًا أَوْ سَنَةً وَنَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ أَطْلَقَ (صَحَّ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) [فَصْلٌ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ] (فَصْلٌ) لَوْ (ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ) كَقَوْلِهِ لَهُنَّ أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ) بِعَدَدِ مَنْ حَصَلَ فِيهِ الْعُودُ فَالظِّهَارُ مُتَعَدِّدٌ كَمَا لَوْ طَلَّقَهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا الطَّلَاقُ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ جَمَاعَةً فَكَلَّمَهُمْ لَا تَجِبُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفُرِّقَ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ ثَمَّ بِالْحِنْثِ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِتَكْلِيمِ الْجَمِيعِ وَهُنَا إنَّمَا تَجِبُ بِالْعَوْدِ وَالْعَوْدُ يَحْصُلُ بِإِمْسَاكِ وَاحِدَةٍ كَمَا يَحْصُلُ بِإِمْسَاكِ الْجَمِيعِ (أَوْ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَظِهَارُ كُلٍّ) مِنْهُنَّ (عَوْدٌ فِيمَنْ قَبْلَهَا) فَيَصِيرُ بِظِهَارِ الثَّانِيَةِ عَائِدًا فِي الْأُولَى وَبِظِهَارِ الثَّالِثَةِ عَائِدًا فِي الثَّانِيَةِ وَبِظِهَارِ الرَّابِعَةِ عَائِدًا فِي الثَّالِثَةِ (وَعَوْدُ الرَّابِعَةِ الْإِمْسَاكُ) لَهَا فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ] قَوْلُهُ فَفَعَلَهُ ذَاكِرًا، ثُمَّ نَسِيَ) فَأَمْسَكَهَا نَاسِيًا مِنْ زِيَادَتِهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ قِيَاسَ تَشْبِيهِهِ بِالطَّلَاقِ أَنْ يُعْطَى حُكْمُهُ فِيمَا مَرَّ فِيهِ) هُوَ كَذَلِكَ وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي عَلَى إذَا لَمْ يَقْصِدْ إعْلَامَهُ. [فَصْلٌ إذَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ فَمَاتَا] (قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ حَلِفٌ كَأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا خَلَا عَنْهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَحْرُمُ الْوَطْءُ حَتَّى يُكَفِّرَ أَوْ تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ) لَوْ قَيَّدَ الظِّهَارَ بِمَكَانٍ فَهَلْ هُوَ كَالزَّمَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ الْمَكَانِ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا فِي ذَلِكَ الظِّهَارِ إلَّا بِالْوَطْءِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَمَتَى وَطِئَهَا فِيهِ حُرِّمَ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا حَتَّى يُكَفِّرَ. اهـ. مَا قَالَهُ ظَاهِرٌ إلَّا قَوْلَهُ وَمَتَى وَطِئَهَا فِيهِ حُرِّمَ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنَّهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُوَقِّتِ بِالزَّمَانِ، وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَنَّهُ إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَمْ يَحْرُمْ فَكَذَا فِي الْمَكَانِ لَا يَحْرُمُ إذَا كَانَ فِي غَيْرِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 لَمْ تَكُنْ الْكَلِمَاتُ مُتَوَالِيَاتٍ لَمْ يَخْفَ حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ. [فَرْعٌ كَرَّرَ لَفْظ الظِّهَارِ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَفَرَّقَهُ] (فَرْعٌ) لَوْ (كَرَّرَ لَفْظَ الظِّهَارِ) فِي امْرَأَةٍ (وَاحِدَةٍ وَفَرَّقَهُ تَعَدَّدَ) الظِّهَارُ (وَلَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ) بِغَيْرِ الْأَوَّلِ تَغْلِيبًا لِشَبَهِ الطَّلَاقِ (لَا إنْ وَالَاهُ) فَلَا يَتَعَدَّدُ (وَلَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَنْوِ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِي نَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ بِإِزَالَتِهِ الْمِلْكَ وَلِأَنَّ لَهُ عَدَدًا مَحْصُورًا أَوْ الزَّوْجُ مَالِكٌ لَهُ فَإِذَا كَرَّرَهُ فَالظَّاهِرُ انْصِرَافُهُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ (إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ) فَيَتَعَدَّدُ (وَالتَّكَرُّرُ لَيْسَ بِعَوْدٍ) لِأَنَّ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَةَ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ فَلَوْ فَارَقَ عَقِبَهَا لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ (إلَّا إنْ تَعَدَّدَ بِهِ الظِّهَارُ) بِأَنْ نَوَى بِهِ الِاسْتِئْنَافَ فَيَكُونُ عَوْدًا. (فَرْعٌ) لَوْ (كَرَّرَ تَعْلِيقَ الظِّهَارِ بِالدُّخُولِ) فَقَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَكَرَّرَهُ مِرَارًا (بِنِيَّةِ التَّأْكِيدِ لَمْ يَتَعَدَّدْ، وَإِنْ فَرَّقَهُ) فِي مَجَالِسَ (أَوْ) كَرَّرَهُ (بِنِيَّةِ الِاسْتِئْنَافِ تَعَدَّدَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ فَرَّقَهُ أَمْ لَا (وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَاتُ) كُلُّهَا بِعَوْدٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا عَقِبَ الدُّخُولِ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ (وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَنَظَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِالظِّهَارِ الْمُنَجَّزِ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ وَأَطْلَقَ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَتَمَكَّنَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّزَوُّجِ (تَوَقَّفَ الظِّهَارُ عَلَيَّ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) قَبْلَ التَّزَوُّجِ لِيَحْصُلَ الْيَأْسُ مِنْهُ (لَكِنْ لَا عَوْدَ) لِوُقُوعِ الظِّهَارِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ فَلَمْ يَحْصُلْ إمْسَاكٌ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَقْدِيرِ حُصُولِهِ عَقِبَ الظِّهَارِ، أَمَّا إذَا تَزَوَّجَ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّزْوِيجِ بِأَنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَقِبَ الظِّهَارِ فَلَا ظِهَارَ وَلَا عَوْدَ وَالْفَسْخُ وَجُنُونُ الزَّوْجِ الْمُتَّصِلَانِ بِالْمَوْتِ كَالْمَوْتِ وَبِالثَّانِي صَرَّحَ الْأَصْلُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا بِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِخِلَافِهِ بِصِيغَةِ إذَا لَمْ) بِأَنْ قَالَ إذَا لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُظَاهِرًا بِإِمْكَانِ التَّزَوُّجِ) عَقِبَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ إنْ، وَإِذَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الطَّلَاقِ (فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِصِفَةٍ وَكَفَّرَ قَبْلَ وُجُودِهَا أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ كَفَّارَتِهِ بِوُجُودِهَا) أَيْ الصِّفَةِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبَبَيْنِ كَتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ وَالنِّصَابِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا (فَإِنْ كَفَّرَ بَعْدَ الظِّهَارِ وَقَبْلَ الْعَوْدِ أَوْ مَعَهُ جَازَ) لِتَأَخُّرِهِ عَنْ أَحَدِ السَّبَبَيْنِ وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِي تَعْلِيقِ الْإِيلَاءِ كَمَا ذَكَرَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك وَكَفَّرَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يُجْزِئُهُ) لِمَا مَرَّ. [فَرْع ظَاهَرَ أَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فَقَالَ لِسَيِّدِهَا أَعْتِقْهَا عَنْ ظِهَارِي] (فَرْعٌ) لَوْ (ظَاهَرَ أَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ) الْأَمَةِ (فَقَالَ لِسَيِّدِهَا) وَلَوْ قَبْلَ الْعَوْدِ (أَعْتِقْهَا عَنْ ظِهَارِي أَوْ إيلَائِي) أَوْ كَفَّارَةٍ أُخْرَى عَلَيَّ (فَفَعَلَ عَتَقَتْ عَنْهُ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِأَنَّ إعْتَاقَهَا عَنْهُ يَتَضَمَّنُ تَمْلِيكَهَا لَهُ (وَإِنْ مَلَكَ مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا وَأَعْتَقَهَا عَنْهُ) أَيْ عَنْ ظِهَارِهِ (جَازَ) حَتَّى لَوْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً، ثُمَّ نَقَضَتْ الْعَهْدَ وَاسْتُرِقَّتْ وَمَلَكَهَا فَأَسْلَمَتْ فَأَعْتَقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ أَجْزَأَهُ وَبِهَذَا صَوَّرَ الْأَصْلُ فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ [كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ] (كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ) مِنْ الْكُفْرِ وَهُوَ السَّتْرُ؛ لِأَنَّهَا تَسْتُرُ الذَّنْبَ (وَيَدْخُلُ الْعِتْقُ بِهَا فِي نَوْعَيْنِ الْأَوَّلُ) الْكَفَّارَةُ (تَرْتِيبًا) بِنَصْبِهِ تَمْيِيزًا (وَهُوَ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَالْجِمَاعِ) فِي نَهَارِ رَمَضَانَ (وَالثَّانِي) الْكَفَّارَةُ (تَخْيِيرًا وَهُوَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ) وَمُعْظَمُ الْمَقْصُودِ هُنَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَشْيَاءُ مِنْ غَيْرِهَا وَالْبَقِيَّةُ مُوَضَّحَةٌ فِي أَبْوَابِهَا. (فَصْلٌ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ) لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (مُقَارِنَةً لِلْعِتْقِ أَوْ تَعْلِيقِهِ أَوْ الْإِطْعَامِ) لَكِنْ نُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الزَّكَاةِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ جَمْعٍ أَنَّ صُورَتَهُ فِي الزَّكَاةِ أَنْ يَنْوِ بِهَا عِنْدَ عَزْلِهَا، أَمَّا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ يُنْوَى بِاللَّيْلِ (وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْوُجُوبِ) ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَكُونُ إلَّا وَاجِبَةً (وَلَا تَعْيِينُ الْجِهَةِ) أَيْ جِهَةِ الْكَفَّارَةِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي زَكَاةِ الْمَالِ تَعْيِينُ الْمَالِ الْمُزَكَّى بِجَامِعٍ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ (فَإِنْ عَيَّنَ وَأَخْطَأَ) فِي تَعْيِينِهِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) لِأَنَّهُ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا عَلَيْهِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ (وَإِنْ أَعْتَقَ أَوْ صَامَ بِشَرْطِهِ) مِنْ تَتَابُعٍ وَغَيْرِهِ (عَنْ إحْدَى كَفَّارَتَيْهِ) مُبْهَمَةٍ (جَازَ، ثُمَّ إنْ صَرَفَهُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ وَقَّتَ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ شَهْرًا] قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ بِإِزَالَتِهِ الْمِلْكَ إلَخْ) وَلِأَنَّ مُوجَبَ اللَّفْظِ الثَّانِي فِي الطَّلَاقِ غَيْرُ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الظِّهَارِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ أَوْ كَرَّرَ بِنِيَّةِ الِاسْتِئْنَافِ إلَخْ) فَإِنْ قَصَدَ بِالْبَعْضِ تَأْكِيدًا وَبِالْبَعْضِ اسْتِئْنَافًا أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ. [فَرْعٌ كَرَّرَ تَعْلِيقَ الظِّهَارِ بِالدُّخُولِ] (قَوْلُهُ تَعَدَّدَ مُطْلَقًا) هَذَا فِي غَيْرِ الظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ أَمَّا الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ فَالْجَمِيعُ ظِهَارٌ وَاحِدٌ لِعَدَمِ الْعَوْدِ (قَوْلُهُ وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَاتُ كُلُّهَا بِعَوْدٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الدُّخُولِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُشْكِلُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ مِرَارًا بِقَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمُهَذَّبِ وَفَتَاوَى النَّوَوِيّ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَفِي الْفَرْقِ غُمُوضٌ وَكَتَبَ شَيْخُنَا قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ جَبْرُ انْتِهَاكِ الِاسْمِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِوَاحِدَةٍ لِاتِّحَادِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُنَا شَيْءٌ يُفْضِي إلَى فُرْقَةٍ فَنَاسَبَ التَّعَدُّدَ فِي الْكَفَّارَةِ لِتَعَدُّدِ الظِّهَارِ كَالطَّلَاقِ كا (قَوْلُهُ أَظْهَرُهُمَا مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَدَمُ التَّعَدُّدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ قَالَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي] (قَوْلُهُ بِخِلَافِ صِيغَةِ إذَا لَمْ) أَيْ وَنَحْوِهَا. [فَرْعٌ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِصِفَةٍ وَكَفَّرَ قَبْلَ وُجُودِهَا] (كِتَابُ الْكَفَّارَةِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اُخْتُلِفَ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ هَلْ هِيَ زَوَاجِرُ أَوْ جَوَابِرُ؟ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ وَقُرُبَاتٌ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَهُوَ مَعْنَى مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ فِي الْكَفَّارَةِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِرْفَاقِ وَسَدِّ الْحَاجَاتِ وَمَعْنَى الْمُؤَاخَذَةِ وَالْعُقُوبَةِ وَغَرَضُهَا الْأَظْهَرُ الْإِرْفَاقُ لِكَفِّهِ قَالَ فِي الْأَسَالِيبِ وَفِيهَا مَعْنًى لِلْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَةِ وَمَعْنًى لِلْعُقُوبَةِ وَالزَّجْرِ وَلَا يَنْقَطِعُ الْقَوْلُ بِأَنَّ شَوْبَ الْقُرْبَةِ فِيهَا أَغْلَبُ مِنْ شَوْبِ الزَّجْرِ نَعَمْ رَأَى الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تَسْتَقِلُّ بِمَعْنَى الزَّجْرِ فِي حَقِّ الْكَافِرِ. [فَصْل اشْتِرَاطُ النِّيَّةُ فِي الْكَفَّارَةِ] (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ جَوَازَ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ بِمَا إذَا عَيَّنَ الْعَبْدَ الَّذِي يَعْتِقُهُ وَالطَّعَامَ الَّذِي يُطْعِمُهُ فَأَمَّا قَبْلَ التَّعْيِينِ قَالَ فَلَا يَجُوزُ وَجْهًا وَاحِدًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 لِإِحْدَاهُمَا تَعَيَّنَ لَهَا) فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ صَرْفِهِ لِلْأُخْرَى كَمَا لَوْ عَيَّنَ ابْتِدَاءً وَلَوْ أَعْتَقَ مَثَلًا مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا ظِهَارٍ وَقَتْلٍ عَبْدَيْنِ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ أَجْزَأَهُ عَنْهُمَا أَوْ أَعْتَقَ مَثَلًا مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ عَبْدًا بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ أَجْزَأَ عَنْ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ اتَّحَدَ جِنْسُهَا أَمْ اخْتَلَفَ وَلَوْ أَعْتَقَ مَثَلًا عَبْدًا عَنْ كَفَّارَةٍ نَسِيَ سَبَبَهَا أَجْزَأَهُ وَلَوْ أَعْتَقَ مَنْ عَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ عَنْ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ أَعْسَرَ فَصَامَ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ عَجَزَ فَأَطْعَمَ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا أَجْزَأَهُ (وَلَا يَكْفِي نِيَّةٌ لِوَاجِبٍ إلَّا إنْ عَيَّنَ الْجِهَةَ) أَيْ جِهَةَ الْكَفَّارَةِ لِصِدْقِ الْوَاجِبِ بِدُونِ تَعْيِينِ الْجِهَةِ عَلَى النَّذْرِ (فَرْعٌ الذِّمِّيُّ الْمُظَاهِرُ يُكَفِّرُ) بَعْدَ عَوْدِهِ (بِالْعِتْقِ وَالطَّعَامِ) لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ وَيُطْعِمَ فِي غَيْرِ الْكَفَّارَةِ فَكَذَا فِيهَا (وَيُتَصَوَّرُ إعْتَاقُهُ) عَنْ كَفَّارَتِهِ (بِأَنْ يُسْلِمَ عَبْدُهُ) الْكَافِرُ أَوْ يَرِثَ عَبْدًا مُسْلِمًا (أَوْ يَقُولَ لِمُسْلِمٍ أَعْتِقْ عَبْدَك) الْمُسْلِمَ (عَنْ كَفَّارَتِي) فَيُجِيبَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهُ الْإِعْتَاقَ وَهُوَ مُوسِرٌ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْوَطْءُ فَيَتْرُكُهُ أَوْ يُسْلِمُ وَيَعْتِقُ، ثُمَّ يَطَأُ (وَالصَّوْمُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ) لِعَدَمِ صِحَّةِ نِيَّتِهِ لَهُ (وَلَا يُطْعِمُ) عَنْ كَفَّارَتِهِ (وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ) أَيْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُسْلِمَ وَيَصُومَ (فَيَمْتَنِعُ) عَلَيْهِ (الْوَطْءُ) فَيَتْرُكُهُ (أَوْ يُسْلِمُ وَيَصُومُ) ثُمَّ يَطَأُ (وَيَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ) بِمَا يُكَفِّرُ بِهِ (لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلتَّقَرُّبِ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ) هَذَا التَّنْظِيرُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَكَالذِّمِّيِّ) فِيمَا ذَكَرَ (مُرْتَدٌّ بَعْدَ وُجُوبِهَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ لِلُزُومِهَا لَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَكَانَتْ كَالدَّيْنِ (وَتُجْزِئُهُ) الْكَفَّارَةُ بِالْإِعْتَاقِ وَالْإِطْعَامِ (فَيَطَأُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ) وَإِنْ كَفَّرَ فِي الرِّدَّةِ (فَصْلٌ الْمُوسِرُ يُكَفِّرُ فِي الظِّهَارِ بِالْعِتْقِ) لِآيَةِ الظِّهَارِ (وَلِلرَّقَبَةِ) الْمُجْزِئَةِ فِي الْكَفَّارَةِ (شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْإِسْلَامُ) فَلَا يُجْزِئُ كَافِرٌ قَالَ تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَأُلْحِقَ بِهَا قِيَاسًا عَلَيْهَا أَوْ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا حُمِلَ الْمُطْلَقُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي قَوْلِهِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا لِكَافِرٍ فَكَذَا الْكَفَّارَةُ بِهِ (فَيُجْزِئُ صَغِيرٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ لِلسَّابِي) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَلِأَنَّهُ يُرْجَى كِبَرُهُ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ يُرْجَى بُرْؤُهُ قَالَ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ الْغُرَّةَ حَيْثُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا الصَّغِيرُ؛ لِأَنَّهَا حَقُّ آدَمِيٍّ وَلِأَنَّ غُرَّةَ الشَّيْءِ خِيَارُهُ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ فِيمَا ذَكَرَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مَنْ يُكَفِّرُ بِهِ مُكَلَّفًا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ (لَا صَغِيرٌ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ) فَلَا يُجْزِئُ (وَإِنْ أَسْلَمَ) بِنَفْسِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ (كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي اللَّقِيطِ) . (فَرْعٌ يَصِحُّ الْإِسْلَامُ) مِنْ الْكَافِرِ (بِالْعَجَمِيَّةِ) ، وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ (وَبِإِشَارَةِ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٍ) ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ بَعْدَهَا كَمَا تَصِحُّ عُقُودُهُ بِالْإِشَارَةِ (لَا بِلُغَةٍ تَلَقَّنَهَا) فَتَلَقَّنَهَا (وَ) هُوَ (لَا يَفْهَمُهَا وَإِنَّمَا يُجْزِئُهُ عِتْقُ مَنْ أَسْلَمَ بِلُغَةٍ يَعْرِفُهَا) هُوَ (أَوْ تَرْجَمَهَا لَهُ ثِقَةٌ) وَاكْتُفِيَ فِي مَعْرِفَةِ لُغَتِهِ بِقَوْلِ ثِقَةٍ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ كَمَا يَكْفِي فِي مَعْرِفَةِ قَوْلِ الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي (وَيَكْفِي) فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ (الشَّهَادَتَانِ) بِأَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ كُفْرُهُ بِغَيْرِهِمَا) كَمَنْ خَصَّصَ رِسَالَةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعَرَبِ أَوْ جَحَدَ فَرْضًا أَوْ تَحْرِيمًا (اُشْتُرِطَ مَعَهُمَا أَنْ يَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ) بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَقَوْلِهِ وَأَبْرَأُ مِنْ إلَى آخِرِهِ أَوْ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَى كَافَّةِ الْخَلْقِ (وَيُسْتَحَبُّ تَقْرِيرُهُ) أَيْ طَلَبُ إقْرَارِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ (بِالْبَعْثِ) بَعْدَ الْمَوْتِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الرِّدَّةِ بَسْطُ ذَلِكَ (الشَّرْطُ الثَّانِي السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا) الْأَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ قَوْلُهُ فِي نُسْخَةٍ إضْرَارًا (بَيِّنًا) وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ عَمَّا يُثْبِتُ الرَّدَّ فِي الْبَيْعِ وَيَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِي غُرَّةِ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ عِتْقِ الرَّقِيقِ تَكْمِيلُ حَالَةٍ لِيَتَفَرَّغَ لِوَظَائِفِ الْأَحْرَارِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ بِكِفَايَتِهِ وَإِلَّا صَارَ كَلًّا عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ وَالْمَقْصُودُ فِي الْبَيْعِ وَالْغُرَّةِ الْمَالِيَّةِ فَاعْتَبَرُوا فِي كُلِّ مَحَلٍّ مَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا اعْتَبَرُوا فِي عَيْبِ الْأُضْحِيَّةِ مَا يُنْقِصُ اللَّحْمَ وَفِي عَيْبِ النِّكَاحِ مَا يُخِلُّ بِالتَّمَتُّعِ. (فَلَا يُجْزِئُ وَمَجْنُونٌ إفَاقَتُهُ أَقَلُّ) مِنْ جُنُونِهِ (أَوْ أَكْثَرُ) مِنْهُ (وَيَعْقُبُهَا ضَعْفٌ يَمْنَعُهُ الْعَمَلَ زَمَنًا يُؤَثِّرُ) بِأَنْ يَكُونَ مَعَ زَمَنِ الْجُنُونِ أَكْثَرَ مِنْ زَمَنِ الْإِفَاقَةِ بِخِلَافِ مَنْ إفَاقَتُهُ أَكْثَرُ وَلَمْ يَعْقُبْهَا مَا ذَكَرَ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَبِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ زَوَالَ إغْمَائِهِ مَرْجُوٌّ، وَتَقْيِيدُهُ الْأَكْثَرَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْع تَكْفِير الذِّمِّيُّ الْمُظَاهِرُ] قَوْلُهُ فَرْعٌ الذِّمِّيُّ الْمَظَاهِرُ يُكَفِّرُ بِالْعِتْقِ وَالطَّعَامِ) لِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْكَفَّارَةِ لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلتَّقَرُّبِ وَالْمُمْتَنِعُ فِي حَقِّهِ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ النَّذْرُ لِغَلَبَةِ شَائِبَةٍ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ وَلِهَذَا يَقَعُ الِالْتِزَامُ فِيهِ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَكَانَ كَوْنُ النَّاذِرِ مُسْلِمًا أَقْرَبَ إلَى التَّزْكِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُطْعِمُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ أَنَّهُ يُطْعِمُ (قَوْلُهُ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ) قَالَ شَيْخُنَا فِي بَعْضِ صُوَرِهِ أَمَّا وُجُوبًا كَأَدَائِهِ فِطْرَةَ مُسْلِمٍ تَحَمَّلَهَا أَوْ جَوَازًا كَمَا لَوْ لَزِمَهُ دَيْنَانِ وَدَفَعَ شَيْئًا فَيَحْتَاجُ لِنِيَّةِ كَوْنِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا لِيُصَدَّقَ بِيَمِينِهِ. [فَصْل الْمُوسِرُ يُكَفِّرُ فِي الظِّهَارِ بِالْعِتْقِ] (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا لِكَافِرٍ) فَكَذَا الْكَفَّارَةُ بِجَامِعِ التَّطْهِيرِ «وَلِحَدِيثِ الَّذِي قَالَ إنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً وَكَانَ قَدْ لَطَمَ جَارِيَةً لَهُ فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يُجْزِئُهُ إعْتَاقُهَا أَمْ لَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْنَ اللَّهُ فَقَالَتْ فِي السَّمَاءِ فَقَالَ مَنْ أَنَا فَقَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَفِي رِوَايَةٍ فَأَشَارَتْ فَقَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» وَلِأَنَّ الْخَصْمَ سَلَّمَ اعْتِبَارَ السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِالْإِطْلَاقِ وَسَلَّمَ أَنَّ غَيْرَ الْكِتَابِيَّةِ لَا تُجْزِئُ (قَوْلُهُ أَوْ لِلسَّابِي) أَيْ أَوْ لِلدَّارِ. [فَرْعٌ الْإِسْلَامُ مِنْ الْكَافِرِ بِالْعَجَمِيَّةِ] (قَوْلُهُ وَيَكْفِي الشَّهَادَتَانِ) فَلَا يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ إلَّا بِهِمَا وَكَتَبَ أَيْضًا اشْتَرَطَ ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ تَقْدِيمَ الْإِقْرَارِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ عَلَى الرِّسَالَةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَوْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ قَبْلَ أَنْ يُؤْمِنَ بِاَللَّهِ لَمْ يَصِحَّ إيمَانُهُ وَقَوْلُهُ اشْتَرَطَ ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَذَا قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 بِمَا بَعْدَهُ أَخَذَهُ مِنْ طَرِيقَةٍ نَقَلَهَا النَّوَوِيُّ عَنْ اخْتِيَارِ الْمَاوَرْدِيِّ وَاسْتَحْسَنَهَا بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّ مَنْ إفَاقَتِهِ أَكْثَرُ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرُ أَنْ يُجْزِئَ وَقَالَ إنَّهُ الْمَذْهَبُ فَلَمَّا رَأَى الْمُصَنِّفُ كَالْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا حَسَّنَ مِنْهُ التَّقْيِيدَ (وَ) لَا يُجْزِئُ (مَرِيضٌ لَا يُرْجَى) بُرْؤُهُ كَدَاءِ السُّلِّ بِخِلَافِ مَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ (وَ) لَا (قَاتِلَ قُدِّمَ لِلْقِصَاصِ) أَوْ نَحْوُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَمَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ كَانَ أَعَمَّ (فَلَوْ أَعْتَقَ مَنْ لَا يُرْجَى) بُرْؤُهُ (فَبَرِئَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ يُرْجَى) بُرْؤُهُ (فَمَاتَ أَجْزَأَهُ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ قَدْ بَانَ خِلَافُهُ كَمَا فِي الْحَجِّ عَنْ الْمَغْصُوبِ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ ثَمَّ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِقِيَامِ الرَّجَاءِ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ، وَاتِّصَالُ الْمَوْتِ بِهِ قَدْ يَكُونُ لِعِلَّةٍ أُخْرَى (لَا) إنْ أَعْتَقَ (أَعْمَى) فَلَا يُجْزِئُ، وَإِنْ (أَبْصَرَ) لِتَحَقُّقِ الْيَأْسِ فِي الْعَمَى، وَعُرُوضُ الْبَصَرِ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ بِخِلَافِ الْمَرَضِ فِيمَا مَرَّ لَكِنَّ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ لَوْ ذَهَبَ بَصَرُهُ بِجِنَايَةٍ فَأَخَذَ دِيَتَهُ عَادَ اسْتَرَدَّتْ؛ لِأَنَّ الْعَمَى الْمُحَقَّقِ لَا يَزُولُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَبْصَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَيُجْزِئُ مَقْطُوعُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ) لِأَنَّ فَقْدَهَا لَا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ (وَكَذَا الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ) أَيْ مَقْطُوعُهُمَا (مِنْ يَدَيْنِ) لِذَلِكَ (لَا) مِنْ يَدٍ (وَاحِدَةٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ (وَكَذَا الْأَنَامِلِ الْعُلْيَا) مِنْ غَيْرِ الْإِبْهَامِ وَلَوْ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ الْأَصَابِعَ بَعْدَهَا كَأَصَابِعَ قَصِيرَةٍ فَلَا يُخِلُّ فَقْدُهَا بِالْعَمَلِ (لَا أُنْمُلَةٍ مِنْ الْإِبْهَامِ) فَلَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهَا أُنْمُلَتَانِ فَتَخْتَلُّ مَنْفَعَتُهَا بِذَلِكَ (وَلَا أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ الْوُسْطَى أَوْ السَّبَّابَةِ وَلَا الْقَدَمِ وَالْأَشَلُّ) بِمَا ذَكَرَ (كَالْمَقْطُوعِ) وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ يَدٍ وَلَا مَقْطُوعُ أَصَابِعِهَا وَلَا مَقْطُوعُ أُصْبُعٍ مِنْ الْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى (فَرْعٌ يُجْزِئُ شَيْخٌ وَنِضْوٌ) أَيْ نَحِيفٌ (يَقْدِرَانِ عَلَى الْعَمَلِ) بِخِلَافِهِمَا إذَا لَمْ يَقْدِرَا عَلَيْهِ (وَأَحْمَقُ) وَهُوَ مَنْ يَفْعَلُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِقُبْحِهِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (وَأَعْرُجُ يُتَابِعُ الْمَشْيَ) بِخِلَافِهِ إذَا مُنِعَ مُتَابَعَةَ الْمَشْيِ لِإِخْلَالِهِ بِالْعَمَلِ (وَأَعْوَرُ لَمْ يَضْعُفْ بَصَرُ سَلِيمَتِهِ ضَعْفًا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا) الْأَوْلَى إضْرَارًا (بَيِّنًا) وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُ وَفَارَقَ الْإِجْزَاءُ هُنَا عَدَمَهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ بِأَنَّ الْعَيْنَ مَقْصُودَةٌ بِالْأَكْلِ وَبِأَنَّ الْعَوَرَ يُنْقِصُ قُوَّةَ الرَّعْيِ وَيُورِثُ الْهُزَالَ (وَيُجْزِئُ أَصَمُّ) وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مَعَ الْمُبَالَغَةِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاكْتِسَابِ (وَأَخْرَسُ يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ) وَتُفْهَمُ عَنْهُ (وَ) يُجْزِئُ (مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ وَالْأَنْفِ) وَأَقْرَعُ وَأَبْرَصُ وَخَصِيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ (وَأَخْشَمُ وَأَكْوَعُ) أَيْ أَعْوَجُ الْكُوعِ وَأَوْكَعُ أَيْ لَئِيمٌ وَيُقَالُ كَاذِبٌ وَأَخْوَفُ وَضَعِيفُ الرَّأْيِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَأَجْذَمُ وَمَجْنُونٌ وَرَتْقَاءُ) وَقَرْنَاءُ (وَأَدْرَدُ) أَيْ مَفْقُودُ الْأَسْنَانِ (وَوَلَدُ زِنًا وَضَعِيفُ بَطْشٍ وَمَوْلُودٌ انْفَصَلَ) بِخِلَافِ جَنِينٍ، وَإِنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْأَحْيَاءِ وَلِذَلِكَ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ (وَ) يُجْزِئُ (مَنْ لَا يُحْسِنُ صَنْعَةً) إذْ يُمْكِنُهُ تَعَلُّمُهَا (أَوْ فَاسِقٌ أَوْ ذُو جُرْحٍ مُنْدَمِلٍ أَوْ) غَيْرِ مُنْدَمِلٍ لَكِنَّهُ (غَيْرُ مَخُوفٍ) بِخِلَافِ الْمَخُوفِ كَمَأْمُومَةٍ وَجَائِفَةٍ. (الشَّرْطُ الثَّالِثُ كَمَالُ الرِّقِّ) فِي الْإِعْتَاقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ (فَإِنْ أَعْتَقَ عَنْهَا مُسْتَوْلَدَةً) وَفِي نُسْخَةٍ مُسْتَوْلَدَتَهُ (أَوْ ذَا كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ) وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ النُّجُومِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) لِنَقْصِ رَقِّهِمَا بِاسْتِحْقَاقِهِمَا الْعِتْقَ وَامْتِنَاعِ بَيْعِهِمَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً (وَعِتْقُ) كُلٍّ مِنْهُمَا تَطَوُّعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ بَقِيَ الْعُمُومُ (وَكَذَا إنْ عَلَّقَ عِتْقَ مُكَاتَبٍ عَنْهَا بِعَجْزِهِ) عَنْ النُّجُومِ فَعَجَزَ عَتَقَ وَلَمْ يَجُزْ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَ عَلَّقَ لَمْ يَكُنْ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ (أَوْ) عَلَّقَ عِتْقَ (كَافِرٍ) عَنْهَا (بِإِسْلَامِهِ) فَأَسْلَمَ (أَوْ) عِتْقَ (جَنِينٍ) عَنْهَا (بِوِلَادَتِهِ) فَوُلِدَ فَكَذَلِكَ (وَيُجْزِئُ مُتَحَتِّمُ الْقَتْلِ بِمُحَارَبَةٍ) أَوْ غَيْرِهَا وَاسْتَشْكَلَ بِعَدَمِ إجْزَاءِ مَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُقَدَّمَ لِلْقَتْلِ يُقْتَلُ غَالِبًا، فَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ كَانَ كَمَرِيضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَعْتَقَهُ فَبَرِئَ وَالْمُتَحَتِّمُ قَتْلُهُ يَتَأَخَّرُ الْقَتْلُ عَنْهُ وَقَدْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّ إفَاقَتَهُ أَكْثَرُ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرُ أَنْ يُجْزِئَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَحَلُّهُ إذَا اسْتَوَيَا بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَأَمَّا إنْ كَانَ يُجَنُّ نَهَارًا أَوْ يُفِيقُ لَيْلًا فَلَا يُجْزِئُ وَعَكْسُهُ يُجْزِئُ قَطْعًا. اهـ. وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ إفَاقَتُهُ زَمَنَ عَمَلِهِ وَهُوَ مُرَادُهُ ع (قَوْلُهُ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ إلَخْ) إلَّا أَعْمَى فَعَادَ بَصَرُهُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَى الْمُحَقَّقَ لَا يَزُولُ) أَيْ غَالِبًا فَصُورَةُ مَسْأَلَتِنَا فِي الْعَمَى الْمُحَقَّقِ وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ فِي ظَنِّ ذَهَابِهِ بِهَا فَافْتَرَقَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ) لِأَنَّهُ يُذْهِبُ نِصْفَ مَنْفَعَةِ الْكَفِّ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْأَنَامِلُ الْعُلْيَا) الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَتْ أُنْمُلَةٌ مِنْ الْبِنْصِرِ وَاثْنَتَانِ مِنْ الْخِنْصَرِ مِنْ يَدٍ أَنَّهُ يُجْزِئُ وَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ أَصَمُّ إلَخْ) شَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اجْتَمَعَ فِيهِ الصَّمَمُ وَالْخُرْسُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَأَخْرَسُ يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ) قَالَ صَاحِبُ الْمُعِينِ هَذَا إذَا كَانَ إسْلَامُهُ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ كَانَ كَبِيرًا وَأَشَارَ بِالْإِسْلَامِ وَصَلَّى وَهَلْ تَكْفِي مُجَرَّدُ الْإِشَارَةِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ؟ وَجْهَانِ أَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ إسْلَامُهُ إلَّا بِالْإِشَارَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا يُجْزِئُ عِتْقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ وَهَلْ تَكْفِي مُجَرَّدُ الْإِشَارَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْأَحْيَاءِ) أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ وَامْتِنَاعِ بَيْعِهِمَا) فَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ مُسْتَوْلَدَتَك عَنِّي عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ أَعْتَقْتهَا عَنْك عَتَقَتْ وَلَغَا قَوْلُهُ عَنْك وَلَا عِوَضَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ بِشَرْطِ الْوُقُوعِ لَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَقَعْهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ الْعِتْقِ فِي الْمُسْتَوْلَدِ مَعَ قَوْلِهِ أَعْتِقْهَا عَنْك يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا وَصَفَ الْعِتْقَ أَوْ الطَّلَاقَ بِوَصْفٍ مُحَالٍ يَلْغُو الْوَصْفُ دُونَ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ فِي الرَّوْضَةِ وَعَنْ التَّنْقِيحِ شَرْحِ الْوَسِيطِ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَإِمَامِهِ، ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي أَطْلَقَهُ جَمِيعُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ عَنْ الْكَفَّارَةِ نَفَذَ الْعِتْقُ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَكَذَلِكَ النَّصُّ مُطْلَقًا. اهـ. قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الصَّحِيحَةِ دُونَ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ كَفَّارَةً صَحِيحَةً وَإِنَّمَا هُوَ كَالْمُتَلَاعِبِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 تَرْجِعُ الْبَيِّنَةُ (وَ) يُجْزِئُ (مُدَبَّرٌ وَمُعَلَّقٌ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ) لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهِمَا وَمَحَلُّهُ إذَا نَجَزَ عِتْقُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْكَفَّارَةِ أَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ أُخْرَى وَوُجِدَتْ قَبْلَ الْأُولَى (لَا إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَنْهَا بِوُجُودِ الصِّفَةِ) الْأُولَى فَلَا تُجْزِئُ (لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ بِوُجُودِهَا، وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَنْهَا بِالدُّخُولِ) مَثَلًا (ثُمَّ كَاتَبَهُ فَدَخَلَ فَهَلْ يُجْزِئُ) عَنْهَا اعْتِبَارًا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْعِتْقِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَقْتَ حُصُولِهِ فِيهِ؟ (وَجْهَانِ) بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ تُوجَدُ فِي الصِّحَّةِ وَقَدْ تُوجَدُ فِي الْمَرَضِ فَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ هَلْ يُعْتَبَرُ الْعِتْقُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْإِجْزَاءِ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمُعَلِّقِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ اعْتِبَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ حِينَئِذٍ نَظَرًا لَوِقَتْ التَّعْلِيقِ. (وَيُجْزِئُ مَرْهُونٌ وَجَانٍ) إنْ (نَفَّذْنَا عِتْقَهُمَا) بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ نُنَفِّذْهُ (لَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ) أَيْ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَوْ قَالَ لِسَيِّدِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي بِكَذَا فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ عَتَقَ وَاسْتَحَقَّ الْمَالَ وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِاسْتِحْقَاقِ عِتْقِهِ بِجِهَةٍ أُخْرَى (وَ) لَا (مُشْتَرًى بِشَرْطِ الْعِتْقِ) لِذَلِكَ (وَ) لَا (مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ وَ) لَا (مُسْتَأْجَرٌ) لِعَجْزِهِمَا عَنْ الْكَسْبِ لِنَفْسِهِمَا وَلِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَنَافِعِهِمَا وَبِهَذَا فَارَقَ الْمَرِيضُ الَّذِي يُرْجَى بُرْؤُهُ وَالصَّغِيرُ (وَتُجْزِئُ حَامِلٌ) وَإِنْ (اُسْتُثْنِيَ حَمْلُهَا وَيَتْبَعُهَا) فِي الْعِتْقِ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي صُورَتِهِ كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى عُضْوًا مِنْ الرَّقِيقِ، وَإِذَا لَمْ يَمْنَعْ الِاسْتِثْنَاءُ نُفُوذَ الْعِتْقِ لَمْ يَمْنَعْ سُقُوطَ الْفَرْضِ (وَإِنْ أَعْتَقَ مُعْسِرٌ عَنْهَا نِصْفَ عَبْدٍ) مَلَكَهُ (ثُمَّ مَلَكَ بَاقِيَهُ وَأَعْتَقَهُ عَنْهَا أَجْزَأَهُ) وَإِنْ وَقَعَ الْعِتْقُ فِي دُفْعَتَيْنِ كَالْإِطْعَامِ (وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ) عَنْهَا بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ نِصْفَ عَبْدٍ آخَرَ يُجْزِئُ (إنْ كَانَ بَاقِيهِمَا حُرًّا) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْعِتْقِ مِنْ التَّخْلِيصِ مِنْ الرِّقِّ حَصَلَ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي نَعَمْ إنْ مَلَكَ النِّصْفَ الْآخَرَ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَجْزَأَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاقِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ حُرًّا لَا يُجْزِئُ لِعَدَمِ حُصُولِ اسْتِقْلَالِهِمَا لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ وَخَرَجَ بِالْمُعْسِرِ الْمُوسِرُ فَإِنَّ عِتْقَهُ يَسْرِي بِإِعْتَاقِ بَعْضِهِ فَيَتَعَذَّرُ فِي الْأُولَى إعْتَاقُهُ دُفْعَتَيْنِ وَحُكْمُ الْإِجْزَاءِ عَنْ الْكَفَّارَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْفَرْعِ الْآتِي (وَيُجْزِئُ عِتْقُ عَبْدَيْنِ نِصْفَهُمَا عَنْ ظِهَارٍ وَبَاقِيَهُمَا عَنْ قَتْلٍ) أَوْ ظِهَارٍ آخَرَ لِتَخْلِيصِ الرَّقَبَتَيْنِ مِنْ الرِّقِّ وَهَلْ يَقَعُ الْعِتْقُ كَمَا أَوْقَعَهُ أَوْ يَعْتِقُ عَبْدٌ كَامِلٌ لِكُلِّ كَفَّارَةٍ وَيَلْغُو تَعَرُّضُهُ لِلتَّنْصِيفِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ نَقَلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْأَوَّلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَالثَّانِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالصَّحِيحُ الثَّانِي انْتَهَى وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَابْنِ خَيْرَانَ وَالْأَوَّلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِيمَا لَوْ ظَهَرَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا أَوْ مُسْتَحَقًّا فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُجْزِئُ وَعَلَى الثَّانِي يُجْزِئُ عَنْ أَحَدِهِمَا وَفِيمَا لَوْ كَانَ لَهُ نِصْفَا عَبْدَيْنِ فَأَعْتَقَهُمَا عَنْ كَفَّارَتِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُجْزِئُ وَعَلَى الثَّانِي لَا يُجْزِئُ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ. (فَرْعٌ يُجْزِئُ الْمُوسِرَ إعْتَاقُ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ عَنْ كَفَّارَتِهِ لِحُصُولِ الْعِتْقِ بِالسَّرَايَةِ (وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ عَنْهَا وَنَوَى حِينَئِذٍ صَرْفَ عِتْقِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ) أَيْضًا (إلَيْهَا) لِذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ) حِينَئِذٍ صَرْفَ ذَلِكَ إلَيْهَا (لَمْ يَنْصَرِفْ إلَيْهَا) أَمَّا نَصِيبُهُ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهَا فَيُكْمِلُ عَلَيْهِ مَا يُوفِي رَقَبَةً (وَيُجْزِئُ آبِقٌ، وَكَذَا مَغْصُوبٌ إنْ عُلِمَ حَيَاتُهُمَا وَلَوْ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ) لِكَمَالِ رَقِّهِمَا سَوَاءٌ أَعَلِمَا عِتْقَ نَفْسِهِمَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ عِلْمَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي نُفُوذِ الْعِتْقِ فَكَذَا فِي الْإِجْزَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَيَاتَهُمَا لَمْ يُجْزِئْ إعْتَاقُهُمَا وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ عِتْقَ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لَا يُجْزِئُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مُتَيَقَّنٌ وَالْمُسْقِطُ مَشْكُوكٌ فِيهِ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ تَجِبُ لِلِاحْتِيَاطِ وَقَيَّدَ ذَلِكَ فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ بِمَا إذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ لَا لِخَوْفٍ فِي الطَّرِيقِ وَإِلَّا فَيُجْزِئُ قَطْعًا (وَيُجْزِئُهُ) أَيْ الْمَغْصُوبُ (وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى انْتِزَاعِهِ) مِنْ غَاصِبِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مَنَافِعِ نَفْسِهِ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَيُجْزِئُهُ وَذَكَرَ مَا بَعْدَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ، وَكَذَا مَغْصُوبٌ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ. (الشَّرْطُ الرَّابِعُ خُلُوُّهَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ بِالْإِعْتَاقِ (عَنْ) شَوْبِ (الْعِوَضِ فَلَوْ قَالَ لِلْعَبْدِ أَعْتَقْتُك عَنْهَا بِكَذَا) فَقَبِلَ (لَمْ يُجْزِئْهُ) عَنْهَا لِعَدَمِ تَجَرُّدِهِ لَهَا (فَلَوْ قَالَ لِلْمَالِكِ أَجْنَبِيٍّ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْ كَفَّارَتِك بِأَلْفٍ عَلَيَّ فَفَعَلَ فَوْرًا عَتَقَ عَنْ الْمَالِكِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْهُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي وَلَا هُوَ اسْتَدْعَاهُ لِنَفْسِهِ (وَلَزِمَهُ الْمَالُ) كَمَا فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالزَّوْجَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَهَلْ يُجْزِئُ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ) هُوَ الْأَصَحُّ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ هَذَا عَنْ ظِهَارِي، ثُمَّ وَطِئَهَا وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ أَجْزَأَهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا) أَيْ وَقَدْ أَعْتَقَهَا عَنْ كَفَّارَتِهِ (قَوْلُهُ لَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ) لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ بِجِهَةِ الْقَرَابَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ النَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ وَنَوَى بِهَا الْكَفَّارَةَ (قَوْلُهُ لِعَجْزِهِمَا عَنْ الْكَسْبِ لِنَفْسِهِمَا إلَخْ) مَتَى مَنَعَ الْعَيْبُ إجْزَاءَ الْعَتِيقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَقَعَ عِتْقُهُ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لِظَاهِرِ الْإِجْزَاءِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَقَعُ الْعِتْقُ كَمَا أَوْقَعَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ يُجْزِئُ الْمُوسِرَ إعْتَاقُ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ] (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيُجْزِئُ قَطْعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي إلَخْ) صُورَةُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّالِبُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْعَبْدَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْتِقْ عَنْ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْهُ كُنَّا نُمَلِّكُهُ الْعَبْدَ، ثُمَّ نَجْعَلُ الْمَسْئُولَ نَائِبًا عَنْهُ فِي الْإِعْتَاقِ وَهُنَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَدِّمَ الْمِلْكَ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالْمِلْكُ يُوجِبُ الْعِتْقَ فَالتَّوْكِيلُ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ لَا يَصِحُّ فَيَصِيرُ دَوْرًا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي فَتَاوِيهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 وَسَيَأْتِيَانِ (وَلَمْ يُجْزِئْهُ) عَنْ الْكَفَّارَةِ لِمَا مَرَّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا سَوَاءٌ أَقَدَّمَ فِي الْجَوَابِ ذِكْرَ الْكَفَّارَةِ فَقَالَ أَعْتَقْته عَنْ كَفَّارَتِي بِأَلْفٍ عَلَيْك أَمْ عَكَسَ فَقَالَ أَعْتَقْته بِأَلْفٍ عَلَيْك عَنْ كَفَّارَتِي وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ أَعْتَقْت عَبْدِي عَنْ كَفَّارَتِي بِأَلْفٍ عَلَيْك فَقَبِلَ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ. (وَإِنْ رَدَّ) الْمُعْتِقُ (الْمَالَ) لِيَكُونَ الْعِتْقُ مُجْزِئًا عَنْ كَفَّارَتِهِ (لَمْ يَنْقَلِبْ مُجْزِئًا عَنْهَا إلَّا إنْ قَالَ عَقِبَ الِالْتِمَاسِ أَعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي مَجَّانًا) فَيُجْزِئُهُ عَنْهَا (لِأَنَّهُ رَدٌّ لِكَلَامِهِ، وَإِنْ قَالَ) لَهُ الْمُسْتَدْعِي (أَعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا وَلَا قَالَ مَجَّانًا) فَأَعْتَقَهُ (عَتَقَ) عَنْ الْمُسْتَدْعِي؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْهُ (وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ اقْضِ دَيْنِي) وَلَمْ يَشْتَرِطْ رُجُوعًا (وَأَجْزَأَهُ) عَنْ كَفَّارَتِهِ فَلَوْ لَمْ يَقُلْ عَنْ كَفَّارَتِهِ بِأَنْ قَالَ أَعْتِقْهُ عَنِّي لَا عِتْقَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ وُقُوعَهُ عَنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (أَعْتِقْهُ عَنِّي مَجَّانًا) فَأَعْتَقَهُ (عَتَقَ عَنْ الْمُسْتَدْعِي) لِذَلِكَ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ) ، وَإِنْ ذَكَرَ عِوَضًا لَزِمَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. [فَصْلٌ الْإِعْتَاقُ بِمَالٍ] (فَصْلٌ) الْإِعْتَاقُ بِمَالٍ كَالطَّلَاقِ بِهِ فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَمِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدْعِي مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ جِعَالَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ فَلَوْ (قَالَ) لَهُ (أَعْتِقْ مُسْتَوْلَدَتَك عَنْك أَوْ طَلِّقْ امْرَأَتَك بِأَلْفٍ فَفَعَلَ صَحَّ وَلَزِمَهُ) الْأَلْفُ وَكَانَ ذَلِكَ افْتِدَاءً مِنْ الْمُسْتَدْعِي وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ قَالَ فِيهِمَا عَنِّي وَجَبَ) مَعَ الصِّحَّةِ (الْعِوَضُ فِي الزَّوْجَةِ) لِأَنَّهُ افْتِدَاءٌ كَمَا مَرَّ وَيُلْغَى قَوْلُهُ عَنِّي أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الصَّرْفِ إلَى اسْتِدْعَائِهِ كَأَنَّهُ قَالَ طَلِّقْهَا لِاسْتِدْعَائِي (لَا فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْعِوَضَ عَلَى أَنْ يَكُونَ عِتْقُهَا عَنْهُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ مِنْ شَخْصٍ إلَى شَخْصٍ وَفَارَقَتْ الزَّوْجَةَ بِأَنَّهُ يُتَخَيَّلُ فِيهَا انْتِقَالُ الْعِتْقِ أَوْ الْوَلَاءُ وَلَمْ يَحْصُلْ (وَلَوْ لَمْ يَقُلْ) فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْأَرِقَّاءِ (عَنِّي وَلَا عَنْك فَكَقَوْلِهِ عَنْك) فَيَصِحُّ الْعِتْقُ وَيَلْزَمُ الْعِوَضُ (وَإِنْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي وَنَوَى عَنْ كَفَّارَتِي فَأَعْتَقَهُ أَجْزَأَهُ) عَنْهَا كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي (وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْهُ عَنِّي بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لَك الْوَلَاءُ فَفَعَلَ فَسَدَ الشَّرْطُ وَعَتَقَ) عَنْ الْمُسْتَدْعِي (بِالْقِيمَةِ) لَا بِالْمُسَمَّى، وَإِنْ عَبَّرَ بِهِ الْمُتَوَلِّي لِفَسَادِهِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ (وَإِنْ قَالَ أَعْتِقْهُ عَنْ ابْنِي الصَّغِيرِ) فَفَعَلَ (جَازَ إنْ كَانَ) الْعَبْدُ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُ الصَّغِيرَةَ نَفَقَتُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ بِقَرِينَةٍ قَوْلُهُ (لِأَنَّهُ اكْتِسَابُ وَلَاءٍ) لَهُ (بِلَا ضَرَرٍ) يَلْحَقُهُ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ رَقِيقٌ فَأَرَادَ أَبَاهُ إعْتَاقَهُ (وَإِنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ عَبْدًا فَقَبِلَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْوَاهِبِ أَعْتِقْهُ عَنْ وَلَدِي الصَّغِيرِ قَبْلَ الْقَبْضِ) لَهُ فَفَعَلَ (جَازَ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِتَسْلِيمِهِ إلَى وَلَدِهِ وَنَابَ عَنْهُ فِي الْإِعْتَاقِ لِلْوَلَدِ (وَيُشْتَرَطُ فِي) صُورَةِ (الِاسْتِدْعَاءِ) لِوُقُوعِ الْعِتْقِ عَنْ الْمُسْتَدْعِي وَلُزُومِ الْعِوَضِ لَهُ (الْجَوَابُ) لَهُ (فَوْرًا وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابٌ أَوْ طَالَ الْفَصْلُ (وَقَعَ) الْعِتْقُ (عَنْ الْمَالِكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ) عَلَى الْمُسْتَدْعِي [فَرْعٌ قَالَ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَلْفٍ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَلْفٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بِأَلْفٍ (فَفَعَلَ صَحَّ وَلَزِمَ الْمُسَمَّى) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ الْبَيْعَ لِتَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى الْمِلْكِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِعْنِيهِ بِكَذَا وَأَعْتِقْهُ عَنِّي وَقَدْ أَجَابَهُ (وَكَذَا لَوْ قَالَ) لَهُ (الْمَالِكُ أَعْتِقْهُ عَنْك عَلَى أَلْفٍ إذَا جَاءَ الْغَدُ وَقَبِلَ) فِي الْحَالِ (وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ) مَثَلًا جَوَابًا لِمَنْ طُلِبَ مِنْهُ إعْتَاقُهُ عَنْهُ عَلَيْهَا (عَتَقَ) عَنْهُ (بِالْقِيمَةِ) كَمَا فِي الْخُلْعِ (وَالْعِتْقُ يَنْفُذُ بِالْعِوَضِ) وَفِي نُسْخَةٍ وَالْعِتْقُ الْمُقَيَّدُ بِالْعِوَضِ جَائِزٌ (وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَغْصُوبًا) لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ (لِأَنَّ الْبَيْعَ) فِي ذَلِكَ (ضِمْنِيٌّ) فَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُسْتَقِلِّ. [فَرْعٌ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي] (فَرْعٌ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ) إذْ لَا عِتْقَ فِي غَيْرِ مِلْكٍ (ثُمَّ الْعِتْقُ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِلْكِ وَيَقَعُ مُتَّصِلًا بِهِ وَذَلِكَ فِي لَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ) لِأَنَّ الْعِتْقَ وَقَعَ عَنْ الْغَيْرِ فَيَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ الْمِلْكِ فَإِذَا وُجِدَ تَرَتَّبَ الْعِتْقُ عَلَيْهِ (وَإِنْ خَرَجَ) الْمُعْتِقُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي (مَعِيبًا اسْتَحَقَّ الْأَرْشَ) بِعَيْنِهِ (وَيُكَفِّرُ بِغَيْرِهِ إنْ مَنَعَ) الْعَيْبُ (الْإِجْزَاءَ) عَنْ الْكَفَّارَةِ وَإِلَّا أَجْزَأَ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِمَالِكِهِ (أَعْتِقْهُ عَنِّي بِأَلْفٍ فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ مَجَّانًا) أَوْ بِغَيْرِ الْأَلْفِ (وَقَعَ) عِتْقُهُ (عَنْ الْمُعْتِقِ) دُونَ الْمُسْتَدْعِي [فَصْلٌ عُدُولُ الرَّشِيدُ إلَى الصَّوْمِ عِنْدَ تَعَسُّرِ الرَّقَبَةِ] (فَصْلٌ إنَّمَا يَعْدِلُ الرَّشِيدُ إلَى الصَّوْمِ عِنْدَ تَعَسُّرِ الرَّقَبَةِ عَلَيْهِ) لِآيَةِ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ} [النساء: 92] فَالْمُرَادُ مِنْهَا التَّعَسُّرُ لَا التَّعَذُّرُ وَخَرَجَ بِالرَّشِيدِ الْمَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ السَّفِيهُ أَيْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ يُكَفِّرُ بِالْمَالِ لِمَا مَرَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، ثُمَّ الْعِتْقُ تَرَتَّبَ عَلَى الْمِلْكِ إلَخْ) أَيْ يَحْصُلُ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ عَلَى الِاتِّصَالِ. [فَرْعٌ قَالَ لِمَالِكِهِ أَعْتِقْهُ عَنِّي بِأَلْفٍ فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ مَجَّانًا] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ إنَّمَا يَعْدِلُ الرَّشِيدُ إلَى الصَّوْمِ عِنْدَ تَعَسُّرِ الرَّقَبَةِ) لَوْ بَانَ بَعْدَ فَرَاغِ الصِّيَامِ أَنَّهُ وَرِثَ رَقَبَةً قَالَ بَعْضُهُمْ اعْتَدَّ بِصَوْمِهِ بِخِلَافِ نِسْيَانِهَا فِي مِلْكِهِ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ فِيهِمَا اهـ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ فَلَا يُكَفِّرُ بِالْمَالِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 فِي الْحَجْرِ أَنَّهُ كَالْمُعْسِرِ حَتَّى لَوْ حَلَفَ وَحَنِثَ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْأَيْمَانَ تَتَكَرَّرُ عَادَةً فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِ فِيهَا كَالْمُعْسِرِ جَعْلُهُ كَذَلِكَ فِي الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَالْمُكَلَّفُ يَمْتَنِعُ مِنْهُ عَادَةً وَبِأَنَّ زَمَنَ الصَّوْمِ هُنَا يَطُولُ فَيَتَضَرَّرُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ وَبِأَنَّ الْمُظَاهِرَ يَنْتَقِلُ بِعَجْزِهِ عَنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ فَإِذَا لَمْ يُكَفِّرْ السَّفِيهُ بِالْمَالِ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الصَّوْمِ أَدَّى إلَى إضْرَارِهِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ، ثُمَّ قَالَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ فِي الظِّهَارِ بِالْمَالِ كَمَا فِي الْقَتْلِ وَالْمُخْرِجُ لَهُ وَلِيُّهُ وَالنَّاوِي هُوَ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ. وَمَا حَكَاهُ الْجُورِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَوْ ظَاهَرَ بِصَوْمٍ غَرِيبٍ لَا يُعْرَفُ فِي الظِّهَارِ وَلَعَلَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ وَجَدَ لِلشَّافِعِيِّ ذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَأَلْحَقَ بِهِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ، ثُمَّ قَرَنَ هَذَا بِذَاكَ حَتَّى حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ قَوَاعِدِهِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ (فَيَعْتِقُ) الْمَذْكُورُ (عِنْدَ خِدْمَتِهِ) إنْ كَانَتْ فَاضِلًا عَمَّا يَأْتِي لِلْآيَةِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) هُوَ (مَرِيضًا) أَوْ زَمِنًا (أَوْ كَبِيرًا أَوْ ضَخْمًا) ضَخَامَةً تَمْنَعُهُ مِنْ خِدْمَةِ نَفْسِهِ (أَوْ ذَا مَنْصِبٍ) يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُكَلَّفُ إعْتَاقَهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ بِعِتْقِهِ ضَرَرٌ شَدِيدٌ وَإِنَّمَا يَفُوتُ بِهِ نَوْعُ رَفَاهِيَةٍ (وَيَشْتَرِيهَا) أَيْ الرَّقَبَةَ (بِفَاضِلٍ عَنْ كِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ) مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ (وَ) عَنْ (أَثَاثٍ لَا بُدَّ مِنْهُ) هَذَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ وَالْمُعْتَبَرُ (فِي) الْكِفَايَةِ كِفَايَةُ (السَّنَةِ لَا) كِفَايَةُ (الْعُمُرِ) لِأَنَّ الْمُؤْنَاتِ تَتَكَرَّرُ فِيهَا وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَسَكَتُوا عَنْ تَقْدِيرِ مُدَّةِ ذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ تُقَدَّرَ بِالْعُمُرِ الْغَالِبِ وَأَنْ تُقَدَّرَ بِسَنَةٍ وَصَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْهُمَا الثَّانِيَ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا نَقْلَ فِيهَا مَعَ أَنَّ مَنْقُولَ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلُ كَمَا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بِالثَّانِي عَلَى قِيَاسِ مَا صَنَعَ فِي الزَّكَاةِ (وَعَنْ مَسْكَنٍ) يَحْتَاجُهُ وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا مَرَّ أَيْضًا، أَمَّا إذَا لَمْ يَجِدْ فَاضِلًا عَمَّا ذَكَرَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ؛ لِأَنَّهُ فَاقِدٌ شَرْعًا كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِعَطَشٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَ فِي الْحَجِّ وَفِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ مِنْ أَنَّ كُتُبَ الْفَقِيهِ لَا تُبَاعُ فِي الْحَجِّ وَلَا تَمْنَعُ أَخْذَ الزَّكَاةِ وَفِي الْفَلَسِ مِنْ أَنَّ خَيْلَ الْجُنْدِيِّ الْمُرْتَزِقِ تَبْقَى لَهُ يُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا بَلْ أَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَبِبَيْعِ) وُجُوبًا (فَاضِلِ دَارِهِ الْوَاسِعَةِ إنْ أَمْكَنَ) بَيْعُهُ مَعَ سُكْنَى الْبَاقِي إذْ لَا ضَرُورَةَ وَلَا عُسْرَ، وَكَلَامُهُ كَثِيرٌ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَأْلُوفَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَارِقُهَا (وَإِنْ حَصَلَ الْغَرَضَانِ) أَيْ غَرَضُ اللُّبْسِ وَغَرَضُ التَّكْفِيرِ بِالْإِعْتَاقِ (بِبَيْعِ ثَوْبٍ نَفِيسٍ) لَا يَلِيقُ بِالْمُكَفِّرِ (وَجَبَ الْبَيْعُ) وَالْإِعْتَاقُ. (وَكَذَا) الْحُكْمُ (فِي عَبْدٍ وَدَارٍ نَفِيسَيْنِ) إذَا حَصَلَ غَرَضَا الْخِدْمَةِ وَالْإِعْتَاقِ فِي الْعَبْدِ وَغَرَضَا السُّكْنَى وَالْإِعْتَاقِ فِي الدَّارِ (لَا مَأْلُوفَيْنِ) فَلَا يَلْزَمُهُ بَيْعُ بَعْضِهِمَا لِعُسْرِ مُفَارَقَةِ الْمَأْلُوفِ فَيُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَفِي الْحَجِّ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ لَهُ، وَإِنْ كَانَا مَأْلُوفَيْنِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الْحَجَّ لَا بَدَلَ لَهُ وَلِلْإِعْتَاقِ بَدَلٌ وَكَالْعَبْدِ فِيمَا ذَكَرَ الْأَمَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَبْقَى لِلْمُفْلِسِ خَادِمٌ وَلَا مَسْكَنٌ أَنَّ لِلْكَفَّارَةِ بَدَلًا وَأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ (وَلَا يُكَلَّفُ بَيْعَ ضَيْعَةٍ وَرَأْسِ مَالٍ) يَتَّجِرُ فِيهِ (أَوْ مَاشِيَةٍ رِيعُهَا) أَيْ رِيعُ كُلٍّ مِنْهَا (قَدْرُ كِفَايَتِهِ) أَيْ كِفَايَةِ مُمَوِّنِهِ فَقَطْ أَيْ لَا يُكَلَّفُ بَيْعَهَا لِتَحْصِيلِ رَقَبَةٍ يَعْتِقُهَا لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا وَلِأَنَّ الِانْتِقَالَ إلَى حَاجَةِ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ أَشَدُّ مِنْ مُفَارِقَةِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ الْمَأْلُوفَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْحَجِّ مَا مَرَّ آنِفًا (وَمَنْ لَهُ أُجْرَةٌ تَزِيدُ عَلَى) قَدْرِ (كِفَايَتِهِ لَا يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ لِجَمْعِهَا) أَيْ لِجَمْعِ الزِّيَادَةِ لِتَحْصِيلِ الْعِتْقِ فَلَهُ الصَّوْمُ (وَلَوْ تَيَسَّرَتْ) أَيْ الزِّيَادَةُ أَيْ جَمْعُهَا (لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَوْ مَا قَارَبَهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ لِجَمْعِهَا لِلْعِتْقِ (فَإِنْ اجْتَمَعَتْ) أَيْ الزِّيَادَةُ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الرَّقَبَةُ (قَبْلَ صِيَامِهِ وَجَبَ الْعِتْقُ) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ (فَرْعٌ) لَوْ (غَابَ مَالُ الْمُكَفِّرِ) عَنْهُ (أَوْ) حَضَرَ لَكِنْ (فُقِدَتْ الرَّقَبَةُ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا كَأَنْ لَمْ يَجِدْهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ (لَمْ يَعْدِلْ عَنْهَا) إلَى الصَّوْمِ بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَجِدَهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ يَحْضُرَ الْمَالُ (وَلَوْ فِي) كَفَّارَةِ (الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ لَأُخِذَتْ) أَيْ الرَّقَبَةُ (مِنْ التَّرِكَةِ) وَلَا نَظَرَ إلَى تَضَرُّرِهِ فِي الظِّهَارِ بِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ مُدَّةَ الصَّبْرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَ نَفْسَهُ فِيهِ وَقِيلَ يَعْدِلُ إلَى الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِتَضَرُّرِهِ بِعَدَمِ الْعُدُولِ وَالتَّصْرِيحِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِي غَيْرِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدِّرَ بِالْعُمُرِ الْغَالِبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ مَنْقُولَ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ اعْتِبَارَ الْكِفَايَةِ عَلَى الدَّوَامِ صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّامِلِ وَنَقَلَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَأَحْسَبُهُ إجْمَاعَ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَرَّحَ الْعِمْرَانِيُّ هُنَا بِذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الشَّامِلِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ هُنَا الْكِفَايَةَ الَّتِي يَحْرُمُ مَعَهَا أَخْذُ الزَّكَاةِ فَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَجْهٌ فِي اعْتِبَارِ كِفَايَةِ السَّنَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ بَعْدَ هَذَا بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيْعُ ضَيْعَةٍ لَا يَفْضُلُ دَخْلُهَا عَنْ كِفَايَتِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِاعْتِبَارِ ذَلِكَ عَلَى الدَّوَامِ (قَوْلُهُ وَعَنْ مَسْكَنٍ يَحْتَاجُهُ) لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ كَفَّرُوا بِالصَّوْمِ وَلَهُمْ مَسَاكِنُ يَأْوُونَ إلَيْهَا فَهُوَ إجْمَاعٌ فَمَنْ ادَّعَى أَنَّ مَنْ صَامَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ فَقَدْ أَبْعَدَ (قَوْلُهُ يُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الْحَجَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ غَابَ مَالُ الْمُكَفِّرِ عَنْهُ أَوْ حَضَرَ لَكِنْ فُقِدَتْ الرَّقَبَةُ] (قَوْلُهُ فَرْعٌ لَوْ غَابَ مَالُ الْمُكَفِّرِ عَنْهُ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ اقْتَضَتْ الْغَيْبَةُ عَدَّهُ مُعْسِرًا حَتَّى يُصْرَفَ إلَيْهِ مِنْ سَهْمِ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَمِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَحَتَّى تُفْسَخَ الزَّوْجَةُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ وَحَتَّى لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ عَلَى الْأَصَحِّ لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، وَأَخْذُهُ الزَّكَاةَ لِحَاجَةٍ تَخْتَصُّ بِمَكَانِهِ وَفَارَقَ الْمُتَمَتِّعَ فَإِنَّهُ يَصُومُ، فَإِنَّ مَكَانَ الدَّمِّ مَكَّةُ فَاعْتُبِرَ يَسَارُهُ بِهَا وَمَكَانَ الْكَفَّارَةِ مُطْلَقٌ فَاعْتُبِرَ يَسَارُهُ مُطْلَقًا وَكَتَبَ أَيْضًا وَإِنَّمَا فُسِخَتْ زَوْجَتُهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لِتَضَرُّرِهَا وَبَائِعُهُ لِتَضَرُّرِهِ بِتَأْخِيرِ الثَّمَنِ عَنْهُ وَالْكَفَّارَةُ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى تَعْجِيلِهَا وَهِيَ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْمَشْهُورِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 بِتَرْجِيحِ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ (بِخِلَافِ مِثْلِهِ فِي التَّمِيمِ) لَوْ غَابَ عَنْهُ مَالُهُ أَوْ فَقَدْ الْمَاءَ لَمْ يَلْزَمْهُ الصَّبْرُ بَلْ يَتَيَمَّمُ (لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُقْضَى عَنْ الْمَيِّتِ) وَبِخِلَافِ الْمُحْصِرِ إذَا لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ بَلْ وَجَدَ ثَمَنَهُ يَصُومُ وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ لِلضَّرَرِ بِالْإِحْصَارِ وَصَرَّحَ الرَّافِعِيُّ هُنَا بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى التَّرَاخِي وَفِي بَابِ الصَّوْمِ بِأَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ وَنَقَلَهُ فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْقَفَّالِ وَاسْتَشْكَلَ كَوْنَهَا فِي الظِّهَارِ عَلَى التَّرَاخِي بِأَنَّ سَبَبَهَا مَعْصِيَةٌ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفَوْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ عَلَيْهِ حَتَّى يُكَفِّرَ عَنْ إيجَابِهَا عَلَى الْفَوْرِ وَبِأَنَّ الْعَوْدَ لَمَّا كَانَ شَرْطًا فِي إيجَابِهَا وَهُوَ مُبَاحٌ كَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي (فَرْعٌ لَا يَجِبُ) عَلَيْهِ (قَوْلُهُ هِبَةُ الرَّقَبَةِ) وَلَا ثَمَنُهَا وَلَا قَبُولُ الْإِعْتَاقِ عَنْهُ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ (بَلْ يُسْتَحَبُّ) قَبُولُهَا (فَإِنْ حَصَلَتْ) أَيْ الرَّقَبَةُ أَيْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهَا (بِثَمَنٍ غَالٍ) أَيْ زَائِدٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهَا (أَوْ نَسِيئَةٍ وَمَالُهُ غَائِبٌ) عَنْهُ (فَكَالْمَاءِ يُشْتَرَى لِتَيَمُّمٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهَا فِي الْأُولَى وَيَلْزَمُهُ فِي الثَّانِيَةِ إنْ بِيعَتْ مِنْهُ بِزِيَادَةٍ تَلِيقُ بِالنَّسِيئَةِ وَكَانَ مُوسِرًا وَالْأَجَلُ مُمْتَدٌّ إلَى أَنْ يَحْضُرَ مَالُهُ. [فَصْلٌ الِاعْتِبَارُ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارُهُ بِالْإِعْتَاقِ] (فَصْلٌ الِاعْتِبَارُ فِي يَسَارِهِ) وَإِعْسَارُهُ بِالْإِعْتَاقِ (بِوَقْتِ الْأَدَاءِ لَا) بِوَقْتِ (الْوُجُوبِ) كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَعَلَى هَذَا قَالَ الْإِمَامُ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْوَاجِبِ قَبْلَ الْأَدَاءِ غُمُوضٌ وَلَا يَتَّجِهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْوَاجِبُ أَصْلُ الْكَفَّارَةِ وَلَا يَتَعَيَّنُ خَصْلَةٌ كَمَا نَقُولُ بِوُجُوبِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُوسِرِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ خَصْلَةٍ أَوْ يُقَالُ يَجِبُ مَا تَقْتَضِيهِ حَالَةُ الْوُجُوبِ، ثُمَّ إذَا تَبَدَّلَ الْحَالُ تَبَدَّلَ الْوَاجِبُ كَمَا يَلْزَمُ الْقَادِرَ صَلَاةُ الْقَادِرِينَ، ثُمَّ إذَا عَجَزَ تَبَدَّلَتْ صِفَةُ الصَّلَاةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ (وَلَوْ) الْأَوْلَى فَلَوْ (عَتَقَ الْعَبْدُ) الَّذِي لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ (وَأَيْسَرَ حَالَةَ الْأَدَاءِ فَفَرْضُهُ الْإِعْتَاقُ) كَمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا حَالَةَ الْوُجُوبِ، ثُمَّ أَيْسَرَ حَالَةَ الْأَدَاءِ (وَلَوْ تَكَلَّفَ مُعْسِرٌ الْعِتْقَ) أَيْ الْإِعْتَاقَ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَجْزَأَهُ) لِأَنَّهُ أَعْلَى. (فَرْعٌ لَوْ شَرَعَ) الْمُعْسِرُ (فِي الصَّوْمِ فَأَيْسَرَ أَوْ) الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ (فِي الْإِطْعَامِ فَقَدَرَ) عَلَى الصَّوْمِ (لَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَالُ) إلَى الْإِعْتَاقِ فِي الْأَوَّلِ وَلَا إلَى الصَّوْمِ فِي الثَّانِي لِشُرُوعِهِ فِي الْبَدَلِ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي صَوْمِ الْعَشَرَةِ، فَإِنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ كَانَ أَفْضَلَ وَوَقَعَ مَا فَعَلَهُ تَطَوُّعًا (فَصْلٌ لَا يُكَفِّرُ الْعَبْدُ إلَّا بِالصَّوْمِ) لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ وَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا (وَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ) مِنْ الصَّوْمِ (إنْ أَضَرَّ بِهِ) بِحَيْثُ يَضْعُفُ مَعَهُ عَنْ خِدْمَةِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى التَّرَاخِي بِخِلَافِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ تَحْلِيلُهُ كَمَا فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَبِخِلَافِ الْأَمَةِ الْحَانِثَةِ فَلِسَيِّدِهَا مَنْعُهَا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَضْعُفْ عَنْ خِدْمَتِهِ لِحَقِّ تَمَتُّعِهِ الْفَوْرِيِّ مِمَّا سَيَأْتِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ (لَا فِي) كَفَّارَةِ (الظِّهَارِ) فَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ الصَّوْمِ عَنْهَا (لِتَضَرُّرِهِ) بِدَوَامِ التَّحْرِيمِ (وَلَا يَمْنَعُهُ) مِنْ الصَّوْمِ (إنْ حَلَفَ بِإِذْنِهِ وَحَنِثَ بِإِذْنِهِ) وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى التَّرَاخِي لِصُدُورِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهَا عَنْ إذْنِهِ (وَكَذَا لَوْ حَنِثَ بِإِذْنِهِ) الْأَوْلَى وَكَذَا لَوْ أَذِنَ فِي حِنْثِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ حَلِفِهِ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ يَسْتَعْقِبُ الْكَفَّارَةَ فَالْإِذْنُ فِيهِ إذْنٌ فِي التَّكْفِيرِ كَالْإِذْنِ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ إذْنٌ فِي أَفْعَالِهِ (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَلِفِ دُونَ الْحِنْثِ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الصَّوْمِ إنْ أَضَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْحَلِفِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ فِي الْحِنْثِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلُّزُومِ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَكُونُ الْإِذْنُ فِيهِ إذْنًا فِي التَّفْكِيرِ بِخِلَافِ الْإِذْنِ فِي الْحِنْثِ كَمَا مَرَّ وَمَا وَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مِنْ تَصْحِيحِ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ فِي الْحَلِفِ قَالَ النَّسَائِيّ سَبْقُ قَلَمٍ (فَلَوْ صَامَ) بِغَيْرِ إذْنِهِ حَيْثُ مَنَعْنَاهُ مِنْهُ (أَجْزَأَهُ) وَأَثِمَ (فَلَوْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ) الصَّوْمُ (لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ وَلَا مِنْ التَّطَوُّعِ بِهِ وَلَا) مِنْ التَّطَوُّعِ (بِصَلَاةٍ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْخِدْمَةِ) إذْ لَا ضَرَرَ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّ لِلزَّوْجِ مَنْعَهَا مِنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّهُ لِحُرْمَتِهِ يَمْنَعُهُ الْوَطْءَ (وَالْمُبَعَّضُ لَا يَعْتِقُ) عَنْ كَفَّارَتِهِ وَلَا غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ. (فَصْلٌ يَجِبُ تَبْيِيتُ نِيَّتِهِ) أَيْ الصَّوْمِ لِكُلِّ يَوْمٍ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ (وَتَكْفِيهِ نِيَّةُ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ) فَلَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ اكْتَفَوْا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الْعَوْدَ لَمَّا كَانَ شَرْطًا فِي إيجَابِهَا) يَعْنِي لَا بُدَّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ لَا اعْتِبَارَ فِي يَسَارِهِ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ) أَيْ شُرُوعِهِ فِي الصَّوْمِ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا بَدَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا فَأَشْبَهَتْ الْوُضُوءَ وَالتَّيَمُّمَ وَالْقِيَامَ وَالْقُعُودَ فِي الصَّلَاةِ وَتُفَارِقُ الْحَدَّ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ مُمْتَنِعَةٌ وَالْإِعْتَاقُ لَا يَمْتَنِعُ مَعَ إيجَابِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَّجِهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ شَرَعَ الْمُعْسِرُ فِي الصَّوْمِ فَأَيْسَرَ] (قَوْلُهُ لَوْ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ فَأَيْسَرَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ لَحْظَةٍ. [فَصْلٌ لَا يُكَفِّرُ الْعَبْدُ إلَّا بِالصَّوْمِ] (قَوْلُهُ لَا يُكَفِّرُ الْعَبْدُ إلَّا بِالصَّوْمِ) وَالْمُكَاتَبُ يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ حَلَفَ بِإِذْنِهِ وَحَنِثَ بِإِذْنِهِ) لَوْ انْتَقَلَ مِنْ مِلْكِ زَيْدٍ إلَى عَمْرٍو وَكَانَ حَلَفَ وَحَنِثَ فِي مِلْكِ زَيْدٍ فَهَلْ لِعَمْرٍو الْمَنْعُ مِنْ الصَّوْمِ، وَلَوْ كَانَ زَيْدٌ أَذِنَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ غَائِبًا فَهَلْ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ صَوْمٍ لَوْ كَانَ السَّيِّدُ حَاضِرًا لَكَانَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ أَوَّلًا الظَّاهِرُ هُنَا نَعَمْ، وَلَوْ أَجَّرَ السَّيِّدُ عَيْنَ عَبْدِهِ وَكَانَ الضَّرَرُ يُخِلُّ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهَا فَقَطْ فَهَلْ لَهُ الصَّوْمُ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ إذْنِ السَّيِّدِ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ هُنَا وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْحِنْثِ وَاجِبًا أَوْ غَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي ع وَالرَّاجِحُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَفِيمَا لَوْ حَلَفَ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَحَنِثَ فِي مِلْكِ آخَرَ أَنَّ الْأَوَّلَ إنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِمَا أَوْ فِي الْحِنْثِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي مَنْعُهُ مِنْ الصَّوْمِ، وَإِنْ ضَرَّهُ وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ إنْ ضَرَّهُ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ هُنَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَذِنَ فِي حِنْثِهِ فَقَطْ) إذْنُهُ فِي حَلِفِهِ يَمْتَنِعُ فِيهِ الْبِرُّ كَإِذْنِهِ فِي الْحِنْثِ اث س (قَوْلُهُ قَالَ النَّسَائِيّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ إعْتَاقُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ مَالِكُ بَعْضِهِ إذَا أَعْتَقْت عَنْ كَفَّارَتِك فَنَصِيبِي مِنْك حُرٌّ قَبْلَ إعْتَاقِك أَوْ مَعَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 يَجِبُ تَعْيِينُ جِهَتِهَا كَمَا مَرَّ (وَلَوْ تَرَكَ نِيَّةَ التَّتَابُعِ) فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ ذَلِكَ فَلَا تَجِبُ نِيَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ هَيْئَةٌ الْعِبَادَةِ وَالْهَيْئَةُ لَا يَجِبُ الِاعْتِرَاضُ لَهَا فِي النِّيَّةِ (فَإِنْ نَوَى الصَّوْمَ، ثُمَّ طَلَبَ الرَّقَبَةَ فَلَمْ يَجِدْهَا يُجْزِئُهُ) الصَّوْمُ إلَّا أَنْ يُجَدِّدَ النِّيَّةَ فِي اللَّيْلِ بَعْدَ عَدَمِ الْوِجْدَانِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ تَقَدَّمَتْ عَلَى وَقْتِ جَوَازِ الصَّوْمِ (وَهُوَ) أَيْ صَوْمُ الْكَفَّارَةِ الْعُظْمَى (شَهْرَانِ مُتَتَابِعَانِ) بِالنَّصِّ وَهُمَا هِلَالِيَّانِ (وَإِنْ انْكَسَرَ الْأَوَّلُ أَتَمَّهُ ثَلَاثِينَ مِنْ الثَّالِثِ) لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ فِيهِ إلَى الْهِلَالِ كَنَظَائِرِهِ. (فَإِنْ فَسَدَ صَوْمُ يَوْمٍ) وَلَوْ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ (بِمَا سِوَى الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجُنُونِ وَمُسْتَغْرِقِ الْإِغْمَاءِ اسْتَأْنَفَ) صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ (وَإِنْ كَانَ) الْإِفْسَادُ (بِعُذْرٍ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ وَرَضَاعٍ) أَمَّا إفْسَادُهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ فَلَا يُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُنَافِي الصَّوْمَ مَعَ عَدَمِ الِاخْتِيَارِ فِيهِ مِنْ الصَّائِمِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا (وَيَنْقَلِبُ) صَوْمُهُ السَّابِقُ عَلَى صَوْمِهِ الْفَاسِدِ (نَفْلًا) كَمَا لَوْ نَوَى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقِيَاسُ نَظِيرِهِ الْمَذْكُورِ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْإِفْسَادِ بِعُذْرٍ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ وَلَا يَكُونُ مَا مَضَى نَفْلًا عَلَى الْإِفْسَادِ بِلَا عُذْرٍ. (وَنِسْيَانُ النِّيَّةِ كَتَرْكِهَا عَمْدًا) فَيُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَيْسَ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ بِخِلَافِ تَرْكِهَا مِمَّنْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَمِيعَ اللَّيْلِ (فَإِنْ وَطِئَ) الْمُظَاهِرُ مِنْهَا (لَيْلًا) قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرَيْنِ (عَصَى) بِتَقْدِيمِ الْوَطْءِ عَلَى تَمَامِ التَّكْفِيرِ (وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ) لِأَنَّهُ وَطْءٌ لَا يُؤَثِّرُ فِي الصَّوْمِ فَلَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَالْأَكْلِ بِاللَّيْلِ وَوَطْءُ غَيْرِ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا وَلِأَنَّا لَوْ أَوْجَبْنَا الِاسْتِئْنَافَ لَوَقَعَ صَوْمُ الشَّهْرَيْنِ بَعْدَ التَّمَاسِّ وَلَوْ لَمْ نُوجِبْهُ كَانَ بَعْضُهُمَا قَبْلَ التَّمَاسِّ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى مَا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ مِنْ الْأَوَّلِ. (فَإِنْ شَكَّ فِي نِيَّةِ صَوْمِ يَوْمٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ) مِنْ الصَّوْمِ (وَلَوْ مِنْ) صَوْمِ (الْيَوْمِ) الَّذِي شَكَّ فِي نِيَّتِهِ (لَمْ يَضُرَّ) إذْ لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْيَوْمِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الصَّلَاةِ بِأَنَّهَا أَضْيَقُ مِنْ الصَّوْمِ (وَيَقْطَعُهُ) أَيْ التَّتَابُعَ (عِيدُ النَّحْرِ وَرَمَضَانُ وَلَوْ فِي تَحَرِّي أَسِيرٍ) أَيْ وَلَوْ فِي صَوْمِ أَسِيرٍ تَحَرَّى فِيهِ فَغَلَطَ بِظُهُورِ مَا ذَكَرَ كَمَا فِي الْإِفْطَارِ بِالْمَرَضِ وَلَوْ كَانَ لَهَا عَادَةٌ فِي الطُّهْرِ تَمْتَدُّ شَهْرَيْنِ فَشَرَعَتْ فِي الصَّوْمِ فِي وَقْتٍ يَتَخَلَّلُهُ الْحَيْضُ انْقَطَعَ التَّتَابُعُ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَفِي الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِنَقْلِهَا عَنْ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ الْحَيْضَ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. (وَإِنْ صَامَ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ أَوْ بِنِيَّتِهِمَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ وَرَمَضَانَ (بَطَلَ صَوْمُهُ) لِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهِ (وَيَأْثَمُ بِقَطْعِ) صَوْمِ (الشَّهْرَيْنِ لِيَسْتَأْنِفَ بَلْ) الْأَوْلَى إذْ (هُمَا) أَيْ صَوْمُهُمَا عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ (كَالْيَوْمِ) أَيْ كَصَوْمِهِ فَيَكُونُ قَطْعُهُ كَقَطْعِ فَرِيضَةٍ شَرَعَ فِيهَا وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ [فَصْلٌ عَجَزَ الْمُكَفِّرُ عَنْ الصِّيَام أَوْ التَّتَابُع] (فَصْلٌ وَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَفِّرُ (عَنْ الصِّيَامِ أَوْ التَّتَابُعِ) لَهُ (لِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى) زَوَالُهُ (وَكَذَا لَوْ) رُجِيَ زَوَالُهُ لَكِنَّهُ (دَامَ) أَيْ يَدُومُ (شَهْرَيْنِ غَالِبًا) بِالظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ أَوْ مِنْ قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ (أَوْ لِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) تَلْحَقُهُ بِالصَّوْمِ أَوْ بِتَتَابُعِهِ (مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِمَا (وَلَوْ) كَانَتْ الْمَشَقَّةُ (بِشَبَقٍ) وَهُوَ شِدَّةُ الْغُلْمَةِ أَيْ شَهْوَةِ الْوَطْءِ (أَوْ خَوْفِ زِيَادَةٍ فِي الْمَرَضِ أَطْعَمَ) أَيْ مِلْكَ (سِتِّينَ مِسْكِينًا أَوْ فَقِيرًا) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ تَرْكُ صَوْمِ رَمَضَانَ بِعُذْرِ الشَّبَقِ؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ فِيهِ لَيْلًا بِخِلَافِهِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِاسْتِمْرَارِ حُرْمَتِهِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَنْتَظِرْ زَوَالَ الْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ زَوَالُهُ لِلصَّوْمِ كَمَا يَنْتَظِرُ الْمَالَ الْغَائِبَ لِلْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِمَنْ غَابَ مَالُهُ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً وَيُقَالُ لِلْعَاجِزِ بِالْمَرَضِ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ وَلِأَنَّ حُضُورَ الْمَالِ مُتَعَلِّقٌ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ زَوَالِ الْمَرَضِ وَخَرَجَ بِالْمَرَضِ السَّفَرُ فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ بِهِ إلَى الْإِطْعَامِ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ يَغْلِبُهُ الْجُوعُ تَرْكُ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ بَلْ يَشْرَعُ فَإِذَا عَجَزَ أَفْطَرَ بِخِلَافِ الشَّبَقِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّوْمِ يُبَاحُ بِفَرْطِ الْجُوعِ دُونَ فَرْطِ الشَّبَقِ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. وَيُعْتَبَرُ فِي الْمَسْكَنِ وَالْفَقِيرِ أَنْ يَكُونَا (مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ) فَلَا يُجْزِئُ الدَّفْعُ إلَى كَافِرٍ وَلَا هَاشِمِيٍّ وَلَا مُطَّلِبِيٍّ وَلَا إلَى مَوَالِيهِمَا وَلَا إلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَلَا إلَى عَبْدٍ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَاعْتَبَرُوا فِيهَا صِفَاتِ الزَّكَاةِ (سِتِّينَ مُدٍّ لِكُلِّ) وَاحِدٍ (مُدٌّ) بَدَلًا عَنْ صَوْمِ سِتِّينَ يَوْمًا لِمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْوَطْءِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَكْفِي الدَّفْعُ، وَإِنْ زَالَ الْمَرَضُ بَعْدَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ يَجِبُ تَبْيِيتُ نِيَّة الصَّوْمِ لِكُلِّ يَوْمٍ] قَوْلُهُ بِمَا سِوَى الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْمَرْأَةِ الصَّوْمُ الْمُتَتَابِعُ لِلْكَفَّارَةِ إلَّا لِأَجْلِ الْقَتْلِ وَكَذَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَوْ الْجِمَاعِ إذَا صَامَتْ عَنْ قَرِيبِهَا الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ اسْتَأْنَفَ صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ) لِلْإِخْلَالِ بِمَا اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ مِنْ الْمُوَالَاةِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ وَلَا يَكُونُ مَا مَضَى نَفْلًا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا لَا وَجْهَ لِلْحَمْلِ الْمَذْكُورِ إذْ لَا وَجْهَ لِبُطْلَانِ مَا مَضَى فَالْأَقْرَبُ خِلَافُ مَا فِي الْأَنْوَارِ وَإِطْلَاقُ وُقُوعِهِ نَفْلًا (قَوْلُهُ انْقَطَعَ التَّتَابُعُ) فِيهِ تَجَوُّزٌ، فَإِنَّ مَنْ شَرَعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ فِي وَقْتٍ يَعْلَمُ دُخُولَ مَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لَمْ يَنْعَقِدْ ابْتِدَاءً عَنْ الْكَفَّارَةِ لِتَحَقُّقِ عَدَمِ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ رُجِيَ زَوَالُهُ لَكِنَّهُ دَامَ إلَخْ) لَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ فِي الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ دُونَ الصَّيْفِ فَلَهُ الْعُدُولُ إلَى الْإِطْعَامِ لِعَجْزِهِ الْآنَ عَنْ الصَّوْمِ كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ الْآنَ وَعَرَفَ أَنَّهُ لَوْ صَبَرَ قَدَرَ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ الْعُدُولُ إلَى الصَّوْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ. (قَوْلُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ) لِأَنَّهُ سَدَادُ الرَّغِيبِ وَكِفَايَةُ الْمُقْتَصِدِ وَنِهَايَةُ الزَّهِيدِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 جِنْسِ الْفِطْرَةِ) فَيُخْرَجُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وَقَضِيَّتُهُ إجْزَاءُ اللَّبَنِ لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ الْمَنْعَ فِيهِ (وَلَا يُجْزِئُ خُبْزٌ وَنَحْوُهُ) كَدَقِيقٍ وَسَوِيقٍ (وَالْمُدُّ رُبُعُ صَاعٍ) أَيْ رَطْلٌ وَثُلُثٌ (وَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُهُ فِي (الزَّكَاةِ، فَإِنْ تَمَلَّكُوهُ مُشَاعًا) كَأَنْ قَالَ مَلَّكْتُكُمْ هَذَا وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ بِالسَّوِيَّةِ فَقَبِلُوهُ (أَجْزَأَهُ) وَلَا نَظَرَ إلَى ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ لِخِفَّةِ أَمْرِهَا (وَكَذَا إنْ) لَمْ يَأْتِ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ كَأَنْ (قَالَ خُذُوهُ وَنَوَى) بِهِ الْكَفَّارَةَ (فَأَخَذُوهُ بِالسَّوِيَّةِ، فَإِنْ تَفَاوَتُوا) فِيمَا أَخَذُوهُ (لَمْ يُجْزِئْهُ إلَّا) مُدٌّ (وَاحِدٌ) لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ أَنَّ أَحَدَهُمْ أَخَذَ مُدًّا (مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ) وَفِي نُسْخَةٍ يَتَبَيَّنُ (مَعَهُ مَنْ أَخَذَ مُدًّا) آخَرَ فَيُجْزِئُهُ مُدٌّ آخَرُ وَهَكَذَا فَلَوْ تَيَقَّنَ أَنَّ عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ أَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمْ مُدًّا فَأَكْثَرَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ الْعَدَدُ وَلَزِمَهُ التَّكْمِيلُ نَعَمْ إنْ أَخَذُوهُ مُشْتَرَكًا، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ فَقَدْ مَلَكُوهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَا يَضُرُّ التَّفَاوُتُ فِي الْمَأْخُوذِ بَعْدَهَا وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ الْإِجْزَاءُ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْكَيْلَ رُكْنٌ فِي قَبْضِ الْمَكِيلِ وَنِيَابَتَهُمْ عَنْ الْمُظَاهِرِ تُؤَدِّي إلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ يُرَدُّ بِأَنَّ الْإِجْزَاءَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى التَّمْلِيكِ وَحْدَهُ لَا عَلَى الْقَبْضِ أَيْضًا وَهُمْ مَلَكُوهُ فِي الْأُولَى بِقَبُولِهِمْ وَفِي الثَّانِيَةِ بِأَخْذِهِمْ لَهُ جُمْلَةً وَأَمَّا الْقَبْضُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْكَيْلِ فَذَاكَ لِصِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ إنَّ الْكَيْلَ إنَّمَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ فِي الْمُعَامَلَاتِ بِخِلَافِ الْمُقَدَّرَاتِ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَالزَّكَاةِ حَتَّى لَوْ أَعْطَى فِي الزَّكَاةِ حَبًّا جُزَافًا يُقْطَعُ بِأَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى الْوَاجِبِ أَجْزَأَ قَطْعًا وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَوْ أَعْطَاهُمْ ثَوْبًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ لَمْ يَجُزْ لَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِيمَا قَالَهُ بِأَنَّ الْمُخْرَجَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ لَا بِفَسَادِ الْقَبْضِ. (وَإِنْ صَرَفَ سِتِّينَ) مُدًّا (إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ) مِسْكِينًا (بِالسَّوِيَّةِ) بَيْنَهُمْ (اُحْتُسِبَ لَهُ بِثَلَاثِينَ) مُدًّا (فَيَصْرِفُ ثَلَاثِينَ أُخْرَى إلَى سِتِّينَ مِنْهُمْ وَيَسْتَرِدُّ) الْأَمْدَادَ الْبَاقِيَةَ (مِنْ الْبَاقِينَ إنْ كَانَ ذَكَرَ) لَهُمْ (أَنَّهَا كَفَّارَةٌ) وَإِلَّا فَلَا يَسْتَرِدُّ كَنَظِيرِهِ فِي الزَّكَاةِ (وَإِنْ صَرَفَ سِتِّينَ) مُدًّا (إلَى ثَلَاثِينَ) بِحَيْثُ لَا يَنْقُصُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَنْ مُدٍّ (لَزِمَهُ صَرْفُ ثَلَاثِينَ) مُدًّا (إلَى ثَلَاثِينَ) غَيْرِهِمْ وَيَسْتَرِدُّ الْأَمْدَادَ الْبَاقِيَةَ مِنْ الْبَاقِينَ (كَمَا سَبَقَ) أَيْ إنْ كَانَ ذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ [فَرْعٌ صَرَفَ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ مِنْ كَفَّارَتَيْنِ] (فَرْعٌ) لَوْ (صَرَفَ لِمِسْكِينٍ) وَاحِدٍ (مُدَّيْنِ مِنْ كَفَّارَتَيْنِ جَازَ، وَإِنْ أَعْطَى رَجُلًا مُدًّا وَاشْتَرَاهُ) مَثَلًا (مِنْهُ وَدَفَعَهُ لِآخَرَ وَهَكَذَا إلَى سِتِّينَ أَجْزَأَهُ وَكُرِهَ) لِتَشَبُّهِهِ بِالْعَائِدِ فِي صَدَقَتِهِ [فَرْع دَفَعَ المكفر الطَّعَامَ إلَى الْإِمَامِ فَتَلِفَ] (فَرْعٌ) لَوْ (دَفَعَ الطَّعَامَ إلَى الْإِمَامِ فَتَلِفَ) فِي يَدِهِ (قَبْلَ التَّفْرِقَةِ) لَهُ (لَمْ يُجْزِئْهُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يَدُلُّهُ عَلَى الْكَفَّارَةِ بِخِلَافِهِ فِي الزَّكَاةِ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ وَالِدِهِ احْتِمَالًا، ثُمَّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ الْإِجْزَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَى الْإِمَامِ كَزَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ظَفَرَ بِذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْ الْمَذْهَبِ وَلَا أَخَالُهُ (فَصْلٌ إذَا عَجَزَ) مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ (عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ ثَبَتَتْ) أَيْ الْكَفَّارَةُ (فِي ذِمَّتِهِ) إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ (فَلَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ) فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (وَلَا تُجْزِئُ) كَفَّارَةٌ (مُلَفَّقَةٌ مِنْ خَصْلَتَيْنِ) بِأَنْ يَعْتِقَ نِصْفَ رَقَبَةٍ وَيَصُومَ شَهْرًا أَوْ يَصُومَ شَهْرًا وَيُطْعِمَ ثَلَاثِينَ (فَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ الرَّقَبَةِ صَامَ) ؛ لِأَنَّهُ عَادِمٌ لَهَا (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الصَّوْمِ (أَطْعَمَ وَيُخْرِجُ مِنْ الطَّعَامِ مَا وَجَدَ وَلَوْ بَعْضَ مُدٍّ) لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَلِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ (وَفِي بَقَاءِ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا بَقَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ لَا يُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ وَلَا نَظَرَ إلَى تَوَهُّمِ كَوْنِهِ فَعَلَ شَيْئًا، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ وَغَيْرَهُ ذَكَرُوا نَحْوَ ذَلِكَ. (كِتَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ) الْقَذْفُ لُغَةً الرَّمْيُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ وَاللِّعَانُ لُغَةً مَصْدَرُ لَاعَنَ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ جَمْعًا لِلَّعْنِ وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ وَشَرْعًا كَلِمَاتٌ مَعْلُومَةٌ جُعِلَتْ حُجَّةً لِلْمُضْطَرِّ إلَى قَذْفِ مَنْ لَطَّخَ فِرَاشَهُ وَأَلْحَقَ الْعَارَ بِهِ أَوْ إلَى نَفْيِ وَلَدٍ مِمَّا سَيَأْتِي وَسُمِّيَتْ لِعَانًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كَلِمَةِ اللَّعْنِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ يَبْعُدُ عَنْ الْآخَرِ بِهَا إذْ يَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا أَبَدًا وَاخْتِيرَ لَفْظُ اللِّعَانِ عَلَى لَفْظَيْ الشَّهَادَةِ وَالْغَضَبِ، وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ إجْزَاءُ اللَّبَنِ إلَخْ) الصَّحِيحُ إجْزَاؤُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَا يَجُوزُ اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ. اهـ. وَفِي الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ وَفِي اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ خِلَافٌ كَالْخِلَافِ فِي الْأَقِطِ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَصَحُّ فِي الْفِطْرَةِ التَّفْصِيلُ فَيُجْزِئُ اللَّبَنُ دُونَ اللَّحْمِ كَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْفِطْرَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ هُنَا وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ عَدَمُ إجْزَاءِ اللَّبَنِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّصْحِيحِ هُنَا التَّصْحِيحُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْفِطْرَةَ بَابُ مُوَاسَاةٍ فَنَاسَبَهَا التَّخْفِيفُ بِالتَّوَسُّعَةِ فِي الْمَخْرَجِ وَالْكَفَّارَاتُ مِنْ بَابِ الْغَرَامَاتِ وَوَبَالِ الْجِنَايَاتِ فَلَمْ يَسْتَوِ الْبَابَانِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ إلَخْ) ضَعِيفٌ. [فَصْلٌ عَجَزَ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ] (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا بَقَاؤُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [كِتَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ] (كِتَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ) (قَوْلُهُ وَاخْتِيرَ لَفْظُ اللِّعَانِ إلَخْ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمِينٌ مَحْضَةٌ وَهُوَ رُخْصَةٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ جَعْلُ الْيَمِينِ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهَا مُدَّعًى بِهَا وَالزَّوْجُ مُدَّعٍ فَجَعْلُ الْيَمِينِ ابْتِدَاءً فِي جَانِبِهِ خِلَافُ قَاعِدَةِ الدَّعَاوَى وَإِنَّمَا كَانَ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ وَلِعُسْرِ الْبَيِّنَةِ عَلَى زِنَاهَا وَلَيْسَ فِي الْأَيْمَانِ شَيْءٌ مُتَعَدِّدٌ إلَّا هُوَ وَالْقَسَامَةُ وَلَا يَمِينَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي إلَّا فِيهِمَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 الْكَلِمَاتُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ كَلِمَةٌ غَرِيبَةٌ فِي تَمَامِ الْحُجَجِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْأَيْمَانِ وَالشَّيْءُ يَشْتَهِرُ بِمَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ الْغَرِيبِ وَعَلَيْهِ جَرَتْ أَسْمَاءُ السُّوَرِ وَلِأَنَّ الْغَضَبَ يَقَعُ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ وَجَانِبُ الرَّجُلِ أَقْوَى وَلِأَنَّ لِعَانَهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى لِعَانِهَا فِي الْآيَةِ وَالْوَاقِعِ وَقَدْ يَنْفَكُّ عَنْ لِعَانِهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الْآيَاتِ وَسَبَبُ نُزُولِهَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ «هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ زَوْجَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ فَقَالَ لَهُ الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِك فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكَرِّرُ ذَلِكَ فَقَالَ هِلَالٌ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إنِّي لَصَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْجَلْدِ» فَنَزَلَتْ الْآيَاتُ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا أَنَّ «عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ وَجَدَ أَحَدُنَا مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا مَاذَا يَصْنَعُ إنْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيك وَفِي صَاحِبَتِك قُرْآنًا فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ فَتَلَاعَنَا عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ» هَذَا سَبَبَ النُّزُولِ وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ حَمَلَ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حُكْمُ وَاقِعَتِك تَبَيَّنَ بِمَا أُنْزِلَ فِي هِلَالٍ إذْ الْحُكْمُ عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمٌ عَلَى الْجَمَاعَةِ. (وَفِيهِ أَبْوَابٌ) (الْأَوَّلُ فِي الْقَذْفِ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي أَلْفَاظِهِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ وَكِنَايَةٌ وَتَعْرِيضٌ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْقَذْفُ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَ الْقَذْفِ فَصَرِيحٌ وَإِلَّا فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْقَذْفُ بِوَضْعِهِ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَتَعْرِيضٌ (فَالصَّرِيحُ) مِنْهُ كَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (زَنَيْت أَوْ يَا زَانٍ) لِتَكَرُّرِ ذَلِكَ وَشُهْرَتِهِ كَسَائِرِ الصَّرَائِحِ (وَإِنْ كَسَرَ التَّاءَ) فِي الْأَوَّلِ (أَوْ أَثْبَتَ الْهَاءَ) فِي الثَّانِي (لِلْمُذَكَّرِ) أَوْ فَتَحَ التَّاءَ أَوْ حَذَفَ الْهَاءَ لِلْمُؤَنَّثِ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ فِي ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْفَهْمَ وَلَا يَدْفَعُ الْعَارَ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ إنَّ الْهَاءَ قَدْ تُزَادُ لِلْمُبَالَغَةِ كَرِوَايَةِ وَعَلَّامَةٍ وَنَسَّابَةٍ (وَكَذَا كُلُّ صَرِيحٍ فِي الْإِيلَاءِ) كَالنَّيْكِ وَإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ أَوْ الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ (وَصْفٌ بِالْحَرَامِ) فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْقَذْفِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُوصَفْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ بِخِلَافِ الزِّنَا نَعَمْ إنْ قَذَفَ بِذَلِكَ فِي الدُّبُرِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى وَصْفِهِ بِالتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مُحَرَّمًا وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالْوَصْفِ بِالتَّحْرِيمِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْوَطْءَ قَدْ يَكُونُ مُحَرَّمًا وَلَيْسَ زِنًا كَوَطْءِ حَائِضٍ وَمُحْرِمَةٍ وَمَمْلُوكَةٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَالْوَجْهُ أَنْ يُضِيفَ إلَى وَصْفِهِ بِالتَّحْرِيمِ مَا يَقْتَضِي الزِّنَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. (وَقَوْلُهُ لِرَجُلٍ لَا امْرَأَةٍ زَنَيْت فِي قُبُلِك كِنَايَةٌ) لِأَنَّ زِنَاهُ بِقُبُلِهِ لَا فِيهِ بِخِلَافِهِ لِلْمَرْأَةِ فَيَكُونُ فِيهَا صَرِيحًا (وَ) قَوْلُهُ (عَلَوْت رَجُلًا حَتَّى دَخَلَ ذَكَرُهُ فِي فَرْجِك صَرِيحٌ كَلُطْتَ وَلَاطَ بِك فُلَانٌ) سَوَاءٌ أَخُوطِبَ بِهِ رَجُلٌ أَمْ امْرَأَةٌ (وَالْكِنَايَةُ مِثْلَ) قَوْلِهِ لِغَيْرِهِ (يَا فَاجِرُ يَا خَبِيثُ يَا لُوطِيُّ يَا فَاسِقُ وَلِلْقُرَشِيِّ يَا نَبَطِيُّ وَفُلَانَةُ تُحِبُّ الْخَلْوَةَ وَلَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ) لِاحْتِمَالِ كُلٍّ مِنْهَا الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ وَالْقَذْفُ فِي يَا نَبَطِيُّ لِأُمِّ الْمُخَاطَبِ حَيْثُ نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُمْ فِي السَّيْرِ وَالْأَخْلَاقِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْعَرَبِيِّ بَدَلَ الْقُرَشِيِّ لِئَلَّا يُوهِمَ التَّخْصِيصَ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالنَّبَطُ قَوْمٌ يَنْزِلُونَ بِالْبَطَائِحِ بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ أَيْ أَهْلُ الزِّرَاعَةِ وَمَا ذَكَرَ فِي يَا لُوطِيُّ مِنْ أَنَّهُ كِنَايَةٌ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَصَوَّبَهُ فِي تَصْحِيحِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ لَكِنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مَعَ مَا مَرَّ قَدْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعُرْفِ بِإِرَادَةِ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ بَلْ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِأَنَّهُ صَرِيحٌ وَإِلَّا فَيُخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا شَاعَ لَفْظٌ فِي الْعُرْفِ كَقَوْلِهِ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ وَأَمَّا احْتِمَالُ كَوْنِهِ أَرَادَ أَنَّهُ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ فَلَا يَفْهَمُهُ الْعَوَامُّ فَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ صَرِيحٌ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ انْتَهَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ نُسَخَ التَّنْبِيهِ مُخْتَلِفَةٌ فَفِي بَعْضِهَا يَا لُوطِيُّ وَفِي بَعْضِهَا يَا لَائِطُ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَائِطَ هِيَ الصَّحِيحَةُ. (وَقَوْلُهُ لِزِوَجَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ وَجَدْت مَعَك رَجُلًا أَوْ لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ لَيْسَ صَرِيحًا) بَلْ كِنَايَةً لِمَا مَرَّ وَيُشْبِهُ أَنَّ الثَّانِيَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهَا تَقَدُّمُ افْتِضَاضٍ مُبَاحٍ، فَإِنْ عُلِمَ فَلَا كِنَايَةَ أَيْضًا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ (فَلَوْ نَوَى بِذَلِكَ الزِّنَا لَزِمَهُ الِاعْتِرَافُ بِالْقَذْفِ لِيُحَدَّ) وَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ (كَالْقَاتِلِ) لِغَيْرِهِ خِفْيَةً يَلْزَمُهُ الِاعْتِرَافُ بِالْقَتْلِ لِيُقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ يُعْفَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ مَظَالِمِ الْعِبَادِ وَاجِبٌ (وَقَوْلُهُ) لِامْرَأَةٍ (زَنَيْت مَعَ فُلَانٍ صَرِيحٌ فِي حَقِّهَا دُونَهُ) لِأَنَّهُ نَسَبَ الزِّنَا إلَيْهَا صَرِيحًا دُونَهُ (وَالتَّعْرِيضُ مِثْلَ وَأَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ وَلَا   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الْقَذْفِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي أَلْفَاظِ الْقَذْفِ] قَوْلُهُ وَكِنَايَةٌ) لِأَنَّ كُلَّ مَا لَمْ تُعْتَبَرْ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَلَا قَبُولُ مُخَاطَبٍ أَثَّرَتْ فِيهِ الْكِنَايَةُ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ فَالصَّرِيحُ زَنَيْت أَوْ يَا زَانٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَةٍ يَا عَاهِرَةُ فَفِي كَوْنِهِ صَرِيحًا فِي الْقَذْفِ أَوْ كِنَايَةً فِيهِ وَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ قُلْت أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْعُهْرَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الزِّنَا يُقَالُ عَهَرَ فَهُوَ عَاهِرٌ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجْرُ» ، فَإِنْ قَالَ الرَّجُلُ لَمْ أَعْلَمْ كَوْنَهُ قَذْفًا وَلَمْ أَنْوِ بِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ لِخَفَائِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ (قَوْلُهُ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالْوَصْفِ بِالتَّحْرِيمِ نَظَرٌ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْحَرَامُ لِذَاتِهِ فَهُوَ صَرِيحٌ، فَإِنْ ادَّعَى شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَ وَاحْتَمَلَهُ الْحَالُ قُبِلَ مِنْهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي دَعْوَى إرَادَةِ حَلِّ الْوَثَاقِ ش وَقَوْلُهُ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ) وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إنَّهُ يُرَاجَعُ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ لَمْ يُحَدَّ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ حُدَّ وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْمُهَذَّبِ. (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ وَاضِحٌ لَا بُدَّ مِنْهُ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِاثْنَيْنِ زَنَى أَحَدُكُمَا أَوْ لِثَلَاثَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ فَهُوَ قَاذِفٌ لِوَاحِدٍ وَلِكُلٍّ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ أَرَادَهُ كَمَا لَوْ قَالَ لِأَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَيَّ أَلْفٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ وَيَفْصِلَ الْخُصُومَةَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 ابْنِ زَانِيَةٍ وَيَا ابْنَ الْحَلَالِ وَنَحْوَهُ) مِثْلَ مَا أَحْسَنَ اسْمَك فِي الْجِيرَانِ وَلَسْت ابْنَ خَبَّازٍ أَوْ إسْكَافٍ (فَلَيْسَ بِقَذْفٍ) صَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ (وَلَوْ نَوَى) الْقَذْفَ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْمَنْوِيَّ وَلَا احْتِمَالَ لَهُ هُنَا. وَمَا يُفْهَمُ وَيُتَخَيَّلُ مِنْهُ فَهُوَ أَثَرُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَهُوَ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً مِنْ عَطَشٍ وَنَوَى أَنْ لَا يَتَقَلَّدَ لَهُ مِنَّةً فَإِنَّهُ إنْ شَرِبَهُ لِغَيْرِ الْعَطَشِ لَا يَحْنَثُ. قَالَ الْقُونَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ احْتِمَالَ اللَّفْظِ فِي التَّعْرِيضِ لِلْمَنْوِيِّ وَإِشْعَارَهُ بِهِ مِمَّا لَا يُنْكَرُ أَيْ فَيَكُونُ كِنَايَةً. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ أَنَّ الْكِنَايَةَ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِغَيْرِ لَفْظِهِ الْمَوْضُوعِ لَهُ وَالتَّعْرِيضَ أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا تَدُلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ لَمْ تَذْكُرْهُ كَمَا يَقُولُ الْمُحْتَاجُ لِلْمُحْتَاجِ إلَيْهِ جِئْتُك لِأُسَلِّمَ عَلَيْك وَلَا نَظَرَ لِوَجْهِك وَلِذَلِكَ قَالُوا وَحَسْبُك بِالتَّسْلِيمِ مِنِّي تَقَاضَيَا كَأَنَّهُ إمَالَةُ الْكَلَامِ إلَى عَرْضٍ يَدُلُّ عَلَى الْغَرَضِ وَيُسَمَّى التَّلْوِيحَ؛ لِأَنَّهُ يُلَوِّحُ مِنْهُ بِمَا يُرِيدُهُ، ثُمَّ قَالَ هَذَا كَلَامُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّعْرِيضَ مُشْعِرٌ وَمُلَوِّحٌ بِالْمَقْصُودِ فِي الْجُمْلَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادٌ مِنْ نَفْيِ الدَّلَالَةِ وَالِاحْتِمَالِ عَنْ التَّعْرِيضِ أَنَّهُ لَوْلَا الْقَرِينَةُ وَالسِّيَاقُ لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ بِمُجَرَّدِهِ فِي التَّعْرِيضِ مُشْعِرًا بِالْمَقْصُودِ فَيَقْرُبُ حِينَئِذٍ بَعْضَ الْقُرْبِ غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَبْعُدُ حُصُولُ مِثْلِهِ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْكِنَايَةِ نَحْوَ ذَوْقِي فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ لَا إشْعَارَ لَهُ بِإِضَافَةِ الذَّوْقِ إلَى كَأْسِ الْفِرَاقِ انْتَهَى. وَجَوَابُ نَظَرِهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مِنْ نَفْيِ الدَّلَالَةِ إلَى آخِرِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَبْعُدُ حُصُولُ مِثْلِهِ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْكِنَايَةِ إلَى آخِرِهِ فَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْكِنَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يُشْعِرْ بِهِ لَفْظُهَا هُوَ مَدْلُولُهُ بِخِلَافِهِ فِي التَّعْرِيضِ هَذَا وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً هِيَ طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَصَوَّبَهَا الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوُهُ لَا جَاحَةَ إلَيْهِ. (فَرْعٌ النِّسْبَةُ إلَى غَيْرِ الزِّنَا مِنْ) سَائِرِ (الْكَبَائِرِ) وَغَيْرِهَا مِمَّا فِيهِ إيذَاءٌ كَقَوْلِهِ لَهَا زَنَيْت بِفُلَانَةَ أَوْ أَصَابَتْك فُلَانَةُ (يَقْتَضِي التَّعْزِيرَ) لِلْإِيذَاءِ (لَا الْحَدَّ) لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَلَوْ قَالَ لَهُ يَا بِغَاء أَوْ لَهَا يَا قَحْبَةُ فَهُوَ كِنَايَةٌ وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ أَوَاخِرَ الطَّلَاقِ أَنَّ قَوْلَهُ يَا قَحْبَةُ صَرِيحٌ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَفْتَى أَيْضًا بِصَرَاحَةِ قَوْلِهِ يَا مُخَنَّثُ لِلْعُرْفِ. (فَصْلٌ لَوْ قَالَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ غَيْرُهُمَا لِلْآخَرِ زَنَيْت بِك لَزِمَهُ حَدُّ الزِّنَا) لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِهِ (وَ) حَدُّ (الْقَذْفِ) لِأَنَّهُ قَاذِفٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُعْهَدْ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ مُسْتَمِرَّةٌ مِنْ صِغَرِهِ إلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَكَلَامُ الدَّارِمِيِّ يَقْتَضِيهِ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا، أَمَّا لَوْ شَرَطْنَاهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقَذْفَ بِمَا ذَكَرَ صَرِيحٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ وَرَأَى الْإِمَامُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ مُكْرَهًا وَهُوَ قَوِيٌّ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ قَوْلَهُ لَهَا زَنَيْت مَعَ فُلَانٍ قَذْفٌ لَهَا دُونَهُ انْتَهَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ ظَاهِرٌ فَلَا يَحْسُنُ التَّأْيِيدُ بِمَا ذَكَرَ عَلَى أَنَّ الْأَشْكَالَ الْمَذْكُورَةَ أَجَابَ عَنْهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ إطْلَاقَ هَذَا اللَّفْظِ يَحْصُلُ بِهِ الْإِيذَاءُ التَّامُّ لِتَبَادُرِ الْفَهْمِ مِنْهُ إلَى صَدْرِهِ عَنْ طَوَاعِيَةٍ، وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ وَلِهَذَا يُحَدُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزِّنَا مَعَ احْتِمَالِ إرَادَةِ زِنَا الْعَيْنِ وَالرِّجْلِ (وَيَبْدَأُ بِحَدِّ الْقَذْفِ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ (فَإِنْ رَجَعَ سَقَطَ حَدُّ الزِّنَا) لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ حَدِّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ (فَإِنْ قَالَ لَهَا زَنَيْت) أَوْ يَا زَانِيَةُ (فَقَالَتْ زَنَيْت بِك فَالْجَوَابُ) مِنْهَا (كِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهِ الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ (فَإِنْ أَرَادَتْ أَنِّي زَنَيْت بِك) حَقِيقَةً (قَبْلَ النِّكَاحِ حُدَّتْ الْحَدَّيْنِ) حَدَّ الزِّنَا وَحَدَّ الْقَذْفِ لِاعْتِرَافِهِمَا بِمَا يُوجِبُهُمَا (وَعُزِّرَ) لِلْإِيذَاءِ وَسَقَطَ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ لِاعْتِرَافِهَا (أَوْ) أَرَادَتْ أَنِّي (زَنَيْت بِك) قَبْلَ النِّكَاحِ (وَأَنْتَ مَجْنُونٌ وَنَحْوَهُ) نَحْوَ وَأَنْتَ نَائِمٌ أَوْ بِشُبْهَةٍ وَأَنَا عَالِمَةٌ (حُدَّتْ) بِالزِّنَا لِاعْتِرَافِهَا بِهِ (وَلَمْ يُعَزَّرْ) هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَسَقَطَ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ وُجُوبِ التَّعْزِيرِ بَلْ قَدْ يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْإِيذَاءِ (وَلَمْ تَكُنْ قَاذِفَةً) لَهُ بِذَلِكَ (وَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا) فِي إرَادَتِهِمَا الْمَذْكُورَةِ لِاحْتِمَالِ مَا قَالَتْهُ، فَإِنْ نَكَلَتْ فَحَلَفَ فَلَهُ حَدُّ الْقَذْفِ (وَإِنْ قَالَتْ أَرَدْت) أَنِّي (زَنَيْت بِهِ إنْ كَانَ النِّكَاحُ) أَيْ الْوَطْءُ فِيهِ (زِنًا أَوْ أَرَدْت) أَنِّي (لَمْ أَزْنِ كَمَا لَمْ يَزْنِ) هُوَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِقَذْفٍ، وَلَوْ نَوَى هَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ) أَمَّا فِي حَقِّهِمْ فَإِنَّهُ حَقُّهُمْ فَإِنَّهُ قَذْفٌ فَيُكَفِّرُ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْخَيَّاطِ قَالَ شَيْخُنَا وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْمَنْوِيَّ إلَخْ) قَالَ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ وَمِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْخُطْبَةِ لَمْ يَلْحَقْ بِالصَّرِيحِ مَعَ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى مَقْصُودِ التَّعْرِيضِ فَلْيَكُنْ فِي الْقَذْفِ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى لِلسُّقُوطِ بِالشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادًا مِنْ نَفْيِ الدَّلَالَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ النِّسْبَةُ إلَى غَيْرِ الزِّنَا مِنْ الْكَبَائِرِ] (قَوْلُهُ تَقْتَضِي التَّعْزِيرَ لِلْإِيذَاءِ إلَخْ) صَرَّحَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَالشَّاشِيُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِشَخْصٍ يَا عِلْقُ كِنَايَةٌ قَالَ شَيْخُنَا نَعَمْ لِلْإِيذَاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ أَوَاخِرَ الطَّلَاقِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَأَفْتَى أَيْضًا بِصَرَاحَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ نَعَمْ يُقْبَلُ صَرْفُهُ عَنْهُ إذْ قَبُولُ الصَّرْفِ لَا يُنَافِي الصَّرَاحَةَ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ قَالَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ غَيْرُهُمَا لِلْآخَرِ زَنَيْت بِك] (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ شَرَطْنَاهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ ظَاهِرٌ) لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَحْتَمِلُ الْمَعِيَّةَ فِي الْمَكَانِ أَيْ زَنَيْت بِغَيْرِك وَهُوَ مَعَ فُلَانٍ بِخِلَافِ الْأُولَى (قَوْلُهُ أَجَابَ عَنْهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ إطْلَاقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا إيذَاءَ لِاعْتِرَافِهَا بَعْدَ قَذْفِهِ بِمَا نَسَبَهُ إلَيْهَا وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَا قَبْلَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) فِي إرَادَتِهَا لِذَلِكَ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الشَّخْصُ لِغَيْرِهِ سَرَقْت فَيَقُولُ سَرَقْت مَعَك وَيُرِيدُ نَفْيَ السَّرِقَةِ عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ (وَلَا شَيْءَ) أَيْ حَدَّ (عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ الْقَذْفُ) فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ حَدَّ الْقَذْفِ (وَقَالَ الْبَغَوِيّ هُوَ) أَيْ زَنَيْت بِك (مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ) جَوَابًا لِرَجُلٍ قَالَ لَهَا زَنَيْت أَوْ يَا زَانِيَةُ (إقْرَارٌ) بِزِنَاهَا (وَقَذْفٌ) لَهُ (وَالْقِيَاسُ) أَيْ قِيَاسُ مَا ذَكَرَ مِنْ تَصْدِيقِهَا فِي إرَادَتِهَا نَفْيُ الزِّنَا عَنْهُمَا مَعًا (أَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ) هُنَا فِيهِ وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا زَنَيْت أَوْ يَا زَانٍ فَقَالَ زَنَيْت بِك فَفِي جَوَابِهِ مِثْلُ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ قَوْلَهُ لِزَوْجَتِهِ زَنَيْت أَوْ يَا زَانِيَةُ قَذْفٌ لَهَا سَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَمْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً أَمْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ وَفِي فُرُوقِ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّهُ إذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا حِينَ قَذَفَهَا، ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَذْفٍ وَلَا لِعَانٍ، وَإِنْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَحَلَّ وِفَاقٍ فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْإِطْلَاقِ بِهِ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا (يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ أَنْت أَزْنَى مِنِّي فَالْجَوَابُ) مِنْهَا (كِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ أَنَّهُ أَهْدَى إلَى الزِّنَا أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْهَا أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْنِي غَيْرُك فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ كُنْت زَانِيَةً فَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ وَإِنْ اقْتَضَى الِاشْتِرَاكَ فِي الْأَصْلِ وَإِثْبَاتَ الزِّيَادَةِ لَكِنَّ قَوْلَهَا أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي خَارِجٌ مَخْرَجَ الذَّمِّ وَالْمُشَاتَمَةِ وَمِثْلُهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى وَضْعِ اللِّسَانِ كَمَا فِي قَوْلِ يُوسُفَ لِإِخْوَتِهِ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَلِأَنَّ مُعْتَادَ الْمُحَاوَرَاتِ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْوَضْعِ (فَإِنْ قَالَتْ) جَوَابًا أَوْ ابْتِدَاءً (أَنَا زَانِيَةٌ وَأَنْت أَزْنَى مِنِّي فَمُقِرَّةٌ) بِالزِّنَا (وَقَاذِفَةٌ) لَهُ وَيَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ (وَكَذَا لَوْ قَالَتْ ابْتِدَاءً أَنْت أَزْنَى مِنْ فُلَانٍ فَكِنَايَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ ثَبَتَ زِنَاهُ) بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ (وَعَلِمَتْ ثُبُوتُهُ) فَيَكُونُ صَرِيحًا فَتَكُونُ قَاذِفَةً لَهُمَا فَتُحَدُّ لِلْمُخَاطَبِ وَتُعَزَّرُ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مَهْتُوكُ الْعِرْضِ بِثُبُوتِ زِنَاهُ (لَا إنْ جَهِلَتْ) ثُبُوتَهُ فَيَكُونُ كِنَايَةً فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي جَهْلِهَا فَإِذَا حَلَفَتْ عُزِّرَتْ وَلَمْ تُحَدَّ وَلَوْ قَالَتْ أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي كَهَذِهِ الصُّورَةِ وَلِهَذَا حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ ذَكَرَ فِيهَا الْأَصْلُ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ (وَلَوْ قَالَتْ هُوَ زَانٍ وَأَنْت أَزْنَى مِنْهُ أَوْ فِي النَّاسِ زُنَاةٌ وَأَنْت أَزْنَى مِنْهُمْ) أَوْ أَنْت أَزْنَى زُنَاةِ النَّاسِ (فَصَرِيحٌ) لِظُهُورِهِ فِي الْقَذْفِ (لَا إنْ قَالَتْ النَّاسُ زُنَاةٌ أَوْ أَهْلُ مِصْرَ) مَثَلًا (زُنَاةٌ وَأَنْتَ أَزْنَى مِنْهُمْ) أَوْ قَالَتْ أَنْتَ أَزْنَى النَّاسِ أَوْ أَزْنَى مِنْهُمْ فَلَيْسَ قَذْفًا (لِتَحَقُّقِ كَذِبِهَا) بِنِسْبَتِهَا النَّاسَ كُلَّهُمْ أَوْ نَحْوَهُ أَهْلُ مِصْرَ إلَى الزِّنَا وَإِنَّهُ أَكْثَرُ زِنًا مِنْهُمْ (إلَّا إنْ نَوَتْ) أَنَّهُ أَزْنَى مِنْ (مَنْ زَنَى مِنْهُمْ) فَيَكُونُ قَذْفًا. (فَرْعٌ) وَلَوْ (تَقَاذَفَا فَلَا تَقَاصُصَ) الْفَصِيحُ فَلَا تَقَاصَّ كَمَا فِي نُسْخَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَالْقَدْرُ وَالصِّفَةُ وَمَوَاقِعُ السِّيَاطِ وَأَلَمُ الضَّرَبَاتِ مُتَفَاوِتَةٌ (فَيُحَدَّانِ بِالطَّلَبِ) [فَرْعٌ قَوْلُهُ زَنَأْت فِي الْجَبَلِ] (فَرْعٌ قَوْلُهُ زَنَأْت فِي الْجَبَلِ) بِالْهَمْزِ (كِنَايَةٌ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اللُّغَةَ؛ لِأَنَّ الزِّنَا فِي الْجَبَلِ هُوَ الصُّعُودُ فِيهِ (وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى زَنَأْت) أَوْ قَالَ يَا زَانِئُ (مَهْمُوزًا) لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي الصُّعُودَ (فَلَوْ قَالَ) زَنَأْت (فِي الْبَيْتِ) بِالْهَمْزِ (فَصَرِيحٌ) ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِ دَرَجٌ) يُصْعَدُ إلَيْهِ فِيهَا (فَوَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ (وَ) قَوْلُهُ (زَنَيْت فِي الْجَبَلِ) بِالْيَاءِ (صَرِيحٌ) كَمَا لَوْ قَالَ فِي الْبَيْتِ فَلَوْ قَالَ أَرَدْت الصُّعُودَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ (وَ) قَوْلُهُ (يَا زَانِيَةُ فِي الْجَبَلِ) بِالْيَاءِ (كِنَايَةٌ) . (فَصْلٌ الْقَذْفُ بِإِضَافَةِ الزِّنَا إلَى الْقُبُلِ أَوْ لِلدُّبُرِ أَوْ) إلَى (فَرْجَيْ الْخُنْثَى) الْمُشْكِلِ (صَرِيحٌ) لِإِضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى مَحَلِّهِ وَآلَتِهِ (وَكَذَا بِإِضَافَتِهِ إلَى الْبَدَنِ) كَزِنَا بَدَنِك؛ لِأَنَّهُ إضَافَةٌ إلَى جُمْلَتِهِ فَكَانَ كَقَوْلِهِ زَنَيْت (وَهُوَ) أَيْ الْقَذْفُ بِإِضَافَةِ الزِّنَا (إلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَحَدِ فَرْجَيْ الْخُنْثَى وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَالْعَيْنِ وَالْجُزْءِ الْمُشَاعِ كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ (كِنَايَةٌ) لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إضَافَةِ الزِّنَا إلَى الْيَدِ اللَّمْسُ وَإِلَى الرِّجْلِ الْمَشْيُ وَإِلَى الْعَيْنِ النَّظَرُ وَقِسْ عَلَيْهَا الْبَقِيَّةَ وَأَحَدُ فَرْجَيْ الْخُنْثَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا فَلَا يَنْصَرِفُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَى الزِّنَا الْحَقِيقِيِّ إلَّا بِالنِّيَّةِ (وَ) قَوْلُهُ (زَنَيْت فِي قُبُلِك صَرِيحٌ فِي الْمَرْأَةِ) دُونَ الرَّجُلِ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ أَيْضًا (لَا) قَوْلُهُ (وَطِئَك فِيهِ رَجُلَانِ مَعًا) فَلَيْسَ بِقَذْفٍ (لِاسْتِحَالَتِهِ) فَهُوَ كَذِبٌ صَرِيحٌ (فَيُعَزَّرُ) لِلْإِيذَاءِ وَلَا يُحَدُّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ قَالَ فِيهِ أَوْ فِي الدُّبُرِ كَانَ أَوْلَى، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَيُحَدُّ لِإِمْكَانِ ذَلِكَ بِوَطْءٍ وَاحِدٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ قَوْلَهُ لِزَوْجَتِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِوَلَدِهِ يَا وَلَدَ الزِّنَا أَوْ لِغَيْرِهِ فَهُوَ قَذْفٌ لِأُمِّهِ فَيُعَزَّرُ لِلْوَلَدِ وَيُحَدُّ لِأُمِّهِ بِشَرْطِهِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ فَذَكَرَهُ فِي بَابِ كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَأَظُنُّ أَنِّي رَأَيْته فِي فَتَاوَى الْقَفَّال. [فَرْعٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي] (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ أَوْ زَنَأْت فِي الْبَيْتِ أَوْ زَنَيْت فِي الْجَبَلِ فَقَذْفٌ فِي الْأَصَحِّ وَعِبَارَةُ الْحِجَازِيِّ وَلَوْ قَالَ زَنَأْت فِي الْبَيْتِ أَوْ زَنَيْت فِي الْجَبَلِ فَقَذْفٌ (قَوْلُهُ وَيَا زَانِيَةُ فِي الْجَبَلِ كِنَايَةٌ) قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَرَنَ قَوْلَهُ فِي الْجَبَلِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الصُّعُودِ بِالِاسْمِ الْمُنَادَى الَّذِي لَمْ يُوضَعْ لِإِنْشَاءِ الْعُقُودِ خَرَجَ عَنْ الصَّرَاحَةِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ س (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَيُحَدُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 فِي الْقُبُلِ وَالْآخَرُ فِي الدُّبُرِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. (فَصْلٌ قَوْلُهُ لَسْت ابْنَ زَيْدٍ) أَوْ لَسْت مِنْهُ (صَرِيحٌ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ) فِي قَذْفِ الْأُمِّ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنَهُ لِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (كِنَايَةٌ مِنْ الْأَبِ فِي قَذْفِ الْأُمِّ) سَوَاءٌ أَقَالَهُ بِالصِّيغَةِ السَّابِقَةِ وَكَانَ اسْمُهُ زَيْدًا أَمْ بِقَوْلِهِ لَسْت ابْنِي أَوْ لَسْت مِنِّي لِاحْتِيَاجِهِ إلَى تَأْدِيبِ وَلَدِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ زَجْرًا لَهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِنَسَبِهِ وَقَوْمِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي كُلِّ مَنْ لَهُ تَأْدِيبُهُ كَأَخِيهِ وَعَمِّهِ (فَلَهَا سُؤَالُهُ) عَنْ مُرَادِهِ. (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) بِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ زِنًا فَقَاذِفٌ لَهَا أَوْ (مُبَايَنَةَ الطَّبْعِ) بَيْنِي وَبَيْنَهُ (فَلَهَا تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ حُدَّ) لِلْقَذْفِ (وَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ) لِإِسْقَاطِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَيْسَ لَهُ نَفْيُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ نِسْبَتَهُ (وَإِنْ قَالَ إنَّمَا أَرَدْت) أَنَّهُ (مِنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ) فَلَا قَذْفَ، فَإِنْ ادَّعَتْ إرَادَتَهُ الْقَذْفَ (فَلَهَا تَحْلِيفُهُ) كَمَا مَرَّ (وَلَا يَنْتَفِي) الْوَلَدُ (عَنْهُ لَكِنْ لَوْ عَيَّنَ وَاطِئًا يَدَّعِيهِ) أَيْ الْوَلَدَ (فَكَمَا) وَفِي نُسْخَةٍ فَحُكْمُهُ (سَيَأْتِي) فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ أَنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ (وَإِنْ قَالَ) أَرَدْت أَنَّهُ (مِنْ زَوْجٍ) كَانَ (قَبْلِي لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا) لِلْأُمِّ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِأُمِّهِ زَوْجٌ وَأَمَّا الْوَلَدُ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِأُمِّهِ زَوْجٌ قَبْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ بَلْ يَلْحَقُهُ (فَإِنْ عُرِفَ لَهَا زَوْجٌ) قَبْلَهُ (فَكَمَا) سَيَأْتِي (فِي الْعَدَدِ) مِنْ أَنَّ الْوَلَدَ بِمَنْ يُلْحَقُ (فَإِنْ أُلْحِقَ بِهِ فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ، وَإِنْ جَهِلَ مَا بَيْنَ فِرَاقِ الْأَوَّلِ وَنِكَاحِ الثَّانِي لَمْ يُلْحَقْ بِالثَّانِي) ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ الْوِلَادَةِ مِنْهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ (إلَّا إنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً (بِإِمْكَانِهِ) أَيْ بِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ فِي نِكَاحِهِ لِزَمَنِ الْإِمْكَانِ فَيَلْحَقُهُ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةِ النِّسَاءِ هُنَا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ (حَلَفَ) أَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِزَمَنٍ يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ، فَإِنْ قَالَ) أَرَدْت أَنَّهَا لَمْ تَلِدْهُ (بَلْ هُوَ لَقِيطٌ) أَوْ مُسْتَعَارٌ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِ الْوِلَادَةِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ عُرِضَ مَعَهَا عَلَى الْقَائِفِ، فَإِنْ أَلْحَقهُ بِهَا لَحِقَ الزَّوْجَ وَاحْتَاجَ فِي نَفْيِهِ إلَى اللِّعَانِ، وَإِنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِهَا أَوْ لَمْ يُلْحِقْهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ حَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَانْتَفَى عَنْهُ وَلَا يَلْحَقُهَا (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ يَمِينِهِ (حَلَفَتْ وَلَحِقَهُ) الْوَلَدُ (فَإِنْ نَكَلَ فَهَلْ تُوقَفُ) أَيْ الْيَمِينُ (لِيَحْلِفَ الصَّبِيُّ) بَعْدَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ أَوْ لَا لِأَنَّ يَمِينَ الرَّدِّ لَا تُرَدُّ؟ (وَجْهَانِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ الثَّانِي، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَحَلَفَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَحِقَ بِهِ، وَإِنْ نَكَلَ أَوْ قُلْنَا بِالثَّانِي انْتَفَى عَنْهُ وَلَا يَلْحَقُهَا، وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ شَيْئًا لَمْ يَلْزَمْهُ حَدٌّ أَيْضًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَصْلِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِمَنْفِيٍّ بِاللِّعَانِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي قَذْفِ أُمِّهِ) لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ (فَقَدْ يُرِيدُ لَسْت ابْنَهُ شَرْعًا) أَوْ أَنَّ الْمُلَاعِنَ نَفَاكَ أَوْ أَنَّك لَا تُشْبِهُ خَلْقًا وَخُلُقًا (وَلَهَا تَحْلِيفُهُ) أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهَا (فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ أَنَّهُ أَرَادَ قَذْفَهَا حُدَّ، وَإِنْ حَلَفَ) أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ (عُزِّرَ لِلْإِيذَاءِ وَلَوْ كَانَ) قَوْلُهُ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ (بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ فَصَرِيحٌ) كَمَا مَرَّ أَيْضًا (فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ أَرَادَ) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ (حِينَ نَفَاهُ عُزِّرَ) لِلْإِيذَاءِ وَلَا يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ مَا أَرَادَهُ وَحَاصِلُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ قَذْفٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَيَحُدُّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ مَا أَرَادَ، فَإِنْ ادَّعَى مُحْتَمِلًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا حَدَّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ فَإِنَّا لَا نَحُدُّهُ حَتَّى نَسْأَلَهُ أَنَّ لَفْظَهُ ثَمَّ كِنَايَةٌ فَلَا يُحَدُّ بِهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَهُنَا ظَاهِرُ لَفْظِهِ الْقَذْفُ فَحُدَّ بِالظَّاهِرِ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مُحْتَمَلًا. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا هِنْدِيُّ أَوْ عَكَسَ وَلَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ الدَّارَ أَوْ اللِّسَانَ) أَيْ هِنْدِيٌّ أَحَدُهُمَا أَوْ عَرَبِيٌّ أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ فِي الْأَخْلَاقِ (أَوْ) أَرَادَ (قَذْفَ إحْدَى جَدَّاتِهِ) مَثَلًا (وَلَمْ يُعَيَّنْ) هَا (فَلَا حَدَّ) وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ (كَقَوْلِهِ أَحَدُ أَبَوَيْك زَانٍ) أَوْ فِي السِّكَّةِ زَانٍ وَلَمْ يُعَيَّنْ (فَلِلْإِمَامِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْهَا) أَيْ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ قَذْفَهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ لِكُلٍّ مِمَّنْ ذَكَرَ فِي الْمُنَظَّرِ بِهِ أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَى الْقَاذِفِ أَنَّهُ أَرَادَهُ عَلَى قِيَاسِ مَا لَوْ قَالَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ عَلَيَّ أَلْفٌ (فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ) أَنَّهُ أَرَادَهُ (حُدَّ لَهَا) إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً (أَوْ عُزِّرَ) لَهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ فَمَنْ قَذَفَ الْمُحْصَنَ وَهُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْعَفِيفُ عَنْ الزِّنَا حُدَّ) لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] (فَإِنْ اخْتَلَّ وَصْفٌ) مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ (فَالتَّعْزِيرُ) لَازِمُهُ لِلْإِيذَاءِ إلَّا السَّكْرَانَ فَكَالْمُكَلَّفِ (لَكِنْ مَنْ قَذَفَ مَجْنُونًا بِزِنًا قَبْلَ الْجُنُونِ حُدَّ) لِوُجُودِ الْأَوْصَافِ فِيهِ عِنْدَ الْفِعْلِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصَلِّ الْقَذْفُ بِإِضَافَةِ الزِّنَا إلَى الْقُبُلِ أَوْ لِلدُّبُرِ] قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا إنْ نَوَاهُ الْقَاذِفُ فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ اللَّفْظُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِحْضَاره غَالِبًا فَلَا يُحَدُّ بِهِ. [فَصْلٌ قَوْلُهُ لَسْت ابْنَ زَيْدٍ أَوْ لَسْت مِنْهُ] (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنَهُ لِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ قُبِلَ وَلَا قَذْفَ، فَإِنْ ادَّعَتْ إرَادَتَهُ الْقَذْفَ فَلَهَا تَحْلِيفُهُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ الْأُمُّ وَالْجَدُّ مُلْحَقَانِ بِالْأَبِ عَلَى أَصَحِّ الِاحْتِمَالَيْنِ، وَلَوْ قَالَ لِأَخِيهِ لَسْت أَخِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ) تَرْجِيحُ الثَّانِي هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ شَيْئًا لَمْ يَلْزَمْهُ حَدٌّ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ قَالَ لِمَنْفِيٍّ بِاللِّعَانِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ] (قَوْلُهُ إنَّهُ قَذْفٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا هِنْدِيُّ أَوْ عَكَسَ وَلَمْ يُرِدْ شَيْئًا] (قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ إلَخْ) مَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِزِنًا يَعْلَمُهُ الْمَقْذُوفُ فَجَمِيعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ طَلَبُ حَدِّ الْقَذْفِ إلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ لَهُ طَلَبُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 الْمَقْذُوفِ بِهِ. (وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ) الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْإِحْصَانِ (بِكُلِّ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ) وَمِنْهُ وَطْءُ أَمَةِ زَوْجَتِهِ وَوَطْءُ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَةَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (وَكَذَا بِالْوَطْءِ فِي مَمْلُوكَةٍ) لَهُ (مِنْ مَحَارِمِهِ) كَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (وَ) فِي (دُبُرِ زَوْجَةٍ) لَهُ مُخْتَارًا مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِالزِّنَا (لَا بِوَطْءِ مَمْلُوكَةٍ) لَهُ (مُرْتَدَّةٍ أَوْ مُزَوَّجَةٍ أَوْ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ مُكَاتَبَةٍ وَ) لَا بِوَطْءِ (مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (وَجَارِيَةِ ابْنٍ) لَهُ (وَ) زَوْجَةٍ (رَجْعِيَّةٍ وَمُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ وَمَنْكُوحَةٍ بِهَا) كَأَنْ نَكَحَهَا بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ أَوْ فِي الْإِحْرَامِ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا لِقِيَامِ الْمِلْكِ فِي الْأُولَى بِأَقْسَامِهَا وَثُبُوتِ النَّسَبِ فِيمَا بَعْدَهَا حَيْثُ حَصَلَ عُلُوقٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ (وَلَا بِزِنَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ حَتَّى إذَا كَمُلَا فَقَذَفَهُمَا شَخْصٌ لَزِمَهُ الْحَدُّ وَلَا بِوَطْءٍ فِي حَيْضٍ وَنَحْوِهِ (وَكَذَا جَاهِلُ التَّحْرِيمِ) لِلْوَطْءِ (لِقُرْبِ عَهْدٍ) لَهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ (وَمُكْرَهٍ) عَلَيْهِ لَا تَبْطُلُ عِفَّتَهُمَا بِهِ لِشُبْهَةِ الْجَهْلِ وَالْإِكْرَاهِ (وَ) كَذَا (مَجُوسِيٌّ وَطِئَ مَحْرَمًا) لَهُ كَأُمِّهِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ (فَرْعٌ إذَا زَنَى الْمَقْذُوفُ قَبْلَ حَدِّ قَاذِفِهِ سَقَطَ) عَنْهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ الْآتِي مِنْ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الزِّنَا يُكْتَمُ مَا أَمْكَنَ فَظُهُورُهُ مُشْعِرٌ بِسَبْقِ مِثْلِهِ غَالِبًا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى كَرِيمٌ لَا يَهْتِكُ السَّتْرَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَالرِّدَّةُ عَقِيدَةٌ وَهِيَ لَا تُكْتَمُ غَالِبًا فَإِظْهَارُهَا لَا يُشْعِرُ بِسَبْقِ إخْفَائِهَا وَلِأَنَّ الزِّنَا يَمْنَعُ مَاضِيهِ الْحَضَانَةَ لِلِانْتِهَاكِ عِرْضِهِ فَيُسْقِطُهَا مُسْتَقْبَلُهُ بِخِلَافِ الْكُفْرِ وَلِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ مَوْضُوعٌ لِلْحِرَاسَةِ مِنْ الزِّنَا دُونَ الرِّدَّةِ فَجَازَ أَنْ يَسْقُطَ بِطُرُوئِهِ دُونَ طُرُوئِهَا، وَكَطُرُوءِ الزِّنَا طُرُوءُ الْوَطْءِ الْمُسْقِطِ لِلْعِفَّةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الزَّانِيَةُ بَعْدَ الْقَذْفِ (زَوْجَةً) لِلْقَاذِفِ (لَمْ يُلَاعِنْ إلَّا لِنَفْيِ وَلَدِهِ) فَلَا يُلَاعِنُ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ لِسُقُوطِهِ. (وَلَوْ ارْتَدَّ) الْمَقْذُوفُ (أَوْ سَرَقَ أَوْ قَتَلَ) قَبْلَ حَدِّ قَاذِفِهِ (لَمْ يَسْقُطْ) لِأَنَّ مَا صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا قَذَفَ بِهِ (وَلَوْ قَذَفَهُ) أَيْ شَخْصٌ (بِإِذْنِهِ سَقَطَ) عَنْهُ الْحَدُّ أَيْ لَمْ يَجِبْ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ بِإِذْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَحْ الْقَذْفُ بِالْإِذْنِ. [فَرْعٌ زَنَى وَهُوَ كَافِرٌ أَوْ عَبْدٌ لَمْ يُحَدُّ قَاذِفُهُ بَعْدَ الْكَمَالِ] (فَرْعٌ) لَوْ (زَنَى وَهُوَ كَافِرٌ أَوْ عَبْدٌ لَمْ يُحَدُّ قَاذِفُهُ بَعْدَ الْكَمَالِ) بِالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ (وَلَوْ) قَذَفَهُ (بِغَيْرِ ذَلِكَ الزِّنَا) لِأَنَّ الْعِرْضَ إذَا انْخَرَمَ بِالزِّنَا لَمْ يَزُلْ خَلَلُهُ بِمَا يَطْرَأُ مِنْ الْعِفَّةِ. [فَرْعٌ حَدُّ الْقَذْفِ وَتَعْزِيرُهُ] (فَرْعٌ حَدُّ الْقَذْفِ وَتَعْزِيرُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (يُوَرَّثُ) كَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ (وَهُوَ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ) الْخَاصِّينَ (ثُمَّ) مِنْ بَعْدِهِمْ (لِلسُّلْطَانِ) كَالْمَالِ وَالْقِصَاصِ وَلَوْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ مُرْتَدًّا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ فَالْأَوْجُهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بَلْ يَسْتَوْفِيهِ وَارِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ لِلتَّشَفِّي كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ قِصَاصِ الطَّرْفِ. (وَالْقَاذِفُ لَوْ وَرِثَ مِنْ الْمَيِّتِ) بَعْضَ حَدِّ الْقَذْفِ (أَوْ عَفَا عَنْهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَلِلْبَاقِينَ اسْتِيفَاءُ الْجَمِيعِ) ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ كَوِلَايَةِ الْمَالِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَلِأَنَّ عَارَ الْمَقْذُوفِ يَلْزَمُ الْوَاحِدَ كَمَا يَلْزَمُ الْجَمِيعَ وَفَارَقَ الْقِصَاصَ بِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلِأَحَدِ الْوَرَثَةِ طَلَبُ الْحَدِّ مَعَ غَيْبَةِ الْبَاقِينَ أَوْ صِغَرِهِمْ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ (وَإِنْ قَذَفَ مَيِّتًا فَهَلْ لِلزَّوْجِ) الصَّادِقِ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي حَدِّ الْقَذْفِ أَوْ تَعْزِيرٍ (حَقٌّ) أَوْ لَا؟ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْمَنْعُ لِانْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ حَالَةَ الْقَذْفِ (فَرْعٌ لَوْ قَذَفَهُ أَوْ قَذَفَ مُوَرِّثَهُ فَلَهُ) وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْ بَيِّنَةِ الزِّنَا أَوْ بَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ بِهِ (تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ) فِي الْأُولَى (أَوْ) أَنَّهُ (لَمْ يَعْلَمْ زِنَا مُوَرِّثِهِ) فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقَرِّرُ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ قَالَ فِي الْأَصْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ قَالُوا وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالزِّنَا وَالتَّحْلِيفُ عَلَى نَفْيِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (وَلَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ الْبَحْثُ عَنْ حَصَانَةِ الْمَقْذُوفِ) لِيُقِيمَ الْحَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاذِفَ عَاصٍ فَغَلَّظَ عَلَيْهِ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ بِظَاهِرِ الْإِحْصَانِ بِخِلَافِ الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ لِيُحْكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي التَّغْلِيظَ. (وَلَا يُسْتَوْفَى لِمَجْنُونٍ حَدٌّ وَلَا تَعْزِيرٌ بَلْ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِكُلِّ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ إلَخْ) فَلَوْ صَلُحَ بَعْدُ لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا أَبَدًا، وَلَوْ لَازَمَ الْعَدَالَةَ مِائَةَ سَنَةٍ وَصَارَ مِنْ أَعَزِّ خَلْقِ اللَّهِ وَأَزْهَدِهِمْ؛ لِأَنَّ الْعِرْضَ إذَا انْثَلَمَ لَا تَنْسَدُّ ثُلْمَتُهُ وَيُصَدَّقُ قَاذِفُهُ فَعَلَى هَذَا لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بَلْ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ هُوَ الْمَنْقُولُ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ الْجُورِيُّ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَادَّعَى الْوِفَاقَ فِيهِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَذْفِهِ بِذَلِكَ الزِّنَا أَوْ بِزِنًا بَعْدَهُ وَقَالَ الْإِمَامُ إذَا صَرَّحَ بِزِنًا سَابِقٍ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَاذِفٍ، وَإِنْ قَالَ زَنَيْت الْيَوْمَ وَكَانَ قَدْ زَنَى مُنْذُ سِنِينَ هَذَا مَوْضِعُ النَّظَرِ وَالْقَاضِي قَاطِعٌ بِانْتِفَاءِ الْحَدِّ وَيَظْهَرُ الْحُكْمُ بِلُزُومِهِ إذَا ظَهَرَتْ التَّوْبَةُ وَقُبِلَتْ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الزِّنَا الْمَذْكُورِ فِي صِيغَةِ الْقَذْفِ وَالرَّافِعِيُّ قَالَ إنَّهُ قَدْ اسْتَبْعَدَ عَدَمَ وُجُوبِ الْحَدِّ مُسْتَبْعَدُونَ فِي حَالَةِ إضَافَةِ الْقَذْفِ فِي الزِّنَا إلَى مَا بَعْدَ التَّوْبَةِ وَلَمْ يُقِيمُوهُ وَجْهًا (قَوْلُهُ وَجَارِيَةِ ابْنٍ لَهُ) وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ (قَوْلُهُ كَأَنْ نَكَحَهَا بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ) أَيْ أَوْ لَا وَلِيَّ وَلَا شُهُودَ (قَوْلُهُ وَكَذَا مَجُوسِيٌّ وَطِئَ مَحْرَمًا لَهُ إلَخْ) ، ثُمَّ أَسْلَمَ. [فَرْعٌ إذَا زَنَى الْمَقْذُوفُ قَبْلَ حَدِّ قَاذِفِهِ] (قَوْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَتَعْزِيرُهُ يُورَثُ إلَخْ) وَيَسْقُطُ عَنْهُ بِعَفْوِهِ أَوْ عَفْوِ وَارِثِهِ إنْ مَاتَ أَوْ قَذَفَ مَيِّتًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ سُقُوطِهِ بِالْعَفْوِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ فَإِنَّهُ صَحَّحَ هُنَاكَ جَوَازَ اسْتِيفَاءِ السُّلْطَانِ لَهُ مَعَ الْعَفْوِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا الِاعْتِرَاضُ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالسُّقُوطِ سُقُوطُ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا عَنْ التَّعْزِيرِ، ثُمَّ عَادَ وَطَلَبَهُ لَا يُجَابُ، وَإِنْ كَانَ لِلْإِمَامِ إقَامَتُهُ لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا يَجْتَهِدُ فِي قَدْرِهِ لِلْمَصْلَحَةِ الَّتِي يَرَاهَا لَا لِكَوْنِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ فَنَفْيُهُ لِهَذَا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى. (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلِأَحَدِ الْوَرَثَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ لَوْ قَذَفَهُ أَوْ قَذَفَ مُوَرِّثَهُ] (قَوْلُهُ قَالُوا أَوَّلًا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالزِّنَا وَالتَّحْلِيفُ عَلَى نَفْيِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُضَمُّ إلَيْهَا ثَانِيَةً وَهِيَ مَا لَوْ وَقَفَ دَارِهِ مَثَلًا عَلَى وَلَدَاهُ عَلَى أَنَّ مَنْ زَنَى مِنْهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ وَعَادَ نَصِيبُهُ إلَى أَخِيهِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ زَنَى لِيَعُودَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ سُمِعَتْ، فَإِنْ أَنْكَرَ وَنَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةَ وَقُضِيَ لَهُ بِنَصِيبِ النَّاكِلِ وَلَا يُحَدُّ النَّاكِلُ بِذَلِكَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 فَيَسْتَوْفِي أَوْ مَوْتُهُ فَيَسْتَوْفِي وَارِثُهُ فَلَا يَسْتَوْفِيهِ هُوَ لِعَدَمِ حُصُولِ التَّشَفِّي وَالصَّغِيرُ كَالْمَجْنُونِ حَيْثُ ثَبَتَ لَهُ التَّعْزِيرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَبُلُوغُهُ كَإِفَاقَتِهِ. (وَلَوْ قَذَفَ) السَّيِّدُ (عَبْدَهُ فَلَهُ مُطَالَبَةُ سَيِّدِهِ بِالتَّعْزِيرِ) لِلْإِيذَاءِ فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَهَلْ يَسْتَوْفِي لَهُ الْإِمَامُ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ فِي الْوَسِيطِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ إلَى سَيِّدِهِ (وَحَقُّ التَّعْزِيرِ بِقَذْفِ الْعَبْدِ) ثَابِتٌ (لَهُ) لَا لِسَيِّدِهِ إذْ عِرْضُهُ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ (فَإِنْ مَاتَ) قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ (فَلِسَيِّدِهِ لَا قَرِيبِهِ) وَلَا لِلسُّلْطَانِ اسْتِيفَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَجَبَتْ بِالْقَذْفِ فَلَا تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ كَالْحَدِّ وَالسَّيِّدُ أَخَصُّ النَّاسِ بِهِ فَمَا ثَبَتَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِحَقِّ الْمِلْكِ كَمَالِ الْمُكَاتَبِ. (وَمَنْ قَذَفَ مُوَرِّثَهُ لَمْ يَسْقُطْ إرْثُهُ) بِخِلَافِ مَنْ قَتَلَهُ (وَيَسْتَوْفِي بَاقِي الْوَرَثَةِ مِنْهُ الْحَدَّ) إنْ كَانَ ثَمَّ بَاقٍ وَإِلَّا فَلَا اسْتِيفَاءَ لِسُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ مَا عَلَيْهِ [الْبَابُ الثَّانِي فِي قَذْفِ الزَّوْجِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي قَذْفِ الزَّوْجِ) زَوْجَتَهُ (وَلِلزَّوْجِ قَذْفُهَا إنْ رَآهَا تَزْنِي أَوْ ظَنَّ) زِنَاهَا (ظَنًّا مُؤَكَّدًا إمَّا بِإِقْرَارِهَا) بِهِ (أَوْ رُؤْيَتِهِ) لِرَجُلٍ (مَعَهَا مِرَارًا فِي مَحَلِّ رِيبَةٍ أَوْ مَرَّةً تَحْتَ شِعَارٍ فِي هَيْئَةٍ مُنْكَرَةٍ أَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ رَأَى) الزَّانِيَ وَهُوَ يَزْنِي بِهَا وَالْمُرَادُ ثِقَةٌ عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا (أَوْ اسْتِفَاضَةٍ) أَيْ شُيُوعٍ بَيْنَ النَّاسِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إخْبَارِ أَحَدٍ لَهُ عَنْ عِيَانٍ لَكِنْ (عَضَّدَتْهَا قَرِينَةٌ) يُتَخَيَّلُ بِهَا زِنَاهَا (كَرُؤْيَتِهِ) لَهُ (خَارِجًا مِنْهَا) أَيْ مِنْ عِنْدَهَا وَكَرُؤْيَتِهِ مَعَهَا فِي خَلْوَةٍ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الشُّيُوعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَذْكُرُهُ غَيْرُ ثِقَةٍ فَيَسْتَفِيضُ أَوْ يُشِيعُهُ عَدُوٌّ لَهَا أَوْ لَهُ أَوْ مَنْ طَمَعَ فِيهَا فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءٍ وَلَا مُجَرَّدُ الْمَخِيلَةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ بَيْتَهَا لِخَوْفٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ طَمَعٍ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ حِينَئِذٍ الْقَذْفُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ اللِّعَانُ الَّذِي يَخْلُصُ بِهِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الِانْتِقَامِ مِنْهَا لِتَلْطِيخِهَا فِرَاشَهُ وَلَا يَكَادُ يُسَاعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ (وَالْأَوْلَى) إذَا لَمْ يَكُنْ ثُمَّ وَلَدٌ يَنْفِيهِ (أَنْ يَسْتُرَ) عَلَيْهَا (وَيُطَلِّقَهَا) إنْ كَرِهَهَا (وَمَنْ لَحِقَهُ وَلَدٌ) ظَاهِرًا (وَ) تَيَقَّنَ (أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَطَأْهَا أَوْ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَقَلِّ الْمُدَّةِ) لِلْحَمْلِ (أَوْ أَكْثَرِهَا) أَيْ أَوْ لِخُرُوجِ الْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ (لَزِمَهُ نَفْيُهُ) لِأَنَّ تَرْكَ نَفْيِهِ يَتَضَمَّنُ اسْتِلْحَاقَهُ وَاسْتِلْحَاقُ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ حَرَامٌ كَمَا يَحْرُمُ نَفْيُ مَنْ هُوَ مِنْهُ وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَمْ يُدْخِلْهَا جَنَّتَهُ وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجِبْ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَنَصَّ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَفِي الثَّانِي عَلَى الرَّجُلِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي مَعْنَى الْآخَرِ. وَكَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ وَالْمُرَادُ بِالتَّيَقُّنِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ الْمُؤَكَّدَ (وَلَا يَقْذِفُهَا لِاحْتِمَالِ) حُصُولِهِ مِنْ وَطْءِ (شُبْهَةٍ) أَوْ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَهُ نَعَمْ إنْ تَيَقَّنَ مَعَ مَا ذَكَرَ أَنَّهَا زَنَتْ أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا مُؤَكَّدًا قَالُوا لَزِمَهُ قَذْفُهَا أَيْضًا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَحِقَهُ مَا لَوْ أَتَتْ بِهِ خُفْيَةً بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ بِهِ ظَاهِرًا وَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ نَفْيُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ وَالْأَوْلَى بِهِ السَّتْرُ وَالْكَفُّ عَنْ الْقَذْفِ لَكِنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ يَقْتَضِي لُزُومُهُ (وَكَذَا يَلْزَمُهُ النَّفْيُ) لَكِنْ بَعْدَ قَذْفِهَا. (لَوْ رَأَى مَا يُبِيحُ قَذْفَهَا وَأَتَتْ بَعْدَهُ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ (مِنْ حِينِ الزِّنَا لَا مِنْ) حِينِ (الِاسْتِبْرَاءِ وَكَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَهُ بِحَيْضَةٍ) لِحُصُولِ الْيَقِينِ أَوْ الظَّنِّ حِينَئِذٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَلَوْ لَمْ يَرَ مَا يُبِيحُ قَذْفَهَا لَمْ يَجُزْ النَّفْيُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ قَطْعِ الْعِرَاقِيِّينَ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ إبَاحَتَهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْفِيَهُ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَرَى الدَّمَ وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الْكَبِيرِ شَيْئًا وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْمُدَّةُ مِنْ حِينِ الزِّنَا لَا مِنْ حِينِ الِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ لِلِّعَانِ فَإِذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ وَلِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا فَيَصِيرُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَلَا يَجُوزُ النَّفْيُ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَيْضًا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلَا عِبْرَةَ بِرِيبَةٍ يَجِدُهَا فِي نَفْسِهِ أَوْ شُبْهَةٍ تُخَيِّلُ إلَيْهِ فَسَادًا وَعَطَفَ عَلَى كَانَ قَوْلَهُ (أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ مِنْ الزَّانِي) مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْهُ (بِأَنْ كَانَ يَعْزِلُ) عَنْهَا (أَوْ أَشْبَهَ الزَّانِيَ) فَيَلْزَمُهُ النَّفْيُ بَعْدَ قَذْفِهَا لِمَا مَرَّ (وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ) ذَلِكَ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْهُ أَوْ احْتَمَلَ كَوْنُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الزِّنَا عَلَى السَّوَاءِ بِأَنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا (حُرِّمَ النَّفْيُ) رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ كَمَا مَرَّ أَيْضًا (لَا الْقَذْفُ) وَاللِّعَانُ لِتَيَقُّنِ زِنَاهَا فَجَازَ ذَلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالصَّغِيرُ كَالْمَجْنُونِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي قَذْفِ الزَّوْجِ) (قَوْلُهُ وَلِلزَّوْجِ قَذْفُهَا إنْ رَآهَا تَزْنِي إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ خَطَرَ لِي أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الْقَذْفُ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ إذَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إقْدَامَهُ عَلَى اللِّعَانِ أَمَّا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ حَذَرًا وَجُبْنًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَذْفُ مِنْ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَإِبْطَالِ عَدَالَتِهِ وَتَعْرِيضِهِ نَفْسَهُ لِلْحَدِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَطَرِيقُهُ فِي الْخَلَاصِ الطَّلَاقُ وَقَوْلُهُ إنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الْقَذْفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَذَا قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَذْفُ (قَوْلُهُ أَمَّا بِإِقْرَارِهَا بِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ فَاسِقَةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُؤَاخَذَةِ لَا مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ وَذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ حُصُولِ الظَّنِّ مِنْ خَبَرِ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا الْكِتْمَانَ لَا سِيَّمَا مِنْ الزَّوْجِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ ثِقَةٌ عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ وَالْإِمَامُ سَوَاءٌ كَانَ الْقَائِلُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ أَمْ لَا. اهـ. وَهُوَ يُوهِمُ قَبُولَ قَوْلِ الْفَاسِقِ إذَا وُثِقَ بِقَوْلِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَرَادُوا كَوْنَهُ مَقْبُولَ الْخَبَرِ كَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَعَمْ لَوْ أَخْبَرَتْهُ الزَّوْجَةُ بِذَلِكَ وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهَا جَازَ لَهُ اعْتِمَادُهُ وَقَذْفُهَا وَإِنْ كَانَتْ فَاسِقَةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُؤَاخَذَةِ لَا مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ وَذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ حُصُولِ الظَّنِّ مِنْ خَبَرِ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهَا الْكِتْمَانُ لَا سِيَّمَا مِنْ الزَّوْجِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهَا مَتَى أَقَرَّتْ عِنْدَهُ بِالزِّنَا جَازَ لَهُ اعْتِمَادُ قَوْلِهَا وَقَذْفُهَا وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِأَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهَا وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ فَهِمَ مِنْهَا الْكَذِبَ وَأَنَّهَا تُرِيدُ بِهِ التَّوْصِيلَ إلَى فِرَاقِهِ لِبُغْضِهَا لَهُ لَمْ يَجُزْ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِهِ إذَا ظَنَّ كَذِبَهَا وَقَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الزِّنَا) هَلْ يُحْسَبُ ابْتِدَاءُ الْأَشْهُرِ مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّمِّ أَمْ مِنْ انْقِطَاعِهِ؟ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ طُرُوئِهِ؛ لِأَنَّهُ الدَّالُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَقَوْلُهُ هَلْ يُحْسَبُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّمِّ؟ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 انْتِقَامًا مِنْهَا وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ قِيَاسًا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْقَاضِي حُرْمَةَ ذَلِكَ وَصَحَّحَهَا الْأَصْلُ وَالْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهَا لِدَفْعِ النَّسَبِ أَوْ قَطْعِ النِّكَاحِ حَيْثُ لَا وَلَدَ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَحْدُثَ وَلَدٌ عَلَى الْفِرَاشِ الْمُلَطَّخِ وَقَدْ حَصَلَ الْوَلَدُ هُنَا فَلَمْ تَبْقَ فَائِدَةٌ وَلِأَنَّ فِي إثْبَاتِ زِنَاهَا تَعْيِيرًا لِلْوَلَدِ وَإِطْلَاقَ الْأَلْسِنَةِ فِيهِ فَلَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ لِغَرَضِ الِانْتِقَامِ مِنْهَا مَعَ إمْكَانِ الْفُرْقَةِ بِالطَّلَاقِ. (وَيَجُوزُ النَّفْيُ لِمَنْ يَطَأُ فِي الدُّبُرِ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا عَدَا الْقُبُلَ؛ لِأَنَّ أَمْرَ النَّسَبِ يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ الشَّرْعِيِّ فَلَا يَثْبُتُ بِغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ فِي ثُبُوتِهِ بِالْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ اضْطِرَابًا قَدَّمْته فِي النِّكَاحِ (لَا لِمَنْ يَعْزِلُ) عَنْهَا فِي وَطْئِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ إلَى الرَّحِمِ مِنْ غَيْرِ شُعُورِهِ بِهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ) فِي جَوَازِ النَّفْيِ وَالْقَذْفِ (تَبْيِينُ السَّبَبِ الْمُجَوِّزِ لِلنَّفْيِ وَالْقَذْفِ) مِنْ رُؤْيَةِ زِنًا وَاسْتِبْرَاءٍ وَنَحْوِهِمَا (لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ) بَاطِنًا (رِعَايَةُ السَّبَبِ الْمُجَوِّزِ) لَهَا [فَرْعٌ أَتَتْ بِأَبْيَضَ وَأَبَوَاهُ أَسْوَدَانِ أَوْ عَكْسُهُ] (فَرْعٌ) لَوْ (أَتَتْ بِأَبْيَضَ وَهُمَا) أَيْ أَبَوَاهُ (أَسْوَدَانِ) أَوْ عَكْسُهُ (لَمْ يَسْتَبِحْ) أَبُوهُ (بِهِ النَّفْيَ) لَهُ (وَلَوْ أَشْبَهَ مَنْ تُتَّهَمُ بِهِ) أُمُّهُ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَرِينَةُ الزِّنَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ «رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ قَالَ هَلْ لَكَ مِنْ إبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ قَالَ عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ قَالَ فَلَعَلَّ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ» . [فَصْلٌ يَنْتَفِي الْوَلَدَ بِلَا لِعَانٍ عَنْ زَوْجٍ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ] (فَصْلٌ يَنْتَفِي الْوَلَدَ بِلَا لِعَانٍ عَنْ زَوْجٍ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ) لِأُمِّهِ كَمَشْرِقِيٍّ (تَزَوَّجَ مَغْرِبِيَّةً) أَيْ بِأَنْ كَانَ هُوَ بِالْمَشْرِقِ وَهِيَ بِالْمَغْرِبِ، وَإِنْ أَتَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ (أَوْ مَنْ طَلَّقَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَتَتْ امْرَأَةُ الصَّبِيِّ بِوَلَدٍ (فَإِنْ أَمْكَنَ) وَطْؤُهُ لَهَا (لَحِقَهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ بِهِ إلَّا بِالْوَطْءِ) فَلَا يَلْحَقُهُ بِإِمْكَانِ الْوَطْءِ فِيهِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ لَهُ فِيهِ وَعَطَفَ عَلَى لَا يُمْكِنُ قَوْلَهُ (أَوْ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ كَمَوْلُودٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ الْعَقْدِ (أَوْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ بَعْدَ غِيبَةٍ) مِنْهُ عَنْهَا (يَتَعَذَّرُ فِيهَا التَّلَاقِي) بَيْنَهُمَا فَيَنْتَفِي عَنْهُ الْوَلَدُ لِمَا مَرَّ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي اللِّعَانِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي سَبَب اللِّعَان] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي اللِّعَانِ وَفِيهِ أَطْرَافٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي سَبَبِهِ وَهُوَ قَذْفُ الزَّوْجَةِ أَوْ نَفْيُ الْوَلَدِ فَيُلَاعِنُ لِدَفْعِ حَدٍّ) لَزِمَهُ بِقَذْفِهِ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نِكَاحٌ وَلَا وَلَدٌ (وَكَذَا) لِدَفْعِ (تَعْزِيرٍ وَجَبَ لِتَكْذِيبِهِ ظَاهِرًا) بِأَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ غَيْرَ الْمُحْصَنَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ كَذِبُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ صِدْقُهُ (كَقَذْفِ صَغِيرَةٍ تُوطَأُ وَمَجْنُونَةٍ لَكِنْ لَا يُلَاعِنُ) لِدَفْعِ تَعْزِيرِهِ لَهُمَا (حَتَّى تَكْمُلَا) بِالْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ (وَتُطَالَبَا) بِهِ (وَ) كَقَذْفِ (أَمَةٍ وَذِمِّيَّةٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَاعَنَ لِدَفْعِ الْأَعْلَى فَمَا دُونَهُ أَوْلَى وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا (وَلَا يُلَاعِنُ) لِلدَّفْعِ (لِتَعْزِيرٍ وَجَبَ لِتَأْدِيبٍ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ أَوْ ظُهُورِ صِدْقِهِ كَقَذْفِ صَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ) وَإِنْ بَلَغَتْ وَطَالَبَتْ (وَ) كَقَذْفِ (كَبِيرَةٍ ثَبَتَ زِنَاهَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِهِ) أَوْ لِعَانٍ مِنْهُ مَعَ امْتِنَاعِهَا مِنْهُ، أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِتَيَقُّنِ كَذِبُهُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ صَادِقٌ فَيُعَزَّرُ لَا لِلْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِيهِ قَطْعًا فَلَمْ يُلْحِقْ بِهَا عَارًا مَنْعًا لَهُ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ. وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ اللِّعَانَ لِإِظْهَارِ الصِّدْقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَا مَعْنَى لَهُ وَلِأَنَّ التَّعْزِيرَ فِيهِ لِلسَّبِّ وَالْإِيذَاءِ فَأَشْبَهَ التَّعْزِيرَ بِقَذْفِ صَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ (وَيُعَزَّرُ) فِيهِمَا (تَأْدِيبًا) لَا تَكْذِيبًا لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدَّ اللَّازِمَ لِلزَّوْجِ يُلَاعِنُ لِدَفْعِهِ. وَالتَّعْزِيرُ اللَّازِمُ لَهُ نَوْعَانِ: تَعْزِيرُ تَكْذِيبٍ وَهُوَ مَا شُرِعَ فِي حَقِّ الْقَاذِفِ الْكَاذِبِ ظَاهِرًا كَأَنَّهُ يَكْذِبُ بِمَا تَجَرَّأَ عَلَيْهِ فَلَهُ اللِّعَانُ لِدَفْعِهِ، وَتَعْزِيرُ تَأْدِيبٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ كَذِبُهُ مَعْلُومًا أَوْ صِدْقُهُ ظَاهِرًا فَلَا لِعَانَ فِيهِمَا بَلْ يُعَزَّرُ تَأْدِيبًا. سَاقِطٌ مِنْ أَكْثَرِ النُّسَخِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (وَيُلَاعِنُ لِنَفْيِ وَلَدِ الْمُطَلَّقَةِ وَ) وَلَدِ (الْعَافِيَةِ عَنْ الْحَدِّ) أَوْ التَّعْزِيرِ وَلَوْ بَائِنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَهُمَا فِي الزَّوْجِيَّةِ وَبِهِ حَاجَةٌ إلَى إظْهَارِ الصِّدْقِ وَالِانْتِقَامِ مِنْهُمَا لِتَلْطِيخِهِمَا فِرَاشَهُ، ثُمَّ مَا كَانَ مِنْ حَدٍّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَصَحَّحَهَا الْأَصْلُ وَالْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ إلَى الرَّحِمِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ مَخِيلَةٌ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَفِيمَا إذَا انْضَمَّ إلَى مَخِيلَةٍ نَظَرٌ. (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي اللِّعَانِ) (قَوْلُهُ وَهُوَ قَذْفُ الزَّوْجَةِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ لِعَانُ غَيْرِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ لِغَيْرِ الْأَزْوَاجِ مَخْرَجًا مِنْ الْقَذْفِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ فَقَالَ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] الْآيَاتِ. (تَنْبِيهٌ) هَلْ يُرْفَعُ فِسْقُهُ بِلِعَانِهِ إذَا لَاعَنَتْ؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا ارْتِفَاعُهُ، فَإِنْ قِيلَ قَوْله تَعَالَى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَا يُلَاعِنُ قُلْنَا مَعْنَى الْآيَةِ إنْ لَمْ يَتَّفِقْ شَهَادَةُ شُهُودٍ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ وَنَظِيرُهُ {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] أَيْ إنْ لَمْ يَتَّفِقْ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِي التَّعْلِيقِ الْقَطْعُ بِزَوَالِ فِسْقِهِ بِلِعَانِهِ التَّعَنُّتُ بَعْدَهُ أَمْ لَا بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْته بِلَفْظِهِ فِي الْغُنْيَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 أَوْ تَعْزِيرٍ مُعَلَّقًا بِطَلَبِ شَخْصٍ يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ إذَا كَانَ أَهْلًا لَهُ وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ وَلَدِ الْمُطَلَّقَةِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَلَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ فَعَفَتْ عَنْ الْحَدِّ) أَوْ التَّعْزِيرِ، وَإِنْ لَمْ تَبِنْ مِنْهُ (أَوْ سَكَتَتْ) عَنْ طَلَبِهِ وَعَنْ الْعَفْوِ (أَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا وَلَا وَلَدَ) فِي الْجَمِيعِ (لَمْ يُلَاعِنْ) لِعَدَمِ ضَرُورَتِهِ إلَى اللِّعَانِ وَلِأَنَّ الْحَدَّ أَوْ التَّعْزِيرَ إنَّمَا يُسْتَوْفَى بِطَلَبِهَا بِخِلَافِ اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهَا [فَرْعٌ قَالَ زَنَى بِك مَمْسُوحٌ أَوْ رَضِيعٌ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ زَنَى بِك مَمْسُوحٌ أَوْ رَضِيعٌ أَوْ قَالَ لِرَتْقَاءَ) أَوْ قَرْنَاءَ (زَنَيْت عُزِّرَ) لِلْإِيذَاءِ وَلَا حَدَّ (وَلَا لِعَانَ) لِتَيَقُّنِ كَذِبِهِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ لِمَمْسُوحٍ زَنَيْت أَوْ لِبَالِغٍ زَنَيْت وَأَنْت رَضِيعٌ (وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ زَنَيْت مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً أَوْ جَاهِلَةً) بِالْحُكْمِ (عُزِّرَ) لِلْإِيذَاءِ وَلَا حَدَّ (وَلَهُ اللِّعَانُ) لِدَفْعِ التَّعْزِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ (فَإِنْ قَالَ أَكْرَهَك فُلَانٌ) عَلَى الزِّنَا (لَزِمَهُ الْحَدُّ لَهُ) لِقَذْفِهِ إيَّاهُ (وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَذَفَهَا هِيَ وَأَجْنَبِيَّةٌ بِكَلِمَةٍ كَقَوْلِهِ زَنَيْتُمَا لَمْ يَسْقُطْ حَدُّ الْأَجْنَبِيَّةِ بِاللِّعَانِ) لِأَنَّ فِعْلَهَا يَنْفَكُّ عَنْ فِعْلِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا يَنْفَكُّ عَنْ فِعْلِ الزَّانِي بِهَا (وَقَوْلُهُ) لَهَا (وُطِئْت بِشُبْهَةٍ كَقَوْلِهِ) زَنَيْت (جَاهِلَةً) فِي لُزُومِ التَّعْزِيرِ وَجَوَازِ اللِّعَانِ لَكِنْ إنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ وَلَدٌ وَلَمْ يُعَيَّنْ الْوَاطِئُ بِالشُّبْهَةِ أَوْ عَيَّنَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ) لِأَنَّ الْوَلَدَ حِينَئِذٍ لَا حَقَّ بِهِ فَهُوَ مُضْطَرٌّ إلَى نَفْيِهِ (وَإِنْ صَدَّقَهُ) فِي الْوَطْءِ (وَادَّعَاهُ) أَيْ الْوَلَدَ وَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَطْءِ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ إلْحَاقِ الْقَائِفِ (عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ، فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالْمُعَيَّنِ لَحِقَهُ وَلَا لِعَانَ وَإِلَّا) بِأَنْ أَلْحَقَهُ بِالزَّوْجِ (لَحِقَ الزَّوْجَ وَلَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ) لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ لِنَفْيِهِ وَهُوَ أَنْ يُلْحِقَهُ الْقَائِفُ بِالْمُعَيَّنِ فَتَعَيَّنَ وَلِهَذَا لَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِ وَلَدِ الْأَمَةِ لِإِمْكَانِ نَفْيِهِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ (وَإِنْ أَشْكَلَ) الْحَالُ عَلَى الْقَائِفِ بِأَنْ تَحَيَّرَ أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا (أَوْ لَمْ يَكُنْ قَافَةٌ انْتَظَرَ بُلُوغَهُ) لِيَنْتَسِبَ إلَى أَحَدِهِمَا (فَإِنْ انْتَسَبَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الزَّوْجِ (فَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ) لِتَعَيُّنِهِ الْآنَ طَرِيقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا مُشْكِلٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ لَا جَرَمَ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيِّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُلَاعِنَ إذَا أَلْحَقَهُ بِهِ الْقَائِفُ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ بَلْ لَهُ اللِّعَانُ كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ مِنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِفِ إنَّمَا جُعِلَ حُجَّةً لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لَا أَنَّهُ أَثْبَتَ نَسَبًا لَازِمًا عَلَى مُنْكِرٍ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ إلْحَاقَ الْقَائِفِ أَقْوَى مِنْ الِانْتِسَابِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا إذَا انْتَسَبَ إلَى الْمُعَيَّنِ فَيَنْقَطِعُ نَسَبُهُ عَنْ الزَّوْجِ بِلَا لِعَانٍ (فَرْعٌ) لَوْ (نَسَبَهَا إلَى زِنًا لَمْ يُشْتَرَطْ لِجَوَازِ اللِّعَانِ أَنْ يَقُولَ) عِنْدَ الْقَذْفِ (رَأَيْتهَا تَزْنِي) بَلْ لَهُ اللِّعَانُ، وَإِنْ قَالَ زَنَيْت أَوْ يَا زَانِيَةُ أَوْ قَالَ وَهِيَ غَائِبَةٌ فُلَانَةُ زَانِيَةٌ (وَلَا) أَنْ يَقُولَ (اسْتَبْرَأْتهَا) بَعْدَ الْوَطْءِ (بَلْ لَهُ اللِّعَانُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا فِي طُهْرٍ قَذَفَهَا فِيهِ) بِالزِّنَا وَذَلِكَ لِإِطْلَاقِ آيَةِ اللِّعَانِ وَلِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ يَخْرُجُ بِهَا عَنْ مُوجَبِ الْقَذْفِ الْمُقَيَّدِ فَكَذَا عَنْ الْمُطْلَقِ كَالْبَيِّنَةِ (وَلَوْ قَالَ) لَهَا (زَنَيْت بِفُلَانٍ وَهُوَ ظَانٌّ أَنَّك زَوْجَتُهُ فَقَاذِفٌ لَهَا) فَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ (وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ، فَإِنْ كَانَ) ثَمَّ (وَلَدٌ وَنَسَبَهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى وَطْءِ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ (فَكَالنِّسْبَةِ إلَى) وَطْءِ (الشُّبْهَةِ) فِي لُزُومِ التَّعْزِيرِ وَجَوَازِ اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمَذْكُورُ (فَإِنْ صَدَّقَهُ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا مَرَّ) هَذَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ (وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي لَمْ يُلَاعِنْ حَتَّى يُبَيِّنَ) فِي قَذْفِهِ (السَّبَبَ) الَّذِي يُسْنِدُ إلَيْهِ نَفْيَ الْوَلَدِ مِنْ كَوْنِهِ زِنًا أَوْ وَطْءَ شُبْهَةٍ أَوْ نَحْوَهُمَا بَلْ يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالْفِرَاشِ وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِهِ عَدَمَ الْمُشَابَهَةِ خَلْقًا، فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ جَهِلَ السَّبَبَ تَعَذَّرَ النَّفْيُ لِتَعَذُّرِ بَيَانِ السَّبَبِ قُلْنَا مَمْنُوعٌ إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْوَلَدُ حَصَلَ مِنْ وَطْءِ غَيْرِي أَوْ عَلِقَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِي أَوْ نَحْوَهُ وَأَجَابَ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ يَنْسُبُهُ إلَى وَطْءٍ غَيْرِ حَلَالٍ أَيْ مَعَ قَوْلِهِ لَيْسَ مِنِّي فَيَشْتَمِلُ الزِّنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَوَطْءَ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ قَالَ وَهَذَا الْجَوَابُ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ انْتَهَى لَكِنْ مَا قَالَهُ لَا يَشْمَلُ وَطْءَ زَوْجٍ سَابِقٍ. [فَصْلٌ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِمُعَيَّنٍ أَوْ مُعَيَّنَيْنِ وَذَكَرَهُمْ فِي اللِّعَانِ] (فَصْلٌ) لَوْ (قَذَفَهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ (بِمُعَيَّنٍ أَوْ مُعَيَّنَيْنِ وَذَكَرَهُمْ فِي اللِّعَانِ) بِأَنْ قَالَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ أَوْ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ (سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ) ، أَمَّا سُقُوطُ حَدِّ قَذْفِهَا فَلِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ} [النور: 4] إذْ ظَاهِرُهَا أَنَّ لِعَانَهُ كَشَهَادَةِ الشُّهُودِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِهِ وَأَمَّا سُقُوطُ حَدِّ قَذْفِهِمْ فَلِأَنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ وَقَدْ قَامَتْ فِيهَا حُجَّةٌ مُصَدِّقَةٌ فَانْتَهَضَتْ شُبْهَةٌ دَارِئَةٌ لِلْحَدِّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُمْ فِي لِعَانِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا مُشْكِلٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنْ كَانَ النَّظَرُ إلَى آخِرِ الْأَمْرِ وَقْتَ انْقِطَاعِ الطَّمَعِ عَنْ انْتِفَاءِ النَّسَبِ بِطَرِيقٍ آخَرَ فَهَذَا الْمَعْنَى حَاصِلٌ فِيمَا إذَا أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالزَّوْجِ فَلْيَجْرِ اللِّعَانُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ إلَى الِابْتِدَاءِ وَتُوُقِّعَ الِانْتِفَاءُ بِطَرِيقٍ آخَرَ فَهَذَا الْمَعْنَى حَاصِلٌ فِيمَا إذَا تَوَقَّفْنَا إلَى بُلُوغِهِ وَانْتِسَابِهِ فَلْيَمْتَنِعْ اللِّعَانُ إذَا انْتَسَبَ إلَى الزَّوْجِ. هَذَا الْإِشْكَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَافَةِ وَالِانْتِسَابِ غَيْرُ وَارِدٌ فَإِنَّ لِلتَّفْرِيقِ مَعْنًى آخَرَ غَيْرَ الَّذِي أَوْرَدَهُ وَهُوَ أَنَّ الْقَافَةَ كَالْبَيِّنَةِ فَلَا يُلَاعِنُ بَعْدَ إلْحَاقِهَا بِخِلَافِ الِانْتِسَابِ ع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 (فَلَا) يَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِمْ كَمَا فِي الزَّوْجَةِ لَوْ تَرَكَ ذِكْرَهَا (لَكِنْ لَهُ أَنْ يُعِيدَ اللِّعَانَ) وَيَذْكُرَهُمْ (لِإِسْقَاطِهِ) عَنْهُ (فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ) وَلَا بَيِّنَةَ (وَحُدَّ بِقَذْفِهَا) بِطَلَبِهَا (فَطَالَبَهُ الرَّجُلُ) بِالْحَدِّ (وَقُلْنَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدَّانِ) حَدٌّ لَهَا وَحَدٌّ لِلرَّجُلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (فَلَهُ اللِّعَانُ) لِإِسْقَاطِ حَدِّ قَذْفِ الرَّجُلِ (وَهَلْ تَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ) لِلزَّوْجَةِ (بِاللِّعَانِ لِأَجْلِهِ) أَيْ الرَّجُلِ (فَقَطْ) أَوْ لَا؟ (وَجْهَانِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ قَالَ الْبَغَوِيّ قِيلَ يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَنْقُولَ تَأَبُّدُ الْحُرْمَةِ. (وَلَوْ ابْتَدَأَ الرَّجُلُ فَطَالَبَهُ) بِحَدِّ قَذْفِهِ وَلَمْ تُطَالِبْهُ هِيَ (فَهَلْ لَهُ اللِّعَانُ) لِإِسْقَاطِ حَدِّهِ أَوْ لَا؟ (وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ بَيَّنَّا عَلَى خِلَافٍ فِي أَنَّ حَقَّهُ يَثْبُتُ أَصْلًا أَوْ تَابِعًا لِحَقِّهَا انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَثْبُتُ أَصْلًا (وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا) عَنْ حَقِّهِ (فَلِلْآخَرِ الْمُطَالَبَةُ) بِحَقِّهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَقُلْنَا الْوَاجِبُ حَدٌّ أَمْ حَدَّانِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَتَبَعَّضُ وَلِذَلِكَ قُلْنَا أَنَّهُ إذَا عَفَا بَعْضُ وَرَثَةِ الْمَقْذُوفِ عَنْ الْحَدِّ كَانَ لِلْآخَرَيْنِ اسْتِيفَاؤُهُ بِتَمَامِهِ وَلِلزَّوْجِ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ [فَرْعٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةً عِنْدَ الْحَاكِمِ بِزَيْدٍ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَذَفَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةً عِنْدَ الْحَاكِمِ بِزَيْدٍ فَعَلَى الْحَاكِمِ إعْلَامُ زَيْدٍ) بِذَلِكَ (لِيُطَالِبَ بِحَقِّهِ) إنْ شَاءَ (وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ) أَيْ لِشَخْصٍ (بِمَالٍ) عِنْدَ الْحَاكِمِ (لَمْ يَلْزَمْهُ إعْلَامُهُ) بِذَلِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيُعْلِمُهُ لِيَسْتَوْفِيَ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ الْمَالِ [فَصْلٌ قَذَفَ جَمَاعَةً بِكَلِمَاتٍ] (فَصْلٌ) لَوْ (قَذَفَ جَمَاعَةً بِكَلِمَاتٍ فَلِكُلٍّ) مِنْهُمْ (حَدٌّ، وَكَذَا) لَوْ قَذَفَهُمْ (بِكَلِمَةٍ) وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَقْصُودَةِ لِلْآدَمِيِّينَ فَلَا تَتَدَاخَلُ كَالدُّيُونِ وَلِدُخُولِ الْعَارِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ وَقَذَفَهُمْ بِكَلِمَةٍ (كَيَا بِنْتَ الزَّانِيَيْنِ فَهُوَ قَذْفٌ لِأَبَوَيْهَا) وَكَأَنْتُمْ زُنَاةٌ (وَيَتَعَدَّدُ اللِّعَانُ) بِتَعَدُّدِ الْمَقْذُوفَاتِ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ (إنْ كُنَّ زَوْجَاتٍ) لِمَا مَرَّ آنِفًا (فَإِنْ رَضِينَ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ لَمْ يَجُزْ) لِعَانٌ وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (إنْ ذَكَرَهُنَّ فِي اللِّعَانِ مَعًا) بِإِشَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُدَّعُونَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ (وَإِنْ رَتَّبَ) ذِكْرَهُنَّ (وَقَعَ) اللِّعَانُ (لِلْأُولَى) لِسَبْقِهَا (فَإِنْ تَنَازَعْنَ الْبُدَاءَةَ وَهُوَ) أَيْ الْقَذْفُ (بِكَلِمَاتٍ بَدَأَ بِمَنْ قُذِفَتْ أَوَّلًا أَوْ بِكَلِمَةٍ أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ وَلَوْ قَدَّمَ الْحَاكِمُ إحْدَاهُنَّ) بِاللِّعَانِ (بِلَا) قَصْدِ (إيثَارٍ) أَيْ تَفْضِيلٍ لِبَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ (جَازَ) وَإِنْ قَصَدَ الْإِيثَارَ لَمْ يَجُزْ. (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِيَةُ بِنْتُ الزَّانِيَةِ) أَوْ زَنَيْت وَزَنَتْ أُمُّك (وَجَبَ) عَلَيْهِ (حَدَّانِ) لَهُمَا (وَقُذِفَتْ الْبِنْتُ) بِالْحَدِّ لِسَبْقِ قَذْفِهَا مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَسْقُطُ حَدُّهَا بِاللِّعَانِ (فَلَوْ كَانَتْ) مَنْ بَدَأَ بِقَذْفِهَا (زَوْجَتَهُ قُدِّمَتْ الْأُمُّ) لِأَنَّ حَدَّهَا أَقْوَى فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِاللِّعَانِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمَقْذُوفَةِ مَعَ الزَّوْجَةِ (وَتُقَدَّمُ) مَنْ بَدَأَ بِقَذْفِهَا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّانِيَةُ زَوْجَتَهُ أَمْ لَا (إنْ قَالَ يَا زَانِيَةُ أُمُّ الزَّانِيَةِ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لِتَقْدِيمِهَا بِكُلِّ حَالٍ. [فَصْلٌ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ زَوْجَهَا قَذَفَهَا وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ] (فَصْلٌ) لَوْ (ادَّعَتْ) امْرَأَةٌ (أَنَّ زَوْجَهَا قَذَفَهَا وَلَمْ يَعْتَرِفْ) بِهِ بِأَنْ سَكَتَ أَوْ قَالَ فِي الْجَوَابِ لَا يَلْزَمُنِي الْحَدُّ (فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً) بِقَذْفِهِ لَهَا (لَاعَنَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَنْكَرَ) الْقَذْفَ (وَقَالَ مَا رَمَيْتُك لِاحْتِمَالِ التَّأْوِيلِ بِأَنَّ الصِّدْقَ لَيْسَ بِرَمْيٍ) أَوْ بِأَنَّ مَا رَمَيْتُك بِهِ لَيْسَ بِقَذْفٍ بَاطِلٍ بَلْ هُوَ صِدْقٌ فَالسُّكُوتُ وَقَوْلُهُ لَا يَلْزَمُنِي الْحَدُّ، وَإِنْكَارُهُ الْقَذْفَ مَعَ التَّأْوِيلِ أَوْ احْتِمَالِهِ لَهُ لَيْسَتْ إنْكَارًا لِلْقَذْفِ وَلَا تَكْذِيبًا لِلْبَيِّنَةِ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ وَيَقُولُ فِي لِعَانِهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا أَثْبَتَتْ عَلَيَّ مِنْ رَمْيِ إيَّاهَا بِالزِّنَا (وَإِنْ كَانَ قَالَ) بَدَلَ مَا ذَكَرَ (مَا زَنَيْت) وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِقَذْفِهِ لَهَا (حُدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْ) لِأَنَّهُ شَهِدَ بِعِفَّتِهَا فَكَيْفَ تَحَقَّقَ زِنَاهَا بِلِعَانِهِ (وَلَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ) بِزِنَاهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِبَيِّنَتِهِ بِقَوْلِهِ مَا زَنَيْت وَشُبِّهَ بِمَا إذَا أَنْكَرَ الْمُودِعُ أَصْلَ الْإِيدَاعِ فَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فَادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ (فَإِنْ أَنْشَأَ) وَالْحَالَةُ هَذِهِ (قَذْفًا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ) بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ (يُمْكِنُ فِيهِ الزِّنَا فَلَهُ اللِّعَانُ وَيَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ الْأَوَّلُ) الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ كَالثَّانِي، وَإِنْ أَنْشَأَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا لِعَانَ لَهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِبَرَاءَتِهَا (فَرْعٌ) لَوْ (امْتَنَعَ) أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (مِنْ اللِّعَانِ، ثُمَّ طَلَبَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ) أَوْ قَبْلَهُ (مُكِّنَ مِنْهُ) فَيَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ كَمَا فِي الْبَيِّنَةِ وَأُلْحِقَ اللِّعَانُ بِهَا فِي هَذَا، وَإِنْ كَانَ يَمِينًا لِمُشَابَهَتِهِ لَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الزَّوْجَ يَأْتِي بِهِ مِنْ غَيْرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَهَلْ تَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ بِاللِّعَانِ لِأَجْلِهِ فَقَطْ؟ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا نَعَمْ (قَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ اللِّعَانُ؟ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا نَعَمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَدَّهَا أَقْوَى) لِوُجُوبِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَالْحَدُّ بِقَذْفِ الزَّوْجَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ) عَدَمُ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ وَالْأَصَحُّ سَمَاعُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ نَسِيَ فَصَارَ كَمَنْ ادَّعَى وَقَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي، ثُمَّ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ وَيُؤَثِّرُ فِي إثْبَاتِ الْحَدِّ عَلَيْهَا كَالْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَلْحَقْ بِالْيَمِينِ فِي امْتِنَاعِ الْعَوْدِ إلَيْهَا بَعْدَ النُّكُولِ؛ لِأَنَّهَا بِالنُّكُولِ تَنْتَقِلُ إلَى الْمُدَّعِي فَفِي تَمْكِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الِانْتِقَالِ إبْطَالُ حَقِّهِ وَاللِّعَانُ بِالِامْتِنَاعِ عَنْهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْغَيْرِ وَكَالْحَدِّ فِيمَا ذَكَرَ التَّعْزِيرُ (لَا) إنْ طَلَبَهُ (بَعْدَهُ) فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ كَذِبُهُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ (إلَّا إنْ كَانَ) ثَمَّ (وَلَدٌ) وَالطَّالِبُ لَهُ الزَّوْجُ فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ. [فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ زَنَيْت وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ] (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (زَنَيْت وَأَنْت صَغِيرَةٌ وَجَبَ التَّعْزِيرُ) لِلْإِيذَاءِ (فَيُسْأَلُ) عَنْ بَيَانِ الصِّغَرِ (فَإِنْ ذَكَرَ سِنًّا يَحْتَمِلُ الْوَطْءَ لَاعَنَ) لِإِسْقَاطِ التَّعْزِيرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ذَكَرَ سِنًّا لَا يَحْتَمِلُهُ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا (فَلَا) يُلَاعِنُ كَمَا مَرَّ وَمَسْأَلَةُ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ) زَنَيْت (وَأَنْت مَجْنُونَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ أَوْ أَمَةٌ وَعُرِفَ لَهَا حَالٌ كَذَلِكَ) أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (عُزِّرَ) وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ (وَلَاعَنَ) لِإِسْقَاطِ التَّعْزِيرِ (وَإِنْ عُلِمَ وِلَادَتُهَا فِي الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةُ) وَسَلَامَةُ عَقْلِهَا (حُدَّ) لِلْقَذْفِ الصَّرِيحِ وَتُلْغَى الْإِضَافَةُ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهَا وَاخْتَلَفَا (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَنْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْغَالِبُ سَلَامَةُ الْعَقْلِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِي صُورَتَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ (فَتَحْلِفُ) أَنِّي (مَا كُنْت كَذَلِكَ وَيُحَدُّ) هُوَ، وَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَعُزِّرَ (وَكَذَا) الْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا (إنْ قَالَ) لَهَا (أَنْت الْآنَ أَمَةٌ فَأَنْكَرَتْ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ (لَا) إنْ قَالَ أَنْت الْآنَ (كَافِرَةٌ) فَأَنْكَرَتْ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى يَمِينٍ (بَلْ تَصِيرُ مُسْلِمَةً بِلَا يَمِينٍ) لِأَنَّهَا إذَا قَالَتْ أَنَا مُسْلِمَةٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهَا وَهُوَ هُنَا إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ وَالْأَصْلُ فِي الدَّارِ الْإِسْلَامُ (فَلَوْ قَالَتْ أَرَدْت بِقَوْلِك) لِي (وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ) أَوْ مَجْنُونَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ أَوْ أَمَةٌ (وَصْفِي بِالصِّغَرِ) أَوْ الْجُنُونِ أَوْ الْكُفْرِ أَوْ الرِّقِّ (وَقَذْفِي فِي الْحَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلْحَالِ وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ تَعْلِيقُ الزِّنَا بِتِلْكَ الْحَالَةِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ فَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ فَتَرْجِيحُ الثَّانِي مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي صُورَةِ الْكُفْرِ (وَمَتَى قَالَ) لَهَا (زَنَيْت وَقَالَ) بَعْدَهُ (أَرَدْت وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ) أَوْ مَجْنُونَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ أَوْ أَمَةٌ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ، وَإِنْ عُهِدَ لَهَا تِلْكَ الْحَالَةُ؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ فِي الْحَالِ ظَاهِرُهُ يُوجِبُ الْحَدَّ (وَإِنْ قَالَ هِيَ تَعْلَمُ أَنِّي أَرَدْته حَلَفَتْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) وَحُدَّ لَهَا، وَإِنْ عُهِدَ لَهَا تِلْكَ الْحَالَةُ (وَيُلَاعِنُ لِنَفْيِ وَلَدِ مَجْنُونَةٍ قَذَفَهَا) كَوَلَدِ الْعَاقِلَةِ (فَإِنْ لَاعَنَ) لِنَفْيِ الْوَلَدِ أَوْ غَيْرِهِ (وَقَذَفَهَا عَاقِلَةً) أَوْ مَجْنُونَةً لَكِنْ أَضَافَ زِنَاهَا إلَى حَالَةِ الْعَقْلِ (ثُمَّ أَفَاقَتْ وَلَمْ تُلَاعِنْ حُدَّتْ) فَإِنْ لَاعَنَتْ سَقَطَ عَنْهَا الْحَدُّ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْمُلَاعِنِ وَلَهُ شَرْطَانِ الْأَوَّلُ أَهْلِيَّةُ الْيَمِينِ) لِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ مُؤَكَّدٌ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ لِآيَةِ اللِّعَانِ مَعَ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ احْلِفْ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إنَّك لَصَادِقٌ» وَلَا يُنَافِي فِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ أَنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ كِنَايَةٌ فِي الْيَمِينِ وَلَا مُطْلِعَ لِلْقَاضِي عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ هُنَا عَلَى نِيَّةِ الْقَاضِي فَإِذَا أَمَرَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِالْكِنَايَةِ فَحَلَفَ وَأَطْلَقَ انْعَقَدَتْ بِيَمِينِهِ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْقَاضِي الْوَاقِعَةِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَلَا لِعَانَ بِقَذْفِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَمُكْرَهٍ (وَلَا عُقُوبَةَ) عَلَيْهِمْ (نَعَمْ يُعَزَّرُ الْمُمَيِّزُ) مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (وَيَسْقُطُ) عَنْهُ (بِبُلُوغِهِ) وَإِفَاقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِلزَّجْرِ عَنْ سُوءِ الْأَدَبِ وَقَدْ حَدَثَ لَهُ زَاجِرٌ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ التَّكْلِيفُ (وَيُلَاعِنُ الذِّمِّيُّ وَالرَّقِيقُ) وَالْمَحْدُودُ بِالْقَذْفِ، وَكَذَا الذِّمِّيَّةُ وَالرَّقِيقَةُ وَالْمَحْدُودَةُ بِالْقَذْفِ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ (فَرْعٌ) لَوْ (قَذَفَ زَوْجَتَهُ الذِّمِّيَّةَ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَلَاعَنَ دُونَهَا حُدَّتْ وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا) وَلَمْ تَرْضَ هِيَ بِحُكْمِنَا (فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْهَا عُزِّرَ) لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ هُوَ بِحُكْمِنَا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا (الشَّرْطُ الثَّانِي الزَّوْجِيَّةُ) فَلَا لِعَانَ لِأَجْنَبِيٍّ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي إذْ لَا ضَرُورَةَ لَهُ إلَى الْقَذْفِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ السَّيِّدُ مَعَ أَمَتِهِ (وَالرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ) فِي جَوَازِ اللِّعَانِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَغَيْرِهِمَا سَوَاءٌ أَقَذَفَهَا قَبْلَ طَلَاقِهَا أَمْ بَعْدَهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى لِعَانِهِ مِنْهَا أَحْكَامُهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى رَجْعَتِهَا مَا لَوْ آلَى أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْمُضَارَّةَ فِي الْإِيلَاءِ مِنْهَا مُنْتَفِيَةٌ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ وَالْكَفَّارَةُ فِي الظِّهَارِ تَتَعَلَّقُ بِالْعَوْدِ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالرَّجْعَةِ وَأَمَّا اللِّعَانُ فَمَدَارُهُ عَلَى الْفِرَاشِ وَلُحُوقِ النَّسَبِ وَالرَّجْعِيَّةُ فِيهِمَا كَالْمَنْكُوحَةِ وَفِي التَّأْخِيرِ خَطَرُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ امْتَنَعَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ اللِّعَانِ ثُمَّ طَلَبَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ] قَوْلُهُ فَتَرْجِيحُ الثَّانِي مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْمُلَاعِنِ] (قَوْلُهُ لِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ مُؤَكَّدَةٌ إلَخْ) أَوْ شَهَادَةٌ أَوْ يَمِينٌ فِيهَا شَائِبَةُ شَهَادَةٍ أَوْ عَكْسُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ عَدَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ أَقْوَى الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ لِآيَةِ اللِّعَانِ مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِلَالٍ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَتَتْ الْمَرْأَةُ بِالْوَلَدِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» وَلِأَنَّ اللِّعَانَ يَصِحُّ مِنْ الْفَاسِقِ وَالْأَعْمَى، وَلَوْ كَانَ شَهَادَةً لَمَا صَحَّ مِنْهُمَا وَلِأَنَّ الْمُلَاعِنَ يَدْرَأُ بِلِعَانِهِ الْحَدَّ عَنْ نَفْسِهِ وَشَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ غَيْرُ مَقْبُولَةٌ، وَوُجِّهَ الثَّالِثُ بِأَنَّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ اللِّعَانِ، ثُمَّ أَرَادَهُ مُكِّنَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَيْهَا وَبِمِثْلِهِ يُوَجَّهُ الرَّابِعُ (قَوْلُهُ فَلَا لِعَانَ بِقَذْفِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَقْتَضِي الْفِرَاقَ فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 الْفَوَاتِ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ أَمْرُهُ عَلَى الرَّجْعَةِ. (وَمَنْ ارْتَدَّ بَعْدَ الدُّخُولِ) بِزَوْجَتِهِ (ثُمَّ قَذَفَ) هَا (وَلَاعَنَ فِي الْعِدَّةِ جَازَ إنْ أَسْلَمَ فِيهَا) وَلَوْ بَعْدَ لِعَانِهِ لِوُقُوعِهِ فِي النِّكَاحِ وَالْكَافِرُ يَصِحُّ لِعَانُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ فِيهَا (بَانَ أَنَّ لِعَانَهُ) وَقَعَ (فِي) حَالِ (الْبَيْنُونَةِ فَيُحَدُّ إنْ لَمْ يَنْفِ بِهِ وَلَدًا) وَإِلَّا فَلَا حَدَّ، وَتَقْيِيدُهُمْ مَا ذَكَرَ بِتَأْخِيرِ الْقَذْفِ عَنْ الرِّدَّةِ كَمَا أَفَادَهُ تَعْبِيرُهُ بِثُمَّ إنَّمَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُسْلِمْ فِي الْعِدَّةِ لِيَخْرُجَ بِهِ مَا لَوْ قَذَفَهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ، ثُمَّ لَاعَنَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا لَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ أَبَانَهَا كَمَا سَيَأْتِي، أَمَّا إذَا أَسْلَمَ فِيهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَأْخِيرِ الْقَذْفِ عَنْ الرِّدَّةِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَيْهَا وَبِذَلِكَ عُرِفَ مَا فِي كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ [فَرْعٌ قَذَفَهَا ثُمَّ أَبَانَهَا] (فَرْعٌ) لَوْ (قَذَفَهَا، ثُمَّ أَبَانَهَا تَلَاعَنَا كَالزَّوْجَيْنِ) سَوَاءٌ أَلَاعَنَهَا الزَّوْجُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ أَمْ لِإِسْقَاطِ عُقُوبَةٍ، وَكَذَا لَهُ أَنْ يُلَاعِنَهَا إنْ قَذَفَهَا، ثُمَّ مَاتَتْ وَلَوْ عَبَّرَ بِبَانَتْ كَانَ أَعَمَّ وَأَخْصَرَ [فَرْعٌ قَذَفَ الْمَفْسُوخَ نِكَاحُهَا أَوْ الْمُطَلَّقَةَ الْبَائِنَ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَذَفَ) الْمَفْسُوخَ نِكَاحُهَا أَوْ (الْمُطَلَّقَةَ الْبَائِنُ) بِخُلْعٍ أَوْ طَلَاقِ ثَلَاثٍ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ بِزِنًا أَوْ مُضَافٍ إلَى حَالَةِ النِّكَاحِ (أَوْ) قَذَفَ (مَنْ وَطِئَهَا) فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ (ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ) أَوْ أَمَتُهُ (لَمْ يُلَاعِنْ) كَالْأَجْنَبِيِّ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَذْفِ هُنَا وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ الْمُطَلَّقَةِ كَانَ أَخَصْرَ وَأَوْلَى لِيَتَنَاوَلَ الْمُنْفَسِخَ نِكَاحُهَا بِفَسْخٍ أَوْ بِدُونِهِ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلَدٌ وَلَا حَمْلٌ (فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ مُنْفَصِلٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ، وَكَذَا) إنْ كَانَ هُنَاكَ (حَمْلٌ) لِأَنَّهُ نَسَبٌ لَاحِقٌ لَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَكَانَ لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ تَبَعًا؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ يَثْبُتُ بِهَا الزِّنَا فَكَيْفَ نَقْبَلُهَا فِي نَفْيِ النَّسَبِ وَنُوجِبُ الْحَدَّ مَعَهُ (وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ) إنْ لَمْ لَمْ يَكُنْ أَضَافَ الزِّنَا إلَى نِكَاحِهِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فَلَا يُلَاعِنُ مُعَارَضَةً لِلِعَانِهِ؛ لِأَنَّ لِعَانَهُ لِنَفْيِ النَّسَبِ وَذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (وَتَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ) بِهَذَا اللِّعَانِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» وَلِأَنَّ اللِّعَانَ مَعْنًى لَوْ وُجِدَ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ أَوْجَبَ تَأَبُّدَ الْحُرْمَةِ فَكَذَا إذَا وُجِدَ خَارِجَهُ كَالرَّضَاعِ (فَإِنْ كَانَ قَالَ زَنَيْت فِي نِكَاحِي وَجَبَ) الْحَدُّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ لِقُوَّةِ شَبَهِ لِعَانِهِ هُنَا بِلِعَانِهِ فِي النِّكَاحِ لِإِضَافَةِ الزِّنَا إلَيْهِ (وَتُسْقِطُهُ بِاللِّعَانِ، فَإِنْ بَانَ) فِي صُورَةِ اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ (أَنْ لَا حَمْلَ فَسَدَ لِعَانُهُ) أَيْ تَبَيَّنَّا فَسَادَهُ (وَحُدَّ، وَكَذَا لَوْ لَاعَنَ زَوْجٌ) وَلَا وَلَدَ (وَبَانَ) بَعْدَ لِعَانِهِ (فَسَادُ نِكَاحِهِ) تَبَيَّنَّا فَسَادَ لِعَانِهِ وَحُدَّ فَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهِ كَتَأَبُّدِ الْحُرْمَةِ وَسُقُوطِ الْعُقُوبَةِ عَنْ الزَّوْجِ [فَرْعٌ قَذَفَهَا فِي النِّكَاحِ بِزِنًا] (فَرْعٌ) لَوْ (قَذَفَهَا فِي النِّكَاحِ بِزِنًا) إضَافَةً إلَى مَا (قَبْلَهُ لَمْ يُلَاعِنْ وَلَوْ كَانَ) ثَمَّ (وَلَدٌ) لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَذْفِ وَإِلَّا فَلِتَقْصِيرِهِ بِذِكْرِ التَّارِيخِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُطْلِقَ الْقَذْفَ (وَ) لَكِنْ (لَهُ إنْشَاءُ قَذْفٍ) مُطْلَقٍ (وَيُلَاعِنُ لِنَفْيِ النَّسَبِ) بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إنْ تَحَقَّقَهُ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حُدَّ) وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ اللِّعَانِ إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَقْوَى لَكِنْ نَقَلَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحَ مُقَابِلِهِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ الْوَلَدَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا فَيَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ وَعَلَيْهِ لَا يَجِبُ بِلِعَانِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ حَدُّ الزِّنَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْأَوْجُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُلَطِّخْ فِرَاشَهُ حَتَّى يَنْتَقِمَ مِنْهَا بِاللِّعَانِ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ بِلِعَانِهِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُلَاعِنَ مُعَارَضَةً لِلِعَانِهِ (فَصْلٌ) لَوْ (قَذَفَ مَنْ لَاعَنَهَا عُزِّرَ) فَقَطْ إنْ قَذَفَهَا بِذَلِكَ الزِّنَا أَوْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّا قَدْ صَدَّقْنَاهُ فِيهِ وَإِنَّمَا عُزِّرَ لِلْإِيذَاءِ (فَإِنْ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ عُزِّرَ) أَيْضًا فَقَطْ (إنْ حُدَّتْ بِلِعَانِهِ) لِكَوْنِهَا لَمْ تُلَاعِنْ لِلِعَانِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ لِعَانَهُ فِي حَقِّهِ كَالْبَيِّنَةِ فَلَا يُحَدُّ وَإِنَّمَا عُزِّرَ لِلْإِيذَاءِ (وَحُدَّ إنْ لَاعَنَتْ) سَوَاءٌ أَقَذَفَهَا بِذَلِكَ بَعْدَ اللِّعَانِ أَمْ قَبْلَهُ فِي النِّكَاحِ أَمْ قَبْلَهُ، كَمَا يُحَدُّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ، وَاللِّعَانُ إنَّمَا يُسْقِطُ الْحَصَانَةَ إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ لِعَانُهَا فَإِذَا عَارَضَهُ بَقِيَتْ الْحَصَانَةُ بِحَالِهَا عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ فَيَخْتَصُّ أَثَرُهَا بِذَلِكَ الزِّنَا كَمَا يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ (وَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُ الْعُقُوبَةِ) مِنْ تَعْزِيرٍ أَوْ حَدٍّ (بِاللِّعَانِ؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِلِعَانِ الْقَذْفِ الْأَوَّلِ) وَلَا وَلَدَ (وَإِنْ حُدَّ بِالْقَذْفِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُلَاعِنْ، ثُمَّ أَعَادَهُ) أَيْ الْقَذْفَ بِذَلِكَ الزِّنَا (عُزِّرَ) تَأْدِيبًا لِلْإِيذَاءِ فَلَا يُحَدُّ (لِظُهُورِ كَذِبِهِ) بِالْحَدِّ الْأَوَّلِ وَلَا يُلَاعِنُ لِإِسْقَاطِ التَّعْزِيرِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (أَوْ قَذَفَهَا بِغَيْرِهِ) أَيْ بِزِنًا غَيْرِ ذَلِكَ الزِّنَا (فَلَا لِعَانَ) لِإِسْقَاطِ الْعُقُوبَةِ لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِالْحَدِّ (وَهَلْ يُحَدُّ) ؛ لِأَنَّ كَذَّبَهُ فِي الْأَوَّلِ لَا يُوجِبُ كَذِبَهُ فِي الثَّانِي فَوَجَبَ الْحَدُّ لِدَفْعِ الْعَارِ (أَوْ يُعَزَّرُ) لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِالْحَدِّ؟ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي أَخْذًا مِنْ عُمُومِ مَا يَأْتِي فِيمَنْ قَذَفَ شَخْصًا فَحُدَّ، ثُمَّ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَذَفَ زَوْجَتَهُ الذِّمِّيَّةَ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَلَاعَنَ دُونَهَا] قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ لَا يَجِبُ بِلِعَانِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ حَدُّ الزِّنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ بِلِعَانِهِ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا لَوْ عَفَا الْمَقْذُوفُ عَنْ بَعْضِ الْحَدِّ هَلْ يَسْقُطُ الْحَدُّ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَقَوْلُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ قَذَفَ مَنْ لَاعَنَهَا] (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا هُوَ الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحِّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 قَذَفَهُ ثَانِيًا (وَيُحَدُّ بِقَذْفِهَا الْأَجْنَبِيُّ وَلَوْ بِمَا حُدَّتْ فِيهِ) بِمَعْنَى بِهِ أَيْ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ صُورَتُهُ تَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ فَيَقْتَصِرُ أَثَرُهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ زِنَاهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِعَانٌ مِنْ الزَّوْجِ لَمْ يَثْبُتْ بِحَالٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ فَحُدَّ، ثُمَّ قَذَفَهَا آخَرُ وَسَوَاءٌ فِي الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ فَنَفَاهُ بِاللِّعَانِ وَبَقِيَ أَوْ مَاتَ أَوْ لَمْ يَكُنْ. (فَرْعٌ لَا يَتَكَرَّرُ الْحَدُّ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ وَلَوْ صَرَّحَ) فِيهِ (بِزِنًا آخَرَ) أَوْ قَصَدَ بِهِ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ غَايَرَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ لِاتِّحَادِ الْمَقْذُوفِ وَالْحَدُّ الْوَاحِدُ يُظْهِرُ الْكَذِبَ وَيَدْفَعُ الْعَارَ فَلَا يَقَعُ فِي النُّفُوسِ تَصْدِيقُهُ (فَيَكْفِي الزَّوْجَ) فِي ذَلِكَ (لِعَانٌ وَاحِدٌ يَذْكُرُ فِيهِ الزَّنَيَاتِ) كُلَّهَا (وَكَذَا الزُّنَاةُ إنْ سَمَّاهُمْ) فِي الْقَذْفِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُك بِهِ مِنْ الزَّنَيَاتِ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ (وَمَنْ قَذَفَ شَخْصًا فَحُدَّ، ثُمَّ قَذَفَهُ) ثَانِيًا (عُزِّرَ) لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِالْحَدِّ الْأَوَّلِ (وَالزَّوْجَةُ) فِي ذَلِكَ (كَغَيْرِهَا إنْ وَقَعَ الْقَذْفَانِ فِي) حَالِ (الزَّوْجِيَّةِ، فَإِنْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ قَذَفَهَا) بِالزِّنَا (الْأَوَّلِ فَالْحَدُّ) الْوَاجِبُ عَلَيْهِ (وَاحِدٌ وَلَا لِعَانَ) لِإِسْقَاطِهِ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْأَوَّلِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ (أَوْ) قَذَفَهَا (بِغَيْرِهِ تَعَدَّدَ) الْحَدُّ لِاخْتِلَافِ مُوجَبِ الْقَذْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَسْقُطُ بِاللِّعَانِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَصَارَ الْحَدَّانِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلَا تَدَاخُلَ مَعَ الِاخْتِلَافِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ زَنَى وَهُوَ بِكْرٌ، ثُمَّ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ لَا يَتَدَاخَلُ الْحَدَّانِ (فَإِنْ أَقَامَ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِأَحَدِ الزِّنَاءَيْنِ (بَيِّنَةً) بَعْدَ طَلَبِهَا لِحَدِّ الْقَذْفِ بِهِ (سَقَطَا) أَيْ الْحَدَّانِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهَا غَيْرُ مُحْصَنَةٍ (وَإِلَّا فَإِنْ بَدَأَتْ) بِطَلَبِ حَدِّ الْقَذْفِ (بِا) لَزِّنَا (الْأَوَّلِ حُدَّ لَهُ) مُطْلَقًا لِسَبْقِ وُجُوبِهِ مَعَ طَلَبِهَا لَهُ (ثُمَّ لِلثَّانِي إنْ لَمْ يُلَاعِنْ) وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ حَدُّهُ (وَإِنْ بَدَأَتْ بِالثَّانِي فَلَاعَنَ لَمْ يَسْقُطْ) الْحَدُّ (الْأَوَّلُ) وَسَقَطَ الثَّانِي (وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ حَدَّ الثَّانِيَ) أَيْ لِلْقَذْفِ الثَّانِي (ثُمَّ لِلْأَوَّلِ) بَعْدَ طَلَبِهَا لِحَدِّهِ (وَإِنْ طَالَبَتْهُ بِهِمَا) أَيْ بِالْحَدَّيْنِ (جَمِيعًا فَكَابْتِدَائِهَا بِالْأَوَّلِ) فَيُحَدُّ لَهُ، ثُمَّ لِلثَّانِي إنْ لَمْ يُلَاعِنْ (فَرْعٌ) لَوْ (قَذَفَ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ أَبَانَهَا) بِلَا لِعَانٍ (ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ، ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا) بَلْ أَوْ لَمْ يُجَدِّدْهُ (فَإِنْ حُدَّ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ التَّجْدِيدِ) لِلنِّكَاحِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ صَوَابُهُ قَبْلَ الْقَذْفِ (عُزِّرَ لِلثَّانِي كَمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً فَحُدَّ، ثُمَّ قَذَفَهَا) ثَانِيًا وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُضِفْ الزِّنَا إلَى حَالَةِ الْبَيْنُونَةِ لِئَلَّا يُشْكِلَ بِمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ مِنْ أَنَّ الْحَدَّ يَتَعَدَّدُ (، فَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ حَدَّ) الْقَذْفِ (الْأَوَّلِ حَتَّى أَبَانَهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ صَوَابُهُ حَتَّى قَذَفَهَا (فَإِنْ لَاعَنَ لِلْأَوَّلِ) قَبْلَ الْقَذْفِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَهُ (عُزِّرَ) لِلثَّانِي لِلْإِيذَاءِ وَلَا يُحَدُّ إذْ بِلِعَانِهِ سَقَطَتْ حَصَانَتُهَا فِي حَقِّهِ وَقِيلَ يُحَدُّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ فِيمَا لَوْ قَذَفَ مَنْ لَاعَنَهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ لِلْأَوَّلِ (حُدَّ حَدَّيْنِ) لِاخْتِلَافِ الْقَذْفَيْنِ فِي الْحُكْمِ وَقِيلَ يُحَدُّ حَدًّا وَاحِدًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَضَافَ الزِّنَا إلَى حَالَةِ الْبَيْنُونَةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَذَفَ زَوْجَتَهُ الْبِكْرَ، ثُمَّ أَبَانَهَا فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَقَذَفَهَا، ثُمَّ طَالَبَتْهُمَا) بِالْحَدَّيْنِ (فَلَاعَنَا) هَا (وَامْتَنَعَتْ، فَإِنْ اتَّحَدَ جِنْسُ الْحَدَّيْنِ) جُلِدَا (بِأَنْ لَمْ يَطَأْهَا) الثَّانِي كَالْأَوَّلِ أَوْ رُجِمَا بِأَنْ وَطِئَهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ قَذْفِهِ (تَدَاخَلَا) فَتُحَدُّ حَدًّا وَاحِدًا كَمَا لَوْ ثَبَتَ زِنَاءَانِ أَحَدُهُمَا بِبَيِّنَةٍ وَالْآخَرُ بِإِقْرَارٍ أَوْ كِلَاهُمَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ بَلْ أَوْلَى (أَوْ) لَمْ يَطَأْهَا (الْأَوَّلُ فَقَطْ) أَوْ وَطِئَهَا الثَّانِي فَقَطْ (وَكَانَ قَذْفُ الثَّانِي بَعْدَ وَطْئِهَا) أَيْ وَطْئِهِ لَهَا (حُدَّتْ) حَدَّ الزِّنَا لِلِّعَانِ الْأَوَّلِ (ثُمَّ رُجِمَتْ) لِلِّعَانِ الثَّانِي لِحَصَانَتِهَا عِنْدَ قَذْفِهِ فَلَا تَدَاخُلَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَلَوْ وَطِئَهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ تَكَرَّرُ الْحَدُّ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ] قَوْلُهُ لِاتِّحَادِ الْمَقْذُوفِ وَالْحَدُّ الْوَاحِدُ إلَخْ) وَلِأَنَّ فِعْلَ الزِّنَا أَغْلَطُ مِنْ الْقَذْفِ بِهِ، وَهُوَ لَوْ تَكَرَّرَ زِنَاهُ وَلَمْ يُحَدَّ حُدَّ حَدًّا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَمَنْ قَذَفَ شَخْصًا فَحُدَّ، ثُمَّ قَذَفَهُ عُزِّرَ وَلَا يُحَدُّ) لِئَلَّا يَجْتَمِعَ فِي قَذْفٍ حَدَّانِ كَمَا لَا يَكُونُ فِي زِنًا حَدَّانِ وَلِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا جَلَدَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بِالزِّنَا قَالَ أَبُو بَكْرَةَ بَعْدَ الْجَلْدِ وَاَللَّهِ لَقَدْ زَنَى فَأَرَادَ عُمَرُ جَلْدَهُ ثَانِيًا فَنَهَاهُ عَلِيٌّ. [فَرْعٌ قَذَفَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا بِلَا لِعَانٍ] (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُضِفْ الزِّنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَضَافَ الزِّنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ قَذَفَ زَوْجَتَهُ الْبِكْرَ ثُمَّ أَبَانَهَا فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَقَذَفَهَا] (قَوْلُهُ بِأَنْ وَطِئَهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ قَدْفِهِ) أَيْ بِأَنْ وَطِئَهَا وَهِيَ عَذْرَاءُ فَيَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مَوْطُوءَةٌ وَهِيَ بِكْرٌ (قَوْلُهُ فَلَا تَدَاخُلَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ إلَخْ) فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا وَدَخَلَ فِيهِ حَدُّ الْبِكْرِ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللِّعَانِ الِانْتِقَامُ لِتَلْطِيخِ الْفِرَاشِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ يُرِيدُ حَقَّهُ مِنْ الِانْتِقَامِ مِنْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تُجْلَدَ لِحَقِّ الْأَوَّلِ وَتُرْجَمَ لِحَقِّ الثَّانِي وَفِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا لَيْسَ الْمَقْصُودُ حَقَّ الْآدَمِيِّ بَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَيَتَدَاخَلَانِ إذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ. اهـ. وَهَذَا الْكَلَامُ لَا يُسَاعِدُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللِّعَانِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تَشْتَبِهُ بِمَسْأَلَةٍ فِي الْحُدُودِ وَهِيَ إذَا ثَبَتَ عَلَيْهَا زِنًا وَهِيَ بِكْرٌ، ثُمَّ أُحْصِنَتْ، ثُمَّ ثَبَتَ عَلَيْهَا زِنًا وَلَيْسَتْ زَوْجَةً فِي الصُّورَتَيْنِ فَالْمَعْرُوفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الِاكْتِفَاءُ بِالرَّجْمِ كَمَا لَوْ زَنَى الرَّجُلُ وَهُوَ بِكْرٌ، ثُمَّ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ فَإِنَّهُ يَتَدَاخَلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ زَوْجَةً فَقَدْ لَطَّخَتْ فِرَاشَ الزَّوْجِ وَآذَتْهُ بِإِدْخَالِ الْعَارِ عَلَيْهِ فَإِيجَابُ الْحَدِّ عَلَيْهَا فِيهِ شَائِبَةُ حَقِّ آدَمِيٍّ فَلَمْ يَتَدَاخَلْ الْحَدَّانِ كَمَا فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ، وَقَدْ مَشَى فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ عَلَى الصَّوَابِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَجَزَمَ هُنَا بِوُجُوبِ الْحَدَّيْنِ كَمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَجَزَمَ فِي بَابِ الْحُدُودِ بِالتَّدَاخُلِ فَقَالَ وَدَخَلَ فِيهِ حَدُّ الْبِكْرِ يَعْنِي الرَّجْمَ، وَقَدْ عَدَّهُ بَعْضُ النَّاسِ تَنَاقُضًا وَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْحُدُودِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ اهـ وَقَالَ الكوهكيلوني كَلَامُهُ فِي حَدِّ الزِّنَا فِيمَا إذَا كَانَ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ لِشَخْصٍ وَفِي بَابِ اللِّعَانِ فِيمَا إذَا تَعَلَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ بِشَخْصٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 الْأَوَّلُ بَعْدَ قَذْفِهِ وَقَبْلَ إبَانَتِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَإِنْ اقْتَضَى تَصْوِيرُهُمْ خِلَافَهُ (وَلَوْ زَنَى الْعَبْدُ، ثُمَّ عَتَقَ، ثُمَّ زَنَى غَيْرَ مُحْصَنٍ لَزِمَهُ مِائَةُ جَلْدَةٍ فَقَطْ) وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ لِاتِّحَادِهِمَا جِنْسًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا (وَلَوْ زَنَى الْبِكْرُ) الْحُرُّ (فَجُلِدَ خَمْسِينَ وَتُرِكَ لِعُذْرٍ، ثُمَّ زَنَى) مَرَّةً أُخْرَى (وَهُوَ بِكْرٌ جُلِدَ مِائَةً وَدَخَلَتْ الْخَمْسُونَ الْبَاقِيَةُ فِيهَا) لِذَلِكَ. (فَصْلٌ لَا يَنْتَفِي) وَفِي نُسْخَةٍ يُنْفَى (وَلَدُ الْأَمَةِ بِاللِّعَانِ بَلْ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ) لِأَنَّ اللِّعَانَ مِنْ خَوَاصِّ النِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَلِأَنَّهُ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ وَلَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ لِإِمْكَانِ النَّفْيِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ (وَإِنْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ وَوَطِئَهَا) بَعْدَ مِلْكِهَا (وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَاحْتَمَلَ كَوْنُهُ مِنْ النِّكَاحِ فَقَطْ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْمِلْكِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهُ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ وَلَمْ تُجَاوِزْ الْمُدَّةُ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ الْمِلْكِ أَيْ قُبَيْلَهُ (فَلَهُ نَفْيُهُ) بِاللِّعَانِ كَمَا لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِالطَّلَاقِ (أَوْ) اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ (مِنْ الْمِلْكِ فَقَطْ) بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ وَجَاوَزَتْ الْمُدَّةُ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ الْمِلْكِ (فَلَا) يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ؛ لِأَنَّهُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِغَيْرِهِ (وَكَذَا لَوْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا) بِأَنْ لَمْ تُجَاوِزْ الْمُدَّةُ فِيمَا ذَكَرَ آنِفًا أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ الْمِلْكِ فَلَا يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ أَيْضًا لِإِمْكَانِ نَفْيِهِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ (وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ) لِلُّحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ بِوَطْئِهِ فِي الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِمَّا قَبْلَهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَطِئَهَا مَا لَوْ لَمْ يَطَأْهَا فَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ وَبِقَوْلِهِ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا مَا لَوْ اسْتَبْرَأَهَا أَيْ بَعْدَ وَطْئِهَا، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ لَحِقَهُ الْوَلَدُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَا يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ وَيَلْغُو دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ لِكَوْنِ الْوَلَدِ حَاصِلًا حِينَئِذٍ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَا يَمْلِكُ النِّكَاحَ؛ لِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ قَدْ انْقَطَعَ بِفِرَاشِ الْمِلْكِ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ (وَلِعَانُهَا بَعْدَ الْمِلْكِ فِي تَأَبُّدِ الْحُرْمَةِ) بِهِ (كَهُوَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ) فَيَتَأَبَّدُ. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ] [الْفَصْل الْأَوَّلُ فِي كَلِمَاتِ اللِّعَان] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَفِيهِ فُصُولٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ فِي كَلِمَاتِهِ وَهِيَ خَمْسٌ) أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَالْخَامِسَةُ) يَقُولُ فِيهَا (عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا) لِلْآيَةِ وَيَأْتِي بَدَلَ ضَمَائِرِ الْغَيْبَةِ بِضَمَائِرِ الْمُتَكَلِّمِ فَيَقُولُ عَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ وَإِنَّمَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْهَا أَدَبًا فِي الْكَلَامِ وَاتِّبَاعًا لِلْآيَةِ وَكُرِّرَتْ كَلِمَاتُ الشَّهَادَةِ لِتَأْكِيدِ الْأَمْرِ وَلِأَنَّهَا أُقِيمَتْ مِنْ الزَّوْجِ مَقَامَ أَرْبَعِ شُهُودٍ مِنْ غَيْرِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهَا الْحَدُّ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أَيْمَانٌ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الْكَلِمَةُ الْخَامِسَةُ فَمُؤَكِّدَةٌ لِمُفَادِ الْأَرْبَعِ (وَيُمَيِّزُهَا بِاسْمِهِمَا وَنَسَبِهَا) إنْ غَابَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ (وَإِنْ حَضَرَتْ كَفَتْ الْإِشَارَةُ) إلَيْهَا كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ (فَإِنْ كَانَ) ثَمَّ (وَلَدٌ) يَنْفِيهِ (قَالَ) فِي كُلٍّ مِنْ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ (وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ) إنْ حَضَرَ أَوْ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ إنْ غَابَ (مِنْ زِنًا) وَ (لَيْسَ) هُوَ (مِنِّي) لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ (وَيَكْتَفِي بِقَوْلِهِ مِنْ زِنًا) حَمْلًا لِلَفْظِ الزِّنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَنُقِلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ خِلَافُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الْوَطْءَ بِالشُّبْهَةِ زِنًا (لَا بِقَوْلِهِ لَيْسَ) هُوَ (مِنِّي) لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خَلْقًا وَخُلُقًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُسْنِدَهُ مَعَ ذَلِكَ إلَى سَبَبٍ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْقَذْفِ. (فَإِنْ أَهْمَلَ ذِكْرَ الْوَلَدِ فِي بَعْضِ) الْكَلِمَاتِ (الْخَمْسِ أَعَادَ اللِّعَانَ) لِنَفْيِهِ إنْ أَرَادَ نَفْيَهُ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي تَسْمِيَةِ الزَّانِي إنْ أَرَادَ إسْقَاطَ الْحَدِّ عَنْ نَفْسِهِ (وَلَمْ تُعِدْهُ الْمَرْأَةُ) أَيْ لَا تَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهِ؛ لِأَنَّ لِعَانَهَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ (وَلِعَانُهَا أَنْ تَقُولَ أَرْبَعًا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لِمَنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا) إنْ كَانَ قَدْ رَمَاهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (وَالْخَامِسَةُ) تَقُولُ فِيهَا (عَلَيْهَا غَضَبُ اللَّهِ إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا) لِلْآيَةِ وَتَأْتِي بِضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ فَتَقُولُ عَلَيَّ إلَى آخِرِهِ وَخُصَّ اللَّعْنُ بِجَانِبِهِ وَالْغَضَبُ بِجَانِبِهَا؛ لِأَنَّ جَرِيمَةَ الزِّنَا أَقْبَحُ مِنْ جَرِيمَةِ الْقَذْفِ وَلِذَلِكَ تَفَاوَتَ الْحَدَّانِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ أَغْلَظُ مِنْ لَعْنَتِهِ فَخُصَّتْ الْمَرْأَةُ بِالْتِزَامِ أَغْلَظِ الْعُقُوبَتَيْنِ (وَتُسَمِّيهِ) أَيْ الزَّوْجَ (بِمَا يُمَيِّزُهُ) غَيْبَةً أَوْ حُضُورًا كَمَا مَرَّ فِي جَانِبِهَا (وَلَا يَلْزَمُهَا ذِكْرُ الْوَلَدِ) ؛ لِأَنَّ لِعَانَهَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ فَلَوْ امْتَنَعَ الْقَذْفُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي نَفْيِهِ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لِمَنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي لَهَا عَلَى فِرَاشِي وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ تِلْكَ الْإِصَابَةِ لَا مِنِّي وَلَا تُلَاعِنُ الْمَرْأَةُ إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا بِهَذَا اللِّعَانِ حَتَّى يَسْقُطَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي إلَخْ) فَلَفْظَةُ أَشْهَدُ صَرِيحَةٌ هُنَا، وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً فِي الْأَيْمَانِ، وَلَوْ ادَّعَتْ قَذْفًا وَأَثْبَتَتْهُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَاعَنَ لَمْ يَقُلْ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ بَلْ فِيمَا أَثْبَتَتْ عَلَى مَنْ رَمَيْنَ إيَّاهَا بِالزِّنَا. [فَصْلٌ لَا يَنْتَفِي وَلَدُ الْأَمَةِ بِاللِّعَانِ بَلْ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ] (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ وَلَدٌ قَالَ وَإِنَّ هَذَا الْوَلَدَ إلَخْ) إذَا أَنْفَقَتْ الْمُلَاعَنَةُ عَلَى وَلَدِهَا مُدَّةً بَعْدَ اللِّعَانِ، ثُمَّ رَجَعَ الْأَبُ عَنْ نَفْيِهِ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَقُلْتُمْ بِالصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ إنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِمَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ مَالِهَا فَذَلِكَ يُخَالِفُ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي فِي الْإِنْفَاقِ أَوْ الِاقْتِرَاضِ فَمَا جَوَابُهُ هُنَا؟ فَأَجَابَ جَوَابُهُ هُنَا أَنَّ الْأَبَ تَعَدَّى بِنَفْيِهِ وَمَا كَانَ مُتَوَجِّهٌ لِلْأُمِّ طَلَبُ النَّفَقَةِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ فَإِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ رَجَعَتْ حِينَئِذٍ لِتَعَدِّيهِ قَالَ شَيْخُنَا وَكَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي النَّفَقَاتِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 بِلِعَانِهَا (وَلَا بُدَّ) فِي نُفُوذِ اللِّعَانِ (مِنْ إتْمَامِ كَلِمَاتِهِ) الْخَمْسِ (فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِالْفُرْقَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا لَمْ يَنْفُذْ) حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ بِالْإِجْمَاعِ فَكَانَ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الْبَاطِلَةِ (فَرْعٌ لَوْ أَبْدَلَ) الْمُلَاعِنُ (لَفْظَ أَشْهَدُ بِأَحْلِفُ وَنَحْوِهَا) كَأُقْسِمُ أَوْ أُولِي (أَوْ) لَفْظَ (اللَّعْنِ بِالْغَضَبِ) أَوْ غَيْرِهِ كَالْإِبْعَادِ (أَوْ عَكْسِهِ) أَوْ لَفْظَ اللَّهِ بِالرَّحْمَنِ وَنَحْوِهِ (لَمْ يَصِحَّ) اتِّبَاعًا لِلنَّصِّ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ (وَيُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ) بِأَنْ يُؤَخِّرَ لَفْظَيْ اللَّعْنِ وَالْغَضَبِ عَنْ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِي الشَّهَادَاتِ الْأَرْبَعِ فَوَجَبَ تَقَدُّمُهَا (وَالْمُوَالَاةُ) بَيْنَ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ فَيُوَثِّرُ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ، أَمَّا الْمُوَالَاةُ بَيْنَ لِعَانَيْ الزَّوْجَيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يُلَقِّنَهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ (إيَّاهُ) أَيْ اللِّعَانَ أَيْ كَلِمَاتِهِ (الْحَاكِمُ) فَيَقُولُ لَهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْخَمْسِ قُلْ كَذَا أَوْ قُولِي كَذَا (وَكَذَا مَنْ حَكَمَاهُ حَيْثُ لَا وَلَدُ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْحَاكِمِ فَلَوْ لَاعَنَ بِلَا تَلْقِينٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَيْمَانِ، وَإِنْ غَلَبَ مَعْنَى الشَّهَادَةِ فَالشَّهَادَةُ تُؤَدَّى عِنْدً الْقَاضِي، أَمَّا إذَا كَانَ وَلَدٌ فَلَا يَصِحُّ التَّحْكِيمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا وَيَرْضَى بِحُكْمِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي النَّسَبِ فَلَا يُؤَثِّرُ رِضَاهُمَا فِي حَقِّهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّيِّدَ فِي ذَلِكَ كَالْحَاكِمِ لَا كَالْمُحَكَّمِ بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَتَوَلَّى لِعَانَ رَقِيقَتِهِ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَتَأَخَّرَ لِعَانُهَا) عَنْ لِعَانِهِ؛ لِأَنَّ لِعَانَهَا لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ أَوَّلًا فَلَا حَاجَةَ بِهَا إلَى أَنْ تَلْتَعِنَ قَبْلَهُ فَلَوْ حَكَمَ بِتَقْدِيمِهِ نُقِضَ حُكْمُهُ (فَرْعٌ يَصِحُّ لِعَانُ الْأَخْرَسِ وَقَذْفُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ إنْ أَفْهَمَ) غَيْرَهُ مَا عِنْدَهُ (بِالْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ) ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حَقِّهِ كَالنُّطْقِ مِنْ النَّاطِقِ وَلَيْسَ كَالشَّهَادَةِ مِنْهُ لِضَرُورَتِهِ إلَيْهِ دُونَهَا؛ لِأَنَّ النَّاطِقِينَ يَقُومُونَ بِهَا وَلِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي اللِّعَانِ مَعْنَى الْيَمِينِ دُونَ الشَّهَادَةِ (وَتُجْزِئُ إحْدَاهُمَا) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْأُخْرَى وَيُكَرِّرُ كَتْبَ كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ أَرْبَعًا وَلَوْ كَتَبَهَا مَرَّةً وَأَشَارَ إلَيْهَا أَرْبَعًا جَازَ وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ (فَإِنْ انْطَلَقَ لِسَانُهُ) بَعْدَ قَذْفِهِ وَلِعَانِهِ بِالْإِشَارَةِ (وَقَالَ لَمْ أُرِدْ الْقَذْفَ بِإِشَارَتِي لَمْ تُقْبَلْ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ إشَارَتَهُ أَثْبَتَتْ حَقًّا لِغَيْرِهِ (أَوْ قَالَ لَمْ أُرِدْ اللِّعَانَ) بِهَا (قُبِلَ) مِنْهُ (فِيمَا عَلَيْهِ لَا فِيمَا لَهُ فَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ وَالنَّسَبُ فَيُلَاعِنُ) إنْ شَاءَ (لِلْحَدِّ) أَيْ لِإِسْقَاطِهِ (وَكَذَا) يُلَاعِنُ (لِنَفْيِ) الْوَلَدِ (لَمْ يَفُتْ زَمَنُهُ) وَلَا تَرْتَفِعُ الْفُرْقَةُ وَالتَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ (وَلَوْ قَذَفَ) نَاطِقٌ (ثُمَّ خَرِسَ وَرُجِيَ نُطْقُهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اُنْتُظِرَ) نُطْقُهُ فِيهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرْجَ نُطْقُهُ أَوْ رُجِيَ إلَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (لَاعَنَ بِالْإِشَارَةِ) وَلَا يُنْتَظَرُ نُطْقُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمَقْذُوفَةِ (فَرْعٌ يَصِحُّ اللِّعَانُ بِالْعَجَمِيَّةِ وَلَوْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ) لِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ أَوْ شَهَادَةٌ وَهُمَا بِاللُّغَاتِ سَوَاءٌ (فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَاضِي وَجَبَ مُتَرْجِمَانِ) لَا أَرْبَعَةٌ وَلَوْ فِي لِعَانِ الزَّوْجِ الْمُثَبِّتِ لِلزِّنَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْلُ قَوْلٍ إلَى الْقَاضِي كَسَائِرِ الْأَقْوَالِ، وَإِنْ عَرَفَهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى مُتَرْجِمٍ [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّغْلِيظَاتِ الْمَسْنُونَةِ فِي اللِّعَانِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّغْلِيظَاتِ) الْمَسْنُونَةِ فِي اللِّعَانِ لِحَقِّ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ (وَيُلَاعِنُ بَعْدَ) صَلَاةِ (الْعَصْرِ) فِي أَيِّ يَوْمٍ كَانَ إنْ لَمْ يُمْهَلْ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَغْلَظُ عُقُوبَةً لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ حَلَفَ يَمِينًا عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ فَاقْتَطَعَهُ وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لَقَدْ أَعْطَى بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ الْمَاءِ» وَقَدْ فُسِّرَتْ الصَّلَاةُ فِي قَوْله تَعَالَى {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ} [المائدة: 106] بِصَلَاةِ الْعَصْرِ (وَ) بَعْدَ صَلَاةِ (عَصْرِ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ أَوْلَى إنْ أُمْهِلَ) لِأَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فِيهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَهُمَا يَدْعُوَانِ فِي الْخَامِسَةِ بِاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ (وَعِنْدَ الْمِنْبَرِ) مِنْ جِهَةِ الْمِحْرَابِ (فِي الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا) مِنْ سَائِرِ الْبُلْدَانِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ بِقَاعِهَا (وَبَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالْمَقَامِ فِي مَكَّة) أَوْلَى لِذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ أَشْرَفُ بِقَاعِ مَكَّةَ مَرْدُودٌ إذْ لَا شَيْءَ فِيهَا أَشْرَفُ مِنْ الْبَيْتِ فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْحِجْرِ؛ لِأَنَّهُ يَعْنِي بَعْضَهُ مِنْ الْبَيْتِ وَكَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي التَّحْلِيفَ فِي الْبَيْتِ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُصَانُ الْبَيْتُ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ حَلَّفَ عُمَرُ أَهْلَ الْقَسَامَةِ فِيهِ وَلَوْ صِينَ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى انْتَهَى وَلَعَلَّ عُدُولَهُمْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَبْدَلَ الْمُلَاعِنُ لَفْظَ أَشْهَدُ بِأَحْلِفُ] قَوْلُهُ وَالْمُوَالَاةُ إلَخْ) فَيَقْطَعُهَا كُلُّ مَا يَقْطَعُ مُوَالَاةَ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُوَالَاةُ بَيْنَ لِعَانِ الزَّوْجَيْنِ فَلَا تُشْتَرَطُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَيْمَانِ) أَيْ فِي أَنَّهَا لَا يُعْتَدُّ بِهَا قَبْلَ أَمْرِ الْقَاضِي بِهَا لَا أَنَّهَا يُعْتَبَرُ فِيهَا تَلْقِينُهُ إيَّاهَا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّيِّدَ فِي ذَلِكَ كَالْحَاكِمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ لِعَانُ الْأَخْرَسِ وَقَذْفُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ] (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ كَاذِبًا لَزِمَهُ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ (قَوْلُهُ فَرْعٌ يَصِحُّ لِعَانِ الْأَخْرَسِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. [فَرْعٌ اللِّعَانُ بِالْعَجَمِيَّةِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّغْلِيظَاتِ) (قَوْلُهُ وَيُلَاعِنُ بَعْدَ الْعَصْرِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنْ فِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ وَفِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ مَا مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْكُفَّارَ يُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ فِي وَقْتِ أَشْرَفِ صَبَوَاتِهِمْ وَأَعْظَمِ أَوْقَاتِهِمْ فِي اعْتِقَادِهِمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْجَهُ وَإِلَّا لَمَا حَلَّفْنَاهُمْ فِي بِيَعِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ وَنَحْوِهَا وَقَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَ عَصْرِ الْجُمُعَةِ أَوْلَى) هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْجُمُعَةِ بَلْ يَوْمِ الْعِيدَيْنِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَرَجَبٍ وَشَهْرِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَوْقَاتِ الشَّرِيفَةِ كَذَلِكَ قَالَهُ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ، وَقَضِيَّةُ التَّغْلِيظِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ، لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَإِقَامَةِ جَمَاعَتِهَا وَلَا يَلْتَعِنَانِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا قَبْلَ فِعْلِهَا وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يُغَلَّظُ عَلَى (7) بِالزَّمَانِ عِنْدَنَا لَا عِنْدَهُمْ لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ مَوْضِعِ الْيَمِينِ بِخِلَافِهِ وَكَذَا قَيَّدَهُ الصَّيْمَرِيُّ هُنَا بِالزَّوْجَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ وَقَوْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 عَنْ الْحِجْرِ صِيَانَةً لِلْبَيْتِ أَيْضًا (وَعِنْدَ الصَّخْرَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ) لِأَنَّهَا أَشْرَفُ بِقَاعِهِ؛ لِأَنَّهَا قِبْلَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَلِأَنَّهَا مِنْ الْجَنَّةِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (وَصُعُودُ الْمِنْبَرِ أَوْلَى) وَإِنْ قَلَّ الْقَوْمُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (وَ) يُلَاعِنُ (الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فِي الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ) أَيْ الْيَهُودُ فِي الْبِيَعِ وَالنَّصَارَى فِي الْكَنَائِسِ؛ لِأَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهُمَا كَتَعْظِيمِنَا الْمَسَاجِدَ (وَيَحْضُرُهَا) أَيْ الْبِيَعَ وَالْكَنَائِسَ (الْحَاكِمُ، وَكَذَا بَيْتُ النَّارِ لِلْمَجُوسِ) أَيْ يُلَاعِنُونَ فِيهِ وَيَحْضُرُهُ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْظِيمٌ الْوَاقِعَةِ وَزَجْرُ الْكَاذِبِ عَنْ الْكَذِبِ وَالْيَمِينُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعَظِّمُهُ الْحَالِفُ أَغْلَظُ وَيَجُوزُ مُرَاعَاةُ اعْتِقَادِهِمْ لِشُبْهَةِ الْكِتَابِ كَمَا رُوعِي فِي قَبُولِ الْجِزْيَةِ (لَا بَيْتُ الْأَصْنَامِ) لِلْوَثَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْحُرْمَةِ وَلِأَنَّ دُخُولَهُ مَعْصِيَةٌ بِخِلَافِ دُخُولِ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ، وَاعْتِقَادُهُمْ فِيهِ غَيْرُ مَرْعِيٍّ فَيُلَاعِنُ بَيْنَهُمْ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَدْخُلُوا دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ هُدْنَةٍ وَيَتَرَافَعُوا إلَيْنَا وَالتَّغْلِيظُ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ بِالزَّمَانِ مُعْتَبَرٌ بِأَشْرَفِ الْأَوْقَاتِ عِنْدَهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (وَيُلَاعِنُ الْمُسْلِمُ فِي الْمَسْجِدِ) الْجَامِعِ (وَزَوْجَتُهُ الذِّمِّيَّةُ فِيمَا تُعَظِّمُهُ) مِنْ بِيعَةٍ وَكَنِيسَةٍ وَغَيْرِهِمَا (فَإِنْ رَضِيَ) زَوْجُهَا (بِالْمَسْجِدِ) أَيْ بِلِعَانِهَا فِيهِ وَقَدْ طَلَبَتْهُ (جَازَ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَطْلُبْهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي اللِّعَانِ لَهَا أَوْ لَمْ يَرْضَ هُوَ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ عَلَيْهَا حَقُّهُ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَائِزِ هُنَا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ (وَالْحَائِضِ) تُلَاعِنُ (بِبَابِ الْمَسْجِدِ) الْجَامِعِ لِتَحْرِيمِ مُكْثِهَا فِيهِ وَالْبَابُ أَقْرَبُ إلَى الْمَوْضِعِ الشَّرِيفِ، وَمِثْلُهَا النُّفَسَاءُ وَالْجُنُبُ وَالْمُتَحَيِّرَةُ نَعَمْ إنْ لَمْ تُمْهَلْ وَرَأَى الْحَاكِمُ تَأْخِيرَ اللِّعَانِ إلَى زَوَالِ ذَلِكَ جَازَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (وَيُغَلَّظُ بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصُّلَحَاءِ وَأَهْلِ الْبَلَدِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ مِنْ أَعْيَانِ الْبَلَدِ وَصُلَحَائِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ لِلْأَمْرِ (وَأَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ) لِثُبُوتِ الزِّنَا بِهِمْ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُمْ (مِمَّنْ يَعْرِفُ لُغَةَ الْمُلَاعِنِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَكَوْنُهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ. (وَ) يُغَلَّظُ (بِاللَّفْظِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الدَّعَاوَى وَلَا يُغَلَّظُ عَلَى) مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا مِنْ نَحْوِ (زِنْدِيقٍ وَدَهْرِيٍّ) بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ (وَلَاعَنَ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ) لِأَنَّهُ لَا يُعَظِّمُ زَمَانًا وَلَا مَكَانًا فَلَا يَنْزَجِرُ (وَيَحْسُنُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَرَزَقَهُ) لِأَنَّهُ وَإِنْ غَلَا فِي كُفْرِهِ وَجَدَ نَفْسَهُ مُذْعِنَةً لِخَالِقٍ مُدَبِّرٍ (وَيُمَكَّنُ الْمُشْرِكَانِ مِنْ الْمُكْثِ) لِلِّعَانِ (فِي الْمَسْجِدِ) غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (وَلَوْ مَعَ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ) وَالنِّفَاسِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُؤَاخِذَانِ بِتَفَاصِيلِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَعْتَقِدَانِ حُرْمَتَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ إذَا أُمِنَ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ بِهِمَا (فَرْعٌ فِي تَوَلِّي السَّيِّدِ لِعَانَ رَقِيقِهِ) مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (مَا فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ) فَيَتَوَلَّاهُ لِيُحَدَّ رَقِيقُهُ أَوْ يُدْرَأَ عَنْهُ الْحَدُّ. [الْفَصْلُ الثَّالِث فِي سُنَنِ اللِّعَانِ] (الْفَصْلُ الثَّالِث فِي السُّنَنِ) أَيْ سُنَنِ اللِّعَانِ غَيْرِ مَا مَرَّ (يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَوِّفَهُمَا الْقَاضِي) أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ (مِنْ اللَّهِ وَيَعِظَهُمَا بِقَوْلِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَقُولَ (إنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ) مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ (وَيَقْرَأَ) عَلَيْهِمَا (إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ الْآيَةَ وَيَقُولَ) لَهُمَا (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ) حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ (أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا مِنْ تَائِبٍ) . وَيُبَالِغُ فِي الْوَعْظِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ فَيَقُولُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ الْخَامِسَةَ مُوجِبَةٌ لِلَّعْنِ وَالْغَضَبِ بِتَقْدِيرِ الْكَذِبِ لَعَلَّهُمَا يَنْزَجِرَانِ وَيَتْرُكَانِ (وَيَأْمُرُ رَجُلًا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَامْرَأَةً) أَنْ تَضَعَ يَدَهَا (عَلَى فِيهَا عِنْدَ الْخَامِسَةِ) لِذَلِكَ وَلِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَيَأْتِيَانِ إلَيْهِمَا مِنْ وَرَائِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، فَإِنْ أَبَيَا إلَّا الْمُضِيَّ لَقَّنَهُمَا الْخَامِسَةَ (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَتَلَاعَنَا مِنْ قِيَامٍ) إنْ قَدَرَا عَلَيْهِ لِيَرَاهُمَا النَّاسُ وَيَشْتَهِرَ أَمْرُهُمَا وَلِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِلَالًا بِهِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إذَا لَاعَنَ قَائِمًا وَشَاهَدَا النَّاسَ دَخَلَتْهُ الْهَيْبَةُ وَالْخَجَلُ فَرُبَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِرُجُوعِ الْكَاذِبِ مِنْهُمَا إلَى الصِّدْقِ (وَتَقْعُدُ الْمَرْأَةُ إنْ قَامَ) الرَّجُلُ يُلَاعِنُ فَإِذَا فَرَغَ تُلَاعِنُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَلَاعَنَا مُجْتَمِعَيْنِ بِحَيْثُ يَرَى كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ وَيَسْمَعُ كَلَامَهُ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَا كَذَلِكَ لَكِنْ إنْ كَانَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي مَجِيئُهُ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ السُّنَنِ (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي أَحْكَامِ اللِّعَانِ) غَيْرِ مَا مَرَّ (فَيَنْفَسِخُ بِهِ) أَيْ بِلِعَانِ الرَّجُلِ (النِّكَاحُ) كَالرَّضَاعِ (وَتَتَأَبَّدُ) بِهِ (الْحُرْمَةُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا سَوَاءٌ صَدَقَتْ أَمْ صَدَقَ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا وَوَطْؤُهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَعَلَّ عُدُولَهُمْ عَنْ الْحَجْرِ صِيَانَةً لِلْبَيْتِ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَصُعُودُ الْمِنْبَرِ أَوْلَى) شَامِلٌ لِمِنْبَرِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَالتَّغْلِيظُ فِي حَقِّ الْكَافِرِ بِالزَّمَانِ مُعْتَبَرٌ بِأَشْرَفِ الْأَوْقَاتِ عِنْدَهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَكَانَ الْمُرَادُ بِالْجَائِزِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَكَوْنُهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُغَلَّظُ عَلَى مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا مِنْ نَحْوِ زِنْدِيقٍ) قِيلَ مَا فُسِّرَ بِهِ الزِّنْدِيقُ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ وَبَابِ الرِّدَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا الْكُفْرُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا مَرْدُودٌ بَلْ لَا تَخَالُفَ فَإِنَّ الَّذِي لَا يَنْتَحِلُ دِينًا يَخْفَى حَالُهُ غَالِبًا فَصَحَّ أَنْ يُقَالَ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ فَعَبَّرَ بِاعْتِبَارِ مَا يَغْلِبُ مِنْهُ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا بِاعْتِبَارِ عَقِيدَتِهِ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) مَسَاجِدِ جَمِيعِ حَرَمِ مَكَّةَ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ فِي تَوَلِّي السَّيِّدِ لِعَانَ رَقِيقِهِ] (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي مَجِيئُهُ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ السُّنَنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي أَحْكَامِ اللِّعَان] (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي أَحْكَامِ اللِّعَانِ) (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 بِمِلْكِ الْيَمِينِ لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَمَلَكهَا لِخَبَرِ: «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» . لَكِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي تَوَقُّفَ ذَلِكَ عَلَى تَلَاعُنِهِمَا مَعًا وَلَيْسَ مُرَادًا كَالْفُرْقَةِ بِغَيْرِ اللِّعَانِ فَإِنَّهَا تَحْصُلُ بِوُجُوبِ سَبَبٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَالتَّأْبِيدُ هُنَا صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَلَا مَدْخَلَ لِلطَّلَاقِ فِي ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ أَنَّ «عُوَيْمِرًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ فَلِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يُحَرِّمُهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهِمَا» أَيْ لَا مِلْكَ فَلَا يَقَعُ طَلَاقُك قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُعْلِمَهُمَا بِالْفُرْقَةِ إنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ كَمَا أَعْلَمَهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا (وَيَسْقُطُ بِهِ) عَنْهُ (حَدُّ قَذْفِهَا) لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] إذْ ظَاهَرَهَا لِأَنَّ لِعَانَهُ كَشَهَادَةِ الشُّهُودِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِهِ (وَ) يَسْقُطُ بِهِ حَدُّ (قَذْفِهِ لِلزَّانِي إنْ سَمَّاهُ فِي لِعَانِهِ) كَمَا مَرَّ (وَيَنْتَفِي) بِهِ (النَّسَبُ) عَنْهُ (إنْ نَفَاهُ) فِي لِعَانِهِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ» (وَيَثْبُتُ) بِهِ (حَدُّ الزِّنَا عَلَيْهَا) لِلْأَيَّةِ (وَتَسْقُطُ) بِهِ (حَصَانَتُهَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ إنْ لَمْ تُلَاعِنْ) هِيَ أَوْ لَاعَنَتْ، ثُمَّ قَذَفَهَا بِذَلِكَ الزِّنَا أَوْ أَطْلَقَ كَمَا مَرَّ (وَيَتَشَطَّرُ) بِهِ (الصَّدَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ) كَالطَّلَاقِ قَبْلَهُ (وَيَسْتَبِيحُ) بِهِ (نِكَاحَ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا) وَإِنْ لَمْ تُنْقَضْ عِدَّتُهَا كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ (وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي وَلَا عَلَى لِعَانِهَا) بَلْ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ لِعَانِ الزَّوْجِ (وَإِنَّمَا هُوَ) أَيْ لِعَانُهَا (لِدَرْءِ الْحَدِّ عَنْهَا) لِلْآيَةِ (فَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِزِنَاهَا) أَوْ بِإِقْرَارِهَا بِهِ (لَمْ تُلَاعِنْ) لِدَرْءِ الْحَدِّ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ لَا تُقَاوِمُ الْبَيِّنَةَ (وَسَقَطَ) بِذَلِكَ (الْحَدُّ) لِلْقَذْفِ (عَنْهُ وَوَجَبَ) بِهِ حَدُّ الزِّنَا (عَلَيْهَا) عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ. (فَصْلٌ يَنْتَفِي) عَنْهُ (النَّسَبُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ) أَيْ إمْكَانِ لُحُوقِهِ بِهِ (بِلَا لِعَانٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ لَا بُدَّ مِنْ نَفْيِهِ بِاللِّعَانِ فَلَوْ وَلَدَتْ زَوْجَتُهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَةٍ تَسَعُ الْوَطْءَ بَعْدَ زَمَنِ الْإِمْكَانِ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَإِلَّا فَيَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ (وَيُمْكِنُ إحْبَالُ الصَّبِيِّ لِتِسْعٍ) مِنْ السِّنِينَ (وَيُشْتَرَطُ كَمَالُهَا) أَيْ التَّاسِعَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ (ثُمَّ) بَعْدَ إمْكَانِ إحْبَالِهِ وَلُحُوقِ النَّسَبِ بِهِ (لَا يُلَاعِنُ حَتَّى يَثْبُتَ بُلُوغُهُ) ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ بِخِلَافِ الْبُلُوغِ (فَإِنْ ادَّعَى الِاحْتِلَامَ وَلَوْ عَقِبَ إنْكَارِهِ) لَهُ (صُدِّقَ) وَمُكِّنَ مِنْ اللِّعَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (وَيُمْكِنُ) الْإِحْبَالُ (مِنْ مَجْبُوبِ الذَّكَرِ دُونَ الْأُنْثَيَيْنِ) لِبَقَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ وَمَا فِيهَا مِنْ الْقُوَّةِ الْمُحِيلَةِ لِلدَّمِ وَالذَّكَرُ آلَةٌ تُوَصِّلُ الْمَاءَ إلَى الرَّحِمِ بِوَاسِطَةِ الْإِيلَاجِ وَقَدْ يُفْرَضُ وُصُولُ الْمَاءِ بِغَيْرِ إيلَاجٍ (وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ يُمْكِنُ ذَلِكَ مِنْ مَجْبُوبِ الْأُنْثَيَيْنِ دُونَ الذَّكَرِ، وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يُولَدُ لَهُ؛ لِأَنَّ آلَةَ الْجِمَاعِ بَاقِيَةٌ وَقَدْ يُبَالِغُ فِي الْإِيلَاجِ فَيَلْتَذُّ وَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا وَإِدَارَةُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَطْءِ وَهُوَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ أَوْلَى مِنْ إدَارَتِهِ عَلَى الْإِنْزَالِ الْخَفِيِّ (لَا) مِنْ (مَمْسُوحٍ) بِأَنْ يَكُونَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْزِلُ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنْ يُخْلَقَ لِمِثْلِهِ وَلَدٌ. (وَمَنْ اسْتَلْحَقَ حَمْلًا تَعَذَّرَ) عَلَيْهِ (نَفْيُهُ) كَمَا فِي الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ (وَلَيْسَ لَهُ نَفْيُ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ) وَهُمَا اللَّذَانِ وُلِدَا مَعًا أَوْ كَانَ بَيْنَ وَضْعَيْهِمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ بِأَنْ يَجْتَمِعَ فِي الرَّحِمِ وَلَدٌ مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَوَلَدٌ مِنْ مَاءِ آخَرَ؛ لِأَنَّ الرَّحِمَ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى الْمَنِيِّ اسْتَدَّ فَمُهُ فَلَا يَتَأَتَّى قَبُولُهُ مِنْ آخَرَ وَمَجِيءُ الْوَلَدَيْنِ إنَّمَا هُوَ مِنْ كَثْرَةِ الْمَاءِ فَالتَّوْأَمَانِ مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي حَمْلٍ وَاحِدٍ فَلَا يُبَعَّضَانِ لُحُوقًا وَلَا انْتِفَاءً (فَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَلَاعَنَ لِنَفْيِهِ، ثُمَّ أَتَتْ بِآخَرَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ (فَهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ لِنَفْيِهِ بِاللِّعَانِ) بِأَنْ اسْتَلْحَقَهُ أَوْ سَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ مَعَ إمْكَانِهِ (لَحِقَهُ الْأَوَّلُ) تَبَعًا لِلثَّانِي تَغْلِيبًا لِجَانِبِ اللُّحُوقِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ أَسْرَعُ مِنْ انْتِفَائِهِ وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِالْإِمْكَانِ وَبِالْإِقْرَارِ وَبِالسُّكُوتِ الْمُشْعِرِ بِهِ بِخِلَافِ انْتِفَائِهِ، فَإِنْ بَادَرَ لِنَفْيِهِ انْتَفَى كَالْأَوَّلِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ نَفْيُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِلِعَانٍ فَقَوْلُهُمْ بِاللِّعَانِ لَيْسَ بِقَيْدٍ (وَحُدَّ لِقَذْفِهَا إنْ لَحِقَهُ) الثَّانِي (بِاسْتِلْحَاقٍ) كَمَا لَوْ كَذَّبَ نَفْسَهُ (لَا) إنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا» ) فَنَفَى السَّبِيلَ مُطْلَقًا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُؤَبَّدُ الْبَيْنِ غَايَتَهُ كَمَا بَيَّنَهَا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ بِهِ حَدُّ قَذْفِهَا إلَخْ) فَلَوْ أَكْذَبَ الْمُلَاعِنُ نَفْسَهُ حُدَّ لِلْقَذْفِ وَلَحِقَهُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّهُمَا حَقٌّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا سُقُوطُ حَدِّهَا حِينَئِذٍ فَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ لَمْ أَرَهُ مُصَرَّحًا بِهِ لَكِنَّ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يُفْهِمُ سُقُوطَهُ فِي ضِمْنِ تَعْلِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ فَقَالَ فَلَا تُحَدُّ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى اللِّعَانِ وَيَسْتَبِيحُ نِكَاحَ أُخْتِهَا إلَخْ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا إذَا نَفَاهُ بِلِعَانِهِ وَارْتِفَاعُ فِسْقِهِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى قَذْفِهَا وَاسْتِبَاحَةِ الرَّبِيبَةِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا وَكَتَبَ أَيْضًا كُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالْبَيْنُونَةِ فِي الْأَبْوَابِ كُلِّهَا غَيْرَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَغَيْرَ الْمُحَلِّلِ آتٍ هُنَا وَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ وَلَا إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا فِيهَا إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا مِنْ الزَّوْجِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا مِنْهُ إذَا نَفَاهُ بِاللِّعَانِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَيَخْطُبُ فِيهَا بِالتَّعْرِيضِ لَا بِالتَّصْرِيحِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِيهَا لَمْ يَرِثْهُ الْآخَرُ وَلَا يُغَسِّلُهُ وَلَا يَتَوَلَّى دَفْنَهَا، وَأَمَّا لِعَانُهُ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهَا فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِإِرْثِهِ مِنْهَا وَمُقْتَضَاهُ إثْبَاتُ الْغُسْلِ وَالدَّفْنِ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ امْتِنَاعَ الْإِرْثِ وَالْغُسْلِ وَنَحْوِهِمَا وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ أَيْضًا نَفْيُ نَسَبٍ نَفَاهُ بِلِعَانِهِ وَيَتَشَطَّرُ الصَّدَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهِ وَقَوْلُهُ آتٍ هُنَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِدَرْءِ الْحَدِّ فَقَطْ) وَيَنْتَفِي فِسْقُهَا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهَا وَتَبْقَى وِلَايَتُهَا فِي وِصَايَةٍ أَوْ نَظَرٍ أَوْ نَحْوِهَا وَيَعُودُ حَقُّ الْحَضَانَةِ بِمُجَرَّدِ الْتِعَانِهَا وَيَجِبُ عَلَى الْحَانِثِ مِنْهُمَا أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ عَلَى الْأَصَحِّ. [فَصْلٌ انْتِفَاء النَّسَبُ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ لُحُوقِهِ بِهِ] (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ كَمَالُهَا التَّاسِعَةَ إلَخْ) فَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَتُهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَسَاعَةٍ تَسَعُ الْوَطْءَ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَلَا يُحْكَمُ بِالْبُلُوغِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ بِخِلَافِ الْبُلُوغِ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُمْ اللِّعَانُ لَيْسَ بِقَيْدٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 لَحِقَهُ (بِسُكُوتٍ) عَنْ نَفْيِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَاقِضْ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ وَاللُّحُوقُ حُكْمُ الشَّرْعِ (إلَّا إنْ كَانَ الْقَذْفُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ) فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِقَذْفِهَا، وَإِنْ لَحِقَهُ الثَّانِي بِالسُّكُوتِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَا يَكُونُ إلَّا لِنَفْيِ النَّسَبِ فَإِذَا لَحِقَ النَّسَبُ لَمْ يَبْقَ لِلِّعَانِ حُكْمٌ فَحُدَّ وَفِي صُلْبِ النِّكَاحِ لَهُ أَحْكَامٌ أُخَرُ فَإِذَا لَحِقَ النَّسَبُ لَا يَرْتَفِعُ فَلَمْ يُحَدَّ (وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ (لَحِقَهُ) سَوَاءٌ اسْتَلْحَقَهُ أَمْ سَكَتَ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ كَوْنُهَا بَانَتْ بِاللِّعَانِ (لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَاعَنَ وَقَدْ حَمَلَتْ) بِهِ بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ (وَفِي الْمُهَذَّبِ خِلَافُهُ) لِحُدُوثِ الْوَلَدِ بَعْدَ زَوَالِ الْفِرَاشِ (وَهُوَ سَهْوٌ) نَقْلًا وَرَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبَ وَغَيْرَهُ جَزَمُوا بِهِ فَهُوَ مَنْقُولٌ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا (وَلَهُ نَفْيُهُ) أَيْ الثَّانِي (بِاللِّعَانِ) فَيَنْتَفِي بِهِ كَالْأَوَّلِ. (وَمَنْ لَاعَنَ لِنَفْيِ حَمْلٍ) فِي نِكَاحٍ أَوْ بِعَدَدِ الْبَيْنُونَةِ (انْتَفَى كُلُّ مَنْسُوبٍ إلَى ذَلِكَ الْحَمْلِ بِلِعَانِهِ) وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ وَمَا عَدَاهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِجَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ إشَارَةٌ إلَيْهِمَا جَمِيعًا (وَمَا عَدَاهُ) أَيْ الْمَنْسُوبُ إلَى ذَلِكَ الْحَمْلِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ (يَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ) لِأَنَّ النِّكَاحَ ارْتَفَعَ بِاللِّعَانِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْأَوَّلِ وَتَحَقَّقْنَا بَرَاءَةَ الرَّحِمِ قَطْعًا فَيَكُونُ الثَّانِي حَادِثًا بَعْدَ زَوَالِ الْفِرَاشِ. وَبِهَذَا فَارَقَ ذَلِكَ مَنْ أَبَانَهَا بِلِعَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ حَيْثُ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ ثَمَّ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَاضَتْ عَلَى الْحَمْلِ وَكَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ الْإِبَانَةِ (كَمَنْ طَلُقَتْ) أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا حَامِلًا (فَوَضَعَتْ وَلَدًا، ثُمَّ) وَضَعَتْ (آخَرَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ وَضْعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي عَنْ الزَّوْجِ لِتَحَقُّقِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ حُدُوثِهِ مِنْ وَطْئِهِ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي لِلُّحُوقِ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ كَسَائِرِ الْأَجَانِبِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِرَافِهِ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ (وَلَهُ نَفْيُ) الْوَلَدِ (الْمَيِّتِ) سَوَاءٌ أَخْلَفَ الْوَلَدُ وَلَدًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ نَسَبَهُ لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بَلْ يُقَالُ هَذَا الْمَيِّتُ وَلَدُ فُلَانٍ وَهَذَا قَبْرُ وَلَدِ فُلَانٍ وَفِيهِ فَائِدَةُ إسْقَاطِ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ عَنْهُ (وَ) لَهُ (اسْتِلْحَاقُهُ بَعْدَ نَفْيِهِ حَيًّا، وَكَذَا مَيِّتًا) سَوَاءٌ أَخْلَفَ الْوَلَدُ وَلَدًا أَمْ لَا احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُلْزِمُ نَفْسَهُ الْحَدَّ وَلَا يُلْحِقُ بِهِ غَيْرَ وَلَدِهِ طَمَعًا فِي الْمَالِ (فَيَرِثُهُ) لِثُبُوتِ نَسَبِهِ (وَتُنْقَضُ) لَهُ (الْقِسْمَةُ) كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ (فَصْلٌ: لَهُ نَفْيُ وَلَدٍ لَحِقَهُ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ) كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الشُّفْعَةِ بِجَامِعِ الضَّرَرِ بِالْإِمْسَاكِ (فَإِنْ أَخَّرَ) بِلَا عُذْرٍ أَوْ اعْتَرَفَ بِهِ (لَحِقَهُ) وَتَعَذَّرَ نَفْيُهُ؛ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي النَّسَبِ وَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرَ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُلْحَقُ بِهِ مِنْ نَفْيِهِ (وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى الْقَاضِي) لِغَيْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَانْتِظَارِ الصَّبَاحِ) فِيمَا إذَا بَلَغَهُ الْخَبَرُ لَيْلًا (وَحُضُورِ الصَّلَاةِ) حَتَّى يُصَلِّيَ (وَ) يُعْذَرُ فِيهِ (جَائِعٌ لِلْأَكْلِ وَعَارٍ لِلُّبْسِ) وَنَحْوُ ذَلِكَ (فَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مُمَرِّضًا أَوْ خَائِفًا ضَيْعَةَ مَالٍ) أَيْ ضَيَاعَهُ يُقَالُ ضَاعَ الشَّيْءُ ضَيْعَةً وَضَيَاعًا بِالْفَتْحِ أَيْ هَلَكَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (أَرْسَلَ إلَى الْقَاضِي لِيَبْعَثَ إلَيْهِ نَائِبًا يُلَاعِنُ عِنْدَهُ أَوْ لِيُعْلِمَهُ أَنَّهُ) مُقِيمٌ (عَلَى النَّفْيِ) كَالْمُولِي إذَا عَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ فَاءَ بِلِسَانِهِ فَيْءَ الْمَعْذُورِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ يَبْعَثُ إلَى الْقَاضِي وَيُطْلِعُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ لِيَبْعَثَ إلَيْهِ نَائِبًا أَوْ لِيَكُونَ عَالِمًا بِالْحَالِ إنْ أَخَّرَ بَعَثَ النَّائِبَ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَيْهِ الْإِرْسَالُ (أَشْهَدَ) أَنَّهُ عَلَى النَّفْيِ إنْ أَمْكَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ حِينَئِذٍ بَطَلَ حَقُّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلِلْغَائِبِ النَّفْيُ عِنْدَ الْقَاضِي) إنْ وَجَدَهُ فِي مَوْضِعِهِ (وَهَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى رُجُوعِ) مِنْ غَيْبَتِهِ إنْ (بَادَرَ إلَيْهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ مَعَ الْإِشْهَادِ) بِأَنَّهُ عَلَى النَّفْيِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ ثَمَّ قَاضِيًا؛ لِأَنَّ لَهُ عُذْرًا ظَاهِرًا فِيهِ وَهُوَ الِانْتِقَامُ مِنْهَا بِإِشْهَارِ أَمْرِهَا فِي قَوْمِهَا وَبَلَدِهَا أَوْ لَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ النَّفْيِ فِي غَيْبَتِهِ فِيهِ؟ (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْأَوَّلُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ، فَإِنْ أَخَّرَ لِمُبَادَرَةٍ مَعَ الْإِمْكَانِ، وَإِنْ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ، وَإِنْ بَادَرَ بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمُبَادَرَةُ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيُشْهِدْ (فَرْعٌ لَهُ تَأْخِيرُ اللِّعَانِ فِي) نَفْيِ (الْحَمْلِ إلَى الْوِلَادَةِ لِيَتَحَقَّقَ كَوْنُهُ وَلَدًا) إذْ مَا يُتَوَهَّمُ حَمَلَا قَدْ يَكُونُ رِيحًا (فَلَوْ قَالَ تَحَقَّقْته وَلَكِنْ رَجَوْت مَوْتَهُ) فَأَكْفَى اللِّعَانَ (سَقَطَ حَقُّهُ) فَلَا يُلَاعِنُ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِتَفْرِيطِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ نَفْيِ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ طَعْمًا فِي مَوْتِهِ (وَإِنْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِالْوِلَادَةِ صُدِّقَ بِيُمْنِهِ إنْ احْتَمَلَ) مَا قَالَهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُوَافِقُهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (أَوْ) قَالَ (لَمْ أُصَدِّقْ) بِهَا مَنْ أَخْبَرَنِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَفِيهِ فَائِدَةُ إسْقَاطِ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ عَنْهُ) وَعَدَمُ انْتِسَابِ أَوْلَادِ الْمَنْفِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ الْغَيْبَةِ إلَى النَّافِي. [فَصْلٌ نَفْيُ وَلَدٍ لَحِقَهُ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَهُ نَفْيُ وَلَدٍ لَحِقَهُ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ النَّفْيِ عَلَى الْفَوْرِ أَنْ يُوجِدَهُ عَقِبَ الْعِلْمِ بَلْ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَيَذْكُرَ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ مِنِّي مَعَ مَا يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُلَاعِنُ إذَا أَمَرَهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ وَحُضُورُ الصَّلَاةِ حَتَّى يُصَلِّيَ) فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَضِيقَ وَقْتُهَا أَوْ لَا وَعِبَارَةُ الْمُتَوَلِّي إنْ كَانَ قَدْ ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يُصَلِّيَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَضِقْ لَا يَكُونُ عُذْرًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَيَّدَ فِي الذَّخَائِرِ الصَّلَاةَ بِالْفَرِيضَةِ (قَوْلُهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي يَجُوزُ بِهَا تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الْفَوْرِ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ، أَمَّا اللِّعَانُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ قَطْعًا نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُذَاكَرَةِ عَنْ ابْنِ عُجَيْلٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا إلَخْ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْخَلَاصِ كَمَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ لِصَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ فَحُبِسَ لِيَبْلُغَ أَوْ يُفِيقَ أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ الْخَلَاصُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَمُلَازَمَةُ الْغَرِيمِ كَالْحَبْسِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ حِينَئِذٍ بَطَلَ حَقُّهُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُشْغَلْ بِشَيْءٍ أَصْلًا وَشَرَعَ عِنْدَ عِلْمِهِ فِي الْمُضِيِّ إلَى النَّفْيِ وَلَمْ يَشْهَدْ فِي طَرِيقِهِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ هُنَا وَالنَّصُّ يُشِيرُ إلَيْهِ وَالرَّاجِحُ بُطْلَانُ حَقِّهِ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا فِي الصَّغِيرِ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 (قَدْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ، وَكَذَا) شَخْصٌ (مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ) وَلَوْ رَقِيقًا أَوْ امْرَأَةً (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ لِوُجُوبِ عَمَلِهِ بِخَبَرِهِمْ (أَوْ) قَالَ بَعْدَ إخْبَارِ مَنْ ذَكَرَ (لَمْ أَعْلَمْ بِجَوَازِهِ) أَيْ اللِّعَانِ (وَهُوَ عَامِّيٌّ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ (صُدِّقَ) كَنَظِيرِهِ مِنْ خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فَقِيهًا (فَرْعٌ) لَوْ (دَعَا) شَخْصٌ (لِلْمُهَنَّأِ بِالْوَلَدِ فَقَالَ) فِي جَوَابِهِ (آمِينَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ) بِهِ كَنَعَمْ أَوْ اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَك (لَمْ يَنْفِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ لِرِضَاهُ بِهِ نَعَمْ إنْ عُرِفَ لَهُ وَلَدٌ آخَرُ وَادَّعَى حَمْلَ التَّهْنِئَةِ وَالتَّأْمِينِ أَوْ نَحْوِهِ عَلَيْهِ فَلَهُ نَفْيُهُ إلَّا إنْ كَانَ وَأَشَارَ إلَيْهِ فَقَالَ مَتَّعَك اللَّهُ بِهَذَا الْوَلَدِ فَقَالَ آمِينَ أَوْ نَحْوَهُ فَلَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ بِهِ (أَوْ) أَجَابَ بِمَا (لَمْ يَتَضَمَّنْ إقْرَارُهُ كَقَوْلِهِ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا وَرَزَقَك مِثْلَهُ) وَأَسْمَعَك خَيْرًا (لَمْ يُؤَثِّرْ) فِي جَوَازِ نَفْيِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَصَدَ مُكَافَأَةَ الدُّعَاءِ بِالدُّعَاءِ وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يُهَنَّأَ بِهِ فِي وَقْتِ الْعُذْرِ أَوْ يُهَنِّئَهُ مَنْ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِإِخْبَارِهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ) لَوْ (قَالَ) الزَّوْجُ بَعْدَ قَذْفِهِ زَوْجَتَهُ (قَذَفْتُك فِي النِّكَاحِ) فَلِي اللِّعَانُ (فَقَالَتْ) بَلْ (قَبْلَ النِّكَاحِ) فَلَا لِعَانَ وَعَلَيْك الْحَدُّ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ الْقَاذِفُ فَهُوَ أَعْلَمُ بِوَقْتِ الْقَذْفِ وَلِأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْقَذْفِ كَانَ هُوَ الْمُصَدَّقُ فَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي وَقْتِهِ (وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ) حُصُولِ (الْفُرْقَةِ فَقَالَ قَذَفْتُك قَبْلَهَا فَقَالَتْ) بَلْ (بَعْدَهَا) فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (إلَّا إنْ أَنْكَرَتْ أَصْلَ النِّكَاحِ) فَقَالَ قَذَفْتُك وَأَنْتِ زَوْجَتِي فَقَالَتْ مَا تَزَوَّجْتنِي قَطُّ (فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا أَوْ) قَالَ قَذَفْتُك (وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ) فَقَالَتْ بَلْ وَأَنَا بَالِغَةٌ (فَهُوَ الْمُصَدَّقُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا احْتَمَلَ أَنَّهُ قَذَفَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ كَأَنْ كَانَ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً وَهِيَ بِنْتُ أَرْبَعِينَ (وَكَذَا) يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إنْ قَالَ قَذَفْتُك (وَأَنْتِ مَجْنُونَةٌ وَرَقِيقَةٌ وَكَافِرَةٌ) فَقَالَتْ بَلْ وَأَنَا عَاقِلَةٌ وَحُرَّةٌ وَمُسْلِمَةٌ (إنْ عُهِدَ) لَهَا (ذَلِكَ) وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا التَّعْزِيرُ (وَإِلَّا فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ) بِيَمِينِهَا وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى أَوْ (أَوْ) قَالَ قَذَفْتُك (وَأَنَا صَبِيٌّ) فَقَالَتْ بَلْ وَأَنْتَ بَالِغٌ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ إنْ احْتَمَلَ ذَلِكَ نَظِيرَ مَا قَدَّمْته (أَوْ) وَأَنَا (مَجْنُونٌ) فَقَالَتْ بَلْ وَأَنْتَ عَاقِلٌ (فَكَذَا) يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (إنْ عُهِدَ لَهُ) جُنُونٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ (وَإِلَّا صُدِّقَتْ) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وَالْغَالِبَ السِّمَةُ (أَوْ) قَالَ قَذَفْتُك (وَأَنَا نَائِمٌ) فَأَنْكَرَتْ نَوْمَهُ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ لِبُعْدِهِ (وَحَيْثُ صَدَّقْنَا الْقَاذِفَ) بِيَمِينِهِ (فَنَكَلَ وَحَلَفَ الْآخَرُ) أَيْ الْمَقْذُوفُ (حُدَّ) الْقَاذِفُ (فَإِنْ كَانَ زَوْجًا فَلَهُ اللِّعَانُ) لِدَفْعِ الْحَدِّ. (وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى بُلُوغِهِ) أَوْ عَقْلِهِ حِينَ قَذَفَهَا (فَأَقَامَ) هُوَ (بَيِّنَةً عَلَى صِغَرِهِ) أَوْ جُنُونِهِ (وَاتَّحَدَ التَّارِيخُ سَقَطَتَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتَا مُطَلَّقَتَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَتَيْ التَّارِيخِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُطَلَّقَةً وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةً (حُدَّ بِبَيِّنَتِهَا) وَعُزِّرَ بِبَيِّنَتِهِ (لِأَنَّهُمَا قَذْفَانِ، وَإِنْ لَاعَنَتْ) بَعْدَ لِعَانِهِ (ثُمَّ أَقَرَّتْ) بِالزِّنَا (حُدَّتْ) لَهُ لِإِقْرَارِهَا بِهِ (إنْ لَمْ تَرْجِعْ) عَنْ إقْرَارِهَا (فَإِنْ أَقَرَّتْ) بِالزِّنَا (قَبْلَ اللِّعَانِ) لَمْ يُلَاعِنْ (أَوْ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يُتِمَّهُ) لِسُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ كَمَا قَالَ (وَسَقَطَ) عَنْهُ (حَدُّهُ) وَلَزِمَهَا حَدُّ الزِّنَا (وَلَا لِعَانَ) لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (إلَّا إنْ كَانَ) ثَمَّ (وَلَدٌ) فَيَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ. (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الزَّوْجُ لِعَانَهُ تَوَارَثَا) أَيْ وَرِثَهُ الْآخَرُ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ (فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَ اسْتَقَرَّ النَّسَبُ) فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ نَفْيُهُ، وَإِنْ كَانَ يَلْحَقُ بِالْإِقْرَارِ النَّسَبُ بِالْمَوْرُوثِ فَإِنَّ الِاسْتِلْحَاقَ أَقْوَى مِنْ النَّفْيِ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ الِاسْتِلْحَاقُ بَعْدَهُ لَا عَكْسُهُ (أَوْ) كَانَ الْمَيِّتُ (الْمَرْأَةَ فَلَهُ إتْمَامُهُ) أَيْ اللِّعَانِ (لِإِسْقَاطِ النَّسَبِ) أَيْ نَسَبِ الْوَلَدِ (إنْ كَانَ) وَإِلَّا فَلَا (وَيَسْقُطُ الْحَدُّ) عَنْهُ (إنْ حَازَ الْمِيرَاثَ هُوَ لِكَوْنِهِ عَصَبَةً) بِأَنْ كَانَ عَمُّهَا أَوْ مُعْتِقُهَا (أَوْ) حَازَهُ (هُوَ وَأَوْلَادُهُ) مِنْهَا أَوْ أَوْلَادُهُ مِنْهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَسْتَوْفِي حَدَّ الْقَذْفِ مِنْ أَبِيهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَحُزْ الْمِيرَاثَ هُوَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَوْلَادِهِ وَحْدَهُمْ (حُدَّ) هُوَ، وَإِنْ سَقَطَ بَعْضُهُ عَنْهُ فِيمَا إذَا وَرِثَ مَعَهُ غَيْرُ أَوْلَادِهِ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْحَدِّ إذَا سَقَطَ بِعَفْوِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَلِلْبَاقِينَ اسْتِيفَاؤُهُ (وَلَهُ إسْقَاطُهُ) عَنْهُ (بِاللِّعَانِ وَالِاعْتِبَارِ) فِي الْحَدِّ (بِحَالَةِ الْقَذْفِ فَلَا يَتَغَيَّرُ الْحَدُّ بِحُدُوثِ عِتْقٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ إسْلَامٍ) فِي الْقَاذِفِ أَوْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ تَأْخِيرُ اللِّعَانِ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ إلَى الْوِلَادَةِ] قَوْلُهُ أَوْ لَمْ أَعْلَمْ بِجَوَازِهِ) أَوْ بِكَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ. [فَرْعٌ دَعَا شَخْصٌ لِلْمُهَنَّأِ بِالْوَلَدِ فَقَالَ فِي جَوَابِهِ آمِينَ] (قَوْلُهُ وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يُهَنَّأَ بِهِ فِي وَقْتِ الْعُذْرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ أَيْضًا وَيَجُوزُ تَصْوِيرُهَا فِي حَالِ تَوَجُّهِهِ إلَى الْحَاكِمِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 الْمَقْذُوفِ فَيُحَدُّ فِي الْأَوَّلِ حَدَّ الْعَبِيدِ وَفِي الثَّانِي حَدَّ الْأَحْرَارِ وَفِي الثَّالِثِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ حَدَّ الْقَاذِفِ حَدَّ غَيْرِ الْمُحْصَنِ وَكَالْحَدِّ التَّعْزِيرُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ (وَإِنْ قَذَفَ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ وَطَالَبَتْهُ) بِاللِّعَانِ (وَلَمْ يُلَاعِنْ عُزِّرَ، وَإِنْ لَاعَنَ وَنَكَلَتْ) عَنْ اللِّعَانِ (حُدَّتْ) حَدَّ الزِّنَا (إلَّا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً) فَلَا تُحَدُّ. (وَإِنْ قَتَلَ) الْمُلَاعِنُ (مَنْ نَفَاهُ، ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ) لَحِقَهُ (وَسَقَطَ) عَنْهُ (الْقِصَاصُ إنْ أَوْجَبْنَاهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ) غَيْرِ صَاحِبِ الْفِرَاشِ (اسْتِلْحَاقُ مَوْلُودٍ عَلَى فِرَاشٍ) صَحِيحٍ (وَإِنْ نُفِيَ) عَنْهُ (بِاللِّعَانِ) لِأَنَّهُ وَإِنْ نَفَاهُ فَحَقُّ الِاسْتِلْحَاقِ لَا يَجُوزُ تَفْوِيتُهُ (فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الْفِرَاشُ كَوَلَدِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ) أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَنَفَاهُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ (فَلِكُلٍّ) مِنْ النَّاسِ (اسْتِلْحَاقُهُ) لِأَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ فِيهِ قَبْلَ النَّفْيِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ (وَإِنْ أَثْبَتَ الْقَاذِفُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِزِنَاهَا وَأَثْبَتَتْ) أَيْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً (بِالْبَكَارَةِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا) مِمَّا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ حَدِّ الزِّنَا أَيْضًا مَعَ زِيَادَةٍ (وَكَذَا) لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا (إنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِإِقْرَارِ الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَا، ثُمَّ رَجَعَ الْمُقِرُّ) عَنْ إقْرَارِهِ نَعَمْ إنْ رَجَعَ قَبْلَ الْقَذْفِ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ حَدِّ الْقَذْفِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (وَلَوْ نَفَى الذِّمِّيُّ وَلَدًا، ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي الْإِسْلَامِ) فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ تَبَعِهِ فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ (فَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَقُسِّمَ مِيرَاثُهُ) بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْكُفَّارِ (ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ) الذِّمِّيُّ الَّذِي أَسْلَمَ (لَحِقَهُ) فِي نَسَبِهِ وَإِسْلَامِهِ وَوَرِثَهُ وَانْقَضَتْ الْقِسْمَةُ [كِتَابُ الْعِدَدِ وَالِاسْتِبْرَاءِ] [الْبَاب الْأَوَّل عدة الطَّلَاق] (كِتَابُ الْعِدَدِ وَالِاسْتِبْرَاءِ) الْعِدَدُ جَمْعُ عِدَّةٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَدَدِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ غَالِبًا وَهِيَ مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا أَوْ لِلتَّقْيِيدِ أَوْ لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ وَشُرِعَتْ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ وَتَحْصِينًا لَهَا مِنْ الِاخْتِلَاطِ (وَفِيهِ أَبْوَابٌ) خَمْسَةٌ (الْأَوَّلُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ) كَلِعَانٍ وَوَطْءِ شُبْهَةٍ (وَعَلَى الْمُزَوَّجَةِ) وَلَوْ صَغِيرَةً (الْعِدَّةُ لِكُلِّ فُرْقَةٍ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَوْ طَلُقَتْ بِالتَّعْلِيقِ) لِلطَّلَاقِ (بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ) يَقِينًا كَقَوْلِهِ مَتَى تَيَقَّنْت بَرَاءَةَ رَحِمَك مِنْ مَنِيِّي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُجِدَتْ الصِّفَةَ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ مَعَ مَفْهُومِ الْآيَةِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْزَالَ خَفِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَيَعْسُرُ تَتَبُّعُهُ فَأَعْرَضَ الشَّرْعُ عَنْهُ وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ، وَهُوَ الْوَطْءُ كَمَا اكْتَفَى فِي التَّرَخُّصِ بِالسَّفَرِ، وَأَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ (وَلَا) الْأَوْلَى فَلَا (تَجِبُ بِالْخَلْوَةِ) كَمَا لَا تَجِبُ بِدُونِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} [الأحزاب: 49] الْخِطَابُ لِلْأَزْوَاجِ وَقِيسَ عَلَيْهِمْ الْوَاطِئُ بِشُبْهَةٍ وَعَلَى مَسِّهِمْ أَوْ وَطْئِهِمْ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ زِنًا (وَتَعْتَدُّ لِوَطْءِ صَغِيرٍ) وَإِنْ كَانَ فِي سِنٍّ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ لِمَا ذُكِرَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَهَيُّؤُهُ لِلْوَطْءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ وَكَذَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّغِيرَةِ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي. انْتَهَى. (وَكَذَا) لِوَطْءِ (خَصِيٍّ) لِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَلْتَذُّ وَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا (لَا) الْمُزَوَّجَةِ مِنْ (مَقْطُوعِ الذَّكَرِ) وَلَوْ دُونَ الْأُنْثَيَيْنِ لِعَدَمِ الدُّخُولِ (لَكِنْ إنْ بَانَتْ حَامِلًا لَحِقَ) الْحَمْلُ بِهِ لِإِمْكَانِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَمْسُوحًا) فَإِنْ كَانَ مَمْسُوحًا لَمْ يَلْحَقْ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ (وَاعْتَدَّتْ) مِنْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ وَحْدَهُ (بِوَضْعِهِ) وَإِنْ نَفَاهُ بِخِلَافِ الْمَمْسُوحِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُهُ كَمَا تَقَرَّرَ (وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ حَلَالًا وَشُبْهَةً) أَيْ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ (كَالْوَطْءِ) فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ الْمَنِيُّ إذَا ضَرَبَهُ الْهَوَاءُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ] (كِتَابُ الْعِدَدِ وَالِاسْتِبْرَاءِ) وَجْهُ ذِكْرِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ وَمَا تَخَلَّلَهُ حُصُولُ مُوجِبِهَا بِذَلِكَ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَشُرِعَ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ إلَخْ) قَالَهُ الْقَفَّالُ وَقَالَ غَيْرُهُ: رِعَايَةً لِحَقِّ الزَّوْجَيْنِ وَالْوَلَدِ وَالنَّاكِحِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ) فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ مَا لَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ حَيَوَانًا (قَوْلُهُ: وَتَعْتَدُّ لِوَطْءِ صَغِيرٍ) يُسْتَثْنَى وَطْءُ الطِّفْلِ الَّذِي لَا يُحَلِّلُ وَوَطْءُ طِفْلَةٍ صَغِيرَةٍ كَبِنْتِ شَهْرٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ بِذَلِكَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِيمَا أَظُنُّهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ بِشَرْطِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ حَلَالًا وَشُبْهَةً) فَلَوْ أَوْلَجَ زَانِيًا ثُمَّ نَزَعَ فَأَمْنَى فَاسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَتُهُ فَلَا عِدَّةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ بِمُبَاشَرَةِ أَجْنَبِيَّةٍ بِقُبْلَةٍ وَمُفَاخَذَةٍ وَغَيْرِهِ كَخُرُوجِهِ بِالزِّنَا وَكَذَا خُرُوجُهُ بِاسْتِمْنَاءٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ حَلَالًا وَشُبْهَةً حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ لَا مِنْ اسْتِدْخَالِ. (فَرْعٌ) سَأَلَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ الْفَقِيهَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْخَلِّ عَنْ رَجُلٍ وَطِئَ امْرَأَتَهُ وَأَنْزَلَ مَعَهَا فَقَامَتْ الزَّوْجَةُ سَاحَقَتْ ابْنَةَ الزَّوْجِ وَأَنْزَلَتْ مَعَهَا الْمَنِيِّ الَّذِي أَنْزَلَهُ الزَّوْجُ مَعَهَا فَحَمَلَتْ فَهَلْ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ أَمْ لَا فَأَجَابَ الَّذِي يَظْهَرُ لِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ فَإِنَّ الشُّبْهَةَ تُعْتَبَرُ فِي الرَّجُلِ، وَأَجَابَ بِمِثْلِهِ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى مُطَيْرٌ قَالَ النَّاشِرِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْحَقُ الْوَلَدُ الرَّجُلَ الْوَاطِئَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُعْتَبَرُ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ بِالرَّجُلِ، وَفِي الْمَهْرِ بِالْمَرْأَةِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَاؤُهُ مُحْتَرَمٌ مِنْ جِهَتِهِ. وَسُئِلَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ رَجُلٍ وَطِئَ زَوْجَتَهُ، وَأَنْزَلَ مَعَهَا ثُمَّ نَزَعَ مِنْهَا فَمَسَحَ ذَكَرَهُ بِحَجَرٍ فَأَخَذَتْ الْحَجَرَ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ فَامْتَسَحَتْ بِهِ فَحَمَلَتْ فَهَلْ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ أَمْ لَا؟ . فَأَجَابَ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ الْوَاطِئَ لِكَوْنِ مَائِهِ حَالَ الْإِنْزَالِ مُحْتَرَمًا، وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ، وَهِيَ تَعْلَمُ أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ، وَقَدْ حَكَمُوا بِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ زَانِيَةً فَبِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَنْ يُحْكَمَ بِلُحُوقِ الْوَلَدِ فِي مَسْأَلَةِ السِّحَاقِ. قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ، وَقَوْلُهُ: قَالَ النَّاشِرِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ) لَا فِي تَقَرُّرِ الْمَهْرِ، وَإِسْقَاطِ حُكْمِ الْعُنَّةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 لَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ الْوَلَدُ غَايَتُهُ ظَنٌّ، وَهُوَ لَا يُنَافِي فِي الْإِمْكَانِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَضَبَطَ الْمُتَوَلِّي الْوَطْءَ الْمُوجِبَ لِلْعِدَّةِ بِكُلِّ وَطْءٍ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ، وَإِنْ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ كَمَا لَوْ زَنَى مُرَاهِقٌ بِبَالِغَةٍ أَوْ مَجْنُونٌ بِعَاقِلَةٍ أَوْ مُكْرَهٌ بِطَائِعَةٍ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ أَشَلَّ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ كَالذَّكَرِ الْمُبَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهَا. (فَصْلٌ: الْعِدَّةُ) أَيْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ تَكُونُ (بِالْأَقْرَاءِ) وَلَوْ جُلِبَ الْحَيْضُ فِيهَا بِدَوَاءٍ (وَالْأَشْهُرِ وَالْحَمْلِ) قَالَ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَقَالَ {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ} [الطلاق: 4] إلَى قَوْلِهِ {حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] وَالْأَقْرَاءُ جَمْعُ قَرْءٍ بِفَتْحِ الْقَافِ أَكْثَرُ مِنْ ضَمِّهَا، وَهُوَ لُغَةٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الطُّهْرُ كَمَا قَالَ (وَالْأَقْرَاءُ هِيَ الْأَطْهَارُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ فِي زَمَنِهَا، وَهُوَ زَمَنُ الطُّهْرِ إذْ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ مُحَرَّمٌ كَمَا مَرَّ وَقَدْ قُرِئَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِقَبْلِ عِدَّتِهِنَّ وَقَبْلُ الشَّيْءِ أَوَّلُهُ؛ وَلِأَنَّ الْقُرْءَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ قَرَأْت الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَيْ جَمَعْته فِيهِ فَالطُّهْرُ أَحَقُّ بِاسْمِ الْقُرْءِ؛ لِأَنَّهُ زَمَنُ اجْتِمَاعِ الدَّمِ فِي الرَّحِمِ، وَالْحَيْضُ زَمَنُ خُرُوجِهِ مِنْهُ فَيَنْصَرِفُ الْإِذْنُ إلَى زَمَنِ الطُّهْرِ الَّذِي هُوَ زَمَنُ الْعِدَّةِ وَزَمَنُهَا يَعْقُبُ زَمَنَ الطَّلَاقِ. (وَالطُّهْرُ مَا احْتَوَشَهُ دَمَانِ) أَيْ دَمَا حَيْضَيْنِ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ لَا مُجَرَّدُ الِانْتِقَالِ إلَى الْحَيْضِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ الْقُرْءُ هُوَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوَشُ بِدَمَيْنِ الطُّهْرَ بِتَمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ بَقِيَّةَ الطُّهْرِ تُحْسَبُ قُرْءًا، وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ هَلْ يُعْتَبَرُ مِنْ الطُّهْرِ الْمُحْتَوَشِ شَيْءٌ أَمْ يَكْفِي الِانْتِقَالُ (فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ) وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ لَحْظَةٌ أَوْ جَامَعَهَا فِيهِ (انْقَضَتْ) عِدَّتُهَا (بِالطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ) وَلَا يَبْعُدُ تَسْمِيَةُ قُرْأَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ كَمَا يُقَالُ خَرَجْت مِنْ الْبَلَدِ لِثَلَاثٍ مَضَيْنَ مَعَ وُقُوعِ خُرُوجِهِ فِي الثَّالِثِ، وَكَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَبَعْضُ ذِي الْحِجَّةِ؛ وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نَعْتَدَّ بِالْبَاقِي قُرْءًا لَكَانَ أَبْلَغَ فِي تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ (أَوْ) طَلَّقَهَا (فِي الْحَيْضِ فَبِالطَّعْنِ فِي) الْحَيْضَةِ (الرَّابِعَةِ) انْقَضَتْ عِدَّتُهَا (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي انْقِضَائِهَا فِي تِلْكَ وَهَذِهِ (مُضِيُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي تِلْكَ وَالرَّابِعَةِ فِي هَذِهِ، وَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ وَلِئَلَّا تَزِيدَ الْعِدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ (لَكِنْ يَتَبَيَّنُ بَقَاؤُهَا بِانْقِطَاعِهِ دُونِهِمَا) إذْ لَمْ يَعُدْ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (وَزَمَنُ الطَّعْنِ فِي الْحَيْضِ) الْأَخِيرِ فِي الصُّورَتَيْنِ (لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ) بَلْ يَتَبَيَّنُ بِهِ انْقِضَاؤُهَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ. (فَرْعٌ) لَوْ (طَلَّقَ مَنْ لَمْ تَحِضْ ثُمَّ حَاضَتْ أَوْ قَالَ لِمَنْ تَحِيضُ أَنْت طَالِقٌ فِي آخِرِ طُهْرِك) أَوْ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ طُهْرِك (لَمْ يُحْسَبْ ذَلِكَ) الزَّمَنُ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ (قُرْءًا) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ بَعْدَ الْحَيْضَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالطَّلَاقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطُّهْرَ مَا احْتَوَشَهُ دَمَانِ. (فَصْلٌ: وَالْعِدَّةُ لِلْحُرَّةِ) ذَاتِ الْأَقْرَاءِ وَغَيْرِ الْحَامِلِ (ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَيُجْمَعُ قُرْءٌ عَلَى أَقْرُؤٍ أَيْضًا فَلَهُ ثَلَاثَةُ جُمُوعٍ كَمَا ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ جَمْعُهُ بِمَعْنَى الطُّهْرِ قُرُوءٌ كَمَا فِي الْآيَةِ وَبِمَعْنَى الْحَيْضِ أَقْرَاءٌ كَمَا فِي خَبَرِ «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِك» وَجَرَى الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَعَبَّرَ بِأَقْرَاءٍ نَظَرًا لِجَمْعِ الْقِلَّةِ الْمُرَادِ هُنَا، وَإِنْ خَالَفَ نَظْمَ الْقُرْآنِ. وَالْعِدَّةُ (لِمَنْ فِيهَا رِقٌّ) وَلَوْ مُبَعَّضَةً، وَهِيَ وَذَاتُ أَقْرَاءٍ وَغَيْرُ حَامِلٍ (قُرْآنِ) لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ بِقُرْأَيْنِ؛ وَلِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَإِنَّمَا كَمَّلَتْ الْقُرْءَ الثَّانِيَ لِتَعَذُّرِ تَبْعِيضِهِ كَالطَّلَاقِ إذْ لَا يَظْهَرُ نِصْفُهُ إلَّا بِظُهُورِ كُلِّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْتِظَارِ إلَى أَنْ يَعُودَ الدَّمُ (فَإِذَا أُعْتِقَتْ فِي عِدَّةِ رَجْعَةٍ لَا بَيْنُونَةً أَتَمَّتْ ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَقْرَاءِ؛ لِأَنَّهَا كَالْمَنْكُوحَةِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ كَمَا أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ إذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَاقْتَضَاهُ إيرَادُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ تَصْحِيحِ الْبَغَوِيّ وَجَمَاعَةٍ وَنَقَلَ عَنْ اخْتِيَارِ الْمُزَنِيّ وَتَصْحِيحِ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْمَحَامِلِيِّ وَصَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمْ تَكْمِيلَ عِدَّةِ الْحُرَّةِ فِي الْبَائِنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ سَبَبُ الْعِدَّةِ الْكَامِلَةِ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ فَتُنْتَقَلُ إلَيْهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَضَبَطَ الْمُتَوَلِّي الْوَطْءَ الْمُوجِبَ لِلْعِدَّةِ إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: بَلْ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ، وَهُوَ الذَّكَرُ الْأَمْثَلُ لَا لِلْمُشَبَّهِ بِهِ، وَهُوَ الْمُبَانُ فَلَا تَجِبُ بِهِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] إلَخْ) «وَطَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ تِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اللَّهِ أَنَّ الْعِدَّةَ الطُّهْرُ دُونَ الْحَيْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) أَوْ دِمَاءِ نِفَاسٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ إلَخْ) سَكَتَ عَمَّا لَوْ لَمْ تَذْكُرْ الْمَرْأَةُ هَلْ طَلُقَتْ فِي طُهْرٍ أَوْ حَيْضٍ وَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهَا تَأْخُذُ بِالْأَقَلِّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ، وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ: تَأْخُذُ بِالْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ عِدَّتِهَا إلَّا بِيَقِينٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَالصَّوَابُ وَقَوْلُهُ تَأْخُذُ بِالْأَكْثَرِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ عِدَّةُ الْحُرَّةِ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ وَغَيْرِ الْحَامِلِ] (قَوْلُهُ: وَالْعِدَّةُ لِلْحُرَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ) شَمِلَ مَا لَوْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَدْ تَعْتَدُّ الْمَرْأَةُ لِلطَّلَاقِ بِعِدَّةِ حُرَّةٍ وَلِلْوَفَاةِ بِعِدَّةِ أَمَةٍ وَذَلِكَ فِي اللَّقِيطَةِ إذَا بَلَغَتْ، وَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ فَيَأْتِي فِي الْعِدَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ حَقٌّ لِلزَّوْجِ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ حَقٌّ لِلَّهِ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ فِيهَا رِقٌّ قُرْآنِ) شَمِلَ مَا لَوْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 كَمَا لَوْ رَأَتْ الدَّمَ فِي خِلَالِ الْأَشْهُرِ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فَقَالَ إنَّهُ أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ بِالْقِيَاسِ حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلْعِدَّةِ أَوْلَى مِنْ الِاحْتِيَاطِ لِلْعَقْدِ أَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ بِأَنْ تَصِيرَ الْحُرَّةُ أَمَةً فِي الْعِدَّةِ لِالْتِحَاقِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَفِيهِ وَجْهَانِ فِي التَّتِمَّةِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ تُكْمِلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ وَثَانِيهِمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ تَرْجِعُ إلَى عِدَّةِ الْأَمَةِ (وَكَذَا) تُتِمُّ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ وَلَا تَسْتَأْنِفُهَا (إنْ عَتَقَتْ) ، وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ (فِي عِدَّةِ عَبْدٍ فَفَسَخَتْ) نِكَاحَهُ فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ الرَّجْعِيَّةَ طَلْقَةً أُخْرَى (وَمَتَى أَخَّرَتْ الْفَسْخَ فَرَاجَعَهَا ثُمَّ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَأْنَفَتْ) الْأَقْرَاءَ (الثَّلَاثَةَ) ؛ لِأَنَّهَا فَسَخَتْ، وَهِيَ زَوْجَةٌ وَالْفَسْخُ يُوجِبُ الْعِدَّةَ. (فَرْعٌ) لَوْ (وَطِئَ أَمَةً) لِغَيْرِهِ (يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ) وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا مَمْلُوكَةٌ وَالشُّبْهَةُ شُبْهَةُ مِلْكِ الْيَمِينِ (وَإِنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَبِقُرْأَيْنِ) اعْتَدَّتْ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ؛ وَلِأَنَّ أَصْلَ الظَّنِّ يُؤَثِّرُ فِي أَصْلِ الْعِدَّةِ فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ خُصُوصُهُ فِي خُصُوصِهَا (أَوْ) ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ (فَبِثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَقْرَاءِ اعْتَدَّتْ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ (وَمَتَى وَطِئَ حُرَّةً يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الِاحْتِيَاطِ لَا فِي التَّخْفِيفِ، وَهَذَا مَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْقَطْعُ بِهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ قَطْعِ جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ اعْتِبَارُ ظَنِّهِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِحَقِّهِ فَيَعْتَدُّ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ وَلَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ نَقَلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي فِيهَا وَجْهَيْنِ هَلْ يَجِبُ قُرْآنِ لِظَنِّهِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَجَعَلَ الْأَشْبَهَ فِيهَا أَيْضًا اعْتِبَارَ ظَنِّهِ فَيَجِبُ قُرْآنِ. وَقَضِيَّةُ الْمَنْقُولِ وُجُوبُ ثَلَاثَةٍ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَمَتَهُ أَمَةً فَيَشْمَلُ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا. (فَصْلٌ الْمُسْتَحَاضَةُ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ الْمَرْدُودَةِ إلَيْهَا مِنْ الْعَادَةِ وَالتَّمْيِيزِ) وَالْأَقَلِّ (وَعِدَّةُ الْمُتَحَيِّرَةِ) وَلَوْ مُنْقَطِعَةَ الدَّمِ (تَنْقَضِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) فِي الْحَالِ (لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى طُهْرٍ وَحَيْضٍ) غَالِبًا وَلِعِظَمِ مَشَقَّةِ الِانْتِظَارِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ وَيُخَالِفُ الِاحْتِيَاطَ فِي الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهَا لَا تَعْظُمُ عِظَمَ مَشَقَّةِ الِانْتِظَارِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ (مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا) نَعَمْ إنْ حَفِظَتْ الْأَدْوَارَ وَاعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَيْضِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَمْ أَقَلَّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ، وَكَذَا لَوْ شَكَّتْ فِي قَدْرِ أَدْوَارِهَا وَلَكِنْ قَالَتْ أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُجَاوِزُ سَنَةً مَثَلًا أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ وَتَجْعَلُ السَّنَةَ دَوْرَهَا ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الْحَيْضِ. (فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عُدَّ قُرْءًا) لِاشْتِمَالِهِ عَلَى طُهْرٍ لَا مَحَالَةَ (وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِهِلَالَيْنِ، وَإِلَّا) بِأَنْ بَقِيَ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ (فَلَا اعْتِبَارَ بِتِلْكَ الْبَقِيَّةِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَيْضٌ فَتَبْتَدِئُ بِالْعِدَّةِ مِنْ الْهِلَالِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْأَشْهُرَ لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي حَقِّ الْمُتَحَيِّرَةِ وَلَكِنْ يُحْسَبُ كُلُّ شَهْرٍ فِي حَقِّهَا قُرْءًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى حَيْضٍ وَطُهْرٍ غَالِبًا كَمَا تَقَرَّرَ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةِ حَيْثُ يُكْمِلَانِ الْمُنْكَسِرَ كَمَا سَيَأْتِي. وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْحُرَّةِ، أَمَّا غَيْرُهَا فَقَالَ الْبَارِزِيُّ تَعْتَدُّ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا قَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْأَشْهُرَ أَصْلٌ فِي حَقِّهَا وَلَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ أَوَّلَ الشَّهْرِ اعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ أَوْ وَقَدْ بَقِيَ أَكْثَرُهُ فَبِبَاقِيهِ وَالثَّانِي أَوْ دُونَ أَكْثَرِهِ فَبِشَهْرَيْنِ بَعْدَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ. (فَصْلٌ: وَتَعْتَدُّ الْحُرَّةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ) لِصِغَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَوْ وَلَدَتْ) وَرَأَتْ نِفَاسًا (وَالْآيِسَةُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) قَوْله تَعَالَى {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ (فَإِنْ انْكَسَرَ شَهْرٌ تُمِّمَ ثَلَاثِينَ وَمِنْ) الشَّهْرِ (الرَّابِعِ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُنْكَسِرُ تَامًّا أَمْ نَاقِصًا كَنَظَائِرِهِ (وَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَمُنْكَسِرٌ وَيُبْدَأُ الْحِسَابُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ حِينِ طَلَاقِهَا، وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ (وَ) تَعْتَدُّ (الْأَمَةُ) الَّتِي لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةُ (لِشَهْرٍ وَنِصْفٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا يَنْقُصُ بِالرِّقِّ مِنْ الْأَعْدَادِ النِّصْفُ وَالْمُبَعَّضَةُ كَالْأَمَةِ (فَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ) أَوْ غَيْرُهَا مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ (فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ) بِالْأَشْهُرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ تُكْمِلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَمَتَى أَخَّرَتْ الْفَسْخَ فَرَاجَعَهَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا كَمَا مَرَّ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ الْفَسْخِ فِي الْحَالِ وَالصَّبْرِ إلَى مُرَاجَعَتِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ يَطَأَ أَمَةً ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ أَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ أَمَّا مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا أَمَةٌ وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الظَّنِّ وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ أَمَةٍ قَطْعًا، وَقَوْلُهُ: قَالَ النَّاشِرِيُّ إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الْمَنْقُولِ وُجُوبُ ثَلَاثَةِ) ، وَهُوَ الْوَجْهُ، وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِهِ (قَوْلُهُ: لِعَظَمِ مَشَقَّةِ الِانْتِظَارِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ) وَلِأَنَّهَا مُرْتَابَةٌ فَدَخَلَتْ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4] (قَوْلُهُ: وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ عدة الْمُسْتَحَاضَةُ] (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عُدَّ قُرْءًا) يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْأَكْثَرِ أَنْ يَكُونَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ قَالَ شَيْخُنَا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا فَأَكْثَرَ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَحِيضَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَلَوْ اعْتَبَرْنَا أَقَلَّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ لَكَانَ الْبَاقِي لِلطُّهْرِ أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَهُوَ لَا يَكْفِي (قَوْلُهُ: فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ إلَخْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. [فَصْلٌ عدة الْحُرَّةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ لِصِغَرٍ أَوْ غَيْرِهِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: وَتَعْتَدُّ الْحُرَّةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَجْنُونَةَ الَّتِي تَرَى الدَّمَ لَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ بَلْ بِالْأَقْرَاءِ كَالْعَاقِلَةِ، وَقَدْ أَطْلَقُوا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ بِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ كَالصَّغِيرَةِ، وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرٍ كَصَفَرٍ، وَأَجَلَّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَنَقَصَ الرَّبِيعَانِ وَجُمَادَى أَوْ جُمَادَى فَقَطْ حَلَّ الْأَجَلُ بِمُضِيِّهَا وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى تَكْمِيلِ الْعَدَدِ بِشَيْءٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَمِثْلُهُ يَجِيءُ هُنَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 (انْتَقَلَتْ إلَى الْحَيْضِ) لِقُدْرَتِهَا عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ فَرَاغِهَا مِنْ الْبَدَلِ كَمَا فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ. (وَلَمْ يُحْسَبْ الْمَاضِي قُرْءًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَوِشْ بِدَمَيْنِ أَمَّا مَنْ حَاضَتْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعِدَّةِ فَلَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ حَيْضَهَا حِينَئِذٍ لَا يَمْنَعُ صِدْقَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عِنْدَ اعْتِدَادِهَا بِالْأَشْهُرِ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ. (فَصْلٌ: وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا الْعَارِضُ) كَرَضَاعٍ وَنِفَاسٍ وَمَرَضٍ (وَكَذَا لِغَيْرِ عَارِضٍ لَا تَعْتَدُّ) قَبْلَ الْيَأْسِ (إلَّا بِالْأَقْرَاءِ) ؛ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِلَّتِي لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةِ، وَهَذِهِ غَيْرُهُمَا (فَتَصْبِرُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ) أَيْ يَأْسِ كُلِّ النِّسَاءِ لَا يَأْسِ عَشِيرَتِهَا فَقَطْ (وَهُوَ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) وَلَا يُبَالِي بِطُولِ مُدَّةِ الِانْتِظَارِ احْتِيَاطًا وَطَلَبًا لِلْيَقِينِ، وَالْمُعْتَبَرُ يَأْسُهُنَّ بِحَسَبِ مَا بَلَغْنَا خَبَرُهُ لَا طَوْفُ نِسَاءِ الْعَالَمِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَعَلَيْهِ هَلْ الْمُرَادُ نِسَاءُ زَمَانِنَا أَوْ النِّسَاءُ مُطْلَقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إيرَادُ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ، وَكَلَامُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِ يَقْتَضِي الثَّانِيَ. انْتَهَى. ثُمَّ إنْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ صَارَ أَعْلَى الْيَأْسِ مَا رَأَتْهُ فِيهِ وَيَعْتَبِرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا غَيْرُهَا (فَإِنْ حَاضَتْ الْآيِسَةُ) الَّتِي تَقَدَّمَ لَهَا حَيْضٌ (فِي أَثْنَاءِ الْأَشْهُرِ انْتَقَلَتْ إلَى الْحَيْضِ) لِمَا مَرَّ فِي الصَّغِيرَةِ وَلِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْآيِسَاتِ (وَحُسِبَ مَا مَضَى قُرْءًا) ؛ لِأَنَّهُ طُهْرٌ احْتَوَشَهُ دَمَانِ فَتُضَمُّ إلَيْهِ قُرْأَيْنِ (وَكَذَا) تَنْتَقِلُ إلَى الْحَيْضِ (بَعْدَ) تَمَامَ (الْعِدَّةِ) بِالْأَشْهُرِ (مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ) لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَيِسَةً فَإِنْ تَزَوَّجَتْ اُكْتُفِيَ بِمَا مَضَى وَالتَّزْوِيجُ صَحِيحٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا وَلِلشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ كَمَا إذَا قَدَرَ الْمُتَيَمِّمُ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ (فَإِنْ حَاضَتْ) أَيْ الْمُنْتَقِلَةُ إلَى الْحَيْضِ (قُرْءًا أَوْ قُرْأَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ) الدَّمُ (اسْتَأْنَفَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كَذَاتِ أَقْرَاءٍ أَيِسَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا) ، وَهَذَا التَّنْظِيرُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الثَّانِي. (فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ) أَوْ نَحْوُهَا (حَامِلًا بِوَلَدٍ لَاحِقٍ بِذِي الْعِدَّةِ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً ذَاتَ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْوَضْعِ (وَإِنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي إمْكَانَ كَوْنِهِ مِنْهُ وَلِهَذَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ (وَيَتَوَقَّفُ) انْقِضَاؤُهَا (عَلَى وَضْعِ) الْوَلَدِ (الْأَخِيرِ مِنْ تَوْأَمَيْنِ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا لِبَقَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَالثَّانِي حَمْلٌ آخَرُ، وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ كَوْنَهُ حَمْلًا آخَرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى وَطْءٍ بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ فَإِذَا وَضَعَتْ الثَّانِيَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَضْعِ الْأَوَّلِ يَسْقُطُ مِنْهَا مَا يَسَعُ الْوَطْءَ فَيَكُونُ الْبَاقِي دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِاسْتِدْخَالِهَا الْمَنِيَّ حَالَةَ وَضْعِ الْأَوَّلِ وَتَقْيِيدُهُمْ بِالْوَطْءِ فِي قَوْلِهِمْ يُعْتَبَرُ لَحْظَةً لِلْوَطْءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ الْوَطْءُ أَوْ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالْحُكْمِ هُنَا بَلْ قَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ الْوَطْءُ حَالَةَ الْوَضْعِ (وَلَا أَثَرَ لِخُرُوجِ بَعْضِ الْوَلَدِ) مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا (فِي) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ، وَ) فِي (غَيْرِهَا) مِنْ سَائِرِ أَحْكَامِ الْجَنِينِ لِعَدَمِ تَمَامِ انْفِصَالِهِ وَلِظَاهِرِ الْآيَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ بِهِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى دِيَتِهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ لِوُجُوبِ الْغُرَّةِ ظُهُورُ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَحَقُّقُ وُجُودِهِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ الْقَوَدُ إذَا خَرَجَتْ رَقَبَتُهُ، وَهُوَ حَيٌّ وَتَجِبُ الدِّيَةُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ إذَا مَاتَ بَعْدَ صِيَاحِهِ (فَإِنْ مَاتَ صَبِيٌّ لَمْ يَنْزِلْ وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ) لَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ لِعَدَمِ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ (وَكَذَا إنْ مَاتَ مَمْسُوحٌ) وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ لِذَلِكَ. (فَرْعٌ: مَنْ أَتَتْ زَوْجَتُهُ الْحَامِلُ بِوَلَدٍ) لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) حِينِ (الْعَقْدِ) أَوْ لِأَكْثَرَ وَدُونَ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَكَانَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَسَافَةٌ لَا تُقْطَعُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ لِفَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْفُرْقَةِ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ لَكِنْ لَوْ ادَّعَتْ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ، وَأَمْكَنَ فَهُوَ، وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ تَنْقَضِي   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ عدة مَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا الْعَارِضُ وَالْغَيْر عارض] قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إيرَادُ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ إذْ لَوْ قُلْنَا بِالثَّانِي لَلَزِمَ تَحْكِيمُ مَا حُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً حَاضَتْ بَعْدَ تِسْعِينَ سَنَةٍ، وَأَنْ يُعْتَبَرُ بِهَا نِسَاءُ الْعَالَمِ وَيَبْطُلُ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ أَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ أَقْصَاهُ عِنْدَهُمْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُوجَدَ خِلَافُهَا وَلَا يُشْكِلُ قَوْلُهُمْ: إنَّهَا يَعْتَبِرُ بِهَا غَيْرُهَا بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ رَأَتْ أَقَلَّ مِنْ أَقَلِّهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَكْثَرِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي حَقِّهَا وَلَا حَقِّ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُمْ جَزَمُوا فِي الْحَيْضِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَدَّ هُنَاكَ بِمَا وُجِدَ مِنْ الْأَقْرَاءِ لِصُدُورِ عَقْدِ النِّكَاحِ بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا، وَالنِّكَاحُ مُقْتَضٍ لِلِاعْتِدَادِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنْ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ. [فَصْلٌ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ حَامِلًا بِوَلَدٍ لَاحِقٍ بِذِي الْعِدَّةِ] (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ إلَخْ) فَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إلَّا بِوَضْعِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى مَا إذَا أَقَرَّتْ بِأَنَّهُ مِنْ زِنًا فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ؛ لِأَنَّهَا اعْتَرَفَتْ بِمَا يُوجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةً بَعْدَ وَضْعِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ بِاللِّعَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ فَإِنَّهُ إذَا انْتَفَى بِغَيْرِ لِعَانٍ كَمَا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَادَّعَتْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا وَوَطِئَهَا أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِوِلَادَتِهَا فَأَتَتْ بِوَلَدَيْنِ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالثَّانِي مُنْتَفٍ عَنْهُ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. (قَوْلُهُ: مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا) أَيْ وَلَوْ مُعْظَمَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ سَائِرِ أَحْكَامِ الْجَنِينِ) كَنَفْيِ تَوْرِيثِهِ وَسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَيْهِ مِنْ الْأُمِّ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَوُجُوبِ الْغُرَّةِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْأُمِّ وَتَبَعِيَّةِ الْأُمِّ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ مَاتَ مَمْسُوحٌ إلَخْ) بِخِلَافِ الْمَجْبُوبِ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ بِوَضْعِ حَمْلِهَا لِوَفَاتِهِ وَطَلَاقِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 بِهِ عِدَّتُهُ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ كَانَ الْمَوْلُودُ لَاحِقًا بِغَيْرِهِ) كَأَنْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ (انْقَضَتْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ زِنًا، وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ انْقَضَتْ بِالْأَشْهُرِ عَلَى الْحَمْلِ أَوْ ذَاتُ أَقْرَاءٍ اعْتَدَّتْ بِهَا) عَلَى الْحَمْلِ أَيْضًا (إذْ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَ) عَلَيْهِ (لَوْ زَنَتْ فِي الْعِدَّةِ وَحَمَلَتْ) مِنْ الزِّنَا (لَمْ تَنْقَطِعْ الْعِدَّةُ وَالْحَمْلُ الْمَجْهُولُ) حَالُهُ (يُحْسَبُ زِنًا) أَيْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ فَلَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ وَمَا قَالَهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ، وَأَقَرَّهُ وَقَالَ الْإِمَامُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ لَكِنَّ الْقَفَّالَ أَفْتَى بِالْأَوَّلِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فَقَالَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا وَلَا حَدَّ قَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ كَالزِّنَا فِي أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ كَمَا تَقَرَّرَ وَالثَّانِي عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ تَجَنُّبًا عَنْ تَحَمُّلِ الْإِثْمِ بِقَرِينَةِ آخِرِ كَلَامِ قَائِلِهِ. (فَرْعٌ: يَجُوزُ نِكَاحُ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا، وَكَذَا وَطْؤُهَا كَالْحَائِلِ) إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ (فَرْعٌ: تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِانْفِصَالِ الْحَمْلِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ (وَبِمُضْغَةٍ) وَلَوْ (شَهِدَ) أَيْ أَخْبَرَ (بِتَصَوُّرِهَا أَرْبَعٌ) مِنْ النِّسَاءِ (وَكَذَا) لَوْ أَخْبَرْنَ (بِأَنَّهَا أَصْلٌ آدَمِيٌّ وَلَمْ يُدَاخِلْهُنَّ) فِي إخْبَارِهِنَّ (شَكٌّ) لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَإِنْ دَاخَلَهُنَّ شَكٌّ فِي أَنَّهَا أَصْلٌ آدَمِيٌّ أَوْ لَا لَمْ تَنْقَضِ بِهَا الْعِدَّةُ (لَا عَلَقَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حَمْلًا وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهَا أَصْلٌ لَهُ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا فِي أَنَّهَا (أَسْقَطَتْ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ) فِيمَا لَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ، وَأَنْكَرَهُ وَضَّاعُ السِّقْطِ؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي الْعِدَّةِ؛ وَلِأَنَّهَا مُصَدَّقَةٌ فِي أَصْلِ السِّقْطِ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ. (فَصْلٌ) لَوْ (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ بِالْأَشْهُرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (، وَهِيَ مُرْتَابَةٌ بِالْحَمْلِ) لِثِقَلٍ وَحَرَكَةٍ تَجِدُهُمَا (حَرُمَ نِكَاحُهَا) عَلَى آخَرَ (حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ) ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ لَزِمَتْهَا بِيَقِينٍ فَلَا تَخْرُجُ عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَإِنْ نَكَحَتْ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِلتَّرَدُّدِ فِي انْقِضَائِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالْمُرَادُ بَاطِلٌ ظَاهِرًا فَلَوْ بَانَ عَدَمُ الْحَمْلِ فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَوْتُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (وَإِنْ انْقَضَتْ ثُمَّ ارْتَابَتْ كُرِهَ نِكَاحُهَا) تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ التَّنْبِيهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَذَلِكَ لِخَبَرِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» (فَإِنْ تَزَوَّجَتْ صَحَّ) ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا فَلَا نُبْطِلُهُ بِالشَّكِّ (لَكِنْ إنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ (بَانَ بُطْلَانُهُ وَلَحِقَ بِالْأَوَّلِ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَيَلْحَقُ بِالثَّانِي. (فَصْلٌ: أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ) بِالِاسْتِقْرَاءِ؛ وَلِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَسَبَبُ التَّقْدِيرِ بِالْأَرْبَعِ أَنَّهَا نِهَايَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ (فَإِنْ طَلَّقَهَا بَائِنًا، وَكَذَا رَجْعِيًّا أَوْ فَسَخَ) نِكَاحَهَا وَلَوْ بِلِعَانٍ (وَلَمْ يَنْفِ الْحَمْلَ فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ) وَقْتِ (إمْكَانِ الْعُلُوقِ قُبَيْلَ الطَّلَاقِ) أَوْ الْفَسْخِ (لَحِقَهُ) وَبَانَ أَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَنْقَضِ إنْ لَمْ تَنْكِحْ الْمَرْأَةُ آخَرَ أَوْ نَكَحَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الثَّانِي لِقِيَامِ الْإِمْكَانِ سَوَاءٌ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَ وِلَادَتِهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ النَّسَبَ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يَنْقَطِعُ بِإِقْرَارِهَا، وَإِنْ أَتَتْهُ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِقْرَارِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ اسْتَبْرَأَ أَمَتَهُ بَعْدَ وَطْئِهِ لَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ حَيْثُ لَا يَلْحَقُهُ بِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى، وَأَسْرَعُ ثُبُوتًا؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَمَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ. (وَلَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى) لَهَا إلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ (وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ انْتَفَى) عَنْهُ (بِلَا لِعَانٍ) لِعَدَمِ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ (لَكِنْ إنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ حَصَلَ تَجْدِيدُ فِرَاشٍ يُرْجِعُهُ أَوْ نِكَاحٍ) أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَأَنْكَرَهُ أَوْ اعْتَرَفَ) بِهِ (وَأَنْكَرَ الْوِلَادَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّجْدِيدِ وَالْوِلَادَةِ (فَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً) بِمَا ادَّعَتْهُ (أَوْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَحَتْ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ) ، وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الرِّيبَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ. [فَصْلٌ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ) قَالَ مَالِكٌ: هَذِهِ جَارَتُنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ امْرَأَةٌ صِدْقٌ وَزَوْجُهَا رَجُلٌ صِدْقٌ، وَحَمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَيْ عَشَرَ سَنَةٍ كُلُّ بَطْنٍ أَرْبَعُ سِنِينَ وَرَوَاهُ مُجَاهِدٌ أَيْضًا، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْقُرَشِيُّ أَرَانِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ رَجُلًا فَقَالَ إنَّ أَبَا هَذَا غَابَ عَنْ أُمَّةِ أَرْبَعَ سِنِينَ فَوَلَدَتْ هَذَا وَلَهُ ثَنَايَا، وَقَالَ رَجُلٌ لِمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ يَا أَبَا يَحْيَى اُدْعُ لِامْرَأَةٍ حُبْلَى مُنْذُ أَرْبَعِ سِنِينَ فِي كَرْبٍ شَدِيدٍ فَدَعَا لَهَا فَجَاءَ رَجُلٌ إلَى الرَّجُلِ فَقَالَ أَدْرِك امْرَأَتَك فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ جَاءَ وَعَلَى رَقَبَتِهِ غُلَامٌ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ قَدْ اسْتَوَتْ أَسْنَانُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قُبَيْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْفَسْخِ إلَخْ) أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ حُسْبَانَ الْأَرْبَعِ مِنْ الطَّلَاقِ وَحَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَقَعُ مِنْ الْإِنْزَالِ مُنْجَزًا أَوْ بِالتَّعْلِيقِ، وَفِي التَّدْرِيبِ وَتُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فِي الْحَاضِرِ وَمِنْ وَقْتِ الْإِمْكَانِ فِي الْغَائِبِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ. (تَنْبِيهٌ) فَقَدْرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ فِي الْجَنَّةِ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَفَعَهُ «الْمُؤْمِنُ إذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ كَمَا يَشْتَهِي» ثُمَّ قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ قَالَ: وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْجَنَّةِ جِمَاعٌ مِنْ غَيْرِ حَبَلٍ وَلَا وَلَدٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٍ وَالنَّخَعِيِّ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ قَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمُ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا اشْتَهَى الْمُؤْمِنُ الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ كَانَ كَمَا يَشْتَهِي فِي سَاعَةٍ وَلَكِنْ لَا يَشْتَهِي» قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي رُوَيْنٍ الْعُقَيْلِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَكُونُ لَهُمْ فِيهَا وَلَدٌ» (قَوْلُهُ: انْتَفَى بِلَا لِعَانٍ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ هَلْ يَلْحَقُهُ أَمْ لَا فَأَجَابَ نَصَّ فِي الْأُمِّ فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ اعْتَرَفَ بِهِ، وَأَنْكَرَ الْوِلَادَةَ) وَادَّعَى أَنَّهَا الْتَقَطَتْهُ أَوْ اسْتَعَارَتْهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَتْ ثَبَتَ النَّسَبُ) لِقِيَامِ الْحُجَّةِ بِمَا يَقْتَضِيهِ (وَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، وَإِنْ نَكَلَتْ) عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (حَلَفَ الْوَلَدُ إذَا بَلَغَ) كَنَظَائِرِهِ (وَإِمَّا عِدَّتُهَا فَتَنْقَضِي بِهِ) أَيْ بِوِلَادَتِهِ (وَإِنْ حَلَفَ) الزَّوْجُ عَلَى النَّفْيِ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا ادَّعَتْ؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ فَكَانَ كَمَا لَوْ نَفَى حَمْلَهَا بِاللِّعَانِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ انْتَفَى الْوَلَدُ عَنْهُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوِلَادَتِهِ لِزَعْمِهَا أَنَّهُ مِنْهُ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ ادَّعَتْ وَطْءَ شُبْهَةٍ مِنْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ بِأَنَّ عِدَّةَ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ عِدَّةِ غَيْرِهِ، وَالْأَقْوَى لَا يَسْتَتْبِعُهُ الْأَضْعَفُ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ أَمَّا إذَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ عَلَى دَعْوَاهَا فَيَلْزَمُهُ مُقْتَضَى تَصْدِيقِهِ مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ وَسُكْنَى وَلُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ (ثُمَّ دَعْوَى التَّجْدِيدِ) لِلْفِرَاشِ (عَلَى وَارِثِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (كَالدَّعْوَى عَلَيْهِ لَكِنْ يَحْلِفُ يَمِينَ) نَفْيِ (الْعُلُوِّ وَلَا يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ) إذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ بِاللِّعَانِ مُخْتَصٌّ بِالزَّوْجِ (وَإِنْ أَقَرَّ) الْوَارِثُ بِمَا ادَّعَتْهُ (فَإِنْ كَانَ حَائِزًا) لِلْإِرْثِ (وَالْوَلَدُ لَا يَحْجُبُهُ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْإِرْثُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَائِزًا) كَأَحَدِ الْبَنِينَ (لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ حَتَّى تُنْفِقَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ وَيَثْبُتَ) لَهَا فِي دَعْوَى التَّجْدِيدِ بِرَجْعَةٍ أَوْ نِكَاحٍ (الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ) مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ (بِحِصَّتِهِ لَا إرْثُهَا) ظَاهِرًا بِحِصَّتِهِ، وَأَمَّا إرْثُ الْوَلَدِ وَعَدَمُهُ فَتَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ. (فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْوِلَادَةِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ ثُمَّ بِآخَرَ) ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي) وَلَحِقَاهُ (فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرُ (لَمْ يَلْحَقْهُ الثَّانِي إنْ كَانَتْ بَائِنًا) ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ بِهِ لَمْ يُمْكِنْ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعَلِّقْ الطَّلَاقَ بِالْوِلَادَةِ حَيْثُ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِي النِّكَاحِ (وَكَذَا) لَا يَلْحَقُهُ الثَّانِي إنْ كَانَتْ (رَجْعِيَّةً) بِنَاءً عَلَى أَنَّ السِّنِينَ الْأَرْبَعَ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَا مِنْ وَقْتِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (وَانْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ) ، وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ لِاحْتِمَالِ وَطْءِ شُبْهَةٍ مِنْهُ بَعْدَ الْفِرَاقِ إذَا ادَّعَتْهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ) أَيْ مَا وَلَدَتْهُ (ثَلَاثَةً انْقَضَتْ) عِدَّتُهَا (بِالثَّالِثِ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحِقُوهُ) أَيْ الثَّلَاثَةُ (وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ وَبَيْنَ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ دُونَهَا لَحِقَاهُ دُونَ الثَّالِثِ) ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ وَبَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ دُونَهَا لَمْ يَلْحَقَاهُ، وَكَذَا إنْ كَانَ مَا بَيْنَ كُلِّ مِنْهُمْ وَتَالِيهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ. (فَرْعٌ: مَنْ نَكَحَتْ بَعْدَ) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ النِّكَاحِ الثَّانِي (لَحِقَ الْأَوَّلَ) ، وَكَأَنَّهَا لَمْ تَنْكِحْ نَعَمْ إنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِهِ لَمْ يَلْحَقْهُ وَيَكُونُ مَنْفِيًّا عَنْهُمَا وَقَدْ بَانَ لَنَا أَنَّ الثَّانِيَ نَكَحَهَا حَامِلًا، وَهَلْ يُحْكَمُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا أَوْ أَنَّ الشُّبْهَةَ مِنْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي قَالَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ نِكَاحُ الثَّانِي. انْتَهَى. وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ (وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لَحِقَ الثَّانِيَ) ، وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ الثَّانِيَ تَأَخَّرَ فَهُوَ أَقْوَى؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ قَدْ صُحِّحَ ظَاهِرًا فَلَوْ أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ لَبَطَلَ النِّكَاحُ لِوُقُوعِهِ فِي الْعِدَّةِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِ مَا صُحِّحَ بِالِاحْتِمَالِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ فِي وَاطِئٍ (بِالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ بَعْدَ الْعِدَّةِ) فَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ لَحِقَهُ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ عَنْهُ ظَاهِرًا (وَإِنْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا لِلنُّشُوزِ) وَمَحِلُّهُ إذَا رَضِيَتْ بِنِكَاحِهَا بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ (فَإِنْ وَطِئَهَا) النَّاكِحُ فِي الْعِدَّةِ (عَالِمًا) بِالتَّحْرِيمِ (فَهِيَ) بَاقِيَةٌ (عَلَى عِدَّتِهَا) ؛ لِأَنَّهُ زَانٍ (أَوْ جَاهِلًا) بِهِ لِظَنِّهِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ أَوْ لِظَنِّهِ حِلَّ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ، وَكَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِجُنُونٍ نَشَأَ عَلَيْهِ مِنْ الصِّغَرِ ثُمَّ بَلَغَ، وَأَفَاقَ فَنَكَحَ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ (انْقَطَعَتْ الْعِدَّةُ بِالْوَطْءِ) لِمَصِيرِهَا فِرَاشًا لِلثَّانِي وَيَمْتَدُّ انْقِطَاعُهَا (إلَى أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ تُتِمَّهَا) ثُمَّ تَعْتَدَّ لِلثَّانِي وَالتَّفْرِيقُ بِأَنْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا أَوْ يَتَّفِقَا عَلَى الْفِرَاقِ أَوْ يَمُوتَ الزَّوْجُ عَنْهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا بِظَنِّ الصِّحَّةِ (وَلَبِسَتْ الْغَيْبَةُ) مِنْهُ عَنْهَا (تَفْرِيقًا) بَيْنَهُمَا فَلَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ (إلَّا بِنِيَّةٍ أَنْ لَا عَوْدَ) مِنْهُ إلَيْهَا فَتُحْسَبُ مِنْهَا (فَإِنْ وَلَدَتْ) وَلَدًا (وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَكَمَا سَيَأْتِي) حُكْمُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْتُك بَعْدَ الْوِلَادَةِ) فَأَنْت فِي الْعِدَّةِ (فَلِي الرَّجْعَةُ وَقَالَتْ) بَلْ طَلَّقَنِي قَبْلَهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتِي بِالْوِلَادَةِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ مَا لَوْ ادَّعَتْ وَطْءِ شُبْهَةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا فِي تِلْكَ تَدَّعِي دُخُولَ النِّكَاحِ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ فَلَا يُسْمَعُ لَهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ فَصُدِّقَ فِي وَقْتِهِ كَأَصْلِهِ سَوَاءٌ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ أَمْ لَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ (إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ (وَادَّعَى الْوِلَادَةَ قَبْلَهُ) وَادَّعَتْهَا بَعْدَهُ (فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي أَصْلِ الْوِلَادَةِ قَوْلُهَا فَكَذَا فِي وَقْتِهَا وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى عُلِمَتْ مِنْ بَابِ الرَّجْعَةِ (وَإِنْ ادَّعَتْ تَقَدُّمَ الطَّلَاقِ) عَلَى الْوِلَادَةِ (فَقَالَ لَا أَدْرِي جُعِلَ كَالْمُنْكَرِ فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ الْجَازِمَةُ) بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُقَدَّمْ وَلَا يُقْنَعُ مِنْهُ بِمَا قَالَهُ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى مَا قَالَهُ (جُعِلَ نَاكِلًا) فَتَحْلِفُ هِيَ إذْ لَوْ لَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ يَعْجِزْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى عَنْ الدَّفْعِ بِمَا ذُكِرَ (فَإِنْ حَلَفَتْ سَقَطَتْ الرَّجْعَةُ وَالْعِدَّةُ، وَإِنْ نَكَلَتْ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ) وَلَيْسَ هَذَا قَضَاءٌ بِالنُّكُولِ بَلْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ آثَارِ النِّكَاحِ فَيُعْمَلُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ (وَإِنْ جَزَمَ بِتَقَدُّمِ الْوِلَادَةِ فَقَالَتْ لَا أَدْرِي فَلَهُ الرَّجْعَةُ) وَلَا يُقْنَعُ مِنْهَا بِمَا قَالَتْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ، وَهِيَ تَدَّعِي بِمَا يَرْفَعُهُ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَدَعْوَى الشَّكِّ غَيْرُ صَحِيحَةٍ (وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَا لَا نَدْرِي السَّابِقَ مِنْهُمَا أَيْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا (وَلَيْسَ لَهَا النِّكَاحُ حَتَّى تَمْضِيَ أَقْرَاءٌ ثَلَاثَةٌ) عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ. [الْبَابُ الثَّانِي اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ عَلَى امْرَأَةٍ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ) عَلَى امْرَأَةٍ قَدْ يَكُونَانِ لِشَخْصٍ وَقَدْ يَكُونَانِ لِشَخْصَيْنِ (فَإِنْ اجْتَمَعَا) الْأَوْلَى اجْتَمَعَتَا (مِنْ جِنْسٍ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ كَمَنْ) طَلَّقَ زَوْجَتَهُ (وَوَطِئَ) هَا (فِي الْعِدَّةِ) وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ (وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ أَوْ بِشُبْهَةٍ، وَهِيَ بَائِنٌ) وَعِدَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِالْأَشْهُرِ أَوْ الْأَقْرَاءِ تَدَاخَلَتَا) إذْ لَا مَعْنَى لِلتَّعَدُّدِ حِينَئِذٍ (فَتَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ) وَقْتِ (الْوَطْءِ) وَتَنْدَرِجُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَقَدْرُ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا وَاقِعًا عَنْ الْجِهَتَيْنِ. (وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي بَقِيَّةِ الْأُولَى فَقَطْ) فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَخَرَجَ بِالشُّبْهَةِ مَا لَوْ وَطِئَ الْبَائِنَ بِلَا شُبْهَةٍ فَلَا تَدَاخُلَ؛ لِأَنَّهُ زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ (أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ كَكَوْنِ أَحَدِهِمَا حَمْلًا) أَيْ بِهِ وَالْأُخْرَى بِالْأَقْرَاءِ سَوَاءٌ أَطَلَّقَهَا حَامِلًا ثُمَّ وَطِئَهَا أَمْ حَامِلًا ثُمَّ أَحْبَلَهَا (تَدَاخَلَتَا أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَكَانَتَا كَالْمُتَجَانِسَتَيْنِ (فَتَنْقَضِيَانِ بِالْوَضْعِ) ، وَهُوَ وَاقِعٌ عَنْ الْجِهَتَيْنِ سَوَاءٌ أَرَأَتْ الدَّمَ مَعَ الْحَمْلِ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ تُتِمَّ الْأَقْرَاءَ قَبْلَ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهَا إذَا كَانَتْ مَظِنَّةُ الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَقَدْ انْتَفَى ذَلِكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِاشْتِغَالِ الرَّحِمِ وَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ تَرَ الدَّمَ أَوْ رَأَتْهُ وَتَمَّتْ الْأَقْرَاءُ قَبْلَ الْوَضْعِ، وَإِلَّا فَتَنْقَضِي عِدَّةُ غَيْرِ الْحَمْلِ بِالْأَقْرَاءِ مَنَعَهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ قَالُوا، وَكَأَنَّهُمْ اغْتَرُّوا بِظَاهِرِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلَيْ التَّدَاخُلِ وَعَدَمِهِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَتَعْلِيلُهُ فِي الْكَبِيرِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْإِقْرَاءِ مَعَ الْحَمْلِ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِ التَّدَاخُلِ لَيْسَ إلَّا لِرِعَايَةِ صُورَةِ الْعِدَّتَيْنِ تَعَبُّدًا وَقَدْ حَصَلَتْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ (وَلَهُ الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَضَعْ) فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ (وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ) فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَزِمَهَا عِدَّةٌ أُخْرَى (وَإِنْ اجْتَمَعَتَا لِشَخْصَيْنِ) كَأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ فَوَطِئَهَا غَيْرُ ذِي الْعِدَّةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً مُعْتَدَّةً عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَطَلُقَتْ (لَمْ يَتَدَاخَلَا) لِأَثَرٍ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ لِتَعَدُّدِ الْمُسْتَحِقِّ كَمَا فِي الدِّيَتَيْنِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) ثَمَّ (حَمْلٌ قُدِّمَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ عَلَى) عِدَّةِ (الشُّبْهَةِ وَلَوْ تَأَخَّرَ الطَّلَاقُ) عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ لِقُوَّةِ عِدَّتِهِ لِتَعَلُّقِهَا بِالنِّكَاحِ (ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا تُتِمُّ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ) أَوْ تَسْتَأْنِفُهَا (وَلَهُ رَجْعَتُهَا فِي عِدَّتِهِ، وَكَذَا) لَهُ (تَجْدِيدُ نِكَاحِ الْبَائِنِ) فِيهَا (وَ) لَكِنْ (يَحْرُمُ اسْتِمْتَاعُ الزَّوْجِ بِهَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ) الَّتِي شَرَعَتْ فِيهَا عَقِبَ الرَّجْعَةِ وَالتَّجْدِيدِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ. (وَإِنْ نَكَحَتْ وَوَطِئَتْ) فِي عِدَّةِ الزَّوْجِ (فَزَمَنُ اسْتِفْرَاشِ الْوَاطِئِ) بِهَا (غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الْعِدَّةِ) نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِالْحَالِ فَهُوَ زَانٍ لَا يَقْطَعُ وَطْؤُهُ الْعِدَّةَ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ بِمُجَرَّدِ النِّكَاحِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ خَالَطَهَا بِلَا وَطْءٍ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا حُرْمَةَ لَهُ (وَإِنْ كَانَتَا) أَيْ الْعِدَّتَانِ (مِنْ شُبْهَةٍ قُدِّمَتْ الْأُولَى) لِتَقَدُّمِهَا (فَإِنْ نَكَحَهَا) أَيْ شَخْصٌ امْرَأَةً نِكَاحًا (فَاسِدًا وَوَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ) قَبْلَ وَطْئِهِ أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قُدِّمَتْ عِدَّةُ الْوَاطِئِ) بِالشُّبْهَةِ (لِتَوَقُّفِ تِلْكَ) أَيْ عِدَّةِ النِّكَاحِ (عَلَى التَّفْرِيقِ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ طَلَّقْتُك بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَأَنْتِ فِي الْعِدَّة فَلِي الرَّجْعَةُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ) (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَطَلَّقَهَا حَامِلًا ثُمَّ وَطِئَهَا إلَخْ) أَوْ أَحْبَلَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَارِزِيُّ) وَغَيْرُهُ وَصَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ الْوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: مَنَعَهُ النَّسَائِيّ) وَغَيْرُهُ وَابْنُ النَّقِيبِ وَالْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ قُرْأَيْنِ وُوطِئَتْ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا إلَخْ) قَالَ الْفَتَى سَبَقَ مِنْهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مَا يُنَاقِضُهُ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا أَيِسَتْ بَعْدَ قُرْأَيْنِ اسْتَأْنَفَتْ وَالرَّوْضَةُ سَالِمَةٌ مِنْ هَذَا التَّنَاقُضِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا إلَّا مَا هُنَا وَرَدَّهُ أَيْضًا الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْمُعْتَمَدِ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مِثْلُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 بِخِلَافِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّهَا مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ وَلَيْسَ لِلْفَاسِدِ قُوَّةُ الصَّحِيحِ حَتَّى يُرَجَّحَ بِهَا فَهُمَا كَوَاطِئَيْنِ وَطِئَاهَا بِشُبْهَةٍ (وَإِنْ نَكَحَتْ فَاسِدًا بَعْدَ) مُضِيِّ (قُرْأَيْنِ وَوَطِئَتْ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا إلَى) مُضِيِّ (سِنِّ الْيَأْسِ أَتَمَّتْ) لِعِدَّةِ (الْأُولَى بِشَهْرٍ) بَدَلًا عَنْ الْقُرْءِ الْبَاقِي (وَاعْتَدَّتْ لِلشُّبْهَةِ) الْأُولَى قَوْلُ أَصْلِهِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلْفَاسِدِ (بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَ) ثَمَّ (حَمْلٌ فَعِدَّةُ صَاحِبِهِ مُقَدَّمَةٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَمْلُ مُتَقَدِّمًا أَمْ مُتَأَخِّرًا؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ (فَإِنْ كَانَتَا) أَيْ عِدَّةُ الْحَمْلِ وَعِدَّةُ غَيْرِهِ (مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) . وَمِنْهُ الصُّورَةُ السَّابِقَةُ (فَلِكُلٍّ) مِنْ الْوَاطِئَيْنِ (التَّجْدِيدُ) لِلنِّكَاحِ (فِي عِدَّتِهِ) لَا فِي عِدَّةِ الْآخَرِ (وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِلْمُطَلِّقِ) فِي صُورَتِهِ (فَلَهُ رَجْعَتُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ، وَكَذَا) لَهُ (تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا) قَبْلَهُ (لَكِنْ بَعْدَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا) فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُدَّةِ اجْتِمَاعِ الْوَاطِئِ بِهَا خَارِجَةٌ عَنْ عِدَّتِهِ بِكَوْنِهَا فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ حَكَاهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ فِي الْأُولَى، وَأَقَرَّهُ وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْخُرُوجُ مِنْ عِدَّةِ الْحَمْلِ وَلَوْ سَلَّمْنَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالْحَمْلِ لِوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرَّجْعَةَ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ (وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِلشُّبْهَةِ أَتَمَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ) أَوْ اسْتَأْنَفَتْهَا (بَعْدَ الْوَضْعِ وَلَهُ رَجْعَتُهَا) فِي تِلْكَ الْبَقِيَّةِ (بَعْدَ الْوَضْعِ وَلَوْ فِي) مُدَّةِ (النِّفَاسِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْعِدَّةِ كَالْحَيْضِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ كَذَا عَلَّلَ بِهِ الْأَصْلُ وَفِي كَوْنِ مُدَّةِ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ مِنْ جُمْلَةِ الْعِدَّةِ تَجَوُّزٌ. (وَ) هَلْ لَهُ رَجْعَتُهَا (فِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُ لَمْ تَنْقَضِ بَعْدُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ (وَجْهَانِ الْأَصَحُّ الْجَوَازُ) التَّصْحِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ تَصْحِيحِ الْأَصْلِ فِيمَا عَرَفَهُ عَلَى مَا إذَا اُحْتُمِلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُمَا وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْآنَ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ فَهِيَ رَجْعِيَّةٌ حُكْمًا وَلِهَذَا ثَبَتَ التَّوَارُثُ قَطْعًا وَخَرَجَ بِالرَّجْعَةِ التَّجْدِيدُ فَلَا يَجُوزُ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ وَالرَّجْعَةُ شَبِيهَةٌ بِاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا جَزَمَ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ لَكِنْ سَوَّى الْأَصْلُ بَيْنَهُمَا فَقَالَ، وَهَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ إنْ كَانَ بَائِنًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ نَعَمْ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ لَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ لِلْخِلَافِ فِي صُورَةِ التَّجْدِيدِ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لَهُ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فَهَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ وَجْهَانِ إلَى آخِرِهِ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَهَلْ لَهُ التَّجْدِيدُ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمَنْعِ وَفِي التَّهْذِيبِ فِيهِ الْوَجْهَانِ وَصَحَّحَ الْمَنْعَ. انْتَهَى. (وَيَتَوَارَثَانِ وَيَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ قَبْلَ الْوَضْعِ وَبَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ (فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ تَضَعَ انْتَقَلَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ) لِذَلِكَ. (وَإِنْ لَزِمَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ عِدَّةُ شُبْهَةٍ أَوْ مُطَلَّقَتَهُ فَرَاجَعَهَا وَالْحَمْلُ لَهُ فَلَهُ وَطْؤُهَا مَا لَمْ تَشْرَعْ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ بِالْوَضْعِ) أَيْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَيْسَتْ فِي عِدَّةٍ فَإِنْ شَرَعَتْ بَعْدَهُ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَمْلُ لِلْوَاطِئِ فَيَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْؤُهَا حَتَّى تَضَعَ (وَلَا تَنْقَضِي) الْعِدَّةُ (الْأُخْرَى هُنَا بِالْحَيْضِ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ بِالْأَقْرَاءِ (عَلَى الْحَمْلِ) قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ؛ لِأَنَّ فِي انْقِضَائِهَا بِذَلِكَ مَصِيرًا إلَى تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ شَخْصَيْنِ وَمَا قَالَاهُ فِيهِ تَجَوُّزٌ بَلْ مَنَعَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي لَمْ تَنْقَضِ بِهِ) أَيْ بِوَضْعِهِ (عِدَّةُ أَحَدِهِمَا) إذَا لَمْ تَدَّعِ أَنَّهُ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ أَنَّ الزَّوْجَ رَاجَعَهَا أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا لِانْتِفَائِهِ عَنْهُمَا بَلْ إذَا وَضَعَتْ تَمَّمَتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الثَّانِي (وَتَعْتَدُّ مِنْهُ بِالْأَقْرَاءِ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَعْتَدَّ بِالْحَمْلِ كَانَتْ كَالْحَامِلِ (وَفِي الْمُرَاجَعَةِ مَعَهُ الْوَجْهَانِ) السَّابِقَانِ وَمُقْتَضَاهُ تَصْحِيحُ الْجَوَازِ أَمَّا الْمُرَاجَعَةُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الزَّوْجِ فَجَائِزَةٌ قَطْعًا (وَعَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا) لَا بِعَيْنِهِ لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ عَنْ الْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَهَذَا مَحَلُّهُ عَقِبَ قَوْلِهِ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا كَمَا فَعَلَهُ الْأَصْلُ، وَعَزَوْهُ إلَى ابْنِ الصَّبَّاغِ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ أَوَاخِرَ الْبَابِ السَّابِقِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّ أَحَدَهُمَا وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ أَنَّ الزَّوْجَ جَدَّدَ نِكَاحَهَا أَوْ رَاجَعَهَا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ (وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ) مِنْ كُلٍّ (مِنْهُمَا عُرِضَ بَعْدَ الْوَضْعِ عَلَى الْقَائِفِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْخُرُوجُ مِنْ عِدَّةِ الْحَمْلِ) يُرَدُّ الِاسْتِبْعَادُ بِأَنَّ مَنْ تَصَوَّرَ خُرُوجَهَا بِحَالَةِ الِاجْتِمَاعِ عَنْ عِدَّةٍ غَيْرِ الْحَمْلِ تَصَوَّرَ خُرُوجَهَا بِذَلِكَ عَنْ عِدَّةِ الْحَمْلِ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا انْفِصَالَهَا عَنْ الْحَمْلِ أَوْ عَنْ الْأَقْرَاءِ أَوْ عَنْ الْأَشْهُرِ بِلَا رَيْبٍ بَلْ الْمُرَادُ عَدَمُ اعْتِبَارِ ذَلِكَ الزَّمَنِ مِنْ الْعِدَّةِ حَتَّى لَا يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ آثَارُهَا نَعَمْ عِدَّةُ الْحَمْلِ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ بِخِلَافِ عِدَّةِ غَيْرِهِ، وَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ. س (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالْحَمْلِ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ الْفِرَاشَ أَقْوَى مِنْ الْعِدَّةِ فَأُخْرِجَ مِنْهَا وَمُنِعَ الرَّجْعَةُ دُونَهَا (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ) يُقَالُ عَلَيْهِ بَلْ يَزِيدُ عَلَيْهِ إذْ الْوَطْءُ مُقْتَضٍ لِلْعِدَّةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ لِلْمُقْتَضَى مِنْ الْقُوَّةِ مَا لَيْسَ لِمُقْتَضَاهُ س (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا جَزَمَ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ) ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُرَّاحِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّجْعَةِ وَالتَّجْدِيدِ أَنَّهَا فِي حُكْمِ الدَّوَامِ، وَعِدَّةُ غَيْرِهِ لَا تُنَافِي دَوَامَ نِكَاحِهِ بِخِلَافِ الِابْتِدَاءِ. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا وَلَوْ انْفَرَدَ صَاحِبُهُ بِالدَّعْوَى) أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا (لَحِقَهُ) وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ فَتَعْتَدُّ لِلْآخَرِ. (فَإِنْ فُقِدَ الْقَائِفُ) وَلَوْ (بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ) الْحَالُ (أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَعَذَّرَ عَرْضُهُ) عَلَيْهِ (انْقَضَتْ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا بِوَضْعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَحَدِهِمَا (ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ الثَّانِي فَعَلَيْهَا بَعْدَ وَضْعِهِ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ الْأَوَّلِ فَعَلَيْهَا بَعْدَهُ عِدَّةٌ كَامِلَةٌ لِلثَّانِي فَيَجِبُ الثَّلَاثَةُ (وَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ) الْوَطْءَ (قُرْآنِ احْتِيَاطًا) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجِ (وَتَصِحُّ رَجْعَتُهَا مَعَ) وُجُودِ (هَذَا الْحَمْلِ) ؛ لِأَنَّ زَمَنَهُ إمَّا زَمَنُ عِدَّتِهِ أَوْ زَمَنُ عِدَّةِ غَيْرِهِ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ رَجْعَتُهُ (لَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ وَضْعِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْهُ، وَأَنَّ عِدَّتَهُ انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ (فَلَوْ رَاجَعَ بَعْدَهُ) فِي الْقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ أَنَّهُ مِنْ الْأَقْرَاءِ لَا فِيمَا وَجَبَ احْتِيَاطًا كَالْقُرْأَيْنِ فِي تَصْوِيرِهِ السَّابِقِ (وَبَانَ أَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ) بِأَنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالثَّانِي (أَوْ رَاجَعَ مَرَّتَيْنِ) مَرَّةً (قَبْلَ الْوَضْعِ، وَ) مَرَّةً (بَعْدَهُ فِي بَاقِي عِدَّتِهِ) الْأَوْلَى بَاقِي الْعِدَّةِ (صَحَّ) لِوُجُودِ رَجْعَتِهِ فِي عِدَّتِهِ يَقِينًا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَبْنِ فِي الْأُولَى أَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ وَمَا لَوْ رَاجَعَ مَرَّةً فِي الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهَا فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ. (وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا فَنَكَحَهَا) الزَّوْجُ مَرَّةً وَاحِدَةً (قَبْلَ الْوَضْعِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ فِي عِدَّةِ الثَّانِي (فَإِنْ بَانَ) بَعْدُ (بِالْقَائِفِ أَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ صَحَّ) كَمَا صَحَّتْ رَجْعَتُهُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ وَقْفِ الْعُقُودِ، وَإِنَّمَا هُوَ وَقْفٌ عَلَى ظُهُورِ أَمْرٍ كَانَ عِنْدَ الْعَقْدِ (أَوْ نَكَحَهَا مَرَّتَيْنِ) مَرَّةً (قَبْلَ الْوَضْعِ، وَ) مَرَّةً (بَعْدَهُ فِي بَاقِي عِدَّتِهِ) عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ (صَحَّ) أَيْضًا لِذَلِكَ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ صَحَّ الْأَوَّلُ كَانَ أَخْصَرَ، وَأَوْفَقَ بِمَا قَدَّمَهُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجْعَةِ (وَإِنْ نَكَحَهَا الْوَاطِئُ بِشُبْهَةٍ قَبْلَ الْوَضْعِ لَمْ يَصِحَّ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا فِي عِدَّةٍ الزَّوْجِ حِينَئِذٍ (وَكَذَا) إنْ نَكَحَهَا (بَعْدَهُ فِي بَاقِي عِدَّةِ الزَّوْجِ) عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ كَذَلِكَ (فَلَوْ بَانَ) فِي هَذِهِ (بِالْقَائِفِ أَنَّ الْحَمْلَ مِنْ الزَّوْجِ صَحَّ) اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَخَرَجَ بِبَاقِي الْعِدَّةِ مَا لَوْ نَكَحَهَا الثَّانِي فِيمَا وَجَبَ مَعَهُ احْتِيَاطًا كَالْقُرْأَيْنِ فِيمَا مَرَّ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ إنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الزَّوْجِ، وَإِلَّا فَغَيْرُ مُعْتَدَّةٍ. (وَيَنْقَطِعُ فِرَاشُ الْأَوَّلِ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ) بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (كَالنِّكَاحِ) الْوَاقِعِ حِينَئِذٍ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَالْعِدَّةِ عَنْهُ ظَاهِرًا فَلَوْ وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْهُمَا أُلْحِقَ بِالْوَاطِئِ أَوْ النَّاكِحِ الثَّانِي كَمَا مَرَّ أَوَاخِرَ الْبَابِ السَّابِقِ (وَأَمَّا النَّفَقَةُ) لِلْمُعْتَدَّةِ (فَلَا تَجِبُ عَلَى ذِي الشُّبْهَةِ، وَإِنْ أُلْحِقَ) بِهِ الْوَلَدُ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ أَنَّهَا تَجِبُ لِلْحَامِلِ لَا لِلْحَمْلِ (وَلَا يُطَالَبُ بِهَا الزَّوْجُ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالشَّكِّ فِي السَّبَبِ وَيَمْتَدُّ عَدَمُ مُطَالَبَتِهِ بِهَا (حَتَّى يُلْحِقَهُ بِهِ) الْقَائِفُ فَيُطَالَبُ مُدَّةَ الْحَمْلِ الْمَاضِيَةِ (وَ) لَكِنْ (سَقَطَ عَنْهُ مُدَّةَ اجْتِمَاعِهِمَا) أَيْ هِيَ وَذُو الشُّبْهَةِ (فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) لِنُشُوزِهَا بِهِ، وَكَذَا فِي حَالَةِ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِخُرُوجِهَا عَنْ عِدَّتِهِ، وَأَوَّلَ مُدَّةَ اجْتِمَاعِهِمَا الْقَاطِعَةَ لِعِدَّةِ الْأَوَّلِ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ، وَإِنْ عَاشَرَهَا قَبْلَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ فِيمَا إذَا لَحِقَ الْوَلَدُ بِالْوَاطِئِ نَفَقَةُ مُدَّةِ الْقُرْءِ بَعْدَ الْوَضْعِ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ. وَكَذَا نَفَقَةُ مُدَّةِ النِّفَاسِ كَمَا أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ فِيهَا وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَوْنَهَا لَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ كَمُدَّةِ الْحَيْضِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِلْحَاقُ) بِأَحَدِهِمَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْحَالُ أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ مَاتَ وَتَعَذَّرَ عَرْضُهُ عَلَيْهِ (فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهَا (إلَّا إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَهَا) عَلَى الزَّوْجِ (أَقَلُّ وَاجِبِ الْعِدَّتَيْنِ) وَفِي نُسْخَةٍ إحْدَى الْعِدَّتَيْنِ أَيْ الْأَقَلُّ مِنْ نَفَقَتِهَا مِنْ يَوْمِ التَّفْرِيقِ إلَى الْوَضْعِ وَنَفَقَتِهَا فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَكْمُلُ بِهِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْوَضْعِ، وَهُوَ قُرْءٌ فِيمَا مَرَّ لِتَيَقُّنِ وُجُوبِ الْأَقَلِّ عَلَيْهِ إذْ الْحَمْلُ إنْ كَانَ مِنْهُ فَنَفَقَةُ زَمَنِ الْحَمْلِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الثَّانِي فَنَفَقَةُ زَمَنِ الْعِدَّةِ عَلَيْهِ (وَيُطَالَبَانِ بِنَفَقَةِ الْمَوْلُودِ مُدَّةَ الْإِشْكَالِ) وَنَحْوِهِ مُنَاصَفَةً إلَى أَنْ يَلْحَقَ بِأَحَدِهِمَا بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ أَوْ بِانْتِسَابِهِ إلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمَ مُطَالَبَتِهِمَا بِنَفَقَةِ الْمَرْأَةِ مُدَّةَ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا عَلَى أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَاطِئِ بِالشُّبْهَةِ وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ مُتَيَقَّنٌ وُجُوبُهَا عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (فَإِنْ لَحِقَ   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 بِأَحَدِهِمَا) وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ (لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ الْآخَرُ) بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ (إلَّا إنْ أَنْفَقَ) عَلَيْهِ (بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ) فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ (فَإِنْ مَاتَ) الْوَلَدُ فِي مُدَّةِ الْإِشْكَالِ (جَهَّزَاهُ) كَمَا يُنْفِقَانِ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ لَهُ يُكَفِّنَاهُ (وَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) مِنْ تَرِكَتِهِ (فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَوْ لَهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَدَانِ) آخَرَانِ (فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ، وَكَذَا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا) وَلَدَانِ دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ (وَيُوقَفُ) بَيْنَهُمَا (نَصِيبُ الْأَبِ) ، وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ ثُلُثِ الْأُمِّ أَوْ سُدُسِهَا (حَتَّى يَصْطَلِحَا) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْبَاقِي بَعْدَ سُدُسِ الْأُمِّ فِي صُورَتَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْهُمَا إنَّمَا يُوقَفُ بَيْنَهُمَا الثُّلُثَانِ وَالسُّدُسُ الْبَاقِي يُوقَفُ بَيْنَ الْأُمِّ وَمَنْ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ (وَيَقْبَلَانِ لَهُ الْوَصِيَّةَ) الَّتِي أَوْصَى لَهُ بِهَا مُدَّةَ التَّوَقُّفِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ. (فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَا) هَا (فَالْقَبُولُ لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ قَالَ) الْوَصِيُّ (أَوْصَيْت لِحَمْلِ زَيْدٍ هَذَا فَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِعُمَرَ وَبَطَلَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ صَحَّتْ (فَإِنْ نَفَاهُ زَيْدٌ بِاللِّعَانِ فَوَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا بُطْلَانُهَا لِظُهُورِ خِلَافِ النِّسْبَةِ ثُمَّ رَأَيْته قَدْ جَزَمَ بِهِ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ أَصْلِهِ لَهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَصَايَا. [فَرْعٌ تَزَوَّجَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً مُعْتَدَّةً مِنْ حَرْبِيٍّ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ] (فَرْعٌ) لَوْ (تَزَوَّجَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً مُعْتَدَّةً مِنْ حَرْبِيٍّ) آخَرَ وَوَطِئَهَا (أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ مَعَهُ) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا بَعْدَ دُخُولِهِمَا بِأَمَانٍ (كَفَاهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ وَطْئِهِ لِضَعْفِ حُقُوقِهِمْ وَعَدَمِ احْتِرَامِ مَائِهِمْ فَتُرَاعَى أَصْلُ الْعِدَّةِ وَيُجْعَلُ جَمِيعُهُمْ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَقَطَعَ بِهِ جَمْعٌ، وَرَجَّحَهُ آخَرُونَ، وَقِيلَ لَا يُكْتَفَى بِهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عِدَّتَيْنِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَقَطَعَ بِهِ جَمْعٌ وَرَجَّحَهُ آخَرُونَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ) بَقِيَّةُ الْعِدَّةِ (الْأُولَى سَقَطَتْ) لِضَعْفِ حُقُوقِهِمْ وَبُطْلَانِهَا بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ تَدْخُلُ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِهَا فِي الْمُسْلِمِينَ لِاحْتِرَامِهِمْ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَالْأَوَّلُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ حَيْثُ قَالَ وَتَدْخُلُ فِيهَا الْعِدَّةُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَلِلْقَوَاعِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ الثَّابِتِ بِلَا دَلِيلٍ وَيُعَارِضُ كَوْنَهُ حَرْبِيًّا أَنَّ الْآخَرَ حَرْبِيٌّ وَالِاسْتِيلَاءُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْأَمْلَاكِ وَالِاخْتِصَاصَاتِ قَالَ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَالْآخَرُ حَرْبِيًّا فَالْخِلَافُ جَارٍ أَيْضًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الزَّازِ. اهـ. وَهَذَا الْأَخِيرُ ظَاهِرٌ إنْ تَأَخَّرَتْ عِدَّةُ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ دُونَ مَا إذَا تَقَدَّمَتْ (فَلَا رَجْعَةَ لِلْأَوَّلِ) فِي بَقِيَّةِ الْأُولَى (إنْ أَسْلَمَ) عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَلِلثَّانِي أَنْ يَنْكِحَهَا فِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ فَقَطْ دُونَ الْأَوَّلِ (فَإِنْ حَبِلَتْ مِنْ الْأَوَّلِ لَا) مِنْ (الثَّانِي لَمْ يَكْفِهَا عِدَّةٌ) وَاحِدَةٌ (فَتَعْتَدُّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْوَضْعِ) بِخِلَافِ مَا إذَا حَبِلَتْ مِنْ الثَّانِي فَيَكْفِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَضْعُ الْحَمْلِ وَتَسْقُطُ بَقِيَّةُ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي تُتِمُّ لِأُولَى بَعْدَ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهُ (وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الثَّانِي مَعَهَا) وَلَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا بَعْدَ دُخُولِهِمَا بِأَمَانٍ (أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ وَاسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً (لِلثَّانِي) ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ الثَّانِيَةَ لَيْسَتْ هُنَا أَقْوَى حَتَّى تَسْقُطَ بَقِيَّةُ الْأُولَى أَوْ يَدْخُلَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ مَعَهَا أَوْ دُونَهَا. [فَصْل وَطِئَ الْمُطَلَّقَة الْبَائِنِ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْعِدَّةِ] (فَصْلٌ: وَطْؤُهُ لِمُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ) مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْعِدَّةِ (لَا يَمْنَعُ احْتِسَابَ الْعِدَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ (بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ) ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَهُوَ مَشْغُولٌ بِمَا لَهُ حُرْمَةٌ (فَإِنْ لَمْ يَطَأْ الرَّجْعِيَّةَ بَلْ كَانَ يَخْلُو بِهَا) وَيُعَاشِرُهَا (كَالزَّوْجَةِ وَلَوْ اللَّيَالِيَ) أَيْ فِيهَا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَيَّامِ وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ لَيْلَةً مِنْ لَيَالٍ (مُنِعَ احْتِسَابُهَا) أَيْضًا بِخِلَافِهِ فِي الْبَائِنِ؛ لِأَنَّ مُخَالَطَتَهَا مُحَرَّمَةٌ بِلَا شُبْهَةٍ بِخِلَافِهَا فِي الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّ الشُّبْهَةَ قَائِمَةٌ، وَهُوَ بِالْمُخَالَطَةِ مُسْتَفْرِشٌ لَهَا فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الِاسْتِفْرَاشِ مِنْ الْعِدَّةِ كَمَا لَوْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ زَوْجًا جَاهِلًا بِالْحَالِ (قَالَ الْبَغَوِيّ لَكِنْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) أَوْ أَشْهُرٍ (نَمْنَعُهُ) نَحْنُ الرَّجْعَةَ، وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ بِهَا عِدَّتُهَا (وَيَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ) إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (احْتِيَاطًا) فِي ذَلِكَ وَمَا نَقَلَهُ كَأَصْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْمُتَعَرِّينَ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَئِمَّةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمُفْتَى بِهِ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي وَنَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَالرَّافِعِيُّ نَقَلَ اخْتِيَارَ الْبَغَوِيّ دُونَ مَنْقُولِهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ يُعَارِضُ نَقْلَ الْبَغَوِيّ لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ نَقْلُ الرَّافِعِيِّ مُقَابِلَهُ عَنْ الْمُعْتَبَرِينَ وَالْأَئِمَّةِ كَمَا مَرَّ (وَمُعَاشَرَةُ سَيِّدِ الْأَمَةِ) لَهَا فِي عِدَّةِ زَوْجِهَا (وَأَجْنَبِيٍّ) لِمُعْتَدَّةٍ (وَطِئَ) هَا (بِالشُّبْهَةِ يَمْنَعُ احْتِسَابَ الْعِدَّةِ) كَمَا فِي مُعَاشَرَةِ الزَّوْجِ مُطَلَّقَتَهُ (وَكَذَا مَنْ طَلَّقَ) زَوْجَتَهُ   [حاشية الرملي الكبير] فَصْلٌ) وَطْؤُهُ لِمُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ كَانَ يَخْلُو بِهَا كَالزَّوْجَةِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِمُعَاشَرَتِهَا الْخَلْوَةُ بِهَا وَالنَّوْمُ مَعَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ بِهَا عِدَّتُهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ، وَلَا الْكِسْوَةُ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ رَجْعَتُهَا قَالَ وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا لِبَذْلِهَا الْعِوَضَ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ قَالَ: وَلَيْسَ لَنَا امْرَأَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يُصَحَّحُ خُلْعُهَا إلَّا هَذِهِ، وَقَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَصَوَّبَ ثُبُوتَ الرَّجْعَةِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْقُولُ الْجَارِي عَلَى الْقِيَاسِ، وَإِنَّ الْقَوْلَ بِمَنْعِ الرَّجْعَةِ احْتِمَالٌ لِلْبَغَوِيِّ لَيْسَ وَجْهًا ثَابِتًا فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُعَارِضُ نَقْلَ الْبَغَوِيّ لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ، وَهَذَا كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ إذَا قُلْنَا تَتَرَبَّصُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ فَإِنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِدَّةِ لَا إلَى النَّفَقَةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ هُنَا عَلَى الزَّوْجِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ وَتَحْرِيمِ الْمُعَاشَرَةِ فَلَا نَفَقَةَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 (ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ ظَانًّا انْقِضَاءَهَا وَتَحَلُّلَهَا بِزَوْجٍ) يَمْنَعُ وَطْؤُهُ لَهَا احْتِسَابَ الْعِدَّةِ كَالرَّجْعِيَّةِ وَجَمِيعِ مَا مَرَّ فِي الْمُعْتَدَّةِ بِغَيْرِ الْحَمْلِ أَمَّا الْمُعْتَدَّةُ بِالْحَمْلِ فَلَا يَمْنَعُ مُعَاشَرَتُهَا انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْوَضْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَرْعٌ: مَنْ تَزَوَّجَتْ فِي الْعِدَّةِ تَجْرِ فِي عِدَّتِهَا مَا لَمْ تُوطَأْ بِالشُّبْهَةِ) ، وَإِلَّا انْقَطَعَتْ عِدَّتُهَا. (فَصْلٌ) لَوْ (رَاجَعَ مُطَلَّقَتَهُ الْحَائِلَ وَوَطِئَهَا) بَعْدَ رَجْعَتِهَا (ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ) وَتَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ الْعِدَّةِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ يَقْتَضِي عِدَّةً كَامِلَةً لِقَطْعِهِ مَا مَضَى مِنْ الْعِدَّةِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَطَأْ) لِآيَةِ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: 228] ؛ وَلِأَنَّهَا بِالرَّجْعَةِ عَادَتْ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي وَطِئَهَا فِيهِ فَالطَّلَاقُ الثَّانِي، وَقَعَ فِي نِكَاحٍ وُجِدَ فِيهِ الْوَطْءُ وَصَارَتْ كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَعَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ طَلَّقَهَا (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الَّتِي رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا (حَامِلًا انْقَضَتْ) عِدَّتُهَا (بِالْوَضْعِ، وَإِنْ وَطِئَ) ؛ لِأَنَّ الْبَقِيَّةَ إلَى الْوَضْعِ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ عِدَّةً مُسْتَقِلَّةً (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً بِالْأَقْرَاءِ (وَإِنْ لَمْ يَطَأْ) لِمَا مَرَّ وَالْوَضْعُ حَصَلَ فِي النِّكَاحِ وَالْعِدَّةُ لَا تَنْقَضِي بِهِ (وَلَوْ طَلَّقَ الرَّجْعِيَّةَ فِي الْعِدَّةِ) طَلْقَةً (أُخْرَى لَمْ تَسْتَأْنِفْ) عِدَّةً بَلْ تَبْنِي عَلَى الْعِدَّةِ الْأُولَى (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ (بِعِوَضٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا طَلَاقَانِ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا وَطْءٌ وَلَا رَجْعَةً فَصَارَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ مَعًا؛ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ الثَّانِيَ يُؤَكِّدُ الْأَوَّلَ، وَالْعِدَّةُ مِنْهُ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ فَإِنَّهَا تُضَادُّهُ فَتَنْقَطِعُ الْعِدَّةُ (وَلَوْ جَرَى بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ فَسْخٌ) لِلنِّكَاحِ بِعَيْبٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ (اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً كَمَا لَوْ جَرَى بَعْدَهَا طَلَاقٌ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الطَّلَاقِ. [فَرْعٌ جَدَّدَ نِكَاحَ مُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ فِي الْعِدَّة ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ] (فَرْعٌ) لَوْ (جَدَّدَ نِكَاحَ مُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بَنَتْ عَلَى الْعِدَّةِ الْأُولَى) وَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا نِكَاحٌ جَدِيدٌ طَلَّقَهَا فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْعِدَّةُ، وَلَا كَمَالُ الْمَهْرِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّهَا تَعُودُ بِالرَّجْعَةِ إلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ فَيَقْتَضِي الطَّلَاقُ فِيهِ الْعِدَّةَ (وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا) قَبْلَ طَلَاقِهَا (أَوْ مَاتَ عَنْهَا اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً وَدَخَلَتْ فِيهَا (الْبَقِيَّةُ) مِنْ الْعِدَّةِ السَّابِقَةِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ صِحَّةُ نِكَاحِ الْمُخْتَلِفَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ. [فَصْلٌ وَطِئَ مُعْتَدَّة عَنْ وَفَاةٍ بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ مُمْكِنٍ] (فَصْلٌ) (لَوْ وَطِئَ مُعْتَدَّةً عَنْ وَفَاةٍ بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ مُمْكِنٍ) كَوْنُهُ (لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا قَائِفَ) أَوْ هُنَاكَ قَائِفٌ وَتَعَذَّرَ إلْحَاقُهُ (انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا وَبَقِيَ عَلَيْهَا الْأَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَ) مِنْ (بَقِيَّةِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ) بِالْأَشْهُرِ فَإِنْ مَضَتْ الْأُولَى قَبْلَ تَمَامِ الثَّانِيَةِ فَعَلَيْهَا إتْمَامُهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ الثَّانِي، وَإِنْ مَضَتْ بَقِيَّةُ الثَّانِيَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى فَعَلَيْهَا إتْمَامُهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ الْأَوَّلِ (وَإِنْ وَطِئَ الشَّرِيكَانِ الْمُشْتَرَكَةَ) فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ (لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءَانِ) وَلَا يَتَدَاخَلَانِ كَمَا لَا تَتَدَاخَلُ الْعِدَّتَانِ عَنْ شَخْصَيْنِ (وَإِنْ أَحَبَلَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ ثُمَّ نَكَحَهَا فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَ) لَكِنْ (بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا (فَقَدْ قِيلَ تَنْقَضِي الْعِدَّتَانِ) أَيْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ بِالْوَضْعِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ (وَقِيلَ) تَنْقَضِي (بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ) فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ الْوَفَاةِ) فِي الْأُولَى احْتِيَاطًا، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ. (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْمَفْقُودِ) (فَإِنْ مَاتَ) زَوْجٌ (عَنْ حَامِلٍ اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ) وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى تَمَامِ الْأَشْهُرِ الْآتِيَةِ لِآيَةِ {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ} [الطلاق: 4] (أَوْ) عَنْ (حَائِلٍ فَبِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَيَالِيِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْحَرَائِرِ لِمَا سَيَأْتِي وَعَلَى الْحَائِلَاتِ بِقَرِينَةِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَهُوَ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} [البقرة: 240] ، وَكَالْحَائِلِ الْحَامِلُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ وَتُعْتَبَرُ الْأَشْهُرُ (بِالْأَهِلَّةِ) مَا أَمْكَنَ (فَإِنْ انْكَسَرَ شَهْرٌ) بِأَنْ مَاتَ الزَّوْجُ فِي خِلَالِهِ (وَالْبَاقِي مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (تُمِّمَ) مَا بَقِيَ مِنْهُ (ثَلَاثِينَ) يَوْمًا مِنْ الْخَامِسِ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ تُمِّمَ بَقِيَّتُهَا مِنْ الشَّهْرِ السَّادِسِ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ عَشَرَةٌ اعْتَدَّتْ بِهَا وَبِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَهَا ثُمَّ (الْمَوْطُوءَةُ وَغَيْرُهَا) فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ (كَالصَّغِيرَةِ   [حاشية الرملي الكبير] لَهَا فِي الزَّائِدِ عَلَى مَا يُمْكِنُ فِيهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ لِعِصْيَانِهَا بِالْمُعَاشَرَةِ، وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ. اهـ. الرَّاجِحُ أَنَّهَا بَائِنٌ إلَّا فِي الطَّلَاقِ [فَصْلٌ رَاجَعَ مُطَلَّقَتَهُ الْحَائِلَ وَوَطِئَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ] (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) هُوَ الْأَصَحُّ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْمَفْقُودِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْمَفْقُودِ) (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ زَوْجٌ إلَخْ) فِي مَعْنَى مَوْتِهِ مَا لَوْ مُسِخَ حَجَرًا (قَوْلُهُ: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] أَيَجِبُ عَشْرُ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ الْهَاءَ وَذَلِكَ دَلِيلُ التَّأْنِيثِ، وَالْعَرَبُ تُغَلِّبُ التَّأْنِيثَ فِي اسْمِ الْعَدَدِ إذَا أَرَادَتْ اللَّيَالِيَ وَالْأَيَّامَ فَتَقُولُ سِرْت عَشْرًا، وَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِإِرَادَةِ الْأَيَّامِ، وَلَا يُحْتَاجُ لِذِكْرِ التَّاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ الْمَعْدُودِ فَمَعَ حَذْفِهِ يَجُوزُ الْأَمْرَانِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 وَزَوْجَةِ الْمَسْمُوحِ وَمَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَغَيْرِهَا) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا الْوَطْءُ كَمَا فِي عِدَّةِ الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّ فُرْقَةَ الْوَفَاةِ لَا إسَاءَةَ فِيهَا مِنْ الزَّوْجِ فَأُمِرَتْ بِالتَّفَجُّعِ عَلَيْهِ، وَإِظْهَارِ الْحُزْنِ بِفِرَاقِهِ وَلِهَذَا وَجَبَ الْإِحْدَادُ كَمَا سَيَأْتِي؛ وَلِأَنَّهَا قَدْ تُنْكِرُ الدُّخُولَ حِرْصًا عَلَى النِّكَاحِ وَلَا مُنَازِعَ بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ؛ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْأَعْظَمَ حِفْظُ حَقِّ الزَّوْجِ دُونَ مَعْرِفَةِ الْبَرَاءَةِ وَلِهَذَا اُعْتُبِرَتْ بِالْأَشْهُرِ (فَإِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهَا الْأَهِلَّةُ كَالْمَحْبُوسَةِ اعْتَدَّتْ بِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ) غَيْرُ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجِهَا (بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ) بِلَيَالِيِهَا، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ أَقْرَاءٍ؛ لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ مَعَ إمْكَانِ الْقِسْمَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ أَمَةً يَظُنُّ أَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ فَلْيَكُنْ هُنَا مِثْلَهُ لِاخْتِصَاصِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَعَّضَةَ كَالْقِنَّةِ، وَأَنَّ الْأَمَةَ لَوْ عَتَقَتْ مَعَ مَوْتِهِ اعْتَدَّتْ كَالْحُرَّةِ. (وَتَنْتَقِلُ الرَّجْعِيَّةُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا) وَيَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ وَتَسْقُطُ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَجِبُ قَبْلَ الدُّخُولِ (لَا الْبَائِنُ) وَلَوْ بِفَسْخٍ فَلَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ فَتُكْمِلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَلَا تُحِدُّ (فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] (وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ وَالْإِحْدَادِ لَا يَلْزَمُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (الْبَائِنَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَفَاسِدَةَ النِّكَاحِ) وَالْمَوْطُوءَةَ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ فَلَوْ مَاتَ مَنْ نَكَحَ فَاسِدًا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْحَيَاةِ وَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا. (فَرْعٌ) لَوْ (طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) مُعَيَّنَةً عِنْدَهُ أَوْ مُبْهَمَةً طَلَاقًا (بَائِنًا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ) الْمُعَيَّنَةَ (وَكَذَا قَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَ) الْمُبْهَمَةَ (لَزِمَهُمَا) إنْ كَانَتَا مَدْخُولًا بِهِمَا، وَهُمَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ (أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَ) بَقِيَّةُ (الْأَقْرَاءِ) الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مُفَارَقَةً بِالطَّلَاقِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مُفَارَقَةً بِالْمَوْتِ فَأَخَذْنَا بِهِ احْتِيَاطًا (وَتُعْتَبَرُ الْأَقْرَاءُ مِنْ) وَقْتِ (الطَّلَاقِ) وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَلَوْ مَضَى قُرْءٌ أَوْ قُرْآنِ قَبْلَ الْوَفَاةِ اعْتَدَّتْ بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ وَمِنْ قُرْأَيْنِ أَوْ قُرْءٍ. وَوَجْهُ اعْتِبَارِ الْأَقْرَاءِ مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْمُبْهَمَةِ مَعَ أَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ التَّعْيِينِ لَا مِنْ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمَّا أُيِسَ مِنْ التَّعْيِينِ اُعْتُبِرَ السَّبَبُ، وَهُوَ الطَّلَاقُ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ الطَّلَاقِ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ بِخِلَافِهِ فَقَالَا إنْ قُلْنَا الْعِدَّةُ ثَمَّ مِنْ اللَّفْظِ فَهُنَا كَذَلِكَ أَوْ مِنْ التَّعْيِينِ فَقَدْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَ فَتَكُونَ الْعِدَّةُ مِنْ الْمَوْتِ. انْتَهَى. (وَتَقْتَصِرُ الْحَامِلُ مِنْهُمَا عَلَى الْوَضْعِ) ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا لَا تَخْتَلِفُ بِالتَّقْدِيرَيْنِ (وَ) تَقْتَصِرُ (ذَاتُ الْأَشْهُرِ) ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا (وَالرَّجْعِيَّةُ) ذَاتُ الْأَقْرَاءِ (وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا عَلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ) أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ. (فَصْلٌ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ الْمُتَوَهَّمِ مَوْتُهُ لَا تَتَزَوَّجُ) غَيْرَهُ (حَتَّى يَتَحَقَّقَ) أَيْ يَثْبُتَ بِعَدْلَيْنِ (مَوْتُهُ أَوْ طَلَاقُهُ وَتَعْتَدُّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ فِي قِسْمَةِ مَالِهِ وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ فَكَذَا فِي فِرَاقِ زَوْجَتِهِ؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مَعْلُومٌ بِيَقِينٍ فَلَا يُزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ (وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِنِكَاحِهَا قَبْلَ تَحَقُّقِ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ نُقِضَ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا فِي مَالِهِ وَمَيِّتًا فِي حَقِّ زَوْجَتِهِ (وَنَفَذَ فِيهَا) أَيْ فِي الزَّوْجَةِ (طَلَاقُ الْمَفْقُودِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا الْوَطْءُ كَمَا فِي عِدَّةِ الْحَيَاةِ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي وَالشَّرْعُ أَوْجَبَ الْعِدَّةَ فِي الْوَفَاةِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِي تَقْرِيرِ الْمَهْرِ كَالدُّخُولِ فَكَذَا فِي الْعِدَّةِ، وَالْجَامِعُ تَرَتُّبُ مَقْصُودِ الْعَقْدِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا صُورَةُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ لَهُ زَوْجَتَانِ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ وَطِئَ الْأَمَةَ ظَانًّا كَوْنَهَا حُرَّةً ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَتَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَتَعْتَدُّ بِعِدَّةِ حُرَّةٍ اعْتِبَارًا بِظَنِّهِ، وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا لَوْ وَطِئَهَا كَذَلِكَ، وَاسْتَمَرَّ ظَنُّهُ بِهَا إلَى مَوْتِهِ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْحَرَائِرِ أَمَّا لَوْ انْجَلَى لَهُ الْحَالُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ أَيْضًا صُورَةً، وَإِنَّهَا لَا يَجِيءُ هُنَا مِثْلُهَا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ أَوْ أَمَةَ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَلَا تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِ النِّكَاحِ وَلَعَلَّ كَلَامَهُ اخْتَلَفَ مَعَ اخْتِلَافِ التَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ. (فَرْعٌ) لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَوْتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ، وَإِنْ أَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَرِثُ احْتِيَاطًا قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِخِلَافِ نَفْسِهِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ هُنَا. [فَرْعٌ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ طَلَاقًا بَائِنًا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ] (قَوْلُهُ: طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ بَائِنًا، وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ إلَخْ) قَالَ الْمَرْعَشِيُّ فِي تَرْتِيبِ الْأَقْسَامِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ وَالْخَفَّافُ فِي الْخِصَالِ وَحَكَاهُ فِي الذَّخَائِرِ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ لَا تَجْتَمِعُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَعِدَّةُ الْأَقْرَاءِ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ إحْدَاهَا طَلَّقَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ الثَّانِيَةِ أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ وَنَحْوُهُمَا مِمَّنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُمَا أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَيَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ أَنْ تَعْتَدَّ بِأَكْثَرِ الْعِدَّتَيْنِ. الثَّالِثَةُ أُمُّ الْوَلَدِ يَمُوتُ سَيِّدُهَا وَزَوْجُهَا وَيُشْكِلُ الْمُتَقَدِّمُ مِنْهُمَا مَوْتًا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَهْرَانِ وَخَمْسِ لَيَالٍ أَوْ أَكْثَرُ اعْتَدَّتْ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فِيهَا حَيْضَةٌ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فَشَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ إلَخْ) ضَعِيفٌ. [فَصْلٌ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ الْمُتَوَهَّمِ مَوْتُهُ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مُسْتَوْلَدَتَهُ تَلْتَحِقُ بِزَوْجَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَلَوْ غَابَتْ الزَّوْجَةُ، وَانْقَطَعَ خَبَرُهَا فَهَلْ لَهُ تَزْوِيجُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا أَوْ أُخْتِهَا فِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ غَيْبَتِهِ عَنْهَا كا (تَنْبِيهٌ) امْرَأَةٌ انْقَطَعَ خَبَرُ زَوْجِهَا، وَقَالَتْ إنَّهُ طَلَّقَنِي، وَانْقَضَتْ عِدَّتِي، وَقَالَتْ لِوَلِيِّهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 وَظِهَارُهُ، وَإِيلَاؤُهُ) وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِ الزَّوْجِ فِي زَوْجَتِهِ لِلْحُكْمِ بِحَيَاتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ أَمْ بَعْدَهَا (وَيَسْقُطُ بِنِكَاحِهَا) غَيْرَهُ (نَفَقَتُهَا عَنْ الْمَفْقُودِ) ؛ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا (وَكَذَا) تَسْقُطُ عَنْهُ (إنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَاعْتَدَّتْ وَعَادَتْ إلَى مَنْزِلِهِ) وَيَسْتَمِرُّ السُّقُوطُ (حَتَّى يَعْلَمَ الْمَفْقُودُ عَوْدَهَا إلَى طَاعَتِهِ) ؛ لِأَنَّ النُّشُوزَ إنَّمَا يَسْقُطُ حِينَئِذٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَحَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ الَّذِي صَدَرَ بِتَقْصِيرِهَا. انْتَهَى. وَفِيهِ وَقْفَةٌ (وَلَا نَفَقَةَ) لَهَا (عَلَى) الزَّوْجِ (الثَّانِي) إذْ لَا زَوْجِيَّةَ بَيْنَهُمَا (وَلَا رُجُوعَ لَهُ) بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا (إنْ أَنْفَقَ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ (إلَّا فِيمَا كَلَّفَهُ) مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا (بِحُكْمِ حَاكِمٍ) فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ (فَلَوْ تَزَوَّجَتْ) قَبْلَ ثُبُوتِ مَوْتِهِ أَوْ طَلَاقِهِ (وَبَانَ) الْمَفْقُودُ (مَيِّتًا) قَبْلَ تَزَوُّجِهَا بِمِقْدَارِ الْعِدَّةِ (صَحَّ) التَّزْوِيجُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَانِعِ فِي الْوَاقِعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا. (فَصْلٌ) لَوْ (تَرَبَّصَتْ) زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ (أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ نَكَحَتْ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ) وَلَمْ يَدَّعِهِ الْمَفْقُودُ (لَحِقَ بِالثَّانِي عِنْدَ الْإِمْكَانِ) لِتَحَقُّقِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْمَفْقُودِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ يَلْحَقْ بِالْمَفْقُودِ) لِذَلِكَ (فَإِنْ قَدِمَ الْمَفْقُودُ وَادَّعَاهُ لَمْ يُعْرَضْ عَلَى الْقَائِفِ حَتَّى يَدَّعِيَ وَطْئًا مُمْكِنًا) فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ كَأَنْ قَالَ هُوَ وَلَدِي وَلَدَتْهُ زَوْجَتِي عَلَى فِرَاشِي؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَبْقَى فِي الرَّحِمِ هَذِهِ الْمُدَّةَ (فَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ) وَلَوْ (بَعْدَ الدَّعْوَى) بِهِ (وَالْعَرْضِ) لَهُ عَلَى الْقَائِفِ (فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرَ اللِّبَأِ) الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ (إنْ وَجَدَ مُرْضِعَةً) غَيْرَهَا، وَإِلَّا فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ (فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ) فِي مَنْزِلِ الْمَفْقُودِ (قَهْرًا) عَلَيْهِ (وَلَمْ تَخْرُجْ) مِنْهُ (وَلَا وَقَعَ خَلَلٌ فِي التَّمْكِينِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا) عَنْهُ (فَإِنْ خَرَجَتْ) مِنْهُ (لَهُ) أَيْ لِإِرْضَاعَةِ أَوْ وَقَعَ خَلَلٌ فِي التَّمْكِينِ (سَقَطَتْ) نَفَقَتُهَا عَنْهُ (وَلَوْ) خَرَجَتْ (بِإِذْنِهِ كَسَفَرِهَا لِحَاجَتِهَا) فَإِنَّهُ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، وَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ وَيُفَارِقُ سُقُوطُهَا بِخُرُوجِهَا لِلْإِرْضَاعِ عَدَمَ سُقُوطِهَا بِخُرُوجِهَا لِبَيْتِ أَبِيهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ عِيَادَةٍ بِالِاحْتِيَاجِ إلَى تَكَرُّرِ الْخُرُوجِ هُنَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِخِلَافِهِ. ثُمَّ (وَفِي الرَّوْضَةِ) كَأَصْلِهَا (هُنَا مَسْأَلَةٌ تَرَكْتهَا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا قَدْ سَبَقَ) فِي الْبَابِ السَّابِقِ، وَهِيَ مَا لَوْ نَكَحَتْ وَوَطِئَهَا الثَّانِي ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ حَيًّا وَقْتَ نِكَاحِهِ، وَأَنَّهُ مَاتَ بَعْدُ فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ عَنْهُ لَكِنْ لَا تُسْرِعُ فِيهَا حَتَّى يَمُوتَ الثَّانِي أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَحِينَئِذٍ تَعْتَدُّ لِوَفَاةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ لِلثَّانِي بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ، وَإِنْ مَاتَ الثَّانِي أَوَّلًا أَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا شَرَعَتْ فِي الْأَقْرَاءِ فَإِنْ أَتَمَّتْهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ اعْتَدَّتْ عَنْهُ لِلْوَفَاةِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا انْقَطَعَتْ فَتَعْتَدُّ عَنْهُ لِلْوَفَاةِ ثُمَّ تَعُودُ إلَى بَقِيَّةِ الْأَقْرَاءِ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا أَوْ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهَا حَتَّى مَضَى ذَلِكَ فَقَدْ انْقَضَتْ الْعِدَّتَانِ، وَلَوْ حَمَلَتْ مِنْ الثَّانِي اعْتَدَّتْ مِنْهُ بِالْوَضْعِ ثُمَّ تَعْتَدُّ عَنْ الْأَوَّلِ لِلْوَفَاةِ وَيُحْسَبُ مِنْهَا زَمَنُ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِدَّةِ الثَّانِي. (فَرْعٌ: لِمَنْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً (بِوَفَاةِ زَوْجِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ سِرًّا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ إذَا سَاغَ لَهَا اعْتِمَادُهُ وَعَلِمْنَا ذَلِكَ اتَّجَهَ جَوَازُ اعْتِمَادِهِ ظَاهِرًا أَيْضًا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ. (فَصْلٌ: يَجِبُ الْإِحْدَادُ) الْآتِي بَيَانُهُ (فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ) وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» أَيْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ، وَالتَّقْيِيدُ بِإِيمَانِ الْمَرْأَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِمَا سَيَأْتِي (وَيُسْتَحَبُّ فِي عِدَّةِ فِرَاقِ الزَّوْجِ) وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ إنْ فُورِقَتْ بِالطَّلَاقِ فَهِيَ مَجْفُوَّةٌ بِهِ أَوْ بِالْفَسْخِ فَالْفَسْخُ مِنْهَا أَوْ لِمَعْنًى فِيهَا فَلَا يَلِيقُ بِهَا فِيهِمَا إيجَابُ الْإِحْدَادِ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْبَائِنَ وَالرَّجْعِيَّةَ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ فِي الرَّجْعِيَّةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجَ إلَى رَجْعَتِهَا وَخَرَجَ بِفِرَاقِ الزَّوْجِ الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْإِحْدَادُ. (وَتُحِدُّ الذِّمِّيَّةُ) وَلَوْ عَلَى ذِمِّيٍّ (وَالصَّبِيَّةُ وَالْمَجْنُونَةُ) وَالرَّقِيقَةُ كَغَيْرِهِنَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ فِي   [حاشية الرملي الكبير] زَوِّجْنِي فَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَعَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا فَإِنْ أَبَى زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ مَوْتَهُ، وَأَنْكَرَ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ زَعْمَ الْوَلِيِّ أَنَّهَا زَوْجَةٌ لِآخَرَ لَمْ يُحِلَّ تَزْوِيجَهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ لَا الْوَلِيُّ، وَكَذَلِكَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ زَوَّجْت بِنْتِي مِنْ فُلَانٍ، وَقَدْ مَاتَ فَخَطَبَهَا ابْنُ ذَلِكَ الزَّوْجِ الْمَيِّتِ، وَأَنْكَرَ عَقْدَ الْوَلِيِّ مَعَ الْأَبِ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ وَطَلَبَتْ التَّزْوِيجَ مِنْ الِابْنِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَهَا الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. [فَصْلٌ تَرَبَّصَتْ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ نَكَحَتْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ] (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَزَوَّجَتْ وَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَا لَوْ ارْتَابَتْ فِي الْعِدَّةِ وَنَكَحَتْ بَعْدَ مُضِيِّهَا، وَقَبْلَ زَوَالِ الرِّيبَةِ حَيْثُ رَجَّحَ الشَّيْخَانِ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَخَالَفَهُمَا الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خَرَّجَا ذَلِكَ عَلَى بَيْعِ مَالِ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَتَبَيَّنَ مَوْتُهُ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ظَاهِرًا يَقِينًا فَإِقْدَامُهَا عَلَى التَّزَوُّجِ قَبْلَ تَرَجُّحِ انْقِضَائِهَا مُقْتَضٍ لِبُطْلَانِ تَزَوُّجِهَا وَلَا كَذَلِكَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ تُخَاطَبْ بَعْدَهُ ظَاهِرًا حَتَّى تَسْتَصْحِبَ بَقَاءَهَا فَاعْتَبَرْنَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَاتِبَهُ. [فَصْلٌ الْإِحْدَادُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ) أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِشُمُولِهِ فَرْعًا حَسَنًا، وَهُوَ لَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَهِيَ حَامِلٌ بِشُبْهَةٍ، وَقُلْنَا إنَّهَا تَعْتَدُّ عَنْهُ ثُمَّ تَنْتَقِلُ لِلْوَفَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ) وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْأُصُولِيَّةَ إنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا إذَا جَازَ وَجَبَ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ فِي الرَّجْعِيَّةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) لَعَلَّ الْمُقْتَضِيَ لِهَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ الْجَنِينَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 401 الذِّمِّيَّةِ إذَا رَضَوْا بِحُكْمِنَا وَإِلَّا فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهَا، وَمِثْلُهَا الْمُعَاهَدَةُ وَالْمُسْتَأْمَنَةُ (وَيُلْزِمُهَا) أَيْ الصَّبِيَّةَ وَالْمَجْنُونَةَ (الْوَلِيُّ) بِذَلِكَ. (فَصْلٌ: الْإِحْدَادُ) مِنْ أَحَدَّ وَيُقَالُ الْحِدَادُ مِنْ حَدَّ لُغَةً الْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا (تَرْكُ الزِّينَةِ) مِنْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ (بِالثِّيَابِ وَالطِّيبِ وَالْحُلِيِّ) وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا يَأْتِي لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ كُنَّا «نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَأَنْ نَكْتَحِلَ وَأَنْ نَتَطَيَّبَ، وَأَنْ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا» . وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَا الْمُمَشَّقَةَ وَلَا الْحُلِيَّ وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ» وَالْمُمَشَّقَةُ الْمَصْبُوغَةُ بِالْمِشْقِ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْمَغْرَةُ بِفَتْحِهَا وَيُقَالُ طِينٌ أَحْمَرُ يُشْبِهُهَا. وَأَمَّا خَبَرُ «لَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ» ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمِينِ يُعْصَبُ غَزْلُهُ أَيْ يُجْمَعُ ثُمَّ يُشَدُّ ثُمَّ يُصْبَغُ مَعْصُوبًا ثُمَّ يُنْسَخُ فَمُعَارَضٌ بِرِوَايَةِ وَلَا ثَوْبَ عَصْبٍ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِالصَّبْغِ الَّذِي لَا يَحْرُمُ كَالْأَسْوَدِ (فَلَهَا لُبْسُ غَيْرِ الْمَصْبُوغِ) مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ وَوَبَرٍ وَشَعْرٍ وَغَيْرِهَا (وَلَوْ حَرِيرًا) وَنَفِيسًا؛ لِأَنَّ نَفَاسَتَهُ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ لَا مِنْ زِينَةٍ دَخَلَتْ عَلَيْهِ كَالْمَرْأَةِ الْحَسْنَاءِ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُغَيِّرَ لَوْنَهَا بِسَوَادٍ وَنَحْوِهِ. (وَالْمَصْبُوغُ وَلَوْ قَبْلَ النَّسْجِ) كَالْبُرُودِ (حَرَامٌ) لِمَا مَرَّ (لَا) الْمَصْبُوغُ (بِالسَّوَادِ، وَكَذَا زُرْقَةٌ وَخُضْرَةٌ كَدِرَانِ) أَيْ الْمَصْبُوغُ بِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ لِلزِّينَةِ بَلْ لِنَحْوِ حَمْلِ وَسَخٍ أَوْ مُصِيبَةٍ بِخِلَافِ الْمَصْبُوغِ بِزُرْقَةٍ وَخُضْرَةٍ صَافِيَيْنِ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ مَا صُبِغَ لِزِينَةٍ يَحْرُمُ، وَمَا صُبِغَ لَا لِزِينَةٍ كَالْأَسْوَدِ لَمْ يَحْرُمْ لِانْتِفَاءِ الزِّينَةِ عَنْهُ، وَإِنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الزِّينَةِ وَغَيْرِهَا كَالْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ كَأَنْ كَانَ بَرَّاقًا صَافِيَ اللَّوْنِ حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ يُتَزَيَّنُ بِهِ أَوْ كَدِرًا أَوْ مُشْبَعًا أَوْ أَكْهَبَ بِأَنْ يَضْرِبَ إلَى الْغُبْرَةِ فَلَا؛ لِأَنَّ الْمُشْبَعَ مِنْ الْأَخْضَرِ يُقَارِبُ الْأَسْوَدَ، وَمِنْ الْأَزْرَقِ يُقَارِبُ الْكُحْلِيَّ، وَمِنْ الْأَكْهَبِ يُقَارِبُهُمَا (وَالطِّرَازُ) عَلَى الثَّوْبِ (حَرَامٌ عَلَيْهَا) إنْ كَبِرَ لِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهِ (وَإِنْ صَغُرَ فَوُجُوهٌ) ثَلَاثَةٌ ثَالِثُهَا إنْ نُسِجَ مَعَ الثَّوْبِ جَازَ، وَإِنْ رُكِّبَ عَلَيْهِ حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ زِينَةٍ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (وَيَحْرُمُ) عَلَيْهَا (الْحُلِيُّ) مِنْ خَلْخَالٍ وَسِوَارٍ وَغَيْرِهِمَا (وَلَوْ خَاتَمَ فِضَّةٍ) أَوْ حُلِيَّ لُؤْلُؤٍ لِظَاهِرِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَلِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهِ (وَلَهَا لُبْسُ الْحُلِيِّ لِلْإِحْرَازِ) لَهُ أَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى (لَيْلًا) بِلَا كَرَاهَةٍ وَلَهَا ذَلِكَ فِيهِ أَيْضًا بِلَا حَاجَةٍ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَاسْتُشْكِلَ بِحُرْمَةِ التَّطَيُّبِ وَلِبَاسِ الْمَصْبُوغِ لَيْلًا وَفُرِّقَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُحَرِّكُ الشَّهْوَةَ بِخِلَافِ التَّحَلِّي. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا لُبْسُهُ نَهَارًا فَحَرَامٌ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِإِحْرَازِهِ فَظَاهِرٌ جَوَازُهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ تَعَوَّدُوا) أَيْ قَوْمُهَا (التَّحَلِّي بِالنُّحَاسِ أَوْ الرَّصَاصِ أَوْ أَشْبَهَا التِّبْرَيْنِ) أَيْ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ بِحَيْثُ لَا يُعْرَفَانِ إلَّا بِتَأَمُّلٍ (أَوْ مَوَّهَا بِهِمَا حَرُمَا) ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالتَّمْوِيهُ بِغَيْرِهِمَا أَيْ مِمَّا يَحْرُمُ تَزَيُّنُهَا بِهِ كَالتَّمْوِيهِ بِهِمَا، وَإِنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى ذِكْرِهِمَا اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ (وَهِيَ فِي تَحْرِيمِ الطِّيبِ، وَأَكْلِهِ وَالدُّهْنِ كَالْمُحَرَّمِ) فِي تَحْرِيمِهِمَا عَلَيْهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ لَكِنْ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ الْكَائِنِ مَعَهَا حَالَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَلَا يَقْدَحُ اسْتِعْمَالُهَا الطِّيبَ فِي عِدَّتِهَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ فِي ذَلِكَ (وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الِاكْتِحَالُ) بِإِثْمِدٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ كَانَتْ سَوْدَاءَ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ زِينَةً وَجَمَالًا لِلْعَيْنِ (وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهَا (تَسْوِيدُ الْحَاجِبِ بِالْأَسْوَدِ كَالْإِثْمِدِ)   [حاشية الرملي الكبير] فِي غَالِبِ الْأَمْرِ يَتَحَرَّكُ لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَلِأَرْبَعَةٍ إنْ كَانَ أُنْثَى، وَاعْتُبِرَ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَزِيدَ عَلَيْهِ اسْتِظْهَارًا إذْ رُبَّمَا تَضْعُفُ حَرَكَتُهُ فِي الْمَبَادِي فَلَا تَحُسُّ بِهَا. (قَوْلُهُ: فَلَهَا لُبْسُ غَيْرِ الْمَصْبُوغِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِغَيْرِ الْمَصْبُوغِ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ مَا نُسِجَ عَلَى هَيْئَتِهِ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثِ تَحْسِينٍ فِيهِ أَصْلًا فَالظَّاهِرُ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا جَوَازُهُ وَيَجُوزُ حَمْلُ ظَاهِرِ النَّصِّ، وَكَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ كَيْفَ صُنِعَ فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الزِّينَةَ فِيمَا بُيِّضَ مِنْ أَبْيَضِهِ وَحَسُنَ مِنْ أَصْفَرِهِ، وَأَحْمَرِهِ وَصُقِلَ بَعْدَ نَسْجِهِ ظَاهِرَةٌ بَلْ هُوَ أَحْسَنُ، وَأَزْيَنُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمُصَبَّغَاتِ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَحْرُمَ الْمَصْبُوغُ الْبَرَّاقُ مِنْ الْقُطْنِ، وَالصُّوفِ وَالْكَتَّانِ، وَإِنْ خَشُنَ وَلَا يَحْرُمُ الْأَصْفَرُ، وَالْأَحْمَرُ الْخِلْقِيُّ مَعَ صَفَائِهِمَا وَشِدَّةِ بِرِيقِهِمَا وَزِيَادَةِ الزِّينَةِ فِيهِمَا عَلَى الْمَصْبُوغِ مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ آخِرَ الْبَابِ وَعَقْدُ الْبَابِ أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ زِينَةٌ تُشَوِّقُ الرِّجَالَ بِهِ إلَى نَفْسِهَا تُمْنَعُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَا الْمَصْبُوغُ بِالسَّوَادِ، وَكَذَا زُرْقَةٌ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّحَلِّي بِالنُّحَاسِ أَيْ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ قَوْمٍ بِالتَّزَيُّنِ بِالْأَسْوَدِ، وَالْأَزْرَقِ الْكَدِرِ وَنَحْوِهِمَا حَرُمَ عَلَيْهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ. كا (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَلِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا صَدِئَ الذَّهَبُ بِحَيْثُ لَا يَبِينُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ جَوَازُهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَوَّدُوا التَّحَلِّيَ بِالنُّحَاسِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْقَدِحُ أَنْ يَحْرُمَ بِكُلِّ بِلَادٍ مَا يَعُدُّهُ أَهْلُهَا زِينَةً وَحُلِيًّا كَالْخَرَزِ وَالْوَدَعِ عِنْدَ السُّودَانِ قَالَ وَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِ تَخَتُّمِهَا بِالْعَقِيقِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْجَوَاهِرِ، وَقَدْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ بِتَحْرِيمِ لُبْسِ الدَّمَالِجِ، وَالْخَوَاتِمِ مِنْ الْعَاجِ، وَالدُّبُلِ؛ لِأَنَّ لَهَا زِينَةً، وَقَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْقَدِحُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالتَّمْوِيهُ بِغَيْرِهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي تَحْرِيمِ الطِّيبِ، وَأَكْلِهِ، وَالدُّهْنِ كَالْمُحَرَّمِ) لَوْ دَعَتْ إلَى اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ حَاجَةٌ جَازَ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَقَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَتَسْوِيدُ الْحَاجِبِ بِالْأَسْوَدِ كَالْإِثْمِدِ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْإِثْمِدِ فِي جَمِيعِ بَدَنِهَا إلَّا فِي حَاجِبِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الزِّينَةُ فِي غَيْرِ الْعَيْنَيْنِ، وَالْحَاجِبِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ فِيهِ. (وَيَجُوزُ) لَهَا الِاكْتِحَالُ بِهِ (لِلْحَاجَةِ) إلَيْهِ لِرَمَدٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ بِالنَّهَارِ، وَ) يَجُوزُ ذَلِكَ (لِلضَّرُورَةِ) إلَى اسْتِعْمَالِهِ (نَهَارًا وَيَجُوزُ) الِاكْتِحَالُ (بِالْأَبْيَضِ كَالتُّوتْيَا) إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ (لَا الْأَصْفَرِ كَالصَّبْرِ) بِفَتْحِ الصَّادِ، وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الْبَاءِ وَبِفَتْحِ الصَّادِ، وَكَسْرِ الْبَاءِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْضَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ نَعَمْ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ لِرَمَدٍ أَوْ نَحْوِهِ جَازَ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا فَفِي أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنِهَا صَبْرًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ هُوَ صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ فَقَالَ إنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ فَلَا تَجْعَلِيهِ إلَّا بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ لَيْلًا فَإِذَنْ لَهَا فِيهِ لَيْلًا بَيَانًا لِجَوَازِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ. وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنَكْحُلُهَا فَقَالَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا» كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَوْفُ عَلَى عَيْنِهَا أَوْ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهَا الْبُرْءُ بِدُونِهِ لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ رَدَّهَا عَبْدُ الْحَقِّ «قَالَتْ إنِّي أَخْشَى أَنْ تَنْفَقِئَ عَيْنُهَا قَالَ لَا، وَإِنْ انْفَقَأَتْ» ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ، وَإِنْ انْفَقَأَتْ عَيْنُهَا فِي زَعْمِك؛ لِأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْفَقِئُ أَمَّا إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ نَهَارًا فَيَجُوزُ فِيهِ. (وَيَحْرُمُ طَلْيُ الْوَجْهِ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُصَفِّرُ الْوَجْهَ فَهُوَ كَالْخِضَابِ (وَبِكُلِّ مَا يُحَمِّرُهُ وَيُصَفِّرُهُ) وَيُبَيِّضُهُ كَإِسْفِيذَاجَ (وَ) يَحْرُمُ (تَصْفِيفُ الشَّعْرِ) أَيْ الطُّرَّةُ (وَتَجْعِيدُ الْأَصْدَاغِ) أَيْ شَعْرِهَا (وَالِاخْتِضَابُ بِالْحِنَّاءِ) أَوْ نَحْوِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْبَدَنِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ (لَا فِيمَا تَحْتَ الثِّيَابِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ لِأُمِّ سَلَمَةَ فِي الصَّبْرِ لَيْلًا لِخَفَائِهِ عَلَى الْأَبْصَارِ فَكَذَا مَا أَخْفَاهُ ثِيَابُهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْغَالِيَةُ، وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهَا كَالْخِضَابِ. (فَرْعٌ: لَهَا التَّجَمُّلُ بِالْفُرُشِ وَالسُّتُورِ، وَأَثَاثِ الْبَيْتِ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْدَادَ فِي الْبَدَنِ لَا فِي الْفُرُشِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا الْغِطَاءُ فَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ لِبَاسٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَيْلًا فَعَلَى مَا مَرَّ فِي الْحُلِيِّ قُلْت الْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ مُطْلَقًا (وَ) لَهَا (التَّنْظِيفُ بِالْحَمَّامِ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ (وَغَسْلُ الرَّأْسِ، وَمَشْطُهُ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ) وَالِاسْتِحْدَادُ، وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الزِّينَةِ أَيْ الدَّاعِيَةِ إلَى الْجِمَاعِ فَلَا يُنَافِي فِي إطْلَاقِ اسْمِهَا عَلَى ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (وَمَنْ تَرَكَتْ الْإِحْدَادَ أَوْ السُّكْنَى) فِي كُلِّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ) إذْ الْعِبْرَةُ فِي انْقِضَائِهَا بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ حَتَّى لَوْ بَلَغَهَا وَفَاةٌ لِزَوْجٍ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا (وَعَصَتْ) بِتَرْكِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ عَلِمَتْ) حُرْمَةَ التَّرْكِ هَذَا إنْ كَانَتْ مُكَلَّفَةً، وَإِلَّا فَالْعِصْيَانُ عَلَى وَلِيِّهَا. (فَرْعٌ: لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) مِنْ الْمَوْتَى (إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ؛ وَلِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ إظْهَارَ عَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَالْأَلْيَقُ بِهَا التَّلَفُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا لِحَبْسِهَا عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلِغَيْرِهَا فِي الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ قَدْ لَا تَسْتَطِيعُ فِيهَا الصَّبْرَ وَلِذَلِكَ يُسَنُّ فِيهَا التَّعْزِيَةُ، وَبَعْدَهَا تَنْكَسِرُ أَعْلَامُ الصَّبْرِ قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الرَّادَّ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي فَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ الْإِحْدَادُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ. انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَالْقَرِيبِ. (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي السُّكْنَى) (وَتَجِبُ السُّكْنَى) لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ طَلَاقٍ وَلَوْ بَائِنًا بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] (وَكَذَا) تَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ (عَنْ وَفَاةٍ وَفَسْخٍ) بِرِدَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ بِجَامِعِ فُرْقَةِ النِّكَاحِ وَلِخَبَرِ «فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ أَنْ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا، وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ فَانْصَرَفْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ فَاعْتَدَّتْ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ فِي الشَّفَةِ، وَاللِّثَةِ وَعَلَى الْخَدَّيْنِ، وَالذَّقَنِ فَيَحْرُمُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (قَوْله لِرَمَدٍ أَوْ غَيْرِهِ) الدُّهْنُ لِلْحَاجَةِ كَالِاكْتِحَالِ لِلرَّمَدِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بِالْأَبْيَضِ كَالتُّوتْيَا إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ) قَالَ شَيْخُنَا: يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَى اسْتِعْمَالِهَا حَاجَةٌ. كا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْبَدَنِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِمَا يَظْهَرُ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَشَعْرُ الرَّأْسِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مَا يَكُونُ تَحْتَ الثِّيَابِ كَالرِّجْلَيْنِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْغِطَاءُ فَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَفِي الْتِحَافِهَا بِالْحَرِيرِ نَظَرٌ، وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ لِكَوْنِهِ لُبْسًا. (قَوْلُهُ: قُلْت الْأَوْجَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا التَّنْظِيفُ بِالْحَمَّامِ إلَخْ) وَتَطِيبُ الْمَحَلِّ بِشَيْءٍ مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ عِنْدَ اغْتِسَالِهَا مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ بِخِلَافِ الْمُحْرِمَةِ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الشَّعَثَ وَلَا زِينَةَ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ يَطُولُ زَمَنُهَا فَرُخِّصَ لَهَا فِيهِ لِقَطْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ (قَوْلُهُ: إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّهَا أَيَّامُ تَعْزِيَةٍ وَبَعْدَهَا تَنْكَسِرُ أَعْلَامُ الْحُزْنِ (قَوْله قَالَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَالْقَرِيبِ) فِي مَعْنَى ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ وَالصِّهْرُ، وَالصِّدِّيقُ كَمَا أَلْحَقُوا بِهِمْ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَةِ، وَهَلْ لِلرَّجُلِ التَّحَزُّنُ عَلَى الْمَيِّتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا أَنَّ لِلْمَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمْ لَا؟ . ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ لِلرَّجُلِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْعُجَالَةِ: وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ فَإِنَّ النِّسَاءَ يَضْعُفْنَ عَنْ الْمَصَائِبِ بِخِلَافِ الرِّجَالِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّة] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي السُّكْنَى) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 وَعَشْرًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ السُّكْنَى لِلْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ دُونَ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ، وَهِيَ تَحْتَاجُ إلَيْهَا بَعْدَ الْوَفَاةِ كَالْحَيَاةِ، وَالنَّفَقَةُ لِسُلْطَتِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ انْقَضَتْ (لَا) لِمُعْتَدَّةٍ (عَنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ) وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّرَبُّصِ فِيهَا لَمْ تَتَأَكَّدْ حُرْمَتُهُ فَلَا يَلْحَقُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ (وَلَا سُكْنَى لِأُمِّ وَلَدٍ عَتَقَتْ) بِإِعْتَاقِ سَيِّدِهَا أَوْ مَوْتِهِ كَذَلِكَ (وَلَا صَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ) أَيْ لَا سُكْنَى لَهَا (وَلَا لِأَمَةٍ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ التَّامِّ كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهُمَا (بَلْ لِلزَّوْجِ إسْكَانُهَا حَالَ فَرَاغِ الْخِدْمَةِ) لِلسَّيِّدِ لِتُحْصِنَهَا (وَلَا) سُكْنَى (لِمَنْ طَلُقَتْ) أَوْ تُوُفِّيَ زَوْجُهَا (نَاشِزَةً أَوْ نَشَزَتْ فِي الْعِدَّةِ) وَلَوْ فِي عِدَّةٍ لِوَفَاةٍ (بِالْخُرُوجِ) مِنْ مَنْزِلِهِ (حَتَّى تُطِيعَ) كَمَا لَوْ نَشَزَتْ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ بَلْ أَوْلَى. (فَصْلٌ: وَيَجِبُ لَهَا) أَيْ لِلْمُعْتَدَّةِ أَيْ تَسْتَحِقُّ (السُّكْنَى بِمَسْكَنِ يَوْمِ الْفِرَاقِ) بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ فُرَيْعَةَ السَّابِقِ، وَمُحَافَظَةً عَلَى حِفْظِ مَاءِ الزَّوْجِ هَذَا إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ مُسْتَحَقًّا لِلزَّوْجِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَعَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ) إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْهُ ذُو الْعِدَّةِ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي لِآيَةِ {لا تُخْرِجُوهُنَّ} [الطلاق: 1] ، وَمِثْلُهَا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ السُّكْنَى عَلَى الْوَاطِئِ وَالنَّاكِحِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الرَّجْعِيَّةَ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ وَفِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ. (نَعَمْ إنْ كَانَ) الْمَسْكَنُ (خَسِيسًا لَمْ يَلْزَمْهَا الرِّضَا بِهِ) فَلَهَا طَلَبُ النَّقْلَةِ إلَى لَائِقٍ بِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْمَحُ بِالسُّكْنَى فِيهِ لِدَوَامِ الصُّحْبَةِ، وَقَدْ زَالَتْ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ يَتَجَدَّدُ لَهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ فَلَا تُؤَثِّرُ الْمُسَامَحَةُ فِيهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (أَوْ) كَانَ (نَفِيسًا لَمْ يَلْزَمْهُ) الرِّضَا بِهِ فَلَهُ نَقْلُهَا إلَى لَائِقٍ بِهَا إنْ وَجَدَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَبَرِّعًا لَهَا وَبِهِ وَالتَّبَرُّعُ لَا يَلْزَمُ قَبْلَ اتِّصَالِهِ بِالْقَبْضِ (فَإِنْ كَانَ لَائِقًا) بِهَا وَ (رَضِيَا بِالنَّقْلَةِ مِنْهُ بِلَا حَاجَةٍ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ إبْطَالُ أَصْلِ الْعِدَّةِ بِاتِّفَاقِهِمَا لَا يَجُوزُ إبْطَالُ تَوَابِعِهِ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ حَيْثُ يَسْكُنَانِ وَيَنْتَقِلَانِ كَيْفَ شَاءَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا عَلَى الْخُلُوصِ وَلَوْ تَرَكَا الِاسْتِقْرَارَ، وَأَدَامَا السَّفَرَ جَازَ بِخِلَافِهِ هُنَا (فَإِنْ طَلَّقَهَا) أَوْ مَاتَ (وَقَدْ انْتَقَلَتْ) مِنْ مَسْكَنِهَا (إلَى مَسْكَنٍ أَوْ بَلَدٍ) آخَرَ (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ) وَاعْتَدَّتْ فِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ لَهَا فِي الْإِقَامَةِ فِي لَا الثَّانِي فَتَلْزَمُهَا فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) ، وَقَدْ انْتَقَلَتْ (بِإِذْنٍ) مِنْهُ (اعْتَدَّتْ فِي الثَّانِي) ؛ لِأَنَّهُ الْمَسْكَنُ عِنْدَ الْفِرَاقِ (وَكَذَا) تَعْتَدُّ فِيهِ (لَوْ طَلَّقَهَا) أَوْ مَاتَ (بَعْدَ الْخُرُوجِ) إلَيْهِ مِنْ الْمَسْكَنِ أَوْ عُمْرَانِ الْبَلَدِ وَبَعْدَ الْإِذْنِ فِي الِانْتِقَالِ إلَيْهِ (وَقَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْمُقَامِ فِيهِ مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْخُرُوجِ فَتَعْتَدُّ فِي الْأَوَّلِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الِانْتِقَالِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ وَجَبَتْ فِيهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مُرَتَّبٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ (وَالِاعْتِبَارُ بِنَقْلِهِ بَدَنَهَا لَا) بِنَقْلِهِ (أَثَاثَهَا وَخَدَمَهَا) كَمَا أَنَّ حَاضِرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَنْ هُوَ بِمَكَّةَ لَا مَنْ أَثَاثُهُ وَخَدَمُهُ بِهَا (وَلَا أَثَرَ لِعَوْدِهَا) إلَى الْأَوَّلِ (لِنَقْلِ الْمَتَاعِ) أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَوْ أَذِنَ فِي الِانْتِقَالِ إلَى الثَّانِي فَانْتَقَلَتْ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ لِذَلِكَ فَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا اعْتَدَّتْ فِي الثَّانِي كَمَا لَوْ خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ فَطَلَّقَهَا، وَهِيَ خَارِجَةٌ (وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي سَفَرٍ لِحَاجَتِهَا) الْأَوْلَى لَا لِنَقْلِهِ كحج (وَلَوْ صَحِبَهَا) فِيهِ (فَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ) عُمْرَانِ (الْبَلَدِ لَمْ تُسَافِرْ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَشْرَعْ فِي السَّفَرِ، وَقِيلَ تَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا ضَرَرًا فِي إبْطَالِ سَفَرِهَا بِخِلَافِ سَفَرِ النَّقْلَةِ فَإِنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ صَرِيحُهُ (أَوْ) ، وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْخُرُوجِ (فَعَوْدُهَا أَفْضَلُ) مِنْ الْمُضِيِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْعَوْدُ؛ لِأَنَّ فِي قَطْعِ السَّيْرِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ، وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فِي سَيْرِهَا مَضَتْ أَوْ عَادَتْ (فَإِنْ مَضَتْ وَالسَّفَرُ لِحَاجَةٍ عَادَتْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا) لِتَمَامِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ انْقَضَتْ فِي الطَّرِيقِ (وَلَوْ لَمْ تَنْقَضِ مُدَّةُ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ) الَّتِي بِإِقَامَتِهِ فِيهَا لَا يَنْتَفِي عَنْهُ حُكْمُ السَّفَرِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نِهَايَةُ سَفَرِهَا وَلَهَا أَنْ تُقِيمَ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهَا، وَإِنْ زَادَتْ إقَامَتُهَا عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ السَّفَرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ) إذَا تَبَرَّعَ السَّيِّدُ بِتَسْلِيمِ أَمَتِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا ثُمَّ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ تَقْرِيرُهَا فِي الْمَسْكَنِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ أَمْ لَا لِكَوْنِهِ مُتَبَرِّعًا فِي الْأَوَّلِ فِيهِ وَقْفَةٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. اهـ. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الرَّجْعِيَّةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ) ، وَهُوَ أَوْضَحُ ع وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ) هُوَ مُرَادُهُمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 404 (أَوْ) وَالسَّفَرُ (لِنُزْهَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ سَافَرَ بِهَا الزَّوْجُ لِحَاجَةٍ لَمْ تَزِدْ عَلَى) مُدَّةِ (إقَامَةِ الْمُسَافِرِ ثُمَّ تَعُودُ) لِانْقِطَاعِ حُكْمِ سَفَرِهَا؛ وَلِأَنَّ سَفَرَهَا فِي الْأَخِيرَةِ كَانَ بِسَفَرِ زَوْجِهَا فَيَنْقَطِعُ بِزَوَالِ سُلْطَانِهِ هَذَا إنْ لَمْ تُقَدَّرْ لَهَا مُدَّةٌ (فَإِنْ قَدَّرَ لَهَا مُدَّةً فِي نَقْلِهِ أَوْ فِي سَفَرِ حَاجَةٍ أَوْ) فِي (غَيْرِهِ) ، وَقَوْلُهُ (أَوْ فِي اعْتِكَافٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ كَاعْتِكَافٍ كَانَ أَوْلَى (اسْتَوْفَتْهَا) لِلْإِذْنِ (وَعَادَتْ لِتَمَامِ الْعِدَّةِ وَلَوْ انْقَضَتْ فِي الطَّرِيقِ) لِتَكُونَ أَقْرَبَ إلَى مَوْضِعِ الْعِدَّةِ؛ وَلِأَنَّ بَلَدَ الْإِقَامَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا، وَالْعَوْدُ مَأْذُونٌ فِيهِ (وَيَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ) لِلْعَوْدِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمُدَّةِ (إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ) فِي الطَّرِيقِ (وَعَدَمِ رُفْقَةٍ) وَلَوْ جَهِلَ أَمْرَ سَفَرِهَا بِأَنْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ حَاجَةً وَلَا نُزْهَةً وَلَا أَقِيمِي وَلَا ارْجِعِي حُمِلَ عَلَى سَفَرِ النَّقْلَةِ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَذِنَ) لَهَا (فِي الْإِحْرَامِ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (ثُمَّ طَلَّقَهَا) أَوْ مَاتَ (قَبْلَهُ) ، وَقَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ الْبَلَدِ (بَطَلَ الْإِذْنُ فَلَا تُحْرِمُ) وَلَا تُسَافِرُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ أَحْرَمَتْ لَمْ تَخْرُجْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ فَاتَ الْحَجُّ) ؛ لِأَنَّ لُزُومَهَا سَبَقَ الْإِحْرَامَ فَهِيَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِغَيْرِ إذْنٍ مُتَقَدِّمٍ فَإِذَا انْقَضَتْ أَتَمَّتْ عُمْرَتَهَا أَوْ حَجَّهَا إنْ بَقِيَ وَقْتُهُ، وَإِلَّا تَحَلَّلَتْ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَلَزِمَهَا الْقَضَاءُ وَدَمُ الْفَوَاتِ (وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا) أَوْ مَاتَ (وَجَبَ) عَلَيْهَا (الْخُرُوجُ) مُعْتَدَّةً إلَى مَا أَحْرَمَتْ بِهِ (إنْ خَافَتْ الْفَوَاتَ) لِضِيقِ الْوَقْتِ لِتَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّ فِي خُرُوجِهَا تَحْصُلُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ أَيْضًا (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَخَفْ الْفَوَاتَ (جَازَ) لَهَا الْخُرُوجُ إلَى ذَلِكَ لِمَا فِي تَعَيُّنِ الصَّبْرِ مِنْ مَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ. (فَرْعٌ: الْبَدْوِيَّةُ) وَهِيَ مَنْ بَيْتُهَا مِنْ صُوفٍ وَوَبَرٍ وَنَحْوِهِمَا (إنْ لَمْ) تَكُنْ مِمَّنْ (يَنْتَقِلُ قَوْمُهَا فَكَالْحَضَرِيَّةِ) فِيمَا مَرَّ مِنْ لُزُومِ مُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَهَا وَغَيْرِهِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ (أَوْ) كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ (يَنْتَقِلُونَ) شِتَاءً أَوْ صَيْفًا (فَإِذَا ارْتَحَلُوا جَمِيعًا) ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ (فَلَهَا الِارْتِحَالُ مَعَهُمْ) لِلضَّرُورَةِ (وَلَهَا الْوُقُوفُ) أَيْ الْمُكْثُ بِمَسْكَنِهَا (إذَا أَمِنَتْ) نَفْسًا وَعُضْوًا وَبُضْعًا وَدِينًا وَمَالًا (وَكَذَا لَوْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ) لَهَا الِارْتِحَالُ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عَسِرَةٌ مُوحِشَةٌ وَلَهَا الْوُقُوفُ إنْ أَمِنَتْ بِأَنْ كَانَ فِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحِلُّ تَخَيُّرِهَا إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا أَمَّا إذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا، وَهُوَ فِي الْمُقِيمِينَ وَاخْتَارَ إقَامَتَهَا فَلَهُ ذَلِكَ قَطْعًا إلْحَاقًا لَهَا بِالزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ قَالَ وَيَشْهَدُ لَهُ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ فَإِنَّ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَوْ الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا بَدْوِيَّةً، وَسَاقَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَوَقَّفْت فِيهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِالطَّلَاقِ وَتَرْكِ الرَّجْعَةِ. انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى بَعْدَ التَّقْرِيرِ السَّابِقِ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقُصُورِ عَنْ الْغَرَضِ (وَلَهَا) إذَا ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ (أَنْ تَقِفَ دُونَهُمْ فِي قَرْيَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا (فِي الطَّرِيقِ) لِتَعْتَدَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَلْيَقُ بِحَالِهَا، وَأَقْرَبُ إلَى مَوْضِعِ عِدَّتِهَا بِخِلَافِ الْحَضَرِيَّةِ الْمَأْذُونِ لَهَا فِي السَّفَرِ لَا يَجُوزُ لَهَا الْإِقَامَةُ بِقَرْيَةٍ فِي الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ مُوَطَّنَةٌ وَالسَّفَرُ طَارِئٌ عَلَيْهَا فَتَعْتَدُّ فِي الْوَطَنِ أَوْ الْمَقْصِدِ، وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ لَا إقَامَةَ لَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَا مَقْصِدَ وَلِذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُمْ الْجُمُعَةُ (وَإِنْ خَافُوا) مِنْ عَدُوٍّ فَهَرَبُوا وَلَمْ يَنْتَقِلُوا (وَأَمِنَتْ) هِيَ (لَمْ يَجُزْ) لَهَا (أَنْ تَهْرُبَ مَعَهُمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ يَعُودُونَ إذَا أَمِنُوا. (فَرْعٌ لَوْ طَلَّقَهَا مَلَّاحٌ) لِسَفِينَةٍ أَوْ مَاتَ، وَكَانَ (يُسْكِنُهَا السَّفِينَةَ) بِضَمِّ الْيَاءِ (اعْتَدَّتْ فِيهَا إنْ انْفَرَدَتْ عَنْهُ بِمَسْكَنٍ) فِيهَا (بِمَرَافِقِهِ لِاتِّسَاعِهَا) مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى بُيُوتٍ مُتَمَيِّزَةِ الْمَرَافِقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْبَيْتِ فِي الْخَانِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَنْفَرِدْ بِذَلِكَ (فَإِنْ صَحِبَهَا مَحْرَمٌ) لَهَا (يَقُومُ بِالسَّفِينَةِ) أَيْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُومَ بِتَسْيِيرِهَا (خَرَجَ الزَّوْجُ) مِنْهَا وَاعْتَدَّتْ هِيَ فِيهَا (فَإِنْ فَقَدَتْهُ) أَيْ الْمَحْرَمَ الْمَوْصُوفَ بِمَا ذُكِرَ (خَرَجَتْ إلَى أَقْرَبِ الْقُرَى) إلَى الشَّطِّ وَاعْتَدَّتْ فِيهِ إذْ لَا يُمْكِنُ تَرْكُهَا فِي السَّفِينَةِ بِلَا مَلَّاحٍ لَكِنْ خَالَفَ الْمَاوَرْدِيُّ فِيمَا إذَا صَحِبَهَا الْمَحْرَمُ، وَلَمْ يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بِالسَّفِينَةِ فَقَالَ: لَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِيهَا إذَا تَسَتَّرَتْ عَنْ الزَّوْجِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ الْخُرُوجُ) مِنْهُ، وَمِنْهَا (تَسَتَّرَتْ وَتَنَحَّتْ عَنْهُ) بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَتْ) ، وَقَدْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ بَعْدَ خُرُوجِهَا إلَى غَيْرِ مَسْكَنِهَا أَوْ بَلَدِهَا (أَذِنْتَ لِي) فِي النَّقْلَةِ (فَخَرَجْتُ لِلنَّقْلَةِ) فَأَعْتَدُّ فِي الْمَسْكَنِ الثَّانِي (، وَقَالَ الزَّوْجُ) إنَّمَا أَذِنْتُ لَكِ فِي الْخُرُوجِ (لِلنُّزْهَةِ) أَوْ لِغَرَضِ كَذَا فَاعْتَدِّي فِي الْمَسْكَنِ الْأَوَّلِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي النَّقْلَةِ؛ وَلِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ كَمَا لَوْ خَاطَبَهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ الْبَدْوِيَّة إنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ يَنْتَقِلُ قَوْمُهَا لُزُومِ مُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَهَا] قَوْلُهُ: فَرْعٌ الْبَدْوِيَّةُ إنْ لَمْ يَنْتَقِلْ قَوْمُهَا فَكَالْحَضَرِيَّةِ) مُقْتَضَى الْتِحَاقِهَا بِالْحَضَرِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ بَيْتٍ فِي الْمَحَلَّةِ إلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْهَا فَخَرَجَتْ مِنْهُ، وَلَمْ تَصِلْ إلَى الْآخَرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْمُضِيُّ أَوْ الرُّجُوعُ، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ إلَى أُخْرَى فَلَحِقَهَا الطَّلَاقُ أَوْ مَوْتُهُ بَيْنَهُمَا أَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهَا، وَقَبْلَ مُفَارَقَةِ بَقِيَّةِ مَحَلَّتِهَا هَلْ تَمْضِي أَوْ تَرْجِعُ؟ . فَيَجِيءُ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الشَّرْحِ، وَالرَّوْضَةِ لِذَلِكَ يُسْتَثْنَى مِنْ إلْحَاقِهَا بِهَا صُورَةٌ مِنْهَا لَوْ انْتَقَلَ أَهْلُهَا وَبَقِيَ غَيْرُهُمْ تَخَيَّرَتْ فِي الْإِقَامَةِ، وَالْحَضَرِيَّةُ لَوْ انْتَقَلَ أَهْلُهَا مِنْ الْبَلَدِ لَمْ يَكُنْ لَهَا الِانْتِقَالُ، وَمِنْهَا حَيْثُ يَجُوزُ لَهَا الِانْتِقَالُ لَوْ مَرَّتْ بِقَرْيَةٍ، وَأَرَادَتْ أَنْ تُقِيمَ بِهَا جَازَ، وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَمْضِيَ مَعَهُمْ فَإِنَّ الْمُقَامَ بِالْقُرْبَةِ أَوْلَى مِنْ السَّيْرِ لَا سِيَّمَا، وَفِيهِ قُرْبٌ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ بِخِلَافِ الْحَضَرِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ ارْتَحَلُوا جَمِيعًا إلَخْ) لَوْ ارْتَحَلَ قَوْمُهُمَا كُلُّهُمْ أَوْ النِّسَاءُ لِخَوْفٍ وَبَقِيَ الرِّجَالُ أَوْ ارْتَحَلَ بَعْضُ الْحَيِّ، وَفِيهِمْ أَهْلُهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُقِيمَ، وَلَوْ ارْتَحَلَ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ أَوْ غَيْرُ أَهْلِهَا، وَأَهْلِ الزَّوْجِ أَوْ أَهْلُهَا وَبَقِيَ أَهْلُ الزَّوْجِ فَعَلَيْهَا أَنْ تُقِيمَ، وَإِنْ ارْتَحَلَ أَهْلُ الزَّوْجِ وَبَقِيَ أَهْلُهَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 بِكِنَايَةِ طَلَاقٍ وَاخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ (أَوْ) قَالَ لَهَا (الْوَارِثُ) ذَلِكَ عَنْ مُوَرِّثِهِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ هِيَ وَالزَّوْجُ أَوْ وَارِثُهُ فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (فَإِنْ قَالَ قُلْت انْتَقِلِي لِلنُّزْهَةِ أَوْ شَهْرًا) أَوْ نَحْوَهُ (فَأَنْكَرَتْ لَفْظَ النُّزْهَةِ أَوْ شَهْرًا) أَوْ نَحْوَهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ اخْتِلَافُهَا مَعَ الزَّوْجِ بِأَنْ قَالَ قُلْت إلَى آخِرِهِ أَمْ مَعَ وَارِثِهِ بِأَنْ قَالَ قَالَ مُوَرِّثِي قُلْت إلَى آخِرِهِ. (فَصْلٌ: لِلزَّوْجِ وَالْوَرَثَةِ) بَعْدَ مَوْتِهِ (مَنْعُهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةَ (مِنْ الْخُرُوجِ) مِنْ مَسْكَنِ عِدَّتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ سَكَنِهِنَّ {وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْ بِالْبَذَاءِ عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا (فَإِنْ خَافَتْ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ دِينٍ أَوْ مَالٍ (انْتَقَلَتْ) ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ الْخُرُوجِ لِلطَّعَامِ وَنَحْوِهِ (أَوْ اشْتَدَّ أَذَاهَا بِبَذَاءِ الْأَحْمَاءِ) عَلَيْهَا (أُخْرِجُوا) عَنْهَا مِنْ الْمَسْكَنِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَضَاقَ أَمْ اتَّسَعَ وَالْأَحْمَاءُ أَقَارِبُ الزَّوْجِ كَأَخِيهِ وَالْبَذَاءُ بِالْمُعْجَمَةِ أَصْلُهُ الْبَذَاءَةُ بِالْمَدِّ فِيهِمَا أَيْ الْفُحْشُ تَقُولُ مِنْهُ بَذَوْت عَلَى الْقَوْمِ، وَأَبْذَأْتُ عَلَيْهِمْ وَفُلَانٌ بَذِئُ اللِّسَانِ وَفُلَانَةُ بَذِيَّةٌ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَإِنْ بَذَأَتْ هِيَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَحْمَائِهَا (فَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ أَوْ وَارِثِهِ (نَقْلُهَا) مِنْ الْمَسْكَنِ لِمَا مَرَّ فِي آيَةِ وَلَا تُخْرِجُوهُنَّ «وَلِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» لِمَا قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ فِي لِسَانِهَا ذَرَابَةٌ فَاسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا (هَذَا إنْ اتَّحَدَتْ الدَّارُ وَاتَّسَعَتْ لَهَا وَلِلْأَحْمَاءِ) وَلَمْ تَكُنْ مِلْكَهَا وَلَا مِلْكَ أَبَوَيْهَا (فَإِنْ ضَاقَتْ) عَنْهُمْ أَوْ كَانَتْ مِلْكَهَا أَوْ مِلْكَ أَبَوَيْهَا (فَهِيَ أَوْلَى بِهَا فَتُخْرِجُ الْأَحْمَاءَ) مِنْهَا (وَتُنْقَلُ) مِنْ مَسْكَنِهَا (إنْ أَبَذَأَتْ عَلَى الْجِيرَانِ وَتَأَذَّتْ بِهِمْ أَوْ هُمْ بِهَا أَذًى شَدِيدًا) بِخِلَافِ الْيَسِيرِ إذْ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ، وَقَوْلُهُ بَذَأَتْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ صَوَابُهُ بَذَتْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَلُّ اللَّامِ كَدَعَتْ (لَا) إنْ بَذَتْ (عَلَى أَبَوَيْهَا إنْ سَاكَنَتْهُمَا) فِي دَارِهِمَا فَلَا تُنْقَلُ وَلَا يُنْقَلَانِ، وَإِنْ تَأَذَّتْ بِهِمَا أَوْ هُمَا بِهَا؛ لِأَنَّ الشَّرَّ وَالْوَحْشَةَ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمْ طُولَهَا مَعَ الْأَحْمَاءِ وَالْجِيرَانِ (وَتُعَذَّرُ مُعْتَدَّةٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَنْ فُرْقَةِ حَيَاةٍ أَوْ وَفَاةٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ حَيْثُ (لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا) وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْ يَقْضِيهَا حَاجَتَهَا (فِي الْخُرُوجِ لِشِرَاءِ الطَّعَامِ وَالْقُطْنِ وَبَيْعِ الْغَزْلِ) وَنَحْوِهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا (نَهَارًا لَا لَيْلًا) عَمَلًا بِالْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ نَهَارًا وَالْأَصْلُ فِيمَا قَالَهُ قَوْلُ جَابِرٍ «طَلُقَتْ خَالَتِي ثَلَاثًا فَخَرَجَتْ تَجُدُّ نَخْلًا لَهَا فَنَهَاهَا رَجُلٌ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ اُخْرُجِي فَجُدِّي نَخْلَك وَلَعَلَّك أَنْ تَصَدَّقِي مِنْهُ أَوْ تَفْعَلِي خَيْرًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَنَخْلُ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالْجِدَادُ لَا يَكُونُ إلَّا نَهَارًا أَيْ غَالِبًا. (وَلَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا إلَى الْجِيرَانِ لِلْحَدِيثِ وَالْغَزْلِ) وَنَحْوِهِمَا لِلتَّأَنُّسِ بِهِمْ (وَ) لَكِنْ (لَا تَبِيتُ) عِنْدَهُمْ بَلْ فِي مَسْكَنِهَا الْمَاوَرْدِيُّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْبَيْهَقِيُّ «أَنَّ رِجَالًا اُسْتُشْهِدُوا بِأُحُدٍ فَقَالَتْ نِسَاؤُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَسْتَوْحِشُ فِي بُيُوتِنَا فَنَبِيتُ عِنْدَ إحْدَانَا فَأَذِنَ لَهُنَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَحَدَّثْنَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ فَإِذَا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ تَأْوِي كُلُّ امْرَأَةٍ إلَى بَيْتِهَا» وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَحِلُّهُ إذَا أَمِنَتْ الْخُرُوجَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا مَنْ يُؤْنِسُهَا (وَلَا تَخْرُجُ الرَّجْعِيَّةُ وَالْمُسْتَبْرَأَةُ) وَالْبَائِنُ الْحَامِلُ لِمَا ذُكِرَ (إلَّا بِإِذْنٍ) أَوْ لِضَرُورَةٍ كَالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُنَّ مَكْفِيَّاتٌ بِنَفَقَتِهِنَّ، وَهَذَا مَا احْتَرَزَ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا نَعَمْ لِلْبَائِنِ الْحَامِلِ الْخُرُوجُ لِغَيْرِ تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ كَشِرَاءِ قُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَنَحْوِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ لَزِمَهَا حَدٌّ أَوْ يَمِينٌ) فِي دَعْوَى (وَهِيَ بَرْزَةٌ) أَيْ كَثِيرَةُ الْخُرُوجِ (خَرَجَتْ لَهُ أَوْ مُخَدَّرَةٌ حُدَّتْ وَحَلَفَتْ فِي مَسْكَنِهَا) بِأَنْ يَحْضُرَ إلَيْهَا الْحَاكِمُ أَوْ يَبْعَثَ إلَيْهَا نَائِبَهُ (وَإِنْ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ بِدَارِ الْحَرْبِ هَاجَرَتْ) مِنْهَا إلَى دَارِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لَهَا الْوَارِثُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كُلُّ يَمِينٍ تَثْبُتُ لِشَخْصٍ فَمَاتَ فَإِنَّهَا تَثْبُتُ لِوَارِثِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ، وَالْوَارِثِ أَنَّ كَوْنَهَا فِي الْمَنْزِلِ الثَّانِي يَشْهَدُ بِصِدْقِهَا وَتَرَجَّحَ جَانِبُهَا عَلَى جَانِبِ الْوَارِثِ، وَلَا يُرَجَّحُ عَلَى جَانِبِ الزَّوْجِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِمَا، وَالْوَارِثُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ هِيَ، وَالزَّوْجُ أَوْ، وَارِثُهُ فِي الْإِذْنِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ خَرَجَتْ إلَى دَارِ غَيْرِهَا، وَقَالَتْ خَرَجْت بِإِذْنِك، وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ مَعَ الْوَارِثِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْعُبَابِ: لَوْ خَرَجَتْ الزَّوْجَةُ إلَى دَارٍ أَوْ بَلَدٍ غَيْرِ الْأُولَى ثُمَّ فُورِقَتْ فَقَالَتْ لِلزَّوْجِ خَرَجْت بِإِذْنِك فَأَنْكَرَ الْإِذْنَ حَلَفَ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ وَارِثُهُ حَلَفَتْ هِيَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْإِذْنِ فِي الِانْتِقَالِ، وَادَّعَى ضَمَّ النُّزْهَةِ أَوْ التَّقْدِيرَ بِمُدَّةٍ، وَأَنْكَرَتْ. اهـ. الرَّاجِحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَارِثِ إذَا أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ. [فَصْلٌ لِلزَّوْجِ وَالْوَرَثَةِ مَنْعُ الْمُعْتَدَّة مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَسْكَنِ عِدَّتِهَا] (قَوْلُهُ: أَوْ دَيْنٌ أَوْ مَالٌ) أَيْ كَوَدِيعَةٍ عِنْدَهَا (قَوْلُهُ: وَالْبَذَاءَةُ بِالْمُعْجَمَةِ إلَخْ) الْبَذَاءَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَبِالْمَدِّ الْفُحْشُ (قَوْلُهُ: وَتُعَذَّرُ مُعْتَدَّةٌ مُطْلَقًا لَا تَجِبُ لَهَا نَفَقَةٌ فِي الْخُرُوجِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ إنَّهَا إنْ لَمْ تَحُجَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَضَبَتْ هَلْ تُقَدِّمُ الْحَجَّ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الرَّبِّ الْمَحْضِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَتْ قَدْ نَذَرَتْ قَبْلَ التَّزَوُّجِ أَوْ بَعْدَهُ أَنْ تَحُجَّ عَامَ كَذَا فَحَصَلَ الْفِرَاقُ فِيهِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ، وَقَوْلُهُ: هَلْ تُقَدِّمُ الْحَجَّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ غَزْلٍ وَنَحْوُهُمَا) كَالِاسْتِيفَاءِ، وَالتَّصَدُّقِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ فِي زَوْجَةِ الْمَيِّتِ أَوْ الْمُطَلِّقُ لَا تَحْرَجُ نَهَارًا لِمَا سَبَقَ، وَأَنَا آتِيهَا بِمَنْ يَكْفِيهَا ذَلِكَ مِمَّنْ تَرْضَاهُ هِيَ، وَلَا تَخْرُجُ لَيْلًا لِلْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ، وَأَنَا آتِيهَا بِمَنْ يُؤْنِسُهَا مِنْ جَارَاتِهَا أَوْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ تَرْضَاهُ، وَلَا أُمَكِّنُهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِذَلِكَ هَلْ يُجَابُ؟ . لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَيَقْرُبُ أَنْ يُجَابَ، وَقَوْلُهُ: وَيَقْرُبُ أَنْ يُجَابَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 الْإِسْلَامِ (إلَّا مَنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا) وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ (فَحَتَّى) أَيْ فَلَا تُهَاجِرُ حَتَّى (تَعْتَدَّ، وَإِنْ زَنَتْ) مُعْتَدَّةٌ (وَهِيَ بِكْرٌ غُرِّبَتْ) وَلَا يُؤَخَّرُ تَغْرِيبُهَا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَيُخَالِفُ تَأْخِيرَ الْحَدِّ لِشِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ؛ لِأَنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْحَدِّ وَيُعِينَانِ عَلَى الْهَلَاكِ وَالْعِدَّةُ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْحَدِّ (وَتَخْرُجُ) مِنْ مَنْزِلِهَا (إنْ رَجَعَ مُعِيرُ الْمَنْزِلِ) فِيهِ (أَوْ تَمَّتْ مُدَّةُ مُؤَجِّرٍ) لَهُ (وَلَمْ يَرْضَ) الْمُعِيرُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ (بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) فَأَقَلَّ لِخَبَرِ «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ (فَإِنْ رَضِيَ بِالْأُجْرَةِ لَا الْإِعَارَةِ، وَقَدْ نُقِلَتْ إلَى) مَسْكَنٍ (مُسْتَعَارٍ رُدَّتْ) إلَى الْأَوَّلِ لِجَوَازِ رُجُوعِ الْمُعِيرِ (أَوْ) إلَى (مُسْتَأْجِرٍ فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا تُرَدُّ إلَى الْأَوَّلِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْفِرَاقِ فِيهِ وَثَانِيهِمَا لَا تُرَدُّ بَلْ تَعْتَدُّ فِي الثَّانِي تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الِاسْتِقْرَارِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِالْإِعَارَةِ فَلَا تُرَدُّ إلَى الْأَوَّلِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحَمُّلِ الزَّوْجِ مِنْهُ الْعَارِيَّةَ ثَانِيًا وَفِي مَعْنَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُوصَى بِسُكْنَاهُ مُدَّةً وَانْقَضَتْ وَفِي مَعْنَى رُجُوعِ الْمُعِيرِ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ وَزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَا تُعَذَّرُ فِي الْخُرُوجِ لِتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَتَعْجِيلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ) وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَغْرَاضِ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ الزِّيَادَاتِ دُونَ الْمُهِمَّاتِ. (فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ) وَلَوْ أَعْمَى (مُسَاكَنَةُ الْمُعْتَدَّةِ) فِي الدَّارِ الَّتِي تَعْتَدُّ فِيهَا، وَمُدَاخَلَتُهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْخَلْوَةِ بِهَا، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضْرَارًا بِهَا، وَقَالَ تَعَالَى {وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: 6] (إلَّا فِي دَارٍ وَاسِعَةٍ) فَيَجُوزُ ذَلِكَ (مَعَ مَحْرَمٍ لَهَا مِنْ الرِّجَالِ أَوْ) مَحْرَمٍ (لَهُ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ) مَعَ (زَوْجَةٍ) أُخْرَى لَهُ (أَوْ جَارِيَةٍ) لَهُ وَلَهَا لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ السَّابِقِ (وَ) لَكِنَّهُ (يُكْرَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ النَّظَرُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الزَّوْجَةِ وَالْجَارِيَةِ أَنْ يَكُونَا ثِقَتَيْنِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فِي الزَّوْجَةِ لِمَا عِنْدَهَا مِنْ الْغِيرَةِ (وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَحْرَمِ) وَنَحْوِهِ (تَمْيِيزٌ وَبُلُوغٌ) فَلَا يَكْفِي غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَلَا الْمُمَيِّزُ الصَّغِيرُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يَلْزَمُهُ إنْكَارُ الْفَاحِشَةِ وَاعْتِبَارُ الْبُلُوغِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: يَكْفِي عِنْدِي حُضُورُ الْمُرَاهِقِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي مِنْهَاجِهِ كَأَصْلِهِ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُمَيِّزِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا أَوْ مُرَاهِقًا أَوْ مُمَيِّزًا يُسْتَحْيَا مِنْهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا فَلَا يَكْفِي الْأَعْمَى كَمَا لَا يَكْفِي فِي السَّفَرِ بِالْمَرْأَةِ إذَا كَانَ مَحْرَمًا لَهَا (وَالنِّسْوَةُ الثِّقَاتُ كَالْمَحْرَمِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَكَذَا) الْمَرْأَةُ (الْوَاحِدَةُ) الثِّقَةُ مَحْرَمًا كَانَتْ أَوْ لَا، وَاكْتَفَى بِالْوَاحِدَةِ هُنَا بِخِلَافِ الْحَجِّ لِأَخْطَارِ السَّفَرِ عَلَى أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا هُنَاكَ لِلْجَوَازِ الْمُنَاسِبِ لِمَا هُنَا بِالْوَاحِدَةِ فَلَا فَرْقَ (وَ) يَجُوزُ (لِرَجُلٍ) أَجْنَبِيٍّ (أَنْ يَخْلُوَ بِامْرَأَتَيْنِ لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِرَجُلَيْنِ أَجْنَبِيَّيْنِ أَنْ يَخْلُوَا بِامْرَأَةٍ وَلَوْ بَعْدَ تَوَاطُئِهِمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحْيِيَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَوْقَ مَا يَسْتَحْيِ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَوَّلَ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا عَلَى مُغَيَّبَةٍ إلَّا وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ» عَلَى جَمَاعَةٍ يَبْعُدُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ لِصَلَاحٍ أَوْ مُرُوءَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنَّ بَابَ التَّأْوِيلِ يُرْتَكَبُ فِيهِ غَيْرُ الْمُخْتَارِ، وَقَدْ حَكَاهُ وَجْهًا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ. انْتَهَى. ، وَمُغَيَّبَةٍ بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ أَغَابَتْ إذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (فَإِنْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجُ وَالْمُعْتَدَّةُ (بِحُجْرَةٍ مِنْ الدَّارِ بِمَرَافِقِهَا مِنْ الْمَطْبَخِ وَالْمُسْتَرَاحِ وَالْمَمَرِّ وَالْبِئْرِ وَالْمِصْعَدِ) إلَى السَّطْحِ (جَازَ) مُسَاكَنَتُهُ لَهَا (مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ) كَبَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ وَدَارَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ (وَيُغْلَقُ بَابٌ بَيْنَهُمَا) أَوْ يُسَدُّ حَذَرًا مِنْهَا وَالدَّارُ وَالْحُجْرَةُ كَالْحُجْرَتَيْنِ كَمَا فُهِمَ بِالْمُوَافَقَةِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَعُلُوٌّ وَسُفْلٌ) لِدَارٍ (كَدَارٍ وَحُجْرَةٍ) فِي أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُسْكِنَهَا الْعُلُوَّ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ (فَإِنْ كَانَ بَابُ مَسْكَنِهِ فِي مَسْكَنِهَا لَمْ يَجُزْ) ذَلِكَ (إلَّا بِمَحْرَمٍ) أَوْ نَحْوِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ خَارِجًا عَنْ مَسْكَنِهَا وَلَوْ قَالَ بَابُ مَسْكَنِ أَحَدِهِمَا فِي مَسْكَنِ الْآخَرِ كَانَ أَعَمَّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَمَرُّ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَلِهَذَا تَرَكَ التَّصْرِيحَ بِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي الدَّارِ (إلَّا بَيْتٌ وَصُفِّفَ لَمْ يُسَاكِنْهَا، وَإِنْ كَانَ) مَعَهَا (مَحْرَمٌ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْ الْمَسْكَنِ بِمَوْضِعٍ (فَإِنْ بَنَى) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا (حَائِلًا وَبَقِيَ) لَهَا (مَا يَلِيقُ بِهَا) سَكَنًا (جَازَ) . (فَصْلٌ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ بِغَيْرِ الْأَشْهُرِ) مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ حَمْلٍ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَخَّرُ تَغْرِيبُهَا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَيَأْتِي أَنَّ الْمُغَرَّبَ يُمْهَلُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً لِلنَّظَرِ فِي أُمُورِهِ فَيُنْظَرُ أَنْ يُقَالَ هُنَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْعِدَّةِ زِيَادَةٌ قَلِيلَةٌ أَنَّ التَّغْرِيبَ يُؤَخَّرُ إلَى انْقِضَائِهَا قَطْعًا جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، وَقَوْلُهُ: فَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَتَخْرُجُ إنْ رَجَعَ مُعِيرُ الْمَنْزِلِ فِيهِ) شَمِلَ مَا لَوْ أَعَارَهُ بَعْدَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَعَلِمَ بِهَا، وَكَتَبَ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ، وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ نُقِلَتْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْإِعَارَةِ قَبْلَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَبَعْدَهُ وَعَلِمَ الْمُعِيرُ بِالْحَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَعَارَهُ بَعْدَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَعِلْمِهِ بِالْحَالِ أَنَّهَا تَلْزَمُ لِمَا فِي الرُّجُوعِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ كَالْإِعَارَةِ لِدَفْنِ الْمَيِّتِ قَالَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهُ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ إنَّ الْعَارِيَّةَ تَلْزَمُ كَمَا إذَا أَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ وَضْعِ الْجُذُوعِ (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا لَا تُرَدُّ إلَخْ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: مَعَ مَحْرَمٍ) لَهَا (مِنْ الرِّجَالِ أَوْ لَهُ مِنْ النِّسَاءِ) اعْتَبَرُوا فِي مَحْرَمِهِ كَوْنَهُ أُنْثَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي مَحْرَمِهَا كَوْنَهُ ذَكَرًا لَا لِإِخْرَاجِ الْأُنْثَى بَلْ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِمْ يُكْتَفَى بِامْرَأَةٍ مَعَ أَنَّهَا مَفْهُومَةٌ مِنْهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: أَوْ مُمَيِّزًا يُسْتَحْيَا مِنْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ مُسَاكَنَةُ الْمُعْتَدَّةِ فِي الدَّارِ الَّتِي تَعْتَدُّ فِيهَا وَمُدَاخَلَتُهَا] (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا بُدَّ فِيهِ إلَخْ) كَالْمَحْرَمِ فِيمَا قَالَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَيُغْلَقُ بَابٌ بَيْنَهُمَا أَوْ يُسَدُّ) أَيْ وُجُوبًا. [فَصْلٌ بَيْعُ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ بِغَيْرِ الْأَشْهُرِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ الْبَيْعِ مَا لَوْ كَانَ قَدْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ حَلَّ الدَّيْنُ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ وَفَاؤُهُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَيَنْبَغِي جَوَازُ بَيْعِهِ فِي الدَّيْنِ لِسَبْقِهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْقُولًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً مَجْهُولَةً سَوَاءٌ أَكَانَ لَهَا عَادَةً أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْتَلِفُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ بِنَاءِ أَمْرِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى الْأَخْذِ بِالْعَادَةِ أَوْ بِالْأَقَلِّ بِأَنَّ احْتِمَالَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ يَجُرُّ إلَى جَهَالَةِ الْمَبِيعِ، وَهِيَ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْجَهَالَةُ ثَمَّ تَقَعُ فِي الْقِسْمَةِ فَلَا يَعْلَمُ كُلٌّ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ أَنَّ مَا أَخَذَهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ أَمْ لَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقِسْمَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِ الْمُفْلِسِ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بَلْ يُرْجَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَّةِ، وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ الْمَسْكَنِ مَا لَوْ كَانَ قَدْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ ثُمَّ حَلَّ الدَّيْنُ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يُمْكِنُهُ وَفَاؤُهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ لِسَبْقِهِ (فَإِنْ اعْتَدَّتْ بِهَا) أَيْ بِالْأَشْهُرِ (جَازَ) بَيْعُهُ كَمَا فِي الْمُسْتَأْجِرِ (وَلَوْ تَوَقَّعَتْ الْحَيْضَ) أَيْ مَجِيئَهُ فِي أَثْنَائِهَا كَأَنْ كَانَتْ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ وَلَمْ تَحِضْ نَظَرًا لِلْحَالِ (فَإِذَا حَاضَتْ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) فَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَمَا فِي اخْتِلَاطِ الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ بِالْحَادِثَةِ حَيْثُ لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّلَاحُقُ (وَلَوْ كَانَتْ تَسْكُنُ دَارَهَا تَخَيَّرَتْ بَيْنَ النَّقْلَةِ) مِنْهَا (وَالْإِقَامَةِ) فِيهَا (بِأُجْرَةٍ) أَوْ بِدُونِهَا (وَهِيَ أَوْلَى) ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهَا النَّقْلَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا بَذْلُ مَنْزِلِهَا بِإِعَارَةٍ وَلَا إجَارَةٍ. (فَرْعٌ: تُقَدَّمُ الْمُعْتَدَّةُ بِحَقِّ سُكْنَى مَنْزِلٍ طَلُقَتْ) أَوْ مَاتَ عَنْهَا (فِيهِ) حَيْثُ (يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ وَلَوْ مَنْفَعَتَهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْمَسْكَنِ كَحَقِّ الْمُكْتَرِي وَالْمُرْتَهِنِ هَذَا إنْ طَلُقَتْ قَبْلَ إفْلَاسِهِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ (وَإِنْ طَلُقَتْ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ) قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ) فِي مَنْزِلِهِ (بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ ضَارَبَتْ) الْغُرَمَاءَ بِأُجْرَةِ السُّكْنَى؛ لِأَنَّ حَقَّهَا مُرْسَلٌ فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا طَلُقَتْ بَعْدَ الْحَجْرِ كَدَيْنٍ حَدَثَ بَعْدَ الْحَجْرِ حَتَّى لَا يُضَارَبَ بِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ حَقِّهَا سَابِقٌ، وَهُوَ النِّكَاحُ وَالْوَطْءُ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُفْلِسَ بِطَلَاقِهِ كَالْجَانِي وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يُضَارِبُ (وَيَسْتَأْجِرُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَاسْتُؤْجِرَ (لَهَا الْمَسْكَنَ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ) بِمَا ضَارَبَتْ بِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) اسْتِئْجَارُهُ (فَبِقُرْبِهِ) يُسْكِنُهَا (وُجُوبًا) إنْ أَمْكَنَ (ثُمَّ) إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَلَى وَفْقِ الْمُضَارَبَةِ (تَرْجِعُ بِالْبَاقِي) لَهَا عَلَى (الْمُفْلِسِ) إذَا أَيْسَرَ كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ. (وَالْحَامِلُ وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ تُضَارِبُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِالْعَادَةِ) أَيْ بِأُجْرَةِ مُدَّتِهَا إنْ كَانَ لَهَا عَادَةً مُسْتَقِرَّةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُهَا (أَوْ بِأَقَلِّ) أَيْ بِأُجْرَةِ أَقَلِّ (مُدَّةِ الْعَادَاتِ) إنْ اخْتَلَفَتْ عَادَاتُهَا وَلَمْ يَسْتَقِرَّ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الزِّيَادَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ. (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهَا (عَادَةٌ فَبِأَقَلِّ) أَيْ فَتُضَارِبُ بِأُجْرَةِ أَقَلِّ (مُدَّةِ الْإِمْكَانِ) لِلْوَضْعِ وَالْأَقْرَاءِ لِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِأُجْرَةِ مَا بَقِيَ مِنْ أَقَلِّ مُدَّةِ ذَلِكَ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ زَادَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ مُدَّةُ الْحَمْلِ أَوْ الْأَقْرَاءِ عَلَى أَقَلِّ مُدَّةِ الْعَادَاتِ أَوْ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ (رَجَعَتْ) بِحِصَّةِ الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ (عَلَى الْغُرَمَاءِ) ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا اسْتِحْقَاقَهَا كَمَا لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ (أَوْ عَلَى الْمُفْلِسِ إذَا أَيْسَرَ) لِبَقَاءِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ (وَإِنْ نَقَضَتْ) عَنْهَا (اسْتَرَدُّوا) أَيْ الْغُرَمَاءُ مِنْهَا (مَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَرَجَعَتْ عَلَى الْمُفْلِسِ بِحِصَّتِهَا لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ) إذَا أَيْسَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَتُصَدَّقُ الْحَائِضُ) بِيَمِينِهَا (فِي تَأْخِيرِ الْحَيْضِ) وَالْوِلَادَةِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ (لَا) فِي ذَلِكَ (فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ) هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ أَنَّهَا تُصَدَّقُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَتُضَارِبُ) الْمُطَلَّقَةُ (الرَّجْعِيَّةُ وَالْحَامِلُ) الْبَائِنُ (بِالنَّفَقَةِ) كَمَا تُضَارِبَانِ بِالسُّكْنَى لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تُعَجَّلُ لِلْحَامِلِ، وَإِنَّمَا تُسَلَّمُ لَهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ. (فَصْلٌ: يَكْتَرِي الْحَاكِمُ مِنْ مَالٍ) مُطَلِّقٍ (غَائِبٍ لَا مَسْكَنَ لَهُ مَسْكَنًا لِمُعْتَدَّتِهِ) لِتَعْتَدَّ فِيهِ (إنْ فُقِدَ مُتَطَوِّعٌ بِهِ) ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ هِيَ فِيهِ اعْتَدَّتْ فِيهِ كَمَا مَرَّ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ (يَقْتَرِضُ) عَلَيْهِ الْحَاكِمُ (لَهُ) أَيْ لِلْمَسْكَنِ أَيْ لِتَحْصِيلِهِ (وَحُكْمُهَا كَهَرَبِ الْجَمَّالِ) فَإِذَا حَضَرَ قَضَى مَا اقْتَرَضَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فَإِذَا أَذِنَ لَهَا أَنْ تَقْتَرِضَ عَلَيْهِ أَوْ تَكْتَرِيَ الْمَسْكَنَ مِنْ مَالِهَا جَازَ وَتَرْجِعُ وَلَوْ فَعَلَتْهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى اسْتِئْذَانِهِ أَوْ لَمْ تَقْدِرْ وَلَمْ تُشْهِدْ لَمْ تَرْجِعْ، وَإِنْ أَشْهَدَتْ رَجَعَتْ (فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ مُدَّةُ الْعِدَّةِ (أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْ) بِالسُّكْنَى (سَقَطَتْ السُّكْنَى) وَلَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ (لَا النَّفَقَةُ) فَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ، وَقَدْ وُجِدَ فَلَا تَسْقُطُ بِتَرْكِ الطَّلَبِ وَالسُّكْنَى لِتَحْصِينِ مَائِهِ عَلَى مُوجِبِ نَظَرِهِ وَاحْتِيَاطِهِ وَلَمْ تَحْصُلْ؛ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ عَيْنٌ تُمْلَكُ وَتَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَالْمَسْكَنُ لَا تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ، وَإِنَّمَا تَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ بِهِ فِي وَقْتٍ، وَقَدْ مَضَى. (وَكَذَا) حُكْمُهَا (فِي صُلْبِ النِّكَاحِ) .   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا قِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الرَّقَبَةِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ أَبَدًا صِحَّةُ بَيْعِ الدَّارِ لِلْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِقُرْبِهِ وُجُوبًا) إنْ أَمْكَنَ كَمَا فِي نَقْلِ الزَّكَاةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي بَلَدِ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَسْكَنُ الْفِرَاقِ صَغِيرًا، وَأَمْكَنَ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ بَيْتَانِ لَزِمَ الزَّوْجَ (قَوْلُهُ: لَا فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَوْ فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 [فَصْلٌ قِسْمَةُ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَشْهُرِ] (فَصْلٌ: لِلْوَرَثَةِ) إذَا مَاتَ الزَّوْجُ عَنْ مُسْتَحِقَّةِ السُّكْنَى (قِسْمَةُ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَشْهُرِ بِلَا إتْلَافٍ) لَهُ بِنَقْضٍ أَوْ بِنَاءٍ بَلْ بِخُطُوطٍ تُرْسَمُ (لَا) الْمُعْتَدَّةِ (بِغَيْرِ الْأَشْهُرِ) أَيْ بِالْحَمْلِ أَوْ بِالْأَقْرَاءِ فَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ مَسْكَنِهَا إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ لِلْجَهْلِ بِالْمُدَّةِ، وَهَذَا مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْأَشْهُرِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَسْكَنٍ مُسْتَأْجَرٍ أَوْ مُسْتَعَارٍ وَاحْتِيجَ إلَى نَقْلِهَا لَزِمَ الْوَارِثَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهَا مِنْ التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ إسْكَانُهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِإِسْكَانِهَا لَزِمَهَا الْإِجَابَةُ) ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي صَوْنِ مَاءِ مُوَرِّثِهِ (قَالَ الرُّويَانِيُّ) تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ (وَغَيْرُ الْوَارِثِ كَالْوَارِثِ) فِي ذَلِكَ (حَيْثُ لَا رِيبَةَ) فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ نَقَلَ كَالرَّافِعِيِّ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْقَسَامَةِ أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِوَفَاءِ دَيْنِ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ لَمْ يَلْزَمْ الدَّائِنَ قَبُولُهُ بِخِلَافِ الْوَارِثِ وَبِأَنَّ اللُّزُومَ فِيهِ تَحَمُّلٌ مِنْهُ مَعَ كَوْنِ الْأَجْنَبِيِّ لَا غَرَضَ لَهُ صَحِيحٌ فِي صَوْنِ مَاءِ الْمَيِّتِ وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمُعْتَدَّةِ لِلْمَسْكَنِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا بَدَلَ لَهُ فَيَجِبُ فِيهِ الْقَبُولُ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ تَعْطِيلُهُ، وَبِأَنَّ حِفْظَ الْأَنْسَابِ مِنْ الْمُهِمَّاتِ الْمَطْلُوبَةِ بِخِلَافِ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ التَّبَرُّعُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ التَّبَرُّعُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَيِّتِ. (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ (اُسْتُحِبَّ لِلسُّلْطَانِ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ إسْكَانُهَا) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَتْ تُتَّهَمُ بِرِيبَةٍ، وَيَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ احْتِيَاطًا لِمَنْ تَعْتَدُّ مِنْهُ، وَإِذَا لَمْ يُسْكِنْهَا أَحَدٌ سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ (وَلِلْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ) كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ (إسْكَانُهَا) وَتَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ كَمَا قَدَّمْته. [فَصْلٌ ابْتِدَاءُ الْعِدَّة عَنْ طَلَاقِ الْغَائِبِ أَوْ مَوْتِهِ] (فَصْلٌ: فِيهِ مَسَائِلُ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ) عَنْ طَلَاقِ الْغَائِبِ أَوْ مَوْتِهِ (مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ لَا) مِنْ حِينِ (بُلُوغِ الْخَبَرِ) كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. (وَإِنْ طَلَّقَهَا) زَوْجُهَا (فَأَتَتْ بِقُرْءٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَوَطِئَهَا) الزَّوْجُ (الثَّانِي ثُمَّ) وَطِئَهَا (الْمُطَلِّقُ بِشُبْهَةٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِي قَبْلَ وَطْءِ الْمُطَلِّقِ (أَتَمَّتْ لِلْمُطَلِّقِ الْقُرْأَيْنِ) الْبَاقِيَيْنِ مِنْ عِدَّةِ طَلَاقِهِ (وَدَخَلَ فِيهِمَا قُرْءَانِ مِنْ) عِدَّةِ وَطْءٍ (بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلثَّانِي بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ثُمَّ) تَعْتَدُّ (بَاقِيَ عِدَّةِ) وَطْءِ (شُبْهَةِ الْمُطَلِّقِ بِقُرْءٍ) ، وَإِنَّمَا قُدِّرَتْ قَبْلَ وَطْءِ الْمُطَلِّقِ لِمَا مَرَّ أَنَّ عِدَّةَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى التَّفْرِيقِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى عِدَّةِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَعَطْفُهُ فَرَّقَ بِالْوَاوِ أَوْلَى مِنْ عَطْفِ أَصْلِهِ لَهُ بِثُمَّ. (وَإِنْ مَاتَ زَوْجُ الْمُعْتَدَّةِ فَقَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فِي حَيَاتِهِ لَمْ تَسْقُطْ الْعِدَّةُ) عَنْهَا (وَلَمْ تَرِثْ) لِإِقْرَارِهَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ بِالرَّجْعِيَّةِ فَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا سَقَطَتْ عِدَّتُهَا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ قَالَ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَادَّعَتْ أَنَّهُ كَانَ رَجْعِيًّا، وَأَنَّهَا تَرِثُ فَالْأَشْبَهُ تَصْدِيقُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ، وَعَدَمُ الْإِبَانَةِ. (وَلَوْ أَسْقَطَتْ الْمُعْتَدَّةُ حَقَّ السُّكْنَى) عَنْ الزَّوْجِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (لَمْ تَسْقُطْ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ يَوْمًا يَوْمًا فَيَكُونُ) ذَلِكَ (إسْقَاطًا) لِلشَّيْءِ (قَبْلَ الْوُجُوبِ) لَهُ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ (وَإِنْ وُطِئَتْ مُزَوَّجَةٌ بِشُبْهَةٍ فَاعْتَدَّتْ) أَيْ صَارَتْ فِي الْعِدَّةِ (وَوَطِئَهَا الزَّوْجُ لَمْ تَنْقَطِعْ الْعِدَّةُ إذْ لَا عِدَّةَ بِوَطْئِهِ كَالزِّنَا) . [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ الِاسْتِبْرَاءِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي مَاهِيَّة الِاسْتِبْرَاءِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي) بَيَانِ (الِاسْتِبْرَاءِ) هُوَ التَّرَبُّصُ بِالْمَرْأَةِ مُدَّةً بِسَبَبِ مِلْكِ الْيَمِينِ حُدُوثًا أَوْ زَوَالًا لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ أَوْ لِلتَّعَبُّدِ وَاقْتَصَرُوا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَإِلَّا فَقَدْ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِغَيْرِ حُدُوثِ مِلْكٍ أَوْ زَوَالِهِ كَأَنْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتَهُ عَلَى أَنَّ حُدُوثَ مِلْكِ الْيَمِينِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ كَمَا سَيَأْتِي حُدُوثُ حِلِّ التَّمَتُّعِ بِهِ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرْتَدَّةِ وَنَحْوِهِمَا (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ الْأَوَّلُ فِي مَاهِيَّتِه) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ (وَهُوَ لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ) يَحْصُلُ (بِحَيْضَةٍ كَامِلَةٍ لَا طُهْرٍ) ، وَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَمَاتَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَوْ أَعْتَقَهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ «أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ بِالْمَسْبِيَّةِ غَيْرَهَا بِجَامِعِ حُدُوثِ الْمِلْكِ. وَأَلْحَقَ مَنْ لَا تَحِيضُ مِنْ الْأَيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ بِمَنْ تَحِيضُ فِي اعْتِبَارِ قَدْرِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ غَالِبًا، وَهُوَ شَهْرٌ كَمَا سَيَأْتِي وَلَيْسَ الِاسْتِبْرَاءُ كَالْعِدَّةِ حَتَّى يُعْتَبَرَ الطُّهْرُ لَا الْحَيْضُ فَإِنَّ الْأَقْرَاءَ فِيهَا مُتَكَرِّرَةٌ فَيُعْرَفُ بِتَحَلُّلِ الْحَيْضِ الْبَرَاءَةُ، وَلَا تَكَرُّرَ هُنَا فَيُعْتَبَرُ الْحَيْضُ الدَّالُّ عَلَيْهَا (وَتَنْتَظِرُهَا) أَيْ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ الْحَيْضَةَ الْكَامِلَةَ (إلَى) سِنِّ (الْيَأْسِ كَالْمُعْتَدَّةِ، وَإِذَا مَلَكَهَا) أَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا (حَائِضًا فَلَا بُدَّ) فِي حُصُولِ الِاسْتِبْرَاءِ (مِنْ حَيْضَةٍ كَامِلَةٍ أُخْرَى) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ يَكْتَرِي الْحَاكِمُ مِنْ مَالِ مُطَلِّقٍ غَائِبٍ لَا مَسْكَنَ لَهُ مَسْكَنًا لِمُعْتَدَّتِهِ] قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا سَقَطَتْ عِدَّتُهَا فِيمَا يَظْهَرُ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ كَالصَّرِيحِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَالْأَشْبَهُ تَصْدِيقُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِأَقَلَّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَدُّدٍ وَسُمِّيَتْ الْعِدَّةُ عِدَّةً لِتَعَدُّدِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ إلَخْ) أَقَلُّ مُدَّةِ إمْكَانِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا جَرَى السَّبَبُ فِي الطُّهْرِ يَوْمٌ، وَلَيْلَةٌ وَلَحْظَتَانِ، وَفِي الْحَيْضِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَحْظَتَانِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ إلَخْ) وَتَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فَلَا يُعْتَبَرُ بِبَقِيَّةِ حَيْضَتِهَا الْمَوْجُودَةِ حَالَةَ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الطُّهْرِ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَعْقِبُ الْحَيْضَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَهُنَا تَسْتَعْقِبُ الطُّهْرَ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ (وَ) الِاسْتِبْرَاءُ (لِذَاتِ الْأَشْهُرِ) يَحْصُلُ (بِشَهْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ قُرْءٍ (وَلِلْحَامِلِ) يَحْصُلُ (بِالْوَضْعِ) لِحَمْلِهَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الْمَسْبِيَّةِ وَلِلْقِيَاسِ وَالْإِجْمَاعِ فِي غَيْرِهَا هَذَا (إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةٍ) بِأَنْ زَالَ فِرَاشُهُ عَنْهَا أَوْ مَلَكَهَا بِسَبْيٍ بِخِلَافِ مَا إذَا مَلَكَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَكَانَتْ حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ، وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ أَوْ عِدَّتِهِ أَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَلَا يَحْصُلُ اسْتِبْرَاؤُهَا بِالْوَضْعِ (وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ وَيَحْصُلُ (بِحَيْضَةٍ مِنْ حَامِلٍ بِزِنًا) لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَحِضْ (فَبِوَضْعِهِ) أَيْ الْحَمْلِ لِذَلِكَ وَلِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالتَّأْكِيدِ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ التَّكْرَارِ فِيهَا دُونَ الِاسْتِبْرَاءِ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا حَقَّ الزَّوْجِ فَلَا يَكْتَفِي بِوَضْعِ حَمْلِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِبْرَاءِ الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالِاكْتِفَاءُ بِحَيْضَةٍ فِي الْحَامِلِ بِزِنًا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ وَالْبَغَوِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَأَقَرَّهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَمْلَ الْحَادِثَ مِنْ الزِّنَا كَالْمُقَارِنِ؛ لِأَنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِالْحَيْضِ الْحَادِثِ لَا بِالْمُقَارِنِ وَاكْتَفَوْا بِالْحَمْلِ الْمُقَارِنِ فَبِالْحَادِثِ أَوْلَى، قَالَ: وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ذَاتَ أَشْهُرٍ وَحَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِبْرَاءُ بِمُضِيِّ شَهْرٍ وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْعِدَّةِ حُصُولُهُ بِمُضِيِّ الْأَشْهُرِ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الزِّنَا كَالْعَدَمِ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ آنِفًا أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ كَالْعَدَمِ فِي الْعِدَّةِ لَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ لِمَا عُلِمَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي السَّبَبِ) الْمُوجِبِ لِلِاسْتِبْرَاءِ (وَهُوَ نَوْعَانِ الْأَوَّلُ الْمِلْكُ) أَيْ حُدُوثُهُ (فَمَنْ مَلَكَ أَمَةً أَوْ شِقْصَ شَرِيكِهِ فِيهِ بِوَجْهٍ مَا) مِنْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ سَبْيٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ) لَهَا (بِفَسْخٍ) بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ (أَوْ إقَالَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ) هَا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ اسْتَبْرَأَهَا مُمَلِّكُهُ قَبْلَ التَّمْلِيكِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (اسْتِبْرَاؤُهَا، وَإِنْ تَحَقَّقَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا كَالصَّغِيرَةِ) وَالْأَيِسَةِ وَالْبِكْرِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ بِوَجْهٍ مَا وَلَوْ بِفَسْخٍ كَإِقَالَةٍ إلَى آخِرِهِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (وَإِنْ أَقْرَضَهَا) لِمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ (فَرُدَّتْ) إلَيْهِ وَلَوْ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْمُقْتَرِضِ فِيهَا (أَوْ بَاعَهَا) بَيْعًا مَصْحُوبًا (بِخِيَارٍ فَفُسِخَ) الْبَيْعُ فِي زَمَنِهِ (وَقُلْنَا زَالَ مِلْكُهُ) عَنْهَا (اسْتَبْرَأَهَا) لِتَجَدُّدِ حِلِّهَا بَعْدَ زَوَالِهِ، وَهَذِهِ عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ بِفَسْخٍ (وَمَنْ حَرُمَتْ) عَلَيْهِ (بِالْكِتَابَةِ) الصَّحِيحَةِ (لَا الْإِحْرَامِ وَنَحْوِهِ) كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَرَهْنٍ (ثُمَّ حَلَّتْ) لَهُ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (اسْتِبْرَاؤُهَا) لِعَوْدِ الْحِلِّ بَعْدَ زَوَالِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ إذْ لَهُ الْوَطْءُ فِيهَا وَبِخِلَافِ الْإِحْرَامِ وَنَحْوِهِ إذْ لَا خَلَلَ فِي الْمِلْكِ، وَالتَّحْرِيمُ فِي ذَلِكَ لِعَارِضٍ سَرِيعِ الزَّوَالِ وَلِبَقَاءِ مِلْكِ التَّمَتُّعِ فِي الْمَرْهُونَةِ بِدَلِيلِ حِلِّ الْقُبْلَةِ وَالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ، وَإِنَّمَا حَرُمَ الْوَطْءُ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى لَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ حَلَّ (وَكَذَا) يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ (بِرِدَّتِهَا أَوْ رِدَّتِهِ) ثُمَّ عَادَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ لِمَا مَرَّ قَبْلَهُ (وَلَوْ اشْتَرَى) مَثَلًا (زَوْجَتَهُ اُسْتُحِبَّ) لَهُ (اسْتِبْرَاؤُهَا) لِيَتَمَيَّزَ الْوَلَدَ فَإِنَّهُ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ حُرُّ الْأَصْلِ بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الْحِلِّ وَلِانْتِفَاءِ خَوْفِ اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ. (لَكِنْ يَحْرُمُ) عَلَيْهِ (وَطْؤُهَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لِلتَّرَدُّدِ فِي أَنَّهُ يَطَأُ بِالْمِلْكِ الضَّعِيفِ الَّذِي لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ أَوْ بِالزَّوْجِيَّةِ (فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا) بِغَيْرِهِ (وَقَدْ وَطِئَهَا، وَهِيَ زَوْجَةٌ اعْتَدَّتْ مِنْهُ بِقُرْأَيْنِ) قَبْلَ أَنْ يُزَوِّجَهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَجَبَ أَنْ تَعْتَدَّ مِنْهُ فَلَا تَنْكِحُ غَيْرَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِذَلِكَ (وَكَذَا تَعْتَدُّ) مِنْهُ بِقُرْأَيْنِ (إنْ مَاتَ عَقِبَ الشِّرَاءِ) فَلَا يَلْزَمُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّهُ مَاتَ، وَهِيَ مَمْلُوكَتُهُ، وَإِنْ اشْتَرَى) مَثَلًا (مُعْتَدَّةً مِنْهُ) وَلَوْ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الِاسْتِبْرَاءُ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ، وَهَذَا مِمَّا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يُزِيلُ الزَّوْجِيَّةَ، وَكَأَنَّهُمْ ارْتَكَبُوهُ هُنَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالِاكْتِفَاءُ بِحَيْضَةٍ فِي الْحَامِلِ بِزِنًا مِنْ زِيَادَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَمْلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَقَدْ يُفْهَمُ إلَخْ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْعِدَّةِ حُصُولُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَأَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَتَعَرَّضُوا لَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَهِيَ مِنْ الْمُشْكِلَاتِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَيُنْظَرُ إلَى الزَّمَانِ بِالِاحْتِيَاطِ الْمُقَرَّرِ فِي عِدَّتِهَا فَإِذَا مَضَتْ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا فَقَدْ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يُقَدَّمَ ابْتِدَاءً حَيْضُهَا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ مَثَلًا فَلَمْ يُحْسَبْ ذَلِكَ الْحَيْضُ فَإِذَا مَضَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِيهَا حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ. اهـ. . [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلِاسْتِبْرَاءِ] (قَوْلُهُ: فَمَنْ مَلَكَ أَمَةً إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ: اعْلَمْ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ مَنْ مَلَكَ أَمَةً إلَى آخِرِهِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ فَوْقَ الْأَلْفِ كَمَا أَوْضَحْته فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ حَرُمَتْ بِالْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ) شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ الْمُكَاتَبَةَ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ، وَالْمُكَاتَبَةُ إذَا عَجَزُوا أَوْ فُسِخَتْ كِتَابَتُهُمَا (قَوْلُهُ: وَرَهْنٍ) مِثْلُ الْمَرْهُونَةِ أَمَةُ الْمَدْيُونِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي أَنَّ الْأَرْجَحَ مُخَالَفَتُهَا لَهَا. (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِجَارِيَةِ الْقِرَاضِ إذَا انْفَسَخَ، وَاسْتَقَلَّ بِهَا الْمَالِكُ، وَكَذَا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ إذَا أَخْرَجَ الزَّكَاةَ، وَقُلْنَا الْمُسْتَحِقُّ شَرِيكٌ بِالْوَاجِبِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الِاسْتِبْرَاءُ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ، وَالْحِلِّ. اهـ. هُوَ ظَاهِرٌ فِي جَارِيَةِ الْقِرَاضِ، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِيهِ، وَأَمَّا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ س. وَقَوْلُهُ: هُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِرِدَّتِهَا أَوْ رِدَّتِهِ) لَوْ أَسْلَمَتْ أَمَةُ الْكَافِرِ ثُمَّ أَسْلَمَ هُوَ احْتَاجَ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْأَصَحِّ لِحُدُوثِ الْحِلِّ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ اُسْتُحِبَّ اسْتِبْرَاؤُهَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِمَّا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يُزِيلُ الزَّوْجِيَّةَ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 لِلِاحْتِيَاطِ. (وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ حُدُوثُ حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ فِي أَمَةٍ) مُلِكَتْ (بِمِلْكِ الْيَمِينِ) لَا حُدُوثُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ مَعَ فَرَاغِ مَحَلِّ الِاسْتِمْتَاعِ (فَلَوْ اشْتَرَى) أَمَةً (مُعْتَدَّةً لِغَيْرِهِ) وَلَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ مُزَوَّجَةً) مِنْ غَيْرِهِ، وَكَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا (فَطَلُقَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا) وَطَلُقَتْ (أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (أَوْ بَعْدَهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهَا) بِلَا اسْتِبْرَاءٍ (وَوَجَبَتْ فِي حَقِّهِ) لِحِلِّ وَطْئِهِ لَهَا (الِاسْتِبْرَاءَ) ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ إنَّمَا وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْمِلْكُ فَلَوْ كَانَتْ الْمُشْتَرَاةُ مَحْرَمًا لِلْمُشْتَرِي أَوْ اشْتَرَاهَا امْرَأَةٌ أَوْ رَجُلَانِ لَمْ يَجِبْ الِاسْتِبْرَاءُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي (وَلَوْ اشْتَرَى) أَمَةً (غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ أَوْ) أَمَةً (مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَنْ) أَيْ أَمَةً (اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا) بِلَا اسْتِبْرَاءٍ (فَإِنْ أَعْتَقَهَا فَلَهُ تَزْوِيجُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِحُدُوثِ حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ فِي غَيْرِ أَمَةٍ لَا) لِحُدُوثِهِ فِي أَمَةٍ مُلِكَتْ (بِمِلْكِ الْيَمِينِ) وَيُذْكَرُ أَنَّ الرَّشِيدَ طَلَبَ حِيلَةً مُسْقِطَةً لِلِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ لَهُ أَبُو يُوسُفَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَعْتِقْهَا ثُمَّ تَزَوَّجْهَا، وَقَوْلُهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَدَّرْته وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِحَلَّ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي غَيْرِ أَمَةٍ، وَقَوْلِهِ لَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمَالِكِ (اسْتِبْرَاءُ) الْأَمَةِ (الْمَوْطُوءَةِ لِلْبَيْعِ) قَبْلَ بَيْعِهِ لَهَا لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْهَا (وَيَجِبُ) عَلَيْهِ (لِلتَّزْوِيجِ) لَهَا اسْتِبْرَاؤُهَا (مِنْ وَطْئِهِ) لَهَا (وَمِنْ وَطْءِ بَائِعِهِ) وَيُفَارِقُ عَدَمَ وُجُوبِهِ فِي بَيْعِهَا بِأَنَّ مَقْصُودَ التَّزْوِيجِ الْوَطْءُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْقِبَ الْحِلَّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (إلَّا) وَفِي نُسْخَةٍ لَا (إنْ زَوَّجَهَا مِنْ الْوَاطِئِ) لَهَا فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ كَمَا يَجُوزُ لِلْوَاطِئِ لِامْرَأَةٍ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي جَارِيَةٍ، وَقَبَضَهَا فَوَجَدَهَا بِغَيْرِ الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ فَرَدَّهَا لَزِمَ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ الْمِلْكَ فِي هَذِهِ زَالَ ثُمَّ عَادَ بِالرَّدِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ. (فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ جَارِيَةً لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَادَّعَاهُ) ، وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي) بِيَمِينِهِ (أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ مِنْهُ) وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَى الْبَائِعِ كَمَا لَوْ ادَّعَى عِتْقَ الْعَبْدِ بَعْدَ بَيْعِهِ (وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْبَائِعِ خِلَافٌ) الْأَوْجَهُ ثُبُوتُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْمَالِيَّةِ وَالْقَائِلُ بِخِلَافِهِ عَلَّلَهُ بِأَنَّ ثُبُوتَهُ يَقْطَعُ إرْثَ الْمُشْتَرِي بِالْوَلَاءِ (وَإِنْ كَانَ) الْبَائِعُ (قَدْ أَقَرَّ) بِوَطْئِهَا (وَبَاعَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ) مِنْهُ (فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ) مِنْهُ لَا مِنْ الْمُشْتَرِي كَمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ (لَحِقَهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ) لِثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ (فَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي) فَلَا يَلْحَقُ الْبَائِعَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَلْحَقْهُ (إلَّا إنْ وَطِئَهَا) الْمُشْتَرِي (وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ) بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ (فَإِنَّهُ) لَيْسَ مَمْلُوكًا لَهُ بَلْ (يَلْحَقُهُ) وَصَارَتْ الْأَمَةُ مُسْتَوْلَدَةً فَلَهُ (وَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا الْبَائِعُ) قَبْلَ الْبَيْعِ (فَالْوَلَدُ لَهُ إنْ أَمْكَنَ) كَوْنُهُ مِنْهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ اسْتِبْرَاءِ الْمُشْتَرِي أَوْ لِأَكْثَرَ وَلَمْ يَطَأْهَا الْمُشْتَرِي وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ (إلَّا إنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي، وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ) . (فَرْعٌ) لَوْ (وَطِئَ الْأَمَةَ شَرِيكَانِ فِي طُهْرٍ) أَوْ حَيْضٍ (ثُمَّ بَاعَاهَا أَوْ أَرَادَا تَزْوِيجَهَا أَوْ وَطِئَ اثْنَانِ أَمَةَ رَجُلٍ كُلٌّ يَظُنُّهَا أَمَتَهُ، وَأَرَادَ) الرَّجُلُ (تَزْوِيجَهَا وَجَبَ اسْتِبْرَاءَانِ) كَالْعِدَّتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ. (فَصْلٌ: الِاسْتِمْتَاعُ بِالتَّقْبِيلِ وَنَحْوِهِ) مِنْ السَّيِّدِ (قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ حَرَامٌ) فِي غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ (كَالْوَطْءِ وَيَحِلُّ فِي الْمَسْبِيَّةِ التَّقْبِيلُ وَنَحْوُهُ) دُونَ الْوَطْءِ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَالْمَاوَرْدِيُّ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَبَّلَ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ مِنْ سَبَايَا أَوْطَاسٍ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَفَارَقَتْ الْمَسْبِيَّةُ غَيْرَهَا بِأَنَّ غَايَتَهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَوْلَدَةَ حَرْبِيٍّ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ، وَإِنَّمَا حَرُمَ وَطْؤُهَا صِيَانَةً لِمَائِهِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ بِمَاءِ حَرْبِيٍّ لَا لِحُرْمَةِ   [حاشية الرملي الكبير] يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ وُجُوبَ الِاسْتِبْرَاءِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ لِحُدُوثِ الْحِلِّ لَا لِكَوْنِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يُزِيلُ الزَّوْجِيَّةَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ) الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ، وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ أَمْكَنَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، وَالسَّيِّدُ لَوْ أُبِيحَ لَهُ الْوَطْءُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ نَفْيِ مَا تَأْتِي بِهِ إذْ نَفْيُهُ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَا اسْتِبْرَاءَ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ لِلتَّزْوِيجِ مِنْ وَطْئِهِ، وَمِنْ وَطْءِ بَائِعِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي هُوَ مِنْ النِّكَاحِ، وَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ إنْ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا، وَقَوْلُ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يُعْلِمْهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ، وَأَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَيْعِ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يَجِبُ عَلَى الْمُتَمَلِّكِ عِنْدَ إرَادَةِ الْوَطْءِ، وَأَيْضًا اسْتِبْرَاؤُهُ مَعَ الْحِلِّ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ زَوَّجَهَا مِنْ الْوَاطِئِ) لِأَمْنِ مَحْذُورِ اخْتِلَاطِ الْمَاءَيْنِ. [فَرْعٌ بَاعَ جَارِيَةً لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَادَّعَاهُ] (قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ ثُبُوتُهُ) الْأَصَحُّ عَدَمُ ثُبُوتِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءَانِ) التَّرْجِيحُ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْمُهِمَّاتِ. [فَصْلٌ الِاسْتِمْتَاعُ بِالتَّقْبِيلِ وَنَحْوِهِ مِنْ السَّيِّدِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: الِاسْتِمْتَاعُ بِالتَّقْبِيلِ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ بِشَهْوَةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَخَرَجَ بِالِاسْتِمْتَاعِ الْخَلْوَةُ فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) كَالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ) أَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمَسْبِيَّةِ مَنْ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَحْبَلَ، وَالْحَامِلَ مِنْ الزِّنَا، وَالْمُشْتَرَاةَ مُزَوَّجَةً فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، وَأَوْجَبْنَا الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْهُ صُورَةَ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا: وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى صَبِيَّةً مِنْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةً بِحَيْثُ يَسْتَحِيلُ ظُهُورُهَا مُسْتَوْلَدَةً لِأَحَدٍ أَنْ لَا يَحْرُمَ الِاسْتِمْتَاعُ بِغَيْرِ الْوَطْءِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ فِي الْمَسْبِيَّةِ التَّقْبِيلُ وَنَحْوُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَطْلَقُوا جَوَازَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَنْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَوَاقَعَهَا لِقُوَّةِ شَبَقِهِ وَضَعْفِ تَقْوَاهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَيَنْبَغِي التَّحْرِيمُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 مَاءِ الْحَرْبِيِّ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ أَيْضًا حَكَاهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَأَلْحَقَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ بِالْمَسْبِيَّةِ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ حَرْبِيٍّ (وَلَا تُزَالُ يَدُ السَّيِّدِ) عَنْ أَمَتِهِ الْمُسْتَبْرَأَةِ (مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ) ، وَإِنْ كَانَتْ حَسْنَاءَ بَلْ هُوَ مُؤْتَمَنٌ فِيهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّ سَبَايَا أَوْطَاسٍ لَمْ يُنْزَعْنَ مِنْ أَيْدِي أَصْحَابِهِنَّ. (فَصْلٌ: يُعْتَدُّ بِالِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَوْرُوثَةِ وَالْمُوصَى بِهَا بَعْدَ الْقَبُولِ، وَكَذَا الْمَبِيعَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا تَامٌّ لَازِمٌ فَأَشْبَهَ بَعْدَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبَةِ (وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَلَوْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي) لِضَعْفِ الْمَالِكِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْخِيَارِ أَنَّهُ إذَا شُرِطَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ وَيَلْزَمُ مِنْ حِلِّهِ الِاعْتِدَادُ بِالِاسْتِبْرَاءِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَتَقَدَّمَ ثُمَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ نَقَلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ الِاعْتِدَادَ بِهِ إذَا قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي. (فَرْعٌ: لَوْ مَلَكَ) أَمَةً (مُرْتَدَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ مَنْ اشْتَرَاهَا عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ) لَهُ (وَهُوَ مَدْيُونٌ فَحَاضَتْ) أَوْ وَلَدَتْ وَالْمُرَادُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ (قَبْلَ الْإِسْلَامِ) فِي الْأُولَيَيْنِ (وَقَضَاءِ الدَّيْنِ) فِي الثَّالِثَةِ (لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) ، وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْمِلْكُ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِحِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا يُعْتَدُّ بِمَا يَسْتَعْقِبُهُ. (وَيُعْتَدُّ بِاسْتِبْرَاءِ الْمَرْهُونَةِ) فَلَا يَجِبُ إعَادَتُهُ بَعْدَ انْفِكَاكِ الرَّهْنِ هَذَا مَا حَكَاهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَحَكَى مُقَابِلَهُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ، وَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ عَجِيبٌ مَعَ مُوَافَقَتِهِ لَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَأْذُونِ فَإِنْ تَعَلَّقَ الْغُرَمَاءُ بِمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَقَلَ الْمَحَامِلِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ ضَابِطًا لِمَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ اسْتِبْرَاءٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِبَاحَةٌ لِوَطْءٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مُحَرَّمَةً فَحَاضَتْ ثُمَّ تَحَلَّلَتْ وَالرُّويَانِيُّ مُوَافِقٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ فَكَيْفَ يُخَالِفُ فِي بَعْضِ فُرُوعِهَا بِلَا مُوجِبٍ. (فَرْعٌ: وَطْءُ السَّيِّدِ) أَمَتَهُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ (لَا يَقْطَعُ الِاسْتِبْرَاءَ) ، وَإِنْ أَثِمَ بِهِ لِقِيَامِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ (فَإِنْ حَبِلَتْ) مِنْهُ (قَبْلَ الْحَيْضِ بَقِيَ التَّحْرِيمُ حَتَّى تَضَعَ) كَمَا لَوْ وَطِئَهَا وَلَمْ تَحْبَلْ (أَوْ) حَبِلَتْ مِنْهُ (فِي أَثْنَائِهِ حَلَّتْ) لَهُ (بِانْقِطَاعِهِ) لِتَمَامِهِ قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إنْ مَضَى قَبْلَ وَطْئِهِ أَقَلُّ الْحَيْضِ، وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَضَعَ كَمَا لَوْ أَحَبْلَهَا قَبْلَ الْحَيْضِ (النَّوْعُ الثَّانِي زَوَالُ الْفِرَاشِ) عَنْ مَوْطُوءَةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ (فَإِنْ أَعْتَقَ مَوْطُوءَتَهُ أَوْ مُسْتَوْلَدَتَهُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا) قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا (وَلَيْسَتْ بِمُزَوَّجَةٍ وَلَا مُعْتَدَّةٍ لَزِمَهَا الِاسْتِبْرَاءُ) لِزَوَالِ فِرَاشِهَا فَأَشْبَهَتْ الْحُرَّةَ الزَّائِلِ فِرَاشُهَا عَنْ النِّكَاحِ؛ وَلِأَنَّ وَطْأَهُ مُحْتَرَمٌ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ بَلْ أَوْلَى (وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ سَقَطَ عَنْ الْمَوْطُوءَةِ) لِزَوَالِ فِرَاشِهِ عَنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فِي الْحَالِ (وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِشَبَهِهَا بِفِرَاشِ الزَّوْجَةِ) فَلَا يُعْتَدُّ بِالِاسْتِبْرَاءِ الْوَاقِعِ قَبْلَ زَوَالِ فِرَاشِهَا (وَلِهَذَا لَوْ اسْتَبْرَأَ أُمَّ الْوَلَدِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا) مِنْ حِينِ اسْتِبْرَائِهَا (لَحِقَهُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ) وَخَرَجَ بِالْمَوْطُوءَةِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ غَيْرُهُمَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ (وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْأَمَةِ مِنْ زَوْجٍ، وَأَرَادَ السَّيِّدُ وَطْأَهُمَا اسْتَبْرَأَ الْأَمَةَ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِعَوْدِهَا فِرَاشًا لَهُ بِفُرْقَةِ الزَّوْجِ دُونَ الْأَمَةِ. (وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا أَوْ مَاتَ) عَنْهُمَا (بَعْدَ انْقِضَائِهَا) أَيْ عِدَّةِ الزَّوْجِ (وَلَوْ لَمْ يَمْضِ) بَعْدَ انْقِضَائِهَا (لَحْظَةٌ أَوْ أَرَادَ تَزْوِيجَهُمَا اُسْتُبْرِئَتْ الْمُسْتَوْلَدَةُ دُونَ الْأَمَةِ) لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرْ مُضِيَّ لَحْظَةٍ لِتَعُودَ فِيهَا فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ مَصِيرَهَا فِرَاشًا أَمْرٌ حُكْمِيٌّ لَا يَحْتَاجُ إلَى زَمَنٍ حِسِّيٍّ (وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا أَوْ مَاتَ) عَنْهُمَا (وَهُمَا مُتَزَوِّجَتَانِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ مِنْ زَوْجٍ) لَا مِنْ (شُبْهَةٍ فَلَا اسْتِبْرَاءَ) عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا فِرَاشًا لَهُ بَلْ لِلزَّوْجِ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لِحِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ، وَهُمَا مَشْغُولَتَانِ بِحَقِّ الزَّوْجِ بِخِلَافِهِمَا فِي عِدَّةِ وَطْءِ شُبْهَةٍ لِقُصُورِهَا عَنْ دَفْعِ الِاسْتِبْرَاءِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى الْعِتْقِ وَالْمَوْتِ؛ وَلِأَنَّهُمَا لَمْ يَصِيرَا بِذَلِكَ فِرَاشًا لِغَيْرِ السَّيِّدِ. (وَلَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ وَتَزَوَّجَهَا فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ جَازَ) كَمَا تَتَزَوَّجُ الْمُعْتَدَّةُ مِنْهُ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَمِثْلُهَا الْأَمَةُ، وَقَدْ قَدَّمَهَا قَبْلَ فَرْعِ بَاعَ جَارِيَةً فَلَوْ تَرَكَهَا ثُمَّ، وَقَالَ هُنَا لَوْ أَعْتَقَهُمَا وَتَزَوَّجَهُمَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ يُعْتَد بِالِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَوْرُوثَةِ] قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ بِالْمَسْبِيَّةِ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ حَرْبِيٍّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَنَحْوِهِ، وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي الْمَسْبِيَّةِ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لَوْ مَلَكَ أَمَةً مُرْتَدَّةً إلَخْ) يَلْتَحِقُ بِذَلِكَ مَا إذَا كَانَتْ زِنْدِيقَةً أَوْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً مِنْ غَيْرِ بَنِي إسْرَائِيلَ أَوْ مُنْتَقِلَةً مِنْ كُفْرٍ إلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ جَمِيعِهَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَجُوسِيَّةً) أَيْ أَوْ وَثَنِيَّةً (قَوْله فَإِنْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ إلَخْ) التَّعَلُّقُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَأْذُونِ أَقْوَى مِنْهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْهُونِ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَأْذُونِ بِهَا، ثَانِيهِمَا: عَدَمُ انْحِصَارِ حَقِّ التَّعَلُّقِ فِيمَنْ عَلِمَ مِنْ الْغُرَمَاءِ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَلِهَذَا لَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِي وَطْئِهَا جَازَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مُحَرَّمَةً فَحَاضَتْ) ثُمَّ تَحَلَّلَتْ أَوْ صَائِمَةً صَوْمَ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ مُعْتَكِفَةً اعْتِكَافًا مَنْذُورًا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا، وَجَعَلَ الْجُرْجَانِيُّ مِنْ فُرُوعِهِ مَا لَوْ اشْتَرَى صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، وَاسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ صَلُحَتْ لِلْوَطْءِ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَمَا قَالَهُ بَعِيدٌ جِدًّا. اهـ. لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ وَمَا بَعْدَهَا، وَقَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ فِيهَا بَعِيدٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إنْ مَضَى إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: النَّوْعُ الثَّانِي زَوَالُ الْفِرَاشِ) شَمِلَ زَوَالُ الْفِرَاشِ زَوَالَ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ أَوْ نَحْوِهِ كَالْوَقْفِ، وَالْعِتْقِ، وَالْمَوْتِ وَزَوَالَ فِرَاشِ، وَاطِئٍ لِشُبْهَةٍ بِالْفِرَاقِ، وَزَوَالَ فِرَاشِ الْأَبِ عَنْ جَارِيَةِ الِابْنِ، وَزَوَالَ فِرَاشِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الْأَمَةُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 إلَى آخِرِهِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ. (فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَ سَيِّدُ الْمُسْتَوْلَدَةِ) الْمُزَوَّجَةِ (ثُمَّ) مَاتَ (زَوْجُهَا أَوْ مَاتَا مَعًا اعْتَدَّتْ كَالْحُرَّةِ) لِتَأَخُّرِ سَبَبِ الْعِدَّةِ فِي الْأُولَى وَاحْتِيَاطًا لَهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ تَعْتَدُّ فِي الثَّانِيَةِ عِدَّةَ أَمَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَامِلَةَ الْفِرَاشِ، وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ (وَلَا اسْتِبْرَاءَ) عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَعُدْ إلَى فِرَاشِ السَّيِّدِ (وَإِنْ تَقَدَّمَ مَوْتَ الزَّوْجِ) مَوْتُ سَيِّدِهَا (اعْتَدَّتْ عِدَّةَ أَمَةٍ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِشَهْرَيْنِ إلَى آخِرِهِ (وَلَا اسْتِبْرَاءَ) عَلَيْهَا (إنْ مَاتَ السَّيِّدُ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ) كَمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ (فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ) فَرَاغِ (الْعِدَّةِ لَزِمَ) هَا (الِاسْتِبْرَاءُ) لِعَوْدِهَا فِرَاشًا لَهُ عَقِبَ الْعِدَّةِ (وَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا) الْآخَرَ مَوْتًا (وَأَشْكَلَ) الْمُتَقَدِّمُ مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ مَاتَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ) مِنْ مَوْتِ (آخِرِهِمَا مَوْتًا) لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوَّلًا (ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَلَحْظَةٌ فَلَا شَيْءَ) أَيْ اسْتِبْرَاءَ (عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ زَوْجَةٌ أَوْ مُعْتَدَّةٌ وَذِكْرُ اللَّحْظَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مُضِرٌّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ. (وَإِنْ تَخَلَّلَ) بَيْنَهُمَا (ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ جُهِلَ قَدْرُهُ فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ لَزِمَهَا حَيْضَةٌ إنْ لَمْ تَحِضْ فِي الْعِدَّةِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ آخِرًا وَلِهَذَا لَا تَرِثُ) مِنْ الزَّوْجِ (وَلَهَا تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ) أَنَّهُمْ (مَا عَلِمُوا حُرِّيَّتَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ) لِلزَّوْجِ فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ حَاضَتْ أَوَّلَ الْعِدَّةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَحِيضُ فَتَكْفِيهَا الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ صُوَرِ التَّخَلُّلِ وَجْهٌ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ مَا قَبْلَهَا، وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَى مَا رَجَّحَهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَالَ: إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَتْ الْمُشْتَرَاةُ) لِسَيِّدِهَا (حِضْت وَصُدِّقَتْ) فَيُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا غَالِبًا (بِلَا يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ لَمْ يَقْدِرْ السَّيِّدُ عَلَى الْحَلِفِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهَا السَّيِّدُ صَرِيحًا حَرُمَ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ) ، وَقَدْ مَنَعَتْهُ أَمَتُهُ مِنْ وَطْئِهَا (أَخْبَرَتْنِي بِأَنَّهَا حَاضَتْ، وَأَنْكَرَتْ أَوْ قَالَتْ لِلْوَارِثِ وَطِئَنِي مُوَرِّثُك) فَلَا أَحِلُّ لَك، وَكَانَ الْمُوَرِّثُ مِمَّنْ يَحْرُمُ بِوَطْئِهِ وَطْءُ الْوَارِثِ (فَأَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ السَّيِّدِ فِي الْأُولَى، وَقَوْلُ الْوَارِثِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مُفَوَّضٌ فِي الْأُولَى إلَى أَمَانَةِ السَّيِّدِ وَلِهَذَا لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَمَا يُحَالُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمُعْتَدَّةِ بِشُبْهَةٍ، وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ عَدَمُ الْوَطْءِ (وَلَهَا تَحْلِيفُهُ) فِيهِمَا؛ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ تَمْكِينِهِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ صَادِقَةً وَفِي الْأُولَى إنْ تَحَقَّقَتْ بَقَاءَ شَيْءٍ مِنْ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ أَبَحْنَاهَا لَهُ فِي الظَّاهِرِ وَلَوْ ادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّهَا حَاضَتْ، وَأَنْكَرَتْ الْحَيْضَةَ فَقَدْ جَزَمَ الْإِمَامُ بِتَصْدِيقِهَا إذْ لَا يُعْلَمُ الْحَيْضُ إلَّا مِنْهَا قَالَ فَلَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ تَحْلِيفَهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَفِي تَعْلِيلِهِ هَذَا نَظَرٌ، وَاسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ تَصْدِيقَهَا فِي هَذِهِ بِتَوْجِيهِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَصْدِيقَهُ فِيهَا أَيْضًا قَالَ: وَكَمَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَيْضِ فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِخْبَارِ بِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَسْنَدَ الْأَمْرَ فِي هَذِهِ إلَى مَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا. (فَصْلٌ) لَوْ (وَطِئَ مُسْتَوْلَدَتَهُ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهِ ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّتْ لَهُ) لِعَوْدِهَا فِرَاشًا لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا لِغَيْرِهِ) فَلَا تَحِلُّ لَهُ (حَتَّى تَحِيضَ وَلَا يَكْفِي حَيْضُ الْعِدَّةِ) ؛ لِأَنَّهُمَا وَاجِبَانِ لِشَخْصَيْنِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ (وَلَا تُحْسَبُ مُدَّةُ افْتِرَاشِ السَّيِّدِ مِنْ الْعِدَّةِ) إنْ اسْتَفْرَشَهَا كَمَا لَوْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ وَاسْتَفْرَشَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي جَاهِلًا هَذَا إذَا لَمْ تَبْنِ حَامِلًا (فَإِنْ بَانَتْ حَامِلًا) ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ (وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالزَّوْجِ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ وَلَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَحِيضَ) بَعْدَ نِفَاسِهَا (أَوْ) أَلْحَقَهُ (بِالسَّيِّدِ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ بِوَضْعِهِ ثُمَّ تُتِمُّ الْعِدَّةَ) لِلزَّوْجِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ) أَوْ تَحَيَّرَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا (فَعَلَيْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ أَطْوَلُ مُدَّتَيْ الْحَيْضِ، وَإِتْمَامُ الْبَقِيَّةِ) لِلْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا عَلَيْهَا إتْمَامُهَا بِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ السَّيِّدِ وَالتَّرَبُّصُ بِحَيْضَةٍ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْ الزَّوْجِ (فَرْعٌ:) لَوْ (اشْتَرَى مُزَوَّجَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا) بِأَنَّهَا مُزَوَّجَةٌ أَوْ عَالِمًا بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَأَتَتْ   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ فِي أَنَّهَا لَوْ أَعْتَقَهَا فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ قَطْعًا وَحَلَّ لَهُ تَزَوُّجُهَا حَيْثُ كَانَتْ مُنْتَقِلَةً مِنْ نَحْوِ امْرَأَةٍ أَوْ مِمَّنْ اسْتَبْرَأَهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ الْمُدَّتَيْنِ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ إلَخْ) قَالَ الْفَتِيُّ جَعْلُ الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسَةِ أَيَّامٍ كَمَا دُونَهَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَمْ يُرَجِّحْهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا رَجَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَالَ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ فَقَدْ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأُمِّ. [فَصْلٌ قَالَتْ الْمُشْتَرَاةُ لِسَيِّدِهَا حِضْت وَصُدِّقَتْ] (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهَا السَّيِّدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: وَلَهَا تَحْلِيفُهُ) لَكِنْ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَوْ قَالَتْ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا أَنَا أُخْتُك مِنْ الرَّضَاعِ ثُمَّ تَمَلَّكَهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَلَوْ قَالَتْهُ لِسَيِّدِهَا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَمْكِينِهِ لَمْ يُقْبَلْ أَوْ قَبْلَهُ فَوَجْهَانِ وَرُجِّحَ الْقَبُولُ فِي نَظِيرِهَا مِنْ النِّكَاحِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا وَزُوِّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهَا، وَمُقْتَضَى هَذَا طَرْدُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي هُنَاكَ أَنَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ الْقَبُولِ، وَيَشْهَدُ لَهُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَتِنَا هُنَاكَ إذْ مُقْتَضَاهُ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهَا. [فَصْلٌ وَطِئَ مُسْتَوْلَدَتَهُ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهِ ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا] (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ أَطْوَلُ مُدَّتَيْ الْحَيْضَةِ، وَإِتْمَامِ الْبَقِيَّةِ) لَوْ وَقَعَتْ الْحَيْضَةُ فِي بَقِيَّةِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ كَفَتْ كَذَا قَالَاهُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِوَطْءِ السَّيِّدِ بَعْدَ الْوَضْعِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ الزَّوْجِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَبْقَى عِدَّةَ وَفَاةٍ. اهـ. وَهُوَ جَلِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ عَالِمًا بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى أَمَةً وَزَوَّجَهَا مِنْ بَائِعِهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ النِّكَاحِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَاخْتَلَفَ الْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعُ الزَّوْجُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي هُوَ مِنْ النِّكَاحِ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لِي، وَالْجَارِيَةُ مِلْكِي قَالَ شَيْخُنَا، وَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ مِنْ مِلْكِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 بِوَلَدٍ فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ إلَى آخِرِهِ، وَمِنْ أَنَّهُ لَا تُحْسَبُ مُدَّةُ افْتِرَاشِ السَّيِّدِ مِنْ الْعِدَّةِ (وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ أَوْ ظَهَرَ وَلَمْ يَلْحَقْ السَّيِّدَ، وَمَاتَ الزَّوْجُ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ) بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فِي الْأُولَى وَبِوَضْعِ الْحَمْلِ إنْ كَانَ مِنْ الزَّوْجِ، وَإِلَّا فَبِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَمْ تَحِلَّ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِغَيْرِهِ إلَّا بِالِاسْتِبْرَاءِ) بَعْدَ الْعِدَّةِ (، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الزَّوْجُ اعْتَزَلَهَا) وُجُوبًا (حَتَّى تَحِيضَ) كَالْمَنْكُوحَةِ تُوطَأُ بِالشُّبْهَةِ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (تَحِلُّ لِلسَّيِّدِ وَغَيْرِهِ إنْ فَارَقَتْ) زَوْجَهَا (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) ، وَإِنْ لَمْ تَحِضْ ثَانِيًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَحِلُّهَا لِلسَّيِّدِ بِذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدِ الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءُ الَّذِي وُجِدَ هُنَا قَبْلَهَا إنَّمَا هُوَ عَنْ الْوَطْءِ لَا عَنْ الشِّرَاءِ قُلْت مَا تَقَدَّمَ مَحِلُّهُ بِقَرِينَةِ مَا هُنَا إذَا لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاءٌ آخَرُ فَإِنْ وَجَبَ آخَرُ، وَأَتَتْ بِهِ الْأَمَةُ فِي مَحِلِّهِ دَخَلَ فِيهِ اسْتِبْرَاءُ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ. (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلْهَا حَتَّى مَاتَ اعْتَدَّتْ لِلْوَفَاةِ ثُمَّ لَا تَحِلُّ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِغَيْرِهِ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ) ، وَإِنْ حَاضَتْ فِي الْعِدَّةِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْحَيْضِ حِينَئِذٍ. (فَرْعٌ) لَوْ (حَنِثَ) رَجُلٌ (فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَوْ عِتْقِ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ) كَأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ فَأَمَتِي حُرَّةٌ فَدَخَلَ (وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُ الْأَمَةِ اعْتَدَّتْ) مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ (كَالْحُرَّةِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّيِّدَ حَنِثَ فِي عِتْقِهَا (وَلَزِمَ الزَّوْجَ الْأَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَ) مِنْ (عِدَّةِ الْوَفَاةِ) ؛ لِأَنَّهَا مُتَوَفًّى عَنْهَا أَوْ مُطَلَّقَةٌ فَلَزِمَهَا الْأَكْثَرُ (وَلَوْ كَانَ لِزَوْجِ الْأَمَةِ الَّتِي حَلَفَ السَّيِّدُ بِعِتْقِهَا أَمَةٌ أَيْضًا وَحَنِثَ هُوَ أَيْضًا فِي عِتْقِهَا أَوْ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ، وَمَاتَا قَبْلَ الْبَيَانِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ) الزَّوْجَتَيْنِ (الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَ) مِنْ (ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مُتَوَفًّى عَنْهَا أَوْ مُطَلَّقَةٌ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ: فِيمَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ فِرَاشًا، وَهُوَ الْوَطْءُ) لَا مُجَرَّدُ الْمِلْكِ فَلَوْ خَلَا بِهَا بِلَا وَطْءٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ التَّمَتُّعُ وَالْوَلَدُ، وَمِلْكُ الْيَمِينِ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ خِدْمَةٌ أَوْ تِجَارَةٌ وَلِهَذَا لَا تَنْكِحُ مَنْ لَا تَحِلُّ وَتَمْلِكُ مَنْ لَا تَحِلُّ، وَالْمُرَادُ بِالْوَطْءِ مَا يُمْكِنُ بِهِ الْإِحْبَالُ، وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ (فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَمَا دُونَهَا) مِنْ الْوَطْءِ (لَا أَكْثَرَ) مِنْهَا وَلَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً (لَحِقَهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ (وَإِنْ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ) بَعْدَ الْوَطْءِ (فَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا) إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ (مِنْ اسْتِبْرَائِهِ) لَهَا (لَمْ يَلْحَقْهُ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ قَدْ عَارَضَ الْوَطْءَ فَيَبْقَى مُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ، وَهُوَ لَا يَكْفِي كَمَا مَرَّ (أَوْ) أَتَتْ بِهِ (لِدُونِهَا) مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ (لَحِقَهُ) وَلَغَا الِاسْتِبْرَاءُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا حِينَئِذٍ (وَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ) ؛ لِأَنَّ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي طُهْرٍ وَرَمَاهَا بِالزِّنَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ كَانَ لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ فَكَذَا أَمَتُهُ (وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا) مَرَّ (فِي اللِّعَانِ) مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَفْيُهُ (فَبِهِ يُعْرَفُ أَنَّهُ) أَيْ أَنَّ هَذَا (غَيْرُ صَحِيحٍ) بَلْ هُوَ عَكْسُ مَا فِي الرَّافِعِيِّ هُنَا (وَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ (وَانْتَفَى عَنْهُ) كَمَا مَرَّ (وَأَنْكَرَتْ الِاسْتِبْرَاءَ فَلَهَا تَحْلِيفُهُ) أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا (وَيَكْفِي) فِي حَلِفِهِ (أَنَّهُ لَيْسَ مِنِّي) مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلِاسْتِبْرَاءِ كَمَا فِي نَفْيِ وَلَدِ الزَّوْجَةِ. وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ حَيْثُ إنَّ يَمِينَهُ لَمْ تُوَافِقْ دَعْوَاهُ الِاسْتِبْرَاءَ وَلِذَلِكَ قُلْنَا إنَّهُ فِي الدَّعَاوَى إذَا أَجَابَ بِنَفْيِ مَا اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى مَا أَجَابَ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ هُوَ جَوَابُهُ فِي الدَّعْوَى، وَفَارَقَ الْوَلَدَ فِي النِّكَاحِ بِأَنَّ نَفْيَهُ لَمْ يَعْتَمِدْ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ فِيهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُشْتَرَطْ التَّعَرُّضُ فِي نَفْيِهِ إلَى ذِكْرِهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَإِذَا حَلَفَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَهَلْ يَقُولُ اسْتَبْرَأْتهَا قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وِلَادَتِهَا أَمْ يَقُولُ وَلَدَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِي فِيهِ وَجْهَانِ (وَمُقْتَضَى هَذَا) الْمَكْفِيُّ بِهِ (أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ أَنَّ لَهُ نَفْيَهُ بِالْيَمِينِ) بِلَا لِعَانٍ (وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَهَلْ يَلْحَقُهُ) الْوَلَدُ فَيَكُونُ لَهُ (أَوْ يَتَوَقَّفُ) اللُّحُوقُ (عَلَى يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَتْ) عَنْهَا (فَيَمِينُ الْوَلَدِ) كَافٍ فِي اللُّحُوقِ (إنْ بَلَغَ عَاقِلًا وَجْهَانِ) أَوْجُهُهُمَا الثَّانِي (وَالسَّيِّدُ الْمُنْكِرُ لِلْوَطْءِ) الَّذِي ادَّعَتْهُ أَمَتُهُ (لَا يَحْلِفُ) عَلَى نَفْيِهِ (وَلَوْ كَانَ) ثَمَّ (وَلَدٌ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ مَعَ كَوْنِ النَّسَبِ لَيْسَ حَقًّا لَهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ إنْ ادَّعَتْ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] الْيَمِينِ مَا حُكْمُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ. وَالصُّورَةُ أَنَّ الْبَائِعَ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا، وَلَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَهَاهُنَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ، وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ، وَأَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَالْوَلَدُ لِلنِّكَاحِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِيمَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ فِرَاشًا] (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي اللِّعَانِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ مَا فِي الرَّوْضَةِ تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ النُّسَخِ السَّقِيمَةِ مِنْ الشَّرْحِ، وَهُوَ غَلَطٌ فَاَلَّذِي سَبَقَ هُنَاكَ قُبَيْلَ الطَّرَفِ الثَّالِثِ فِي سَبَبِ اللِّعَانِ مَا نَصُّهُ إذَا لَحِقَهُ نَسَبٌ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مِنْ مُسْتَوْلَدَةٍ أَوْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ لَمْ يَنْتِفْ عَنْهُ بِاللِّعَانِ فِي الْأَظْهَرِ، وَقِيلَ قَطْعًا وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الِاسْتِبْرَاءِ بَيَانُهُ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ هُنَا فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ فَلَوْ أَرَادَ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ نَسَبَ مِلْكِ الْيَمِينِ لَا يُنْفَى بِاللِّعَانِ، وَادَّعَى أَبُو سَعِيدٍ الْمُتَوَلِّي أَنَّ الصَّحِيحَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ، وَكَأَنَّ الشَّيْخَ مُحْيِي الدِّينِ انْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ الْأَوَّلِ إلَى الثَّانِي أَوْ سَقَطَ ذَلِكَ مِنْ نُسْخَتِهِ مِنْ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) الظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَافٍ فِي حَلِفِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَلْحَقُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 لَهَا فِيهَا حَقًّا، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ تَبَعًا لِصَرِيحِ كَلَامِ أَصْلِهِ خِلَافَهُ. نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهِ لَا يُعْرَفُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ (وَإِنَّمَا حَلَفَ فِي الْأُولَى) الَّتِي قَالَ فِيهَا فَلَهَا تَحْلِيفُهُ (لِأَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُ إقْرَارٌ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ) ، وَهُوَ الْوَطْءُ (وَإِنْ أَتَتْ الْأَمَةُ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ) أَيْ سَيِّدَهَا (ثُمَّ) أَتَتْ (بِآخَرَ وَبَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَحِقَهُ إنْ أَقَرَّ بِوَطْءٍ جَدِيدٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقِرَّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِرَاشَ يَبْطُلُ بِالِاسْتِبْرَاءِ فَبِالْوِلَادَةِ أَوْلَى (أَوْ) أَتَتْ بِالْآخَرِ (لِأَقَلَّ مِنْ) سِتَّةِ أَشْهُرٍ (لَحِقَهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِوَطْءٍ جَدِيدٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَيْنِ حِينَئِذٍ حَمْلٌ وَاحِدٌ (وَلَوْ أَقَرَّ) السَّيِّدُ (بِوَطْءِ الْأَمَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ أَوْ فِي الدُّبُرِ) ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ (لَمْ يَلْحَقْهُ) ؛ لِأَنَّ سَبْقَ الْمَاءِ إلَى الْفَرْجِ بِالْوَطْءِ فِيمَا عَدَاهُ بَعِيدٌ، وَكَمَا فِي التَّحْصِينِ وَالتَّحْلِيلِ وَنَحْوِهِمَا (وَلَوْ قَالَ كُنْت) حَالَةَ الْوَطْءِ (أَعْزِلُ) عَنْهَا (لَحِقَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ إلَى الرَّحِمِ، وَهُوَ لَا يُحِسُّ بِهِ؛ وَلِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِنْزَالُ. (فَصْلٌ: وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْئِهَا فَوَلَدَتْ) وَلَدًا (لِزَمَنٍ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا لَحِقَ السَّيِّدَ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) لِلْحُكْمِ بِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ (وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ) كَوْنُهُ (مِنْ النِّكَاحِ وَالْمِلْكِ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الشِّرَاءِ (لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) لِانْتِفَاءِ لُحُوقِهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ (إلَّا إنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْمِلْكِ) بِغَيْرِ دَعْوَى اسْتِبْرَاءٍ يُمْكِنُ حُدُوثُ الْوَلَدِ بَعْدَهُ بِأَنْ لَمْ يَدَّعِهِ أَوْ ادَّعَاهُ وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْحُكْمِ بِلُحُوقِهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ مِنْ النِّكَاحِ إذْ الظَّاهِرُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِالْوَطْءِ أَوْ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ فَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ بَاقِيَ الِاثْنَتَيْنِ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَهَلْ نَقُولُ يَلْحَقُهُ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ لَا وَيُقَيَّدُ إطْلَاقُهُمْ لُحُوقَ الْوَلَدِ بِمَا إذَا كَانَ مِنْ زَوْجَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَصْرِيحٍ بِذَلِكَ، وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَلْحَقُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِالْيَمِينِ. قُلْت: بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ لِانْتِفَاءِ فِرَاشِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِمَا ذُكِرَ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا. (كِتَابُ الرَّضَاعِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَكَسْرِهَا اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ، وَقَائِلُهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ الْمُوَافِقِ لِلُّغَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ اسْمٌ لِحُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ فِي جَوْفِ طِفْلٍ كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَجُعِلَ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ جُزْءَ الْمُرْضِعَةِ، وَهُوَ اللَّبَنُ صَارَ جُزْءًا لِلرَّضِيعِ بِاغْتِذَائِهِ بِهِ فَأَشْبَهَ مَنِيَّهَا وَحَيْضَهَا فِي النَّسَبِ (وَتَأْثِيرُهُ تَحْرِيمُ النِّكَاحِ) ابْتِدَاءً وَدَوَامًا (وَجَوَازُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ) وَعَدَمُ نَقْضِ الطَّهَارَةِ بِاللَّمْسِ، وَإِيجَابُ الْغُرْمِ وَسُقُوطُ الْمَهْرِ كَمَا سَيَأْتِي (فَقَطْ) أَيْ دُونَ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ كَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ (وَفِيهِ أَبْوَابٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الْمُرْضِعُ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا امْرَأَةً حَيَّةً بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ، وَإِنْ لَمْ تَلِدْ) وَلَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُزَوَّجَةً أَمْ بِكْرًا أَمْ غَيْرَهُمَا (فَلَا تَحْرِيمَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَالَ إنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا لَا يُعْرَفُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ) صَوَّبَ السُّبْكِيُّ حَمْلَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ فَإِنْ كَانَتْ لِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لِيَمْتَنِعَ مِنْ بَيْعِهَا وَيُعْتَقَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَحْلِفُ قَالَ، وَقَدْ قَطَعُوا بِتَحْلِيفِ السَّيِّدِ إذَا أَنْكَرَ الْكِتَابَةَ، وَكَذَا إذَا أَنْكَرَ التَّدْبِيرَ، وَقُلْنَا لَيْسَ إنْكَارُهُ رُجُوعًا قَالَ، وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ مَا يُزِيلُ الْإِبْهَامَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُشْبِهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا الْفِرَاشَ إلَخْ) ، وَالْمُرَادُ الْفِرَاشُ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ لَأَوْلَى لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ (قَوْلُهُ: فَبِالْوِلَادَةِ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْوِلَادَةِ عَلَى فَرَاغِ الرَّحِمِ قَطْعِيَّةٌ، وَدَلَالَةَ الْحَيْضِ عَلَى ذَلِكَ ظَنِّيَّةٌ إذْ الْحَامِلُ قَدْ تَحِيضُ. [فَصْلٌ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْئِهَا فَوَلَدَتْ] (قَوْلُهُ: قُلْت بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى إقْرَارِ سَيِّدِهَا بِدُخُولِ مَنِيِّهِ فِي فَرْجِهَا، وَكَلَامُ شَيْخِنَا عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ رَأَيْته قَالَ فِي فَتَاوِيهِ لَوْ كَانَ الْمَالِكُ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ بَاقِيَ الْأُنْثَيَيْنِ، وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ مَا يَتَأَتَّى مِنْهُ، وَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ لِزَمَنِ الْإِمْكَانِ فَهَلْ يَلْحَقُهُ كَالزَّوْجَةِ أَمْ نَقُولُ لَا يَلْحَقُهُ فَيُقَيَّدُ إطْلَاقُهُمْ فِي إلْحَاقِ وَلَدِهِ بِالزَّوْجَةِ؟ . لَمْ أَقِفْ عَلَى تَصْرِيحٍ بِذَلِكَ، وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنْ يَلْحَقَهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِالْيَمِينِ. [كِتَابُ الرَّضَاعِ] [الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الرَّضَاعَة] (كِتَابُ الرَّضَاعِ) (قَوْلُهُ: أَيْ دُونَ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ كَالْمِيرَاثِ إلَخْ) وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْمَالِ وَوُجُوبِ الْإِعْفَافِ وَسُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ وَسُقُوطِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ أَحَدِهِمَا مَالَ الْآخَرِ، وَمَنْعِ صَرْفِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا امْرَأَةً حَيَّةً) يَشْمَلُ الْجِنِّيَّةَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُحَرِّمَ لَبَنُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ قَالَ النَّاشِرِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ نِكَاحِهَا فَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا فَلَا يَثْبُتُ تَحْرِيمٌ لِكَوْنِهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَنْ يُنْكَحُ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَطْلَقُوا فِي الْوَصَايَا أَنَّ مَنْ قُطِعَ بِمَوْتِهِ بِأَنْ بَلَغَ الْغَرْغَرَةَ أَوْ أُبِينَتْ حَشْوَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَوْتَى فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، وَأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِ، وَلَا لِفِعْلِهِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ، وَالطِّفْلَ إذَا بَلَغَا أَوْ أَحَدُهُمَا هَذِهِ الْحَالَةَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالِارْتِضَاعِ، وَالْإِرْضَاعُ حُكْمٌ وَسَنُوَضِّحُ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجِنَايَاتِ وَبَيَانَ مَا فِيهَا. اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِلَبَنِ الْجِنِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ، وَالطِّفْلَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ إلَخْ) قَالَ الكوهكيلوني مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ الرَّضَاعَ تَقْرِيبٌ أَيْضًا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَالْمُرَادُ مِنْ التَّقْرِيبِ أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ عَنْ التِّسْعِ زَمَانٌ لَا يَسَعُ أَقَلَّ حَيْضٍ وَطُهْرٍ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَرَأَتْ الدَّمَ حُكِمَ بِالْحَيْضِ كَمَا إذَا بَقِيَ مِنْ تِسْعِ سِنِينَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَمَّا الرَّضَاعُ فَلَا يَثْبُتُ، وَإِنْ بَقِيَ يَوْمٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 بِلَبَنِ رَجُلٍ وَخُنْثَى حَتَّى يَتَّضِحَ) كَوْنُهُ امْرَأَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْمَائِعَاتِ؛ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ أَثَرُ الْوِلَادَةِ، وَهِيَ لَا تُتَصَوَّرُ فِي الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُمَا نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِمَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ النَّصِّ فِي لَبَنِ الرَّجُلِ (وَ) بِلَبَنِ (بَهِيمَةٍ) حَتَّى لَوْ شَرِبَ مِنْهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لَمْ يَثْبُتْ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ صَلَاحِيَّةَ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ؛ وَلِأَنَّ الْأُخُوَّةَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ، وَمِنْهَا يَنْتَشِرُ تَحْرِيمُ الرَّضَاعِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ لَمْ يَثْبُتْ الْفَرْعُ. (وَ) لَا (بِلَبَنٍ انْفَصَلَ عَنْ مَيِّتَةٍ كَمَا لَا تَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ) أَيْ حُرْمَتُهَا (بِوَطْئِهَا) وَلِضَعْفِ حُرْمَتِهِ بِمَوْتِهَا؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ كَالْبَهِيمَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَصَلَ لَبَنُ الْحَيَّةِ إلَى جَوْفِ الْمَيِّتِ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ فَكَذَا إنْ انْفَصَلَ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهَا (فَإِنْ انْفَصَلَ) مِنْهَا (وَهِيَ حَيَّةٌ) وَأُوجِرَ الصَّبِيُّ بَعْدَ مَوْتِهَا (حَرُمَ) ؛ لِأَنَّهُ انْفَصَلَ مِنْهَا، وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ وَلَا تَحْرِيمَ بِلَبَنِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْوِلَادَةَ، وَاللَّبَنُ فَرْعُ الْوَلَدِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَلَغَتْهَا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا فَاحْتِمَالُ الْبُلُوغِ قَائِمٌ وَالرَّضَاعُ تِلْوُ النَّسَبِ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالِاحْتِمَالِ، وَالسِّنِينَ هُنَا قَمَرِيَّةٌ تَقْرِيبِيَّةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ: سِنَّ الْحَيْضِ. (الرُّكْنُ الثَّانِي اللَّبَنُ وَيَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ، وَإِنْ تَغَيَّرَ) عَنْ هَيْئَتِهِ حَالَةَ انْفِصَالِهِ عَنْ الثَّدْيِ (كَالْجُبْنِ وَالزُّبْدِ أَوْ عُجِنَ بِهِ دَقِيقٌ أَوْ خَالَطَهُ مَاءٌ أَوْ خَمْرٌ) أَوْ نَحْوُهُمَا (وَغَلَبَ) اللَّبَنُ عَلَى الْخَلِيطِ بِأَنْ ظَهَرَتْ إحْدَى صِفَاتِهِ الْآتِيَةِ لِوُصُولِ عَيْنِ اللَّبَنِ إلَى الْجَوْفِ وَحُصُولِ التَّغَذِّي بِهِ (وَكَذَا لَوْ كَانَ مَغْلُوبًا، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَبْقَ مِنْ صِفَاتِهِ الثَّلَاثِ) الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَالرِّيحِ حِسًّا وَتَقْدِيرًا (شَيْءٌ) فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ لِذَلِكَ وَلَيْسَ كَالنَّجَاسَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ حَيْثُ لَا تُؤَثِّرُ فَإِنَّهَا تُجْتَنَبُ لِلِاسْتِقْذَارِ، وَهُوَ مُنْدَفِعٌ بِالْكَثْرَةِ وَلَا كَالْخَمْرِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فِي غَيْرِهَا حَيْثُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَدٌّ فَإِنَّ الْحَدَّ مَنُوطٌ بِالشِّدَّةِ الْمُزِيلَةِ لِلْعَقْلِ (لَكِنْ يُشْتَرَطُ) فِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِذَلِكَ (شُرْبُ الْجَمِيعِ فَإِنْ شَرِبَ بَعْضَهُ مُتَحَقِّقًا أَنَّهُ وَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ) إلَى الْجَوْفِ كَأَنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ (حَرَّمَ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْهُ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ اللَّبَنِ) الْمَخْلُوطِ (مِقْدَارَ مَا لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَثَّرَ) فِي التَّحْرِيمِ بِأَنْ يُمْكِنَ أَنْ يُسْقَى مِنْهُ خَمْسُ دَفَعَاتٍ (وَلَا يَضُرُّ) فِي التَّحْرِيمِ (غَلَبَةُ الرِّيقِ لِقَطْرَةِ اللَّبَنِ) الْمَوْضُوعَةِ فِي الْفَمِ إلْحَاقًا لَهُ بِالرُّطُوبَاتِ فِي الْمَعِدَةِ. (فَرْعٌ: لَبَنُ الْمَرْأَتَيْنِ الْمُخْتَلِطُ يُثْبِتُ أُمُومَتَهُمَا وَفِي الْمَغْلُوبِ) مِنْ اللَّبَنَيْنِ (التَّفْصِيلُ) السَّابِقُ فَتَثْبُتُ الْأُمُومَةُ لِغَالِبَةِ اللَّبَنِ، وَكَذَا لِمَغْلُوبَتِهِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمَحَلُّ، وَهِيَ مَعِدَةُ) أَوْ دِمَاغُ (الطِّفْلِ الْحَيِّ) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً سَوَاءٌ أَوَصَلَ إلَيْهِمَا اللَّبَنُ بِالِارْتِضَاعِ أَمْ بِغَيْرِهِ كَالْإِيجَارِ وَلَوْ نَائِمًا (لَا) الطِّفْلِ الْمَيِّتِ لِخُرُوجِهِ عَنْ التَّغَذِّي وَنَبَاتِ اللَّحْمِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ (وَلَا ابْنِ حَوْلَيْنِ) لِخَبَرِ «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ، وَكَانَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَلِخَبَرِ «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: 233] الْآيَةَ جَعَلَ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ فِي الْحَوْلَيْنِ فَأَشْعَرَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بَعْدَهُمَا بِخِلَافِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سَهْلٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، وَقَدْ نَزَلَ فِي التَّبَنِّي وَالْحِجَابِ مَا قَدْ عَلِمْت فَمَاذَا تَأْمُرُنِي فَقَالَ أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يَحْرُمُ بِهِنَّ عَلَيْك فَفَعَلْت فَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا» فَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِسَالِمٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَيْسَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا وَيُعْتَبَرُ الْحَوْلَانِ (بِالْأَهِلَّةِ مِنْ تَمَامِ الِانْفِصَالِ) لِلْوَلَدِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ (فَإِنْ ارْتَضَعَ قَبْلَ تَمَامِهِ فَوَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُشْبِهُ تَرْجِيحَ التَّأْثِيرِ لِوُجُودِ الرَّضَاعِ حَقِيقَةً، وَهُوَ قِيَاسُ مَا صَحَّحُوهُ فِيمَنْ انْفَصَلَ بَعْضُهُ فَخُرْجَانُ رَقَبَتِهِ، وَهُوَ حَيٌّ مِنْ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ، وَعَلَيْهِ تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ حِينَ ارْتَضَعَ. انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ارْتِكَابِ إحْدَاثِ قَوْلٍ ثَالِثٍ إذْ الْمَحْكِيُّ فِي ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ وَجْهَانِ ابْتِدَاءُ الْخُرُوجِ وَانْتِهَاؤُهُ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْحَزِّ مَعَ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ نَظَائِرِهَا فَلَا اضْطِرَابَ فِيهِمَا اسْتِصْحَابًا لِلضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ إذْ الْجَنِينُ يُضْمَنُ بِالْغُرَّةِ (وَيُتَمَّمُ الْمُنْكَسِرُ) مِنْ الْأَهِلَّةِ (ثَلَاثِينَ) مِنْ الشَّهْرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ) قَالَ شَيْخُنَا مَعْنَى كَوْنِهِ حَلَالًا مُحْتَرَمًا أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الرَّضَاعِ، وَإِلَّا فَهُوَ حَلَالٌ أَيْضًا، وَإِنْ انْفَصَلَ مِنْ مَيِّتَةٍ (قَوْلُهُ: فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالِاحْتِمَالِ قَالَ الرَّافِعِيُّ) ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُعَبَّرَ بِاحْتِمَالِ الْبُلُوغِ لِاقْتِضَاءِ الْوِلَادَةِ تَقَدُّمَ الْحَمْلِ، وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَالسِّنِينَ هُنَا قَمَرِيَّةٌ تَقْرِيبِيَّةٌ إلَخْ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَبَحَثَهُ الْبَارِزِيُّ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ كَثِيرِينَ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ التِّسْعَ هُنَا تَحْدِيدِيَّةٌ. اللَّبَنُ (مِنْ أَرْكَانِ الرَّضَاعِ) (قَوْلُهُ: الرُّكْنُ الثَّانِي اللَّبَنُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَذْكُرُوا فِي الْجُبْنِ وَنَحْوِهِ الْقَدْرَ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرًا لَوْ كَانَ لَبَنًا أَمْكَنَ أَنْ يَرْتَضِعَ مِنْهُ خَمْسَةَ رَضَعَاتٍ، وَأَنْ يَكُونَ التَّفْرِيقُ مَوْجُودًا فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ، وَلَا يَضُرُّ فِي أَكْلِهِ الشِّبَعُ مِنْ ذَلِكَ الْمَأْكُولِ، وَالْمُعْتَبَرُ مَا ذَكَرَهُ فِي اللَّبَنِ، وَلَوْ امْتَصَّ مِنْ ثَدْيِهَا دَمًا أَوْ قَيْحًا فَلَا تَحْرِيمَ صَرَّحَ بِهِ فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَلَوْ امْتَصَّ مَاءً فَفِي الْإِيضَاحِ أَنْ قَالَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ هُوَ لَبَنٌ رَقَّ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ ثَبَتَ التَّحْرِيمُ، وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: وَلَا ابْنُ حَوْلَيْنِ) لَوْ تَمَّ الْحَوْلَانِ فِي الرَّضْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَمُقْتَضَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَإِذَا لَمْ تَتِمَّ لَهُ الْخَامِسَةُ إلَّا بَعْدَ سَنَتَيْنِ لَمْ يَحْرُمْ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّ مَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ غَيْرُ مُقَدَّرٍ كَمَا قَالُوا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِي جَوْفِهِ إلَّا خَمْسُ قَطَرَاتٍ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ قَطْرَةٌ حَرُمَ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: مِنْ تَمَامِ الِانْفِصَالِ إلَخْ) هَذَا مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ الْقِيَاسُ وَجَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ارْتَضَعَ قَبْلَ تَمَامِهِ) لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَحْرِيمٌ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ أَنْ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي الْعِدَدِ: إنَّ أَحْكَامَ الْجَنِينِ بَاقِيَةٌ لِلْمُنْفَصِلِ بَعْضُهُ كَمَنْعِ الْإِرْثِ وَسِرَايَةِ عِتْقِ الْأُمِّ إلَيْهِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَوُجُوبِ الْغُرَّةِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْأُمِّ وَتَبَعِيَّتِهَا فِي الْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ كَنَظَائِرِهِ (وَيَثْبُتُ) التَّحْرِيمُ (بِحُصُولِهِ) أَيْ اللَّبَنِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ (وَلَوْ تَقَيَّأَهُ) فِي الْحَالِ لِوُصُولِهِ إلَى مَحَلِّ التَّغَذِّي (وَفِي الدِّمَاغِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّغَذِّي كَالْمَعِدَةِ إذْ الْأَدْهَانُ إذَا وَصَلَتْ إلَيْهِ انْتَشَرَتْ فِي الْعُرُوقِ وَتَغَذَّتْ بِهَا كَالْأَطْعِمَةِ الْوَاصِلَةِ إلَى الْمَعِدَةِ (وَلَوْ) حَصَلَ فِيهِمَا (بِجِرَاحَةٍ) فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ (وَلَا يَثْبُتُ) التَّحْرِيمُ (بِتَقْطِيرِهِ فِي أُذُنٍ وَدُبُرٍ، وَإِحْلِيلٍ) وَجِرَاحَةٍ لَمْ تَصِلْ إلَى الْمَعِدَةِ وَالدِّمَاغِ (وَإِنْ أَفْطَرَ بِهِ) إذْ لَا مَنْفَذَ مِنْهَا إلَيْهِمَا مَا عَدَا الدُّبُرَ، وَأَمَّا الدُّبُرُ فَلِعَدَمِ التَّغَذِّي بِالتَّقْطِيرِ فِيهِ، وَإِنَّمَا أَفْطَرَ بِذَلِكَ لِتَعَلُّقِ الْفِطْرِ بِالْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعِدَةٌ وَلَا دِمَاغٌ وَيُعْتَبَرُ حُصُولُهُ فِيهِمَا مِنْ مَنْفَذٍ فَلَا يَحْرُمُ حُصُولُهُ فِيهِمَا بِصَبِّهِ فِي الْعَيْنِ بِوَاسِطَةِ الْمَسَامِّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَصْلٌ: وَلَا أَثَرَ لِدُونِ خَمْسِ رَضَعَاتٍ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ» أَيْ يُتْلَى عَلَيْكُمْ حُكْمُهُنَّ أَوْ يَقْرَؤُهُنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لِقُرْبِهِ، وَقُدِّمَ مَفْهُومُ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ أَيْضًا «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ» لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ (إلَّا إنْ حَكَمَ بِهِ) أَيْ التَّأْثِيرِ بِدُونِ الْخَمْسِ (حَاكِمٌ) يَرَاهُ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ صِفَّاتِهِنَّ حَتَّى لَوْ شَرِبَ بَعْضًا، وَأَسْعَطَ بَعْضًا وَنَحْوَ ذَلِكَ) كَإِيجَارٍ (حَرُمَ وَالْمُعْتَمَدُ فِي التَّعَدُّدِ الْعُرْفُ) إذْ لَا ضَابِطَ لَهُ فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الشَّرْعِ (فَإِنْ لَفَظَ) الْمُرْتَضِعُ (الثَّدْيَ) فِي أَثْنَاءِ الرَّضْعَةِ (لَتَحَوَّلَ) مِنْ ثَدْيِ الْمُرْضِعَةِ إلَى ثَدْيِهَا الْآخَرِ لِنَفَاذِ مَا فِيهِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ نَامَ أَوَّلَهَا) عَنْ الِارْتِضَاعِ فِي أَثْنَائِهِ (لَحْظَةً ثُمَّ عَادَ) إلَيْهِ حَالًا (وَكَذَا إنْ طَالَ) كُلٌّ مِنْ النَّوْمِ وَاللَّهْوِ (وَالثَّدْيِ فِي فَمِهِ أَوْ قَطَعَتْهُ الْمُرْضِعَةُ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ ثُمَّ عَادَتْ) إلَى الْإِرْضَاعِ (فَوَاحِدَةٌ) لِلْعُرْفِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّدْيُ فِي فَمِهِ، وَمَا إذَا قَطَعَتْهُ لِشُغْلٍ طَوِيلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ وَتَخْصِيصُ تَقْيِيدِ كَوْنِ الثَّدْيِ فِي فَمِهِ بِحَالَةِ طُولِ اللَّهْوِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ (فَإِنْ قَطَعَهُ) الْمُرْتَضِعُ (إعْرَاضًا وَاشْتَغَلَ بِشَيْءٍ) آخَرَ (ثُمَّ عَادَ) وَارْتَضَعَ (أَوْ قَطَعَتْهُ الْمُرْضِعَةُ، وَأَطَالَتْهُ فَرَضْعَتَانِ) التَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِالْإِطَالَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ وَاشْتَغَلَ بِشَيْءٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فِي الْيَوْمِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً اُعْتُبِرَ التَّعَدُّدُ) فِيهِ (بِمِثْلِ هَذَا) فَلَوْ أَكَلَ لُقْمَةً ثُمَّ أَعْرَضَ وَاشْتَغَلَ بِشُغْلٍ طَوِيلٍ ثُمَّ عَادَ، وَأَكَلَ حَنِثَ وَلَوْ أَطَالَ الْأَكْلَ عَلَى الْمَائِدَةِ، وَكَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ لَوْنٍ إلَى لَوْنٍ وَيَتَحَدَّثُ فِي خِلَالِ الْأَكْلِ وَيَقُومُ وَيَأْتِي بِالْخُبْزِ عِنْدَ نَفَاذِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ أَكْلَةً وَاحِدَةً. (فَرْعٌ) لَوْ (حَلَبَتْ لَبَنَهَا دَفْعَةً، وَأَوْجَرَتْهُ) الصَّبِيَّ (خَمْسًا أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ حَلَبَتْ لَبَنَهَا خَمْسَ دَفَعَاتٍ، وَأَوْجَرَتْهُ دَفْعَةً (فَرَضْعَةٌ) نَظَرًا إلَى انْفِصَالِهِ فِي الْأُولَى، وَإِيجَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْ تَعَدَّدَا) أَيْ الِانْفِصَالُ وَالْإِيجَارُ (مَعًا وَلَمْ يُخْلَطْ فَخَمْسٌ، وَإِنْ خُلِطَا ثُمَّ فُرِّقَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ فَكَمَا لَوْ لَمْ يُخْلَطْ) فَيُعَدُّ خَمْسَ رَضَعَاتٍ (وَإِنْ خُلِطَ لَبَنُ خَمْسٍ) مِنْ النِّسْوَةِ (وَأَوْجَرَهُ خَمْسَ دَفَعَاتٍ) أَوْ دَفْعَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (رَضْعَةٌ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْأُبُوَّةُ إنْ كَانَ) لَبَنُهُنَّ (لَبَنَهُ. فَرْعٌ: إذَا شُكَّ فِي اسْتِكْمَالِ الْخَمْسِ أَوْ الْحَوْلَيْنِ أَوْ) فِي (وُصُولِهِ جَوْفَهُ) أَوْ فِي أَنَّهُ لَبَنُ امْرَأَةٍ أَوْ فِي أَنَّهُ حُلِبَ فِي حَيَاتِهَا (فَلَا حُرْمَةَ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ (وَلْيُتَوَرَّعْ) فِي ذَلِكَ. (فَصْلٌ: تَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ، وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ (لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ) كَعَكْسِهِ فِيمَا لَوْ دُرَّ لَبَنُ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَذَلِكَ (كَمَنْ ارْتَضَعَ مِنْ خَمْسِ مُسْتَوْلَدَاتٍ رَجُلٍ أَوْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ) مَوْطُوءَاتٍ (وَمُسْتَوْلَدَةٍ) لَهُ بِلَبَنِهِ (رَضْعَةً رَضْعَةً وَلَوْ مُتَوَالِيًا) فَيَصِيرُ وَلَدًا لِذِي اللَّبَنِ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ، وَهُنَّ كَالظُّرُوفِ لَهُ، وَقَدْ تَعَدَّدَتْ الرَّضَعَاتُ، وَإِنَّمَا لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ لَمْ تُرْضِعْهُ خَمْسًا (وَيَحْرُمْنَ) أَيْ الْخَمْسُ (عَلَى الطِّفْلِ؛ لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوءَاتُ أَبِيهِ) وَبَعْضُهُنَّ فِي الثَّانِيَةِ زَوْجَاتُ أَبِيهِ، وَقَوْلُهُ رَضْعَةً وَلَوْ مُتَوَالِيًا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَلَوْ دَفْعَةً كَانَ أَوْلَى لِيُوَافِقَ مَا قَدَّمْته عَنْ تَصْرِيحِ الْأَصْلِ قُبَيْلَ الْفَرْعِ (وَلَوْ أَرْضَعْنَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَهُ (وَلَا غُرْمَ عَلَى مُسْتَوْلَدَتِهِ) إذْ لَا يَثْبُتُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَمْلُوكِهِ (فَإِنْ أَرْضَعَتْهَا زَوْجَاتُهُ الثَّلَاثُ، وَمُسْتَوْلَدَاتُهُ فَالْجَانِي الْأَخِيرَةُ) مِنْهُنَّ إنْ أَرْضَعَتْهَا مُرَتَّبًا؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ يَتَعَلَّقُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ عَدَد الرَّضَاع الْمُحْرِم] قَوْلُهُ: فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ) قَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّ النَّاسِخَ مِنْ السُّنَّةِ لَا أَنَّهُ قُرْآنٌ وَنُسِخَ أَيْضًا بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ مَفْهُومَ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ إلَخْ) وَلِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ يُؤَيِّدُ التَّحْرِيمَ إذَا عَرَى عَنْ جِنْسِ الِاسْتِبَاحَةِ افْتَقَرَ إلَى الْعَدَدِ كَاللِّعَانِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرَ عَنْ جِنْسِ الِاسْتِبَاحَةِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى الْعَدَدِ كَالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَفَظَ الثَّدْيَ) (فَائِدَةٌ) الثَّدْيُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالتَّذْكِيرُ أَكْثَرُ وَيَكُونُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ لَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَهَا لَحْظَةً ثُمَّ عَادَ) قَيَّدَ فِي الشَّرْحَيْنِ، وَالرَّوْضَةِ الِاتِّحَادَ فِي مَسْأَلَةِ قَطْعِهِ لِلَّهْوِ بِبَقَاءِ الثَّدْيِ فِي فِيهِ، وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، وَاسْتَشْهَدَ بِنَصِّ الْمُخْتَصَرِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ لَكِنْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ بَانَ مِنْ فِيهِ رَضْعَتَانِ. [فَصْلٌ ثُبُوتُ الْأُبُوَّةُ بِالرَّضَاعِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ] (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ إلَخْ) ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْأُمُومَةَ قَدْ تَثْبُتُ دُونَ الْأُبُوَّةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَصْلٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ، وَلَوْ دُفْعَةً كَانَ أَوْلَى إلَخْ) لَوْ قَالَهُ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْمَعِيَّةُ فِي ارْتِضَاعِهِ مِنْهُنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 بِإِرْضَاعِهَا (فَتَغْرَمُ) مَهْرَ الصَّغِيرَةِ (إنْ كَانَتْ زَوْجَةً) لَا إنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً (، وَإِنْ) أَرْضَعْنَهَا مَعًا كَأَنْ (أَوْجَرْنَهَا لَبَنَهُنَّ مَعًا فَعَلَى الزَّوْجَاتِ ثَلَاثَةُ الْأَخْمَاسِ) مِنْ مَهْرِهَا بِعَدَدِ رَضَعَاتِهِنَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى مُسْتَوْلَدَتَيْهِ فَلَوْ جُهِلَتْ الْأَخِيرَةُ مِنْ الصِّنْفَيْنِ أَوْ جُهِلَ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ إرْضَاعُ الثَّلَاثِ هَلْ أَرْضَعْنَ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْغُرْمِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُنَّ) أَيْ الزَّوْجَاتِ؛ لِأَنَّهُنَّ لَمْ يَصِرْنَ أُمَّهَاتِ الصَّغِيرَةِ (وَإِنْ أَوْجَرَهَا الزَّوْجَاتُ) الثَّلَاثُ الرَّضْعَةَ (الْخَامِسَةَ مَعًا اسْتَوَيْنَ فِي الْغُرْمِ وَلَوْ تَفَاضَلْنَ فِي الْإِرْضَاعِ) لِاسْتِوَائِهِنَّ فِي الْإِرْضَاعِ الْمُوجِبِ لِلْغُرْمِ، وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ لِتَغْرِيمِ الزَّوْجِ الْمُرْضِعَةِ عَدَمَ إذْنِهِ لَهَا فِي الْإِرْضَاعِ (وَلَوْ أَرْضَعَتْهُ) أَيْ امْرَأَةٌ صَغِيرًا (أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) فِي الْحَوْلَيْنِ (وَتَمَّ الْحَوْلَانِ فِي أَثْنَاءِ) الرَّضْعَةِ (الْخَامِسَةِ صَارَتْ أُمَّهُ) ؛ لِأَنَّ مَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ غَيْرُ مُقَدَّرٍ كَمَا قَالُوا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِي جَوْفِهِ إلَّا خَمْسُ قَطَرَاتٍ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ قَطْرَةٌ حَرُمَ وَظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّهُ. (فَرْعٌ: لَا يَصِيرُ) الشَّخْصُ (جَدًّا بِإِرْضَاعِ خَمْسِ الْبَنَاتِ) لَهُ (وَلَا خَالًا بِإِرْضَاعِ خَمْسِ الْأَخَوَاتِ) لَهُ (مَرَّةً مَرَّةً) أَيْ لَا يَصِيرُ جَدًّا مِنْ أُمٍّ لِمُرْتَضِعِ بَنَاتِهِ وَلَا خَالًا لِمُرْتَضِعِ أَخَوَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْجُدُودَةَ لِأُمٍّ والخئولة إنَّمَا يَثْبُتَانِ بِتَوَسُّطِ الْأُمُومَةِ وَلَا أُمُومَةَ بِخِلَافِ الْأُبُوَّةِ تَثْبُتُ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ كَمَا مَرَّ. (فَرْعٌ: وَلَوْ ارْتَضَعَتْ صَغِيرَةٌ) تَحْتَ رَجُلٍ (مِنْ مَوْطُوآته الْخَمْسِ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ (رَضْعَةً وَاللَّبَنُ لِغَيْرِهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِكَوْنِهَا رَبِيبَتَهُ) نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْأُمُومَةِ بِذَلِكَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْجُمْهُورِ فِيهِ فَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ تَرْكَهُ أَوْ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ وَاحِدَةٌ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ فَلَا تَحْرِيمَ) بَيْنَهُمَا. (الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ) وَتَحْرِيمُهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ ذِي اللَّبَنِ ثُمَّ تَسْرِي الْحُرْمَةُ مِنْهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ (فَتَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الطِّفْلِ) الرَّضِيعِ (لِأَنَّهَا أُمُّهُ وَآبَاؤُهَا وَأُمَّهَاتُهَا مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ) فَإِنْ كَانَ أُنْثَى حَرُمَ عَلَى الْأَجْدَادِ نِكَاحُهَا أَوْ ذَكَرًا حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْجَدَّاتِ (وَالْفُرُوعُ كَفُرُوعِ النَّسَبِ) فَأَوْلَادُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ إخْوَتُهُ، وَأَخَوَاتُهُ وَإِخْوَتُهَا، وَأَخَوَاتُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ فَيَحْرُمُ التَّنَاكُحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِخِلَافِ أَوْلَادِ الْأُخْوَة وَالْأَخَوَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ فَالْمُرَادُ بِالْفُرُوعِ مَا يَشْمَلُ الْحَوَاشِيَ (فَإِنْ نَزَلَ اللَّبَنُ) مِنْ امْرَأَةٍ (عَلَى وَلَدٍ مَنْسُوبٍ) لِشَخْصٍ (وَلَوْ مِنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ فَأَبُوهُ أَبُو الرَّضِيعِ) وَجَدُّهُ جَدُّهُ وَعَمُّهُ عَمُّهُ وَابْنُهُ ابْنُ أَخِيهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي حُرْمَةِ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْوَلَدُ إقْرَارُهُ بِالْوَطْءِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ، وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلرَّضِيعِ (مَعَ سَائِرِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ حُكْمُ ابْنِ النَّسَبِ) الْأَوْلَى حُكْمُ وَلَدِ النَّسَبِ مَعَ سَائِرِ فُرُوعِهِ وَأُصُولِهِ فِي التَّحْرِيمِ (إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَبِيهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بَنَاتِ الْمُرْضِعَةِ) ، وَإِنْ كُنَّ أَخَوَاتِ وَلَدِهِ (وَأُمَّهَاتِهَا) ، وَإِنْ كُنَّ جَدَّاتِ وَلَدِهِ (وَلِأَخِيهِ أَنْ يَنْكِحَ الْمُرْضِعَةَ) وَبَنَاتِهَا وَأُمَّهَاتِهَا (بِخِلَافِ) نَظِيرِ ذَلِكَ فِي (النَّسَبِ) لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ (وَالْعِلَّةُ هُنَاكَ الْمُصَاهَرَةُ) أَيْ وُجُودُهَا، وَهِيَ مَنْفِيَّةٌ هُنَا وَتَقَدَّمَ تَحْرِيرُهُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ مَعَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ لَا يَتَمَحَّضُ بِالْمُصَاهَرَةِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ حُرْمَةَ الرَّضِيعِ تَنْتَشِرُ مِنْهُ إلَى فُرُوعِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَالنَّسَبِ لَا إلَى أُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ، وَأَنَّ حُرْمَتَيْ الْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ تَنْتَشِرَانِ إلَى الْجَمِيعِ. (فَرْعٌ: لَا حُرْمَةَ لِلَبَنِ الزَّانِي) فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ الصَّغِيرَةَ الْمُرْتَضِعَةَ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ (وَ) لَكِنْ (يُكْرَهُ لَهُ نِكَاحُ بِنْتِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ لَبَنِهِ كَمَا يُكْرَهُ لَهُ نِكَاحُ مَنْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ. (فَرْعٌ: يَنْتَفِي الرَّضِيعُ بِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ وَيَلْحَقُ بِلُحُوقِهِ) فَلَوْ نَفَى الزَّوْجُ وَلَدًا بِاللِّعَانِ فَارْتَضَعَتْ صَغِيرَةٌ بِلَبَنِهِ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ وَلَوْ ارْتَضَعَتْ بِهِ ثُمَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْغُرْمِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَتَمَّ الْحَوْلَانِ) أَيْ أَوْ مَاتَتْ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لَا يَصِيرُ جَدًّا بِإِرْضَاعِ خَمْسِ الْبَنَاتِ لَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ ابْنٌ، وَابْنُ ابْنٍ، وَأَبٌ وَجَدٌّ، وَأَخٌ فَأَرْضَعَتْ زَوْجَةُ كُلٍّ بِلَبَنِهِ طِفْلَةً مَرَّةً مَرَّةً لَمْ تَحْرُمْ عَلَى زَيْدٍ، وَلَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَةُ كُلٍّ مِنْ خَمْسَةِ أُخُوَّة طِفْلَةً لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً لَهَا بِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنِ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ فَأَرْضَعَتْ لِلْعُلْيَا طِفْلًا ثَلَاثًا، وَالْأُخْرَيَانِ مَرَّةً مَرَّةً لَمْ تَصِرْ جَدَّةً لِلطِّفْلِ (قَوْلُهُ: حَرُمَتْ لِكَوْنِهَا رَبِيبَةً) قَالَ الْفَتَى هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ شَرْطَ الرَّبِيبَةِ ثُبُوتُ الْأُمُومَةِ، وَلَا أُمُومَةَ هُنَا لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا تَفْرِيعًا عَلَى ضَعِيفٍ فَأَعْمَلَهُ فَغَيَّرْته، وَقُلْت لَمْ تَحْرُمْ فَلْتَصِرْ فِي النُّسَخِ هَكَذَا، وَقَالَ شَيْخُنَا قَالَ فِي الْعُبَابِ: فَرْعٌ: مَنْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَأَمَةٌ مَوْطُوءَاتٍ فَأَرْضَعْنَ طِفْلَةً بِلَبَنِ غَيْرِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّحْرِيمِ تَفْرِيعًا عَلَى ثُبُوتِ الْأُبُوَّةِ صَوَابُهُ الْأُمُومَةُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ) (قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الطِّفْلِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ يَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْمُرْضِعَةِ، وَالْفَحْلِ إلَى أُصُولِهِ، وَفُرُوعِهِ وَحَوَاشِيهِ وَيَنْتَشِرُ مِنْ الرَّضِيعِ إلَى فُرُوعِهِ دُونَ أُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ، وَهَذَا اخْتِصَارُ التَّطْوِيلِ الَّذِي فِي كُتُبِ الْفِقْهِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ اعْتِبَارُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ ضَعِيفٌ، وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّهُ الصَّحِيحُ وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لَهَا لَبَنٌ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّهَا دُونَ الزَّوْجِ، وَلَوْ كَانَ بَعْدَمَا أَصَابَهَا أَيْ، وَلَمْ تَحْبَلْ فَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُهُ فِي حَقِّهَا دُونَهُ، وَقَالَ فِي زَوَائِدِهِ: حُرْمَتُهُ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا. [فَرْعٌ يَنْتَفِي الرَّضِيعُ بِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ يَنْتَفِي الرَّضِيعُ بِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ) وَيَلْحَقُ بِلُحُوقِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَا الْوَجْهَيْنِ فِي نِكَاحِ الَّتِي نَفَاهَا، وَلَا تَبْعُدُ التَّسْوِيَةُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 لَاعَنَ انْتَفَى الرَّضِيعُ عَنْهُ فَلَوْ اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ لَحِقَ الرَّضِيعُ أَيْضًا (وَلِلرَّضِيعِ) بَعْدَ كَمَالِهِ (الِانْتِسَابُ إلَى أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ) اللَّذَيْنِ يُحْتَمَلُ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُؤَثِّرُ فِي الطِّبَاعِ، وَمَحِلُّهُ (بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ، وَ) مَوْتِ (أَوْلَادِهِ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَهُ يَنْتَسِبُونَ) إلَى مَنْ يَنْتَسِبُ هُوَ إلَيْهِ (كَهُوَ) وَبَعْدَ تَعَذُّرِ إلْحَاقِ الْقَائِفِ لِلْوَلَدِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ تَحَيَّرَ وَلَمْ يَنْتَسِبْ الْوَلَدَ وَلَا أَوْلَادَهُ أَوْ انْتَسَبَ بَعْضَ أَوْلَادِهِ لِهَذَا وَبَعْضَهُمْ لِآخَرَ أَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ الِانْتِسَابُ بَلْ هُوَ تَابِعٌ لِلْوَلَدِ. (وَيُجْبَرُونَ) أَيْ الْوَلَدُ، وَأَوْلَادُهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الِانْتِسَابِ لِضَرُورَةِ النَّسَبِ (وَلَا يُجْبَرُ) عَلَيْهِ (الْمُرْتَضِعُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّسَبَ تَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقٌ لَهُ وَعَلَيْهِ كَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِ الْإِشْكَالِ، وَالْمُتَعَلِّقُ بِالرَّضَاعِ حُرْمَةُ النِّكَاحِ وَالْإِمْسَاكُ عَنْهُ سَهْلٌ فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ الْمُرْتَضِعُ (كَمَا لَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ) وَيُفَارِقُ الْوَلَدَ بِأَنَّ مُعْظَمَ اعْتِمَادِ الْقَائِفِ عَلَى الْأَشْبَاهِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْأَخْلَاقِ وَجَوَازِ انْتِسَابِهِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَمِيلُ إلَى مَنْ ارْتَضَعَ مِنْ لَبَنِهِ، وَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا كَانَ ابْنَهُ فَلَهُ نِكَاحُ بِنْتِ الْآخَرِ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ (فَإِنْ لَمْ يَنْتَسِبْ) إلَيْهِ (لَمْ يَنْكِحْ بِنْتَ أَحَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا أُخْتُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ. (فَصْلٌ: وَتَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ بِاللَّبَنِ) وَلَوْ (بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ قَصُرَ الزَّمَانُ أَوْ طَالَ كَعَشْرِ سِنِينَ وَلَوْ انْقَطَعَ اللَّبَنُ وَعَادَ) أَوْ نَكَحَتْ غَيْرَ الْأَوَّلِ وَلَمْ تَلِدْ إذَا لَمْ يَحْدُثْ مَا يُحَالُ اللَّبَنُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ (وَالْحَمْلُ) مِنْ النَّاكِحِ الثَّانِي (لَا يُثْبِتُهَا) أَيْ الْأُبُوَّةَ (لِلثَّانِي مَا لَمْ تَلِدْ) مِنْهُ، وَإِنْ زَادَ اللَّبَنُ عَلَى مَا كَانَ فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَاللَّبَنُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَهُ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ تَبَعٌ لِلْوَلَدِ وَالْوَلَدُ لَهُ (وَإِذَا حَبِلَتْ مُرْضِعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ مُرْضِعَةٌ (مُزَوَّجَةٌ مِنْ) وَطْءِ (زِنًا فَاللَّبَنُ لِلزَّوْجِ مَا لَمْ تَضَعْ ثُمَّ) بَعْدَ الْوَضْعِ (هُوَ لَبَنُ الزِّنَا) نَظِيرُهُ مَا لَوْ حَبِلَتْ بِغَيْرِ زِنًا (وَإِنْ نَزَلَ لِبِكْرٍ لَبَنٌ وَتَزَوَّجَتْ وَحَبِلَتْ) مِنْ الزَّوْجِ (فَاللَّبَنُ لَهَا لَا لِلثَّانِي) الْأَوْلَى لَا لِلزَّوْجِ (مَا لَمْ تَلِدْ) وَلَا أَبٌ لِلرَّضِيعِ فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَاللَّبَنُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَهُ. (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّضَاعِ الْقَاطِعِ لِلنِّكَاحِ) وَحُكْمُ الْغُرْمِ بِهِ (وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي الْغُرْمِ) بِهِ (فَإِنْ أَرْضَعَتْ مَنْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَجُلٍ (بِنْتُهَا كَأُمِّهِ أَوْ أُخْتِهِ) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أَوْ زَوْجَتِهِ، وَكَذَا زَوْجَةُ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ بِلِبَانِهِمْ) أَيْ بِلَبَنِهِمْ (الْإِرْضَاعَ الْمُحَرِّمَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ) بِالنَّصْبِ بِأَرْضَعَتْ (حَرُمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَ أُخْتِهِ أَوْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ أَوْ أُخْتَهُ أَيْضًا أَوْ بِنْتَ ابْنِهِ أَوْ بِنْتَ أَخِيهِ فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّ مَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ الْمُؤَبَّدَةَ كَمَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ يَمْنَعُ اسْتِدَامَتَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ الِابْنَ إذَا وَطِئَ زَوْجَةَ أَبِيهِ بِشُبْهَةٍ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَطُرُوِّ الرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ لِعَدَمِ إيجَابِهِمَا التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ أَمَّا إذَا كَانَ اللَّبَنُ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ وَالِابْنِ وَالْأَخِ فَلَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ تَصِيرَ رَبِيبَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ وَلَيْسَتْ بِحَرَامٍ عَلَيْهِ (وَلَزِمَهُ) لِلصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ يَطَأْهَا (نِصْفُ الْمُسَمَّى) إنْ صَحَّ (أَوْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ فَسَدَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فُرْقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا مِنْ جِهَتِهَا فَيُشْطَرُ الْمَهْرُ لَهُ كَالطَّلَاقِ (وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ وَلَوْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُرْضِعَةٌ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ تَقْصِدْ بِإِرْضَاعِهَا فَسْخَ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ غَرَامَةَ الْإِتْلَافِ لَا تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (بِنِصْفِ مَهْرِ) الْمِثْلِ اعْتِبَارًا لِمَا يَجِبُ لَهُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ (لَا غَيْرُ) أَيْ لَا جَمِيعَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا جَمِيعَ الْمُسَمَّى وَلَا نِصْفَهُ وَفَارَقَ ذَلِكَ شُهُودَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعُوا حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ الزَّوْجُ بِجَمِيعِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِأَنَّ فُرْقَةَ الرَّضَاعِ حَقِيقَةٌ فَلَا تُوجِبُ إلَّا النِّصْفَ كَالْمُفَارَقَةِ بِالطَّلَاقِ وَفِي الشَّهَادَةِ النِّكَاحَ بِأَنْ يَزْعُمَ الزَّوْجُ وَالشُّهُودُ لَكِنَّهُمْ بِشَهَادَتِهِمْ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبُضْعِ فَغَرِمُوا قِيمَتَهُ كَالْغَاصِبِ الْحَائِلِ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْمَغْصُوبِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ نِكَاحِ الْكَبِيرَةِ وَمَهْرِهَا. (وَيُؤْخَذُ مِنْ كَسْبِ) الزَّوْجِ (الْعَبْدِ نِصْفُ الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ مِثْلِ (زَوْجَتِهِ) الصَّغِيرَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا مَنْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ بِنْتُهَا (وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) ، وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ لَمْ يَفُتْ إلَّا عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بَدَلُ الْبُضْعِ فَكَانَ لِلسَّيِّدِ كَعِوَضِ الْخُلْعِ. (فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَ عَبْدٌ أَمَةً صَغِيرَةً مُفَوَّضَةً) بِتَفْوِيضِ سَيِّدِهَا (فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ) مَثَلًا (فَلَهَا الْمُتْعَةُ فِي كَسْبِهِ وَلَا يُطَالِبُ) سَيِّدُهُ الْمُرْضِعَةَ (إلَّا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَصَوَّرُوا ذَلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ تَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ بِاللَّبَنِ] قَوْلُهُ: ثُمَّ هُوَ بَعْدَ الْوَضْعِ لَبَنُ الزِّنَا إلَخْ) سَكَتُوا عَمَّا لَوْ وَضَعَتْ حَمْلًا مِنْ الزِّنَا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَنْقَطِعَ فِيهِ اللَّبَنُ عَنْ الزَّوْجِ بِهَذَا اللَّبَنِ الْمُتَجَدِّدِ كَالشُّبْهَةِ، وَالنِّكَاحِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لَبَنَ وَلَدِ الزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ فِي قَطْعِهِ لِمَنْ لَهُ حُرْمَةٌ، وَقَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا ضَعِيفٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الزَّانِيَةَ إذَا وَضَعَتْ، وَلَدًا مِنْ الزِّنَا ثُمَّ أَرْضَعَتْ بِلِبَانِهِ صَبِيًّا فَإِنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ تَثْبُتُ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَوَلَدِ الزِّنَا. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّضَاعِ الْقَاطِعِ لِلنِّكَاحِ] [الطَّرَف الْأَوَّل فِي الْغُرْمِ بِالرَّضَاعِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّضَاعِ الْقَاطِعِ لِلنِّكَاحِ) (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ، وَلَوْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِالْغُرْمِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي الْإِرْضَاعِ فَإِذَا أَذِنَ فَلَا غُرْمَ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا فِيمَا إذَا أَكْرَهَهَا؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الْإِذْنِ الْمُجَرَّدِ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ: لَوْ نَكَحَ عَبْدٌ أَمَةً صَغِيرَةً مُفَوَّضَةً إلَخْ) يُتَصَوَّرُ فِي الْحُرِّ أَيْضًا بِصُوَرٍ. الْأُولَى إذَا كَانَ مَمْسُوحًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ الْأَمَةَ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَتَيْنِ، وَالثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَهُ بِالْأَمْنِ مِنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ، وَمِنْهَا إذَا نَكَحَ ذِمِّيٌّ أَمَةً صَغِيرَةً ثُمَّ تَرَافَعُوا إلَيْنَا بَعْدَ حُصُولِ الرَّضَاعَةِ، وَمِنْهَا أَنْ يَنْكِحَ الذِّمِّيُّ أَمَةً صَغِيرَةً ثُمَّ يُسْلِمَ، وَهُوَ مُسْتَكْمِلٌ لِلشَّرَائِطِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي بَابِهِ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 419 بِالْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْحُرَّةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِكَوْنِ الْمُتْعَةِ فِي الْكَسْبِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَوْجَرَهَا) أَيْ الصَّغِيرَةَ (أَجْنَبِيٌّ لَبَنَ أُمِّ الزَّوْجِ) سَوَاءٌ أَحَلَبَهُ مِنْهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (فَالرُّجُوعُ) لِلزَّوْجِ بِالْغُرْمِ (عَلَيْهِ) لَا عَلَى أُمِّ الزَّوْجِ (وَلَوْ أَكْرَهَ) الْأَجْنَبِيُّ (الْأُمَّ) عَلَى إرْضَاعِهَا (فَأَرْضَعَتْهَا فَالْغُرْمُ عَلَيْهَا) طَرِيقًا وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ لِيُوَافِقَ قَاعِدَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِتْلَافِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَبِأَنَّ الْغُرْمَ هُنَا لِلْحَيْلُولَةِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي الْمُكْرَهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ مَعَ دُخُولِ إتْلَافِهِ فِي الْقَاعِدَةِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْغُرْمَ هُنَا الْحَيْلُولَةُ يَرُدُّهُ مَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَشُهُودِ الطَّلَاقِ إذَا رَجَعُوا. (وَإِنْ أَوْجَرَهَا خَمْسَةٌ) مِنْ النَّاسِ (مَرَّةً غَرِمُوهُ) أَيْ مَا لَزِمَهُمْ بِالْإِيجَارِ (أَخْمَاسًا) وَلَوْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْ وَاحِدَةٍ اعْتِبَارًا بِالْعَدَدِ (أَوْ) أَوْجَرَهَا (ثَلَاثَةٌ مُتَفَاضِلِينَ) بِأَنْ أَوْجَرَهَا وَاحِدٌ مَرَّةً وَالْآخَرَانِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ (فَعَلَى عَدَدِ الرَّضَعَاتِ) يَغْرَمُونَ (لَا) عَلَى عَدَدِ (الرُّءُوسِ) ؛ لِأَنَّ انْفِسَاخَ النِّكَاحِ يَتَعَلَّقُ بِعَدَدِ الرَّضَعَاتِ فَعَلَى الْأَوَّلِ خُمُسُ الْغُرْمِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ خُمُسَاهُ، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّغْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَامِسَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِاخْتِصَاصِهِ بِهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ اخْتَصَّ الْغُرْمُ بِالْأَخِيرِ كَمَا مَرَّ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَرْضَعَتْ أُمُّ زَوْجَتِهِ الْكَبِيرَةِ أَوْ أُخْتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا) ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا فِي الْأُولَى أُخْتَيْنِ، وَالْكَبِيرَةُ فِي الثَّانِيَةِ خَالَةٌ لِلصَّغِيرَةِ وَفِي الثَّالِثَةِ عَمَّةٌ لِأُمِّهَا وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا (وَيَنْكِحُ) بَعْدَ ذَلِكَ (إحْدَاهُمَا) إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا (فَإِنْ أَرْضَعَتْهَا بِنْتُ الْكَبِيرَةِ حُرِّمَتْ الْكَبِيرَةُ) عَلَيْهِ (أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ جَدَّةَ زَوْجَتِهِ (وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ مَدْخُولًا بِهَا) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ رَبِيبَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا (وَالْغُرْمُ) فِيمَا ذُكِرَ (كَمَا سَبَقَ) فَعَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِ وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ (إلَّا أَنَّ الْمَمْسُوسَةَ تُطَالِبُهُ بِكُلِّ الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِتَفْوِيتِهَا مَنَافِعَ الْبُضْعِ عَلَيْهِ، وَكَمَا لَوْ شَهِدُوا بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعُوا، وَكَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَأَنْكَرَتْ فَصَدَّقْنَاهَا بِيَمِينِهَا فَنَكَحَتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرَّجْعَةِ لِلْأَوَّلِ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَى الثَّانِي وَتَغْرَمُ لِلْأَوَّلِ مَهْرَ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ بُضْعَهَا عَلَيْهِ (، وَإِنْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ وَارْتَضَعَتْ بِنَفْسِهَا مِنْ الزَّوْجَةِ الْكَبِيرَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَى ذَاتِ اللَّبَنِ وَلَوْ أَمْكَنَهَا الدَّفْعُ) بِأَنْ تَكُونَ مُسْتَيْقِظَةً سَاكِتَةً؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا (وَلَا مَهْرَ لِلصَّغِيرَةِ) ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حَصَلَ بِفِعْلِهَا وَذَلِكَ يُسْقِطُ الْمَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ (بَلْ يَرْجِعُ) الزَّوْجُ (فِي مَالِهَا بِنِسْبَةِ مَا غَرِمَ لِلْكَبِيرَةِ) فَيَرْجِعُ فِيهِ بِمَهْرِ مِثْلِ الْكَبِيرَةِ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَإِلَّا فَبِنِصْفِهِ لِمَا مَرَّ (وَإِنْ حَمَلَتْ الرِّيحُ اللَّبَنَ) مِنْ الْكَبِيرَةِ إلَى جَوْفِ الصَّغِيرَةِ (فَلَا رُجُوعَ لَهُ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إذْ لَا صُنْعَ مِنْهُمَا (وَلَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ) فَارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ (مَرَّتَيْنِ، وَأَرْضَعَتْهَا أُمُّ الزَّوْجِ ثَلَاثًا سَقَطَ) مِنْ نِصْفِ مَهْرِهَا (الْخُمُسَانِ) وَلَزِمَ الزَّوْجَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى أُمِّهِ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا) أَرْبَعًا (ثُمَّ دَبَّتْ إلَى الْمُرْضِعَةِ) الْخَامِسَةِ فَأَرْضَعَتْهَا (سَقَطَ الْخُمُسُ لَكِنْ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ) بِزِيَادَةٍ لَكِنْ بِلَا حَاجَةٍ وَلَزِمَ الزَّوْجَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ (وَيَرْجِعُ عَلَى أُمِّهِ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) هَذَا، وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّغْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَامِسَةِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْلُ فِي الْأَخِيرِ وَلَفْظَةُ نِصْفِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْمُصَاهَرَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّضَاعِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ مُرْضِعَةُ زَوْجَتِهِ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ (وَ) مُرْضِعَةُ (مُطَلَّقَتِهِ الصَّغِيرَةِ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ مَنْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَوْجَرَ الصَّغِيرَةَ أَجْنَبِيٌّ لَبَنَ أُمِّ الزَّوْجِ] قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: لَا يَسْتَقِيمُ قِيَاسُهُ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ حَتَّى يُعَبَّرَ عَنْهَا بِالْإِتْلَافِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ أَنَّهُ يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْمَغْصُوبَةِ قَطْعًا، وَأَيْضًا لَوْ صَحَّ قِيَاسُ الْأَبْضَاعِ عَلَى الْأَمْوَالِ لَوَجَبَ عَلَى قَاتِلِ الزَّوْجَةِ غَرَامَةُ مَهْرِهَا لِلزَّوْجِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الْغُرْمَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ لِلْحَيْلُولَةِ، وَالْمُكْرَهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ حَيْلُولَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا، وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَامِسَةِ إلَخْ) لَوْ أَرْضَعَتْ أُمُّ الزَّوْجِ الصَّغِيرَةَ أَرْبَعَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ ارْتَضَعَتْ الصَّغِيرَةُ مِنْهَا، وَهِيَ قَائِمَةٌ الْخَامِسَةَ فَهَلْ يُحَالُ التَّحْرِيمُ عَلَى الرَّضْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ ارْتَضَعَتْ الْخَمْسَ وَصَاحِبَةُ اللَّبَنِ قَائِمَةٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُرْمٌ وَيَسْقُطُ مَهْرُ الصَّغِيرَةِ أَوْ يَحِلُّ عَلَى الْجَمِيعِ فَيَسْقُطُ مِنْ نِصْفِ الْمُسَمَّى خُمُسُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ، وَيَشْهَدُ لَهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِيمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِالْأَلْفِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدَةً أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ وَالتَّحْرِيمَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُحَلِّلِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالثَّالِثَةِ، وَلَوْ أَوْجَرُوهَا ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ مُرَتَّبِينَ أُمُّ الزَّوْجِ، وَاحِدٌ مَرَّةً وَآخَرَانِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ فَهَلْ يُوَزَّعُ الْغُرْمُ أَثْلَاثًا لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي إفْسَادِ النِّكَاحِ أَوْ عَلَى عَدَدِ الرَّضَعَاتِ صُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ، وَالصَّوَابُ يَقْتَضِي مَا سَبَقَ مِنْ النَّصِّ فِي الْخُلْعِ تَرْجِيحُ أَنَّ الْغُرْمَ عَلَى مَنْ أَرْضَعَ الْخَامِسَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ. [فَرْعٌ أَرْضَعَتْ أُمُّ زَوْجَتِهِ الْكَبِيرَةِ أَوْ أُخْتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ] (قَوْلُهُ: فَلَا غُرْمَ عَلَى ذَاتِ اللَّبَنِ) ، وَلَوْ أَمْكَنَهَا الدَّفْعُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ تَصْحِيحَ النَّوَوِيِّ هَذَا غَلَطٌ فَقَدْ جَزَمَ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الرَّضَاعِ كَالْإِرْضَاعِ قَالَ: وَهُوَ الْحَقُّ فَقَدْ جَعَلُوا مِثْلَ هَذَا تَمْكِينًا مَنْسُوبًا إلَيْهِ كَمَا إذَا أَتْلَفَ شَخْصٌ وَدِيعَةً تَحْتَ يَدِهِ أَوْ صَبَّ فِي جَوْفِهِ، وَهُوَ صَائِمٌ مُفْطِرًا أَوْ حَمَلَهُ فَدَخَلَ بِهِ لِدَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا التَّغْلِيطُ غَلَطٌ فِيمَا أَظُنُّ، وَالتَّمْكِينُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى السُّكُوتِ الْمُجَرَّدِ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ فِيهِ نَوْعُ إسْعَافٍ بِخِلَافِ السُّكُوتِ لَا صُنْعَ لَهَا مَعَهُ أَصْلًا قَالَ: وَفِيمَا شَبَّهَ بِهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا نَظَرٌ يُدْرِكُهُ الْمُتَأَمِّلُ، وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ، وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ الضَّمَانُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْفِعْلُ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 كَانَتْ زَوْجَتَهُ وَلَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ مُطَلَّقَةٌ) مِنْ رَجُلٍ زَوْجَهَا (الصَّغِيرَ بِلَبَنِ الْمُطَلِّقِ حَرُمَتْ) أَبَدًا (عَلَيْهِ لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ وَلَدِهِ) وَعَلَى الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهَا أُمُّهُ وَزَوْجَةُ أَبِيهِ (وَإِنْ فَسَخَتْ كَبِيرَةٌ نِكَاحَ صَغِيرٍ بِعَيْبٍ) فِيهِ (ثُمَّ تَزَوَّجَتْ كَبِيرًا فَارْتَضَعَ الصَّغِيرُ بِلَبَنِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ ضَرَّتِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا أَبَدًا) ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ صَارَ ابْنًا لِلْكَبِيرِ فَهِيَ زَوْجَةُ ابْنِ الْكَبِيرِ وَزَوْجَةُ أَبِي الصَّغِيرِ بَلْ أُمُّهُ إنْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْهَا (، وَإِنْ زَوَّجَ مُسْتَوْلَدَةً لِعَبْدِهِ الصَّغِيرِ) بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ (فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّهُ، وَمَوْطُوءَةُ أَبِيهِ (وَحَرُمَتْ عَلَى السَّيِّدِ) ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ (أَوْ) أَرْضَعَتْهُ (بِلَبَنِ غَيْرِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ ابْنًا لَهُ فَلَا تَكُونُ هِيَ زَوْجَةُ ابْنِهِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ أَمَتُهُ الْمَوْطُوءَةُ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ) بِلَبَنِهِ أَوْ (بِلَبَنِ غَيْرِهِ حَرُمَتَا عَلَيْهِ أَبَدًا) ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ أُمُّ زَوْجَتِهِ وَالصَّغِيرَةَ ابْنَتُهُ إنْ كَانَ اللَّبَنُ لَهُ وَابْنَةُ مَوْطُوءَتِهِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ الْمُطَلَّقَةُ الصَّغِيرَ الَّذِي نَكَحَتْهُ بِغَيْرِ لَبَنِ الزَّوْجِ) الْمُطَلِّقِ (انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْمُطَلِّقِ، وَإِنْ طَلَّقَ زَيْدٌ صَغِيرَةً، وَعُمَرُ كَبِيرَةً، وَتَزَوَّجَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (الْأُخْرَى) بِأَنْ تَزَوَّجَ زَيْدٌ الْكَبِيرَةَ وَعَمْرٌو الصَّغِيرَةَ (ثُمَّ أَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ بِلَبَنِ غَيْرِهِمَا حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا الْكَبِيرَةُ) أَبَدًا (لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِمَا، وَكَذَا) تَحْرُمُ (الصَّغِيرَةُ) أَبَدًا (عَلَى مَنْ دَخَلَ) مِنْهُمَا (بِالْكَبِيرَةِ) ؛ لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا بِلَبَنِ أَحَدِهِمَا حَرُمَتَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ أُمُّ زَوْجَتِهِ وَالصَّغِيرَةَ بِنْتُهُ وَحَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ عَلَى الْآخَرِ أَبَدًا، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ (وَإِنْ طَلَّقَهُمَا زَيْدٌ) بِأَنْ كَانَتَا تَحْتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهُمَا (ثُمَّ تَزَوَّجَهُمَا عَمْرٌو، وَأَرْضَعَتْهَا) أَيْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ (فَالتَّحْرِيمُ كَذَلِكَ) فَتَحْرُمُ الْكَبِيرَةُ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ عَلَى مَنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ (لَكِنْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا) مِنْ عَمْرٍو (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ عَمْرٌو بِالْكَبِيرَةِ لِلْجَمْعِ) أَيْ لِاجْتِمَاعِ الْأُمِّ وَبِنْتِهَا فِي نِكَاحِهِ وَفِيمَا مَرَّ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ (وَيَغْرَمُ لِلصَّغِيرَةِ) زَوْجُهَا (وَيَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ كَمَا سَبَقَ) فَيَغْرَمُ لِلصَّغِيرَةِ نِصْفَ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفَ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا شَيْءَ لِلْكَبِيرَةِ عَلَى زَوْجِهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ جَاءَ مِنْهَا. (فَصْلٌ) لَوْ (أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ) زَوْجَتَهُ (الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا) لِصَيْرُورَةِ الصَّغِيرَةِ بِنْتًا لِلْكَبِيرَةِ وَاجْتِمَاعُ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ فِي النِّكَاحِ مُمْتَنِعٌ (وَحَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ) عَلَيْهِ (أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ (وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ أَرْضَعَتْهَا) الْكَبِيرَةُ (بِلَبَنِهِ) ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ بِلَبَنِ غَيْرِهِ (فَهِيَ رَبِيبَةٌ) لَهُ (لَا تَحْرُمُ) عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ) ، وَإِلَّا حَرُمَتْ عَلَيْهِ (وَيَغْرَمُ) الزَّوْجُ (لِلصَّغِيرَةِ نِصْفَ الْمُسَمَّى) إنْ صَحَّ، وَإِلَّا فَنِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَتَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) كَمَا مَرَّ (وَلَا شَيْءَ لَهَا) عَلَيْهِ (إنْ لَمْ تَكُنْ مَمْسُوسَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَمْسُوسَةً لَمْ يَسْقُطْ مَهْرُهَا) عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ إذَا غَرِمَهُ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ بُضْعَهَا قَالُوا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إخْلَاءِ نِكَاحِهَا عَنْ الْمَهْرِ فَتَصِيرُ كَالْمَوْهُوبَةِ وَذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ كَمَا لَوْ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَأَنْكَرَتْ فَصَدَّقْنَاهَا بِيَمِينِهَا فَنَكَحَتْ زَوْجًا آخَرَ ثُمَّ صَدَّقَتْ الْأَوَّلَ فِي الرَّجْعَةِ حَيْثُ يُغَرِّمُهَا الْأَوَّلُ مَهْرَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ ثَمَّ بَاقٍ بِزَعْمِهِ وَزَعْمِهَا إلَّا أَنَّهَا حَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِالْيَمِينِ وَلِذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا الثَّانِي أَوْ مَاتَ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ بِلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَهْرِ إلَيْهَا (وَإِنْ كَانَ) الِارْتِضَاعُ فِيمَا ذُكِرَ (بِفِعْلِ الصَّغِيرَةِ) كَأَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ الْكَبِيرَةِ، وَهِيَ نَائِمَةٌ (فَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ وَلِلْكَبِيرَةِ) عَلَيْهِ (الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ دَخَلَ بِهَا (أَوْ نِصْفُهُ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ (بِالْغُرْمِ عَلَى الصَّغِيرَةِ) كَمَا مَرَّ (فَإِنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ أَمَةَ غَيْرِهِ) تَعَلَّقَ الْغُرْمُ (بِرَقَبَتِهَا) ؛ لِأَنَّ إرْضَاعَهَا كَجِنَايَتِهَا وَالْقِيَاسُ فِي الْمُبَعَّضَةِ التَّقْسِيطُ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ (أَوْ) كَانَتْ (أَمَتَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) لَهُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى مَمْلُوكِهِ مَالًا (إلَّا إنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً) فَعَلَيْهَا الْغُرْمُ لَهُ فَإِنْ عَجَزَهَا سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ بِالْغُرْمِ كَمَا تَسْقُطُ النُّجُومُ وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَاتِهِ الْخَمْسَ فَأَرْضَعْنَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ صَارَتْ بِنْتًا لَهُ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِنَّ بِالْغُرْمِ إنْ أَرْضَعْنَ مَعًا، وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْغُرْمِ عَلَى الْخَامِسَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ ثَلَاثَ زَوْجَاتٍ لَهُ صَغَائِرَ) بِلَبَنِهِ أَوْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ (حَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَاتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] فِي التَّحْرِيمِ، وَالسُّكُوتُ لَيْسَ فِعْلًا كَالنَّوْمِ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْمُصَاهَرَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّضَاعِ] ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرْضَعَتْ مُطَلَّقَةٌ زَوْجَهَا الصَّغِيرَ إلَخْ) قَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُطَلَّقَةَ بِالْحُرَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْمُطَلِّقِ لِبُطْلَانِ النِّكَاحِ إذْ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الصَّغِيرِ الْأَمَةَ (قَوْلُهُ: بِلَبَنِ الْمُطَلِّقِ) فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ غَيْرِ الْمُطَلِّقِ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا أَوْ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْمُطَلِّقِ. [فَصْلٌ أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ] (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ فِي الْمُبَعَّضَةِ التَّقْسِيطُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 (وَكَذَا الصَّغَائِرُ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ أَرْضَعَتْهُنَّ بِلَبَنِهِ) ؛ لِأَنَّهُنَّ بَنَاتُهُ أَوْ بَنَاتُ مَوْطُوآته سَوَاءٌ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْكَبِيرَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَنِصْفُهُ لِكُلِّ صَغِيرَةٍ، وَعَلَى الْكَبِيرَةِ الْغُرْمُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا وَلَيْسَ اللَّبَنُ لَهُ (فَيَحْرُمْنَ لِلْجَمْعِ) أَيْ لِاجْتِمَاعِهِنَّ مَعَ الْأُمِّ فِي نِكَاحِهِ وَلِصَيْرُورَتِهِنَّ أَخَوَاتٍ فِيهِ لَا مُؤَبَّدًا (فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ مَعًا) كَأَنْ أَوْجَرَتْهُنَّ (أَوْ) أَرْضَعَتْ (وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا) انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِصَيْرُورَةِ الصَّغَائِرِ أَخَوَاتٍ وَاجْتِمَاعِهِنَّ مَعَ الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الصَّغِيرَةَ الْأُولَى صَارَتْ بِنْتَ الْكَبِيرَةَ وَالْأُخْرَيَيْنِ صَارَتَا أُخْتَيْنِ مَعًا (أَوْ) أَرْضَعَتْ (ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ الثَّالِثَةَ) انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَيَيْنِ مَعَ الْكَبِيرَةِ لِثُبُوتِ الْأُخُوَّةِ بَيْنَهُمَا وَلِاجْتِمَاعِهِمَا مَعَ الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ (وَبَقِيَ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ) لِانْفِرَادِهَا وَوُقُوعِ إرْضَاعِهَا بَعْدَ انْدِفَاعِ نِكَاحِ أُمِّهَا وَأُخْتِهَا (فَإِنْ تَعَاقَبْنَ) فِي الِارْتِضَاعِ (انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَى) مَعَ الْكَبِيرَةِ (بِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْكَبِيرَةِ) الَّتِي صَارَتْ أُمَّهَا فِي النِّكَاحِ (وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ) أُخْتِهَا (الثَّانِيَةِ) فِي النِّكَاحِ (وَكَذَا) يَنْفَسِخُ (نِكَاحُ الثَّالِثَةِ مَعَهَا) لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي النِّكَاحِ وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا بِمُجَرَّدِ ارْتِضَاعِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً وَلَمْ تَجْتَمِعْ هِيَ وَأُمٌّ وَلَا هِيَ وَأُخْتٌ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ زَوْجَتَيْهِ مَعًا، وَكَذَا مُرَتَّبًا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا لِلْجَمْعِ) أَيْ لِاجْتِمَاعِ الْأُخْتَيْنِ فِي نِكَاحِهِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَجْنَبِيَّةُ أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتَيْهِ (أَوْ) أَرْضَعَتْ (زَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعَ مَعًا أَوْ مُثَنًّى) أَيْ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا (انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ) لِاجْتِمَاعِ الْأَخَوَاتِ فِي نِكَاحِهِ. (وَكَذَا إنْ تَرَتَّبُوا) بِأَنْ أَرْضَعَتْهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ وَاحِدَةً ثُمَّ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ وَاحِدَةً ثُمَّ وَاحِدَةً لِذَلِكَ فَإِنْ أَرْضَعَتْ ثَلَاثًا مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةً لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الرَّابِعَةِ، وَانْفَسَخَ نِكَاحُ مَنْ عَدَاهَا وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَثَلَاثُ كَبَائِرَ فَأَرْضَعَتْهَا كُلُّ كَبِيرَةٍ خَمْسًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْكَبَائِرَ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِهِ، وَالصَّغِيرَةَ بِنْتُ زَوْجَاتِهِ وَحَرُمَتْ الْكَبَائِرُ أَبَدًا، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَ دَخَلَ بِكَبِيرَةٍ، وَإِلَّا فَلَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. [فَرْعٌ تَحْتَهُ كَبِيرَتَانِ وَصَغِيرَتَانِ فَأَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا وَاحِدَةً مِنْ الصَّغِيرَتَيْنِ] (فَرْعٌ) لَوْ (كَانَ تَحْتَهُ كَبِيرَتَانِ وَصَغِيرَتَانِ فَأَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا وَاحِدَةً) مِنْ الصَّغِيرَتَيْنِ (وَالْأُخْرَى الْأُخْرَى انْفَسَخَ) نِكَاحُهُنَّ (وَحَرُمْنَ مُؤَبَّدًا إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكَبِيرَتَيْنِ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (فَلَهُ نِكَاحُ الصَّغِيرَتَيْنِ مَعًا) ، وَمُرَتَّبًا لِعَدَمِ أُخُوَّتِهِمَا بِخِلَافِ الْكَبِيرَتَيْنِ تَحْرُمَانِ مُؤَبَّدًا؛ لِأَنَّهُمَا أُمَّا زَوْجَتَيْهِ (فَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا إحْدَى الْكَبِيرَتَيْنِ مُرَتَّبًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَى مَعَ الْمُرْضِعَةِ) لِاجْتِمَاعِ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ فِي النِّكَاحِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ نِكَاحِ الصَّغِيرَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجْتَمِعْ مَعَ أُمٍّ وَلَا أُخْتٍ (وَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا) الْكَبِيرَةُ (الْأُخْرَى) بَعْدَ إرْضَاعِ الْأُولَى (عَلَى تَرْتِيبِ) إرْضَاعِ (الْأُولَى لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ) الصَّغِيرَةِ (الثَّانِيَةِ) لِذَلِكَ وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ الثَّانِيَةِ بِإِرْضَاعِ الصَّغِيرَةِ الْأُولَى (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ أَرْضَعَتْهُمَا الْأُخْرَى عَلَى عَكْسِ تَرْتِيبِ إرْضَاعِ الْأُولَى (انْفَسَخَ) نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا وَلَهُ نِكَاحُ كُلِّ صَغِيرَةٍ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْكَبِيرَتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا. (فَرْعٌ) لَوْ (أَوْجَرَتْ الْكَبِيرَتَانِ الصَّغِيرَةَ لَبَنَهُمَا مِنْ غَيْرِهِ دَفْعَةً) بِأَنْ كَانَ مَخْلُوطًا (تَأَيَّدَ تَحْرِيمُ الْكَبِيرَتَيْنِ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا) لِاجْتِمَاعِ الْبِنْتِ مَعَ أُمِّهَا فِي النِّكَاحِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَمْ تَحْرُمْ الصَّغِيرَةُ (وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ (لِلصَّغِيرَةِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَهُمَا عَلَيْهِ الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ (إنْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا وَيَرْجِعُ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِ صَاحِبَتِهِمَا) ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ لِنِكَاحِ كُلٍّ مِنْهُمَا حَصَلَ بِفِعْلِهَا وَفِعْلِ صَاحِبَتِهَا فَسَقَطَ النِّصْفُ بِفِعْلِهَا وَوَجَبَ النِّصْفُ عَلَى صَاحِبَتِهَا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ) بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (رُبْعُ الْمُسَمَّى) أَوْ رُبْعُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِذَلِكَ (وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (بِرُبْعِ مَهْرِ مِثْلِ صَاحِبَتِهَا) ، وَإِنْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَلَهَا تَمَامُ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلِلْأُخْرَى رُبْعُهُ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَعَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا بِرُبْعِ مَهْرِ مِثْلِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (وَإِنْ أَوْجَرَهَا اللَّبَنَيْنِ فِي) الرَّضْعَةِ (الْخَامِسَةِ إحْدَاهُمَا) فَقَطْ (فَالتَّحْرِيمُ بِحَالِهِ) السَّابِقِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مِنْهُمَا (وَ) لَكِنْ (لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوجِرَةِ) فَقَطْ (فِي غُرْمِهِ لَهُمَا) أَيْ بِغُرْمِهِ لِلصَّغِيرَةِ وَلِغَيْرِ الْمُوجِرَةِ لِلْخَامِسَةِ   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 (وَلَا شَيْءَ لِلْمُوجِرَةِ) ؛ لِأَنَّهَا سَبَبُ الْفُرْقَةِ. (إلَّا إذَا كَانَتْ مَمْسُوسَةً فَلَهَا الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَوْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْهُ فَتَحْرُمُ الصَّغِيرَةُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَهُ (وَلَوْ ثَبَتَتْ الْأُبُوَّةُ فَقَطْ) بِأَنْ أَرْضَعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْضَ الْخَمْسِ (وَتَفَاضَلَتَا) أَيْ الْكَبِيرَتَانِ فِي الْإِرْضَاعِ (بِأَنْ حَلَبَتَا لَبَنَهُمَا مِنْ الزَّوْجِ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَ دَفَعَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي ثَلَاثَةِ آنِيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَالْأُخْرَى دَفْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي إنَاءَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ جُمِعَ) الْجَمِيعُ (وَأَوْجَرَتْهُ إحْدَاهُمَا الصَّغِيرَةَ) وَلَوْ ثَلَاثًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَخْلُوطَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ النِّسَاءِ، وَإِنْ أُوجِرَ دَفْعَةً (غَرِمَتْ وَحْدَهَا) ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ بِفِعْلِهَا وَحَرُمَتْ الصَّغِيرَةُ مُؤَبَّدًا؛ لِأَنَّهَا ابْنَتُهُ (وَإِنْ أَوْجَرَتَاهُ) لَهَا مَعًا (غَرِمَتَا بِالسَّوِيَّةِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إفْسَادِ النِّكَاحِ وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا، وَإِنْ أَرْضَعَتَا مُتَفَرِّقًا كَأَنْ أَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا ثَلَاثًا وَالْأُخْرَى مَرَّتَيْنِ فَالْغُرْمُ عَلَى مُرْضِعَةِ الْخَامِسَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ) لَوْ (كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ صَغَائِرَ فَأَرْضَعَتْ ثَلَاثُ خَالَاتٍ لَهُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثَلَاثًا) مِنْهُنَّ بِأَنْ أَرْضَعَتْ كُلٌّ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً (لَمْ يُؤَثِّرْ) فِي نِكَاحِهِنَّ (لِجَوَازِ اجْتِمَاعِ بَنَاتِ الْخَالَاتِ فِي نِكَاحِهِ فَإِنْ أَرْضَعَتْ) بَعْدَ ذَلِكَ (أُمُّ أُمِّهِ أَوْ امْرَأَةُ أَبِي أُمِّهِ بِلَبَنِهِ) زَوْجَتَهُ (لِرَابِعَةٍ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا) وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا (لِأَنَّهَا صَارَتْ خَالَتَهُ وَخَالَتَهُنَّ) أَيْ الصَّغَائِرِ الثَّلَاثِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ صَيْرُورَتِهَا خَالَةً لَهُنَّ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُعَلَّلُ بِهِ قَوْلُهُ (وَكَذَا) يَنْفَسِخُ (نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ لِحُرْمَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُنَّ) وَبَيْنَ الرَّابِعَةِ (وَلَوْ كُنَّ) الْأَفْصَحُ كَانَتْ (الْخَالَاتُ) اللَّاتِي أَرْضَعْنَ الثَّلَاثَ (مُتَفَرِّقَاتٍ، وَأَرْضَعَتْ) الصَّغِيرَةَ (لِرَابِعَةٍ أُمُّ أُمِّهِ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا الْخَالَةُ لِلْأَبِ) ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ لَمْ تَصِرْ خَالَةً لَهَا (وَإِنْ كَانَتْ مُرْضِعَةُ الرَّابِعَةِ امْرَأَةَ أَبِي أُمِّهِ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا الْخَالَةُ لِلْأُمِّ) لِذَلِكَ (وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي الْخَالَاتِ (إنْ أَرْضَعَتْهُنَّ) أَيْ الصَّغَائِرَ الثَّلَاثَ (ثَلَاثُ عَمَّاتٍ) لَهُ (وَأَرْضَعَتْ) الصَّغِيرَةَ (الرَّابِعَةُ) بَعْدَ ذَلِكَ (أُمُّ أَبِيهِ أَوْ امْرَأَةُ أَبِي أَبِيهِ بِلَبَنِهِ. فَرْعٌ) لَوْ (أَرْضَعَ) تِ (بَنَاتِ زَوْجَتِهِ الْكَبِيرَةِ) ، وَهُنَّ ثَلَاثٌ (ثَلَاثَ زَوْجَاتٍ لَهُ صَغَائِرَ) بِأَنْ أَرْضَعَتْ كُلٌّ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً (وَهِيَ) أَيْ الْكَبِيرَةُ (مَدْخُولٌ بِهَا حَرُمَ) عَلَيْهِ (الْكُلُّ مُؤَبَّدًا) سَوَاءٌ أَرَضَعْنَ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا؛ لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ جَدَّةُ نِسَائِهِ وَالصَّغَائِرَ حَوَافِدُهَا (وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْكَبِيرَةِ عَلَى بَنَاتِهَا إنْ أَرْضَعْنَ مَعًا) لِاشْتِرَاكِهِنَّ فِي إفْسَادِ النِّكَاحِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرْضَعْنَ مُرَتَّبًا (فَعَلَى الْأُولَى) مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّهَا الْمُفْسِدَةُ لِنِكَاحِهِ (وَ) يَرْجِعُ (بِمَهْرِ) الْأُولَى بِغُرْمِ (كُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى مُرْضِعَتِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ الْكَبِيرَةُ (مَدْخُولًا بِهَا، وَأَرْضَعْنَ الْمَرَّةَ الْخَامِسَةَ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ) لِاجْتِمَاعِ الْجَدَّةِ مَعَ الْحَوَافِدِ فِي نِكَاحِهِ (وَحَرُمَتْ) عَلَيْهِ (الْكَبِيرَةُ مُؤَبَّدًا دُونَهُنَّ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلِكُلٍّ مِنْهُنَّ) أَيْ مِنْ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغَائِرِ (نِصْفُ الْمُسَمَّى) أَوْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَالرُّجُوعُ بِهِ كَمَا سَبَقَ) فَيَرْجِعُ بِغُرْمِ كُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى مُرْضِعَتِهَا وَبِغُرْمِ الْكَبِيرَةِ عَلَى الثَّلَاثِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ سُدُسٌ (أَوْ) أَرْضَعْنَ (مُرَتَّبًا انْفَسَخَ) النِّكَاحُ (فِي الْكَبِيرَةِ وَالْأُولَى) وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ بِالْغُرْمِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ نِكَاحِ الْبَاقِيَتَيْنِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ (وَلَا يَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِيَيْنِ سَوَاءٌ أَرَضَعَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَصِيرَا أُخْتَيْنِ وَلَا اجْتَمَعَتَا مَعَ الْجَدَّةِ فِي النِّكَاحِ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ الْبَاقِيَيْنِ وَرَضَعَتَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ أَرْضَعَتْ ثِنْتَانِ صَغِيرَتَيْنِ مَعًا ثُمَّ أَرْضَعَتْ الثَّالِثَةُ الثَّالِثَةَ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ، وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ، وَعَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْمُسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَيَرْجِعُ بِغُرْمِ كُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى مُرْضِعَتِهَا وَتَغْرَمُ الْكَبِيرَةُ عَلَى الْمُرْضِعَتَيْنِ جَمِيعًا. (فَرْعٌ) لَوْ (زَوَّجَ) رَجُلٌ (ابْنَ ابْنِهِ بِنْتَ ابْنِهِ فَأَرْضَعَتْ جَدَّتُهُمَا أُمُّ أَبِيهِمَا) أَيْ أَبِي كُلٍّ مِنْهُمَا (إحْدَاهُمَا أَوْ) أَرْضَعَتْهُ (أُمُّ أَبِي أَحَدِهِمَا بِلَبَنِ جَدِّهِمَا ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهَا إنْ أَرْضَعَتْ الصَّغِيرَ صَارَ عَمًّا لِلصَّغِيرَةِ أَوْ الصَّغِيرَةُ صَارَتْ عَمَّةً لِلصَّغِيرِ، وَذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا صُوَرًا تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهَا مِمَّا مَرَّ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّضَاع] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي دَعْوَى الرَّضَاعِ وَحُكْمِهَا] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ) (الْأَوَّلُ فِي دَعْوَى الرَّضَاعِ) وَحُكْمِهَا (فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ النِّكَاحِ بِرَضَاعٍ) بَيْنَهُمَا مُحَرِّمٍ (مُمْكِنٍ حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَنْكَرَتْ الرَّجْعَةَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَة ثَلَاث زَوْجَاتٍ لَهُ صَغَائِرَ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 وَاقْتَضَى الْحَالُ تَصْدِيقَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ حَيْثُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ مُؤَبَّدَةٌ بِخِلَافِ فُرْقَةِ الْبَيْنُونَةِ وَخَرَجَ بِالْمُمْكِنِ غَيْرُهُ كَأَنْ قَالَ فُلَانَةُ بِنْتِي، وَهِيَ أَسَنُّ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَغْوٌ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِالزَّوْجَيْنِ تَجَوُّزٌ سَهَّلَهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ النِّكَاحِ (حُكِمَ بِفَسَادِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا) عَمَلًا بِقَوْلِهِمَا وَسَقَطَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَتْ جَاهِلَةً وَدَخَلَ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ (وَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الرَّضَاعَ (الزَّوْجُ، وَأَنْكَرَتْ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ دَخَلَ بِهَا (أَوْ نِصْفُهُ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (وَلَهُ تَحْلِيفُهَا إنْ لَمْ يَطَأْ) هَا (أَوْ) وَطِئَهَا (وَكَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ) مِنْ الْمُسَمَّى (فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَلَا شَيْءَ لَهَا إنْ لَمْ يَطَأْ) ، وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ (فَإِنْ ادَّعَتْهُ) أَيْ الرَّضَاعَ (فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهَا إنْ سَبَقَ مِنْهَا إذْنٌ) فِي تَزْوِيجِهَا بِهِ (أَوْ تَمْكِينٌ) لَهُ مِنْ وَطْئِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ حِلَّهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا نَقِيضُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا ثُمَّ ادَّعَى وَقْفَهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ إذْنٍ لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِإِذْنٍ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ وَطْئِهَا (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّ مَا تَدَّعِيهِ مُحْتَمَلٌ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا مَا يُنَاقِضُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَكَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ (وَلَا شَيْءَ لَهَا إنْ لَمْ يَطَأْ) عَمَلًا بِقَوْلِهَا، وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ (وَإِنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ الْمُسَمَّى) أَوْ بَعْضَهُ (فَلَهُ حُكْمُ مَا لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ بِهِ، وَكَذَّبَهَا) فَلَا يَسْتَرِدُّهُ مِنْهَا بَلْ يَبْقَى فِي يَدِهَا لِزَعْمِهِ أَنَّهُ لَهَا (وَالْوَرَعُ) لَهُ (أَنْ يُطَلِّقَهَا) طَلْقَةً لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً. (فَرْعٌ: يَحْرُمُ) عَلَى السَّيِّدِ (وَطْءُ أَمَةٍ أَقَرَّتْ بِالْمُرَاضَعَةِ) بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ (قَبْلَ الشِّرَاءِ) مِنْهُ لَهَا (وَكَذَا) بَعْدَهُ (وَقَبْلَ التَّمْكِينِ) ، وَقِيلَ لَا تَحْرُمُ فِي هَذِهِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةَ نَسَبٍ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ أَصْلٌ يُبْنَى عَلَيْهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ بِخِلَافِ التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ) فِي الرَّضَاعِ (وَالْمُنْكِرُ لِلرَّضَاعِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْفِي فِعْلَ الْغَيْرِ وَلَا نَظَرَ إلَى فِعْلِهِ فِي الِارْتِضَاعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا (وَمُدَّعِيهِ) يَحْلِفُ (عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ بَعْدَ نُكُولِ صَاحِبِهِ) عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ فِعْلَ الْغَيْرِ وَلَوْ ادَّعَتْ الرَّضَاعَ فَشَكَّ الزَّوْجُ فَلَمْ يَقَعْ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهَا وَلَا كَذِبُهَا لَمْ يَحْلِفْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِرْضَاعِ (يُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ، وَ) فِي (حَلْبِ لَبَنِهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ) لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْوِلَادَةِ وَكُلُّ ثِنْتَيْنِ بِرَجُلٍ، وَمَا يُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ يُقْبَلُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنَّوْعَانِ (وَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ وَالْإِيجَارِ) لِلَّبَنِ (إلَّا رَجُلَانِ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِمَا الرِّجَالُ غَالِبًا (وَيُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ شَهَادَةُ أُمِّ الْمَرْأَةِ) أَيْ الزَّوْجَةِ (وَبِنْتِهَا) مَعَ غَيْرِهِمَا (حِسْبَةً بِلَا تَقَدُّمِ دَعْوَى) ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُ الزَّوْجَةِ مُدَّعِيَةً؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ (كَمَا يَشْهَدُ أَبُوهَا وَابْنُهَا) أَوْ ابْنَاهَا (بِالطَّلَاقِ) لَهَا مِنْ زَوْجِهَا (حِسْبَةً) بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَتْهُ (وَكَذَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ أُمِّ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِهَا (إنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الرَّضَاعَ فَأَنْكَرَتْ) ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَيْهَا (لَا عَكْسُهُ) ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لَهَا، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ شَهَادَةُ بِنْتِهَا بِذَلِكَ إذَا شَهِدَتْ بِأَنَّ الزَّوْجَ ارْتَضَعَ مِنْ أُمِّهَا أَوْ نَحْوِهَا أَمَّا شَهَادَتُهَا بِأَنَّ أُمَّهَا ارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يُمْكِنُ لِاسْتِحَالَةِ الْمُشَاهَدَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ وَلَوْ ذَكَرَتْ فِعْلَهَا) بِأَنْ قَالَتْ أَرْضَعَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجُرَّ بِشَهَادَتِهَا نَفْعًا وَلَمْ تَدْفَعْ بِهَا ضَرَرًا وَفِعْلُهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهَا بِوِلَادَتِهَا لِجَرِّهَا نَفْعَ النَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِمَا وَبِخِلَافِ شَهَادَةِ الْحَاكِمِ بَعْدَ عَزْلِهِ لَهُ بِحُكْمِهِ لِتَضَمُّنِهَا تَزْكِيَةَ نَفْسِهِ لِتَوَقُّفِ حُكْمِهِ عَلَى الْعَدَالَةِ؛ وَلِأَنَّ فِعْلَهُ مَقْصُودٌ بِالْإِثْبَاتِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِشَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ وَحِلِّ الْخَلْوَةِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُرَدُّ بِمِثْلِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَبُولِ شَهَادَةِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَإِنْ اُسْتُفِيدَ بِهَا حِلُّ الْمُنَاكَحَةِ (إلَّا إنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ بَعْدَ حُكْمٍ بِفَسَادِهِ) لَوْ قَالَ الزَّوْجَاتُ عَلِمْنَا الرَّضَاعَ قَبْلَ الْوَطْءِ دُونَ التَّحْرِيمِ أَوْ قَالَتْهُ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيُشْبِهُ قَبُولَ ذَلِكَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ تَقْتَضِي الْعِلْمَ بِالتَّحْرِيمِ لَكِنَّهُ نَظَرَ فِي الْحَدِّ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ سَبَقَ مِنْهَا إذْنٌ إلَخْ) فِي الشَّرْحَيْنِ، وَالرَّوْضَةِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ أَنَّ مَنْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا ثُمَّ ادَّعَتْ مَحْرَمِيَّةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا إلَّا إذَا ذَكَرَتْ عُذْرًا كَغَلَطٍ أَوْ نِسْيَانٍ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمَوْجُودُ هُنَا فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ سَمَاعُهَا مُطْلَقًا، وَالتَّحْلِيفُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْأَمَةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَى السَّيِّدِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ. [فَرْعٌ حُكْم وَطْء السَّيِّدِ أَمَة أَقَرَّتْ بِالْمُرَاضَعَةِ] (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ فِي هَذِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: الْوَجْهُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ عَدَمُ التَّحْرِيمِ، وَقَدْ سُئِلَ وَالِدِي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرَحِمَهُ - عَنْهَا بِمَا حَاصِلُهُ بَلْ نَصُّهُ عَمَّا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّ سَيِّدَهَا أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعِ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّمْكِينِ يُقْبَلُ ذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى سَيِّدِهَا، وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِيمَا إذَا ادَّعَتْ الْحُرَّةُ ذَلِكَ هَذَا فِي الْحُرَّةِ أَمَّا فِي الْأَمَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَى السَّيِّدِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ. اهـ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَيْهِ بِالنَّسَبِ مُطْلَقًا، وَفِي الرَّضَاعِ كَذَلِكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَلَا يُقْبَلُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فِيهِمَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ) قَالَ شَيْخُنَا، وَالْعُبَابُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّسَبَ أَصْلِيٌّ إلَخْ) وَلِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ، وَالرَّضَاعُ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِنَّ فَكَذَلِكَ التَّحْرِيمُ بِهِ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ فِي الرَّضَاعِ] (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ) ، وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ، وَقَدْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِحَلِفِهِ. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِرْضَاعِ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ الشَّهَادَةُ) (قَوْلُهُ: وَفِي حَلْبِ لَبَنِهَا إلَخْ) أَمَّا الشَّهَادَةُ بِرَضَاعِ لَبَنٍ حُلِبَ فِي آنِيَةٍ فَلَا تُقْبَلُ إلَّا مِنْ رَجُلَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 طَلَبَتْ أُجْرَةً) عَنْ الرَّضَاعِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا لِاتِّهَامِهَا بِذَلِكَ. (فَرْعٌ) لَوْ (شَهِدَتْ وَاحِدَةٌ) أَوْ أَكْثَرُ وَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ (بِالرَّضَاعِ بَيْنَ رَجُلٍ) وَامْرَأَةٍ (فَالْوَرَعُ) لَهُ (أَنْ يَجْتَنِبَهَا) بِأَنْ لَا يَنْكِحَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ نَكَحَهَا (وَيُطَلِّقَ) هَا (إنْ نَكَحَهَا) لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ وَيُكْرَهُ لَهُ الْمُقَامُ مَعَهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْتَ ابْنِ أَبِي إهَابٍ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا فَقَالَ لَهَا لَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي وَلَا أَخْبَرْتِنِي فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ فَفَارَقَهَا وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ» . (فَرْعٌ: لَا يَقْدَحُ) فِي الشَّهَادَةِ (نَظَرُ الشَّاهِدَيْنِ إلَى الثَّدْيِ، وَإِنْ تَعَمَّدَاهُ) ، وَكَانَ نَظَرُهُمَا (لَا لِلتَّحَمُّلِ) لَهَا (لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ) فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ (إلَّا إنْ اعْتَادَا ذَلِكَ) يَعْنِي أَصَرَّا عَلَيْهِ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الصَّغَائِرِ بِحَيْثُ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِمَا طَاعَاتِهِمَا فَيُقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِمَا. (فَصْلٌ: شَرْطُ شَهَادَةِ الرَّضَاعِ ذَكَرَ شُرُوطَهُ) الْآتِيَةَ فَلَا يَكْفِي فِيهَا بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ فَاشْتُرِطَ التَّفْصِيلُ لِيَعْمَلَ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ (فَإِنْ شَهِدَ) الشَّاهِدُ بِالرَّضَاعِ (وَمَاتَ قَبْلَ تَفْصِيلِهَا) أَيْ شَهَادَتِهِ (فَهَلْ يَتَوَقَّفُ الْقَاضِي) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَقْرَبُهُمَا وُجُوبُ التَّوَقُّفِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي جَوَازِ التَّوَقُّفِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا فِي وُجُوبِهِ (وَيَحْسُنُ الِاكْتِفَاءُ) فِي الشَّهَادَةِ بِالرَّضَاعِ (بِإِطْلَاقِ الْفَقِيهِ) الْمَوْثُوقِ بِمَعْرِفَتِهِ (الْمُوَافِقِ) لِمَذْهَبِ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْمُخَالِفِ لَهُ نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِي الْوَاقِعَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَجَبَ التَّفْصِيلُ مِنْ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُقَلِّدًا فَإِنْ كَانَا مُجْتَهِدَيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الشَّهَادَةِ أَيْ فَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ مُطْلَقًا، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمُوَافِقِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (وَإِقْرَارُ الْفَقِيهِ بِهِ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (كَافٍ، وَفِي) إقْرَارِ (غَيْرِهِ) كَذَلِكَ (وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَمَا نَقَلَهُ مِنْ الْفَرْقِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَنَّ إقْرَارَ غَيْرِ الْفَقِيهِ مُطْلَقًا كَافٍ، وَيَحْسُنُ فِي الْفَقِيهِ تَقْيِيدُهُ بِالْمُوَافِقِ كَمَا مَرَّ فِي الشَّاهِدِ لِيَكُونَ غَيْرُهُ كَغَيْرِ الْفَقِيهِ قَالَ وَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَجْهَانِ. اهـ. وَكَلَامُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَنَّهَا لَا تَكْفِي ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الشُّرُوطِ فَقَالَ (فَيَذْكُرُ) الشَّاهِدُ (عَدَدَ الرَّضَعَاتِ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَكَذَا) يَذْكُرُ (وُصُولَ اللَّبَنِ الْجَوْفَ) أَوْ الدِّمَاغَ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ كَمَا يَذْكُرُ الْإِيلَاجَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا؛ وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْوُصُولِ إلَى ذَلِكَ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ هَكَذَا ذُكِرَ، وَفِي التَّعَرُّضِ لِلرَّضَعَاتِ مَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ التَّفَرُّقِ، وَنَازَعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الشَّاهِدُ أَطْلَقَهَا بِاعْتِبَارِ الْمَصَّةِ وَالْمَصَّتَيْنِ، وَمَأْخَذُ الِاشْتِرَاطِ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَطْرُقَهُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ الشَّاهِدِ الْمُطْلِق لِذِكْرِ الْخَمْسِ فَقِيهًا أَوْ لَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَغَالِبُ النَّاسِ يَجْهَلُ أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ أَوْ قَطْعَ الرَّضِيعِ الِارْتِضَاعَ لِلَهْوٍ وَتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِمَا وَعَوْدَهُ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ مُصَرِّحٌ أَوْ كَالْمُصَرِّحِ بِاعْتِبَارِ التَّفَرُّقِ وَلِذَلِكَ طَرَحَ مِنْ الرَّوْضَةِ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ ذِكْرُ أَنَّ الشَّهَادَةَ الْمُطْلَقَةَ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا مُحَرِّمًا أَوْ أُخُوَّةً أَوْ نَحْوَهُمَا مِنْ لَوَازِمِ فِعْلِ الرَّضَاعِ، وَالِارْتِضَاعُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالتَّفْصِيلِ وَذَكَرَ مَعَ هَذَا حُكْمَ الْإِقْرَارِ السَّابِقِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِفِعْلِ الرَّضَاعِ وَالِارْتِضَاعِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِيهِمَا إنْ وَقَعَا بِنَفْسِ الْفِعْلِ فَإِنْ وَقَعَا مُلَازَمَةً فَكَذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْفَرْقِ السَّابِقِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ فِي الْأَمْرَيْنِ (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالرَّضَاعِ (لِرُؤْيَةِ الِامْتِصَاصِ) لِلَّبَنِ (وَحَرَكَةِ الِازْدِرَادِ) لَهُ (وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ) مِنْهُ (بِكَوْنِهَا ذَاتَ لَبَنٍ) حَالَ الِارْتِضَاعِ أَوْ قُبَيْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللَّبَنِ وَلَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ الْقَرَائِنِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِوُصُولِ اللَّبَنِ الْجَوْفَ وَلَا لِلرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ عِلْمِهِ تِلْكَ الْقَرَائِنَ بَلْ يَعْتَمِدُهَا وَيَجْزِمُ بِالشَّهَادَةِ وَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ أَخْذِ الطِّفْلِ تَحْتَ ثِيَابِهَا، وَإِدْنَاؤُهُ مِنْهَا كَهَيْئَةِ الْمُرْضِعَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُوجِرُ لَبَنَ غَيْرِهَا فِي شَيْءٍ كَهَيْئَةِ الثَّدْيِ، وَلَا سَمَاعُ صَوْتِ الْمَصِّ فَقَدْ يَمْتَصُّ أُصْبُعَهُ أَوْ أُصْبُعَهَا.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: بِحَيْثُ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِمَا طَاعَاتِهِمَا) أَيْ أَوْ اسْتَوَيَا. [فَصْلٌ شَرْطُ شَهَادَةِ الرَّضَاعِ] (قَوْلُهُ: أَقْرَبُهُمَا وُجُوبُ الْوَقْفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا فِي وُجُوبِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْسُنُ الِاكْتِفَاءُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ التَّفْصِيلُ مِنْ الْمُوَافِقِ، وَالْمُخَالِفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الطِّرَازِ: الْمَذْهَبُ بِشَرْطِ التَّفْصِيلِ إلَّا مِنْ الْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ (قَوْلُهُ: وَمَا نَقَلَهُ مِنْ الْفَرْقِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ) أَنَّ إقْرَارَ غَيْرِ الْفَقِيهِ مُطْلَقًا كَافٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: قَالَ، وَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا قَبُولُهَا (قَوْلُهُ: قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَطْرُقَهُ التَّفْصِيلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 (كِتَابُ النَّفَقَاتِ) جَمْعُ نَفَقَةٍ مِنْ الْإِنْفَاقِ، وَهُوَ الْإِخْرَاجُ وَجَمْعُهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَمُوجِبَاتُهَا النِّكَاحُ وَالْمِلْكُ وَالْقَرَابَةُ) وَالْأَوَّلَانِ يُوجِبَانِهَا لِلزَّوْجَةِ وَالرَّقِيقِ عَلَى الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَلَا عَكْسَ وَالثَّالِثُ يُوجِبُهَا لِكُلٍّ مِنْ الْقَرِيبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لِشُمُولِ الْبَعْضِيَّةِ وَالشَّفَقَةِ (وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي) نَفَقَةِ (الزَّوْجَةِ) بَدَأَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِوُجُوبِهَا بِالْمُعَاوَضَةِ وَغَيْرِهَا بِالْمُوَاسَاةِ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَالْعَجْزِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وَخَبَرُ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَخَبَرُ «مَا حَقُّ زَوْجَةِ الرَّجُلِ عَلَيْهِ قَالَ تُطْعِمُهَا إذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوهَا إذَا اكْتَسَيْتَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوَّلِ الْمُوجِبُ الْأَوَّلُ، وَأَعَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرَ (وَفِيهِ) وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّعَسُّفِ وَلَوْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ لَكَانَ فِي الْبَابِ أَبْوَابٌ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُصْطَلَحِ وَلَكَانَ فِي الْكِتَابِ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَبْوَابٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَلَامُ أَصْلِهِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَيَشْتَمِلُ الْكِتَابُ عَلَى سِتَّةِ أَبْوَابٍ أَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَوَاجِبَةٌ بِالنُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ وَفِيهَا (ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ، وَكَيْفِيَّتِهِ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِيمَا يَجِبُ، وَهُوَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ) مِنْ الْوَاجِبَاتِ (الْأَوَّلُ الطَّعَامُ فَلِزَوْجَةِ الْمُوسِرِ) عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ مَرِيضَةً أَوْ ذَاتَ مَنْصِبٍ) أَوْ ذِمِّيَّةً (مُدَّانِ، وَ) لِزَوْجَةِ (الْمُعْسِرِ) عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ (مُدٌّ) وَلِزَوْجَةِ (الْمُتَوَسِّطِ) عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ (مُدٌّ، وَنِصْفٌ) وَالْعِبْرَةُ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَعِنْدَ النَّوَوِيِّ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ وَسَبْعُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ رَطْلِ بَغْدَادَ وَاحْتَجُّوا لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] الْآيَةَ. وَاعْتَبَرُوا النَّفَقَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا هَلْ يَجِبُ بِالشَّرْعِ وَيَتَقَرَّرُ، وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةَ الْأَذَى فِي الْحَجِّ، وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مَدٌّ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَوِقَاعِ رَمَضَانَ فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُوسِرِ الْأَكْثَرَ وَعَلَى الْمُعْسِرِ الْأَقَلَّ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا (مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِهَا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَقِيَاسًا عَلَى الْفِطْرَةِ وَالْكَفَّارَةِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ) غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ أَوْ قُوتُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَالِبٌ (فَاللَّائِقُ بِهِ لَا بِهَا) هُوَ الْوَاجِبُ (وَالْمُعْسِرُ مَنْ لَا يَمْلِكُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ) الْوَاسِعِ فَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِعْسَارِ فِي النَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَتْ تُخْرِجُهُ عَنْ اسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ فِي الزَّكَاةِ. وَقَضِيَّةُ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى نَفَقَةِ الْمُوسِرِ لَا يَلْزَمُهُ كَسْبُهَا (وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ) يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَ (يَصِيرُ بِتَكْلِيفِ الْمَدِينِ) لَهُ (مِسْكِينًا) وَالْمُوسِرُ بِخِلَافِهِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ، وَقِلَّةِ الْعِيَالِ، وَكَثْرَتِهِمْ (وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ) وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا، وَإِنْ كَثُرَ مَالُهَا (مُعْسِرٌ) لِضَعْفِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَنَقْصِ حَالِ الْمُبَعَّضِ وَعَدَمِ مِلْكِ غَيْرِهِمَا، وَإِلْحَاقُ الْمُبَعَّضِ بِالْمُعْسِرِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ مِنْ أَنَّهُ يُكَلَّفُ كَفَّارَةَ الْمُوسِرِ وَذَكَرَ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ نَحْوَهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ لَوْ أَلْحَقُوهُ بِالْمُعْسِرِ لَمَا صَرَفَ شَيْئًا لِلْمَسَاكِينِ وَلَا أَنْفَقَ   [حاشية الرملي الكبير] [كِتَابُ النَّفَقَاتِ] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ] [الطَّرَف الْأَوَّل فِيمَا يَجِب فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ] (قَوْلُهُ: وَمُوجِبَاتُهَا إلَخْ) قَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الثَّلَاثَةَ بِالشَّرْعِ، وَقَالَ: إنَّمَا قُلْت بِالشَّرْعِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَجِبُ بِالشَّرْطِ فِي مَسَائِلَ كَعَبْدِ الْمَالِكِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَوْرَدَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى الْحَصْرِ الْهَدْيَ، وَالْأُضْحِيَّةَ الْمَنْذُورَيْنِ يَنْتَقِلُ مِلْكُهُمَا إلَى الْفُقَرَاءِ مَعَ وُجُوبِ نَفَقَتِهِمَا عَلَى النَّاذِرِ وَنَصِيبِ الْفُقَرَاءِ بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ الْمَاشِيَةِ، وَقَبْلَ الْإِمْكَانِ تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ وَخَادِمِ الزَّوْجَةِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَمِمَّا لَمْ يَذْكُرُوهُ مَا لَوْ أَشْهَدَ صَاحِبُ الْحَقِّ جَمَاعَةً عَلَى الْقَاضِي وَخَرَجَ لِيُؤَدُّوا عَنْ قَاضِي بَلَدٍ آخَرَ، وَامْتَنَعُوا فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ حَيْثُ لَا شُهُودَ، وَلَا قَاضٍ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ وَرَّطُوهُ نَعَمْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ، وَكَذَا دَوَابُّهُمْ ذَكَرَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَأَمَّا وُجُوبُ نَفَقَةِ الْخَادِمِ فَمِنْ عُلَقِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ} [البقرة: 233] إلَخْ) وقَوْله تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] ، وَالْقَيِّمُ عَلَى الْغَيْرِ هُوَ الْمُتَكَفِّلُ بِأَمْرِهِ، وَأَيْضًا قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا أَنْفَقُوا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلِزَوْجَةِ الْمُوسِرِ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ مَرِيضَةً أَوْ ذَاتَ مَنْصِبٍ مُدَّانِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ اعْتِمَادُ الْكَيْلِ لَا الْوَزْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَقَدْ يُمْنَعُ الْإِلْحَاقُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ، وَالنَّفَقَةَ مُعَاوَضَةٌ، وَالْوَزْنُ أَضْبَطُ فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَمَا يُوَافِقُهُ مِنْ الْكَيْلِ دُونَ مَا يَنْقُصُ عَنْهُ أَوْ يَزِيدُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ. اهـ. وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ لَا يُجْدِي شَيْئًا. وَقَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ مُدًّا بِمُدِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَزْنَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُلْزِمَ الْمُدَّيْنِ لَضَرَّهُ، وَلَوْ اُكْتُفِيَ مِنْهُ بِمُدٍّ أَضَرَّهَا (قَوْلُهُ: أَيْ بَلَدِهَا) قَالَ الكوهكيلوني لَوْ كَانَ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِ الزَّوْجِ جِنْسًا وَغَالِبُ قُوتِ بَلَدِهِمَا جِنْسًا آخَرَ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَالْمُرَجَّحُ اعْتِبَارُ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَفَ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ إلَخْ) أَوْ كَانَا بِبَلَدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ يَصِيرُ بِتَكْلِيفِ الْمُدَّيْنِ لَهُ مِسْكِينًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْإِنْفَاقِ الَّذِي لَوْ كُلِّفَ بِهِ لَرَجَعَ إلَى حَدِّ الْمِسْكِينِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ الْإِنْفَاقُ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَيُعْتَبَرُ يَوْمًا بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَالْحَوْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّكَاةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مُدَّةَ سَنَةٍ كَمَا قِيلَ بِاعْتِبَارِهَا فِي صَرْفِ كِفَايَتِهِ مِنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُدْرَكَ هُنَاكَ الِاحْتِيَاجُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى تَحْدِيدِ يَوْمٍ وَيَوْمٍ. اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 شَيْئًا لِلْأَقَارِبِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يُنْفِقُ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِ (وَالِاعْتِبَارُ فِي يَسَارِهِ، وَإِعْسَارِهِ) وَتَوَسُّطِهِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَطْرَأُ لَهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ. (الْوَاجِبُ الثَّانِي الْأُدْمُ فَيَجِبُ) لَهَا (وَلَوْ لَمْ تَأْكُلْهُ مِنْ غَالِبِ أُدْمِ الْبَلَدِ) مِنْ سَمْنٍ وَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ وَخُبْزٍ وَتَمْرٍ وَغَيْرِهَا إذْ لَا يَتِمُّ الْعَيْشُ بِدُونِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهَا الصَّبْرَ عَلَى الْخُبْزِ وَحْدَهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهَا، وَإِنْ لَمْ تَأْكُلْهُ؛ لِأَنَّهَا إلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ تَرْكِ التَّأَدُّمِ كَمَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَرْفِ بَعْضِ الْقُوتِ إلَى الْأُدْمِ؛ لِأَنَّهَا مُتَصَرِّفَةٌ فِي مِلْكِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِنَّمَا يَتَّضِحُ وُجُوبُ الْأُدْمِ حَيْثُ يَكُونُ الْقُوتُ الْوَاجِبُ مِمَّا لَا يُسَاغُ عَادَةً إلَّا بِالْأُدْمِ كَالْخُبْزِ بِأَنْوَاعِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ لَحْمًا أَوْ لَبَنًا أَوْ أَقَطًّا فَيَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ إذَا جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالِاقْتِيَاتِ بِهِ وَحْدَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأُدْمُ وَلَمْ يَكُنْ غَالِبٌ فَاللَّائِقُ بِهِ لَا بِهَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّعَامِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ (بِحَسَبِ) اخْتِلَافِ (الْفُصُولِ) فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ مَا يَلِيقُ بِهِ وَبِعَادَةِ النَّاسِ. (وَإِنْ كَانَ فَاكِهَةً وَيُقَدِّرُهُ الْقَاضِي) بِاجْتِهَادِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إذْ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَيَنْظُرُ فِي جِنْسِهِ وَيُقَدِّرُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُدُّ فَيَفْرِضُهُ لِلْإِعْسَارِ (وَيُضَاعِفُهُ لِلْيَسَارِ) وَيُوَسِّطُهُ بَيْنَهُمَا لِلتَّوَسُّطِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ مَكِيلَةِ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ أَيْ أُوقِيَّةً فَتَقْرِيبٌ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. (وَ) يَجِبُ لَهَا (اللَّحْمُ بِحَسَبِ عَادَةِ الْبَلَدِ) وَبِمَا يَلِيقُ بِيَسَارِهِ وَغَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ رَطْلِ لَحْمٍ فِي الْأُسْبُوعِ الَّذِي حُمِلَ عَلَى الْمُعْسِرِ وَجُعِلَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ عَلَى الْمُوسِرِ رِطْلَانِ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رَطْلٌ وَنِصْفٌ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّوْسِيعِ فِيهِ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ عَلَى مَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ بِمِصْرَ مِنْ قِلَّةِ اللَّحْمِ فِيهَا وَيُعْتَبَرُ فِيهِ تَقْدِيرُ الْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ (وَيُشْبِهُ أَنْ لَا أُدْمَ) غَيْرَ اللَّحْمِ (فِي يَوْمِهِ) أَيْ اللَّحْمَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ كُلَّ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ الْأُدْمُ أَيْضًا لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً عَلَى الْعَادَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْأُدْمُ يَوْمَ إعْطَاءِ اللَّحْمِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عَادَتِهِ (وَلَوْ تَبَرَّمَتْ بِأُدْمٍ) أَيْ سَئِمَتْ مِنْهُ (لَمْ يَلْزَمْهُ إبْدَالُهُ) وَتُبْدِلُهُ هِيَ إنْ شَاءَتْ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهَا نَعَمْ لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ وَلَيْسَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ فَاللَّائِقُ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ إبْدَالُهُ عِنْدَ إمْكَانِهِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (فَرْعٌ: تَجِبُ لَهَا) عَلَيْهِ (الْآلَةُ) لِلطَّبْخِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ (كَقِدْرٍ وَآنِيَةٍ) مِنْ كُوزٍ وَجَرَّةٍ مُفْرَغَةٍ، وَقَصْعَةٍ وَنَحْوِهَا لِحَاجَتِهَا إلَيْهَا فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَذِكْرُ الْآنِيَةِ بَعْدَ الْقِدْرِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (وَيَكْفِي) فِيهَا (خَشَبٌ وَخَزَفٌ وَحَجَرٌ وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (شَرِيفَةً) فَلَا يَجِبُ لَهَا الْآلَةُ مِنْ نُحَاسٍ؛ لِأَنَّهُ رُعُونَةٌ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلْإِمَامِ ثَانِيهِمَا يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ مِنْهُ لِلْعَادَةِ وَتَرْجِيحُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلَ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ. (الْوَاجِبُ الثَّالِثُ الْخَادِمُ فَعَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ عَبْدًا إخْدَامُ حُرَّةٍ) وَلَوْ ذِمِّيَّةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا (لَا) إخْدَامُ (أَمَةٍ، وَإِنْ اعْتَادَتْ) لِجَمَالِهَا بِالْخِدْمَةِ لِنَقْصِهَا بِالرِّقِّ، وَحَقُّهَا أَنْ تَخْدُمَ لَا أَنْ تُخْدَمَ، وَكَالْأَمَةِ الْمُبَعَّضَةِ قَالَهُ الْقَاضِي (وَلَوْ) كَانَتْ الْحُرَّةُ (بَائِنًا حَامِلًا) فَعَلَيْهِ إخْدَامُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفَقَتَهَا لَهَا لَا لِلْحَمْلِ هَذَا (إنْ كَانَتْ مَخْدُومَةً) أَيْ مِمَّنْ يُخْدَمُ عَادَةً (فِي بَيْتِ أَبِيهَا مَثَلًا وَلَا عِبْرَةَ بِتَرَفُّهِهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) بِحَيْثُ صَارَ يَلِيقُ بِحَالِهَا إخْدَامُهَا، وَإِذَا أَخْدَمَ زَوْجَتَهُ (فَيُخْدِمُهَا بِامْرَأَةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَلَوْ مُسْتَأْجَرَةً أَوْ صُحْبَتِهَا (أَوْ صَغِيرٍ) أَيْ مُمَيِّزٍ غَيْرِ مُرَاهِقٍ (أَوْ مَحْرَمٍ) لَهَا (أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ لَهَا) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَالْأَخِيرَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْأُولَى (لَا ذِمِّيَّةٍ لِمُسْلِمَةٍ إذْ لَا تُؤْمَنُ عَدَاوَتُهَا) الدِّينِيَّةُ وَلِتَحْرِيمِ النَّظَرِ. وَالْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِ عَكْسِهِ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَهَانَةِ، ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (وَ) لَا (كَبِيرٍ وَلَوْ) شَيْخًا (هُمَا) لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي مَمْلُوكَتِهَا، وَفِي الذِّمِّيَّةِ وَالْكَبِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَفِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَيَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَاللَّحْمُ بِحَسَبِ عَادَةِ الْبَلَدِ) فَيَخْتَلِفُ بِعَادَتِهِمْ كَلَحْمِ الْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ، وَلَحْمُ بَعْضِ الْأَنْعَامِ أَطْيَبُ مِنْ بَعْضٍ فَلَحْمُ الْغَنَمِ أَطْيَبُ مِنْ لَحْمِ الْبَقَرَةِ فَلَا يُكَلَّفُ الزَّوْجُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَحْمَ الضَّأْنِ دَائِمًا، وَلَكِنْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ فَمَرَّةً ضَأْنًا، وَمَرَّةً مَعْزًا، وَمَرَّةً بَقَرًا، وَمَرَّةً حَمَلًا عَلَى عَادَتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْأُدْمُ إلَخْ) ، وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الَّذِي يَظْهَرُ تَوَسُّطٌ بَيْنَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا مَعَ اللَّحْمِ نِصْفُ الْأُدْمِ الْمُعْتَادِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ كَالْمُتَعَيِّنِ إذْ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ فَيُقَالُ إنْ أَعْطَاهَا مِنْ اللَّحْمِ مَا يَكْفِيهَا لِلْوَقْتَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ النَّهَارِ إدَامٌ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا إلَّا مَا يَكْفِيهَا لِوَقْتٍ وَاحِدٍ وَجَبَ قَالَهُ فِي التَّفْقِيهِ، وَقَوْلُهُ: الَّذِي يَظْهَرُ تَوَسُّطٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: فَيُقَالُ إنْ أَعْطَاهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَاللَّائِقُ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَلْزَمَ الزَّوْجَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ الْمَشْرُوبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الظَّرْفُ فَكَذَا الْمَظْرُوفُ، وَأَمَّا قَدْرُهُ فَقَالَ الدَّمِيرِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْكِفَايَةُ قَالَ وَيَكُونُ إمْتَاعًا لَا تَمْلِيكًا حَتَّى لَوْ مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ، وَلَمْ تَشْرَبْهُ لَمْ تَمْلِكْهُ، وَإِذَا شَرِبَ غَالِبُ أَهْلِ الْبَلَدِ مَاءً مِلْحًا وَخَوَاصُّهَا عَذْبًا وَجَبَ مَا يَلِيقُ بِالزَّوْجِ. اهـ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ (قَوْلُهُ: ثَانِيهِمَا يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ مِنْهُ لِلْعَادَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ هُوَ الصَّوَابُ الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الشَّرْحَيْنِ الْمُعْتَمَدَةِ لَا تَعْبِيرَ الرَّوْضَةِ عَنْ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ، وَيَجِبُ أَنْ يَجِبَ لِلشَّرِيفَةِ كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْعَزِيزِ قَالَ: وَقِيَاسُ الْبَابِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ وَبَسَطَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ) ، وَالْأَسْفُونِيِّ وَالْحِجَازِيِّ نَعَمْ إنْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِكَوْنِهَا نُحَاسًا وَجَبَتْ لَهَا كَذَلِكَ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِيمَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ عَادَةُ أَمْثَالِهَا. (قَوْلُهُ: وَكَالْأَمَةِ الْمُبَعَّضَةِ قَالَهُ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِ عَكْسِهِ أَيْضًا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 مَعْنَى مَحْرَمِهَا الْمَمْسُوحُ، وَمِثْلُهُ عَبْدُهَا، وَقَدْ قَرَنَهُ الْأَصْلُ مَعَ الْهَمِّ فِي الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ (وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ غَيْرَ مَمْلُوكِهِ وَغَيْرَ الْمُسْتَأْجِرِ، وَهُوَ الَّذِي تَصْحَبُهُ) هِيَ مَعَهَا وَلَوْ مِلْكَهَا (مُدٌّ وَثُلُثٌ عَلَى الْمُوسِرِ، وَ) عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ الْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ (مُدٌّ) اعْتِبَارًا فِي الْمُوسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ بِثُلُثَيْ نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ، وَاعْتُبِرَ فِي الْمُعْسِرِ مُدٌّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَسْوِيَةٌ بَيْنَ الْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَقُومُ بِدُونِهِ غَالِبًا وَجَّهُوا التَّقْدِيرَ فِي الْمُوسِرِ بِمُدٍّ وَثُلُثٍ بِأَنَّ لِلْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ فِي النَّفَقَةِ حَالَةَ كَمَالٍ وَحَالَةَ نَقْصٍ، وَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ يَسْتَوِيَانِ فَفِي الْأُولَى يُزَادُ لِلْمَفْضُولِ ثُلُثُ مَا يُزَادُ لِلْمُفَاضَلَةِ كَمَا أَنَّ لِلْأَبَوَيْنِ فِي الْإِرْثِ حَالَةَ كَمَالٍ وَحَالَةَ نَقْصٍ، وَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ ابْنٌ يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَفِي الْأُولَى، وَهِيَ إذَا انْفَرَدَ يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَيُزَادُ لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا يُزَادُ لِلْأَبِ (مِنْ جِنْسِ طَعَامِهَا وَأُدْمِهَا وَدُونَ نَوْعِهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الطَّعَامِ وَالْأُدْمِ لِلْعَادَةِ (وَهَلْ لَهُ) أَيْ الْخَادِمِ (لَحْمٌ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَرُبَّمَا بُنِيَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي التَّسْوِيَةِ فِي الْأُدْمِ بَيْنَ الْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّسْوِيَةِ فَلَهَا اللَّحْمُ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ قَالَ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ قُدِّرَ أُدْمُهَا بِحَسَبِ الطَّعَامِ أَمَّا مَمْلُوكُهُ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ، وَأَمَّا الْمُسْتَأْجَرُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أُجْرَتُهُ. (فَإِنْ قَالَتْ أَنَا أَخْدُمُ نَفْسِي وَآخُذُ مَا لِلْخَادِمِ) مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ (لَمْ يُجْبَرْ) هُوَ؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِهِ لِابْتِذَالِهَا بِذَلِكَ (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَكَاعْتِيَاضِهَا عَنْ النَّفَقَةِ) حَيْثُ لَا رِبَا، وَقَضِيَّةُ الْجَوَازِ يَوْمًا بِيَوْمٍ (أَوْ قَالَ لِزَوْجٍ أَنَا أَخْدُمُك) لِتَسْقُطَ عَنْهُ مُؤْنَةُ الْخَادِمِ (لَمْ تُجْبَرْ) هِيَ وَلَوْ فِيمَا لَا يَسْتَحْيِ مِنْهُ كَغَسْلِ ثَوْبٍ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ وَطَبْخٍ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحْيِ مِنْهُ وَتُعَيَّرُ بِهِ (وَتَعْيِينُ الْخَادِمِ ابْتِدَاءً إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كِفَايَتُهَا بِأَيِّ خَادِمٍ كَانَ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَدْخُلُهُ رِيبَةٌ وَتُهْمَةٌ فِيمَنْ تَخْتَارُهُ هِيَ (لَكِنْ لَا) فِي الِاسْتِدْرَاكِ نَوْعُ خَفَاءٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا (يُبْدِلُهُ) أَيْ الْخَادِمَ الْمُعَيَّنَ (إنْ أَلِفَتْهُ لَا لِخِيَانَةٍ) ظَهَرَتْ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ عَنْ الْمَأْلُوفِ شَدِيدٌ فَلَا يُرْتَكَبُ لِغَيْرِ عُذْرٍ. (وَلَوْ أَرَادَتْ زِيَادَةَ خَادِمٍ آخَرَ مِنْ مَالِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ) دُخُولِ دَارِهِ، وَمِنْ اسْتِخْدَامِهَا لَهُ (وَ) لَهُ (إخْرَاجُ مَا عَدَا خَادِمَهَا مِنْ مَالٍ وَوَلَدٍ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ) ذِكْرُهُ الْمَالَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ. (وَ) لَهُ (مَنْعُ أَبَوَيْهَا الدُّخُولَ عَلَيْهَا) مَعَ الْكَرَاهَةِ (وَمَنْ لَا تُخْدَمُ) فِي بَيْتِ أَبِيهَا لَا تُخْدَمُ بَلْ (يُوَصِّلُ) الزَّوْجُ (مُؤْنَتَهَا إلَيْهَا) مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ (وَلَهُ إخْرَاجُ خَادِمِهَا) الَّذِي صَحِبَتْهُ، وَلَوْ بِشِرَائِهَا لَهُ (فَإِنْ مَرِضَ) وَلَوْ مَرَضًا لَا يَدُومُ أَوْ زَمِنَتْ (وَاحْتَاجَتْ خَادِمًا فَأَكْثَرَ لَزِمَهُ) وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً لِضَرُورَتِهَا. (الْوَاجِبُ الرَّابِعُ: الْكِسْوَةُ) بِضَمِّ الْكَافِ، وَكَسْرِهَا لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ؛ وَلِأَنَّهَا كَالْقُوتِ فِي أَنَّ الْبَدَنَ لَا يَقُومُ إلَّا بِهَا (وَيَجِبُ) لَهَا عَلَيْهِ (كِفَايَتُهَا) مِنْهَا (طُولًا) ، وَقِصَرًا (وَضَخَامَةً) وَنَحَافَةً فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ (قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ، وَإِزَارٌ اُعْتِيدَ وَخِمَارٌ) أَيْ مِقْنَعَةٌ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ قَالَ، وَقَدْ يُخَصُّ بِمَا يُجْعَلُ فَوْقَهَا إذَا ادَّعَتْ الْحَاجَةَ إلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُهَا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ يَجِبُ خِمَارٌ أَوْ مِقْنَعَةٌ وَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ أَوْ حَيْثُ يُعْتَادُ، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِيهِ. اهـ.، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ السَّابِقُ يُشِيرُ إلَيْهِ (وَمُكْعَبٌ) أَيْ مَدَاسٌ (أَوْ نَعْلٌ) وَيَلْحَقُ بِهِ الْقَبْقَابُ إذَا جَرَتْ عَادَتُهَا بِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ جَرَتْ عَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْقُرَى أَنْ لَا يَلْبَسْنَ فِي أَرْجُلِهِنَّ شَيْئًا فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَجِبْ لِأَرْجُلِهِنَّ شَيْءٌ. (وَيَزِيدُ) لَهَا (فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً مَحْشُوَّةً أَوْ فَرْوَةً بِحَسَبِ الْعَادَةِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا تَوَابِعُ ذَلِكَ مِنْ تِكَّةِ سَرَاوِيلَ وَكُوفِيَّةٍ لِلرَّأْسِ وَزِرٍّ لِلْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الرِّدَاءِ   [حاشية الرملي الكبير] الْأَصَحَّ الْجَوَازُ لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّ اسْتِئْجَارَ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ جَائِزٌ، وَلَوْ فِيمَا فِيهِ امْتِهَانٌ (قَوْلُهُ: وَهَلْ لَهُ أَيْ الْخَادِمِ لَحْمٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ يَوْمًا بِيَوْمٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِخِيَانَةٍ) أَيْ أَوْ رِيبَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ الْأَمْرُ عَلَى الظُّهُورِ بَلْ يَكْفِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ أَوْ خَوْفُهُ مِنْهَا كَمَا فِي إسْكَانِ الْقَرِيبَةِ، وَقَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَتْ زِيَادَةَ خَادِمٍ آخَرَ مِنْ مَالِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ دَارِهِ، وَإِخْرَاجُهُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْأَقْرَبُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِحَالِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ دُونَ الْمُطَلَّقَةِ، وَلَوْ رَجْعِيًّا لِفَقْدِ الِاسْتِمْتَاعِ وَلِاخْتِصَاصِ السَّكَنِ بِهَا قَالَ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهِ. اهـ. سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي الْحَضَانَةِ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ. (فَرْعٌ) يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَأْذَنَ لِغَيْرِهَا فِي دُخُولِ دَارِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَإِذْنِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ كِفَايَتُهَا طُولًا وَضَخَامَةً إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِهِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ، وَالْأَمَةِ إذَا وَجَبَ لَهَا النَّفَقَةُ التَّامَّةُ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ اعْتَبَرْتُمْ الْكِفَايَةَ فِي الْكِسْوَةِ دُونَ الْقُوتِ؟ . فَالْجَوَابُ أَنَّ الْكِفَايَةَ فِي الْكِسْوَةِ مُحَقَّقَةٌ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَفِي الْقُوتِ غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ، وَلَا مُحَقَّقَةٍ، وَقَوْلُهُ: ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالْقَمِيصِ، وَالسَّرَاوِيلِ كَوْنُهُمَا مِخْيَطَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمُعَايَاةِ لَكِنْ ذَكَرَا قُبَيْلَ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ أَنَّهُ يَجِبُ تَسْلِيمُ الثِّيَابِ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الْخِيَاطَةِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَدَاسٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَوْ جَرَتْ عَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْقُرَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ لَهَا فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً مَحْشُوَّةً إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَلَدٍ لَا تَخْتَلِفُ كِسْوَةُ أَهْلِهِ فِي زَمَانِ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ لَمْ يَجِبْ لَهَا الْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ فِي الشِّتَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَالْعَادَةُ فِي حَقِّ أَهْلِ بَلَدِهَا فَلَمْ يَجِبْ لَهَا أَكْثَرُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَلْدَةٍ يَلْبَسُ غَالِبُ أَهْلِهَا الْأَدَمَ لَمْ يَجِبْ لَهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ عُرْفُ بِلَادِهِمْ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ بَدْوِيَّةً فَمَا يَأْكُلُ أَهْلُ الْبَادِيَةِ، وَمِنْ الْكِسْوَةِ بِقَدْرِ مَا يَلْبَسُونَ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا أَبْدَاهُ ظَاهِرٌ بَلْ مُتَعَيِّنٌ عَمَلًا بِالْعُرْفِ الَّذِي عَلَيْهِ مَدَارُ الْمَسْأَلَةِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ لَهَا الْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ لَهَا غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا تَوَابِعُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكُوفِيَّةٍ) أَيْ أَوْ طَاقِيَّةٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 وَالْخُفِّ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ اشْتَدَّ الْبَرْدُ فَجُبَّتَانِ) أَوْ فَرْوَتَانِ فَأَكْثَرُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (عَلَى الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ لَكِنَّ الْمُوسِرَ) يَكْسُوهَا (مِنْ جَيِّدِ الْقُطْنِ، وَكَذَا الْكَتَّانُ وَالْحَرِيرُ) وَالْخَزُّ (إنْ اعْتَادُوهُ) لِنِسَائِهِمْ عَمَلًا بِالْعَادَةِ (وَالْمُعْسِرُ) يَكْسُوهَا (مِنْ خَشِنِهِ وَيَتَوَسَّطُ) بَيْنَهُمَا (الْمُتَوَسِّطُ فَإِنْ تَعَوَّدُوا رَقِيقًا) بِحَيْثُ (لَا يَسْتُرُ وَجَبَ صَفِيقٌ يُقَارِبُهُ) فِي الْجُودَةِ فَلَا يَجِبُ لَهُنَّ مَا تَعَوَّدُوهُ مِنْ ذَلِكَ (فَإِنْ احْتَاجَتْ لِلْبَرْدِ) أَيْ لِأَجْلِهِ (فَحْمًا أَوْ حَطَبًا) لِلْوَقُودِ بِهِ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِذَا كَانَ الْمَنَاطُ الْعَادَةَ فَأَكْثَرُ الْبَوَادِي لَا يُوقِدُونَ إلَّا بِالْبَعْرِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ هُوَ الْوَاجِبَ. (فَرْعٌ: وَعَلَى الْمُوسِرِ) لِزَوْجَتِهِ (طِنْفِسَةٌ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِفَتْحِهَا وَبِضَمِّهَا وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ هِيَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ ثَخِينٌ لَهُ وَبَرَةٌ كَبِيرَةٌ، وَقِيلَ لَهَا كِسَاءٌ (فِي الشِّتَاءِ وَنَطْعٌ) بِفَتْحِ النُّونِ، وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا (فِي الصَّيْفِ تَحْتَهُمَا زِلِّيَّةٌ أَوْ حَصِيرٌ لِقُعُودِهَا) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُبْسَطَانِ وَحْدَهُمَا (وَ) عَلَى الْمُتَوَسِّطِ (زِلِّيَّةٌ) بِكَسْرِ الزَّايِ، وَهِيَ شَيْءٌ مُضْرَبٌ صَغِيرٌ، وَقِيلَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ فِي الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ. (وَ) عَلَى (الْمُعْسِرِ حَصِيرٌ فِي الصَّيْفِ وَلَا بُدَّ فِي الشِّتَاءِ وَيَجِبُ) لَهَا (مَرْقَدٌ) أَيْ فِرَاشٌ تَرْقُدُ عَلَيْهِ لِلْعَادَةِ (كَمُضَرَّبَةٍ وَثِيرَةٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ لَيِّنَةٍ (أَوْ قَطِيفَةٍ) ، وَهِيَ دِثَارٌ مُخْمَلٌ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَمِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُوضَعُ تَحْتَ الْخَدِّ (وَلِحَافٌ أَوْ كِسَاءٌ مِنْ الشِّتَاءِ أَوْ) فِي (بَلَدٍ بَارِدَةٍ) الْأَوْلَى بَارِدٍ وَيَجِبُ لَهَا مِلْحَفَةٌ بَدَلُ اللِّحَافِ أَوْ الْكِسَاءِ فِي الصَّيْفِ (وَكُلُّهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ) نَوْعًا، وَكَيْفِيَّةً حَتَّى قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: لَوْ كَانُوا لَا يَعْتَادُونَ فِي الصَّيْفِ لِنَوْمِهِمْ غِطَاءً غَيْرَ لِبَاسِهِمْ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا يُجَدَّدُ وَقْتَ تَجْدِيدِهِ عَادَةً وَيُفَاوَتُ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ. (فَرْعٌ) يَجِبُ عَلَيْهِ (لِلْخَادِمِ قَمِيصٌ وَخُفٌّ، وَمِقْنَعَةٌ وَرِدَاءٌ لِلْخُرُوجِ) صَيْفًا وَشِتَاءً حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا اعْتَادَ كَشْفَ الرَّأْسِ أَوْ لَا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَخْدُومَةِ فِي الْخُفِّ وَالرِّدَاءِ؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُهُمَا لِلْمَخْدُومَةِ أَيْضًا فَإِنَّهَا قَدْ تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ إلَى حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الضَّرُورَاتِ، وَإِنْ كَانَ نَادِرًا، وَقَدْ أَشَارَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى ذَلِكَ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْخُفِّ وَالرِّدَاءِ لِلْخَادِمِ إذَا كَانَتْ أُنْثَى وَلَا يَجِبُ لَهُ السَّرَاوِيلُ بِخِلَافِ الْمَخْدُومَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الزِّينَةُ، وَكَمَالُ السَّتْرِ (وَجُبَّةٌ لِلشِّتَاءِ أَوْ فَرْوَةٌ) بِحَسَبِ الْعَادَاتِ فَإِنْ اشْتَدَّ الْبَرْدُ يَدُلُّهُ عَلَى الْجُبَّةِ أَوْ الْفَرْوَةِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَجَمِيعُ مَا يَجِبُ لَهُ يَكُونُ (دُونَ مَا لِلْمَخْدُومَةِ) مِنْ الْكِسْوَةِ جِنْسًا وَنَوْعًا. (وَ) يَجِبُ لَهُ (وِسَادَةٌ وَكِسَاءٌ يَتَغَطَّى بِهِ لَيْلًا وَفِي) وُجُوبِ (الْفِرَاشِ وَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْوُجُوبَ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. (الْوَاجِبُ الْخَامِسُ) يَجِبُ عَلَيْهِ (لِلزَّوْجَةِ لَا لِلْخَادِمِ آلَاتُ التَّنْظِيفِ) مِنْ الْأَوْسَاخِ الَّتِي تُؤْذِيهَا وَتُؤْذِي بِهَا بِخِلَافِ الْخَادِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنْظِيفَ لَهُ بَلْ اللَّائِقُ بِهِ التَّشَعُّثُ لِئَلَّا يَمْتَدَّ إلَيْهِ النَّظَرُ وَذَلِكَ (كَالْمُشْطِ) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَكَسْرِهَا (وَالسِّدْرِ وَالدُّهْنِ كَالْعَادَةِ) أَيْ عَلَى عَادَةِ الْبُقْعَةِ وَيَجِبُ لَهَا (مُطَيِّبَةٌ) أَيْ مُطَيِّبُ الدُّهْنِ أَيْ الدُّهْنُ الْمُطَيِّبُ (إنْ اُعْتِيدَ وَمَرْتَكٌ وَنَحْوُهُ لِصُنَانٍ) أَيْ لِقَطْعِهِ (إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ بِدُونِهِ) لِتَأَذِّيهَا وَغَيْرِهَا بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَطَعَ بِدُونِهِ كَمَاءٍ وَتُرَابٍ وَالْمَرْتَكُ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِهَا مُعَرَّبٌ أَصْلُهُ مِنْ الرَّصَاصِ يَقْطَعُ رَائِحَةَ الْإِبْطِ؛ لِأَنَّهُ يَحْبِسُ الْعَرَقَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ غَابَ عَنْهَا غَيْبَةً طَوِيلَةً هَلْ يَجِبُ لَهَا آلَةُ التَّنْظِيفِ كَمَا فِي الْحَاضِرِ، وَهَلْ يَجِبُ ذَلِكَ لِلْبَائِنِ الْحَامِلِ الظَّاهِرُ فِيهَا الْمَنْعُ، وَإِنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لَهَا كَالرَّجْعِيَّةِ وَفِي الْغَيْبَةِ الْوُجُوبُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ لَهَا مَا يُزِيلُ الشَّعَثَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ فِيهِ زِينَةٌ لِلزَّوْجِ، وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ (وَأُجْرَةُ حَمَّامٍ اُعْتِيدَ) دُخُولُهُ (مَرَّةً لِشَهْرٍ) أَيْ لِكُلِّ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّنْظِيفِ وَاعْتُبِرَ الشَّهْرُ لِيَخْرُجَ مِنْ دَنَسِ الْحَيْضِ الَّذِي يَكُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً غَالِبًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ لِعَادَةِ مِثْلِهَا وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ حَرًّا وَبَرْدًا وَخَرَجَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ، وَقَوْلُهُ: فَيَكُونُ هُوَ الْجَوَابُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السَّرَخْسِيُّ إذَا لَمْ تَسْتَغْنِ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ عَنْ الْوُقُودِ فَيَجِبُ لَهَا مِنْ الْحَطَبِ أَوْ الْفَحْمِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَنْ اعْتَادُوهُ فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْبَوَادِي، وَالْقُرَى الْبَعِيدَةِ مِنْ الْحَطَبِ، وَالْفَحْمِ لَا وُقُودَ لَهُمْ إلَّا زِبْلُ الْبَقَرِ وَبَعْرِ الْإِبِلِ فَلَا يُكَلَّفُ لَهَا حَطَبًا، وَلَا فَحْمًا قَطْعًا، وَقَوْلُهُ: قَالَ السَّرَخْسِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (الْوَاجِبُ الْخَامِسُ) (قَوْلُهُ: صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْوُجُوبَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالدُّهْنِ كَالْعَادَةِ) قَيَّدَهُ فِي التَّنْبِيهِ بِدُهْنِ الرَّأْسِ، وَهِيَ عِبَارَةُ الْإِمَامِ، وَفِي الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا أَيْضًا أَقَلُّ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ لِدَهْنِ رَأْسِهَا وَجَسَدِهَا وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْمٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِدَهْنِ الرَّأْسِ دُونَ الْجَسَدِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ: مَحْمُولٌ عَلَى قَوْمٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِدَهْنِهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَهُمْ تَعَرَّضُوا لِدَهْنِ السِّرَاجِ عَلَيْهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَالْعُرْفُ جَارٍ بِهِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى، وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ لِغَيْرِ أَهْلِ الْخِيَامِ، وَالْبَادِيَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْتَادُونَهُ، وَقَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَحْمُولٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مَحْمُولٌ إلَخْ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَطَعَ بِدُونِهِ كَمَاءٍ وَتُرَابٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الرُّتْبَةِ حَتَّى يَجِبَ الْمَرْتَكُ وَنَحْوُهُ لِلشَّرِيفَةِ، وَإِنْ كَانَ التُّرَابُ يَقُومُ مَقَامَهُ إذَا لَمْ تَعْتَدْهُ، وَقَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَخْتَلِفَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ فِيهَا الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْغَيْبَةِ الْوُجُوبُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ وَيَقْرُبُ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَتْ عَادَةُ مِثْلِهَا مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ أَنْ يُخْلَى لَهَا الْحَمَّامُ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْلَاؤُهُ لَهَا اعْتِبَارًا بِأَمْثَالِهَا وَسُئِلْت عَمَّنْ يَأْتِي أَهْلَهُ فِي الْبَرْدِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ بَذْلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 429 بِاُعْتِيدَ مَا لَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ لَا يَعْتَادُونَ دُخُولَهُ فَلَا يَجِبُ لَهَا أُجْرَتُهُ وَيُفَاوَتُ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ (لَا طِيبٌ) فَلَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ (إلَّا لِقَطْعِ سَهُوكَةٍ) أَيْ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ (وَلَا) يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ (كُحْلٌ، وَ) لَا (خِضَابٌ) أَوْ نَحْوُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلتَّلَذُّذِ لَا لِلتَّمَتُّعِ وَذَلِكَ حَقٌّ لَهُ رَاجِعٌ إلَى اخْتِيَارِهِ (فَإِنْ أَحْضَرَهُ) لَهَا (وَجَبَ) عَلَيْهَا (اسْتِعْمَالُهُ وَلَا دَوَاءٌ) لِمَرَضٍ (وَ) لَا (أُجْرَةُ طَبِيبٍ وَحِجَامَةٍ) وَفَصْدٍ (وَخِتَانٍ) وَوَجْهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّوْجَ كَالْمُكْتَرِي فَلَا يَلْزَمُهُ مُؤَنُ حِفْظِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْمُشْطِ وَالدُّهْنِ كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُمَا لِلتَّنْظِيفِ، وَهُوَ لَازِمٌ لِلْمُكْتَرِي (وَلَا تَضْحِيَةٌ) نَذَرَتْهَا أَمْ لَا (وَعَلَيْهِ الْمَاءُ لِغُسْلِ جِمَاعٍ وَنِفَاسٍ وَوُضُوءٍ نَقَضَهُ) هُوَ كَأَنْ لَمَسَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ فِيمَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ، وَهُوَ نَائِمٌ كَمَا لَوْ احْتَلَمَتْ، وَأَنَّهُ يَجِبُ فِيمَا لَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مُكْرَهَةٍ أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ، وَفِي الثَّانِي حَيْثُ لَا إكْرَاهَ نَظَرٌ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَقَدْ أَفْتَى فِيهِ الْقَفَّالُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ لَكِنَّ الْقِيَاسَ فِيهِ وَفِي الثَّانِي مَعَ الْإِكْرَاهِ الْوُجُوبُ كَمَا يَجِبُ الْمَهْرُ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ مُعْتَبَرٌ فِي التَّعْلِيلِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَتْ هِيَ السَّبَبُ فِي نَقْضِ طُهْرِهِ، وَكَالنِّفَاسِ فِيمَا ذُكِرَ الْوِلَادَةُ بِلَا بَلَلٍ كَمَا فَهِمْت مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ فِيهِمَا إذَا كَانَ الْإِحْبَالُ بِفِعْلِ الزَّوْجِ، وَإِلَّا فَلَا وُجُوبَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ الْمَاءِ أَوْ ثَمَنِهِ مَا يَكْفِي الْمَفْرُوضَ مِنْهُ دُونَ السُّنَنِ (لَا) لِغُسْلِ (حَيْضٍ وَلَا احْتِلَامٍ) إذْ لَا صُنْعَ مِنْهُ (وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَكْلِ سُمٍّ، وَكَذَا لِغَيْرِهِ) مَنْعُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إهْلَاكٌ لِلنَّفْسِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ (وَمِنْ أَكْلِ مُمْرِضٍ) لِخَوْفِ الْهَلَاكِ، وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ تَنَاوُلِ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ كَثُومٍ (وَيَجِبُ تَرْفِيهُ الْخَادِمِ إنْ تَأَذَّى بِالْهَوَامِّ لِلْوَسَخِ) أَوْ لِأَجْلِهِ (وَفِي تَكْفِينِهِ وَنَحْوِهِ) مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ إذَا مَاتَ (وَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالْوُجُوبِ كَالْمَخْدُومَةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ. (الْوَاجِبُ السَّادِسُ الْإِسْكَانُ) لَهَا كَالْمُعْتَدَّةِ بَلْ أَوْلَى (فَيَلْزَمُهُ) لَهَا مَسْكَنٌ لَائِقٌ بِهَا عَادَةً لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ وَفَارَقَ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ حَيْثُ اُعْتُبِرَ بِحَالِ الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِمَا التَّمْلِيكُ، وَهُنَا الِامْتِنَاعُ؛ وَلِأَنَّهُمَا مَا إذَا لَمْ يَلِيقَا بِهَا يُمْكِنُهَا إبْدَالُهُمَا بِلَائِقٍ فَلَا إضْرَارَ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ فَإِنَّهَا مُلْزَمَةٌ بِمُلَازَمَتِهِ فَاعْتُبِرَ بِحَالِهِ وَاكْتَفَى بِهِ (وَإِنْ اسْتَعَارَهُ) الزَّوْجُ لِحُصُولِ الْإِيوَاءِ بِهِ (وَلَا يَثْبُتُ) السَّكَنُ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْإِنْفَاقِ) فِي هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ (وَكُلِّ مَا يُسْتَهْلَكُ) كَطَعَامٍ وَأُدْمٍ وَطِيبٍ (يَسْتَحِقُّ تَمْلِيكَهُ) لَهَا بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ بِقَصْدِ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى لَفْظٍ (وَكَذَا الْكِسْوَةُ وَالْفَرْشُ وَالْآلَةُ) أَيْ آلَةُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالتَّنْظِيفِ كَمُشْطٍ وَدُهْنٍ وَاعْتُبِرَ فِي ذَلِكَ التَّمْلِيكُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَقِيَاسًا عَلَى الْكِسْوَةِ فِي الْكَفَّارَةِ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ كِسْوَةَ الْأَهْلِ أَصْلًا لِلْكِسْوَةِ فِي الْكَفَّارَةِ كَالطَّعَامِ، وَالْكِسْوَةُ تَمْلِيكٌ مِنْهَا فَوَجَبَ هُنَا مِثْلُهُ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ فَإِنَّهُ إمْتَاعٌ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ الِانْتِفَاعِ كَالْخَادِمِ؛ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يَسْكُنُهُ بِخِلَافِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّهَا تُدْفَعُ إلَيْهَا. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَرْشَ كَالْمَسْكَنِ، وَقَدْ قِيلَ بِهِ فِيهِ وَفِي سَائِرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ خِلَافُهُ وَالتَّرْجِيحُ فِي الْفَرْشِ وَالْمُشْطِ وَآلَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَا يَسْقُطُ بِمُسْتَأْجَرٍ، وَمُسْتَعَارٍ) بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ (فَلَوْ لَبِسَتْ الْمُسْتَعَارَ وَتَلِفَ) بِغَيْرِ اسْتِعْمَالٍ (فَضَمَانُهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَعِيرُ، وَهِيَ نَائِبَةٌ عَنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمُسْتَأْجَرِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا   [حاشية الرملي الكبير] أُجْرَةِ الْحَمَّامِ، وَلَا يُمْكِنُهَا الْغُسْلُ فِي الْبَيْتِ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ فَهَلْ لَهَا مَنْعُهُ إلَى أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ؟ . فَأَجَبْت لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. اهـ. وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا لَيْلًا لَا تَغْتَسِلُ وَقْتَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَتَفُوتُهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَيَأْمُرُهَا بِالْغُسْلِ وَقْتَ الصَّلَاةِ، وَفِي فَتَاوَى الْأَحْنَفِ نَحْوُهُ، وَقَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْهَا إخْلَاؤُهُ لَهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: فَأَجَبْت لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَكَذَا قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَحْرُمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا لِقَطْعِ سَهْوَكَةٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمَا إلَّا لِقَطْعِ سَهْوَكَةٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ مِنْ الطِّيبِ مَا يَقْطَعُ بِهِ أَثَرَ الدَّمِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: إنَّهُ يَجِبْ عَلَيْهِ إذَا طَهُرَتْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْضَرَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الطِّيبِ، وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْمَاءُ لِغُسْلِ الْجِمَاعِ وَنِفَاسٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ احْتَاجَتْ إلَى تَسْخِينِ الْمَاءِ لِشِدَّةِ بَرْدِهِ أَوْ بَرْدِ الْوَقْتِ فَيُشْبِهُ أَنْ تَلْزَمَهُ مُؤْنَتُهُ أَوْ أُجْرَةُ الْحَمَّامِ، وَقَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ احْتَاجَتْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَمَسَهَا) أَيْ أَوْ، وَقَعَ اللَّمْسُ مِنْهُمَا مَعًا، وَبَحَثَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَائِمٌ) أَيْ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْوُجُوبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَوَجَبَ عَلَيْهَا ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَتْ هِيَ السَّبَبُ فِي نَقْضِ طُهْرِهِ) أَيْ أَوْ لَمَسَتْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيًّا أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيهِمَا إذَا كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا. (قَوْلُهُ: الْوَاجِبُ السَّادِسُ الْإِسْكَانُ) لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسُدَّ الطَّاقَاتِ عَلَى زَوْجَتِهِ فِي مَسْكَنِهَا، وَلَهُ أَنْ يُغْلِقَ عَلَيْهَا الْبَابَ إذَا خَافَ ضَرَرًا يَلْحَقُهُ مِنْ فَتْحِهِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْغَزْلِ، وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا فِي مَنْزِلِهِ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ بِخَطِّ الْوَالِدِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَةٌ تَنْظُرُ مِنْ طَاقٍ فِي غَرْفَةٍ أَوْ نَحْوِهَا إلَى الْأَجَانِبِ وَجَبَ عَلَيْهِ سَدُّهَا أَوْ بِنَاؤُهَا (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ مَسْكَنٌ لَائِقٌ بِهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى حَالِ الزَّوْجِ فِي الْمَسْكَنِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَلَا فِي غَيْرِهِ فِيمَا أَظُنُّ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الزَّوْجَةِ] (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إلَخْ) مَا تَفَقَّهَهُ مَمْنُوعٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 أَعْطَاهَا ذَلِكَ عَنْ كِسْوَتِهَا. (وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَخَادِمِهَا تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) كُلَّ يَوْمٍ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا يَوْمًا فَيَوْمًا لِكَوْنِهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ الْحَاصِلِ فِي الْيَوْمِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهَا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ إذْ الْوَاجِبُ الْحَبُّ كَمَا سَيَأْتِي فَيُحْتَاجُ إلَى طَحْنِهِ وَعَجْنِهِ وَخَبْزِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّهَا تَجِبُ بِهِ وُجُوبًا مُوسَعًا كَالصَّلَاةِ أَوْ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ لَكِنْ لَا يُحْبَسُ وَلَا يُخَاصَمُ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا طَوِيلًا فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِنَفَقَتِهَا لِمُدَّةِ ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ كَمَا لَا يَخْرُجُ إلَى الْحَجِّ حَتَّى يَتْرُكَ لَهَا هَذَا الْقَدْرَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ هَيَّأَ ذَلِكَ إلَى نَائِبِهِ لِيَدْفَعَهُ إلَيْهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ كَفَى وَلَا يُكَلَّفُ إعْطَاءَهُ لَهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً وَتَجِبُ (حَبًّا) سَلِيمًا إذَا كَانَ غَالِبَ الْقُوتِ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي النَّفْعِ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ (لَا دَقِيقًا وَخُبْزًا) وَعَجِينًا مَعِيبًا كَمُسَوِّسٍ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهَا لِكُلِّ مَا يَصْلُحُ لَهَا الْحَبُّ فَلَوْ طَلَبَتْ غَيْرَ الْحَبِّ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَوْ بَذَلَ غَيْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ (وَيَمْلِكُ نَفَقَةَ مَمْلُوكِهَا) الْخَادِمِ لَهَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَمَا تَمْلِكُ نَفَقَةَ نَفْسِهَا (وَفِي مِلْكِهَا نَفَقَةَ الْحُرَّةِ الْخَادِمَةِ) لَهَا بِغَيْرِ اسْتِئْجَارٍ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ فَتَأْخُذُهَا وَتَدْفَعُهَا إلَى الْحُرَّةِ وَعَلَيْهِ فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا وَتُعْطِي مُؤْنَةَ الْحُرَّةِ مِنْ مَالِهَا وَثَانِيهِمَا لَا بَلْ تَمْلِكُهَا الْحُرَّةُ كَمَا تَمْلِكُ الزَّوْجَةُ نَفَقَةَ نَفْسِهَا (لَكِنَّ لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الْمُطَالَبَةَ) لَهُ (بِهَا) لِيَتَوَفَّرَ حَقُّ الْخِدْمَةِ (وَلَا تُطَالِبُهُ بِنَفَقَةِ مَمْلُوكَتِهِ) الْخَادِمَةِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ كَمَا مَرَّ (وَلَا نَفَقَةَ لِمُسْتَأْجَرَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا كَمَا مَرَّ (وَلَهَا بَيْعُ نَفَقَةِ الْيَوْمِ لَا الْغَدِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ زَوْجِهَا (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِجَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ (لَا مِنْ غَيْرِهِ) عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ كَالرَّوْضَةِ قَدَّمَ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَوَازَ ذَلِكَ مُطْلَقًا، أَمَّا نَفَقَةُ الْغَدِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا بَيْعُهَا مُطْلَقًا لِعَدَمِ مِلْكِهَا. (وَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا بَعْدَ الْقَبْضِ) مُطْلَقًا بِالْإِبْدَالِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهَا (فَإِنْ سُرِقَتْ) مِنْهَا أَوْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ (لَمْ تُبَدَّلْ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ إبْدَالُهَا (وَيَمْنَعُهَا مِنْ تَقْتِيرٍ) عَلَى نَفْسِهَا (مُضِرٍّ) بِهَا لِحَقِّ الِاسْتِمْتَاعِ (وَعَلَيْهِ) لَهَا مَعَ الْحَبِّ مُؤْنَةُ (الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ وَالطَّبْخِ) ، وَإِنْ اعْتَادَتْ تَعَاطِيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي حَبْسِهِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ (وَلَيْسَ عَلَى خَادِمِهَا إلَّا مَا يَخُصُّهَا) أَيْ مَا تَحْتَاجُ هِيَ إلَيْهِ (كَحَمْلِ مَاءٍ إلَى الْمُسْتَحَمِّ وَنَحْوِهِ) كَصَبِّهِ عَلَى يَدِهَا وَغَسْلِ خِرَقِ الْحَيْضِ وَالطَّبْخِ لِأَكْلِهَا أَمَّا مَا لَا يَخُصُّهَا كَالطَّبْخِ لِأَكْلِهِ وَغَسْلِ ثِيَابِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ هُوَ عَلَى الزَّوْجِ فَيُوَفِّيهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ بَاعَتْ الْحَبَّ) أَوْ أَكَلَهُ حَبًّا (فَفِي اسْتِحْقَاقِهَا الْمُؤْنَةَ تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَثَانِيهِمَا لَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ تَبَعًا لِلْحَبِّ فَلَا تُفْرَدُ بِالْإِيجَابِ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى هَذَا لَكِنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ الْقِيَاسُ الْوُجُوبُ. (وَلَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ) عَلَى الْعَادَةِ (بِرِضَاهَا، وَهِيَ رَشِيدَةٌ أَوْ) لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً، وَأَكَلَتْ (بِإِذْنِ الْوَالِي سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) بِذَلِكَ لِاكْتِفَاءِ الزَّوْجَاتِ بِهِ فِي الْأَعْصَارِ وَجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ فَكَأَنَّ نَفَقَتَهَا مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْكِفَايَةِ إنْ أَرَادَتْ وَبَيْنَ التَّمْلِيكِ عَلَى قِيَاسِ الْأَعْوَاضِ إنْ طَلَبَتْ قَالَ، وَهِيَ حَسَنٌ غَامِضٌ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ وَلْيَكُنْ السُّقُوطُ مُفَرَّعًا عَلَى جَوَازِ اعْتِيَاضِ الْخُبْزِ، وَأَنْ يُجْعَلَ مَا جَرَى قَائِمًا مَقَامَ الِاعْتِيَاضِ يُعِينُ إنْ لَمْ يُلَاحِظْ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَخَادِمِهَا تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) لَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ، وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمُدِّ، وَلَوْ أَصْبَحَ مُوسِرًا ثُمَّ أَعْسَرَ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مُدَّانِ اعْتِبَارًا بِأَوَّلِ الْيَوْمِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَوْ حَصَلَ الْعَقْدُ، وَالتَّمْكِينُ وَقْتَ الْغُرُوبِ فَالْقِيَاسُ الْوُجُوبُ بِالْغُرُوبِ. اهـ. أَيْ غُرُوبِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ بِالْقِسْطِ فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ وَقْتَ الظُّهْرِ فَيَنْبَغِي الْوُجُوبُ كَذَلِكَ مِنْ حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَالتَّقْيِيدُ بِالْغُرُوبِ ضَعِيفٌ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ مَنْ نُكِحَتْ وَسُلِّمَتْ لِلزَّوْجِ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ لِحُصُولِ التَّمْكِينِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إذَا كَانَتْ زَوْجَةً فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَصَارَتْ زَوْجَةً آخِرَهُ ثُمَّ سَلَّمَتْ وَمَكَّنَتْ وَجَبَتْ. وَقَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ الْوُجُوبُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ:، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: كُلَّ يَوْمٍ) الْمُرَادُ يَوْمٌ بِلَيْلَتِهِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْمُتَأَخِّرَةُ عَنْهُ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ (قَوْلُهُ: فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِنَفَقَتِهَا لِمُدَّةِ ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ تَشْبِيهِهِ بِالْخُرُوجِ لِلْحَجِّ إذْ لَا نَعْلَمُ مَنْ قَالَ إنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْحُكْمِ لِظَاهِرٍ بِذَلِكَ هُنَاكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهَا عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَقَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا الْإِبِلُ تَمْلِكُهَا الْحُرَّةُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ لِجَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اعْتِيَاضُهَا عَنْ الْوَاجِبِ دَقِيقِهِ أَوْ خُبْزِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ كَالرَّوْضَةِ قَدَّمَ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَوَازَ ذَلِكَ مُطْلَقًا) يُفَرَّقُ بِضَعْفِ النَّفَقَةِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا حِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْفَرْقِ وَيَرُدُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَوْنِهِ مُفَرَّعًا عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ هُنَاكَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا مُسْتَقَرًّا، وَالِاسْتِقْرَارُ مُنْتَفٍ هُنَا كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ الْقِيَاسُ الْوُجُوبُ) ، وَفِي الْوَسِيطِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ إذَا كَانَتْ لَا تَحْتَاجُ إلَى بُرٍّ خُبْزًا أَمَّا إذَا احْتَاجَتْ إلَى ذَلِكَ، وَقَدْ أَتْلَفَتْ مَا قَبَضَتْهُ كُلِّفَ ذَلِكَ قَطْعًا، وَأَطْلَقَا نَقْلَ التَّرَدُّدِ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَالتَّحْقِيقُ عَنْهُ مَا ذَكَرْتُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً، وَأَكَلَتْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) أَيْ، وَكَانَ لَهَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ (قَوْلُهُ: وَجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِيهَا) مِنْ عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْآنَ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ، وَلَا إنْكَارٍ، وَلَا خِلَافٍ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ امْرَأَةً طَالَبَتْ بِنَفَقَةٍ بَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَتْ لَا تَسْقُطُ مَعَ عِلْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِطْبَاقِهِمْ عَلَيْهِ لَا عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ، وَلَقَضَاهُ مَنْ تَرِكَةِ مَنْ مَاتَ، وَلَمْ يُوَفِّهِ، وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 فِي الْأَعْصَارِ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالتَّصْوِيرُ بِالْأَكْلِ مَعَهُ عَلَى الْعَادَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا إذَا أَتْلَفَتْهُ أَوْ أَعْطَتْهُ غَيْرَهَا لَمْ تَسْقُطْ وَبِأَنَّهَا إذَا أَكَلَتْ مَعَهُ دُونَ الْكِفَايَةِ لَمْ تَسْقُطْ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْكُلِّ أَوْ بِالتَّفَاوُتِ فَقَطْ؟ . فِيهِ نَظَرٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَكَلَتْهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَتَنَازَعَا فِي قَدْرِهِ رُجِّحَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِهَا وَخَرَجَ بِرِضَاهَا مَا لَوْ أَكَلَتْ بِدُونِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا فَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا الْأَكْلَ مَعَهُ مَعَ التَّمْلِيكِ وَدُونِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَقَوْلُهُمْ مَعَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَيْسَ بِقَيْدٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً وَلَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا (فَلَا) تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِذَلِكَ وَالزَّوْجُ مُتَطَوِّعٌ وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَأَفْتَى بِسُقُوطِهَا بِهِ قَالَ، وَمَا قَيَّدَهُ النَّوَوِيُّ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ فِي الْأَمَةِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الْحُرَّةِ، أَمَّا الْأَمَةُ إذَا أَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ رِضَا السَّيِّدِ الْمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ بِذَلِكَ دُونَ رِضَاهَا كَالْحُرَّةِ الْمَحْجُورَةِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالرَّشِيدَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْبَالِغَةِ (فَرْعٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَتْ قَصَدْت التَّبَرُّعَ فَقَالَ بَلْ قَصَدْت أَنْ يَكُونَ عَنْ النَّفَقَةِ قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا وَادَّعَتْ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْهَدِيَّةَ، وَقَالَ بَلْ قَصَدْت الْمَهْرَ (وَلَوْ اعْتَاضَتْ) عَنْ نَفَقَتِهَا (دَقِيقَ الْحَبِّ وَالْوَاجِبِ) خَبْزُهُ أَوْ سَوِيقُهُ (لَمْ يَجُزْ لِلرِّبَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ اعْتَاضَتْ عَنْهَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ ثِيَابًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ كَانَ الْوَاجِبُ بُرًّا أَوْ عَكْسَهُ أَوْ نَحْوَهَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِهَا فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنٍ، وَلَا رِبَا فَجَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا كَدَيْنِ الْقَرْضِ وَاحْتَرَزُوا بِالِاسْتِقْرَارِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَبِكَوْنِهِ لِمُعَيَّنٍ عَنْ طَعَامِ الْكَفَّارَةِ. وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا لِاحْتِمَالِ سُقُوطِهَا بِنُشُوزٍ وَفِيهِ وَقْعَةٌ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ فِيمَا مَرَّ لِلرِّبَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ رِفْقًا، وَمُسَامَحَةً فَالْمُخْتَارُ جَعْلُهُ اسْتِيفَاءً لَا مُعَاوَضَةً وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَالَ وَيَقْوَى الْقَوْلُ بِهِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِغَيْرِ صِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ سُقُوطِ النَّفَقَةِ بِالْأَكْلِ مَعَهُ عَلَى الْعَادَةِ (وَلَوْ قَبَضَتْ نَفَقَةَ أَيَّامٍ مَلَكَتْهَا) كَالْأُجْرَةِ وَالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ (فَإِنْ مَاتَتْ) أَوْ مَاتَ (أَوْ بَانَتْ) بَعْدَ قَبْضِهَا نَفَقَةَ أَيَّامٍ فِي أَثْنَائِهَا (اسْتَرَدَّ نَفَقَةَ مَا بَعْدَ يَوْمِ الْمَوْتِ وَالْإِبَانَةِ) كَالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ (وَيَسْتَرِدُّ) فِيمَا إذَا قَبَضَتْ نَفَقَةَ يَوْمٍ أَوْ كِسْوَةَ فَصْلٍ (بِالنُّشُوزِ) مِنْهَا أَيْ الْخُرُوجِ عَنْ طَاعَةِ الزَّوْجِ (فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ) أَوْ اللَّيْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي (نَفَقَتَهُ أَوْ) فِي أَثْنَاءِ (الْفَصْلِ كِسْوَتَهُ) زَجْرًا لَهَا، وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا بِمَوْتِهَا وَطَلَاقِهَا) ، وَمَوْتِهِ وَبَيْنُونَتِهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَلَا يَسْتَرِدُّ ذَلِكَ لِوُجُوبِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ أَوْ الْفَصْلِ فَلَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ. (فَصْلٌ) تَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ (لِكُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كِسْوَةٌ وَتُجَدَّدُ صَيْفًا وَشِتَاءً) كِسْوَةُ الصَّيْفِ لِلصَّيْفِ وَكِسْوَةُ الشِّتَاءِ لِلشِّتَاءِ فَتُعْطَاهَا أَوَّلَ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْعُرْفِ فَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ أَحَدِهِمَا فَحُكْمُهُ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ النَّفَقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ الْآتِي (لَا مَا يَدُومُ) سَنَةً فَأَكْثَرَ (كَالْفُرُشِ وَالْجُبَّةِ) أَيْ جُبَّةِ الْخَزِّ أَوْ الْإِبْرَيْسَمِ (فَتُجَدَّدُ إنْ تَلِفَتْ) الْأَوْلَى إنْ تَلِفَ (أَوْ تَطَرَّى) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ تُصْلَحُ (لِلْعَادَةِ فَلَوْ تَلِفَتْ الْكِسْوَةُ) أَوْ تَمَزَّقَتْ فِي يَدِهَا (قَبْلَ) مُضِيِّ (الْفَصْلِ) وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهَا (أَوْ بَقِيَتْ بَعْدَهُ) لِرِفْقِهَا بِهَا (لَمْ يُؤَثِّرْ) فِي الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدُهَا فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَفَّى مَا عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ فِي الْأَخِيرَةِ لِتَجَدُّدِ الْمُوجِبِ، وَهُوَ الْفَصْلُ الثَّانِي (وَيَجِبُ) لَهَا فِي الْكِسْوَةِ (الثِّيَابُ لَا قِيمَتُهَا وَعَلَيْهِ خِيَاطَتُهَا وَلَهَا بَيْعُهَا) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهَا (وَلَوْ لَبِسَتْ دُونَهَا مَنَعَهَا) ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَجَمُّلِهَا (وَتَثْبُتُ الْكِسْوَةُ فِي الذِّمَّةِ) إذَا مَضَتْ عَلَيْهَا مُدَّةٌ وَلَمْ يَكْسُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِيكٌ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي مُسْقِطَاتِ النَّفَقَةِ) وَمَا فِي مَعْنَاهَا (لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِالْعَقْدِ) ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةُ الْجُمْلَةِ وَالْعَقْدُ لَا يُوجِبُ مَالًا مَجْهُولًا؛ وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمَهْرَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهَا إذَا أَكَلَتْ مَعَهُ دُونَ الْكِفَايَةِ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ تَأْكُلُ مَعَهُ أَقَلَّ مِنْ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ لَهَا بِمِقْدَارٍ مَقْصُودٍ فِي الْعَادَةِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ إذْنَ الْوَلِيِّ فِي ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الزَّائِدَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ فِيمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ إلَّا أَنْ يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَرْكِ الْمُضَايَقَةِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجُ مُتَطَوِّعٌ) فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِمَّا أَكَلَتْهُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ جَعْلَهُ عِوَضًا عَنْ نَفَقَتِهَا، وَمَثِيلُ نَفَقَتِهَا فِيمَا ذُكِرَ كِسْوَتُهَا (قَوْلُهُ: فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ رِضَا السَّيِّدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ) تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُهُ وَبِهِ أَفْتَيْتُ. (قَوْلُهُ: لَا بِمَوْتِهَا وَطَلَاقِهَا إلَخْ) سَكَتَ عَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهَا قَالَ فِي الْقُوتِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا حَصَلَ الْمَوْتُ أَوْ الْبَيْنُونَةُ بِالطَّلَاقِ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ قَبْلَ قَبْضِهَا الْكِسْوَةَ هَلْ يَكُونُ كَمَا لَوْ وَقَعَ بَعْدَ قَبْضِهَا فَتَسْتَحِقُّ الْجَمِيعَ أَوْ تَسْتَحِقُّ بِالْقِسْطِ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْبَالِسِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ، وَقَالَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَجِبُ بِالْقِسْطِ وَتُوَزَّعُ عَلَى أَيَّامِ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ثُمَّ يُطَلِّقَ فِي يَوْمِهِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ كِسْوَةُ فَصْلٍ كَامِلٍ، وَكَذَلِكَ نَقَلَهُ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْقَمُولِيُّ عَنْ شَرْحِ الْإِيضَاحِ لِلصَّيْمَرِيِّ، وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ كِسْوَةً كَامِلَةً، وَفِي تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَلَكِنَّ عَمَلَ الْحُكَّامِ عَلَى التَّقْسِيطِ. اهـ. وَجَرَى الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَعْنَى ذَلِكَ وَحَكَى بَعْضُهُمْ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ مَا يَقْتَضِي الْكُلَّ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي مُسْقِطَاتِ النَّفَقَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي مُسْقِطَاتِ النَّفَقَةِ) (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمَهْرَ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْمَهْرَ لَمَّا وَجَبَ بِالْعَقْدِ فَقَطْ لَمْ يَسْقُطْ بِالنُّشُوزِ فَلَوْ كَانَتْ النَّفَقَةُ تَجِبُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 وَهُوَ لَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِهِ (بَلْ بِالتَّمْكِينِ) يَوْمًا فَيَوْمًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَوْ حَصَلَ الْعَقْدُ وَالتَّمْكِينُ وَقْتَ الْغُرُوبِ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُهَا بِالْغُرُوبِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ وَقْتَ الظُّهْرِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُهَا كَذَلِكَ مِنْ حِينَئِذٍ (وَالْقَوْلُ) فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّمْكِينِ فَقَالَتْ مَكَّنْت مِنْ وَقْتِ كَذَا، وَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ (قَوْلُهُ فِيهِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (لَا فِي الْإِنْفَاقِ) عَلَيْهَا (وَ) لَا فِي (النُّشُوزِ) مِنْهَا بَلْ الْقَوْلُ فِيهِمَا قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا عِنْدَهَا أَوْ غَائِبًا عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا فِيهِمَا وَبَقَاءُ التَّمْكِينِ فِي الثَّانِيَةِ (فَلَا تَجِبُ) النَّفَقَةُ (لَهَا وَلَا لِنَاشِزَةٍ أَطَاعَتْ حَتَّى تَعْرِضَ) ، وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ (نَفْسَهَا عَلَى الزَّوْجِ) وَلَوْ بِأَنْ تَبْعَثَ إلَيْهِ أَنِّي مُسَلِّمَةٌ نَفْسِي إلَيْك (أَوْ يَعْرِضَ الْوَلِيُّ الْمُرَاهِقَةَ أَوْ الْمَجْنُونَةَ عَلَيْهِ) وَلَوْ بِالْبَعْثِ إلَيْهِ لِحُصُولِ التَّمْكِينِ بِذَلِكَ نَعَمْ لَوْ قَالَ أُصَدِّقُ الْمُخْبِرَ، وَكَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ. فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ (فَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهَا فَحَتَّى) أَيْ فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا حَتَّى (يُعْلِمَهُ الْقَاضِي) بِأَنْ تَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضِي بَلَدِهَا وَتُظْهِرَ لَهُ التَّسْلِيمَ لِيُرْسِلَ إلَى قَاضِي بَلَدِ الزَّوْجِ فَيُحْضِرَهُ وَيُعْلِمَهُ بِالْحَالِ (وَيَمْضِيَ زَمَنُ وُصُولِهِ لِلتَّسْلِيمِ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ إذْ بِذَلِكَ يَحْصُلُ التَّمْكِينُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَمَضَى زَمَنُ الْوُصُولِ إلَيْهَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَتَهَا فِي مَالِهِ وَجُعِلَ كَالْمُتَسَلِّمِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ وَفَارَقَتْ الْمُرْتَدَّةَ حَيْثُ تَعُودَ نَفَقَتُهَا بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا بِأَنَّ نَفَقَتَهَا سَقَطَتْ لِرِدَّتِهَا فَإِذَا أَسْلَمَتْ ارْتَفَعَ الْمُسْقِطُ فَعَمِلَ الْمُوجِبُ عَمَلَهُ وَالنَّاشِزَةُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَةِ الزَّوْجِ وَطَاعَتِهِ، وَإِنَّمَا تَعُودُ إذَا عَادَتْ إلَى قَبْضَتِهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ فِي غَيْبَتِهِ إلَّا بِمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْفَرْقُ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا لَوْ نَشَزَتْ فِي الْمَنْزِلِ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ بَلْ مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا فَغَابَ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ وَحَاصِلُ ذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ النُّشُوزِ الْجَلِيِّ وَالنُّشُوزِ الْخَفِيِّ (فَإِنْ جُهِلَ مَوْضِعُهُ كَتَبَ الْحَاكِمُ إلَى الْحُكَّامِ الَّتِي) الْأَنْسَبُ الَّذِينَ (تَرِدُ عَلَيْهِمْ الْقَوَافِلُ مِنْ بَلَدِهِ) عَادَةً (لِيُنَادِيَ بِاسْمِهِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْحَالَيْنِ) أَيْ حَالَيْ عِلْمِ مَوْضِعِهِ وَجَهْلِهِ (أَنْفَقَهَا) الْقَاضِي أَيْ أَعْطَاهَا نَفَقَتَهَا (مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ، وَكَفَلَتْ) أَيْ أَخَذَ مِنْهَا كَفِيلٌ بِمَا يُصْرَفُ إلَيْهَا (إنْ جُهِلَ مَوْضِعُهُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ) أَوْ طَلَاقِهِ (وَتَسْلِيمُ الْمُرَاهِقَةِ) نَفْسَهَا إلَى الزَّوْجِ (وَتَسَلُّمُهَا) أَيْ تَسَلُّمُ الزَّوْجِ لَهَا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا كَافٍ لِحُصُولِ التَّمْكِينِ (لَا عَرْضُ نَفْسِهَا) فَلَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَرْضِ وَلِيِّهَا كَمَا مَرَّ (وَتَسَلُّمُ الْمُرَاهِقِ) زَوْجَتَهُ (كَافٍ، وَإِنْ كَرِهَ الْوَلِيُّ بِخِلَافِ) تَسَلُّمِهِ الْمَبِيعَ فِي (الْبَيْعِ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ أَنْ تَصِيرَ الْيَدُ لِلْمُشْتَرِي، وَهِيَ لِلْوَلِيِّ فِيمَا اشْتَرَاهُ لِلْمُرَاهِقِ لَا لَهُ. (فَصْلٌ: وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِنُشُوزِ عَاقِلَةٍ، وَمَجْنُونَةٍ) بَعْدَ التَّمْكِينِ (وَلَوْ نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ أَوْ بَعْضَ أَحَدِهِمَا) أَوْ قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى رَدِّهَا إلَى الطَّاعَةِ قَهْرًا؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهَا حَقَّ الْحَبْسِ فِي مُقَابَلَةِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ فَإِذَا نَشَزَتْ عَلَيْهِ سَقَطَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ، وَإِنَّمَا سَقَطَتْ كُلُّهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأْ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُسَلَّمُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلَا تُفَرَّقُ غَدْوَةً وَعَشِيَّةً، وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ نُشُوزِهَا فِي بَعْضِ اللَّيْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَ) تَسْقُطُ (بِالِامْتِنَاعِ مِنْ التَّمْكِينِ) وَلَوْ (فِي مَكَان   [حاشية الرملي الكبير] بِهِ لَمْ تَسْقُطْ بِالنُّشُوزِ، وَلَوْ وَجَبَتْ بِمُجَرَّدِ التَّمْكِينِ لَوَجَبَتْ لِلْمَوْطُوءَةِ بِالشُّبْهَةِ إذَا مَكَّنَتْ، وَهِيَ لَا تَجِبُ اتِّفَاقًا فَدُلَّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ: بَلْ بِالتَّمْكِينِ) قَيَّدَهُ فِي التَّنْبِيهِ بِالتَّمْكِينِ التَّامِّ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا سَلَّمَ الْأَمَةَ لَيْلًا لَا نَهَارًا أَوْ لِلْحُرَّةِ نَفْسَهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْمَنْزِلِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْبَيْتِ الْفُلَانِيِّ لَا غَيْرُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى تَمْكِينًا، وَهَلْ يُحْتَاجُ لِذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى الْبَائِنِ الْحَامِلِ أَمْ يَسْتَمِرُّ الْوُجُوبُ اسْتِصْحَابًا لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ لَمْ تُسَلِّمْ نَفْسَهَا، وَلَا سَلَّمَهَا الْوَلِيُّ بَلْ قَهَرَهَا وَعَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ قَطْعًا، قَالَ الْإِمَامُ: وَالتَّمْكِينُ أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ أَوْ أَهْلُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا مَتَى أَدَّيْت الصَّدَاقَ دَفَعْنَاهَا إلَيْهِ وَحُكِيَ نَحْوُهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَهَلْ لَهُ إسْكَانُهَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَجَوَازُ امْتِنَاعِهَا تَسْلِيمَ نَفْسِهَا، وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يُسْقِطُ عَنْهَا مَا لِلزَّوْجِ مِنْ حَقِّ حَبْسِ الْمَسْكَنِ (قَوْلُهُ:، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَحَتَّى يُعْلِمَهُ الْقَاضِي) قَالَ الْإِمَامُ: نَفَقَتُهَا وَلَسْت أَرَى الْإِعْلَامَ مَقْصُورًا عَلَى الْقَاضِي، وَلَوْ حَصَلَ الْإِعْلَامُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكْفِيَ، وَلَكِنَّ فَحَوَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِعَوْدِهَا إلَى الطَّاعَةِ، وَهَذَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُهُ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّهْذِيبِ مَا أَبْدَاهُ الْإِمَامُ أَوْ نَحْوُهُ فَإِنَّهُ عَلَّقَ الْحُكْمَ بِوُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِقَاضٍ وَلَا حُكْمٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ مِنْ مَقْبُولِ الْخَبَرِ، وَهَلْ يَكْفِي بُلُوغُهُ ذَلِكَ مِمَّنْ يُصَدِّقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا فِيهِ نَظَرٌ وَسَبَقَ فِي الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا كَلَامٌ يُحْتَمَلُ مَجِيئَةُ هُنَا. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا مِنْ كِتَابِ الْقَاضِي لَمْ يُصَرِّحُوا فِيهِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي كِتَابِ قَاضٍ إلَى قَاضٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءَ مِنْهُمْ بِالْمُرَاسَلَةِ حَتَّى لَوْ بَعَثَ إلَيْهِ مُشَافَهَةً مَعَ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ كَفَى إذْ الْغَرَضُ إطْلَاعُ الزَّوْجِ عَلَى طَاعَتِهَا، وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الْمَقْصُودُ إيصَالُ الْعِلْمِ بِزَوْجِهَا وَعَوْدِهَا إلَى الطَّاعَةِ سَوَاءٌ حَصَلَ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَيْهِ أَوْ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ لَكِنَّهُ بِكِتَابِ الْقَاضِي آكَدُ، وَأَثْبَتُ هَكَذَا ظَهَرَ ثُمَّ وَجَدْته مُصَرَّحًا بِهِ فِي كِتَابِ الْغَايَةِ فِي اخْتِصَارِ النِّهَايَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُكْمِ، وَهُوَ بَعِيدٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَمَضَى زَمَنُ الْوُصُولِ إلَيْهِ فَرَضَ الْقَاضِي إلَخْ) ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَجِيءِ، وَالتَّوْكِيلِ لَمْ يَفْرِضْهَا الْقَاضِي كَمَا نُقِلَ عَنْ جَمْعٍ. (قَوْلُهُ: الْأَنْسَبُ الَّذِينَ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. [فَصْلٌ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِنُشُوزِ عَاقِلَةٍ وَمَجْنُونَةٍ] النَّفَقَةُ بِنُشُوزِ عَاقِلَةٍ وَمَجْنُونَةٍ (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ إلَخْ) بِمَعْنَى لَمْ تَجِبْ إذْ السُّقُوطُ حَقِيقَةً إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَبِالِامْتِنَاعِ مِنْ التَّمْكِينِ) أَيْ اللَّازِمِ كَالْوَطْءِ وَسَائِرِ التَّمَتُّعَاتِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 عَيَّنَهُ) لِعَدَمِ التَّمْكِينِ التَّامِّ (وَتُعْذَرُ فِي الِامْتِنَاعِ) مِنْ التَّمْكِينِ (لِمَرَضٍ) تَتَضَرَّرُ بِهِ مَعَهُ (وَكَذَا) فِي الِامْتِنَاعِ مِنْهُ (لِعَبَالَةٍ) فِيهِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَوْ كِبَرٍ ذَكَرَهُ بِحَيْثُ (لَا تَحْتَمِلُهَا) فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِذَلِكَ إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ حَصَلَ التَّسْلِيمُ الْمُمَكِّنُ وَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ (وَتَثْبُتُ) عَبَالَتُهُ (بِالنِّسْوَةِ) الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ يَسْقُطُ بِهَا حَقُّ الزَّوْجِ (وَلَهُنَّ نَظَرُ الْعَبْلِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْبَاءِ أَيْ كِبَرِ الذَّكَرِ وَالْمُرَادُ نَظَرُ ذَكَرِهِ (فِي) حَالَةِ الْإِجْمَاعِ (لِلشَّهَادَةِ) بِذَلِكَ وَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الزِّفَافِ لِعَبَالَتِهِ لَهَا ذَلِكَ بِالْمَرَضِ فَإِنَّهُ مُتَوَقَّعُ الزَّوَالِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَرْعٌ: وَإِذَا جَوَّزَنَا لَهَا حَبْسَ نَفْسِهَا بِصَدَاقٍ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي الصَّدَاقِ) ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ حَالًّا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا (اسْتَحَقَّتْ نَفَقَتَهُ) الْأَوْلَى نَفَقَتُهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ. (فَرْعٌ: وَخُرُوجُهَا) مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا لِسَفَرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ وَلَوْ غَصْبًا (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (نُشُوزٌ) لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَتِهِ؛ وَلِأَنَّ لَهُ عَلَيْهَا حَقَّ الْحَبْسِ فِي مُقَابَلَةِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ (لَا) خُرُوجُهَا (لِخَوْفٍ) مِنْ انْهِدَامِ الْمَنْزِلِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ أُخْرِجَتْ مِنْ غَيْرِ بَيْتِ الزَّوْجِ أَوْ خَرَجَتْ لِاسْتِفْتَاءٍ) لَمْ يُغْنِهَا الزَّوْجُ عَنْ خُرُوجِهَا لَهُ (أَوْ زِيَارَةٍ) أَوْ عِيَادَةِ (أَبَوَيْنِ) أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْمَحَارِمِ لَا عَلَى وَجْهِ النُّشُوزِ (وَالزَّوْجُ غَائِبٌ) أَوْ لِنَحْوِهَا مِمَّا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ كَخُرُوجِهَا لِطَلَبِ حَقِّهَا مِنْهُ فَلَيْسَ بِنُشُوزٍ لِعُذْرِهَا وَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ لِمَوْتِ أَبِيهَا وَلَا لِشُهُودِ جِنَازَتِهِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْحَمَوِيُّ شَارِحِ التَّنْبِيهِ، وَأَقَرَّهُ وَذِكْرُ خُرُوجِهَا لِلِاسْتِفْتَاءِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَسَفَرُهَا) وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ (مُسْقِطٌ لِلنَّفَقَةِ) لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَتِهِ، وَإِقْبَالِهَا عَلَى شَأْنِهَا (إلَّا إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مَعَهَا) وَلَوْ فِي حَاجَتِهَا أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا (أَوْ) خَرَجَتْ وَحْدَهَا (بِإِذْنِهِ فِي حَاجَتِهِ) فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّهَا فِي الْأُولَى مُمَكِّنَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ هُوَ الَّذِي أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَرَضِهِ لَكِنَّهَا تَعْصِي فِيمَا إذَا خَرَجَتْ مَعَهُ بِلَا إذْنٍ نَعَمْ إنْ مَنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ فَخَرَجَتْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَفَقُّهًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ لُزُومِ نَفَقَتِهَا فِيمَا إذَا سَافَرَتْ مَعَهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ زِيَادَتِهِ بَلْ كَلَامُ أَصْلِهِ يَقْتَضِي عَكْسَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ وَحْدَهَا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِمَا مَعًا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا، وَهُوَ مَا بَحَثَهُ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْذًا مِمَّا رَجَّحُوهُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ فِيمَا إذَا ارْتَدَّا مَعًا قَبْلَ الْوَطْءِ وَاَلَّذِي بَحَثَهُ غَيْرُهُ عَدَمُ سُقُوطِهَا أَخْذًا مِنْ الْمُرَجَّحِ فِي الْإِيمَانِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ خَرَجْت لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهَا وَلِغَيْرِهَا، وَهُوَ أَوْجَهُ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ مُتَدَافِعٌ. (فَرْعٌ لَا يُسْقِطُهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ الْجِمَاعَ) عَادَةً (كَمَرَضٍ وَرَتَقٍ) ، وَقَرْنٍ (وَضَنًا) بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ أَيْ مَرَضٍ مُدْنِفٍ (وَحَيْضٍ) وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ، وَإِنْ قَارَنَتْ تَسْلِيمَ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا أَعْذَارٌ بَعْضُهَا يَطْرَأُ أَوْ يَزُولُ وَبَعْضُهَا دَائِمٌ، وَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِيهَا، وَقَدْ حَصَلَ التَّسْلِيمُ الْمُمَكِّنِ، وَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَفَارَقَ مَا لَوْ غُصِبَتْ بِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَةِ الزَّوْجِ وَفَوَاتِ التَّمَتُّعِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِالْحَبْسِ) لَهَا (وَلَوْ ظُلْمًا) كَمَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَاعْتَدَّتْ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ كِتَابِ التَّفْلِيسِ مَعَ زِيَادَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَا هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ حَبَسَهَا الزَّوْجُ بِدَيْنِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَسْقُطَ نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قِبَلِهِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا إنْ مَنَعَتْهُ مِنْهُ عِنَادًا سَقَطَتْ أَوْ لِإِعْسَارٍ فَلَا. (فَصْلٌ: لَا نَفَقَةَ لِطِفْلَةٍ) لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ لِتَعَذُّرِهِ لِمَعْنًى فِيهَا كَالنَّاشِزَةِ بِخِلَافِ الْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ فَإِنَّ الْمَرَضَ يَطْرَأُ أَوْ يَزُولُ وَالرَّتْقُ مَانِعٌ دَائِمٌ قَدْ رَضِيَ بِهِ وَيَشُقُّ مَعَهُ تَرْكُ النَّفَقَةِ مَعَ أَنَّ التَّمَتُّعَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ لَا يَفُوتُ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ (وَتَلْزَمُ) النَّفَقَةُ (الطِّفْلَ لِكَبِيرَةٍ بِالْعَرْضِ) لَهَا (عَلَى وَلِيِّهِ) أَوْ تَسَلُّمِهِ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ مِنْهُ الْوَطْءُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّمْكِينِ التَّامِّ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ قَالَتْ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا أُمَكِّنُك مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ إلَّا بَعْدَ قَبْضِي حَالًّا صَدَاقِي كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ لِمَوْتِ أَبِيهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا) أَوْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا، وَلَمْ يَرُدَّهَا (قَوْلُهُ: سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ تَفَقُّهًا) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا دَامَ لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا فِي ذَلِكَ السَّفَرِ فَإِنْ اسْتَمْتَعَ بِهَا اتَّجَهَ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا إنْ غَيَّرَهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُرَادًا) إذْ جَزَمَا فِي قَسَمِ الصَّدَقَاتِ بِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا بَحَثَهُ ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ) قَالَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهِ الْمُقْتَضِي، وَالْمَانِعُ فَقُدِّمَ الْمَانِعُ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي بَحَثَهُ غَيْرُهُ عَدَمُ سُقُوطِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْجُهُ إلَخْ) لِاتِّحَادِ الْفِعْلِ، وَهُوَ الْخُرُوجُ لِلْغَرَضَيْنِ فِي مَسْأَلَتِنَا مَعَ مَا احْتَجُّوا بِهِ بِخِلَافِهِ فِيهَا مَعَ مَا احْتَجَّ هُوَ بِهِ عَلَى أَنَّ مَا احْتَجَّ بِهِ لَا يُنَافِي عَدَمَ سُقُوطِ نَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِهَا خَالِيًا مِنْ الْمَانِعِ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَالْأَصْلُ هُنَا بَعْدَ التَّمْكِينِ عَدَمُ سُقُوطِ النَّفَقَةِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُقْتَضِي لِسُقُوطِهَا خَالِيًا مِنْ الْمَانِعِ، وَلَمْ يُوجَدْ إذْ الْمُقْتَضِي لِسُقُوطِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ خُرُوجُهَا لِغَرَضِهَا وَحْدَهُ. (تَنْبِيهٌ) فِي جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ أَنَّهَا إنْ امْتَنَعَتْ مِنْ النَّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ إلَّا إذَا كَانَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فِي زَمَنِ الِامْتِنَاعِ. اهـ. وَفِي الْحَاوِي وَأَمَّا التَّمْكِينُ فَيَشْتَمِلُ عَلَى أَمْرَيْنِ لَا بُدَّ لَا يَتِمَّ إلَّا بِهِمَا أَحَدِهِمَا تَمْكِينُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَالثَّانِي تَمْكِينُهُ مِنْ النَّقْلَةِ مَعَهُ حَيْثُ شَاءَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا فِيهِ، وَإِلَى غَيْرِهِ مِنْ الْبِلَادِ إذَا كَانَتْ السَّبِيلُ مَأْمُونَةً فَلَوْ مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا، وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ النَّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ لَمْ يَكْمُلْ إلَّا أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا فِي زَمَانِ الِامْتِنَاعِ مِنْ النَّقْلَةِ فَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ، وَيَصِيرُ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا عَفْوًا عَنْ النَّقْلَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا إنْ مَنَعَتْهُ مِنْهُ عِنَادًا أَسْقَطَتْ إلَخْ) الْأَقْرَبُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ سُقُوطِهَا مُطْلَقًا. [فَصْلٌ لَا نَفَقَةَ لِطِفْلَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: لَا نَفَقَةَ لِطِفْلَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ إلَخْ) ، وَقَالَ الْبَارِزِيُّ الْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ، وَالصَّغِيرَةِ مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ، وَلَا يُتَلَذَّذُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 إذْ لَا مَنْعَ مِنْ جِهَتِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا إلَى كَبِيرٍ فَهَرَبَ. (فَصْلٌ) لَوْ (أَحْرَمَتْ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ مُطْلَقًا (بِإِذْنِهِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا) إنْ كَانَتْ (مُقِيمَةً، وَكَذَا إنْ سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَهُوَ مَعَهَا لِإِذْنِهِ) لَهَا (فِي الْإِحْرَامِ) ، وَهِيَ فِي قَبْضَتِهِ وَتَفْوِيتِ التَّمَتُّعِ بِسَبَبٍ أَذِنَ فِيهِ وَلَا أَثَرَ لِنَهْيِهِ عَنْ الْخُرُوجِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي الْإِحْرَامِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا (فَلَا) تَجِبُ نَفَقَتُهَا بَلْ تَسْقُطُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي السَّفَرِ (وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (وَلَمْ تُسَافِرْ أَنْفَقَ) عَلَيْهَا (إذْ لَهُ تَحْلِيلُهَا) ، وَهِيَ فِي قَبْضَتِهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ (فَإِنْ سَافَرَتْ دُونَهُ سَقَطَتْ) نَفَقَتُهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا سَافَرَ مَعَهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا (وَلَا يُسْقِطُهَا عَدَمُ الْإِذْنِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِنْ كَانَا فِي السَّفَرِ، وَكَانَ الصَّوْمُ أَفْضَلَ عَلَى الْمُتَّجَهِ خِلَافًا لِمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْهُ. (وَ) لَا فِي (قَضَائِهِ إنْ تَضَيَّقَ) عَلَيْهَا الْوَقْتُ (وَلَوْ) تَضَيَّقَ (لِلتَّعَدِّي) مِنْهَا بِالْإِفْطَارِ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ (فَإِنْ تَوَسَّعَ الْوَقْتُ سَقَطَتْ كُلُّهَا) إنْ مَنَعَهَا فَلَمْ تَمْتَنِعْ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَهَذَا عَلَى التَّرَاخِي (وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إتْمَامِهِ) أَيْ صَوْمِ الْقَضَاءِ الْمُوَسَّعِ (وَإِتْمَامِ قَضَاءِ صَلَاةٍ مُوَسَّعٍ) إذَا شَرَعَتْ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ (كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ) وَلِمَا ذَكَرَ آنِفًا، وَكَمَا أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى ذَلِكَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْمَنْعُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ مُطْلَقًا، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ إذَا أَرَادَ التَّمَتُّعَ قَالَ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ. (فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ الْإِفْطَارِ) وَلَوْ آخِرَ النَّهَارِ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) لِامْتِنَاعِهَا مِنْ التَّمْكِينِ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا كَمُتَحَيِّرَةٍ، وَمَنْ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا صَائِمَةً فَلَهَا الْإِتْمَامُ وَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا) بِهِ، وَقَدْ زُفَّتْ إلَيْهِ (وَجْهَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَرْجَحُهُمَا السُّقُوطُ بَلْ هُوَ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ أَفْضَلُ عِنْدَ طَلَبِهِ التَّمَتُّعَ. (وَتَسْقُطُ بِالِاعْتِكَافِ) لِمَا مَرَّ فِي امْتِنَاعِهَا مِنْ الْإِفْطَارِ (إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْ زَوْجِهَا (وَهُوَ مَعَهَا) ؛ لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ (أَوْ) بِغَيْرِ إذْنِهِ لَكِنْ اعْتَكَفَ (بِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ سَابِقٍ لِلنِّكَاحِ) فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا فَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ اعْتَكَفَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَانَ الِاعْتِكَافُ تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا مُطْلَقًا أَوْ مُعَيَّنًا مُتَأَخِّرًا عَنْ النِّكَاحِ أَوْ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا (وَيَمْنَعُهَا مِنْ مَنْذُورٍ وَصَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ مُطْلَقٍ) سَوَاءٌ أَنَذَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ أَمْ بَعْدَهُ وَلَوْ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ مُوَسَّعٌ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّافِعِيَّ جَزَمَ فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ بِأَنَّهَا لَوْ نَذَرَتْ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَخَلَتْ فِيهِ بِإِذْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَعَلَّلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي نَذْرِ الصَّوْمِ الْمُتَتَابِعِ فَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاؤُهُ هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْمَنْذُورِ الْمُطْلَقِ قَبْلَ النِّكَاحِ فِيهِ نَظَرٌ إذَا خَافَتْ الْفَوْتَ بِالْمَوْتِ أَوْ بِمَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ (وَكَذَا) يَمْنَعُهَا مِنْ مَنْذُورٍ (مُعَيَّنٍ نَذَرَتْهُ بَعْدَ النِّكَاحِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا بِالنَّذْرِ مَنَعَتْ حَقَّهُ السَّابِقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الثَّانِيَةِ وَلِتَعْيِينِ وَقْتِهِ فِي الْأُولَى مَعَ تَقَدُّمِ وُجُوبِهِ عَلَى حَقِّ الزَّوْجِ (وَ) يَمْنَعُهَا (مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي أَيْ إنْ لَمْ تَعْصِ بِسَبَبِهِ (وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ) صَلَاةِ (سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ) لِتَأَكُّدِهَا بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ (وَ) لَا (مِنْ تَعْجِيلِ مَكْتُوبَةٍ) أَوَّلَ الْوَقْتِ لِمَا فِي فِعْلِهَا فِيهِ مِنْ الْفَضِيلَةِ؛ وَلِأَنَّ زَمَنَهَا ضَيِّقٌ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ نَعَمْ إنْ لَمْ يُنْدَبْ تَعْجِيلُهَا كَالْإِبْرَادِ فَيُشْبِهُ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا جَزْمًا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْنَعُهَا مِنْ تَعْجِيلِ الرَّاتِبَةِ مَعَ الْمَكْتُوبَةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ (وَيَمْنَعُهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْل أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَة هَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا] قَوْلُهُ: فَإِنْ سَافَرَتْ دُونَهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَرِدُ عَلَى إطْلَاقِهِ مَا لَوْ أَفْسَدَ حَجَّهَا الْمَأْذُونَ فِيهِ بِجِمَاعٍ فَإِنَّهَا تَقْضِيهِ عَلَى الْفَوْرِ فَلَهَا الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ الْخُرُوجَ وَنَفَقَتَهَا. اهـ. لَا يَرِدُ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ السَّابِقَ يَسْتَتْبِعُ الْإِذْنَ فِي هَذَا الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِنْ كَانَا فِي السَّفَرِ، وَكَانَ الصَّوْمُ أَفْضَلَ عَلَى الْمُتَّجَهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إتْمَامِهِ، وَإِتْمَامِ قَضَاءِ إلَخْ) هَلْ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَنْ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِصَوْمٍ أَوْ اعْتِكَافٍ، وَاجِبَيْنِ أَوْ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ مَرِيضًا مَرَضًا مُدْنِفًا لَا يُمْكِنُهُ الْوِقَاعُ أَوْ مَمْسُوحًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ كَانَتْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ هَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ قُوَّةُ كَلَامِهِمْ وَتَعْلِيلِهِمْ تُفْهِمُ إرَادَةَ الْأَوَّلِ لَا سِيَّمَا كَلَامَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ هَذَا كَالْغَائِبِ، وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ قَدْ يَقْدُمُ نَهَارًا فَيَطَأُ نَعَمْ يُلْمَحُ مَا إذَا كَانَ الصَّوْمُ يَضُرُّهَا أَوْ رَضِيعَهَا، وَلَمْ أَرَ شَيْئًا فِي زَوْجَةِ الْمَجْنُونِ الْمُطِيقِ لِلِاسْتِمْتَاعِ هَلْ يُقَالُ يَمْتَنِعُ عَلَى زَوْجَتِهِ صَوْمُ التَّطَوُّعِ مَعَ حُضُورِهِ أَوْ يَنُوبُ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ أَوْ يُقَالُ إنْ كَانَ الِاسْتِمْتَاعُ يَضُرُّهُ أَذِنَ لَهَا وَلِيُّهُ، وَإِنْ كَانَ يَنْفَعُهُ أَوْ لَا يَضُرُّهُ فَلَا، وَفِيهِ احْتِمَالٌ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَوْلُهُ: هَلْ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمِنْ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا عَادَةً؛ لِأَنَّهُ يَهَابُ انْتِهَاكَ الصَّوْمِ بِالْإِفْسَادِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ آخِرَ النَّهَارِ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَوْ كَانَ غَائِبًا فَقَدِمَ (قَوْلُهُ:، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَكِنْ اعْتَكَفَتْ بِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ سَابِقٍ لِلنِّكَاحِ إلَخْ) لَوْ نَذَرَتْ أَمَةٌ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا إذَا نَذَرَتْ قَبْلَ النِّكَاحِ صَوْمَ الدَّهْرِ فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ فِي الْغَرَائِبِ. وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ فِي ذِمَّتِهَا صَوْمًا مَنْذُورًا قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا إلَّا إذَا عَرَّفَتْهُ ذَلِكَ فِي حَالِ عَقْدِ النِّكَاحِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّهَا لَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً بِذَلِكَ سُمِعَتْ، وَأَنَّ الِاعْتِكَافَ كَالصَّوْمِ، وَكَذَا الْحَجُّ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاؤُهُ هُنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ إذَا خَافَتْ الْفَوْتَ بِالْمَوْتِ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مُرَادُهُمْ (قَوْلُهُ: وَيَمْنَعُهَا مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ) شَمِلَ إجْبَارَهَا عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْنَعُهَا إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 مِنْ تَطْوِيلِ الرَّوَاتِبِ وَ) مِنْ (صَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَنَحْوِهِمَا) كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ (لَا) مِنْ صَوْمِ (عَاشُورَاءَ وَعَرَفَةَ) كَمَا فِي رَوَاتِبِ الصَّلَاةِ (وَ) يَمْنَعُهَا (مِنْ الْخُرُوجِ لِعِيدٍ وَكُسُوفٍ لَا مِنْ فِعْلِهَا فِي الْبَيْتِ) . (فَصْلٌ) لَوْ (نَكَحَ مُسْتَأْجِرَةَ الْعَيْنِ سَقَطَتْ) أَيْ لَمْ تَجِبْ (نَفَقَتُهَا) وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْعَمَلِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ (وَفِي الْحَاوِي) لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَحْرِ لِلرُّويَانِيِّ (لَهُ الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ النِّكَاحِ (إنْ جَهِلَ) الْحَالَ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ عَلَيْهِ نَهَارًا مَعَ عُذْرِهِ (وَإِنْ رَضِيَ) (الْمُسْتَأْجِرُ بِتَمْكِينِهِ) مِنْهَا فِيهِ (لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ عَلَيْهِ وَوَعْدٌ لَا يَلْزَمُ) . وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ ثُبُوتَهُ غَرِيبٌ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ الْمَاوَرْدِيِّ وَسُقُوطُ نَفَقَتِهَا بِذَلِكَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ وَاسْتُشْكِلَ بِعَدَمِ سُقُوطِهَا بِنَذْرِهَا الصَّوْمَ أَوْ الِاعْتِكَافَ الْمُعَيَّنَ قَبْلَ النِّكَاحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْمُهَذَّبِ مُصَرِّحٌ بِعَدَمِ سُقُوطِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا وَجَعَلَهَا أَصْلًا لِمَسْأَلَةِ الِاعْتِكَافِ. انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي تَبِعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي تَهْذِيبِهِ فِي الْإِجَارَةِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هُنَا يَدًا حَائِلَةً بِخِلَافِ مَسْأَلَتَيْ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ. (فَصْلٌ: لِلرَّجْعِيَّةِ لَا لِلْبَائِنِ) الْحَائِلِ (مَا لِلزَّوْجَةِ) مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا لِبَقَاءِ حَبْسِ الزَّوْجِ لَهَا وَسَلْطَنَتِهِ، وَقُدْرَتِهِ عَلَى التَّمَتُّعِ بِهَا بِالرَّجْعَةِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ (سِوَى آلَةِ التَّنْظِيفِ) فَلَا تَجِبُ لَهَا لِامْتِنَاعِ الزَّوْجِ عَنْهَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ أَمَةً أَمْ حُرَّةً حَامِلًا أَوْ حَائِلًا نَعَمْ لَوْ تَأَذَّتْ بِالْهَوَامِّ لِلْوَسَخِ وَجَبَ لَهَا مَا تُرَفَّهُ بِهِ، كَمَا مَرَّ فِي الْخَادِمِ، ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا وَلَا يَسْقُطُ مَا وَجَبَ لَهَا إلَّا بِمَا يَسْقُطُ بِهِ مَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُهُ (حَتَّى تُقِرَّ) هِيَ (بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) بِوَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ فِي اسْتِمْرَارِ النَّفَقَةِ كَمَا تُصَدَّقُ فِي بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ (وَإِنْ ظَنَّ) بِهَا (حَمْلٌ فَأَنْفَقَ) عَلَيْهَا (وَبَانَتْ) بَعْدَ ذَلِكَ (حَائِلًا، وَأَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ اسْتَرَدَّ) مِنْهَا (مَا) أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا (بَعْدَ الْأَقْرَاءِ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي) قَدْرِ (مُدَّتِهَا) بِيَمِينِهَا إنْ كَذَّبَهَا وَبِدُونِهَا إنْ صَدَّقَهَا فَإِنْ جَهِلَتْ وَقْتَ انْقِضَائِهَا قَدَّرَتْ (بِعَادَتِهَا) حَيْضًا وَطُهْرًا إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَبِأَقَلِّهَا) تَعْتَبِرُ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِمَا زَادَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَهِيَ لَا تَدَّعِي زِيَادَةً عَلَيْهِ (فَإِنْ نَسِيَتْهَا فَبِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) تَعْتَبِرُ فَيَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَيْهَا أَخْذًا بِغَالِبِ الْعَادَاتِ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ النَّصِّ وَنُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَبِي الْفَرَجِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِهِ فَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَكِنْ اسْتَغْرَبَ الْأَذْرَعِيُّ النَّصَّ ثُمَّ قَالَ: وَالْمَحْكِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالسَّرَخْسِيِّ هُوَ مَا أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ الرَّازِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّهُ أَقْيَسُ لَكِنَّهُ خِلَافُ النَّصِّ. (وَيَسْتَرِدُّ) مِنْهَا الزَّوْجُ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ (إنْ انْتَفَى عَنْهُ الْوَلَدُ) الَّذِي أَتَتْ بِهِ (لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ) لِلُّحُوقِ بِهِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ (لَكِنَّهَا تُسْأَلُ) عَنْ الْوَلَدِ (فَقَدْ تَدَّعِي وَطْءَ شُبْهَةٍ) بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ (فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ وَالْحَمْلُ يَقْطَعُهَا كَالنَّفَقَةِ فَتُتِمُّهَا) أَيْ الْعِدَّةَ (بَعْدَ وَضْعِهِ وَيُنْفِقُ) عَلَيْهَا (تَتِمَّتَهَا) أَيْ الْعِدَّةَ، وَقَدْ تَدَّعِي وُقُوعَ ذَلِكَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ فَتَرُدُّ الْمَأْخُوذَ بَعْدَهَا لِاعْتِرَافِهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهَا (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِرَجْعِيَّةٍ) وَضَعَتْ وَلَدًا (طَلَّقْتُك قَبْلَ الْوَضْعِ) وَانْقَضَتْ عِدَّتُك بِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَك الْآنَ (فَقَالَتْ) بَلْ طَلَّقَنِي بَعْدَهُ فَلِي النَّفَقَةُ (وَجَبَتْ الْعِدَّةُ) عَلَيْهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِيهِ (وَالنَّفَقَةُ) لَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمَا وَبَقَاءُ النِّكَاحِ (وَسَقَطَتْ الرَّجْعَةُ) ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ بِزَعْمِهِ، وَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ قُبِلَ فِيمَا يَضُرُّهُ دُونَ مَا يَضُرُّ غَيْرَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بَيْعَ عَبْدٍ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي لُزُومِ الثَّمَنِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ اشْتَرَى (فَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ) فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَزْعُمُ هُوَ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فِيهِ (فَلَا مَهْرَ) عَلَيْهِ لَهَا (لِاعْتِرَافِهَا بِالنِّكَاحِ) وَالْوَطْءِ فِيهِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا بِالْعَكْسِ) فَقَالَ طَلَّقْتُك   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَا مِنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ) أَيْ وَتَاسُوعَاءَ، وَقَوْلُهُ: وَعَرَفَةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا اسْتَثْنَى مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ فِيمَا إذَا وَقَعَا فِي غَيْرِ أَيَّامِ الزِّفَافِ، وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا لَا مَحَالَةَ فِيمَا أَرَاهُ فَإِنَّهَا أَيَّامُ بِعَالٍ يُسْتَحَبُّ فِطْرُهَا كَمَا سَبَقَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الكوهكيلوني إنَّمَا مَثَّلَ فِي رَاتِبَةِ الصَّوْمِ بِعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ مَعَ أَنَّهُمَا مِمَّا لَا يَتَكَرَّرَانِ فِي كُلِّ سَنَة، وَلَمْ يَكْتَفِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِيُعْلَمَ أَنَّهُ يَحْصُلُ النُّشُوزُ بِمَا يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَسِتَّةِ شَوَّالٍ إنْ صَامَتْ بِمَنْعِهِ، وَيُوجِبُ سُقُوطَ النَّفَقَةِ، وَكَذَا بِمَا يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَأَيَّامِ الْبِيضِ أَوْ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ، وَالْخَمِيسِ، وَأَنَّ رَوَاتِبَ الصَّوْمِ تَنْحَصِرُ فِيهَا. [فَصْلٌ نَكَحَ مُسْتَأْجِرَةَ الْعَيْنِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا] (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هُنَا يَدًا حَائِلَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) هَلْ لَهُ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ عَلَى إزَالَةِ لِحْيَتِهَا إذَا كَانَ لَهَا لِحْيَةٌ؟ . يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ خَلِيَّةً هَلْ يَكُونُ كَالِاسْتِحْدَادِ وَشَعْرِ الْإِبْطِ أَمْ لَا، وَهَلْ فِي تَرْكِهَا نَوْعٌ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ الرَّجُلُ مِنْ أَكْلِ الْمُنْتِنِ عِنْدَ إرَادَةِ تَقْبِيلِهَا بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] فَقَدْ أَشَارَ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ فِي الْبَيَانِ قَالَ شَيْخُنَا: الْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ إجْبَارَهَا عَلَى إزَالَتِهَا كَالِاسْتِحْدَادِ حَيْثُ تَضَرَّرَ بِهَا، وَأَنَّ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ خَلِيَّةً كَشَعْرِ الْإِبْطِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا، وَلَا يَكُونُ بَقَاؤُهَا تَشَبُّهًا بِالرِّجَالِ إلَّا مَعَ الْقَصْدِ كَاتِبُهُ. [فَصْلٌ النَّفَقَةَ لِلرَّجْعِيَّةِ] (قَوْلُهُ: مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا) لَوْ كَانَتْ تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ عَادَ حَقُّهَا بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَإِذَا حَضَنَتْ الْوَلَدَ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْحَضَانَةِ فِي أَثْنَاءِ التَّعْلِيلِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَقَرَّهُ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ تَأَذَّتْ بِالْهَوَامِّ لِلْوَسَخِ وَجَبَ لَهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 بَعْدَ الْوَضْعِ فَلِي الرَّجْعَةُ فَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهُ، وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَلَا رَجْعَةَ لَك (فَلَهُ الرَّجْعَةُ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُصَدَّقُ فِي بَقَاءِ الْعِدَّةِ (وَلَا نَفَقَةَ لَهَا) لِزَعْمِهَا وَفِي هَذِهِ تَفْصِيلٌ مَرَّ فِي آخِرِ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ أَبْوَابِ الْعِدَّةِ. (فَصْلٌ: تَجِبُ) عَلَيْهِ (النَّفَقَةُ) الشَّامِلَةُ لِلْأُدْمِ (وَالْكِسْوَةِ لِحَامِلٍ بَائِنٍ بِطَلَاقٍ) ثَلَاثٍ (وَخُلْعٍ) لِآيَةِ {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: 6] وَلِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِمَائِهِ فَهُوَ مُسْتَمْتِعٌ بِرَحِمِهَا فَصَارَ كَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ إذْ النَّسْلُ مَقْصُودٌ بِالنِّكَاحِ كَمَا أَنَّ الْوَطْءَ مَقْصُودٌ بِهِ (لَا مَوْتٍ) أَيْ لَا بِمَوْتِهِ لِخَبَرِ «لَيْسَ لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ؛ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَامِلِ بِسَبَبِ حَمْلِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فَكَذَا النَّفَقَةُ بِسَبَبِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَسْقُطْ فِيمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ ثُمَّ قَبْلَ الْمَوْتِ فَاغْتُفِرَ بَقَاؤُهَا فِي الدَّوَامِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ (وَ) يَجِبُ ذَلِكَ لَهَا (بِفُرْقَةٍ بِسَبَبٍ عَارِضٍ كَالرِّدَّةِ) وَالرَّضَاعِ (وَاللِّعَانِ) إنْ لَمْ يَنْفِ الْوَلَدَ؛ لِأَنَّهُ قَاطِعٌ لِلنِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ (لَا) بِسَبَبٍ (مُقَارِنٍ) لِلْعَقْدِ (كَالْعَيْبِ وَالْغُرُورِ) فَلَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِهِ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ، وَقِيلَ يَجِبُ التَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَيْهِ وَرَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْخِيَارِ (وَهِيَ) أَيْ النَّفَقَةُ الشَّامِلَةُ لِمَا مَرَّ (لِلْحَامِلِ) بِسَبَبِ الْحَمْلِ (لَا لِلْحَمْلِ) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لَهُ لَتَقَدَّرَتْ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ؛ وَلِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ لَمَا وَجَبَتْ عَلَى الْمُعْسِرِ؛ وَلِأَنَّهَا مُخْتَلِفَةُ الْقَدْرِ بِيَسَارِ الزَّوْجِ، وَإِعْسَارِهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ؛ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ بَعْدَ الِانْفِصَالِ إذَا احْتَاجَ إلَى حَاضِنَةٍ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِلْحَاضِنَةِ، وَالْحَامِلُ لَا تَتَقَاعَدُ عَنْ الْحَاضِنَةِ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ. (فَتَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ) بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَتْ لِلْحَمْلِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَمْلُ حُرًّا أَمْ رَقِيقًا (لَا لِلْحَامِلِ مِنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ) وَلَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً كَأَنْ وُطِئَتْ نَائِمَةً أَوْ مُكْرَهَةً فَلَا تَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ حِينِ الْوَطْءِ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ بِهَا وَلَا عَلَى الْوَاطِئِ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ (وَتَسْقُطُ) النَّفَقَةُ الْمَذْكُورَةُ عَنْ الزَّوْجِ (لَا السُّكْنَى بِنَفْيِ الْحَمْلِ) ؛ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ عَنْهُ وَصَارَتْ فِي حَقِّهِ كَالْحَائِلِ فَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ دُونَ السُّكْنَى (فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ) بَعْدَ نَفْيِهِ (رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ الْإِرْضَاعِ، وَ) بِبَدَلِ (الْإِنْفَاقِ) عَلَيْهَا قَبْلَ الْوَضْعِ، وَعَلَى وَلَدِهَا (وَلَوْ كَانَ) الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ (بَعْدَ الرَّضَاعِ) ؛ لِأَنَّهَا أَدَّتْ ذَلِكَ بِظَنِّ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا فَإِذَا بَانَ خِلَافُهُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا أَدَّاهُ فَبَانَ خِلَافُهُ يَرْجِعُ بِهِ، وَكَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى أَبِيهِ بِظَنِّ إعْسَارِهِ فَبَانَ مُوسِرًا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُتَبَرِّعِ، وَاسْتُشْكِلَ رُجُوعُهَا بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى الْوَلَدِ بِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَبَ هُنَا تَعَدَّى بِنَفْيِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا طَلَبٌ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ فَلَمَّا أَكَذَبَ نَفْسَهُ رَجَعَتْ حِينَئِذٍ. (فَرْعٌ: نَفَقَتُهَا) أَيْ الْبَائِنُ الْحَامِلِ (كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ) فِي التَّقْدِيرِ وَغَيْرِهِ (فَتَصِيرُ دَيْنًا) عَلَى الزَّوْجِ إذَا تَرَكَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا مُدَّةً فَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّهَا (وَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَمَّا وَجَبَ مِنْهَا) لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَجِبْ مِنْهَا كَنَظَائِرِهَا (وَلَا تُؤَخَّرُ) نَفَقَتُهَا (إلَى الْوَضْعِ) وَحِينَئِذٍ (فَتُسَلَّمُ) إلَيْهَا (يَوْمًا يَوْمًا) لِآيَةِ {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: 6] ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ أُخِّرَتْ عَنْهَا إلَى الْوَضْعِ لَتَضَرَّرَتْ (لَكِنْ) إنَّمَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا (بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ) لَا قَبْلَهُ لِعَدَمِ ظُهُورِ الْمُوجِبِ، وَكَظُهُورِهِ اعْتِرَافُ الزَّوْجِ بِهِ وَلَوْ ادَّعَتْ ظُهُورَهُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ (وَيَكْفِي فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ) وَلَوْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ أَنْفَقَ بِظَنِّ الْحَمْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ رَجَعَ عَلَيْهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ مَاتَ الرَّجُلُ) أَيْ زَوْجُ الْبَائِنِ الْحَامِلِ (قَبْلَ الْوَضْعِ لَمْ تَسْقُطْ) نَفَقَتُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْحَامِلِ وَالْبَائِنُ لَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ بَلْ تَعْتَدُّ عَنْ فُرْقَةِ الْحَيَاةِ، وَهِيَ كَأَنَّهَا تُوجِبُ هَذِهِ النَّفَقَةَ دُفْعَةً فَتَصِيرُ كَدَيْنٍ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَالْقَوْلُ فِي تَأَخُّرِ تَارِيخِ الْوَضْعِ قَوْلُ مُدَّعِيهِ) فَلَوْ قَالَتْ وَضَعْت الْيَوْمَ فَلِي نَفَقَةُ شَهْرٍ قَبْلَهُ، وَقَالَ بَلْ وَضَعْت مِنْ شَهْرٍ قَبْلَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَضْعِ وَبَقَاءُ النَّفَقَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ حُرَّةً أَمْ أَمَةً (لَكِنْ إنْ ادَّعَتْ الْإِنْفَاقَ) عَلَى وَلَدِهَا مِنْ مَالِهَا (لَمْ تَرْجِعْ بِمَا أَنْفَقَتْهُ حَتَّى تُشْهِدَ) أَيْ تُثْبِتَ أَنَّهَا أَنْفَقَتْ أَوْ أَنَّ الْحَاكِمَ أَذِنَ لَهَا أَنْ تُنْفِقَ (لِتَرْجِعَ) عَلَيْهِ (فَرْعٌ: لَا نَفَقَةَ لِحَامِلٍ) مِنْهُ مَمْلُوكَةٍ (لَهُ أَعْتَقَهَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْحَامِلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَقْلًا عَنْ النَّصِّ لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ حَامِلًا فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ النَّفَقَةُ الشَّامِلَةُ لِلْأُدْمِ وَالْكِسْوَةِ لِحَامِلٍ بَائِنٍ بِطَلَاقٍ] قَوْلُهُ: الشَّامِلَةُ لِلْأُدْمِ) إذْ يَجِبُ لَهَا مَا يَجِبُ لِلرَّجْعِيَّةِ فَتَجِبُ عَلَى الِابْنِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لَهُ لَتَقَدَّرَتْ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ إلَخْ) وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلْحَمْلِ لَمَا لَزِمَتْ الْأَبَ إذَا مَلَكَ الْحَمْلَ مَالًا بِوَصِيَّةٍ أَوْ إرْثٍ، وَهِيَ تَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا، وَلَلَزِمَتْ الْجَدَّ عِنْدَ إعْسَارِ الْأَبِ، وَهِيَ لَا تَلْزَمُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى الْوَاطِئِ) بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهَا حَالَ الِاجْتِمَاعِ فَبَعْدَ التَّفْرِيقِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنْفَقَ بِظَنِّ الْحَمْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ رَجَعَ عَلَيْهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) شَمِلَ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْمَدْفُوعَ نَفَقَةٌ مُعَجَّلَةٌ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى ظَنِّ الْحَمْلِ فَبَانَ أَنْ لَا حَمْلَ فَإِنْ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِهِ رَجَعَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْمَدْفُوعَ نَفَقَةٌ مُعَجَّلَةٌ لَمْ يَرْجِعْ وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمُعْتَمَدُ رُجُوعُهُ بِهِ مُطْلَقًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 حَتَّى تَضَعَ قَالَ: وَيُمْكِنُ تَفْرِيعُهُ عَلَى أَنَّهَا لِلْحَمْلِ وَيُحْتَمَلُ الْإِطْلَاقُ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ قَوْلَنَا النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ مَعْنَاهُ يَسْتَمِرُّ مَا كَانَ قَبْلَ زَوَالِ الْعَلَقَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا كَانَتْ وَاجِبَةً قَبْلَ الْعِتْقِ فَإِذَا عَتَقَتْ، وَهِيَ حَامِلٌ لَزِمَتْهُ كَالْبَائِنِ الْحَامِلِ (وَلَا يَلْزَمُ الْجَدَّ نَفَقَةُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الْحَامِلِ مِنْهُ إلَّا إنْ أَوْجَبْنَاهَا لِلْحَمْلِ) ، وَهِيَ لَا تَجِبُ لَهُ بَلْ لِلْحَامِلِ كَمَا مَرَّ، وَهِيَ لَيْسَتْ زَوْجَةً لِلْجَدِّ وَلَوْ تَرَكَ الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذِهِ كَمَا تَرَكَهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا كَانَ أَخْصَرَ (وَلَوْ نَشَزَتْ الْحَامِلُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَلَوْ) كَانَتْ (بَائِنًا) كَالزَّوْجَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَ) امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا (وَاسْتَمْتَعَ بِهَا) ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا (ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ) عَلَيْهَا بَلْ يَجْعَلُ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا، وَإِتْلَافِهِ مَنَافِعَهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَامِلًا أَمْ حَائِلًا قَالَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا التَّوْجِيهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَمِعْ بِهَا، وَكَانَ قَدْ تَسَلَّمَهَا اسْتَرَدَّ وَلَيْسَ مُرَادًا (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ) (الْأَوَّلُ فِي ثُبُوتِ الْفَسْخِ) بِهِ (فَلَهَا) وَلَوْ رَجْعِيَّةً (فَسْخُ نِكَاحِ) زَوْجٍ لَهَا (عَاجِزٌ عَنْ نَفَقَتِهَا) بِطَرِيقِهِ الْأَتْي فِي الطَّرَفِ الثَّانِي لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ فَقَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ لَهُ سُنَّةٌ فَقَالَ نَعَمْ سُنَّةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ سُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهَا إذَا فُسِخَتْ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فَلَأَنْ تُفْسَخَ بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَتِهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّبْرَ عَنْ التَّمَتُّعِ أَسْهَلُ مِنْهُ عَنْ النَّفَقَةِ هَذَا (إنْ لَمْ تَرْضَ ذِمَّتَهُ) أَيْ بِهَا وَهَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِذِمَّتِهِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهَا إنْ شَاءَتْ صَبَرَتْ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا وَنَفَقَتُهَا فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يُوسِرَ، وَإِنْ شَاءَتْ فَسَخَتْ (لَا) نِكَاحَ (مُوسِرٍ) فَلَيْسَ لَهَا فَسْخُهُ (وَلَوْ امْتَنَعَ) مِنْ الْإِنْفَاق عَلَيْهَا (أَوْ غَابَ) عَنْهَا لِتَمَكُّنِهَا مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالْحَاكِمِ أَوْ بِيَدِهَا إنْ قَدَرَتْ. وَكَذَا لَوْ لَمْ تَعْلَمْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ السَّبَبِ نَعَمْ إنْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْغَائِبِ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ النَّفَقَةِ بِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ كَتَعَذُّرِهَا بِالْإِفْلَاسِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا وَأَقَرَّهُ (بَلْ يَبْعَثُ الْقَاضِي) أَيْ قَاضِي بَلَدِهَا (إلَى قَاضِي بَلَدِهِ فَيُلْزِمُهُ) بِدَفْعِ نَفَقَتِهَا إنْ عُلِمَ مَوْضِعُهُ (وَاخْتَارَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ) وَغَيْرُهُمَا (جَوَازَ الْفَسْخِ) لَهَا (إذَا تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهَا) فِي غَيْبَتِهِ لِلضَّرُورَةِ (وَقَالَ الرُّويَانِيُّ، وَ) ابْنُ أُخْتِهِ (صَاحِبُ الْعُدَّةِ إنَّ الْمَصْلَحَةَ الْفَتْوَى بِهِ، وَإِنْ أَثْبَتَتْ) أَيْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عِنْدَ حَاكِمِ بَلَدِهَا (بِإِعْسَارِ غَائِبٍ فُسِخَتْ، وَلَوْ قَبْلَ إعْلَامِهِ وَتُفْسَخُ لِغَيْبَةِ مَالِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ) ، وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ لِتَضَرُّرِهَا بِالِانْتِظَارِ الطَّوِيلِ نَعَمْ لَوْ قَالَ أَنَا أَحْضُرُهُ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ فَالظَّاهِرُ إجَابَتُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: فَإِنْ كَانَ بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا فَسْخَ، وَيُؤْمَرُ بِتَعْجِيلِ الْإِحْضَارِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُهْلَةِ، وَفَرَّقَ الْبَغَوِيّ بَيْنَ غَيْبَتِهِ مُوسِرًا وَغَيْبَةِ مَالِهِ بِأَنَّهُ إذَا غَابَ مَالُهُ فَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِذَا غَابَ وَهُوَ مُوسِرٌ فَقُدْرَتُهُ حَاصِلَةٌ، وَالتَّعَذُّرُ مِنْ جِهَتِهَا. (وَ) تُفْسَخُ (لِتَأْجِيلِهِ) أَيْ لِتَأْجِيلِ دَيْنِهِ عَلَى غَيْرِهِ (قَدْرَ مُدَّةِ إحْضَارِهِ) أَيْ إحْضَارِ مَالِهِ الْغَائِبِ (مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) بِخِلَافِ تَأْجِيلِهِ بِدُونِ قَدْرِ ذَلِكَ. (وَ) تُفْسَخُ (لِكَوْنِهِ) أَيْ مَالِهِ (عَرُوضًا لَا يَرْغَبُ فِيهَا، وَ) لِكَوْنِ دَيْنِهِ (حَالًّا عَلَى مُعْسِرٍ لَا) عَلَى (مُوسِرٍ حَاضِرٍ، وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الَّتِي عَلَيْهَا دَيْنُهُ (هِيَ) أَيْ زَوْجَتُهُ؛ لِأَنَّهَا فِي حَالَةِ الْإِعْسَارِ لَا تَصِلُ إلَى حَقِّهَا، وَالْمُعْسِرُ مَنْظَرٌ بِخِلَافِهَا فِي حَالِ الْيَسَارِ (فَإِنْ غَابَ) مَدِينُهُ الْمُوسِرُ وَمَالُهُ بِدُونِ مَسَافَةٍ الْقَصْرِ (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا تُفْسَخُ كَمَا لَوْ غَابَ الزَّوْجُ الْمُوسِرُ وَثَانِيهِمَا تُفْسَخُ لِتَضَرُّرِهَا، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ مَالُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَهَا الْفَسْخُ جَزْمًا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ. (وَلَا) تُفْسَخُ (بِكَوْنِهِ مَدْيُونًا) ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ حَتَّى يَصْرِفَهُ إلَيْهَا. (وَتَفْسَخُ) بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَتِهَا (وَلَوْ تَبَرَّعَ بِهَا عَنْهُ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لِلْفَسْخِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْقَبُولُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ فَتَبَرَّعَ غَيْرُهُ بِأَدَائِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحَمُّلَ مِنْهُ مِنْ الْمُتَبَرِّعِ ثُمَّ لَوْ سَلَّمَهَا الْمُتَبَرِّعُ لِلزَّوْجِ ثُمَّ سَلَّمَهَا الزَّوْجُ لَهَا لَمْ تَفْسَخْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ. (لَا) إنْ تَبَرَّعَ بِهَا (الْأَبُ) ، وَإِنْ عَلَا (عَنْ طِفْلِهِ) أَوْ نَحْوِهِ -   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: قَالَ وَيُمْكِنُ تَفْرِيعُهُ عَلَى أَنَّهَا لِلْحَمْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لَكِنَّهَا لَهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَكَتَبَ شَيْخُنَا أَيْضًا لَوْ جَدَّدَ نِكَاحَ الْبَائِنِ الْحَامِلِ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا تَوَقَّفَ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا عَلَى تَمْكِينٍ جَدِيدٍ لِانْقِطَاعِ حُكْمِ النَّفَقَةِ الْأُولَى كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَشَزَتْ الْحَامِلُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) مِثْلُهَا كُلُّ مَنْ لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ حَالَ الزَّوْجِيَّةِ كَالْأَمَةِ الَّتِي تُسَلِّمُ لَيْلًا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُرَادًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ] [الطَّرَف الْأَوَّل ثُبُوت الْفَسْخ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ) . (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَرْضَ ذِمَّتَهُ) أَيْ بِهَا، فَإِنْ رَضَتْ بِذِمَّتِهِ بِأَنْ صَبَرَتْ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا عَلَى نَفْسِهَا أَوْ اقْتَرَضَتْ وَأَنْفَقَتْ مَعَ بَقَاءِ نَفَقَتِهَا فِي ذِمَّتِهِ وَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا الْفَسْخُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَلَا بِنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ لَمْ تَعْلَمْ) فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْغَائِبِ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْعِبَارَةِ الَّتِي حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقَاضِي الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا فَسْخَ مَا دَامَ الزَّوْجُ مُوسِرًا، وَإِنْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ عِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ غَيْبَةِ الْمَالِ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَغَيْبَةِ الْمَالِكِ الْمُوسِرِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ غَائِبًا كَانَ الْعَجْزُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ، وَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَهُوَ مُوسِرٌ فَقُدْرَتُهُ حَاصِلَةٌ وَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهَا قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَنْ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ إنَّ الْمَصْلَحَةَ الْفَتْوَى بِهِ) الْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِعْسَارَ عَيْبٌ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ إجَابَتُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ) وَفِي الْخَادِمِ عَنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَتَعْلِيقِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ. (قَوْلُهُ: لَا الْأَبُ عَنْ طِفْلِهِ أَوْ نَحْوِهِ) مِثْلُهُ السَّيِّدُ عَنْ رَقِيقِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ الْوَلَدَ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 438 فَلَا فَسْخَ لَهَا إذْ يَلْزَمُهَا الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَرَّعَ بِهِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ، وَيَكُونُ الْوَلِيُّ كَأَنَّهُ وَهَبَ، وَقِيلَ لَهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ: نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَشْهَدُ لَهُ نَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ سَيِّدَ الْأَمَةِ لَوْ تَطَوَّعَ عَنْ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ لَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا وَاجِدَةٌ لِلنَّفَقَةِ (وَلَا) تَفْسَخُ (بِضَمَانٍ) مِنْ غَيْرِهِ لَهُ (بِإِذْنِهِ نَفَقَةَ يَوْمٍ فَيَوْمٍ) بِأَنْ يُجَدِّدَ ضَمَانَ كُلِّ يَوْمٍ، وَإِلَّا فَضَمَانُهَا جُمْلَةً لَا يَصِحُّ فَتَفْسَخُ بِهِ (فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُوسِرُ) أَوْ الْمُتَوَسِّطُ (مُدًّا لَمْ تَفْسَخْ) ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي قِوَامًا (وَبَقِيَ الْبَاقِي دَيْنًا) عَلَيْهِ. (فَصْلٌ: لَا تَفْسَخُ امْرَأَةُ) رَجُلٍ (مُكْتَسِبٍ مَا يُنْفِقُ) عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَهِيَ بِالْمَالِ فَلَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَمْ تَفْسَخْ؛ لِأَنَّهَا هَكَذَا تَجِبُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّخِرَ لِلْمُسْتَقْبَلِ (وَلَوْ جُمِعَتْ لَهُ أُجْرَةُ أُسْبُوعٍ فِي يَوْمٍ مِنْهُ) ، وَكَانَتْ تَفِي بِنَفَقَةِ جَمِيعِهِ فَإِنَّهَا لَا تَفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْسِرٍ (بَلْ تَسْتَدِينُ) لِمَا يَقَعُ مِنْ التَّأْخِيرِ الْيَسِيرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّا نُصَبِّرُهَا أُسْبُوعًا بِلَا نَفَقَةٍ بَلْ الْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ الْوَاجِدِ لِنَفَقَتِهَا وَيُنْفِقُ مِمَّا اسْتَدَانَهُ لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ (فَلَوْ بَطَلَ) مَنْ كَانَ يَكْتَسِبُ فِي بَعْضِ الْأُسْبُوعِ نَفَقَةَ جَمِيعِهِ الْكَسْبَ (أُسْبُوعًا لِعَارِضٍ فَسَخَتْ) لِتَضَرُّرِهَا وَتَكُونُ قُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِقَدْرِ مَا مَرَّ فِيهِ (لَا لِامْتِنَاعِ) لَهُ مِنْ الْكَسْبِ فَلَا تَفْسَخُ (كَالْمُوسِرِ) الْمُمْتَنِعِ. (وَلَا) تَفْسَخُ (بِالْعَجْزِ عَنْ الْأُدْمِ) ، وَإِنْ لَمْ يَنْسَغْ الْقُوتُ بِدُونِهِ لِبَعْضِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَالنَّفْسُ تَقُومُ بِدُونِهِ (وَ) لَا عَنْ (نَفَقَةِ الْخَادِمِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيًّا. (وَلَوْ مَرِضَ مَرَضًا) يَعْجِزُ بِهِ عَنْ الْكَسْبِ، وَكَانَ (يَبْرَأُ لِثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ فَأَقَلَّ (لَمْ تَفْسَخْ) إذْ لَا تَشُقُّ الِاسْتِدَانَةُ لِمِثْلِ ذَلِكَ (أَوْ) كَانَ (يَطُولُ) زَمَنُهُ بِأَنْ لَا يَبْرَأَ لِثَلَاثٍ (فَسَخَتْ) لِمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (لِانْقِطَاعِ كَسْبِهِ) . (وَلَوْ عَجَزَ عَنْ السُّكْنَى أَوْ الْكِسْوَةِ فَسَخَتْ) أَيْضًا لِتَضَرُّرِهَا بِعَدَمِهِمَا بَلْ لَا تَبْقَى النَّفْسُ بِدُونِ الْكِسْوَةِ غَالِبًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْكِسْوَةِ فَقَدْ أَطْلَقَ الْفَارِقِيُّ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَالْمُخْتَارُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْقَمِيصِ، وَالْخِمَارِ وَجُبَّةِ الشِّتَاءِ فَلَهَا الْفَسْخُ أَوْ مِمَّا مِنْهُ بُدٌّ كَالسَّرَاوِيلِ، وَالنَّعْلِ فَلَا، قَالَ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْأَوَانِي، وَالْفُرُشِ وَنَحْوِهَا فَالْمُتَّجَهُ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَا فَسْخَ؛ لِأَنَّ مَا يُسْتَحَقُّ لِلْإِصْلَاحِ وَالزِّينَةِ لَا يَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إمْتَاعٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ عَدَمَ الْفَسْخِ بِذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيًّا كَالسُّكْنَى (وَإِنْ كَانَتْ تَحْصُلُ الْبَطَالَةُ عَلَى الْعَلَاءِ) أَيْ الْعُمْلَةُ بِأَنْ لَمْ يَجِدُوا مَنْ يَسْتَعْمِلُهُمْ وَتَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ لِذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ يَقَعُ (غَالِبًا لَا نَادِرًا أَجَازَ) لَهَا (الْفَسْخَ) لِتَضَرُّرِهَا. (وَلَوْ قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِ نِصْفِ الْمُدِّ غَدَاءً، وَ) نِصْفِهِ (عَشَاءً كَذَلِكَ) أَيْ وَقْتُهُ (لَمْ تَفْسَخْ) لِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا (أَوْ كَانَ يُحَصِّلُ يَوْمًا مُدًّا وَيَوْمًا نِصْفًا فَسَخَتْ) لِتَضَرُّرِهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ يُحَصِّلُ كُلَّ يَوْمٍ نِصْفَ مُدٍّ وَدُونَهُ أَوْ يَوْمًا مَدًّا وَيَوْمًا لَا يُحَصِّلُ شَيْئًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَلَوْ كَانَ يُحَصِّلُ كُلَّ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مُدٍّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَإِنْ زَعَمَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ حِنْثِهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَذَّى، وَلَا يَتَعَشَّى فَأَكَلَ زِيَادَةً عَلَى نِصْفِ عَادَتِهِ أَنَّهَا لَا تَفْسَخُ. قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَلَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ إلَّا بِالْمُعْجِزِ عَنْ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ الْمُوسِرِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْآنَ وَاجِبُ الْمُعْسِرِ. (وَلَا فَسْخَ بِالْمَهْرِ) أَيْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ (لِلْمُفَوِّضَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ لَهَا قَبْلَ فَرْضِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ (وَلَا بِمَهْرٍ وَجَبَ) بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ بِدُونِهَا أَيْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ (بَعْدَ الدُّخُولِ) لِتَلَفِ الْمُعَوَّضِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ كَمَا فِي عَجْزِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ؛ وَلِأَنَّ تَمْكِينَهَا قَبْلَ أَخْذِ الْمَهْرِ يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا بِذِمَّتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا الِامْتِنَاعُ بَعْدَ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا فَلَأَنْ لَا يَكُونُ لَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْلَى، وَفَارَقَ الْمَهْرُ الْمَذْكُورَاتِ قَبْلَهُ حَيْثُ تَفْسَخُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا، وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ الزَّوْجُ كَانَ الْمُعَوَّضُ تَالِفًا فَيَتَعَذَّرُ عَوْدُهُ بِخِلَافِهَا فَإِنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ فَلَوْ قَبَضَتْ بَعْضَ الْمَهْرِ كَمَا هُوَ مُعْتَادٌ فَلَا فَسْخَ بِعَجْزِهِ عَنْ بَقِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ لَهُ مِنْ الْبُضْعِ بِقِسْطِهِ فَلَوْ فَسَخَتْ لَعَادَ لَهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ لِتَعَذُّرِ الشَّرِكَةِ فِيهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْفَسْخِ فِيمَا اسْتَقَرَّ لِلزَّوْجِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْفَسْخِ   [حاشية الرملي الكبير] إعْفَافُهُ فَلَا شَكَّ فِي سُقُوطِ الْخِيَارِ وَلُزُومِ الْقَبُولِ، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ كَذَلِكَ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَنَّ لِلْوَارِثِ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ، وَيَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ الْقَبُولُ بَسَطَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ إلَخْ) أَيْ كَسْبًا حَلَالًا (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ) أَيْ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ إنْ كَانَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِمَهْرٍ بَعْدَ الدُّخُولِ) لَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يَجُوزُ لَهَا مَعَ وَطْئِهِ أَنْ تَمْتَنِعَ حَتَّى تَتَسَلَّمَ الْمَهْرَ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ وُجُودِ هَذَا الْوَطْءِ عِ قو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 بِالْفَلَسِ لِإِمْكَانِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَبِيعِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَزَمَ الْبَارِزِيُّ بِخِلَافِهِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يُوَافِقُهُ لِصِدْقِ الْعَجْزِ عَنْ بَعْضِهِ، وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ بَلْ هُوَ كَالطَّلَاقِ فِيمَا لَوْ سَأَلَتْهُ طَلْقَةً بِأَلْفٍ لَا نَقُولُ نِصْفُ الْأَلْفِ مُقَابِلٌ لِنِصْفِ الطَّلْقَةِ فَكَذَا لَا يُقَالُ: إنَّ بَعْضَ الْمَهْرِ مُقَابِلٌ لِبَعْضِ الْبُضْعِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ فَيَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ عِنْدَ الْفَسْخِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ لَا يَتَقَسَّطُ عَلَى الْبُضْعِ فِي النِّكَاحِ فَلَا يَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ فِي الْفَسْخِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ هَذَا هُوَ مَأْخَذُ ابْنِ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ التَّبْعِيضَ، وَقَدْ أَدَّى بَعْضَ الْمَهْرِ فَقَدْ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَقْبُوضِ أَوْ حُكْمُ غَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ، وَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمَوْلَى، وَالْعِنِّينُ الْوَطْءَ قُبِلَ قَوْلُهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَ مَا ادَّعَيَاهُ. (وَلَا) فَسْخَ لِلزَّوْجَةِ (بِنَفَقَةٍ) عَنْ مُدَّةٍ (مَاضِيَةٍ) أَيْ بِالْعَجْزِ عَنْهَا لِتَنْزِيلِهَا مَنْزِلَةَ دَيْنٍ آخَرَ حَتَّى لَوْ لَمْ تَفْسَخْ فِي يَوْمِ جَوَازِ الْفَسْخِ فَوَجَدَ نَفَقَةً بَعْدَهُ فَلَا فَسْخَ لَهَا بِنَفَقَةِ الْأَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ (بَلْ تَثْبُتُ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ) عَنْ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ (وَالْأُدْمِ، وَالْكِسْوَةِ) ، وَالْأَنِيَّةِ. (وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ دَيْنًا) فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، وَإِنْ تَرَكَهَا بِعُذْرٍ أَوْ لَمْ يَفْرِضْهَا الْقَاضِي؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ، وَقَدْ حَصَلَ، وَلَيْسَتْ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ مُوَاسَاةً صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْهَلَاكِ وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ تَجِبُ عِوَضًا كَمَا مَرَّ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُعْسِرِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ إذَا كَانَ الْخَادِمُ مَوْجُودًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ خَادِمٌ فَلَا تَصِيرُ نَفَقَتُهُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ (لَا السُّكْنَى) فَلَا تَثْبُتُ دَيْنًا؛ لِأَنَّهَا إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حَقِيقَةِ هَذِهِ الْفُرْقَةِ وَهِيَ فَسْخٌ لَا طَلَاقَ) فَلَا تُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَمَّا ذُكِرَ عَيْبٌ كَالْعُنَّةِ، وَالْجَبِّ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا عَيْبَ بِهِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِهَا فَمَنَعَ وَأَمَرَ بِأَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلَّقَ (وَيُشْتَرَطُ لِلْفَسْخِ) الرَّفْعُ إلَى (الْقَاضِي) كَمَا فِي الْعُنَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ فَلَا تَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجَةُ بَلْ يَفْسَخُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ (أَوْ يَأْذَنُ لَهَا) فِيهِ، وَلَيْسَ لَهَا مَعَ عِلْمِهَا بِالْعَجْزِ الْفَسْخُ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي، وَلَا بَعْدَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ فِيهِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا حَاجَةَ إلَى إيقَاعِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ إثْبَاتُ حَقِّ الْفَسْخِ (فَإِنْ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ لِعَدَمِ حَاكِمٍ وَمُحَكِّمٍ) ثَمَّ أَوْ لِعَجْزٍ عَنْ الرَّفْعِ (نَفَذَ) ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا لِلضَّرُورَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَدَرَتْ عَلَى حَاكِمٍ أَوْ مُحَكِّمٍ (فَلَا) يَنْفُذُ فَسْخُهَا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا وَقِيلَ يَنْفُذُ بَاطِنًا، وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ نَقْلِ الْإِمَامُ لَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَئِمَّةِ. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الْفَسْخ الْإِعْسَار بِالنَّفَقَةِ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الْفَسْخِ يُمْهَلُ) الزَّوْجُ (بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْهِلْ الْقَاضِي لِيَتَحَقَّقَ إعْسَارُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْسُرُ لِعَارِضٍ ثُمَّ يَزُولُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مَرْدُودٌ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَلَوْ سَلَّطْنَاهُ عَلَى اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ بِتَسْلِيمِ الْبَعْضِ لَأَدَّى إلَى إضْرَارِ الْمَرْأَةِ وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ وَالثَّانِي أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِتَسْلِيمِ بَعْضِ الْعِوَضِ إذَا لَمْ يَخْشَ تَلَفَ الْبَاقِي وَمَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ بَعْضِهَا إلَّا بِاسْتِيفَاءِ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الثَّالِثِ إنَّا لَوْ جَوَّزْنَا ذَلِكَ لَاتَّخَذَهُ الْأَزْوَاجُ ذَرِيعَةً إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْمَرْأَةِ مِنْ حَقِّ حَبْسِ بُضْعِهَا بِتَسْلِيمِ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ مِنْ صَدَاقٍ هُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ. الرَّابِعُ أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا سَلَّمَ بَعْضَ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يُلْزَمُ الْمَالِكُ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْبَاقِي. الْخَامِسُ أَنَّ قَوْلَهُ لَوْ جَوَّزْنَا لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخَ لَعَادَ إلَيْهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ وَهُوَ أَنَّا لَوْ أَجْبَرْنَاهَا عَلَى التَّسْلِيمِ لَفَاتَ عَلَيْهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي رُجُوعِ الْبُضْعِ إلَيْهَا بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ يُرَدُّ عَلَى الزَّوْجِ بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْفَسْخِ يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ مَا قَبَضَتْهُ. السَّادِسُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الرُّجُوعِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ بِالْإِفْلَاسِ لَيْسَ وِزَانَ مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ بَلْ وِزَانُهَا مَا إذَا سَلَّمَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بَعْضَ الثَّمَنِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ حِصَّةِ مَا سَلَّمَ إلَيْهِ مِنْ الْمَبِيعِ أَمْ لَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْفَلَسِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا فَإِنَّ الْمَبِيعَ فِيهَا دَخَلَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ عَلَيْهَا، وَلَا تَنْظِيرُهَا بِهَا. (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ الْبَارِزِيُّ بِخِلَافِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ التَّصْرِيحَ بِالْخِيَارِ عَنْ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ: الْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ نَقْلًا وَمَعْنًى. اهـ. وَعِبَارَةُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُرْشِدِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُ الْمَهْرِ مُعَجَّلًا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَلَهَا الْخِيَارُ مَا لَمْ تَأْخُذْ الْمُعَجَّلَ فَإِذَا أَخَذَتْهُ فَلَا خِيَارَ لَهَا مَا لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِذَا حَلَّ، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْخِيَارُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَصَرَّحَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ عِنْدَ حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ قَبْضِهَا لَا الْمُعَجَّلِ مِنْهُ، وَهُوَ نَصٌّ فِي خِلَافِ فَتْوَى ابْنِ الصَّلَاحِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَهْرَ إذَا كَانَ حَالًّا وَقَبَضَتْ بَعْضَهُ فَلَهَا الْفَسْخُ بِالْإِعْسَارِ بِالْبَاقِي مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَهُوَ الْوَجْهُ نَقْلًا وَمَعْنًى. اهـ. وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ إذَا كَانَ الْخَادِمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الطَّرَف الثَّانِي فِي حَقِيقَة الْفُرْقَة بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الْفَسْخِ) (قَوْلُهُ: يُمْهَلُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْإِمْهَالَ ثَلَاثًا مُخْتَصٌّ بِالنَّفَقَةِ أَمَّا الْمَهْرُ فَلَا إمْهَالَ فِيهِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ سُكُوتُ الْجُمْهُورِ عَنْهُ. وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ حَيْثُ جَعَلَا الْفَسْخَ عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَى الْقَاضِي، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْوَاضِحِ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا أَوْلَى لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِتَأْخِيرِ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ وَرَأَيْت شَارِحًا قَالَ تَفَقُّهًا الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْإِمْهَالِ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ حَيْثُ فَسَخَتْ بِالْإِعْسَارِ بِهِ. اهـ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ: مَا ذَكَرَهُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْجُمْهُورِ حَيْثُ جَعَلُوا الْخِيَارَ عَلَى الْفَوْرِ لَا يُنَافِي الْإِمْهَالَ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا إذَا رَفَعَتْهُ إلَى الْقَاضِي وَقْتَ إعْسَارِهِ بَادَرَتْ بِطَلَبِ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ يَتَوَقَّعُ فِيهَا الْقُدْرَةَ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَلَوْ تَخَلَّلَهَا قُدْرَةٌ) عَلَى النَّفَقَةِ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ يَوْمٍ، وَوَجَدَ نَفَقَةَ الثَّانِي، وَعَجَزَ فِي الثَّالِثِ، وَقَدَرَ فِي الرَّابِعِ، وَعَجَزَ فِي الْخَامِسِ (لُفِّقَتْ الثَّلَاثُ) ، وَلَا يَسْتَأْنِفُهَا لِئَلَّا تَتَضَرَّرَ بِطُولِ الْمُدَّةِ لِلِاسْتِئْنَافِ. (وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نَفَقَةَ يَوْمٍ) قَدَرَ فِيهِ عَلَى نَفَقَتِهِ (عَنْ يَوْمٍ قَبْلَهُ) عَجَزَ فِيهِ عَنْ نَفَقَتِهِ لِتَنْفَسِخَ عِنْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَدَاءِ بِقَصْدِ الْمُؤَدَّى (وَإِنْ تَرَاضَيَا) عَلَى ذَلِكَ (فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا لَهَا الْفَسْخُ عِنْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ، وَثَانِيهِمَا لَا وَيَجْعَلُ الْقُدْرَةَ عَلَيْهَا مُبْطِلَةً لِلْمُهْلَةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمُتَبَادَرُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، قَالَ: وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الثَّانِيَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَفْسَخُ بِنَفَقَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ فَسْخِهَا بِنَفَقَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ مَحَلَّهُ فِي الْمَاضِيَةِ قَبْلَ أَيَّامِ الْمُهْلَةِ لَا فِي أَيَّامِهَا (ثُمَّ) إذَا تَخَلَّلَتْ الْمُدَّةُ قُدْرَةٌ (تَفْسَخُ لِتَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ لَا إنْ سَلَّمَ) لَهَا (نَفَقَةَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ) فَلَا تَفْسَخُ لِتَبَيُّنِ زَوَالِ الْعَارِضِ الَّذِي كَانَ الْفَسْخُ لِأَجْلِهِ (فَلَوْ سَلَّمَهَا) لَهَا (وَعَجَزَ عَنْ) نَفَقَةِ (الْخَامِسِ) أَوْ السَّادِسِ (فَسَخَتْ، وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ الْمُهْلَةَ) أَيْ مُدَّتَهَا لِمَا مَرَّ. (فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ أَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ ثُمَّ نَدِمَتْ فَلَهَا الْفَسْخُ) ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ يَوْمًا فَيَوْمًا، وَالضَّرَرُ يَتَجَدَّدُ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهَا رَضِيت بِإِعْسَارِهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الْإِيلَاءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَثْنَى يَوْمُ الرِّضَا فَلَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَحَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ (وَيُجَدِّدُ الْإِمْهَالَ) إذَا طَلَبَتْ الْفَسْخَ بَعْدَ الرِّضَا، وَلَا يُعْتَدُّ بِالْمَاضِي لِتَعَلُّقِ الْإِمْهَالِ بِطَلَبِهَا فَيَسْقُطُ أَثَرُهُ بِرِضَاهَا، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْإِيلَاءِ حَيْثُ لَا يُجَدِّدُ الْإِمْهَالَ بِطُولِ مُدَّتِهِ ثُمَّ وَبِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى طَلَبِهَا لِلنَّصِّ عَلَيْهَا ثُمَّ بِخِلَافِهَا هُنَا (وَلَهَا فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ) مُدَّةُ (الرِّضَا بِإِعْسَارِهِ الْخُرُوجُ) مِنْ الْمَنْزِلِ (لِلِاكْتِسَابِ) لِلنَّفَقَةِ (نَهَارًا) بِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى الْإِنْفَاقِ بِمَالِهَا أَوْ الْكَسْبِ فِي بَيْتِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوَفِّ مَا عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا (وَعَلَيْهَا الْعَوْدُ) إلَى الْمَنْزِلِ (لَيْلًا) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِيوَاءِ دُونَ الِاكْتِسَابِ (وَلَوْ مَنَعَته الِاسْتِمْتَاعُ) نَهَارًا (جَازَ لَكِنْ تَسْقُطُ) نَفَقَةُ مُدَّةِ مَنْعِهَا إنْ مَنَعَتْهُ لَيْلًا (عَنْ ذِمَّةِ الزَّوْجِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَمْنَعْهُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ نَفَقَتِهَا. (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ: لَوْ (أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ فَلَهَا الْفَسْخُ بِالْقَاضِي) أَيْ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ كَمَا فِي النَّفَقَةِ (قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ) كَمَا مَرَّ، وَلَا فَسْخَ لَهَا (إنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ) بِالْمَهْرِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لَا يَتَجَدَّدُ، وَكَمَا لَوْ رَضِيَتْ بِهِ فِي النِّكَاحِ ثُمَّ بَدَا لَهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ فَقَدْ حَكَاهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الْجَدِيدِ وَذَاكَ عَنْ الْقَدِيمِ وَقَدْ اغْتَرَّ فِي الرَّوْضَةِ بِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عِنْدِهِ لِمَا لَمْ يَقِفْ عَلَى غَيْرِهِ وَزَادَ فَعَبَّرَ بِالْأَصَحِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعَلَى الْفَسْخِ اقْتَصَرَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْجُمْهُورُ. انْتَهَى، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ (وَالْخِيَارُ فِي الْمَهْرِ بَعْدَ الطَّلَبِ) أَيْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي (عَلَى الْفَوْرِ) فَلَوْ أَخَّرَتْ الْفَسْخَ سَقَطَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَتَجَدَّدُ وَقَدْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ (وَقَبْلَهُ عَلَى التَّرَاخِي) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَخِّرُ الطَّلَبَ لِتَوَقُّعِ الْيَسَارِ وَعُلِمَ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ الطَّلَبِ أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا دُونَهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِتَأْخِيرِ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ (الطَّرَفُ   [حاشية الرملي الكبير] بِالْعَيْبِ وَرِضَاهَا بِهِ يُبْطِلُ الْفَسْخَ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَالْإِمْهَالِ أَمْرٌ يَلْزَمُ الْقَاضِيَ لِلتَّثَبُّتِ وَتَحَقُّقِ الْإِعْسَارِ فَإِذَا لَزِمَهُ ذَلِكَ عِنْدَ طَلَبِهَا الْفَسْخَ بِالنَّفَقَةِ مَعَ تَضَرُّرِهَا بِالْإِمْهَالِ فَلَأَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ عِنْدَ طَلَبِهَا الْفَسْخَ بِالْمَهْرِ وَتَضَرُّرُهَا فِيهِ بِالْإِمْهَالِ أَقَلُّ أَوْلَى، وَلَا تُعَدُّ بِالْإِمْهَالِ مُقَصِّرَةً إلَّا إذَا كَانَ الْفَسْخُ بِيَدِهَا كَمَا فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ وَالْفَسْخِ هُنَا بِالْحَاكِمِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي بَهْجَتِهِ وَمَنْ يَعْجِزُ عَنْ أَقَلِّ إنْفَاقٍ لِحَاضِرِ الزَّمَنِ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ مَسْكَنٍ أَوْ مَهْرٍ قَبْلَ دُخُولِهِ فَبَعْدَ الصَّبْرِ ثَلَاثَةٌ يَفْسَخُهُ الَّذِي قَضَى وَقَوْلُهُ: فِيمَا تَقَدَّمَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْإِمْهَالِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا لَهَا الْفَسْخُ عِنْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ) هُوَ الْأَصَحُّ [فَرْع نَكَحَتْهُ عَالِمَة بِإِعْسَارِهِ أَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ ثُمَّ نَدِمَتْ] (قَوْلُهُ: وَحَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنَعَتْهُ الِاسْتِمْتَاعَ نَهَارًا جَازَ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا فِي زَمَانِ الْإِنْظَارِ اسْتَحَقَّهُ لَيْلًا؛ لِأَنَّهُ زَمَانُ الدَّعَةِ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ زَمَانُ الِاكْتِسَابِ. اهـ. وَيُزَادُ عَلَيْهِ قَيْدٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّيْلِ فِي وَقْتِ مَحَلِّ الِاسْتِمْتَاعِ عَادَةً فَلَوْ كَانَتْ فِي خِدْمَةِ قَوْمٍ لَا تَنْقَضِي حَوَائِجُهُمْ إلَّا بَعْدَ عِشَاءِ الْآخِرَةِ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهَا الِاسْتِمْتَاعَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَلَا عِنْدَ عِشَاءٍ الْآخِرَةِ، وَلَا بَعْدَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ مَشْغُولَةٌ فِيهِ بِالْخِدْمَةِ وَهَذَا كَمَا سَبَقَ فِي الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي إذَا سَقَطَ اسْتِمْتَاعُهُ نَهَارًا أَنْ تَسْقُطَ النَّفَقَةُ كَالْأَمَةِ إذَا سَلَّمَتْ لَيْلًا فَقَطْ قِيلَ الْمَنْعُ فِي الْأَمَةِ مِنْ جِهَتِهَا وَهُنَا الْمَنْعُ مِنْ جِهَتِهِ [فَصْلٌ الْإِعْسَار بِالْمَهْرِ] (فَرْعٌ) لَوْ غَابَ الزَّوْجُ فَأَثْبَتَتْ الْمَرْأَةُ إعْسَارَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَفَسَخَتْ وَعَادَ الزَّوْجُ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا فِي الْبَلَدِ خَفِيَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ الْإِعْسَارِ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الْفَسْخِ إلَّا أَنْ يَدَّعِي أَنَّهَا تَعْلَمُهُ وَتَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيَبْطُلُ الْفَسْخُ إذَا أَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَقَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُقَالُ إنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا أَوْلَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِيمَنْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ] (قَوْله وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ لِلْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ) أَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَلَيْسَ لَهَا، وَلَا لِسَيِّدِهَا الْفَسْخُ إلَّا بِتَوَافُقِهِمَا عَلَيْهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ شَيْخُنَا نَعَمْ إنْ قُلْنَا بِكَلَامِ الْبَارِزِيِّ إنَّ الْمَرْأَةَ تَفْسَخُ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِ الْمَهْرِ كَمَا تَفْسَخُ بِكُلِّهِ اتَّجَهَ الْفَسْخُ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهَا سَيِّدُهَا. (تَنْبِيهٌ) الْمُبَعَّضَةُ كَالْقِنَّةِ فِي النَّفَقَةِ وَفِي الْمَهْرِ لَهَا وَلِلسَّيِّدِ مَعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَقِيَ مَا لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ وَرَضِيَ الْآخَرُ بِالْإِعْسَارِ بِهِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُشْبِهُ أَنْ لَا فَسْخَ بِهِ إلَّا بِالتَّوَافُقِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُبَعَّضَةً أَوْ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ، وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ، وَقَدْ يُقَالُ غَيْرُ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 441 الرَّابِعُ: فِيمَنْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ وَهِيَ الْمَرْأَةُ فَلَا فَسْخَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ) بِإِعْسَارِ الزَّوْجِ بِنَفَقَةٍ أَوْ مَهْرٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَتُهُمَا كَمَا لَا يُطْلَقُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونِ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَصْلَحَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ، وَالشَّهْوَةِ فَلَا يُفَوَّضُ إلَى غَيْرِ ذِي الْحَقِّ (بَلْ تَبْقَى النَّفَقَةُ، وَالْمَهْرُ) لَهُمَا (دَيْنًا) عَلَيْهِ يُطَالَبُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ (وَيُنْفِقُهَا مَنْ يُنْفِقُهَا) أَيْ وَيُنْفِقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا (خَلِيَّةً) فَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ فَنَفَقَتُهُمَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا قَبْلَ النِّكَاحِ. (وَتَسْتَقِلُّ الْأَمَةُ بِالْفَسْخِ لِلنَّفَقَةِ) كَمَا تَفْسَخُ بِجَبِّهِ وَعُنَّتِهِ؛ وَلِأَنَّهَا صَاحِبَةُ حَقٍّ فِي تَنَاوُلِ النَّفَقَةِ فَإِنْ أَرَادَتْ الْفَسْخَ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا (فَإِنْ ضَمِنَ السَّيِّدُ النَّفَقَةَ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ) يَضْمَنُهَا فَإِنْ ضَمِنَهَا لَهَا بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِهَا صَحَّ (وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ) مَعَ الزَّوْجِ (لَمْ يَفْسَخْ السَّيِّدُ) لِمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي الْأَصْلِ لَهَا ثُمَّ يَتَلَقَّاهَا السَّيِّدُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ فَيَكُونُ الْفَسْخُ لَهَا لَا لِسَيِّدِهَا كَمَا أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِلْعَبْدِ أَوْ وَهَبَ مِنْهُ يَكُونُ الْقَبُولُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ يَحْصُلُ لِلسَّيِّدِ (لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْكَبِيرَةِ الْعَاقِلَةِ مَا لَمْ تَفْسَخْ) بَلْ يَقُولُ لَهَا افْسَخِي أَوْ اصْبِرِي عَلَى الْجُوعِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَبِهَذَا الطَّرِيقِ يُلْجِئُهَا إلَى الْفَسْخِ فَإِذَا فَسَخَتْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا، وَاسْتَمْتَعَ بِهَا أَوْ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَكَفَى نَفْسَهُ مُؤْنَتَهَا (وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ لِلْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ) حَيْثُ يَثْبُتُ بِهِ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّهِ لَا تَعَلُّقَ لِلْأَمَةِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي فَوَاتِهِ؛ وَلِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ فَكَانَ الْمِلْكُ فِيهِ لِسَيِّدِهَا وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِمَا إذَا بَاعَ عَبْدًا وَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ يَكُونُ حَقُّ الْفَسْخِ لِلْبَائِعِ لَا لِلْعَبْدِ (وَتُطَالِبُ الْأَمَةُ زَوْجَهَا بِالنَّفَقَةِ) كَمَا كَانَتْ تُطَالِبُ السَّيِّدَ (فَلَوْ أَعْطَاهَا) لَهَا (بَرِئَ) مِنْهَا (وَمَلَكَهَا السَّيِّدُ) دُونَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ لَهَا قَبْضُهَا وَتَنَاوُلُهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْمَأْذُونَةِ فِي الْقَبْضِ بِحُكْمِ النِّكَاحِ، وَفِي تَنَاوُلِهَا بِحُكْمِ الْعُرْفِ (وَتَعَلَّقَتْ) أَيْ الْأَمَةُ (بِهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ الْمَقْبُوضَةِ (فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ إبْدَالِهَا) لَهَا بِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ لَكِنْ لَهَا فِيهَا حَقُّ التَّوَثُّقِ كَمَا أَنَّ كَسْبَ الْعَبْدُ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ وَتَتَعَلَّقُ بِهِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ أَمَّا إذَا أَبْدَلَهَا فَيَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ (وَلَهَا إبْرَاؤُهُ مِنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ) ؛ لِأَنَّهَا لِلْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ فَكَانَ الْمِلْكُ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَتَمَحَّضُ الْحَقُّ لَهَا وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ سَيِّدِهَا (لَا الْأَمْسِ) أَيْ لَيْسَ لَهَا إبْرَاؤُهُ مِنْ نَفَقَةِ الْأَمْسِ كَمَا فِي الْمَهْرِ (وَالسَّيِّدُ بِالْعَكْسِ) أَيْ لَهُ إبْرَاؤُهُ مِنْ نَفَقَةِ الْأَمْسِ لَا مِنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ. (وَإِنْ ادَّعَى) الزَّوْجُ (التَّسْلِيمَ) لِلنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ أَوْ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْمُسْتَقْبَلَةِ (فَأَنْكَرَتْ الْأَمَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسْلِيمِ (وَإِنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ بَرِئَ مِنْ) النَّفَقَةِ (الْمَاضِيَةِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْحَاضِرَةِ، وَالْمُسْتَقْبِلَةِ (إذْ الْخُصُومَةُ لِلسَّيِّدِ فِي الْمَاضِيَةِ) كَالْمَهْرِ (لَا) فِي (الْحَاضِرَةِ) ، وَالْمُسْتَقْبِلَةِ، وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالْقَبْضِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ إلَيْهَا بِحُكْمِ النِّكَاحِ أَوْ بِصَرِيحِ الْإِذْنِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَتْ أَمَةُ الْمُوسِرِ زَوْجَةَ أَحَدِ أُصُولِهِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُمْ فَمُؤْنَتُهَا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَلَا فَسْخَ لَهُ، وَلَا لَهَا وَأَلْحَقَ بِهَا نَظَائِرَهَا كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ، وَاسْتَخْدَمَهُ. (وَمَنْ طُولِبَ بِالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَادَّعَى الْإِعْسَارَ يَوْمَ الْوُجُوبِ) لَهَا حَتَّى يَلْزَمَهُ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ، وَادَّعَتْ هِيَ الْيَسَارَ فِيهِ (كَذَبَ إنْ عُرِفَ بِمَالٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ (وَإِلَّا صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. [فَصْلٌ عَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ الْكَسْبِ الَّذِي يُنْفِقُ مِنْهُ وَلَمْ تَرْضَ زَوْجَتُهُ ذِمَّتَهُ] (فَصْلٌ) لَوْ (عَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ الْكَسْبِ) الَّذِي يُنْفِقُ مِنْهُ (وَلَمْ تَرْضَ زَوْجَتُهُ ذِمَّتَهُ فَسَخَتْ) فَإِنْ رَضِيَتْهَا صَارَتْ نَفَقَتُهَا دَيْنًا عَلَيْهِ. [فَصْلٌ عَجَزَ السَّيِّدُ عَنْ نَفَقَةِ أَمْ وَلَدِهِ] (فَصْلٌ: لَوْ عَجَزَ) السَّيِّدُ (عَنْ نَفَقَةِ أَمْ وَلَدِهِ أُجْبِرَ عَلَى تَخْلِيَتِهَا لِلْكَسْبِ) أَيْ لِتَكْتَسِبَ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ عَلَى إيجَارِهَا، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا كَمَا لَا يَرْفَعُ مِلْكَ الْيَمِينِ بِالْعَجْزِ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ (فَإِنْ عَجَزَتْ) عَنْ الْكَسْبِ (فَفِي بَيْتِ الْمَالِ) نَفَقَتُهَا. (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ) (وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي شَرَائِطِ الْوُجُوبِ، وَ) فِي (الْكَيْفِيَّةِ) لِلنَّفَقَةِ (وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ بَعْضِيَّةٍ وَ) تَجِبُ (لَهُ وَهُمْ الْفُرُوعُ) ، وَإِنْ نَزَلُوا (، وَالْأُصُولُ) ، وَإِنْ عَلَوْا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ سَائِرِ الْأَقَارِبِ كَالْأَخِ، وَالْأُخْتِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهَا إلَخْ) ، وَلَا عَلَى بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ مُقَابَلَةِ مَالِهِ بِمَالِهِ وَمِنْ تَأْخِيرِ قَبْضِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَتْ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ) قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَلَوْ غَابَ مَوْلَاهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَالٌ، وَلَا لَهَا كَسْبٌ، وَلَا كَانَ بَيْتُ مَالٍ فَالرُّجُوعُ إلَى وَجْهِ أَبِي زَيْدٍ بِالتَّزْوِيجِ لِلْمَصْلَحَةِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي شَرَائِطِ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 وَالْعَمُّ وَالْعَمَّةُ (ذُكُورًا، وَإِنَاثًا) ، وَارِثِينَ وَغَيْرَ وَارِثِينَ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْفُرُوعِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] إذْ إيجَابُ الْأُجْرَةِ لِإِرْضَاعِ الْأَوْلَادِ يَقْتَضِي إيجَابَ مُؤْنَتِهِمْ «وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدَ خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْأُصُولِ قَوْله تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وَخَبَرُ «أَطْيَبُ مَا يَأْكُلُ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْفُرُوعِ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ، وَالْعِتْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ بَلْ هُمْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُمْ أَعْظَمُ، وَالْفُرُوعُ بِالتَّعَهُّدِ، وَالْخِدْمَةِ أَلْيَقُ وَبِالْجُمْلَةِ تَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الدَّيْنُ فَتَجِبُ لِمُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ وَعَكْسُهُ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلِوُجُودِ الْمُوجِبِ وَهُوَ الْبَعْضِيَّةُ كَالْعِتْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ، وَفَارَقَ الْمِيرَاثَ بِأَنَّهُ مُوَالَاةٌ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ بِاخْتِلَافِ الدَّيْنِ وَيُسْتَثْنَى الْمُرْتَدُّ، وَالْحَرْبِيُّ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهَا، وَإِنَّمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ (فِيمَا فَضَلَ عَنْ قُوتِ نَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ يَوْمَهُ، وَلَيْلَتَهُ) الَّتِي تَلِيهِ سَوَاءٌ أَفَضَلَ بِالْكَسْبِ أَمْ بِغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا وُجُوبَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِلْمُوَاسَاةِ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقَ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِك شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك» ، وَفِي مَعْنَى الْقُوتِ سَائِرُ الْوَاجِبَاتِ فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَهُ بِالْحَاجَةِ كَانَ أَوْلَى، وَفِي مَعْنَى زَوْجَتِهِ خَادِمُهَا وَأُمُّ وَلَدِهِ (وَيُبَاعُ فِيهَا مِلْكُهُ) مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ لَا بَدَلَ لَهُ (كَالدَّيْنِ) ؛ وَلِأَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ وَمِلْكُهُ يُبَاعُ فِيهِ فَفِيمَا هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ أَوْلَى (فَإِنْ كَانَ) مِلْكُهُ (عَقَارًا اُقْتُرِضَ عَلَيْهِ قَدْرٌ) يَسْهُلُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الْعَقَارِ لَهُ (ثُمَّ يُبَاعُ لَهُ) لِمَا فِي بَيْعِ كُلِّ يَوْمٍ جُزْءًا بِقَدَرِ الْحَاجَةِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَقِيلَ يُبَاعُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ ذَلِكَ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَلْيُرَجَّحْ هُنَا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ قَالَ أَوْ الصَّوَابُ قَالَ، وَلَا يَنْبَغِي قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْعَقَارِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي إلَّا الْجَمِيعَ وَتَعَذَّرَ الِاقْتِرَاضُ بِيعَ الْجَمِيعُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّدَاقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّشْطِيرِ. (وَيَلْزَمُهُ) إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَكِنَّهُ ذُو كَسْبٍ يُمَكِّنُهُ أَنْ يَكْتَسِبَ مَا يَفْضُلُ عَنْهُ ذَلِكَ (الِاكْتِسَابُ لِقَرِيبِهِ وَزَوْجَتِهِ كَنَفْسِهِ) لِخَبَرِ «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ؛ وَلِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَهِيَ بِالْمَالِ وَيُفَارِقُ الدَّيْنَ حَيْثُ لَا يَلْزَمُ الِاكْتِسَابُ لَهُ بِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ، وَالنَّفَقَةُ يَسِيرَةٌ. (وَلَا تَجِبُ) النَّفَقَةُ (لِغَنِيٍّ، وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) وَزَمِنًا (وَلَا فَقِيرَ يَكْتَسِبُ) كِفَايَتَهُ لِاغْتِنَائِهِ بِكَسْبِهِ فَإِنْ كَانَ يَكْتَسِبُ دُونَ كِفَايَتِهِ اسْتَحَقَّ الْقَدْرَ الْمَعْجُوزَ عَنْهُ خَاصَّةً وَقُدْرَةُ الْأُمِّ أَوْ الْبِنْتِ عَلَى النِّكَاحِ لَا تُسْقِطُ نَفَقَتَهَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ حَبْسَ النِّكَاحِ لَا نِهَايَةَ لَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاكْتِسَابِ فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا بِالْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا إلَى أَنْ تَفْسَخَ لِئَلَّا تَجْمَعَ بَيْنَ نَفَقَتَيْنِ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا (أَوْ كَانَ) قَادِرًا عَلَيْهِ لَكِنْ (لَا يَلِيقُ بِهِ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَاجِزٌ عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي فِي مَعْنَاهُ وَأَلْحَقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِذَلِكَ الصَّحِيحَ الْمُشْتَغِلَ عَنْ الْكَسْبِ بِالصَّرْفِ فِي مَالِ الْوَلَدِ وَمَصْلَحَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ الْحَجْرِ (فَلَوْ قَدَرَ) عَلَيْهِ، وَامْتَنَعَ مِنْهُ (وَجَبَتْ) أَيْ النَّفَقَةُ (لِلْأَصْلِ لَا الْفَرْعِ) لِعَظْمِ حُرْمَةِ الْأَصْلِ؛ وَلِأَنَّ فَرْعَهُ مَأْمُورٌ بِمُصَاحَبَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهُ الْكَسْبَ مَعَ كِبَرِ السِّنِّ، وَكَمَا يَجِبُ الْإِعْفَافُ وَيَمْتَنِعُ الْقِصَاصُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَتَرْجِيحُ وُجُوبِهَا لِلْأَصْلِ فِيمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ فَنَصُّ الشَّافِعِيِّ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَبِهِ أَجَابَ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْجَدِيدِ ثُمَّ قَالَ فَبَانَ لَك أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ الْجَدِيدَ أَنَّهَا لَا تَجِبُ لِمُكْتَسِبٍ أَصْلًا كَانَ أَوْ فَرْعًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ وَيُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّ النَّصَّ يَقْتَضِي مَا ذُكِرَ فَقَدْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ فَعُلِمَ أَنَّ لَهُ فِيهِ نَصَّيْنِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا جَدِيدَانِ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ (حَمْلُ الصَّغِيرِ عَلَى الِاكْتِسَابِ) إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ (فَإِنْ تَرَكَ) الصَّغِيرُ الِاكْتِسَابَ (فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَوْ هَرَبَ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ) عَلَى وَلِيِّهِ. [فَصْلٌ لَا تَقْدِيرَ لِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ] (فَصْلٌ: لَا تَقْدِيرَ لَهَا) أَيْ لِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ (بِغَيْرِ الْكِفَايَةِ) فَلَا يَتَقَدَّرُ إلَّا بِهَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ فَتُعْتَبَرُ الْحَاجَةُ وَقَدْرُهَا (فَلِطِفْلٍ إرْضَاعُ حَوْلَيْنِ) أَيْ مُؤْنَةُ إرْضَاعِهِ فِيهِمَا (وَفَطِيمٍ) أَيْ وَلِفَطِيمٍ (وَنَحْوِهِ) كَشَيْخٍ أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (لَائِقٌ بِهِ فَإِنْ ضَيَّفَ) مَثَلًا (الْقَرِيبَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَارِثِينَ وَغَيْرِ وَارِثِينَ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ بِالْقَرَابَةِ الْمَحْضَةِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعْصِيبُ فَشَمَلَهُمْ كَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى الْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ) إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُمَا وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الِابْنَ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَبٍ إسْمَاعِيلِيٍّ مُصِرٍّ عَلَى إلْحَادِهِ كَمَا لَا يَبْذُلُ الْمَاءَ لِلْمُرْتَدِّ الْعَطْشَانِ، وَكُلِّ مَنْ يُكَفَّرُ بِبِدْعَتِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِيمَا فَضَلَ عَنْ قُوتِ نَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ) فِي حُكْمِ زَوْجَتِهِ أُمُّ وَلَدِهِ وَخَادِمَةُ زَوْجَتِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى الْقُوتِ سَائِرُ الْوَاجِبَاتِ) قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ، وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا نَفَقَةُ أَحَدٍ مِنْ الْأَقْرِبَاءِ حَتَّى يَفْضُلَ مِنْ مُؤْنَتِهِ مِنْ طَعَامِهِ وَمَلْبَسِهِ وَمَسْكَنِهِ وَطَيْلَسِهِ وَمَا يَنَامُ عَلَيْهِ وَيَسْتَعْمِلُهُ فِي وُضُوئِهِ وَأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَمَا لَا غِنًى لِمِثْلِهِ عَنْهُ فَإِنْ وَقَعَ لَهُ خَلَلٌ مِنْ شَيْءٍ مِنْ هَذَا فَلَا يُكَلَّفُ نَفَقَةَ ابْنٍ، وَلَا أَبٍ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَالْمُوَاسَاةُ إنَّمَا تَلِيقُ بِمَنْ يَفْضُلُ عَنْ حَاجَةِ مَا مَعَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ مُحْتَاجٌ لِلْمُوَاسَاةِ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ لِقَرِيبِهِ إلَخْ) لَا سُؤَالُ النَّاسِ، وَلَا قَبُولُ عَطِيَّتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَقُدْرَةُ الْأُمِّ أَوْ الْبِنْتِ عَلَى النِّكَاحِ لَا تُسْقِطُ نَفَقَتَهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَدَرَ وَامْتَنَعَ إلَخْ) ذَكَرُوا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ لَكِنْ يَشْتَغِلُ بِالْعِلْمِ، وَلَوْ اكْتَسَبَ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ حَلَّتْ لَهُ الزَّكَاةُ فَلْيَكُنْ هُنَا مِثْلُهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى أَصْلِهِ كِفَايَتُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّكَاةِ ظَاهِرٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 سَقَطَتْ) نَفَقَتُهُ لِحُصُولِ كِفَايَتِهِ بِذَلِكَ (وَتَخْتَلِفُ) نَفَقَتُهُ (بِسِنِّهِ وَحَالِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ فِي سِنِّهِ وَزَهَادَتِهِ وَرَغْبَتِهِ (، وَلَا يَكْفِي سَدُّ الرَّمَقِ) لَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ انْتِهَاؤُهُ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ (بَلْ) يُعْطِي (مَا يُقِيمُهُ لِلتَّرَدُّدِ) ، وَالتَّصَرُّفِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ: وَلَا يَجِبُ إشْبَاعُهُ أَيْ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ أَمَّا الشِّبَعُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ (مَعَ أُدْمٍ) لِئَلَّا تَنْحَلَّ الْقُوَى بِالْخُبْزِ الْبَحْتِ (وَ) مَعَ مُؤْنَةِ (خَادِمٍ إنْ احْتَاجَهُ) لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (وَ) مَعَ (كِسْوَةٍ وَسُكْنَى لَائِقَيْنِ) بِهِ وَمَعَ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ (وَهِيَ) أَيْ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ مَعَ مَا ذُكِرَ (أَمَتَاعٌ لَا يَجِبُ تَمَلُّكُهَا) ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، وَتَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْإِعْفَافِ مَا لَهُ بِهَذَا تَعَلُّقٌ (وَلَا تَصِيرُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ دَيْنًا) ، وَإِنْ تَعَدَّى بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِنْفَاقِ أَوْ فَرَضَهَا الْقَاضِي أَوْ أَذِنَ فِي افْتِرَاضِهَا الْغَيْبَةَ أَوْ امْتِنَاعٍ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، وَإِمْتَاعٌ فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا بِذَلِكَ وَمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا بِفَرْضِ الْقَاضِي أَوْ بِإِذْنِهِ فِي الِاقْتِرَاضِ تَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيُّ، وَالْمَنْقُولُ مَا تَقَرَّرَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَا جَرَمَ، وَافَقَهُمْ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ وَقَدْ بَسَطَتْ الْكَلَامَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْبَسْطِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. (فَإِنْ أَتْلَفَهَا) أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ قَبْضِهَا (أَبْدَلَ) هَا لَهُ الْمُنْفِقُ بِغَيْرِهَا (لَكِنْ بِإِتْلَافِهِ) لَهَا (يَضْمَنُهَا) فَتَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الرَّشِيدِ وَغَيْرِهِ فَيَضْمَنُ الرَّشِيدُ بِالْإِتْلَافِ دُونَ غَيْرِهِ لِتَقْصِيرِ الْمُنْفِقِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَهُوَ الْمُضَيِّعُ، وَسَبِيلُهُ أَنْ يُطْعِمَهُ أَوْ يُوَكِّلَ بِإِطْعَامِهِ، وَلَا يُسَلِّمَهُ شَيْئًا قَالَ، وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الرَّشِيدَ لَوْ آثَرَ بِهَا غَيْرَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا لَا يَلْزَمُ الْمُنْفِقَ أَبْدَالُهَا لَهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً. (فَصْلٌ: تَجِبُ النَّفَقَةُ، وَالْكِسْوَةُ لِزَوْجَةِ أَصْلٍ تَجِبُ نَفَقَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَمَامِ الْإِعْفَافِ (لَا) لِزَوْجَةِ (فَرْعٍ) إذْ لَا يَلْزَمُ الْأَصْلَ إعْفَافُهُ (أَوْ لِأُمِّ وَلَدِهِ) أَيْ وَيَجِبُ ذَلِكَ لِأُمِّ وَلَدِ أَصْلِهِ (لَا) لِأُمِّ وَلَدِ (وَلَدِهِ) لِذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ كُنَّ) الْأَوْلَى كَانَتْ تَحْتَهُ (زَوْجَاتٌ) أَوْ مُسْتَوْلَدَاتٌ ثِنْتَانِ فَأَكْثَرُ (أَنْفَقَ) فَرْعُهُ (عَلَى وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ فَقَطْ كَمَا لَا نَفَقَةَ فِي الِابْتِدَاءِ إلَّا لِوَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَدْفَعَهَا لِلْأَبِ (وَيُوَزِّعَهَا الْأَبُ) عَلَيْهِنَّ (وَلَهُنَّ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ (الْفَسْخُ) لِفَوَاتِ بَعْضِ حَقِّهَا (إلَّا الْأَخِيرَةَ) إذَا تَرَتَّبْنَ فِي الْفَسْخِ فَلَا تَفْسَخُ لِتَمَامِ حَقِّهَا (وَلَا أُدْمَ، وَلَا نَفَقَةَ خَادِمٍ) ؛ لِأَنَّ فَقْدَهُمَا لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ وُجُوبِ السُّكْنَى أَيْضًا، وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ الثَّلَاثَةِ جَرَى عَلَيْهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَيَيْنِ حَيْثُ نَقَلَ عَدَمَ وُجُوبِهِمَا عَنْ الْبَغَوِيّ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ قِيَاسُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الِابْنَ يَتَحَمَّلُ مَا يَلْزَمُ الْأَبَ وُجُوبُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا وَاجِبَانِ عَلَى الْأَبِ مَعَ إعْسَارِهِ. (فَصْلٌ: لَوْ امْتَنَعَ) الْقَرِيبُ (مِنْ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ) لَهُ (أَوْ غَابَ) ، وَلَهُ ثُمَّ مَالٌ (فَلَهُ أَخْذُهَا مِنْ مَالِهِ، وَكَذَا الْأُمُّ) لَهَا أَخْذُهَا (لِلطِّفْلِ) ، وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي مِنْ مَالِ أَبِيهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ نَفَقَتِهِ أَوْ غَابَ، وَلَهُ ثَمَّ مَالٌ لِقِصَّةِ هِنْدَ (وَلَوْ) كَانَ مَالُهُ (مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ الْوَاجِبِ (أَنَّ عَدَمَ الْجِنْسِ) ، وَإِلَّا فَلَا يُؤْخَذُ إلَّا مِنْهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا الْقَيْدِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَيْبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ ثَمَّ (مَالٌ أَذِنَ الْقَاضِي) لِلْقَرِيبِ (فِي الِاقْتِرَاضِ عَلَى) قَرِيبِهِ (الْغَائِبِ أَوْ لِلْأُمِّ) فِي الِاقْتِرَاضِ عَلَى الْأَبِ الْغَائِبِ، وَ (الْإِنْفَاقِ عَلَى الصَّغِيرِ) بِشَرْطِ أَهْلِيَّتِهَا لِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمَا فِي الِاقْتِرَاضِ عَلَيْهِ لَمْ يَقْتَرِضَا عَلَيْهِ وَقِيلَ لِلْأُمِّ أَنْ تَقْتَرِضَ عَلَيْهِ، وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ اقْتِرَاضِ الْقَرِيبِ عَلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَتَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مَا يَدُلُّ لَهُ أَيْضًا كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي الْجَدِّ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ قَاضٍ فَاقْتَرَضَا) عَلَى الْغَائِبِ (وَأَشْهَدَا) بِذَلِكَ (رَجَعَا) -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَمَّا الشِّبَعُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ وَبِهِ الْفَتْوَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا صَحِيحٌ فِي حَقِّ مَنْ يَأْكُلُ كَأَكْلِ غَالِبِ النَّاسِ أَمَّا لَوْ كَانَ يَأْكُلُ بِقَدْرِ عَشَرَةِ أَنْفُسٍ أَوْ عِشْرِينَ مَثَلًا فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ إلَّا مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَيَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ وَالتَّصَرُّفِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِيرُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ دَيْنًا) ، وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْخَادِمِ هُنَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَإِنْ سَقَطَتْ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ بِذَلِكَ فَيَزِيدُ التَّابِعُ عَلَى الْمَتْبُوعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ قَالَ لِأَنَّهَا عِوَضُ الْخِدْمَةِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا خُدِمَتْ بِعِوَضٍ أَمَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ الْخِدْمَةُ أَوْ وُجِدَتْ مِمَّنْ لَا عِوَضَ لَهُ لِتَبَرُّعِهِ بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي السُّقُوطُ (قَوْلُهُ أَوْ فَرَضَهَا الْقَاضِي) نَعَمْ إنْ تَضَمَّنَ فَرْضُ الْحَاكِمِ الْإِذْنَ فِي الِاقْتِرَاضِ فَاقْتَرَضَ الْمُنْفِقُ صَارَتْ دَيْنًا لِأَجْلِ الْإِذْنِ فَقَطْ عِ (قَوْلُهُ: وَمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا بِفَرْضِ الْقَاضِي تَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْجَمَّالِ إذَا هَرَبَ وَتَرَكَ جِمَالَهُ عِنْدَ الْمُكْتَرِي، وَأَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِنْفَاقِ فَإِنَّهُ إذَا أَنْفَقَ رَجَعَ، وَإِنْ لَمْ يُنْفَقْ لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ قَدَّرَ لَهُ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْإِجَارَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَاهُ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ صَحِيحٌ وَصُورَتُهُ مَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ أَيْ قَدْرَهَا وَأَذِنَ لِإِنْسَانٍ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الطِّفْلِ مَا قَدَّرَهُ لَهُ فَأَنَّهُ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْقَرِيبِ الْغَائِبِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِفَرْضِ الْقَاضِي وَهُوَ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الِاقْتِرَاضِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ الْحَاكِمُ قَدَّرْت عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا، وَلَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ دَيْنًا، وَلَيْسَ هُوَ مُرَادُ الْغَزَالِيِّ فَتَأَمَّلْهُ ت (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ افْتَرَضَهَا إلَخْ) أَيْ أَوْ أَذِنَ فِي اقْتِرَاضِهَا (وَقَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ نَفَقَةُ زَوْجَة الْأَصْل] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: تَجِبُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ لِزَوْجَةِ أَصْلٍ تَجِبُ نَفَقَتُهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ النَّفَقَةُ الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْفَرْعِ هَلْ هِيَ نَفَقَةُ مُعْسِرٍ نَظَرًا لِحَالِ الْأَبِ أَمْ يُنْظَرُ لِحَالِ الِابْنِ أَمْ تُعْتَبَرُ الْكِفَايَةُ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ وُجُوبِ السُّكْنَى أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لَعَلَّهُمْ اسْتَغْنَوْا عَنْ ذِكْرِهَا بِذِكْرِ سُكْنَى الْأَصْلِ فَإِنَّهَا تَكُونُ مَعَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الِابْنَ إلَخْ) يُجَابُ بِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَحَمُّلِهِ إيَّاهُمَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 عَلَيْهِ بِمَا اقْتَرَضَاهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ (فَوَجْهَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَكَّنَا مِنْ الْإِشْهَادِ أَوْ لَا كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ هَرَبِ الْجَمَّالِ. (وَلَوْ أَنْفَقَتْ) الْأُمُّ (عَلَى طِفْلِهَا الْمُوسِرِ مِنْ مَالِهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْأَبِ، وَالْقَاضِي (جَازَ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَدَّى مَصْلَحَتُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا إذَا امْتَنَعَ الْأَبُ أَوْ غَابَ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ (أَوْ) أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ (مِنْ مَالِهَا لِتَرْجِعَ) عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ إنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ (رَجَعَتْ إنْ أَشْهَدَتْ بِذَلِكَ) عِنْدَ عَجْزِهَا عَنْ الْقَاضِي (وَإِلَّا فَوَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: قَضِيَّةُ مَا رَجَّحُوهُ فِي الْمُسَاقَاةِ الْمَنْعُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَنْ تَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِشْهَادِ أَوْ لَا (وَلَوْ غَابَ الْأَبُ لَمْ يَسْتَقِلَّ الْجَدُّ بِالِاقْتِرَاضِ عَلَيْهِ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي لَهُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَالْإِشْهَادُ. (فَصْلٌ: لِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَخْذُ النَّفَقَةِ) الْوَاجِبَةِ لَهُمَا عَلَى فَرْعِهِمَا (مِنْ مَالٍ فَرْعِهِمَا الصَّغِيرِ) أَوْ الْمَجْنُونِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ (وَ) لَهُمَا (تَأْجِيرُهُ) أَيْ إيجَارُهُ (لَهَا) لِمَا يُطِيقُهُ مِنْ الْأَعْمَالِ (وَلَا تَأْخُذُهَا الْأُمُّ) مِنْ مَالِهِ إذَا وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ (وَ) لَا (الِابْنُ) مِنْ مَالِ أَبِيهِ الْمَجْنُونِ إذَا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ (إلَّا بِالْحَاكِمِ) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا (فَيُوَلِّي الْقَاضِي الِابْنَ الزَّمِنَ إجَارَةَ أَبِيهِ الْمَجْنُونِ) إذَا صَلُحَ لِصَنْعَةٍ (لِنَفَقَتِهِ) . [فَصْلٌ عَلَى الْأُمِّ إرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأَ] (فَصْلٌ: عَلَى الْأُمِّ إرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأَ) ، وَإِنْ وَجَدَتْ مُرْضِعَةً أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَوْ لَا يَقْوَى غَالِبًا إلَّا بِهِ وَهُوَ اللَّبَنُ النَّازِلُ أَوَّلَ الْوِلَادَةِ وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ قَالُوا يَكْفِيهِ مَرَّةً بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ كَفَتْ، وَإِلَّا عُمِلَ بِقَوْلِهِمْ (وَكَذَا اللَّبَنُ) يَجِبُ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ لَهُ (إنْ عَدِمَتْ الْمُرْضِعَاتِ) فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَ عَلَيْهَا أَيْضًا إبْقَاءً عَلَى الْوَلَدِ. (وَلَهَا الِامْتِنَاعُ) مِنْ الْإِرْضَاعِ (إنْ وُجِدْنَ) أَيْ الْمُرْضِعَاتُ، وَلَوْ وَاحِدَةً سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] (فَإِنْ طَالَبَتْ بِالْأُجْرَةِ، وَلَوْ لِلِّبَأِ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ أُجِيبَتْ، وَلَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً بِأَبِيهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] ؛ وَلِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَى وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهَا، وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ وَأَوْفَقُ وَتَعَيُّنُ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا لَا يُوجِبُ التَّبَرُّعَ بِهِ كَمَا يَلْزَمُ مَالِكَ الطَّعَامِ بَذْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ بِبَدَلِهِ (فَلَوْ وَجَدَ مُتَبَرِّعَةً) بِإِرْضَاعِهِ (نَزَعَهُ) مِنْ أُمِّهِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُتَبَرِّعَةِ لِتُرْضِعَهُ (إنْ لَمْ تَتَبَرَّعْ) أُمُّهُ بِإِرْضَاعِهِ؛ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الْأُجْرَةَ مَعَ الْمُتَبَرِّعَةِ إضْرَارًا بِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة: 233] ، وَكَالْمُتَبَرِّعَةِ الرَّاضِيَةُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ إلَّا بِهَا، وَالرَّاضِيَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْهَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهُمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (وَلَوْ ادَّعَى وُجُودَهَا) أَيْ الْمُتَبَرِّعَةِ أَوْ الرَّاضِيَةِ بِمَا ذَكَرَ وَأَنْكَرَتْ هِيَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي عَلَيْهِ أُجْرَةً، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا؛ وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ (وَالْأُجْرَةُ) تَجِبُ (فِي مَالِ الطِّفْلِ ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَتَجِبُ (عَلَى الْأَبِ) كَالنَّفَقَةِ (وَلَا يُزَادُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِلْإِرْضَاعِ) ، وَإِنْ احْتَاجَتْ فِيهِ إلَى زِيَادَةِ الْغِذَاءِ؛ لِأَنَّ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَا يَخْتَلِفُ بِحَالِ الْمَرْأَةِ وَحَاجَتِهَا (وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُمَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ إرْضَاعِهِ حَيْثُ اخْتَارَتْهُ (وَلَوْ أَخَذَتْ الْأُجْرَةَ) ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهَا وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ، وَأَوْفَقُ وَلِمَا فِي مَنْعِهَا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا هَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَأْجَرَةً لِلْإِرْضَاعِ قَبْلَ نِكَاحِهَا، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ تَخَيَّرَ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالتَّمَتُّعِ وَتَبِعَ فِي تَخْيِيرِهِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ بِمَا فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا تَقَرَّرَ مَحَلُّهُ فِي الزَّوْجَةِ، وَالْوَلَدِ الْحُرَّيْنِ أَمَّا لَوْ كَانَ رَقِيقًا، وَالْأُمُّ حُرَّةٌ فَلَهُ مَنْعُهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً الْوَلَدُ حُرٌّ أَوْ رَقِيقٌ فَقَدْ يُقَالُ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا فَهُوَ الْمُجَابُ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ (لَكِنْ إنْ أَخَذَتْهَا) أَيْ الْأُجْرَةَ (سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا إنْ نَقَصَ الِاسْتِمْتَاعُ) بِإِرْضَاعِهَا، وَإِلَّا فَلَا. (الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي اجْتِمَاعِ الْأَقَارِبِ) مِنْ جَانِبِ الْمُنْفِقِ وَمِنْ جَانِبِ الْمُحْتَاجِ (فَإِنْ اجْتَمَعَ لِلْمُحْتَاجِ فَرْعَانِ، وَاسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ وَالْإِرْثِ) أَوْ عَدَمِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الذُّكُورَةِ وَعَدَمِهَا) كَابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ أَوْ ابْنٍ وَبِنْتٍ (أَنْفَقَا) عَلَيْهِ (بِالسَّوَاءِ) ، وَإِنْ تَفَاوَتَا يَسَارًا وَإِرْثًا أَوْ يُسْرُ أَحَدِهِمَا بِالْمَالِ، وَالْآخَرِ بِالْكَسْبِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ إيجَابِ النَّفَقَةِ تَشْمَلُهُمَا (وَلَا تُوَزَّعُ) النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا (عَلَى قَدْرِ الْإِرْثِ) هَذَا النَّفْيُ مُقَابِلٌ لِإِنْفَاقِهِمَا بِالسَّوَاءِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِي لِإِشْعَارِ زِيَادَةِ الْإِرْثِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ امْتَنَعَ الْقَرِيبُ مِنْ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ لَهُ] قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُمَا لَا يَرْجِعَانِ، وَلَوْ عَدَمَا الشُّهُودَ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَسَّكَا إلَخْ) نَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ فِي الْمُسَاقَاةِ أَنَّهُ إذَا أَنْفَقَ الْمَالِكُ عِنْدَ هَرَبِ الْعَامِلِ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ إمْكَانِ الْإِشْهَادِ وَعَدَمِ إمْكَانِهِ، وَقَالَ فِيهَا: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ أَنَّ عَدَمَ إمْكَانِ الْإِشْهَادِ نَادِرٌ وَجَزَمَ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ وَالْبَارِزِيُّ وَابْنُ السِّرَاجِ وَجَمَاعَةٌ بِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ وَجَزَمَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي اقْتِرَاضِ الْغَرِيبِ نَفَقَةَ نَفْسِهِ وَفِي اقْتِرَاضِ الْجَدِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَتَعَدَّى مَصْلَحَتَهُ) وَهُوَ قَلِيلٌ فَسُومِحَ فِيهِ (قَوْلُهُ: قَضِيَّةُ مَا رَجَّحُوهُ فِي الْمُسَاقَاةِ الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَخْذُ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ لَهُمَا عَلَى فَرْعِهِمَا] (قَوْلُهُ: وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَآخَرُونَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ نَقَلَهُمَا ابْنُ كَبْنٍ فِي نُكَتِهِ وَعِبَارَةُ الْبَيَانِ وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْقِيَهُ اللِّبَأَ حَتَّى يُرْوَى وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَرَّةٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ وَجَدْنَا مُتَبَرِّعَةً بِإِرْضَاعِهِ) أَوْ بِحَضَانَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهُمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: هَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا قَالَهُ الْإِمَامُ) هَذَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ رَاجِعٌ إلَى أَبِيهِ الْمُصَرِّحِ بِهِ فِي قَوْلِهِ بِأَبِيهِ وَفِي قَوْلِهِ ثُمَّ عَلَى الْأَبِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ يُقَالُ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا فَهُوَ الْمُجَابُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي اجْتِمَاعِ الْأَقَارِبِ] (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 بِزِيَادَةِ قُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا رَجَحَ فِيمَنْ لَهُ أَبَوَانِ وَقُلْنَا نَفَقَتُهُ عَلَيْهِمَا لَكِنْ مَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ وَنَقَلَ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْفُورَانِيِّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَغَيْرِهِمَا، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَدَمِهَا (وَأُخِذَ قِسْطُ الْغَائِبِ) مِنْهُمَا مِنْ مَالِهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَّ مَالٌ (اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا أَمَرَ الْحَاكِمُ الْحَاضِرَ بِالْإِنْفَاقِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ مَالِهِ إذَا وَجَدَهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ، وَاضِحٌ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ أَهْلًا لِذَلِكَ مُؤْتَمَنًا، وَإِلَّا اقْتَرَضَ مِنْهُ الْحَاكِمُ وَأَمَرَ عَدْلًا بِالصَّرْفِ عَلَى الْمُحْتَاجِ يَوْمًا فَيَوْمًا (فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرَبِ قُدِّمَ الْوَارِثُ) لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِ وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الْمُجَرَّدَةَ عَنْ الْإِرْثِ مُوجِبَةٌ لِلنَّفَقَةِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ قُدِّمَ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْإِرْثِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (الْأَمْثِلَةُ ابْنٌ وَبِنْتٌ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ وَأَصْلُ الْإِرْثِ (بِنْتٌ، وَابْنُ ابْنٍ أَوْ) وَ (بِنْتٌ ابْنٍ هِيَ عَلَى الْبِنْتِ) لِقُرْبِهَا (ابْنُ ابْنٍ، وَابْنُ بِنْتٍ) هِيَ (عَلَى ابْنِ الِابْنِ) ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِثُ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لِلْآخَرِ قُرْبًا (بِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ ابْنٍ) هِيَ (عَلَى بِنْتِ الِابْنِ) ؛ لِأَنَّهَا الْوَارِثَةُ مَعَ مُسَاوَاتِهَا لِلْأُخْرَى قُرْبًا (ابْنٌ، وَ) وَلَدٌ (خُنْثَى أَوْ بِنْتٌ، وَ) وَلَدٌ (خُنْثَى) هِيَ عَلَيْهِمَا (سَوَاءٌ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ، وَالْإِرْثِ أَوْ أَصْلِهِ (وَإِنْ اجْتَمَعَ) لِلْمُحْتَاجِ (الْأُصُولُ فَقَطْ لَزِمَتْ) نَفَقَتُهُ (الْأَبَ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَلِلْآيَةِ وَلِقِصَّةِ هِنْدَ السَّابِقَتَيْنِ أَوْ بَالِغًا فَلِلِاسْتِصْحَابِ (ثُمَّ الْجَدُّ، وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الْأُمُّ) وَقُدِّمَ عَلَيْهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ؛ لِأَنَّهُمَا أَقْدَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ (فَإِنْ اجْتَمَعَ أَجْدَادٌ وَجَدَّاتٌ لَزِمَتْ الْأَقْرَبَ، وَلَوْ لَمْ يُدْلِ بِهِ الْآخَرُ) لِقُرْبِهِ (وَإِنْ اجْتَمَعَ لَهُ فَرْعٌ وَأَصْلٌ) لَزِمَتْ الْوَلَدَ أَوْ وَلَدَ الْوَلَدِ، وَإِنْ نَزَلَ أَوْ كَانَ أُنْثَى (دُونَ الْأَبِ، وَالْأُمِّ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْقِيَامِ بِشَأْنِ أَصْلِهِ لِعِظَمِ حُرْمَتِهِ. (فَإِنْ ازْدَحَمَ الْآخِذُونَ) عَلَى الْمُنْفِقِ الْوَاحِدِ (وَوَفَّى مَالُهُ بِهِمْ أَنْفَقَهُمْ كُلَّهُمْ) أَيْ أَنْفَقَ عَلَى جَمِيعِهِمْ قَرِيبِهِمْ وَبَعِيدِهِمْ (وَإِنْ ضَاقَ عَنْهُمْ بَدَأَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ زَوْجَتِهِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ وَقُدِّمَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِغِنَاهَا، وَلَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ؛ وَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ عِوَضًا، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْقَرِيبِ مُوَاسَاةٌ (ثُمَّ بِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ) لِشِدَّةِ عَجْزِهِ وَمِثْلُهُ الْبَالِغُ الْمَجْنُونُ (ثُمَّ الْأُمُّ) لِذَلِكَ وَلِتَأَكُّدِ حَقِّهَا بِالْحَمْلِ، وَالْوَضْعِ، وَالرَّضَاعِ، وَالتَّرْبِيَةِ (ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ أَبُوهُ) الْأَوْلَى أَبِيهِ، وَإِنْ عَلَا. وَتَقَدَّمَ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَتَرْجِيحُ تَقْدِيمِ الْأَبِ عَلَى الْوَلَدِ الْكَبِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا، وَالْأَبُ مَجْنُونًا أَوْ زَمِنًا فَيَنْبَغِي اسْتِوَاؤُهُمَا (فَإِنْ كَانَ) الْأَبْعَدُ (زَمِنًا قُدِّمَ) عَلَى الْأَقْرَبِ لِشِدَّةِ احْتِيَاجِهِ (وَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الْآخِذَانِ (فِي الدَّرَجَةِ كَابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ أَوْ بِنْتٍ، وَابْنٍ صُرِفَ إلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَتُقَدَّمُ بِنْتُ ابْنٍ عَلَى ابْنِ بِنْتٍ لِضَعْفِهَا) وَعُصُوبَةِ أَبِيهَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يُجْعَلَا كَالِابْنِ، وَالْبِنْتِ أَيْ فَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا وَضَعُفَ هَذَا الِاحْتِمَالُ بِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي بِنْتِ الِابْنِ رُجْحَانُ الْأُنُوثَةِ وَالْوِرَاثَةِ بِخِلَافِ الْبِنْتِ لَيْسَ فِيهَا إلَّا رُجْحَانٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْأُنُوثَةُ، وَعَارَضَهَا زِيَادَةُ الْإِرْثِ فِي الِابْنِ وَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ هُوَ الَّذِي أَجَابَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ (رَضِيعًا أَوْ مَرِيضًا وَنَحْوَهُ قُدِّمَ) لِشِدَّةِ احْتِيَاجِهِ وَذَكَرَ هَذَا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْجَدَّيْنِ) الْمُجْتَمِعَيْنِ فِي دَرَجَةٍ (عُصْبَةً) كَأَبِ الْأَبِ (مَعَ أَبِي الْأُمِّ قُدِّمَ فَإِنْ بَعُدَ) الْعَصَبَةُ مِنْهُمَا (اسْتَوَيَا) لِتَعَارُضِ الْقُرْبِ، وَالْعُصُوبَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَذَا خِلَافُ الصَّحِيحِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي إعْفَافِ الْجَدِّ أَنَّهُ دَائِرٌ مَعَ النَّفَقَةِ وَأَنَّ الْعَصَبَةَ الْبَعِيدَ مُقَدَّمٌ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الدَّرَجَةُ، وَاسْتَوَيَا فِي الْعُصُوبَةِ أَوْ عَدَمِهَا فَالْأَقْرَبُ مُقَدَّمٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَتُقَدَّمُ إحْدَى جَدَّتَيْنِ فِي دَرَجَةٍ زَادَتْ) عَلَى الْأُخْرَى (بِوِلَادَةٍ) أُخْرَى (فَإِنْ قَرُبَتْ الْأُخْرَى) دُونَهَا (قُدِّمَتْ) لِقُرْبِهَا (، وَكَذَا) الْحُكْمُ (فِي الْفُرُوعِ) فَلَوْ اجْتَمَعَتْ بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ أَبُوهَا ابْنُ ابْنِ بِنْتِهِ مَعَ بِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ لَيْسَ أَبُوهَا مِنْ أَوْلَادِهِ فَإِنْ كَانَتَا فِي دَرَجَةٍ فَصَاحِبَةُ الْقَرَابَتَيْنِ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ أَبْعَدَ فَالْأُخْرَى أَوْلَى وَمَتَى اسْتَوَى الْآخِذُونَ وُزِّعَ الْمَوْجُودُ عَلَيْهِمْ (فَإِنْ كَثُرُوا فِي الدَّرَجَةِ بِحَيْثُ لَا يَسُدُّ) قِسْطَ كُلٍّ مِنْهُمْ (إنْ وُزِّعَ) الْمَوْجُودُ عَلَيْهِمْ (مَسَدًا أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُصَارَ إلَى التَّوْزِيعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يَكْفِيهِ مَا يَخُصُّهُ، وَلِذَلِكَ قُلْنَا لَوْ قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى نِصْفِ الْمُدِّ كَانَ لَهَا حَقُّ الْفَسْخِ. (وَإِنْ أَعْسَرَ الْأَقْرَبُ) بِالنَّفَقَةِ (لَزِمَتْ الْأَبْعَدَ، وَلَا رُجُوعَ) لَهُ (عَلَيْهِ) بِمَا أَنْفَقَ (إذَا أَيْسَرَ) بِهِ. [فَرْعٌ الْعَجَز عَنْ نَفَقَةِ أَحَدِ الْوَالِدَيْنِ] (فَرْعٌ) لَوْ (عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ أَحَدِ وَلَدَاهُ) ، وَلَهُ أَبٌ مُوسِرٌ (لَزِمَتْ أَبَاهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ بِنْتٌ وَوَلَدٌ خُنْثَى هِيَ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ لِاسْتِوَائِهِمَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى رَأْيِهِ وَهُوَ اعْتِبَارُ الْقُرْبِ لَا التَّوْزِيعِ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ عَلَى الْخُنْثَى الثُّلُثُ وَيَصْرِفُ الذَّكَرُ الثُّلُثَيْنِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَةُ الْخُنْثَى رَجَعَ عَلَيْهِ بِالسُّدُسِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي اسْتِوَاؤُهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا خِلَافُ الصَّحِيحِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي إعْفَافِ الْجَدِّ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعُصُوبَةَ ثَمَّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقَرِيبِ وَهُنَا بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ لَا يُصَارَ إلَى التَّوْزِيعِ إلَخْ) وَهَذَا ضَعِيفٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى أَحَدِهِمَا كَيْفَ وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ» يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ كَانَ يَجُوزُ أَنْ لَا يُصَارَ إلَى التَّوْزِيعِ يَحْتَمِلُ احْتِمَالَاتٍ ثَلَاثَةٍ. أَحَدُهَا أَنَّ الْمُنْفِقَ يُخَصِّصُ بِهِ أَحَدَهُمَا. الثَّانِي أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فِي مَرَّةٍ. وَالثَّالِثُ أَنْ يُهَايَأَ بَيْنَهُمَا، وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ جِدًّا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالثَّانِي ضَعِيفٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ قَدْ تَطْلُعُ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ، وَالثَّالِثُ أَقْرَبُهُمَا وَهُوَ يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى إلَى التَّوْزِيعِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، وَأَمَّا حُكْمُ الْأَصْحَابِ بِالرُّجُوعِ إلَى الْقُرْعَةِ فِيمَا لَا يَسُدُّ فَيَحْتَمِلُ أَيْضًا احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقُرْعَةَ تُجْزِئُ فِي الْقَدْرِ بِكَمَالِهِ وَالثَّانِي فِي الْقَدْرِ الَّذِي هُوَ بِحَيْثُ إذَا وُزِّعَ يَسُدُّ، وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ مَيْدَانٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 أَخَذَ كُلٌّ) مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ (وَاحِدًا) مِنْ الْوَلَدَيْنِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ (بِالتَّرَاضِي) أَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِنْفَاقِ بِالشَّرِكَةِ (فَذَاكَ) وَاضِحٌ (وَإِنْ تَنَازَعَا أُجِيبَ طَالِبُ الِاشْتِرَاكِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: بَلْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يُعَيِّنُ الْقَاضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ. (وَلَوْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ أَحَدِ وَالِدِيهِ، وَلَهُ ابْنٌ مُوسِرٌ فَعَلَيْهِ) أَيْ ابْنِهِ (نَفَقَةُ أَبِي أَبِيهِ) لِاخْتِصَاصِ الْأُمِّ بِالِابْنِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ تَقْدِيمِ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ وَهَذَا مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الرُّويَانِيِّ كَلَامًا رَدَّهُ عَلَيْهِ وَرَدَّ الْإِسْنَوِيُّ بَحْثَ الْأَصْلِ بِكَلَامٍ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ. (فَصْلٌ: لَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ) ، وَلَوْ حُرًّا (عَلَى رَقِيقٍ) ، وَلَوْ مُكَاتَبًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمُوَاسَاةِ بَلْ نَفَقَةُ الْحُرِّ فِي بَيْتِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (وَلَا) تَجِبُ (لِرَقِيقٍ) ، وَلَوْ مُكَاتَبًا عَلَى قَرِيبِهِ، وَلَوْ حُرًّا بَلْ نَفَقَةُ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ وَنَفَقَةُ الْمُكَاتَبِ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ عَجَزَ نَفْسُهُ فَعَلَى سَيِّدِهِ (نَعَمْ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ كَسْبِهِ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْؤُهَا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَتَقَ فَقَدْ أَنْفَقَ مَالَهُ عَلَى وَلَدِهِ، وَإِنْ رَقَّ رَقَّ الْوَلَدُ فَيَكُونُ قَدْ أَنْفَقَ مَالَ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ (أَوْ) عَلَى وَلَدِهِ مِنْ (زَوْجَتِهِ الَّتِي هِيَ أَمَةُ سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ السَّيِّدِ فَإِنْ عَتَقَ فَقَدْ أَنْفَقَ مَالَهُ عَلَى مِلْكِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ رَقَّ فَقَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مَالَ سَيِّدِهِ (لَا) وَلَدَهُ مِنْ (مُكَاتَبَةِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَعْتِقُ فَيَتْبَعُهَا) الْوَلَدُ لِتُكَاتِبَهُ عَلَيْهَا وَيَعْجِزُ الْمُكَاتَبُ فَيَكُونُ قَدْ فَوَّتَ مَالَ سَيِّدِهِ. [فَرْعٌ احْتَاجَ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ لِلنَّفَقَةِ] (فَرْعٌ: لَوْ احْتَاجَ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ) وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ (لَزِمَ قَرِيبَهُ نِصْفُ نَفَقَتِهِ) بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ (أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ احْتَاجَ قَرِيبُ الْمُبَعَّضِ (لَزِمَهُ لِلْقَرِيبِ الْكُلُّ) أَيْ كُلُّ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ كَذَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ قَالَ بِهِ الْمُزَنِيّ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَقَدْ نَصَّ فِي مَوَاضِعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْأَقَارِبِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُعْسِرِ، وَنَقَلَهُ عَنْ جَمْعٍ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْحَضَانَةِ] بِفَتْحِ الْحَاءِ مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِهَا وَهُوَ الْجَنْبُ فَإِنَّ الْحَاضِنَةَ تَرُدُّ إلَيْهِ الْمَحْضُونَ وَتَنْتَهِي فِي الصَّغِيرِ بِالتَّمْيِيزِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ إلَى الْبُلُوغِ فَتُسَمَّى كَفَالَةً كَذَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ تُسَمَّى حَضَانَةً أَيْضًا (وَهِيَ حِفْظُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ) بِأُمُورِهِ (وَتَرْبِيَتُهُ) بِمَا يُصْلِحُهُ، وَهِيَ نَوْعُ وِلَايَةٍ وَسَلْطَنَةٍ. (وَ) لَكِنَّ (النِّسَاءَ بِهَا أَلْيَقُ) ؛ لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ وَأَهْدَى إلَى التَّرْبِيَةِ وَأَصْبَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا وَأَشَدُّ مُلَازَمَةً لِلْأَطْفَالِ، وَفِي الْخَبَرِ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَتْ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَزَعَمَ أَنَّهُ يَنْزِعُهُ مِنِّي فَقَالَ أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ. (وَمُؤْنَةُ الْحَضَانَةِ فِي مَالِهِ ثَمَّ عَلَى الْأَبِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَسْبَابِ الْكَفَالَةِ كَالنَّفَقَةِ فَتَجِبُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. (وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الْحَاضِنِ، وَالْمَحْضُونُ الطِّفْلُ) أَوْ نَحْوُهُ (مَعَ أَبَوَيْهِ) مَا دَامَا (فِي النِّكَاحِ) يَقُومَانِ بِكِفَايَتِهِ الْأَبُ بِالْإِنْفَاقِ، وَالْأُمُّ بِالْحَضَانَةِ إنْ كَانَ عَلَى دِينِهَا (فَإِنْ افْتَرَقَا) بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ (وَأَرَادَتْهُ الْأُمُّ فَهِيَ أَوْلَى) لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا. وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ لِلْأُنْثَى مِنْ أُمٍّ أَوْ غَيْرِهَا (بِشُرُوطٍ) أَحَدُهَا (أَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً) إنْ كَانَ الطِّفْلُ مُسْلِمًا (فَلَا حَضَانَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهَا رُبَّمَا تَفْتِنُهُ فِي دِينِهِ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ الْمُسْلِمِ وَأُمِّهِ الْمُشْرِكَةِ فَمَالَ إلَى الْأُمِّ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ اهْدِهِ فَعَدَلَ إلَى أَبِيهِ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَفَ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُ وَأَنَّهُ يَخْتَارُ الْأَبَ الْمُسْلِمَ وَقَصْدُهُ بِتَخْيِيرِهِ اسْتِمَالَةُ قَلْبِ أُمِّهِ وَبِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ إذْ لَوْ كَانَ لِأُمِّهِ حَقٌّ لَأَقَرَّهَا عَلَيْهِ، وَلَمَا دَعَا، وَإِسْلَامُ الطِّفْلِ يَحْصُلُ بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (كَانَ أَسْلَمَ أَبُوهُ) أَوْ جَدَّتُهُ، وَإِذَا لَمْ تَحْضُنْهُ الْكَافِرَةُ (فَيَحْضُنُهُ أَقَارِبُهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى التَّرْتِيبِ) الْآتِي (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَضَنَهُ (الْمُسْلِمُونَ) وَمُؤْنَتُهُ فِي مَالِهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الرُّويَانِيِّ كَلَامًا رَدَّهُ) عِبَارَتُهُ، وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْأَبَوَيْنِ الْمُحْتَاجَيْنِ ابْنٌ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِهِمَا وَلِلِابْنِ ابْنٌ مُوسِرٌ فَعَلَى ابْنِ الِابْنِ بَاقِي نَفَقَتِهِمَا فَإِنْ أَنْفَقَا عَلَى أَنْ يُنْفِقَا عَلَيْهِمَا بِالشَّرِكَةِ أَوْ يُخَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ فَذَاكَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا رَجَعْنَا إلَى اخْتِيَارِ الْأَبَوَيْنِ إنْ اسْتَوَتْ نَفَقَتُهُمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ اخْتَصَّ أَكْثَرُهُمَا نَفَقَةً بِمَنْ هُوَ أَكْثَرُ يَسَارًا وَهَذَانِ الْجَوَابَانِ فِي الصُّورَتَيْنِ مُخْتَلِفَانِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا بَلْ يَنْبَغِي فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يُقَالَ تَخْتَصُّ الْأُمُّ بِالِابْنِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ تَقْدِيمُ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ، وَإِذَا اخْتَصَّتْ بِهِ تَعَيَّنَ الْأَبُ لِإِنْفَاقِ ابْنِ الِابْنِ. اهـ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا بَحَثَهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرُ مُتَّجَهٍ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَهُمْ تَقْدِيمُ نَفَقَةِ الْأُمِّ إنَّمَا ذُكِرَ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الِابْنِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْأُمِّ وَيَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ بِعَجْزِ النِّسْوَةِ فَامْتَنَعَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْأَبِ ثُمَّ لَوْ سُلِّمَ ذَلِكَ وَرَدَ مِثْلُهُ فِي حَقِّ ابْنِ الِابْنِ فَكَمَا تُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ فِي حَقِّ الِابْنِ تُقَدَّمُ الْجَدَّةُ عَلَى الْجَدِّ فِي حَقِّ وَلَدِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَيَنْدَفِعُ تَعَيُّنُ الْأَبِ لِإِنْفَاقِ ابْنِ الِابْنِ. اهـ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثٌ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَهُمْ تَقْدِيمُ نَفَقَةِ الْأُمِّ فِي الْأَصْلِ قَبْلَ مَجِيءِ هَذِهِ الصُّورَةِ يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ الِابْنِ بِهَا وَيَكُونُ الْأَبُ فِي نَفَقَةِ ابْنِ الِابْنِ لِتَأَخُّرِهِ فَانْتَقَلَ الْمُتَأَخِّرُ، وَقَوْلُ الْمُعْتَرِضِ سَلَّمْنَا لَكِنْ إنَّمَا يَتِمُّ إلَى آخِرِهِ كَلَامٌ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ فَهُوَ مَطْرُوحٌ [فَصْلٌ لَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ وَلَوْ حُرًّا عَلَى رَقِيقٍ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْحَضَانَةِ) (قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةُ الْحَضَانَةِ فِي مَالِهِ) ثُمَّ عَلَى الْأَبِ إذَا احْتَاجَ الْوَلَدُ فِي الْحَضَانَةِ أَوْ الْكَفَالَةِ إلَى خِدْمَةٍ وَمِثْلُهُ يُخْدَمُ قَامَ الْأَبُ بِاسْتِئْجَارِ خَادِمٍ أَوْ شِرَائِهِ عَلَى حَسَبِ عُرْفِ الْبَلَدِ وَعُرْفِ أَمْثَالِهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْأُمَّ مَعَ اسْتِحْقَاقِهَا أُجْرَةَ الْحَضَانَةِ أَنْ تُلْزَمَ بِخِدْمَتِهِ إذَا كَانَ مِثْلُهَا لَا يَخْدُمُ؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ هِيَ الْحِفْظُ وَالْمُرَاعَاةُ وَتَرْبِيَةُ الْوَلَدِ وَالنَّظَرُ فِي مَصَالِحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 فَعَلَى أُمِّهِ إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ (وَيَحْضُنُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ) كَمَا يَجُوزُ لَهُ الْتِقَاطُهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ (وَيُنْزَعُ مِنْ) الْأَقَارِبِ (الذِّمِّيِّينَ وَلَدٌ) ذِمِّيٌّ (وَصَفَ الْإِسْلَامَ) وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ كَفَالَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ إسْلَامُهُ احْتِيَاطًا لِحُرْمَةِ الْكَلِمَةِ كَذَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ هُنَا، وَفِي بَابِ الْهُدْنَةِ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ النَّزْعِ لَكِنْ مَرَّ فِي بَابِ اللَّقِيطِ نَدْبُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْمُخْتَارُ وَظَاهِرُ النَّصِّ وُجُوبُهُ. (وَ) ثَانِيهَا (أَنْ تَكُونَ عَاقِلَةً فَتَسْقُطُ) حَضَانَتُهَا (بِالْجُنُونِ) ، وَلَوْ مُتَقَطِّعًا؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ، وَلَيْسَتْ الْمَجْنُونَةُ مِنْ أَهْلِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا الْحِفْظُ، وَالتَّعَهُّدُ بَلْ هِيَ فِي نَفْسِهَا مُحْتَاجَةٌ إلَى مَنْ يَحْضُنُهَا (لَا) بِجُنُونٍ يَقَعُ (نَادِرًا قَصِيرًا) زَمَنُهُ (كَيَوْمٍ فِي سَنَتَيْنِ) فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِهِ كَمَرَضٍ يَطْرَأُ وَيَزُولُ (وَكَذَا) تَسْقُطُ (بِالْمَرَضِ الدَّائِمِ) كَالسُّلِّ، وَالْفَالِجِ (إنْ عَاقَ) أَلَمُهُ (عَنْ نَظَرِ الْمَخْدُومِ بِالْحَضَانَةِ) وَهُوَ الْمَحْضُونُ بِأَنْ كَانَتْ بِحَيْثُ يَشْغَلُهَا أَلَمُهُ عَنْ كَفَالَتِهِ وَتَدْبِيرِ أَمْرِهِ (أَوْ عَنْ حَرَكَةِ مَنْ يُبَاشِرُهَا) أَيْ الْحَضَانَةُ فَتَسْقُطُ فِي حَقِّهِ دُونَ مَنْ يُدَبِّرُ الْأُمُورَ بِنَظَرِهِ وَيُبَاشِرُهَا غَيْرُهُ. (وَ) ثَالِثُهَا (أَنْ تَكُونَ حُرَّةً فَلَا حَقَّ) فِي الْحَضَانَةِ (لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ) ، وَلَوْ مُبَعَّضًا (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ) ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا؛ وَلِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ إذْنُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ فَيُشَوِّشُ أَمْرَ الْوَلَدِ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ لِكَافِرٍ فَإِنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا وَحَضَانَتُهُ لَهَا مَا لَمْ تَنْكِحْ كَمَا حَكَاهُ الْأَصْلُ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْمَعْنَى فِيهِ فَرَاغُهَا لِمَنْعِ السَّيِّدِ مِنْ قُرْبَانِهَا مَعَ وُفُورِ شَفَقَتِهَا (وَلِلرَّجُلِ حَضَانَةُ رَقِيقِهِ وَوَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ، وَلَهُ نَزْعُهُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ الْحُرَّيْنِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ) وَتَسْلِيمُهُ إلَى غَيْرِهِمَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ حِينَئِذٍ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَشْتَرِكُ سَيِّدُهُ وَقَرِيبُهُ) الْمُسْتَحِقُّ لِلْحَضَانَةِ (فِي حَضَانَتِهِ) بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ أَوْ عَلَى اسْتِئْجَارِ حَاضِنَةٍ أَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ فَذَاكَ (وَإِنْ تَمَانَعَا اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ مَنْ يَحْضُنُهُ وَأَلْزَمَهُمَا الْأُجْرَةَ) . (وَ) رَابِعُهَا (أَنْ تَكُونَ أَمِينَةً لَا فَاسِقَةً) ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَلِي، وَلَا يُؤْتَمَنُ؛ وَلِأَنَّ الْمَحْضُونَ لَا حَظَّ لَهُ فِي حَضَانَتِهَا؛ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَلَى طَرِيقَتِهَا، وَكَالْفَاسِقَةِ السَّفِيهَةُ وَالصَّغِيرَةُ وَالْمُغَفَّلَةُ وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ كَشُهُودِ النِّكَاحِ نَعَمْ إنْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي الْأَهْلِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ: وَبِهِ أَفْتَيْت فِيمَا إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ تَسْلِيمِ الْوَلَدِ فَإِنْ تَنَازَعَا بَعْدَهُ فَلَا يُنْزَعُ مِمَّنْ تَسَلَّمَهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْأَهْلِيَّةِ. اهـ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ. (وَ) خَامِسُهَا (أَنْ تَخْلُوَ مِنْ زَوْجٍ أَجْنَبِيٍّ) فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِهِ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا أَوْ رَضِيَ بِدُخُولِ الْوَلَدِ دَارِهِ لِخَبَرِ «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» ؛ وَلِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ عَنْهُ بِحَقِّ الزَّوْجِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلِأَنَّ عَلَى الْوَلَدِ وَعَصَبَتِهِ عَارًا فِي مَقَامِهِ مَعَ زَوْجِ أُمِّهِ نَعَمْ إنْ رَضِيَ الْأَبُ مَعَهُ بِذَلِكَ بَقِيَ حَقُّهَا وَسَقَطَ حَقُّ الْجَدَّةِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَعَتْ بِالْحَضَانَةِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً فَنَكَحَتْ فِي أَثْنَائِهَا؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ لَازِمَةٌ لَكِنْ لَيْسَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي هَذِهِ بِالْقَرَابَةِ بَلْ بِالْإِجَارَةِ (لَا) مِنْ زَوْجٍ (قَرِيبٍ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ) فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِتَزْوِيجِهَا مِنْهُ (وَلَوْ بَعُدَ كَابْنِ عَمِّ الطِّفْلِ) وَعَمِّ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِيهَا وَشَفَقَتُهُ تَحْمِلُهُ عَلَى رِعَايَتِهِ فَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى كَفَالَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي نِكَاحِ الْأَبِ وَلِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبِنْتِ حَمْزَةَ لِخَالَتِهَا لَمَّا قَالَ لَهُ جَعْفَرٌ إنَّهَا بِنْتُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي (وَهَذَا إنْ رَضِيَ الزَّوْجُ) الَّذِي نَكَحَهَا بِحَضَانَتِهَا، وَإِلَّا فَتَسْقُطُ؛ لِأَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا وَخَرَجَ بِمَنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ مَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا كَالْجَدِّ أَبِي الْأُمِّ، وَالْخَالِ فَتَسْقُطُ   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَف الْأَوَّل فِي مَعْرِفَةِ الْحَاضِنِ وَالْمَحْضُونُ] قَوْلُهُ: وَيَحْضُنُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ) الْفَرْقُ بَيْنَ حَضَانَتِهِ وَعَدَمِ تَزْوِيجِهِ قَرِيبَتِهِ الْكَافِرَةِ أَنَّ الْقَصْدَ بِالْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ طَلَبُ الْكُفْءِ وَنَفْيُ وُجُودِ الْعَارِ وَكُفْرُهَا قَاطِعٌ لِذَلِكَ وَهُنَا الْمَقْصُودُ بِهِ الشَّفَقَةُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ. (قَوْله كَيَوْمٍ فِي سَنَتَيْنِ) وَعِبَارَةُ الصَّغِيرِ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهِيَ أَحْسَنُ. اهـ. بَلْ هِيَ الْوَجْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الصَّوَابُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَحْضُونُ مُمَيِّزًا فَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ لَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّهِ أَيْ فَتَسْقُطُ حَضَانَتُهُ مُدَّةَ جُنُونِهِ، وَإِنْ قُلْت إنَّ (قَوْلَهُ دُونَ مَنْ يُدِيرُ الْأُمُورَ بِنَظَرٍ وَيُبَاشِرُهَا غَيْرُهُ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ لِلْمَرْأَةِ فِي الْحَضَانَةِ أَنْ تَسْتَنِيبَ عَنْهَا مَنْ يَقُومُ بِأُمُورِ وَلَدِهَا وَمِنْ ذَلِكَ اسْتَنْبَطَ الْبَارِزِيُّ أَنَّ لِلْعَمْيَاءِ الْحَضَانَةَ قَالَ: لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَكُونَ الْحَاضِنُ قَائِمًا بِمَصَالِحِ الْمَحْضُونِ إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ تَثْبُتُ لَهُ الْحَضَانَةُ عَلَى بِنْتِ عَمِّهِ الَّتِي تُشْتَهَى، وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَسْلِيمَهَا لِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ، وَلَكِنْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِهِ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: وَلَهُ نَزْعُهُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ الْحُرَّيْنِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ) فَلَيْسَ لَهُ نَزْعُهُ مِنْهُمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ) كَشُهُودِ النِّكَاحِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فَقَالَا لَا يُنْزَعُ مِنْهَا إلَّا إذَا ثَبَتَ فِسْقُهَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي الْحَجْرِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ الِاكْتِفَاءَ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ، وَإِذَا اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ فِي الْمَالِ فَفِي الْحَضَانَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَنَازَعَا بَعْدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (فَرْعٌ) أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ هُوَ سَاكِنٌ بِالْبَلَدِ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي الْقَرْيَةِ، وَلَهُمَا ابْنٌ يَتَعَلَّمُ فِي الْكُتَّابِ بِأَنَّهُ يَنْظُرُ إنْ سَقَطَ حَظُّ الْوَلَدِ بِسُكْنَاهُ فِي الْقَرْيَةِ فَالْحَضَانَةُ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ) سَبَقَهُ إلَيْهِ الْبَغَوِيّ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَهَا قَرِيبٌ يَحْضُنُ فَهِيَ لِلْوَصِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ اخْتَلَعَتْ بِالْحَضَانَةِ) وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهَا لَهَا (قَوْلُهُ: كَابْنِ عَمِّ الطِّفْلِ وَعَمِّ أَبِيهِ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَابْنُ أَخِيهِ. اهـ. وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا كَأَنْ تَتَزَوَّجَ أُخْتُهُ لِأُمِّهِ بِابْنِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ أُخْتَهُ لِأُمِّهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَقَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ نَكَحَتْ عَمَّتُهُ خَالَهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ. اهـ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَهُ تَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخَالَ لَا حَضَانَةَ لَهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّ الْمُرَادَ إذَا انْتَهَتْ الْحَضَانَةُ إلَى الْخَالِ وَذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ الْعَصَبَاتِ فَإِذَا نَكَحَتْهُ الْعَمَّةُ دَامَ حَقُّهَا، وَإِلَّا فَلَهُ الِانْتِزَاعُ مِنْهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 حَضَانَةُ الْمَرْأَةِ بِتَزَوُّجِهَا مِنْهُ. (وَ) سَادِسُهَا (أَنْ تَكُونَ مُرْضِعَةً) لِلطِّفْلِ (إنْ اُحْتِيجَ) إلَى إرْضَاعِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ أَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ الْإِرْضَاعِ فَلَا حَضَانَةَ لَهَا لِعُسْرِ اسْتِئْجَارِ مُرْضِعَةٍ تَتْرُكُ مَنْزِلَهَا وَتَنْتَقِلُ إلَى مَسْكَنِ الْمَرْأَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَفِيهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا أَنْ تَكُونَ كَالْأَبِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَا لَبَنَ لَهُ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْحَضَانَةَ، وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا ذَاتَ لَبَنٍ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِاسْتِحْقَاقِهَا الْحَضَانَةَ أَنْ تُرْضِعَهُ إذَا كَانَ رَضِيعًا، وَلَهَا لَبَنٌ؟ . فِيهِ وَجْهَانِ أَجَابَ أَكْثَرُهُمْ بِالِاشْتِرَاطِ وَمِنْ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْمُرَادُ عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ تَكُونَ ذَاتَ لَبَنٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ فَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْقَاقِهَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ، وَامْتَنَعَتْ فَالْأَصَحُّ لَا حَضَانَةَ لَهَا. اهـ. وَلَا حَضَانَةَ لِذِي الْوَلَاءِ لِفَقْدِ الْمِلْكِ وَالْقَرَابَةِ اللَّذَيْنِ هُمَا مَظِنَّتَا الشَّفَقَةِ، وَلَا لِأَبْرَصَ وَأَجْذَمَ كَمَا فِي قَوَاعِدِ الْعَلَائِيِّ، وَلَا لِأَعْمَى كَمَا أَفْتَى بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيَّ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَمِنْ أَقْرَانِ ابْنِ الصَّبَّاغِ، وَاسْتَنْبَطَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ إنْ بَاشَرَ غَيْرَهُ وَهُوَ مُدَبِّرٌ أُمُورَهُ فَلَا مَنْعَ كَمَا فِي الْفَالِجِ وَذَهَبَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَى حَضَانَتِهِ إذْ لَا يَلْزَمُ الْحَاضِنَ تَعَاطِيهَا بِنَفْسِهِ بَلْ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهَا، وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ اسْتِئْجَارِ أَعْمَى لِلْحِفْظِ أَجَارَةَ ذِمَّةٍ لَا إجَارَةَ عَيْنٍ وَمَا قَالَهُ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ، وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي الْأَبْرَصِ وَالْأَجْذَمِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَسْلَمَتْ) الْكَافِرَةُ (أَوْ أُعْتِقَتْ) الْأَمَةُ (أَوْ طَلُقَتْ) مَنْ سَقَطَ حَقُّهَا بِالنِّكَاحِ أَوْ أَفَاقَتْ الْمَجْنُونَةُ أَوْ رَشَدَتْ الْفَاسِقَةُ (وَلَوْ رَجْعِيًّا) أَوْ أَفَاقَتْ الْمَجْنُونَةُ أَوْ رَشَدَتْ الْفَاسِقَةُ (اسْتَحَقَّتْ الْحَضَانَةَ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ (وَلِصَاحِبِ الْعِدَّةِ الْمَنْعُ مِنْ إدْخَالِهِ) أَيْ الْوَلَدِ بَيْتَهُ الَّذِي تَعْتَدُّ فِيهِ (لَكِنْ إذَا رَضِيَ بِهِ اسْتَحَقَّتْ بِخِلَافِ رِضَا الزَّوْجِ الْأَجْنَبِيِّ) بِذَلِكَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ ثَمَّ لِاسْتِحْقَاقِهِ التَّمَتُّعَ، وَاسْتِهْلَاكَ مَنَافِعِهَا فِيهِ، وَهُنَا لِلْمَسْكَنِ فَإِذَا أَذِنَ صَارَ مُعِيرًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ الْأَجْنَبِيُّ أَيْ الَّذِي لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ غَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَلَوْ غَابَتْ الْحَاضِنَةُ أَوْ امْتَنَعَتْ) مِنْ الْحَضَانَةِ (تَوَلَّاهَا مَنْ) يَسْتَحِقُّهَا (بَعْدَهَا) كَمَا لَوْ مَاتَتْ أَوْ جُنَّتْ لَا السُّلْطَانُ؛ لِأَنَّهَا لِلْحِفْظِ، وَالْقَرِيبُ الْأَبْعَدُ أَشْفَقُ مِنْهُ بِخِلَافِ لَوْ غَابَ الْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ أَوْ عَضَلَ حَيْثُ يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ لَا الْأَبْعَدُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُمْكِنُهُ التَّزْوِيجُ فِي الْغَيْبَةِ، وَالتَّزْوِيجُ بِالْعَضْلِ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ فِي ثُبُوتِهِ وَثُبُوتِ الْكُفْءِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ نَابَ عَنْهُ السُّلْطَانُ اللَّائِقُ بِذَلِكَ، وَالْحَاضِنَةُ لَا يُمْكِنُهَا الْحَضَانَةُ فِي الْغَيْبَةِ، وَالْمَقْصُودُ بِهَا الْحِفْظُ، وَهُوَ حَاصِلٌ مِمَّنْ بَعْدَهَا فَانْتَقَلَتْ إلَيْهِ. [فَصْلٌ الْمَحْضُونُ] (فَصْلٌ: الْمَحْضُونُ كُلُّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ) وَمُخْتَلٍّ وَقَلِيلِ التَّمْيِيزِ (وَتُسْتَدَامُ الْحَضَانَةُ عَلَى مَنْ بَلَغَ سِنِي التَّدْبِيرِ) لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَزُلْ الْحَجْرُ عَنْهُ بِالشَّرْعِ كَانَ مُلْحَقًا بِالْأَطْفَالِ فِي الْحُكْمِ (لَا) عَلَى مَنْ بَلَغَ (فَاسِقًا مُصْلِحًا لِدُنْيَاهُ) فَلَا تُدَامُ عَلَيْهِ الْحَضَانَةُ بَلْ يَسْكُنُ حَيْثُ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ أَمْرِ نَفْسِهِ نَعَمْ إنْ خَشِيَ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ فَسَادًا لَاحَظَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ، وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ إطْلَاقِ جَمَاعَةٍ إدَامَةَ الْحَضَانَةِ عَلَيْهِ لَكِنْ اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْعَارَ اللَّاحِقَ بِسَبَبِ سَفَهِ الدِّينِ أَشَدُّ، وَاعْتِنَاءُ الشَّارِعِ بِدَفْعِهِ أَتَمُّ فَالْمَنْعُ لَأَجْلِهِ مِنْ الِانْفِرَادِ عَنْ أَبَوَيْهِ أَوْلَى مِنْ الْمَنْعِ بِسَفَهِ الْمَالِ. انْتَهَى. فَإِنْ قُلْت سَفَهُ الْمَالِ أَقْوَى لِإِعَادَةِ الْحَجْرِ بِهِ دُونَ سَفَهِ الدِّينِ قُلْت ذَاكَ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ، وَكَلَامُنَا هُنَا فِيمَا قَبْلَهُ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ أَمَّا مَنْ بَلَغَ رَشِيدًا فَيَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى كَوْنِهِ عِنْدَ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَلَكِنْ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُفَارِقَهُمَا لِيَخْدُمَهُمَا وَيَبَرَّهُمَا. (وَتَسْكُنُ الْبَالِغَةُ) الْعَاقِلَةُ غَيْرَ الْمُزَوَّجَةِ (حَيْثُ شَاءَتْ، وَلَوْ بِكْرًا، وَالْأَوْلَى) لَهَا (بَيْتُ أَحَدِ أَبَوَيْهِمَا) إنْ كَانَا مُفْتَرِقَيْنِ وَبَيْتُهُمَا إنْ كَانَا مُجْتَمِعَيْنِ أَيْ سُكْنَاهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الثَّيِّبِ وَذَكَرَ فِي الْبِكْرِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهَا مُفَارَقَةُ أَبَوَيْهَا هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةً (فَإِنْ كَانَتْ رِيبَةً فَلِلْأُمِّ إسْكَانُهَا مَعَهَا، وَكَذَا لِلْوَلِيِّ مِنْ الْعَصَبَةِ) إسْكَانُهَا مَعَهُ (إنْ كَانَ مَحْرَمًا) لَهَا (وَإِلَّا فَفِي مَوْضِعٍ لَائِقٍ) بِهَا يُسْكِنُهَا (وَلَا يُلَاحِظُهَا دَفْعًا لِعَارِ النَّسَبِ) كَمَا يَمْنَعُهَا نِكَاحَ غَيْرِ الْكُفْءِ (وَتُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْأَمْرُ عِنْدَ الرِّيبَةِ مِثْلُهَا) فِيمَا ذُكِرَ (وَيَصْدُقُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَالْقُوزِيُّ وَالْبَارِزِيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ تَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَذَهَبَ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَيْ تَبَعًا لِلْبَارِزِيِّ إلَى حَضَانَتِهِ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ) فِي غَرَائِبِ الشَّرْحَيْنِ لِلْأَصْبَحِيِّ أَنَّ الْعَمَى لَا يَمْنَعُ الْحَضَانَةَ فِي أَشْبَهِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ ابْنُ الْبَزْرِيِّ فِي فَتَاوِيهِ: الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا فَإِنْ كَانَتْ نَاهِضَةً لِحِفْظِ الصَّغِيرِ وَتَدْبِيرِهِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ عَنْهُ فَلَهَا الْحَضَانَةُ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَمْ يَذْكُرُوا الْمُسْتَأْجَرَةَ، وَلَا الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا إذَا عَتَقَتْ وَفِيهِمَا بَحْثٌ. [فَرْعٌ أَسْلَمَتْ الْكَافِرَةُ أَوْ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ فِي الْحَضَانَة] (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّتْ الْحَضَانَةُ فِي الْحَالِ) ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي تَوْبَةِ الْفَاسِقَةِ مُضِيُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: قُلْت ذَاكَ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ التَّبْذِيرَ يَتَحَقَّقُ مَعَهُ إتْلَافُ الْمَالِ، وَالِانْفِرَادُ مَظِنَّتُهُ بِخِلَافِ الْفِسْقِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ رِيبَةً فَلِلْأُمِّ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ سُئِلْت عَنْ مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ فِي مَسْكَنِ الزَّوْجِ وَادَّعَى وَلِيُّهَا رِيبَةً وَرَامَ نَقْلَهَا فَلَمْ أُجِبْ بِشَيْءٍ ثُمَّ مِلْتُ إلَى أَنَّهَا لَا تُنْقَلُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، وَإِنْ صَدَّقْنَاهُ وَنَقَلْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَسُئِلْت عَنْ مُعْتِقٍ طَلَبَ الْإِسْكَانِ عِنْدَ ظُهُورِ رِيبَةٍ أَوْ دَعْوَاهُ إيَّاهَا فَمِلْت إلَى ذَلِكَ، وَلَمْ أُفْتِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ بِهَا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ وَفِيهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأَئِمَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى دَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ وَلِهَذَا خَصُّوهُ بِالْعَصَبَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلْخَالِ وَأَبِ الْأُمِّ وَنَحْوِهِمَا وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَقَدْ أَثْبَتَ الْبَغَوِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ لِلْأُمِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَدَّ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُنَاسِبْهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَخْرُجُ فِيهِ وَجْهَانِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الْمُعْتِقَ هَلْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ قَالَ شَيْخُنَا فَإِنْ قُلْنَا نَعَمْ فَلْيَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِسْكَانِ، وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِلْوَلِيِّ مِنْ الْعَصَبَةِ) خَرَجَ بِذَلِكَ أَبُو الْأُمِّ وَالْخَالِ وَالْمُعْتِقِ وَنَحْوِهِمْ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى الرِّيبَةِ) ، وَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً؛ لِأَنَّ إسْكَانَهُمَا فِي مَوْضِعِ الْبَرَاءَةِ أَهْوَنُ مِنْ الْفَضِيحَةِ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً. (فَصْلٌ: الطِّفْلُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ إنْ افْتَرَقَا وَصَلَحَا) لِلْحَضَانَةِ وَيَكُونُ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْغُلَامَةُ كَالْغُلَامِ كَمَا فِي الِانْتِسَابِ (وَلَوْ تَفَاضَلَا) أَيْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرُ دِينًا أَوْ مَالًا أَوْ مَحَبَّةً لِلْوَلَدِ فَإِنَّ الطِّفْلَ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْفَاضِلُ أَمَّا إذَا صَلُحَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَلَا يُخَيَّرُ، وَالْحَضَانَةُ لَهُ فَإِنْ عَادَ صَلَاحُ الْآخَرِ أُنْشِئَ التَّخْيِيرُ (وَالْجَدُّ) ، وَإِنْ عَلَا (كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ) أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ فَيُخَيَّرُ الطِّفْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّ (وَكَذَا الْأَخُ، وَالْعَمُّ) أَيْ يُخَيَّرُ بَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَالْأُمُّ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ الْعُصُوبَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْحَوَاشِي كَالْأُصُولِ (وَمِثْلُهُمَا ابْنُ الْعَمِّ فِي حَقِّ الذَّكَرِ، وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهُ بِالْأُنْثَى) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ لَكِنْ أَطْلَقَ كَثِيرٌ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ بِلَا تَفْصِيلٍ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي التَّخْيِيرِ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ بَعْدَ إطْلَاقِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأُمِّ، وَالْعَصَبَةِ فَإِنْ كَانَ الْعَصَبَةُ ابْنَ عَمٍّ لَمْ تُسَلَّمْ إلَيْهِ الْبِنْتُ، وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ بَلْ زَادَ مَا يُؤَكِّدُهُ فَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ تُسَلَّمُ إلَيْهِ الْبِنْتُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى، وَالْمُشْتَهَاةُ أَيْضًا إذَا كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ مُمَيِّزَةٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَسَيَأْتِي مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَالْجَدَّةُ كَالْأُمِّ فِيمَا ذُكِرَ عِنْدَ عَدَمِهَا أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا. (وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَبٍ وَأُخْتٍ أَوْ) وَ (خَالَةٍ) كَمَا يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ، وَاقْتَضَاهُ قَوْلُ الْعَزِيزِ إذَا قُدِّمَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ التَّمْيِيزِ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَلَا يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبٍ وَأُخْتٍ أَوْ خَالَةٍ بَلْ هُوَ أَوْلَى وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ إذَا قُدِّمَا عَلَيْهِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ لَكِنَّ قَوْلَهَا الْمَذْكُورَ سَهْوٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْأُخْتِ بَيْنَ الَّتِي لِلْأَبِ وَغَيْرِهَا لَكِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَيَّدَهَا بِاَلَّتِي لِغَيْرِ الْأَبِ لِإِدْلَائِهَا بِالْأُمِّ (وَإِذَا خُيِّرَ بَيْنَ الْأُمِّ وَبَيْنَهُمْ) أَيْ الْعَصَبَةِ (فَهُوَ) أَيْ التَّخْيِيرُ (بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهَا) مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ مِنْ الْإِنَاثِ (أَوْلَى) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا مُدَّةً ثُمَّ اخْتَارَ الْآخَرُ اُتُّبِعَ، وَإِنْ تَكَرَّرَ) ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ يَتَغَيَّرُ حَالُ مَنْ اخْتَارَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمُتَّبِعَ شَهْوَتُهُ كَمَا قَدْ يَشْتَهِي طَعَامًا فِي وَقْتٍ، وَغَيْرَهُ فِي آخَرَ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ مُرَاعَاةَ الْجَانِبَيْنِ (إلَّا إنْ ظَنَّ) بِتَكَرُّرِ ذَلِكَ (عَدَمَ تَمْيِيزِهِ) فَيَبْقَى لِلْأُمِّ كَمَا قَبْلَ التَّمْيِيزِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي تَمْيِيزِهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِأَسْبَابِ الِاخْتِيَارِ وَذَلِكَ مَوْكُولٌ إلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ. انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّخْيِيرَ لَا يَجْرِي بَيْنَ ذَكَرَيْنِ، وَلَا أُنْثَيَيْنِ كَأَخَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَهُ فِي الْأُنْثَيَيْنِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ وَعَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ جَرَيَانَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا خُيِّرَ بَيْنَ غَيْرِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ فَبَيْنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ أَوْلَى. (فَرْعٌ: لِلْأَبِ إنْ اُخْتِيرَ مَنْعُ الْأُنْثَى لَا) مَنْعُ (الذَّكَرِ مِنْ زِيَارَةِ الْأُمِّ) لِتَأَلُّفِ الصِّيَانَةِ وَعَدَمِ الْبُرُوزِ، وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ لِزِيَارَتِهَا لِسِنِّهَا وَخِبْرَتِهَا (لَا) مِنْ (عِيَادَتِهَا) لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ أَمَّا الذَّكَرُ فَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَأْلَفَ الْعُقُوقَ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ (وَلِلْأُمِّ زِيَارَتُهُمَا فِي بَيْتِهِ فِي يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ) يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى الْعَادَةِ لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الدُّخُولِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ يَلْزَمُ الْأَبَ أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنْ الدُّخُولِ وَلَا يُوَلِّهُهَا عَلَى وَلَدِهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يُفْهِمُ عَدَمَ اللُّزُومِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ فَإِنْ بَخِلَ الْأَبُ بِدُخُولِهَا إلَى مَنْزِلِهِ أَخْرَجَهَا إلَيْهَا (وَلَا تُطِيلُ الْمُكْثَ) إذَا دَخَلَتْ بَيْتَهُ لِلزِّيَارَةِ (وَتَسْتَحِقُّ تَمْرِيضَهُمَا فِي بَيْتِهِ) ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ وَأَهْدَى إلَيْهِ هَذَا (إنْ رَضِيَ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَفِي بَيْتِهَا) وَيَعُودُهُمَا (وَيَخْرُجُ عَنْهَا) مِنْ بَيْتِهِ (عِنْدَ الزِّيَارَةِ، وَالتَّمْرِيضِ) فِيهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) ثَمَّ (ثَالِثٌ) مَحْرَمٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَلَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ مِمَّنْ يُسْتَحَى مِنْهُ وَضَاقَ الْبَيْتُ احْتِرَازًا عَنْ الْخَلْوَةِ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا يُكَلَّفُ الْخُرُوجَ (وَلَا تُمْنَعُ مِنْ حُضُورِ تَجْهِيزِهِمَا) فِي بَيْتِهِ (إنْ مَاتَا، وَإِنْ مَرِضَتْ) هِيَ (مَرَّضَتْهَا الْأُنْثَى إنْ أَحْسَنَتْ) تَمْرِيضَهَا بِخِلَافِ الذَّكَرِ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ تَمْكِينُهُ مِنْ أَنْ يُمَرِّضَهَا، وَإِنْ أَحْسَنَ. (وَإِنْ اُخْتِيرَتْ الْأُمُّ، وَالْوَلَدُ أُنْثَى كَانَتْ عِنْدَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا) لِاسْتِوَاءِ الزَّمَانِ فِي حَقِّهَا (وَيَزُورُهَا الْأَبُ) عَلَى الْعَادَةِ، وَلَا يَطْلُبُ إحْضَارَهَا عِنْدَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِمَسْكَنِ زَوْجٍ لَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ دُخُولُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَخْرَجَتْهَا إلَيْهِ لِيَرَاهَا وَيَتَفَقَّدَ حَالَهَا (وَيُلَاحِظَهَا) بِقِيَامِهِ بِتَأْدِيبِهَا وَتَعْلِيمِهَا وَتَحَمُّلِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الطِّفْلُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ إنْ افْتَرَقَا] فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: الطِّفْلُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ إلَخْ) إذَا كَانَ عَارِفًا بِأَسْبَابِ الِاخْتِيَارِ، وَإِلَّا أُخِّرَ إلَى حُصُولِ ذَلِكَ وَالْأَمْرُ فِيهِ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهُ بِالْأُنْثَى) أَيْ إذَا كَانَتْ مُشْتَهَاةً، وَلَيْسَ لَهُ بِنْتٌ تَصْلُحُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَيَّدَهَا إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمِثْلُ الْأُخْتِ لِلْأَبِ الْعَمَّةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ لِلْأَبِ مَنْعُ الْأُنْثَى مِنْ زِيَارَةِ الْأُمِّ فِي الْحَضَانَة] (قَوْلُهُ: وَلَا تُمْنَعُ مِنْ حُضُورِ تَجْهِيزِهِمَا) مِنْ الْحَوَادِثِ أَنْ تَطْلُبَ الْأُمُّ أَنْ يُدْفَنَ الْوَلَدُ فِي تُرْبَتِهَا وَيَطْلُبُ الْأَبُ أَنْ يُدْفَنَ فِي تُرْبَتِهِ مِنْ الْمُجَابِ لَا نَقْلَ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجَابُ الْأَبُ أت قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 مُؤْنَتِهَا. (وَكَذَلِكَ حُكْمُ) الصَّغِيرِ (غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَالْمَجْنُونِ) الَّذِي لَا تَسْتَقِلُّ الْأُمُّ بِضَبْطِهِ فَيَكُونَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَيَزُورُهُمَا الْأَبُ وَيُلَاحِظُهُمَا بِمَا مَرَّ وَيَزِيدُ الْمَجْنُونُ بِقَوْلِهِ (وَعَلَيْهِ ضَبْطُهُ، وَأَمَّا الذَّكَرُ) إذَا اخْتَارَهَا (فَيَكُونُ عِنْدَهَا لَيْلًا وَعِنْدَ الْأَبِ نَهَارًا لِيُعَلِّمَهُ) الْأُمُورَ الدِّينِيَّةَ، وَالدُّنْيَوِيَّةَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ (وَيُؤَدِّبَهُ) بِهَا (وَلَا يُهْمِلُهُ) بِاخْتِيَارِهِ الْأُمَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهِ، وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ وَقَوْلُهُمْ عِنْدَهَا لَيْلًا وَعِنْدَهُ نَهَارًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَوْ كَانَتْ حِرْفَةً الْأَبِ لَيْلًا كَالْأَتُونَيِّ فَالْأَقْرَبُ أَنَّ اللَّيْلَ فِي حَقِّهِ كَالنَّهَارِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْأَبِ لَيْلًا؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّعَلُّمِ، وَالتَّعْلِيمِ وَعِنْدَ الْأُمِّ نَهَارًا كَمَا قَالُوهُ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (وَالْجَدُّ، وَالْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ كَالْأَبِ فِي وُجُوبِ التَّأْدِيبِ) ، وَالتَّعْلِيمِ. (وَلَوْ خُيِّرَ) الْوَلَدُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ (مَثَلًا فَسَكَتَ فَالْأُمُّ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَرْ غَيْرَهَا، وَكَانَتْ الْحَضَانَةُ لَهَا فَيُسْتَصْحَبُ مَا كَانَ، وَكَذَا لَوْ اخْتَارَ غَيْرَهُمَا (فَإِنْ اخْتَارَهُمَا أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ عِنْدَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ مِنْهُمَا [فَرْعٌ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَامْتَنَعَ مِنْ كَفَالَتِهِ الْمَحْضُونَ] (فَرْعٌ) لَوْ (اخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَامْتَنَعَ) مِنْ كَفَالَتِهِ (كَفَلَهُ الْآخَرُ) ، وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْوَلَدِ (فَإِنْ رَجَعَ) الْمُمْتَنِعُ وَطَلَبَ كَفَالَتَهُ (أُعِيدَ التَّخْيِيرُ، وَإِنْ امْتَنَعَا) مِنْهَا (وَ) كَانَ (بَعْدَهُمَا مُسْتَحَقَّاتٌ) لَهَا كَالْجَدِّ، وَالْجَدَّةِ (خُيِّرَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُمَا مُسْتَحِقٌّ (أُجْبِرَ) عَلَيْهَا (مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ) لَهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكِفَايَةِ [فَصْلٌ سَافَرَ الْحَاضِن أَحَدُهُمَا لِحَاجَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَحَجٍّ وَتِجَارَةٍ وَنُزْهَةٍ] (فَصْلٌ) لَوْ (سَافَرَ أَحَدُهُمَا لِحَاجَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا كَحَجٍّ وَتِجَارَةٍ وَنُزْهَةٍ (فَالْمُقِيمُ أَوْلَى) بِالْوَلَدِ مُمَيِّزًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ إلَى أَنْ يَعُودَ الْمُسَافِرُ، وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ السَّفَرِ لِخَطَرِهِ مَعَ تَوَقُّعِ الْعَوْدِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُقِيمُ الْأُمَّ، وَكَانَ فِي بَقَائِهِ مَعَهَا مَفْسَدَةٌ أَوْ ضَيَاعُ مَصْلَحَةٍ كَمَا لَوْ كَانَ يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ أَوْ الْحِرْفَةَ وَهُمَا بِبَلَدٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ تَمْكِينُ الْأَبِ مِنْ السَّفَرِ بِهِ لَا سِيَّمَا إنْ اخْتَارَهُ الْوَلَدُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ) سَافَرَ (لِنَقْلَةٍ، وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَالْأَبُ أَوْلَى) بِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسَافِرُ حِفْظًا لِلنَّسَبِ وَرِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ التَّأْدِيبِ، وَالتَّعْلِيمِ وَسُهُولَةِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ هَذَا (إنْ لَمْ يَكُنْ خَوْفٌ) فِي مَقْصِدِهِ أَوْ طَرِيقِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا خَوْفٌ كَغَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَالْمُقِيمُ أَوْلَى وَأَلْحَقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِالْخَوْفِ السَّفَرَ فِي حَرٍّ وَبَرْدٍ شَدِيدَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْوَلَدُ أَمَّا لَوْ حَمَلَهُ فِيمَا يَقِيهِ ذَلِكَ فَلَا (فَإِنْ رَافَقَتْهُ الْأُمُّ) فِي طَرِيقِهِ أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ (فَهِيَ) أَيْ الْأُمُّ (عَلَى حَقِّهَا) ، وَإِنْ اخْتَلَفَا مَقْصِدًا فِي الْأُولَى كَمَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَكَذَا إنْ لَمْ تُرَافِقْهُ، وَاتَّحَدَا مَقْصِدًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَمَعْنَى كَوْنِهَا عَلَى حَقِّهَا عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا مَقْصِدًا مَا دَامَا مُتَرَافِقَيْنِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الرَّافِعِيِّ، وَلَوْ رَافَقَتْهُ فِي الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ دَامَ حَقُّهَا (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْأَبِ (فِي دَعْوَى النَّقْلَةِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ، وَأَمْسَكَتْ الْوَلَدَ (وَالْعَصَبَةَ) مِنْ الْمَحَارِمِ كَالْجَدِّ، وَالْأَخِ، وَالْعَمِّ (كَالْأَبِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَسَيَأْتِي حُكْمُ غَيْرِ الْمَحْرَمِ) وَأَمَّا الْمَحْرَمُ الَّذِي لَا عُصُوبَةَ لَهُ كَالْخَالِ، وَالْعَمِّ لِلْأُمِّ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُ الْوَلَدِ، وَإِنْ سَافَرَ لِلنَّقْلَةِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي النَّسَبِ. (فَرْعٌ: لِلْأَبِ نَقْلُهُ عَنْ الْأُمِّ، وَإِنْ أَقَامَ الْجَدُّ) بِبَلَدِهَا (وَلِلْجَدِّ) ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ (وَإِنْ أَقَامَ الْأَخُ) بِبَلَدِهَا (لَا لِلْأَخِ مَعَ إقَامَةِ الْعَمِّ، وَابْنٍ) أَيْ أَوْ ابْنِ (الْأَخِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ؛ لِأَنَّهُمَا أَصْلٌ فِي النَّسَبِ فَلَا يَعْتَنِي بِهِ غَيْرُهُمَا كَعِنَايَتِهِمَا، وَالْحَوَاشِي مُتَقَارِبُونَ فَالْمُقِيمُ مِنْهُمْ يَعْتَنِي بِحِفْظِهِ نَقَلَ ذَلِكَ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إذَا انْتَقَلَ أَقَارِبُ عَصَبَتِهِ بَعْدَ الْأَبِ وَأَقَامَ أَبَاعِدُهُمْ فَالْمُنْتَقِلُونَ أَوْلَى بِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَيَشْهَدُ لَهُ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ مُفْرَدَاتِهِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا (، وَإِنْ سَافَرَ الْأَبَوَانِ لِحَاجَةٍ اُسْتُدِيمَ حَقُّ الْأُمِّ، وَلَوْ افْتَرَقَا) طَرِيقًا وَمَقْصِدًا. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي تَرْتِيبِ مُسْتَحِقّ الْحَضَانَة] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي تَرْتِيبِ مُسْتَحِقِّهَا) ، وَفِيمَنْ يَسْتَحِقُّهَا وَمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا فَمَتَى اجْتَمَعَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ مِنْ مُسْتَحَقِّيهَا فَإِنْ تَرَاضَوْا بِوَاحِدٍ فَذَاكَ أَوْ تَدَافَعُوا فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَمَا مَرَّ أَوْ طَلَبَهَا كُلٌّ مِنْهُمْ وَهُوَ بِالصِّفَةِ الْمُعْتَبَرَةِ (فَإِنْ تَمَحَّضْنَ) أَيْ الْإِنَاثُ (فَأَوْلَاهُنَّ الْأُمُّ) لِقُرْبِهَا وَوُفُورِ شَفَقَتِهَا (ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِالْإِنَاثِ) الْوَارِثَاتِ لِمُشَارَكَتِهِنَّ إيَّاهَا فِي الْإِرْثِ، وَالْوِلَادَةِ (ثُمَّ أُمَّهَاتُ الْأَبِ الْمُدْلِيَاتُ بِالْإِنَاثِ) الْوَارِثَاتُ؛ لِأَنَّ لَهُنَّ وِلَادَةً، وَوِرَاثَةٌ كَالْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا تُقَدَّمُ (الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى) مِمَّنْ ذُكِرَ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ أُمَّهَاتُ الْأُمِّ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ أَنَّ اللَّيْلَ فِي حَقِّهِ كَالنَّهَارِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ تَمْكِينُ الْأَبِ مِنْ السَّفَرِ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِنَقْلِهِ، وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَوْ إلَى بَادِيَةٍ (قَوْلُهُ: فَالْأَبُ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسَافِرَ) إطْلَاقُهُ يَعُمُّ سَفَرَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِجَوَازِ السَّفَرِ بِالصَّبِيِّ فِي الْبَحْرِ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ فَقَطْ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْحَجْرِ قَالَ الْأَزْرَقُ وَبَلَغَنِي أَنَّ الْفَقِيهَ جَمَالَ الدِّينِ بْنَ مُطَيْرٍ أَفْتَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ كَالْجِيلِيِّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي دَعْوَى النَّقْلَةِ) وَفِي الْأَمْنِ الْمَشْرُوطِ. تَنْبِيهٌ: إذَا أَرَادَتْ حَاضِنَةُ الْوَلَدِ الِانْتِقَالَ بِهِ، وَلَا عَصَبَةَ لَهُ هُنَاكَ فَإِنْ كَانَتْ أُمًّا أَوْ جَدَّةً، وَلَا مَالَ لَهُ، وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ الْأَقَارِبِ فَتَمْكِينُهَا وَعَدَمُهُ بِنَظَرِ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَهَا مِنْ نِسَاءِ الْقَرَابَةِ وَنَقَلَتْهُ إلَى بَلَدٍ لَهُ فِيهِ عَصَبَةٌ أَوْ لَا عَصَبَةَ، وَلَا مَالَ فَهَلْ لَهَا نَقْلُهُ وَتَرْبِيَتُهُ وَالْوَلِيُّ يَحْفَظُ مَالَهُ أَوْ النَّظَرُ إلَى الْوَصِيِّ ثُمَّ الْقَاضِي فِي تَمْكِينِهَا وَنَزْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى مَنْ يَلِيهَا مِنْ الْمُقِيمَاتِ؟ . وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَهُ مَالٌ فَهَلْ لَهَا نَقْلُهُ أَوْ الْمُقِيمَةُ أَوْلَى وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 فِيهِنَّ مُحَقَّقَةٌ، وَفِي أُمَّهَاتِ الْأَبِ مَظْنُونَةٌ؛ وَلِأَنَّهُنَّ أَقْوَى فِي الْإِرْثِ بِدَلِيلِ أَنَّهُنَّ لَا يَسْقُطْنَ بِالْأَبِ بِخِلَافِ أُمَّهَاتِهِ (ثُمَّ أُمَّهَاتِ أَبِيهِ كَذَلِكَ) أَيْ الْمُدْلِيَاتِ بِالْإِنَاثِ الْوَارِثَاتِ تُقَدَّمُ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى (ثُمَّ أُمَّهَاتُ جَدِّهِ) كَذَلِكَ (وَعَلَى هَذَا) الْقِيَاسُ (ثُمَّ الْأُخْتُ) مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ لِقُرْبِهَا، وَإِرْثهَا (ثُمَّ الْخَالَةُ) ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِالْأُمِّ بِخِلَافِ مَنْ يَأْتِي (ثُمَّ بِنْتُ الْأُخْتِ ثُمَّ بِنْتُ الْأَخِ) ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْأُخُوَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْعُمُومَةِ وَقُدِّمَتْ بِنْتُ الْأُخْتِ عَلَى بِنْتِ الْأَخِ كَمَا تُقَدَّمُ الْأُخْتُ عَلَى الْأَخِ (ثُمَّ الْعَمَّةُ وَتُقَدَّمُ الْأُخْتُ، وَالْخَالَةُ وَالْعَمَّةُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْأَبِ) لِزِيَادَةِ قَرَابَتِهِنَّ (وَمِنْ الْأَبِ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْأُمِّ) لِقُوَّةِ الْجِهَةِ وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّهُنَّ إذَا كُنَّ لِأَبَوَيْنِ يُقَدَّمْنَ عَلَيْهِنَّ لِأُمٍّ، وَذِكْرُ الْخَالَةِ، وَالْعَمَّةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ. [فَرْعٌ الْحَضَانَة لِجَدَّةٍ لَا تَرِثُ] (فَرْعٌ: لَا حَضَانَةَ لِجَدَّةٍ لَا تَرِثُ) وَهِيَ مَنْ تُدْلِي بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ (كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ) لِإِدْلَائِهَا بِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ بِحَالٍ فَكَانَتْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ بِخِلَافِ أُمِّ الْأُمِّ إذَا كَانَتْ الْأُمُّ فَاسِقَةً أَوْ مُزَوَّجَةً لِاسْتِحْقَاقِهَا الْحَضَانَةَ فِي الْجُمْلَةِ (وَلَا لِمَنْ تُدْلِي بِذَكَرٍ لَا يَرِثُ كَبِنْتِ عَمٍّ لِأُمٍّ) وَبِنْتِ ابْنِ بِنْتٍ وَهَذَا يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ. (فَرْعٌ: لِبِنْتِ الْخَالَةِ ثُمَّ لِبِنْتِ الْعَمَّةِ ثُمَّ لِبِنْتِ الْعَمِّ) لِغَيْرِ أُمٍّ (حَضَانَةٌ) فَكُلُّ أُنْثَى قَرِيبَةٌ لَمْ تُدْلِ بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ لَهَا الْحَضَانَةُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَحْرَمًا لِشَفَقَتِهَا بِالْقَرَابَةِ وَهِدَايَتِهَا بِالْأُنُوثَةِ وَذَكَرَ الْأَصْلُ مَعَ ذَلِكَ بِنْتَ الْخَالِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ، وَهِيَ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ أُمِّ أَبِي الْأُمِّ (فَإِنْ كَانَ) الْوَلَدُ (ذَكَرًا فَحَتَّى) أَيْ فَتَسْتَمِرُّ حَضَانَتُهُ حَتَّى (يَبْلُغَ حَدًّا يُشْتَهَى) . (فَرْعٌ: لِبِنْتِ الْمَجْنُونِ عِنْدَ عَدَمِ أَبَوَيْهِ حَضَانَتُهُ) فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْجَدَّاتِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا يَنْبَغِي التَّخْصِيصُ بِالْأَبَوَيْنِ بَلْ سَائِرُ الْأُصُولِ كَذَلِكَ. (وَزَوْجُ الْمَحْضُونِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَلَوْ) كَانَ الْمَحْضُونُ (مَجْنُونًا إنْ كَانَ) لَهُ بِهَا أَوْ لَهَا بِهِ (اسْتِمْتَاعٌ أَوْلَى) بِحَضَانَتِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَقَارِبِ، وَالْمُرَادُ بِاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا جِمَاعُهُ لَهَا فَلَا بُدَّ أَنْ تُطِيقَهُ، وَإِلَّا فَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ هُنَا فِي فَتَاوِيهِ (وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ) أَوْلَى بِهَا الْأَنْسَبُ بِعِبَارَةِ الْأَصْلِ فَالْقَرِيبُ، وَكَانَ عَدَلَ عَنْهَا إلَى ذَلِكَ لِيُفِيدَ الْأَوْلَوِيَّةَ، وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ قَرَابَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ بِالزَّوْجِيَّةِ كَمَا هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الْأَصْلِ وَيَكُونُ التَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِتْقِ فِيمَا يَأْتِي وَعَلَيْهِ فَأَوْلَوِيَّةُ الْقَرِيبِ مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى. (وَإِنْ تَمَحَّضَ الذُّكُورُ ثَبَتَتْ) أَيْ الْحَضَانَةُ (لِكُلِّ قَرِيبٍ وَارِثٍ، وَلَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ) كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْأَخِ، وَابْنِ الْأَخِ وَالْعَمِّ، وَكَابْنِ الْعَمِّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمْ وَقُوَّةِ قَرَابَتِهِمْ بِالْإِرْثِ، وَالْوِلَايَةِ وَيَزِيدُ الْمَحْرَمُ بِالْمَحْرَمِيَّةِ (لَا الْمُعْتِقُ) لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ الشَّفَقَةِ (وَلَا يُرَجَّحُ) الْمُعْتِقُ (بِالْعِتْقِ عَلَى الْأَقْرَبِ) مِنْهُ فَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَعَمُّ أَبٍ مُعْتِقٍ لَمْ يُرَجَّحْ الْمُعْتِقُ، وَإِنْ انْضَمَّ إلَى عُصُوبَةِ قَرَابَتِهِ عُصُوبَةُ وِلَايَةٍ بَلْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْأَقْرَبُ وَيُشَارِكُهُ الْمُسَاوِي (وَلَا مَحْرَمَ) أَيْ، وَلَا يَثْبُتُ لِمَحْرَمٍ (غَيْرِ وَارِثٍ) كَأَبِي الْأُمِّ، وَالْخَالِ وَالْعَمِّ لِلْأُمِّ لِضَعْفِ قَرَابَتِهِمْ لِتَقَاعُدِهَا عَنْ إفَادَةِ الْوِلَايَةِ، وَالْإِرْثِ وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَتْ الْحَضَانَةُ لِلْخَالَةُ لِانْضِمَامِ الْأُنُوثَةِ إلَى الْقَرَابَةِ، وَلَهَا أَثَرٌ فِي الْحَضَانَةِ، وَإِذَا ثَبَتَتْ الْحَضَانَةُ لِلذَّكَرِ الْقَرِيبِ الْوَارِثِ ثَبَتَتْ عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ إلَّا الْأَخَ، وَالْجَدَّ (فَيُقَدَّمُ الْأَبُ ثُمَّ أَقْرَبُ جَدٍّ لَهُ، وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ) الْأَخُ (لِلْأَبِ ثُمَّ) الْأَخُ (لِلْأُمِّ ثُمَّ بَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِلْأَبِ ثُمَّ الْأَعْمَامُ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِلْأَبِ ثُمَّ بَنُوهُمْ ثُمَّ أَعْمَامُ الْأَبِ ثُمَّ بَنُوهُمْ ثُمَّ أَعْمَامُ الْجَدِّ ثُمَّ بَنُوهُمْ، وَابْنُ الْعَمِّ وَنَحْوُهُ) مِمَّنْ هُوَ وَارِثٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ (يَتَسَلَّمُ الصَّغِيرَةَ) الَّتِي ثَبَتَ لَهُ حَضَانَتُهَا كَالصَّغِيرِ (لَا مَنْ تُشْتَهَى) فَلَا يَتَسَلَّمُهَا (بَلْ يُعَيِّنُ لَهَا) امْرَأَةً (ثِقَةً) بِأُجْرَةٍ وَبِدُونِهَا، وَإِنَّمَا كَانَ التَّعْيِينُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لَهُ وَيُفَارِقُ ثُبُوتُ الْحَضَانَةِ لَهُ عَلَيْهَا عَدَمَ ثُبُوتِهَا لِبِنْتِ الْعَمِّ عَلَى الذَّكَرِ الْمُشْتَهِي بِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ الِاسْتِنَابَةِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَلِاخْتِصَاصِ ابْنِ الْعَمِّ بِالْعُصُوبَةِ، وَالْوِلَايَةِ وَالْإِرْثِ (فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ) مَثَلًا يُسْتَحْيَا مِنْهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْعَدَدِ (سُلِّمَتْ إلَيْهَا بِإِذْنِهِ) قَوْلُهُ إلَيْهَا بِإِذْنِهِ أَخَذَهُ مِنْ الْإِسْنَوِيِّ. وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ سُلِّمَتْ إلَيْهِ أَيْ جُعِلَتْ عِنْدَهُ مَعَ بِنْتِهِ، وَهُوَ حَسَنٌ لَا يَعْدِلُ عَنْهُ نَعَمْ إنْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ بِنْتَهُ مَعَهُ لَا فِي رَحْلِهِ سُلِّمَتْ إلَيْهَا لَا لَهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْحَضَرِ، وَلَمْ تَكُنْ بِنْتُهُ فِي بَيْتِهِ وَبِهَذَا جَمَعَ بَيْنَ كَلَامَيْ الْأَصْلِ، وَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ حَيْثُ قَالُوا فِي مَوْضِعٍ تُسَلَّمُ إلَيْهِ، وَفِي آخَرَ تُسَلَّمُ إلَيْهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا ثِقَةً وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ غَيْرَتَهَا عَلَى قَرِيبَتِهَا وَأَبِيهَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ مَرْدُودٌ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ فَاعْتُبِرَتْ الثِّقَةُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَرْعٌ: لَا حَضَانَةَ لِجَدَّةٍ لَا تَرِثُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي مَعْنَى الْجَدَّةِ السَّاقِطَةِ كُلُّ مَحْرَمٍ تُدْلِي بِذَكَرٍ لَا يَرِثُ كَبِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ قَالَ فِي الْقُوتِ كَوْنُ بِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ مَحْرَمًا غَيْرُ مَعْقُولٍ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا الْمِثَالُ سَهْوٌ فَإِنَّ بِنْتَ الْعَمِّ لِلْأُمِّ أَوْ لِلْأَبِ لَيْسَتْ فِي الْمَحَارِمِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا، وَقَدْ تَابَعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةُ عَلَى هَذَا التَّمْثِيلِ وَزَادَ بِنْتَ الْخَالِ، وَهُوَ عَجِيبٌ وَالصَّوَابُ التَّمْثِيلُ بِنْتُ الْأَخِ لِلْأُمِّ. اهـ. وَجَوَابُهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِنْتُ الْعَمِّ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَحْرَمٌ (قَوْلُهُ: وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إلَخْ) لَيْسَ كَمَا قَالَهُ بَلْ هُوَ مُسْتَقِيمٌ، وَإِنَّمَا سَقَطَتْ حَضَانَةُ أُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَنَحْوِهَا كَبِنْتِ عَمٍّ لِأُمٍّ وَبِنْتِ ابْنِ بِنْتٍ لِضَعْفِهَا بِإِدْلَائِهَا بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ وَقُوَّةِ مَنْ يَلِيهَا إذْ هُوَ الْأَبُ أَوْ نَحْوُهُ بِخِلَافِ بِنْتِ الْخَالِ فَإِنَّ حَضَانَتَهَا عِنْدَ ضَعْفِ مَنْ بَعْدَهَا بِتَرَاخِي النَّسَبِ وَقَدْ جُبِرَ بِضَعْفِهَا بِإِدْلَائِهَا بِأُمِّ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ بِوَاسِطَةٍ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْجَدَّاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا جِمَاعُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ التَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ) أَخْذًا مِنْ الْعِتْقِ فِيمَا يَأْتِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الرُّجْحَانِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِيمَا لَوْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ قَرَابَةٌ أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ عَلَى أَقْرَبَ مِنْهُ وَهُوَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُعَيَّنُ لَهَا ثِقَةٌ) كَزَوْجِيَّةٍ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا ثِقَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 مُطْلَقًا حَسْمًا لِلْبَابِ. (وَإِنْ اجْتَمَعُوا) أَيْ الذُّكُورُ، وَالْإِنَاثُ (فَالْأُمُّ) أَوْلَى بِالْحَضَانَةِ (ثُمَّ أُمُّهَا كَمَا سَبَقَ) فِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُنَّ مُدْلِيَاتٍ بِالْإِنَاثِ وَقُدِّمْنَ عَلَى الْأَبِ لِاخْتِصَاصِهِنَّ بِالْوِلَادَةِ الْمُحَقَّقَةِ؛ وَلِأَنَّهُنَّ أَلْيَقُ بِالْحَضَانَةِ مِنْهُ كَمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى فِي الْحَضَانَةِ عَنْ النِّسَاءِ غَالِبًا (فَلَوْ نَكَحَتْ الْأُمُّ) مَنْ لَا حَضَانَةَ لَهُ (وَرَضِيَ بِهَا الْأَبُ، وَالزَّوْجُ فَلَا حَقَّ لِلْجَدَّةِ) لِوُفُورِ شَفَقَةِ الْأُمِّ مَعَ رِضَا مَنْ ذُكِرَ (ثُمَّ بَعْدَهُنَّ الْأَبُ) بِزِيَادَةٍ بَعْدَهُنَّ لِطُولِ الْفَصْلِ (ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ) الْمُدْلِيَاتُ بِالْإِنَاثِ وَقُدِّمَ عَلَيْهِنَّ لِإِدْلَائِهِنَّ بِهِ (ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ، وَإِنْ عَلَا (ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ) الْمُدْلِيَاتُ بِالْإِنَاثِ (ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) مِنْ الْحَوَاشِي ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (كَمَا سَبَقَ) فِي أَنَّهُ يُقَدَّمُ ذُو الْأَبَوَيْنِ عَلَى ذِي الْأَبِ وَذُو الْأَبِ عَلَى ذِي الْأُمِّ. (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ اثْنَانِ فِي الْقُرْبِ، وَاخْتَلَفَا ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً كَأَخٍ وَأُخْتٍ (قُدِّمَ بِالْأُنُوثَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِنَاثَ أَصْبَرُ وَأَبْصَرُ (فَتُقَدَّمُ أُخْتٌ ثُمَّ أَخٍ ثُمَّ بِنْتُ أُخْتٍ ثُمَّ بِنْتُ أَخٍ ثُمَّ ابْنُ أَخٍ) اعْتِبَارًا بِمَنْ يَحْضُنُ لَا بِمَنْ يُدْلِي بِهِ وَعَدَلَ إلَى تَعْبِيرِهِ بِابْنِ أَخٍ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِابْنِ أُخْتٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الذَّكَرَ غَيْرُ الْوَارِثِ لَا يَحْضُنُ (ثُمَّ خَالَةٌ) تَأْخِيرُهَا عَنْ بِنْتَيْ الْأُخْتِ، وَالْأَخِ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِمَا، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ فَاعْتَمِدْهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. (ثُمَّ عَمُّهُ ثُمَّ عَمٌّ وَارِثٌ) بِخِلَافِ غَيْرِ الْوَارِثِ وَهُوَ الْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْوَارِثِ مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ بِنْتُ خَالَةٍ ثُمَّ بِنْتُ عَمَّةٍ عَمٌّ وَارِثٌ ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ عَلَى مَا سَبَقَ) ثُمَّ خَالَةُ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ عَمَّتُهُمَا ثُمَّ عَمُّهُمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ثُمَّ قَالَ، وَإِذَا اسْتَوَى اثْنَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَأَخَوَيْنِ أَوْ خَالَتَانِ وَتَنَازَعَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ. (فَرْعٌ: الْخُنْثَى هُنَا كَالذَّكَرِ) فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الذَّكَرِ فِي مَحَلٍّ لَوْ كَانَ أُنْثَى لَقُدِّمَ لِعَدَمِ الْحُكْمِ بِالْأُنُوثَةِ (فَلَوْ ادَّعَى الْأُنُوثَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ غَالِبًا فَيَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ، وَإِنْ اُتُّهِمَ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ ضِمْنًا لَا مَقْصُودًا؛ وَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَتَبَعَّضُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ) (وَعَلَى السَّيِّدِ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ) ، وَلَوْ آبِقًا وَزَمِنًا وَصَغِيرًا وَأَعْمَى وَمَرْهُونًا وَمُسْتَأْجَرًا وَمُعَارًا (وَكِسْوَتُهُ، وَكَذَا مَاءُ طَهَارَتِهِ وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ وَسَائِرُ مُؤْنَاتِهِ لِخَبَرِ «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» وَخَبَرِ «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَنْ مَمْلُوكِهِ قُوتَهُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَقِيسَ بِمَا فِيهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ، وَلَوْ فَاسِدًا الْكِتَابَةُ لَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ وَلِهَذَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ، وَكَذَا الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ حَيْثُ أَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ وَيَجِبُ ذَلِكَ (مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقٍ) أَيْ أَرِقَّاءِ (الْبَلَدِ وَأُدْمِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ) مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَزَيْتٍ وَقُطْنٍ، وَكَتَّانٍ وَصُوفٍ وَغَيْرِهَا لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ «لِلْمَمْلُوكِ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ» قَالَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الْمَعْرُوفُ لِمِثْلِهِ بِبَلَدِهِ (فَتَجِبُ كِفَايَتُهُ، وَلَوْ كَانَ رَغِيبًا) فِي الْأَكْلِ بِحَيْثُ تَزِيدُ كِفَايَتُهُ عَلَى كِفَايَةِ مِثْلِهِ غَالِبًا (وَتَسْقُطُ) عَنْهُ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ) فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ بِجَامِعِ وُجُوبِهَا بِالْكِفَايَةِ (وَيَكْسُوهُ مَا يَلِيقُ بِحَالِ السَّيِّدِ مِنْ الرَّفِيعِ وَالْوَسَطِ، وَالْخَشِنِ وَيُنْفِقُهُ) أَيْ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ (الشَّرِيكَانِ بِقَدْرِ الْمِلْكِ) أَيْ مِلْكَيْهِمَا (وَلَوْ تَقَشَّفَ السَّيِّدُ) بِأَنْ كَانَ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ دُونَ الْمُعْتَادِ غَالِبًا بُخْلًا أَوْ رِيَاضَةً (لَمْ يَتْبَعْهُ الْعَبْدُ) بَلْ يَلْزَمُ السَّيِّدَ رِعَايَةُ الْغَالِبِ لَهُ، وَلَوْ تَنَعَّمَ بِمَا هُوَ فَوْقَ اللَّائِقِ بِهِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ بَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغَالِبِ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا هُمْ إخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِهِ وَلْيُلْبِسْهُ مِنْ لِبَاسِهِ» قَالَ الرَّافِعِيُّ: حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ وَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ غَيْرَتَهَا عَلَى قَرِيبَتِهَا وَأَبِيهَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الثِّقَةِ لَا يُؤْمَنُ، وَلَا يُؤْتَمَنُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اجْتَمَعُوا فَالْأُمُّ أَوْلَى بِالْحَضَانَةِ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَلِأَنَّهَا سَاوَتْ الْأَبَ فِي الْقُرْبِ وَالشَّفَقَةِ، وَاخْتَصَّتْ بِالْوِلَادَةِ الْمُحَقَّقَةِ وَبِالْأُنُوثَةِ اللَّائِقَةِ بِالْحَضَانَةِ. (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ) وَقَالَ الْبَارِزِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ آخِرًا مُؤَوَّلٌ وَمَا هُنَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ فَاعْتَمَدَهُ النَّوَوِيُّ فَوَقَعَ التَّنَاقُضُ [فَرْعٌ الْخُنْثَى كَالذَّكَرِ فِي الْحَضَانَة] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ) (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَاءُ طَهَارَتِهِ) كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِمَمْلُوكِهِ مَاءَ الطَّهَارَةِ فِي السَّفَرِ فَيَحْتَمِلُ حَمْلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الْحَضَرِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَيَحْتَمِلُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَيَكُونُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَجْهًا فِي الْمَسْأَلَةِ ش الرَّاجِحُ الثَّانِي وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَحَلُّ السَّهْمَيْنِ إذَا كَانَ مُجْدِيًا عَنْ الْإِعَادَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ تَوْجِيهُهُمْ تَحْصِيلُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَكَذَا تُرَابُ تَيَمُّمِهِ، وَثَمَنُ الدَّوَاءِ، وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ إذَا مَرِضَ، وَأُجْرَةُ الْحَمَّامِ لِإِزَالَةِ الشَّعَثِ كَمَا يَجِبُ الْمُشْطُ وَالدُّهْنُ لِلضَّرُورَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْغُسْلُ فِي الْبَيْتِ لِشِدَّةِ بَرْدٍ أَوْ ضَعْفٍ سَوَاءٌ وَجَبَ الْغُسْلُ عَنْ وَطْءٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ احْتِلَامٍ وَمُؤْنَةِ غَسْلِ ثِيَابِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يُعَلِّمَ رَقِيقَهُ الْمُكَلَّفَ مَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مِنْ أُمُورِ دِينِهِ أَوْ يُخَلِّيَهُ لِيَتَعَلَّمَ وَيَلْزَمُهُ بِذَلِكَ، وَلَا يَبْعُدُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَجِيءَ فِي وُجُوبِ تَعْلِيمِ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ الْمُرَاهِقِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْخِلَافِ فِي تَعْلِيمِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِمَا فِيهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا) وَلِأَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ كَسْبَهُ وَتَصَرُّفَهُ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ) إلَّا إنْ احْتَاجَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ أَنَّ (قَوْلَهُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ وَأُدْمِهِمْ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ طَعَامَهُ مَخْبُوزًا، وَإِدَامَهُ مَصْنُوعًا (قَوْلُهُ بَلْ يَلْزَمُ السَّيِّدَ رِعَايَةُ الْغَالِبِ لَهُ) اسْتَثْنَى فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْهُ مَا إذَا رَضِيَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ) بِجَامِعِ وُجُوبِهَا بِالْكِفَايَةِ وَمَا سَبَقَ مِنْ اسْتِثْنَاءِ فَرْضِ الْقَاضِي وَنَحْوِهِ يَجِيءُ هُنَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ اسْتَحَقَّ الرَّقِيقُ الْقَتْلَ بِرِدَّةٍ وَنَحْوِهَا لَمْ يَسْقُطْ وُجُوبُ كِفَايَتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ بِتَجْوِيعِهِ تَعْذِيبٌ يَمْنَعُ مِنْهُ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «، وَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» أَب وَلِأَنَّ السَّيِّدَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَنْعِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ إمَّا بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَإِمَّا بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ قَتْلِهِ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ وُجُوبِ كِفَايَةِ قَرِيبِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ بَيَاض بِالْأَصْلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 الْخِطَابِ لِقَوْمٍ مَطَاعِمُهُمْ وَمَلَابِسُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ سَائِلٍ عَلِمَ فَأَجَابَ بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ (وَكَسْبُهُ) مِلْكٌ (لِلسَّيِّدِ يُنْفِقُهُ) أَيْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ (مِنْهُ إنْ شَاءَ) فَإِنْ لَمْ يَفِ بِنَفَقَتِهِ فَالْبَاقِي عَلَى السَّيِّدِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ (وَلَا يَقْتَصِرُ فِي كِسْوَتِهِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ) ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِحَرٍّ، وَلَا بَرْدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ تَحْقِيرًا قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَهَذَا بِبِلَادِنَا إخْرَاجًا لِبِلَادِ السُّودَانِ وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَهَذَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُمْ مِنْ الْغَالِبِ فَلَوْ كَانُوا لَا يَسْتَتِرُونَ أَصْلًا وَجَبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. (فَصْلٌ: لَوْ فَضَّلَ نَفِيسَ رَقِيقِهِ) عَلَى خَسِيسِهِ (كُرِهَ فِي الْعَبِيدِ، وَاسْتُحِبَّ فِي الْإِمَاءِ) لِلْعَادَةِ سَوَاءٌ فِيهِ السِّرِّيَّةُ وَغَيْرُهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْعَبِيدِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ تَفْضِيلُ النَّفِيسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ قَضِيَّةُ الْعُرْفِ، وَبِهِ أَجَابَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَقَالُوا وَيَخْتَلِفُ حَالُهُمْ بِاخْتِلَافِ مَنَازِلِهِمْ فَلَيْسَ كِسْوَةُ الرَّاعِي، وَالسَّائِسِ كَكِسْوَةِ مَنْ قَامَ بِالتِّجَارَةِ قَالَ وَحِينَئِذٍ فَالْأَشْبَهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ. (فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ) لِسَيِّدِهِ (أَنْ يُؤَاكِلَهُ) بِأَنْ يُجْلِسَهُ لِلْأَكْلِ مَعَهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُؤَاكِلْهُ بِأَنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ أَوْ امْتَنَعَ هُوَ مِنْ جُلُوسِهِ مَعَهُ تَوْقِيرًا لَهُ (فَلْيَرُغْ) أَيْ فَلْيُرَوِّ (لَهُ فِي) ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ (الدَّسَمِ لُقْمَةً كَبِيرَةً) تَسُدُّ مَسَدَ الصَّغِيرَةِ تُهَيِّجُ الشَّهْوَةَ، وَلَا تَقْضِي النُّهْمَةَ (أَوْ لُقْمَتَيْنِ) ثُمَّ يُنَاوِلُهُ ذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّ الْإِجْلَاسَ مَعَهُ أَفْضَلُ مِنْ التَّرْوِيغِ وَالْمُنَاوَلَةِ لِيَتَنَاوَلَ الْقَدْرَ الَّذِي يَشْتَهِيهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (ثُمَّ هَذَا) أَيْ أَحَدُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ (لِمَنْ عَالَجَ الطَّعَامَ آكَدُ، وَلَا سِيَّمَا إنْ حَضَرَ) الْمُعَالِجُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ» ، وَالْمَعْنَى فِيهِ تَشَوُّفُ النَّفْسِ لِمَا تُشَاهِدُهُ وَهَذَا يَقْطَعُ شَهْوَتَهَا، وَالْأَمْرُ فِي الْخَبَرِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ نَدْبًا لِلتَّوَاضُعِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ نَصًّا حَاصِلُهُ الْوُجُوبُ ثُمَّ قَالَ فَظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْوُجُوبُ عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ النَّصَّ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ (، وَلَوْ أَعْطَى) السَّيِّدُ (الْعَبْدَ طَعَامَهُ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ تَبْدِيلُهُ بِمَا يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْأَكْلِ) بِخِلَافِ تَبْدِيلِهِ بِمَا لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ هَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إبْدَالُهُ وَقْتَ الْأَكْلِ وَيَجُوزُ قَبْلَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَوْرَدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مَوْرِدَ الْمَذْهَبِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ احْتِمَالًا. (فَصْلٌ: لَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ) ، وَلَوْ أُمَّ وَلَدِهِ (عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا، وَلَوْ مِنْ زِنًا) ؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ (وَلَوْ طَلَبَتْهُ) أَيْ إرْضَاعَهُ (لَمْ يَجُزْ) لَهُ (مَنْعُهَا) مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيقًا بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا (إلَّا عِنْدَ الِاسْتِمْتَاعِ) بِهَا فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ وَوَضْعُ الْوَلَدِ عِنْدَ غَيْرِهَا إلَى فَرَاغِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَإِلَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ وَيَسْتَرْضِعُهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ إرْضَاعَهُ عَلَى وَالِدِهِ أَوْ مَالِكِهِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرُّوهُ. (وَلَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ) عَلَى الْإِرْضَاعِ (مِنْ أَبِ وَلَدِهَا الْحُرِّ) ، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّبَرُّعُ بِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ التَّبَرُّعُ بِهِ (وَلَا يُكَلِّفُهَا رَضَاعَ غَيْرِ وَلَدِهَا) ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233] ؛ وَلِأَنَّ طَعَامَهُ اللَّبَنُ فَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ كَالْقُوتِ (إلَّا بِفَاضِلٍ) مِنْ لَبَنِهَا (عَنْهُ) أَيْ عَنْ رِيِّهِ أَمَّا لِغَزَارَةِ لَبَنِهَا أَوْ لِقِلَّةِ شِرَائِهِ أَوْ لِاغْتِنَائِهِ بِغَيْرِ اللَّبَنِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ أَوْ لِمَوْتِهِ فَلَهُ تَكْلِيفُهَا ذَلِكَ كَمَا لَهُ تَكْلِيفُهَا غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ الْأَعْمَالِ الَّتِي تُطِيقُهَا (وَلَهُ إجْبَارُهَا عَلَى الْفِطَامِ) لِوَلَدِهَا (قَبْلَ) مُضِيِّ (الْحَوْلَيْنِ إنْ اجْتَزَأَ بِغَيْرِ اللَّبَنِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَهِيَ مِلْكُهُ، وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ (وَ) عَلَى (الرَّضَاعِ) لَهُ (بَعْدَهُمَا إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ) هُوَ أَوْ هِيَ بِالْإِرْضَاعِ سَوَاءٌ أَكَفَاهُ غَيْرُ اللَّبَنِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ كَمَا مَرَّ، وَلَيْسَ لَهَا الِاسْتِقْلَالُ بِإِرْضَاعٍ، وَلَا فِطَامٍ إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي التَّرْبِيَةِ (بِخِلَافِهِ مَعَ الْحُرَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ الْحُرَّيْنِ (عَلَى الْفِطَامِ قَبْلَ) مُضِيِّ (الْحَوْلَيْنِ) ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقًّا فِي التَّرْبِيَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ} [البقرة: 233] أَيْ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ الْوَلَدَ أَوْ لَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا اسْتِقْلَالٌ بِالْفِطَامِ قَبْلَ مُضِيِّ الْحَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةُ الرَّضَاعِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى فِطَامِهِ حِينَئِذٍ جَازَ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ كَمَا صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْأَبِ (الْأُجْرَةُ لَهَا) أَوْ لِغَيْرِهَا (حَالَ الِامْتِنَاعِ) أَيْ امْتِنَاعِهَا مِنْ الْفِطَامِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْوَلَدُ (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (الِانْفِرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْفِطَامِ (بَعْدَهُمَا) أَيْ الْحَوْلَيْنِ (إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْوَلَدُ) بِهِ لِمُضِيِّ مُدَّةِ الرَّضَاعِ، وَلَهُمَا الزِّيَادَةُ فِي الْإِرْضَاعِ عَلَى الْحَوْلَيْنِ إذْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَجَبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَلَوْ اعْتَادَ أَهْلُ بَلَدٍ سَتْرُ أَرِقَّائِهِمْ بِالطِّينِ كَفَاهُ [فَصْلٌ تَفْضِيلَ نَفِيسَ رَقِيقِهِ عَلَى خَسِيسِهِ] (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِيهِ السَّرِيَّةُ وَغَيْرُهَا) كَالْجَمِيلَةِ فِيمَا يَظْهَرُ كُلُّ رَقِيقٍ فِيهِ مَعْنًى زَائِدٌ مِنْ قِرَاءَةٍ وَعِلْمٍ وَنَحْوِهِمَا ش (قَوْلُهُ: فَالْأَشْبَهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ عَلَى نَفِيسِ الذَّاتِ. (قَوْلُهُ: «فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوَلُقْمَتَيْنِ» ) أَوْ أَكْلَةً أَوْ أَكْلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْطَى الْعَبْدُ طَعَامَهُ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ تَبْدِيلُهُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ مَصْلَحَةُ الْعَبْدِ فِي إبْدَالِهِ بِأَنْ عَلِمَ السَّيِّدُ أَنَّهُ يَضُرُّهُ أَوْ لَا يُلَائِمُهُ فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِي إبْدَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فَهَذَا مُحْتَمَلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ لَا سِيَّمَا إذَا رَامَ إبْدَالَهُ بِرَدِيءٍ [فَصْلٌ إجْبَارُ أَمَتِهِ وَلَوْ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا] (قَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ) أَيْ غَيْرَ اللِّبَأِ الَّذِي لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ وَفِيمَا ذَا وُجِدَتْ مُرْضِعَةُ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ مِنْ أَبِ وَلَدِهَا الْحُرِّ) ، وَلَوْ عَلَى اللِّبَأِ الَّذِي لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ بِالْفِطَامِ قَبْلَ مُضِيِّ الْحَوْلَيْنِ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْفِطَامُ قَبْلَهُمَا أَصْلَحَ لِلْوَلَدِ كَأَنْ حَمَلَتْ أُمُّهُ أَوْ كَانَ بِهَا مَرَضٌ، وَلَمْ يَجِدْ مُرْضِعَةً سِوَاهَا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُجَابُ الْأَبُ إلَى الْفِطَامِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، وَلَيْسَ مُخَالِفًا لِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَهُمْ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ أَنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 (فَصْلٌ: مُخَارَجَةُ الرَّقِيقِ) الْمُكَلَّفِ (عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَسْبُهُ) وَهِيَ ضَرْبُ خَرَاجٍ مَعْلُومٍ عَلَيْهِ يُؤَدِّيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ مَثَلًا مِمَّا يَكْسِبُهُ (جَائِزَةٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ صَاعَيْنِ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ» (بِالْمُرَاضَاةِ) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إجْبَارُ الْآخَرِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَاعْتُبِرَ فِيهَا التَّرَاضِي كَالْكِتَابَةِ أَمَّا إذَا خَارَجَهُ عَلَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ كَسْبُهُ فَلَا يَجُوزُ، وَهِيَ (غَيْرُ لَازِمَةٍ، وَكَأَنَّهُ) فِيمَا إذَا وَفَّى وَزَادَ كَسْبُهُ (أَبَاحَهُ الزَّائِدُ تَوْسِيعًا فِي النَّفَقَةِ) عَلَيْهِ (وَمُؤْنَتُهُ) تَجِبُ (حَيْثُ شُرِطَتْ) مِنْ كَسْبِهِ أَوْ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ (فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا لَا يَلِيقُ) ، وَفِي نُسْخَةٍ يُطِيقُ بِأَنْ ضَرَبَ عَلَيْهِ خَرَاجًا أَكْثَرَ مِمَّا يَلِيقُ بِحَالِهِ وَأَلْزَمَهُ أَدَاءَهُ (مُنِعَ) مِنْهُ (وَيُجْبَرُ نَقْصُ يَوْمٍ) مَثَلًا (بِزِيَادَةِ) يَوْمٍ (آخَرَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُجْبَرُ نَقْصُ بَعْضِ الْأَيَّامِ بِالزِّيَادَةِ فِي بَعْضِهَا (فَصْلٌ: لَا يُكَلِّفُ) السَّيِّدُ (عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا (عَمَلًا) عَلَى الدَّوَامِ (لَا يُطِيقُهُ عَلَى الدَّوَامِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلِّفَهُ عَمَلًا عَلَى الدَّوَامِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَعْجِزُ عَنْهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْأَعْمَالَ الشَّاقَّةَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامَيْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَإِنْ زَعَمَهُ جَمَاعَةٌ (وَيَتْبَعُ) السَّيِّدُ فِي تَكْلِيفِهِ رَقِيقَهُ مَا يُطِيقُهُ (الْعَادَةَ فِي) إرَاحَتِهِ فِي وَقْتِ (الْقَيْلُولَةِ) ، وَالِاسْتِمْتَاعِ (وَ) فِي (الْعَمَلِ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَيُرِيحُهُ مِنْ الْعَمَلِ إمَّا اللَّيْلُ) إنْ اسْتَعْمَلَهُ نَهَارًا (أَوْ النَّهَارُ) إنْ اسْتَعْمَلَهُ لَيْلًا (وَإِنْ اعْتَادُوا) أَيْ السَّادَةُ (الْخِدْمَةَ) مِنْ الْإِرْقَاءِ (نَهَارًا مَعَ طَرَفَيْ اللَّيْلِ) لِطُولِهِ (اُتُّبِعَتْ) عَادَتُهُمْ (وَعَلَى الْعَبْدِ بَذْلُ الْجَهْدِ) وَتَرْكُ الْكَسَلِ فِي الْخِدْمَةِ. (وَيُبَاعُ مَالُ سَيِّدِهِ فِي نَفَقَتِهِ) أَيْ يَبِيعُهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ أَوْ غَابَ (أَوْ يُؤَجِّرُهُ) عَلَيْهِ (بَعْدَ اسْتِدَانَتِهِ شَيْئًا) عَلَيْهِ (صَالِحًا) لِمَا فِي بَيْعِهِ أَوْ إيجَارِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا مِنْ الْمَشَقَّةِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُ بَعْضِهِ، وَلَا إيجَارُهُ بَاعَ جَمِيعَهُ أَوْ آجَرَهُ كَمَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَذِكْرُ الْإِيجَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَمَا ذَكَرَ فِي الْبَيْعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ بَيْعُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَالْعَقَارِ فَإِنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْحُبُوبِ، وَالْمَائِعَاتِ تَعَيَّنَ أَيْ بِلَا اسْتِدَانَةٍ وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ (فَإِنْ عُدِمَ) مَالُهُ (أُمِرَ بِبَيْعِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ (أَوْ إيجَارِهِ) عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ (أَوْ عِتْقِهِ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ ذَلِكَ (بَاعَهُ الْحَاكِمُ أَوْ آجَرَهُ) عَلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ وَيُقَدَّمُ إيجَارُهُ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى بَيْعِهِ فَإِنَّ تَعَذَّرَ تَعَيَّنَ الْبَيْعُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ كَسَدَ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ (فَنَفَقَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ فُقِدَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَحَاوِيجِهِمْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتُدْفَعُ كِفَايَةُ الرَّقِيقِ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الْكِفَايَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِأَنَّهُ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ لَا لِلرَّقِيقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ مَجَّانًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ السَّيِّدُ فَقِيرًا أَوْ مُحْتَاجًا إلَى خِدْمَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَرْضًا عَلَيْهِ. انْتَهَى. وَحُكْمُ الْعَجْزِ عَنْ نَفَقَةِ أُمِّ الْوَلَدِ تَقَدَّمَ قُبَيْلَ بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَنَفَقَةُ الْمُبَعَّضِ أَيْ الْمَعْجُوزِ عَنْ نَفَقَتِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةً، وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى مَنْ هِيَ فِي نَوْبَتِهِ، وَفِيمَا قَالَهُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي نَظَرٌ. (فَصْلٌ: وَعَلَيْهِ) أَيْ صَاحِبِ دَابَّةٍ (كِفَايَةُ دَابَّتِهِ الْمُحْتَرَمَةِ أَوْ تَخْلِيَتُهَا لِلْمَرْعَى) وَوُرُودِ الْمَاءِ (إنْ اكْتَفَتْ بِهِ) فَإِنْ لَمْ تَكْتَفِ بِهِ لِجَدْبِ الْأَرْضِ وَنَحْوِهِ أَضَافَ إلَيْهِ مِنْ الْعَلَفِ مَا يَكْفِيهَا وَذَلِكَ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» بِفَتْحِ الْخَاءِ، وَكَسْرِهَا أَيْ هَوَامِّهَا، وَالْمُرَادُ بِكِفَايَةِ الدَّابَّةِ وُصُولُهَا لِأَوَّلِ الشِّبَعِ، وَالرِّيِّ دُونَ غَايَتِهِمَا وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمَةِ غَيْرُهَا كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ ذَلِكَ (وَلَهُ مَالٌ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ الْكِفَايَةَ أَوْ الْبَيْعَ) لِلدَّابَّةِ (أَوْ الذَّبْحَ) لَهَا إنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً (أَوْ الْإِكْرَاءَ) لَهَا (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ ذَلِكَ (فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا يَرَاهُ) مِنْهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الرَّقِيقِ يَأْتِي هُنَا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَاعَ الدَّابَّةَ أَوْ جُزْءًا مِنْهَا أَوْ أَكْرَاهَا) عَلَيْهِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ) كِفَايَتُهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ كَنَظِيرِهِ فِي الرَّقِيقِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ. ثُمَّ وَلَوْ كَانَتْ دَابَّتُهُ لَا تُمْلَكُ كَكَلْبٍ لَزِمَهُ أَنْ يَكْفِيَهَا أَوْ يَدْفَعَهَا لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ يُرْسِلَهَا. [فَرْعٌ كَانَ عِنْدَهُ حَيَوَانٌ يُؤْكَلُ وَآخَرُ لَا يُؤْكَلُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا نَفَقَةَ أَحَدِهِمَا وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُمَا] (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ عِنْدَهُ حَيَوَانٌ يُؤْكَلُ وَآخَرُ لَا يُؤْكَلُ، وَلَمْ يَجِدْ إلَّا نَفَقَةَ أَحَدِهِمَا وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُمَا فَهَلْ تُقَدَّمُ نَفَقَةُ مَا لَا يُؤْكَلُ وَيُذْبَحُ   [حاشية الرملي الكبير] فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: مُخَارَجَةُ الرَّقِيقِ عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَسْبُهُ جَائِزَةٌ) بِأَنْ يَكُونَ لَهُ كَسْبٌ مُبَاحٌ دَائِمٌ يَفِي بِالْخَرَاجِ فَاضِلًا عَنْ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ إنْ جَعَلَهُمَا فِيهِ [فَصْلٌ لَا يُكَلِّفُ السَّيِّدُ عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ عَمَلًا لَا يُطِيقُهُ] (قَوْلُهُ: لَا يُكَلِّفُ عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ عَمَلًا لَا يُطِيقُهُ عَلَى الدَّوَامِ) لَوْ كَلَّفَ رَقِيقَهُ مَا لَا يُطِيقُهُ أَوْ حَمَلَ أَمَتَهُ عَلَى الْفَسَادِ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي خَلَاصِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُ بَعْضِهِ، وَلَا إيجَارِهِ إلَخْ) وَتَحْرِيرِهِ أَنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّرُ جُزْءًا مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ أَوْ جَمِيعَهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَوْ تَقَدَّرَ إيجَارُ الْجُزْءِ فَإِنْ تَعَذَّرَ إيجَارُهُ بَاعَ جُزْءًا مِنْهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ أَوْ كُلَّهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَوْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْجُزْءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَدِمَ مَالَهُ أُمِرَ بِبَيْعِهِ أَوْ إيجَارِهِ أَوْ عِتْقِهِ) وَالْقَصْدُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ الْعَجْزِ عَنْ نَفَقَةِ أُمِّ الْوَلَدِ إلَخْ) أَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَلَا تُبَاعُ قَطْعًا، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْتَاقِهَا فِي الْأَصَحِّ، وَلَا عَلَى تَزْوِيجِهَا بِرَاغِبٍ وَيَتَعَيَّنُ إجَارَتُهَا فَإِنْ تَعَذَّرَتْ خَلَّاهَا لِتَكْتَسِبَ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ نَفَقَتُهَا بِكَسْبِهَا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ غَابَ مَوْلَاهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَالٌ، وَلَا كَسْبَ لَهَا، وَلَا كَانَ بَيْتُ مَالٍ قَالَ الْقَمُولِيُّ فَالرُّجُوعُ إلَى وَجْهِ أَبِي زَيْدٍ بِالتَّزَوُّجِ أَوْلَى لِلْمَصْلَحَةِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَنَفَقَةُ الْمُبَعَّضِ إلَخْ) قَالَ الْقَمُولِيُّ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ يَجِبُ تَنْصِيفُ نَفَقَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ فَيَجِبُ نِصْفُ نَفَقَتِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ قَالَ الْحَاكِمُ لِعَبْدِ رَجُلٍ غَائِبٍ اسْتَدِنْ وَأَنْفِقْ عَلَى نَفْسِك جَازَ وَكَانَ دَيْنًا عَلَى السَّيِّدِ. اهـ. هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُكْتَسِبًا، وَإِلَّا فَلْيُؤَجِّرْهُ أَوْ يَأْمُرْهُ بِالِاكْتِسَابِ، وَلَا يُعَطِّلُ مَنَافِعَهُ عَلَى السَّيِّدِ وَيَلْزَمُهُ الدَّيْنُ بِلَا ضَرُورَةٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 الْمَأْكُولُ أَوْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِيهِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فَإِنْ كَانَ الْمَأْكُولُ يُسَاوِي أَلْفًا، وَغَيْرُهُ يُسَاوِي دِرْهَمًا فَفِيهِ نَظَرٌ، وَاحْتِمَالٌ (وَيَجُوزُ غَصْبُ الْعَلَفِ لِهَاوٍ) غَصَبَ (الْخَيْطَ لِجِرَاحَتِهَا) بِالْبَدَلِ (إنْ تَعَيَّنَا، وَلَمْ يُبَاعَا) كَمَا يَجُوزُ سَقْيُهَا الْمَاءَ، وَالْعُدُولَ إلَى التَّيَمُّمِ (وَيَحْرُمُ تَكْلِيفُهَا) عَلَى الدَّوَامِ (مَا لَا تُطِيقُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ، وَ) يَحْرُمُ (حَلْبُ لَبَنٍ) مِنْهَا (يَضُرُّ بِوَلَدِهَا) ؛ لِأَنَّهُ غِذَاؤُهُ كَوَلَدِ الْأَمَةِ (أَوْ) يَضُرُّ (بِهَا) لِنَحْوِ قِلَّةِ الْعَلَفِ فَلَا يَحْلُبُ إلَّا مَا لَا يَضُرُّهُمَا، وَالْوَاجِبُ فِي الْوَلَدِ رِيُّهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَنَعْنِي بِهِ مَا يُقِيمُهُ حَتَّى لَا يَمُوتَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الِاكْتِفَاءِ بِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا التَّوَقُّفُ هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ (وَيَحْرُمُ تَرْكُ حَلْبٍ) إنْ كَانَ (يَضُرُّ بِهَا، وَإِلَّا فَيُكْرَهُ لِلْإِضَاعَةِ) لِلْمَالِ قَالَ الرَّافِعِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَلِلْأَضْرَارِ بِالدَّابَّةِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهَا لَمْ تَتَضَرَّرْ. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَسْتَقْصِيَ الْحَالِبُ) فِي الْحَلْبِ بَلْ يَدْعُ فِي الضَّرْعِ شَيْئًا (وَأَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ) لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا وَلِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرٍ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا تَفَاحَشَ طُولُ الْأَظْفَارِ، وَكَانَ يُؤْذِيهَا لَا يَجُوزُ حَلْبُهَا مَا لَمْ يَقُصَّ مَا يُؤْذِيهَا، وَيَحْرُمُ جَزُّ الصُّوفِ مِنْ أَصْلِ الظَّهْرِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا حَلْقُهُ لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي حَمْلِهِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (فَرْعٌ عَلَيْهِ) أَيْ مَالِكِ نَحْلٍ (أَنْ يُبْقِيَ لِلنَّحْلِ مِنْ الْعَسَلِ) فِي الْكِوَارَةِ (قَدْرَ حَاجَتِهَا إنْ لَمْ يَكْفِهَا غَيْرُهُ) ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ يَشْوِي دَجَاجَةً وَيُعَلِّقُهَا بِبَابِ الْكِوَارَةِ فَتَأْكُلُ مِنْهَا. (وَعَلَيْهِ) أَيْ مَالِكِ دُودِ قَزٍّ إمَّا (تَحْصِيلُ وَرَقِ التُّوتِ لِدُودِ الْقَزِّ وَ) إمَّا (تَخْلِيَتُهُ) أَيْ الدُّودِ (لَا كُلِّهِ) أَيْ الْوَرَقِ (إنْ وُجِدَ) لِئَلَّا يَهْلِكَ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ (وَيَجُوزُ تَشْمِيسُهُ) أَيْ الدُّودِ (عِنْدَ الانتوال) أَيْ حُصُولِ نَوْلِهِ (وَإِنْ هَلَكَ بِهِ) لِتَحْصُلَ فَائِدَةٌ كَمَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ. (فَرْعٌ: وَلَا يُكْرَهُ) لِمَالِكِ أَرْضٍ (تَرْكُ زِرَاعَةِ أَرْضِهِ) وَغَرْسِهَا (وَيُكْرَهُ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ) عِنْدَ الْإِمْكَانِ (تَرْكُ سَقْيِ الزَّرْعِ) ، وَالْأَشْجَارِ (وَتَرْكُ عِمَارَةِ الدَّارِ، وَالْقَنَاةِ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْعَقَارِ إذَا أَدَّى إلَى الْخَرَابِ كَذَا عَلَّلَ الشَّيْخَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ تَحْرِيمِ إضَاعَةِ الْمَالِ لَكِنَّهُمَا صَرَّحَا فِي مَوَاضِعَ بِتَحْرِيمِهَا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ بِلَا خَوْفٍ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا أَعْمَالًا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ وَبِعَدَمِ تَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا تَرْكُ أَعْمَالٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَشُقُّ عَلَيْهِ وَمِنْهُ تَرْكُ سَقْيِ الْأَشْجَارِ الْمَرْهُونَةِ بِتَوَافُقِ الْعَاقِدَيْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ سَقْيِ الْأَشْجَارِ وَصُورَتُهَا أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا ثَمَرَةٌ تَفِي بِمُؤْنَةِ سَقْيِهَا، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ قَطْعًا قَالَ، وَلَوْ أَرَادَ بِتَرْكِ السَّقْيِ تَجْفِيفَ الْأَشْجَارِ لِأَجْلِ قَطْعِهَا لِلْبِنَاءِ أَوْ الْوَقُودِ فَلَا كَرَاهَةَ أَيْضًا. (وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِمَارَةِ عَلَى الْحَاجَةِ خِلَافُ الْأَوْلَى) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَرُبَّمَا قِيلَ بِكَرَاهَتِهَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَقْيُ الزَّرْعِ، وَالْأَشْجَارِ، وَلَا عِمَارَةُ الْعَقَارِ لِانْتِفَاءِ حُرْمَةِ الرُّوحِ؛ وَلِأَنَّهُمَا مِنْ جُمْلَةِ تَنْمِيَةِ الْمَالِ، وَهِيَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ كَالْأَوْقَافِ وَمَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ عَلَيَّ صَاحِبِ دَابَّةٍ كِفَايَةُ دَابَّتِهِ الْمُحْتَرَمَةِ] قَوْلُهُ: فَفِيهِ نَظَرٌ) وَاحْتِمَالُ الرَّاجِحِ تَقْدِيمُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ فِي الْمَالَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ غَصْبُ الْعَلَفِ لَهَا وَالْخَيْطِ لِجِرَاحَتِهَا إنْ تَعَيَّنَا، وَلَمْ يُبَاعَا كَمَا يَجُوزُ سَقْيُهَا إلَخْ) بَلْ يَجِبُ كُلٌّ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ تَكْلِيفُهَا مَا لَا تُطِيقُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ) ، وَلَا يَحِلُّ ضَرْبُهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَجُوزُ الْحَرْثُ عَلَى الْحُمُرِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَضُرَّهَا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُلْبِسَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ مَا يَقِيهَا مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدَيْنِ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّهَا ضَرَرًا بَيِّنًا اعْتِبَارًا بِكِسْوَةِ الرَّقِيقِ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ حَلْبُ لَبَنٍ يَضُرُّ بِوَلَدِهَا) بَلْ قَالَ الْأَصْحَابُ لَوْ كَانَ لَبَنُهَا دُونَ غِذَاءِ وَلَدِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ تَكْمِيلُ غِذَائِهِ مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الِاكْتِفَاءِ بِهَذَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِلْحَاقِهِ بِوَلَدِ الْأَمَةِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَدَلَ بِهِ إلَى غَيْرِ لَبَنِ أُمِّهِ، وَاسْتَمَرَّ لَهُ مَا لَهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ سَقْيُهُ مَا يَحْيَا بِهِ فَإِنْ أَبَى، وَلَمْ يَقْبَلْهُ كَانَ أَحَقَّ بِلَبَنِ أُمِّهِ [فَرْعٌ عَلَى مَالِكِ النَّحْل أَنْ يُبْقِيَ لِلنَّحْلِ مِنْ الْعَسَلِ قَدْرَ حَاجَتِهَا] (قَوْلُهُ: وَبِعَدَمِ تَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا تَرْكَ أَعْمَالٍ) قِيلَ عَلَيْهِ: مُجَرَّدُ تَرْكِ الْأَعْمَالِ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهَا بِالشَّاقَّةِ لِيَحْتَرِزَ مِنْ نَحْوِ رَبْطِ الدَّرَاهِمِ فِي الْكُمِّ وَوَضْعِهِ فِي الْحِرْزِ. اهـ. وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ تَعْلِيلِ الْإِسْنَوِيِّ. (قَوْلُهُ: كَالْأَوْقَافِ) أَيْ إذَا كَانَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ أَوْ شَرَطَ عِمَارَتَهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى حَاصِلَةٍ 1 - (خَاتِمَةٌ) وَنَسْأَلُ اللَّهَ حُسْنَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ غَابَ الرَّشِيدُ عَنْ مَالِهِ غَيْبَةً طَوِيلَةً، وَلَا نَائِبَ لَهُ هَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ أَنْ يَنْصِبَ مَنْ يَعْمُرُ عَقَارَهُ وَيَسْقِي زَرْعَهُ وَثَمَرَةَ مَالِهِ الظَّاهِرُ نَعَمْ لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ مَالِ الْغُيَّبِ كَالْمَحْجُورِينَ. وَكَذَا لَوْ مَاتَ مَدْيُونٌ وَتَرَكَ زَرْعًا وَغَيْرَهُ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُ فِي الْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْعَى فِي حِفْظِهَا بِسَقْيٍ وَغَيْرِهِ إلَى أَنْ تُبَاعَ فِي دُيُونِهِ حَيْثُ لَا وَارِثَ خَاصٌّ يَقُومُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَحْضُرُنِي فِي هَذَا نَقْلٌ خَاصٌّ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَهَذَا آخِرُ مَا وَجَدْته مَكْتُوبًا بِهَامِشِ الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بِخَطِّ شَيْخَيْ الْمُتَأَخِّرِينَ هُمَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ وَالرِّحْلَةُ الْهُمَامُ شَيْخُ الشُّيُوخِ وَخَاتِمَةُ أَهْلِ الرُّسُوخِ خِتَامُ الْعُلَمَاءِ الْمُتْقِنِينَ سَيِّدِي أَحْمَدُ شِهَابُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ الْأَنْصَارِيُّ وَوَلَدُهُ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَخَاتِمَةُ عُلَمَاءِ الْأَنَامِ بَرَكَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ سَيِّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ شَمْسِ الدِّينِ وَالَى اللَّهُ عَلَى قَبْرِ كُلِّ سَحَائِبَ الرَّحْمَةِ وَالْغُفْرَانِ وَأَسْكَنَهُمَا أَعْلَى غُرَفِ الْجِنَانِ وَوَافَقَ الْفَرَاغُ مِنْ تَجْرِيدِهِ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْمُبَارَكِ ثَامِنِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُعْظَمِ مِنْ شُهُورِ عَامِ أَحَدَ عَشَرَ وَأَلْفٍ أَحْسَنَ اللَّهُ خِتَامَهَا عَلَى يَدِ الْعَبْدِ الْفَقِيرِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْعَلِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّوْبَرِيِّ ثُمَّ الْأَزْهَرِيِّ الشَّافِعِيِّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَسَتَرَ فِي الدَّارَيْنِ عُيُوبَهُ وَفَعَلَ ذَلِكَ بِوَالِدِيهِ وَمَشَايِخِهِ، وَإِخْوَانِهِ وَمُحِبِّيهِ وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ آمِينَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 (كِتَابُ الْجِنَايَاتِ) وَهِيَ الْقَتْلُ وَالْقَطْعُ وَالْجُرْحُ الَّذِي لَا يُزْهِقُ وَلَا يُبَيِّنُ (الْقَتْلُ ظُلْمًا) وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ قَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ (أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ) فَقَدْ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قِيلَ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (وَلِصَاحِبِهِ) أَيْ الْقَتْلِ ظُلْمًا (تَوْبَةٌ) كَالْكَافِرِ بَلْ أَوْلَى (وَلَا يَتَحَتَّمُ عَذَابُهُ) بَلْ هُوَ تَحْتَ خَطَرِ الْمَشِيئَةِ (وَلَا يُخَلَّدُ) عَذَابُهُ إنْ عُذِّبَ، وَ (إنْ أَصَرَّ) عَلَى تَرْكِ التَّوْبَةِ فِيهَا كَسَائِرِ ذَوِي الْكَبَائِرِ غَيْرَ الْكُفَّارِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْعَذَابِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِدُخُولِ النَّارِ (وَيَتَعَلَّقُ بِهِ) يَعْنِي بِالْقَتْلِ غَيْرُ الْمُبَاحِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ ظُلْمًا (الْكَفَّارَةُ وَالْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ أَوْ التَّعْزِيرُ) لِمَا سَيَأْتِي وَيُتَصَوَّرُ التَّعْزِيرُ (فِي صُوَرٍ كَقَتْلِ) نَفْسٍ مِنْ (نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَصِبْيَانِهِمْ) وَكَقَتْلِ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ (وَالنَّظَرُ) إمَّا (فِي مُوجِبِ الْقِصَاصِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (وَ) إمَّا فِي (وَاجِبِهِ فَلِلْمُوجِبِ) لَهُ فِي النَّفْسِ (ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ الْأَوَّلُ الْقَتْلُ ظُلْمًا) يَعْنِي عَمْدًا بِقَرِينَةٍ، قَوْلُهُ (وَهُوَ كُلُّ فِعْلٍ عَمْدٍ مَحْضٍ مُزْهِقٍ) لِلرُّوحِ (عُدْوَانٍ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُزْهِقًا لِلرُّوحِ فَبِقَوْلِهِ كُلُّ فِعْلٍ دَخَلَ الْجُرْحُ وَغَيْرُهُ وَبِقَوْلِهِ عَمْدٍ خَرَجَ الْخَطَأُ وَبِمَحْضٍ خَرَجَ شِبْهُ الْعَمْدِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُ الثَّلَاثَةِ. (وَبِعِدْوَانٍ خَرَجَ الْقَتْلُ الْجَائِزُ) كَالْقَتْلِ قَوَدًا أَوْ دَفْعًا لِصَائِلٍ أَوْ بَاغٍ (وَبِمُزْهِقٍ خَرَجَ الْجُرْحُ) كَأَنْ غَرَزَ إبْرَةً بِغَيْرِ مَقْتَلٍ فَمَاتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْقُبَهُ أَلَمٌ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا وَبِإِخْرَاجِ الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَبِكَوْنِهِ) الْأَوْلَى وَبِحَيْثُ كَوْنُهُ (مُزْهِقًا خَرَجَ مَا خَالَفَ فِيهِ) بِأَنْ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَحَقِّ فِي الْقَتْلِ كَأَنْ اسْتَحَقَّ حَزَّ رَقَبَتِهِ قَوَدًا فَقَدَّهُ   [حاشية الرملي الكبير] [كِتَابُ الْجِنَايَاتِ] [الرُّكْن الْأَوَّل الْقَتْل ظُلْمًا] [الطَّرَف الْأَوَّل بَيَانِ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ وَشِبْهِهِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وَبِهِ أَسْتَعِينُ) (قَوْلُهُ الْقَتْلُ ظُلْمًا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ) شَمِلَ قَتْلَ الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ، وَكَتَبَ أَيْضًا إذَا قُتِلَ ظُلْمًا وَاقْتَصَّ الْوَارِثُ أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ أَوْ مَجَّانًا فَظَوَاهِرُ الشَّرْعِ تَقْتَضِي سُقُوطَ الْمُطَالَبَةِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَكِنَّ ظَاهِرَ تَعْبِيرِ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْعُقُوبَةِ فَإِنَّهُمَا قَالَا وَيَتَعَلَّقُ بِالْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ وَرَاءَ الْعُقُوبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ مُؤَاخَذَاتٌ فِي الدُّنْيَا وَجَمَعَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِيمَنْ مَاتَ مُصِرًّا عَلَى الْقَتْلِ، وَكَلَامَ الْفَتَاوَى وَشَرْحِ مُسْلِمٍ فِيمَنْ تَابَ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فس؛ لِأَنَّ ظَوَاهِرَ الشَّرْعِ لَا تَشْهَدُ لِمَنْ مَاتَ مُصِرًّا عَلَى ذَنْبِ الْقَتْلِ بِاسْتِحْقَاقِ الْعَفْوِ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ وَرَاءَ الْعُقُوبَةِ فِي الْآخِرَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَرَاءَ اسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ غَيْرُ مَجْزُومٍ بِهَا لِجَوَازِ الْعَفْوِ. وَقَوْلُهُ لَكِنَّ ظَاهِرَ تَعْبِيرِ الشَّرْحِ إلَخْ قَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إنْ قِيلَ: إنَّهُ يَجْتَمِعُ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ عُقُوبَةُ الدَّارَيْنِ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَيُعَاقَبُ أَيْضًا فِي الْآخِرَةِ فَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ «الْحُدُودَ وَالْعُقُوبَاتِ كَفَّارَةٌ لِأَهْلِهَا» وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ فِي الدَّارَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ بِمَعْنَى مَنْ الْعُقُوبَةُ عَلَيْهِ تُوجَدُ فِي الدُّنْيَا كَمَا فِي حَقِّ مَنْ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَتُوجَدُ أَيْضًا فِي الْآخِرَةِ كَمَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ وَلَمْ يَعْفُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَهَذَا صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُخَلَّدُ عَذَابُهُ) إنْ عُذِّبَ لَكِنَّ عَذَابَ قَاتِلِ وَالٍ عَادِلٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ عَالِمٍ عَامِلٍ أَشَدُّ مِنْ قَاتِلِ غَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَكَقَتْلِ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ) أَيْ أَوْ وَلَدِهِ وَالْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا وَالْحُرُّ عَبْدًا وَمُبَعَّضًا، وَكَعَمْدِ الْخَطَأِ وَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ (قَوْلُهُ: فَيَقُولُهُ كُلُّ فِعْلٍ) شَمِلَ الْقَوْلَ كَشَهَادَةِ الزُّورِ وَالتَّرْكِ كَمَنْعِهِ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ الشَّرَابِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 2 نِصْفَيْنِ (فَإِنَّهُ عُدْوَانٌ لَا مِنْ جِهَةِ الْإِزْهَاقِ) بَلْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَحَقِّ. (وَالنَّظَرُ) بَعْدَ ذَلِكَ (فِي أَطْرَافٍ) أَرْبَعَةٍ (الْأَوَّلُ فِي) بَيَانِ (الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ وَشِبْهِهِ) وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا فَإِذَا قَتَلَ غَيْرَهُ (فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْفِعْلَ) كَأَنْ زَلِقَ فَوَقَعَ عَلَى غَيْرِهِ فَمَاتَ بِهِ أَوْ تَوَلَّدَ الْمَوْتُ مِنْ اضْطِرَابِ يَدِ الْمُرْتَعِشِ (أَوْ قَصَدَ) الْفِعْلَ لَكِنْ قَصَدَ (بِهِ شَخْصًا) مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (فَأَصَابَ غَيْرَهُ) مِنْ الْآدَمِيِّينَ (فَهُوَ الْخَطَأُ، وَإِنْ قَصَدَهُمَا) أَيْ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ (فَإِنْ كَانَ) أَيْ قَصَدَهُمَا (بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَمْدٌ، وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَهُمَا بِمَا يَقْتُلُ نَادِرًا كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِغَيْرِ مَقْتَلٍ كَعَقِبٍ أَوْ بِمَا يَقْتُلُ لَا غَالِبًا وَلَا نَادِرًا (فَشِبْهُ عَمْدٍ) . (فَرْعٌ:) لَوْ (جَرَحَهُ بِمُحَدَّدٍ مُؤَثِّرٍ) مِنْ حَدِيدٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَمَاتَ) بِذَلِكَ الْجُرْحِ، وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ (وَجَبَ الْقَوَدُ) بِالْإِجْمَاعِ (وَكَذَا) لَوْ جَرَحَهُ (بِإِبْرَةٍ) بِأَنْ غَرَزَهَا (فِي مَقْتَلٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ (كَدِمَاغٍ وَعَيْنٍ، وَأَصْلِ أُذُنٍ وَحَلْقٍ وَثُغْرَةٍ) لِنَحْرٍ (، وَأَخْدَعَ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ عِرْقُ الْعُنُقِ (وَخَاصِرَةٍ، وَإِحْلِيلٍ وَأُنْثَيَيْنِ وَمَثَانَةٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ بَعْدَ الْمِيمِ مُسْتَقَرُّ الْبَوْلِ مِنْ الْآدَمِيِّ (وَعِجَانٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مَا بَيْنَ الْخُصْيَةِ وَالدُّبُرِ وَيُسَمَّى الْعَضَّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَيَجِبُ الْقَوَدُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَثَرٌ لِعِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ. (أَمَّا) لَوْ غَرَزَهَا (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَقْتَلٍ كَفَخِذٍ (فَإِنْ مَاتَ فِي الْحَالِ) وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا بِغَيْرِ سِرَايَةٍ وَتَأَلُّمٍ فَأَشْبَهَ السَّوْطَ الْخَفِيفَ نَعَمْ الْغَرْزُ فِي بَدَنِ الصَّغِيرِ وَالشَّيْخِ الْهَرِمِ وَنَضْوِ الْخَلْقِ عَمْدٌ مُطْلَقًا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْعَبَّادِيِّ، وَأَقَرَّهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ لَمْ يَشِنْهُ لَا أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ أَصْلًا إذْ لَا بُدَّ مِنْ أَلَمٍ مَا غَالِبًا. (وَإِنْ أَوْغَلَ) مِنْ الْإِيغَالِ، وَهُوَ السَّيْرُ السَّرِيعُ وَالْإِمْعَانُ أَيْ أَمْعَنَ فِي الْغَرْزِ (وَبَقِيَ مُتَوَرِّمًا مُتَأَلِّمًا مِنْهُ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ فَعَمْدٌ) لِظُهُورِ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَسِرَايَتِهَا إلَى الْهَلَاكِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّأَلُّمِ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّهُ الْمُقْتَضِي لِلْقَوَدِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ، وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْغَزَالِيُّ لِلْأَلَمِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْوَرَمَ لَا يَخْلُو عَنْ الْأَلَمِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَعُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْأَلَمِ لَكِنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ لَمْ يَضُرَّ أَيْ فِي مُرَادِ الْغَزَالِيِّ، وَإِلَّا فَيَضُرُّ فِي الْحُكْمِ إذْ الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالْأَلَمِ، وَإِنْ عُدِمَ الْوَرَمُ (وَلَا أَثَرَ لِغَرْزِهَا فِي جِلْدَةِ الْعَقِبِ) ، وَنَحْوِهَا إذَا لَمْ يَتَأَلَّمْ بِهِ لِعِلْمِنَا بِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بِهِ، وَالْمَوْتُ عَقِبَهُ مُوَافَقَةُ قَدْرٍ فَهُوَ (كَمَنْ ضُرِبَ بِقَلَمٍ) أَوْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ خِرْقَةٌ (فَمَاتَ، وَإِبَانَةُ الْفِلْقَةِ الْخَفِيفَةِ) مِنْ اللَّحْمِ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا مَعَ إسْكَانِ اللَّامِ فِيهِمَا، وَهِيَ الْقِطْعَةُ (كَغَرْزِ الْإِبْرَةِ) فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ. (فَرْعٌ:) لَوْ (ضَرَبَهُ بِمُثْقَلٍ يَقْتُلُ غَالِبًا) كَحَجَرٍ وَدَبُّوسٍ كَبِيرَيْنِ (أَوْ أَوَطْأَهُ دَابَّةً أَوْ عَصَرَ خُصْيَتَيْهِ) عَصْرًا (شَدِيدًا) أَوْ دَفَنَهُ حَيًّا (فَمَاتَ فَعَمْدٌ) فَيَجِبُ الْقَوَدُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَقَتَلَهَا فَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ» ؛ وَلِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَأَشْبَهَ الْقَتْلَ بِالْمُحَدَّدِ؛ وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نُوجِبْ الْقَوَدَ لَاُتُّخِذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى إهْلَاكِ النَّاسِ (وَإِنْ ضَرَبَهُ بِجُمْعِ كَفِّهِ) بِضَمِّ الْجِيمِ، وَإِسْكَانِ الْمِيمِ، وَهُوَ قَبْضُ الْكَفِّ أَيْ الْكَفُّ الْمَقْبُوضَةُ الْأَصَابِعِ (أَوْ بِعَصًا خَفِيفَةٍ أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ فِي مَقْتَلٍ أَوْ وَالَى ضَرْبَهُ مَرَّاتٍ بِحَيْثُ يَضْرِبُهُ) الضَّرْبَةَ (الثَّانِيَةَ، وَأَلَمُ الْأُولَى، وَأَثَرُهَا بَاقٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا (أَوْ) لَمْ يُوَالِهِ لَكِنْ (كَانَ) الْمَضْرُوبُ (صَغِيرًا أَوْ نَضْوًا) أَيْ نَحِيفَ الْخِلْقَةِ (أَوْ ضَعِيفًا لِمَرَضٍ أَوْ) ضَرَبَهُ (فِي) شِدَّةِ (حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ) فِي غَيْرِهَا لَكِنْ (اشْتَدَّ أَلَمُهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الضَّرْبَةِ (مُدَّةً حَتَّى مَاتَ فَعَمْدٌ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُهْلِكٌ غَالِبًا سَوَاءٌ قَصَدَ الضَّارِبُ فِي الرَّابِعَةِ الْمُوَالَاةَ أَمْ لَا كَأَنْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً، وَقَصَدَ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهَا فَشَتَمَهُ فَضَرَبَهُ ثَانِيَةً وَهَكَذَا، وَلَا حَاجَةَ فِيهَا لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَلَمِ وَالْأَثَرِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ خَنَقَهُ) أَوْ وَضَعَ عَلَى فَمِهِ يَدَهُ أَوْ مِخَدَّةً أَوْ نَحْوَهَا (فَأَطَالَ حَتَّى مَاتَ أَوْ لَمْ) يَمُتْ لَكِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَهُمَا) أَيْ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ إلَخْ فَيُشْتَرَطُ لَهُ قَصْدُ عَيْنِ الشَّخْصِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا جَزَمَا بِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ إنْسَانٌ فَلَوْ رَمَى شَخْصًا اعْتَقَدَهُ نَخْلَةً فَكَانَ إنْسَانًا لَمْ يَكُنْ عَمْدًا عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْمُرَادُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا ذَلِكَ الْفِعْلُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَمْدٌ) اعْتَرَضَ فِي الْبَسِيطِ بِقَطْعِ الْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا، قَالَ: وَلَا جَوَادَ عَنْهُ وَمَالَ إلَى حَدِّهِ بِمَا عُلِمَ حُصُولُ الْمَوْتِ بِهِ مَعَ قَصْدِ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ سَوَاءٌ قَصَدَ قَتْلَهُ أَمْ لَا يَشْمَلُ قَطْعَ الْأُنْمُلَةِ وَغَرْزَ الْإِبْرَةِ وَغَيْرَهُمَا وَشَمِلَ أَيْضًا مَا لَوْ ضَرَبَ كُوعَهُ بِعَصًا فَتَوَرَّمَ وَدَامَ الْأَلَمُ حَتَّى مَاتَ وَالْمُرَادُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا الْآلَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَلَا يُشْكِلُ بِغَرْزِ الْإِبْرَةِ. وَقَدْ يَرُدُّ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا مَا إذَا قَتَلَهُ بِجِهَةِ حُكْمٍ ثُمَّ بَانَ الْخَلَلُ فِي مُسْتَنَدِ الْحُكْمِ وَلَمْ يُقَصِّرْ الْقَاضِي فِي الْبَحْثِ كَمَا إذَا قَتَلَهُ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثُمَّ بَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ فَإِنَّ هَذَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْخَطَأِ حَتَّى تَجِبَ فِيهِ الدِّيَةُ مُخَفَّفَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَوْ رَمَى إلَى حَرْبِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ أَصَابَهُ السَّهْمُ وَمَاتَ فَالْأَرْجَحُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ خَطَأٌ وَعَنْ النَّصِّ أَنَّهَا حَالَّةٌ فِي مَالِ الْجَانِي وَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ ثُمَّ عَفَا عَنْ الْجَانِي أَوْ عَزَلَ الْوَكِيلَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ ذَلِكَ وَاسْتَوْفَى الْقِصَاصَ لِمُوَكِّلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ الْحَالُ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ حَالَّةٍ عَلَى الْوَكِيلِ. [فَرْعٌ جَرَحَهُ بِمُحَدَّدٍ مُؤَثِّرٍ فَمَاتَ] (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ) ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الصَّحِيحَ إذَا كَانَ يَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَرَمَ) أَيْ النَّاشِئَ عَنْ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْأَلَمِ) يَكْفِي وُجُودُ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنَّ الْوَرَمَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ أَلَمٍ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْغَزَالِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فِي جِلْدَةِ الْعَقِبِ) خَرَجَ بِجِلْدَةِ الْعَقِبِ مَا إذَا جَاوَزَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَوَدُ قَطْعًا. [فَرْعٌ ضَرَبَهُ بِمُثْقَلٍ يَقْتُلُ غَالِبًا فَمَاتَ] (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَشِبْهُ عَمْدٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ عَقِبَ الضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي لَا يَقْتُلُ مِثْلُهَا غَالِبًا كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ وَاقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَكْثَرِينَ وَالْمُرَادُ مَا إذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 3 (انْتَهَى إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ أَوْ ضَعُفَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ فَعَمْدٌ، وَإِنْ زَالَ الْأَلَمُ ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ) عَلَى الْفَاعِلِ لِانْقِطَاعِ أَثَرِ فِعْلِهِ (، وَإِنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ مُدَّةُ الْخَنْقِ أَوْ نَحْوِهِ (بِحَيْثُ لَا يَمُوتُ) مِثْلُهُ (مِنْهَا غَالِبًا فَمَاتَ فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَلَوْ سَقَاهُ سُمًّا يَقْتُلُ كَثِيرًا لَا غَالِبًا فَكَغَرْزِ الْإِبْرَةِ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ) أَيْ فَإِنْ مَاتَ فِي الْحَالِ فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ بَقِيَ مُتَأَلِّمًا مِنْهُ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ فَعَمْدٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْبَاطِنِ أَغْشِيَةً رَقِيقَةً تَنْقَطِعُ بِهِ فَأَشْبَهَ تَأْثِيرُهُ تَأْثِيرَ الْجَارِحِ فِي ظَاهِرِ الْبَدَنِ أَمَّا إذَا كَانَ يَقْتُلُ غَالِبًا فَهُوَ كَغَرْزِ الْإِبْرَةِ بِمَقْتَلٍ. (فَرْعٌ:) لَوْ (حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ) أَوْ الشَّرَابَ وَالطَّلَبُ لَهُ (مُدَّةً يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا) جُوعًا أَوْ عَطَشًا وَمَاتَ (لَزِمَهُ الْقَوَدُ) لِكَوْنِهِ عَمْدًا لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ بِهِ وَتَخْتَلِفُ الْمُدَّةُ بِاخْتِلَافِ الْمَحْبُوسِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَالزَّمَانُ حَرًّا وَبَرْدًا فَفَقْدُ الْمَاءِ فِي الْحَرِّ لَيْسَ كَهُوَ فِي الْبَرْدِ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ (إنْ سَبَقَ) لَهُ (جُوعٌ) أَوْ عَطَشٌ وَكَانَتْ الْمُدَّتَانِ تَبْلُغَانِ الْمُدَّةَ الْقَاتِلَةَ (وَعَلِمَهُ) الْحَابِسُ لِمَا ذُكِرَ (، وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ (لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شِبْهُ عَمْدٍ إذْ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَهُ، وَلَا أَتَى بِمَا هُوَ مُهْلِكٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَ إنْسَانًا دَفْعًا خَفِيفًا فَسَقَطَ عَلَى سِكِّينٍ وَرَاءَهٌ، وَهُوَ جَاهِلٌ لَا يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ بِالْجَوْعَيْنِ أَوْ بِالْعَطِشَيْنِ وَاَلَّذِي مِنْهُ أَحَدُهُمَا (أَوْ) فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ مُدَّةً (لَا يَمُوتُ) مِثْلُهُ (فِيهَا غَالِبًا، وَلَا جُوعَ بِهِ) ، وَلَا عَطَشَ سَابِقَ وَمَاتَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ الْمَحْبُوسُ (سُؤَالَ الطَّعَامِ وَتَرَكَهُ) أَوْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ فَتَرَاكَهُ خَوْفًا أَوْ حُزْنًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ مَنَعَهُ الشَّرَابَ فَتَرَكَ الْأَكْلَ خَوْفَ الْعَطَشِ أَوْ مَاتَ بِانْهِدَامِ السَّقْفِ عَلَيْهِ) قَدْ ذَكَرَ الْمَوْتَ بَعْدُ فَالْأَوْلَى أَوْ انْهَدَمَ السَّقْفُ عَلَيْهِ (وَهُوَ حُرٌّ أَوْ وَجَدَهُ فِي مَفَازَةٍ فَأَخَذَ طَعَامَهُ فَمَاتَ بِذَلِكَ فَهَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّهُ لَوْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَيْتًا هُوَ جَالِسٌ فِيهِ حَتَّى مَاتَ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ إنْ كَانَ التَّصْوِيرُ فِي مَفَازَةٍ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا فَهَذَا مُحْتَمَلٌ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ لِطُولِهَا أَوْ لِزَمَانَةٍ، وَلَا طَارِقَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ الْقَوَدِ كَالْمَحْبُوسِ. انْتَهَى. وَخَرَجَ بِالْحُرِّ الرَّقِيقُ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْيَدِ (وَمَنْعُ الدِّفَاءِ فِي الْبَرْدِ كَمَنْعِ الطَّعَامِ) فِيمَا ذُكِرَ، وَلَوْ قَتَلَهُ بِالدُّخَانِ بِأَنْ حَبَسَهُ فِي بَيْتٍ وَسَدَّ مَنَافِذَهُ فَاجْتَمَعَ فِيهِ الدُّخَانُ وَضَاقَ نَفَسُهُ فَمَاتَ وَجَبَ الْقَوَدُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا لَهُ مَدْخَلٌ) مِنْ الْأَفْعَالِ (فِي الزُّهُوقِ، وَهُوَ إمَّا شَرْطٌ) ، وَهُوَ مَا (لَا يُؤَثِّرُ فِي الْهَلَاكِ، وَلَا يُحَصِّلُهُ بَلْ) يَحْصُلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ بِغَيْرِهِ، وَ (يَتَوَقَّفُ التَّأْثِيرُ) أَيْ تَأْثِيرُ ذَلِكَ الْغَيْرِ (عَلَيْهِ كَالْحَفْرِ مَعَ التَّرَدِّي) فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ، وَلَا يُحَصِّلُهُ، وَإِنَّمَا الْمُؤَثِّرُ التَّخَطِّي فِي صَوْبِ الْحُفْرَةِ وَالْمُحَصِّلُ لِلتَّلَفِ التَّرَدِّي فِيهَا وَمُصَادَمَتُهَا لَكِنْ لَوْلَا الْحَفْرُ لَمَا حَصَلَ التَّلَفُ، وَلِهَذَا سُمِّيَ شَرْطًا. (وَ) مِثْلُ (الْإِمْسَاكِ لِلْقَاتِلِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ) أَيْ فِي الشَّرْطِ (وَإِمَّا عِلَّةٌ) وَتُسَمَّى مُبَاشَرَةً، وَهِيَ مَا (تُؤَثِّرُ فِي الْهَلَاكِ وَتُحَصِّلُهُ كَالْجِرَاحِ السَّارِيَةِ) وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ السَّابِقُ (وَفِيهِ الْقِصَاصُ وَإِمَّا سَبَبٌ) ، وَهُوَ مَا (يُؤَثِّرُ فِيهِ) أَيْ فِي الْهَلَاكِ (وَلَا يُحَصِّلُهُ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ) الْأَوَّلُ (حِسِّيٌّ كَالْإِكْرَاهِ) عَلَى الْقَتْلِ (فَفِيهِ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ الْإِهْلَاكُ غَالِبًا؛ لِأَنَّهُ يُوَلِّدُ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ فِي الْمُكْرَهِ غَالِبًا لِيَدْفَعَ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ (وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ (وَ) الثَّانِي (شَرْعِيٌّ كَالشَّهَادَةِ) ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ تَسَبَّبُوا إلَى قَتْلِهِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُوَلِّدُ فِي الْقَاضِي دَاعِيَةَ الْقَتْلِ شَرْعًا كَمَا أَنَّ الْإِكْرَاهَ يُوَلِّدُهَا حِسًّا (فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ شُهُودِ الزُّورِ) إذَا شَهِدُوا عَلَى إنْسَانٍ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ مَثَلًا وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِمْ، وَقَتَلَهُ بِمُقْتَضَاهَا (إلَّا إنْ اعْتَرَفُوا بِالتَّعَمُّدِ) وَالْعِلْمِ بِأَنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا (وَجَهِلَهُ الْوَلِيُّ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَالْقَوَدُ عَلَيْهِ) دُونَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُلْجِئُوهُ -   [حاشية الرملي الكبير] احْتَمَلَ مُؤْنَةً بِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ لِكَثْرَةِ الثِّيَابِ وَخِفَّةِ الضَّرْبَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ. [فَرْعٌ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ مُدَّةً يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا] (قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ أَوْ الشَّرَابَ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَوْ كَانَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَنَاوُلُهُ لِرَبْطِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ طُفُولِيَّةٍ لَا يَهْتَدِي مَعَهَا إلَى التَّنَاوُلِ (قَوْلُهُ: وَالطَّلَبُ لَهُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَا عِنْدَهُ، وَكَانَ لَا يَهْتَدِي إلَيْهِمَا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَمَنَعَهُ عَمَّا إذَا كَانَا عِنْدَهُ، وَأَمْكَنَهُ تَنَاوُلُهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ وَفِي حُكْمِ تَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عِنْدَهُ مَعَ إمْكَانِ تَنَاوُلِهِ مَا لَوْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ مِنْ غَيْرِ مُخَاطَرَةٍ قَالَهُ الْفُورَانِيُّ فِي الْعَمْدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِ مُخَاطَرَةٌ يَجِبُ الْقَوَدُ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي مَعْنَاهُ مَا لَوْ أَمْكَنَهُ التَّفَلُّتُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ سَبَقَ جُوعٌ وَعَلِمَ الْحَابِسُ) فَإِنْ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ لَزِمَهُ نِصْفُ دِيَةِ الْعَمْدِ لِحُصُولِ الْهَلَاكِ بِالْجَوْعَيْنِ فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَهُ سُؤَالُ الطَّعَامِ) أَيْ أَوْ الشَّرَابِ (قَوْلُهُ: فَأَخَذَ طَعَامَهُ) مَأْكُولًا أَوْ مَشْرُوبًا (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ إلَخْ) هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الْحَبْسِ الْمُنْعَدِمَةِ وَلَوْ غَصَّ بِالطَّعَامِ فَأَرَادَ الْمَاءَ فَمَنَعَهُ فَمَاتَ فَالْقَوَدُ قَالَهُ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَمْنَعَهُ مَاءً أَوْ الْمَاءَ الْمُبَاحَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّصْوِيرُ فِيمَا إذَا ضَبَطَهُ وَمَنَعَهُ عَنْ الشُّرْبِ وَالْإِسَاغَةِ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَوْ وَضَعَ صَبِيًّا أَوْ شَيْخًا ضَعِيفًا أَوْ مَرِيضًا مُدْنَفًا بِمَفَازَةٍ فَمَاتَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا أَوْ بَرْدًا فَكَطَرْحِهِ بِمُغْرِقٍ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمُتَوَلِّي) قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا لَهُ مَدْخَلٌ مِنْ الْأَفْعَالِ فِي الزُّهُوقِ فِي الْجِنَايَات] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُوَلِّدُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ غَالِبًا فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَالْقَوَدُ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْوَلِيُّ بِعِلْمِهِ بِكَذِبِهِمَا يَرُدُّ عَلَى حَصْرِهِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَرِفْ الْوَلِيُّ وَلَكِنْ رَجَعَ الْقَاضِي وَالشُّهُودُ، وَقَالَ الْقَاضِي كُنْت عَالِمًا بِكَذِبِ الشُّهُودِ حِينَ حَكَمْت بِشَهَادَتِهِمْ بِالْقَتْلِ أَوْ حِينَ الْقَتْلِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الشُّهُودِ، وَيَكُونُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ الَّذِي قَتَلَ وَلَا أَثَرَ لِشَهَادَةِ الشُّهُودِ كَمَا فِي الْوَلِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ فِي قَوْلِهِ الْوَلِيِّ إبْهَامًا فَإِنَّ الْوَلِيَّ يُوهِمُ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ وَوَلِيَّ الْقَاتِلِ فَلَوْ قَالَ وَلِيُّ الْقَاتِلِ أَنَا أَعْلَمُ كَذِبَهُمَا فِي رُجُوعِهِمَا، وَأَنَّ مُوَرِّثِي قُتِلَ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَصْحَابُ هَذِهِ الصُّورَةَ. اهـ. وَهُوَ فِقْهٌ ظَاهِرٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 4 حِسًّا، وَلَا شَرْعًا فَصَارَ قَوْلُهُمْ شَرْطًا مَحْضًا كَالْإِمْسَاكِ (وَسَيَأْتِي) بَيَانُ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ (فِي الشَّهَادَاتِ وَالثَّالِثُ عُرْفِيٌّ كَتَقْدِيمِ) طَعَامٍ (مَسْمُومٍ) لِمَنْ يَأْكُلُهُ (فَإِنْ أَوْجَرَهُ سُمًّا) صِرْفًا أَوْ مَخْلُوطًا (يَقْتُلُ) مِثْلَ الْمُوجَرِ بِفَتْحِ الْجِيمِ (غَالِبًا فَمَاتَ فَالْقِصَاصُ) وَاجِبٌ سَوَاءٌ كَانَ السُّمُّ مُوحِيًا أَوْ غَيْرَ مُوحٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ فَلَا قِصَاصَ (وَكَذَا) يُوجِبُ الْقِصَاصَ (إكْرَاهُ جَاهِلٍ) بِأَنَّهُ سُمٌّ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى شُرْبِهِ لَهُ فَشَرِبَهُ وَمَاتَ (لَا) إكْرَاهُ (عَالِمٍ) بِذَلِكَ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ بِقَرِينَةِ ذِكْرِهِ لَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى إكْرَاهِهِ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ حَيْثُ قَالَ وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى شُرْبِ سُمٍّ فَشَرِبَهُ، وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَعَلَى الْمُكْرِهِ الْقِصَاصُ قَطْعًا (فَإِنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ الْجَهْلَ بِكَوْنِهِ سُمًّا) ، وَنَازَعَهُ الْوَلِيُّ (فَقَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا لَا يُصَدَّقُ فَيَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ، وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ يَمُوتُ بِهَذِهِ الْجِرَاحَةِ وَالثَّانِي يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى بِخِلَافِ الْجِرَاحَةِ الْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ صُدِّقَ، وَإِلَّا فَلَا (أَوْ بِكَوْنِهِ قَاتِلًا) ، وَنَازَعَهُ الْوَلِيُّ (فَالْقِصَاصُ) وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ سُمٌّ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يُوجِرَهُ (وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ السُّمَّ الَّذِي أَوْجَرَهُ يَقْتُلُ غَالِبًا) ، وَقَدْ ادَّعَى أَنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَجَبَ الْقِصَاصُ) فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ سَاعَدَتْهُ بَيِّنَةٌ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ السَّبَبِ الْعُرْفِيِّ (السِّحْرُ وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ فِي مُوجِبِ الدِّيَةِ وَحُكْمِ السِّحْرِ. (فَرْعٌ:) لَوْ (أَضَافَ رَجُلًا عَاقِلًا) الْأَوْلَى أَضَافَ عَاقِلًا (بِمَسْمُومٍ أَوْ دَسَّ سُمًّا فِي طَعَامِ الرَّجُلِ) الْمَذْكُورُ (أَوْ) فِي (مَاءٍ فِي طَرِيقِهِ) وَكَانَ (يَتَنَاوَلُهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ الطَّعَامِ وَالْمَاءِ (غَالِبًا) فَتَنَاوَلَهُ وَمَاتَ بِهِ (فَلَا قِصَاصَ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا هَلَكَ بِهِ بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ إلْجَاءٍ حِسِّيٍّ، وَلَا شَرْعِيٍّ مَعَ أَنَّ الْقِصَاصَ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ (بَلْ) تَجِبُ لَهُ (الدِّيَةُ) أَيْ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ (إنْ جَهِلَ السُّمَّ) ؛ لِأَنَّ الدَّاسَّ غَرَّهُ، وَلَمْ يَقْصِدْ هُوَ إهْلَاكَ نَفْسِهِ فَأُحِيلَ عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ، وَكَذَا إذَا كَانَ يَتَنَاوَلُهُ نَادِرًا (وَ) تَجِبُ لَهُ (قِيمَةُ الطَّعَامِ) أَوْ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّاسَّ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ (وَكَذَا إنْ غَطَّى بِئْرًا فِي دِهْلِيزِهِ وَدَعَاهُ) إلَيْهِ أَوْ إلَى بَيْتِهِ، وَكَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهَا إذَا أَتَاهُ فَأَتَاهُ وَوَقَعَ فِيهَا وَمَاتَ بِذَلِكَ فَلَا قِصَاصَ بَلْ لَهُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ إنْ جَهِلَ الْبِئْرَ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُغَطَّاةٍ أَوْ لَمْ يَدْعُهُ فَمُهْدَرٌ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَدْعُوُّ لَا يُبْصِرُهَا لِعَمًى أَوْ نَحْوِهِ فَشِبْهُ عَمْدٍ (وَيُهْدَرُ آكِلُ مَسْمُومٍ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ (وَإِنْ أَضَافَهُ أَوْ أَوْجَرَهُ) مَسْمُومًا بِسُمٍّ يَقْتُلُ غَالِبًا (، وَهُوَ لَا يُمَيِّزُ) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ فَتَنَاوَلَهُ وَمَاتَ بِهِ (فَالْقِصَاصُ) وَاجِبٌ، وَإِنْ قَالَ هُوَ مَسْمُومٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَا اخْتِيَارَ لَهُ وَالتَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ، وَوَقَعَ فِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَوْجَرَهُ صَوَابُهُ أَوْ نَاوَلَهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ إذْ الْإِيجَارُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الضَّرْبِ الثَّالِثِ (وَلَوْ قَالَ لِعَاقِلٍ كُلْهُ فَفِيهِ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَفِيهِ (سُمٌّ لَا يَقْتُلُ فَأَكَلَهُ) وَمَاتَ بِهِ (فَلَا قِصَاصَ) بَلْ، وَلَا دِيَةَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. (فَصْلٌ: لَوْ أَلْقَى رَجُلًا لَا صَبِيًّا) غَيْرَ مُمَيِّزٍ (فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ أَوْ نَارٍ، وَأَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ) مِنْهُمَا بِسِبَاحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَقَصَّرَ) كَأَنْ تَرَكَ السِّبَاحَةَ بِلَا عُذْرٍ (فَهَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ بِإِعْرَاضِهِ عَمَّا يُنْجِيهِ (وَإِنْ شَكَّ فِي) إمْكَانِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ عُرْفِيٌّ) كَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ مِنْ الْعُرْفِيِّ السِّحْرِ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ سُمٌّ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يُؤْجِرَهُ) فَأَشْبَهَ مَا لَوْ جَرَحَهُ، وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ يَمُوتُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ السُّمَّ إلَخْ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا إذَا شَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّ تَنَاوُلَ الْقَدْرِ الْفُلَانِيِّ مِنْ السُّمِّ يَقْتُلُ غَالِبًا وَلَمْ يَقُولَا إنَّ الْقَدْرَ الَّذِي تَنَاوَلَهُ يَقْتُلُ غَالِبًا هَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى مَنْ قَدَّمَ إلَيْهِ السُّمَّ أَمْ لَا؟ . فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ هُنَا إلَّا إذَا ظَهَرَ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْمَطْعُومُ قَدْرٌ يَقْتُلُ غَالِبًا. [فَرْعٌ أَضَافَ رَجُلًا عَاقِلًا بِمَسْمُومٍ أَوْ دَسَّ سُمًّا فِي طَعَامِ الرَّجُلِ فَمَاتَ بِهِ] (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا كَانَ يَتَنَاوَلُهُ نَادِرًا) فَهِمَهُ الشَّارِحُ كَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ غَالِبًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ لِأَجْلِ جَرَيَانِ الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ بِجَرَيَانِ الْقِصَاصِ لَا لِأَجْلِ ضَمَانِ الدِّيَةِ وَهَذَا وَاضِحٌ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ قَالَ إنَّ الْقَيْدَ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ أَكْلَهُ مِنْهُ قَلَّ مَنْ ذَكَرَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّ الْمَأْكُولَ يُهْلِكُ غَالِبًا، وَأَمَّا عَادَةُ الْأَكْلِ فَلَا أَثَرَ لَهَا. اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا أَخَذَ الشَّارِحُ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَتَنَاوَلُهُ غَالِبًا تَبَعًا لِأَخْذِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَهُ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا الْغَالِبُ أَكْلُهُ مِنْهُ وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ لِأَجْلِ جَرَيَانِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ لَا لِإِهْدَارِهِ إذَا كَانَ نَادِرًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ قَوْلُهُ: الْغَالِبُ أَكْلُهُ مِنْهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْأَكْثَرُونَ. اهـ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّافِعِيُّ وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّ مَنْ رَمَى إلَى شَخْصٍ فَقَتْلُهُ لَا يُعْتَبَرُ أَنْ تَكُونَ الْإِصَابَةُ غَالِبَةً بَلْ الْعِبْرَةُ فِي الْمُرْمَى بِهِ أَنْ يَكُونَ سِلَاحًا يَنْهَرُ الدَّمَ، وَيَشُقُّ اللَّحْمَ أَوْ غَيْرَهُ يَقْتُلُ غَالِبًا مِنْ غَيْرِ غَلَبَةِ الْإِصَابَةِ كَذَلِكَ هُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ غَطَّى بِئْرًا فِي دِهْلِيزِهِ وَدَعَاهُ) قَالَ الكوهكيلوني الْحَقُّ أَنَّهُ إذَا دَعَا إنْسَانًا إلَى دَارِهِ وَغَطَّى بِئْرًا فِي دِهْلِيزِ دَارِهِ وَالْغَالِبُ الْمَمَرُّ عَلَيْهِ فَوَقَعَ فِيهِ وَمَاتَ فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ عَجَمِيًّا يَرَى وُجُوبَ الطَّاعَةِ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمْ يَكُونُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي نَظِيرِهَا، وَهُوَ إضَافَةُ مُكَلَّفٍ بِمَسْمُومٍ (قَوْلُهُ: أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ كَأَعْجَمِيٍّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ أَطْلَقَ الصَّبِيَّ كَأَنَّهُ اكْتَفَى بِقَرْنِهِ بِالْمَجْنُونِ وَالْأَعْجَمِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ (قَوْلُهُ: صَوَابُهُ أَوْ نَاوَلَهُ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ الدَّبِيلِيُّ: لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا فِيهِ حَيَّةٌ مَلْفُوفَةٌ وَلَمْ يُخْبِرْهُ فَقَتَلَتْهُ فَلَا ضَمَانَ، وَقِيلَ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ جَعَلَ السُّمَّ فِي طَعَامٍ فَتَنَاوَلَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 (تَخَلُّصِهِ) بِأَنْ قَالَ الْمُلْقِي كَانَ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِمَّا أَلْقَيْته فِيهِ فَقَصَّرَ، وَقَالَ الْوَلِيُّ لَمْ يُمْكِنْهُ (صُدِّقَ الْوَلِيُّ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ لَخَرَجَ (وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ) مِنْهُ (قَبْلَ التَّقْصِيرِ) فِي خُرُوجِهِ مِنْ الْمَاءِ وَالنَّارِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِ الْأَصْلِ عَلَى ذَلِكَ فِي النَّارِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ لِصِغَرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَوَّلًا أَوْ لِضَعْفِهِ أَوْ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ السِّبَاحَةَ أَوْ لِعِظَمِ الْمَاءِ وَالنَّارِ أَوْ لِنَحْوِهَا، أَوْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ لَكِنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ وَمَاتَ بِذَلِكَ (فَالْقِصَاصُ) وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُهْلِكٌ لِمِثْلِهِ (وَإِنْ مَنَعَهُ السِّبَاحَةَ عَارِضُ رِيحٍ، وَنَحْوُهُ) كَمَوْجٍ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَفِيهِ دِيَتُهُ (وَيُهْدَرُ مَقْصُودُ تَرْكِ الْعَصَبِ) عَلَى مَحَلِّ الْفَصْدِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ؛ لِأَنَّ الْعَصَبَ مَوْثُوقٌ بِهِ، وَالْفَصْدَ لَيْسَ مُهْلِكًا (بِخِلَافِ مَجْرُوحٍ) جِرَاحَةً مُهْلِكَةً (تَرَكَ الْعِلَاجَ) لَهَا حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ لَا يُهْدَرُ بَلْ عَلَى جَارِحِهِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْجِرَاحَةِ مُهْلِكٌ؛ وَلِأَنَّ الْبُرْءَ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ لَوْ عَالَجَ. [فَرْعٌ رَبَطَهُ عِنْدَ مَاءٍ يَزِيدُ غَالِبًا فَزَادَ وَمَاتَ بِهِ] (فَرْعٌ:) لَوْ (رَبَطَهُ) وَطَرَحَهُ (عِنْدَ مَاءٍ يَزِيدُ) إلَيْهِ (غَالِبًا فَزَادَ) وَمَاتَ بِهِ (فَعَمْدٌ، أَوْ لَا يَزِيدُ) فَزَادَ وَمَاتَ بِهِ (فَخَطَأٌ، أَوْ قَدْ يَزِيدُ) ، وَقَدْ لَا يَزِيدُ فَزَادَ وَمَاتَ بِهِ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) وَفِي مَعْنَى الرَّبْطِ عَدَمُ إمْكَانِ الِانْتِقَالِ لِنَحْوِ زَمَانَةٍ، أَوْ طُفُولِيَّةٍ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي اجْتِمَاعِ الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ، أَوْ الشَّرْطِ فَالشَّرْطُ يَسْقُطُ) أَثَرُهُ (مَعَ الْمُبَاشَرَةِ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ) فِيمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا، وَلَوْ عُدْوَانًا فَرَدَى غَيْرُهُ فِيهَا آخَرَ (عَلَى الْمُرْدِي لَا الْحَافِرِ، وَ) فِيمَا لَوْ أَمْسَكَهُ فَقَتَلَهُ آخَرُ عَلَى (الْقَاتِلِ لَا الْمُمْسِكِ) ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ أَقْوَى مِنْ الشَّرْطِ نَعَمْ إنْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ تَعَلُّقِ الْقِصَاصِ بِهَا كَأَنْ كَانَ الْقَاتِلُ مَجْنُونًا، أَوْ سَبُعًا ضَارِيًا تَعَلَّقَ بِالْمُمْسِكِ (بَلْ يَأْثَمُ) كُلٌّ مِنْ الْحَافِرِ عُدْوَانًا وَالْمُمْسِكِ (وَيُعَزَّرُ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا، وَلَا كَفَّارَةَ (وَيَضْمَنُ الْعَبْدُ) وَالْمُمْسِكُ لِلْقَتْلِ (بِالْإِمْسَاكِ) أَيْ يَضْمَنُهُ الْمُمْسِكُ إذَا مَاتَ (وَالْقَرَارُ عَلَى الْقَاتِلِ وَيُقْتَصُّ مِنْ وَاضِعِ الصَّبِيِّ عَلَى الْهَدَفِ بَعْدَ الرَّمْيِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ فَهُوَ كَالْمُرْدِي وَالرَّامِي كَالْحَافِرِ (لَا قَبْلَهُ) فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بَلْ مِنْ الرَّامِي؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ. (وَالسَّبَبُ قَدْ يَغْلِبُ الْمُبَاشَرَةَ وَيَسْقُطُ الْإِثْمُ) عَنْ الْمُبَاشَرَةِ بِأَنْ أَخْرَجَهَا عَنْ كَوْنِهَا عُدْوَانًا مَعَ تَوْلِيدِهِ لَهَا (كَالشُّهُودِ) الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى شَخْصٍ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ فَقَتَلَهُ الْقَاضِي، أَوْ الْجَلَّادُ، أَوْ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَقَتَلَهُ الْوَلِيُّ، أَوْ وَكِيلُهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ زُورٌ وَاعْتَرَفُوا بِاَلَّتِي عَمَدِ وَالْعِلْمِ (فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِمْ) دُونَ الْقَاضِي وَالْوَلِيِّ وَنَائِبِهِمَا، وَقَوْلُهُ وَيَسْقُطُ الْإِثْمُ أَيْ يَمْنَعُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَقَدْ تَغْلِبُهُ الْمُبَاشَرَةُ كَمَنْ أَلْقَى رَجُلًا فِي) مَاءٍ (مُغْرِقٍ) لَا يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ مِنْهُ (فَقَدَّهُ آخَرُ بِالسَّيْفِ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَادِّ) الْمُلْتَزِمِ لِلْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي، وَإِنْ عَرَفَ الْحَالَ، أَوْ كَانَ الْقَادُّ مِمَّنْ لَا يَضْمَنُ كَحَرْبِيٍّ (فَإِنْ الْتَقَمَهُ حُوتٌ) ، وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَاءِ (فَعَلَى الْمُلْقِي) الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ أَلْقَاهُ فِي مَهْلَكٍ، وَقَدْ هَلَكَ بِسَبَبِ إلْقَائِهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي هَلَكَ بِهَا؛ وَلِأَنَّ لُجَّةَ الْبَحْرِ مَعْدِنُ الْحُوتِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَتَّفَهُ، وَحَذَفَهُ لِلسَّبُعِ وَفَارَقَ صُورَةَ الْقَدِّ السَّابِقَةِ بِأَنَّ الْقَدَّ صَدَرَ مِنْ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ يَفْعَلُ بِرَأْيِهِ فَقَطَعَ أَثَرَ السَّبَبِ الْأَوَّلِ، وَالْحُوتُ يَلْتَقِمُ بِطَبْعِهِ كَالسَّبُعِ الضَّارِي فَهُوَ كَالْآلَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُغْرِقِ قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (كَمَنْ أَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ فِيهَا سِكِّينٌ مَنْصُوبٌ، أَوْ حَيَّةٌ، أَوْ مَجْنُونٌ) ، وَكَانَا (ضَارِيَيْنِ) فَمَاتَ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُلْقِي؛ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ وَالسِّكِّينُ وَالضَّارِي كَالْآلَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الطَّارِئُ فِعْلَ مَنْ لَهُ رَوِيَّةٌ (وَغَيْرُ الضَّارِي كَالْعَاقِلِ) فِي إسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْ الْمُرْدِي (فَإِنْ الْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَالْمَاءُ قَلِيلٌ) أَيْ غَيْرُ مُغْرِقٍ (أَوْ دَفَعَهُ دَفْعًا خَفِيفًا فَوَقَعَ عَلَى سِكِّينٍ فَجَرَحَتْهُ) ، وَ (لَمْ يَعْلَمْهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ الْحُوتِ وَالسِّكِّينِ (الدَّافِعُ) وَمَاتَ بِذَلِكَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَفِيهِ دِيَتُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ سَبَبَ الْهَلَاكِ فَإِنْ عَلِمَهُ فَعَمْدٌ (وَقَدْ يَعْتَدِلَانِ) أَيْ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ (كَالْإِكْرَاهِ) عَلَى الْقَتْلِ، وَلَوْ مِنْ السُّلْطَانِ (فَيُقْتَصُّ مِنْ الْآمِرِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ أَلْقَى رَجُلًا لَا صَبِيًّا فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ أَوْ نَارٍ وَأَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ فَقَصَّرَ] قَوْلُهُ: فَرْعٌ رَبَطَهُ عِنْدَ مَاءٍ يَزِيدُ غَالِبًا إلَخْ) امْرَأَةٌ أَوْقَدَتْ نَارًا لِحَاجَتِهَا فَتَرَكَتْ وَلَدَهَا قَرِيبًا مِنْهَا وَذَهَبَتْ لِحَاجَةٍ فَقَرُبَ الطِّفْلُ مِنْ النَّارِ فَاحْتَرَقَ عُضْوٌ مِنْهُ قَالَ الْأَصْبَحِيُّ فِي فَتَاوِيهِ إنْ تَرَكَتْهُ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ مِنْ النَّارِ لَا تُعَدُّ فِيهِ مُفَرِّطَةً فِي الْعَادَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا أَوْ فِي مَوْضِعٍ قَرِيبٍ بِحَيْثُ تُعَدُّ مُفَرِّطَةً فِي الْعَادَةِ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَقَدْ نَصَّ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَلَى نَظِيرٍ لِهَذَا. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي اجْتِمَاعِ الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ فِي الْجِنَايَات] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ أَقْوَى مِنْ الشَّرْطِ) وَلِخَبَرِ «إذَا أَمْسَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ وَجَاءَ آخَرُ فَقَتَلَهُ قُتِلَ الْقَاتِلُ وَحُبِسَ الْمُمْسِكُ» أَيْ تَأْدِيبًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادَهُ، وَقَاسَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى مُمْسِكِ الْمَرْأَةِ لِلزِّنَا يُحَدُّ الزَّانِي دُونَهُ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ بِالْمُمْسِكِ) ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَاتِلَهُ عُرْفًا حَكَاهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ، وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَا خِلَافَ فِيهِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ لِوُجُودِ الْإِمْسَاكِ مَعَهَا مَثَلًا فَلَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ مِنْهُ) أَيْ فِي الْأَغْلَبِ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي، وَإِنْ عَرَفَ الْحَالَ إلَخْ) أَيْ لِصَيْرُورَةِ إلْقَائِهِ بِطُرُوِّ مُبَاشَرَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ شَرْطًا مَحْضًا قَالَ شَيْخُنَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ بِقَلِيلٍ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ تَعَلُّقِ الْقِصَاصِ بِهَا كَأَنْ كَانَ الْقَاتِلُ مَجْنُونًا أَوْ سَبُعًا ضَارِبًا تَعَلَّقَ بِالْمُمْسِكِ، وَإِنْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ الْمُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ الْتَقَمَهُ حُوتٌ فَعَلَى الْمُلْقِي الْقِصَاصُ) لَوْ اقْتَصَّ مِنْهُ ثُمَّ لَقَطَهُ الْحُوتُ سَالِمًا لَمْ يَلْزَمْ الْمُقْتَصَّ قِصَاصٌ وَتَلْزَمُهُ دِيَةُ الْمُلْقِي فِي مَالِهِ قَالَ شَيْخُنَا دِيَةُ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُغْرِقِ) قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى غَيْرُ الْمُغْرِقِ فِيهَا مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْقَتْلِ) وَلَوْ مِنْ السُّلْطَانِ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقَتْلِ أَوْ بِمَا يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ كَالْقَطْعِ وَالْجُرْحِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَفِي الصَّغِيرِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ الْإِكْرَاهَ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَفِي الْبَحْرِ لَوْ كَتَبَ كِتَابًا بِقَتْلِ رَجُلٍ وَالْكَاتِبُ ذُو قُوَّةٍ وَلَا يَخْلُصُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَّا بِامْتِثَالِهِ فَكَاللَّفْظِ (قَوْلُهُ: فَيُقْتَصُّ مِنْ الْآمِرِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 وَكَذَا) مِنْ (الْمَأْمُورِ كَمُضْطَرٍّ قَتَلَ إنْسَانًا لِيَأْكُلَهُ) فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ؛ وَلِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُوَلِّدُ فِي الْمُكْرَهِ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ غَالِبًا لَهُ لِيَدْفَعَ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَدْ آثَرَهَا بِالْبَقَاءِ فَصَارَا شَرِيكَيْنِ، وَلَا يُشْبِهُ قَتْلَ الصَّائِلِ فَإِنَّهُ بِالصِّيَالِ مُتَعَدٍّ فَمُكِّنَ مِنْ دَفْعِهِ وَلِهَذَا لَا يَأْثَمُ بِقَتْلِهِ. وَالْمُكْرَهُ يَأْثَمُ كَمَا يَأْثَمُ الْمُخْتَارُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّنْظِيرِ بِمَسْأَلَةِ الْمُضْطَرِّ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ. فَلَوْ آلَ الْأَمْرُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِكْرَاهِ إلَى الدِّيَةِ فَهِيَ عَلَى الْآمِرِ وَالْمَأْمُورِ كَالشَّرِيكَيْنِ وَلِلْوَلِيِّ فِيمَا إذَا لَزِمَهُمَا الْقِصَاصُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيَأْخُذَ نِصْفَ الدِّيَةِ مِنْ الْآخَرِ (فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُكَافِئٍ) لِلْمَقْتُولِ (فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ) لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَاصِدٌ لِلْقَتْلِ آثِمٌ (وَعَلَى الْآخَرِ) ، وَهُوَ الْمُكَافِئُ (الْقِصَاصُ) كَشَرِيكِ الْأَبِ (كَأَنْ أَكْرَهَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا عَلَى قَتْلِ ذِمِّيٍّ، أَوْ حُرٌّ عَبْدًا عَلَى قَتْلِ عَبْدٍ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْعَبْدِ) فِي الثَّانِيَةِ (وَالذِّمِّيِّ) فِي الْأُولَى (وَعَلَى الْآخَرِ) ، وَهُوَ الْحُرُّ فِي الثَّانِيَةِ وَالْمُسْلِمِ فِي الْأُولَى (نِصْفُ الضَّمَانِ) ، وَكَأَنْ أَكْرَهَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا عَلَى قَتْلِ ذِمِّيٍّ، أَوْ عَبْدٌ حُرًّا عَلَى قَتْلِ عَبْدٍ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى الْمَأْمُورِ نِصْفُ الضَّمَانِ (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا) مُمَيِّزًا (أَوْ الْمَأْمُورُ) بِالرَّمْيِ إلَى شَاخِصٍ (جَاهِلًا كَوْنَهُ آدَمِيًّا فَالْقِصَاصُ عَلَى الْبَالِغِ) فِي الْأُولَى بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ عَمْدٌ. (وَ) عَلَى (الْآمِرِ) فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَانَ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخَطَأَ نَتِيجَةُ إكْرَاهِهِ فَجُعِلَ عَمْدًا فِي حَقِّهِ، وَالْمَأْمُورُ كَالْآلَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ لِظَنِّهِ الْحِلَّ (لَكِنْ لَا دِيَةَ عَلَى الْجَاهِلِ، وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ إذْ هُوَ كَالْآلَةِ) ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فِي الْأُولَى فَفِي مَالِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً كَمَا سَيَأْتِي وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا دِيَةَ أَيْ لَا يَجِبُ نِصْفُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْجَاهِلِ هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ يُؤْخَذَانِ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُ نِصْفِهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ مُخَفَّفَةً، وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْوَارِ، وَلَوْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ الْمَأْمُورُ، وَأَبْدَلَ قَوْلَهُ وَالْآمِرِ بِقَوْلِهِ وَالْعَالِمَ كَانَ أَعَمَّ لَكِنَّهُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ أَصْلَهُ (فَإِنْ كَانَا مُخْطِئَيْنِ) فِيمَا ذُكِرَ بِأَنْ جَهِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَوْنَ الْمَرْمِيِّ آدَمِيًّا (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُهَا) مُخَفَّفَةً فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ (وَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ، أَوْ نُزُولِ بِئْرٍ) فَفَعَلَ (فَزَلَقَ) فَمَاتَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَلَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ الْقَتْلَ غَالِبًا وَمَحِلُّ كَوْنِهِ شِبْهَ عَمْدٍ فِي صُعُودِ الشَّجَرَةِ إذَا كَانَتْ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا، وَإِلَّا فَخَطَأٌ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ نُكَتِ الْوَسِيطِ لِلنَّوَوِيِّ. (فَرْعٌ: لَوْ قَالَ) لِمُمَيِّزٍ (اُقْتُلْ نَفْسَك، أَوْ قَالَ) لَهُ (اشْرَبْ هَذَا السُّمَّ، وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَ) نَفْسَهُ (أَوْ شَرِبَ) السُّمَّ فَمَاتَ (فَلَا قِصَاصَ) عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ مَا جَرَى لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ حَقِيقَةً إذْ الْمُكْرَهُ مَنْ يَتَخَلَّصُ بِمَا أُمِرَ بِهِ عَمَّا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْهِ، وَهُنَا اتَّحَدَ الْمَأْمُورُ بِهِ وَالْمُخَوَّفُ بِهِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَوْ هَدَّدَهُ بِقَتْلٍ يَتَضَمَّنُ تَعْذِيبًا شَدِيدًا لَوْ لَمْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ كَانَ إكْرَاهًا (وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ) كَذَا قَالَهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ إنَّمَا سَقَطَ لِانْتِفَاءِ الْإِكْرَاهِ فَيَنْتَفِي مُوجِبُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَى فَاعِلِهِ شَيْءٌ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ عَلَى الصَّوَابِ (وَلَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدَك، وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَطَعَهَا اُقْتُصَّ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ (وَإِنْ قَالَ اُقْتُلْنِي، أَوْ اقْطَعْ يَدِي، أَوْ اقْذِفْنِي) مَعَ قَوْلِهِ، وَإِلَّا -   [حاشية الرملي الكبير] لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا أَكْرَهَ لَزِمَهُ الْقَوَدُ لَكَفَّ عَنْ الْإِكْرَاهِ فَحَصَلَ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَأْمُورُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ إيجَابَهُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى حَالَةِ الدَّهْشِ وَالْغَلَبَةِ فَإِنْ أَفْرَطَ فَزَعُهُ بِحَيْثُ أَسْقَطَ اخْتِيَارَهُ فَيَكُونُ آلَةً وَلَا قَوَدَ جَزْمًا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا عَنْ الْبَغَوِيّ مَا يُفْهِمُ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرَهِ إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُبِيحُ لَهُ الْإِقْدَامَ أَمَّا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يُبِيحُهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ آلَةً، وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ جَزْمًا حَكَاهُ عَنْهُ فِي الْقُوتِ فَعَلَى هَذَا يُقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ. اهـ. الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَكْرَهَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا إلَخْ) لَوْ أَكْرَهَ أَجْنَبِيًّا الْأَبُ عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرِهِ فَقَطْ، وَفِي عَكْسِهِ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرَهِ، وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلٍ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَقُلْنَا الْمُغَلَّبُ فِيهِ مَعْنَى الْحَدِّ، وَقُلْنَا لَا أَثَرَ لِلْإِكْرَاهِ فِي إسْقَاطِ الْحَدِّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْقَتْلِ فَهَلْ يُقْتَلُ الْمَأْمُورُ أَمْ لَا فَأَجَابَ نَعَمْ يُقْتَلُ الْمَأْمُورُ قَطْعًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا مُمَيِّزًا) أَوْ مَجْنُونًا لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ. (فَرْعٌ) لَوْ أَمَرَ صَغِيرًا يَسْتَقِي لَهُ مَاءً فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ وَمَاتَ فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا يُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ هَدَرٌ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ عَاقِلَةُ الْآمِرِ، وَلَوْ قَرَصَ مَنْ يَحْمِلُ رَجُلًا فَتَحَرَّكَ، وَسَقَطَ الْمَحْمُولُ فَكَإِكْرَاهِهِ عَلَى إلْقَائِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجُهَ وُجُوبُ نِصْفِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ) عَنْ نُكَتِ الْوَسِيطِ لِلنَّوَوِيِّ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ النَّوَوِيُّ قَوْلَ الْوَسِيطِ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَقِبَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، وَقِيلَ عَمْدٌ هَذَا إذَا كَانَتْ الشَّجَرَةُ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ الْوَسِيطِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَخَطَأٌ، وَهُوَ وَاضِحٌ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ عَمْدٌ فَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَخَطَأٌ أَيْ خَطَأُ عَمْدٍ، وَهُوَ بِمَعْنَى شِبْهِ الْعَمْدِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَقَالَ ابْنُ السُّكَّرِيِّ فِي حَوَاشِيهِ: التَّحْقِيقُ أَنَّ نُزُولَ الْبِئْرِ وَصُعُودَ الشَّجَرَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُسْلَمُ مِنْهُ فِي الْعَادَةِ غَالِبًا فَيَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُسْلَمُ مِنْهُ غَالِبًا فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ. اهـ. [فَرْعٌ قَالَ لِمُمَيِّزِ اُقْتُلْ نَفْسَك أَوْ اشْرَبْ هَذَا السُّمَّ وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَ نَفْسَهُ] (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ اشْرَبْ هَذَا السُّمَّ، وَإِلَّا قَتَلْتُك إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى شُرْبِ سُمٍّ يَعْرِفُهُ وَشَرِبَهُ وَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ لِتَخَلُّصِهِ عَنْ الْأَشَدِّ بِالشَّدِيدِ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ عَلَى الصَّوَابِ) الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُكْرَهَ شَرِيكٌ، وَإِنْ سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْهُ لِلشُّبْهَةِ بِسَبَبِ مُبَاشَرَةِ الْمُكْرِهِ قَتْلَ نَفْسِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 قَتَلْتُك، أَوْ بِدُونِهِ فَفَعَلَ (فَهَدَرٌ) لِإِذْنِهِ لَهُ فِيهِ فَصَارَ كَإِتْلَافِ مَالِهِ بِإِذْنِهِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ (، وَإِذْنُ الْعَبْدِ) فِي قَتْلِهِ، أَوْ قَطْعِ يَدِهِ مَثَلًا (لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ) ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ (وَهَلْ يَسْقُطُ) الْأَوْلَى يَجِبُ (الْقِصَاصُ) فِيمَا إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ عَبْدًا أَيْضًا (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا يَجِبُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ (وَلِلْمَأْمُورِ) بِالْقَتْلِ (دَفْعُ الْمُكْرِهِ وَلِلثَّالِثِ) ، وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِقَتْلِهِ (دَفْعُهُمَا) أَيْ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ (وَإِنْ أَفْضَى) الدَّفْعُ فِي الثَّلَاثِ (إلَى الْقَتْلِ فَهَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ صَائِلٌ فِيهَا. (فَرْعٌ:) لَوْ (قَالَ اُقْتُلْ زَيْدًا، أَوْ عَمْرًا) ، وَإِلَّا قَتَلْتُك (فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ) بَلْ تَخْيِيرٌ فَمَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمَا كَانَ مُخْتَارًا لِقَتْلِهِ، وَإِنَّمَا الْمُكْرَهُ مَنْ حَمَلَ عَلَى قَتْلِ مُعَيَّنٍ لَا يَجِدُ عَنْهُ مَحِيصًا فَيَلْزَمُ الْقَاتِلَ الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ غَيْرَ الْإِثْمِ (وَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى إكْرَاهِ غَيْرِهِ) عَلَى أَنْ يَقْتُلَ رَابِعًا فَفَعَلَا (اقْتَصَّ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الثَّلَاثَةِ (وَلَوْ أَمَرَهُ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ) فَقَتَلَهُ غَيْرَ ظَانٍّ أَنَّ الْإِمَامَ ظَالِمٌ (فَبَانَ ظَالِمًا اُقْتُصَّ مِنْ الْإِمَامِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ (دُونَهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَأْمُرُ إلَّا بِحَقٍّ؛ وَلِأَنَّ طَاعَتَهُ وَاجِبَةٌ فِيمَا لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ (وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يُكَفِّرَ) لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ (وَكَذَا زَعِيمُ الْبُغَاةِ) أَيْ سَيِّدُهُمْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْإِمَامِ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَهُ نَافِذَةٌ (فَلَوْ عَلِمَ) مَأْمُورُ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِظُلْمِهِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ) أَيْ اُقْتُصَّ مِنْ الْمَأْمُورِ دُونَ الْآمِرِ (إنْ لَمْ يَخَفْ سَطْوَتَهُ) عَلَيْهِ أَيْ قَهْرَهُ بِالْبَطْشِ، وَالْمُرَادُ سَطْوَتُهُ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْرَاهُ (وَإِنْ خَافَهَا) (فَكَالْمُكْرَهِ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِقَتْلِهِ مُتَغَلِّبٌ لَمْ يَجُزْ امْتِثَالُ أَمْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِمَعْصِيَةٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، لَكِنَّهُ إذَا اعْتَقَدَ حَقِيقَتَهُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ، وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْإِثْمُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْتَقِدَهُ حَقًّا، أَوْ يَعْرِفَ أَنَّهُ ظُلْمٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبِ الطَّاعَةِ. انْتَهَى. هَذَا إنْ لَمْ يَخَفْ سَطْوَتَهُ (فَإِنْ خَافَ سَطْوَتَهُ فَكَالْمُكْرَهِ) فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا تَنْزِيلًا لِأَمْرِهِ بِالْقَتْلِ حِينَئِذٍ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ إذْ الْمَعْلُومُ كَالْمَلْفُوظِ الْمُصَرَّح بِهِ (وَإِنْ أَمَرَهُ الْإِمَامُ بِصُعُودِ شَجَرَةٍ) ، أَوْ بِنُزُولِ بِئْرٍ فَفَعَلَ (فَهَلَكَ) بِذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يَخَفْ سَطْوَتَهُ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ بِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ خَافَهَا) (فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ كَانَ) ذَلِكَ (لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى صُعُودِهَا) أَيْ الشَّجَرَةِ، أَوْ عَلَى نُزُولِ الْبِئْرِ (غَيْرُ الْإِمَامِ) فَفَعَلَ فَهَلَكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ، أَوْ خَطَأٌ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ قُبَيْلَ الْفَرْعِ السَّابِقِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا تَنْظِيرًا مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا. (فَرْعٌ:) لَوْ (أَمَرَ) إنْسَانٌ (عَبْدَهُ) ، أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ الْمُمَيِّزَ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَتِهِ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُهُ (بِقَتْلٍ، أَوْ إتْلَافٍ) لِغَيْرِهِ ظُلْمًا فَفَعَلَ (أَثِمَ) الْآمِرُ لِإِتْيَانِهِ بِمَعْصِيَةٍ (وَاقْتُصَّ مِنْ الْعَبْدِ وَتَعَلَّقَ الضَّمَانُ) أَيْ ضَمَانُ الْمَالِ (بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ أَمَرَ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ، أَوْ مَجْنُونًا ضَارِيًا، أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَتِهِ) فِيمَا ذُكِرَ بِقَتْلٍ، أَوْ إتْلَافٍ فَفَعَلَ (فَالْقِصَاصُ) ، أَوْ الْمَالُ (عَلَى الْآمِرِ) وَلِيًّا كَانَ، أَوْ أَجْنَبِيًّا عَبْدًا، أَوْ حُرًّا ضَاقَ الْمَكَانُ، أَوْ اتَّسَعَ (عَبْدًا كَانَ الْمَأْمُورُ، أَوْ حُرًّا، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَذِمَّتِهِ مَالٌ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَغْرَى بَهِيمَةً عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَتْهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ضَمَانٌ، وَذِكْرُ الْأَعْجَمِيِّ الْحُرِّ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ أَمَرَ) إنْسَانٌ (أَحَدَ هَؤُلَاءِ بِقَتْلِ نَفْسِهِ) فَقَتَلَهَا (اُقْتُصَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْآمِرِ (لَا فِي) صُورَةِ (الْأَعْجَمِيِّ) فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ آمِرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ بِحَالٍ (نَعَمْ إنْ أَمَرَهُ) بِبَطِّ جُرْحِهِ، أَوْ (بِفَتْحِ عِرْقِهِ الْقَاتِلِ) بِأَنْ كَانَ بِمَقْتَلٍ فَفَعَلَ (وَجَهِلَهُ) أَيْ وَجَهِلَ كَوْنَهُ قَاتِلًا (ضَمِنَ) الْآمِرُ؛ لِأَنَّ الْأَعْجَمِيَّ حِينَئِذٍ لَا يَظُنُّهُ قَاتِلًا فَيَجُوزُ أَنْ يَعْتَقِدَ وُجُوبَ الطَّاعَةِ أَمَّا إذَا عَلِمَهُ قَاتِلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى آمِرِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَجَهْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ تَمْيِيزٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا دُونَهُ) أَيْ الْآمِرِ (وَمَا أَتْلَفَهُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ بِلَا أَمْرٍ فَخَطَأٌ لَا هَدَرٌ) فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ إنْ كَانَ عَبْدًا وَبِذِمَّتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا، وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَنَّهُ هَدَرٌ فَعَدَلَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا قَالَهُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ فِي الرَّضَاعِ مِنْ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا دَبَّ وَارْتَضَعَ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ لَزِمَهُ الْغُرْمُ وَلِمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى شَرِيكِ السَّبْعِ. (فَرْعٌ: إذَا أَكْرَهَ عَبْدًا مُرَاهِقًا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ مُمَيِّزًا عَلَى قَتْلٍ مَثَلًا فَفَعَلَ (تَعَلَّقَتْ الدِّيَةُ) أَيْ نِصْفُهَا (بِرَقَبَتِهِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمُكْرَهَ الْحُرَّ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ) أَيْ الْقَتْلِ، وَقَطْعِ الْيَدِ، وَكَذَا الْقَذْفُ حَيْثُ لَا إكْرَاهَ فَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِ غَيْرِهِ اُقْتُلْ عَبْدِي فَقَتَلَهُ هَدَرٌ، وَإِنْ جَرَحَهُ فَمَاتَ فَوَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ ضَمَانِهِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ. [فَرْعٌ قَالَ اُقْتُلْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا وَإِلَّا قَتَلْتُك] (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ) شَمِلَ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُ الْمُكْرَهِ إلَّا بِالْقَتْلِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَأْمُرُ إلَّا بِحَقٍّ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِمَامِ هُنَا الظَّلَمَةَ الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى الرِّقَابِ وَالْأَمْوَالِ الْمُمَزِّقِينَ لَهُمْ كَالسِّبَاعِ وَالْمُنْتَهِبِينَ لِأَمْوَالِهِمْ كَأَهْلِ الْحَرْبِ إذَا ظَفِرُوا بِالْمُسْلِمِينَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْإِمَامُ الْعَادِلُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مِنْهُ الظُّلْمُ وَالْقَتْلُ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ سَطْوَتَهُ فَكَالْمُكْرَهِ) هَلْ كَتْبُهُ إلَى مَنْ يَقْتُلُهُ كَأَمْرِهِ لَفْظًا فِيهِ تَرَدُّدٌ، الرَّاجِحُ مِنْهُ أَنَّهُ مِثْلُهُ نَظَرًا لِلْعُرْفِ [فَرْعٌ أَمَرَ إنْسَانٌ عَبْدَهُ أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ الْمُمَيِّزَ بِقَتْلٍ أَوْ إتْلَافٍ] (قَوْلُهُ: وَبِذِمَّتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا) هَذَا مَحْمَلُ كَلَامِ الْأَصْلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 [فَصْلٌ فِيمَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ وَمَا لَا يُبَاحُ بِهِ] (فَصْلٌ) فِيمَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ وَمَا لَا يُبَاحُ بِهِ (لَا يُبَاحُ الْقَتْلُ) الْمُحَرَّمُ لِذَاتِهِ (وَ) لَا (الزِّنَا بِالْإِكْرَاهِ) لِتَعَلُّقِهِمَا بِالْغَيْرِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِهِ الْقَذْفُ أَيْضًا وَالْأَصَحُّ تَصَوُّرُ الْإِكْرَاهِ عَلَى الزِّنَا إذْ الِانْتِشَارُ الْمُتَعَلِّقُ بِالشَّهْوَةِ لَيْسَ شَرْطًا لِلزِّنَا بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ الْإِيلَاجِ وَالْإِكْرَاهُ لَا يُنَافِيهِ أَمَّا الْقَتْلُ الْمُحَرَّمُ لِغَيْرِهِ كَقَتْلِ صِبْيَانِ الْكُفَّارِ، وَنِسَائِهِمْ فَيُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَيُبَاحُ بِهِ الْخَمْرُ) أَيْ شُرْبُهُ اسْتِبْقَاءً لِلْمُهْجَةِ كَمَا يُبَاحُ لِمَنْ غَصَّ بِلُقْمَةٍ أَنْ يُسِيغَهَا بِخَمْرٍ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا (وَ) يُبَاحُ بِهِ (تَرْكُ الْفَرِيضَةِ) كَالْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ عَلَى الْقَوْلِ بِإِبْطَالِ الصَّوْمِ بِهِ (وَ) يُبَاحُ بِهِ (كَلِمَةُ الْكُفْرِ) أَيْ التَّكَلُّمُ بِهَا وَالْقَلْبُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] (وَالِامْتِنَاعُ) مِنْ التَّكَلُّمِ بِهَا (أَفْضَلُ) ، وَإِنْ قُتِلَ مُصَابَرَةً وَثَبَاتًا عَلَى الدِّينِ كَمَا يُعَرِّضُ النَّفْسَ لِلْقَتْلِ جِهَادًا (وَيُبَاحُ بِهِ) بَلْ يَجِبُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ وَصَيْدُ الْحَرَمِ) ؛ لِأَنَّ لَهُمَا بَدَلًا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيَضْمَنُهُمَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ الْمَالَ وَالصَّيْدَ (وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ) لِتَعَدِّيهِ (وَلَيْسَ لِلْغَيْرِ) ، وَهُوَ الْمَالِكُ (دَفْعُهُ) أَيْ الْمُكْرَهِ (عَنْ مَالِهِ بَلْ يَجِبُ) عَلَيْهِ (أَنْ يَقِيَ رُوحَهُ بِمَالِهِ) كَمَا يُنَاوِلُ الْمُضْطَرَّ طَعَامَهُ (وَلَهُمَا) أَيْ الْمُكْرَهِ وَالْمَالِكُ (دَفْعُ الْمُكْرِهِ) بِمَا أَمْكَنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ صَائِلٌ، وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الْمَالِكِ مِنْ وَكِيلٍ وَغَيْرِهِ كَالْمَالِكِ فِيمَا ذُكِرَ. (فَصْلٌ) لَوْ (أَنْهَشَهُ) أَيْ أَلْسَعَهُ (حَيَّةً) مَثَلًا فَقَتَلَتْهُ (فَإِنْ قَتَلَتْ) أَيْ كَانَتْ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا كَأَفَاعِي مَكَّةَ وَثَعَابِينِ مِصْرَ (فَعَمْدٌ) فَيَجِبُ الْقِصَاصُ (وَإِلَّا فَشِبْهُهُ) فَتَجِبُ دِيَتُهُ (وَإِنْ أَلْقَاهَا عَلَيْهِ، أَوْ أَلْقَاهُ عَلَيْهَا) ، أَوْ قَيَّدَهُ وَطَرَحَهُ فِي مَكَان فِيهِ حَيَّاتٌ، وَلَوْ ضَيِّقًا (أَوْ طَرَحَهُ فِي مَسْبَعَةٍ، أَوْ أَلْقَاهُ) ، وَلَوْ (مَكْتُوفًا بَيْنَ يَدَيْ سَبُعٍ فِي) مَكَان (مُتَّسِعٍ) كَصَحْرَاءَ (أَوْ أَغْرَاهُ بِهِ فِيهِ) أَيْ فِي الْمُتَّسَعِ فَقَتَلَهُ (فَلَا ضَمَانَ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَقْتُولُ صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُلْجِئْهُ إلَى قَتْلِهِ، وَإِنَّمَا قَتَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَصَارَ فِعْلُهُ مَعَ قَتْلِهِ كَالْإِمْسَاكِ مَعَ الْمُبَاشَرَةِ؛ وَلِأَنَّ السَّبُعَ يَنْفِرُ بِطَبْعِهِ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي الْمُتَّسَعِ فَجُعِلَ إغْرَاؤُهُ لَهُ كَالْعَدَمِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ إيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ أَمَرَ مَجْنُونًا ضَارِيًا، أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ طَاعَةَ آمِرِهِ بِقَتْلٍ فَقَتَلَ، وَلَوْ بِمُتَّسَعٍ نَعَمْ إنْ كَانَ السَّبُعُ الْمُغْرَى ضَارِيًا شَدِيدَ الْعَدْوِ، وَلَا يَتَأَتَّى الْهُرُوبُ مِنْهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، وَكَذَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ عَنْ الْقَاضِي فَقَطْ ثُمَّ قَالَا مَعًا: وَجَعَلَ الْإِمَامُ هَذَا بَيَانًا وَاسْتِدْرَاكًا لِمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ. وَأَمَّا الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ فَجَعَلُوا الْمَسْأَلَةَ مُخْتَلَفًا فِيهَا وَجَرَى الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ، وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْحُرِّ أَمَّا الرَّقِيقُ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِالْيَدِ (وَإِنْ كَانَ) طَرْحُهُ، وَلَوْ غَيْرَ مَكْتُوفٍ، أَوْ إغْرَاؤُهُ (فِي مَضِيقٍ، أَوْ حَبْسُهُ مَعَهُ) أَيْ مَعَ السَّبُعِ (فِي بَيْتٍ، أَوْ بِئْرٍ، أَوْ حَذْفُهُ لَهُ حَتَّى اُضْطُرَّ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَكْرَهَ عَبْدًا مُرَاهِقًا عَلَى قَتْلٍ فَفَعَلَ] (فَصْلٌ) لَا يُبَاحُ الْقَتْلُ، وَلَا الزِّنَا بِالْإِكْرَاهِ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلِمَةِ الْكُفْرِ أَنَّ التَّلَفُّظَ بِالْكُفْرِ لَا يُوجِبُ وُقُوعَ مَفْسَدَةِ الْكُفْرِ إذْ الْكُفْرُ الَّذِي يُوجِبُ الْمَفْسَدَةَ إنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ بِالْقَلْبِ بِخِلَافِ الزِّنَا وَالْقَتْلِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْمَفْسَدَةَ قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَمُتَعَلِّقَاتُ الزِّنَا كَالزِّنَا وَالْقَطْعِ، وَإِزَالَةُ اللَّطَائِفِ وَالْمَنَافِعِ مِثْلُ الْقَتْلِ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالْغَيْرِ مِنْ حَيْثُ إتْلَافُ النَّفْسِ الْمُحَرَّمِ لِذَاتِهِ وَانْتِهَاكِ الْبُضْعِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِهِ الْقَذْفُ أَيْضًا) أَيْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُتَّجَهُ وُجُوبُ التَّلَفُّظِ بِهِ حِينَئِذٍ. اهـ. وَالْأَصَحُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَا حَدَّ مَعَ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَرُمَ قَتْلُهُمْ لِأَجْلِ الْمَالِ، وَأَبْدَى الْبُلْقِينِيُّ فِي الْمُرْتَدِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ تَرَدُّدًا مَعَ أَنَّهُمَا غَيْرُ مَعْصُومَيْنِ فَقَالَ هَلْ نَقُولُ يُبَاحُ قَتْلُهُمَا بِالْإِكْرَاهِ أَوْ نَقُولُ إنَّمَا هَذَا مَنْصِبُ الْإِمَامَةِ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَمَنْصِبُ الْإِمَامَةِ لَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الِافْتِيَاتَ عَلَى الْإِمَامِ إنَّمَا يُلَامُ عَلَيْهِ الْمُخْتَارُ (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ بِهِ كَلِمَةُ الْكُفْرِ) أَيْ التَّكَلُّمُ بِهَا إلَخْ، وَلَا يَجِبُ إذْ بَذْلُ النُّفُوسِ فِي إعْزَازِ الدِّينِ مَشْرُوعٌ فِي الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَظْهَرُ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ عَلَى بَعْضِ الْأَشْخَاصِ إذَا كَانَ فِيهِ صِيَانَةٌ لِلْحُرُمِ وَالذُّرِّيَّةِ، وَعُلِمَ أَنَّ الصَّبْرَ يُؤَدِّي إلَى اسْتِبَاحَتِهِمْ أَوْ اسْتِئْصَالِهِمْ، وَقِسْ عَلَى هَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ أَوْ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَلَعَلَّ مَحْمَلَ الْوَجْهَيْنِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ حَيْثُ لَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الصَّبْرِ غَيْرُ مَوْتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ بِهِ) بَلْ يَجِبُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي، وَسِيطِهِ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ) قَالَ فِي التَّدْرِيبِ لَا يَصِلُ مِنْهَا شَيْءٌ إلَى الْوُجُوبِ إلَّا إتْلَافُ الْمَالِ عَلَى مَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالتَّحْقِيقُ خِلَافُهُ، وَهَلْ يُوجِبُ الْمُصَنِّفُ إتْلَافَ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ وَالْمُكْرَهُ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِيمَا تَقْتَضِيهِ فَإِنْ اقْتَضَتْ قَتْلًا أُلْحِقَتْ بِهِ أَوْ مَالًا أُلْحِقَتْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرَهِ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ ظَهَرَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُكْرِهُ ضَامِنًا حَتَّى لَوْ أَكْرَهَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا عَلَى إتْلَافِ مَالٍ أَوْ عَلَى تَسْلِيمِ مَا هُوَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْمُكْرِهَ بِكَسْرِ الرَّاءِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي بَابِ السِّيَرِ عَنْ التَّهْذِيبِ فِيمَا إذَا تَتَرَّسَ الْكَافِرُونَ بِمُسْلِمٍ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا إذَا أَكْرَهَ شَخْصًا عَلَى إتْلَافِ مَالِ نَفْسِ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ نِصْفُ الضَّمَانِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَجَمِيعُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ مَالَهُ لِآخَرَ فَتَلِفَ فِي يَدِ الثَّالِثِ فَالْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ طَرِيقٌ فِي ضَمَانِ النِّصْفِ فِي الْأَظْهَرِ وَجَمِيعُهُ عَلَى الْآخَرِ وَالْقَرَارُ عَلَى الثَّالِثِ الْمُتْلِفِ فَإِنْ تَسَلَّمَهُ الْمُكْرِهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْكُلِّ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ تَسَلَّمَهُ غَصْبًا، وَلَوْ أَكْرَهَ شَخْصٌ شَخْصًا عَلَى أَنْ يُقِرَّ لِشَخْصٍ بِمَالٍ فَأَقَرَّ مُكْرَهًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرَهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا مُجَرَّدُ اللَّفْظِ فَلَوْ أَقَرَّ مُكْرَهًا، وَسَلَّمَ مُخْتَارًا فَهُوَ الَّذِي أَتْلَفَ مَالَ نَفْسِهِ. [فَصْلٌ أَنْهَشَهُ حَيَّةً مَثَلًا فَقَتَلَتْهُ] (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَاضِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 إلَيْهِ) أَيْ إلَى قَتْلِهِ (وَالسَّبُعُ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا) كَأَسَدٍ، وَنَمِرٍ وَذِئْبٍ (فَقَتَلَهُ فِي الْحَالِ، أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا يَقْتُلُ غَالِبًا لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَ السَّبُعَ إلَى قَتْلِهِ؛ وَلِأَنَّ الْحَيَوَانَ الضَّارِيَ حِينَئِذٍ يَصِيرُ كَالْآلَةِ (أَوْ) جَرَحَهُ جُرْحًا يَقْتُلُ (نَادِرًا) يَعْنِي لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) كَنَظَائِرِهِ (وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي إلْقَاءِ الْحَيَّةِ الْمَضِيقَ) الْأَوْفَقُ بِكَلَامِهِ وَبِكَلَامِ أَصْلِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي إلْقَاءِ الْحَيَّةِ بَيْنَ الْمَضِيقِ وَالْمُتَّسَعِ كَمَا فِي السَّبُعِ (لِأَنَّهَا تَنْفِرُ) بِطَبْعِهَا (مِنْ الْآدَمِيِّ) بِخِلَافِ السَّبُعِ فَإِنَّهُ يَثِبُ عَلَيْهِ فِي الْمَضِيقِ دُونَ الْمُتَّسَعِ وَلِهَذَا لَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا بِمَسْبَعَةٍ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا مَرَّ (وَالْمَجْنُونُ الضَّارِي كَالسَّبُعِ) الْمُغْرَى فِي الْمَضِيقِ وَفَارَقَهُ فِي الْمُتَّسَعِ؛ لِأَنَّ السَّبُعَ يَنْفِرُ فِيهِ مِنْ الْآدَمِيِّ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ (وَتَرْكُ الْفِرَارِ النَّافِعِ) مِنْ الْمُغْرَى عَلَيْهِ فِي تَخَلُّصِهِ مِنْ السَّبُعِ (كَتَرْكِ السِّبَاحَةِ) فِيمَا مَرَّ. (وَإِنْ رَبَطَ بِبَابِهِ كَلْبًا عَقُورًا وَدَعَا) إلَيْهِ (رَجُلًا فَعَقَرَهُ) فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ دَفْعُهُ) بِعَصًا، وَنَحْوِهَا (وَ) ؛ لِأَنَّهُ (يَفْتَرِسُ بِاخْتِيَارِهِ) . (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ فَإِنْ ذَفَّفَ عَلَيْهِ اثْنَانِ مَعًا فَأَكْثَرُ) أَيْ أَسْرَعَا قَتْلَهُ (بِأَنْ) يَعْنِي كَأَنْ (حَزَّ أَحَدُهُمَا رَقَبَتَهُ، وَقَدَّهُ الْآخَرُ نِصْفَيْنِ) أَيْ قِطْعَتَيْنِ، وَهُمَا (عَامِدَانِ اُقْتُصَّ مِنْهُمَا، وَكَذَا إنْ جَرَحَاهُ) مَعًا، أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا (جُرْحًا يَقْتُلُ غَالِبًا كَأَنْ) أَجَافَاهُ جَائِفَةً، أَوْ (قَطَعَ أَحَدُهُمَا السَّاعِدَ وَالْآخَرُ الْعَضُدَ مَعًا، أَوْ تَعَاقَبَا وَمَاتَ بِسِرَايَتِهِمَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْقَتْلِ، وَوَجْهُهُ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّ الْقَطْعَ الْأَوَّلَ قَدْ انْتَشَرَتْ سِرَايَتُهُ وَآلَمَهُ وَتَأَثَّرَتْ بِهِ الْأَعْضَاءُ الرَّئِيسَةُ وَانْضَمَّ إلَيْهَا آلَامُ الثَّانِي فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَجَافَ وَاحِدٌ جَائِفَةً وَجَاءَ آخَرُ وَوَسَّعَهَا فَمَاتَ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا، وَلَيْسَ اخْتِلَافُهُمَا فِي كَثْرَةِ الْأَلَمِ، وَقِلَّتِهِ مَانِعًا مِنْ تَسَاوِيهِمَا فِي الْقَتْلِ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ وَاحِدٌ جِرَاحَاتٍ وَآخَرُ جِرَاحَةً وَاحِدَةً فَمَاتَ بِذَلِكَ فَهُمَا قَاتِلَانِ فَرُبَّ جِرَاحَةٍ لَهَا غَوْرٌ، وَنِكَايَةٌ لَمْ تَحْصُلْ بِجِرَاحَاتٍ، وَقَوْلُهُ يَقْتُلُ غَالِبًا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (فَلَوْ جَرَحَ أَحَدُهُمَا وَذَفَّفَ الْآخَرُ فَهُوَ الْقَاتِلُ) فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ (وَيُقْتَصُّ) مِنْ الْجَارِحِ، أَوْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْمَالُ (بِالْجُرْحِ إنْ تَقَدَّمَ) عَلَى التَّذْفِيفِ سَوَاءٌ أَتَوَقَّعَ الْبُرْءَ مِنْ الْجُرْحِ لَوْ لَمْ يَطْرَأْ التَّذْفِيفُ أَمْ تَيَقَّنَ الْمَوْتُ مِنْهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ، أَوْ نَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ حَيَاتَهُ فِي الْحَالِ مُسْتَقِرَّةٌ وَتَصَرُّفَاتِهِ نَافِذَةٌ (فَإِنْ تَأَخَّرَ جَارِحُهُ) عَنْ مُذَفِّفِهِ (عُزِّرَ كَالْجَانِي عَلَى الْمَيِّتِ) لِهَتْكِهِ حُرْمَتَهُ وَالْقَاتِلُ هُوَ الْمُذَفِّفُ (وَالتَّذْفِيفُ أَنْ يَذْبَحَهُ، أَوْ يَقُدَّهُ، أَوْ يُنَحِّيَ كُرْسِيًّا تَحْتَ) رِجْلَيْ (مَشْنُوقٍ، أَوْ يُبَيِّنَ الْحَشْوَةَ، أَوْ يُنْهِيَهُ) بِغَيْرِ ذَلِكَ (إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ) ، وَهِيَ حَالَةُ الشَّخْصِ (الْعَادِمِ سَمْعًا وَبَصَرًا وَاخْتِيَارًا) بِأَنْ لَا يَبْقَى مَعَهَا إبْصَارٌ، وَإِدْرَاكٌ، وَنُطْقٌ وَحَرَكَةٌ اخْتِيَارِيَّانِ فَلَا يُؤَثِّرُ بَقَاءُ الضَّرَرَيْنِ فَقَدْ يُقَدُّ الشَّخْصُ وَتُتْرَكُ أَحْشَاؤُهُ فِي النِّصْفِ الْأَعْلَى وَيَتَحَرَّكُ وَيَتَكَلَّمُ بِكَلِمَاتٍ لَكِنَّهَا لَا تَنْتَظِمُ، وَإِنْ انْتَظَمَتْ فَلَيْسَتْ صَادِرَةً عَنْ رَوِيَّةٍ وَاخْتِيَارٍ (وَلَهُ) فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ (حُكْمُ الْمَيِّتِ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ، وَلَا رِدَّتُهُ) ، وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ وَيَصِيرُ فِيهَا الْمَالُ لِلْوَرَثَةِ (وَلَا يَرِثُ قَرِيبَهُ، وَلَا يَرِثُهُ مَنْ أَسْلَمَ) ، أَوْ عَتَقَ (حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَرِيضٍ انْتَهَى فِي النَّزْعِ إلَيْهَا) أَيْ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَيِّتِ فَيَجِبُ بِقَتْلِهِ الْقِصَاصُ (وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ) وَبَيْنَ الْمَقْدُودِ (أَنَّ الْمَرِيضَ حِينَئِذٍ لَمْ يُقْطَعْ بِمَوْتِهِ) ، وَقَدْ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ ثُمَّ يُشْفَى (بِخِلَافِ الْمَقْدُودِ) وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ (فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ إحَالَةً عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ) وَجَعَلَ فِي الْأَصْلِ هَذَا فَرْقًا ثَانِيًا فَقَالَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي إلْقَائِهِ الْمَضِيقَ) يَعْنِي عَدَمَهُ، وَفِي نُسْخَةٍ عَدَمَ الْمَضِيقِ. [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ الْجِنَايَات] (قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَفَّفَ اثْنَانِ مَعًا) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ وَاسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ لِلِاتِّحَادِ فِي الزَّمَانِ، وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ ثَعْلَبٍ وَغَيْرِهِ، وَفَرَّقُوا بِذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ جَمِيعًا لَكِنْ اخْتَارَ ابْنُ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الِاتِّحَادِ فِي الْوَقْتِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِيمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ إنْ وَلَدْتُمَا مَعًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِاقْتِرَانُ فِي الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْقَتْلِ) إذْ لَا تُمْكِنُ إضَافَتُهُ إلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا إسْقَاطُهُ فَأُضِيفَ إلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ جَرَحَهُ وَاحِدٌ جِرَاحَاتٍ وَآخَرُ جِرَاحَةً وَاحِدَةً إلَخْ) ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ جَلَدَهُ فِي الْقَذْفِ إحْدَى وَثَمَانِينَ فَمَاتَ فَإِنَّا نُوَزِّعُ الدِّيَةَ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ بِأَنَّ مَحَلَّ الْجَلْدِ مُشَاهَدٌ يُعْلَمُ بِهِ التَّسَاوِي بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ، وَهَكَذَا حُكْمُ كُلِّ إتْلَافٍ حَتَّى لَوْ أَلْقَى رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْئًا مِنْ النَّجَاسَةِ فِي طَعَامٍ اسْتَوَيَا فِي الْغُرْمِ، وَإِنْ كَانَ مَا أَلْقَاهُ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ جُرِحَ أَحَدُهُمَا وَذُفِّفَ الْآخَرُ إلَخْ) أَيْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، وَإِنْ نَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي حَالَةِ الْمَعِيَّةِ حَيْثُ قَالَ الشَّيْخَانِ فِيهَا إنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ الْمُذَفَّفَ هُوَ الْقَاتِلُ بِإِنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا مَا يَقْتَضِيهِ وَالْمَذْكُورُ فِي صُورَةِ التَّرْتِيبِ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى صُورَةِ الْمَعِيَّةِ فَإِنَّ التَّذْفِيفَ يَقْطَعُ مَا قَبْلَهُ، وَيَمْنَعُ تَأْثِيرَ مَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا، وَقَعَا مَعًا. اهـ. يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّذْفِيفَ إذَا قَطَعَ تَأْثِيرَ مَا قَبْلَهُ فَلَأَنْ يَقْطَعَ تَأْثِيرَ مَا قَارَنَهُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْقَاتِلُ) شَمِلَ مَا إذَا عَلِمْنَا تَأْثِيرَ الْجُرْحِ أَوْ شَكَكْنَا فِيهِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ إنَّمَا يَقْتُلُ بِالسَّرَيَانِ وَالتَّذْفِيفُ يَمْنَعُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَرِيضٍ انْتَهَى فِي النَّزْعِ إلَيْهَا) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ فِي النَّزْعِ، وَقَدْ شَخَصَ بَصَرُهُ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ أَوْ عَلَاهُ الْمَاءُ، وَلَا يَحْسُنُ الْعَوْمُ فَكَمْ مِنْ مُذَفَّفٍ تُشَقُّ الْجُيُوبُ عَلَيْهِ، وَيُشَدُّ حَنَكُهُ، وَيُسَوَّى مِنْهُ ثُمَّ تَثُورُ قُوَّتُهُ وَتَعُودُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْحُكْمُ بِالْمَوْتِ عَلَى ثِقَةٍ مَا لَمْ يَخْمَدْ وَتُقْبَضْ نَفْسُهُ فَإِذَا ضَرَبَ ضَارِبٌ رَقَبَتَهُ، وَهُوَ يَتَنَفَّسُ فَنَجْعَلُهُ قَاتِلًا عَلَى التَّحْقِيقِ قَالَهُ الْإِمَامُ (تَنْبِيهٌ) يَتَفَرَّعُ مِنْ الْمَرِيضِ فَرْعٌ حَسَنٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ فَقُتِلَ قِصَاصًا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَقَعَ مَوْقِعَهُ، وَلَا شَيْءَ بَعْدَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْقِصَاصِ، وَلَوْ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا فِي الَّذِي قُطِعَ حُلْقُومُهُ وَمَرِيئُهُ لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا اتِّفَاقًا، وَأَنَّهُ لَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ عَنْ الْمَرِيضِ الْمَذْكُورِ صَحَّ عَفْوُهُ، وَلَوْ عَفَا عَنْ الَّذِي قُطِعَ حُلْقُومُهُ وَمَرِيئُهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ، وَلَهُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 بَعْدُ بِخِلَافِ الْمَقْدُودِ؛ وَلِأَنَّ الْمَرِيضَ لَمْ يَسْبِقْ فِيهِ فِعْلٌ بِحَالِ الْقَتْلِ، وَأَحْكَامِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يُهْدَرَ الْفِعْلُ الثَّانِي وَالْقَدُّ، وَنَحْوُهُ بِخِلَافِهِ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَرِيضَ الْمَذْكُورَ يَصِحُّ إسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ سَالِمَةٌ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ مَا ذَكَرْنَاهُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ كَالْمَيِّتِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَهُوَ فِي الْجِنَايَةِ أَمَّا فِي غَيْرِهَا فَهُوَ فِيهِ كَهُوَ بِقَرِينَةِ مَا ذُكِرَ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ وَصِيَّتِهِ، وَإِسْلَامِهِ وَتَوْبَتِهِ، وَنَحْوِهَا (وَإِنْ شُكَّ فِي الِانْتِهَاءِ إلَيْهَا) أَيْ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ (رُوجِعَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ) فِيهِ وَعُمِلَ بِقَوْلِهِمْ وَالْمُرَادُ قَوْلُ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ. (فَصْلٌ:) فِيمَا إذَا قَتَلَ إنْسَانًا يَظُنُّهُ عَلَى حَالِ فَكَانَ بِخِلَافِهِ (إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّهُ كَافِرًا لِزِيِّهِ) أَيْ لِكَوْنِهِ بِزِيِّ الْكَافِرِ (فِي دَارِنَا لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) ، أَوْ الدِّيَةُ مَعَ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَنْ بِدَارِنَا الْعِصْمَةُ (أَوْ) بِزِيِّهِ (فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ لَمْ يَظُنَّ كُفْرَهُ، وَهُوَ بِصَفِّ الْكُفَّارِ) ، وَلَمْ يَعْرِفْ مَكَانَهُ (فَلَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ (وَكَذَا لَا دِيَةَ) لِلْعُذْرِ الظَّاهِرِ، ثَمَّ سَوَاءٌ أَعَلِمَ فِي دَارِهِمْ مُسْلِمًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَعَيَّنَ شَخْصًا، أَوْ لَا، وَإِنْ عَرَفَ مَكَانَهُ فَكَقَتْلِهِ بِدَارِنَا حَتَّى إذَا قَصَدَ قَتْلَهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ مَعَ الْكَفَّارَةِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَهُ فَأَصَابَهُ تَجِبُ الدِّيَةُ الْمُخَفَّفَةُ مَعَ الْكَفَّارَةِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ (وَتَجِبُ) عَلَيْهِ (الْكَفَّارَةُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] فَإِنَّ مِنْ بِمَعْنَى فِي كَمَا نَقَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ (عِلْمَهُ بِإِسْلَامِهِ) فَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِحَالِهِ (أَوْ) قَتَلَ مُسْلِمًا (عَهِدَهُ ذِمِّيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا، أَوْ) حُرًّا عَهِدَهُ (عَبْدًا، أَوْ) غَيْرَ قَاتِلِ أَبِيهِ (ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ، أَوْ) ضَرَبَ مَرِيضًا ظَنَّهُ (غَيْرَ مَرِيضٍ) ضَرْبًا يَقْتُلُ مِثْلُهُ الْمَرِيضَ دُونَ غَيْرِهِ فَمَاتَ مِنْهُ (وَجَبَ الْقَوَدُ) أَيْ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا وَعُدْوَانًا، وَالظَّنُّ لَا يُبِيحُ الْقَتْلَ وَالضَّرْبَ أَمَّا فِي الذِّمِّيِّ وَالْعَبْدِ وَغَيْرِ الْمَرِيضِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْمُرْتَدِّ فَلِأَنَّ قَتْلَهُ إلَى الْإِمَامِ لَا إلَى الْآحَادِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الْقَتْلِ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْقِصَاصِ. وَمَا لَوْ زَنَى عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ جَاهِلًا بِوُجُوبِ الْحَدِّ بِخِلَافِ مَنْ أُبِيحَ لَهُ الضَّرْبُ كَالْمُؤَدِّبِ، وَقُيِّدَ ذَلِكَ بِالظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَمَعَ الْعِلْمِ يَجِبُ الْقَوَدُ قَطْعًا، وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ وُجُوبِ الْقَوَدِ هُنَا وَعَدَمِ وُجُوبِهِ فِيمَا إذَا أَجَاعَ إنْسَانًا وَبِهِ جَوْعٌ سَابِقٌ لَا يَعْلَمُهُ أَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَرَضِ فَيُمْكِنُ إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ ضَعُفَ مِنْ الْجُوعِ فَضَرَبَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ مِثْلُهُ وَجَبَ الْقَوَدُ (لَا إنْ) قَتَلَ مُسْلِمًا (عَهِدَهُ حَرْبِيًّا) ، وَكَانَ عَلَى زِيِّ الْكُفَّارِ بِدَارِنَا فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفَارَقَ الْمُرْتَدَّ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُخَلَّى وَالْحَرْبِيَّ يُخَلَّى بِالْمُهَادَنَةِ وَفَارَقَ الذِّمِّيَّ وَالْعَبْدَ بِأَنَّ الظَّنَّ ثَمَّ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ بِخِلَافِهِ هُنَا وَسُمِّيَ الْقِصَاصُ قَوَدًا؛ لِأَنَّهُمْ يَقُودُونَ الْجَانِيَ إلَى الْقَتْلِ بِحَبْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ. (الرُّكْنُ الثَّانِي: الْقَتِيلُ وَشَرْطُهُ الْعِصْمَةُ) بِإِيمَانٍ، أَوْ أَمَانٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] الْآيَةَ (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ) مَعْصُومٌ (بِغَيْرِ مَعْصُومٍ كَالْمُرْتَدِّ) وَالْحَرْبِيِّ، وَلَوْ صَبِيًّا وَامْرَأَةً وَعَبْدًا، وَإِنَّمَا حَرُمَ قَتْلُهُمْ رِعَايَةً لِحَقِّ الْغَانِمِينَ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْأَصْلُ فِيمَا قَالَهُ قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] وَخَبَرِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (وَكَذَا الزَّانِي الْمُحْصَنُ) لَا يُقْتَلُ بِهِ مُسْلِمٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمَرِيضَ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ شَرِبَ سُمًّا فَصَارَ بِهِ إلَى أَدْنَى الرَّمَقِ، وَقَتَلَهُ قَاتِلٌ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ سَبَبٌ يُحَالُ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ فَصَارَ كَجُرْحِ السَّبُعِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَرِيضَ الْمَذْكُورَ يَصِحُّ إسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ) قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عَدَمَ صِحَّتِهِمَا مِنْهُ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ كَهُوَ فِي الْجِنَايَةِ) أَيْ وَارِثُهُ وَالْإِرْثُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي غَيْرِهَا فَهُوَ فِيهِ كَهُوَ) قَالَ الشَّارِحُ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَحْيَاءِ إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِقَوْلِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ وَصِيَّتِهِ، وَإِسْلَامِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ تَرْكُ الِاعْتِدَادِ بِقَوْلِهِ. [فَصْلٌ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا يَظُنُّهُ عَلَى حَالٍ فَكَانَ بِخِلَافِهِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّهُ كَافِرًا) أَيْ حَرْبِيًّا (قَوْلُهُ: لِزِيِّهِ) اعْلَمْ أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ فِي ظَنِّ كُفْرِهِ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ أَوْ رَآهُ يُعَظِّمُ آلِهَتَهُمْ فَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ فَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الرِّدَّةِ مُوَافَقَةَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ رِدَّةٌ لَكِنْ رَجَّحَ النَّوَوِيُّ خِلَافَهُ، وَأَمَّا تَعْظِيمُ آلِهَتِهِمْ فَقَدْ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ فِي بَابِ الرِّدَّةِ أَنَّ تَعْظِيمَ الْأَصْنَامِ بِالسُّجُودِ وَالذَّبْحِ رِدَّةٌ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُكْرَهًا عَلَى التَّعْظِيمِ، وَالْقَاتِلُ لَا يَدْرِي أَوْ يَكُونُ فَعَلَ مِنْ الْخِدْمَةِ لِمَوَاضِعِهَا مِنْ كَنْسٍ وَغَيْرِهِ مَا لَا يَقْتَضِي كُفْرًا ع. وَمَا حَكَاهُ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي كَوْنِ التَّزَيِّي بِزِيِّ الْكُفَّارِ رِدَّةً مَحَلُّهُ إذَا كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ أَمَّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِكَوْنِهِ رِدَّةً لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ أَوْ أَنْ يُكْرَهَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي بَابِ الرِّدَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الْإِسْلَامِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فس (قَوْلُهُ: فِي دَارِنَا) بِغَيْرِ صَفِّ أَهْلِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِزِيِّهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ) أَوْ فِي صَفِّهِمْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِصَفِّ الْكُفَّارِ) ، وَلَوْ بِدَارِنَا (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ، وَكَذَا لَا دِيَةَ لِلْعُذْرِ الظَّاهِرِ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا اسْتَعَانَ بِهِ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ عَلِمَ فِي دَارِهِمْ مُسْلِمًا أَوْ لَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حُرْمَةَ نَفْسِهِ بِمُقَامِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي صَفِّ أَهْلِ الْحَرْبِ اللَّتَيْنِ هُمَا دَارُ الْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَهِدَهُ ذِمِّيًّا) أَيْ أَوْ مُعَاهَدًا أَوْ مُسْتَأْمَنًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ إلَخْ) ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَلِأَنَّ ظَنَّ الصِّحَّةِ لَا يُبِيحُ الضَّرْبَ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَجَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ أَيْضًا، وَفِي الْخَادِمِ أَنَّ نَفْيَ الْقَوَدِ مُقْتَضَى تَرْجِيحِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. [الرُّكْنُ الثَّانِي الْقَتِيلُ وَشَرْطُهُ الْعِصْمَةُ] (قَوْلُهُ: بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ) أَوْ بِضَرْبِ الرِّقِّ عَلَى كَافِرٍ (قَوْلُهُ: كَالْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ) أَيْ وَالصَّائِلِ، وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ اللَّذَيْنِ لَا يَنْدَفِعُ شَرُّهُمَا إلَّا بِالْقَتْلِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ مَنْ قُتِلَ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ لَا يُضْمَنُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الزَّانِي الْمُحْصَنُ لَا يُقْتَلُ بِهِ مُسْلِمٌ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْجُرْحِ ثُمَّ مَاتَ بِالسَّرَايَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 مَعْصُومٌ لِاسْتِيفَائِهِ حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ أَقَتَلَهُ قَبْلَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِقَتْلِهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ بِالْإِقْرَارِ، وَوَقَعَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ قُتِلَ بِهِ (وَ) كَذَا (تَارِكُ الصَّلَاةِ) عَمْدًا (بَعْدَ الْأَمْرِ بِهَا) ، وَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهَا لَا يُقْتَلُ بِهِ مُسْلِمٌ مَعْصُومٌ (وَيُقْتَلُ بِقَتْلِ مَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْقَاتِلِ لَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُبَاحِ الدَّمِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ حَقٌّ قَدْ يُتْرَكُ، وَقَدْ يُسْتَوْفَى نَعَمْ إنْ تَحَتَّمَ عَلَيْهِ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ لَمْ يُقْتَلْ قَاتِلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ (وَيُعْصَمُ تَارِكُ الصَّلَاةِ بِالْجُنُونِ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ (وَالسُّكْرِ) لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ حِينَئِذٍ مِنْهَا (لَا الْمُرْتَدُّ) فَلَا يُعْصَمُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِقِيَامِ الْكُفْرِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْقَاتِلُ وَشَرْطُهُ الْتِزَامُ الْأَحْكَامِ) الشَّرْعِيَّةِ، وَلَوْ كَافِرًا أَصْلِيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا (فَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) ، وَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ (وَنَائِمٍ) إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ الِالْتِزَامِ وَلِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمْ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَا يُكَلَّفُونَ بِالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُؤَاخَذُوا بِالْعُقُوبَاتِ الْبَدَنِيَّةِ (فَيُقْتَصُّ مِمَّنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمُحَرَّمٍ) مِنْ مُسْكِرٍ، أَوْ دَوَاءٍ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْفَاءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ، وَإِنَّمَا اُقْتُصَّ مِنْهُ لِتَعَدِّيهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ. (وَإِنْ قَتَلَ) غَيْرَهُ (ثُمَّ جُنَّ اُقْتُصَّ مِنْهُ) ، وَلَوْ فِي جُنُونِهِ، وَإِنْ ثَبَتَ قَتْلُهُ بِإِقْرَارِهِ (بِخِلَافِهِ) أَيْ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ (فِي) مُوجِبِ (حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى) فَلَا يُسْتَوْفَى فِي جُنُونِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُقْبَلُ الرُّجُوعُ فِيهِ لَا فِي مُوجِبِ الْقِصَاصِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) الْقَاتِلُ (كُنْت عِنْدَ الْقَتْلِ صَبِيًّا، وَأَمْكَنَ) صِبَاهُ عِنْدَهُ (أَوْ مَجْنُونًا وَعُهِدَ) جُنُونُهُ قَبْلَهُ، وَقَالَ الْوَلِيُّ بَلْ كُنْت بَالِغًا، أَوْ غَيْرَ مَجْنُونٍ (صُدِّقَ) الْقَاتِلُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّبَا وَالْجُنُونِ سَوَاءٌ أَتَقَطَّعَ، أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ صِبَاهُ، وَلَمْ يُعْهَدْ جُنُونُهُ (، وَإِنْ قَالَ أَنَا الْآنَ صَبِيٌّ لَمْ يَحْلِفْ) أَنَّهُ صَبِيٌّ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ لِإِثْبَاتِ صِبَاهُ، وَلَوْ ثَبَتَ لَبَطَلَتْ يَمِينُهُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالٌ لِحَلِفِهِ (وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ بِجُنُونِهِ وَعَقْلِهِ) أَيْ قَامَتْ إحْدَاهُمَا بِجُنُونِ الْقَاتِلِ عِنْدَ قَتْلِهِ وَالْأُخْرَى بِعَقْلِهِ عِنْدَهُ (تَعَارَضَتَا، وَلَا قِصَاصَ عَلَى حَرْبِيٍّ) ، وَإِنْ عُصِمَ بَعْدَ قَتْلِهِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ عِنْدَ الْقَتْلِ (بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ) يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ لِالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ. (بَابُ مَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ) (مِنْ الْمُسَاوَاةِ) بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْقَتِيلِ وَمَا لَا يُشْتَرَطُ لَهُ مِنْهَا (فَلَا يُؤَثِّرُ مِنْ الْفَضَائِلِ فِي) مَنْعِ (الْقِصَاصِ) مُطْلَقًا (إلَّا ثَلَاثٌ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْوِلَادَةُ فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ وَمُعَاهَدٍ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» (وَإِنْ ارْتَدَّ) الْمُسْلِمُ الْقَاتِلُ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ عِنْدَ الْقَتْلِ (وَيُقْتَلَانِ) أَيْ الذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ (بِالْمُسْلِمِ) ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا قُتِلَا بِمِثْلِهِمَا فَبِمَنْ فَوْقَهُمَا أَوْلَى (لَا بِحَرْبِيٍّ) لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ الرُّكْنِ الثَّانِي (وَيُقْتَلُ أَحَدُهُمَا) أَيْ الذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ (بِالْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمِلَّةُ) كَيَهُودِيٍّ، وَنَصْرَانِيٍّ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ النَّسْخَ شَمِلَ الْجَمِيعَ (وَلَا يَسْقُطُ) الْقِصَاصُ (بِإِسْلَامِهِ) أَيْ الْقَاتِلِ لِتَسَاوِيهِمَا حَالَةَ الْجِنَايَةِ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُوبَاتِ بِحَالِهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا زَنَى، أَوْ قَذَفَ ثُمَّ عَتَقَ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْعَبِيدِ، وَكَمَا لَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ كَالدُّيُونِ اللَّازِمَةِ فِي الْكُفْرِ (وَلَوْ) كَانَ إسْلَامُهُ (بَيْنَ جِرَاحَةٍ وَسِرَايَةٍ) كَأَنْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا، أَوْ مُعَاهَدًا، وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ بِالسِّرَايَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ لِمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ بِالْإِقْرَارِ) ، وَسَوَاءٌ أَقَتَلَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ أَمْ بَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَ الزَّانِي الْمُحْصَنُ ذِمِّيًّا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ كَافِرٌ لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا، وَلَا وَجَبَ قَتْلُهُ بِقَطْعِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ بِقَتْلِ مَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ لِغَيْرِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: 33] فَخَصَّ وَلِيَّهُ بِقَتْلِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ وَلِيِّهِ مَمْنُوعٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ) أَيْ فِي الْقَتْلِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. [الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْقَاتِلُ وَشَرْطُهُ الْتِزَامُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ] (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ الْتِزَامُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ) فَلَا قِصَاصَ عَلَى حَرْبِيٍّ إذَا قُتِلَ فِي حَرَّابَتُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَمَا تَوَاتَرَ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ بَعْدَهُ مِنْ عَدَمِ الْقِصَاصِ مِمَّنْ أَسْلَمَ (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُ بِالْفَاءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُكَلَّفٌ) لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كا [فَرْعٌ قَالَ الْقَاتِلُ كُنْت عِنْدَ الْقَتْلِ صَبِيًّا وَقَالَ الْوَلِيُّ بَلْ كُنْت بَالِغًا] (قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ كُنْت عِنْدَ الْقَتْلِ صَبِيًّا، وَأَمْكَنَ أَوْ مَجْنُونًا وَعَهِدَ إلَخْ) لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ، وَقَالَ الْقَاتِلُ كُنْت مَجْنُونًا، وَقَالَ الْوَارِثُ بَلْ سَكْرَانًا صُدِّقَ الْقَاتِلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الْقَاتِلِ؛ وَلِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ حَقِيقَةً إنَّمَا يَكُونُ بِالْجُنُونِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَ مَجْنُونٍ) بِأَنْ قَالَ كُنْت عَاقِلًا أَوْ سَكْرَانًا. [بَابُ مَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ] (بَابُ مَا يُشْتَرَطُ مِنْ الْمُسَاوَاةِ) . (قَوْلُهُ: وَالْوِلَادَةُ) أَيْ وَالسَّيِّدِيَّةُ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَيُزَادُ خَصْلَتَانِ إحْدَاهُمَا الذِّمَّةُ مَعَ الرِّدَّةِ فَالذِّمِّيُّ لَا يُقْتَلُ بِالْمُرْتَدِّ، وَالثَّانِيَةُ السَّلَامَةُ مَعَ الْإِسْلَامِ مِنْ إبَاحَةِ الدَّمِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ وَمُعَاهَدٍ) ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَيَدُلُّ لَهُمْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ مُسْلِمًا بِمُعَاهَدٍ، وَقَالَ أَنَا أَكْرَمُ مَنْ، وَفَّى بِذِمَّتِهِ» الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ. اهـ. وَيُجَابُ عَنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ بِحَمْلِهِ عَلَى كَوْنِهِ أَسْلَمَ قَبْلَ قَتْلِهِ إيَّاهُ فَكَانَ مُكَافِئًا لَهُ حَالَ قَتْلِهِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ، وَقَائِعَ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبَ الْإِجْمَالِ، وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُقَادُ لِلْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْجِرَاحِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَالنَّفْسُ بِذَلِكَ أَوْلَى وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْمُسْتَأْمَنِ بِلَا خِلَافٍ مَعَ أَنَّهُ فِي تَحْرِيمِ الْقَتْلِ كَالذِّمِّيِّ فَإِذَا لَمْ يُقْتَلْ بِأَحَدِ الْكَافِرَيْنِ لَا يُقْتَلُ بِالْآخَرِ، وَأَمَّا حَمْلُهُمْ الْكَافِرَ فِي قَوْلِهِ لَا يُقْتَلُ مُؤَمَّنٌ بِكَافِرٍ عَلَى الْحَرْبِيِّ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ وَذُو الْعَهْدِ يُقْتَلُ بِالْمُعَاهَدِ، وَلَا يُقْتَلُ بِالْحَرْبِيِّ لِتَوَافُقِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فَفِيهِ جَوَابَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ قَوْلَهُ لَا يُقْتَلُ مُؤَمَّنٌ بِكَافِرٍ يَقْتَضِي عُمُومَ الْكُفَّارِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُعَاهَدِينَ وَالْحَرْبِيِّينَ فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِإِضْمَارٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 عَقِبَ إرْسَالِ الْمُسْلِمِ السَّهْمَ عَلَيْهِ، وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَاوِهِ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ (وَيُقْتَلُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ) كَانَ مِثْلَهُ (لِكَافِرٍ) لِمَا ذُكِرَ (وَيَسْتَوْفِي لَهُمَا) أَيْ لِلْوَارِثِ فِي الْأُولَى وَالسَّيِّدِ فِي الثَّانِيَةِ (الْإِمَامُ بِالْإِذْنِ) مِنْهُمَا، وَلَا يُفَوِّضُهُ إلَيْهِمَا (إنْ لَمْ يُسْلِمْ الْوَارِثُ وَالسَّيِّدُ) حَذَرًا مِنْ تَسْلِيطِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَإِنْ أَسْلَمَا فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا، وَلَوْ قَالَ وَيَسْتَوْفِي لِلْوَارِثِ وَالسَّيِّدِ الْإِمَامُ بِالْإِذْنِ إنْ لَمْ يُسْلِمَا كَانَ أَوْضَحَ (وَيَقْتَصُّ الْكَافِرُ بِعَبْدِهِ) الْكَافِرِ أَيْ بِسَبَبِ قَتْلِهِ (مِنْ) عَبْدٍ (كَافِرٍ، وَلَوْ) كَانَ (لِمُسْلِمٍ) لِتَسَاوِي الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ. (فَصْلٌ: يُقْتَلُ مُرْتَدٌّ بِذِمِّيٍّ) ، وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْكُفْرِ عِنْدَ الْقَتْلِ فَكَانَا كَالذِّمِّيَّيْنِ؛ وَلِأَنَّ الْمُرْتَدَّ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ مُهْدَرُ الدَّمِ، وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ، وَلَا يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ فَأَوْلَى أَنْ يُقْتَلَ بِالذِّمِّيِّ الثَّابِتِ لَهُ ذَلِكَ وَعُلِمَ مِنْهُ قَتْلُهُ بِالْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّهُ مُهْدَرٌ كَالْحَرْبِيِّ بِجَامِعِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكُفْرِ (وَيُقْتَلُ مُرْتَدٌّ وَزَانٍ مُحْصَنٌ بِمِثْلِهِمَا) لِتَسَاوِيهِمَا (وَ) يُقْتَلُ (مُرْتَدٌّ بِزَانٍ مُحْصَنٍ) كَمَا يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يُقْتَلُ زَانٍ مُحْصَنٌ بِمُرْتَدٍّ لِاخْتِصَاصِهِ بِفَضِيلَةِ الْإِسْلَامِ وَلِخَبَرِ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» (وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ) أَيْ الْمُرْتَدِّ (بِالْقِصَاصِ الْوَاجِبِ) عَلَيْهِ عَلَى قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ (فَإِنْ عَفَا عَنْهُ عَلَى مَالٍ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَقُتِلَ بِالرِّدَّةِ، وَلَا دِيَةَ لِمُرْتَدٍّ، وَلَوْ قَتَلَهُ مِثْلُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِدَمِهِ. (وَيُقْتَلُ رَقِيقٌ بِحُرٍّ) كَمَا يُقْتَلُ بِرَقِيقٍ بَلْ أَوْلَى (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِرَقِيقٍ، وَلَوْ لِغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: 178] وَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «لَا يُقَادُ حُرٌّ بِعَبْدٍ» ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَ جَدَعْنَاهُ» فَمُنْقَطِعٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ وَابْنُ الْمُنْذِرِ لَيْسَ بِثَابِتٍ، وَإِنْ صَحَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَعْتَقَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ فَيُفِيدَانِ تَقَدَّمَ الْمِلْكُ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ، وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِمُبَعَّضٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (، وَلَا) يُقْتَلُ (مُبَعَّضٌ بِالْمُبَعَّضِ، وَلَوْ تَسَاوَيَا) حُرِّيَّةً وَرِقًّا، أَوْ كَانَتْ حُرِّيَّةُ الْمَقْتُولِ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِجُزْءِ الْحُرِّيَّةِ جُزْءُ الْحُرِّيَّةِ وَبِجُزْءِ الرِّقِّ جُزْءُ الرِّقِّ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ شَائِعَةٌ فِيهِمَا بَلْ يُقْتَلُ جَمِيعُهُ بِجَمِيعِهِ أَيْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الْقِصَاصِ فَعَدَلَ عَنْهُ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ لِبَدَلِهِ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ الْمَالُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي رُبُعُ الدِّيَةِ وَرُبُعُ الْقِيمَةِ فِي مَالِهِ وَيَتَعَلَّقُ الرُّبْعَانِ الْبَاقِيَانِ بِرَقَبَتِهِ، وَلَا نَقُولُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وَنِصْفُ الْقِيمَةِ فِي رَقَبَتِهِ (وَيُقْتَلُ رَقِيقٌ بِرَقِيقٍ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَوَيَا كَقِنَّيْنِ وَمُكَاتَبَيْنِ أَمْ لَا كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قِنًّا وَالْآخَرُ مُدَبَّرًا أَمْ مُكَاتَبًا أَمْ أُمَّ وَلَدٍ لِلتَّسَاوِي فِي الْمِلْكِ، وَلَا نَظَرَ إلَى مَا انْعَقَدَ لِهَؤُلَاءِ مِنْ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ (لَا مُكَاتَبٌ بِعَبْدِهِ) أَيْ لَا يُقْتَلُ بِهِ كَمَا لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِعَبْدِهِ (وَلَوْ كَانَ) الْمَقْتُولُ (أَبَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ وَالسَّيِّدُ لَا يُقْتَلُ بِعَبْدِهِ (وَعِتْقُ الْقَاتِلِ كَإِسْلَامِهِ) فَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ، أَوْ جَرَحَهُ وَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ، وَلَوْ عَتَقَ الْمَجْرُوحُ بَعْدَ إرْسَالِ الْحُرِّ السَّهْمَ عَلَيْهِ، وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ فَلَا قِصَاصَ. (وَلَا قِصَاصَ فِيمَنْ) أَيْ فِي قَتْلِ مَنْ (جُهِلَ إسْلَامُهُ، أَوْ حُرِّيَّتُهُ وَالْقَاتِلُ حُرٌّ) فِي الثَّانِيَةِ وَمُسْلِمٌ فِي الْأُولَى لِلشُّبْهَةِ وَيُفَارِقُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِيمَا لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ لَقِيطًا فِي صِغَرِهِ بِأَنَّ مَحَلَّ مَا هُنَا فِي قَتْلِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَمَا هُنَاكَ فِي قَتْلِهِ بِدَارِنَا بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ وُجُوبَ الْقِصَاصِ   [حاشية الرملي الكبير] وَقَوْلُهُ: وَلَا ذُو عَهْدٍ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ أَيْ لَا يُقْتَلُ ذُو الْعَهْدِ لِأَجْلِ عَهْدِهِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالُوهُ لَخَلَا عَنْ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ قَتَلَ كَافِرًا حَرْبِيًّا فَإِنَّ قَتْلَهُ عِبَادَةٌ مَعْلُومَةٌ قَطْعًا فَكَيْفَ يُقْتَلُ بِهِ؛ وَلِأَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْعَامِّ عَلَى الصَّحِيحِ [فَصْلٌ قَتْلُ الْمُرْتَدّ بِالذِّمِّيِّ] (قَوْلُهُ: يُقْتَلُ مُرْتَدٌّ بِذِمِّيٍّ) يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَدِّ لِالْتِزَامِهِ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي مَنَعَةٍ فَلَوْ ارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَقُوَّةٌ، وَأَتْلَفُوا مَالًا أَوْ نَفْسًا فِي الْقِتَالِ ثُمَّ تَابُوا، وَأَسْلَمُوا فَفِي ضَمَانِهِمْ الْقَوْلَانِ فِي الْبُغَاةِ أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا ضَمَانَ وَخَالَفَهُمْ الْبَغَوِيّ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ قِتَالِ الْبُغَاةِ، وَكَلَامُهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الْمَنْعِ فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَاصَّةً، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ مُرْتَدٌّ وَزَانٍ مُحْصَنٌ بِمِثْلِهِمَا إلَخْ) عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ مَعْصُومٌ عَلَى الذِّمِّيِّ وَعَلَى الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَعَلَى الْمُرْتَدِّ وَغَيْرُ مَعْصُومٍ عَلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ فَإِذَا قَتَلَهُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ وَجَبَ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ، وَإِذَا قَتَلَهُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الزَّانِي الذِّمِّيُّ الْكِتَابِيُّ إذَا قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا، وَلَا وَجَبَ قَتْلُهُ بِقَطْعِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي التَّعْلِيلِ مَا يَدُلُّ لَهُ ثُمَّ أَطَالَ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ. (قَوْلُهُ: «وَمِنْ جَدَعَ جَدَعْنَاهُ» ) أَيْ مَنْ قَطَعَ (تَنْبِيهٌ) لَهُ عَبِيدٌ ثَلَاثَةٌ فَأَعْتَقَ أَحَدَهُمْ وَمَاتَ، وَقُتِلَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَيُقْرَعُ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَإِنْ خَرَجَ عَلَى أَحَدِ الْحَيَّيْنِ مِنْهُمْ الْعِتْقُ عَتَقَ كُلُّهُ، وَإِنْ خَرَجَ عَلَى الْمَقْتُولِ بَانَ أَنَّهُ قُتِلَ حُرًّا، وَكَانَتْ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَى قَاتِلِهِ قِصَاصٌ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي بَابِ الْعِتْقِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتَ الْقَتْلِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ قَبْلَ جُرْحِ فُلَانٍ إيَّاكَ بِيَوْمٍ فَإِذَا جَرَحَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقِصَاصَ يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ كَانَتْ مُتَعَيِّنَةً فِيهِ وَقْتَ الْجُرْحِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْعَكْسِ، وَأَنَّ الْقِصَاصَ يَجِبُ هُنَاكَ، وَلَا يَجِبُ هُنَا وَالْأَوَّلُ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعِتْقِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ (قَوْلُهُ: وَلَا مُبَعَّضٌ بِمُبَعَّضٍ، وَلَوْ تَسَاوَيَا) قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ سُئِلْت عَنْ مُبَعَّضٍ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ قَطَعَ يَدَ نَفْسِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا فَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ، وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ أَمْ لَا وَمَنْ ذَكَرَهَا؟ . فَأَجَبْت بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ أَنَّ يَدَ الْمُبَعَّضِ مَضْمُونَةٌ بِرُبُعِ الدِّيَةِ، وَهُوَ مَا يُقَابِلُ الْحُرِّيَّةَ وَرُبُعِ الْقِيمَةِ، وَهُوَ مَا يُقَابِلُ الرِّقَّ فَإِذَا كَانَ هُوَ الْجَانِيَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَدْ سَقَطَ رُبُعُ الدِّيَةِ الْمُقَابِلُ لِلْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ، وَأَمَّا رُبُعُ الْقِيمَةِ الْمُقَابِلُ لِلرِّقِّ فَكَأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ حُرٌّ وَعَبْدُ السَّيِّدِ فَسَقَطَ مَا يُقَابِلُ فِعْلَ عَبْدِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ شَيْءٌ وَبَقِيَ مَا يُقَابِلُ فِعْلَ الْحُرِّ، وَهُوَ ثُمُنُ الْقِيمَةِ، وَهُوَ وَاجِبٌ لِلسَّيِّدِ عَلَى هَذَا الْمُبَعَّضِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ تَحَصَّلَ بِمُهَايَأَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَخَذَ السَّيِّدُ مِنْهُ مَالَهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا شَيْءَ مَعَهُ بَقِيَ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْمَيْسَرَةِ قُلْته تَفَقُّهًا، وَلَمْ أُرَاجِعْ الْأُمَّهَاتِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 فِيهِ بِأَنَّ الدَّارَ دَارُ حُرِّيَّةٍ، وَإِسْلَامٍ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ يَدَّعِي الْكَفَاءَةَ وَإِلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةُ اللَّقِيطِ (وَيُقْتَلُ فَرْعٌ بِأَصْلِهِ) كَغَيْرِهِ بَلْ أَوْلَى (وَيُقْتَلُ الْمَحَارِمُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) لِذَلِكَ. (وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ) هَذَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا لَكِنَّهُ أَعَادَهُ لِيُشْرِكَهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ فِي الْحُكْمِ الْآتِي (وَ) لَا (أَصْلٌ بِفَرْعٍ) ، وَإِنْ نَزَلَ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ وَصَحَّحَاهُ «لَا يُقَادُ لِلِابْنِ مِنْ أَبِيهِ» وَلِرِعَايَةِ حُرْمَتِهِ؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي وُجُودِهِ فَلَا يَكُونُ هُوَ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ (حَكَمَ بِهِ) أَيْ بِالْقَتْلِ فِي الصُّورَتَيْنِ (حَاكِمٌ نُقِضَ) حُكْمُهُ (فِي) قَتْلِ (الْأَصْلِ) بِفَرْعِهِ (دُونَ الْعَبْدِ) الْأَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ دُونَ الْحُرِّ أَيْ دُونَ قَتْلِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ (إلَّا إنْ أَضْجَعَ) الْأَصْلُ (الْفَرْعَ وَذَبَحَهُ) وَحَكَمَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ حَاكِمٌ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ رِعَايَةً لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ (، وَلَا يُقْتَلُ عَبْدٌ وَابْنٌ مُسْلِمَانِ بِحُرٍّ، وَأَبٍ كَافِرَيْنِ، وَلَا عَكْسُهُمَا) أَيْ لَا يُقْتَلُ حُرٌّ، وَأَبٌ كَافِرَانِ بِعَبْدٍ وَابْنٍ مُسْلِمَيْنِ (وَلَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ) وَذَلِكَ لِاخْتِصَاصِ الْقَاتِلِ بِمَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِقَتْلِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ بِهِ يُنْقَضُ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ لَكِنَّهُ حُكِيَ عَنْهُ أَيْضًا احْتِمَالُ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ، وَقَالَ: إنَّهُ الْوَجْهُ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ (وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِعَبْدٍ لِوَلَدِهِ) كَمَا يُقْتَلُ بِوَالِدِهِ (لَا) بِعَبْدٍ (لِوَالِدِهِ) كَمَا لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ. (فَرْعٌ: لَا قِصَاصَ) عَلَى الْقَاتِلِ (فِيمَنْ) أَيْ فِي قَتْلِ مَنْ (يَرِثُهُ وَلَدُهُ) وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ (كَزَوْجَةِ وَلَدِهِ) ، أَوْ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَبِيهَا ثُمَّ مَاتَتْ، وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْوَالِدِ بِجِنَايَتِهِ عَلَى وَلَدِهِ فَلَأَنْ لَا يُقْتَصَّ مِنْهُ بِجِنَايَتِهِ عَلَى مَنْ يَرِثُهُ أَوْلَى (، وَلَا) قِصَاصَ (عَلَى وَارِثِ الْقِصَاصِ) ، أَوْ بَعْضِهِ (كَمَنْ قَتَلَ أَبَاهُ، وَلَهُ أَخٌ مَاتَ) وَوَرِثَهُ هُوَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْوَلَدَ يَرِثُ الْقِصَاصَ ثُمَّ يَسْقُطُ، وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرِثْهُ لَوَرِثَهُ غَيْرُهُ، وَلَمَا سَقَطَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ إرْثِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ قَارَنَ سَبَبَ الْمِلْكِ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ قَبْلَ صَدَقَةِ الْوَاشِي فَقَالَ إنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ أَصْلًا. انْتَهَى. (فَرْعٌ:) لَوْ (قَتَلَا وَلَدًا) مَجْهُولًا (يَتَنَازَعَانِهِ) أَيْ يَتَدَاعَيَانِهِ (فَلَا قِصَاصَ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ، وَقَدْ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ كَمَا لَوْ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ لَا يُسْتَعْمَلُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ (فَإِنْ أُلْحِقَ) الْوَلَدُ (بِثَالِثٍ اُقْتُصَّ مِنْهُمَا) لِانْتِفَاءِ نَسَبِهِ عَنْهُمَا (أَوْ) أُلْحِقَ (بِأَحَدِهِمَا اُقْتُصَّ مِنْ الْآخَرِ) لِانْتِفَاءِ نَسَبِهِ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ شَرِيكُ الْأَبِ (فَإِنْ رَجَعَا) عَنْ تَنَازُعِهِمَا (لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ابْنًا لِأَحَدِهِمَا وَفِي قَبُولِ الرُّجُوعِ إبْطَالُ حَقِّهِ مِنْ النَّسَبِ (أَوْ) رَجَعَ (أَحَدُهُمَا) دُونَ الْآخَرِ (فَهُوَ ابْنُ الْآخَرِ فَيُقْتَصُّ مِنْ غَيْرِهِ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ مِنْ الرَّاجِعِ (إنْ قَتَلَهُ) مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا قَتَلَاهُ فَإِنْ قَتَلَهُ أَحَدُهُمَا فَأُلْحِقَ بِالْآخَرِ، أَوْ بِغَيْرِهِمَا اُقْتُصَّ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ) لُحُوقُ الْوَلَدِ بِأَحَدِهِمَا (فِرَاشًا) أَيْ بِالْفِرَاشِ بَلْ بِالدَّعْوَى كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (أَمَّا إذَا كَانَ) بِالْفِرَاشِ كَأَنْ (وُطِئَتْ) امْرَأَةٌ بِنِكَاحٍ، أَوْ شُبْهَةٍ (فِي عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ) ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ (وَأَمْكَنَ) كَوْنُهُ (مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (فَلَا يُجْزِئُ) أَيْ يَكْفِي (رُجُوعُ أَحَدِهِمَا) فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ بِالْآخَرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّسَبَ ثَمَّ ثَبَتَ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ بِدَعْوَاهُمَا فَإِذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا لَحِقَ الْوَلَدُ بِالْآخَرِ، وَهُنَا ثَبَتَ بِالْفِرَاشِ فَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ فَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالْآخَرِ (وَإِنَّمَا يَلْحَقُ) بِهِ (بِالْقَائِفِ ثُمَّ بِانْتِسَابِهِ) إلَيْهِ (إذَا بَلَغَ) وَتَعْبِيرُهُ ثُمَّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأَوْ (فَإِنْ أَلْحَقَهُ) الْقَائِفُ (بِأَحَدِهِمَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ، أَوْ انْتَسَبَ بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَيْهِ (اُقْتُصَّ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَنْ أُلْحِقَ بِهِ (لَا مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبُوهُ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَلْحَقَهُ إلَى آخِرِهِ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَفِي مَسْأَلَةِ التَّدَاعِي) السَّابِقَةِ (لَوْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً) بِنَسَبِهِ (سُمِعَتْ، وَلَحِقَهُ) بِهَا (وَاقْتُصَّ مِنْ الْأَوَّلِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِلْحَاقُ لِعَدَمِ الْقَائِفِ، أَوْ تَحَيُّرِهِ، وَقُتِلَ الْوَلَدُ قَبْلَ الِانْتِسَابِ فَلَا قِصَاصَ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَيَبْقَى الْآخَرُ عَلَى اسْتِلْحَاقِهِ فَيُقْتَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ. (فَرْعٌ:) لَوْ (قَتَلَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ) الشَّقِيقَيْنِ (أَبَاهُمَا، وَالْآخَرُ أُمَّهُمَا مَعًا وَالْعِبْرَةُ) فِي الْمَعِيَّةِ وَالتَّعَاقُبِ (بِالزُّهُوقِ) لِلرُّوحِ لَا بِالْجُرْحِ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا فَلِلْمَعْفُوِّ عَنْهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْعَافِي فَإِنْ لَمْ يَعْفُ قُدِّمَ أَحَدُهُمَا لِلْقِصَاصِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْقَمُولِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَأَجَابَ فِي الْخَادِمِ أَيْضًا بِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ فِي اللَّقِيطِ أَقْرَبُ مِنْهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ مَا لَمْ يَثْبُتْ رِقُّهُ فَلِهَذَا وَجَبَ فِيهِ الْقِصَاصُ بِخِلَافِ غَيْرِ اللَّقِيطِ إذَا جُهِلَتْ حُرِّيَّتُهُ وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ، وَقَالَ أَنَا حُرٌّ لَمْ تَثْبُتْ حُرِّيَّتُهُ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا بِالْبَيِّنَةِ فَلِهَذَا لَمْ يَلْحَقْ بِالْحُرِّ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ مَا لَمْ تَنْهَضْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَخْصٍ لَا يُظَنُّ إسْلَامُهُ، وَلَا حُرِّيَّتُهُ وَاللَّقِيطُ ظُنَّ إسْلَامُهُ وَحُرِّيَّتُهُ لِلدَّارِ فَعَبَّرَ بِالْعِلْمِ هُنَا عَنْ الظَّنِّ. (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ لَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاتِلِ فِيمَنْ قَتْلِ مَنْ يَرِثُهُ وَلَدُهُ] (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَبِيهَا إلَخْ) أَوْ قَتَلَتْ أُمُّ وَلَدٍ سَيِّدَهَا، وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ وَتُعْتَقُ هِيَ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي ذِمَّتِهَا أَيْ؛ لِأَنَّهَا حَالَ وُجُوبِهَا حُرَّةٌ. (قَوْلُهُ: فَيَقْتَصُّ مِنْ غَيْرِهِ) إنْ قَتَلَهُ مُنْفَرِدًا أَوْ مُشَارِكًا لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ: لَوْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا) أَوْ انْتَسَبَ إلَيْهِ [فَرْعٌ قَتَلَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ الشَّقِيقَيْنِ أَبَاهُمَا وَالْآخَرُ أُمَّهُمَا مَعًا] (قَوْلُهُ: الشَّقِيقَيْنِ) أَيْ الْحَائِزَيْنِ (قَوْلُهُ: مَعًا) اسْتَعْمَلَ مَعًا لِلِاتِّحَادِ فِي الزَّمَانِ، وَسَبَقَ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِالزُّهُوقِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَكَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ الزُّهُوقِ مَا لَوْ صَارَ فِي حَيِّزِ الْمَوْتَى بِأَنْ أَبَانَ حَشْوَتَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَجْعَلُ صَاحِبَهُ فِي حَيِّزِ الْأَمْوَاتِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 (وَالتَّقْدِيمُ) لَهُ (بِالْقُرْعَةِ) عِنْدَ التَّنَازُعِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وَقْتِ الِاسْتِحْقَاقِ (فَلَوْ اقْتَصَّ أَحَدُهُمَا) مِنْ أَخِيهِ بِقُرْعَةٍ، أَوْ مُبَادِرًا بِدُونِهَا (لَمْ يَرِثْ أَخَاهُ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْقَاتِلَ بِحَقٍّ لَا يَرِثُ (فَيَقْتَصُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُقْتَصِّ (وَرَثَةُ أَخِيهِ) ، وَلَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا مَاتَا مَعًا لَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (وَإِنْ تَعَاقَبَا) فِي قَتْلِ أَبَوَيْهِمَا (وَالزَّوْجِيَّةُ بَاقِيَةٌ فَالْقِصَاصُ عَلَى) الْقَاتِلِ (الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَبَقَ قَتْلُ الْأَبِ لَمْ يَرِثْ مِنْهُ قَاتِلُهُ وَيَرِثُهُ أَخُوهُ وَالْأُمُّ فَإِذَا قَتَلَ الْآخَرُ الْأُمَّ وَرِثَهَا الْأَوَّلُ فَتَنْتَقِلُ إلَيْهِ حِصَّتُهَا مِنْ الْقِصَاصِ وَيَسْقُطُ بَاقِيهِ وَيُسْتَحَقُّ الْقِصَاصُ عَلَى أَخِيهِ، وَلَوْ سَبَقَ قَتْلُ الْأُمِّ سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْ قَاتِلِهَا وَاسْتَحَقَّ قَتْلَ أَخِيهِ فَثَبَتَ أَنَّ الْقِصَاصَ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. (لَكِنْ يُطَالِبُهُ) أَيْ الْأَوَّلَ (وَرَثَةُ الثَّانِي بِنَصِيبِ أَبِيهِمْ) إنْ كَانَ مُوَرِّثُهُمْ أَبًا وَالْأَوْلَى حَذْفُ أَبِيهِمْ وَالتَّعْبِيرُ بِنَصِيبِ مُوَرِّثِهِمْ كَمَا فِي نُسْخَةٍ، أَوْ بِنَصِيبِهِ (مِنْ الدِّيَةِ) لِلْقَتِيلِ الْأَوَّلِ (وَإِنْ لَمْ يَبْقَ) بَيْنَهُمَا (زَوْجِيَّةٌ فَلِكُلٍّ) مِنْ الْأَخَوَيْنِ (الْقِصَاصُ) عَلَى الْآخَرِ (وَيَبْدَأُ بِقَتْلِ الْقَاتِلِ) مِنْهُمَا (أَوَّلًا) لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ مَعَ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِالْعَيْنِ (فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ) أَيْ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ فِي قَتْلِ أَخِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْتَلُ بَعْدَ قَتْلِهِ وَبِقَتْلِهِ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ قَالَ الرُّويَانِيُّ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا عَنْ الْأَصْحَابِ وَعِنْدِي أَنَّ تَوْكِيلَهُ صَحِيحٌ وَلِهَذَا لَوْ بَادَرَ وَكِيلُهُ فَقَتَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لَكِنْ إذَا قَتَلَ مُوَكِّلُهُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ (وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ) ، وَقَعَ مِنْهُمَا (مَعًا اُقْتُصَّ بِالْقُرْعَةِ) كَمَا مَرَّ (فَيَجُوزُ) قَبْلَ الِاقْتِصَاصِ بِهَا (التَّوْكِيلُ) فِيهِ (لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يُقْتَصُّ لَهُ فِي حَيَاتِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَنْ لَمْ تَخْرُجْ قُرْعَتُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ وَكَالَتَهُ تَبْطُلُ بِقَتْلِهِ، وَفِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ. (فَلَوْ وَكَّلَا مَنْ يَقْتَصُّ لَهُمَا) بِأَنْ وَكَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَكِيلًا (قَبْلَ الْقُرْعَةِ) لِيَقْتَصَّ لَهُ (صَحَّ ثُمَّ يُقْرَعُ) بَيْنَ الْوَكِيلَيْنِ (وَحِينَ يَقْتَصُّ مِنْ أَحَدِهِمَا يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: فَلَوْ اقْتَصَّ الْوَكِيلَانِ مَعًا هَلْ يَقَعُ الْمَوْقِعَ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَتْلَهُمَا وَقَعَ، وَهُمَا مَعْزُولَانِ مِنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ دَوَامِ اسْتِحْقَاقِ الْمُوَكِّلِ قَتْلُ مَنْ وُكِّلَ فِي قَتْلِهِ أَنْ يَبْقَى عِنْدَ قَتْلِهِ حَيًّا، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي ذَلِكَ (وَيُكْرَهُ لِلْوَكِيلِ قَتْلُ وَالِدِهِ) حَدًّا، أَوْ قِصَاصًا رِعَايَةً لِحُرْمَتِهِ (وَلَوْ شَهِدَ أَحَدٌ عَلَى أَبِيهِ بِمُوجِبِ قَتْلٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (قُتِلَ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بَلْ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الْحُجَّةِ، وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ بِشَهَادَتِهِ كَمَا لَا يُقْتَلُ بِقَتْلِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِاسْتِعْجَالِ مِيرَاثِهِ وَيَجُوزُ قِرَاءَةُ قَتْلِ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَبِالْوَحْدَةِ وَالثَّانِي أَنْسَبُ بِعِبَارَةِ الْأَصْلِ. (فَرْعٌ:) إخْوَةٌ (أَرْبَعَةٌ قَتَلَ الثَّانِي أَكْبَرَهُمْ وَالثَّالِثُ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ ثُمَّ الثَّالِثُ (أَصْغَرَهُمْ، وَلَمْ يَخْلُفَا) أَيْ الْقَتِيلَانِ (غَيْرَ الْقَاتِلَيْنِ فَلِلثَّانِي أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الثَّالِثِ وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْهُ لِمَا وَرِثَهُ مِنْ قِصَاصِ نَفْسِهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ الْأَكْبَرَ كَانَ الْقِصَاصُ لِلثَّالِثِ وَالْأَصْغَرِ فَإِذَا قَتَلَ الثَّالِثُ الصَّغِيرَ وَرِثَ الثَّانِي مَا كَانَ الْأَصْغَرُ يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ (وَمَنْ اسْتَحَقَّ قَتْلَ مَنْ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: وَالتَّقْدِيمُ بِالْقُرْعَةِ عِنْدَ التَّنَازُعِ) فَلَوْ طَلَبَ الْقِصَاصَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أُجِيبَ الطَّالِبُ، وَيُسْتَغْنَى عَنْ الْقُرْعَةِ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ مَقْتُولِهِ عُضْوًا وَمَاتَا بِالسِّرَايَةِ مَعًا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا طَلَبُ قَطْعِ عُضْوِ الْآخَرِ حَالَةَ قَطْعِ عُضْوِهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ إذَا مَاتَ الْآخَرَانِ بِالسِّرَايَةِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَقَعَ قِصَاصًا، وَفِيمَا إذَا قَتَلَاهُمَا مَعًا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ حَدٌّ، وَإِنْ غَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ لَكِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّلَبِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجِيَّةُ بَاقِيَةٌ) أَيْ، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْإِرْثِ بِهَا (قَوْلُهُ: فَالْقِصَاصُ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ وَمِنْهُ الدَّوْرُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِأُمِّهِمَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ وُجِدَ الْقَتْلُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْوَلَدَيْنِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ مَعَ وُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ، وَعَلَى هَذَا فَفِي صُورَةِ الدَّوْرِ لَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ أَوَّلًا لَمْ يَمْتَنِعْ الزَّوْجُ مِنْ إرْثِهَا فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَقْتُولَ أَوَّلًا فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمَقْتُولَةَ أَوَّلًا فَالْقِصَاصُ عَلَى الثَّانِي قَالَ فَلْتَنْتَبِهْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ النَّفَائِسِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ) أَيْ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ فِي قَتْلِ أَخِيهِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَا يُمْكِنُهُ مُبَاشَرَةُ مَا وُكِّلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ بَادَرَ وَكِيلُهُ فَقَتَلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ اللُّزُومِ بِقَتْلِهِ لِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ فَاسِدَةً. (تَنْبِيهٌ) لَوْ جُهِلَ قَاتِلُ الْأَبِ وَالْأُمِّ مِنْهُمَا وَالزَّوْجِيَّةُ بَاقِيَةٌ وَاسْمُ أَحَدِ الِابْنَيْنِ زَيْدٌ وَالْآخَرِ عَمْرٌو فَإِنْ قُتِلَتْ الْأُمُّ أَوَّلًا، وَفُرِضَ قَاتِلُهَا زَيْدٌ فَلِلْأَبِ رُبُعُ قَوَدِهَا وَمَالِهَا وَلِعَمْرٍو بَاقِيهِمَا، وَإِذَا قَتَلَ عَمْرٌو الْأَبَ وَرِثَ زَيْدٌ مَالَ الْأَبِ وَمِنْهُ رُبُعُ قَوَدِ الْأُمِّ فَسَقَطَ عَنْهُ، وَلَهُ عَلَى عَمْرٍو قَوَدُ الْأَبِ أَوْ دِيَتُهُ، وَإِنْ فُرِضَ قَاتَلَهَا عَمْرًا فَلِعَمْرٍو مَا كَانَ لِزَيْدٍ لَوْ قَتَلَهَا وَلِزَيْدٍ مَا كَانَ لِعَمْرٍو، وَإِذَا احْتَمَلَ هَذَا أَخَذَ كُلٌّ مِنْ الِابْنَيْنِ رُبُعَ مَا لِلْأُمِّ لِتَبَيُّنِ اسْتِحْقَاقِهِ لَهُ وَوُقِفَ بَاقِي مَالِهَا فَإِذَا عَرَفَ قَاتِلَ الْأَبِ أَخَذَهُ، وَيُوقَفُ مَالُ الْأَبِ فَإِذَا عَرَفَ قَاتِلَ الْأُمِّ أَخَذَهُ وَلِقَاتِلِ الْأَبِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِيَةِ الْأُمِّ عَلَى قَاتِلِهَا، وَلَهُ عَلَى أَخِيهِ قَوَدُ الْأَبِ أَوْ دِيَتُهُ فَإِنْ تَقَاصَّا بَقِيَ لِقَاتِلِهَا خَمْسَةُ أَثْمَانِ دِيَةِ الْأَبِ، وَلَوْ كَانَتْ بِحَالِهَا لَكِنَّ الْأَبَ قُتِلَ أَوَّلًا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا ثُمُنُ مَا لِلْأَبِ وَوُقِفَ بَاقِيهِ وَجَمِيعُ مَالِ الْأُمِّ فَإِذَا عَرَفَ قَاتِلَ الْأَبِ أَخَذَهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُمَا أَخٌ ثَالِثٌ شَقِيقٌ اسْمُهُ سَالِم فَلِكُلٍّ مِنْ الْقَاتِلَيْنِ نِصْفُ ثَمَنِ مَالِ الْأَبِ وَلِسَالِمٍ نِصْفُ مَالِهِ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي لِقَاتِلِ الْأُمِّ وَلِسَالِمٍ نِصْفُ مَالِهَا، وَيُوقَفُ الْبَاقِي لِقَاتِلِ الْأَبِ وَلِسَالِمٍ عَلَى قَاتِلِ الْأَبِ نِصْفُ دِيَتِهِ، وَيَجُوزُ دَفْعُهُ إلَيْهِ مِنْ نِصْفِ مَالِهَا لِمَوْقُوفٍ لَهُ، وَلِسَالِمٍ أَيْضًا عَلَى قَاتِلِ الْأُمِّ الْقَوَدُ فَإِنْ عَفَا عَنْهُ فَلَهُ عَلَيْهِ نِصْفُ دِيَتِهَا، وَيَجُوزُ دَفْعُهُ إلَيْهِ مِمَّا وَقَفَ لَهُ مِنْ مَالِ الْأَبِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ اقْتَصَّ الْوَكِيلَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْوَكِيلِ قَتْلُ وَالِدِهِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ كُلِّ قَرِيبٍ بِهِ، وَالْمَحْرَمُ أَشَدُّ، وَلَمْ أَرَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 يَسْتَحِقُّ قَتْلَهُ) كَأَنْ قَتَلَ زَيْدٌ ابْنًا لِعَمْرٍو وَعَمْرٌو ابْنًا لِزَيْدٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ بِالْإِرْثِ (لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ) بَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ التَّقَاصَّ لَا يَجْرِي فِي الْقِصَاصِ [فَصْلٌ فِيمَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ عَدَمُ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْقَتِيلِ] (فَصْلٌ) فِيمَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ عَدَمُ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْقَتِيلِ (يُقْتَلُ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَخُنْثَى كَعَكْسِهِ) أَيْ عَكْسِ كُلٍّ مِنْهُمَا (وَعَالِمٌ بِجَاهِلٍ كَعَكْسِهِ) وَشَرِيفٌ بِخَسِيسٍ وَشَيْخٌ بِشَابٍّ كَعَكْسِهِمَا؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ فِي كِتَابِهِ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ أَنَّ الذَّكَرَ يُقْتَلُ بِالْأُنْثَى» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَقِيسَ بِمَا فِيهِ الْبَقِيَّةُ (وَلَا قِصَاصَ عَلَى ذِمِّيٍّ بِقَتْلِ حَرْبِيٍّ) بَالِغٍ عَاقِلٍ (أُسِرَ قَبْلَ أَنْ يَرَى فِيهِ الْإِمَامُ رَأْيَهُ) مِنْ إرْقَاقٍ، أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُكْمِهِ السَّابِقِ (وَإِنْ قَطَعَ رَجُلٌ ذَكَرَ مُشْكِلٍ وَأُنْثَيَيْهِ وَشَفْرَيْهِ فَلَا قِصَاصَ فِي الْحَالِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ ثُمَّ إنْ صَبَرَ إلَى التَّبَيُّنِ (فَإِنْ بَانَ رَجُلًا اقْتَصَّ مِنْهُ) لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ (وَ) أَخَذَ مِنْهُ (لِلشَّفْرَيْنِ حُكُومَةً، أَوْ) بَانَ (أُنْثَى فَدِيَةٌ) تُؤْخَذُ مِنْهُ لِلشَّفْرَيْنِ (وَحُكُومَةٌ لِلْمَذَاكِيرِ) أَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ جَمَعَهَا عَلَى ذَلِكَ تَغْلِيبًا (وَإِنْ) لَمْ يَصْبِرْ فَإِنْ (عَفَا) عَنْ الْقِصَاصِ الْمُحْتَمَلِ (عَلَى مَالٍ قَبْلَ التَّبَيُّنِ) وَطَلَبَ حَقَّهُ (أَعْطَى دِيَةَ الشُّفْرَيْنِ وَحُكُومَةَ الْمَذَاكِيرِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ فَإِنْ بَانَ أُنْثَى فَمَعَهُ حَقُّهُ، أَوْ (رَجُلًا كَمَّلَ لَهُ) عَلَى مَا أُعْطِيهِ (دِيَتَا الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ وَحُكُومَةُ الشُّفْرَيْنِ، وَلَوْ طَلَبَ) حَقَّهُ (وَلَمْ يَعْفُ) عَنْ الْقِصَاصِ (أُعْطِيَ الْأَقَلَّ مِنْ حُكُومَةِ الشُّفْرَيْنِ مَعَ تَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ) وَمِنْ (حُكُومَةِ الْمَذَاكِيرِ وَدِيَةِ الشُّفْرَيْنِ بِتَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ إذْ يُحْتَمَلُ ظُهُورُهُ ذَكَرًا فَيَقْتَصُّ فِي الْمَذَاكِيرِ فَلَا يَسْتَحِقُّ إلَّا حُكُومَةَ الشُّفْرَيْنِ وَيُحْتَمَلُ ظُهُورُهُ أُنْثَى فَيَسْتَحِقُّ دِيَةَ الشُّفْرَيْنِ وَحُكُومَةَ الْمَذَاكِيرِ فَالْمُتَيَقَّنُ هُوَ الْأَقَلُّ مِنْ وَاجِبَيْ الِاحْتِمَالَيْنِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَزِيدَ حُكُومَةُ الشُّفْرَيْنِ عَلَى دِيَتِهِمَا مَعَ حُكُومَةِ الْمَذَاكِيرِ (وَإِنْ قَطَعَ الْجَمِيعَ) مِنْ الْمُشْكِلِ (امْرَأَةٌ) وَصَبَرَ إلَى التَّبَيُّنِ فَإِنْ (بَانَ أُنْثَى اقْتَصَّ فِي الشُّفْرَيْنِ) ، وَلَهَا حُكُومَةُ الْمَذَاكِيرِ، أَوْ ذَكَرًا فَلَهُ دِيَتَا الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ وَحُكُومَةُ الشُّفْرَيْنِ (وَلَا يَخْفَى التَّفْصِيلُ لِلْحُكْمِ وَقْتَ الْإِشْكَالِ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَصْبِرْ وَطَلَبَ حَقَّهُ فَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ أُعْطِيَ دِيَةَ الشُّفْرَيْنِ وَحُكُومَةَ الْمَذَاكِيرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ، وَإِنْ لَمْ يَعْفُ أُعْطِيَ حُكُومَةَ الْمَذَاكِيرِ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِهِ أُنْثَى فَيَقْتَصُّ فِي الشُّفْرَيْنِ فَلَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الْحُكُومَةَ الْمَذْكُورَةَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ دِيَتَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ وَحُكُومَةِ الشُّفْرَيْنِ، وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا كَمُلَ لَهُ الدِّيَتَانِ وَحُكُومَةُ الشُّفْرَيْنِ (وَإِنْ قَطَعَ رَجُلٌ) ، أَوْ مُشْكِلٌ (مَذَاكِيرَهُ) أَيْ الْمُشْكِلِ (وَ) قَطَعَتْ أُنْثَى، أَوْ مُشْكِلٌ شَفْرَيْهِ (فَلَا طَلَبَ) لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَالٍ (إنْ لَمْ يَعْفُ) عَنْ الْقِصَاصِ الْمُحْتَمَلِ لِتَوَقُّعِ الْقِصَاصِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا (وَإِنْ عَكَسَا) بِأَنْ قَطَعَ رَجُلٌ شَفْرَيْهِ وَأُنْثَى مَذَاكِيرَهُ (طُولِبَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بِحُكُومَةٍ) لِمَا قَطَعَهُ، وَإِنْ زَادَتْ فِيمَا لَوْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ حُكُومَةَ الشُّفْرَيْنِ عَلَى دِيَتِهِمَا مِنْ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَا بِشَفْرَيْنِ بَلْ عَلَى صُورَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لِلْمَرْأَةِ، وَهَذَا لَيْسَ بِامْرَأَةٍ، وَلَا مَجَالَ فِي ذَلِكَ لِلْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَا يُؤْخَذُ بِالْأَصْلِيِّ، وَلَا عَكْسِهِ (وَإِنْ قَطَعَ) الْجَمِيعَ (مُشْكِلٌ مِنْ مُشْكِلٍ) فَلَا قِصَاصَ فِي الْحَالِ ثُمَّ إنْ صَبَرَ إلَى التَّبَيُّنِ (وَبَانَا رَجُلَيْنِ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ قُطِعَ الْأَصْلِيُّ بِالْأَصْلِيِّ، وَكَذَا الزَّائِدُ بِالزَّائِدِ إنْ تَسَاوَيَا) مَحَلًّا (وَإِلَّا فَالْحُكُومَةُ) تَجِبُ فِيهِ (وَإِنْ بَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَكَمَا سَبَقَ) فِي قَطْعِ الرَّجُلِ، أَوْ الْمَرْأَةِ الْجَمِيعَ (وَإِنْ) لَمْ يَصْبِرْ فَإِنْ (عَفَا قَبْلَ التَّبَيُّنِ أُعْطِيَ كَمَا سَبَقَ) أَيْ دِيَةَ الشُّفْرَيْنِ وَحُكُومَةَ الْمَذَاكِيرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ (وَلَوْ لَمْ يَعْفُ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا) فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ مُتَوَقَّعٌ فِي الْجَمِيعِ (وَيَرْجِعُ) فِيمَا إذَا جَنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ بِقَطْعِ مَا ذُكِرَ (إلَى قَوْلِهِ: إنَّهُ رَجُلٌ) أَيْ إلَى قَوْلِهِ (قَبْلَ الْجِنَايَةِ) أَنَا رَجُلٌ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ، أَوْ دِيَتُهُمَا (لَا) إلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ (بَعْدَهَا لِلتُّهْمَةِ وَشَبَّهُوهُ بِمَنْ قَالَ إنْ كُنْت غَصَبْت فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَإِنْ ثَبَتَ غَصْبُهُ قَبْلَ الْيَمِينِ لَا بَعْدَهَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ طَلُقَتْ) ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ غَصْبُهُ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ الطَّلَاقُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَهُوَ لَا يَقَعُ بِهِمْ وَشَبَّهُوهُ أَيْضًا بِمَا إذَا شَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ أَكَلَ لَا يُعَزَّرُ، وَلَوْ أَكَلَ ثُمَّ شَهِدَ عُزِّرَ لِلتُّهْمَةِ قَالَهُ فِي الْأَصْلِ (وَيُصَدَّقُ) الرَّجُلُ (الْجَانِي بِيَمِينِهِ) فِي (أَنَّهُ) أَيْ الْمَقْطُوعَ (أَقَرَّ بِالْأُنُوثَةِ) كَأَنْ   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 قَالَ لَهُ أَقْرَرْت بِالْأُنُوثَةِ فَلَا قِصَاصَ لَك فَأَنْكَرَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقِصَاصِ وَالْمَقْطُوعُ مُتَّهَمٌ. [فَرْعٌ قَطَعَ الْمُشْكِلُ ذَكَرَ رَجُلٍ وَأُنْثَيَيْهِ] (فَرْعٌ:) لَوْ (قَطَعَ الْمُشْكِلُ ذَكَرَ رَجُلٍ وَأُنْثَيَيْهِ وَبَانَ رَجُلًا اقْتَصَّ مِنْهُ، أَوْ أُنْثَى فَدِيَتَانِ، وَلَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ (وَقَبْلَ الْيَمِينِ) لِحَالِ الْمُشْكِلِ (لَا يُعْطَى) مَالًا (إلَّا إنْ عَفَا عَلَى مَالٍ) فَيُعْطَاهُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ قَبْلَ الْعَفْوِ مُتَوَقَّعٌ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ (وَإِنْ قَطَعَ) شَخْصٌ (يَدَ مُشْكِلٍ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ فِي الْحَالِ) وَيَجِبُ (فِي الْخَطَأِ) وَشِبْهِ الْعَمْدِ (نِصْفُ دِيَةِ امْرَأَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَوْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الْمَالِ لَمْ يُؤْخَذْ إلَّا الْيَقِينُ، وَهُوَ نِصْفُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا دِيَةُ امْرَأَةٍ. انْتَهَى. وَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ مَحِلُّ إذَا لَمْ يَقُلْ قَبْلَ الْقَطْعِ أَنَا رَجُلٌ وَيَدُلُّ لَهُ تَعْبِيرُهُمْ بِالْمُشْكِلِ. [فَصْلٌ قَتَلَ الْجَمَاعَةُ لِلْوَاحِدِ] (فَصْلٌ) لَوْ (قَتَلَ الْجَمَاعَةُ وَاحِدًا قُتِلُوا بِهِ، وَإِنْ تَفَاضَلَتْ الْجِرَاحَاتُ فِي الْعَدَدِ وَالْفُحْشِ وَالْأَرْشِ) سَوَاءٌ أَقَتَلُوهُ بِمُحَدَّدٍ أَمْ بِمُثْقَلٍ كَأَنْ أَلْقَوْهُ مِنْ شَاهِقٍ، أَوْ فِي بَحْرٍ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ تَجِبُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ فَتَجِبُ لَهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ؛ وَلِأَنَّهُ شُرِعَ لِحَقْنِ الدِّمَاءِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ لَاُتُّخِذَ ذَرِيعَةً إلَى سَفْكِهَا وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ نَفَرًا خَمْسَةً، أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ غِيلَةً، وَقَالَ لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا (وَإِنَّمَا يُعْتَدُّ) فِي ذَلِكَ (بِجِرَاحَةِ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (إذَا كَانَتْ مُؤَثِّرَةً فِي الزُّهُوقِ) لِلرُّوحِ (لَا خَدْشَةً خَفِيفَةً) فَلَا عِبْرَةَ بِهَا، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سِوَى الْجِنَايَاتِ الْبَاقِيَاتِ (فَيَسْتَحِقُّ) وَلِيُّ قَتِيلِ الْجَمَاعَةِ (دَمُ كُلٍّ مِنْهُمْ) فَلَهُ قَتْلُ جَمِيعِهِمْ (وَ) لِلْوَلِيِّ (قَتْلُ بَعْضِهِمْ، وَأَخْذُ بَاقِي الدِّيَةِ مِنْ الْبَاقِينَ) ، وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ (مُوَزَّعَةً بِعَدَدِهِمْ لَا بِالْجِرَاحَاتِ) أَيْ بِعَدَدِهَا؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَهَا لَا يَنْضَبِطُ، وَقَدْ تَزِيدُ نِكَايَةُ الْجِرَاحَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى نِكَايَةِ جِرَاحَاتٍ كَثِيرَةٍ وَخَرَجَ بِالْجِرَاحَاتِ الضَّرَبَاتُ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا كَمَا سَيَأْتِي (وَمَنْ انْدَمَلَتْ جِرَاحَتُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ لَزِمَهُ أَرْشُهَا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ لَزِمَهُ مُقْتَضَاهَا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ قِصَاصِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْجِرَاحَةُ السَّارِيَةُ (وَإِنْ) جَرَحَهُ اثْنَانِ مُتَعَاقِبَانِ وَادَّعَى الْأَوَّلُ انْدِمَالَ جُرْحِهِ، وَ (أَنْكَرَهُ الْوَلِيُّ، وَنَكَلَ فَحَلَفَ مُدَّعِي الِانْدِمَالِ سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ) فِي النَّفْسِ (فَإِنْ عَفَا) الْوَلِيُّ (عَنْ الْآخَرِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ) إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِالِانْدِمَالِ) فَيَلْزَمُهُ كَمَالُ الدِّيَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَتَلَ وَاحِدٌ) مِنْ الْأَحْرَارِ فِي غَيْرِ الْمُحَارَبَةِ (جَمَاعَةً، أَوْ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ اُقْتُصَّ) مِنْهُ (لِوَاحِدٍ) مِنْهُمْ (وَ) عَلَيْهِ (لِلْبَاقِينَ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ (الدِّيَةُ وَسَيَأْتِي) ذَلِكَ مَعَ الْكَلَامِ فِيمَنْ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُمْ فِي بَابِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ عَبْدًا، أَوْ حُرًّا لَكِنَّهُ قُتِلَ فِي الْمُحَارَبَةِ فَسَيَأْتِي. [فَصْلٌ مَاتَ الْجَرِيحُ مِنْ جِرَاحَتَيْ عَمْدٍ وَخَطَأٍ] (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (وَإِنْ مَاتَ) الْجَرِيحُ (مِنْ جِرَاحَتَيْ عَمْدٍ وَخَطَأٍ، أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجَارِحِ؛ لِأَنَّ الزُّهُوقَ لَمْ يَحْصُلْ بِعَمْدٍ مَحْضٍ (بَلْ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ) يَعْنِي عَاقِلَةَ غَيْرِ الْمُتَعَمِّدِ (نِصْفُ الدِّيَةِ) مُخَفَّفَةً، أَوْ مُثَلَّثَةً (وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ النِّصْفُ مُغَلَّظَةً سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجَارِحُ، أَوْ تَعَدَّدَ إلَّا إنْ قَطَعَ الْمُتَعَمِّدُ طَرَفَهُ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ) فَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ فَعَلَيْهِ قِصَاصُهَا، أَوْ الْأُصْبُعَ فَكَذَلِكَ مَعَ أَرْبَعَةِ أَعْشَارِ الدِّيَةِ (وَإِنْ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي أَحَدِهِمَا لِمَعْنًى فِيهِ اقْتَصَّ مِنْ شَرِيكِهِ إذَا تَعَمَّدَا جَمِيعًا) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ بِقَتْلِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ فَإِذَا شَارَكَ مَنْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لَا لِمَعْنًى فِي فِعْلِهِ لَزِمَهُ أَيْضًا كَمَا لَوْ تَعَمَّدَا فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ أَحَدِهِمَا (فَيُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكٍ لِأَبٍ فِي) قَتْلِ (الْوَلَدِ) وَعَلَى الْأَبِ نِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً، وَفَارَقَ شَرِيكُ الْأَبِ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ بِأَنَّ الْخَطَأَ شُبْهَةٌ فِي فِعْلِ الْمُخْطِئِ وَالْفِعْلَانِ مُضَافَانِ إلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً فِي الْقِصَاصِ كَمَا لَوْ صَدَرَا مِنْ وَاحِدٍ وَالْأُبُوَّةُ صِفَةٌ فِي ذَاتِ الْأَبِ وَذَاتُهُ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ ذَاتِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا تُورِثُ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ (وَ) يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ (الْحُرِّ فِي) قَتْلِ (الْعَبْدِ، وَ) مِنْ شَرِيكِ (الْمُسْلِمِ فِي) قَتْلِ (الذِّمِّيِّ، وَكَذَا مِنْ شَرِيكِ سَيِّدٍ) فِي قَتْلِ عَبْدِهِ إنْ كَانَ شَرِيكُهُ عَبْدًا، أَوْ حُرًّا وَجَرَحَهُ بَعْدَ أَنْ جَرَحَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ (وَ) مِنْ شَرِيكِ (حَرْبِيٍّ) فِي مِثْلِ مَنْ يُكَافِئُهُ (وَ) مِنْ شَرِيكِ (جَارِحٍ) جُرِحَ (بِحَقٍّ كَقَطْعِ سَرِقَةٍ) ، أَوْ قِصَاصٍ (وَ) مِنْ (شَرِيكِ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) وَمَجْنُونٍ (لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ) فِي قَتْلِ مَنْ يُكَافِئُهُ؛ لِأَنَّ عَمْدَهَا عَمْدٌ بِخِلَافِ شَرِيكِ مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ (وَمِنْ شَرِيكِ السَّبُعِ، أَوْ الْحَيَّةِ الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا) فِي قَتْلِ مَنْ يُكَافِئُهُ بِخِلَافِ شَرِيكِ الْقَاتِلَيْنِ لَا غَالِبًا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ كَشَرِيكِ الْجَارِحِ شِبْهُ عَمْدٍ، وَوَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ تَصْحِيحُ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ إخْوَةٌ أَرْبَعَةٌ قَتَلَ الثَّانِي أَكْبَرَهُمْ وَالثَّالِثُ أَصْغَرَهُمْ] قَوْلُهُ: وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ نَفَرًا خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ إلَخْ) ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَصَارَ إجْمَاعًا، وَقَتَلَ عَلِيٌّ ثَلَاثَةً بِوَاحِدٍ، وَقَتَلَ الْمُغِيرَةُ سَبْعَةً بِوَاحِدٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا قُتِلُوا بِهِ، وَلَوْ كَانُوا مِائَةً، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ فَكَانَ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: قَتَلُوهُ غِيلَةً) أَيْ حِيلَةً (قَوْلُهُ: لَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً إلَخْ) لَوْ كَانَ وَلِيُّ الْأَوَّلِ غَائِبًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا حُبِسَ الْقَاتِلُ حَتَّى يَحْضُرَ أَوْ يَكْمُلَ، وَلَوْ قَتَلَهُمْ مَعًا أُقْرِعَ فَمَنْ قُرِعَ اقْتَصَّ فَإِنْ عَفَا أُعِيدَتْ وَهَكَذَا، وَهَذَا الْإِقْرَاعُ وَاجِبٌ، وَلَوْ رَضُوا بِالتَّقْدِيمِ بِلَا قُرْعَةٍ جَازَ فَإِنْ رَجَعُوا اقْتَرَعُوا، وَلَوْ لَمْ يَدْرِ أَقَتَلَهُمْ مُرَتَّبًا أَوْ دَفْعَةً أَقْرَعْنَا فَإِنْ أَقَرَّ بِسَبْقِ قَتْلِ بَعْضِهِمْ اقْتَصَّ مِنْهُ وَلِيُّهُ وَلِوَلِيِّ غَيْرِهِ تَحْلِيفُهُ إنْ كَذَّبَهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مُطْلَقًا كَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْأَوَّلُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ (وَ) مِنْ (شَرِيكِ قَاتِلِ نَفْسِهِ) فِي قَتْلِ مَنْ يُكَافِئُهُ وَفِي نُسْخَةٍ جَارِحِ نَفْسِهِ (وَلَوْ رَمَيَا) أَيْ اثْنَانِ (مُسْلِمًا) بِسَهْمٍ، أَوْ سَهْمَيْنِ (فِي صَفِّ كُفَّارٍ، وَأَحَدُهُمَا جَاهِلٌ بِهِ) وَالْآخَرُ عَالِمٌ بِهِ (اُقْتُصَّ مِنْ الْعَالِمِ) بِهِ كَشَرِيكِ السَّيِّدِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْجَاهِلِ، وَلَيْسَ هُوَ مُخْطِئًا حَتَّى يُقَالَ إنَّ شَرِيكَهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ بَلْ هُوَ مُتَعَمِّدٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِصَاصُ لِعُذْرِهِ. [فَرْعٌ جَرَحَ شَخْصٌ آخَرَ غَيْرُ مَعْصُومٍ كَحَرْبِيٍّ ثُمَّ جَرَحَهُ ثَانِيًا بَعْدَ الْعِصْمَةِ] (فَرْعٌ) لَوْ (جَرَحَ شَخْصٌ) آخَرَ (غَيْرُ مَعْصُومٍ كَحَرْبِيٍّ) وَمُرْتَدٍّ (وَصَائِلٍ ثُمَّ جَرَحَهُ) ثَانِيًا (بَعْدَ الْعِصْمَةِ، أَوْ جَرَحَ رَجُلًا بِحَقٍّ) كَقِصَاصٍ وَسَرِقَةٍ (ثُمَّ) جَرَحَهُ (عُدْوَانًا، أَوْ جَرَحَ عَبْدَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَبَعْدَهُ، أَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ جَرَحَهُ) ثَانِيًا (وَمَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَكَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ) فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ تَغْلِيبًا لِمُسْقِطِ الْقِصَاصِ، وَيَثْبُتُ مُوجِبُ الْجُرْحِ الثَّانِي مِنْ قِصَاصٍ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ قَطَعَ) حُرٌّ (إحْدَى يَدَيْ عَبْدٍ، أَوْ) مُسْلِمٌ إحْدَى يَدَيْ (ذِمِّيٍّ قَبْلَ الْعِتْقِ) لِلْعَبْدِ (أَوْ الْإِسْلَامِ لِلذِّمِّيِّ، وَ) قَطَعَ (الْأُخْرَى بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعِتْقِ، أَوْ الْإِسْلَامِ (فَمَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (اُقْتُصَّ مِنْهُ بِالْيَدِ الْأُخْرَى) أَيْ بِقَطْعِهَا لِمُكَافَأَتِهِ الْمَقْطُوعَ حِينَ قَطْعِهَا، وَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ (وَلَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْهُ مَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الْآخَرَ (فَإِنْ عَفَا) عَنْ قِصَاصِ الْيَدِ (لَزِمَهُ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ، وَإِنْ قَطَعَ ذِمِّيٌّ يَدَ ذِمِّيٍّ فَأَسْلَمَ الْقَاطِعُ ثُمَّ قَطَعَ) مِنْهُ (الْآخَرُ فَمَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَالْقِصَاصُ) وَاجِبٌ (فِي) قَطْعِ الْيَدِ (الْأُولَى فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِيَةِ، وَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ (فَإِنْ عَفَا) عَنْ قِصَاصِ الْيَدِ (فَدِيَةُ ذِمِّيٍّ) عَلَى الْقَاطِعِ. (فَرْعٌ) لَوْ (دَاوَى) الْمَجْرُوحُ (جُرْحَهُ بِمُذَفِّفٍ) أَيْ قَاتِلٍ سَرِيعًا كَأَنْ شَرِبَ سُمًّا قَاتِلًا، أَوْ وَضَعَهُ عَلَى الْجُرْحِ (فَهُوَ قَاتِلٌ نَفْسَهُ) ؛ لِأَنَّ التَّذْفِيفَ يَقْطَعُ حُكْمَ السِّرَايَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ غَيْرُهُ فَذَبَحَ نَفْسَهُ (وَعَلَى الْجَارِحِ أَرْشُ جُرْحِهِ، أَوْ قِصَاصُهُ) لَا قِصَاصُ النَّفْسِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَجْرُوحُ حَالَ السُّمِّ أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (أَوْ دَاوَاهُ) أَيْ جُرْحَهُ (بِمَا) لَا (يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ) بِمَا (يَقْتُلُ غَالِبًا) ، وَلَيْسَ بِمُذَفِّفٍ (وَجَهِلَهُ) أَيْ جَهِلَ كَوْنَهُ يَقْتُلُ غَالِبًا (فَالْجَارِحُ شَرِيكُ) صَاحِبٍ (شِبْهُ عَمْدٍ) فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ مُوجِبُ جُرْحِهِ مِنْ قِصَاصٍ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ عَلِمَهُ الْمَجْرُوحُ فَكَشَرِيكِ قَاتِلِ نَفْسِهِ) فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ (وَكَذَا) يَكُونُ كَشَرِيكِ قَاتِلِ نَفْسِهِ (لَوْ خَاطَ) الْمَجْرُوحُ (جُرْحَهُ فِي لَحْمٍ حَيٍّ لَا) لَحْمٍ (مَيِّتٍ) ، وَلَوْ (تَدَاوَيَا خِيَاطَةً تَقْتُلُ غَالِبًا) بِخِلَافِ مَا لَوْ خَاطَ فِي لَحْمٍ مَيِّتٍ بَلْ لَا أَثَرَ لِلْخِيَاطَةِ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ خَاطَهُ غَيْرُهُ بِلَا أَمْرٍ) مِنْهُ (اُقْتُصَّ مِنْهُ وَمِنْ الْجَارِحِ، وَإِنْ كَانَ) الْغَيْرُ (إمَامًا) لِتَعَدِّيهِ مَعَ الْجَارِحِ (لَا إنْ خَاطَهُ الْإِمَامُ لِصَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ لِمَصْلَحَتِهِ) فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ سِلْعَةً مِنْهُ فَمَاتَ؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةً، وَقَصَدَ بِذَلِكَ مَصْلَحَتَهُ (بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً عَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُهَا، وَنِصْفُهَا) الْآخَرُ (فِي مَالِ الْجَارِحِ) ، وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ، وَنِصْفُهَا فِي مَالِ الْجَارِحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَصَدَ) الْمَجْرُوحُ، أَوْ غَيْرُهُ (الْخِيَاطَةَ فِي لَحْمٍ مَيِّتٍ فَوَقَعَ فِي) لَحْمٍ (حَيٍّ فَالْجَارِحُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْقَفَّالُ، وَكَذَا لَوْ قَصَدَ الْخِيَاطَةَ فِي الْجِلْدِ فَوَقَعَ فِي اللَّحْمِ (وَالْكَيُّ) فِيمَا ذَكَرَ (كَالْخِيَاطَةِ) فِيهِ (وَلَا أَثَرَ لَهُمَا فِي اللَّحْمِ الْمَيِّتِ) ، وَلَا فِي الْجِلْدِ كَمَا فُهِمَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِاللَّحْمِ لِعَدَمِ الْإِيلَامِ الْمُهْلِكِ فَعَلَى الْجَارِحِ الْقِصَاصُ، أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ وَمَا هُنَا تَبْيِينٌ لِمُرَادِهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ لَا مَيِّتٍ (وَلَا) أَثَرَ (لِدَوَاءٍ لَا يَضُرُّ، وَلَا لِمَرَضٍ) بِالْمَجْرُوحِ (حَادِثٍ) ، أَوْ قَدِيمٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا عَلَى الْمَجْرُوحِ مِنْ قُرُوحٍ، وَلَا بِمَا بِهِ مِنْ مَرَضٍ وَضَنًى قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُضَافُ إلَى أَحَدٍ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَطَعَ أُصْبُعَ) يَدِ (رَجُلٍ) مَثَلًا (فَتَآكَلَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ) فَقَطْ (فَقَطَعَهَا) يَعْنِي الْيَدَ (الْمَجْرُوحُ مِنْ الْكَفِّ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَقَطَعَ الْمَقْطُوعُ كَفَّهُ خَوْفَ السِّرَايَةِ (طُولِبَ) الْقَاطِعُ (بِالْأُصْبُعِ) قِصَاصًا، أَوْ أَرْشًا إنْ لَمْ يَسْرِ الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ، وَلَا يُطَالَبُ بِالْقِصَاصِ فِي مَوْضِعِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ فَوَاتَ الْجِسْمِ لَا يُقْصَدُ بِالسِّرَايَةِ (فَإِنْ سَرَى) إلَى النَّفْسِ (فَكَشَرِيكِ خَائِطِ جُرْحِهِ) فِيمَا مَرَّ (وَإِنْ تَآكَلَ الْكَفُّ) لَا مِنْ الدَّوَاءِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمَجْرُوحِ لِجُرْحِهِ (ضَمِنَهَا) الْقَاطِعُ فَإِنْ تَآكَلَتْ مِنْ الدَّوَاءِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا أَرْشُ الْقَطْعِ، وَإِنْ تَآكَلَتْ مِنْهُمَا فَعَلَيْهِ مَعَ أَرْشِ الْقَطْعِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ ضَمَانِ بَقِيَّةِ الْكَفِّ بِالتَّوْزِيعِ عَلَيْهِمَا -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَتَلَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَحْرَارِ فِي غَيْرِ الْمُحَارَبَةِ جَمَاعَةً] قَوْلُهُ: ثُمَّ جَرَحَهُ بَعْدَ الْعِصْمَةِ) بِأَنْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ أَوْ عُقِدَتْ لِلْحَرْبِيِّ الذِّمَّةُ. [فَرْعٌ دَاوَى الْمَجْرُوحُ جُرْحَهُ بِمُذَفِّفٍ أَيْ قَاتِلٍ سَرِيعًا] (قَوْلُهُ: أَيْ قَاتِلٍ سَرِيعًا) كَمَا يُقَال سُمٌّ سَاعَةً الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 (وَإِنْ) تَآكَلَتْ ثُمَّ (قَطَعَهَا مِنْ لَحْمٍ حَيٍّ، أَوْ مَيِّتٍ فَكَالْخِيَاطَةِ) فِيمَا مَرَّ (، وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْخَصْمَانِ (فِي التَّآكُلِ بِالدَّوَاءِ) فَقَالَ الْجَانِي دَاوَيْت بِمَا يُورِثُ التَّآكُلَ، وَأَنْكَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (أَوْ) اخْتَلَفَا (هَلْ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ) فَقَالَ الْوَارِثُ مَاتَ بِهَا، وَقَالَ الْجَانِي بَلْ قَتَلَ نَفْسَهُ (صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) بِيَمِينِهِ فِي الْأُولَى (أَوْ الْوَارِثُ) فِي الثَّانِيَةِ عَمَلًا بِالْجِنَايَةِ الْمَعْلُومَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ غَيْرِهَا مِنْ الْأَسْبَابِ. [فَرْعٌ ضَرَبُوهُ بِسِيَاطٍ خَفِيفَةٍ مَثَلًا حَتَّى قَتَلُوهُ] (فَرْعٌ) لَوْ (ضَرَبُوهُ سِيَاطًا) أَيْ بِسِيَاطٍ خَفِيفَةٍ مَثَلًا حَتَّى قَتَلُوهُ (وَكُلٌّ) مِنْهُمْ (ضَرْبُهُ يَقْتُلُ) لَوْ انْفَرَدَ (قُتِلُوا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُقْتَلْ إنْ تَوَاطَئُوا) عَلَى ضَرْبِهِ، وَكَانَ ضَرْبُ كُلٍّ مِنْهُمْ مُؤَثِّرًا فِي الزُّهُوقِ حَسْمًا لِلذَّرِيعَةِ، وَكَمَا لَوْ تَوَالَتْ ضَرَبَاتُ الْوَاحِدِ وَتَخَالَفَ الْجِرَاحَاتُ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّوَاطُؤُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْجُرْحِ يُقْصَدُ بِهِ الْإِهْلَاكُ بِخِلَافِ الضَّرْبِ بِالسَّوْطِ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَقَعَتْ الضَّرَبَاتُ كُلُّهَا، أَوْ بَعْضُهَا اتِّفَاقًا (فَالدِّيَةُ) أَيْ فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ لَا الْقِصَاصُ (مُوَزَّعَةً عَلَى الضَّرَبَاتِ) ؛ لِأَنَّهَا تُلَافِي ظَاهِرَ الْبَدَنِ فَلَا يَعْظُمُ فِيهَا التَّفَاوُتُ بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ (نَعَمْ إنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا ضَرْبًا يَقْتُلُ) كَأَنْ ضَرَبَهُ خَمْسِينَ سَوْطًا (ثُمَّ ضَرَبَهُ الْآخَرُ سَوْطَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً حَالَ الْأَلَمِ) مِنْ ضَرْبِ الْأَوَّلِ (عَالِمًا بِضَرْبِهِ اقْتَصَّ مِنْهُمَا) لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ مِنْهُمَا (أَوْ جَاهِلًا بِهِ) فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ الْإِهْلَاكِ مِنْ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ شَرِيكُهُ (فَعَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ وَعَلَى الثَّانِي كَذَلِكَ) أَيْ حِصَّةُ ضَرْبِهِ (مِنْ دِيَةِ شِبْهِهِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا ضَرَبَ مَرِيضًا سَوْطَيْنِ جَاهِلًا مَرَضَهُ حَيْثُ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِأَنَّا لَمْ نَجِدْ ثَمَّ مَنْ نُحِيلُ عَلَيْهِ الْقَتْلَ سِوَى الضَّارِبِ (وَإِنْ ضَرَبَاهُ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا سَوْطَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ ضَرَبَهُ الْآخَرُ ضَرْبًا يَقْتُلُ كَأَنْ ضَرَبَهُ خَمْسِينَ سَوْطًا حَالَ الْأَلَمِ، وَلَا تَوَاطُؤَ (فَلَا قِصَاصَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الْأَوَّلِ شِبْهُ عَمْدٍ وَالثَّانِي شَرِيكُهُ (بَلْ يَجِبُ) عَلَيْهِمَا (الدِّيَةُ كَذَلِكَ) يَعْنِي عَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَعَلَى الثَّانِي حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ. (فَرْعٌ: لَوْ جَرَحَهُ) شَخْصٌ (خَطَأً، وَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ وَسَبُعٌ وَمَاتَ) مِنْ ذَلِكَ (لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ) كَمَا لَوْ جَرَحَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ وَخَرَجَ بِالْخَطَأِ الْعَمْدُ فَيُقْتَصُّ مِنْ صَاحِبِهِ كَمَا مَرَّ. [بَابُ تَغَيُّرِ حَال الْجَارِحِ أَوْ الْمَجْرُوحِ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ] (بَابُ تَغَيُّرِ الْحَالِ) أَيْ حَالَ الْجَارِحِ، أَوْ الْمَجْرُوحِ (بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ) بِالْعِصْمَةِ وَالْإِهْدَارِ، أَوْ بِالْقَدْرِ الْمَضْمُونِ بِهِ (لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ) مَثَلًا (حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ) ، أَوْ أَمِنَ (ثُمَّ مَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَلَا ضَمَانَ كَعَكْسِهِ) بِأَنْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا فَأَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ، أَوْ أَمِنَ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ؛ لِأَنَّهُ جُرْحٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَسِرَايَتُهُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ كَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ (وَكَذَا) لَا ضَمَانَ (لَوْ جَرَحَ عَبْدَهُ فَأَعْتَقَهُ فَمَاتَ) بِالسِّرَايَةِ لِذَلِكَ نَعَمْ يَضْمَنُهُ بِالْكَفَّارَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا، أَوْ حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، أَوْ رَمَى عَبْدَهُ، أَوْ قَاتَلَ أَبِيهِ فَأَعْتَقَهُ) أَيْ الْعَبْدَ (أَوْ عَفَا) عَنْ قَاتِلِ أَبِيهِ (قَبْلَهَا) أَيْ الْإِصَابَةِ (وَجَبَتْ الدِّيَةُ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهَا حَالَةُ اتِّصَالِ الْجِنَايَةِ، وَالرَّمْيُ كَالْمُقَدِّمَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْجِنَايَةِ، وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فِي أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ، وَهَذَا (كَمَنْ كَانَ عَبْدًا) ، أَوْ مُرْتَدًّا (حَالَ الْحَفْرِ) لِبِئْرٍ بِمَحَلِّ عُدْوَانٍ (فَعَتَقَ) الْعَبْدُ، أَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ (ثُمَّ تَرَدَّى) فِيهَا فَتَجِبُ الدِّيَةُ، وَلَا قِصَاصَ. (وَإِنْ رَمَى حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ) الْحَرْبِيُّ (قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَهَلْ يَضْمَنُ) ، أَوْ لَا (وَجْهَانِ) الظَّاهِرُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِصَابَةَ هُنَا حَصَلَتْ حَالَةَ كَوْنِ الرَّامِي مُلْتَزِمًا لِلضَّمَانِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ (وَإِنْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ) مُرْتَدًّا (بِالسِّرَايَةِ فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ بِالْجُرْحِ) لَا بِالنَّفْسِ (إنْ، أَوْجَبَهُ) كَالْمُوضِحَةِ، وَقَطْعِ الْيَدِ عَمْدًا؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِي الطَّرَفِ يَنْفَرِدُ عَنْهُ فِي النَّفْسِ وَيَسْتَقِرُّ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِمَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ طَرَفَ غَيْرِهِ ثُمَّ حَزَّ آخِرُ رَقَبَتِهِ، وَلَوْ خَطَأً لَزِمَ الْأَوَّلَ قِصَاصُ الطَّرَفِ وَالْمُرَادُ بِوَلِيِّهِ مَنْ يَرِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ لَا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لِلتَّشَفِّي، وَهُوَ لَهُ لَا لِلْإِمَامِ فَلَوْ كَانَ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا اُنْتُظِرَ كَمَالُهُ لِيَسْتَوْفِيَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْجُرْحُ الْقِصَاصَ كَالْجَائِفَةِ وَالْهَاشِمَةِ، وَكَقَطْعِ الْيَدِ خَطَأً (فَا) لْوَاجِبُ (الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ) لِلنَّفْسِ (وَالْأَرْشِ) لِلْجُرْحِ فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ كَقَطْعِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ لَمْ يَزِدْ بِالسِّرَايَةِ فِي الرِّدَّةِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ أَقَلَّ كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَلَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ مُسْلِمًا لَمْ يَجِبْ أَكْثَرُ مِنْهَا فَبِالْأَوْلَى إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا (وَيَكُونُ) الْوَاجِبُ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَطَعَ أُصْبُعَ يَدِ رَجُلٍ فَتَآكَلَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ] قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ التَّوْزِيعَ لِلدِّيَةِ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ لَا عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ. [فَرْعٌ جَرَحَهُ شَخْصٌ خَطَأً وَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ وَسَبُعٌ وَمَاتَ] (بَابُ تَغَيُّرِ الْحَالِ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ) . (فَرْعٌ) لَوْ جَرَحَ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ فَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ، وَلَا دِيَةَ فَلَوْ كَانَ جَارِحُهُ مُرْتَدًّا وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا مَرَّ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ فِي قَتْلِ الْمُرْتَدِّ مُرْتَدًّا بَلْ فِيهِ الْقِصَاصُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا إلَخْ) لَوْ كَانَ الرَّامِي إلَى الْمُرْتَدِّ هُوَ الْإِمَامَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ شَارَكَ الْأَجْنَبِيَّ فِي التَّعَدِّي فِي الرَّمْيِ فَقَدْ امْتَازَ عَنْهُ بِإِبَاحَةِ الْقَتْلِ فَرَمْيُهُ إيَّاهُ لِأَجْلِ رِدَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الدِّيَةُ مُخَفَّفَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ) ، وَإِنْ قَالَ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ الْمَذْهَبَ وُجُوبُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَضْمَنُ) أَيْ دِيَتَهُ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَنَفْسُهُ هَدَرٌ) أَيْ إذَا كَانَ الْجَارِحُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَإِنْ كَانَ الْجَارِحُ مُرْتَدًّا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِوَلِيِّهِ مَنْ يَرِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ) فَيَخْرُجُ عَنْهُ قَرِيبُهُ الَّذِي لَيْسَ وَارِثًا، وَيَدْخُلُ فِيهِ ذُو الْوَلَاءِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 (فَيْئًا) فَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِوَلِيِّهِ (وَ) إنْ انْدَمَلَ جُرْحُهُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ (قَبْلَ الْمَوْتِ) كَانَ (الْقِصَاصُ لَهُ) فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْتَصَّ اقْتَصَّ وَلِيُّهُ (وَلِلْمَالِ) الْوَاجِبِ لَهُ بِالْجُرْحِ (حُكْمُ مَالِهِ) الثَّابِتِ لَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ أَخَذَهُ، وَإِلَّا أَخَذَهُ الْإِمَامُ (فَإِنْ أَسْلَمَ) قَبْلَ انْدِمَالِ جُرْحِهِ (ثُمَّ مَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ) ، وَإِنْ قَلَّ زَمَنُ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةٍ لَوْ مَاتَ فِيهَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ فَصَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً دَارِئَةً لَهُ (وَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً) ، وَإِنْ كَثُرَ زَمَنُ الرِّدَّةِ لِوُقُوعِ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فِي حَالَةِ الْعِصْمَةِ؛ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الدِّيَةِ بِآخِرِ الْأَمْرِ. (وَكَذَا) لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً (إنْ ارْتَدَّ) الْمَرْمِيُّ إلَيْهِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ (ثُمَّ أَسْلَمَ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ فَلَوْ لَمْ يُسْلِمْ) حِينَئِذٍ (أُهْدِرَ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُغِيرِ قَدْرَ الدِّيَةِ وَقْتَ الْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ بَدَلُ التَّالِفِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ وَقْتُ التَّلَفِ، وَقَدْرُ الدِّيَةِ مَنْصُوبٌ بِالْمُغِيرِ (فَإِنْ جَرَحَ ذِمِّيًّا) حُرًّا مِثْلَهُ (فَنَقَضَ) الْمَجْرُوحُ عَهْدَهُ وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَ (وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ وَلِلْجُرْحِ قِصَاصٌ) كَقَطْعِ يَدٍ (اقْتَصَّ بِهِ) إذْ لَا مَانِعَ (لَا بِالنَّفْسِ) لِتَخَلُّلِ حَالَةِ إهْدَارِهَا؛ وَلِأَنَّ الْحُرَّ لَا يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ (بَلْ تَجِبُ قِيمَتُهُ) فِي ذَلِكَ وَفِيمَا لَوْ لَمْ يَقْتَصَّ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ اعْتِبَارًا بِالْمَالِ بَعْدَ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَضْمُونًا وَقْتَ الْجِنَايَةِ (وَلِلْوَارِثِ مِنْهَا قَدْرُ الْأَرْشِ، وَلَوْ كَانَ) الْوَارِثُ ذِمِّيًّا (فِي دَارِ الْحَرْبِ وَمَا فَضَلَ) مِنْهَا (لِلسَّيِّدِ) فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ (فَإِنْ كَانَ) سَيِّدُهُ (قَدْ أَعْتَقَهُ فَدِيَةُ ذِمِّيٍّ) تَجِبُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ الْمَجْرُوحُ (أَوْ) دِيَةُ (مُسْلِمٍ إنْ أَسْلَمَ) ، وَقِيلَ الْوَاجِبُ فِي الْأُولَى أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأَرْشِ وَدِيَةُ ذِمِّيٍّ وَفِي الثَّانِيَةِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأَرْشِ وَدِيَةُ مُسْلِمٍ وَفِي الْقِصَاصِ فِي الثَّانِيَةِ قَوْلَانِ، وَقَدْ حَكَى الْأَصْلُ ذَلِكَ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِلَا تَرْجِيحٍ فَتَرْجِيحُ إيجَابِ الدِّيَةِ وَعَدَمُ إيجَابِ الْقِصَاصِ الْمَفْهُومِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ. (وَالدِّيَةُ) فِي الصُّورَتَيْنِ (لِلْوَارِثِ) ، وَهُوَ فِي الْأُولَى ذِمِّيٌّ، وَفِي الثَّانِيَةِ مُسْلِمٌ. (وَإِنْ جَرَحَ) شَخْصٌ (ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ، أَوْ عَبْدًا) لِغَيْرِهِ (فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَجَبَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَيَكُونُ) أَرْشُهَا فِي الثَّانِيَةِ (لِمَالِكِ الْعَبْدِ، وَإِنْ) الْأَوْلَى فَإِنْ (فَقَأَ عَيْنَهُ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ) ، وَإِنْ كَانَ الِانْدِمَالُ بَعْدَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ إذَا انْدَمَلَتْ اسْتَقَرَّتْ وَخَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ جِنَايَةً عَلَى النَّفْسِ فَيَنْظُرُ إلَى حَالِ الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَانَ حِينَئِذٍ مَمْلُوكًا فَيَجِبُ أَرْشُهَا لِلْمَالِكِ كَمَا قُلْنَا لَا دِيَةُ حُرٍّ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَقَطْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ أَكْثَرُ مِنْ الْقِيمَةِ غَالِبًا (وَإِنْ) مَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْعَبْدِ (بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ) إنْ كَانَ جَارِحُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا وَجَارِحُ الْعَبْدِ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْجِنَايَةِ مَنْ يُكَافِئُهُ (بَلْ) تَجِبُ (دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ) ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي مَسْأَلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ مَضْمُونٌ، وَفِي الِانْتِهَاءِ حُرٌّ مُسْلِمٌ فَتَجِبُ دِيَتُهُ (لِلْوَرَثَةِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَ) لَكِنْ (لِسَيِّدِ الْعَبْدِ مِنْهَا) فِي الثَّانِيَةِ (قِيمَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالْجِنَايَةِ الْوَاقِعَةِ فِي مِلْكِهِ (وَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ فَلِوَارِثِ الْعَتِيقِ) ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِسَبَبِ الْحُرِّيَّةِ رُبَّمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ فَضَلَ إلَى آخِرِهِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلْوَرَثَةِ وَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ قِيمَتِهِ شَيْءٌ فَلِوَارِثِ الْعَتِيقِ كَانَ أَحْسَنَ، وَأَوْضَحَ، وَأَخْصَرَ مِمَّا قَالَهُ (وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَدِيَةٌ) تَجِبُ لِمَا مَرَّ (وَلِلسَّيِّدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ مِنْهَا، وَإِنْ أَتَتْ) قِيمَتُهُ أَيْ نِصْفُهَا (عَلَى الدِّيَة) بِأَنْ سَاوَتْهَا. (فَرْعٌ:) لَوْ (قَطَعَ) شَخْصٌ (يَدَ عَبْدٍ) لِغَيْرِهِ (فَعَتَقَ ثُمَّ) قَطَعَ (آخَرُ) يَدَهُ (الْأُخْرَى) وَانْدَمَلَ الْجُرْحَانِ (قُطِعَ) الْقَاطِعُ (الثَّانِي) حُرًّا كَانَ، أَوْ عَبْدًا لِوُجُودِ الْكَفَاءَةِ (لَا الْأَوَّلُ) فَلَا يُقْطَعُ (إنْ كَانَ حُرًّا) لِعَدَمِهَا بَلْ عَلَيْهِ (لِلسَّيِّدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْقِطْعَيْنِ (قُتِلَ الثَّانِي) لِوُجُودِ الْكَفَاءَةِ لَا الْأَوَّلُ إنْ كَانَ حُرًّا لِعَدَمِهَا (وَلَزِمَ الْأَوَّلَ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلسَّيِّدِ مِنْهَا) يَعْنِي مِنْ نِصْفِهَا (نِصْفُ قِيمَتِهِ) وَالْبَاقِي لِلْوَارِثِ (وَإِنْ عَفَا) عَنْ الثَّانِي (فَعَلَيْهِمَا) أَيْ الْقَاطِعَيْنِ (الدِّيَةُ وَلِلسَّيِّدِ فِي حِصَّةِ الْأَوَّلِ) مِنْهُمَا (الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِهَا) وَمِنْ (نِصْفِ الْقِيمَةِ) ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي حِصَّةِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ (وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ اتَّحَدَ الْقَاطِعُ لَكِنْ لَا يُقْتَلُ بِهِ) أَيْ بِالْمَقْطُوعِ (إنْ مَاتَ) تَغْلِيبًا لِلْمُسْقِطِ فَلَوْ قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ الْأُخْرَى وَانْدَمَلَ الْجُرْحَانِ اقْتَصَّ مِنْهُ لِلْأُخْرَى لَا لِلْأُولَى، وَعَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا اقْتَصَّ مِنْهُ لِلْأُخْرَى لَا لِلنَّفْسِ، وَلَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلسَّيِّدِ مِنْهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ فَإِنْ عَفَا عَنْهُ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ لِلسَّيِّدِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ زَمَنُ الرِّدَّةِ) بِأَنْ لَمْ يَمْضِ فِيهَا زَمَانٌ يَسْرِي فِيهِ الْجُرْحُ (قَوْلُهُ: فَصَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً دَارِئَةً لَهُ) هَذَا إذَا كَانَ الْجَارِحُ غَيْرَ مُرْتَدٍّ فَإِنْ كَانَ مُرْتَدًّا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَرَحَ شَخْصٌ ذِمِّيًّا) أَيْ أَوْ مُعَاهَدًا أَوْ مُسْتَأْمَنًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 مِنْهَا الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِهَا، وَنِصْفُ الْقِيمَةِ (وَإِنْ قَطَعَ أُصْبُعَ يَدِ عَبْدٍ) لِغَيْرِهِ (فَعَتَقَ ثُمَّ) قَطَعَ (آخَرُ رِجْلَهُ فَمَاتَ) مِنْهُمَا (فَعَلَيْهِمَا الدِّيَةُ وَلِلسَّيِّدِ عَلَى الْأَوَّلِ) مِنْهُمَا (الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِهَا وَعُشْرُ الْقِيمَةِ، وَإِنْ قَطَعَ) مِنْ الْعَبْدِ (يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ) مَثَلًا (ثُمَّ عَتَقَ وَجَرَحَهُ آخَرَانِ) وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَعَلَيْهِمْ الدِّيَةُ أَثْلَاثًا (فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ، وَكُلُّ الْقِيمَةِ) الْوَاجِبَةِ بِالْقَطْعِ فِي الرِّقِّ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ جَرَحَهُ اثْنَانِ) كَأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا يَدَهُ الْأُخْرَى وَالْآخَرُ رِجْلَهُ (وَمَاتَ) بِجِرَاحَاتِهِمْ (فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ) فِي الطَّرَفِ وَالنَّفْسِ لِوُجُودِ الْكَفَاءَةِ، وَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَوَّلِ لِعَدَمِهَا (وَإِنْ عَفَا) عَنْ الْقِصَاصِ (عَلَى الدِّيَةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ الثُّلُثُ) مِنْهَا (لِلسَّيِّدِ مِنْهُ الْأَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ) الْوَاجِبِ بِالْقَطْعِ فِي الرِّقِّ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ، وَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْنِيَا عَلَى مِلْكِهِ (فَإِنَّ جُرْحَهُ الْأَوَّلَ ثَانِيًا بَعْدَ الْعِتْقِ) وَمَاتَ بِجِرَاحَاتِهِمْ (فَعَلَيْهِ) كَكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ (الثُّلُثُ) مِنْ الدِّيَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَجِبُ مُوَزَّعَةً عَلَى عَدَدِهِمْ لَا عَلَى عَدَدِ جِرَاحَاتِهِمْ (وَلِلسَّيِّدِ مِنْهُ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ) الْوَاجِبِ بِالْقَطْعِ فِي الرِّقِّ (وَ) مِنْ (سُدُسِ الدِّيَةِ) الْوَاجِبِ آخِرًا بِجِنَايَةِ الرِّقِّ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ الْوَاجِبَ عَلَى الْأَوَّلِ مُوَزَّعٌ عَلَى جِرَاحَتَيْهِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ (وَإِذَا قَطَعَ يَدَهُ فَعَتَقَ ثُمَّ جَرَحَهُ) ثَانِيًا (مَعَ آخَرَ فَعَلَيْهِمَا الدِّيَةُ نِصْفَيْنِ وَلِلسَّيِّدِ عَلَى الْأَوَّلِ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَرُبُعِ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْوَاجِبَ عَلَى الْأَوَّلِ مُوَزَّعٌ عَلَى جِرَاحَتَيْهِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ (وَإِذَا جَرَحَهُ اثْنَانِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَثَالِثٌ بَعْدَهُ فَمَاتَ) بِجِرَاحَاتِهِمْ (فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا فَلِلسَّيِّدِ) عَلَى الْأَوَّلَيْنِ (الْأَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ) الْوَاجِبَيْنِ عَلَيْهِمَا (وَأَرْشُ جِنَايَتِهِمَا) فِي الرِّقِّ (وَإِذَا جَرَحَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ ثَلَاثَةٌ وَرَابِعٌ بَعْدَهُ) فَمَاتَ بِجِرَاحَاتِهِمْ (فَالدِّيَةُ) عَلَيْهِمْ (أَرْبَاعًا وَلِلسَّيِّدِ) عَلَى الثَّلَاثَةِ (الْأَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ، وَأَرْشُ جِنَايَاتِ الرِّقِّ، أَوْ) جَرَحَهُ (اثْنَانِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَثَلَاثَةٌ بَعْدَهُ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَخْمَاسًا وَلِلسَّيِّدِ) عَلَى الِاثْنَيْنِ (الْأَقَلُّ مِنْ خُمُسِ الدِّيَةِ، وَأَرْشُ جِنَايَتَيْ الرِّقِّ، وَإِذَا، أَوْضَحَهُ فَعَتَقَ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ فَمَاتَ) مِنْهُمَا (فَعَلَيْهِمَا الدِّيَةُ) نِصْفَيْنِ (وَلِلسَّيِّدِ) عَلَى الْأَوَّلِ (الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ، وَنِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ) الْوَاجِبُ بِالْإِيضَاحِ فِي الرِّقِّ (وَلَوْ أَوْضَحَهُ فَعَتَقَ ثُمَّ جَرَحَهُ تِسْعَةٌ فَمَاتَ) مِنْهُمْ (فَالدِّيَةُ) عَلَيْهِمْ (أَعْشَارًا وَلِلسَّيِّدِ) عَلَى الْأَوَّلِ (الْأَقَلُّ مِنْ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَأَرْشُ الْمُوضِحَةِ) الْوَاجِبُ بِالْإِيضَاحِ فِي الرِّقِّ (وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ فَإِنْ جَرَحَهُ الْأَوَّلُ) ثَانِيًا بَعْدَ الْعِتْقِ (مَعَهُمْ فَالدِّيَةُ) عَلَيْهِمْ (أَعْشَارًا وَلِلسَّيِّدِ) عَلَيْهِ (الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَنِصْفِ عُشْرِ الْقِيمَةِ) إذْ الْعُشْرُ اللَّازِمُ لَهُ مُوَزَّعٌ عَلَى جِرَاحَتَيْهِ. [فَرْعٌ قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ فَحَزَّ آخَرُ رَقَبَتَهُ] (فَرْعٌ:) لَوْ (قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ فَحَزَّ آخَرُ رَقَبَتَهُ فَحَزُّ الرَّقَبَةِ مُبْطِلٌ لِلسِّرَايَةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ وَعَلَى الثَّانِي الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِلْوَارِثِ، وَإِنْ قَطَعَ الثَّانِي يَدَهُ الْأُخْرَى بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ حُزَّتْ رَقَبَتُهُ فَإِنْ حَزَّهَا ثَالِثٌ بَطَلَتْ سِرَايَةُ الْقِطْعَيْنِ) ، وَكَأَنَّهُمَا انْدَمَلَا (فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ وَعَلَى الثَّانِي الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ) ، أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلْوَارِثِ (وَعَلَى الثَّالِثِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً) لِلْوَارِثِ (فَإِنْ حَزَّهُ الْقَاطِعُ أَوَّلًا) فَإِنْ حَزَّهُ (قَبْلَ الِانْدِمَالِ) لِقَطْعِهِ (لَزِمَهُ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ فَإِنْ قَتَلَ بِهِ سَقَطَ حَقُّ السَّيِّدِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ بَدَلَ الطَّرَفِ يَدْخُلُ فِي النَّفْسِ (وَإِنْ عَفَا عَنْهُ الْوَارِثُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ) كَامِلَةً (وَلِلسَّيِّدِ) مِنْهَا (الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِهَا، وَنِصْفِ الْقِيمَةِ، أَوْ) حَزَّهُ (بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ، وَقِصَاصُ النَّفْسِ) ، أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً (لِلْوَارِثِ وَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ حَزَّهُ الثَّانِي قَبْلَ الِانْدِمَالِ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ) ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ حَزَّهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَلِلْوَارِثِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً، أَوْ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ فِي الْيَدِ وَالنَّفْسِ، أَوْ يَأْخُذَ بَدَلَهُمَا، أَوْ بَدَلَ أَحَدِهِمَا، وَقِصَاصُ الْآخَرِ وَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ بِكُلِّ حَالٍ. (وَحِصَّةُ السَّيِّدِ) فِيمَا إذَا جَنَى عَلَى عَبْدٍ فَعَتَقَ وَسَرَتْ الْجِنَايَةُ إلَى نَفْسِهِ، أَوْ حَزَّ الْجَانِي رَقَبَتَهُ وَعَفَا عَنْهُ الْوَارِثُ تَكُونُ (مِنْ إبِلِ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الدِّيَةُ، وَهِيَ الْإِبِلُ فَتُؤْخَذُ وَيُصْرَفُ لِلسَّيِّدِ حِصَّتُهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي عَيْنِهَا، وَلَيْسَتْ مَرْهُونَةً بِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ مَعَ التَّرِكَةِ (فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ تَعْوِيضُهُ عَنْهَا) بِأَنْ يَقُولَ أَنَا آخُذُ الْإِبِلَ، وَأَدْفَعُ إلَيْهِ الْقِيمَةَ نَقْدًا (وَلَا) لَهُ (مُطَالَبَةُ الْجَانِي) بِمَا يَسْتَحِقُّهُ السَّيِّدُ مِنْ الدِّيَةِ (إنْ أَبْرَأَهُ) مِنْهُ السَّيِّدُ، وَلَا لِلسَّيِّدِ تَكْلِيفُ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَطَعَ شَخْصٌ يَدَ عَبْدٍ لِغَيْرِهِ فَعَتَقَ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ الْأُخْرَى] (قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ عَلَى الْأَوَّلِ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِهَا وَعُشْرُ الْقِيمَةِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرْشُ الْجُرْحِ مُقَدَّرًا، وَلَكِنَّهُ تَابِعٌ لِمُقَدَّرٍ كَالْجُرْحِ عَلَى أُصْبُعٍ مَثَلًا فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَمِنْ عُشْرٍ نَاقِصًا شَيْئًا بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 الْجَانِي بِإِعْطَاءِ النَّقْدِ (وَلِلْجَانِي تَسْلِيمُهَا) أَيْ حِصَّةِ السَّيِّدِ (دَرَاهِمَ) ، أَوْ دَنَانِيرَ (لِلسَّيِّدِ) فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ لَهُ يَجِبُ بِحَقِّ الْمِلْكِ وَالْوَاجِبُ بِحَقِّ الْمِلْكِ النَّقْدُ فَإِذَا أَتَى بِهِ فَقَدْ أَتَى بِأَصْلِ حَقِّهِ وَحَاصِلُهُ تَخَيُّرُ الْجَانِي بَيْنَ تَسْلِيمِ حِصَّةِ السَّيِّدِ مِنْ الدِّيَةِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الْقِيمَةِ، وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ بَيْنَ تَسْلِيمِ الدِّيَةِ وَالدَّرَاهِمِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ السَّيِّدَ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ حِصَّتِهِ مِنْ الْقِيمَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: إنَّهُ أَرْجَحُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْوَجْهَانِ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ لَا نَقْلٌ عَنْ الْأَصْحَابِ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَحَكَاهُ عَنْهُ فِي الْمَطْلَبِ عَدَمُ الْإِجْبَارِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي بَسِيطِهِ يُفْهِمُ أَنَّ ذَلِكَ نَقْلٌ عَنْ الْأَصْحَابِ. [فَرْعٌ كُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا فِي الِانْتِهَاءِ] (فَرْعٌ: كُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا) فِي الِانْتِهَاءِ (بِتَغَيُّرِ الْحَالِ) كَأَنْ جَرَحَ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ مَضْمُونٌ ثُمَّ هُدِرَ الْمَجْرُوحُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ إلَّا ضَمَانُ الْجُرْحِ كَأَنْ جَرَحَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ (وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي الْحَالَيْنِ اُعْتُبِرَ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ الِانْتِهَاءُ) كَأَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ لِغَيْرِهِ فَعَتَقَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ لَا نِصْفُ الْقِيمَةِ (وَفِي الْقِصَاصِ تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ مِنْ الْفِعْلِ) كَالرَّمْيِ (إلَى الْفَوْتِ) ، وَهُوَ انْتِهَاءُ الْجِنَايَةِ [بَابُ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ] [الْفَصْل الْأَوَّلُ فِي أَرْكَان الْقِصَاص] (بَابُ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ) الْأَوْلَى فِي غَيْرِ النَّفْسِ (وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الْقَطْعُ) فَيُعْتَبَرُ فِي ثُبُوتِ الْقِصَاصِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَمْدًا مَحْضًا عُدْوَانًا كَمَا فِي النَّفْسِ (فَلَا قِصَاصَ فِي خَطَئِهِ) كَإِصَابَةِ إنْسَانٍ بِحَجَرٍ قَصَدَ بِهِ الرَّامِي جِدَارًا فَأَوْضَحَهُ (وَلَا فِي شِبْهِ عَمْدِهِ كَاللَّطْمَةِ تَتَوَرَّمُ) بِأَنْ يَتَوَرَّمَ مَحَلُّهَا (وَتُوضِحُ) هِيَ عَظْمَهُ (وَالضَّرْبُ بِالْعَصَا الْخَفِيفِ وَالْحَجَرِ الْمُحَدَّدِ) أَيْ الضَّرْبُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (عَمْدٌ فِي الشِّجَاجِ) لَا فِي النَّفْسِ (لِأَنَّهُ يُوضِحُ غَالِبًا) ، وَلَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَقَدْ يَكُونُ) الْفِعْلُ مِنْ ضَرْبٍ وَغَيْرِهِ (عَمْدًا فِي النَّفْسِ) أَيْضًا فَالْأَوَّلُ (كَإِيضَاحِهِ) شَخْصًا (بِمَا يُوضِحُ غَالِبًا، وَلَا يَقْتُلُ غَالِبًا) كَالضَّرْبِ بِعَصًا خَفِيفٍ (فَمَاتَ) بِهِ فَيُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي الْمُوضِحَةِ دُونَ النَّفْسِ، وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا مَاتَ فِي الْحَالِ بِلَا سِرَايَةٍ، وَإِلَّا فَيُوجِبُهُ فِيهَا أَيْضًا (وَ) الثَّانِي (كَفَقْءِ الْعَيْنِ) أَيْ بَخْصِهَا (بِالْأُصْبُعِ فَإِنَّهُ عَمْدٌ يُوجِبُ الْقِصَاصَ) فِي الْعَيْنِ وَالنَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْأُصْبُعَ فِي الْعَيْنِ تَعْمَلُ عَمَلَ السِّلَاحِ ثُمَّ بَيَّنَ الرُّكْنَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاطِعِ التَّكْلِيفُ وَالْتِزَامُ الْأَحْكَامِ وَفِي الْمَقْطُوعِ الْعِصْمَةُ وَالْمُكَافَأَةُ لَا التَّسَاوِي فِي الْبَدَلِ فَيُقْطَعُ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ كَمَا فِي النَّفْسِ وَتُقْطَعُ جَمَاعَةٌ) أَيْ أَيْدِيهِمْ (بِيَدٍ) لِوَاحِدٍ (تَحَامَلُوا عَلَيْهَا) دَفْعَةً وَاحِدَةً بِسِكِّينٍ، أَوْ نَحْوِهَا حَتَّى أَبَانُوهَا، أَوْ أَبَانُوهَا بِضَرْبَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَيْهَا كَمَا فِي النَّفْسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَكُوا فِي سَرِقَةِ نِصَابٍ لَا قَطْعَ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ مَحَلُّ الْمُسَاهَلَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْقَوَدِ. وَلِهَذَا لَوْ سَرَقَ نِصَابًا دَفْعَتَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ، وَلَوْ أَبَانَ الْيَدَ بِدَفْعَتَيْنِ قُطِعَ (لَا إنْ) تَمَيَّزَتْ أَفْعَالُهُمْ كَأَنْ (حَزَّ كُلٌّ) مِنْهُمْ (مِنْ جَانِبٍ وَالْتَقَى الْحَدِيدَتَانِ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَا) أَيْ اثْنَانِ (قَطْعَ الْمِنْشَارِ) بِالنُّونِ وَبِالْيَاءِ وَبِالْهَمْزِ فَلَا قَطْعَ عَلَى أَحَدٍ فِي الْأُولَى خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّقْرِيبِ، وَلَا فِي الثَّانِيَةِ (عِنْدَ الْجُمْهُورِ) لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ لِاشْتِمَالِ الْمَحَلِّ عَلَى أَعْصَابٍ مُلْتَفَّةٍ وَعُرُوقٍ ضَارِبَةٍ وَسَاكِنَةٍ مَعَ اخْتِلَافِ وَضْعِهَا فِي الْأَعْضَاءِ (بَلْ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمْ (حُكُومَةٌ) تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ (مَجْمُوعُهَا دِيَةُ يَدٍ) أَيْ بِحَيْثُ يَبْلُغُ مَجْمُوعُ الْحُكُومَاتِ دِيَةَ الْيَدِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِي صُورَةِ الْجُمْهُورِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ. (تَنْبِيهٌ) مَا نَقَلَهُ كَأَصْلِهِ عَنْ الْجُمْهُورِ فِي صُورَةِ الْمِنْشَارِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ صُوَرِ التَّمْيِيزِ مَثَّلَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ لِصُورَةِ الِاشْتِرَاكِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيَحِلُّ الْإِشْكَالُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَنَّ الْإِمْرَارَ يُصَوَّرُ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَتَعَاوَنَا فِي كُلِّ جَذْبَةٍ وَرَسْلَةٍ فَيَكُونُ مِنْ صُوَرِ الِاشْتِرَاكِ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَجْذِبَ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى جِهَةِ نَفْسِهِ وَيَفْتُرُ عَنْ الْإِرْسَالِ فِي جِهَةِ صَاحِبِهِ فَيَكُونُ الْبَعْضُ مَقْطُوعَ هَذَا وَالْبَعْضُ مَقْطُوعَ ذَاكَ وَيَكُونُ الْحُكْمُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمَا صَوَّرَ بِهِ الْإِمَامُ كَلَامَ الْجُمْهُورِ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ) فِي غَيْرِ النَّفْسِ مِنْ الْجِنَايَاتِ (، وَهِيَ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَهُوَ (ثَلَاثَةُ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ جَرَحَهُ اثْنَانِ] بَابُ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ) (قَوْلُهُ: كَمَا فِي النَّفْسِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] وَعُمُومُ قَوْلِهِ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ؛ وَلِأَنَّ الْأَطْرَافَ أَجْزَاءُ الْجُمْلَةِ فَاعْتُبِرَ فِي قِصَاصِهَا مَا اُعْتُبِرَ فِي قِصَاصِ الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: فَيُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي الْمُوضِحَةِ دُونَ النَّفْسِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ غَرْزِ الْإِبْرَةِ فِي الدِّمَاغِ حَيْثُ يَجِبُ بِهِ الْقَوَدُ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُوجِبُهُ فِيهَا أَيْضًا) قَالَ لِحُدُوثِ الْقَتْلِ مِنْ جُرْحٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ سِرَايَتُهُ مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ اعْتِبَارًا بِمُوجِبِهَا (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاطِعِ التَّكْلِيفُ) ، وَكَوْنُهُ غَيْرَ أَصْلٍ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَغَيْرَ سَيِّدٍ لَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) قَالَ فِي الْغُنْيَةِ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 أَنْوَاعٍ شَقٌّ، وَقَطْعٌ، وَإِزَالَةُ مَنْفَعَةٍ، الْأَوَّلُ الْجُرْحُ) قَالَ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] (وَيَقَعُ عَلَى الشِّجَاجِ، وَهِيَ) بِكَسْرِ الشِّينِ جَمْعُ شَجَّةٍ بِفَتْحِهَا (عَشْرٌ) بِالِاسْتِقْرَاءِ (الْحَارِصَةُ) بِمُهْمَلَاتٍ، وَهِيَ الَّتِي (تَشُقُّ الْجِلْدَ) قَلِيلًا نَحْوَ الْخَدْشِ وَتُسَمَّى الْحَرْصَةَ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَالْحَرِيصَةَ كَمَا فِي الْمُحْكَمِ (وَالدَّامِيَةُ) ، وَهِيَ الَّتِي (تُدْمِيهِ) بِضَمِّ التَّاءِ أَيْ الشَّقَّ مِنْ غَيْرِ سَيْلَانِ دَمٍ، وَقِيلَ مَعَهُ (وَالْبَاضِعَةُ) بِمُوَحَّدَةٍ وَمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ، وَهِيَ الَّتِي (تَقْطَعُ لَحْمًا) بَعْدَ الْجِلْدِ (وَالْمُتَلَاحِمَةُ) بِالْمُهْمَلَةِ، وَهِيَ الَّتِي (تَغُوصُ فِيهِ) أَيْ فِي اللَّحْمِ، وَلَا تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبِين الْعَظْمِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَتُسَمَّى اللَّاحِمَةَ. (وَالسِّمْحَاقُ) بِكَسْرِ السِّينِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي (تَبْلُغُ جِلْدَةَ الْعَظْمِ) أَيْ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّحْمِ وَتُسَمَّى الْجِلْدَةُ بِهِ أَيْضًا، وَكَذَا كُلُّ جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَقَدْ تُسَمَّى هَذِهِ الشَّجَّةُ الْمَلْطَاءَ وَالْمِلْطَاةَ والمِلَاطِيَّةَ (وَالْمُوضِحَةُ، وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ) بَعْدَ خَرْقِ الْجِلْدَةِ أَيْ تُظْهِرُهُ مِنْ اللَّحْمِ بِحَيْثُ يُقْرَعُ بِالْمِرْوَدِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ كَمَا سَيَأْتِي. (وَالْهَاشِمَةُ) ، وَهِيَ الَّتِي (تُكَسِّرُهُ) أَيْ الْعَظْمَ، وَإِنْ لَمْ تُوضِحْهُ (وَالْمُنَقِّلَةُ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا وَتُسَمَّى الْمَنْقُولَةَ، وَهِيَ الَّتِي (تَنْقُلُهُ) مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ، وَإِنْ لَمْ تُوضِحْهُ وَتُهَشِّمْهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيُقَالُ هِيَ الَّتِي تَكْسِرُ وَتَنْقُلُ وَيُقَالُ هِيَ الَّتِي تَكْسِرُ الْعَظْمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا فِرَاشُ الْعِظَامِ وَالْفَرَاشَةُ كُلُّ عَظْمٍ رَقِيقٍ (وَالْمَأْمُومَةُ) جَمْعُهَا مَآمِيمُ كَمَكَاسِيرَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَتُسَمَّى الْآمَّةُ، وَهِيَ الَّتِي تَبْلُغُ (خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ) الْمُحِيطَةِ بِهِ، وَهِيَ أُمُّ الرَّأْسِ. (وَالدَّامِغَةُ) بِالْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ الَّتِي (تَخْرِقُ الْخَرِيطَةَ) وَتَصِلُ الدِّمَاغَ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهِيَ مُذَفَّفَةٌ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِيهَا أَلْفَاظٌ أُخَرُ تَؤُولُ إلَيْهَا فِي الْحُكْمِ كَالدَّامِعَةِ بِالْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ زَادَهَا الْمَاوَرْدِيُّ بَعْدَ الدَّامِيَةِ، وَقَالَ هِيَ الَّتِي يَجْرِي دَمُهَا جَرَيَانَ الدَّمْعِ (وَكُلُّهَا تُتَصَوَّرُ فِي الرَّأْسِ وَفِي الْجَبْهَةِ، وَكَذَا) تُتَصَوَّرُ (فِي الْخَدِّ، وَقَصَبَةِ الْأَنْفِ وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ) وَسَائِرِ الْبَدَنِ (سِوَى الدَّامِغَةِ وَالْمَأْمُومَةِ) ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الشِّجَاجِ لَا يَقَعُ عَلَى جُرُوحِ سَائِرِ الْبَدَنِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ (وَلَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ) ، وَلَوْ مَعَ هَشْمٍ وَتَنْقِيلٍ لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهَا وَاسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ (وَ) إلَّا (فِي جُرْحٍ يَنْتَهِي إلَى الْعَظْمِ، وَلَمْ يَكْسِرْهُ فِي) سَائِرِ (الْبَدَنِ) كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ، وَلَوْ فِي الْبَدَنِ لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ، وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ، وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا كَسَرَهُ مَعَ الْإِيضَاحِ لَا قِصَاصَ فِي الْإِيضَاحِ بَلْ الْمُرَادُ لَا قِصَاصَ فِي الْكَسْرِ فَقَطْ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ. (النَّوْعُ الثَّانِي: الْقَطْعُ) لِلطَّرَفِ (فَيُقْتَصُّ فِي كُلِّ طَرَفٍ يَنْضَبِطُ) إمَّا (بِمَفْصِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الصَّادِ، وَهُوَ مَوْضِعُ اتِّصَالِ عُضْوٍ بِعُضْوٍ عَلَى مُنْقَطِعِ عَظْمَيْنِ بِرِبَاطَاتٍ وَاصِلَةٍ بَيْنَهُمَا أَمَّا مَعَ دُخُولِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، أَوْ لَا فَالثَّانِي (كَأُنْمُلَةٍ وَكُوعٍ) وَالْأَوَّلُ كَرُكْبَةٍ (وَمَرْفِقٍ، وَكَذَا أَصْلُ فَخْذٍ وَمَنْكِبٍ إنْ أُمِنَتْ الْجَافَّةُ، وَ) إمَّا (بِتَحَيُّزِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْصِلٌ (كَعَيْنٍ وَأُذُنٍ وَجِفْنٍ وَمَارِنٍ وَذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ وَشَفَةٍ وَلِسَانٍ، وَكَذَا شُفْرَانِ) بِضَمِّ الشِّينِ، وَأَلْيَانِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ خَطَرٌ فَاخْتَصَّ بِمَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ وَالتَّعَدِّي إلَى مَا لَا يَسْتَحِقُّ وَذَلِكَ فِي الْأَعْضَاءِ الْمُنْضَبِطَةِ بِمَا ذُكِرَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45] الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ النَّضْرِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقَدْ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ «كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» أَمَّا إذَا لَمْ تُؤْمَنْ الْإِجَافَةُ فِي أَصْلِ الْفَخْذِ وَالْمَنْكِبِ فَلَا قِصَاصَ، وَإِنْ أَجَافَ الْجَانِي، وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ يُمْكِنُ أَنْ يُقْطَعَ وَيُجَافَ مِثْلَ تِلْكَ الْجَائِفَةِ؛ لِأَنَّ الْجَوَائِفَ لَا تَنْضَبِطُ ضِيقًا وَسَعَةً وَتَأْثِيرًا وَنِكَايَةً، وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ الْقِصَاصُ فِيهَا نَعَمْ إنْ مَاتَ بِالْقَطْعِ قُطِعَ الْجَانِي، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِلَا إجَافَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (لَا إطَارُ شَفَةٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ الْمُحِيطُ بِهَا إذْ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مُقَدَّرٌ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ وَغَيْرِهَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَجِبُ فِي آخِرِهَا كَمَا يَجِبُ فِي جَمِيعِهَا، وَأَوَّلِهَا وَصَوَابُهُ هُنَا السَّهِ بِمُهْمَلَةٍ بَعْدَهَا هَاءٌ بِلَا فَاءٍ، وَهُوَ حَلْقَةُ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ الْمُحِيطَ بِهَا لَا حَدَّ لَهُ، وَهِيَ كَذَلِكَ فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الصَّحِيحَةِ. (فَرْعٌ:) لَوْ (قَطَعَ فِلْقَةً) بِفَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ قَافٍ بَعْدَ اللَّامِ وَبِقَافٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ فَاءٍ بَعْدَ اللَّامِ أَيْ قِطْعَةٌ (مِنْ أُذُنٍ، أَوْ مَارِنٍ، أَوْ لِسَانٍ، أَوْ حَشَفَةٍ) ، أَوْ شَفَةٍ (وَجَبَ الْقِصَاصُ) إنْ أَبَانَهَا (وَكَذَا إنْ لَمْ يُبِنْهَا) لِتَيَسُّرِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهَا (وَيُضْبَطُ الْمَقْطُوعُ بِالْجُزْئِيَّةِ) كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَيُسْتَوْفَى مِنْ الْجَانِي مِثْلُهُ (لَا الْمِسَاحَةِ) ؛ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ الْمَذْكُورَةَ تَخْتَلِفُ كِبَرًا وَصِغَرًا بِخِلَافِ   [حاشية الرملي الكبير] [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ] قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهِيَ مُذَفَّفَةٌ) أَيْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَقَدْ جَزَمَ مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ بِأَنَّ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ اسْمُ الشِّجَاجِ لَا يَقَعُ عَلَى جُرُوحِ سَائِرِ الْبَدَنِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لُغَوِيٌّ أَيْ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ إذْ لَا يُعْتَبَرُ الْقِصَاصُ بِالْأَرْشِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَصَابِعَ الزَّائِدَةَ يُقْتَصُّ بِمِثْلِهَا، وَلَيْسَ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَكَذَلِكَ السَّاعِدُ بِلَا كَفٍّ وَعَلَى عَكْسِهِ الْجَائِفَةُ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَلَا قِصَاصَ فِيهَا (قَوْلُهُ: كَعَيْنٍ وَأُذُنٍ إلَخْ) شَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ رَدَّهَا فِي حَرَارَةِ الدَّمِ فَالْتَصَقَتْ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالِالْتِصَاقِ لِحُصُولِ الْإِبَانَةِ وَوَجَّهَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِأَنَّ الْإِلْصَاقَ مُسْتَحِقٌّ الْإِزَالَةَ فَلَا أَثَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ مَاتَ بِالْقَطْعِ قُطِعَ الْجَانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَصَوَابُهُ السَّهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ إطَارِ الشَّفَةِ وَالِاسْتِ فِي ذَلِكَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 الْمُوضِحَةِ وَسَيَأْتِي. (فَلَوْ قَطَعَ مِنْ مَفْصِلٍ) أَيْ بَعْضَهُ كَالْكُوعِ (وَلَمْ يَبِنْ فَلَا قِصَاصَ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي قَطْعِهِ؛ لِأَنَّ الْكُوعَ، وَنَحْوَهُ مَجْمَعُ الْعُرُوقِ وَالْأَعْصَابِ الْمُخْتَلِفِ وَضْعُهَا تَسَفُّلًا وَتَصَعُّدًا وَتَخْتَلِفُ بِالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ فَلَا يَوْثُقُ بِالْمُمَاثَلَةِ بِخِلَافِ الْمَارِنِ وَالْأُذُنِ، وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ (وَكَذَا لَوْ بَانَ فِلْقَةً مِنْ فَخْذٍ) ، أَوْ نَحْوِهِ لَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّ سُمْكَهُ لَا يَنْضَبِطُ. [فَرْعٌ الْمَقْطُوعِ مِنْ الْأَعْضَاءِ الْمُعَلَّقِ بِجِلْدَةٍ] (فَرْعٌ: لِلْمُعَلَّقِ) أَيْ لِلْمَقْطُوعِ مِنْ الْأَعْضَاءِ الْمُعَلَّقِ (بِجِلْدَةٍ حُكْمُ الْمَقْطُوعِ) الْمُبَانِ فَيَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ، أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ لِبُطْلَانِ فَائِدَةِ الْعُضْوِ، وَإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيُقْتَصُّ إلَى الْجِلْدَةِ ثُمَّ لَا تُقْطَعُ) الْجِلْدَةُ بَعْدَ مُرَاجَعَةِ الْجَانِي أَهْلَ الْبَصَرِ فِيهَا (إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) . [فَرْعٌ لَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعَظْمِ] (فَرْعٌ لَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعَظْمِ) لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ السِّنُّ فَإِنَّهُ إذَا أَمْكَنَ فِيهَا الْقِصَاصُ بِأَنْ تُنْشَرَ بِمِنْشَارٍ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَجَبَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لِخَبَرِ الرَّبِيعِ السَّابِقِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِكَسْرِ عَظْمِهِ (الْقَطْعُ مِنْ أَقْرَبِ مَفْصِلٍ دُونَهُ) أَيْ دُونَ مَحَلِّ الْكَسْرِ فَلَوْ كَسَرَ عَظْمَ سَاعِدِهِ، أَوْ سَاقِهِ، وَأَبَانَهُ فَلَهُ قَطْعُ يَدِهِ مِنْ كُوعِهِ وَرِجْلِهِ مِنْ كَعْبِهِ؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ اسْتِيفَاءُ بَعْضِ الْحَقِّ وَالْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ. وَلَيْسَ لَهُ الْقَطْعُ مِنْ الْمَرْفِقِ وَالرُّكْبَةِ (وَ) لَهُ عَلَيْهِ (حُكُومَةٌ لِلْبَاقِي) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ عِوَضًا عَنْهُ، وَلَهُ أَنَّهُ يَعْفُو عَنْ الْجِنَايَةِ وَيَعْدِلُ إلَى الْمَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ أَوْضَحَ وَنَقَلَ، أَوْ هَشَّمَ وَأَوْضَحَ فَلَهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَنْ يُوضِحَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْهَشْمِ) فِي الثَّانِيَةِ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ (وَ) أَرْشَ (النَّقْلِ) فِي الْأُولَى، وَهُوَ عَشَرَةٌ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ فِيهِمَا فَعَدَلَ إلَى بَدَلِهِمَا، وَلَوْ أَوْضَحَ وَأَمَّ فَلَهُ أَنْ يُوضِحَ وَيَأْخُذَ تَمَامَ ثُلُثِ الدِّيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ، وَأَوْضَحَ كَانَ أَخْصَرَ (وَإِنْ قَطَعَ) يَدَهُ (مِنْ كُوعِهِ فَالْتَقَطَ الْمُقْتَصُّ أَصَابِعَهُ) بَلْ أُصْبُعًا وَاحِدًا (عُزِّرَ) ، وَإِنْ قَالَ لَا أَطْلُبُ فِي الْبَاقِي قَطْعًا، وَلَا أَرْشًا لِعُدُولِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَبِهَذَا فَارَقَ جَوَازَ الْقِصَاصِ فِي الْمُوضِحَةِ فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ، وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ إتْلَافَ الْجُمْلَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ بِإِتْلَافِ الْبَعْضِ غُرْمٌ كَمَا أَنَّ مُسْتَحِقَّ النَّفْسِ لَوْ قَطَعَ طَرَفَ الْجَانِي لَا غُرْمَ عَلَيْهِ (، وَلَوْ قَطَعَ الْبَاقِي) أَيْ الْكَفَّ كَمَا أَنَّ مُسْتَحِقَّ النَّفْسِ لَوْ قَطَعَ يَدَ الْجَانِي لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحُزَّ رَقَبَتَهُ وَيُفَارِقُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَقَطَ أَصَابِعَ مَنْ قَطَعَهُ مِنْ سَاعِدِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ الْكَفَّ بِأَنَّ الْكَفَّ هُنَا مَحَلُّ الْجِنَايَةِ بِخِلَافِهَا ثُمَّ (لَا طَلَبَ حُكُومَةٍ) لِلْبَاقِي؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ، وَقَدْ اسْتَوْفَاهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ يَدَيْ الْجَانِي ثُمَّ عَفَا عَنْ حَزِّ الرَّقَبَةِ وَطَلَبَ الدِّيَةَ لَمْ يُجَبْ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُهَا (أَوْ) قَطَعَ يَدَهُ (مِنْ مَرْفِقِهِ فَرَضِيَ عَنْهَا بِأُصْبُعٍ) ، أَوْ بِكَفٍّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَمْ يَجُزْ) لِعُدُولِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (فَإِنْ قَطَعَهَا مِنْ الْكُوعِ عُزِّرَ) ، وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ (وَأُهْدِرَ الْبَاقِي) فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهُ، وَلَا طَلَبُ حُكُومَتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِقَطْعِهِ مِنْ الْكُوعِ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ، وَقَنَعَ بِبَعْضِهِ وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ قَطْعَ الْبَاقِي بِأَنَّ الْقَاطِعَ مِنْ الْكُوعِ مُسْتَوْفٍ لِمُسَمَّى الْيَدِ بِخِلَافِ مُلْتَقِطِ الْأَصَابِعِ. (وَإِنْ قَطَعَ إنْسَانًا مِنْ نِصْفِ) الْأَوْلَى مِنْ بَعْضِ (الْعَضُدِ فَلَهُ قَطْعُهُ مِنْ الْمَرْفِقِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَفْصِلٍ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ (وَكَذَا) لَهُ قَطْعُهُ (مِنْ الْكُوعِ) لِعَجْزِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَمُسَامَحَتِهِ بِبَعْضِ حَقِّهِ، وَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى قَطْعِ الْمَرْفِقِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي أَنَّ لَهُ الْقَطْعَ مِنْ الْكُوعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ وَلِمَا رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ لَكِنَّ الرَّافِعِيَّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ رَجَّحَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عُدُولٌ عَمَّا هُوَ أَقْرَبُ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ (وَ) لَهُ قَطْعُ (أُصْبُعٍ) وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ (وَ) لَهُ (أَخْذُ الْحُكُومَةِ لِلْبَاقِي) مِنْ الْعَضُدِ فِي الْأُولَى وَمِنْهُ وَمِنْ السَّاعِدِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَكِنْ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَخْذُ دِيَةِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ أَيْضًا، وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَاكِتٌ عَنْ حُكْمِ الثَّالِثَةِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَلَيْسَ لَهُ لَقْطُ الْأَصَابِعِ لِتَعَدُّدِ الْجِرَاحَاتِ) ، وَهُوَ عَظِيمُ الْمَوْقِعِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَطْعُ أُصْبُعَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَأَنَّ لَهُ قَطْعَ أُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ مَرَّ أَمَّا لَوْ عَفَا عَنْ قَطْعِ الْعَضُدِ فَلَهُ دِيَةُ الْكَفِّ وَحُكُومَتَا السَّاعِدِ، وَالْمَقْطُوعُ مِنْ الْعَضُدِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَطَعَ يَدَهُ (مِنْ بَعْضِ السَّاعِدِ فَلَهُ قَطْعُهَا مِنْ الْكُوعِ، أَوْ دِيَتُهَا) بِعَفْوٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَتَعْبِيرُهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَفْوِ (وَ) لَهُ (حُكُومَةٌ لِلْبَاقِي) حَالَتَيْ الْقَطْعِ، وَأَخْذُ الدِّيَةِ (فَإِنْ لَقَطَ أَصَابِعَهُ) ، أَوْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْهَا (عُزِّرَ) ، وَلَا غُرْمَ لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَطَعَ فِلْقَةً مِنْ لِسَانٍ أَوْ أُذُنٍ أَوْ مَارِنٍ أَوْ حَشَفَةٍ] قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِهِ وَبَنَى عَلَيْهِ أَنَّهَا لَوْ قُطِعَتْ مِمَّنْ لَمْ يُثْغِرْ فَعَادَتْ نَاقِصَةً اُقْتُصَّ فِي الزِّيَادَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: وَالْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ) كَيْفَ وَالْقَطْعُ مِنْهُ أَسْهَلُ مِنْ قَطْعِ مَوْضِعِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ أُصْبُعًا وَاحِدًا) أَيْ أَوْ أُنْمُلَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: عُزِّرَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِالْمَنْعِ وَالْجَاهِلِ بِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى قَطْعِ الْمَرْفِقِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِابْنِ النَّقِيبِ، وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْتِقَاطِ الْأَصَابِعِ فَإِنَّ لَهُ قَطْعَ الْكَفِّ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ يَعُودُ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ، وَهُنَا إلَى غَيْرِ مَحِلِّهَا وَجَوَّزْنَا قَطْعَ مَا دُونَهُ لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا قَطَعَ مَرَّةً لَمْ يُكْرَهْ فس (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ إلَخْ) ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْأَرْجَحُ (قَوْلُهُ: أَوْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْهَا) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا قَالَ أَوْ اثْنَيْنِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْجَمْعَ فِي الْمَتْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ بِقَلِيلٍ أَنَّ الْأُصْبُعَ كَذَلِكَ، وَهُنَا نَظِيرُهُ إذْ الْأَوْجَهُ مَا تَقَدَّمَ فَيَرْجِعُ الثَّانِي إلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 بِالتَّعْزِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَأُهْدِرَ بَاقِي الْكَفِّ) فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهُ، وَلَا طَلَبُ حُكُومَتِهِ لِمَا مَرَّ (وَلَهُ حُكُومَةُ بَعْضِ السَّاعِدِ) لِمَا مَرَّ وَتَعْبِيرُهُ بِالْبَعْضِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالنِّصْفِ (أَوْ) قَطَعَهَا (مِنْ نِصْفِ) الْأَوْلَى مِنْ بَعْضِ (الْكَفِّ الْتَقَطَ الْأَصَابِعَ) ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الْجِرَاحَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى إهْمَالِ الْتِقَاطِهَا، وَلَيْسَ بَعْدَ مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ إلَّا مَفَاصِلَ مُتَعَدِّدَةً (وَلَهُ) مَعَ الِالْتِقَاطِ (حُكُومَةُ الْبَاقِي) مِنْ الْكَفِّ لِمَا مَرَّ. (فَرْعٌ) لَوْ (شَقَّ الْكَفَّ) مِنْ إنْسَانٍ حَتَّى انْتَهَى (إلَى مَفْصِلٍ يُمْكِنُ الْمُمَاثَلَةُ) فِي الِاسْتِيفَاءِ بِشَقِّهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ (إلَيْهِ) بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (اقْتَصَّ) مِنْهُ. (النَّوْعُ الثَّالِثُ: إبْطَالُ الْمَنَافِعِ، وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْمُبَاشَرَةِ) لَهَا (بَلْ تَبَعًا) لِمَحَلِّهَا، أَوْ لِمُجَاوِرِهَا (فَإِنْ أَذْهَبَ ضَوْءَ عَيْنَيْهِ) بِفَتْحِ الضَّادِ وَضَمِّهَا (بِهَاشِمَةٍ) ، أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا قِصَاصَ فِيهِ (أَذْهَبَهُ) مِنْ الْجَانِي (بِكَافُورٍ، أَوْ بِتَقْرِيبِ حَدِيدَةٍ حَامِيَةٍ) مِنْ حَدَقَتِهِ، أَوْ بِنَحْوِهِمَا وَفِي الْهَاشِمَةِ أَرْشُهَا؛ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ فِيهَا (وَإِنْ أَذْهَبَهُ بِمُوضِحَةٍ، وَكَذَا بِلَطْمَةٍ) تُذْهِبُ الضَّوْءَ غَالِبًا (اقْتَصَّ) بِمِثْلِ فِعْلِهِ (فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ أَذْهَبَهُ) بِكَافُورٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إذْهَابُهُ إلَّا بِإِذْهَابِ الْحَدَقَةِ سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَتَقْيِيدُ مَا ذُكِرَ بِضَوْءِ الْعَيْنَيْنِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ ضَوْءُ إحْدَاهُمَا كَذَلِكَ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ اللَّطْمَةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَطَمَهُ فَأَذْهَبَ ضَوْءَ عَيْنَيْهِ مَعًا بَلْ يُذْهِبُهُ بِالْمُعَالَجَةِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ (وَالسَّمْعُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَالْكَلَامُ وَالْبَطْشُ لَا الْعَقْلُ كَالْبَصَرِ) فِي أَنَّ إبْطَالَهَا (يُوجِبُ الْقِصَاصَ بِالسِّرَايَةِ) ؛ لِأَنَّ لَهَا مَحَالًّا مَضْبُوطَةً وَلِأَهْلِ الْخِبْرَةِ طُرُقٌ فِي إبْطَالِهَا بِخِلَافِ الْعَقْلِ لِتَعَذُّرِ إزَالَتِهِ بِالسِّرَايَةِ إذْ لَا يَوْثُقُ بِالْمُعَالَجَةِ مِمَّا يُزِيلُهُ وَلِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي مَحَلِّهِ، وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّ مَحَلَّهُ الْقَلْبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: 46] ؛ وَلِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْعُلُومِ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي السَّمْعِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَنَقَلَاهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ: وَالْمَذْهَبُ فِيهِ الْمَنْعُ إذْ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. انْتَهَى، وَفِي اللَّمْسِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. (فَرْعٌ: مَتَى قَطَعَ أُصْبُعَهُ فَتَآكَلَ الْكَفُّ، أَوْ أَوْضَحَهُ فَتَصَلَّعَ) بِأَنْ ذَهَبَ شَعْرُ مُقَدِّمِ رَأْسِهِ (اُقْتُصَّ) مِنْهُ (كَفِعْلِهِ، وَلَزِمَهُ دِيَةٌ لِلْمُتَآكِلِ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ وَحُكُومَةٌ لِلشَّعْرِ، وَإِنْ ذَهَبَا بِالْقِصَاصِ) فَلَا يَقَعُ ذَهَابُهُمَا قِصَاصًا إذْ لَا قِصَاصَ فِيهِمَا لِمَا مَرَّ أَنَّ فَوَاتَ الْجِسْمِ لَا يُقْصَدُ بِالسِّرَايَةِ، وَكَالتَّآكُلِ الشَّلَلُ (وَلَوْ عَفَا) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (عَنْ دِيَةِ الْأُصْبُعِ) بَعْدَ عَفْوِهِ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَيْهَا (لَزِمَهُ) أَيْ الْجَانِيَ (مِنْ دِيَةِ الْكَفِّ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ) أَيْ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دِيَتِهَا لِلْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ (وَلَا حُكُومَةَ لِلْمَنَابِتِ) أَيْ مَنَابِتِ الْأَصَابِعِ بَلْ تَدْخُلُ فِي دِيَتِهَا، وَقَوْلُهُ، وَلَوْ عَفَا إلَى آخَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ وَتَرَكَ قَوْلَ الْأَصْلِ، وَلَوْ عَفَا عَنْ قِصَاصِ الْأُصْبُعِ لَهُ دِيَةُ الْيَدِ، وَإِنْ اقْتَصَّ فَلَمْ يَسْرِ الْقَطْعُ إلَى غَيْرِ الْأُصْبُعِ، أَوْ سَرَى، وَقُلْنَا لَا يَقَعُ قِصَاصًا فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دِيَةِ الْكَفِّ، وَلَا حُكُومَةَ لِلْمَنَابِتِ (وَهِيَ) أَيْ دِيَةُ الْمُتَآكَلِ (مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِ الْجَانِي) ؛ لِأَنَّهَا سِرَايَةُ جِنَايَةِ عَمْدٍ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ لِتَقَدُّمِهِ آنِفًا، وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْهُ (يُطَالِبُ بِهَا) أَيْ بِدِيَةِ الْمُتَآكَلِ (عَقِيبَ قَطْعِ الْأُصْبُعِ) أَيْ أُصْبُعِ الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ سَرَى الْقَطْعُ إلَى الْكَفِّ لَمْ يَسْقُطْ بَاقِي الدِّيَةِ فَلَا مَعْنَى لِانْتِظَارِ السِّرَايَةِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَتْ) أَيْ الْجِنَايَةُ (إلَى النَّفْسِ فَاقْتَصَّ بِهَا) أَيْ بِالْجِنَايَةِ (لَمْ يُطَالَبْ فِي الْحَالِ فَلَعَلَّهَا) أَيْ جِرَاحَةَ الْقِصَاصِ (تَسْرِي) فَيَحْصُلُ الْقِصَاصُ (وَكَذَا فِي ابْيِضَاضِ) حَدَقَةِ (الْعَيْنِ وَشُخُوصِهَا) بِالْجِنَايَةِ يَقْتَصُّ بِهَا بِمَا يُفْضِي إلَى ذَلِكَ (إنْ أَمْكَنَ) ، وَلَا يُطَالَبُ بِدِيَةِ الضَّوْءِ فِي الْحَالِ فَلَعَلَّ الْجُرْحَ يَسْرِي (وَإِنْ اقْتَصَّ) بِمَا ذُكِرَ (فَلَمْ يَذْهَبْ الضَّوْءُ) فِي الْحَالِ (صَبَرَ) فَلَا يُطَالِبُ بِالدِّيَةِ (فَرُبَّمَا يَسْرِي) لِلضَّوْءِ. (فَرْعٌ:) لَوْ (اقْتَصَّ) مِنْ الْجَانِي عَلَيْهِ (خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَفِي كَوْنِهِ مُسْتَوْفِيًا خِلَافٌ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُسْتَوْفٍ كَمَا جَزَمْت بِهِ بَعْدُ تَبَعًا لِجَزْمِ الْأَصْلِ بِهِ ثُمَّ، وَإِنْ جَرَى صَاحِبُ الْحَاوِي وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى عَكْسِهِ (أَوْ) اقْتَصَّ مِنْ قَاتِلِ مُوَرِّثِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ قَطَعَهَا مِنْ نِصْفِ الْكَفِّ الْتَقَطَ الْأَصَابِعَ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَلْقُطَ الْأَنَامِلَ الْعُلْيَا أَوْ الَّتِي قَبْلَهَا فَهَلْ يَجِيءُ فِيهِ خِلَافٌ فِي الْعُدُولِ مِنْ الْمَرْفِقِ إلَى الْكُوعِ أَمْ يُقْطَعُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّدَتْ الْمَفَاصِلُ، وَلَنَا مَنْدُوحَةٌ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يُقْطَعَ مِنْ أُصُولِ الْأَصَابِعِ هَذَا مُحْتَمَلٌ وَالْأَرْجَحُ الْأَوَّلُ (النَّوْعُ الثَّالِثُ فِي إبْطَالِ الْمَنَافِعِ) قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إذْهَابُهُ إلَّا بِإِذْهَابِ الْحَدَقَةِ سَقَطَ الْقِصَاصُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ إذْ قَدْ تَكُونُ عَيْنُ الْجَانِي ضَعِيفَةً أَوْ مَرِيضَةً، وَيَقُولُ أَهْلُ الْبَصَرِ مَتَى فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ انْغَلَقَتْ الْحَدَقَةُ (قَوْلُهُ: وَالْبَطْشُ) ي، وَالْمَشْيُ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: 46] نَظْمُ الْآيَةِ فِي الْأَعْرَافِ {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: 179] ، وَفِي الْحَجِّ {لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: 46] (قَوْلُهُ: وَفِي اللَّمْسِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) لَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لِلْمَسِّ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْبَارِزِيُّ أَنَّهُ كَالْبَقِيَّةِ، وَقَوْلُ الطَّاوُسِيُّ: الْمَعْنِيُّ بِالْحَوَاسِّ غَيْرُ اللَّمْسِ؛ لِأَنَّ زَوَالَهُ إنْ كَانَ بِزَوَالِ الْبَطْشِ فَفِيهِ دِيَةُ الْبَطْشِ، وَإِلَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ زَوَالُهُ فَإِنْ فُرِضَ تَخْدِيرٌ فَفِيهِ حُكُومَةٌ فِيهِ نَظَرٌ إذْ قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ زَوَالُهُ مَمْنُوعٌ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ زَوَالُهُ، وَقَوْلُهُ: فَفِيهِ دِيَةُ الْبَطْشِ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا بَلْ فِي الْقَوَدِ، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا ش، وَأَيْضًا فَاللَّمْسُ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْحَوَاسِّ لَا يَخُصُّ الْيَدَيْنِ بَلْ هُوَ قُوَّةٌ تَعُمُّ أَعْضَاءَ الْبَدَنِ أَنْ. [فَرْعٌ قَطَعَ أُصْبُعَهُ فَتَآكَلَ الْكَفُّ أَوْ أَوْضَحَهُ فَتَصَلَّعَ] (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّ فَوَاتَ الْجِسْمِ لَا يُقْصَدُ بِالسِّرَايَةِ) فَالْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِهِ لَا تُعَدُّ قَصْدًا إلَى تَفْوِيتِهِ وَاللَّطَائِفُ لَا تُبَاشَرُ بِالْجِنَايَةِ بَلْ يُتَوَصَّلُ إلَى تَفْوِيتِهَا بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَحَالِّهَا أَوْ مَا يُجَاوِرُهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُكَرَّرٌ لِتَقَدُّمِهِ آنِفًا) مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا اقْتَصَّ، وَهَذَا فِيمَا إذَا عَفَا. [فَرْعٌ اقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي عَلَيْهِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ] (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُسْتَوْفٍ كَمَا جَزَمْت بِهِ بَعْدُ تَبَعًا لِجَزْمِ الْأَصْلِ بِهِ ثَمَّ) وَصَحَّحَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 (وَهُوَ صَبِيٌّ، أَوْ مَجْنُونٌ فَلَا) يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلِاسْتِيفَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَ وَدِيعَتَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بَرِئَ الْمُودِعُ، وَلَوْ مَاتَ الْجَانِي لَمْ يَبْرَأْ، أَوْ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَوْفِيًا فَتَتَعَلَّقُ الدِّيَةُ بِتَرِكَةِ الْجَانِي (وَيَلْزَمُهُ دِيَةُ عَمْدٍ) بِقَتْلِهِ الْجَانِي؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ (وَالطَّرَفُ كَالنَّفْسِ) فَلَوْ ثَبَتَ لِصَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ قِصَاصُ طَرَفٍ فَقُطِعَ طَرَفُ الْجَانِي لَمْ يَكُنْ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ (فَإِنْ قَطَعَهُ بِإِذْنِهِ) ، أَوْ تَمْكِينِهِ بِأَنْ أَخْرَجَ إلَيْهِ طَرَفَهُ فَقَطَعَهُ (فَهَدَرٌ) ، وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ وَالطَّرَفُ كَالنَّفْسِ أَغْنَى عَنْهُ مَا قَبْلَهُ، وَلَوْ أَبْدَلَ قَطَعَهُ بِقَصَّ مِنْهُ كَانَ أَعَمَّ. (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُمَاثَلَةِ) ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي قِصَاصِ غَيْرِ النَّفْسِ كَالْكَفَاءَةِ فِي النَّفْسِ (وَ) عَلَيْهِ (لَا تُقْطَعُ يَدٌ بِرِجْلٍ، وَ) لَا (يَمِينٌ بِيَسَارٍ، وَلَا جَفْنٌ أَعْلَى بِأَسْفَلَ، وَ) لَا (نَحْوُهُ) كَأُذُنٍ بِشَفَةٍ (كَالْعَكْسِ، وَلَا أُصْبُعٌ وَأُنْمُلَةٌ وَسِنٌّ بِغَيْرِهَا، وَلَا زَائِدٌ بِزَائِدٍ فِي مَحَلٍّ آخَرَ) كَزَائِدٍ بِجَنْبِ الْخِنْصَرِ بِزَائِدٍ بِجَنْبِ الْإِبْهَامِ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ بَلْ وَالِاسْمُ وَالْمَنْفَعَةُ فِي بَعْضِهَا بِخِلَافِ زَائِدٍ بِزَائِدٍ مُتَّفِقَيْ الْمَحَلِّ (وَلَا يَضُرُّ) فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ حَيْثُ اتَّحَدَ الْجِنْسُ (تَفَاوُتُ كِبَرٍ أَوْ طُولٍ، أَوْ قُوَّةٍ، أَوْ سِمَنٍ أَوْ لَوْنٍ فِي) عُضْوٍ (أَصْلِيٍّ، وَكَذَا زَائِدٌ) كَمَا فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي ذَلِكَ لَا تَكَادُ تَتَّفِقُ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ اُعْتُبِرَتْ لَبَطَلَ مَقْصُودُ الْقِصَاصِ، وَلِذَلِكَ تُقْطَعُ يَدُ الصَّانِعِ بِيَدِ الْأَخْرَقِ كَمَا يُقْتَلُ الْعَالِمُ بِالْجَاهِلِ (إلَّا إنْ تَفَاوَتَا) أَيْ الزَّائِدَانِ (بِمَفْصِلٍ) بِأَنْ زَادَتْ مَفَاصِلُ زَائِدَةِ الْجَانِي عَلَى مَفَاصِلِ زَائِدَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيَضُرُّ حَتَّى لَا تُقْطَعَ بِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا أَعْظَمُ مِنْ تَفَاوُتِ الْمَحَلِّ، وَكَذَا إنْ تَفَاوَتَا بِالْحُكُومَةِ، وَإِنْ تَمَاثَلَا فِي الْمَفْصِلِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ، وَأَقَرَّهُ. (وَيُقْطَعُ زَائِدٌ بِأَصْلِيٍّ اتَّفَقَ مَحَلُّهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ لِنُقْصَانِ الزَّائِدِ كَمَا لَوْ رَضِيَ بِالشَّلَّاءِ عَنْ الصَّحِيحَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ مَحَلُّهُمَا (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يُقْطَعُ أَصْلِيٌّ بِزَائِدٍ، وَإِنْ اتَّفَقَ مَحَلُّهُمَا؛ لِأَنَّهُ فَوْقَ حَقِّهِ. (فَرْعٌ: وَيُقْتَصُّ فِي الْمُوضِحَةِ بِالْمِسَاحَةِ) طُولًا وَعَرْضًا لَا بِالْجُزْئِيَّةِ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَيْنِ مَثَلًا قَدْ يَخْتَلِفَانِ صِغَرًا وَكِبَرًا فَيَكُونُ جُزْءُ أَحَدِهِمَا قَدْرَ جَمِيعِ الْآخَرِ فَيَقَعُ الْحَيْفُ بِخِلَافِ الْأَطْرَافِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ وَجَبَ فِيهَا بِالْمُمَاثَلَةِ بِالْجُمْلَةِ فَلَوْ اعْتَبَرْنَاهَا بِالْمُسَامَحَةِ أَدَّى إلَى أَخْذِ الْأَنْفِ بِبَعْضِ الْأَنْفِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمُوضِحَةِ فَاعْتُبِرَتْ بِالْمُسَامَحَةِ (وَإِنْ عَمَّ بِالْبَعْضِ) أَيْ بِسَبَبِ إيضَاحِ الْبَعْضِ (الْكُلُّ بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرَ) مِنْ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ (وَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ) مِنْهُ (أَخَذَ قَدْرَ حَقِّهِ) مِنْهُ بِالْمِسَاحَةِ (وَبَدَأَ) الْمُقْتَصُّ بِالْإِيضَاحِ (مِنْ حَيْثُ شَاءَ الْجَانِي) إذْ كُلُّ رَأْسِهِ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ، وَقِيلَ مِنْ حَيْثُ شَاءَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَوْضَحَ جَمِيعَ رَأْسِهِ فَيَسْتَوْفِي قَدْرَهُ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا: وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ خَلَا الْإِمَامَ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ تَبِعَا فِيهِ الْإِمَامَ وَتَعْلِيلُهُ السَّابِقُ لَا يُنَاسِبُهُ، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ لِإِعْطَاءِ مَنْ عَلَيْهِ حُقُوقٌ مَالِيَّةٌ هُوَ الْأَوَّلَ. قَالُوا وَنَقْلُ الرَّافِعِيِّ الْأَوَّلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ سَهْوٌ (، وَلَا يُتَمِّمُ) مُوضِحَةً لِرَأْسٍ إذَا كَانَ أَصْغَرَ (بِالْجِهَةِ كَعَكْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ، وَلَوْ قَالَ، وَلَا يُتَمِّمُ بِغَيْرِهِ كَانَ أَعَمَّ (بَلْ) يُتَمِّمُ (بِالْقِسْطِ) أَيْ بِقِسْطِ الْبَاقِي (مِنْ الْأَرْشِ) إذَا وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ الْمُوضِحَةِ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرَ الثُّلُثِ فَالْقِسْطُ ثُلُثُ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ، وَهَذَا كَمَا لَوْ قَطَعَ نَاقِصُ الْأَصَابِعِ يَدَ كَامِلِهَا فَإِنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ وَيُؤْخَذُ أَرْشُ الْأُصْبُعِ النَّاقِصَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِرَأْسِهِ كَالْيَدِ الصَّغِيرَةِ عَنْ الْكَبِيرَةِ؛ لِأَنَّ مَا بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْيَدَيْنِ لَيْسَ بِيَدٍ وَمَا بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ مُوضِحَةٌ فَلَا يُجْعَلُ تَابِعًا؛ وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ اسْمُ الْيَدِ، وَهُنَا الْمِسَاحَةُ (نَعَمْ إنْ كَانَ بَعْضُهُ) أَيْ رَأْسُ الْجَانِي (مَشْجُوجًا وَالْبَاقِي بِقَدْرِ مُوضِحَتِهِ تَعَيَّنَ) لِتَعَذُّرِ مَشِيئَةِ الْجَانِي (وَصَارَ كَأَنَّهُ كُلُّ الرَّأْسِ، وَلَا تَفْرُقُ) الْمُوضِحَةُ فِي مَحَلَّيْنِ كَمُقَدِّمِ رَأْسِهِ، وَمُؤَخِّرِهِ (فَتَصِيرُ مُوضِحَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى مُقَابَلَةِ مُوضِحَةٍ بِمُوضِحَتَيْنِ. (وَلَا تُبَعَّضُ الْمُوضِحَةُ مَعَ إمْكَانِهَا) أَيْ إمْكَانِ اسْتِيفَائِهَا وَذَلِكَ بِأَنْ يَسْتَوْفِيَ بَعْضَهَا (قِصَاصًا، وَ) بَعْضَهَا (أَرْشًا) أَيْ بِقِسْطِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ الْمُسْتَوْفَى يُقَابَلُ بِالْأَرْشِ التَّامِّ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ تَمَامِ الِاسْتِيفَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ، وَهُوَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَلْ بِالْقِسْطِ مِنْ -   [حاشية الرملي الكبير] وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ عِلَّةُ الْحُكْمِ حُكْمِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ، وَهِيَ كَوْنُهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلِاسْتِيفَاءِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُمَاثَلَةِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُمَاثَلَةِ) (قَوْلُهُ: وَلَا يَمِينَ بِيَسَارٍ) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْيَدُ وَالرِّجْلُ وَالْأُذُنُ وَالْعَيْنُ وَالْمَنْخَرُ وَالْخُصْيَةُ وَالشَّفْرُ وَالْأَلْيَةُ وَغَيْرُهَا، وَلَوْ قَالَ لَا تُؤْخَذُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ لَدَخَلَ فِيهِ فَقْءُ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ، وَقَلْعُهَا، وَإِذْهَابُ ضَوْئِهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا زَائِدٌ بِزَائِدٍ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ، وَلَا حَادِثٌ بَعْدَ الْجِنَايَةِ بِمَوْجُودٍ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ قَلَعَ سِنًّا، وَلَيْسَ لِلْجَانِي مِثْلُهَا فَلَا قِصَاصَ فَلَوْ نَبَتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَقْتَصَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً حَالَةَ الْجِنَايَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى السِّنِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُ كِبَرٍ أَوْ طُولٍ أَوْ قُوَّةٍ) إلَّا إذَا كَانَ النَّقْصُ بِجِنَايَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ أَرْشَهَا (قَوْلُهُ: كَمَا يُقْتَلُ الْعَالِمُ بِالْجَاهِلِ) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: 45] فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ فِي النَّفْسِ حَتَّى يُؤْخَذَ الْعَالِمُ بِالْجَاهِلِ وَغَيْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَيُقْتَصُّ فِي الْمُوضِحَةِ بِالْمِسَاحَةِ) ، وَيُضْبَطُ الشَّاجُّ اسْتِحْبَابًا حَتَّى لَا يَضْطَرِبَ (قَوْلُهُ: وَبَدَأَ مِنْ حَيْثُ شَاءَ الْجَانِي) إذْ كُلُّ رَأْسِهِ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ فَيُوَفِّي صَاحِبَهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ أَيِّ مَكَان شَاءَ، وَهَذَا كَمَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ مَالِيٌّ فَإِنَّ الْخِبْرَةَ فِي أَدَائِهِ إلَيْهِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ شَاءَ مِنْ أَمْوَالِهِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ النَّوْعِ بِخُصُوصِهِ. اهـ. وَشَمِلَ الْحَقُّ الْمَالِيُّ مَا إذَا ثَبَتَ بِتَعَدِّي مَنْ هُوَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ الثَّانِي هُوَ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ) أَيَّ جُزْءٍ مِنْ رَأْسِهِ مُكِّنَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْ إيضَاحِهِ بَعْدَ وَفَاءِ حَقِّهِ فَهُوَ مُنَاسِبٌ لِلْأَوَّلِ لَا لِلثَّانِي (قَوْلُهُ: قَالُوا: وَنَقْلُ الرَّافِعِيِّ الْأَوَّلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ سَهْوٌ) يُرَدُّ بِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ إذْ هُوَ مُثْبَتٌ، وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 الْأَرْشِ (بِخِلَافِ الْمُوضِحَتَيْنِ) فَإِنَّهُ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ فِي إحْدَاهُمَا وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ (وَإِنْ أَوْضَحَ) الْجَانِي (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ الرَّأْسِ (كَالنَّاصِيَةِ وَالْقَذَالِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِالْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ جِمَاعُ مُؤَخِّرِ الرَّأْسِ (تَعَيَّنَ الْمَوْضِعُ) لِلْإِيضَاحِ (وَيُتَمِّمُ مَا نَقَصَ) مِنْ مُوضِحَتِهِ (مِنْ الرَّأْسِ) ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ عُضْوٌ وَاحِدٌ (لَا مِنْ الْجَبْهَةِ وَالْقَفَا) ، وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَعْضَاءٌ مُخْتَلِفَةٌ (وَلَا) يُتَمِّمُ (السَّاعِدَ) أَيْ مُوضِحَتَهُ (مِنْ الْعَضُدِ وَالْكَفِّ) ، وَلَا عَكْسُهُ لِذَلِكَ (وَلْيَحْلِقْ) إذَا أَرَادَ الِاقْتِصَاصَ فِي الْمُوضِحَةِ (مَوْضِعَهَا مِنْ رَأْسِ الشَّاجِّ) إنْ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ (وَيُعَلِّمُ بِخَطٍّ) مِنْ سَوَادٍ، أَوْ حُمْرَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا (وَيُوضِحُ بِحَدِيدَةٍ) حَادَّةٍ (كَالْمُوسَى لَا بِسَيْفٍ وَحَجَرٍ) ، وَنَحْوِهِمَا (وَإِنْ) كَانَ (أَوْضَحَ بِهِ) إذْ لَا تُؤْمَنُ الزِّيَادَةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ وَتَرَدَّدَ فِيهِ الرُّويَانِيُّ. انْتَهَى. وَعِبَارَةُ الرُّويَانِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْقَفَّالِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَقْتَصُّ بِمِثْلِ مَا فَعَلَهُ إنْ أَمْكَنَ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إذَا لَمْ يُمْكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ الْقَاضِي، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ (وَلَا عِبْرَةَ بِغِلَظِ الْجِلْدِ) ، أَوْ اللَّحْمِ (وَرِقَّتِهِ) كَمَا لَا عِبْرَةَ بِتَفَاوُتِ كِبَرِ الْأَطْرَافِ (وَيَفْعَلُ) الْمُقْتَصُّ (الْأَسْهَلَ) عَلَى الْجَانِي مِنْ الشَّقِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً، أَوْ شَيْئًا فَشَيْئًا وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ الْأَشْبَهُ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِ جِنَايَتِهِ إنْ، أَوْضَحَ دَفْعَةً فَدَفْعَةً، أَوْ بِالتَّدْرِيجِ فَبِالتَّدْرِيجِ (وَيَضْبِطُ الْجَانِي) وُجُوبًا لِئَلَّا يَضْطَرِبَ (فَإِنْ زَادَ الْمُقْتَصُّ) فِي الْمُوضِحَةِ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ (بِاضْطِرَابِ الْجَانِي فَهَدَرٌ، أَوْ عَمْدًا اقْتَصَّ مِنْهُ) فِي الزَّائِدِ لَكِنْ (بَعْدَ انْدِمَالِ جُرْحِهِ، أَوْ خَطَأً) كَأَنْ اضْطَرَبَتْ يَدَاهُ، أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ (فَأَرْشٌ كَامِلٌ) يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الزَّائِدِ يُخَالِفُ حُكْمَ الْأَصْلِ وَتَخَالُفُ الْحُكْمِ كَتَعَدُّدِ الْجَانِي (وَيُصَدَّقُ) الْمُقْتَصُّ (بِيَمِينِهِ إنْ قَالَ أَخْطَأْت) بِالزِّيَادَةِ، وَقَالَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ بَلْ تَعَمَّدْت؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَمْدِ (وَإِنْ قَالَ) تَوَلَّدَتْ الزِّيَادَةُ (بِاضْطِرَابِهِ) ، وَأَنْكَرَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ (فَوَجْهَانِ) فِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَعَدَمُ الِاضْطِرَابِ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْهُمَا تَصْدِيقَ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ (تَنْبِيهٌ) سَيَأْتِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي الطَّرَفِ وَصُورَةُ مَا ذَكَرَ هُنَا أَنْ يَرْضَى الْجَانِي بِذَلِكَ، أَوْ يُوَكِّلَ فِيهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ غَيْرَهُ. (فَرْعٌ: إيضَاحُ الْجَمَاعَةِ كَقَطْعِهِمْ الطَّرَفَ) فِي كَيْفِيَّةِ الِاشْتِرَاكِ وَوُجُوبِ الْقِصَاصِ فَإِذَا تَحَامَلُوا عَلَى الْآلَةِ وَجَرُّوهَا مَعًا وَجَبَ أَنْ يُوضَحَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ مِثْلَ تِلْكَ الْمُوضِحَةِ، وَقِيلَ تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ وَيُوضَحُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لِإِمْكَانِ التَّجْزِئَةِ، وَإِنْ وَجَبَ مَالٌ وُزِّعَ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَا قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ كُلُّ أَرْشٍ كَامِلٍ، وَالتَّرْجِيحُ فِي الصُّورَتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فِي الْأُولَى. (فَرْعٌ: يُقْتَصُّ فِي الْمُوضِحَةِ) الَّتِي (لِذِي شَعْرٍ مِنْ) شَاجٍّ (ذِي شَعْرٍ، وَإِنْ تَفَاوَتَا) فِي الشَّعْرِ خِفَّةً، وَكَثَافَةً (وَكَذَا مِنْ) شَاجٍّ (أَقْرَعَ لَا عَكْسِهِ) بِأَنْ كَانَ الْمَشْجُوجُ أَقْرَعَ وَالشَّاجُّ لَيْسَ بِأَقْرَعَ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ شَعْرٍ لَمْ يُتْلِفْهُ وَعَبَّرَ بِالْأَقْرَعِ إشَارَةً إلَى مَا جَمَعَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَ نَصِّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى مَنْ اخْتَصَّ الشَّعْرُ بِرَأْسِهِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ، وَنَصِّ الْمُخْتَصَرِ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ فَيَحْلِقُ مَحَلَّ الشَّجَّةِ ثُمَّ يَقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِرَأْسِهِمَا شَعْرٌ فَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ عَدَمُ الشَّعْرِ بِرَأْسِ الْمَشْجُوجِ لِفَسَادِ مَنْبَتِهِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ لِحَلْقٍ، وَنَحْوِهِ. (فَرْعٌ:) لَوْ (خَفِيَ الْإِيضَاحُ) بِأَنْ شَكَّ هَلْ أَوْضَحَ بِالشَّجَّةِ، أَوْ لَا (لَمْ يَقْتَصَّ) مَعَ الشَّكِّ (بَلْ يَسْبُرُ) بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يَبْحَثُ عَنْهُ بِمِسْمَارٍ، أَوْ نَحْوِهِ حَتَّى يَعْرِفَ (وَيَشْهَدُ بِهِ شَاهِدَانِ، أَوْ يَثْبُتُ بِاعْتِرَافِ الْجَانِي، وَهُوَ) أَيْ الْإِيضَاحُ يَحْصُلُ (بِالِانْتِهَاءِ إلَى الْعَظْمِ حَتَّى لَوْ غَرَزَ إبْرَةً وَانْتَهَتْ إلَيْهِ فَمُوضِحَةٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ الْعَظْمُ لِلنَّاظِرِ. [فَصْلٌ فِي الصِّفَاتِ الَّتِي يُؤَثِّرُ التَّفَاوُتُ فِيهَا أَوْ لَا يُؤَثِّرُ] (فَصْلٌ:) فِي الصِّفَاتِ الَّتِي يُؤَثِّرُ التَّفَاوُتُ فِيهَا، أَوْ لَا يُؤَثِّرُ (تُقْطَعُ) يَدٌ مَثَلًا (سَلِيمَةٌ بِبَرْصَاءَ وَعَسْمَاءَ وَعَرْجَاءَ وَعَلِيلَةَ ظُفُرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْعُضْوِ؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عِلَّةٌ وَمَرَضٌ فِي الْعُضْوِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيُوضِحُ بِحَدِيدَةٍ كَالْمُوسَى) لَا بِسَيْفٍ وَحَجَرٍ، وَإِنْ أَوْضَحَ بِهِمَا إذْ لَا تُؤْمَنُ الزِّيَادَةُ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْعُدُولُ عَمَّا فَعَلَ بِهِ إلَى الْمُوسَى عَلَى حَالَةِ خَوْفِ حَيْفٍ وَزِيَادَةٍ، وَالْمُمَاثَلَةُ عَلَى حَالَةِ الْأَمْنِ مِنْ ذَلِكَ كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ الْأَشْبَهُ إلَخْ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِهِمْ إذْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُمَاثَلَةَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ الْمُقْتَصُّ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي فَهَدَرٌ أَوْ بِاضْطِرَابِهِمَا فَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ يُوَزَّعُ) فَيُهْدَرُ الشَّطْرُ، وَيَلْزَمُ الْمُقْتَصَّ الشَّطْرُ قَالَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ شَرِيكِ قَاتِلِ نَفْسِهِ حَيْثُ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا لَوْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي مُوضِحَةٍ حَيْثُ وَجَبَ عَلَى كُلٍّ أَرْشٌ كَامِلٌ لِعَدَمِ إهْدَارِ فِعْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ بِاضْطِرَابِهِ فَوَجْهَانِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِتَصْدِيقِ الْمَشْجُوجِ يَعْنِي، وَهُوَ الْمُقْتَصُّ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي حَقِّهِ أَصْلَانِ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَعَدَمُ الِارْتِعَاشِ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الْآخَرِ إلَّا أَصْلٌ وَاحِدٌ بَلْ وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ مَسَّهُ آلَةُ الْقِصَاصِ يَتَحَرَّكُ بِالطَّبْعِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْهُمَا تَصْدِيقَ الْمُقْتَصِّ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الِاسْتِيفَاءِ مُقْتَضِيَةٌ لِلضَّمَانِ، وَهُوَ يَدَّعِي إسْقَاطَ الضَّمَانِ بِفِعْلِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَرْشٌ كَامِلٌ) ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي مُوضِحَةٍ وَآلَ إلَى الْأَرْشِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَرْشٌ كَامِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ.، وَقَدْ صَرَّحَا بِهِ فِي بَابِ الدِّيَاتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَهُوَ الْمَذْهَبُ. (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ بِالْإِقْرَاعِ أَشَارَ إلَى مَا جَمَعَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ: وَعَرْجَاءَ) ؛ لِأَنَّ الْعَرَجَ قُصُورٌ فِي السَّاقِ أَوْ الْفَخِذِ أَوْ ظُهُورِ خَلَلٍ فِي بَعْضِ مَفَاصِلِهِ وَالْقَدَمُ سَلِيمَةٌ فَأَمَّا إنْ قُطِعَ رِجْلٌ أُخِيفَ فَلَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ فِي الرِّجْلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمَحَلُّهُ فِي عِلَّةِ الظُّفُرِ مِنْ سَوَادٍ وَاخْضِرَارٍ، وَنَحْوِهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِآفَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ جَافًّا، وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَوَّلِ الْمُتَوَلِّي، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي الشَّافِعِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْعَسَمُ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ تَشَنُّجٌ فِي الْمَرْفِقِ، أَوْ قِصَرٌ فِي السَّاعِدِ، أَوْ الْعَضُدِ قَالَهُ فِي الْأَصْلِ، وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ هُوَ مَيْلٌ وَاعْوِجَاجٌ فِي الرُّسْغِ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: الْأَعْسَمُ الْأَعْسَرُ، وَهُوَ مَنْ بَطْشُهُ بِيَسَارِهِ أَكْثَرُ (لَا سَاقِطَةٌ) أَيْ لَا سَلِيمَةُ ظُفُرٍ بِسَاقِطَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَعْلَى مِنْهَا (وَ) لَكِنْ (تَكْمُلُ دِيَتُهَا) وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْقِصَاصَ تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ بِخِلَافِ الدِّيَةِ وَعُلِمَ بِمَا قَالَهُ أَنَّ سَاقِطَةَ الظُّفُرِ تُقْطَعُ بِسَلِيمَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهَا دُونَ حَقِّهِ. (فَرْعٌ: لَا تُقْطَعُ) يَدٌ، أَوْ رِجْلٌ صَحِيحَةٌ (بِشَلَّاءَ) لَمْ يَمُتْ صَاحِبُهَا بِقَطْعِهَا (وَإِنْ رَضِيَ) بِهِ (الْجَانِي) لِانْتِفَاءِ الْمُمَاثَلَةِ كَمَا لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ؛ وَلِأَنَّ نِسْبَةَ بَدَلِ الصَّحِيحَةِ إلَى بَدَلِ النَّفْسِ النِّصْفُ، وَنِسْبَةَ بَدَلِ الشَّلَّاءِ إلَى بَدَلِ النَّفْسِ دُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهَا الْحُكُومَةُ (فَإِنْ قَطَعَهَا) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْجَانِي (لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) فَلَا تَقَعُ قِصَاصًا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ لَهُ بَلْ لَوْ سَرَى لَزِمَهُ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ (وَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي قَطْعِهَا قِصَاصًا فَهَلْ يُجْزِئُ) ، وَكَانَ الْجَانِي أَدَّى الْجَيِّدَ عَنْ الرَّدِيءِ، وَقَبَضَهُ الْمُسْتَحِقُّ (أَوْ يَضْمَنُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (جِنَايَتَهُ) بِأَنْ يَضْمَنَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ نِصْفَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا قَطَعَهُ وَالْجَانِي الْحُكُومَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْ عُضْوَهُ مَجَّانًا أَيْ بَلْ أَخَذَ بَدَلَهُ (وَجْهَانِ) وَبِالثَّانِي قَطَعَ الْبَغَوِيّ، وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي بَذْلِ الْيَسَارِ عَنْ الْيَمِينِ. (أَوْ) قَطَعَهَا (بِإِذْنٍ مُطْلَقٍ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِقَطْعِهَا قِصَاصًا فَقَدْ (اسْتَوْفَى) حَقَّهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَإِنْ مَاتَ) الْجَانِي بِالسِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إذْنٌ فِي الْقَطْعِ (وَتُقْطَعُ شَلَّاءُ بِشَلَّاءَ إنْ تَسَاوَى الشَّلَلُ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ (أَوْ زَادَ شَلَلُ الْجَانِي) ، وَلَمْ يَخَفْ نَزْفَ الدَّمِ أَيْ خُرُوجَهُ كُلَّهُ، وَإِلَّا فَلَا تُقْطَعُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا فَوْقَ حَقِّهِ وَحَذَرًا مِنْ اسْتِيفَاءِ النَّفْسِ بِالطَّرَفِ فِيمَا إذَا خِيفَ نَزْفُ الدَّمِ (وَ) تُقْطَعُ شَلَّاءُ (بِصَحِيحَةٍ إنْ لَمْ يَخَفْ نَزْفَ الدَّمِ) بِخِلَافِ مَا إذَا خِيفَ نَزْفُهُ بِأَنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَوْ قُطِعَتْ لَمْ يَنْسَدَّ فَمُ الْعُرُوقِ بِالْحَسْمِ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ (لَا شَلَّاءُ خِنْصَرٍ بِشَلَّاءَ بِنَصْرٍ) لِانْتِفَاءِ الْمُمَاثَلَةِ (وَبُطْلَانُ الْعَمَلِ) ، وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْحِسُّ وَالْحَرَكَةُ (شَلَلٌ) ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ زَوَالِهِمَا، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُمَا. (وَتُقْطَعُ قَوِيَّةٌ بِضَعِيفَةٍ لَا) بِضَعِيفَةٍ (مِنْ جِنَايَةٍ ذَاتِ أَرْشٍ) ، وَلَوْ حُكُومَةً (بَلْ) لَوْ قُطِعَتْ (لَا تَكْمُلُ دِيَتُهَا) ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ مَنْ قَتَلَ مَنْ صَارَ إلَى حَالَةِ الْمُحْتَضَرِ يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ إنْ صَارَ إلَيْهَا لَا بِجِنَايَةٍ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ ذَاتِ أَرْشٍ؛ لِأَنَّ ضَعْفَ الْعُضْوِ بِجِنَايَةٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَرْشٍ. (وَإِنْ قَطَعَ) الْحُرُّ (الذِّمِّيُّ يَدَ عَبْدٍ فَنَقَضَ) عَهْدَهُ (وَاسْتُرِقَّ، أَوْ) قَطَعَ (الْأَشَلُّ مِثْلَهُ فَصَحَّ) الْقَاطِعُ (لَمْ يُقْطَعْ) لِانْتِفَاءِ الْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ فِي الْأُولَى وَوُجُوبِ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ فِي الثَّانِيَةِ (وَكَذَا) لَا يَقْطَعُ سَلِيمٌ يَدًا، أَوْ رِجْلًا (قَطْعُ أَشَلَّ أَوْ نَاقِصَةِ أُصْبُعٍ ثُمَّ شَلَّتْ) بِفَتْحِ الشِّينِ (يَدُهُ) فِي الْأُولَى (وَنَقَصَتْ) فِي الثَّانِيَةِ لِانْتِفَاءِ الْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ وَالتَّرْجِيحُ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ التَّهْذِيبِ وَجَزَمَ بِهِ أَوَاخِرَ هَذَا الْبَابِ وَاَلَّذِي فِيهِ، أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ قَدْ تَعَلَّقَ فِيهَا بِمَا عَدَا الْأُصْبُعَ الْمَذْكُورَةَ عِنْدَ الْجِنَايَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ أَصْلًا. (وَفِي قَطْعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ، وَإِشْلَالِهِمَا الْقِصَاصُ، وَكَذَا) فِي قَطْعِ، وَإِشْلَالِ (إحْدَى أُنْثَيَيْنِ إنْ عُلِمَ سَلَامَةُ الْأُخْرَى) بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (وَكَذَا دَقُّهُمَا) فَيُقْتَصُّ فِيهِ بِمِثْلِهِ (إنْ أَمْكَنَ) ، وَإِلَّا وَجَبَتْ الدِّيَةُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ التَّهْذِيبِ ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الدَّقُّ كَكَسْرِ الْعِظَامِ (وَيُقْطَعُ ذَكَرُ فَحْلٍ وَشَابٍّ وَمَخْتُونٍ بِذَكَرِ خَصِيٍّ وَعِنِّينٍ وَشَيْخٍ وَطِفْلٍ، وَأَقْلَفَ) إذْ لَا خَلَلَ فِي نَفْسِ الْعُضْوِ بَلْ فِي أَثَرِهِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ (وَلِلذَّكَرِ الْأَشَلِّ حُكْمُ الْيَدِ) الشَّلَّاءِ فِيمَا مَرَّ (وَهُوَ) أَيْ الْأَشَلُّ (مَا) أَيْ مُنْبَسِطٌ (لَا يَنْقَبِضُ، أَوْ) مُنْقَبِضٌ (لَا يَنْبَسِطُ) ، وَهَذَا لَازِمٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَبُطْلَانُ الْعَمَلِ شَلَلٌ. (وَتُقْطَعُ أُذُنٌ سَمِيعَةٌ بِصَمَّاءَ) ؛ لِأَنَّ السَّمْعَ لَا يَحِلُّ جِرْمَ الْأُذُنِ (وَكَذَا صَحِيحَةٌ بِمُسْتَحْشِفَةٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ (وَبِمَثْقُوبَةٍ) ثُقْبًا غَيْرَ شَائِنٍ لِبَقَاءِ الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ مِنْ جَمْعِ الصَّوْتِ وَرَدِّ الْهَوَامِّ بِخِلَافِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ الشَّلَّاوَيْنِ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُسْتَحْشِفَةِ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ (لَا) صَحِيحَةٌ (بِمَخْرُومَةٍ وَمَشْقُوقَةٍ) لِفَوَاتِ الْجَمَالِ فِيهِمَا وَالْمَخْرُومَةُ مَا قُطِعَ بَعْضُهَا (بَلْ يُقْتَصُّ) فِيهَا (بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْهَا) كَمَا مَرَّ. (وَتُقْطَعُ مَخْرُومَةٌ بِصَحِيحَةٍ وَيُؤْخَذُ أَرْشُ مَا نَقَصَ) مِنْهَا (وَالثَّقْبُ الشَّائِنُ) لِلْأُذُنِ (كَالْخَرْمِ) فِيمَا ذُكِرَ. (وَيُقْطَعُ أَنْفٌ صَحِيحٌ بِأَخْشَمَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ فِي عِلَّةِ الظُّفُرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي الشَّافِعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ لَا تُقْطَعُ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ صَحِيحَةٌ بِشَلَّاءَ لَمْ يَمُتْ صَاحِبُهَا بِقَطْعِهَا] (قَوْلُهُ: لَا تُقْطَعُ صَحِيحَةٌ بِشَلَّاءَ لَمْ يَمُتْ صَاحِبُهَا يَقْطَعُهَا) فَمَتَى كَانَتْ النَّفْسُ مُسْتَحِقَّةَ الْإِزْهَاقِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا مَانِعَ حِينَئِذٍ مِنْ أَخْذِ الصَّحِيحَةِ بِالشَّلَّاءِ، وَلَا الشَّلَّاءِ بِالصَّحِيحَةِ، وَإِنْ لَمْ تَنْحَسِمْ الْعُرُوقُ، وَيَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ صُوَرِ رِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْأَطْرَافِ فَتُؤْخَذُ كَامِلَةُ الْأَصَابِعِ بِنَاقِصَتِهَا أَوْ فَاقِدَتِهَا لَا الْيَمِينُ بِالْيَسَارِ، وَإِنْ كَانَ فَاقِدُهَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ نِسْبَةَ بَدَلِ الصَّحِيحَةِ إلَى بَدَلِ النَّفْسِ إلَخْ) إذْ مِنْ شَرْطِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ أَنْ لَا تَزِيدَ نِسْبَةُ بَدَلِ مَا دُونَ نَفْسِ الْجَانِي إلَى بَدَلِ نَفْسِهَا عَلَى نِسْبَةِ بَدَلِ مَا دُونَ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَى بَدَلِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ فِي قَطْعِهَا قِصَاصًا) كَأَنْ قَالَ لَهُ اقْطَعْهَا عِوَضًا عَنْ يَدِك أَوْ قِصَاصًا (قَوْلُهُ: وَبِالثَّانِي قَطَعَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُمَا) وَجَزَمَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا تَكْمُلُ دِيَتُهَا) ؛ لِأَنَّا لَوْ أَوْجَبْنَا كَمَالَ دِيَتِهَا لَأَدَّى إلَى تَضْعِيفِ الضَّمَانِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي ضَمِنَهُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِيهِ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ إلَخْ) ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ آخِرَ الْبَابِ، وَإِنْ قَطَعَ السَّلِيمُ وُسْطَى فَاقِدِ الْأُنْمُلَةِ الْعَلِيلِ فَلَا قِصَاصَ مَا لَمْ تَفْقِدْ الْعُلْيَا. اهـ.؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ أَوْلَى مِنْ ثُبُوتِهِ فِي تِلْكَ (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ أَنْفٌ صَحِيحٌ بِأَخْشَمَ) ، وَأَشَلُّ. (قَوْلُهُ:. وَالْعَيْنُ الْقَائِمَةُ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ) فِي أَنَّهَا تُؤْخَذُ بِهَا عَيْنُ مِثْلِهَا أَوْ أَنْقَصَ مِنْهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 أَيْ غَيْرِ شَامٍّ؛ لِأَنَّ الشَّمَّ لَا يَحِلُّ جِرْمَ الْأَنْفِ (وَأَجْذَمَ) ، وَإِنْ اسْوَدَّ لِبَقَاءِ الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ (وَ) يُقْطَعُ (أَنْفٌ سَقَطَ بَعْضُهُ) ، وَلَوْ صَحِيحًا (بِمِثْلِهِ) ، وَلَوْ أَجْذَمَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ بَعْضُهُ، وَكَانَ صَحِيحًا (فَيُقْطَعُ مِنْ الصَّحِيحِ مِثْلُ الْبَاقِي) أَيْ مِثْلُ مَا كَانَ بَقِيَ مِنْ أَنْفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَجْذَمَ (إنْ أَمْكَنَ لَا عَيْنٌ مُبْصِرَةٌ بِقَائِمَةٍ) أَيْ بِحَدَقَةٍ عَمْيَاءَ مَعَ قِيَامِ صُورَتِهَا؛ لِأَنَّ الْبَصَرَ فِي جِرْمِ الْعَيْنِ (وَ) لَا (لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ) ؛ لِأَنَّ النُّطْقَ فِي جِرْمِ اللِّسَانِ (وَيَجُوزُ بِعَكْسِهِ) أَيْ قَطْعُ عَيْنٍ قَائِمَةٍ بِمُبْصِرَةٍ وَلِسَانِ أَخْرَسَ بِنَاطِقٍ إذَا رَضِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ مَعَهُ. (وَيُؤْخَذُ جَفْنٌ بَصِيرٌ بِجَفْنٍ أَعْمَى) لِتَسَاوِي الْجِرْمَيْنِ وَالْبَصَرُ لَيْسَ فِي الْجَفْنِ نَعَمْ لَا يُؤْخَذُ جَفْنٌ لَهُ أَهْدَابٌ بِمَا لَا أَهْدَابَ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْفَارِقِيُّ (وَالْعَيْنُ الْقَائِمَةُ كَا) لْيَدِ (الشَّلَّاءِ) فَلَا تُؤْخَذُ بِهَا الْمُبْصِرَةُ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ لَا عَيْنٌ مُبْصِرَةٌ بِقَائِمَةٍ، وَلَوْ ذَكَرَهُ كَالْأَصْلِ عَقِبَهُ لِيَكُونَ كَالتَّعْلِيلِ لَهُ كَانَ أَوْلَى. (وَ) يُقْطَعُ (لِسَانٌ نَاطِقٌ بِلِسَانٍ رَضِيعٍ) إنْ ظَهَرَ فِيهِ أَثَرُ النُّطْقِ بِحَيْثُ (يُحَرِّكُهُ عِنْدَ الْبُكَاءِ وَغَيْرِهِ لَا مَنْ بَلَغَ أَوَانَ الْكَلَامِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ) ، وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدٍّ يُحَرِّكُ فِيهِ لِسَانَهُ لَمْ يُقْطَعْ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ كَقَطْعِ رِجْلِهِ؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ السَّلَامَةُ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِيهِ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ قُلْت وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ. (فَرْعُ الْتِصَاقِ الْأُذُنِ) بِحَرَارَةِ الدَّمِ (بَعْدَ الْإِبَانَةِ لَا تُسْقِطُ الْقِصَاصَ وَالدِّيَةَ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْإِبَانَةِ، وَقَدْ وُجِدَتْ (وَلَا تُوجِبُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ (بِقَطْعِهَا) مَرَّةً (ثَانِيَةً) ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِإِزَالَةٍ (وَلَا مُطَالَبَةَ لِلْجَانِي بِقَطْعِهَا) بِأَنْ يَقُولَ اقْطَعُوهَا ثُمَّ اقْطَعُوا أُذُنِي؛ لِأَنَّ قَطْعَهَا مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِهِ وَالنَّظَرُ فِي مِثْلِهِ إلَى الْإِمَامِ (وَأَمَّا) الْتِصَاقُهَا، وَقَطْعُهَا مَرَّةً ثَانِيَةً (قَبْلَ الْإِبَانَةِ فَبِالْعَكْسِ) أَيْ فَتُسْقِطُ الْقِصَاصَ وَالدِّيَةَ عَنْ الْأَوَّلِ وَتَوْجِيهًا عَلَى الثَّانِي (وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حُكُومَةٌ عَلَى الْجَانِي أَوَّلًا) كَالْإِفْضَاءِ إذَا انْدَمَلَ تَسْقُطُ الدِّيَةُ وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ (لَكِنَّهُمْ، أَوْجَبُوا قَطْعَ) أُذُنٍ (مُبَانَةٍ الْتَصَقَتْ إنْ لَمْ يُخَفْ) مِنْهُ مَحْذُورُ التَّيَمُّمِ كَأَنْ لَمْ يَنْبُتْ اللَّحْمُ عَلَى مَحَلِّ النَّجَاسَةِ لِئَلَّا يُفْسِدَ الصَّلَاةَ (لِنَجَاسَةِ الْبَاطِنِ) مِنْ الْأُذُنِ بِالدَّمِ الَّذِي ظَهَرَ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ فَلَا يَزُولُ بِالِاسْتِبْطَانِ (لَا) قَطْعُ أُذُنٍ (مُعَلَّقَةٍ بِجِلْدَةٍ) ، وَقَدْ الْتَصَقَتْ الْأُذُنُ (وَفِيهِ نَظَرٌ) لِمَا مَرَّ مِنْ نَجَاسَةِ الْبَاطِنِ وَيُجَابُ بِأَنَّا إنَّمَا، أَوْجَبْنَا الْقَطْعَ ثُمَّ لِلدَّمِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّصِلَ مِنْهُ بِالْمُبَانِ قَدْ خَرَجَ عَنْ الْبَدَنِ بِالْكُلِّيَّةِ فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَعَادَ إلَيْهِ بِلَا حَاجَةٍ وَلِهَذَا لَمْ يَعْفُ عَنْهُ، وَإِنْ قَلَّ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ مِنْهُ هُنَا (وَإِنْ اسْتَوْفَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (الْبَعْضَ) مِنْ الْأُذُنِ (فَالْتَصَقَ فَلَهُ قَطْعُهُ مَعَ الْبَاقِي) مِنْهَا لِاسْتِحْقَاقِهِ الْإِبَانَةَ (وَلَوْ قُطِعَتْ) أُذُنٌ (مُبَانَةٌ الْتَصَقَتْ) بِمَكَانِهَا، وَلَمْ نُوجِبْ إزَالَتَهَا لِخَوْفِ التَّلَفِ مَثَلًا (فَمَاتَ) الْمَقْطُوعُ سِرَايَةً (فَالْقَوَدُ) عَلَى الْقَاطِعِ (وَالْتِصَاقُ السِّنِّ) الْمَقْلُوعَةِ بِمَكَانِهَا (كَالْأُذُنِ) فِيمَا ذُكِرَ. (فَصْلٌ) : (الْقِصَاصُ) وَاجِبٌ (فِي قَلْعِ السِّنِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: 45] (لَا) فِي (كَسْرِهَا) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعَظْمِ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ فِيهَا الْقِصَاصُ فَتَقَدَّمَ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يَجِبُ، وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ كَجٍّ وَعَنْ قَطْعِ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ إطْلَاقَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي السِّنِّ وَبِالْإِطْلَاقِ جَزَمَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا نَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ بِأَنَّ السِّنَّ عَظْمٌ مُشَاهَدٌ مِنْ أَكْثَرِ الْجَوَانِبِ وَلِأَهْلِ الصَّنْعَةِ آلَاتٌ قَطَّاعَةٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا فِي الضَّبْطِ فَلَمْ تَكُنْ كَسَائِرِ الْعِظَامِ (فَلَا تُؤْخَذُ صَحِيحَةً بِمَكْسُورَةٍ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ مَعَ أَرْشِ الذَّاهِبِ) مِنْ الْمَكْسُورَةِ (وَعَادِمُ تِلْكَ الْمَقْلُوعَةِ) عِنْدَ جِنَايَتِهِ لَا قِصَاصَ (عَلَيْهِ) فِيهَا (وَإِنْ نَبَتَتْ بَعْدُ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْجِنَايَةِ (وَمِثْلُهُ مَنْ بِهِ مُوضِحَةٌ غَيْرُ مُنْدَمِلَةٍ) لَوْ (أَوْضَحَ آخَرُ) أَيْ غَيْرَهُ (فِي مَوْضِعِ مُوضِحَتِهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِنْ انْدَمَلَتْ مُوضِحَتُهُ) ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْقِصَاصِ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عِنْدَ الْجِنَايَةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ. (وَإِنْ قَلْع مَثْغُورٌ) ، وَهُوَ الَّذِي سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ، وَهِيَ أَرْبَعٌ تَثْبُتُ وَقْتَ الرَّضَاعِ يُعْتَادُ سُقُوطُهَا لَا سُقُوطَ الْكُلِّ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ فَتَسْمِيَةُ غَيْرِهَا بِالرَّوَاضِعِ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: إنْ ظَهَرَ فِيهِ أَثَرُ النُّطْقِ) عَدَمُ ظُهُورِهِ بِأَنْ لَمْ يَنْتَهِ إلَى ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْ بِأَنْ يَنْتَهِيَ إلَيْهِ، وَلَا يَظْهَرُ فِيهِ ذَلِكَ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لِسَانَ النَّاطِقِ يُقْطَعُ بِهِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي إلَخْ) لَيْسَ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ، وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ عَدَمُ قَطْعِهِ عِنْدَ انْتِفَاءِ تَحْرِيكِهِ مَعَ بُلُوغِهِ حَدَّهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعُ الْتِصَاقِ الْأُذُنِ بِحَرَارَةِ الدَّمِ بَعْدَ الْإِبَانَةِ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُسْتَحِقَّةُ الْإِزَالَةِ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ، وَلَوْ قَطَعَهَا قَاطِعٌ حَيْثُ لَزِمَ الْإِبَانَةُ فَلَا قِصَاصَ إلَّا أَنْ يَسْرِيَ إلَى النَّفْسِ. [فَصْلٌ الْقِصَاصُ فِي قَلْعِ السِّنِّ] (فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ: الْقِصَاصُ وَاجِبٌ فِي قَلْعِ السِّنِّ) يُشْتَرَطُ لِلْقِصَاصِ فِي السِّنِّ شُرُوطٌ. أَحَدُهَا أَنْ لَا تَصِلَ فِي الصِّغَرِ إلَى حَدٍّ تَبْطُلُ بِهِ مَنْفَعَتُهَا بِحَيْثُ لَا تَصْلُحُ لِلْمَضْغِ فَاَلَّتِي هِيَ كَذَلِكَ لَا تُقْلَعُ بِهَا مَنْ فِيهَا مَنْفَعَةٌ. ثَانِيهَا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا نَقْصٌ يَنْقُصُ بِهِ أَرْشُهَا كَأَنْ تَكُونَ ثَنَايَاهُ كَرُبَاعِيَّتِهِ أَوْ أَنْقَصَ أَوْ إحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ أَنْقَصَ مِنْ أُخْتِهَا فَلَا تُقْلَعُ بِهَا سِنُّ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْمُلُ فِيهَا الْأَرْشُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ. ثَالِثُهَا أَنْ لَا تَكُونَ مُضْطَرِبَةً اضْطِرَابًا شَدِيدًا بِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِ الْقَالِعِ فَلَا يُقْلَعُ بِهَا إلَّا مِثْلُهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ فِيهَا الْقِصَاصُ) صَوَّرَ بَعْضُهُمْ الْإِمْكَانَ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ كَسَرَ نِصْفَ السِّنِّ بِالطُّولِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ كَجٍّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَقَوَّاهُ الْبُلْقِينِيُّ بِثُبُوتِهِ فِي السُّنَّةِ، وَقَالَ الْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِهِ وَبَنَى عَلَيْهِ أَنَّهَا لَوْ قُلِعَتْ مِمَّنْ لَمْ يُثْغِرْ فَعَادَتْ نَاقِصَةً اقْتَصَّ فِي الزِّيَادَةِ إنْ أَمْكَنَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 (سِنَّ غَيْرِ مَثْغُورٍ) ، وَلَوْ بَالِغًا (انْتَظَرَ) فَلَا قِصَاصَ، وَلَا دِيَةَ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهَا تَعُودُ غَالِبًا (فَإِنْ نَبَتَتْ سَلِيمَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ بِهَا شَيْنٌ) كَسَوَادٍ وَاعْوِجَاجٍ (وَلَوْ) كَانَ الشَّيْنُ (طُولًا، أَوْ شَغًا) بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ أَيْ زِيَادَةً بِأَنْ زَادَتْ السِّنُّ، أَوْ نَبَتَ مَعَهَا سِنٌّ شَاغِيَةٌ أَيْ زَائِدَةٌ، وَهِيَ الَّتِي يُخَالِفُ نَبْتُهَا نَبْتَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَسْنَانِ (فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ فِيهَا (وَإِنْ نَبَتَتْ أَقْصَرَ) مِمَّا كَانَتْ (فَقِسْطُهَا مِنْ الْأَرْشِ) يَجِبُ (وَإِنْ يَئِسَ مِنْ نَبَاتِهَا) وَقْتَهُ بِأَنْ سَقَطَتْ سَائِرُ الْأَسْنَانِ وَعَادَتْ، وَلَمْ تَعُدْ الْمَقْلُوعَةُ، وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَسَدَ مَنْبَتُهَا (فَالْقِصَاصُ) وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ بَانَ بِالْآخِرَةِ أَنَّهُ أَفْسَدَ الْمَنْبَتَ فَيُقَابَلُ بِمِثْلِهِ (لَكِنْ) لَا يُقْتَصُّ فِي الْحَالِ فِي الصَّغِيرِ بَلْ (يُؤَخَّرُ حَتَّى يَبْلُغَ فَإِنْ مَاتَ) قَبْلَ الْبُلُوغِ فَإِنْ كَانَ (قَبْلَ الْيَأْسِ فَلَا قِصَاصَ لِوَارِثِهِ) لِعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ نَبَاتِهَا (وَفِي) وُجُوبِ (الْأَرْشِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الدِّيَاتِ الْمَنْعُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْيَأْسِ اقْتَصَّ وَارِثُهُ فِي الْحَالِ، أَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ. (فَرْعٌ:) لَوْ (قَلَعَ مَثْغُورٌ مِثْلَهُ) أَيْ سِنَّ مِثْلِهِ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (اُقْتُصَّ) مِنْهُ (وَإِنْ نَبَتَتْ) ؛ لِأَنَّ نَبَاتَهَا نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ إذْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِنَبَاتِ سِنِّ الْمَثْغُورِ (كَانْدِمَالِ مُوضِحَةٍ وَجَائِفَةٍ) بِأَنْ الْتَأَمَتَا وَالْتَحَمَتَا فَيُقْتَصُّ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِمَا الِالْتِحَامُ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْمُوضِحَةِ لَا فِي الْجَائِفَةِ إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَالْمُرَادُ لَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ دِيَتُهَا (وَ) مِثْلُ (نَبَاتِ لِسَانٍ) ؛ لِأَنَّ عَوْدَهُ بَعِيدٌ جِدًّا فَهُوَ مَحْضُ نِعْمَةٍ، وَقَوْلُهُ (قُطِعَتْ) وَصْفٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ وَاللِّسَانُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (وَفِي قَلْعِ) سِنِّ الْمَثْغُورِ (النَّابِتَةِ) بَعْدَ قَلْعِهَا (الْقِصَاصُ فَإِنْ قَلَعَهَا) مِنْهُ الْجَانِي (وَقَدْ اقْتَصَّ مِنْهُ وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْأَرْشُ) لِلْقَلْعِ الثَّانِي (لِأَنَّ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ) ، وَهُوَ سِنُّ الْجَانِي (قَدْ فَاتَ) وَالتَّعْلِيلُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ كَانَ) أَيْ الشَّأْنُ (قَدْ أُخِذَ أَرْشُهَا) لِلْقَلْعِ الْأَوَّلِ (وَلَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ اقْتَصَّ مِنْهُ الْآنَ) لِلْقَلْعِ الثَّانِي (أَمْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ) ، وَلَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ (لَزِمَتْهُ قِصَاصٌ وَأَرْشٌ) ، أَوْ أَرْشَانِ بِلَا قِصَاصٍ (أَوْ) قَلَعَ (بَالِغٌ غَيْرُ مَثْغُورٍ سِنَّ مَثْغُورٍ انْتَظَرَهُ) حَالَ الْقَالِعِ، أَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ (أَوْ اقْتَصَّ) مِنْهُ (وَلَا أَرْشَ) لَهُ مَعَ الِاقْتِصَاصِ (كَالشَّلَّاءِ) أَيْ كَمَا فِي أَخْذِهَا بِالصَّحِيحَةِ (وَانْقَطَعَ طَلَبُهُ) بِذَلِكَ فَلَوْ عَادَتْ السِّنُّ لَمْ تُقْلَعْ ثَانِيًا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ حَقُّهُ بِالِاسْتِيفَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيمَا يَعُودُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَخَرَجَ بِالْبَالِغِ الصَّغِيرُ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَيَتَعَيَّنُ الْأَرْشُ (أَوْ) قَلَعَ (غَيْرُ مَثْغُورٍ مِثْلَهُ) أَيْ سِنَّ مِثْلِهِ (انْتَظَرَ) حَالُهُ فَلَا قِصَاصَ، وَلَا دِيَةَ فِي الْحَالِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ) نَبَتَتْ سِنُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا قِصَاصَ، وَلَا دِيَةَ، وَإِنْ (لَمْ تَنْبُتْ) ، وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ نَبَاتِهَا (اُقْتُصَّ) مِنْ الْقَالِعِ، أَوْ أُخِذَ مِنْهُ الْأَرْشُ فَإِنْ اقْتَصَّ، وَلَمْ يَعُدْ سِنُّ الْجَانِي فَذَاكَ (فَلَوْ عَادَتْ قُلِعَتْ ثَانِيًا) لِيَفْسُدَ مَنْبَتُهَا كَمَا فَسَدَ مَنْبَتُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا لَا يُقَالُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي قَلْعِ غَيْرِ الْمَثْغُورِ سِنَّ الْمَثْغُورِ أَنَّهَا لَا تُقْلَعُ هُنَا ثَانِيًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْقِصَاصُ ثَمَّ إنَّمَا تَوَجَّهَ لِسِنٍّ مُمَاثِلَةٍ لِسِنِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَهِيَ لَمْ تُوجَدْ بَعْدُ فَلَمَّا لَمْ يَصْبِرْ إلَى وُجُودِهَا، وَقَلَعَ الْمَوْجُودَةَ غَيْرَ الْمُمَاثِلَةِ سَقَطَ حَقُّهُ كَمَا فِي الشَّلَّاءِ، وَهُنَا تَوَجَّهَ إلَى الْمَوْجُودَةِ لِمُمَاثَلَتِهَا الْمَقْلُوعَةَ فَإِذَا قَلَعَهَا، وَلَمْ يَفْسُدْ مَنْبَتُهَا قَطَعَ الْمُعَادَةَ لَيُفْسِدَ مَنْبَتَهَا كَمَنْبَتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ ضَرَبَ سَنَةً فَزَلْزَلَهَا ثُمَّ سَقَطَتْ وَجَبَ الْقِصَاصُ. (فَصْلٌ: لَهُ قَطْعُ يَدٍ نَاقِصَةِ أُصْبُعٍ، أَوْ أُصْبُعَيْنِ) مَثَلًا (بِكَامِلَتِهَا) ؛ لِأَنَّهَا بَعْضُ حَقِّهِ (وَلَهُ دِيَةُ الْأُصْبُعِ) فِي الْأُولَى (أَوْ الْأُصْبُعَيْنِ) فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ قُطِعَتْ مِنْهُ، وَلَمْ يَسْتَوْفِ قِصَاصَهَا وَيُخَالِفُ مَا لَوْ قَطَعَ مَنْ لَهُ يَدٌ شَلَّاءُ يَدًا سَلِيمَةً حَيْثُ لَا يَأْخُذُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَرْشًا مَعَ قَطْعِهَا بَلْ يَقْنَعُ بِهَا، أَوْ يَأْخُذُ دِيَةَ الْيَدِ بِلَا قَطْعٍ؛ لِأَنَّ نَقْصَ الصِّفَةِ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ بِخِلَافِ نَقْصِ الْجِرْمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ صَاعًا جَيِّدًا فَأَخَذَ عَنْهُ صَاعًا رَدِيئًا لَا يَأْخُذُ مَعَهُ الْأَرْشَ بَلْ يَقْنَعُ بِهِ، أَوْ يَأْخُذُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ جَيِّدًا، وَلَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ صَاعَيْنِ وَوَجَدَ لَهُ صَاعًا كَانَ لَهُ أَخْذُهُ وَطَلَبُ الْبَدَلِ لِلْآخَرِ، وَلَهُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنْ يَأْخُذَ دِيَةَ الْيَدِ، وَلَا يُقْطَعُ. (وَلَوْ قَطَعَ) شَخْصٌ (وَلَهُ أُصْبُعٌ أُصْبُعَيْنِ مِنْ آخَرَ قُطِعَ) الْأُصْبُعُ الْمَوْجُودُ (وَأُخِذَ أَرْشُ الْمَفْقُودِ فَإِنْ قَطَعَ كَامِلُ) أَصَابِعِهِ (نَاقِصَةَ أُصْبُعٍ) مِنْ آخَرَ (فَلَهُ قَطْعُ مِثْلِ أَصَابِعِهِ) الْمَقْطُوعَةِ (مَعَ) أَخْذِ (حُكُومَةِ كُلِّ الْكَفِّ، أَوْ دِيَةِ الْمَوْجُودِ) مِنْ الْأَصَابِعِ (وَحُكُومَةِ خُمُسِ الْكَفِّ) دُونَ حُكُومَةِ مَنَابِتِ الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الدِّيَةِ دُونَ الْقِصَاصِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لَا أَرْشَ لَهُ [فَرْعٌ قَلَعَ مَثْغُورٌ سِنَّ مِثْلِهِ] (قَوْلُهُ: لَوْ قَلَعَ مَثْغُورٌ مِثْلَهُ إلَخْ) لَوْ اقْتَصَّ فَعَادَتْ سِنَّاهُمَا مَعًا فَلَا شَيْءَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ دِيَتُهَا إلَخْ) دَلَالَةُ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا مِنْ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَهُوَ الْمُرَجَّحُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا قَلَعَهَا، وَلَمْ يَفْسُدْ مَنْبَتُهَا قَلَعَ الْمُعَادَةَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: وَقَلْعُهَا مُقَيَّدٌ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ إذْ الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِإِفْسَادِ الْمَنْبَتِ بِالْقَلْعِ فَعَوْدُهَا مَرَّةً ثَالِثَةً كَالنِّعْمَةِ الْجَدِيدَةِ فَلَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى قَلْعِهَا حِينَئِذٍ كَاتِبه. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ ضَرَبَ سِنَّةً فَزَلْزَلَهَا) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ. [فَصْلٌ قَطْعُ يَدٍ نَاقِصَةِ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ بِكَامِلَتِهَا] (قَوْلُهُ: وَحُكُومَةُ خُمُسِ الْكَفِّ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْوَاجِبُ خُمُسُ الْحُكُومَةِ لَا حُكُومَةُ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ خُمُسِ الْحُكُومَةِ، وَالْوَاجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حُكُومَةٌ كَامِلَةٌ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا عَنْ مَنَابِتِ أَصَابِعِهِ الَّتِي قُطِعَتْ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَسْتَوْفِهَا مِنْ الْجَانِي وَخُمُسُ الْحُكُومَةِ عَنْ مَنْبَتِ الْأُصْبُعِ الْفَائِتَةِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَقَالَ إنَّ الَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَهْمٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 فَدَخَلَتْ فِيهَا دُونَهُ؛ وَلِأَنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ حُكْمِيٌّ فَجَازَ أَنْ يُجْعَلَ بَدَلًا عَنْ الْكُلِّ، وَالْقِصَاصُ اسْتِيفَاءُ الْمِثْلِ حِسًّا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْأَصَابِعَ وَحْدَهَا فِي مُقَابَلَةِ الْأَصَابِعِ وَمَنَابِتِهَا مَعَ التَّفَاوُتِ الْمَحْسُوسِ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ وَمَا ذَكَرَهُ يَجْرِي فِيمَا لَوْ كَانَتْ يَدُ الْجَانِي زَائِدَةً أُصْبُعَ وَيَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُعْتَدِلَةً ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَتُقْطَعُ فَاقِدَةُ الْأَصَابِعِ بِمِثْلِهَا) لِلْمُسَاوَاةِ (وَبِكَامِلَةٍ مَعَ دِيَةِ الْأَصَابِعِ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ (وَإِنْ قَطَعَ أَشَلُّ أُصْبُعَيْنِ) مَثَلًا (يَدًا سَلِيمَةً، وَقَنَعَ صَاحِبُهَا) بِقَطْعِ الشَّلَّاءِ (اقْتَصَرَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَ مَعَ قَطْعِهَا دِيَةَ الشَّلَّاوَيْنِ كَمَا لَوْ عَمَّ الشَّلَلُ الْيَدَ بَلْ أَوْلَى (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِهَا (لَقَطَ الثَّلَاثَ) السَّلِيمَةَ لِلْمُسَاوَاةِ (مَعَ حُكُومَةِ مَنَابِتِهِنَّ، وَأَخَذَ دِيَةَ أُصْبُعَيْنِ) لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ، وَدَخَلَ فِي دِيَةِ الْأُصْبُعَيْنِ حُكُومَةُ مَنْبَتِهَا (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ قَطَعَ سَلِيمٌ أَشَلَّ أُصْبُعَيْنِ (فَلَهُ لَقْطُ) مِثْلِ (الثَّلَاثِ) السَّلِيمَةِ (وَحُكُومَةُ الشَّلَّاوَيْنِ مَعَ حُكُومَةِ كُلِّ الْكَفِّ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَتْبِعْ حُكُومَةُ الشَّلَّاوَيْنِ حُكُومَةَ مَنْبَتِهَا؛ لِأَنَّ الْحُكُومَةَ ضَعِيفَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ فَلَا يَلِيقُ بِهَا الِاسْتِتْبَاعُ بِخِلَافِ الدِّيَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَرْجِيحِ عَدَمِ الِاسْتِتْبَاعِ لَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ قَطَعَ) شَخْصٌ كَفًّا مِنْ آخَرَ (ذَاتَ أُصْبُعٍ) فَقَطْ (خَطَأً فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْأُصْبُعِ وَحُكُومَةُ مَنَابِتِ الْأَرْبَعِ) لِلْبَاقِيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ حُكُومَةُ مَنْبَتِ الْأُصْبُعِ لِانْدِرَاجِهَا فِي دِيَتِهَا. (فَرْعٌ:) لَوْ (قَصُرَتْ أَصَابِعُ إحْدَى يَدَيْهِ) وَكَفُّهَا (عَنْ يَدِهِ الْأُخْرَى فَلَا يُقْتَصُّ فِيهَا مِنْ تَامَّةٍ) جَنَى عَلَيْهِ صَاحِبُهَا؛ لِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ (بَلْ فِيهَا) دِيَةٌ (تُنْقِصُ حُكُومَةً) وَعَدَمُ إيجَابِ الْقِصَاصِ فِيهَا هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ تَامَّةَ الْخِلْقَةِ مُشْكِلٌ، وَإِنْ كَانَتْ أُخْتُهَا أَتَمَّ مِنْهَا، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ فَقَالَ سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ الْمُرَجَّحُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَامَّةَ الْأَنَامِلِ وَالْبَطْشِ يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ. انْتَهَى. فَكَلَامُ الْبَغَوِيّ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. [فَصْلٌ تُقْطَعُ زَائِدَةٌ بِمِثْلِهَا إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ] (فَصْلٌ: سَبَقَ أَنَّهُ تُقْطَعُ زَائِدَةٌ بِمِثْلِهَا) إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ (فَإِذَا قَطَعَ مَنْ لَهُ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ زَائِدَةٌ مِثْلَهَا مِنْ آخَرَ اقْتَصَّ بِهَا) إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ (وَكَذَا) يُقْتَصُّ (بِالْكَفِّ) الزَّائِدَةِ (إنْ قَطَعَهَا) صَاحِبُهَا مِنْ آخَرَ وَاتَّحَدَ الْمَحَلُّ (فَإِنْ قَطَعَ مُعْتَدِلٌ) يَدُهُ (يَدَ ذِي أُصْبُعٍ زَائِدَةٍ قُطِعَ بِهَا، وَ) يُؤْخَذُ (لِلزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ) سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْلُومَةً بِعَيْنِهَا، أَوْ لَا، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ دِيَةَ الْيَدِ وَحُكُومَةَ الزَّائِدَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ قَطَعَ مَنْ لَهُ يَدٌ بِهَا أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ يَدَ مُعْتَدِلٍ فَلَا تُقْطَعُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا فَوْقَ حَقِّهِ (بَلْ يَلْتَقِطُ الْخَمْسَ) الْأَصْلِيَّاتِ (وَلَهُ حُكُومَةُ الْكَفِّ) ، وَإِنْ كَانَتْ الزَّائِدَةُ بِجَنْبِ أَصْلِيَّةٍ بِحَيْثُ (لَوْ قُطِعَتْ سَقَطَتْ الزَّائِدَةُ لَمْ تُقْطَعْ) الْأَصْلِيَّةُ (بَلْ يَأْخُذُ) مَعَ قَطْعِ الْأَرْبَعِ (دِيَةَ الْخَامِسَةِ، أَوْ) كَانَتْ (نَابِتَةً عَلَى أُصْبُعٍ أَخَذَ مِنْ أَنَامِلِهَا) مَعَ الْأَرْبَعِ (الْمُمْكِنَ) مِنْ الْأُصْبُعِ بِدُونِ أَخْذِ النَّابِتِ (وَأَرْشَ الْبَاقِي) فَلَوْ كَانَتْ نَابِتَةً عَلَى أُنْمُلَةٍ وُسْطَى قُطِعَتْ الْأُنْمُلَةُ الْعُلْيَا مَعَ الْأَرْبَعِ، وَأَخَذَ ثُلُثَا دِيَةِ الْأُصْبُعِ (وَإِنْ كَانَتْ السَّادِسَةُ أَصْلِيَّةً) بِأَنْ انْقَسَمَتْ الْقُوَّةُ فِي السِّتِّ عَلَى سِتَّةِ أَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ فِي الْقُوَّةِ وَالْعَمَلِ بَدَلًا عَنْ الْقِسْمَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ، وَأَخْبَرَ أَهْلُ الْبَصَرِ بِأَنَّهَا أَصْلِيَّةٌ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (لَقْطُ خَمْسٍ) مِنْهَا (مُتَوَالِيَةٍ) مِنْ أَيْ جِهَةٍ شَاءَ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ لَمْ تَكُنْ السِّتُّ عَلَى تَقْطِيعِ الْخَمْسِ الْمَعْهُودَةِ، وَهَيْئَتِهَا، وَإِلَّا فَصُورَةُ الْإِبْهَامِ مِنْهَا تُبَايِنُ صُورَةَ بَاقِيهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمُشْبِهَةُ لِلْإِبْهَامِ عَلَى طَرَفٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْقُطَ مِنْ جَانِبِهِ، وَإِنْ، وَقَعَتْ ثَانِيَةً وَاَلَّتِي تَلِيهَا عَلَى الطَّرَفِ كَالْمُلْحَقَةِ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْقُطَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ (مَعَ) أَخْذِ (سُدُسِ دِيَةِ يَدٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ يَدًا كَامِلَةً، وَلَمْ يُقْطَعْ مِنْهُ إلَّا خَمْسَةُ أَسْدَاسِ يَدٍ فَيَبْقَى سُدُسُ دِيَةِ الْيَدِ (وَ) لَكِنْ (يُحَطُّ مِنْهُ شَيْءٌ بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْخَمْسَ الْمَلْقُوطَةَ، وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ يَدِ الْجَانِي فَهِيَ فِي الصُّورَةِ كَالْخَمْسِ الْمُعْتَدِلَةِ، وَلَهُ أَيْضًا حُكُومَةُ خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْكَفِّ الَّتِي تُقَابِلُ الْخَمْسَ الْمَلْقُوطَةَ. (وَلَوْ قَطَعَ) الْمَقْطُوعُ (السِّتَّ عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ بِالْقَطْعِ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ لُزُومُ شَيْءٍ لِزِيَادَةِ الصُّورَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ قَدْرُ مَا حَطَّ مِنْ سُدُسِ الدِّيَةِ فِيمَا مَرَّ وَمَا بَحَثَهُ جَزَمَ بِهِ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ الْقِيَاسُ الْوَاضِحُ فَتَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِهِ (وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُنَّ) أَيْ السِّتِّ (زَائِدَةً وَالْتَبَسَتْ) بِالْأَصْلِيَّةِ (فَلَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَتُقْطَعُ فَاقِدَةُ الْأَصَابِعِ بِمِثْلِهَا) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ: وَلَوْ قَطَعَ كَفًّا بِلَا أَصَابِعَ فَلَا قِصَاصَ إلَّا أَنْ تَكُونَ كَفُّهُ مِثْلَهَا كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ مَحْكِيٌّ عَنْ النَّصِّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ وُجُودَ الْأَصَابِعِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مِنْ الِاسْتِيفَاءِ لَا الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ سَقَطَتْ الْأَصَابِعُ بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ حَصَلَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْقِصَاصِ فِي الْكَفِّ فَيَقْتَصُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا إذَا قَطَعَ سَلِيمُ الْيَدِ الْأُنْمُلَةَ الْوُسْطَى مِمَّنْ هُوَ فَاقِدُ الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا وَحَكَوْا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ جَرَتْ وَالْقِصَاصُ غَيْرُ مُمْكِنٍ حَالَةَ جَرَيَانِهَا، وَإِنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْعُلْيَا مُسْتَحَقَّةً بِالْقِصَاصِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْوُسْطَى اقْتَصَّ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّةَ كَالْمَفْقُودَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَتْ ثَانِيَةً إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِالْحَالَةِ الْأُولَى إذْ الْحُكْمُ بِالِاسْتِوَاءِ فِيهَا مُتَصَوَّرٌ، وَأَمَّا الْحَالَةُ الْأُخْرَى فَالصُّورَةُ تَصْرِفُ الْخَارِجَ عَنْ الْمُعْتَادِ إلَى الزِّيَادَةِ، وَإِنْ فُرِضَ تَشَابُهُ أُصْبُعَيْنِ مِنْهَا انْصَرَفَتْ الزِّيَادَةُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَغَيْرُهُ هُوَ الْقِيَاسُ الْوَاضِحُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 قِصَاصَ) فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِئَلَّا يُقْطَعَ زَائِدٌ بِأَصْلٍ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَحَلِّ (فَإِنْ بَادَرَ، وَقَطَعَ خَمْسًا عُزِّرَ، وَلَا شَيْءَ) عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَصَالَةِ الْمَقْطُوعَاتِ، وَلَا لَهُ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ الزَّائِدَةُ فِيمَا اسْتَوْفَى؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِمَا فَعَلَ وَالِاحْتِمَالَانِ قَائِمَانِ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ قَطَعَ الْكُلَّ فَعَلَيْهِ لِلزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ فَإِنْ شَكَّ فِي زِيَادَتِهَا) أَيْ إحْدَى السِّتِّ بِأَنْ قَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ لَا نَدْرِي أَكُلُّهَا أَصْلِيَّاتٌ، أَوْ خَمْسٌ (فَلَا حُكُومَةَ) كَمَا لَا قِصَاصَ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَا قِصَاصَ أَيْضًا، وَلَوْ قَطَعَ جَمِيعَهَا، أَوْ خَمْسًا مِنْهَا عُزِّرَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَطَعَ الْكُلَّ احْتَمَلَ أَنَّهُنَّ أَصْلِيَّاتٌ، وَإِنْ قَطَعَ خَمْسًا احْتَمَلَ أَنَّ الْبَاقِيَةَ زَائِدَةٌ. انْتَهَى، وَيَأْتِي فِيهِ الْبَحْثُ السَّابِقُ. (وَلَوْ قَطَعَ ذُو السِّتِّ أُصْبُعَ مُعْتَدِلٍ قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ) الْمُمَاثِلَةُ لِلْمَقْطُوعَةِ (وَأُخِذَ) مِنْهُ (مَا بَيْنَ خُمُسِ دِيَةِ الْيَدِ وَسُدُسِهَا) ، وَهُوَ بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ؛ لِأَنَّ خُمُسَهَا عَشَرَةٌ وَسُدُسَهَا ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا مَا قُلْنَا قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ قَدْرِ التَّفَاوُتِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى سُدُسٌ فِي صُورَةِ خُمُسٍ، وَمَا بَحَثَهُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُمَا (وَلَوْ قَطَعَ مُعْتَدِلٌ) يَدُهُ (ذَاتَ السِّتِّ الْأَصْلِيَّةِ قَطَعَ) يَدَهُ (وَأُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ لِلزِّيَادَةِ) الْمُشَاهَدَةِ (أَوْ) قَطَعَ (أُصْبُعَهَا مِنْهَا فَلَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِيفَاءِ خُمُسٍ بِسُدُسٍ (بَلْ يَجِبُ) عَلَيْهِ (سُدُسُ دِيَةِ يَدٍ، أَوْ) قَطْعُ (أُصْبُعَيْنِ) مِنْهَا (قَطَعَ) صَاحِبُهَا مِنْهُ (أُصْبُعًا، وَأَخَذَ مَا بَيْنَ خُمُسِ دِيَةٍ وَثُلُثِهَا، وَهُوَ سِتَّةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثَانِ) ، وَلَوْ قَطَعَ ثَلَاثًا مِنْهَا قُطِعَ مِنْهُ أُصْبُعَانِ، وَأَخَذَ مَا بَيْنَ نِصْفِ دِيَةِ الْيَدِ وَخُمُسَيْهَا، وَهُوَ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ، وَلَوْ بَادَرَ ذُو السِّتِّ، وَقَطَعَ بِأُصْبُعِهِ الْمَقْطُوعَةِ أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِ الْمُعْتَدِلِ قَالَ الْإِمَامُ: فَهُوَ كَقَطْعِ صَحِيحَةٍ بِشَلَّاءَ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ. (فَصْلٌ: تُقْطَعُ أُصْبُعُ ذَاتِ أَرْبَعِ أَنَامِلَ أَصْلِيَّةٍ بِمُعْتَدِلَةٍ) إذْ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَالْبَغَوِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ، وَقَالَ فِيهِ بِخِلَافِ مَنْ لَهُ سِتُّ أَصَابِعَ لَا تُقْطَعُ بِمِنْ لَهُ خَمْسٌ لِوُجُودِ الزِّيَادَةِ فِي مُنْفَصِلَاتِ الْعَدَدِ وَصَحَّحَ فِي تَهْذِيبِهِ أَنَّهَا لَا تُقْطَعُ بِهَا بَلْ تُقْطَعُ ثَلَاثُ أَنَامِلَ وَيَأْخُذُ التَّفَاوُتَ وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ. (وَكَذَا) تُقْطَعُ (أُنْمُلَتُهَا بِأُنْمُلَةِ الْمُعْتَدِلِ مَعَ) أَخْذِ (زِيَادَةِ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ مِنْ دِيَةِ أُصْبُعٍ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بَعِيرٍ) ؛ لِأَنَّ أُنْمُلَةَ الْمُعْتَدِلِ ثُلُثُ أُصْبُعٍ وَأُنْمُلَةَ الْقَاطِعِ رُبُعُ أُصْبُعٍ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ زِيَادَةَ. وَلَوْ قَطَعَ أُنْمُلَتَيْنِ قُطِعَ مِنْهُ أُنْمُلَتَانِ مَعَ أَخْذِ مَا بَيْنَ نِصْفِ دِيَةِ الْأُصْبُعِ وَثُلُثِهَا، وَهُوَ بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ التَّفَاوُتِ فِيمَا ذُكِرَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ. (وَإِنْ قَطَعَهَا الْمُعْتَدِلُ فَلَا قِصَاصَ، وَلَزِمَهُ رُبُعُ دِيَةِ أُصْبُعٍ، أَوْ) قَطَعَ مِنْهُ الْمُعْتَدِلُ (أُنْمُلَتَيْنِ قُطِعَ) مِنْهُ (أُنْمُلَةٌ وَأُخِذَ) مِنْهُ (مَا بَيْنَ ثُلُثِ دِيَتِهَا، وَنِصْفِهِ) أَيْ أَرْشُهَا، وَكَانَ الْأَوْلَى وَنِصْفُهَا وَمَا بَيْنَهُمَا بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ، وَلَوْ قَطَعَ مِنْهُ ثَلَاثَ أَنَامِلَ قُطِعَ مِنْهُ أُنْمُلَتَانِ مَعَ أَخْذِ خَمْسَةِ أَسْدَاسِ بَعِيرٍ، وَلَوْ قَطَعَ الْأُصْبُعَ بِتَمَامِهَا قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (وَإِنْ كَانَتْ الْأُنْمُلَةُ الْعُلْيَا زَائِدَةً لَمْ تُقْطَعْ هِيَ، وَلَا أُصْبُعُهَا بِمُعْتَدِلَةٍ لِلزِّيَادَةِ بَلْ تَجِبُ دِيَتُهَا) وَذِكْرُ حُكْمِ هَذِهِ الْأُنْمُلَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَطَعَ الْمُعْتَدِلُ أُصْبُعَهَا) أَيْ أُصْبُعَ الْأُنْمُلَةِ الزَّائِدَةِ (قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ، وَلَزِمَهُ حُكُومَةٌ) لِلزِّيَادَةِ، وَلَوْ قَالُوا لَا نَدْرِي أَكُلُّهَا أَصْلِيَّاتٌ، أَوْ ثَلَاثٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا حُكُومَةَ (، أَوْ) قَطَعَ (أُنْمُلَةً) مِنْهَا (فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلِيَّةَ لَا تُؤْخَذُ بِالزَّائِدَةِ (أَوْ) قَطَعَ مِنْهُ (ثِنْتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا اُقْتُصَّ مِنْهُ) فَيُقْطَعُ مِنْهُ فِي الْأُولَى أُنْمُلَةٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ أُنْمُلَتَانِ (وَلِلْعُلْيَا حُكُومَةٌ وَيُقْطَعُ) الطَّرَفُ (الْأَصْلِيُّ مِنْ أُنْمُلَةٍ لَهَا طَرَفَانِ أَصْلِيٍّ وَزَائِدٍ إنْ أَمْكَنَ إفْرَادُهُ) بِالْقَطْعِ عَنْ الزَّائِدِ (بِأُنْمُلَةِ مُعْتَدِلٍ وَعَكْسُهُ) أَيْ وَيَقْطَعُ أُنْمُلَةَ مُعْتَدِلٍ بِالطَّرَفِ الْأَصْلِيِّ مِنْ الْأُنْمُلَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَإِنْ كَانَتَا أَصْلِيَّتَيْنِ) أَنَّثَهُمَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمَا أُنْمُلَتَانِ، وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ بِتَعْبِيرِهِ بِالطَّرَفَيْنِ تَذْكِيرَهُمَا كَمَا فَعَلَ بَعْدُ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَا عَامِلَيْنِ (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (مَفْصِلٌ قُطِعَ إحْدَاهُمَا) فَقَطْ بِأُنْمُلَةِ الْمُعْتَدِلِ (مَعَ) أَخْذِ نِصْفِ (الْأَرْشِ) ، وَ (يُحَطُّ مِنْهُ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْطُوعَ نِصْفٌ فِي صُورَةِ الْكُلِّ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَفْصِلًا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يُعْطَى شَيْئًا) مَعَ قَطْعِهِ إحْدَاهُمَا (إنْ كَانَتْ الْأُخْرَى زَائِدَةً) ؛ لِأَنَّ مَا قَطَعَهَا -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ قَدْرِ التَّفَاوُتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ لَهُ سِتُّ أَصَابِعَ لَا تُقْطَعُ بِمَنْ لَهُ خَمْسٌ إلَخْ) فَرَّقَ فِي الْبَسِيطِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ السِّتِّ وَمَا نَحْنُ فِيهِ فَقَالَ تِلْكَ زِيَادَةٌ فِي الصُّورَةِ، وَهَاهُنَا فِي الصُّورَةِ لَمْ تَزِدْ طُولًا، وَلَا نَظَرَ إلَى عَدَدِ الْمَفَاصِلِ. [فَصْلٌ تُقْطَعُ أُصْبُعُ ذَاتِ أَرْبَعِ أَنَامِلَ أَصْلِيَّةٍ بِمُعْتَدِلَةٍ] (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي تَهْذِيبِهِ أَنَّهَا لَا تُقْطَعُ بِهَا) لِلزِّيَادَةِ فِي عَدَدِ الْأَنَامِلِ كَمَا فِي قَطْعِ الْيَدِ الْمُعْتَدِلَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ) ، وَأَيَّدَهُ النَّشَائِيُّ بِمَا نَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ فِي قَطْعِ زَائِدَةٍ بِزَائِدَةٍ مِنْ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ زَائِدَةُ الْجَانِي أَتَمَّ إنْ كَانَ لَهَا ثَلَاثُ مَفَاصِلَ وَلِزَائِدَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَفْصِلَانِ لَمْ تُقْطَعْ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ تَفَاوُتِ الْمَحَلِّ. اهـ. وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا، وَمَا أَيَّدَ بِهِ النَّشَائِيُّ وَاضِحٌ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ فِي قَطْعِ الزَّائِدِ بِالزَّائِدِ اتِّحَادَ حُكُومَتِهِمَا، وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ فِي مَسْأَلَةِ النَّصِّ فَإِنَّ حُكُومَةَ ذَاتِ الْمَفَاصِلِ الثَّلَاثَةِ أَكْثَرُ مِنْ حُكُومَةِ ذَاتِ الْمَفْصِلَيْنِ، وَيَعْتَبِرُ فِي الْأَصْلَيْنِ اتِّحَادَ النِّسْبَةِ بَيْنَ دِيَةِ صَاحِبِهِمَا وَكِلَا الْأُصْبُعَيْنِ فِيهِ خُمُسُ دِيَةِ صَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ) ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ مِنْ الْأَصَابِعِ السِّتِّ فِي صُورَةِ أُصْبُعٍ مِنْ الْأَصَابِعِ الْمُعْتَدِلَةِ فَلِذَلِكَ اُسْتُرْجِعَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا كَذَلِكَ الْأُصْبُعُ الَّتِي لَهَا أَرْبَعُ أَنَامِلَ فَإِنَّهُ لَا تَفَاوُتَ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ فِي عَدَدِ الِانْقِسَامِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْأَوْلَى وَنِصْفُهَا) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 تَامَّةٌ فِي نَفْسِهَا (فَإِنْ قَطَعَهُمَا) مَعًا (عُزِّرَ) لِلتَّعَدِّي (وَلَزِمَهُ حُكُومَةٌ) ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُعْطَى إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَطَعَ مُعْتَدِلٌ أَحَدَهُمَا) أَيْ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ (لَمْ تُقْطَعْ) أُنْمُلَتُهُ (أَوْ) قَطَعَ (كِلَيْهِمَا قُطِعَتْ أُنْمُلَتُهُ مَعَ) أَخْذِ (زِيَادَةِ شَيْءٍ) لِزِيَادَةِ الْخِلْقَةِ، وَقَوْلُهُ زِيَادَةِ زَائِدٌ (هَذَا كُلُّهُ إنْ نَبَتَا عَلَى رَأْسِ الْأُنْمُلَةِ الْوُسْطَى) فَلَوْ تَشَعَّبَا مِنْ عَظْمٍ عَلَيْهَا، وَلَا مَفْصِلَ بَيْنَ الْعَظْمِ وَبَيْنَهُمَا فَلَا قِصَاصَ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ طَرَفٍ مَفْصِلٌ فَالْعَظْمُ الْحَائِلُ أُنْمُلَةٌ مِنْ أَرْبَعِ أَنَامِلَ وَالْعُلْيَا مِنْهُمَا ذَاتُ طَرَفَيْنِ (وَالْكَفَّانِ فِي السَّاعِدِ) وَالْقَدَمَانِ فِي السَّاقِ (كَالْأُنْمُلَتَيْنِ عَلَى رَأْسِ الْأُصْبُعِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَلَوْ خُلِقَتْ أُصْبُعٌ تَامَّةً) أَيْ تُنَاسِبُ سَائِرَ الْأَصَابِعِ فِي الطُّولِ (بِأُنْمُلَتَيْنِ فَتَامَّةٌ) هِيَ لَكِنَّهَا (ذَاتُ قِسْمَيْنِ) كَمَا لَوْ كَانَ لَهَا أَرْبَعُ أَنَامِلَ كَانَتْ أُصْبُعًا ذَاتَ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ، وَقِيلَ لَيْسَتْ أُصْبُعًا تَامَّةً، وَإِنَّمَا هِيَ أُنْمُلَتَانِ؛ لِأَنَّ طُولَ الْأَنَامِلِ لَا يَقْتَضِي مَزِيدًا بِدَلِيلِ أَنَّ ذَاتَ الْأَنَامِلِ لَوْ طَالَتْ أَنَامِلُهَا لَمْ تَزِدْ لَهَا حُكُومَةٌ بِالطُّولِ، وَلَمْ يَكُنْ الطُّولُ كَأُنْمُلَةٍ زَائِدَةٍ (أَوْ) خُلِقَتْ (بِلَا مَفْصِلٍ فَنَاقِصَةٌ فِيهَا دِيَةٌ تُنْقِصُ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّ الِانْثِنَاءَ إذَا زَالَ سَقَطَ مُعْظَمُ مَنَافِعِ الْأُصْبُعِ، وَقَدْ يَنْجَرُّ هَذَا إلَى أَنْ لَا تُقْطَعَ أُصْبُعُ السَّلِيمِ بِهَا. (وَإِنْ قَطَعَ السَّلِيمُ) أَيْ سَلِيمُ الْيَدِ (وُسْطَى فَاقِدِ الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا فَلَا قِصَاصَ مَا لَمْ يَفْقِدْ الْعُلْيَا) فَإِذَا فَقَدَهَا بِآفَةٍ، أَوْ جِنَايَةٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِاتِّصَالِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِهِ فَإِذَا زَالَ اقْتَصَّ كَالْحَامِلِ إذَا وَضَعَتْ الْحَمْلَ، وَمِثْلُهُ لَوْ قَطَعَ السَّلِيمُ كَفًّا لَا أُصْبُعَ لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَا أَرْشَ) أَيْ، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْأَرْشِ لِلْحَيْلُولَةِ (مَا لَمْ يَعْفُ) عَنْ الْقِصَاصِ، وَلَوْ كَانَتْ الْعُلْيَا مُسْتَحَقَّةَ الْقَطْعِ قِصَاصًا أَمَّا طَلَبُهُ لِلْفَيْصُولَةِ فَجَائِزٌ، وَلَهُ أَخْذُهُ حِينَئِذٍ بَعْدَ الْعَفْوِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَئِمَّةُ: إنَّ أَخْذَ الدِّيَةِ عَفْوٌ (فَإِنْ قَطَعَ) السَّلِيمُ مَعَ قَطْعِهِ وُسْطَى مَنْ ذُكِرَ (عُلْيَا آخَرَ اقْتَصَّ) مِنْهُ (أَوَّلًا) صَاحِبُ الْعُلْيَا، وَإِنْ كَانَ قَطْعُهُ مُتَأَخِّرًا (ثُمَّ صَاحِبُ الْوُسْطَى، وَلَهُمَا أَنْ يَقْتَصَّا مَعًا) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَهُمَا أَنْ يَكْتَفِيَا بِقَطْعِ الْوُسْطَى مَعًا) بِأَنْ يَضَعَا الْحَدِيدَةَ عَلَى مَفْصِلِهَا وَيَسْتَوْفِيَا الْأُنْمُلَتَيْنِ بِقِطْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ هَوَّنَّا الْأَمْرَ عَلَيْهِ. (فَإِنْ بَادَرَ الْأَوَّلُ) فِي الذِّكْرِ، وَهُوَ مَقْطُوعُ الْوُسْطَى (وَقَطَعَهُمَا أَثِمَ) لِتَعَدِّيهِ (وَعَلَيْهِ أَرْشُ الْعُلْيَا، وَإِنْ قَطَعَ أُنْمُلَتَيْ رَجُلٍ) مِنْ أُصْبُعٍ (ثُمَّ أُنْمُلَةَ آخَرَ) مِنْ مِثْلِهَا (سَلِيمَيْنِ) أَيْ الرَّجُلُ وَالْآخَرُ (اقْتَصَّ) مِنْهُ (ذُو الْأُنْمُلَتَيْنِ) لِسَبْقِ حَقِّهِ (وَلِلْآخَرِ الْأَرْشُ، أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ ثُمَّ أُنْمُلَةَ آخَرَ سَلِيمَيْنِ (فَبِالْعَكْسِ) أَيْ يَقْتَصُّ مِنْهُ ذُو الْأُنْمُلَةِ وَلِلْآخَرِ الْأَرْشُ أَيْ أَرْشُ أُنْمُلَتَيْهِ بَعْدَ الْعَفْوِ (أَوْ يَأْخُذُ الْآخَرُ الْوُسْطَى، وَأَرْشَ الْعُلْيَا فَإِنْ بَادَرَ) الْآخَرُ، وَهُوَ ذُو الْأُنْمُلَتَيْنِ (وَقَطَعَهُمَا) فَقَدْ (اسْتَوْفَى) حَقَّهُ (وَلِلْآخَرِ) ، وَهُوَ ذُو الْأُنْمُلَةِ (الْأَرْشُ) لَهَا (عَلَى الْجَانِي) . [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي وَقْتِ الْقِصَاصِ بِالْجُرُوحِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي وَقْتِ الْقِصَاصِ بِالْجُرُوحِ) أَيْ فِيهَا (وَيُسْتَحَبُّ) الْقِصَاصُ فِيهَا (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ (وَيَجُوزُ قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِيهَا ثَابِتٌ، وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ، أَوْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْجُرْحِ (لَا الْمُطَالَبَةُ بِالْأَرْشِ) فَلَا تَجُوزُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فَقَدْ تَعُودُ الدِّيَاتُ فِي ذَلِكَ إلَى وَاحِدٍ بِالسِّرَايَةِ إلَى النَّفْسِ، وَقَدْ يُشَارِكُهُ جَمَاعَةٌ فَيَقِلُّ وَاجِبُهُ. [بَابُ اخْتِلَافِ الْجَانِي وَمُسْتَحِقِّ الدَّمِ] (بَابُ اخْتِلَافِ الْجَانِي وَمُسْتَحِقِّ الدَّمِ) (إذَا قَدَّ مَلْفُوفًا) فِي ثَوْبٍ (أَوْ هَدَمَ عَلَيْهِ بَيْتًا وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ) حِينَ الْقَدِّ، أَوْ الْهَدْمِ (مَيِّتًا) وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا (حَلَفَ الْوَلِيُّ) ، وَإِنْ كَانَ مَلْفُوفًا عَلَى هَيْئَةِ التَّكْفِينِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُسْلِمًا وَادَّعَى رِدَّتَهُ نَعَمْ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ حَيَاتَهُ كَسِقْطٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِتَصْدِيقِ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَمْ يُعَارِضْهُ أَصْلٌ آخَرُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَإِذَا حَلَفَ الْوَلِيُّ فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْقَسَامَةِ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى الْقَتْلِ، وَهُنَا عَلَى حَيَاةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَرَجَّحَ أَنَّهُ يَحْلِفُ هُنَا خَمْسِينَ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ تَصْدِيقِ الْوَلِيِّ لَكِنَّهُ نَازَعَ فِيهِ، وَقَالَ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَجَمْعٍ. وَرَجَّحَ تَصْدِيقَ الْجَانِي وَمَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَاسْتَحَقَّ الدِّيَةَ) لَا الْقِصَاصَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِحَيَاتِهِ أَيْضًا (وَلِمَنْ رَآهُ يَلْتَفُّ) فِي الثَّوْبِ، أَوْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ (الشَّهَادَةُ بِحَيَاتِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْهَا حَالَةَ   [حاشية الرملي الكبير] بَابُ اخْتِلَافِ الْجَانِي وَمُسْتَحِقِّ الدَّمِ) . (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) ، وَهُوَ وَاضِحٌ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا حَلَفَ الْوَلِيُّ فَلْيَحْلِفْ يَمِينًا وَاحِدَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّ الدِّيَةَ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ آخَرُ كَمَا قُلْنَا فِي الْقَسَامَةِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَيُمْكِنُ عِنْدِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ فِي الْقَسَامَةِ تَتَكَرَّرُ الْأَيْمَانُ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا الْيَمِينُ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: لَا الْقِصَاصَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ) لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ تَرْجِيحُ وُجُوبِهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ رَآهُ يَلْتَفُّ الشَّهَادَةُ بِحَيَاتِهِ) ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 الْقَدِّ وَالِانْهِدَامِ (اسْتِصْحَابًا) لِمَا كَانَ (وَلَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ (بِالِالْتِفَافِ) أَيْ بِأَنَّهُ رَآهُ يَلْتَفُّ فِي الثَّوْبِ، أَوْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ (وَإِذَا ادَّعَى) الْجَانِي (رِقَّهُ) أَيْ رِقَّ مَقْتُولِهِ، وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ (أَوْ ادَّعَى قَاطِعُ الطَّرَفِ نَقْصَهُ) بِشَلَلٍ، أَوْ فَقْدِ أُصْبُعٍ، أَوْ خَرَسٍ، أَوْ عَمًى أَوْ نَحْوِهِمَا (وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ) أَيْ وَالطَّرَفُ بَاطِنٌ كَالذَّكَرِ، وَأَنْكَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ الْوَلِيُّ) فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وَالظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ وَلِهَذَا حَكَمْنَا بِحُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ الْمَجْهُولِ (وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا) كَالْيَدِ (فَلَا) يُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَيُصَدَّقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ إنْ أَنْكَرَ أَصْلَ السَّلَامَةِ؛ وَذَلِكَ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ، وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ عَلَى سَلَامَةٍ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِأَصْلِهَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا يُعْتَادُ سِتْرُهُ مُرُوءَةً، وَقِيلَ مَا يَجِبُ، وَهُوَ الْعَوْرَةُ وَبِالظَّاهِرِ مَا سِوَاهُ، وَإِذَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْأَصْحَابِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بِمَا مَرَّ فِي الْمَلْفُوفِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَانِيَ ثَمَّ لَمْ يَعْتَرِفْ بِبَدَلٍ أَصْلًا بِخِلَافِهِ هُنَا. (وَتَكْفِي الشَّهَادَةُ) فِيمَا ذُكِرَ (إنْ كَانَ سَلِيمًا) ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِوَقْتِ الْجِنَايَةِ (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِسَلَامَةِ الْيَدِ وَالذَّكَرِ بِرُؤْيَةِ الِانْقِبَاضِ وَالِانْبِسَاطِ وَبِسَلَامَةِ الْبَصَرِ بِالتَّوَقِّي وَطُولِ التَّأَمُّلِ) أَيْ بِرُؤْيَةِ تَوَقِّيهِ الْمَهَالِكَ، وَإِطَالَةِ تَأَمُّلِهِ لِمَا يَرَاهُ بِخِلَافِ تَأَمُّلِهِ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ مِنْ الْأَعْمَى. (وَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ وَادَّعَى السِّرَايَةَ) أَيْ مَوْتَهُ بِهَا (وَالْوَلِيُّ الِانْدِمَالَ) أَيْ مَوْتَهُ بَعْدَهُ بِهَا (وَأَمْكَنَ الِانْدِمَالُ) قَبْلَ الْمَوْتِ بِأَنْ طَالَ الزَّمَنُ (حَلَفَ الْوَلِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السِّرَايَةِ وَلِمُوَافَقَتِهِ الظَّاهِرَ فَتَجِبُ دِيَتَانِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ قَصُرَ الزَّمَنُ كَيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ صُدِّقَ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) يَحْلِفُ الْوَلِيُّ (إنْ قَالَ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ) ، وَقَالَ الْجَانِي بَلْ بِالسِّرَايَةِ، أَوْ قَتَلْته أَنَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الدِّيَتَيْنِ بِالْجِنَايَتَيْنِ هَذَا (إنْ عَيَّنَهُ) الْوَلِيُّ كَأَنْ قَالَ قَتَلَ نَفْسَهُ، أَوْ قَتَلَهُ آخَرُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (حَلَفَ الْجَانِي) أَنَّهُ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، أَوْ بِقَتْلِهِ (إنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ) فِي دَعْوَى السِّرَايَةِ فَإِنْ أَمْكَنَ حَلَفَ الْوَلِيُّ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَذِكْرُ حَلِفِ الْجَانِي مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي دَعْوَى قَتْلِهِ أَمَّا فِي دَعْوَى السِّرَايَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ كَنَظِيرِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ (وَإِنْ قَالَ الْوَلِيُّ قَتَلْته أَنْت بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْك ثَلَاثُ دِيَاتٍ، وَقَالَ الْجَانِي) بَلْ (قَبْلَ الِانْدِمَالِ) فَعَلَيَّ دِيَةٌ (وَأَمْكَنَ الِانْدِمَالُ حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ (وَسَقَطَتْ الثَّالِثَةُ) بِحَلِفِ الْجَانِي فَحَلِفُهُ أَفَادَ سُقُوطَهَا وَحَلِفُ الْوَلِيِّ أَفَادَ دَفْعَ النَّقْصِ عَنْ دِيَتَيْنِ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ حَلَفَ الْجَانِي عَمَلًا بِالظَّاهِرِ. (وَكَذَا الْحُكْمُ فِي رَافِعِ حَاجِزِ مُوضِحَتَيْهِ) بِأَنْ قَالَ رَفَعْته قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيَّ أَرْشٌ وَاحِدٍ، وَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَلْ بَعْدَهُ فَعَلَيْك أَرْشُ ثَلَاثِ مُوضِحَاتٍ، وَأَمْكَنَ الِانْدِمَالُ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَسَقَطَ الثَّالِثُ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ حَلَفَ الْجَانِي لِذَلِكَ (فَإِنْ قَالَ الْمَجْرُوحُ أَنَا رَفَعْته) ، أَوْ رَفَعَهُ آخَرُ، وَقَالَ الْجَارِحُ بَلْ رَفَعْته أَنَا، أَوْ ارْتَفَعَ بِالسِّرَايَةِ (صُدِّقَ) الْمَجْرُوحُ (بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُوضِحَتَيْنِ يُوجِبَانِ أَرْشَيْنِ فَالظَّاهِرُ ثُبُوتُهُمَا وَاسْتِمْرَارُهُمَا. (فَإِنْ قَالَ الْجَانِي لَمْ أُوضِحْ إلَّا وَاحِدَةً) ، وَقَالَ الْمَجْرُوحُ بَلْ أَوْضَحْت مُوضِحَتَيْنِ، وَأَنَا رَفَعْت الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا (صُدِّقَ) الْجَانِي (بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي وُجُودَ الزِّيَادَةِ (وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ مَاتَ) فَقَالَ الْوَلِيُّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَعَلَيْك الْقَتْلُ، أَوْ الدِّيَةُ (وَقَالَ الْجَانِي) بَلْ (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) فَعَلَيَّ قَطْعُ الْيَدِ، أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ (وَأَمْكَنَ) الِانْدِمَالُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يُوجِبُ تَمَامَ الدِّيَةِ بِخِلَافِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ الْمُوجِبِ لِدِيَتَيْنِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ الْجَانِي بَلْ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ فَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ تَصْدِيقِ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ فِي صُورَةِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ أَنَّ تَصْدِيقَ الْوَلِيِّ هُنَا كَذَلِكَ (فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) لِلْوَلِيِّ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَجْرُوحَ (لَمْ يَزَلْ مُتَأَلِّمًا) مِنْ الْجِرَاحَةِ (حَتَّى مَاتَ صُدِّقَ الْوَلِيُّ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ جَانِبَهُ قَدْ قَوِيَ بِالْبَيِّنَةِ (أَوْ قَالَ) الْجَانِي (مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ) فَعَلَيَّ نِصْفُ دِيَةٍ، وَقَالَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى قَاطِعُ الطَّرَفِ نَقْصَهُ بِشَلَلٍ) تَكْفِي بَيِّنَةُ الْجَانِي بِالشَّلَلِ بِأَنَّهُ كَانَ أَشَلَّ، وَإِنْ لَمْ تُقَيِّدْهُ بِحَالَةِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ دَامَ (قَوْلُهُ: وَإِذَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) لَا تَجِبُ إلَّا الدِّيَةُ كَمَا فِي الْمَلْفُوفِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَحْسَبُ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ هُنَا هُوَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ هُنَاكَ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ النَّافِي هُنَاكَ بِالْإِثْبَاتِ هُنَا، وَيَذْكُرَ فَرْقًا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصْدِيقَ بِالْيَمِينِ، وَأَنْ لَا قِصَاصَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي دَعْوَى السِّرَايَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَخْ) لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ فِيهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً) لِهَذِهِ الصُّورَةِ نَظَائِرُ مِنْهَا إذَا تَنَازَعَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحَلَفَ الْبَائِعُ ثُمَّ جَرَى الْفَسْخُ بِتَحَالُفٍ، وَأَرَادَ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ مَا ثَبَتَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ حَادِثٌ لَمْ نُمَكِّنْهُ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ صَلُحَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَلَا تَصْلُحُ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ حُدُوثِهِ، وَمِنْهَا إذَا تَنَازَعَا فِي الْحَوَالَةِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَقْبُوضِ، وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ وَكَّلْتنِي، وَقَالَ الْمَدِينُ أَحَلْتُك وَحَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى نَفْيِ الْحَوَالَةِ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ صُدِّقَ فِي نَفْيِ الْحَوَالَةِ لَا فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ فَنَفْعُهُ فِي بَقَاءِ دَيْنِهِ لَا فِي إسْقَاطِ الضَّمَانِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا يَتْلَفُ فِي يَدِهِ مِنْ مِلْكِ الْغَيْرِ مَضْمُونٌ عَلَيْهَا وَمِنْهَا ادَّعَى الزَّوْجُ الْوَطْءَ فِي مُدَّةِ الْعُنَّةِ وَجَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَهُ فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ فَحَلَفَ ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا لِأَجَلٍ أَنَّهُ أَثْبَتَ الْوَطْءَ بِيَمِينِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْيَمِينَ كَانَتْ لِلدَّفْعِ فَلَا تَصْلُحُ لِلْإِثْبَاتِ (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْجَانِي) أَيْ إنْ اُحْتُمِلَ بَقَاءُ الْجُرْحِ، وَإِلَّا فَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 الْوَلِيُّ بَلْ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَعَلَيْك دِيَةٌ (حَلَفَ الْوَلِيُّ) سَوَاءٌ عَيَّنَ الْجَانِي السَّبَبَ أَمْ أَبْهَمَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ سَبَبٍ آخَرَ، وَقَدَّمَ هَذَا الْأَصْلَ عَلَى أَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِتَصْدِيقِ الْوَلِيِّ فِي عَكْسِهِ، وَهُوَ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ وَادَّعَى أَنَّهُ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا صُدِّقَ الْوَلِيُّ ثَمَّ مَعَ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ قَدْ اشْتَغَلَتْ ذِمَّتُهُ ظَاهِرًا بِدِيَتَيْنِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُ الْمُسْقِطِ لِإِحْدَاهُمَا، وَهُوَ السِّرَايَةُ بِإِمْكَانِ الْإِحَالَةِ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْوَلِيُّ فَدَعْوَاهُ قَدْ اعْتَضَدَتْ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ شَغْلُ ذِمَّةِ الْجَانِي (وَإِنْ عَادَ) الْجَانِي بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ (فَقَتَلَهُ وَادَّعَى عَدَمَ الِانْدِمَالِ) أَيْ أَنَّهُ قَتَلَهُ قَبْلَ انْدِمَالِهِ حَتَّى يُلْزِمَهُ دِيَتَهُ وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ قَتَلَهُ بَعْدَهُ حَتَّى يَلْزَمَهُ دِيَةٌ وَنِصْفٌ (حَلَفَ) الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِانْدِمَالِ. (وَيُصَدَّقُ مُنْكِرُ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ) فَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ فِي قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ الِانْدِمَالُ فِيهَا، وَقَالَ الْجَانِي لَمْ تَمْضِ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُدَّةِ، وَلَوْ قَالَ الْجَانِي فِي قَطْعِ الْيَدِ مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ الِانْدِمَالُ فِيهَا، وَقَالَ الْوَلِيُّ لَمْ تَمْضِ صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ لِذَلِكَ (وَ) يُصَدَّقُ مُنْكِرُ (وُجُودِ الْعُضْوِ) بِيَمِينِهِ كَأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ قَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ، وَقَالَ لَمْ أَقْطَعْ إلَّا أَحَدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ كَفَّهُ وَاخْتَلَفَا فِي نَقْصِ أُصْبُعٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا بَعْضُ مَا جَنَى عَلَيْهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْرُوحِ أَنَّ التَّآكُلَ مِنْ الْجُرْحِ لَا مِنْ الدَّوَاءِ) فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعَهُ فَدَاوَى جُرْحَهُ وَسَقَطَتْ الْكَفُّ فَقَالَ الْجَارِحُ تَآكَلَ بِالدَّوَاءِ، وَقَالَ الْمَجْرُوحُ بَلْ بِسَبَبِ الْجُرْحِ صُدِّقَ الْمَجْرُوحُ بِيَمِينِهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (إلَّا إنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّهُ يَتَآكَلُ بِهِ) أَيْ بِالدَّوَاءِ بِأَنْ قَالُوا إنَّهُ يَأْكُلُ اللَّحْمَ الْحَيَّ، أَوْ الْمَيِّتَ وَالْحَيَّ فَيُصَدَّقُ الْجَارِحُ بِيَمِينِهِ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ قَالُوا لَا يَأْكُلُ الْحَيَّ مَا إذَا اشْتَبَهَ الْحَالُ. [بَابُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ] (بَابُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ) (وَهُوَ مَوْرُوثٌ كَالْمَالِ) فَيَرِثُهُ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ، وَإِنْ وَرِثُوا بِسَبَبٍ كَالزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَوْرُوثٌ فَكَانَ كَالْمَالِ الْمَوْرُوثِ (وَإِذَا عُدِمَ الْوَارِثُ الْخَاصُّ اقْتَصَّ الْإِمَامُ) مِنْ الْقَاتِلِ (وَيُحْبَسُ الْجَانِي) وُجُوبًا (لِصَبِيٍّ فِيهِمْ) أَيْ فِي الْوَرَثَةِ حَتَّى يَبْلُغَ (وَمَجْنُونٍ) حَتَّى يُفِيقَ (وَكَذَا الْغَائِبُ) حَتَّى يَحْضُرَ، أَوْ يَأْذَنَ، وَلَا يَحْتَاجُ الْحَاكِمُ فِي حَبْسِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْقَتْلِ عِنْدَهُ إلَى إذْنِ الْوَلِيِّ وَالْغَائِبِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ) كَانَ الْقِصَاصُ (فِي طَرَفٍ) ضَبْطًا لِحَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ، وَلَا لِلْحَاكِمِ اسْتِيفَاؤُهُ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِلتَّشَفِّي فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِمْ نَعَمْ قَاطِعُ الطَّرِيقِ أَمْرُهُ إلَى الْإِمَامِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَرْجِيحِ أَنَّهُ يُحْبَسُ فِي قَطْعِ الطَّرَفِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعُلِمَ بِقَوْلِهِ يُحْبَسُ أَنَّهُ لَا يُخَلَّى بِكَفِيلٍ فَقَدْ يَهْرُبُ فَيَفُوتُ الْحَقُّ (، وَلَا يَسْتَوْفِي الْقَتْلَ إنْ كَانَ لِجَمَاعَةٍ إلَّا وَاحِدٌ) مِنْهُمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ (بِتَرَاضٍ، أَوْ قُرْعَةٍ) أَيْ، أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِقُرْعَةٍ (بَعْدَهَا إذْنٌ) فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ لَا يَتَوَلَّاهُ إلَّا بِإِذْنِ الْبَاقِينَ وَفَارَقَ   [حاشية الرملي الكبير] بَابُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ) . (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَوْرُوثٌ كَالْمَالِ فَيَرِثُهُ إلَخْ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إمَّا أَنْ تَقْتُلَ أَوْ تَأْخُذَ» قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ الْأَهْلَ عِبَارَةٌ عَنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِنْ ذَوِي الْأَنْسَابِ وَالْأَسْبَابِ؛ وَلِأَنَّهُ خَيَّرَهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّيَةِ، وَالدِّيَةُ تَثَبَّتَتْ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ بِالِاتِّفَاقِ فَكَذَا الْقِصَاصُ. (قَوْلُهُ: وَيُحْبَسُ الْجَانِي وُجُوبًا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حَبْسِ الْقَاتِلِ بَيْنَ كَوْنِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فِي عَمَلِ الْحَاكِمِ أَوْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا قُلْنَا يُحْبَسُ إذَا كَانَ الْوَارِثُ الْغَائِبُ رَشِيدًا أَمَّا إذَا قُلْنَا لَا فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْأَصْحَابِ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ وَنَحْوُهُ فِي بَلَدٍ فَالْوِلَايَةُ فِي مَالِهِ لِقَاضِي بَلَدِ إقَامَتِهِ عَلَى الْأَشْبَهِ دُونَ قَاضِي بَلَدِ مَالِهِ قَالَ النَّاشِرِيُّ: التَّرَدُّدُ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، وَأَمَّا فِي حِفْظِهِ فَلِحَاكِمِ بَلَدِ الْمَالِ حِفْظُهُ جَزْمًا وَجَعْلُ الْقَاتِلِ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ لَا مِنْ بَابِ التَّصَرُّفِ يُظْهِرُ أَنْ لَا وَقْفَةَ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا قَتْلُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُلْجِمٍ قَاتِلَ عَلِيٍّ، وَكَانَ لَهُ أَوْلِيَاءٌ غَيْرُهُ صِغَارًا فَلِأَنَّ قَتْلَ الْإِمَامِ مِنْ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَلَيْسَ كَقَتْلِ غَيْرِهِ وَلِهَذَا حَكَى فِي الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْبُغَاةِ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ قَاتِلَ الْإِمَامِ يُقْتَلُ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا حَتَّى يَتَحَتَّمَ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ. (قَوْلُهُ: لِصَبِيٍّ فِيهِمْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ هَذَا إذَا ثَبَتَ الْقِصَاصُ لِلطِّفْلِ بِإِرْثٍ عَنْ غَيْرِهِ فَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الطِّفْلِ فِي طَرَفٍ ثَبَتَ لَهُ الْقِصَاصُ، وَكَانَ لِلْوَلِيِّ اسْتِيفَاؤُهُ، وَكَذَلِكَ مِنْ الْمَجْنُونِ، وَقَالَ الْقَفَّالُ: لِلسُّلْطَانِ اسْتِيفَاؤُهُ. اهـ. وَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَعِيفٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَالتَّعْلِيلُ وَعِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ إذَا انْفَرَدَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ بِاسْتِحْقَاقِ الْقِصَاصِ لَمْ يَسْتَوْفِهِ وَلِيُّهُ سَوَاءٌ فِيهِ قِصَاصُ النَّفْسِ وَالطَّرَفِ (قَوْلُهُ: وَمَجْنُونٌ) لِوَلِيِّ الْمَجْنُونِ الْفَقِيرِ أَخْذُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لَهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْوَصِيُّ كَمَا نَقَلَاهُ، وَأَقَرَّاهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْغَائِبُ) قَالَ فِي الْبَيَانِ فَإِنْ قِيلَ هَلَّا قُلْتُمْ لَا يُحْبَسُ لِلْغَائِبِ إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْحَاكِمِ عَلَيْهِ كَمَا لَا يُحْبَسُ غَاصِبُ مَالِهِ، وَيَنْزِعُهُ مِنْهُ قِيلَ الْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْمَيِّتِ وَلِلْحَاكِمِ عَلَى الْمَيِّتِ وِلَايَةٌ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ، وَهُوَ رَشِيدٌ فَوِزَانُهُ أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ، وَيُخَلِّفَ مَالًا وَوَارِثُهُ غَائِبٌ فَيَغْصِبُ الْمَالَ رَجُلٌ فَلِلْإِمَامِ حَبْسُ الْغَاصِبِ إلَى أَنْ يَقْدُمَ الْغَائِبُ، وَفِي الشَّامِلِ نَحْوُ مَا فِي الْبَيَانِ قَالَ وَوِزَانُ مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ أَنْ يَكُونَ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ لِلْغَائِبِ، وَأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي كَلَامِهِمَا فَوَائِدُ، وَيُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدَ الْغَائِبِ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَحْبِسُ الْقَاتِلَ إلَى قُدُومِ سَيِّدِهِ، وَكَلَامُ الشَّامِلِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِلْغَائِبِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَذَلِكَ يُوجِبُ التَّوَقُّفَ فِيمَا سَبَقَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ يُحْبَسُ فِي قِصَاصِ الطَّرَفِ بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْحَبْسَ فِي الْقِصَاصِ خَاصَّةً، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ، وَكَلَامُهُمْ سَاكِتٌ عَنْ الْحَبْسِ فِي قِصَاصِ الطَّرَفِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ قَاطِعُ الطَّرِيقِ أَمْرُهُ إلَى الْإِمَامِ) إذْ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْ قَتْلِهِ حَدًّا (قَوْلُهُ: مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ) شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْقِصَاصِ إنْ كَانَ فِي طَرَفٍ أَوْ فِي نَفْسٍ بِوَاسِطَةِ قَطْعِ الطَّرَفِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 نَظِيرَهُ فِي التَّزْوِيجِ بِأَنَّ مَبْنَى الْقِصَاصِ عَلَى الدَّرْءِ وَيَجُوزُ لِجَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلِبَعْضِهِمْ تَأْخِيرُهُ كَإِسْقَاطِهِ، وَالنِّكَاحُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى مُبَاشَرَةِ اسْتِيفَائِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ تَعْذِيبٍ لِلْجَانِي وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْقِصَاصُ نَحْوَ إغْرَاقٍ، أَوْ تَحْرِيقٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ (وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقُرْعَةِ عَاجِزٌ) عَنْ الِاسْتِيفَاءِ (كَشَيْخٍ، أَوْ امْرَأَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لِلِاسْتِيفَاءِ فَتَخْتَصُّ بِأَهْلِهِ، وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَصْحِيحُ دُخُولِهِ فِيهَا، وَأَنَّهُ يُنِيبُ إذَا خَرَجَتْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ كَالْقَادِرِ (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (لَوْ خَرَجَتْ لِقَوِيٍّ فَعَجَزَ) قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ (أُعِيدَتْ) لِلْبَاقِينَ (فَإِنْ خَلَفَ) الْقَتِيلَ (امْرَأَةٌ) لَا تَسْتَغْرِقُ كَبِنْتٍ، أَوْ جَدَّةٍ (اسْتَوْفَاهُ السُّلْطَانُ مَعَهَا) كَالْمَالِ، وَقِيَاسُ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي غَيْرِ الْقِصَاصِ أَنْ يُقَالَ بِهِ فِيهِ أَيْضًا. (فَصْلٌ) لَوْ (قَتَلَ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا فَقِصَاصُهُ لِوَرَثَتِهِ) لَا لِمُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لِلتَّشَفِّي، وَوَرَثَتُهُ هُمْ الْمُحْتَاجُونَ إلَيْهِ (وَكَذَا لَهُمْ دِيَتُهُ) الْوَاجِبَةُ بِعَفْوِهِمْ عَلَيْهَا، أَوْ بِغَيْرِهِ (وَإِنْ قَتَلَهُ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ) مُبَادَرَةً (بِلَا إذْنٍ) ، وَلَا عَفْوٍ مِنْ الْبَقِيَّةِ، أَوْ بَعْضِهِمْ، وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ (سَقَطَ عَنْهُ) يَعْنِي لَمْ يَلْزَمْهُ (الْقِصَاصُ) إنْ لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِمَنْعِهِ مِنْ الْقَتْلِ (لِلشُّبْهَةِ) مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ حَقًّا فِي قَتْلِهِ كَمَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي وَطْءِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَقِيلَ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ الِانْفِرَادَ بِقَتْلِهِ (وَلَزِمَهُ) لِوَرَثَةِ الْجَانِي (مَا زَادَ) مِنْ دِيَتِهِ عَنْ (نَصِيبِهِ مِنْ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ مُوَرِّثِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الزَّائِدِ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ بِقَتْلِهِ الْجَانِي كَمَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْحَقُّ، أَوْ يَسْقُطُ عَنْهُ تَقَاصًّا بِمَا لَهُ عَلَى تَرِكَةِ الْجَانِي عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِذَا) جَهِلَ الْقَاتِلُ (تَحْرِيمَ الْمُبَادَرَةِ فَهَلْ تَحْمِلُهُ) أَيْ بَدَلَ الْقَتْلِ، وَهُوَ الدِّيَةُ (عَاقِلَتُهُ) ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ كَالْخَطَأِ، أَوْ فِي مَالِهِ لِقَصْدِهِ الْقَتْلَ (قَوْلَانِ) ، أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ (وَ) أَمَّا (حَقُّ وَرَثَةِ) الْمَقْتُولِ (الْأَوَّلِ) فَهُوَ فِي (تَرِكَةِ قَاتِلِ أَبِيهِمْ) الْأَنْسَبُ قَاتِلِ مُوَرِّثِهِمْ، أَوْ قَاتِلِهِ أَيْ الْأَوَّلِ أَيْ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي لَا فِي ذِمَّةِ الْمُبَادِرِ؛ لِأَنَّ الْمُبَادِرَ فِيمَا وَرَاءَ حَقِّهِ كَالْأَجْنَبِيِّ. وَفَارَقَ مَا لَوْ أَوْدَعَ غَيْرَهُ وَدِيعَةً وَمَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَإِتْلَافُهَا أَحَدَهُمَا حَيْثُ يَرْجِعُ الْآخَرُ بِضَمَانِ نَصِيبِهِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُودَعِ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْمُودَعِ حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ لَمْ يَضْمَنْهَا، وَلَوْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ غَرَّمَهُ الْمَالِكُ، وَنَفْسُ الْجَانِي مَضْمُونَةٌ حَتَّى لَوْ مَاتَ، أَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ أُخِذَتْ الدِّيَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ (وَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ عَفْوِ أَحَدِهِمْ وَعَلِمَ) بِعَفْوِهِ (لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِسُقُوطِهِ عَنْ الْجَانِي إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقَتْلِ بَعْدَ الْعَفْوِ فَكَانَ كَقَتْلِ مَنْ ظَنَّهُ مُرْتَدًّا (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعَفْوِهِ (فَوَجْهَانِ) صَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيُّ وَجْهَانِ، أَوْ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي قَتْلِ مَنْ ظَنَّهُ مُرْتَدًّا فَبَانَ خِلَافُهُ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ اللُّزُومِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ) لِلْجَانِي (فَنَصِيبُهُ) مِنْ دِيَةِ مُوَرِّثِهِ (لِوَرَثَتِهِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي فَإِنْ عَفَا) عَنْهُ (وَارِثُ الْجَانِي) كَمَا عَفَا عَنْ الْجَانِي بَعْضُ وَرَثَةِ قَتِيلِهِ (عُمِلَ بِمُقْتَضَى الْعَفْوَيْنِ) مِنْ وُجُوبِ الْمَالِ وَعَدَمِهِ. (فَصْلٌ) لَوْ (قَتَلَ رَجُلٌ جَمَاعَةً) ، أَوْ قَطَعَ أَطْرَافَهُمْ (مُرَتَّبًا فَالْقِصَاصُ) عَلَيْهِ (بِالْأَوَّلِ مِنْهُمْ وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ، وَإِنْ طَلَبُوا الِاشْتِرَاكَ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ لَمْ يُجَابُوا) إلَيْهِ (وَيُحْبَسُ) الْقَاتِلُ فِيمَا لَوْ كَانَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ غَائِبًا (لِبُلُوغِ وَلِيِّهِ) ، وَإِفَاقَتِهِ (وَقُدُومِهِ فَإِنْ عَفَا) الْأَوَّلُ أَيْ وَلِيُّهُ (فَلِمَنْ) أَيْ فَالْقِصَاصُ لِوَلِيِّ مَنْ (بَعْدَهُ لَا إنْ أَمْهَلَ) وَلِيُّ الْأَوَّلِ بِأَنْ لَمْ يَعْفُ، وَلَمْ يَقْتَصَّ فَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْمُتَأَخِّرِ قَتْلُ الْقَاتِلِ (فَإِنْ قَتَلَهُ الْمُتَأَخِّرُ عُزِّرَ) لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا، وَلَا كَفَّارَةَ (وَ) قَدْ (اسْتَوْفَى) بِذَلِكَ قِصَاصَهُ الْمُسْتَحَقَّ لَهُ (ثُمَّ لِكُلٍّ) مِنْ الْبَاقِينَ (دِيَةٌ فَإِنْ طَالَبَ) وَلِيُّ (الثَّانِي دُونَ) وَلِيِّ (الْأَوَّلِ) بِالْقِصَاصِ مِنْ الْقَاتِلِ (فَقَتَلَهُ بِهِ) أَيْ بِالثَّانِي (الْإِمَامُ، وَلَمْ يَبْعَثْ لِلْأَوَّلِ) لِيَعْرِفَ أَهُوَ طَالِبٌ أَمْ عَافٍ (كُرِهَ تَحْرِيمًا) ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لِكُلِّهِمْ عَلَيْهِ حَقَّ الْقَوَدِ (وَلَوْ قَتَلَهُمْ مَعًا، أَوْ أَشْكَلَ السَّابِقُ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَقَتَلَهُمْ دَفْعَةً أَمْ مُرَتَّبًا، أَوْ عُلِمَ سَبْقٌ، وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ السَّابِقِ (فَالتَّقَدُّمُ بِالْقُرْعَةِ) بَيْنَهُمْ (وَاجِبٌ) الْمُرَادُ مَا فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْإِقْرَاعَ بَيْنَهُمَا وَاجِبٌ لِيُقَدَّمَ بِهِ (فَيَنْتَظِرُ لِصَبِيٍّ) وَمَجْنُونٍ أَيْ لِكَمَالِهِمَا (وَغَائِبٍ) أَيْ حُضُورَهُ فِيمَا إذَا كَانَ بَعْضُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَصْحِيحُ دُخُولِهِ فِيهَا إلَخْ) قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ: إنَّهُ غَلَطٌ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ قَتَلَ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا] (قَوْلُهُ: سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ) شَمِلَ مَا لَوْ قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ ظَنَّهُ غَيْرَهُ فَقَتَلَهُ عَامِدًا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقَتْلِ) ، وَكَذَا إنْ حَكَمَ بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرُهُ، وَلَعَلَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا الْأَصَحُّ خِلَافُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ صَاحِب الْحَاوِي أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْحَاكِمِ حُكْمٌ لَا بِالتَّمْكِينِ، وَلَا بِالْمَنْعِ فَإِنْ حُكِمَ بِمَنْعِ الِانْفِرَادِ لَزِمَهُ الْقَوَدُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ ارْتَفَعَتْ بِحُكْمِهِ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يُصَيِّرُ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ حَقًّا فِي قَتْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي وَطْئِهِ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ) مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِمَنْعِهِ أَوْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الْحَقُّ) هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى جَرَيَانِ التَّقَاصِّ فِي غَيْرِ النَّقْدَيْنِ، وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا عُدِمَتْ الْإِبِلُ وَوَجَبَتْ قِيمَتُهَا (قَوْلُهُ: فَهَلْ تَحْمِلُهُ عَاقِلَتُهُ) قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ) لِسُقُوطِ حَقِّهِ مِنْ الْقَوَدِ سَوَاءٌ أَعَلِمَ بِالْعَفْوِ أَمْ لَا. [فَصْلٌ قَتَلَ رَجُلٌ جَمَاعَةً أَوْ قَطَعَ أَطْرَافَهُمْ مُرَتَّبًا] (قَوْلُهُ: فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِ بِالْأَوَّلِ) لَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَقِيلَ دِيَتُهُ لِوَلِيِّ الْأَوَّلِ وَالْمَذْهَبُ فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهَا لِلْكُلِّ، وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَفَا الْأَوَّلُ) أَيْ وَلِيُّهُ عَفْوُ الْوَلِيِّ بِلَا مَالٍ بَاطِلٌ وَعَلَى مَالٍ فَإِنَّمَا يَصِحُّ مِنْ وَلِيِّ الْمَجْنُونِ الْفَقِيرِ غَيْرِ الْوَصِيِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 أَوْلِيَاءِ الْقَتْلَى صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ غَائِبًا (وَ) التَّقَدُّمُ (بِالتَّرَاضِي) بِلَا قُرْعَةٍ (جَائِزٌ فَإِنْ بَدَا لَهُمْ) الْإِقْرَاعُ (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ (وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ الْقَاتِلِ (لِأَحَدِهِمْ بِالسَّبْقِ) لِقَتْلِ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِحَقٍّ (وَلِلْبَاقِينَ تَحْلِيفُهُ) إنْ كَذَّبُوهُ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ فَالنُّكُولُ مَعَ يَمِينِ الْخَصْمِ إنْ قُلْنَا كَالْإِقْرَارِ لَمْ يُسْمَعْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ صَرِيحًا بِمَا يُخَالِفُ مَا أَقَرَّ بِهِ أَوَّلًا، وَإِنْ قُلْنَا كَالْبَيِّنَةِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نُعَدِّيهَا لِثَالِثٍ عَلَى الصَّحِيحِ (وَلَوْ قَتَلَهُمْ كُلُّهُمْ أَسَاءُوا وَوَقَعَ) الْقَتْلُ (مُوَزَّعًا) عَلَيْهِمْ (وَرَجَعَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِالْبَاقِي) لَهُ (مِنْ الدِّيَةِ) وَالتَّصْرِيحُ بِالْإِسَاءَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ جَمَاعَةً قُتِلُوا بِالْأَوَّلِ) مِنْ الْقَتْلَى إنْ قَتَلُوهُمْ مُرَتَّبًا، وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ قُتِلُوا بِهِ وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ فِي تَرِكَاتِ الْقَاتِلِينَ (كَالْوَاحِدِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ وَاحِدًا (وَالْعَبْدُ) فِيمَا ذُكِرَ كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ (فَإِنْ قُتِلَ بِالْأَوَّلِ) مِنْ الْقَتْلَى (فَدِيَاتُ الْبَاقِينَ فِي ذِمَّتِهِ) يَلْقَى اللَّهَ بِهَا (وَإِنْ عَفَا) وَلِيُّ الْأَوَّلِ (بِمَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَلِلثَّانِي قَتْلُهُ، وَإِنْ بَطَلَ حَقُّ الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْمَالِ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ كَجِنَايَةِ الْمَرْهُونِ (فَإِنْ عَفَا) الثَّانِي أَيْضًا بِمَالٍ (شَارَكَهُ) فَيَتَعَلَّقُ الْمَالَانِ بِرَقَبَتِهِ، وَلَا يُرَجَّحُ بِالتَّقْدِيمِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ أَمْوَالًا لِجَمَاعَةٍ فِي أَزْمِنَةٍ (وَهَكَذَا) إنْ عَفَا الثَّالِثُ، وَمَنْ بَعْدَهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَمَنْ لَزِمَهُ قَتْلٌ، وَقَطْعٌ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ) سَوَاءٌ أَتَقَدَّم قَتْلُهُ أَمْ قَطْعُهُ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (وَمَنْ قَطَعَ يَمِينًا) مِنْ شَخْصٍ (ثُمَّ أُصْبُعَهَا مِنْ آخَرَ قُطِعَ) مِنْهُ يَمِينُهُ (وَوَدَى الْأُصْبُعَ) أَيْ أَعْطَى دِيَتَهُ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ قَطَعَ أُصْبُعَ الْيَمِينِ مِنْ شَخْصٍ ثُمَّ الْيَمِينَ مِنْ آخَرَ (قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ) لِلْأَوَّلِ (وَ) يَجُوزُ (لِلْآخَرِ الْقَطْعُ) لِبَاقِي الْيَمِينِ (مَعَ) أَخْذِ (الْأَرْشِ) لِلْأُصْبُعِ (، أَوْ الدِّيَةِ) لِلْيَمِينِ (وَإِنْ قَطَعَهُمَا مَعًا) ، أَوْ أَشْكَلَ الْحَالُ (أَقْرَعَ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ) الْقُرْعَةُ (فَكَأَنَّهُ السَّابِقُ) بِالْقَطْعِ. [فَصْلٌ اقْتَصَّ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ] (فَصْلٌ: مَنْ اقْتَصَّ) فِي نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ (بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ عُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَيْهِ وَتَعَدِّيهِ إذْ أَمْرُ الدِّمَاءِ خَطَرٌ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ فَلَا يَسْتَوْفِيهَا إلَّا بِإِذْنِهِ إلَّا السَّيِّدَ فَيُقِيمُهُ عَلَى رَقِيقِهِ، وَالْمُسْتَحِقُّ الْمُضْطَرُّ فَيُقِيمُهُ عَلَى الْجَانِي لِيَأْكُلَهُ وَالْقَاتِلُ فِي الْحِرَابَةِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُنْفَرِدُ بِحَيْثُ لَا يُرَى فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ لَا سِيَّمَا إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَنْ وَجَبَ لَهُ عَلَى شَخْصٍ حَدُّ قَذْفٍ، أَوْ تَعْزِيرٌ، وَكَانَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ (وَأَجْزَأَهُ) فِي وُقُوعِهِ قِصَاصًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ (وَيُؤْمَرُ الْعَاجِزُ) عَنْ الِاسْتِيفَاءِ كَشَيْخٍ وَزَمِنٍ وَامْرَأَةٍ (بِالتَّوْكِيلِ فِي الْقَتْلِ) لِمَا فِي اسْتِيفَائِهِ لَهُ مِنْ التَّعْذِيبِ (وَكَذَا) يُؤْمَرُ (الْقَوِيُّ) عَلَى الِاسْتِيفَاءِ كَالْعَاجِزِ بِالتَّوْكِيلِ (فِي) قَطْعِ (الطَّرَفِ) فَلَا يَسْتَوْفِي بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْإِيلَامِ بِتَرْدِيدِ الْآلَةِ فَيَسْرِي بِخِلَافِهِ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا مَضْبُوطَةٌ (وَلَوْ حُدَّ الْمَقْذُوفُ، أَوْ عُزِّرَ) مَنْ لَزِمَهُ لَهُ الْحَدُّ، أَوْ التَّعْزِيرُ (لِنَفْسِهِ) بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَسَاءَ) لِتَعَدِّيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْإِسَاءَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَمْ يُجِزْهُ) لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَلَا يَنْضَبِطُ وَلِإِمْكَانِ تَدَارُكِهِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ فَيُتْرَكُ حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ يُحَدُّ، وَقِيلَ بِجُزْئِهِ كَالْقِصَاصِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ مَاتَ مَعَهُ فَالْقَوَدُ) ، أَوْ بَدَلُهُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْتَوْفِي (لَا إنْ أَذِنَ) لَهُ فِي ذَلِكَ (وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَفَقَّدَ الْآلَةَ) لِئَلَّا تَكُونَ كَالَّةً   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ إلَخْ) فَائِدَتُهُ أَنَّهُ إنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَصَدَّقَهُ وَارِثُ الْمُقَرِّ لَهُ أَوَّلًا أَنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَارَضَ إقْرَارُهُ الثَّانِي إقْرَارَهُ الْأَوَّلَ فَيَعْدِلُ إلَى الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَقَرَّ صَرِيحًا بِمَا يُخَالِفُ إقْرَارَهُ أَوَّلًا، وَإِنْ قُلْنَا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُثْبِتُ لِلْحَقِّ هُوَ الْإِقْرَارَ، وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ هُنَا إلَّا تَقْدِيمُ وَرَثَةِ الْمُقَرِّ لَهُ بِالسَّبْقِ بِالِاسْتِيفَاءِ إذْ اسْتِحْقَاقُ وَرَثَةِ كُلِّ قَتِيلٍ دَمَ قَاتِلِهِ ثَابِتٌ مَعَ الْإِقْرَارِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ نَكَلَ الْمُقِرُّ عَنْ الْحَقِّ أَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ انْتَفَى مَا يَقْتَضِي التَّقْدِيمَ (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: مَنْ اقْتَصَّ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ عُزِّرَ) إذْ نَائِبُهُ كَإِذْنِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِإِلْحَاقِ الْقَاضِي بِالْإِمَامِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَوْفِي فِيهَا إلَّا بِإِذْنِهِ) ، وَإِنْ كَانَ قَدْ حُكِمَ لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْقِصَاصِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي خَوْفَ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا السَّيِّدَ فَيُقِيمُهُ عَلَى رَقِيقِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَوْفِي مُجْتَهِدًا فَرَآهُ أَوْ كَانَ مُقَلِّدًا لِمَنْ يَرَاهُ، وَهَلْ يُعَذَّرُ الْجَاهِلُ بِالْمَنْعِ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ فَلَا يُعَذَّرُ، فِيهِ احْتِمَالٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِي مَعْنَاهُ مَا إذَا كَانَ فِي مَكَان لَا إمَامَ لَهُ (قَوْلُهُ: إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةَ أب (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَهُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ مُعْتَبَرٌ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَوْفِيهِ رَجُلًا، وَأَنْ يَكُونَ ثَابِتَ النَّفْسِ عِنْدَ مُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ، وَأَنْ يَعْرِفَ الْقَوَدَ فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهُ مُنِعَ، وَأَنْ يَكُونَ قَوِيَّ الْيَدِ نَافِذَ الضَّرْبَةِ فَإِنْ ضَعُفَتْ بِشَلَلٍ أَوْ مَرَضٍ مُنِعَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَوْفِي بِنَفْسِهِ) شَمِلَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ وَوَارِثَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْإِيلَامِ إلَخْ) وَالْقَطْعُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ قَطْعِهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا مَضْبُوطَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: كَلَامُهُمْ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِتَمْكِينِهِ مِنْ إيضَاحِ مَنْ أَوْضَحَهُ مَعَ أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ هُنَا، وَهِيَ خَوْفُ أَنْ يَحْمِلَهُ الْحَيْفُ عَلَى الْمُجَاوَزَةِ وَالتَّعَدِّي مَوْجُودَةٌ هُنَا فَمَا الْفَرْقُ؟ . وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ عَنْ الْمَنَافِعِ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الطَّرَفِ فَإِذَا قَلَعَ عَيْنَهُ لَمْ يُمْكِنْ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ بِالْقَلْعِ بَلْ يُؤْمَرْ بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ، وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّصْحِيحِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا قُلِعَتْ عَيْنَاهُ أَمَّا إذَا وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ، وَكَانَ يُبْصِرُ بِالْأُخْرَى بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ حَيْفٌ إذَا قُلِعَ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ تَصْرِيحِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَفَقَّدَ الْآلَةَ) قَالَ فِي الْحَاوِي إنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي اسْتِيفَائِهِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ أَنْ يَحْضُرَهُ الْحَاكِمُ الَّذِي حَكَمَ لَهُ بِهِ أَوْ نَائِبُهُ لِيَكُونَ حُضُورُهُ تَنْفِيذًا لِحُكْمِهِ، وَأَنْ يَحْضُرَهُ شَاهِدَانِ لِيَكُونَا بَيِّنَةً فِي الِاسْتِيفَاءِ أَوْ التَّعَدِّي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 إذْ لَا يَجُوزُ الْقَتْلُ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَتَلَ بِهَا كَمَا يَأْتِي لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ الْمُحَرَّمِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» ، وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ التَّفَقُّدِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ (وَيُسْتَحَبُّ) لَهُ (أَنْ يُشْهِدَ) عَلَى الِاسْتِيفَاءِ (عَدْلَيْنِ) لِيَشْهَدَا عَلَى الْمُقْتَصِّ إنْ أَنْكَرَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ إنْ كَانَ التَّرَافُعُ إلَيْهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ لِيَنْتَشِرَ الْخَبَرُ فَيَحْصُلُ الزَّجْرُ، وَأَقَلُّ مَنْ يَحْضُرُهُ عَدْلَانِ. (فَإِنْ قَتَلَهُ بِكَالٍّ، وَلَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ بِمِثْلِهِ، أَوْ) قَتَلَهُ بِشَيْءٍ (مَسْمُومٍ) كَذَلِكَ (عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ (وَالْوَلِيُّ إنْ تَعَمَّدَ غَيْرَ الرَّقَبَةِ) فِي اقْتِصَاصِهِ بِضَرْبِهَا (عُزِّرَ) لِذَلِكَ (وَلَمْ يُعْزَلْ) لِأَهْلِيَّتِهِ وَإِنْ تَعَدَّى بِفِعْلِهِ (كَمَا لَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي لَا يُمْنَعُ الِاسْتِيفَاءُ، وَإِنْ أَخْطَأَ، وَأَمْكَنَ) خَطَؤُهُ عَادَةً بِأَنْ أَمَرَهُ الْإِمَامُ بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ فَضَرَبَ كَتِفَهُ، أَوْ رَأْسَهُ مِمَّا يَلِيهَا (فَعَكْسُهُ) أَيْ فَلَا يُعَزَّرُ إذَا حَلَفَ وَيُعْزَلُ؛ لِأَنَّ يُشْعِرُ بِعَجْزِهِ فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يُخْطِئَ ثَانِيًا (وَلَا يُعْزَلُ مَاهِرٌ) فِي ضَرْبِ الرِّقَابِ (اتَّفَقَ خَطَؤُهُ) فَإِنْ ادَّعَى الْخَطَأَ فِيمَا لَا يُمَكَّنُ فِيهِ كَأَنْ ضَرَبَ رِجْلَهُ، أَوْ وَسَطَهُ فَهُوَ كَتَعَمُّدِهِ لِظُهُورِ كَذِبِهِ (وَإِنْ اسْتَوْفَى طَرَفًا بِمَسْمُومٍ فَمَاتَ لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ مُسْتَحِقٍّ وَغَيْرِهِ (فِي مَالِهِ) لِتَعَمُّدِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (فَإِنْ كَانَ) السُّمُّ (مُوحِيًا فَالْقِصَاصُ) وَاجِبٌ عَلَيْهِ. [فَرْعٌ تَنْصِيبْ الْإِمَامُ مَنْ يَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ وَالْحُدُودَ] (فَرْعٌ: وَلْيُنَصِّبْ الْإِمَامُ مَنْ يَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ وَالْحُدُودَ وَرِزْقُهُ مِنْ الْمَصَالِحِ) أَيْ مِنْ خُمُسِ خُمُسِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ شَيْءٌ، أَوْ كَانَ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ لِأَهَمَّ مِنْهُ (فَالْأُجْرَةُ) لِلْمَنْصُوبِ (عَلَى الْجَانِي وَالْمَحْدُودِ) ؛ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ فَلَزِمَتْهُمَا كَأُجْرَةِ كَيَّالِ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ وَوَزَّانِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي (فَلَوْ قَالَ) الْجَانِي (أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي) ، وَلَا أُؤَدِّي الْأُجْرَةَ (مُنِعَ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّشَفِّي، وَهُوَ لَا يَتِمُّ بِفِعْلِ الْجَانِي؛ وَلِأَنَّهُ إذَا مَسَّتْهُ الْحَدِيدَةُ فَتَرَتْ يَدُهُ، وَلَا يَحْصُلُ الزَّهُوقُ إلَّا بِأَنْ يُعَذِّبَ نَفْسَهُ تَعْذِيبًا شَدِيدًا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ (فَإِنْ أُجِيبَ) لِمَا قَالَهُ وَاقْتَصَّ مِنْ نَفْسِهِ (فَهَلْ يُجْزِئُ) عَنْ الْقِصَاصِ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا كَمَا لَوْ جَلَدَ نَفْسَهُ فِي الزِّنَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَفِي الْقَذْفِ بِإِذْنِ الْمَقْذُوفِ كَمَا يَأْتِي، وَكَمَا لَوْ قَبَضَ الْمَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي. وَالثَّانِي نَعَمْ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ لِحُصُولِ الزَّهُوقِ، وَإِزَالَةُ الطَّرَفِ بِخِلَافِ الْجَلْدِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يُؤْلِمُ نَفْسَهُ وَيُوهِمُ الْإِيلَامُ فَلَا يَتَحَقَّقُ حُصُولُ الْمَقْصُودِ وَبِخِلَافِ قَبْضِ الْمَبِيعِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ إزَالَةُ يَدِ الْبَائِعِ، وَلَمْ تَزُلْ (وَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ لِلسَّارِقِ) فِي قَطْعِ يَدِهِ (فَقَطَعَ يَدَهُ جَازَ وَيُجْزِئُ) عَنْ الْحَدِّ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ التَّنْكِيلُ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَمِنْ الْقِصَاصِ التَّشَفِّي، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ فَمَنَعَ الْإِجْزَاءَ عَلَى وَجْهٍ كَمَا مَرَّ. وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ الْجَوَازِ نَاقِضُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ الْوَكَالَةِ (بِخِلَافِ الزَّانِي وَالْقَاذِفِ) لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَا يُجْزِئُ لِمَا مَرَّ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي وَقْتِ الْقِصَاصِ وَيَجِبُ) الْقِصَاصُ عَلَى مَنْ لَزِمَهُ (عَلَى الْفَوْرِ إنْ أَمْكَنَ) ؛ لِأَنَّهُ مُوجِبُ الْإِتْلَافِ فَيَتَعَجَّلُ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ (فَيَقْتَصُّ فِي الْحَرَمِ) ، وَلَوْ فِي النَّفْسِ، أَوْ مَعَ الِالْتِجَاءِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ لَوْ وَقَعَ فِي الْحَرَمِ لَمْ يُوجِبْ ضَمَانًا فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ كَقَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْجَانِي (لَا فِي مَسْجِدٍ) وَمِنْهُ الْكَعْبَةُ (وَ) لَا فِي (مِلْكِ إنْسَانٍ بَلْ يَخْرُجُ) مِنْهُمَا مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَيُسْتَوْفَى خَارِجَهُمَا لِلنَّهْيِ عَنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ اسْتِعْمَالُ مِلْكِ الْإِنْسَانِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَعَ أَنَّ التَّأْخِيرَ الْمَذْكُورَ يَسِيرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ خِيفَ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُهُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ كَرَاهَةُ إقَامَةِ الْحَدِّ فِي الْمَسْجِدِ. (وَلَا يُؤَخَّرُ) الْقِصَاصُ (لِحَرٍّ وَبَرْدٍ وَمَرَضٍ، وَلَوْ) كَانَ الْقِصَاصُ (فِي الْأَطْرَافِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَكَذَا لَا يُؤَخَّرُ لِذَلِكَ الْجَلْدُ فِي الْقَذْفِ بِخِلَافِ قَطْعِ السَّرِقَةِ وَالْجَلْدِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ حُقُوقَهُ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَحُقُوقَ الْعِبَادِ عَلَى الْمُضَايَقَةِ هَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَفِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ لِلرُّويَانِيِّ أَنَّهُ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُؤَخَّرُ قِصَاصُ الطَّرَفِ لِذَلِكَ أَيْضًا. انْتَهَى. وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ. (وَيَقْطَعُهَا) أَيْ وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ قَطَعَ الْأَطْرَافَ (مُتَوَالِيَةً، وَلَوْ فُرِّقَتْ) مِنْ الْجَانِي؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ. (وَيُؤَخَّرُ) الِاسْتِيفَاءُ   [حاشية الرملي الكبير] وَأَنْ يُحْضِرَ مَعَهُ عَوْنًا فَرُبَّمَا حَدَثَ مَا يَحْتَاجُ إلَى كَفٍّ أَوْ رَدْعٍ، وَأَنْ يَأْمُرَ الْمُقْتَصَّ مِنْهُ بِمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ يَوْمِهِ، وَأَنْ يَأْمُرَهُ بِالْوَصِيَّةِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ مِنْ حَقٍّ، وَأَنْ يُؤْمَرَ بِالتَّوْبَةِ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَأَنْ يُسَاقَ إلَى مَوْضِعِ الْقِصَاصِ بِرِفْقٍ، وَأَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ، وَأَنْ يَشُدَّ عَيْنَاهُ بِعِصَابَةٍ، وَيُتْرَكَ مَمْدُودَ الْعُنُقِ لِئَلَّا يَعْدِلَ السَّيْفُ عَنْهُ وَالْعَاشِرُ أَنْ يَكُونَ السَّيْفُ صَارِمًا لَيْسَ بِكَالٍّ، وَلَا مَسْمُومٍ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا هَذِهِ الشُّرُوطَ وَالْأَوْصَافَ إحْسَانًا فِي الِاسْتِيفَاءِ وَمَنْعًا مِنْ التَّعْذِيبِ لِحَدِيثِ «فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» وَلِلنَّهْيِ عَنْ تَعْذِيبِ الْبَهَائِمِ فَالْآدَمِيُّ أَحَقُّ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَأَكْثَرُ مَا ذَكَرَهُ عَدُّوهُ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا لَا) وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي نَعَمْ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَصَحَّحَهُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ الْجَوَازِ نَاقِضُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ الْوَكَالَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَا قَالَ هُنَا أَنَّهُ الْأَقْرَبُ لَا يُخَالِفُ مَا صَحَّحَهُ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ مَنْعِ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْكِينٌ يَكُونُ فِيهِ مُسْتَقِلًّا وَذَاكَ تَوْكِيلٌ وَالتَّوْكِيلُ يَسْتَدْعِي عَدَمَ الِاتِّحَادِ بِخِلَافِ التَّمْكِينِ، وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُ هَذَا عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالصِّيغَةِ أَوْ الْمَعْنَى وَلِهَذَا لَا يَنْعَقِدُ قَوْلُهُ: بِعْتُك بِلَا ثَمَنٍ هِبَةً، وَإِنْ كَانَ هُوَ مَعْنَى الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ بِعْت تَسْتَدْعِي مُقَابِلًا. اهـ. [وَقْتِ الْقِصَاصِ] (قَوْلُهُ: لَا فِي مَسْجِدٍ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَكَذَا مَقَابِرُ الْمُسْلِمِينَ إذَا لَمْ يُمْكِنْ قَتْلُهُ إلَّا بِإِرَاقَةِ الدَّمِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَخَّرُ لِحَرٍّ وَبَرْدٍ وَمَرَضٍ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُرْجَى زَوَالُهُ أَمْ لَا، وَهُوَ قِيَاسُ حَدِّ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ: وَيَقْطَعُهَا مُتَوَالِيَةً، وَلَوْ فُرِّقَتْ مِنْ الْجَانِي إلَخْ) أَمَّا إذَا كَانَ الْقِصَاصُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 فِي الْقِصَاصِ، وَلَوْ فِي الطَّرَفِ مِنْ الْحَامِلِ، وَلَوْ مِنْ زِنًا (لِلْحَمْلِ) أَيْ لِوَضْعِهِ (وَإِنْ كَانَتْ مُرْتَدَّةً) وَيُؤَخَّرُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهَا أَيْضًا (فِي سَائِرِ الْحُدُودِ كَحَدِّ الْقَذْفِ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَلَاكِ الْجَنِينِ، أَوْ الْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ بَرَاءَتِهِ (وَتُحْبَسُ) مَنْ بِهَا حَمْلٌ وَعَلَيْهَا قِصَاصٌ (إلَى وَضْعِهِ، وَإِرْضَاعِهِ اللِّبَأَ وَوُجُودِ مُرْضِعَةٍ) مِنْ امْرَأَةٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ يَحِلُّ شُرْبُ لَبَنِهَا احْتِيَاطًا لِلْوَلَدِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّأْخِيرُ إلَى مَا ذُكِرَ خَوْفًا عَلَى الْجَنِينِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَهْلِكُ بِالِاسْتِيفَاءِ قَبْلَ وَضْعِهِ كَمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ بِدُونِ اللِّبَأِ مَعَ أَنَّهُ تَأْخِيرٌ يَسِيرٌ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ التَّأْخِيرُ لِوَضْعِهِ فَوُجُوبُهُ بَعْدَ وُجُودِهِ وَتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ أَوْلَى (وَيُسْتَحَبُّ صَبْرُ الْوَلِيِّ) بِالِاسْتِيفَاءِ بَعْدَ وُجُودِ مُرْضِعَاتٍ يَتَنَاوَبْنَهُ، أَوْ لَبَنِ شَاةٍ، أَوْ نَحْوِهِ (حَتَّى تُوجَدَ امْرَأَةٌ رَاتِبَةٌ) مُرْضِعَةٌ لِئَلَّا يَفْسُدَ خُلُقُهُ، وَنَشْؤُهُ بِالْأَلْبَانِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَلَبَنِ الْبَهِيمَةِ (وَتُجْبَرُ الْمُرْضِعَةُ بِالْأُجْرَةِ) فَلَوْ وُجِدَ مَرَاضِعُ وَامْتَنَعْنَ أَجْبَرَ الْحَاكِمُ مَنْ يَرَى مِنْهُنَّ بِالْأُجْرَةِ وَعَطَفَ عَلَى وُجُودِ مُرْضِعَةٍ قَوْلَهُ (أَوْ وُجُودُ شَاةٍ تُغْنِيهِ) مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ كَانَ أَوْلَى. وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ يَجِبُ التَّأْخِيرُ إلَى أَنْ تُوجَدَ مُرْضِعَةٌ، أَوْ مَا يَعِيشُ بِهِ، أَوْ تُرْضِعُهُ هِيَ حَوْلَيْنِ وَتَفْطِمُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْأَخِيرِ إذَا تَضَرَّرَ بِفَطْمِهِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ عِنْدَهُمَا. (فَلَوْ بَادَرَ) الْمُسْتَحِقُّ (وَقَتَلَهَا) بَعْدَ انْفِصَالِ الْوَلَدِ (قَبْلَ وُجُودِ مَا يُغْنِيهِ فَمَاتَ لَزِمَهُ الْقَوَدُ فِيهِ) كَمَا لَوْ حَبَسَ رَجُلًا بِبَيْتٍ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ حَتَّى مَاتَ (وَلَا تُحْبَسُ) هِيَ (فِي حَقِّ اللَّهِ) تَعَالَى كَرَجْمٍ (بَلْ تُمْهَلُ حَتَّى يَتِمَّ) لِلْوَلَدِ (حَوْلَانِ، وَنَجِدُ) بَعْدَهُمَا (مَنْ يَكْفُلُهُ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ (وَلَوْ ادَّعَتْ) جَانِيَةٌ (حَمْلًا صُدِّقَتْ) ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مَخَايِلُهُ، وَلَمْ تَشْهَدْ بِهِ الْقَوَابِلُ؛ لِأَنَّ مِنْ أَمَارَاتِهِ مَا يَخْتَصُّ بِالْحَامِلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهَا تُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهَا، وَهُوَ الْجَنِينُ (وَيَصِيرُ) الْمُسْتَحِقُّ (إلَى وَقْتِ الظُّهُورِ) لِلْحَمْلِ لَا إلَى انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ فَإِنَّ التَّأْخِيرَ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ ثَبْتٍ بَعِيدٌ وَمَحَلُّ تَصْدِيقِهَا إذَا أَمْكَنَ حَمْلُهَا عَادَةً فَلَوْ كَانَتْ آيِسَةً لَمْ تُصَدَّقْ (فَإِنْ بَادَرَ، وَقَتَلَهَا حَامِلًا، وَلَمْ يَنْفَصِلْ) حَمْلُهَا (أَوْ انْفَصَلَ سَالِمًا) ثُمَّ مَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَاتَ بِالْجِنَايَةِ (أَوْ مَيِّتًا فَغُرَّةٌ، وَكَفَّارَةٌ) فِيهِ (أَوْ مُتَأَلِّمًا فَمَاتَ فَدِيَةٌ، وَكَفَّارَةٌ) فِيهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَأَلُّمَهُ وَمَوْتَهُ مِنْ مَوْتِهَا (وَالدِّيَةُ وَالْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ لَا يُبَاشَرُ بِالْجِنَايَةِ، وَلَا تُتَيَقَّنُ حَيَاتُهُ فَيَكُونُ هَلَاكُهُ خَطَأً، أَوْ شَبَهَ عَمْدٍ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّهَا فِي مَالِهِ (وَإِنْ كَانَ) قَتَلَهَا (بِأَمْرِ الْإِمَامِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ عَلِمَا بِالْحَمْلِ، أَوْ جَهِلَا) ؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْآمِرُ بِهِ وَالْمُبَاشِرُ كَآلَةٍ لَهُ لِصُدُورِ فِعْلِهِ عَنْ رَأْيِهِ وَبَحْثِهِ (لَا إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ دُونَهُ) فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ لِاجْتِمَاعِ الْعِلْمِ وَالْمُبَاشَرَةِ، وَلَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ دُونَ الْوَلِيِّ فَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ كَمَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى (وَلَوْ قَتَلَهَا جَلَّادُ الْإِمَامِ فَكَالْوَلِيِّ) فِي أَنَّهُ (يَضْمَنُ إنْ عَلِمَ دُونَ الْإِمَامِ) -   [حاشية الرملي الكبير] لِجَمَاعَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُوَالِي، وَلَوْ كَانَ مَعًا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ خَطَرُ الْقَطْعَيْنِ عَلَى وَاحِدٍ حَتَّى يُقَابَلَ بِمِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْحَامِلِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا حَقَّانِ حَقُّ الطِّفْلِ وَحَقُّ الْوَلِيِّ فِي التَّعْجِيلِ وَمَعَ الصَّبْرِ يَحْصُلُ اسْتِيفَاءُ الْحَقَّيْنِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَفْوِيتِ أَحَدِهِمَا، وَلِذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِصَاصُ النَّفْسِ وَالطَّرَفِ يُقَدَّمُ الطَّرَفُ (قَوْلُهُ: لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَلَاكِ الْجَنِينِ) رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِرَجْمِ حَامِلٍ فِي الزِّنَا فَقَالَ عَلِيٌّ لَا سَبِيلَ لَك عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا فَقَالَ عُمَرُ لَوْلَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ (قَوْلُهُ: وَتُحْبَسُ مَنْ بِهَا حَمْلٌ إلَخْ) أَيْ إذَا طَلَبَهُ الْمُسْتَحِقُّ فَلَوْ كَانَ غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَلِلسُّلْطَانِ الْحَبْسُ إلَى الْحُضُورِ وَالْكَمَالِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا قِصَاصٌ) أَيْ أَوْ حَدُّ قَذْفٍ (قَوْلُهُ: وَوُجُودِ مُرْضِعَةٍ) لَوْ لَمْ تَتَعَيَّنْ الْمُرْضِعَةُ فِي الْحَالِ، وَلَا تَسَلَّمَتْهُ لَكِنْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيُوجِدُ عَنْ قُرْبٍ مُرْضِعَةً تَتَرَتَّبُ لِرَضَاعِهِ فَالْأَصَحُّ جَوَازُ تَعْجِيلِ قَتْلِهَا، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِانْتِفَاءِ تَلَفِ الْمَوْلُودِ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: أَجْبَرَ الْحَاكِمُ مَنْ يَرَى مِنْهُنَّ بِالْأُجْرَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَانَ هَؤُلَاءِ لَمْ يَكْتَفُوا بِلَبَنِ الْبَهِيمَةِ أَوْ الْفَرْضِ حَيْثُ لَا بَهِيمَةَ لَبُونَ، وَهَذَا أَقْرَبُ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ وُجِدَتْ مُرْضِعَةٌ، وَلَكِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ ثَدْيَهَا هَلْ يُؤَخَّرُ قَتْلُ أُمِّهِ لِذَلِكَ أَوْ لَا، وَيُحْلَبُ فِي إنَاءٍ، وَيُؤْجَرُهُ كَلَبَنِ الْبَهِيمَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ إذْ لَا تَكُونُ دُونَ الْبَهِيمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ وُجُودِ شَاةٍ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ) هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِعَدَمِ إطْلَاقِ الْمُرْضِعَةِ عَلَى الشَّاةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ مُرْضِعَةٌ إذْ هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَرْضَعَ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْأَخِيرِ إلَخْ) فَالتَّقْيِيدُ بِالْحَوْلَيْنِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مَخَايِلُهُ) الْمُرَادُ بِالْمَخِيلَةِ شَهَادَةُ النِّسْوَةِ بِهِ أَوْ إقْرَارُ الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ إلَّا بِيَمِينٍ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مُدَّعٍ لِتَرْتِيبِ الْيَمِينِ لَهَا بِطَلَبِ الْمُسْتَحَقِّ قَطْعًا أَوْ بِدُونِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا قَائِلَ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ فِيمَا تَعْلَمُ، وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَمْ يَبْعُدْ. وَقَالَ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ: وَتَحْلِفُ مُدَّعِيَةُ الْحَمْلِ بِلَا مَخِيلَةٍ، وَقَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يُقْبَلُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا: يُحْمَلُ الْقَوْلُ بِالْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْمَخِيلَةِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِهِ عَلَى الْمَخِيلَةِ. قَوْلُ كَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ الْمُسْتَحَقُّ إلَى وَقْتِ الظُّهُورِ) وَذَلِكَ بِمُضِيِّ حَيْضَةٍ عَلَى مُقْتَضَى مَا صَحَّحُوهُ فِي الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ قُلْت لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ الْمُسْتَفْرِشُ لَهَا حَمْلًا، وَقَالَتْ لَا أَدْرِي هَلْ يُلْتَفَتُ إلَى دَعْوَاهُ قُلْت إنْ ارْتَابَتْ فَنَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ فِي دَعْوَاهَا الرِّيبَةَ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ فَإِنْ قُلْت لَوْ مَرِضَتْ مُدَّعِيَةُ الْحَمْلِ قَبْلَ ظُهُورِهِ أَوْ مَنْ شَهِدَ الْقَوَابِلُ بِإِمَارَاتِهِ قَبْلَ أَوَانِ نَفْخِ الرُّوحِ مَرَضًا مَخُوفًا، وَقَالَ الْأَطِبَّاءُ إنَّهَا تَمُوتُ فِيهِ عَنْ قُرْبٍ لَا مَحَالَةَ قُلْت لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّ تَصْدِيقِهَا إذَا أَمْكَنَ حَمْلُهَا عَادَةً) كَلَامُ الْإِمَامِ يَقْتَضِي مَنْعَ الزَّوْجِ مِنْ وَطْئِهَا لِئَلَّا يَقَعَ حَمْلٌ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ حَقِّ وَلِيِّ الدَّمِ فَإِنَّهُ مَا دَامَ يَغْشَاهَا فَاحْتِمَالُ الْحَمْلِ مَوْجُودٌ، وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى مَنْعِ الْقِصَاصِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 وَقِيلَ لَا وَيَضْمَنُ الْإِمَامُ إنْ عَلِمَ دُونَهُ، أَوْ عَلِمَا مَعًا، أَوْ جَهِلَا وَالتَّرْجِيحُ فِيمَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَوْلَهُ (لَكِنْ مِنْ مَالِهِ) مِنْ تَصَرُّفِهِ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَالْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَأْخَذَ السَّابِقَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا (وَلَوْ عَلِمَ الْوَلِيُّ وَالْجَلَّادُ وَالْإِمَامُ) بِالْحَمْلِ (ضَمِنُوا أَثْلَاثًا وَالْقِيَاسُ) عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْإِمَامِ فِيمَا إذَا عَلِمَ هُوَ وَالْوَلِيُّ (أَنَّهُ عَلَى الْإِمَامِ) هُنَا أَيْضًا (كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَحَيْثُ ضَمِنَ الْإِمَامُ) الْغُرَّةَ (فَفِي مَالِهِ إنْ عَلِمَ) بِالْحَمْلِ (وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ) ، وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ أَنَّهَا فِي مَالِهِ إنْ عَلِمَ سَهْوٌ عَلَى عَكْسِ مَا فِي الرَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَيَشْهَدُ لَهُ الْمَأْخَذُ السَّابِقُ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا ظَنٌّ مُؤَكَّدٌ بِمَخَايِلِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَإِنْ مَاتَتْ فِي الْحَدِّ) ، أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ (بِأَلَمِ الضَّرْبِ) فَلَا ضَمَانَ) ؛ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ بِحَدٍّ، أَوْ عُقُوبَةٍ عَلَيْهَا (أَوْ) مَاتَتْ (بِأَلَمِ الْوِلَادَةِ فَالدِّيَةُ) مَضْمُونَةٌ (أَوْ بِهِمَا فَنِصْفُهَا وَاقْتِصَاصُ الْوَلِيِّ) مِنْهَا (جَاهِلًا بِرُجُوعِ الْإِمَامِ) عَنْ إذْنِهِ لَهُ فِي قَتْلِهَا (كَوَكِيلٍ جَهِلَ الْعَزْلَ) أَيْ عَزْلَ مُوَكِّلِهِ لَهُ، أَوْ عَفْوَهُ عَنْ الْقِصَاصِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْمُمَاثَلَةِ فَلِلْوَلِيِّ قَتْلُهُ بِالسَّيْفِ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ، وَأَسْرَعُ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَهُوَ الْأَوْلَى (وَبِمَا قَتَلَ بِهِ) رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ وَلِآيَةِ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَلِآيَةِ {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} [النحل: 126] (لَا بِالسِّحْرِ) ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ حَرَامٌ، وَلَا يَنْضَبِطُ (وَكَذَا اللِّوَاطُ) وَالْوَطْءُ لِطِفْلَةٍ فِي قُبُلِهَا (وَالْخَمْرُ وَالْبَوْلُ) ؛ لِأَنَّهُ قُتِلَ بِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ فِي نَفْسِهِ فَكَانَ كَالْقَتْلِ بِالسِّحْرِ، وَلَوْ أَوْجَرَ مَاءً نَجِسًا، أَوْجَرَ مَاءً طَاهِرًا، ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ بِمَسْمُومٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ بِمِثْلِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُهْرِيًّا يَمْنَعُ الْغُسْلَ (فَإِنْ قَتَلَهُ بِجُوعٍ، أَوْ خَنْقٍ، أَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ، أَوْ نَارٍ، أَوْ مِنْ شَاهِقٍ) أَيْ مُرْتَفِعٍ (أَوْ بِمُثْقَلٍ) كَخَشَبَةٍ (جُوِّعَ مِثْلَ مُدَّتِهِ) وَخُنِقَ، وَأُلْقِيَ فِيمَا ذُكِرَ مِثْلَ فِعْلِهِ فَيُعْتَبَرُ صَلَابَةُ الْمَوْضِعِ (وَيَقْتُلُ بِمِثْلِ الْمُثْقَلِ، وَ) بِمِثْلِ (عَدَدِ ضَرَبَاتِهِ فَلَوْ أَشْكَلَ) مَعْرِفَةُ قَدْرِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْمُمَاثَلَةُ أُخِذَ بِالْيَقِينِ، وَإِذَا لَمْ يَمُتْ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَالْعَدَدِ (فَالْأَهْوَنُ مِنْ السَّيْفِ وَالزِّيَادَةِ) مِنْ جِنْسِ فِعْلِهِ يُفْعَلُ بِهِ. (فَرْعٌ: لَوْ عَلِمَ عَدَمَ تَأْثِيرِ الْمِثْلِ فِيهِ لِقُوَّتِهِ فَالسَّيْفُ) فَلَوْ قَتَلَ نَحِيفًا بِضَرَبَاتٍ تَقْتُلُ مِثْلَهُ غَالِبًا وَعَلِمْنَا، أَوْ ظَنَنَّا أَنَّ الْجَانِيَ لَا يَمُوتُ بِهَا لِقُوَّةِ جُثَّتِهِ تَعَيَّنَ السَّيْفُ (فَإِنْ قَتَلَهُ بِجُرْحٍ ذِي قِصَاصٍ) كَقَطْعِ يَدِهِ (وَكَذَا غَيْرُهُ كَالْجَائِفَةِ جَرَحَهُ مِثْلَهُ) رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ (ثُمَّ حَزَّهُ) حَالًا لِلسِّرَايَةِ (أَوْ انْتَظَرَ) بَعْدَ الْجُرْحِ (السِّرَايَةَ) لِتَكْمُلَ الْمُمَاثَلَةُ (وَلَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ) بَلْ لَهُ حَزُّهُ تَسْهِيلًا عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إجَابَةُ الْجَانِي لَوْ قَالَ فِي الشَّقِّ الْأَوَّلِ أَمْهِلُونِي مُدَّةَ بَقَاءِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَعْدَ جِنَايَتِي، أَوْ قَالَ فِي الثَّانِي أَرِيحُونِي بِالْقَتْلِ، أَوْ الْعَفْوِ (وَيُمْنَعُ مِنْ إجَافَةٍ، وَ) مِنْ (كُلِّ مَا لَا يُقْتَصُّ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ كَكَسْرِ عَضُدٍ (وَقَصْدُهُ) أَيْ وَالْحَالَةُ أَنَّ قَصْدَهُ (الْعَفْوَ لَا الْحَزَّ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْإِجَافَةِ، أَوْ نَحْوِهَا بَلْ يَعْدِلُ إلَى الْحَزِّ أَمَّا إذَا قَصَدَ الْحَزَّ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ أَطْلَقَ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ كَفِعْلِ الْجَانِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَوْ لَمْ يَسْرِ قِصَاصٌ، وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَصْحِيحُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعُدُولُ إلَى الْحَزِّ (فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ) مَعَ قَصْدِ الْعَفْوِ (ثُمَّ عَفَا) عَنْهُ بَلْ، أَوْ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ (عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ (وَيُقْتَصُّ فِي إبَانَةِ الْعَيْنِ بِالْأُصْبُعِ بِمِثْلِهِ) ؛ لِأَنَّ إبَانَتَهَا بِهِ مَضْبُوطَةٌ (لَا) فِي إبَانَةِ (طَرَفٍ بِمُثْقَلٍ أُبِينَ بِهِ) إذْ لَا يُمْكِنُ رِعَايَةُ الْمُمَاثَلَةِ بِهِ بَلْ يَعْدِلُ إلَى السَّيْفِ (وَإِذَا قَطَعَ السَّلِيمُ مَرْفِقَ مَقْطُوعِ كَفٍّ) انْدَمَلَ قَطْعُهَا (وَلَمْ يَنْدَمِلْ)   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَالْوَجْهُ إلَخْ) إيجَابٌ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ أَوْ لَمْ تُصَدِّقْهُ، وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ عَلَى الْإِمَامِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَتْ بِأَلَمِ الْوِلَادَةِ إلَخْ) الْمُرَادُ مَا إذَا ضَرَبَهَا فِي الْحَدِّ فَأَفْضَى إلَى الْإِجْهَاضِ وَالْوِلَادَةِ فَمَاتَتْ مِنْ الْأَلَمَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا. [الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقِصَاص] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْمُمَاثَلَةِ) (قَوْلُهُ: فَلِلْوَلِيِّ قَتْلُهُ بِالسَّيْفِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ كَالْبَهِيمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ الْحُرْمَةِ بَلْ يَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ مِنْ جِهَةِ الْقَفَا، وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَإِنْ جَوَّزَهُ الْمُتَوَلِّي قَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ كَانَ الْجَانِي قَدْ حَزَّ رَقَبَتَهُ، وَأَبَانَ رَأْسَهُ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبَانَ رَأْسَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبِينَ رَأْسَهُ؛ لِأَنَّ لِلْآدَمِيِّ حُرْمَةً بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَوْ ضَرَبَ رَقَبَتَهُ بِالسَّيْفِ، وَأَبَانَ رَأْسَهُ لَمْ يُعَزَّرْ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي قَدْرِ مَا يَقْطَعُهُ السَّيْفُ بَعْدَ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ: وَلِآيَةِ {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} [النحل: 126] {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَضَّ رَأْسَ يَهُودِيٍّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، وَكَانَ قَتَلَ جَارِيَةً كَذَلِكَ» ؛ وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الْقِصَاصِ التَّشَفِّي وَدَرْكُ الثَّأْرِ، وَلَا اخْتِصَاصَ لِلْوَلِيِّ فِيهِ إلَّا بِهَذِهِ الْجِهَةِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ بِمَسْمُومٍ إلَخْ) أَمَّا لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ مَثَلًا بِهِ، وَلَمْ يَمُتْ فَلَا يَقْتَصُّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَأُلْقِيَ فِيمَا ذُكِرَ مِثْلُ فِعْلِهِ) فَيُلْقَى مِنْ ذَلِكَ الشَّاهِقِ إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ تَعَذَّرَ أُلْقِيَ مِنْ مِثْلِهِ، وَيُلْقَى فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ مِثْلَهُ أَوْ أَعْظَمَ لَا أَهْوَنَ، وَيُتْرَكُ فِيهِمَا مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَتُشَدُّ قَوَائِمُ مَنْ يَعْرِفُ السِّبَاحَةَ فَإِنْ غَرَّقَهُ بِمَالِحٍ غَرَّقَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِعَذْبٍ لَا عَكْسِهِ أَوْ بِمَا فِيهِ حِيتَانٌ تَقْتُلُهُ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِهَا بَلْ بِالْمَاءِ لَمْ يَجِبْ إلْقَاؤُهُ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ بِهَا أَوْ كَانَتْ تَأْكُلُهُ فَهَلْ يُلْقَى فِيهِ لِتَفْعَلَ بِهِ الْحِيتَانُ كَالْأَوَّلِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا إلْقَاؤُهُ فِيهِ رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ، وَلَا تُلْقَى النَّارُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ فَعَلَ بِالْأَوَّلِ كَذَلِكَ، وَيُخْرَجُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يُشْوَى جِلْدُهُ لِيُمْكِنَ تَجْهِيزُهُ، وَإِنْ أَكَلَتْ جَسَدَ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قُتِلَ بِإِنْهَاشِ أَفْعَى فَهَلْ يَتَعَيَّنُ السَّيْفُ أَوْ يُقْتَلُ بِالنَّهْشِ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا ثَانِيهِمَا وَعَلَى هَذَا تَتَعَيَّنُ تِلْكَ الْأَفْعَى فَإِنْ فُقِدَتْ فَمِثْلُهَا. (تَنْبِيهٌ) الْمُمَاثَلَةُ مَرْعِيَّةٌ فِي الطَّرَفِ كَالنَّفْسِ بِشَرْطِ إمْكَانِ رِعَايَتِهَا فَلَوْ أَبَانَ طَرَفًا بِمُثْقَلٍ لَمْ يُقْتَصَّ إلَّا بِالسَّيْفِ، وَلَوْ أَوْضَحَ بِسَيْفٍ لَمْ يُوضَحْ إلَّا بِحَدِيدَةٍ خَفِيفَةٍ (قَوْلُهُ: وَبِمِثْلِ عَدَدِ ضَرَبَاتِهِ) أَهْمَلَ مَوْضِعَ الضَّرْبِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِاعْتِبَارِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ نَعَمْ إنْ عَدَلَ إلَى مَوْضِعٍ يَكُونُ الْمَوْتُ فِيهِ أَسْرَعَ جَازَ. [فَرْعٌ عَلِمَ عَدَمَ تَأْثِيرِ الْمِثْلِ فِيهِ لِقُوَّتِهِ فِي الْقِصَاص] (قَوْلُهُ: لَا الْحَزَّ بَعْدَهَا إلَخْ) كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَصَّ بِحَزِّ الرَّقَبَةِ فَإِنَّا نُمَكِّنَهُ مِنْهُ إذَا كَانَ عَازِمًا عَلَى الضَّرْبِ إلَى أَنْ تُفَارِقَهُ الرُّوحُ فَأَمَّا إنْ قَالَ أَنَا أَضْرِبُهُ ضَرْبَةً فَإِنْ لَمْ يَمُتْ مِنْهَا عَفَوْت عَنْهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ، وَالْعِلَّةُ أَنَّهُ فِعْلٌ لَا يَسْتَحِقُّ جِنْسُهُ قِصَاصًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ عَاقَبَهُ بِتِلْكَ فَلَمْ يَمُتْ فَعَفَا عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 قَطْعُ الْمَرْفِقِ (فَمَاتَ) سِرَايَةً (قُطِعَ مَرْفِقُهُ، وَقُتِلَ) بَعْدَهُ لِيَرُدَّ الْحَدِيدَةَ عَلَى مُورِدِهَا فِي الْجِنَايَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ الْكَفِّ الْهَالِكَةِ بِهَلَاكِ النَّفْسِ (فَإِنْ قَطَعَهُ) أَيْ مَرْفِقَهُ (وَعَفَا) عَنْهُ وَلِيُّ الْمَقْطُوعِ (بِمَالٍ فَنِصْفُ دِيَةٍ) تَجِبُ لِلْعَافِي (إلَّا أَرْشَ سَاعِدٍ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى كَفًّا وَسَاعِدًا، وَصَوَّرَ الْأَصْلُ الْمَسْأَلَةَ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ وَحَكَمَ عَلَيْهَا بِمَا يَلِيقُ بِالتَّصْوِيرِ، وَالْكُلُّ صَحِيحٌ. (وَإِنْ مَاتَ مَقْطُوعُ يَدٍ) سِرَايَةً، وَقَدْ (اقْتَصَّ) هُوَ مِنْ الْجَانِي (فَلِوَلِيِّهِ حَزُّ الْجَانِي، أَوْ نِصْفُ دِيَةٍ إنْ عَفَا) عَنْ النَّفْسِ بِالْبَدَلِ، وَالْيَدُ الْمُسْتَوْفَاةُ مُقَابَلَةٌ بِالنِّصْفِ (فَإِنْ عَفَا وَالْمَقْطُوعُ) مِنْهُ (يَدَانِ فَلَا شَيْءَ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ بِقِصَاصِ الْيَدَيْنِ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ عِنْدَ التَّسَاوِي دِيَةً كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ. فَلَوْ قَطَعَ ذِمِّيٌّ يَدَ مُسْلِمٍ، أَوْ يَدَيْهِ فَاقْتَصَّ مِنْهُ وَمَاتَ الْمُسْلِمُ سِرَايَةً وَعَفَا وَلِيُّهُ عَنْ النَّفْسِ بِالْبَدَلِ فَلَهُ فِي الْأُولَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ دِيَةِ مُسْلِمٍ وَفِي الثَّانِيَةِ ثُلُثَاهَا (وَلَوْ مَاتَا) بَعْدَ الِاقْتِصَاصِ سِرَايَةً (مَعًا، أَوْ سَبَقَ الْمُقْتَصُّ) الْجَانِي فَقَدْ (اسْتَوْفَى) حَقَّهُ مِنْ الْجَانِي بِالْقَطْعِ وَالسِّرَايَةِ (وَلَوْ سَبَقَهُ الْجَانِي، وَالْمَقْطُوعَةُ يَدٌ النِّصْفَ الدِّيَةَ) يَجِبُ لَهُ (فِي تَرِكَةِ الْجَانِي) ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي مَعْنَى السَّلَمِ فِي الْقِصَاصِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمُوضِحَةِ وَجَبَ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الدِّيَةِ، وَنِصْفُ عُشْرِهَا، وَقَدْ أُخِذَ بِقِصَاصِ الْمُوضِحَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَتَلَ) شَخْصٌ (قَاطِعَ يَدِهِ وَمَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (حَصَلَ التَّقَاصُّ) هَذَا بِخِلَافِ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ أَنَّ التَّقَاصَّ إنَّمَا يَجْرِي فِي النُّقُودِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ أَوَائِلَ الْبَابِ مَعَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَلَيْتَهُ بَعْدَ أَنْ عَبَّرَ بِهِ عَبَّرَ بِالتَّقَاصِّ بِالْإِدْغَامِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْقِصَاصِ فَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَوَافَقَ قَوْلَ الْأَصْلِ صَارَ قِصَاصًا (وَإِنْ انْدَمَلَ) الْقَطْعُ (قُتِلَ) قِصَاصًا (وَلَهُ دِيَةُ يَدِهِ) فِي تَرِكَةِ الْجَانِي. (فَرْعٌ) لَوْ (قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ، وَقَتَلَ آخَرَ ثُمَّ مَاتَ الْمَقْطُوعُ بِالسِّرَايَةِ قُطِعَ) الْجَانِي بِالْمَقْطُوعِ (ثُمَّ قُتِلَ بِالْآخَرِ وَبَقِيَ لِلْمَقْطُوعِ نِصْفُ الدِّيَةِ) فِي تَرِكَةِ الْجَانِي، وَإِنَّمَا قُتِلَ بِالْآخَرِ دُونَ الْمَقْطُوعِ مَعَ أَنَّهُ مَاتَ أَيْضًا بِالسِّرَايَةِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لِلْمَقْطُوعِ وَجَبَ بِالسِّرَايَةِ، وَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ وُجُوبِهِ لِلْمَقْتُولِ (فَإِنْ مَاتَ) الْجَانِي (بِسِرَايَةٍ الْقَطْعِ) فَقَدْ (اسْتَوْفَى) قَاطِعُهُ حَقَّهُ (وَلِلْمَقْتُولِ) فِي تَرِكَتِهِ (الدِّيَةُ) . [فَصْلٌ التَّرَاضِي مِنْ الْقَاطِعِ وَالْمَقْطُوعِ بِقَطْعِ عُضْوٍ عَنْ آخَرَ] (فَصْلٌ: التَّرَاضِي) مِنْ الْقَاطِعِ وَالْمَقْطُوعِ (بِقَطْعِ) عُضْوٍ عَنْ آخَرَ كَقَطْعِ (الْيَسَارِ عَنْ الْيَمِينِ فَاسِدٌ فَيَأْثَمَانِ) بِذَلِكَ عِنْدَ الْعِلْمِ بِفَسَادِهِ لَكِنْ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ لِشُبْهَةِ الْبَدَلِ (وَيَضْمَنُ الْقَاطِعُ) لَهَا دِيَتَهَا (وَيَسْقُطُ قِصَاصُ الْيَمِينِ إلَى الدِّيَةِ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِهِ عَفْوٌ عَنْ قَطْعِهَا بِخِلَافِ الصُّلْحِ الْفَاسِدِ عَنْ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ لَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ مَا جَعَلَهُ عِوَضًا هُنَا، وَهُوَ قَطْعُ الْيَسَارِ قَدْ حَصَلَ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بَدَلًا فِي الْحُكْمِ بِخِلَافِ عِوَضِ الصُّلْحِ (وَيُعَزَّرُ) كُلٌّ مِنْ قَاطِعِ الْيَسَارِ وَمُخْرَجِهَا عِنْدَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ (وَإِنْ طَلَبَ الْمُقْتَصُّ يَمِينَهُ فَأَخْرَجَ) لَهُ (يَسَارَهُ عَالِمًا) ، أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ فِيمَا يَظْهَرُ (أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ) عَنْ الْيَمِينِ (بِنِيَّةِ الْإِبَاحَةِ) لَهَا (أُهْدِرَتْ وَأُهْدِرَ إنْ مَاتَ) سِرَايَةً؛ لِأَنَّهُ بَذَلَهَا مَجَّانًا، وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِالْإِبَاحَةِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ فِعْلُ الْإِخْرَاجِ مَقْرُونًا بِالنِّيَّةِ فَكَانَ كَالنُّطْقِ، وَهَذَا (كَمَنْ قَالَ أَعْطِنِي مَالِك لِأُلْقِيَهُ فِي الْبَحْرِ، أَوْ طَعَامَك لِآكُلَهُ فَنَاوَلَهُ) لَهُ، وَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ، أَوْ أَكَلَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَلَيْسَ عَدَمُ الدَّفْعِ) ، وَلَوْ (مِنْ الْقَادِرِ إبَاحَةً) فَلَوْ قَطَعَ يَدَ غَيْرِهِ ظُلْمًا فَلَمْ يَدْفَعْهُ وَسَكَتَ حَتَّى قَطَعَهَا وَجَبَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ لَفْظٌ، وَلَا فِعْلٌ فَصَارَ كَسُكُوتِهِ عَنْ إتْلَافِ مَالِهِ (وَلَا يَسْقُطُ) بِقَطْعِ الْيَسَارِ مَعَ نِيَّةِ الْإِبَاحَةِ (قِصَاصُ الْيَمِينِ إلَّا إنْ مَاتَ) الْمُبِيحُ (أَوْ قَالَ الْقَاطِعُ) لِلْيَسَارِ (ظَنَنْتهَا تُجْزِئُ) عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ عَلِمْت أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ عَنْهَا لَكِنْ جَعَلْتهَا عِوَضًا عَنْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (فَتَجِبُ دِيَتُهَا) فِيهِمَا (لَا دِيَةُ الْيَسَارِ) ؛ لِأَنَّهَا، وَقَعَتْ هَدَرًا، وَإِنَّمَا سَقَطَ قِصَاصُ الْيُمْنَى فِي الْأُولَى لِتَعَذُّرِهِ بِالْمَوْتِ وَفِي الثَّانِيَةِ لِرِضَا الْمُقْتَصِّ بِسُقُوطِهِ اكْتِفَاءً بِالْيَسَارِ (وَعَلَى الْمُبِيحِ الْكَفَّارَةُ) إنْ مَاتَ سِرَايَةً (كَقَاتِلِ نَفْسِهِ) ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمُبَاشِرِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ حَصَلَتْ بِقَطْعٍ يُسْتَحَقُّ مِثْلُهُ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا سَيَأْتِي فِي الطَّرَفِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الْآتِي -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: اقْتَصَّ هُوَ) أَيْ أَوْ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَفَا وَالْمَقْطُوعُ مِنْهُ يُدَانِ فَلَا شَيْءَ) ، وَلَوْ قَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَ الْجَانِي وَعَفَا عَنْ الْبَاقِي بِالدِّيَةِ فَلَهُ نِصْفُهَا فَقَطْ، وَلَوْ انْدَمَلَ قَطْعُ الْيَدَيْنِ فَاقْتَصَّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِوَاحِدَةٍ فَأَهْلَكَ الْجَانِي فَلَهُ دِيَةُ الْأُخْرَى فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ اقْتَصَّ بِوَاحِدَةٍ، وَأَخَذَ دِيَةَ الْأُخْرَى وَمَاتَ بِنَقْضِ الْجِرَاحَةِ بَرِئَ الْجَانِي، وَإِنْ زَادَ الْأَرْشُ عَلَى الدِّيَةِ كَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَإِنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَعَفَا عَنْ الْبَاقِي بِالدِّيَةِ لَمْ تَجِبْ أَوْ بِغَيْرِهَا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا وُجُوبُهُ إنْ قَبِلَ الْجَانِي (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَ ذِمِّيٌّ يَدَ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَوْ بِقَطْعِ امْرَأَةٍ يَدَ رَجُلٍ وَعَفَا الْوَلِيُّ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِيَةِ قَتِيلِهِ أَوْ بِقَطْعِهَا يَدَيْهِ فَلِوَلِيِّهِ بِالْعَفْوِ نِصْفُ دِيَةٍ أَوْ بِقَطْعِ عَبْدٍ يَدَ حُرٍّ فَأَعْتَقَهُ السَّيِّدُ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَسْقُطُ مِنْ دِيَتِهِ نِصْفُهَا، وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِهَا وَجَمِيعُ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَالثَّانِي يَسْقُطُ قَدْرُ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ بَاقِي الدِّيَةِ وَجَمِيعِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ. وَقَوْلُهُ: فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِيَةِ قَتِيلِهِ كَتَبَ عَلَيْهِ فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي نَظَائِرِ هَذَا الْمِثَالِ، وَالْقِيَاسُ جَرَيَانُهُ فِي عَكْسِهَا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ النَّقِيبِ، وَقَالَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ مَسْطُورًا. [فَرْعٌ قَتَلَ شَخْصٌ قَاطِعَ يَدِهِ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ] (قَوْلُهُ: حَصَلَ التَّقَاصُّ) لِمَوْتِ الْقَاتِلِ بَعْدَ مَوْتِ مَقْتُولِهِ سِرَايَةً قَطَعَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اُعْتُبِرَ بِالتَّقَاصِّ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ فِيمَا يَظْهَرُ) هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ: أُهْدِرَتْ) قَدْ مَرَّ أَنَّ قَصْدَ الرَّقِيقِ الْإِبَاحَةَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي سُقُوطِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ الْقَاطِعُ ظَنَنْتهَا تُجْزِئُ إلَخْ) كَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّ التَّصْوِيرَ بِمُبَاشَرَةِ الْمُسْتَحِقِّ لَكِنْ تَقَدَّمَ عَدَمُ تَمْكِينِهِ فِي الطَّرَفِ، وَقَدْ صَوَّرَهَا فِي التَّتِمَّةِ بِمَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) ، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 (فَإِنْ أَخْرَجَ الْيَسَارَ، وَقَالَ ظَنَنْتهَا تُجْزِئُ) عَنْ الْيَمِينِ فَجَعَلْتهَا بَدَلًا عَنْهَا (فَلَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ عَلَى الْقَاطِعِ) لَهَا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ ظَنَنْت أَنَّهُ أَبَاحَهَا، أَوْ أَنَّهَا الْيَمِينُ، أَوْ عَلِمْت أَنَّهَا الْيَسَارُ، وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَمْ قَطَعْتهَا عَنْ الْيُمْنَى وَظَنَنْت أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهَا لِشُبْهَةِ بَذْلِهَا (فَإِنْ قَالَ قَطَعْتهَا عِوَضًا) عَنْ الْيَمِينِ (وَعَلِمْت) أَيْ، أَوْ عَلِمْت (أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ) عَنْهَا، أَوْ ظَنَنْته أَبَاحَهَا (وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي الْيَسَارِ) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَبْذُلْهَا مَجَّانًا، وَهَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ: وَحَيْثُ سَقَطَ فِي الْيَسَارِ وَجَبَتْ دِيَتُهَا. (فَإِنْ قَالَ الْمُخْرِجُ دَهَشْت) فَظَنَنْتهَا الْيَمِينَ (أَوْ ظَنَنْته قَالَ أَخْرِجْ يَسَارَك فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْيَسَارِ، وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا ذُكِرَ أَيْضًا فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَا قِصَاصَ (إنْ قَالَ الْقَاطِعُ ظَنَنْتهَا تُجْزِئُ) عَنْهَا (أَوْ أَنَّهَا الْيَمِينُ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاشْتِبَاهَ قَرِيبٌ (فَإِنْ قَالَ ظَنَنْته أَبَاحَهَا، أَوْ دَهَشْت) أَيْضًا (أَوْ عَلِمْت أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ) عَنْهَا (لَزِمَهُ الْقِصَاصُ فِي الْيَسَارِ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا، وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهُ أَذِنَ فِي قَتْلِهِ وَيُفَارِقُ عَدَمَ لُزُومِهِ فِيمَا لَوْ ظَنَّ إبَاحَتَهَا مَعَ قَصْدِ الْمُخْرِجِ جَعْلَهَا عَنْ الْيَمِينِ بِأَنَّ جَعْلَهَا عَنْ الْيَمِينِ تَسْلِيطٌ بِخِلَافِ إخْرَاجِهَا دَهْشَةً، أَوْ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَخْرِجْ يَسَارَك، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الدَّهْشَةَ لَا تَلِيقُ بِحَالِ الْقَاطِعِ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُخْرِجِ تَسْلِيطٌ (ثُمَّ) فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ (لَا يَسْقُطُ قِصَاصُ الْيَمِينِ إلَّا إنْ قَالَ) الْقَاطِعُ (ظَنَنْتهَا تُجْزِئُ) عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ جَعَلْتهَا عِوَضًا عَنْهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى. (وَحَيْثُ سَقَطَ) الْقِصَاصُ (فِي الْيَسَارِ) بِغَيْرِ الْإِبَاحَةِ (وَجَبَتْ دِيَتُهَا، وَإِنْ قَالَ) لَهُ الْجَانِي (خُذْ الدِّيَةَ عِوَضًا عَنْ الْيَمِينِ فَأَخَذَهَا، وَلَوْ سَاكِنًا سَقَطَ الْقِصَاصُ) وَجُعِلَ الْأَخْذُ عَفْوًا (فَإِنْ كَانَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ مَجْنُونًا فَكَمَنْ قَالَ) بَعْدَ إخْرَاجِهِ الْيَسَارَ (دَهَشْت، أَوْ) كَانَ (الْمُسْتَحِقُّ) لِلْقِصَاصِ (مَجْنُونًا، وَقَالَ) لِلْجَانِي (أَخْرِجْ يَسَارَك، أَوْ يَمِينَك فَأَخْرَجَهَا) لَهُ، وَقَطَعَهَا (أُهْدِرَتْ) ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا بِتَسْلِيطِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِيفَاؤُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا لَهُ، وَقَطَعَ يَمِينَهُ لَمْ يَصِحَّ اسْتِيفَاؤُهُ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لَهُ. (وَوَجَبَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ (دِيَةٌ وَتَقَاصَّا) وَفِيهِ مَا قَدَّمْته أَوَّلَ الْفَصْلِ (وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا قِصَاصَ الْيَمِينِ فَوَقْتُهُ بَعْدَ انْدِمَالِ الْيَسَارِ) لِمَا فِي تَوَالِي الْقَطْعَيْنِ مِنْ خَطَرِ الْهَلَاكِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ لَهُ التَّوَالِيَ فِيمَا إذَا كَانَ الْجَانِي مُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ كَالْقَتْلِ فِي الْحِرَابَةِ (وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا دِيَةَ الْيَسَارِ فِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهِيَ فِي مَالِهِ) لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ مُتَعَمِّدًا (وَكَذَا مَنْ قَطَعَ أُنْمُلَتَيْنِ بِأُنْمُلَةٍ وَادَّعَى الْخَطَأَ) كَأَنْ قَالَ أَخْطَأْت وَتَوَهَّمْت أَنِّي أَقْطَعُ أُنْمُلَةً وَاحِدَةً تَجِبُ دِيَةٌ لِأُنْمُلَةِ الزَّائِدَةِ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَسْرِي عَلَيْهَا، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِتَعَمُّدِهِ قُطِعَتْ مِنْهُ الْأُنْمُلَةُ الزَّائِدَةُ (وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) فِي أَنَّهُ أَخْطَأَ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِفِعْلِهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُخْرِجِ يَدَهُ فِيمَا نَوَى) فَلَوْ قَالَ قَصَدْت بِالْإِخْرَاجِ إيقَاعَهَا عَنْ الْيَمِينِ، وَقَالَ الْقَاطِعُ بَلْ قَصَدْت الْإِبَاحَةَ صُدِّقَ الْمُخْرِجُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ. (بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ) (وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40] وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا رُفِعَ إلَيْهِ قِصَاصٌ قَطُّ إلَّا أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ» (وَيَسْرِي) الْعَفْوُ (إنْ تَبَعَّضَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَيْ سَوَاءٌ قَالَ ظَنَنْت أَنَّهُ أَبَاحَهَا) بَقِيَ قِصَاصُهَا، وَلَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَظَنَنْت أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهَا) أَوْ قَالَ لَهُ لَمْ تَظُنَّ إجْزَاءَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ الْمُخْرِجُ دَهَشْت أَوْ ظَنَنْته قَالَ أَخْرِجْ يَسَارَك فَكَذَلِكَ) قَالَ الشَّيْخَانِ لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُطَابِقَ لِلسُّؤَالِ كَالْإِذْنِ لَفْظًا أَنْ يَلْحَقَ ذَلِكَ بِصُوَرِ الْإِبَاحَةِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُخْرِجَ لَمْ يَقْصِدْ الْإِبَاحَةَ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَالْفِعْلُ الْمُطَابِقُ، وَإِنْ اقْتَضَى الْإِذْنَ لَكِنْ لَا يَقْتَضِيهِ عَلَى جِهَةِ الْإِبَاحَةِ بِخُصُوصِهَا بَلْ الْقَرِينَةُ تَصْرِفُهُ إلَى جِهَةِ الْقِصَاصِ، وَإِنَّمَا صَرَفْنَاهُ إلَى الْإِبَاحَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِقَصْدِ الْمُخْرِجِ الْإِبَاحَةَ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: إنْ قَالَ الْقَاطِعُ ظَنَنْتهَا تُجْزِئُ عَنْهَا) أَوْ أَخَذْتهَا عِوَضًا عَنْهَا، وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَفِي جَمِيعِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ ظَنَنْته أَبَاحَهَا قَالَا فَقِيَاسُ مَا مَرَّ انْتِفَاءُ قِصَاصِ الْيَسَارِ) ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يَجِبُ كَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا، وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهُ أَذِنَ لِي، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِاحْتِمَالِ الْإِمَامِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. اهـ. قَالَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْكِنَانِيُّ كَيْفَ يُوَافِقُهُ، وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا بَدَلٌ، وَلَا رَضِيَ بِقَطْعِ الْيَسَارِ وَثَمَّ بَدَلٌ، وَوَافَقَ الْبَدَلُ ظَنَّ الْإِبَاحَةِ فَالْمَعْنَى هُنَا مُفَارِقٌ غَيْرُ مُوَافِقٍ، وَهَذَا التَّوْجِيهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ غَيْرُ مُتَوَجِّهٍ بَلْ هُوَ مُتَوَجِّهٌ هُنَا وَغَيْرُ مُتَوَجِّهٍ ثَمَّ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ دِيَةٌ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَدِيَةُ الْيَسَارِ عَلَى عَاقِلَتِهِ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ وَهْمٌ سَبَقَ إلَيْهِ الْقَلَمُ، وَإِنَّمَا الصَّوَابُ فِدْيَةُ الْيَمِينِ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُقْتَصَّ الْمَجْنُونَ قُطِعَ بِيَمِينِ الْعَاقِلِ مُكْرَهًا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ لَهُ التَّوَالِيَ إلَخْ) ، وَهُوَ وَاضِحٌ أَيْ إنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ لِلَقْطِهِ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لِلنَّفْسِ أَوْ غَيْرَهُ وَعَفَا عَنْ النَّفْسِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ التَّوَالِي لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ التَّشَفِّي عَلَى مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ بِتَقْدِيرِ السِّرَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا دِيَةَ الْيَسَارِ فِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهِيَ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ) وَعَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ تَفْصِيلًا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَلْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى الْعَاقِلَةِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ بِأَنَّهَا الْيَسَارُ فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ بِأَنَّهَا تُجْزِئُ فَيُتَّجَهُ أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي قَتْلِهِ قَاتِلُ أَبِيهِ بَعْدَ عَفْوِ أَخِيهِ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ. [بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ] (بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ) يُشْتَرَطُ فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ مَعْرِفَةُ الْعَافِي عَيْنَ الْمَقْطُوعِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ تَقِلُّ، وَقَدْ تَكْثُرُ، وَقَدْ تَكُونُ عَلَى أَطْرَافٍ وَمَعَانٍ، وَفِيهَا مِثْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ فِيهِ الْغَرَرُ (قَوْلُهُ: وَيَسْرِي إنْ تَبَعَّضَ) كَقَوْلِهِ عَفَوْت عَنْ بَعْضِ دَمِك أَوْ رَأْسِك أَوْ يَدِك أَوْ عَفَوْت عَنْ نِصْفِ الْجِرَاحَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 فَلَوْ عَفَا بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَرِهَ الْبَاقُونَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ، أَوْ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ السُّقُوطِ لِحَقْنِ الدِّمَاءِ، وَلَوْ عَفَا عَنْ عُضْوٍ مِنْ الْجَانِي سَقَطَ الْقِصَاصُ كُلُّهُ كَمَا أَنَّ تَطْلِيقَ بَعْضِ الْمَرْأَةِ تَطْلِيقٌ لِكُلِّهَا (فَإِنْ وَقَتَّ) الْعَفْوَ (تَأَبَّدَ) كَالطَّلَاقِ (وَفِيهِ طَرَفَانِ أَحَدُهُمَا فِي حُكْمِ الْعَفْوِ) ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ مَاذَا، وَقَدْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَمُوجَبُ الْعَمْدِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (الْقِصَاصُ فَقَطْ وَلِذَا يَتَبَدَّلُ) عَنْهُ (لَا أَحَدُهُمَا) مُبْهَمًا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الرُّبَيِّعِ «كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» ، وَقَوْلِهِ «مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَهُوَ قَوَدٌ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ؛ وَلِأَنَّهُ بَدَلٌ مُتْلِفٌ فَتَعَيَّنَ جِنْسُهُ كَالْمُتْلَفَاتِ الْمِثْلِيَّةِ، وَمَا ذَكَرْته تَبَعًا لِلْأَصْلِ مِنْ أَنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ عَنْ الْقِصَاصِ لَا يُنَافِي قَوْلَ الْمَاوَرْدِيِّ إنَّمَا هِيَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ قَتَلَتْ رَجُلًا لَزِمَهَا دِيَةُ رَجُلٍ، وَلَوْ كَانَتْ بَدَلًا عَنْ الْقِصَاصِ لَزِمَهَا دِيَةُ الْمَرْأَةِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَعَ أَنَّهَا عَنْ الْقِصَاصِ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَبَدَلُ الْبَدَلِ بَدَلٌ (وَإِنْ عَفَا) عَنْهُ (عَلَى غَيْرِ مَالٍ) بِأَنْ قَالَ عَفَوْت عَنْهُ، أَوْ عَفَوْت عَنْهُ بِلَا مَالٍ (سَقَطَتْ الدِّيَةُ) يَعْنِي لَمْ تَجِبْ إذْ الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا كَمَا مَرَّ، وَالْعَفْوُ إسْقَاطٌ ثَابِتٌ لَا إثْبَاتُ مَعْدُومٍ. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْعَافِي (حَائِزًا) لِلْمِيرَاثِ (فَلِلْبَاقِينَ حِصَّتُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ) عَلَى الْجَانِي (وَإِنْ عَفَا) عَنْهُ (مُطْلَقًا) بِأَنْ قَالَ عَفَوْت عَنْهُ (وَاخْتَارَهَا) أَيْ الدِّيَةَ (عَقِيبَ الْعَفْوِ وَجَبَتْ، وَإِنْ كَرِهَ الْجَانِي) الْعَفْوَ تَنْزِيلًا لِاخْتِيَارِهَا حِينَئِذٍ مَنْزِلَةَ الْعَفْوِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَاخَى اخْتِيَارُهُ لَهَا عَنْ الْعَفْوِ فَلَا تَجِبُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَرِهَ الْجَانِي مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ عَفَا) عَنْهُ (عَلَى بَعْضِهَا جَازَ) كَالْعَفْوِ عَلَى كُلِّهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي (وَلَوْ صَالَحَ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ عَلَى غَيْرِهَا) أَيْ الدِّيَةِ أَيْ غَيْرِ جِنْسِهَا (أَوْ عَلَى دِيَتَيْنِ) ، أَوْ أَكْثَرَ (جَازَ إنْ قَبِلَ الْجَانِي) ، وَإِلَّا فَلَا كَالْخُلْعِ، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ فَلَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ لَمْ يَحْصُلْ، وَلَيْسَ كَالصُّلْحِ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ حَيْثُ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ ثَمَّ قَدْ رَضِيَ وَالْتَزَمَ فَرَجَعْنَا إلَى بَدَلِ الدَّمِ، وَقَوْلُهُ، أَوْ غَيْرِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ صَالَحَ الْجَانِيَ، وَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ صَالَحَ الْمُسْتَحِقَّ فَيَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِ جَوَازِهِ بِقَبُولِ الْمُسْتَحِقِّ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ قَبِلَ الْجَانِي قَيْدٌ فِي الْأُولَى خَاصَّةً. (وَلِلْمُفْلِسِ وَالْمَرِيضِ وَوَارِثِ الْمَدْيُونِ، وَكَذَا السَّفِيهُ الْقِصَاصُ، وَ) لَهُمْ (الْعَفْوُ عَنْهُ بِلَا مَالٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْقِصَاصُ عَيْنًا، وَلَيْسَ فِي الْعَفْوِ عَنْهُ تَضْيِيعُ مَالٍ (لَا) الْعَفْوُ (عَنْ مَالٍ ثَبَتَ) ؛ لِأَنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ التَّبَرُّعِ بِهِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي صَحِيحِ الْعَفْوِ وَفَاسِدِهِ) وَأَلْفَاظِهِ (إذَا قَطَعَهُ بِإِذْنِهِ، وَهُوَ رَشِيدٌ فَمَاتَ) سِرَايَةً (فَلَا ضَمَانَ) لِلْإِذْنِ وَتَبِعَ فِي تَعْبِيرِهِ بِالرَّشِيدِ الْمِنْهَاجَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِهِ إخْرَاجُ السَّفِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لَا فِي نَفْسِهِ وَلِهَذَا لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْقِصَاصِ قَطْعًا، وَلَمْ يُعَبِّرْ الْأَصْلُ وَالْمُحَرَّرُ بِالرَّشِيدِ بَلْ بِمَالِكِ أَمْرِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (وَتَجِبُ) عَلَيْهِ (الْكَفَّارَةُ) ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِبَاحَةُ لَا تُؤَثِّرُ فِيهَا (وَلَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ) مَثَلًا (فَعَفَا) عَنْ مُوجِبِ قَطْعِهَا فَإِنْ لَمْ يَسْرِ الْقَطْعُ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَسْقَطَ حَقَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ (لَمْ يَبْرَأْ مِنْ السِّرَايَةِ، وَلَوْ قَالَ) مَعَ عَفْوِهِ عَنْ ذَلِكَ (وَ) عَفَوْت (عَمَّا يَحْدُثُ) مِنْ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ عَفْوٌ عَنْ الشَّيْءِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ (لَكِنْ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ تَوَلَّدَتْ مِنْ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فَانْتَهَضَتْ شُبْهَةٌ لِدَرْءِ الْقِصَاصِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ النَّفْسِ إلَّا بِاسْتِيفَاءِ الطَّرَفِ، وَقَدْ عَفَا عَنْهُ فَمَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ السِّرَايَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (إنْ مَاتَ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (فَإِنْ، أَوْصَى لَهُ) بَعْدَ عَفْوِهِ عَنْ الْقِصَاصِ (بِدِيَةِ الْيَدِ فَوَصِيَّةٌ لِلْقَاتِلِ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (فِيمَا يَحْدُثُ) مِنْ الْقَطْعِ (أَيْضًا) كَأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت لَهُ بِأَرْشِ الْقَطْعِ، وَأَرْشِ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ فَتَسْقُطُ دِيَةُ كُلٍّ مِنْ الْقَطْعِ وَالسِّرَايَةِ (إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ) ، وَإِلَّا سَقَطَ مِنْهَا قَدْرُ الثُّلُثِ. (وَإِنْ عَفَا عَنْ عَبْدٍ لَزِمَهُ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ (قِصَاصٌ) لَهُ ثُمَّ مَاتَ سِرَايَةً (صَحَّ) الْعَفْوُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ عَلَيْهِ (أَوْ) تَعَلَّقَ بِهِ (مَالٌ) لَهُ بِجِنَايَةٍ (وَأَطْلَقَ الْعَفْوَ، أَوْ أَضَافَهُ إلَى السَّيِّدِ فَكَذَلِكَ) أَيْ يَصِحُّ الْعَفْوُ؛ لِأَنَّهُ عَفْوٌ عَنْ حَقٍّ لَزِمَ السَّيِّدَ فِي عَيْنِ مَالِهِ (أَوْ إلَى الْعَبْدِ لَغَا) الْعَفْوُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ عَلَيْهِ (فَإِنْ عَفَا) الْمَقْطُوعُ ثُمَّ مَاتَ سِرَايَةً (أَوْ عَفَا الْوَارِثُ فِي جِنَايَةِ الْخَطَأِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَّتَ الْعَفْوَ تَأَبَّدَ) كَأَنْ قَالَ عَفَوْت عَنْك إلَى شَهْرٍ أَوْ شَهْرًا (قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ بَدَلٌ عَنْهُ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ كُلُّ مَوْضِعٍ وَجَبَ فِيهِ الْقَوَدُ، وَلَا دِيَةَ فِيهِ كَقَتْلِ الْمُرْتَدِّ مِثْلَهُ، وَقَطْعِ يَدَيْ الْجَانِي، وَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ ابْتِدَاءً فِي قَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ أَوْ الْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هِيَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) هُوَ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ عَفَوْت عَنْهُ) الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ هَذَا الْمِثَالِ (قَوْلُهُ: صَالَحَ هُوَ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ أَيْ وَارِثُهُ عَلَى غَيْرِهَا أَيْ دِيَةِ مَا دُونَ النَّفْسِ فِي الْأُولَى وَدِيَتِهَا فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: جَازَ إنْ قَبِلَ الْجَانِي) قَالَ الْمُتَوَلِّي وَعَلَى الْجَانِي الْتِزَامُهُ؛ لِأَنَّ إبْقَاءَ الرُّوحِ بِالْمَالِ وَاجِبٌ أَوْ عَلَى دِيَتَيْنِ فَأَكْثَرَ جَازَ إنْ قَبِلَ الْجَانِي قَالَ الْمُتَوَلِّي: يَلْزَمُ الْجَانِيَ الْتِزَامُ الْمَالِ كَالْمُضْطَرِّ إذَا لَمْ يَبِعْ مِنْهُ الطَّعَامَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ عِوَضِ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ) بَلْ هُوَ مُسْتَقِيمٌ إذْ مَعْنَاهُ، وَلَوْ صَالَحَ هُوَ أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إذْ لَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ نَفْسًا أَوْ غَيْرُهُ أَيْ وَارِثُهُ فَقَوْلُهُ: إنْ قَبِلَ الْجَانِي قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَتَبِعَ فِي تَعْبِيرِهِ بِالرُّشْدِ الْمِنْهَاجِ) عَبَّرَ بِالرَّشِيدِ لِيَعُودَ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ قَطْعٌ؛ لِأَنَّهُ قَيْدٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ مَاتَ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِشُمُولِ السِّرَايَةِ لِلسِّرَايَةِ إلَى النَّفْسِ، وَإِلَى غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَفَا الْوَارِثُ فِي جِنَايَةِ الْخَطَأِ) أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 عَنْ الدِّيَةِ، أَوْ عَنْ الْعَاقِلَةِ) ، أَوْ مُطْلَقًا (صَحَّ) الْعَفْوُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ، وَذِكْرُ عَفْوِ الْوَارِثِ عَنْ الدِّيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ عَنْ الْجَانِي فَلَا) يَصِحُّ الْعَفْوُ (لَا إنْ لَزِمَتْهُ دُونَهُمْ بِأَنْ) الْأَوْلَى كَأَنْ (كَانَ ذِمِّيًّا وَعَاقِلَتُهُ مُسْلِمِينَ) ، أَوْ حَرْبِيِّينَ فَيَصِحُّ الْعَفْوُ لِمُصَادَفَتِهِ الْجَانِيَ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ بِخِلَافٍ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ تَنْتَقِلُ عَنْهُ فَيُصَادِفُهُ الْعَفْوُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَذَا إذَا ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِاعْتِرَافِ الْعَاقِلَةِ (فَإِنْ أَنْكَرَتْ الْعَاقِلَةُ الْجِنَايَةَ، وَلَا بَيِّنَةَ فَهِيَ) أَيْ الدِّيَةُ (عَلَى الْقَاتِلِ) ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا ثَبَتَتْ بِاعْتِرَافِهِ، وَيَكُونُ الْعَفْوُ تَبَرُّعًا عَلَيْهِ. (وَإِنْ جَرَحَهُ جُرْحًا لَا قِصَاصَ فِيهِ) كَالْجَائِفَةُ، وَكَسْرِ الذِّرَاعِ (فَعَفَا عَنْ الْقِصَاصِ لَغَا) الْعَفْوُ لِعَدَمِ الْقِصَاصِ (فَإِنْ مَاتَ) الْمَجْرُوحُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجُرْحِ (اُقْتُصَّ) مِنْ الْجَارِحِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَمْ تَتَوَلَّدْ مِنْ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فَإِنْ عَفَا الْوَلِيُّ أَخَذَ الدِّيَةَ (وَكَذَا) يُقْتَصُّ مِنْهُ (إنْ أَخَذَ) الْمَجْرُوحُ (أَرْشَهُ) قَبْلَ مَوْتِهِ لِذَلِكَ (وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ) مَثَلًا (فَعَفَا) عَنْهُ (بِمَالٍ) ثُمَّ عَادَ الْقَاطِعُ (فَحَزَّهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الزُّهُوقَ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ (ثُمَّ لَوْ عَفَا الْوَلِيُّ) عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى بَاقِي الدِّيَةِ (اسْتَحَقَّ بَاقِي الدِّيَةِ لَا الْكُلَّ) وَالْأَطْرَافُ تَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْقِصَاصِ (أَوْ) حَزَّهُ (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) لَزِمَهُ (الْقِصَاصُ) فِي النَّفْسِ (وَدِيَةُ يَدٍ) فَإِنْ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ اسْتَحَقَّهَا وَدِيَةَ الْيَدِ. (وَلِوَارِثِ الْقِصَاصِ الْعَفْوُ) عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ (فَلَوْ اسْتَحَقَّ) وَاحِدٌ (طَرَفَ إنْسَانٍ، وَنَفْسَهُ) أَيْ قِصَاصَهَا بِأَنْ قَطَعَ طَرَفَهُ ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ، وَلَوْ قَبْلَ الْبُرْءِ (فَعَفَا) وَلِيُّهُ (عَنْ الطَّرَفِ طَالَبَ بِالنَّفْسِ، أَوْ عَنْ النَّفْسِ طَالَبَ بِالطَّرَفِ) ؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ ثَبَتَا لَهُ فَالْعَفْوُ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا يُسْقِطُ الْآخَرَ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (لَا إنْ ذَهَبَتْ) أَيْ النَّفْسُ (بِسِرَايَتِهِ) أَيْ قَطْعِ الطَّرَفِ فَلَا يُطَالِبُ الْعَافِي عَنْهَا بِالطَّرَفِ؛ لِأَنَّ مُسْتَحَقَّهُ الْقَتْلُ وَالْقَطْعُ طَرِيقُهُ، وَقَدْ عَفَا عَنْ الْمُسْتَحَقِّ فَلَيْسَ لَهُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَفَا عَنْ الطَّرَفِ لَا يَسْقُطُ قِصَاصُ النَّفْسِ كَمَا شَمِلَهُ أَوَّلُ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْعُدُولِ إلَى حَزِّ الرَّقَبَةِ فَرُبَّمَا قَصَدَهُ بِالْعَفْوِ؛ وَلِأَنَّ لَهُ الْقَطْعَ ثُمَّ الْحَزَّ فَفِي الْعَفْوِ عَنْ الْقَطْعِ تَسْهِيلُ الْأَمْرِ عَلَيْهِ (وَإِنْ اسْتَحَقَّهُمَا اثْنَانِ لَمْ يُسْقِطْ عَفْوُ أَحَدِهِمَا حَقَّ الْآخَرِ كَأَنْ قُطِعَتْ يَدُ عَبْدٍ فَأُعْتِقَ ثُمَّ مَاتَ بِسِرَايَةٍ فَقِصَاصُ النَّفْسِ لِلْوَرَثَةِ) ، وَقِصَاصُ الْيَدِ لِلسَّيِّدِ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ قَتْلَهُ) شَخْصٌ (فَقَطَعَهُ) بِأَنْ قَطَعَ طَرَفَهُ (عُدْوَانًا، أَوْ بِحَقٍّ بِأَنْ كَانَ الْقَتْلُ بِالْقَطْعِ) السَّارِي مَثَلًا (وَعَفَا) بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ النَّفْسِ (لَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمٌ) لِقَطْعِ الطَّرَفِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ طَرَفَ مَنْ يُبَاحُ لَهُ دَمُهُ فَلَا يَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ مُرْتَدٍّ، وَالْعَفْوُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا بَقِيَ لَا فِيمَا اسْتَوْفَى هَذَا إذَا لَمْ يَمُتْ بِالسِّرَايَةِ (فَإِنْ مَاتَ) بِهَا (بَانَ بُطْلَانُ الْعَفْوِ) ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ وُجِدَ قَبْلَهُ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الْعَفْوُ، وَفَائِدَةُ بُطْلَانِهِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ عَفَا بِمَالٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ. (فَإِنْ رَمَى) الْمُسْتَحِقُّ إلَى الْجَانِي (فَعَفَا عَنْهُ فَأَصَابَ صَحَّ الْعَفْوُ، وَوَجَبَ عَلَى الْعَافِي الدِّيَةُ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْقُونُ الدَّمِ عِنْدَ الْإِصَابَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَرَتُّبِ صِحَّةِ الْعَفْوِ عَلَى الْإِصَابَةِ عَكْسُ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ تَرَتُّبِهَا عَلَى عَدَمِهَا لَكِنَّهُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْإِسْنَوِيَّ حَيْثُ قَالَ تَصْحِيحُ إيجَابِ الدِّيَةِ بَعْدَ الْجَزْمِ بِبُطْلَانِ الْعَفْوِ غَلَطٌ وَاضِحٌ فَإِنَّهُ إذَا بَطَلَ الْعَفْوُ اسْتَحَقَّ الْعَافِي الدَّمَ فَلَا يَضْمَنُ دِيَةَ الْجَانِي نَعَمْ حَكَى الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَجْهًا أَنَّ عَفْوَهُ صَحِيحٌ مَعَ الْإِصَابَةِ وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ وَحِينَئِذٍ يَسْتَقِيمُ بِنَاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ يُشِيرُ إلَيْهِ، وَكَلَامُ الْقَاضِي صَرِيحٌ فِيهِ. انْتَهَى. وَيُجَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ بُطْلَانَ الْعَفْوِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى الْبَدَلِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَافِي. (فَإِنْ قَطَعَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا) فَاقْتَصَّ مِنْهُ (أَوْ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ بَعْدَمَا اقْتَصَّ) مِنْ قَاطِعِهِ (ثُمَّ مَاتَ) الْمَقْطُوعُ (بِالسِّرَايَةِ وَجَبَ الْقِصَاصُ) فِي النَّفْسِ (وَلَوْ عَفَا) عَنْهُ (عَلَى مَالٍ فَعَلَى الذِّمِّيِّ) الْقَاطِعِ (خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ مُسْلِمٍ وَيَسْقُطُ سُدُسُهَا بِالْيَدِ الَّتِي اُسْتُوْفِيَتْ؛ لِأَنَّهَا نِصْفُ جُمْلَةِ الذِّمِّيِّ الَّتِي هِيَ ثُلُثُ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِ بِالنَّظَرِ إلَى الدِّيَةِ (وَعَلَى الْمَرْأَةِ) فِيمَا لَوْ قَطَعَتْ يَدَ رَجُلٍ فَاقْتَصَّ مِنْهَا ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَلَى مَالٍ (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا) أَيْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ رُبُعَهَا (فَإِنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِي) قَطْعِ (الْيَدَيْنِ) لِكَوْنِ الذِّمِّيِّ، أَوْ الْمَرْأَةِ قَطَعَ يَدَيْ مَنْ ذُكِرَ (لَزِمَهُ) أَيْ الذِّمِّيُّ (ثُلُثَا دِيَةٍ) أَيْ دِيَةِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ ثُلُثَهَا (وَلَزِمَهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (نِصْفُهَا) أَيْ نِصْفُ دِيَةِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ:، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَكَمَا لَوْ تَعَدَّدَ الْمُسْتَحَقُّ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهَا نِصْفُهَا) وَالْقِيَاسُ جَرَيَانُهُ فِي عَكْسِهَا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ النَّقِيبِ، وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَهُ مَسْطُورًا، وَهُوَ الرَّاجِحُ فَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ امْرَأَةٍ فَاقْتَصَّتْ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَتْ بِالسِّرَايَةِ وَعَفَا وَلِيُّهَا عَلَى مَالٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 نِصْفَهَا. (وَلَوْ قَطَعَ عَبْدٌ يَدَ حُرٍّ فَاقْتَصَّ) مِنْهُ (ثُمَّ عَتَقَ فَمَاتَ الْحُرُّ) بِالسِّرَايَةِ (سَقَطَ مِنْ دِيَتِهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَلَزِمَ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ وَبَاقِي الدِّيَةِ إذْ عِتْقُهُ اخْتِيَارٌ لِلْفِدَاءِ) ، وَقِيلَ يَسْقُطُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَنِصْفِ الدِّيَةِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ اقْتَصَّ الْوَكِيلُ بَعْدَ عَفْوِ الْمُوَكِّلِ، أَوْ عَزْلِهِ إيَّاهُ عَالِمًا) بِذَلِكَ (اقْتَصَّ مِنْهُ) كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ (أَوْ جَاهِلًا) بِهِ (فَلَا) يُقْتَصُّ مِنْهُ لِعُذْرِهِ، وَلَا مِنْ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا، أَوْ حَرْبِيًّا، وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْقَوَدِ فِيهِ فَبَانَ خِلَافُهُ بِأَنَّ الْقَتْلَ ثَمَّ يَقْصُرُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُخَلَّى بَلْ يُحْبَسُ، وَالْحَرْبِيُّ لَا يَجْتَرِئُ عَلَى دُخُولِ دَارِنَا بِلَا أَمَانٍ، وَلَا يَخْلُو مِنْ عَلَامَةٍ فَكَانَ حَقُّهُ التَّثَبُّتَ، وَالْوَكِيلُ مَعْذُورٌ هُنَا. (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ فِي (أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ، وَاسْتَحَقَّ الْقِصَاصَ، وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ الْعَزْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتَلْزَمُهُ الدِّيَةُ) إنْ عَلِمَ أَنَّ قِصَاصَهُ وَقَعَ بَعْدَ الْعَفْوِ، أَوْ الْعَزْلِ؛ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ، وَقَتَلَهُ اقْتَصَّ مِنْهُ فَإِذَا جَهِلَهُ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا فَبَانَ خِلَافُهُ (مُغَلَّظَةً وَحَالَّةً فِي مَالِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ، وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِشُبْهَةِ الْإِذْنِ، وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةٍ يُمْكِنُ إعْلَامُ الْوَكِيلِ بِالْعَفْوِ فِيهَا فَلَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَعَفَا الْوَكِيلُ قَبْلَ الْقِصَاصِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ كَانَ عَفْوُهُ بَاطِلًا وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ نَحْوَهُ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ الدِّيَةُ قَطْعًا وَتَعْلِيلُهُمْ قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ. انْتَهَى. وَحَيْثُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْوَكِيلِ فَهِيَ (لِوَرَثَةِ الْجَانِي لَا لِلْمُوَكِّلِ) كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ وَلِسُقُوطِ حَقِّ الْمُوَكِّلِ قَبْلَ الْقَتْلِ (وَلَا رُجُوعَ لِلْوَكِيلِ) بِالدِّيَةِ (عَلَى الْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91] قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إلَّا أَنْ يُنْسَبَ الْمُوَكِّلُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْإِعْلَامِ فَالْأَرْجَحُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ الزَّوْجِ الْمَغْرُورِ لَا يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ فِي الْأَظْهَرِ لِانْتِفَاعِهِ بِالْوَطْءِ. (بَابٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ) لَوْ (قَطَعَ عَبْدٌ حُرًّا فَاشْتَرَاهُ) بِغَيْرِ الْأَرْشِ (لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ) كَمَا لَوْ قَطَعَهُ، وَهُوَ فِي مِلْكِهِ (فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِالْأَرْشِ، وَهُوَ الْوَاجِبُ لَمْ يَصِحَّ) الشِّرَاءُ (لِلْجَهْلِ بِوَصْفِ الْإِبِلِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ وَالْوَاجِبُ الْقِصَاصُ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْمَالِ فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ) ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ (وَإِنْ صَالَحَ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى عَيْنٍ فَاسْتُحِقَّتْ، أَوْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ) ، أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا (وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ لِاخْتِيَارِهِ لِلْفِدَاءِ) بِالصُّلْحِ (الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ) كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (جَنَى حُرٌّ عَلَى حُرٍّ بِمُوجِبِ قِصَاصٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (فَصَالَحَهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقِصَاصِ (عَلَى مَالٍ صَحَّ) ، وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ مَجْهُولَةً (فَإِنْ خَرَجَ) الْمَالُ (مُسْتَحَقًّا، أَوْ مَعِيبًا) ، أَوْ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ (رَجَعَ إلَى الْأَرْشِ) لَا إلَى قِيمَةِ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ مَضْمُونٌ ضَمَانَ عَقْدٍ لَا ضَمَانَ يَدٍ (وَإِنْ أَوْجَبَتْ) الْجِنَايَةُ (الْمَالَ) فَصَالَحَ مِنْهُ عَلَى عَيْنٍ (لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْجِنَايَةِ أَيْ أَرْشِهَا لِمَا مَرَّ فَلَوْ قَالَ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ عَيْنًا مِنْ الْعَاقِلَةِ فِي الْخَطَأِ أَيْ، أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ، أَوْ مِنْ الْجَانِي فِي الْعَمْدِ، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ) لَوْ (وَجَبَ عَلَى امْرَأَةٍ قِصَاصٌ فَتَزَوَّجَهَا بِهِ مُسْتَحِقُّهُ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ مَقْصُودٌ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ الْعَفْوَ عَنْهُ، وَإِطْلَاقُهُ الْمَرْأَةَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ أَصْلِهِ لَهَا بِالْحُرَّةِ إذْ لَا فَرْقَ (فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا، وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ سُورَةٍ فَعَلَّمَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ (وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِالدِّيَةِ) الْوَاجِبَةِ لَهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ (فَالصَّدَاقُ فَاسِدٌ) لِلْجَهْلِ بِالدِّيَةِ (وَإِنْ قَتَلَ حُرٌّ عَبْدًا فَصَالَحَ عَنْ قِيمَتِهِ) الْمَعْلُومَةِ (عَلَى عَيْنٍ وَاسْتُحِقَّتْ) ، أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ، أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ (رَجَعَ) السَّيِّدُ (بِالْأَرْشِ قَطْعًا) وَذِكْرُ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْأَصْلُ إنَّمَا ذَكَرَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالتَّلَفِ (فَإِنْ كَانَ الْجَانِي) فِيمَا ذُكِرَ (عَبْدًا فَالسَّيِّدُ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ بِالصُّلْحِ، وَلَيْسَ بِمُخْتَارٍ) لَهُ (إنْ صَالَحَ عَلَى رَقَبَتِهِ) وَاسْتُحِقَّتْ، أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ، أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَيَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ حِينَئِذٍ بِهَا) كَمَا كَانَ حَتَّى لَوْ مَاتَ سَقَطَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. [فَصْلٌ قَطَعَ يَدَيْ رَجُلٍ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ] (فَصْلٌ) لَوْ (قَطَعَ يَدَيْ رَجُلٍ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ فَقَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَيْهِ وَعَفَا) عَنْ الْبَاقِي (عَلَى الدِّيَةِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَصَّ الْوَكِيلُ بَعْدَ عَفْوِ الْمُوَكِّلِ إلَخْ) أَوْ قَالَ قَتَلْته بِشَهْوَتِي لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِشُبْهَةِ الْإِذْنِ) فَهُوَ مَعْذُورٌ، وَيُخَالِفُ مَا إذَا قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا فَبَانَ مُسْلِمًا حَيْثُ يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ هُنَاكَ مُقَصِّرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ عَلَامَةٍ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يَسْتَصْحِبُ لِأَصْلٍ يَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ نَحْوَهُ) هُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) لَيْسَ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا وُجُوبَ الضَّمَانِ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَيْسَ فِيهِ إرْشَادٌ لِذَلِكَ. ش مَا ذَكَرَاهُ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ ضَعَّفَهُ الشَّيْخَانِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ. وَهِيَ مَا لَوْ رَمَى الْمُسْتَحِقُّ إلَى الْجَانِي ثُمَّ عَفَا عَنْهُ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَحَكَيَا فِيهَا وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ لِخُرُوجِ الْأَمْرِ عَنْ اخْتِيَارِهِ، وَأَصَحُّهُمَا صِحَّتُهُ سَوَاءٌ أَصَابَهُ السَّهْمُ أَمْ لَا كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ) وَظَاهِرٌ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ جَارٍ سَوَاءٌ أَنَسَبَ الْمُوَكِّلَ إلَى تَقْصِيرٍ أَمْ لَا فَلَا يُفِيدُ الْمَطْلُوبَ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى مُوَكِّلِهِ إذْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ بِأَنْ يَقْتَصَّ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ بَعْدَ إذْنِهِ. [بَابٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ] الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 وَلَمْ يَقْبَلْ الْجَانِي (لَمْ تَجِبْ) أَيْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُهَا (أَوْ) عَلَى (غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَقَبِلَ الْجَانِي (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ كَالدِّيَةِ وَالثَّانِي، وَهُوَ أَوْجَهُ يَجِبُ وَيَكُونُ عِوَضًا عَنْ الْقِصَاصِ الَّذِي تَرَكَهُ (وَإِنْ اقْتَصَّ ذِمِّيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ) قَتَلَ مُوَرِّثَهُ (بِغَيْرِ) حُكْمِ (حَاكِمٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ) بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَصَّ مِنْهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ بِذَلِكَ لَا يُنْقَضُ. (وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ) فَرَمَاهُ (فَقَتَلَ إنْسَانًا) فَهُمَا قَاتِلَانِ خَطَأً (فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتَيْهِمَا) نِصْفَيْنِ (وَيُكَفِّرَانِ) أَيْ وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْ الْقَاتِلَيْنِ كَفَّارَةٌ (، وَهَلْ لِعَاقِلَةِ الْمَأْمُورِ) بِالرَّمْيِ (الرُّجُوعُ) بِمَا يَغْرَمُونَهُ (عَلَى الْمُكْرَهِ وَعَاقِلَتِهِ؟ . فِيهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَرْجِعُوا، وَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ مُتَعَدِّيًا كَمَا لَا يَرْجِعُونَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْقَاتِلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَيْهِمَا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمُكْرَهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ تَحْمِلُ عَنْهُ الدِّيَةَ، وَإِلَّا فَعَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَوْجَهُ. (وَإِنْ اقْتَصَّ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ بِإِحْدَاهُمَا) أَيْ بِقَطْعِ إحْدَى يَدَيْ قَاطِعِهِ (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) لِقَطْعِ يَدَيْهِ (فَأَهْلَكَتْ) يَدُ الْجَانِي أَيْ قَطْعُهَا (الْجَانِيَ أُخِذَتْ دِيَةُ) الْيَدِ (لِأُخْرَى مِنْ تَرِكَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ قِصَاصَهَا، وَقَدْ فَاتَ بِمَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ فَأَشْبَهَ سُقُوطَهَا بِآفَةٍ. (وَإِنْ اقْتَصَّ بِإِحْدَاهُمَا وَأُخِذَتْ دِيَةُ الْأُخْرَى) بِالْعَفْوِ عَنْ قِصَاصِهَا (وَمَاتَ بِنَقْضِ الْجِرَاحَةِ بَرِئَ الْجَانِي) فَلَا قِصَاصَ لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِجِرَاحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَعْفُوٌّ عَنْهَا، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى نِصْفَهَا، وَالْيَدُ الْمُقَابَلَةُ بِالنِّصْفِ. (وَإِنْ مَاتَ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ بِالسِّرَايَةِ بِقَطْعِ وَارِثِهِ يَدَ الْجَانِي فَمَاتَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ قَطْعِهَا قَبْلَ قَطْعِ الْأُخْرَى (لَمْ يَسْتَحِقَّ) الْوَارِثُ شَيْئًا فِي تَرِكَتِهِ أَيْ الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ إذَا سَرَتْ الْجِرَاحَةُ إلَى النَّفْسِ سَقَطَ حُكْمُ الْأَطْرَافِ وَصَارَتْ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَقَدْ قَتَلَهُ بِالْقَطْعِ فَصَارَ كَحَزِّ الرَّقَبَةِ (وَيَقْتَصُّ) السَّيِّدُ (لِعَبْدِهِ مِنْ عَبْدِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْجَانِيَ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ (الْمَالُ) إذْ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ (إلَّا إنْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ عَفَا عَلَى مَالٍ) فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَفَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَقْتَضِيهِ. (وَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ قَتَلَ إنْسَانٌ آخَرَ (بِقَطْعِ يَدٍ) لَهُ (عَمْدًا وَرِجْلٍ خَطَأً) فَمَاتَ مِنْهُمَا (فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ) لِاخْتِلَاطِ الْعَمْدِ بِالْخَطَأِ (وَيَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي) لِتَعَمُّدِهِ قَطْعَ الْيَدِ (وَنِصْفٌ) آخَرُ (عَلَى عَاقِلَتِهِ) لِخَطَأِ الْجَانِي فِي قَطْعِهِ الرِّجْلَ (فَإِنْ قَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَهُ) أَيْ يَدَ الْجَانِي عَنْ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ (فَمَاتَ) مِنْهُ فَقَدْ (اسْتَوْفَى) حَقَّهُ، وَلَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ خَطَأً فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ. (وَإِنْ ارْتَدَّ الْقَاتِلُ، أَوْ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ فَقَتَلَهُ الْوَلِيُّ) فِي الْأُولَى (أَوْ الْمُشْتَرِي) فِي الثَّانِيَة (بِالرِّدَّةِ وَقَعَ قِصَاصًا) فِي الْأُولَى (وَقَبْضًا) فِي الثَّانِيَةِ (إلَّا إنْ كَانَ الْقَاتِلُ) بِالرِّدَّةِ فِيهِمَا (إمَامًا) فَلَا يَقَعُ قَتْلُهُ قِصَاصًا، وَلَا قَبْضًا بَلْ لَهُ الدِّيَةُ فِي الْأُولَى فِي تَرِكَةِ الْمُرْتَدِّ، وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ قَتْلَهُ بِالرِّدَّةِ، وَغَيْرُهُ لَا يَمْلِك قَتْلَهُ بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَهُ لَا بِرِدَّتِهِ. وَالْمُصَنِّفُ صَوَّرَ ذَلِكَ بِحُدُوثِ الرِّدَّةِ بَعْدَ الْقَتْلِ وَالْبَيْعِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ تَصْوِيرُهُ بِحُدُوثِهَا قَبْلَهُمَا، وَالْكُلُّ صَحِيحٌ. (وَإِنْ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ ضَرْبًا قَاتِلًا فَمَاتَتْ) مِنْهُ (لَزِمَهُ الْقَوَدُ إلَّا إنْ أَدَّبَهَا بِسَوْطَيْنِ) ، أَوْ ثَلَاثَةٍ كَمَا فِي الْأَصْلِ، أَوْ نَحْوِهِمَا (ثُمَّ بَدَا لَهُ فَضَرَبَهَا الضَّرْبَ الْقَاتِلَ) فَمَاتَتْ فَلَا يَلْزَمُهُ قَوَدٌ لِاخْتِلَاطِ الْعَمْدِ بِشِبْهِهِ. (وَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ) فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ (قَتَلْته بِشَهْوَتِي) لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ (لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَلِلْمُوَكِّلِ الدِّيَةُ) فِي تَرِكَةِ الْجَانِي. (وَإِنْ ضَرَبَ سِنًّا فَتَزَلْزَلَتْ، أَوْ يَدًا فَتَوَرَّمَتْ) ، أَوْ اضْطَرَبَتْ كَمَا فِي الْأَصْلِ (ثُمَّ سَقَطَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهَا سَقَطَتْ بِجِنَايَتِهِ. (وَلَوْ تَوَقَّفَ الْقَاضِي فِي الْحُكْمِ) فِي حَادِثَةٍ (لِإِشْكَالِهِ) أَيْ الْحُكْمِ فِيهَا (فَجَرَّأَهُ رَجُلٌ بِحَدِيثٍ نَبَوِيٍّ) رَوَاهُ لَهُ فِيهَا حَتَّى قَتَلَ بِهِ رَجُلًا (ثُمَّ رَجَعَ) الْمُجَرِّئُ (عَنْهُ) ، وَقَالَ كَذَبْت وَتَعَمَّدْت (فَلَيْسَ كَرُجُوعِ الشَّاهِدِ) عَنْ شَهَادَتِهِ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَخْتَصُّ بِالْحَادِثَةِ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ (وَإِنْ حَبَسَهُ فِي) مَحَلِّ (دُخَانٍ، أَوْ مَنَعَهُ عَصْبَ فَصَادَتِهِ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ جَنَى حُرٌّ عَلَى حُرٍّ بِمُوجِبِ قِصَاصٍ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ] قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْبَلْ الْجَانِي) قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا إذَا قَبِلَ لَزِمَهُ مَا عَفَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَوْفَى الْمُسْتَحِقُّ مَا يُقَابِلُ دِيَةً لِبَقَاءِ النَّفْسِ فَصَارَ كَعَفْوِهِ عَلَى مَا يَأْتِي بِغَيْرِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ فَيَصِحُّ بِتَرَاضِيهِمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُهَا) مِثْلُهُ مَا إذَا قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: ظَاهِر أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ النَّفْسِ عَلَى الدِّيَةِ بِخِلَافِ السِّرَايَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّدَاخُلِ فَإِنَّهُ قَدْ أَخَذَ فِي السِّرَايَةِ مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ وَالتَّدَاخُلُ حَاصِلٌ، وَهَذَا جَارٍ عَلَى عَدَمِ التَّدَاخُلِ، وَهُوَ قَوْلٌ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى غَيْرِ جِنْسِهَا فَوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا نَعَمْ وَبَنَاهُمَا الْمُتَوَلِّي عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ مَا إذَا إنْ قُلْنَا الْقَوَدُ عَيْنًا صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا مُخْتَصَرُ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: كَالدِّيَةِ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا عَلَى الدِّيَةِ، وَقَبِلَ الْجَانِي لَمْ يَجِبْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِهَذَا قَيَّدَهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ قَبُولِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي، وَهُوَ أَوْجَهُ إلَخْ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبَنَاهُمَا الْمُتَوَلِّي عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ مَا إذَا أَنْ قُلْنَا الْقَوَدُ عَيْنًا وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَوْجَهُ) الرَّاجِحُ هُوَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي الطَّرَفِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ خَطَأً إلَخْ) كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَرَأَى الْإِمَامُ فِي بَابِ الشِّجَاجِ الْقَطْعَ بِهِ، وَأَنَّ تَعْلِيلَ الْأَصْحَابِ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ قَتَلْته بِشَهْوَتِي إلَخْ) نَقَلَ الشَّيْخَانِ فِي الطَّلَاقِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ، وَأَقَرَّهُ أَنَّ وَكِيلَ الطَّلَاقِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ إيقَاعِهِ عَنْ مُوَكِّلِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي الْمُهِمَّاتِ هُنَاكَ أَنَّ مُقْتَضَاهُ الْوُقُوعُ إذَا أَوْقَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ الْمَنْقُولَ هُنَا عَدَمُهُ لِلصَّارِفِ. اهـ. إنَّمَا مُقْتَضَى كَلَامِ الرُّويَانِيِّ الْوُقُوعُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ الْبَغَوِيّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 عَلَى مَحَلِّ الْفَصْدِ (فَمَاتَ) مِنْ ذَلِكَ (فَالْقَوَدُ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا سَوَاءٌ مَنَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْعَصَبِ ابْتِدَاءً أَمْ إعَادَةً كَأَنْ عَصَبَهُ الْمُفْتَصِدُ فَحَلَّهُ رَجُلٌ وَمَنَعَهُ آخَرُ مِنْ إعَادَةِ الْعَصْبِ حَتَّى مَاتَ. (وَلَوْ رَمَى) شَخْصٌ (أَحَدَ الْجَمَاعَةِ) مُبْهِمًا فَجَرَحَ وَاحِدًا مِنْهُمْ جِرَاحَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ (لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) هَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا وَالصَّحِيحُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمُ لُزُومِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ، وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَنْجَنِيقِ. (وَيُقْطَعُ الثَّدْيُ بِالثَّدْيِ) ، وَإِنْ لَمْ يَتَدَلَّ (وَالْحَلَمَةُ بِالْحَلَمَةِ) كَمَا فِي سَائِرِ الْأَطْرَافِ (لَا حَلَمَةُ امْرَأَةٍ بِحَلَمَةِ رَجُلٍ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ حَلَمَةَ الرَّجُلِ لَا تَجِبُ فِيهَا الدِّيَةُ. . [كِتَابُ الدِّيَاتِ وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ] (كِتَابُ الدِّيَاتِ) جَمْعُ دِيَةٍ وَهِيَ الْمَالُ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ فِي النَّفْسِ أَوْ فِيمَا دُونَهَا، وَأَصْلُهَا وَدِيَةٌ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْوَدْيِ، وَهُوَ دَفْعُ الدِّيَةِ كَالْعِدَّةِ مِنْ الْوَعْدِ وَالزِّنَةِ مِنْ الْوَزْنِ تَقُولُ وَدَيْت الْقَتِيلَ أَدِيهِ وَدْيًا وَدِيَةً إذَا أَدَّيْت دِيَتَهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ} [النساء: 92] وَخَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي (وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ. الْأَوَّلُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) الذَّكَرِ غَيْرِ الْجَنِينِ (مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مُخَمَّسَةٌ فِي الْخَطَأِ) عِشْرُونَ (مِنْ بَنَاتِ الْمَخَاضِ، وَ) عِشْرُونَ (مِنْ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَ) عِشْرُونَ مِنْ بَنِي (لَبُونٍ، وَ) عِشْرُونَ مِنْ (حِقَاقٍ) وَعِشْرُونَ مِنْ (جِذَاعٍ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالُوا، وَأَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا قِيلَ وَالْمُرَادُ مِنْ الْحِقَاقِ وَالْجِذَاعِ الْإِنَاثُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ الْأَصْلِ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً (وَالْمُغَلَّظَةُ فِي الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ مُثَلَّثَةٌ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً) أَيْ حَامِلًا لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ فِي الْعَمْدِ وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد فِي شِبْهِهِ بِذَلِكَ وَالْخَلِفَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ وَلَا جَمْعَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ بَلْ جَمْعُهَا مَخَاضٌ كَامْرَأَةٍ وَنِسَاءٍ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَمْعُهَا خَلِفٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَابْنُ سِيدَهْ خِلْفَاتٌ. (وَتُغَلَّظُ بِالْخَطَأِ) فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ (فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ) ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ لِعِظَمِ حُرْمَتِهَا وَلَا يُلْتَحَقُ بِهَا شَهْرُ رَمَضَانَ وَإِنْ كَانَ سَيِّدَ الشُّهُورِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّبَعَ فِي ذَلِكَ التَّوْقِيفُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36] وَالظُّلْمُ فِي غَيْرِهِنَّ مُحَرَّمٌ أَيْضًا، وَقَالَ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217] وَلَا يُشْكَلُ ذَلِكَ بِنَسْخِ حُرْمَةِ الْقِتَالِ فِيهَا؛ لِأَنَّ أَثَرَ الْحُرْمَةِ بَاقٍ كَمَا أَنَّ دِينَ الْيَهُودِ نُسِخَ وَبَقِيَتْ حُرْمَتُهُ (وَ) فِي (حَرَمِ مَكَّةَ) ؛ لِأَنَّ لَهُ تَأْثِيرًا فِي الْأَمْنِ بِدَلِيلِ إيجَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِيهِ أَمْ أَحَدُهُمَا، وَخَرَجَ بِالْحَرَمِ الْإِحْرَامُ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ عَارِضَةٌ غَيْرُ دَائِمَةٍ، وَبِمَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ الْجَزَاءِ بِقَتْلِ صَيْدِهِ (أَوْ فِي) قَتْلِ (ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ) لِعِظَمِ حُرْمَةِ الرَّحِمِ لِمَا وَرَدَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمُ بِمُصَاهَرَةٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَبِالْمَحْرَمِ ذُو الرَّحِمِ غَيْرُ الْمَحْرَمِ كَبِنْتِ الْعَمِّ وَابْنِ الْعَمِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَوْ رَمَى شَخْصٌ أَحَدَ الْجَمَاعَةِ مُبْهِمًا) بِأَنْ رَمَى إلَى شَخْصَيْنِ أَوْ جَمَاعَةٍ، وَقَصَدَ إصَابَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ إصَابَةَ أَيْ وَاحِدٍ كَانَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَنْجَنِيقِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ ثَمَّ، وَكَذَا لَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى جَمَاعَةٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدَهُمْ. اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّخْصَيْنِ أَوْ الْجَمَاعَةِ مَقْصُودٌ فِي هَذِهِ لِتَعْيِينٍ فِيهَا بِكُلِّ وَاحِدٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَيِّ وَاحِدٍ وَمَدْلُولُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ إذْ لَا عُمُومَ فِيهَا، وَكَتَبَ أَيْضًا أَلَّا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْجَمَاعَةِ قَدْ قَصَدَهُ هُنَا الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إصَابَةَ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَأَيُّ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَلِهَذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَاكَ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ إصَابَةَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَلِهَذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ (كِتَابُ الدِّيَاتِ) . لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْقِصَاصِ شَرَعَ فِي الدِّيَةِ وَأَخَّرَهَا؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَجَمَعَهَا بِاعْتِبَارِ النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَشْخَاصِ (قَوْلُهُ: دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ إلَخْ) نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ (قَوْلُهُ: الذَّكَرُ) أَيْ الْمَحْقُونُ الدَّمِ فَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ بِقَتْلِ زَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ عَلَى مَنْ يُهْدَرَانِ فِي حَقِّهِ (قَوْلُهُ: مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَاتِلِ رِقٌّ فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا لِغَيْرِ الْمَقْتُولِ أَوْ مُكَاتَبًا، وَلَوْ لَهُ فَالْوَاجِبُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالدِّيَةُ أَوْ مُبَعَّضًا لَزِمَهُ بِجِهَةِ الْحُرِّيَّةِ الْقَدْرُ الَّذِي يُنَاسِبُهَا مِنْ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ وَيَتَعَلَّقُ بِالْقَدْرِ الرَّقِيقُ الْأَقَلُّ مِنْ حِصَّةِ الدِّيَةِ وَحِصَّةِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ إلَخْ) «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي دِيَةِ الْخَطَأِ بِمِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ» فَذَكَرُوهُ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا وَعِشْرِينَ بَنِي مَخَاضٍ ذَكَرٍ بَدَلَ بَنِي لَبُونٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالصَّحِيحُ وَقْفُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مِنْ الْحِقَاقِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ إجْزَاءَ عِشْرِينَ حِقًّا وَعِشْرِينَ جَذَعًا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْحِقَاقُ وَإِنْ أُطْلِقَتْ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فَالْجِذَاعُ مُخْتَصَّةٌ بِالذُّكُورِ، وَجَمْعُ الْجَذَعَةِ جَذَعَاتٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُغَلَّظَةُ فِي الْعَمْدِ إلَخْ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا مُمَيِّزًا (قَوْلُهُ: مُثَلَّثَةٌ) ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ أَحَدِ الْأَقْسَامِ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: وَيُغَلَّظُ بِالْخَطَأِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا (قَوْلُهُ: ذِي الْقَعْدَةِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي عَدِّهَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ إنَّ الْأَخْبَارَ تَظَافَرَتْ بَعْدَهَا كَذَلِكَ وَالْقَافُ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ مَفْتُوحَةٌ وَالْحَاءُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مَكْسُورَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا وَالْمُحَرَّمُ اخْتَصَّ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ دُونَ سَائِرِ الشُّهُورِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِيهِ أُمَّ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَوْ الْمَجْرُوحَ فِي الْحَرَمِ فَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ، وَمَاتَ فِيهِ أَوْ كَانَ بَعْضُ الْقَاتِلِ أَوْ الْمَقْتُولِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ قَطَعَ السَّهْمُ فِي مُرُورِهِ هَوَاءَ الْحَرَمِ وَهُمَا فِي الْحِلِّ كَمَا فِي الصَّيْدِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جِنَايَةٌ بَلْ أَوْلَى مِنْهُ بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَذَاكَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، وَلَا تَغْلِيظَ بِقَتْلِ الذِّمِّيِّ فِيهِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّغْلِيظِ ثُبُوتُ زِيَادَةِ الْأَمْنِ وَالذِّمِّيُّ فِيهِ غَيْرُ مُمَكَّنٌ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ، وَلَا يَخْتَصُّ التَّغْلِيظُ بِالْقَتْلِ فَالْجِرَاحُ فِي الْحَرَمِ مُغَلَّظَةٌ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْحَرَمِ الْإِحْرَامُ إلَخْ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَا مُحْرِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 إنَّمَا يُغَلَّظُ بِالْخَطَأِ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَقَطْ) وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ الرَّحِمِ لِيَخْرُجَ ابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ مِنْ الرَّضَاعِ، وَبِنْتُ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ مَعَ أَنَّهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَا تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ الرَّحِمِ. (وَلَوْ رَمَى حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ) ثُمَّ أَصَابَهُ، وَمَاتَ (فَدِيَةُ خَطَأٍ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا عِنْدَ الرَّمْيِ. (فَصْلٌ: دِيَةُ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ حَالَةَ تَخُصُّ الْجَانِيَ) فَلَا يَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ عَلَى قِيَاسِ إبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ (سَوَاءٌ أَوْجَبَتْ) الْجِنَايَةُ (الْقِصَاصَ) فَعُفِيَ عَلَى الدِّيَةِ (أَمْ لَا كَقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ وَدِيَةُ الْخَطَأِ، وَإِنْ تَغَلَّظَتْ، وَ) دِيَةُ (شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةً) فَدِيَةُ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ كَوْنُهَا مُعَجَّلَةً لَا مُؤَجَّلَةً، وَكَوْنُهَا مُثَلَّثَةً لَا مُخَمَّسَةً، وَكَوْنُهَا عَلَى الْجَانِي لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَدِيَةُ الْخَطَأِ فِي غَيْرِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ مُخَفَّفَةٌ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، وَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مَعَ دِيَةِ الْخَطَأِ فِي الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ مُغَلَّظَةٌ مِنْ الْوَجْهِ الثَّانِي مُخَفَّفَةٌ مِنْ الْآخَرَيْنِ (، وَيَدْخُلُ التَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ فِي دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَالذِّمِّيِّ) وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَهُ عِصْمَةٌ. (وَ) فِي دِيَةِ (الْجُرُوحِ بِالنِّسْبَةِ) لِدِيَةِ النَّفْسِ فَفِي قَتْلِ الْمَرْأَةِ خَطَأً عَشْرُ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَعَشْرُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَهَكَذَا، وَفِي قَتْلِهَا عَمْدًا أَوْ شِبْهِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ حِقَّةً، وَخَمْسَ عَشْرَةَ جَذَعَةً وَعِشْرُونَ خَلِفَةً، وَفِي قَتْلِ الذِّمِّيِّ خَطَأً سِتُّ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَثُلُثَانِ وَسِتُّ بَنَاتِ لَبُونٍ وَثُلُثَانِ، وَهَكَذَا وَفِي قَتْلِهِ عَمْدًا أَوْ شِبْهِهِ عَشْرُ حِقَاقٍ وَعَشْرُ جِذَاعٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلِفَةً وَثُلُثٌ (لَا) قِيمَةَ (الْعَبْدِ) فَلَا يَدْخُلُ فِيهَا تَغْلِيظٌ وَلَا تَخْفِيفٌ (بَلْ فِيهِ قِيمَتُهُ) يَوْمَ التَّلَفِ عَلَى قِيَاسِ قِيَمِ سَائِرِ الْمُتَقَوِّمَاتِ. (وَ) يَجِبُ (فِي) قَتْلِ (الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَجُرُوحِهِمَا نِصْفُ مَا) يَجِبُ (فِي الرَّجُلِ) كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ غَيْرُهُمْ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ» ، وَأَلْحَقَ بِهَا الْخُنْثَى لِلشَّكِّ فِي الزَّائِدِ نَعَمْ يُخَالِفُهَا فِي الْحَلَمَتَيْنِ وَالشُّفْرَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. (وَفِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ) اللَّذَيْنِ يُعْقَدُ لَهُمَا الذِّمَّةُ (ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ) أَخْذًا مِنْ خَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَرَضَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ» رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، وَقَالَ بِهِ عُمَرَ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقِيسَ فِي الْخَبَرِ بِالدَّرَاهِمِ الْإِبِلُ، وَبِالْمُسْلِمِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَضْمَنُ بِإِتْلَافِهِ (وَالسَّامِرَةُ كَالْيَهُودِ) فِي حُكْمِهِمْ (وَالصَّابِئُونَ كَالنَّصَارَى) كَذَلِكَ (إنْ لَمْ يُكَفِّرُوهُمْ، وَإِلَّا) بِأَنْ كَفَّرُوهُمْ (فَكَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ) مِنْ الْكُفَّارِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (، وَفِي الْمَجُوسِيِّ ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ مُسْلِمٍ) الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِطَرِيقَةِ الْحِسَابِ ثُلُثُ خُمُسِ هَذَا كُلِّهِ (إنْ كَانُوا) أَيْ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ (ذِمِّيَّيْنِ أَوْ مُعَاهَدَيْنِ أَوْ مُسْتَأْمَنَيْنِ) كَمَا قَالَ بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِخُمُسِ دِيَةِ الذِّمِّيِّ، وَهُوَ لَهُ كِتَابٌ، وَدِينٌ كَانَ حَقًّا وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ، وَمُنَاكَحَتُهُ، وَيُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إلَّا الْخَامِسُ فَكَانَتْ دِيَتُهُ خُمُسَ دِيَتِهِ، وَهِيَ أَخَسُّ الدِّيَاتِ، وَخَرَجَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مَنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ، وَلَا عَهْدَ، وَلَا أَمَانَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ. (فَإِنْ دَخَلَ) دَارَنَا (وَثَنِيٌّ، وَمَنْ) أَيْ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ (لَا كِتَابَ لَهُ) ، وَلَا شُبْهَةَ كِتَابٍ كَعَابِدِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (وَكَذَا زِنْدِيقٌ) ، وَهُوَ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا (لَا مُرْتَدٌّ بِأَمَانٍ فَكَالْمَجُوسِيِّ) فِيمَا ذُكِرَ فَتَجِبُ فِيهِ دِيَتُهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ، وَمَنْ لَا أَمَانَ لَهُ فَإِنَّهُمَا مَقْتُولَانِ بِكُلِّ حَالٍ، وَدِيَةُ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ كِتَابِيٍّ، وَمَجُوسِيٍّ كَدِيَةِ الْكِتَابِيِّ اعْتِبَارًا بِالْأَكْثَرِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَبًا أَمْ أُمًّا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْجِزْيَةِ وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أَشْرَفَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا وَالضَّمَانُ يُغَلَّبُ فِيهِ جَانِبُ التَّغْلِيظِ (وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ) أَيْ قَتْلُ مَنْ لَهُ أَمَانٌ لِأَمَانِهِ (، وَقَتْلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) أَيْ دَعْوَةُ نَبِيٍّ لِعُذْرِهِ (وَهُوَ) أَيْ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ (كَالْمُسْتَأْمَنِ) فِي أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلِهِ الْمُسْلِمِ (وَلَهُ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ، وَكَذَا مُتَمَسِّكٌ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ، وَلَمْ يَبْلُغْهُ مَا يُخَالِفُهُ) فَإِنَّهُ كَالْمُسْتَأْمَنِ فِيمَا ذُكِرَ (، وَدِيَتُهُ دِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ) فَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا فَدِيَةُ كِتَابِيٍّ أَوْ مَجُوسِيًّا فَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ؛ لِأَنَّهُ بِمَا ذُكِرَ ثَبَتَ لَهُ نَوْعُ عِصْمَةٍ فَأُلْحِقَ بِالْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ فَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ دِيَةِ أَهْلِ دِينِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَجِبُ أَخَسُّ الدِّيَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ قَالَ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ النَّاسَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ أَوْ الْكُفْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ أَنْ لَا ضَمَانَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَوْ رَمَى حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ إلَخْ) مِثْلُهُمَا مَا إذَا رَمَى رَقِيقَ نَفْسِهِ فَعَتَقَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، وَمَاتَ [فَصْلٌ تَغْلِيظ الدِّيَة] (قَوْلُهُ: اللَّذَيْنِ تُعْقَدُ لَهُمَا الذِّمَّةُ) الْمُرَادُ مِنْ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ فَمَنْ لَا يَعْرِفُ دُخُولَ أَوَّلِ أُصُولِهِ فِي ذَلِكَ لِدِينٍ قَبْلَ النَّسْخِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَ التَّحْرِيفِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يُنَاكَحُ وَيُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ وَتَجِبُ فِيهِ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ. عِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُتَمَسِّكٌ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) بِأَنْ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ مِنْ الدِّينِ الْمُبَدَّلِ وَقَوْلُهُ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ يُفْهِمُ نَفْيَ التَّبْدِيلِ جُمْلَةً فِيهِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ دِيَةِ أَهْلِ دِينِهِ) قَالَ شَيْخُنَا بِأَنْ عُلِمَ عِصْمَتُهُ، وَتَمَسَّكَ بِكِتَابٍ، وَجُهِلَ عَيْنُ مَا تَمَسَّكَ بِهِ (قَوْلُهُ: فَفِي ضَمَانٍ، وَجْهَانِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّاسَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ أَيْ حَتَّى آمَنُوا بِالرُّسُلِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا الْبِنَاءُ لَا يَتَمَشَّى عَلَى طَرِيقَةِ الْأَشْعَرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ فَلَا تَكْلِيفَ بِإِيمَانٍ، وَلَا كُفْرٍ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ أب (قَوْلُهُ: أَوْ الْكُفْرِ) أَيْ حَتَّى كَفَرُوا بِالرُّسُلِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 إذْ لَا وُجُوبَ بِالِاحْتِمَالِ قُلْت بَلْ الْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَخَسُّ الدِّيَاتِ (وَإِنْ تَمَسَّكَ بِمُبَدَّلٍ، وَلَمْ يَبْلُغْهُ مَا يُخَالِفُهُ فَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ، وَلَا يَحِلُّ قَتْلُهُ) أَيْ قَتْلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيِّنَا (قَبْلَ الدُّعَاءِ إلَى الْإِسْلَامِ) ، وَهَذَا شَامِلٌ لِقَوْلِهِ قَبْلُ: وَقَتْلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ (وَفِيهِ) أَيْ فِي قَتْلِهِ (الْكَفَّارَةُ، وَيُقْتَصُّ بِمُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ) مِنْ دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَإِنْ تَمَكَّنَ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِالْإِسْلَامِ. (فَصْلٌ: لَا يُجْبَرُ) مُسْتَحِقُّ الدِّيَةِ (عَلَى أَخْذِ مَعِيبٍ) مِنْ الْإِبِلِ (يُرَدُّ فِي بَيْعٍ، وَ) لَا أَخْذِ (مَرِيضٍ) كَالْمُسْلَمِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ إبِلُ مَنْ لَزِمَتْهُ كُلُّهَا مَعِيبَةً بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِتَعَلُّقِهَا بِعَيْنِ الْمَالِ وَالْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ لِتَسْتَقِلَّ فَاعْتُبِرَ فِيهَا السَّلَامَةُ مِمَّا يُؤَثِّرُ فِي الْعَمَلِ وَالِاسْتِقْلَالِ وَذِكْرُ الْمَرِيضِ بَعْدَ الْمَعِيبِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ عَيْبٌ (وَيَجُوزُ) أَخْذُ ذَلِكَ (بِالتَّرَاضِي) ؛ لِأَنَّ لَهُ إسْقَاطَ الْأَصْلِ فَكَذَا الْوَصْفُ. (وَإِذَا حَمَلَتْ جَذَعَةٌ) فَمَا دُونَهَا (عُدَّتْ خَلِفَةً) ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ أَنَّ النَّاقَةَ لَا تَحْمِلُ حَتَّى تَكُونَ ثَنِيَّةً لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهَا (وَيُعْرَفُ الْحَمْلُ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ) إلْحَاقًا لَهُ بِالتَّقْوِيمِ (فَإِنْ مَاتَتْ مَقْبُوضَةً) لِلْمُسْتَحِقِّ بِقَوْلِ الْعَدْلَيْنِ أَوْ بِتَصْدِيقِهِ (وَشُقَّ بَطْنُهَا فَبَانَتْ حَامِلًا غَرِمَهَا، وَأَخَذَ) بَدَلَهَا (حَامِلًا) كَمَا لَوْ خَرَجَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْحَمْلِ قَبْلَ الشَّقِّ شُقَّ جَوْفُهَا لِيَعْرِفَ فَيُرَتَّبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ (فَإِنْ ادَّعَى الدَّافِعُ الْإِسْقَاطَ) لِلْحَمْلِ بِأَنْ صَادَفْنَا النَّاقَةَ الْمَأْخُوذَةَ حَائِلًا فَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ، وَقَالَ الدَّافِع أَسْقَطَتْ عِنْدَك (وَأَمْكَنَ الْإِسْقَاطُ صُدِّقَ) الدَّافِعُ (إنْ أَخَذَهَا) الْمُسْتَحِقُّ (بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ) لَتَأَيَّدَ قَوْلُهُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ أَوْ أَمْكَنَ، وَأَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بِقَوْلِ الدَّافِعِ مَعَ تَصْدِيقِهِ لَهُ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِلَا يَمِينٍ فِي الْأُولَى، وَبِيَمِينٍ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ. (فَرْعٌ: تَجِبُ الدِّيَةُ مِنْ غَالِبِ إبِلِ الدَّافِعِ) مِنْ جَانٍ، وَعَاقِلَةٍ فَيَدْفَعُ مِنْهَا (إنْ شَاءَ، وَإِنْ خَالَفَتْ إبِلَ الْبَلَدِ) فِي نَوْعِهَا (وَإِنْ شَاءَ) دَفَعَهَا (مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ) لِذِي الْحَاضِرَةِ (أَوْ الْقَبِيلَةِ الَّذِي الْبَادِيَةُ، وَإِنْ تَفَرَّقُوا) أَيْ مَنْ لَزِمَتْهُمْ الدِّيَةُ فَتُؤْخَذُ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ غَالِبِ إبِلِ بَلَدِهِ أَوْ قَبِيلَتِهِ (ثُمَّ إنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُ إبِلِهِ أُخِذَ مِنْ الْأَكْثَرِ) فَإِنْ اسْتَوَيَا فَمِمَّا شَاءَ الدَّافِعُ، وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِقِسْطِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ بِالْأَشْرَفِ فَيُجْبَرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى أَخْذِهِ، وَالتَّصْحِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي وَصَحَّحَ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ الثَّانِيَ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ حَيْثُ بَنَى ذَلِكَ عَلَى نَظِيرِهِ فِي الزَّكَاةِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَظِيرِهِ فِي اخْتِلَافِ أَنْوَاعِ إبِلِ الْبَلَدِ. (أَوْ) اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُ (إبِلِ الْبَلَدِ) أَوْ الْقَبِيلَةِ (وَلَا غَالِبَ) فِيهَا (فَمِمَّا شَاءَ الدَّافِعُ) أَخَذَ (فَإِنْ عُدِمَتْ) هِيَ (أَوْ بَعْضُهَا) فِي بَلَدِهِ أَوْ قَبِيلَتِهِ (أَوْ وُجِدَتْ) فِيهَا لَا بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ أَوْ بِصِفَتِهِ لَكِنْ (بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ نُقِلَ) الْوَاجِبُ مِنْهَا (مِنْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ) أَوْ الْقَبَائِلِ (فَالْأَقْرَبِ) إلَى مَحَلِّ الدَّافِعِ كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (مَا لَمْ تَبْلُغْ الْمُؤْنَةُ) أَيْ مُؤْنَةُ نَقْلِهَا مَعَ قِيمَتِهَا (أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِبَلَدٍ) أَوْ قَبِيلَةِ (الْعِزَّةِ) أَيْ الْعَدَمِ، وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ إشَارَةِ بَعْضِهِمْ الضَّبْطَ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الرَّاجِحُ الضَّبْطُ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ السَّلَمِ، وَقَدْ اعْتَرَضَ الْإِمَامُ ثُمَّ أَيْضًا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ (ثُمَّ) إنْ عُدِمَتْ مِنْ أَقْرَبَ مَا ذُكِرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَجَبَتْ (الْقِيمَةُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ بَلَدِ الْإِعْوَازِ يَوْمَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ) فِيهِ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِيهِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مُتْلَفِ هَذَا (إنْ لَمْ يُمْهَلْ) أَيْ الدَّافِعُ فَإِنْ أُمْهِلَ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْمُسْتَحِقُّ: أَنَا أَصْبِرُ حَتَّى تُوجَدَ الْإِبِلُ لَزِمَهُ امْتِثَالُهُ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ. (فَإِنْ أُخِذَتْ الْقِيمَةَ فَوُجِدَتْ الْإِبِلُ لَمْ تُرَدَّ) لِتُسْتَرَدَّ الْإِبِلُ لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بِالْأَخْذِ (وَمَعَ وُجُودِهَا) أَيْ الْإِبِلِ (لَا يُؤْخَذُ غَيْرُهَا) مِنْ نَوْعٍ أَوْ قِيمَةٍ (إلَّا بِالتَّرَاضِي) فَيُؤْخَذُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: إذْ لَا وُجُوبَ بِالِاحْتِمَالِ) ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِدِينٍ مُهْدَرٌ، وَعَدَمُ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ أَمْرٌ نَادِرٌ وَاحْتِمَالُ صِدْقِ مَنْ ادَّعَاهُ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ لَا نُوجِبُ الضَّمَانَ بِمِثْلِهِ. [فَصْلٌ لَا يُجْبَرُ مُسْتَحِقُّ الدِّيَةِ عَلَى أَخْذِ مَعِيبٍ] (قَوْلُهُ: لَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ مَعِيبٍ) فِي مَعْنَى الْمَعِيبَةِ الْمَهْزُولَةُ هُزَالًا فَاحِشًا، قَالَهُ الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ إسْقَاطَ الْأَصْلِ إلَخْ) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178] (قَوْلُهُ: وَيُعْرَفُ الْحَمْلُ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ) إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُسْتَحِقُّ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ [فَرْعٌ تَجِبُ الدِّيَةُ مِنْ غَالِبِ إبِلِ الدَّافِعِ مِنْ جَانٍ وَعَاقِلَةٍ] (قَوْلُهُ: تَجِبُ الدِّيَةُ مِنْ غَالِبِ إبِلِ الدَّافِعِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمُرَادَ نَوْعُ إبِلِهِ لَا عَيْنُهَا فَيَكُونُ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ مِنْ غَالِبِ إبِلِ الدَّافِعِ أَيْ مِنْ نَوْعِهَا (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَ بِأَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْإِبِلِ فَإِذَا كَانَ الْأَقَلُّ الْقِيمَةَ دَفَعَهَا مِنْ النَّقْدِ أَوْ الْأَرْشِ فَالْخِيَارُ لَهُ إنْ شَاءَ أَعْطَى الْأَرْشَ إبِلًا، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى بِقَدْرِ الْأَرْشِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ نَقْدًا قَالَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ، أَوْ الْقَبِيلَةِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ إبِلُ الْجَانِي أَعْلَى مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ أَوْ الْقَبِيلَةِ (قَوْلُهُ: فَمَا شَاءَ الدَّافِعُ أُخِذَتْ) فَإِنْ غَلَبَ نَوْعٌ مِنْهَا تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ) فَإِنْ اسْتَوَى بَلَدَانِ فِي الْقُرْبِ، وَاخْتَلَفَ الْغَالِبُ فِيهِمَا تَخَيَّرَ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحه وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَإِجْرَاءُ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ مُتَعَذِّرٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ الْبَاءِ عَلَى مُؤْنَةٍ لِيَسْتَقِيمَ وَنَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ لَمَّا لَخَّصَ كَلَامَ إمَامِهِ فَقَالَ، وَمَعْنَى الْعَجْزِ أَنْ يَبْعُدَ عَنْ النَّظَرِ بُعْدًا تَزِيدُ قِيمَتُهُ مَعَ مُؤْنَةِ النَّقْلِ عَلَى مَا يُشْتَرَى بِهِ فِي الْمَحَلِّ الْمَطْلُوبِ، وَهُوَ مَحَلُّ الْعِزَّةِ زِيَادَةً تُعَدُّ غَبِينَةً فِي نَقْلِ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْقِيمَةُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ بَلَدِ الْإِعْوَازِ) ، وَهُوَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ فَكَمَا تُقَوَّمُ سَلِيمَةً حَالَ عَيْبِهَا كَذَلِكَ تُقَوَّمُ حَالَ عَدَمِهَا، وَتُرَاعَى صِفَتُهَا فِي التَّغْلِيظِ فَإِنْ غَلَبَ نَقْدٌ إنْ تَخَيَّرَ الْجَانِي وَكَتَبَ أَيْضًا تَخَيَّرَ الدَّافِعُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ وُجُودِهَا لَا يُؤْخَذُ غَيْرُهَا إلَّا بِالتَّرَاضِي) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَلْيَكُنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 مِثْلِيًّا وَتَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ مَعَ وُجُودِ الْمِثْلِ وَتَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهَا بِالتَّرَاضِي لِجَهَالَتِهَا، وَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مَجْهُولَةَ الصِّفَةِ، وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مَعْلُومَتَهَا. (الْبَابُ الثَّانِي فِي دِيَةِ مَا دُونَ النَّفْسِ) (وَهِيَ) أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ (ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ) جُرْحٌ، وَإِبَانَةُ طَرَفٍ، وَإِزَالَةُ مَنْفَعَةٍ (الْأَوَّلُ الْجُرُوحُ، وَفِي الْمُوضِحَةِ لِلرَّأْسِ) ، وَلَوْ لِلْعَظْمِ النَّاتِئِ خَلْفَ الْأُذُنِ (وَالْوَجْهِ، وَلَوْ تَحْتَ اللَّحْيَيْنِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ صَاحِبِهَا فَلِلْكَامِلِ) ، وَهُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الذَّكَرُ غَيْرُ الْجَنِينِ (خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ (وَفِي الْهَاشِمَةِ) إنْ لَمْ تُوضِحْ، وَلَمْ تَحَوُّجُ إلَيْهِ، وَلَمْ تَسْرِ (مِثْلُهَا) أَيْ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مَعَ مَا يَأْتِي (فَإِنْ أَوْضَحَتْ أَوْ أَحْوَجَتْ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْإِيضَاحِ (بِشَقٍّ) لِإِخْرَاجِ الْعَظْمِ أَوْ تَقْوِيمِهِ (أَوْ سَرَتْ) إلَيْهِ (فَعَشْرٌ) مِنْ الْإِبِلِ لِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَوْجَبَ فِي الْهَاشِمَةِ عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ» وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى زَيْدٍ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ سَرَتْ مِنْ زِيَادَتِهِ (، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ) الْهَاشِمَةُ إنْ لَمْ تُوضِحْ، وَلَمْ تَحَوُّج إلَيْهِ بِشَقٍّ، وَلَمْ تَسْرِ (عَشْرٌ) مِنْ الْإِبِلِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مَعَ مَا يَأْتِي (فَإِنْ أَوْضَحَتْ) أَوْ أَحْوَجَتْ إلَيْهِ بِشَقٍّ أَوْ سَرَتْ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (فَخَمْسَةَ عَشْرَ) لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَةَ عَشْرَ مِنْ الْإِبِلِ (، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ) لِخَبَرِ عَمْرٍو بِذَلِكَ أَيْضًا (وَكَذَا الدَّامِغَةُ) يَجِبُ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ قِيَاسًا عَلَى الْمَأْمُومَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ أَنْ صَحَّحَ هَذَا، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَحُكُومَةٌ. انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي خَرْقِ الْأَمْعَاءِ فِي الْجَائِفَةِ. (فَرْعٌ: لَوْ أَوْضَحَ وَاحِدٌ وَهَشَّمَ) فِي مَحَلِّ الْإِيضَاحِ (آخَرَ وَنَقَّلَ) فِيهِ (ثَالِثٌ، وَأَمَّ) فِيهِ (رَابِعٌ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْ الثَّلَاثَةِ (خَمْسٌ) مِنْ الْإِبِلِ (وَعَلَى الْآمِّ تَكْمِلَةُ الثُّلُثِ) أَيْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثُ بَعِيرٍ (وَيَجِبُ فِيمَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ مِنْ الشِّجَاجِ) كَالدَّامِيَةِ وَالْبَاضِعَةِ وَالْمُتَلَاحِمَةِ (الْأَكْثَرُ مِنْ الْحُكُومَةِ وَالْقِسْطُ مِنْ الْمُوضِحَةِ) إنْ عُلِمَ الْقِسْطُ بِأَنْ عُرِفَتْ نِسْبَةُ الْجِرَاحَةِ مِنْ الْمُوضِحَةِ فِي عُمْقِ اللَّحْمِ مِنْ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَذَلِكَ لِوُجُودِ سَبَبِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا وَجَبَ أَحَدُهُمَا، وَاعْتِبَارُ الْأَوَّلِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَإِنْ شَكَكْنَا فِي قَدْرِهَا مِنْ الْمُوضِحَةِ أَوْجَبْنَا الْيَقِينَ (فَإِنْ جُهِلَ) الْقِسْطُ (فَحُكُومَةٌ) أَيْ فَالْوَاجِبُ حُكُومَةٌ (لَا تَبْلُغُ أَرْشَ مُوضِحَةٍ. وَلَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِ شِجَاجِ الْبَدَنِ) ، وَهُوَ مَا عَدَا الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ؛ لِأَنَّ أَدِلَّةَ مَا مَرَّ فِي الْإِيضَاحِ وَالْهَشْمِ وَالتَّنْقِيلِ لَمْ تَشْمَلْهُ لِاخْتِصَاصِ أَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ بِجِرَاحَةِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، وَلَيْسَ غَيْرُهُمَا فِي مَعْنَاهُمَا لِزِيَادَةِ الْخَطَرِ وَالْقُبْحِ فِيهِمَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ مُقَدَّرٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي الْبَدَنِ لَأَدَّى إلَى أَنْ يُؤْخَذَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعُضْوِ أَكْثَرُ مِمَّا يُؤْخَذُ فِي الْعُضْوِ نَفْسِهِ كَالْأُنْمُلَةِ مَثَلًا (وَلَا) تَقْدِيرَ (لِمُوضِحَتِهِ) أَيْ الْبَدَنِ (كَالْقَفَا) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَحْضُ تَكْرَارٍ مَعَ إيهَامِ أَنَّ الْهَاشِمَةَ وَالْمُنَقِّلَةَ تُخَالِفَانِ الْمُوضِحَةَ فِي ذَلِكَ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ   [حاشية الرملي الكبير] مَبْنِيًّا عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ، وَمَا فِي الْبَيَانِ تَفَقُّهًا مِنْ الْبِنَاءِ صَرَّحَ بِهِ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مَعْلُومَتُهَا فَلَهُ يَجُوزُ جَزْمًا) وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْوَسِيطِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَالْمُرَادُ مَا إذَا ضُبِطَتْ بِصِفَاتِ السَّلَمِ الَّتِي يَجُوزُ مَعَهَا بَيْعُ الْمَوْصُوفِ، وَمَحَلُّ مَنْعِ الصُّلْحِ عَلَيْهَا أَمَّا إذَا عُلِمَ سِنُّهَا وَعَدَدُهَا، وَجُهِلَ وَصْفُهَا وَكُتِبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ إذَا كَانَتْ مَعْلُومَتُهَا أَيْ بِأَنْ تَعَيَّنَتْ، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ تَعْيِينَهَا لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقِيمَةَ مَأْخُوذَةٌ عَنْ أَعْيَانِهَا، وَإِنْ عُلِمَتْ صِفَاتُهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْيِينِ لِيَكُونَ أَخْذُ الْقِيمَةِ عِوَضًا عَنْهَا إنَّمَا الْقِيمَةُ مَأْخُوذَةٌ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، وَهُوَ مَجْهُولُ الصِّفَاتِ، وَأَمَّا مَا فِي الْبَيَانِ فَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ بِمَا حَاصِلُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّلْحِ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ وَبَيْنَ التَّرَاضِي بِالْقِيمَةِ بَدَلَهَا بِأَنَّ الصُّلْحَ عَقْدُ اعْتِيَاضٍ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْعِلْمُ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالتَّرَاضِي بِقِيمَةِ الْإِبِلِ تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْمَعْدُومَةِ الَّتِي يُرْجَعُ إلَى قِيمَتِهَا بَدَلَهَا عَلَى الْجَدِيدِ دُونَ تَعَاقُدٍ، وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ هَذَا الْفَرْقُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي دِيَةِ مَا دُونَ النَّفْسِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي دِيَةِ مَا دُونَ النَّفْسِ) . قَالَ الْفُورَانِيُّ فِي الْإِبَانَةِ لَا يُتَصَوَّرُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ دِيَةً فِي شَخْصٍ مَعَ بَقَائِهِ. اهـ. وَفِي التَّلْخِيصِ أَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي الرَّجُلِ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَمَا يَجْتَمِعُ فِي الْمَرْأَةِ فَكَالرَّجُلِ إذَا قُلْنَا فِي حَلَمَتَيْ الرَّجُلِ الدِّيَةُ، وَفِي مُقَابَلَةِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ لَهَا الشُّفْرَانِ وَالْإِفْضَاءُ، وَإِنْ قُلْنَا فِي حَلَمَتَيْ الرَّجُلِ الْحُكُومَةُ فَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ بِوَاحِدَةٍ، وَهِيَ الْحَلَمَةُ، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي الرَّجُلِ، وَهُوَ حَيٌّ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دِيَةً وَسِتَّةٌ وَعِشْرُونَ فِي الْمَرْأَةِ تَسَمُّحٌ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلْعَظْمِ النَّاتِئِ خَلْفَ الْأُذُنِ) أَوْ الْعَظْمِ الَّذِي تَحْتَهَا (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ إلَخْ) ، وَإِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ الْمُنَقِّلَةَ لَا بُدَّ مِنْ إيضَاحِهَا لِتَنَقُّلِ الْعَظْمِ الَّذِي فِيهَا فَصَارَ الْإِيضَاحُ عَامِدًا إلَى جَانِبِهَا (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةٌ) أَيْ لِخَرْقِ الْخَرِيطَةِ، وَقِيلَ فِيهَا الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا تُذَفِّفُ، وَمُنِعَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) ، وَعَلَى الْأُمِّ تَكْمِلَةُ الثُّلُثِ هَذَا إنْ لَمْ يَمُتْ فَإِنْ مَاتَ مِنْ جَمِيعِهَا، وَجَبَتْ دِيَتُهُ عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْجُرْحِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ قَالَهُ الْفَارِقِيُّ فِي فَوَائِدِهِ فَلَوْ خَرَقَ آخِرُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ فَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّ عَلَيْهِ دِيَةَ النَّفْسِ كَالْحَزِّ بَعْدَ قَطْعِ غَيْرِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ جَعَلَ الدَّامِغَةَ مُذَفِّفَةً قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَحَكَاهُ ابْنُ سُرَيْجٍ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ جَزَمَ فِي الْعُبَابِ بِوُجُوبِ حُكُومَةٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ أَوْ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ فَإِنْ مَاتَ بِفِعْلِهِمْ، وَجَبَتْ دِيَتُهُ عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْضُ تَكْرَارٍ إلَخْ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ ذَكَرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَيُقْتَصُّ فِيهَا وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ جَرَيَانِ الْقِصَاصِ فِيهَا أَنَّ فِيهَا أَرْشًا مُقَدَّرًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 كَالْقَفَا كَانَ أَوْلَى، وَأَخْصَرَ. (وَيُقْتَصُّ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُوضِحَةِ فِي الْبَدَنِ لِتَيَسُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ يَنْتَهِي فِيهَا إلَى عَظْمٍ يُؤْمَنُ مَعَهُ الْحَيْفُ كَالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَالتَّصْرِيحِ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ) يَجِبُ (فِي الْجَائِفَةِ، وَلَوْ بِإِبْرَةِ ثُلُثِ الدِّيَةِ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَإِنْ خَرَقَتْ الْأَمْعَاءَ وَجَبَ مَعَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَهِيَ) أَيْ الْجَائِفَةُ الْجِرَاحَةُ (النَّافِذَةُ إلَى جَوْفٍ مِنْ الصَّدْرِ وَالْبَطْنِ وَالْجَبِينِ وَالْوَرِكِ وَالْعِجَانِ وَالْحَلْقِ) وَثُغْرَةِ النَّحْرِ وَالْخَاصِرَةِ وَنَحْوِهَا (لَا إلَى بَاطِنِ فَمٍ وَذَكَرٍ، وَأَنْفٍ وَجَفْنٍ، وَإِنْ ثُقِبَ) النَّافِذُ (فِي الْعَيْنِ) إذْ لَا يَعْظُمُ فِيهَا الْخَطَرُ كَالْأُمُورِ السَّابِقَةِ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ الْأَجْوَافِ، وَلَيْسَ فِيهَا قُوَّةٌ تُحِيلُ الْغِذَاءَ وَالدَّوَاءَ فَلَا تَكُونُ جَائِفَةً فَلَا يَجِبُ فِيهَا ثُلُثُ دِيَةٍ (بَلْ حُكُومَةٌ. وَإِنْ وَصَلَتْ) أَيْ الْجِرَاحَةُ (إلَى الْفَمِ أَوْ دَاخِلَ الْأَنْفِ بِإِيضَاحٍ مِنْ الْوَجْهِ أَوْ) بِكَسْرِ الـ (قَصَبَةِ) مِنْ الْأَنْفِ (فَأَرْشُ مُوضِحَةٍ) فِي الْأُولَى (أَوْ) أَرْشُ (هَاشِمَةٍ) فِي الثَّانِيَةِ (مَعَ حُكُومَةٍ) فِيهِمَا (لِلنُّفُوذِ) إلَى الْفَمِ وَالْأَنْفِ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ أُخْرَى وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْإِيضَاحِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ (إنْ كَانَتْ) أَيْ الْجِرَاحَةُ وَصَلَتْ إلَى مَا ذُكِرَ لَكِنَّ هَذَا الثَّانِي لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ تَرْكُهُ أَوْلَى، وَأَخْصَرُ (وَإِنْ حَزَّ بِالسِّكِّينِ مِنْ كَتِفٍ أَوْ فَخِذٍ إلَى الْبَطْنِ، وَأَجَافَهُ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ فَجَافَهُ (فَأَرْشٌ) أَيْ فَوَاجِبُهُ أَرْشُ (جَائِفَةٍ، وَحُكُومَةٌ) لِجِرَاحَةِ الْكَتِفِ أَوْ الْفَخِذِ؛ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْجَائِفَةِ (أَوْ) حَزَّ بِهَا (مِنْ الصَّدْرِ إلَى الْبَطْنِ أَوْ النَّحْرِ فَأَرْشُ جَائِفَةٍ فَقَطْ) أَيْ بِلَا حُكُومَةٍ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهُ مَحَلُّ الْجَائِفَةِ. (فَصْلٌ: تَتَعَدَّدُ مُوضِحَاتُ الضَّرْبَةِ، وَإِنْ صَغُرَتْ) أَيْ الْمُوضِحَاتُ (إنْ حَالَ) بَيْنَ كُلِّ ثِنْتَيْنِ (جِلْدٌ وَلَحْمٌ لَا أَحَدُهُمَا) فَقَطْ فَلَا تَعَدُّدَ بَلْ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ مُوضِحَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ أَتَتْ عَلَى الْمَوْضِعِ كُلِّهِ بِاسْتِيعَابِهِ بِالْإِيضَاحِ، وَلَوْ أَوْضَحَ بِمَوْضِعَيْنِ أَوْغَلَ الْحَدِيدَةَ وَنَفَذَهَا مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى فِي الدَّاخِلِ ثُمَّ سَلَّهَا فَفِي تَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ وَجْهَانِ فِي الْأَصْلِ بِلَا تَرْجِيحٍ أَقَرَّ بِهِمَا عَدَمَ التَّعَدُّدِ (وَلَوْ تَآكَلَ الْحَاجِزُ) بَيْنَهُمَا (أَوْ رَفَعَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ أَوْ وَسَّعَ الْمُوضِحَةَ هُوَ فَمُوضِحَةٌ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْحَاصِلَ بِسِرَايَةِ فِعْلِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَكَمَا لَوْ أَوْضَحَ ابْتِدَاءً، وَهَذَا كَتَدَاخُلِ الدِّيَاتِ إذَا قَطَعَ الْأَطْرَافَ ثُمَّ حَزَّ لِرَقَبَةٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ الْحَاجِزَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ (أَوْ) رَفَعَهُ أَوْ وَسَّعَ الْمُوضِحَةَ (غَيْرُهُ تَعَدَّدَتْ، وَعَلَيْهِ أَرْشُ مُوضِحَتِهِ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ لَا يُبْنَى عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ (وَإِنْ رَفَعَ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ الْحَاجِزَ) بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ (اتَّحَدَتْ) أَيْ الْمُوضِحَةُ (فِي حَقِّهِ، وَلَزِمَهُ نِصْفُ أَرْشٍ، وَ) لَزِمَ (صَاحِبَهُ أَرْشٌ كَامِلٌ وَرَفْعُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) الْحَاجِزَ (هَدَرٌ) فَلَا يَسْقُطُ بِهِ شَيْءٌ مِمَّا وَجَبَ عَلَى الْجَانِي (وَلَوْ أَوْضَحَ مُتَلَاحِمَةً غَيْرُهُ فَعَلَى كُلٍّ حُكُومَةٌ) فَلَا يَلْزَمُهُمَا أَرْشُ مُوضِحَةٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ لَا يُبْنَى عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ. (وَتَسْقُطُ حُكُومَةُ جُرْحٍ أُوضِحَ بَعْضُهُ تَبَعًا لِلْأَرْشِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كُلُّهُ مُوضِحَةً لَمْ يَجِبْ إلَّا أَرْشٌ فَهُنَا أَوْلَى (وَإِنْ اقْتَصَّ) فِيمَا فِيهِ مِنْ الْمُوضِحَةِ (فَوَجْهَانِ) فِي سُقُوطِ الْحُكُومَةِ، وَعَدَمِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ نِصْفِ الْكَفِّ فَاقْتُصَّ مِنْ الْأَصَابِعِ هَلْ لَهُ حُكُومَةُ نِصْفِ الْكَفِّ وَجْهَانِ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَالْمُرَجَّحُ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لُزُومُ الْحُكُومَةِ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ سُقُوطِهَا هُنَا (، وَلَوْ اتَّصَلَتْ مُوضِحَةُ الْجَبْهَةِ بِالْوَجْنَةِ فَأَرْشٌ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالْجَبِينُ) بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ ثُمَّ نُونٍ كَذَا فِي الْمِنْهَاجِ أَيْضًا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ تَصْحِيفٌ، وَاَلَّذِي فِي نَصِّ الْأُمِّ جَنْبٌ فَثَنَّاهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ جَنِينٌ فَتَصَحَّفَ بِجَبِينٍ، وَلَا جَائِفَةَ فِي الْجَبِينِ بِلَا خِلَافٍ إنَّمَا الْوَاصِلَةُ إلَى جَوْفِ الدِّمَاغِ تُعْطَى حُكْمَ الْجَائِفَةِ، وَلَيْسَتْ جَائِفَةً، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ انْتِقَادٌ فَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فَإِنَّ الْجُرْحَ النَّافِذَ إلَى جَوْفِ الدِّمَاغِ مِنْ الْجَبِينِ جَائِفَةٌ بَلْ التَّمْثِيلُ بِجَبِينٍ أَحْسَنُ فَإِنَّ النَّافِذَةَ مِنْ الْجَنِينِ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَبَطْنٍ، وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْجَوَائِفِ، وَالْخَاصِرَةُ وَنَحْوُهَا كَالْجَبِينِ فَإِنَّ الْجُرْحَ النَّافِذَ مِنْهُ إلَى جَوْفِ الدِّمَاغِ جَائِفَةٌ. [فَصْلٌ تَتَعَدَّدُ مُوضِحَاتُ الضَّرْبَةِ إنْ حَالَ بَيْنَ كُلِّ ثِنْتَيْنِ جِلْدٌ وَلَحْمٌ] (قَوْلُهُ: تَعَدَّدَ مُوضِحَاتُ الضَّرْبَةِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ فِي تَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ يَجْرِي فِي تَعَدُّدِ الْهَاشِمَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِيمَا لَوْ هَشَّمَهُ هَاشِمَتَيْنِ عَلَيْهِمَا مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ، وَجَزَمَ فِيهِمَا بِتَعَدُّدِ أَرْشِ الْهَاشِمَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَادَهُ إيضَاحًا بِالْهَشْمِ تَحْتَهُ. ر (قَوْلُهُ: أَقَرَّ بِهِمَا عَدَمُ التَّعَدُّدِ) وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَسَّعَ الْمُوضِحَةَ هُوَ فَمُوضِحَةٌ) هَذَا إذَا كَانَتْ عَمْدًا فَوَسَّعَهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَوَسَّعَهَا خَطَأً أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَمْدًا فَوَسَّعَهَا خَطَأً أَوْ بِالْعَكْسِ فَثِنْتَانِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَوْ لَوْ انْقَسَمَتْ مُوضِحَتُهُ عَمْدًا وَخَطَأً فَثِنْتَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ رَفَعَهُ أَوْ وَسَّعَ الْمُوضِحَةَ غَيْرُهُ تَعَدَّدَتْ) تَفَطَّنَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُوَسِّعُ مَأْمُورًا لِلْمُوضِحِ مَا سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي يَرَى طَاعَةَ آمِرِهِ حَتْمًا وَغَيْرِهِ، وَاعْتَبَرَهُ هُنَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا وَجْهَ لِلتَّعَدُّدِ؛ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ، وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ هُنَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ نِصْفُ أَرْشٍ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ عَلَى مَا إذَا أَوْضَحَ شَخْصٌ مُوضِحَةً ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَوَسَّعَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الثَّانِي أَرْشُ مُوضِحَةٍ كَامِلَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الَّذِي جَاءَ أَحْدَثَ فِعْلًا يَقْتَضِي إيجَابَ أَرْشٍ كَامِلٍ لَوْ فَعَلَهُ ابْتِدَاءً، وَالْعَائِدُ هُنَا لَوْ فَعَلَ هَذَا ابْتِدَاءً لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ سِوَى نِصْفِ الْأَرْشِ، وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْقَائِلِ بِأَنَّ أَرْشَ الْمُوضِحَةِ لَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْفَاعِلِ أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ الْقَائِلِ بِتَعَدُّدِهَا بِهِ فَيَلْزَمُ الرَّافِعَ أَرْشٌ، وَالْآخَرَ أَرْشَانِ إذْ صُورَتُهُمَا أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الْمُوضِحَتَيْنِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ، وَرَجَّحَهُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ تَوْزِيعُ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ عَلَى الْمُشْتَرِكِينَ فِيهَا وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَلْزَمُ كُلًّا أَرْشٌ كَامِلٌ فَعَلَيْهِ يَلْزَمُ الرَّافِعَ أَرْشُ مُوضِحَةٍ وَيَلْزَمُ صَاحِبَهُ أَرْشُ مُوضِحَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ سُقُوطِ أَرْشِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِالْوَجْنَةِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا كَمَا ضَبَطَهُ بِقَلَمِهِ كَتَبَ أَيْضًا الْوَجْنَةُ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْخَدَّيْنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 وَاحِدٌ تَنْزِيلًا لِأَجْزَاءِ الْوَجْهِ مَنْزِلَةَ أَجْزَاءِ الرَّأْسِ (أَوْ) اتَّصَلَتْ (مُوضِحَةُ الرَّأْسِ بِالْجَبْهَةِ فَأَرَشَانِ، وَلَوْ) كَانَ (بَيْنَهُمَا جِرَاحَةٌ دُونَ الْمُوضِحَةِ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ فَإِنْ لَمْ يُوضِحْ) الْمُوضِحُ لِلرَّأْسِ (الْجَبْهَةَ بَلْ جَرَحَهَا فَأَرْشٌ) لِمُوضِحَةِ الرَّأْسِ (وَحُكُومَةٌ) لِجُرْحِ الْجَبْهَةِ. (وَلَوْ هَشَّمَ بَعْضَ مَا أَوْضَحَ فَهَاشِمَةٌ بِمُوضِحَةٍ) أَيْ مَعَهَا (وَلَوْ أَوْضَحَ، وَهَشَّمَ فِي مَوْضِعَيْنِ وَاتَّصَلَ الْهَشْمُ) بَيْنَهُمَا (بَاطِنًا فَهَاشِمَتَانِ) ؛ لِأَنَّ الْهَاشِمَةَ تَتْبَعُ الْمُوضِحَةَ، وَقَدْ وُجِدَتْ الْمُوضِحَتَانِ فَيَتَعَدَّدُ الْهَشْمُ بِتَعَدُّدِهِمَا (وَلَوْ تَبَعَّضَتْ الْمُوضِحَةُ قِصَاصًا، وَعُدْوَانًا أَوْ عَمْدًا، وَخَطَأً فَمُوضِحَتَانِ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ لَكِنْ لَوْ رَفَعَ حَاجِزَ مُوضِحَتَيْ الْعَمْدِ خَطَأً) فِيمَا لَوْ أَوْضَحَ مُوضِحَتَيْنِ عَمْدًا (اتَّحَدَتَا) كَذَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَجِيبٌ فَإِنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ مُصَرِّحٌ بِتَرْجِيحِ التَّعَدُّدِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ وَجْهَانِ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُؤَثِّرًا فَعَلَيْهِ أَرْشٌ ثَالِثٌ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ إلَّا أَرْشٌ وَاحِدٌ. (فَصْلٌ: الْجَائِفَةُ كَالْمُوضِحَةِ فِي الِاتِّحَادِ وَالتَّعَدُّدِ) ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ (فَلَوْ طَعَنَ فِي جَائِفَةٍ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَقْطَعْ) شَيْئًا (عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَإِنْ زَادَ غَوْرًا) فِيهَا (أَوْ قَطَعَ ظَاهِرًا فَقَطْ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ بَاطِنًا فَقَطْ (فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ (أَوْ) قَطَعَ (ظَاهِرًا فِي جَانِبٍ، وَبَاطِنًا فِي جَانِبٍ) آخَرَ (فَأَرْشٌ) آخَرُ يَلْزَمُ الْقَاطِعَ (إنْ أَكْمَلَا) أَيْ الْقَطْعَانِ (جَائِفَةً) كَأَنْ قَطَعَ الثَّانِي نِصْفَ الظَّاهِرِ مِنْ جَانِبٍ وَنِصْفَ الْبَاطِنِ مِنْ جَانِبٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُكْمِلَاهَا (فَبِالْقِسْطِ) يُعْتَبَرُ الْأَرْشُ بِأَنْ يُنْظَرَ فِي ثَخَانَةِ اللَّحْمِ وَالْجِلْدِ، وَيُقَسَّطَ أَرْشُ الْجَائِفَةِ عَلَى الْمَقْطُوعِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَلَوْ نَفَذَتْ الْجَائِفَةُ مِنْ) أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ إلَى (الْجَانِبِ الْآخَرِ أَوْ طَعَنَهُ بِحَدِيدَةٍ لَهَا رَأْسَانِ وَالْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا سَلِيمٌ فَجَائِفَتَانِ) ؛ لِأَنَّهُ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ نَافِذَيْنِ إلَى الْجَوْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا سَلِيمٌ فَجَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ صَدْرِ الْفَصْلِ (فَإِنْ جَرَحَتْ) أَيْ الْحَدِيدَةُ (عُضْوًا بَاطِنًا كَالْكَبِدِ زَادَ) مَعَ الْأَرْشِ اللَّازِمِ (حُكُومَةً) ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا جَائِفَةُ غَيْرِهِ مَا لَوْ عَادَ الْجَانِي فَوَسَّعَ جَائِفَتَهُ أَوْ زَادَ فِي غَوْرِهَا، وَلَا يَزِيدُ الْوَاجِبَ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَجَافَ ابْتِدَاءً كَذَلِكَ (وَلَوْ أَدْخَلَ فِي دُبُرِهِ مَا خَرَقَ) بِهِ (جَائِفَةٌ فِي الْبَاطِنِ فَهَلْ هُوَ حَاجِزٌ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ خَرْقَ الْحَاجِزِ بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ فِي الْبَاطِنِ هَلْ يَكُونُ كَخَرْقِ الظَّاهِرِ حَتَّى لَا يَلْزَمَ إلَّا أَرْشُ مُوضِحَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ تَصْحِيحُ وُجُوبِ أَرْشِ الْجَائِفَةِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُوضِحَتَيْنِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِبَقَاءِ الظَّاهِرِ حَتَّى تَرْجِعَ الْمُوضِحَتَانِ إلَى مُوضِحَةٍ. (فَرْعٌ) لَوْ (خِيطَتْ جَائِفَةٌ فَنَزَعَ رَجُلٌ الْخَيْطَ) الَّذِي خِيطَتْ بِهِ (قَبْلَ الِالْتِحَامِ عُزِّرَ وَضَمِنَ الْخَيْطَ) إنْ تَلِفَ (وَالْخِيَاطَةُ) أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا، وَلَا أَرْشَ، وَلَا حُكُومَةَ (أَوْ) نَزَعَهُ (بَعْدَ الِالْتِحَامِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَانْفَتَحَتْ) ، وَلَوْ مِنْ جَانِبٍ مِنْهَا (فَجَائِفَةٌ جَدِيدَةٌ أَوْ بَعْدَ الْتِحَامِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ أَوْ عَكْسُهُ (فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ دُونَ الْأَرْشِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّقْسِيطُ (وَيَضْمَنُ مَعَهَا الْخَيْطَ) إنْ تَلِفَ (لَا الْخِيَاطَةَ) لِدُخُولِهَا فِي الْحُكُومَةِ. (الْقِسْمُ الثَّانِي إبَانَةُ الْأَطْرَافِ، وَمُقَدَّرُ الْبَدَلِ) مِنْ الْأَعْضَاءِ (سِتَّةَ عَشَرَ) عُضْوًا (فَمَا وَجَبَ فِيهِ الدِّيَةُ) مِنْهَا (وَهُوَ ثُنَائِيٌّ) كَالْيَدَيْنِ (فَفِي الْوَاحِدَةِ) مِنْهُ الْأَوْلَى الْوَاحِدُ (نِصْفُهَا أَوْ ثُلَاثِيٌّ) كَالْأَنْفِ (فَثُلُثُهَا أَوْ رُبَاعِيٌّ) كَالْأَجْفَانِ (فَرُبُعُهَا، وَفِي الْبَعْضِ) مِنْ كُلٍّ مِنْهَا (الْقِسْطُ) ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِيهِ الدِّيَةُ وَجَبَ فِي بَعْضِهِ بِقِسْطِهِ (الْأَوَّلُ) مِنْ السِّتَّةَ عَشَرَ (الْأُذُنَانِ فَفِيهِمَا) قَطْعًا أَوْ قَلْعًا (الدِّيَةُ لِلسَّمِيعِ وَالْأَصَمِّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّمْعَ لَا يَحِلُّهُمَا وَذَلِكَ لِمَا فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «، وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» ، وَعَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ «فِي الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ» ؛ وَلِأَنَّ فِيهِمَا مَعَ الْجَمَالِ مَنْفَعَتَيْنِ جَمْعُ الصَّوْتِ لِيَتَأَدَّى إلَى مَحَلِّ السَّمَاعِ، وَدَفْعُ الْهَوَامِّ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُمَا يَحُسُّ بِسَبَبِ مَعَاطِفِهِمَا بِدَبِيبِ الْهَوَامِّ فَيَطْرُدَهَا، وَهَذِهِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ (وَكَذَا) تَجِبُ الدِّيَةُ (إذَا أَحْشَفَهُمَا) أَيْ أَيْبَسَهُمَا كَمَا لَوْ أَشَلَّ يَدَهُ؛ وَلِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْإِحْسَاسَ الَّذِي يَدْفَعُ بِهِ الْهَوَامَّ. (وَإِذَا قَطَعَ أُذُنًا مُسْتَحْشِفَةً فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ كَمَنْ قَطَعَ يَدًا شَلَّاءَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا قِصَاصَ بِقَطْعِهَا لَكِنْ مَرَّ أَنَّ الْأُذُنَ الصَّحِيحَةَ تُقْطَعُ بِالْمُسْتَحْشِفَةِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ جَرَيَانِ الْقِصَاصِ فِيهَا، وَعَدَمِ تَكْمِيلِ الدِّيَةِ مِمَّا لَا يُعْقَلُ فَالرَّاجِحُ وُجُوبُ الدِّيَةِ، وَهُوَ مَا عَزَاهُ الْمَرْوَزِيِّ إلَى الْجَدِيدِ. انْتَهَى. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ (وَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُؤَثِّرًا) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ أَرْشٌ ثَالِثٌ) ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ [فَصْلٌ الْجَائِفَةُ حُكْمهَا فِي التَّعَدُّد وَالِاتِّحَاد فِي الدِّيَة] (قَوْلُهُ: الْجَائِفَةُ كَالْمُوضِحَةِ فِي الِاتِّحَادِ وَالتَّعَدُّدِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَضَى عَلَى رَجُلٍ رَمَى رَجُلًا بِسَهْمٍ فَأَنْفَذَهُ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَفَذَتْ الْجَائِفَةُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ) بِأَنْ نَفَذَتْ فِي بَطْنِهِ وَخَرَجَتْ مِنْ ظَهْرِهِ مَعَ أَنَّ الْخَارِجَةَ لَيْسَتْ دَاخِلَةً إلَى الْجَوْفِ بَلْ نَفَذَتْ مِنْ الْبَاطِنِ إلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: كَخَرْقِ الظَّاهِرِ) أَيْ مَعَ الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْبِنَاءِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ فِي تَصْحِيحِهِ وَكَانَ الْإِسْنَوِيُّ حَمَلَ مَسْأَلَةَ الْمُوضِحَتَيْنِ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمِنْهَاجِ لَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَةِ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. مَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ صَحِيحٌ فَإِنَّ النَّوَوِيَّ صَحَّحَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَجْهَيْنِ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ الِاتِّحَادَ. [فَرْعٌ خِيطَتْ جَائِفَةٌ فَنَزَعَ رَجُلٌ الْخَيْطَ الَّذِي خِيطَتْ بِهِ قَبْلَ الِالْتِحَامِ] (قَوْلُهُ: جَمْعِ الصَّوْتِ) أَيْ، وَمَنْعِ دُخُولِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 قَطَعَهُمَا بِإِيضَاحِ) الْعَظْمِ (فَدِيَةٌ، وَمُوضِحَتَانِ) أَيْ أَرْشُهُمَا، وَلَا يَتْبَعَانِ الدِّيَةَ إذْ لَا يَتْبَعُ مُقَدَّرٌ مُقَدَّرًا. (الْعُضْوُ الثَّانِي الْعَيْنَانِ فَفِيهِمَا) أَيْ فِي فَقْئِهِمَا (الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ أَعْمَشَ أَوْ أَخْفَشَ أَوْ أَعْشَى كَالْقِصَاصِ) ؛ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بَاقِيَةٌ فِي أَعْيُنِ هَؤُلَاءِ، وَمِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ، وَفِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَرَوَى النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ» ؛ وَلِأَنَّهُمَا أَعْظَمُ الْجَوَارِحِ نَفْعًا، وَأَجَلُّ الْحَوَاسِّ قَدْرًا وَالْأَعْمَشُ ضَعِيفُ الرُّؤْيَةِ مَعَ سَيَلَانِ الدَّمْعِ غَالِبًا وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْأَخْفَشِ وَالْأَعْشَى فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ (وَكَذَا بَيَاضٌ لَا يُنْقِصُ الضَّوْءَ) فَتَجِبُ مَعَهُ الدِّيَةُ كَمَا تَجِبُ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ مَعَ الثَّآلِيلِ (فَإِنْ نَقَصَ) الضَّوْءُ (وَانْضَبَطَ) النَّقْصُ بِالِاعْتِبَارِ بِالصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا بَيَاضَ فِيهَا (فَقِسْطٌ) مِنْ الدِّيَةِ يَلْزَمُ (وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ) ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ عَيْنِ الْأَعْمَشِ بِأَنَّ الْبَيَاضَ نَقْصُ الضَّوْءِ الَّذِي كَانَ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَعَيْنُ الْأَعْمَشِ لَمْ يَنْقُصْ ضَوْءُهَا عَمَّا كَانَ فِي الْأَصْلِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْعُمْشَ لَوْ تَوَلَّدَ مِنْ آفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ لَا تَكْمُلُ فِيهِ الدِّيَةُ. (الْعُضْوُ الثَّالِثُ: الْأَجْفَانُ فَفِي قَطْعِهِمَا أَوْ إحْشَافِهِمَا) الْأَوْلَى فَفِي قَطْعِهَا، وَإِحْشَافِهَا (الدِّيَةُ) ، وَلَوْ كَانَتْ لِأَعْمَى؛ لِأَنَّ فِيهَا جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً (وَ) فِي قَطْعِهَا أَوْ إحْشَافِهَا (مَعَ) فَقْءِ (الْعَيْنَيْنِ دِيَتَانِ، وَفِي) قَطْعِ الْجَفْنِ (الْمُسْتَحْشِفِ حُكُومَةٌ، وَكَذَا الْأَهْدَابُ، وَ) سَائِرُ (الشُّعُورِ) كَشَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ تَجِبُ فِي قَطْعِهَا حُكُومَةٌ (إنْ فَسَدَ الْمَنْبَتُ) لَا دِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ بِقَطْعِهَا الزِّينَةُ وَالْجَمَالُ دُونَ الْمَقَاصِدِ الْأَصْلِيَّةِ (وَإِلَّا فَالتَّعْزِيرُ وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ الْأَهْدَابِ فِي دِيَةِ الْأَجْفَانِ) كَمَا تَدْخُلُ حُكُومَةُ الْكَفِّ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ، وَكَمَا أَنَّ شَعْرَ السَّاعِدِ وَالسَّاقِ، وَمَحَلُّ الْمُوضِحَةِ لَا يُفْرَدُ بِحُكُومَةِ الْعُضْوِ. (الرَّابِعُ: الْأَنْفُ فَفِي) قَطْعِ (الْمَارِنِ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ (الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً (وَهُوَ) أَيْ الْمَارِنُ (الْمَنْخِرَانِ وَالْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا وَالْأَخْشَمُ) فِي ذَلِكَ (كَغَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ الشَّمَّ لَيْسَ فِي الْأَنْفِ (، وَفِي) قَطْعِ (بَاقِي الْمَقْطُوعِ) مِنْ الْمَارِنِ بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَلَوْ بِجُذَامٍ قِسْطُهُ) مِنْ الدِّيَةِ بِالْمِسَاحَةِ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ صَدْرِ هَذَا الْقِسْمِ (وَإِحْشَافُهَا) أَيْ الْمَنْخِرَيْنِ وَالْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا (كَالْأُذُنِ) أَيْ كَإِحْشَافِهَا فَفِيهَا الدِّيَةُ لِإِبْطَالِ مَنْفَعَتِهَا (وَفِي الشَّقِّ) لِلْمَارِنِ إذَا لَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ شَيْءٌ (حُكُومَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَئِمْ فَإِنْ تَآكَلَ) بِالشَّقِّ بِأَنْ ذَهَبَ بَعْضُهُ (فَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ) وَاجِبٌ (، وَقَاطِعُ الْقَصَبَةِ مُنَقِّلٌ) فَفِي قَطْعِهَا وَحْدَهَا دِيَةُ مُنَقِّلَةٍ (فَلَوْ قَطَعَهَا مَعَ الْمَارِنِ تَبِعَتْهُ فِي الدِّيَةِ) كَذَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ خِلَافُ نَصِّ الْأُمِّ مِنْ وُجُوبِ الْحُكُومَةِ مَعَ الدِّيَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (وَفِي قَصَبَةٍ كُسِرَتْ وَانْجَبَرَتْ) بَعْدَ كَسْرِهَا بِلَا تَعَوُّجٍ (حُكُومَةٌ، وَمَعَ التَّعَوُّجِ تَكْثُرُ) الْحُكُومَةُ. (الْعُضْوُ الْخَامِسُ: الشَّفَتَانِ فَفِي قَطْعِهِمَا، وَإِشْلَالِهِمَا الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ وَلِأَنَّ فِيهِمَا جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً سَوَاءٌ أَكَانَتَا غَلِيظَتَيْنِ أَمْ رَقِيقَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ أَمْ صَغِيرَتَيْنِ (وَهُمَا السَّاتِرَانِ لِلِّثَةِ وَلِلْأَسْنَانِ فِي جَانِبَيْ الْفَمِ) وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُمَا فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إلَى الشِّدْقَيْنِ، وَفِي طُولِهِ إلَى مَا يَسْتُرُ اللِّثَةَ، وَهِيَ اللَّحْمُ حَوْلَ الْأَسْنَانِ (وَهَلْ يَسْقُطُ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ قَطْعِهِمَا (حُكُومَةُ الشَّارِبِ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْأَهْدَابِ مَعَ الْأَجْفَانِ (، وَفِي شَقِّهِمَا بِلَا إبَانَةٍ حُكُومَةُ) ، وَكَذَا فِي الشَّفَةِ الشَّلَّاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ قَطَعَ) شَفَةً (مَشْقُوقَةً فَدِيَتُهَا) وَاجِبَةٌ (لَا حُكُومَةُ الشَّقِّ، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهُمَا فَتَقَلَّصَا) أَيْ الْبَعْضَانِ الْبَاقِيَانِ (وَبَقِيَا كَمَقْطُوعِ الْجَمِيعِ فَهَلْ تَكْمُلُ الدِّيَةُ) أَوْ يَتَوَزَّعُ عَلَى الْمَقْطُوعِ وَالْبَاقِي (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي وَنَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِيهِ، وَكَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَلَى قَطْعِ الْأَجْفَانِ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الْأَنْوَارِ. الْعُضْوُ (السَّادِسُ اللِّسَانُ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) لِمَا مَرَّ وَ (الْأَلْكَنُ وَالْأَرَتُّ وَالْأَلْثَغُ وَالْمَوْلُودُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمْ (كَغَيْرِهِ) كَضَعِيفِ الْبَطْشِ (فَإِنْ بَلَغَ الْمَوْلُودُ النُّطْقَ وَالتَّحْرِيكَ) أَيْ أَوَانَهُمَا (وَلَمْ يُوجَدَا) مِنْهُ (فَحُكُومَةٌ) لَا دِيَةٌ لِإِشْعَارِ الْحَالِ بِعَجْزِهِ (وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ) يَعْنِي أَوَانَ النُّطْقِ (فَدِيَةٌ) أَخْذًا بِظَاهِرِ السَّلَامَةِ كَمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي رِجْلِهِ، وَيَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ مَشْيٌ، وَلَا بَطْشٌ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَوْلُودُ كَغَيْرِهِ (فَإِنْ أُخِذَتْ الْحُكُومَةُ لِقَطْعِ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ لِسَانِهِ لِأَمْرٍ اقْتَضَى إيجَابَهَا (ثُمَّ نَطَقَ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ) ، وَعَرَفْنَا سَلَامَةَ لِسَانِهِ (وَجَبَ تَمَامُ قِسْطِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: وَمِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ) كَمَا لَا نَظَرَ لِقُوَّةِ الْبَطْشِ وَالْمَشْيِ وَضَعْفِهِمَا (قَوْلُهُ: فَفِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ) قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي، وَلَوْ قَطَعَ مَارِنَهُ وَبَقِيَ مُعَلَّقًا بِجِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ فَرَدَّهُ فَالْتَصَقَ فَفِيهِ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِبَانَةَ لَمْ تُوجَدْ وَالرَّدُّ مُبَاحٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبَانَهُ فَرَدَّهُ فِي الْأَمْرَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَتَحْرِيمُ الرَّدِّ بِنَاءً عَلَى نَجَاسَةِ الْعُضْوِ الْمُنْفَصِلِ كَمَا هُوَ طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ، وَلَوْ أَلْصَقَهُ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ حَتَّى الْتَحَمَ أُخِذَ بِقَطْعِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ فِي حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَفِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَهَا مَعَ الْمَارِنِ تَبِعَتْهُ فِي الدِّيَةِ) كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ وَالْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُمَا فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إلَى الشِّدْقَيْنِ إلَخْ) وَكَذَا عَبَّرَ بِهِ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمِنْهَاجِ وَكَذَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَعَنْ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ ذَكَرَهَا ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: السَّادِسُ اللِّسَانُ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ نَاطِقًا فَاقِدَ الذَّوْقِ، وَإِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّ فِيهِ الْحُكُومَةَ كَالْأَخْرَسِ، وَلَوْ قُطِعَ لِسَانُهُ فَذَهَبَ كَلَامُهُ، وَذَوْقُهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَوَانَهُمَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَقْتَ التَّحْرِيكِ هُوَ مَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ فِي الزَّمَنِ الْقَرِيبِ مِنْهَا الَّذِي يُحَرِّكُ الْمَوْلُودُ فِيهِ لِسَانَهُ لِبُكَاءٍ، وَمَصٍّ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَالْمَوْلُودُ كَغَيْرِهِ) ذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ كَالْوَجِيزِ أَنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ مُطْلَقًا وَحَكَى الْإِمَامُ قَطْعَ الْأَصْحَابِ بِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 دِيَتِهِ، وَفِي) قَطْعِ لِسَانٍ (الْأَخْرَسِ) ، وَلَوْ كَانَ خَرَسُهُ عَارِضًا (حُكُومَةٌ، وَإِنْ فَقَدَ) الْأَخْرَسُ (الذَّوْقَ) بِقَطْعِ لِسَانِهِ (فَدِيَةٌ) تَجِبُ لَا حُكُومَةٌ (وَ) اللِّسَانُ (ذُو الطَّرَفَيْنِ إنْ اسْتَوَيَا) خِلْقَةً (فَلِسَانٌ) مَشْقُوقٌ فَيَجِبُ بِقَطْعِهِمَا الدِّيَةُ، وَبِقَطْعِ أَحَدِهِمَا قِسْطُهُ مِنْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا (فَلِلزَّائِدِ) أَيْ لِقَطْعِهِ (حُكُومَةٌ دُونَ قِسْطِ قَدْرِهِ مِنْ) لِسَانٍ (أَصْلِيٍّ) مِنْ ثُلُثٍ وَرُبُعٍ وَنَحْوِهِمَا وَلِقَطْعِ الْأَصْلِيِّ دِيَةٌ (وَفِي) قَطْعِ (اللِّهَاتِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ، وَهِيَ الْهَنَةُ الْمُطْبَقَةُ فِي أَقْصَى سَقْفِ الْفَمِ (حُكُومَةٌ) . الْعُضْوُ (السَّابِعُ الْأَسْنَانُ، وَفِي كُلِّ سِنٍّ أَصْلِيَّةٍ تَامَّةٍ مَثْغُورَةٍ غَيْرِ مُتَقَلْقِلَةٍ) صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ (لِذَكَرٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الضِّرْسِ وَالثَّنِيَّةِ لِدُخُولِهِمَا فِي لَفْظِ السِّنِّ، وَإِنْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِاسْمٍ كَالْخِنْصَرِ وَالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى فِي الْأَصَابِعِ (فَفِي الشَّاغِيَةِ) أَيْ الزَّائِدَةِ الَّتِي يُخَالِفُ نَبْتَتُهَا نَبْتَةَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَسْنَانِ (حُكُومَةٌ) لَا دِيَةٌ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ (، وَيُعَزَّرُ قَالِعُ) سِنٍّ (مُتَّخَذَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَعَظْمٍ) وَغَيْرِهِمَا مِنْ غَيْرِ دِيَةٍ، وَلَا حُكُومَةٍ (وَإِنْ تَشَبَّثَتْ بِاللَّحْمِ) وَاسْتَعَدَّتْ لِلْمَضْغِ وَالْقَطْعِ؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ، وَلَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ الشَّخْصِ (وَتَكْمُلُ الدِّيَةُ) لِلسِّنِّ (بِكَسْرِ الظَّاهِرِ) مِنْهَا (خِلْقَةً) ، وَإِنْ بَقِيَ السِّنْخُ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ السِّنَّ اسْمٌ لِلظَّاهِرِ وَالْمُسْتَتِرِ بِاللَّحْمِ يُسَمَّى سِنْخًا؛ وَلِأَنَّ الْجَمَالَ وَالْمَنْفَعَةَ مِنْ الْعَضِّ وَالْمَضْغِ وَجَمْعِ الرِّيقِ يَتَعَلَّقَانِ بِالظَّاهِرِ، وَمَنْفَعَةُ الْمُسْتَتِرِ حَمْلُ الظَّاهِرِ، وَحِفْظُهُ، وَهُوَ مَعَ الظَّاهِرِ كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الظَّاهِرِ (التَّوْزِيعُ) ؛ لِأَنَّا نُوجِبُ فِيهِ تَمَامَ الْأَرْشِ فَلَوْ قُطِعَ بَعْضُهُ فَعَلَيْهِ قِسْطُهُ مِنْ الْأَرْشِ، وَيُنْسَبُ الْمَقْطُوعُ إلَى الظَّاهِرِ دُونَ السِّنْخِ (وَكَذَا) يُوَزَّعُ (عَلَى الْحَشَفَةِ وَالْحَلَمَةِ وَالْمَارِنِ) فِيمَا إذَا قُطِعَ بَعْضُهَا لَا عَلَى جَمِيعِ الذَّكَرِ وَالثَّدْيِ وَالْأَنْفِ. (وَأَمَّا السِّنْخُ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ، وَإِعْجَامِ الْخَاءِ، وَيُقَالُ بِالْجِيمِ، وَهُوَ أَصْلُ السِّنِّ الْمُسْتَتِرُ بِاللَّحْمِ كَمَا مَرَّ (فَتَابِعٌ) لَهَا (إنْ قُلِعَتْ) فَتَنْدَرِجُ حُكُومَةٌ فِي دِيَتِهَا كَمَا تَنْدَرِجُ حُكُومَةُ الْكَفِّ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ (وَإِنْ بَرَزَ بَعْضُهُ) أَيْ السِّنْخِ (لِحَفْرٍ) أَصَابَ اللِّثَةَ؛ لِأَنَّ بُرُوزَهُ عَارِضٌ (فَإِنْ كَسَرَهَا) أَيْ السِّنَّ (ثُمَّ قَلَعَهُ) أَيْ السِّنْخَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (وَلَوْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَدِيَةٌ، وَحُكُومَةٌ) لِتَعَدُّدِ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ كَسَرَ نِصْفَهَا الظَّاهِرَ عَرْضًا ثُمَّ قَلَعَ) شَخْصٌ (آخَرُ الْبَاقِيَ مَعَ السِّنْخِ دَخَلَتْ الْحُكُومَةُ) لِلسِّنْخِ (فِي الْأَرْشِ) لِلْبَاقِي مِنْ السِّنِّ (أَوْ) كَسَرَهُ (طُولًا) ثُمَّ قَلَعَ آخَرُ الْبَاقِيَ مَعَ السِّنْخِ (لَزِمَهُ حُكُومَةُ سِنْخِ) الْمَكْسُورِ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا قَطَعَ كَفًّا عَلَيْهَا بَعْضُ الْأَصَابِعِ دُونَ بَعْضٍ وَسِنْخُ الْبَاقِي يَدْخُلُ فِي أَرْشِهِ (وَإِنْ قَلَعَهَا فَتَعَلَّقَتْ بِعِرْقٍ فَأَعَادَهَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ ثُمَّ عَادَتْ (وَثَبَتَتْ فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ لَا دِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِالْإِبَانَةِ، وَلَمْ تُوجَدْ. (وَإِنْ كَسَرَ سِنًّا مَكْسُورَةً) وَاخْتَلَفَ هُوَ وَصَاحِبُهَا فِي قَدْرِ الْفَائِتِ (صُدِّقَ صَاحِبُهَا فِي قَدْرِ الْفَائِتِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فَوَاتِ الزَّائِدِ (لَوْ) كَسَرَ سِنًّا (صَحِيحَةً) وَاخْتَلَفَ هُوَ وَصَاحِبُهَا فِي قَدْرِ مَا كُسِرَ مِنْهَا (صُدِّقَ الْجَانِي فِي قَدْرِ مَا كُسِرَ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ (وَتَنْقُصُ) الدِّيَةُ (لِصِغَرٍ شَائِنٍ فِي بَعْضِ الْأَسْنَانِ) بِحَسَبِ نُقْصَانِ السِّنِّ (كَمُسَاوَاةِ الثَّنِيَّتَيْنِ لِلرُّبَاعِيَّتَيْنِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ (أَوْ نَقْصِهِمَا عَنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الثَّنَايَا أَطْوَلُ مِنْ الرَّبَاعِيَاتِ، وَقِيلَ تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً فِي الثَّنِيَّتَيْنِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِالشَّاهِدَيْنِ، وَبِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَا دِيَةَ فِي) سِنٍّ (غَيْرِ مَثْغُورَةٍ قَبْلَ الْعِلْمِ بِفَسَادِ الْمَنْبَتِ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَوْدُهَا فَهِيَ كَالشَّعْرِ يُحْلَقُ (وَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ (أَوْ قَبْلَ تَمَامِ نَبَاتِهَا فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْنٌ لِمَا حَصَلَ مِنْ الْأَلَمِ، وَكَمَا يَجِبُ بِتَقْدِيرِ الْعَوْدِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْنٌ بِأَنْ تُقَدَّرَ الْجِنَايَةُ فِي حَالِ كَوْنِهَا دَامِيَةً كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْفَسَادِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ كَمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ (وَإِنْ قَلَعَهَا قَبْلَ التَّمَامِ) لِنَبَاتِهَا (آخَرُ اُنْتُظِرَتْ فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ فَالدِّيَةُ عَلَى الْآخَرِ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ أَكْثَرُ مِنْ الْحُكُومَةِ الْأُولَى، وَإِنْ أَفْسَدَ مَنْبَتَ غَيْرِ الْمَثْغُورَةِ آخَرُ) بَعْدَ قَلْعِ غَيْرِهِ لَهَا (فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَفِي إلْزَامِ الْأَوَّلِ الْأَرْشَ تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْبَسِيطِ الْمَنْعُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى حُكُومَةٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَفِي قَطْعِ لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ: لَوْ تَعَذَّرَ النُّطْقُ لَا لِخَلَلٍ فِي اللِّسَانِ، وَلَكِنَّهُ وُلِدَ أَصَمَّ فَلَمْ يُحْسِنْ الْكَلَامَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا فَهَلْ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ أَوْ الْحُكُومَةُ فِيهِ، وَجْهَانِ يَجِيءُ ذِكْرُهُمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ لَمْ أَرَهُمَا ذَكَرَا شَيْئًا، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. اهـ. أَيْ؛ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَهُوَ مَيْئُوسٌ مِنْ الْأَصَمِّ، وَالصَّبِيُّ إنَّمَا يَنْطِقُ بِمَا يَسْمَعُهُ فَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ، وَلَمْ يَنْطِقْ، وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالْأَوَّلِ وَكَتَبَ أَيْضًا شَمِلَ مَنْ تَعَذَّرَ نُطْقُهُ لَا لِخَلَلٍ فِي لِسَانِهِ بَلْ لِكَوْنِهِ وُلِدَ أَصَمَّ فَلَمْ يُحْسِنْ الْكَلَامَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا، وَهُوَ أَحَدُ، وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِمُقَابِلِهِ، وَهُوَ وُجُوبُ الدِّيَةِ. (قَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ سِنٍّ أَصْلِيَّةٍ إلَخْ) فَفِيهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ صَاحِبِهَا شَمِلَ مَا لَوْ ذَهَبَتْ حِدَّتُهَا حَتَّى كَلَّتْ بِمُرُورِ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَتَنْقُصُ الدِّيَةُ لِصِغَرِ سِنٍّ فِي بَعْضِ الْأَسْنَانِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَيَانِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَضْرَاسِ طِوَالًا وَبَعْضُهَا قِصَارًا أَوْ بَعْضُ الرَّبَاعِيَاتِ طِوَالًا وَبَعْضُهَا قِصَارًا قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ قَرِيبًا فَفِي كُلِّ سِنٍّ دِيَتُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ خِلْقَةِ الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ كَثِيرًا فَفِيهَا بِقِسْطِهَا مِنْ الدِّيَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْقَصِيرَةُ نِصْفَ الطَّوِيلَةِ فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَيْهَا فَفِيهَا ثُلُثَا الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا النَّقْصَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ سَبَبِ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقْصِهِمَا عَنْهُمَا) وَنَقْصِ إحْدَى الثِّنْتَيْنِ عَنْ أُخْتِهَا (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِالشَّائِنِ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا كَانَتْ مَنْفَعَتُهَا بَاقِيَةً فَإِنَّ دِيَتَهَا كَدِيَةِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْبَسِيطِ إلَخْ) الْمَنْعُ هُوَ الرَّاجِحُ إذْ لَمْ يُقْلِعْ سِنًّا بِمُجَرَّدِ الْإِفْسَادِ، وَلَا عَلَيْهِمَا إذْ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ جِنَايَتَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَالِاقْتِصَارُ عَلَى حُكُومَةٍ) هُوَ الْأَصَحُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 (فَإِنْ سَقَطَتْ بِلَا جِنَايَةٍ) ثُمَّ أَفْسَدَ شَخْصٌ مَنْبَتَهَا (فَفِي إلْزَامِ الْمُفْسِدِ الْأَرْشَ تَرَدُّدٌ) وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَإِذَا نَبَتَتْ سِنُّ الْمَثْغُورِ) بَعْدَ قَلْعِهَا بِجِنَايَةٍ، وَأَخْذِ أَرْشِهَا (لَمْ يَسْتَرِدَّ الْأَرْشَ) ؛ لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ (كَمُوضِحَةٍ أَوْ جَائِفَةٍ الْتَحَمَتْ) بَعْدَ أَخْذِ أَرْشِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ كَمَا لَا يَسْقُطُ بِالْتِحَامِهَا الْقِصَاصُ (وَيَسْتَتِرُ) الْأَرْشُ (فِي سَائِرِ) أَيْ جَمِيعِ (الْمَعَانِي كَبَطْشِ الْيَدِ) أَيْ عَوْدِهِ (وَعَوْدِ النَّظَرِ وَنَحْوِهِ) لِظُهُورِ عَدَمِ زَوَالِهَا بِخِلَافِ الْأَجْسَامِ غَيْرِ الْإِفْضَاءِ وَسِنِّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ فَإِنَّهُ تَحَقَّقَ فِيهَا الْإِبَانَةَ، وَلَا يُعْتَادُ فِيهَا الْعَوْدُ (وَتَجِبُ حُكُومَةٌ لَا أَرْشٌ فِي سِنٍّ مُتَزَلْزِلَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ بَطَلَ نَفْعُهُمَا، وَلَا يَضُرُّ نَقْصُهُ) أَيْ نَقْصُ نَفْعِهَا فِي إيجَابِ الْأَرْشِ فَيَجِبُ الْأَرْشُ مَعَ نَقْصِ نَفْعِهِمَا لِتَعَلُّقِ الْجَمَالِ، وَأَصْلِ الْمَنْفَعَةِ بِهِمَا فِي الْمَضْغِ، وَحِفْظِ الطَّعَامِ وَرَدِّ الرِّيقِ، وَلَا أَثَرَ لِضَعْفِهَا كَضَعْفِ الْبَطْشِ وَالْمَشْيِ. (وَإِنْ تَزَلْزَلَتْ) سِنٌّ (صَحِيحَةٌ بِجِنَايَةٍ ثُمَّ سَقَطَتْ بَعْدُ لَزِمَهُ الْأَرْشُ، وَإِنْ بَقِيَتْ، وَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ كَمَا لَمْ يَبْقَ فِي الْجِرَاحَةِ نَقْصٌ، وَلَا شَيْنٌ (أَوْ) عَادَتْ (نَاقِصَةَ الْمَنْفَعَةِ فَالْأَرْشُ) وَاجِبٌ كَذَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ الْأَصْلُ وَاَلَّذِي فِي الْأَنْوَارِ لَزِمَتْهُ الْحُكُومَةُ لَا الْأَرْشُ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ يَجِبُ بِقَلْعِهَا كَمَا مَرَّ قَالَ، وَهَذَا الْمَوْضِعُ مَزِلَّةُ الْقَدَمِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (فَإِذَا قَلَعَهَا آخَرُ لَزِمَتْهُ حُكُومَةٌ) دُونَ حُكُومَةِ سِنٍّ تَحَرَّكَتْ بِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ الَّذِي فِيهَا قَدْ غَرِمَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ بِخِلَافِهِ فِي الْهَرَمِ وَالْمَرَضِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَأَقَرَّهُ (وَلَا أَثَرَ) فِي وُجُوبِ الْأَرْشِ (لِلسَّوَادِ الْأَصْلِيِّ) فَلَوْ قَلَعَ سِنًّا سَوْدَاءَ قَبْلَ أَنْ تُثْغِرَ، وَبَعْدَهُ لَزِمَهُ الْأَرْشُ؛ لِأَنَّ سَوَادَهَا مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَهُوَ كَعُمْشِ الْعَيْنِ خِلْقَةً (فَإِنْ ثُغِرَ) الشَّخْصُ بِضَمِّ الثَّاءِ، وَكَسْرِ الْغَيْنِ أَيْ قُلِعَتْ سِنُّهُ (فَنَبَتَتْ سَوْدَاءَ أَوْ بَيْضَاءَ) ثُمَّ (اسْوَدَّتْ، وَقَالُوا) أَيْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ (لِعِلَّةٍ) فِيهَا (فَفِيهَا حُكُومَةٌ، وَإِلَّا) بِأَنْ قَالُوا لَمْ يَكُنْ لِعِلَّةٍ أَوْ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِعِلَّةٍ، وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهَا (فَالْأَرْشُ) وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ إلَى الْحُكُومَةِ مَعَ كَمَالِ الْمَنْفَعَةِ، وَعَدَمِ تَحَقُّقِ الْعِلَّةِ خِلَافُ الْقِيَاسِ (وَمَتَى ضَرَبَهَا فَاسْوَدَّتْ أَوْ اخْضَرَّتْ) مَثَلًا (وَمَنْفَعَتُهَا بَاقِيَةٌ فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ، وَحُكُومَةُ الِاخْضِرَارِ أَقَلُّ مِنْ حُكُومَةِ الِاسْوِدَادِ، وَحُكُومَةُ الِاصْفِرَارِ أَقَلُّ مِنْ الِاخْضِرَارِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فَإِنْ فَاتَتْ مَنْفَعَتُهَا فَالْأَرْشُ. (فَصْلٌ: الْأَسْنَانُ) فِي غَالِبِ الْفِطْرَةِ (اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ) أَرْبَعٌ ثَنَايَا، وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ ثِنْتَانِ مِنْ أَعْلَى وَثِنْتَانِ مِنْ أَسْفَلَ ثُمَّ أَرْبَعٌ رَبَاعِيَاتٌ ثِنْتَانِ مِنْ أَعْلَى وَثِنْتَانِ مِنْ أَسْفَلَ ثُمَّ أَرْبَعٌ ضَوَاحِكُ ثُمَّ أَرْبَعَةُ أَنْيَابٍ، وَأَرْبَعَةُ نَوَاجِذَ وَاثْنَا عَشَرَ ضِرْسًا وَتُسَمَّى الطَّوَاحِينَ قَالَهُ فِي الْأَصْلِ لَا يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ النَّوَاجِذَ فِي الْإِثْنَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ آخِرُ الْأَضْرَاسِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ قَضِيَّتَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ بِثُمَّ ثُمَّ عَطَفَ النَّوَاجِذَ وَالْأَضْرَاسَ بِالْوَاوِ، وَهِيَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا، وَأَمَّا خَبَرُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ» فَالْمُرَادُ ضَوَاحِكُهُ؛ لِأَنَّ ضَحِكَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ تَبَسُّمًا (فَإِذَا قَلَعَهَا مَعًا) أَوْ مُرَتَّبًا (لَزِمَهُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا) لِمَا مَرَّ أَنَّ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ وَلِكَوْنِهَا يَخْتَلِفُ نَبَاتُهَا تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا اُعْتُبِرَتْ فِي نَفْسِهَا فَزَادَ أَرْشُهَا عَلَى أَرْشِ النَّفْسِ بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ وَنَحْوِهَا (فَإِنْ زَادَتْ) عَلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ الزَّائِدُ عَلَى سُنَنِهَا (فَهَلْ لِلزَّائِدِ أَرْشٌ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ (أَوْ حُكُومَةٌ) لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْغَالِبِ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ (وَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْقَمُولِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلَ، وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ. الْعُضْوُ (الثَّامِنُ اللَّحْيَانِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (وَهُمَا مَنْبَتُ الْأَسْنَانِ السُّفْلَى) ، وَمُلْتَقَاهُمَا الذَّقَنُ (وَفِيهِمَا الدِّيَةُ) ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً ظَاهِرَةً (وَلَا يَتْبَعُهُمَا الْأَسْنَانُ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ بِرَأْسِهِ، وَلَهُ بَدَلٌ مُقَدَّرٌ وَاسْمٌ يَخُصُّهُ فَلَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ بِخِلَافِ الْيَدِ مَعَ الْأَصَابِعِ، وَلَوْ فَكَّهُمَا أَوْ ضَرَبَهُمَا فَيَبِسَا لَزِمَهُ دِيَتُهُمَا فَإِنْ تَعَطَّلَ بِذَلِكَ مَنْفَعَةُ الْأَسْنَانِ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى اللَّحْيَيْنِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ. الْعُضْوُ (التَّاسِعُ الْيَدَانِ، وَفِيهِمَا الدِّيَةُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: بَطَلَ نَفْعُهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَانَ الْمُرَادُ مَنْفَعَةَ الْمَضْغِ لَا كُلَّ مَنْفَعَةٍ فَإِنَّ مَنْفَعَةَ الْجَمَالِ وَحَبْسِ الطَّعَامِ وَالرِّيقِ مَوْجُودَةٌ مَعَ بَقَائِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ، وَمَتَى انْتَهَى صِغَرُ السِّنِّ إلَى أَنْ لَا تَصْلُحَ لِلْمَضْغِ فَوَاجِبُهَا الْحُكُومَةُ كَالشَّلَّاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَادَتْ نَاقِصَةَ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ بَقِيَتْ السِّنُّ نَاقِصَةَ الْمَنْفَعَةِ بِمَعْنَى ذَاهِبَتِهَا (قَوْلُهُ: وَحُكُومَةُ الِاصْفِرَارِ أَقَلُّ مِنْ الِاخْضِرَارِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَحُكُومَةُ الِاخْضِرَارِ أَقَلُّ مِنْ الِاصْفِرَارِ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ أَيْضًا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ. [فَصْلٌ دِيَة الْأَسْنَان] (فَصْلٌ: الْأَسْنَانُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ) (قَوْلُهُ: فَإِذَا قَلَعَهَا لَزِمَهُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا) لَوْ كَانَتْ أَسْنَانُ شَخْصٍ قِطْعَةً وَاحِدَةً مِنْ الْأَعْلَى، وَقِطْعَةً وَاحِدَةً مِنْ الْأَسْفَلِ وَأُزِيلَتْ بِجِنَايَةٍ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْجَانِي دِيَةُ كَامِلِ الْأَسْنَانِ، وَهِيَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا أَوْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ حَمْلًا عَلَى النَّاقِصِ أَوْ لَا يُزَادُ فِيهِ عَلَى دِيَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا وَاحِدَةٌ، وَقَدْ أُزِيلَتْ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ د، وَقَوْلُهُ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ لِلزَّائِدَةِ أَرْشٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْخَبَرِ وَالْجُمْهُورِ، وَقَالَ الْغَزِّيِّ: وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ، وَإِلَّا فَلَكَ أَنْ تَقُولَ أَيُّ أَسْنَانِهِ الزَّائِدُ (قَوْلُهُ: التَّاسِعُ الْيَدَانِ، وَفِيهِمَا الدِّيَةُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ التَّنَبُّهُ هُنَا لِصُورَةٍ ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ فِي بَابِ صَوْلِ الْفَحْلِ، وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ أَتَى الدَّفْعَ عَلَى قَطْعِ يَمِينِ الصَّائِلِ فَوَلَّى فَتَبِعَهُ فَقَطَعَ يَسَارَهُ لَزِمَهُ قَوْدُهَا فَلَوْ عَادَ الصَّائِلُ بَعْدَ قَطْعِ يَدَيْهِ فَدَفَعَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ ثَانِيًا فَأَتَى ذَلِكَ الدَّفْعُ عَلَى قَطْعِ إحْدَى رِجْلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِيَدِهِ الْيُسْرَى، وَإِنْ أَتَى الدَّفْعُ عَلَى قَطْعِ يَدَيْهِ ثُمَّ قَطْعِ إحْدَى رِجْلَيْهِ بَعْدَ أَنْ وَلَّى لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ هَذَا لَفْظُ الْمُعْتَمَدِ، وَذَكَرَهَا الْأَصْحَابُ بِمَعْنَاهُ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يَجِبُ فِي الْيَدَيْنِ بَعْضُ الدِّيَةِ وَصُورَةُ ذَلِكَ مَا إذَا سُلِخَ جِلْدُهُ فَبَادَرَ الْآخَرُ وَالْحَيَاةُ فِيهِ مُسْتَقِرَّةٌ فَقَطَعَ يَدَيْهِ فَإِنَّ الَّذِي سُلِخَ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَأَمَّا قَاطِعُ الْيَدَيْنِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ الدِّيَةِ مَا يَخُصُّ الْجِلْدَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ (وَتَكْمُلُ) الدِّيَةُ (بِلَقْطِ الْأَصَابِعِ) لِمَا ثَبَتَ أَنَّ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشَرًا مِنْ الْإِبِلِ (وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ الْكَفِّ فِي دِيَتِهَا) أَيْ الْأَصَابِعِ كَمَا فِي الْمَارِنِ مَعَ قَصَبَتِهِ (بِخِلَافِ مَا قُطِعَ مِنْ السَّاعِدِ، وَ) مِنْ (الْمَرْفِقِ، وَ) مِنْ (الْعَضُدِ) فَلَا تَدْخُلُ حُكُومَتُهَا فِي دِيَةِ الْيَدِ (بَلْ تَجِبُ حُكُومَتُهَا مَعَ الْيَدِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مَعَ الْيَدِ عُضْوَانِ بِخِلَافِ الْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ فَإِنَّهُمَا كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ بِدَلِيلِ قَطْعِهِمَا فِي السَّرِقَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] (ثُمَّ) بَعْدَ لَقْطِهِ الْأَصَابِعَ (إنْ قَطَعَ الْكَفَّيْنِ) أَوْ أَحَدَهُمَا (بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ (كَمَا فِي السِّنْخِ) مَعَ السِّنِّ لِاخْتِلَافِ الْجِنَايَةِ (وَفِي الْأُصْبُعِ) أَيْ فِي قَطْعِ كُلِّ أُصْبُعٍ (عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ (وَ) فِي قَطْعِ (أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ نِصْفُهَا) أَيْ الْعَشَرَةِ (وَ) أُنْمُلَةِ (غَيْرِهَا ثُلُثُهَا) ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ أُصْبُعٍ ثَلَاثَ أَنَامِلَ إلَّا الْإِبْهَامَ فَلَهَا أُنْمُلَتَانِ فَلَوْ انْقَسَمَتْ أُصْبُعٌ بِأَرْبَعِ أَنَامِلَ مُتَسَاوِيَةٍ فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ رُبُعُ الْعُشْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. وَيُقَاسُ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ وَالنَّاقِصَةِ عَنْ الثَّلَاثِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَقْسِمُوا دِيَةَ الْأَصَابِعِ عَلَيْهَا إنْ زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ كَمَا فِي الْأَنَامِلِ بَلْ أَوْجَبُوا فِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ حُكُومَةً قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ الزَّائِدَةَ مِنْ الْأَصَابِعِ مُتَمَيِّزَةٌ، وَمِنْ الْأَنَامِلِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ (، وَمَنْ لَهُ يَمِينَانِ أَوْ شِمَالَانِ أَوْ كَفَّانِ) مَعَ الْأَصَابِعِ (عَلَى مَنْكِبٍ فِي) الْأُولَيَيْنِ (أَوْ مِعْصَمٌ) فِي الثَّالِثَةِ (وَإِحْدَاهُمَا أَكْمَلُ) مِنْ الْأُخْرَى (فَهِيَ الْيَدُ) الْأَصْلِيَّةُ (فَفِيهَا) أَيْ فِي قَطْعِهَا (الْقِصَاصُ، وَفِي الْأُخْرَى الْحُكُومَةُ، وَيُعْرَفُ الْكَمَالُ بِالْبَطْشِ أَوْ قُوَّتِهِ) ، وَإِنْ كَانَتْ الْبَاطِشَةُ أَوْ الْقَوِيَّةُ مُنْحَرِفَةً عَنْ الذِّرَاعِ أَوْ نَاقِصَةَ أُصْبُعٍ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْيَدَ خُلِقَتْ لِلْبَطْشِ فَهُوَ أَقْوَى دَلِيلًا عَلَى كَمَالِهَا أَيْ أَصَالَتِهَا (فَإِنْ كَانَتْ) إحْدَاهُمَا (مُعْتَدِلَةً وَالْأُخْرَى مُنْحَرِفَةً فَالْيَدُ) الْأَصْلِيَّةُ هِيَ (الْمُعْتَدِلَةُ لَا إنْ كَانَتْ الْمُنْحَرِفَةُ أَقْوَى بَطْشًا) فَإِنَّهَا الْأَصْلِيَّةُ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُعْتَدِلَةً وَالْأُخْرَى زَائِدَةَ أُصْبُعٍ فَلَا تَمْيِيزَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ؛ لِأَنَّ الْيَدَ الْأَصْلِيَّةَ كَثِيرًا مَا تَشْتَمِلُ عَلَى الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (اسْتَوَيَا) بَطْشًا (وَإِحْدَاهُمَا) مُسْتَوِيَةٌ لَكِنَّهَا (نَاقِصَةُ أُصْبُعٍ وَالْأُخْرَى مُنْحَرِفَةٌ) كَامِلَةٌ (فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُنْحَرِفَةَ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ كَمَا فِي زِيَادَةِ الْبَطْشِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُمَا إذَا اسْتَوَيَا بَطْشًا، وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا أَكْبَرَ مِنْ الْأُخْرَى فَالْكَبِيرَةُ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ (فَإِنْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (اسْتَوَيَا) بَطْشًا وَغَيْرُهُ (فَهُمَا كَيَدٍ وَاحِدَةٍ فَعَلَى قَاطِعِهِمَا الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ، وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ لِزِيَادَةِ الصُّورَةِ، وَفِي) قَطْعِ (إحْدَاهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْيَدِ، وَحُكُومَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا نِصْفٌ فِي صُورَةِ الْكُلِّ (وَلَا قِصَاصَ) فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْقَاطِعِ مِثْلُهَا (، وَفِي) قَطْعِ (الْأُصْبُعِ وَالْأُنْمُلَةِ) مِنْهَا (نِصْفُ دِيَتِهِمَا، وَحُكُومَةٌ) لِمَا مَرَّ آنِفًا (فَلَوْ عَادَ) الْقَاطِعُ إحْدَاهُمَا بَعْدَ أَخْذِ الْأَرْشِ وَالْحُكُومَةِ مِنْهُ (وَقَطَعَ) الْيَدَ (الثَّانِيَةَ فَهَلْ لَهُ) أَيْ لِلْمَقْطُوعِ (رَدُّ الْأَرْشِ) الَّذِي أَخَذَهُ (غَيْرَ قَدْرِ الْحُكُومَةِ، وَيُقْتَصُّ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ إنَّمَا أُخِذَ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ لَا لِإِسْقَاطِهِ فَإِذَا قَطَعَ الثَّانِيَةَ حَصَلَ الْإِمْكَانُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ الْيَدَيْنِ جَمِيعًا، وَقَدْ سَبَقَ مِنْهُ أَخْذُ الْأَرْشِ عَنْ إحْدَاهُمَا، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَهُ فَلَا عَوْدَ إلَيْهِ بَعْدَ إسْقَاطِهِ (وَجْهَانِ) كَنَظِيرِهِمَا   [حاشية الرملي الكبير] وَتُوجِبُ عَلَيْهِ الْبَاقِي مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ لَأَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْقَوَدَ (قَوْلُهُ: وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ الْكَفِّ فِي دِيَتِهَا) نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ؛ وَلِأَنَّهَا الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْيَدَيْنِ شَرْعًا كَمَا قَالَ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ، وَقَدْ «قُطِعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّارِقُ مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ» فَإِطْلَاقُ الشَّرْعِ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِ؛ وَلِأَنَّ الدِّيَةَ تَكْمُلُ فِي الرَّجُلِ إذَا قُطِعَتْ مِنْ مَفْصِلِ الْقَدَمِ؛ لِأَنَّهَا تُقْطَعُ مِنْهُ فِي السَّرِقَةِ فَكَذَا الْيَدُ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَمَّلَ الدِّيَةَ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِأَصَابِعِهَا وَكَمَّلَهَا فِي الْأَصَابِعِ بِدُونِ الْكَفِّ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُقَابَلَةٍ عِنْدَ قَطْعِ الْمَجْمُوعِ بِشَيْءٍ. (فَائِدَةٌ) قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: مِمَّا نَظَمَهُ الْمَعَرِّيُّ يُشَكِّكُ بِهِ عَلَى الشَّرِيعَةِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الدِّيَةِ وَالْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ يَدٌ بِخَمْسٍ مِئِينَ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ ... مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارِ فَأَجَابَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ وِقَايَةُ النَّفْسِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا ... وِقَايَةُ الْمَالِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي وَهُوَ جَوَابٌ بَدِيعٌ مَعَ اخْتِصَارِهِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْيَدَ لَوْ كَانَتْ تُودَى بِمَا تُقْطَعُ فِيهِ أَوْ بِمَا يُقَارِبُهُ لَكَثُرَتْ الْجِنَايَاتُ عَلَى الْأَطْرَافِ لِسُهُولَةِ مَا يَغْرَمُ الْجَانِي فِي مُقَابَلَتِهَا فَغَلَّظَ الشَّرْعُ ذَلِكَ بِأَنْ جَعَلَ دِيَتَهَا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ حِفْظًا لَهَا وَدَفْعًا لِضَرَرِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَتْ لَا تُقْطَعُ إلَّا فِي سَرِقَةِ مَا نُودَى بِهِ لَكَثُرَتْ الْجِنَايَاتُ عَلَى الْأَمْوَالِ، وَقَلَّ مَنْ يُقْطَعُ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ فَحَفِظَ الشَّارِعُ ذَلِكَ بِتَقْلِيلِ مَا تُقْطَعُ فِيهِ حِفْظًا لِلْأَمْوَالِ وَدَفْعًا لِضَرَرِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا. اهـ. وَقَدْ أَجَابَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيْضًا عَنْ ذَلِكَ بِجَوَابٍ مُخْتَصَرٍ جَيِّدٍ فَقَالَ لَمَّا كَانَتْ أَمِينَةً كَانَتْ ثَمِينَةً، وَلَمَّا خَانَتْ هَانَتْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْأُصْبُعِ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ الْأُصْبُعُ الْوُسْطَى مِثْلَ الْمُسَبِّحَةِ، وَالْبِنْصِرُ مِثْلُ الْخِنْصَرِ، وَكَتَبَ أَيْضًا يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِهِ الْعَشْرُ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ مَا لَوْ كَانَ فِي الْكَفِّ سِتُّ أَصَابِعَ أَصْلِيَّةٍ لِاسْتِوَائِهَا فِي الْكَمَالِ وَالْقُوَّةِ فَتَجِبُ سِتُّونَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي طَرِيقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقِصَاصِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَيْرُ خَمْسِينَ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ فِي الْوَاحِدِ مِنْهَا سُدُسَ الدِّيَةِ، وَدَخَلَ فِي إطْلَاقِهِ الْأُصْبُعُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَفَاصِلُ، وَنَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ هُنَاكَ أَنَّ الْأَرْجَحَ عِنْدَهُ نُقْصَانُ شَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الِانْثِنَاءَ إذَا زَالَ سَقَطَ مُعْظَمُ مَنَافِعِ الْأُصْبُعِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ الزَّائِدَةَ إلَخْ) ، وَأَنَّ الْأَنَامِلَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ الْغَالِبَةِ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَانَ كَذَلِكَ فِي الْخِلْقَةِ النَّادِرَةِ، وَلَمَّا لَمْ تَخْتَلِفْ الْأَصَابِعُ فِي الْخِلْقَةِ الْمَعْهُودَةِ فَارَقَهَا حُكْمُ الْخِلْقَةِ النَّادِرَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ كِلَاهُمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَقْرَبُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 فِي الْقِصَاصِ فِي الْأُنْمُلَةِ الْوُسْطَى وَالْعُلْيَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَرْجِيحُ الثَّانِي. (فَرْعٌ) لَوْ (قَطَعَ ذُو) الْيَدَيْنِ (الْبَاطِشَتَيْنِ مُعْتَدِلًا) أَيْ يَدَيْ مُعْتَدِلٍ (لَمْ تُقْطَعْ يَدَاهُ) لِلزِّيَادَةِ (بَلْ لَهُ) أَيْ لِلْمَقْطُوعِ قَطْعُ (يَدٍ) مِنْهُمَا (وَيَأْخُذُ نِصْفَ دِيَةِ) يَدٍ (نَاقِصَةٍ شَيْئًا فَلَوْ بَادَرَ، وَقَطَعَهُمَا عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ (وَأُخِذَتْ مِنْهُ حُكُومَةٌ) لِلزِّيَادَةِ (وَلَا يُقْتَصُّ) صَوَابُهُ، وَيُقْتَصُّ (مِنْ أَصْلِيَّةٍ مَعَ) وُجُودِ (زَائِدَةٍ) حَيْثُ (يُمْكِنُ تَخْصِيصُهَا) أَيْ الْأَصْلِيَّةِ بِالْقَطْعِ، وَإِلَّا فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ الزَّائِدَةِ لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا. (فَرْعٌ) لَوْ (كَانَتْ إحْدَى يَدَيْهِ بَاطِشَةً) دُونَ الْأُخْرَى أَوْ أَقْوَى بَطْشًا مِنْهَا (فَقُطِعَتْ وَأُخِذَتْ دِيَتُهَا فَصَارَتْ الْأُخْرَى بَاطِشَةً) أَوْ أَقْوَى بَطْشًا (صَارَتْ) هِيَ الْأَصْلِيَّةَ حَتَّى لَوْ قَطَعَهَا قَاطِعٌ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ (وَ) لَكِنْ (لَمْ يَسْتَرِدَّ) مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحُكُومَةِ مِمَّا أَخَذَهُ الْمَقْطُوعُ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ بَطْشَ الْأُخْرَى نِعْمَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُغَيِّرُ بِهَا مَا مَضَى (وَكَذَا لَوْ كَانَتَا بَاطِشَتَيْنِ) عَلَى السَّوَاءِ (فَغَرَّمْنَا قَاطِعَ أَحَدَهُمَا) الْأَوْلَى إحْدَاهُمَا (نِصْفَ الدِّيَةِ) لِلْيَدِ (وَالْحُكُومَةَ وَزَادَ بَطْشُ الثَّانِيَةِ لَمْ يَسْتَرِدَّ) مِنْ الْمَقْطُوعِ الدِّيَةَ أَيْ نِصْفَهَا الْمَذْكُورَ (لِتُسَلَّمَ) لَهُ (حُكُومَةٌ) يَعْنِي لَا يَسْتَرِدُّ مِنْ الْمَغْرُومِ عَنْ الْأُولَى مَا يَرُدُّهُ إلَى قَدْرِ الْحُكُومَةِ (وَإِنْ ضَعُفَتْ الثَّانِيَةُ بِقَطْعِهَا) أَيْ الْأُولَى (اُقْتُصَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَاطِعِ الْأُولَى أَوْ أُخِذَتْ دِيَتُهَا؛ لِأَنَّا عَرَفْنَا أَنَّهَا الْأَصْلِيَّةُ. الْعُضْوُ (الْعَاشِرُ الرِّجْلَانِ، وَفِيهِمَا الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ (وَالْأَعْرَجُ كَغَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْعُضْوِ (وَكَذَا) تَجِبُ الدِّيَةُ (لَوْ تَعَطَّلَ مَشْيُهُ بِكَسْرِ ظَهْرِهِ) فَقَطَعَ شَخْصٌ رِجْلَهُ الْمُعَطَّلَةَ؛ لِأَنَّ الرِّجْلَ صَحِيحَةٌ وَالْخَلَلُ فِي غَيْرِهَا (وَلِلْقَدَمِ وَالْأَصَابِعِ) أَيْ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ (حُكْمُ الْكَفِّ، وَأَصَابِعِهَا) فِيمَا مَرَّ فِيهِمَا (وَالسَّاقُ وَالْفَخِذُ كَالسَّاعِدِ وَالْعَضُدِ) فِيمَا مَرَّ فِيهِمَا، وَحُكْمُ الْعَضُدِ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ثُمَّ صَرِيحًا فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَقْتَضِيهِ (وَالْأَصَابِعُ وَالْأَنَامِلُ وَالشَّلَلُ) فِي الرِّجْلِ (كَمَا فِي الْيَدِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهَا لَكِنَّ ذِكْرَ الْأَصَابِعِ مُكَرَّرٌ. (الْعُضْوُ الْحَادِيَ عَشَرَ حَلَمَتَا الْمَرْأَةِ) ، وَهُمَا الْمُجْتَمِعَانِ نَاتِئَيْنِ عَلَى رَأْسِ الثَّدْيَيْنِ (وَفِيهِمَا) أَيْ فِي قَطْعِهِمَا (الدِّيَةُ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْإِرْضَاعِ وَجَمَالَ الثَّدْيِ بِهِمَا كَمَنْفَعَةِ الْيَدَيْنِ وَجَمَالِهِمَا بِالْأَصَابِعِ سَوَاءٌ أَذَهَبَتْ مَنْفَعَةُ الْإِرْضَاعِ أَمْ لَا قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْنُ الْحَلَمَةِ يُخَالِفُ لَوْنَ الثَّدْيِ غَالِبًا، وَحَوَالَيْهَا دَائِرَةٌ عَلَى لَوْنِهَا، وَهِيَ مِنْ الثَّدْيِ لَا مِنْهَا (وَلِبَاقِي الثَّدْيَيْنِ) بَعْدَ قَطْعِ الْحَلَمَتَيْنِ (حُكُومَةٌ فَلَوْ قَطَعَهُمَا مَعَ الْحَلَمَتَيْنِ سَقَطَتْ) أَيْ الْحُكُومَةُ أَيْ لَمْ تَجِبْ لِدُخُولِهَا فِي دِيَةِ الْحَلَمَتَيْنِ كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ (وَ) لَوْ قَطَعَهُمَا (مَعَ جِلْدَةِ الصَّدْرِ فَحُكُومَةُ الْجِلْدَةِ) تَجِبُ مَعَ الدِّيَةِ (فَإِنْ وَصَلَتْ) أَيْ الْجِرَاحَةُ (الْبَاطِنَ فَجَائِفَةٌ) أَيْ فَالْوَاجِبُ أَرْشُ جَائِفَةٍ مَعَ دِيَةِ الْحَلَمَةِ (، وَإِذَا قَطَعَ حَلَمَتَيْ رَجُلٍ أَوْ خُنْثَى فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ لَا دِيَةَ إذْ لَيْسَ فِيهِمَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ بَلْ مُجَرَّدُ جَمَالٍ (وَكَذَا ثُنْدُوَتُهُ) ، وَهِيَ لَحْمَةٌ تَحْتَ حَلَمَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَهْزُولًا فَيَجِبُ فِي قَطْعِهَا مَعَ حَلَمَتِهِ حُكُومَةٌ أُخْرَى (وَلَا يَتَدَاخَلَانِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْطُوعَ مِنْهُ عُضْوَانِ، وَمِنْ الْمَرْأَةِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ. (فَرْعٌ) لَوْ (ضَرَبَ ثَدْيَ امْرَأَةٍ فَشَلَّ) بِفَتْحِ الشِّينِ (فَدِيَةٌ) تَجِبُ كَمَا فِي الْيَدِ (وَإِنْ اسْتَرْسَلَ فَحُكُومَةٌ) لَا دِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ مُجَرَّدُ جَمَالٍ (لَا) إنْ اسْتَرْسَلَ بِذَلِكَ (ثَدْيُ خُنْثَى) فَلَا تَجِبُ حُكُومَةٌ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ) كَوْنُهُ (امْرَأَةً) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رَجُلًا فَلَا يَلْحَقُهُ نَقْصٌ بِالِاسْتِرْسَالِ، وَلَا يَفُوتُ جَمَالُهُ فَإِذَا تَبَيَّنَ امْرَأَةً وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ. الْعُضْوُ (الثَّانِيَ عَشَرَ الذَّكَرُ، وَفِيهِ) أَيْ فِي قَطْعِهِ (لِعِنِّينٍ وَغَيْرِهِ) مِنْ خَصِيٍّ وَشَيْخٍ، وَمَخْتُونٍ وَغَيْرِهِمْ (الدِّيَة) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ (وَتَكْمُلُ) الدِّيَةُ (بِالْحَشَفَةِ) أَيْ بِقَطْعِهَا؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِ الذَّكَرِ، وَهُوَ لَذَّةُ الْجِمَاعِ يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَأَحْكَامُ الْوَطْءِ تَدُورُ عَلَيْهَا فَهِيَ مَعَ الذَّكَرِ كَالْأَصَابِعِ مَعَ الْكَفِّ (وَفِي) قَطْعِ (بَعْضِهَا) بَعْضُ دِيَتِهَا (بِقِسْطِهِ) مِنْهَا؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ تَكْمُلُ بِقَطْعِهَا فَقُسِّطَتْ عَلَى أَبْعَاضِهَا (فَإِنْ اخْتَلَّ) بِالْقَطْعِ (مَجْرَى الْبَوْلِ فَالْأَكْثَرُ مِنْ حُكُومَةٍ) فَسَادُ (الْمَجْرَى، وَقِسْطُهُ) أَيْ الْمَقْطُوعِ (مِنْ الدِّيَةِ) عَلَيْهِ (، وَفِي) قَطْعِ (بَاقِي الذَّكَرِ أَوْ فَلَقَةٍ مِنْهُ حُكُومَةٌ) ، وَكَذَا فِي قَطْعِ الْأَشَلِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ أَشَلَّهُ أَوْ شَقَّهُ طُولًا فَأَبْطَلَ مَنْفَعَتَهُ فَدِيَةٌ) تَجِبُ (أَوْ تَعَذَّرَ) يَضُرُّ بِهِ (الْجِمَاعُ بِهِ لَا الِانْقِبَاضُ وَالِانْبِسَاطُ فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ، وَمَنْفَعَتُهُ بَاقِيَانِ وَالْخَلَلُ فِي غَيْرِهِمَا قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَلَوْ قَطَعَهُ قَاطِعٌ بَعْدَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَرْجِيحُ الثَّانِي) هُوَ الرَّاجِحُ. [فَرْعٌ قَطَعَ ذُو الْيَدَيْنِ الْبَاطِشَتَيْنِ مُعْتَدِلًا أَيْ يَدَيْ مُعْتَدِلٍ] (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ تَخْصِيصُهَا) فِي نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ لَا يُمْكِنُ تَخْصِيصُهَا (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى أَحَدُهَا) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ثُمَّ صَرِيحًا) قَدْ تَقَدَّمَ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا قُطِعَ مِنْ السَّاعِدِ وَالْمَرْفِقِ وَالْعَضُدِ (قَوْلُهُ: وَلِبَاقِي الثَّدْيَيْنِ حُكُومَةٌ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ: لَا قِصَاصَ فِي الثَّدْيِ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ قَالَ الْفَتِيُّ، وَلَك أَنْ تَقُولَ الثَّدْيُ هُوَ الشَّاخِصُ، وَهُوَ أَضْبَطُ مِنْ الشَّفَتَيْنِ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ قَدْ صَرَّحَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ، وَقَالَ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ، وَأَغْرَبُ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ نُقِلَ قَبْلَ الدِّيَاتِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَيْضًا أَنَّ الثَّدْيَ بِالثَّدْيِ، وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ إنَّهُ الْقِيَاسُ [فَرْعٌ ضَرَبَ ثَدْيَ امْرَأَةٍ فَشَلَّ] (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَّ مَجْرَى الْبَوْلِ فَالْأَكْثَرُ مِنْ حُكُومَةِ الْمَجْرَى، وَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ) تَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْقِطْعَةَ مِنْ الْحَشَفَةِ الَّتِي لَهَا الْحِصَّةُ الْمَعْلُومَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْحُكُومَةِ بَلْ يَجِبُ أَرْشُهَا بِالنِّسْبَةِ عَلَى مَا سَبَقَ وَتَجِبُ لِفَسَادِ الْمَجْرَى حُكُومَةٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ. انْتَهَى. وَتَعَقَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَلَا غَيْرُهُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ سَالِمَةٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ قَالَ فَفِي الشَّامِلِ وَالتَّهْذِيبِ عَلَيْهِ الْحُكُومَةُ ثُمَّ قَالَ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَطَعَهُ قَاطِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ وَالْمَسْأَلَةُ غَيْرُ صَافِيَةٍ عَنْ الْإِشْكَالِ فَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا تَفْرِيعًا عَلَى مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ لَا نَقْلًا عَمَّنْ ذَكَرَهُ. انْتَهَى. وَالْبَحْثُ ظَاهِرٌ أَخَذَهُ مِنْ تَعْلِيلِ وُجُوبِ الْحُكُومَةِ السَّابِقِ. الْعُضْوُ (الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ الْأُنْثَيَانِ وَالْأَلْيَتَانِ) ، وَهُمَا النَّائِتَانِ عَنْ الْبَدَنِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ وَالْفَخِذِ (فَفِي) قَطْعِ (كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ الظَّاهِرَةِ فِي الرُّكُوبِ وَالْقُعُودِ وَغَيْرِهِمَا (وَإِنْ نَبَتَتَا) أَيْ الْأَلْيَتَانِ بَعْدَ قَطْعِهِمَا فَلَا تَسْقُطُ الدِّيَةُ كَالْمُوضِحَةِ إذَا الْتَحَمَتْ (فَإِنْ قُطِعَ بَعْضُ الْأَلْيَةِ فَالْقِسْطُ) لَهُ مِنْ دِيَتِهَا (إنْ انْضَبَطَ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي وُجُوبِ دِيَتِهَا (بُلُوغُ الْحَدِيدَةِ فِيهَا إلَى الْعَظْمِ) وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْعُضْوِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، وَلَا نَظَرَ إلَى اخْتِلَافِ الْقَدْرِ النَّاتِئِ وَاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. الْعُضْوُ (الْخَامِسَ عَشَرَ الشُّفْرَانِ) بِضَمِّ الشِّينِ لِلْمَرْأَةِ (فَفِي قَطْعِهِمَا، وَإِشْلَالِهِمَا الدِّيَةُ) ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً إذْ بِهِمَا يَقَعُ الِالْتِذَاذُ بِالْجِمَاعِ سَوَاءٌ شَفْرُ الرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ فِيهِمَا لَيْسَ فِي الشُّفْرَيْنِ بَلْ فِي دَاخِلِ الْفَرْجِ (وَهُمَا) اللَّحْمَانِ (الْمُشْرِفَانِ عَلَى الْمَنْفَذِ) أَيْ الْفَرْجِ (فَإِنْ قُطِعَ الْعَانَةُ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ الذَّكَرِ فَدِيَةٌ، وَحُكُومَةٌ) تَجِبَانِ (وَإِنْ زَالَتْ بِهِ) أَيْ بِقَطْعِهِمَا (الْبَكَارَةُ فَأَرْشُهَا) وَاجِبٌ (مَعَ الدِّيَةِ) ، وَلَوْ قَطَعَهُمَا فَجَرَحَ مَوْضِعَهُمَا آخَرُ بِقَطْعِ لَحْمٍ أَوْ غَيْرِهِ لَزِمَ الثَّانِي حُكُومَةٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. الْعُضْوُ (السَّادِسَ عَشَرَ سَلْخُ الْجِلْدِ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) ؛ لِأَنَّ فِي الْجِلْدِ جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً ظَاهِرَةً (فَإِنْ سُلِخَ مَقْطُوعًا) عُضْوُهُ كَيَدِهِ (أَوْ قُطِعَ مَسْلُوخًا جِلْدُهُ سَقَطَ الْقِسْطُ) مِنْ الدِّيَةِ فَتَجِبُ فِي الْأُولَى دِيَةُ الْجِلْدِ إلَّا قِسْطُ الْعُضْوِ وَتُوَزَّعُ فِي الثَّانِيَةِ مِسَاحَةُ الْجِلْدِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ فَمَا يَخُصُّ الْعُضْوَ يَحُطُّ مِنْ دِيَتِهِ، وَيَجِبُ الْبَاقِي. (فَصْلٌ: فِي) كَسْرِ (التَّرْقُوَتَيْنِ حُكُومَةٌ) كَالضِّلْعِ وَسَائِرِ الْعِظَامِ (لَا جَمَلٌ) نَفْيٌ لِمَا قِيلَ إنَّ فِيهِمَا جَمَالًا لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَضَى بِذَلِكَ، وَحَمَلَهُ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ الْحُكُومَةَ كَانَتْ فِي الْوَاقِعَةِ قَدْرَ جَمَلٍ وَالتَّرْقُوَةُ بِفَتْحِ التَّاءِ الْعَظْمُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَثُغْرَةِ النَّحْرِ. (الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْمَنَافِعُ) أَيْ إزَالَتُهَا (وَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا الْأَوَّلُ الْعَقْلُ، وَفِيهِ إنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ) بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي مُدَّةٍ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعِيشُ إلَيْهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي السَّمْعِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُهُ فِي الْبَصَرِ وَنَحْوِهِ (الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَعَانِي، وَبِهِ يَتَمَيَّزُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ الْأُنْثَيَانِ وَالْأَلْيَتَانِ) لَوْ قَطَعَ أُنْثَيَيْهِ فَذَهَبَ مَنِيُّهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ (قَوْلُهُ: السَّادِسَ عَشَرَ سَلْخُ الْجِلْدِ) ، وَفِيهِ الدِّيَةُ إنْ بَقِيَ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، وَحَزَّ غَيْرُ السَّالِخِ رَقَبَتَهُ أَوْ السَّالِخُ، وَإِحْدَى جِنَايَتَيْهِ عَمْدٌ وَالْأُخْرَى خَطَأٌ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ عَاشَ، وَلَمْ يَنْبُتْ فَدِيَةٌ، وَإِنْ نَبَتَ فَحُكُومَةٌ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِنَّمَا يَجِبُ فِي حَالِ عَوْدِهِ أَقَلُّ مِمَّا يَجِبُ إذَا لَمْ يَعُدْ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ إيجَابَ الدِّيَةِ فِي السَّلْخِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاصِّ فِي التَّلْخِيصِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَتَبِعَهُ الْإِمَامُ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ فِي الْأُمِّ وَبِهِ جَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْحُكُومَةُ، وَلَا يَبْلُغُ بِهَا دِيَةُ النَّفْسِ وَيُعْتَبَرُ انْدِمَالُهُ فَإِذَا عَادَ جِلْدُهُ كَانَتْ حُكُومَتُهُ أَقَلَّ مِنْهَا إذَا لَمْ يَعُدْ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ عَنْ النَّصِّ ثُمَّ خَالَفَهُ، وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى مَنْ سُلِخَ بَعْضُ جِلْدِهِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ، وَإِنْ قُطِعَ اللَّحْمُ النَّاتِئُ عَلَى الظَّهْرِ أَيْ مِنْ جَانِبَيْ السَّلْسَلَةِ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا، وَفِي بَعْضِهِ بِحِسَابِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهِيَ غَرِيبَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي وَالتَّحْرِيرِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ كَعَادَتِهِ [فَصْلٌ فِي كَسْرِ التَّرْقُوَتَيْنِ] (الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْمَنَافِعُ، وَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا) (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الْعَقْلُ) قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَنَافِعِ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْرِيفِ الْعَقْلِ عَلَى أَقْوَالٍ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ مَلَكَةٌ أَيْ هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ تُدْرَكُ بِهَا الْعُلُومُ. ثَانِيهَا أَنَّهُ نَفْسُ الْعِلْمِ، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ وَحَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَهْلِ الْحَقِّ قَالُوا وَاخْتِلَافُ النَّاسِ فِي الْعُقُولِ لِكَثْرَةِ الْعُلُومِ وَقِلَّتِهَا. ثَالِثُهَا أَنَّهُ بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَتَبِعَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا فَخَرَجَ بِالضَّرُورِيَّةِ النَّظَرِيَّةُ لِصِحَّةِ الِاتِّصَافِ بِالْعَقْلِ مَعَ انْتِفَائِهَا، وَلَمْ يَجْعَلْهُ جَمِيعَ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنَّ مَنْ فَقَدَ الْعِلْمَ بِمُدْرِكٍ غَيْرِ عَاقِلٍ، وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فَقُلْت لَهُ أَتَخُصُّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الضَّرُورَةِ فَقَالَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَا صَحَّ مَعَهُ الِاسْتِنْبَاطُ، وَنَقَلَ الْقُشَيْرِيُّ فِي الْمُرْشِدِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا أُنْكِرُ وُرُودَ الْعَقْلِ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنًى، وَلَكِنَّ غَرَضِي أَنْ أُبَيِّنَ الْعَقْلَ الَّذِي رُبِطَ بِهِ التَّكْلِيفُ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُهُ فِي الْبَصَرِ وَنَحْوِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِمَامَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي السَّمْعِ خَاصَّةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِي سَائِرِ الْمَعَانِي الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الدِّيَةُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَإِنْ كَانَ الرَّافِعِيُّ نَقَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ فِي السَّمْعِ خَاصَّةً، وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ: كُلُّ حَاسَّةٍ تَخْتَصُّ بِمَنْفَعَةٍ كَالْعَقْلِ أَوْ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ الْكَلَامِ أَوْ الشَّمِّ إذَا أُزِيلَتْ، وَجَبَتْ فِيهَا دِيَةُ النَّفْسِ إلَى أَنْ قَالَ، وَإِذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فِي الْعَقْلِ أَوْ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ إنَّهُ يَعُودُ إلَى مُدَّةٍ انْتَظَرَ إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَعُدْ عِنْدَهَا أَوْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَلَمْ تَسْقُطْ بِعَوْدٍ مَظْنُونٍ. اهـ. بَلْ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي نَفْسُهُ دَالٌّ عَلَيْهِ فِي الْعَقْلِ فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ قَالُوا يَعُودُ الْعَقْلُ انْتَظَرَ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ أَوْجَبْنَا الدِّيَةَ، وَإِنْ عَادَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا فَلَا مُطَالَبَةَ أَوْ بَعْدَهُ رُدَّتْ كَمَا فِي ضَوْءِ الْبَصَرِ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ فَإِنْ قَالُوا يَعُودُ إلَى مُدَّةٍ قَدَّرُوهَا اُنْتُظِرَ فَإِنْ مَضَتْ، وَلَمْ يَعُدْ أَوْجَبْنَا الدِّيَةَ، وَإِنْ عَادَ فَلَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَعَانِي) فَكَانَ أَحَقَّ بِكَمَالِ الدِّيَةِ، وَلِذَلِكَ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَوْلُهُ وَبِهِ يَتَمَيَّزُ الْإِنْسَانُ عَنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 الْإِنْسَانُ عَنْ الْبَهِيمَةِ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْمُرَادُ الْعَقْلُ الْغَرِيزِيُّ الَّذِي بِهِ التَّكْلِيفُ دُونَ الْمُكْتَسَبِ الَّذِي بِهِ حُسْنُ التَّصَرُّفِ فَفِيهِ الْحُكُومَةُ (فَإِنْ رُجِيَ) عَوْدُهُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (اُنْتُظِرَ) فَإِنْ عَادَ فَلَا ضَمَانَ (كَمَنْ) أَيْ كَمَا فِي سِنِّ مَنْ (لَمْ يُثْغِرْ، وَفِي) إزَالَةِ (بَعْضِهِ) بَعْضُ الدِّيَةِ (بِالْقِسْطِ إنْ انْضَبَطَ بِزَمَانٍ) كَمَا لَوْ كَانَ يُجَنُّ يَوْمًا، وَيُفِيقُ يَوْمًا (أَوْ غَيْرَهُ) بِأَنْ يُقَابَلَ صَوَابُ قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ بِالْمُخْتَلِّ مِنْهُمَا، وَتُعْرَفُ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا. (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ بِأَنْ كَانَ يَفْزَعُ أَحْيَانًا مِمَّا لَا يَفْزَعُ أَوْ يَسْتَوْحِشُ إذَا خَلَا (فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ يُقَدِّرُهَا الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ، وَكَذَا حَيْثُ تَجِبُ فِي سَائِرِ الْمَنَافِعِ الْآتِيَةِ (وَلَا قِصَاصَ فِيهِ) لِلْخِلَافِ فِي مَحَلِّهِ وَلِعَدَمِ الْإِمْكَانِ (وَإِذَا زَالَ) الْعَقْلُ (بِجِنَايَةٍ لَهَا أَرْشٌ) مُقَدَّرٌ (أَوْ حُكُومَةٌ وَجَبَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (مَعَ دِيَتِهِ) أَيْ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ أَبْطَلَتْ مَنْفَعَةً لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ فَكَانَتْ كَمَا لَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ سَمْعُهُ أَوْ بَصَرُهُ فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَزَالَ عَقْلُهُ وَجَبَ ثَلَاثُ دِيَاتٍ (وَإِنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرِ عَوْدُهُ فِيهَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ) كَمَا جَزَمَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَاعْتِبَارُ الْمُدَّةِ وَالتَّصْرِيحِ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا تَنْظِيرُ الِانْتِظَارِ فِيمَا مَرَّ بِسِنِّ مَنْ لَمْ يُثْغِرْ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ تَوَقَّعَ عَوْدَهُ فَيَتَوَقَّفُ فِي الدِّيَةِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِقَامَةِ فَفِي الدِّيَةِ وَجْهَانِ كَمَا لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَمَاتَ قَبْلَ عَوْدِهَا، وَقَوْلُهُ سِنَّ مَثْغُورٍ، وَصَوَابُهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ سِنَّ غَيْرِ مَثْغُورٍ فَإِنَّهُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، وَإِنْ كَانَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ مَا عَبَّرَ بِهِ (فَإِنْ كَذَّبَهُ الْجَانِي) فِي زَوَالِ عَقْلِهِ وَنَسَبِهِ إلَى التَّجَانُنِ (اُخْتُبِرَ فِي غَفَلَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ قَوْلُهُ، وَفِعْلُهُ أُعْطِيَ) الدِّيَةَ (بِلَا يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَجَانَنُ فِي الْجَوَابِ، وَيَعْدِلُ إلَى كَلَامٍ آخَرَ؛ وَلِأَنَّ يَمِينَهُ تُثْبِتُ جُنُونَهُ. وَالْمَجْنُونُ لَا يَحْلِفُ لَا يُقَالُ يُسْتَدَلُّ بِحَلِفِهِ عَلَى عَقْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجْرِي انْتِظَامُ ذَلِكَ مِنْهُ اتِّفَاقًا نَعَمْ إنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ حَلَفَ زَمَنَ إفَاقَتِهِ (وَإِنْ انْتَظَمَا حَلَفَ الْجَانِي) لِاحْتِمَالِ صُدُورِ الْمُنْتَظِمِ اتِّفَاقًا أَوْ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ وَالِاخْتِبَارِ بِأَنْ يُكَرِّرَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ. (الثَّانِي السَّمْعُ) أَيْ إزَالَتُهُ (وَفِيهِ الدِّيَةُ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «، وَفِي السَّمْعِ الدِّيَةُ» وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ الْحَوَاسِّ فَكَانَ كَالْبَصَرِ (وَ) فِي إزَالَتِهِ (مَعَ) قَطْعِ (الْأُذُنَيْنِ) (دِيَتَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأُذُنَيْنِ (، وَفِي) إزَالَةِ (سَمْعِ إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا) أَيْ الدِّيَةِ لَا لِتَعَدُّدِ السَّمْعِ فَإِنَّهُ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا التَّعَدُّدُ فِي مَنْفَذِهِ بِخِلَافِ ضَوْءِ الْبَصَرِ إذْ تِلْكَ اللَّطِيفَةُ مُتَعَدِّدَةٌ، وَمَحَلُّهَا الْحَدَقَةُ بَلْ؛ لِأَنَّ ضَبْطَ نُقْصَانِهِ بِالْمَنْفَذِ أَقْرَبُ مِنْهُ بِغَيْرِهِ (فَإِنْ قَالُوا) أَيْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ (يَعُودُ، وَقَدَّرُوا) لِعَوْدِهِ (مُدَّةً لَا يُسْتَبْعَدُ عَيْشُهُ) أَيْ أَنْ يَعِيشَ (إلَيْهَا اُنْتُظِرَتْ) فَإِنْ اُسْتُبْعِدَ ذَلِكَ أُخِذَتْ الدِّيَةُ، وَلَا تُنْتَظَرُ الْمُدَّةُ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرُوا مُدَّةً أُخِذَتْ الدِّيَةُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لَا إلَى غَايَةٍ كَالتَّفْوِيتِ (وَإِنْ قَالُوا) لَطِيفَةُ السَّمْعِ بَاقِيَةٌ فِي مَقَرِّهَا، وَلَكِنْ (ارْتَتَقَ الْمَنْفَذُ) يَعْنِي مَنْفَذَ السَّمْعِ أَوْ الشَّمِّ (وَالسَّمْعُ أَوْ الشَّمُّ بَاقٍ فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ لَا دِيَةٌ لِبَقَاءِ السَّمْعِ (إنْ لَمْ يُرْجَ فَتْقُهُ) فَإِنْ رُجِيَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ (وَلَوْ أَذْهَبَ سَمْعَ طِفْلٍ فَلَمْ يَنْطِقْ) بِأَنْ تَعَطَّلَ مَعَ بَقَاءِ قُوَّتِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ دِيَةُ) تَعْطِيلِ (النُّطْقِ بَلْ حُكُومَةٌ) ؛ لِأَنَّ الطِّفْلَ يَتَدَرَّجُ إلَى النُّطْقِ تَلَقِّيًا مِمَّا يَسْمَعُ نَعَمْ تَجِبُ الدِّيَةُ لِإِزَالَةِ سَمْعِهِ (، وَيُمْتَحَنُ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (إنْ ادَّعَى زَوَالَهُ) ، وَأَنْكَرَهُ الْجَانِي (فِي غَفَلَاتِهِ وَنَوْمِهِ بِالْأَصْوَاتِ الْمُنْكَرَةِ فَإِنْ انْزَعَجَ) عَلِمَا كَذِبَهُ، وَ (حَلَفَ الْجَانِي)   [حاشية الرملي الكبير] الْبَهِيمَةِ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِشَيْءٍ انْتِفَاعَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْعَقْلُ الْغَرِيزِيُّ) ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِالْمُدْرَكَاتِ الضَّرُورِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَفِي إزَالَةِ بَعْضِهِ بَعْضُ الدِّيَةِ) الْعَقْلُ الْغَرِيزِيُّ لَا يَتَبَعَّضُ فِي ذَاتِهِ بِأَنَّهُ مَحْدُودٌ بِمَا لَا يَتَجَزَّأُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَذْهَبَ بَعْضُهُ وَيَبْقَى بَعْضُهُ، وَلَكِنْ قَدْ يَتَبَعَّضُ زَمَانُهُ فَيَعْقِلُ يَوْمًا وَيُجَنُّ يَوْمًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَتَبَعَّضُ. (قَوْلُهُ: لِلْخِلَافِ فِي مَحَلِّهِ) فَقِيلَ الْقَلْبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَأَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَقِيلَ الدِّمَاغُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَطِبَّاءِ، وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا د (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَزَالَهُ بِجِنَايَةٍ لَهَا أَرْشٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ أَزَالَ عَقْلَهُ بِمُبَاشَرَةٍ لَا تُوجِبُ غُرْمًا كَاللَّطْمَةِ وَاللَّكْمَةِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا تَجِبُ إلَّا الدِّيَةُ، وَهَلْ يُعَزَّرُ؟ . فِيهِ وَجْهَانِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ أَبْطَلَتْ مَنْفَعَةً لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ الْقَلْبُ لَا الدِّمَاغُ إذْ لَوْ كَانَ فِي الرَّأْسِ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ دِيَةِ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَجَّ رَأْسَهُ، وَأَتْلَفَ عَلَيْهِ الْعَقْلَ الَّذِي هُوَ مَنْفَعَةٌ فِي الْعُضْوِ الْمَشْجُوجِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَذَّبَهُ الْجَانِي فِي دَعْوَى زَوَالِهِ مِنْ وَلِيِّهِ) أَوْ مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: أَعْطَى الدِّيَةَ بِلَا يَمِينٍ) فَإِنْ كَانَ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعًا وَادَّعَى زَمَنَ إفَاقَتِهِ حَلَفَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالِاخْتِبَارُ بِأَنْ يُكَرَّرَ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَطَرِيقُ الْعِلْمِ بِذَهَابِ عَقْلِهِ أَنْ نَمْتَحِنَهُ بِأَفْعَالِهِ مَرَّاتٍ حَتَّى يَقَعَ لَنَا الْعِلْمُ بِذَهَابِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَصَنِّعٍ فِي ذَلِكَ ثُمَّ نَسْأَلُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ فَإِنْ قَالُوا هَذَا يَزُولُ تَرَبَّصْنَا بِهِ الْمُدَّةَ فَإِنْ زَالَ لَمْ نَحْكُمْ بِشَيْءٍ، وَإِلَّا حَكَمْنَا بِالدِّيَةِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ الْحَوَاسِّ) فَكَانَ كَالْبَصَرِ بَلْ هُوَ أَشْرَفُ مِنْهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُدْرَكُ بِهِ مِنْ الْجِهَاتِ، وَفِي النُّورِ وَالظُّلْمَةِ، وَلَا يُدْرَكُ بِالْبَصَرِ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْمُقَابَلَةِ وَبِوَاسِطَةٍ مِنْ ضِيَاءٍ أَوْ شُعَاعٍ وَتَقْدِيمِ ذِكْرِ السَّمْعِ فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ يَقْتَضِي أَفْضَلِيَّتَهُ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ بِتَفْضِيلِ الْبَصَرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السَّمْعَ لَا يُدْرَكُ بِهِ إلَّا الْأَصْوَاتُ وَالْبَصَرُ تُدْرَكُ بِهِ الْأَجْسَامُ وَالْأَلْوَانُ وَالْهَيْئَاتُ فَلَمَّا كَانَتْ تَعَلُّقَاتُهُ أَكْثَرَ كَانَ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالُوا يَعُودُ، وَقَدَّرُوا مُدَّةَ إلَخْ) نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي السَّمْعِ خَاصَّةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِي سَائِرِ الْمَعَانِي الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الدِّيَةُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اُسْتُبْعِدَ ذَلِكَ أُخِذَتْ الدِّيَةُ) ، وَلَا تُنْظَرُ الْمُدَّةُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَيُمْتَحَنُ إنْ ادَّعَى زَوَالَهُ إلَخْ) صُورَةُ امْتِحَانِهِ أَنْ يَتَغَفَّلَ ثُمَّ يُصَاحُ بِأَزْعَج صَوْتِ، وَأَهْوَلِهِ أَوْ بِأَنْ يُطْرَحَ فِي مَوْضِعِ جُلُوسِهِ طَسْتٌ أَوْ نَحْوُهُ عَلَى صَخْرَةٍ مِنْ مَوْضِعٍ عَالٍ (قَوْلُهُ: بِالْأَصْوَاتِ الْمُنْكَرَةِ) كَالرَّعْدِ وَطَرْحِ شَيْءٍ لَهُ صَوْتٌ مِنْ عُلُوٍّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 إنَّ سَمْعَهُ بَاقٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ انْزِعَاجُهُ اتِّفَاقًا (وَإِلَّا) عَلِمْنَا صِدْقَهُ، وَ (حَلَفَ هُوَ) لِاحْتِمَالِ تَجَلُّدِهِ، وَلَا بُدَّ فِي امْتِحَانِهِ مِنْ تَكَرُّرِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ (وَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ زَوَالَهُ (مِنْ إحْدَاهُمَا حُشِيَتْ الْأُخْرَى وَامْتُحِنَ) كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ادَّعَى زَوَالَ بَعْضِهِ) مِنْ الْأُذُنَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا، وَكَذَّبَهُ الْجَانِي (صُدِّقَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (وَقُسِّطَ) وَاجِبُ السَّمْعِ عَلَى الزَّائِلِ وَالْبَاقِي (إنْ أَمْكَنَ) التَّقْسِيطُ بِأَنْ عَرَفَ فِي الْأُولَى أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فَصَارَ يَسْمَعُ مِنْ دُونِهِ، وَبِأَنْ يَخْشَى فِي الثَّانِيَةِ الْعَلِيلَةَ، وَيَضْبِطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْأُخْرَى ثُمَّ يَعْكِسَ، وَيَجِبَ قِسْطُ التَّفَاوُتِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ نِصْفًا وَجَبَ فِي الْأُولَى نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ رُبُعُهَا (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّقْسِيطُ (فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ. (الثَّالِثُ الْبَصَرُ، وَفِيهِ) أَيْ فِي إزَالَتِهِ (الدِّيَةُ) قَالُوا لِخَبَرِ مُعَاذٍ «فِي الْبَصَرِ الدِّيَةُ» ، وَهُوَ غَرِيبٌ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ سَوَاءٌ الْأَحْوَلُ وَالْأَعْمَشُ وَالْأَعْشَى وَغَيْرُهُمْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إزَالَتِهِ (وَحْدَهُ، وَ) إزَالَتِهِ (مَعَ الْعَيْنَيْنِ) كَمَا فِي الْبَطْشِ مَعَ الْيَدَيْنِ بِخِلَافِ السَّمْعِ مَعَ الْأُذُنَيْنِ لِمَا مَرَّ (، وَفِي) إزَالَةِ (بَعْضِهِ) بَعْضُ دِيَتِهِ (بِالْقِسْطِ) (إنْ تَقَدَّرَ) أَيْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُهُ بِأَنْ كَانَ يَرَى الشَّخْصَ مِنْ مَسَافَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَصَارَ لَا يَرَاهُ إلَّا مِنْ بَعْضِهَا (وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ) كَمَا فِي السَّمْعِ (وَلَوْ اخْتَلَفَا) فِي زَوَالِهِ مِنْ الْعَيْنَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا (حُكِمَ) فِيهِ (بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ) مُطْلَقًا (أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إنْ كَانَ خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْعَدَالَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُمْتَحَنُ بِمِثْلِ) تَقْرِيبِ (حَيَّةٍ مُغَافِصَةٍ) أَيْ بَغْتَةٍ فَإِنْ انْزَعَجَ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ، وَإِلَّا فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، وَخَيْرٌ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بَيْنَ الِامْتِحَانِ بِذَلِكَ وَسُؤَالِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنَّهُمْ إذَا أَوْقَفُوا الشَّخْصَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِ الشَّمْسِ وَنَظَرُوا فِي عَيْنِهِ عَرَفُوا أَنَّ الضَّوْءَ ذَاهِبٌ أَوْ قَائِمٌ بِخِلَافِ السَّمْعِ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَتِهِ لَكِنْ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُمْ إذَا تَوَقَّعُوا عَوْدَهُ، وَقَدَّرُوا لَهُ مُدَّةً انْتَظَرَ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُمْ طَرِيقًا إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ نَقْلُ سُؤَالِهِمْ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَجَمَاعَةٍ وَالِامْتِحَانُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَرَدَ الْأَمْرَ إلَى خِيَرَةِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَرَتَّبَ فِي الْكِفَايَةِ فَقَالَ يُسْأَلُونَ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمْ اُمْتُحِنَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مُتَعَيَّنٌ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِجَمْعِهِ بَيْنَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَفَ هُوَ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا بُدَّ فِي يَمِينِهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِذَهَابِ سَمْعِهِ بِجِنَايَةِ الْجَانِي فَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ جِنَايَتِهِ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِالدِّيَةِ لِجَوَازِ ذَهَابِهِ بِغَيْرِ جِنَايَتِهِ. (قَوْلُهُ: الثَّالِثُ الْبَصَرُ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ رَجُلٍ أَرْمَدَ أَتَى امْرَأَةً بِالْبَادِيَةِ تَدَّعِي الطِّبَّ لِتُدَاوِيَ عَيْنَهُ فَكَحَّلَتْهُ فَتَلِفَتْ عَيْنُهُ هَلْ يَلْزَمُهَا ضَمَانُهَا؟ . فَأَجَابَ إنْ ثَبَتَ أَنَّ ذَهَابَ عَيْنِهِ بِدَوَائِهَا فَعَلَى عَاقِلَتِهَا ضَمَانُهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ تَعَدَّتْ فَعَلَيْهَا فِي مَالِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَرْمَدُ أَذِنَ لَهَا فِي الْمُدَاوَاةِ بِهَذَا الدَّوَاءِ الْمُعَيَّنِ فَلَا تَضْمَنُ، قَالَ: وَنَظِيرُهُ مَا إذَا أَذِنَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ فِي قَطْعِ سِلْعَتِهِ أَوْ فَصْدِهِ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ أَمَّا إذَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ فَلَا يَتَنَاوَلُ إذْنُهُ مَا يَكُونُ سَبَبًا فِي إتْلَافِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَطْشِ مَعَ الْيَدَيْنِ) أَيْ ابْتِدَاءً أَمَّا لَوْ عَادَ إذْهَابُهُ الْبَصَرَ فَفَقَأَهُمَا فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي زَوَالِهِ مِنْ الْعَيْنَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا حُكِمَ فِيهِ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَحْسَنُ مَنْ رَأَيْته ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلْنَذْكُرْ كَلَامَهُ، وَإِنْ تَضَمَّنَ تَكْرَارًا فَفِي ضِمْنِهِ فَوَائِدُ إذَا ذَهَبَ ضَوْءُهَا رُوجِعَ الْأَطِبَّاءُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا حَالَهَا، وَجَوَّزُوا ذَهَابَهُ وَبَقَاءَهُ عَمِلْنَا بِقَوْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَعْدَ الِاسْتِظْهَارِ إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا فَيُسْتَقْبَلُ فِي غَفَلَاتِهِ بِمَا يُزْعِجُ الْبَصَرَ رُؤْيَتُهُ وَيُشَارُ إلَى عَيْنِهِ بِمَا يَتَوَقَّاهُ الْبَصَرُ بِإِغْمَاضِهِ، وَيُؤْمَرُ بِالْمَشْيِ فِي طَرِيقِ الْحَفَائِرِ وَالْآبَارِ، وَمَعَهُ مَنْ يُحَوِّلُهُ عَنْهَا، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ فَإِذَا بَانَ صِدْقُهُ قَضَى لَهُ بِالْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ وَبِالدِّيَةِ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ تَوَقَّى ذَلِكَ حَلَفَ الْجَانِي إنَّ بَصَرَهُ لَبَاقٍ لَمْ يَذْهَبْ. وَإِنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَقَفَ أَمْرُهُمَا إلَى كَمَالِهِمَا ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا فَإِنْ مَاتَا قَبْلَ ذَلِكَ خَلَفَهُمَا وَلِيُّهُمَا فِي ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ الْأَطِبَّاءُ الْحَالَ فَفِيهِ أَقْسَامٌ. الْأَوَّلُ أَنْ يَشْهَدَ عَدْلَانِ مِنْهُمْ بِبَقَاءِ الْبَصَرِ فِي الْحَالِ، وَمَا بَعْدَهَا فَيُحْكَمُ بِهِمَا وَيَبْرَأُ الْجَانِي مِنْ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ ثُمَّ إنْ كَانَ لِلْجِنَايَةِ أَثَرٌ أُخِذَ بِحُكُومَتِهِ، وَلَمْ يُعَزَّرْ، وَإِلَّا عُزِّرَ أَدَبًا، وَلَا غُرْمَ الثَّانِي أَنْ يَشْهَدَا بِبَقَاءِ بَصَرِهِ فِي الْحَالِ، وَجَوَازِ ذَهَابِهِ فِي الثَّانِي، فَإِنْ قَدَّرَا لِتَجْوِيزِ ذَهَابِهِ مُدَّةً فَقَالَا يَجُوزُ ذَهَابُهُ إلَى سَنَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ بَعْدَهَا عُمِلَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَوُقِفَ سَنَةً فَإِنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ فِيهَا فَلَهُ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْدَهَا فَلَا دِيَةَ وَتَجِبُ حُكُومَةٌ إنْ كَانَ ثَمَّ أَثَرٌ، وَلَا يُعَزَّرُ، وَإِلَّا عُزِّرَ، وَلَا غُرْمَ فَعَلَى هَذَا لَوْ فَقَأَ بَصَرَهُ آخَرُ أَخَذَ بِهِ قَوَدًا وَدِيَةً دُونَ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ فَقَأَهَا فِي السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا لِبَقَاءِ الْبَصَرِ حَالَ جِنَايَتِهِ. الثَّالِثُ أَنْ يَشْهَدَا بِذَهَابِهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَهُ فَلَهُ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ إذَا شَهِدَ لَهُ رَجُلَانِ، وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ إذَا شَهِدَ لَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِنْهُمْ. الرَّابِعُ أَنْ يَشْهَدَا بِذَهَابِهِ فِي الْحَالِ، وَجَوَازِ عَوْدِهِ فِي الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يُقَدِّرُوا مُدَّةً لِعَوْدِهِ، وَقَالُوا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْأَبَدِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ لَمْ تُوجِبْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ تَوَقُّفَ عَنْ قِصَاصٍ، وَلَا دِيَةٍ، وَأُخِذَا فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَدَّرُوهُ بِمُدَّةٍ، وَقَالُوا يَجُوزُ عَوْدُهُ إلَى سَنَةٍ فَإِنْ عَادَ فِيهَا بَرِئَ الْجَانِي، وَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ إنْ أَثَّرَتْ جِنَايَتُهُ، وَلَا يُعَزَّرُ، وَإِلَّا عُزِّرَ، وَلَا غُرْمَ، وَإِنْ انْقَضَتْ السَّنَةُ، وَلَمْ يَعُدْ أُخِذَ بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ. فَلَوْ فَقَأَ عَيْنَيْهِ آخَرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ فَالْقَوَدُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَقَالَ الْأَوَّلُ عَادَ الْبَصَرُ قَبْلَ جِنَايَتِك فَعَلَيْك ضَمَانُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الثَّانِي بِيَمِينِهِ، وَإِنْ ادَّعَيَا عِلْمَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَظَرٌ إنْ صُدِّقَ الثَّانِي أَنَّ بَصَرَهُ لَمْ يَعُدْ حَلَفَ لِلْأَوَّلِ إنْ طَلَبَ يَمِينَهُ، وَقَضَى عَلَيْهِ بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ، وَإِنْ صُدِّقَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ عَادَ قَبْلَ جِنَايَةِ الثَّانِي بَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ الْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ بِتَصْدِيقِهِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: عَلَى الثَّانِي، وَهُدِرَتْ عَيْنُهُ، وَإِنْ لَمْ يَجْنِ عَلَيْهِ جَانٍ بَلْ مَاتَ عِنْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ أُخِذَ الْجَانِي بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ يَسْأَلُونَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مُتَعَيَّنٌ إلَخْ) ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَإِنَّهُ إنَّمَا يَمْتَحِنُهُ عِنْدَ فَقْدِهِمْ أَوْ تَحَيُّرِهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 السُّؤَالِ وَالِامْتِحَانِ إلَّا أَنْ تَجْعَلَ الْوَاوَ لِلتَّقْسِيمِ فَيُوَافِقَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ. وَإِذَا رُوجِعَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَشَهِدُوا بِذَهَابِ الْبَصَرِ فَلَا حَاجَة إلَى التَّحْلِيفِ وَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ بِخِلَافِ الِامْتِحَانِ، وَلَا بُدَّ مِنْ التَّحْلِيفِ بَعْدَهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (ثُمَّ إنْ قَالُوا يَعُودُ) ، وَقَدَّرُوا مُدَّةً (اُنْتُظِرَ كَالسَّمْعِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ عَوْدِهِ فِي الْمُدَّةِ (فَالدِّيَةُ) تَجِبُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ عَوْدِهِ لَوْ عَاشَ (لَا الْقِصَاصُ) فَلَا يَجِبُ لِلشُّبْهَةِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ الْبَغَوِيّ وَصَاحِبَ الْمُهَذَّبِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وُجُوبَهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ (وَإِنْ ادَّعَى) الْجَانِي (عَوْدَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ) ، وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ (صُدِّقَ الْوَارِثُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عَوْدِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى النَّقْصَ فِي عَيْنٍ أَوْ أُذُنٍ عُصِبَتْ) أَيْ الْعَيْنُ (أَوْ حُشِيَتْ) أَيْ الْأُذُنُ (وَأُطْلِقَتْ الْأُخْرَى، وَعَرَفَ مِقْدَارَ رُؤْيَتِهَا لِلْمَاشِي) مَثَلًا فِي الْأُولَى بِأَنْ يُوقَفَ شَخْصٌ بِمَوْضِعٍ يَرَاهُ، وَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَبَاعَدَ عَنْهُ حَتَّى يَقُولَ لَا أَرَاهُ فَيَعْلَمُ عَلَى الْمَسَافَةِ (أَوْ) مِقْدَارَ (سَمَاعِ صَوْتِهِ) فِي الثَّانِيَةِ بِأَنْ يَجْلِسَ بِمَحَلٍّ، وَيُؤْمَرُ مَنْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ ثُمَّ يَقْرُبُ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَقُولَ سَمِعْت فَيَعْلَمُ الْمَوْضِعَ (ثُمَّ) عُصِبَتْ الْعَيْنُ أَوْ حُشِيَتْ الْأُذُنُ (الثَّانِيَةُ) وَأُطْلِقَتْ الْأُولَى (وَيُغَيِّرُ) فِي الْأُولَى (لِبَاسَ الْمُتَرَاءَى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَيُؤْمَرُ بِأَنْ يَقْرُبَ رَاجِعًا إلَى أَنْ يَرَاهُ فَيَضْبِطُ مَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ، وَيَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ (وَ) يُغَيِّرُ فِي الثَّانِيَةِ (صَوْتَهُ) أَيْ الْمُصَوِّتُ (عِنْدَ الِامْتِحَانِ لِلصَّحِيحَةِ، وَيَنْتَقِلُ فِي الْجِهَةِ) أَيْ فِي سَائِرِ الْجِهَاتِ عِنْدَ الِامْتِحَانِ (لِلْعَلِيلَةِ فَإِنْ اسْتَوَتْ الْمِسَاحَةُ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا حَلَفَ الْجَانِي) ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْجِهَاتِ لَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْحَلِفِ فِي ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَإِذَا عُرِفَ تَفَاوُتُ الْمِسَاحَتَيْنِ فَالْوَاجِبُ الْقِسْطُ (فَإِنْ أَبْصَرَ بِالصَّحِيحَةِ أَوْ سَمِعَ مِنْ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ، وَبِالْأُخْرَى مِنْ مِائَةٍ فَالنِّصْفُ) مِنْ الدِّيَةِ يَجِبُ، وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ السَّمْعِ فِي الْمِثَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَإِنْ قَالُوا) أَيْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ (الْمِائَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ مِائَتَيْنِ وَجَبَ الثُّلُثَانِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَكِنْ لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّ الْمِائَةَ الثَّانِيَةَ تَحْتَاجُ إلَى مِثْلَيْ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمِائَةُ الْأُولَى لِقُرْبِ الْأُولَى وَبُعْدِ الثَّانِيَةِ وَجَبَ ثُلُثَا دِيَةِ الْعَلِيلَةِ (فَإِنْ أَعْشَاهُ لَزِمَهُ نِصْفُ دِيَةٍ، وَفِي) إزَالَةِ عَيْنِ (الْأَعْشَى) الَّذِي عَشِيَتْ عَيْنَاهُ (بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ الدِّيَةُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّهْذِيبِ نِصْفُهَا) أَيْ وُجُوبُ نِصْفِهَا مُوَزَّعًا عَلَى إبْصَارِهِ بِالنَّهَارِ، وَعَدَمِ إبْصَارِهِ بِاللَّيْلِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَعْمَشَهُ أَوْ أَخْفَشَهُ أَوْ أَحْوَلَهُ) أَوْ أَشْخَصَ بَصَرَهُ (فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَخْفَشَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنَّهُ تَرَكَ مِنْ الْأَصْلِ إشْخَاصَ الْبَصَرِ. (وَإِنْ أَذْهَبَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ شَخْصَيْنِ (الضَّوْءَ وَالْآخَرُ الْحَدَقَةَ وَاخْتَلَفَا فِي عَوْدِ الضَّوْءِ) ، وَعَدَمِ عَوْدِهِ فَقَالَ الثَّانِي قَلَعْت الْحَدَقَةَ قَبْلَ عَوْدِهِ، وَقَالَ الْأَوَّلُ بَلْ بَعْدَهُ (صُدِّقَ الثَّانِي) بِيَمِينِهِ (وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عَوْدِهِ. (الرَّابِعُ: الشَّمُّ، وَفِيهِ) أَيْ فِي إزَالَتِهِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ (الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَكِنَّهُ غَرِيبٌ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ (وَيُمْتَحَنُ بِالرَّوَائِحِ) إذَا أَنْكَرَ الْجَانِي زَوَالَ الشَّمِّ (فَإِنْ هَشَّ لِلطَّيِّبِ) مِنْهَا (وَعَبَسَ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِلْخَبِيثِ مِنْهَا (حَلَفَ الْجَانِي) لِظُهُورِ كَذِبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَإِلَّا حَلَفَ هُوَ) لِظُهُورِ صِدْقِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (وَإِنْ لَزِمَ أَنْفُهُ) أَيْ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ الْجَانِي فَعَلْته لِعَوْدِ شَمِّك (وَقَالَ) هُوَ (فَعَلْته اتِّفَاقًا أَوْ لِغَرَضٍ آخَرَ) كَامْتِخَاطٍ وَتَفَكُّرٍ وَرُعَافٍ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ (وَإِنْ ادَّعَى نُقْصَانَهُ) ، وَأَنْكَرَ الْجَانِي (فَكَالسَّمْعِ) فِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (وَلْيُبَيِّنْ) فِي الدَّعْوَى وَالْحَلِفِ (الْقَدْرَ) الَّذِي يُطَالَبُ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُدَّعٍ مَجْهُولًا، وَطَرِيقُهُ أَنْ يَطْلُبَ الْمُتَيَقَّنَ، وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالشَّمِّ، وَلَوْ نَقَصَ شَمُّ أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ اُعْتُبِرَ بِالْجَانِبِ الْآخَرِ كَمَا فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ صَرَّحَ بِهِ سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ، وَبَحَثَهُ الْأَصْلُ (فَإِنْ قُطِعَ أَنْفَهُ فَذَهَبَ شَمُّهُ فَدِيَتَانِ) كَمَا فِي السَّمْعِ؛ لِأَنَّ الشَّمَّ لَيْسَ فِي الْأَنْفِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (الْخَامِسُ النُّطْقُ، وَفِيهِ) أَيْ فِي إزَالَتِهِ (الدِّيَةُ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «فِي اللِّسَانِ الدِّيَةِ إنْ مَنَعَ الْكَلَامَ» ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ مَضَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ اللِّسَانَ عُضْوٌ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ فَكَذَا مَنْفَعَتُهُ الْعُظْمَى كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ الدِّيَةُ إذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَعُودُ نُطْقُهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ كَانَ) الْمُزَالُ نُطْقُهُ (أَلْثَغَ) فَإِنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ كَانَ الْبَطْشُ الْمُزَالُ ضَعِيفًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْوَاوَ لِلتَّقْسِيمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ ادَّعَى النَّقْصَ فِي عَيْنٍ أَوْ أُذُنٍ وَأُطْلِقَتْ الْأُخْرَى وَعَرَفَ مِقْدَارَ رُؤْيَتِهَا لِلْمَاشِي] (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْشَاهُ لَزِمَهُ نِصْفُ دِيَةٍ) لَوْ عَشِيَتْ إحْدَى عَيْنَيْهِ بِالْجِنَايَةِ لَزِمَهُ رُبْعُ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْإِعْشَاءِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ الدِّيَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الرَّابِعُ الشَّمُّ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) أَيْ إنْ كَانَ كَامِلًا فَإِنْ كَانَ نَاقِصًا بِأَنْ يَشُمَّ قَوِيَّ الرَّائِحَةِ أَوْ الْقَرِيبَ دُونَ ضَعِيفِهَا أَوْ الْبَعِيدَ فَهَلْ تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ تَامَّةٌ أَوْ لَا؟ . بَلْ إنْ عُرِفَ قَدْرُ النَّقْصِ فَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ، وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا؛ لِأَنَّ نَقْصَ الْمَنَافِعِ بِالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ لَا يَنْقُصُ بِهِ مِنْ وَاجِبِهَا شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى نُقْصَانَهُ فَكَالسَّمْعِ) لَوْ ارْتَتَقَ الْمَنْفَذُ فَلَمْ يُدْرِكْ الرَّوَائِحَ، وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ الْقُوَّةُ بَاقِيَةٌ فَلْيَكُنْ كَمَا مَرَّ فِي السَّمْعِ، وَلَوْ عَادَ الشَّمُّ بَعْدَ ظَنِّنَا زَوَالَهُ رُدَّتْ الدِّيَةُ لَكِنْ إنْ عَادَ أَنْقَصَ، وَعُلِمَ قَدْرُ الذَّاهِبِ فَلَهُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِلَّا فَالْحُكُومَةُ، وَلَوْ كَانَ يَشَمُّ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ شَمًّا ضَعِيفًا بِأَنْ يَشُمَّ مِنْ قُرْبٍ لَا مِنْ بُعْدٍ أَوْ الرِّيحَ الْقَوِيَّ دُونَ الضَّعِيفِ فَجَنِيَ عَلَيْهِ فَذَهَبَ شَمُّهُ، وَجَبَ فِيهِ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ كَالْأَعْضَاءِ الضَّعِيفَةِ. (قَوْلُهُ: الْخَامِسُ النُّطْقُ، وَفِيهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ أَلْثَغَ) لَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا خِلْقَةً فَدِيَةٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِهِ الْخِلْقِيَّ مَنْ كَانَتْ لُغَتُهُ كَذَلِكَ كَالْفَارِسِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْفَارِسِيَّةِ صَادٌ، وَلَا حَاءٌ، وَلَا طَاءٌ، وَلَا عَيْنٌ، وَلَا خَاءٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 (إلَّا إنْ كَانَتْ) أَيْ اللُّثْغَةُ حَصَلَتْ (بِجِنَايَةٍ) فَلَا تَكْمُلُ (الدِّيَةُ إذْ نُقْصَانُهَا) أَيْ اللُّثْغَةِ أَيْ النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ بِهَا (عَلَى جَانِبِهَا) أَيْ مُحَصَّلُهَا بِجِنَايَتِهِ (، وَيُمْتَحَنُ بِالتَّفْزِيعِ) فِي أَوْقَاتِ غَفْلَتِهِ إذَا أَنْكَرَ الْجَانِي زَوَالَ النُّطْقِ (فَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ) بِالتَّفْزِيعِ (حَلَفَ كَأَخْرَسَ) أَيْ كَمَا يَحْلِفُ الْأَخْرَسُ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ (وَلَوْ أَبْطَلَ) بِجِنَايَتِهِ (حُرُوفًا فَذَهَبَ إفْهَامُ كَلَامِهِ فَالدِّيَةُ) وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْكَلَامِ قَدْ فَاتَتْ، وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ إلَّا قِسْطُ الْحُرُوفِ الْفَائِتَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ غَيْرَهَا مِنْ الْحُرُوفِ، وَإِنَّمَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَتَعَطَّلَ مَشْيُهُ وَالرِّجْلُ سَلِيمَةٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَجَزَمَ بِمَا رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَكَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَلَوْ أَفْهَمَ) كَلَامُهُ مَعَ إبْطَالِ بَعْضِ الْحُرُوفِ (وُزِّعَتْ) أَيْ الدِّيَةُ (عَلَى مَا كَانَ يَحْسُنُ مِنْ الْحُرُوفِ) ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَتَرَكَّبُ مِنْهَا، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَلَامُ أَلِفٍ حَرْفَانِ مُكَرَّرَانِ فَلَا اعْتِدَادَ بِهِ فَفِي إبْطَالِ نِصْفِ الْحُرُوفِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي إبْطَالِ حَرْفٍ مِنْهَا رُبُعُ سُبُعِهَا، وَتُوَزَّعُ فِي لُغَةِ غَيْرِ الْعَرَبِ عَلَى عَدَدِ حُرُوفِهَا، وَلَوْ كَانَ أَلْثَغَ لَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِعِشْرِينَ حَرْفًا مَثَلًا، وَلَا يُحْسِنُ غَيْرَهَا وُزِّعَتْ الدِّيَةُ عَلَى مَا يُحْسِنُهُ لَا عَلَى الْجَمِيعِ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ غَيْرِهَا وَسَوَاءٌ مَا خَفَّ مِنْهَا عَلَى اللِّسَانِ، وَمَا ثَقُلَ. (وَإِنْ تَكَلَّمَ بِلُغَتَيْنِ، وَحُرُوفُ إحْدَاهُمَا أَكْثَرُ) ، وَبَطَلَ بِالْجِنَايَةِ بَعْضُ حُرُوفِ كُلٍّ مِنْهُمَا (فَبِمَ) الْأَوْلَى فَعَلَامَ (يُوَزَّعُ) أَيْ عَلَى أَكْثَرِهِمَا حُرُوفًا أَوْ أَقَلِّهِمَا (وَجْهَانِ) رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْجَانِي فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْيَقِينُ (وَإِنْ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَذَهَبَتْ الْمِيمُ فَهَلْ يَجِبُ أَرْشُهَا مَعَ دِيَةِ الشَّفَتَيْنِ) أَوْ لَا يَجِبُ غَيْرُ دِيَةِ الشَّفَتَيْنِ كَمَا لَوْ قُطِعَ لِسَانُهُ فَذَهَبَ كَلَامُهُ (فِيهِ وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَذَهَبَتْ الْمِيمُ وَالْبَاءُ، وَهِيَ أَوْلَى لِتَلَازُمِ الْحَرْفَيْنِ فِي الذَّهَابِ، وَعَدَمِهِ (فَإِنْ أَبْدَلَ) بِالْجِنَايَةِ عَلَى لِسَانِهِ (حَرْفًا بِحَرْفٍ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْفَائِتِ) ، وَلَا يَصِيرُ الْآخَرُ بَدَلًا فَإِنَّهُ أَيْضًا أَحَدُ الْحُرُوفِ الْمَقْصُودَةِ (وَفِي) حُدُوثِ (الْفَأْفَأَةِ وَالتَّمْتَمَةِ وَنَحْوِهَا) كَالْوَأْرَةِ بِالْجِنَايَةِ (حُكُومَةٌ) فَقَطْ لِبَقَاءِ الْمَنْفَعَةِ. (وَأَمَّا الْأَطْرَافُ النَّاقِصَةُ الْجِرْمِ الَّتِي) الْأَوْلَى الَّذِي (لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَيُحَطُّ الْأَرْشُ) لِلْجِرْمِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْأَطْرَافِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ إزَالَتِهَا، وَالْأَوْلَى مِنْهَا أَيْ مِنْ دِيَتِهَا (وَإِنْ كَانَ الذَّهَابُ) لِلْجِرْمِ (بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) فَلَوْ سَقَطَتْ أُصْبُعُهُ أَوْ أُنْمُلَتُهُ بِجِنَايَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ حُطَّ مِنْ دِيَتِهَا أَرْشُ الْأُصْبُعِ أَوْ الْأُنْمُلَةِ (وَكَذَا يُحَطُّ وَاجِبُ الْجِنَايَةِ عَلَى) شَيْءٍ مِنْ (الْمَعَانِي) الْمُؤَثِّرَةِ تِلْكَ الْجِنَايَةُ فِي نَقْصِهِ مِنْ دِيَةِ ذَلِكَ الْمَعْنَى لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِيمَا نَقَصَ بِالْجِنَايَةِ الْأُولَى، سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ مُبْطِلَةً لِلْمَعْنَى وَحْدَهُ أَمْ مَعَ الْعُضْوِ (وَ) يُحَطُّ وَاجِبُ الْجِنَايَةِ (عَلَى جِرْمٍ لَا أَرْشَ لَهُ مُقَدَّرًا، وَلَهُ مَنْفَعَةٌ) زَالَتْ بِتِلْكَ الْجِنَايَةِ مِنْ دِيَةِ الْجِنَايَةِ عَلَى عُضْوِ الْجِرْمِ لِذَلِكَ (لَا إنْ ذَهَبَا) أَيْ الْمَعْنَى أَيْ بَعْضُهُ فِي تِلْكَ وَالْجِرْمُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ (بِآفَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ ذَهَابُهُمَا بَلْ يَجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى عُضْوِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَالُ الدِّيَةِ إذْ لَا يَنْضَبِطُ ضَعْفُ الْمَنْفَعَةِ، وَقُوَّتُهَا وَالْجِرْمُ الْمَذْكُورُ تَابِعٌ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي ذَهَابِ الْجِرْمِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ مَنْفَعَةٌ كَفَلَقَةٍ انْفَصَلَتْ مِنْ لَحْمِ أُنْمُلَةٍ بِجِنَايَةٍ، وَإِنْ وَجَبَ بِهَا حُكُومَةٌ لِلشَّيْنِ أَوْ بِآفَةٍ كَمَا فُهِمَ بِالْمُخَالَفَةِ فِي الْأُولَى، وَبِالْأَوْلَى فِي الثَّانِيَةِ. (فَصْلٌ: الْكَلَامُ مِنْ اللِّسَانِ كَالْبَطْشِ مِنْ الْيَدِ) فِي أَنَّهُ إذَا ذَهَبَتْ الْمَنْفَعَةُ، وَلَوْ مَعَ الْعُضْوِ تَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي بَعْضِ مَا يَأْتِي (وَذَهَابُهُ بِقَطْعِ بَعْضِهَا) أَيْ اللِّسَانِ (مُوجِبٌ لِلدِّيَةِ كَشَلَلِ الْيَدِ بِقَطْعِ أُصْبُعٍ) مِنْهَا؛ وَلِأَنَّهُ إذَا كَمُلَتْ الدِّيَةُ بِإِذْهَابِ الْكَلَامِ بِالْجِنَايَةِ بِدُونِ قَطْعِ جِرْمٍ فَلَأَنْ تَكْمُلَ مَعَ قَطْعِهِ أَوْلَى، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ يُشْكَلُ مَا ذَكَرُوهُ بِأَنَّا نَرَى مَقْطُوعَ اللِّسَانِ يَتَكَلَّمُ، وَيَأْتِي بِالْحُرُوفِ كُلِّهَا أَوْ بِمُعْظَمِهَا وَذَلِكَ يُشْعِرُ بِأَنَّ النُّطْقَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَلَا تَكْمُلُ الدِّيَةُ) لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَبْطَلَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمُقْتَضَى هَذَا التَّوْجِيهِ تَخْصِيصُ التَّصْوِيرِ بِغَيْرِ جِنَايَةِ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّ جِنَايَتَهُ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا فَالْأَوْجَهُ لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَتَعَطَّلَ مَشْيُهُ) أَيْ لَا يَضْمَنُ الْحُرُوفَ الْفَائِتَةَ كَمَا لَا يَضْمَنُ دِيَةَ الْمَشْيِ حَيْثُ تَعَطَّلَ بِكَسْرِ الصُّلْبِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ الدِّيَةِ فِي كَسْرِ الصُّلْبِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْحُكُومَةُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا) وَلِبَعْضِهَا فُرُوعٌ تُسْتَحْسَنُ كَالْهَمْزَةِ الْمُسَهَّلَةِ عَنْ الْمُخَفَّفَةِ وَالْأَلِفِ الْمُمَالَةِ عَنْ الْمُنْتَصِبَةِ، وَفُرُوعٌ تُسْتَقْبَحُ كَالْجِيمِ الْمُبْدَلَةِ مِنْ الْكَافِ كَمَا يُقَالُ فِي كَمُلَ جَمُلَ وَكَعَكْسِهِ كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ رَكْلٌ وَكَالْفَاءِ الْمُبْدَلَةِ مِنْ الْبَاءِ كَمَا يُقَالُ فِي أَصْبَهَانَ أَصْفَهَانُ، وَمَبْلَغُ الْحُرُوفِ بِالْفُرُوعِ الْمُسْتَحْسَنَةِ وَالْمُسْتَقْبِحَةِ تِسْعَةٌ، وَأَرْبَعُونَ حَرْفًا ابْنُ جَمَاعَةَ (قَوْلُهُ: وَلَامُ الْأَلِفِ حَرْفَانِ مُكَرَّرَانِ) فَلَا اعْتِدَادَ بِهِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هِيَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَاعْتَبَرَهَا، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: جُمْهُورُ النُّحَاةِ عَدَّوْهَا تِسْعَةً وَعِشْرِينَ بِالْأَلِفِ وَالْهَمْزَةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ غَيْرُ الْأَلِفِ السَّاكِنَةِ، وَإِنْ أَطْلَقُوا عَلَيْهَا الْأَلِفَ تَجَوُّزًا. (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ بِالْجِنَايَةِ بَعْضُ حُرُوفِ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِمَّا اتَّفَقَا فِيهِ، وَإِلَّا فَالتَّوْزِيعُ عَلَى حُرُوفِ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ) هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى مِنْهَا) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ [فَصْلٌ ذَهَابُ الْكَلَامُ بِقَطْعِ بَعْضِ اللِّسَانِ مُوجِبٌ لِلدِّيَةِ] (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُشْكَلُ مَا ذَكَرُوهُ بِأَنَّا نَرَى إلَخْ) مُرَادُ الْأَصْحَابِ أَنَّ النُّطْقَ حَالٌّ فِي اللِّسَانِ كَحُلُولِ الْبَصَرِ فِي الْعَيْنِ، وَلَيْسَ كَحُلُولِ السَّمْعِ فِي الْأُذُنِ وَالشَّمِّ فِي الْأَنْفِ؛ لِأَنَّ النُّطْقَ مُنْبَسِطٌ عَلَى اللِّسَانِ كَانْبِسَاطِ قُوَّةِ الْبَطْشِ وَكَوْنِنَا نَرَى مَقْطُوعَ اللِّسَانِ يَتَكَلَّمُ وَيَأْتِي بِالْحُرُوفِ كُلِّهَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ حَالًّا مِنْ بَعْضِ النَّاسِ فِي آخِرِ اللِّسَانِ، وَمِنْ بَعْضِهِمْ فِي عَذْبَتِهِ أَوْ طَرَفِهِ، وَلِذَلِكَ تَخْتَلِفُ أَحْوَالُ الْمَقْطُوعِينَ فَبَعْضُهُمْ يَتَكَلَّمُ لِعَدَمِ اسْتِئْصَالِ الْقَطْعِ، وَبَعْضُهُمْ لَا يَتَكَلَّمُ م الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 فِي اللِّسَانِ لَيْسَ كَالْبَطْشِ فِي الْيَدِ (فَلَوْ قَطَعَ رُبُعَهَا فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ) أَيْ نِصْفُ أَحْرُفِهِ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ قُطِعَ نِصْفُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبُعُ كَلَامِهِ (فَنِصْفُ دِيَةٍ) تَجِبُ اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ (وَلَوْ قُطِعَ) فِي الصُّورَتَيْنِ (آخِرُ الْبَاقِي فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا) أَيْ الدِّيَةِ تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ قُطِعَ فِي الْأُولَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ اللِّسَانِ، وَفِيهَا قُوَّةُ الْكَلَامِ، وَأُبْطِلَ فِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْكَلَامِ، وَلَوْ تَسَاوَتْ نِسْبَةُ الْجِرْمِ وَالْكَلَامِ بِأَنْ قُطِعَ نِصْفُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَلَا يَقْتَصُّ مَقْطُوعُ نِصْفٍ ذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ مِنْ مَقْطُوعِ نِصْفٍ ذَهَبَ رُبُعُ كَلَامِهِ) إذَا قَطَعَ الثَّانِي الْبَاقِيَ مِنْ لِسَانِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أَجْرَيْنَا الْقِصَاصَ فِي بَعْضِ اللِّسَانِ لَنَقَصَ الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي (وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ أَذْهَبَ النُّطْقَ بِقَطْعٍ) لِلِسَانِ غَيْرِهِ أَوْ لِبَعْضِهِ (وَلَمْ يُذْهِبْهُ الْقِصَاصُ) مِنْ الْجَانِي فَلَوْ قُطِعَ نِصْفُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَاقْتُصَّ مِنْ الْجَانِي فَلَمْ يَذْهَبْ إلَّا رُبُعُ كَلَامِهِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رُبُعُ الدِّيَةِ لِيَتِمَّ حَقُّهُ، وَذِكْرُ حُكْمِ قَطْعِ جَمِيعِ اللِّسَانِ فِي ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ لَمْ يُذْهِبْ الْجَانِي النُّطْقَ، وَأَذْهَبَهُ الْقِصَاصُ فَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ فَلَوْ اُقْتُصَّ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ مِنْ الْجَانِي فَذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَلَامِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْقِصَاصِ مُهْدَرَةٌ (، وَيَضْمَنُ أَرْشَ حَرْفٍ فَوَّتَتْهُ ضَرْبَةٌ أَفَادَتْهُ حُرُوفًا) لَمْ يَكُنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ النُّطْقِ بِهَا، وَلَا يَنْجَبِرُ الْفَائِتُ بِمَا حَدَثَ؛ لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ، وَهَلْ يُوَزَّعُ عَلَى الْحُرُوفِ، وَفِيهَا الْحُرُوفُ الْمُفَادَةُ أَوْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ الثَّانِي، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِحُرُوفٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِحَرْفٍ. (وَلَا تَضْمَنُ ضَرْبَةٌ قَوَّمَتْ لِسَانًا اعْوَجَّ) بِوَاسِطَةِ عَجَلَةٍ أَوْ اضْطِرَابٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُنْقِصْ مِنْهُ حَرْفًا، وَلَا مَنْفَعَةً (وَلَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانٍ، وَبَقِيَ نُطْقُهُ فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ لَا قِسْطٌ إذْ لَوْ وَجَبَ لَلَزِمَ إيجَابُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى لُزُومِ الْقِسْطِ، وَبِهِ أَجَابَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ (وَلَوْ قَطَعَ لِسَانًا ذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ بِجِنَايَةٍ) عَلَى اللِّسَانِ (مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ) لِشَيْءٍ مِنْهُ (فَالدِّيَةُ) تَجِبُ لِقَطْعِهِ جَمِيعَ اللِّسَانِ مَعَ بَقَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ، وَاللِّسَانُ يُذَكَّرُ، وَيُؤَنَّثُ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْفَصْلِ. (السَّادِسُ: الصَّوْتُ، وَفِيهِ) أَيْ فِي إبْطَالِهِ، وَلَوْ مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ عَلَى اعْتِدَالِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ (الدِّيَةُ) لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ «مَضَتْ السُّنَّةُ فِي الصَّوْتِ إذَا انْقَطَعَ بِالدِّيَةِ» ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ (فَإِنْ أَشَلَّ بِإِذْهَابِهِ) أَيْ الصَّوْتِ (اللِّسَانَ) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ (فَدِيَتَانِ) تَجِبَانِ؛ لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إذَا انْفَرَدَتْ بِالتَّفْوِيتِ كَمَالُ الدِّيَةِ (وَلَوْ أَذْهَبَ بِهِ) أَيْ بِإِبْطَالِ الصَّوْتِ (النُّطْقَ، وَهِيَ) أَيْ اللِّسَانُ (سَلِيمَةً) فَقَدْ تَعَطَّلَ النُّطْقُ بِفَوَاتِ الصَّوْتِ (فَدِيَةٌ) وَاحِدَةٌ تَجِبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَعْطِيلَ الْمَنْفَعَةِ لَيْسَ كَإِبْطَالِهَا، وَيَنْبَغِي إيجَابُ حُكُومَةٍ لِتَعْطِيلِ النُّطْقِ. (السَّابِعُ وَالثَّامِنُ الْمَضْغُ وَالذَّوْقُ، وَفِي) إبْطَالِ (كُلٍّ) مِنْهُمَا (الدِّيَةُ) كَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ (، وَإِبْطَالُ الْمَضْغِ) يَحْصُلُ (بِاسْتِرْخَاءِ اللَّحْيَيْنِ) بِأَنْ يَتَصَلَّبَ مَغْرِسُهُمَا حَتَّى تَمْتَنِعَ حَرَكَتُهُمَا مَجِيئًا وَذَهَابًا (وَتَخْدِيرُهُمَا) بِأَنْ يَجْنِيَ عَلَى الْأَسْنَانِ فَيُصِيبَهُمَا خَدْرٌ وَتَبْطُلُ صَلَاحِيَّتُهُمَا لِمَضْغٍ (، وَدِيَةُ الذَّوْقِ مُوَزَّعَةٌ عَلَى خَمْسَةٍ حَلَاوَةٍ وَحُمُوضَةٍ، وَمَرَارَةٍ وَمُلُوحَةٍ، وَعُذُوبَةٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَ رُبْعَهَا فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إطْلَاقُ ذَهَابِ رُبْعِ كَلَامِهِ أَوْ نِصْفِ كَلَامِهِ مَجَازٌ، وَالْمُرَادُ ذَهَبَ رُبْعُ أَحْرُفِ كَلَامِهِ أَوْ نِصْفُ أَحْرُفِ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ الْمُفِيدُ فَائِدَةً يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهَا لَا تَوْزِيعَ عَلَيْهِ إنَّمَا التَّوْزِيعُ عَلَى حُرُوفِ الْهِجَاءِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الشَّافِعِيَّ وَالْأَصْحَابَ وَنَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُفْهَمَ مِنْهَا غَيْرُ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ) الْمَضْمُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ فَالنُّطْقُ مُعْتَبَرٌ فِي الْحَالَيْنِ، وَشَاهِدُهُ مَا لَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانِهِ، وَلَمْ يَذْهَبْ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَانِي قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الْحُكُومَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنَّمَا، وَجَبَتْ حُكُومَةٌ لِئَلَّا تَذْهَبَ الْجِنَايَةُ هَدَرًا، وَلَوْ كَانَ الْجُرْمُ مُعْتَبَرًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى النُّطْقِ لَكَانَ الْأَصَحُّ التَّقْسِيطَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالنُّطْقِ كَمَا قُلْنَاهُ، وَأَيْضًا فَلَوْ قَطَعَ عَذْبَةَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ الْكَلَامُ مِنْهُ لَزِمَتْهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ اعْتِبَارًا بِالنُّطْقِ، وَأَيْضًا فَلَوْ اُقْتُصَّ مِمَّنْ قَطَعَ نِصْفَ اللِّسَانِ، وَكَانَ ذَهَبَ بِجِنَايَتِهِ نِصْفُ الْكَلَامِ فَلَمْ يَذْهَبْ بِالْقِصَاصِ إلَّا رُبْعُ الْكَلَامِ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ رُبْعَ الدِّيَةِ لِيَتِمَّ حَقُّهُ، وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ الِاعْتِبَارِ بِالنُّطْقِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ النِّصْفُ فِيمَا إذَا قُطِعَ نِصْفُ اللِّسَانِ فَذَهَبَ رُبْعُ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى النِّصْفِ الْجَرْمِيِّ قَدْ تَحَقَّقَتْ، وَقَاعِدَةُ الْإِجْرَامِ ذَوَاتُ الْمَنَافِعِ أَنْ يُقَسَّطَ عَلَى نِسْبَتِهَا فَرَجَعْنَا لِهَذَا الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ «مَضَتْ السُّنَّةُ» إلَخْ) ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنْ السُّنَّةِ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ) فِي كُلٍّ مِنْهُمْ إذَا انْفَرَدَتْ بِالتَّفْوِيتِ كَمَالُ الدِّيَةِ كَالنُّطْقِ وَالذَّوْقِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إيجَابُ حُكُومَةٍ لِتَعْطِيلِ النُّطْقِ) قَدْ مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى السَّمْعِ أَنَّ الْحُكُومَةَ تَجِبُ فِي تَعْطِيلِ النُّطْقِ (قَوْلُهُ: السَّابِعُ وَالثَّامِنُ الْمَضْغُ وَالذَّوْقُ، وَفِي إبْطَالِ كُلٍّ الدِّيَةُ.) إبْطَالُ الذَّوْقِ بِأَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ حُلْوٍ وَحَامِضٍ وَمُرٍّ، وَمَالِحٍ وَعَذْبٍ (قَوْلُهُ: وَدِيَةُ الذَّوْقِ مُوَزَّعَةٌ عَلَى خَمْسَةٍ حَلَاوَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ قَالَ الْحُكَمَاءُ الْجِسْمُ إمَّا لَطِيفٌ أَوْ كَثِيفٌ أَوْ مُعْتَدِلٌ وَالْفَاعِلُ فِيهِ إمَّا الْحَرَارَةُ أَوْ الْبُرُودَةُ أَوْ الْمُعْتَدِلُ بَيْنَهُمَا فَيَفْعَلُ الْحَارُّ فِي الْكَثِيفِ مَرَارَةً، وَفِي اللَّطِيفِ حَرَافَةً، وَفِي الْمُعْتَدِلِ مُلُوحَةً، وَالْبُرُودَةُ فِي الْكَثِيفِ عُفُوصَةً، وَفِي اللَّطِيفِ حُمُوضَةً، وَفِي الْمُعْتَدِلِ قَبْضًا، وَالْكَيْفِيَّةُ الْمُعْتَدِلَةُ فِي الْكَثِيفِ حَلَاوَةً، وَفِي اللَّطِيفِ دُسُومَةً، وَفِي الْمُعْتَدِلِ تَفَاهَةً وَكَأَنَّ الْفُقَهَاءَ ذَكَرُوا أُصُولَ الطُّعُومِ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ أُصُولُهَا أَرْبَعَةٌ الْحَلَاوَةُ وَالْمَرَارَةُ وَالْحُمُوضَةُ وَالْمُلُوحَةُ، وَأَنَّ مَا عَدَاهَا مُرَكَّبٌ مِنْهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 لِكُلٍّ) مِنْهَا (خُمُسُهَا) أَيْ الدِّيَةِ (، وَفِي نُقْصَانِهِ) أَيْ الذَّوْقِ بِأَنْ نَقَصَ الْإِحْسَاسُ نُقْصَانًا لَا يَتَقَدَّرُ بِأَرْشٍ، وَبَقِيَ لَا يُدْرِكُ الطُّعُومَ بِكَمَالِهَا (حُكُومَةٌ، وَإِنْ أَزَالَ النُّطْقَ وَالذَّوْقَ فَدِيَتَانِ) لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ وَلِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ، فَالذَّوْقُ فِي طَرَفِ الْحُلْقُومِ، وَالنُّطْقُ فِي اللِّسَانِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ لَكِنْ جَزَمَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّ الذَّوْقَ فِي اللِّسَانِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ جَمَاعَةَ شَارِحُ الْمِفْتَاحِ وَجَمِيعُ الْحُكَمَاءِ، وَقَالَ الزَّنْجَانِيُّ وَالنَّشَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا إنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالنُّطْقِ مَعَ اللِّسَانِ فَتَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ لِلِّسَانِ. (وَيُمْتَحَنُ) إذَا اخْتَلَفَ هُوَ وَالْجَانِي فِي ذَهَابِ الذَّوْقِ (بِالْأَشْيَاءِ الْمُرَّةِ وَنَحْوِهَا) كَالْحَامِضَةِ الْحَادَّةِ بِأَنْ يُلْقِمَهَا لَهُ غَيْرُهُ مُغَافَصَةً فَإِنْ لَمْ يَعْبِسْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِلَّا فَالْجَانِي بِيَمِينِهِ. (التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ وَالْحَادِيَ عَشَرَ الْإِمْنَاءُ وَالْإِحْبَالُ وَالْجِمَاعُ فَفِي كُلٍّ) مِنْ إبْطَالِ قُوَّةِ الْإِمْنَاءِ وَقُوَّةِ الْإِحْبَالِ، وَلَذَّةِ الْجِمَاعِ، وَلَوْ مَعَ بَقَاءِ الْمَنِيِّ وَسَلَامَةِ الذَّكَرِ (الدِّيَةُ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَلِفَوَاتِ النَّسْلِ بِإِذْهَابِ الْإِمْنَاءِ وَالْإِحْبَالِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّحِيحُ بَلْ الصَّوَابُ عَدَمُ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي إبْطَالِ قُوَّةِ الْإِمْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِمْنَاءَ الْإِنْزَالُ فَإِذَا أَبْطَلَ قُوَّتَهُ، وَلَمْ يَذْهَبْ الْمَنِيُّ وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ لَا الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمْتَنِعُ الْإِنْزَالُ بِمَا يَسُدُّ طَرِيقَهُ فَيُشْبِهُ ارْتِتَاقَ الْأُذُنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ إلَّا الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَوَجِيزِهِ، وَعِبَارَتُهُ فِي الْبَسِيطِ كَعِبَارَةِ الْفُورَانِيِّ وَغَيْرِهِ فَأَبْطَلَ مَنِيَّهُ، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ إيجَابِ الدِّيَةِ بِإِذْهَابِ الْإِحْبَالِ فِي غَيْرِ مَنْ ظَهَرَ لِلْأَطِبَّاءِ أَنَّهُ عَقِيمٌ، وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ (وَأَنَّ) الْأَوْلَى فَإِنْ (أَذْهَبَ إمْنَاءَهُ أَوْ لَذَّةَ جِمَاعِهِ بِكَسْرِ الصُّلْبِ فَدِيَةٌ) تَجِبُ، وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِذْهَابِ الْجِمَاعِ إذْهَابُ لَذَّتِهِ (وَيُصَدَّقُ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي إذْهَابِ ذَلِكَ (بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ كَالْحَيْضِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْبَصَرِ لَا يُمْكِنُ ذَهَابُهُ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ، وَمَسْأَلَةُ تَصْدِيقِهِ بِيَمِينِهِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي ذَهَابِ الْجِمَاعِ خَاصَّةً، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيهَا شَامِلٌ لَهَا وَلِلْبَقِيَّةِ، وَهُوَ أَحْسَنُ (أَوْ) أَذْهَبَ إمْنَاءَهُ أَوْ لَذَّةَ جِمَاعِهِ (بِقَطْعِ الْأُنْثَيَيْنِ فَدِيَتَانِ) تَجِبَانِ كَمَا فِي إذْهَابِ الصَّوْتِ مَعَ اللِّسَانِ. (وَإِنْ أَبْطَلَ إحْبَالَهَا فَدِيَةٌ) تَجِبُ بَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِإِذْهَابِ الْإِحْبَالِ إذْهَابُهُ مِنْ الْمَرْأَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيُحْتَمَلُ تَصْوِيرُهُ بِإِذْهَابِهِ مِنْ الرَّجُلِ أَيْضًا قُلْت: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُهُ بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ لِتَعْبِيرِهِ بِإِحْبَالِهَا لَا بِحَبَلِهَا (أَوْ) أَبْطَلَ (لَبَنَهَا حَالَ الْإِرْضَاعِ) أَيْ حَالَ وُجُودِ لَبَنِهَا (أَوْ قَبْلَهُ) بِأَنْ جَنَى عَلَى ثَدْيِهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ ثُمَّ وَلَدَتْ، وَلَمْ يُدَرَّ لَهَا لَبَنٌ (وَجَوَّزُوا كَوْنَهُ بِجِنَايَتِهِ فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ، وَفَارَقَ ذَلِكَ إبْطَالَ الْإِمْنَاءِ حَيْثُ أَوْجَبَ الدِّيَةَ بِأَنَّ اسْتِعْدَادَ الطَّبِيعَةِ لِلْمَنِيِّ صِفَةٌ لَازِمَةٌ وَالْإِرْضَاعُ شَيْءٌ يَطْرَأُ، وَيَزُولُ (، وَإِنْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَشَلَّ ذَكَرُهُ فَدِيَةٌ) لِإِشْلَالِ الذَّكَرِ (وَحُكُومَةٌ) لِكَسْرِ الصُّلْبِ. (فَرْعٌ) لَوْ (ضَرَبَهُ) عَلَى عُنُقِهِ (فَضَاقَ مُبْلِعُهُ) فَلَمْ يُمْكِنْهُ ابْتِلَاعُ الطَّعَامِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ لِالْتِوَاءِ الْعُنُقِ أَوْ غَيْرِهِ (فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ (وَإِنْ سَدَّهُ) أَيْ الْمُبْلِعُ (فَمَاتَ فَدِيَةٌ) تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِجِنَايَةٍ (وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَإِمَامُهُ فِي الِانْسِدَادِ الدِّيَةُ حَتَّى لَوْ حَزَّهُ آخَرُ، وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (دِيَةٌ) كَمَا فِي سَالِخِ الْجِلْدِ مَعَ حَازِّ الرَّقَبَةِ. (الثَّانِيَ عَشَرَ الْإِفْضَاءُ) لِلْمَرْأَةِ (وَإِنْ زَالَتْ بِهِ الْبَكَارَةُ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) كَمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْجِمَاعِ أَوْ اخْتِلَالِهَا، وَلَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ، وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ زَالَتْ بِهِ الْبَكَارَةُ كَانَ أَوْلَى مَعَ أَنَّ حُكْمَ إزَالَةِ الْبَكَارَةِ سَيَأْتِي وَذِكْرُهُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ الْتَأَمَ) مَحَلُّ الْإِفْضَاءِ (سَقَطَتْ دِيَتُهُ) وَتَجِبُ حُكُومَةٌ إنْ بَقِيَ أَثَرٌ كَمَا فِي عَوْدِ الْبَصَرِ بِخِلَافِ الْجَائِفَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَزِمَتْ ثُمَّ بِالِاسْمِ، وَهُنَا بِفَقْدِ الْحَائِلِ، وَقَدْ سَلِمَ (وَهُوَ) أَيْ الْإِفْضَاءُ (رَفْعُ مَا بَيْنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ) بِالذَّكَرِ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ كَانَ بِجِمَاعِ نَحِيفَةٍ) وَالْغَالِبُ إفْضَاءُ وَطْئِهَا إلَى   [حاشية الرملي الكبير] الْحُكَمَاءُ الْعُذُوبَةَ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهَا التَّفَاهَةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: رُبَّمَا فَرَّعَهَا الطَّبِيبُ إلَى ثَمَانِيَةٍ، وَلَا نَعْتَبِرُهَا فِي الْأَحْكَامِ لِدُخُولِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ كَالْحَرَافَةِ مَعَ الْمَرَارَةِ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ كَانَ الطِّبُّ يَشْهَدُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَاتِ تَوَابِعُ، وَإِذَا أُخِذَتْ دِيَةُ الْمَتْبُوعِ دَخَلَ التَّابِعُ تَحْتَهُ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ) ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: الْإِمْنَاءُ وَالْإِحْبَالُ كُلٌّ مِنْهُمَا يُتَصَوَّرُ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَطْلَبِ (قَوْلُهُ: وَلَذَّةُ الْجِمَاعِ) مِثْلُ إبْطَالِ لَذَّةِ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الصَّحِيحُ بَلْ الصَّوَابُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مُرَادُ الْمُعَبِّرِ بِالْإِمْنَاءِ إبْطَالُ الْمَنِيِّ بِإِبْطَالِ قُوَّتِهِ الدَّافِعَةِ لَهُ إلَى مَحَلِّهِ وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يُشْعِرُ بِهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ فِي السَّمْعِ، وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ مَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ مِنْ إبْطَالِ قُوَّةِ دَفْعِهِ إلَى خَارِجٍ مَعَ وُجُودِهِ فِي مَحَلِّهِ، وَكَلَامُ الْجَعْبَرِيِّ يُشْعِرُ بِهِ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ التَّعْجِيزِ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي إبْطَالِ الْإِمْنَاءِ فَلَوْ جَنَى عَلَى رَجُلٍ فَعَجَزَتْ قُوَّتُهُ عَنْ إخْرَاجِ مَنِيِّهِ أَوْ امْرَأَةٍ فَعَجَزَتْ عَنْ نَقْلِ مَنِيِّهَا مِنْ وِعَائِهِ إلَى رَحِمِهَا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ. اهـ. وَيُفَارِقُ السَّمْعَ حَالَةَ الِارْتِتَاقِ بِأَنَّ قُوَّتَهُ بَاقِيَةٌ، وَقُوَّةَ الْإِمْنَاءِ قَدْ ذَهَبَتْ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْمَنِيُّ ش (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيُحْتَمَلُ تَصْوِيرُهُ بِإِذْهَابِهِ مِنْ الرَّجُلِ أَيْضًا) بِأَنْ جَنَى عَلَى صُلْبِهِ فَصَارَ الْمَنِيُّ لَا يُحْبِلُ فَتَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا جَنَى عَلَى الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَالُ أَنَّهُمَا مَحَلُّ انْعِقَادِ الْمَاءِ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا الِاحْتِمَالُ مُتَعَيِّنٌ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْبَسِيطِ: مَنْفَعَةُ الْإِمْنَاءِ وَالْإِحْبَالِ بِهِ، وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ تَصْوِيرُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ ضَرَبَهُ عَلَى عُنُقِهِ فَضَاقَ مَبْلَعُهُ فَلَمْ يُمْكِنْهُ ابْتِلَاعُ الطَّعَامِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ] (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَإِمَامُهُ فِي الِانْسِدَادِ الدِّيَةُ) ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: الثَّانِي عَشَرَ الْإِفْضَاءُ، وَإِزَالَةُ الْبَكَارَةِ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ زَوْجٍ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ: وَلِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْجِمَاعِ أَوْ اخْتِلَالِهَا) عَلَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ يَقْطَعُ النَّسْلَ؛ لِأَنَّ النُّطْفَةَ لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَحَلِّ الْعُلُوقِ لِامْتِزَاجِهَا بِالْبَوْلِ فَأَشْبَهَ قَطْعَ الذَّكَرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 الْإِفْضَاءِ (فَهُوَ عَمْدٌ، وَ) بِجِمَاعِ (غَيْرِهَا فَشِبْهُ عَمْدٍ أَوْ) بِجِمَاعِ (مَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ فَخَطَأٌ، وَيَجِبُ مَعَهَا) أَيْ الدِّيَةِ (الْمَهْرُ) إذَا كَانَ الْإِفْضَاءُ بِالذَّكَرِ؛ لِأَنَّهُمَا بَدَلَا مَنْفَعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ (وَإِنْ رَفَعَ حَاجِزَيْ الدُّبُرِ وَالْبَوْلِ) أَيْ الْحَاجِزَ بَيْنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ وَالْحَاجِزَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ (فَدِيَةٌ) لِلْأَوَّلِ (وَحُكُومَةٌ) لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الْمَنْفَعَةَ، وَلَا يُفَوِّتُهَا، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْحَائِلَ فِي الْأَوَّلِ قَوِيٌّ مِنْ أَعْصَابٍ غَلِيظَةٍ لَا يَكَادُ يَزُولُ بِالْوَطْءِ وَصَحَّحَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إفْضَاءٌ مُوجِبٌ لِلدِّيَةِ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ يَخْتَلُّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا؛ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْنَعُ إمْسَاكَ الْخَارِجِ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ فَلَوْ أَزَالَ الْحَاجِزَيْنِ لَزِمَهُ دِيَتَانِ. (وَكَذَا إنْ أَفْضَاهَا، وَلَمْ يَسْتَمْسِكْ الْبَوْلُ) تَجِبُ دِيَةٌ، وَحُكُومَةٌ (لَا دِيَتَانِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ مَنْ يُفْضِيهَا وَطْؤُهُ، وَلَا يَلْزَمُ) هَا (التَّمْكِينُ) بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا (وَلَا فَسْخَ لِأَحَدٍ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ لَا لِلزَّوْجِ بِضِيقِ الْمَنْفَذِ، وَلَا لِلزَّوْجَةِ بِكِبَرِ آلَتِهِ، وَإِنْ خَالَفَتْ الْعَادَةَ بِخِلَافِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ الْوَطْءَ مُطْلَقًا (إلَّا أَنْ يَقْضِيَهَا بِالْوَطْءِ كُلُّ أَحَدٍ) مِنْ نَحِيفٍ وَغَيْرِهِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ ضِيقَ مَنْفَذِهَا حِينَئِذٍ كَالرَّتْقِ، وَهَذَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ إطْلَاقَ عَدَمِ الْفَسْخِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَمُقَابِلَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ. ثُمَّ قَالَ: وَيُنَزَّلُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الَّذِي يُفْضِيهَا دُونَ نَحِيفٍ آخَرَ، وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ عَلَى مَا إذَا كَانَ يُفْضِيهَا كُلُّ أَحَدٍ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَظِيرِهِ فِي آلَةِ الزَّوْجِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ كِبَرُهَا لَا تَحْتَمِلُهُ امْرَأَةٌ أَصْلًا كَانَ كَالْجَبِّ أَوْ تَحْتَمِلُهُ امْرَأَةٌ مُتَّسَعَةُ الْمَنْفَذِ فَلَا فَسْخَ (وَلَوْ أَفْضَى) شَخْصٌ (الْخُنْثَى فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ لَا دِيَةٌ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ أَنَّ الْمَنْفَذَ فَرْجٌ (وَفِي) إزَالَةِ (بَكَارَتِهِ حُكُومَةٌ لِجِرَاحَتِهِ) لَا لِبَكَارَتِهِ لِذَلِكَ. (فَرْعٌ: فِي إزَالَةِ بَكَارَةِ أَجْنَبِيَّةٍ بِأُصْبُعٍ) مَثَلًا (لَا بِذَكَرٍ حُكُومَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا جِرَاحَةٌ (وَيَقْتَصُّ بِالْبَكَارَةِ مِنْ بِكْرٍ مِثْلُهَا) بِرَفْعِهِ فَاعِلُ يَقْتَصُّ (فَإِنْ زَالَتْ) بِذَكَرٍ (بِزِنًا، وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ أَهْدَرَتْ) بَكَارَتُهَا حُكُومَةً كَمَا أَهْدَرَتْ مَهْرًا إذْ لَا يُمْكِنُ الْوَطْءُ بِدُونِ إزَالَتِهَا فَكَأَنَّهَا رَضِيَتْ بِإِزَالَتِهَا بِخِلَافِ دِيَةِ الْإِفْضَاءِ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْوَطْءِ لَا بِالْإِفْضَاءِ (أَوْ) ، وَهِيَ (مُكْرَهَةٌ أَوْ) زَالَتْ (بِشُبْهَةٍ) مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَحُكُومَةٌ، وَمَهْرُهَا ثَيِّبًا) يَجِبَانِ (وَإِنْ أَزَالَهَا الزَّوْجُ، وَلَوْ بِخَشَبَةٍ فَلَا شَيْءَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِإِزَالَتِهَا، وَإِنْ أَخْطَأَ فِي طَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ بِخَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَإِنْ أَفْضَاهَا) غَيْرُ الزَّوْجِ مَعَ إزَالَةِ بَكَارَتِهَا (دَخَلَ أَرْشُ الْبَكَارَةِ فِي الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّهُمَا وَجَبَا لِلْإِتْلَافِ فَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ فَإِنَّ الْمَهْرَ لِلتَّمَتُّعِ وَالْأَرْشَ لِإِزَالَةِ الْجِلْدَةِ. (الثَّالِثَ عَشَرَ: الْبَطْشُ، وَفِيهِ) أَيْ فِي إبْطَالِهِ (الدِّيَةُ، وَكَذَا الْمَشْيُ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ (وَإِنْ أَبْطَلَ بَطْشَ يَدٍ أَوْ أُصْبُعٍ فَدِيَتُهَا) وَاجِبَةٌ لَكِنَّهَا إنَّمَا تُؤْخَذُ (إنْ انْدَمَلَ) جُرْحُهَا (وَلَمْ يُعَدَّ) أَيْ الْبَطْشُ (وَتُسْتَرَدُّ) الدِّيَةُ (إنْ عَادَ) بَعْدَ أَخْذِهَا، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْأَسْنَانِ (فَإِنْ بَقِيَ) بَعْدَ عَوْدِهِ (نَقْصٌ) مِنْهُ أَوْ أَثَرٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ (كَانَ احْدَوْدَبَ) بِسَبَبِ ذَلِكَ (فَإِنْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَذَهَبَ مَشْيُهُ) وَرِجْلُهُ سَلِيمَةٌ (فَدِيَةٌ) تَجِبُ كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: مَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ) أَيْ أَوْ أَمَتَهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَمْسِكْ الْبَوْلُ) أَيْ أَوْ الْغَائِطُ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ مَنْ يُفْضِيهَا وَطْؤُهُ) لِإِفْضَائِهِ إلَى الْإِفْضَاءِ الْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَظِيرِهِ فِي آلَةِ الزَّوْجِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا شَكَّ فِي جَرَيَانِ هَذَا التَّوَسُّطِ فِي الرَّجُلِ أَيْضًا أَيْ فَيَفْصِلُ بَيْنَ أَنْ لَا تَسَعَ حَشَفَتُهُ امْرَأَةً أَصْلًا وَبَيْنَ أَنْ يَتَّسِعَ لَهَا بَعْضُ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَغَيْرِهِ [فَرْعٌ أَزَالَ بَكَارَة أَجْنَبِيَّةٍ بِأُصْبُعٍ لَا بِذَكَرٍ] (قَوْلُهُ: بِرَفْعِهِ فَاعِلُ يَقْتَصُّ) وَيَصِحُّ جَرُّهُ صِفَةً لِبِكْرٍ، وَفَاعِلُ يَقْتَصُّ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَالَتْ بِزِنًا، وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ أُهْدِرَتْ) مَحَلُّهُ فِي الْحُرَّةِ الْمَالِكَةِ لِأَمْرِهَا أَمَّا الْأَمَةُ فَلَا يَسْقُطُ أَرْشُهَا بِمُطَاوَعَتِهَا كَمَا لَا تُسْقِطُ أَرْشَ طَرَفِهَا بِإِذْنِهَا فِي قَطْعِهِ، وَإِنْ سَقَطَ الْمَهْرُ بِمُطَاوَعَتِهَا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: أَوْ، وَهِيَ مُكْرَهَةٌ) فِي مَعْنَاهَا مُطَاوِعَةٌ لَا تُعْتَبَرُ مُطَاوَعَتُهَا لِجُنُونٍ أَوْ صِغَرٍ وَنَحْوِهِمَا غ (قَوْلُهُ: مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَوَطِئَهَا، وَهِيَ بِكْرٌ لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا بِكْرًا، وَلَا يَلْزَمُهُ مَعَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ إتْلَافَ الْبَكَارَةِ مَأْذُونٌ فِيهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوَطْءُ. (قَوْلُهُ: فَحُكُومَةٌ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا ثَيِّبًا يَجِبَانِ) كَذَا صَحَّحَاهُ هُنَا، وَفِي وَطْءِ الْغَاصِبِ وَصَحَّحَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مَهْرَ بِكْرٍ، وَأَرْشَ بَكَارَةٍ، وَفِي اقْتِضَاضِ الْأَجْنَبِيِّ الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ مَهْرَ بِكْرٍ فَقَطْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَتْ هَذِهِ التَّرَاجِيحُ مُتَنَاقِضَةٌ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بَلْ لِكُلِّ شَيْءٍ مُدْرِكٌ اقْتَضَى تَرْجِيحَهُ فَوَجَبَ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ مَهْرُ بِكْرٍ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِجَامِعِ التَّوَصُّلِ إلَى الْوَطْءِ بِعَقْدٍ، وَإِنَّمَا وَجَبَ هَاهُنَا أَرْشُ بَكَارَةٍ، وَلَمْ يَجِبْ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ، وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ لَا يُضْمَنُ فِي صَحِيحِ النِّكَاحِ فَكَذَا فِي فَاسِدِهِ، وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِكْرًا وَوَطِئَهَا فَأَزَالَ بَكَارَتَهَا بِالْوَطْءِ أَوْ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ بِدُونِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ، وَفِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَوْ أَزَالَ بَكَارَتَهَا بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ طَلَّقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي الْغَصْبِ مَهْرُ الْبِكْرِ لِعَدَمِ الْعَقْدِ الْمُلْحَقِ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَإِكْرَاهُ الْحُرَّةِ هُنَا عَلَى الْوَطْءِ يُشْبِهُ الْغَصْبَ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ، وَأَمَّا وَطْءُ الْأَجْنَبِيِّ الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ فَلِوُقُوعِهِ فِي حَرِيمِ عَقْدٍ صَحِيحٍ قَبْلَ اسْتِقْرَارِهِ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ، وَقَوْلُهُ أَنَّ أَرْشَ الْبَكَارَةِ لَا يُضْمَنُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْصُوصَ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ مِثْلِهَا ثَيِّبًا، وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ، وَقَوْلُهُ لِوُقُوعِهِ فِي حَرِيمِ عَقْدٍ صَحِيحٍ كَلَامٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ وَطْء الْأَجْنَبِيِّ لَمْ يَقَعْ فِي عَقْدٍ، وَلَا فِي حَرِيمِ عَقْدٍ بَلْ لَوْ عُكِسَ هَذَا، وَقِيلَ يَجِبُ فِي وَطْءِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ مَهْرُ بِكْرٍ لِوُقُوعِهِ فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ لَكَانَ أَقْرَبَ فَلْيُتَأَمَّلْ فس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ (فَإِنْ أَشَلَّ الرِّجْلَيْنِ) مِنْهُ (بِذَلِكَ) أَيْ بِكَسْرِ صُلْبِهِ (أَوْ) أَشَلَّ (ذَكَرَهُ فَدِيَةٌ) فِي الْإِشْلَالِ (وَحُكُومَةٌ فِي) كَسْرِ (الصُّلْبِ) ، وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ ذَهَابَ الْمَشْيِ فِي الْأُولَى لِخَلَلِ الصُّلْبِ فَلَا يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ لِشَلَلِ الرِّجْلِ فَأَفْرَدَ كَسْرَ الصُّلْبِ بِحُكُومَةٍ (وَلَوْ ذَهَبَ) بِكَسْرِ صُلْبِهِ (مَشْيُهُ، وَإِمْنَاؤُهُ) أَوْ وَجِمَاعُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَعَبَّرَ بَدَلَ الْإِمْنَاءِ بِالْمَنِيِّ (فَدِيَتَانِ) تَجِبَانِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ؛ وَلِأَنَّ الْمَشْيَ فِي الرِّجْلِ لَا فِي الصُّلْبِ، وَالْمَنِيُّ لَيْسَ مُسْتَقَرًّا فِي الصُّلْبِ، وَلَا لَهُ مَحَلٌّ مَخْصُوصٌ مِنْ الْبَدَنِ، وَإِنَّمَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الْأَغْذِيَةِ الصَّحِيحَةِ (وَيُمْتَحَنُ) مَنْ ادَّعَى ذَهَابَ مَشْيِهِ (بِأَنْ يُفَاجَأَ بِمُهْلِكٍ) كَسَيْفٍ فَإِنْ مَشَى عَلِمْنَا كَذِبَهُ، وَإِلَّا حَلَفَ، وَأَخَذَ الدِّيَةَ. [فَصْلٌ فُعِلَ بِهِ مُوجِبُ دِيَاتٍ وَانْدَمَلَتْ فَحَزَّ رَقَبَتِهِ] (فَصْلٌ) لَوْ (فُعِلَ بِهِ مُوجِبُ دِيَاتٍ) مِنْ إزَالَةِ أَطْرَافٍ وَنَحْوِهَا (وَانْدَمَلَتْ) جِرَاحَتُهُ (فَحَزَّهُ) مِنْ رَقَبَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا (لَزِمَتْهُ) الدِّيَاتُ (مَعَ دِيَةِ النَّفْسِ) لِاسْتِقْرَارِ دِيَاتِ الْأَطْرَافِ بِالِانْدِمَالِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ تَنْدَمِلْ، وَمَاتَ بِسُقُوطِهِ مِنْ سَطْحٍ وَنَحْوِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اعْتِبَارِ التَّبَرُّعِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ مِنْ الثُّلُثِ لَوْ مَاتَ بِذَلِكَ بِأَنَّ التَّبَرُّعَ صَدَرَ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنْ الْمَوْتِ فَاسْتَمَرَّ حُكْمُهُ (وَإِنْ مَاتَ مِنْهَا) أَوْ مِنْ بَعْضِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ سَرَتْ إلَى النَّفْسِ (فَالدِّيَةُ) لِلنَّفْسِ وَاجِبَةٌ وَسَقَطَ بَدَلُ الْأَطْرَافِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ نَفْسًا (أَوْ حَزَّهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَاتَّفَقَتْ) أَيْ الْجِنَايَاتُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (فَالدِّيَةُ) تَجِبُ لِلنَّفْسِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ قَبْلَ الِاسْتِقْرَارِ بَدَلَ الْأَطْرَافِ فَيَدْخُلُ فِيهَا بَدَلُهَا كَالسِّرَايَةِ؛ وَلِأَنَّ السِّرَايَةَ إذَا لَمْ تَنْقَطِعْ بِالِانْدِمَالِ كَانَتْ الْجِنَايَاتُ كُلُّهَا قَتْلًا وَاحِدًا، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا لَوْ قَطَعَ أَطْرَافَ حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ وَسَرَتْ الْجِنَايَةُ إلَى النَّفْسِ أَوْ عَادَ فَقَتَلَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ حَيْثُ تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ مَوْتِهِ، وَلَا يَنْدَرِجُ فِيهَا قِيمَةُ أَطْرَافِهِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِمَا نَقَصَ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِالْكَمَالِ وَالنُّقْصَانِ وَالْآدَمِيُّ مَضْمُونٌ بِمُقَدَّرٍ، وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ فِي ضَمَانِهِ التَّعَبُّدُ (فَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْجِنَايَاتُ (خَطَأً أَوْ عَمْدًا) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (دَخَلَتْ الْأَطْرَافُ) أَيْ دِيَتُهَا (فِي) دِيَةِ (النَّفْسِ، وَلَا يَتَدَاخَلُ الْخَطَأُ وَالْعَمْدُ) لِاخْتِلَافِهِمَا وَاخْتِلَافِ مَنْ يَجِبَانِ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ خَطَأً ثُمَّ حَزَّهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ عَمْدًا، وَعَفَا الْوَلِيُّ) عَنْ الْقِصَاصِ (فَلَهُ نِصْفُ دِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَتِهِ مُخَفَّفَةٌ، وَدِيَةُ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ) . وَإِنْ قَتَلَهُ قِصَاصًا فَلَهُ نِصْفُ دِيَةِ الْيَدِ عَلَى عَاقِلَتِهِ مُخَفَّفَةٌ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ خَطَأً قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَلِلْوَلِيِّ قَطْعُ يَدِهِ، وَدِيَةُ النَّفْسِ عَلَى عَاقِلَتِهِ مُخَفَّفَةٌ، وَإِنْ عُفِيَ عَنْ الْقَطْعِ فَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ لِلْيَدِ، وَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِلنَّفْسِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْحُكُومَاتِ وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ، وَفِيهِ طَرَفَانِ) (الْأَوَّلُ الْحُكُومَةُ) هِيَ فُعُولَةٌ مِنْ الْحُكْمِ لِاسْتِقْرَارِهَا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ (وَهِيَ جُزْءٌ) مِنْ الدِّيَةِ (نِسْبَتُهُ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ) أَيْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَيْهَا (نِسْبَةُ مَا نَقَصَ) بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ (مِنْ قِيمَتِهِ) إلَيْهَا (بِفَرْضِ الرِّقِّ) أَيْ بِفَرْضِهِ رَقِيقًا إذْ الْحُرُّ لَا قِيمَةَ لَهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَوَّمَ بَعْدَ بُرْئِهِ سَلِيمًا مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ ثُمَّ يُقَوَّمَ، وَبِهِ أَثَرُهَا، وَيُنْظَرَ إلَى التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَبْلَهَا مِائَةً، وَبَعْدَهَا تِسْعِينَ فَالتَّفَاوُتُ عُشْرٌ فَيَجِبُ عُشْرُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ مَضْمُونَةٌ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ فَتُضْمَنُ الْأَجْزَاءُ بِالْأَجْزَاءِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ عَيْبِ الْمَبِيعِ وَلِلْحَاجَةِ فِي مَعْرِفَةِ الْحُكُومَةِ إلَى تَقْدِيرِ الرِّقِّ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْعَبْدُ أَصْلُ الْحُرِّ فِي الْجِنَايَاتِ الَّتِي لَا يَتَقَدَّرُ أَرْشُهَا كَمَا أَنَّ الْحُرَّ أَصْلُ الْعَبْدِ فِي الْجِنَايَاتِ الَّتِي يَتَقَدَّرُ أَرْشُهَا (وَتَجِبُ) الْحُكُومَةُ (إبِلًا) لَا نَقْدًا كَالدِّيَةِ، وَأَمَّا التَّقْوِيمُ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ بِالنَّقْدِ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ بِالْإِبِلِ فَقَالَ فِي إذْهَابِ الْعُذْرَةِ فَيُقَالُ لَوْ كَانَتْ أَمَةً تُسَاوِي خَمْسِينَ مِنْ الْإِبِلِ كَمْ يُنْقِصُهَا ذَهَابُ الْعُذْرَةِ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِنْ قِيلَ الْعُشْرُ وَجَبَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَإِنْ قِيلَ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَجَبَ، حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ قَالَ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى أَصْلِهِ فِي الدِّيَاتِ أَنَّ الْإِبِلَ هِيَ الْأَصْلُ. انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يُوصِلُ إلَى الْغَرَضِ. (وَلَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اعْتِبَارِ التَّبَرُّعِ إلَخْ) قَالَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ. اهـ. قَدْ تَعَرَّضُوا لَهُ فِي تَعْلِيلِهِمْ التَّدَاخُلَ لِلسِّرَايَةِ وَحَزِّ الْجَانِي قَبْلَ الْبُرْءِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَنْشَأَ مِنْ الْجَانِي قَبْلَ تَقَرُّرِ بَدَلِ الْجِنَايَاتِ السَّابِقَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَتَى بِهَا وَبِالْحَزِّ مَعًا، وَفِي قَوْلِهِمْ لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَمَاتَ فَقَالَ الْجَانِي مَاتَ بِالسِّرَايَةِ أَوْ قَتَلْته أَنَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيَّ دِيَةٌ، وَقَالَ الْوَلِيُّ بَلْ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ كَأَنْ قَالَ قَتَلَ نَفْسَهُ أَوْ قَتَلَهُ آخَرُ أَوْ شَرِبَ سُمًّا مُوحِيًا صُدِّقَ الْوَلِيُّ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الدِّيَتَيْنِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ ذَلِكَ التَّعْلِيلَ لَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ السُّقُوطِ، وَأَنَّ السُّقُوطَ سَبَبٌ آخَرُ س (قَوْلُهُ:، وَإِنْ مَاتَ مِنْهَا أَوْ مِنْ بَعْضِهَا إلَخْ) أَيْ قَبْلَ انْدِمَالِ شَيْءٌ مِنْهَا كَمَا لَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا خَفِيفًا لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي السِّرَايَةِ، وَجَائِفَةٌ فَمَاتَ مِنْهَا قَبْلَ انْدِمَالِ ذَلِكَ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ بَدَلُ الْأَطْرَافِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ نَفْسًا) أَيْ، وَإِنْ اقْتَضَى قَوْلُ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا فَمَاتَ مِنْهَا إنَّ أَرْشَ ذَلِكَ الْجُرْحِ الْخَفِيفِ لَا يَدْخُلُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْحُكُومَاتِ وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ الْحُكُومَةُ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْحُكُومَاتِ) . لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْمُقَدَّرَاتِ شَرَعَ فِيمَا لَا تَقْدِيرَ فِيهِ فَإِنَّ وَاجِبَهُ الْحُكُومَةُ، وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا عَنْ الدِّيَةِ لِتَأَخُّرِهَا عَنْهَا فِي الرُّتْبَةِ؛ لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهَا، وَإِذَا تَقَدَّرَتْ الْحُكُومَةُ بِاجْتِهَادِ حَاكِمٍ لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ حُكْمًا مُقَدَّرًا فِي كُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ مَا أُورِدَ فِي تَقْدِيرِ جَزَاءِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَالْفَرْقُ قُصُورُ رُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ عَنْ النَّصِّ؛ وَلِأَنَّ الشَّيْنَ مُعْتَبَرٌ فِي الِاجْتِهَادِ، وَهُوَ يَقِلُّ فِي شَخْصٍ وَيَكْثُرُ فِي آخَرَ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ إبِلًا) مَحَلُّ اعْتِبَارِ الْإِبِلِ فِي الْحُكُومَةِ وَالتَّقْوِيمُ بِهَا إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْحُرِّ أَمَّا الْحُكُومَةُ الْوَاجِبَةُ لِلْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ فِيهَا النَّقْدَ قَطْعًا وَكَذَا التَّقْوِيمُ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِيهِ كَالدِّيَةِ فس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 يَبْلُغُ) الْحَاكِمُ (بِحُكُومَةِ طَرَفٍ أَرْشَهُ) الْمُقَدَّرَ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ لِئَلَّا تَكُونَ الْجِنَايَةُ عَلَى الْعُضْوِ مَعَ بَقَائِهِ مَضْمُونَةً بِمَا يُضْمَنُ بِهِ الْعُضْوُ نَفْسُهُ فَتُنْتَقَصُ حُكُومَةُ الْأُنْمُلَةِ بِجُرْحِهَا أَوْ قَطْعِ ظُفُرِهَا عَنْ دِيَتِهَا، وَحُكُومَةُ جِرَاحَةِ الْأُصْبُعِ بِطُولِهِ عَنْ دِيَتِهِ (، وَلَا) يَبْلُغُ (بِمَا) أَيْ بِحُكُومَةِ مَا (دُونَ الْجَائِفَةِ) مِنْ الْجِرَاحَاتِ عَلَى الْبَطْنِ أَوْ نَحْوِهِ (الْجَائِفَةُ) أَيْ أَرْشَهَا (وَلَا بِنَحْوِ) أَيْ بِحُكُومَةِ نَحْوِ (الصُّلْبِ وَالسَّاعِدِ، وَ) سَائِرِ (مَا لَيْسَ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ) مِنْ الْأَعْضَاءِ كَالظَّهْرِ وَالْكَتِفِ (دِيَةَ النَّفْسِ) ، وَإِنْ بَلَغَتْ أَرْشَ عُضْوٍ مُقَدَّرٍ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ السَّاعِدُ كَالْكَفِّ حَتَّى لَا يَبْلُغَ بِحُكُومَةِ جُرْحِهِ دِيَةَ الْأَصَابِعِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّ هِيَ الَّتِي تَتْبَعُ الْأَصَابِعَ دُونَ السَّاعِدِ وَلِهَذَا لَوْ قَطَعَ مِنْ الْكُوعِ لَزِمَهُ مَا يَلْزَمُ فِي لَقْطِ الْأَصَابِعِ، وَلَوْ قَطَعَ مِنْ الْمَرْفِقِ لَزِمَهُ مَعَ الدِّيَةِ حُكُومَةُ السَّاعِدِ (وَلَوْ بَلَغَ بِحُكُومَةِ كَفٍّ دِيَةَ أُصْبُعٍ جَازَ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا دَفْعًا وَاحْتِوَاءً يَزِيدُ عَلَى مَنْفَعَةِ أُصْبُعٍ، وَكَمَا أَنَّ حُكُومَةَ الْيَدِ الشَّلَّاءِ لَا تَبْلُغُ دِيَةَ الْيَدِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَبْلُغَ دِيَةُ أُصْبُعٍ، وَأَنْ تَزِيدَ عَلَيْهَا (فَإِنْ بَلَغَتْ حُكُومَةُ الْعُضْوِ أَرْشَهُ) الْمُقَدَّرَ (نَقَصَ الْحَاكِمُ) شَيْئًا مِنْهَا (بِاجْتِهَادِهِ) لِئَلَّا يَلْزَمَ الْمَحْذُورُ السَّابِقُ (وَلَا يَكْفِي أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ) قَالَ الْإِمَامُ: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ أَقَلُّهُ مَا يَصْلُحُ ثَمَنًا أَوْ صَدَاقًا أَيْ فَيَكْفِي أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ. (فَصْلٌ: وَيُقَوَّمُ) الْمَجْرُوحُ لِمَعْرِفَةِ الْحُكُومَةِ (مُنْدَمِلًا) ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ قَدْ يَسْرِي إلَى النَّفْسِ أَوْ إلَى مَا يَكُونُ وَاجِبُهُ مُقَدَّرًا فَيَكُونُ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبَ لَا الْحُكُومَةَ (وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ) بِالْجُرْحِ بَعْدَ انْدِمَالِهِ شَيْءٌ مِنْ مَنْفَعَةٍ أَوْ جَمَالٍ أَوْ قِيمَةٍ كَقَلْعِ سِنٍّ أَوْ أُصْبُعٍ زَائِدَةٍ (فَأَقْرَبُ نَقْصٍ إلَى الِانْدِمَالِ) يُعْتَبَرُ (وَهَكَذَا إلَى حَالِ سَيَلَانِ الدَّمِ) حَتَّى تَنْقُصَ الْقِيمَةُ بِتَأَثُّرِهَا بِالْخَوْفِ وَالْخَطَرِ (فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ) بِهِ شَيْءٌ (فَيُعَزَّرُ فَقَطْ) إلْحَاقًا لِلْجُرْحِ حِينَئِذٍ بِاللَّطْمِ وَالضَّرْبِ لِلضَّرُورَةِ (أَمْ يَفْرِضُ الْقَاضِي شَيْئًا) بِاجْتِهَادِهِ (وَجْهَانِ) رُجِّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ الثَّانِي. (وَلَوْ أَفْسَدَ مَنْبَتَ لِحْيَةِ امْرَأَةٍ أَوْ قَلَعَ سِنًّا) أَوْ أُصْبُعًا (زَائِدَةً، وَلَمْ يَنْقُصْ) بِذَلِكَ شَيْءٌ (قُدِّرَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ (بِلِحْيَةِ عَبْدٍ تُزَيِّنُهُ) ، وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (وَقُدِّرَتْ السِّنُّ) أَوْ الْأُصْبُعُ (زَائِدَةً، وَلَا أَصْلِيَّةً أَخْلَفَهَا) أَيْ يُقَوَّمُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ (ثُمَّ يُقَوَّمُ مَقْلُوعُ) تِلْكَ الزَّائِدَةِ فَيَظْهَرُ التَّفَاوُتُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَةَ تَسُدُّ الْفُرْجَةَ، وَيَحْصُلُ بِهَا نَوْعُ جَمَالٍ (وَلَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةً لَهَا طَرَفٌ زَائِدٌ قَدَّرَ الْقَاضِي لِلزَّائِدِ شَيْئًا) بِاجْتِهَادِهِ، وَلَا تُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ لِعَدَمِ إمْكَانِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَأَنْ يَجُوزَ أَنْ يُقَوَّمَ، وَلَهُ الزَّائِدَةُ بِلَا أَصْلِيَّةٍ ثُمَّ يُقَوَّمُ دُونَهَا كَمَا فَعَلَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ أَوْ تُعْتَبَرُ بِأَصْلِيَّةٍ كَمَا اُعْتُبِرَتْ لِحْيَةُ الْمَرْأَةِ بِلِحْيَةِ الرَّجُلِ وَلِحْيَتُهَا كَالْأَعْضَاءِ الزَّائِدَةِ وَلِحْيَتُهُ كَالْأَعْضَاءِ الْأَصْلِيَّةِ. انْتَهَى. وَيُقَاسُ بِالْأُنْمُلَةِ فِيمَا ذُكِرَ نَحْوُهَا كَالْأُصْبُعِ. (وَإِنْ ضَرَبَهُ) بِسَوْطٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ لَطَمَهُ، وَلَمْ يَظْهَرْ) بِذَلِكَ (شَيْنٌ فَالتَّعْزِيرُ) وَاجِبٌ فَإِنْ ظَهَرَ شَيْنٌ كَأَنْ اسْوَدَّ مَحَلُّ ذَلِكَ أَوْ اخْضَرَّ، وَبَقِيَ الْأَثَرُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ (وَالْعَظْمُ الْمَكْسُورُ فِي غَيْرِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ إنْ انْجَبَرَ، وَلَمْ يَبْقَ) فِيهِ (أَثَرٌ كَالْجِرَاحِ) فِيمَا مَرَّ فَيُعْتَبَرُ أَقْرَبُ نَقْصٍ إلَى الِانْدِمَالِ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِ مَا مَرَّ، وَإِنْ بَقِيَ أَثَرٌ، وَهُوَ الْغَالِبُ وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ (وَإِنْ انْجَبَرَ مُعْوَجًّا فَكَسَرَهُ الْجَانِي لِيَسْتَقِيمَ) ، وَلَيْسَ لَهُ كَسْرُهُ لِذَلِكَ (فَحُكُومَةٌ أُخْرَى) ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ جَدِيدَةٌ (، وَفِي إفْسَادِ مَنْبَتِ الشُّعُورِ حُكُومَةٌ) ، وَمَحَلُّهُ فِيمَا فِيهِ جَمَالٌ كَاللِّحْيَةِ وَشَعْرِ الرَّأْسِ أَمَّا مَا الْجَمَالُ فِي إزَالَتِهِ كَشَعْرِ الْإِبِطِ فَلَا حُكُومَةَ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْلُغُ بِمَا دُونَ الْجَائِفَةِ الْجَائِفَةَ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا بُدَّ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ تَسَاوِي الْجِنَايَتَيْنِ الْمُتَفَاوِتَتَيْنِ كَالْمُتَلَاحِمَةِ وَالسِّمْحَاقِ إذَا فُرِضَ النَّقْصُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الْعُشْرِ فَتَنْقُصُ حُكُومَتُهُمَا عَنْ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَبْلُغَا أَرْشَ الْمُوضِحَةِ وَيَكُونُ النَّقْصُ فِي السِّمْحَاقِ أَقَلَّ قَالَ: وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الزَّكَاةِ قَرِيبًا مِنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا بِنَحْوِ الصُّلْبِ وَالسَّاعِدِ وَسَائِرِ مَا لَيْسَ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ دِيَةُ النَّفْسِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مُحَالٌ فَكَيْفَ يَصِلُ جُزْءُ الشَّيْءِ إلَى تَمَامِهِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إلَّا إذَا لَمْ تَصِرْ لَهُ قِيمَةٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهَذَا مُحَالٌ فَمَا مِنْ حَيٍّ إلَّا، وَلَهُ قِيمَةٌ وَبِتَقْدِيرِ فَرْضِ أَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ يَبْقَى قَوْلُهُ: جُزْءٌ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَكَانَ يُقَالُ: وَعِنْدَ انْتِفَاءِ الْجُزْءِ لَا بُدَّ مِنْ النَّقْصِ عَنْ الدِّيَةِ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ هَذَا لَوْ كَانَتْ الْحُكُومَةُ مُجَرَّدَ اجْتِهَادٍ مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ. اهـ. إنَّمَا ذَكَرُوهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَيْضًا أَنْ لَا يَبْلُغَ أَرْشُ عُضْوٍ مُقَدَّرٍ قِيَاسًا عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ مَعَ بَقَائِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْأُمِّ فَأَمَّا الضِّلْعُ إذَا كُسِرَ، وَجُبِرَ فَلَا يَبْلُغُ دِيَةَ جَائِفَةٍ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنْ يَصِيرَ مِنْهُ جَائِفَةٌ. اهـ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْجُرْحَ عَلَى الْبَطْنِ يَبْلُغُ بِحُكُومَتِهِ مَا يُنْقَصُ عَنْ دِيَةِ النَّفْسِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْشَ الْجَائِفَةِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: دِيَةُ النَّفْسِ) مُرَادُهُمْ بِذِكْرِهِ أَنَّهُ لَا يَضْرِبُ بُلُوغُهَا أَرْشَ عُضْوٍ مُقَدَّرٍ، وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَبْلُغَ دِيَةَ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. [فَصْلٌ يُقَوَّمُ الْمَجْرُوحُ لِمَعْرِفَةِ الْحُكُومَةِ مُنْدَمِلًا] (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا إلَى حَالِ سَيَلَانِ الدَّمِ) كَمَا أَنَّ وَلَدَ الْمَغْرُورِ لَمَّا تَعَذَّرَ تَقْوِيمُهُ حَالَ الْعُلُوقِ قُوِّمَ حَالَ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ: رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ، وَإِنْ جَزَمَ فِي الْعُبَابِ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَفْسَدَ مَنْبَتَ لِحْيَةِ امْرَأَةٍ) أَوْ شَارِبَهَا (قَوْلُهُ: قُدِّرَتْ بِلِحْيَةِ عَبْدٍ) تُزَيِّنُهُ اللِّحْيَةُ وَيَشِينُهُ زَوَالُهَا كَابْنِ ثَلَاثِينَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُقَوَّمُ مَقْلُوعَ تِلْكَ الزَّائِدَةِ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ أَقْرَبُ أَحْوَالِ النَّقْصِ إلَى الِانْدِمَالِ كَمَا سَبَقَ رَوْضَةٌ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَوَّمَ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ تَقْدِيرَهُ بِلَا أُنْمُلَةٍ أَصْلِيَّةٍ يَقْتَضِي أَنْ تَقْرُبَ الْحُكُومَةُ مِنْ أَرْشِ الْأَصْلِيَّةِ لِضَعْفِ الْيَدِ حِينَئِذٍ بِفَقْدِ أُنْمُلَةٍ مِنْهَا، وَإِنَّ اعْتِبَارَهَا بِأَصْلِيَّةٍ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إجْحَافٌ بِالْجَانِي بِإِيجَابِ شَيْءٍ عَلَيْهِ لَمْ تَقْتَضِهِ جِنَايَتُهُ بِخِلَافِ السِّنِّ وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا زَائِدَةً، وَلَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ أَوْ زَادَتْ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْحَالَاتِ إلَى الِانْدِمَالِ (قَوْلُهُ: إمَّا مَا الْجَمَالُ فِي إزَالَتِهِ كَشَعْرِ الْإِبِطِ) أَيْ وَالْعَانَةِ فَلَا حُكُومَةَ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ إزَالَةُ لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ جَمَالٌ لَهَا فَيَقْتَضِي أَنْ لَا حُكُومَةَ فِيهَا، وَالْجَوَابُ أَنَّ شَعْرَ الْإِبِطِ وَنَحْوَهُ لَا تَكُونُ إزَالَتُهُ إلَّا جَمَالًا لِكُلِّ أَحَدٍ، وَأَمَّا لِحْيَةُ الْمَرْأَةِ وَنَحْوُهَا فَتَكُونُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 وَإِنْ كَانَ التَّعْزِيرُ وَاجِبًا فِيهِ لِلتَّعَدِّي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ هُنَا، وَفِي الضَّابِطِ الْآتِي يَقْتَضِي وُجُوبَهَا (لَا فِيهَا) أَيْ الشُّعُورِ أَيْ لَا حُكُومَةَ فِي إزَالَتِهَا بِغَيْرِ إفْسَادِ مَنْبَتِهَا؛ لِأَنَّهَا تَعُودُ غَالِبًا (وَضَابِطُهُ) أَيْ مَا يُوجِبُ الْحُكُومَةَ، وَمَا لَا يُوجِبُهَا (أَنَّ أَثَرَ الْجِنَايَةِ) مِنْ ضَعْفٍ أَوْ شَيْنٍ (إنْ بَقِيَ أَوْجَبَ حُكُومَةً، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ وَالْجِنَايَةُ جُرْحٌ) أَوْ كَسْرٌ (فَوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا وُجُوبُهَا بِأَنْ يُعْتَبَرَ أَقْرَبُ نَقْصٍ إلَى الِانْدِمَالِ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ جُرْحٍ أَوْ كَسْرٌ كَإِزَالَةِ الشُّعُورِ وَاللَّطْمَةِ (فَلَا شَيْءَ) فِيهِ مِنْ حُكُومَةٍ. (فَصْلٌ: الْجُرْحُ الْمُقَدَّرُ يَتْبَعُ أَرْشَهُ) بِالنَّصْبِ (حُكُومَةُ جَوَانِبِهِ) بِالرَّفْعِ (كَالْمُوضِحَةِ) فَلَوْ أَوْضَحَ رَأْسَهُ، وَبَقِيَ حَوْلَ الْمُوضِحَةِ شَيْنٌ كَتَغَيُّرِ لَوْنٍ وَنُحُولٍ وَاسْتِحْشَافٍ وَارْتِفَاعٍ وَانْخِفَاضٍ تَبِعَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَوْعَبَ جَمِيعَ مَوْضِعِهِ بِالْإِيضَاحِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَرْشُ مُوضِحَةٍ (وَكَذَا مَا دُونَهَا) كَالْمُتَلَاحِمَةِ (إنْ عَرَفَ نِسْبَتَهُ مِنْهَا) بِأَنْ كَانَ بِجَنْبِهِ مُوضِحَةٌ (وَأَوْجَبْنَاهُ) أَيْ مَا اقْتَضَتْهُ النِّسْبَةُ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْحُكُومَةِ فَإِنَّ شَيْنَهُ يَتْبَعُهُ، وَلَا يَنْفَرِدُ بِحُكُومَةٍ فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ نِسْبَتُهُ مِنْهَا بِأَنْ عَسُرَ تَقْدِيرُ أَرْشِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِجَنْبِهِ جُرْحٌ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَلَا يَتْبَعُهُ شَيْنُهُ فِي الْحُكُومَةِ؛ لِأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ لَا تَقْوَى عَلَى الِاسْتِتْبَاعِ بِخِلَافِ الْمُقَدَّرِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالْأَنْوَارِ إنَّ شَيْنَ الْجُرْحِ الَّذِي لَا مُقَدَّرَ لَهُ يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ لَكِنْ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي تَصْوِيرِهِ عُسْرٌ فَإِنَّا نَحْتَاجُ إلَى تَقْوِيمِهِ سَلِيمًا ثُمَّ جَرِيحًا بِلَا شَيْنٍ فَتَحْصُلُ حُكُومَةٌ ثُمَّ يُقَوَّمُ جَرِيحًا بِشَيْنٍ وَجَرِيحًا بِلَا شَيْنٍ فَتَحْصُلُ حُكُومَةٌ ثَانِيَةٌ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَوَّمَ سَلِيمًا ثُمَّ جَرِيحًا بِشَيْنٍ، وَيَجِبُ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّهُ لَا يَخْتَلِفُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ أَيْ فِي الْمِقْدَارِ فَلَا فَائِدَةَ فِي قَوْلِنَا يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ نَعَمْ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ لَوْ عُفِيَ عَنْ إحْدَى الْحُكُومَتَيْنِ فَتَجِبُ الْأُخْرَى، وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: الْأَقْيَسُ عِنْدَنَا إيجَابُ حُكُومَةٍ وَاحِدَةٍ جَامِعَةٍ لَهُمَا وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ زَادَ عَلَى الْمُقَدَّرِ فَعَلَى إيجَابِ حُكُومَتَيْنِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْصٍ إذَا نَقَصَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْمُقَدَّرِ، وَعَلَى إيجَابِ حُكُومَةٍ لَا بُدَّ مِنْ النَّقْصِ (فَإِنْ تَعَدَّى شَيْنُ مُوضِحَةِ الرَّأْسِ عَنْ مَحَلِّهِ إلَى الْقَفَا) أَوْ الْوَجْهِ (فَوَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبَارِزِيُّ عَدَمَ التَّبَعِيَّةِ لِتَعَدِّيهِ مَحَلَّ الْإِيضَاحِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ يُشِيرُ إلَيْهِ (وَلَوْ أَوْضَحَ جَبِينَهُ فَأَزَالَ حَاجِبَهُ فَالْأَكْثَرُ مِنْ الْحُكُومَةِ) لِلشَّيْنِ، وَإِزَالَةِ الْحَاجِبِ (وَ) سُنَّ (أَرْشُ الْمُوضِحَةِ) يَجِبُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا ذُكِرَ. (وَلَوْ جَرَحَهُ عَلَى بَدَنِهِ) جِرَاحَةً (وَبِقُرْبِهَا جَائِفَةٌ قُدِّرَتْ بِهَا، وَلَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ الْقِسْطِ وَالْحُكُومَةِ) كَمَا لَوْ كَانَ بِقُرْبِهَا مُوضِحَةٌ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ) فَفِي الْجِنَايَةِ عَلَى نَفْسِهِ قِيمَةٌ بَالِغَةٌ مَا بَلَغَتْ كَمَا مَرَّ (وَفِيهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ نَفْسِهِ مِمَّا لَا مُقَدَّرَ لَهُ (مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا) ؛ لِأَنَّا نُشَبِّهُ الْحُرَّ فِي الْحُكُومَةِ بِالْعَبْدِ لِيُعْرَفَ قَدْرُ التَّفَاوُتِ لِيُرْجَعَ بِهِ فَفِي الْمُشَبَّهِ بِهِ أَوْلَى (فَإِذَا قُطِعَ) مِنْهُ (مَا لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الْحُرِّ فَإِنَّهُ يَجِبُ نِسْبَتُهُ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ يَجِبُ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ قِيمَتِهِ بِنِسْبَتِهِ إلَيْهَا كَنِسْبَةِ الْوَاجِبِ فِي الْحُرِّ إلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقِصَاصِ فَيَتَقَدَّرُ بَدَلُ أَطْرَافِهِ كَالْحُرِّ (فَفِي قَطْعِ يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ) ، وَفِي يَدَيْهِ قِيمَتُهُ (وَفِي ذَكَرِهِ وَأُنْثَيَيْهِ قِيمَتَاهُ، وَإِذَا قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ لَزِمَهُ خَمْسُمِائَةٍ فَإِنْ قَطَعَ الْأُخْرَى آخَرُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، وَقَدْ نَقَصَ مِائَتَيْنِ لَزِمَهُ أَرْبَعُمِائَةٍ أَوْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَنِصْفُ مَا وَجَبَ عَلَى الْأَوَّلِ) يَلْزَمُهُ، وَهُوَ مِائَتَانِ، وَخَمْسُونَ (لِأَنَّ الْجِنَايَةَ) الْأُولَى (لَمْ تَسْتَقِرَّ) بَعْدُ حَتَّى يَنْضَبِطَ النُّقْصَانُ (وَقَدْ أَوْجَبْنَا) بِهَا (نِصْفَ الْقِيمَةِ فَكَأَنَّهُ انْتَقَصَ نِصْفُهَا فَإِنْ مَاتَ بِسِرَايَتِهِمَا) أَيْ الْجِنَايَتَيْنِ (وَالْجَانِي وَاحِدٌ فَكَقَطْعِهِ إيَّاهُمَا مَعًا) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَسْرِ جِنَايَتَاهُ فَكَمَا لَوْ قَطَعَهُ اثْنَانِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) مَاتَ بِسِرَايَتِهِمَا وَالْجَانِي (هُوَ وَآخَرُ) بِأَنْ جَنَى هُوَ عَلَى يَدٍ وَالْآخَرُ عَلَى الْأُخْرَى (فَكَمَا مَرَّ فِي الذَّبَائِحِ. وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ حَزَّهُ آخَرُ لَزِمَهُ) أَيْ الثَّانِيَ (قِيمَتُهُ بِلَا يَدٍ) ، وَلَزِمَ الْأَوَّلَ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَيُفَارِقُ الْحُرَّ حَيْثُ لَا يُؤَثِّرُ فُقْدَانُ الْأَطْرَافِ فِي بَدَلِهِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي بَدَلِ الْعَبْدِ إلَى قَوْلِ الْمُقَوِّمِينَ، وَبَدَلُ الْحُرِّ مُقَدَّرٌ فِي الشَّرْعِ لَا يَخْتَلِفُ؛ وَلِأَنَّ فَقْدَ بَعْضِ أَطْرَافِ الْعَبْدِ يُؤَثِّرُ فِي بَدَلِ أَطْرَافِهِ لِتَأْثِيرِهِ فِي نُقْصَانِ بَدَلِ النَّفْسِ بِخِلَافِ الْحُرِّ.   [حاشية الرملي الكبير] جَمَالًا فِي عَبْدٍ يَتَزَيَّنُ بِهَا. كا (قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ إلَخْ) ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ اللِّحْيَةَ يُتَزَيَّنُ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا وُجُوبُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ الْجُرْحُ الْمُقَدَّرُ يَتْبَعُ أَرْشَهُ بِالنَّصْبِ حُكُومَةُ جَوَانِبِهِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: الْجُرْحُ الْمُقَدَّرُ يَتْبَعُ أَرْشَهُ إلَخْ) أَمَّا غَيْرُ الْمُقَدَّرِ فَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ جِرَاحَاتِ الْبَدَنِ إنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُهَا بِجَائِفَةٍ بِقُرْبِهَا فَالْأَرْجَحُ وُجُوبُ الْأَكْثَرِ مِنْ قِسْطِ أَرْشِ الْجَائِفَةِ وَالْحُكُومَةِ كَمَا مَرَّ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ فَإِنْ زَادَ الْقِسْطُ فَالشَّيْنُ تَابِعٌ أَوْ الْحُكُومَةُ فَقَدْ وَفَّيْنَا حَقَّ الشَّيْنِ، وَهَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَمُقْتَضَاهُمَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ: إنْ عُرِفَ نِسْبَتُهُ مِنْهَا) فَإِنْ شَكَّ فِي قَدْرِهَا أَوْجَبْنَا الْيَقِينَ (قَوْلُهُ: صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبَارِزِيُّ) أَيْ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمَ التَّبَعِيَّةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ) ، وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ الْإِيضَاحَ لَوْ نَزَلَ إلَى الْقَفَا أَوْ الْوَجْهِ لَتَعَدَّدَ الْأَرْشُ فَانْتَفَتْ عِلَّةُ الِاسْتِتْبَاعِ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ] (قَوْلُهُ: الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ) أَيْ الْمَعْصُومِ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا مَا نَقَضَ مِنْ قِيمَتِهِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ يَكُونُ فِي طَرَفِهِ نِصْفُ مَا فِي طَرَفِ الْحُرِّ وَنِصْفُ مَا فِي طَرَفِ الْعَبْدِ فَفِي يَدِهِ رُبْعُ الدِّيَةِ وَرُبْعُ الْقِيمَةِ، وَفِي أُصْبُعِهِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِيمَا زَادَ مِنْ الْجِرَاحَةِ أَوْ نَقَصَ (قَوْلُهُ: فَفِي قَطْعِ يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ) لَوْ قَطَعَ الْغَاصِبُ أَوْ نَحْوُهُ يَدَهُ مَثَلًا وَنَقَصَ بِذَلِكَ ثُلُثَا قِيمَتِهِ فَقَدْ قَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نَقْصِ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ ثُمَّ وَبَيَّنَّا أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْأَرْشِ بِسَبَبِ الْيَدِ الْعَادِيَةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ، وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا، وَقَطَعَ يَدَيْهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَا يُمْكِنُنَا أَنْ نُقَابِلَ الْيَدَيْنِ تَمَامَ الْقِيمَةِ، وَلَوْ فَعَلْنَا هَذَا لَجَعَلَنَا الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِجَمِيعِ الْمَبِيعِ، وَهَذَا يَسْتَحِيلُ الْقَوْلُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ الْعَبْدِ فِي يَدِ بَائِعِهِ فَلَا يَتَأَتَّى فِي ذَلِكَ إلَّا اعْتِبَارُ النُّقْصَانِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مُوجِبِ الدِّيَةِ، وَحُكْمِ السِّحْرِ، وَفِيهِ خَمْسَةُ أَطْرَافٍ) . (الْأَوَّلُ فِي السَّبَبِ الْمُؤَثِّرِ وَغَيْرِهِ) ، وَلَوْ عِلَّةً أَوْ شَرْطًا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَرَاتِبَ الشَّيْءِ الَّذِي لَهُ أَثَرٌ فِي الْهَلَاكِ ثَلَاثَةٌ الْعِلَّةُ وَالسَّبَبُ وَالشَّرْطُ (وَالضَّابِطُ) فِيمَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَمَا لَا يُؤَثِّرُ (أَنْ يَحْصُلَ الْهَلَاكُ عِنْدَهُ أَوْ) صَوَابُهُ إنْ (كَانَ مُؤَثِّرًا فِي الْهَلَاكِ فَهُوَ كَالْهَلَاكِ) بِحَذْفِ مُضَافٍ وَزِيَادَةِ الْكَافِ أَيْ فَهُوَ عِلَّةُ الْهَلَاكِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْهَلَاكِ (وَفِيهِ الدِّيَةُ، وَلَوْ لَمْ يُؤَثِّرْ) فِي الْهَلَاكِ (بَلْ يُوجِبُ الْهَلَاكَ) بِأَنْ يَتَوَقَّفَ تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ فِي الْهَلَاكِ عَلَيْهِ (كَالْحَفْرِ مَعَ التَّرَدِّي تَعَلَّقَتْ بِهِ الدِّيَةُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ) ذَلِكَ عَلَيْهِ (فَالْمَوْتُ عِنْدَهُ اتِّفَاقِيٌّ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَلَا أَثَرَ لِصَفْعَةٍ خَفِيفَةٍ مَاتَ مَعَهَا) لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهَا فِي الْهَلَاكِ (وَلَوْ قَصَدَ صَغِيرًا) غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ ضَعِيفِ التَّمْيِيزِ (أَوْ مَجْنُونًا أَوْ نَائِمًا أَوْ امْرَأَةً ضَعِيفَةً بِتَهَدُّدٍ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِتَهْدِيدٍ شَدِيدٍ (أَوْ سِلَاحٍ أَوْ صِيَاحٍ) أَيْ شَدِيدٍ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ (فَجُنَّ أَوْ ارْتَعَدَ فَسَقَطَ مِنْ) طَرَفِ (سَطْحٍ) أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَمَاتَ مِنْهُ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَانَةِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ كَثِيرًا مَا يَتَأَثَّرُونَ بِذَلِكَ (لَا عَمْدٌ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَلَا عَمْدٌ؛ لِأَنَّ التَّأْثِيرَ بِذَلِكَ لَيْسَ غَالِبًا سَوَاءٌ أَغَافَصَهُ مِنْ وَرَائِهِ أَمْ وَاجَهَهُ أَمَّا لَوْ مَاتَ بَعْدَمَا ذُكِرَ بِمُدَّةٍ بِلَا تَأَلُّمٍ أَوْ عَقِبَهُ بِلَا سُقُوطٍ أَوْ بِسُقُوطٍ بِلَا ارْتِعَادٍ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَالتَّقْيِيدُ بِالِارْتِعَادِ كَأَنَّهُ لُوحِظَ فِيهِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ كَوْنُ السُّقُوطِ بِالصِّيَاحِ أَيْ أَوْ نَحْوِهِ (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ) بِذَلِكَ كَأَنْ قَصَدَ بِهِ صَيْدًا فَارْتَعَدَ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ نَحْوُهُ، وَمَاتَ مِنْهُ (فَخَطَأٌ) تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ (وَلَوْ كَانَ) الصَّغِيرُ أَوْ نَحْوُهُ (عَلَى الْأَرْضِ فَمَاتَ بِالصَّيْحَةِ) أَوْ نَحْوِهَا (أَوْ كَانَ بَالِغًا أَوْ مُرَاهِقًا مُتَيَقِّظًا وَسَقَطَ) ، وَفِي نُسْخَةٍ فَسَقَطَ (مِنْ السَّطْحِ) أَوْ نَحْوِهِ (فَهَدَرٌ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ تَأْثِيرِهِمْ بِذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ كَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِيهِ مُتَدَافِعٌ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ فِي الْأَوَّلِ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَفِي الثَّانِي بِالْمُرَاهِقِ الْمُتَيَقِّظِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمُرَاهِقِ. (فَرْعٌ: لَوْ طَلَبَهَا السُّلْطَانُ أَوْ كَاذِبٌ عَلَيْهِ لِعُقُوبَةٍ) أَوْ لِغَيْرِهَا كَإِحْضَارِ وَلَدِهَا، وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ عِنْدَهُ بِسُوءٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّ ذِكْرَهَا عِنْدَهُ بِسُوءٍ شَرْطٌ (أَوْ تَهَدَّدَهَا غَيْرُهُ فَأَجْهَضَتْ) أَيْ أَلْقَتْ (جَنِينًا) فَزَعًا مِنْهُ (وَجَبَ ضَمَانُهُ) بِغُرَّةٍ مُغَلَّظَةٍ عَلَى عَاقِلَةِ الطَّالِبِ (لَا ضَمَانُ ثِيَابٍ أَفْسَدَهَا حَدَثٌ) خَرَجَ مِنْهُ فَزَعًا مِمَّنْ ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقِصْهُ جَمَالًا، وَلَا مَنْفَعَةً (وَلَا إنْ مَاتَتْ) أَيْ الْحَامِلُ أَوْ غَيْرُهَا (بِتَهْدِيدِ الْإِمَامِ) أَوْ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتْ بِالْإِجْهَاضِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا يَغْلِبُ) مِنْ الْعِلَّةِ وَالشَّرْطِ إذَا اجْتَمَعَا مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مَعَ زِيَادَةٍ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ (فَالْعِلَّةُ) ، وَهِيَ الْمُبَاشَرَةُ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ الشَّرْطِ (تَغْلِبُ الشَّرْطَ إنْ كَانَتْ عُدْوَانًا كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا) ، وَلَوْ عُدْوَانًا (فَرَدَّى غَيْرُهُ فِيهَا إنْسَانًا) عُدْوَانًا (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ الْعِلَّةُ (عُدْوَانًا كَجَاهِلٍ تَرَدَّى) فِيهَا فَمَاتَ (فَإِنْ كَانَ الْحَفْرُ عُدْوَانًا فَدِيَةُ خَطَأٍ) تَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ (وَإِلَّا فَلَا) ضَمَانَ. [فَرْعٌ أَلْقَى صَبِيًّا فِي مَوْضِعِ السِّبَاعِ فَأَكَلَهُ سَبُعٌ] (فَرْعٌ: لَوْ أَلْقَى صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ) أَيْ مَوْضِعِ السِّبَاعِ فَأَكَلَهُ سَبُعٌ (لَمْ يَضْمَنْ) هـ (وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الِانْتِقَالِ) كَمَا عُلِمَ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مُوجِبِ الدِّيَةِ وَحُكْمِ السِّحْرِ وَفِيهِ خَمْسَةُ أَطْرَافٍ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي السَّبَبِ الْمُؤَثِّرِ وَغَيْرِهِ] الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مُوجِبِ الدِّيَةِ وَحُكْمِ السِّحْرِ) (قَوْلُهُ: صَوَابُهُ إنْ كَانَ) هُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ: بِحَذْفِ مُضَافٍ وَزِيَادَةِ الْكَافِ) لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ بَلْ مَعْنَاهُ إنْ كَانَ مُؤَثِّرًا فِي الْهَلَاكِ، وَهُوَ السَّبَبُ فَهُوَ كَالْهَلَاكِ أَيْ الْمُبَاشَرَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ طَلَبَ أَرْمَدُ مِنْ امْرَأَةٍ أَنْ تُدَاوِيَ عَيْنَهُ فَكَحَّلَتْهُ فَتَلِفَتْ عَيْنُهُ لَمْ تَضْمَنْ إنْ كَحَّلَتْهُ بِكُحْلٍ أَذِنَ لَهَا فِيهِ أَوْ دَاوَتْهُ بِدَوَاءٍ أَذِنَ فِيهِ بِعَيْنِهِ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهَا الضَّمَانُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونًا) أَيْ أَوْ مَعْتُوهًا أَوْ مُوَسْوِسًا أَوْ مَصْعُوقًا أَوْ مَذْعُورًا (قَوْلُهُ: أَوْ سِلَاحٍ) أَيْ عَلَى بَصِيرٍ يَرَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ صِيَاحٍ) شَمِلَ مَا لَوْ تَعَدَّى الصَّبِيُّ بِدُخُولِهِ إلَى مِلْكِ الصَّائِحِ (قَوْلُهُ: فَجُنَّ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْجُنُونَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ ارْتِعَادٌ، وَلَا سُقُوطٌ حَيْثُ عُلِمَ زَوَالُهُ بِسَبَبٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ ارْتَعَدَ فَسَقَطَ إلَخْ) لَوْ ذَهَبَ بِذَلِكَ مَشْيُ رِجْلَيْهِ أَوْ بَطْشُ يَدَيْهِ أَوْ ضَوْءُ عَيْنَيْهِ أَوْ نَحْوِهَا فَهُوَ مَضْمُونٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فَقَالَ ضَمِنَ مَا أَصَابَهُ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ الِارْتِعَادَ وَالصَّائِحُ عَدَمَهُ صُدِّقَ الصَّائِحُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِارْتِعَادِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهَا) كَحَفِيرٍ أَوْ حَبْلٍ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِالِارْتِعَادِ إلَخْ) قَيْدًا فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَكَذَا الْحَاوِي الصَّغِيرُ ضَمَانُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِالصِّيَاحِ عَلَيْهِ بِطَرَفِ سَطْحٍ أَوْ بِئْرٍ بِمَا إذَا ارْتَعَدَ وَسَقَطَ، وَمَاتَ فَاقْتَضَى عَدَمَهُ إنْ لَمْ يَرْتَعِدْ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ وَغَيْرُهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ: وَاسْتَبْعَدَهُ، وَقَالَ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الْقَيْدِ، وَلَعَلَّهُ مُلَازِمٌ لِهَذِهِ الْحَالَةِ، وَقَدْ اعْتَبَرَهُ الْمِنْهَاجُ فِي مَسْأَلَةِ الصِّيَاحِ عَلَى صَيْدٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَهُ هُنَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمُرَاهِقِ إنْ قَوِيَ تَمْيِيزُهُ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ: وَقَوْلُهُ لَا يُمَيِّزُ مُقَابِلُهُ قَوْلُهُ: بَعْدُ، وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ. اهـ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي صَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ أَوْ كَانَ ضَعِيفَ التَّمْيِيزِ بِحَيْثُ يَبْعُدُ مِنْهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ (قَوْلُهُ: إنْ قَوِيَ تَمْيِيزُهُ) هَذَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لَوْ طَلَبَهَا السُّلْطَانُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْجَلَّادِ أَنَّ رَسُولَ الْإِمَامِ لَوْ عَلِمَ ظُلْمَهُ أَوْ خَطَأَهُ لَمْ تَضْمَنْ عَاقِلَةُ الْإِمَامِ وَأُنِيطَ الْحُكْمُ بِالرَّسُولِ فَإِنْ وُجِدَ إكْرَاهٌ فَعَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ عِنْدَهُ بِسُوءٍ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ طَلَبَهَا فِي دَيْنٍ فَأَسْقَطَتْ ضَمِنَ إنْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً لِتَعَدِّيهِ أَوْ غَيْرَ مُخَدَّرَةٍ لَكِنَّهُ يُخَافُ مِنْ سَطَوْته، وَهِيَ غَيْرُ مُخَدَّرَةٍ فَلَا ضَمَانَ قَالَ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ هَلْ هِيَ حَامِلٌ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ يَفْعَلُهُ، وَهُوَ حَسَنٌ قُلْت وَلِهَذَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَكْتُبَ فِي الْقَصَصِ الَّتِي يَطْلُبُ فِيهَا الْأَعْدَاءُ عَلَى امْرَأَةٍ، وَهِيَ بَرْزَةٌ غَيْرُ حَامِلٍ فَهُوَ احْتِيَاطٌ حَسَنٌ. ع (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ أَصْلِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَعَلَّهُ إنَّمَا قُيِّدَ بِذِكْرِ السُّوءِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى التَّضْمِينِ جَوْرًا مِنْ بَابٍ أَوْلَى. (فَرْعٌ) لَوْ قَذَفَ امْرَأَةً بِالزِّنَا فَمَاتَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا، وَلَوْ جَهَضَتْ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهَا تُسْقِطُ مِنْ ذَاعِرِ الْقَذْفِ، وَلَا تَمُوتُ مِنْهُ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا يَغْلِبُ مِنْ الْعِلَّةِ وَالشَّرْطِ إذَا اجْتَمَعَا] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لَوْ أَلْقَى صَبِيًّا) أَيْ حُرًّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 بِزِيَادَةٍ مِمَّا مَرَّ فِي أَوَائِلِ الْجِنَايَاتِ فِي فَصْلِ أَنْهَشَهُ حَيَّةً، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي الْبَالِغِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الصَّبِيَّ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ. (وَلَوْ تَبِعَ رَجُلًا بِالسَّيْفِ، وَكَذَا صَبِيًّا مُمَيِّزًا) فَوَلَّى هَارِبًا (فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي مُهْلَكٍ) كَنَارٍ أَوْ مَاءٍ (عَالِمًا) بِهِ (لَا جَاهِلًا) فَهَلَكَ (أَوْ لَقِيَهُ سَبُعٌ) فِي طَرِيقِهِ (فَقَتَلَهُ، وَلَمْ يُلْجِئْهُ إلَيْهِ بِمَضِيقٍ لَمْ يَضْمَنْ) هـ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى بَاشَرَ إهْلَاكَ نَفْسِهِ قَصْدًا، وَالْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ؛ وَلِأَنَّهُ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيمَا كَانَ يَحْذَرُ مِنْ تَابِعِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَكْرَهَ إنْسَانًا عَلَى أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ فَقَتَلَهَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُوجَدْ مِنْ التَّابِعِ إهْلَاكٌ، وَمُبَاشَرَةُ السَّبُعِ الْعَارِضَةُ كَعُرُوضِ الْقَتْلِ عَلَى إمْسَاكِ الْمُمْسِكِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْمُلْقِي نَفْسَهُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ جَاهِلًا بِالْمُهْلِكِ لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ تَغْطِيَةِ بِئْرٍ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ أَلْجَأَهُ إلَى السَّبُعِ بِمَضِيقٍ (ضَمِنَ) هـ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَ نَفْسِهِ، وَقَدْ أَلْجَأَهُ التَّابِعُ إلَى الْهَرَبِ الْمُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ مُمَيِّزًا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ انْخَسَفَ السَّقْفُ بِالْهَارِبِ لَا الْمُلْقِي) أَيْ لَا بِالْمُلْقِي (نَفْسَهُ) عَلَيْهِ مِنْ عُلُوٍّ (ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْهَرَبِ، وَأَلْجَأَهُ إلَيْهِ مُفْضِيًا إلَى الْهَلَاكِ مَعَ جَهْلِهِ بِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَعَ بِبِئْرٍ مُغَطَّاةٍ بِخِلَافِ الْمُلْقِي نَفْسَهُ عَلَيْهِ إذَا انْخَسَفَ بِثِقَلِهِ لَا بِضَعْفِ السَّقْفِ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ مَا يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ. (وَلَوْ عَلَّمَ وَلِيُّ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ (صَبِيًّا) ، وَلَوْ مُرَاهِقًا (السِّبَاحَةَ) أَيْ الْعَوْمَ (أَوْ الْفِرَاسَةَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ لُغَةً فِي الْفُرُوسَةِ وَالْفُرُوسِيَّةِ كَمَا مَرَّ (فَهَلَكَ فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَتَلْزَمُهُ دِيَتُهُ (كَضَرْبِ الْمُعَلِّمِ الصَّبِيَّ تَأْدِيبًا) إذَا هَلَكَ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ هَلَكَ بِإِهْمَالِهِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ: وَلَوْ قَالَ لَهُ اُدْخُلْ الْمَاءَ فَدَخَلَ مُخْتَارًا فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الضَّمَانِ إذْ لَا يَضْمَنُ الْحُرُّ بِالْيَدِ وَالصَّبِيُّ مُخْتَارٌ، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِلْحِفْظِ. انْتَهَى. (وَإِنْ أَدْخَلَهُ الْمَاءَ لِيَعْبُرَ بِهِ فَكَمَا لَوْ خَتَنَهُ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ. (وَإِنْ سَلَّمَ الْبَالِغُ) الْعَاقِلُ (نَفْسَهُ لِلسَّبَّاحِ) لِيُعَلِّمَهُ السِّبَاحَةَ فَغَرِقَ (هَدَرٌ) لِاسْتِقْلَالِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَغْتَرَّ بِقَوْلِ السَّبَّاحِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْحَفْرِ عُدْوَانًا وَغَيْرِهِ (حَفْرُ الْبِئْرِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ) فِي (مُشْتَرَكٍ) فِيهِ بَيْنَ الْحَافِرِ وَغَيْرِهِ (بِلَا إذْنٍ عُدْوَانٌ) فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ لِتَعَدِّي الْحَافِرِ بِخِلَافِ حَفْرِهَا بِالْإِذْنِ، وَحَفْرُهَا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ أَوْ فِي مَوَاتٍ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ (وَرِضَاهُ بِاسْتِبْقَائِهَا) أَيْ الْبِئْرِ الْمَحْفُورَةِ عُدْوَانًا (كَالْإِذْنِ فِي حَفْرِهَا) فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ضَمَانٌ (وَلَا يُفِيدُهُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ بِالْإِذْنِ) أَيْ فِيهِ (بَعْدَ التَّرَدِّي) فَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ حَفَرَ بِإِذْنِي لَمْ يُصَدَّقْ وَاحْتَاجَ الْحَافِرُ إلَى بَيِّنَةٍ بِإِذْنِهِ. (وَلَوْ تَعَدَّى بِدُخُولِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ حُفِرَتْ عُدْوَانًا فَهَلَكَ يَضْمَنُهُ الْحَافِرُ) لِتَعَدِّيهِ أَوَّلًا لِتَعَدِّي الْوَاقِعِ فِيهَا بِالدُّخُولِ (وَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ الثَّانِيَ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي دُخُولِهَا فَإِنْ عَرَّفَهُ بِالْبِئْرِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا فَهَلْ يَضْمَنُ الْحَافِرُ أَوْ الْمَالِكُ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ إعْلَامِهِ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا فَعَلَى الْحَافِرِ. (فَرْعٌ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَكْرَهَ إنْسَانًا عَلَى أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ إلَخْ) هَكَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ أَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَقَوْلُهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ ظُلْمَةٍ) أَيْ ظُلْمَةِ الْمَكَانِ أَوْ اللَّيْلِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا أَلْقَى نَفْسَهُ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ غَيْرِهِمَا قَصْدًا أَرَدْنَا بِهِ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا بُنِيَ عَلَى أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ أَمْ خَطَأٌ إنْ قُلْنَا خَطَأٌ ضَمِنَهُمَا الْمُتَّبِعُ كَمَا لَوْ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ جَاهِلًا، وَإِلَّا فَلَا كَذَا أَطْلَقَاهُ هُنَا، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَصْلِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ فِيمَنْ لَهُ تَمْيِيزٌ مِنْهُمَا أَمَّا مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ أَصْلًا فَلَا عَمْدَ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَهُوَ الْحَقُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْمَجْنُونِ كُلُّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّمَ وَلِيُّ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ صَبِيًّا السِّبَاحَةَ) وَكَالصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ وَنَحْوُهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ آنِفًا ش أَمَّا لَوْ سَلَّمَهُ الْأَجْنَبِيُّ فَهُمَا شَرِيكَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا إنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَإِلْقَائِهِ فِي الْمَسْبَعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِيهَا مَعَ أَنَّ الْخَطَرَ فِيهِ أَكْثَرُ، وَهُنَا الْخَطَرُ قَلِيلٌ، وَقَدْ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ؟ . قِيلَ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مُهْلِكٌ بِالتَّفْرِيطِ مِنْ السَّبَّاحِ، وَلَيْسَتْ الْمَسْبَعَةُ نَفْسُهَا مُهْلِكَةً لِاحْتِمَالِ بَقَائِهِ (قَوْلُهُ: فَشِبْهُ عَمْدٍ) مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْ السَّبَّاحِ تَقْصِيرٌ فَلَوْ رَفَعَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِهِ عَمْدًا فَغَرِقَ وَجَبَ الْقِصَاصُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِلْحِفْظِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَدْخَلَهُ الْمَاءَ لِيَعْبُرَ بِهِ فَكَمَا لَوْ خَتَنَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّمَا يَتَّضِحُ التَّشْبِيهُ إذَا كَانَ فِي إدْخَالِهِ الْمَاءَ لِيَعْبُرَ بِهِ غَرَضٌ مَقْصُودٌ لَا إنْ كَانَ عَبَثًا وَسَيَأْتِي عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ فِي إرْكَابِ الْوَلِيِّ الصَّبِيَّ الدَّابَّةَ، وَمُصَادَمَتِهِ مَا يَقْتَضِي تَفْصِيلًا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلَّمَ الْبَالِغُ نَفْسَهُ لِلسَّبَّاحِ هَدَرٌ) حَمَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ الضَّمَانِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ السَّبَّاحُ كَمَا قَالَ فِي الصَّبِيِّ قَالَ فَأَمَّا لَوْ رَفَعَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِهِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُغْرِقِ عَمْدًا فَغَرِقَ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ بَلْ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَغْرَقَهُ، وَقَوْلُهُ حَمَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ الضَّمَانِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْحَفْرِ عُدْوَانًا وَغَيْرِهِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: حَفْرُ الْبِئْرِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إلَخْ) لَوْ حَفَرَ بِئْرًا قَرِيبَةَ الْعُمْقِ فَعَمَّقَهَا غَيْرُهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِمَا بِالسَّوِيَّةِ كَالْجِرَاحَاتِ (قَوْلُهُ: فَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِهِ) لَوْ كَانَ الْحَافِرُ عَبْدًا تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا مَوْضِعَ التَّضْمِينِ فِي التَّعَدِّي مَا إذَا تَجَدَّدَ التَّرَدِّي لِلْهَلَاكِ فَلَوْ تَرَدَّتْ بَهِيمَةٌ، وَلَمْ تَتَأَثَّرْ بِالصَّدْمَةِ ثُمَّ مَاتَتْ جُوعًا أَوْ عَطَشًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ لِحُدُوثِ سَبَبٍ آخَرَ كَمَا لَوْ حَبَا سَبُعٌ فَافْتَرَسَهَا مِنْ الْبِئْرِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ الطَّرَفِ الرَّابِعِ. (قَوْلُهُ: وَرِضَاهُ بِاسْتِيفَائِهَا) كَأَنْ مَنَعَهُ مِنْ طَمِّهَا (قَوْلُهُ: كَالْإِذْنِ فِي حَفْرِهَا) وَكَذَا لَوْ مَلَكَ تِلْكَ الْبُقْعَةَ. (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ فَإِنْ كَانَ لَيْلًا أَوْ عَمِيَ وَجَبَ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ، وَإِنْ كَانَ نَهَارًا وَبَصِيرًا فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ الثَّانِيَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ) قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ مُعْتَمَدٌ فِي الْأُولَى دُونَ هَذِهِ إذْ الْأَرْجَحُ فِيهَا ضَمَانُ الْحَافِرِ لَا الْمَالِكِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 لَوْ (حَفَرَ بِئْرًا فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ) يَتَضَرَّرُ النَّاسُ بِالْبِئْرِ فِيهِ (ضَمِنَ) مَا هَلَكَ بِهَا (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السُّلْطَانُ) فِيهِ، وَلَيْسَ لَهُ الْإِذْنُ فِيمَا يَضُرُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ، وَفِيهِ نَظَرٌ (وَلَهُ حَفْرُهَا فِي) الشَّارِعِ (الْوَاسِعِ) سَوَاءٌ الْمُنْعَطِفُ مِنْهُ وَغَيْرُهُ (لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ) كَالْحَفْرِ لِلِاسْتِقَاءِ أَوْ لِاجْتِمَاعِ مَاءِ الْمَطَرِ (فَلَا ضَمَانَ) لِمَا يَهْلِكُ بِهَا (وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ) فِيهِ (الْإِمَامُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَقَدْ تَعْسُرُ مُرَاجَعَةُ الْإِمَامِ فِيهِ، نَعَمْ إنْ نَهَاهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ، وَخَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَحْكَمَ رَأْسَهَا فَإِنْ لَمْ يُحْكِمْهَا وَتَرَكَهَا مَفْتُوحَةً ضَمِنَ مُطْلَقًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا) لَهُ حَفْرُهَا فِي ذَلِكَ (لِنَفْسِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْإِمَامُ (وَ) لَكِنَّهُ (يَضْمَنُ) مَا هَلَكَ بِهَا لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ) أَيْ حَفَرَهَا أَوْ رَضِيَ بِاسْتِبْقَائِهَا فَلَا ضَمَانَ إذْ لَهُ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ النَّاسِ بِقِطْعَةٍ مِنْ الشَّارِعِ حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ لَهُ الْحَفْرَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَ) حَفْرُهَا (فِي الْمَوَاتِ لِلِاسْتِقَاءِ) مِنْهَا أَوْ لِلتَّمَلُّكِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا يَضْمَنُ) ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ كَالْحَفْرِ فِي مِلْكِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ مُسْلِمٍ «الْبِئْرُ جُبَارٌ» أَيْ لَا ضَمَانَ فِيهِ. (وَإِنْ حَفَرَ فِي مِلْكِهِ) لَوْ مُتَعَدِّيًا كَأَنْ حَفَرَ فِيهِ، وَهُوَ مُؤَجَّرٌ أَوْ مَرْهُونٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْتَرِي أَوْ الْمُرْتَهِنِ (وَدَخَلَ رَجُلٌ دَارِهِ بِالْإِذْنِ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ هُنَا بِئْرًا أَوْ كَانَتْ مَكْشُوفَةً وَالتَّحَرُّزُ مِنْهَا مُمْكِنٌ) فَهَلَكَ بِهَا (لَمْ يَضْمَنْ) وَذِكْرُ الْمِلْكِ مِثَالٌ، وَالْمُرَادُ مَا يُسْتَحَقُّ مَنْفَعَتُهُ، وَلَوْ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (أَمَّا إذَا لَمْ يُعَرِّفْهُ بِهَا وَالدَّاخِلُ أَعْمَى أَوْ الْمَوْضِعُ مُظْلِمٌ) أَيْ أَوْ الْبِئْرُ مُغَطَّاةٌ (فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ دَعَاهُ إلَى طَعَامٍ مَسْمُومٍ) فَأَكَلَهُ فَيَضْمَنُ (فَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دِهْلِيزِ دَارِهِ) ، وَدَعَا إلَيْهِ إنْسَانًا فَهَلَكَ بِهَا (فَقَدْ سَبَقَتْ فِي أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ) وَتَقَدَّمَ تَقْرِيرُهَا ثُمَّ. (فَرْعٌ: بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي الشَّارِعِ، وَحَفْرُ بِئْرٍ فِي الْمَسْجِدِ) وَوَضْعُ (سِقَايَةٍ عَلَى بَابِ دَارِهِ) لِيَشْرَبَ النَّاسُ مِنْهَا (كَالْحَفْرِ فِي الشَّارِعِ فَلَا يَضْمَنُ) الْهَالِكَ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ (إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَإِنْ بَنَى أَوْ حَفَرَ مَا ذُكِرَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَعُدْوَانٌ إنْ أَضَرَّ بِالنَّاسِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْإِمَامُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ، وَلَا تَصِيرُ بِهِ الْبُقْعَةُ بَلْ، وَلَا الْبِنَاءُ مَسْجِدًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ بَنَى مَسْجِدًا فِي مَوَاتٍ فَهَلَكَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ (، وَلَا يَضْمَنُ بِتَعْلِيقِ قِنْدِيلٍ، وَفَرْشِ حَصِيرٍ) أَوْ حَشِيشٍ وَنَصْبِ عُمُدٍ، وَبِنَاءِ سَقْفٍ وَتَطْيِينِ جِدَارٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ (، وَيَضْمَنُ) الْهَلَاكَ (الْمُتَوَلِّدَ مِنْ جَنَاحٍ خَارِجٍ إلَى شَارِعٍ) ، وَإِنْ كَانَ إخْرَاجُهُ جَائِزًا بِأَنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (وَكَذَا) يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ جَنَاحٍ خَارِجٍ (إلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍّ) لَيْسَ فِيهِ مَسْجِدٌ أَوْ نَحْوُهُ (أَوْ) إلَى (مِلْكِ غَيْرٍ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ يَتَضَرَّرُ النَّاسُ بِالْبِئْرِ فِيهِ] قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ نَهَاهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَخَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَحْكُمْ رَأْسَهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لَوْ أَحْكَمَ مُحْتَسِبٌ رَأْسَهَا ثُمَّ جَاءَ ثَالِثٌ، وَفَتَحَهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ كَمَا لَوْ طَمَّهَا فَجَاءَ آخَرُ وَحَفَرَهَا (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْفَرَهَا فِي مِلْكِهِ) الْمِلْكُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ مَنْفَعَتُهُ أَبَدًا بِوَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ كَمِلْكِهِ عَلَى الظَّاهِرِ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ حَفَرَ بِالْحَرَمِ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مَوَاتٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الصَّيْدَ الْوَاقِعَ فِيهَا، وَمَا لَوْ حَفَرَهَا وَاسِعَةً فَوْقَ الْعَادَةِ فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهَا ر (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ) ، وَعَلَيْهِ حَمَلُوا حَدِيثَ «الْبِئْرُ جُبَارٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ [فَرْعٌ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي الشَّارِعِ وَحَفْرُ بِئْرٍ فِي الْمَسْجِدِ وَوَضْعُ سِقَايَةٍ عَلَى بَابِ دَارِهِ] (قَوْلُهُ: كَالْحَفْرِ فِي الشَّارِعِ) هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا حَفَرَ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ لِمَصْلَحَةِ عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُصَلِّينَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَعَلَهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ) فَإِنْ بَنَى الْمَسْجِدَ لِنَفْسِهِ فَكَالْحَفْرِ لَهُ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْإِمَامُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا إذَا حَفَرَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَعُدْوَانٌ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ إذْ لَيْسَ لَهُ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا إذَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُضْمَنُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ جَنَاحٍ إلَخْ) قَدْ يُفْهَمُ الضَّمَانُ، وَلَوْ تَوَلَّدَ الْهَلَاكُ مِنْهُ بِغَيْرِ سُقُوطِهِ كَمَا إذَا صَدَمَهُ رَاكِبُ شَيْءٍ عَالٍ أَوْ سَقَطَ حَيَوَانُ كُفَّارٍ وَنَحْوُهُ فَتَلِفَ بِذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ فِيهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْقِيَاسُ مَا ذَكَرْته، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا سَقَطَ الْجَنَاحُ أَوْ بَعْضُهُ فَلَوْ تَوَلَّدَ مِنْهُ لَا بِسُقُوطِهِ بِأَنْ صَدَمَهُ رَاكِبُ شَيْءٍ عَالٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَيَكُونُ كَالْقَاعِدِ فِي الطَّرِيقِ إذَا تَعَثَّرَ بِهِ مَاشٍ، وَمَاتَ الْمَاشِي، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ إلَخْ) ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْحَفْرِ بِأَنَّ لِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ مَدْخَلًا فِي الشَّوَارِعِ بِخِلَافِ الْهَوَاءِ، وَقَدْ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِعَدَمِ التَّفْرِقَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْفَرْقَ، وَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّ إشْرَاعَ الْجَنَاحِ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، وَلَا يَرْغَبُ فِيهِ كُلُّ أَحَدٍ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ أَشْرَعَ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ ثُمَّ وَقَفَ مَا تَحْتَ الْجَنَاحِ شَارِعًا فَلَا ضَمَانَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ سَبَّلَ أَرْضَهُ الْمُجَاوِرَةَ لِدَارِهِ شَارِعًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ الْإِشْرَاعَ إلَيْهَا ثُمَّ أَشْرَعَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَضَعَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ لَا كَمَا فَعَلُوا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ الضَّمَانُ هُنَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَيُفَرَّقَ بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْجَنَاحِ أَغْلَبُ، وَأَكْثَرُ وَالْحَفْرُ فِي الطَّرِيقِ مِمَّا تَقِلُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَإِذَا كَثُرَ الْجَنَاحُ كَثُرَ تَوَلُّدُ الْهَلَاكِ مِنْهُ فَلَا يُحْتَمَلُ إهْدَارُهُ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَيْسَ الْفَرْقُ بِالْبَيِّنِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الْأَجْنِحَةِ غَلَبَةُ سُقُوطِهَا، وَلَا حُصُولُ الْهَلَاكِ مِنْهُ بَلْ هُوَ نَادِرٌ وَالتَّعَثُّرُ بِالْبِئْرِ فِي الشَّارِعِ يَكْثُرُ فِي اللَّيْلِ وَالظُّلْمَةِ، وَمِنْ ضَعِيفِ الْبَصَرِ وَالْأَعْمَى، وَقَدْ صَرَّحَ الْعِمْرَانِيُّ فِي الْعَمْدِ بِأَنَّهُ إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ فِي الْجَنَاحِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ ضَمِنَ. اهـ. وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ هُنَا أَنَّهُ إذَا أَوْقَفَ دَابَّتَهُ أَوْ رَبَطَهَا فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَلَا ضَمَانَ أَوْ بِدُونِ إذْنِهِ فَفِي الضَّمَانِ قَوْلَانِ، وَقِيَاسُهُ هُنَا لَا يَخْفَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 بِلَا إذْنٍ) مِنْ أَهْلِ الدَّرْبِ فِي الْأُولَى، وَالْمَالِكِ فِي الثَّانِيَةِ. (وَإِنْ كَانَ) الْجَنَاحُ (عَالِيًا) لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِهِ بِالْإِذْنِ (وَالدِّيَةُ) فِي الْحُرِّ وَالْقِيمَةُ فِي الرَّقِيقِ (عَلَى الْعَاقِلَةِ) إنْ تَلِفَا بِذَلِكَ (وَإِنْ تَلِفَ بِهِ مَالٌ) لَيْسَ بِرَقِيقٍ (فَفِي مَالِهِ) يَجِبُ الضَّمَانُ أَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ مَسْجِدٌ أَوْ نَحْوُهُ فَهُوَ كَالشَّارِعِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الصُّلْحِ. (فَصْلٌ: لَا يَضْمَنُ) الْمَالِكُ (التَّصَرُّفَ الْمُعْتَادَ فِي مِلْكِهِ) أَيْ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ إذْ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى حَرَجٍ عَظِيمٍ، وَيَنْجَرَّ إلَى بُطْلَانِ فَائِدَةِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ إشْرَاعِ الْجَنَاحِ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، وَلَا يَرْغَبُ فِيهِ كُلُّ أَحَدٍ (كَمَنْ نَصَبَ فِيهِ) أَيْ فِي مِلْكِهِ (سِكِّينًا) أَوْ شَبَكَةً (فَأَهْلَكَتْ) شَيْئًا (أَوْ) وَضَعَ (جَرَّةً عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ) لَهُ (فَسَقَطَتْ بِرِيحٍ أَوْ هَدْمٍ) لِمَحَلِّهَا (بِبَلِّهَا) فَأَهْلَكَتْ شَيْئًا (أَوْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي مِلْكِهِ فَرَفَسَتْ رَجُلًا) فَأَهْلَكَتْهُ (وَلَوْ كَانَ خَارِجَ مِلْكِهِ أَوْ نَجَّسَتْ ثَوْبَهُ) مَثَلًا (أَوْ كَسَرَ حَطَبًا فِيهِ) أَيْ فِي مِلْكِهِ (فَتَطَايَرَ) مِنْهُ شَيْءٌ فَأَهْلَكَ شَيْئًا (أَوْ حَفَرَ) فِيهِ (بِئْرًا أَوْ بَالُوعَةً فَتَنَدَّى جِدَارُ جَارِهِ) فَانْهَدَمَ (أَوْ غَارَتْ) بِذَلِكَ (بِئْرُهُ) أَيْ مَاؤُهَا (أَوْ تَغَيَّرَتْ) فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُلَّاكَ لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ بِخِلَافِ إشْرَاعِ الْجَنَاحِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ (لَمْ يَضْمَنْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ جَوَابُ شَرْطٍ تَقَدَّمَ (فَإِنْ وَسَّعَ حَفَرَهَا أَوْ قَرَّبَهَا مِنْ الْجِدَارِ) أَيْ جِدَارِ جَارِهِ (خِلَافَ الْعَادَةِ أَوْ وَضَعَ فِي أَصْلِ جِدَارِ غَيْرِهِ سِرْجِينًا أَوْ لَمْ يَطْوِ بِئْرَهُ، وَمِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ أَرْضِهَا (يَنْهَارُ) إذَا لَمْ تُطْوَ (ضَمِنَ) مَا هَلَكَ بِذَلِكَ لِتَقْصِيرِهِ. (وَلَا يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ نَارٍ) أَوْقَدَهَا (فِي مِلْكِهِ وَطَرَفِ سَطْحِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ أَوْ عَلَى سَطْحِهِ (إلَّا إنْ أَوْقَدَ) هَا (وَأَكْثَرَ) فِي الْإِيقَادِ (خِلَافَ الْعَادَةِ أَوْ) أَوْقَدَهَا (فِي) يَوْمِ رِيحٍ (عَاصِفٍ) أَيْ شَدِيدٍ فَيَضْمَنُ كَطَرْحِهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ (إلَّا) الْأَوْلَى لَا (إنْ عَصَفَ) الرِّيحُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْإِيقَادِ فَلَا يَضْمَنُ لِعُذْرِهِ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ إطْفَاؤُهُ فَتَرَكَهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَفِي عَدَمِ تَضْمِينِهِ نَظَرٌ. (وَإِنْ سَقَى أَرْضَهُ كَالْعَادَةِ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْ جُحْرٍ) فَأَهْلَكَ شَيْئًا (لَمْ يَضْمَنْهُ إلَّا إنْ سَقَى فَوْقَ الْعَادَةِ أَوْ عَلِمَ) بِالْجُحْرِ (وَلَمْ يَحْتَطْ) فَيَضْمَنُ لِتَقْصِيرِهِ. [فَصْلٌ كَانَ الْمِيزَابُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ خَارِجًا عَنْ الْجِدَارِ فَهَلَكَ بِالْخَارِجِ فِيهِمَا إنْسَانٌ حُرٌّ] (فَصْلٌ: إذَا كَانَ الْمِيزَابُ كُلُّهُ خَارِجًا) عَنْ الْجِدَارِ بِأَنْ سَمَّرَ عَلَيْهِ (أَوْ بَعْضُهُ دَاخِلًا) فِيهِ (وَبَعْضُهُ خَارِجًا) عَنْهُ فَهَلَكَ بِالْخَارِجِ فِيهِمَا (إنْسَانٌ) حُرٌّ (لَزِمَهُ الدِّيَةُ) أَوْ غَيْرُهُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ كَمَا فِي الْجَنَاحِ، وَكَمَا لَوْ طَرَحَ تُرَابًا فِي الطَّرِيقِ لِيُطَيِّنَ بِهِ سَطْحَهُ فَزَلَقَ بِهِ إنْسَانٌ، وَهَلَكَ، وَدَعْوَى ضَرُورَةِ الْبِنَاءِ إلَيْهِ مَمْنُوعَةٌ إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَّخِذَ لِمَاءِ السَّطْحِ بِئْرًا فِي دَارِهِ أَوْ يُجْرِيَ الْمَاءَ فِي أُخْدُودٍ فِي الْجِدَارِ (وَإِنْ سَقَطَ كُلُّهُ، وَهَلَكَ بِالْخَارِجِ وَالدَّاخِلِ أَوْ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا (أَوْ بِطَرَفِ الْكُلِّ لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) لِحُصُولِ التَّلَفِ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِ مَضْمُونٍ، وَإِنْ زَادَتْ مِسَاحَةُ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِثِقَلِ الْجَمِيعِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ فَسَدَ بِمَائِهِ) أَيْ الْمِيزَابِ (ثَوْبُ مَارٍّ ضَمِنَ) مَا نَقَصَ بِهِ (وَالضَّمَانُ بِالْجَنَاحِ كَهُوَ بِالْمِيزَابِ) فِيمَا فَصَّلَهُ آنِفًا. (وَالْجِدَارُ إنْ بُنِيَ) أَيْ إنْ بَنَاهُ شَخْصٌ (مُسْتَوِيًا أَوْ مَائِلًا إلَى مِلْكِهِ) أَوْ مَوَاتٍ فَسَقَطَ، وَأَتْلَفَ شَيْئًا (فَلَا ضَمَانَ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ، وَلَمْ يُقَصِّرْ؛ وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِهِ كَيْفَ شَاءَ نَعَمْ إنْ كَانَ مِلْكُهُ الْمَائِلِ إلَيْهِ الْجِدَارُ مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ كَانَ كَمَا لَوْ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْهَوَاءِ تَابِعَةٌ لِمَنْفَعَةِ الْقَرَارِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (وَإِنْ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى شَارِعٍ أَوْ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (ضَمِنَ) مَا تَلِفَ بِهِ، وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِيهِ كَالسَّابَاطِ وَالْجَنَاحِ (فَإِنْ مَالَ الْمُسْتَوِي) إلَى ذَلِكَ أَوْ غَيْرِهِ وَسَقَطَ وَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ (لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ هَدْمُهُ) ، وَإِصْلَاحُهُ (وَأُمِرَ بِهِ) بِأَنْ أَمَرَهُ بِهَدْمِهِ الْوَالِي أَوْ غَيْرُهُ إذْ لَا صُنْعَ لَهُ فِي الْبَلِّ بِخِلَافِ الْمِيزَابِ وَنَحْوِهِ، وَكَمِلْكِ الْغَيْرِ الدَّرْبَ الْمُنْسَدَّ أَوْ نَحْوَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ مَسْجِدٌ أَوْ نَحْوُهُ فَهُوَ كَالشَّارِعِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ لَا يَضْمَنُ الْمَالِكُ التَّصَرُّفَ الْمُعْتَادَ فِي مِلْكِهِ أَيْ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ] (قَوْلُهُ: كَمَنْ نَصَبَ فِيهِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَمَنْ (قَوْلُهُ: أَوْ وَضَعَ جَرَّةً عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ لَهُ فَسَقَطَتْ إلَخْ) سَيَأْتِي بَيَانُ عَدَمِ الضَّمَانِ بِهَا فِي بَابِ حُكْمِ الصَّائِلِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَفِي عَدَمِ تَضْمِينِهِ نَظَرٌ) لَا يَضْمَنُ كَمَا لَا يَضْمَنُ فِيمَا لَوْ بَنَى جِدَارَهُ مُسْتَوِيًا ثُمَّ مَالَ إلَى شَارِعٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَأَمْكَنَهُ هَدْمُهُ أَوْ إصْلَاحُهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ (قَوْلُهُ: فَهَلَكَ بِالْخَارِجِ إنْسَانٌ لَزِمَهُ الدِّيَةُ) أَيْ، وَإِنْ جَازَ إخْرَاجُهُ إلَى الشَّارِعِ إذَا كَانَ عَالِيًا لَا يَضُرُّ بِالْمَارِّ كَمَا فِي الْجَنَاحِ، وَقَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِالْمُسْلِمِ، قَالَ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الذِّمِّيِّ كَالْجَنَاحِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ وَيُحْتَمَلُ تَرَتُّبُهُ عَلَى الْجَنَاحِ؛ لِأَنَّ الْجَنَاحَ يَمْشِي عَلَيْهِ الذِّمِّيُّ وَيَقْعُدُ وَيَنَامُ فَكَانَ أَشَدَّ مِنْ إعْلَاءِ بِنَائِهِ بِخِلَافِ الْمِيزَابِ، قَالَ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَقَطَ كُلُّهُ، وَهَلَكَ بِالْخَارِجِ وَالدَّاخِلِ إلَخْ) لَوْ سَقَطَ كُلُّ الْخَارِجِ وَبَعْضُ الدَّاخِلِ أَوْ عَكْسُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَسُقُوطِ كُلِّهِ، وَلَوْ سَقَطَ كُلُّهُ وَانْكَسَرَ نِصْفَيْنِ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ أَصَابَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ أَصَابَ بِمَا كَانَ فِي الْجِدَارِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ بِالْخَارِجِ ضَمِنَ الْكُلَّ كَمَا، قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ، وَلَوْ نَامَ عَلَى طَرَفِ سَطْحِهِ فَانْقَلَبَ إلَى الطَّرِيقِ عَلَى مَارٍّ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ كَانَ سُقُوطُهُ بِانْهِيَارِ الْحَائِطِ مِنْ تَحْتِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ لِتَقَلُّبِهِ فِي نَوْمِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ) عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَوْ تُصُوِّرَ حُصُولُ التَّلَفِ بِسُقُوطِ الدَّاخِلِ فِي الْمِلْكِ دُونَ الْخَارِجِ لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَتَشَطَّى ثُمَّ يَسْقُطَ فَيُصِيبَ الدَّاخِلَ بِمُفْرَدِهِ شَيْئًا دُونَ التَّشْطِيَةِ الْخَارِجَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الدَّاخِلَةِ، وَهَذَا صَحِيحٌ وَيَأْتِي فِي الْمِيزَابِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: ثَوْبُ مَارٍّ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مَا نَقَصَ بِهِ) فَيَضْمَنُ نِصْفَ التَّالِفِ إنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ وَبَعْضُهُ خَارِجًا، وَلَوْ اتَّصَلَ مَاؤُهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ تَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ، قَالَ الْغَزِّيِّ: فَالْقِيَاسُ التَّضْمِينُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ مِلْكُهُ الْمَائِلُ إلَيْهِ الْجِدَارُ مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِهِ إلَخْ) مَا تَفَقَّهَهُ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِهِ بِحَفْرِهِ فِي مِلْكِهِ مُتَعَدِّيًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى شَارِعٍ) أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ دَرْبٍ مُشْتَرَكٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 (وَلَوْ سَقَطَ) مَا بَنَاهُ مُسْتَوِيًا، وَلَوْ بَعْدَ مَيْلِهِ إلَى شَارِعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَمْ يَرْفَعْهُ لَمْ يَضْمَنْ) مَا تَلِفَ بِهِ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ نَعَمْ إنْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهِ ضَمِنَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمُخْتَارُ، وَلَوْ بَنَاهُ مَائِلًا بَعْضُهُ فَالضَّمَانُ بِالسَّاقِطِ مِنْهُ كَهُوَ بِالْمِيزَابِ فِيمَا مَرَّ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ اسْتَهْدَمَ الْجِدَارَ، وَلَمْ يَمِلْ لَمْ يَلْزَمْهُ نَقْضُهُ، وَلَا ضَمَانَ مَا تَوَلَّدَ) مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزْ مِلْكَهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا مَالَ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مُرَادًا. (فَرْعٌ) لَوْ بَاعَ (نَاصِبُ الْمِيزَابِ) أَوْ الْجَنَاحِ (أَوْ بَانِي الْجِدَارِ مَائِلًا) الدَّارَ (لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الضَّمَانِ) أَيْ ضَمَانِ مَا تَلِفَ بِذَلِكَ نَعَمْ لَوْ بُنِيَ الْجِدَارُ مَائِلًا إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ عُدْوَانًا ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَبْرَأَ بِذَلِكَ فَقَدَّرَ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إنَّ رِضَاهُ بِبَقَائِهَا يُبَرِّئُ الْحَافِرَ، ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (وَمَنْ هَلَكَ بِهِ) مِنْ الْآدَمِيِّينَ (فَضَمَانُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْبَائِعِ) نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ السُّقُوطِ غَيْرَهَا يَوْمَ النَّصْبِ أَوْ الْبِنَاءِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ، صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَائِلًا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ الْمَائِلِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ إيهَامِ أَنَّ الْجِدَارَ الْحَادِثَ مَيْلُهُ كَالْجِدَارِ الَّذِي بَنَاهُ مَائِلًا (وَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ مُطَالَبَةُ مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى مِلْكِهِ بِالنَّقْضِ كَأَغْصَانِ الشَّجَرَةِ تَنْتَشِرُ إلَى) هَوَاءِ (مِلْكِهِ) فَإِنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِإِزَالَتِهَا لَكِنْ لَوْ تَلِفَ بِهَا شَيْءٌ لَمْ يَضْمَنْ مَالِكُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بِصُنْعِهِ بِخِلَافِ الْمِيزَابِ وَنَحْوِهِ نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ. (فَرْعٌ) لَوْ (طَرَحَ قُمَامَةً) أَيْ كُنَاسَةً (أَوْ قِشْرَ بِطِّيخٍ) أَوْ نَحْوَهُ (أَوْ مَتَاعًا فِي مِلْكِهِ أَوْ) فِي (مَوَاتٍ أَوْ أَلْقَى الْقُمَامَةَ فِي سُبَاطَةٍ مُبَاحَةٍ لَمْ يَضْمَنْ) مَا تَلِفَ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِالْمُسَامَحَةِ بِذَلِكَ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (أَوْ طَرَحَ شَيْئًا مِنْهَا فِي طَرِيقٍ ضَمِنَ) مَا تَلِفَ بِهِ سَوَاءٌ أَطَرَحَهُ فِي مَتْنِ الطَّرِيقِ أَمْ طَرَفِهِ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالطَّرِيقِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ؛ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَضَرَّةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَوَضْعِ الْحَجَرِ وَالسِّكِّينِ (لَا مَنْ مَشَى عَلَيْهِ قَصْدًا) فَهَلَكَ أَيْ لَا يَضْمَنُهُ الطَّارِحُ كَمَا لَوْ نَزَلَ الْبِئْرَ فَسَقَطَ، وَخَرَجَ بِطَرْحِهَا مَا لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا بِرِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا إذَا قَصَّرَ فِي رَفْعِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْحَمَّامِ فِي بَابِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ. (، وَيَضْمَنُ بِرَشِّ) الْمَاءِ فِي الطَّرِيقِ (لِمَصْلَحَتِهِ) مَا تَلِفَ بِهِ لِمَا مَرَّ (لَا) بِرَشِّهِ (لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ) كَدَفْعِ الْغُبَارِ عَنْ الْمَارَّةِ وَذَلِكَ كَحَفْرِ الْبِئْرِ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ هَذَا (إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ) ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُ كَبَلِّ الطِّينِ فِي الطَّرِيقِ وَلِتَقْصِيرِهِ نَعَمْ إنْ مَشَى عَلَى مَوْضِعِ الرَّشِّ قَصْدًا فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِيمَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنَّ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وُجُوبُ الضَّمَانِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إنَّهُ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْمَصَالِحِ؛ وَلِأَنَّ مُعْظَمَ غَرَضِهِ مَصْلَحَةُ نَفْسِهِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَتَأَذَّى بِالْغُبَارِ. انْتَهَى. (وَإِنْ بَنَى دَكَّةً عَلَى بَابِ دَارِهِ) فِي الطَّرِيقِ (أَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ لَا) فِي (طَرَفِ حَانُوتِهِ ضَمِنَ مَا تَعَثَّرَ) وَتَلِفَ (بِهِ) لِمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّهُ بَنَى الدَّكَّةَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمُخْتَارُ) أَيْ لِتَعَدِّيهِ بِالتَّأْخِيرِ. اهـ. وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ تَصْحِيحٌ مِنْهُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْوَجْهِ الْمُقَابِلِ لِمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَهْدَمَ الْجِدَارَ، وَلَمْ يَمِلْ لَمْ يَلْزَمْهُ نَقْضُهُ، وَلَا ضَمَانُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا مَالَ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ لُزُومُ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ يَلْزَمُهُ نَقْضُهُ إذَا طَلَبَهُ مَالِكُ مَا مَالَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا مَالَ إلَخْ) ، قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَإِذَا مَالَ الْجِدَارُ إلَى الطَّرِيقِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى النَّقْضِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِلْمَارِّينَ نَقْضُهُ. [فَرْعٌ لَوْ بَاعَ نَاصِبُ الْمِيزَابِ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الضَّمَانِ أَيْ ضَمَانِ مَا تَلِفَ بِذَلِكَ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لَوْ بَاعَ نَاصِبُ الْمِيزَابِ أَوْ بَانِي الْجِدَارِ مَائِلًا لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الضَّمَانِ) ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ بَاعَهُ لِلْغَيْرِ بِشَرْطِ نَقْضِهِ، وَإِخْرَاجِهِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَلَمْ يَنْقُضْهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ سَقَطَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ نَقْضُهُ فِيهَا فَهَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ لِلْفَقِيهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ السُّقُوطِ غَيْرَهَا يَوْمَ النَّصْبِ أَوْ الْبِنَاءِ) بِأَنْ كَانَ وَلَاؤُهُ يَوْمَ النَّصْبِ أَوْ الْبِنَاءِ لِمَوَالِي الْأُمِّ فَاتَّجَرَ قَبْلَ السُّقُوطِ لِمَوَالِي الْأُمِّ (قَوْلُهُ: فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ مُطَالَبَةُ مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى مِلْكِهِ بِالنَّقْضِ) ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ أَمَرَهُ بِإِصْلَاحِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ مَعَ التَّمَكُّنِ فَالْوَجْهُ الضَّمَانُ لَا مَحَالَةَ فِيمَا أَرَاهُ [فَرْعٌ طَرَحَ قُمَامَةً أَوْ قِشْرَ بِطِّيخٍ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِشَيْءٍ مِنْهَا] (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْقَى الْقُمَامَةَ فِي سُبَاطَةٍ مُبَاحَةٍ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ مُسْتَحَقَّةٍ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ وَالْغَزِّيُّ إنَّهُ حَقٌّ وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ لَا يُخَالِفُهُ لَكِنْ حَذَفَهُ فِي الصَّغِيرِ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ فِي مُنْعَطَفٍ لَيْسَ فِي حُكْمِ الشَّارِعِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّارِعِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمْ فِعْلُ ذَلِكَ فِيهَا حَتَّى يُقَالَ اسْتَوْفُوا مَنْفَعَةً مُسْتَحَقَّةً. اهـ. هِيَ مِنْ الشَّارِعِ، وَقَدْ يُضْطَرُّ الْمَارُّ إلَيْهَا لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ مُعَدَّةً لِإِلْقَاءِ الْقُمَامَةِ وَنَحْوِهَا نُسِبَ بِعُدُولِهِ إلَيْهَا إلَى التَّقْصِيرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَصَّرَ فِي رَفْعِهَا بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ فَيَأْتِي مَا مَرَّ وَالْأَصَحُّ لَا ضَمَانَ وَكَتَبَ أَيْضًا الِاسْتِثْنَاءَ تَفْرِيعٌ عَلَى ضَعِيفٍ. كا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ) لَوْ شَكَكْنَا هَلْ جَاوَزَ الْعَادَةَ أَمْ لَا فَفِي الْإِيضَاحِ لِلْجَاجَرْمِيِّ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، قَالَ: وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ مُجَاوَزَةُ الْعَادَةِ فَالْعِبْرَةُ بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ دُونَ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. اب (تَنْبِيهٌ) ، قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ لَوْ اغْتَسَلَ فِي الْحَمَّامِ وَتَرَكَ الصَّابُونِ وَالسِّدْرَ الْمُزْلِقَيْنِ بِأَرْضِ الْحَمَّامِ فَزَلَقَ بِهِ إنْسَانٌ فَتَلِفَ أَوْ تَلِفَ مِنْهُ عُضْوٌ، وَكَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَظْهَرُ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَالضَّمَانُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ التَّارِكِ وَالْحَمَّامِيِّ إذْ عَلَى الْحَمَّامِيِّ تَنْظِيفُ الْحَمَّامِ وَالْوَجْهُ إيجَابُهُ عَلَى تَارِكِهِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْحَمَّامِيِّ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَإِنَّ الْعَادَةَ تَنْظِيفُ الْحَمَّامِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَقَالَ فِي فَتَاوِيهِ إنْ نَهَى الْحَمَّامِيُّ عَنْهُ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْوَاضِعِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلَا نَهَى فَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِاسْتِعْمَالِهِ فَإِنْ جَاوَزَ الْعَادَةَ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ وَظِيفَةَ تَنْقِيَةِ الْحَمَّامِ عَلَى الْحَمَّامِيِّ فِي الْعَادَةِ لَا عَلَى الْمُغْتَسِلِ. اهـ.، قَالَ شَيْخُنَا الثَّانِي أَوْجَهُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنَّهُ الصَّحِيحُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْمَصَالِحِ) هَذَا تَعْلِيلُ الرَّأْيِ الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِضَمَانِ مَنْ حَفَرَ فِي شَارِعٍ وَاسِعٍ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ فَالصَّحِيحُ خِلَافُ مَا صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 وَضَعَهُ بِطَرَفِ حَانُوتِهِ لِكَوْنِهِ مَوْضُوعًا فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُخْرِجْ مِنْ الْمَوْضُوعِ شَيْئًا عَنْ طَرَفِ الْحَانُوتِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَتَاعِ الطَّوَافِ وَالْجَنَاحِ وَنَحْوِهِمَا، وَأَوْلَى بِالتَّضْمِينِ. (وَإِنْ تَعَدَّى) شَخْصٌ (بِإِسْنَادِ خَشَبَةٍ إلَى جِدَارٍ) لِغَيْرِهِ (فَسَقَطَ) عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ (ضَمِنَهُ) أَيْ الْجِدَارَ (، وَمَا تَلِفَ بِهِ) ، وَإِنْ تَأَخَّرَ السُّقُوطُ عَنْ الْإِسْنَادِ كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ الْغَصْبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ وَطَارَ حَيْثُ يُفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ طَيَرَانِهِ فِي الْحَالِ وَطَيَرَانِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ؛ لِأَنَّ الطَّائِرَ مُخْتَارٌ، وَالْجَمَادَ لَا اخْتِيَارَ لَهُ (أَوْ) أَسْنَدَهَا (إلَى جِدَارِهِ) أَوْ جِدَارِ غَيْرِهِ بِلَا تَعَدٍّ (فَسَقَطَ أَوْ مَالَ فِي الْحَالِ لَا بَعْدَ حِينٍ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ) كَمَا لَوْ أَسْقَطَ جِدَارًا عَلَى مَالِ غَيْرِهِ أَوْ بَنَاهُ مَائِلًا ثُمَّ سَقَطَ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ حِينٍ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَالَ فِي الْحَالِ أَيْ ثُمَّ سَقَطَ، وَإِنْ سَقَطَ بَعْدَ حِينٍ، وَلَوْ حَذَفَ فِي الْحَالِ كَانَ أَخْصَرَ. (وَمَنْ نَخَسَ دَابَّةَ رَجُلٍ) أَوْ ضَرَبَهَا (بِغَيْرِ إذْنِهِ) ، وَلَوْ مُغَافَصَةً (ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ بِسَبَبِ) ذَلِكَ (أَوْ بِإِذْنِهِ) ، وَلَوْ مُغَافَصَةً (ضَمِنَ الْمَالِكُ) مَا أَتْلَفَتْهُ وَذِكْرُ الْمَالِكِ مِثَالٌ، وَأَوْلَى مِنْهُ التَّعْبِيرُ بِالرَّاكِبِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي بَابِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ فَإِنَّهُ أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ ثُمَّ، وَأَوْلَى مِنْهُمَا مَعًا التَّعْبِيرُ بِمَنْ هِيَ مَعَهُ، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ مُغَافَصَةً (وَإِنْ اسْتَقْبَلَ دَابَّةً فَرَّتْ) مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ (فَرَدَّهَا) بِغَيْرِ إذْنِهِ (ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ فِي انْصِرَافِهَا) . [فَرْعٌ قَرَصَ رَجُلًا حَامِلًا لِشَيْءٍ فَتَحَرَّكَ وَسَقَطَ مَا يَحْمِلُهُ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَرَصَ) أَوْ ضَرَبَ (رَجُلًا) حَامِلًا لِشَيْءٍ (فَتَحَرَّكَ وَسَقَطَ مَا يَحْمِلُهُ فَكَإِكْرَاهِهِ عَلَى إلْقَائِهِ) فَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَصَوَّرَ الْأَصْلُ الْمَحْمُولَ بِالرَّجُلِ، وَهُوَ مِثَالٌ وَلِهَذَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ مُوجِبَانِ لِلدِّيَةِ وَحُكْمُهُ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ) ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ (يُقَدَّمُ أَوَّلُهُمَا) فِي التَّلَفِ لَا فِي الْوُجُودِ (بِأَنْ وَضَعَ) شَخْصٌ (حَجَرًا) مَثَلًا (فَعَثَرَ بِهَا رَجُلٌ) كَأَنَّهُ يَرَى تَأْنِيثَ الْحَجَرِ وَتَذْكِيرَهُ فَإِنَّهُ أَنَّثَهُ هُنَا وَذَكَّرَهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَالْمَعْرُوفُ تَذْكِيرُهُ (فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا آخَرُ) حَالَةَ كَوْنِهِمَا (مُتَعَدِّيَيْنِ) فَهَلَكَ (ضَمِنَ الْوَاضِعُ) إذْ التَّلَفُ يُضَافُ إلَى الْحَجَرِ لِكَوْنِهِ الْمُلْجِئَ إلَى الْوُقُوعِ فِي الْبِئْرِ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى الْوَاضِعُ فَقَطْ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ. (فَإِنْ تَعَدَّى الْحَافِرُ) فَقَطْ (وَوَضَعَ الْآخَرُ الْحَجَرَ فِي مِلْكِهِ) أَوْ نَحْوِهِ (فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُتَعَدِّي) لِتَعَدِّيهِ (فَإِنْ وَضَعَهَا) أَيْ الْحَجَرَ (سَيْلٌ أَوْ نَحْوُهُ) كَسَبُعٍ وَحَرْبِيٍّ فَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَهَلَكَ (لَمْ يَضْمَنْ الْمُتَعَدِّي بِالْحَفْرِ) كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ السَّبْعُ أَوْ الْحَرْبِيُّ فِي الْبِئْرِ (وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ هَذَا فِي وَاضِعِ الْحَجَرِ فِي مِلْكِهِ) وَاسْتَدَلَّ لَهُ الْأَصْلُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْحَافِرَ لَوْ كَانَ مَالِكًا لِلْبِئْرِ، وَنَصَبَ غَيْرُهُ فِيهَا سِكِّينًا فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَجَرَحَتْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَ مَسْأَلَةِ وَاضِعِ الْحَجَرِ فِي مِلْكِهِ، وَمَسْأَلَةِ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ بِأَنَّ الْوَضْعَ فِي الْأُولَى فِعْلُ مَنْ يَقْبَلُ الضَّمَانَ فَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُتَعَدِّي بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ فَاعِلَهُ لَيْسَ مُتَهَيِّئًا لِلضَّمَانِ أَصْلًا فَسَقَطَ الضَّمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ. انْتَهَى. وَأَمَّا الْمُسْتَدَلُّ بِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَقْعُ فِي الْبِئْرِ مُتَعَدِّيًا بِمُرُورِهِ أَوْ كَانَ النَّاصِبُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ (، وَلَا يَضْمَنُ نَاصِبُ سِكِّينٍ فِي بِئْرٍ حُفِرَتْ عُدْوَانًا) جِرَاحَةً (مَنْ سَقَطَ) فِيهَا (فَجَرَحَتْهُ) السِّكِّينُ (بَلْ يَضْمَنُهَا الْحَافِرُ) ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ هُوَ الْمُلْجِئُ لَهُ إلَى السُّقُوطِ عَلَى السِّكِّينِ (فَإِنْ كَانَ الْحَافِرُ مَالِكًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا) أَمَّا الْمَالِكُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلِأَنَّ السُّقُوطَ فِي الْبِئْرِ هُوَ الَّذِي أَفْضَى إلَى السُّقُوطِ عَلَى السِّكِّينِ فَكَانَ الْحَافِرُ كَالْمُبَاشِرِ وَالْآخَرُ كَالْمُتَسَبِّبِ بَلْ هُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ عَلَى مَا قَدَّمْته (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَأَلْقَى رَجُلٌ رَجُلًا عَلَيْهَا) فَهَلَكَ (ضَمِنَ) هـ الْمُلْقِي (لَا صَاحِبُ السِّكِّينِ؛ لِأَنَّهُ تَلَقَّاهُ بِهَا) فَيَضْمَنُ. (فَرْعٌ) قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: لَوْ وَقَعَا عَلَى بِئْرٍ دَفَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَلَمَّا هَوَى جَذَبَ مَعَهُ الدَّافِعَ فَسَقَطَ فَمَاتَا فَإِنْ جَذَبَهُ طَمَعًا فِي التَّخَلُّصِ، وَكَانَتْ الْحَالُ تُوجِبُ ذَلِكَ فَهُوَ مَضْمُونٌ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَذَبَهُ لَا لِذَلِكَ بَلْ لِإِتْلَافِ الْمَجْذُوبِ، وَلَا طَرِيقَ إلَى خَلَاصِ نَفْسِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِلْآخَرِ كَمَا لَوْ تَجَرَّحَا وَمَاتَا. (فَرْعٌ: يَتَنَاصَفُ الضَّمَانَ حَافِرٌ، وَمُعَمِّقٌ) لِبِئْرٍ بِأَنْ حَفَرَهَا وَاحِدٌ ثُمَّ عَمَّقَهَا آخَرُ (وَلَوْ تَفَاضَلَا) فِي الْحَفْرِ كَأَنْ حَفَرَ أَحَدُهُمَا ذِرَاعًا وَالْآخَرُ ذِرَاعَيْنِ كَالْجِرَاحَاتِ (وَلَوْ طَمَّتْ بِئْرٌ حُفِرَتْ عُدْوَانًا فَنَبَشَهَا آخَرُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ) لِانْقِطَاعِ أَثَرِ الْحَفْرِ الْأَوَّلِ بِالطَّمِّ سَوَاءٌ أَكَانَ الطَّامُّ الْحَافِرَ أَمْ غَيْرَهُ فَعِبَارَتُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ، وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا وَطَمَّهَا. [فَصْلٌ عَثَرَ بِحَجَرٍ وُضِعَ عُدْوَانًا فَدَحْرَجَهُ فَأَتْلَفَ شَيْئًا] (فَصْلٌ) لَوْ (عَثَرَ بِحَجَرٍ وُضِعَ عُدْوَانًا فَدَحْرَجَهُ فَأَتْلَفَ) شَيْئًا (انْتَقَلَ الضَّمَانُ) مِنْ الْوَاضِعِ (إلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَأَوْلَى بِالتَّضْمِينِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ) (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ أَوَّلُهُمَا فِي التَّلَفِ) لَا فِي الْوُجُودِ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْحَفْرِ عَلَى الْوَضْعِ، وَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْوَاضِعُ) جَعَلُوا الْوَاضِعَ كَالدَّافِعِ فَوَضْعُهُ الْحَجَرَ فِي مَحَلِّ الْعُدْوَانِ بِمَنْزِلَةِ الدَّفْعِ فِيهِ، وَلَوْ وُجِدَ ذَلِكَ لَاقْتَضَى الْإِحَالَةَ عَلَى الدَّافِعِ جَزْمًا فَكَذَا مَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ، وَقِيلَ لَمَّا كَانَ الْحَفْرُ شَرْطًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ، وَإِنْ كَانَ لَوْلَاهُ لَمْ يَحْصُلْ الْإِتْلَافُ (فَرْعٌ) ، وَقَعَ عَبْدٌ فِي بِئْرٍ فَجَاءَ آخَرُ فَأَرْسَلَ لَهُ حَبْلًا فَشَدَّهُ الْعَبْدُ فِي وَسَطِهِ، وَجَرَّهُ الرَّجُلُ فَسَقَطَ الْعَبْدُ فَهَلَكَ، قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ يَضْمَنُهُ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَ مَسْأَلَةِ وَاضِعِ الْحَجَرِ فِي مِلْكِهِ، وَمَسْأَلَةِ السَّيْلِ إلَخْ) نَعَمْ تُشْكَلُ مَسْأَلَةُ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ بِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ لَوْ بَرَزَتْ بَقْلَةٌ فِي الْأَرْضِ فَتَعَثَّرَ بِهَا مَارٌّ وَسَقَطَ عَلَى حَدِيدَةٍ مَنْصُوبَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَدِيدَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا شَاذٌّ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْبَقْلَةَ بَعِيدَةُ التَّأْثِيرِ فِي الْقَتْلِ فَزَالَ أَثَرُهَا بِخِلَافِ الْحَجَرِ ش. [فَرْعٌ وَقَعَا عَلَى بِئْرٍ دَفَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَلَمَّا هَوَى جَذَبَ مَعَهُ الدَّافِعَ فَسَقَطَ فَمَاتَا] (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَضْمُونٌ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) سَيَأْتِي فِي فَصْلِ لَوْ وَقَعَ إنْسَانٌ فِي بِئْرٍ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ضَعْفُ هَذَا التَّفْصِيلِ أَنَّهُمَا ضَامِنَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِلْآخَرِ إلَخْ) قُلْت وَكَذَا يَضْمَنُ فِيمَا يَظْهَرُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لَوْ جَذَبَهُ لِإِتْلَافِهِ، وَكَانَ طَرِيقًا إلَى خَلَاصِ نَفْسِهِ، وَإِنْ اقْتَضَى التَّعْلِيلُ خِلَافَهُ. اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 الْمُدَحْرِجِ) ؛ لِأَنَّ الْحَجَرَ إنَّمَا حَصَلَ هُنَاكَ بِفِعْلِهِ، وَقَوْلُهُ عُدْوَانًا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ حُكْمُ الْوَاضِعِ بِلَا عُدْوَانٍ مَفْهُومًا بِالْأَوْلَى وَالتَّعْبِيرُ بِالِانْتِقَالِ مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَهُوَ إنَّمَا يُنَاسِبُ زِيَادَتَهُ الْمَذْكُورَةَ. (وَلَوْ وَضَعَ) إنْسَانٌ (حَجَرًا) فِي طَرِيقٍ عُدْوَانًا (وَآخَرَانِ حَجَرًا) بِجُبِّهِ كَذَلِكَ (فَعَثَرَ بِهِمَا) إنْسَانٌ، وَهَلَكَ (فَالضَّمَانُ أَثْلَاثٌ) ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ أَفْعَالُهُمْ كَالْجِرَاحَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ. (وَإِنْ عَثَرَ الْمَاشِي بِوَاقِفٍ أَوْ قَاعِدٍ أَوْ نَائِمٍ فِي مِلْكِهِ) أَوْ نَحْوِهِ فَهَلَكَا أَوْ أَحَدُهُمَا (فَالْمَاشِي ضَامِنٌ، وَمُهْدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ (دُونَهُمْ) فَلَيْسُوا بِضَامِنِينَ، وَلَا مُهْدِرِينَ، وَإِنَّمَا يُهْدَرُ الْمَاشِي (إنْ دَخَلَ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمَالِكِ فَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ لَمْ يُهْدَرْ وَذِكْرُ النَّائِمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُهْدَرُ الْعَاثِرُ فَقَطْ بِقَاعِدٍ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ) أَوْ نَحْوِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمَارَّةُ لِمَا مَرَّ، وَكَالْقَاعِدِ الْوَاقِفُ وَالنَّائِمُ كَمَا صَرَّحَ بِالْأَوَّلِ الْأَصْلُ، وَبِالثَّانِي الْمِنْهَاجُ، وَأَصْلُهُ. (وَمَتَى ضَاقَ الطَّرِيقُ أُهْدِرَ النَّائِمُ وَالْقَاعِدُ لَا الْعَاثِرُ بِهِمَا، وَالْقَائِمُ فِيهِ مَضْمُونٌ) عَلَى الْعَاثِرِ (وَالْعَاثِرُ بِهِ) أَيْ بِالْقَائِمِ (مُهْدَرٌ) ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مِنْ مَرَافِقِ الشَّارِعِ كَالْمَشْيِ لَكِنَّ الْهَلَاكَ حَصَلَ بِحَرَكَةِ الْمَاشِي فَخُصَّ بِالضَّمَانِ، وَالْقُعُودُ وَالنَّوْمُ لَيْسَا مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ فَمَنْ فَعَلَهُمَا فَقَدْ تَعَدَّى، وَعَرَّضَ نَفْسَهُ لِلْهَلَاكِ (فَإِنْ تَنَحَّى) الْقَائِمُ أَيْ انْحَرَفَ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمَاشِي لَمَّا قَرُبَ مِنْهُ (لَا عَنْهُ) فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ (فَكَمَا شَيْئَيْنِ اصْطَدَمَا) وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا انْحَرَفَ عَنْهُ فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ أَوْ انْحَرَفَ إلَيْهِ فَأَصَابَهُ بَعْدَ تَمَامِ انْحِرَافِهِ فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ كَانَ وَاقِفًا لَا يَتَحَرَّكُ وَالْقَائِمُ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ أَوْ ضَيِّقٍ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ كَسَرِقَةٍ أَوْ أَذًى كَالْقَاعِدِ فِي ضَيِّقٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَالْمَسْجِدُ) بِالنِّسْبَةِ (لِقَاعِدٍ) أَوْ قَائِمٍ فِيهِ (وَكَذَا نَائِمٌ مُعْتَكِفٌ فِيهِ كَالْمِلْكِ) لَهُمْ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْعَاثِرِ دِيَتُهُمْ، وَهُوَ مُهْدَرٌ، وَفِي تَشْبِيهِ ذَلِكَ بِالْمِلْكِ رَمْزٌ إلَى أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ لَهُ الْمُكْثُ بِالْمَسْجِدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ كَجُنُبٍ، وَحَائِضٍ، وَكَافِرٍ دَخَلَ بِلَا إذْنٍ (وَ) الْمَسْجِدُ (لِنَائِمٍ) فِيهِ (غَيْرِ مُعْتَكِفٍ، وَقَاعِدٍ) أَوْ قَائِمٍ فِيهِ (لِمَا يُنَزَّهُ عَنْهُ الْمَسْجِدُ كَالطَّرِيقِ) فَيُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ الْوَاسِعِ وَالضَّيِّقِ كَمَا مَرَّ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْقَائِمُ فِيهِ لِذَلِكَ فَكَالْقَاعِدِ فِي ضَيِّقٍ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَضْمِينِ وَاضِعِ الْقُمَامَةِ وَالْحَجَرِ وَالْحَافِزِ وَالْمُدَحْرِجِ وَالْعَاثِرِ وَغَيْرِهِمْ الْمُرَادُ بِهِ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ بِالدِّيَةِ أَوْ بَعْضِهَا. (فَصْلٌ) لَوْ (وَقَعَ) إنْسَانٌ (فِي بِئْرٍ فَوَقَعَ عَلَيْهِ آخَرُ عَمْدًا بِغَيْرِ جَذْبٍ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ (فَقَتَلَهُ فَالْقِصَاصُ) عَلَيْهِ (إنْ قَتَلَ) مِثْلُهُ (مِثْلَهُ غَالِبًا) لِضَخَامَتِهِ، وَعُمْقِ الْبِئْرِ وَضِيقِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ فَقَتَلَهُ فَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ فَالضَّمَانُ فِي مَالِهِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ مِثْلُهُ غَالِبًا (فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ سَقَطَ) عَلَيْهِ (خَطَأً) بِأَنْ لَمْ يَخْتَرْ الْوُقُوعَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وُقُوعَ الْأَوَّلِ، وَمَاتَ بِثِقَلِهِ عَلَيْهِ، وَبِانْصِدَامِهِ بِالْبِئْرِ (فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ (وَنِصْفٌ) أَيْ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ (عَلَى) عَاقِلَةِ (الْحَافِرِ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِوُقُوعِهِ فِي الْبِئْرِ، وَبِوُقُوعِ الثَّانِي عَلَيْهِ هَذَا إنْ كَانَ الْحَفْرُ (عُدْوَانًا، وَإِلَّا فَهَدَرٌ) أَيْ النِّصْفُ الْآخَرُ، وَإِذَا غَرِمَ عَاقِلَةُ الثَّانِي فِي صُورَةِ الْحَفْرِ عُدْوَانًا رَجَعُوا بِمَا غَرِمُوهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ مُخْتَارٍ فِي وُقُوعِهِ عَلَيْهِ بَلْ أَلْجَأَهُ الْحَفْرُ إلَيْهِ فَهُوَ كَالْمُكْرَهِ مَعَ الْمُكْرِهِ لَهُ عَلَى إتْلَافِ مَالٍ بَلْ أَوْلَى لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ هُنَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ مُطَالَبَةَ عَاقِلَةِ الْحَافِرِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُمْ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْقَرَارَ عَلَيْهِمْ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ. (فَإِنْ نَزَلَ الْأَوَّلُ) فِي الْبِئْرِ (وَلَمْ يَنْصَدِمْ) فَوَقَعَ عَلَيْهِ آخَرُ فَقَتَلَهُ (فَالْكُلُّ) أَيْ كُلُّ دِيَةِ الْأَوَّلِ (عَلَى) عَاقِلَةِ (الثَّانِي) ؛ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ (فَإِنْ مَاتَ الثَّانِي فَضَمَانُهُ عَلَى) عَاقِلَةِ (الْحَافِرِ الْمُتَعَدِّي) بِحَفْرِهِ (لَا إنْ أَلْقَى نَفْسَهُ) فِي الْبِئْرِ (عَمْدًا) فَلَا ضَمَانَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ (وَإِنْ مَاتَا مَعًا فَالْحُكْمُ) فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا (كَمَا سَبَقَ) فِيمَا إذَا مَاتَ وَحْدَهُ. (وَلَوْ حُفِرَتْ) بِئْرٌ (عُدْوَانًا وَسَقَطَ فِيهَا ثَلَاثَةٌ وَتَرَتَّبُوا) فِي السُّقُوطِ، وَمَاتُوا (فَثُلُثَا دِيَةِ الْأَوَّلِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَخِيرَيْنِ وَثُلُثٌ) أَيْ وَالثُّلُثُ الْبَاقِي (عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ) ، وَقِيلَ يَجِبُ دِيَةُ الْأَوَّلِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَخِيرَيْنِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَى عَاقِلَتَيْ الثَّالِثِ وَالْحَافِرِ نِصْفَيْنِ، وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ (وَإِنْ جَذَبَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ) إلَى الْبِئْرِ فَوَقَعَ فَوْقَهُ، وَمَاتَا (ضَمِنَتْهُ عَاقِلَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِجَذْبِهِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ، وَأَلْقَاهُ فِي الْبِئْرِ إلَّا أَنَّهُ قَصَدَ الِاسْتِمْسَاكَ وَالتَّحَرُّزَ عَنْ الْوُقُوعِ فَكَانَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ يَتَنَاصَفُ الضَّمَانَ حَافِرٌ وَمُعَمِّقٌ لِبِئْرٍ بِأَنْ حَفَرَهَا وَاحِدٌ ثُمَّ عَمَّقَهَا آخَرُ] قَوْلُهُ: فَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ لَمْ يُهْدَرْ) أَخَذَهُ الشَّارِحُ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ لَا تَقْيِيدٌ فَيُهْدَرُ الْمَاشِي، وَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ كَمَا يُؤْخَذُ بِالْأَوْلَى مِنْ الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَمَتَى ضَاقَ الطَّرِيقُ أُهْدِرَ النَّائِمُ وَالْقَاعِدُ) ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ إهْدَارِ الْقَاعِدِ وَالنَّائِمِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي مَتْنِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ بِمُنْعَطَفٍ وَنَحْوِهِ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ إلَى تَعَدٍّ، وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا، وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ الْوَاسِعِ وَالضَّيِّقِ كَمَا مَرَّ) فَإِنْ كَانَ النَّائِمُ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَحْبَتِهِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَقْطَارِهِ الْوَاسِعَةِ فَكَالْجَالِسِ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ، وَإِنْ نَامَ أَوْ جَلَسَ فِي مَمَرٍّ ضَيِّقٍ كَبَابِهِ وَدِهْلِيزِهِ فَكَالْجَالِسِ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 مُخْطِئًا (وَيَتَعَلَّقُ بِعَاقِلَةِ الْحَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْأَوَّلِ) ، وَيُهْدَرُ النِّصْفُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبَيْنِ صَدْمَةِ الْبِئْرِ وَثِقَلِ الثَّانِي، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (فَإِنْ جَذَبَ الثَّانِي ثَالِثًا، وَمَاتُوا فَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي ثُلُثُ دِيَةِ الْأَوَّلِ وَثُلُثٌ) مِنْهَا (هَدَرٌ، وَثُلُثٌ) آخَرُ (يَتَعَلَّقُ بِعَاقِلَةِ الْحَافِرِ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ صَدْمَةِ الْبِئْرِ وَثِقَلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لَكِنَّ ثِقَلَ الثَّانِي مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ نِصْفُ دِيَةِ الثَّانِي، وَيُهْدَرُ النِّصْفُ) الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِجَذْبِ الْأَوَّلِ وَجَذْبِهِ لِلثَّالِثِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، وَلَا أَثَرَ لِلْحَفْرِ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ بِالْجَذْبِ، وَهُوَ مُبَاشَرَةٌ أَوْ سَبَبٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الشَّرْطِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي دِيَةُ الثَّالِثِ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَهْلَكَهُ بِجَذْبِهِ (فَلَوْ جَذَبَ الثَّالِثُ رَابِعًا) ، وَمَاتُوا (فَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ نِصْفُ دِيَةِ الْأَوَّلِ وَرُبُعٌ) مِنْهَا (يَتَعَلَّقُ بِعَاقِلَةِ الْحَافِرِ وَرُبُعٌ) آخَرُ (هَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَابٍ صَدْمَةِ الْبِئْرِ وَثِقَلِ الثَّلَاثَةِ لَكِنَّ ثِقَلَ الثَّانِي مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ ثُلُثَا دِيَةِ الثَّانِي وَثُلُثٌ) مِنْهَا (هَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ جَذْبِ الْأَوَّلِ لَهُ وَثِقَلُ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَثِقَلُ الثَّالِثِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي نِصْفُ دِيَةِ الثَّالِثِ، وَنِصْفٌ) مِنْهَا (هَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبَيْنِ جَذْبِ الثَّانِي لَهُ وَثِقَلِ الرَّابِعِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّالِثِ دِيَةُ الرَّابِعِ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَهْلَكَهُ بِجَذْبِهِ. (وَإِنْ) لَمْ يَقَعْ كُلُّ مَجْذُوبٍ عَلَى جَاذِبِهِ بَلْ (وَقَعَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (فِي نَاحِيَةٍ فَدِيَةُ كُلِّ مَجْذُوبٍ عَلَى عَاقِلَةِ جَاذِبِهِ، وَالْأَوَّلُ دِيَتُهُ تَتَعَلَّقُ بِعَاقِلَةِ الْحَافِرِ) أَمَّا إذَا حُفِرَتْ الْبِئْرُ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى حَافِرِهَا (وَمَنْ وَجَبَتْ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةٌ) أَوْ بَعْضُهَا (فَالْكَفَّارَةُ) تَجِبُ (فِي مَالِهِ) كَمَا تَكُونُ فِي مَالِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ. [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ مُتَقَاوِمَيْنِ] (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ مُتَقَاوِمَيْنِ فَإِنْ اصْطَدَمَا) أَيْ حُرَّانِ كَامِلَانِ (فَمَاتَا سَوَاءٌ كَانَا رَاكِبَيْنِ أَوْ مَاشِيَيْنِ أَوْ مَاشٍ طَوِيلٍ وَرَاكِبٍ) الْأَوْلَى أَوْ مَاشِيًا طَوِيلًا وَرَاكِبًا (غَلَبَتْهُمَا الدَّابَّتَانِ) أَوْ لَا (وَسَوَاءٌ اتَّفَقَا) أَيْ الْمَرْكُوبَانِ جِنْسًا، وَقُوَّةً (كَفَرَسَيْنِ أَمْ لَا كَفَرَسٍ، وَبَعِيرٍ أَوْ بَغْلٍ) وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ سَيْرُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَمْشِي وَالْآخَرُ يَعْدُو، وَسَوَاءٌ أَكَانَا مُقْبِلَيْنِ أَمْ مُدْبِرَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا مُقْبِلًا وَالْآخَرُ مُدْبِرًا وَسَوَاءٌ أَوَقَعَا مُنْكَبَّيْنِ أَمْ مُسْتَلْقِيَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا مُنْكَبًّا وَالْآخَرُ مُسْتَلْقِيًا (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ) لِوَارِثِ الْآخِرِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ، وَفِعْلِ الْآخَرِ، فَفِعْلُهُ هَدَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَضْمُونٌ فِي حَقِّ الْآخَرِ، وَالتَّصْرِيحُ بِمُخَفَّفَةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدَا الِاصْطِدَامَ كَأَنْ كَانَا أَعْمَيَيْنِ أَوْ غَافِلَيْنِ أَوْ فِي ظُلْمَةٍ (فَلَوْ تَعَمَّدَا) . هـ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) لَا عَمْدٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الِاصْطِدَامَ لَا يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْعَمْدُ الْمَحْضُ، وَكَذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قِصَاصٌ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ) لِوَارِثِ الْآخَرِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ مِنْ التَّخْفِيفِ وَالتَّغْلِيظِ ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا لَمْ تَكُنْ إحْدَى الدَّابَّتَيْنِ ضَعِيفَةً بِحَيْثُ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِحَرَكَتِهَا مَعَ قُوَّةِ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحَرَكَتِهَا حُكْمٌ كَغَرْزِ الْإِبْرَةِ فِي جِلْدَةِ الْعَقِبِ مَعَ الْجِرَاحَاتِ الْعَظِيمَةِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ، وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ أَكَانَ أَحَدُ الرَّاكِبَيْنِ عَلَى فِيلٍ وَالْآخَرُ عَلَى كَبْشٍ؛ لِأَنَّا لَا نَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِحَرَكَةِ الْكَبْشِ مَعَ حَرَكَةِ الْفِيلِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَاشِيَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (وَعَلَى كُلٍّ) مِنْ الْمُصْطَدِمَيْنِ فِي تَرِكَتِهِ (كَفَّارَتَانِ) إحْدَاهُمَا لِقَتْلِ نَفْسِهِ وَالْأُخْرَى لِقَتْلِ صَاحِبِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إهْلَاكِ نَفْسَيْنِ. (وَ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي تَرِكَتِهِ (نِصْفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الْآخَرِ) أَيْ مَرْكُوبِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِتْلَافِ مَعَ هَدَرِ فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَقَدْ يَجِيءُ التَّقَاصُّ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَجِيءُ فِي الدِّيَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَاقِلَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَرَثَتَهُ، وَعُدِمَتْ الْإِبِلُ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّتَانِ لَهُمَا (فَإِنْ كَانَتَا لِغَيْرِهِمَا) كَالْمُعَارَيْنِ وَالْمُسْتَأْجِرِينَ (لَمْ يُهْدَرْ مِنْهُمَا شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ الْمُعَارَ وَنَحْوَهُ مَضْمُونَانِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ وَقَعَ إنْسَانٌ فِي بِئْرٍ فَوَقَعَ عَلَيْهِ آخَرُ عَمْدًا بِغَيْرِ جَذْبٍ فَقَتَلَهُ] قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَا رَاكِبَيْنِ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَقْدِرْ رَاكِبُ الدَّابَّةِ عَلَى ضَبْطِهَا فَفِي ضَمَانِهِ إتْلَافَهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا لِخُرُوجِ الْأَمْرِ عَنْ اخْتِيَارِهِ، وَأَظْهَرُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَرْكَبَ إلَّا مَا يَضْبِطُهُ. اهـ. شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى ضَبْطِهَا فَاتَّفَقَ إنْ قَهَرَتْهُ، وَقَطَعَتْ الْعِنَانَ الْوَثِيقَ وَشَمِلَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ مُضْطَرًّا إلَى رُكُوبِهَا (قَوْلُهُ: أَمْ مُدْبِرَيْنِ) بِأَنْ حَرَنَتْ الدَّابَّتَانِ فَاصْطَدَمَتَا مِنْ خَلْفٍ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَا أَعْمَيَيْنِ إلَخْ) أَوْ مُدْبِرَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحَرَكَتِهَا حُكْمٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ إلَخْ) ، قَالُوا أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي التَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَاشِيَيْنِ كَمَا، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ الْخَانِيَ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِفْظِ دَابَّةٍ فَانْفَلَتَتْ عَلَى أُخْرَى، وَأَتْلَفَتْهَا وَغَلَبَتْهُ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهَا فَلَا ضَمَانَ، قَالَ وَمَسْأَلَةُ السَّفِينَتَيْنِ إذَا غَلَبَتْ الرِّيحُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ الدَّابَّةُ إذَا غَلَبَتْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَفِي الْإِبَانَةِ نَحْوُ ذَلِكَ أَعْنِي نَحْوَ مَسْأَلَةِ الْخَانِي، قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَنِصْفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الْآخَرِ) تَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَلَا يُقَالُ بِقِيمَةِ النِّصْفِ فَإِنَّهُ أَقَلُّ لِلتَّشْقِيصِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّدَاقِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْخُلْطَةِ إنَّهُ الصَّوَابُ. (فَرْعٌ) اصْطَدَمَ اثْنَانِ بِإِنَاءَيْنِ فِيهِمَا طَعَامٌ فَانْكَسَرَا ضَمِنَ كُلٌّ نِصْفَ قِيمَةِ إنَاءِ الْآخَرِ، وَأَمَّا الطِّعَامَاتُ فَإِنْ تَمَيَّزَا فَعَلَيْهِمَا مُؤْنَةُ الْفَضْلِ، وَأَرْشُ النَّقْصِ أَوْ اخْتَلَطَا، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ قُوِّمَ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثُمَّ قُوِّمَا بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْصٌ اشْتَرَكَا بِقَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ، وَفِي قِسْمَتِهِ بِالتَّرَاضِي قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ أَوْ إفْرَازٌ، وَإِلَّا ضَمِنَ كُلٌّ نِصْفَ الْأَرْشِ وَتَقَاصَّا ثُمَّ كَانَا فِي الشَّرِكَةِ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: إذَا أَتْلَفَهُ ذُو الْيَدِ) أَيْ أَوْ فَرَّطَ فِيهِ وَكَانَا مِمَّنْ يَضْبِطَانِ الْمَرْكُوبَ أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ عَلَى الدَّابَّةِ فَمَضْمُونٌ لَا مَحَالَةَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 وَكَذَا الْمُسْتَأْجَرُ وَنَحْوُهُ إذَا أَتْلَفَهُ ذُو الْيَدِ أَمَّا غَيْرُ الْحُرَّيْنِ الْكَامِلَيْنِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا. (فَرْعٌ) لَوْ (تَجَاذَبَا حَبْلًا) لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا (فَانْقَطَعَ وَسَقَطَا، وَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَهُدِرَ الْبَاقِي) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِهِ، وَفِعْلِ الْآخَرِ سَوَاءٌ أَسَقَطَا مُنْكَبَّيْنِ أَمْ مُسْتَقِلَّيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا كَذَا وَالْآخَرُ كَذَاك (فَإِنْ قَطَعَهُ غَيْرُهُمَا فَمَاتَا فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ لَهُمَا (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بِإِرْخَاءِ الْآخَرِ) الْحَبْلَ (فَنِصْفُ دِيَتِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ) ، وَهُدِرَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِمَا (وَإِنْ كَانَ الْحَبْلُ لِأَحَدِهِمَا) وَالْآخَرُ ظَالِمٌ (فَالظَّالِمُ هَدَرٌ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْمَالِكِ وَالْمَجْنُونَانِ وَالصَّبِيَّانِ) وَالْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ فِي اصْطِدَامِهِمَا (كَالْكَامِلَيْنِ) فِيهِ (إنْ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا، وَكَذَا لَوْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ لِمَصْلَحَتِهِمَا) ، وَكَانَا مِمَّنْ يَضْبِطَانِ الْمَرْكُوبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ إذْ لَا تَقْصِيرَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَيُشْبِهُ أَنَّ الْوَلِيَّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ مِنْ أَبٍ وَغَيْرِهِ خَاصٍّ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ فِي الْخَادِمِ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُهُمْ أَنَّهُ وَلِيُّ الْمَالِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ وَلِيُّ الْحَضَانَةِ الذَّكَرُ، وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ (فَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ) بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ، وَلَوْ لِمَصْلَحَتِهِمَا (فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتَاهُمَا، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ دَابَّتَيْهِمَا) لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ (أَوْ) أَرْكَبَهُمَا (أَجْنَبِيَّانِ كُلٌّ وَاحِدًا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَتِهِمَا، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ الدَّابَّتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ النِّصْفَيْنِ مُتَعَدِّيًا (وَ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ضَمَانُ (مَا أَتْلَفَتْهُ دَابَّةُ مَنْ أَرْكَبَهُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ فَلَوْ تَعَمَّدَ الصَّبِيُّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَقُلْنَا عَمْدُهُ عَمْدٌ احْتَمَلَ أَنْ يُحَالَ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ، وَهَذَا احْتِمَالٌ حَسَنٌ وَالِاعْتِذَارُ عَنْهُ تَكَلُّفٌ. انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ ضَمَانَ الْمُرْكِبُ بِذَلِكَ ثَابِتٌ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيَّانِ مِمَّنْ يَضْبِطَانِ الْمَرْكُوبَ، وَقَضِيَّةُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا كَذَلِكَ فَهُمَا كَمَا لَوْ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا، وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِنْ النَّصِّ الْمُشَارِ إلَيْهِ (وَإِنْ وَقَعَ) الصَّبِيُّ (فَمَاتَ ضَمِنَهُ الْمُرْكِبُ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَرْكَبَهُ لِغَرَضٍ مِنْ فَرُوسِيَّةٍ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ أَرْكَبَهُ لِذَلِكَ، وَهُوَ مِمَّنْ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالْأَجْنَبِيِّ حَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ عَلَى مَا إذَا أَرْكَبَهُ بِإِذْنٍ مُعْتَبَرٍ (وَإِنْ أَرْكَبَهُ الْوَلِيُّ جَمُوحًا ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ. (وَلَوْ اصْطَدَمَ حَامِلَانِ فَمَاتَتَا مَعَ الْجَنِينَيْنِ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدَةٍ) فِي تَرِكَتِهَا (أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إهْلَاكِ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ (وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةِ الْأُخْرَى) كَغَيْرِهِمَا (وَنِصْفُ الْغُرَّتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ إذَا جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا لَزِمَ عَاقِلَتَهَا الْغُرَّةُ فَلَا يُهْدَرُ مِنْهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا بِخِلَافِ أَنْفُسِهِمَا. (وَإِنْ اصْطَدَمَ عَبْدَانِ فَمَاتَا فَهَدَرٌ) ، وَإِنْ تَفَاوَتَا قِيمَةً لِفَوَاتِ مَحَلِّ تَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ نَعَمْ لَوْ امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا كَأَنْ كَانَا ابْنَيْ مُسْتَوْلَدَتَيْنِ لَمْ يُهْدَرَا؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَالْمُسْتَوْلَدَتَيْنِ (أَوْ) مَاتَ (أَحَدُهُمَا فَنِصْفُ قِيمَتِهِ فِي رَقَبَةِ الْحَيِّ) ، وَإِنْ أَثَّرَ فِعْلُ الْمَيِّتِ فِي الْحَيِّ نَقَصَا تَعَلَّقَ غُرْمُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَةِ الْحَيِّ، وَجَاءَ التَّقَاصُّ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ (أَوْ) اصْطَدَمَ (عَبْدٌ، وَحُرٌّ فَمَاتَ الْعَبْدُ فَنِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ) ، وَهُدِرَ الْبَاقِي (أَوْ مَاتَ الْحُرُّ فَنِصْفُ دِيَتِهِ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا فَنِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ) وَ (يَتَعَلَّقُ بِهَا) الْأَوْلَى بِهِ (نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ) ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ فَاتَتْ فَتَتَعَلَّقُ الدِّيَةُ بِبَدَلِهَا فَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ تَجَاذَبَا حَبْلًا فَانْقَطَعَ وَسَقَطَا وَمَاتَا] قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ إذْ لَا تَقْصِيرَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِقَوْلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُنْسَبَ الْوَلِيُّ إلَى تَقْصِيرٍ فِي تَرْكِ مَنْ يَكُونُ مَعَهُمَا مِمَّنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِرْسَالِهِ مَعَ الصِّبْيَانِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنَّهُ لَوْ بَعَثَ صَبِيًّا بِقَمْقَمَةٍ إلَى الْحَوْضِ لِيَسْتَقِيَ مِنْهُ الْمَاءَ فَسَقَطَ فِي الْحَوْضِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا يَعْقِلُ وَيُمَيِّزُ وَيُسْتَعْمَلُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَاعِثُ قَيِّمًا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَعْقِلُ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِهِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ إلَخْ) كَمَا لَوْ دَفَعَ لِصَبِيٍّ سِكِّينًا فَوَقَعَتْ مِنْهُ ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا فَلَوْ أَرْكَبَهُمَا بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا كَانَ كَإِرْكَابِ وَلِيِّهِمَا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ، قَالَ فِي الْوَسِيطِ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِذَارُ عَنْهُ تَكَلُّفٌ) يَعْنِي قَوْلَهُ فِي الْبَسِيطِ فِي جَوَابِهِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُبَاشَرَتُهُ عُدْوَانًا لِصِبَاهُ أَمْكَنَ أَنْ تُجْعَلَ كَالتَّرَدِّي مَعَ الْحَفْرِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ ضَمَانَ الْمُرْكِبِ بِذَلِكَ ثَابِتٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ رَجُلٍ زَارَ بِزَوْجَتِهِ أَصْهَارَهُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَأَرْكَبَهَا فَرَسًا، وَعَمَّرَهَا نَحْوَ خَمْسَ عَشَرَ سَنَةً، وَلَا عَادَةَ لَهَا بِرُكُوبِ الْخَيْلِ، وَأَعْطَاهَا اللِّجَامَ فَجَفَلَتْ الْفَرَسُ، وَلَهَا عَادَةٌ بِذَلِكَ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِأَنَّهَا جُفَالَةٌ، وَهُوَ رَاكِبٌ الْحِمَارَ مَعَهَا فَسَقَطَتْ عَنْ ظَهْرِهَا وَاشْتَبَكَتْ رِجْلُهَا فِي الرِّكَابِ وَغَارَتْ الْفَرَسُ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِي أَثْنَاءِ عَدْوِ الْفَرَسِ فَهَلْ يَلْزَمُ الَّذِي أَرْكَبَهَا الضَّمَانُ أَمْ لَا وَالْفَرَسُ الْمَذْكُورَةُ نَفَرَتْ بِصَبِيٍّ آخَرَ قَبْلَ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، وَلَكِنَّهُ أُخِذَ عَنْ ظَهْرِهَا فَسَلِمَ، وَإِذَا خَلَّفَتْ مَصَاغًا وَصَدَاقًا وَغَيْرَ ذَلِكَ هَلْ يَرِثُ الزَّوْجُ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِذَا تُوُفِّيَ الزَّوْجُ، وَلَهُ تَرِكَةٌ هَلْ يُؤْخَذُ جَمِيعُ دِيَتِهَا مِنْ تَرِكَتِهِ أَمْ لَا؟ . فَأَجَابَ نَعَمْ ضَمَانُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الزَّوْجِ الَّذِي قَصَّرَ بِمَا ذُكِرَ، وَلَا مِيرَاثَ لَهُ مِنْ الْمَذْكُورَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ ذَلِكَ الْمِيرَاثُ الَّذِي كَانَ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَقَوْلُهُ هَلْ يُؤْخَذُ جَمِيعُ دِيَتِهَا إلَخْ بِخَطِّ شَيْخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: حَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرْكَبَهُ الْوَلِيُّ جَمُوحًا) أَوْ شَرِسَةً (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا كَأَنْ كَانَا مُسْتَوْلَدَتَيْنِ) أَيْ أَوْ مَوْقُوفَيْنِ أَوْ مَنْذُورَ إعْتَاقِهِمَا وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَا مَغْصُوبَيْنِ لَزِمَ الْغَاصِبَ فِدَاؤُهُمَا بِالْأَقَلِّ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا مَا إذَا أَوْصَى أَوْ وَقَفَ لِأَرْشِ مَا يُجَنَّبُهُ الْعَبْدُ إنْ قَالَ فَيُصْرَفُ لِسَيِّدِ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفُ قِيمَةِ عَبْدِهِ، قَالَ: وَهَذَا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فِقْهُهُ وَاضِحٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 الْعَاقِلَةِ نِصْفَ الْقِيمَةِ، وَيَدْفَعُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِلْوَرَثَةِ نِصْفَ الدِّيَةِ. (وَلِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْحُرِّ (مُطَالَبَةُ الْعَاقِلَةِ) أَيْ عَاقِلَتِهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ لِيَتَوَثَّقُوا بِهِ، نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَنَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُطَالَبَةُ قَاتِلِ الْجَانِي بِالْقِيمَةِ فِيمَا إذَا تَعَلَّقَ أَرْشٌ بِرَقَبَةِ عَبْدٍ فَقَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ، وَأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُرْتَهِنِ مُطَالَبَةُ قَاتِلِ الْمَرْهُونِ بِالْقِيمَةِ لِيَتَوَثَّقَ بِهَا ثُمَّ قَالَ وَلْيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ هَلْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْجَانِيَ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ. انْتَهَى. فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْقَائِلِ بِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَاصِمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ (أَوْ) اصْطَدَمَ (مُسْتَوْلَدَتَانِ) لِاثْنَيْنِ فَمَاتَتَا (فَنِصْفُ قِيمَة كُلٍّ) مِنْهُمَا (عَلَى سَيِّدِ الْأُخْرَى) ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ جِنَايَةِ الْمُسْتَوْلَدَةِ عَلَى سَيِّدِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ. (وَيُهْدَرُ النِّصْفُ الْآخَرُ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِشَرِكَتِهَا الْأُخْرَى فِي قَتْلِ نَفْسِهَا (وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ السَّيِّدَيْنِ (الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَقِيمَةِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي إتْلَافِهَا (وَيَتَقَاصَّانِ، وَيَرْجِعُ) أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ (بِمَا زَادَ) لَهُ إنْ كَانَتْ زِيَادَةً فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ إحْدَاهُمَا مِائَةً وَالْأُخْرَى مِائَتَيْنِ رَجَعَ سَيِّدُهَا عَلَى سَيِّدِ الْأُولَى بِخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ نِصْفَ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا هَدَرٌ كَمَا مَرَّ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ يَتَعَلَّقُ بِبَدَلِ الْأُخْرَى فَتَسْقُطُ خَمْسُونَ بِمِثْلِهَا فَيَفْضُلُ لِمَالِكِ النَّفِيسَةِ خَمْسُونَ (فَإِنْ) كَانَتَا حَامِلَيْنِ، وَقَدْ (مَاتَ جَنِينَاهُمَا) مَعَهُمَا (وَهُمَا رَقِيقَانِ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْ السَّيِّدَيْنِ (مَعَ نِصْفِ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ مُسْتَوْلَدَةِ الْآخَرِ (نِصْفُ عُشْرِهَا) أَيْ عُشْرِ قِيمَتِهَا لِنِصْفِ جَنِينِهَا؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ الرَّقِيقَ يُضْمَنُ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ (أَوْ) ، وَهُمَا (حُرَّانِ) فَإِنْ كَانَا (مِنْ شُبْهَةٍ فَعَلَى سَيِّدِ كُلٍّ) مِنْهُمَا مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُخْرَى (نِصْفُ غُرَّتَيْ جَنِينِهِمَا أَوْ مِنْ السَّيِّدَيْنِ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُخْرَى (نِصْفُ غُرَّةِ جَنِينِ الْأُخْرَى، وَيُهْدَرُ الْبَاقِي) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ إذَا جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا، وَأَلْقَتْ جَنِينَهَا كَانَ هَدَرًا، وَيَتَقَاصَّانِ بِمِثْلِ مَا مَرَّ. لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي الْغُرَّةِ عِنْدَ إعْوَازِ الرَّقِيقِ (نَعَمْ إنْ كَانَ لِأَحَدِ الْجَنِينَيْنِ) مَعَ سَيِّدِ أُمِّهِ (جَدَّةٌ) أُمُّ أُمٍّ وَارِثَةٌ، وَإِنْ عَلَتْ، وَلَا يَرِثُ مَعَهُ غَيْرُهَا (فَإِرْثُهَا فِي الْغُرَّةِ السُّدُسُ، وَقَدْ أُهْدِرَ نِصْفُهُ) أَيْ السُّدُسِ (لِأَجْلِ) عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ (سَيِّدِ بِنْتِهَا) أَرْشَ جِنَايَتِهَا (فَيُتَمِّمُ) لَهَا السُّدُسَ (مِنْ نَصِيبِهِ) بِنِصْفِ سُدُسٍ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ، وَمِثْلُهَا مَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حَامِلًا فَقَطْ، وَكَانَ لِجَنِينِهَا جَدَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي فِي الرَّوْضَةِ، وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْجَنِينَيْنِ جَدَّةٌ فَلَهَا عَلَى كُلِّ سَيِّدٍ نِصْفُ سُدُسِ الْغُرَّةِ، وَيَقَعُ مَا بَقِيَ لِلسَّيِّدَيْنِ فِي التَّقَاصِّ عَلَى مَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَلَيْسَ قَيْدًا؛ لِأَنَّ كُلَّ جَدَّةٍ لَهَا عَلَى كُلِّ سَيِّدٍ نِصْفُ سُدُسِ غُرَّةٍ فِي ذِمَّتِهِ يُخْرِجُهُ مِنْ أَيِّ مَالٍ مِنْ أَمْوَالِهِ شَاءَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْجَدَّةَ إنَّمَا تَسْتَحِقُّ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ أَمَةٍ تَحْتَمِلُ نِصْفَ غُرَّةٍ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ إلَّا بِأَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ كَمَا مَرَّ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ حُكْمُ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْجَنِينَيْنِ مِنْ سَيِّدٍ، وَالْآخَرُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا وَالْآخَرُ حُرًّا. (وَإِنْ اصْطَدَمَ سَفِينَتَانِ بِفِعْلِ صَاحِبَيْهِمَا) أَيْ مُجْرِيهمَا وَغَرِقَتَا بِمَا فِيهِمَا (وَهُمَا، وَمَا فِيهِمَا) مِلْكٌ (لَهُمَا فَكَاصْطِدَامِ الرَّاكِبَيْنِ) فِيمَا مَرَّ فَيُهْدَرُ نِصْفُ بَدَلِ كُلِّ سَفِينَةٍ وَنِصْفُ مَا فِيهَا، وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا لِلْآخَرِ نِصْفُ بَدَلِ سَفِينَتِهِ وَنِصْفُ مَا فِيهَا فَإِنْ مَاتَا بِذَلِكَ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا كَفَّارَتَانِ، وَلَزِمَ عَاقِلَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا كَانَ الْمَلَّاحَانِ صَبِيَّيْنِ، وَأَقَامَهُمَا الْوَلِيُّ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْوَضْعَ فِي السَّفِينَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ وَلِأَنَّ الْعَمْدَ مِنْ الصَّبِيَّيْنِ هُنَا هُوَ الْمُهْلِكُ وَاسْتُثْنِيَ مِنْهُ أَيْضًا كَغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِصَاصِ وَلِلدِّيَاتِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ لَهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ حَمَلَا أَنْفُسًا، وَأَمْوَالًا فِي سَفِينَتَيْهِمَا وَتَعَمَّدَا كَسْرَهُمَا) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ وَتَعَمَّدَ الِاصْطِدَامَ (بِمُهْلِكٍ غَالِبًا اُقْتُصَّ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ بِالْقُرْعَةِ، وَدِيَاتُ الْبَاقِينَ وَضَمَانُ الْأَمْوَالِ وَالْكَفَّارَاتُ) حَالَةَ كَوْنِهَا (بِعَدَدٍ مَنْ أَهْلَكَا مِنْ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ فِي مَالِهِمَا) فَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ سَفِينَةٍ عَشَرَةُ أَنْفُسٍ، وَمَاتُوا مَعًا أَوْ جُهِلَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَمَّا الْخِلَافُ فِي مُخَاصَمَةِ الْمُرْتَهِنِ فَمَشْهُورٌ عِنْدَ غَصْبِ الْمَرْهُونِ وَادَّعَى مَنْ فِي يَدِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَيُتَخَيَّلُ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مُقِرٌّ بِهِ، وَأَنَّ الْحَقَّ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّوَثُّقِ وَلِهَذَا، قَالَ الْأَصْحَابُ إذَا أَقَرَّ الْجَانِي عَلَى الْمَرْهُونِ وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ دُونَ الرَّاهِنِ غَرِمَ الْمَرْهُونُ وَوُفِّيَ مِنْهُ الدَّيْنُ، وَإِنْ كَانَ مَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ مَوْجُودًا فِيهِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ إذَا قُلْنَا لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ الْحَلِفُ فَحَلَفُوا ثَبَتَ الْحَقُّ ضِمْنًا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْغُرَمَاءِ إبْرَاءٌ فَجَازَ أَنْ نَقُولَ هُنَا كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَتَسَلَّمُ الْأَرْشَ الْحَاكِمُ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ تَوَصُّلًا إلَى وُصُولِ الْحَقِّ لَدَيْهِ نَعَمْ وَيُتَخَيَّلُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي فَرْقٌ إنْ صَحَّ فِي مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ خِلَافٌ، وَهُوَ أَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ فِي الْوَثِيقَةِ لَمْ يَفُتْ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُقْبَلَ الْيَسَارُ بَعْدَ الْإِعْسَارِ، وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا كَذَلِكَ حَقُّ مُسْتَحِقِّ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لَا مَحَلٌّ لِحَقِّهِ غَيْرِ الْأَرْشِ حَالًا، وَمَآلًا خُصُوصًا إذَا قُلْنَا لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَقَدْ مَاتَ فَقَوِيَ الْحَقُّ هَاهُنَا وَتَأَكَّدَ الطَّلَبُ بِسَبَبِهَا فَانْحَطَّ الرَّهْنُ عَنْهُ فَامْتَنَعَ إلْحَاقُهُ بِهِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَدَّمْنَا حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، وَهَذَا بَحْثٌ يَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامِ م. (قَوْلُهُ: مَلَّاحِيهِمَا) ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ سُمِّيَ مَلَّاحًا لِمُعَالَجَتِهِ الْمَاءَ الْمِلْحَ بِإِجْرَاءِ السَّفِينَةِ عَلَيْهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ) مَا اسْتَثْنَاهُ كَالْبُلْقِينِيِّ مَمْنُوعٌ بَلْ الْخَطَرُ فِي إقَامَتِهِ مَلَّاحًا بِالسَّفِينَةِ أَشَدَّ مِنْهُ فِي إرْكَابِهِ الدَّابَّةَ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ إلَخْ) مَا اسْتَظْهَرَهُ مَرْدُودٌ إذْ الضَّرَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى غَرَقِ السَّفِينَةِ أَشَدُّ مِنْ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمَرْكُوبِ (قَوْلُ اُقْتُصَّ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ بِالْقُرْعَةِ) ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ اُقْتُصَّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى إيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى شَرِيكِ جَارِحِ نَفْسِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 الْحَالُ وَجَبَ فِي مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ قَتْلِهِمَا لِوَاحِدٍ مِنْ عِشْرِينَ بِالْقُرْعَةِ تِسْعُ دِيَاتٍ وَنِصْفٌ. (وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (نِصْفُ قِيمَةِ مَا فِي السَّفِينَتَيْنِ لَا يُهْدَرُ مِنْهُ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِغَيْرِهِمَا (وَأَمَّا سَفِينَتَاهُمَا فَيُهْدَرُ نِصْفُهُمَا، وَيَلْزَمُ كُلًّا) مِنْهُمَا (نِصْفُ) بَدَلِ (مَا لِلْآخَرِ) كَمَا مَرَّ فِي الدَّابَّتَيْنِ (وَيَقَعُ التَّقَاصُّ فِيمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ) ، وَإِنْ تَعَمَّدَ الِاصْطِدَامَ بِمَا لَا يُهْلِكُ غَالِبًا، وَقَدْ يُهْلِكُ فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَحُكْمُهُ كَمَا مَرَّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ قِصَاصًا وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُغَلَّظَةً، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الِاصْطِدَامَ بَلْ ظَنَّا أَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ عَلَى الرِّيحِ فَأَخْطَأَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَنْ يُقَرِّبَ سَفِينَتَهُ سَفِينَةَ الْآخَرِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُخَفَّفَةٌ (وَإِنْ كَانَ السَّفِينَتَانِ لِغَيْرِهِمَا، وَهُمَا أَمِينَانِ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ قِيمَتِهِمَا لِلْمَالِكَيْنِ وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمَالِكَيْنِ (مُطَالَبَةُ أَمِينِهِ بِالْكُلِّ) كَمَا لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالنِّصْفِ، وَمُطَالَبَةُ أَمِينِ الْآخَرِ بِالْبَاقِي (وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ) يَعْنِي إذَا طَالَبَ أَمِينُهُ بِالْكُلِّ فَلِأَمِينِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَمِينِ الْآخَرِ بِالنِّصْفِ، وَإِنْ كَانَ الْمَلَّاحَانِ عَبْدَيْنِ فَالضَّمَانُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ اصْطَدَمَا لَا بِاخْتِيَارِهِمَا فَإِنْ قَصَّرَا بِأَنْ سَيَّرَا) هُمَا (فِي رِيحٍ شَدِيدَةٍ لَا تَسِيرُ فِي مِثْلِهَا السُّفُنُ) أَوْ لَمْ يَعْدِلَاهُمَا عَنْ صَوْبِ الِاصْطِدَامِ مَعَ إمْكَانِهِ أَوْ لَمْ يُكْمِلَا عِدَّتَهُمَا مِنْ الرِّجَالِ وَالْآلَاتِ (فَالضَّمَانُ) لِمَا هَلَكَ عَلَيْهِمَا (كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَا مَرَّ لَكِنْ لَا قِصَاصَ (وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ أَوْ غَلَبَ الرِّيحُ) فَحَصَلَ بِهِ الْهَلَاكُ (فَلَا ضَمَانَ) لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِمَا كَمَا لَوْ حَصَلَ الْهَلَاكُ بِصَاعِقَةٍ بِخِلَافِ غَلَبَةِ الدَّابَّةِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا تَنْضَبِطُ بِاللِّجَامِ سَوَاءٌ أُوجِدَ مِنْهُمَا فِعْلٌ بِأَنْ سَيَّرَاهُمَا ثُمَّ هَاجَتْ رِيحٌ أَوْ مَوْجٌ، وَعَجَزَا عَنْ الْحِفْظِ أَمْ لَا كَمَا لَوْ شَدَّاهُمَا عَلَى الشَّطِّ فَهَاجَتْ رِيحٌ وَسَيَّرَتْهُمَا (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا) بِيَمِينِهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي (أَنَّهُمَا غَلَبَا) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِمَا (وَإِنْ تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا) أَوْ فَرَّطَ دُونَ الْآخَرِ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (حُكْمُهُ، وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَرْبُوطَةً) وَالْأُخْرَى سَائِرَةً فَصَدَمَتْهَا السَّائِرَةُ فَكَسَرَتْهَا (فَالضَّمَانُ عَلَى مُجْرِي الصَّادِمَةِ) . (فَرْعٌ) لَوْ (خَرَقَ سَفِينَةً عَامِدًا خَرْقًا يُهْلِكُ غَالِبًا) كَالْحَرْقِ الْوَاسِعِ الَّذِي لَا مَدْفَع لَهُ فَغَرِقَ بِهِ إنْسَانٌ (فَالْقِصَاصُ) أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ عَلَى الْخَارِقِ (وَخَرَقَهَا لِلْإِصْلَاحِ) لَهَا أَوْ لِغَيْرِ إصْلَاحِهَا لَكِنْ بِمَا لَا يُهْلِكُ غَالِبًا كَمَا فُهِمَ مِنْ التَّقْيِيدِ السَّابِقِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (شِبْهُ عَمْدٍ فَإِنْ أَصَابَ) بِالْآلَةِ (غَيْرَ مَوْضِعِ الْإِصْلَاحِ) أَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ حَجَرٌ أَوْ غَيْرُهُ (فَخَرَقَهُ فَخَطَأٌ مَحْضٌ) . [فَرْعٌ ثَقُلَتْ سَفِينَةٌ بِتِسْعَةِ أَعْدَالٍ فَأَلْقَى فِيهَا إنْسَانٌ عَاشِرًا عُدْوَانًا أَغْرَقَهَا] (فَرْعٌ) لَوْ (ثَقُلَتْ سَفِينَةٌ بِتِسْعَةِ أَعْدَالٍ فَأَلْقَى فِيهَا) إنْسَانٌ (عَاشِرًا) عُدْوَانًا (أَغْرَقَهَا لَمْ يَضْمَنْ الْكُلَّ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَقَ حَصَلَ بِثِقَلِ الْجَمِيعِ لَا بِفِعْلِهِ فَقَطْ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ رَمَى صَيْدًا فَلَمْ يُزْمِنْهُ ثُمَّ عَمْرًا آخَرُ، وَلَوْلَا الْأَوَّلُ مَا أَزْمَنَهُ حَيْثُ حُكِمَ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلثَّانِي بِأَنَّ الضَّمَانَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعِلْمُ بِالسَّبَبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ (وَهَلْ يَضْمَنُ النِّصْفَ أَوْ الْعُشْرَ وَجْهَانِ) كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْجَلَّادِ إذَا زَادَ عَلَى الْحَدِّ الْمَشْرُوعِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْعُشْرِ. (فَصْلٌ: يَجُوزُ) إذَا أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ فِيهَا مَتَاعٌ وَرِكَابٌ عَلَى غَرَقٍ، وَخِيفَ هَلَاكُ الْمَتَاعِ (إلْقَاءُ بَعْضِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ لِسَلَامَةِ الْبَعْضِ) الْآخَرِ أَيْ لِرَجَائِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُشْتَرَطُ إذْنُ الْمَالِكِ فَلَوْ كَانَ لِمَحْجُورٍ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ، وَلَوْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ لِمُكَاتَبٍ أَوْ لِعَبْدٍ مَأْذُونٍ عَلَيْهِ دُيُونٌ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْغُرَمَاءِ أَوْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَوْ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ أَوْ السَّيِّدِ وَالْمَأْذُونِ قَالَ فَلَوْ رَأَى الْوَلِيُّ أَنَّ إلْقَاءَ بَعْضِ أَمْتِعَةِ مَحْجُورِهِ يَسْلَمُ بِهِ بَاقِيهَا فَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ فِيمَا لَوْ خَافَ الْوَلِيُّ اسْتِيلَاءَ غَاصِبٍ عَلَى الْمَالِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا لِتَخْلِيصِهِ جَوَازُهُ هُنَا. انْتَهَى. (وَيَجِبُ إلْقَاؤُهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ إذَا خِيفَ الْهَلَاكُ (لِسَلَامَةِ حَيَوَانٍ) مُحْتَرَمٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ كَحَرْبِيٍّ، وَمُرْتَدٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ (وَ) يَجِبُ (إلْقَاءُ حَيَوَانٍ) ، وَلَوْ مُحْتَرَمًا (لِسَلَامَةِ آدَمِيٍّ) مُحْتَرَمٍ (إنْ لَمْ يُمْكِنْ) فِي دَفْعِ الْغَرَقِ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ إلْقَاءِ الْحَيَوَانِ فَإِنْ أَمْكَنَ لَمْ يَجِبْ إلْقَاؤُهُ بَلْ لَا يَجُوزُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَعَمْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ أَسْرَى مِنْ الْكُفَّارِ وَظَهَرَ لِلْأَمِيرِ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي قَتْلِهِمْ فَيُشْبِهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكَيْنِ مُطَالَبَةُ أَمِينِهِ بِالْكُلِّ) أَيْ لِتَقْصِيرِهِ فَدَخَلَتْ سَفِينَتُهُ، وَمَا فِيهَا فِي ضَمَانِهِ، وَقَدْ شَارَكَهُ فِي الْإِتْلَافِ غَيْرُهُ فَضَمِنَا نِصْفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَرْبُوطَةً فَالضَّمَانُ عَلَى مَجْرَى الصَّادِمَةِ) شَرْطُ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُفَرِّطًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا فَهَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا فِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ السَّفِينَةُ وَاقِفَةً فِي نَهْرٍ وَاسِعٍ فَإِنْ أَوْقَفَهَا فِي نَهْرٍ ضَيِّقٍ فَصَدَمَتْهَا أُخْرَى فَهُوَ كَمَنْ قَعَدَ فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ فَضَرَبَهُ إنْسَانٌ لِتَفْرِيطِهِ [فَرْعٌ خَرَقَ سَفِينَةً عَامِدًا خَرْقًا يُهْلِكُ غَالِبًا فَغَرِقَ بِهِ إنْسَانٌ] (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ تَرْجِيحِ الْعُشْرِ هُوَ الْأَصَحُّ) ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ [فَصْلٌ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ فِيهَا مَتَاعٌ وَرِكَابٌ عَلَى غَرَقٍ وَخِيفَ هَلَاكُ الْمَتَاعِ] (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بِشَرْطِ إذْنِ الْمَالِكِ فِي حَالِ الْجَوَازِ) دُونَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ لِمَحْجُورٍ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ فِي مَحَلِّ الْجَوَازِ) وَيَجِبُ فِي مَحَلِّ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إلْقَاؤُهُ لِسَلَامَةِ حَيَوَانٍ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْإِلْقَاءَ بِأَنَّهُ إنْ جُعِلَتْ الْخِيَرَةُ فِي عَيْنِ الْمَطْرُوحِ لِلْمَلَّاحِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ غَيْرُ لَائِقٍ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِ صَاحِبِهِ فَقَدْ لَا يَأْذَنُ فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ ثُمَّ، قَالَ إنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْمَالِكِ فِي حَالَةِ الْجَوَازِ، وَهِيَ مَا إذَا حَصَلَ هَوْلٌ خِيفَ مِنْهُ الْهَلَاكُ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ دُونَ حَالَةِ الْوُجُوبِ، وَهِيَ مَا إذَا غَلَبَ الْهَلَاكُ إنْ لَمْ يُطْرَحْ. اهـ. يَخْتَارُ أَنَّ الْإِلْقَاءَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إذْنِ صَاحِبِ الْمَطْرُوحِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ كَانَ لِغَيْرِهِ طَرْحُهُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُضْطَرِّ إلَى الطَّعَامِ فَلَا ضَرَرَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ إلَّا الْمَلَّاحُ فَلَهُ الطَّرْحُ فِي حَالَةِ الْوُجُوبِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَالِكُ هُنَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إذَنْ غَايَتُهُ أَنَّ عَلَيْهِ ضَمَانَ الطَّعَامِ كَمَا فِي سَائِرِ صُوَرِ عَدَمِ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَعَمْ لَوْ كَانَ إلَخْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 أَنْ يَبْدَأَ بِإِلْقَائِهِمْ قَبْلَ الْأَمْتِعَةِ، وَقَبْلَ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ قَالَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي الْإِلْقَاءِ تَقْدِيمُ الْأَخَسِّ فَالْأَخَسِّ قِيمَةً مِنْ الْمَتَاعِ وَالْحَيَوَانِ إنْ أَمْكَنَ حِفْظًا لِلْمَالِ مَا أَمْكَنَ (لَا عَبِيدٌ لِأَحْرَارٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ إلْقَاؤُهُمْ لِسَلَامَةِ الْأَحْرَارِ بَلْ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ فِيمَا ذُكِرَ (وَإِنْ لَمْ يُلْقِ) مَنْ لَزِمَهُ الْإِلْقَاءُ حَتَّى غَرِقَتْ السَّفِينَةُ (فَهَلَكَ) بِهِ شَيْءٌ (أَثِمَ، وَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُطْعِمْ مَالِكُ الطَّعَامِ الْمُضْطَرَّ حَتَّى مَاتَ. (وَيَحْرُمُ) عَلَى الشَّخْصِ (إلْقَاءُ الْمَالِ) ، وَلَوْ مَالَهُ بِلَا خَوْفٍ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ (وَيَضْمَنُ بِإِلْقَائِهِ) مَالَ غَيْرِهِ، وَلَوْ (فِي) حَالِ (الْخَوْفِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ مَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلْجِئَهُ إلَى إتْلَافِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَكَلَ الْمُضْطَرُّ طَعَامَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْقَاهُ بِإِذْنِهِ أَوْ أَلْقَى مَالَ نَفْسِهِ، وَلَوْ اخْتَصَّ الْخَوْفُ بِغَيْرِهِ بِأَنْ كَانَ بِالشَّطِّ أَوْ بِزَوْرَقٍ، وَفَارَقَتْ هَذِهِ حِينَئِذٍ مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ إذَا أَطْعَمَهُ مَالِكُ الطَّعَامِ قَهْرًا بِأَنَّ الْمُطْعِمَ ثَمَّ دَافِعٌ لِلتَّلَفِ لَا مَحَالَةَ بِخِلَافِ الْمُلْقِي. (فَلَوْ قَالَ) شَخْصٌ (لِأَحَدِ الرُّكْبَانِ) فِي السَّفِينَةِ (أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَوْ عَلَيَّ أَنْ أَضْمَنَهُ) أَوْ عَلَى إنِّي ضَامِنُهُ (فَأَلْقَاهُ) فِيهِ (لَزِمَهُ ضَمَانُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُلْتَمِسِ فِيهَا شَيْءٌ) ، وَلَمْ تَحْصُلْ النَّجَاةُ؛ لِأَنَّهُ الْتَمَسَ إتْلَافًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ بِعِوَضٍ فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى كَذَا فَأَعْتَقَ (وَمِثْلُهُ) قَوْلُهُ لِمَنْ مَعَهُ أَسِيرٌ (أَطْلِقْ الْأَسِيرَ، وَ) لِمَنْ لَهُ قِصَاصٌ (اُعْفُ عَنْ الْقِصَاصِ، وَ) لِمَنْ لَهُ طَعَامٌ (أَطْعِمْ هَذَا) الْجَائِعَ (وَلَك عَلَيَّ كَذَا أَوْ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَك كَذَا) فَأَجَابَ سُؤَالَهُ (فَيَلْزَمُهُ) مَا الْتَزَمَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَنَحْوِهِ فَفَعَلَ لَا ضَمَانَ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ. وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَ أَدِّ دَيْنِي بِأَنَّ نَفْعَ الْأَدَاءِ مُحَقَّقٌ بِخِلَافِ نَفْعِ الْإِلْقَاءِ، وَيُخَالِفُ مَا ذُكِرَ هُنَا مَا لَوْ قَالَ بِعْ مِنْ زَيْدٍ بِمِائَةٍ، وَعَلَى أُخْرَى حَيْثُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ غَرَضٌ ذَكَرُوهُ فِي الضَّمَانِ، وَفِي الْخُلْعِ (وَهَذَا ضَمَانٌ حَقِيقَتُهُ الِافْتِدَاءُ) مِنْ الْهَلَاكِ لَا الضَّمَانُ الْمَعْرُوفُ، وَإِنْ سُمِّيَ بِهِ إذْ لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَجِبْ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُشِيرَ إلَى مَا يُلْقِيهِ أَوْ يَكُونَ مَعْلُومًا لَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا يُلْقِيهِ بِحَضْرَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي بِالرُّكَّابِ حَسَنٌ بِخِلَافِ تَعْبِيرِهِ هُنَا بِالرُّكْبَانِ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ أَنَّهُ مُنْكَرٌ وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ الرِّكَابُ؛ لِأَنَّ الرُّكْبَانَ رَاكِبُو الْإِبِلِ خَاصَّةً، وَقِيلَ رَاكِبُو الدَّابَّةِ (وَإِنَّمَا يَضْمَنُ) الْمُلْتَمِسُ (بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَخَافَ الْغَرَقَ) فَإِنْ لَمْ يَخَفْهُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ الْتَمَسَ هَدْمَ دَارِ غَيْرِهِ فَفَعَلَ (وَأَنْ لَا يَخْتَصَّ مَالِكُهُ بِالْفَائِدَةِ) أَيْ بِفَائِدَةِ الْإِلْقَاءِ بِأَنْ يَخْتَصَّ بِهَا الْمُلْتَمِسُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَالْمَالِكُ أَوْ يَعُمَّ الْجَمِيعَ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَصَّ بِهَا الْمَالِكُ. (فَلَوْ كَانَ كُلُّ مَا فِيهَا لَهُ فَقَالَ) لَهُ مَنْ بِالشَّطِّ أَوْ بِزَوْرَقٍ بِقُرْبِهَا (أَلْقِ كَذَا) أَيْ مَتَاعَك أَوْ بَعْضَهُ فِي الْبَحْرِ (وَأَنَا ضَامِنٌ) لَهُ فَأَلْقَاهُ (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) ، وَلَمْ يَحِلَّ لِلْمُعْيِنِ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ عِوَضًا كَمَا لَوْ قَالَ لِمُضْطَرٍّ كُلْ طَعَامَك، وَأَنَا ضَامِنُهُ لَك فَأَكَلَهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْتَمِسِ، وَلَا يَحِلُّ لِلْآكِلِ الْأَخْذُ. (فَلَوْ قَالَ) أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ (وَأَنَا ضَامِنٌ) لَهُ (وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ) أَوْ عَلَى أَنْ أَضْمَنَهُ أَنَا وَرُكَّابُهَا أَوْ أَنَا ضَامِنٌ لَهُ، وَهُمْ ضَامِنُونَ أَوْ أَنَا وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ لَهُ كُلٌّ مِنَّا عَلَى الْكَمَالِ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ وَكُلٌّ مِنْهُمْ ضَامِنٌ (لَزِمَهُ الْجَمِيعُ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ (أَوْ) قَالَ (أَنَا وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ) لَهُ (لَزِمَهُ قِسْطُهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مَعَهُ كُلٌّ مِنَّا بِالْحِصَّةِ (وَإِنْ أَرَادَ) بِهِ (الْإِخْبَارَ عَنْهُمْ) أَيْ عَنْ ضَمَانٍ سَبَقَ مِنْهُمْ (فَصَدَّقُوهُ) فِيهِ (لَزِمَهُمْ، وَإِنْ أَنْكَرُوا صُدِّقُوا) ، وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ (وَإِنْ قَالَ أَنْشَأْت عَنْهُمْ) الضَّمَانَ (ثِقَةً بِرِضَاهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ، وَإِنْ رَضَوْا) ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ لَا تُوقَفُ، وَإِنْ قَالَ أَنَا، وَهُمْ ضُمَنَاءُ وَضَمِنْت عَنْهُمْ بِإِذْنِهِمْ طُولِبَ بِالْجَمِيعِ فَإِنْ أَنْكَرُوا الْإِذْنَ فَهُمْ الْمُصَدَّقُونَ حَتَّى لَا يَرْجِعَ عَلَيْهِمْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَإِنْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (قَالَ أَنَا وَهُمْ ضَامِنُونَ) لَهُ (وَأُصَحِّحُهُ أَوْ أُخَلِّصُهُ مِنْ مَالِهِمْ أَوْ مِنْ مَالِي لَزِمَهُ الْجَمِيعُ) لَوْ قَالَ اخْلَعْهَا عَلَى أَلْفٍ أُصَحِّحُهَا لَك أَوْ أَضْمَنُهَا لَك مِنْ مَالِهَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ مِنْ مَالِي فِي الثَّانِيَةِ، وَبِقَوْلِهِ مِنْ مَالِهِمْ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ أَنَا، وَهُمْ ضَامِنُونَ) لَهُ (ثُمَّ بَاشَرَ الْإِلْقَاءَ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمَالِكِ (فَهَلْ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ) ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ الْإِتْلَافَ (أَوْ قِسْطَهُ) عَمَلًا بِقَضِيَّةِ اللَّفْظِ (وَجْهَانِ) حَكَى الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ نَصُّ الْأُمِّ. وَلَوْ قَالَ أَلْقِ مَتَاعَك، وَعَلَيَّ نِصْفُ الضَّمَانِ، وَعَلَى فُلَانٍ ثُلُثُهُ، وَعَلَى فُلَانٍ سُدُسُهُ لَزِمَهُ النِّصْفُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ (وَتُعْتَبَرُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي الْإِلْقَاءِ تَقْدِيمُ الْأَخَسِّ فَالْأَخَسِّ قِيمَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُ بِإِلْقَائِهِ، وَلَوْ فِي حَالِ الْخَوْفِ بِلَا إذْنٍ مِنْ مَالِكِهِ) يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ بِيَدِ وَلِيِّهِ حَيْثُ سَاغَ لَهُ رُكُوبُ الْبَحْرِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطْرَحْ بَعْضَهُ لَغَرِقَ الْكُلُّ فَفَعَلَ ذَلِكَ لِحِفْظِ أَكْثَرِ الْمَالِ أَوْ بَعْضِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا ظَهَرَ صِدْقُهُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ مِثْلُ هَذَا فِي الْمُودَعِ وَالْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَنْدَ تَمَحَّضَ الْخَوْفِ عَلَى تَلَفِ الْمَالِ فَقَطْ وَغَلَبَةِ الظَّنِّ بِوُقُوعِ الْغَرَقِ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَالَ الْغَزِّيِّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْقَاهُ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمُعْتَبَرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَرَهْنٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنُهُ) خَرَجَ مَا إذَا، قَالَ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ أَوْ، وَأَنَا ضَامِنٌ أَوْ عَلَى أَنْ أَضْمَنَ فَأَلْقَاهُ أَوْ عَلَى أَنْ أَضْمَنَ فَأَلْقَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ فَقَدْ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ هَذَا غَيْرُ كَافٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رَابِطٍ فَيَقُولُ ضَامِنُهُ أَوْ ضَامِنٌ لَهُ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ اسْتِغْنَاءً بِذِكْرِ الضَّمِيرِ فِيمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى كَذَا فَأَعْتَقَ) أَوْ طَلِّقْ زَوْجَتَك عَلَى كَذَا فَطَلَّقَ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُشِيرَ إلَى مَا يُلْقِيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، قَالَ، وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِمْرَارِهِ فَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَسَّطَهُ عَمَلًا بِقَضِيَّةِ اللَّفْظِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 قِيمَةُ الْمُلْقَى قُبَيْلَ هَيَجَانِ الْبَحْرِ) إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ حِينَئِذٍ، وَلَا تُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي الْبَحْرِ مَعَ الْخَطَرِ كَقِيمَتِهِ فِي الْبَرِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُلْقَى مِثْلِيًّا، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِمَا فِي إيجَابِ الْمِثْلِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِالْمُلْتَمِسِ، وَعَلَّلَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لِمُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ إلَّا مُشْرِفٌ عَلَى هَلَاكٍ، وَذَلِكَ بَعِيدٌ، وَهَذَا أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ يَجِبُ فِي الْمِثْلِيِّ الْمِثْلُ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِعَمْرٍو أَلْقِ مَتَاعَ زَيْدٍ، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ) فَفَعَلَ (ضَمِنَ عَمْرٌو) دُونَ الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْإِتْلَافِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ ضَمِنَ الْآمِرُ. [فَرْعٌ لَفَظَ الْبَحْرُ الْمَتَاعَ الْمُلْقَى فِيهِ وَظَفِرْنَا بِهِ فِي السَّفِينَةِ الَّتِي أَشْرَفَتْ عَلَى الْهَلَاكِ] (فَرْعٌ) لَوْ (لَفَظَ الْبَحْرُ) الْمَتَاعَ (الْمُلْقَى) فِيهِ عَلَى السَّاحِلِ وَظَفِرْنَا بِهِ (أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَاسْتَرَدَّ الضَّامِنُ) مِنْهُ (عَيْنَ مَا أَعْطَى) إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا (مَا سِوَى الْأَرْشِ) الْحَاصِلُ بِالْغَرَقِ فَلَا يَسْتَرِدُّهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ وَاضِحٌ. [فَصْلٌ قَتَلَ حَجَرُ الْمَنْجَنِيق رُمَاتَهُ أَوْ بَعْضَهُمْ بِأَنْ عَادَ عَلَيْهِمْ] (فَصْلٌ) لَوْ (قَتَلَ الْمَنْجَنِيقُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا أَيْ لَوْ قَتَلَ حَجَرُهُ (رُمَاتَهُ أَوْ بَعْضَهُمْ) بِأَنْ عَادَ عَلَيْهِمْ (سَقَطَ قِسْطُ) فِعْلِ (كُلٍّ) مِنْهُمْ مِنْ دِيَتِهِ (وَلَزِمَ عَاقِلَةَ الْبَاقِينَ بَاقِي دِيَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ، وَفِعْلِهِمْ (فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً أُهْدِرَ الْعُشْرُ مِنْ دِيَةِ كُلٍّ) مِنْهُمْ (وَلَزِمَ عَاقِلَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ التِّسْعَةِ عُشْرُهَا، وَكَذَا حُكْمُ دِيَةِ الْوَاحِدِ مِنْ الْعَشَرَةِ إذَا مَاتَ أُهْدِرَ عُشْرُهَا، وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْ) عَاقِلَةِ (التِّسْعَةِ عُشْرُهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ حَصَلَ عَوْدُهُ عَلَى بَعْضِهِمْ بِأَمْرٍ صَنَعَهُ الْبَاقُونَ، وَقَصَدُوهُ بِسُقُوطِهِ عَلَيْهِ وَغَلَبَتْ إصَابَتُهُ فَهُوَ عَمْدٌ لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ بَلْ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مُخْطِئٍ، وَكَأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُمْ وَنَحْنُ صَوَّرْنَاهُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ مَدَّ مَعَهُمْ الْحِبَالَ وَرَمَى بِالْحَجَرِ أَمَّا مَنْ أَمْسَكَ خَشَبَةَ الْمَنْجَنِيقِ إنْ اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ أَوْ وَضَعَ الْحَجَرَ فِي الْكِفَّةِ، وَلَمْ يَمُدَّ الْحِبَالَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ وَالْمُبَاشِرُ غَيْرُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا قَالَ لَكِنْ نَازَعَ صَاحِبُ الْوَافِي فِي التَّعْلِيلِ، وَقَالَ جَوْدَةُ الرَّمْيِ بِذَلِكَ تَتَعَلَّقُ بِوَاضِعِ الْحَجَرِ، وَلَا تُزَالُ يَدُهُ عَلَى الْمِقْلَاعِ وَالسَّهْمِ إلَى أَنْ يَرْتَفِعَ إلَى حَدٍّ يَرَاهُ الْجَاذِبُونَ لِلْحِبَالِ، وَيَنْتَهِي جَذْبُهُمْ بِقُعُودِهِمْ عَلَى الْأَرْضِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّصْوِيرِ فَحَيْثُ تُصُوِّرَ مَا ذُكِرَ فَالْحَقُّ الْأَوَّلُ، وَإِلَّا فَالثَّانِي (فَإِنْ رَمَوْا) بِهِ شَخْصًا (مُعَيَّنًا أَوْ) أَشْخَاصًا (مُعَيَّنِينَ وَغَلَبَتْ الْإِصَابَةُ) بِهِ (وَهُمْ حُذَّاقٌ) فَأَصَابُوا مَنْ قَصَدُوهُ (فَعَمْدٌ) لِصِدْقِ حَدِّ الْعَمْدِ بِهِ فَيُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ الدِّيَةَ الْمُغَلَّظَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ (أَوْ لَمْ تَغْلِبْ الْإِصَابَةُ) بِهِ (أَوْ قُصِدَ) بِهِ (غَيْرُ مُعَيَّنٍ كَأَحَدِ الْجَمَاعَةِ فَشِبْهُ عَمْدٍ) يُوجِبُ دِيَةً مُغَلَّظَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عَمْدًا فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ يَعْتَمِدُ قَصْدَ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْآمِرِ فِي قَوْلِهِ اُقْتُلْ أَحَدَ هَؤُلَاءِ، وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَ أَحَدَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا وَاحِدًا أَوْ أَصَابَ الْحَجَرُ غَيْرَ مَنْ قَصَدُوهُ بِأَنْ عَادَ فَقَتَلَ بَعْضَهُمْ فَخَطَأٌ يُوجِبُ دِيَةً مُخَفَّفَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَالسَّهْمُ) إذَا رَمَى بِهِ شَخْصٌ آخَرُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ مِنْ جَمَاعَةٍ (كَذَلِكَ) أَيْ شِبْهُ عَمْدٍ. (وَلَوْ جَرَحَ) شَخْصٌ (مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ جَرَحَهُ هُوَ) ثَانِيًا (وَثَلَاثَةٌ) آخَرُونَ (وَمَاتَ بِالْجَمِيعِ فَالدِّيَةُ) تَلْزَمُهُمْ (أَرْبَاعًا بِعَدَدِ الْجَارِحِينَ لَا) أَخْمَاسًا بِعَدَدِ (الْجِرَاحَاتِ) وَسُقُوطُ الْخُمُسِ الْآخَرِ بِالرِّدَّةِ، وَهَذَا الْمَنْفِيُّ وِجْهَةُ نَظَرِ قَائِلِهِ بِمَا لَوْ جَرَحَهُ وَاحِدٌ فِي الرِّدَّةِ، وَأَرْبَعَةٌ بَعْدَ الْإِسْلَامِ (وَيُحَطُّ لِجَارِحِ الْمَرَّتَيْنِ) مِنْ الرُّبْعِ (ثُمُنٌ) مِنْ الدِّيَةِ (لِأَنَّ جُرْحَ الرِّدَّةِ هَدَرٌ) ، وَحِصَّتُهُ مِنْ الرُّبْعِ الْمُوَزَّعِ عَلَيْهِ، وَعَلَى جُرْحِ الْإِسْلَامِ ثُمُنٌ فَيُحَطُّ مِنْ رُبْعِ جَارِحِيهِمَا وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ، وَمَاتَ بِالْجَمِيعِ عَمَّا لَوْ مَاتَ بَعْدَ انْدِمَالِ الْجِرَاحَةِ الْأُولَى فَتَجِبُ الدِّيَةُ أَرْبَاعًا بِلَا حَطٍّ (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ جَرَحَ ثَلَاثَةٌ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ جَرَحُوهُ مَعَ رَابِعٍ، وَمَاتَ بِالْجَمِيعِ (فَيُحَطُّ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ) ثُمُنٌ لِذَلِكَ، وَيَبْقَى عَلَى الرَّابِعِ الرُّبْعُ (وَلَوْ جَرَحَهُ أَرْبَعَةٌ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ) جَرَحَهُ (أَحَدُهُمْ مَعَ ثَلَاثَةٍ) آخَرِينَ (فِي الْإِسْلَامِ) ، وَمَاتَ بِالْجَمِيعِ (فَعَلَى الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ الدِّيَةِ، وَعَلَى جَارِحِ الْمَرَّتَيْنِ نِصْفُ سُبُعٍ، وَيُهْدَرُ الْبَاقِي) ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ وَنِصْفُ سُبْعٍ؛ لِأَنَّ جِرَاحَاتِ الرِّدَّةِ هَدَرٌ (وَإِنْ جَرَحَهُ أَرْبَعَةٌ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ) جَرَحَهُ (أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ) فَمَاتَ بِالْجَمِيعِ (لَزِمَهُ ثُمُنٌ) مِنْ الدِّيَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ يَجِبُ فِي الْمِثْلِيِّ الْمِثْلُ) الْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْتَدْعِي الْمِثْلُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ وَتُعْتَبَرُ بِمَا قَبْلَ الْهَيَجَانِ، وَفِي وَجْهٍ الْوَاجِبُ فِي الْمُتَقَوِّمِ الْمِثْلُ صُورَةً كَالْقَرْضِ مُخْتَصَرُ الْكِفَايَةِ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ إنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَعَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمِثْلُ وَالثَّانِي الْقِيمَةُ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ مِنْ رَدِّهِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ. اهـ. وَقَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ فَإِذَا أَلْقَاهُ فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَهَلْ يَضْمَنُهُ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ، وَجْهَانِ كَالْقَرْضِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَتَى لَزِمَ الْمُسْتَدْعِيَ الضَّمَانُ ضَمِنَ الْمِثْلَ بِمِثْلِهِ وَالْمُتَقَوِّمَ بِقِيمَتِهِ، وَتُعْتَبَرُ بِمَا قَبْلَ هَيَجَانِ الْمَوْجِ فَإِنَّهُ لَا قِيمَةَ حِينَئِذٍ، وَلَا تُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ عَلَى خَطَرِ الْهَلَاكِ كَقِيمَتِهِ فِي الْبَرِّ، وَعَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُتَقَوِّمِ الْمِثْلُ صُورَةً كَالْقَرْضِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُسْتَدْعِيَ يَمْلِكُهُ كَالْمُقْرِضِ. اهـ. يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَلْفِظْهُ الْبَحْرُ [فَرْعٌ قَالَ لِعَمْرِو أَلْقِ مَتَاعَ زَيْدٍ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فَفَعَلَ فِي السَّفِينَةِ الَّتِي أَشْرَفَتْ عَلَى الْهَلَاكِ] (قَوْلُهُ: أَوْ أَشْخَاصًا مُعَيَّنِينَ وَغَلَبَتْ الْإِصَابَةُ إلَخْ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي الْآلَةِ أَنْ تَهْلِكَ غَالِبًا لَا فِي إصَابَتِهَا فَمَتَى أَمْكَنَتْ الْإِصَابَةُ وَحَصَلَتْ وَجَبَ الْقَوَدُ كَمَا لَوْ رَمَى شَخْصًا بِسَهْمٍ قَدْ يُصِيبُهُ، وَقَدْ لَا يُصِيبُهُ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ فَيَجِبُ الْقَوَدُ فِيهِمَا. اهـ. يُجَابُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ فِي الْآلَةِ مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ بَلْ ذَلِكَ حَيْثُ غَلَبَتْ الْإِصَابَةُ بِهَا كَأَنْ تَكُونَ الْآلَةُ بِيَدِ الْجَانِي أَمَّا الْمَنْجَنِيقُ فَالْمُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الْإِصَابَةِ بِهَا لَا فِيهَا وَاسْتِشْهَادُهُ بِرَمْيِ السَّهْمِ، وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ مِنْ السَّطْحِ لَيْسَ بِتَامٍّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ إفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 (وَيُهْدَرُ الْبَاقِي) لِمَا مَرَّ (وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ) فَلَوْ جَرَحَهُ ثَلَاثَةٌ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ أَحَدُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ سُدُسُ الدِّيَةِ، وَهُدِرَ الْبَاقِي، وَلَوْ جَرَحَهُ اثْنَانِ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ أَحَدُهُمَا مَعَ ثَالِثٍ فِي الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ سُدُسُ الدِّيَةِ، وَلَزِمَ الثَّالِثَ ثُلُثُهَا، وَهُدِرَ الْبَاقِي. (وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِرَاحُ) مِنْ وَاحِدٍ (خَطَأً، وَعَمْدًا) وَشَارَكَهُ غَيْرُهُ (بِأَنْ جَرَحَهُ خَطَأً ثُمَّ جَرَحَهُ مَعَ آخَرَ عَمْدًا تَنَاصَفَا الدِّيَةَ، وَيُخَفَّفُ عَلَى) ، وَفِي نُسْخَةٍ عَنْ (الْعَاقِلَةِ نِصْفُ مَا عَلَى جَارِحِ الْمَرَّتَيْنِ، وَقِسْ عَلَيْهِ كَمَا فِي) مَسْأَلَةِ (الرِّدَّةِ) السَّابِقَةِ فَلَوْ جَرَحَ شَخْصٌ آخَرُ خَطَأً ثُمَّ جَرَحَهُ مَعَ ثَلَاثَةٍ عَمْدًا فَمَاتَ بِالْجَمِيعِ تَرَبَّعُوا الدِّيَةَ، وَيُخَفَّفُ عَلَى عَاقِلَةِ جَارِحِ الْمَرَّتَيْنِ نِصْفُ مَا عَلَيْهِ (وَإِنْ جَرَحَ عَبْدٌ زَيْدًا) ، وَهُوَ حُرٌّ (ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ) بِأَنْ قَطَعَهَا بَكْرٌ (ثُمَّ جَرَحَ الْعَبْدُ عَمْرًا، وَمَاتَ الْعَبْدُ بِالسِّرَايَةِ) سَوَاءٌ أَمَاتَ زَيْدٌ، وَعَمْرٌو بِهَا أَمْ لَمْ يَمُوتَا (فَعَلَى الْقَاطِعِ) لِيَدِ الْعَبْدِ (قِيمَتُهُ، وَيَخْتَصُّ زَيْدٌ) مِنْهَا (بِأَرْشِ) نَقْصِ (الْيَدِ) لِوُرُودِ الْقَطْعِ عَلَى مُتَعَلِّقِ حَقِّهِ قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ عَمْرٍو (وَهُوَ) أَيْ الْأَرْشُ (مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) بِقَطْعِ يَدِهِ لَا نِصْفُ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ يَدَيْ زَيْدٍ اخْتَصَّ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ، وَلَيْسَ بِجَائِزٍ؛ وَلِأَنَّ الْجِرَاحَةَ إذَا صَارَتْ نَفْسًا سَقَطَ اعْتِبَارُ بَدَلِ الطَّرَفِ. (وَيُضَارِبُ) زَيْدٌ (عَمْرًا فِي الْبَاقِي) مِنْ الْقِيمَةِ (بِمَا بَقِيَ) لَهُ فَلَوْ قَطَعَ الْعَبْدُ يَدَ مُسْلِمٍ حُرٍّ وَأُخْرَى مِنْ آخَرَ، وَقَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ بَيْنَهُمَا وَجَبَ لِكُلٍّ خَمْسُونَ بَعِيرًا فَإِذَا فَرَضْنَا أَنَّ نُقْصَانَ يَدِهِ بِقَدْرِ عَشَرَةِ أَبْعِرَةٍ دَفَعْنَا لِلْأَوَّلِ، وَبَقِيَ لَهُ أَرْبَعُونَ وَلِلثَّانِي خَمْسُونَ فَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بَقِيَّةُ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَتْسَاعًا. (وَإِنْ حَفَرَ) شَخْصٌ (بِئْرًا عُدْوَانًا ثُمَّ أَحْكَمَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ سَدَّ رَأْسِهَا فَفَتَحَهُ آخَرُ ضَمِنَ) الْآخَرُ مَا هَلَكَ بِهَا كَمَا مَرَّ فِي فَرْعِ يَتَنَاصَفُ الضَّمَانَ حَافِرٌ، وَمُعَمِّقٌ. (وَإِنْ وَقَعَتْ بَهِيمَةٌ فِي بِئْرٍ) ، وَلَوْ حُفِرَتْ عُدْوَانًا (وَلَمْ تَنْصَدِمْ) ، عِبَارَةِ الْأَصْلِ وَلَمْ تَتَأَثَّرْ وَبَقِيَتْ مُدَّةً (وَمَاتَتْ جُوعًا) أَوْ عَطَشًا عِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَمْ تَتَأَثَّرْ بِالصَّدْمَةِ، وَبَقِيَتْ مُدَّةً (وَمَاتَتْ جُوعًا) أَوْ عَطَشًا (أُهْدِرَتْ) فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ لِحُدُوثِ سَبَبٍ آخَرَ كَمَا لَوْ افْتَرَسَهَا سَبُعٌ فِي الْبِئْرِ. (وَإِنْ تَضَارَبَا) أَيْ اثْنَانِ (فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بِصَوْلَةٍ وَضَرْبَةِ صَاحِبِهِ) لَهُ (فَنِصْفُ دِيَتِهِ) وَاجِبٌ عَلَى صَاحِبِهِ (وَأُهْدِرَ قِسْطُ صَوْلَتِهِ) وَلِهَذَا لَوْ سَقَطَ بِصَوْلَتِهِ، وَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ دَخَلَ بَعِيرٌ لَمْ يُعْرَفْ بِفَسَادٍ بَيْنَ) بَعِيرَيْنِ (مَقْرُونَيْنِ) بِحَبْلٍ (فَخَنَقَهُمَا) بِجَذْبِهِ الْحَبْلَ (أُهْدِرَا) بِخِلَافِ مَا إذَا عُرِفَ بِالْفَسَادِ فَيَضْمَنُ مَالِكُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِإِطْلَاقِهِ وَالْأَصْلُ صَوَّرَ ذَلِكَ بِخَنْقِ أَحَدِهِمَا، وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ. (الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي) حُكْمِ (السِّحْرِ، وَلَهُ حَقِيقَةٌ) لَا كَمَا قِيلَ: إنَّهُ تَخْيِيلٌ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ وَالسَّاحِرُ قَدْ يَأْتِي بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ يَتَغَيَّرُ بِهِ حَالُ الْمَسْحُورِ فَيَمْرَضُ، وَيَمُوتُ مِنْهُ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِوُصُولِ شَيْءٍ إلَى بَدَنِهِ مِنْ دُخَانٍ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ دُونَهُ، وَيَحْرُمُ فِعْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ (، وَيَكْفُرُ مُعْتَقِدُ إبَاحَتِهِ فَإِنْ تَعَمَّدَهُ) تَعْلِيمًا أَوْ تَعَلُّمًا أَوْ فِعْلًا، وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ تَعَلَّمَهُ (أَثِمَ) فَكُلٌّ مِنْهُمَا حَرَامٌ لِخَوْفِ الِافْتِتَانِ وَالْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ بَلْ إنْ اُحْتِيجَ فِيهَا إلَى تَقْدِيمِ اعْتِقَادٍ مُكَفِّرٍ كَفَرَ، قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَظْهَرُ السِّحْرُ إلَّا عَلَى فَاسِقٍ، وَلَا تَظْهَرُ الْكَرَامَةُ عَلَى فَاسِقٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْعَقْلِ بَلْ مُسْتَفَادٌ مِنْ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ (وَتَحْرُمُ الْكِهَانَةُ) أَيْ تَعْلِيمُهَا، وَفِعْلُهَا (وَالتَّنْجِيمُ وَالضَّرْبُ بِالرَّمْلِ وَالْحَصَى وَالشَّعِيرِ وَالشَّعْبَذَةُ) كَذَلِكَ (وَحُلْوَانُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ أَيْ إعْطَاءً أَوْ أَخْذًا لِعِوَضٍ عَنْهَا بِالنَّصِّ الصَّحِيحِ فِي حُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ وَالْكَاهِنُ مَنْ يُخْبِرُ بِوَاسِطَةِ النَّجْمِ عَنْ الْمُغَيَّبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ الْعَرَّافِ فَإِنَّهُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْ الْمُغَيَّبَاتِ الْوَاقِعَةِ كَعَيْنِ السَّارِقِ، وَمَكَانِ الْمَسْرُوقِ وَالضَّالَّةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَا يَغْتَرُّ بِجَهَالَةِ مَنْ يَتَعَاطَى الرَّمْلَ، وَإِنْ نُسِبَ إلَى عِلْمٍ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ بِخَطٍّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ فَمَعْنَاهُ مَنْ عَلِمْتُمْ مُوَافَقَتَهُ لَهُ فَلَا بَأْسَ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ الْمُوَافَقَةَ فَلَا يَجُوزُ. [فَصْلٌ إنَّمَا يُعْتَمَدُ فِي تَأْثِيرِ السِّحْرِ مِنْ السَّاحِرِ إقْرَارُهُ بِهِ] (فَصْلٌ: إنَّمَا يُعْتَمَدُ فِي) تَأْثِيرِ (السِّحْرِ) مِنْ السَّاحِرِ (إقْرَارُهُ بِهِ) لَا بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُشَاهِدُ تَأْثِيرَهُ، وَلَا يُعْلَمُ قَصْدُ السَّاحِرِ نَعَمْ يَثْبُتُ بِهَا تَأْثِيرُهُ فِيمَا إذَا شَهِدَ سَاحِرٌ أَنَّ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَنَّ مَا اعْتَرَفَ بِهِ فُلَانٌ يَقْتُلُ غَالِبًا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ (فَإِنْ قَالَ قَتَلْته بِسِحْرٍ يَقْتُلُ غَالِبًا فَالْقِصَاصُ) عَلَيْهِ (أَوْ) يَقْتُلُ (نَادِرًا فَشِبْهُ عَمْدٍ أَوْ) قَالَ (قَصَدْت) بِهِ (غَيْرَهُ) فَأَصَبْته (فَخَطَأٌ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ فِي الثَّلَاثَةِ (وَالدِّيَةُ) الْوَاجِبَةُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (فِي مَالِهِ) لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَلْزَمُهُمْ (إلَّا إنْ صَدَّقَتْهُ الْعَاقِلَةُ) فَتَجِبُ عَلَيْهَا عَمَلًا بِتَصْدِيقِهَا.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بِصَوْلَةٍ) أَيْ وَثْبَتِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 [فَرْعٌ قَالَ آذَيْته بِسِحْرِي وَلَمْ أُمْرِضْهُ] (فَرْعٌ: لَوْ قَالَ آذَيْته بِسِحْرِي) ، وَلَمْ أُمْرِضْهُ (نُهِيَ) عَنْهُ (فَإِنْ عَادَ عُزِّرَ) ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُعَزَّرُ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَبْعُدْ (أَوْ) قَالَ (أَمْرَضْته بِهِ عُزِّرَ) ؛ لِأَنَّ السِّحْرَ كُلَّهُ حَرَامٌ (فَإِنْ مَرِضَ بِهِ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ كَانَ لَوْثًا إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّهُ تَأَلَّمَ بِهِ حَتَّى مَاتَ أَوْ أَقَرَّ بِهِ السَّاحِرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ثُمَّ يَحْلِفُ الْوَلِيُّ أَنَّهُ مَاتَ بِسِحْرِهِ، وَيَأْخُذُ الدِّيَةَ (فَإِذَا ادَّعَى السَّاحِرُ بُرْأَهُ) مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ (وَاحْتُمِلَ) بُرْؤُهُ بِأَنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُحْتَمَلُ بُرْؤُهُ فِيهَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ قَالَ قَتَلْت بِسِحْرِي، وَلَمْ يُعَيِّنْ) أَحَدًا (عُزِّرَ) لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا (وَلَا قِصَاصَ لِأَحَدٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَالتَّصْرِيحُ بِلُزُومِ التَّعْزِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ. [فَرْعٌ اعْتَرَفَ شَخْصٌ بِقَتْلِهِ إنْسَانًا بِالْعَيْنِ] (فَرْعٌ) لَوْ (اعْتَرَفَ) شَخْصٌ (بِقَتْلِهِ) إنْسَانًا (بِالْعَيْنِ فَلَا ضَمَانَ، وَلَا كَفَّارَةَ) ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ حَقًّا؛ لِأَنَّهَا لَا تُفْضِي إلَى الْقَتْلِ غَالِبًا، وَلَا تُعَدُّ مُهْلِكَةً، وَدَلِيلُ أَنَّهَا حَقٌّ خَبَرُ مُسْلِمٍ «الْعَيْنُ حَقٌّ» ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ (، وَيُسْتَحَبُّ) لِلْعَائِنِ (أَنْ يَدْعُوَ لِلْمَعِينِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (بِالْمَأْثُورِ) أَيْ الْمَنْقُولِ، وَهُوَ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ، وَلَا تَضُرَّهُ (وَأَنْ يَقُولَ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ) ، وَفِي نُسْخَةٍ كَبَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ (وَ) أَنْ (يَغْسِلَ جِلْدَهُ مِمَّا يَلِي إزَارَهُ بِمَاءٍ، وَيَصُبَّ عَلَى الْمَعِينِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْعَيْنُ حَقٌّ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ - أَيْ طُلِبَ مِنْكُمْ الْغُسْلُ - فَاغْسِلُوا» قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ الِاسْتِغْسَالُ أَنْ يُقَالَ لِلْعَائِنِ اغْسِلْ دَاخِلَةَ إزَارِك مِمَّا يَلِي الْجِلْدَ بِمَاءٍ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَى الْمَعِينِ، وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِغَسْلِ جِلْدِهِ لَا يُطَابِقُ أَصْلَهُ (وَ) أَنْ (يَغْتَسِلَ) الْمَعِينُ (بِوُضُوئِهِ) أَيْ الْعَائِنِ فَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ أَنْ يَتَوَضَّأَ ثُمَّ يَغْسِلَ مِنْهُ الْمَعِينُ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ يَغْتَسِلَ بِأَوْ وَالْأُولَى هِيَ الْمُطَابِقَةُ لِلْأَصْلِ. (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْعَاقِلَةِ) وَمَنْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَفِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي بَيَانِهَا) أَيْ الْعَاقِلَةِ وَالْأَصْلُ فِي تَحَمُّلِهَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي» ، وَفِيهِمَا أَنَّ «امْرَأَتَيْنِ اقْتَتَلَتَا فَحَذَفَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا، وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» أَيْ الْقَاتِلَةِ، وَقَتْلُهَا شِبْهُ عَمْدٍ فَثُبُوتُ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ أَوْلَى، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقَبَائِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقُومُونَ بِنُصْرَةِ الْجَانِي مِنْهُمْ، وَيَمْنَعُونَ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ أَخْذَ حَقِّهِمْ فَأَبْدَلَ الشَّرْعُ تِلْكَ النُّصْرَةَ بِبَذْلِ الْمَالِ، وَخَصَّ تَحَمُّلَهُمْ بِالْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَكْثُرُ لَا سِيَّمَا فِي مُتَعَاطِي الْأَسْلِحَةِ فَحَسُنَتْ إعَانَتُهُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ وَأُجِّلَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ رِفْقًا بِهِمْ وَسُمُّوا عَاقِلَةً لِعَقْلِهِمْ الْإِبِلَ بِفِنَاءِ الْمُسْتَحِقِّ، وَيُقَالُ لِتَحَمُّلِهِمْ عَنْهُ الْعَقْلَ أَيْ الدِّيَةَ، وَيُقَالُ لِمَنْعِهِمْ عَنْ الْقَاتِلِ وَالْعَقْلُ الْمَنْعُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْعَقْلُ عَقْلًا لِمَنْعِهِ مِنْ الْفَوَاحِشِ. (وَجِهَاتُ التَّحَمُّلِ) ثَلَاثٌ (الْعَصَبَةُ) مِنْ النَّسَبِ (وَالْوَلَاءُ، وَبَيْتُ الْمَالِ) لَا غَيْرُهَا كَزَوْجِيَّةٍ، وَمُحَالَفَةٍ، وَقَرَابَةٍ لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ (فَلَا يَتَحَمَّلُ الْقَاتِلُ) مَعَ وُجُودِ الْعَاقِلَةِ فِيمَا تَحَمَّلَ فِيهِ لِمَا مَرَّ (وَلَا أُصُولُهُ، وَ) لَا (فُرُوعُهُ) كَالْقَاتِلِ إذْ مَالُهُمْ كَمَالِهِ بِدَلِيلِ لُزُومِ النَّفَقَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد فِي خَبَرِ الْمَرْأَتَيْنِ السَّابِقِ، وَبَرَأَ الْوَالِدُ أَيْ مِنْ الْعَقْلِ، وَفِي النَّسَائِيّ «لَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ ابْنِهِ» (كَابْنِ الْجَانِيَةِ، وَلَوْ كَانَ ابْنَ ابْنِ عَمِّهَا) أَوْ مُعْتِقَهَا فَلَا يَتَحَمَّلُ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ يَلِي نِكَاحَهَا؛ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ هُنَا مَانِعَةٌ وَثَمَّ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٌ فَإِذَا وُجِدَ مُقْتَضٍ زُوِّجَ بِهِ. (وَيُقَدَّمُ) مِنْهُمْ (الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَالْمُدْلِي بِالْأَبَوَيْنِ) عَلَى الْمُدْلِي بِالْأَبِ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعُصُوبَةِ فَيُقَدَّمُ مَنْ ذُكِرَ (كَالْمِيرَاثِ) وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ (فَإِنْ عُدِمُوا) أَيْ الْعَاقِلَةُ مِنْ النَّسَبِ (أَوْ لَمْ يَفُوا) بِالْوَاجِبِ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِمْ (فَالْمُعْتِقُ) يَتَحَمَّلُ لِخَبَرِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» (فَإِنْ فُقِدَ، وَكَذَا لَوْ فَضَلَ) عَنْ الْوَاجِبِ (شَيْءٌ فَعَصَبَتُهُ) مِنْ النَّسَبِ (ثُمَّ مُعْتِقُ الْمُعْتَقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ) ، وَهَكَذَا (ثُمَّ مُعْتِقُ أَبِي الْمُعْتَقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ) ، وَهَكَذَا (ثُمَّ مُعْتِقُ جَدِّ الْمُعْتَقِ) ثُمَّ عَصَبَتُهُ (وَهَكَذَا) إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي كَالْإِرْثِ   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ السِّحْرِ] قَوْلُهُ: فَرْعٌ اعْتَرَفَ بِقَتْلِهِ بِالْعَيْنِ إلَخْ) أَيْ أَوْ الْحَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُفْضِي إلَى الْقَتْلِ غَالِبًا) ، وَلَا تُعَدُّ مُهْلِكَةً؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَتْلِ بِهَا اخْتِيَارًا، قَالَ الْإِمَامُ وَلِهَذَا لَوْ نَظَرَ، وَهُوَ صَائِمٌ إلَى مَنْ تَتُوقُ نَفْسُهُ إلَيْهِ فَأَنْزَلَ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ، وَلَوْ كَانَ لِلنَّظَرِ أَثَرٌ فِي الضَّمَانِ لَأَفْسَدَهُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْعَاقِلَةِ وَمَنْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَفِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي بَيَان الْعَاقِلَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْعَاقِلَةِ) (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقَبَائِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إلَخْ) ضَرْبُ الدِّيَةِ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَاتِلِ لِمَصْلَحَةِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ مَعَ عَدَمِ تَحْمِيلِ الْقَاتِلِ مَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْقَتْلُ وَكَوْنُ أَوْلِيَائِهِ يَغْنَمُونَ بِكَوْنِهِ مَقْتُولًا فَلْيَغْرَمُوا بِكَوْنِهِ قَاتِلًا، وَلِذَلِكَ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا لَكَ غُنْمُهُ فَعَلَيْك غُرْمُهُ» (قَوْلُهُ: وَخُصَّ تَحَمُّلُهُمْ بِالْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ) وَخَرَجَ بِالْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ دِيَةُ الْعَمْدِ فَتَجِبُ عَلَى الْجَانِي لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا، وَلَا صُلْحًا، وَلَا اعْتِرَافًا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَجِهَاتُ التَّحَمُّلِ ثَلَاثٌ) شَمِلَ خَطَأَ الْإِمَامِ، وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ جِنَايَةَ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا عَلَى طَرَفِهِ بَلْ هِيَ هَدَرٌ (قَوْلُهُ: بِجَرِيرَةِ ابْنِهِ) ، وَلَا بِجَرِيرَةِ أَبِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَ) أَيْ أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ فَضَلَ شَيْءٌ فَعَصَبَتُهُ مِنْ النَّسَبِ) فَعُلِمَ أَنَّهُ يُضْرَبُ عَلَى عَصَبَتِهِ فِي حَيَاتِهِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِأَقْرَبِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ نَقَلَ الْإِمَامُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ قَيَّدُوا الضَّرْبَ عَلَى عَصَبَاتِ الْمُعْتِقِ بِمَوْتِهِ، وَقَالَ إنَّهُ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْوَلَاءِ، وَلَا بِالْوَلَاءِ فِي حَيَاتِهِ فَهُمْ كَالْأَجَانِبِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مُعْتِقُ جَدِّ الْمُعْتِقِ) ، وَهَكَذَا، وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مُعْتِقٌ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ انْتَقَلْنَا إلَى مُعْتِقِ الْأُمِّ ثُمَّ إلَى عَصَبَتِهِ غَيْرِ أُصُولِهِ، وَفُرُوعِهِ ثُمَّ إلَى مَوَالِي الْجَدَّاتِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، وَمِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَمَوَالِي الذُّكُورِ الْمُدْلِينَ بِالْإِنَاثِ كَالْجَدِّ أَبِي الْأُمِّ، وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 وَيُفَارِقُ الْأَخْذَ مِنْ الْبَعِيدِ إذَا لَمْ يَفِ الْأَقْرَبُ بِالْوَاجِبِ الْإِرْثِ حَيْثُ يَحُوزُهُ الْأَقْرَبُ بِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ لِمِيرَاثِ الْعَصَبَةِ بِخِلَافِ الْوَاجِبِ هُنَا فَإِنَّهُ مُقَدَّرٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ أَوْ رُبْعِهِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ فِي الْأَصْلِ وَذَوُو الْأَرْحَامِ لَا يَتَحَمَّلُونَ قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَّا إذَا قُلْنَا بِتَوْرِيثِهِمْ فَيَتَحَمَّلُونَ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَاتِ كَمَا يَرِثُونَ عِنْدَ عَدَمِهِمْ. انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ ذَكَرًا غَيْرَ أَصْلٍ، وَلَا فَرْعٍ. (، وَلَا يَدْخُلُ) فِي الْعَاقِلَةِ (فَرْعُ الْمُعْتِقِ، وَ) لَا (أَصْلُهُ) لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عُمَرَ قَضَى عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِأَنْ يَعْقِلَ عَنْ مَوْلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ أَخِيهَا دُونَ ابْنِهَا الزُّبَيْرِ وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، وَقِيسَ بِالِابْنِ غَيْرُهُ مِنْ الْأَبْعَاضِ وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ قَالَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ يَتَحَمَّلُ فَهُمَا كَالْمُعْتِقِ لَا كَالْجَانِي، وَلَا نَسَبَ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ الْجَانِي بِأَصْلِيَّةٍ، وَلَا فَرْعِيَّةٍ (، وَيَعْقِلُ عَتِيقُ الْمَرْأَةِ) الْجَانِي (عَاقِلَتَهَا) الَّذِينَ يَتَحَمَّلُونَ الدِّيَةَ عَنْهَا لَوْ وَجَبَتْ كَمَا أَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِلتَّزْوِيجِ يُزَوِّجُ عَتِيقَتُهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا. (وَمَنْ اعْتَرَفَ بِنَسَبِ لَقِيطٍ لَزِمَ عَصَبَتَهُ) دِيَةُ جِنَايَتِهِ (إنْ لَمْ تُكَذِّبْهُ الْبَيِّنَةُ) ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ لَهَا، وَإِذَا لَزِمَتْ الدِّيَةُ عَصَبَتَهُ لَزِمَتْهُ هُوَ بِالْأَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ اللَّقِيطُ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ. (فَإِنْ أَعْتَقَهُ جَمَاعَةٌ ضَرَبَ عَلَيْهِمْ حِصَّةً وَاحِدَةً رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ نِصْفَهُ) بِحَسَبِ الْحَالِ فَالْمُعْتِقُونَ كَمُعْتِقٍ فِيمَا عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِجَمِيعِهِمْ لَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَعَلَى الْكُلِّ نِصْفُ دِينَارٍ أَوْ مُتَوَسِّطِينَ فَرُبْعُ دِينَارٍ أَوْ بَعْضًا، وَبَعْضًا فَعَلَى كُلِّ غَنِيٍّ حِصَّتُهُ مِنْ النِّصْفِ لَوْ كَانَ الْكُلُّ أَغْنِيَاءَ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ حِصَّتُهُ مِنْ الرُّبْعِ لَوْ كَانَ الْكُلُّ مُتَوَسِّطِينَ (فَإِنْ مَاتَ) وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْ جَمِيعُهُمْ (فَعَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْ عَصَبَتِهِ مِثْلُ مَا) كَانَ (عَلَيْهِ) مِنْ نِصْفٍ أَوْ رُبْعٍ بِحَسَبِ حَالِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ بَلْ يُورَثُ بِهِ (فَإِنْ مَاتَ مُعْتِقٌ) لَهُ، وَكَانَ وَاحِدًا (عَنْ عَصَبَتِهِ حَمَلَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (حِصَّةً تَامَّةً مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ أَوْ رُبْعِهِ) فَلَا يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ يَتَحَمَّلُهُ الْمُعْتِقُ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ آنِفًا؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَتَوَزَّعُ عَلَى الْمُعْتِقِينَ فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ الْقَدْرُ الْمُتَحَمَّلُ بِخِلَافِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ لَا يُوَزَّعُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِمْ إذْ لَا يَرِثُونَهُ بَلْ يَرِثُونَ بِهِ كَمَا مَرَّ فَالْوَلَاءُ فِي حَقِّهِمْ كَالنَّسَبِ (، وَلَا يَعْقِلُ عَتِيقٌ، وَلَا عَصَبَتُهُ) عَنْ مُعْتِقِهِ إذْ لَا إرْثَ. [فَصْلٌ جَرَحَ ابْنُ عَتِيقَةٍ أَبُوهُ رَقِيقٌ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ انْجَرَّ الْوَلَاءُ فَمَاتَ الْجَرِيحُ بِالسِّرَايَةِ] (فَصْلٌ:) لَوْ (جَرَحَ ابْنُ عَتِيقَةٍ) أَبَاهُ رَقِيقٌ (رَجُلًا) خَطَأً (ثُمَّ انْجَرَّ الْوَلَاءُ بِعِتْقِ أَبِيهِ) إلَى مَوَالِي أَبِيهِ (فَمَاتَ الْجَرِيحُ) بِالسِّرَايَةِ (فَعَلَى مَوَالِي الْأُمِّ بَدَلُ أَرْشِ الْجُرْحِ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ حِينَ الْجُرْحِ لَهُمْ وَزَادَ لَفْظَ بَدَلَ بِلَا فَائِدَةٍ (وَالْبَاقِي) مِنْ الدِّيَةِ إنْ كَانَ (عَلَى الْجَانِي) لِحُصُولِ السِّرَايَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ بِجِنَايَةٍ قَبْلَهُ لَا عَلَى مَوَالِي أُمِّهِ لِانْتِقَالِ الْوَلَاءِ عَنْهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَلَا عَلَى مَوَالِي أَبِيهِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ عَلَى الِانْجِرَارِ، وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ لِوُجُودِ جِهَةِ الْوَلَاءِ بِكُلِّ حَالٍ؛ وَلِأَنَّ تَحَمُّلَ الْعَاقِلَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ كَالْقِصَاصِ نَعَمْ يَتَحَمَّلُ مِنْهُ مَوَالِي الْأُمِّ مَا زَادَ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الِانْجِرَارِ فَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ قَطْعَ أُصْبُعٍ فَسَرَى إلَى الْكَفِّ ثُمَّ انْجَرَّ الْوَلَاءُ ثُمَّ مَاتَ الْجَرِيحُ بِالسِّرَايَةِ لَزِمَ مَوَالِيَ الْأُمِّ مَعَ أَرْشِ الْأُصْبُعِ، وَهُوَ عُشْرُ الدِّيَةِ مَا زَادَ قَبْلَ الِانْجِرَارِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَعْشَارِهَا؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ إلَى الْكَفِّ حَصَلَتْ حِينَ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُمْ فَكَانَتْ كَأَصْلِ الْجِرَاحَةِ صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بَاقٍ بِأَنْ سَاوَى أَرْشُ الْجُرْحِ الدِّيَةَ أَوْ زَادَ عَلَيْهَا كَأَنْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ عَتَقَ الْأَبُ ثُمَّ مَاتَ الْجَرِيحُ فَعَلَى مَوَالِي الْأُمِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ حِينَ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُمْ يُوجِبُ هَذَا الْقَدْرَ، وَالْمُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَزِيدَ قَدْرُ الْوَاجِبِ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ بِالسِّرَايَةِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ الِانْجِرَارِ (فَإِنْ مَاتَ) الْجَرِيحُ بِالسِّرَايَةِ (وَقَدْ جَرَحَهُ) جَارِحُهُ (ثَانِيًا) خَطَأً (بَعْدَ عِتْقِ الْأَبِ فَعَلَى مَوَالِي الْأَبِ نِصْفُهَا) الْأَوْلَى بَاقِيهَا (أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ أَرْشُ الْجُرْحِ (، وَكَذَا لَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا خَطَأً، وَمَاتَ) الْجَرِيحُ بِالسِّرَايَةِ (بَعْدَ إسْلَامِهِ) أَيْ الذِّمِّيِّ (فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الذِّمِّيِّينَ مَا يَخُصُّ الْجُرْحَ) ؛ لِأَنَّهُمْ عَاقِلَتُهُ حِينَ الْجُرْحِ (وَبَاقِي الدِّيَةِ) إنْ كَانَ (عَلَيْهِ) لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ، وَقَوْلُهُ مُسْلِمًا مِثَالٌ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ رَجُلًا (فَإِنْ مَاتَ) الْجَرِيحُ بِالسِّرَايَةِ (وَقَدْ جَرَحَهُ) جَارِحُهُ (ثَانِيًا) خَطَأً (وَبَعْدَ الْإِسْلَامِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى) عَاقِلَتِهِ (الذِّمِّيِّينَ النِّصْفُ) الْآخَرُ (إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَرْشُ أَقَلَّ) مِنْهُ. (فَإِنْ كَانَ) أَقَلَّ مِنْهُ كَأَرْشِ مُوضِحَةٍ (فَعَلَيْهِمْ الْأَرْشُ) فَقَطْ (وَالْبَاقِي) مِنْ النِّصْفِ (عَلَى الْجَانِي فَإِنْ كَانَ) جُرْحُهُ (الثَّانِي مُذَفِّفًا فَكُلُّ الدِّيَةِ) عَلَى عَاقِلَتِهِ (الْمُسْلِمِينَ) بِنَاءً عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الْمُتَوَلِّي: إلَّا إذَا قُلْنَا بِتَوْرِيثِهِمْ فَيَتَحَمَّلُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ، وَعَلَى هَذَا فَيَتَحَمَّلُونَ فِي زَمَانِنَا لِمَا سَبَقَ فِي الْفَرَائِضِ، وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِتَحَمُّلِهِمْ بَعْدَ الْعَصَبَاتِ، وَقَالَ الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ كَذِي الرَّحِمِ لَا يَتَحَمَّلُ إلَّا عِنْدَ فَقْدِ الْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِالِابْنِ غَيْرُهُ مِنْ الْأَبْعَاضِ) ؛ وَلِأَنَّ تَحَمُّلَ الْمُعْتِقِ عَنْ عَتِيقِهِ سَبَبُهُ إعْتَاقُهُ إيَّاهُ فَنُزِّلَ بِالنِّسْبَةِ إلَى فُرُوعِهِ وَأُصُولِهِ مَنْزِلَةَ جِنَايَتِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 أَنَّ مَنْ جُرِحَ ثُمَّ قُتِلَ يَدْخُلُ أَرْشُ جُرْحِهِ فِي الدِّيَةِ، وَلَوْ عَادَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَجَرَحَهُ مَعَ آخَرَ خَطَأً فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ بِجُرْحَيْهِ حِصَّةُ جُرْحِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ الرُّبْعُ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الذِّمِّيِّينَ رُبْعٌ إنْ لَمْ تَكُنْ حِصَّةُ جُرْحِ الْكُفْرِ دُونَ الرُّبْعِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ قَدْرُ الْأَرْشِ وَالْبَاقِي عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَإِنْ تَخَلَّلَتْ) مِمَّنْ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ شَخْصًا فَمَاتَ (رِدَّةٌ أَوْ إسْلَامٌ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ) ، وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الرِّدَّةُ أَوْ الْإِسْلَامُ بِالْإِصَابَةِ (فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ) لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ تَحَمُّلِهَا أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً لِوِلَايَةِ النِّكَاحِ مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ. (وَمَنْ حَفَرَ) ، وَكَانَ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا (بِئْرًا عُدْوَانًا أَوْ رَمَى صَيْدًا فَعَتَقَ) الْعَبْدُ (أَوْ عَتَقَ أَبَاهُ وَانْجَرَّ وَلَاؤُهُ) إلَى مَوْلَى أَبِيهِ (أَوْ أَسْلَمَ) الذِّمِّيُّ (ثُمَّ) بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ الْإِسْلَامِ (تَرَدَّى رَجُلٌ) فِي الْبِئْرِ (أَوْ أَصَابَهُ السَّهْمُ) فَمَاتَ (أَوْ عَتَقَ أَبُوهُ وَانْجَرَّ وَلَاؤُهُ) إلَى مَوَالِي أَبِيهِ (أَوْ أَسْلَمَ) الذِّمِّيُّ (ثُمَّ) بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ الْإِسْلَامِ (تَرَدَّى رَجُلٌ) فِي الْبِئْرِ (أَوْ أَصَابَهُ السَّهْمُ) فَمَاتَ (ضَمِنَ) الْحَافِرُ أَوْ الرَّامِي الدِّيَةَ (فِي مَالِهِ) فَلَا تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ لِانْتِقَالِ الْعَبْدِ عَنْ مِلْكِهِ قَبْلَ الْوُجُوبِ، وَلَا عَلَى الْعَاقِلَةِ لِمَا مَرَّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ حَفْرِ الذِّمِّيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ جَرَحَ عَبْدٌ رَجُلًا خَطَأً فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَذَلِكَ) مِنْهُ (اخْتِيَارٌ لِلْفِدَاءِ فَيَلْزَمُهُ إنْ مَاتَ بِهِ) أَيْ بِالْجِرَاحِ (الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِهَا) أَيْ الْجِرَاحَةِ (وَقِيمَتُهُ) أَيْ الْعَبْدِ (وَعَلَى الْعَتِيقِ بَاقِي الدِّيَةِ) إنْ كَانَ لَا عَلَى سَيِّدِهِ، وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ لِمَا مَرَّ. (وَإِنْ مَاتَ) جَرِيحٌ (بِجِرَاحَةٍ خَطَأً، وَقَدْ ارْتَدَّ جَارِحُهُ) بَعْدَ جُرْحِهِ (فَالْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجُرْحِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَالْبَاقِي) مِنْ الدِّيَةِ إنْ كَانَ (فِي مَالِهِ) فَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَالْبَاقِي فِي مَالِهِ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَعَلَيْهِمْ الدِّيَةُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ جُرِحَ، وَهُوَ مُرْتَدٌّ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ إذْ لَا عَاقِلَةَ لِلْمُرْتَدِّ. (وَإِنْ تَخَلَّلَتْ الرِّدَّةُ) مِنْ الْجَارِحِ (بَيْنَ إسْلَامِيُّهُ) ، وَقَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ (فَهَلْ عَلَى عَاقِلَتِهِ جَمِيعُ الدِّيَةِ) اعْتِبَارًا بِالطَّرَفَيْنِ (أَمْ) عَلَيْهِمْ (أَرْشُ الْجُرْحِ، وَالزَّائِدُ) عَلَيْهِ (فِي مَالِهِ) لِحُصُولِ بَعْضِ السِّرَايَةِ فِي حَالَةِ الرِّدَّةِ فَتَصِيرُ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلتَّحَمُّلِ (قَوْلَانِ) قَالَ الرَّبِيعُ: أَصَحُّهُمَا عِنْدِي الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ إنْ عَادَ قَرِيبًا، وَعَلَيْهِ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِ الْعَاقِلَةِ أَوْلِيَاءً لِلنِّكَاحِ مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ، وَعَلَى الثَّانِي جَرَى الْقُونَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (فَإِنْ فُقِدَتْ الْعَاقِلَةُ أَوْ أَعْسَرُوا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَفُوا بِوَاجِبِ الْحَوْلِ عَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ) عَنْ الْجَانِي الْمُسْلِمِ كَمَا يَرِثُهُ وَلِخَبَرِ «أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ» (لَا عَنْ ذِمِّيٍّ، وَمُرْتَدٍّ) كَمَا لَا يَرِثُهُمَا، وَإِنَّمَا يُوضَعُ فِيهِ مَا لَهُمَا فَيْءٌ (بَلْ) تَجِبُ الدِّيَةُ (فِي مَالِهِمَا مُؤَجَّلَةً فَإِنْ مَاتَا حَلَّتْ) كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَالْمُسْتَأْمَنُ فِي ذَلِكَ كَالذِّمِّيِّ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْعَاقِلَةِ) ، وَهِيَ خَمْسٌ التَّكْلِيفُ، وَعَدَمُ الْفَقْرِ وَالْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَاتِّفَاقُ الدِّينِ (فَلَا يَعْقِلُ صَبِيٌّ، وَمَعْتُوهٌ، وَفَقِيرٌ، وَإِنْ اعْتَمَلَ) أَيْ اكْتَسَبَ (وَرَقِيقٌ) ، وَمُبَعَّضٌ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَامْرَأَةٌ، وَخُنْثَى) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لِلنُّصْرَةِ وَلِعَدَمِ الْوِلَايَةِ؛ وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُ وَالْمُكَاتَبُ، وَإِنْ مَلَكَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمُوَاسَاةِ (فَلَوْ بَانَ) الْخُنْثَى (ذَكَرًا غَرِمَ حِصَّتَهُ) الَّتِي أَدَّاهَا غَيْرُهُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا فِي شَاهِدِ النِّكَاحِ وَوَلِيِّهِ وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ خِلَافَهُ قَالَ لِبِنَاءِ التَّحَمُّلِ عَلَى الْمُوَالَاةِ وَالْمُنَاصَرَةِ الظَّاهِرَةِ، وَقَدْ كَانَ هَذَا فِي سَتْرِ الثَّوْبِ كَالْأُنْثَى فَلَا نُصْرَةَ بِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَغْرِسُهَا لِلْمُسْتَحِقِّ لَا لِلْمُؤَدِّي، وَيَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى الْمُسْتَحِقِّ (، وَلَا) يَعْقِلُ (مُسْلِمٌ عَنْ ذِمِّيٍّ، وَ) لَا (عَكْسُهُ) لِمَا مَرَّ (، وَيَتَعَاقَلُ يَهُودِيٌّ وَنَصْرَانِيٌّ) أَيْ عَقَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا يَتَوَارَثَانِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ (وَ) يَتَعَاقَلُ (ذِمِّيٌّ، وَمُعَاهَدٌ بَقِيَ عَهْدُهُ مُدَّةَ الْأَجَلِ) وَاعْتَبَرَ الْأَصْلُ زِيَادَةَ مُدَّةِ الْعَهْدِ عَلَى الْأَجَلِ فَخَرَجَ بِهِ مَا إذَا نَقَصَتْ عَنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَمَا إذَا سَاوَتْهُ تَقْدِيمًا لِلْمَانِعِ عَلَى الْمُقْتَضِي، وَيَكْفِي فِي تَحَمُّلِ كُلِّ حَوْلٍ عَلَى انْفِرَادِهِ زِيَادَةُ مُدَّةِ الْعَهْدِ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ تَحَمُّلِ الذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ مَحَلُّهُ إذَا كَانُوا فِي دَارِنَا؛ لِأَنَّهُمْ تَحْتَ حُكْمِنَا (لَا حَرْبِيٍّ) فَلَا يَعْقِلُ عَنْ ذِمِّيٍّ، وَلَا مُعَاهَدٍ، وَلَا يَعْقِلَانِ عَنْهُ، وَإِنْ اتَّفَقَتْ مِلَّتُهُمَا لِانْقِطَاعِ الْمُنَاصَرَةِ بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ الدَّارِ (وَإِذَا فُقِدَ بَيْتُ الْمَالِ) بِأَنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ الْكُلِّ أَوْ الْبَاقِي مِنْهُ (فَعَلَى الْجَانِي) الضَّمَانُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَعَلَى الثَّانِي جَرَى الْقُونَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْسَرُوا) أَوْ عُدِمَتْ أَهْلِيَّةُ تَحَمُّلِهِمْ لِفَقْرٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ: عَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ) تَصْدِيقُ الْإِمَامِ كَتَصْدِيقِ الْعَاقِلَةِ حَتَّى يَجِبَ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ كَذَّبَهُ وَجَبَ فِي مَالِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَأْمَنُ) أَيْ وَالْمُعَاهَدُ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْعَاقِلَةِ] (قَوْلُهُ: وَمُبَعَّضٌ) كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ، قَالَ لِبِنَاءِ التَّحَمُّلِ عَلَى الْمُوَالَاةِ إلَخْ فِيمَا عُلِّلَ أَنَّهُ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يُقَيِّدُوا الْمُنَاصَرَةَ بِالظُّهُورِ، وَالْمُنَاصَرَةُ قَدْ تَكُونُ بِالْقَوْلِ وَالرَّأْيِ كَمَا فِي الْهَرَمِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِهِ وَالْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ طُولَ عُمُرِهِ. ش قَوْلُهُ: وَيَتَعَاقَدُ ذِمِّيٌّ، وَمُعَاهَدٌ أَيْ، وَمُسْتَأْمَنٌ قَوْلُهُ: بَقِيَ عَهْدُهُ مُدَّةَ الْأَجَلِ بِأَنْ زَادَ أَيْ الْعَهْدُ عَلَى مُدَّتِهِ قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الْمُنَاصَرَةِ بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ الدَّارِ؛ وَلِأَنَّ التَّغْرِيمَ تَضْمِينٌ، وَالْحَرْبِيُّ لَا يَضْمَنُ مَا يُتْلِفُهُ فَلَأَنْ لَا يَضْمَنَ مَا يُتْلِفُهُ قَرِيبُهُ أَوْلَى قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ: بِأَنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ الْكُلِّ أَوْ الْبَاقِي مِنْهُ أَيْ، وَلَوْ بِالْمَنْعِ مِنْهُ ظُلْمًا أَوْ كَانَ ثَمَّ مَصْرِفٌ أَهَمُّ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ مَنَعَ صَاحِبُ الشَّوْكَةِ دَفْعَ الْعَقْلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْجَانِي شَيْءٌ كَمَا لَوْ امْتَنَعَتْ الْعَاقِلَةُ مِنْ دَفْعِ الْعَقْلِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا مِنْ الْجَانِي، قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ: فِي شَرْحِهِ، وَهَاتَانِ فَائِدَتَانِ لَا تَسَعُ الْغَفْلَةُ عَنْ ذِكْرِهِمَا لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِمَا ذَكَرَهُ الْقُونَوِيُّ فِي شَرْحِهِ مِنْ أَنَّ الْعَاقِلَةَ إذَا مُنِعَتْ أَخَذَتْ الدِّيَةَ مِنْ الْجَانِي، قَالَ وَهَذَا خَطَأٌ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ تُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي وَيُنَزَّلُ مَنْعَ الظُّلْمَةِ مَنْزِلَةَ الْفَقْدِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ حَيْلُولَةَ الظُّلْمَةِ دُونَ أَمْوَالِهِ كَفَقْدِهِ، وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، وَكَذَا يَنْبَغِي لَوْ لَمْ يَحُولُوا دُونَهَا، وَلَكِنْ ثَمَّ مَصْرِفٌ أَهَمُّ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 لِأَنَّ الْوُجُوبَ يُلَاقِيهِ ابْتِدَاءً كَمَا فِي سَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ فَإِنْ كَانَ تَعَذَّرَ ذَلِكَ لِعَدَمِ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ أُخِذَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ قَبْلَ الْجَانِي عَلَى مَا مَرَّ (لَا) عَلَى (فَرْعِهِ، وَأَصْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْإِيجَابِ بِخِلَافِهِمَا. (فَصْلٌ: قِسْطُ الْغَنِيِّ كُلَّ سَنَةٍ، وَهُوَ مَنْ يَمْلِكُ عِشْرِينَ دِينَارًا) أَوْ قَدْرَهَا اعْتِبَارًا بِالزَّكَاةِ (نِصْفُ دِينَارٍ أَوْ قَدْرُهُ دَرَاهِمَ) ، وَهُوَ سِتَّةٌ مِنْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَوَّلُ دَرَجَةِ الْمُوَاسَاةِ فِي زَكَاةِ النَّقْدِ (وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ مَلَكَ دُونَهَا) أَيْ دُونَ الْعِشْرِينَ (وَفَوْقَ الرُّبْعِ) أَيْ رُبْعِ الدِّينَارِ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا شُرِطَ هَذَا (لِئَلَّا يَبْقَى فَقِيرًا) ، وَقَدْ يُقَالُ يُقَاسُ بِهِ الْغَنِيُّ لِئَلَّا يَبْقَى مُتَوَسِّطًا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُتَوَسِّطَ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ، وَشَرْطُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَا يَمْلِكَانِهِ (فَاضِلًا عَمَّا يَبْقَى) لَهُمَا (فِي الْكَفَّارَةِ) مِنْ مَسْكَنٍ وَثِيَابٍ وَسَائِرِ مَا لَا يُكَلَّفُ بَيْعَهُ فِيهَا (، وَقِسْطُهُ) أَيْ الْمُتَوَسِّطُ (رُبْعُ دِينَارٍ) أَوْ قَدْرُهُ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ تَافِهٌ بِدَلِيلِ عَدَمِ الْقَطْعِ بِهِ فِي السَّرِقَةِ، وَإِلْحَاقُهُ بِالْغَنِيِّ أَوْ بِالْفَقِيرِ إفْرَاطٌ أَوْ تَفْرِيطٌ وَضَبْطُ الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ بِمَا ذُكِرَ قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَضَبَطَهُ الْبَغَوِيّ تَبَعًا لِلْقَاضِي بِالْعُرْفِ، وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (فَلَوْ كَثُرُوا) أَيْ الْعَاقِلَةُ أَوْ قَلَّ الْوَاجِبُ (نَقَصَ) الْقِسْطُ فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصِ أَحَدٍ مِنْهُمْ لِشُمُولِ جِهَةِ التَّحَمُّلِ لَهُمْ (وَلَا عَكْسَ) أَيْ لَوْ قَلُّوا، وَكَثُرَ الْوَاجِبُ لَمْ يَزِدْ الْقِسْطُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ: الْوَاجِبُ النَّقْدُ فَيَجْمَعُ الْعَاقِلُ الْمَالَ) الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ نِصْفٍ أَوْ رُبْعٍ (بَعْدَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ، وَيَشْتَرِي) بِهِ (الْإِبِلَ) ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ لَا النَّقْدُ بِعَيْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْوَاجِبُ النَّقْدُ تَسَمُّحٌ (فَإِنْ فُقِدَتْ ثُمَّ وُجِدَتْ قَبْلَ الْأَدَاءِ) لِلْمَالِ (تَعَيَّنَتْ) كَوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ صَلَاتِهِ بِالتَّيَمُّمِ (وَإِلَّا) يَعْنِي، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَلَا عِنْدَهُ (فَالْقِيمَةُ) أَيْ فَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا بِنَقْدِ الْبَلَدِ، وَإِنْ وُجِدَتْ بَعْدَهُ لَمْ يُؤَثِّرْ فَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ وَالْإِبِلُ بِالْبَلَدِ قُوِّمَتْ يَوْمَئِذٍ وَأُخِذَتْ قِيمَتُهَا، وَلَا يُعْتَبَرُ بَعْضُ النُّجُومِ بِبَعْضٍ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَيُعْتَبَرُ الْغِنَى وَالتَّوَسُّطُ آخِرَ الْحَوْلِ) ؛ لِأَنَّهُ، وَقْتُ الْأَدَاءِ فَلَا يُؤَثِّرُ الْغِنَى وَضِدُّهُ قَبْلَهُ، وَلَا بَعْدَهُ كَالزَّكَاةِ فَلَوْ أَيْسَرَ آخِرَهُ، وَلَمْ يُؤَدِّ ثُمَّ أَعْسَرَ ثَبَتَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ افْتَقَرَ آخِرَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمُوَاسَاةِ بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالْأُجْرَةِ لِسُكْنَى دَارِ الْإِسْلَامِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ ادَّعَى الْفَقْرَ بَعْدَ الْغِنَى حَلَفَ، وَلَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَحَمَّلُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِغِنَاهُ (وَأَمَّا الْكَمَالُ) بِالتَّكْلِيفِ وَالْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ (فَمِنْ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ مِنْ (الْفِعْلِ إلَى الزُّهُوقِ) بَلْ إلَى مُضِيِّ الْأَجَلِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ كَافِرًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، وَكَمَّلَ فِي آخِرِهِ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ حِصَّةُ تِلْكَ السَّنَةِ، وَمَا بَعْدَهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلنُّصْرَةِ بِالْبَدَنِ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يُكَلَّفُونَ النُّصْرَةَ بِالْمَالِ فِي الِانْتِهَاءِ، وَالْمُعْسِرُ كَامِلٌ أَهْلٌ لِلنُّصْرَةِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْمَالُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ فَيُعْتَبَرُ وَقْتُهُ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ الضَّرْبِ) عَلَى الْعَاقِلَةِ (لَوْ فُقِدَ بَيْتُ الْمَالِ لَزِمَتْ) الدِّيَةُ (الْجَانِيَ لَا أَصْلَهُ، وَفَرْعَهُ) هَذَا مُكَرَّرٌ وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ هُنَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ (وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ) كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ (وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ) بِالتَّحَمُّلِ (بِحَلِفٍ) مِنْ الْمُدَّعِي (بَعْدَ نُكُولِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ (وَلَا) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْجِنَايَةِ (عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) ، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالتَّحَمُّلِ بِمَا ذُكِرَ (، وَعَلَى الْعَاقِلَةِ يَمِينٌ) نَفْيُ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ فَإِذَا حَلَفُوا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْمُقِرِّ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى التَّعْطِيلِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ التَّحَمُّلُ. (وَتَلْزَمُهُ) أَيْ الدِّيَةُ الْجَانِيَ (مُؤَجَّلَةً) كَالْعَاقِلَةِ (فَلَوْ مَاتَ غَنِيًّا حَلَّتْ) عَلَيْهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِلَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِمْ سَبِيلُهُ الْمُوَاسَاةُ، وَعَلَى الْجَانِي سَبِيلُهُ صِيَانَةُ الْحَقِّ عَنْ الضَّيَاعِ فَلَا يَسْقُطُ (أَوْ) مَاتَ (مُعْسِرًا سَقَطَتْ) عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا مُعْسِرًا (وَلَوْ غَرِمَ وَاعْتَرَفُوا) بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقَتْلِ (لَمْ يَسْتَرِدَّ) مَا غَرِمَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ يُلَاقِيهِ ابْتِدَاءً (بَلْ يَرْجِعُ) بِهِ (عَلَيْهِمْ) . (فَصْلٌ: تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْأُرُوشَ وَالْغُرَّةَ وَالْحُكُومَاتِ، وَكَذَا قِيمَةُ الْعَبْدِ) كَالدِّيَةِ وَأَلْحَقَ بَدَلَ الْعَبْدِ بِبَدَلِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ قِسْطُ الْغَنِيِّ مِنْ الدِّيَة فِي تَحْمَلْ الْعَاقِلَة لَهَا] قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا دُونَهُ تَافِهٌ) ؛ وَلِأَنَّ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِ نِصْفُ نَفَقَةِ الْمُوسِرِ (قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ) وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَالَ الْعِمْرَانِيُّ فِي مَسَائِلِهِ الْمَنْثُورَةِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْغَنِيُّ الَّذِي يَحْمِلُ الْعَقْلَ هُوَ مَنْ يَمْلِكُ مِنْ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ عَلَى الدَّوَامِ وَالْفَقِيرُ هُوَ مَنْ لَا يَمْلِكُ مِنْ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ عَلَى الدَّوَامِ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْبَيَانِ مِنْ غَيْرِ عَزْوِهِ إلَيْهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَوْلُهُ وَالْفَقِيرُ إلَى آخِرِهِ مُشْكِلٌ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْمُتَوَسِّطَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي النَّقْلِ خَلَلٌ، وَمَا ذَكَرَهُ الْعِمْرَانِيُّ اسْتَنْبَطَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ فَقَالَ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْفَقِيرِ هُنَا مَنْ لَا يَمْلِكُ كِفَايَتَهُ عَلَى الدَّوَامِ. اهـ. وَاسْتِنْبَاطُ ابْنِ الرِّفْعَةِ يُبْعِدُ قَوْلَ الْأَذْرَعِيِّ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْمُتَوَسِّطُ فس (قَوْلُهُ: لِشُمُولِ جِهَةِ التَّحَمُّلِ لَهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ بِالتَّعْصِيبِ فَقُسِّمَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ بَيْنَ الْجَمِيعِ الْمُسْتَوِينَ فِي الدَّرَجَةِ وَالتَّعْصِيبِ كَالْمِيرَاثِ [فَرْعٌ لَمْ تُوجَدْ الْإِبِلُ الْوَاجِبَةُ فِي الدِّيَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَلَا عِنْدَهُ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ الْوَاجِبُ) أَيْ أَخْذُهُ مِنْ الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ: وَيَشْتَرِي بِهِ الْإِبِلَ) ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ قَدْ ذَكَرُوا فِي أَوَائِلِ الدِّيَاتِ أَنَّ إبِلَ الْعَاقِلَةِ إذَا اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا وَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ مِنْ نَوْعِ إبِلِهِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُ إبِلِ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ يُؤْخَذُ مِنْ أَغْلِبْهَا أَوْ مِنْ الْجَمِيعِ بِالْقِسْطِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ غَيْرَ مَا فِي يَدِهِ أُجْبِرَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى قَبُولِهِ إنْ كَانَ مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ أَوْ الْقَبِيلَةِ (قَوْلُهُ: كَالزَّكَاةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ مُوَاسَاةً فَأَشْبَهَ الزَّكَاةَ [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّة الضَّرْب عَلَى الْعَاقِلَةِ] (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَلَفُوا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْمُقِرِّ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا اعْتِرَافًا» . اهـ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ، وَلَا عَبْدًا أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ عَنْ عَبْدٍ (قَوْلُهُ: كَالدِّيَةِ) ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَحْمِلُ الْجَانِي الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ آدَمِيٍّ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْقِصَاصُ وَالْكَفَّارَةُ (فَإِنْ اخْتَلَفُوا) أَيْ الْعَاقِلَةُ وَالسَّيِّدُ (فِي) قَدْرِ (قِيمَةُ الْعَبْدِ صُدِّقَتْ الْعَاقِلَةُ بِيَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّهَا الْغَارِمَةُ (وَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ) قَدْرَ (دِيَتَيْنِ أُخِذَتْ فِي سِتِّ سِنِينَ) فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ نَظَرًا إلَى الْقَدْرِ. (وَ) تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ (بَعْضَ جِنَايَةِ الْمُبَعَّضِ) أَيْ تَحْمِلُ مِنْ دِيَةِ قَتِيلِهِ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ (وَ) تَحْمِلُ (طَرَفَهُ) أَيْ طَرَفَ الْمُبَعَّضِ أَيْ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ طَرَفُ الْعَبْدِ (وَيُوَزَّعُ كُلُّ الْوَاجِبِ، وَلَوْ نِصْفَ دِينَارٍ) عَلَى الْعَاقِلَةِ هَذَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فَلَوْ كَثُرَ، وَأَنْقَصَ (، وَلَا تَحْمِلُ) الْعَاقِلَةُ (عَمْدَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ كَغَيْرِهِمَا (وَأَمَّا الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا (فَهَدَرٌ) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ. [فَصْلٌ تُؤَجَّلُ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَبَيْتِ الْمَالِ وَالْجَانِي] (فَصْلٌ: تُؤَجَّلُ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ) عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَبَيْتِ الْمَالِ وَالْجَانِي؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى غَيْرِ الْجَانِي مُوَاسَاةً كَالزَّكَاةِ وَأُلْحِقَ بِهِ الْجَانِي (ثَلَاثَ سِنِينَ) كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَعَزَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ إلَى قَضَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (، وَمَا نَقَصَ) عَنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ (كَدِيَةِ الْمَرْأَةِ) وَالذِّمِّيِّ (أَوْ زَادَ) عَلَيْهَا (كَأَرْشِ الْأَطْرَافِ) كَأَنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ (فَفِي كُلِّ سَنَةٍ) يَجِبُ (قَدْرُ ثُلُثِ) الدِّيَةِ (الْكَامِلَةِ) تَوْزِيعًا لَهَا عَلَى السِّنِينَ الثَّلَاثِ، وَعَبَّرَ بِقَدْرٍ لِيُفِيدَ أَنَّ النَّظَرَ فِي الْأَجَلِ إلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ لَا إلَى بَدَلِ النَّفْسِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَيْضًا، وَلَا نَقْصَ عَنْ السَّنَةِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ الْفَوَائِدَ كَالزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ تَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ فَاعْتُبِرَ مُضِيُّهَا لِيَجْتَمِعَ عِنْدَهُمْ مَا يَتَوَقَّعُونَهُ فَيُوَاسُونَ عَنْ تَمَكُّنٍ. (فَإِنْ زَادَ) الْوَاجِبُ عَلَى قَدْرِ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ (شَيْئًا) ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثُلُثَيْهَا (أُجِّلَ) لِلزَّائِدِ (سَنَةً) ثَانِيَةً، وَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ ثُلُثَيْهَا شَيْئًا، وَلَمْ يُجَاوِزْ الدِّيَةَ أُجِّلَ لِلزَّائِدِ سَنَةً ثَالِثَةً، وَهَكَذَا. (وَلَوْ قَتَلَ) وَاحِدٌ (جَمَاعَةً فَثُلُثٌ) مِنْ كُلِّ دِيَةٍ (قِسْطُ كُلِّ سَنَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مُخْتَلِفٌ، وَمُسْتَحِقُّوهُ مُخْتَلِفُونَ فَلَا يُؤَخَّرُ حَقُّ بَعْضِهِمْ بِاسْتِحْقَاقِ غَيْرِهِ (أَوْ قَتَلَهُ جَمَاعَةٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمْ (كُلَّ سَنَةٍ ثُلُثُ مَا يَخُصُّهُمْ) كَجَمِيعِ الدِّيَةِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ (وَمَنْ مَاتَ) مِنْ الْعَاقِلَةِ (بَعْدَ الْحَوْلِ لَا قَبْلَهُ لَزِمَ) وَاجِبُهُ (تَرِكَتَهُ) بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ كَالزَّكَاةِ. [فَصْلٌ لَا يُخَصُّ الْحَاضِرُ مِنْ الْعَاقِلَةِ فِي بَلَدِ الْجِنَايَةِ بِالْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ بَلْ وَمِنْ الْغَائِبِ] (فَصْلٌ: لَا يُخَصُّ الْحَاضِرُ) مِنْ الْعَاقِلَةِ فِي بَلَدِ الْجِنَايَةِ بِالْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ (بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ) أَيْضًا، وَلَا يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ (كَالدَّيْنِ) وَالتَّنْظِيرُ بِالدَّيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ مَالِهِ (كَتَبَ الْقَاضِي) أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْجِنَايَةِ بَعْدَ حُكْمِهِ عَلَيْهِمْ بِالْوَاجِبِ (لِلْقَاضِي) أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْعَاقِلَةِ (بِمَا وَجَبَ) بِالْجِنَايَةِ لِيَأْخُذَهُ مِنْهُ (أَوْ) كَتَبَ إلَيْهِ (بِحُكْمِ الْقَتْلِ) أَيْ بِحُكْمِهِ بِهِ (لِيُوجِبَ) أَيْ لِيَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالْوَاجِبِ، وَيَأْخُذَهُ مِنْهُ. [فَصْلٌ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ فِي وَاجِبِ النَّفْسِ فِي تَأْجِيلِ الدِّيَةِ] (فَصْلٌ: ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ) فِي وَاجِبِ النَّفْسِ (مِنْ) وَقْتِ (الزُّهُوقِ) لَهَا بِمُزْهِقٍ أَوْ بِسِرَايَةِ جُرْحٍ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يَحِلُّ بِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَكَانَ ابْتِدَاءُ أَجَلِهِ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ (وَفِي) وَاجِبِ (الْجُرُوحِ) الْمُنْدَمِلَةِ (مِنْ) وَقْتِ (الْجِنَايَةِ) ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ تَعَلَّقَ بِهَا (وَيُطَالَبُ) بِالْوَاجِبِ (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) لَهَا، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا فِي الضَّرْبِ انْدِمَالَهَا، وَإِنْ لَمْ يُطَالَبْ قَبْلَهُ بِالْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ التَّوَقُّفَ فِي الْمُطَالَبَةِ لِتَبَيُّنِ مُنْتَهَى الْجِرَاحَةِ وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ لَيْسَ وَقْتَ طَلَبٍ فَلَا يُقَاسُ ضَرْبُ الْمُدَّةِ بِالْمُطَالَبَةِ فَلَوْ مَضَتْ سَنَةٌ، وَلَمْ تَنْدَمِلْ لَمْ يُطَالَبْ بِوَاجِبِهَا. (وَ) ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ (فِيمَا سَرَتْ إلَيْهِ) الْجُرُوحُ مِنْ عُضْوٍ إلَى آخَرَ (مِنْ) وَقْتِ (السِّرَايَةِ) لَهَا فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعَهُ ثُمَّ سَرَى إلَى كَفِّهِ مَثَلًا فَابْتِدَاءُ مُدَّةِ وَاجِبِ الْأُصْبُعِ مِنْ الْقَطْعِ كَمَا لَوْ لَمْ يَسْرِ وَوَاجِبُ الْكَفِّ مِنْ سُقُوطِهَا، وَقِيلَ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْوَاجِبَيْنِ مِنْ سُقُوطِ الْكَفِّ، وَقِيلَ مِنْ الِانْدِمَالِ، وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ. (الطَّرَفُ الرَّابِعُ: جِنَايَةُ الرَّقِيقِ، وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ) أَيْ وَاجِبُهَا   [حاشية الرملي الكبير] الْعَمْدِ تَحَمَّلَتْ الْعَاقِلَةُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ فِي غَيْرِهِ [فَصْلٌ تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْأُرُوشَ وَالْغُرَّةَ وَالْحُكُومَاتِ] (قَوْله صُدِّقَتْ الْعَاقِلَةُ بِيَمِينِهَا) فَلَوْ صَدَّقَهُ الْجَانِي فَالزِّيَادَةُ عَلَى مَا اعْتَرَفُوا بِهِ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَ سِنِينَ) ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ فَتَكَرَّرَتْ بِتَكَرُّرِهِ كَالزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) أَيْ وَابْنِ عَبَّاسٍ بِغَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إجْمَاعًا، وَلَا يَقُولُونَ ذَلِكَ إلَّا تَوْقِيفًا فَإِنْ قِيلَ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا نَعْلَمُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ أَصْلًا مِنْ كِتَابٍ، وَلَا سُنَّةٍ فَجَوَابُهُ أَنَّ مَنْ عَرَفَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ لَا يُرَدُّ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَعْلَمُ الْقَوْمِ بِالْأَخْبَارِ وَالتَّوَارِيخِ (قَوْلُهُ: وَالذِّمِّيُّ) أَيْ وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ (قَوْلُهُ: وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ) ، وَإِلَى تَرْجِيحِهِ مَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ [الطَّرَفُ الرَّابِعُ جِنَايَةُ الرَّقِيقِ] (قَوْلُهُ: الطَّرَفُ الرَّابِعُ جِنَايَةُ الرَّقِيقِ) أَيْ عَلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ كَأَنْ يَسْتَحِقَّ الْأَرْشَ غَيْرُ سَيِّدِهِ فَإِنْ كَانَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ مَرَّ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ سُئِلْت عَنْ مُبَعَّضٍ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ قَطَعَ يَدَ نَفْسِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ، وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ أَمْ لَا، وَمَنْ ذَكَرَهَا؟ . فَأَجَبْت بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ أَنَّ يَدَ الْمُبَعَّضِ مَضْمُونَةٌ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَهُوَ مَا يُقَابِلُ الْحُرِّيَّةَ وَرُبْعُ الْقِيمَةُ، وَهُوَ مَا يُقَابِلُ الرِّقَّ فَإِذَا كَانَ هُوَ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ فَقَدْ سَقَطَ رُبْعُ الدِّيَةِ الْمُقَابِلُ لِلْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ، وَأَمَّا رُبْعُ الْقِيمَةِ الْمُقَابِلُ لِلرِّقِّ فَكَأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ حُرٌّ، وَعَبْدُ السَّيِّدِ فَسَقَطَ مَا يُقَابِلُ فِعْلَ عَبْدِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ شَيْءٌ وَبَقِيَ مَا يُقَابِلُ فِعْلَ الْحُرِّ، وَهُوَ ثَمَنُ الْقِيمَةِ، وَهُوَ وَاجِبٌ لِلسَّيِّدِ عَلَى هَذَا الْمُبَعَّضِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ تَحَصَّلَ بِمُهَايَأَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَخَذَ السَّيِّدُ مِنْهُ مَالَهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا شَيْءَ مَعَهُ بَقِيَ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْمَيْسَرَةِ قُلْته تَفَقُّهًا، وَلَمْ أُرَاجِعْ الْأُمَّهَاتِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ) حَكَى الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 الْمَالِيُّ، وَلَوْ بَعْدَ الْعَفْوِ مُتَعَلِّقٌ (بِرَقَبَتِهِ) إذْ لَا يُمْكِنُ إلْزَامُهُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِهِ مَعَ بَرَاءَتِهِ، وَلَا أَنْ يُقَالَ فِي ذِمَّتِهِ إلَى عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيتٌ لِلضَّمَانِ أَوْ تَأْخِيرٌ إلَى مَجْهُولٍ، وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مُعَامَلَةِ غَيْرِهِ لَهُ لِرِضَاهُ بِذِمَّتِهِ فَالتَّعَلُّقُ بِرَقَبَتِهِ طَرِيقٌ وَسَطٌ فِي رِعَايَةِ الْجَانِبَيْنِ فَإِنْ حَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ عَنْ بَعْضِ الْوَاجِبِ انْفَكَّ مِنْهُ بِقِسْطِهِ كَمَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ فِي دَوْرِيَّاتِ الْوَصَايَا، وَيُخَالِفُ مَا ذُكِرَ هُنَا الْوَاجِبَ بِجِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ مُضَافَةٌ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِاخْتِيَارِهِ، وَلِذَلِكَ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ إذَا أَوْجَبَتْهُ الْجِنَايَةُ بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ (لَا مَعَ ذِمَّتِهِ) . وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ بِالْجِنَايَةِ، وَإِلَّا لَمَا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ كَدُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ حَتَّى لَوْ بَقِيَ شَيْءٌ لَا يَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ نَعَمْ إنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِالْجِنَايَةِ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ سَيِّدُهُ تَعَلَّقَ وَاجِبُهَا بِذِمَّتِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ جِنَايَةَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْآمِرِ وَالْمُبَعَّضِ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ وَاجِبِ جِنَايَتِهِ بِنِسْبَةِ حُرِّيَّتِهِ، وَمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ بَاقِي وَاجِبِ الْجِنَايَةِ فَيَفْدِيهِ السَّيِّدُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ حِصَّتَيْ وَاجِبِهَا وَالْقِيمَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (، وَلَا يُبَاعُ) فِي وَاجِبِ الْجِنَايَةِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَا يُبَاعُ (مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ) الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ (إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (أَوْ ضَرُورَةٍ) كَأَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ (وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ، وَقِيمَةُ يَوْمِ الْجِنَايَةِ) ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ الْقِيمَةَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ تَسْلِيمِ الرَّقَبَةِ، وَهِيَ بَدَلُهَا أَوْ الْأَرْشُ فَهُوَ الْوَاجِبُ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ يَوْمَ الْجِنَايَةِ كَمَا حَكَى عَنْ النَّصِّ لِتَوَجُّهِ طَلَبِ الْفِدَاءِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّهُ يَوْمُ تَعَلُّقِهَا وَاعْتَبَرَ الْقَفَّالُ يَوْمَ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ قَبْلَهُ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ، وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى مَا لَوْ مَنَعَ بَيْعَهُ حَالَ الْجِنَايَةِ ثُمَّ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ هُوَ الْأَوْجَهُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ مُتَّجَهٌ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي إرْشَادِهِ وَشَرْحِهِ أَيْضًا. (وَإِنْ جَنَى) الْعَبْدُ ثَانِيًا (قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْفِدَاءِ تَعَلَّقَ بِهِ الْأَرْشُ فَيَفْدِيهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُمَا أَوْ الْقِيمَةِ) ، وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ وَوَزَّعَ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا فَإِنْ جَنَى ثَانِيًا بَعْدَ الْفِدَاءِ، وَقَبْلَ الْبَيْعِ سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ أَوْ فَدَاهُ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَيْرُ هَذِهِ الْجِنَايَةِ (وَكَذَا إنْ قَتَلَهُ) سَيِّدُهُ (أَوْ أَعْتَقَهُ) وَنَفَّذْنَا عِتْقَهُ (بَعْدَ جِنَايَاتٍ فَدَاهُ) لِمَنْعِهِ مِنْ بَيْعِهِ (بِالْأَقَلِّ) مِنْ الْأَرْشِ وَالْقِيمَةِ (وَإِنْ مَاتَ) الْجَانِي (أَوْ هَرَبَ فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ إلَّا إنْ كَانَ) قَدْ (مَنَعَ مِنْهُ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْفِدَاءِ فَيَفْدِيهِ أَوْ يُحْضِرُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ) ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ فَيَفْدِيهِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَيْسَ الْوَطْءُ) لِأَمَتِهِ الْجَانِيَةِ (اخْتِيَارًا لَهُ) أَيْ لِلْفِدَاءِ إذْ لَا دَلَالَةَ عَلَى الِالْتِزَامِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ الْتَزَمَ لَمْ يَلْزَمْهُ بِخِلَافِهِ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ ثَمَّ يَثْبُتُ بِفِعْلِ مَنْ هُوَ لَهُ فَجَازَ أَنْ يَسْقُطَ بِفِعْلِهِ، وَهُنَا ثَبَتَ بِالشَّرْعِ فَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ (فَإِنْ قُتِلَ الْجَانِي خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (تَعَلَّقَتْ جِنَايَتُهُ بِقِيمَتِهِ) ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ فَإِذَا أُخِذَتْ سَلَّمَهَا السَّيِّدُ أَوْ بَدَلَهَا مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ (أَوْ عَمْدًا، وَاقْتَصَّ السَّيِّدُ) هُوَ جَائِزٌ لَهُ (لَزِمَهُ الْفِدَاءُ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. (فَصْلٌ: يَفْدِي السَّيِّدُ) وُجُوبًا (أُمَّ الْوَلَدِ) ، وَإِنْ مَاتَتْ عَقِبَ الْجِنَايَةِ لِمَنْعِهِ بَيْعَهَا بِالْإِيلَادِ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا بِخِلَافِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ فِي دَوْرِيَّاتِ الْوَصَايَا) بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الرَّاهِنَ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا مَعَ ذِمَّتِهِ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِأَنَّهُ جَنَى عَلَى عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ جِنَايَةً خَطَأً، وَقَالَ الْعَبْدُ قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَبْدَ بَعْدَ الْعِتْقِ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ سَيِّدُهُ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَقَدْ اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ التَّعَلُّقُ بِالرَّقَبَةِ، وَالتَّعَلُّقُ بِالذِّمَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ لَكِنْ لَمْ يَتَّحِدْ مَحَلُّ التَّعَلُّقِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْآمِرِ) فَيَفْدِيهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ (قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ بِالْأَقَلِّ إلَخْ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَسَائِلَ إحْدَاهَا مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ، وَأَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِذَلِكَ، قَالَ فَلَا يَفْدِيهِ بِالْأَقَلِّ بَلْ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ الثَّانِيَةُ إذَا اطَّلَعَ السَّيِّدُ عَلَى اللُّقَطَةِ فِي يَدِ الْعَبْدِ، وَأَقَرَّهَا، وَفَرَّعْنَا عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ فَتَلِفَتْ عِنْدَهُ أَوْ أَتْلَفَهَا تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَبِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُقِرَّهَا عِنْدَهُ، وَلَكِنَّهُ أَهْمَلَهُ، وَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَلِفَتْ أَوْ أَتْلَفَهَا عَلَى الْأَصَحِّ الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ مَنْقُولُ الرَّبِيعِ (قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ يَوْمِ الْجِنَايَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَنَى ثَانِيًا قَبْلَ الْبَيْعِ إلَخْ) مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ بَيْعِهِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ لَزِمَهُ لِكُلِّ جِنَايَةٍ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِهَا وَالْقِيمَةُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَكَرَّرَ مَنْعُ الْبَيْعِ مَعَ الْجِنَايَةِ، وَلَمْ يَخْتَرْ الْفِدَاءَ لَا يَلْزَمُهُ فِدَاءُ كُلِّ جِنَايَةٍ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ ش، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي إلَّا إنْ كَانَ مُنِعَ مِنْهُ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْفِدَاءِ (قَوْلُهُ: وَنَفَّذْنَا عِتْقَهُ) بِأَنْ كَانَ مُوسِرًا أَوْ بَاعَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ فِدَاءَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْفِدَاءِ أَوْ تَأَخَّرَ لِفَلَسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ صَبْرِهِ عَلَى الْحَبْسِ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَبِيعَ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ) شَمِلَ مَا لَوْ عَلِمَ السَّيِّدُ مَوْضِعَهُ، وَقَدَرَ عَلَى إحْضَارِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيَفْدِيهِ) أَيْ لِكُلِّ جِنَايَةٍ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِهَا، وَقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ فَإِنْ نَقَصَتْ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ الرُّجُوعِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى تَسْلِيمِ الْعَبْدِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ بِاخْتِيَارِهِ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ، قَالَ أَنَا أُسَلِّمُهُ، وَأَغْرَمُ النَّقْصَ قُبِلَ، وَلَوْ كَانَ يَتَأَخَّرُ بَيْعُهُ تَأَخُّرًا يَضُرُّ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَأَنْ أَبَقَ أَوْ هَرَبَ وَلِلسَّيِّدِ أَمْوَالٌ غَيْرُهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَطْعًا لِلضَّرَرِ الْحَاصِلِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالتَّأْخِيرِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحَلُّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْفِدَاءُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ) ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يُنْظَرَ فِي وُجُوبِ الْفِدَاءِ عَلَيْهِ إلَى أَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَوْ الْقَوَدُ عَيْنًا أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ عَلَى الثَّانِي وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْفِدَاءُ أَيْ إنْ كَانَ قَدْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ أَوْ مُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ أَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ. [فَصْلٌ يَفْدِي السَّيِّدُ وُجُوبًا أُمَّ الْوَلَدِ] (قَوْلُهُ: يَفْدِي السَّيِّدُ أُمَّ الْوَلَدِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 مَوْتِ الْعَبْدِ لِتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِرَقَبَتِهِ فَإِذَا مَاتَ بِلَا تَقْصِيرٍ فَلَا أَرْشَ، وَلَا فِدَاءَ (بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ وَ) مِنْ (قِيمَتِهَا يَوْمَ جِنَايَتِهَا) لَا يَوْمَ إحْبَالِهَا اعْتِبَارًا بِوَقْتِ لُزُومِ فِدَائِهَا وَوَقْتِ الْحَاجَةِ إلَى بَيْعِهَا الْمَمْنُوعِ بِالْإِحْبَالِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الْأَمَةَ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا سَيِّدُهَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ هُنَا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْإِحْبَالِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ بَيْعَهَا حَالَ الْجِنَايَةِ فَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا حِينَئِذٍ، وَكَالْمُسْتَوْلَدَةِ الْمَوْقُوفُ لِمَنْعِ الْوَاقِفِ بَيْعَهُ بِوَقْفِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْذُورَ عِتْقُهُ كَذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتُوا هُنَا عَنْ التَّعَلُّقِ بِذِمَّتِهَا، وَيُشْبِهُ الْقَطْعَ بِهِ لِتَعَذُّرِ التَّعَلُّقِ بِرَقَبَتِهَا قُلْت إنَّمَا يُشْبِهُ الْقَطْعَ بِالتَّعَلُّقِ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ بَيْعَهَا (فَإِذَا تَكَرَّرَتْ جِنَايَتُهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا فِدَاءٌ وَاحِدٌ) ، وَإِنْ فَدَى الْأُولَى قَبْلَ جِنَايَاتِهَا الْآخَرُ؛ لِأَنَّ إحْبَالَهُ إتْلَافٌ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا لَوْ جَنَى عَبْدُهُ جِنَايَاتٍ ثُمَّ قَتَلَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ (فَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْأَرْشُ) الْحَاصِلُ بِجِنَايَاتِهَا (الْقِيمَةَ شَارَكَ كُلُّ ذِي جِنَايَةٍ تَحْدُثُ مِنْهَا مَنْ) جَنَتْ عَلَيْهِ (قَبْلَهُ فِيهَا) أَيْ شَارَكَهُ فِي قِيمَتِهَا. فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَجَنَتْ جِنَايَتَيْنِ، وَأَرْشُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَبَضَ الْأَلْفَ اسْتَرَدَّ مِنْهُ الثَّانِي نِصْفَهُ أَوْ أَرْشُ الثَّانِيَةِ خَمْسُمِائَةٍ اسْتَرَدَّ مِنْهُ ثُلُثَهُ أَوْ أَرْشُ الثَّانِيَةِ أَلْفٌ وَالْأُولَى خَمْسُمِائَةٍ اسْتَرَدَّ مِنْهُ ثُلُثَهَا، وَمِنْ السَّيِّدِ خَمْسَمِائَةٍ تَمَامَ الْقِيمَةِ لِيَصِيرَ مَعَهُ ثُلُثَا الْأَلْفِ، وَمَعَ الْأَوَّلِ ثُلُثُهُ (كَدُيُونِ الْمَيِّتِ) إذَا قُسِمَتْ تَرِكَتُهُ عَلَيْهَا ثُمَّ حَدَثَ عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ كَأَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فَهَلَكَ بِهَا شَيْءٌ فَيُزَاحِمُ الْمُسْتَحِقُّ الْغُرَمَاءَ، وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ. (وَحَمْلُ الْجَانِيَةِ) غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ (لِلسَّيِّدِ لَا) يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَرْشُ سَوَاءٌ أَكَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ الْجِنَايَةِ أَمْ حَدَثَ بَعْدَهَا (فَلَا تُبَاعُ حَتَّى تَضَعَ) إذْ لَا يُمْكِنُ إجْبَارُ السَّيِّدِ عَلَى بَيْعِ الْحَمْلِ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ (فَإِنْ لَمْ يَفْدِهَا) بَعْدَ وَضْعِهَا (بِيعَا) مَعًا (وَأَخَذَ) السَّيِّدُ (ثَمَنَ الْوَلَدِ) أَيْ حِصَّتَهُ، وَأَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ (وَإِنَّمَا يُبَاعُ الْجَانِي بِالْأَرْشِ النَّقْدِ لَا الْإِبِلِ، وَلَوْ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَوْ لَمْ يَفْدِ السَّيِّدُ الْجَانِيَ، وَلَا سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ بَاعَهُ الْقَاضِي وَصَرَفَ الثَّمَنَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِالْأَرْشِ جَازَ إنْ كَانَ نَقْدًا، وَكَذَا بِلَا، وَقُلْنَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهَا. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ الْمُوجِبُ لِدِيَةِ الْجَنِين] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ) وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ» بِتَرْكِ تَنْوِينِ غُرَّةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ، وَتَنْوِينُهَا عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا بَدَلٌ مِنْهَا (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ الْمُوجِبُ، وَهُوَ كُلُّ جِنَايَةٍ تُوجِبُ انْفِصَالَهُ مَيِّتًا) ، وَهِيَ مَا تُؤَثِّرُ فِيهِ (فَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ) بِهَا (وَلَمْ يَنْفَصِلْ) مِنْهَا جَنِينٌ (فَلَا دِيَةَ) لَهُ وَإِنْ كَانَ بِهَا انْتِفَاخٌ أَوْ حَرَكَةٌ فِي بَطْنِهَا فَزَالَ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا لِلشَّكِّ فِي وُجُودِ الْجَنِينِ وَلِجَوَازِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ رِيحًا فَانْفَشَّتْ (وَلَا أَثَرَ لِنَحْوِ لَطْمَةٍ خَفِيفَةٍ) كَمَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الدِّيَةِ (وَلَوْ عُلِمَ مَوْتُهُ بِخُرُوجِ رَأْسٍ وَنَحْوِهِ) كَرُؤْيَتِهِ فِي بَطْنِهَا بَعْدَ قَدِّهَا وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ مِنْهُ شَيْءٌ (فَكَالْمُنْفَصِلِ) سَوَاءٌ أَجَنَى عَلَيْهَا بَعْدَ خُرُوجِ رَأْسِهِ أَمْ قَبْلَهُ، وَسَوَاءٌ أَمَاتَتْ الْأُمُّ أَيْضًا أَمْ لَا لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ وَذِكْرُ الْأَصْلِ مَوْتَ الْأُمِّ تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ (وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا فَإِنْ بَقِيَ زَمَانًا لَا يَتَأَلَّمُ) فِيهِ (ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ) عَلَى الْجَانِي سَوَاءٌ أَزَالَ أَلَمُ الْجِنَايَةِ عَنْ أُمِّهِ قَبْلَ إلْقَائِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ (أَوْ) بَقِيَ زَمَانًا (يَتَأَلَّمُ) فِيهِ حَتَّى مَاتَ (أَوْ مَاتَ فِي الْحَالِ أَوْ تَحَرَّكَ) تَحَرُّكًا شَدِيدًا كَقَبْضِ يَدٍ وَبَسْطِهَا (وَلَوْ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ لَا اخْتِلَاجًا) فَمَاتَ (فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ) عَلَى الْجَانِي (وَلَوْ) انْفَصَلَ الْجَنِينُ (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا حَيَاتَهُ وَالظَّاهِرُ مَوْتُهُ بِالْجِنَايَةِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ اخْتِلَاجِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ انْتِشَارًا بِسَبَبِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَضِيقِ. (وَإِنْ حَزَّهُ شَخْصٌ، وَقَدْ انْفَصَلَ بِلَا جِنَايَةٍ) ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةً (أَوْ بِجِنَايَةٍ وَحَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةٌ فَالْقِصَاصُ) عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَرِيضًا مُشْرِفًا عَلَى الْمَوْتِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ حَيَاتُهُ غَيْرَ مُسْتَقِرَّةٍ (فَالْقَاتِلُ) لَهُ هُوَ (الْأَوَّلُ) أَيْ   [حاشية الرملي الكبير] اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ أُمَّ وَلَدِهِ الَّتِي تُبَاعُ كَأَنْ اسْتَوْلَدَهَا، وَهِيَ مَرْهُونَةٌ رَهْنًا لَازِمًا، وَهُوَ مُعْسِرٌ إذَا جَنَتْ جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِالرَّقَبَةِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا، قَالَ الرَّاهِنُ أَنَا أَفْدِيهَا عَلَى صُورَةٍ لَا يَكُونُ فِيهَا مُوسِرًا يَسَارًا يَنْفُذُ بِهِ الِاسْتِيلَادُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ اسْتَمَرَّتْ مَرْهُونَةً، وَإِنْ بِيعَتْ فِي الدَّيْنِ اسْتَمَرَّ الرِّقُّ فِي حَقِّ مُشْتَرِيهَا (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الْأَمَةَ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا سَيِّدُهَا) أَيْ مُوسِرًا (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الظَّاهِرَ هُنَا إلَخْ) هَذَا جَارٍ عَلَى رَأْيِ الْقَفَّالِ أَمَّا عَلَى النَّصِّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالْعِبْرَةُ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْذُورَ عِتْقُهُ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَسَكَتُوا هُنَا عَنْ التَّعَلُّقِ بِذِمَّتِهَا) أَيْ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فِي جِنَايَتِهَا لَا حَيْثُ لَزِمَ الدَّيْنُ ذِمَّتَهَا بِمُعَامَلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا إذْ كَلَامُهُ فِي الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: قُلْت بَلْ إنَّمَا يُشْبِهُ الْقَطْعَ بِالتَّعَلُّقِ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْأَرْشُ الْقِيمَةَ شَارَكَ كُلُّ ذِي جِنَايَةٍ تَحْدُثُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ إيلَادُهَا لِإِعْسَارِهِ كَمَرْهُونَةٍ فَدَاهَا فِي كُلِّ جِنَايَةٍ بِالْأَقَلِّ. (الْبَابُ السَّادِسُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ) (قَوْلُهُ وَبِتَنْوِينِهَا عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا بَدَلٌ مِنْهَا) ، وَهُوَ أَجْوَدُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كُلُّ جِنَايَةٍ تُوجِبُ انْفِصَالَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ فَاشْتَكَاهُ إلَى الْوَالِي، وَجَاءَ بِرَسُولٍ مِنْ عِنْدِهِ إلَى بَيْتِ أُخْتِ الْمُتْلِفِ فَأَخَذَاهَا لِتُرِيَهُمَا بَيْتَ أَخِيهَا فَأَجْهَضَتْ جَنِينًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُوجِبُ الطَّرْحَ مِنْ إفْزَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَا تُؤَثِّرُ فِيهِ) أَيْ انْفِصَالُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا إلَخْ) أَمَّا لَوْ انْفَصَلَ بَعْضُهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ وَصَاحَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الِانْفِصَالِ فَالْأَرْجَحُ فِيهَا إيجَابُ الْغُرَّةِ، وَلَا أَرْشَ لَهُ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ ر (قَوْلُهُ: أَوْ بَقِيَ زَمَنًا يَتَأَلَّمُ) لَمْ يَعْتَبِرُوا مَعَ الْأَلَمِ الْوَرَمَ، وَهُوَ يَشْهَدُ لِمَا تَقَدَّمَ تَصْحِيحُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْرَةِ عَنْ شَرْحِ الْوَسِيطِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْقَاتِلُ لَهُ هُوَ الْأَوَّلُ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِهِمَا فِي الْفَرَائِضِ وَالْعَدَدِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ بِقَوْلِهِ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 الْجَانِي عَلَى أُمِّهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَازِّ. (وَلَوْ خَرَجَ رَأْسُهُ وَصَاحَ فَحَزَّهُ آخَرُ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِالصِّيَاحِ حَيَاتَهُ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ مَيِّتَيْنِ فَغُرَّتَانِ) فِيهَا كَمَا لَوْ كَانَا مُنْفَرِدَيْنِ (أَوْ) جَنِينَيْنِ (أَحَدُهُمَا حَيٌّ وَمَاتَ) وَالْآخَرُ مَيِّتٌ (فَدِيَةٌ) لِلْأَوَّلِ (وَغُرَّةٌ) لِلثَّانِي (أَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي الضَّرْبِ فَالْغُرَّةُ عَلَيْهِمَا) كَمَا فِي الدِّيَةِ (وَإِنْ ضَرَبَهَا فَمَاتَتْ ثُمَّ أَلْقَتْهُ) مَيِّتًا (وَجَبَتْ الْغُرَّةُ) كَمَا لَوْ انْفَصَلَ فِي حَيَاتِهَا؛ لِأَنَّهُ شَخْصٌ مُسْتَقِلٌّ فَلَا يَدْخُلُ ضَمَانُهُ فِي ضَمَانِهَا (وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ مَيِّتَةٍ، وَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَهَدَرٌ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَوْتُهُ بِمَوْتِهَا، وَقِيلَ تَجِبُ غُرَّةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْإِيجَابَ لَا يَكُونُ بِالشَّكِّ قَالَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ حَيَاتَهُ حَتَّى نَقُولَ الْأَصْلُ بَقَاؤُهَا. (فَرْعٌ) لَوْ (أَلْقَتْ الْمَضْرُوبَةُ يَدًا وَمَاتَتْ فَغُرَّةٌ) تَجِبُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ قَدْ حَصَلَ بِوُجُودِ الْجَنِينِ، وَالْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْيَدَ بَانَتْ بِالْجِنَايَةِ وَخَرَجَ بِمَاتَتْ مَا لَوْ عَاشَتْ، وَلَمْ تُلْقِ جَنِينًا فَلَا يَجِبُ إلَّا نِصْفُ غُرَّتِهِ كَمَا أَنَّ يَدَ الْحَيِّ لَا يَجِبُ فِيهَا إلَّا نِصْفُ دِيَتِهِ، وَلَا يَضْمَنُ بَاقِيهِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ تَلَفَهُ (كَيَدَيْنِ) أَلْقَتْهُمَا وَمَاتَتْ أَوْ عَاشَتْ فَيَجِبُ فِيهِمَا غُرَّةٌ (وَكَذَا) لَوْ أَلْقَتْ (ثَلَاثًا، وَأَرْبَعًا) مِنْ الْأَيْدِي أَوْ وَالْأَرْجُلِ (وَرَأْسَيْنِ) لِإِمْكَانِ كَوْنِهِمَا لِجَنِينٍ وَاحِدٍ بَعْضُهَا أَصْلِيٌّ وَبَعْضُهَا زَائِدٌ، وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ أُخْبِرَ بِامْرَأَةٍ لَهَا رَأْسَانِ فَنَكَحَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَنَظَرَ إلَيْهَا وَطَلَّقَهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لِلْعُضْوِ الثَّالِثِ فَأَكْثَرَ حُكُومَةٌ. (وَإِنْ أَلْقَتْ بَدَنَيْنِ) ، وَلَوْ مُلْتَصِقَيْنِ (فَغُرَّتَانِ) إذْ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَنَانِ فَالْبَدَنَانِ حَقِيقَةً يَسْتَلْزِمَانِ رَأْسَيْنِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا رَأْسٌ فَالْمَجْمُوعُ بَدَنٌ وَاحِدٌ حَقِيقَةً فَلَا تَجِبُ إلَّا غُرَّةٌ وَاحِدَةٌ (وَإِنْ أَلْقَتْ يَدًا ثُمَّ جَنِينًا بِلَا يَدٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَزَوَالِ الْأَلَمِ) مِنْ الْأُمِّ (فَغُرَّةٌ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْيَدَ مُبَانَةٌ مِنْهُ بِالْجِنَايَةِ (أَوْ حَيًّا فَمَاتَ مِنْ الْجِنَايَةِ فَدِيَةٌ وَدَخَلَ) فِيهَا (أَرْشُ الْيَدِ فَإِنْ عَاشَ وَشَهِدَ الْقَوَابِلُ أَوْ عَلِمَ أَنَّهَا يَدُ مَنْ خُلِقَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ فَنِصْفُ دِيَةٍ) لِلْيَدِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَشْهَدْ الْقَوَابِلُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ (فَنِصْفُ غُرَّةٍ) لِلْيَدِ عَمَلًا بِالْيَقِينِ وَفَارَقَ هَذَا مَا لَوْ انْفَصَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا حَيْثُ لَا تُرَاجَعُ الْقَوَابِلُ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ الْحَيَاةُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ، وَهُنَا انْفَصَلَ حَيًّا فَيُنْظَرُ فِي أَنَّ الْيَدَ انْفَصَلَتْ، وَهُوَ حَيٌّ أَوَّلًا (أَوْ) أَلْقَتْهُ بَعْدَ (الِانْدِمَالِ وَزَوَالِ الْأَلَمِ أُهْدِرَ الْجَنِينُ) حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا لِزَوَالِ الْأَلَمِ الْحَاصِلِ بِالْجِنَايَةِ (وَوَجَبَ لِلْيَدِ) الْمُلْقَاةِ قَبْلَهُ (إنْ خَرَجَ مَيِّتًا نِصْفُ غُرَّةٍ) كَمَا أَنَّ يَدَ الْحَيِّ تُضْمَنُ بِنِصْفِ دِيَتِهِ (أَوْ حَيًّا) وَمَاتَ أَوْ عَاشَ (نِصْفُ دِيَةٍ إنْ شَهِدَ الْقَوَابِلُ) أَوْ عُلِمَ (كَمَا سَبَقَ) أَيْ أَنَّهَا يَدُ مَنْ خُلِقَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ، وَقِيلَ يَجِبُ نِصْفُ غُرَّةٍ كَمَا لَوْ قُطِعَتْ يَدُ حَيٍّ فَانْدَمَلَ ثُمَّ مَاتَ يَجِبُ نِصْفُ دِيَتِهِ، وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ. (وَإِنْ انْفَصَلَ) بَعْدَ إلْقَاءِ الْيَدِ (مَيِّتًا كَامِلَ الْأَطْرَافِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَلَا شَيْءَ) فِيهِ، وَأَمَّا الْيَدُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ فِيهَا حُكُومَةً لَا غُرَّةً لِلِاحْتِمَالِ الْآتِي (أَوْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ مَيِّتًا فَغُرَّةٌ) فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْيَدَ الَّتِي أَلْقَتْهَا كَانَتْ زَائِدَةً لِهَذَا الْجَنِينِ وَانْمَحَقَ أَثَرُهَا (أَوْ حَيًّا وَمَاتَ فَدِيَةٌ)   [حاشية الرملي الكبير] وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ مَا إذَا خَرَجَ بَعْضُ الْجَنِينِ فَحَزَّ شَخْصٌ رَأْسَهُ أَنَّا تَيَقَّنَّا حَيَاتَهُ فَوَجَبَ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ بَلْ هِيَ أَوْلَى بِالْقِصَاصِ مِنْ وُجُوبِهِ عَلَى الْقَادِّ فِيمَا إذَا أَلْقَى شَخْصٌ شَخْصًا مِنْ شَاهِقٍ لَوْ وَصَلَ إلَى الْأَرْضِ لَمَاتَ لَا مَحَالَةَ فَتَلَقَّاهُ شَخْصٌ بِسَيْفٍ قَبْلَ وُصُولِهِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ مِنْ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ الْحَيَاةُ إلَى تَمَامِ الِانْفِصَالِ فَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ حَزِّ الرَّقَبَةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَيْسَ ضَرْبُ بَطْنِ أُمِّهِ كَحَزِّ رَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ بَطْنِ الْأُمِّ لَيْسَ جِنَايَةً عَلَى الْجَنِينِ مُحَقَّقَةً وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى الْجَنِينِ فَلَيْسَ جِنَايَةً قَاطِعَةً لِحَيَاةٍ مُحَقَّقَةٍ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْغُرَّةَ لِكَوْنِهِ دَافِعًا لِلْحَيَاةِ الَّتِي الْجَنِينُ يَنْتَهِي إلَيْهَا، وَأَمَّا الْعِدَّةُ فَلَا تَنْقَضِي بِخُرُوجِ بَعْضِ الْجَنِينِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] ، وَلَمْ يُوجَدْ وَضْعُ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ: وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَادَّعَى الْمَاوَرْدِيُّ الْإِجْمَاعَ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا أَلْقَتْهُ فِي الْحَالِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا أَلْقَتْهُ بَعْدَ زَمَانٍ، وَلَا يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوقِهِ بِهَذَا التَّفْصِيلِ فَقَالَ إنْ أَلْقَتْهُ عَنْ قُرْبٍ، وَجَبَتْ الْغُرَّةُ وَإِنْ أَلْقَتْهُ عَنْ بُعْدٍ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ. [فَرْعٌ أَلْقَتْ الْمَضْرُوبَةُ يَدًا وَمَاتَتْ فَمَا هِيَ دِيَة الْجَنِين] (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَاتَتْ مَا لَوْ عَاشَتْ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ هَذَا إذَا مَضَى بَعْدَ الْإِلْقَاءِ زَمَنٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ الْجَنِينَ لَوْ كَانَ حَيًّا لَأَلْقَتْهُ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ، وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّهَا لَوْ أَلْقَتْ يَدًا وَمَاتَتْ، وَجَبَتْ الْغُرَّةُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ يَعْنِي الْمِنْهَاجَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَمُوتَ بَعْدَ إلْقَاءِ الْيَدِ أَوْ تَعِيشَ وَاَلَّذِي صَوَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ كَوْنِهِمَا لِجَنِينٍ وَاحِدٍ) قِيلَ وَإِنْ تَصَوَّرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاسْتُؤْذِنَتْ فَأَجَابَ الْوَجْهَ الدَّاخِلَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ الَّذِي يَلِي الْفَرْجَ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلِيُّ عَادَةً وَالْآخَرُ زَائِدٌ بِالِانْحِرَافِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لِلْعُضْوِ الثَّالِثِ فَأَكْثَرَ حُكُومَةٌ) مَا تَفْقَهُهُ مَرْدُودٌ بِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَبِأَنَّ الْغُرَّةَ فِي الْجَنِينِ كَالدِّيَةِ فِيمَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَا يَجِبُ شَيْءٌ غَيْرَ الْغُرَّةِ إذْ هِيَ بِمَثَابَةِ الدِّيَةِ فِي غَيْرِهِ فَكَمَا لَا تَقْتَضِي زِيَادَةُ الْأَعْضَاءِ وُجُوبَ زَائِدٍ عَلَى الدِّيَةِ فَكَذَا لَا تَقْتَضِي زِيَادَةً عَلَى الْغُرَّةِ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ مَيِّتًا فَغُرَّةٌ فَقَطْ. (قَوْلُهُ:؟ وَإِنْ أَلْقَتْ بَدَنَيْنِ فَغُرَّتَانِ) ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ تَجِبُ غُرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَحَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَا مُتَّصِلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْحُسَيْنَ عَلَّلَ وُجُوبَ الْغُرَّتَيْنِ بِأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَنَانِ مُنْفَصِلَانِ إذَا عَرَفْت ذَلِكَ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْبَدَنَيْنِ الْمُنْفَصِلَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الْقِطَّانِ فِي فُرُوعِهِ إذَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ مُلْتَزِقَيْنِ فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ الِاثْنَيْنِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ مِنْ الْمِيرَاثِ وَحَجْبِ الْأُمِّ وَالْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَغَيْرِهَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا لَا يُخَالِفُ كَلَامَ غَيْرِهِ. اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَلْقَتْ يَدًا ثُمَّ جَنِينًا مَيِّتًا بِلَا يَدٍ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ كَامِلَ الْيَدَيْنِ فَالْيَدُ مِنْ غَيْرِهِ فَتَلْزَمُهُ غُرَّتَانِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ فِي الْجَنِينِ أَثَرُ الزِّيَادَةِ فَغُرَّةٌ وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْيَدُ فَالْأَوْجَهُ فِيهَا حُكُومَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا هَذَا غَيْرُ مُفَرَّعٍ عَلَى بَحْثِ الشَّارِحِ السَّابِقِ قَرِيبًا الَّذِي رَدَّهُ الْوَالِدُ إذْ ذَاكَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 لَا غُرَّةٌ كَمَا، وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (، وَإِنْ عَاشَ فَحُكُومَةٌ) كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ (وَتَأَخُّرُ الْيَدِ عَنْ الْجَنِينِ) إلْقَاءً (كَتَقَدُّمِهَا) كَذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ. (وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ يَدًا ثُمَّ ضَرَبَهَا آخَرُ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا قَبْلَ الِانْدِمَالِ بِلَا يَدٍ فَالْغُرَّةُ عَلَيْهِمَا) ، وَقَوْلُهُ قَبْلُ صِلَةُ ضَرَبَهَا (أَوْ حَيًّا وَمَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا أَوْ عَاشَ) وَشَهِدَ الْقَوَابِلُ أَوْ عُلِمَ أَنَّ الْيَدَ يَدُ مَنْ خُلِقَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ (فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى الثَّانِي التَّعْزِيرُ) فَقَطْ (أَوْ) ضَرَبَهَا الْآخَرُ (بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَانْفَصَلَ مَيِّتًا فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ غُرَّةٍ، وَعَلَى الثَّانِي غُرَّةٌ) كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ فَانْدَمَلَتْ ثُمَّ قَتَلَهُ آخَرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ دِيَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي دِيَةٌ (أَوْ حَيًّا فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ سَوَاءٌ عَاشَ أَمْ لَا) التَّصْرِيحُ بِالتَّسْوِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَيْسَ عَلَى الثَّانِي إنْ عَاشَ) الْجَنِينُ (إلَّا التَّعْزِيرُ، وَإِنْ مَاتَ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَإِنْ انْفَصَلَ كَامِلَ الْأَطْرَافِ، وَكَانَ ضَرْبُ الثَّانِي قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَعَلَيْهِمَا الْغُرَّةُ أَوْ حَيًّا، وَعَاشَ فَعَلَى الْأَوَّلِ حُكُومَةٌ) لِلْيَدِ لِلِاحْتِمَالِ السَّابِقِ فِيمَا إذَا اتَّحَدَ الضَّارِبُ (وَلَيْسَ عَلَى الثَّانِي إلَّا التَّعْزِيرُ فَإِنْ مَاتَ فَعَلَيْهِمَا الدِّيَةُ) فَلَوْ كَانَ ضَرْبُ الثَّانِي بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْهِ إنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا غُرَّةٌ أَوْ حَيًّا وَمَاتَ فَدِيَةٌ أَوْ عَاشَ فَالتَّعْزِيرُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ حُكُومَةٌ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْجَنِينِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْجَنِينِ) الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ (وَوَصْفُهُ كَمَا) ذَكَرَهُ (فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ فِي الْعُدَّةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مِمَّا ظَهَرَ فِيهِ صُورَةُ آدَمِيٍّ، وَلَوْ فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِهِ أَوْ لَمْ تَظْهَرْ لَكِنْ قَالَ الْقَوَابِلُ فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ لَا إنْ قُلْنَ لَوْ بَقِيَ لَتُصُوِّرَ، وَلَا إنْ شَكَكْنَ فِي أَنَّهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ (وَيُشْتَرَطُ) فِي إيجَابِ الْغُرَّةِ الْكَامِلَةِ فِيهِ (الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ فَلَوْ كَانَ مِنْ كِتَابِيَّيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَوَثَنِيٍّ) أَوْ نَحْوِهِ (فَثُلُثُ غُرَّةِ مُسْلِمٍ) تَجِبُ فِيهِ كَمَا فِي دِيَتِهِ (أَوْ مِنْ مَجُوسِيَّيْنِ) أَوْ نَحْوِهِمَا (فَثُلُثَا عُشْرِهَا) أَيْ ثُلُثُ خُمُسِهَا يَجِبُ فِيهِ لِذَلِكَ (وَيَشْتَرِي بِهَا) الْأَوْلَى بِهِ أَيْ بِقَدْرِ الثُّلُثِ أَوْ الثُّلُثَيْنِ (غُرَّةٌ) تَعْدِلُ بَعِيرًا، وَثُلُثَيْنِ فِي الْأَوَّلِ وَثُلُثَ بَعِيرٍ فِي الثَّانِي (وَإِنْ تَعَذَّرَتْ) أَيْ الْغُرَّةُ بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ بِذَلِكَ (فَالْإِبِلُ) إنْ وُجِدَتْ (أَوْ الدَّرَاهِمُ) إنْ لَمْ تُوجَدْ تَجِبُ. (وَإِنْ وَطِئَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً) بِشُبْهَةٍ فَحَبِلَتْ، وَأَلْقَتْ جَنِينًا بِجِنَايَةٍ (وَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا فَلَهُ حُكْمُهُ، وَإِنْ أُشْكِلَ) الْأَمْرُ (أَخَذَ الْأَقَلَّ) ، وَهُوَ الثُّلُثُ (وَوَقَفَ حَتَّى يَصْطَلِحُوا) أَوْ يَنْكَشِفَ الْحَالُ (وَلَوْ أَرَادَ الذِّمِّيُّ وَالذِّمِّيَّةُ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى ثُلُثِ الْمَوْقُوفِ مُنِعَا) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ لِلْمُسْلِمِ لَا حَقَّ لَهُمَا فِيهِ (أَوْ) أَرَادَ (الذِّمِّيَّةُ وَالْمُسْلِمُ) أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَيْهِ (جَازَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْجَنِينُ كَافِرًا فَالثُّلُثُ) أَيْ ثُلُثُ الْمَوْقُوفِ (لِأُمِّهِ فَلَهَا أَنْ تُصَالِحَ الْمُسْلِمَ) عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَالْكُلُّ لَهُ) أَيْ لِلْوَاطِئِ الْمُسْلِمِ (فَالْحَقُّ فِيهِ لَا يَعْدُوهُمَا) فَلَا حَقَّ فِيهِ لِلذِّمِّيِّ (وَجَنِينُ الْمُرْتَدَّةِ) الَّتِي حَبِلَتْ بِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ (مُسْلِمٌ) فَتَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ كَامِلَةٌ (فَلَوْ أَحْبَلَهَا مُرْتَدٌّ) أَوْ غَيْرُهُ لَكِنْ بِزِنًا (فِي) حَالٍ (رِدَّتِهَا) ، وَأَلْقَتْ جَنِينًا بِجِنَايَةٍ (فَهَدَرٌ) كَجَنِينِ الْحَرْبِيِّينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ مُرْتَدَّيْنِ كَافِرٌ. (فَرْعٌ) لَوْ (عَتَقَتْ) أَمَةٌ حُبْلَى أُجْهِضَتْ جَنِينًا بِجِنَايَةٍ (بَيْنَ الْجِنَايَةِ وَالْإِجْهَاضِ) لَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَوْتِ الْعَتِيقَةِ كَمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ (أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْ الْجَنِينِ الذِّمِّيِّ) ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ وَثَنِيًّا أَوْ نَحْوَهُ (فَغُرَّةٌ) كَامِلَةٌ تَجِبُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ بِالْمَآلِ، وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالذِّمِّيِّينَ مَعَ أَنَّهُ لَوْ حَذَفَ الْوَصْفَ بِالذِّمِّيِّ كَانَ أَوْلَى (وَلِسَيِّدِهَا) أَيْ الْأَمَةِ (مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْغُرَّةِ (الْأَقَلُّ مِنْ الْغُرَّةِ، وَ) مِنْ (عُشْرُ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْغُرَّةَ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَلَا وَاجِبَ غَيْرُهَا أَوْ الْعُشْرُ أَقَلُّ فَهُوَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ السَّيِّدُ وَمَا زَادَ بِالْحُرِّيَّةِ (فَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا (حَرْبِيَّةً أَوْ الْجَانِي) عَلَى الْأَمَةِ قَبْلَ عِتْقِهَا (السَّيِّدُ) ، وَجَنِينُهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ مَالِكٌ لَهُ (فَهَدَرٌ، وَلَوْ كَانَ الْجَنِينُ مِنْ زَوْجٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَى الْجَانِي ابْتِدَاءً. (فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ الرَّقِيقِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى (عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) عَلَى وِزَانِ اعْتِبَارِ الْغُرَّةِ فِي الْحُرِّ بِعُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُعْتَبَرْ قِيمَتُهُ فِي نَفْسِهِ بِتَقْدِيرِ الْحَيَاةِ فِيهِ بَلْ قِيمَةُ أُمِّهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ اسْتِقْلَالِهِ بِانْفِصَالِهِ مَيِّتًا وَيَجِبُ ذَلِكَ (عَلَى الْعَاقِلَةِ) كَمَا فِي الْجَنِينِ الْحُرِّ (فَلَوْ أَلْقَتْ) أَيْ الْأَمَةُ بِجِنَايَةٍ (جَنِينًا) مَيِّتًا (فَعَتَقَتْ ثُمَّ) أَلْقَتْ (آخَرَ فَفِي الْأَوَّلِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ وَفِي الثَّانِي غُرَّةٌ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِجْهَاضِ (وَيُعْتَبَرُ) فِي عُشْرِ قِيمَتِهَا (أَكْثَرُ قِيمَتِهَا) وَفِي نُسْخَةٍ قِيَمُهَا (مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى الْإِجْهَاضِ مَعَ تَقْدِيرِ إسْلَامِ الْكَافِرَةِ   [حاشية الرملي الكبير] فِيمَا إذَا أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ غُرَّةً فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا، وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ تُوجِبْهَا فَلَا تَكُونُ هَدْرًا (قَوْلُهُ: كَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) هَذَا، وَهْمٌ لَيْسَ فِي الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَظْهَرْ لَكِنْ قَالَ الْقَوَابِلُ فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ) لَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَقَلُّ مَا يَكُونُ بِهِ السِّقْطُ جَنِينًا فِيهِ غُرَّةٌ أَنْ يَبِينَ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ يُفَارِقُ الْمُضْغَةَ أَوْ الْعَلَقَةَ إصْبَعٌ أَوْ ظُفْرٌ أَوْ عَيْنٌ أَوْ مَا بَانَ مِنْ خَلْقِ ابْنِ آدَمَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَا بَانَ، وَلَوْ لِلْقَوَابِلِ وَكَتَبَ أَيْضًا، وَتَظْهَرُ الصُّورَةُ الْخَفِيَّةُ بِوَضْعِهِ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي دِيَتِهِ) فَتَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ قِيمَتُهَا ثُلُثُ غُرَّةِ مُسْلِمٍ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ مُرْتَدَّيْنِ كَافِرٌ) ، وَأَمَّا فِي إحْبَالِ غَيْرِ الْمُرْتَدِّ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ فَلِعَدَمِ نِسْبَةِ الْجَنِينِ إلَيْهِ. [فَرْعٌ عَتَقَتْ أَمَةٌ حُبْلَى أُجْهِضَتْ جَنِينًا بِجِنَايَةٍ بَيْنَ الْجِنَايَةِ وَالْإِجْهَاضِ] (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ حَرْبِيَّةً) إنْ كَانَ جَنِينُهَا مِنْ حَرْبِيٍّ أَوْ مِنْ زِنًا وَإِلَّا فَهُوَ مَضْمُونٌ. [فَصْلٌ فِي دِيَة الْجَنِينِ الرَّقِيقِ] (قَوْلُهُ: فِي الْجَنِينِ الرَّقِيقِ إلَخْ) خَرَجَ بِالرَّقِيقِ الْمُبَعَّضُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحُرِّ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ د، وَقَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي جُزْءِ الْحُرِّيَّةِ مَا يُنَاسِبُهُ مِنْ الْغُرَّةِ وَفِي جُزْءِ الرِّقِّ مَا يُنَاسِبُهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 وَرِقِّ الْحُرَّةِ وَسَلَامَةِ الْمَعِيبَةِ) إذَا كَانَ الْجَنِينُ بِخِلَافِهَا فِي الْأُولَيَيْنِ، وَصُورَةُ الثَّانِيَةِ أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ لِرَجُلٍ وَالْجَنِينُ لِآخَرَ بِوَصِيَّةٍ فَيُعْتِقُهَا مَالِكُهَا (فَإِنْ كَانَ لِلْجَانِي نِصْفُ الْأُمِّ) الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا، وَجَنِينُهَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا (فَعَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ نِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ) وَيَهْدُرُ نَصِيبَهُ. (وَإِنْ ضَرَبَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا، وَهُوَ مُعْسِرٌ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا عَتَقَ نَصِيبَهُ) مِنْ الْأُمِّ وَالْجَنِينِ (وَعَلَيْهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ لِشَرِيكِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ لِمَا عَتَقَ) مِنْ الْجَنِينِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْجِنَايَةِ كَانَ مِلْكَهُ (فَإِنْ كَانَ) الْمُعْتِقُ (مُوسِرًا وَحَكَمْنَا بِعِتْقِهَا عَلَيْهِ فَلِشَرِيكِهِ) عَلَيْهِ (نِصْفُ قِيمَتِهَا حَامِلًا) ، وَلَا يُفْرِدُ الْجَنِينَ بِقِيمَةٍ بَلْ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي التَّقْوِيمِ كَمَا يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ (وَيَلْزَمُهُ) بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ (غُرَّةٌ) أَيْ نِصْفُهَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ (لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ دُونَهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ (لِأَنَّهُ قَاتِلٌ، وَإِنْ أَعْتَقَ) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (نَصِيبَهُ) مِنْهَا (ثُمَّ جَنَى) عَلَيْهَا (مُعْسِرًا فَعَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَ) عَلَيْهِ (لِمَا عَتَقَ مِنْ الْجَنِينِ نِصْفُ غُرَّةٍ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَعَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا حَامِلًا وَلِلْجَنِينِ غُرَّةٌ لِوَرَثَتِهِ أَوْ جَنَى) عَلَيْهَا بَعْدَ إعْتَاقِ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ (الشَّرِيكُ الْآخَرُ وَالْمُعْتِقُ مُعْسِرٌ فَعَلَى الْجَانِي نِصْفُ غُرَّةٍ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ أَوْ مُوسِرٌ فَعَلَيْهِ لِلْجَانِي نِصْفُ قِيمَتِهَا حَامِلًا، وَعَلَى الْجَانِي غُرَّةٌ) لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ (أَوْ) أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ (وَالْجَانِي أَجْنَبِيٌّ وَالْمُعْتِقُ مُعْسِرٌ فَعَلَى الْجَانِي نِصْفُ غُرَّةٍ) لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ (وَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ) لَلشَّرِيك الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ جَنِينًا نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ (أَوْ مُوسِرٌ فَغُرَّةٌ) تَلْزَمُ الْجَانِيَ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ جَنِينًا حُرًّا. (وَإِنْ أُجْهِضَتْ بِجِنَايَةِ الشَّرِيكَيْنِ) عَلَيْهَا (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (عَلَى الْآخَرِ رُبْعُ عُشْرِ قِيمَتِهَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جَنَى عَلَى مِلْكِهِ وَمِلْكِ صَاحِبِهِ وَنَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا تَلِفَ بِفِعْلِهِمَا فَتُهْدَرُ جِنَايَتُهُ عَلَى مِلْكِهِ (وَيَتَقَاصَّانِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ (فَلَوْ أَعْتَقَاهَا مَعًا أَوْ) أَعْتَقَهَا (وَكِيلُهُمَا بِكَلِمَةٍ بَيْنَ الْجِنَايَةِ وَالْإِجْهَاضِ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (رُبْعُ غُرَّةٍ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ، وَقِيلَ نِصْفُهَا اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِجْهَاضِ. وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ (لِلْأُمِّ مِنْهَا) الْأَوْلَى مِنْهُ أَيْ مِنْ رُبْعِ الْغُرَّةِ (الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ) ، وَلَا شَيْءَ لِلسَّيِّدَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا قَاتِلَانِ (فَلَوْ أَعْتَقَاهَا قَبْلَ الْإِجْهَاضِ) وَبَعْدَ الْجِنَايَةِ (وَالْجَانِي أَحَدُهُمَا فَعَلَيْهِ) لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ (نِصْفُ غُرَّةٍ وَلِشَرِيكِهِ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْغُرَّةِ وَنِصْفِ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ، وَقِيلَ عَلَيْهِ غُرَّةٌ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِجْهَاضِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ. [فَرْعٌ وَطِئَ شَرِيكَانِ أَمَتَهُمَا فَحَبِلَتْ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ عَلَيْهَا] (فَرْعٌ) لَوْ (وَطِئَ شَرِيكَانِ أَمَتَهُمَا) فَحَبِلَتْ (فَأَلْقَتْ جَنِينًا) مَيِّتًا (بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ) عَلَيْهَا (فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ فَالْجَنِينُ حُرٌّ، وَعَلَى الْجَانِي غُرَّةٌ، وَهِيَ لِمَنْ يَلْحَقُهُ) الْجَنِينُ (وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَنِصْفُ الْجَنِينِ حُرٌّ، وَوَجَبَ) عَلَى الْجَانِي (نِصْفُ غُرَّةٍ لِمَنْ يَلْحَقُهُ) الْجَنِينُ، وَعَلَيْهِ (لِلْآخَرِ نِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا، وَلَحِقَهُ الْجَنِينُ فَإِنْ لَحِقَ الْمُوسِرُ فَلَهُ غُرَّةٌ (وَإِنْ قَتَلَتْ مُسْتَوْلَدَةٌ جَنِينَهَا) الْحَاصِلَ (مِنْ السَّيِّدِ) بِأَنْ جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا (أُهْدِرَ) لِمَا زَادَهُ عَلَى الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ الْأُمَّ قَاتِلَةٌ لَا تَرِثُ وَالْأَبُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى الْمُسْتَوْلَدَةِ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (نَعَمْ إنْ كَانَ لَهَا أُمٌّ حُرَّةٌ) ، وَإِنْ عَلَتْ (طَالَبَتْ السَّيِّدَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَسُدُسِ الْغُرَّةِ) . (فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَ) الزَّوْجُ (وَخَلَّفَ امْرَأَةً حَامِلًا، وَأَخًا لِأَبٍ) أَوْ لِأَبَوَيْنِ (وَأَلْقَتْ جَنِينًا) مَيِّتًا (بِجِنَايَةِ عَبْدٍ) عَلَيْهَا (مِنْ التَّرِكَةِ فَلَهَا مِنْهُ رُبْعُهُ وَمِنْ الْغُرَّةِ ثُلُثُهَا وَلِلْأَخِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ وَثُلُثَا الْغُرَّةِ فَالْغُرَّةُ مِلْكُهُمَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَبْدِ، وَهُوَ مِلْكُهُمَا) أَرْبَاعًا وَالْجَنِينُ بِانْفِصَالِهِ مَيِّتًا خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا (وَالسَّيِّدُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ شَيْءٌ فَيَسْقُطُ مِنْ نَصِيبِ كُلٍّ) مِنْ الْأُمِّ وَالْأَخِ (مِنْ الْغُرَّةِ مَا يُقَابِلُ مِلْكَهُ مِنْ الْعَبْدِ) وَيُطَالَبُ الْآخَرُ بِمَا بَقِيَ لَهُ إنْ كَانَ فَلِلْأَخِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ فَيَسْقُطُ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الْغُرَّةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ يَبْقَى لَهُ رُبْعُهُ مِنْهَا، وَهُوَ سُدُسٌ يَتَعَلَّقُ بِنَصِيبِ الْأُمِّ مِنْ الْعَبْدِ وَلِلْأُمِّ رُبْعُهُ فَيَسْقُطُ مِنْ نَصِيبِهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْجَنِينُ بِخِلَافِهَا فِي الْأُولَيَيْنِ) فَتُقَدَّرُ سَلِيمَةً فِي الثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَ الْجَنِينُ مَعِيبًا (قَوْلُهُ: فَيُعْتِقُهَا مَالِكُهَا) قَالَ شَيْخُنَا مُرَادُهُ بِهِ الْوَارِثُ كا. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ مَاتَ الزَّوْجُ وَخَلَّفَ امْرَأَةً حَامِلًا وَأَخًا لِأَبٍ وَأَلْقَتْ جَنِينًا بِجِنَايَةِ عَبْدٍ عَلَيْهَا مِنْ التَّرِكَةِ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ: لَوْ مَاتَ وَخَلَّفَ امْرَأَةً حَامِلًا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَعَ الْخَلَلُ فِي هَذَا الْفَرْعِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَحَدُهَا قَوْلُهُمَا فَالْأَخُ يَمْلِكُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْغُرَّةِ. وَوَجْهُ الْخَلَلِ فِي هَذَا أَنَّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْغُرَّةِ الْمُسْتَحَقَّةِ شُيُوعًا، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ شُيُوعًا لَكِنْ لَا يَذْهَبُ الثُّلُثَانِ بِالثُّلُثَيْنِ إذْ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يَبْقَى لِلْأَخِ شَيْءٌ يَتَعَلَّقُ بِنَصِيبِ الزَّوْجَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي بِهِ يَعُودُ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْغُرَّةَ كُلَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَبْدِ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ الثَّانِي قَوْلُهُمَا فَيَبْقَى نِصْفُ سُدُسِ الْغُرَّةِ مُتَعَلِّقًا بِحِصَّتِهِ هَذَا لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دِينٌ. الثَّالِثُ قَوْلُهُ: وَالزَّوْجَةُ تَمْلِكُ رُبْعَ الْعَبْدِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ رُبْعُ الْغُرَّةِ وَوَجْهُ الْخَلَلِ فِيهِ أَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهِ رُبْعُ الْغُرَّةِ شُيُوعًا الرَّابِعُ قَوْلُهُ: يَبْقَى لَهَا نِصْفُ سُدُسِ الْغُرَّةِ هَذَا وَهْمٌ فَالْبَاقِي لَهَا رُبْعُ الْغُرَّةِ مُتَعَلِّقًا بِحِصَّةِ الْأَخِ الْخَامِسِ قَوْلُهُ: لِيَفْدِيَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ سُدُسِ الْغُرَّةِ إلَى الزَّوْجَةِ صَوَابُهُ بِأَنْ يَدْفَعَ رُبْعَ الْغُرَّةِ، وَلَكِنْ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِقَضِيَّةِ التَّقَاصِّ، وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ ثَمَّ قَالَ أَيْضًا قَوْلُهُ: تَبَعًا لِأَصْلِهِ يَبْقَى نِصْفُ سُدُسِ الْغُرَّةِ مُتَعَلِّقًا بِحِصَّتِهِ مِنْ الْعَبْدِ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ، وَإِنَّمَا يَبْقَى سُدُسُ الْغُرَّةِ وَيَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِحِصَّةِ الزَّوْجَةِ مِنْ الْعَبْدِ، وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ يَبْقَى لَهَا نِصْفُ سُدُسِ الْغُرَّةِ، وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ يَبْقَى نِصْفُ سُدُسِ الْغُرَّةِ أَوْ يَبْقَى رُبْعُ حِصَّتِهِ مِنْ الْغُرَّةِ مُتَعَلِّقًا بِنَصِيبِ الزَّوْجَةِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ، وَقَدْ بَسَطْته فِي الْفَوَائِدِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 مِنْ الْغُرَّةِ رُبْعُهُ يَبْقَى لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ مِنْهَا، وَهُوَ سُدُسٌ وَنِصْفُ سُدُسٍ يَتَعَلَّقُ بِنَصِيبِ الْأَخِ مِنْ الْعَبْدِ فَيَتَقَاصَّانِ فِي سُدُسٍ وَيَبْقَى لَهَا نِصْفُ سُدُسٍ وَيَسْقُطُ نَصِيبُ الْأَخِ مِنْهَا، وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ. فَقَالَ (فَإِنْ صَلُحَ) الْعَبْدُ (غُرَّةً) بِأَنْ سَاوَاهَا قِيمَةً كَأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا سِتِّينَ دِينَارًا (سَقَطَ نَصِيبُ الْأَخِ) مِنْ الْغُرَّةِ (كُلُّهُ) ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الْعَبْدِ وَرُبْعُهُ بِالتَّقَاصِّ (وَبَقِيَ لَهَا) بَعْدَ سُقُوطِ رُبْعِ نَصِيبِهَا مِنْ الْغُرَّةِ وَالتَّقَاصِّ (نِصْفُ) سُدُسٍ مِنْ الْغُرَّةِ (تَأْخُذُهُ مِنْ نَصِيبِهِ) أَيْ الْأَخِ فَإِنْ سَلَّمَ لَهَا مِقْدَارَهُ مِنْ الْعَبْدِ صَارَ لَهَا ثُلُثُهُ، وَلَهُ ثُلُثَاهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ الْعَبْدُ غُرَّةً (فَإِنَّ) الْأَوْلَى كَأَنْ (كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ عِشْرِينَ) دِينَارًا (وَالْغُرَّةُ سِتِّينَ بَقِيَ لَهَا) مِنْ نَصِيبِهَا مِنْهَا (خَمْسَةَ عَشَرَ تَأْخُذُ فِيهَا نَصِيبَهُ) مِنْ الْعَبْدِ (وَ) قَدْ (اسْتَوْفَتْ) حَقَّهَا (وَبَقِيَ لَهُ) مِنْ نَصِيبِهِ مِنْهَا (عَشَرَةٌ يَأْخُذُ فِيهَا نَصِيبَهَا) مِنْهُ (وَسَقَطَ الْبَاقِي) لَهُمَا مِنْ الْغُرَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَقَطَ مِنْ نَصِيبِ الْأَخِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ نَصِيبِهِ مِنْهَا، وَتَعَلَّقَتْ الْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ بِمَا بَقِيَ لِلْأُمِّ مِنْ الْعَبْدِ، وَهُوَ يُسَاوِي خَمْسَةً فَسَقَطَ لَهُ خَمْسَةٌ أَيْضًا إذْ لَا يَلْزَمُهَا الْفِدَاءُ إلَّا بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ، وَقِيمَةِ نَصِيبِهَا وَسَقَطَ مِمَّا لَهَا مِنْ الْغُرَّةِ رُبْعُهُ، وَهُوَ خَمْسَةٌ فَقَدْ بَقِيَ لَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلَهُ عَشْرَةٌ كَمَا تَقَرَّرَ فَإِنْ سَلَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ لِلْآخَرِ انْعَكَسَ قَدْرُ مِلْكَيْهِمَا فَيَصِيرُ لَهُ رُبْعُهُ، وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الْأَخِ ابْنًا فَالْغُرَّةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا أَيْضًا وَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا أَثْمَانًا، وَقَرَّرَ ذَلِكَ. (فَرْعٌ: لَوْ جَنَى) حُرُّ (ابْنُ عَتِيقَةٍ) أَبَاهُ رَقِيقٌ عَلَى امْرَأَةٍ حَامِلٍ (ثُمَّ) عَتَقَ أَبَاهُ، وَ (انْجَرَّ وَلَاؤُهُ) مِنْ مَوَالِي أُمِّهِ إلَى مَوَالِي أَبِيهِ (ثُمَّ أُجْهِضَتْ جَنِينًا) مَيِّتًا بِالْجِنَايَةِ (فَهَلْ الْغُرَّةُ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ (أَوْ) عَلَى مَوَالِي (الْأَبِ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِجْهَاضِ (وَجْهَانِ) قِيَاسُ مَا رَجَّحَهُ قُبَيْلَ فَرْعِ وَطِئَ شَرِيكَانِ أَمَتَهُمَا تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا وَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ هُنَا. (وَعَلَى الْمُكَاتَبِ غُرْمُ) وَفِي نُسْخَةٍ غُرَّةُ (جَنِينِ أَمَتِهِ) الْحَاصِلِ (مِنْهُ إذَا أَجْهَضَهَا) بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهَا، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُ وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ سَهْوٌ نَشَأَ مِنْ قِرَاءَتِهِ جَنَى فِي كَلَامِ أَصْلِهِ بِبِنَائِهِ لِلْفَاعِلِ. وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ أَحْبَلَ مُكَاتَبٌ أَمَتَهُ فَجَنَى عَلَيْهَا فَأُجْهِضَتْ وَجَبَ فِي الْجَنِينِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ بَعْدُ فَقَوْلُهُ فَجُنِيَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَالْمُرَادُ جَنَى عَلَيْهَا أَجْنَبِيٌّ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي صِفَةِ الْغُرَّةِ، وَهِيَ عَبْدٌ مُمَيِّزٌ أَوْ أَمَةٌ مُمَيِّزَةٌ، وَلَوْ كَبِيرًا) ، وَإِنْ امْتَنَعَ دُخُولُهُ عَلَى النِّسَاءِ لِوُجُودِ الْمَنْفَعَةِ (لَا مَعِيبَ) بِعَيْبٍ (يُوجِبُ الرَّدَّ) لِلْمَبِيعِ فَلَا يُجْزِئُ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ لَا يَضُرُّ فِيهَا عَيْبٌ لَا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ؛ لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ وَلِوُرُودِ الْخَبَرِ هُنَا بِلَفْظِ الْغُرَّةِ، وَهِيَ الْخِيَارُ وَالْمَعِيبُ بِخِلَافِهِ (وَ) لَا (هَرَمَ) ، وَلَا غَيْرَ مُمَيِّزٍ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِمَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الْوَارِدَ فِيهَا لَفْظُ الرَّقَبَةِ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ تُسَاوِيَ) الْغُرَّةُ الْكَامِلَةُ (نِصْفَ عُشْرِ دِيَةِ الْأَبِ) الْمُسْلِمِ، وَهُوَ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ الْمُسْلِمَةِ كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَكْمِيلُ الدِّيَةِ لِعَدَمِ كَمَالِ حَيَاتِهِ، وَلَا الْإِهْدَارِ فَقُدِّرَتْ بِأَقَلِّ دِيَةٍ وَرَدَتْ، وَهِيَ الْخُمُسُ فِي الْمُوضِحَةِ وَالسِّنُّ، وَإِيجَابُ ثَلَاثَةِ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثٍ لِأُنْمُلَةِ غَيْرِ الْإِبْهَامِ لَمْ يَرِدْ بِخُصُوصِهِ بَلْ لَزِمَ مِنْ تَوْزِيعِ مَا لِلْإِصْبَعِ عَلَى أَجْزَائِهَا (وَمَتَى عُدِمَتْ) أَيْ الْغُرَّةُ بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ سَلِيمَةً بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ (فَخَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) كَمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِهَا فَإِذَا عُدِمَتْ أُخِذَ مَا هِيَ مُقَدَّرَةٌ بِهِ لَا قِيمَتُهَا؛ وَلِأَنَّ الْإِبِلَ هِيَ الْأَصْلُ فِي الدِّيَاتِ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهَا عِنْدَ فَقْدِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَبْلُغُ دِيَةً كَامِلَةً أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهَا، وَلَا سَبِيلَ إلَى إيجَابِهَا فَإِنْ عُدِمَتْ الْإِبِلُ قُوِّمَتْ الْخَمْسُ، وَأَخَذَتْ قِيمَتَهَا كَمَا فِي فَقْدِ إبِلِ الدِّيَةِ فَإِنْ عُدِمَ بَعْضُهَا أُخِذَتْ قِيمَتُهُ مَعَ الْمَوْجُودِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ (، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ خَصِيٍّ وَمَعِيبٍ) ، وَلَوْ خُنْثَى وَاضِحًا قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَلَا كَافِرٍ، وَهُوَ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ عَلَى كَافِرٍ بِبَلَدٍ تَقِلُّ فِيهِ الرَّغْبَةُ أَوْ عَلَى مُرْتَدٍّ أَوْ كَافِرَةٍ يُمْتَنَعُ وَطْؤُهَا لِتَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَهُ لِذَلِكَ (وَالِاعْتِيَاضُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْغُرَّةِ (كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ) فَلَا يَصِحُّ. (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي مُسْتَحِقِّهَا) أَيْ الْغُرَّةِ (وَ) فِي (مَنْ تَلْزَمُهُ الْمُسْتَحِقُّ) لَهَا هُوَ (الْوَارِثُ) لِلْجَنِينِ؛ لِأَنَّهَا دِيَةُ نَفْسٍ (فَعَلَى عَاقِلَةِ مَنْ شَرِبَتْ دَوَاءً) أَوْ غَيْرَهُ (وَأَجْهَضَتْ) جَنِينًا مَيِّتًا بِشُرْبِهَا (غُرَّةٌ لِلْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَتِهِ (دُونَهَا) ؛ لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ (وَالْغُرَّةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ إذْ لَا عَمْدَ فِيهَا) أَيْ فِي مُقْتَضِيهَا مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَنِينِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ جَنَى حُرُّ ابْنُ عَتِيقَةٍ أَبُوهُ رَقِيقٌ عَلَى امْرَأَةٍ حَامِلٍ وَانْجَرَّ وَلَاؤُهُ ثُمَّ أُجْهِضَتْ جَنِينًا] قَوْلُهُ: قِيَاسُ مَا رَجَّحَهُ قُبَيْلَ فَرْعِ وَطِئَ شَرِيكَانِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُكَاتَبِ غُرْمُ جَنِينِ أَمَتِهِ مِنْهُ إذَا أَجْهَضَهَا) أَيْ جَانٍ عَلَيْهَا، وَعَلَى فِي قَوْلِهِ، وَعَلَى الْمُكَاتَبِ تَعْلِيلِيَّةٌ بِمَعْنَى الْأُمِّ أَيْ، وَتَجِبُ لِأَجْلِ حَقِّ الْمُكَاتَبِ غُرَّةُ جَنِينِ أَمَتِهِ مِنْهُ عَلَى مَنْ جَنَى عَلَيْهَا فَأَجْهَضَهَا وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلِلْمُكَاتَبِ. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي صِفَةِ الْغُرَّةِ] (قَوْلُهُ: وَهِيَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ) عُلِمَ مِنْهُ امْتِنَاعُ الْخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِذَكَرٍ، وَلَا أُنْثَى، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَتَبِعَهُ الدَّمِيرِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ فس مَا قَالَاهُ ظَاهِرٌ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ أَيْضًا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ سَلِيمًا مِنْ عَيْبِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْخُنُوثَةَ مِنْ عُيُوبِهِ (قَوْلُهُ: مُمَيِّزَةٌ) فَالْمُعْتَبَرُ التَّمْيِيزُ، وَقَدْ يَحْصُلُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ (قَوْلُهُ: نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْأَبِ) أَيْ قِيمَتُهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 إذْ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ، وَلَا حَيَاتُهُ حَتَّى يَقْصِدَ (بَلْ) فِيهِ (خَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى أُمِّهِ خَطَأً أَمْ عَمْدًا أَمْ شُبْهَةً بِأَنْ قَصَدَ غَيْرَهَا فَأَصَابَهَا أَوْ قَصَدَهَا بِمَا يُجْهِضُ غَالِبًا أَوْ بِمَا لَا يُجْهِضُ غَالِبًا، وَقِيلَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ شِبْهُ الْعَمْدِ أَيْضًا، وَهُوَ قَوِيٌّ لِتَعَذُّرِ قَصْدِ الشَّخْصِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ كَالْعَمْدِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ (يُغَلَّظُ فِيهِ) فَيُؤْخَذُ عِنْدَ فَقْدِ الْغُرَّةِ حِقَّةٌ وَنِصْفٌ، وَجَذَعَةٌ وَنِصْفٌ وَخَلَفَتَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُغَلَّظَ فِي الْغُرَّةِ أَيْضًا بِأَنْ يَبْلُغَ قِيمَتُهَا نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ حَسَنٌ (وَإِنْ جَرَحَهَا) أَيْ الْحَامِلَ (فَأَجْهَضَتْ) جَنِينًا مَيِّتًا (فَأَرْشٌ) يَجِبُ لِلْجُرْحِ مُقَدَّرًا وَغَيْرَ مُقَدَّرٍ (وَغُرَّةٌ) تَجِبُ لِلْجَنِينِ (وَلَوْ ضَرَبَهَا) فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا (وَبَقِيَ) فِيهَا (شَيْنٌ فَغُرَّةٌ وَحُكُومَةٌ) تَجِبَانِ. (فَصْلٌ) لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ عَلَى حَامِلٍ ثُمَّ (أَنْكَرَ الْإِجْهَاضَ) لِلْجَنِينِ بِأَنْ قَالَ إنَّهَا لَمْ تُجْهَضْ أَوْ لَمْ تُجْهِضِيهِ بَلْ هُوَ مُلْتَقَطٌ (أَوْ) أَنْكَرَ (خُرُوجَهُ حَيًّا) بِأَنْ قَالَ خَرَجَ مَيِّتًا فَالْوَاجِبُ الْغُرَّةُ، وَقَالَ الْوَارِثُ بَلْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ (صُدِّقَ) الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فَعَلَى الْوَارِثِ الْبَيِّنَةُ بِمَا يَدَّعِيهِ (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ) إنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ (وَتُقْبَلُ هُنَا النِّسَاءُ) ؛ لِأَنَّ الْإِجْهَاضَ وَالِاسْتِهْلَالَ أَوْ نَحْوَهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَالِبًا إلَّا النِّسَاءُ كَالْوِلَادَةِ فَيُقْبَلْنَ عَلَى ذَلِكَ (لَا عَلَى) أَصْلِ (الْجِنَايَةِ) ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ فِيهِ الرِّجَالُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَعَلَّلَهُ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ الضَّرْبَ مِمَّا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ غَالِبًا لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ حَكَاهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَمَا قَالَهُ هُوَ قَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّ الْجِنَايَةَ الَّتِي لَا تُثْبِتُ إلَّا الْمَالَ كَقَتْلِ الْخَطَأِ تَثْبُتُ بِذَلِكَ (وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الْإِجْهَاضَ أَوْ مَوْتَ مَنْ خَرَجَ حَيًّا) كَانَ (بِسَبَبٍ آخَرَ) أَيْ غَيْرِ الْجِنَايَةِ (فَإِنْ كَانَ) الْإِجْهَاضُ أَوْ الْمَوْتُ عَقِبَ الْجِنَايَةِ أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ وَكَانَ (الْغَالِبُ بَقَاءَ الْأَلَمِ) فِي الْأُمِّ أَوْ الْجَنِينِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْإِجْهَاضِ وَالْمَوْتِ (صُدِّقَتْ هِيَ) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ. (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْغَالِبُ بَقَاءَ الْأَلَمِ إلَى ذَلِكَ (فَلَا) تُصَدَّقُ هِيَ بَلْ الْمُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْأَلَمَ لَمْ يَزُلْ حَتَّى أُجْهِضَتْ أَوْ مَاتَ الْجَنِينُ (وَلَا يُقْبَلُ هُنَا إلَّا رَجُلَانِ) صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى، وَقَاسَ بِهَا الْمُصَنِّفُ الثَّانِيَةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسِيَاقُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ صُدِّقَتْ هِيَ صُدِّقَ الْوَارِثُ كَانَ أَنْسَبَ بِكَلَامِهِ وَبِكَلَامِ أَصْلِهِ. (وَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ عُرِفَ اسْتِهْلَالُ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَجَهِلَ، وَجَبَ الْيَقِينُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ عَنْ الزَّائِدِ (فَإِنْ كَانَا ذَكَرًا وَأُنْثَى فَغُرَّةٌ وَدِيَةُ أُنْثَى) وَكَذَا إنْ كَانَا أُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ فَغُرَّةٌ وَدِيَةُ رَجُلٍ (وَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ) ذَكَرًا وَأُنْثَى (وَأَحَدُهُمَا حَيٌّ وَمَاتَ فَادَّعَى الْوَارِثُ حَيَاةَ الذَّكَرِ وَمَوْتَ الْأُنْثَى) وَالْجَانِي الْعَكْسُ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ عَمَلًا بِالْيَقِينِ وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِحَيَاةِ الذَّكَرِ، وَتَجِبُ غُرَّةٌ وَدِيَةُ أُنْثَى (وَ) لَوْ (صَدَّقَهُ الْجَانِي) فِي حَيَاةِ الذَّكَرِ وَكَذَّبَتْهُ الْعَاقِلَةُ (لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَيَلْزَمُهَا دِيَةُ أُنْثَى وَغُرَّةُ الْآخَرِ) وَالْبَاقِي فِي مَالِ الْجَانِي، وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِالْحُكُومَةِ بَدَلَ الْغُرَّةِ سَبْقُ قَلَمٍ (وَإِنْ أَلْقَتْ) جَنِينَيْنِ (حَيًّا وَمَيِّتًا) وَمَاتَ الْحَيُّ أَوْ جَنِينَيْنِ وَمَاتَا كَمَا صَوَّرَ بِهِ أَصْلَهُ (وَمَاتَتْ فَادَّعَى وَرَثَةُ الْجَنِينَيْنِ سَبْقَ مَوْتِهَا) مَوْتَهُ لِيَرِثَهَا ثُمَّ يَرِثُونَهُ (وَ) ادَّعَى (وَارِثُهَا عَكْسَهُ) لِتَرِثَ هِيَ الْجَنِينَ ثُمَّ يَرِثَهَا هُوَ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ بِهَا، وَإِلَّا (فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا فَلَا تَوَارُثَ) بَيْنَ الْجَنِينِ وَالْأُمِّ لِلْجَهْلِ بِمَوْتِ السَّابِقِ وَمَا تَرَكَهُ كُلُّ وَاحِدٍ لِوَرَثَتِهِ الْأَحْيَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ (قُضِيَ لِلْحَالِفِ) كَنَظَائِرِهِ وَذِكْرُ الْجَنِينَيْنِ مِثَالٌ فَمَا نَقَصَ عَنْهُمَا أَوْ زَادَ عَلَيْهِمَا كَذَلِكَ (بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ) الْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ} [النساء: 92] أَيْ فِي قَوْمٍ   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي مُسْتَحِقّ الْغُرَّة] قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ إلَخْ) أَيْ، وَلَا مَوْضِعُهُ (قَوْلُهُ: الْمُعْتَبَرُ فِيهِ) أَيْ شِبْهُ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يُغْلِظَ فِي الْغُرَّةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ حَسَنٌ) لَفْظُ الشَّافِعِيِّ، وَقِيمَةُ الْغُرَّةِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ دِيَةِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ فِي الْعَمْدِ، وَعَمْدُ الْخَطَأِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ خُمُسَاهَا بَعِيرَانِ خَلِفَتَانِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا، وَهُوَ قِيمَةُ ثَلَاثِ جِذَاعٍ وَحِقَاقٍ نِصْفَيْنِ مِنْ إبِلِ عَاقِلَةِ الْجَانِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إبِلٌ فَمِنْ إبِلِ بَلَدِهِ أَوْ أَقْرَبِ الْبُلْدَانِ، وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً أَدَّتْ عَاقِلَتُهُ أَيَّ غُرَّةٍ شَاءَتْ، وَقِيمَتُهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ رَجُلٍ مِنْ دِيَاتِ الْخَطَأِ. اهـ. وَهُوَ نَصٌّ فِي التَّغْلِيظِ، وَلَفْظُ الْحَاوِي الْجِنَايَةُ عَلَى الْجَنِينِ لَا تَكُونُ إلَّا خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَالْغُرَّةُ فِي الْحَالَيْنِ عَلَى الْعَاقِلَةِ تَخْفِيفًا، وَتَغْلِيظًا كَدِيَةِ النَّفْسِ. اهـ. فَوَافَقَ النَّصَّ، وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ إنْ وُجِدَتْ الْغُرَّةُ أُخِذَتْ، وَلَا تَغْلِيظَ، وَإِنْ عُدِمَتْ، وَقُلْنَا تَجِبُ قِيمَتُهَا فَلَا تَغْلِيظَ أَيْضًا، وَإِنْ قُلْنَا لَهَا بَدَلٌ مُقَدَّرٌ، وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُغَلَّظُ، وَقِيلَ تُغَلَّظُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. اهـ. وَالْمَذْهَبُ هُوَ الْمَنْصُوصُ، وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: فَإِنْ كَانَ خَطَأً فَقِيمَتُهَا قِيمَةُ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ أَخْمَاسًا، وَإِنْ كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ فَقِيمَةُ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ أَثْلَاثًا وَيُعْتَبَرُ التَّخْفِيفُ وَالتَّغْلِيظُ. [فَصْلٌ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ عَلَى حَامِلٍ ثُمَّ أَنْكَرَ الْإِجْهَاضَ لِلْجَنِينِ] (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ هُنَا النِّسَاءُ) أَيْ الْمُتَمَحِّضَاتُ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى أَصْلِ الْجِنَايَةِ) فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ الْمُتَمَحِّضَاتُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسِيَاقُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحه. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ إلَخْ) ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْجَنِينَيْنِ حُرًّا وَالْآخَرُ رَقِيقًا بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ كُنْت حُبْلَى بِوَلَدَيْنِ فَأَحَدُهُمَا حُرٌّ فَالْعِتْقُ صَحِيحٌ وَيَضْمَنُ الْحُرَّ بِغُرَّةٍ وَالرَّقِيقُ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَوْ أَلْقَتْ جَنِينًا ثُمَّ أَعْتَقَهَا ثُمَّ أَلْقَتْ الْآخَرَ ضُمِنَ الْأَوَّلُ بِعُشْرِ قِيمَتِهَا لِسَيِّدِهَا وَالثَّانِي بِالْغُرَّةِ لِوَرَثَتِهِ [بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ] (بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ) لَمَّا كَانَتْ الْكَفَّارَةُ مِنْ مُوجِبَاتِ الْقَتْلِ خَتَمَ بِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 {عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] ، وَقَوْلُهُ {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَخَبَرُ «وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ أَتَيْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدْ اسْتَوْجَبَ النَّارَ بِالْقَتْلِ فَقَالَ أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً يُعْتِقْ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهَا مِنْ النَّارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ (الْكَفَّارَةُ تَلْزَمُ مَنْ سِوَى الْحَرْبِيِّ مُمَيِّزًا كَانَ أَمْ لَا بِقَتْلِ كُلِّ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ مِنْ مُسْلِمٍ، وَلَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ، وَجَنِينٍ، وَعَبْدٍ وَنَفْسِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ مُبَاشَرَةً أَوْ تَسَبُّبًا، وَلَا يُؤَثِّرُ عَدَمُ الضَّمَانِ بِالْمَالِ أَوْ الْقِصَاصِ كَمَا فِي قَتْلِ عَبْدِهِ وَنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ وَخَرَجَ بِسِوَى الْحَرْبِيِّ الْحَرْبِيُّ فَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ وَمِثْلُهُ الْجَلَّادُ الْقَاتِلُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ ظُلْمًا، وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْحَالِ؛ لِأَنَّهُ سَيْفُ الْإِمَامِ وَآلَةُ سِيَاسَتِهِ وَبِالْقَتْلِ الْجِرَاحَاتُ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا لِوُرُودِ النَّصِّ بِهَا فِي الْقَتْلِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَيْسَ غَيْرُهُ فِي مَعْنَاهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيَّزِ لَوْ قَتَلَ بِأَمْرِ غَيْرِهِ ضَمِنَ آمِرُهُ دُونَهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ كَذَلِكَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (لَا بِقَتْلِ مُبَاحِ الدَّمِ) بِأَنْ أَذِنَ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (كَقَتْلِ مُرْتَدٍّ، وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَزَانٍ مُحْصَنٍ) وَحَرْبِيٍّ وَبَاغٍ وَصَائِلٍ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْبُغَاةِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ أَصْلًا بِقَتْلِ الْبَاغِي الْعَادِلِ إذَا كَانَ لَهُ تَأْوِيلٌ، وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ مَأْذُونًا لَهُ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ دَلِيلِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ مَحَلُّهُ إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ فِي قَتْلِهِ، وَإِلَّا فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ كَمَا تَجِبُ الدِّيَةُ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي قَتْلِهِ بِلَا إذْنٍ مَعْنَى الْقِصَاصِ فَلَا إشْكَالَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ. (وَلَا) تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ (بِذَرَارِيِّ) أَيْ بِقَتْلِ ذَرَارِيِّ (أَهْلِ الْحَرْبِ وَنِسَائِهِمْ) ، وَإِنْ حَرُمَ قَتْلُهُمْ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لَيْسَ لِحُرْمَتِهِمْ بَلْ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يَفُوتَهُمْ الِارْتِفَاقُ بِهِمْ (وَهِيَ) الْكَفَّارَةُ (غَيْرُ مُتَجَزِّئَةٍ) بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَنْقَسِمُ عَلَى الْأَطْرَافِ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَهِيَ لَا تَتَوَزَّعُ عَلَى الْجَمَاعَةِ (بَلْ عَلَى كُلِّ شَرِيكٍ) فِي الْقَتْلِ (كَفَّارَةٌ) كَالْقِصَاصِ وَفَارَقَتْ جَزَاءَ الصَّيْدِ بِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِهَتْكِ الْحُرْمَةِ لَا بَدَلًا (وَهِيَ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ) فِي التَّرْتِيبِ وَالصِّفَاتِ (لَكِنْ لَا إطْعَامَ) فِيهَا اقْتِصَارًا عَلَى الْوَارِدِ فِيهَا مِنْ إعْتَاقِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَلَا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الظِّهَارِ كَمَا فَعَلُوا فِي قَيْدِ الْأَيْمَانِ حَيْثُ اعْتَبَرُوهُ ثُمَّ حُمِلَا عَلَى الْمُقَيَّدِ هُنَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلْحَاقٌ فِي وَصْفٍ، وَهَذَا إلْحَاقٌ فِي أَصْلٍ، وَأَحَدُ الْأَصْلَيْنِ لَا يُلْحَقُ بِالْآخَرِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْيَدَ الْمُطْلَقَةَ فِي التَّيَمُّمِ حُمِلَتْ عَلَى الْمُقَيَّدَةِ بِالْمَرَافِقِ فِي الْوُضُوءِ، وَلَمْ يُحْمَلْ إهْمَالُ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى ذِكْرِهِمَا فِي الْوُضُوءِ (بَلْ) بِمَعْنًى لَكِنْ (إنْ مَاتَ قَبْلَ الصَّوْمِ أَطْعَمَ مِنْ تَرِكَتِهِ كَصَوْمِ رَمَضَانَ) أَيْ كَفَائِتِهِ فَيُخْرِجُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدُّ طَعَامٍ. (وَتَجِبُ) الْكَفَّارَةُ (فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) إذَا قَتَلَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِمَا) كَمَا يُخْرِجُ الزَّكَاةَ عَنْهُمَا مِنْهُ (فَلَوْ عُدِمَ) مَالُهُمَا (فَصَامَ الصَّبِيُّ) الْمُمَيِّزُ عَنْ كَفَّارَتِهِ (أَجْزَأَهُ) بِنَاءً عَلَى إجْزَاءِ قَضَائِهِ الْحَجَّ الَّذِي أَفْسَدَهُ، وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِ ذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَخَرَجَ بِالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَجْنُونُ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ، وَلَا يَصُومُ عَنْهُمَا الْوَلِيُّ بِحَالٍ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ السَّفِيهَ يُعْتِقُ عَنْهُ وَلِيُّهُ، وَتَرَدَّدَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ هَلْ يَتَوَلَّاهُ عَنْهُ الْوَلِيُّ أَوْ يُعَيِّنُ لَهُ رَقَبَةً، وَيَأْذَنُ لَهُ فِي عِتْقِهَا فِيهِ نَظَرٌ (وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (الْإِعْتَاقُ وَالْإِطْعَامُ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِ) وَكَأَنَّهُمَا مَلَكَاهُمَا ثُمَّ نَابَا عَنْهُمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: الْكَفَّارَةُ تَلْزَمُ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَعَدَّ بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ) ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ، وَلَا الدِّيَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] قَالَ الشَّافِعِيُّ تَبَعًا لِابْنِ عَبَّاسٍ أَيْ فِي قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ؛ وَلِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ لَا تُهْدِرُ دَمَهُ إذْ سَبَبُ الْعِصْمَةِ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ قَائِمٌ فِيهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قَدَّمَ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ الْكَفَّارَةَ عَلَى الدِّيَةِ، وَفِي الْكَافِرِ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَرَى تَقْدِيمَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نَفْسِهِ، وَالْكَافِرَ تَقْدِيمَ حَقِّ نَفْسِهِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَسَبُّبًا) كَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالزُّورِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ أَمَرَ بِهِ مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فَتَرَدَّى فِيهَا إنْسَانٌ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْحَافِرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَا حُكْمُ سُقُوطِ مَا بَنَاهُ مِنْ جَنَاحٍ وَرَوْشَنٍ وَمِيزَابٍ أَوْ رَوْشَنِ الطَّرِيقِ أَوْ وَضَعَ فِيهِ حَجَرًا أَوْ نَحْوَهُ أَوْ أَلْقَى فِيهِ قِشْرَ بِطِّيخٍ أَوْ بَاقِلَاءَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَنَفْسُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ نَفْسُهُ مَعْصُومَةً أَمَّا لَوْ كَانَ مُهْدَرًا كَمَا إذَا زَنَى، وَهُوَ مُحْصَنٌ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجِبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ قَتْلُ نَفْسِهِ لِلِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ الْغَيْرُ فَإِنَّهُ يَعْصِي بِافْتِيَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْجَلَّادُ إلَخْ) وَالْعَائِنُ الْمُقِرُّ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِالْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) ، وَقَالَ غَالِبُ ظَنِّي أَنَّ بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِهِ (قَوْلُهُ: كَقَتْلِ مُرْتَدٍّ إلَخْ) أَيْ، وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَصُورَةُ مَسْأَلَتِهِمْ أَنَّهُمْ مُهْدَرُونَ فِي حَقِّ قَاتِلِهِمْ، قَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ انْفَرَدَ بَعْضُ الْأَوْلَادِ بِقَتْلِ قَاتِلِ أَبِيهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ قَتْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ إلَخْ) يُتَصَوَّرُ إعْتَاقُ الذِّمِّيِّ لِلْمُسْلِمِ بِأَنْ يُسْلِمَ فِي مِلْكِهِ أَوْ يَقُولَ لِمُسْلِمٍ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْ كَفَّارَتِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ. (قَوْلُهُ: وَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِمَا) ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ لَزِمَ الصَّبِيَّ كَفَّارَةُ قَتْلٍ فَأَعْتَقَ الْوَلِيُّ عَنْهُ عَبْدًا لِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ، وَإِعْتَاقِهِ عَنْهُ، وَإِعْتَاقُ عَبْدِ الطِّفْلِ لَا يَجُوزُ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ الْمَذْكُورُ هُنَا كَمَا ذَكَرَ جَمَاعَةٌ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْوُجُوبِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ وَالْمَنْعُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي وَشَاهِدُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَدَاءُ دَيْنِ الطِّفْلِ حَتَّى يُطَالِبَهُ الْمُسْتَحِقُّ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ الْوَصَايَا. اهـ. وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ عِتْقُ التَّبَرُّعِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَى هَذَا فَلَا تَعَارُضَ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ السَّفِيهَ يُعْتِقُ عَنْهُ وَلِيُّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْإِطْعَامُ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 فِي ذَلِكَ (لَا غَيْرُهُمَا) كَوَصِيٍّ، وَقَيِّمٍ أَيْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُمَا (بَلْ يَتَمَلَّكُ لَهُمَا الْحَاكِمُ) مَا يُعْتِقُ وَيُطْعِمُ عَنْهُمَا (ثُمَّ يُعْتِقُ) وَيُطْعِمُ (عَنْهُمَا الْوَصِيُّ) أَوْ الْقَيِّمُ. (بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَمَا يَتْبَعُهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ) (الْأَوَّلُ فِي الدَّعْوَى، وَلَهَا خَمْسَةُ شُرُوطٍ الْأَوَّلُ التَّعْيِينَ) لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَلَوْ قَالَ قَتَلَ أَبِي أَحَدُ هَذَيْنِ) أَوْ أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةِ (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ لِلْإِبْهَامِ كَمَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى أَحَدِ رَجُلَيْنِ أَوْ رِجَالٍ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَجْهُولَةُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْقَتْلِ (وَلَا فِي غَيْرِهِ) كَغَصْبٍ، وَإِتْلَافٍ وَسَرِقَةٍ (وَلَمْ يَحْضُرْهُ) يَعْنِي الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَجْهُولُ الْغَائِبُ فَلَوْ قَالَ قَتَلَ أَبِي زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى، وَلَمْ يُحْضِرْ الْقَاضِي أَحَدًا مِنْهُمَا (وَكَذَا) لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى جَمْعٍ لَا يُتَصَوَّرُ) وُقُوعُهُ (مِنْهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى مُحَالٍ (فَإِنْ أَمْكَنَ) أَيْ تَصَوَّرَ وُقُوعُهُ مِنْهُمْ (سُمِعَتْ) . (الشَّرْطُ الثَّانِي التَّفْصِيلُ) لِلدَّعْوَى (فَيَقُولُ) قَتَلَهُ (خَطَأً أَوْ عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ مُنْفَرِدًا أَوْ شَرِيكًا) لِغَيْرِهِ وَيَصِفُ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ، الْأُوَلَ بِمَا يُنَاسِبُهُ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَخْتَلِفُ بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَلَوْ قَالَ كَأَصْلِهِ مُنْفَرِدًا بِدُونِ أَوْ كَانَ أَوْلَى (فَلَوْ أَطْلَقَ) دَعْوَاهُ (اُسْتُحِبَّ) لِلْقَاضِي (اسْتِفْصَالُهُ) وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الِاسْتِفْصَالَ تَلْقِينٌ مَمْنُوعٌ بَلْ التَّلْقِينُ أَنْ يَقُولَ لَهُ قُلْ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَالِاسْتِفْصَالُ أَنْ يَقُولَ كَيْفَ قُتِلَ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِحْبَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ) اسْتِفْصَالُهُ (بَلْ لَهُ أَنْ يُعْرِضَ عَنْهُ، وَلَا يَسْأَلَهُ الْجَوَابَ حَتَّى يُحَرِّرَ الدَّعْوَى) فَلَوْ قَالَ قَتَلَهُ بِشَرِكَةٍ سُئِلَ عَمَّنْ شَارَكَهُ فِي الْقَتْلِ (فَإِنْ ذَكَرَ مَعَ الْخَصْمِ شُرَكَاءَ) فِيهِ (لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَيْهِ لَغَتْ دَعْوَاهُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ أَمْكَنَ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ) لِعَدَمِ حَصْرِهِ لَهُمْ أَوْ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ لَهُمْ (وَالْوَاجِبُ الْقَوَدُ) بِأَنْ قَالَ قُتِلَ عَمْدًا مَعَ شُرَكَاءَ عَامِدِينَ (سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَثْبَتَهَا أَمْكَنَ الِاقْتِصَاصُ مِنْهُ، وَلَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِعَدَدِ الشُّرَكَاءِ (أَوْ) وَالْوَاجِبُ (الدِّيَةُ) بِأَنْ قَالَ قَتْلُ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ أَوْ تَعَمُّدٍ وَفِي شُرَكَائِهِ مُخْطِئٌ (فَلَا) تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ لَا تُعْلَمُ إلَّا بِحَصْرِ الشُّرَكَاءِ (نَعَمْ إنْ قَالَ مَثَلًا) لَا أَعْلَمُ عَدَدَهُمْ تَحْقِيقًا، وَلَكِنْ أَعْلَمُ أَنَّهُمْ (لَا يَزِيدُونَ عَلَى عَشَرَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ (وَطُولِبَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (بِالْعُشْرِ) مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَقَوْلُهُ مَثَلًا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَأَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ. الشَّرْطُ (الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَرْطُهُمَا التَّكْلِيفُ) وَشَرَطَ الْأَصْلُ كَوْنَ الْمُدَّعِي مُلْتَزِمًا فَخَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَرْبِيٍّ لَا أَمَانَ لَهُ فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ   [حاشية الرملي الكبير] وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْإِطْعَامِ عَنْهُمَا فِي غَيْرِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ أَوْ فِيهَا إذَا مَاتَا قَبْلَ صَوْمِهِمَا قَالَ شَيْخُنَا وَلُزُومُ الْكَفَّارَةِ لِلصَّبِيِّ خَاصَّةً بِالْقَتْلِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الصَّوْمِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ قَتَلَهُ بِإِصَابَةِ الْعَيْنِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ قَوَدٌ، وَلَا دِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَتْلِ بِهِ اخْتِيَارًا قَالَ الْإِمَامُ وَلِهَذَا لَوْ نَظَرَ، وَهُوَ صَائِمٌ إلَى مَنْ تَتُوقُ نَفْسُهُ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ، وَلَوْ كَانَ لِلنَّظَرِ أَثَرٌ فِي الضَّمَانِ لَأَفْسَدَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتُوا عَمَّا لَوْ قَتَلَهُ بِالْحَالِ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا عِنْدَنَا، وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَقْتُلَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارًا كَالسَّاحِرِ. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا لَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ. [بَابٌ دَعْوَى الدَّم] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي شُرُوط دَعْوَى الدَّم] (بَابُ دَعْوَى الدَّمِ) (قَوْلُهُ: فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَجْهُولَةُ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى بِالْقَتْلِ، وَقَدْ ظَهَرَ اللَّوْثُ فِي حَقِّ جَمَاعَةٍ فَيَدَّعِي أَنَّ أَحَدَ هَؤُلَاءِ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ فَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ مُسْقِطَاتِ اللَّوْثِ بِأَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهُمْ، وَهُوَ فَرْعُ سَمَاعِ الدَّعْوَى فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَوْثٌ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ الْكُلِّ ع، وَقَوْلُهُ فَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ. (قَوْلُهُ: الشَّرْطُ الثَّانِي التَّفْصِيلُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ مُدَّعِيَ الْقَتْلِ بِالسَّحَرِ لَا يُسْتَفْصَلُ بَلْ يَسْأَلُ الْحَاكِمُ السَّاحِرَ وَيَعْمَلُ بِبَيَانِهِ وَيَثْبُتُ الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ بِإِقْرَارٍ لَا بَيِّنَةٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلْبَيِّنَةِ فِيهِ مَمْنُوعٌ بَلْ مَا يَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ السَّحَرُ يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ أَيْضًا كَمَا لَوْ قَالَ سَحَرْته بِكَذَا فَشَهِدَ عَدْلَانِ مِنْ السَّحَرَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مِنْ السِّحْرِ يَقْتُلُ غَالِبًا فَيَثْبُتُ مَا شَهِدَا بِهِ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُحَرِّرَ الدَّعْوَى) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ تَصْحِيحُ دَعْوَاهُ إذَا أَعْرَضَ عَنْهُ الْحَاكِمُ أَوْ قَالَ لَهُ صَحِّحْ دَعْوَاك بِالسُّؤَالِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يَلْزَمْ الْحَاكِمَ الِاسْتِفْصَالُ وَيَجُوزُ وَيُحْمَلُ النَّصُّ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ تَصْحِيحُهَا، وَلَا يَجِدُ مَنْ يُصَحِّحُهَا لَهُ وَيُرْشِدُهُ إلَى صَوَابِهَا وَدَفْعُهُ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعٍ، وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ اسْتِفْسَارُهُ لِلضَّرُورَةِ وَرَتَّبَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ. (تَنْبِيهٌ) هَلْ يَخْتَصُّ هَذَا الِاسْتِفْصَالُ بِالدِّمَاءِ لِخَطَرِهَا أَوْ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا مِنْ الدَّعَاوَى، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَالْقِيَاسُ الثَّانِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِكِتَابَةِ رُقْعَةٍ بِالْمُدَّعِي وَالدَّعْوَى بِمَا فِيهَا، وَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ، وَالْوَاجِبُ الْقَوَدُ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ إلَخْ) الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِنَا يَجِبُ الْقَوَدُ بِالْقَسَامَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالرَّاجِحِ إنَّهُ لَا يَجِبُ بِهَا فَلَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ إلَّا إثْبَاتُ الْمَالِ وَمَا يَخُصُّ الْحَاضِرَ مَجْهُولٌ. اهـ. وَهُوَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ع قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ ادَّعَى مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ بِأَنْ قَالَ قَتَلَهُ عَمْدًا مَعَ شُرَكَاءَ عَامِدِينَ سُمِعَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِعَدَدِ الشُّرَكَاءِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَوْثٌ، وَإِلَّا فَكَمَا لَوْ ادَّعَى الدِّيَةَ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ لَا تُوجِبُ الْقِصَاصَ وَكَتَبَ أَيْضًا، وَقَالَ الْإِمَامُ إنْ كَانَ الْقَتْلُ مِمَّا يُوجِبُ الْقَوَدَ لَوْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ لِبَيِّنَةٍ فَإِنْ قُلْنَا لَا قَوَدَ بِالْقَسَامَةِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ لَا غَرَضَ، وَالْحَالُ هَذِهِ إلَّا إثْبَاتُ الْمَالِ وَالْقَتْلُ الْمُدَّعَى بِهِ مَجْهُولٌ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَإِذَا الْمَذْكُورُ فِي الرَّوْضَةِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ الْمَرْجُوحِ. اهـ. يُجَابُ بِأَنَّ الْحَاكِمَ يَسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةَ ثُمَّ إنْ ثَبَتَ مُوجِبُ الْقِصَاصِ بِنَحْوِ بَيِّنَةٍ فَذَاكَ، وَإِنْ أَرَادَ إثْبَاتَهُ بِالْقَسَامَةِ لَمْ يُجِبْهُ الْحَاكِمُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ) أَيْ إنْ ذَكَرَهُ ذُهُولٌ عَنْ قَوَاعِدَ مَذْكُورَةٍ فِي كِتَابِ السِّيَرِ وَغَيْرِهِ فَقَدْ نَصُّوا هُنَاكَ عَلَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا دَخَلَ عَلَيْنَا بِأَمَانٍ، وَأَوْدَعَ عِنْدَنَا مَالًا ثُمَّ عَادَ لِلِاسْتِيطَانِ فَإِنَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 إنْ ذَكَرَهُ ذُهُولٌ مَمْنُوعٌ، وَقَدْ اغْتَرَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَحَذَفَهُ مَعَ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ مِنْ مُكَلَّفٍ مُلْتَزِمٍ عَلَى مِثْلِهِ (فَتُسْمَعُ) الدَّعْوَى (، وَإِنْ كَانَ) كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (جَنِينًا حَالَ الْقَتْلِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْلَمُ الْحَالُ بِالتَّسَامُعِ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ فِي مَظِنَّةِ الْحَلِفِ إذَا عَرَفَ مَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِ الْجَانِي أَوْ سَمَاعِ مَنْ يَثِقُ بِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنًا، وَقَبَضَهَا فَادَّعَى رَجُلٌ مِلْكَهَا فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ الْبَائِعِ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْجَنِينِ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَتُسْمَعُ دَعْوَى السَّفِيهِ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ (وَيَحْلِفُ وَيَحْلِفُ وَيَقْتَصُّ وَالْمَالُ) إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَيْهِ (يَأْخُذُهُ الْوَلِيُّ كَمَا فِي دَعْوَى الْمَالِ) يَدَّعِي السَّفِيهُ وَيَحْلِفُ، وَالْوَلِيُّ يَأْخُذُ الْمَالَ (وَتُسْمَعُ) الدَّعْوَى (عَلَى السَّفِيهِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَوْثٌ (فَإِنْ أَقَرَّ بِمُوجِبِ قِصَاصٍ أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي اقْتَصَّ مِنْهُ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ الْحَقِيقِيِّ فِي الْأُولَى وَالْحُكْمِيُّ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ مَقْبُولٌ (أَوْ أَقَرَّ بِمُوجِبِ مَالٍ فَلَا) يَقْتَصُّ مِنْهُ لَكِنْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (، وَلَا يَحْلِفُ) الْمُدَّعِي (إنْ أَنْكَرَ السَّفِيهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ نُكُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي كَالْإِقْرَارِ (وَإِنْ كَانَ لَوْثٌ أَقْسَمَ الْمُدَّعِي، وَقُضِيَ لَهُ) كَمَا فِي غَيْرِ السَّفِيهِ (وَإِنْ أَقَرَّ مُفْلِسٌ) إقْرَارًا حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا (لِرَجُلٍ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ) أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ (وَكَذَّبَتْهُ الْعَاقِلَةُ أَوْ) بِجِنَايَةِ (عَمْدٍ، وَعَفَا عَلَى مَالٍ زَاحَمَ) الرَّجُلُ (الْغُرَمَاءَ) عَمَلًا بِإِقْرَارِ الْمُفْلِسِ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْعَاقِلَةُ تَحَمَّلَتْ مُوجِبَ مَا صَدَّقَتْ فِيهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُفْلِسُ فَإِنْ كَانَ بَيِّنَةٌ أَوْ لَوْثٌ، وَأَقْسَمَ الْمُدَّعِي زَاحَمَ الْغُرَمَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَلَا لَوْثٌ حَلَفَ الْمُفْلِسُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي، وَقَضَى لَهُ (وَالدَّعْوَى فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ) تَكُونُ (عَلَيْهِ إنْ أَوْجَبَتْ قِصَاصًا أَوْ كَانَ ثَمَّ لَوْثٌ) لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ فِي الْأُولَى وَالْقَسَامَةِ فِي الثَّانِيَةِ فَيُرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ حُكْمُهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُوجِبْ قِصَاصًا، وَلَا ثَمَّ لَوْثٌ (فَعَلَى السَّيِّدِ) الدَّعْوَى (وَتَعَلَّقَ الْمَالُ) حَيْثُ وَجَبَ (بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ) كَسَائِرِ جِنَايَاتِهِ. الشَّرْطِ (الْخَامِسُ عَدَمُ التَّنَاقُضِ) فِي دَعْوَاهُ (فَإِنْ ادَّعَى انْفِرَادَهُ بِالْقَتْلِ ثُمَّ ادَّعَاهُ عَلَى آخَرَ) شَرِكَةً أَوْ انْفِرَادًا (لَغَتْ) دَعْوَاهُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى تُكَذِّبُهَا (وَكَذَا) تَلْغُو (الْأُولَى قَبْلَ الْحُكْمِ) ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تُكَذِّبُهَا بِخِلَافِهَا بَعْدَهُ فَيُمْكِنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَاتِلٍ (فَلَوْ أَقَرَّ لَهُ الثَّانِي) بِمَا ادَّعَاهُ (لَزِمَهُ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا وَيُحْتَمَلُ كَذِبُ الْمُدَّعِي فِي الْأُولَى وَصِدْقُهُ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِذَا ادَّعَى) قَتْلًا (عَمْدًا وَوَصَفَهُ بِخَطَأٍ) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ ادَّعَى خَطَأً وَوَصَفَهُ بِعَمْدٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ ادَّعَى شِبْهَ عَمْدٍ وَوَصَفَهُ بِغَيْرِهِ (سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ مَا لَيْسَ بِعَمْدٍ أَوْ عَكْسِهِ فَيَتَبَيَّنُ بِتَفْسِيرِهِ أَنَّهُ مُخْطِئٌ فِي اعْتِقَادِهِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكْذِبُ فِي الْوَصْفِ وَيَصْدُقُ فِي الْأَصْلِ (فَاعْتُمِدَ تَفْسِيرُهُ) فَيَمْضِي حُكْمُهُ. (وَإِنْ قَالَ) بَعْدَ دَعْوَاهُ الْقَتْلَ، وَأَخْذِهِ الْمَالَ (أَخَذْت الْمَالَ بَاطِلًا) أَوْ مَا أَخَذْته حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ نَحْوِهِ (سُئِلَ فَإِنْ قَالَ لَيْسَ بِقَاتِلٍ) وَكَذَبْت فِي الدَّعْوَى (اُسْتُرِدَّ) الْمَالُ مِنْهُ (أَوْ) قَالَ (قُضِيَ لِي) عَلَيْهِ (بِيَمِينٍ، وَأَنَا حَنَفِيٌّ) لَا أَعْتَقِدُ أَخْذَ الْمَالِ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي (لَمْ يَسْتَرِدَّ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ لَا إلَى اعْتِقَادِ الْخَصْمَيْنِ فَلَوْ تَعَذَّرَ سُؤَالُهُ بِمَوْتِهِ سُئِلَ وَارِثُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْجَوَابِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُلْزَمُ بِالرَّدِّ (وَ) نَظِيرُ مَا ذُكِرَ (مَنْ قَالَ لَا أَمْلِكُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ إرْثٌ) أَيْ؛ لِأَنِّي وَرِثْته (مِنْ كَافِرٍ وَفُسِّرَ) كُفْرُهُ (بِالِاعْتِزَالِ أَوْ) لَا أَمْلِكُهُ (لِأَنَّهُ قُضِيَ لِي) مِنْ حَنَفِيٍّ بِأَخْذِهِ (بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ) ، وَأَنَا شَافِعِيٌّ لَا أَرَى الْأَخْذَ بِهَا (أَوْ) لَا أَمْلِكُ هَذِهِ الْأَمَةَ (لِأَنَّهَا مُسْتَوْلَدَةُ أَبِي، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ) اسْتَوْلَدَهَا (بِنِكَاحٍ) وَاسْتَنَدَ هُوَ فِيمَا قَالَهُ إلَى ذَلِكَ (فَلَا أَثَرَ لِإِقْرَارِهِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَيَمْلِكُ فِيهَا مَا أَقَرَّ بِهِ لِفَسَادِ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ.   [حاشية الرملي الكبير] الْأَمَانَ لَا يُنْتَقَضُ فِي مَالِهِ عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ عَبْدٌ كَافِرٌ قَتَلَهُ كَافِرٌ طَالَبَهُ الْحَرْبِيُّ بِالْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ، وَلَمْ يُنْفِقْ بَيْعَهُ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ وَذَكَرُوا أَيْضًا هُنَاكَ أَنَّهُ إذَا اقْتَرَضَ حَرْبِيٌّ مِنْ حَرْبِيٍّ أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَدْيُونُ أَوْ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ أَنَّ دَيْنَ الْحَرْبِيِّ بَاقٍ بِحَالِهِ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ مِنْ مُكَلَّفٍ مُلْتَزِمٍ عَلَى مِثْلِهِ) لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا لِاشْتِرَاطِ الِالْتِزَامِ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلْتَزِمًا وَلِهَذَا لَا يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ وَكَذَا عَلَى الْحَرْبِيِّ بِإِتْلَافٍ فِي حَالِ الْتِزَامِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا بَعْدَهُ فَيُمْكِنُ إلَخْ) سَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ، وَأَخْذِ الْمَالِ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنْ قَالَ إنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ قَاتِلًا رَدَّ عَلَيْهِ الْمَالَ، وَإِنْ قَالَ إنَّهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِيهِ فَهَلْ يُرَدُّ الْقِسْطُ أَوْ نَقُولُ يَرْتَفِعُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ، وَيُنْشِئُ الْقَسَامَةَ عَلَى الِاشْتِرَاكِ الَّذِي ادَّعَاهُ أَخِيرًا فَهَذَا مَوْضِعُ تَرَدُّدٍ، وَقِيَاسُ الْبَابِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ تَفْسِيرَهُ فَيَمْضِي حُكْمُهُ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يُفَصِّلُوا بَيْنَ الْعَارِفِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ الِانْتِقَالُ إلَّا إذَا ادَّعَى سَبْقَ لِسَانٍ أَوْ نَحْوَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ تَأْوِيلًا أَوْ لَا وَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ بِمُقْتَضَى النَّظَائِرِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنْ ادَّعَى الْفَقِيهُ الْعَمْدَ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِغَيْرِهِ أَوْ ادَّعَى الْخَطَأَ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِالْعَمْدِ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ بِخِلَافِ الْعَامِّيِّ فَإِنَّهُ قَدْ يُظَنُّ مَا لَيْسَ بِعَمْدٍ عَمْدًا وَبِالْعَكْسِ وَكَتَبَ أَيْضًا، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ ادَّعَى خَطَأً فَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَهُ هَلْ كَانَ خَطَأً مَحْضًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَإِنْ فُسِّرَ بِشِبْهِ الْعَمْدِ سَأَلَهُ عَنْ صِفَتِهِ كَمَا يَسْأَلُهُ عَنْ صِفَةِ الْعَمْدِ الْمَحْضِ ثُمَّ يَعْمَلُ عَلَى صِفَتِهِ دُونَ دَعْوَاهُ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مُخَالَفَةِ صِفَتِهِ دَعْوَاهُ مِنْ جَوَازِ الْقَسَامَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ ادَّعَى خَطَأً مَحْضًا فَهَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ صِفَةِ الْخَطَأِ؟ . فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ أَحْوَالِ الْقَتْلِ، وَأَصَحُّهُمَا اللُّزُومُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ الْمَضْمُونُ بِغَيْرِهِ فَإِنْ طَابَقَتْ الصِّفَةُ فَذَاكَ، وَإِنْ وَصَفَهُ بِمَا لَا يُضْمَنُ فَلَا قَسَامَةَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَرِيءٌ مِنْ الدَّعْوَى، وَإِنْ وَصَفَهُ بِشِبْهِ الْعَمْدِ أَقْسَمَ عَلَى دَعْوَاهُ فِي الْخَطَأِ الْمَحْضِ دُونَ شِبْهِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى أَقَلُّ مِنْ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِالرَّدِّ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 (أَوْ) قَالَ لَا أَمْلِكُ هَذَا (لِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ، وَلَمْ يُعَيِّنْ مَالِكَهُ فَمَالٌ ضَائِعٌ) ، وَإِنْ عَيَّنَهُ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُقْبَلُ عَلَيْهِ (وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ) أَيْ مَنْ أَقْسَمَ (نَدِمْت عَلَى الْقَسَامَةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ (فَإِنْ) ادَّعَى قَتْلًا عَلَى رَجُلٍ، وَ (أَخَذَ الدِّيَةَ بِيَمِينِهِ وَاعْتَرَفَ آخَرُ بِالْقَتْلِ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ) الْآخِذُ (فَلَا أَثَرَ) لِقَوْلِهِ فِيمَا جَرَى (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ صَدَّقَهُ (رَدَّ الدِّيَةَ) عَلَى الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ (وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُقِرِّ) بِهَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا بَنَى الدَّعْوَى الْأُولَى عَلَى ظَنٍّ حَصَلَ لَهُ، وَإِقْرَارُ الثَّانِي يُفِيدُ الْيَقِينَ أَوْ ظَنًّا أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الْأَوَّلِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي أَوَّلِ هَذَا الشَّرْطِ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْقَسَامَةِ) هِيَ لُغَةً اسْمٌ لِأَوْلِيَاءِ الدَّمِ وَلِأَيْمَانِهِمْ وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِأَيْمَانِهِمْ وَيُطْلِقُهَا أَئِمَّتُنَا عَلَى الْأَيْمَانِ مُطْلَقًا أَيْضًا وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ لَمَّا أَخْبَرُوهُ بِقَتْلِ الْيَهُودِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ بِخَيْبَرَ، وَأَنْكَرَهُ الْيَهُودُ أَتَحْلِفُونَ، وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ وَفِي رِوَايَةٍ تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ قَاتِلِكُمْ أَوْ صَاحِبِكُمْ قَالُوا كَيْفَ نَحْلِفُ، وَلَمْ نُشَاهِدْ، وَلَمْ نَرَ قَالَ فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا قَالُوا كَيْفَ نَأْخُذُ بِأَيْمَانِ كُفَّارٍ فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِهِ» ، وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . (وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ الْأَوَّلُ فِي مَحِلِّهَا) أَيْ الْقَسَامَةِ (وَهُوَ قَتْلُ الْحُرِّ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ) الْآتِي بَيَانُهُ (وَكَذَا الْعَبْدُ) ، وَلَوْ مُكَاتَبًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَدَلَهُ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَفِي مَعْنَاهُ الْأَمَةُ، وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ (فَلَا قَسَامَةَ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ مِنْ جُرْحٍ، وَإِتْلَافِ مَالٍ) بَلْ يُصَدَّقُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَصْلِ (وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ لَوْثٌ) ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَالنَّصُّ وَرَدَ فِي النَّفْسِ وَحُرْمَتُهَا أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ غَيْرِهَا وَلِهَذَا اخْتَصَّتْ بِالْكَفَّارَةِ وَكَذَا لَا قَسَامَةَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ اللَّوْثِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ لِانْتِفَاءِ مَا يُفِيدُ الظَّنَّ (وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ أَوْ نَقَضَ الْعَهْدَ) فِيمَا لَوْ كَانَ كَافِرًا (وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ) فِي الْأُولَى (أَوْ تَجْدِيدِ الْعَهْدِ) فِي الثَّانِيَةِ (فَلَا قَسَامَةَ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ ضَمَانُ الْجُرْحِ دُونَ النَّفْسِ فَإِنْ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ تَجْدِيدِ الْعَهْدِ جَرَتْ الْقَسَامَةُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ حِينَئِذٍ ضَمَانُ النَّفْسِ. (وَاللَّوْثُ) لُغَةً الْقُوَّةُ، وَيُقَالُ الضَّعْفُ يُقَالُ لَاثَ فِي كَلَامِهِ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ ضَعِيفٍ وَاصْطِلَاحًا (قَرِينَةٌ تُوقِعُ فِي الْقَلْبِ صِدْقَ الْمُدَّعِي كَأَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ فِي مَسَاكِنِ أَعْدَائِهِ) كَالْحِصْنِ وَالْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْمَحَلَّةِ (الْمُنْفَرِدَةِ عَنْ الْبَلَدِ الْكَبِيرِ، وَلَمْ يُخَالِطْهُمْ غَيْرُهُمْ) حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ مَثَلًا بِقَارِعَةِ طَرِيقٍ يَطْرُقُهَا غَيْرُهُمْ فَلَا لَوْثَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ غَيْرَهُمْ قَتَلَهُ وَاعْتِبَارُ عَدَمِ الْمُخَالَطَةِ جَرَى عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ فَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَذَهَبَ إلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ بَلْ جَمِيعُهُمْ إلَّا الشَّاذَّ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ تَصْحِيحُ اعْتِبَارِ أَنْ لَا يُسَاكِنَهُمْ غَيْرُهُمْ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِمْ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ مَنْ لَمْ تُعْلَمْ صَدَاقَتُهُ لِلْقَتِيلِ، وَلَا كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِلَّا فَاللَّوْثُ مَوْجُودٌ فَلَا تُمْنَعُ الْقَسَامَةُ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَيَدُلُّ لَهُ قَضِيَّةُ خَيْبَرَ فَإِنَّ إخْوَةَ الْقَتِيلِ كَانُوا مَعَهُ وَمَعَ ذَلِكَ شُرِعَتْ الْقَسَامَةُ، قَالَ الْعِمْرَانِيُّ: وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ الْمَكَانَ غَيْرُ أَهْلِهِ لَمْ تُعْتَبَرْ الْعَدَاوَةُ (أَوْ) يُوجَدُ (قَرِيبًا مِنْ قَرْيَتِهِمْ) مَثَلًا (وَلَا سَاكِنَ فِي الصَّحْرَاءِ، وَلَا عِمَارَةَ) ثَمَّ (أَوْ) يُوجَدُ، وَقَدْ (تَفَرَّقَ عَنْهُ جَمْعٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَعْدَاءَهُ (وَبِهِ أَثَرُ جُرْحٍ أَوْ خَنْقٍ أَوْ عَضٍّ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ عَصْرٍ (وَلَوْ) كَانَ وُجُودُهُ (فِي الْمَسْجِدِ أَوْ) فِي (بَابِ الْكَعْبَةِ أَوْ) فِي (الطَّوَافِ وَنَحْوِهِ) كَبُسْتَانٍ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ أَثَرُ جُرْحٍ أَوْ خَنْقٍ أَوْ عَضٍّ يُغْنِي عَنْهُ مَا يَأْتِي قُبَيْلَ الطَّرَفِ الثَّانِي بَلْ ذِكْرُهُ هُنَا يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا قَبْلَهُ، وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (أَوْ) يُوجَدُ، وَقَدْ (ازْدَحَمُوا فِي مَضِيقٍ) إذْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ أَوْ بَعْضُهُمْ، وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ ازْدَحَمُوا كَانَ أَوْلَى، وَأَخْصَرَ (أَوْ وُجِدَ) الْأَنْسَبُ بِكَلَامِهِ يُوجَدُ (قَتِيلٌ فِي صَحْرَاءَ، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مُلَطَّخٌ سِلَاحُهُ) أَوْ ثَوْبُهُ أَوْ بَدَنُهُ (بِالدَّمِ، وَلَا قَرِينَةَ تُعَارِضُهُ) بِأَنْ لَا يَكُونَ ثُمَّ مَا تُمْكِنُ إحَالَةُ الْقَتْلِ عَلَيْهِ (فَلَوْ وُجِدَ بِقُرْبِهِ سَبُعٌ أَوْ رَجُلٌ) آخَرُ (مُوَلٍّ ظَهْرَهُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ أَوْ غَيْرُ مُوَلٍّ (أَوْ وُجِدَ أَثَرُ قَدَمٍ أَوْ تَرْشِيشِ دَمٍ فِي غَيْرِ جِهَةِ صَاحِبِ السِّلَاحِ فَلَيْسَ بِلَوْثٍ فِي حَقِّهِ) إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْثٌ فِي حَقِّهِ كَأَنْ وُجِدَ بِهِ جِرَاحَاتٌ لَا يَكُونُ مِثْلُهَا مِنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ وُجِدَ. (ثُمَّ وَلَوْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَمَالٌ ضَائِعٌ) وَفِي الشَّامِلِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَفْعُ الْيَدِ عَنْهُ [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْقَسَامَةِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي مَحِل الْقَسَامَة] (قَوْلُهُ: وَاللَّوْثُ قَرِينَةٌ تُوقِعُ إلَخْ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ الْقَرِينَةَ الْحَالِيَّةَ وَالْقَوْلِيَّةَ وَالْفِعْلِيَّةَ، وَالْمُرَادُ أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تُوقِعُ فِي قَلْبِ الْحَاكِمِ صِدْقَ دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ: صَدَقَ الْمُدَّعِي) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا عَرَفَ أَنَّ الْقَاتِلَ غَيْرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ عَلِمَ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: أَعْدَائِهِ) يَكْفِي كَوْنُهُمْ أَعْدَاءَ الْقَبِيلَةِ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ الْعَدَاوَةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بِسَبَبِ دِينٍ وَدُنْيَا إذَا كَانَتْ تَبْعَثُ عَلَى الِانْتِقَامِ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُخَالِطْهُمْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ يُسَاكِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ تَصْحِيحُ اعْتِبَارٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْعِمْرَانِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ الْمَكَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ شَبِيهَةٌ بِالدَّارِ الَّتِي تَفَرَّقَ فِيهَا الْجَمَاعَةُ عَنْ قَتِيلٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا سَاكِنَ فِي الصَّحْرَاءِ، وَلَا عِمَارَةَ) ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ طَرِيقٌ جَادَّةٌ كَثِيرَةُ الطَّارِقِينَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 اسْتَفَاضَ) بَيْنَ النَّاسِ (أَنَّهُ) أَيْ أَنَّ فُلَانًا هُوَ (الْقَاتِلُ أَوْ رُئِيَ مِنْ بَعِيدٍ) يُحَرِّكُ يَدَهُ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ يَضْرِبُ (فَوُجِدَ مَكَانَهُ قَتِيلٌ أَوْ شَهِدَ عَدْلٌ) ، وَلَوْ قَبْلَ الدَّعْوَى (وَكَذَا امْرَأَتَانِ أَوْ عَبْدَانِ أَوْ صَبِيَّانِ أَوْ فُسَّاقٌ أَوْ ذِمِّيُّونَ) ، وَلَوْ دَفْعَةً بِأَنَّهُ الْقَاتِلُ (فَلَوْثٌ) فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ يُثِيرُ الظَّنَّ، وَاحْتِمَالُ التَّوَاطُؤِ كَاحْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي شَهَادَةِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ، وَقَدْ حَكَى الرَّافِعِيُّ فِي شَهَادَةِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُمْ كَعَبِيدٍ وَنِسْوَةٍ جَاءُوا دَفْعَةً، وَجْهَيْنِ أَشْهَرُهُمَا الْمَنْعُ، وَأَقْوَاهُمَا أَنَّهُ لَوْثٌ، وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الْأَصَحِّ بَدَلَ الْأَقْوَى، قَالَ الْإِسْنَوِيِّ: وَهُوَ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ بَحَثَ، وَأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى خِلَافِهِ لَا سِيَّمَا، وَقَدْ نَقَلَ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ الْمَنْعَ فَيَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ. انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ مُقَابِلُهُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَلَمْ يَنْسُبْ تَرْجِيحَ الْمَنْعِ إلَى أَحَدٍ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الرَّافِعِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ بَحْثٌ، وَأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى خِلَافِهِ مَمْنُوعٌ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ يَقْتَضِي الْقَوْلَ بِهِ فِي نَظِيرِهِ مِمَّنْ لَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ كَفَسَقَةٍ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ بِالشَّهَادَةِ يُوهِمُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْبَيَانُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَكْفِي الْإِخْبَارُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُشْتَرَطُ الْبَيَانُ فَقَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِلَوْثٍ لَوْثًا ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ. (لَا قَوْلَ الْمَقْتُولِ) أَيْ الْمَجْرُوحِ جَرَحَنِي فُلَانٌ أَوْ قَتَلَنِي أَوْ دَمِي عِنْدَهُ أَوْ نَحْوُهُ فَلَيْسَ بِلَوْثٍ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فَلَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ، وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ فَيَقْصِدُ إهْلَاكَهُ (فَإِنْ تَفَرَّقَ عَنْهُ جَمْعٌ لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ) كَمَا فِي الِازْدِحَامِ بِمَضِيقٍ (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ عَلَيْهِمْ كَمَا مَرَّ (وَتُسْمَعُ عَلَى بَعْضِهِمْ فِي الِازْدِحَامِ) كَمَا لَوْ ثَبَتَ اللَّوْثُ فِي جَمَاعَةٍ مَحْصُورِينَ فَادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَى بَعْضِهِمْ (وَيَعْتَمِدُ الْقَاضِي لَوْثًا عَايَنَهُ) ، وَلَا يُخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَضَائِهِ بِعِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي بِالْأَيْمَانِ. (وَقَتِيلُ الصَّفَّيْنِ) الْمُتَقَاتِلَيْنِ أَيْ قَتِيلُ أَحَدِهِمَا الْمَوْجُودِ عِنْدَ انْكِشَافِهِمَا (إنْ الْتَحَمَ قِتَالٌ) بَيْنَهُمَا، وَلَوْ بِأَنْ وَصَلَ سِلَاحُ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ (فَلَوْثٌ فِي حَقِّ صَفِّ الْعَدُوِّ) لِلْقَتِيلِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ أَهْلَ صَفِّهِ لَا يَقْتُلُونَهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَتَّمْ الْقِتَالُ (فَفِي) أَيْ فَهُوَ لَوْثٌ فِي (حَقِّ) أَهْلِ (صَفِّهِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ (فَلَوْ وُجِدَ بَعْضُهُ) أَيْ الْقَتِيلِ (فِي مَحَلَّةِ أَعْدَائِهِ وَبَعْضُهُ فِي أُخْرَى لِأَعْدَاءٍ) لَهُ (آخَرِينَ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُعَيِّنَ) أَحَدَهُمَا وَيَدَّعِيَ عَلَيْهِ (وَيُقْسِمَ) قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهَا وَيُقْسِمَ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ أَوْ قَبِيلَتَيْنِ، وَلَمْ يُعْرَفْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا عَدَاوَةٌ لَمْ يُجْعَلْ قُرْبَهُ مِنْ إحْدَاهُمَا لَوْثًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنْ يُبْعِدَ الْقَاتِلُ الْقَتِيلَ عَنْ فِنَائِهِ وَيَنْقُلَهُ إلَى بُقْعَةٍ أُخْرَى دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ عَنْ نَفْسِهِ، وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَمْ يُثْبِتْ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إسْنَادَهُ. (فَصْلٌ: قَدْ يُعَارِضُ اللَّوْثَ مَا يُبْطِلُهُ فَإِذَا ظَهَرَ لَوْثٌ عَلَى جَمَاعَةٍ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُعَيِّنَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ) وَفِي نُسْخَةٍ الْأَكْثَرَ مِنْهُمْ وَيَدَّعِيَ عَلَيْهِ وَيُقْسِمَ؛ لِأَنَّ اللَّوْثَ كَذَلِكَ يَظْهَرُ، وَقَلَّمَا يَخْتَصُّ بِالْوَاحِدِ (فَإِنْ قَالَ الْقَاتِلُ أَحَدُهُمْ، وَلَا أَعْرِفُهُ فَلَا قَسَامَةَ، وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ) قَالَ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرُهُ: هَذَا خِلَافُ الصَّحِيحِ فَقَدْ مَرَّ أَوَّلُ الْبَابِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ قَتَلَهُ أَحَدُ هَؤُلَاءِ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي تَحْلِيفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَمْ يُجِبْهُ لِلْإِبْهَامِ وَسَبَبُ مَا وَقَعَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا أَنَّ الْغَزَالِيَّ فِي الْوَجِيزِ ذَكَرَهُ هُنَا كَذَلِكَ، وَهُوَ مِمَّنْ يُصَحِّحُ سَمَاعَ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَقَلَّدَهُ ذَاهِلًا عَمَّا مَرَّ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْلِيفِ (فَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ) مِنْهُمْ عَنْ الْيَمِينِ (فَذَلِكَ لَوْثٌ فِي حَقِّهِ) ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ يُشْعِرُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَ عَدْلٌ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا شَهِدَ الْعَدْلُ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ وَكَانَ فِي خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ لَمْ يَكُنْ لَوْثًا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّوْثِ نَقْلُ الْيَمِينِ إلَى جَانِبِ الْمُدَّعِي، وَهِيَ هُنَا فِي جَانِبِهِ ابْتِدَاءً، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنْ شَهِدَ الْعَدْلُ الْوَاحِدُ بَعْدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَاللَّوْثُ حَاصِلٌ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْعَمْدِ الْمَحْضِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا امْرَأَتَانِ أَوْ عَبْدَانِ) أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ عَبْدٌ وَفِي الْوَجِيزِ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ قَوْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَوْثٌ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَقَالَ، وَقَوْلُ رَاوٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيَّانِ أَوْ فُسَّاقٌ إلَخْ) قَوْلٌ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ لَيْسَ بِلَوْثٍ، قَالَ شَيْخُنَا عَلَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ) هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يَجِيءُ إذَا شَهِدَ بِأَنَّهُ لَوْثٌ، وَهُوَ إنَّمَا يَشْهَدُ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا كَلَامُ الْمَطْلَبِ لَا يَحْسُنُ إيرَادُهُ تَقْيِيدًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: فَيَقْصِدُ إهْلَاكَهُ) ، قَالَ شَيْخُنَا أَيْ ضَرَرُهُ بِالْغُرْمِ أَوْ هَلَاكُهُ حَقِيقَةً بِرَفْعِهِ لِمُخَالِفٍ كَمَالِكِيٍّ يَرَى وُجُوبَ الْقِصَاصِ بِالْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ ثَبَتَ اللَّوْثُ فِي جَمَاعَةٍ مَحْصُورِينَ إلَخْ) بَحَثَهُ الشَّيْخَانِ وَصَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ، وَلَا يُجْدِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ عَلَى الْجَمِيعِ تُقْبَلُ مِنْهُ فَعَلَى الْبَعْضِ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: إنْ الْتَحَمَ قِتَالٌ بَيْنَهُمَا) أَوْ اخْتَلَطَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَكَتَبَ أَيْضًا، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ إذَا الْتَحَمَ الْقِتَالُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَنَالُهُ سِلَاحُ أَصْحَابِهِ كَانَ لَوْثًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَنَالُهُ سِلَاحُ أَضْدَادِهِ كَانَ لَوْثًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَنَالُهُ سِلَاحُ الْجَمِيعِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهُ يَكُونُ لَوْثًا فِي حَقِّ أَضْدَادِهِ خَاصَّةً وَالثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ يَكُونُ لَوْثًا مَعَ الْفَرِيقَيْنِ، وَفِيمَا إذَا لَمْ يَلْتَحِمْ الْقِتَالُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ أَصْحَابُهُ مُسْتَهْزَمِينَ، وَأَضْدَادُهُ طَالِبِينَ كَانَ لَوْثًا مَعَ أَضْدَادِهِ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ، وَإِنْ تَسَاوَوْا فِي الطَّلَبِ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَنْ وَصَلَ سِلَاحُ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ رَمْيًا أَوْ طَعْنًا أَوْ ضَرْبًا) وَكُلٌّ مِنْ الصَّفَّيْنِ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ فَلَا قَسَامَةَ وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُنَافِي تَحْلِيفُهُمْ حَمْلَنَا ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ لَوْثٌ مَعَ أَنَّ قَاعِدَةَ الْبَابِ أَنَّ الْأَيْمَانَ مَعَ وُجُودِهِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي لِضَعْفِ هَذِهِ الْحَالَةِ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَكَانَتْ الْأَيْمَانُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفَائِدَةُ اللَّوْثِ صِحَّةُ سَمَاعِ الدَّعْوَى كا. [فَصْلٌ تُعَارِضُ اللَّوْثَ مَعَ مَا يُبْطِلُهُ] (قَوْلُهُ: فَقَلَّدَهُ ذَاهِلًا عَمَّا مَرَّ) قَدْ تَقَدَّمَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 بِأَنَّهُ الْقَاتِلُ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ (، وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ (نَكَلُوا) كُلُّهُمْ عَنْ الْيَمِينِ (وَقَالَ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ قَالَ (عَرَفْته فَلَهُ تَعْيِينُهُ وَيُقْسِمُ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّوْثَ حَاصِلٌ فِي حَقِّهِمْ جَمِيعًا، وَقَدْ يَظْهَرُ لَهُ بَعْدَ الِاشْتِبَاهِ أَنَّ الْقَاتِلَ هُوَ الَّذِي عَيَّنَهُ (وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِقَتْلِهِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَمْدٍ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ دَعْوَى مُفَصَّلَةٍ أَوْ مُطْلَقَةٍ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّتِهَا (لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ (لَوْثًا حَتَّى يُبَيِّنَ) إذْ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ صِفَةَ الْقَتْلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مُوجِبَهُ فَظُهُورُ اللَّوْثِ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ دُونَ وَصْفِهِ لَا قَسَامَةَ فِيهِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ مُوجِبِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَسَامَةَ عَلَى قَتْلٍ مَوْصُوفٍ تَسْتَدْعِي ظُهُورَ اللَّوْثِ فِي قَتْلٍ مَوْصُوفٍ لَكِنْ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يُفْهِمُ تَمَكُّنَ الْوَلِيِّ مِنْ الْقَسَامَةِ عَلَى الْقَتْلِ الْمَوْصُوفِ بِظُهُورِ اللَّوْثِ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ اللَّوْثُ فِي حَقِّ جَمَاعَةٍ تَمَكَّنَ الْوَلِيُّ مِنْ الْقَسَامَةِ فِي حَقِّ بَعْضِهِمْ فَكَمَا لَا يُعْتَبَرُ ظُهُورُ اللَّوْثِ فِي الِانْفِرَادِ وَالِاشْتِرَاكِ لَا يُعْتَبَرُ فِي صِفَتَيْ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ. (وَيُصَدَّقُ) بِيَمِينِهِ (مُدَّعِي الْغَيْبَةِ) عَنْ مَكَانِ الْقَتْلِ (أَوْ) مُدَّعِي (أَنَّهُ غَيْرُ مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ اللَّوْثُ) كَأَنْ قَالَ لَمْ أَكُنْ فِي الْقَوْمِ الْمُتَّهَمِينَ أَوْ لَسْت أَنَا الَّذِي رُئِيَ مَعَهُ السِّكِّينُ الْمُتَلَطِّخُ عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ، وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ (فَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِحُضُورِهِ وَبَيِّنَةٌ بِكَوْنِهِ) كَانَ غَائِبًا (فِي مَكَان آخَرَ تَسَاقَطَتَا) ، وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْغَيْبَةِ إنْ اتَّفَقْنَا عَلَى سَبْقِ حُضُورِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالصَّحِيحُ الثَّانِي فَقَدْ نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَإِنْ اخْتَارَ هُوَ الْأَوَّلَ (وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ الْقَاتِلَ غَيْرُهُ أَوْ أَنَّهُ كَانَ فِي مَكَان آخَرَ) أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ (بَعْدَ الْقَسَامَةِ وَالْحُكْمِ) بِمُوجِبِهَا (نَقَضَ وَاسْتَرَدَّ الْمَالَ، وَلَا تُسْمَعُ) الْبَيِّنَةُ (أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ) وَفِي نُسْخَةٍ هُنَا وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مَحْضٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْأُولَى أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ: هُوَ وَإِنْ كَانَ نَفْيًا إلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ مَحْصُورٌ فَتُسْمَعُ، قَالَ: وَلَوْ اقْتَصَرَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي أَيْضًا وَالْمُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ نَظَرًا إلَى اللَّفْظِ، وَبِهِ جَزَمَ الطَّبَرِيُّ (وَالْحَبْسُ وَالْمَرَضُ) الْمُبْعِدُ لِلْقَتْلِ أَيْ دَعْوَى وُجُودِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَوْمَ الْقَتْلِ (كَالْغَيْبَةِ) أَيْ كَدَعْوَاهَا فِيمَا مَرَّ (وَالشَّهَادَةُ مِنْ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَتَلَهُ لَوْثٌ) فِي حَقِّهِمَا فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِمَا، وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ أَحَدَهُمَا وَيَدَّعِيَ عَلَيْهِ (لَا) الشَّهَادَةُ (أَنَّهُ قَتَلَ أَحَدَهُمَا) فَلَيْسَتْ لَوْثًا؛ لِأَنَّهَا لَا تُوقِعُ فِي الْقَلْبِ صِدْقَ وَلِيِّ أَحَدِهِمَا، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ يُؤْخَذُ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَلِيُّهُمَا وَاحِدًا كَانَ لَوْثًا وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُقَوِّي مَا قَالَهُ مَا لَوْ كَانَتْ دِيَتُهُمَا مُتَسَاوِيَةً قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ عَجَزَ الشُّهُودُ عَنْ تَعْيِينِ الْمُوضِحَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَرْشُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَحَلِّهَا، وَقَدْرِهَا بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ وَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ زَيْدٍ، وَلَمْ يُعَيِّنَا وَكَانَ زَيْدٌ مَقْطُوعَ يَدٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى الْمَقْطُوعَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَنْصِيصُهُمَا. (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِذَا (تَكَاذَبَ الْوَارِثَانِ فِي مُتَّهَمَيْنِ، وَعَيَّنَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (غَيْرَ مَنْ يَرَاهُ الْآخَرُ) أَنَّهُ الْقَاتِلُ أَوْ كَذَّبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيمَنْ عَيَّنَهُ كَأَنْ قَالَ أَحَدُ ابْنَيْ الْقَتِيلِ قَتَلَهُ زَيْدٌ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ، وَلَوْ فَاسِقًا (بَطَلَ اللَّوْثُ) فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي لِانْخِرَامِ ظَنِّ الْقَتْلِ بِالتَّكْذِيبِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى الِانْتِقَامِ مِنْ قَاتِلِ الْمُوَرِّثِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ وَارِثَيْنِ دَيْنًا لِلْمُوَرِّثِ، وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدًا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ حَيْثُ لَا يَمْنَعُ تَكْذِيبُهُ حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِقَتْلِهِ مُطْلَقًا لَمْ يَكُنْ لَوْثًا حَتَّى يُبَيِّنَ) إذَا شَهِدَ الْعَدْلُ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ وَكَانَ فِي خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ لَمْ يَكُنْ لَوْثًا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّوْثِ نَقْلُ الْيَمِينِ إلَى جَانِبِ الْمُدَّعِي، وَهِيَ هُنَا فِي جَانِبِهِ ابْتِدَاءً، وَقَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ، وَهَذَا يَدُلُّ إلَخْ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهَذَا الَّذِي بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِ فَمَتَى ظَهَرَ لَوْثٌ، وَفَصَّلَ الْوَلِيُّ سُمِعَتْ الدَّعْوَى، وَأَقْسَمَ بِلَا خِلَافٍ وَمَتَى لَمْ يُفَصِّلْ لَمْ تُسْمَعْ، وَلَمْ يُقْسِمْ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: مَا قَالَ إنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ نَصُّ الْأُمِّ كَالصَّرِيحِ فِيهِ، وَكَذَا لَفْظُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا جَهِلَ الْمُدَّعِي صِفَةَ الْقَتْلِ هَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَيُقْسِمُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ أَمْ لَا هَكَذَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَهَرَ بِهَذَا فَسَادُ قَوْلِهِ، وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ بِأَصْلِ قَتْلٍ دُونَ عَمْدٍ وَخَطَأٍ فَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَصَحِّ بَلْ مَتَى ظَهَرَ اللَّوْثُ وَفَصَّلَ الْمُدَّعِي سُمِعَتْ الدَّعْوَى، وَأَقْسَمَ قَطْعًا وَمَتَى لَمْ يُفَصِّلْ لَمْ تُسْمَعْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَمْ يُقْسِمْ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ الْحَقُّ أَنْ لَا اعْتِرَاضَ، وَأَنَّ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ فِي الِاكْتِفَاءِ لِلَّوْثِ بِظُهُورِهِ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ، وَأَنَّ تَصْرِيحَهُمْ بِأَنَّ الدَّعْوَى فِي اللَّوْثِ لَا تُسْمَعُ إلَّا بِقَتْلٍ مَوْصُوفٍ لَا يُنَافِي ذَلِكَ الْإِطْلَاقَ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّوْثَ قَرِينَةٌ تَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ، وَتُوقِعُ مَعَ الْوَلِيِّ ظَنًّا غَالِبًا إمَّا بِتَعَمُّدِ الْقَاتِلِ أَوْ خَطَئِهِ فَيُصَرِّحُ بِالدَّعْوَى عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ وَيُقْسِمُ عَلَيْهِ فَقَدْ جَوَّزُوا الْحَلِفَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْوَصْفِ لِلْقَتْلِ فِي الدَّعْوَى اشْتِرَاطُهُ فِي ظُهُورِ اللَّوْثِ. (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ مُدَّعِي الْغَيْبَةِ إلَخْ) مَحَلُّ تَصْدِيقِهِ مَا إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي فَلَوْ، قَالَ بَعْدَ حَلِفِهِ لَمْ أَكُنْ حَاضِرًا فِي مَوْضِعِ الْقَتْلِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُبَرِّئُ بِهِ نَفْسَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا لَذَكَرَهُ قَبْلَ الْحَلِفِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْغَيْبَةِ) إنْ اتَّفَقَا عَلَى سَبْقِ حُضُورِهِ أَيْ لِزِيَادَةِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الشَّيْخَانِ الْحُكْمَ عِنْدَ عَدَمِ الِاتِّفَاقِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُتَّجَهُ التَّعَارُضُ جَزْمًا لِانْتِفَاءِ التَّعْلِيلِ بِزِيَادَةِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَارَ هُوَ الْأَوَّلَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَقَالَ عَنْ الثَّانِي: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّ الْغَيْبَةَ مَعْنَاهَا كَوْنُهُ فِي مَكَان آخَرَ وَالْحُضُورُ كَوْنُهُ فِي هَذَا الْمَكَانِ وَمِنْ ضَرُورَةِ الْكَوْنِ فِي مَكَان انْتِفَاءُ الْكَوْنِ فِي غَيْرِهِ فَإِذًا كُلُّ بَيِّنَةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى إثْبَاتٍ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَتِهِ فَلَا يَجُوزُ تَرْجِيحُ الْغَيْبَةِ لِذَلِكَ ر (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ الطَّبَرِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 الشَّاهِدِ بِأَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ حُجَّةٌ فِي نَفْسِهَا، وَهِيَ مُحَقَّقَةٌ، وَإِنْ كَذَّبَ الْآخَرُ وَاللَّوْثُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُثِيرٌ لِلظَّنِّ فَيَبْطُلُ بِالتَّكْذِيبِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ اللَّوْثُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فِي خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ وَالْأَلَمُ يَبْطُلُ بِتَكْذِيبِ أَحَدِهِمَا قَطْعًا (وَلَهُمَا التَّحْلِيفُ) أَيْ وَلِكُلٍّ مِنْ الْوَارِثَيْنِ تَحْلِيفُ مَنْ عَيَّنَهُ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِالتَّكَاذُبِ مَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ زَيْدٌ وَسَكَتَ الْآخَرُ أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَلَا يَبْطُلُ اللَّوْثُ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ زَيْدٌ وَمَجْهُولٌ، وَقَالَ الْآخَرُ قَتَلَهُ عَمْرٌو وَمَجْهُولٌ أَقْسَمَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ) إذْ لَا تَكَاذُبَ مِنْهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الَّذِي أَبْهَمَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْ عَيَّنَهُ الْآخَرُ (وَأَخَذَ) كُلٌّ مِنْهُمَا مِمَّنْ عَيَّنَهُ (رُبْعَ الدِّيَةِ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ نِصْفُهَا وَحِصَّتُهُ مِنْهُ نِصْفُهُ (وَإِنْ قَالَ كُلٌّ) مِنْهُمَا بَعْدَ أَنْ أَقْسَمَ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ (الْمَجْهُولُ مَنْ عَيَّنَهُ أَخِي أَقْسَمَا ثَانِيًا، وَأَخَذَ الْبَاقِيَ) أَيْ أَقْسَمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ الْآخَرُ، وَأَخَذَ رُبْعَ الدِّيَةِ (وَهَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ (خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ نِصْفَهَا) فِيهِ (خِلَافٌ) يَأْتِي فِي نَظَائِرِهِ (أَوْ) قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَمَا ذَكَرَ (الْمَجْهُولَ غَيْرَ مَنْ عَيَّنَهُ) صَاحِبِي (رَدَّ كُلٌّ) مِنْهُمَا (مَا أَخَذَهُ) لِتَكَاذُبِهِمَا (وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا رَدَّ صَاحِبُهُ وَحْدَهُ) مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ كَذَّبَهُ بِخِلَافِ قَائِلِهِ وَلِصَاحِبِهِ أَنْ يُحَلِّفَ مَنْ عَيَّنَهُ، وَقَوْلُهُ (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (تَحْلِيفُ مَنْ عَيَّنَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِاَلَّتِي قَبْلَ هَذِهِ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ. (وَلَوْ قَالَ) أَحَدُهُمَا (قَتَلَهُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ زَيْدٌ وَحْدَهُ أَقْسَمَا عَلَى زَيْدٍ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ (وَطَالَبَاهُ بِالنِّصْفِ) ، وَلَا يُقْسِمُ الْأَوَّلُ عَلَى عَمْرٍو؛ لِأَنَّ أَخَاهُ كَذَّبَهُ فِي الشَّرِكَةِ (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (تَحْلِيفُ خَصْمِهِ فِي الْبَاقِي) فَلِلْأَوَّلِ تَحْلِيفُ عَمْرٍو فِيمَا بَطَلَتْ فِيهِ الْقَسَامَةُ وَلِلثَّانِي تَحْلِيفُ زَيْدٍ فِيهِ (وَلَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِ أَثَرٍ فِي اللَّوْثِ) وَالْقَسَامَةِ (كَالْخَنْقِ وَالْعَضِّ) وَفِي نُسْخَةٍ وَالْعَصْرِ (وَالْجُرْحِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَثَرٌ فَلَا لَوْثَ فَلَا قَسَامَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَاتَ فَجْأَةً، وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَعَرُّضِ غَيْرِهِ لَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَتِيلٌ لِيَبْحَثَ عَنْ الْقَاتِلِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ ثُبُوتُ اللَّوْثِ وَالْقَسَامَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبَسَطَهُ (وَلَا يَتَعَيَّنُ) فِي ذَلِكَ (الْجُرْحُ) ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْقَسَامَةِ يَحْلِفُ الْوَلِيُّ) أَيْ الْوَارِثُ (مَعَ) وُجُودِ (اللَّوْثِ خَمْسِينَ يَمِينًا) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَلِيُّ حَائِزًا أَمْ لَا لِتَكْمُلَ الْحُجَّةُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ النَّفْسُ كَامِلَةً أَمْ لَا (لَقَدْ قَتَلَ هَذَا أَبِي) مَثَلًا (وَإِنْ شَاءَ مَيَّزَهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ (بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ) وَغَيْرُهُمَا كَقَبِيلَةٍ وَضُبَعَةٍ (عَمْدًا) أَيْ قَتَلَهُ عَمْدًا (أَوْ خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَشَمَلَ قَوْلُهُ يَحْلِفُ الْوَلِيُّ مَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي غَيْرَهُ كَمُسْتَوْلَدَةٍ أَوْصَى لَهُ سَيِّدُهَا بِقِيمَةِ عَبْدٍ قَتَلَ، وَهُنَاكَ لَوْثٌ وَمَاتَ السَّيِّدُ فَلَهَا الدَّعْوَى، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُقْسِمَ، وَإِنَّمَا يُقْسِمُ الْوَارِثُ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ (وَيَقُولُ) قَتَلَهُ (وَحْدَهُ أَوْ مَعَ زَيْدٍ، وَهَلْ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ زَيْدٍ (شَرْطٌ) لِاحْتِمَالِ الِانْفِرَادِ صُورَةً مَعَ الِاشْتِرَاكِ حُكْمًا كَالْمُكْرَهِ مَعَ الْمُكْرِهِ أَوْ تَأْكِيدٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَتَلَهُ يَقْتَضِي الِانْفِرَادَ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْجَانِيَ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَرِيءَ مِنْ الْجُرْحِ زَادَ الْوَلِيُّ فِي الْيَمِينِ وَمَا بَرِيءَ مِنْ جُرْحِهِ حَتَّى مَاتَ مِنْهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ (وَيُسَنُّ لِلْقَاضِي تَخْوِيفُهُ وَوَعْظُهُ) إذَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَحْلِفْ إلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا} [آل عمران: 77] (وَيُغْلِظُ) عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ (كَمَا فِي اللِّعَانِ) فَيُسْتَحَبُّ التَّغْلِيظُ فِيهَا زَمَانًا وَمَكَانًا، وَلَفْظًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَلَا يُشْتَرَطُ مُوَالَاتُهَا) ؛ لِأَنَّهَا حُجَّةٌ كَالشَّهَادَةِ فَيَجُوزُ تَفْرِيقُهَا فِي خَمْسِينَ يَوْمًا وَيُفَارِقُ اشْتِرَاطَهَا فِي اللِّعَانِ بِأَنَّ اللِّعَانَ أَوْلَى بِالِاحْتِيَاطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْعُقُوبَةُ الْبَدَنِيَّةُ، وَأَنَّهُ يَخْتَلُّ بِهِ النَّسَبُ، وَتَشِيعُ بِهِ الْفَاحِشَةُ (فَإِنْ تَخَلَّلَهَا جُنُونٌ وَنَحْوُهُ) كَإِغْمَاءٍ ثُمَّ زَالَ عَمَّنْ قَامَ بِهِ (بَنَى) عَلَيْهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ لِعُذْرِهِ مَعَ لُزُومِ مَا وَقَعَ (أَوْ) تَخَلَّلَهَا (مَوْتٌ) لِلْمُدَّعِي (اسْتَأْنَفَ وَارِثُ الْمُدَّعِي) فَلَا يَبْنِي؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ كَالْحُجَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ أَحَدٌ شَيْئًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ أَقَامَ شَطْرَ الْبَيِّنَةِ ثُمَّ مَاتَ حَيْثُ يَضُمُّ وَارِثُهُ إلَيْهِ الشَّطْرَ الثَّانِيَ، وَلَا يَسْتَأْنِفُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ كُلِّ شَاهِدٍ مُسْتَقِلَّةٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا انْضَمَّتْ الْيَمِينُ إلَيْهَا قَدْ يَحْكُمُ بِهِمَا بِخِلَافِ يَمِينِ الْقَسَامَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ اللَّوْثُ بِشَاهِدٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نِصْفُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ إلَخْ) ، قَالَ فِي الْأُمِّ وَسَوَاءٌ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الْقَسَامَةُ كَانَ بِالْمَيِّتِ أَثَرُ سِلَاحٍ أَوْ خَنْقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ بِلَا أَثَرٍ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْقَسَامَةِ] (قَوْلُهُ: يَحْلِفُ الْوَلِيُّ مَعَ وُجُودِ اللَّوْثِ خَمْسِينَ يَمِينًا) مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ الْقَاتِلَ غَيْرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ أَوْ عَلِمَ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: أَيْ كُلًّا مِنْ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ) أَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ الْجَنِينَ فَيُقْسِمُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ، وَلَا يُسَمَّى هَذَا قَتِيلًا إنَّمَا يُطْلَقُ الْقَتِيلُ عَلَى مَنْ تَحَقَّقَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ فَالْأَقْسَامُ تَجِيءُ فِي قَدِّ الْمَلْفُوفِ مَعَ أَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ فِيهِ حَالَةَ الْقَتْلِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ تَحَقُّقُ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ تَحَقَّقَتْ قَبْلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْجَنِينِ ع وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَنْعَهُ التَّهَيُّؤَ لِلْحَيَاةِ فِي مَعْنَى الْقَتْلِ، وَقَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ إلَخْ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ اشْتِرَاطَهَا) أَيْ الْمُوَالَاةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 لَا اسْتِقْلَالَ لِبَعْضِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ انْضَمَّ إلَيْهِ شَهَادَةُ شَاهِدٍ لَا يَحْكُمُ بِهَا (لَا إنْ تَمَّتْ) أَيْمَانُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا يَسْتَأْنِفُ وَارِثُهُ بَلْ يَحْكُمُ لَهُ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً ثُمَّ مَاتَ (وَيَبْنِي وَارِثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) عَلَى أَيْمَانِهِ إذَا تَخَلَّلَ مَوْتَهُ الْأَيْمَانُ (وَإِنْ عُزِلَ الْقَاضِي) أَوْ مَاتَ فِي خِلَالِهَا وَوَلِيَ غَيْرُهُ (لَا الْمُدَّعِي) إنْ عُزِلَ الْقَاضِي أَوْ مَاتَ فِي خِلَالِهَا أَيْ لَا يَبْنِي عَلَيْهَا بَلْ يَسْتَأْنِفُ (إلَّا إنْ عَادَ الْمَعْزُولُ) فَيَبْنِي الْمُدَّعِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ، وَإِنَّمَا اسْتَأْنَفَ فِيمَا إذَا وَلِيَ غَيْرُهُ تَشْبِيهًا بِمَا لَوْ عُزِلَ الْقَاضِي أَوْ مَاتَ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ، وَبِمَا لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا، وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ فَعُزِلَ الْقَاضِي وَوَلِيَ آخَرُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، وَخَرَجَ بِالْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى أَيْضًا مَنْ فِي حُكْمِ وَارِثِهِ فَلَهُ الْبِنَاءُ فِيمَا لَوْ تَخَلَّلَ أَيْمَانَهُ عَزْلُ الْقَاضِي أَوْ مَوْتُهُ ثُمَّ وَلِيَ غَيْرُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ يَمِينَهُ لِلنَّفْيِ فَتَنْفُذُ بِنَفْسِهَا وَيَمِينُ الْمُدَّعِي لِلْإِثْبَاتِ فَتَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي وَالْقَاضِي الثَّانِي لَا يَحْكُمُ بِحُجَّةٍ أُقِيمَتْ عِنْدَ الْأَوَّلِ (وَعَزْلُ الْقَاضِي وَمَوْتُهُ بَعْدَ تَمَامِهَا كَهُوَ) الْأَوْلَى كَهُمَا (فِي أَثْنَائِهَا فِي الطَّرَفَيْنِ) أَيْ طَرَفِ الْمُدَّعِي وَطَرَفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَرَّرَ. (وَلَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنْ يُقْسِمَ، وَلَوْ غَابَ حَالَ قَتْلِهِ) عَنْ مَحَلِّ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِفُ الْحَالَ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ سَمَاعِ مَنْ يَنُوبُهُ، وَلَا تَمْنَعُ الْقَسَامَةَ غَيْبَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَالْبَيِّنَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (، وَتُوَزَّعُ الْأَيْمَانُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِحَسَبِ الْمِيرَاثِ) ؛ لِأَنَّ مَا يَثْبُتُ بِأَيْمَانِهِمْ يُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ فَكَذَا الْيَمِينُ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ وَاحِدٌ، وَهُمْ خُلَفَاؤُهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِقَدْرِ خِلَافَتِهِ وَفِي صُوَرِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ تُقَسَّمُ الْأَيْمَانُ كَقَسْمِ الْمَالِ وَفِي الْمُعَادَةِ لَا يَحْلِفُ وَلَدُ الْأَبِ إنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا فَإِنْ أَخَذَ حَلَفَ بِقَدْرِ حَقِّهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَيُتَمَّمُ الْمُنْكَسِرُ) مِنْ الْأَيْمَانِ إنْ وَقَعَ كَسْرٌ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَتَبَعَّضُ، وَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُهُ لِئَلَّا يَنْقُصَ نِصَابُ الْقَسَامَةِ (فَمَنْ خَلَّفَ تِسْعَةً، وَأَرْبَعِينَ ابْنًا حَلَفُوا يَمِينَيْنِ يَمِينَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ الْبَاقِيَةَ تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ وَيُتَمِّمُ، وَلَوْ خَلَّفَ أُمًّا وَابْنًا حَلَفَتْ تِسْعًا وَحَلَفَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَلَوْ خَلَّفَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ ابْنًا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ حَلَفَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (سَبْعَ عَشَرَةَ) يَمِينًا (فَإِنْ حَضَرَ وَاحِدٌ) مِنْهُمْ (حَلَفَ خَمْسِينَ لِحَقِّهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَصْبِرْ) أَيْ إلَى حُضُورِ الْآخَرِينَ لِتَعَذُّرِ أَخْذِ شَيْءٍ قَبْلَ تَمَامِ الْحُجَّةِ فَيَفْرِضُ حَائِزًا لِذَلِكَ فَإِنْ صَبَرَ حَتَّى حَضَرَا حَلَفَ كُلٌّ بِقَدْرِ حَقِّهِ (وَإِنْ حَضَرَ آخَرُ أَوْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ (حَلَفَ نِصْفَهَا) كَمَا لَوْ حَضَرَ ابْتِدَاءً (وَ) حَلَفَ (الثَّالِثُ) إذَا حَضَرَ أَوْ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ (سَبْعَ عَشَرَةَ) بِتَكْمِيلِ الْمُنْكَسِرِ فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَتْ الْأَيْمَانُ كَالْبَيِّنَةِ فَلِمَ لَمْ يَكْتَفِ بِوُجُودِهَا مِنْ بَعْضِهِمْ كَالْبَيِّنَةِ قُلْنَا لِصِحَّةِ النِّيَابَةِ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ دُونَ الْيَمِينِ؛ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ عَامَّةٌ وَالْيَمِينُ حُجَّةٌ خَاصَّةٌ وَذَكَرَ الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ حَلَفَ فَلَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ فِي الْحَالِ، وَكَانَ لِلْمُصَنِّفِ حَذْفُهُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ هَذَا إنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا قُلْنَا إنَّ تَكْذِيبَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لَا يَمْنَعُ الْقَسَامَةَ، وَهُوَ رَأْيُ الْبَغَوِيّ فَإِنْ قُلْنَا يَمْنَعُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَيَتَعَيَّنُ الِانْتِظَارُ؛ لِأَنَّ تَوَافُقَ الْوَرَثَةِ شَرْطٌ، وَمَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ التَّكَاذُبِ لَا التَّوَافُقُ، وَقَوْلُ الْأَصْلِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْحَاضِرُ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنْ الْقَسَامَةِ حَتَّى إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ كَمَّلَ مَعَهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ فِيهَا تَقْصِيرٌ مُبْطِلٌ وَالْقَسَامَةُ لَا تَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ صَدْرَهُ لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَصْبِرْ، وَعَجُزَهُ؛ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ إذْ الصَّحِيحُ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْحَاضِرِ مِنْهَا بِالتَّأْخِيرِ. (وَإِنْ مَاتَا) أَيْ الثَّانِي وَالثَّالِثُ بَعْدَ حَلِفِ الْحَاضِرِ (فَوَرِثَهُمَا) الْحَاضِرُ (حَلَفَ حِصَّتَهُمَا) ، وَلَا يَكْفِيهِ حَلِفُهُ السَّابِقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا لِحِصَّتِهِمْ يَوْمَئِذٍ (وَلَوْ خَلَّفَ زَوْجَةً وَبِنْتًا حَلَفَتْ الزَّوْجَةُ عَشَرًا وَالْبِنْتُ أَرْبَعِينَ) بِجَعْلِ الْأَيْمَانِ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْبِنْتِ كَنَصِيبِ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (أَوْ) خَلَّفَتْ (زَوْجًا وَبِنْتًا حَلَفَتْ الْبِنْتُ الثُّلُثَيْنِ، وَهُوَ) أَيْ الزَّوْجُ (الثُّلُثَ) بِجَعْلِ الْأَيْمَانِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ نَصِيبَهَا كَنَصِيبِهِ مَرَّتَيْنِ. (وَيَحْلِفُ الْخُنْثَى خَمْسِينَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَتُوَزَّعُ الْأَيْمَانُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِحَسَبِ الْمِيرَاثِ) لَمْ يُبَيِّنْ هَلْ هُوَ بِحَسَبِ أَسْمَاءِ فَرَائِضِهِمْ أَوْ بِحَسَبِ سِهَامِهِمْ، وَذَلِكَ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْعَوْلِ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَآخَرَيْنِ لِأُمٍّ هِيَ مِنْ سِتَّةٍ، وَتَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ فَهَلْ يَحْلِفُونَ عَلَى أَسْمَاءِ فَرَائِضِهِمْ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ نِصْفَ الْخَمْسِينَ وَالْأُمُّ سُدُسَهَا وَالْأُخْتَانِ لِلْأَبِ ثُلُثَيْهَا وَالْأُخْتَانِ لِلْأُمِّ ثُلُثَهَا جَبْرًا لِلْمُنْكَسِرِ فِي الْجَمِيعِ أَوْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى نِسْبَةِ سِهَامِهِ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِ الْخَمْسِينَ وَالْأُخْتَانِ لِلْأَبِ أَرْبَعَةَ أَعْشَارِهَا وَالْأُخْتَانِ لِلْأُمِّ خُمُسَيْهَا، فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَصَحَّحَ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: حَلَفَ خَمْسِينَ لِحَقِّهِ) أَيْ لِأَخْذِهِ فَيَأْخُذُهُ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا حَضَرَ آخَرُ أَوْ بَلَغَ حَلَفَ نِصْفَهَا إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ الْأَيْمَانُ كَالْبَيِّنَةِ فَهَلَّا كَانَ وُجُودُهَا مِنْ بَعْضِهِمْ حُجَّةً لِجَمِيعِهِمْ كَالْبَيِّنَةِ قِيلَ الْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا صِحَّةُ النِّيَابَةِ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ دُونَ الْيَمِينِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ عَامَّةٌ وَالْيَمِينَ حُجَّةٌ خَاصَّةٌ، قَالَ شَيْخُنَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قَرِينَةٌ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ إلَخْ) إنَّمَا حَذَفَهُ لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ لِحَقِّهِ أَيْ لِأَخْذِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَوَافُقَ الْوَرَثَةِ شَرْطٌ) وَالْبَغَوِيُّ، قَالَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقَتِهِ فَوَافَقَهُ الرَّافِعِيُّ ذُهُولًا قُلْت بَلْ إيرَادُهُ هُوَ الذُّهُولُ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ، قَالَ فِي تَوْجِيهِ رَأْيِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ صَغِيرًا أَوْ غَائِبًا كَانَ لِلْبَالِغِ الْحَاضِرِ أَنْ يُقْسِمَ مَعَ احْتِمَالِ التَّكْذِيبِ مِنْ الثَّانِي إذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ، وَقَالَ فِي تَوْجِيهِ الْأَصَحِّ وَفِيمَا إذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ غَائِبًا لَمْ يُوجَدْ التَّكْذِيبُ الْخَارِمُ لِلظَّنِّ فَكَانَ كَمَا إذَا ادَّعَى، وَلَمْ يُسَاعِدْهُ الْآخَرُ، وَلَمْ يَكْذِبْ كَانَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُقْسِمَ. اهـ. وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ حَلِفَ الْبَعْضِ مَعَ غَيْبَةِ الْبَاقِي مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَلَى الرَّأْيَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا لِحِصَّتِهِمَا يَوْمَئِذٍ) لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا كَانَا مَيِّتَيْنِ حَالَ الْحَلِفِ فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِحَلِفِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ هُوَ الْوَارِثَ الْحَائِزَ فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ عَلَى ظَنِّ حَيَاتِهِ فَبَانَ مَيِّتًا فس هُوَ وَاضِحٌ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيلِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 يَمِينًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَيْمَانِ شَيْئًا (وَيَأْخُذُ النِّصْفَ) فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى هَذَا (إنْ انْفَرَدَ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ) أَيْ مَعَهُ (عَصَبَةٌ) لَيْسُوا فِي دَرَجَتِهِ كَإِخْوَةٍ (فَلَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا نِصْفَهَا) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى (وَيُؤْخَذُ الْمَالُ) الْبَاقِي (وَيُوقَفُ) بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ إلَى الْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ، وَلَهُمْ أَنْ يَصْبِرُوا إلَى الْبَيَانِ (وَلَا تُعَادُ الْقَسَامَةُ عِنْدَ الْبَيَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) مَعَهُ (عَصَبَةٌ لَمْ يُؤْخَذْ) أَيْ الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ يُوقَفُ حَتَّى يُبَيِّنَ الْخُنْثَى (فَإِنْ بَانَ أُنْثَى، وَلَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ (أَخَذَهُ) أَيْ الْقَاضِي الْبَاقِي (لِبَيْتِ الْمَالِ) ، وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا أَخَذَهُ فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ الْقَاضِي ذَلِكَ، وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ بَانَ أُنْثَى، وَلَا عَصَبَةَ حَلَفَ الْمُدَّعَى أَيْ عَلَيْهِ لِبَيْتِ الْمَالِ أَيْ لِأَجْلِهِ (وَالْخُنْثَيَانِ يَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (الثُّلُثَيْنِ) أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ (مَعَ الْجَبْرِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ، وَالْآخَرُ أُنْثَى (وَيُعْطَى الثُّلُثَ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى (وَالِابْنُ مَعَ الْخُنْثَى يَحْلِفُ ثُلُثَيْهَا) لِاحْتِمَالِ أُنُوثَةِ الْخُنْثَى (وَيُعْطَى النِّصْفَ) لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ (وَالْخُنْثَى يَحْلِفُ نِصْفَهَا) لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ (وَيُعْطَى الثُّلُثَ) لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ (وَيُوقَفُ السُّدُسُ) بَيْنَهُمَا إلَى الْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ، وَلَوْ خَلَّفَ بِنْتًا وَخُنْثَى حَلَفَتْ نِصْفَ الْأَيْمَانِ وَالْخُنْثَى ثُلُثَهَا، وَأَخَذَا ثُلُثَيْ الدِّيَةِ، وَلَا يُؤْخَذُ الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْخُنْثَى، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ: مَنْ مَاتَ) مِنْ الْوَرَثَةِ قَبْلَ حَلِفِهِ (وُزِّعَتْ أَيْمَانُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ) كَمَا مَرَّ (فَإِنْ مَاتَ مَنْ لَزِمَهُ النِّصْفُ) مَثَلًا (فَحَلَفَ اثْنَيْنِ فَحَلَفَ الْأَوَّلُ) حِصَّتَهُ (ثَلَاثَ عَشَرَةَ ثُمَّ مَاتَ أَخُوهُ) قَبْلَ حَلِفِهِ (وَوَرِثَهُ حَلَفَ حِصَّتَهُ) ثَلَاثَ عَشَرَةَ؛ لِأَنَّهَا الْقَدْرُ الَّذِي كَانَ يَحْلِفُهُ مُوَرِّثُهُ (لَا تَكْمِلَةَ النِّصْفِ) فَقَطْ (وَمَنْ نَكَلَ) مِنْ الْوَرَثَةِ عَنْ الْيَمِينِ (وَمَاتَ فَلِوَرَثَتِهِ تَحْلِيفُ الْخَصْمِ لَا الْقَسَامَةُ) لِبُطْلَانِ حَقِّهِمْ بِنُكُولِ مُوَرِّثِهِمْ. [فَرْعٌ كَانَ لِلْقَتِيلِ ابْنَانِ وَحَلَفَ أَحَدُهُمَا وَمَاتَ الْآخَرُ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَيْمَان الْقَسَامَة] (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ (لِلْقَتِيلِ ابْنَانِ) وَ (حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَمَاتَ الْآخَرُ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ عَنْ ابْنَيْنِ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ، وَهِيَ ثَلَاثَ عَشَرَةَ وَنَكَلَ الْآخَرُ وُزِّعَتْ أَيْمَانُهُ الَّتِي نَكَلَ عَنْهَا، وَهِيَ الرُّبْعُ عَلَى عَمِّهِ، وَأَخِيهِ عَلَى قَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا) مِنْ الدِّيَةِ تَكْمِلَةً لِلْحُجَّةِ (فَيَحْلِفُ الْعَمُّ تِسْعًا) إذْ يَخُصُّهُ ثَمَانٍ وَثُلُثٌ (وَالْأَخُ أَرْبَعًا) إذْ يَخُصُّهُ أَرْبَعٌ وَسُدُسٌ يُضَمُّ ذَلِكَ إلَى حِصَّتَيْهِمَا فِي الْأَصْلِ (فَيَكْمُلُ لِلْعَمِّ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ) ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ أَوَّلًا خَمْسًا وَعِشْرِينَ (وَلِلْأَخِ سَبْعَ عَشَرَةَ) ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ أَوَّلًا ثَلَاثَ عَشَرَةَ، وَإِنَّمَا حَلَفَ الْأَخُ هُنَا بِالْحِصَّةِ الْأَصْلِيَّةِ وَفِيمَا قَبْلَ الْفَرْعِ بِحِصَّةٍ لِتَكْمِلَةٍ؛ لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ أَخِيهِ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا لِبُطْلَانِ حَقِّ النَّاكِلِ بِنُكُولِهِ (وَلَا يَخْتَصُّ الْعَدَدُ بِاللَّوْثِ بَلْ يَمِينُ مُدَّعِي الْقَتْلِ مَعَ الشَّاهِدِ وَيَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ) مِنْ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْقَسَامَةِ (خَمْسُونَ) ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ دَمٍ وَلِخَبَرِ «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمَحَلُّهُ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (إنْ انْفَرَدَ، وَإِلَّا) بِأَنْ تَعَدَّدَ (حَلَفَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ) كَمَا يَحْلِفُهَا الْوَاحِدُ اعْتِبَارًا بِالْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ أَمَّا إذَا تَعَدَّدَ الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِنِسْبَةِ حَقِّهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ يَنْفِي مَا يَنْفِيهِ الْوَاحِدُ لَوْ انْفَرَدَ وَكُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ لَا يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ مَا يُثْبِتُهُ الْوَاحِدُ لَوْ انْفَرَدَ بَلْ يُثْبِتُ بَعْضَ الْأَرْشِ فَيَحْلِفُ بِقَدْرِ الْحِصَّةِ وَبِهَذَا فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ يَمِينِ الْمُدَّعِينَ ابْتِدَاءً وَيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ عَلَى الْمُدَّعِينَ كَيَمِينِهِمْ ابْتِدَاءً، وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (وَالْأَشْبَهُ أَنَّ يَمِينَ الْجِرَاحَاتِ كَالنَّفْسِ) فَتَكُونُ خَمْسِينَ (سَوَاءٌ نَقَصَتْ) أَيْ الْجِرَاحَاتُ أَيْ إبْدَالُهَا (عَنْ الدِّيَةِ كَالْحُكُومَةِ) وَبَدَلُ الْيَدِ (أَوْ زَادَتْ) كَبَدَلِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذْ لَا تَخْلُفُ الْيَمِينُ فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى بِقِلَّةِ الْمُدَّعَى وَكَثْرَتِهِ. (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ الْقَسَامَةِ وَالْوَاجِبُ بِهَا الدِّيَةُ) فِي الْحُرِّ وَالْقِيمَةُ فِي الرَّقِيقِ (لَا الْقِصَاصُ) لِمَا رُوِيَ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ أَوْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ» ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقِصَاصِ؛ وَلِأَنَّ الْقَسَامَةَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ فَلَا تُوجِبُ الْقِصَاصَ احْتِيَاطًا لِأَمْرِ الدِّمَاءِ كَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَلَيْسَتْ كَاللِّعَانِ فِي رَجْمِ الْمَرْأَةِ لِتَمَكُّنِهَا فِيهِ مِنْ الدَّفْعِ بِلِعَانِهَا أَوَّلًا كَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ لِتُقَوِّيهَا بِالنُّكُولِ، وَلِهَذَا جُعِلَتْ كَالْإِقْرَارِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ، وَأَجَابُوا عَنْ قَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ «أَتَحْلِفُونَ، وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» بِأَنَّ التَّقْدِيرَ بَدَلُ دَمِ صَاحِبِكُمْ جَمْعًا بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ (وَيَعْقِلُ عَنْهُ) أَيْ الْقَاتِلُ (فِي غَيْرِ الْعَمْدِ) مِنْ شِبْهِهِ، وَالْخَطَأُ أَمَّا فِي الْعَمْدِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ حَالَّةً. (فَإِنْ ادَّعَى) الْقَتْلَ (عَلَى اثْنَيْنِ وَاللَّوْثَ عَلَى أَحَدِهِمَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَخَذَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ) أَيْ إنْ أَقَرَّ فَإِنَّهُ إذَا نَكَلَ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ بَلْ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ. [فَرْعٌ مَنْ مَاتَ مِنْ الْوَرَثَةِ قَبْلَ حَلِفِهِ أَيْمَان الْقَسَامَة] (قَوْلُهُ: بَلْ يَمِينُ مُدَّعِي الْقَتْلِ مَعَ الشَّاهِدِ) أَيْ، وَلَوْ فِي خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ يَمِينَ الْجِرَاحَاتِ) أَيْ وَنَحْوَهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 أَقْسَمَ عَلَيْهِ) خَمْسِينَ (وَحَلَفَ الْآخَرُ خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ) ادَّعَى (عَلَى ثَلَاثَةٍ بِلَوْثٍ) أَيْ مَعَهُ (أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ عَمْدًا، وَهُمْ حُضُورٌ حَلَفَ لَهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا) ، وَأَخَذَ الدِّيَةَ (وَإِنْ غَابُوا حَلَفَ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِأَيْمَانِهِ الْأُوَلَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلْ غَيْرَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَ غَيْرَهُ فِي الْأَيْمَانِ السَّابِقَةِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ. انْتَهَى. وَفِي تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ إشَارَةٌ إلَيْهِ (وَإِنْ أَقَرَّ) مَنْ حَضَرَ (بِعَمْدٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ أَوْ بِخَطَأٍ وَصَدَّقَتْهُ الْعَاقِلَةُ كَانَ) الْوَاجِبُ (عَلَيْهَا، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ (فَفِي مَالِ الْمُقِرِّ وَكُلُّ مَنْ حَلَفَ لَهُ أَخَذَ مِنْهُ ثُلُثَ الدِّيَةِ) . (فَرْعٌ) لَوْ (نَكَلَ) الْمُدَّعِي (فِي) دَعْوَى (عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ) أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ (عَنْ الْقَسَامَةِ أَوْ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ثُمَّ نَكَلَ خَصْمُهُ) عَنْ الْيَمِينِ (فَرُدَّتْ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ) ، وَإِنْ كَانَ قَدْ نَكَلَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَكَلَ عَنْ يَمِينِ الْقَسَامَةِ أَوْ الْمُكَمِّلَةِ لِلْحُجَّةِ، وَهَذِهِ يَمِينُ الرَّدِّ وَالسَّبَبُ الْمُمْكِنُ مِنْ تِلْكَ هُوَ اللَّوْثُ وَمِنْ هَذِهِ نُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالنُّكُولُ عَنْ شَيْءٍ فِي مَقَامٍ لَا يُبْطِلُ حَقًّا فِي مَقَامٍ آخَرَ؛ وَلِأَنَّهُ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ يَسْتَفِيدُ بِهَا مَا لَا يَسْتَفِيدُ بِالْقَسَامَةِ، وَهُوَ الْقِصَاصُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ (وَيَقْتَصُّ أَوْ يَطْلُبُ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ وَكِلَاهُمَا يَثْبُتُ بِهِ الْقِصَاصُ) أَوْ الدِّيَةُ (وَإِذَا نَكَلَ) الْمُدَّعِي (عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ) ، وَلَا لَوْثَ (ثُمَّ ظَهَرَ لَوْثٌ أَقْسَمَ) لِمَا مَرَّ. [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِيمَنْ يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ] (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِيمَنْ يَحْلِفُ) فِي الْقَسَامَةِ (مَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الدَّمِ) مِنْ دِيَةٍ أَوْ قِيمَةٍ (أَقْسَمَ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا (فَيُقْسِمُ السَّيِّدُ، وَلَوْ مُكَاتَبًا) بِقَتْلِ عَبْدِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحَقُّ (لَا) الْعَبْدُ (الْمَأْذُونُ) لَهُ فَلَا يُقْسِمُ بِقَتْلِ عَبْدِهِ، وَهُوَ عَبْدُ التِّجَارَةِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنَّمَا يُقْسِمُ سَيِّدُهُ فَقَوْلُهُ (بِقَتْلِ عَبْدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُقْسِمُ (فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ) عَنْ أَدَاءِ النُّجُومِ (قَبْلَ نُكُولِهِ) عَنْ الْيَمِينِ، وَلَوْ بَعْدَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ (حَلَفَ السَّيِّدُ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ (أَوْ بَعْدَ نُكُولِهِ فَلَا) يَحْلِفُ لِبُطْلَانِ الْحَقِّ بِالنُّكُولِ كَمَا لَا يُقْسِمُ الْوَارِثُ إذَا نَكَلَ مُوَرِّثُهُ (لَكِنْ لِلسَّيِّدِ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ عَجْزٌ بَعْدَ الْقَسَامَةِ أَخَذَ) السَّيِّدُ (الْمَالَ) أَيْ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، وَكَمَا لَوْ مَاتَ الْوَلِيُّ بَعْدَمَا أَقْسَمَ. (وَإِنْ أَوْصَى لِمُسْتَوْلَدَتِهِ بِعَبْدٍ فَقُتِلَ) ، وَهُنَاكَ لَوْثٌ (حَلَفَ السَّيِّدُ) ، وَأَخَذَ الْقِيمَةَ (وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ أَوْ) أَوْصَى لَهَا (بِقِيمَةِ عَبْدِهِ إنْ قُتِلَ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَهُ فَلَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهَا، وَلَا يَقْدَحُ فِيهَا الْخَطَرُ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْأَخْطَارَ (وَالْقَسَامَةُ لِلسَّيِّدِ أَوْ وَرَثَتُهُ) بَعْدَ مَوْتِهِ بِلَا نُكُولٍ (فَلَا تَلْزَمُهُمْ) الْقَسَامَةُ، وَإِنْ تَيَقَّنُوا الْحَالَ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ؛ لِأَنَّهُ سَعَى فِي تَحْصِيلِ غَرَضِ الْغَيْرِ، وَإِنَّمَا أَقْسَمُوا مَعَ أَنَّ الْقِيمَةَ لِلْمُسْتَوْلَدَةِ (لِأَنَّ الْمَالَ لِلسَّيِّدِ) ؛ وَلِأَنَّ الْقَسَامَةَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِقَتْلِ مَمْلُوكِهِ فَتُورَثُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَيَثْبُتُ بِهَا الْمَالُ لَهُ (ثُمَّ يُصْرَفُ) أَيْ يَصْرِفُونَهُ (لَهَا) بِمُوجِبِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ لَهُمْ غَرَضًا ظَاهِرًا فِي تَنْفِيذِهَا كَمَا يَقْضُونَ دُيُونَهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّرِكَةِ مِنْ خَالِصِ مَالِهِمْ وَيَجِبُ قَبُولُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ (فَإِنْ نَكَلُوا) عَنْ الْقَسَامَةِ (لَمْ تُقْسِمْ الْمُسْتَوْلَدَةُ) ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ لِإِثْبَاتِ الْقِيمَةِ، وَهِيَ لِلسَّيِّدِ فَيَخْتَصُّ بِتَحْلِيفِهِ (بَلْ لَهَا الدَّعْوَى) عَلَى الْخَصْمِ بِالْقِيمَةِ (وَالتَّحْلِيفُ) لَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهَا فِيهَا ظَاهِرًا، وَلَا يَحْتَاجُ فِي دَعْوَاهَا وَالتَّحْلِيفُ إلَى إثْبَاتِ جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَا إلَى إعْرَاضِ الْوَرَثَةِ عَنْ الدَّعْوَى صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ نَكَلَ الْخَصْمُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ. (وَإِنْ أَوْصَى) لِغَيْرِهِ (بِعَيْنٍ فَادَّعَاهَا شَخْصٌ فَفِي حَلِفِ الْوَارِثِ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ أَحَدُهُمَا وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ، وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ يَحْلِفُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالثَّانِي لَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَسَامَةَ تَثْبُتُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ احْتِيَاطًا لِلدِّمَاءِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْوَارِثِ فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُوصَى لَهُ فَهُوَ الْحَالِفُ جَزْمًا (وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهَا حُرٌّ يَمْلِكُ (وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ) بَعْدَهَا صَحَّتْ (وَتَصِيرُ لِلْمُشْتَرِي)   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ الْقَسَامَةِ وَالْوَاجِبُ بِهَا] قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ رَدَّ الْبُلْقِينِيِّ الْبَحْثَ، وَقَالَ إنْ كَانَ فِي مَسَافَةِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَلَا حَاجَةَ لِإِعَادَةِ شَيْءٍ مِنْ الْأَيْمَانِ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ فِيمَا دُونَهَا لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا تَعَلَّقَ بِالْغَائِبِ قَطْعًا، وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي الْأَيْمَانِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ دَعْوَى عَلَيْهِ فِي هَذَا الْخِلَافِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ غَابَ عَنْ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ، وَقْتَ الْأَيْمَانِ، وَعِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ كَالْبَيِّنَةِ وَمُقْتَضَاهُ الْقَطْعُ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مَنْعُهُ، وَقَوْلُهُ وَقَالَ إنْ كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ إشَارَةٌ إلَيْهِ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ وَبِهِ أَفْتَيْت [فَرْعٌ نَكَلَ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَى عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ عَنْ الْقَسَامَةِ أَوْ عَنْ الْيَمِينِ] (قَوْلُهُ: مَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الدَّمِ أَقْسَمَ) فَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ، قَالَ الشَّيْخَانِ: إنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ وَيُحَلِّفُهُ فَإِنْ نَكَلَ فَفِي الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ خِلَافٌ يَأْتِي، وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ لَكِنْ صَحَّحَا فِي الدَّعَاوَى فِيمَنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ فَادَّعَى الْقَاضِي أَوْ مَنْصُوبُهُ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ بَلْ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ، وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ هُنَاكَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا قَطَعُوا بِهِ مِنْ امْتِنَاعِ الْقَسَامَةِ وَاضِحٌ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا فَإِنَّ مَالَهُ يَنْتَقِلُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِلْمَصْلَحَةِ لَا إرْثًا فَلَوْ أَقْسَمَ الْإِمَامُ لَكَانَ إقْسَامًا مِمَّنْ لَيْسَ بِوَارِثٍ، وَلَا نَائِبَ عَنْهُ أَمَّا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ خِلَافُ اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ مِنْ الْإِمَامِ هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْوَارِثِ الْخَاصِّ، وَفِي فُرُوعِ ابْنِ الْقِطَّانِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ، قَالَ فِيمَا لَوْ تَرَكَ بِنْتًا وَاحِدَةً، وَلَا عَصَبَةَ لَهُ أَنَّ الْإِمَامَ يُقْسِمُ مَعَهَا فَيَحْلِفُ خَمْسًا، وَعِشْرِينَ وَيَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ لِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ أَنْ يَحْلِفَ حَلَفَتْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَاسْتَحَقَّتْ نِصْفَ الدِّيَةِ هَذَا لَفْظُهُ، وَقَوْلُهُ، وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ هُنَاكَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الرَّاجِحُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ) كَمَا مَرَّ (فَإِنْ كَانَ) ثَمَّ (لَوْثٌ) وَفَضَلَ عَنْ الْأَقَلِّ شَيْءٌ لِلْوَرَثَةِ (أَقْسَمَ) السَّيِّدُ (مَعَ الْوَرَثَةِ بِالتَّوْزِيعِ) لِلْأَيْمَانِ عَلَيْهِمَا بِحَسْبِ مَا يَأْخُذَانِ (وَكَذَا) يُقْسِمُ (وَحْدَهُ إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ) لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ دُونَهُمْ. [فَرْعٌ ارْتَدَّ السَّيِّدُ وَلَوْ قَبْلَ قَتْلِ الْعَبْدِ فِي الْقَسَامَة] (فَرْعٌ) لَوْ (ارْتَدَّ السَّيِّدُ) ، وَلَوْ (قَبْلَ قَتْلِ الْعَبْدِ وَكَذَا) لَوْ ارْتَدَّ (الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ لَا قَبْلَهُ فَلَهُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَوْ فِي الرِّدَّةِ (الْقَسَامَةُ) لِإِثْبَاتِ حَقِّهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّ الْوَارِثُ قَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ وَاسْتَمَرَّ مُرْتَدًّا حَتَّى مَاتَ الْجَرِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُفَصِّلْ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْإِرْثِ (وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا) أَيْ الْقَسَامَةُ إلَى أَنْ يُسْلِمَ السَّيِّدُ أَوْ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ لَا يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ (فَإِنْ أَقْسَمَ فِي الرِّدَّةِ ثَبَتَ الْمَالُ) كَمَا لَوْ أَقْسَمَ فِي الْإِسْلَامِ (وَكَانَ الْمَالُ) الْحَاصِلُ بِهِ (لِلْمُقْسِمِ فِي الرِّدَّةِ كَاكْتِسَابٍ) أَيْ كَالْحَاصِلِ بِالِاكْتِسَابِ بِاحْتِشَاشٍ (وَاحْتِطَابٍ وَنَحْوِهِ) وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي بَابِ الرِّدَّةِ، وَإِنَّمَا صَحَّ إقْسَامُهُ فِيهَا كَسَائِرِ الْكُفَّارِ؛ وَلِأَنَّهُ نَوْعُ اكْتِسَابٍ لِلْمَالِ فَلَا تَمْنَعُ مِنْهُ الرِّدَّةُ كَالِاحْتِطَابِ، وَذِكْرُهُ أَوْلَوِيَّةَ تَأْخِيرِ الْقَسَامَةِ وَمَا بَعْدَهَا فِي حَقِّ السَّيِّدِ مِنْ زِيَادَتِهِ. [مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْقَسَامَة] (مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْلِفَ سَكْرَانُ) مُدَّعِيًا كَانَ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقُولُ وَمَا يُقَالُ لَهُ وَيَنْزَجِرَ عَنْ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ (فَلَوْ حَلَفَ صَحَّ كَغَيْرِهِ، وَإِنْ قُتِلَ رَجُلٌ فَبَانَ اللَّوْثُ عَلَى عَبْدِهِ فَلَا قَسَامَةَ) لِوَارِثِهِ (لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ شَيْءٌ لَا إنْ كَانَ مَرْهُونًا) فَلَهُ الْقَسَامَةُ (لِيَسْتَفِيدَ) بِهَا (فَكُّهُ) وَبَيْعُهُ، وَقِسْمَةُ ثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ. (وَلَوْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ قَتْلًا عَمْدًا فَأَقَرَّ خَصْمُهُ بِالْخَطَأِ) أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَلَا لَوْثَ (صُدِّقَ الْخَصْمُ وَحَلَفَ خَمْسِينَ) يَمِينًا (فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ لَوْثٌ أَقْسَمَ الْمُدَّعِي) وَدَعْوَى الْخَصْمِ كَوْنَ الْقَتْلِ غَيْرَ عَمْدٍ لَا يَمْنَعُ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَسَامَةِ، وَلَا تُبْطِلُ اللَّوْثَ بَلْ تُؤَكِّدُهُ (وَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْخَطَأِ) أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ (فَلِلْمُدَّعِي طَلَبُ الدِّيَةِ) مِنْهُ إلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُ الْعَاقِلَةُ فَيَطْلُبُهَا مِنْهُمْ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهِيَ مُخَفَّفَةٌ صِفَةً، وَتَأْجِيلًا (فَإِنْ نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَحَلَفَ الْمُدَّعِي اقْتَصَّ) مِنْهُ فَإِنْ عُفِيَ عَلَى الدِّيَةِ فَهِيَ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ. (وَإِنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ قَتْلًا (خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (وَأَقَرَّ) خَصْمُهُ (بِعَمْدٍ فَلَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ لِتَكْذِيبِ الْمُدَّعَى لَهُ (وَطُولِبَ بِدِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا الْمُدَّعَاةُ وَالْخَصْمُ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِالدِّيَةِ بَلْ بِالْقِصَاصِ لَكِنْ طَلَبُ الْمُدَّعِي لَهَا يَسْتَلْزِمُ الْعَفْوَ عَنْهَا. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ) إنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ الْقِصَاصِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ (بِعَدْلَيْنِ) يَشْهَدَانِ بِالْمُوجِبِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْجَانِي (وَإِنْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ) فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي فِي الْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ عَفَوْت عَنْهُ فَاقْبَلُوا مِنِّي رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا لِآخُذَ الْمَالَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا مُوجِبَةٌ لِلْقِصَاصِ لَوْ ثَبَتَتْ؛ وَلِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْقِصَاصُ حَتَّى يُعْتَبَرَ الْعَفْوُ (وَإِقْرَارُ الْجَانِي) عُطِفَ عَلَى عَدْلَيْنِ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَثْبُتُ مُوجِبُ الْمَالِ) مِمَّا ذُكِرَ مَعَ عَدْلَيْنِ (بِرَجُلٍ مَعَ امْرَأَتَيْنِ أَوْ) بِرَجُلٍ (وَيَمِينٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَذَلِكَ (كَعَمْدِ الْأَبِ وَالصَّبِيِّ) وَالْمَجْنُونِ (وَكَالْهَاشِمَةِ لَا) الْهَاشِمَةِ (الْمَسْبُوقَةِ بِإِيضَاحٍ) فَلَا يَثْبُتُ أَرْشُهَا بِذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِيضَاحَ قَبْلَهَا الْمُوجِبَ لِلْقِصَاصِ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ. (وَمَتَى شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَوْ رَجُلٌ مَعَ يَمِينٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَنَّهُ تَعَمَّدَ زَيْدًا بِسَهْمٍ) رَمَاهُ بِهِ (فَقَتَلَهُ وَمَرَقَ) مِنْهُ (فَقَتَلَ عَمْرًا قُبِلَ) مِنْهُ ذَلِكَ لِعَمْرٍو، سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْجِنَايَةُ الْأُولَى مُتَعَلِّقَ حَقِّ الْمُدَّعِي أَمْ لَا (وَالْفَرْقُ) بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا (أَنَّ الْإِيضَاحَ وَالْهَشْمَ هُنَاكَ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ) ، وَإِذَا اشْتَمَلَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ اُحْتِيطَ لَهَا، وَلَمْ تَثْبُتْ إلَّا بِحُجَّةٍ كَامِلَةٍ (وَهُنَا جِنَايَتَانِ فِي مَجْلِسٍ لَا تَتَعَلَّقُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى) وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَوْضَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ عَادَ وَهَشَّمَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ أَرْشُ الْهَاشِمَةِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِتَعَدُّدِ الْجِنَايَةِ وَمِثْلُهُ رَجُلٌ وَيَمِينٌ. (فَصْلٌ: وَلْيُصَرِّحْ الشَّاهِدُ) عَلَى الْجَانِي (بِالْإِضَافَةِ) لِلْهَلَاكِ إلَى فِعْلِهِ فَلَوْ قَالَ ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ ضَرَبَهُ فَأَنْهَرَ الدَّمَ لَمْ يَكْفِ فِي ثُبُوتِ قَتْلِهِ بِذَلِكَ (وَيَكْفِي) فِيهِ قَوْلُهُ (جَرَحَهُ فَقَتَلَهُ) أَوْ فَمَاتَ مِنْ جُرْحِهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ] الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ) (قَوْلُهُ: أَوْ إقْرَارُ الْجَانِي) أَوْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عِنْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ بِعِلْمِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ) الْمُرَادُ جِنْسُ الْيَمِينِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَيْمَانَ فِي الْجِرَاحِ مُتَعَدِّدَةٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: كَعَمْدِ الْأَبِ إلَخْ) وَمُوضِحَةٌ عَجَزَ عَنْ تَعْيِينِ مَوْضِعِهَا. (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يُثْبِتَ أَرْشَ الْهَاشِمَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 أَوْ أَنْهَرَ دَمَهُ فَمَاتَ بِذَلِكَ (لَا) جَرَحَهُ (فَمَاتَ) فَلَا يَكْفِي (حَتَّى يَقُولَ مِنْهُ أَوْ مَكَانَهُ) أَوْ نَحْوُهُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ (، وَلَا يَشْهَدُ بِالْقَتْلِ بِرُؤْيَةِ الْجُرْحِ حَتَّى يَقْطَعَ بِمَوْتِهِ مِنْهُ) بِقَرَائِنَ يُشَاهِدُهَا (وَتَثْبُتُ الدَّامِيَةُ وَالْمُوضِحَةُ) فَالدَّامِيَةُ (بِقَوْلِهِ ضَرَبَهُ فَأَسَالَ دَمَهُ) أَوْ فَأَدْمَاهُ أَوْ فَجَرَحَهُ (لَا) بِقَوْلِهِ ضَرَبَهُ (فَسَالَ) دَمُهُ لِاحْتِمَالِ سَيَلَانِهِ بِغَيْرِ الضَّرْبِ (وَ) الْمُوضِحَةُ بِقَوْلِهِ (أَوْضَحَ) أَيْ ضَرَبَهُ فَأَوْضَحَ (عَظْمَهُ أَوْ فَاتَّضَحَ) عَظْمُهُ (بِضَرْبِهِ لَا) بِقَوْلِهِ (أَوْضَحَهُ) أَيْ ضَرَبَهُ فَأَوْضَحَهُ أَوْ أَوْضَحَ رَأْسَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَاتَّضَحَ أَوْ فَوَجَدْنَا رَأْسَهُ مُوضِحًا لِعَدَمِ اسْتِلْزَامِهَا إيضَاحَ الْعَظْمِ وَلِاحْتِمَالِ الْإِيضَاحِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ ذِكْرِ الْعَظْمِ حَتَّى لَا يَكْفِي فَأَوْضَحَهُ أَوْ فَأَوْضَحَ رَأْسَهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ حَيْثُ قَالَ وَيُشْتَرَطُ لِمُوضِحَةٍ ضَرَبَهُ فَأَوْضَحَ عَظْمَ رَأْسِهِ، وَقِيلَ يَكْفِي فَأَوْضَحَ رَأْسَهُ أَيْ لِفَهْمِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَبِالثَّانِي جَزَمَ الْأَصْلُ ثُمَّ ذَكَرَ الْأَوَّلَ عَنْ حِكَايَةِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَحَكَى الْبُلْقِينِيُّ الثَّانِيَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَرَجَّحَهُ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَالَ إنَّهُ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِ (وَلْيُبَيِّنْ مَحَلَّ الْمُوضِحَةِ وَمِسَاحَتَهَا) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى رَأْسِهِ مَوَاضِحُ (لِلْقِصَاصِ) أَيْ لِوُجُوبِهِ (أَوْ يُعَيِّنْهَا بِالْإِشَارَةِ) إلَيْهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى رَأْسِهِ إلَّا مُوضِحَةٌ (لِأَنَّهَا قَدْ تُوَسَّعُ) أَيْ لِجَوَازِ أَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً فَوَسَّعَهَا غَيْرُ الْجَانِي. (فَلَوْ شَهِدَا) فِي صُورَةِ الْوَضَحِ (بِإِيضَاحٍ بِلَا تَعْيِينٍ، وَجَبَ الْمَالُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَحَلِّ الْمُوضِحَةِ، وَقَدْرِهَا بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ (لَا إنْ وُجِدَ) الْمَشْهُودُ لَهُ بِإِيضَاحِهِ (سَلِيمًا) لَا أَثَرَ عَلَيْهِ (وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ) فَلَا يَجِبُ الْمَالُ لِبُطْلَانِ الشَّهَادَةِ (وَيَكْفِي فِي شَهَادَةِ مَقْطُوعٍ) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ بِقَطْعِ (يَدٍ فَقَطْ) قَوْلُ الشَّاهِدِ (قَطَعَ يَدَهُ وَيَكْفِي) فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ بِقَطْعِهَا (رُؤْيَتُهَا مَقْطُوعَةً عَنْ التَّعْيِينِ) لَهَا (وَكَذَا) يَكْفِي فِيهِ قَوْلُهُ (قَطْعَ يَدِهِ، وَهُمَا) أَيْ يَدَاهُ (مَقْطُوعَتَانِ لَكِنْ لَا قِصَاصَ) فِيهَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا (بِخِلَافِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ) لِتَعَيُّنِهَا. [فَصْلٌ شَهَادَةُ الْوَارِثِ لِمُوَرِّثِهِ] (فَصْلٌ: تُرَدُّ شَهَادَةُ الْوَارِثِ) لِمُوَرِّثِهِ غَيْرَ بَعْضِهِ (بِالْجُرْحِ) الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُفْضِيَ إلَى الْهَلَاكِ (قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَلَوْ عَاشَ) الْجَرِيحُ لِلتُّهْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ أَخَذَ الْأَرْشَ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ لَهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ أَوْ قَبْلَهُ لَكِنَّ مُسْتَحِقَّ الْأَرْشِ غَيْرُهُ كَأَنْ جُرِحَ عَبْدٌ فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَادَّعَى بِالْجُرْحِ عَلَى الْجَارِحِ لِكَوْنِ الْأَرْشِ لَهُ فَشَهِدَ لَهُ وَارِثُ الْجَرِيحِ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ لَهُ بِمَالٍ، وَلَوْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجُرْحَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ. (وَلَا يَحْكُمُ بِالْجُرْحِ بِشَهَادَةِ مَحْجُوبٍ) كَأَخٍ مَعَ وُجُودِ ابْنٍ (صَارَ وَارِثًا) بِأَنْ مَاتَ الِابْنُ (فَإِنْ وَرِثَ بَعْدَ الْحُكْمِ) بِهِ (لَمْ يُنْقَضْ) كَمَا لَوْ حَدَثَ الْفِسْقُ (وَلَوْ شَهِدَ وَارِثَانِ) ظَاهِرًا (بِهِ ثُمَّ حُجِبَا قَبْلَ الْحُكْمِ رُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا لِلتُّهْمَةِ عِنْدَ أَدَائِهَا (وَلِلْعَاقِلَةِ الشَّهَادَةُ بِجُرْحِ شُهُودِ) الْقَتْلِ (الْعَمْدِ، وَ) بِجُرْحِ شُهُودِ (الْإِقْرَارِ بِالْخَطَأِ) أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ إذْ لَا تُهْمَةَ لِانْتِفَاءِ تَحَمُّلِهِمْ الدِّيَةَ (وَلِبَعِيدِهِمْ) الْغَنِيِّ وَفِي عَدَدِ الْأَقْرَبِ وَفَاءٌ بِالْوَاجِبِ (الشَّهَادَةُ بِالْجُرْحِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْعَمْدِ وَالْإِقْرَارِ بِغَيْرِهِ (لَا فَقِيرُهُمْ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ تَوَقُّعَ الْغَنِيِّ أَقْرَبُ مِنْ تَوَقُّعِ مَوْتِ الْقَرِيبِ الْمُحْوِجِ إلَى التَّحَمُّلِ فَالتُّهْمَةُ لَا تَتَحَقَّقُ فِيهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِمُطْلَقًا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ قَالَ الشَّاهِدُ عَلَى الدَّمِ ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ ضَرَبَهُ فَأَنْهَرَ الدَّمَ] قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اسْتِلْزَامِهَا إيضَاحَ الْعَظْمِ) فَإِنَّهَا مِنْ الْإِيضَاحِ، وَلَيْسَتْ مَخْصُوصَةً بِإِيضَاحِ الْعَظْمِ، وَتَنْزِيلُ أَلْفَاظِ الشَّاهِدِ عَلَى أَلْفَاظٍ اصْطَلَحَ عَلَيْهَا الْفُقَهَاءُ لَا وَجْهَ لَهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ فَقِيهًا، وَعَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ لَفْظُ الْمُوضِحَةِ إلَّا عَلَى مَا يُوَضِّحُ الْعَظْمَ كَفَاهُ فِي شَهَادَتِهِ بِهَا (قَوْلُهُ: وَبِالثَّانِي جَزَمَ الْأَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَحَكَى الْبُلْقِينِيُّ الثَّانِيَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَرَجَّحَهُ) ، قَالَ وَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّ الْإِيضَاحَ لَفْظٌ اصْطَلَحَ الْفُقَهَاءُ عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ فَهُوَ لُغَوِيٌّ مَشْهُورٌ أَنَاطَ بِهِ الشَّرْعُ الْأَحْكَامَ فَهُوَ كَصَرَائِحِ الطَّلَاقِ يُقْضَى بِهَا مَعَ الِاحْتِمَالِ فَإِذَا شَهِدَا بِأَنَّهُ سَرَّحَ زَوْجَتَهُ قَضَى بِطَلَاقِهَا، وَإِنْ كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَرَّحَ رَأْسَهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا قَدْ تُوَسِّعُ) ، قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الْبَيَانِ عِنْدَ احْتِمَالِ الِاتِّسَاعِ أَمَّا عِنْدَ الِاحْتِمَالِ فَلَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ الْكَلَامُ الْآخَرُ الْمُقْتَضِي عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ (قَوْلُهُ: تُرَدُّ شَهَادَةُ الْوَارِثِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ) صُورَتُهَا فِيمَا إذَا ادَّعَى الْمَجْرُوحُ بِالْقِصَاصِ أَوْ بِأَرْشِهِ أَنَّهُ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ إنْ قُلْنَا بِجَوَازِ طَلَبِ الْأَرْشِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ أَمَّا إذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ طَلَبُ أَرْشِهِ فَالشَّهَادَةُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ لِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى فَمِنْ الْوَارِثِ أَوْلَى، وَكَتَبَ أَيْضًا شَهَادَتُهُمْ بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ كَشَهَادَتِهِمْ بِالْجُرْحِ (قَوْلُهُ: لِلتُّهْمَةِ) اسْتَثْنَى ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ تَبَعًا لِشَيْخِهِ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِقِيِّ مَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمَجْرُوحِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ أَرْشَ الْجُرْحِ، وَلَا مَالَ لَهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ، وَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ؛ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ قَدْ يُبْرِئُ مِنْهُ ع، وَهُوَ مُتَّجَهٌ إذَا كَانَ مُتَعَذِّرَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ كَالزَّكَاةِ وَمَالِ طِفْلٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَالِ وَقْفٍ عَامٍّ فَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ مِمَّا لَا يَسْرِي إلَى النَّفْسِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ غ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجُرْحَ إلَخْ) وَبِأَنَّهُ إذَا شَهِدَ لَهُ بِالْمَالِ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ حَالَ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فِي مَلَاذِهِ وَشَهَوَاتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ لَهُ بِالْجُرْحِ فَإِنَّ النَّفْعَ حَالُ الْوُجُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ قَبْلَ الْمَوْتِ لَمْ تَجِبْ وَبَعْدَهُ تَجِبُ لَهُ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا تُهْمَةَ) لِانْتِفَاءِ تَحَمُّلِهِمْ الدِّيَةَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِفِسْقِ شُهُودِ جِنَايَةٍ يَحْمِلُونَهَا (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ تَوَقُّعَ الْغِنَى إلَخْ) وَالْإِنْسَانُ يَطْلُب غِنَى نَفْسِهِ، وَيُدَبِّرُ أَسْبَابَهُ وَيَتَخَيَّلُ مُسَاعَدَةَ الْقَدَرِ وَالظَّفَرِ بِالْمَقْصُودِ، وَلَا يَطْلُبُ فَقْرَ غَيْرِهِ، وَلَا يَسْعَى فِيهِ، وَفَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ الْفَقِيرَ مَعْدُودٌ مِنْ الْعَاقِلَةِ فِي الْحَالِ لِقُرْبِ نَسَبِهِ، وَإِنْ جَازَ أَنْ لَا يَتَحَمَّلَ لِبَقَاءِ فَقْرِهِ وَالْبَعِيدُ النَّسَبِ غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَتَحَمَّلَ بِمَوْتِ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: أَقْرَبَ مِنْ تَوَقُّعِ مَوْتِ الْقَرِيبِ) أَيْ أَوْ فَقْرِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 لَوْ (بَادَرَ الشُّهُودُ عَلَيْهِمَا بِالْقَتْلِ أَوْ) بَادَرَ غَيْرُهُمْ (وَشَهِدَا بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ) عَلَيْهِمَا بِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (سُئِلَ الْمُطَالِبُ) أَيْ الْمُدَّعِي احْتِيَاطًا لِحُصُولِ الرِّيبَةِ بِشَهَادَةِ الْآخَرَيْنِ (فَإِنْ كَذَّبَهُمَا حَكَمَ عَلَيْهِمَا) بِالْقَتْلِ بِشَهَادَةِ الْأَوَّلَيْنِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِتَكْذِيبِ الْوَلِيِّ لَهُمَا وَلِلتُّهْمَةِ بِالْمُبَادَرَةِ وَبِدَفْعِ ضَرَرِ مُوجِبِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَيْهِمَا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَلِصَيْرُورَتِهِمْ اعَدُوَّيْنِ لَهُمَا بِشَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِمَا (وَإِنْ صَدَّقَهُمَا) دُونَ الْأَوَّلَيْنِ (أَوْ صَدَّقَ الْجَمِيعَ أَوْ كَذَّبَ) الْجَمِيعَ (وَهُوَ) أَيْ وَالْمُدَّعِي (الْوَلِيُّ بَطَلَ الْجَمِيعُ) أَيْ الشَّهَادَتَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّالِثِ وَوَجْهُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَ الْأَوَّلَيْنِ، وَعَدَاوَةَ الْآخَرَيْنِ لَهُمَا وَالتُّهْمَةُ، وَفِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَصْدِيقِ كُلِّ فَرِيقٍ تَكْذِيبَ الْآخَرِ (أَوْ) وَالْمُدَّعِي (وَكِيلُهُ) أَيْ الْوَلِيُّ، وَعَيَّنَ لَهُ الْوَلِيُّ الْآخَرَيْنِ (انْعَزَلَ) عَنْ الْوَكَالَةِ وَذِكْرُ الِانْعِزَالِ عِنْدَ تَكْذِيبِ الْجَمِيعِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَى مُوَكِّلِهِ عَلَيْهِمَا (فَلَوْ وَكَّلَهُ بِإِثْبَاتِ الْحَقِّ عَلَى اثْنَيْنِ مِنْ هَؤُلَاءِ) الْأَرْبَعَةِ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُمَا (صَحَّ) التَّوْكِيلُ (فَإِنْ شَهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا عَلَى الْآخَرَيْنِ) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِمَا (فَصَدَّقَهُمَا) أَيْ الْوَكِيلُ الْآخَرَيْنِ وَحْدَهُمَا أَوْ مَعَ الْأَوَّلَيْنِ (انْعَزَلَ) عَنْ الْوَكَالَةِ (وَلِلْوَلِيِّ الدَّعْوَى عَلَى الْأَوَّلَيْنِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ مُنَاقِضٌ) لَهُمَا لَكِنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْآخَرَيْنِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ صَدَّقَ) الْوَلِيُّ (الْمُبَادِرَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا) عَلَى الْأَوَّلَيْنِ (وَلَوْ كَانَا أَجْنَبِيَّيْنِ) أَيْ غَيْرَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا لِمَا مَرَّ (وَلَوْ شَهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا) أَوْ أَجْنَبِيَّانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (بِمَالٍ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ لِلْمُدَّعِي بِمَالٍ وَصَدَّقَهُمَا) الْمُدَّعِي (لَمْ يَضُرَّ) فِي صِحَّةِ دَعْوَاهُ وَشَهَادَةِ الْأَوَّلَيْنِ، وَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِمَا أَيْضًا لِإِمْكَانِ اجْتِمَاعِ الْمَالَيْنِ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْآخَرَيْنِ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ شَهِدَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ. (فَصْلٌ) لَوْ (أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ) عَنْ الْقِصَاصِ، وَعَيَّنَهُ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (سَقَطَ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ وَبِالْإِقْرَارِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ فَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِي (فَلِلْجَمِيعِ الدِّيَةُ) إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَافِي، وَكَذَا إنْ عَيَّنَهُ فَأَنْكَرَ فَإِنْ أَقَرَّ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ (فَإِنْ عَيَّنَهُ الْمُقِرُّ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ) جَمِيعًا بَعْدَ دَعْوَى الْجَانِي (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (فِي الدِّيَةِ وَيَحْلِفُ) الْجَانِي (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الشَّاهِدَانِ الْعَافِي عَفَا عَنْ الدِّيَةِ لَا عَنْهَا، وَعَنْ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ بِالْإِقْرَارِ فَتَسْقُطُ مِنْ الدِّيَةِ حِصَّةُ الْعَافِي (وَيَكْفِي مُنْكِرُ الْعَفْوِ) الْمُدَّعِي بِهِ عَلَيْهِ (الْيَمِينُ) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَثَبَتَ الْعَفْوُ بِيَمِينِ الرَّدِّ (وَيُشْتَرَطُ لِإِثْبَاتِ الْعَفْوِ) مِنْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ (عَنْ الْقِصَاصِ لَا عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ شَاهِدَانِ) ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ بِمَالٍ وَمَا لَا يَثْبُتُ بِحُجَّةٍ نَاقِصَةٍ لَا يُحْكَمُ بِسُقُوطِهِ بِهَا أَمَّا إثْبَاتُ الْعَفْوِ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ فَيَثْبُتُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ أَيْضًا مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ بِذَلِكَ فَكَذَا إسْقَاطُهُ. (فَصْلٌ) لَوْ (اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي هَيْئَةِ الْقَتْلِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَدَّهُ نِصْفَيْنِ وَالْآخَرُ حَزَّ رَقَبَتَهُ (أَوْ) فِي (مَكَانِهِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ فِي الْبَيْتِ وَالْآخَرُ فِي السُّوقِ (أَوْ) فِي (زَمَانِهِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ غَدْوَةً وَالْآخَرُ يَوْمَ الْأَحَدِ أَوْ عَشِيَّتَهُ (أَوْ فِي آلَتِهِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ وَالْآخَرُ بِالرُّمْحِ (لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَا لَوْثَ) بِهَا لِلتَّنَاقُضِ فِيهَا، وَقَدْ يُقَالُ لِمَ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ مَنْ وَافَقَهُ مِنْهُمَا وَيَأْخُذُ الْبَدَلَ كَنَظِيرِهِ مِنْ السَّرِقَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ بَابَ الْقَسَامَةِ أَمْرُهُ أَعْظَمُ وَلِهَذَا غَلَّظَ فِيهِ بِتَكَرُّرِ الْأَيْمَانِ (لَا) إنْ اخْتَلَفَا (فِي زَمَانِ الْإِقْرَارِ وَمَكَانِهِ) الْمَزِيدِ عَلَى الْأَصْلِ أَيْ فِيهِمَا مَعًا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ يَوْمَ السَّبْتِ وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ يَوْمَ الْأَحَدِ فَلَا تَلْغُو الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي الْقَتْلِ وَصِفَتِهِ بَلْ فِي الْإِقْرَارِ (إلَّا إنْ عَيَّنَا يَوْمًا) أَوْ نَحْوَهُ (فِي مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ) بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمُسَافِرُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَاهُ كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ بِمَكَّةَ يَوْمَ كَذَا وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ بِمِصْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَتَلْغُو الشَّهَادَةُ. (وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِالْقَتْلِ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَلَوْثٌ) تَثْبُتُ بِهِ الْقَسَامَةُ دُونَ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ (فَإِنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ بَادَرَ الشُّهُودُ عَلَيْهِمَا بِالْقَتْلِ وَشَهِدَا بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِمَا بِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا] قَوْلُهُ: بَادَرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا بِالْقَتْلِ أَوْ غَيْرُهُمَا وَشَهِدَا بِهِ إلَخْ) ، قَالَ الْفَتَى لَيْسَ قَوْلُهُ: هُنَا أَوْ غَيْرُهُمَا بِمُسْتَقِيمٍ أَصْلًا فَأَخَّرْته لِيَسْتَقِيمَ فَقُلْت بَادَرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا بِالْقَتْلِ وَشَهِدَا بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ الْمُسْتَقِيمُ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ - انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - مُسْتَقِيمٌ أَيْضًا أَفَادَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ بَادَرَ اثْنَانِ غَيْرُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا بِالْقَتْلِ لَمْ يَكُونَا بِدَافِعَيْنِ، وَلَكِنَّهُمَا مُبَادِرَانِ فَإِنْ كَذَّبَهُمَا الْوَارِثُ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا أَوْ صَدَّقَ الْكُلَّ بَطَلَتْ الشَّهَادَتَانِ. (قَوْلُهُ: وَبِصَيْرُورَتِهِمْ اعَدُوَّيْنِ لَهُمَا بِشَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِمَا) ، قَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا حَصَلَتْ الْعَدَاوَةُ لَهُمَا بِسَبَبِ مُبَادَرَتِهِمَا بِهَا لَا مِنْ حَيْثُ الشَّهَادَةُ بِشَرْطِهَا إذْ حُصُولُهَا لَا يُثْبِتُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَصْدِيقِ كُلِّ فَرِيقٍ تَكْذِيبَ الْآخَرِ) التَّصْوِيرُ فِي تَعْقِيبِ الثَّانِيَةِ، وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ تَأَخَّرَتْ عَنْ ذَلِكَ الْمَقَامِ فَلَا مُرَاجَعَةَ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُصْغِي لَهَا، وَلَوْ وَقَعَتَا مَعًا، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَغَتْ لِلتَّدَافُعِ، وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَقْتَ الشَّهَادَةِ انْتَظَرَ كَمَالَهُ لِيُرَاجَعَ، وَقِيلَ يَحْكُمُ عَلَى الْآخَرِينَ. [فَصْلٌ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ عَنْ الْقِصَاصِ] (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَهُ الْمُقِرُّ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ قُبِلَتْ فِي الدِّيَةِ) أَطْلَقُوا شَهَادَةَ الْوَارِثِ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ عَنْ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ وَفَاءً بِكُلِّ الدِّيَةِ أَمْ لَا، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِكُلِّ الدِّيَةِ فَإِنْ لَمْ يَفِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِشَهَادَتِهِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ شَهَادَةِ الْغُرَمَاءِ لِلْمُفْلِسِ الَّذِي لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ بَعْدُ بِمَالٍ وَرَجَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فَيَكُونُ إطْلَاقُهُمْ هُنَا مُفَرَّعًا عَلَى الرَّاجِحِ هُنَاكَ ر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 الْوَارِثُ قَتْلًا (عَمْدًا أَقْسَمَ) وَرُتِّبَ حُكْمُ الْقَسَامَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ادَّعَى خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (فَيَحْلِفُ مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ (فَإِنْ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْإِقْرَارِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْجَانِي أَوْ مَعَ الْآخَرِ) أَيْ شَاهِدِ الْقَتْلِ (فَعَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ (عَمْدًا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِإِقْرَارِهِ بِقَتْلٍ عَمْدٍ وَالْآخَرُ) بِإِقْرَارِهِ (بِمُطْلَقٍ) أَيْ بِقَتْلٍ مُطْلَقٍ عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَمْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) شَهِدَ (أَحَدُهُمَا بِقَتْلٍ عَمْدٍ وَالْآخَرُ بِقَتْلٍ مُطْلَقٍ) ثَبَتَ أَصْلُ الْقَتْلِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْكَارُهُ (وَطُولِبَ بِالْبَيَانِ) لِصِفَةِ الْقَتْلِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْهُ، وَأَصَرَّ عَلَى إنْكَارِ أَصْلِ الْقَتْلِ (جُعِلَ نَاكِلًا وَحَلَفَ الْمُدَّعِي) يَمِينَ الرَّدِّ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا وَاقْتُصَّ مِنْهُ (فَإِنْ بَيَّنَ) فَقَالَ قَتَلْته عَمْدًا اقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ عَفَى عَلَى مَالٍ أَوْ قَتَلَهُ (خَطَأً وَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُهُ) عَلَى نَفْيِ الْعَمْدِيَّةِ إنْ كَذَّبَهُ فَإِذَا حَلَفَ لَزِمَهُ دِيَةُ خَطَأٍ بِإِقْرَارِهِ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ) الْمُدَّعِي (وَاقْتَصَّ) مِنْهُ. (وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِقَتْلٍ عَمْدٍ ادَّعَى) بِهِ (وَالْآخَرُ بِخَطَأٍ) أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ (ثَبَتَ الْقَتْلُ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَصْلِهِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي الْعَمْدِيَّةِ وَضِدِّهَا لَيْسَ كَالِاخْتِلَافِ فِيمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّ التَّكَاذُبَ ثَمَّ فِي أَمْرٍ مَحْسُوسٍ وَالْعَمْدِيَّةَ وَضِدَّهَا فِي مَحَلِّ الِاشْتِبَاهِ فَالْفِعْلُ الْوَاحِدُ قَدْ يَعْتَقِدُهُ أَحَدُهُمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ غَيْرَهُ عَلَى أَنَّهُ صَحَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَدَمَ ثُبُوتِ الْقَتْلِ هُنَا أَيْضًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُطَالِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيَانِ (فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ) عَمْدٌ ثَبَتَ أَوْ أَنَّهُ (خَطَأٌ) أَوْ شِبْهُ عَمْدٍ (فَكَذَّبَهُ الْوَلِيُّ أَقْسَمَ) ؛ لِأَنَّ مَعَهُ شَاهِدًا وَذَلِكَ لَوْثٌ هُنَا وَيُخَالِفُ مَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِإِقْرَارِ الْعَمْدِ وَالْآخَرُ بِإِقْرَارِ الْقَتْلِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّ اللَّوْثَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْفِعْلِ لَا فِي الْإِقْرَارِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ الْإِقْسَامِ (حَلَفَ الْجَانِي، وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ مُخَفَّفَةٌ) فَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ مُوجِبُ الْعَمْدِ أَوْ نَكَلَ فَدِيَةُ الْخَطَأِ فِي مَالِهِ. (فَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ قُدَّ مَلْفُوفًا) فِي ثَوْبٍ (وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِحَيَاتِهِ) حِينَ الْقَدِّ (لَمْ يَثْبُتْ الْقَتْلُ) بِشَهَادَتِهِمَا (وَالْقَوْلُ فِي حَيَاتِهِ) حِينَئِذٍ (قَوْلُ الْوَلِيِّ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ اخْتِلَافِ الْجَانِي وَمُسْتَحِقِّ الدَّمِ (وَإِذَا حَلَفَ اقْتَصَّ) مِنْ الْقَادِّ عَمَلًا بِمُقْتَضَى تَصْدِيقِهِ كَالدِّيَةِ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ جَمَاعَةٍ وَنُقِلَ مُقَابِلُهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا لَكِنَّهُ رَجَّحَ الثَّانِيَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ آنِفًا كَمَا قَدَّمْته ثَمَّ وَنَقَلَهُ فِيهِ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ وَالْبَغَوِيِّ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ كَالْحُدُودِ. (فَرْعٌ) لَوْ (شَهِدَ) رَجُلٌ عَلَى آخَرَ (أَنَّهُ قَتَلَ زَيْدًا وَآخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْرًا أَقْسَمَ وَلِيَّاهُمَا) لِحُصُولِ اللَّوْثِ فِي حَقِّهِمَا جَمِيعًا. [بَابُ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى] (بَابُ الْإِمَامَةِ) الْعُظْمَى (وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) كَالْقَضَاءِ إذْ لَا بُدَّ لِلْأُمَّةِ مِنْ إمَامٍ يُقِيمُ الدِّينَ وَيَنْصُرُ السُّنَّةَ وَيُنْصِفُ الْمَظْلُومِينَ وَيَسْتَوْفِي الْحُقُوقَ وَيَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا (فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ) لَهَا (إلَّا وَاحِدٌ) ، وَلَمْ يَطْلُبُوهُ (لَزِمَهُ طَلَبُهَا) لِتَعَيُّنِهَا عَلَيْهِ (وَأُجْبِرَ) عَلَيْهَا (إنْ امْتَنَعَ) مِنْ قَبُولِهَا فَإِنْ صَلُحَ لَهَا جَمَاعَةٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ صَلُحَ جَمَاعَةٌ لِلْقَضَاءِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي بَابِهِ مَعَ أَنَّهُ تَعَرَّضَ لِبَعْضِ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الْآتِي. (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ حَالَ الْعَقْدِ) لَهَا (أَوْ الْعَهْدِ) بِهَا (أَهْلًا لِلْقَضَاءِ) فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا عَدْلًا حُرًّا ذَكَرًا مُجْتَهِدًا ذَا كِفَايَةٍ سَمِيعًا بَصِيرًا نَاطِقًا لِنَقْصِ غَيْرِهِ (شُجَاعًا) لِيَغْزُوَ بِنَفْسِهِ وَيُدِيرَ الْجُيُوشَ وَيَقْوَى عَلَى فَتْحِ الْبِلَادِ (قُرَشِيًّا)   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي هَيْئَةِ الْقَتْلِ] قَوْلُهُ: وَإِذَا حَلَفَ اقْتَصَّ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يُقْتَصَّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ. [فَرْعٌ شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ زَيْدًا وَآخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْرًا] (بَابُ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى) ، قَالَ قَوْمٌ الْإِمَامَةُ رِئَاسَةٌ عَامَّةٌ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا لِشَخْصٍ مِنْ الْأَشْخَاصِ. فَقَيْدُ الْعُمُومِ احْتِرَازٌ عَنْ الْقَاضِي وَالرَّئِيسِ وَغَيْرِهِمَا، وَنَقْضُ هَذَا التَّعْرِيفِ بِالنُّبُوَّةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هِيَ خِلَافَةُ الرَّسُولِ فِي إقَامَةِ الدِّينِ وَحِفْظِ حَوْزَةِ الْمِلَّةِ بِحَيْثُ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ عَلَى كُلِّ كَافَّةِ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِلْإِجْمَاعِ، وَقَدْ بَادَرَ الصَّحَابَةُ إلَيْهَا، وَتَرَكُوا التَّشَاغُلَ بِتَجْهِيزِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَخَافَةَ أَنْ يَدْهَمَهُمْ أَمْرٌ، وَأَيْضًا لَوْ تُرِكَ النَّاسُ فَوْضَى لَا يَجْمَعُهُمْ عَلَى الْحَقِّ جَامِعٌ، وَلَا يَرْدَعُهُمْ عَنْ الْبَاطِلِ رَادِعٌ لَهَلَكُوا، وَلَاسْتَحْوَذَ أَهْلُ الْفَسَادِ عَلَى الْعِبَادِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} [البقرة: 251] . (قَوْلُهُ: فَيَشْتَرِطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا) لِيُرَاعِيَ مَصْلَحَةَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، مُكَلَّفًا لِيَلِيَ أَمْرَ غَيْرِهِ، عَدْلًا لِيُوثَقَ بِهِ، حُرًّا ذَكَرًا لِيَكْمُلَ وَيُهَابَ وَيَتَفَرَّغَ وَيُخَالِطَ الرِّجَالَ، مُجْتَهِدًا لِيَعْلَمَ، وَلَا يَتَعَطَّلَ بِالِاسْتِفْتَاءِ (قَوْلُهُ: عَدْلًا) هَذَا عِنْدَ التَّمَكُّنِ فَلَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى وِلَايَةِ فَاسِقٍ جَازَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْوَصَايَا، وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ إذَا تَعَذَّرَتْ الْعَدَالَةُ فِي الْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ قَدَّمْنَا أَقَلَّهُمْ فِسْقًا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِ النَّاسِ فَوْضَى، وَقَوْلُهُ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ (قَوْلُهُ: حُرًّا ذَكَرًا) ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَلِي الْإِمَامَةَ الْخَاصَّةَ بِالرِّجَالِ فَكَيْفَ تَلِي الْإِمَامَةَ الْعَامَّةَ الَّتِي تَقْتَضِي الْبُرُوزَ، وَعَدَمَ التَّحَرُّزِ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» ؛ وَلِأَنَّ الرِّقَّ يُنَافِي الْوِلَايَاتِ الْخَاصَّةَ فَالْعَامَّةُ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُهَابُ، وَلَا يَتَفَرَّغُ. (فَرْعٌ) لَوْ وَلِيَ الْخُنْثَى ثُمَّ بَانَ ذَكَرًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْقَاضِي، وَأَوْلَى (قَوْلُهُ: مُجْتَهِدًا) ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ أُمُورِ الدِّينِ تَتَعَلَّقُ بِهِ فَلَوْ كَانَ مُقَلِّدًا لَاحْتَاجَ إلَى مُرَاجَعَةِ الْعُلَمَاءِ فِي تَفَاصِيلِ الْوَقَائِعِ فَيَخْرُجُ عَنْ رُتْبَةِ الِاسْتِقْلَالِ، وَيَفُوتُ مِنْ الْأُمُورِ الْعِظَامِ مَا لَا يَتَنَاهَى، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَيْثُ قَالَ: لَوْ اجْتَمَعَ عَدْلٌ جَاهِلٌ، وَعَالِمٌ فَاسِقٌ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّعْوِيضِ إلَى الْعُلَمَاءِ فِيمَا يَفْتَقِرُ إلَى الِاجْتِهَادِ وَيَسْتَشِيرُهُمْ فَمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ عُمِلَ بِهِ وَيَمْضِي الْحُكْمُ فِيهِ بِنَفْسِهِ كَذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا مَفْرُوضٌ كَمَا، قَالَهُ الْإِمَامُ عِنْدَ فَقْدِ الْمُجْتَهِدِينَ. (تَنْبِيهٌ) شَمَلَ قَوْلُهُمْ مُجْتَهِدًا الْمُجْتَهِدَ الْمُطْلَقَ وَمُجْتَهِدَ الْمَذْهَبِ وَمُجْتَهِدَ الْفُتْيَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 لِخَبَرِ النَّسَائِيّ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» ، وَأَمَّا خَبَرُ «أَطِيعُوا، وَلَوْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ» فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى فَلَوْ اخْتَلَتْ الشُّرُوطُ عِنْدَ الْعَهْدِ، وَكَمُلَتْ عِنْدَ مَوْتِ الْعَاهِدِ لَمْ يَصِحَّ الْعَهْدُ (، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ هَاشِمِيًّا) فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ لَمْ يَكُونُوا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ (وَلَا مَعْصُومًا) بِاتِّفَاقِ مَنْ يَعْتَدُّ بِهِ (فَإِنْ فُقِدَ) قُرَشِيٌّ جَامِعٌ لِلشُّرُوطِ (فَمُنْتَسِبٌ إلَى كِنَانَةَ ثُمَّ) إلَى (إسْمَاعِيلَ) ، وَقَوْلُهُ (وَهُمْ) يَعْنِي أَوْلَادَهُ الشَّامِلِينَ لِكِنَانَةَ (الْعَرَبِ) مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ) إلَى (جُرْهُمَ) قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمِنْهُمْ تَزَوَّجَ إسْمَاعِيلُ حِينَ أَنْزَلَهُ أَبُوهُ أَرْضَ مَكَّةَ (ثُمَّ) إلَى (إِسْحَاقَ ثُمَّ) إلَى (غَيْرِهِمْ) ، وَقِيلَ إذَا فُقِدَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَلِيَ رَجُلٌ مِنْ الْعَجَمِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ قُرَيْشٌ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ فَكَمَا قَالُوا إذَا فُقِدَ قُرَشِيٌّ وَلِيَ كِنَانِيٌّ هَلَّا قَالُوا إذَا فُقِدَ كِنَانِيٌّ وَلِيَ خُزَيْمِيٌّ، وَهَكَذَا يَرْتَقِي إلَى أَبٍ بَعْدَ أَبٍ حَتَّى يُنْتَهَى إلَى إسْمَاعِيلَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي فَمَا ذَكَرُوهُ مِثَالٌ يُقَاسُ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْأَخِيرِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ فَوْقَ عَدْنَانَ لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَا يُمْكِنُ حِفْظُ النَّسَبِ فِيهِ مِنْهُ إلَى إسْمَاعِيلَ. (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ نَقْصٌ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ وَسُرْعَةَ النُّهُوضِ) كَالنَّقْصِ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ (وَ) أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ (نَظَرٌ لَا يُمَيِّزُ بِهِ الْأَشْخَاصَ، وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ ذَوْقٍ) وَشَمٍّ (وَلَا قَطْعِ ذَكَرٍ وَنَحْوِهِ) كَالْأُنْثَيَيْنِ (وَلَا يَضُرُّ عَشَا الْعَيْنِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْقَصْرِ (؛ لِأَنَّ عَجْزَهُ) عَنْ النَّظَرِ إنَّمَا هُوَ (حَالُ الِاسْتِرَاحَةِ) وَيُرْجَى زَوَالُهُ. [مَا تَنْعَقِد بِهِ الْإِمَامَة] (وَتَنْعَقِدُ) الْإِمَامَةُ (بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ الْأَوَّلُ الْبَيْعَةُ) كَمَا بَايَعَ الصَّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (، وَلَا تَنْعَقِدُ) الْبَيْعَةُ (إلَّا بِعَقْدِ ذَوِي عَدَالَةٍ، وَعِلْمٍ وَرَأْيٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ) مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَسَائِرِ وُجُوهِ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَيَسَّرُ حُضُورُهُمْ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَنْتَظِمُ بِهِمْ وَيَتْبَعُهُمْ سَائِرُ النَّاسِ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ وَالْأَصْقَاعِ بَلْ إذَا وَصَلَ الْخَبَرُ إلَى أَهْلِ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ لَزِمَهُمْ الْمُوَافَقَةُ وَالْمُتَابَعَةُ (وَلَوْ كَانَ أَهْلُهُ) الْأَوْلَى أَهْلُهَا (وَاحِدًا يُطَاعُ كَفَى) فِي الْبَيْعَةِ. (وَيُشْتَرَطُ) لِانْعِقَادِهَا (الْإِشْهَادُ) بِشَاهِدَيْنِ إنْ عَقَدَهَا وَاحِدٌ (لَا إنْ عَقَدَهَا جَمَاعَةٌ) كَذَا صَحَّحَ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَأَصْلِهِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ إطْلَاقَ وَجْهَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ حُضُورِ شَاهِدَيْنِ وَحَكَى بَعْدَ تَصْحِيحِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ أَصْحَابِنَا اشْتِرَاطَ حُضُورِ الشُّهُودِ لِئَلَّا يَدَّعِيَ عَقْدَ سَابِقٍ؛ وَلِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَيْسَتْ دُونَ النِّكَاحِ. انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّفْصِيلِ فَإِمَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْإِشْهَادُ فِي الشِّقَّيْنِ أَوْ لَا يُشْتَرَطَ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا. الطَّرِيقُ (الثَّانِي اسْتِخْلَافُ الْإِمَامِ) لِغَيْرِهِ (وَلَوْ لِوَلَدِهِ) أَيْ جَعْلُهُ خَلِيفَةً بَعْدَهُ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِعَهْدِهِ إلَيْهِ كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِقَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ آخِرِ عَهْدِهِ مِنْ الدُّنْيَا، وَأَوَّلِ عَهْدِهِ بِالْآخِرَةِ فِي الْحَالِ الَّتِي يُؤْمِنُ فِيهَا الْكَافِرُ وَيَتَّقِي فِيهَا الْفَاجِرُ أَنِّي اسْتَعْمَلْت عَلَيْكُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَإِنْ بَرَّ، وَعَدَلَ فَذَلِكَ عِلْمِي بِهِ وَرَأْيِي فِيهِ، وَإِنْ جَارَ وَبَدَّلَ فَلَا عِلْمَ لِي بِالْغَيْبِ، وَالْخَيْرَ أَرَدْت وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَ، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِمَامُ الْجَامِعُ لِلشُّرُوطِ فَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِخْلَافِ الْجَاهِلِ وَالْفَاسِقِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الِاسْتِخْلَافُ (بِشَرْطِ الْقَبُولِ) مِنْ الْخَلِيفَةِ (فِي حَيَاتِهِ) أَيْ الْإِمَامِ، وَإِنْ تَرَاخَى عَنْ الِاسْتِخْلَافِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ اعْتِبَارَ كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ. انْتَهَى. فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ حَيَاتِهِ رَجَعَ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ إلَى الْإِيصَاءِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى الْأَصْلَحَ) لِلْإِمَامَةِ أَيْ يَجْتَهِدَ فِيهِ فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ وَاحِدٌ وَلَّاهُ. (وَلَهُ جَعْلُهَا) أَيْ الْخِلَافَةَ (لِزَيْدٍ ثُمَّ بَعْدَهُ لِعَمْرٍو ثُمَّ) بَعْدَهُ (لِبَكْرٍ) ، وَتَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ عَلَى مَا رَتَّبَ كَمَا رَتَّبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَرَاءَ جَيْشِ مُؤْتَةَ فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً مُتَرَتِّبِينَ (وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ) ، وَلَمْ يُشَاوِرْ أَحَدًا (فَإِنْ جَعَلَهَا شُورَى) بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ بَعْدَهُ (تَعَيَّنَ مَنْ عَيَّنُوهُ) مِنْهُمْ (بَعْدَ مَوْتِهِ) كَمَا جَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ، وَعُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَطَلْحَةَ فَاتَّفَقُوا عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (لَا قَبْلَهُ) فَلَا يَتَعَيَّنُ مَنْ عَيَّنُوهُ بَلْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُعَيِّنُوا أَحَدًا حِينَئِذٍ (إلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ خَافُوا الْفُرْقَةَ) أَيْ تَفَرُّقَ الْأَمْرِ وَانْتِشَارَهُ بَعْدَهُ (اسْتَأْذَنُوهُ) فَإِنْ أَذِنَ فَعَلُوهُ (وَلَا يَلْزَمُهُمْ التَّعْيِينُ) فِيمَا إذَا جَعَلَهَا شُورَى بَيْنَ جَمَاعَةٍ بَلْ يَكُونُ الْأَمْرُ كَمَا لَوْ لَمْ يَجْعَلْهَا شُورَى. (وَلَوْ أَوْصَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِخَبَرِ النَّسَائِيّ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» ، وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَ قُرَشِيٌّ إلَخْ) ، قَالَ الْإِمَامُ لَوْ عُقِدَتْ لِغَيْرِ قُرَشِيٍّ لِلْعَدَمِ ثُمَّ نَشَأَ قُرَشِيٌّ بِالشُّرُوطِ فَإِنْ عَسُرَ خَلْعُ الْأَوَّلِ أُقِرَّ، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ عِنْدِي تَسْلِيمُ الْأَمْرِ لِلْقُرَشِيِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إلَى جُرْهُمَ) هُمْ الَّذِينَ رَبَّوْا إسْمَاعِيلَ، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْقَاعُ) جَمْعُ صُقْعٍ، وَهُوَ النَّاحِيَةُ صِحَاحٌ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّفْصِيلِ إلَخْ) الْأَوْجَهُ، وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِوَلَدِهِ) أَوْ وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِمَامُ الْجَامِعُ لِلشُّرُوطِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ اعْتِبَارَ كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ) ، وَلَيْسَ هَذَا كَالْإِيصَاءِ، وَلَوْ شَبَّهَ بِالْإِيصَاءِ لِمَا كَانَ قَبُولُهُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي الْوِصَايَةِ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً مُتَرَتِّبِينَ) . فَلَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ فِي حَيَاةِ الْخَلِيفَةِ فَالْخِلَافَةُ لِلثَّانِي أَوْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَلِلثَّالِثِ، وَلَوْ مَاتَ الْخَلِيفَةُ وَالثَّلَاثَةُ أَحْيَاءٌ وَانْتَصَبَ الْأَوَّلُ، وَأَرَادَ أَنْ يَعْهَدَ بِهَا إلَى غَيْرِ الْأَخِيرَيْنِ فَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ، وَلَمْ يَعْهَدْ إلَى أَحَدٍ فَلَيْسَ لِأَهْلِ الْبَيْعَةِ مُبَايَعَةُ غَيْرِ الثَّانِي وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنُصَّ عَلَى مَنْ يَخْتَارُ خَلِيفَةً بَعْدَهُ، وَلَا يَصِحُّ اخْتِيَارُ غَيْرِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 بِهَا جَازَ) كَمَا لَوْ اسْتَخْلَفَ لَكِنْ قَبُولُ الْمُوصَى لَهُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ يَخْرُجُ عَنْ الْوِلَايَةِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَتَعَيَّنُ مَنْ اخْتَارَهُ لِلْخِلَافَةِ) بِالِاسْتِخْلَافِ أَوْ الْوَصِيَّةِ مَعَ الْقَبُولِ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُعَيِّنَ غَيْرَهُ. فَلَوْ جَعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ ثَلَاثَةٍ مُتَرَتِّبِينَ فَمَاتَ الْأَوَّلُ مِنْهُمْ فِي حَيَاتِهِ فَالْخِلَافَةُ لِلثَّانِي أَوْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَلِلثَّالِثِ (فَإِنْ اسْتَعْفَى) الْخَلِيفَةُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْقَبُولِ (لَمْ يَنْعَزِلْ حَتَّى يُعْفَى وَيُوجَدَ غَيْرُهُ) فَإِنْ عُفِيَ بَعْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ انْعَزَلَ، عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ جَازَ اسْتِعْفَاؤُهُ، وَإِعْفَاؤُهُ وَخَرَجَ مِنْ الْعَهْدِ بِاجْتِمَاعِهِمَا، وَإِلَّا امْتَنَعَا وَبَقِيَ الْعَهْدُ لَازِمًا، وَشُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُ غَائِبٍ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ) بِخِلَافِ مَا إذَا جُهِلَتْ (وَيَسْتَقْدِمُ) أَيْ يَطْلُبُ قُدُومَهُ بِأَنْ يَطْلُبَهُ أَهْلُ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ (بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْإِمَامِ (فَإِنْ بَعُدَ) قُدُومُهُ بِأَنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ (وَتَضَرَّرُوا) أَيْ الْمُسْلِمُونَ بِتَأَخُّرِ النَّظَرِ فِي أُمُورِهِمْ (عُقِدَتْ) أَيْ الْخِلَافَةُ أَيْ عَقَدَهَا أَهْلُ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ (لِنَائِبٍ) عَنْهُ بِأَنْ يُبَايِعُوهُ بِالنِّيَابَةِ دُونَ الْخِلَافَةِ (وَيَنْعَزِلُ بِقُدُومِهِ، وَلَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (تَبْدِيلُ وَلِيِّ عَهْدِ غَيْرِهِ) فَلَوْ جُعِلَ الْأَمْرُ شُورَى بَيْنَ ثَلَاثَةٍ مُتَرَتِّبِينَ وَمَاتَ، وَهُمْ أَحْيَاءٌ فَانْتَصَبَ الْأَوَّلُ لِلْخِلَافَةِ فَلَهُ تَبْدِيلُ الْأَخِيرَيْنِ بِغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا انْتَهَتْ إلَيْهِ صَارَ أَمْلَكَ بِهَا (لَا) تَبْدِيلَ وَلِيِّ (عَهْدِهِ) إذْ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ بِلَا سَبَبٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا لَهُ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ. (وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْعَهْدِ نَقْلُهَا) أَيْ الْخِلَافَةَ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَلِّي (وَلَا عَزْلُ نَفْسِهِ) اسْتِقْلَالًا (وَ) إنَّمَا (يَنْعَزِلُ بِالتَّرَاضِي) مِنْهُ وَمِنْ الْإِمَامِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) فَإِنْ تَعَيَّنَ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْإِمَامِ لَمْ يَنْعَزِلْ (وَإِنْ خُلِعَ الْإِمَامُ) بِأَنْ خَلَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَيْسَ بِجَائِزٍ (بِغَيْرِ سَبَبٍ لَمْ يَنْخَلِعْ) إذْ لَوْ انْخَلَعَ لَمْ يُؤْمَنْ تَكَرُّرُ التَّوْلِيَةِ وَالِانْخِلَاعِ وَفِي ذَلِكَ سُقُوطُ الْهَيْبَةِ (وَكَذَا لَوْ خَلَعَ نَفْسَهُ) لَمْ يَنْخَلِعْ إلَّا (لِعَجْزٍ) مِنْهُ عَنْ الْقِيَامِ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ فَيَنْخَلِعُ فَقَوْلُهُ (وَنَحْوُهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَلَهُ أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ مَا دَامَ الْأَمْرُ لَهُ) أَيْ قَبْلَ خَلْعِهِ نَفْسَهُ فَإِنْ وَلَّاهُ حِينَئِذٍ انْعَقَدَتْ وِلَايَتُهُ، وَإِلَّا فَيُبَايِعُ النَّاسُ غَيْرَهُ. (فَصْلٌ) لَوْ (صَلُحَ لَهَا اثْنَانِ اُسْتُحِبَّ) لِأَهْلِ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ (تَقْدِيمُ أَسَنِّهِمَا) أَيْ فِي الْإِسْلَامِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ (ثُمَّ إنْ كَثُرَتْ الْحُرُوبُ) بِظُهُورِ الْبُغَاةِ، وَأَهْلِ الْفَسَادِ (فَالْأَشْجَعُ) أَحَقُّ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَعَتْ إلَى زِيَادَةِ الشَّجَاعَةِ (أَوْ) كَثُرَتْ (الْبِدَعُ فَالْأَعْلَمُ) أَحَقُّ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَعَتْ إلَى زِيَادَةِ الْعِلْمِ لِسُكُونِ الْفِتَنِ وَظُهُورِ الْبِدَعِ (ثُمَّ) إنْ تَسَاوَيَا فِيمَا ذُكِرَ اُعْتُبِرَتْ (الْقُرْعَةُ) لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ، وَقِيلَ يُقَدِّمُ أَهْلُ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ مَنْ شَاءُوا بِلَا قُرْعَةٍ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ تَنَازَعَاهَا لَمْ يَقْدَحْ فِيهِمَا) تَنَازُعُهُمَا؛ لِأَنَّ طَلَبَهَا لَيْسَ مَكْرُوهًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُقْرَعُ، وَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعَاهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يُقْرَعُ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا لِلْمُسْلِمِينَ لَا لَهُمَا كَمَا سَيَأْتِي. (الطَّرِيقُ الثَّالِثُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهَا ذُو شَوْكَةٍ، وَلَوْ) كَانَ (غَيْرَ أَهْلٍ) لَهَا كَأَنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ جَاهِلًا (فَتَنْعَقِدُ لِلْمَصْلَحَةِ) ، وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا بِفِعْلِهِ (وَكَذَا) تَنْعَقِدُ (لِمَنْ قَهَرَهُ) عَلَيْهَا فَيَنْعَزِلُ هُوَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قُهِرَ عَلَيْهَا مَنْ انْعَقَدَتْ إمَامَتُهُ بِبَيْعَةٍ أَوْ عَهْدٍ فَلَا تَنْعَقِدُ لَهُ، وَلَا يَنْعَزِلُ الْمَقْهُورُ (وَلَا يَصِيرُ أَحَدٌ إمَامًا بِمُجَرَّدِ) حُصُولِ (الْأَهْلِيَّةِ) أَيْ أَهْلِيَّتِهِ لِلْإِمَامَةِ (بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إحْدَى الطُّرُقِ) السَّابِقَةِ. (فَصْلٌ: تَجِبُ طَاعَةُ الْإِمَامِ) ، وَإِنْ كَانَ جَائِرًا (فِيمَا يَجُوزُ) فَقَطْ مِنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ لِخَبَرِ «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعُ الْأَطْرَافِ» وَخَبَرِ «مَنْ نَزَعَ يَدَهُ مِنْ طَاعَةِ إمَامِهِ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ» وَخَبَرِ «مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدَهُ مِنْ طَاعَتِهِ» رَوَاهَا مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ نَصْبِهِ اتِّحَادُ الْكَلِمَةِ وَدَفْعُ الْفِتَنِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِوُجُوبِ الطَّاعَةِ (وَ) تَجِبُ (نَصِيحَتُهُ فِيمَا يَقْدِرُ) أَيْ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ. (وَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا لِإِمَامَيْنِ) فَأَكْثَرَ، وَلَوْ بِأَقَالِيمَ (وَلَوْ تَبَاعَدَتْ الْأَقَالِيمُ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ اخْتِلَافِ الرَّأْيِ، وَتَفَرُّقِ الشَّمْلِ (فَإِنْ عُقِدَتَا) أَيْ الْإِمَامَتَانِ لِاثْنَيْنِ (مَعًا بَطَلَتَا أَوْ مُرَتَّبًا انْعَقَدَتْ لِلسَّابِقِ) كَمَا فِي النِّكَاحِ عَلَى امْرَأَةٍ (وَيُعَزَّرُ الْآخَرُونَ) أَيْ الثَّانِي وَمُبَايِعُوهُ (إنْ عَلِمُوا) بَيْعَةَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ يَخْرُجُ عَنْ الْوِلَايَةِ) ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذَا التَّوْجِيهُ يُشْكِلُ بِكُلِّ وِصَايَةٍ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مَنْ جَعَلَهُ خَلِيفَةً فِي حَيَاتِهِ إمَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ اسْتِنَابَتَهُ فَلَا يَكُونُ هَذَا عَهْدًا بِالْإِمَامَةِ أَوْ يُرِيدَ جَعْلَهُ إمَامًا فِي الْحَالِ، وَهُوَ إمَّا خَلْعُ النَّفْسِ أَوْ اجْتِمَاعُ إمَامَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ جَعَلْته خَلِيفَةً أَوْ إمَامًا بَعْدَ مَوْتِي فَهَذَا هُوَ مَعْنَى لَفْظِ الْوَصِيَّةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا هَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ جَعَلْته خَلِيفَةً أَوْ إمَامًا بَعْدَ مَوْتِي، قَالَ الْإِسْنَوِيِّ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِهَا وَبَيْنَ عَقْدِهَا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَجَوَابُ إشْكَالِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَارَ فِي حَيَاتِهِ خَلِيفَةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَالْمَحْذُورُ مِنْ اجْتِمَاعِ خَلِيفَتَيْنِ اخْتِلَافُ الْكَلِمَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا فَرْعُ الْآخَرِ، وَتَصَرُّفُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَوْتِهِ، وَجُوِّزَ ذَلِكَ لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَلِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ جَمْعًا لِلْكَلِمَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِعَجْزٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَتَسْكِينِ فِتْنَةٍ [فَصْلٌ صَلُحَ اثْنَانِ لِلْإِمَامَةِ الْعُظْمَى] (قَوْلُهُ: كَمَا فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَاضِحٌ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ هُنَا زِيَادَةُ تَجْرِبَتِهِ الْأُمُورَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ جَاهِلًا) أَيْ أَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا أَوْ رَقِيقًا. [فَصْلٌ طَاعَةُ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا] (قَوْلُهُ: مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ) ضَبَطَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي نِهَايَتِهِ بِالْجِيمِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالْخَاءِ وَالدَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَمَعْنَاهُ عَلَى كِلَيْهِمَا مُقَطَّعُ الْأَطْرَافِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُقْدَتَا مَعًا بَطَلَتَا) ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا النُّبُوَّةُ فَكَمَا لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِشَرِيعَتَيْنِ لَا يُطَاعُ إمَامَانِ وَلِئَلَّا تَخْتَلِفَ الْكَلِمَةُ لِاخْتِلَافِ الرَّأْيَيْنِ وَيُخَالِفُ قَاضِيَيْنِ فِي الْبَلَدِ عَلَى الشُّيُوعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ فَإِنَّ الْإِمَامَ وَرَاءَهُمَا يَفْصِلُ مَا تَنَازَعَا فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 السَّابِقِ لِارْتِكَابِهِمْ مُحَرَّمًا. وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا بُويِعَ لِلْخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا» فَمَعْنَاهُ لَا تُطِيعُوهُ فَيَكُونُ كَمَنْ قُتِلَ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إنْ أَصَرَّ فَهُوَ بَاغٍ يُقَاتَلُ (فَإِنْ جُهِلَ سَبْقٌ أَوْ) عُلِمَ لَكِنْ جُهِلَ (سَابِقٌ فَكَمَا) مَرَّ (فِي) نَظِيرِهِ مِنْ (الْجُمُعَةِ) وَالنِّكَاحِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدَانِ (وَإِنْ عُلِمَ السَّابِقُ ثُمَّ نَسِيَ وُقِفَ) الْأَمْرُ رَجَاءَ الِانْكِشَافِ (فَإِنْ أَضَرَّ الْوَقْفُ) بِالْمُسْلِمِينَ (عُقِدَ لِأَحَدِهِمَا لَا غَيْرِهِمَا) ؛ لِأَنَّ عَقْدَهَا لَهُمَا أَوْجَبَ صَرْفَهَا عَنْ غَيْرِهِمَا، وَإِنْ بَطَلَ عَقْدَاهُمَا بِالْإِضْرَارِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ الْأَصَحُّ جَوَازُ عَقْدِهَا لِغَيْرِهِمَا إذْ هُوَ مُقْتَضَى بُطْلَانِ عَقْدِهِمَا، وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ (وَالْحَقُّ) فِي الْإِمَامَةِ (لِلْمُسْلِمِينَ) لَا لَهُمَا (فَلَا تُسْمَعُ) (دَعْوَاهُمَا) أَيْ دَعْوَى أَحَدِهِمَا (السَّبْقَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَحَدُهُمَا (لِلْآخَرِ بَطَلَ حَقُّهُ، وَلَا يَثْبُتُ) الْحَقُّ (لِلْآخَرِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ بِسَبْقِهِ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ إنَّ الصَّوَابَ ثُبُوتُهُ لَهُ بِالْإِقْرَارِ لِانْحِصَارِ الْحَقِّ فِيهِ حِينَئِذٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْحَقَّ إنَّمَا هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لَهُمَا كَمَا عُرِفَ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُقِرِّ) بِالسَّبْقِ (لَهُ) أَيْ لِلْآخَرِ (مَعَ آخَرَ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مُنَاقِضٌ) لَهَا بِأَنْ كَانَ يَدَّعِيَ اشْتِبَاهَ الْأَمْرِ قَبْلَ إقْرَارِهِ فَإِنْ سَبَقَ مُنَاقِضٌ بِأَنْ كَانَ يَدَّعِي السَّبْقَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ. (فَصْلٌ: وَيَنْعَزِلُ الْإِمَامُ بِعَمًى وَصَمَمٍ وَخَرَسٍ وَمَرَضٍ يُنْسِيه الْعُلُومَ، وَجُنُونٍ) لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِمَامَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ: فَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَ تَوْلِيَةِ غَيْرِهِ فَالْوِلَايَةُ لِلثَّانِي إلَّا أَنْ يَخَافَ فِتْنَةً فَهِيَ لِلْأَوَّلِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لِلثَّانِي مُطْلَقًا (لَا إنْ كَثُرَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ) مِنْ جُنُونِهِ (وَتَمَكَّنَ فِيهِ مِنْ أُمُورِهِ) أَيْ مِنْ قِيَامِهِ بِهَا فَلَا يَنْعَزِلُ (، وَلَا) يَنْعَزِلُ (إنْ فَسَقَ) أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْإِغْمَاءِ كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا قَلَّ زَمَنُهُ، وَلَمْ يَتَكَرَّرْ، وَأَمَّا لَوْ طَالَ زَمَنُهُ، وَتَكَرَّرَ بِحَيْثُ يَقْطَعُهُ عَنْ النَّظَرِ فِي الْمَصَالِحِ فَلَا (، وَلَا) يَنْعَزِلُ (بِثِقَلِ سَمْعٍ، وَتَمْتَمَةِ لِسَانٍ وَفِي مَنْعِهِمَا) الْإِمَامَةُ (ابْتِدَاءً خِلَافٌ) وَالْأَقْرَبُ لَا كَمَا فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ (وَلَوْ قُطِعَتْ إحْدَى يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الدَّوَامِ) بِخِلَافِ الِابْتِدَاءِ إذْ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَبِخِلَافِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ. (فَصْلٌ: لَا يَنْعَزِلُ إمَامٌ أَسَرَهُ كُفَّارٌ أَوْ بُغَاةٌ لَهُمْ إمَامٌ إلَّا إنْ وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ خَلَاصِهِ) فَيَنْعَزِلُ (فَحِينَئِذٍ لَا يُؤَثِّرُ عَهْدُهُ) لِغَيْرِهِ بِالْإِمَامَةِ (وَتُعْقَدُ لِغَيْرِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ عَهِدَ لِغَيْرِهِ قَبْلَ الْيَأْسِ لِبَقَائِهِ عَلَى إمَامَتِهِ (وَإِنْ خُلَّصُ مِنْ الْأَسْرِ بَعْدَ الْيَأْسِ لَمْ يَعُدْ) إلَى إمَامَتِهِ بَلْ يَسْتَقِرُّ فِيهَا وَلِيُّ عَهْدِهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبُغَاةِ إمَامٌ لَمْ يَنْعَزِلْ) الْإِمَامُ الْمَأْسُورُ، وَإِنْ وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ خَلَاصِهِ (وَيَسْتَنِيبُ) عَنْ نَفْسِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ (ثُمَّ يُسْتَنَابُ عَنْهُ إنْ عَجَزَ) عَنْهَا فَلَوْ خَلَعَ الْأَسِيرُ نَفْسَهُ أَوْ مَاتَ لَمْ يَصِرْ الْمُسْتَنَابُ إمَامًا. [فَرْعٌ تَسْمِيَةُ الْإِمَامِ خَلِيفَةً وَأَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ] (فَرْعٌ: يَجُوزُ تَسْمِيَةُ الْإِمَامِ خَلِيفَةً، وَأَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ) ، وَأَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَخَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ خَلَفَ الْمَاضِي وَخَلَفَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُمَّتِهِ، وَقَامَ بِأَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ (لَا خَلِيفَةُ اللَّهِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَخْلِفُ مَنْ يَغِيبُ وَيَمُوتُ وَاَللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِقِيَامِهِ بِحُقُوقِهِ فِي خَلْقِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ} [فاطر: 39] قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ مَعَ ذِكْرِهِ ذَلِكَ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَا يُسَمَّى أَحَدٌ خَلِيفَةَ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ آدَمَ وَدَاوُد - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - قَالَ تَعَالَى {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] ، وَقَالَ {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ} [ص: 26] ، وَعَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ فَقَالَ أَنَا خَلِيفَةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ. [بَابُ قِتَالِ الْبُغَاةِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي صِفَة الْبُغَاةِ] (بَابُ قِتَالِ الْبُغَاةِ) جَمْعُ بَاغٍ سُمُّوا بِذَلِكَ لِمُجَاوَزَتِهِمْ الْحَدَّ، وَقِيلَ لِطَلَبِ الِاسْتِعْلَاءِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] الْآيَةَ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ لَكِنَّهَا تَشْمَلُهُ لِعُمُومِهَا أَوْ تَقْتَضِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْقِتَالَ لِبَغْيِ طَائِفَةٍ عَلَى طَائِفَةٍ فَلِلْبَغْيِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْلَى (وَفِيهِ أَطْرَافٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي صِفَتِهِمْ، وَهُمْ الْخَارِجُونَ عَنْ الطَّاعَةِ) لِإِمَامِ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَلَوْ جَائِرًا بِامْتِنَاعِهِمْ مِنْ أَدَاءِ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ (بِتَأْوِيلٍ فَاسِدٍ لَا يُقْطَعُ بِفَسَادِهِ) بَلْ يَعْتَقِدُونَ بِهِ جَوَازَ الْخُرُوجِ كَتَأْوِيلِ الْخَارِجِينَ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُ يَعْرِفُ قَتَلَةَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ مَا يَنْعَزِلُ بِهِ الْإِمَامُ] (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لِلثَّانِي مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَلَّ زَمَنُهُ إلَخْ) مَحْمَلُ كَلَامِهِمْ الشِّقُّ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ لَا) هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ أَيْ وَوِلَايَةِ الْقَضَاءِ [فَصْلٌ إمَامٌ أَسَرَهُ كُفَّارٌ أَوْ بُغَاةٌ لَهُمْ إمَامٌ] (بَابُ قِتَالِ الْبُغَاةِ) (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ إلَخْ) قَاتَلَ عَلِيٌّ أَهْلَ الْجَمَلِ بِالْبَصْرَةِ مَعَ عَائِشَةَ ثُمَّ قَاتَلَ أَهْلَ الشَّامِ بِصِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ قَاتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ السِّيرَةَ فِي قَتْلِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي قِتَالِ الْمُرْتَدِّينَ مِنْ الصِّدِّيقِ وَفِي قِتَالِ الْبُغَاةِ مِنْ عَلِيٍّ فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُخْطِئِينَ فِي قِتَالِهِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمَّارٍ قَتَلَتْك الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَائِرًا) ، وَإِنْ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْخُرُوجَ عَلَى الْجَائِرِ لَيْسَ بَغْيًا فَقَدْ صَرَّحَ الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ بَغْيٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْجَوْرِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّ الْخُرُوجَ عَلَيْهِمْ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمِينَ وَنُوزِعَ فِي دَعْوَى الْإِجْمَاعِ بِخُرُوجِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَان وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ فِي الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ بِلَا عُذْرٍ، وَلَا تَأْوِيلٍ وَيُعْتَبَرُ فِي الْبُغَاةِ الْإِسْلَامُ فَالْمُرْتَدُّونَ إذَا نَصَبُوا الْقِتَالَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْبُغَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَقْدِرُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُمْ لِمُوَاطَأَتِهِ إيَّاهُمْ، وَتَأْوِيلُ بَعْضِ مَانِعِي الزَّكَاةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُمْ لَا يَدْفَعُونَ الزَّكَاةَ إلَّا لِمَنْ صَلَاتُهُ سَكَنٌ لَهُمْ، وَهُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إنْ كَانَ لَهُمْ شَوْكَةٌ بِكَثْرَةٍ أَوْ قُوَّةٍ، وَلَوْ بِحِصْنٍ) بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَعَهَا مُقَاوَمَةُ الْإِمَامِ وَيَحْتَاجُ إلَى احْتِمَالِ كُلْفَةٍ مِنْ بَذْلِ مَالٍ، وَإِعْدَادِ رِجَالٍ وَنَصْبِ قِتَالٍ وَنَحْوِهَا لِيَرُدَّهُمْ إلَى الطَّاعَةِ. (وَ) كَانَ (فِيهِمْ مُطَاعٌ) لِيَحْصُلَ بِهِ قُوَّةُ الشَّوْكَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا لَهُمْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الشَّوْكَةَ تَحْصُلُ بِالتَّقَوِّي بِالْحِصْنِ أَخَذَهُ مِنْ عُمُومِ كَلَامِ أَصْلِهِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ شَوْكَةٌ، وَعَدَدٌ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ قَالَ، وَلَوْ تَقَوَّى قَوْمٌ قَلِيلٌ بِحِصْنٍ فَوَجْهَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَرَأَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُفَصَّلَ فَيُقَالَ إنْ كَانَ الْحِصْنُ بِحَافَةِ الطَّرِيقِ وَكَانُوا يَسْتَوْلُونَ بِسَبَبِهِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَرَاءَ الْحِصْنِ ثَبَتَ لَهُمْ الشَّوْكَةُ وَحُكْمُ الْبُغَاةِ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ أَقَضِيَّةُ أَهْلِ النَّاحِيَةِ، وَإِلَّا فَلَيْسُوا بُغَاةً، وَلَا يُبَالِي بِتَعْطِيلِ عَدَدٍ قَلِيلٍ (وَيَجِبُ قِتَالُهُمْ) فَقَدْ أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ (وَلَيْسُوا فَسَقَةً) كَمَا أَنَّهُمْ لَيْسُوا كَفَرَةً؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا خَالَفُوا بِتَأْوِيلٍ جَائِزٍ بِاعْتِقَادِهِمْ لَكِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيهِ (وَلَا اسْمَ الْبَغْيِ ذَمًّا وَالْأَحَادِيثُ) الْوَارِدَةُ (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا يَقْتَضِي ذَمَّهُمْ كَحَدِيثِ «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا» وَحَدِيثِ «مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ» وَحَدِيثِ «مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ» (مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ خَرَجَ) عَنْ الطَّاعَةِ (بِلَا تَأْوِيلٍ) أَوْ بِتَأْوِيلٍ فَاسِدٍ قَطْعًا. (وَمَنْ فُقِدَتْ فِيهِمْ الشُّرُوطُ) الْمَذْكُورَةُ بِأَنْ خَرَجُوا بِلَا تَأْوِيلٍ كَمَانِعِي حَقِّ الشَّرْعِ كَالزَّكَاةِ عِنَادًا أَوْ بِتَأْوِيلٍ يُقْطَعُ بِفَسَادِهِ كَتَأْوِيلِ الْمُرْتَدِّينَ وَمَانِعِي حَقِّ الشَّرْعِ كَالزَّكَاةِ الْآنَ وَالْخَوَارِجُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَوْكَةٌ بِأَنْ كَانُوا أَفْرَادًا يَسْهُلُ الظَّفَرُ بِهِمْ أَوْ لَيْسَ فِيهِمْ مُطَاعٌ (فَلَيْسَ لَهُمْ حُكْمُهُمْ) أَيْ الْبُغَاةِ لِانْتِفَاءِ حُرْمَتِهِمْ؛ وَلِأَنَّ ابْنَ مُلْجِمٍ قَتَلَ عَلِيًّا مُتَأَوِّلًا بِأَنَّهُ وَكِيلُ امْرَأَةٍ قَتَلَ عَلِيٌّ أَبَاهَا فَاقْتَصَّ مِنْهُ، وَلَمْ يُعْطَ حُكْمُهُمْ فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ لِانْتِفَاءِ شَوْكَتِهِ. [فَرْعٌ الْخَوَارِجِ قَوْمٌ مِنْ الْمُبْتَدَعَةِ] (فَرْعٌ: الْخَوَارِجِ قَوْمٌ) مِنْ الْمُبْتَدَعَةِ (يُكَفِّرُونَ مَنْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً) وَيَطْعَنُونَ بِذَلِكَ فِي الْأَئِمَّةِ، وَلَا يَحْضُرُونَ مَعَهُمْ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَاتِ (فَلَا يُقَاتَلُونَ، وَلَا يُفَسَّقُونَ مَا لَمْ يُقَاتِلُوا) وَكَانُوا فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَمِعَ رَجُلًا مِنْ الْخَوَارِجِ يَقُولُ لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَيُعَرِّضُ بِتَخْطِئَةِ تَحْكِيمِهِ فَقَالَ كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثٌ لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرُوهُ فِيهَا، وَلَا الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَنَا، وَلَا نَبْدَأُ بِقِتَالِكُمْ نَعَمْ إنْ تَضَرَّرْنَا بِهِمْ تَعَرَّضْنَا لَهُمْ حَتَّى يَزُولَ الضَّرَرُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ الْأَصْحَابِ. أَمَّا إذَا قَاتَلُوا، وَلَمْ يَكُونُوا فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ فَيُقَاتَلُونَ، وَلَا يَتَحَتَّمُ قَتْلُ الْقَاتِلِ مِنْهُمْ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ فِي الْأَصْلِ مَعَ هَذَا، وَأَطْلَقَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُمْ إنْ قَاتَلُوا فَهُمْ فَسَقَةٌ، وَأَصْحَابُ نَهْبٍ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَبِهِ جُزْءٌ فِي الْمِنْهَاجِ، وَأَصْلُهُ وَمَحَلُّهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا إذَا قَصَدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ (وَإِنْ سَبُّوا الْأَئِمَّةَ وَغَيْرَهُمْ) مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ (عُزِّرُوا إلَّا إنْ عَرَّضُوا) بِالسَّبِّ فَلَا يُعَزَّرُونَ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُعَزِّرْ الَّذِي عَرَّضَ بِهِ؛ وَلِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تَكَادُ تَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَنْ يُعَرِّضُ بِالسُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ قَتَلُوا أَحَدًا) مِمَّنْ يُكَافِئُهُمْ هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ، وَلَوْ بَعَثَ إلَيْهِمْ وَالِيًا فَقَتَلُوهُ (اقْتَصَّ مِنْهُمْ) كَغَيْرِهِمْ (وَلَا يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُمْ) ، وَإِنْ كَانُوا كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ فِي شَهْرِ السِّلَاحِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِمْ) أَيْ الْبُغَاةِ (فَنُجِيزُ) نَحْنُ (شَهَادَةَ الْبُغَاةِ وَنُنَفِّذُ قَضَاءَهُمْ فِيمَا يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاؤُنَا) لِانْتِفَاءِ فِسْقِهِمْ (إنْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا، وَلَمْ يَكُونُوا خِطَابِيَّةً) ، وَهُمْ صِنْفٌ مِنْ الرَّافِضَةِ يَشْهَدُونَ بِالزُّورِ وَيَقْضُونَ بِهِ لِمُوَافِقِيهِمْ بِتَصْدِيقِهِمْ فَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ عَدَمَ اسْتِحْلَالِهِمْ لِمَا ذُكِرَ بِأَنْ عَلِمْنَا اسْتِحْلَالَهُمْ لَهُ أَوْ لَمْ نَعْلَمْهُ امْتَنَعَ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْعَدَالَةِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي الْأُولَى إذَا اسْتَحَلُّوا ذَلِكَ بِالْبَاطِلِ عُدْوَانًا لِيَتَوَصَّلُوا بِهِ إلَى إرَاقَةِ دِمَائِنَا، وَإِتْلَافِ أَمْوَالِنَا وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ التَّسْوِيَةِ فِي تَنْفِيذِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ مَنْ يَسْتَحِلُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لَهُمْ شَوْكَةٌ إلَخْ) ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّتُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ آخَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْفَرِدُوا بِبَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ مَوْضِعٍ مِنْ الصَّحْرَاءِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا لَهُمْ) ؛ لِأَنَّ أَهْلَ صِفِّينَ، وَأَهْلَ الْجَمَلِ لَمْ يُنَصِّبُوا لَهُمْ إمَامًا وَحُكْمُ الْبُغَاةِ شَامِلٌ لَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَرَأَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُفَصَّلَ فَيُقَالَ إنْ كَانَ الْحِصْنُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ إلَخْ) رُبَّمَا يَبْلُغُ مَجْمُوعُهَا التَّوَاتُرَ الْمَعْنَوِيَّ (قَوْلُهُ: كَحَدِيثِ «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ» إلَخْ) وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ، وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «مَنْ مَاتَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إمَامُ جَمَاعَةٍ فَإِنَّ مَوْتَتَهُ مَوْتُ جَاهِلِيَّةٍ» وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ «فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُ فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ فَيَمُوتُ إلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (قَوْلُهُ: وَكَانُوا فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ) كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَوَاءٌ كَانُوا بَيْنَنَا أَوْ امْتَازُوا بِمَوْضِعٍ لَكِنْ لَمْ يَخْرُجُوا عَنْ طَاعَتِهِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثٌ إلَخْ) ، قَالَ الْأَصْحَابُ وَاقْتُفِيَ فِي ذَلِكَ سِيرَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُنَافِقِينَ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا إذَا قَصَدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْبُغَاةِ] (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمْنَا اسْتِحْلَالَهُمْ لَهُ) ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَائِرُ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْفِسْقِ فِي مَعْنَاهُ، وَكَلَامُ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَحَلُّهُ فِي الْأُولَى إذَا اسْتَحَلُّوا ذَلِكَ بِالْبَاطِلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ وَغَيْرُهُ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا تَنَاقُضَ، وَأَمَّا إذَا كَانُوا خِطَابِيَّةً فَيُمْتَنَعُ مِنَّا ذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَ مَا ذُكِرَ لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ مَعَ مُوَافِقِيهِمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ نَعَمْ لَوْ بَيَّنُوا فِي شَهَادَتِهِمْ السَّبَبَ قُبِلَتْ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ كَمَا سَيَأْتِي. ثَمَّ وَخَرَجَ بِمَا يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاؤُنَا غَيْرُهُ كَأَنْ حَكَمُوا بِمَا يُخَالِفُ النَّصَّ أَوْ الْإِجْمَاعَ أَوْ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فَلَا نَنْفُذُهُ (، وَلَوْ كَتَبُوا بِحُكْمٍ) مِنْهُمْ إلَى حَاكِمِنَا (جَازَ تَنْفِيذُهُ) ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ أُمْضِيَ وَالْحَاكِمُ بِهِ مِنْ أَهْلِهِ بَلْ لَوْ كَانَ الْحُكْمُ لِوَاحِدٍ مِنَّا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ تَنْفِيذِهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَكَذَا) لَوْ كَتَبُوا (بِسَمَاعِ بَيِّنَةٍ) يَجُوزُ لَنَا الْحُكْمُ بِهَا لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِرَعَايَانَا (وَيُسْتَحَبُّ) لَنَا (أَنْ لَا نُنَفِّذَ حُكْمَهُمْ) اسْتِخْفَافًا بِهِمْ (وَلْيُعْتَدَّ بِمَا اسْتَوْفَوْهُ) بِالْبَلَدِ الَّذِي اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ (مِنْ حُدُودٍ) ، وَتَعَازِيرَ (وَخَرَاجٍ) وَزَكَاةٍ (وَجِزْيَةٍ) لِاعْتِمَادِهِمْ التَّأْوِيلَ الْمُحْتَمِلَ فَأَشْبَهَ الْحُكْمَ بِالِاجْتِهَادِ وَلِمَا فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالرَّعِيَّةِ. (وَكَذَا لَوْ فَرَّقُوا سَهْمَ الْمُرْتَزِقَةِ فِي جُنْدِهِمْ) يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُنْدِ الْإِسْلَامِ وَرُعْبُ الْكُفَّارِ قَائِمٌ بِهِمْ (وَلَوْ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ بِالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ اسْتِيفَاءَهُمْ) مِنْهُ لَهُمَا، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أُجْرَةٌ فَكَانَ الْمَطْلُوبُ بِهِمَا كَالْمُسْتَأْجِرِ (بِخِلَافِ الزَّكَاةِ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَمُوَاسَاةٌ وَمَبْنَاهَا عَلَى الرِّفْقِ (وَ) بِخِلَافِ (الْحَدِّ الثَّابِتِ بِالْإِقْرَارِ) ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ، وَقَدْ أَنْكَرَ بِمَا يَدَّعِيهِ بَقَاءَ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَيُجْعَلُ كَالرُّجُوعِ (لَا الْبَيِّنَةَ) أَيْ لَا الْحَدُّ الثَّابِتُ بِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ بِهِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اسْتِيفَائِهِ، وَلَا قَرِينَةَ تَدْفَعُهُ (إلَّا إنْ بَقِيَ أَثَرُهُ) عَلَى بَدَنِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ لِلْقَرِينَةِ. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ وَمَا أَتْلَفهُ الْبُغَاةُ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ، وَمَا أَتْلَفُوهُ أَوْ أَتْلَفْنَاهُ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ) بِلَا ضَرُورَتِهَا (مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ مَضْمُونٍ) عَلَى الْأَصْلِ فِي الْإِتْلَافَاتِ (وَمَا أَتْلَفْنَاهُ أَوْ أَتْلَفُوهُ بِضَرُورَةِ الْحَرْبِ فَهَدَرٌ) اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ، وَتَرْغِيبًا فِي الطَّاعَةِ؛ وَلِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِالْقِتَالِ فَلَا يُضْمَنُ مَا يُتَوَلَّدُ مِنْهُ، وَهُمْ إنَّمَا أَتْلَفُوا بِتَأْوِيلٍ (وَمَا أُتْلِفَ فِيهَا بِلَا حَاجَةٍ) تَتَعَلَّقُ بِهَا (ضُمِنَ) كَالْمُتْلَفِ فِي غَيْرِهَا (وَيَجِبُ رَدُّ الْأَمْوَالِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الْقِتَالِ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ) إلَى أَرْبَابِهَا. (فَرْعٌ) لَوْ (وَطِئَ بَاغٍ أَمَةَ عَادِلٍ) بِلَا شُبْهَةٍ (حُدَّ وَرُقَّ الْوَلَدُ، وَلَا نَسَبَ) ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حِينَئِذٍ زِنًا (وَمَتَى كَانَتْ مُكْرَهَةً) عَلَى الْوَطْءِ (لَزِمَهُ الْمَهْرُ) كَغَيْرِهِ (وَإِنْ وَطِئَهَا) يَعْنِي أَمَةَ غَيْرِهِ (حَرْبِيٌّ) ، وَلَا شُبْهَةَ، وَأَوْلَدَهَا (رُقَّ الْوَلَدُ) ، وَلَا نَسَبَ (وَ) لَكِنْ (لَا حَدَّ) عَلَيْهِ (وَلَا مَهْرَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْأَحْكَامَ. [فَصْلٌ الْمُتَأَوِّلُونَ بِلَا شَوْكَةٍ وَذَوُو الشَّوْكَةِ بِلَا تَأْوِيلٍ لَا تَنْفُذُ أَحْكَامُهُمْ وَلَا يُعْتَدُّ بِحُقُوقٍ قَبَضُوهَا] (فَصْلٌ: الْمُتَأَوِّلُونَ بِلَا شَوْكَةٍ وَذَوُو الشَّوْكَةِ بِلَا تَأْوِيلٍ لَا تَنْفُذُ أَحْكَامُهُمْ، وَلَا يُعْتَدُّ بِحُقُوقٍ قَبَضُوهَا) لِانْتِفَاءِ شُرُوطِهِمْ (وَيَضْمَنُ الْمُتْلَفَاتِ) ، وَلَوْ فِي الْحَرْبِ (مَنْ لَا شَوْكَةَ لَهُ) كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَإِلَّا لَأَبْدَتْ كُلُّ شِرْذِمَةٍ مَفْسَدَةً تَأْوِيلًا وَفَعَلَتْ مَا شَاءَتْ وَبَطَلَتْ السِّيَاسَاتُ (وَذَوُو الشَّوْكَةِ بِلَا تَأْوِيلٍ كَبَاغِينَ) فِي الضَّمَانِ، وَعَدَمِهِ فَلَا يَضْمَنُونَ الْمُتْلَفَاتِ لِحَاجَةِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْ الْبَاغِينَ لِقَطْعِ الْفِتْنَةِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ لَهُمْ شَوْكَةٌ فَأَتْلَفُوا مَالًا أَوْ نَفْسًا فِي الْقِتَالِ ثُمَّ تَابُوا، وَأَسْلَمُوا فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ لِجِنَايَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ النَّصِّ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ وَنَقَلَهُ عَنْ تَصْحِيحِ جَمَاعَاتٍ، وَقَطْعٍ آخَرِينَ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْوَجْهُ وَحَكَى الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَكِنْ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ إذَا اسْتَحَلُّوا (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ مِنَّا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَخْ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ وَالْكِتَابُ لِمَنْ هُوَ مِنْهُمْ أَوْ مِنَّا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَوْلَى حَتَّى يَجِبَ إنْفَاذُ الْحُكْمِ، وَقَبُولُ الْكِتَابِ لِمَنْ هُوَ مِنَّا لَا مِنْهُمْ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ رَأَيْت الدَّارِمِيَّ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ حَقٌّ فِي دَمٍ أَوْ مَالٍ، وَجَبَ عَلَى الْقَاضِيَيْنِ الْأَخْذُ فَإِنْ تَرَكَا عَصَيَا. اهـ. وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ الْمَذْكُورَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ تَنْفِيذِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلْيَعْتَدَّ بِمَا اسْتَوْفَوْهُ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ مَحَلَّهُ فِي إمَامِ الْفِرْقَةِ الْبَاغِيَةِ فَأَمَّا آحَادُ رَعِيَّتِهِ الَّذِينَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ ذَلِكَ أَوْ الْفِرْقَةَ الَّتِي مَنَعَتْ وَاجِبًا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ عَلَى الْإِمَامِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقِعَ بِفِعْلِهَا، قَالَ وَلِهَذَا عَبَّرَ الشَّافِعِيُّ بِإِمَامِهِمْ. اهـ. وَمَوْضِعُ الِاعْتِدَادِ بِذَلِكَ إذَا فَعَلَهُ وُلَاةُ أُمُورِهِمْ وَالْمُطَاعُ فِيهِ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَلِهَذَا فَرَضَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي إقَامَةِ الْإِمَامِ ر (قَوْلُهُ: وَزَكَاةٌ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُعَجَّلَةٍ أَوْ مُعَجَّلَةً وَاسْتَمَرَّتْ شَوْكَتُهُمْ حَتَّى وَجَبَتْ فَلَوْ زَالَتْ قَبْلَ الْوُجُوبِ لَمْ يَقَعْ مَا تَعَجَّلُوهُ مَوْقِعَهُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ لَمْ يَكُونُوا أَهْلًا لِلْأَخْذِ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ صَدَقَةٌ عَامَّةٌ. اهـ.، وَتَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ الِاعْتِدَادُ بِأَخْذِهِمْ الْحُقُوقَ بِأَنَّ فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ إضْرَارًا بِالرَّعِيَّةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يُقَاسُونَ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ س، وَقَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلِمَا فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ إلَخْ) ، وَقَدْ فَعَلَ عَلِيٌّ ذَلِكَ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ (قَوْلُهُ: مَا أَتْلَفُوهُ أَوْ أَتْلَفْنَاهُ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ إلَخْ) اسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْإِتْلَافِ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ مَا إذَا قَصَدَ أَهْلُ الْعَدْلِ بِإِتْلَافِ الْمَالِ إضْعَافَهُمْ وَهَزِيمَتَهُمْ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِالْقِتَالِ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّا لَوْ غَرَّمْنَاهُمْ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُنَفِّرَهُمْ ذَلِكَ عَنْ الْعَوْدِ إلَى الطَّاعَةِ، وَيَحْمِلَهُمْ عَلَى التَّمَادِي فِيمَا هُمْ فِيهِ وَلِمِثْلِ ذَلِكَ أَسْقَطَ الشَّرْعُ التَّبَعَاتِ عَنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إذَا أَسْلَمُوا؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْأُمَّةَ أَنْ يُصْلِحُوا بَيْنَهُمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ تَبَعَةً فِي دَمٍ، وَلَا مَالٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَحَدًا طَالَبَ أَحَدًا بِذَلِكَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ مَعَ مَعْرِفَةِ الْقَاتِلِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الضَّمَانِ أَمَّا التَّحْرِيمُ فَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ لَا يَتَّصِفُ إتْلَافُهُمْ بِإِبَاحَةٍ، وَلَا تَحْرِيمٍ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا يُتْلِفُهُ الْحَرْبِيُّونَ حَالَ الْقِتَالِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ [فَرْعٌ وَطِئَ بَاغٍ أَمَةَ عَادِلٍ بِلَا شُبْهَةٍ] (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَحَكَى الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ) ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ وَضَمَانُهُمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ. (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ قِتَالِهِمْ وَالْمَقْصُودُ بِهِ رَدُّهُمْ إلَى الطَّاعَةِ) لَا نَفْيُهُمْ، وَقَتْلُهُمْ فَيُقَاتَلُونَ (كَالصَّائِلِ فَلَا يُقَاتِلُهُمْ) الْإِمَامُ (حَتَّى) يَبْعَثَ إلَيْهِمْ أَمِينًا فَطِنًا نَاصِحًا (يَسْأَلُهُمْ مَا يَنْقِمُونَ) أَيْ يَكْرَهُونَ (فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلَمَةٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا (أَوْ شُبْهَةً أَزَالَهَا) عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إلَى أَهْلِ النَّهْرَوَانِ فَرَجَعَ بَعْضُهُمْ إلَى الطَّاعَةِ (فَإِنْ أَبَوْا) عَنْ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْإِزَالَةِ (وَعَظَهُمْ) ، وَأَمَرَهُمْ بِالْعَوْدِ إلَى الطَّاعَةِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ أَهْلِ الدِّينِ وَاحِدَةً (ثُمَّ) إذَا لَمْ يَتَّعِظُوا (يَعْرِضُ عَلَيْهِمْ الْمُنَاظَرَةَ فَإِنْ أَصَرُّوا) عَلَى إبَائِهِمْ (آذَنَهُمْ) بِالْمَدِّ أَيْ أَعْلَمَهُمْ (بِالْقِتَالِ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالْإِصْلَاحِ ثُمَّ بِالْقِتَالِ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ مَا أَخَّرَهُ اللَّهُ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (اسْتَنْظَرُوهُ) أَيْ طَلَبُوا مِنْهُ الْإِنْظَارَ (وَلَهُ) فِيهِ (مَصْلَحَةٌ) بِأَنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ اسْتِنْظَارَهُمْ لِلتَّأَمُّلِ فِي إزَالَةِ الشُّبْهَةِ (أَنْظَرَهُمْ) بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ (لَا إنْ خَشِيَ مَضَرَّةً) بِأَنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ اسْتِنْظَارَهُمْ لِتَقَوِّيهِمْ كَاسْتِلْحَاقِ مَدَدٍ فَلَا يُنْظِرُهُمْ (وَإِنْ بَذَلُوا مَالًا وَرَهَنُوا أَوْلَادًا) وَنِسَاءً لِاحْتِمَالِ تَقَوِّيهِمْ وَاسْتِرْدَادِهِمْ ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ بِأَهْلِ الْعَدْلِ ضَعْفٌ أَخَّرَ الْقِتَالَ لِلْخَطَرِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ سَأَلُوا الْكَفَّ عَنْهُمْ حَالَ الْحَرْبِ لِيُطْلِقُوا أَسْرَانَا وَبَذَلُوا) بِذَلِكَ (رَهَائِنَ قَبِلْنَاهَا) اسْتِيثَاقًا وَاسْتِمَالَةً لِأَسْرَانَا (فَإِنْ قَتَلُوا الْأُسَارَى لَمْ تُقْتَلْ الرَّهَائِنُ) ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ غَيْرُهُمْ (بَلْ يُطْلِقُهُمْ كَأُسَارَاهُمْ) بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَإِنْ أَطْلَقُوهُمْ أَطْلَقْنَاهُمْ. (فَإِنْ انْهَزَمُوا مُتَبَدِّدِينَ) أَيْ مُتَفَرِّقِينَ بِحَيْثُ بَطَلَتْ شَوْكَتُهُمْ وَاتِّفَاقُهُمْ (لَمْ نُتْبِعْهُمْ، وَلَوْ خِفْنَا أَنْ يَجْتَمِعُوا) فِي الْمَآلِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ؛ وَلِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِمَا يُتَوَقَّعُ (أَوْ) انْهَزَمُوا (مُجْتَمَعِينَ تَحْتَ رَايَةِ زَعِيمِهِمْ اتَّبَعْنَاهُمْ) حَتَّى يَرْجِعُوا إلَى الطَّاعَةِ أَوْ يَتَبَدَّدُوا (وَمَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ عَجْزًا) ، وَلَوْ غَيْرَ مُخْتَارٍ (أَوْ أَلْقَى سِلَاحَهُ تَارِكًا الْقِتَالَ لَمْ يُقْتَلْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ لَمْ يُقَاتَلْ، وَهِيَ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ أَلْقَى سِلَاحَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ تَرَكَ الْقِتَالَ، وَهُوَ مَعَهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِقِتَالِهِ الْكَفُّ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِالتَّرْكِ (وَيُقَاتَلُ مُوَلٍّ) ظَهْرَهُ (تَحَرَّفَ لِلْقِتَالِ أَوْ تَحَيَّزَ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ لَا بَعِيدَةٍ) لِأَمْنِ غَائِلَتِهِ فِي الْبَعِيدَةِ دُونَ مَا قَبْلَهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يُتَوَقَّعُ. (وَلَا يُقْتَلُ مُثْخِنُهُمْ) مَنْ أَثْخَنَهُ الْجُرْحُ أَيْ أَضْعَفَهُ (وَلَا أَسْرَاهُمْ) لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَيَنْبَغِي أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَسْرَاهُمْ الرِّجَالِ (التَّوْبَةُ) وَبَيْعَةُ الْإِمَامِ (وَيُطْلَقُونَ بَعْدَ) انْقِضَاءِ (الْحَرْبِ) ، وَتَفَرُّقِ الْجَمْعِ (إلَّا إنْ خِيفَ عَوْدُهُمْ) إلَى الْقِتَالِ فَلَا يُطْلَقُونَ، وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي وَبَعْضُهُ بِعَلَمِ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ بَلْ إنْ جُعِلَ ضَمِيرُ عَوْدِهِمْ لِلْبُغَاةِ لَا لِلْأُسَارَى فَذَلِكَ كُلُّهُ تَكْرَارٌ (فَلَوْ كَانُوا مُرَاهِقِينَ، وَعَبِيدًا وَنِسَاءً غَيْرَ مُقَاتِلِينَ أَوْ أَطْفَالًا أُطْلِقُوا بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِمْ الْبَيْعَةُ، وَإِنْ خِفْنَا عَوْدَهُمْ إلَى الْقِتَالِ إذْ لَا بَيْعَةَ لَهُمْ فَإِنْ كَانُوا مُقَاتِلِينَ فَهُمْ كَالرِّجَالِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى نَصِّ الْأُمِّ مِنْ أَنَّهُمْ كَغَيْرِ الْمُقَاتِلِينَ (وَالْأَمْوَالُ) الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ (كَالْأَطْفَالِ) فَتُرَدُّ عَلَيْهِمْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، وَإِنْ خِفْنَا عَوْدَهُمْ إلَى الْقِتَالِ (وَالْخَيْلُ وَالسِّلَاحُ كَالْأُسَارَى) فَيُرَدَّانِ إلَيْهِمْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ إلَّا إنْ خِفْنَا عَوْدَهُمْ إلَى الْقِتَالِ (وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا) أَيْ الْأَمْوَالِ وَالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ فِي قِتَالٍ أَوْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَأَنْ تَعَيَّنَ السِّلَاحُ لِلدَّفْعِ وَالْخَيْلُ لِلْهَزِيمَةِ (كَمَالِ)   [حاشية الرملي الكبير] كَالْبُغَاةِ، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ، وَلَوْ ارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ لَهُمْ شَوْكَةٌ فَأَتْلَفُوا مَالًا أَوْ نَفْسًا فِي الْقِتَالِ ثُمَّ تَابُوا، وَأَسْلَمُوا فَفِي ضَمَانِهِمْ الْقَوْلَانِ كَالْبُغَاةِ، وَقَوْلُهُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ قِتَال الْبُغَاة] (قَوْلُهُ: الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ قِتَالِهِمْ إلَخْ) إنَّمَا يَجِبُّ قِتَالَهُمْ بِأَحَدِ خَمْسَةِ أُمُورٍ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِحَرِيمِ أَهْلِ الْعَدْلِ أَوْ يَتَعَطَّلَ جِهَادُ الْمُشْرِكِينَ بِهِمْ أَوْ يَأْخُذُوا مِنْ حُقُوقِ بَيْتِ الْمَالِ مَا لَيْسَ لَهُمْ أَوْ يَمْتَنِعُوا مِنْ دَفْعِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يَتَظَاهَرُوا عَلَى خَلْعِ الْإِمَامِ الَّذِي انْعَقَدَتْ بَيْعَتُهُ نَعَمْ لَوْ مَنَعُوا الزكاوات، وَقَالُوا نُفَرِّقُهَا فِي أَهْلِ السُّهْمَانِ مِنَّا فَفِي وُجُوبِ قِتَالِهِمْ قَوْلَانِ، وَقِيَاسُ قَوْلِهِ الْجَدِيدِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَلْ يُبَاحُ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْعَثَ إلَيْهِمْ أَمِينًا إلَخْ) فِي كَوْنِ الْبَعْثِ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا خِلَافٌ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا الْأَوَّلِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ خَلَائِقُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمَبْعُوثِ أَمِينًا نَاصِحًا فَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ فَطِنًا فَالظَّاهِرُ كَمَا، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَعَثَهُ لِمُجَرَّدِ السُّؤَالِ فَمُسْتَحَبٌّ أَوْ لِلْمُنَاظَرَةِ، وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأَهُّلِهِ لِذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ هَذَا مَنْقُولًا وَلَكِنَّهُ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَوْا، وَعَظَهُمْ ثُمَّ يَعْرِضُ الْمُنَاظَرَةَ إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُرَاعَاةُ هَذَا التَّدْرِيجِ فِي الْقِتَالِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فَقَالَ سَبِيلُهُ سَبِيلُ دَفْعِ الصَّائِلِ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى فَإِذَا أَمْكَنَ الدَّفْعُ بِالْقَوْلِ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ بِالْيَدِ مِنْ غَيْرِ شَهْرِ السِّلَاحِ، وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، وَإِذَا أَمْكَنَ الْأَمْرُ لَا يَدُلُّ إلَى خُرُوجِ الْأَمْرِ عَنْ الضَّبْطِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَعْلَمَهُمْ) وُجُوبًا (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ) فَلَا تَتَقَدَّرُ مُدَّةُ الْإِمْهَالِ وَفِي التَّهْذِيبِ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ وَفِي الْمُهَذَّبِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَفِي الْعُمْدَةِ لِلْفُورَانِيِّ إنْ رَجَا رُجُوعَهُمْ، وَتَوْبَتَهُمْ أَنْظَرَهُمْ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ، وَكَذَلِكَ إنْ رَأَى فِي أَهْلِ الْعَدْلِ ضَعْفًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْهَزَمُوا مُتَبَدِّدِينَ لَمْ نُتْبِعْهُمْ) فَلَا يُقَاتَلُ مُدْبِرُهُمْ، وَلَا يُقْتَلُ مُثْخِنُهُمْ، وَأَسِيرُهُمْ فَقَدْ أَمَرَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُنَادِيهِ يَوْمَ الْبَصْرَةِ لَا يُتْبَعُ مُدْبِرٌ، وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ، وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى تَفِيءَ} [الحجرات: 9] وَالْفَيْئَةُ الرُّجُوعُ عَنْ الْقِتَالِ بِالْهَزِيمَةِ؛ وَلِأَنَّ قَتْلَهُمْ شُرِعَ لِلدَّفْعِ عَنْ مَنْعِ الطَّاعَةِ، وَقَدْ زَالَ (قَوْلُهُ: كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا أَسِيرَ لَهُمْ) شَمَلَ مَا إذَا أَيِسَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاحِهِمْ لِتَمَكُّنِ الضَّلَالَةِ مِنْهُمْ وَخَشِيَ مِنْ شَرِّهِمْ (قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا) فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ الْمُدْبِرَ حَقِيقَةً مَنْ وَلَّى عَنْ الْحَرْبِ وَسَقَطَتْ شَوْكَتُهُ وَأُمِنَتْ غَائِلَتُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 أَيْ كَمَا لَا يَجُوزُ أَكْلُ مَالِ (الْغَيْرِ) إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ أُجْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْقِتَالِ لِلضَّرُورَةِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَنْوَارِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ لِمَا يَتْلَفُ فِي الْقِتَالِ وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ بِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِيهِ نَشَأَتْ مِنْ الْمُضْطَرِّ بِخِلَافِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهَا إنَّمَا نَشَأَتْ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ. (وَلَا نُقَاتِلُهُمْ بِمَا يَعُمُّ) وَيَعْظُمُ أَثَرُهُ (كَالْمَنْجَنِيقِ وَالنَّارِ) ، وَإِرْسَالِ السُّيُولِ الْجَارِفَةِ (وَلَوْ تَعَذَّرَ الِاسْتِيلَاءُ) عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَأَنْ تَحَصَّنُوا بِبَلْدَةٍ، وَلَمْ يَتَأَتَّ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِمْ إلَّا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِقِتَالِهِمْ رَدُّهُمْ إلَى الطَّاعَةِ، وَقَدْ يَرْجِعُونَ فَلَا يَجِدُونَ لِلنَّجَاةِ سَبِيلًا؛ وَلِأَنَّ تَرْكَ بَلْدَةٍ بِأَيْدِي طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَتَوَقَّعُ الِاحْتِيَالُ فِي فَتْحِهَا أَقْرَبَ إلَى الصَّلَاحِ مِنْ اسْتِئْصَالِهِمْ (إلَّا لِضَرُورَةِ دَفْعٍ) بِأَنْ خِيفَ اسْتِئْصَالُنَا بِهِمْ بِأَنْ أَحَاطُوا بِنَا وَاضْطُرِرْنَا إلَى دَفْعِهِمْ بِذَلِكَ أَوْ قَاتَلُونَا بِهِ وَاحْتَجْنَا إلَى دَفْعِهِمْ إلَى مِثْلِهِ فَيَجُوزُ أَنْ نُقَاتِلَهُمْ بِهِ (وَيَتَجَنَّبُ) الْعَادِلُ نَدْبًا (قَرِيبَهُ) الْبَاغِي أَيْ قِتَالَهُ (مَا أَمْكَنَ) بَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ. (وَتَحْرُمُ الِاسْتِعَانَةُ) عَلَيْهِمْ (بِكَافِرٍ) ، وَلَوْ ذِمِّيًّا إذْ لَا يَجُوزُ تَسْلِيطُهُ عَلَيْنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَدُّهُمْ إلَى الطَّاعَةِ وَالْكُفَّارِ يَدِينُونَ بِقَتْلِهِمْ نَعَمْ يَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَقَالُوا إنَّهُ مُتَّجَهٌ (وَكَذَا) يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَا يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ الِاسْتِعَانَةُ عَلَيْهِمْ (بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ) لِعَدَاوَةٍ أَوْ لِاعْتِقَادٍ كَالْحَنَفِيِّ إبْقَاءً عَلَيْهِمْ، وَفَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَازِ اسْتِخْلَافِ الشَّافِعِيِّ الْحَنَفِيَّ وَنَحْوِهِ بِأَنَّ الْخَلِيفَةَ يَنْفَرِدُ بِرَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَالْمَذْكُورُونَ هُنَا تَحْتَ رَأْيِ الْإِمَامِ فَفِعْلُهُمْ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلُوا بِخِلَافِ اجْتِهَادِهِ (إلَّا إنْ احْتَجْنَاهُمْ) أَيْ احْتَجْنَا إلَى مَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ (وَلَهُمْ إقْدَامٌ) أَيْ حُسْنُ إقْدَامٍ (وَجَرَاءَةٍ، وَأَمْكَنَ) دَفْعُهُمْ عَنْهُمْ لَوْ اتَّبَعُوهُمْ بَعْدَ انْهِزَامِهِمْ زَادَ الْمَاوَرْدِيُّ وَشَرَطْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُتْبِعُوا مُدْبِرًا، وَلَا يَقْتُلُوا جَرِيحًا وَنَثِقُ بِوَفَائِهِمْ بِذَلِكَ. (وَإِنْ قُتِلَ) وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ (أَسِيرُهُمْ أَوْ مُثْخِنُهُمْ) أَوْ مُدْبِرُهُمْ أَوْ ذُفِّفَ جَرِيحُهُمْ (فَلَا قِصَاصَ لِشُبْهَةِ) تَجْوِيزِ (أَبِي حَنِيفَةَ) قَتْلَهُ (وَلَا يُطْلَقُ أَسِيرُهُمْ، وَجُمُوعُهُمْ بَاقِيَةٌ) ، وَلَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ (إلَّا إنْ تَابَ وَبَايَعَ) الْإِمَامَ، وَلَفْظُ تَابَ مِنْ زِيَادَتِهِ (، وَإِنْ تَفَرَّقُوا أُطْلِقَ) الْأَسِيرُ، وَلَوْ تَوَقَّعَ عَوْدَهُمْ (وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِضَ عَلَى الْأَسِيرِ) مِنْهُمْ (الْبَيْعَةَ) لِلْإِمَامِ. [فَصْلٌ عَقَدَ الْبُغَاةُ ذِمَّةً الْحَرْبِيِّينَ لِيُعِينُوهُمْ عَلَيْنَا] (فَصْلٌ: لَوْ عَقَدَ الْبُغَاةُ ذِمَّةً) أَيْ أَمَانًا (الْحَرْبِيِّينَ لِيُعِينُوهُمْ) عَلَيْنَا (نَفَذَتْ فِي حَقِّهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَمَّنُوهُمْ (لَا) فِي (حَقِّنَا) ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ لِتَرْكِ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَنْعَقِدُ بِشَرْطِ الْقِتَالِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَإِذَا حَارَبُونَا مَعَهُمْ لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُهُمْ فِي حَقِّهِمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمِنَ شَخْصٌ مُشْرِكًا فَقَصَدَ مُسْلِمًا أَوْ مَالَهُ فَلِمُؤَمِّنِهِ مُجَاهَدَتُهُ؛ لِأَنَّ تَأْمِينَهُ لِيَكُفَّ عَنْ الْكُلِّ فَانْتَقَضَ بِقِتَالِ أَحَدِهِمْ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ مَعَ الْبُغَاةِ أَمَّا إذَا عَقَدُوهَا لَهُمْ بِغَيْرِ شَرْطِ إعَانَتِهِمْ عَلَيْنَا فَيَنْفُذُ فِي حَقِّنَا أَيْضًا فَإِذَا اعْتَانُوا بِهِمْ عَلَيْنَا انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ فِي حَقِّنَا نَصَّ عَلَيْهِ وَالْقِيَاسُ انْتِقَاضُهُ فِي حَقِّهِمْ أَيْضًا (فَمَا أَتْلَفُوهُ عَلَى الْبُغَاةِ لَا عَلَيْنَا ضَمِنُوهُ) لِصِحَّةِ الْأَمَانِ فِي حَقِّهِمْ لَا فِي حَقِّنَا (وَنَسْتَبِيحُهُمْ) نَحْنُ بِأَنْ نَغْنَمَ أَمْوَالَهُمْ وَنَسْتَرِقَّهُمْ وَنَسَبِي نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيِّهِمْ وَنَقْتُلَ مُدْبِرَهُمْ وَنُذَفِّفَ عَلَى جَرِيحِهِمْ (وَنَقْتُلُ أَسِيرَهُمْ) بِخِلَافِ الْبُغَاةِ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَنَقْتُلُ أَسِيرَهُمْ لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ (فَلَوْ قَالُوا) أَيْ الْحَرْبِيُّونَ (ظَنَنَّاهُمْ) أَيْ الْبُغَاةَ (الْمُحِقِّينَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِنَّ لَنَا إعَانَةَ الْمُحِقِّينَ (أَوْ ظَنَنَّا جَوَازَ الْإِعَانَةِ) لَهُمْ فِي قِتَالِكُمْ أَوْ أَنَّهُمْ اسْتَعَانُوا بِنَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ أُجْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْقِتَالِ لِلضَّرُورَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَتَجِبُ أُجْرَتُهَا عِنْدَ اسْتِعْمَالِهَا لِلضَّرُورَةِ وَحَكَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يُضْمَنُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا مِنْ طَعَامِهِمْ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَنْوَارِ) عِبَارَتُهُ، وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْقِتَالِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَإِلَّا فَتَلْزَمُهُمْ الْأُجْرَةُ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُتَوَلِّي لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي قِتَالِهِمْ، وَكَسْرِ شَوْكَتِهِمْ، وَلَوْ فَعَلُوهُ ضَمِنُوا أَجْرَ الْمِثْلِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَتَجِبُ أُجْرَتُهَا عِنْدَ اسْتِعْمَالِهَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. (قَوْلُهُ: وَالنَّارُ) فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّهَا» (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِقِتَالِهِمْ رَدُّهُمْ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ مِثْلُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا، قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الِاسْتِعَانَةُ عَلَى الْبُغَاة بِكَافِرٍ] قَوْلُهُ: (وَالْكُفَّارُ يَدِينُونَ بِقَتْلِهِمْ) مُقْبِلِهِمْ وَمُدْبِرِهِمْ، وَجَرِيحِهِمْ، وَأَسِيرِهِمْ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحَاصِرَهُمْ وَيَمْنَعَهُمْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ) مَوْضِعُ الْمَنْعِ فِيمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ إذَا كَانَ الْإِمَامُ يَرَى مَا رَأَيْنَاهُ فِيهِمْ كَمَا قَيَّدَهُ الْإِمَامُ، وَإِلَّا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِيمَا يَرَاهُ مَذْهَبًا، وَقَوْلُهُ كَمَا قَيَّدَهُ الْإِمَامُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: زَادَ الْمَاوَرْدِيُّ وَشَرَطْنَا عَلَيْهِمْ إلَخْ) ، قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ إذْ قُوَّتُنَا، وَهُوَ إمْكَانُ دَفْعِهِمْ فِيهَا غُنْيَةً عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَوْ عَقَدَ الْبُغَاةُ ذِمَّةً، وَأَمَانًا لِحُرٍّ أَيْ بَيْنَ إلَخْ) اقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِهِمْ لَيْسَتْ بِأَمَانٍ لَهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَقَالَ إذَا اسْتَعَانُوا بِهِمْ، وَلَمْ يَعْقِدُوا لَهُمْ أَمَانًا فَكَمَا لَوْ انْفَرَدُوا بِقِتَالِنَا فِي سَبْيِهِمْ وَاغْتِنَامِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْبُغَاةِ، وَقَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ بِشَرْطِ الْقِتَالِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ عَقَدَ بِقِتَالِنَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى قِتَالِنَا؛ وَلِأَنَّ عَقْدَ الْأَمَانِ يَقْتَضِي وُجُودَهُ فِي الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، وَإِذَا حَارَبُونَا مَعَهُمْ لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُهُمْ فِي حَقِّهِمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ انْتِقَاضُهُ فِي حَقِّهِمْ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِنَّ لَنَا إعَانَةَ الْمُحِقِّينَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 فِي قِتَالِ كُفَّارٍ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ فِيمَا قَالُوهُ (بُلِّغُوا الْمَأْمَنَ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْبُغَاةِ) فِي الْقِتَالِ فَلَا نَسْتَبِيحُهُمْ لِلْأَمَانِ مَعَ عُذْرِهِمْ (فَإِنْ أَعَانَهُمْ) عَلَيْنَا (ذِمِّيُّونَ أَوْ مُسْتَأْمَنُونَ مُخْتَارِينَ عَالِمِينَ بِالتَّحْرِيمِ) لِقِتَالِهِمْ لَنَا (انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ فِي حَقِّنَا وَحَقِّ الْبُغَاةِ) ، وَلَوْ قَالُوا ظَنَنَّاهُمْ الْمُحِقِّينَ كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا بِالْقِتَالِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْمُسْتَأْمَنِينَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَهُمْ) الْأَوْلَى فَلَهُمْ (حُكْمُ أَهْلِ الْحَرْبِ) فَنَسْتَبِيحُهُمْ نَحْنُ وَالْبُغَاةُ، وَنَقْتُلُ أَسِيرَهُمْ، وَلَوْ أَتْلَفُوا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْقِتَالِ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنُوهُ. (وَإِنْ ذَكَرُوا عُذْرًا) فِي إعَانَتِهِمْ إيَّاهُمْ بِأَنْ قَالُوا ظَنَنَّا أَنَّهُمْ الْمُحِقُّونَ، وَأَنَّ لَنَا إعَانَةَ الْمُحِقِّينَ أَوْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا إعَانَتُهُمْ أَوْ أَنَّهُمْ اسْتَعَانُوا بِنَا فِي قِتَالِ كُفَّارٍ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ أَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا مُكْرَهِينَ (لَمْ يُنْتَقَضْ) عَهْدُهُمْ لِمُوَافَقَتِهِمْ طَائِفَةً مُسْلِمَةً مَعَ عُذْرِهِمْ (لَا الْمُسْتَأْمَنَ) الشَّامِلُ لِلْمُعَاهَدِ فِي دَعْوَاهُ الْإِكْرَاهَ (فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ) فِي عَدَمِ انْتِقَاضِ أَمَانِهِ (إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِإِكْرَاهِهِ) فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا انْتَقَضَ؛ لِأَنَّ أَمَانَهُ يُنْتَقَضُ بِخَوْفِ الْقِتَالِ فَبِحَقِيقَتِهِ أَوْلَى بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ (وَيُقَاتَلُونَ) أَيْ الَّذِينَ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ (كَالْبُغَاةِ لَكِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ) مَا أَتْلَفُوهُ عَلَيْنَا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ أَتْلَفُوهُ فِي الْحَرْبِ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْبُغَاةِ كَمَا مَرَّ اسْتِمَالَةً لِقُلُوبِهِمْ لِئَلَّا يُنَفِّرَهُمْ الضَّمَانُ؛ وَلِأَنَّ لَهُمْ تَأْوِيلًا، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ وَالْأَمَانِ فِي قَبْضَتِنَا، وَلَا تَأْوِيلَ لَهُمْ (وَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ) إذَا قَتَلُوا نَفْسًا فِي الْحَرْبِ (وَجْهَانِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ. (وَلَوْ حَارَبَ ذِمِّيُّونَ بُغَاةً لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ حَارَبُوا مَنْ عَلَى الْإِمَامِ مُحَارَبَتُهُ، وَيُقَاسُ بِهِمْ الْمُسْتَأْمَنُونَ. (فَصْلٌ) لَوْ (اقْتَتَلَ طَائِفَتَانِ بَاغِيَتَانِ مَنَعَهُمَا الْإِمَامُ) مِنْ الِاقْتِتَالِ فَلَا يُعِينُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ مَنْعِهِمَا (قَاتَلَ أَشَرَّهُمَا بِالْأُخْرَى) الَّتِي هِيَ أَقْرَبُ إلَى الْحَقِّ (فَإِنْ رَجَعَتْ) مَنْ قَاتَلَهَا إلَى الطَّاعَةِ (لَمْ يُفَاجِئْ الْأُخْرَى بِالْقِتَالِ حَتَّى يُنْذَرَهَا) أَيْ يَدْعُوهَا إلَى الطَّاعَةِ (لِأَنَّهَا) بِاسْتِعَانَتِهِ بِهَا صَارَتْ (فِي أَمَانِهِ فَإِنْ اسْتَوَتَا اجْتَهَدَ) فِيهِمَا (وَقَاتَلَ الْمَضْمُومَةَ) مِنْهُمَا إلَيْهِ الْأُخْرَى (غَيْرَ قَاصِدٍ إعَانَتَهَا) بَلْ قَاصِدًا دَفَعَ الْأُخْرَى، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَإِنْ اسْتَوَيَا ضَمَّ إلَيْهِ أَقَلُّهُمَا جَمْعًا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِمَا دَارًا ثُمَّ يَجْتَهِدُ (، وَعَلَى الْعَادِلِ) مِنَّا (مُصَابَرَةُ بَاغِيَيْنِ) فِي الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ فَلَا يُوَلِّي عَنْهُمَا إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ. (وَإِنْ غَزَا الْبُغَاةُ مَعَ الْإِمَامِ) مُشْرِكِينَ (فَكَأَهْلِ الْعَدْلِ فِي) حُكْمِ (الْغَنَائِمِ، وَإِنْ وَادَعُوا) أَيْ الْبُغَاةُ أَيْ عَاهَدُوا (مُشْرِكًا اجْتَنَبْنَاهُ) بِأَنْ لَا نَقْصِدَهُ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ الْحَرْبِيُّ غَيْرُ الْمُعَاهَدِ (وَيُسْتَنْقَذُ) وُجُوبًا (مِنْهُمْ سَبَايَا مُشْرِكِينَ أَمَنَّاهُمْ وَمَنْ تَعَمَّدَ قَتْلَ بَاغٍ أَمَّنَهُ عَادِلٌ، وَلَوْ) كَانَ الْمُؤَمِّنُ لَهُ (عَبْدًا) أَوْ امْرَأَةً (اقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ قَتَلَهُ جَاهِلًا) بِأَمَانِهِ (فَالدِّيَةُ) تَلْزَمُهُ (وَيُسْتَنْقَذُ) وُجُوبًا (أَسِيرُ الْبُغَاةِ مِنْ الْكُفَّارِ) إنْ قَدَرْنَا عَلَى اسْتِنْقَاذِهِ. (وَإِنْ قَتَلَ عَادِلٌ عَادِلًا فِي الْقِتَالِ، وَقَالَ ظَنَنْته بَاغِيًا حَلَفَ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ) لَا الْقِصَاصُ لِلْعُذْرِ. [كِتَابُ الرِّدَّةِ] [الْبَاب الْأَوَّل حَقِيقَة الرِّدَّةِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَة الرِّدَّة] (كِتَابُ الرِّدَّةِ) . (هِيَ) لُغَةً الرُّجُوعُ عَنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِهِ وَشَرْعًا مَا سَيَأْتِي، وَهِيَ (أَفْحَشُ الْكُفْرِ، وَأَغْلَظُهُ حُكْمًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة: 217] الْآيَةَ وَلِقَوْلِهِ {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهَا) وَمَنْ تَصِحُّ مِنْهُ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهَا، وَهَذَا سَقَطَ مِنْ نُسْخَةٍ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِقَوْلِهِ بَعْد َ الطَّرَفِ الثَّانِي فِيمَنْ تَصِحُّ رِدَّتُهُ (وَهِيَ قَطْعُ الْإِسْلَامِ إمَّا بِتَعَمُّدِ فِعْلٍ) ، وَلَوْ بِقَلْبِهِ اسْتِهْزَاءً أَوْ جُحُودًا (كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ، وَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَكُتُبِ الْحَدِيثِ (فِي قَذِرٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَأْمَنُونَ) أَيْ أَوْ مُعَاهَدُونَ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِمْ الْمُسْتَأْمَنُونَ) أَيْ وَالْمُعَاهَدُونَ. [فَصْلٌ اقْتَتَلَ طَائِفَتَانِ بَاغِيَتَانِ] (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ اسْتَوَتَا ضُمَّ إلَيْهِ أَقَلُّهُمَا جَمْعًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْعَادِلِ مِنَّا مُصَابَرَةُ بَاغِيَيْنِ) كَذَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي خَطَأٌ لَا صَائِرَ إلَيْهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَالْعَجَبُ مِنْ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ كَيْفَ لَمْ يَتَعَقَّبَاهُ، وَكَلَامُهُمَا فِي الطَّرَفِ الرَّابِعِ يَرُدُّ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا قَالَا فِيهِ إنَّ طَرِيقَهُ طَرِيقُ دَفْعِ الصَّائِلِ، وَقَدْ ذَكَرَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ النَّفْسَ، وَكَانَ مُسْلِمًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُتَوَلِّي قَبْلَ ذِكْرِهِ صُورَةَ الِاثْنَيْنِ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِالْقِتَالِ أَنْ يُهْلِكَهُمْ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُ أَنْ يُفَرِّقُوا جُمُوعَهُمْ وَيَرُدُّوهُمْ إلَى الطَّاعَةِ، وَقَالَ يَكُونُ حُكْمُ الْإِمَامِ مَعَهُمْ حُكْمَ الْمَصُولِ مَعَ الصَّائِلِ يُدْفَعُ بِالْأَيْسَرِ فَالْأَيْسَرِ، وَقَالَ فِي الصَّائِلِ إنْ قَدَرَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ عَلَى الْهَرَبِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ: عَلَيْهِ أَنْ يَهْرُبَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَهْرُبَ وَحَكَى الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَعَ ذَلِكَ إيجَابُ مُصَابَرَةِ الْعَادِلِ لِلِاثْنَيْنِ مِنْ الْبُغَاةِ هَذَا لَا يَتَخَيَّلُهُ أَحَدٌ، وَنُصُوصُ الشَّافِعِيِّ، وَكَلَامُ أَصْحَابِهِ يَرُدُّ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَكَذَلِكَ كَلَامُ الْعُلَمَاءِ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِ، وَقَدْ كَتَبْت أَوْرَاقًا سَمَّيْتهَا الرَّدَّةَ عَلَى صَاحِبِ التَّتِمَّةِ فِيمَا قَالَهُ فِي الْمُصَابَرَةِ الْمُدْلَهِمَّةِ وَالرَّاجِحُ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي (كِتَابُ الرِّدَّةِ) (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَخَبَرِ «لَا يَحِلُّ دَمُ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ» ، وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ بِالْمَوْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة: 217] فَلَوْ أَسْلَمَ، وَكَانَ قَدْ حَجَّ قَبْلَ الِارْتِدَادِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لَكِنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ عَلَى حُبُوطِ ثَمَرَاتِ الْأَعْمَالِ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ، وَهِيَ فَائِدَةٌ نَفِيسَةٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ قَطْعُ الْإِسْلَامِ) فَإِنْ قِيلَ الْإِسْلَامُ مَعْنًى مَعْقُولٌ لَا مَحْسُوسٌ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ قَطْعُهُ قِيلَ الْمُرَادُ قَطْعُ اسْتِمْرَارِهِ وَدَوَامِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: كَكُتُبِ الْحَدِيثِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 اسْتِخْفَافًا) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ بِهِمَا وَكَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ فِي الْأُولَى عَمَّا لَوْ سَجَدَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَكْفُرُ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ، وَإِنْ زَعَمَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ عَمَّا لَوْ أَلْقَاهُ فِي قَذِرٍ خِيفَةَ أَخْذِ الْكُفَّارِ لَهُ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِهِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ (وَسِحْرٍ فِيهِ عِبَادَةُ الشَّمْسِ) وَنَحْوِهَا كَالْمَشْيِ إلَى الْكَنَائِسِ مَعَ أَهْلِهَا بِزِيِّهِمْ مِنْ الزَّنَانِيرِ وَغَيْرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَأَمَّا بِقَوْلِ كُفْرٍ صَدَرَ عَنْ اعْتِقَادٍ أَوْ عِنَادٍ أَوْ اسْتِهْزَاءٍ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الرِّدَّةِ كَاجْتِهَادٍ أَوْ سَبْقِ لِسَانٍ أَوْ حِكَايَةٍ أَوْ خَوْفٍ. (فَمَنْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ كُفْرٍ أَيْ فَمَنْ (اعْتَقَدَ قِدَمَ الْعَالَمِ) بِفَتْحِ اللَّامِ، وَهُوَ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى (وَحُدُوثَ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ حُدُوثَ (الصَّانِعِ) الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: 88] أَوْ جَحَدَ جَوَازَ بَعْثَةِ الرُّسُلِ أَوْ نَفَى مَا هُوَ ثَابِتٌ لِلْقَدِيمِ بِالْإِجْمَاعِ كَكَوْنِهِ عَالِمًا قَادِرًا أَوْ أَثْبَتَ مَا هُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ كَالْأَلْوَانِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ، وَأَوْرَدَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى الْأَخِيرِ أَنَّ الْمُجَسِّمَةَ مُلْتَزِمُونَ بِالْأَلْوَانِ مَعَ أَنَّا لَا نُكَفِّرُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ قَالَ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ الْجَزْمُ بِتَكْفِيرِهِمْ. (أَوْ كَذَّبَ نَبِيًّا) فِي نُبُوَّتِهِ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ جَحَدَ آيَةً مِنْ الْمُصْحَفِ مُجْمَعًا عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى ثُبُوتِهَا (أَوْ زَادَ فِيهِ كَلِمَةً مُعْتَقِدًا أَنَّهَا مِنْهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِنَبِيٍّ) بِسَبٍّ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ سُنَّةٍ) كَأَنْ قِيلَ لَهُ قَلِّمْ أَظْفَارَك فَإِنَّهُ سُنَّةٌ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ، وَإِنْ كَانَ سُنَّةً. (أَوْ أَنْكَرَ الْوُجُوبَ أَوْ التَّحْلِيلَ) الصَّادِقَ بِالْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ (أَوْ تَحْرِيمَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ) بِالضَّرُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَصٌّ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، وَتَحْلِيلِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَتَحْرِيمِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا بِخِلَافِ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَصٌّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ، وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ فَلَا يَكْفُرُ مُنْكِرُهُ لِلْعُذْرِ بَلْ يَعْرِفُ الصَّوَابَ لِيَعْتَقِدَهُ وَفِي هَذَا كَلَامٌ لِلْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ ذَكَرْته مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَلَوْ حَذَفَ أَلْ مِنْ الْوُجُوبِ وَالتَّحْلِيلِ لِيَكُونَا مُضَافِينَ لِمِثْلِ مَا أُضِيفَ لَهُ تَحْرِيمٌ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ، وَأَنْسَبَ بِكَلَامِ أَصْلِهِ (أَوْ أَنْكَرَ رَكْعَةً مِنْ) الصَّلَوَاتِ (الْخَمْسِ) هَذَا دَاخِلٌ فِي إنْكَارِ الْوُجُوبِ. (أَوْ) اعْتَقَدَ وُجُوبَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالْإِجْمَاعِ كَأَنْ (زَعَمَ زِيَادَةَ) صَلَاةٍ (سَادِسَةٍ) أَوْ وُجُوبَ صَوْمِ شَوَّالٍ (أَوْ قَذَفَ عَائِشَةَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِبَرَاءَتِهَا بِخِلَافِ سَائِرِ زَوْجَاتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] أَيْ وَالْفِقْهِ وَكُلِّ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا تَضَمُّخُ الْكَعْبَةِ الشَّرِيفَةِ بِالْغَائِطِ وَمِثْلُ السُّجُودِ الرُّكُوعُ وَسَائِرُ التَّعْظِيمَاتِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ السُّجُودَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْبَدْ غَيْرُ اللَّهِ بِالرُّكُوعِ، وَلَوْ أَلْقَى آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ كَبَسْمُ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الْقَاذُورَاتِ فَكَالْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرِدَّةٍ، وَلَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الْمَغْلُوبِ كَالصَّادِرِ مِنْ الْوَلِيِّ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ وَفِي أَمَالِي الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ لَوْ، قَالَ وَلِيٌّ أَنَا اللَّهُ عُزِّرَ التَّعْزِيرَ الشَّرْعِيَّ، وَهَذَا لَا يُنَافِي الْوِلَايَةَ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَعْصُومِينَ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ حِكَايَةٌ أَوْ خَوْفٌ) أَيْ أَوْ صُدُورُهُ مِنْ الْوَلِيِّ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ. (قَوْلُهُ: الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: 88] رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَصَاحِبُ كِتَابِ الْحُجَّةِ إلَى بَيَانِ الْمَحَجَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّا لَا نُكَفِّرُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: قَالَ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ إلَخْ) ، قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَخَفَّ بِنَبِيٍّ) أَوْ مَلَكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَحْرِيمُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ إلَخْ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِلَا تَأْوِيلٍ لِيَخْرُجَ الْبُغَاةُ وَالْخَوَارِجُ الَّذِينَ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَأَمْوَالَهُمْ وَيَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَ دِمَائِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: وَالزِّنَا) أَيْ، وَأَخْذُ الْمُكُوسِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا يَعْرِفُهُمْ إلَّا الْخَوَاصُّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا أَخْرَجَهُ بِالتَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ إلَّا الْخَوَاصُّ إلَخْ أَخْرَجَهُ تَعْبِيرُهُمْ بِالْجُحُودِ؛ لِأَنَّهُ إنْكَارُ مَا سَبَقَ الِاعْتِرَافُ بِهِ، وَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْجُحُودَ لِمُطْلَقِ الْإِنْكَارِ مَجَازًا رِعَايَةً لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ ش (قَوْلُهُ: وَفِي هَذَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ، قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي إنْ أَرَادَ النَّوَوِيُّ بِقَوْلِهِ فَلَا يَكْفُرُ إلَخْ أَنَّهُ رُبَّمَا خَفِيَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إذَا عَرَفَهُ وَجَحَدَهُ كَفَرَ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْجَحْدَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بَلْ لَوْ أَنْكَرَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يَكْفُرْ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ خَفِيًّا كَانَ جَحْدُهُ مِنْ الْعَالِمِ بِهِ لَا يُنَافِي الْإِسْلَامَ فَلَيْسَ لِقَوْلِهِ فَلَا يَكْفُرُ لِلْعُذْرِ إلَخْ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَارِفَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفٍ. اهـ. وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَكْفُرُ إذَا عَرَفَ مَعَ الْحُكْمِ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَرَفَ الْحُكْمَ فَقَطْ لَا يَكْفُرُ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، وَلَمْ يَسْتَحْسِنْ الْإِمَامُ إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِ مُسْتَحِلِّ الْخَمْرِ، قَالَ وَكَيْفَ نُكَفِّرُ مَنْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ وَنَحْنُ لَا نُكَفِّرُ مَنْ يَرُدُّ أَصْلَهُ، وَإِنَّمَا نُبَدِّعُهُ، وَأَوَّلَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا صَدَّقَ الْمُجْمِعِينَ عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ ثَبَتَ شَرْعًا ثُمَّ حَلَّلَهُ فَإِنَّهُ رَدٌّ لِلشَّرْعِ حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الشُّرْبِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إنْ صَحَّ فَلْيَجْرِ فِي سَائِرِ مَا حَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى افْتِرَاضِهِ فَنَفَاهُ أَوْ تَحْرِيمِهِ فَأَبَاحَهُ، وَأَجَابَ عَنْهُ الزَّنْجَانِيُّ بِأَنَّ مُسْتَحِلَّ الْخَمْرِ لَا نُكَفِّرُهُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فَقَطْ بَلْ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْإِجْمَاعِ وَالنَّصِّ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ظَاهِرُ حَدِيثِ التَّارِكِ لِدِينِهِ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ أَنَّ مُخَالِفَ الْإِجْمَاعِ كَافِرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ بِالْهَيِّنِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَسَائِلَ الْإِجْمَاعِيَّةَ إنْ صَحِبَهَا التَّوَاتُرُ كَالصَّلَاةِ كَفَرَ مُنْكِرُهَا لِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاتُرَ لَا لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ، وَإِنْ لَمْ يَصْحَبْهَا التَّوَاتُرُ لَمْ يَكْفُرْ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي عَدُّ إنْكَارِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فِي أَنْوَاعِ الرِّدَّةِ. اهـ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ بِلَا تَأْوِيلٍ لِيَخْرُجَ الْبُغَاةُ وَالْخَوَارِجُ الَّذِينَ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَأَمْوَالَهُمْ وَاَلَّذِينَ أَنْكَرُوا وُجُوبَ الزَّكَاةِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّأْوِيلِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُكَفِّرُوهُمْ، وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَلَمْ يَسْتَحْسِنْ الْإِمَامُ إلَخْ جَوَابَهُ أَنَّهُ اسْتَبَاحَ مَا عُلِمَ تَحْرِيمُهُ بِالضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ، وَقَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْهُ الزَّنْجَانِيُّ إلَخْ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ جَوَابٌ حَسَنٌ، وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَكْفُرُ إذَا عَرَفَ مَعَ الْحُكْمِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 (أَوْ ادَّعَى نُبُوَّةً بَعْدَ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ صَدَّقَ مُدَّعِيهَا أَوْ كَفَّرَ مُسْلِمًا) ، وَلَوْ (لِذَنْبِهِ) ، وَقَوْلُهُ لِذَنْبِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ، وَإِنَّمَا كَفَرَ مُكَفِّرَهُ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى الْإِسْلَامَ كُفْرًا وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوَّ اللَّهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا حَارَ عَلَيْهِ» أَيْ رَجَعَ عَلَيْهِ هَذَا إنْ كَفَّرَهُ (بِلَا تَأْوِيلٍ) لِلْكُفْرِ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَكْفُرُ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ الْخَبَرَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ فَلَا يَكْفُرُ غَيْرُهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي أَذْكَارِهِ إنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ تَحْرِيمًا مُغَلَّظًا. (أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ عَلَّقَهُ) بِشَيْءٍ كَقَوْلِهِ إنْ هَلَكَ مَالِي أَوْ وَلَدِي تَهَوَّدْت أَوْ تَنَصَّرْت (أَوْ تَرَدَّدَ هَلْ يَكْفُرُ) أَوْ لَا؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْإِيمَانِ وَاجِبَةٌ فَإِذَا تَرَكَهَا كَفَرَ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ تَفْسِيقِ الْعَدْلِ بِعَزْمِهِ عَلَى فِعْلِ كَبِيرَةٍ أَوْ تَرَدُّدِهِ فِيهِ (أَوْ رَضِيَ بِالْكُفْرِ) كَأَنْ أَمَرَ مُسْلِمًا بِهِ (أَوْ) الْأَوْلَى وَالْأَنْسَبُ بِالْأَصْلِ كَأَنْ (أَشَارَ بِهِ) عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ عَلَى كَافِرٍ أَرَادَ الْإِسْلَامَ بِأَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى كُفْرِهِ (أَوْ لَمْ يُلَقِّنْ الْإِسْلَامَ طَالِبَهُ) مِنْهُ (أَوْ امْتَهَلَ) أَيْ اسْتَمْهَلَ (مِنْهُ) تَلْقِينَهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ اصْبِرْ سَاعَةً؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَهَذَا كُلُّهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مَا عَدَا إشَارَتَهُ بِهِ عَلَى مُسْلِمٍ لَكِنَّهُ قَالَ وَمَا قَالَهُ إفْرَاطٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً عَظِيمَةً، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالتَّصْوِيبُ ظَاهِرٌ فِيمَا عَدَا إشَارَتَهُ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُسْلِمَ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي. (أَوْ سَخِرَ بِاسْمِ اللَّهِ) أَوْ بِأَمْرِهِ، أَوْ وَعْدِهِ أَوْ وَعِيدِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (أَوْ) بِاسْمِ (رَسُولِهِ أَوْ قَالَ لَوْ أَمَرَنِي) اللَّهُ أَوْ رَسُولُهُ (بِكَذَا لَمْ أَفْعَلْ) وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ حُكْمِ اسْمِ رَسُولِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) لَوْ (جَعَلَ الْقِبْلَةَ هُنَا لَمْ أُصَلِّ) إلَيْهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا قَالَهُ اسْتِحْفَافًا أَوْ اسْتِغْنَاءً لَا إنْ أَطْلَقَ (أَوْ) لَوْ (اتَّخَذَ) اللَّهُ (فُلَانًا نَبِيًّا لَمْ أُصَدِّقْهُ، وَلَوْ) أَيْ أَوْ لَوْ (أَوْجَبَ) اللَّهُ (عَلَيَّ الصَّلَاةَ مَعَ حَالِي هَذَا) أَيْ مِنْ مَرَضٍ وَشِدَّةٍ (لَظَلَمَنِي) أَوْ قَالَ الْمَظْلُومُ هَذَا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ فَقَالَ الظَّالِمُ أَنَا أَفْعَلُ بِغَيْرِ تَقْدِيرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (أَوْ لَوْ شَهِدَ) عِنْدِي نَبِيٌّ (بِكَذَا أَوْ مَلَكٌ لَمْ أَقْبَلْهُ) أَوْ قَالَ إنَّ اللَّهَ جَلَسَ لِلْإِنْصَافِ أَوْ قَامَ لِلْإِنْصَافِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ قَائِلَهُ مُجَسِّمٌ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ تَكْفِيرِهِ. (أَوْ إنْ كَانَ مَا قَالَهُ الْأَنْبِيَاءُ صِدْقًا نَجَوْنَا أَوْ لَا أَدْرِي النَّبِيَّ إنْسِيٌّ أَوْ جِنِّيٌّ) أَوْ قَالَ إنَّهُ جِنٌّ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (أَوْ لَا أَدْرِي مَا الْإِيمَانُ) احْتِقَارًا (أَوْ صَغَّرَ عُضْوًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (احْتِقَارًا أَوْ صَغَّرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى) هَذَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَادَى رَجُلًا اسْمَهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَأَدْخَلَ فِي آخِرِهِ حَرْفَ الْكَافِ الَّذِي تَدْخُلُ التَّصْغِيرَ بِالْعَجَمِيَّةِ فَقِيلَ يَكْفُرُ، وَقِيلَ إنْ تَعَمَّدَ التَّصْغِيرَ كَفَرَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَوْ جَهِلَ مَا يَقُولُ فَلَا فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَعَلَيْهِ جَرَى صَاحِبُ الْأَنْوَارِ. (أَوْ قَالَ لِمَنْ حَوْقَلَ لَا حَوْلَ لَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ أَوْ كَذَّبَ الْمُؤَذِّنَ) فِي أَذَانِهِ كَأَنْ قَالَ لَهُ تَكْذِبُ (أَوْ سَمَّى اللَّهَ عَلَى) شُرْبِ (خَمْرٍ أَوْ عَلَى زِنًا اسْتِخْفَافًا) بِاسْمِهِ تَعَالَى (أَوْ قَالَ لَا أَخَافُ الْقِيَامَةَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِخْفَافَ، وَإِلَّا فَلَا يَكْفُرُ وَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَى قُوَّةِ رَجَائِهِ وَسَعَةِ غُفْرَانِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ (أَوْ) قَالَ (قَصْعَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ خَيْرٌ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ قَالَ لِمَنْ قَالَ أَوْدَعْت اللَّهَ مَالِي أَوْدَعْته مَنْ لَا يَتْبَعُ السَّارِقَ) إذَا سَرَقَ، وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا، وَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَى سِتْرِ اللَّهِ إيَّاهُ وَنَحْوِهِ. (أَوْ قَالَ تَوَفَّنِي إنْ شِئْت مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَوْ) قَالَ (أَخَذْت مَالِي وَوَلَدِي فَمَا تَصْنَعُ أَيْضًا) أَوْ مَاذَا بَقِيَ لَمْ تَفْعَلْهُ (أَوْ قَالَ الْمُعَلِّمُ) لِلصِّبْيَانِ مَثَلًا (الْيَهُودُ خَيْرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُمْ (يُنْصِفُونَ مُعَلِّمِي صِبْيَانِهِمْ) نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَارْتَضَاهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالظَّاهِرُ عَدَمُ مُوَافَقَةِ أَئِمَّتِنَا لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلِّمَ لَمْ يَقْصِدْ الْخَيْرَ الْمُطْلَقَ بَلْ فِي الْإِحْسَانِ لِلْمُعَلِّمِ وَمُرَاعَاتِهِ (أَوْ أَعْطَى مَنْ أَسْلَمَ مَالًا فَقَالَ) مُسْلِمٌ (لَيْتَنِي كُنْت كَافِرًا فَأُسْلِمُ فَأُعْطَى مَالًا أَوْ أَنْكَرَ) شَخْصٌ (صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى نَصَّ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّحَابَةِ (أَوْ قِيلَ أَلَسْت مُسْلِمًا فَقَالَ لَا عَمْدًا أَوْ نُودِيَ   [حاشية الرملي الكبير] أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ لَا يَتَوَقَّفُ التَّكْفِيرُ عَلَى مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِدِينِهِ) لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّهُ بِكَسْرِ الدَّالِ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ ثُمَّ نُونٍ، وَلَوْ حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَيْهِ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى، وَأَخْصَرَ) لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا نَشَأَ مِنْ تَصْحِيفِهِ بِمَا ذَكَرَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ ثُمَّ النُّونِ، وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ، وَأَمَّا التَّكْفِيرُ لِلذَّنْبِ فَلَيْسَ بِكُفْرٍ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِلَا تَأْوِيلٍ (قَوْلُهُ: بِلَا تَأْوِيلٍ لِلْكُفْرِ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ) أَوْ بِارْتِكَابِهِ كَبِيرَةً كَمَا تَعْتَقِدُهُ الْخَوَارِجُ. (قَوْلُهُ: أَوْ رَضِيَ بِالْكُفْرِ) سُئِلَ الْحَلِيمِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ عَلَى كَافِرٍ فَأَسْلَمَ الْكَافِرُ فَحَزِنَ الْمُسْلِمُ لِذَلِكَ، وَتَمَنَّى أَنْ كَانَ لَمْ يُسْلِمْ، وَوَدَّ لَوْ عَادَ لِلْكُفْرِ أَيَكْفُرُ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ أَمْ لَا قِيلَ لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِقْبَاحَهُ الْكُفْرَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى أَنْ يَتَمَنَّاهُ لَهُ وَاسْتِحْسَانَهُ الْإِسْلَامَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى أَنْ يَكْرَهَهُ لَهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ تَمَنِّي الْكُفْرِ كُفْرًا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ، وَقَدْ تَمَنَّى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ لَا يُؤْمِنَ فِرْعَوْنُ وَزَادَ عَلَى التَّمَنِّي فَدَعَا اللَّهَ بِذَلِكَ، وَلَا عَاتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَا زَجَرَهُ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ قِيلَ لَا يَكْفُرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَنْسَبُ بِالْأَصْلِ كَانَ) كِلَا التَّعْبِيرَيْنِ حَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَشَارَ بِهِ عَلَى شَخْصٍ لِكَرَاهَتِهِ لَهُ فَالْأَنْسَبُ بِهِ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ أَوْ لِمَحَبَّتِهِ لَهُ فَالْأَنْسَبُ بِهِ تَعْبِيرُ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَوْ اتَّخَذَ اللَّهُ فُلَانًا نَبِيًّا لَمْ أُصَدِّقْهُ) أَوْ، قَالَ لَوْ كَانَ فُلَانٌ نَبِيًّا مَا آمَنْت بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَوْ شَهِدَ عِنْدِي نَبِيٌّ بِكَذَا أَوْ مَلَكٌ لَمْ أَقْبَلْهُ) وَسُئِلَ السُّبْكِيُّ عَنْ رَجُلٍ سُئِلَ فِي شَيْءٍ فَقَالَ لَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ مَا فَعَلْت كَذَا، وَكَذَا فَقَالَ لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِ جِبْرِيلَ عِنْدَهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا قَصَدَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْطَى مَنْ أَسْلَمَ مَالًا فَقَالَ لَيْتَنِي إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ كَافِرًا فِي الْحَالِ فَيُسْلِمَ لِيَنَالَ بِذَلِكَ دُنْيَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 يَا يَهُودِيُّ) أَوْ نَحْوُهُ (فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَبَّيْكَ أَوْ نَحْوِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إذَا لَمْ يَنْوِ غَيْرَ إجَابَةِ الدَّاعِي. (أَوْ قَالَ) كَانَ (النَّبِيُّ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَسْوَدَ أَوْ أَمْرَدَ أَوْ غَيْرَ قُرَشِيٍّ) ؛ لِأَنَّ وَصْفَهُ بِغَيْرِ صِفَتِهِ نَفْيٌ لَهُ، وَتَكْذِيبٌ بِهِ (أَوْ) قَالَ (النُّبُوَّةُ مُكْتَسَبَةٌ أَوْ تُنَالُ رُتْبَتُهَا بِصَفَاءِ الْقُلُوبِ أَوْ أُوحِيَ إلَيَّ) ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ النُّبُوَّةَ (أَوْ) قَالَ (إنِّي دَخَلْت الْجَنَّةَ فَأَكَلْت مِنْ ثِمَارِهَا، وَعَانَقْت حَوَرَهَا) عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بَدَلَ الْمَاضِي فِي الْأَفْعَالِ الثَّلَاثَةِ بِالْمُضَارِعِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (أَوْ شَكَّ فِي تَكْفِيرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ دَانَ بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ كَالنَّصَارَى أَوْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ أَوْ صَحَّحَ مَذْهَبَهُمْ فَعِبَارَتُهُ أَعَمُّ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَعَ زِيَادَةِ حُكْمٍ (وَ) فِي تَكْفِيرِ (طَائِفَةِ ابْنِ عَرَبِيٍّ) الَّذِينَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عِنْدَ غَيْرِهِمْ الِاتِّحَادُ وَغَيْرُهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ كَبَعْضِهِمْ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَالْحَقُّ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ أَخْيَارٌ وَكَلَامُهُمْ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِمْ كَسَائِرِ الصُّوفِيَّةِ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ عِنْدَهُمْ فِي مُرَادِهِمْ، وَإِنْ افْتَقَرَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَوْ اعْتَقَدَ ظَاهِرَهُ عِنْدَهُ كَفَرَ إلَى تَأْوِيلٍ إذْ اللَّفْظُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ حَقِيقَةٌ فِي مَعْنَاهُ الِاصْطِلَاحِيِّ مَجَازٌ فِي غَيْرِهِ فَالْمُعْتَقِدُ مِنْهُمْ لِمَعْنَاهُ مُعْتَقِدٌ لِمَعْنًى صَحِيحٍ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى وِلَايَةِ ابْنِ عَرَبِي جَمَاعَةٌ عُلَمَاءُ عَارِفُونَ بِاَللَّهِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَالشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْيَافِعِيُّ، وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ وَفِي طَائِفَتِهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ عِنْدَ غَيْرِ الصُّوفِيَّةِ لِمَا قُلْنَاهُ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَصْدُرُ عَنْ الْعَارِفِ بِاَللَّهِ إذَا اسْتَغْرَقَ فِي بَحْرِ التَّوْحِيدِ وَالْعِرْفَانِ بِحَيْثُ تَضْمَحِلُّ ذَاتُهُ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتُهُ فِي صِفَاتِهِ وَيَغِيبُ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ عِبَارَاتٌ تُشْعِرُ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ لِقُصُورِ الْعِبَارَةِ عَنْ بَيَانِ حَالِهِ الَّذِي تَرَقَّى إلَيْهِ، وَلَيْسَتْ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ ضَلَّلَ الْأُمَّةَ) أَيْ نَسَبَهُمْ إلَى الضَّلَالِ (أَوْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ) بِأَنْ نَسَبَهُمْ إلَى الْكُفْرِ (أَوْ أَنْكَرَ إعْجَازَ الْقُرْآنِ) أَوْ غَيَّرَ شَيْئًا مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) أَنْكَرَ (مَكَّةَ) أَوْ الْبَيْتَ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا فِي الرَّوْضَةِ (أَوْ شَكَّ فِيهَا) بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي أَنَّ هَذِهِ الْمُسَمَّاةَ بِمَكَّةَ هِيَ مَكَّةُ أَوْ غَيْرُهَا (أَوْ) أَنْكَرَ (الدَّلَالَةَ عَلَى اللَّهِ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) بِأَنْ قَالَ لَيْسَ فِي خَلْقِهِمَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ تَعَالَى (أَوْ أَنْكَرَ الْبَعْثَ) لِلْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ بِأَنْ يَجْمَعَ أَجْزَاءَهُمْ الْأَصْلِيَّةَ وَيُعِيدَ الْأَرْوَاحَ إلَيْهَا (أَوْ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ) أَوْ الْحِسَابَ أَوْ الثَّوَابَ أَوْ الْعِقَابَ كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ. (أَوْ) أَقَرَّ بِهَا لَكِنْ (قَالَ الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ مَعَانِيهَا) أَوْ قَالَ الْأَئِمَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (كَفَرَ) بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَمَا تَقَرَّرَ لِمُخَالَفَةِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّارِعُ صَرِيحًا فِي بَعْضِهَا وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي هَذَا إنْ عَلِمَ مَعْنَى مَا قَالَهُ (لَا إنْ جَهِلَ ذَلِكَ لِقُرْبِ إسْلَامِهِ أَوْ بُعْدِهِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) فَلَا يَكْفُرُ لِعُذْرِهِ، وَلَا إنْ قَالَ مُسْلِمٌ لِمُسْلِمٍ سَلَبَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ أَوْ لِكَافِرٍ لَا رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ دُعَاءٍ عَلَيْهِ بِتَشْدِيدِ الْأَمْرِ وَالْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ، وَلَا إنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَشَرِبَ مَعَهُمْ الْخَمْرَ، وَأَكَلَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَلَا إنْ قَالَ الطَّالِبُ لِيَمِينِ خَصْمِهِ، وَقَدْ أَرَادَ الْخَصْمُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا أُرِيدُ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى بَلْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ، وَلَا إنْ قَالَ رُؤْيَتِي إيَّاكَ كَرُؤْيَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ، وَلَا إنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ضَرْبِ الدُّفِّ أَوْ الْقَصَبِ أَوْ قِيلَ لَهُ تَعْلَمُ الْغَيْبَ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ خَرَجَ لِسَفَرٍ فَصَاحَ الْعَقْعَقُ فَرَجَعَ. وَلَا إنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ مُتَعَمِّدًا أَوْ بِنَجَسٍ أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَلَمْ يَسْتَحِلَّ ذَلِكَ، وَلَا إنْ تَمَنَّى حِلَّ مَا كَانَ حَلَالًا فِي زَمَنٍ قَبْلَ تَحْرِيمِهِ كَأَنْ تَمَنَّى أَنْ لَا يُحَرِّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ أَوْ الْمُنَاكَحَةَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ أَوْ الظُّلْمَ أَوْ الزِّنَا أَوْ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا إنْ شَدَّ الزُّنَّارَ عَلَى وَسَطِهِ أَوْ وَضَعَ قَلَنْسُوَةِ الْمَجُوسِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ شَدَّ عَلَى وَسَطِهِ زُنَّارًا وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِيُخَلِّصَ الْأُسَارَى، وَلَا إنْ قَالَ النَّصْرَانِيَّةُ خَيْرٌ مِنْ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْمَجُوسِيَّةُ شَرٌّ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ، وَلَا إنْ قَالَ لَوْ أَعْطَانِي اللَّهُ الْجَنَّةَ مَا دَخَلْتهَا صَرَّحَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي الرَّوْضَةِ مَعَ الْأَصْلِ فِي بَعْضِهِ لَكِنْ رَجَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّهُ يَكْفُرُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا قَالَهُ اسْتِخْفَافًا أَوْ اسْتِغْنَاءً لَا إنْ أَطْلَقَ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ صَلَّى بِنَجَسٍ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ كُفْرِ مَنْ اسْتَحَلَّ الصَّلَاةَ بِالنَّجَسِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهَا بَلْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى الْجَوَازِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّهُ لَوْ شُفِيَ مَرِيضٌ ثُمَّ قَالَ لَقِيت فِي مَرَضِي هَذَا مَا لَوْ قَتَلْت أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَكْفُرُ وَيُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ النِّسْبَةَ إلَى الْجَوْرِ، وَقَالَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) نَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ الشَّافِعِيِّ تَكْفِيرُ الْقَائِلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَنَافِي الرُّؤْيَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَتَأَوَّلَ النَّصَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كُفْرَانُ النِّعَمِ لَا الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمِلَّةِ كَذَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ لِإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُعْتَزِلَةِ وَمُنَاكَحَتِهِمْ وَمُوَادَّتِهِمْ وَقَدْ اسْتَشْكَلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ أَنَّ أَصْحَابَنَا كَفَّرُوا مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكَوَاكِبَ فَعَّالَةٌ وَلَمْ يُكَفِّرُوا الْمُعْتَزِلَةَ فِي اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ أَفْعَالَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْجَوَابِ إنَّ صَاحِبَ الْكَوَاكِبِ اعْتَقَدَ فِيهَا مَا يَعْتَقِدُ فِي الْإِلَهِ مِنْ أَنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُمْ، قَالُوا: إنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ أَفْعَالَهُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الظُّلْمُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا مِنْ قَوْلِهِ حَلَّ مَا كَانَ حَلَالًا أَيْ تَمَنَّى حِلَّ الظُّلْمِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا، قَالَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 آخَرُونَ لَا يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ وَيُسْتَتَابُ وَيُعَزَّرُ. انْتَهَى. وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ قَالَ فُلَانٌ فِي عَيْنَيْ كَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ فِي عَيْنِ اللَّهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كَفَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنْ أَرَادَ الْجَارِحَةَ كَفَرَ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّجْسِيمِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّا لَا نُكَفِّرُ الْمُجَسِّمَةَ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَنْ تَصِحُّ رِدَّتُهُ) وَمَنْ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ (وَلَا تَصِحُّ) الرِّدَّةُ (إلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ) فَلَا تَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ وَمُكْرَهٍ كَسَائِرِ الْعُقُودِ (فَإِنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ أُمْهِلَ) بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْقِلُ وَيَعُودُ إلَى الْإِسْلَامِ (فَإِنْ قَتَلَ مَجْنُونًا فَهَدْرٌ) ، وَإِنْ فَوَّتَ قَاتِلُهُ الِاسْتِتَابَةَ الْوَاجِبَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَزَّرَ لِذَلِكَ. (وَإِنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارٍ أَوْ أَقَرَّ بِقَذْفٍ أَوْ قِصَاصٍ ثُمَّ جُنَّ اسْتَوْفَى) مِنْهُ (فِي) حَالِ (جُنُونِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ جُنَّ لَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ حِينَئِذٍ احْتِيَاطًا فَلَوْ اسْتَوْفَى مِنْهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَبِخِلَافِ صُورَةِ الرِّدَّةِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِتَابَةَ فِيهَا وَاجِبَةٌ. (وَتَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ (وَفِي صِحَّةِ اسْتِتَابَتِهِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ كَمَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ لَكِنْ يُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا إلَى الْإِفَاقَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ صِحَّةِ تَوْبَتِهِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ لَا تَزُولُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ النَّصِّ، وَقَالَ الْعِمْرَانِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَالْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ (وَيُمْهَلُ بِالْقَتْلِ) احْتِيَاطًا لَا وُجُوبًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَلْعِيقِهِ (حَتَّى يُفِيقَ) فَيُعْرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ. (وَيَصِحُّ إسْلَامُهُ فِي السُّكْرِ، وَلَوْ ارْتَدَّ صَاحِيًا) أَوْ لَمْ يُسْتَتَبْ (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ) بَعْدَ إسْلَامِهِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إسْلَامِهِ (وَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةُ الرِّدَّةِ قُبِلَتْ، وَإِنْ لَمْ تُفَصَّلْ) شَهَادَتُهَا؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لِخَطَرِهَا لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدُ بِهَا إلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ إنَّهُ الظَّاهِرُ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَكَثِيرٌ وُجُوبُ التَّفْصِيلِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يُوجِبُهَا، وَكَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِالْجُرْحِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَبِنَحْوِهِ أَجَابَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الْمَعْرُوفُ عَقْلًا وَنَقْلًا، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ قَالَ: وَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ بَحْثٌ لَهُ. (وَإِنْ ادَّعَى الْإِكْرَاهَ) عَلَى الرِّدَّةِ، وَقَدْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ) هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّا لَا نُكَفِّرُ الْمُجَسِّمَةَ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَنْ تَصِحُّ رِدَّتُهُ] (قَوْلُهُ: فَإِنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ أُمْهِلَ) عَلَّلَهُ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنَّ الْقَتْلَ لِلْإِصْرَارِ عَلَى الرِّدَّةِ، وَلَا يُعْلَمُ هَلْ هُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهَا أَمْ لَا، قَالَ فِي الْأُمِّ: لَوْ أَقَرَّ بِحَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ زِنًا أَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ ذَهَبَ عَقْلُهُ لَمْ أُقِمْ عَلَيْهِ حَدَّ الزِّنَا، وَلَمْ أَقْتُلْهُ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنِّي أَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا، وَهُوَ يَعْقِلُ، وَكَذَلِكَ احْتَاجَ أَنْ أَقُولَ لَهُ، وَهُوَ يَعْقِلُ إنْ لَمْ تَرْجِعْ إلَى الْإِسْلَامِ قَتَلْتُك، وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا اُسْتُتِيبَ قَبْلَ جُنُونِهِ فَلَمْ يَتُبْ، وَجُنَّ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ بِالْقَذْفِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ أَقْوَالِهِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْعِمْرَانِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ) ، وَقَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّهُ الْأَصَحُّ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بِوُجُوبِ اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ فِي الْحَالِ وَصِحَّةِ إسْلَامِ السَّكْرَانِ فَكَيْفَ يَجِبُ التَّأْخِيرُ مَعَ خَطَرِ الْمَوْتِ وَغَيْرِهِ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ وُجُوبُهَا فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَنَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَيْهَا فِي حِكَايَةِ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مَعَ عَدَمِ الْجَزْمِ بِصِحَّةِ إسْلَامِهِ، وَقَالَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْجَزْمَ بِهَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَكَأَنَّهُ أُلْحِقَ بِهِ فِي الْحَاشِيَةِ فَأَخَّرَهُ النَّاقِلُ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يُفِيقَ) ، قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مِنْ سُكْرِهِ إذْ إسْلَامُهُ قَبْلَ إفَاقَتِهِ صَحِيحٌ أَمَّا إمْهَالُ الْمَجْنُونِ إلَى الْإِفَاقَةِ فَوَاجِبٌ، وَلَمْ يَشْمَلْهُ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: احْتِيَاطًا لَا وُجُوبًا) نَقَلَ عَنْ ظَاهِرِ نَصِّ الْأُمِّ الْوُجُوبَ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِتَرْجِيحِ وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ فَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرِّدَّةَ لِخَطَرِهَا إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِهَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ بَلْ هُوَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَلَا يَحْصُلُ لَهُ ضَرَرٌ، وَلَا نُبْقِي عَلَيْهِ وَصْمَةً. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِالْجُرْحِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) إنَّمَا اُعْتُبِرَ التَّفْصِيلُ فِي الْجُرْحِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِمُفَسِّقِ وَزِنًا وَسَرِقَةٍ فِسْقًا وَزِنًا وَسَرِقَةً فَوَجَبَ التَّفْصِيلُ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ دُونَ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لِخَطَرِهَا لَا يُشْهَدُ بِهَا إلَّا بَعْدَ التَّثَبُّتِ؛ وَلِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ ثَمَّ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ وُقُوعِ أَثَرِهَا فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِهَا إنْ كَانَ بَرِّيًّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْإِنْكَارِ، وَمِنْ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّهَادَةِ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: وَبِنَحْوِهِ أَجَابَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ) مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ تَنَصَّرَ قَبْلَ وَفَاتِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ كَلِمَةِ التَّنَصُّرِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ قَبُولُهَا فِي حَقِّ الْحَيِّ، وَإِنْ لَمْ نُفَصِّلْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّظَائِرِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا وَاضِحٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ عَنْ الْإِيمَانِ فَلَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ ارْتَدَّ، وَلَمْ يَقُولَا عَنْ الْإِسْلَامِ أَوْ كَفَرَ، وَلَمْ يَقُولَا بِاَللَّهِ فَلَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ قَطْعًا وَاسْتَثْنَى مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّاهِدَانِ مِنْ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا إلَّا مُفَصَّلَةً قَطْعًا. اهـ. وَقَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ قَطْعًا هُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَوَقَعَ فِي الْمُحَاكَمَاتِ أَنَّ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِفَسَادِ عَقِيدَةِ إنْسَانٍ فَأَفْتَى عُلَمَاءُ الشَّامِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ لِإِضَافَةِ الشَّهَادَةِ إلَى الْعَقِيدَةِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى (تَنْبِيهٌ) لَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِرِدَّةِ شَخْصٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَقْبَلُ تَوْبَتَهُ، وَلَا عَلَى مُسْلِمٍ بِقَتْلِ كَافِرٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى قَتْلَهُ بِهِ، وَلَا عَلَى شَخْصٍ بِتَعْرِيضِهِ بِالْقَذْفِ عِنْدَ مَنْ يَرَى حَدَّهُ بِهِ، وَلَا عَلَى شَخْصٍ بِمُوجِبِ التَّعْزِيرِ عِنْدَ مَنْ يَرَى تَعْزِيرَهُ بِمَا لَا يُجَوِّزُهُ الشَّافِعِيُّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ (وَ) كَانَتْ (شَهَادَتُهُمَا بِالرِّدَّةِ لَمْ يُصَدَّقْ) ، وَلَوْ (بِيَمِينِهِ لِتَكْذِيبِهِ الشُّهُودَ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَكُونُ مُرْتَدًّا) قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ شَهِدَ شُهُودٌ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا، وَأَنْكَرَ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالزِّنَا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ فَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ رُجُوعًا، وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عَنْ الْمُرْتَدِّ بِقَوْلِهِ رَجَعْت فَلَا يُقْبَلُ إنْكَارُهُ، وَتَكْذِيبُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ إذَا قَالَ كَذَبَا عَلَيَّ أَوْ لَمْ أَزْنِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ الزِّنَا أَنَّهُ يُحَدُّ فِي الْأُولَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي اقْتِضَاءِ كَلَامِهِ لِذَلِكَ فِي الْأُولَى نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ دُونَ التَّكْذِيبِ الصَّرِيحِ (إلَّا إنْ كَانَ) ثَمَّ (قَرِينَةٌ) تُصَدِّقُهُ فِي دَعْوَاهُ (كَأَسْرِ كُفَّارٍ) لَهُ (وَنَحْوِهِ) فَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ بِيَمِينِهِ وَحَلَفَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُخْتَارًا، وَلَا حَاجَةَ مَعَ ذِكْرِهِ الْكَافَ إلَى قَوْلِهِ وَنَحْوِهِ (أَوْ) كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا (بِأَنَّهُ سَجَدَ لِصَنَمٍ أَوْ تَكَلَّمَ بِكُفْرٍ وَادَّعَى) هُوَ (الْإِكْرَاهَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ (لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْ الشُّهُودَ، وَيُجَدِّدُ) نَدْبًا (كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ فَهَلْ يَضْمَنُ) ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَمْ تَثْبُتْ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الرِّدَّةِ وُجِدَ، وَالْأَصْلُ الِاخْتِيَارُ (قَوْلَانِ) أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَادَّعَى الْإِكْرَاهَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَبْلَهُ، وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْوِيرَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَ تَفْصِيلُهَا فَمِنْ الشَّرَائِطِ الِاخْتِيَارُ فَدَعْوَى الْإِكْرَاهِ تَكْذِيبٌ لِلشَّاهِدِ أَوَّلًا فَالِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا شَهِدَ بِالرِّدَّةِ لِتَضَمُّنِهِ حُصُولَ الشَّرَائِطِ أَمَّا إذَا قَالَ إنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَذَا فَيَبْعُدُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ، وَيَقْنَعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ الِاخْتِيَارُ لِاعْتِضَادِهِ بِسُكُوتِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الدَّفْعِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِرِدَّةِ أَسِيرٍ، وَلَمْ يَدَّعِ إكْرَاهًا حُكِمَ بِرِدَّتِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا حُكِيَ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ مَعَ الْكُفَّارِ ثُمَّ أَحَاطَ بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ فَاطَّلَعَ مِنْ الْحِصْنِ، وَقَالَ أَنَا مُسْلِمٌ، وَإِنَّمَا تَشَبَّهْت بِهِمْ خَوْفًا قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ وَمَاتَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ارْتَدَّ طَائِعًا. وَعَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِتَلَفُّظِ رَجُلٍ بِالْكُفْرِ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ أَوْ مُقَيَّدٌ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِإِكْرَاهٍ وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَسَجَدَ لِصَنَمٍ أَوْ تَلَفَّظَ بِكُفْرٍ ثُمَّ ادَّعَى إكْرَاهًا فَإِنْ فَعَلَهُ فِي خَلْوَةٍ لَمْ يُقْبَلْ أَوْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَهُوَ أَسِيرٌ قُبِلَ قَوْلُهُ أَوْ تَاجِرٌ فَلَا. انْتَهَى. (وَإِذَا قَالَ مُسْلِمٌ مَاتَ أَبِي مُرْتَدًّا اسْتُفْصِلَ فَإِنْ ذَكَرَ كُفْرًا) كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ (لَمْ يَرِثْهُ وَكَانَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَصَارَ (نَصِيبُهُ فَيْئًا) لِبَيْتِ الْمَالِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ذَكَرَ غَيْرَ كُفْرٍ كَأَكْلِ لَحْمِ خِنْزِيرٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ (وَرِثَهُ) لِتَبَيُّنِ خَطَئِهِ بِتَفْسِيرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وُقِفَ الْأَمْرُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ، وَرَجَّحَهُ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَصْحِيحُ أَنَّ نَصِيبَهُ فَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ كُفْرًا لِإِقْرَارِهِ بِكُفْرِ أَبِيهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُلَائِمُ لِاشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ فِي الشَّهَادَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أُكْرِهَ أَسِيرٌ) أَوْ غَيْرُهُ (عَلَى الْكُفْرِ) بِبِلَادِ الْحَرْبِ (لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ) كَمَا مَرَّ (فَإِنْ مَاتَ هُنَاكَ وَرِثَهُ وَارِثُهُ) الْمُسْلِمُ (فَإِنْ قَدِمَ) عَلَيْنَا (عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُخْتَارًا قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ مُعْرِضًا عَنْ الْجَمَاعَاتِ وَالطَّاعَاتِ، وَإِلَّا فَلَا عَرْضَ (اسْتِحْبَابًا) لَا وُجُوبًا كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ بِدَارِنَا (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَيْهِ (حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ) مِنْ حِينِ كُفْرِهِ (الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا مِنْ حِينَئِذٍ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعَرْضِ وَالتَّلَفُّظِ بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِهِ عَلَيْنَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَلَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ مُخْتَارًا ثُمَّ صَلَّى فِي دَارِ الْحَرْبِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لَا) إنْ صَلَّى (فِي دَارِنَا)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عَنْ الْمُرْتَدِّ بِقَوْلِهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ شَهِدَا بِالرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ الزِّنَا أَنَّهُ يُحَدُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ: إذَا، قَالَ كَذِبًا عَلَيَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِنْكَارَ دُونَ التَّكْذِيبِ الصَّرِيحِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالرِّدَّةِ ثُمَّ رَجَعَ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَطْلَبِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَيُشْبِهُ فِيمَا إذَا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ فَأَنْكَرَ أَنَّهُ يَنْفَعُهُ كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَا فَأَنْكَرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ رُجُوعِهِ اب (فَرْعٌ) مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ مَا يَقْتَضِي الرِّدَّةَ، وَلَمْ يَنْهَضْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَقَصَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِعِصْمَةِ دَمِهِ كَيْ لَا يُقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ زُورٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى قَبُولَ تَوْبَتِهِ فَهَلْ لِلشَّافِعِيِّ إذَا جَدَّدَ هَذَا إسْلَامَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ وَيَعْصِمَ دَمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ شَيْءٌ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ، قَالَ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْتَرِفَ أَوْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَخَالَفَهُ بَعْضُ الْمُعْتَبَرِينَ، وَأَفْتَى بِالْجَوَازِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَفِي تَكْلِيفِهِ بِالِاعْتِرَافِ وَالْكَذِبِ إجْحَافٌ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْقَاصِّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ارْتَدَّ، وَهُوَ يُنْكِرُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ لَمْ أَكْشِفْ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ، وَقُلْت لَهُ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ. اهـ. فَيَجُوزُ لِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِإِسْلَامِهِ، وَعِصْمَةِ دَمِهِ، وَإِسْقَاطِ التَّعْزِيرِ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوَّلًا فَالِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقْنَعَ بِالْأَصْلِ الْمَذْكُورِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: حُكِمَ بِرِدَّتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْبُوسٌ أَوْ مُقَيَّدٌ) ، قَالَ شَيْخُنَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّاهِدَيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى دَعْوَاهُ الْإِكْرَاهَ، وَلَا إلَى تَعَرُّضِهِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْكُمْ بِكُفْرِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُلَائِمُ لِاشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ فِي الشَّهَادَةِ) بَلْ هُوَ مُلَائِمٌ لِإِطْلَاقِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا مَرَّ مِنْ تَمَكُّنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِهَا مِنْ إتْيَانِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ ثُمَّ كَتَبَ شَيْخُنَا مَا نَصُّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي الشَّهَادَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ فِيهَا أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ اتَّفَقَا عَلَى النَّاقِلِ، وَهُنَا اخْتَلَفَا وَادَّعَى أَحَدُ الِابْنَيْنِ النَّاقِلَ عَنْ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَحْصُلْ اتِّفَاقٌ عَلَيْهِ فَافْتَرَقَا. [فَرْعٌ أُكْرِهَ أَسِيرٌ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْكُفْرِ بِبِلَادِ الْحَرْبِ] (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَمَحَلُّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 لِأَنَّ صَلَاتَهُ فِي دَارِنَا قَدْ تَكُونُ تَقِيَّةً بِخِلَافِهَا فِي دَارِهِمْ لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ اعْتِقَادٍ صَحِيحٍ، وَتَبِعَ فِي ذِكْرِهِ الْأَسِيرَ أَصْلَهُ، وَلَهُ وَجْهٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي إرْشَادِهِ كَالْأَكْثَرِ تَبَعًا لِلنَّصِّ (وَلَوْ صَلَّى حَرْبِيٌّ) الْمُرَادُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ، وَلَوْ (فِي دَارِهِمْ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ) بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ عَلَقَةَ الْإِسْلَامِ بَاقِيَةٌ فِيهِ وَالْعَوْدُ أَهْوَنُ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَسُومِحَ فِيهِ (إلَّا إنْ سَمِعَ تَشَهُّدَهُ) فِي الصَّلَاةِ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ إسْلَامَهُ حِينَئِذٍ بِاللَّفْظِ، وَالْكَلَامُ فِي خُصُوصِ الصَّلَاةِ الدَّالَّةِ بِالْقَرِينَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ دَفْعُ إيهَامِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلشَّهَادَةِ فِيهَا لِاحْتِمَالِ الْحِكَايَةِ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الرِّدَّةِ) (لَا نَسْتَرِقُّ) نَحْنُ (مُرْتَدًّا) لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ (وَيَجِبُ قَتْلُهُ) إنْ لَمْ يَتُبْ لِخَبَرِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا؛ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُقْتَلُ بِالزِّنَا بَعْدَ الْإِحْصَانِ فَكَذَلِكَ بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ كَالرَّجُلِ، وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ فَمَحْمُولٌ بِدَلِيلِ سِيَاقِ خَبَرِهِ عَلَى الْحَرْبِيَّاتِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يُدْفَنُ الْمُرْتَدُّ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ لِخُرُوجِهِ بِالرِّدَّةِ عَنْهُمْ، وَلَا فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ حُرْمَةِ الْإِسْلَامِ (وَيَتَوَلَّاهُ) أَيْ قَتْلَهُ (الْحَاكِمُ) ، وَلَوْ بِنَائِبِهِ (بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ لَا الْإِحْرَاقِ) بِالنَّارِ أَوْ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُثْلَةِ فَلَوْ تَوَلَّاهُ غَيْرُ الْحَاكِمِ أَوْ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ ضَرْبِ الرَّقَبَةِ عُزِّرَ وَسَيُصَرِّحُ بِالْأَوَّلِ (وَيُسْتَتَابُ) قَبْلَ قَتْلِهِ (وُجُوبًا لَا اسْتِحْبَابًا) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَرَمًا بِالْإِسْلَامِ وَرُبَّمَا عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَتُزَالُ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ كَمَا مَرَّ، وَالِاسْتِتَابَةُ تَكُونُ (فِي الْحَالِ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ حَدٌّ فَلَا يُؤَجَّلُ كَسَائِرِ الْحُدُودِ (لَا ثَلَاثًا) رُدَّ لِمَا قِيلَ إنَّهُ يُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ حَدِّ الْكَثْرَةِ وَآخَرُ حَدِّ الْقِلَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَعْرِضُ لَهُ شُبْهَةٌ فَاحْتُمِلَتْ لَهُ الثَّلَاثَةُ لِيَتَرَوَّى فِيهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ لَمْ يَجِبْ بِقَتْلِهِ شَيْءٌ أَيْ غَيْرَ التَّعْزِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ مُسِيئًا بِفِعْلِهِ، وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ فِي قَتْلِهِ فِي جُنُونِهِ. (وَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ) أَيْ إسْلَامُهُ (وَلَوْ كَانَ زِنْدِيقًا لَا يَتَنَاهَى خُبْثُهُ) فِي عَقِيدَتِهِ أَوْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» . (وَيُعَزَّرُ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ) الِارْتِدَادُ ثُمَّ أَسْلَمَ لِزِيَادَةِ تَهَاوُنِهِ بِالدِّينِ. (وَيُعَزَّرُ الْمُسْتَبِدُّ) أَيْ الْمُسْتَقِلُّ (بِقَتْلِهِ، وَإِنْ اشْتَغَلَ عَنْهُ الْإِمَامُ) بِمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَيْهِ. (وَلَوْ قَذَفَ نَبِيًّا) مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَوْ تَعْرِيضًا (ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فَهَلْ يُتْرَكُ) مِنْ الْعُقُوبَةِ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ أَسْلَمَ (أَوْ يُقْتَلُ حَدًّا) ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ حَدُّ قَذْفِ النَّبِيِّ وَحَدُّ الْقَذْفِ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ (أَوْ يُجْلَدُ) ثَمَانِينَ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ ارْتَفَعَتْ بِإِسْلَامِهِ وَبَقِيَ جَلْدُهُ فِيهِ (ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ) حُكِيَ الْأَوَّلُ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَرَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي، وَجِيزِهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَالثَّانِي عَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الْفَارِسِيِّ وَادَّعَى فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَوَافَقَهُ الْقَفَّالُ وَالثَّالِثُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ فَعَلَيْهِ لَوْ عَفَا وَاحِدٌ مِنْ بَنِي أَعْمَامِ النَّبِيِّ فَفِي سُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي آخِرِ الْجِزْيَةِ وَصَوَّبَ أَنَّ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْدًا لَا يَكْفُرُ، وَلَا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ قَالَ: وَمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى قَوْمًا وَزَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكْرَمُوهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ بِقَتْلِهِ» مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ كَافِرًا. (وَلَوْ سَأَلَ الْمُرْتَدُّ) قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا (إزَالَةَ شُبْهَةٍ) عَرَضَتْ لَهُ (نُوظِرَ بَعْدَ إسْلَامِهِ) لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ لَا تَنْحَصِرُ فَحَقُّهُ أَنْ يُسْلِمَ ثُمَّ يَسْتَكْشِفَهَا مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَفِي، وَجْهٍ يُنَاظَرُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّيْفِ وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ وَاسْتَبْعَدَ الْخِلَافَ كَذَا فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَوَقَعَ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ عَكْسُ ذَلِكَ فَجُعِلَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ الْمُنَاظَرَةُ أَوَّلًا وَالْمَحْكِيُّ عَنْ النَّصِّ عَدَمُهَا (وَإِنْ شَكَا قَبْلَ الْمُنَاظَرَةِ جُوعًا) ، وَقُلْنَا بِتَقْدِيمِهَا أَوْ بِتَأْخِيرِهَا كَمَا جَرَى هُوَ عَلَيْهِ، وَأَسْلَمَ بِأَنْ قَالَ أَنَا جَائِعٌ فَأَطْعِمُونِي ثُمَّ نَاظِرُونِي (أُطْعِمَ أَوَّلًا) ثُمَّ نُوظِرَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَلَاتَهُ فِي دَارِنَا إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ يَقْدِرُ فِي دَارِنَا عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عِيسَوِيًّا. . [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الرِّدَّةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الرِّدَّةِ) (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَوَلَّاهُ غَيْرُ الْحَاكِمِ إلَخْ) نَعَمْ إنْ قَاتَلَ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ جَازَ أَنْ يَقْتُلَهُ كُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ كَالْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَتُزَالُ) فَلَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ قَبْلَ كَشْفِهَا وَالِاسْتِتَابَةُ مِنْهَا كَأَهْلِ الْحَرْبِ ظَانًّا لَا نَقْتُلُهُمْ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ، وَإِظْهَارِ الْمُعْجِزَةِ، وَلَا يَقْتُلُهُ إلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ مُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَأَشْبَهَ رَجْمَ الزَّانِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ زِنْدِيقًا يَتَنَاهَى خُبْثُهُ فِي عَقِيدَتِهِ) ، قَالَا فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ، وَهِيَ مَنْ يُخْفِي الْكُفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ لَكِنْ فِي اللِّعَانِ أَنَّهُ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ مِلَّةً وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ هُنَاكَ وَفِيهَا وَفِي غَيْرِهَا هُنَا أَنَّهُ الْأَقْرَبُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُخْفِي الْكُفْرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَدَيَّنَ بِدِينٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الزَّنَادِقَةَ أَنْوَاعٌ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ وَدَوَامِ الدَّهْرِ عِ. (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الِارْتِدَادُ إلَخْ) فَلَا يُعَزَّرُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَقَدْ حَكَى ابْنُ يُونُسَ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ الْمُسْتَبِدُّ إلَخْ) مَحَلُّهُ مَاذَا لَمْ يُكَافِئْهُ، وَإِلَّا اقْتَصَّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَجَرَى عَلَيْهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ إلَخْ) وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ وَالْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ فِي الْخَادِمِ لَمْ تَزَلْ قُضَاةُ الشَّافِعِيَّةِ يَحْكُمُونَ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَفِي سُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ) أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ سُقُوطِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 [فَصْلٌ ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ وَالزَّوْجَةُ حَامِلٌ] (فَصْلٌ: لَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ، وَهِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ (حَامِلٌ أَوْ) ارْتَدَّ (أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحَمْلِ فَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ) بِالتَّبَعِيَّةِ (وَلَوْ انْعَقَدَ بَيْنَ الْمُرْتَدِّينَ فَلَهُ حُكْمُهُمَا) فَيَكُونُ مُرْتَدًّا تَبَعًا لَهُمَا فَلَا يُسْتَرَقُّ، وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُسْتَتَابَ فَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ إنَّهُ مُسْلِمٌ كَمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَنُصُوصُ الشَّافِعِيِّ قَاضِيَةٌ بِهِ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ (أَوْ بَيْن مُرْتَدٍّ وَكَافِرٍ أَصْلِيٍّ فَكَالْأَصْلِيِّ) تَغْلِيبًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَيُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ إنْ كَانَ الْأَصْلِيُّ مِمَّنْ يُقَرُّ بِهَا كَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مَجُوسِيٌّ وَالْآخَرُ وَثَنِيٌّ، وَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا فَالْوَلَدُ كِتَابِيٌّ. (فَرْعٌ: لَوْ نَقَضَ ذِمِّيٌّ أَوْ مُعَاهَدٌ) عَهْدَهُ (وَتَرَكَ وَلَدَهُ) عِنْدَنَا (لَمْ يُنْقَضْ) أَيْ الْعَهْدُ (فِي حَقِّهِ) فَلَا يُسْتَرَقُّ (فَإِنْ بَلَغَ عَاقِلًا، وَلَمْ يَقْبَلْ الْجِزْيَةَ بُلِّغَ الْمَأْمَنَ) ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا. [فَصْلٌ مِلْكُ الْمُرْتَدِّ وَتَمَلُّكُهُ بِاصْطِيَادٍ وَاحْتِطَابٍ وَنَحْوِهِمَا] (فَصْلٌ: مِلْكُ الْمُرْتَدِّ، وَتَمَلُّكُهُ بِاصْطِيَادٍ وَاحْتِطَابٍ) وَنَحْوِهِمَا (مَوْقُوفٌ) كَبُضْعِ زَوْجَتِهِ (سَوَاءٌ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَمْ لَا فَإِنْ أَسْلَمَ فَهُوَ لَهُ قَطْعًا) أَيْ تَبَيُّنًا أَنَّ مَا مَلَكَهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، وَأَنَّ مَا تَمَلَّكَهُ مَلَكَهُ يَوْمَ تَمَلَّكَهُ (وَإِنْ قُلْنَا يَزُولُ مِلْكُهُ) عَنْهُ بِالرِّدَّةِ عَلَى وَجْهٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ مَاتَ مُرْتَدًّا (بَانَ أَنَّ مِلْكَهُ فَيْءٌ، وَ) أَنَّ (مَا يَمْلِكُهُ) فِي الرِّدَّةِ بِاحْتِطَابٍ أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى الْإِبَاحَةِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ) ، وَعَلَى مُمَوِّنِهِ (، وَتُقْضَى دُيُونٌ لَزِمَتْهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ مِنْ مَالِهِ) إذْ غَايَةُ الرِّدَّةِ جَعْلُهَا كَالْمَوْتِ (وَكَذَا مَا) أَيْ دُيُونٌ (لَزِمَتْهُ فِيهَا بِإِتْلَافٍ) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ تَعَدَّى بِحَفْرِ بِئْرٍ وَمَاتَ ثُمَّ تَلِفَ بِهَا شَيْءٌ (وَيُوضَعُ مَالُهُ عِنْدَ عَدْلٍ، وَأَمَتُهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا كَالْمَحْرَمِ (وَيُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مُسْتَوْلَدَتُهُ) أَيْ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ (وَيُؤَخَّرُ مَا يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ رَقَبَتَهُ احْتِيَاطًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ بِهِ. (وَلَا يَحِلُّ دَيْنُهُ الْمُؤَجَّلُ) بِرِدَّتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ بِهَا (بَلْ) حُلُولُهُ (مَوْقُوفٌ) كَمِلْكِهِ (وَيَصِحُّ مِنْهُ تَصَرُّفٌ يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ) بِأَنْ يُقْبَلَ قَوْلَيْهِ وَمَقْصُودُ فِعْلَيْهِ التَّعْلِيقُ (كَعِتْقٍ وَوَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ وَاسْتِيلَادٍ) ، وَتَدْبِيرٍ وَخُلْعٍ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَيُوقَفُ) نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ أَسْلَمَ نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَوَقْفُ سَهْوٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا بَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَكِتَابَةٍ، وَإِنْكَاحٍ وَنَحْوِهَا) مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْوَقْفَ فَلَا تُوقَفُ بَلْ تَبْطُلُ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الْكِتَابَةِ هُوَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ هُنَا وَفِي الْكِتَابَةِ لَكِنَّهُ جَرَى هُنَاكَ عَلَى الصِّحَّةِ وَنَقَلَهَا الْأَصْلُ ثَمَّ عَنْ جَمْعٍ وَنَقَلَ الْبُطْلَانَ عَنْ وَاحِدٍ وَرَدَّهُ بِأَنَّ هَذَا وَقْفُ تَبَيُّنٍ لَا، وَقْفُ صِحَّةٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى الْجَدِيدِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ وَقْفَ التَّبَيُّنِ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ وُجِدَ الشَّرْطُ حَالَ الْعَقْدِ، وَلَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهُ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الشَّرْطُ احْتِمَالُ الْعَقْدِ التَّعْلِيقَ، وَهُوَ مُنْتَفٍ، وَإِنْ احْتَمَلَهُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْخُلْعِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ (، وَتُؤْخَذُ نُجُومُ كِتَابَتِهِ) الْوَاقِعَةُ قَبْلَ رِدَّتِهِ أَيْ يَأْخُذُهَا عَنْهُ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (فَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بِيعَ) عَلَيْهِ (حَيَوَانٌ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ) . (فَصْلٌ) لَوْ (امْتَنَعَ مُرْتَدُّونَ بِنَحْوِ حِصْنٍ بَدَأْنَا بِقِتَالِهِمْ) دُونَ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُمْ أَغْلَظُ؛ وَلِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِعَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ (وَاتَّبَعْنَا مُدْبِرَهُمْ وَذَفَّفْنَا جَرِيحَهُمْ وَاسْتَتَبْنَا أَسِيرَهُمْ وَضَمَّنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ فِي الْحَرْبِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ (وَيُقْتَصُّ مِنْ الْمُرْتَدِّ) وَيُقَدَّمُ الْقِصَاصُ عَلَى قَتْلِ الرِّدَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي (وَالدِّيَةُ) حَيْثُ لَزِمَتْهُ بِعَفْوٍ أَوْ غَيْرِهِ (فِي مَالِهِ) مُطْلَقًا (مُعَجَّلَةٌ) فِي الْعَمْدِ وَمُؤَجَّلَةٌ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ مَاتَ حَلَّتْ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ. (وَإِذَا وُطِئَتْ مُرْتَدَّةٌ بِشُبْهَةٍ) كَأَنْ وُطِئَتْ مُكْرَهَةً (أَوْ اُسْتُخْدِمَتْ مُكْرَهَةً) وَكَذَا الْمُرْتَدُّ (فَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْأُجْرَةِ مَوْقُوفَانِ، وَلَوْ) أَتَى فِي رِدَّتِهِ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا كَأَنْ (زَنَى) أَوْ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ قَذَفَ أَوْ سَرَقَ (حُدَّ ثُمَّ قُتِلَ) وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَوْ انْعَقَدَ بَيْنَ الْمُرْتَدِّينَ فَلَهُ حُكْمُهُمَا فَيَكُونُ إلَخْ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ مُسْلِمٌ غَيْرَ الْأَبَوَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ أَصْلٌ مُسْلِمٌ كَجَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا، وَلَا يَأْتِي هُنَا تَصْحِيحُ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ، وَلَا كَافِرٌ أَصْلِيٌّ أَمَّا كَوْنُهُ لَا يَكُونُ كَافِرًا أَصْلِيًّا تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ فَوَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ أَصْلِيَّيْنِ، وَهُنَاكَ أَصْلٌ مُسْلِمٌ غَيْرَ الْأَبَوَيْنِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فَكَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَا مُرْتَدَّيْنِ بَلْ أَوْلَى. وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فِي الْإِسْلَامِ لِأَصْلِ مُسْلِمٍ غَيْرِ أَبَوَيْهِ فَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ [فَرْعٌ نَقَضَ ذِمِّيٌّ أَوْ مُعَاهَدٌ عَهْدَهُ وَتَرَكَ وَلَدَهُ عِنْدَنَا] (قَوْلُهُ: مِلْكُ الْمُرْتَدِّ إلَخْ) فَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ كُفْرَهَا لَا يُنَافِي الْمِلْكَ كَالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ؛ وَلِأَنَّ الرِّدَّةَ سَبَبٌ لِهَدْرِ الدَّمِ فَلَا تُزِيلُ الْمِلْكَ كَالزِّنَا؛ وَلِأَنَّ مَالَهُ مُعْتَبَرٌ بِدَمِهِ وَدَمُهُ مَوْقُوفٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مُمَوِّنِهِ) مِنْ زَوْجَةٍ وَرَقِيقٍ وَقَرِيبٍ. (قَوْلُهُ: وَوَصِيَّةٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ أَوْصَى بِشَيْءٍ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا فَهَلْ تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ لَا تَنْفُذُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَوَقَعَ سَهْوٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلُهُ وَتَدْبِيرٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ مَا هُنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ امْتَنَعَ مُرْتَدُّونَ بِنَحْوِ حِصْنٍ] (قَوْلُهُ: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ فِي الْحَرْبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَكَذَا عَبَّرَ فِي التَّنْبِيهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ، وَحَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ، وَأَشْعَرَ بِتَرْجِيحِهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَقَالَ فِي الْبَيَانِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ، وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ فِي مُخْتَصِر الرَّوْضَةِ، وَلَوْ ارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ لَهُمْ شَوْكَةٌ فَأَتْلَفُوا شَيْئًا فِي الْقِتَالِ ثُمَّ تَابُوا، وَأَسْلَمُوا فَفِي ضَمَانِهِمْ قَوْلَا الْبُغَاةِ. (قَوْلُهُ: فَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْأُجْرَةِ مَوْقُوفَانِ) ، وَكَذَا حُكْمُ سَائِرِ أَكْسَابِهِمَا حَالَ رِدَّتِهِمَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 (فَصْلٌ: لَا بُدَّ فِي إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ) مِنْ الْكُفَّارِ (مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ) ، وَلَوْ ضِمْنًا عَلَى مَا يَأْتِي (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُقِرٍّ بِإِحْدَاهُمَا إذْ الْمُقِرُّ بِإِحْدَاهُمَا لَمْ يُقِرَّ بِهَا لِيَأْتِيَ بِالْأُخْرَى (فَإِنْ كَانَ كُفْرُهُ بِإِنْكَارِ شَيْءٍ آخَرَ) مِمَّا لَا يُنَافِي الْإِقْرَارَ بِهِمَا أَوْ بِإِحْدَاهُمَا بِبَادِئِ الرَّأْيِ (كَمَنْ خَصَّصَ رِسَالَةَ مُحَمَّدٍ بِالْعَرَبِ أَوْ جَحَدَ فَرْضًا أَوْ تَحْرِيمًا فَيَلْزَمُهُ مَعَ الشَّهَادَتَيْنِ الْإِقْرَارُ بِمَا أَنْكَرَ) هـ بِأَنْ يُقِرَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ أَوْ يَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دَيْنٍ يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ وَيَرْجِعَ الثَّانِي عَمَّا اعْتَقَدَهُ (وَيُسْتَحَبُّ الِامْتِحَانُ) بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِتَقْرِيرِهِ (بِالْبَعْثِ) بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقُدِّمَ كَأَصْلِهِ هَذَا مَعَ بَعْضِ مَا قَبْلَهُ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ. (فَإِنْ قَالَ كَافِرٌ أَنَا مِنْكُمْ) أَوْ أَنَا مِثْلُكُمْ أَوْ مُسْلِمٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِمَا الْأَصْلُ (أَوْ وَلِيُّ مُحَمَّدٍ) أَوْ أُحِبُّهُ (وَكَذَا أَسْلَمْت أَوْ آمَنْت لَمْ يَكُنْ اعْتِرَافًا بِالْإِسْلَامِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ أَنَا مِثْلُكُمْ فِي الْبَشَرِيَّةِ، وَأَنَا مُنْقَادٌ لَكُمْ، وَأَنَا وَلِيُّ مُحَمَّدٍ أَوْ أُحِبُّهُ لِخِصَالِهِ الْحَمِيدَةِ، وَأَسْلَمْت وَآمَنْت بِمُوسَى أَوْ عِيسَى؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ سَمَّى دِينَهُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ إسْلَامًا نَعَمْ إنْ اقْتَرَنَ بِذَلِكَ مَا يَنْفِي عَنْهُ الْكُفْرَ كَأَنْ يَقَعَ جَوَابًا فِي دَعْوَى الْكُفْرِ عَلَيْهِ بِإِسْلَامِهِ وَمِنْهُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي اللِّعَانِ وَفِي الْقَضَاءِ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّزْكِيَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ. (فَإِنْ قَالَ آمَنْت) أَوْ أَسْلَمْت أَوْ أَنَا مُؤْمِنٌ أَوْ مُسْلِمٌ مِثْلُكُمْ (أَوْ أَنَا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ دِينُكُمْ حَقٌّ أَوْ اعْتَرَفَ) مَنْ كَفَرَ بِإِنْكَارِ وُجُوبِ شَيْءٍ (بِوُجُوبِ مَا كَفَرَ بِهِ) أَيْ بِإِنْكَارِ وُجُوبِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ أَقَرَّ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ (أَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مَا يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ) مِنْ دِينٍ وَرَأْيٍ، وَهَوًى (لَا) أَنَا بَرِيءٌ (مِنْ كُلِّ مِلَّةٍ تُخَالِفُ؛ لِأَنَّ التَّعْطِيلَ لَيْسَ بِمِلَّةٍ كَانَ) ذَلِكَ (اعْتِرَافًا) بِالْإِسْلَامِ (عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ) بِخِلَافِ الْمَنْفِيِّ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفِي التَّعْطِيلَ الَّذِي يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ، وَلَيْسَ بِمِلَّةٍ كَمَا قَالَهُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْيَهُودِيِّ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيُّ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ ضِدَّ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي الْإِسْلَامِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَقَالَ نَقْلًا عَنْ الْحَلِيمِيِّ: لَوْ قَالَ الْإِسْلَامُ حَقٌّ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ بِالْحَقِّ، وَلَا يَنْقَادُ لَهُ، قَالَ: وَهَذَا يُخَالِفُ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي قَوْلِهِ دِينُكُمْ حَقٌّ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ جَارٍ عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ حَيْثُ جَزَمَ بِهِ فِيمَا مَرَّ، وَتَرَكَ هَذَا ثُمَّ مَا عَزَى إلَى الْمُحَقِّقِينَ قَالَ فِي الْأَصْلِ إنَّهَا طَرِيقَةٌ نَسَبَهَا إلَيْهِمْ الْإِمَامُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ خِلَافُهَا (وَلَوْ أَقَرَّ يَهُودِيٌّ بِرِسَالَةِ عِيسَى لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْإِسْلَامِ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِبَعْضِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. (فَرْعٌ: قَالَ الْحَلِيمِيُّ لَوْ قَالَ لَا رَحْمَنَ أَوْ لَا بَارِئَ إلَّا اللَّهُ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَوْ الرَّحْمَنُ أَوْ الْبَارِئُ أَوْ مَنْ آمَنَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ أَوْ مَنْ فِي السَّمَاءِ كَفَى) فِي إيمَانِهِ بِاَللَّهِ لِإِفَادَتِهِ التَّوْحِيدَ وَالْمُرَادُ بِمَنْ فِي السَّمَاءِ اللَّهُ قَالَ تَعَالَى {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] وَالْأَلْفَاظُ الْمَذْكُورَةُ أَمْثِلَةٌ فَمَا فِي مَعْنَاهَا كَذَلِكَ كَلَا مَالِكَ أَوْ لَا رَازِقَ إلَّا اللَّهُ أَوْ لَا رَحْمَنَ أَوْ لَا بَارِئَ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا الْخَالِقُ (لَا سَاكِنَ السَّمَاوَاتِ) أَيْ لَا يَكْفِي قَوْلُهُ لَا رَحْمَنَ أَوْ لَا بَارِئَ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا سَاكِنُ السَّمَاءِ أَوْ إلَّا اللَّهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ السُّكُونَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا آمَنْت بِاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ الْوَثَنَ، وَلَا إلَهَ إلَّا الْمِلْكُ أَوْ إلَّا الرَّازِقُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ السُّلْطَانَ الَّذِي يَمْلِكُ أَمْرَ الْجُنْدِ وَيُرَتِّبُ أَرْزَاقَهُمْ (وَغَيْرُهُ وَسِوَى وَمَا عَدَا) وَنَحْوُهَا (فِي الِاسْتِثْنَاءِ كَإِلَّا) فِي الِاكْتِفَاءِ بِهَا فِيهِ كَقَوْلِهِ لَا إلَهَ غَيْرُ اللَّهِ أَوْ سِوَى اللَّهِ أَوْ مَا عَدَا اللَّهَ أَوْ مَا خَلَا اللَّهَ (، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو الْقَاسِمِ رَسُولُ اللَّهِ كَمُحَمَّدٍ) رَسُولِ اللَّهِ فِي صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِهِمَا (وَالنَّبِيُّ كَرَسُولِ اللَّهِ لَا الرَّسُولُ) فَإِنَّهُ لَيْسَ كَرَسُولِ اللَّهِ فَلَوْ قَالَ آمَنْت بِمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ كَفَى بِخِلَافِ آمَنْت بِمُحَمَّدٍ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ لَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَالرَّسُولُ قَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ وَبِخِلَافِ آمَنْت بِمُحَمَّدٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَمَنْ قَالَ آمَنْت بِاَللَّهِ، وَلَمْ يُدْنِ بِشَيْءٍ) أَيْ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى دِينٍ قَبْلَ ذَلِكَ (صَارَ مُؤْمِنًا) بِاَللَّهِ فَيَأْتِي بِالشَّهَادَةِ الْأُخْرَى (وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا فَلَا يَصِيرُ) مُؤْمِنًا (حَتَّى يَضُمَّ إلَيْهِ وَكَفَرْت بِمَا كُنْت أَشْرَكْت بِهِ وَكَذَا) يَصِيرُ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ مَنْ قَالَ (أُؤْمِنُ) بِاَللَّهِ أَوْ أُسْلِمُ لِلَّهِ (إنْ لَمْ يُرِدْ الْوَعْدَ) كَمَا أَنَّ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ يَمِينٌ إنْ لَمْ يُرِدْ الْوَعْدَ (وَأَسْلَمْت) وَأُسْلِمُ (كَآمَنْتُ) وَأُؤْمِنُ فِيمَا ذُكِرَ (وَمَنْ قَالَ بِقِدَمِ غَيْرِ اللَّهِ كَفَاهُ) لِلْإِيمَانِ بِاَللَّهِ (لَا قَدِيمَ إلَّا اللَّهُ) كَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ يَكْفِيهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ لَا بُدَّ فِي إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ] قَوْلُهُ: لَا بُدَّ فِي إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ارْتَدَّ، وَهُوَ مُسْلِمٌ لَمْ أَكْشِفْ عَنْ الْحَالِ، وَقُلْت لَهُ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِنَّك بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ. اهـ. فَقَوْلُ بَعْضِ الْقُضَاةِ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ ارْتَدَّ أَوْ جَاءَ بِنَفْسِهِ يَطْلُبُ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِهِ تَلَفَّظْ بِمَا قُلْتَ غَلَطٌ، وَقَوْلُهُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضِمْنًا) عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِهِمَا ضِمْنًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِمَا، وَكَتَبَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ بِالشَّهَادَتَيْنِ ضِمْنًا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ: الْمَذْهَبُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَتَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا، وَلَا يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ إلَّا بِهِمَا (قَوْلُهُ: كَمَنْ خَصَّصَ رِسَالَتَهُ بِالْعَرَبِ) أَوْ، قَالَ رِسَالَتُهُ حَقٌّ لَكِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ بَعْدُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ أَقَرَّ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ) الْمَذْهَبُ خِلَافُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ فِي الْكَلَامِ عَلَى إمَامَةِ الْكَافِرِ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَانَ اعْتِرَافًا بِالْإِسْلَامِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ قَالَ: وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ الْبَغَوِيّ إلَخْ يُجَابُ بِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِيمِيِّ أَنَّهُ قَدْ يُسَمِّي دِينَهُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ إسْلَامًا قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ خِلَافُهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ قَوْلُهُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ قَوْلُهُ لَا رَحْمَنَ أَوْ لَا بَارِئَ إلَّا اللَّهُ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا قَالَ الْوَالِدُ فِي فَتَاوِيهِ إنَّ كَلَامَ الْحَلِيمِيِّ طَرِيقَةُ مُقَابِلَةٌ لِلْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: هَذَا كَلَامُ الْحَلِيمِيِّ كُلُّهُ يُوَافِقُ كَلَامَ الْبَغَوِيّ وَالْإِمَامِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ فَيَحْتَاجُ فِي بَعْضِهِ إلَى الشَّهَادَةِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ أَوْ الرِّسَالَةِ أَوْ إلَى كِلْتَيْهِمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 أَيْضًا اللَّهُ رَبِّي أَوْ اللَّهُ خَالِقِي إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دِينٌ قُبِلَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ الْيَهُودِيُّ الْمُشَبِّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَمْ يَكُنْ إيمَانًا مِنْهُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ التَّشْبِيهِ فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ جَاءَ بِنَفْيِ التَّشْبِيهِ كَانَ مُؤْمِنًا، وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ التَّشْبِيهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْفَصْلِ. (وَالْبُرْهُمِيُّ) مُوَحِّدٌ (يُنْكِرُ الرُّسُلَ فَإِنْ قَالَ) مَعَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ مِنْ الرُّسُلِ (لَا) إنْ قَالَ (عِيسَى وَمُوسَى) وَكُلُّ نَبِيٍّ قَبْلَ مُحَمَّدٍ رُسُلُ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ إقْرَارٌ بِرِسَالَةِ مَنْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ لَهُمْ وَصَدَّقَهُمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ كَمَا أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهِدَ لَهُمْ وَصَدَّقَهُمْ فَقَدْ شَهِدُوا لَهُ وَبَشَّرُوا بِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ شَرِيعَتَهُ نَاسِخَةٌ لِمَا قَبْلَهَا بَاقِيَةٌ بِخِلَافِ شَرِيعَةِ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالْمُعَطِّلُ إذَا قَالَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قِيلَ يَكُونُ مُؤْمِنًا؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْمُرْسِلَ وَالرَّسُولَ، وَلَوْ قَالَ آمَنْت بِاَللَّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ كَانَ شَائِيًا لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا فِيمَا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ لِلشَّكِّ فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ إيمَانَةِ إلْحَاقًا لِلِابْتِدَاءِ بِالدَّوَامِ وَبِمَا قَرَرْته عُلِمَ أَنَّ ذِكْرَ عِيسَى وَمُوسَى مِثَالٌ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِرِسَالَةِ نَبِيٍّ قَبْلَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا (وَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ الْفَيْلَسُوفِيِّ) وَيُقَالُ الْفَلْسَفِيُّ، وَهُوَ النَّافِي لِاخْتِيَارِ اللَّهِ تَعَالَى (أَنَّ اللَّهَ عِلَّةُ الْأَشْيَاءِ وَمُبْدِئُهَا حَتَّى يَشْهَدَ بِالِاخْتِرَاعِ وَالْإِحْدَاثِ مِنْ الْعَدَمِ، وَلَا يَكْفِي الطَّبَائِعِيَّ) الْقَائِلَ بِنِسْبَةِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ إلَى الطَّبِيعَةِ (لَا إلَهَ إلَّا الْمُحْيِي الْمُمِيتُ حَتَّى يَقُولَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَنَحْوُهُ) مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الَّتِي لَا تَأْوِيلَ لَهُ فِيهَا. (تَتِمَّةٌ) ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَوْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يُؤْمِنَ بِاَللَّهِ لَمْ يَصِحَّ إيمَانُهُ، وَذَكَرَ الْحَلِيمِيُّ أَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ. (كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا) بِالْقَصْرِ أَفْصَحُ مِنْ مَدِّهِ (، وَهُوَ مِنْ) الْمُحَرَّمَاتِ (الْكَبَائِرِ) قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء: 32] ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْمِلَلِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلِهَذَا كَانَ حَدُّهُ أَشَدَّ الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى الْأَعْرَاضِ وَالْأَنْسَابِ (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجِبِ لَهُ، وَهُوَ إيلَاجُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ ذَكَرٍ) ، وَلَوْ أَشَلَّ وَمَلْفُوفًا بِخِرْقَةٍ وَغَيْرَ مُنْتَشِرٍ (فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ مُشْتَهًى طَبْعًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَلَا) الْأَوْلَى فَلَا (حَدَّ بِالِاسْتِمْنَاءِ) بِالْيَدِ أَوْ غَيْرِهَا (وَهُوَ حَرَامٌ) فَفِيهِ التَّعْزِيرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (لَا بِيَدِ زَوْجَتِهِ) أَوْ أَمَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا فَلَيْسَ بِحَرَامٍ بَلْ صَرَّحَ كَأَصْلِهِ بِهِمَا مَعًا فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ (لَكِنْ يُكْرَهُ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْعَزْلِ مِنْ الزَّوْجَةِ (وَلَا) حَدَّ (بِإِيلَاجٍ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ) كَإِيلَاجِهِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ لِعَدَمِ إيلَاجِهِ فِي فَرْجٍ (وَلَا) بِإِيلَاجٍ (فِي فَرْجِ مَيِّتَةٍ) ، وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فِي الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَنْفِرُ الطَّبْعُ مِنْهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ (وَلَا) فِي فَرْجِ (بَهِيمَةٍ) لِذَلِكَ لَكِنْ يُعَزَّرُ فِي الثَّلَاثَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَقِيلَ يُحَدُّ وَاطِئُ الْبَهِيمَةِ، وَعَلَيْهِ فَقِيلَ حَدُّهُ قَتْلُهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ قَتْلُهُ إنْ كَانَ مُحْصَنًا، وَعَلَى وُجُوبِ الْقَتْلِ لَا يَخْتَصُّ الْقَتْلُ بِهِ (بَلْ يَجِبُ بِهِ) أَيْ بِالْإِيلَاجِ فِيهَا (ذَبْحُ) الْبَهِيمَةِ (الْمَأْكُولَةِ، وَلَوْ بِإِيلَاجٍ فِي دُبُرِهَا) ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ» بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْكُولَةِ لِمَا فِي قَتْلِهَا مِنْ ضَيَاعِ الْمَالِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَ) الْمَأْكُولَةُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ الْكَافِر لَا رَحْمَنَ أَوْ لَا بَارِئَ إلَّا اللَّهُ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ] قَوْلُهُ: تَتِمَّةٌ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْحَلِيمِيُّ أَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ) ، قَالَ بِالْأَصْلِ قَدْ جَزَمَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ بِخِلَافِهِ فَقَالَ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الْإِيمَانِ تَرْتِيبًا مُوَالَاةً. [كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الْمُوجِبِ لحد الزِّنَا] (كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا) كَانَتْ الْحُدُودُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بِالْغَرَامَاتِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِهَذِهِ الْحُدُودِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إيلَاجُ الْحَشَفَةِ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ زَنَى الْمُسْلِمُ بِمُعَاهَدَةٍ أَوْ أَمَةِ مُعَاهَدٍ وَمَا لَوْ وَطِئَ حَرْبِيَّةً لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ وَمَا لَوْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً ثُمَّ وَطِئَهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَكَتُوا عَمَّا لَوْ كَانَتْ الْبِكْرُ غَوْرَاءَ فَأَوْلَجَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ افْتِضَاضٍ وَنَقَلَا فِي بَابِ التَّحْلِيلِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي التَّحْلِيلِ وَالْأَشْبَهُ هُنَا الِاكْتِفَاءُ بِهِ فِي إيجَابِ الْحَدِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّحْلِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَكْمِيلِ اللَّذَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرِهَا) أَيْ مِنْ فَاقِدِهَا، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ ثَنَى ذَكَرَهُ، وَأَوْلَجَ قَدْرَ الْحَشَفَةِ فَفِي تَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ تَوَقُّفٌ وَالْأَرْجَحُ التَّرَتُّبُ إنْ أَمْكَنَ. اهـ. وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَكَلَامُهُمْ يُخَالِفُهُ حَيْثُ، قَالُوا إيلَاجُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ فَاقِدِهَا، قَالَ الْعِرَاقِيُّ إنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيلَاجُ قَدْرِهَا مِنْ غَيْرِهَا إلَّا عِنْدَ فَقْدِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ ذَكَرٍ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُهُ مُتَّصِلًا لِيَخْرُجَ الْمَقْطُوعُ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْهُ فَلَا حَدَّ بِهِ قَطْعًا وَمُحَلِّلًا لِيَخْرُجَ مَا لَا يُمْكِنُ انْتِشَارُهُ، وَأَصْلِيًّا لِيَخْرُجَ الزَّائِدُ لَكِنْ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَضِيَّةُ إيجَابِ الْعِدَّةِ بِهِ مِنْ الزَّوْجِ وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ. اهـ. وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَسَيَأْتِي عَنْ تَصْرِيحِ الْبَغَوِيّ أَنَّ الزَّائِدَ لَا يَحْصُلُ بِهِ إحْصَانٌ، وَلَا تَحْلِيلٌ فَعَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ أَوْلَى، وَأَمَّا الْعِدَّةُ فَوُجُوبُهَا لِلِاحْتِيَاطِ لِاحْتِمَالِ الشَّغْلِ فس، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقُوتِ لَوْ خُلِقَ لَهُ ذَكَرَانِ مُشْتَبَهَانِ فَأَوْلَجَ أَحَدَهُمَا فَيُشْبِهُ أَنْ لَا حَدَّ لِلشَّكِّ. اهـ. تَقَدَّمَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ سَبِيلَا الْحَدَثِ مَسْدُودَيْنِ خِلْقَةً فَسَبِيلُ الْحَدَثِ هُوَ الْمُنْفَتِحُ وَالْمَسْدُودُ كَالْعُضْوِ الزَّائِدِ مِنْ الْخُنْثَى لَا يَجِبُ مِنْ مَسِّهِ وُضُوءٌ، وَلَا مِنْ إيلَاجِهِ غُسْلٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا حَدَّ بِإِيلَاجِهِ، وَلَا بِالْإِيلَاجِ فِيهِ كَأَحَدِ قُبُلِي الْمُشْكِلِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمُحَلِّلًا، قَالَ شَيْخُنَا اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ مُحَلِّلًا لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى كَمَالِ اللَّذَّةِ بِخِلَافِ الزِّنَا. (قَوْلُهُ: فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ) أَيْ مِنْ وَاضِحِ الْأُنُوثَةِ أَصْلِيٍّ، وَكَتَبَ أَيْضًا، قَالَ الْعِرَاقِيُّ سُئِلَتْ عَمَّنْ وَطِئَ الْجِنِّيَّةَ الْأَجْنَبِيَّةَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَتَرَدَّدَ جَوَابِي مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا ذَاتُ فَرْجٍ مُشْتَهًى لَكِنَّ الطَّبْعَ يَنْفِرُ مِنْهَا فَهِيَ كَالْبَهِيمَةِ ثُمَّ تَرَجَّحَ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ وَطِئَهَا، وَهِيَ بِشَكْلِ الْآدَمِيَّاتِ، وَجَبَ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا يَنْفِرُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِشَكْلِ الْجِنِّيَّاتِ عُزِّرَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا كَالرِّيحِ وَلِنَفْرَةِ الطَّبْعِ مِنْهَا، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَا زُورٍ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ وَطِئَهَا عَالِمًا بِالْحَالِ حُدَّ (قَوْلُهُ: وَلَا بِإِيلَاجٍ فِي فَرْجِ مَيِّتَةٍ) ، وَلَا بِاسْتِدْخَالِهَا ذَكَرَ مَيِّتٍ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ بِهِ ذَبْحُ الْمَأْكُولَةِ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَلْ قِيلَ يَجِبُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 إذَا ذُبِحَتْ (يَحِلُّ أَكْلُهَا) ؛ لِأَنَّهَا مُذَكَّاةٌ كَغَيْرِهَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ وُجُوبَ ذَبْحِهَا إنَّمَا هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْفَاعِلِ لَا عَلَى عَدَمِهِ كَمَا تَوَهَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ) لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهَا حَيَّةً وَمُذَكَّاةً إنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ. (وَتُحَدُّ امْرَأَةٌ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ) كَمَنْ زَنَى بِنَائِمَةٍ (لَا) خَلِيَّةٍ (حُبْلَى لَمْ تُقِرَّ) بِالزِّنَا أَوْ وَلَدَتْ، وَلَمْ تُقِرَّ بِهِ فَلَا تُحَدُّ إذْ الْحَدُّ إنَّمَا يَجِبُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَحُكْمُ الْخُنْثَى هُنَا حُكْمُهُ فِي الْغُسْلِ (وَاللَّائِطُ لَا بِزَوْجَتِهِ، وَأَمَتِهِ كَالزَّانِي) فِيمَا يَلْزَمُهُ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُولِجٌ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ مُشْتَهًى طَبْعًا. (وَ) اللَّائِطُ (بِهِمَا) أَيْ بِزَوْجَتِهِ، وَأَمَتِهِ (يُعَزَّرُ) إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفِعْلُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ فِي الْجُمْلَةِ؛ وَلِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي إبَاحَتِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهُ الْفِعْلُ فَلَا تَعْزِيرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ (وَالْمُلُوطُ) بِهِ غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ (يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ كَالْبِكْرِ، وَإِنْ أُحْصِنَ) رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً إذْ لَا يُتَصَوَّرُ إدْخَالُ الذَّكَرِ فِي دُبُرِهِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ حَتَّى يَصِيرَ بِهِ مُحْصَنًا، وَالرَّجْمُ خَاصٌّ بِالْمُحْصَنِ كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ فَيُعَزَّرَانِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ. (فَإِنْ أَتَتْ امْرَأَةٌ امْرَأَةً عُزِّرَتَا) ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (، وَتَمْكِينُهَا الْقِرْدَ) مِنْ نَفْسِهَا كَوَطْئِهِ الْبَهِيمَةَ وَفِي نُسْخَةٍ كَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ فَيَلْزَمُهَا التَّعْزِيرُ لَا الْحَدُّ (وَيَسْقُطُ) الْحَدُّ بِثَلَاثِ شُبَهٍ لِخَبَرِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَ وَقْفَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ فَيَسْقُطُ (بِالشُّبْهَةِ فِي الْمَحَلِّ كَوَطْءِ زَوْجَةٍ) لَهُ (حَائِضٍ) أَوْ صَائِمَةٍ أَوْ مُحْرِمَةٍ (وَأَمَةٍ) لَهُ (لَمْ تُسْتَبْرَأْ، وَأَمَةِ وَلَدِهِ) ، وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ (وَكَذَا أَمَةٌ) لَهُ (هِيَ مَحْرَمٌ) لَهُ (بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ) أَوْ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَأُمِّ مَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنْتِهَا (أَوْ) أَمَةٍ (مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (أَوْ) أَمَةٍ لَهُ (مُزَوَّجَةٍ) أَوْ مُعْتَدَّةٍ (أَوْ وَثَنِيَّةٍ) أَوْ مَجُوسِيَّةٍ (أَوْ مُسْلِمَةٍ، وَهُوَ ذِمِّيٌّ) أَوْ مُعَاهَدٌ لِعُرُوضِ التَّحْرِيمِ فِي بَعْضِهَا وَشُبْهَةِ الْمِلْكِ فِي الْبَاقِي. (وَبِالشُّبْهَةِ فِي الْفَاعِلِ كَمَنْ) أَيْ كَوَطْءِ مَنْ (ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ وَيَصْدُقُ) فِي أَنَّهُ ظَنَّ ذَلِكَ (بِيَمِينِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي لَيْلَةِ الزِّفَافِ أَمْ غَيْرِهَا (لَا إنْ ظَنَّهَا مُشْتَرَكَةً) فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ التَّحْرِيمَ فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ الِامْتِنَاعُ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ احْتِمَالَيْنِ نَقَلَهُمَا تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ عَنْ الْإِمَامِ، وَجَزَمَ الْمِيمِيُّ كَالتَّعْلِيقَةِ بِسُقُوطِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ النِّهَايَةِ كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَنْقُولَ تَرْجِيحُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُخْتَصَرِهَا أَنَّهُ أَظْهَرُ الِاحْتِمَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ ظَنَّ مَا لَوْ تَحَقَّقَ دُفِعَ عَنْهُ الْحَدُّ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ كَمَا لَوْ سَرَقَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهُ لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَنَّ الْحِرْزَ مِلْكُهُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِيهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَبَيْنَ مَا إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَاعْتَقَدَ عَدَمَ الْحَدِّ أَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ يَظُنُّهَا فُلُوسًا أَنَّهُ هُنَا اعْتَقَدَ أَمْرًا نَعْتَقِدُهُ نَحْنُ مُسْقِطٌ وَثَمَّ نَعْتَقِدُهُ مُوجِبًا، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ يَشْهَدُ لِذَلِكَ. (وَبِالشُّبْهَةِ فِي الْجِهَةِ) أَيْ الطَّرِيقِ (وَهِيَ إبَاحَةُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ) الْوَطْءَ بِجِهَةٍ (كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ) كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ (أَوْ بِلَا شُهُودٍ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَاللَّائِطُ لَا بِزَوْجَتِهِ، وَأَمَتِهِ) شَمَلَ دُبُرَ عَبْدِهِ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إلَخْ) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء: 32] ، وَقَالَ {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} [الأعراف: 80] . (قَوْلُهُ: إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفِعْلُ) بِأَنْ عَادَ بَعْدَ مَا مَنَعَهُ الْحَاكِمُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا أَمَةٌ هِيَ مَحْرَمٌ لَهُ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ) دُبُرُ الْمَمْلُوكَةِ مِنْ الْمَحَارِمِ يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُقْرِي الظَّاهِرُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالْوَطْءِ فِي قُبُلِهَا شُبْهَةُ الْمِلْكِ الْمُبِيحِ فِي الْجُمْلَةِ، وَهِيَ فِي الْجُمْلَةِ لَمْ تُبَحْ دُبُرًا قَطُّ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ فَسَائِرُ جَسَدِهَا يُبَاحُ لِلْوَطْءِ فَانْتَهَضَ شُبْهَةً فِي الدُّبُرِ، وَالْوَثَنِيَّةُ كَالْمَحْرَمِ، وَلَا يُعْتَرَضُ بِالْمُزَوَّجَةِ فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا لِعَارِضٍ كَالْحَيْضِ. اهـ. وَالْمَذْهَبُ مَا أَطْلَقُوهُ لِمَا عَلَّلُوا بِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ (تَنْبِيهٌ) لَمْ يُفَرِّقُوا فِي الْمَمْلُوكَةِ الْمَحْرَمِ بَيْنَ مَنْ هِيَ عَلَى حَوَاشِي النَّسَبِ وَغَيْرِهَا كَالْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي حُرٍّ مُعْسِرٍ وَرِثَ أَمَةً أَوْ بِنْتَهُ، وَهِيَ مَرْهُونَةٌ أَوْ جَانِيَةٌ، وَفِي مُكَاتَبٍ مَلَكَهَا ثُمَّ وَطِئَ (قَوْلُهُ: وَتَمْكِينُهَا الْقِرْدَ مِنْ نَفْسِهَا) أَيْ، وَإِيلَاجُهَا فِي قُبُلِهَا ذَكَرًا مُبَانًا أَوْ زَائِدًا غَيْرَ عَامِلٍ أَوْ ذَكَرَ مَيِّتٍ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْمَسَائِلِ إلَخْ) ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَهَذَا الْفَرْقُ ضَعِيفٌ، وَكَيْفَ يَصِحُّ الْفَرْقُ بِاعْتِقَادِ الْوُجُوبِ وَاعْتِقَادُ الْوُجُوبِ فَرْعُ الْوُجُوبِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بِنَفْسِ الْحُكْمِ كَذَلِكَ لَا يُفَرَّقُ بِاعْتِقَادِ الْحُكْمِ، وَالصَّوَابُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ اعْتِقَادَ كَوْنِ الْجَارِيَةِ مُشْتَرَكَةً لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ وَاعْتِقَادُ كَوْنِ الْحِرْزِ لَهُ يُبِيحُ لَهُ هَتْكُهُ وَنَقْبُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَاعْتِقَادُ كَوْنِهِ لِلِابْنِ أَوْ الْأَبِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ مَا اعْتَقَدَ مِلْكَهُ فَجَرَى فِيهِ حُكْمُهُ لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ وُجُوبُ الْقَطْعِ عَلَى مَنْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَ كَوْنِهَا فُلُوسًا لَا يُبِيحُ لَهُ الْأَخْذَ. وَاعْلَمْ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكُهُ مُؤَجَّرًا، وَلَا مُسْتَعَارًا فَإِنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ يَظُنُّهُ مِلْكَهُ الْمُؤَجَّرَ أَوْ الْمُعَارَ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ نَقْبُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَالرُّجُوعِ فِي الْعَارِيَّةِ وَلِهَذَا، قَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ اشْتَرَى حِرْزًا وَنَقَبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَسَرَقَ مِنْهُ مَالَ الْبَائِعِ نُظِرَ إنْ نُقِبَ بَعْدَ دَفْعِ الثَّمَنِ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِلَّا قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّقْبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: وَبِالشُّبْهَةِ فِي الْجِهَةِ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَا زُورٍ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ فَحَكَمَ حَاكِمٌ بِالْفُرْقَةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا وَوَطِئَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا شُهُودٍ) عِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَدُونَ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ، وَعِبَارَةُ مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ أَوْ وَطِيءَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ وُجُوبُ الْحَدِّ فِيمَا إذَا وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِهِ إنَّمَا الْخِلَافُ عِنْدَ فَقْدِ أَحَدِهِمَا فَأَبُو حَنِيفَةَ جَوَّزَهُ بِلَا وَلِيٍّ وَمَالِكٌ بِلَا شُهُودٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ عِيسَى مُطَيْرٌ لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْإِسْنَوِيِّ نَفَى الْخِلَافُ ذَلِكَ بَلْ عِنْدَ دَاوُد يَصِحُّ نِكَاحُ الثَّيِّبِ مَعَ عَدَمِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ جَمِيعًا حَكَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالشَّامِلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 كَمَذْهَبِ مَالِكٍ (وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ) كَمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ. (وَلَوْ اعْتَقَدَ) الْمُولِجُ (التَّحْرِيمَ) فِي هَذِهِ الشُّبْهَةِ نَظَرًا لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ نَعَمْ إنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِإِبْطَالِ النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَزِمَهُمَا الْحَدُّ لِارْتِفَاعِ الشُّبْهَةِ بِالْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ. (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّنَا أَوْ تَزَوَّجَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَمَحْرَمٍ وَوَثَنِيَّةٍ وَخَامِسَةٍ) وَمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا وَمُلَاعَنَةٍ وَمُعْتَدَّةٍ وَمُرْتَدَّةٍ وَذَاتِ زَوْجٍ (وَوَطِئَ أَوْ وَطِئَ مَنْ ارْتَهَنَهَا) ، وَلَوْ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ (لَوْ أُبِيحَتْ لَهُ أَوْ كَانَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ حُدَّ) ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يُبَاحُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُورِثُ شُبْهَةً كَمَا لَوْ اشْتَرَى حُرَّةً فَوَطِئَهَا أَوْ خَمْرًا فَشَرِبَهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شُبْهَةً لَثَبَتَ بِهِ النَّسَبُ، وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ، وَكَذَا لَوْ زَنَى بِمَنْ لَهُ عَلَيْهَا قَوَدٌ أَوْ بِحَرْبِيَّةٍ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الِاسْتِيلَاءَ، وَإِلَّا فَيَمْلِكُهَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَدَّ بِخِلَافِ عَطَاءٍ فِي إبَاحَةِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا لِلْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ وَلِظُهُورِ ضَعْفِهِ وَخَرَجَ بِالْوَثَنِيَّةِ الْمَجُوسِيَّةُ فَفِيهَا فِي الْأَصْلِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ، وَعَنْ الرُّويَانِيِّ لَا يَجِبُ لِلْخِلَافِ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهَا، وَهَذَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ عَنْ النَّصِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ فَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا، وَذَكَرَهَا أَيْضًا كَأَصْلِهِ فِي السَّرِقَةِ. (وَمَنْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِتَحْرِيمِهَا بِنَسَبٍ) كَأُخْتِهِ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا (لَمْ يُصَدَّقْ) لِبُعْدِ الْجَهْلِ بِذَلِكَ نَعَمْ إنْ جَهِلَ مَعَ ذَلِكَ النَّسَبَ، وَلَمْ يَبْنِ لَنَا كَذِبُهُ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (أَوْ) بِتَحْرِيمِهَا (بِرَضَاعٍ فَقَوْلَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَظْهَرُهُمَا تَصْدِيقُهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ (أَوْ) بِتَحْرِيمِهَا (بِكَوْنِهَا مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً، وَأَمْكَنَ) جَهْلُهُ بِذَلِكَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَحُدَّتْ) هِيَ (دُونَهُ إنْ عَلِمَتْ) تَحْرِيمَ ذَلِكَ. (فَصْلٌ إنَّمَا يُحَدُّ) جَلْدًا أَوْ رَجْمًا (مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ) لِلزِّنَا (وَلَوْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ) فَلَا حَدَّ عَلَى غَيْرِهِمْ كَمَا قَالَ (وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ يُؤَدَّبَانِ) بِمَا يَزْجُرُهُمَا فَلَا يُحَدَّانِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا لَا يُوصَفُ بِتَحْرِيمٍ نَعَمْ يُحَدُّ السَّكْرَانُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (، وَلَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ، وَلَوْ رَجُلًا) لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ وَلِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ» (، وَلَا مُعَاهَدٌ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ كَالْحَرْبِيِّ غَيْرِ الْمُعَاهَدِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَذَكَرَهُ أَيْضًا كَأَصْلِهِ فِي السَّرِقَةِ (وَلَا جَاهِلٌ) أَيْ مُدَّعِي الْجَهْلَ (بِتَحْرِيمِهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بُعْدٍ عَنْ أَهْلِهِ) بِخِلَافِ مَنْ   [حاشية الرملي الكبير] التوالتمة فَلَا يَلْزَمُ مَا نَسَبَهُ إلَى الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَسْأَلَةِ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ لَكِنْ تَعَرَّضَ لِمَسْأَلَةِ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فَقَطْ، وَقَدْ تَعَرَّضَ فِي الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ لِمَسْأَلَةِ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ فِي اللِّعَانِ وَذَكَرَ مَا يُصَرِّحُ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْهُ فِي مَسَائِلِ مَا يُسْقِطُ الْإِحْصَانَ وَمَا لَا يُسْقِطُهُ فَصَحَّ حِينَئِذٍ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَبَطَلَ تَصْوِيبُ الْإِسْنَوِيِّ وَوَافَقَ ابْنُ مُطَيْرٍ الْفَقِيهَ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو الْمَسَاعِي وَالْأَزْرَقَ وَالرِّيمِيَّ فِي التَّفْقِيهِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَلِيٌّ، وَلَا شُهُودٌ، وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ لَا حَدَّ فِيهِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي النِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمُؤَبَّدُ وَالْمُطْلَقُ. اهـ. وَبِعَدَمِ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ أَفْتَيْت. (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَزِمَهَا الْحَدُّ) لِارْتِفَاعِ الشُّبْهَةِ بِالْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ أُبِيحَتْ لَهُ) بِأَنَّ إبَاحَتَهُ الْأَجْنَبِيَّةَ الْمُولَجَ فِيهَا لِلْمُولِجِ أَوْ أَبَاحَ السَّيِّدُ فَرْجَ أَمَتِهِ لِمُسْتَعِيرٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ حُدَّ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ فِيهِ النَّفَقَةَ دُونَ الْإِعْفَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ) ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ مَمْنُوعٌ فَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَصْنِيفِهِ بَلْ الْمَانِعُ ضَعْفُ شُبْهَتِهِ فَإِنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تُبَاحُ بِالْإِذْنِ كَمَا فِي بُضْعِ الْحُرَّةِ فَصَارَ كَشُبْهَةِ الْحَنَفِيِّ فِي النَّبِيذِ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهَا عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَعَنْ الرُّويَانِيِّ لَا يَجِبُ لِلْخِلَافِ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَظْهَرُهُمَا تَصْدِيقُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ إنَّمَا يُحَدُّ جَلْدًا أَوْ رَجْمًا مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ لِلزِّنَا] (قَوْلُهُ: عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ لِلزِّنَا) أَيْ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِإِفَاقَةٍ مِنْ جُنُونٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ نَائِيَةٍ، وَإِلَّا فَلَا تَعُمُّ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ إذَا وَطِئَهَا بِإِذْنِ مَالِكِهَا وَادَّعَى الْجَهْلَ بِالتَّحْرِيمِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِطْلَاقُهُمْ قَبُولَ قَوْلِ قَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يُخَالِطْنَا (قَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ يُؤَدَّبَانِ) أَوْلَجَ صَبِيٌّ فِي أَجْنَبِيَّةٍ فَأَحَسَّ بِالْإِنْزَالِ وَاسْتَدَامَ هَلْ يُحَدُّ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ إيلَاجَهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَاسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ لَيْسَتْ بِوَطْءٍ، وَلَوْ وَطِئَ امْرَأَةً بِالزِّنَا، وَعِنْدَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَالِغٍ فَبَانَ كَوْنُهُ بَالِغًا هَلْ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ، وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ. اهـ. وَأَصَحُّهُمَا لُزُومُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ) لَوْ زَنَى مُكْرَهًا، وَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ لَا يَلْحَقُهُ؛ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ كَوْنَ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَالشَّرْعُ مَنَعَ النَّسَبَ كَذَا فِي الْوَسِيطِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الرَّهْنِ فِي التَّتِمَّةِ فِي الْعِدَدِ أَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ إلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَلْ يَثْبُتُ النَّسَبُ لِأَجْلِ عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ حَرَامٌ بِخِلَافِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّ فِي تَحْرِيمِهِ خِلَافًا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ ثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ ظَنِّ الْوَاطِئِ، وَلَا ظَنَّ هَا هُنَا فَإِنْ أَوْرَدَ وَطْءَ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ مَعَ أَنَّهُ عَالِمٌ قُلْنَا هُنَاكَ شُبْهَةُ الْمِلْكِ قَامَتْ مَقَامَ الظَّنِّ فَلِذَلِكَ ثَبَتَ النَّسَبُ. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ الثُّبُوتِ أَنَّ الْمُكْرَهَ آثِمٌ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُبِيحُ الزِّنَا فَلَمْ يَخْرُجْ مَاؤُهُ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ، وَسُقُوطُ الْحَدِّ لِكَوْنِهِ مَعْذُورًا فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ سُئِلَ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْوَسِيطِ؛ وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ وَيُفَارِقُ وَطْءَ الشُّبْهَةِ بِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ فِيهِ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ ظَنِّ الْوَاطِئِ، وَلَا ظَنَّ هَا هُنَا وَوَطْءُ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ شُبْهَةَ الْمِلْكِ قَامَتْ مَقَامَ الظَّنِّ فَمَا، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ كَذَا فِي الْوَسِيطِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُعَاهَدَ) أَيْ، وَلَا مُسْتَأْمَنَ (قَوْلُهُ: لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِإِسْلَامٍ) أَيْ أَوْ إفَاقَةٍ مِنْ جُنُونٍ، وَإِطْلَاقُهُمْ قَبُولَ قَوْلِ قَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يُخَالِطْنَا مِنْ الذِّمِّيِّينَ وَنَحْوِهِمْ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ عَلَى أَنَّ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْكِتَابِيِّ مُطْلَقًا نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ فِي كُلِّ الشَّرَائِعِ لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ نَعَمْ قَدْ يَخْفَى ذَلِكَ عَلَى الْعَامِّيِّ الْمُسْلِمِ النَّاشِئِ بَيْنَنَا فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةً لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ إذْ يَظُنُّ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنَّ مَالَ وَالِدِهِ كَمَالِهِ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا أَصَابَ الرَّجُلُ جَارِيَةَ أُمِّهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 نَشَأَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ (وَيَخْتَصُّ الْحَدُّ بِالْمُكَلَّفِ مِنْ الزَّانِيَيْنِ) لِوُجُودِ الشُّرُوطِ فِيهِ دُونَ الْآخَرِ (وَ) يَخْتَصُّ (الرَّجْمُ بِالْمُحْصَنِ مِنْهُمَا) لِذَلِكَ. (وَحَدُّ الْمُحْصَنِ الرَّجْمُ حَتَّى يَمُوتَ) لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ فِي أَخْبَارِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَرَوَى الشَّيْخَانِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ الرَّجْمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إذَا كَانَ مُحْصَنًا، وَقَالَ إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا نَبِيًّا، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا وَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةَ الرَّجْمِ فَتَلَوْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، وَهِيَ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالًا مِنْ اللَّهِ وَاَللَّهُ عُزَيْرٌ حَكِيمٌ، وَقَدْ رَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ وَالْإِحْصَانُ لُغَةً الْمَنْعُ وَشَرْعًا جَاءَ بِمَعْنَى الْإِسْلَامِ وَالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْعِفَّةِ وَالتَّزْوِيجِ وَوَطْءِ الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُحْصَنُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (كُلُّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ وَطِئَ أَوْ وَطِئَتْ) فِي قُبُلٍ (حَالَ الْكَمَالِ) بِتَكْلِيفٍ وَحُرِّيَّةٍ (فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَلَوْ) كَانَ الْوَطْءُ (فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ) أَوْ حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ (لَا فِي مِلْكِ يَمِينٍ وَطْءَ شُبْهَةٍ) وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمَا فِي التَّحْلِيلِ فَلَا رَجْمَ عَلَى مَنْ زَنَى، وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لَيْسَ بِسَكْرَانَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُوصَفُ بِتَحْرِيمٍ كَمَا مَرَّ. وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تَتَغَلَّظُ بِالْحُرِّيَّةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تَمْنَعُ الْفَوَاحِشَ؛ لِأَنَّهَا صِفَةُ كَمَالٍ وَشَرَفُهَا وَالشَّرِيفُ يَصُونُ نَفْسَهُ عَمَّا يُدَنِّسُ عِرْضَهُ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تُوَسِّعُ طُرُقَ الْحِلِّ إذْ لِلْحُرِّ نِكَاحُ أَرْبَعِ حَرَائِرَ، وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى إذْنٍ غَالِبًا بِخِلَافِ مَنْ فِيهِ رِقٌّ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ بِهِ قَضَى الْوَاطِئُ الشَّهْوَةَ وَاسْتَوْفَى اللَّذَّةَ فَحَقُّهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْحَرَامِ؛ وَلِأَنَّهُ يُكْمِلُ طَرِيقَ الْحِلِّ بِدَفْعِ الْبَيْنُونَةِ بِطَلْقَةٍ أَوْ رِدَّةٍ وَاعْتُبِرَ وُقُوعُهُ فِي حَالِ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِأَكْمَلِ الْجِهَاتِ، وَهُوَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ فَاعْتُبِرَ حُصُولُهُ مِنْ كَامِلٍ حَتَّى لَا يُرْجَمَ مَنْ وَطِئَ، وَهُوَ نَاقِصٌ ثُمَّ زَنَى، وَهُوَ كَامِلٌ وَيُرْجَمُ مَنْ كَانَ كَامِلًا فِي الْحَالَيْنِ، وَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا نَقْصٌ كَجُنُونٍ وَرِقٍّ فَالْعِبْرَةُ بِالْكَمَالِ فِي الْحَالَيْنِ، وَلَا يَرِدُ النَّائِمُ إذَا اسْتَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَارَ مُحْصَنًا، وَلَيْسَ بِمُكَلَّفٍ عِنْدَ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ مُكَلَّفٌ اسْتِصْحَابًا لِحَالِهِ قَبْلَ النَّوْمِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْوَطْءُ مَعَ كَامِلٍ، وَلَا عِصْمَتِهِ حَتَّى لَوْ وَطِئَ، وَهُوَ حَرْبِيٌّ ثُمَّ زَنَى بَعْدَ أَنْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ رُجِمَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِحْصَانِ أَنْ يَكُونَ الْوَاطِئُ مُخْتَارًا. (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِيهِ (الْإِسْلَامُ فَيُرْجَمُ الْمُرْتَدُّ وَالذِّمِّيُّ) لِالْتِزَامِهِمَا الْأَحْكَامَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ رَجُلًا وَامْرَأَةً مِنْ الْيَهُودِ زَنَيَا» زَادَ أَبُو دَاوُد «وَكَانَا قَدْ أُحْصِنَا» . (وَحَدُّ الْبِكْرِ)   [حاشية الرملي الكبير] وَقَالَ ظَنَنْتهَا تَحِلُّ لِي أُحْلِفَ أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا إلَّا، وَهُوَ يَرَاهَا حَلَالًا ثُمَّ دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ وَأُغْرِمَ الْمَهْرَ، وَلَا يُقْبَلُ هَذَا إلَّا مِمَّنْ أَمْكَنَ فِيهِ أَنْ يَجْهَلَ مِثْلَ هَذَا غ. (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا جَاءَ بِمَعْنَى الْإِسْلَامِ وَالْبُلُوغِ إلَخْ) ، قَالَ شَيْخُنَا، وَقَدْ فُسِّرَ بِكُلٍّ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} [النساء: 25] وَمِنْهَا الْحُرِّيَّةُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] وَمِنْهَا الْإِصَابَةُ فِي النِّكَاحِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24] ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ كُلُّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ وَطِئَ إلَخْ) شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهُ، وَلَهُ زَوْجَةٌ وُلِدَ مِنْهَا وَلَدٌ فَأَنْكَرَ الْإِحْصَانَ، وَقَالَ لَمْ أُجَامِعْهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ وَالْإِحْصَانُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِيَقِينٍ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ الْمُحْصَنُ الَّذِي يُرْجَمُ مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ حُرٌّ مُكَلَّفٌ حَالَةَ الْوَطْءِ وَحَالَةَ الزِّنَا وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَالتَّكْلِيفِ مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ إلَى فَرَاغِهِ مِنْ الزِّنَا وَمَا إذَا وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَاسْتَرَقَّ ثُمَّ عَتَقَ فَزَنَى أَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ ثُمَّ جُنَّ، وَأَفَاقَ ثُمَّ زَنَى فَإِنَّهُ يُرْجَمُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ اتِّفَاقًا لِاسْتِمْرَارِ الْإِحْصَانِ أَوْ عَوْدِهِ (تَنْبِيهٌ) لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فَاللَّقِيطُ السَّاكِتُ وَالْعَتِيقُ فِي مَرَضِ الْمَوْت مَحْكُومٌ لَهُمَا بِالْحُرِّيَّةِ ظَاهِرًا، وَلَكِنَّ حُرِّيَّتَهُمَا لَمْ تَسْتَقِرَّ فَهِيَ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ فَلَا يُرْجَمَانِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لَهُمَا. اهـ. وَقَدْ اكْتَفَوْا بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الشُّرُوطِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهَا اب (قَوْلُهُ: أَوْ إحْرَامٌ) أَوْ قَوْمُ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ) أَوْ لَمْ تُعْلَمْ حُرِّيَّتُهُ كَاللَّقِيطِ السَّاكِتِ وَالْعَتِيقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَدَخَلَ فِي عِبَارَتِهِمْ وَطْءُ مَنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا مَعَ عَدَمِ تَمَيُّزِهَا، وَقَدْ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ الْأَرْجَحُ إنَّهُ لَا يَصِيرُ بِهِ مُحْصَنًا، وَكَذَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ حَشَفَةَ زَوْجِهَا الْفَطِيمِ لَا تَصِيرُ مُحْصَنَةً قُلْت كَلَامُهُمْ قَدْ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي إصَابَةِ الْكَامِلِ النَّاقِصِ، قَالَ الْإِمَامُ هَذَا الْخِلَافُ فِي صَغِيرَةٍ أَوْ صَغِيرٍ لَا يَشْتَهِيهِ الْجِنْسُ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا حَصَلَ قَطْعًا. اهـ. فَاَلَّتِي لَا تُشْتَهَى هِيَ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ صُورَتُهُ تَرَدُّدُ الشَّيْخِ لَيْسَ فِي كُلِّ مَنْ لَا يُشْتَهَى بَلْ يُقَيَّدُ كَوْنُهُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَيَخُصُّ كَلَامُ الْإِمَامِ بِوُجُودِ التَّمْيِيزِ ع، وَقَوْلُهُ، وَقَالَ الْأَرْجَحُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ مُكَلَّفٌ) اسْتِصْحَابًا لِحَالِهِ قَبْلَ النَّوْمِ يَرِدُ عَلَيْهِ مَنْ بَلَغَ، وَهُوَ نَائِمٌ وَأُصِيبَ فِي حَالَةِ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ كَمَا، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) بَلْ صَرَّحُوا بِهِ. (قَوْلُهُ: فَيُرْجَمُ الْمُرْتَدُّ وَالذِّمِّيُّ) اعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ الْيَوْمَ لَا يُحَدُّونَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَالْمُسْتَأْمَنِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُجَدَّدُ لَهُمْ عَهْدٌ بَلْ يَجْرُونَ عَلَى ذِمَّةِ آبَائِهِمْ ع (تَنْبِيهٌ) لَوْ زَنَى مُرْتَدٌّ فِي حَالِ رِدَّتِهِ أَوْ قَبْلَهَا ثُمَّ أَسْلَمَ حُدَّ، وَلَا تُبْطِلُ رِدَّتُهُ إحْصَانَهُ، وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْحَدُّ فَقَدْ، قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ عَلَى الْجِزْيَةِ عَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ رِجَالِهِمْ أَصَابَ مُسْلِمَةً بِزِنًا أَوْ اسْمَ نِكَاحٍ، وَعَدَّ أَشْيَاءَ كَثِيرًا مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ إلَى أَنْ قَالَ: وَأَيُّهُمْ قَالَ أَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا وَضَعْته كَانَ نَقْضًا لِلْعَهْدِ، وَلَوْ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَوْلًا، وَكَذَا إنْ كَانَ فِعْلًا لَمْ يُقْتَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ قُتِلَ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا فَيُقْتَلُ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَا نَقْضَ عَهْدٍ. اهـ. وَأَمَّا مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا زَنَى الذِّمِّيُّ ثُمَّ أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ فَلَا يُحَدُّ، وَلَا يُعَزَّرُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَافِ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِسُقُوطِ الْحَدِّ بِالتَّوْبَةِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ رَاجَعْت كَلَامَ ابْنِ الْمُنْذِرِ فَوَجَدْته نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ إذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ يَعْنِي فِي الْقَدِيمِ. اهـ. وَأَفْتَيْت بِعَدَمِ سُقُوطِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 الْحُرِّ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُحْصَنِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] مَعَ أَخْبَارِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا الْمَزِيدُ فِيهَا التَّغْرِيبُ عَلَى الْآيَةِ (فَلَا تَرْتِيبَ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَلْدِ لَكِنَّ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ الْجَلْدِ. (وَ) حَدُّ (مَنْ فِيهِ رِقٌّ) ، وَلَوْ مُبَعَّضًا (خَمْسِينَ) ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَوَافَقَ نَوْبَةَ نَفْسِهِ (وَيُغَرَّبُ نِصْفَ عَامٍ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] ، وَلَا يُبَالِي بِضَرَرِ السَّيِّدِ فِي عُقُوبَاتِ الْجَرَائِمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِرِدَّتِهِ وَيُحَدُّ بِقَذْفِهِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ السَّيِّدُ، وَلَوْ زَنَى الْعَبْدُ الْمُؤَجَّرُ حُدَّ، وَهَلْ يُغَرَّبُ فِي الْحَالِ وَيَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ أَوْ يُؤَخَّرُ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ؟ . وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الدَّارِمِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَقْرَبُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ طُولِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَقِصَرِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ طَالَتْ غُرِّبَ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ ذَلِكَ فِي الْأَجِيرِ الْحُرِّ أَيْضًا. انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُغَرَّبُ إنْ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْغُرْبَةِ كَمَا لَا يُحْبَسُ لِغَرِيمِهِ إنْ تَعَذَّرَ عِلْمُهُ فِي الْحَبْسِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ ذَاكَ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَهَذَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي الرِّسَالَةِ تَخْصِيصُهُ بِالْمُسْلِمِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ فِي مَعْنَى الْمُعَاهَدِ إذْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَالْمُعَاهَدُ لَا يُحَدُّ فَكَذَا الْعَبْدُ الْكَافِرُ، وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا (وَلِلْإِمَامِ) ، وَلَوْ بِنَائِبِهِ (تَغْرِيبُهُمَا) أَيْ الْحُرُّ وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ (مَسَافَةَ الْقَصْرِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيحَاشُهُ بِالْبُعْدِ عَنْ الْأَهْلِ وَالْوَطَنِ (وَفَوْقَهَا) إنْ رَآهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - غَرَّبَ إلَى الشَّامِ وَعُثْمَانَ إلَى مِصْرَ وَعَلِيًّا إلَى الْبَصْرَةِ (لَا دُونَهَا) إذْ لَا يَتِمُّ الْإِيحَاشُ الْمَذْكُورُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ تَتَوَاصَلُ حِينَئِذٍ (وَلْيَكُنْ) تَغْرِيبُ مَنْ ذُكِرَ (إلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ) فَلَا يُرْسِلُهُ الْإِمَامُ إرْسَالًا. (وَلَوْ عَيَّنَ الْإِمَامُ جِهَةً) لِتَغْرِيبِهِ (تَعَيَّنَتْ) فَلَوْ طَلَبَ جِهَةً أُخْرَى لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِالزَّجْرِ (فَلَوْ انْتَقَلَ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ التَّغْرِيبِ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ (إلَى بَلَدٍ آخَرَ لَمْ يُمْنَعْ) ؛ لِأَنَّهُ امْتَثَلَ، وَالْمَنْعُ مِنْ الِانْتِقَالِ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ (وَيُسْتَصْحَبُ) مَعَهُ جَوَازًا (سُرِّيَّةً مَعَ نَفَقَةٍ يَحْتَاجُهَا) وَمَالًا يَتَّجِرُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (لَا أَهْلًا، وَعَشِيرَةً) لَهُ لِانْتِفَاءِ إيحَاشِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ تَغْرِيبِهِ إلَى بَلَدٍ فِيهِ أَهْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُتَوَلِّي فِيهِ بِالْجَوَازِ (فَإِنْ خَرَجُوا) مَعَهُ (لَمْ يُمْنَعُوا وَالْغَرِيبُ يُغَرَّبُ) مِنْ بَلَدِ الزِّنَا تَنْكِيلًا، وَإِبْعَادًا عَنْ مَحَلِّ الْفَاحِشَةِ فَرُبَّمَا أَلِفَهُ (لَا إلَى بَلَدِهِ، وَلَا إلَى دُونَ الْمَسَافَةِ مِنْهَا) أَيْ، وَلَا إلَى بَلَدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِهِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إيحَاشُهُ، وَتَغْرِيبُهُ إلَى ذَلِكَ يَأْبَاهُ (فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهَا) أَيْ إلَى بَلْدَتِهِ أَوْ إلَى دُونَ الْمَسَافَةِ مِنْهَا (مُنِعَ) مُعَارَضَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ. (وَ) يُغَرَّبُ (الْمُسَافِرُ) إذَا زَنَى فِي طَرِيقِهِ (لَا إلَى مَقْصِدِهِ) لِذَلِكَ (وَمَنْ لَا وَطَنَ لَهُ كَالْمُهَاجِرِ) إلَيْنَا (مِنْ دَارِ الْحَرْبِ) ، وَلَمْ يَتَوَطَّنْ بَلَدًا (يُمْهَلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَتَغْرِيبُ عَامٍ) أَيْ هِلَالِيٌّ قِيلَ أَوَّلُ الْعَامِ مِنْ وَقْتِ إخْرَاجِهِ مِنْ بَلَدِهِ، وَقِيلَ مِنْ وَقْتِ حُصُولِهِ فِي مَكَانِ التَّغْرِيبِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هَذَا إنْ لَمْ يُجَاوِزْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَإِنْ جَاوَزَهَا فَيُحْسَبُ مِنْ حِينِ الْمُجَاوَزَةِ جَزْمًا وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ ادَّعَى انْقِضَاءَ السَّنَةِ، وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَلَفَ اسْتِظْهَارًا، وَعَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ، وَتَنْقَضِي مُدَّةُ الْعُنَّةِ وَالْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: بِلَا تَرْتِيبٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَلْدِ إلَخْ) ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خِلَافُ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْبَابُ بَابُ تَوْقِيفٍ وَالثَّانِي أَنَّ فِيهِ تَعْرِيضَ الْحَدِّ لِلْفَوَاتِ وَالتَّضْيِيعِ إمَّا بِمَوْتٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ السَّنَةِ إلَى وَطَنِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُغَرَّبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ هَلْ يُغَرَّبُ قَبْلَ أَدَائِهِ أَوْ يُؤَخَّرُ حَتَّى يُوَفِّيَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَفْلَسَ وَحُجِرَ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مُسْتَأْجِرَ الْعَيْنِ الظَّاهِرُ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ لِأَجْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ، قَالَ فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ الْوَفَاةِ إذَا زَنَتْ تُغَرَّبُ، وَلَا يُؤَخَّرُ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا) ، وَهُوَ مَرْدُودٌ فَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِخِلَافِهِ حَيْثُ، قَالُوا لِلْكَافِرِ أَنْ يَحُدَّ عَبْدَهُ الْكَافِرَ وَبِأَنَّ الرَّقِيقَ تَابِعٌ لِسَيِّدِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُهُ بِخِلَافِ الْمُعَاهَدِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْتِزَامِ الْجِزْيَةِ عَدَمُ الْحَدِّ كَمَا فِي الْمَرْأَةِ الذِّمِّيَّةِ. (تَنْبِيهٌ) إنَّمَا جُعِلَتْ عُقُوبَةُ الزِّنَا بِمَا ذُكِرَ، وَلَمْ تُجْعَلْ بِقَطْعِ آلَةِ الزِّنَا كَمَا جُعِلَتْ عُقُوبَةُ السَّرِقَةِ بِقَطْعِ آلَتِهَا، وَهِيَ الْيَدُ وَالرِّجْلُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ النَّسْلِ؛ وَلِأَنَّ قَطْعَ آلَةِ السَّرِقَةِ يَعُمُّ السَّارِقَ وَالسَّارِقَةَ، وَقَطْعَ الذَّكَرِ يَخُصُّ الرَّجُلَ دُونَ الْمَرْأَةِ، قَالَ شَيْخُنَا، وَأَيْضًا فَالذَّكَرُ أَوْ الْفَرْجُ لَا مِثْلَ لَهُ وَالْيَدُ لِصَاحِبِهَا مِثْلُهَا غَالِبًا، وَأَيْضًا فَقَطْعُ الْيَدِ الْغَالِبُ فِيهِ السَّلَامَةُ، وَقَطْعُ الْفَرْجِ الْغَالِبُ فِيهِ عَدَمُهُ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ تَفُوتَ رُوحُ الْبِكْرِ. (فَائِدَةٌ) قَدْ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّافِعِيَّ عَنْ خَمْسَةِ رِجَالٍ زَنَوْا بِامْرَأَةٍ، وَجَبَ عَلَى أَحَدِهِمْ الْقَتْلُ، وَعَلَى الثَّانِي الرَّجْمُ، وَعَلَى الثَّالِثِ الْجَلْدُ وَعَلَى الرَّابِعِ نِصْفُهُ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْخَامِسِ شَيْءٌ فَقَالَ الْأَوَّلُ اسْتَحَلَّ الزِّنَا فَقُتِلَ بِرِدَّتِهِ وَالثَّانِي مُحْصَنٌ وَالثَّالِثُ بِكْرٌ وَالرَّابِعُ عَبْدٌ وَالْخَامِسُ مَجْنُونٌ (قَوْلُهُ: وَعَلِيًّا إلَى الْبَصْرَةِ) وَالصِّدِّيقَ إلَى فَدَكَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ طَلَبَ جِهَةً غَيْرَهَا لَمْ يُجَبْ إلَخْ) اسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا صَادَفَنَا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّغْرِيبُ مُحْرِمًا أَوْ خَارِجًا لِجِهَادٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَلَوْ غَرَّبْنَاهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَاتَهُ الْحَجُّ أَوْ الْجِهَادُ، قَالَ فَيُجَابُ إذَا طَلَبَ جِهَةَ قَصْدِهِ، وَلَا يُصَارُ إلَى تَفْوِيتِ مَقْصِدِهِ عَلَيْهِ، وَلَا إلَى تَأْخِيرِ التَّغْرِيبِ حَتَّى يَفْرُغَ، وَقَوْلُهُ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَصْحِبُ سُرِّيَّةً) ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ الزِّنَا أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ حَمْلِ زَوْجَتِهِ مَعَهُ كَالسُّرِّيَّةِ لِغَيْرِ الْمُتَزَوِّجِ، وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا خِيفَ فُجُورُهُ فِي مُدَّةِ التَّغْرِيبِ، وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَّجِرُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُتَوَلِّي فِيهِ بِالْجَوَازِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُغَرَّبُ الْمُسَافِرُ لَا إلَى مَقْصِدِهِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 حَتَّى يَتَوَطَّنَ) بَلَدًا (ثُمَّ يُغَرَّبَ) مِنْهُ، وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْقَاضِي إنَّهُ يُغَرَّبُ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي قَصَدَهُ (وَيُرَاقَبُ الْمُغَرَّبُ) أَيْ يُحْفَظُ بِالْمُرَاقَبَةِ فِي الْمَكَان الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ، وَلَا يُحْبَسُ فِيهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُرَاقَبُ لِئَلَّا يَرْجِعَ إلَى بَلْدَتِهِ أَوْ إلَى مَا دُونَ الْمَسَافَةِ مِنْهَا لَا أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لَمْ يُمْنَعْ وَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ مِنْ تَصْحِيحٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِيمَ بِبَلَدِ الْغُرْبَةِ لِيَكُونَ كَالْحَبْسِ لَهُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ كَالنُّزْهَةِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِبَلَدِ الْغُرْبَةِ غَيْرُ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ بِلَادُ غُرْبَةٍ وَبِقَوْلِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ جَوَانِبِهَا بَلْ فِي غَيْرِ جَانِبِ بَلَدِهِ فَقَطْ عَلَى مَا عُرِفَ وَكَأَنْ الْمُصَنِّفَ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْجَمْعُ حَذَفَ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ. (وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ الْمُغَرَّبُ فِي مُدَّةِ تَغْرِيبِهِ (عَلَى نَفْسِهِ) إنْ كَانَ حُرًّا، وَعَلَى سَيِّدِهِ إنْ كَانَ رَقِيقًا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مُؤْنَةِ الْحَضَرِ (فَإِنْ خِيفَ رُجُوعُهُ) إلَى مَحَلِّهِ الَّذِي غُرِّبَ مِنْهُ (حُبِسَ) جَوَازًا. (وَلَوْ رَجَعَ إلَى بَلَدٍ غُرِّبَ مِنْهُ اُسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ) لِيَتَوَالَى الْإِيحَاشُ (فَلَا تُفَرَّقُ السَّنَةُ) فِي الْحُرِّ، وَلَا نِصْفُهَا فِي غَيْرِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلتَّغْرِيبِ الْبَلَدُ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ رُدَّ إلَى الْغُرْبَةِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمُهَذَّبِ مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ، وَأَشَارَ إلَى تَفَرُّدِهِ بِهِ، وَلَمْ يَقِفْ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: الْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا بِالِاسْتِئْنَافِ لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ الْبَلَدُ. (وَلَوْ زَنَى الْمُغَرَّبُ) فِي الْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ (غُرِّبَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَدَخَلَتْ الْبَقِيَّةُ) أَيْ بَقِيَّةُ مُدَّةِ الْأَوَّلِ فِي مُدَّةِ الثَّانِي لِتَجَانُسِ الْحَدَّيْنِ (وَلَا يُعْتَدُّ بِتَغْرِيبِهِ نَفْسَهُ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّنْكِيلُ، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَغْرِيبِ الْإِمَامِ، وَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَهُ الرُّجُوعُ إلَى وَطَنِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنْ رَجَعَ بِغَيْرِ إذْنِهِ عُزِّرَ كَمَا لَوْ خَرَجَ مِنْ حَبْسِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مُدَّةَ الْحَبْسِ مَجْهُولَةٌ لَهُ بِخِلَافِ مُدَّةِ التَّغْرِيبِ، وَأَوَّلُهَا ابْتِدَاءُ السَّفَرِ لَا وَقْتُ وُصُولِهِ إلَى مَا غُرِّبَ إلَيْهِ. (وَلَوْ غُرِّبَتْ امْرَأَةٌ اُشْتُرِطَ خُرُوجُ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ) مَعَهَا، وَلَوْ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ لِخَبَرِ «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ» ؛ وَلِأَنَّهُ يَخَافُ مِنْ الزَّانِيَةِ الْهَتْكَ عِنْدَ خُرُوجِهَا وَحْدَهَا، وَالْقِيَاسُ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا كَعَبْدِهَا حُكْمُهُ حُكْمُ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ فِي مَوْضِعَيْنِ عَلَى تَغْرِيبِهَا وَحْدَهَا، وَأَنَّ النَّهْيَ عَنْ سَفَرِهَا وَحْدَهَا مَحَلُّهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْحَجِّ (وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهَا) إذَا لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِهَا؛ لِأَنَّهَا مِمَّا يَتِمُّ بِهَا الْوَاجِبُ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ؛ وَلِأَنَّهَا مِنْ مُؤَنِ سَفَرِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ (فَلَوْ امْتَنَعَ) مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهَا بِأُجْرَةٍ (لَمْ يُجْبَرْ) كَمَا فِي الْحَجِّ؛ وَلِأَنَّ فِي إجْبَارِهِ تَعْذِيبَ مَنْ لَمْ يُذْنِبْ (وَيُؤَخَّرُ) حِينَئِذٍ (تَغْرِيبُهَا) إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَذَكَرَ الرُّويَانِيُّ أَنَّهَا تُغَرَّبُ وَيَحْتَاطُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ. (وَفِي الِاكْتِفَاءِ) فِي الْخُرُوجِ مَعَهَا (بِنِسْوَةٍ ثِقَاتٍ) اثْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ (مَعَ أَمْنِ طَرِيقٍ، وَجْهَانِ) أَظْهَرُهُمَا عَلَى مَا فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ، وَأَحَدُهُمَا عَلَى مَا فِي السَّقِيمَةِ الَّتِي اخْتَصَرَتْ مِنْهَا الرَّوْضَةُ نَعَمْ قِيَاسًا عَلَى الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ النِّسْوَةَ مَطْمُوعٌ فِيهِنَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَرُبَّمَا اكْتَفَى بَعْضُهُمْ بِوَاحِدَةٍ ثِقَةٍ. انْتَهَى. وَالِاكْتِفَاءُ بِهَا هُوَ مَا فِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ وَالْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْحَجِّ مَعَ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي فَهَذَا أَوْلَى أَمَّا مَعَ الْخَوْفِ فَلَا يُكْتَفَى بِالنِّسْوَةِ، وَهَلْ يُشْرَعُ التَّغْرِيبُ عِنْدَ الْخَوْفِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: فِيهِ قَوْلٌ بِشَرْعِيَّتِهِ، وَفِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ مَا يُشْعِرُ بِخِلَافِهِ، وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ عَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهِ حَتَّى لَا يُغَرَّبَ الرَّجُلُ، وَلَا الْمَرْأَةُ الْمُسْتَصْحَبَةُ لِلزَّوْجِ أَوْ نَحْوِهِ حِينَئِذٍ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الرَّجُلَ يُغَرَّبُ وَحْدَهُ، وَلَوْ أَمْرَدَ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْأَمْرَدَ الْحَسَنَ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ يَحْتَاجُ إلَى مَحْرَمٍ أَوْ نَحْوِهِ. (وَيُنْفَى الْمُخَنَّثُونَ تَعْزِيرًا) لِثُبُوتِهِ فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَبْلُغُ بِهِ مُدَّةَ تَغْرِيبِ الزَّانِي. [فَصْلٌ لَا يَثْبُتُ الْحَدُّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ] (فَصْلٌ: لَا يَثْبُتُ الْحَدُّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ) ، وَلَوْ مَرَّةً لِيَتَمَكَّنَ مِنْ إقَامَتِهِ إمَّا بِالْبَيِّنَةِ فَالْآيَةُ   [حاشية الرملي الكبير] نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ لَا يُحْجَرُ عَلَى الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ بَلْ إذَا رَأَى تَغْرِيبَهُ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ لَمْ يُمْنَعْ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مُسَافِرًا لِلْحَجِّ أَوْ الْجِهَادِ فَلَا يَنْبَغِي تَفْوِيتُ مَقْصُودِهِ وَيَكْفِي فِي التَّنْكِيلِ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ الْعَوْدِ وَالتَّصَرُّفِ فِي السَّفَرِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِبَلَدِ الْغُرْبَةِ غَيْرُ بَلَدِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) لَوْ ادَّعَى الْمَحْدُودُ انْقِضَاءَ مُدَّةِ التَّغْرِيبِ، وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ وَيَحْلِفُ اسْتِحْبَابًا. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلتَّغْرِيبِ لِلْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَهُ الرُّجُوعُ إلَى وَطَنِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غُرِّبَتْ امْرَأَةٌ اُشْتُرِطَ خُرُوجُ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ) أَمَّا الْأَمَةُ فَهَلْ الْمَطْلُوبُ بِالْخُرُوجِ مَعَهَا سَيِّدُهَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيَبْعُدُ أَنْ نُوجِبَ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ لَهُ النَّظَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ فِي مَوْضِعَيْنِ إلَخْ) يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا امْتَنَعُوا مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهَا وَبِهِ يَتَأَيَّدُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ الْآتِي ش (قَوْلُهُ: فَلَوْ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ) لِإِخْفَاءِ أَنَّ مَحْرَمَهَا لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهَا أَوْ أَجْبَرَهَا لِلْخِدْمَةِ مُدَّةَ التَّغْرِيبِ أُجْبِرَ لَا مَحَالَةَ. (قَوْلُهُ: أَظْهَرُهُمَا عَلَى مَا فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ وَرُبَّمَا اكْتَفَى بَعْضُهُمْ بِوَاحِدَةٍ ثِقَةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ عَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ كَمَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْأَمْرَدَ الْحَسَنَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَانَ وَاطِئًا أَمْ مَوْطُوءًا (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ الْحَدُّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ) قَضِيَّةُ حَصْرِهِ الثُّبُوتَ فِي الطَّرِيقَيْنِ يَنْفِي صُوَرًا. إحْدَاهَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْتَوْفِيهِ بِعِلْمِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. الثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ فِيمَا لَوْ قَذَفَ شَخْصًا وَطَلَبَ مِنْهُ الْمَقْذُوفُ حَدَّ الْقَذْفِ فَطَلَبَ يَمِينَهُ عَلَى أَنَّهُ مَا زَنَى فَرَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَحَلَفَ أَنَّهُ زَانٍ، وَهُوَ مَا ذَكَرُوهُ فِي الدَّعَاوَى. الثَّالِثَةُ إذَا وُجِدَتْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا، وَلَا زَوْجَ لَهَا، وَأَنْكَرَتْ الزِّنَا لَمْ تُحَدَّ خِلَافًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 15] ، وَإِمَّا بِالْإِقْرَارِ فَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى هُوَ وَالْبُخَارِيُّ خَبَرَ «وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» عَلَّقَ الرَّجْمَ عَلَى مُجَرَّدِ الِاعْتِرَافِ، وَإِنَّمَا كَرَّرَهُ عَلَى مَاعِزٍ فِي خَبَرِهِ؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي عَقْلِهِ وَلِهَذَا قَالَ أَبِكَ جُنُونٌ وَوَصَفَ الْإِقْرَارَ بِقَوْلِهِ (مُفَسَّرٌ كَالشَّهَادَةِ) وَاحْتِيَاطًا لِلْحَدِّ وَسَعْيًا فِي سِتْرِ الْفَاحِشَةِ مَا أَمْكَنَ وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِقِصَّةِ مَاعِزٍ. (وَيُجْزِئُ) أَيْ يَكْفِي فِي ثُبُوتِ الْحَدِّ (إشَارَةُ الْأَخْرَسِ بِالْإِقْرَارِ) بِالزِّنَا. (وَإِنْ رُئِيَا) أَيْ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّانِ (تَحْتَ لِحَافٍ عُزِّرَا) ، وَلَمْ يُحَدَّا. (وَيُقَامُ الْحَدُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً) مِنْ نَحْوِ رِدَّةِ الْمَحْدُودِ وَالْتِحَاقِهِ بِأَهْلِ الْحَرْبِ. (وَيَحْرُمُ الْعَفْوُ عَنْ حَدٍّ لِلَّهِ) تَعَالَى (وَالشَّفَاعَةِ فِيهِ) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُسَامَةَ لَمَّا كَلَّمَهُ فِي شَأْنِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ إنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ إنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَاَيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَيُسْتَحَبُّ لِلزَّانِي) وَلِكُلِّ مَنْ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً (السَّتْرُ) عَلَى نَفْسِهِ لِخَبَرِ «مَنْ أَتَى مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّ مَنْ أَبْدَى لَنَا صَفْحَتَهُ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَ أَوْ قَذَفَ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ لِمَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ التَّضْيِيقِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَعْصِيَةَ أَنْ لَا يُظْهِرَهَا لِيُحَدَّ أَوْ يُعَزَّرَ فَيَكُونُ إظْهَارُهَا خِلَافَ الْمُسْتَحَبِّ أَمَّا التَّحَدُّثُ بِهَا تَفَكُّهًا أَوْ مُجَاهَرَةً فَحَرَامٌ قَطْعًا لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. (وَكَذَا الشَّاهِدُ) يُسْتَحَبُّ لَهُ سَتْرُهَا بِأَنْ يَتْرُكَ الشَّهَادَةَ بِهَا (إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً) ، وَإِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي الشَّهَادَةِ بِهَا شَهِدَ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ فَكَلَامُهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَرَ مَصْلَحَةً مُتَدَافِعٌ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ وَغَيْرِهِ اسْتِحْبَابَ تَرْكِ الشَّهَادَةِ ثُمَّ مَحَلُّ اسْتِحْبَابِ تَرْكِهَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِتَرْكِهَا إيجَابُ حَدٍّ عَلَى الْغَيْرِ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ كَأَنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِالزِّنَا فَيَأْثَمُ الرَّابِعُ بِالتَّوَقُّفِ وَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ. (وَلَوْ أَقَرَّ بِزِنًا أَوْ شُرْبٍ) لِمُنْكَرٍ (اُسْتُحِبَّ لَهُ الرُّجُوعُ) كَالسَّتْرِ ابْتِدَاءً، وَهُوَ مُقْتَضَى خَبَرِ مَاعِزٍ السَّابِقِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَا يُخَالِفُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ مَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ حَدٌّ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامَ لِيُقِيمَهُ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ السَّتْرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّهُورِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى زِنَاهُ مَنْ لَا يَثْبُتُ الزِّنَا بِشَهَادَتِهِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ أَمَّا الْمُقِرُّ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الرُّجُوعُ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ رَجَعَ) عَنْ الْإِقْرَارِ، وَلَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْحَدِّ (سَقَطَ) عَنْهُ (الْحَدُّ) لِتَعْرِيضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَاعِزٍ بِالرُّجُوعِ بِقَوْلِهِ «لَعَلَّك قَبَّلْتَ لَعَلَّك لَمَسْتَ أَبِكَ جُنُونٌ» ؛ وَلِأَنَّهُمْ «لَمَّا رَجَمُوهُ قَالَ رُدُّونِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَسْمَعُوا وَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» . (فَلَوْ قُتِلَ بَعْدَ الرُّجُوعِ) عَنْ إقْرَارِهِ (فَلَا قِصَاصَ) عَلَى قَاتِلِهِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالرُّجُوعِ، وَقَوْلُ الدَّارِمِيِّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاتِلُ بِرُجُوعِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِرُجُوعِهِ قُتِلَ بِلَا خِلَافٍ فِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِنْ التَّعْلِيلِ (وَيُضْمَنُ بِالدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ بِهَا بِجَامِعِ الشُّبْهَةَ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ، وَتَمَّمَهُ الْإِمَامُ مُتَعَدِّيًا) بِأَنْ كَانَ مُعْتَقِدًا سُقُوطَهُ بِالرُّجُوعِ (فَمَاتَ) بِذَلِكَ (فَالْوَاجِبُ نِصْفُ دِيَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ (أَوْ   [حاشية الرملي الكبير] لِمَالِكٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ. الرَّابِعَةُ قَذَفَهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا لَا يَثْبُتُ الزِّنَا عِنْدَنَا، قَالَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي بَابِ اللِّعَانِ مِنْ الِاصْطِلَامِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ إظْهَارُهَا خِلَافَ الْمُسْتَحَبِّ) وَيُكْرَهُ إظْهَارُهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أَمَّا التَّحَدُّثُ بِهَا تَفَكُّهًا أَوْ مُجَاهَرَةً فَحَرَامٌ قَطْعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ اسْتِحْبَابِ تَرْكِهَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِتَرْكِهَا إيجَابٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْأَدَاءِ مَأْثُومًا مِثْلَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِأَنَّهُ قَتَلَ كَافِرًا، وَالْحَاكِمُ حَنَفِيٌّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَدَاءُ لِمَا فِيهِ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ، وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ أَوْ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ أَوْ بِمَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَيَحُدُّهُ بِالتَّعْرِيضِ وَيُعَزِّرُهُ أَبْلَغَ مِمَّا يُوجِبُ الشَّافِعِيُّ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ الْوَجْهُ الَّذِي فِي طَلَبِ الشَّافِعِيِّ نَحْوَ شُفْعَةِ الْجِوَارِ مِنْ الْحَنَفِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ ر. (قَوْلُهُ: فَيَأْثَمُ الرَّابِعُ بِالتَّوَقُّفِ وَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ) وَمِثْلُهُ لَوْ قَذَفَ وَثَمَّ بَيِّنَةٌ بِالْفِعْلِ أَوْ الْإِقْرَارِ فَعَلَيْهِمْ الْأَدَاءُ لَا مَحَالَةَ، وَكَذَا لَوْ شَتَمَهُ بِمَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ وَطَلَبَهُ الْمَشْتُومُ، وَعَلِمَ عَدْلَانِ بِوُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُ يَلْزَمُهُمَا الْأَدَاءُ بِهِ لِطُهْرِ الشَّاتِمِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمَا الْإِعْلَامُ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِشَهَادَتِهِمَا، وَكَتَبَ أَيْضًا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقِسْ عَلَى هَذَا مَا يُشْبِهُهُ، وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ يَلِي شَيْئًا شَرَطَ مُتَوَلِّيهِ الْعَدَالَةَ كَالْوُقُوفِ وَالْأَيْتَامِ وَبَيْتِ الْمَالِ وَالْأَحْكَامِ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ إنْ عَلِمُوا إصْرَارَهُ، وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْأَدَاءُ لَا سِيَّمَا إذَا اطَّلَعُوا عَلَى إنْفَاقِهِ الْمَالَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ لِانْعِزَالِهِ بِفِسْقِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ لَهُمْ أَنَّ غَيْرَ الْحَاكِمِ قَدْ تَابَ، وَأَنَابَ فَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَجَعَ) كَقَوْلِهِ كَذَبْت أَوْ رَجَعْت عَمَّا أَقْرَرْت بِهِ أَوْ مَا زَنَيْت أَوْ فَأَخَذْت أَوْ لَمَسْت فَاعْتَقَدْته زِنًا أَوْ لَا حَدَّ عَلَيَّ (قَوْلُهُ: سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ) بَلْ سَقَطَ حُكْمُ الْإِقْرَارِ جُمْلَةً حَتَّى لَوْ قَذَفَهُ قَاذِفٌ حُدَّ وَيَبْقَى بِرُجُوعِهِ عَلَى حَصَانَتِهِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، قَالَ النَّاشِرِيُّ: مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَا شَكَّ فِيهِ، وَهَذَا فِي الْقَذْفِ الْحَادِثِ بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَأَمَّا الْقَذْفُ بِذَلِكَ الزِّنَا الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فَلَا مِرْيَةَ بِعَدَمِ الْحَدِّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْمَهْرُ الثَّابِتُ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا إذَا ادَّعَتْ حُرَّةٌ أَنَّهُ زَنَى بِهَا مُكْرَهَةً ثُمَّ رَجَعَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْحَدُّ دُونَ الْمَهْرِ. (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلِهِ) أَيْ، وَإِنْ عَلِمَ بِرُجُوعِهِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِنْ التَّعْلِيلِ) فَالْإِطْلَاقُ هُوَ الرَّاجِحُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 التَّوْزِيعُ) لِلدِّيَةِ عَلَى السِّيَاطِ (قَوْلَانِ) أَقْرَبُهُمَا الثَّانِي كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ زَائِدًا عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ فَمَاتَ. (وَإِنْ قَالَ زَنَيْت بِفُلَانَةُ فَأَنْكَرَتْ أَوْ قَالَتْ) كَانَ (تَزَوَّجَنِي فَمُقِرٌّ) بِالزِّنَا (وَقَاذِفٌ) لَهَا فَيَلْزَمُهُ حَدُّ الزِّنَا وَحَدُّ الْقَذْفِ فَإِنْ رَجَعَ سَقَطَ حَدُّ الزِّنَا وَحْدَهُ. (فَإِنْ قَالَ) زَنَيْت بِهَا (مُكْرَهَةً لَزِمَهُ حَدٌّ) لِلزِّنَا لَا لِلْقَذْفِ (وَ) لَزِمَهُ لَهَا (مَهْرٌ فَإِنْ رَجَعَ) عَنْ إقْرَارِهِ (سَقَطَ الْحَدُّ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (لَا الْمَهْرُ) ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ. (وَلَوْ شَهِدُوا بِإِقْرَارِهِ) بِالزِّنَا، وَلَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ (فَكَذَّبَهُمْ) كَأَنْ قَالَ مَا أَقْرَرْت (لَمْ يُقْبَلْ) تَكْذِيبُهُ؛ لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِلشُّهُودِ وَالْقَاضِي (أَوْ كَذَّبَ نَفْسَهُ) فِي إقْرَارِهِ (قُبِلَ فِي إقْرَارِهِ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَوْ قَالَ لَا تَحُدُّونِي وَامْتَنَعَ) مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ (أَوْ هَرَبَ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ) فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ لِوُجُودِ مُثْبِتِهِ مَعَ عَدَمِ تَصْرِيحِهِ بِالرُّجُوعِ (لَكِنْ يُكَفُّ عَنْهُ) فِي الْحَالِ لِمَا فِي خَبَرِ مَاعِزٍ «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ الرُّجُوعَ فَيُعْرَضُ عَنْهُ احْتِيَاطًا (فَإِنْ رَجَعَ) فَذَاكَ (وَإِلَّا حُدَّ، وَإِنْ لَمْ يُكَفَّ عَنْهُ) فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ شَيْئًا. (وَ) الْحَدُّ (الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ) ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ سَوَاءٌ أُثْبِتَ بِالْإِقْرَارِ أَمْ بِالْبَيِّنَةِ، وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ وَذَلِكَ لِئَلَّا يَتَّخِذَهَا ذَرِيعَةً إلَى إسْقَاطِ الزَّوَاجِرِ (فَإِنْ أَقَرَّ) بِالزِّنَا (ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِزِنَاهُ ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ الْإِقْرَارِ (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ لِبَقَاءِ حُجَّةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةٌ فَرَدَّ أَرْبَعَةً وَثَانِيهِمَا يَسْقُطُ إذْ لَا أَثَرَ لِلْبَيِّنَةِ مَعَ الْإِقْرَارِ، وَقَدْ بَطَلَ وَنَقَلَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ فِي ذَلِكَ وَفِي عَكْسِهِ، وَقَالَ الْأَصَحُّ عِنْدِي اعْتِبَارُ أَسْبَقِهِمَا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَحَلِّ الْخِلَافِ بِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَدْ أَسْنَدَ إلَيْهِمَا مَعًا أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَقَدْ أَسْنَدَ إلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ قَطْعًا ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَشَارَ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ (، وَلَا يُشْتَرَطُ حَيَاةُ الشُّهُودِ) ، وَلَا حُضُورُهُمْ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (حَالَةَ الْحُكْمِ، وَلَا قُرْبَ عَهْدِ الزِّنَا) فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ، وَإِنْ تَطَاوَلَ الزَّمَانُ. (وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِبَكَارَةِ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهَا أَوْ رَتَقُهَا) أَوْ قَرَنُهَا (سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهَا) لِلشُّبْهَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ يُمْكِنُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِيهَا مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهَا تُحَدُّ لِثُبُوتِ زِنَاهَا قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ حُصُولِ التَّحْلِيلِ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ أَنَّ التَّحْلِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَكْمِيلِ اللَّذَّةِ (وَعَنْ قَاذِفِهَا) لِقِيَامِ الشَّهَادَةِ بِزِنَاهَا مَعَ احْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ بَعْدَ زَوَالِهَا لِتَرْكِ الْمُبَالَغَةِ فِي الِافْتِضَاضِ فِي الْبِكْرِ وَرَمْيِ مَنْ لَا يُمْكِنُ جِمَاعُهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَكَذَا لَا يَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى الشُّهُودِ لِذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي، وَتَبْطُلُ حَصَانَتُهَا بِلَا خِلَافٍ. (أَوْ) قَامَتْ بَيِّنَةٌ (بِبَكَارَةِ مَنْ ثَبَتَ لَهَا مَهْرٌ) عَلَى مَنْ وَطِئَهَا، وَلَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ (لَمْ يَسْقُطْ) مَهْرُهَا لِثُبُوتِهِ مَعَ الشُّبْهَةِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ شَهِدَ بِزِنَاهُ بِهَا أَرْبَعَةٌ، وَلَا عَلَى الشُّهُودِ لِلشُّبْهَةِ، وَلَا عَلَيْهَا لِلشَّهَادَةِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِإِكْرَاهِهَا عَلَى الزِّنَا لَمْ يَثْبُتْ الزِّنَا وَكَذَا الْمَهْرُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ شُهُودَ الزِّنَا إذَا نَقَصُوا عَنْ أَرْبَعَةٍ لَزِمَهُمْ حَدُّ الْقَذْفِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِإِكْرَاهِهَا) عَلَى الزِّنَا (وَاثْنَانِ بِمُطَاوَعَتِهَا) عَلَيْهِ (لَزِمَهُ الْمَهْرُ لِسُقُوطِ الْحَدِّ عَنْ شُهُودِ الْإِكْرَاهِ) لِتَمَامِ عَدَدِ شُهُودِ زِنَاهُ (دُونَ الْحَدِّ) أَيْ حَدِّ زِنَاهُ فَلَا يَلْزَمُهُ (لِوُجُوبِهِ) أَيْ حَدُّ قَذْفِهَا (عَلَى الْآخَرِينَ) لِعَدَمِ تَمَامِ عَدَدِ شُهُودِ زِنَاهَا فَخَرَجَ قَوْلُهُمَا عَنْ كَوْنِهِ شَهَادَةً، وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ لِلرَّجُلِ؛ لِأَنَّ عَدَدَ شُهُودِ زِنَاهُ قَدْ تَمَّ، وَإِنَّمَا رَدَدْنَا الشَّهَادَةَ لِأَمْرٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ (وَإِنْ ذَكَرَ كُلٌّ مِنْ الشُّهُودِ) لِلزِّنَا (زَاوِيَةً) مِنْ زَوَايَا الْبَيْتِ الَّذِي زَنَيَا فِيهِ (فَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ (فِي الشَّهَادَاتِ) [الْبَابُ الثَّانِي فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ) (إنَّمَا يَسْتَوْفِيهِ مِنْ الْحُرِّ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَهْدِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ لَمْ يُقَمْ إلَّا بِإِذْنِهِمْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُفَوَّضْ لِأَوْلِيَاءِ الْمَزْنِيِّ بِهَا؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ لَا يَسْتَوْفُونَهُ خَوْفًا مِنْ الْعَارِ قَالَ الْقَاضِي، وَلَا بُدَّ فِي إقَامَةِ الْحُدُودِ مِنْ النِّيَّةِ حَتَّى لَوْ ضُرِبَ لِصَادِرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَعَلَيْهِ حُدُودٌ لَمْ يُحْسَبْ مِنْهَا وَفِي فَتَاوَى شَيْخِهِ الْقَفَّالِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَقْرَبُهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ) وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ فِي بَابِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَلَا يَسْقُطُ بِهَا سَائِرُ الْحُدُودِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ لِبَقَاءِ حُجَّةِ الْبَيِّنَةِ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَصَحُّ عِنْدِي اعْتِبَارُ أَسْبَقِهِمَا) فَإِنْ أَقَرَّ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُحَدَّ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَحَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا السُّقُوطَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الرَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَحَلِّ الْخِلَافِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيُّ أَشَارَ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ) ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْتَنِدُ إلَى الشَّهَادَةِ فَقَطْ، وَكَتَبَ أَيْضًا نَقَلَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ، وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِحَقٍّ ثُمَّ أَقَرَّ الْخَصْمُ قَبْلَ الْحُكْمِ هَلْ يُسْتَنَدُ الْحُكْمُ إلَى الْإِقْرَارِ أَوْ إلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَأَنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ. اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَأَمَّا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَسْتَنِدُ الْحُكْمُ فِيهَا إلَى الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْإِقْرَارِ فَالْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَتِنَا عَدَمُ السُّقُوطِ. (قَوْلُهُ: فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّهَا تُحَدُّ) هُوَ الرَّاجِحُ وَفِي الْحَاوِي إنْ لَمْ يَمْنَعْ الرَّتَقُ وَالْقَرَنُ إيلَاجَ الْحَشَفَةِ حُدَّتْ، وَمَا تَفَقَّهَهُ الزَّرْكَشِيُّ جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِقِيَامِ الشَّهَادَةِ بِزِنَاهَا مَعَ احْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ بَعْدَ زَوَالِهَا) خَصَّ الْقَاضِي ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ زَمَنٌ بَعِيدٌ يُمْكِنُ عَوْدُ الْعُذْرَةِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي وَتَبْطُلُ حَضَانَتُهَا بِلَا خِلَافٍ) ، قَالَ الْقَاضِي هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ زَمَنٌ بَعِيدٌ يُمْكِنُ عَوْدُ الْعُذْرَةِ فِيهِ فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهَا زَنَتْ السَّاعَةَ، وَشَهِدَتْ بِأَنَّهَا عَذْرَاءُ، وَجَبَ الْحَدُّ، وَقَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ فِيمَا لَوْ شَهِدَ إلَخْ) ، قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُ الْقَاضِي قَرِينَةٌ تُقَيِّدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا. (الْبَابُ الثَّانِي فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ) (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى شَيْخِهِ الْقَفَّالِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى نِيَّةٍ حَتَّى لَوْ حُدَّ بِنِيَّةِ الشُّرْبِ فَظَهَرَ أَنَّ حَدَّهُ الزِّنَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْطَأَ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى إلَى الْيُسْرَى فِي السَّرِقَةِ أَجْزَأَ قَالَ: وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ الْإِمَامَ جَلَدَ رَجُلًا مِائَةً ظُلْمًا فَبَانَ أَنَّ عَلَيْهِ حَدَّ الزِّنَا سَقَطَ عَنْهُ كَمَا لَوْ قَتَلَ رَجُلًا فَبَانَ أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ: وَالْأَشْبَهُ فِي صُورَةِ جَلْدِهِ ظُلْمًا مَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَأَمَّا مَا قَبْلَهَا فَالْإِجْزَاءُ فِيهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْحَدَّ فَلَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ أَنَّهُ عَنْ الشُّرْبِ. (وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُهُ) أَيْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ اسْتِيفَاءَ حَدِّ الزِّنَا سَوَاءٌ أُثْبِتَ بِالْإِقْرَارِ أَمْ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ بِرَجْمِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ، وَلَمْ يَحْضُرْ» (وَحُضُورُ جَمْعٍ) مِنْ الرِّجَالِ الْمُسْلِمِينَ الْأَحْرَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] (، وَأَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ) ؛ لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَثْبُتُ بِأَقَلَّ مِنْهُمْ، وَالتَّصْرِيحُ بِاسْتِحْبَابِ حُضُورِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ، وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِاسْتِحْبَابِ حُضُورِ الشُّهُودِ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ حُضُورِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَمْ تَحْضُرْ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَتُعْرَضُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ قَبْلَ رَجْمِهِ فَإِنْ حَضَرَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُمِرَ بِهَا، وَإِنْ تَطَوَّعَ مُكِّنَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ اسْتَسْقَى مَاءً سُقِيَ، وَإِنْ اسْتَطْعَمَ لَمْ يُطْعَمْ. (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُحَاطَ بِالْمَحْدُودِ) الْمُحْصَنِ فَيُرْمَى مِنْ الْجَوَانِبِ (وَأَنْ يُرْجَمَ بِحِجَارَةٍ) وَمَدَرٍ وَنَحْوِهَا (مُعْتَدِلَةٍ) فَفِي خَبَرِ مَاعِزٍ فَرَمَيْنَاهُ بِالْعِظَامِ وَالْمَدَرِ وَالْخَزَفِ وَخَرَجَ بِالْمُعْتَدِلَةِ الْحَصَيَاتُ الْخَفِيفَةُ لِئَلَّا يَطُولَ تَعْذِيبُهُ وَالصَّخَرَاتُ لِئَلَّا تُذَفِّفَهُ فَيَفُوتَ بِهِ التَّنْكِيلُ الْمَقْصُودُ، وَلَيْسَ لِمَا يُرْجَمُ بِهِ تَقْدِيرٌ لَا جِنْسًا، وَلَا عَدَدًا فَقَدْ تُصِيبُ الْأَحْجَارُ مَقَاتِلَهُ فَيَمُوتُ سَرِيعًا، وَقَدْ يُبْطِئُ مَوْتُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لَكِنْ ضَبَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ الِاخْتِيَارُ أَنْ تَكُونَ مِلْءَ الْكَفِّ، وَأَنْ يَكُونَ مَوْقِفُ الرَّامِي مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَبْعُدُ عَنْهُ فَيُخْطِئُهُ، وَلَا يَدْنُو مِنْهُ فَيُؤْلِمُهُ، وَجَمِيعُ بَدَنِهِ مَحَلٌّ لِلرَّجْمِ وَيَخْتَارُ أَنْ يَتَوَقَّى الْوَجْهَ، وَلَا يَرْبِطُ، وَلَا يُقَيِّدُ (وَأَنْ يَبْدَأَ الشُّهُودُ) بِالرَّجْمِ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ بَدَأَ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. (وَأَنْ يُحْفَرَ لِلْمَرْأَةِ) عِنْدَ رَجْمِهَا (إلَى صَدْرِهَا إنْ ثَبَتَ) زِنَاهَا (بِبَيِّنَةٍ) لِئَلَّا تَنْكَشِفَ بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ لِيُمْكِنَهَا الْهَرَبُ إنْ رَجَعَتْ وَبِخِلَافِ الرَّجُلِ لَا يُحْفَرُ لَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَأَمَّا ثُبُوتُ الْحَفْرِ فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ مُقِرَّةً فَبَيَانٌ لِلْجَوَازِ وَوُجُوبُ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ بِاللِّعَانِ كَوُجُوبِهِ بِالْبَيِّنَةِ. (وَلَا يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ) وَنَحْوُهُ إذْ الْقَصْدُ التَّنْكِيلُ بِهِ بِالرَّجْمِ (، وَتُؤَخَّرُ وُجُوبًا حُدُودُ اللَّهِ كَقَطْعِ السَّرِقَةِ لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ وَشِدَّةِ حَرٍّ وَبَرْدٍ) إلَى الْبُرْءِ وَاعْتِدَالِ الزَّمَنِ لِئَلَّا يَهْلِكَ الْمَحْدُودُ؛ وَلِأَنَّ حُقُوقَهُ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ فَلَا تُؤَخَّرُ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَكَالْمَرَضِ الْمَذْكُورِ النِّفَاسُ وَالْحَمْلُ وَالْجُرْحُ وَالضَّرْبُ، وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مَا لَوْ كَانَ بِبِلَادٍ لَا يَنْفَكُّ حَرُّهَا أَوْ بَرْدُهَا فَلَا يُؤَخَّرُ، وَلَا يُنْقَلُ إلَى الْبِلَادِ الْمُعْتَدِلَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ الْحَدِّ وَلِخَوْفِ الْمَشَقَّةِ وَكُلُّ مَنْ أُخِّرَ حَدُّهُ لِعُذْرٍ فَلَا يُخَلَّى بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَزُولَ عُذْرُهُ، قَالَهُ الْإِمَامُ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَقَالَ: لَا يُتَّجَهُ حَبْسُ الْمُقِرِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ احْتِمَالًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَأَمَّا الثَّابِتُ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَمِنَ هَرَبَهُ لَمْ يُحْبَسْ، وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ أَوْ يُرَاقِبُهُ (لَا الرَّجْمُ) فَلَا يُؤَخَّرُ لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ. (وَلَوْ ثَبَتَ) زِنَاهُ (بِإِقْرَارِهِ) ؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ مُسْتَوْفَاةٌ بِهِ وَيُؤَخَّرُ لِلْحَمْلِ وَانْقِضَاءِ الْفِطَامِ، وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًا كَمَا فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ (فَلَوْ أُقِيمَتْ) حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ مَا ذُكِرَ فَمَاتَ الْمَحْدُودُ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْمُقِيمِ لَهَا، وَإِنْ عَصَى بِتَرْكِ التَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِوَاجِبٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ، وَيُفَارِقُ الضَّمَانَ فِيمَا لَوْ خُتِنَ أَقْلَفُ فِي مَرَضٍ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَمَاتَ بِأَنَّ الْجَلْدَ ثَبَتَ قَدْرًا بِالنَّصِّ وَالْخِتَانُ أَصْلًا، وَقَدْرًا بِالِاجْتِهَادِ؛ وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحُدُودِ إلَى الْإِمَامِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا وَالْخِتَانُ لَا يَتَوَلَّاهُ الْإِمَامُ أَصَالَةً بَلْ يَتَوَلَّاهُ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَقُومُ بِهِ وَلِيُّهُ فِي صِغَرِهِ فَإِذَا تَوَلَّاهُ الْإِمَامُ بِالنِّيَابَةِ اُشْتُرِطَ فِيهِ سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ. (وَإِنْ لَمْ يُرْجَ) زَوَالُ الْمَرَضِ كَالسُّلِّ وَالزَّمَانَةِ (أَوْ كَانَ   [حاشية الرملي الكبير] أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى نِيَّةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ حُدَّ بِنِيَّةِ الشُّرْبِ فَظَهَرَ أَنَّ حَدَّهُ الزِّنَا جَازَ) أَيْ أَنْ يَكْمُلَ حَدَّ الزِّنَا (قَوْلُهُ: قَالَ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ الْإِمَامَ جَلَدَ رَجُلًا إلَخْ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ فِي صُورَةِ جَلْدِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِاسْتِحْبَابِ حُضُورِ الشُّهُودِ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَأَنْ يَبْدَأَ الشُّهُودُ، وَكَتَبَ أَيْضًا، وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ حُضُورِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ أَيْضًا) ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَاتٌ أَمَّا اسْتِحْبَابُ حُضُورِ الْجَمْعِ فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا حُضُورُ شُهُودِ الزِّنَا فَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ وَلِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِمْ أَوْ رُجُوعِ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَسْقَى مَاءً سُقِيَ، وَإِنْ اُسْتُطْعِمَ لَمْ يُطْعَمْ) ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ لِعَطَشٍ مُتَقَدِّمٍ، وَالْأَكْلُ لِشِبَعِ مُسْتَقْبَلٍ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَبْدَأَ الشُّهُودُ بِالرَّجْمِ) فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى أَنَّ إمْسَاكَهُمْ عَنْ الرَّجْمِ شُبْهَةٌ يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ الرَّجُلِ لَا يُحْفَرُ لَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ امْتِنَاعُ الْحَفْرِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ بِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّ مَاعِزًا حُفِرَ لَهُ مَعَ أَنَّ زِنَاهُ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْفِرْ لَهُ وَلِهَذَا مَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَى التَّخْيِيرِ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَجَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فَإِنَّهُ حَفَرَ لِمَاعِزٍ حَفِيرَةً صَغِيرَةً فَلَمَّا رُجِمَ هَرَبَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَزُولَ عُذْرُهُ، قَالَهُ الْإِمَامُ) الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فَقَدْ، قَالَ الشَّيْخَانِ إنَّ الْحَامِلَ لَا تُحْبَسُ فِي الرَّجْمِ، وَلَا فِي حَدٍّ لِلَّهِ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ أَوْ يُرَاقِبُهُ) الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ. (قَوْلُهُ: وَيُؤَخَّرُ لِلْحَمْلِ وَانْقِضَاءِ الْفِطَامِ) أَيْ وَوُجُودِ مَنْ يَكْفُلُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 نِضْوًا) أَيْ نَحِيفَ الْبَدَنِ (لَا يَحْتَمِلُ السِّيَاطَ لَمْ تُفَرَّقْ) أَيْ السِّيَاطُ عَلَى الْأَيَّامِ (وَإِنْ احْتَمَلَ التَّفْرِيقَ بَلْ يُضْرَبُ) فِي الْحَالِ إذْ لَا غَايَةَ تُنْظَرُ لَكِنْ لَا يُضْرَبُ بِسِيَاطٍ لِئَلَّا يَهْلِكَ بَلْ (بِعِثْكَالٍ) أَيْ غُصْنٍ ذِي فُرُوعٍ خَفِيفَةٍ (وَنَحْوِهِ) كَنِعَالٍ، وَأَطْرَافِ ثِيَابٍ (مَرَّةً فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الْعَدَدِ) فَإِنْ كَانَ عَلَى الْغُصْنِ مِائَةُ فَرْعٍ ضُرِبَ بِهِ مَرَّةً أَوْ خَمْسُونَ ضُرِبَ بِهِ مَرَّتَيْنِ، وَهَكَذَا وَالْعِثْكَالُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا وَيُقَالُ عُثْكُولٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِثْكَالٌ بِإِبْدَالِهَا هَمْزَةً مَعَ ضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، وَلَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى شِمْرَاخِ النَّخْلِ مَا دَامَ رَطْبًا فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ عُرْجُونٌ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنَالَهُ أَلَمُهَا) أَيْ فُرُوعُ الْعِثْكَالِ (بِمَسٍّ) لَهُ (أَوْ انْكِبَاسٍ) لِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ الْأَلَمُ فَإِنْ انْتَفَى الْمَسُّ وَالِانْكِبَاسُ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ وَيُفَارِقُ الْأَيْمَانَ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ، وَالضَّرْبُ غَيْرُ الْمُؤْلِمِ يُسَمَّى ضَرْبًا، وَأَمَّا الْحُدُودُ فَمَبْنِيَّةٌ عَلَى الزَّجْرِ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْإِيلَامِ. (وَإِنْ بَرَأَ) مَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ بَعْدَ ضَرَبَهُ بِعِثْكَالٍ وَنَحْوِهِ (أَجْزَأَهُ) بِخِلَافِ الْمَعْضُوبِ إذَا حَجَّ عَنْهُ ثُمَّ بَرِئَ لِبِنَاءِ الْحُدُودِ عَلَى الدَّرْءِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ بَرِئَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ كَمَّلَ حَدَّ الْأَصِحَّاءِ وَاعْتَدَّ بِمَا مَضَى، وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَدَرَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقِيَامِ (فَلَوْ ضَرَبَ بِهَا مَنْ يُرْجَى) بُرْؤُهُ (فَبَرِئَ لَمْ يُجْزِهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ تَأْخِيرُ الْجَلْدِ إلَى الْبُرْءِ (وَيُخَيَّرُ مَنْ لَهُ حَدُّ قَذْفٍ عَلَى مَرِيضٍ بَيْنَ الضَّرْبِ بِعِثْكَالٍ وَنَحْوِهِ، وَ) بَيْنَ (الصَّبْرِ) إلَى بُرْئِهِ، وَقِيلَ يُجْلَدُ بِالسِّيَاطِ سَوَاءٌ أَرُجِيَ بُرْؤُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُضَايَقَةِ، وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَكِنَّ الْأَصْلَ جَزَمَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ بِالثَّانِي، وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. (فَصْلٌ: لِلسَّيِّدِ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (وَلَوْ مُكَاتَبًا) بِفَتْحِ التَّاءِ (وَامْرَأَةً وَفَاسِقًا) ، وَلَوْ كَافِرًا (وَمُشْتَرِيًا) لِرَقِيقٍ (بَعْدَ وُجُوبِ الْحَدِّ) عَلَيْهِ (إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى رَقِيقِهِ) ، وَلَوْ مُدَبَّرًا وَأُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهَا عَلَى سَبِيلِ الْإِصْلَاحِ لِمِلْكِهِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْوِلَايَةِ كَالْمُعَالَجَةِ بِالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا» بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ لَا يُوَبِّخْهَا، وَلَا يُعَيِّرْهَا، وَقِيلَ لَا يُبَالِغْ فِي جَلْدِهَا بِحَيْثُ يُدْمِيهَا، وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» (وَلَهُ تَغْرِيبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ الْحَدِّ، وَقُدِّمَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فِيمَا ذُكِرَ اعْتِبَارًا بِحَالِ الِاسْتِيفَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي مِقْدَارِ الْحَدِّ حَالَ الْوُجُوبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَمَا ذُكِرَ فِي الْمُكَاتَبِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ فَعَلَيْهِ لَا يَحُدُّهُ إلَّا الْإِمَامُ وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ وِلَايَةٌ لَا إصْلَاحٌ، وَلَيْسَ لِلسَّفِيهِ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى رَقِيقِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِصْلَاحِ (وَهُوَ) أَيْ السَّيِّدُ (أَوْلَى) بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى رَقِيقِهِ (مِنْ الْإِمَامِ) وَحَاصِلُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ أَنَّ إقَامَةَ السَّيِّدِ لَهُ بِنَفْسِهِ أَوْلَى مِنْ تَفْوِيضِهِ إلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ (لَا إنْ نَازَعَهُ) الْإِمَامُ فَلَيْسَ بِأَوْلَى بَلْ الْإِمَامُ أَوْلَى لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ، وَإِطْلَاقُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ السَّيِّدَ أَوْلَى لِمَا مَرَّ (وَيَتَوَزَّعُ الشُّرَكَاءُ فِي) إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى (الْعَبْدِ) الْمُشْتَرَكِ (السِّيَاطُ) بِقَدْرِ الْمِلْكِ (وَيَسْتَنِيبُونَ) وَاحِدًا مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ (فِي الْمُنْكَسِرِ) إنْ حَصَلَ كَسْرٌ، وَعِبَارَتُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَإِنْ حَصَلَ كَسْرٌ فُوِّضَ الْمُنْكَسِرُ إلَى أَحَدِهِمْ. (وَالْمُبَعَّضُ يَحُدُّهُ الْإِمَامُ فَقَطْ) أَيْ لَا سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى بَعْضِهِ، وَالْحَدُّ يَتَعَلَّقُ بِجُمْلَتِهِ، وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمُشْتَرَكِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا إذْ الْحُرِّيَّةُ أَوْلَى بِالْمُؤَاخَذَةِ بِالْجَرَائِمِ فَكَانَتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا أَقْوَى (وَكَذَا الْمُكَاتَبُ) كِتَابَةً صَحِيحَةً لَا يَحُدُّهُ إلَّا الْإِمَامُ لِخُرُوجِهِ عَنْ قَبْضَةِ سَيِّدِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِي مَعْنَاهُمَا الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَعَبْدُ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ إذَا زَنَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَقَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْسَابَهُ لَهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. (وَلِلسَّيِّدِ التَّعْزِيرُ) لِرَقِيقِهِ عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ بَرَأَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ كَمَّلَ حَدَّ الْأَصِحَّاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَصْلٌ لِلسَّيِّدِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى رَقِيقِهِ] (قَوْلُهُ: لِلسَّيِّدِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ شَاهَدَهُ السَّيِّدُ يَزْنِي، وَلَمْ يَشْهَدْ أَحَدٌ بِزِنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَاتَبًا) بِفَتْحِ التَّاءِ أَيْ أَوْ مُبَعَّضًا (قَوْلُهُ: وَفَاسِقًا) ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ تُسْتَحَقُّ بِالْمِلْكِ فَلَمْ تُعْتَبَرْ فِيهَا الْعَدَالَةُ كَتَزْوِيجِ أَمَتِهِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلِأَنَّ فَاطِمَةَ جَلَدَتْ أَمَةً لَهَا زَنَتْ وَعَائِشَةُ قَطَعَتْ جَارِيَةً لَهَا سَرَقَتْ وَحَفْصَةُ قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ (قَوْلُهُ: «فَلْيَجْلِدْهَا، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَلْيَبِعْهَا، وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَ الْبَيْعَ فِي الرَّابِعَةِ وَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ مَنْسُوخٌ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو ثَوْرٍ بَعْدَ الرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ وِلَايَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ اسْتَوْفَاهُ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ مِنْ السَّادَةِ هَلْ يَقَعُ الْمَوْقِعَ أَمْ لَا كَمَا لَوْ جَلَدَهُ أَجْنَبِيٌّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا نَعَمْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَوْفَاهُ السَّيِّدُ، وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ سَفِيهٌ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَفِي السَّفِيهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَفِي السَّفِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ صَحَّحَ وَجَبَ طَرْدُهُ فِي غَيْرِهِ وَيَظْهَرُ الْتِفَاتُ ذَلِكَ إلَى مَا سَبَقَ إنْ قُلْنَا اسْتِصْلَاحٌ اعْتَدَّ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَ شَيْخُنَا: وَحِينَئِذٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إصْلَاحٌ فَقِيلَ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ السَّيِّدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا، وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ نَعَمْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ أَنَّ إقَامَةَ السَّيِّدِ لَهُ بِنَفْسِهِ) أَيْ أَوْ بِنَائِبِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَسْتَرُ) وَلِئَلَّا تَنْقُصَ قِيمَتُهُ بِظُهُورِ زِنَاهُ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ) قَدْ عُلِمَ أَنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُكَاتَبُ) لَوْ وَجَبَ الْحَدُّ، وَهُوَ مُكَاتَبٌ ثُمَّ عَجَزَ وَرُقَّ فَهَلْ لِلسَّيِّدِ الِاسْتِيفَاءُ نَظَرًا لِحَالَةِ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا يَوْمَ الْوُجُوبِ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَعَبْدُ بَيْتِ الْمَالِ إلَخْ) وَالرَّقِيقُ الْمُسْلِمُ لِكَافِرٍ كَمُسْتَوْلَدَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ التَّعْزِيرُ) إنَّمَا يُقِيمُ السَّيِّدُ الْحَدَّ وَيُعَزِّرُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 مَا ارْتَكَبَهُ مِمَّا يُوجِبُ تَعْزِيرًا كَالْحَدِّ سَوَاءٌ أَكَانَ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِآدَمِيٍّ (وَ) لَهُ (إقَامَةُ حَدِّ الْقَذْفِ وَسَائِرِ الْحُدُودِ) أَيْ بَاقِيهَا (حَتَّى الْقَطْعِ، وَقَتْلِ الرِّدَّةِ) وَالْمُحَارَبَةِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ لَهُ سَرَقَ وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ عَائِشَةَ قَطَعَتْ يَدَ أَمَةٍ لَهَا سَرَقَتْ، وَأَنَّ حَفْصَةَ قَتَلَتْ أَمَةً لَهَا سَحَرَتْهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَإِنَّمَا يُقْتَلُ السَّاحِرُ بِكُفْرِهِ (وَ) هَلْ لَهُ الْقَتْلِ وَالْقَطْعُ (فِي الْقِصَاصِ، وَجْهَانِ) كَلَامُ الْأَصْلِ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِ الْجَوَازِ. (وَهَلْ) لِلسَّيِّدِ أَنْ (يَتَوَلَّى لِعَانَ عَبْدِهِ) فِيمَا إذَا قَذَفَ زَوْجَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ لِسَيِّدِهِ بِأَنْ يُلَاعِنَ بَيْنَهُمَا (وَجْهَانِ) رَجَّحَ هُوَ مِنْهُمَا فِي اللِّعَانِ الْجَوَازَ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ ثُمَّ حَيْثُ بَنِي الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي إقَامَتِهِ الْحَدَّ عَلَى عَبْدِهِ وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ. (وَلَيْسَ لِلْكَافِرِ حَدُّ عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى مِلْكِهِ، وَلَا يَلِي تَزْوِيجَ أَمَتِهِ الْمُسْلِمَةِ بِخِلَافِ عَبْدِهِ الْكَافِرِ (وَفِي) جَوَازِ إقَامَةِ (الْوَلِيِّ) مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ وَصَبِيٍّ وَحَاكِمٍ، وَقَيِّمِ الْحَدِّ (فِي عَبْدِ الطِّفْلِ) وَنَحْوِهِ مِنْ سَفِيهٍ وَمَجْنُونٍ (وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا الْحَدُّ إصْلَاحٌ فَلَهُ إقَامَتُهُ أَوْ وِلَايَةٌ فَفِيهِ الْخِلَافُ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَفِي الْوَلِيِّ فِي رَقِيقِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى (وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ السَّيِّدِ بِأَحْكَامِ الْحَدِّ) ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِغَيْرِهَا (فَلَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ) بِزِنَاهُ (عَالِمًا بِأَحْكَامِهَا أَوْ قَضَى بِمَا شَاهَدَهُ) مِنْ زِنَاهُ (جَازَ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْحَدَّ عَلَيْهِ فَمَلَكَ سَمَاعَ بَيِّنَتِهِ كَالْإِمَامِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِحَاجَتِهِ إلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِيهِ وَبِهَذَيْنِ فَارَقَ عَدَمَ جَوَازِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عَالِمًا بِأَحْكَامِهَا أَيْ الْبَيِّنَةِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا فَلَا يَسْمَعُهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِسَمَاعِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ وَالْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَالْمَرْأَةِ سَمَاعُهَا فَلَا يُحَدُّونَ بِبَيِّنَةٍ بَلْ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِمُشَاهَدَةٍ مِنْهُمْ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ وَفَرْضُهُ فِي الْفَاسِقِ وَالْمُكَاتَبِ وَمِثْلُهُمَا الْبَقِيَّةُ بَلْ أَوْلَى. (وَإِنْ قَذَفَ) الرَّقِيقُ (سَيِّدَهُ حُدَّ أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ قَذَفَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ (رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُعَزِّرَهُ) كَغَيْرِهِ وَمَسْأَلَةُ الْعَكْسِ مَرَّتْ فِي بَابِ الْقَذْفِ. (وَإِنْ زَنَى ذِمِّيٌّ) حُرٌّ (ثُمَّ اُسْتُرِقَّ) بَعْدَ نَقْضِ عَهْدِهِ (أَقَامَهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ) لَا سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا يَوْمَئِذٍ. (وَلِلْمَقْتُولِ حَدًّا) بِالرَّجْمِ أَوْ غَيْرِهِ (حُكْمُ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ) مِنْ غُسْلٍ، وَتَكْفِينٍ وَصَلَاةٍ وَغَيْرِهَا كَتَارِكِ الصَّلَاةِ إذَا قُتِلَ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى عَلَى الْجُهَنِيَّةِ، وَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْغَامِدِيَّةِ وَدَفَنَهَا» وَفِي رِوَايَةٍ «صَلَّى هُوَ عَلَيْهَا أَيْضًا» . [بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ] (بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ) بِالْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ لُغَةً الرَّمْيُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ (الْقَذْفُ مِنْ الْمُكَلَّفِ الْمُخْتَارِ) الْعَالِمِ بِالتَّحْرِيمِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا (كَبِيرَةٌ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، وَعَدَّ مِنْهَا قَذْفَ الْمُحْصَنَاتِ» (وَقَدْ سَبَقَتْ شُرُوطُهُ) الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ أَيْ بَقِيَّتُهَا (فِي اللِّعَانِ) فَلَا حَدَّ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ لَيْسَ بِسَكْرَانَ، وَلَا عَلَى مُكْرَهٍ، وَلَا جَاهِلٍ بِالتَّحْرِيمِ، وَلَا حَرْبِيٍّ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ، وَلَا قَاذِفِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهُ فِي اللِّعَانِ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْعَفِيفُ عَنْ الزِّنَا، وَلَا حَدَّ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْضًا وَيُفَارِقُ لُزُومَ الْقَوَدِ لَهُ بِأَنَّ أَحَدًا لَا يَسْتَعِينُ بِلِسَانِ غَيْرِهِ فِي الْقَذْفِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْقَتْلِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُكْرِهِ هُنَا وَالْمُكْرَهِ ثَمَّ بِفَتْحِ الرَّاءِ فِيهِمَا بِأَنَّ الْمَأْخَذَ هُنَا التَّعْيِيرُ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَهُنَاكَ الْجِنَايَةُ، وَقَدْ وُجِدَتْ. (وَيَحُدُّ الْإِمَامُ) ، وَلَوْ بِنَائِبِهِ (لَا غَيْرَهُ) الْقَاذِفَ (الْحُرَّ ثَمَانِينَ) جَلْدَةً لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَدَلِيلُ كَوْنِ الْآيَةِ فِي الْحُرِّ قَوْلُهُ {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] إذْ غَيْرُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ   [حاشية الرملي الكبير] فِي الْقَوَاعِدِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ يُشْكِلُ بِمَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ السَّيِّدَ فَإِنَّهُمْ جَوَّزُوا لَهُ اسْتِيفَاءَهُ (قَوْلُهُ: كَلَامُ الْأَصْلِ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِ الْجَوَازِ) هُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: رَجَّحَ هُوَ مِنْهُمَا فِي اللِّعَانِ الْجَوَازَ) هُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَبْدِهِ الْكَافِرِ) هُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا الْحَدُّ إصْلَاحٌ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِغَيْرِهَا) ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ اسْتَوْفَاهُ جَاهِلًا بِذَلِكَ قَاصِدًا عُقُوبَتَهُ عَلَى الزِّنَا هَلْ يَقَعُ الْمَوْقِعَ أَوْ لَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ كَوْنَ عَالِمًا بِوُجُوبِ الْحَدِّ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا نَعَمْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَوْفَاهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ سَفِيهٌ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَفَرْضُهُ فِي الْفَاسِقِ وَالْمُكَاتَبِ) ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا الْبَقِيَّةُ بَلْ أَوْلَى) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ سَمَاعَهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَذَفَ الرَّقِيقُ سَيِّدَهُ حَدَّهُ) ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَدْ يُلْتَحَقُ بِهِ السَّفِيهُ الَّذِي فِي حِجْرِ وَالِدِهِ لَوْ قَذَفَهُ أَنَّ لَهُ حَدَّهُ لِمَكَانِ وِلَايَتِهِ كَالسَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَنَى ذِمِّيٌّ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ أَقَامَهُ الْإِمَامُ) قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ ثُمَّ عَتَقَ كَانَ الِاسْتِيفَاءُ لِلْإِمَامِ لَا لِلسَّيِّدِ. (بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ) (قَوْلُهُ: فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ مَعَ تَمَامِ الْعَدَدِ، وَعَمَّا إذَا شَهِدَ بِجُرْحِهِ فَاسْتَفْسَرَهُ الْقَاضِي فَأَخْبَرَهُ بِزِنَاهُ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ، وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا يَسْبِقُ إلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ مِنْ قَوْلِهِمْ يَا وَلَدَ الزِّنَا لِمَنْ كَانَ عِنْدَهُ نَوْعُ ذُعْرٍ، وَلَا يَقْصِدُونَ بِهِ الْقَذْفَ مَا يَجِبُ عَلَى قَائِلِهِ؟ . فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إذَا سَبَقَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقْصِدْ قَائِلُهُ الْقَذْفَ فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرًا) شَمَلَ الذِّمِّيَّ وَالْمُعَاهَدَ وَالْمُسْتَأْمَنَ وَالْمُرْتَدَّ (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ لَيْسَ بِسَكْرَانَ) لِلْحَدِيثِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ (تَنْبِيهٌ) قَذْفُ النَّائِمِ لَغْوٌ لَكِنْ هَلْ يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ نَائِمًا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ صَبِيًّا وَاحْتَمَلَ صِدْقُهُ صُدِّقَ أَوْ مَجْنُونًا، وَعَهِدَ لَهُ جُنُونٌ فَكَذَلِكَ وَمِثْلُ دَعْوَى النَّوْمِ دَعْوَى زَوَالِ عَقْلِهِ حَالَ قَذْفِهِ بِإِغْمَاءٍ وَنَحْوِهِ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ، قَالَ السَّكْرَانُ إنَّمَا شَرِبْت مُكْرَهًا أَوْ غَالَطَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْقَتْلِ) فَإِنَّهُ يُمْكِنُ جَعْلُ يَدِ الْمُكْرَهِ كَالْآلَةِ بِأَنْ يَأْخُذَ يَدَهُ فَيَقْتُلَ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَحُدُّ الْإِمَامُ لَا غَيْرُهُ الْحَدَّ) أَيْ عِنْدَ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ: وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 وَإِنْ لَمْ يَقْذِفْ. (وَ) يُحَدُّ (مَنْ فِيهِ رِقٌّ) ، وَلَوْ مُبَعَّضًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ (أَرْبَعِينَ) جَلْدَةً عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَالنَّظَرُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ إلَى حَالَةِ الْقَذْفِ لِتَقَرُّرِ الْوَاجِبِ حِينَئِذٍ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِالِانْتِقَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ (، وَلَا يُحَدُّ أَصْلُ الْفَرْعِ) ، وَإِنْ سَفَلَ كَمَا لَا يُقَادُ بِهِ (وَإِنْ اسْتَحَقَّهُ) أَيْ الْفَرْعُ الْحَدَّ (بِإِرْثٍ) كَأَنْ وَرِثَ مِنْ أُمِّهِ حَدَّ قَذْفٍ عَلَى أَبِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَحُدُّهُ وَخَرَجَ بِالْحَدِّ التَّعْزِيرُ فَيَلْزَمُ الْأَصْلُ لِلْأَذَى كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ (وَيُعَزَّرُ بِهِ) أَيْ بِالْقَذْفِ (صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ مَيَّزَا) لِلزَّجْرِ وَالتَّأْدِيبِ. (فَرْعٌ: هُوَ) أَيْ حَدُّ الْقَذْفِ (حَقُّ آدَمِيٍّ، وَقَدْ يُشْبِهُ الْحَدَّ) وَفِي نُسْخَةٍ وَفِيهِ شِبْهُ الْحَدِّ (مِنْ حَيْثُ إنَّهُ) أَيْ الْمَقْذُوفَ (لَوْ اسْتَوْفَاهُ) بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ سَيِّدَ الْقَاذِفِ (لَمْ يُجْزِهِ) ، وَإِنْ إذَنْ لَهُ الْقَاذِفُ كَجَلْدِ الزِّنَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَوَاقِعَ الْجَلَدَاتِ وَالْإِيلَامِ بِهَا مُخْتَلِفٌ فَلَا يُؤْمَنُ مِنْ الْحَيْفِ فِيهَا (بِخِلَافِ الْمُقْتَصِّ) لَوْ اسْتَوْفَى قِصَاصَهُ بِنَفْسِهِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ زَانِيًا مُحْصَنًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ مَعَ مَسْأَلَةِ السَّيِّدِ السَّابِقَةِ مَا لَوْ قَذَفَهُ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْإِمَامِ وَاسْتَوْفَى مِنْهُ بِلَا مُجَاوَزَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى أَخْذِهِ إذَا مُنِعَ مِنْهُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِالْبَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِقَذْفِهِ وَلِقَاذِفٍ يَجْحَدُ وَيَحْلِفُ (وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَشَطَّرُ بِالرِّقِّ) كَمَا مَرَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقًّا لِلْآدَمِيِّ (وَ) الْمُغَلَّبُ (فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ) إنَّمَا (يُسْتَوْفَى بِطَلَبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَضَرِّرُ بِإِشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ (وَيَسْقُطُ بِإِذْنِهِ) لِلْقَاذِفِ فِي الْقَذْفِ كَمَا فِي الْقَوَدِ (وَبِعَفْوِهِ) عَنْهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (لَا) بِعَفْوِهِ (بِمَالٍ) فَلَا يُسْقِطُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَارِقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ مِنْ الشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ هُنَا لَا يَقْتَضِي إبْطَالَهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَالْأَوْجَهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْحَنَّاطِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الْمُلَقَّنِ، وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ يَسْقُطُ لِلْعَفْوِ عَنْهُ لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (فَصْلٌ) لَوْ (شَهِدَ بِالزِّنَا لَا الْإِقْرَارُ بِهِ دُونَ أَرْبَعَةٍ حُدُّوا) لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَلَدَ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بِالزِّنَا، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلِئَلَّا يَتَّخِذَ صُورَةَ الشَّهَادَةِ ذَرِيعَةً إلَى الْوَقِيعَةِ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْإِقْرَارِ بِهِ إذْ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَقْرَرْت بِأَنَّك زَنَيْت، وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي مَعْرِضِ الْقَذْفِ (لَا) إنْ شَهِدَ بِهِ (أَرْبَعَةٌ) فَلَا يُحَدُّونَ (وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ بِفِسْقٍ مَقْطُوعٍ بِهِ) كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَفَارَقَ مَا مَرَّ بِأَنَّ نَقْصَ الْعَدَدِ مُتَيَقَّنٌ وَفِسْقُهُمْ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالظَّنِّ وَالِاجْتِهَادِ وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ رَدِّ شَهَادَتِهِمْ بِفِسْقٍ وَرَدِّهَا بِغَيْرِهِ كَعَدَاوَةٍ، وَلَا فِي الْفِسْقِ بَيْنَ الْمَقْطُوعِ بِهِ وَالْمُجْتَهَدِ فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ. (وَيُحَدُّ الْقَاذِفُ) لِمَنْ شَهِدَتْ الْأَرْبَعَةُ بِزِنَاهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الزِّنَا، وَلَا مُعَارِضَ. (ثُمَّ الزَّوْجُ) إنْ شَهِدَ بِزِنَا زَوْجَتِهِ (قَاذِفٌ لَهَا لَا شَاهِدٌ) فَيَلْزَمُهُ حَدُّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ بِزِنَاهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ لِلتُّهْمَةِ (وَإِنْ شَهِدَ) عَلَيْهَا (مَعَ دُونِ أَرْبَعَةٍ حُدُّوا) ؛ لِأَنَّهُمْ قَذَفَةٌ (كَنِسَاءٍ، وَعَبِيدٍ وَذِمِّيِّينَ) شَهِدُوا بِزِنَا امْرَأَةٍ فَإِنَّهُمْ يُحَدُّونَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فَلَمْ يَقْصِدُوا إلَّا الْعَارَ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثَةُ شُهُودٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ) فَأَقَلُّ بِالزِّنَا (فَحُدُّوا، وَأَعَادُوهَا مَعَ رَابِعٍ لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُمْ كَالْفَاسِقِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ ثُمَّ يَتُوبُ وَيُعِيدُهَا لَا تُقْبَلُ (أَوْ) شَهِدَ لَهُ (عَبِيدٌ) وَحُدُّوا (فَأَعَادُوهَا بَعْدَ الْعِتْقِ قُبِلَتْ) لِعَدَمِ اتِّهَامِهِمْ. (وَإِنْ شَهِدَ) بِهِ (خَمْسَةٌ فَرَجَعَ وَاحِدٌ) مِنْهُمْ عَنْ شَهَادَتِهِ (لَمْ يُحَدَّ) لِبَقَاءِ   [حاشية الرملي الكبير] وَلِأَنَّ الْقَذْفَ بِالزِّنَا أَقَلُّ مِنْ الزِّنَا فَكَانَ أَقَلَّ حَدًّا مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ مَيَّزَا) ، وَلَوْ لَمْ يُتَّفَقْ تَعْزِيرُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ عَلَى الْقَذْفِ حَتَّى بَلَغَ سَقَطَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقِيَاسُ مِثْلُهُ فِي الْمَجْنُونِ الَّذِي لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ إذَا أَفَاقَ. [فَرْعٌ حَدُّ الْقَذْفِ حَقُّ آدَمِيٍّ] (قَوْلُهُ: لَوْ اسْتَوْفَاهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يُجْزِهِ ثُمَّ لَا يُحَدُّ حَتَّى يَبْرَأَ) فَلَوْ مَاتَ، وَجَبَ الْقِصَاصُ إنْ اسْتَقَلَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ كَانَ بِالْإِذْنِ فَلَا قِصَاصَ، وَكَذَا لَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِعَفْوِهِ بِمَالٍ، وَهُوَ جَاهِلٌ) بِبُطْلَانِ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ) عِبَارَتُهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِسُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ بِهَذِهِ الْمُصَالَحَةِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، وَإِنْ عَلِمَ فَسَادَهَا بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَقِّ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يَقْتَضِي إبْطَالَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْحَنَّاطِيُّ) الْأَوْجَهُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَنْ جَهِلَ بُطْلَانَ الْعَفْوِ بِمَالٍ، وَكَلَامُ الْحَنَّاطِيِّ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ فَسَاوَى النَّظِيرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْحَنَّاطِيِّ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ فَسَادَ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) ، وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ. [فَصْلٌ شَهِدَ بِالزِّنَا لَا الْإِقْرَارُ بِهِ دُونَ أَرْبَعَةٍ] (قَوْلُهُ: لَوْ شَهِدَ بِالزِّنَا لَا بِالْإِقْرَارِ بِهِ دُونَ أَرْبَعَةٍ حُدُّوا) بِخِلَافِ شَاهِدِ الْجُرْحِ بِالزِّنَا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَاذِفٍ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ كِفَايَةً أَوْ عَيْنًا، وَكَتَبَ أَيْضًا هَلْ يَجِبُ عَلَى الرَّابِعِ الشَّهَادَةُ لِدَفْعِ الْحَدِّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا مُحْصَنًا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ حَدَّ ثَلَاثَةٍ أَيْسَرُ مِنْ قَتْلِ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ لَزِمَهُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ حَدَّ وَاحِدٍ أَوْلَى مِنْ الثَّلَاثَةِ كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَلَدَ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ إلَخْ) الْجَوَابُ عَنْ قِصَّةِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى نِكَاحَ السِّرِّ وَفَعَلَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَيُرْوَى أَنَّهُ كَانَ يَتَبَسَّمُ عِنْدَ شَهَادَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إنِّي أَعْجَبُ مِمَّا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَهُ بَعْدَ شَهَادَتِهِمْ فَقِيلَ وَمَا تَفْعَلُ، قَالَ أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا زَوْجَتِي (قَوْلُهُ: وَإِذَا شَهِدَ ثَلَاثَةٌ فَحُدُّوا، وَأَعَادُوهَا مَعَ رَابِعٍ لَمْ تُقْبَلْ) حَيْثُ حُدُّوا لِنَقْصِ الْعَدَدِ أَوْ الْوَصْفِ فَأَعَادُوهَا فَالْقِيَاسُ قَبُولُهَا مِمَّنْ لَوْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فِي الْحَالِ ثُمَّ أَعَادَهَا لَقُبِلَتْ دُونَ غَيْرِهِ. (تَنْبِيهٌ) وَإِذَا جُلِدَ رَجُلٌ بِالزِّنَا أَوْ الْقَذْفِ أَوْ غَيْرِهِمَا حَرُمَ أَنْ تُرْبَطَ يَدَاهُ أَوْ رِجْلَاهُ وَيُفَرَّقُ الضَّرْبُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ ضَرْبُ وَجْهِهِ وَخَوَاصِرِهِ، وَقَرِيبٍ مِنْ ذَكَرِهِ وَأُنْثَيَيْهِ وَيُضْرَبُ قَائِمًا وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةً مَسْتُورَةً بِثَوْبٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 النِّصَابِ (أَوْ) رَجَعَ (اثْنَانِ) مِنْهُمْ (حُدَّا) ؛ لِأَنَّهُمَا أَلْحَقَا بِهِ الْعَارَ (دُونَ الْبَاقِينَ) لِتَمَامِ النِّصَابِ مَعَ عَدَمِ تَقْصِيرِهِمْ (وَكَذَا لَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ حُدَّ وَحْدَهُ) سَوَاءٌ أَرَجَعَ بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِالشَّهَادَةِ أَمْ قَبْلَهُ، وَلَوْ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ حُدُّوا؛ لِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوا بِهِ الْعَارَ سَوَاءٌ تَعَمَّدُوا أَمْ أَخْطَئُوا؛ لِأَنَّهُمْ فَرَّطُوا فِي تَرْكِ التَّثَبُّتِ، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِذِكْرِهِ لَهُ كَأَصْلِهِ فِي الشَّهَادَاتِ. [كِتَابٌ السَّرِقَةُ] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِيمَا يُوجِبُ الْقَطْعَ] (كِتَابٌ) (السَّرِقَةُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا مَعَ فَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا وَيُقَالُ أَيْضًا السَّرِقُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسَرَقَ مِنْهُ مَالًا يَسْرِقُ سَرَقًا بِالْفَتْحِ وَرُبَّمَا قَالُوا سَرَقَهُ مَالًا وَالْأَصْلُ فِي الْقَطْعِ بِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَغَيْرُهُ مِمَّا يَأْتِي. وَهِيَ لُغَةً أَخْذُ الْمَالِ خُفْيَةً وَشَرْعًا أَخْذُهُ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ بِشُرُوطٍ تَأْتِي (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِيمَا يُوجِبُ الْقَطْعَ) وَهُوَ السَّرِقَةُ (وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ) مَسْرُوقٌ وَسَرِقَةٌ وَسَارِقٌ (الْأَوَّلُ الْمَسْرُوقُ وَلَهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ الْأَوَّلُ النِّصَابُ) وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ مَا يُقَوَّمُ بِهِ (فَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ وَهُوَ) أَيْ الدِّينَارُ الْمَضْرُوبُ وَوَصَفَ الدِّينَارَ بِقَوْلِهِ (خَالِصٌ) أَيْ فَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ خَالِصٍ (أَوْ مَغْشُوشٍ خَالِصُهُ نِصَابٌ وَإِنْ كَانَ) الرُّبْعُ (لِجَمَاعَةٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَالدِّينَارُ الْمِثْقَالُ» وَقِيسَ بِالرُّبْعِ مَا يُسَاوِيهِ فِي الْقِيمَةِ حَالَ السَّرِقَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ دَرَاهِمَ أَمْ لَا فَلَوْ سَرَقَ شَيْئًا يُسَاوِي رُبْعَ مِثْقَالٍ مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ كَسَبِيكَةٍ وَحُلِيٍّ وَلَا يَبْلُغُ رُبْعًا مَضْرُوبًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا قَطْعَ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا سَبِيكَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى رُبْعِ (تَنْقُصُ قِيمَتُهُ) عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَإِنْ كَمُلَتْ وَزْنًا نَظَرًا إلَى الْقِيمَةِ فِيمَا هُوَ كَالْعَرْضِ، وَغَيْرُ السَّبِيكَةِ مِنْ حُلِيٍّ وَنَحْوِهِ مِثْلُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَ) لَا (خَاتَمٍ يَنْقُصُ وَزْنًا وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ) نَظَرًا إلَى الْوَزْنِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي تَصْحِيحِ عَدَمِ الْقَطْعِ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ وَالْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْقِيمَةِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَيْسَ بِغَلَطٍ بَلْ هُوَ فِقْهٌ مُسْتَقِيمٌ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّ الْوَزْنَ فِي الذَّهَبِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَهَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَضْرُوبًا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ رُبْعَ دِينَارٍ وَمَضْرُوبٌ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي السَّبِيكَةِ فَأَمَّا إذَا نَقَصَ الْوَزْنُ وَلَكِنْ قِيمَتُهُ تُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ فَهَذَا يَضْعُفُ فِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِالْقِيمَةِ فَاسْتَقَامَ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِيهِ إلْبَاسٌ وَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ انْتَهَى وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْوَزْنِ وَالْقِيمَةِ مَعًا (وَغَيْرُ ذَلِكَ) مِنْ الْعُرُوضِ وَالدَّرَاهِمِ (يُقَوَّمُ بِذَهَبٍ) أَيْ بِدَنَانِيرَ نَعَمْ إنْ لَمْ تُعْرَفْ قِيمَتُهُ بِالدَّنَانِيرِ قُوِّمَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ قُوِّمَتْ الدَّرَاهِمُ بِالدَّنَانِيرِ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ. فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَكَانَ السَّرِقَةِ دَنَانِيرُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ سَبِيكَةَ الذَّهَبِ تُقَوَّمُ بِالدَّنَانِيرِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَقْوِيمُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ فِي قَوْلِهِ تُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ يُقَوِّمُ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ وَلْيَكُنْ التَّقْوِيمُ بِالدَّنَانِيرِ (تَقْوِيمَ قَطْعٍ) مِنْ الْمُقَوِّمِينَ (لَا) تَقْوِيمَ (اجْتِهَادٍ) مِنْهُمْ (لِلْحَدِّ) أَيْ لِأَجْلِهِ فَلَا بُدَّ لِأَجْلِهِ مِنْ الْقَطْعِ بِذَلِكَ، فَلَوْ قَالُوا: نَظُنُّ أَنَّهُ يُسَاوِي رُبْعًا لَمْ يُحَدَّ بِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْغَزَالِيُّ مَعَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِالْقَطْعِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُهَا الظَّنُّ، وَ (يُرَاعَى) فِي الْقِيمَةِ (الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ) لِاخْتِلَافِهَا بِهِمَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْحِجَازِ أَوْ قِيمَةُ عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيُعْمَلُ) فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ (إنْ اخْتَلَفَتْ بَيِّنَتَانِ بِالْأَقَلِّ) مِنْ الْقِيمَتَانِ (لِلْقَطْعِ) بَلْ وَلِلْمَالِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهُ نِصَابٌ وَقَوَّمَهُ آخَرَانِ بِدُونِهِ فَلَا قَطْعَ وَيُؤْخَذُ فِي الْغُرْمِ بِالْأَقَلِّ (وَلَهُ الْحَلِفُ) فِيمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِسَرِقَةٍ فَقَوَّمَ أَحَدُهُمَا الْمَسْرُوقَ نِصَابًا وَالْآخَرُ دُونَهُ (مَعَ شَاهِدِ الْأَكْثَرِ لِلْمَالِ وَيُقْطَعُ بِدِينَارٍ) أَيْ بِسَرِقَةِ دِينَارٍ (ظَنَّهُ فَلْسًا) لِأَنَّهُ قَصَدَ سَرِقَةَ عَيْنِهِ وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ وَلِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا   [حاشية الرملي الكبير] كِتَابُ السَّرِقَةِ) (قَوْلُهُ بِفَتْحِ السِّينِ إلَخْ) وَيَتَعَدَّى بِالضَّمِيرِ وَاللَّامِ وَمِنْ كَالْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي الْقَطْعِ بِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى إلَخْ) وَتَظَافَرَتْ الْأَحَادِيثُ عَلَيْهِ وَحِكْمَتُهُ صِيَانَةُ الْمَالِ عَنْ إتْلَافِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقُومُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَلِهَذَا لَمْ يَقْطَعْ فِي الْغَصْبِ لِظُهُورِهِ قَالَ الْمُلْحِدُ يَدٌ بِخَمْسِ مُئِينَ عَسْجَدٍ ... وُدِيَتْ مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارٍ أَجَابَهُ السُّنِّيُّ صِيَانَةُ النَّفْسِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا ... خِيَانَةُ الْمَالِ فَانْظُرْ حِكْمَةَ الْبَارِي (قَوْلُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ» إلَخْ) وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا أَوْ مَا قِيمَتُهُ رُبْعُ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» (قَوْلُهُ لَا سَبِيكَةٍ) مِثْلُ السَّبِيكَةِ مَطْبُوعٌ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ إذَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ قِيمَةِ الْمَطْبُوعِ الرَّائِجِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ) وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ يُقَوَّمُ بِذَهَبٍ) لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ وَأَحَدُهُمَا أَغْلَى ثَمَنًا قُوِّمَ بِالْأَغْلَبِ زَمَنَ السَّرِقَةِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَهَلْ يُقَوَّمُ بِالْأَغْلَى دَرْءً لِلْقَطْعِ أَمْ بِالْأَرْدَأِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُهُمَا أَوَّلُهُمَا كا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ خَالِصَانِ مِنْ الذَّهَبِ، وَأَحَدُهُمَا أَعْلَى قِيمَةً مِنْ الْآخَرِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ بِالْأَغْلَبِ مِنْ دَنَانِيرِ الْبَلَدِ فِي زَمَانِ السَّرِقَةِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَبِأَيِّهِمَا يُقَوَّمُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا بِالْأَدْنَى اعْتِبَارًا بِعُمُومِ الظَّاهِرِ وَالثَّانِي بِالْأَعْلَى دَرْءً لِلْقَطْعِ بِالشُّبْهَةِ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ لَمْ تُعْرَفْ قِيمَتُهُ بِالدَّنَانِيرِ قُوِّمَ بِالدَّرَاهِمِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَالتَّقْوِيمُ بِالذَّهَبِ حَيْثُ كَانَ هُوَ غَالِبَ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ دَرَاهِمَ فَيُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ الدَّرَاهِمُ بِالذَّهَبِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ سَبِيكَةَ الذَّهَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُرَاعَى الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ) أَيْ زَمَنُ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 مِنْ حِرْزِهِ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ، وَالْجَهْلُ بِجِنْسِ الْمَسْرُوقِ وَقَدْرِهِ لَا يُؤَثِّرُ كَالْجَهْلِ بِصِفَتِهِ (وَكَذَا) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (ظَرْفٍ ظَنَّهُ فَارِغًا) ، فَلَوْ سَرَقَ ثَوْبًا خَسِيسًا وَفِي جَيْبِهِ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ نِصَابًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْحَالِ وَجَبَ الْقَطْعُ لِذَلِكَ (وَلَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ) مِنْ حِرْزِهِ (دَفَعَاتٍ قُطِعَ) وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا اطِّلَاعُ الْمَالِكِ وَإِهْمَالُ إعَادَةِ الْحِرْزِ أَوْ اُشْتُهِرَ هَتْكُهُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ هَتَكَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَكَمَا لَوْ طَرَّ جَيْبَ إنْسَانٍ وَأَخَذَ مِنْهُ دِرْهَمًا فَدِرْهَمًا، وَلِأَنَّ فِعْلَ الشَّخْصِ مَبْنِيٌّ عَلَى فِعْلِهِ وَلِهَذَا لَوْ جَرَحَ ثُمَّ قَتَلَ دَخَلَ الْأَرْشُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ بِخِلَافِ فِعْلِ غَيْرِهِ (لَا إنْ تَخَلَّلَ اطِّلَاعٌ) مِنْ الْمَالِكِ (أَوْ إحْرَازٌ) مِنْهُ صَوَابُهُ الْمُوَافِقُ لِأَصْلِهِ وَإِحْرَازٌ لِلْمَسْرُوقِ وَلَوْ بِإِعَادَةِ الْحِرْزِ فَلَا قَطْعَ، وَالْمَأْخُوذُ بَعْدَ الْإِحْرَازِ سَرِقَةٌ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ نِصَابًا قُطِعَ أَوْ دُونَهُ فَلَا لِانْفِصَالِ كُلِّ وَاحِدَةٍ عَنْ الْأُخْرَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِأَوْ مُوَافَقَةً لِلْبُلْقِينِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ فِي أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيمَا إذَا تَخَلَّلَ أَحَدُهَا فَقَطْ (وَلَوْ فَتَحَ وِعَاءً أَوْ طَرَّ) أَيْ قَطَعَ (جَيْبًا فَانْثَالَ) بِالْمُثَلَّثَةِ؛ أَيْ انْصَبَّ مِمَّا فِيهِ مِنْ بُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ (نِصَابٌ وَلَوْ شَيْئًا فَشَيْئًا قُطِعَ) وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهُ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ هَتَكَ الْحِرْزَ وَأَخْرَجَ مِنْهُ نِصَابًا وَقَوْلُهُ أَوْ طَرَّ جَيْبًا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ (وَإِنْ أَخْرَجَ) بَعْضَ (ثَوْبٍ) مَثَلًا (مِنْ حِرْزٍ) وَتَرَكَ بَاقِيَةً فِيهِ (لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ الْبَعْضِ الْمُخْرَجِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَتِمَّ إخْرَاجُهُ وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ طَرَفُ عِمَامَةِ الْمُصَلِّي عَلَى نَجَاسَةٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْبَعْضِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالنِّصْفِ (وَلَوْ جَمَعَ نِصَابًا مِنْ بَذْرِ أَرْضٍ مُحْرَزَةٍ) كَأَنْ تَكُونَ بِجَنْبِ الْمَزَارِعِ (قُطِعَ) وَلَا يُقْبَلُ مَوْضِعَ كُلِّ حَبَّةٍ حِرْزٌ خَاصٌّ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْ حِرْزَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تُعَدُّ بُقْعَةً وَاحِدَةً، وَالْبَذْرُ فِيهَا كَأَمْتِعَةٍ فِي أَطْرَافِ الْبَيْتِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مُحْرَزَةً لَمْ يُقْطَعْ (وَلَا يُقْطَعُ الْمُشْتَرَكَانِ فِي الْإِخْرَاجِ) مِنْ حِرْزٍ (بِدُونِ نِصَابٍ) بَيِّنٍ أَيْ بِسَرِقَتِهِ وَيُقْطَعَانِ بِسَرِقَةِ نِصَابَيْنِ تَوْزِيعًا لِلْمَسْرُوقِ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الشِّقَّيْنِ وَقَيَّدَ الْقَمُولِيُّ الشِّقَّ الثَّانِيَ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُطِيقُ حَمْلَ مَا يُسَاوِي نِصَابًا أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يُطِيقُ ذَلِكَ، وَالْآخَرُ يُطِيقُ حَمْلَ مَا فَوْقَهُ فَلَا يُقْطَعُ الْأَوَّلُ وَخَرَجَ بِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِخْرَاجِ مَا لَوْ تَمَيَّزَا فِيهِ فَيُقْطَعُ مَنْ مَسْرُوقُهُ نِصَابٌ دُونَ مَنْ مَسْرُوقُهُ أَقَلُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَالظَّاهِرُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَا يُمَيِّزُ فَيُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْرَجُ نِصَابَيْنِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ كَآلَةٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ الْمُكَلَّفُ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ (وَإِنْ أَخَذَ نِصَابًا) مِنْ حِرْزٍ (وَأَتْلَفَ بَعْضَهُ فِي الْحِرْزِ) بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لَا سَرِقَةٌ (الشَّرْطُ الثَّانِي كَوْنُهُ) أَيْ الْمَسْرُوقِ (مِلْكَ الْغَيْرِ فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ) الَّذِي بِيَدِ غَيْرِهِ (وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا وَلَا بِمَا سَرَقَهُ مَعَ مَالِهِ) أَوْ وَجَدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (مِنْ حِرْزِ غَاصِبٍ) لِمَالِهِ الَّذِي وُضِعَ فِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ وَهَتْكَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ يُقْطَعُ بِذَلِكَ وَلَوْ سَرَقَهُ مَعَ الْمَغْصُوبِ (لَا) بِمَا سَرَقَهُ وَلَوْ مَعَ مَالِهِ (مِمَّنْ) أَيْ مِنْ حِرْزِ مَنْ (يَدُهُ) عَلَيْهِ (بِحَقٍّ) كَمِلْكٍ وَإِجَارَةٍ وَإِعَارَةٍ أَيْ فَيُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيمَا سَرَقَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَ مِمَّنْ يَدُهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ كَغَصْبٍ سَوَاءٌ أَسَرَقَهُ مِنْهُ مَالِكُ الْحِرْزِ أَمْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لِغَاصِبِهِ وَلِمَالِكِهِ دُخُولُهُ وَذِكْرُ هَذِهِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَسَتَأْتِي مَعَ زِيَادَةٍ (وَلَوْ سَرَقَ مَا اشْتَرَاهُ) مِنْ يَدِ الْبَائِعِ (وَلَوْ قَبْلَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) أَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (أَوْ) سَرَقَ (مَا اتَّهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يُقْطَعْ) فِيهِمَا لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَكَذَا لَوْ سَرَقَ مَا اشْتَرَاهُ مَالًا آخَرَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) سَرَقَ شَخْصٌ (الْمُوصَى لَهُ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِ الْمُوصِي (وَكَذَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَجَبَ الْقَطْعُ لِذَلِكَ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزِهِ عَلَى قَطْعِ السَّرِقَةِ. وَالْجَهْلُ بِجِنْسِ الْمَسْرُوقِ وَقَدْرِهِ لَا يُؤَثِّرُ كَالْجَهْلِ بِصِفَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ اُشْتُهِرَ هَتْكُهُ) بِأَنْ عَلِمَ بِهِ الْمَالِكُ وَالنَّاسُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ يَنْبَنِي عَلَى فِعْلِهِ) قَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ إذَا أَخَذَ نِصْفَ نِصَابٍ مِنْ حِرْزٍ وَنِصْفَهُ مِنْ آخَرَ فَلَا قَطْعَ إلَّا أَنْ يَكُونَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ اهـ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَطْعِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ مِنْ حِرْزَيْنِ وَكَانَ نِصَابًا لَا قَطْعَ (قَوْلُهُ أَوْ إحْرَازٌ مِنْهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا خَفَاءَ أَنَّ كُلَّ مُحْرَزٍ بِحَقٍّ كَالْمَالِكِ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ الْمُوَافِقُ لِأَصْلِهِ وَإِحْرَازٌ) هُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ فَأَوْ فِي النُّسْخَةِ الْأُولَى بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الْقَمُولِيُّ الشِّقَّ الثَّانِيَ إلَخْ) هَذَا مَمْنُوعٌ لِثُبُوتِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي إخْرَاجِهِ فَهُمَا مُتَنَاصِفَانِ فِيهِ وَلَا نَظَرَ إلَى الْإِطَاقَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ غَيْرَهُ كَالْآلَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ قَدْ أَمَرَهُ بِهِ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ الْمُكَلَّفُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَعَ مَالِهِ) أَيْ مُصَاحِبًا لَهُ فِي ذَلِكَ الْحِرْزِ فَيَشْمَلُ مَا إذَا سَرَقَهُ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ أَوْ وَحْدَهُ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لَوْ غَصَبَ مَالًا أَوْ سَرَقَهُ وَوَضَعَهُ فِي حِرْزِهِ فَجَاءَ مَالِكُ الْمَالِ وَسَرَقَ مِنْ ذَلِكَ الْحِرْزِ مَالًا لِلْغَاصِبِ أَوْ السَّارِقِ فَلَا قَطْعَ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي صُورَةِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ مَعَ مَالِهِ نِصَابًا قُطِعَ مَعَ أَنَّ الْحِرْزَ لِلْمَالِكِ هُتِكَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ هَتْكُهُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ وَإِنَّمَا سَقَطَ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِلْكَهُ وَأَمَّا فِي الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ فَإِنَّ لَهُ هَتْكَ الْحِرْزِ فَلِهَذَا لَمْ يُقْطَعْ بِأَخْذِ غَيْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَرُدُّ عَلَى هَذَا مَا ذُكِرَ فِي صُورَةِ الدَّيْنِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ زِيَادَةً نِصَابًا لَا قَطْعَ عَلَى الْأَصَحِّ وَجَوَابُهُ أَنَّ السَّرِقَةَ فِي صُورَةِ الدَّيْنِ لَا تَقَعُ إلَّا نَابِعَةً بِخِلَافِ صُورَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَى هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي صُورَةِ الْمُشْتَرِي سَرَقَ مَعَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مَالًا آخَرَ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَعْدَ أَدَاءِ الثَّمَنِ فَلَا قَطْعَ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) لِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ وَهَتْكَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ فَالْمَسْرُوقُ غَيْرُ مُحْرَزٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ مَمْنُوعٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 الْقَبُولِ قُطِعَ) فِيهِمَا. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْقَبُولَ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالْوَصِيَّةِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَبِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لَا يَحْصُلُ بِالْمَوْتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَأَطْلَقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِبِنَاءٍ وَهُوَ أَقْرَبُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ بِالْمَوْتِ وَالرَّافِعِيُّ تَبِعَ فِي الْبِنَاءِ الْبَغَوِيّ وَأَحْسَنَ الْخُوَارِزْمِيَّ فَصَحِيحٌ عَدَمُ الْقَطْعِ انْتَهَى، وَعَدَمُ الْقَطْعِ أَوْجَهُ وَإِلَّا أَشْكَلَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا اتَّهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَبُولَ وُجِدَ ثَمَّ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا لَا يُجْدِي (لَا) إنْ سَرَقَ الْمُوصَى بِهِ (فَقِيرٌ) بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (وَالْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ) فَلَا يُقْطَعُ كَسَرِقَةِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَهُ الْغَنِيُّ (وَلَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ) أَيْ أَنَّهُ مَالِكٌ (لِمَا سَرَقَهُ أَوْ لِلْحِرْزِ أَوْ لِلْمَالِكِ) لِمَا سَرَقَهُ (وَهُوَ مَجْهُولٌ) نَسَبًا (أَوْ أَنَّهُ أَخَذَهُ) مِنْ الْحِرْزِ (بِإِذْنِهِ أَوْ) أَنَّهُ أَخَذَهُ (وَالْحِرْزُ مَفْتُوحٌ) أَوْ وَصَاحِبُهُ مُعْرِضٌ عَنْ الْمُلَاحَظَةِ (أَوْ أَنَّهُ دُونَ النِّصَابِ سَقَطَ) عَنْهُ (الْقَطْعُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ) وَإِنْ ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ بِالْبَيِّنَةِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ فَصَارَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَطْعِ وَلِأَنَّهُ صَارَ خَصْمًا فِي الْمَالِ وَسُمِّيَ هَذَا السَّارِقُ الظَّرِيفَ (وَلَا يَسْتَفْصِلُ) بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ عَنْ كَوْنِ الْمَسْرُوقِ مِلْكَهُ أَوْ لَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ سَعْيٌ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إغْرَاءٌ لَهُ بِادِّعَاءِ الْبَاطِلِ (وَلَا يَثْبُتُ لَهُ الْمَالُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ) لَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ) لِسُقُوطِهِ بِالشُّبْهَةِ (وَإِنْ ادَّعَى) مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ بِزِنَا امْرَأَةٍ (أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ زَوْجَتُهُ) أَوْ أَمَتُهُ (سَقَطَ) عَنْهُ (الْحَدُّ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ (وَإِنْ قَالَ أَحَدُ السَّارِقِينَ: الْمَالُ لِصَاحِبِي وَأَذِنَ لِي) فِي الْأَخْذِ مِنْهُ (لَمْ يُقْطَعْ) لِذَلِكَ (فَلَوْ أَنْكَرَ صَاحِبُهُ) أَنَّ الْمَالَ لَهُ (قُطِعَ الْمُنْكِرُ) ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ بِلَا شُبْهَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَدَّقَهُ أَوْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي (وَلَوْ سَرَقَ عَبْدٌ) نِصَابًا (وَادَّعَاهُ) أَيْ أَنَّ مَا سَرَقَهُ مِلْكٌ (لِسَيِّدِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَذَّبَهُ سَيِّدُهُ) كَالْحُرِّ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ [فَرْعٌ مَلَكَ مَا سَرَقَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ] (فَرْعٌ) لَوْ (مَلَكَ مَا سَرَقَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ قُطِعَ أَوْ قَبْلَهُ) وَلَوْ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ وَقَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ (تَعَذَّرَ الْقَطْعُ لِعَدَمِ الْمُطَالِبِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْقَطْعَ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَمُطَالَبَتِهِ (الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ) الْمَسْرُوقُ (مُحْتَرَمًا فَلَا يُقْطَعُ) وَلَوْ ذِمِّيًّا (بِخَمْرٍ وَكَلْبٍ) وَلَوْ مُحْتَرَمَيْنِ (وَجِلْدُ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ) وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ وَهَذَا كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ عُلِمَ مِنْ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَكُونُ نِصَابًا عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ مَالًا مُحْتَرَمًا لِيَخْرُجَ بِالْمَالِ مَا ذُكِرَ وَبِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ (وَيُقْطَعُ بِإِنَاءِ خَمْرٍ وَلَوْ كَسَرَهُ فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجَهُ) مِنْهُ (وَبِآلَةِ لَهْوٍ وَبِإِنَاءِ ذَهَبٍ) أَوْ فِضَّةٍ وَلَوْ كَسَرَهُمَا فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجَهُمَا حَيْثُ (يَبْلُغُ مَكْسُورُهُمَا) أَيْ إنَاءِ الْخَمْرِ وَآلَةِ اللَّهْوِ وَإِنَاءِ الذَّهَبِ (نِصَابًا) ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ بِلَا شُبْهَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَوْ كَسَرَهَا فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجَهَا وَأَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ ذَهَبٍ كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَى بِمَا فِي الْأَصْلِ (لَا إنْ أَخْرَجَهَا) مِنْ الْحِرْزِ (لِيُشْهِرَهَا) بِالْكَسْرِ، وَالتَّغْيِيرِ فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْرَزَةٍ شَرْعًا إذْ لِكُلِّ مَنْ قَصْدَ كَسْرَهَا أَنْ يَدْخُلَ مَكَانَهَا لِيَكْسِرَهَا وَهُوَ إنَّمَا دَخَلَ بِقَصْدِ كَسْرِهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ كَسْرِهَا وَأَخْرَجَهَا بِقَصْدِ سَرِقَتِهَا لَا يُقْطَعُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ أَيْضًا فِي عَكْسِ هَذِهِ (الشَّرْطُ الرَّابِعُ تَمَامُ مِلْكِ الْغَيْرِ فَإِذَا سُرِقَ مَالُهُ فِيهِ شَرِكَةٌ لَمْ يُقْطَعْ) وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ إذْ مَا مِنْ قَدْرٍ يَأْخُذُهُ إلَّا وَلَهُ فِيهِ جُزْءٌ فَكَانَ شُبْهَةً كَوَطْءِ الْمُشْتَرَكَةِ وَخَرَجَ بِمَالِهِ فِيهِ شَرِكَةٌ مَا لَوْ سَرَقَ مِنْ مَالِ شَرِيكِهِ الَّذِي لَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ قَدْرَ نِصَابٍ فَيُقْطَعُ إنْ اخْتَلَفَ حِرْزُهُمَا وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْقَفَّالِ الْقَطْعَ (وَلَوْ) كَانَ الْمَسْرُوقُ (مَالَ بَيْتِ الْمَالِ) ، فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَ السَّارِقُ غَنِيًّا؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُصْرَفُ فِي عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ، وَالرِّبَاطَاتِ، وَالْقَنَاطِرِ فَيَنْتَفِعُ بِهَا الْغَنِيُّ، وَالْفَقِيرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ قَبُولِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَبُولَ وُجِدَ ثَمَّ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا لَا يُجْدِي) الْفَرْقُ جَيِّدٌ وَيَنْضَمُّ إلَيْهِ إنْ أَخَذَ الْمُتَّهَبُ الْمَوْهُوبَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِإِذْنِ الْوَاهِبِ لَهُ فِي قَبْضِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا بَلْ يُجْدِي إذْ الْعَقْدُ قَدْ تَمَّ فِي الْهِبَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ وَأَيْضًا فَالْمُوصَى لَهُ مُسْتَغْنٍ عَنْ سَرِقَتِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى تَحْقِيقِ مِلْكِهِ بِقَبُولِهِ قَبْلَهَا بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا بِأَنْ يَظُنَّهَا سَبَبًا لِإِذْنِ الْوَهْبِ لَهُ فِي الْقَبْضِ لِتَحْصِيلِ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِإِذْنِهِ) أَوْ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِ الْحِرْزِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ دُونَ النِّصَابِ) أَيْ وَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ نِصَابًا (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ نِصَابٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ صَارَ خَصْمًا فِي الْمَالِ) فَإِنَّهُ لَوْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى السَّارِقِ فَكَيْفَ يُقْطَعُ عَلَى مَالٍ هُوَ خَصْمٌ فِيهِ وَلِأَنَّ مَا يَدَّعِيهِ مُحْتَمَلٌ فَصَارَ شُبْهَةً وَلَوْ قَالَ: ظَنَنْته مِلْكِي أَوْ مِلْكَ أَبِي أَوْ ابْنِي أَوْ أَنَّ الْحِرْزَ مِلْكِي أَوْ مِلْكُ أَبِي أَوْ ابْنِي لَمْ يُقْطَعْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ) خَرَجَ بِهَذَا مَا لَوْ صَارَتْ الْخَمْرُ خَلًّا أَوْ دُبِغَ الْجِلْدُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ (قَوْلُهُ وَبِآلَةِ لَهْوٍ) يَشْهَدُ لِقَطْعِهِ بِآلَةِ اللَّهْوِ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا سَرَقَ مَا لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا كَانَ الْجِلْدُ وَالْقِرْطَاسُ يَبْلُغُ نِصَابًا (قَوْلُهُ وَأَوْفَى بِمَا فِي الْأَصْلِ) وَإِنْ فُهِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ كَسْرِهَا وَأَخْرَجَهَا بِقَصْدِ سَرِقَتِهَا إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَهُمَا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْتَفِعُ بِهَا الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) وَأَيْضًا فَالْفَقِيرُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَالْغَنِيُّ يُعْطَى مِنْهُ بِسَبَبِ حَمْلَةٍ تَحَمَّلَهَا لِتَسْكِينِ فِتْنَةٍ وَسَرَقَ مِنْهُ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ وَآخَرُ عَلَى زَمَنِ عَلِيٍّ فَلَمْ يَقْطَعَاهُمَا وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 بِهِمْ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ يُقْطَعُ بِذَلِكَ وَلَا نَظَرَ إلَى إنْفَاقِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ وَبِشَرْطِ الضَّمَانِ كَمَا يُنْفِقُ عَلَى الْمُضْطَرِّ بِشَرْطِ الضَّمَانِ وَانْتِفَاعُهُ بِالْقَنَاطِرِ، وَالرِّبَاطَاتِ لِلتَّبَعِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَاطِنٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لَا لِاخْتِصَاصِهِ بِحَقٍّ فِيهَا (لَا) إنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مَالَ (الصَّدَقَاتِ وَهُوَ) أَيْ السَّارِقُ (غَنِيٌّ) لَيْسَ غَارِمًا لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَلَا غَازِيًا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ، وَالْغَارِمِ، وَالْغَازِي الْمَذْكُورِينَ (وَيُقْطَعُ) السَّارِقُ (بِمَا أَفْرَزَ لِغَيْرِهِ مِنْ) مَالِ (بَيْتِ الْمَالِ) كَأَنْ أُفْرِزَ مِنْهُ شَيْءٌ لِذَوِي الْقُرْبَى أَوْ الْمَسَاكِينِ وَلَيْسَ السَّارِقُ مِنْهُمْ وَلَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ حِينَئِذٍ (كَكَفَنِ مَيِّتٍ) أَيْ كَمَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ كَفَنَ مَيِّتٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ سَرَقَهُ بَعْدَ دَفْنِهِ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَفِي خَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «مَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ» وَلِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَى لِغَيْرِ الْمَيِّتِ فِيهِ حَقٌّ كَمَا لَوْ صُرِفَ إلَى حَيٍّ (وَكَذَا سِتْرُ الْكَعْبَةِ) يُقْطَعُ سَارِقُهُ (إنْ خِيطَ) عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُحْرَزٌ (وَ) كَذَا (بَابُ مَسْجِدٍ وَجُذُوعُهُ) وَتَأْزِيرُهُ وَسَوَارِيهِ وَسُقُوفُهُ (وَقَنَادِيلُ زِينَتِهِ) يُقْطَعُ سَارِقُهُ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ (لَا) الْقَنَادِيلُ (الَّتِي) فِيهِ (لِلْإِسْرَاجِ وَلَا حُصْرُهُ) وَلَا سَائِرُ مَا يُفْرَشُ فِيهِ فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا؛ لِأَنَّهَا أُعِدَّتْ لِانْتِفَاعِ الْمُسْلِمِ بِهَا بِالْإِضَاءَةِ، وَالِافْتِرَاشِ بِخِلَافِ بَابِهِ وَجِذْعِهِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّهَا لِتَحْصِينِهِ وَعِمَارَتِهِ لَا لِلِانْتِفَاعِ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَسْجِدِ الْعَامِّ أَمَّا الْخَاصُّ بِطَائِفَةٍ فَيَخُصُّ الْقَطْعَ بِغَيْرِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا خَصَّ الْمَسْجِدَ بِطَائِفَةٍ اخْتَصَّ بِهَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا بَكَرَةُ بِئْرٍ مُسَبَّلَةٍ) فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا؛ لِأَنَّهَا لِمَنْفَعَةِ النَّاسِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّ هَذَا احْتِمَالٌ لِلْبَغَوِيِّ وَأَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ لَكِنَّ الِاحْتِمَالَ أَفْقَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ جَزْمِهِ بِذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِخُرَاسَانَ يُقْطَعُ وَهُوَ غَلَطٌ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا انْتَهَى (فَإِنْ سَرَقَ ذِمِّيٌّ حُصْرَ مَسْجِدٍ أَوْ قَنَادِيلَهُ) أَوْ غَيْرَهَا (قُطِعَ) لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ (وَلَوْ سَرَقَ رَجُلٌ وَقْفًا عَلَى غَيْرِهِ أَوْ مُسْتَوْلَدَةً نَائِمَةً أَوْ مَجْنُونَةً) أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ سَكْرَانَةً أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ أَعْجَمِيَّةً تَعْتَقِدُ طَاعَةَ آمِرِهَا (قُطِعَ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ الْعَاقِلَةِ الْمُسْتَيْقِظَةِ الْمُخْتَارَةِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الِامْتِنَاعِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا: الْمِلْكُ فِي الْوَقْفِ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَازِمٌ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا كَالْمُسْتَوْلَدَةِ فِي ذَلِكَ غَيْرَهَا مِنْ الْأَرِقَّاءِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (لَا) إنْ سَرَقَ (مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا) فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ فِي يَدِ نَفْسِهِ كَالْحُرِّ، وَالْمُبَعَّضُ فِيهِ شُبْهَةُ الْحُرِّيَّةِ (وَلَوْ زَنَى بِجَارِيَةِ بَيْتِ الْمَالِ حُدَّ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (الشَّرْطُ الْخَامِسُ عَدَمُ الشُّبْهَةِ) لِلسَّارِقِ فِي الْمَسْرُوقِ (فَإِنْ سَرَقَ مَالَ غَرِيمِهِ الْجَاحِدِ) لِلدَّيْنِ الْحَالِّ (أَوْ الْمُمَاطِلِ) وَأَخَذَهُ (بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أَخْذِهِ شَرْعًا (وَإِلَّا قُطِعَ وَغَيْرُ جِنْسِ حَقِّهِ كَهُوَ) أَيْ كَجِنْسِ حَقِّهِ فِي ذَلِكَ (وَلَا يُقْطَعُ بِزَائِدٍ عَلَى) قَدْرِ (حَقِّهِ أَخَذَهُ مَعَهُ) وَإِنْ بَلَغَ الزَّائِدُ نِصَابًا وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الدُّخُولِ، وَالْأَخْذِ لَمْ يَبْقَ الْمَالُ مُحْرَزًا عَنْهُ (وَلَا يُقْطَعُ بِمَالِ فَرْعِهِ) وَإِنْ سَفَلَ (وَأَصْلِهِ) وَإِنْ عَلَا لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الِاتِّحَادِ وَلِأَنَّ مَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَرْصَدٌ لِحَاجَةِ الْآخَرِ وَمِنْهَا أَنْ لَا تُقْطَعُ يَدُهُ بِسَرِقَةِ ذَلِكَ الْمَالِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَقَارِبِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّارِقُ مِنْهُمَا حُرًّا أَمْ عَبْدًا صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا مُؤَيِّدًا لَهُ بِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ الرَّقِيقُ أَمَةَ فَرْعِهِ الْحُرِّ لَمْ يُحَدَّ لِلشُّبْهَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا الصَّدَقَاتِ) فِي مَعْنَى الزَّكَاةِ مَا يَجِبُ مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَنَحْوِهَا وَلَوْ سَرَقَ مِنْ الزَّكَوَاتِ وَنَحْوِهَا مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِشَرَفِهِ وَهُوَ فَقِيرٌ هَلْ يُقْطَعُ كَالْغَنِيِّ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا أَوْ لَا لِشُبْهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ مَنْعِهِمْ حَقَّهُمْ مِنْ الْفَيْءِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِصْطَخْرِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا اهـ وَقَالَ النَّاشِرِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ غَنِيٌّ) مِثْلُ الْغَنِيِّ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِشَرَفِهِ (قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ لِمَا أُفْرِزَ لِغَيْرِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ فِي طَائِفَةٍ لَهَا مُسْتَحَقٌّ مُقَدَّرٌ بِالْإِخْرَاجِ فِي مَالٍ مُشَاعٍ بِصِفَةٍ فَأَمَّا إذَا أَفْرَزَ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْقُضَاةِ أَوْ الْمُؤَذِّنِينَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الْإِفْرَازِ إذْ لَا سَهْمَ لَهُمْ مُقَدَّرٌ يَتَوَلَّى الْإِمَامُ إفْرَازَهُ لَهُمْ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُشَاعًا قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ اهـ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا دَخْلَ لِتَقْدِيرِ السَّهْمِ وَعَدَمِ تَقْدِيرِهِ فِي إفْرَازِ الْإِمَامِ فَمَا عَيَّنَهُ الْإِمَامُ لِطَائِفَةٍ مِمَّا هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا يَتَعَيَّنُ لَهَا بِالْإِفْرَازِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ لَا الَّتِي لِلْإِسْرَاجِ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حَالَةِ الْأَخْذِ تُسْرَجُ (قَوْلُهُ وَلَا حُصْرُهُ) لَا فَرْقَ فِي حَصْرِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهَا بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ وَمِنْ مَالِ وَقْفِهِ أَوْ تَبَرَّعَ بِهَا عَلَيْهِ مُتَبَرِّعٌ (تَنْبِيهٌ) قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِبَلَاطِهِ وَلَوْ سَرَقَ الْمُصْحَفَ الْمَوْقُوفَ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْمَسْجِدِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ قَارِئًا لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا فَيَصِيرُ كَالْقَنَادِيلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا قُطِعَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ الْقِرَاءَةَ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْفَعُهُ إلَى مَنْ يَقْرَأُ فِيهِ لِإِسْمَاعِ الْحَاضِرِينَ اهـ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمِنْبَرُ وَالْكُرْسِيُّ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْمُصْحَفِ الْمَوْضُوعِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْكُرْسِيُّ لِجُلُوسِ الْوَاعِظِ عَلَيْهِ وَدَكْمَةُ الْمُؤَذِّنِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ جَارٍ فِي تِلْكَ الطَّائِفَةِ وَأَنَّ غَيْرَهَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لَكِنَّ الِاحْتِمَالَ أَفْقَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مُسْتَوْلَدَةً نَائِمَةً إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَلِكَ الْعَمْيَاءُ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ وَكَالْمُسْتَوْلَدَةِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ الْأَرِقَّاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الْجَاحِدُ لِلدَّيْنِ أَوْ الْمُمَاطِلُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى جُحُودَ مَدْيُونِهِ أَوْ مُمَاطَلَتَهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ (قَوْلُهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الِاتِّحَادِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقُ دِينُهُمَا أَوْ يَخْتَلِفَ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَاسْتَثْنَى مَا لَوْ نَذَرَ اعْتَاقَ عَبْدِهِ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ فَسَرَقَهُ أَصْلُ النَّاذِرِ أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَالِ مَنْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ بِالْبَعْضِيَّةِ (وَ) لَا بِمَالِ (سَيِّدِهِ وَلَوْ كَاتَبَهُ) أَوْ كَانَ هُوَ مُبَعَّضًا لِلشُّبْهَةِ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَ قَدْ يَعْجِزُ فَيَصِيرُ كَمَا كَانَ (وَيُقْطَعُ بِمَالِ زَوْجٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (وَأَخٍ إنْ كَانَ مُحْرَزًا عَنْهُ) لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَالْأَخْبَارِ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي دَرْءِ الْحَدِّ كَالْإِجَارَةِ لَا يَسْقُطُ بِهَا الْحَدُّ عَنْ الْأَجِيرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا سَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَتُفَارِقُ الزَّوْجَةُ الْعَبْدَ بِأَنَّ مُؤْنَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ عِوَضٌ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ مُؤْنَةِ الْعَبْدِ وَذِكْرُ الْأَخِ مِثَالٌ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلَا إلَى الشَّرْطِ بَعْدَهُ (وَفِي) الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ (مَالُ عَبْدِهِ الْحُرِّ بَعْضُهُ) أَيْ مَالِ مَنْ بَعْضُهُ مَمْلُوكٌ لَهُ وَبَعْضُهُ حُرٌّ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا؛ لِأَنَّ مَا مَلَكَهُ بِالْحُرِّيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَصَارَ شُبْهَةً. وَثَانِيهِمَا: نَعَمْ لِتَمَامِ مِلْكِهِ كَمَالِ الشَّرِيكِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُمَا (وَمَنْ لَا يُقْطَعُ بِمَالٍ لَا يُقْطَعُ بِهِ عَبْدُهُ) فَكَمَا لَا يُقْطَعُ الْأَصْلُ بِسَرِقَةِ مَالِ الْفَرْعِ وَبِالْعَكْسِ لَا يُقْطَعُ عَبْدُ أَحَدِهِمَا بِسَرِقَتِهِ مَالَ الْآخَرِ (وَيُحَدُّ زَانٍ بِأَمَةِ سَيِّدِهِ) إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي بُضْعِهَا (وَلَوْ ظَنَّ) السَّارِقُ (أَنَّ الْمَالَ) الَّذِي سَرَقَهُ (أَوْ الْحِرْزَ لَهُ أَوْ لِأَبِيهِ) أَوْ لِابْنِهِ (لَمْ يُقْطَعْ) لِلشُّبْهَةِ كَمَا لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ (وَيُقْطَعُ بِحَطَبٍ) أَيْ بِسَرِقَةِ حَطَبٍ (وَحَشِيشٍ) وَنَحْوِهِمَا كَصَيْدٍ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهَا مُبَاحَةَ الْأَصْلِ (وَ) بِسَرِقَةِ (مُعَرَّضٍ لِلتَّلَفِ كَهَرِيسَةٍ) وَفَوَاكِهَ وَبُقُولٍ لِذَلِكَ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينَ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» وَالْمِجَنُّ التُّرْسُ، وَكَانَ ثَمَنُهُ عِنْدَهُمْ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَكَانَتْ مُقَدَّرَةً عِنْدَهُمْ بِرُبْعِ دِينَارٍ (وَكَذَا مَاءٌ وَتُرَابٌ وَمُصْحَفٌ وَكُتُبُ عِلْمٍ) شَرْعِيٍّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَ) كُتُبُ (شَعْرٍ نَافِعٍ مُبَاحٍ) لِمَا مَرَّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَافِعًا مُبَاحًا (قُوِّمَ الْوَرَقُ، وَالْجِلْدُ) ، فَإِنْ بَلَغَا نِصَابًا قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ قُطِعَ بِسَرِقَةِ عَيْنٍ ثُمَّ سَرَقَهَا) ثَانِيًا مِنْ مَالِكِهَا الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (قُطِعَ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ عُقُوبَةٌ تَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ فِي عَيْنٍ فَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ ذَلِكَ الْفِعْلِ كَمَا لَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ وَحُدَّ ثُمَّ زَنَى بِهَا ثَانِيًا (الشَّرْطُ السَّادِسُ الْحِرْزُ) فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَا لَيْسَ مُحْرَزًا لِخَبَرِ «لَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَاشِيَةِ إلَّا فِيمَا أَوَاهُ الْمُرَاحُ وَمَنْ سَرَقَ مِنْ التَّمْرِ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّ الْجِنَايَةَ تَعْظُمُ بِمُخَاطَرَةِ أَخْذِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَحُكِمَ بِالْقَطْعِ زَجْرًا بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَّأَهُ الْمَالِكُ وَمَكَّنَهُ بِتَضْيِيعِهِ (، وَالْمُحَكَّمُ) فِي الْحِرْزِ (الْعُرْفُ) ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ، وَالْأَحْوَالِ، وَالْأَوْقَاتِ وَلَمْ يَحُدَّهُ الشَّرْعُ وَلَا اللُّغَةُ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ، وَالْإِحْيَاءِ (فَالْإِصْطَبْلُ، وَالتِّبْنُ) الْمُتَّصِلَانِ بِالدُّورِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (حِرْزُ الدَّوَابِّ) فِي الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتْ نَفِيسَةً (وَالتِّبْنُ) فِي الثَّانِي (لَا الثِّيَابُ وَنَحْوُهَا) كَالنُّقُودِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ إخْرَاجَ الدَّوَابِّ، وَالتِّبْنِ مِمَّا يَظْهَرُ وَيَبْعُدُ الِاجْتِرَاءُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهَا مِمَّا يَخْفَى وَيَسْهُلُ إخْرَاجُهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ آنِيَةُ الْإِصْطَبْلِ كَالسَّطْلِ وَثِيَابِ الْغُلَامِ وَآلَاتِ الدَّوَابِّ مِنْ سُرُوجٍ وَبَرَادِعَ وَلُجُمٍ وَرِحَالِ جِمَالٍ وَقِرْبَةِ السُّقَاةِ، وَالرَّاوِيَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِوَضْعِهِ فِي إصْطَبْلَات الدَّوَابِّ (، وَالصُّفَّةُ، وَالْعَرْصَةُ) لِلدَّارِ (حِرْزُ آنِيَةٍ) خَسِيسَةٍ بِخِلَافِ النَّفِيسَةِ كَالْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَثِيَابُ بِذْلَةٍ) وَنَحْوِهَا كَالْبُسُطِ (وَالْمَخْزَنُ حِرْزُ الْحُلِيِّ، وَالنَّقْدِ، وَالدُّورُ وَبُيُوتُ الْخَانَاتِ) ، وَالْأَسْوَاقُ الْمَنِيعَةُ (حِرْزُ الثِّيَابِ النَّفِيسَةِ وَإِلَّا عَلَى حِرْزِ الْأَدْنَى لَا عَكْسِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَمَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ كَانَ حِرْزًا لِمَا دُونَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لِمَا فَوْقَهُ وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ فَتَأَمَّلْ (وَإِنْ وَضَعَ مَتَاعَهُ بِقُرْبِهِ   [حاشية الرملي الكبير] فَرْعُهُ فَقَالَ يُقْطَعُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ شُبْهَةَ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ الَّذِي لِمَالِكِهِ تَصَرُّفٌ فِيهِ وَلَا تَصَرُّفَ لَهُ فِي هَذَا وَإِنْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَيْسَ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ وَلَدُهَا لِأَنَّ لِلْمَالِكِ إجَارَتَهُمَا قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَنَبَّهَ لَهُ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ فس (قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ بِمَالِ زَوْجٍ) مَحَلُّهُ فِي الزَّوْجَةِ إذَا لَمْ تَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ نَفَقَةً أَوْ كِسْوَةً حَالَ أَخْذِهَا (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) كَصَاحِبِ الْحَاوِي فِي عُجَابِهِ (قَوْلُهُ السَّادِسُ الْحِرْزُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْإِحْرَازُ يَخْتَلِفُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ بِاخْتِلَافِ نَفَاسَةِ الْمَالِ وَسَعَتِهِ وَبِاخْتِلَافِ سَعَةِ الْبَلَدِ وَكَثْرَةِ ذُعَّارِهِ وَعَكْسُهُ، وَبِاخْتِلَافِ السُّلْطَانِ عَدْلًا وَغِلْظَةً عَلَى الْمُفْسِدِينَ وَعَكْسُهُ وَبِاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِحْرَازُ اللَّيْلِ أَغْلَظُ هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَا يَكْفِي حَصَانَةُ الْمَوْضِعِ عَنْ أَصْلِ الْمُلَاحَظَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَالتَّعْوِيلُ فِي صِيَانَةِ الْمَالِ وَإِحْرَازِهِ عَلَى شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْمُلَاحَظَةُ وَالْمُرَاقَبَةُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْمُلَاحَظَةُ وَالْمُرَاقَبَةُ أَوْ مَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُمَا وَذَلِكَ لِيَشْمَلَ النَّائِمَ عَلَى ثَوْبِهِ فَإِنَّهُ لَا مُلَاحَظَةَ مِنْهُ وَلَا مُرَاقَبَةَ وَلَكِنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمُلَاحَظَةِ وَالْمُرَاقَبَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعَادَةَ غَالِبًا أَنَّ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ تَحْتِهِ انْتَبَهَ (قَوْلُهُ فَالْإِصْطَبْلُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهِيَ هَمْزَةُ قَطْعٍ أَصْلِيَّةٌ وَسَائِرُ حُرُوفِهَا أَصْلِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ آنِيَةُ الْإِصْطَبْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ السُّرُوجُ وَاللُّجُمُ الْخَسِيسَةُ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِصْطَبْلَ حِرْزٌ لِأَمْتِعَةِ الدَّوَابِّ الْخَسِيسَةِ كَجِلَالِهَا وَرِحَالِهَا وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِتَرْكِهِ هُنَا بِخِلَافِ النَّفِيسِ مِنْ السُّرُوجِ وَاللُّجُمِ الْمُفَضَّضَةِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ الْعُرْفَ أَنْ تُحْرَزَ بِمَكَانٍ مُفْرَدٍ لَهَا مِغْلَقٌ غَالِبًا وَقَوْلُهُ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَمَا كَانَ حِرْزَ النَّوْعِ كَانَ حِرْزًا لِمَا دُونَهُ إلَخْ) قَالَ الزَّنْجَانِيُّ لَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حِرْزًا لِمَا دُونَهُ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ مَا يَكُونُ تَبَعًا لِذَلِكَ النَّوْعِ إذْ الْإِصْطَبْلُ حِرْزُ الدَّوَابِّ وَلَا يَكُونُ حِرْزًا لِلثِّيَابِ وَإِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 فِي صَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ وَأَعْرَضَ) عَنْهُ كَانَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ أَوْ ذَهَلَ عَنْهُ بِشَاغِلٍ (أَوْ نَامَ فَضَاعَ) فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ (وَإِنْ أَدَامَ مُلَاحَظَتَهُ مَنْ يُبَالِي بِهِ لِقُوَّتِهِ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) بِغَيْرِهِ (أَوْ نَامَ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ تَالِيَيْهَا (لَابِسًا لِعِمَامَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا) كَمَدَاسِهِ أَوْ خَاتَمِهِ (أَوْ مُفْتَرِشًا ثَوْبَهُ أَوْ مُتَّكِئًا عَلَى الْمَتَاعِ) وَلَوْ بِتَوَسُّدِهِ (فَمُحْرَزٌ) بِهِ (فَيُقْطَعُ) السَّارِقُ بِدَلِيلِ الْأَمْرِ بِقَطْعِ سَارِقِ رِدَاءِ صَفْوَانَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرِدَاؤُهُ كَانَ مُحْرَزًا بِاضْطِجَاعِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُقْطَعُ (بِتَغْيِيبِهِ عَنْهُ وَلَوْ بِدَفْنِهِ) إذْ إحْرَازُ مِثْلِهِ بِالْمُعَايَنَةِ، فَإِذَا غَيَّبَهُ عَنْ عَيْنِ الْحَارِسِ بِحَيْثُ لَوْ نُبِّهَ لَهُ لَمْ يَرَهُ كَأَنْ دَفَنَهُ فِي تُرَابٍ أَوْ وَارَاهُ تَحْتَ ثَوْبِهِ أَوْحَالَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ آخِرَ الْبَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَالْكَلَامُ فِي مَتَاعٍ بَعْدَ التَّوَسُّدِ بِهِ حِرْزًا لَهُ أَمَّا لَوْ تَوَسَّدَ كِيسًا فِيهِ نَقْدٌ أَوْ جَوْهَرٌ وَنَامَ فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ حَتَّى يَشُدَّهُ بِوَسَطِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِشَدِّهِ تَحْتَ الثِّيَابِ انْتَهَى (وَإِنْ انْقَلَبَ) فِي نَوْمِهِ (عَنْ الْمَتَاعِ أَوْ قَلَّبَهُ السَّارِقُ) عَنْهُ (أَوَّلًا ثُمَّ أَخَذَهُ أَوْ كَانَ الْحَارِسُ لَا يُبَالِي بِهِ) لِعَدَمِ الْقُوَّةِ، وَالِاسْتِغَاثَةِ (فَضَائِعٌ) فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ تَبِعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَهُوَ عِنْدَنَا شَاذٌّ مَرْدُودٌ لَا وَجْهَ لَهُ وَاَلَّذِي نَعْتَقِدُهُ الْقَطْعُ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْحِرْزَ ثُمَّ أَخَذَ النِّصَابَ فَصَارَ كَمَا لَوْ نَقَبَ الْحَائِطَ أَوْ كَسَرَ الْبَابَ أَوْ فَتَحَهُ وَأَخَذَ النِّصَابَ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ اتِّفَاقًا انْتَهَى وَهُوَ حَسَنٌ، فَإِنْ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَالَ ثَمَّ لَمَّا أَخَذَهُ كَانَ مُحْرَزًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا قُلْت: مُنْتَقِضٌ بِمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ وَابْنِ الْقَطَّانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ جَمَلًا وَصَاحِبُهُ نَائِمٌ عَلَيْهِ فَأَلْقَاهُ عَنْهُ وَهُوَ نَائِمٌ وَأَخَذَ الْجَمَلَ قُطِعَ مَعَ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَهُ لَمْ يَكُنْ مُحْرَزًا أَصْلًا لَكِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي هَذِهِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ أَيْضًا قَالَ: لِأَنَّهُ رَفَعَ الْحِرْزَ وَلَمْ يَهْتِكْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَبَ وَأَخَذَ الْمَالَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ فِيمَا ذَكَرْنَا بَيْنَ كَوْنِ الصَّحْرَاءِ مَوَاتًا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ قَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِالْوَضْعِ الْمُبَاحِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَاضِي وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي الْغَاصِبِ قُلْت الْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ مُقَابِلُ الْحَرَامِ لَا مَا لَيْسَ مَمْلُوكًا فَلَا اسْتِدْرَاكَ (وَإِنْ كَانَ) ثَمَّ (زَحْمَةٌ) مِنْ الطَّارِقِينَ (لَمْ يَكْفِ) فِي الْإِحْرَازِ (مُلَاحَظَتُهُ) الْمَتَاعَ (وَلَوْ فِي دُكَّانِهِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى ثَابِتَةً حِينَئِذٍ (فَتُقَاوَمُ) أَيْ فَيَنْبَغِي أَنْ تُقَاوَمَ (الزَّحْمَةُ بِكَثْرَةِ الْمُلَاحِظِينَ) لِيَصِيرَ الْمَتَاعُ حِرْزًا بِهِمْ كَمَا يُقَاوَمُ طَارِقٌ مُلَاحِظٌ (وَمَا فِي الْجَيْبِ، وَالْكُمِّ مُحْرَزٌ) بِهِمَا فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْبِطْ الْكُمَّ وَلَمْ يَزُرَّ الْجَيْبَ (وَكَذَا الْمَرْبُوطُ فِي الْعِمَامَةِ) عَلَى الرَّأْسِ مُحْرَزٌ بِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَرْبُوطِ وَكَالْمَرْبُوطِ بِهَا الْمَشْدُودُ بِهَا (وَإِنْ أَجَابَهُ) شَخْصٌ (إلَى حِفْظِ ثَوْبٍ) لَهُ (وَكَذَا) إلَى حِفْظِ (حَانُوتٍ) لَهُ (مَفْتُوحٍ) بَعْدَ طَلَبِهِ الْحِفْظَ مِنْهُ (فَأَهْمَلَهُ) حَتَّى سُرِقَ الثَّوْبُ أَوْ مَا فِي الْحَانُوتِ (ضَمِنَهُ) بِإِهْمَالِهِ (وَإِنْ سَرَقَهُ) هُوَ (لَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحْرَزًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (أَوْ) إلَى حِفْظِ حَانُوتٍ (مُغْلَقٍ فَبِالْعَكْسِ) أَيْ، فَإِنْ أَهْمَلَهُ حَتَّى سُرِقَ مَا فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ   [حاشية الرملي الكبير] كَانَتْ دُونَهَا فِي الْقِيمَةِ وَقَدْ يَكُونُ حِرْزًا لِجَلِّ الدَّابَّةِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَدَامَ مُلَاحَظَتَهُ إلَخْ) الْمُرَادُ مِنْ إدَامَةِ الْمُلَاحَظَةِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ عَنْهُ بِنَوْمٍ وَلَا غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ الْإِدَامَةُ الْمُتَعَارَفَةُ فَالْفَتَرَاتُ الْعَارِضَةُ أَثْنَاءَ الْمُلَاحَظَةِ لَا تَقْدَحُ فِي الْإِحْرَازِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلْعُرْفِ، فَإِذَا تَغَفَّلَهُ فِيهَا فَسَرَقَ قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَكَلَامِ أَصْحَابِهِ أَنْ يَكْتَفِيَ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْقُرْبِ قَالَ: وَشَرْطُ الْمُلَاحَظَةِ كَوْنُ الْمُلَاحِظِ بِحَيْثُ يَرَاهُ السَّارِقُ حَتَّى يَمْتَنِعَ مِنْ السَّرِقَةِ إلَّا بِتَغَفُّلِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَرَاهُ السَّارِقُ فَلَا قَطْعَ إذْ لَا حِرْزَ يَظْهَرُ لِلسَّارِقِ حَتَّى يَمْتَنِعَ مِنْ السَّرِقَةِ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَقَدْ قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَالْحَدُّ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُنَاسِبُ الْمُودَعَ إلَى التَّقْصِيرِ بِالْوَضْعِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْإِيدَاعِ فَحِرْزٌ وَمَا يَنْسُبُ فَلَيْسَ بِحِرْزٍ (تَنْبِيهٌ) أَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّ سَطْحَ الدَّارِ لَيْسَ بِحِرْزٍ وَهُوَ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِلِاسْتِدْلَالِ لِمَسْأَلَةٍ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ الْكِفَايَةِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَأَصَحُّهُمَا السَّطْحُ لِلْحَطَبِ وَالْقَصِيلِ وَالتِّبْنِ (قَوْلُهُ كَمَدَاسِهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا (قَوْلُهُ أَوْ خَاتَمِهِ) قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُخَلْخَلًا فِي أُصْبُعِهِ أَوْ كَانَ فِي الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا فَلَا قَطْعَ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالْكَلَامُ فِي مَتَاعٍ يُعَدُّ التَّوَسُّدُ بِهِ حِرْزًا لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْحُلِيِّ وَالنَّقْدِ فِي الصَّحْنِ وَالصِّفَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِمُعْتَمَدٍ وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ فَجَمِيعُ مَا يُوضَعُ تَحْتَ رَأْسِهِ مُحْرَزٌ بِهِ لِأَنَّ الْمُدْرَكَ فِي إحْرَازِهِ أَنَّهُ إذَا جَرَّهُ السَّارِقُ انْتَبَهَ النَّائِمُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الِاسْتِوَاءَ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْخَاتَمَ مِنْ أُصْبُعِ النَّائِمِ قُطِعَ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ خَاتَمٍ وَخَاتَمٍ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ فَصٌّ يُسَاوِي أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْقَطْعِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أُخِذَ لَتَنَبَّهَ غَالِبًا وَعَدَمُهُ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِشِدَّةٍ تَحْتَ الثِّيَابِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ: قَدْ ذَكَرُوا مِثْلَهُ فِيمَا لَوْ نَحَّى حَافِظَ الْخَيْمَةِ النَّائِمِ فِيهَا ثُمَّ سَرَقَ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا وَفِيمَا إذَا أَلْقَى النَّائِمُ عَلَى الْجَمَلِ عَنْهُ وَأَخَذَهُ عَدَمُ الْقَطْعِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ حَافِظًا لِمَا ذُكِرَ فَهُوَ مُضَيِّعٌ لِمَا نَامَ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي نَعْتَقِدُهُ الْقَطْعُ بِخِلَافِهِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت: يُفَرَّقُ إلَخْ) الْفَرْقُ فِيهِمَا وَاضِحٌ فَإِنَّ الْمَالَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ مُحْرَزٌ دُونَ الْمَقِيسِ فَإِنَّ صَاحِبَهُ ضَيَّعَهُ بِتَقْصِيرِهِ إذْ حَقُّهُ أَنْ لَا يُحْرِزَ شَيْئًا بِنَوْمِهِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِعَدَمِ شُعُورِهِ بِقَلْبِ السَّارِقِ لَهُ عَنْهُ أَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الْقَطْعِ مِمَّا إذَا لَمْ يُدِمْ الْمُلَاحَظَةَ الْمُعْتَادَةَ فِي الْأَمْكِنَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا وَالْمُعْتَمَدُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَمَلِ كَلَامُ الْبَغَوِيّ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي هَذِهِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ فِيمَا ذَكَرْنَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْجَيْبِ) أَيْ الضَّيِّقِ أَوْ الْوَاسِعِ الْمَزْرُورِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ سَرَقَهُ هُوَ قُطِعَ. (وَلَا بُدَّ فِي دَارٍ حَصِينَةٍ مُنْفَرِدَةٍ) عَنْ عِمَارَةٍ لِبَلَدٍ وَلَوْ بِبُسْتَانٍ (أَوْ بِبَرِّيَّةٍ) أَيْ لَا بُدَّ فِي كَوْنِهَا حِرْزًا (مِنْ حَارِسٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ بَابُهَا مَفْتُوحًا أَمْ مُغْلَقًا لِلْعُرْفِ (فَيَحْتَاجُ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ إلَى دَوَامِ الْمُلَاحَظَةِ) لَا مَعَ إغْلَاقِهِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ فِيهَا مَعَ إغْلَاقِهِ مُبَالًى بِهِ وَلَوْ كَانَ نَائِمًا فَحِرْزٌ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ (وَإِنْ كَانَتْ فِي بَلْدَةٍ فَإِغْلَاقُهَا) وَلَوْ (مَعَ نَوْمِهِ) وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (وَكَذَا مَعَ غَيْبَتِهِ فِي) زَمَنِ (الْأَمْنِ نَهَارًا كَافٍ) فِي كَوْنِهَا حِرْزًا اعْتِمَادًا عَلَى مُلَاحَظَةِ الْجِيرَانِ فِيهِمَا وَلِأَنَّ السَّارِقَ فِي الْأُولَى عَلَى خَطَرٍ مِنْ اطِّلَاعِ النَّائِمِ وَتَنَبُّهِهِ بِحَرَكَتِهِ وَاسْتِغَاثَتِهِ بِالْجِيرَانِ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ زَمَنُ الْخَوْفِ، وَاللَّيْلُ وَلَوْ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُلْتَحَقُ بِإِغْلَاقِ الْبَابِ مَا لَوْ كَانَ مَرْدُودَهُ وَخَلْفُهُ نَائِمٌ بِحَيْثُ لَوْ فُتِحَ لَأَصَابَهُ وَانْتَبَهَ وَقَالَ: إنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الضَّبَّةِ، وَالْمِتْرَاسِ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ نَائِمًا أَمَامَ الْبَابِ بِحَيْثُ لَوْ فُتِحَ لَانْتَبَهَ بِصَرِيرِهِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ (وَفَتْحُهَا مَعَ غَيْبَتِهِ مُطْلَقًا أَوْ) مَعَ (نَوْمِهِ وَلَوْ نَهَارًا) وَزَمَنَ أَمْنٍ (تَضْيِيعٌ) لِمَا فِيهَا فَلَيْسَتْ حِرْزًا لَهُ وَيُخَالِفُ أَمْتِعَةَ الْحَانُوتِ الْمَوْضُوعَةَ عَلَى بَابِهِ؛ لِأَنَّ الْأَعْيُنَ تَقَعُ عَلَيْهَا دُونَ مَا فِي الدَّارِ وَلَا نَظَرَ لِلَحْظِ الْجِيرَانِ فِي الثَّانِيَةِ لِتَسَاهُلِهِمْ فِيهِ إذَا عَلِمُوا بِأَنَّ الْحَافِظَ فِيهَا: نِعَمْ مَا فِيهَا مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَمَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا. وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مُطْلَقٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ تُوهِمُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ مُخَالِفٌ لِمَا بَعْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَالْمُسْتَيْقِظُ غَيْرُ الْمُلَاحِظِ كَالنَّائِمِ) فِيمَا مَرَّ، فَإِنْ كَانَ مُلَاحِظًا لَهَا مُبَالًى بِهِ فَمُحْرَزَةٌ بِهِ وَإِنْ كَانَ بَابُهَا مَفْتُوحًا نَعَمْ لَوْ لَمْ يُبَالِغْ فِي الْمُلَاحَظَةِ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ فَتَغَفَّلَهُ إنْسَانٌ فَسَرَقَ لَمْ يُقْطَعْ لِتَقْصِيرِهِ بِإِهْمَالِهِ الْمُرَاقَبَةَ مَعَ الْفَتْحِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى الْإِسْفَارِ حُكْمَ اللَّيْلِ وَمَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ انْقِطَاعِ الطَّارِقِ حُكْمَ النَّهَارِ (وَإِنْ ضَمَّ الْعَطَّارُ أَوْ الْبَقَّالُ) أَوْ نَحْوُهُمَا (الْأَمْتِعَةَ وَرَبَطَهَا) بِحَبْلٍ (عَلَى بَابِ الْحَانُوتِ أَوْ أَرْخَى) عَلَيْهَا شَبَكَةً (أَوْ خَالَفَ لَوْ حِينًا عَلَى بَابِ حَانُوتِهِ فَمُحْرَزَةٌ) بِذَلِكَ (بِالنَّهَارِ) وَلَوْ نَامَ فِيهِ أَوْ غَابَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْجِيرَانَ، وَالْمَارَّةَ يَنْظُرُونَهَا وَفِيمَا فَعَلَ مَا يُنَبِّهُهُمْ لَوْ قَصَدَهَا السَّارِقُ (وَكَذَا بِاللَّيْلِ) هِيَ مُحْرَزَةٌ بِذَلِكَ لَكِنْ (مَعَ حَارِسٍ) أَمَّا إذَا تَرَكَهَا مُفَرَّقَةً وَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَتْ بِمُحْرَزَةٍ (، وَالْبَقْلُ وَنَحْوُهُ) كَالْفُجْلِ (إنْ ضُمَّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ) وَتُرِكَ عَلَى بَابِ الْحَانُوتِ (وَطَرَحَ عَلَيْهِ حَصِيرًا) أَوْ نَحْوَهُ فَهُوَ (مُحْرَزٌ بِحَارِسٍ وَإِنْ رَقَدَ سَاعَةً وَدَارَ) عَلَى مَا يَحْرُسُهُ (أُخْرَى، وَالْأَمْتِعَةُ النَّفِيسَةُ) الَّتِي تُتْرَكُ عَلَى الْحَوَانِيتِ (فِي لَيَالِيِ الْأَعْيَادِ) وَنَحْوِهَا (لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ وَتُسْتَرُ بِقَطْعٍ وَنَحْوِهِ مُحْرَزَةٌ بِحَارِسٍ) ؛ لِأَنَّ أَهْلَ السُّوقِ يَعْتَادُونَ ذَلِكَ فَيَقْوَى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ بِخِلَافِ سَائِرِ اللَّيَالِيِ (وَالثِّيَابُ) الْمَوْضُوعَةُ (عَلَى بَابِ حَانُوتِ الْقَصَّارِ) وَنَحْوِهِ (كَأَمْتِعَةِ الْعَطَّارِ) الْمَوْضُوعَةِ عَلَى بَابِ حَانُوتِهِ فِيمَا مَرَّ (وَتُحَرَّزُ الْقُدُورُ) الَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا فِي الْحَوَانِيتِ (بِشَرَائِجَ) بِالْجِيمِ أَيْ بِسُدَدٍ تُنْصَبُ (عَلَى بَابِ الْحَانُوتِ) لِلْمَشَقَّةِ فِي نَقْلِهَا إلَى بِنَاءٍ وَإِغْلَاقِ بَابٍ عَلَيْهَا (وَ) يُحْرَزُ (الْحَطَبُ وَطَعَامُ الْبَيَّاعِينَ) الَّذِي فِي غَرَائِرَ (بِشَدِّ الْغَرَائِرِ، وَالْحِطَابِ بِبَعْضٍ) أَيْ يُشَدُّ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا (إلَى بَعْضٍ) بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا بِحَلِّ الرِّبَاطِ أَوْ فَتْقِ بَعْضِ الْغَرَائِرِ (حَيْثُ اُعْتِيدَ) ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعْتَدْ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ بَابٌ مُغْلَقٌ وَبَاءٌ بِبَعْضٍ زَائِدَةٌ (وَ) تُحَرَّزُ (الْأَجْذَاعُ الثَّقِيلَةُ بِالتَّرْكِ) لَهَا (عَلَى الْأَبْوَابِ) أَيْ أَبْوَابِ الْمَسَاكِنِ دُونَ الصَّحْرَاءِ (، وَالْحَانُوتُ الْمُغْلَقُ بِلَا حَارِسٍ حِرْزٌ لِمَتَاعِ الْبَقَّالِ فِي) زَمَنِ (الْأَمْنِ) وَلَوْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ حَتَّى وَلَوْ كَانَ فِيهَا مَعَ إغْلَاقِهِ مُبَالًى بِهِ وَلَوْ نَائِمًا فَحِرْزٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذَا هُوَ الْأَقْوَى فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَالْأَقْرَبُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْأَرْجَحُ لِلْفَتْوَى وَذَكَرَ نَصًّا لِلْأُمِّ يُوَافِقُهُ وَالْمَنْقُولُ فِي الذَّخَائِرِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ إذَا كَانَ نَائِمًا وَهِيَ مُغْلَقَةٌ فَهِيَ حِرْزٌ وَلَمْ يَذْكُرُوا سِوَاهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْخَيْمَةِ بِالصَّحْرَاءِ بَلْ الدَّارُ الْمُغْلَقَةُ أَوْلَى بِكَوْنِهَا حِرْزًا مِنْ الْخَيْمَةِ وَقَدْ جَمَعَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ فِي اتِّفَاقِ مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ: كُلُّ بَيْتٍ أَوْ خَيْمَةٍ فِي الصَّحْرَاءِ لَا يَصِيرُ حِرْزًا بِإِغْلَاقِ بَابِهِ مَا لَمْ يَنَمْ فِيهِ أَوْ عَلَى بَابِهِ حَارِسٌ وَقَالَ فِي الشَّافِي وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي بَرِّيَّةٍ لَمْ تَكُنْ حِرْزًا بِالْغَلْقِ حَتَّى يَنَامَ فِيهَا أَوْ عَلَى بَابِهَا أَوْ يَقْعُدَ مُقَابِلَهَا أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهَا حَارِسٌ إذَا عَلِمْت هَذَا عَرَفْت أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُغْلَقَةً وَبِهَا حَارِسٌ نَائِمٌ كَانَتْ حِرْزًا كَالْخَيْمَةِ الْمَزْرُورَةِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا مَعَ غَيْبَتِهِ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ نَهَارًا كَافٍ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ فِيمَا لَوْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَوَضَعَ الْمِفْتَاحَ فِي نَجْشٍ فَأَخَذَهُ السَّارِقُ وَفَتَحَ بِهِ الْبَابَ وَسَرَقَ الظَّاهِرُ أَنَّ وَضْعَ الْمِفْتَاحِ هُنَا تَفْرِيطٌ فَيَكُونُ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْقَطْعَ قَالَ وَلَمْ أَجِدْ الْمَسْأَلَةَ مَنْصُوصَةً فَإِنْ صَحَّتْ وَجَبَ اسْتِثْنَاؤُهَا مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الدَّارَ الْمُغْلَقَةَ نَهَارًا حِرْزٌ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ: إنَّ وَضْعَ الْمِفْتَاحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَلْتَحِقُ بِإِغْلَاقِ الْبَابِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ نَائِمًا إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَيْسَتْ حِرْزًا لَهُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَامَ عَلَى الْبَابِ الْمَفْتُوحِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) وَأَمَّا أَبْوَابُهَا بِمَا عَلَيْهَا مِنْ غَلْقٍ وَحِلَقٍ وَمَسَامِيرَ فَمُحْرَزَةٌ بِتَرْكِيبِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ كَمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ أَيْضًا وَمِثْلُهَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ سُقُوفُ الدَّارِ وَرُخَامُهَا وَجُدْرَانُهَا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ بَلْ يُوهِمُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ مُخَالِفٌ لِمَا بَعْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) مُخَالَفَتُهُ لَهُ بِسَبَبِ أَنَّهُ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِنَوْمِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُخَالِفُ مَا بَعْدَهُ بِشُمُولِهِ حَالَ تَيَقُّظِ الْحَارِسِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَهْلَ السُّوقِ يَعْتَادُونَ ذَلِكَ) فَمَنْ سَرَقَ الْمَتَاعَ مِنْ الدَّكَاكِينِ فِي اللَّيْلِ وَفِي السُّوقِ حَارِسٌ قُطِعَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 لَيْلًا (لَا) لِمَتَاعِ (الْبَزَّازِ لَيْلًا) بِخِلَافِ الْحَانُوتِ الْمَفْتُوحِ، وَالْمُغْلَقِ زَمَنَ الْخَوْفِ وَحَانُوتِ مَتَاعِ الْبَزَّازِ لَيْلًا (، وَالْأَرْضُ حِرْزٌ لِلْبَذْرِ، وَالزَّرْعِ) لِلْعَادَةِ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَالْمَرْوَزِيِّ فِي الزَّرْعِ وَقَاسَ عَلَيْهِ الْبَذْرَ وَنَقَلَ قَبْلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهَا لَيْسَتْ حِرْزًا لَهُمَا إلَّا بِحَارِسٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِمَادُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ عُرْفِ النَّوَاحِي فَيَكُونُ مُحَرَّزًا مِنْ نَاحِيَةٍ بِحَارِسٍ وَفِي غَيْرِهَا مُطْلَقًا (فَرْعٌ) نَقَلَ الْمَرْوَرُوذِيُّ عَنْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَوْ دَفَنَ مَالَهُ فِي الصَّحْرَاءِ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ وَعَنْ أَبِي سَهْلٍ الْأَبِيوَرْدِيِّ إنَّهُ يُقْطَعُ (، وَالتَّحْوِيطُ بِلَا حَارِسٍ لَا يُحْرِزُ الثِّمَارَ) وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْأَشْجَارِ (إلَّا إنْ اتَّصَلَتْ بِجِيرَانٍ يُرَاقِبُونَهَا عَادَةً) وَمِثْلُهَا الزَّرْعُ، وَالْبَذْرُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ وَبِهِ يُعْرَفُ أَنَّهُ مُعْتَمِدٌ لِكَلَامِ الْبَغَوِيّ السَّابِقِ (وَأَشْجَارُ أَفْنِيَةِ الدُّورِ مُحْرَزَةٌ بِلَا حَارِسٍ) بِخِلَافِهَا فِي الْبَرِّيَّةِ (وَالثَّلْجُ فِي الْمَثْلَجَةِ، وَالْجَمْدُ فِي الْمَجْمَدَةِ، وَالتِّبْنُ فِي الْمَتْبَنِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَالْحِنْطَةُ فِي الْمَطَامِيرِ (فِي الصَّحْرَاءِ غَيْرُ مُحَرَّزٍ) كُلٌّ مِنْهَا (إلَّا بِحَارِسٍ وَأَبْوَابُ الدُّورِ) ، وَالْبُيُوتُ الَّتِي فِيهَا، وَالْحَوَانِيتُ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ مَغَالِيقَ وَحِلَقٍ وَمَسَامِيرَ (مُحْرَزَةٌ بِالتَّرْكِيبِ) لَهَا وَلَوْ مَفْتُوحَةً وَلَمْ يَكُنْ فِي الدُّورِ، وَالْحَوَانِيتِ أَحَدٌ وَمِثْلُهَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ سُقُوفُ الدُّورِ، وَالْحَوَانِيتِ وَرُخَامُهَا (وَالْآجُرُّ) مُحْرَزٌ (بِالْبِنَاءِ أَوْ بِصَحْنِ الدَّارِ إنْ أُحْرِزَتْ مَا فِيهَا) وَإِلَّا فَغَيْرُ مُحْرَزٍ (، وَالْخَيْمَةُ) مُحْرَزَةٌ (بِضَرْبِهَا) بِأَنْ تُشَدَّ أَوْتَادُهَا (مَعَ حَارِسٍ لَهَا) وَإِنْ نَامَ وَلَمْ يُرْسِلْ أَذْيَالَهَا (فِي الصَّحْرَاءِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُضْرَبْ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَارِسٌ (وَمَا فِيهَا) مُحْرَزٌ (بِإِرْسَالِ الْأَذْيَالِ) مَعَ حَارِسٍ (وَإِنْ نَامَ وَلَوْ بِقُرْبِهَا) وَلَمْ يُرْسِلْ بَابَهَا لِحُصُولِ الْإِحْرَازِ بِذَلِكَ عَادَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُرْسَلْ أَذْيَالُهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَارِسٌ (وَلَوْ ضُرِبَتْ بَيْنَ الْعِمَارَةِ فَحُكْمُهَا كَمَتَاعٍ) مَوْضُوعٍ (بَيْنَ يَدَيْهِ فِي سُوقٍ) حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهَا دَوَامُ الْمُلَاحَظَةِ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي الصَّحْرَاءِ مَنْ يَتَقَوَّى بِهِ) الْحَارِسُ الَّذِي لَا يُبَالِي بِهِ، فَلَوْ كَانَ بِمَفَازَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْغَوْثِ فَلَا إحْرَازَ (وَلَوْ نَحَّى) السَّارِقُ (النَّائِمِ) فِي الْخَيْمَةِ وَأَبْعَدَهُ عَنْهَا (ثُمَّ سَرَقَهَا) أَوْ مَا فِيهَا (لَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِرْزًا حِينَ سَرَقَ (وَتُحْرَزُ السَّائِمَةُ) مِنْ إبِلٍ وَخَيْلٍ وَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ وَغَيْرِهَا (فِي الْمَرْعَى) الْخَالِي عَنْ الْمَارِّينَ (بِمُلَاحَظَةٍ لِرَاعٍ) بِأَنَّهُ يَرَاهَا وَيَبْلُغُهَا صَوْتُهُ (فَإِنْ نَامَ أَوْ غَفَلَ) عَنْهَا (أَوْ اسْتَتَرَ) عَنْهُ (بَعْضُهَا فَمُضَيِّعٌ) لَهَا إلَّا الْأَخِيرَةَ فَلِبَعْضِهَا الْمُسْتَتِرِ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَخْلُ الْمَرْعَى عَنْ الْمَارِّينَ حَصَلَ الْإِحْرَازُ بِنَظَرِهِمْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ (وَإِنْ بَعُدَ) عَنْ بَعْضِهَا (وَلَمْ يَبْلُغْهَا) يَعْنِي بَعْضَهَا (صَوْتُهُ فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ لِعَدَمِ بُلُوغِ الصَّوْتِ لَهُ، وَالثَّانِي مُحْرَزٌ اكْتِفَاءً بِالنَّظَرِ لِإِمْكَانِ الْعَدْوِ إلَى مَا لَمْ يَبْلُغْهُ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَعَزَاهُ الْعِمْرَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى الْأَكْثَرِينَ (وَاشْتَرَطُوا بُلُوغَهُ) أَيْ صَوْتِ الرَّاعِي (فِي الْغَنَمِ) كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا عَلَى مَا مَرَّ وَإِنْ كَانَتْ مُجْتَمِعَةً كَغَيْرِهَا هَذَا تَكْرَارٌ لِفَهْمِهِ مِمَّا مَرَّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ قَبْلَهُ عَلَى غَيْرِهَا. (وَ) تُحْرَزُ السَّائِمَةُ (فِي الْمُرَاحِ) الْمُتَّصِلِ بِالْعِمَارَةِ (بِإِغْلَاقِهِ) أَيْ إغْلَاقِ بَابِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَارِسٌ اعْتِبَارًا بِالْعَادَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُرَاحُ مِنْ حَطَبٍ أَمْ قَصَبٍ أَمْ حَشِيشٍ أَمْ غَيْرِهَا بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالنَّهَارِ وَلَا بِزَمَنِ الْأَمْنِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الدَّارِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَتَسَامَحُ فِي أَمْرِ الْمَاشِيَةِ دُونَ غَيْرِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا أَحَاطَتْ بِهِ الْمَنَازِلُ الْأَهْلِيَّةُ، فَلَوْ اتَّصَلَ بِهَا وَأَحَدُ جَوَانِبِهِ يَلِي الْبَرِّيَّةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا (فَإِنْ كَانَ) مَفْتُوحًا أَوْ (بِبَرِّيَّةٍ اُشْتُرِطَ حَارِسٌ وَ) لَوْ كَانَ (يَنَامُ) بِهَا (إنْ أَغْلَقَ) الْبَابَ، فَإِنْ فُتِحَ فِيهَا وَفِي الْمُتَّصِلِ بِالْعِمَارَةِ اُشْتُرِطَ اسْتِيقَاظُ الْحَارِسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَوْمَهُ حِينَئِذٍ بِالْبَابِ كَافٍ كَمَا مَرَّ فِي الدُّورِ بَلْ أَوْلَى لِقُوَّةِ الْإِحْسَاسِ لِخُرُوجِ السَّائِمَةِ (وَتُحْرَزُ الدَّوَابُّ السَّائِرَةُ فِي شَارِعٍ وَأَوْلَادُهَا) التَّابِعَةُ لَهَا (بِسَائِقٍ) لَهَا (يَرَى) هَا (كُلَّهَا أَوْ قَائِدٍ لَهَا كَذَلِكَ) أَيْ يَرَاهَا كُلَّهَا إذَا الْتَفَتَ إلَيْهَا وَإِنَّمَا تُحْرَزُ بِهِ (إنْ أَكْثَرَ الِالْتِفَاتَ) إلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يَرَ بَعْضَهَا الْحَائِلَ فَهُوَ غَيْرُ مُحْرَزٍ (فَإِنْ رَكِبَ بَعْضَهَا فَقَائِدٌ لِمَا بَعْدَهُ سَائِقٌ لِمَا قَبْلَهُ) وَيَأْتِي فِي اشْتِرَاطِ بُلُوغِ الصَّوْتِ لَهَا مَا مَرَّ فِي الرَّاعِيَةِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ غَيْرَ إبِلٍ وَبِغَالٍ لَمْ يُشْتَرَطْ كَوْنُهَا مَقْطُورَةً (وَإِنْ كَانَتْ إبِلًا أَوْ بِغَالًا اُشْتُرِطَ قِطَارٌ لَهَا) أَيْ كَوْنُهَا مَقْطُورَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَسِيرُ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ غَالِبًا وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَقْرُبَ مِنْهَا أَوْ يَقَعَ نَظَرُهُ عَلَيْهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْأَرْضُ حِرْزٌ لِلْبَذْرِ وَالزَّرْعِ) الْمُحْرَزَةُ هِيَ الَّتِي تَكُونُ بِجَنْبِ الْمَزَارِعِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ عُرْفِ النَّوَاحِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْكَلَامَيْنِ عَلَى الْحَالَيْنِ إذْ الْمُحَكَّمُ فِي الْحِرْزِ الْعُرْفُ [فَرْعٌ لَوْ دَفَنَ مَالَهُ فِي الصَّحْرَاءِ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ] (قَوْلُهُ عَنْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ سُقُوفُ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ وَرُخَامُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الصَّحِيحُ فَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَاشْتَرَطُوا بُلُوغَهُ فِي الْغَنَمِ) مَا جَرَى عَلَيْهِ فِيهَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ وَالْوَجْهُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا فِيهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قِيلَ وَاشْتَرَطُوا (قَوْلُهُ هَذَا تَكْرَارٌ لِفَهْمِهِ مِمَّا مَرَّ) أَفْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ كَلَامَ أَصْلِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بُلُوغِ صَوْتِهِ لِجَمِيعِهَا وَالْوَجْهُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا فِيهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قِيلَ: وَاشْتَرَطُوا وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَقَيَّدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الْآهِلَةُ) أَيْ بِهَا أَهْلُهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ يَنَامُ بِهَا) مَا أَطْلَقَاهُ مِنْ الْإِحْرَازِ بِالنَّائِمِ شَرَطَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَا يُوقِظُهُ لَوْ سُرِقَتْ مِنْ كِلَابٍ تَنْبَحُ أَوْ جَرَسٌ تَتَحَرَّكُ، فَإِنْ أَخَلَّ بِهَذَا عِنْدَ نَوْمِهِ لَمْ يَكُنْ مُحْرَزًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ وَيُؤَيَّدُ مَا يَذْكُرُهُ فِي الْمَعْقُولَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَوْمَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبِهِ الْفَتْوَى فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمُّ وَرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الثَّانِيَ وَتَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ بِسَوْقِ إبِلِهِمْ بِلَا تَقْطِيرٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْقِطَارِ (كَالْعَادَةِ) وَقَدَّرُوهُ بِتِسْعَةٍ وَخَالَفَ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَدَّرَهُ بِسَبْعَةٍ وَقَالَ: إنَّ الْأَوَّلَ تَصْحِيفٌ (فَلَوْ زَادَ عَلَى تِسْعَةٍ جَازَ) أَيْ كَانَ الزَّائِدُ مُحْرَزًا (فِي الصَّحْرَاءِ لَا) فِي (الْعُمْرَانِ) وَقِيلَ غَيْرُ مُحْرَزٍ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَقِيلَ لَا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ وَمَا ذَكَرَهُ تَوَسُّطٌ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَصَحَّحَهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَلَا كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ، وَالتَّقْيِيدُ بِالتِّسْعِ أَوْ السَّبْعِ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ ثُمَّ قَالَا وَسَبَبُ اضْطِرَابِهِمْ فِي الْعَدَدِ اضْطِرَابُ الْعُرْفِ فِيهِ فَالْأَشْبَهُ الرُّجُوعُ فِي كُلِّ مَكَان إلَى عُرْفِهِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْوَافِي (وَمَا غَابَ عَنْ نَظَرِهِ) فِي السَّائِرَةِ (فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ) كَمَا فِي السَّائِمَةِ فِي الْمَرْعَى (وَلِلَبَنِهَا وَمَا عَلَيْهَا) مِنْ صُوفٍ وَوَبَرٍ وَمَتَاعٍ وَغَيْرِهَا (حُكْمُهَا) فِي الْإِحْرَازِ وَعَدَمِهِ لَكِنْ لَوْ حَلَبَ مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ حَتَّى بَلَغَ نِصَابًا فَفِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَحَدُهُمَا لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهَا سَرِقَاتٌ مِنْ إحْرَازٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ ضَرْعٍ حِرْزٌ لِلَبَنِهِ وَثَانِيهِمَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْمُرَاحَ حِرْزٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهَا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهُوَ اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي جَزِّ الصُّوفِ وَنَحْوِهِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّوَابُّ لِوَاحِدٍ أَوْ مُشْتَرَكَةً أَيْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ قُطِعَ بِالثَّانِي (وَقَدْ يُسْتَغْنَى) فِيمَا إذَا سَيَّرَهَا (فِي السُّوقِ) وَنَحْوِهِ (بِنَظَرِ الْمَارَّةِ) عَنْ نَظَرِهِ (وَتُحْرَزُ الْإِبِلُ الْمُعَقَّلَةُ) الْوَجْهُ قَوْلُ الْأَصْلِ الْمَعْقُولَةُ (فِي الْمُنَاخِ) بِحَارِسٍ وَلَوْ (بِالنَّائِمِ) ؛ لِأَنَّ فِي حِلِّهَا مَا يُوقِظُهُ (وَغَيْرُهَا بِالْمُلَاحِظِ) لَهَا وَفِي نُسْخَةٍ بِالْمُلَاحَظَةِ (وَقَدْ يُجْزِئُ) حَارِسٌ (وَاحِدٌ فِي غَنَمٍ فِي الصَّحْرَاءِ دُونَ الْعُمْرَانِ، وَالْقَبْرُ فِي) بَيْتٍ مُحْرَزٌ أَوْ (مَقْبَرَةٍ) فِي عِمَارَةٍ وَلَوْ (بِجَنْبِ الْبَلَدِ لَا فِي مَفَازَةٍ) أَوْ عِمَارَةٍ غَيْرِ مُحْرَزَةٍ (حِرْزٌ لِلْكَفَنِ الشَّرْعِيِّ) لِلْعَادَةِ بِخِلَافِ الْمَنْفِيِّ؛ لِأَنَّ السَّارِقَ حِينَئِذٍ يَأْخُذُ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى انْتِهَازِ فُرْصَةٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الشَّرْعِيِّ كَأَنْ زَادَ عَلَى خَمْسَةِ أَثْوَابٍ فَلَيْسَ الزَّائِدُ بِمُحْرَزٍ بِالْقَبْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَبْرُ بِبَيْتٍ مُحْرَزٍ، فَإِنَّهُ مُحْرَزٌ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ الرَّازِيّ وَلَوْ غَالَى فِي الْكَفَنِ بِحَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ لَا يُخَلَّى مِثْلُهُ بِلَا حَارِسٍ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ وَإِذَا كَانَ الْكَفَنُ مُحْرَزًا بِالْقَبْرِ (فَيُقْطَعُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ جَمِيعِ الْقَبْرِ) إلَى خَارِجِهِ لَا مِنْ اللَّحْدِ إلَى فَضَاءِ الْقَبْرِ وَتَرَكَهُ ثَمَّ لِخَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ تَمَامِ حِرْزِهِ وَعَطَفَ عَلَى الْكَفَنِ قَوْلَهُ (لَا لِغَيْرِهِ) بِأَنْ دُفِنَ مَعَ الْمَيِّتِ غَيْرُ الْكَفَنِ فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ كَمَا مَرَّ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْكَفَنِ الشَّرْعِيِّ وَهَذَا مَفْهُومٌ مِمَّا عُطِفَ عَلَيْهِ بَلْ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ لَا غَيْرُهُ. (وَلَوْ كُفِّنَ) الْمَيِّتُ (مِنْ التَّرِكَةِ فَنُبِشَ) قَبْرُهُ وَأُخِذَ مِنْهُ (طَالِب بِهِ الْوَرَثَةُ) مَنْ أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ وَإِنْ قُدِّمَ بِهِ الْمَيِّتُ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ (وَلَوْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَخَالَفَ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَدَّرَهُ بِسَبْعَةٍ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ تِسْعَةٌ بِالثَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فِي أَوَّلِهِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْفُورَانِيُّ فِي كِتَابَيْهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْعِمْرَانِيُّ وَكَذَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَجِيزِ وَالْوَسِيطِ وَنَسَبَهُ فِي الْبَسِيطِ إلَى الْأَصْحَابِ وَكَذَا رَأَيْته فِي التَّرْغِيبِ بِخَطِّ مُؤَلِّفِهِ وَعَلَيْهِ جَرَى الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَصَدَّرَا بِهِ كَلَامَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْوَسِيطِ وَأَقْصَى عَدَدِ الْقِطَارِ تِسْعَةٌ بِالْمُثَنَّاةِ فِي أَوَّلِهِ، وَالصَّحِيحُ سَبْعَةٌ بِالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ السِّينِ وَعَلَيْهِ الْعُرْفُ اهـ وَقَدْ بَيَّنَّا لَك أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْكُتُبِ تِسْعَةٌ بِالتَّاءِ فِي أَوَّلِهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْوَجِيزِ وَالْوَسِيطِ وَالنِّهَايَةِ سَبْعَةٌ، فَإِنْ كَانَ عُمْدَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ ذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ لِمَا نَقَلْنَاهُ وَالسَّبْعَةُ بِالسِّينِ فِي أَوَّلِهَا تَحْرِيفٌ مِنْ النُّسَّاخِ فَاعْلَمْهُ غ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ تَوَسُّطٌ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَصَحَّحَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا يُقْطَعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الْوَجْهُ تَعْبِيرُ قَوْلِ الْأَصْلِ الْمَعْقُولَةُ) تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُعَقَّلَةِ بِالتَّشْدِيدِ صَحِيحٌ فَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ: عَقَلْت الْإِبِلَ مِنْ الْعُقَّالِ شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ قَالَ وَهُنَّ مُعَقَّلَاتٌ فِي الْفِنَاءِ (قَوْلُهُ وَالْقَبْرُ فِي مَقْبَرَةٍ بِجَنْبِ الْبَلَدِ إلَخْ) أَطْلَقَ الشَّيْخَانِ الْقَبْرَ الَّذِي فِي الْمَقْبَرَةِ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنْ يَكُونَ الْقَبْرُ عَمِيقًا عَلَى مَعْهُودِ الْقُبُورِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَمِيقًا كَانَ دَفْنُهُ قَرِيبًا مِنْ ظَاهِرِ الْأَرْضِ لَمْ يُقْطَعْ وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْقَبْرِ مُحْتَرَمًا حَتَّى وَلَوْ دُفِنَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَسَرَقَ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ النَّبْشِ شَرْعًا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمًا لِيَخْرُجَ الْحَرْبِيُّ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا أَخْرَجَهُ وَحْدَهُ) فَلَوْ أَخْرَجَ الْمَيِّتَ بِكَفَنِهِ فَفِي الْقَطْعِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَقَضِيَّةُ مَا سَيَأْتِي فِي عَدَمِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ الْحُرِّ الْعَاقِلِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ الشَّرْعِيِّ) الطَّيِّبِ الْمَسْنُونِ كَالْكَفَنِ وَالْمِضْرَبَةِ وَالْوِسَادَةِ وَغَيْرِهِمَا كَالزَّائِدِ وَالطِّيبِ الزَّائِدِ عَلَى مَا يُسْتَحَبُّ كَذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالتَّابُوتُ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ كَالْأَكْفَانِ الزَّائِدَةِ وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي التَّابُوتِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَفِيهِ رَمْزٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَنَّهُ يَكُونُ كَالْكَفَنِ الْجَائِزِ فَيُقْطَعُ بِهِ حَيْثُ يُقْطَعُ بِالْكَفَنِ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الزَّائِدُ) أَيْ عَلَى الْخَمْسَةِ الْأَثْوَابِ الَّتِي تَلِي الْمَيِّتَ (قَوْلُهُ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الرَّازِيّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ) وَقِيلَ يَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ ابْتِدَاءً كَمَا يَبْقَى الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ابْتِدَاءً قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ ابْتِدَاءً مَمْنُوعٌ فَقَدْ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ ابْتِدَاءً فِيمَا جَرَى سَبَبُهُ فِي حَيَاتِهِ مِنْ نَصْبِ شَبَكَةٍ وَنَحْوِهَا يَقَعُ فِيهَا الصَّيْدُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَقَوْلُهُ فِي الدَّيْنِ: إنَّهُ لَا يَثْبُتُ ابْتِدَاءً مَمْنُوعٌ فَقَدْ يَثْبُتُ إذَا كَانَ لَهُ سَبَبٌ سَابِقٌ مِنْ رَدٍّ بِعَيْبٍ وَتَرَدٍّ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا عُدْوَانًا وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا التَّشْبِيهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَزُولُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 أَكَلَهُ) أَيْ الْمَيِّتَ (سَبُعٌ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ ذَهَبَ بِهِ سَيْلٌ وَبَقِيَ الْكَفَنُ (اقْتَسَمُوا الْكَفَنَ) لِذَلِكَ (وَلَوْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ سَيِّدٌ) مِنْ مَالِهِ أَوْ كُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (فَهُوَ) أَيْ الْكَفَنُ (كَالْعَارِيَّةِ لِلْمَيِّتِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْمِلْكِ إلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ابْتِدَاءً فَكَانَ الْمُكَفِّنُ مُعَبِّرَ إعَارَةٍ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا كَإِعَارَةِ الْأَرْضِ لِلدَّفْنِ (فَيُقْطَعُ بِهِ غَيْرُ الْمُعَبِّرِ) وَفِي نُسْخَةٍ غَيْرُ الْمُكَفِّنِ، وَالْخَصْمُ فِيهِ الْمَالِكُ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَالْإِمَامُ فِي الثَّالِثَةِ (وَإِنْ سُرِقَ الْكَفَنُ) وَضَاعَ وَلَمْ تُقْسَمْ التَّرِكَةُ (أَبْدَلَ) لُزُومًا (مِنْ التَّرِكَةِ) وَإِنْ كَانَ الْكَفَنُ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرِكَةٌ فَكَمَنْ مَاتَ وَلَا تَرِكَةَ لَهُ (فَلَوْ قُسِمَتْ ثُمَّ سُرِقَ) الْكَفَنُ (لَمْ يَلْزَمْهُمْ) إبْدَالُهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا إذَا كُفِّنَ أَوَّلًا فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ التَّكْفِينُ بِهَا عَلَى رِضَا الْوَرَثَةِ أَمَّا لَوْ كَفَّنَ مِنْهَا بِوَاحِدٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُمْ تَكْفِينُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِثَانٍ وَثَالِثٍ، وَالْخَمْسَةُ لِلْمَرْأَةِ كَالثَّلَاثَةِ لِلرَّجُلِ (وَتَنْضِيضُ الْحِجَارَةِ) أَيْ جَمْعُهَا (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ وَهُوَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ (عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَفْرِ كَالدَّفْنِ) لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْحَفْرُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْفَسَاقِي الْمَعْرُوفَةُ كَبَيْتِ قَوَدٍ حَتَّى إذَا لَمْ تَكُنْ فِي حِرْزٍ وَلَا لَهَا حَافِظٌ فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ الْكَفَنِ مِنْهَا، فَإِنَّ اللِّصَّ لَا يَلْقَى عَنَاءً فِي النَّبْشِ بِخِلَافِ الْقَبْرِ الْمُحْكَمِ عَلَى الْعَادَةِ. (وَلَيْسَ الْبَحْرُ حِرْزًا لِكَفَنِ) الْمَيِّتِ (الْمَطْرُوحِ فِيهِ) فَلَا يُقْطَعُ آخِذُهُ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَضَعَ الْمَيِّتَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ وَأَخَذَ كَفَنَهُ (وَلَوْ غَاصَ) فِي الْمَاءِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لَهُ فَلَا يُقْطَعُ آخِذُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ طَرْحَهُ فِي الْمَاءِ لَا يُعَدُّ إحْرَازًا كَمَا لَوْ تَرَكَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَغَيَّبَتْهُ الرِّيحُ بِالتُّرَابِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ (وَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْ دَارِهِ الَّتِي أَجَّرَهَا مَا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَضْعُهُ فِيهَا) ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَهُ مِنْ حِرْزٍ مُحْتَرَمٍ بِلَا شُبْهَةٍ بِخِلَافِ مَا لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَضْعُهُ فِيهَا كَأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَأَوَى إلَيْهَا مَاشِيَةً مَثَلًا وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِنْهَا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لَمْ يُقْطَعْ لَكِنْ شَبَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَسْأَلَةِ الْعَارِيَّةِ الْآتِيَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ وَفِيهِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ نَظَرٌ (وَكَذَا) يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْ دَارِهِ فِيمَا (لَوْ أَعَارَهَا) لِغَيْرِهِ مَا لِلْمُسْتَعِيرِ وَضْعُهُ فِيهَا لِمَا مَرَّ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إذَا رَجَعَ وَمِثْلُهُ لَوْ أَعَارَ عَبْدًا لِحِفْظِ مَالِ أَوْ رَعْيِ غَنَمٍ ثُمَّ سَرَقَ مَا يَحْفَظُهُ عَبْدُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَمَسْأَلَتَا الْإِجَارَةِ، وَالْإِعَارَةِ عُلِمَتَا مِمَّا مَرَّ أَوَائِلَ الشَّرْطِ الثَّانِي لَكِنَّ تَقْيِيدَهُمَا بِمَا ذُكِرَ إنَّمَا عُلِمَ هُنَا، فَلَوْ ذَكَرَهُ ثُمَّ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَذِكْرُهُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ (مِنْ دَارٍ اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْقَبْضِ) وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ (لَا بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ حَقَّ الْحَبْسِ فَأَشْبَهَ الْمُسْتَأْجِرَ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يُقْطَعْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلَوْ سَرَقَ الْأَجْنَبِيُّ مَغْصُوبًا) أَوْ نَحْوَهُ (لَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ لَمْ يَرْضَ بِإِحْرَازِهِ بِحِرْزِ غَاصِبِهِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ أَمْ لَا (وَكَذَا) لَا يُقْطَعُ (مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ) إلَى دَارِهِ أَوْ غَيْرِهَا (لِحَاجَةٍ) كَشِرَاءِ مَتَاعٍ (فَسَرَقَ) وَقَدْ دَخَلَ لِحَاجَتِهِ لَا لِلسَّرِقَةِ كَمَا لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ ثِيَابِ الْحَمَّامِ إذَا دَخَلَ لِيَغْتَسِلَ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَقِيلَ يُقْطَعُ، وَالتَّرْجِيحُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَمِنْ هَذَا الْآتِي أُخِذَ مِنْهُ التَّقْيِيدُ بِمَا ذَكَرْته (وَيُقْطَعُ بِالطَّعَامِ) أَيْ بِسَرِقَتِهِ (فِي) زَمَنِ (الْمَجَاعَةِ) إنْ وُجِدَ وَلَوْ عَزِيزًا بِثَمَنٍ غَالٍ وَهُوَ وَاجِدٌ لَهُ (لَا إنْ عَزَّ) أَيْ قَلَّ وُجُودُهُ (وَلَمْ يَقْدِرْ) هُوَ (عَلَيْهِ) فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُضْطَرِّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا قَطْعَ فِي عَامِ الْمَجَاعَةِ سَوَاءٌ أَخَذَ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ أَمْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ لَهُ هَتْكَ الْحِرْزِ لِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ (الرُّكْنُ الثَّالِثُ السَّرِقَةُ وَهِيَ) الْأَخْذُ لِمَالِ الْغَيْرِ (خُفْيَةً) مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ كَمَا مَرَّ (فَلَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ) وَهُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ الْهَرَبَ (وَ) لَا (مُنْتَهِبٌ) وَهُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ   [حاشية الرملي الكبير] مُلْكُهُمْ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَكِنْ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِذَلِكَ أَيْضًا وَهَذَا مِلْكٌ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمَالِكِ فِيهِ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ فِي الْحَالِ وَلَكِنْ قَدْ يُمْكِنُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فِيمَا لَوْ أَكَلَ السَّبُعُ الْمَيِّتَ أَوْ ذَهَبَ بِهِ السَّيْلُ وَنَحْوُهُ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْأَمْلَاكِ وَلِهَذَا ذَهَبَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَى أَنَّ الْوَارِثَ لَا مِلْكَ لَهُ إذْ لَا تَصَرُّفَ لَهُ وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ لَا مِلْكَ فِيهِ لِلْوَارِثِ لِعَدَمِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ كُفِّنَ مِنْهَا بِوَاحِدٍ فَيَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْخَمْسَةُ لِلْمَرْأَةِ كَالثَّلَاثَةِ لِلرَّجُلِ) لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لِلْوَارِثِ الْمَنْعُ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْ دَارِهِ الَّتِي أَجْرَاهَا مَا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَضْعُهُ فِيهَا) شَمَلَ مَا لَوْ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِهَا بِإِفْلَاسِ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِنْهَا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ فِي مَعْنَى دَوَامِ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ مَا إذَا انْتَقَضَتَا لَكِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الِانْتِقَالِ وَالتَّفْرِيغِ فَأَمَّا بَعْدَ التَّمَكُّنِ وَالتَّفْرِيطِ فِي الِانْتِقَالِ فَلَا قَطْعَ عَلَى الْمَالِكِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُمَا صَارَا غَاصِبَيْنِ فَدَخَلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ غَصَبَ حِرْزًا لَمْ يُقْطَعْ مَالِكُهُ غ عُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِهِ الْقَطْعُ بِكَوْنِهِمَا غَاصِبَيْنِ وَمِنْ قَوْلِهِ: إنَّ فِي مَعْنَى دَوَامِ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ مَا إذَا انْتَقَضَتَا لَكِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الِانْتِقَالِ وَالتَّفْرِيغِ أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَعْلَمَا بِانْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ كَانَ فِي مَعْنَى دَوَامِهَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَرِّطَا (قَوْلُهُ لَكِنْ شَبَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَسْأَلَةِ الْعَارِيَّةِ الْآتِيَةِ) أَيْ حَتَّى يَجْرِيَ فِي قَطْعِ الْمُؤَجِّرِ حِينَئِذٍ الْخِلَافُ فِي قَطْعِ الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) وَغَيْرُهُ نَظَرٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) فَلَوْ أَعَارَهُ قَمِيصًا فَلَبِسَهُ فَطَرَّ الْمُعِيرُ جَيْبَهُ وَأَخَذَ الْمَالَ قُطِعَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَنَقْبُ الْجِدَارِ كَطَرِّ الْجَيْبِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (مَبْحَثُ الرُّكْنِ الثَّالِثِ السَّرِقَةُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 الْقُوَّةَ، وَالْغَلَبَةَ (وَ) لَا (مُودَعٌ جَحَدَ) الْوَدِيعَةَ لِخَبَرِ «لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ، وَالْمُنْتَهِبِ، وَالْخَائِنِ قَطْعٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَفُرِّقَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّارِقِ بِأَنَّ السَّارِقَ يَأْخُذُ الْمَالَ خُفْيَةً وَلَا يَتَأَتَّى مَنْعُهُ فَشُرِعَ الْقَطْعُ زَجْرًا لَهُ وَهَؤُلَاءِ يَقْصِدُونَهُ عِيَانًا فَيُمْكِنُ مَنْعُهُمْ بِالسُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي كَوْنِ الْخَائِنِ يَقْصِدُ الْأَخْذَ عِيَانًا وَقْفَةٌ (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ: الْأَوَّلُ فِي إبْطَالِ الْحِرْزِ، فَلَوْ نَقَبَ فِي لَيْلَةٍ وَسَرَقَ وَفِي أُخْرَى قُطِعَ) كَمَا لَوْ نَقَبَ فِي أَوَّلِهَا وَسَرَقَ فِي آخِرِهَا (إلَّا إنْ كَانَ النَّقْبُ ظَاهِرًا) يَرَاهُ الطَّارِقُونَ (أَوْ عَلِمَ بِهِ الْمَالِكُ) فَلَا يُقْطَعُ لِانْتِهَاكِ الْحِرْزِ فَصَارَ كَمَا لَوْ سَرَقَهُ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا قُطِعَ فِي نَظِيرِهِ مِمَّا لَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ دَفَعَاتٍ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ تَمَّمَ السَّرِقَةَ وَهُنَا ابْتَدَأَهَا (وَإِنْ نَقَبَ وَاحِدٌ وَأَخْرَجَ آخَرُ) النِّصَابَ وَلَوْ فِي الْحَالِ (لَمْ يُقْطَعَا) أَيْ لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَسْرِقْ، وَالثَّانِي أَخَذَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَيَضْمَنُ الْأَوَّلُ الْجِدَارَ، وَالثَّانِي مَا أَخَذَهُ نَعَمْ إنْ بَلَغَ مَا أَخْرَجَهُ الْأَوَّلُ مِنْ آلَةِ الْجِدَارِ نِصَابًا قُطِعَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَخْذُ الْآلَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ، فَإِنْ سَلِمَ اعْتِبَارُ الْقَصْدِ لَزِمَ أَنْ يُقَالَ إنْ قَصَدَ سَرِقَةَ الْآلَةِ مَعَ مَا فِي الْحِرْزِ قُطِعَ بِالْآلَةِ وَحْدَهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَا يُطْلَقُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ لَمْ يُقْطَعْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْقَصْدُ وَيُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَسْرِقْ أَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ مَا فِي الْحِرْزِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَالُ (مُحْرَزًا بِمُلَاحِظٍ) لَهُ قَرِيبٍ مِنْ النَّقِيبِ (لَا نَائِمٍ قُطِعَ الْآخِذُ) لَهُ بِخِلَافِهِ فِي النَّائِمِ كَنَظِيرِهِ فِيمَنْ نَامَ فِي الدَّارِ وَبَابُهَا مَفْتُوحٌ (وَإِنْ نَقَبَا) أَيْ اثْنَانِ الْحِرْزَ (وَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا) الْمَالَ وَلَوْ شَدَّهُ عَلَيْهِ الْآخَرُ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ نَقَبَ وَاحِدٌ وَأَخْرَجَ مَعَ الْآخَرِ (قُطِعَ الْجَامِعُ بَيْنَ الْإِخْرَاجِ، وَالنَّقْبِ) فَقَطْ إنْ بَلَغَ نَصِيبُهُ فِي الثَّانِيَةِ نِصَابًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ (وَلَوْ قَرَّبَهُ أَحَدُ النَّاقِبَيْنِ إلَى النَّقْبِ أَوْ إلَى الْبَابِ وَأَخْرَجَهُ الْآخَرُ قُطِعَ الْمُخْرِجُ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْمُخْرِجُ لَهُ مِنْ الْحِرْزِ (وَإِنْ نَقَبَا وَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَ دِينَارٍ، وَالْآخَرُ سُدُسَهُ قُطِعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ رُبْعَ دِينَارٍ بَلْ أَكْثَرَ دُونَ الْآخَرِ (وَلَوْ أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَبِنَاتٍ فَمُشْتَرِكَانِ فِي النَّقْبِ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الِاشْتِرَاكُ أَنْ يَأْخُذَ آلَةً وَاحِدَةً وَيَسْتَعْمِلَاهَا مَعًا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي قَطْعِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ النَّقْبَ ذَرِيعَةٌ إلَى الْمَقْصُودِ وَلَا سَرِقَةَ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ الْمَذْكُورِ (وَلَوْ وَضَعَهُ أَحَدُهُمَا وَسَطَ النَّقْبِ) وَلَمْ يُنَاوِلْهُ الْآخَرُ (أَوْ نَاوَلَهُ لِآخَرَ هُنَاكَ) أَيْ فِي وَسَطِ النَّقْبِ فَأَخَذَهُ (وَأَخْرَجَهُ لَمْ يُقْطَعَا) أَيْ لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَإِنْ بَلَغَ الْمَالُ نِصَابَيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ، وَالْخَارِجَ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ نَقَبَ أَحَدُهُمَا وَوَضَعَ الْمَالَ بِوَسَطِ النَّقْبِ وَأَخَذَهُ الْآخَرُ وَخَرَجَ بِوَسْطِ النَّقْبِ مَا لَوْ وَضَعَهُ خَارِجَهُ فَأَخَذَهُ الْآخَرُ أَوْ نَاوَلَهُ لَهُ خَارِجَهُ، فَإِنَّ الدَّاخِلَ يُقْطَعُ (وَإِنْ رَبَطَهُ لِشَرِيكِهِ الْخَارِجِ فَجَرَّهُ قُطِعَ الْخَارِجُ) دُونَ الدَّاخِلِ وَعَلَيْهِمَا الضَّمَانُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيُقْطَعُ الْأَعْمَى بِسَرِقَةِ مَا دَلَّهُ عَلَيْهِ الزَّمِنُ) وَإِنْ حَمَلَهُ وَدَخَلَ بِهِ الْحِرْزَ لِيَدُلَّهُ عَلَى الْمَالِ وَخَرَجَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ السَّارِقُ (وَ) يُقْطَعُ (الزَّمِنُ بِمَا أَخْرَجَهُ، وَالْأَعْمَى حَامِلٌ لِلزَّمِنِ) لِذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ الْأَعْمَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَامِلًا لِلْمَالِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَحْمِلُ طَبَقًا فَحَمَلَ رَجُلًا حَامِلًا طَبَقًا لَمْ يَحْنَثْ وَكَالزَّمِنِ غَيْرُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَوْ قَالَ حَامِلٌ لَهُ كَانَ أَخْصَرَ (وَفَتْحُ الْبَابِ، وَالْقُفْلِ) بِكَسْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَتَسَوُّرُ الْحَائِطِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (كَالنَّقْبِ) فِيمَا مَرَّ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي) وُجُوهِ (النَّقْلِ) لِلْمَالِ (فَإِنْ جَرَّهُ مِنْ الْحِرْزِ بِمِحْجَنٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَكِلَابٍ (أَوْ رَمَى مِنْهُ إلَى خَارِجٍ) عَنْهُ (قُطِعَ وَلَوْ ضَاعَ) أَوْ لَمْ يَدْخُلْ هُوَ الْحِرْزَ إذْ النَّظَرُ لِلْإِخْرَاجِ لَا لِلْكَيْفِيَّةِ، وَالْمِحْجَنُ عَصًا مَحْنِيَّةُ الرَّأْسِ (وَإِنْ ابْتَلَعَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا مُودَعٌ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَسْبِقَ الْجَحْدُ إذْنٌ فِي وَضْعِ الْيَدِ فَهُوَ مُقَصِّرٌ فِي وَضْعِهِ عِنْدَهُ فَأَشْبَهَ وَضْعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزٍ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ حَبْسِهِ عَنْ مَالِكِهِ وَالْكَذِبُ فِي جُحُودِهِ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُوجِبًا لِلْقَطْعِ وَمَا رُوِيَ «عَنْ امْرَأَةٍ مَخْزُومِيَّةٍ كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ فَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ بِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُطِعَتْ يَدُهَا» ، فَجَوَابُهُ أَنَّهُ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا سَرَقَتْ فَقَطَعَهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ» إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ فَالْعَارِيَّةُ وَالْجَحْدُ إنَّمَا ذُكِرَا لِلتَّعْرِيفِ فَإِنَّهَا اُشْتُهِرَتْ بِذَلِكَ لَا أَنَّهُمَا سَبَبُ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ وَفِي كَوْنِ الْخَائِنِ يَقْصِدُ الْأَخْذَ عِيَانًا وَقْفَةٌ) جَوَابُهُ أَنَّ الْأَخْذَ عِيَانًا وَاضِحٌ فِيهِ أَيْضًا كَأَخْذِهِ الْوَدِيعَةَ الَّتِي خَانَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِخُفْيَةٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَبَ وَاحِدٌ وَأَخْرَجَ آخَرُ لَمْ يُقْطَعَا) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لَوْ نَقَبَ مِنْ جَانِبٍ وَغَيْرُهُ مِنْ جَانِبٍ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِصُنْعِ صَاحِبِهِ قُطِعَ مَنْ نَقَبَ أَوَّلًا فَقَطْ وَإِنْ وَقَعَ النَّقْبَانِ مَعًا قُطِعَا وَإِذَا أَخْرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا سَرَقَهُ مِنْ نَقْبِ صَاحِبِهِ كَانَ كَمَا لَوْ نَقَبَ وَاحِدٌ وَأَخْرَجَ الْمَالَ مِنْ الْبَابِ وَلَوْ هَتَكَ الْحِرْزَ وَاخْتَفَى فِيهِ فَجَاءَ صَاحِبُهُ بِمَتَاعٍ وَضَعَهُ فِيهِ فَأَخَذَهُ الْمُخْتَفِي خُفْيَةً وَخَرَجَ بِهِ فَلَا قَطْعَ لِأَنَّ الْمَالَ حَصَلَ فِي الْحِرْزِ بَعْدَ هَتْكِهِ قَالَهُ الْقَفَّالُ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ بَلَغَ مَا أَخْرَجَهُ الْأَوَّلُ مِنْ آلَةِ الْجِدَارِ نِصَابًا قُطِعَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْقَصْدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ رَمَى مِنْهُ إلَى خَارِجٍ عَنْهُ قُطِعَ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرْمِيَهُ مِنْ النَّقْبِ أَوْ الْبَابِ أَوْ مِنْ فَوْقِ الْجِدَارِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ بَعْدَ الرَّمْيِ أَوْ لَا أَوْ يَأْخُذَهُ غَيْرُهُ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَتْلَفَ بِالرَّمْيِ كَالزُّجَاجِ وَالْخَزَفِ أَوْ لَا، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ مِنْ مَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ لَا عَلِمَ بِذَلِكَ أَمْ جَهِلَهُ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَتْلَفَ الْمَرْمِيُّ قَبْلَ خُرُوجِ السَّارِقِ مِنْ الْحِرْزِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا: لَوْ رَمَاهُ فَاحْتَرَقَ أَوْ غَرِقَ فَعَنْ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ أَنَّهُ يُقْطَعُ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ وَعَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ لَا وَحَكَى ذَلِكَ الدَّارِمِيُّ وَقَالَ عِنْدِي: إنْ رَمَاهُ لِلنَّارِ وَالْمَاءِ عَالِمًا فَلَا وَإِنْ قَصَدَ إخْرَاجَهُ لِأَخْذِهِ قُطِعَ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَقَالَ لَمْ أَرَ هَذَا الْفَرْعَ لِغَيْرِهِ وَقَالَ لَوْ رَمَاهُ فَانْكَسَرَ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَطَّانِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ مَكْسُورًا وَابْنُ الْمَرْزُبَانِ صَحِيحًا، وَقَالَ: إنْ أَخَذَهُ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ قُطِعَ الرَّامِي دُونَ الْآخِذِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 جَوْهَرَةً) مَثَلًا فِي الْحِرْزِ (وَخَرَجَ) مِنْهُ (قُطِعَ إنْ خَرَجَتْ مِنْهُ) بَعْدُ لِبَقَائِهَا بِحَالِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَهَا فِي فِيهِ أَوْ وِعَاءٍ، فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ فَلَا قَطْعَ لِاسْتِهْلَاكِهَا فِي الْحِرْزِ كَمَا لَوْ أَكَلَ الْمَسْرُوقَ وَكَذَا لَوْ خَرَجَتْ مِنْهُ لَكِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا حَالَ الْخُرُوجِ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبَارِزِيُّ (وَإِنْ تَضَمَّخَ بِطِيبٍ) فِي الْحِرْزِ (وَخَرَجَ) مِنْهُ (لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ جُمِعَ مِنْ جِسْمِهِ نِصَابٌ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ يُعَدُّ إتْلَافًا لَهُ كَالطَّعَامِ وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَإِنْ أَخَذَ نِصَابًا وَأَتْلَفَ بَعْضَهُ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ وَمَا ذَكَرَهُ فِي صُورَةِ جَمْعِ النِّصَابِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي تَصْنِيفٍ وَالرَّافِعِيُّ نَقَلَ الْوَجْهَيْنِ عَنْ السَّرَخْسِيُّ وَهُمَا فِي تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ وَكَافِي الْخُوَارِزْمِيَّ وَتَعْلِيقَةِ الْقَاضِي وَالْقَاضِي قَالَ: الْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقَطْعِ وَلَا تَوَقُّفَ عِنْدَنَا فِي الْقَطْعِ بِهِ (وَإِنْ خَرَجَ) الْمَالُ (بِوَضْعِهِ) لَهُ (فِي مَاءٍ جَارٍ) فِي الْحِرْزِ (قُطِعَ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ بِفِعْلِهِ (أَوْ) فِي مَاءٍ (وَاقِفٍ فَمَنْ خَرَجَ) الْمَالُ (بِتَحْرِيكِهِ) قُطِعَ لِذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُحَرِّكُ لَهُ هُوَ أَمْ غَيْرَهُ نَعَمْ إنْ كَانَ غَيْرُهُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ مُعْتَقِدًا وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ وَقَدْ أَمَرَهُ الْوَاضِعُ بِذَلِكَ فَالْقَطْعُ عَلَى الْآمِرِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ نَقَبَ الْحِرْزَ ثُمَّ أَمَرَ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ بِإِخْرَاجِ مَا فِيهِ فَأَخْرَجَهُ (وَلَوْ خَرَجَ) مِنْهُ (بِانْفِجَارٍ أَوْ مَزِيدِ) سَيْلٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَلَا) يُقْطَعُ لِخُرُوجِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ (وَإِنْ رَمَى) ثَمَرَ شَجَرٍ بِحِجَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ بِدُخَانِ نَارٍ أَدْخَلَهَا (مِنْ خَارِجِ الْبُسْتَانِ فَتَسَاقَطَ الثَّمَرُ فِي الْمَاءِ وَخَرَجَ) مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ (فَلَا قَطْعَ) لِعَدَمِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ (وَإِنْ عَرَّضَهُ لِرِيحٍ مَوْجُودَةٍ) بِوَضْعِهِ عَلَى طَرَفِ النَّقْبِ أَوْ غَيْرِهِ (فَأَخْرَجَتْهُ) مِنْ الْحِرْزِ (قُطِعَ) وَلَا أَثَرَ لِمُعَاوَنَتِهَا كَمَا أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ حِينَئِذٍ وُجُوبَ الْقِصَاصِ وَحِلَّ الصَّيْدِ (لَا إنْ حَدَثَتْ) بَعْدَ تَعْرِيضِهِ لَهَا فَأَخْرَجَتْهُ فَلَا قَطْعَ كَمَا فِي زِيَادَةِ الْمَاءِ (وَإِنْ وَضَعَهُ) فِي الْحِرْزِ (عَلَى دَابَّةٍ سَائِرَةٍ أَوْ وَاقِفَةٍ وَسَيَّرَهَا) بِسَوْقٍ أَوْ قَوْدٍ أَوْ تَطْيِيرٍ حَتَّى خَرَجَتْ بِهِ (قُطِعَ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ بِفِعْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ سَائِرَةً وَلَا سَيَّرَهَا بَلْ سَارَتْ بِنَفْسِهَا وَلَوْ فَوْرًا (فَلَا) يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ لَهَا اخْتِيَارًا فِي السَّيْرِ، وَالْوُقُوفِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَطْعِ (وَلَوْ أَخْرَجَ شَاةً دُونَ النِّصَابِ فَتَبِعَتْهَا سَخْلَتَاهُ) أَوْ أُخْرَى (فَكَمَّلَ) بِهَا (النِّصَابَ لَمْ يُقْطَعْ) لِذَلِكَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي دُخُولِ السَّخْلَةِ فِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهَا سَارَتْ بِنَفْسِهَا وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا مِمَّا تَبِعَ الشَّاةَ (وَلَوْ نَقَبَ) حِرْزًا (وَأَمَرَ أَعْجَمِيًّا أَوْ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ) بِإِخْرَاجِ الْمَالِ (فَأَخْرَجَ قُطِعَ الْآمِرُ) ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ كَتَسْيِيرِ الدَّابَّةِ، وَالْمَأْمُورُ آلَةٌ لَهُ وَلَوْ قَالَ أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَانَ أَعَمَّ (أَوْ مُمَيِّزًا أَوْ قِرْدًا فَلَا) قَطْعَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ آلَةً لَهُ وَلِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ اخْتِيَارًا (وَإِنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ عَبْدًا غَيْرَ مُمَيِّزٍ لِصِغَرٍ أَوْ عُجْمَةٍ) أَوْ جُنُونٍ (قُطِعَ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ (وَحِرْزُهُ فِنَاءُ الدَّارِ) وَنَحْوُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْفِنَاءُ مَطْرُوقًا قَالَهُ الْإِمَامُ (سَوَاءٌ حَمَلَهُ) السَّارِقُ (أَوْ دَعَاهُ فَأَجَابَهُ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَهِيمَةِ تُسَاقُ أَوْ تُقَادُ (وَكَذَا) إنْ سَرَقَهُ (مُمَيِّزًا سَكْرَانًا أَوَنَائِمًا أَوْ مَضْبُوطًا) يُقْطَعُ سَارِقُهُ كَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَسَكْرَانُ مَمْنُوعُ الصَّرْفِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتْبَعَ أَصْلَهُ فِي حَذْفِ أَلِفِهِ لَكِنَّهُ صَرَفَهُ لِلتَّنَاسُبِ (وَلَوْ أَكْرَهَهُ) أَيْ الْمُمَيِّزَ (فَخَرَجَ) مِنْ الْحِرْزِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ يُقْطَعُ كَمَا لَوْ سَاقَ الْبَهِيمَةَ بِالضَّرْبِ وَلِأَنَّ الْقُوَّةَ الَّتِي هِيَ الْحِرْزُ قَدْ زَالَتْ بِالْقَهْرِ (لَا) إنْ أَخْرَجَهُ (بِخَدِيعَةٍ) فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهَا خِيَانَةٌ لَا سَرِقَةٌ (فَإِنْ حَمَلَ عَبْدًا) مُمَيِّزًا (قَوِيًّا) عَلَى الِامْتِنَاعِ (نَائِمًا) أَوْ سَكْرَانَ (فَفِي الْقَطْعِ تَرَدُّدٌ) ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْعَبْدِ مُحْرَزٌ بِقُوَّتِهِ وَجَرَى عَلَى عَدَمِ الْقَطْعِ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ، وَالْمَنْقُولُ الْقَطْعُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِيَانِ أَبُو الطَّيِّبِ وَحُسَيْنٌ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي أُمِّ الْوَلَدِ (لَا) إنْ حَمَلَهُ (مُسْتَيْقِظًا) فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ بِقُوَّتِهِ وَهِيَ مَعَهُ (وَلَوْ تَغَفَّلَ مُلَاحِظًا مَتَاعَهُ حَيْثُ لَا غَوْثَ) أَيْ لَا مُغِيثَ يُسْتَغَاثُ بِهِ شَخْصٌ (أَضْعَفُ مِنْهُ) وَأَخَذَ الْمَتَاعَ وَلَوْ عَلِمَ بِهِ الْمُلَاحِظُ لَطَرَدَهُ (لَا أَقْوَى) مِنْهُ (قُطِعَ) لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ بِاخْتِلَافِ الْآخِذِينَ كَمَا يَخْتَلِفُ أَصْلُ الْإِحْرَازِ بِاخْتِلَافِ أَصْنَافِ الْأَمْوَالِ (وَلَوْ سَرَقَ حُرًّا) وَلَوْ نَائِمًا أَوْ (طِفْلًا عَلَيْهِ قِلَادَةٌ) أَوْ غَيْرُهَا مِنْ حُلِيِّهِ أَوْ مَلَابِسِهِ (ثُمَّ نَزَعَهَا) مِنْهُ (لَمْ يُقْطَعْ) قَالَ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ بِمَالٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَضَعَهُ عَلَى دَابَّةٍ سَائِرَةٍ) أَيْ لِتَخْرُجَ مِنْ الْحِرْزِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُتَرَدِّدَةً فِي جَوَانِبِهِ فَوَضَعَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ عَرَضَ لَهَا الْخُرُوجُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ تَكُنْ سَائِرَةً) وَلَا سَيَّرَهَا بَلْ سَارَتْ بِنَفْسِهَا وَلَوْ فَوْرًا فَلَا يُقْطَعْ إلَخْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا وَكَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا، فَإِنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَكَانَ الْبَابُ مُغْلَقًا فَفَتَحَهُ لَهَا فَلَا تَوَقُّفَ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ تَحْتَ يَدِهِ مِنْ حِينِ الِاسْتِيلَاءِ وَلَمَّا فَتَحَ لَهَا الْبَابَ وَهِيَ تَحْمِلُهُ فَخَرَجَتْ كَانَ الْإِخْرَاجُ مَنْسُوبًا إلَيْهِ قَالَ: وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ لَهُ أَوْ مُسْتَأْجَرَةً مَعَهُ أَوْ مُسْتَعَارَةً وَخَرَجَتْ وَهُوَ مَعَهَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَ يَدِهِ فَفِعْلُهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَوْ أَتْلَفَتْ شَيْئًا بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا وَهُوَ مَعَهَا كَانَ ضَامِنًا لَهَا فَكَذَلِكَ يَكُونُ سَارِقًا لِمَا خَرَجَتْ بِهِ وَهُوَ مَعَهَا وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ اهـ لَا يُقْطَعُ فِي مَسَائِلِ الْأَرْبَعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّمَانِ وَالْقَطْعِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهَا سَارَتْ بِنَفْسِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ: قَدْ رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْغَصْبِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ كَتَسْيِيرِ الدَّابَّةِ إلَخْ) فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ بِمِحْجَنٍ مَعَهُ وَلِهَذَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى آمِرِهِ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ اخْتِيَارًا) اُسْتُشْكِلَ بِمَا إذَا عَلِمَهُ لِلْقَتْلِ ثُمَّ أَرْسَلَهُ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا يَجِبُ بِالْمُبَاشَرَةِ دُونَ السَّبَبِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ فس (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ صَرَفَهُ لِلتَّنَاسُبِ) صَرْفُهُ لُغَةُ بَنِي أَسَدٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي مُؤَنَّثِهِ سَكْرَانَةُ (قَوْلُهُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ) فِي أُمِّ الْوَلَدِ فَهُوَ الْمَذْهَبُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 وَمَا مَعَهُ فِي يَدِهِ وَمُحْرَزٌ بِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ حِرْزِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَزَعَ مِنْهُ الْمَالَ قُطِعَ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ ثُمَّ نَزَعَهَا مِنْ تَصَرُّفِهِ لَكِنْ نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الزَّبِيلِيِّ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا نَزَعَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ قَطْعًا فَعَلَيْهِ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ نَزَعَهَا وَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّهُ إنْ نَزَعَهَا مِنْهُ خِفْيَةً أَوْ مُجَاهَرَةً وَلَمْ يُمْكِنْهُ مَنْعُهُ مِنْ النَّزْعِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ جَرَّ بَعِيرًا مِنْ قَافِلَةٍ عَلَيْهِ أَمْتِعَتُهُ وَعَبْدٌ نَائِمٌ لَا حُرٌّ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَجَعَلَهُ بِمَضْيَعَةٍ (قُطِعَ) ؛ لِأَنَّ الْبَعِيرَ بِمَا عَلَيْهِ مَسْرُوقٌ بِخِلَافِهِ فِي الْحُرِّ وَلَوْ نَائِمًا؛ لِأَنَّ الْبَعِيرَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَتَاعِ فِي يَدِ الْحُرِّ وَمِثْلُهُ الْمُكَاتَبُ، وَالْمُبَعَّضُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَجْعَلْهُ بِمَضْيَعَةٍ كَأَنْ جَعَلَهُ بِقَافِلَةٍ أُخْرَى أَوْ بَلَدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ مَا نَقَلْته عَنْ الْأَصْلِ لِهَذَا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْتَيْقِظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْأَمْتِعَةِ؛ لِأَنَّ الْبَعِيرَ وَالْعَبْدَ مَسْرُوقَانِ نَعَمْ إنْ حَمَلَ الْعَبْدَ عَلَى الْقَوِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا انْتَهَى وَفِي كَوْنِهِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا حِينَئِذٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَعِيرَ مَسْرُوقٌ (وَإِنْ سَرَقَ قِلَادَةً) مَثَلًا مُعَلَّقَةً (عَلَى صَغِيرٍ) وَلَوْ حُرًّا (أَوْ كَلْبٍ مُحْرَزَيْنِ أَوْ) سَرَقَهَا (مَعَ الْكَلْبِ قُطِعَ) وَحِرْزُ الْحُرِّ الصَّغِيرِ حِرْزُ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ (وَحِرْزُ الْكَلْبِ حِرْزُ الدَّوَابِّ) (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي) الْمَحَلِّ (الْمَنْقُولِ إلَيْهِ) الْمَالُ الْمَسْرُوقُ (فَلَا قَطْعَ بِالنَّقْلِ) لَهُ (إلَى صَحْنِ الدَّارِ) الْمُقْفَلَةِ (مِنْ بَيْتٍ مَفْتُوحٍ) ؛ لِأَنَّ صَحْنَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لِلْمَالِ فَلَيْسَ الْمَالُ مُحْرَزًا فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ الْمَفْتُوحَ كَالْعَرْصَةِ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا لَوْ نَقَلَهُ مِنْ زَاوِيَةٍ إلَى أُخْرَى مِنْ الْحِرْزِ (فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُقْفَلًا وَبَابُ الدَّارِ مَفْتُوحٌ قُطِعَ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ إلَى مَحَلِّ الضَّيَاعِ (أَوْ كَانَا مَفْتُوحَيْنِ وَلَا حَافِظَ) ثَمَّ (أَوْ مُغْلَقَيْنِ فَلَا) يُقْطَعُ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ فِي الْأُولَى وَعَدَمِ إخْرَاجِهِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ تَمَامِ حِرْزِهِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الصُّنْدُوقِ إلَى الْبَيْتِ (هَذَا إذَا فَتَحَهُ) أَيْ بَابَ الدَّارِ (غَيْرُ السَّارِقِ، فَإِنْ فَتَحَهُ السَّارِقُ فَهُوَ فِي حَقِّهِ الْمُغْلَقِ) حَتَّى لَا يُقْطَعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يُقْطَعَ بَعْدَ إخْرَاجِهِ الْمَالَ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزِهِ (وَإِنْ أَخْرَجَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ) حِرْزٍ (مُشْتَرَكٍ) بَيْنَ جَمَاعَةٍ (كَالْخَانِ) ، وَالرِّبَاطِ (مَا سَرَقَهُ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ كَالصَّحْنِ) إلَى خَارِجِهِ (قُطِعَ) كَمَا لَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ مُخْتَصٍّ بِوَاحَةٍ (أَوْ) أَخَذَهُ (مِنْ حُجْرَةٍ) أَيْ لِلْخَانِ (وَأَخْرَجَهُ إلَى الصَّحْنِ فَرْقٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَابُ الْخَانِ مَفْتُوحًا أَوْ مُغْلَقًا كَمَا مَرَّ) فِي الدَّارِ مَعَ الْبَيْتِ وَقِيلَ يُقْطَعُ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الصَّحْنَ لَيْسَ حِرْزًا لِصَاحِبِ الْبَيْتِ بَلْ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ السُّكَّانِ فَهُوَ كَالسِّكَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ أَهْلِهَا، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ، وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ. وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالزَّرْكَشِيُّ الثَّانِي عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَبَعْضِ الْخُرَاسَانِيِّينَ قَالَا: وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَالتَّعْبِيرُ بِأَوْ فِيمَا ذُكِرَ وَنَحْوِهِ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّ بَيْنَ لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى مُتَعَدِّدٍ (وَإِنْ سَرَقَ أَحَدُ سُكَّانِهِ) أَيْ الْمُشْتَرَكِ (مِنْ الصَّحْنِ أَوْ مِنْ حُجْرَةٍ مَفْتُوحَةٍ لَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَا لَيْسَ مُحْرَزًا عَنْهُ لِشَرِكَتِهِ فِي الصَّحْنِ فِي الْأُولَى وَفَتْحِ الْبَابِ فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ) مِنْ حُجْرَةٍ (مُغْلَقَةٍ قُطِعَ بِالْإِخْرَاجِ) مِنْهَا وَلَوْ (إلَى الصَّحْنِ) ، وَالصَّحْنُ فِي حَقِّ السُّكَّانِ كَسِكَّةٍ مُنْسَدَّةٍ بِالْإِضَافَةِ إلَى الدُّورِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ بَابُ الْمُشْتَرَكِ مَفْتُوحًا أَمْ مُغْلَقًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَى السِّكَّةِ بَابٌ (وَإِنْ سَرَقَ الضَّيْفُ) مِنْ مَكَانِ مَضِيفِهِ (أَوْ الْجَارُ مِنْ حَانُوتِ جَارِهِ، وَالْمُغْتَسِلُ مِنْ الْحَمَّامِ) وَإِنْ دَخَلَ لِيَسْرِقَ (أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْ الدُّكَّانِ الْمَطْرُوقِ) لِلنَّاسِ (مَا لَيْسَ مُحْرَزًا عَنْهُ لَمْ يُقْطَعْ) عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي سَرِقَةِ ذَلِكَ (وَإِنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ لِيَسْرِقَ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَوْ لِيَغْتَسِلَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ (فَتَغَفَّلَ حَمَّامِيًّا) أَوْ غَيْرَهُ (اُسْتُحْفِظَ) مَتَاعًا فَحَفِظَهُ (فَأَخْرَجَ الْمَتَاعَ) مِنْ الْحَمَّامِ (قُطِعَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يُسْتَحْفَظْ أَوْ اُسْتُحْفِظَ فَلَمْ يَحْفَظْ لِنَوْمٍ أَوْ إعْرَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ حَافِظٌ (الرُّكْنُ الثَّالِثُ السَّارِقُ وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ، وَالِاخْتِيَارُ، وَالِالْتِزَامُ) ، وَالْعِلْمُ بِالتَّحْرِيمِ (فَيُقْطَعُ سَكْرَانُ بِمُحَرَّمٍ) أَيْ بِشُرْبِ مُحَرَّمٍ (سَرَقَ) هَذَا فَرْعُهُ عَلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ أَنَّ السَّكْرَانَ مُكَلَّفٌ وَقَدْ تَكَرَّرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَإِنَّمَا قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكَلَّفِ وَهُوَ بَابُ خِطَابِ الْوَضْعِ (وَلَا قَطْعَ) عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا لَكِنَّهُمَا يُعَزَّرَانِ إنْ كَانَا مُمَيِّزَيْنِ وَلَا عَلَى مُكْرَهٍ لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ الدَّافِعَةِ لِلْحَدِّ وَلَا (عَلَى حَرْبِيٍّ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ وَلَا عَلَى جَاهِلٍ لِعُذْرِهِ (وَيُقْطَعُ ذِمِّيٌّ بِمَالٍ مُسْلِمٍ كَعَكْسِهِ) بِجَامِعِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ ثُمَّ نَزَعَهَا مِنْ تَصَرُّفِهِ) أَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِثُمَّ نَزَعَهَا عَطْفًا عَلَى سَرَقَ إنْ نَزَعَهَا مِنْهُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ وَهُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ الزَّبِيلِيِّ وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ فَمَحَلُّهُ فِي نَزْعِهَا مِنْهُ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا فَتَصَرُّفُهُ حَسَنٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الزَّبِيلِيِّ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مَا إذَا نَزَعَهَا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ اهـ وَلِهَذَا زَادَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ: ثُمَّ نَزَعَهَا وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ نَزَعَهَا مِنْهُ فِي حِرْزِهَا قَبْلَ إخْرَاجِهِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا إذَا كَانَتْ الْقِلَادَةُ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا يَلِيقُ بِالصَّبِيِّ، فَإِنْ كَانَ فَوْقَ مَا يَلِيقُ بِهِ وَأَخَذَهُ مِنْ حِرْزِ الْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ قُطِعَ قَطْعًا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ مَا نَقَلْتُهُ عَنْ الْأَصْلِ لِهَذَا) ذِكْرُ الْأَصْلِ الْمَضْيَعَةَ وَالْأَمْتِعَةَ مِثَالٌ، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ نَامَ عَبْدٌ عَلَى بَعِيرٍ فَقَادَهُ وَأَخْرَجَهُ عَنْ الْقَافِلَةِ قُطِعَ أَيْ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْرَزًا بِالْقَافِلَةِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ إخْرَاجِهِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ تَمَامِ حِرْزِهِ) ؛ لِأَنَّ غَلْقَ الدَّارِ مَزِيدُ إيثَاقٍ لِلْمَالِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ فَهُوَ تَتِمَّةُ الْحِرْزِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الصُّنْدُوقِ إلَى الْبَيْتِ سَوَاءٌ كَانَ الصَّحْنُ حِرْزًا لِلْمَنْقُولِ أَمْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَوْ لِيَغْتَسِلَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ) مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ضَعِيفٌ فَلَا قَطْعَ فِيهِ (الرُّكْنُ الثَّالِثُ) (قَوْلُهُ وَالْعِلْمُ بِالتَّحْرِيمِ) أَشَارَ إلَيْهِ الْفَارِقِيُّ فِيمَا لَوْ أَمَرَ أَعْجَمِيًّا بِالسَّرِقَةِ فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ وَلِلِاعْتِقَادِ أَثَرٌ فِي إسْقَاطِ الْحُدُودِ ر غ (قَوْلُهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُلْتَزِمٌ لِلْأَحْكَامِ وَيُقْطَعُ أَيْضًا بِمَالِ ذِمِّيٍّ (وَكَذَا يُحَدُّ إنْ زَنَى) وَلَوْ بِغَيْرِ مُسْلِمَةٍ (وَإِنْ لَمْ يَرْضَ) بِحُكْمِنَا فِي الصُّورَتَيْنِ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَيْنَا (إنْ أَلْزَمْنَا) نَحْنُ (حَاكِمَنَا الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ) وَهُوَ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْمُسْلِمَةِ، وَالرَّاجِحُ فِي غَيْرِهَا، وَالْمَسْأَلَةُ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ (بِخِلَافِ الْمُعَاهَدِ) الشَّامِلِ لِلْمُسْتَأْمَنِ مَنْ إذَا زَنَى لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِلْأَحْكَامِ كَالْحَرْبِيِّ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا يُقْطَعُ مُعَاهَدٌ وَ) لَا (مُسْتَأْمَنٌ) بِسَرِقَةِ مَالِ غَيْرِهِمَا وَإِنْ شُرِطَ قَطْعُهُمَا بِهَا (وَلَا يُقْطَعُ لَهُمَا) بِسَرِقَةِ مَالِهِمَا لِذَلِكَ (وَلَا يَنْتَقِضُ عَهْدُهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِالسَّرِقَةِ إلَّا أَنْ شُرِطَ) عَلَيْهِ انْتِقَاضُ عَهْدِهِ بِهَا، وَالتَّرْجِيحُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَوْ أَخَّرَ الْجِزْيَةَ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ: وَفِي انْتِقَاضِ عَهْدِ الْمُعَاهَدِ بِالسَّرِقَةِ أَوْجُهٌ ثَالِثُهَا إنْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَسْرِقَ انْتَقَضَ وَإِلَّا فَلَا (الْبَابُ الثَّانِي) (فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ) (وَمِثْلُهَا الْمُحَارَبَةُ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَهُوَ) أَيْ مَا يَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ أُمُورٌ (ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ يَمِينُ الرَّدِّ، فَلَوْ نَكَلَ السَّارِقُ) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَ الْمُدَّعِي) يَمِينُ الرَّدِّ (قُطِعَ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقْطَعُ بِهِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَرَجَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ فِي الشَّرْطِ الثَّانِي لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الدَّعَاوَى وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِالْمَرْدُودَةِ كَمَا لَوْ قَالَ أَكْرَهَ فُلَانُ أَمَتِي عَلَى الزِّنَا فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْمَهْرُ دُونَ حَدِّ الزِّنَا وَلِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالسَّارِقُ إذَا أَنْكَرَ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا يُقْطَعُ وَهَذَا قَدْ أَنْكَرَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ قَطْعُ السَّارِقِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ أَوْ إقْرَارِهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَبَعْضُ الْخُرَاسَانِيِّينَ (الثَّانِي الْإِقْرَارُ فَيُقْطَعُ بِهِ) الْمُقِرُّ بِالسَّرِقَةِ لِخَبَرِ «مَنْ أَبْدَى لَنَا صَفْحَتَهُ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ» هَذَا (إنْ بَيَّنَ السَّرِقَةَ، وَالْمَسْرُوقَ مِنْهُ) وَقَدْرَ الْمَسْرُوقَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ (وَالْحِرْزَ بِتَعْيِينٍ أَوْ وَصْفٍ) لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ غَيْرَ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ سَرِقَةً مُوجِبَةً لَهُ وَسَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الشُّهُودِ (وَسَقَطَ الْقَطْعُ بِالرُّجُوعِ عَنْ السَّرِقَةِ، وَالْمُحَارَبَةِ) أَيْ عَنْ الْإِقْرَارِ بِهِمَا (وَلَوْ) كَانَ الرُّجُوعُ (فِي أَثْنَاءِ الْقَطْعِ) كَمَا يَسْقُطُ حَدُّ الزِّنَا بِالرُّجُوعِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِسَارِقٍ فَقَالَ مَا إخَالُكَ سَرَقْت قَالَ بَلَى سَرَقْت فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ» وَلَوْلَا أَنَّ الرُّجُوعَ مَقْبُولٌ لَمَا كَانَ لِلْحَثِّ عَلَيْهِ مَعْنًى (فَلَوْ بَقِيَ) مِنْ الْقَطْعِ بَعْدَ الرُّجُوعِ (مَا يَضُرُّ إبْقَاؤُهُ قَطَعَ) هُوَ (لِنَفْسِهِ) لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهِ (وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ قَطْعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَدَاوٍ وَخَرَجَ بِالْقَطْعِ الْمَالُ فَلَا يَسْقُطُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ (فَرْعَانِ) لَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ كَذَّبَ رُجُوعَهُ قَالَ الدَّارِمِيُّ لَا يُقْطَعُ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِمَا ثُمَّ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ثُمَّ رَجَعَ قَالَ الْقَاضِي سَقَطَ عَنْهُ الْقَطْعُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ كَانَ بِالْإِقْرَارِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الزِّنَا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ (وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ الْمُقِرِّينَ) بِالسَّرِقَةِ عَنْ إقْرَارِهِ دُونَ الْآخَرِ (قُطِعَ الْآخَرُ) فَقَطْ (فَلَوْ أَقَرَّ) وَاحِدٌ (بِإِكْرَاهِ أَمَةٍ عَلَى الزِّنَا) أَوْ بِالزِّنَا بِهَا بِلَا إكْرَاهٍ (حُدَّ وَإِنْ غَابَ سَيِّدُهَا) ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى (فَإِنْ رَجَعَ السَّيِّدُ) مِنْ غَيْبَتِهِ (وَقَالَ كُنْت مَلَّكْته إيَّاهَا) بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَأَنْكَرَ) هـ الْمُقِرُّ (لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ) إذْ لَوْ سَقَطَ لَمْ يُسْتَوْفَ فِي غَيْبَتِهِ (وَكَذَا) لَا يَسْقُطُ (إنْ قَالَ أَبَحْتهَا) لَهُ (وَإِنْ لَمْ يُنْكِرْ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُبَاحُ لِلْوَطْءِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَسْأَلَةَ سَرِقَةِ مَالِ الْغَائِبِ الْآتِيَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُعَاهَدِ) يَجُوزُ فِي الْمُعَاهَدِ فَتْحُ الْهَاءِ وَكَسْرُهَا [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ] (قَوْلُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ) السَّيِّدُ بِعِلْمِهِ يَقْضِي عَلَى عَبْدِهِ كَمَا سَبَقَ فِي الزِّنَا (قَوْلُهُ فَلَوْ نَكَلَ السَّارِقُ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي قُطِعَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ لَمْ يُقْطَعْ وَهُوَ مَا عَزَاهُ إلَيْهِ تِلْمِيذُهُ الْفَتَى وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الدَّعَاوَى وَيَثْبُتُ بِالْمَرْدُودَةِ الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ كَمَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِالْمَرْدُودَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَحْضَةِ الَّتِي لَا تَدْخُلُهَا الْأَيْمَانُ فِي إثْبَاتٍ وَلَا إنْكَارٍ فَصَارَتْ الْيَمِينُ مَقْصُورَةً عَلَى الْغُرْمِ دُونَ الْقَطْعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَنَا أَعْجَبُ مِنْ نَقْلِ الْإِمَامِ ذَلِكَ عَنْ الْأَصْحَابِ وَمُتَابَعَةِ الْغَزَالِيِّ لَهُ، وَقَدْ أَشَارَا جَمِيعًا إلَى اسْتِشْكَالِهِ وَظَنَّاهُ مَحَلَّ وِفَاقٍ وَإِنَّمَا هُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ لِبَعْضِ الْمَرَاوِزَةِ عَلَى أَنَّ فِي ثُبُوتِهِ وَقْفَةٌ، فَإِنْ ثَبَتَ فَهُوَ شَاذٌّ نَقْلًا وَمَعْنًى وَلَعَلَّهُ مُنْتَزَعٌ مِنْ الْوَجْهِ الضَّعِيفِ الدَّائِرِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ تَتَعَدَّى إلَى ثَالِثٍ عَلَى أَنَّ فِي انْتِزَاعِهِ مِنْهُ نَظَرًا أَيْضًا، فَإِنَّ ذَلِكَ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الْمَحْضَةِ وَقَدْ وَافَقَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ فِي الزِّنَا بِأَمَةِ الْغَيْرِ وَأَنَّهَا كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ) أَيْ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَخْ حَيْثُ قَالَ لَا يُقَامُ عَلَى سَارِقٍ وَلَا مُحَارِبٍ حَدٌّ إلَّا مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا شَاهِدَانِ وَإِمَّا الِاعْتِرَافُ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ) أَيْ وَالصَّوَابُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْجَانِيَ إذَا أَنْكَرَ حَيَاةَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَالَ الْجِنَايَةِ صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ لَا الْقِصَاصُ عَلَى الصَّحِيحِ لِلشُّبْهَةِ مَعَ أَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَحَقُّ اللَّهِ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَثْبُتَ بِالْيَمِينِ (تَنْبِيهٌ) لَا يَقْطَعُ السَّارِقَ الْحُرَّ أَوْ الْمُبَعَّضَ أَوْ الْمُكَاتَبَ إلَّا الْإِمَامُ أَوْ مَنْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ لِحِفْظِ مَالِهِ فَالْمُغَلَّبُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْإِمَامُ هُوَ النَّائِبُ فِيهِ وَلَمْ يُقَمْ حَدٌّ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بِإِذْنِهِ وَكَذَا فِي عَهْدِ الْخُلَفَاءِ مِنْ بَعْدِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا يَبْعُدُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّفْصِيلُ مِنْ الْمُقِرِّ الْعَالِمِ الْمُوَافِقِ لِلْقَاضِي فِي الْمَذْهَبِ [فَرْع أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ كَذَّبَ رُجُوعَهُ] (قَوْلُهُ حُدَّ وَإِنْ غَابَ سَيِّدُهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُقِرَّ لَوْ كَانَ مِنْ وَرَثَةِ السَّيِّدِ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ الْحَدُّ إلَى الْعِلْمِ بِحَيَاتِهِ حَالَ الزِّنَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ قَبْلُ فَيَكُونُ قَدْ وَطِئَ مِلْكَهُ لَا سِيَّمَا إذَا طَالَتْ الْغَيْبَةُ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَيْعِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْهُ الْحَدُّ إذَا أَقَرَّ بِوَقْفِ الْجَارِيَةِ عَلَيْهِ وَكَذَّبَهُ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت لَيْسَ الْوَقْفُ كَالْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِلَا قَبُولٍ عَلَى الْمُخْتَارِ (وَلَوْ أَقَرَّ) بِلَا دَعْوَى (بِسَرِقَةٍ لِغَائِبٍ) أَوْ شَهِدَ بِهَا شُهُودُ حِسْبَةٍ (لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يَقْدَمَ) مِنْ غَيْبَتِهِ وَيُطَالِبَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَبَاحَ لَهُ الْمَالَ وَلِأَنَّ الْقَطْعَ مُتَعَلِّقُ حَقِّ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ حِفْظًا لِمَالِهِ وَاشْتُرِطَ حُضُورُهُ وَفِي مَعْنَى حُضُورِهِ حُضُورُ وَكِيلِهِ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَهَلْ يُحْبَسُ) الْمُقِرُّ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ كَمَنْ أَقَرَّ بِقِصَاصٍ لِغَائِبٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ لَا يُحْبَسُ إلَّا إنْ قَصُرَتْ الْمَسَافَةُ وَتُوُقِّعَ قُدُومُهُ عَلَى قُرْبٍ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَاهِلَةِ أَوْ يُحْبَسُ إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ تَالِفَةً لِلْغُرْمِ وَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أُخِذَتْ مِنْهُ ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَ طُولِ الْمَسَافَةِ وَقِصَرِهَا (فِيهِ وُجُوهٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمُّ الْأَوَّلُ وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ الظَّاهِرُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ قُلْت وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ) أَيْ الْغَائِبُ (بِغَصْبٍ) لِمَالٍ (لَمْ يُطَالِبْهُ الْحَاكِمُ) بِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمَالِ الْغَائِبِ فَلَا يَحْبِسُهُ بِخِلَافِ السَّارِقِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْقَطْعِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ (إلَّا إنْ مَاتَ) الْغَائِبُ عَنْ الْمَالِ (وَخَلَّفَهُ لِطِفْلٍ وَنَحْوِهِ) فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُقِرَّ بِهِ وَيَحْبِسَهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (فَرْعٌ لَوْ أَقَرَّ عَبْدٌ بِسَرِقَةِ دُونَ النِّصَابِ لَمْ يُقْبَلْ) إلَّا إنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ (أَوْ بِنِصَابٍ قُطِعَ) كَإِقْرَارِهِ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُ قِصَاصًا (وَلَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ) وَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى سَيِّدِهِ لِتَعَلُّقِ الْغُرْمِ بِرَقَبَتِهِ إنْ تَلِفَ الْمَالُ وَانْتِزَاعُهُ مِنْهُ إنْ بَقِيَ وَهَذَا تَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ (فَرْعٌ لِلْقَاضِي التَّعْرِيضُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ اُتُّهِمَ (فِي) بَابِ (الْحُدُودِ) بِمَا يُوجِبُ شَيْئًا مِنْهَا (بِأَنْ يُنْكِرَ) مَا اُتُّهِمَ بِهِ مِنْهَا سَتْرًا لِلْقَبِيحِ وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ» (إنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ) ، فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّعْرِيضُ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْذِيبِ الشُّهُودِ (وَ) لَهُ التَّعْرِيضُ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا (بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ) وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِجَوَازِ الرُّجُوعِ لِمَا مَرَّ آنِفًا وَلِخَبَرِ مَاعِزٍ السَّابِقِ فِي بَابِ الزِّنَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ جَاهِلًا بِوُجُوبِ الْحَدِّ بِأَنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَإِذَا عَرَضَ لَهُ، فَإِنَّمَا يَعْرِضُ (بِمَا) أَيْ بِرُجُوعٍ (لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْغَيْرِ) مِنْ عُقُوبَةٍ وَغَيْرِهَا لَا بِمَا يُسْقِطُهُ حَتَّى لَا يَعْرِضَ فِي السَّرِقَةِ بِمَا يُسْقِطُ الْغُرْمَ وَإِنَّمَا يَسْعَى فِي دَفْعِ الْقَطْعِ كَمَا أَنَّهُ فِي حُدُودِ اللَّهِ يُسْتَحَبُّ السَّتْرُ وَفِي حُقُوقِ الْعِبَادِ يَجِبُ الْإِظْهَارُ (وَلَا يَقُولُ) لَهُ (ارْجِعْ) عَنْ الْإِقْرَارِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ صَرَائِحِ الرُّجُوعِ كَاجْحَدْهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْكَذِبِ وَمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلسَّارِقِ أَسَرَقْت قُلْ لَا» لَمْ يَصِحَّ (بَلْ) يَقُولُ لَهُ فِي الزِّنَا (لَعَلَّك لَامَسْت أَوْ) فِي شُرْبِ الْخَمْرِ لَعَلَّك (مَا عَلِمْته خَمْرًا أَوْ) فِي السَّرِقَةِ لَعَلَّك (سَرَقْت مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوَ كُلٍّ مِنْهُمَا نَحْوُ لَعَلَّك فَاخَذْتَ أَوْ قَبَّلْت أَوْ لَمْ تَعْلَمْهُ مُسْكِرًا أَوْ غَصَبْت أَوْ أَخَذْت بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَقَدْ وَرَدَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي الْأَخْبَار (وَلَا يُسْتَحَبُّ) لَهُ (التَّعْرِيضُ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ التَّعْرِيضَ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ (وَلَوْ عَرَّضَ لِلشُّهُودِ بِالتَّوَقُّفِ) فِي الشَّهَادَةِ بِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى (جَازَ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ) فِي السَّتْرِ، فَإِنْ انْتَفَتْ لَمْ يَجُزْ (الثَّالِثُ الشَّهَادَةُ فَيَثْبُتُ الْمَالُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ) شَاهِدٍ (وَيَمِينٍ وَلَا يَثْبُتُ الْقَطْعُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ) فَلَا يَثْبُتُ بِمَا ذُكِرَ كَسَائِرِ الْعُقُوبَاتِ وَهَذَا كَمَا يَثْبُتُ بِهِ الْغَصْبُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ دُونَهُمَا وَيُخَالِفُ مَا لَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ حَيْثُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَلَا الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ عَنْ الْقَتْلِ، وَالْغُرْمُ هُنَا لَيْسَ بَدَلًا عَنْ الْقَطْعِ وَوَصَفَ الشَّاهِدَيْنِ بِقَوْلِهِ (يُبَيِّنَانِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ فِي الْبَيْعِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ بَلْ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحَدُّ بِوَطْءِ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى حُضُورِهِ حُضُورُ وَكِيلِهِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُحْبَسُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا إذَا سَرَقَ مَالَ سَفِيهٍ هَلْ يَكْفِي فِي الْقَطْعِ طَلَبُ الْوَلِيِّ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ يَكْفِي طَلَبُ الْوَلِيِّ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ قَيِّمٍ، فَإِذَا طَلَبَ الْوَلِيُّ قُطِعَ كَمَا فِي الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ [فَرْعٌ أَقَرَّ عَبْدٌ بِسَرِقَةِ دُونَ النِّصَابِ] (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ جَاهِلًا إلَخْ) وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِأَنَّ حَدَّ اللَّهِ يُنْدَبُ إلَى سِتْرِ مُوجِبِهِ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ، فَإِنَّ عِبَارَةَ النَّصِّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَهَالَةِ بِالْحَدِّ لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ لَعَلَّهُ لَمْ يَسْرِقْ وَشَرَحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ بِأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى سَتْرِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ إذَا اعْتَرَفَ بِهِ فَثَبَتَ عَلَيْهِ سَقَطَ بِرُجُوعِهِ وَشَرَحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْجَهْلُ بِوُجُوبِ الْحَدِّ وَاسْتَبْعَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْجَاهِلِ بِجَوَازِ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ ثَالِثُ الْأَوْجُهِ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ فِي طَرِيقَةِ الْإِمَامِ الَّذِي يَحْكِي ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ وَيَنْقُلُ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُعَرِّضُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَأَمَّا فِي الطَّرِيقَةِ الَّتِي حَكَاهَا الرَّافِعِيُّ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ، فَإِنَّهُ مُتَعَيِّنٌ فِيهَا وَلَزِمَ مِنْ إسْقَاطِ هَذَا الْقَيْدِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ أَنْ يَكُونَ الثَّالِثُ ضَعِيفًا مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ ضَعِيفٌ فِي طَرِيقَةِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي طَرِيقَةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَقُولُ لَهُ ارْجِعْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ يُصَرِّحُوا بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَوْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْأَوَّلُ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ أَوْ فِي السَّرِقَةِ لَعَلَّك سَرَقْت إلَخْ) لَوْ رَجَعَ بَعْدَ قَطْعِ بَعْضِ الْيَدِ سَقَطَ الْبَاقِي، فَإِنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ وَإِلَّا فَلِلْمَقْطُوعِ قَطْعُ الْبَاقِي وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ، فَإِنَّهُ تَدَاوٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّعَرُّضُ) وَإِنْ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ (قَوْلُهُ جَازَ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ) نَعَمْ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى تَوَقُّفِهِمْ عَنْ الشَّهَادَةِ حَدٌّ عَلَى الْغَيْرِ لَمْ يَجُزْ التَّعْرِيضُ وَلَا التَّوَقُّفُ (قَوْلُهُ يُبَيِّنَانِ السَّارِقَ بِإِشَارَةٍ إلَيْهِ) ، فَإِنْ غَابَ فَبِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ (تَنْبِيهٌ) لَا تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ الْمُطْلَقَةُ فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 السَّارِقَ، وَالْمَسْرُوقَ مِنْهُ) وَقَدْرَ الْمَسْرُوقِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ (وَالْحِرْزَ) بِتَعْيِينٍ أَوْ وَصْفٍ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْمُقِرِّ بِالسَّرِقَةِ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَقُولَ) الشَّاهِدُ (لَا أَعْلَمُ لَهُ فِيهِ شُبْهَةً) وَقِيَاسُهُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ (وَإِنْ شَهِدَ) لَهُ (وَاحِدٌ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ) أَيْ بِسَرِقَتِهِ (وَآخَرُ بِأَسْوَدَ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا وَلَهُ) مَعَ ذَلِكَ (أَنْ يَدَّعِيَ) الثَّوْبَ (الْآخَرَ وَيَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَاسْتَحَقَّهُمَا) أَيْ الثَّوْبَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ، وَالْيَمِينِ كَمَا مَرَّ (وَلَا قَطْعَ) لِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ (أَوْ) شَهِدَ (اثْنَانِ) بِسَرِقَةٍ (وَاثْنَانِ) بِسَرِقَةٍ (فَإِنْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى عَيْنٍ وَاحِدَةٍ) كَالْمِثَالِ السَّابِقِ وَكَمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِسَرِقَةِ كِيسٍ غُدْوَةً وَاثْنَانِ بِسَرِقَةِ كِيسٍ عَشِيَّةً (ثَبَتَ الْقَطْعُ، وَالْمَالَانِ) لِتَمَامِ الْحُجَّتَيْنِ (وَإِنْ تَوَارَدَا عَلَى عَيْنٍ وَاحِدَةٍ) وَاخْتَلَفَ الْوَقْتُ كَأَنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِسَرِقَةِ كَذَا غُدْوَةً وَاثْنَانِ بِسَرِقَتِهِ عَشِيَّةً (تَعَارَضَتَا) فَيَتَسَاقَطَانِ وَفِي صُورَةِ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ، وَالْوَاحِدِ لَا يُقَالُ تَعَارَضَتَا؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ لَا تَتِمُّ (وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِكِيسٍ، وَالْآخَرُ بِكِيسَيْنِ ثَبَتَ الْكِيسُ وَقُطِعَ بِهِ) السَّارِقُ (إنْ بَلَغَ نِصَابًا وَإِنْ شَهِدَ بِثَوْبٍ وَهُوَ تَالِفٌ) وَقَدْ (قَوَّمَهُ أَحَدُهُمَا نِصَابًا، وَالْآخَرُ نِصْفَهُ ثَبَتَ النِّصْفُ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ (وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الْآخَرِ) أَيْ الشَّاهِدِ بِالنِّصَابِ (لِلْبَاقِي) مِنْهُ أَيْ لِأَخْذِهِ (وَلَا قَطْعَ) عَلَى السَّارِقِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِسَرِقَتِهِ وَقَوَّمَاهُ بِنِصَابٍ وَآخَرَانِ بِهَا وَقَوَّمَاهُ بِنِصْفِهِ ثَبَتَ النِّصْفُ وَلَا قَطْعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَدْ يَشْمَلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ أَلِفِ " شَهِدَا " رَاجِعًا إلَى كُلٍّ مِنْ وَاحِدٍ وَوَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ (وَلَوْ شَهِدَ بِسَرِقَةِ مَالِ) شَخْصٍ (غَائِبٍ) أَوْ حَاضِرٍ (حِسْبَةً قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمَا تَغْلِيبًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا قَطْعَ) عَلَى السَّارِقِ (حَتَّى يُطَالِبَ الْمَالِكُ) أَيْ يَدَّعِيَ بِمَالِهِ كَمَا مَرَّ (وَتُعَادُ الشَّهَادَةُ) بَعْدَ دَعْوَاهُ (لِلْمَالِ) أَيْ لِثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْحِسْبَةِ لَا تُقْبَلُ فِي الْمَالِ (لَا) لِثُبُوتِ (الْقَطْعِ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ فَبِقَطْعٍ بَعْدَ مُطَالَبَتِهِ؛ لِأَنَّا قَدْ سَمِعْنَا الشَّهَادَةَ أَوَّلًا وَإِنَّمَا انْتَظَرْنَا لِتَوَقُّعِ ظُهُورِ مُسْقِطٍ وَلَمْ يَظْهَرْ (وَفِي حَبْسِهِ مَا فِي حَبْسِ الْمُقِرِّ بِسَرِقَةِ مَالِ غَائِبٍ مِنْ تَرَدُّدٍ) أَيْ وُجُوهٍ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا وَبَيَانُ الرَّاجِحِ مِنْهَا (وَلَوْ سَرَقَ مَالَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ) أَوْ سَفِيهٍ فِيمَا يَظْهَرُ (فَلَا قَطْعَ حَتَّى يَبْلُغَ أَوْ يُفِيقَ) أَوْ يَرْشُدَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا سَرَقَهُ كَالْغَائِبِ (الْبَابُ الثَّالِثُ) (فِي الْوَاجِبِ) عَلَى السَّارِقِ (وَهُوَ ضَمَانُ الْمَالِ) وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلُهُ إنْ كَانَ تَالِفًا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَلِأَنَّ الْقَطْعَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالضَّمَانَ لِلْآدَمِيِّ فَلَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (وَقَطْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى) قَالَ تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَقُرِئَ شَاذًّا فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا، وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهَا كَمَا مَرَّ (وَلَوْ) كَانَتْ الْيَدُ (زَائِدَةَ الْأَصَابِعِ أَوْ فَاقِدَتَهَا) أَوْ مَقْطُوعَةَ الْبَعْضِ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَنَّ الْغَرَضَ التَّنْكِيلُ بِخِلَافِ الْقَوَدِ، فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ كَمَا مَرَّ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِرَارًا وَلَمْ يُقْطَعْ اُكْتُفِيَ بِقَطْعِ يَمِينِهِ عَنْ الْجَمِيعِ لِاتِّحَادِ السَّبَبِ كَمَا لَوْ زَنَى أَوْ شَرِبَ مِرَارًا يُكْتَفَى بِحَدٍّ وَاحِدٍ وَسَتَأْتِي الْأُولَى فِي الْبَابِ الْآتِي وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ فِيمَا لَوْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ فِي الْإِحْرَامِ فِي مَجَالِسَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا قَطْعَ لِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ) ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْفِعْلِ وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَا بِسَرِقَةِ مَالِ غَائِبٍ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا بِجَارِيَةِ غَائِبٍ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُنْتَظَرُ حُضُورُ الْغَائِبِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْفَرْقُ عِنْدِي أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي السَّرِقَةِ قَدْ تَضَمَّنَتْ مَالًا لِمُسْتَحِقٍّ لَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ دَعْوَى وَلَا مِنْ وَكِيلِهِ فَكَانَتْ الْبَيِّنَةُ غَيْرَ مُقْتَضِيَةٍ لِلثُّبُوتِ الْمُطْلَقِ وَلِهَذَا إذَا حَضَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الشَّهَادَةِ لِلْمَالِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِالزِّنَا فَلَيْسَ فِيهِ تَعَلُّقُ مَالٍ بِغَائِبٍ فَلِهَذَا لَمْ يُنْتَظَرْ حُضُورُهُ وَيُحَدُّ، فَإِنْ قِيلَ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ الشُّهُودُ فِي شَهَادَتِهِمْ إنَّهُ زَنَى بِأَمَةِ فُلَانٍ وَهِيَ مُكْرَهَةٌ قُلْنَا الْإِكْرَاهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الزِّنَا بِخِلَافِ السَّرِقَةِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ وَلَا قَطْعَ حَتَّى يُطَالِبَ الْمَالِكُ) قَالَ النَّاشِرِيُّ وَلَوْ قَطَعَهَا الْإِمَامُ قَبْلَ الطَّلَبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَرَقَ مَالَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا قَطْعَ إلَخْ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ السَّفِيهَ وَقَالَ يُقْطَعُ بِطَلَبِ وَلِيِّهِ الْمَالَ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَوْ قَالَ أَبَحْت الْمَالَ لِلسَّارِقِ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا وَقَالَ هَذَا هُوَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ قَالَ وَأَمَّا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ ابْنِ كَجٍّ مِنْ انْتِظَارِ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَإِفَاقَةِ الْمَجْنُونِ عِنْدَ سَرِقَةِ مَالَيْهِمَا إذَا انْتَظَرْنَا حُضُورَ الْغَائِبِ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ لِتَعَذُّرِ الْإِبَاحَةِ مِنْهُمَا فَيُكْتَفَى بِطَلَبِ الْوَلِيِّ. اهـ. وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ الْوَلِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ مَقَامَهُمَا فِي ذَلِكَ كَمَا يَقُومُ الْإِمَامُ مَقَامَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا سُرِقَ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ إذَا فُرِزَ لِطَائِفَةٍ وَإِلَّا فَالتَّأْخِيرُ إلَى الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِ الْحَقِّ قَالَ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالتَّأْخِيرِ هُنَا تَأْخِيرُ الْقَطْعِ لَا تَأْخِيرُ طَلَبِ الْمَالِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَا سِيَّمَا مَعَ طُفُولِيَّةِ الصَّبِيِّ وَعَدَمِ رَجَاءِ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ الْمُتَوَقَّعِ عَوْدُهُ وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لِتَعَذُّرِ الْإِبَاحَةِ مِنْهُمَا أَيْ حَالَةَ الصِّبَا وَالْجُنُونِ قَبْلَ السَّرِقَةِ صَحِيحٌ لَكِنْ إنَّمَا يَتِمُّ دَلِيلُهُ لَوْ تَوَقَّفَ سُقُوطُ الْقَطْعِ عَلَى الْإِبَاحَةِ قَبْلَ السَّرِقَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالْإِبَاحَةِ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ فَالْبُلُوغُ وَالْإِفَاقَةُ كَقُدُومِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ أَوْ سَفِيهٌ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْوَاجِبِ عَلَى السَّارِقِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْوَاجِبِ) (قَوْلُهُ وَقَطْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى) لَوْ كَانَ السَّارِقُ نِضْوًا بِحَيْثُ يُخْشَى مَوْتُهُ بِالْقَطْعِ وَلَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَقُطِعَ عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ قَاطِعُونَ وَيُؤَخَّرُ الْقَطْعُ لِلْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْبَعْضِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ مُعْظَمُ الْكَفِّ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ لَا تُقْطَعُ لَهُ أَصْلًا أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَيَكُونُ كَالْعَدَمِ قَطْعًا اهـ قَالَ شَيْخُنَا قَالَ فِي الْإِسْعَادِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 مَعَ اتِّحَادِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ فِيهَا حَقًّا لِآدَمِيٍّ؛ لِأَنَّهُ تُصْرَفُ إلَيْهِ فَلَمْ تَتَدَاخَلْ بِخِلَافِ الْحَدِّ (فَإِنْ عَادَ) أَيْ سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِ يُمْنَاهُ (فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَادَ) ثَالِثًا (فَيَدُهُ) الْيُسْرَى (فَإِنْ عَادَ) رَابِعًا (فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى) . رَوَى الشَّافِعِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ السَّارِقُ: إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» وَقُدِّمَتْ الْيَدُ؛ لِأَنَّهُمَا الْآخِذَةُ وَقُدِّمَتْ الْيَدُ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّ الْبَطْشَ بِهَا أَقْوَى فَكَانَ الْبُدَاءَةُ بِهَا أَرْدَعَ وَإِنَّمَا قُطِعَ مِنْ خِلَافٍ لِئَلَّا يَفُوتَ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ فَتَضْعُفَ حَرَكَتُهُ كَمَا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ (فَإِنْ عَادَ) خَامِسًا (عُزِّرَ) كَمَا لَوْ سَقَطَتْ أَطْرَافُهُ أَوَّلًا وَلَا يُقْتَلُ وَمَا رَوَى مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتْلُهُ» مَنْسُوخٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِقَتْلِهِ لِاسْتِحْلَالٍ أَوْ نَحْوِهِ بَلْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّهُ مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ (وَيُمَدُّ الْعُضْوُ حَتَّى يَنْخَلِعَ) تَسْهِيلًا لِلْقَطْعِ ثُمَّ يُقْطَعُ (مِنْ الْكُوعِ) فِي الْيَدِ (أَوْ) كَعْبِ (السَّارِقِ) فِي الرِّجْلِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي سَارِقِ رِدَاءِ صَفْوَانَ فِي الْأَوَّلِ وَلِفِعْلِ عُمَرَ فِي الثَّانِي كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ (وَيُقْطَعُ بِمَاضٍ) أَيْ حَادٍّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلْيَكُنْ الْمَقْطُوعُ جَالِسًا وَيُضْبَطُ لِئَلَّا يَتَحَرَّكَ (وَيُحْسَمُ عَقِيبَهُ) أَيْ الْقَطْعِ بِأَنْ يُغْمَسَ مَحَلُّهُ (بِدُهْنٍ) مِنْ زَيْتٍ أَوْ غَيْرِهِ (مَغْلِيٍّ) لِتَنْسَدَّ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْحَضَرِيِّ قَالَ: وَأَمَّا الْبَدْوِيُّ فَيُحْسَمُ بِالنَّارِ؛ لِأَنَّهُ عَادَتُهُمْ وَقَالَ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَإِذَا قُطِعَ حُسِمَ بِالزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ وَبِالنَّارِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فِيهِمَا انْتَهَى فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ عَادَةِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَيَفْعَلُ الْمَقْطُوعُ ذَلِكَ (اسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا) . وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ الْأَمْرُ بِهِ عَقِبَ الْقَطْعِ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي سَارِقٍ: اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ ثُمَّ احْسِمُوهُ» وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ أَلَمٍ، وَالْمُدَاوَاةُ بِمِثْلِ هَذَا لَا تَجِبُ بِحَالٍ نَعَمْ إنْ أَدَّى تَرْكُهُ إلَى الْهَلَاكِ لِتَعَذُّرِ فِعْلِهِ مِنْ الْمَقْطُوعِ بِجُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَجُزْ تَرْكُهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (لِمَصْلَحَتِهِ) أَيْ السَّارِقِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ لَا تَتِمَّةٌ لِلْحَدِّ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ دَفْعُ الْهَلَاكِ عَنْهُ بِنَزْفِ الدَّمِ فَلَا يُفْعَلُ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ الْمَعْرُوفُ فِي الطَّرِيقَيْنِ أَنَّهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُنَصِّبْ الْإِمَامُ مَنْ يُقِيمُ الْحُدُودَ وَيَرْزُقُهُ مِنْ الْمَصَالِحِ وَإِلَّا فَلَا مُؤْنَةَ عَلَى الْمَقْطُوعِ (وَيُعَلَّقُ) الْعُضْوُ الْمَقْطُوعُ (فِي عُنُقِهِ سَاعَةً) نَدْبًا لِلزَّجْرِ، وَالتَّنْكِيلِ وَقَدْ أَمَرَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (فَرْعٌ لَوْ كَانَ لَهُ كَفَّانِ) عَلَى مِعْصَمِهِ (قُطِعَتْ الْأَصْلِيَّةُ) مِنْهُمَا إنْ تَمَيَّزَتْ وَأَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهَا بِدُونِ الزَّائِدَةِ وَإِلَّا فَيُقْطَعَانِ وَمَا ذُكِرَ فِيمَا إذَا تَمَيَّزَتْ هُوَ مَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الْأَصْحَابِ قَطْعَهُمَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الزَّائِدَةَ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ هُوَ الرَّاجِحُ (فَلَوْ عَادَ) وَسَرَقَ ثَانِيًا (وَقَدْ صَارَتْ الزَّائِدَةُ أَصْلِيَّةً) بِأَنْ صَارَتْ بَاطِشَةً (أَوْ كَانَتَا) أَيْ الْكَفَّانِ (أَصْلِيَّتَيْنِ) وَقُطِعَتْ إحْدَاهُمَا فِي سَرِقَةٍ (قُطِعَتْ الثَّانِيَةُ) وَلَا يُقْطَعَانِ بِسَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ إذْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا اسْمُ يَدٍ (وَيُقْطَعُ رِجْلُ مَنْ سَقَطَتْ كَفُّهُ قَبْلَ السَّرِقَةِ) بِآفَةٍ أَوْ قَوَدٍ أَوْ جِنَايَةٍ كَمَا لَوْ قُطِعَتْ بِسَرِقَةٍ أُخْرَى (لَا) رِجْلُ مَنْ سَقَطَتْ كَفُّهُ (بَعْدَهَا بَلْ يَسْقُطُ قَطْعُهَا) ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا وَقَدْ فَاتَتْ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كَذَا لَوْ شُلَّتْ بَعْدَ السَّرِقَةِ وَخِيفَ مِنْ قَطْعِهَا تَلَفُ النَّفْسِ وَكُلٌّ مِنْ الْكَفِّ، وَالرِّجْلِ صَادِقٌ بِالْيَمِينِ، وَالْيَسَارِ (كَيَدٍ شَلَّاءَ) قَبْلَ السَّرِقَةِ (خِيفَ مِنْ قَطْعِهَا أَنْ لَا يَكُفَّ الدَّمُ) أَيْ يَنْقَطِعَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَإِنَّهَا لَا تُقْطَعُ (لَكِنْ فِي) مَسْأَلَةِ (الشَّلَّاءِ تُقْطَعُ رِجْلُهُ) كَمَا لَوْ سَقَطَتْ يَدُهُ قَبْلَ السَّرِقَةِ (وَقَاطِعُ يَمِينِ السَّارِقِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْإِمَامِ (لَا يَضْمَنُ) بِسَبَبِهَا شَيْئًا (وَإِنْ مَاتَ) بِالسِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةُ الْقَطْعِ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ قَطْعِهَا تَوَلَّدَ مِنْ مُسْتَحَقٍّ (بَلْ يُعَزَّرُ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (، فَإِنْ أَخْرَجَ) السَّارِقُ (لِلْجَلَّادِ يَسَارَهُ فَقَطَعَهَا سُئِلَ الْجَلَّادُ، فَإِنْ قَالَ: ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ أَوْ أَنَّهَا تُجْزِئُ) عَنْهَا وَحَلَفَ (لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ وَأَجْزَأَتْهُ) عَنْ قَطْعِ الْيَمِينِ (أَوْ) قَالَ (عَلِمْتهَا الْيَسَارَ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُخْرِجُ بَدَلَهَا) عَنْ الْيَمِينِ (أَوْ إبَاحَتَهَا) وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ وَفِي نُسْخَةٍ وَإِبَاحَتَهَا وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ فَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَلَمْ تُجْزِهِ) أَيْ الْيَسَارُ عَنْ الْيَمِينِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَإِنْ عَادَ فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) إنَّمَا تُقْطَعُ الرِّجْلُ الْيُسْرَى فِي الثَّانِيَةِ إذَا بَرِئَتْ يَدُهُ وَإِلَّا فَيُؤَخَّرُ الْقَطْعُ لِلْبُرْءِ لِئَلَّا تُفْضِيَ الْمُوَالَاةُ إلَى الْإِهْلَاكِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَالْمَعْنَى فِي هَذَا التَّرْتِيبِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ اعْتِمَادُ السَّارِقِ فِي السَّرِقَةِ عَلَى الْبَطْشِ وَالْمَشْي، فَإِنَّهُ بِيَدِهِ يَأْخُذُ وَبِرِجْلِهِ يَنْقُلُ فَتَعَلَّقَ الْقَطْعُ بِهَا وَإِنَّمَا قُطِعَ فِي الثَّالِثَةِ يَسَارُهُ؛ لِأَنَّ اعْتِمَادَ السَّرِقَةِ عَلَى الْبَطْشِ وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَفْوِيتِهِ أَحَدَ جِنْسَيْ الْمَنْفَعَةِ فَقُدِّمَ فِيهِ الْأَهَمُّ وَلِهَذَا بُدِئَ أَوَّلًا بِالْيَدِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ عَادَ خَامِسًا عُزِّرَ) فَلَا يُعَزَّرُ مَعَ الْقَطْعِ وَعَنْ الْفُورَانِيِّ أَنَّهُ يُعَزَّرُ مَعَهُ قَالَ مُجَلِّيٌّ إنْ أَرَادَ بِهِ تَعْلِيقَ الْمَقْطُوعَةِ فِي عُنُقِهِ فَحَسَنٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُنْفَرِدٌ بِهِ (قَوْلُهُ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي سَارِقِ رِدَاءِ صَفْوَانَ إلَخْ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا إذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يَدَهُ مِنْ الْكُوعِ (قَوْلُهُ مَغْلِيٍّ) بِضَمِّ الْمِيمِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَتُقْطَعَانِ) قَالَ شَيْخُنَا قَطْعُهُمَا بِسَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ وَلَا تُقْطَعَانِ بِسَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ) ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ إحْدَاهُمَا انْتَقَلَ إلَى مَا بَعْدَهُمَا كَمَنْ يَدُهُ شَلَّاءَ لَا يَنْقَطِعُ دَمُهَا (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ الشَّلَّاءِ تُقْطَعُ رِجْلُهُ) قَالَ شَيْخُنَا حَاصِلُهُ إنْ كَانَتْ شَلَّاءَ حَالَ تَوَجُّهِ الْقَطْعِ عَلَيْهَا وَخِيفَ مِنْ قَطْعِهَا تَلَفُ النَّفْسِ انْتَقَلَ لِمَا بَعْدَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهَا الشَّلَلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَسْقُطُ الْقَطْعُ أَصْلًا (قَوْلُهُ، فَإِنْ أَخْرَجَ لِلْجَلَّادِ يَسَارَهُ فَقَطَعَهَا سُئِلَ الْجَلَّادُ إلَخْ) هَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُشْكِلَةٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ عَلَى الْقَاطِعِ الدِّيَةَ فِي صُورَةِ ظَنِّ الْإِجْزَاءِ أَوْ أَنَّهَا الْيَمِينُ وَتَقَعُ عَنْ قَطْعِ السَّرِقَةِ وَهُوَ عَجِيبٌ فَكَوْنُهَا عَنْ قَطْعِ السَّرِقَةِ يَقْتَضِي أَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ وَكَوْنُهَا مَضْمُونَةً يَقْتَضِي أَنْ لَا تُجْزِئَ عَنْ السَّرِقَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 الْجَلَّادَ يُسْأَلُ طَرِيقَةٌ حَكَاهَا الْأَصْلُ وَحَكَى مَعَهَا طَرِيقَةً أُخْرَى أَنَّهُ إنْ قَالَ الْمُخْرِجُ ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ أَوْ أَنَّهَا تُجْزِئُ أَجْزَأَتْهُ وَإِلَّا فَلَا فَالتَّرْجِيحُ لِلْأُولَى مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يُومِئُ إلَيْهِ لَكِنْ صَحَّحَ الْإِسْنَوِيُّ الثَّانِيَةَ وَقَالَ كَذَا صَحَّحَهَا الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَالنَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ مُنِعَ بِأَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَذْكُرْ ثَمَّ النَّظَرَ إلَى الْمُخْرِجِ وَلَا إلَى الْقَاطِعِ أَصْلًا بَلْ أَطْلَقَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ إجْزَاءُ الْيَسَارِ عَنْ الْيَمِينِ (كِتَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ) الْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الْآيَةَ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: نَزَلَتْ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَا فِي الْكُفَّارِ وَاحْتَجُّوا لَهُ بِقَوْلِهِ {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: 34] الْآيَةَ إذْ الْمُرَادُ التَّوْبَةُ عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْكُفَّارَ لَكَانَتْ تَوْبَتُهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ دَافِعٌ لِلْعُقُوبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ وَبَعْدَهَا وَقَطْعُ الطَّرِيقِ هُوَ الْبُرُوزُ لِأَخْذِ مَالٍ أَوْ لِقَتْلٍ أَوْ إرْعَابٍ مُكَابَرَةً اعْتِمَادًا عَلَى الشَّوْكَةِ مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ كَمَا سَيَأْتِي (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ فِي صِفَتِهِمْ وَهُمْ كُلُّ مُلْتَزِمٍ) لِلْأَحْكَامِ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَمُرْتَدًّا كَمَا فِي السَّارِقِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ تَقْيِيدُ الْأَصْلِ بِالْمُسْلِمِ مِنْ إخْرَاجِهَا وَلِمَا أَطْلَقَهُ مِنْ أَنَّ الْكُفَّارَ لَيْسُوا بِقُطَّاعٍ (مُكَلَّفٍ أَخَذَ الْمَالَ بِقُوَّةٍ وَغَلَبَةٍ فِي) حَالَةِ (الْبُعْدِ عَنْ) مَحَلِّ (الْغَوْثِ) لِبُعْدِ السُّلْطَانِ وَأَعْوَانِهِ أَوْ لِضَعْفِهِ وَخَرَجَ بِالْمُلْتَزِمِ الْحَرْبِيُّ، وَالْمُعَاهَدُ وَبِالْمُكَلَّفِ غَيْرُهُ أَيْ إلَّا السَّكْرَانَ وَبِمَا بَعْدَهُ الْأَخْذُ بِغَيْرِ قُوَّةٍ أَوْ فِي الْقُرْبِ مِنْ الْغَوْثِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ بُعْدُهُ عَنْ الْغَوْثِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ، وَالْقَهْرِ مُجَاهَرَةً. (فَإِنْ اسْتَسْلَمَ لَهُمْ الْقَادِرُونَ عَلَى دَفْعِهِمْ) حَتَّى قُتِلُوا أَوْ أُخِذَتْ أَمْوَالُهُمْ (فَمُنْتَهِبُونَ) لَا قُطَّاعٌ وَإِنْ كَانُوا ضَامِنِينَ لِمَا أَخَذُوهُ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلُوهُ لَمْ يَصْدُرْ عَنْ شَوْكَتِهِمْ بَلْ عَنْ تَفْرِيطِ الْقَافِلَةِ (أَوْ كَانَ الْقَاصِدُونَ) لِقَطْعِ الطَّرِيقِ (قَلِيلِينَ اعْتِمَادُهُمْ عَلَى الْهَرَبِ) بِرَكْضِ الْخَيْلِ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ الْعَدْوِ عَلَى الْأَقْدَامِ (يَخْتَطِفُونَ مِنْ) قَافِلَةٍ (كَثِيرِينَ فَمُخْتَلِسُونَ) لَا قُطَّاعٌ لِمَا ذَكِرُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَمِدَ عَلَى الشَّوْكَةِ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنْ الْقَافِلَةِ فَغُلِّظَتْ عُقُوبَتُهُ رَدْعًا لَهُ بِخِلَافِ الْمُنْتَهِبِ، وَالْمُخْتَلِسِ (فَلَوْ قَهَرُوهُمْ) وَلَوْ (مَعَ الْقِلَّةِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِمْ قَلِيلِينَ (فَقُطَّاعٌ) لِاعْتِمَادِهِمْ الشَّوْكَةَ (فَلَا يُعَدُّونَ) أَيْ الْقَافِلَةُ (مُقَصِّرِينَ؛ لِأَنَّ الْقَافِلَةَ لَا تَجْتَمِعُ كَلِمَتُهُمْ) وَلَا يَضْبِطُهُمْ مُطَاعٌ وَلَا عَزْمَ لَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ (وَلَوْ دَخَلُوا) أَيْ جَمَاعَةٌ (الدَّارَ لَيْلًا) عَلَى صَاحِبِهَا (وَمَنَعُوهُ الِاسْتِغَاثَةَ) بِأَنْ خَوَّفُوهُ بِالْقَتْلِ أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ أَغَارُوا عَلَى بَلَدٍ وَلَوْ لَيْلًا) مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ (فَقُطَّاعٌ) سَوَاءٌ أَكَانُوا مِنْ الْبَلَدِ أَمْ لَا كَمَا لَوْ كَانُوا بِبَرِيَّةٍ وَلِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الِاسْتِغَاثَةِ كَالْبُعْدِ عَنْ مَحَلِّ الْغَوْثِ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ (سِلَاحٌ وَذُكُورَةٌ وَعَدَدٌ بَلْ الْوَاحِدُ) وَلَوْ أُنْثَى، وَالْخَارِجُ بِغَيْرِ سِلَاحٍ (قَاطِعٌ إنْ غَلَبَ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ قُوَّةٌ يَغْلِبُ بِهَا الْجَمَاعَةَ وَلَوْ بِاللَّكْزِ، وَالضَّرْبِ بِجَمْعِ الْكَفِّ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ آلَةٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْمُرَاهِقُونَ) وَمِثْلُهُمْ سَائِرُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ كَالْمَجَانِينِ (لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِمْ وَيَضْمَنُونَ النَّفْسَ، وَالْمَالَ) كَمَا لَوْ أَتْلَفُوا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَالِ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي عُقُوبَتِهِمْ فَمَنْ أَخَافَ الطَّرِيقَ وَلَمْ يَأْخُذْ) مَالًا وَلَا نَفْسًا (أَوْ كَانَ رِدْءً) لِلْقَاطِعِ أَيْ عَوْنًا لَهُ كَأَنْ كَثُرَ جَمْعُهُ أَوْ أَخَافَ الرُّفْقَةَ (عُزِّرَ بِحَبْسٍ أَوْ نَحْوِهِ) كَتَغْرِيبٍ كَمَا فِي سَائِرِ الْجَرَائِمِ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهِ وَيَمْتَدُّ الْحَبْسُ وَنَحْوُهُ إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ، وَالْحَبْسُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَأَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ (وَإِنْ أَخَذَ نِصَابًا مِمَّنْ يُحْرِزُهُ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَادَ) ثَانِيًا وَأَخَذَ ذَلِكَ (فَعَكْسُهُ) أَيْ فَتُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَإِنَّمَا قُطِعَ مِنْ خِلَافٍ لِمَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ وَقُطِعَتْ الْيَمِينُ لِلْمَالِ كَالسَّرِقَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَكِنْ صَحَّحَ الْإِسْنَوِيُّ الثَّانِيَةَ) هِيَ الْمُرَجَّحَةُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَدَاءِ إنَّمَا هُوَ بِقَصْدِ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ وَالنَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ) فَقَالَ: وَإِنَّهُ إذَا وَجَبَ قَطْعُ يَمِينِهِ فَقَطَعَ الْجَلَّادُ يَسَارَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَجْزَأَتْ عَنْ الْيَمِينِ وَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاطِعِ وَلَا دِيَةَ وَمُقْتَضَاهُ بِعُمُومِهِ تَصْحِيحُ الْإِجْزَاءِ فِيمَا إذَا قَطَعَ الْجَلَّادُ مِنْ غَيْرِ إخْرَاجِ السَّارِقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا وَفِيمَا إذَا قَالَ الْمُخْرِجُ عَلِمْت أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْضًا وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْقِصَاصِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْإِخْرَاجُ عَلَى قَصْدِ حُسْبَانِهَا عَنْ الْيَمِينِ أَمْ لَا وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَصْدَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا لَا تَقَعُ لَا أَثَرَ لَهُ [كِتَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي صِفَة قُطَّاعِ الطَّرِيقِ] (بَابُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ) (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ تَقْيِيدُ الْأَصْلِ بِالْمُسْلِمِ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الذِّمِّيِّ أَوْ أَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَا تَأْتِي فِيهِمْ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْأَشْرَافِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِذَا قَطَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حُدُّوا حَدَّ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا الْإِسْلَامَ وَلَا أَثَرَ لِلتَّعْلِيقِ بِسَبَبِ النُّزُولِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ عَلَى الْأَصَحِّ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ بَدَلَ هَذَا الشَّرْطِ الْتِزَامُ الْأَحْكَامِ وَكَتَبَ أَيْضًا كَلَامَ الْجُرْجَانِيِّ فِي الشَّافِي يَقْتَضِي أَنَّ الشَّرْطَ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ لَا كَوْنُهُ مُسْلِمًا (قَوْلُهُ وَالْمُعَاهَدُ) أَيْ وَالْمُسْتَأْمَنُ وَكَتَبَ أَيْضًا أَمَّا الْمُعَاهَدُونَ فَيُنْقَضُ عَهْدُهُمْ بِهِ وَتُقَامُ عَلَيْهِمْ الْحُدُودُ إذَا ظَفِرْنَا بِهِمْ ع هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي عُقُوبَة قُطَّاع الطَّرِيق] (قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا وَلَا نَفْسًا) هُوَ مِنْ بَابِ عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا فَيَجِيءُ الْوَجْهَانِ أَمَّا بِتَقْدِيرِ عَامِلِ الثَّانِي مُوَافِقٌ أَيْ وَلَمْ يَقْتُلُوا نَفْسًا أَوْ تَضْمِينِ الْأَوَّلِ مَعْنًى مُشْتَرَكًا يَجْمَعُ الْمَذْكُورَيْنِ وَهُوَ الْإِتْلَافُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَخَذُوا نِصَابًا إلَخْ) أَيْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ فِي مَوْضِعِ الْأَخْذِ إنْ كَانَ مَوْضِعَ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ حَالَ السَّلَامَةِ لَا عِنْدَ اسْتِلَامِ النَّاسِ لِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعُ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ فَأَقْرَبُ مَوْضِعٍ إلَيْهِ يُوجَدُ فِيهِ بَيْعُ ذَلِكَ وَشِرَاؤُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ وَقُطِعَتْ الْيُمْنَى لِلْمَالِ كَالسَّرِقَةِ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ سُقُوطُ قَطْعِهَا بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمَالِ لَكِنْ مَعَ رِعَايَةِ الْمُحَارَبَةِ وَقَطْعُ الرِّجْلِ مَعَهُ حَدٌّ وَاحِدٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 وَلِهَذَا اُعْتُبِرَ فِي الْقَطْعِ النِّصَابُ، وَقِيلَ لِلْمُحَارَبَةِ، وَالرِّجْلُ قِيلَ لِلْمَالِ، وَالْمُجَاهَرَةِ تَنْزِيلًا لِذَلِكَ مَنْزِلَةَ سَرِقَةٍ ثَانِيَةٍ وَقِيلَ لِلْمُحَارَبَةِ قَالَ الْعِمْرَانِيُّ وَهُوَ أَشْبَهُ وَلَوْ قَطَعَ الْإِمَامُ يَدَهُ الْيُمْنَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى فَقَدْ تَعَدَّى وَلَزِمَهُ الْقَوَدُ فِي رِجْلِهِ إنْ تَعَمَّدَ وَدِيَتُهَا إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَلَا يَسْقُطُ قَطْعُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يَضْمَنُ وَأَجْزَأَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ قَطْعَهُمَا مِنْ خِلَافٍ نَصٌّ تُوجِبُ مُخَالَفَتُهُ الضَّمَانَ، وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى اجْتِهَادٌ يَسْقُطُ بِمُخَالَفَتِهِ الضَّمَانُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا شَكَّ فِي الْإِسَاءَةِ وَأَمَّا إيجَابُ الْقَوَدِ وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى فَفِيهِ وَقْفَةٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ فِي السَّرِقَةِ يَدَهُ الْيُسْرَى فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى عَامِدًا أَجْزَأَ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْيُمْنَى عَلَيْهَا بِالِاجْتِهَادِ أَيْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْيُمْنَى ثَمَّ بِالِاجْتِهَادِ بَلْ بِالنَّصِّ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ قُرِئَ شَاذًّا فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا وَإِنَّ الْقِرَاءَةَ الشَّاذَّةَ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَكَتُوا هُنَا عَنْ تَوَقُّفِ الْقَطْعِ عَلَى الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ وَعَلَى عَدَمِ دَعْوَى التَّمَلُّكِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُسْقِطَاتِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ السَّرِقَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُحْسَمُ مَوْضِعُ الْقَطْعِ كَمَا فِي السَّارِقِ وَيَجُوزُ أَنْ تُحْسَمَ الْيَدُ ثُمَّ تُقْطَعَ الرِّجْلُ وَأَنْ يُقْطَعَا جَمِيعًا ثُمَّ يُحْسَمَا (وَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا انْحَتَمَ) أَيْ وَجَبَ (قَتْلُهُ) لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ ضَمَّ إلَى جِنَايَتِهِ إخَافَةَ السَّبِيلِ الْمُقْتَضِيَةَ زِيَادَةَ الْعُقُوبَةِ وَلَا زِيَادَةَ هُنَا لَا تُحَتِّمُ الْقَتْلَ فَلَا يَسْقُطُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَمَحَلُّ انْحِتَامِهِ إذَا قَتَلَ لِأَخْذِ الْمَالِ وَإِلَّا فَلَا يَتَحَتَّمُ (وَإِنْ أَخَذَ نِصَابًا وَقَتَلَ قُتِلَ ثُمَّ صُلِبَ) حَتْمًا زِيَادَةً فِي التَّنْكِيلِ وَيَكُونُ صَلْبُهُ بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ. وَالْغَرَضُ مِنْ صَلْبِهِ بَعْدَ قَتْلِهِ التَّنْكِيلُ بِهِ وَزَجْرُ غَيْرِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْآيَةَ فَقَالَ الْمَعْنَى أَنْ يُقَتَّلُوا إنْ قَتَلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا مَعَ ذَلِكَ إنْ قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ أَوْ تُقْطَعُ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ إنْ اقْتَصَرُوا عَلَى أَخْذِ الْمَالِ أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْضِ إنْ أَرْعَبُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا شَيْئًا فَحَمَلَ كَلِمَةَ أَوْ عَلَى التَّنْوِيعِ لَا التَّخْيِيرِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 135] أَيْ قَالَتْ الْيَهُودُ كُونُوا هُودًا وَقَالَتْ النَّصَارَى كُونُوا نَصَارَى إذْ لَمْ يُخَيِّرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَيْنَ الْيَهُودِيَّةِ، وَالنَّصْرَانِيَّةِ (فَلَوْ مَاتَ) مَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ، وَالصَّلْبُ (أَوْ قُتِلَ بِقِصَاصٍ مِنْ غَيْرِ الْمُحَارَبَةِ سَقَطَ الصَّلْبُ) ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْقَتْلِ فَسَقَطَ بِسُقُوطِ مَتْبُوعِهِ وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ، وَالصَّلْبَ مَشْرُوعَانِ وَقَدْ تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا فَوَجَبَ الْآخَرُ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْمُحَارِبُ) وَهُوَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ الَّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ، وَالصَّلْبُ (يُقْتَلُ أَوَّلًا ثُمَّ يُصْلَبُ) فَلَا يُعْكَسُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا وَقَدْ «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ» وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَإِذَا ذُكِرَ فَلَا حَاجَةَ لِذَكَرِهِ أَوَّلًا وَيُصْلَبُ عَلَى خَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ لِيَشْتَهِرَ الْحَالُ وَيَتِمَّ النَّكَالُ وَلِأَنَّ لَهَا اعْتِبَارًا فِي الشَّرْعِ وَلَيْسَ لِمَا زَادَ عَلَيْهَا غَايَةٌ (فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ قَبْلَهَا أُنْزِلَ) (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ) وَهِيَ تَحَتُّمُ الْقَتْلِ، وَالصَّلْبِ وَقَطْعِ الرِّجْلِ، وَالْيَدِ (وَهِيَ تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ) مِنْ الْقَاطِعِ (قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَلِهَذَا اُعْتُبِرَ فِي الْقَطْعِ النِّصَابُ) ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ يَجِبُ بِأَخْذِ الْمَالِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ النِّصَابُ كَالسَّرِقَةِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» وَلَمْ يُفَصِّلْ (قَوْلُهُ قَالَ الْعِمْرَانِيُّ وَهُوَ أَشْبَهُ) وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَكَتُوا هُنَا عَنْ تَوَقُّفِ الْقَطْعِ عَلَى الْمُطَالَبَةِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَفِي الْأُمُّ مَا يَقْتَضِيهِ اهـ وَلَا بُدَّ مِنْ انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَالِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارِمِيِّ فَلَوْ ظَنَّهُ مِلْكَهُ أَوْ ادَّعَاهُ فَلَا قَطْعَ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا مَرَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا) أَيْ مُكَافِئًا لَهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَسْقُطُ) وَلَا يُعْتَبَرُ فِي قَتْلِهِ طَلَبُ الْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّ انْحِتَامِهِ إذَا قَتَلَ لِأَخْذِ الْمَالِ إلَخْ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَمَنْ قَتَلَ عَمْدًا مَحْضًا لِأَجْلِ الْمَالِ وَأَخَذَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ دُونَ النِّصَابِ وَغَيْرَ مُحْرَزٍ قُتِلَ حَتْمًا اهـ وَيُشْتَرَطُ لِقَطْعِ الْقَاطِعِ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ الْحِرْزُ وَعَدَمُ الشُّبْهَةِ وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِبَارُ طَلَبِ الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَبِرُوا فِي الْقَتْلِ طَلَبَ الْأَوْلِيَاءِ وَاسْتُشْهِدَ بِذَلِكَ بِنَصِّ الْأُمِّ وَيُشْتَرَطُ لِصَلْبِهِ مَعَ الْقَتْلِ كَوْنُ الْمَأْخُوذِ نِصَابًا كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ اخْتَارَ الْبُلْقِينِيُّ خِلَافَهُ وَقِيَاسُ اشْتِرَاطِهِ كَمَا قَالَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ اشْتِرَاطُ الْحَوْزِ وَعَدَمُ الشُّبْهَةِ وَطَلَبُ الْمَالِكِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْعُبَابِ لِأَجْلِ الْمَالِ وَأَخْذِهِ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَصْدُ الْأَخْذِ لِلْمَالِ كَافِيًا فِي تَحَتُّمِ قَتْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ (تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ قَتَلَهُ عَدَاوَةً لَا لِأَخْذِ الْمَالِ وَكَذَّبَهُ الْوَلِيُّ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ فِي ذَلِكَ أَوْ الْوَلِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ احْتِمَالٌ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ وَفَائِدَةُ تَصْدِيقِهِ انْدِفَاعُ تَحَتُّمِ قَتْلِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَخَذَ نِصَابًا) قِيَاسُهُ اعْتِبَارُ الْحِرْزِ وَانْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ وَطَلَبُ الْمَالِكِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كَوْنَ الْمَأْخُوذِ نِصَابًا مِنْ حِرْزِهِ بِلَا شُبْهَةٍ مَعَ صَلْبِ مَالِكِهِ شَرْطٌ لِصَلْبِهِ مَعَ قَتْلِهِ وَقَوْلُهُ قِيَاسُهُ اعْتِبَارُ الْحِرْزِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَحَمَلَ كَلِمَةَ أَوْ عَلَى التَّنْوِيعِ لَا التَّخْيِيرِ) وَذَلِكَ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إمَّا تَوْقِيفٌ أَوْ لُغَةٌ وَهُمَا حُجَّةٌ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ فِيهِ بِالْأَغْلَظِ فَكَانَ مُرَتَّبًا كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَلَوْ أُرِيدَ التَّخْيِيرُ لَبَدَأَ بِالْأَخَفِّ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَإِذْ ذُكِرَ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ أَوَّلًا) ذَكَرَهُ لِيُعَلِّقَ بِهِ مَا بَعْدَهُ وَذَكَرَ لَفْظَهُ أَوَّلًا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ (قَوْلُهُ: ثَلَاثًا مِنْ الْأَيَّامِ) فَلَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ قَبْلَهَا أُنْزِلَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّغْيِيرِ الْمَذْكُورِ الِانْفِجَارُ وَنَحْوُهُ وَإِلَّا فَمَتَى حُبِسَتْ جِيفَةُ الْمَيِّتِ ثَلَاثًا حَصَلَ النَّتْنُ وَالتَّغَيُّرُ غَالِبًا [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ عُقُوبَةِ قَطْع الطَّرِيق] (قَوْلُهُ وَهِيَ تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ) الْمُرَادُ بِمَا قَبْلَ الْقُدْرَةِ أَنْ لَا تَمْتَدَّ إلَيْهِمْ يَدُ الْإِمَامِ بِهَرَبٍ أَوْ اسْتِخْفَاءٍ أَوْ امْتِنَاعٍ (تَنْبِيهٌ) ادَّعَى الْمُحَارِبُ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَابَ قَبْلَهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ إنْ لَمْ تَقْتَرِنْ بِالدَّعْوَى أَمَارَاتٌ تَدُلُّ عَلَى الْقِدَمِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ فِي سُقُوطِ حَدٍّ قَدْ وَجَبَ وَإِنْ اقْتَرَنَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [المائدة: 34] الْآيَةَ (لَا بَعْدَهَا) لِمَفْهُومِ الْآيَةِ وَلِتُهْمَةِ الْخَوْفِ أَمَّا غَيْرُ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ مِمَّا ذُكِرَ هُنَا مِنْ قِصَاصٍ وَضَمَانِ مَالٍ وَغَيْرِهِمَا فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ مُطْلَقًا كَمَا فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ (وَلَا يَسْقُطُ بِهَا سَائِرُ الْحُدُودِ) أَيْ بَاقِيهَا كَالزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ، وَالشُّرْبِ فِي حَقِّ الْقَاطِعِ وَغَيْرِهِ لِعُمُومِ أَدِلَّتِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ إلَّا قَتْلَ تَارِكِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَلَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ الْإِصْرَارُ عَلَى التَّرْكِ لَا التَّرْكُ الْمَاضِي وَمَحَلُّ عَدَمِ السُّقُوطِ فِيمَا ذُكِرَ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَيَسْقُطَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ تُسْقِطُ أَثَرَ الْمَعْصِيَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي السَّرِقَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيِّ وَهُوَ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي الشَّهَادَاتِ لَكِنْ ذُكِرَ هُنَا بَعْدَ هَذَا مَا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ (وَالْمُغَلَّبُ) فِي قَتْلِ الْقَاطِعِ (حَقُّ الْآدَمِيِّ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا اجْتَمَعَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ الْآدَمِيِّ وَلِأَنَّهُ لَوْ قُتِلَ بِلَا مُحَارَبَةٍ ثَبَتَ لَهُ الْقِصَاصُ فَكَيْفَ يَحْبَطُ حَقُّهُ بِقَتْلِهِ فِيهَا وَقِيلَ الْمُغَلَّبُ فِيهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْهُ وَيَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ بِدُونِ طَلَبِ الْوَلِيِّ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَفَرَّعَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فُرُوعًا فَقَالَ (فَلَا يُقْتَلُ) إذَا كَانَ حُرًّا (بِعَبْدٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ لَا يُكَافِئُهُ كَابْنِهِ وَذِمِّيٍّ، وَالْقَاطِعُ مُسْلِمٌ (وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ) لَوْ قَالَ الضَّمَانُ بِالْمَالِ كَانَ أَعَمَّ (وَإِنْ قَتَلَ بِمُثَقَّلٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَقَطْعِ عُضْوٍ (رُوعِيَتْ الْمُمَاثَلَةُ) فِي قَتْلِهِ بِأَنْ يُقْتَلَ بِمِثْلِ مَا قَتَلَ بِهِ (وَإِذَا قَتَلَ وَمَاتَ) قَبْلَ قَتْلِهِ قِصَاصًا (فَالدِّيَةُ) تَجِبُ (فِي مَالِهِ وَإِذَا عَفَا الْوَلِيُّ عَلَى مَالٍ لَزِمَهُ) أَيْ الْقَاطِعَ الْمَالُ (وَقُتِلَ حَدًّا) كَمُرْتَدٍّ لَزِمَهُ قِصَاصٌ وَعُفِيَ عَنْهُ بِمَالٍ وَسَقَطَ قَتْلُهُ قِصَاصًا لِصِحَّةِ الْعَفْوِ عَنْهُ (وَإِذَا قَتَلَهُ أَحَدٌ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْإِمَامِ (فَلِوَرَثَتِهِ الدِّيَةُ) عَلَى قَاتِلِهِ وَلَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ مُتَحَتِّمٌ وَلَوْ لَمْ يُرَاعَ فِيهِ الْقِصَاصُ لَمْ تَلْزَمْهُ الدِّيَةُ بَلْ مُجَرَّدُ التَّعْزِيرِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (وَبِنَفْسِ التَّوْبَةِ) قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (تَسْقُطُ عَنْهُ حُقُوقُ اللَّهِ) تَعَالَى (كَالْقَطْعِ، وَالصَّلْبِ وَانْحِتَامِ الْقَتْلِ وَيَبْقَى الْقِصَاصُ، وَالْمَالُ) هَذَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ هَذَا الطَّرَفِ (وَإِذَا جَرَحَ) جُرْحًا (وَلَمْ يَسْرِ لَمْ يَتَحَتَّمْ جُرْحُهُ) ؛ لِأَنَّ الِانْحِتَامَ تَغْلِيظٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَخْتَصُّ بِالنَّفْسِ كَالْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ الْجُرْحَ فِي الْآيَةِ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِهِ فِي غَيْرِ الْحِرَابَةِ، فَلَوْ عُفِيَ عَنْهُ سَقَطَ، فَإِنْ سَرَى فَهُوَ قَاتِلٌ وَقَدْ سَبَقَ حُكْمُهُ وَنَبَّهَ بِلَمْ يَتَحَتَّمْ جُرْحُهُ عَلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا فِيهِ قَوَدٌ مِنْ الْأَعْضَاءِ كَقَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ أَمَّا غَيْرُهُ كَالْجَائِفَةِ فَوَاجِبَةُ الْمَالِ وَلَا قَوَدَ كَمَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْقَاطِعِ (وَإِنْ قَتَلَ خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) وَلَا قَتْلَ عَلَيْهِ (فَصْلٌ) (يُوَالِي) عَلَى قَاطِعِ الطَّرِيقِ (قَطْعَ يَدِهِ وَرِجْلِهِ) لِاتِّحَادِ الْعُقُوبَةِ كَالْجَلَدَاتِ فِي الْحَدِّ الْوَاحِدِ (فَإِنْ فُقِدَتْ إحْدَاهُمَا اكْتَفَى بِالْأُخْرَى) وَلَا يُجْعَلُ طَرَفٌ آخَرُ بَدَلَ الْمَفْقُودِ، وَالتَّصْرِيحُ بِفَقْدِ الْيَسَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ فُقِدَتَا) قَبْلَ أَخْذِهِ الْمَالَ (قُطِعَ لِأُخْرَيَانِ) أَوْ بَعْدَهُ سَقَطَ الْقَطْعُ كَمَا فِي السَّرِقَةِ (وَإِنْ وَجَبَ عَلَى الْمُحَارِبِ قِصَاصٌ فِي يَمِينِهِ) مِنْ يَدَيْهِ (قُطِعَتْ قِصَاصًا) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُغَلَّبُ فِي ذَلِكَ حَقُّ الْآدَمِيِّ فَلَا تُقْطَعُ قِصَاصًا وَمُحَارَبَةً وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ الرَّجْمُ لِزِنًا وَقَتْلِ قِصَاصٍ لَا يُقْتَلُ رَجْمًا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ بَلْ يُسَلَّمُ إلَيْهِ لِيَقْتَصَّ مِنْهُ (ثُمَّ) قُطِعَتْ (رِجْلُهُ) الْيُسْرَى (لِلْمُحَارَبَةِ بِلَا) وُجُوبِ (مُهْلَةٍ) بَيْنَ الْقَطْعَيْنِ بَلْ يُوَالِي بَيْنَهُمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعُقُوبَتَانِ؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا مُسْتَحَقَّةٌ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ قَطْعُهُمَا جَمِيعًا عَنْهُ لَمْ يَسْقُطْ إذْ الْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ. (فَإِنْ عَفَا) مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ (وَلَوْ بِمَالٍ أَخَذَ) الْمَالَ فِي صُورَتِهِ (وَقُطِعَا) الْأَوْلَى وَقُطِعَتَا (حَدًّا) ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِمَالٍ أُخِذَ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) وَجَبَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ (فِي يَسَارِهِ) مِنْ يَدَيْهِ (قُطِعَتْ) أَوَّلًا لِلْقِصَاصِ (وَأُمْهِلَ) لِقَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى (لِلْحَدِّ حَتَّى يَبْرَأَ) ، فَإِذَا بَرِئَ قُطِعَتَا (أَوْ فِي عُضْوَيْ الْمُحَارِبِ) الْمَقْطُوعَيْنِ فِي الْمُحَارَبَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا (وَاقْتُصَّ مِنْهُ) فِيهِمَا (سَقَطَ) عَنْهُ (الْحَدُّ) لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ وَإِنْ عَفَا عَنْهُ قُطِعَا حَدًّا وَلَوْ قَطَعَ يَسَارَ غَيْرِهِ وَسَرَقَ قُطِعَتْ يَسَارُهُ قِصَاصًا وَأُهْمِلَ حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ تُقْطَعُ يَمِينُهُ عَنْ السَّرِقَةِ وَلَا يُوَالَى؛ لِأَنَّهُمَا عُقُوبَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ وَقُدِّمَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ آكَدُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَصْلٌ) لَوْ (لَزِمَهُ قَتْلٌ وَقَطْعٌ) عَنْ قِصَاصٍ (وَقَذْفٍ) أَيْ حَدُّهُ (لِثَلَاثَةٍ وَطَالَبُوهُ) بِذَلِكَ (جُلِدَ) وَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَذْفُ (وَأُمْهِلَ) حَتَّى يَبْرَأَ وَإِنْ قَالَ مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ عَجِّلُوا الْقَطْعَ وَأَنَا أُبَادِرُ بَعْدَهُ بِالْقَتْلِ لِئَلَّا يَهْلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] بِهَا إمَارَاتٌ تَدُلُّ عَلَى التَّوْبَةِ فَفِي الْقَبُولِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَجْهَانِ مُحْتَمَلَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِمَفْهُومِ الْآيَةِ إلَخْ) وَلِأَنَّ دَفْعَ الْعُقُوبَةِ بِذَلِكَ يُفْضِي إلَى انْتِهَاكِ الْمَحَارِمِ وَسَدِّ بَابِ الْعُقُوبَاتِ عَلَى الْجَرَائِمِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ) وَاحْتَجَّ لَهُ الرَّبِيعُ فِي الْأُمُّ بِحَدِيثِ «مَاعِزٍ حِينَ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقَرَّ بِالزِّنَا وَأَمَرَ بِحَدِّهِ» وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُخْبِرَهُ بَلْ تَائِبًا فَلَمَّا أَقَامَ حَدَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْمُحَارِبِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّا لَوْ أَسْقَطْنَاهُ لَصَارَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً فِي إبْطَالِ حِكْمَةِ الْحُدُودِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا قَتَلَ أَحَدٌ بِلَا إذْنٍ فَلِوَرَثَتِهِ الدِّيَةُ عَلَى قَاتِلِهِ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا أَحَدُ مَوْضُوعَيْنِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِ الْمُرْتَدِّ إذَا كَانَ الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ فِي رَقِيقٍ غَيْرِ جَانٍ وَمَا هُنَا فِي حُرٍّ جَانٍ (قَوْلُهُ: هَذَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ هَذَا الطَّرَفِ) ذَكَرَهُ ثَمَّ لِبَيَانِ مُخَالَفَتِهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْحُدُودِ وَهُنَا لِبَيَانِ مُخَالَفَتِهِ الْقِصَاصَ وَالْمَالَ (قَوْلُهُ: وَإِذَا جَرَحَ وَلَمْ يَسْرِ لَمْ يَتَحَتَّمْ جَرْحُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ يُقَتَّلُوا} [المائدة: 33] فَحَتَّمَ الْقَتْلَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ نَبَّهَ بِهِ عَلَى الْجُرْحِ أَوْ قَصَدَ بِهِ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا، وَالْأَوَّلُ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَغْلَظُ وَإِنَّمَا يُنَبِّهُ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى دُونَ الْعَكْسِ فَتَعَيَّنَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَتْ إحْدَاهُمَا اكْتَفَى بِالْأُخْرَى) فِي مَعْنَى فَقْدِهَا أَنْ تَكُونَ شَلَّاءَ لَا تُحْسَمُ عُرُوقُهَا لَوْ قُطِعَتْ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي يَسَارِهِ إلَخْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 بِالْمُوَالَاةِ فَيَفُوتُ الْقَتْلُ قِصَاصًا نَعَمْ لَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ يُخْشَى مِنْهُ الزُّهُوقُ إنْ لَمْ يُبَادِرْ بِالْقَطْعِ بُودِرَ بِهِ لِئَلَّا يَضِيعَ حَقُّهُ أَيْضًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (ثُمَّ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ بِلَا) وُجُوبِ (مُهْلَةٍ) بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ النَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ (وَإِنْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ) حَدِّ (الْقَذْفِ صُيِّرَا) أَيْ الْآخَرَانِ (حَتَّى يَسْتَوْفِيَ) حَقَّهُ وَإِنْ تَقَدَّمَ اسْتِحْقَاقُهُمَا لَهُ لِئَلَّا يُفَوِّتَا عَلَيْهِ حَقَّهُ (أَوْ) أَخَّرَ (مُسْتَحِقُّ) قَطْعِ (الطَّرَفِ صَبَرَ وَلِيُّ الْقَتْلِ) حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ بِذَلِكَ (فَإِنْ بَادَرَ وَقَتَلَهُ عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ وَكَانَ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ (وَرَجَعَ الْآخَرُ) وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الْقَطْعِ (إلَى الدِّيَةِ وَإِنْ زَنَى بِكْرٌ أَوْ شَرِبَ) مُسْكِرًا (أَوْ سَرَقَ مَرَّاتٍ فَحَدٌّ وَاحِدٌ) يَلْزَمُهُ (وَإِنْ تَخَلَّلَ) بَيْنَهُمَا (عِتْقٌ) لِلْعَبْدِ الْفَاعِلِ لِذَلِكَ وَلَوْ فَعَلَهُ فَحُدَّ ثُمَّ فَعَلَهُ لَزِمَهُ حَدٌّ آخَرُ وَلَوْ حُدَّ بَعْضَ الْحَدِّ فَفَعَلَ ثَانِيًا دَخَلَ الْبَاقِي فِي الْحَدِّ الثَّانِي (وَلَا يُوَالَى بَيْنَ حَدَّيْنِ) لِاثْنَيْنِ بَلْ يُمْهَلُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَبْرَأَ لِئَلَّا يَهْلِكَ بِالْمُوَالَاةِ، وَمِثْلُهُ قَطْعُ الْأَطْرَافِ قِصَاصًا لِجَمَاعَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لِوَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يُوَالَى فِيهِ (وَلَوْ حَدَّيْ قَذْفٍ) لِاثْنَيْنِ (عَلَى عَبْدٍ) ، فَإِنَّهُ لَا يُوَالَى بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا حَدَّانِ وَقِيلَ يُوَالَى بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَحَدِّ حُرٍّ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ) أَيْ حَدُّ الْأَوَّلِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ مُوجِبَيْ حَدَّيْ الْقَذْفِ إنْ تَرَتَّبَا (وَإِلَّا) بِأَنْ قَذَفَهُمَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ (فَالْقُرْعَةُ) تَجِبُ (فَرْعٌ) لَوْ (زَنَى بِكْرٌ وَسَرَقَ وَشَرِبَ) مُسْكِرًا (وَحَارَبَ وَارْتَدَّ قُدِّمَ الْأَخَفُّ) مِنْهَا فَالْأَخَفُّ وَقْعًا؛ لِأَنَّهُ الْأَقْرَبُ لِاسْتِيفَائِهَا فَوْرًا (فَيُجْلَدُ لِلشُّرْبِ وَيُمْهَلُ) حَتَّى يَبْرَأَ (ثُمَّ) يُجْلَدُ (لِلزِّنَا وَيُمْهَلُ) حَتَّى يَبْرَأَ (ثُمَّ تُقْطَعُ يَدُهُ لِلسَّرِقَةِ، وَالْمُحَارَبَةِ وَرِجْلُهُ لِلْمُحَارَبَةِ ثُمَّ يُقْتَلُ) لِلرِّدَّةِ وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ بَدَلَ قَتْلِهَا قَتْلَ قِصَاصٍ أَوْ مُحَارَبَةٍ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيُوَالَى بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) أَيْ قَطْعِ الْيَدِ وَقَطْعِ الرِّجْلِ، وَالْقَتْلِ (لَا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ) الْأَخِيرَيْنِ مِنْهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْيَدَ تَقَعُ عَنْ الْمُحَارَبَةِ، وَالسَّرِقَةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ انْفَرَدَتْ الْمُحَارَبَةُ فَيُمْهَلُ فِيمَا ذُكِرَ وَيُوَالَى بَيْنَ الثَّلَاثَةِ. (وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ لِلْمُحَارَبَةِ وَلِلرِّدَّةِ) الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ قَتْلَ مُحَارَبَةٍ فَهَلْ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْحُدُودِ الْمُقَامَةِ قَبْلَ الْقَتْلِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا؛ لِأَنَّهُ مُتَحَتِّمُ الْقَتْلِ فَلَا مَعْنَى لِلْإِمْهَالِ بِخِلَافِ قَتْلِ الرِّدَّةِ، وَالْقِصَاصِ، فَإِنَّهُ يَتَوَقَّعُ الْإِسْلَامَ، وَالْعَفْوَ وَأَصَحُّهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ بِالْمُوَالَاةِ فَيَفُوتُ سَائِرُ الْحُدُودِ وَعُلِمَ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَخَفِّ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ مَعَهَا التَّعْزِيرُ قُدِّمَ؛ لِأَنَّهُ الْأَخَفُّ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ اجْتَمَعَ قَتْلٌ وَرِدَّةٌ وَرَجْمٌ قَالَ الْقَاضِي قُدِّمَ قَتْلُ الرِّدَّةِ إذْ فَسَادُهَا أَشَدُّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ يُرْجَمُ وَيَدْخُلُ فِيهِ قَتْلُ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الرَّجْمَ أَكْثَرُ نَكَالًا (وَإِنْ كَانَ فِيهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ وَفِي نُسْخَةٍ فِيهِ أَيْ الْمَذْكُورِ (حَقُّ آدَمِيٍّ كَحَدِّ قَذْفٍ أَوْ قِصَاصِ طَرَفٍ قُدِّمَ عَلَى حَدِّ الشُّرْبِ) وَإِنْ كَانَ حَدُّ الشُّرْبِ أَخَفَّ لِبِنَاءِ حَقِّ الْآدَمِيِّ عَلَى الضِّيقِ (بِلَا تَوَالٍ) بَلْ يُمْهِلُهُ لِئَلَّا يَهْلِكَ بِالتَّوَالِي، وَإِنْ اجْتَمَعَ قَتْلُ رِدَّةٍ وَقَتْلُ مُحَارَبَةٍ وَرَجْمٍ قَالَ الْقَاضِي قُدِّمَ قَتْلُ الْمُحَارَبَةِ وَإِنْ جُعِلَ حَدًّا؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ (وَإِنْ اجْتَمَعَ قَتْلُ قِصَاصٍ) فِي غَيْرِ مُحَارَبَةٍ (وَ) قَتْلُ (مُحَارَبَةٍ) (قُدِّمَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (وَرَجَعَ الْآخَرُ إلَى الدِّيَةِ وَفِي انْدِرَاجِ قَطْعِ السَّرِقَةِ فِي قَتْلِ الْمُحَارَبَةِ) فِيمَا لَوْ سَرَقَ وَقَتَلَ فِي الْمُحَارَبَةِ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ وَثَانِيهِمَا لَا بَلْ يُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ ثُمَّ يُقْتَلُ وَيُصْلَبُ لِلْمُحَارَبَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي ذَلِكَ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَفُوتُ بِتَقْدِيمِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. (وَإِنْ جُلِدَ) لِلزِّنَا (ثُمَّ زَنَى) ثَانِيًا (قَبْلَ التَّغْرِيبِ أَوْ جُلِدَ) لَهُ (خَمْسِينَ ثُمَّ زَنَى) ثَانِيًا (كَفَاهُ) فِيهِمَا (جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ وَاحِدٍ) وَدَخَلَ فِي الْمِائَةِ الْخَمْسُونَ الْبَاقِيَةُ وَفِي التَّغْرِيبِ لِلثَّانِي التَّغْرِيبُ لِلْأَوَّلِ (وَلَوْ زَنَى بِكْرًا ثُمَّ مُحْصَنًا) قَبْلَ أَنْ يُجْلَدَ (دَخَلَ التَّغْرِيبُ لَا الْجَلْدُ تَحْتَ الرَّجْمِ) لِئَلَّا تَطُولَ الْمُدَّةُ مَعَ أَنَّ النَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ وَلِأَنَّ التَّغْرِيبَ صِفَةٌ فَيُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا بِخِلَافِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ لَزِمَهُ قَتْلٌ وَقَطْعٌ عَنْ قِصَاصٍ وَقَذْفٍ لِثَلَاثَةٍ وَطَالَبُوا قَاطِع الطَّرِيق بِذَلِكَ] قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ جَلْدُ الزِّنَا عَلَى قِصَاصِ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَنَى بِكْرٌ أَوْ شَرِبَ أَوْ سَرَقَ مَرَّاتٍ فَحَدٌّ وَاحِدٌ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ إتْيَانِهِ بِأَوْ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ مُوجِبُ حَدَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَوْ اجْتَمَعَا كَأَنْ شَرِبَ وَزَنَى وَجَبَ حَدَّانِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَسْطُرٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُوَالَى بَيْنَ حَدَّيْنِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالْحَدَّانِ الْقَاطِعُ جِنَايَتُهُ الْإِتْلَافُ فَأَتْلَفَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ، وَالْقَاذِفُ جِنَايَتُهُ الْإِيذَاءُ فَلَمْ يُحَدَّ إلَّا مُتَفَرِّقًا وَفَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِفَرْقَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَدَّ مُقَدَّرٌ بِالشَّرْعِ فَوَجَبَ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ بِزِيَادَةٍ وَالْقِصَاصُ مُقَدَّرٌ بِالْجِنَايَةِ فَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِطُ بِزِيَادَةٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْقَصَاصَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي حَقِّ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْحَدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي حَقِّ شَخْصٍ وَاحِدٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ بِلَحْظَةٍ أَوْ ضَبْطِ الْعَدَدِ وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ، فَإِنَّهُ قَدْ يَجْتَمِعُ فِي حَقِّ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ بِأَنْ يَقْذِفَهُ بِزَنْيَةٍ أُخْرَى ثُمَّ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ التَّوَالِي وَإِنَّمَا الْفَرْقُ مَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ حَدُّ الْأَوَّلِ قَابِلًا لِإِسْقَاطِهِ بِاللِّعَانِ فَلَا يَتَقَدَّمُ [فَرْعٌ زَنَى بِكْرٌ وَسَرَقَ وَشَرِبَ مُسْكِرًا وَحَارَبَ وَارْتَدَّ] (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْأَخَفُّ مِنْهَا فَالْأَخَفُّ أَيْ وُجُوبًا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِاسْتِيفَائِهَا) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّ الْأَشَقَّ لَوْ قُدِّمَ لَطَالَ الِانْتِظَارُ إلَى الْبُرْءِ وَلِأَنَّ حِفْظَ مَحَلِّ الْحَقِّ وَاجِبٌ فَلَوْ تَقَدَّمَ الْأَشَقُّ لَكَانَ تَعْزِيرًا بِضَيَاعِ مَحَلِّ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تُقْطَعُ يَدُهُ لِلسَّرِقَةِ) قَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ قَطْعَهُ قَبْلَ التَّقْرِيبِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا تَعَرُّضًا لَهُ اهـ قَوْلُهُمْ قُدِّمَ الْأَخَفُّ فَالْأَخَفُّ وَقَوْلُهُمْ ثُمَّ لِلزِّنَا وَيُمْهَلُ ثُمَّ تُقْطَعُ يَدُهُ لِلسَّرِقَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا كَالصَّرِيحِ فِي تَقَدُّمِ جَلْدِ الزِّنَا وَتَغْرِيبِهِ عَلَى قَطْعِ السَّرِقَةِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي غَيْرِ هَذَا وَظَاهِرٌ أَنَّ التَّغْرِيبَ لَا يَسْقُطُ وَأَنَّهُ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ اهـ وَشَمَلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ لِلزِّنَا وَيُمْهَلُ إمْهَالُهُ لِلْبُرْءِ أَوْ لِلتَّغْرِيبِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ يُرْجَمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يَفْعَلُ الْإِمَامُ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْكَلَامَاتُ ش (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي قُدِّمَ قَتْلُ الْمُحَارَبَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا لَا بَلْ يُقْطَعُ إلَخْ) وَهُوَ الْأَصَحُّ لِاخْتِلَافِ الْعُقُوبَتَيْنِ وَجَرِيمَتَيْهِمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 الْجَلْدِ لِاخْتِلَافِ الْعُقُوبَتَيْنِ وَقِيلَ يَدْخُلُ فِيهِ الْجَلْدُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمَا عُقُوبَةُ جَرِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بِكْرًا عِنْدَ الزَّنْيَتَيْنِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي هَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ اللِّعَانِ وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ مُحْصَنٌ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَاسْتُرِقَّ فَزَنَى ثَانِيًا فَفِي دُخُولِ الْجَلْدِ فِي الرَّجْمِ وَجْهَانِ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبَغَوِيّ الْمَنْعَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَصَحُّ الدُّخُولُ كَالْحَدَّيْنِ (فَصْلٌ) لَوْ (شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ الرُّفْقَةِ عَلَى الْمُحَارِبِ لِغَيْرِهِمَا وَلَمْ يَتَعَرَّضَا؛ لِأَنْفُسِهِمَا) فِي الشَّهَادَةِ (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمَا (وَلَيْسَ عَلَى الْقَاضِي الْبَحْثُ عَنْ كَوْنِهِمَا مِنْ الرُّفْقَةِ) أَوْ لَا (وَإِنْ بَحَثَ) عَنْ ذَلِكَ (لَمْ يَلْزَمْهُمَا أَنْ يُجِيبَا، فَإِنْ قَالَا: نَهَبُونَا) فَأَخَذُوا مَالَنَا رُفْقَتُنَا (لَمْ يُقْبَلَا) لَا فِي حَقِّهِمَا وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا (لِلْعَدَاوَةِ وَلَوْ أَوْصَى لَهُمْ) أَيْ لِجَمَاعَةٍ بِشَيْءٍ (فَقَالَا) أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ (نَشْهَدُ بِهَا) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ (لِهَؤُلَاءِ دُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِنَا قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ قَالَا نَشْهَدُ بِهَا لَهُمْ وَلَنَا لَمْ تُقْبَلْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِلتُّهْمَةِ [بَابٌ حَدُّ شَارِبِ الْخَمْرِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي مُتَعَلِّقِ حَدّ شَارِب الْخَمْر] (بَابٌ حَدُّ شَارِبِ الْخَمْرِ) شُرْبُهُ مِنْ كَبَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا الْخَمْرُ} [المائدة: 90] الْآيَةَ وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ حُرِّمَتْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَالْخَمْرُ (هِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ إذَا اشْتَدَّتْ وَقَذَفَتْ بِالزَّبَدِ) الْأَوْلَى حَذْفُ التَّاءِ لِيَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى الْعَصِيرِ (وَالرُّطَبُ) أَيْ عَصِيرُهُ إذَا صَارَ مُسْكِرًا (، وَالْأَنْبِذَةُ الْمُسْكِرَةُ) وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ التَّمْرِ وَنَحْوِهِ (مِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ الْخَمْرِ (فِي التَّحْرِيمِ، وَالْحَدِّ، وَالنَّجَاسَةِ) لِمُشَارَكَتِهَا لَهَا فِي كَوْنِهَا مَائِعَةً مُسْكِرَةً (لَكِنْ لَا يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهَا بِخِلَافِ الْخَمْرِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهَا) دُونَ تِلْكَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَحْرِيمِهَا وَلَمْ يَسْتَحْسِنْ الْإِمَامُ إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِ مُسْتَحِلِّ الْخَمْرِ قَالَ وَكَيْفَ يَكْفُرُ مَنْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ وَنَحْنُ لَا نُكَفِّرُ مَنْ يَرُدُّ أَصْلَهُ إنَّمَا نُبَدِّعُهُ وَأَوَّلَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا صَدَّقَ الْمُجْمِعِينَ عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ ثَبَتَ شَرْعًا ثُمَّ حَلَّلَهُ، فَإِنَّهُ رَدٌّ لِلشَّرْعِ حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إنْ صَحَّ فَلْيَجْرِ فِي سَائِرِ مَا حَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى افْتِرَاضِهِ فَنَفَاهُ أَوْ تَحْرِيمِهِ فَأَثْبَتَهُ، وَأَجَابَ عَنْهُ الزَّنْجَانِيُّ بَلْ مُسْتَحِلُّ الْخَمْرِ لَا نُكَفِّرُهُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فَقَطْ بَلْ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْإِجْمَاعُ، وَالنَّصُّ عَلَيْهِ وَذَكَرْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ زِيَادَةً عَلَى هَذَا (وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي مُتَعَلِّقِ الْحَدِّ فَكُلُّ مُلْتَزِمِ التَّحْرِيمِ) أَيْ تَحْرِيمِ الْمَشْرُوبِ (شَرِبَ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ) مِنْ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ الْقَدْرُ الْمَشْرُوبُ مِنْهُ (مُخْتَارًا بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا عُذْرٍ لَزِمَهُ الْحَدُّ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَحُدُّ فِي الْخَمْرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ خَبَرَ «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ» وَقِيسَ بِهِ شُرْبُ النَّبِيذِ وَإِنَّمَا حَرَّمَ الْقَلِيلَ وَحَدَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ كَمَا حَرَّمَ تَقْبِيلَ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَالْخَلْوَةَ بِهَا لِإِفْضَائِهِمَا إلَى الْوَطْءِ (وَيُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْكِرِ الْمُنَصَّفُ) أَيْ شُرْبُهُ (وَهُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْ ثَمَرٍ وَرُطَبٍ، وَالْخَلِيطُ) أَيْ شُرْبُهُ (وَهُوَ) مَا يُعْمَلُ (مِنْ بُسْرٍ وَرُطَبٍ) وَقِيلَ مِنْ ثَمَرٍ وَزَبِيبٍ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَسَبَبُ النَّهْيِ أَنَّ الْإِسْكَارَ يُسْرِعُ إلَى ذَلِكَ بِسَبَبِ الْخَلْطِ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ فَيَظُنُّ الشَّارِبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْكِرٍ وَيَكُونُ مُسْكِرًا (فَيُحَدُّ) بِشُرْبِ الْمُسْكِرِ (الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ وَلَوْ حَنَفِيًّا شَرِبَ النَّبِيذَ وَإِنْ قَلَّ) وَلَا يُؤَثِّرُ اعْتِقَادُهُ حِلَّهُ لِقُوَّةِ أَدِلَّةِ تَحْرِيمِهِ وَلِأَنَّ الطَّبْعَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيحُ فِي هَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا إلَخْ) جَرَى فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ عَلَى الْأَوَّلِ فِي بَابِ اللِّعَانِ وَعَلَى الثَّانِي فِي بَابِ الزِّنَا قَالَ الكوهكيلوني كَلَامُهُ فِي حَدِّ الزِّنَا فِيمَا إذَا كَانَ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ لِشَخْصٍ وَفِي بَابِ اللِّعَانِ فِيمَا إذَا تَعَلَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ بِشَخْصٍ (قَوْلُهُ: صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبَغَوِيّ الْمَنْعَ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ [فَصْلٌ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ الرُّفْقَةِ عَلَى الْمُحَارِبِ لِغَيْرِهِمَا وَلَمْ يَتَعَرَّضَا؛ لِأَنْفُسِهِمَا فِي الشَّهَادَةِ] (بَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ) (قَوْلُهُ شُرْبُهُ مِنْ كَبَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ) أَيْ وَإِنْ مَزَجَهَا بِمِثْلِهَا مِنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا الْخَمْرُ} [المائدة: 90] الْآيَةَ وَقَالَ {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ} [الأعراف: 33] وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ الْإِثْمَ هِيَ الْخَمْرُ وَتَظَافَرَتْ الْأَحَادِيثُ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَكَذَا الْإِجْمَاعُ (قَوْلُهُ: وَرَوَى الشَّيْخَانِ إلَخْ) رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «لَعَنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَوَاهِبَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا» (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ) وَقِيلَ بَلْ كَانَ الْمُبَاحُ الشُّرْبُ لَا مَا يَنْتَهِي إلَى السُّكْرِ الْمُزِيلِ لِلْعَقْلِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فِي كُلِّ مِلَّةٍ وَحَكَاهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ الْقَفَّالِ يَعْنِي الشَّاشِيَّ ثُمَّ نَازَعَهُ فِيهِ وَقَالَ تَوَاتَرَ الْخَبَرُ حَيْثُ كَانَتْ مُبَاحَةً بِالْإِطْلَاقِ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الْإِبَاحَةَ كَانَتْ إلَى حَدٍّ لَا يُزِيلُ الْعَقْلَ وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَمَّا مَا يَقُولُهُ بَعْضُ مَنْ لَا تَحْصِيلَ عِنْدَهُ إنَّ السُّكْرَ لَمْ يَزَلْ مُحَرَّمًا فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ اهـ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ كَانَتْ إبَاحَتُهَا لَهُمْ بِاسْتِصْحَابٍ أَوْ شَرْعٍ مُبْتَدَأٍ وَجْهَانِ أَشْبَهُهُمَا فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ الْأَوَّلُ قَالَ شَيْخُنَا وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ الثَّانِيَ. (قَوْلُهُ: دُونَ تِلْكَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَحْرِيمِهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ اسْتَحَلَّ الْمُسْكِرَ مِنْهَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ مِنْهَا وَقَدْ أَفْتَيْت بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ هَذَا يَقْتَضِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ زِيَادَةً عَلَى هَذَا) قَالَ فِيهِ بَعْدَمَا فِي الشَّرْحِ وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ظَاهِرُ حَدِيثِ «التَّارِكِ لِدِينِهِ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ» أَنَّ مُخَالِفَ الْإِجْمَاعِ كَافِرٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَلَيْسَ بِالْهَيِّنِ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَسَائِلَ الْإِجْمَاعِيَّةَ إنْ صَحِبَهَا التَّوَاتُرُ كَالصَّلَاةِ كَفَرَ مُنْكِرُهَا لِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاتُرَ لَا لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ وَإِنْ لَمْ يَصْحَبْهَا التَّوَاتُرُ لَمْ يَكْفُرْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي عَدُّ إنْكَارِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فِي أَنْوَاعِ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: شُرْبُ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ) سَيَأْتِي مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ شُرْبُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَيُحَدُّ بِدُرْدِيِّ الْخَمْرِ وَجَامِدِهِ وَجَامِدِ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْكِرَاتِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مِمَّا أَصْلُهُ مَائِعٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَنَفِيًّا شَرِبَ النَّبِيذَ وَإِنْ قَلَّ) ، فَإِنْ قِيلَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 يَدْعُو إلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ وَبِهَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ فَارَقَ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ وَلَوْ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ أَيْ مُطْلَقًا لِيَخْرُجَ الْحَنَفِيُّ الشَّارِبُ لِلنَّبِيذِ وَبِالْمُكَلَّفِ غَيْرُهُ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ (لَا) أَيْ يُحَدُّ مَنْ ذُكِرَ بِشُرْبِ الْمُسْكِرِ لَا (بِإِسْعَاطٍ وَحُقْنَةٍ) بِهِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لِلزَّجْرِ وَلَا حَاجَةَ فِيهِمَا إلَى زَجْرٍ، فَإِنَّ النَّفْسَ لَا تَدْعُو إلَيْهِمَا (وَ) يُحَدُّ (بِمَرَقِ) أَيْ بِشُرْبِ مَرَقِ (مَا طُبِخَ بِهِ) أَيْ بِالْمُسْكِرِ (لَا) بِأَكْلِ (لَحْمِهِ) لِذَهَابِ الْعَيْنِ مِنْهُ (وَ) يُحَدُّ (بِأَكْلِ مَا ثُرِدَ بِهِ) أَوْ غُمِسَ فِيهِ (لَا) بِأَكْلِ (مَا عُجِنَ بِهِ) لِاسْتِهْلَاكِهِ فِيهِ (وَلَا بِشُرْبِهِ) أَيْ الْمُسْكِرِ (فِيمَا اسْتَهْلَكَهُ) كَأَنْ شَرِبَ مَا فِيهِ قَطَرَاتُ خَمْرٍ، وَالْمَاءُ غَالِبٌ بِصِفَاتِهِ لِذَلِكَ (وَلَا يُحَدُّ مُكْرَهٌ بِشُرْبِهِ) لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ وَلِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ شُرْبُهُ بِالْإِكْرَاهِ (وَ) لَا (مُسِيغُ) أَيْ مُزْدَرِدُ (لُقْمَةٍ) بِهِ حِينَ (غَصَّ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ أَيْ شَرِقَ (بِهَا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الْإِسَاغَةُ (وَخَافَ) الْهَلَاكَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ لِلضَّرُورَةِ (وَيَجُوزُ) لَهُ حِينَئِذٍ إسَاغَتُهَا بِهِ (بَلْ يَجِبُ) دَفْعًا لِلْهَلَاكِ (فَلَوْ شَرِبَهَا) أَيْ الْخَمْرَ (لِتَدَاوٍ أَوْ) لِدَفْعِ (جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَثِمَ) وَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ (وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ بِشُرْبِهَا لِذَلِكَ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ فِي التَّدَاوِي وَمِثْلُهُ مَا بَعْدَهُ وَلَمْ يُصَحِّحْ كَالرَّافِعِيِّ فِيهِمَا شَيْئًا وَإِنَّمَا قَالَا قَالَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ لَا حَدَّ بِالتَّدَاوِي، وَإِنْ حَكَمْنَا بِالْحُرْمَةِ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ فِي حِلِّ الشُّرْبِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَطْلَقَ الْأَئِمَّةُ الْمُعْتَبَرُونَ أَقْوَالَهُمْ: إنَّهُ حَرَامٌ مُوجِبٌ لِلْحَدِّ ثُمَّ قَالَ فِي الشُّرْبِ لِلْعَطَشِ وَإِذَا حَرَّمْنَاهُ فَفِي الْحَدِّ الْخِلَافُ كَالتَّدَاوِي وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِمَا فَيَكُونُ هُوَ الْأَصَحَّ مَذْهَبًا وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ شَيْخُنَا الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ لِشُبْهَةِ قَصْدِ التَّدَاوِي كَمَا جُعِلَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الزِّنَا شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ وَإِنْ كَانَ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ (وَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِنَجَسٍ) غَيْرِ مُسْكِرٍ (كَلَحْمِ حَيَّةٍ وَبَوْلٍ وَمَعْجُونِ خَمْرٍ) كَمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ (وَلَوْ) كَانَ التَّدَاوِي (لِتَعْجِيلِ شِفَاءٍ) كَمَا يَكُونُ لِرَجَائِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ (بِشَرْطِ إخْبَارِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ) عَدْلٍ بِذَلِكَ (أَوْ مَعْرِفَةِ الْمُتَدَاوِي) بِهِ إنْ عُرِفَ (وَ) بِشَرْطِ (عَدَمِ مَا يَقُومُ بِهِ مَقَامَهُ) مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّدَاوِي مِنْ الطَّاهِرَاتِ (، وَالْمَعْذُورُ) فِي شُرْبِ الْمُسْكِرِ بِشَيْءٍ (مَنْ جَهْلِ التَّحْرِيمَ) لَهُ (لِقُرْبِ عَهْدٍ) مِنْهُ بِالْإِسْلَامِ (وَنَحْوِهِ) كَنَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ (أَوْ) مَنْ (جَهِلِ كَوْنَهُ خَمْرًا لَا يُحَدُّ) لِعُذْرِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ) الْفَائِتَةِ (مُدَّةَ السُّكْرِ) كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ (بِخِلَافِ الْعَالِمِ) بِذَلِكَ لِتَعَدِّيهِ (وَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ أَوْ كَوْنَهُ مُسْكِرًا لِقِلَّتِهِ حُدَّ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ فَحَقُّهُ أَنْ يَمْتَنِعَ (وَإِنَّمَا يُحَدُّ) السَّكْرَانُ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ إقْرَارِهِ أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ مُسْكِرًا) لَا بِنِسْوَةٍ وَلَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَلَا بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ (فَيَكْفِي) ذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَالِمًا مُخْتَارًا) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الشَّارِبِ الْعِلْمُ بِمَا يَشْرَبُهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ فَصَارَ كَالْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ، وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا، وَالشَّهَادَةِ بِهَا بِخِلَافِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مُقَدِّمَاتِهِ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ» فَاحْتِيجَ فِي الْإِقْرَارِ، وَالشَّهَادَةِ بِهِ إلَى الِاحْتِيَاطِ (وَلَا تَعْوِيلَ عَلَى) مُشَاهَدَةِ (السُّكْرِ وَ) لَا عَلَى ظُهُورِ (النَّكْهَةِ) أَيْ رَائِحَةِ الْفَمِ وَلَا عَلَى تَقَيُّؤِ الْخَمْرِ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ أَوْ الْإِكْرَاهِ، وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ (فَرْعٌ مُزِيلُ الْعَقْلِ مِنْ غَيْرِ الْأَشْرِبَةِ كَالْبَنْجِ) ، وَالْحَشِيشَةِ حَرَامٌ لِإِزَالَتِهِ الْعَقْلَ (لَا حَدَّ   [حاشية الرملي الكبير] الشَّافِعِيُّ لَا يُحَدُّ الْحَنَفِيُّ إذَا وَطِئَ مُطَلَّقَتَهُ الرَّجْعِيَّةَ وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ إذَا صَلَّى خَلْفَ الْحَنَفِيِّ بَعْدَ مَا مَسَّ فَرْجَهُ لَا تَصِحُّ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَصَدَ، فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَكَذَلِكَ إذَا تَوَضَّأَ الْحَنَفِيُّ بِغَيْرِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الْمَاءَ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا فَالْجَوَابُ أَمَّا مَسْأَلَةُ الرَّجْعَةِ فَلِأَنَّ الْوَطْءَ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ يَكُونُ رَجْعَةً فَأَشْبَهَ عَقْدَ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ إنْكَارُهُ عَلَى الْحَنَفِيِّ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ أَوْ مَعَ مَسِّ الْفَرْجِ لَيْسَ لِلشَّافِعَيَّ إنْكَارُهُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُوصَفُ بِالِانْعِقَادِ فَهِيَ كَالْبِيَاعَاتِ وَالْأَنْكِحَةِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ شُرْبِ النَّبِيذِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ فِي عَقْدٍ تَحْصُلُ مِنْهُ إبَاحَةٌ وَإِنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ فِي نَفْسِ الْإِبَاحَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لِلْحَنَفِيِّ إلَى تَعَاطِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعُقُودِ، فَإِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى تَعَاطِيهَا وَأَمَّا الِاقْتِدَاءُ وَالْوُضُوءُ، فَإِنَّمَا قُلْنَا لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ عَمَلًا بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ وَقُلْنَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا عَمَلًا بِاعْتِقَادِ الْمُتَوَضِّئِ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِالذِّمَّةِ مِمَّا لَا يَعْتَقِدُهُ إلَّا الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعِبَادِ وَكَتَبَ أَيْضًا كَيْفَ يُقَالُ هَذَا وَقَدْ قَرَّرَ أَهْلُ الْأُصُولِ أَنَّ الْخَمْرَ لَمْ يَزَلْ مُحَرَّمًا فِي كُلِّ الْمِلَلِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُسِيغُ لُقْمَةٍ غَصَّ بِهَا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا لَا حَدَّ فِي كُلِّ مَنْ شَرِبَهُ لِلْعَطَشِ أَوْ التَّدَاوِي أَوْ كَوْنِهِ غَصَّ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِدَفْعِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَثِمَ) أَيْ إنْ لَمْ يَخَفْ الْهَلَاكَ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْأَقْوَى وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَا حَدَّ عَلَى الْمُتَدَاوِي وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الشُّرْبُ تَدَاوِيًا وَيَكُونُ قَصْدُ التَّدَاوِي شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ وَقِيلَ بِخِلَافِهِ اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقِيَاسُ نَفْيُ الْحَدِّ وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْمُكْرَهِ عَلَى الزِّنَا وَجُعِلَ الْإِكْرَاهُ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ وَإِنْ كَانَ لَا يُبَاحُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ بِالْإِكْرَاهِ فَهَذَا مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي حِلِّهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ أَطْلَقَ الْأَئِمَّةُ إلَخْ) ضَعَّفَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْذُورُ مَنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ اسْمٌ مَوْصُولٌ أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ خَبَرُ الْمَعْذُورُ وَلَا يُحَدُّ خَبَرٌ ثَانٍ أَوْ بِكَسْرِهَا تَعْلِيلِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِقُرْبِ عَهْدِهِ مِنْهُ بِالْإِسْلَامِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ نَشَأَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِبَادِيَةٍ نَائِيَةٍ فَأَمَّا النَّاشِئُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُخَالِطُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُهَا فِي شَرْعِنَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا إلَخْ) كَأَنْ قَالَ شَرِبْت مِمَّا شَرِبَ مِنْهُ غَيْرِي فَسَكِرَ مِنْهُ أَوْ قَالَ الشَّاهِدُ مِثْلَ ذَلِكَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلَذُّ وَلَا يُطْرِبُ وَلَا يَدْعُو قَلِيلُهُ إلَى كَثِيرِهِ بَلْ فِيهِ التَّعْزِيرُ (وَلَهُ تَنَاوُلُهُ) لِيُزِيلَ عَقْلَهُ (لِقَطْعِ) عُضْوٍ (مُتَآكِلٍ، وَالنَّدُّ) بِالْفَتْحِ (الْمَعْجُونُ بِخَمْرٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) لِنَجَاسَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ كَالثَّوْبِ النَّجَسِ لِإِمْكَانِ تَطْهِيرِهِ بِنَقْعِهِ فِي الْمَاءِ (وَدُخَانُهُ كَدُخَانِ النَّجَاسَةِ فَفِي تَنْجِيسِهِ الْمُتَبَخِّرَ بِهِ وَجْهَانِ) قَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِ بِدُخَانِ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمَنْعَ مِنْ التَّبَخُّرِ بِهِ وَقَدْ قَدَّمَ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ أَنَّهُ جَائِزٌ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ ثُمَّ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي نَفْسِ الْحَدِّ) الْوَاجِبُ فِي الشُّرْبِ (وَهُوَ أَرْبَعُونَ) جَلْدَةً (لِلْحُرِّ) فَفِي مُسْلِمٍ «عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَلَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ» وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضْرِبُ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ، وَالنِّعَالِ أَرْبَعِينَ» (وَعِشْرُونَ لِلْعَبْدِ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ كَنَظَائِرِهِ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ، وَالْمُبَعَّضُ وَإِنَّمَا يُحَدُّ الشَّارِبُ (بَعْدَ الْإِفَاقَةِ) مِنْ سُكْرِهِ لِيَرْتَدِعَ، فَلَوْ حُدَّ فِيهِ فَفِي الِاعْتِدَادِ بِهِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي، وَالْأَصَحُّ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ الِاعْتِدَادُ بِهِ لِظَاهِرِ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَكْرَانَ فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ فَمِنَّا مَنْ ضَرَبَهُ بِيَدِهِ وَمِنَّا مَنْ ضَرَبَهُ بِنَعْلِهِ وَمِنَّا مَنْ ضَرَبَهُ بِثَوْبِهِ» وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ «فَضَرَبُوهُ بِالْأَيْدِي، وَالنِّعَالِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ وَبِكُلِّ حَالٍ فَيُضْرَبُ» (بِالْأَيْدِي، وَالنِّعَالِ، وَالسَّوْطِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ) بَعْدَ فَتْلِهَا حَتَّى تَشْتَدَّ (وَلَا يَتَعَيَّنُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) بَلْ كُلٌّ مِنْهَا أَوْ نَحْوُهُ كَافٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ فِي الْقَوِيِّ إنْ كَانَ مِمَّا يَرْدَعُهُ الضَّرْبُ بِغَيْرِ السَّوْطِ وَنَحْوِهِ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ السَّوْطُ وَنَحْوُهُ (وَلَوْ بَلَّغَهُ الْإِمَامُ ثَمَانِينَ جَازَ) كَمَا مَرَّ فِعْلُهُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرَآهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لِأَنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ وَإِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى وَحَدُّ الِافْتِرَاءِ ثَمَانُونَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْأَرْبَعُونَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِهَذَا كَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ فِي نَفْسِي مِنْ جَلْدِ شَارِبِ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ شَيْءٌ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسُنَّهُ ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْحُرِّ أَمَّا الْعَبْدُ، فَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ تَبْلِيغَهُ أَرْبَعِينَ جَازَ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا (وَكَانَ الزَّائِدُ) عَلَى الْأَرْبَعِينَ أَوْ الْعِشْرِينَ (تَعْزِيرًا) وَإِلَّا لَمَا جَازَ تَرْكُهُ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ وَضْعَ التَّعْزِيرِ النَّقْصُ عَنْ الْحَدِّ فَكَيْفَ يُسَاوِيهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لِجِنَايَاتٍ تَوَلَّدَتْ مِنْ الشَّارِبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَيْسَ شَافِيًا، فَإِنَّ الْجِنَايَةَ لَمْ تَتَحَقَّقْ حَتَّى يُعَزَّرَ، وَالْجِنَايَاتُ الَّتِي تَتَوَلَّدُ مِنْ الْخَمْرِ لَا تَنْحَصِرُ فَلْتَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَانِينَ وَقَدْ مَنَعُوهَا قَالَ وَفِي قِصَّةِ تَبْلِيغِ الصَّحَابَةِ الضَّرْبَ ثَمَانِينَ أَلْفَاظٌ مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ الْكُلَّ حَدٌّ وَعَلَيْهِ فَحَدُّ الشُّرْبِ مَخْصُوصٌ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْحُدُودِ بِأَنْ لَمْ يَتَحَتَّمْ بَعْضُهُ وَيَتَعَلَّقُ بَعْضُهُ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ (وَسَوْطُ الْحُدُودِ) ، وَالتَّعَازِيرِ مُعْتَدِلُ (الْحَجْمِ) فَيَكُونُ بَيْنَ الْقَضِيبِ، وَالْعَصَا وَيُقَاسُ بِالسَّوْطِ غَيْرُهُ (وَ) مُعْتَدِلُ (الرُّطُوبَةِ) فَلَا يَكُونُ رَطْبًا فَيَشُقُّ الْجِلْدَ بِثِقَلِهِ وَلَا شَدِيدَ الْيُبُوسَةِ فَلَا يُؤْلِمُ لِخِفَّتِهِ وَفِي خَبَرٍ مُرْسَلٍ رَوَاهُ مَالِكٌ الْأَمْرُ بِسَوْطٍ بَيْنَ الْخَلِقِ، وَالْجَدِيدِ وَ (ضَرْبُهُ) أَيْ السَّوْطِ أَوْ نَحْوِهِ (بَيْنَ الضَّرْبَيْنِ فَيَرْفَعُ) الضَّارِبُ (ذِرَاعَهُ) لِيُكْسِبَ السَّوْطَ ثِقَلًا (لَا عَضُدَهُ) بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ إبْطِهِ لِئَلَّا يَعْظُمَ أَلَمُهُ وَلَا يَضَعُهُ عَلَيْهِ وَضْعًا لَا يَتَأَلَّمُ بِهِ (وَيُفَرِّقُهُ عَلَى الْأَعْضَاءِ) فَلَا يَجْمَعُهُ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِلْجَلَّادِ: أَعْطِ عَلَى كُلِّ عُضْوٍ حَقَّهُ وَاتَّقِ الْوَجْهَ، وَالْمَذَاكِيرَ، وَالْمَعْنَى فِي التَّفْرِيقِ أَنَّ الضَّرْبَ فِي الْمَحَلِّ الْوَاحِدِ مُهْلِكٌ (وَيَتَّقِي الْوَجْهَ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَّقِ الْوَجْهَ» وَلِأَنَّهُ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ فَيَعْظُمُ أَثَرُ شَيْنِهِ (وَ) يَتَّقِي (الْمَقَاتِلَ) كَنَقْرَةِ النَّحْرِ، وَالْفَرْجِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ رَدْعُهُ لَا قَتْلُهُ (لَا الرَّأْسَ) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِلْجَلَّادِ: اضْرِبْ الرَّأْسَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ مَسْتُورٌ بِالشَّعْرِ وَغَيْرِهِ غَالِبًا فَلَا يُخَافُ تَشْوِيهُهُ بِخِلَافِ الْوَجْهِ (وَلَا يُبَالِي بِرَقِيقِ جِلْدٍ) أَيْ بِكَوْنِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِبَقَاءِ مُعْظَمِ مَنَافِعِ الثَّوْبِ مَعَ نَجَاسَتِهِ وَبِسُهُولَةِ تَطْهِيرِهِ بِخِلَافِ النَّدِّ فِيهِمَا (قَوْلُهُ قَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِ بِدُخَانِ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الطَّرَفُ الثَّانِي الْحَدِّ الْوَاجِبُ فِي الشُّرْبِ] (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِفَاقَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ تَأْخِيرَ حَدِّ السَّكْرَانِ إلَى الْإِفَاقَةِ عَلَى الِاخْتِيَارِ لَا الْوُجُوبِ اهـ وَقَالَ فِي الْبَهْجَةِ وَيَجِبُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يُفِيقَ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَجْلِدَهُ سَكْرَانَ حَتَّى يَصْحُوَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ حُجَّةٌ تَدْفَعُ الْحَدَّ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي) وَأَجْرَاهُمَا فِيمَا لَوْ أَفَاقَ ثُمَّ جُنَّ وَحُدَّ فِي جُنُونِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا الِاعْتِدَادُ بِهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى وُجُوبِ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ وَضْعَ التَّعْزِيرِ النَّقْصُ عَنْ الْحَدِّ فَكَيْفَ يُسَاوِيهِ) وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَالزِّيَادَةُ تَعْزِيرَاتٌ وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ تَعْزِيرٌ قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الْقَائِلِ بِالتَّعْزِيرِ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ الْجِنْسُ فَيَرْجِعُ إلَى عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ كا (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَيْسَ شَافِيًا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا جَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ مَا زَادَ عَلَيْهَا فَهِيَ تَعْزِيرَاتٌ عَلَى كَيْفِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ لِلْوُرُودِ كا (قَوْلُهُ: وَيُفَرِّقُهُ عَلَى الْأَعْضَاءِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ التَّفْرِيقُ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا لِلْأَصْحَابِ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ وَسَيَأْتِي عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الضَّرْبَ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ يُهْلِكُ وَقَوْلُهُ هَلْ التَّفْرِيقُ وَاجِبٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَتَّقِي الْمَقَاتِلَ) لَوْ ضَرَبَ عَلَى مَقْتَلٍ فَمَاتَ بِهِ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ جَلَدَ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مَسْتُورٌ بِالشَّعْرِ وَغَيْرِهِ غَالِبًا إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَعْرٌ لِقَرَعٍ أَوْ حَلْقِ رَأْسِهِ اجْتَنَبَهُ قَطْعًا وَرَجَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَنَّهُ يَجِبُ اتِّقَاءُ الرَّأْسِ وَحَكَاهُ عَنْ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ وَقَالَ إذَا اتَّقَيْنَا الْفَرْجَ؛ لِأَنَّهُ مَقْتَلٌ فَالرَّأْسُ أَوْلَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْ ضَرْبِهِ نُزُولُ الْمَاءِ فِي الْعَيْنِ وَزَوَالُ الْعَقْلِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَصَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَالْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي وَالتَّحْرِيرِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ قَدْ غَلِطَ مَنْ قَالَ بِخِلَافِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 الْمَجْلُودِ رَقِيقَ جِلْدٍ يَدْمَى بِالضَّرْبِ الْخَفِيفِ (وَيَتَّقِي) أَيْ الْمَجْلُودُ (بِيَدِهِ) الْيُمْنَى، وَالْيُسْرَى (فَلَا يُشَدُّ وَلَا يُمَدُّ) عَلَى الْأَرْضِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاتِّقَاءِ بِيَدَيْهِ، فَلَوْ وَضَعَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا عَلَى مَوْضِعٍ عَدَلَ عَنْهُ الضَّارِبُ إلَى آخَرَ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ أَلَمِهِ بِالضَّرْبِ فِيهِ (وَلَا يُجَرَّدُ مِنْ قَمِيصٍ أَوْ قَمِيصَيْنِ بَلْ) يُجَرَّدُ (مِنْ) جُبَّةٍ (مَحْشُوَّةٍ وَفَرْوَةٍ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَدْفَعُ الْأَلَمَ مُلَاحَظَةً لِمَقْصُودِ الْحَدِّ (وَيُجْلَدُ) الرَّجُلُ (قَائِمًا، وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةً) ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا، فَلَوْ عَكَسَهُ الْجَلَّادُ أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ وَلَا يَضْمَنُ أَنْ تَلِفَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَغْيِيرُ حَالٍ لَا زِيَادَةُ ضَرْبٍ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ وَلَا يُنَافِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْإِسَاءَةِ (وَيَجْلِدُهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (رَجُلٌ) ؛ لِأَنَّ الْجَلْدَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ (وَامْرَأَةٌ) أَوْ نَحْوُهَا كَمَحْرَمٍ (تُشَدُّ ثِيَابُهَا) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ لَا يَخْتَصُّ بِشَدِّ ثِيَابِ الْمَرْأَةِ وَنَحْوِهَا، وَيَحْتَمِلُ تَعْيِينَ الْمَحْرَمِ وَنَحْوِهِ (وَيُوَالِي الضَّرْبَ) بِحَيْثُ يَحْصُلُ بِهِ زَجْرٌ وَتَنْكِيلٌ فَلَا يُفَرَّقُ عَلَى الْأَيَّامِ، وَالسَّاعَاتِ لِعَدَمِ الْإِيلَامِ وَالزَّجْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لِيَضْرِبَنَّهُ عَدَدًا فَفَرَّقَهُ عَلَى الْأَيَّامِ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّبَعَ هُنَاكَ مُوجِبُ اللَّفْظِ وَهُنَا الزَّجْرُ، وَالتَّنْكِيلُ، فَلَوْ حَصَلَ مَعَ التَّفْرِيقِ هُنَا إيلَامٌ قَالَ الْإِمَامُ: فَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ مَا يَزُولُ بِهِ الْأَلَمُ الْأَوَّلُ كَفَى وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ ضَرَبَ فِي الزِّنَا فِي يَوْمٍ خَمْسِينَ مُتَوَالِيَةً وَفِي غَدٍ خَمْسِينَ كَذَلِكَ جَازَ) لِحُصُولِ الْإِيلَامِ، وَالزَّجْرِ بِذَلِكَ وَهَذَا مِثَالٌ، وَالضَّابِطُ مَا تَقَرَّرَ عَنْ الْإِمَامِ (فَرْعٌ لَا يُحَدُّ وَلَا يُعَزَّرُ فِي الْمَسْجِدِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ» وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَلَوَّثَ مِنْ جِرَاحَةٍ تَحْدُثُ (فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ) كَالصَّلَاةِ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَقَضِيَّتُهُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ وَبِهِ جَزَمَ الْبَنْدَنِيجِيُّ لَكِنْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيِّ (بَابٌ) (التَّعْزِيرُ) هُوَ لُغَةً التَّأْدِيبُ وَشَرْعًا تَأْدِيبٌ عَلَى ذَنْبٍ لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَهُوَ) مَشْرُوعٌ (فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِآدَمِيٍّ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ مُقَدِّمَاتِ مَا فِيهِ حَدٌّ كَمُبَاشَرَةِ أَجْنَبِيَّةٍ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ وَسَرِقَةِ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ، وَالسَّبُّ بِمَا لَيْسَ بِقَذْفٍ أَمْ لَا كَالتَّزْوِيرِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ، وَالضَّرْبِ بِغَيْرِ حَقٍّ بِخِلَافِ الزِّنَا لِإِيجَابِهِ الْحَدَّ وَبِخِلَافِ التَّمَتُّعِ بِالطِّيبِ وَنَحْوِهِ فِي الْإِحْرَامِ لِإِيجَابِهِ الْكَفَّارَةَ وَقَدْ يَنْتَفِي التَّعْزِيرُ مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ، وَالْكَفَّارَةِ كَمَا فِي صَغِيرَةٍ صَدَرَتْ مِنْ وَلِيٍّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَكَمَا فِي قَطْعِ شَخْصٍ أَطْرَافَ نَفْسِهِ وَكَمَا فِي وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِي دُبُرِهَا فَلَا يُعَذَّرُ بِأَوَّلِ مَرَّةٍ بَلْ يُنْهَى عَنْ الْعَوْدِ، فَإِنْ عَادَ عُزِّرَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَكَمَا فِي تَكْلِيفِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ فَوْقَ مَا يُطِيقُ مِنْ الْخِدْمَةِ فَلَا يُعَزَّرُ بِأَوَّلِ مَرَّةٍ أَيْضًا وَكَمَا لَوْ رَعَى أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقُوَّةِ مِنْ الْحِمَى الَّذِي حَمَاهُ الْإِمَامُ لِلضَّعَفَةِ وَنَحْوِهِمْ فَلَا   [حاشية الرملي الكبير] فَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ وَلَا نَعْلَمُ لِلشَّافِعِيِّ نَصًّا يُعَارِضُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِلْجَلَّادِ: اضْرِبْ الرَّأْسَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ فِي الرَّأْسِ فَفِي إسْنَادِهِ الْمَسْعُودِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اضْرِبْ وَأَوْجِعْ وَاتَّقِ الْفَرْجَ وَالرَّأْسَ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ، فَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ مَا يَزُولُ بِهِ الْأَلَمُ كَفَى وَإِلَّا فَلَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ حَكَاهُ عَنْهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَرَبَ فِي الزِّنَا فِي يَوْمٍ خَمْسِينَ مُتَوَالِيَةً وَفِي غَدٍ خَمْسِينَ كَذَلِكَ جَازَ) قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ وَإِنَّمَا خُصَّ الْخَمْسُونَ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهَا تَعْدِلُ حَدَّ الْعَبْدِ فَجَازَ ذَلِكَ عَلَى الْخُصُوصِ [فَرْعٌ إقَامَة الْحَدُّ وَالتَّعْزِيرُ فِي الْمَسْجِدِ] (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ) أَيْ إنْ خِيفَ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يُخَفْ تَلْوِيثُهُ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا إذَا لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى الْمُصَلِّينَ، فَإِنْ شَوَّشَ عَلَيْهِمْ حَرُمَ؛ لِأَنَّ الْبُقْعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْمُصَلِّينَ [بَابٌ التَّعْزِيرُ] (قَوْلُهُ وَهُوَ مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ) التَّعْزِيرُ يُشْرَعُ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ كَمَنْ يَكْتَسِبُ بِاللَّهْوِ الَّذِي لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مَعَ أَنَّ فِعْلَهُمَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ السَّرِقَةِ عَنْ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ أَنَّ الْمُحْتَسِبَ يَمْنَعُهُ وَيُؤَدَّبُ عَلَيْهِ الْآخِذُ وَالْمُعْطِي وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الْقَتْلِ بَعْدَ الْقِصَاصِ وَقَالُوا أَخْطَأْنَا، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُعَزِّرُهُمْ لِعَدَمِ التَّثَبُّتِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَسَرِقَةُ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ) أَيْ وَإِدَارَةُ كَأْسِ الْمَاءِ كَالْخَمْرِ قَالَ شَيْخُنَا بِقَصْدِ التَّشْبِيهِ بِشَرِبْتُهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَنْتَفِي التَّعْزِيرُ مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ وَالْكَفَّارَةِ كَمَا فِي صَغِيرَةٍ صَدَرَتْ إلَخْ) وَالْأَصْلُ لَا يُعَزَّرُ لِحَقِّ الْفَرْعِ كَمَا لَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْإِمَامِ مِنْ ذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِذَا رَأَى مَنْ يَزْنِي بِزَوْجَتِهِ وَهُوَ مُحْصَنٌ فَقَتَلَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا تَعْزِيرَ عَلَيْهِ وَإِنْ افْتَاتَ عَلَى الْإِمَامِ لِأَجْلِ الْحَمِيَّةِ وَالْغَيْظِ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ ابْنِ دَاوُد وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ قَتْلُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَإِنْ كَانَ يُقَادُ بِهِ فِي الظَّاهِرِ وَهُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْأُمُّ. وَإِذَا ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ، فَإِنَّهُ لَا يُعَزَّرُ أَوَّلَ مَرَّةٍ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَإِذَا آذَى زَوْجَتَهُ بِلَا سَبَبٍ، فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ إلَّا إنْ نَهَاهُ الْحَاكِمُ وَعَادَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَعْزِيرُهُ إمَّا لِمُخَالَفَتِهِ نَهْيَهُ أَوْ لِتَضْمِينِ النَّهْيِ الْحُكْمَ بِمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ إذْ عِنْدَ الْحُكْمِ تَرْتَفِعُ شُبْهَةُ الْخِلَافِ فِي حَقِّ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَشْبَهُ إذْ الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَأْتِي غَيْرُهُ وَإِذَا تَلَاعَنَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِالْأَوَّلِ نُهِيَ، فَإِنْ عَادَ عُزِّرَ وَمِنْهَا أَنَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ إذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ: إنَّهُ ظَالِمٌ أَوْ فَاجِرٌ أَوْ نَحْوُهُ فِي حَالِ الْمُخَاصَمَةِ يُحْتَمَلُ ذَلِكَ مِنْهُ أَيْ وَلَا يُعَزَّرُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَإِذَا نَظَرَ إلَى بَيْتِ غَيْرِهِ فَرَمَاهُ صَاحِبُهُ، فَإِنْ أَصَابَهُ لَمْ يُعَزِّرْهُ السُّلْطَانُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ عَزَّرَهُ وَقَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ رِعَايَةُ التَّدْرِيجِ وَقَوْلُهُ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَعْزِيرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 يُعَزَّرُ وَلَا يَغْرَمُ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَإِطْلَاقُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِينَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُعَزَّرُ وَقَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَدِّ كَمَا فِي تَكْرَارِ الرِّدَّةِ وَقَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْكَفَّارَةِ كَمَا فِي الظِّهَارِ، وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ وَإِفْسَادِ الصَّائِمِ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ وَكَمَا فِي قَتْلِ مَنْ لَا يُقَادُ بِهِ كَوَلَدِهِ وَعَبْدِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيِّ نَعَمْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ إيجَابَ الْكَفَّارَةِ لَيْسَ لِلْمَعْصِيَةِ بَلْ لِإِعْدَامِ النَّفْسِ بِدَلِيلِ إيجَابِهَا بِقَتْلِ الْخَطَأِ فَلَمَّا بَقِيَ التَّعَمُّدُ خَالِيًا مِنْ الزَّاجِرِ أَوْجَبْنَا فِيهِ التَّعْزِيرَ، وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ} [النساء: 34] الْآيَةَ، وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي تَصْحِيحِهِ وَيَحْصُلُ التَّعْزِيرُ (بِحَبْسٍ أَوْ جَلْدٍ أَوْ صَفْعٍ أَوْ تَوْبِيخٍ) بِكَلَامٍ أَوْ فِعْلٍ كَنَفْيٍ أَوْ نَحْوِهَا كَكَشْفِ رَأْسٍ وَإِقَامَةٍ مِنْ مَجْلِسٍ (وَجَمْعٍ بَيْنَهَا) وَكُلُّ ذَلِكَ (بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ بِاجْتِهَادِهِ جِنْسًا وَقَدْرًا إفْرَادًا أَوْ جَمْعًا (فَلَا يَرْتَفِعُ عَنْ التَّوْبِيخِ) إلَى غَيْرِهِ (إذَا كَانَ يَكْفِي) فَلَا يَرْقَى إلَى مَرْتَبَةٍ وَهُوَ يَرَى مَا دُونَهَا كَافِيًا (بَلْ يُعَزَّرُ بِالْأَخَفِّ ثُمَّ الْأَخَفِّ) كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَجُوزُ حَلْقُ رَأْسِهِ لَا لِحْيَتِهِ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: يَجُوزُ تَسْوِيدُ وَجْهِهِ (فَلَوْ جُلِدَ) أَوْ حُبِسَ (لَمْ يَبْلُغْ بِتَعْزِيرِ حُرٍّ) بِالضَّرْبِ (أَرْبَعِينَ) وَبِالْحَبْسِ سَنَةً (وَلَا بِتَعْزِيرِ عَبْدٍ) بِالضَّرْبِ (عِشْرِينَ) وَبِالْحَبْسِ نِصْفَ سَنَةٍ لِخَبَرِ «مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنْ الْمُعْتَدِينَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ الْمَحْفُوظُ إرْسَالُهُ وَكَمَا يَجِبُ نَقْصُ الْحُكُومَةِ عَنْ الدِّيَةِ، وَالرَّضْخِ عَنْ السَّهْمِ فَيَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِعَمَلِ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافِهِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ قَالَ الْقُونَوِيُّ وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَمَلِ بِخِلَافِهِ أَهْوَنُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى النَّسْخِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ (فَصْلٌ) (لِلْأَبِ، وَالْأُمِّ ضَرْبُ الصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونِ زَجْرًا) لَهُمَا عَنْ سَيِّئِ الْأَخْلَاقِ (وَإِصْلَاحًا) لَهُمَا مِثْلُهُمَا السَّفِيهُ (وَلِلْمُعَلِّمِ) ذَلِكَ (بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَكَتَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَغَيْرُهُ عَنْ هَذَا الْقَيْدِ، وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ مُطَّرِدٌ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ (وَلِلزَّوْجِ) ضَرْبُ زَوْجَتِهِ (لِنُشُوزِهَا وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) مِنْ حُقُوقِهِ عَلَيْهَا لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ (لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ضَرْبُهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ لَكِنْ أَفْتَى ابْنُ الْبَزْرِيِّ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَفِي الْوُجُوبِ نَظَرٌ (وَلِلسَّيِّدِ) ضَرْبُ رَقِيقِهِ (لِحَقِّ نَفْسِهِ) كَمَا فِي الزَّوْجِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ سُلْطَتَهُ أَقْوَى (وَكَذَا لِحَقِّ اللَّهِ) تَعَالَى لِمَا مَرَّ فِي الزِّنَا (وَيُسَمَّى الْكُلُّ تَعْزِيرًا) وَقِيلَ إنَّمَا يُسَمَّى مَا عَدَا ضَرْبَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مِمَّا ذُكِرَ تَأْدِيبًا لَا تَعْزِيرًا (وَإِنْ لَمْ يُفِدْ تَعْزِيرُهُ إلَّا بِضَرْبٍ مُبَرِّحٍ) أَيْ شَدِيدٍ مُؤْذٍ (تُرِكَ) ضَرْبُهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَرِّحَ مُهْلِكٌ وَغَيْرُهُ لَا يُفِيدُ (وَلِلْإِمَامِ تَرْكُ تَعْزِيرٍ لِحَقِّ اللَّهِ) تَعَالَى لِإِعْرَاضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ جَمَاعَةٍ اسْتَحَقُّوهُ كَالْغَالِّ فِي الْغَنِيمَةِ وَلَاوِي شَدْقِهِ فِي حُكْمِهِ لِلزُّبَيْرِ (وَكَذَا الْآدَمِيُّ) أَيْ لِحَقِّهِ وَلَوْ طَلَبَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِينَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُعَزَّرُ) يُعَزَّرُ مُوَافِقُ الْكُفَّارِ فِي أَعْيَادِهِمْ وَمَنْ يُمْسِكُ الْحَيَّةَ وَيَدْخُلُ النَّارَ وَمَنْ قَالَ لِذِمِّيٍّ يَا حَاجُّ وَمَنْ هَنَّأَهُ بَعِيدٍ وَمَنْ سَمَّى زَائِرَ قُبُورِ الصَّالِحِينَ حَاجًّا (قَوْلُهُ كَمَا فِي تَكَرُّرِ الرِّدَّةِ وَشَارِبِ الْخَمْرِ) وَمَنْ شَهِدَ بِزِنًا ثُمَّ رَجَعَ حُدَّ لِلْقَذْفِ وَعُزِّرَ لِشَهَادَةِ الزُّورِ. (قَوْلُهُ: وَإِفْسَادُ الصَّائِمِ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ) كَمَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ عَنْ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّعْجِيزِ وَوَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ مَا حَاصِلُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فَاجْتَنِبْهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ نَعَمْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ إيجَابَ الْكَفَّارَةِ إلَخْ) قَالَ وَهَذَا يَقْتَضِي إيجَابَ التَّعْزِيرِ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَتْ إتْلَافًا كَالْحَلْقِ وَالصَّيْدِ دُونَ الِاسْتِمْتَاعِ كَاللُّبْسِ وَالطِّيبِ قَالَ وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ الصُّغْرَى أَنَّهُ لَوْ زَنَى بِأُمِّهِ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ مُعْتَكِفٌ مُحْرِمٌ لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَالْبَدَنَةُ وَيُحَدُّ لِلزِّنَا وَيُعَزَّرُ لِقَطْعِ رَحِمِهِ وَانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْكَعْبَةِ اهـ وَمِثْلُهُ الظِّهَارُ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُعَزَّرُ مَعَ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّعْزِيرِ هُوَ الْكَذِبُ وَالْكَفَّارَةُ وَجَبَتْ بِالْعَوْدِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي إيجَابَ التَّعْزِيرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَكَشْفِ رَأْسٍ) أَيْ وَنَفْيٍ أَوْ إعْرَاضٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَجُوزُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ لَا لِحْيَتِهِ قَالَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّ حَلْقَهَا مُثْلَةٌ لَهُ وَيَشْتَدُّ تَعْيِيرُهُ بِذَلِكَ بَلْ قَدْ يُعَيَّرُ بِمَا ذُكِرَ أَوْلَادُهُ فَلَا يُقَالُ: إنَّ الْمَانِعَ مِنْ ذَلِكَ فَرْعُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِحُرْمَةِ حَلْقِ لِحْيَةِ نَفْسِهِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْجَوَازِ جَازَ كا (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ يَجُوزُ تَسْوِيدُ وَجْهِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ جُلِدَ أَوْ حُبِسَ لَمْ يَبْلُغْ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ التَّعْزِيرُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ فِي حَقِّ الْعِبَادِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ أَوْ التَّعْزِيرِ لِوَفَاءِ الْحَقِّ الْمَالِيِّ، فَإِنَّهُ يُحْبَسُ إلَى أَنْ يَثْبُتَ إعْسَارُهُ وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ ضُرِبَ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ؛ لِأَنَّهُ كَالصَّائِلِ وَكَذَا لَوْ غَصَبَ مَالًا وَامْتَنَعَ مِنْ رَدِّهِ، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الضَّمَانِ بِالتَّعْزِيرِ لِوُجُودِ جِهَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَكَمَا يَجِبُ نَقْصُ الْحُكُومَةِ عَنْ الدِّيَةِ إلَخْ) وَلِأَنَّ جِنَايَتَهُ دُونَ جِنَايَةِ الْحُرِّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْقُونَوِيُّ وَحَمَلَهُ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ إلَخْ) أَيْ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُجْلَدَ فَوْقَ عَشَرَةٍ إلَّا فِي حَدٍّ [فَصْلٌ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ضَرْبُ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ زَجْرًا لَهُمَا عَنْ سَيِّئِ الْأَخْلَاقِ] (قَوْلُهُ: لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَشَبَهِهِمَا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ضَرْبُهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ أَفْتَى ابْنُ الْبَزْرِيِّ) بِتَقْدِيمِ الزَّايِ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَالَ الْقَمُولِيُّ رَأَيْت فِيمَا عُلِّقَ عَنْ مَشَايِخِ عَصْرِنَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ لِلزَّوْجِ تَأْدِيبَ زَوْجَتِهِ الصَّغِيرَةِ لِلتَّعْلِيمِ وَاعْتِيَادِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ لَا يُفِيدُ) قَالَ فِي الْعُزَيْرِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يَضْرِبُهُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ إقَامَةً لِصُورَةِ الْوَاجِبِ وَاخْتَارَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُقَوِّي الْأَوَّلَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ ضَرَبَ نَحِيفًا ضَرْبًا يَقْتُلُ مِثْلَهُ غَالِبًا دُونَ الْجَانِي (قَوْلُهُ: لِإِعْرَاضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَمَاعَةٍ اسْتَحَقُّوهُ إلَخْ) «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَسِّمُ الْغَنَائِمَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 كَمَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ عِنْدَ طَلَبِهِ كَالْقِصَاصِ، وَالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَمُخْتَصَرُهُ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (تَعْزِيرُ مَنْ عَفَا عَنْهُ مُسْتَحِقُّ التَّعْزِيرِ) لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ لَا يُعَزِّرُهُ قَبْلَ مُطَالَبَتِهِ الْمُسْتَحِقَّ لَهُ (لَا) تَعْزِيرُ مَنْ عَفَا عَنْهُ مُسْتَحِقُّ (الْحَدِّ) ؛ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ يَتَعَلَّقُ أَصْلُهُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ فَجَازَ أَنْ لَا يُؤَثِّرَ فِيهِ إسْقَاطُ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْحَدِّ (كِتَابُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ) (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي ضَمَانِ الْوِلَادَةِ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي مُوجِبِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (فَإِنْ مَاتَ) الْمُعَزَّرُ (بِتَعْزِيرٍ) مِنْ الْإِمَامِ (ضَمِنَهُ الْإِمَامُ) وَلَوْ عَزَّرَهُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ لِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ إذْ الْمَقْصُودُ التَّأْدِيبُ لَا الْهَلَاكُ، فَإِذَا حَصَلَ الْهَلَاكُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوطَ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ مَاتَ بِتَعْزِيرِ الْإِمَامِ ضَمِنَهُ (ضَمَانَ شِبْهِ الْعَمْدِ وَكَذَا) يَضْمَنُ كَذَلِكَ (زَوْجٌ وَمُعَلِّمٌ) وَأَبٍ وَأُمٌّ وَنَحْوُهَا بِتَعْزِيرِهِمْ لِلزَّوْجَةِ، وَالصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ أَذِنَ الْأَبُ) فِيهِ لِلْمُعَلِّمِ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمُ ضَمَانِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلدَّابَّةِ، وَالرَّائِضِ لَهَا بِمَوْتِهَا بِالضَّرْبِ الْمُعْتَادِ بِأَنَّهُمَا لَا يَسْتَغْنِيَانِ عَنْ ضَرْبِهَا بِخِلَافِ الْمُعَزِّرِ قَدْ يَسْتَغْنِي عَنْ الضَّرْبِ بِغَيْرِهِ (لَا) إنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَمَاتَ بِضَرْبِ غَيْرِهِ لَهُ (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) فَلَا يَضْمَنُ كَقَتْلِهِ بِإِذْنِهِ وَكَذَا لَوْ عَزَّرَ الْوَالِي مَنْ اعْتَرَفَ بِمَا يَقْتَضِي التَّعْزِيرَ وَطَلَبَهُ بِنَفْسِهِ لِإِذْنِهِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (فَإِنْ أَسْرَفَ) الْمُعَزِّرُ (وَظَهَرَ مِنْهُ قَصْدُ الْقَتْلِ) بِأَنْ ضَرَبَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا (فَالْقِصَاصُ) يَلْزَمُهُ (وَإِنْ مَاتَ) الْمَحْدُودُ (بِحَدٍّ مُقَدَّرٍ فَلَا ضَمَانَ) وَلَوْ حُدَّ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَتْلُهُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مُقَدَّرٍ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَكُونُ إلَّا مُقَدَّرًا (فَإِنْ جَاوَزَ) الْمُقَدَّرَ فَمَاتَ (ضَمِنَ بِالْقِسْطِ) مِنْ الْعَدَدِ (فَإِنْ جَلَدَ فِي الشُّرْبِ ثَمَانِينَ) فَمَاتَ (لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ (أَوْ سِتِّينَ فَثُلُثُهَا أَوْ وَاحِدَةٌ وَأَرْبَعِينَ فَجُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ) جُزْءًا أَوْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَجُزْءَانِ مِنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا أَوْ إحْدَى وَثَمَانِينَ فَأَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ جُزْءًا مِنْ أَحَدٍ وَثَمَانِينَ جُزْءًا وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ (وَكَذَا لَوْ زَادَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ فَجَلَدَ إحْدَى وَثَمَانِينَ) فَمَاتَ (لَزِمَهُ جُزْءٌ مِنْهَا) أَوْ اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ فَجُزْءَانِ مِنْهَا (وَإِنْ أَمَرَهُ الْإِمَامُ بِالزِّيَادَةِ) عَلَى الْمُقَدَّرِ وَجَهِلَ ظُلْمَهُ وَخَطَأَهُ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (أَوْ قَالَ) لَهُ (اضْرِبْ وَأَنَا أَعُدُّ فَغَلِطَ) فِي عَدِّهِ (فَزَادَ ضَمِنَ الْإِمَامُ) نَعَمْ لَوْ أَمَرَهُ بِثَمَانِينَ فِي الشُّرْبِ فَزَادَ وَاحِدَةً وَمَاتَ الْمَجْلُودُ وُزِّعَتْ الدِّيَةُ إحْدَى وَثَمَانِينَ جُزْءًا يَسْقُطُ مِنْهَا أَرْبَعُونَ وَيَجِبُ أَرْبَعُونَ عَلَى الْإِمَامِ وَجُزْءٌ عَلَى الْجَلَّادِ (فَصْلٌ) (يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْتَقِلِّ) بِنَفْسِهِ (رُكُوبُ) أَيْ ارْتِكَابُ (الْخَطَرِ فِي قَطْعِ غُدَّةٍ) مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ (تَشِينُ) بِلَا خَوْفٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إهْلَاكِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَطْعِهَا خَطَرٌ فَلَهُ وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ مُكَاتَبًا بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ قَطْعُهَا لِإِزَالَةِ الشَّيْنِ، وَالْغُدَّةُ مَا يَخْرُجُ بَيْنَ الْجِلْدِ، وَاللَّحْمِ نَحْوُ الْحِمَّصَةِ إلَى الْجَوْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا (فَإِنْ خِيفَتْ) أَيْ خِيفَ مِنْهَا (وَزَادَ خَطَرُ التَّرْكِ) لَهَا عَلَى خَطَرِ قَطْعِهَا (جَازَ) لَهُ (الْقَطْعُ) لَهَا لِزِيَادَةِ رَجَاءِ السَّلَامَةِ مَعَ إزَالَةِ الشَّيْنِ بَلْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ: إنْ لَمْ يُقْطَعْ حَصَلَ أَمْرٌ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ وَجَبَ الْقَطْعُ كَمَا يَجِبُ دَفْعُ الْمُهْلِكَاتِ وَيَحْتَمِلُ الِاسْتِحْبَابَ انْتَهَى وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الْوَلِيِّ الْآتِيَةِ (وَكَذَا) يَجُوزُ قَطْعُهَا (لَوْ تَسَاوَيَا) أَيْ الْخَطَرَانِ لِتَوَقُّعِ السَّلَامَةِ مَعَ إزَالَةِ الشَّيْنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ خَطَرُ قَطْعِهَا (فَلَا) يَجُوزُ قَطْعُهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِ النَّفْسِ (وَمِثْلُهَا) فِيمَا ذُكِرَ (الْعُضْوُ الْمُتَآكِلُ، فَإِنْ قَطَعَهُمَا) مِنْهُ (أَجْنَبِيٌّ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (فَمَاتَ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَكَذَا الْإِمَامُ) يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ بِقَطْعِهِمَا كَذَلِكَ لِتَعَدِّي كُلٍّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ (وَلِلْأَبِ، وَالْجَدِّ) وَإِنْ عَلَا (قَطْعُهُمَا لِلصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ) مَعَ الْخَطَرِ فِيهِ (إنْ زَادَ خَطَرُ التَّرْكِ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا يَلِيَانِ صَوْنَ مَالِهِمَا عَنْ الضَّيَاعِ فَبَدَنُهُمَا أَوْلَى (فَإِنْ تَسَاوَيَا) أَيْ الْخَطَرَانِ أَوْ زَادَ خَطَرُ الْقَطْعِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (ضَمِنَا) لِعَدَمِ جَوَازِ الْقَطْعِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُسْتَقِلِّ فِي صُورَةِ   [حاشية الرملي الكبير] فَلَسْت تَعْدِلُ فَقَالَ خِبْت وَخَسِرْت إنْ لَمْ أَعْدِلْ فَمَنْ يَعْدِلُ وَالْأَعْرَابِيُّ الَّذِي جَبَذَهُ وَقَالَ احْمِلْنِي، فَإِنَّك لَا تَحْمِلُنِي عَلَى بَعِيرِك وَلَا بَعِيرِ أَبِيك» وَلِأَنَّهُ ضَرَبَ غَيْرَ مُحَدَّدٍ فَلَمْ يَجِبْ كَضَرْبِ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ عِنْدَ طَلَبِهِ كَالْقِصَاصِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالصَّيْدَلَانِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَعْزِيرُ مَنْ عَفَا عَنْهُ مُسْتَحِقُّ التَّعْزِيرِ) لَا يُعَزَّرُ الْأَصْلُ بِحَقِّ الْفَرْعِ كَمَا لَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْإِمَامِ مِنْ ذَلِكَ [كِتَابُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَاب] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي ضَمَانِ الْوِلَادَةِ] (كِتَابُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ) (قَوْلُهُ، فَإِنْ مَاتَ بِتَعْزِيرٍ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَاتَ بِتَعْزِيرٍ مَا إذَا مَاتَ بِغَيْرِهِ كَمَا إذَا عَزَّرَهُ بِالْحَبْسِ وَالتَّوْبِيخِ وَالنَّفْيِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا إذَا كَانَ التَّعْزِيرُ عَلَى مَعْصِيَةٍ مَوْجُودَةٍ كَمَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ مِنْ دَيْنٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ مَعَ إمْكَانِهِ، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ كَمَا أَنَّ الْقَتْلَ إذَا أَدَّى إلَيْهِ الْمُقَاتَلَةُ الْجَائِزَةُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ هُنَا عَلَى التَّعْزِيرِ لِمَعْصِيَةٍ سَابِقَةٍ لِأَجْلِ الِاسْتِصْلَاحِ ع وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا تَعَيَّنَ الضَّرْبُ طَرِيقًا فِي الْخَلَاصِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ دَفْعَ الصَّائِلِ غ قَالَ شَيْخُنَا ل تَقَدَّمَ ذَلِكَ بِخَطِّ الْوَالِدِ [فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْتَقِلِّ بِنَفْسِهِ ارْتِكَابُ الْخَطَرِ فِي قَطْعِ غُدَّة مِنْهُ] (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْتَقِلِّ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا حُرًّا أَوْ رَقِيقًا كَسْبُهُ لَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ بِالْمُسْتَقِلِّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْحُرُّ وَلَوْ مَعَ السَّفَهِ أَوْ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ إعْتَاقِهِ إذَا جَعَلْنَا كَسْبَهُ لَهُ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ أَوْ الْمَشْرُوطِ إعْتَاقُهُ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ لِمَالِكِهِ فَلَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ وَبِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ قَالَ وَإِنْ شِئْت قُلْت هُوَ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ وَالرَّقِيقُ الَّذِي كَسْبُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ مُكَاتَبًا) أَيْ أَوْ مُوصًى بِإِعْتَاقِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ إعْتَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقَطْعُ كَمَا يَجِبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 التَّسَاوِي كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ ثَمَّ مِنْ نَفْسِهِ وَهُنَا مِنْ غَيْرِهِ (وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ) وَلَا لِغَيْرِهِ مَا عَدَا الْأَبَ، وَالْجَدَّ كَالْوَصِيِّ (ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ وَفَرَاغٍ وَشَفَقَةٍ تَامَّيْنِ وَكَمَا أَنَّ لِلْأَبِ، وَالْجَدِّ تَزْوِيجَ الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً جَازَ لَهَا ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلِلسُّلْطَانِ) وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (لَا الْأَجْنَبِيِّ مُعَالَجَةُ الصَّبِيِّ) ، وَالْمَجْنُونِ (بِمَا لَا خَطَرَ فِيهِ) كَفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ وَقَطْعِ غُدَّةٍ لَا خَطَرَ فِي قَطْعِهَا لِلْمَصْلَحَةِ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَبَ الرَّقِيقَ، وَالسَّفِيهَ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ عَالَجَهُ الْأَجْنَبِيُّ فَسَرَى) أَثَرُ الْعِلَاجِ (إلَى النَّفْسِ فَالْقِصَاصُ) يَلْزَمُهُ لِعَمْدِيَّتِهِ مَعَ عَدَمِ وِلَايَتِهِ (أَوْ) عَالَجَهُ (الْإِمَامُ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (بِمَا لَا خَطَرَ فِيهِ) فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) لِئَلَّا يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَيَتَضَرَّرَ الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ (أَوْ بِمَا فِيهِ خَطَرٌ فَلَا قِصَاصَ) لِشُبْهَةِ الْإِصْلَاحِ وَلِلْبَعْضِيَّةِ فِي الْأَبِ، وَالْجَدِّ (بَلْ) تَلْزَمُهُ (الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً فِي مَالِهِ) لِعَمْدِيَّتِهِ (وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُتَأَلِّمِ تَعْجِيلُ الْمَوْتِ) وَإِنْ عَظُمَتْ آلَامُهُ وَلَمْ يُطِقْهَا؛ لِأَنَّ بُرْأَهُ مَرْجُوٌّ (فَلَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ مُحْرِقٍ) عَلِمَ أَنَّهُ (لَا يَنْجُو مِنْهُ إلَى) مَائِعٍ (مُغْرِقٍ) وَرَآهُ (أَهْوَنَ) عَلَيْهِ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى لَفَحَاتِ الْمُحْرِقِ (جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ لَهُ قَتْلَ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إغْرَاقٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ وَالِدِهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (فَصْلٌ) (لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ جَمِيعِ الْحَشَفَةِ فِي الْخِتَانِ) لِلرَّجُلِ بِقَطْعِ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّيهَا فَلَا يَكْفِي قَطْعُ بَعْضِهَا وَيُقَالُ لِتِلْكَ الْجِلْدَةِ الْقُلْفَةُ (وَ) مَنْ (قَطْعِ شَيْءٍ مِنْ بَظْرِ الْمَرْأَةِ) (الْخِفَاض) أَيْ اللَّحْمَةِ الَّتِي فِي أَعْلَى الْفَرْجِ فَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ، وَتَقْلِيلُهُ أَفْضَلُ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْخَاتِنَةِ: لَا تُنْهِكِي، فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ وَأَحَبُّ لِلْبَعْلِ» ، وَالْخِتَانُ وَاجِبٌ (وَإِنَّمَا يَجِبُ بِالْبُلُوغِ) ، وَالْعَقْلِ وَاحْتِمَالِ الْخِتَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123] وَكَانَ مِنْ مِلَّتِهِ الْخِتَانُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ اخْتَتَنَ وَعُمْرُهُ ثَمَانُونَ سَنَةً» وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمِ «مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً وَقِيلَ سَبْعُونَ سَنَةً» وَلِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالْخِتَانِ رَجُلًا أَسْلَمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالُوا وَلِأَنَّهُ قَطْعُ عُضْوٍ لَا يُخْلَفُ فَلَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا كَقَطْعِ الْيَدِ، وَالرِّجْلِ وَلِأَنَّهُ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ، فَلَوْ لَمْ يَجِبْ لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ خِتَانِ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ وَمَنْ لَا يَحْتَمِلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ، وَالثَّالِثَ يَتَضَرَّرُ بِهِ وَكَمَا يَجِبُ الْخِتَانُ يَجِبُ قَطْعُ السُّرَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى ثُبُوتُ الطَّعَامِ إلَّا بِهِ إلَّا أَنَّ وُجُوبَهُ عَلَى الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصِّغَرِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَيُسْتَحَبُّ) أَنْ يُخْتَنَ (لِسَبْعٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (غَيْرِ يَوْمِ الْوِلَادَةِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَتَنَ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ يَوْمَ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِمَا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَإِنَّمَا حُسِبَ يَوْمُ الْوِلَادَةِ مِنْ السَّبْعَةِ فِي الْعَقِيقَةِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ وَتَسْمِيَةِ الْوَلَدِ لِمَا فِي الْخَتْنِ مِنْ الْأَلَمِ الْحَاصِلِ بِهِ الْمُنَاسِبُ لَهُ التَّأْخِيرُ الْمُفِيدُ لِلْقُوَّةِ عَلَى تَحَمُّلِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى السَّابِعِ قَالَ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْتَنَ فِي الْأَرْبَعِينَ، فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهَا فَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يُؤْمَرُ فِيهِ بِالطَّهَارَةِ أَوْ الصَّلَاةِ (وَلَا يَجُوزُ خِتَانُ ضَعِيفٍ) خِلْقَةً (يُخَافُ عَلَيْهِ) مِنْهُ بَلْ يُنْتَظَرُ حَتَّى يَصِيرَ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ مِنْهُ اُسْتُحِبَّ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَحْتَمِلَهُ (وَيَحْرُمُ خِتَانُ) الْخُنْثَى (الْمُشْكِلِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَمْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ لَا يَجُوزُ بِالشَّكِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ أَنَّ الْأَبَ الرَّقِيقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا فِيهِ خَطَرٌ فَلَا قِصَاصَ) مَحَلُّ عَدَمِ الْقِصَاصِ فِي الْإِمَامِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْخَوْفُ فِي الْقَطْعِ أَكْثَرَ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ وَالِدِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ كَيْفِيَّة الْخِتَانِ] (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ جَمِيعِ الْحَشَفَةِ فِي الْخِتَانِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ وُلِدَ مَخْتُونًا بِلَا قُلْفَةٍ لَا خِتَانَ عَلَيْهِ إيجَابًا وَلَا نَدْبًا كَمَا رَأَيْته فِي التَّبْصِرَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضِ كُتُبِ الْبَغَوِيّ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ لَوْ كَانَ ثَمَّ شَيْءٌ يُغَطِّي بَعْضَ الْحَشَفَةِ وَجَبَ قَطْعُهُ كَمَا لَوْ خُتِنَ خِتَانًا غَيْرَ كَامِلٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ تَكْمِيلُهُ ثَانِيًا حَتَّى تَذْهَبَ جَمِيعُ الْقُلْفَةِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِزَالَتِهَا فِي الْخِتَانِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ غ وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ صَبِيٍّ شَمَّرَ غُرْلَتَهُ وَرَبَطَهَا بِخَيْطٍ وَتَرَكَهَا مُدَّةً فَتَشَمَّرَتْ وَانْقَطَعَ الْخَيْطُ وَصَارَ كَالْمَخْتُونِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ خِتَانُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ صَارَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ قَطْعُ غُرْلَتِهِ وَلَا شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا بِقَطْعِ غَيْرِهَا سَقَطَ وُجُوبُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ، فَإِنْ كَانَتْ الْحَشَفَةُ قَدْ انْكَشَفَتْ كُلُّهَا سَقَطَ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ تَقَلُّصُ الْغُرْلَةِ وَاجْتِمَاعُهَا بِحَيْثُ يَنْقُصُ عَنْ الْمَقْطُوعِ فِي طَهَارَتِهِ وَجِمَاعِهِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ قَطْعِ مَا يُمْكِنُ قَطْعُهُ مِنْهَا حَتَّى يَلْتَحِقَ بِالْمَخْتُونِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَنْكَشِفْ كُلُّهَا فَيَجِبُ مِنْ الْخِتَانِ مَا يَكْشِفُ جَمِيعَهَا (تَنْبِيهٌ) لَوْ وُلِدَ مَخْتُونًا أَجْزَأَهُ وَأَوَّلُ مَنْ اُخْتُتِنَ مِنْ النِّسَاءِ هَاجَرُ وَوُلِدَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مَخْتُونًا أَرْبَعَةَ عَشَرَ آدَم وَشِيثٌ وَنُوحٌ وَهُودٌ وَصَالِحٌ وَلُوطٌ وَشُعَيْبٌ وَيُوسُفُ وَمُوسَى وَسُلَيْمَانُ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَحَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ نَبِيُّ أَصْحَابِ الرَّسِّ وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنْ رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ مَوْقُوفًا أَنَّ جِبْرِيلَ خَتَنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ طَهَّرَ قَلْبَهُ وَرَوَى أَبُو عَمْرٍو فِي الِاسْتِيعَابِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ سَابِعِهِ وَجَعَلَ لَهُ مَأْدُبَةً وَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجِبُ بِالْبُلُوغِ) يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ يُحْسِنُ خِتَانَ نَفْسِهِ بِيَدِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ كَشْفُ عَوْرَتِهِ لِلْخَاتِنِ غ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْعَوْرَةَ تُكْشَفُ لَهُ فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجُرْحَ لَا يَجُوزُ بِالشَّكِّ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَنْ لَهُ كَفَّانِ فِي يَدِهِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الْأَصْلِيَّةُ مِنْ الزَّائِدَةِ ثُمَّ سَرَقَ نِصَابًا حَيْثُ تُقْطَعُ إحْدَاهُمَا أَنَّ الْحَقَّ فِي مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْآدَمِيِّ وَحُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَالْمُضَايَقَةِ وَالْحَقُّ فِي الْخِتَانِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَشْهُورُ وُجُوبُهُ فِي فَرْجَيْهِ جَمِيعًا لَيُتَوَصَّلَ إلَى الْمُسْتَحَقِّ وَعَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ إنْ أَحْسَنَ الْخَتْنَ خَتَنَ نَفْسَهُ وَإِلَّا ابْتَاعَ أَمَةً تَخْتِنُهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا تَوَلَّاهُ الرِّجَالُ، وَالنِّسَاءُ لِلضَّرُورَةِ كَالتَّطْبِيبِ (وَيُخْتَنُ) مِنْ الرَّجُلِ الَّذِي لَهُ ذَكَرَانِ الذَّكَرَانِ (الْعَامِلَانِ مَعًا أَوْ الْعَامِلُ مِنْ الذَّكَرَيْنِ) ، فَإِنْ شَكَّ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالْخُنْثَى وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ بِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُنْثَى (وَهَلْ يُعْرَفُ) الْعَمَلُ (بِالْجِمَاعِ أَوْ الْبَوْلِ وَجْهَانِ) جَزَمَ كَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ بِالثَّانِي وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ (وَمُؤْنَةُ كُلٍّ) مِنْ خِتَانِ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى (فِي مَالِهِ) وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَصْلَحَتِهِ كَمُؤْنَةِ التَّعْلِيمِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَالسُّنَّةُ فِي خِتَانِ الذُّكُورِ إظْهَارُهُ وَفِي النِّسَاءِ إخْفَاؤُهُ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ وَأَقَرَّهُ (فَرْعٌ يُجْبِرُ الْإِمَامُ الْبَالِغَ) الْعَاقِلَ (عَلَى الْخِتَانِ) إذَا احْتَمَلَهُ وَامْتَنَعَ مِنْهُ (وَلَا يَضْمَنُ) حِينَئِذٍ (إنْ مَاتَ) بِالْخِتَانِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ وَاجِبٍ (فَلَوْ أَجْبَرَهُ الْإِمَامُ) فَخَتَنَ (أَوْ خَتَنَهُ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ شَدِيدَيْنِ فَمَاتَ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَبِ، وَالْجَدِّ (نِصْفُ الضَّمَانِ) ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْخِتَانِ وَاجِبٌ، وَالْهَلَاكُ حَصَلَ مِنْ مُسْتَحِقٍّ وَغَيْرِهِ وَيُفَارِقُ الْحَدَّ بِأَنَّ اسْتِيفَاءَهُ إلَى الْإِمَامِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِمَا يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ، وَالْخِتَانُ يَتَوَلَّاهُ الْمَخْتُونُ، أَوْ وَالِدُهُ غَالِبًا فَإِذَا تَوَلَّاهُ هُوَ شُرِطَ فِيهِ غَلَبَةُ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَبِذَلِكَ عُرِفَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَالِدِ فِي الْخِتَانِ (وَمَنْ خَتَنَ مَنْ لَا يَحْتَمِلُ الْخِتَانَ فَمَاتَ) مِنْهُ (اُقْتُصَّ مِنْهُ) لِتَعَدِّيهِ بِالْجَرْحِ الْمُهْلِكِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عِنْدَ حُكْمِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ، فَلَوْ قَالُوا يَحْتَمِلُهُ فَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ وَتَجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ (فَإِنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا ضَمِنَ الْمَالَ) وَلَا قِصَاصَ لِلْبَعْضِيَّةِ أَوْ سَيِّدًا فَلَا ضَمَانَ أَصْلًا (أَوْ) خَتَنَ (مَنْ يَحْتَمِلُ) الْخِتَانَ (وَهُوَ وَلِيٌّ) لَهُ وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ إلْحَاقًا لِلْخِتَانِ حِينَئِذٍ بِالْمُعَالَجَاتِ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالتَّقْدِيمُ أَسْهَلُ مِنْ التَّأْخِيرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ (أَوْ) وَهُوَ (أَجْنَبِيٌّ فَالْقِصَاصُ) لِتَعَدِّيهِ بِالْمُهْلِكِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ إقَامَةَ الشِّعَارِ فَلَا يُتَّجَهُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ شُبْهَةً فِي التَّعَدِّي وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي قَطْعِهِ يَدَ السَّارِقِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي مَحَلِّ ضَمَانِ) إتْلَافِ (الْإِمَامِ وَهُوَ فِي عَمْدِهِ وَخَطَئِهِ فِي غَيْرِ الْأَحْكَامِ) الصَّادِرَةِ مِنْهُ (كَغَيْرِهِ) مِنْ الْآحَادِ فِي أَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ (فَإِنْ أَخْطَأَ فِي الْحُكْمِ) أَوْ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ (أَوْ جَلَدَهُ فِي الشُّرْبِ ثَمَانِينَ فَمَاتَ ضَمِنَتْ عَاقِلَتُهُ لَا بَيْتُ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ نَفْسٍ وَاجِبٌ بِالْخَطَأِ أَوْ نَحْوِهِ فَيَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَخَطَأِ غَيْرِهِ وَكَخَطَئِهِ فِي غَيْرِ الْأَحْكَامِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تَشْبِيهِ الْإِمَامِ بِغَيْرِهِ بَيْنَ خَطَئِهِ فِي الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا فَصَّلَهُ الْأَصْلُ لِبَيَانِ الْخِلَافِ، فَلَوْ قَالَ وَهُوَ فِي عَمْدِهِ وَخَطَئِهِ كَغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (وَكَذَا الْغُرَّةُ) تَضْمَنُهَا عَاقِلَتُهُ (فِي جَلْدِ حَامِلٍ أَجْهَضَتْ) جَنِينًا مَيِّتًا وَإِنْ عُلِمَ حَمْلُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إمَّا خَطَأٌ أَوْ شِبْهُ عَمْدٍ وَعَطَفَ عَلَى الْغُرَّةِ قَوْلَهُ (أَوْ الدِّيَةُ) أَيْ دِيَةُ الْجَنِينِ فَيَضْمَنُهَا عَاقِلَةُ الْإِمَامِ (إنْ خَرَجَ) مِنْ أُمِّهِ (حَيًّا وَمَاتَ) بِأَلَمِ الْجَلْدِ (وَكَذَا دِيَتُهَا) تَضْمَنُهَا عَاقِلَتُهُ (إنْ مَاتَتْ مِنْ الْإِجْهَاضِ) وَحْدَهُ بِأَنْ أُجْهِضَتْ ثُمَّ مَاتَتْ وَأُحِيلَ الْمَوْتُ عَلَى الْإِجْهَاضِ كَمَا وَجَبَ ضَمَانُ الْجَنِينِ (أَوْ نِصْفُهَا) أَيْ تَضْمَنُهُ عَاقِلَتُهُ (إنْ مَاتَتْ مِنْهُ وَمِنْ الْجَلْدِ) ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ حَذَفَ كَذَا الثَّانِيَةَ أَغْنَتْ عَنْهَا الْأُولَى، وَكَانَ أَخْصَرَ (وَالْكَفَّارَةُ) تَجِبُ (فِي مَالِهِ وَإِنْ حَدَّهُ) أَيْ الْإِمَامُ شَخْصًا (بِشَاهِدَيْنِ لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ كَذِمِّيَّيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ (فَمَاتَ) الْمَحْدُودُ (فَإِنْ قَصَّرَ الْإِمَامُ فِي الْبَحْثِ) عَنْ حَالِهِمَا (اُقْتُصَّ مِنْهُ)   [حاشية الرملي الكبير] يَتَعَلَّقُ بِاَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَحُقُوقُ اللَّهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالْمُسَاهَلَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَشْهُورُ وُجُوبُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: كَالتَّطْبِيبِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي تَحْرِيمِ النَّظَرِ بِلَا حَاجَةٍ أَنَّ الْمُكَلَّفَ الْوَاضِحَ إذَا أَحْسَنَ أَنْ يَخْتِنَ نَفْسَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُمَكِّنَ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَى عَوْرَتِهِ مِنْ أَنْ يَخْتِنَهُ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا تَعَيَّنَ مَنْ كَانَ فِي جِنْسِهِ ثُمَّ مَنْ كَانَ غَيْرَ جِنْسِهِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنَّ الذِّمِّيَّةَ لَا تَخْتِنُ مُسْلِمَةً مَعَ وُجُودِ مُسْلِمَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَّ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالْخُنْثَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ وَأَقَرَّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ جَبْرُ الْإِمَامُ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ عَلَى الْخِتَانِ] (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَجْبَرَهُ الْإِمَامُ أَوْ خَتَنَهُ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ هَذَا وَمَا يَأْتِي أَنَّ مَنْ خَتَنَ صَغِيرًا فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَمَاتَ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ أَبًا أَوْ جَدًّا أَوْ بَالِغًا فَأَجْبَرَهُ الْإِمَامُ فِي شِدَّةِ ذَلِكَ وَمَاتَ ضَمِنَ النِّصْفَ أَوْ كَانَ الْفَاعِلُ الْأَبَ أَوْ الْجَدَّ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُمَا الْأَصْلُ فِي وِلَايَةِ الْخَتْنِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَدَّ الْإِمَامُ مُقَدَّرًا فَمَاتَ مِنْهُ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذَا مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي قَطْعِهِ يَدَ السَّارِقِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (تَنْبِيهٌ) تَثْقِيبُ أُذُنِ الصَّبِيَّةِ لِتَعْلِيقِ الْحَلَقِ جَائِزٌ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ قَالَ شَيْخُنَا مَا كَتَبَهُ الْوَالِدُ هُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ وَافَقَ الْغَزَالِيُّ عَلَى الْحُرْمَةِ فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخْطَأَ فِي الْحُكْمِ إلَخْ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا لَوْ أَقَامَ الْقَاضِي الْحَدَّ بِطَلَبِ الْخَصْمِ عَلَى خَصْمِهِ وَظَهَرَ مُسْتَنَدُ الطَّالِبِ فَحَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ بَانَ الطَّالِبُ مِنْ فُرُوعِ الْحَاكِمِ أَوْ مِنْ أُصُولِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَهَلْ نَقُولُ كَمَا لَوْ بَانَ الْخَلَلُ فِي الشُّهُودِ أَوْ نَقُولُ الشُّهُودُ مِنْ شَأْنِهِمْ وَشَأْنُهُ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ أَحْوَالِهِمْ وَلَا كَذَلِكَ الْخَصْمُ. فَأَجَابَ بِأَنِّي لَمْ أَرَهُمْ يَتَعَرَّضُونَ لِذَلِكَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ ضَمَانٌ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْخَصْمُ أَقَرَّ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِالْبَيِّنَةِ فَالْبَيِّنَةُ لَا خَلَلَ فِيهَا وَالْخَلَلُ فِي نُفُوذِ حُكْمِ الْقَاضِي هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْخَلَلِ فِي الشُّهُودِ هَذَا مَحَلُّ التَّرَدُّدِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ قَدْ يُحَالِفُ هَذَا (قَوْلُهُ أَوْ فَاسِقَيْنِ) أَيْ أَوْ مُرَاهِقَيْنِ أَوْ عَدُوَّيْنِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ أَصْلَيْنِ أَوْ فَرْعَيْنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 إنْ تَعَمَّدَ؛ لِأَنَّ الْهُجُومَ عَلَى الْقَتْلِ مَمْنُوعٌ مِنْهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ فَهُوَ عَلَيْهِ أَيْضًا لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ) فِي الْبَحْثِ بَلْ بَذَلَ وُسْعَهُ (فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) كَالْخَطَأِ فِي غَيْرِ الْحُكْمِ (وَلَا رُجُوعَ) لَهَا عَلَى الشَّاهِدِ (إلَّا عَلَى مُتَجَاهِرٍ بِالْفِسْقِ) فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَتْهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَنْ لَا يَشْهَدَ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ يُشْعِرُ بِتَدْلِيسٍ مِنْهُ وَتَغْرِيرٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَجَاهِرِ بِذَلِكَ مِنْ كَاتِمٍ لَهُ وَذِمِّيٍّ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ جَرَى عَلَيْهِ هُنَا لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ رَدَّ مَا هُنَا وَقَالَ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى ضَعِيفٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا فِي أَصْلِهَا السَّالِمِ مِنْ الْإِيهَامِ (، وَالضَّمَانُ) فِي التَّلَفِ بِاسْتِيفَاءِ الْجَلَّادِ فِي حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ بِأَمْرِ الْإِمَامِ (عَلَى الْإِمَامِ لَا) عَلَى (الْجَلَّادِ) ؛ لِأَنَّهُ آلَتُهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي السِّيَاسَةِ وَلَوْ ضَمَّنَاهُ لَمْ يَتَوَلَّ الْجَلْدَ أَحَدٌ لَكِنْ اسْتَحَبَّ لَهُ الشَّافِعِيُّ أَنْ يُكَفِّرَ لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ (فَإِنْ عَلِمَ ظُلْمَ الْإِمَامِ) أَوْ خَطَأَهُ فِي أَمْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ (وَلَمْ يُكْرِهْهُ) عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ (فَعَكْسُهُ) أَيْ فَالضَّمَانُ عَلَى الْجَلَّادِ لَا الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ فَكَانَ حَقُّهُ الِامْتِنَاعَ نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ طَاعَتِهِ فِي الْمَعْصِيَةِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ لَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ صَاحِب الْوَافِي وَأَقَرَّهُ (وَإِنْ أَكْرَهَهُ) عَلَيْهِ (فَعَلَيْهِمَا) الضَّمَانُ (وَإِنْ أَمَرَهُ فِي) حَدِّ (الشُّرْبِ بِسِتِّينَ فَضَرَبَهُ ثَمَانِينَ وَمَاتَ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (رُبْعُ الدِّيَةِ) تَوْزِيعًا لِلزَّائِدِ عَلَيْهِمَا (وَإِنْ اعْتَقَدَ الْإِمَامُ، وَالْجَلَّادُ تَحْرِيمَ قَتْلِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ) أَوْ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ (أَوْ) اعْتَقَدَهُ (الْجَلَّادُ وَحْدَهُ فَقَتَلَهُ الْجَلَّادُ امْتِثَالًا) لِأَمْرِ الْإِمَامِ (بِلَا إكْرَاهٍ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ الِامْتِنَاعُ (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ اعْتَقَدَهُ الْإِمَامُ وَحْدَهُ فَقَتَلَهُ الْجَلَّادُ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ (فَلَا) قِصَاصَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْإِمَامِ (وَلَا ضَمَانَ عَلَى حَجَّامٍ) حَجَمَ أَوْ (فَصَدَ) غَيْرَهُ (أَوْ قَطَعَ سِلْعَةً) مِنْهُ (بِإِذْنٍ مُعْتَبَرٍ) بِأَنْ يَكُونَ مِنْهُ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ أَوْ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ إمَامٍ فَأَفْضَى ذَلِكَ إلَى التَّلَفِ لِمَا مَرَّ فِي الْجَلَّادِ (الْبَابُ الثَّانِي) (فِي حُكْمِ الصَّائِلِ) مُشْتَقٌّ مِنْ الصِّيَالِ وَهُوَ الِاسْتِطَالَةُ، وَالْوُثُوبُ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» ، وَالصَّائِلُ ظَالِمٌ فَيُمْنَعُ مِنْ ظُلْمِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ وَخَبَرُ «مَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» (يَجُوزُ) لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ (دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ مِنْ آدَمِيٍّ) مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ حُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ مُكَلَّفٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَبَهِيمَةٍ عَنْ كُلِّ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ وَطَرَفٍ) وَمَنْفَعَةٍ (وَبُضْعٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ) مِنْ تَقْبِيلٍ وَمُعَانَقَةٍ وَنَحْوِهَا (وَمَالٍ وَإِنْ قَلَّ) نَعَمْ لَوْ مَالَ مُكْرَهًا عَلَى إتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهُ بَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكَ إنْ بَقِيَ رُوحُهُ بِمَالِهِ كَمَا يُنَاوِلُ الْمُضْطَرَّ طَعَامَهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا دَفْعُ الْمُكْرَهِ وَكَالْمَالِ الِاخْتِصَاصَاتُ مِنْ جِلْدِ مَيْتَةٍ وَنَحْوِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَسِيطِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ أَتَى الدَّفْعُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ وَلَا قِيمَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِدَفْعِهِ وَبَيْنَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ، وَالضَّمَانِ مُنَافَاةٌ. (وَلَهُ دَفْعُ مُسْلِمٍ عَنْ ذِمِّيٍّ وَوَالِدٍ عَنْ وَلَدِهِ وَسَيِّدٍ عَنْ عَبْدِهِ) ؛ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مَظْلُومُونَ   [حاشية الرملي الكبير] لِلْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ تَبَيَّنَ أَحَدُهُمَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَوْ حَدَّهُ فِي الزِّنَا بِأَرْبَعَةٍ فَبَانُوا أَوْ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ وَلَوْ بَانَ أَنَّ الطَّالِبَ لِلْحَدِّ أَصْلٌ لِلْحَاكِمِ أَوْ فَرْعٌ لَهُ وَقَدْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَاكِمِ مِنْ ذَلِكَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْحَاكِمِ الْبَحْثُ عَنْ الشُّهُودِ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ الْبَحْثُ عَنْ الْخَصْمِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَنْدُرُ وَلَا يَخْطِرُ بِبَالِهِ مِنْ كَوْنِ الْخَصْمِ أَصْلًا لِلْحَاكِمِ أَوْ فَرْعًا لَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى مُتَجَاهِرٍ بِالْفِسْقِ) دَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَا مَحْجُورَيْنِ بِسَفَهٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَا كَالْمُرَاهِقَيْنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا لَا يَصْلُحُ لِلِالْتِزَامِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي وَأَقَرَّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ عَلَى حَجَّامٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ أَخْطَأَ الطَّبِيبُ فِي الْمُعَالَجَةِ وَحَصَلَ مِنْهُ التَّلَفُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَكَذَا مَنْ يُطَبِّبُ بِغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يَعْرِفْ الطِّبَّ فَهُوَ ضَامِنٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ [الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الصَّائِلِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الصِّيَالِ) (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ «مَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ شَهِيدًا دَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُ الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ كَمَا أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ لَمَّا كَانَ شَهِيدًا لَهُ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ (قَوْلُهُ: مِنْ نَفْسٍ وَبُضْعٍ وَمُقَدِّمَاتٍ إلَخْ) لَوْ صَالَ قَوْمٌ عَلَى النَّفْسِ وَالْبُضْعِ وَالْمَالِ قُدِّمَ الدَّفْعُ عَنْ النَّفْسِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْبُضْعِ وَالْمَالِ وَالدَّفْعُ عَنْ الْبُضْعِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْمَالِ وَالْمَالُ الْخَطِيرُ عَلَى الْحَقِيرِ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْحَقِيرِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ صَالَ اثْنَانِ عَلَى مُتَسَاوِيَيْنِ فِي نَفْسَيْنِ أَوْ بُضْعَيْنِ أَوْ مَالَيْنِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ دَفْعُهُمَا مَعًا دَفَعَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَلَوْ صَالَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَبِيٍّ بِاللِّوَاطِ وَالْآخَرُ عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُبْدَأَ بِصَاحِبِ الزِّنَا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّمَ الْآخَرُ إذْ لَيْسَ إلَى حَمْلِهِ سَبِيلٌ وَلِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ شَهَامَةِ الرِّجَالِ د وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَمَالٍ وَإِنْ قَلَّ) أَيْ كَفَلَسٍ (قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكَ أَنْ يَقِيَ رُوحَهُ بِمَالِهِ) مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ ذِي الرُّوحِ مِنْ الْآدَمِيِّ الْمُحْتَرَمِ وَكَتَبَ أَيْضًا كَأَنَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ آدَمِيًّا مُحْتَرَمًا وَفِي الْبَهِيمَةِ وَقْفَةٌ غ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَسِيطِ وَغَيْرِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ الْمُكَابَرَةِ عَلَى الْمَاءِ لِعَطَشِ الْكَلْبِ الْمُقْتَنَى، وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ الدَّفْعِ عَنْهُ لَا مَحَالَةَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا أَرَادَ مَالَهُ أَوْ حَرِيمَهُ أَوْ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ جَازَ لَهُ دَفْعُهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَى الدَّفْعُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ) لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي قَالَ فَلَا تُعْطِهِ قَالَ إنْ قَاتَلَنِي قَالَ قَاتِلْهُ قَالَ أَرَأَيْت إنْ قَتَلَنِي قَالَ أَنْتَ شَهِيدٌ قَالَ أَرَأَيْت إنْ قَتَلْته قَالَ هُوَ فِي النَّارِ» . (قَوْلُهُ: وَسَيِّدٍ عَنْ عَبْدِهِ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ دَفْعُ الْآحَادِ عَنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 (وَ) دَفْعُ (مَالِكٍ عَنْ إتْلَافِ مِلْكِهِ) بِإِحْرَاقٍ أَوْ تَغْرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ (فَلَوْ كَانَ) الْمِلْكُ الَّذِي أَرَادَ مَالِكُهُ إتْلَافَهُ (حَيَوَانًا وَجَبَ دَفْعُهُ) عَنْهُ لِحُرْمَتِهِ (وَيَضْمَنُ جَرَّةً) سَقَطَتْ عَلَيْهِ مِنْ عُلُوٍّ (لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِكَسْرِهَا) وَكَسَرَهَا إذْ لَا قَصْدَ لَهَا بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ، وَالْبَهِيمَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً بِمَحَلِّ عُدْوَانٍ كَأَنْ وُضِعَتْ بِرَوْشَنٍ أَوْ عَلَى مُعْتَدِلٍ لَكِنَّهَا مَائِلَةٌ لَمْ يَضْمَنْهَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْأَوْلَى إبْدَالُ قَوْلِهِ عُدْوَانٍ بِيَضْمَنُ بِهِ (وَ) يَضْمَنُ (بَهِيمَةً لَمْ تُخَلِّ جَائِعًا) أَيْ لَمْ تَتْرُكْهُ (وَطَعَامَهُ) بِأَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ (إلَّا بِقَتْلِهَا) وَقَتَلَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ، وَقَتْلُهُ لَهَا لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْجُوعِ فَكَانَ كَأَكْلِ الْمُضْطَرِّ طَعَامَ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْأَصَحُّ هُنَا نَفْيَ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ عَمَّ الْجَرَادُ الْمَسَالِكَ فَوَطِئَهَا الْمُحْرِمُ وَقَتَلَ بَعْضَهَا انْتَهَى وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ لِلَّهِ وَهُنَا لِلْآدَمِيِّ (فَصْلٌ) (وَيَجِبُ الدَّفْعُ) لِلصَّائِلِ (بِالْأَخَفِّ) فَالْأَخَفِّ (إنْ أَمْكَنَ كَالزَّجْرِ) بِالْكَلَامِ أَوْ الصِّيَاحِ (ثُمَّ الِاسْتِغَاثَةِ) بِالنَّاسِ (ثُمَّ الضَّرْبِ بِالْيَدِ ثُمَّ بِالسَّوْطِ ثُمَّ بِالْعَصَا ثُمَّ بِقَطْعِ عُضْوٍ ثُمَّ بِالْقَتْلِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْأَثْقَلِ مَعَ إمْكَانِ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ بِالْأَخَفِّ نَعَمْ لَوْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمَا وَانْسَدَّ الْأَمْرُ عَنْ الضَّبْطِ سَقَطَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ وَلَوْ انْدَفَعَ شَرُّهُ كَأَنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ أَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ أَوْ خَنْدَقٌ لَمْ يَضُرَّ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَفَائِدَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَتَى خَالَفَ وَعَدَلَ إلَى رُتْبَةٍ مَعَ إمْكَانِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا دُونَهَا ضَمِنَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَمَحَلُّ رِعَايَةِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْفَاحِشَةِ، فَلَوْ رَآهُ قَدْ أَوْلَجَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ فَلَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْقَتْلِ وَإِنْ انْدَفَعَ بِدُونِهِ، فَإِنَّهُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ مُوَاقِعٌ لَا يُسْتَدْرَكُ بِالْأَنَاةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الْمَعْصُومِ وَأَمَّا غَيْرُهُ كَالْحَرْبِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ فَلَهُ الْعُدُولُ إلَى قَتْلِهِ لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ (وَإِنْ حَالَ) بَيْنَهُمَا (نَهْرٌ وَخَافَ) أَنَّهُ (إنْ عَبَرَهُ غَلَبَهُ فَلَهُ رَمْيُهُ وَمَنْعُهُ الْعُبُورَ وَإِنْ ضَرَبَهُ) ضَرَبَهُ مَثَلًا (فَهَرَبَ أَوْ بَطَلَ صِيَالُهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ) ثَانِيَةً (ضَمِنَ الثَّانِيَةَ) بِالْقِصَاصِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا فَنِصْفُ دِيَةٍ) تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِمَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ. (فَإِنْ عَادَ) بَعْدَ الضَّرْبَتَيْنِ (وَصَالَ ضَرَبَهُ ثَالِثَةً) فَمَاتَ مِنْ الثَّلَاثِ (فَثُلُثُهَا) أَيْ الدِّيَةِ تَلْزَمُهُ (وَلَهُ دَفْعُ مَنْ قَصَدَهُ) بِالصِّيَالِ (قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَهُ) مَنْ قَصَدَهُ (وَلَوْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِالْعَصَا فَلَمْ يَجِدْ إلَّا سَيْفًا) أَوْ سِكِّينًا (ضَرَبَهُ بِهِ) إذْ لَا يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ إلَّا بِهِ وَلَا يُمْكِنُ نِسْبَتُهُ إلَى التَّقْصِيرِ بِتَرْكِ اسْتِصْحَابِ عَصًا وَنَحْوِهِ (، فَإِنْ أَمْكَنَ) دَفْعُهُ بِهِ (بِلَا حَرَجٍ) لَهُ (فَجَرَحَ ضَمِنَ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ (وَمَتَى أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ أَوْ التَّخَلُّصُ) بِنَحْوِ تَحَصُّنٍ بِمَكَانٍ حَصِينٍ أَوْ الْتَجَأَ إلَى فِئَةٍ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَخْلِيصِ نَفْسِهِ بِالْأَهْوَنِ فَالْأَهْوَنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَاتَلَهُ حِينَئِذٍ فَقَتَلَهُ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ الْمَنْعُ، فَإِنَّهُ قَالَ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ قَالَ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّ وُجُوبَ الْهَرَبِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ مَالِهِ وَلَا عَنْ حُرَمِهِ إلَّا أَنْ يُمْكِنَهُ الْهَرَبُ بِهِنَّ (فَرْعٌ) لَوْ (عَضَّ) شَخْصٌ (يَدَهُ) مَثَلًا (خَلَّصَهَا) مِنْهُ (بِالْأَخَفِّ) فَالْأَخَفِّ (مِنْ فَكِّ لَحْيٍ وَضَرْبِ فَمٍ لَا غَيْرِهِ) أَيْ لَا بِغَيْرِهِ (إلَّا إنْ احْتَاجَ فِي) التَّخْلِيصِ إلَى (أَنْ يَبْعَجَ) أَيْ يَفْتُقَ (بَطْنَهُ) أَوْ أَنْ يَخْلَعَ لَحْيَيْهِ أَوْ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنَيْهِ أَوْ نَحْوَهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يَجِبُ قَبْلَ ذَلِكَ الْإِنْذَارُ بِالْقَوْلِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي إمْكَانِ التَّخْلِيصِ بِدُونِ مَا دَفَعَ بِهِ صُدِّقَ الدَّافِعُ بِيَمِينِهِ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ تَخْلِيصِهَا (وَنَزْعِهَا فَسَقَطَتْ أَسْنَانُهُ أُهْدِرَتْ) كَنَفْسِهِ (وَإِنْ كَانَ الْعَاضُّ مَظْلُومًا؛ لِأَنَّ الْعَضَّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ) وَقَدْ «أَهْدَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   [حاشية الرملي الكبير] عَبْدِهِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَظَائِفِ الْإِمَامِ وَكَذَا لِلزَّانِي الْمُحْصَنِ الْمُتَحَتِّمِ رَجْمُهُ دَفْعُهُمْ عَنْ نَفْسِهِ غ وَيَدْفَعُ الذِّمِّيُّ عَنْ الْمُسْلِمِ الْمُتَحَتِّمِ قَتْلُهُ بِزِنًا أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ مَعْصُومٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ حَيَوَانًا وَجَبَ دَفْعُهُ عَنْهُ) لِحُرْمَتِهِ وَفَارَقَ عَدَمَ. وُجُوبِ دَفْعِ الْمُسْلِمِ عَنْ النَّفْسِ بِأَنَّ فِي قَتْلِهِ شَهَادَةً يُثَابُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ إتْلَافِ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ وُجُوبُ دَفْعِ الْمُسْلِمِ عَنْ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ شَهَادَةُ كَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا مَائِلَةٌ) أَوْ عَلَى وَجْهٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سُقُوطُهَا (قَوْلُهُ: قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ لِلَّهِ تَعَالَى إلَخْ) وَأَيْضًا فَإِزَالَةُ الْجُوعِ مُمْكِنَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ الطَّعَامِ [فَصْلٌ يَجِبُ الدَّفْعُ لِلصَّائِلِ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ إنْ أَمْكَنَ] (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تُؤَدِّي مُرَاعَاتُهُ لِلْبُدَاءَةِ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ إلَى هَلَاكِهِ ع (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَمَحَلُّ رِعَايَةِ ذَلِكَ إلَخْ) هَذَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَالْأَصَحُّ فِيهِ مُرَاعَاةُ التَّدْرِيجِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ) أَيْ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ (قَوْلُهُ: وَمَتَى أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ أَوْ التَّخَلُّصُ لَزِمَهُ) مَحَلُّ لُزُومِ الْهَرَبِ فِي غَيْرِ الصَّائِلِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ فَفِيهِمَا لَا يَجِبُ الْهَرَبُ بَلْ لَا يَجُوزُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَحْرُمُ فِيهَا الْفِرَارُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَاتَلَهُ حِينَئِذٍ فَقَتَلَهُ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ لَوْ عَضَّ شَخْصٌ يَدَهُ مَثَلًا خَلَّصَهَا مِنْهُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ] (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى إنْذَارٍ لَا يُفِيدُ، فَإِنْ أَفَادَ قَدَّمَهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الرَّمْيِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي كُلِّ صَائِلٍ وَكَتَبَ أَيْضًا عُلِمَ مِنْهُ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ فَلَوْ عَدَلَ عَنْ الْأَخَفِّ مَعَ إمْكَانِهِ ضَمِنَ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِطْلَاقُ كَثِيرٍ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ سَلَّ يَدَهُ أَوْ لَا فَنَدَرَتْ أَسْنَانُهُ كَانَتْ مُهْدَرَةً وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِهِ إذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَوْ رَتَّبَ لَأَفْسَدَهَا الْعَاضُّ قَبْلَ التَّخَلُّصِ مِنْ فِيهِ اهـ وَهُوَ جَلِيٌّ وَمِثْلُهُ لَوْ بَادَرَ لِشِدَّةِ الْأَلَمِ وَعَدَمِ إمْكَانِ الصَّبْرِ لِمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ ثَنِيَّةَ الْعَاضِّ، وَقَالَ أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ» ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَعْضُوضُ غَيْرَ مَعْصُومٍ كَمُرْتَدٍّ فَلَيْسَ لَهُ مَا ذُكِرَ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُهْدَرْ الْعَاضُّ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُمْ لَا يَجُوزُ الْعَضُّ بِحَالٍ حَمَلَهُ فِي الِانْتِصَارِ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ بِلَا عَضٍّ وَإِلَّا فَهُوَ حَقٌّ لَهُ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ (فَصْلٌ) (لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ الْمَالِ) غَيْرِ ذِي الرُّوحِ؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ الْمَالِ جَائِزَةٌ نَعَمْ إنْ كَانَ مَالَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ وَقْفٍ أَوْ مَالًا مُودَعًا وَجَبَ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ الدَّفْعُ عَنْهُ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَكَذَا إنْ كَانَ مَالُهُ وَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ كَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَيَجِبُ) الدَّفْعُ عَنْ (الْحَرَمِ) أَيْ النِّسَاءِ (إنْ أَمِنَ الْهَلَاكَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مَجَالَ لِلْإِبَاحَةِ فِيهِنَّ بِخِلَافِ الْمَالِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْحَرَمِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَهْلِ، وَالْمُرَادُ الدَّفْعُ عَنْ الْبُضْعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ (وَكَذَا) يَجِبُ الدَّفْعُ (عَنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ) الْمُحْتَرَمَيْنِ (إنْ قَصَدَهُ كَافِرٌ) وَلَوْ مَعْصُومًا إذْ غَيْرُ الْمَعْصُومِ لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَالْمَعْصُومُ بَطَلَتْ حُرْمَتُهُ بِصِيَالِهِ وَلِأَنَّ الِاسْتِسْلَامَ لِلْكَافِرِ ذُلٌّ فِي الدِّينِ (أَوْ بَهِيمَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ لِاسْتِيفَاءِ الْآدَمِيِّ فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِسْلَامِ بِهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ عُضْوَهُ وَمَنْفَعَتَهُ كَنَفْسِهِ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الدَّفْعِ عَنْ غَيْرِهِ إذَا أُمِنَ الْهَلَاكُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا) إنْ قَصَدَهُ (مُسْلِمٌ وَلَوْ مَجْنُونًا ومُرَاهِقًا) أَوْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِ قَتْلِهِ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ بَلْ يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «كُنْ خَيْرَ ابْنَيْ آدَمَ يَعْنِي قَابِيلَ وَهَابِيلَ» وَلِمَنْعِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عُبَيْدَةَ مِنْ الدَّفْعِ يَوْمَ الدَّارِ وَقَالَ مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ حُرٌّ وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ بِمَحْقُونِ الدَّمِ لِيَخْرُجَ غَيْرُهُ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ (وَلَوْ ظَهَرَ فِي بَيْتٍ خَمْرٌ يُشْرَبُ أَوْ طُنْبُورٌ يُضْرَبُ) أَوْ نَحْوُهُ (فَلَهُ الْهُجُومُ) عَلَى مُتَعَاطِيهِ (لِإِزَالَتِهِ) نَهْيًا عَنْ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا فَلَهُ قِتَالُهُمْ (وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ) وَهُوَ مُثَابٌ عَلَى ذَلِكَ وَالْغَزَالِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ عَبَّرُوا هُنَا بِالْوُجُوبِ وَهُوَ لَا يُنَافِي تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ كَالْأَصْحَابِ بِالْجَوَازِ إذْ لَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ بَلْ أَنَّهُ جَائِزٌ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ قَبْلَ ارْتِكَابِ ذَلِكَ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْوَاجِبِ (وَيَجِبُ دَفْعُ الزَّانِي عَنْ الْمَرْأَةِ) وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً وَهَذَا عُلِمَ مِنْ وُجُوبِ الدَّفْعِ عَنْ الْحَرَمِ (فَإِنْ انْدَفَعَ) بِغَيْرِ الْقَتْلِ (فَقَتَلَهُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ ثُمَّ قَتَلَهُ (اُقْتُصَّ مِنْهُ لَا فِي) قَتْلِ زَانٍ (مُحْصَنٍ) فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ (وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ) بِغَيْرِ الْقَتْلِ (وَأَفْضَى) الدَّفْعُ (إلَى الْقَتْلِ وَطُولِبَ) الْقَاتِلُ بِالْقِصَاصِ (كَفَاهُ شَاهِدَانِ) يَشْهَدَانِ (أَنَّهُ قَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ الْمَرْأَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ (شُهُودٌ حَلَفَ الْوَرَثَةُ) أَيْ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِمَا قَالَهُ الْقَاتِلُ وَاقْتَصُّوا مِنْهُ (فَإِنْ كَانُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (اثْنَيْنِ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكِلَ الْآخَرُ) وَحَلَفَ لَهُ الْقَاتِلُ (فَلِلْحَالِفِ) عَلَيْهِ (نِصْفُ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ صَبِيًّا لَمْ يُقْتَصَّ) مِنْ الْقَاتِلِ (حَتَّى يَبْلُغَ) الصَّبِيُّ فَيَحْلِفَ أَوْ يَمُوتَ فَيَحْلِفَ وَارِثُهُ ثُمَّ يُقْتَصَّ مِنْ الْقَاتِلِ (فَإِنْ أَخَذَ الْبَالِغُ) وَهُوَ الْحَالِفُ (نِصْفَ الدِّيَةِ أَخَذَ لِلصَّبِيِّ) أَيْ أَخَذَ لَهُ وَلِيُّهُ أَيْضًا (فَإِنْ بَلَغَ وَحَلَفَ مُكِّنَ) مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا أُخِذَ لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ نَكَلَ حَلَفَ الْقَاتِلُ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) وَرُدَّ لِلْقَاتِلِ مَا أُخِذَ لَهُ (وَإِنْ قَالَ) الْقَاتِلُ (زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: حَمَلَهُ فِي الِانْتِصَارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ دَفْعُ الصَّائِل عَنْ الْمَالِ] (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ مَالَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ مَهْمَا قَدَرَ عَلَى حِفْظِ مَالِ غَيْرِهِ مِنْ الضَّيَاعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنَالَهُ تَعَبٌ فِي بَدَنِهِ أَوْ خُسْرَانٌ فِي مَالِهِ أَوْ نَقْصٌ فِي جَاهِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا وَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْآحَادِ أَمَّا الْإِمَامُ وَنُوَّابُهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الدَّفْعُ عَنْ أَمْوَالِ رَعَايَاهُمْ عِنْدَ الْمُكْنَةِ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ مَهْمَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إنْ أُمِنَ الْهَلَاكُ) وَظَاهِرٌ أَنَّ عُضْوَهُ وَمَنْفَعَتَهُ كَنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ) وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَقْصُودِ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْلِمًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا قَصَدَهُ سَيِّدُهُ أَوْ وَالِدُهُ أَوْ غَيْرُهُمَا وَهُوَ صَحِيحٌ بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَقْصُودِ مَحْقُونَ الدَّمِ غ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَهُ الْكَافِرُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ إذَا قَصَدَهُ كَافِرٌ لَكِنْ يَجُوزُ (قَوْلُهُ: فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِسْلَامِ لَهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ طَلَبَتْ الْبَهِيمَةُ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الدَّفْعُ لِإِهْدَارِ دَمِهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِ قَتْلِهِ) أَيْ بِقَطْعِ عُضْوِهِ أَوْ نَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ بَلْ يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ) وَعَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ إنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِ قَتْلِهِ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا وَمَالَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَاسْتَثْنَاهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَقَالَ: إنَّهُ يَجِبُ قَطْعًا وَقَالَ فِي التَّتِمَّةِ الْمَذْهَبُ إنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِلَا تَفْوِيتِ رُوحٍ أَوْ عُضْوٍ وَجَبَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِتَفْوِيتِ رُوحِهِ أَوْ عُضْوِهِ وَلَمْ نُوجِبْ الْهَرَبَ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَأَيَّدَهُ بِتَرْجِيحِهِمْ وُجُوبَ الْهَرَبِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ إلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الدَّفْعِ بِلَا قَتْلٍ أَوْ تَفْوِيتِ عُضْوٍ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ الْعُضْوِ عِنْدَ ظَنِّ السَّلَامَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا شَهَادَةٌ وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَنْ النَّفْسِ إذَا أَمْكَنَ عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِقَتْلِهِ فَاسِدٌ فِي الْحَرِيمِ وَالْأَطْفَالِ وَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ نَبِيًّا وَجَبَ الدَّفْعُ عَنْهُ قَطْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ الْمَذْهَبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَذَا قَوْلُهُ: إنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَنْ النَّفْسِ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَفْهُومُ كَلَامِ التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ قَاصِدُ عُضْوِهِ لَيْسَ كَقَاصِدِ قَتْلِهِ وَقَدْ أَطْبَقُوا عَلَى جَوَازِ الدَّفْعِ وَسَكَتُوا عَنْ وُجُوبِهِ فِيمَا عُلِمَ وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ عِنْدَ ظَنِّ السَّلَامَةِ إذْ لَا شَهَادَةَ هُنَا وَلَوْ كَانَ إمَامًا عَادِلًا أَوْ بَطَلًا شُجَاعًا أَوْ عَالِمًا وَفِي قَتْلِهِ إضْرَارٌ بِالْمُسْلِمِينَ وَوَهْنٌ فِي الدِّينِ فَفِي جَوَازِ الِاسْتِسْلَامِ نَظَرٌ وَيَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَتَوَلَّدُ عَنْهُ مَفَاسِدُ فِي الْحَرِيمِ وَالْأَوْلَادِ بِالسَّبْيِ وَغَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الطُّغَاةِ وَالْخَوَارِجِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ مَعَ إمْكَانِ الدَّفْعِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْعِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عُبَيْدَةَ) وَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ وَلِأَنَّ الْقَتْلَ شَهَادَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ عَنْ الْقَاتِلِ) إنَّمَا يَظْهَرُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِحَلِفِ الْوَلِيِّ إذَا قُلْنَا بِهِ فِي مَسْأَلَةِ قَدِّ الْمَلْفُوفِ وَنَحْوِهَا أَمَّا إذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ فِيهَا وَهُوَ وُجُوبُ الدِّيَةِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَصَرَّحَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ بِأَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ وَقَاطِعَ الطَّرِيقِ الْقَاتِلَ كَالْكَافِرِ (قَوْلُهُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ الْمُصِرُّ) عَلَى الِامْتِنَاعِ (قَوْلُهُ وَالْغَزَالِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ عَبَّرُوا وَإِلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 فَقَتَلَتْهُ) (اُشْتُرِطَ) فِي ثُبُوتِ الزِّنَا (أَرْبَعَةٌ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُهُودٌ أَرْبَعَةٌ (حَلَفَ الْأَوْلِيَاءُ) أَيْ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِمَا قَالَهُ الْقَائِلُ (وَاقْتَصُّوا) مِنْهُ (وَإِنْ أَقَرُّوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (بِاسْتِمْتَاعٍ غَيْرِ الْجِمَاعِ) كَأَنْ أَقَرُّوا أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ كَانَ مَعَهَا تَحْتَ ثَوْبٍ يَتَحَرَّكُ تَحَرُّكَ الْمُجَامِعِ وَأَنْزَلَ وَلَمْ يُقِرُّوا بِجِمَاعٍ (لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ) عَنْ الدَّافِعِ (فَإِنْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ) مَعَ إقْرَارِهِمْ بِجِمَاعِهِ (بَكَارَتَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ) وَعَلَى الْقَاتِلِ الْبَيِّنَةُ بِالْإِحْصَانِ (وَمَنْ قَطَعَ يَمِينَ السَّارِقِ أَوْ مُحَارِبٍ) بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (اُحْتُسِبَ بِهِ) عَنْ الْحَدِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِقَطْعِهَا؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةُ الْإِزَالَةِ (وَعُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (وَلَوْ جَلَدَ) شَخْصٌ (زَانِيًا أَوْ قَاذِفًا) بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ) عَنْ الْحَدِّ؛ لِأَنَّ الْجَلْدَ يَخْتَلِفُ وَقْتًا وَمَحَلًّا بِخِلَافِ الْقَطْعِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ (فَلَوْ مَاتَ) مِنْ جَلْدِهِ بِجَلْدِهِ (لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) وَإِنْ عَاشَ أُعِيدَ عَلَيْهِ الْحَدُّ [فَصْلٌ لِلشَّخْصِ رَمْيُ عَيْنِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٌ أَوْ خُنْثَى أَوْ مُرَاهِقٍ حَالَ نَظَرِهِ إلَى امْرَأَتِهِ فِي دَارِهِ] (فَصْلٌ) (لَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ (رَمْيُ عَيْنِ رَجُلٍ وَكَذَا امْرَأَةٌ) أَوْ خُنْثَى (أَوْ مُرَاهِقٍ حَالَ نَظَرِهِ) وَلَوْ مَنْ مَلَكَهُ (إلَى امْرَأَتِهِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ إلَى حُرْمَتِهِ (فِي دَارِهِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَوْ اطَّلَعَ أَحَدٌ فِي بَيْتِك وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَحَذَفْته بِحَصَاةٍ فَفَقَأْت عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْك مِنْ جُنَاحٍ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا ابْنُ حِبَّانَ، وَالْبَيْهَقِيُّ «فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ» ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْمَنْعُ مِنْ النَّظَرِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْحُرْمَةُ مَسْتُورَةً أَمْ لَا وَلَوْ فِي مُنْعَطَفٍ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَلِأَنَّهُ يُرِيدُ سَتْرَهَا عَنْ الْأَعْيُنِ وَإِنْ كَانَتْ مَسْتُورَةً بِثِيَابٍ وَلِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى تَسْتَتِرُ وَتَنْكَشِفُ فَيَحْسِمُ بَابَ النَّظَرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ يَثْبُتُ لِلْمَنْظُورَةِ وَإِنَّ الْأَمْرَدَ، وَالْأَمَةَ كَالْمَرْأَةِ بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهِمَا وَجَازَ رَمْيُ الْمُرَاهِقِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ؛ لِأَنَّهُ فِي حُرْمَةِ النَّظَرِ كَالْبَالِغِ، وَالرَّمْيُ تَعْزِيرٌ وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُكَاتَبِ وَلِهَذَا يَجُوزُ دَفْعُ الصَّائِلِ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ بَهِيمَةً وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْأَجْنَبِيُّ فَلَيْسَ لَهُ رَمْيُ النَّاظِرِ (لَا) حَالَ نَظَرِهِ (فِي مَسْجِدٍ وَشَارِعٍ) فَلَيْسَ لَهُ رَمْيُ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَلِأَنَّهُ الْهَاتِكُ حُرْمَتَهُ. (وَكَذَا) رَمْيُهُ حَالَ نَظَرِهِ (إلَيْهِ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَسْتُورِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ أَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ جَوَازَ الرَّمْيِ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ الْأَقْوَى لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَرْمِيهِ إذَا كَانَ نَظَرُهُ (مِنْ كُوَّةٍ) ضَيِّقَةٍ (وَشِقِّ بَابٍ) مَرْدُودٍ (وَكَذَا مِنْ سَطْحِهِ) أَيْ النَّاظِرِ (وَمَنَارَةٍ) إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ وَيَجُوزُ لَهُ رَمْيُهُ (وَلَوْ قَبْلَ إنْذَارِهِ قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إذَا لَمْ يُفِدْ الصِّيَاحُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ، فَإِنْ كَانَ يُفِيدُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ) قَبْلَ رَمْيِهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْإِمَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُلْ مَا لَا يُوثَقُ بِكَوْنِهِ دَافِعًا وَيَخَافُ مِنْ الِابْتِدَاءِ بِهِ مُبَادَرَةَ الصَّائِلِ لَا يَجِبُ الِابْتِدَاءُ بِهِ قَطْعًا (وَإِذَا جَازَ) لَهُ (الرَّمْيُ رَمَاهُ بِشَيْءٍ خَفِيفٍ) تُقْصَدُ الْعَيْنُ بِمِثْلِهِ (كَحَصَاةٍ وَإِنْ أَعْمَاهَا) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ أَصَابَ قَرِيبًا مِنْهَا) بِلَا قَصْدٍ فَجَرَحَهُ (فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ) لِقُرْبِ الْخَطَأِ مِنْهَا إلَيْهِ (إلَّا إنْ بَانَ) الْمَرْمِيُّ (أَعْمَى) فَيَضْمَنُهُ الرَّامِي وَإِنْ جَهِلَ عَمَاهُ قَالَ الْمَرْوَرُوذِيُّ وَكَذَا بَصِيرٌ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِنَظَرِهِ (وَلَوْ أَصَابَ مَا لَا يُخْطِئُ إلَيْهِ رَامِي الْعَيْنِ) بِأَنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهَا (ضَمِنَ) لِبُعْدِ الْخَطَأِ مِنْهَا إلَيْهِ (وَإِنْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ يَقْتُلُ أَوْ نُشَّابٍ أَوْ قَصَدَ عُضْوًا آخَرَ) وَلَوْ قَرِيبًا (وَجَبَ الضَّمَانُ) نَعَمْ لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْحَجَرِ، وَالنُّشَّابِ جَازَ كَنَظِيرِهِ فِي الصِّيَالِ فِيمَا إذَا أَمْكَنَهُ الدَّفْعُ بِالْعَصَا وَلَمْ يَجِدْ إلَّا السَّيْفَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْأَخِيرَةِ إذَا أَمْكَنَهُ رَمْيُ عَيْنِهِ. (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَمْيُ عَيْنِهِ أَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ) بِرَمْيِهِ بِالْخَفِيفِ (اسْتَغَاثَ عَلَيْهِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلِّ غَوْثٍ أَحْبَبْت أَنْ يُنْشِدَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (ثُمَّ لَهُ) إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ عَنْ الْقَاتِلِ) إنَّمَا يَظْهَرُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِحَلِفِ الْوَلِيِّ إذَا قُلْنَا بِهِ فِي مَسْأَلَةٍ قَدِّ الْمَلْفُوفِ وَنَحْوِهَا أَمَّا إذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ فِيهَا وَهُوَ وُجُوبُ الدِّيَةِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا امْرَأَةٍ) قَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ مَسْأَلَةَ الْمَرْأَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ النَّاظِرَةُ كَافِرَةً وَالْمَنْظُورُ إلَيْهَا مُسْلِمَةً وَفَرَّعْنَا عَلَى مَنْعِ نَظْرَةِ الْكَافِرَةِ لِلْمُسْلِمَةِ أَوْ نَظَرَتْ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ لِمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ فَحِينَئِذٍ تَرْمِي وَاسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ النَّظَرُ بِقَصْدِ الْخِطْبَةِ أَوْ شِرَاءِ الْأَمَةِ حَيْثُ يُبَاحُ النَّظَرُ فَلَا يَجُوزُ رَمْيُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ وَالْقِيَاسُ جَوَازُ الرَّمْيِ أَيْضًا لِلْمَرْأَةِ الْمَنْظُورِ إلَيْهَا وَلِمَحْرَمِهَا وَتَرَدَّدَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ خُنْثَى مُشْكِلًا أَيْ إلَى غَيْرِ عَوْرَتِهِ وَقَالَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَرْمِيهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ لِلْمَنْظُورَةِ) أَيْ وَلِجَمِيعِ مَحَارِمِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّ الْأَمْرَدَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي حُرْمَةِ النَّظَرِ كَالْبَالِغِ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا كَانَ النَّظَرُ بِقَصْدِ الْخِطْبَةِ أَوْ شِرَاءِ الْأَمَةِ حَيْثُ يُبَاحُ النَّظَرُ فَلَا يَجُوزُ رَمْيُهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ رَمْيُهُ حَالَ نَظَرِهِ إلَيْهِ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ نَظَرَ أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ رَمْيُهُمْ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ حَدٍّ وَيَضْمَنُ ع قَالَ فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ مِنْ مَحَارِمِهِ الَّذِينَ يَجْرِي بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ كَالْأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ وَالْخَالَاتِ فَوَجْهَانِ اهـ وَأَرْجَحُهُمَا جَوَازُ الرَّمْيِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَسْتُورِهَا) أَيْ لَيْسَ هُنَاكَ امْرَأَةٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إذَا لَمْ يُفِدْ الصِّيَاحُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهَذَا أَحْسَنُ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ هُوَ مُرَادُ الْأَصْحَابِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرُوهُ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ مِنْ تَعَيُّنِ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَرْوَرُوذِيُّ وَكَذَا بَصِيرٌ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْحَجَرِ وَالنُّشَّابِ جَازَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 بِالِاسْتِغَاثَةِ (ضَرَبَهُ بِسِلَاحٍ) وَيَنَالُهُ بِمَا يَرْدَعُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنَلْ مِنْهُ شَيْئًا عَاقَبَهُ السُّلْطَانُ (وَيَحْرُمُ رَمْيُ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاطِّلَاعَ) بِأَنْ كَانَ مُخْطِئًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ وَقَعَ نَظَرُهُ اتِّفَاقًا وَعَلِمَ صَاحِبُ الدَّارِ الْحَالَ (وَلَوْ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ، فَلَوْ رَمَاهُ ثُمَّ (ادَّعَى) هُوَ (عَدَمَ الْقَصْدِ) أَوْ عَدَمَ الِاطِّلَاعِ (لَمْ يُصَدَّقْ) فَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّامِي لِوُجُودِ الِاطِّلَاعِ ظَاهِرًا وَقَصْدُهُ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا ذَهَابٌ إلَى جَوَازِ الرَّمْيِ بَلْ تَحَقَّقَ قَصْدُهُ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِهِ وَهُوَ حَسَنٌ انْتَهَى. وَظَاهِرُ أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ ذَهَابًا لِذَلِكَ إذْ لَا يُمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَحْتَفَّ الْأَمْرُ بِقَرَائِنَ يُعْرَفُ بِهَا الرَّامِي قَصْدَ النَّاظِرِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلنَّاظِرِ (مَحْرَمٌ فِي الدَّارِ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ مَتَاعٌ لَمْ يَرْمِ) لِشُبْهَةِ النَّظَرِ (فَلَوْ كَانَتْ زَوْجَةُ السَّاكِنِ) فِي الدَّارِ (مَحْرَمًا لِلنَّاظِرِ وَهِيَ مَكْشُوفَةُ الْعَوْرَةِ جَازَ الرَّمْيُ) إذْ لَيْسَ لَهُ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مَسْتُورَةً (وَلَوْ نَظَرَ مِنْ بَابٍ مَفْتُوحٍ أَوْ كُوَّةٍ وَاسِعَةٍ لَمْ يُرْمَ) لِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الدَّارِ إلَّا أَنْ يُنْذِرَهُ فَيَرْمِيَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَاتِحُ لِلْبَابِ هُوَ النَّاظِرَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ رَبُّ الدَّارِ مِنْ إغْلَاقِهِ جَازَ الرَّمْيُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلِمُسْتَأْجِرِ الدَّارِ رَمْيُ الْمَالِكِ) النَّاظِرِ كَمَالِكِهَا (وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ) لَهَا (ذَلِكَ) لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ لَهَا (وَفِي الْمُسْتَعِيرِ وَجْهَانِ) صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَرْمِيهِ قَالَ وَقَرَّبَهُ الْقَاضِي مِنْ السَّرِقَةِ، وَالصَّحِيحُ فِيهَا الْقَطْعُ (فَرْعٌ لَهُ دَفْعُ مَنْ دَخَلَ دَارِهِ أَوْ خَيْمَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) كَمَا يَدْفَعُهُ عَنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ (وَ) لَهُ (اتِّبَاعُهُ إنْ أَخَذَ مَتَاعًا) لَهُ (وَقِتَالُهُ عَلَيْهِ) إلَى أَنْ يَطْرَحَهُ وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ (بَعْدَ الْإِنْذَارِ) لَهُ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الدَّفْعِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي النَّظَرِ إلَى الْحُرْمَةِ بِأَنَّ رَمْيَ الْعَيْنِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ وَدَفْعِ الدَّاخِلِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ فِي تَخْلِيصِ الْيَدِ مِنْ عَاضِّهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَهْدَرَ ثَنِيَّةَ الْعَاضِّ بِنَزْعِ الْمَعْضُوضِ يَدَهُ مِنْ فِيهِ لَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ وُجُودِ الْإِنْذَارِ وَعَدَمِهِ (فَإِنْ قَتَلَهُ) فِي دَارِهِ (وَقَالَ دَفَعْتُهُ) أَيْ إنَّمَا قَتَلْتُهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِي أَوْ مَالِي وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ (فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) بِأَنَّهُ قَتَلَهُ دَفْعًا وَيَكْفِي قَوْلُهَا (أَنَّهُ دَخَلَ دَارِهِ شَاهِرًا سِلَاحَهُ) وَإِنْ لَمْ تَقُلْ وَأَرَادَهُ بِالصِّيَالِ عَلَيْهِ لِلْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ (وَلَا يَكْفِي) قَوْلُهَا: إنَّهُ (دَخَلَ بِسِلَاحٍ) مِنْ غَيْرِ شَهْرٍ نَعَمْ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفَسَادِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَتِيلِ عَدَاوَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَا يَتَعَيَّنُ ضَرْبُ رِجْلَيْهِ) وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ قَصْدُ عُضْوٍ بِعَيْنِهِ (وَلَا يَجُوزُ رَمْيُ أُذُنِ مُسْتَرِقٍ سَمْعًا) ، فَلَوْ أَلْقَى أُذُنَهُ بِشِقِّ الْبَابِ لِيَسْمَعَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ إذْ لَيْسَ السَّمْعُ كَالْبَصَرِ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ (فَصْلٌ) (لَوْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ مِنْ فَحْلٍ صَائِلٍ) عَلَيْهِ وَلَمْ يَهْرُبْ (فَقَتَلَهُ) دَفْعًا (ضَمِنَ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْهَرَبِ عَلَيْهِ إذَا صَالَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ (وَفِي حِلِّ أَكْلِ) لَحْمِ الْفَحْلِ (الصَّائِلِ) الَّذِي تَلِفَ بِالدَّفْعِ (إنْ أُصِيبَ مَذْبَحُهُ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ وَجْهُ مَنْعِ الْحِلِّ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الذَّبْحَ، وَالْأَكْلَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالرَّاجِحُ الْحِلُّ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الصَّيْدِ، وَالذَّبَائِحِ (وَإِنْ قَطَعَ يَدَ صَائِلٍ دَفْعًا وَوَلَّى) فَتَبِعَهُ (فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَلَّى عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ (وَلَا شَيْءَ) لَهُ (فِي الْيَدِ) ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَنْقُصُ بِنَقْصِ الْيَدِ وَلِهَذَا لَوْ قَتَلَ مَنْ لَهُ يَدَانِ مَنْ لَيْسَ لَهُ إلَّا يَدٌ قُتِلَ بِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَإِنْ صَالَ) عَبْدٌ (مَغْصُوبٌ أَوْ مُسْتَعَارٌ عَلَى الْمَالِكِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا لَمْ يَبْرَأْ) كُلٌّ مِنْ الْغَاصِبِ، وَالْمُسْتَعِيرِ (مِنْ الضَّمَانِ) إذْ لَا أَثَرَ لِقَتْلِهِ دَفْعًا (الْبَابُ الثَّالِثُ) (فِيمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا ذَهَابٌ إلَى جَوَازِ الرَّمْيِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ لِلنَّاظِرِ) أَيْ حَالَ اطِّلَاعِهِ (قَوْلُهُ: مَحْرَمٍ فِي الدَّارِ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا فِي الدَّارِ مُجَرَّدَ حُصُولِهَا فِيهَا أَوْ سُكْنَاهَا مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلُ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ السَّكَنُ لَا الْحُصُولُ حَتَّى قَالَ دَخَلَتْ أُخْتُهُ دَارًا وَأَتْبَعَهَا النَّظَرَ جَازَ رَمْيُ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ مَحْرَمَهُ لَمْ تَسْكُنْ الدَّارَ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ كَلَامُهُمْ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ ات (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا فِي الدَّارِ مُجَرَّدُ حُصُولِهَا فِيهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَحْرَمًا لِلنَّاظِرِ) أَيْ أَوْ أَمَةً لَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُنْذِرَهُ فَيَرْمِيَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ) وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ وَالرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَرْمِيهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الْقُوتِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ الْأَقْوَى وَجَرَى ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي الْبَهْجَةِ عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَقَرَّبَهُ الْقَاضِي إلَخْ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْأَقْوَى وَجَرَى ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي الْبَهْجَةِ عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا الْفَرْقِ اهـ قَالَ بَعْضُهُمْ وَأَرَى أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ التَّطَلُّعَ لَا يَنْفَكُّ غَالِبًا عَنْ قَصْدٍ فَاسِدٍ بِخِلَافِ الدُّخُولِ، فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَكُونُ لِغَلَطٍ أَوْ طَلَبِ حَاجَةٍ أَوْ هَرَبٍ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ فَضُيِّقَ فِي الْأَوَّلِ وَوُسِّعَ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ مِنْ فَحْلٍ صَائِلٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَهْرُبْ فَقَتَلَهُ دَفْعًا] (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ الْحِلُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) وَقَالَ الْحَنَّاطِيُّ: إنَّهُ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ يَدَ صَائِلٍ دَفْعًا وَوَلَّى فَتَبِعَهُ فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ) قَالَ فِي الْأُمُّ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَقْبَلَ إلَيْهِ فِي صَحْرَاءَ بِسِلَاحٍ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ يَدَ الَّذِي أُرِيدَ ثُمَّ وَلَّى عَنْهُ فَأَدْرَكَهُ فَذَبَحَهُ أَقَدْته مِنْهُ وَضَمَّنْت الْمَقْتُولَ دِيَةَ يَدِ الْقَاتِلِ اهـ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ تَصْوِيرًا وَحُكْمًا وَلَفْظُ الْعُدَّةِ وَإِنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عِنْدَ الْقَصْدِ فَلَمَّا وَلَّى تَبِعَهُ وَقَتَلَهُ كَانَ لِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَلَّى عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلِوَرَثَةِ الْمَقْصُودِ أَنْ يَرْجِعُوا فِي تَرِكَةِ الْقَاصِدِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ عَنْهُ بِهَلَاكِهِ اهـ فَبَانَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الصَّائِلَ قَطَعَ يَدَ الْمَقْصُودِ وَوَلَّى فَتَبِعَهُ الْمَقْصُودُ الْمَقْطُوعُ الْيَدِ وَقَتَلَهُ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِم] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 (وَإِنْ أَرْسَلَ دَابَّتَهُ) أَوْ دَابَّةً تَحْتَ يَدِهِ كَمَا سَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الصَّحْرَاءِ بِلَا رَاعٍ (لَا طَيْرَهُ) فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا (ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا لَا نَهَارًا) لِتَقْصِيرِهِ بِإِرْسَالِهَا لَيْلًا بِخِلَافِهِ نَهَارًا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَهُوَ وَفْقُ الْعَادَةِ فِي حِفْظِ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ نَهَارًا، وَالدَّابَّةِ لَيْلًا وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي الطَّيْرِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِرْسَالِهِ (وَلَوْ تَعَوَّدُوا) أَيْ أَهْلُ الْبَلَدِ (الْإِرْسَالَ) لِلْبَهَائِمِ (أَوْ الْحِفْظَ) لِلزَّرْعِ (لَيْلًا دُونَ النَّهَارِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ) فَيَضْمَنُ مُرْسِلُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ نَهَارًا لَا لَيْلًا اتِّبَاعًا لِمَعْنَى الْخَبَرِ وَلِلْعَادَةِ مِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَلَدٍ بِحِفْظِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا ضَمِنَ مُرْسِلُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ مُطْلَقًا (وَإِنْ كَانَ لِلْمَزَارِعِ، وَالْبَسَاتِينِ إغْلَاقٌ لَمْ يَضْمَنْ) مُرْسِلُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ مِنْهَا (إنْ تُرِكَتْ مَفْتُوحَةً وَلَوْ لَيْلًا) ؛ لِأَنَّ مَالِكَ مَا أَتْلَفَتْهُ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِاعْتِبَارِ الْغَلْقِ فِي الْمَزَارِعِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَوْ كَانَ الْمَرْعَى بَعِيدًا عَنْ الْمَزَارِعِ وَفُرِضَ انْتِشَارٌ) لِلْبَهَائِمِ إلَى أَطْرَافِ الْمَزَارِعِ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى مُرْسِلِهَا لِمَا أَتْلَفَتْهُ مُطْلَقًا لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَرْعَى (بَيْنَ الْمَزَارِعِ ضَمِنَ) مَا أَتْلَفَتْهُ (لَيْلًا وَكَذَا نَهَارًا إلَّا إنْ تَعَوَّدُوا إرْسَالَهَا بِلَا رَاعٍ) فَلَا يَضْمَنُهُ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ (وَإِنْ رَبَطَهَا لَيْلًا فَانْفَلَتَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ) مِنْهُ كَأَنْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ أَوْ فَتَحَ الْبَابَ لِصٌّ أَوْ قَطَعَتْ حَبْلَهَا (لَمْ يَضْمَنْ) مَا أَتْلَفَتْهُ مُطْلَقًا لِذَلِكَ (وَكَذَا) لَا يَضْمَنُهُ (لَوْ قَصَّرَ وَحَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ) وَقَدَرَ عَلَى تَنْفِيرِهَا (وَلَمْ يُنَفِّرْهَا) ؛ لِأَنَّهُ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ (وَإِنْ) (نَفَّرَ) شَخْصٌ دَابَّةً (مُسَيَّبَةً عَنْ زَرْعِهِ فَوْقَ) قَدْرِ (الْحَاجَةِ ضَمِنَهَا) أَيْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ كَمَا لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ أَوْ جَرَّ السَّيْلُ حَبًّا فَأَلْقَاهُ فِي مِلْكِهِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ وَتَضْيِيعُهُ بَلْ يَدْفَعُهُ لِمَالِكِهِ فَيَنْبَغِي إذَا نَفَّرَهَا أَنْ لَا يُبَالِغَ فِي إبْعَادِهَا بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ مِنْهُ إلَى زَرْعِهِ قَالَهُ الْمَرْوَرُوذِيُّ (وَإِنْ أَخْرَجَهَا) عَنْ زَرْعِهِ (إلَى زَرْعِ غَيْرِهِ) فَأَتْلَفَتْهُ (ضَمِنَهُ) إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقِيَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ (، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا ذَلِكَ) بِأَنْ كَانَتْ مَحْفُوفَةً بِمَزَارِعِ النَّاسِ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهَا إلَّا بِإِدْخَالِهَا مَزْرَعَةَ غَيْرِهِ (تَرَكَهَا) فِي زَرْعِهِ وَغَرَّمَ صَاحِبَهَا مَا أَتْلَفَتْهُ (وَإِنْ أَرْسَلَهَا فِي الْبَلَدِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ) لِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ (وَرَبَطَ الدَّوَابَّ فِي الطَّرِيقِ) وَلَوْ عَلَى دَارِ الرَّابِطِ (يَضْمَنُ) رَابِطُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ سَوَاءٌ أَضَاقَ الطَّرِيقُ أَمْ اتَّسَعَ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِهِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كَإِشْرَاعِ الْجَنَاحِ نَعَمْ إنْ رَبَطَهَا فِي الْمُتَّسَعِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِيهِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ قَالَهُ الْقَاضِي، وَالْبَغَوِيُّ (لَا) رَبَطَهَا (فِي الْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ الرَّابِطِ (وَالْمَوَاتِ) فَلَا يَضْمَنُ رَابِطُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ فِي غَيْبَتِهِ (وَذُو الْيَدِ) عَلَيْهَا (وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا يَضْمَنُ مَا تُتْلِفُهُ الدَّابَّةُ بِحُضُورِهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا أَمْ نَهَارًا سَائِقًا كَانَ أَوْ قَائِدًا أَوْ رَاكِبًا أَتْلَفَتْهُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهَا تَحْتَ يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهَا (فَإِنْ حَضَرَ) هَا (سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَنِصْفَانِ) أَيْ فَالضَّمَانُ نِصْفَانِ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَ يَدِهِمَا (وَيَضْمَنُ الرَّاكِبُ دُونَهُمَا) إذَا حَضَرُوهَا؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ خَاصَّةً وَقِيلَ يَضْمَنُونَ أَثْلَاثًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا) قَالَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ الضَّمَانُ بِرَقَبَةِ الْبَهِيمَةِ كَمَا تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيمَا تُتْلِفُهُ الْبَهِيمَةُ يُحَالُ عَلَى تَقْصِيرِ صَاحِبِهَا وَهِيَ كَالْآلَةِ وَالْعَبْدُ مُلْتَزِمٌ وَأَقْرَبُ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ مَا يَلْزَمُ رَقَبَتَهُ فَعُلِّقَ بِهَا (قَوْلُهُ: لَا نَهَارًا) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَكْثُرْ الدَّوَابُّ بِالنَّهَارِ، فَإِنْ كَثُرَتْ حَتَّى عَجَزَ أَصْحَابُ الزَّرْعِ عَنْ حِفْظِهِ فَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى أَصْحَابِهَا لِخُرُوجِ هَذَا عَنْ مُقْتَضَى الْعَادَةِ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَتَبَ أَيْضًا مَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ مَا إذَا رَعَتْ فِي مَوَاتٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لِأَصْحَابِهَا، فَإِنْ أَرْسَلَتْ فِي مَوْضِعٍ مَغْصُوبٍ فَانْتَشَرَتْ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَأَفْسَدَتْهُ كَانَ مَضْمُونًا عَلَى مَنْ أَرْسَلَهَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ إذَا خَلَّاهَا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَسَوَاءٌ كَانَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَهُوَ مَضْمُونٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي إرْسَالِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي الطَّيْرِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِرْسَالِهِ) يَدْخُلُ فِيهِ النَّحْلُ وَقَدْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِي نَحْلٍ لِإِنْسَانٍ قَتَلَتْ جَمَلًا لِآخَرَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ صَاحِبَ النَّحْلِ لَا يُمْكِنُهُ ضَبْطُهَا وَالتَّقْصِيرُ مِنْ صَاحِبِ الْبَعِيرِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَلَوْ خَرَجَ الْحَمَامُ مِنْ الْبُرْجِ وَالْتَقَطَ حَبَّ الْغَيْرِ أَوْ النَّحْلُ مِنْ الْكُوَّارَةِ وَأَهْلَكَتْ بَهِيمَةً فَلَا ضَمَانَ (فَرْعٌ) سُئِلْت عَنْ مَالِكِ نَحْلٍ عُلِمَ مِنْهُ اعْتِيَادُهُ لِأَكْلِ الْمَارِّينَ مِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ فِي طَرِيقِهِ ثُمَّ إنَّهُ وَضَعَهُ فِي دَارٍ شَخْصٍ وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِأَكْلِهِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ إنَّهُ قَتَلَ فَرَسَ صَاحِبِ الدَّارِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا أَمْ لَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِ صَاحِبِ الدَّارِ بِأَكْلِهِ لِيَحْفَظَ حَيَوَانَاتِهِ مِنْهُ وَعَدَمِ كَفِّ شَرِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَوَّدُوا الْإِرْسَالَ أَوْ الْحِفْظَ لَيْلًا إلَخْ) وَلَوْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِإِرْسَالِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا إلَخْ أَوْ عَكْسُهُ انْعَكَسَ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَبَطَهَا لَيْلًا فَانْفَلَتَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْ) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ ضَارِيَةً، فَإِنْ عُرِفَتْ بِحَلِّ الرِّبَاطِ وَكَسْرِ الْبَابِ فَتَرَكَ الْمَالِكُ الْإِحْكَامَ وَجَبَ الضَّمَانُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمَرْوَرُوذِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ ابْتَعَلَتْ الْبَهِيمَةُ فِي مُرُورِهَا جَوْهَرَةً ضَمِنَهَا صَاحِبُهَا إنْ كَانَ مَعَهَا أَوْ وُجِدَ مِنْهُ تَقْصِيرٌ بِأَنْ طَرَحَ لُؤْلُؤَ غَيْرِهِ بَيْنَ يَدَيْ دَجَاجَةٍ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُفَرَّقُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ كَالزَّرْعِ وَالثَّانِي يَضْمَنُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّرْعَ مَأْلُوفٌ فَلَزِمَ حِفْظُهُ مِنْهَا، وَابْتِلَاعُ الْجَوْهَرَةِ غَيْرُ مَأْلُوفٍ فَلَمْ يَلْزَمْ صَاحِبَهَا حِفْظُهَا عَنْهُ لَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا مِنْ الْوَجْهَيْنِ قَالَ فِي الْخَادِمِ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا فِيمَا سَبَقَ تَرْجِيحُ عَدَمِ الضَّمَانِ حَيْثُ نَقَلَا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ طَيْرًا فَكَسَرَ شَيْئًا أَوْ الْتَقَطَ حَبًّا فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ رَبَطَهَا فِي الْمُتَّسَعِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَضْمَنْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَحْتَ يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهَا) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْبَهِيمَةِ إذَا كَانَ مَعَهَا صَاحِبُهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَالْأَنْسَبُ إلَيْهَا كَالْكَلْبِ إذَا أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ أَكَلَ مَا صَادَهُ وَإِنْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ فَلَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ (وَلَوْ نَخَسَ الدَّابَّةَ) شَخْصٌ (بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَسَبِّبُ (أَوْ بِإِذْنِهِ ضَمِنَ الرَّاكِبُ) ؛ لِأَنَّهُ الْحَامِلُ عَلَى النَّخْسِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ فِي مُوجِبِ الدِّيَةِ وَكَالرَّاكِبِ السَّائِقُ، وَالْقَائِدُ (وَإِنْ غَلَبَ الْمَرْكُوبُ مُسَيِّرَهُ فَانْفَلَتَ) مِنْهُ (وَأَتْلَفَ) شَيْئًا (لَمْ يَضْمَنْ) لِخُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ (وَإِنْ كَانَ) يَدُهُ (عَلَيْهَا وَأَمْسَكَ لِجَامَهَا فَرَكِبَتْ رَأْسَهَا فَهَلْ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ) ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَضْبِطَ مَرْكُوبَهُ أَوْ لَا يَرْكَبَ مَا لَا يَضْبِطُهُ أَوْ لَا يَضْمَنُ لِخُرُوجِ الْأَمْرِ عَنْ اخْتِيَارِهِ (قَوْلَانِ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ اصْطِدَامِ الرَّاكِبَيْنِ تَرْجِيحُ الضَّمَانِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (قَالَ الْإِمَامُ وَمَنْ رَكِبَ) الدَّابَّةَ (الصَّعْبَةَ) الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ بِالْكَجِّ، وَالتَّرْدِيدِ فِي مَعَاطِفِ اللِّجَامِ (أَوْ سَاقَ الْإِبِلَ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ فِي الْأَسْوَاقِ) فِيهِمَا (ضَمِنَ) مَا أَتْلَفَتْهُ لِتَقْصِيرِهِ بِذَلِكَ (وَمَا فَسَدَ بِرَوْثِ) أَوْ بَوْلِ (الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ فِي الطَّرِيقِ وَلَوْ وَقَفَتْ) حِينَ رَوْثِهَا أَوْ بَوْلِهَا (أَوْ بِرَشَاشِهَا) الْحَاصِلِ مِنْ وَحْلٍ أَوْ غُبَارٍ (لَا يَضْمَنُ) وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْمَنْعِ مِنْ الطُّرُوقِ كَذَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ هُنَا وَخَالَفَاهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فَجَزَمَا فِيهِ بِالضَّمَانِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمُّ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالطَّرِيقِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كَمَا مَرَّ وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَالْأَوَّلُ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ جَزَمَ بِهِ هُنَا لَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي الدِّيَاتِ أَنَّهُ احْتِمَالٌ وَأَنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى الضَّمَانِ وَمِنْ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ الضَّمَانِ فِيمَا تَلِفَ بِرَكْضٍ مُعْتَادٍ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ بَنَاهُ عَلَى احْتِمَالِهِ الْمَذْكُورِ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الضَّمَانُ، وَإِطْلَاقُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ قَاضِيَةٌ بِهِ (نَعَمْ إنْ رَكَضَ خِلَافَ الْعَادَةِ فَرَسَهُ) أَوْ نَحْوَهَا (بِوَحْلٍ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ) مَا أَتْلَفَتْهُ (أَوْ) رَكَضَهَا (كَالْعَادَةِ فَطَارَتْ حَصَاةٌ لِعَيْنِ إنْسَانٍ لَمْ يَضْمَنْ) وَأَفَادَ قَوْلُهُ كَالْعَادَةِ أَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ رَكْضٍ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الْإِمَامِ، أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ فَيَضْمَنُ فِي الْحَالَيْنِ (، وَالسَّائِرُ بِالْحَطَبِ) عَلَى دَابَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (يَضْمَنُ الْجِدَارَاتِ) إذَا تَلِفَتْ بِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ الْهَدْمِ، وَلَمْ يَتْلَفْ شَيْءٌ مِنْ الْآلَةِ لَمْ يَضْمَنْهَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَكَذَا) يَضْمَنُ (مَا يُتْلِفُهُ) الْحَطَبُ (مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ إنْ كَانَ) ثُمَّ (زِحَامٌ) كَأَنْ يَكُونَ بِسُوقٍ لِتَوَلُّدِ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتْلَفُ مُقْبِلًا أُمّ مُدْبِرًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ زِحَامٌ (ضَمِنَ مُدْبِرًا وَأَعْمَى) وَلَوْ مُقْبِلًا إذَا تَلِفَ بِذَلِكَ (وَلَمْ يُنَبِّهْهُمَا) لِتَقْصِيرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُقْبِلًا بَصِيرًا أَوْ مُدْبِرًا أَوْ أَعْمَى، وَنَبَّهَهُمَا فَلَمْ يَحْتَرِزَا وَيَلْحَقُ بِالْأَعْمَى مَعْصُوبُ الْعَيْنِ لِرَمَدٍ وَنَحْوِهِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُنَبِّهْهُ مَا لَوْ كَانَ أَصَمَّ، وَقَيَّدَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْبَصِيرَ الْمُقْبِلَ بِمَا إذَا وَجَدَ مُنْحَرَفًا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ لِضِيقٍ وَعَدَمِ عَطْفَةٍ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الزِّحَامِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَلَوْ دَخَلَ السُّوقَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الزِّحَامِ فَحَدَثَ الزِّحَامُ فَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ زِحَامٌ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ حَدَثَتْ الرِّيحُ وَأَخْرَجَتْ الْمَالَ مِنْ النَّقْبِ لَا قَطْعَ فِيهِ بِخِلَافِ تَعْرِيضِهِ لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ (وَإِنْ تَعَلَّقَ) الْحَطَبُ (بِثَوْبِهِ فَجَذَبَهُ أَيْضًا فَنِصْفُ الضَّمَانِ) عَلَى صَاحِبِ الْحَطَبِ (كَلَاحِقٍ وَطِئَ مَدَاسَ سَابِقٍ فَانْقَطَعَ) ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ السَّابِقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ انْقَطَعَ مُؤَخَّرَا مَدَاسُ السَّابِقِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ) قَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا رَاكِبَانِ فَهَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ دُونَ الرَّدِيفِ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَصَحُّهُمَا ثَانِيهمَا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا دُونَ الرَّدِيفِ وَإِنْ حَكَمَ بِأَنَّهَا لَهُمْ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِيهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْيَدَيْنِ لَا تُكَذِّبُ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَخَسَ الدَّابَّةَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ) فَلَوْ رَمَحَتْ النَّاخِسَ كَانَ هَدَرًا (تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ الْخَانِي لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِفْظِ دَابَّةٍ فَانْفَلَتَتْ عَلَى أُخْرَى وَأَتْلَفَتْهَا وَغَلَبَتْهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهَا فَلَا ضَمَانَ وَقَوْلُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَخْتَلِفُ مَا أَفْتَى بِهِ مَا ذَكَرَ قَرِينُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَدُهُ عَلَيْهَا أَوْ أَمْسَكَ لِجَامَهَا إلَخْ مِنْ كَوْنِهِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ ابْنِ الصَّلَاحِ الْإِتْلَافُ الْحَاصِلُ مِنْهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ يَدِهِ وَالْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ قَرِينُهَا الْإِتْلَافُ حَصَلَ مِنْهَا وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَيُؤَيِّدُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَلَّاحِينَ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ) هُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَمِنْ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ الضَّمَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِوَحْلٍ وَنَحْوِهِ) كَمُجْتَمَعِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ) بَنَاهُ عَلَى مَا قَرَّرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيمَا يَتْلَفُ بِبَوْلِهَا وَرَوْثِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ الْهَدْمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْ وَغَيْرُهُ فَلَوْ بَنَاهُ مُسْتَوِيًا ثُمَّ مَالَ عَلَى صُورَةٍ مُضِرَّةٍ بِالْمَارَّةِ فَالْأَرْجَحُ فِيهِ أَيْضًا عَدَمُ الضَّمَانِ اهـ قَالَ شَيْخُنَا بَنَاهُ عَلَى كَوْنِهِ ضَامِنًا لَوْ سَقَطَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا وَالْأَرْجَحُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مُدَبَّرًا وَأَعْمَى) الْأَشْبَهُ أَنَّ مُسْتَقِلَّ الْحَطَبِ مِمَّنْ لَا يُمَيِّزُ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ كَالْأَعْمَى قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ كَانَ غَافِلًا أَوْ مُلْتَفِتًا أَوَمُطْرِقًا مُفَكِّرًا ضَمِنَهُ صَاحِبُ الْحَطَبِ إذْ لَا تَقْصِيرَ حِينَئِذٍ ع وَقَوْلُهُ الْأَشْبَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَخْ) جَوَابُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِيهِمَا فِي قُوَّةِ الِاعْتِمَادِ وَضَعْفِهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِمَا فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُمَا وَوَجَبَ إحَالَةُ ذَلِكَ عَلَى السَّبَبَيْنِ جَمِيعًا كَمَا فِي الْمُصْطَدِمَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقُوَّةِ مَشْيِ أَحَدِهِمَا وَقِلَّةِ حَرَكَةِ الْآخَرِ وَكَتَبَ أَيْضًا: عِلَّةُ التَّنْصِيفِ حُصُولُ الِاشْتِرَاكِ فِيمَا حَصَلَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 فَالضَّمَانُ عَلَى اللَّاحِقِ أَوْ مُقَدَّمُ مَدَاسِ اللَّاحِقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّابِقِ (وَلَوْ تَعَوَّدَتْ الْهِرَّةُ الْإِتْلَافَ) بِأَنْ عُهِدَ مِنْهَا ذَلِكَ (ضَمِنَ مَالِكُهَا) مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إلَّا مِثْلَهَا يَنْبَغِي رَبْطُهُ وَكَفُّ شَرِّهِ وَقَوْلُهُ مَالِكُهَا مِثَالٌ، وَالْمُرَادُ مَنْ يَأْوِيهَا (وَكَذَا كُلُّ حَيَوَانٍ عَادَ) حُكْمُهُ كَذَلِكَ (وَلَا ضَمَانَ) لِمَا أَتْلَفَتْهُ (إنْ لَمْ تَعْتَدْ ذَلِكَ) إذْ الْعَادَةُ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا (وَلَوْ هَلَكَتْ فِي الدَّفْعِ عَنْ حَمَامٍ وَنَحْوِهِ فَهَدَرٌ) لِصِيَالِهَا، وَلَوْ أَخَذَتْ حَمَامَةً وَهِيَ حَيَّةٌ جَازَ فَتْلُ أُذُنِهَا وَضَرْبُ فَمِهَا لِتُرْسِلَهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَا تُقْتَلُ سَاكِنَةٌ وَلَوْ ضَارِيَةً) لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْ شَرِّهَا وَلَيْسَتْ الضَّارِيَةُ كَالْفَوَاسِقِ؛ لِأَنَّ ضَرَاوَتَهَا عَارِضَةٌ (وَإِنْ كَانَ بِدَارِهِ كَلْبٌ عَقُورٌ أَوْ دَابَّةٌ رَمُوحٌ وَدَخَلَ) هَا (رَجُلٌ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ) بِحَالِ الْكَلْبِ أَوْ الدَّابَّةِ فَعَضَّهُ الْكَلْبُ أَوْ رَمَحَتْهُ الدَّابَّةُ (ضَمِنَ) وَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ بَصِيرًا كَمَا لَوْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامًا مَسْمُومًا وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي آخِرِ الطَّرَفِ الثَّالِثِ مِنْ الْجِنَايَاتِ حَيْثُ جَزَمَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي كَلْبِ الدَّارِ وَمَا هُنَاكَ فِي كَلْبٍ رَبَطَهُ مَالِكُهَا عَلَى بَابِهَا وَعَلَّلُوهُ ثَمَّ بِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ دَفْعُهُ (أَوْ) دَخَلَهَا (بِلَا إذْنٍ) أَوْ أَعْلَمَهُ بِالْحَالِ (فَلَا) ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَسَبِّبُ فِي هَلَاكِ نَفْسِهِ (، وَالْفَوَاسِقُ الْخَمْسُ لَا تُعْصَمُ وَلَا تُمْلَكُ وَلَا أَثَرَ لِلْيَدِ فِيهَا بِاخْتِصَاصٍ) لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا لِلْأَمْرِ بِقَتْلِهَا وَأَلْحَقَ بِهَا الْإِمَامُ الْمُؤْذِيَاتِ بِطِبَاعِهَا كَالْأَسَدِ، وَالذِّئْبِ (فَصْلٌ) (الْمُودَعُ، وَالْمُسْتَأْجِرُ لِلْحِفْظِ كَالْمَالِكِ) فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا (يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ الدَّابَّةُ فِي يَدِهِ) بِلَا إرْسَالٍ لَيْلًا وَنَهَارًا وَبِإِرْسَالٍ لَيْلًا وَنَهَارًا وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ تَفَقُّهًا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ إطْلَاقِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا وَنَهَارًا (وَمَنْ أَلْقَتْ الرِّيحُ فِي حِجْرِهِ ثَوْبًا) مَثَلًا (فَأَلْقَاهُ ضَمِنَهُ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِمَّا ذُكِرَ بِقَوْلِهِ (فَلْيُسْلِمْهُ إلَى الْمَالِكِ) وَلَوْ إلَى نَائِبِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ (فَالْحَاكِمُ وَكَذَا يَجِبُ) عَلَى الشَّخْصِ (رَدُّ دَابَّةٍ دَخَلَتْ مِلْكَهُ) إلَى مَالِكِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ (إلَّا إنْ كَانَ الْمَالِكُ) هُوَ الَّذِي (سَيَّبَهَا فَلْيُحْمَلْ قَوْلُهُمْ) فِيمَا مَرَّ (أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَرْعُهُ مَحْفُوفًا بِزَرْعِ غَيْرِهِ (عَلَى مَا سَيَّبَهُ) الْأَوْضَحُ سَيَّبَهَا (الْمَالِكُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُسَيِّبْهَا (فَيَضْمَنُ) هَا الْمُخْرِجُ لَهَا إذْ حَقُّهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِمَالِكِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَإِلَى الْحَاكِمِ وَلَوْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ سَطْحِ غَيْرِهِ يُرِيدُ أَنْ يَقَعَ فِي مِلْكِهِ فَدَفَعَهُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى وَقَعَ خَارِجَ مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ (وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ) مَا أَتْلَفَتْهُ (إنْ قَصَّرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ وَنَحْوُهُ فِي حِفْظِ مُعْتَادٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ وَهَذَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ قَصَّرَ وَحَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ وَلَمْ يُنَفِّرْهَا (وَيَدْفَعُهَا) صَاحِبُ الزَّرْعِ (عَنْ الزَّرْعِ دَفْعَ الصَّائِلِ، فَإِنْ تَنَحَّتْ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهَا عَنْ مِلْكِهِ) ؛ لِأَنَّ شُغْلَهَا مَكَانُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ لَا يُبِيحُ إضَاعَةَ مَالِ غَيْرِهِ (وَإِنْ حَمَلَ مَتَاعَهُ فِي مَفَازَةٍ عَلَى دَابَّةِ رَجُلٍ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (وَغَابَ فَأَلْقَاهُ الرَّجُلُ عَنْهَا) فَضَاعَ (أَوْ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (فَأَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ) فَوْقَ قَدْرِ الْحَاجَةِ (فَضَاعَتْ فَفِي الضَّمَانِ) عَلَيْهِ لَهُمَا (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا لِتَعَدِّي الْمَالِكِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ لِتَعَدِّي الْفَاعِلِ   [حاشية الرملي الكبير] بِهِ الِانْقِطَاعُ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ فِعْلِ أَحَدِهِمَا أَقْوَى مِنْ فِعْلِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عُهِدَ مِنْهَا) الْمُرَادُ أَنْ يَعْهَدَهُ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُقَصِّرٌ بِإِرْسَالِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَضْمِينِهِ مَا إذَا رَبَطَهَا فَانْفَلَتَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الشَّارِحِ مَنْ يُؤْوِيهَا وَمَنْ لَمْ يُؤْوِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ وَقَدْ سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ أَنَّ الْهِرَّةَ تَأْتِي فَتَلِدُ فِي بَيْتِ شَخْصٍ أَوْلَادًا فَيَأْلَفْنَ ذَلِكَ الْبَيْتَ وَيَذْهَبْنَ ثُمَّ يَعُدْنَ إلَيْهِ لِلْإِيوَاءِ بِهِ، فَإِذَا أَتْلَفْنَ شَيْئًا هَلْ يَضْمَنُ مَنْ هُنَّ فِي دَارِهِ أَمْ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ فَأَجَابَ لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ هُنَّ فِي دَارِهِ وَلَا أَحَدَ، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْهِرَّةُ مَعَ أَحَدٍ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ ضَمَانُ مَا تُتْلِفُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَالِكِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مَالِكُهَا) كَمَا يَضْمَنُ مُرْسِلُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ مَا يُتْلِفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْتَلُ سَاكِتَةٌ وَلَوْ ضَارِيَةً) شَمَلَ مَا إذَا خَرَجَتْ أَذِيَّتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهَا الْإِمَامُ الْمُؤْذِيَاتِ بِطِبَاعِهَا كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الْمُودَعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ لِلْحِفْظِ كَالْمَالِكِ) مِثْلُهُمَا الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُرْتَهِنُ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ وَالْأَمِينُ بِوَجْهٍ مَا وَالْغَاصِبُ (قَوْلُهُ وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ تَفَقُّهًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا: قُوَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ تُفْهِمُ أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مُقَصِّرًا بِإِرْسَالِهَا ع (قَوْلُهُ: بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ إطْلَاقِ الْبَغَوِيّ إلَخْ) لَكِنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ ضَمَانِ مَا تُتْلِفُهُ الدَّابَّةُ عِنْدَ التَّسْرِيحِ نَهَارًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسَرِّحُ مَالِكَهَا أَوْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِفْظِهَا أَوْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُمَا مُفَرِّطَانِ فِي الْحِفْظِ لَكِنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَدِّيَيْنِ فِي إرْسَالِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَالِ الْغَيْرِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا أَسْلَفْنَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ أَنَّ الدَّابَّةَ إذَا أَتْلَفَتْ بِالنَّهَارِ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ مِمَّا تُتْرَكُ وَحْدَهَا وَتُسَيَّبُ أَوْ لَا كَالْغَنَمِ فِي حَالَةِ وُجُودِ السِّبَاعِ وَالذِّئَابِ مَعَ نِسْبَةِ صَاحِبِهَا إلَى التَّقْصِيرِ وَأَجَابَ عَمَّا يُتَخَيَّلُ مِنْ التَّضْمِينِ فِي الْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي إرْسَالِهَا وَحْدَهَا فَلَا يُعَدُّ هَذَا عُدْوَانًا عَلَى الْمَزَارِعِ م (فَرْعٌ) فَتَحَ إنْسَانٌ مُرَاحَ غَنَمٍ فَخَرَجَتْ لَيْلًا وَرَعَتْ زَرْعًا، فَإِنْ كَانَ الَّذِي فَتَحَهُ الْمَالِكَ ضَمِنَ الزَّرْعَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْمَالِكِ لَمْ يَضْمَنْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَالِكَ يَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فِي اللَّيْلِ فَإِذَا فَتَحَ عَنْهَا ضَمِنَ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فَإِذَا فَتَحَ عَنْهَا لَمْ يَضْمَنْ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ فِي آخِرِ الْبَابِ مَا يُؤَيِّدُهُ أَوْ هُوَ نَصٌّ فِيهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ إنْ قَصَّرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ انْتِفَاءِ الضَّمَانِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَا يَقْتَضِي إتْلَافَهُ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ إلَخْ) الْأَوَّلُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنَّمَا سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْهُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَرَّرَاهُ سَابِقًا وَلَاحِقًا وَلَكِنَّ صُورَةَ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ثُمَّ إنِّي رَأَيْت جَوَابًا لِي عَنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 بِالتَّضْيِيعِ (وَإِنْ دَخَلَتْ بَقَرَةٌ) مَثَلًا (مُسَيِّبَةٌ مِلْكَهُ فَأَخْرَجَهَا مِنْ مَوْضِعٍ يُعْسَرُ عَلَيْهَا) الْخُرُوجُ مِنْهُ فَتَلِفَتْ (ضَمِنَ) هَا (وَإِنْ دَخَلَتْ دَابَّةٌ مِلْكَهُ فَرَمَحَتْهُ فَمَاتَ فَكَإِتْلَافِهَا زَرْعَهُ) فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ (وَالدِّيَةُ إنْ وَجَبَتْ) تَكُونُ (عَلَى عَاقِلَةِ مَالِكِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ (وَإِنْ ضَرَبَ شَجَرَةً فِي مِلْكِهِ) لِيَقْطَعَهَا (وَعَلِمَ أَنَّهَا) إذَا سَقَطَتْ (تَسْقُطُ عَلَى غَافِلٍ) عَنْ ذَلِكَ مِنْ النُّظَّارِ (وَلَمْ يُعْلِمْهُ) الْقَاطِعُ بِهِ فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ فَأَتْلَفَتْهُ (ضَمِنَ) هـ وَإِنْ دَخَلَ مِلْكَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ يَعْلَمَ الْقَاطِعُ بِذَلِكَ أَوْ عَلِمَ بِهِ وَعَلِمَ بِهِ النَّاظِرُ أَيْضًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَكِنْ أَعْلَمَهُ الْقَاطِعُ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمَا بِهِ (فَلَا) يَضْمَنُهُ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَلَوْ رَكِبَ صَبِيٌّ أَوْ بَالِغٌ دَابَّةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَغَلَبَتْهُ الدَّابَّةُ وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَعَلَى الرَّاكِبِ الضَّمَانُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَكِبَ الْمَالِكُ فَغَلَبَتْهُ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِذَا نَدَّ بَعِيرٌ) مِنْ مَالِكِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا (أَوْ تَفَرَّقَتْ الْغَنَمُ عَلَى الرَّاعِي لِرِيحٍ هَاجَتْ وَأَظْلَمَتْ) أَيْ وَأَظْلَمَ النَّهَارُ بِهَا (فَأَتْلَفَتْ الْمَزَارِعَ لَمْ يَضْمَنْ) كُلٌّ مِنْ الْمَالِكِ، وَالرَّاعِي مَا أَتْلَفَتْهُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا أَتْلَفَتْهُ الدَّابَّةُ الَّتِي غَلَبَتْ رَاكِبَهَا حَيْثُ يَضْمَنُ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ تَفَرَّقَتْ لِنَوْمِهِ أَوْ غَفْلَتِهِ) عَنْهَا فَأَتْلَفَتْ ذَلِكَ (ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ وَذِكْرُ الْغَفْلَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ رَدَّ دَابَّةً) بِغَيْرِ إذْنٍ وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ (فَأَتْلَفَتْ فِي رُجُوعِهَا شَيْئًا ضَمِنَهُ) لِذَلِكَ وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ فِي مُوجِبِ الدِّيَةِ (وَإِنْ سَقَطَ) هُوَ (أَوْ مَرْكُوبُهُ مَيِّتًا) عَلَى شَيْءٍ (فَأَتْلَفَهُ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ سَقَطَ طِفْلٌ عَلَى شَيْءٍ) فَأَتْلَفَهُ (ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّ لِلطِّفْلِ فِعْلًا بِخِلَافِ الْمَيِّتِ (وَإِنْ حَلَّ قَيْدَ دَابَّةِ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ مَا أَتْلَفَتْ) كَمَا لَوْ أَبْطَلَ الْحِرْزَ فَأُخِذَ الْمَالُ وَكَذَا لَوْ سَقَطَتْ دَابَّةٌ فِي وَهْدَةٍ فَنَفَرَ مِنْ سَقَطْتهَا بَعِيرٌ وَتَلِفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ أَتْلَفَتْ) الدَّابَّةُ (الْمُسْتَعَارَةُ وَكَذَا الْمَبِيعَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ) لَهَا (زَرْعًا) مَثَلًا (لِمَالِكِهَا ضَمِنَ) هَا (الْمُسْتَعِيرُ، وَالْبَائِعُ) ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِمَا وَأَتْلَفَتْ مِلْكَ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ لِلْبَائِعِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَنًا لِلدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ مِلْكَهُ وَيَصِيرُ قَابِضًا لِلثَّمَنِ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ (وَإِنْ تَنَخَّمَ فِي مَمَرِّ حَمَّامٍ فَزَلَقَ بِهَا) أَيْ بِنُخَامَتِهِ (رَجُلٌ) فَتَلِفَ (ضَمِنَ) هـ (كِتَابُ السِّيَرِ) جَمْعُ سِيرَةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا أَصَالَةً الْجِهَادُ الْمُتَلَقَّى تَفْصِيلُهُ مِنْ سِيَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزَوَاتِهِ فَلِهَذَا تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ كَكَثِيرٍ بِهَا وَبَعْضُهُمْ بِالْجِهَادِ وَبَعْضُهُمْ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: 216] {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36] {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [النساء: 89] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَفِيهِ أَطْرَافٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ فِي مُقَدَّمَاتٍ) لِفُرُوضِ الْكِفَايَةِ (أَوَّلُ مَا فُرِضَ) بَعْدَ الْإِنْذَارِ وَالدُّعَاءِ إلَى التَّوْحِيدِ (مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ مَا ذُكِرَ فِي) أَوَّلِ سُورَةِ (الْمُزَّمِّلِ ثُمَّ نُسِخَ بِمَا فِي آخِرِهَا ثُمَّ نُسِخَ بِا) لصَّلَوَاتِ (الْخَمْسِ) أَيْ بِإِيجَابِهَا لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ بِمَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِعَشْرِ سِنِينَ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَخَالَفَهُ فِي فَتَاوِيه فَقَالَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِخَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَجَعَلَ اللَّيْلَةَ مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ وَخَالَفَهُمَا مَعًا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَجَزَمَ بِأَنَّهَا مِنْ رَبِيعِ الْآخَرِ وَقَلَّدَ فِيهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ (ثُمَّ أَمَرَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِالصَّلَاةِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ) مُدَّةَ إقَامَتِهِ بِمَكَّةَ وَبَعْدَ الْهِجْرَةِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ وَإِلَّا نُسِبَ بِكَلَامِ أَصْلِهِ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ نُسِخَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ إذْ لَمْ يَثْبُتْ تَرْتِيبٌ بَيْنَ النَّسْخِ بِذَلِكَ وَبَيْنَ الصَّلَاةَ إلَى   [حاشية الرملي الكبير] هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا صُورَتُهُ أَرْجَحُ الْوَجْهَيْنِ عَدَمُ ضَمَانِ الْمَتَاعِ عَلَى مُلْقِيهِ عَنْ دَابَّتِهِ وَالدَّابَّةُ عَلَى مُخْرِجِهَا مِنْ زَرْعِهِ لِعُذْرِهِ بِاحْتِيَاجِهِ إلَى دَفْعِ ضَرَرِ دَابَّتِهِ وَإِتْلَافِ زَرْعِهِ وَلِتَعَدِّي مَالِكِ الْمَتَاعِ وَالدَّابَّةِ بِمَا فَعَلَهُ وَيَشْهَدُ لَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي بَحْرِهِ لَوْ دَخَلَتْ بَهِيمَةٌ دَارِهِ فَمَنَعَهَا بِضَرْبٍ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِهِ لَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ دَارِهِ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَتْ بَقَرَةٌ مِلْكَهُ فَأَخْرَجَهَا مِنْ ثُلْمَةٍ فَهَلَكَتْ إنْ لَمْ تَكُنْ الثُّلْمَةُ بِحَيْثُ تَخْرُجُ الْبَقَرَةُ مِنْهَا بِسُهُولَةٍ يَجِبُ الضَّمَانُ أَيْ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهَا كَالصَّائِلَةِ عَلَى مَالِكِهِ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَالْبَغَوِيِّ شَامِلٌ لِمَنْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ وَلَمْ يَتَعَدَّ بِإِدْخَالِهَا مِلْكَ غَيْرِهِ وَلِمَا إذَا لَمْ تُتْلِفْ بِدُخُولِهَا شَيْئًا وَإِنْ حَمَلَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ تُتْلِفُ وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّيْخَيْنِ عَنْ تَرْجِيحِ عَدَمِ الضَّمَانِ لِلْعِلْمِ بِمَا ذَكَرَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ سَابِقًا وَلَاحِقًا اهـ وَقَدْ قَالُوا وَلَوْ خَرَجَتْ أَغْصَانُ شَجَرَتِهِ إلَى هَوَاءِ مِلْكِ جَارِهِ فَلِلْجَارِ مُطَالَبَتُهُ بِإِزَالَتِهَا بِالتَّلْوِيَةِ أَوَالْقُطْع فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَهُ التَّلْوِيَةُ فَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ فَلَهُ الْقَطْعُ وَلَا حَاجَةَ إلَى إذْنِ الْقَاضِي وَمَيْلُ الْجِدَارِ إلَى هَوَاءِ مِلْكِ الْجَارِ كَأَغْصَانِ الشَّجَرَةِ قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَتْ بَقَرَةٌ مُسَيَّبَةٌ مِلْكَهُ فَأَخْرَجَهَا إلَخْ فَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهَا لَمْ يَضْمَنْهَا كَالصَّائِلَةِ وَقَالَ فِي الْبَحْر: لَوْ دَخَلَتْ بَهِيمَةٌ دَارِهِ فَمَنَعَهَا بِضَرْبٍ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِهِ لَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ دَارِهِ اهـ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هَذَا إذَا دَخَلَتْ مِلْكَ الْغَيْرِ تُتْلِفُ مِلْكَهُ فَيَدْفَعُهَا أَمَّا إذَا دَخَلَتْ وَهِيَ لَا تُتْلِفُ شَيْئًا إلَّا شَغْلَ الْمَكَانِ وَأَخْرَجَهَا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَيَنْبَغِي تَنْزِيلُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ السَّابِقِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَهَذَا كَلَامٌ مُتَّجَهٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ عَدَمُ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ تُتْلِفْ شَيْئًا قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلٍ أَيْ مَرْجُوحٍ قَوْلُهُ وَإِنْ سَقَطَ هُوَ أَوْ مَرْكُوبُهُ مَيِّتًا أَوْ مَرْكُوبُهُ مَيِّتًا إلَخْ وَكَذَا لَوْ لَوْ انْتَفَخَ مَيِّتٌ وَتَكَسَّرَ بِسَبَبِهِ قَارُورَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْتَحَقَ بِهِ سُقُوطُهُ بِمَرَضٍ أَوْ عَارِضِ رِيحٍ شَدِيدٍ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْتَحَقَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [كِتَابُ السِّيَرِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَاب] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي مُقَدَّمَاتٍ فُرُوضِ الْكِفَايَة] (كِتَابُ السِّيَرِ) (قَوْلُهُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ) وَاخْتَارَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سُرُورٍ الْمَقْدِسِيَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 بَيْتِ الْمَقْدِسِ (ثُمَّ) أُمِرَ (بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ ثُمَّ فُرِضَ الصَّوْمُ) بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ تَقْرِيبًا (وَ) فُرِضَتْ (الزَّكَاةُ) بَعْدَ الصَّوْمِ وَقِيلَ قَبْلَهُ (ثُمَّ) فُرِضَ (الْحَجُّ) سَنَةَ سِتٍّ وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ (وَلَمْ يَحُجَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْهِجْرَةِ إلَّا حَجَّةَ الْوَدَاعِ) سَنَةَ عَشْرٍ (وَاعْتَمَرَ أَرْبَعًا) . (وَمَنَعَ) أُمَّتَهُ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ (مِنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ) وَأُمِرُوا بِالصَّبْرِ عَلَى أَذَاهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ} [آل عمران: 186] الْآيَةَ (ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إذَا اُبْتُدِئُوا) بِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: 190] (ثُمَّ أُبِيحَ) لَهُ (ابْتِدَاؤُهُ فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ) بِقَوْلِهِ {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5] الْآيَةَ (ثُمَّ أَمَرَ بِهِ مُطْلَقًا) مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِشَرْطٍ وَلَا زَمَانٍ بِقَوْلِهِ {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [البقرة: 191] . (وَمَا عَبَدَ صَنَمًا قَطُّ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَرَوَوْا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا كَفَرَ بِاَللَّهِ نَبِيٌّ قَطُّ» انْتَهَى وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ إجْمَاعًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ كَانَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ يَتَعَبَّدُ عَلَى دِينِ إبْرَاهِيمَ أَمْ نُوحٍ أَمْ مُوسَى أَمْ عِيسَى أَمْ لَمْ يَلْتَزِمْ دِينَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُجْزَمُ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ اهـ وَصَحَّحَ الْوَاحِدِيُّ الْأَوَّلَ وَعَزَى إلَى الشَّافِعِيِّ وَاقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ عَلَى نَقْلِهِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ. (وَالْأَنْبِيَاءُ مَعْصُومُونَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ مِنْ الْكُفْرِ وَفِي) عِصْمَتِهِمْ قَبْلَهَا مِنْ (الْمَعَاصِي خِلَافٌ وَ) هُمْ مَعْصُومُونَ (بَعْدَهَا مِنْ الْكَبَائِرِ) وَمِنْ كُلِّ مَا يُزْرِي بِالْمُرُوءَةِ (وَكَذَا) مِنْ (الصَّغَائِرِ) وَلَوْ سَهْوًا (عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ) لِكَرَامَتِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَصْدُرَ عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنْهَا وَتَأَوَّلُوا الظَّوَاهِرَ الْوَارِدَةَ فِيهَا وَجَوَّزَ الْأَكْثَرُونَ صُدُورَهَا عَنْهُمْ سَهْوًا إلَّا الدَّالَّةَ عَلَى الْخِسَّةِ كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ. (وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ بِشَرْعٍ لَنَا) وَإِنْ لَمْ يَرِدْ شَرْعُنَا بِنَسْخِ ذَلِكَ الْحُكْمِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَبُعِثَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَأَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ ثَلَاثَ عَشَرَةَ سَنَةً عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا ثُمَّ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ فَأَقَامَ بِهَا عَشْرًا بِالْإِجْمَاعِ وَدَخَلَهَا ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعِ الْأَوَّلِ وَتُوُفِّيَ ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ. (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي وُجُوبِ الْجِهَادِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) لَا فَرْضُ عَيْنٍ وَإِلَّا لَتَعَطَّلَ الْمَعَاشُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] الْآيَةَ ذَكَرَ فَضْلَ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ وَوَعَدَ كُلًّا الْحُسْنَى وَالْعَاصِي لَا يُوعَدُ بِهَا وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا وَمِنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا» (فَلَوْ عُطِّلَ) الْجِهَادُ بِأَنْ امْتَنَعَ كُلُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَفُرِضَتْ الزَّكَاةُ بَعْدَ الصَّوْمِ إلَخْ) فُرِضَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ فُرِضَتْ زَكَاةُ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ) جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ بِأَنَّهُ سَنَةَ خَمْسٍ. (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْوَاحِدِيُّ الْأَوَّلَ) هُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ وَفِي الْمَعَاصِي خِلَافٌ) فَالْأَشَاعِرَةُ عَلَى جَوَازِهِ عَقْلًا خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّوَافِضِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ الْفَاسِدِ مِنْ الْقُبْحِ الْعَقْلِيِّ وَكَتَبَ أَيْضًا فَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَجَمْعٌ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ: لَا يَمْنَعُ أَنْ تَصْدُرَ عَنْهُمْ كَبِيرَةٌ إذْ لَا دَلَالَةَ لِلْمُعْجِزَةِ عَلَى امْتِنَاعِهَا قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَلَا حُكْمَ لِلْعَقْلِ بِامْتِنَاعِهَا وَلَا دَلَالَةَ سَمْعِيَّةً عَلَيْهِ أَيْضًا وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ تَمْتَنِعُ الْكَبِيرَةُ وَإِنْ تَابَ مِنْهَا لِأَنَّهُ يُوجِبُ النَّفْرَةَ فَهِيَ تَمْنَعُ عَنْ اتِّبَاعِهِ فَتَفُوتُ مَصْلَحَةُ الْبَعْثَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُ عَنْ مُتَابَعَتِهِمْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ لَمْ يَكُنْ ذَنْبًا لَهُمْ أَوْ كَانَ كَزِنًا لِأُمَّهَاتٍ وَفُجُورِ الْآبَاءِ وَدَنَاءَتِهِمْ وَاسْتِرْذَالِهِمْ أَوْ الصَّغَائِرِ الْخَسِيسَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الصَّغَائِرِ وَقَالَتْ الرَّوَافِضُ: لَا تَجُوزُ عَلَيْهِمْ صَغِيرَةٌ وَلَا كَبِيرَةٌ لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا وَلَا خَطَأً فِي التَّأْوِيلِ بَلْ هُمْ مُبَرَّءُونَ عَنْهَا بِأَسْرِهَا قَبْلَ الْوَحْيِ فَكَيْفَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا مِنْ الصَّغَائِرِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ) وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ إنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا وَنَقَلَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ فُورَكٍ وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي نَدِينُ اللَّهَ بِهِ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْمُتَأَخِّرُونَ كَالْبُلْقِينِيِّ وَمَنْ عَاصَرَهُ وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ الَّذِي أَقُولُ: إنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْ الْجَمِيعِ وَذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ التَّوْبَةَ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً تَوْبَةً» لُغَوِيَّةٌ لِرُجُوعِهِ مِنْ كَمَالٍ إلَى أَكْمَلَ بِسَبَبِ تَزَايُدِ عُلُومِهِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ، وَقَدْ وَافَقَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْإِرْشَادِ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَنْعِ تَصَوُّرِ الْمَعْصِيَةِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ وَجَوَّزَ الْأَكْثَرُونَ صُدُورَهَا عَنْهُمْ سَهْوًا) لَكِنْ لَا يُصِرُّونَ وَلَا يُقِرُّونَ بَلْ يُنَبَّهُونَ فَيَنْتَبِهُونَ. (قَوْلُهُ وَتُوُفِّيَ ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ إلَخْ) لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَانِيَ عَشْرَ رَبِيعِ الْأَوَّلِ مَعَ كَوْنِ الْوَقْفَةِ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِ الشُّهُورِ وَلَا عَلَى نَقْصِهَا وَلَا عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِ بَعْضِهَا وَنَقْصِ بَعْضِهَا إنْ تَمَّتْ كُلُّهَا فَثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعِ الْأَوَّلِ يَوْمُ الْأَحَدِ، وَإِنْ نَقَصْت فَهُوَ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَإِنْ تَمَّ اثْنَانِ فَهُوَ يَوْمُ السَّبْتِ وَإِنْ نَقَصَ اثْنَانِ فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ وَأُجِيبَ عَنْ اعْتِرَاضِهِ بِأَنَّهُ عَجِيبٌ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ فِي الثَّالِثَ عَشَرَ لِأَنَّهُ إذَا خَلَتْ ثِنْتَا عَشْرَةَ ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ ضُحًى يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَالِثَ عَشْرَ رَبِيعَ الْأَوَّلِ عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِ تِلْكَ الْأَشْهُرِ وَبِأَنَّهُ صَحِيحٌ إذَا اتَّفَقَتْ الْمَطَالِعُ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ فَيَنْدَفِعُ بِكَوْنِ ذِي الْقَعْدَةِ نَاقِصًا بِمَكَّةَ كَامِلًا بِالْمَدِينَةِ وَمُؤَرَّخٌ لِوَفَاةِ مَدَنِيٍّ (تَنْبِيهٌ) حَاصِلُ مَا صَحَّحَهُ أَنَّ عُمُرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً وَرَوَى الْبُخَارِيُّ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَهَذَا عِنْدِي أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ رَبِيعَةَ وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ هَذَا أَثْبَتُ الْأَقْوَالِ قَالَ فِي الْخَادِمِ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً وَصَحَّحَهُ أَبُو حَاتِمٍ فِي تَارِيخِهِ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ سِتِّينَ وَفِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ ثِنْتَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفُ سَنَةٍ وَأَصْلُ هَذَا الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي مُدَّةِ الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْبَعْثَةِ هَلْ هِيَ ثَلَاثَ عَشَرَ أَوْ عَشَرًا وَخَمْسَ عَشْرَةَ وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ بِأَنَّ مَنْ قَالَ خَمْسًا وَسِتِّينَ حَسَبَ السَّنَةِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا وَاَلَّتِي قُبِضَ فِيهَا وَمَنْ قَالَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَسْقَطَهُمَا وَمَنْ قَالَ سِتِّينَ أَسْقَطَ الْكُسُورَ وَمَنْ قَالَ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ وَنِصْفًا اعْتَمَدَ عَلَى حَدِيثِ «لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إلَّا عَاشَ نِصْفَ عُمُرِ الَّذِي قَبْلَهُ» . [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي وُجُوبِ الْجِهَادِ] (قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي وُجُوبِ الْجِهَادِ إلَخْ) فَرْضُهُ الْعَامُّ نَزَلَ فِي سُورَةِ {بَرَاءَةٌ} [التوبة: 1] سَنَةَ ثَمَانٍ بَعْدَ الْفَتْحِ قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ (أَثِمَ كُلُّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ) مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِي بَيَانُهَا كَتَرْكِ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ. (وَإِنْ جَاهَدَ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ سَقَطَ) الْفَرْضُ (عَنْ الْبَاقِينَ وَتَحْصُلُ الْكِفَايَةُ بِأَنْ يَشْحَنَ الْإِمَامُ الثُّغُورَ بِمُكَافِئِينَ لِلْكُفَّارِ مَعَ إحْكَامِ الْحُصُونِ وَ) حَفْرِ (الْخَنَادِقِ) وَنَحْوِهَا (وَتَقْلِيدِ الْأُمَرَاءِ) بِأَنْ يُرَتِّبَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ أَمِيرًا كَافِيًا يُقَلِّدُهُ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ (أَوْ بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دَارَ الْكُفْرِ بِالْجُيُوشِ لِقِتَالِهِمْ) . (وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْجِهَادِ (مَرَّةٌ) وَاحِدَةٌ (فِي السَّنَةِ) كَإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ وَلِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ مُنْذُ أُمِرَ بِهِ كُلَّ سَنَةٍ فَكَانَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى فِي الثَّانِيَةِ وَأُحُدٍ ثُمَّ بَدْرٍ الصُّغْرَى ثُمَّ بَنِي النَّضِيرِ فِي الثَّالِثَةِ وَالْخَنْدَقِ فِي الرَّابِعَةِ وَذَاتِ الرِّقَاعِ ثُمَّ دُومَةِ الْجَنْدَلِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ فِي الْخَامِسَةِ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَبَنِي الْمُصْطَلِقِ فِي السَّادِسَةِ وَخَيْبَرَ فِي السَّابِعَةِ وَمُؤْتَةَ وَذَاتِ السَّلَاسِلِ وَفَتْحِ مَكَّةَ وَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ فِي الثَّامِنَةِ وَتَبُوكَ فِي التَّاسِعَةِ عَلَى خِلَافٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعْته عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَلِأَنَّ الْجِزْيَةَ لِكَفِّ الْقِتَالِ وإنَّمَا تُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَكَذَا سَهْمُ الْغُزَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ جِهَادٍ فِيهَا، فَإِنْ زَادَ عَلَى مَرَّةٍ فَهُوَ أَفْضَلُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا أَقَلُّ) مِنْ مَرَّةٍ يَعْنِي لَا يَجُوزُ إخْلَاءُ سَنَةٍ عَنْهَا (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَعَجْزٍ) عَنْ قِتَالِهِمْ (أَوْ عُذْرٍ كَعِزَّةٍ زَادَ) فِي الطَّرِيقِ (وَانْتِظَارِ) لَحَاقِ (مَدَدٍ وَتَوَقُّعِ إسْلَامِ قَوْمٍ) مِنْهُمْ فَيُؤَخَّرُ الْجِهَادُ حَتَّى تَزُولَ الضَّرُورَةُ أَوْ الْعُذْرُ وَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ لِأَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ فِي السَّنَةِ وَجَبَ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ. (وَيَبْدَأُ) وُجُوبًا إنْ لَمْ يُمْكِنْ بَثُّ الْأَجْنَادِ لِلْجِهَادِ فِي جَمِيعِ النَّوَاحِي (بِالْأَهَمِّ) فَالْأَهَمِّ مِنْهَا وَقَوْلُهُ (وَهُوَ الْأَشَدُّ ضَرَرًا) عَلَيْنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ) نَدْبًا (الْأَقْرَبَ) إلَيْنَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَهَمَّ. (وَيُنَاوِبُ بَيْنَ الْغُزَاةِ) مُرَاعَاةً لِلنَّصَفَةِ فَلَا يَتَحَامَلُ عَلَى طَائِفَةٍ بِتَكْرِيرِ الْإِغْزَاءِ مَعَ إرَاحَةِ الْآخَرِينَ. (وَلَا يَجِبُ) الْجِهَادُ (إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْتَطِيعٍ) لَهُ وَلَوْ سَكْرَانَ (لَا) عَلَى (صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا (وَ) لَا عَلَى (امْرَأَةٍ وَخُنْثَى) لِضَعْفِهِمَا عَنْ الْقِتَالِ غَالِبًا وَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ عَنْ عَائِشَةَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ قَالَ نَعَمْ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» (وَ) لَا عَلَى (مَنْ فِيهِ رِقٌّ) وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُبَعَّضًا (وَإِنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ) بِهِ كَمَا فِي الْحَجِّ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لَهُ نَعَمْ لِلسَّيِّدِ اسْتِصْحَابُ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ لِلْخِدْمَةِ كَمَا فِي الْحَضَرِ (وَ) لَا عَلَى (ذِمِّيٍّ) وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْكُفَّارِ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُطَالَبِينَ بِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالذِّمِّيُّ بَذَلَ الْجِزْيَةَ لِنَذُبَّ عَنْهُ لَا لِيَذُبَّ عَنَّا (وَ) لَا عَلَى (بَيِّنِ الْعَرَجِ وَلَوْ رَكِبَ) لِعَجْزِهِ وَالدَّابَّةُ قَدْ تَتَعَطَّلُ فَيَتَعَذَّرُ الْفِرَارُ (وَ) لَا عَلَى (مَرِيضٍ تَعْظُمُ مَشَقَّتُهُ وَأَشَلَّ يَدٍ وَفَاقِدِ مُعْظَمِ أَصَابِعِهَا) وَفَاقِدِ الْأَنَامِلِ (وَأَعْمَى وَعَادِمِ أُهْبَةٍ وَذِي عُذْرٍ يُسْقِطُ الْحَجَّ) أَيْ وُجُوبَهُ كَعَدَمِ رَاحِلَةٍ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ لِعَجْزِهِمْ (إلَّا الْخَوْفَ) مِنْ الْكُفَّارِ وَمُتَلَصِّصِي الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى رُكُوبِ الْمَخَاوِفِ (فَإِنْ بَذَلَ الْأُهْبَةَ) لِفَاقِدِهَا (غَيْرُ الْإِمَامِ لَمْ يَلْزَمْ الْقَبُولُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ بَذَلَهَا لَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا لِأَنَّهَا حَقُّهُ. (وَيَجِبُ) الْجِهَادُ (عَلَى أَعْوَرَ وَأَعْشَى وَضَعِيفِ نَظَرٍ يُبْصِرُ الشَّخْصَ وَالسِّلَاحَ) لِيَتَّقِيَهُمَا وَفَاقِدِ أَقَلِّ أَصَابِعِ يَدٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مُكَافَحَةَ الْعَدُوِّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى فَاقِدِ الْإِبْهَامِ وَالْمُسَبِّحَةِ وَفَاقِدِ الْوُسْطَى وَالْبِنْصِرِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا أَيْ كَمَا لَا يُجْزِئَانِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا (وَ) عَلَى (ذِي صُدَاعٍ وَعَرَجٍ يَسِيرَيْنِ) لِأَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ مُكَافَحَةَ الْعَدُوِّ. (وَيُؤْذَنُ لِلْمُرَاهِقِ) أَيْ يَأْذَنُ لَهُ الْإِمَامُ مَعَ أَصْلِهِ فِي الْخُرُوجِ لِلْجِهَادِ لِمُدَاوَاةِ الْجَرْحَى وَسَقْيِ الْمَاءِ وَحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ وَنَحْوِهَا (لَا لِلْمَجْنُونِ) إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ بَلْ قَدْ يُشَوِّشُ. (وَيَسْتَصْحِبُ) مَعَهُ (النِّسَاءُ لِلْمُدَاوَاةِ وَالسَّقْيِ) وَنَحْوِهِمَا عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْمُرَاهِقِينَ وَالنِّسَاءِ فِي الْخُرُوجِ وَأَنْ يَسْتَصْحِبَهُمْ لِسَقْيِ الْمَاءِ وَمُدَاوَاةِ الْمَرْضَى وَمُعَالَجَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ جَاهَدَ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْبَاقِينَ) شَمِلَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَامَ بِهِ مُرَاهِقُونَ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ أَهْلِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ أَوْ بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ إلَخْ) عَبَّرَ بِأَوْ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْوَاوَ فِي عِبَارَةِ أَصْلِهِ بِمَعْنَاهَا وَكُتِبَ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ مِنْ حُصُولِ الْكِفَايَةِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَصَرْحُ مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ وَعِبَارَتِهِ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَيَسْقُطُ هَذَا الْفَرْضُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَشْحَنَ الْإِمَامُ الثُّغُورَ بِالرِّجَالِ الْكَامِنِينَ لِلْعَدُوِّ فِي الْقِتَالِ وَيُوَلِّي عَلَى كُلِّ نَفَرٍ أَمِينًا كَافِيًا يُقَلِّدُهُ أَمْرَ الْجِهَادِ وَأُمُورَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَّا أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْكُفْرِ غَازِيًا بِنَفْسِهِ بِالْجُيُوشِ أَوْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ وَتَبِعَهُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِهِ وَعِبَارَةُ الْمُنْتَقَى وَالْكِفَايَةِ إمَّا بِإِشْحَانِ الْإِمَامِ الثُّغُورَ بِكِفَايَةِ مَنْ بِإِزَائِهِمْ وَإِمَّا بِدُخُولِهِ دَارَهُمْ غَازِيًا أَوْ بَعْثِهِ صَالِحًا لَهُ اهـ وَقَالَ ابْنُ زُهْرَةَ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَتَحْصُلُ الْكِفَايَةُ بِأَنْ يَشْحَنَ الْإِمَامُ الثُّغُورَ بِجَمَاعَةٍ يُكَافِئُونَ مَنْ بِإِزَائِهِمْ أَوْ يَدْخُلَ دَارَ الْكُفْرِ غَازِيًا إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِجَيْشٍ يُؤَمِّرُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ كَإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ) وَلِأَنَّ الْجِزْيَةَ تَجِبُ بَدَلًا عَنْهُ وَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَكَذَلِكَ هُوَ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ يَطْمَعُ الْعَدُوُّ فِي الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْجِزْيَةَ لِكَفِّ الْقِتَالِ إلَخْ) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} [التوبة: 126] قَالَ مُجَاهِدٌ نَزَلَتْ فِي الْجِهَادِ وَلِأَنَّهُ فَرْضٌ يَتَكَرَّرُ وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ الْمُتَكَرِّرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةٌ كَالصَّوْمِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى مَرِيضٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّمَدَ كَالْمَرَضِ إنْ كَانَ شَدِيدًا مَنَعَ الْوُجُوبَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَفَاقِدِ مُعْظَمِ أَصَابِعِهَا) أَيْ أَوْ أَشَلِّهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ فَقْدَ الْإِبْهَامِ وَالْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى وَالْبِنْصِرِ كَفَقْدِ أَكْثَرِهَا إذْ بَقِيَّةُ الْأَصَابِعِ لَا تُمْسِكُ السَّيْفَ وَنَحْوَهُ إمْسَاكًا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُقَاتِلُ وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ أَنَّ فَقْدَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فَقْدَ الْأَنَامِلِ كَفَقْدِ الْأَصَابِعِ وَبِذَا جَزَمَ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ وَجَزَمَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ فِي غُنْيَتِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 الْجَرْحَى. (فَرْعٌ يَحْرُمُ السَّفَرُ عَلَى مَدْيُونٍ مُوسِرٍ بِغَيْرِ إذْنِ غَرِيمِهِ) أَيْ الدَّائِنِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا وَكَالْمَدْيُونِ وَلِيُّهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ الْمُطَالَبُ (وَلِلْغَرِيمِ مَنْعُهُ) مِنْ السَّفَرِ لِتَوَجُّهِ مُطَالَبَتِهِ وَحَبْسِهِ إنْ امْتَنَعَ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ (وَلَا يَمْنَعُهُ) مِنْ السَّفَرِ (قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ وَلَوْ) كَانَ سَفَرُهُ (فِي خَطَرٍ كَالْجِهَادِ وَرُكُوبِ الْبَحْرِ) إذْ لَا مُطَالَبَةَ فِي الْحَالِ (فَإِنْ وَكَّلَ) الْمُوسِرُ (مَنْ يَقْضِيه) أَيْ الدَّيْنَ (مِنْ مَالٍ) لَهُ (حَاضِرٌ لَا غَائِبٌ جَازَ الْخُرُوجُ) لِلسَّفَرِ لِأَنَّ الدَّائِنَ يَصِلُ إلَى حَقِّهِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِهِ فِي الْغَائِبِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَصِلُ. (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ لِلْجِهَادِ وَحَجِّ التَّطَوُّعِ لَا) حَجِّ (الْفَرْضِ إذْنُ سَائِرِ) أَيْ جَمِيعِ (أُصُولِهِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ وُجِدَ الْأَقْرَبُ) مِنْهُمْ وَأُذِنَ سَوَاءٌ كَانُوا أَحْرَارًا أَمْ أَرِقَّاءَ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا لِأَنَّ بِرَّهُمْ مُتَعَيِّنٌ عَلَيْهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمُسْتَأْذِنِهِ فِي الْجِهَادِ أَحَيٌّ وَالِدَاكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» بِخِلَافِ حَجِّ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ وَفِي تَأْخِيرِهِ خَطَرُ الْفَوَاتِ وَلَيْسَ الْخَوْفُ فِيهِ كَالْخَوْفِ فِي سَفَرِ الْجِهَادِ وَالْعُمْرَةُ فِي ذَلِكَ كَالْحَجِّ (لَا لِطَلَبِ الْعِلْمِ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ لَهُ مَعَ الْأَمْنِ إذْنُهُمْ (وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) طَلَبُ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَعَيَّنَ فَكَسَفَرِ الْحَجِّ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي أَوْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ فَلِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمُكَلَّفِ وَحَبْسَهُ بَعِيدٌ وَلِأَنَّهُ بِالْخُرُوجِ يَدْفَعُ الْإِثْمَ عَنْ نَفْسِهِ كَالْفَرْضِ الْمُتَعَيِّنِ عَلَيْهِ وَفَارَقَ السَّفَرَ لِلْجِهَادِ بِعِظَمِ خَطَرِهِ (وَكَذَا) لَا يُشْتَرَطُ لَهُ ذَلِكَ (لَوْ وَجَدَهُ) أَيْ طَلَبَ الْعِلْمِ بِأَنْ وَجَدَ مِنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ (فِي الْبَلَدِ) الَّذِي هُوَ فِيهِ (لَكِنْ تَوَقَّعَ زِيَادَةَ فَرَاغٍ أَوْ إرْشَادٍ) مِنْ أُسْتَاذٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَمَا لَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ لِلتِّجَارَةِ أَنْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهَا بِبَلَدِهِ بَلْ اكْتَفَى بِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ رِبْحٍ أَوْ رَوَاجٍ وَقَيَّدَ الرَّافِعِيُّ الْخَارِجَ وَحْدَهُ بِالرَّشِيدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ أَمْرَدَ جَمِيلًا يُخْشَى عَلَيْهِ (وَلَا) يُشْتَرَطُ إذْنُهُمْ لِلْخُرُوجِ (لِسَفَرِ التِّجَارَةِ وَلَوْ بَعُدَ) كَيْ لَا يَنْقَطِعَ مَعَاشُهُ وَيَضْطَرِبَ أَمْرُهُ (إلَّا) لِلْخُرُوجِ (لِرُكُوبِ بَحْرٍ وَبَادِيَةٍ مُخَطَّرَةٍ) فَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِشُمُولِ مَعْنَى الْبِرِّ وَالشَّفَقَةِ (وَالْوَالِدُ الْكَافِرُ) فِيمَا ذُكِرَ (كَالْمُسْلِمِ) لِذَلِكَ (إلَّا فِي الْجِهَادِ) لِتُهْمَةِ مَيْلِهِ لِأَهْلِ دِينِهِ (وَالرَّقِيقُ كَالْحُرِّ) لِشُمُولِ مَا ذُكِرَ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ عِلْمًا مِمَّا مَرَّ مَعَ أَنَّ الْحُرَّ لَمْ يُصَرَّحْ بِهِ فِيمَا مَرَّ حَتَّى يُحِيلَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ السَّابِقُ شَامِلٌ لَهُمَا مَعًا. (فَرْعٌ) لَوْ (رَجَعَ الْوَالِدُ أَوْ الْغَرِيمُ عَنْ الْإِذْنِ) لَهُ (أَوْ أَسْلَمَ أَصْلُهُ الْكَافِرُ) وَلَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ وَعَلِمَ هُوَ بِالْحَالِ (فَعَلَيْهِ الرُّجُوعُ) عَنْ الْقِتَالِ إلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ لَكِنْ قَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ بِأَنْ يَأْمُرَ الْأَصْلُ فَرْعَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِالرُّجُوعِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ يَحْرُمُ السَّفَرُ عَلَى مَدْيُونٍ مُوسِرٍ بِغَيْرِ إذْنِ غَرِيمِهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إلَّا الدَّيْنَ» وَلِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ عَلَيْهِ وَالْجِهَادُ عَلَى الْكِفَايَةِ وَفَرْضُ الْعَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ وَكَالْمَدْيُونِ وَلِيُّهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ مُوسِرًا بِمَتَاعٍ كَاسِدٍ لَا يَرْغَبُ فِيهِ حِينَئِذٍ أَوْ بِعَقَارٍ كَذَلِكَ هَلْ يُقَالُ: إنَّهُ كَالْمُعْسِرِ أَوْ يُقَالُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ جَزْمًا لِأَنَّهُ يُخْلِفُ وَفَاءً عِنْدَ تَيَسُّرِ الْبَيْعِ فِيهِ نَظَرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا لِيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ كَانَ مُوسِرًا بِبِضَاعَةٍ كَاسِدَةٍ لَا يَرْغَبُ فِيهَا مُشْتَرٍ أَوْ بِعَقَارٍ وَلَا يَجِدُ مَنْ يَشْتَرِيه هَلْ يُقَالُ: إنَّهُ كَالْمُعْسِرِ أَوْ يُقَالُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ جَزْمًا لِأَنَّهُ يُخْلِفُ وَفَاءً عِنْدَ إمْكَانِ الْبَيْعِ غ وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ لَيْسَ لَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَكَّلَ مَنْ يَقْضِيه مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ إلَخْ) أَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ قِيَامَ كَفِيلٍ بِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْغَائِبِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالُ الْغَائِبُ عَقَارًا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ التَّلَفُ أَنَّهُ يَكْتَفِي مِنْهُ بِالِاسْتِنَابَةِ فِي بَيْعِهِ، وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْهُ كَالْمَالِ الْحَاضِرِ ع وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [فَرْعٌ شُرُوطُ جَوَازِ الْخُرُوجِ لِلْجِهَادِ وَحَجِّ التَّطَوُّعِ] (قَوْلُهُ أُصُولِهِ الْمُسْلِمِينَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ الَّذِي تُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ لَكِنْ لَوْ عَلِمَ الْوَلَدُ نِفَاقَهُمَا جَازَ لَهُ سَفَرُ الْجِهَادِ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا وَلَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فِي الظَّاهِرِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الرَّاجِحُ (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَمْلُوكًا وَالْأَبَوَانِ حُرَّيْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَالِاعْتِبَارُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَمَنْعِهِ دُونَهُمَا وَإِنْ كَانَ مُبَعَّضًا لَزِمَهُ اسْتِئْذَانُ السَّيِّدِ وَالْأَبَوَيْنِ فَإِنْ أَذِنُوا جَمِيعًا جَاهَدَ وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَالِاعْتِبَارُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَتْ نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَازِمَةً لَهُ فَيَجِبُ اسْتِئْذَانُهُمَا إلَّا أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَرْعُ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَصْلِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ إلَّا بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ الْفَرْعُ أَهْلًا لِلْإِذْنِ أَوْ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ إذَا أَدَّاهُ نَفَقَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَسَافَرَ فِي بَقِيَّتِهِ كَانَ كَالْمَدْيُونِ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ اهـ وَقَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْقِيَاسَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الرَّافِعِيُّ الْخَارِجَ وَحْدَهُ بِالرُّشْدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا وَجْهَ لِلْإِخْلَالِ بِهِ وَتَتَعَيَّنُ زِيَادَةُ أَنْ لَا يَكُونَ أَمْرَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ أَمْرَدَ جَمِيلًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى قَاضِي خان مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ لِلْأَبِ مَنْعَ الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ الصُّورَةِ مِنْ الْخُرُوجِ لِطَلَبِ الْعِلْمِ دُونَ الْمُلْتَحِي وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ بَلْ مُتَعَيِّنٌ (قَوْلُهُ لِتُهْمَةِ مَيْلِهِ لِأَهْلِ دِينِهِ) فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ وَلَا نَهْيُهُ (قَوْلُهُ وَالرَّقِيقُ كَالْحُرِّ) فَيُعْتَبَرُ فِي سَفَرِ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ إذْنُ سَيِّدِهِ لَا أَبَوَيْهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَيَلْزَمُ الْمُبَعَّضَ اسْتِئْذَانُ الْأَبَوَيْنِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالسَّيِّدِ بِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ. (قَوْلُهُ لَكِنْ قَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَلَفْظُ الشَّامِلِ وَالذَّخَائِرِ أَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَأَسْلَمَا وَمَنَعَاهُ وَلَفْظُ الْمُعْتَمَدِ فَلَهُمَا مَنْعُهُ وَعِبَارَةُ عُمْدَةِ الْفُورَانِيِّ أَسْلَمَا وَأَمَرَاهُ بِالرُّجُوعِ، وَعِبَارَةُ الْبَسِيطِ أَوْ أَسْلَمَ أَبَوَاهُ وَتَجَدَّدَ مَنْعٌ وَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ نَاصِبَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الرُّجُوعُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِمَا وَإِنَّمَا يَجِبُ بِمَنْعٍ مَحْدُودٍ لِإِخْفَاءِ أَنَّ مَنْعَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ إسْلَامَهُ كَمَنْعِهِمَا أَوْ إسْلَامِهِمَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَجَدَّدَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا يَأْثَمُ بِاسْتِمْرَارِ السَّفَرِ عِنْدَ سُكُوتِ الْأَصْلِ وَالدَّائِنِ وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي ابْتِدَاءِ السَّفَرِ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ هَذَا كُلُّهُ (قَبْلَ الشُّرُوعِ) فِي الْقِتَالِ (إنْ أَمِنَ فِي طَرِيقِهِ) عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَنَحْوِهِمَا (وَلَمْ تَنْكَسِرْ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ) بِرُجُوعِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَ الْإِمَامِ بِجُعَلٍ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ بَلْ لَا يَجُوزُ (وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْإِقَامَةُ عِنْدَ الْخَوْفِ بِمَوْضِعٍ) فِي طَرِيقِهِ (لَزِمَهُ) الْإِقَامَةُ بِهِ حَتَّى يَرْجِعَ الْجَيْشُ لِحُصُولِ غَرَضِ الرَّاجِعِ مِنْ عَدَمِ حُضُورِ الْقِتَالِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِقَامَةُ وَلَا الرُّجُوعُ فَلَهُ الْمُضِيُّ مَعَ الْجَيْشِ لَكِنْ يَتَوَقَّى مَظَانَّ الْقَتْلِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ (وَلَوْ شُرِعَ فِي الْقِتَالِ) بِأَنْ الْتَقَى الصَّفَّانِ (حَرُمَ) عَلَيْهِ (الرُّجُوعُ وَلَوْ خَرَجَ بِلَا إذْنٍ) لِوُجُوبِ الْمُصَابَرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال: 45] وَلِأَنَّ الِانْصِرَافَ يُشَوِّشُ أَمَرَ الْقِتَالِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ ذَلِكَ إذَا خَرَجَ بِلَا إذْنٍ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَرُجُوعُ الْعَبْدِ إذَا خَرَجَ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقِتَالِ وَاجِبٌ وَبَعْدَهُ مُسْتَحَبٌّ) وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الثَّبَاتُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ. (فَرْعٌ) لَوْ (مَرِضَ) مَنْ خَرَجَ لِلْجِهَادِ (أَوْ عَرَجَ) عَرَجًا بَيِّنًا (أَوْ تَلِفَ زَادُهُ فَلَهُ الِانْصِرَافُ وَلَوْ مِنْ الْوَقْعَةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْقِتَالُ هَذَا (إنْ لَمْ يُورِثْ) انْصِرَافُهُ مِنْ الْوَقْعَةِ (فَشَلًا) فِي الْمُسْلِمِينَ وَإلَّا حَرُمَ انْصِرَافُهُ مِنْهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ نَصِّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الِانْصِرَافُ مِنْهَا فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ وَأَلْحَقَ الْأَصْلُ هُنَا تَلَفَ الدَّابَّةِ بِتَلَفِ الزَّادِ وَذَكَرَ فِيهِ كَلَامًا مَرْدُودًا بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِيَذْكُرَهُ ثَمَّ عَلَى الصَّوَابِ. (وَلْيَنْوِ) نَدْبًا الْمُنْصَرِفُ مِنْ الْوَقْعَةِ لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ (التَّحَيُّزَ) أَوْ التَّحَرُّفَ إلَى مَكَان لِيَزُولَ عُذْرُهُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَلَوْ قَالَ: وَلَا يَنْوِي الْفِرَارَ كَانَ أَوْلَى. (فَإِنْ) انْصَرَفَ لِعُذْرٍ كَتَلَفٍ زَادَ ثُمَّ (زَالَ الْعُذْرُ قَبْلَ فِرَاقِ دَارِ الْحَرْبِ لَا بَعْدَهُ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ) لِلْجِهَادِ. (وَمَنْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) لَهَا؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْخَصْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَقَدْ تَعَلَّقَ الْفَرْضُ بِعَيْنِ الْمُصَلِّي لِشُرُوعِهِ فِيهِ وَلِأَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنْهَا هَتْكٌ لِحُرْمَةِ الْمَيِّتِ (كَالْقِتَالِ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مَنْ شَرَعَ فِيهِ إتْمَامَهُ فَيَحْرُمُ انْصِرَافُهُ مِنْهُ إذْ يُخَافُ مِنْهُ التَّخْذِيلُ وَكَسْرُ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ لَا مَنْ شَرَعَ فِي تَعَلُّمِ (عِلْمٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ (وَإِنْ آنَسَ) مِنْ نَفْسِهِ (الرُّشْدَ) فِيهِ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَشْرُوعِ فِيهِ غَالِبًا وَلِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مَطْلُوبَةٍ بِرَأْسِهَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَلَيْسَتْ الْعُلُومُ كَالْخُصْلَةِ الْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُخْتَارُ لُزُومُ إتْمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ تَلَبُّسٌ بِفَرْضٍ عَظِيمٍ وَلَوْ شُرِعَ لِكُلِّ شَارِعٍ فِي عِلْمِ الشَّرِيعَةِ لِإِعْرَاضٍ عَنْهُ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى إضَاعَةِ الْعِلْمِ. (فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ الْجِهَادُ بِالشُّرُوعِ فِي الْقِتَالِ) الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ فِيهِ (عَلَى أَهْلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ) هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ. (وَ) يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ (بِدُخُولِ الْكُفَّارِ فَإِنْ دَخَلَ الْكُفَّارُ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ تَعَيَّنَ) عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُمْ لَهَا خَطْبٌ عَظِيمٌ لَا سَبِيلَ إلَى إهْمَالِهِ وَلَوْ قَالَ وَبِدُخُولِ الْكُفَّارِ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ وَحَذَفَ الْبَاقِيَ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ فَلَوْ دَخَلُوا بَلْدَةً لَنَا تَعَيَّنَ عَلَى أَهْلِهَا مِنْ الْمُكَلَّفِينَ (حَتَّى عَلَى عَبِيدٍ وَنِسَاءٍ لَا) نِسَاءَ (ضَعِيفَاتٍ) فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِنَّ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَا يَحْضُرْنَ وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ حُضُورَهُنَّ قَدْ يَجُرُّ شَرًّا وَيُورِثُ وَهَنًا (وَلَا حَجْرَ لِسَيِّدٍ) عَلَى رَقِيقِهِ (وَ) لَا (زَوْجٍ) عَلَى زَوْجَتِهِ وَلَا أَصْلٍ عَلَى فَرْعِهِ وَلَا دَائِنٍ عَلَى مَدِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ دُخُولِ الْكُفَّارِ الْبَلْدَةَ (وَ) حَتَّى (عَلَى الْمَعْذُورِينَ) بِعَمًى وَعَرَجٍ وَمَرَضٍ وَنَحْوِهَا (وَ) عَلَى (مَنْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) مِنْ الْبَلْدَةِ (وَلَوْ اسْتَغْنَى عَنْهُمْ) بِغَيْرِهِمْ لِتَقْوَى الْقُلُوبُ وَتَعْظُمُ الشَّوْكَةُ وَتَشْتَدُّ النِّكَايَةُ فِي الْكُفَّارِ انْتِقَامًا مِنْ هُجُومِهِمْ (وَلَا يَجُوزُ انْتِظَارُهُمْ مَعَ قُدْرَةِ الْحَاضِرِينَ) عَلَى الْقِتَالِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْبَلْدَةِ ثُمَّ الْأَقْرَبِينَ فَالْأَقْرَبِينَ إذَا قَدَرُوا عَلَى الْقِتَالِ أَنْ يَلْبَثُوا إلَى لُحُوقِ الْآخَرِينَ (وَ) حَتَّى (عَلَى الْأَبْعَدِينَ) عَنْ الْبَلْدَةِ بِأَنْ يَكُونُوا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ (عِنْدَ الْحَاجَةِ) إلَيْهِمْ فِي الْقِتَالِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِهَا وَاَلَّذِينَ يَلُونَهُمْ كِفَايَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِيهِمْ كِفَايَةٌ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبْعَدِينَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْإِيجَابِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَفِي ذَلِكَ حَرَجٌ بِغَيْرِ حَاجَةٍ فَيَصِيرُ الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ فِي حَقِّ مَنْ قَرُبَ وَفَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ. (وَيُشْتَرَطُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُمْ وَمَنْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) شَمِلَ كَلَامُهُ صَلَاةَ مَنْ سَبَقَهُ غَيْرُهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَمِثْلُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا الْغُسْلُ وَسَائِرُ التَّجْهِيزِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا عِلْمَ وَإِنْ آنَسَ الرُّشْدَ فِيهِ) وَكَذَا سَائِرُ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ غَيْرُ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مَطْلُوبَةٍ بِرَأْسِهَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْ غَيْرِهَا) فَإِنْ قِيلَ: إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الِاسْتِمْرَارِ فِي تَعَلُّمِ الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَإِطْلَاقُهُمْ يُنَافِيه قُلْنَا الْمُرَادُ بِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ تَحْصِيلُ عِلْمِ مَا تَضَمَّنَتْهُ مَسَائِلُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ إذْ هِيَ الْمُثْبَتَةُ بِالدَّلِيلِ فِي الْعِلْمِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الشُّرُوعُ فِيهِ بِأَقَلَّ مِنْ عِلْمِ حُكْمِ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ لَمْ يَشْرَعْ بَعْدُ، وَإِعْرَاضُهُ بَعْدَ تَصَوُّرِ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُولِ وَالتَّرَدُّدِ فِي الْحُكْمِ إعْرَاضٌ قَبْلَ الشُّرُوعِ لَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُخْتَارُ لُزُومُ إتْمَامِهِ إلَخْ) مَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّهِ غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إلَى مُكَلَّفٍ لَهَا عَلَيْهِ. [فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ الْجِهَادُ بِالشُّرُوعِ فِي الْقِتَالِ] (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ بِدُخُولِ الْكُفَّارِ) هَلْ الْخَوْفُ مِنْ الدُّخُولِ كَنَفْسِ الدُّخُولِ وِجْهَاتٌ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ الْمُشْرِفَ عَلَى الزَّوَالِ كَالزَّائِلِ أَمْ لَا قَالَ شَيْخُنَا: يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ دُخُولُهُمْ إنْ لَمْ يَخْرُجُوا لِلْقِتَالِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الدُّخُولِ كا (قَوْلُهُ: وَلَا حَجْرَ لِسَيِّدٍ عَلَى رَقِيقِهِ) وَلَا زَوْجٍ عَلَى زَوْجَتِهِ وَلَا أَصْلٍ عَلَى فَرْعِهِ وَلَا دَائِنٍ عَلَى مَدِينِهِ لِأَنَّهُ قِتَالُ دِفَاعٍ عَنْ الدِّينِ لَا قِتَالَ غَزْوٍ فَلَزِمَ كُلَّ مُطِيقٍ، وَأَيْضًا فَإِنْ تَرَكَهُ قَدْ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ فَقُدِّمَ عَلَى حَقِّ الْأَبَوَيْنِ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ وَالسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ) وَحَذَفَهُمَا الْمُصَنِّفُ لِعِلْمِهِمَا مِمَّا ذَكَرَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 فِي الْوُجُوبِ (الْمَرْكُوبُ) أَيْ وُجُودُهُ (لِلْأَبْعَدِ) دُونَ الْأَقْرَبِ كَمَا فِي الْحَجِّ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ (الزَّادُ) أَيْ وُجُودُهُ (لِلْجَمِيعِ) مِنْ الْأَبْعَدِ وَالْأَقْرَبِ إذْ لَا اسْتِقْلَالَ بِغَيْرِ زَادٍ وَلَا مَعْنَى لِإِلْزَامِهِمْ الْخُرُوجَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُمْ سَيَهْلِكُونَ. (وَلَوْ قُهِرُوا) أَيْ الْمُسْلِمُونَ (وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ الدَّفْعِ) عَنْ أَنْفُسِهِمْ (وَتَوَقَّعُوا الْأَسْرَ وَالْقَتْلَ وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ امْتِدَادَ الْأَيْدِي إلَيْهَا فِي الْحَالِ) لَوْ أُسِرَتْ (جَازَ) لَهُمْ (الِاسْتِسْلَامُ) ؛ لِأَنَّ الْمُكَافَحَةَ حِينَئِذٍ اسْتِعْجَالٌ لِلْقَتْلِ وَالْأَسْرُ يُحْتَمَلُ مَعَهُ الْخَلَاصُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ (فَلَا يَحِلُّ لَهَا الِاسْتِسْلَامُ) بَلْ يَلْزَمُهَا الدَّفْعُ (وَلَوْ قُتِلَتْ) ؛ لِأَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا لَا تَحِلُّ لَهُ الْمُطَاوَعَةُ لِدَفْعِ الْقَتْلِ وَالْأَصْلُ أَفْرَدَ مَسْأَلَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى حِدَتِهَا وَهُوَ أَحْسَنُ ثُمَّ قَالَ مَا مَعْنَاهُ: فَإِنْ كَانَتْ تَأْمَنُ مِنْ ذَلِكَ حَالًا بَعْدَ الْأَسْرِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهَا الِاسْتِسْلَامُ حَالًا ثُمَّ تَدْفَعُ إذَا أُرِيدَ مِنْهَا ذَلِكَ. (وَلَوْ نَزَلُوا) أَيْ الْكُفَّارُ (عَلَى خَرَابٍ) أَوْ مَوَاتٍ وَلَوْ بَعِيدًا عَنْ الْأَوْطَانِ (مِنْ حُدُودِ) دَارٍ (الْإِسْلَامِ تَعَيَّنَ دَفْعُهُمْ) كَمَا لَوْ دَخَلُوا بِلَادَ الْإِسْلَامِ. (وَكَذَا لَوْ أَسَرُوا مُسْلِمًا وَأَمْكَنَ تَخْلِيصُهُ) مِنْهُمْ بِأَنْ رَجَوْنَاهُ (تَعَيَّنَ جِهَادُهُمْ) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلُوا دَارَنَا؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الدَّارِ وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «فُكُّوا الْعَانِيَ» فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَخْلِيصُهُ بِأَنْ لَمْ نَرْجُهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ جِهَادُهُمْ بَلْ يُنْتَظَرُ لِلضَّرُورَةِ وَذَكَرَ فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُنَا فَكُّ مَنْ أُسِرَ مِنْ الذِّمِّيِّينَ. (وَلَا يَتَسَارَعُ الْآحَادُ) وَالطَّوَائِفُ مِنَّا (إلَى) دَفْعِ (مَلِكٍ) مِنْهُمْ (عَظِيمٍ) شَوْكَتُهُ (دَخَلَ أَطْرَافَ الْبِلَادِ) أَيْ بِلَادِنَا لِمَا فِيهِ مِنْ عِظَمِ الْخَطَرِ. [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِيمَا عَدَا الْجِهَادَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِيمَا عَدَا الْجِهَادَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَتْ فِي أَبْوَابِهَا) كَصَلَاةِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ أُمُورٌ كُلِّيَّةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَصَالِحُ دِينِيَّةٌ أَوْ دُنْيَوِيَّةٌ لَا يَنْتَظِمُ الْأَمْرُ إلَّا بِحُصُولِهَا فَطَلَبُ الشَّارِعِ تَحْصِيلَهَا لَا مِنْ كُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ فَرْضِ الْعَيْنِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ طُلِبَ مِنْهُ تَحْصِيلُهُ (وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُنَصِّبَ مُحْتَسِبًا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ) وَإِنْ كَانَا لَا يَخْتَصَّانِ بِالْمُحْتَسِبِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْأَمْرُ بِوَاجِبَاتِ الشَّرْعِ وَالنَّهْيُ عَنْ مُحَرَّمَاتِهِ (فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ) إذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهَا (وَكَذَا) بِصَلَاةِ (الْعِيدِ) وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ هُوَ الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ لَا سِيَّمَا مَا كَانَ شِعَارًا ظَاهِرًا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ مَعَ جَزْمِهَا كَأَصْلِهَا بِمَا مَرَّ آنِفًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ذُكِرَ أَوَّلًا مَوْضِعُ الْإِجْمَاعِ ثُمَّ ذُكِرَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الثَّانِيَ خَاصٌّ بِالْمُحْتَسِبِ وَقَوْلُ الْإِمَامِ مُعْظَمُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ فِي الْمُسْتَحَبِّ مُسْتَحَبٌّ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُسْتَحَبِّ، وَلَا يُقَاسَ بِالْوَالِي غَيْرُهُ وَلِهَذَا لَوْ أَمَرَ الْإِمَامُ بِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ أَوْ بِصَوْمِهِ صَارَ وَاجِبًا. (وَلَا يَأْمُرُ الْمُخَالِفِينَ) لَهُ فِي الْمَذْهَبِ (بِمَا لَا يُجَوِّزُوهُ) بِحَذْفِ نُونِ الرَّفْعِ عَلَى لُغَةٍ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ بِمَا لَا يَجُوزُ بِتَرْكِ الْوَاوِ (وَلَا يَنْهَاهُمْ عَمَّا يَرَوْنَهُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ) أَوْ سُنَّةً لَهُمْ. (وَيَأْمُرُ) الْمُسْلِمِينَ (بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ) وَالسُّنَنِ (وَلَا يَعْتَرِضُ) عَلَيْهِمْ (فِي تَأْخِيرِهَا وَالْوَقْتُ بَاقٍ) لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي فَضْلِ تَأْخِيرِهَا. (وَيَأْمُرُ فِيمَا) الْأَوْلَى بِمَا كَمَا فِي نُسْخَةٍ (يَعُمُّ نَفْعُهُ كَعِمَارَةِ سُورِ الْبَلَدِ وَسِرْبِهِ وَمَعُونَةِ الْمُحْتَاجِينَ) مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَغَيْرِهِمْ وَيَجِبُ ذَلِكَ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ كَانَ فِيهِ مَالٌ (وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ لَهُ مُكْنَةٌ) أَيْ قُدْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ. (وَيَنْهَى الْمُوسِرَ عَنْ مَطْلِ الْغَرِيمِ إنْ اسْتَعْدَى) أَيْ اسْتَعْدَاهُ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يَنْهَاهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْصِيَةُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْدِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. (و) يَنْهَى (الرَّجُلَ عَنْ الْوُقُوفِ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي طَرِيقٍ خَالٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ رِيبَةٍ فَيُنْكِرُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ لَهُ: إنْ كَانَتْ مَحْرَمًا لَك فَصُنْهَا عَنْ مَوَاقِفِ الرِّيَبِ وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً فَخَفْ اللَّهَ فِي الْخَلْوَةِ مَعَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَهُ مَعَهَا فِي طَرِيقٍ يَطْرُقُهُ النَّاسُ. (وَيَأْمُرُ بِنِكَاحِ الْأَكْفَاءِ) أَيْ إنْكَاحِهِمْ (وَإِيفَاءِ الْعِدَدِ وَالرِّفْقِ بِالْمَمَالِيكِ وَتَعَهُّدِ الْبَهَائِمِ) وَالْمَأْمُورُ بِالْأَوَّلِ الْأَوْلِيَاءُ وَبِالثَّانِي النِّسَاءُ وَبِالثَّالِثِ السَّادَةُ وَبِالرَّابِعِ أَصْحَابُ الْبَهَائِمِ وَمِنْ لَازِمِ الْأَمْرِ بِتَعَهُّدِهَا الْأَمْرُ بِأَنْ لَا يَسْتَعْمِلُوهَا فِيمَا لَا تُطِيقُ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْأَصْلِ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَيْضًا مِنْ الْأَمْرِ بِالرِّفْقِ بِالْمَمَالِيكِ. (وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ تَصَدَّى لِلتَّدْرِيسِ وَالْفَتْوَى وَالْوَعْظِ وَلَيْسَ) هُوَ (مِنْ أَهْلِهِ) وَيُشْهِرُ أَمْرَهُ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ. (و) يُنْكِرُ (عَلَى مَنْ أَسَرَّ فِي) صَلَاةٍ (جَهْرِيَّةٍ أَوْ زَادَ فِي الْأَذَانِ وَعَكَسَهُمَا) بِأَنْ يُنْكِرَ عَلَى مَنْ جَهَرَ فِي سِرِّيَّةٍ أَوْ نَقَصَ مِنْ الْأَذَانِ. (وَلَا يُطَالِبُ) أَحَدًا (بِحَقِّ آدَمِيٍّ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَا يُنْكِرُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَتَعَدِّي الشَّخْصِ فِي جِدَارِ جَارِهِ (قَبْلَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ امْتِدَادَ الْأَيْدِي إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَدَ الْجَمِيلَ وَغَيْرَهُ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يُقْصَدُ بِالْفَاحِشَةِ فِي الْحَالِ أَوْ الْمَآلِ حُكْمُ الْمَرْأَةِ وَأَوْلَى، وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ مَا مَعْنَاهُ، فَإِنْ كَانَتْ تَأْمَنُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَقَدْ شَمِلَهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْجَاجَرْمِيِّ فَقَالَ فِي الْإِيضَاحِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْفَاحِشَةَ مَوْهُومَةٌ وَالْقَتْلَ مَعْلُومٌ وَعَنْ الْبَسِيطِ أَنَّ الظَّاهِرَ الْمَنْعُ. (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا مَوْضِعَ الْإِجْمَاعِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ أَوْ سُنَّةٌ فَيَكُونُ الْمَذْهَبُ عَدَمَ الْوُجُوبِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ قَدْ يُقَالُ إذَا أَمَرَ الْإِمَامُ بِهَا وَجَبَ امْتِثَالُ أَمْرِهِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا سُنَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي الصَّوْمِ لِلِاسْتِسْقَاءِ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الثَّانِيَ خَاصٌّ بِالْمُحْتَسِبِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْوِلَايَةُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 الِاسْتِعْدَاءِ) مِنْ ذِي الْحَقِّ عَلَيْهِ. (وَلَا يَحْبِسُ) وَلَا يَضْرِبُ (لِلدَّيْنِ) . (وَيُنْظِرُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُنْكِرُ (عَلَى الْقُضَاةِ إنْ احْتَجَبُوا) عَنْ الْخُصُومِ (أَوْ قَصَّرُوا) فِي النَّظَرِ فِي الْخُصُومَاتِ (وَعَلَى أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ الْمَطْرُوقَةِ إنْ طَوَّلُوا) الصَّلَاةَ كَمَا أَنْكَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُعَاذٍ ذَلِكَ. (وَيَمْنَعُ الْخَوَنَةَ مِنْ مُعَامَلَةِ النِّسَاءِ) لِمَا يُخْشَى فِيهَا مِنْ الْفَسَادِ. (وَلَا يَخْتَصُّ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ) وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ (بِمَسْمُوعِ الْقَوْلِ بَلْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (أَنْ يَأْمُرَ) وَيَنْهَى (وَإِنْ عَلِمَ) بِالْعَادَةِ (أَنَّهُ لَا يُفِيدُ) فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْ الْمُكَلَّفِ بِهَذَا الْعِلْمِ لِعُمُومِ خَبَرِ «مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ» . وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْآمِرِ وَالنَّاهِي كَوْنُهُ مُمْتَثِلًا مَا يَأْمُرُ بِهِ مُجْتَنِبًا مَا يَنْهَى عَنْهُ (بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ) وَيَنْهَى (نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ فَإِنْ اخْتَلَّ أَحَدُهُمَا لَمْ يَسْقُطْ الْآخَرُ) . (وَلَا يَأْمُرُ وَيَنْهَى فِي دَقَائِقِ الْأُمُورِ) مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالِاجْتِهَادِ أَوْ غَيْرِهِ (إلَّا عَالِمٌ) فَلَيْسَ لِلْعَوَامِّ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِدَقَائِقِ الْأُمُورِ ظَوَاهِرُهَا كَالصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ فَلِلْعَوَامِّ وَغَيْرِهِمْ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فِيهَا. (وَلَا يُنْكِرُ) الْعَالِمُ (إلَّا مُجْمَعًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى إنْكَارِهِ لَا مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَرَى الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ أَوْ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ وَلَا نَعْلَمُهُ وَلَا إثْمَ عَلَى الْمُخْطِئِ وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ الْإِنْكَارِ إذَا لَمْ يَرَ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ بِحَدِّنَا لِلْحَنَفِيِّ بِشُرْبِهِ لِلنَّبِيذِ مَعَ أَنَّ الْإِنْكَارَ بِالْفِعْلِ أَبْلَغُ مِنْهُ بِالْقَوْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدَّ لَيْسَ مِنْ بَابِ إنْكَارِ الْمُنْكَرِ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ لَمْ يَفْعَلْ مُنْكَرًا، وَالْحَدُّ لَا يُفِيدُ مَنْعُهُ مِنْهُ وَلِهَذَا لَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِالْقَوْلِ كَمَا لَا يُنْكِرُ عَلَى الْمَالِكِيِّ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَإِنَّمَا حَدُّهُ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ أَدِلَّةَ عَدَمِ تَحْرِيمِ النَّبِيذِ وَاهِيَةٌ وَبِهَذَا فَرَّقَ بَيْنَ حَدِّنَا لِشَارِبِهِ وَعَدَمِ حَدِّنَا لِلْوَاطِئِ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ. (لَكِنْ إنْ نَدَبَ) عَلَى جِهَةِ النَّصِيحَةِ (إلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ بِرِفْقٍ فَحَسَنٌ إنْ لَمْ يَقَعْ فِي خِلَافٍ آخَرَ وَتَرْكِ) أَيْ وَفِي تَرْكِ (حَسَنَةٍ ثَابِتَةٍ) لِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ حِينَئِذٍ. (وَلَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ الْمُجْتَهِدِ) أَوْ الْمُقَلِّدِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (حَمْلُ النَّاسِ عَلَى مَذْهَبِهِ) لِمَا مَرَّ وَلَمْ يَزَلْ الْخِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْفُرُوعِ وَلَا يُنْكِرُ أَحَدٌ عَلَى غَيْرِهِ مُجْتَهَدًا فِيهِ وَإِنَّمَا يُنْكِرُونَ مَا خَالَفَ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا. (وَالْإِنْكَارُ) لِلْمُنْكَرِ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ السَّابِقِ (يَكُونُ بِالْيَدِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِاللِّسَانِ) فَعَلَيْهِ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُ وَلَا يَكْفِي الْوَعْظُ لِمَنْ أَمْكَنَهُ إزَالَتُهُ بِالْيَدِ وَلَا كَرَاهَةُ الْقَلْبِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى النَّهْيِ بِاللِّسَانِ (وَيَرْفُقُ) فِي التَّغْيِيرِ (بِمَنْ يَخَافُ شَرَّهُ) وَبِالْجَاهِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَدْعَى إلَى قَبُولِ قَوْلِهِ وَإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ (وَيَسْتَعِينُ عَلَيْهِ) بِغَيْرِهِ (إنْ لَمْ يَخَافُ فِتْنَةَ) مِنْ إظْهَارِ سِلَاحٍ وَحَرْبٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِاسْتِقْلَالُ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْهُ (رَفَعَ) ذَلِكَ (إلَى الْوَالِي فَإِنْ عَجَزَ) عَنْهُ (أَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ) . (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْآمِرِ وَالنَّاهِي (التَّجَسُّسُ) وَالْبَحْثُ (وَاقْتِحَامُ الدُّورِ بِالظُّنُونِ) بَلْ إنْ رَأَى شَيْئًا غَيَّرَهُ (فَإِنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِمَنْ اسْتَسَرَّ) أَيْ اخْتَفَى (بِمُنْكَرٍ فِيهِ انْتِهَاكُ حُرْمَةٍ يَفُوتُ تَدَارُكُهَا كَالزِّنَا وَالْقَتْلِ) بِأَنْ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا أَوْ بِشَخْصٍ لِيَقْتُلَهُ (اقْتَحَمَ لَهُ الدَّارَ) وَتَجَسَّسَ وُجُوبًا فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ بِالْجَوَازِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ انْتِهَاكُ حُرْمَةٍ (فَلَا) اقْتِحَامَ وَلَا تَجَسُّسَ كَمَا مَرَّ. (وَلَا يَسْقُطُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ) وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ عَنْ الْقَائِمِ بِهِمَا (إلَّا لِخَوْفٍ) مِنْهُمَا (عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ) أَوْ عُضْوِهِ أَوْ بُضْعِهِ (أَوْ) لِخَوْفِ (مَفْسَدَةٍ عَلَى غَيْرِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ الْوَاقِعِ) أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُرْتَكِبَ يَزِيدُ فِيمَا هُوَ فِيهِ عِنَادًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ كَإِمَامِهِ. [فَصْلٌ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ وَالْمَوَاقِفِ الَّتِي هُنَاكَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلَّ سَنَةٍ] (فَصْلٌ وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ وَالْمَوَاقِفِ) الَّتِي هُنَاكَ (بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلَّ سَنَةٍ) مَرَّةً   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: أَوْ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ وَلَا نَعْلَمُهُ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدَّ لَيْسَ مِنْ بَابِ إنْكَارِ الْمُنْكَرِ إلَخْ) قَيَّدَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي قَوَاعِدِهِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا يَرْفَعُ السُّؤَالَ فَقَالَ مَنْ أَتَى شَيْئًا مُخْتَلَفًا فِي تَحْرِيمِهِ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْلِيلَهُ لَمْ يَجُزْ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْخَذُ الْمُحَلَّلِ ضَعِيفًا تُنْتَقَصُ الْأَحْكَامُ بِمِثْلِهِ لِبُطْلَانِهِ فِي الشَّرْعِ وَلَا يُنْقَضُ إلَّا لِكَوْنِهِ بَاطِلًا وَذَلِكَ كَمَنْ يَطَأُ جَارِيَةً بِالْإِبَاحَةِ مُعْتَقَدُ الْمَذْهَبِ عَطَاءٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ تَحْرِيمًا وَلَا تَحْلِيلًا أَرْشَدَ إلَى اجْتِنَابِهِ مِنْ غَيْرِ تَوْبِيخٍ وَلَا إنْكَارٍ اهـ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ إلَخْ) يُعْتَبَرُ جَمْعٌ يَظْهَرُ الشِّعَارُ بِهِمْ كُلَّ عَامٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي إيضَاحِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِعَدَدِ الْمُحَصِّلِينَ لِهَذَا الْفَرْضِ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ بَلْ الْغَرَضُ أَنْ يُوجَدَ حَجُّهَا فِي الْجُمْلَةِ مِنْ بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: قَدْ اُشْتُهِرَ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إشْكَالٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ التَّطَوُّعِ بِالْحَجِّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ إحْيَاءَ الْكَعْبَةِ بِالْحَجِّ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ فَكُلُّ وَفْدٍ يَجِيئُونَ كُلَّ سَنَةٍ لِلْحَجِّ فَهُمْ يُحْيُونَ الْكَعْبَةَ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ كَانَ قَائِمًا بِفَرْضِ الْعَيْنِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ كَانَ قَائِمًا بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ حَجُّ التَّطَوُّعِ، وَجَوَابُ هَذَا الْإِشْكَالِ أَنَّ هُنَا جِهَتَيْنِ مِنْ حَيْثِيَّتَيْنِ: جِهَةُ التَّطَوُّعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ وَجِهَةُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ وَلَوْ قِيلَ يُتَصَوَّرُ فِي الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِمْ لَكَانَ جَوَابًا اهـ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّ وُجُوبَ الْإِحْيَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْعِبَادَةِ فَرْضًا لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُتَعَيِّنَ قَدْ يَسْقُطُ بِالْمَنْدُوبِ كَاللَّمْعَةِ الْمُغْفَلَةِ فِي الْوُضُوءِ تُغْسَلُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ يَحْصُلُ بِجُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ وَإِذَا سَقَطَ الْوَاجِبُ الْمُعَيَّنُ بِفِعْلِ الْمَنْدُوبِ فَفَرْضُ الْكِفَايَةِ أَوْلَى وَلِهَذَا تَسْقُطُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 فَلَا يَكْفِي إحْيَاؤُهُمَا بِالِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ وَلَا بِالْعُمْرَةِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ إذْ لَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْحَجِّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ بِبِنَاءِ الْكَعْبَةِ الْحَجُّ فَكَانَ بِهِ إحْيَاؤُهَا، وَذِكْرُ الْعُمْرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ فَيَجِبُ الْإِتْيَانُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ. (وَعَلَى الْمُوسِرِ إذَا اخْتَلَّ بَيْتُ الْمَالِ) وَلَمْ تَفِ الصَّدَقَاتُ الْوَاجِبَةُ بِسَدِّ حَاجَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمِّيِّينَ وَالْمُسْتَأْمَنِينَ (الْمُوَاسَاةُ) لَهُمْ (بِإِطْعَامِ الْجَائِعِ وَسَتْرِ الْعَارِي) مِنْهُمْ وَنَحْوِهِمَا (بِمَا زَادَ عَلَى كِفَايَتِهِ سَنَةً) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَفُكُّوا الْعَانِيَ» وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْعَارِي أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَلْ يَكْفِي سَدُّ الضَّرُورَةِ أَمْ يَجِبُ تَمَامُ الْكِفَايَةِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ، فِيهِ وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِي الْأَطْعِمَةِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ الْمَيْتَةَ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الْمُوَاسَاةِ بِمَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ ذَكَرَ فِي الْأَطْعِمَةِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ يَجِبُ إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُهُ فِي ثَانِي الْحَالِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فَإِنَّ ذَاكَ فِي الْمُضْطَرِّ وَهَذَا فِي الْمُحْتَاجِ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ. (وَمِنْهَا) أَيْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ (الصِّنَاعَاتُ وَالْحِرَفُ) كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْحِرَاثَةِ وَالْحِجَامَةِ وَالْكَنْسِ (لَكِنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى حَثٍّ عَلَيْهَا وَتَرْغِيبٍ فِيهَا وَالْحِرَفُ الصِّنَاعَاتُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فَعَطَفَهَا عَلَيْهَا كَعَطْفِ رَحْمَةٌ عَلَى صَلَوَاتٌ فِي قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157] وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصِّنَاعَاتُ هِيَ الْمُعَالَجَاتُ كَالْخِيَاطَةِ وَالنِّجَارَةِ وَالْحِرَفِ وَإِنْ كَانَتْ تُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ فَتُطْلَقُ عُرْفًا عَلَى مَنْ يَتَّخِذُ صُنَّاعًا وَيَدِلُّ بِهِمْ وَلَا يَعْمَلُ فَهِيَ أَعَمُّ. (وَمِنْهَا تَحَمُّلُ الشَّهَادَاتِ وَأَدَاؤُهَا وَإِعَانَةُ الْقُضَاةِ) عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا. (فَصْلٌ) (الْقِيَامُ بِعُلُومِ الشَّرْعِ) مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ (وَالِانْتِهَاءُ فِيهَا إلَى دَرَجَةِ الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ) كَمَا سَيَأْتِي فِي أَدَبِ الْقُضَاةِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِمَا مَرَّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122] (وَذَلِكَ) أَيْ الْقِيَامُ بِمَا ذُكِرَ وَاجِبٌ (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ حُرٍّ ذَكَرٍ وَاجِدٍ لِلْقُوتِ) وَلِسَائِرِ مَا يَكْفِيه (لَيْسَ بِبَلِيدٍ) فَلَا يَجِبُ عَلَى أَضْدَادِهِمْ. (وَفِي) سُقُوطِ ذَلِكَ بِقِيَامِ (الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ) بِهِ (تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُمَا أَهْلٌ لِلْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ وَالْأَوْجَهُ السُّقُوطُ مِنْ حَيْثُ الْفَتْوَى. (وَيَلْزَمُ) ذَلِكَ (الْفَاسِقَ) كَغَيْرِهِ (وَلَا يَسْقُطُ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ فَتْوَاهُ وَلَا قَضَاؤُهُ. (وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ عِلْمُ الْكَلَامِ) أَيْ تَعَلُّمُهُ (لِرَدِّ الْمُبْتَدِعَةِ) وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ تَحْرِيمِ الِاشْتِغَالِ بِهِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّوَغُّلِ فِيهِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ بَقِيَ النَّاسُ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي صَفْوَةِ الْإِسْلَامِ لَمَا أَوْجَبْنَا الِاشْتِغَالَ بِهِ كَمَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِهِ الصَّحَابَةُ. (وَيَتَعَيَّنُ) عَلَى الْمُكَلَّفِ (السَّعْيُ فِي إزَالَةِ شُبْهَةٍ أَوْرَثَهَا) أَيْ أَدْخَلَهَا (بِقَلْبِهِ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَعْرِفَ أَدِلَّةَ الْمَعْقُولِ. (وَمِنْهَا الطِّبُّ) الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ لِمُعَالَجَةِ الْأَبَدَانِ (وَالْحِسَابُ) الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ (لِقِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ) وَالْوَصَايَا وَلِلْمُعَامَلَاتِ (وَأُصُولُ الْفِقْهِ وَالنَّحْوُ وَاللُّغَةُ وَالتَّصْرِيفُ وَأَسْمَاءُ الرُّوَاةِ وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ وَاتِّفَاقُهُمْ وَالتَّعْلِيمُ) لِمَا يَجِبُ تَعَلُّمُهُ (وَالْإِفْتَاءُ) وَقَوْلُهُ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (فَإِنْ اُحْتِيجَ فِي التَّعْلِيمِ إلَى جَمَاعَةٍ لَزِمَهُمْ) . (وَيَجِبُ لِكُلِّ مَسَافَةِ قَصْرٍ مُفْتٍ) لِئَلَّا يَحْتَاجَ الْمُسْتَفْتِي إلَى قَطْعِهَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ لَا يَجُوزُ إخْلَاءُ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَنْ قَاضٍ بِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ وَتَكَرُّرِهَا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مِنْ كَثِيرِينَ بِخِلَافِ الِاسْتِفْتَاءِ فِي الْوَاقِعَاتِ. (وَلَوْ لَمْ يُفْتِ) الْمُفْتِي (وَهُنَاكَ مَنْ يُفْتِي) وَهُوَ عَدْلٌ (لَمْ يَأْثَمْ) فَلَا يَلْزَمُ الْإِفْتَاءُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعَلِّمُ كَذَلِكَ انْتَهَى وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ نَظِيرِهِ مِنْ أَوْلِيَاءِ النِّكَاحِ وَالشُّهُودِ بِأَنَّ اللُّزُومَ هُنَا فِيهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ بِكَثْرَةِ الْوَقَائِعِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيُسْتَحَبُّ الرِّفْقُ بِالْمُتَعَلِّمِ وَالْمُسْتَفْتِي. (وَيَتَعَيَّنُ مِنْ ظَوَاهِرِ الْعُلُومِ)   [حاشية الرملي الكبير] صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ فس (قَوْلُهُ: إذَا اخْتَلَّ بَيْتُ الْمَالِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَالٌ أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَفِ الصَّدَقَاتُ الْوَاجِبَةُ إلَخْ) أَوْ النُّذُورُ أَوْ الْوَقْفُ أَوْ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَأْمَنِينَ) أَيْ وَالْمُعَاهَدِينَ وَصُورَةُ أَخْذِ الْكُفَّارِ مِنْهَا أَنْ يَكُونُوا مُسْتَأْجَرِينَ لِلْعَمَلِ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِمَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ) وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْعُمُرَ الْغَالِبَ فِي الزَّكَاةِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّينَ فَلَا يُعْتَبَرُ سَنَةً بَلْ يَكْفِي مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ الْحَالِيَّةِ (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ) وَرَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْأَطْعِمَةِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الصِّنَاعَاتُ وَالْحِرَفُ) وَعَلَيْهِ حَمْلُ حَدِيثِ «اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ لِلنَّاسِ» (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا تُحْمَلُ الشَّهَادَةُ) يُشْتَرَطُ لِكَوْنِ تُحْمَلُ الشَّهَادَةُ فَرْضَ كِفَايَةٍ حُضُورُ الْمُتَحَمِّلِ فَإِنْ دُعِيَ لَهُ فَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي قَاضِيًا أَوْ مَعْذُورًا بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ [فَصْلٌ الْقِيَامُ بِعُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ] (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ} [التوبة: 122] الْآيَةَ وَلِخَبَرِ «النَّفَقَةُ فِي الدِّينِ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ السُّقُوطُ مِنْ حَيْثُ الْفَتْوَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ الْفَقِيهِ الْمُفْتِي بِالْقَاضِي الْمَنْصُوبِ فِي النَّاحِيَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَرَاجَعُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّدَاعِي وَالتَّنَازُعِ وَالْفَقِيهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ الْعَارِضَةِ لَهُ مِمَّا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ عِلْمُهُ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى التَّوَغُّلِ فِيهِ) أَوْ عَلَى التَّعَصُّبِ فِي الدِّينِ وَالْقَاصِرِ عَنْ تَحْصِيلِ الْيَقِينِ وَالْقَاصِدِ إلَى إفْسَادِ عَقَائِدِ الْمُسْلِمِينَ وَالْخَائِضِ فِيمَا لَا يُفْتَقَرُ إلَيْهِ مِنْ غَوَامِضِ الْمُتَفَلْسِفِينَ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْمَنْعُ مِمَّا هُوَ أَصْلُ الْوَاجِبَاتِ وَأَسَاسُ الْمَشْرُوعَاتِ (قَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ) هُوَ خَبَرٌ (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيمُ وَالْإِفْتَاءُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 الَّتِي يَجِبُ تَعَلُّمُهَا (لَا دَقَائِقُهَا) تَعَلُّمَ (مَا يُحْتَاجُ) إلَيْهِ (لِإِقَامَةِ فَرَائِضِ الدِّينِ كَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَشُرُوطِهِمَا) ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَعْلَمُهَا لَا يُمْكِنُهُ إقَامَةُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لَا دَقَائِقُهَا مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى مِنْ ظَوَاهِرَ أَوْ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى ظَوَاهِرِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ تَعَلُّمُ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الدَّقَائِقِ وَالْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى. (وَ) إنَّمَا (يَجِبُ تَعَلُّمُهُ) أَيْ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْفَرَائِضِ (بَعْدَ الْوُجُوبِ) لَهَا (وَكَذَا قَبْلَهُ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ تَعَلُّمِهِ (بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ مَعَ الْفِعْلِ) كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْوَقْتِ عَلَى مَنْ بَعُدَ مَنْزِلُهُ (وَ) كَأَرْكَانِ وَشُرُوطِ (الْحَجِّ وَتَعَلُّمِهِ) أَيْ الْحَجِّ أَيْ أَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ (عَلَى التَّرَاخِي) كَالْحَجِّ (وَ) كَأَرْكَانِ وَشُرُوطِ (الزَّكَاةِ إنْ مَلَكَ مَالًا) فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ ظَاهِرِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهَا (وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاعٍ) يَكْفِيه الْأَمْرَ إذْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ السَّاعِي (وَأَحْكَامُ) أَيْ وَكَأَحْكَامِ (الْبَيْعِ وَالْقِرَاضِ إنْ تَاجَرَ) أَيْ إنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ وَيُتَاجِرَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ يُرِيدُ بَيْعَ الْخُبْزِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ خُبْزِ الْبُرِّ بِالْبُرِّ وَلَا بِدَقِيقِهِ وَعَلَى مَنْ يُرِيدُ الصَّرْفَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (وَتَعَلُّمُ دَوَاءِ أَمْرَاضِ الْقَلْبِ) وَحُدُودِهَا وَأَسْبَابِهَا (كَالْحَسَدِ وَالرِّيَاءِ) فَإِنْ رُزِقَ شَخْصٌ قَلْبًا سَلِيمًا مِنْهَا كَفَاهُ ذَلِكَ. (وَ) يَتَعَيَّنُ (اعْتِقَادُ مَا وَرَدَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ) . (وَأَمَّا عِلْمُ) أَيْ تَعَلُّمُ عِلْمِ (الْفَلْسَفَةِ وَالشَّعْبَذَةِ وَالتَّنْجِيمِ وَالرَّمَلِ وَعِلْمِ الطَّبَائِعِيِّينَ وَالسِّحْرِ فَحَرَامٌ) . (وَالشِّعْرُ) أَيْ تَعَلُّمُهُ (مُبَاحٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سُخْفٌ أَوْ حَثٌّ عَلَى شَرٍّ وَإِنْ حَثَّ عَلَى الْغَزَلِ وَالْبَطَالَةِ كُرِهَ) . [فَرْعٌ تَعْطِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ] (فَرْعٌ يَأْثَمُ بِتَعْطِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ) كُلُّ (مَنْ عَلِمَ) بِتَعْطِيلِهِ (وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ وَإِنْ بَعُدَ) عَنْ الْمَحَلِّ (وَكَذَا) يَأْثَمُ (قَرِيبٌ) مِنْهُ (لَمْ يَعْلَمْ) بِهِ (لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ) عَنْهُ قَالَ الْإِمَامُ وَيَخْتَلِفُ هَذَا بِكِبَرِ الْبَلَدِ وَصِغَرِهِ. (وَإِنْ قَامَ بِهِ الْجَمِيعُ فَكُلُّهُمْ مُؤَدٍّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ وَإِنْ تَرَتَّبُوا) فِي أَدَائِهِ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْ حَيْثُ الْوُجُوبُ وَالثَّوَابُ وَالْإِثْمُ إنْ تَعَطَّلَ الْفَرْضُ. (وَلِلْقَائِمِ بِهِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ) وَصَرَّحَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَالْإِمَامُ وَأَبُوهُ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ مَنْ فَرْضِ الْعَيْنِ (لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْقَائِمَ بِفَرْضِ الْعَيْنِ (أَسْقَطَ الْحَرَجَ عَنْ نَفْسِهِ وَهَذَا) أَيْ الْقَائِمُ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ (أَسْقَطَ الْحَرَجَ عَنْهُ وَعَنْ الْأُمَّةِ) وَلِأَنَّ ذَاكَ لَوْ تَرَكَ الْفَرْضَ اخْتَصَّ بِالْإِثْمِ وَهَذَا لَوْ تَرَكَهُ أَثِمَ الْجَمِيعُ وَلَا يَسْتَبْعِدُ ذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ الْوَاجِبِ فَلَا يَبْعُدُ تَفْضِيلُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَلَى فَرْضِ الْعَيْنِ لِمَا ذُكِرَ. (فَصْلٌ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ) عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ (حَتَّى عَلَى الصَّبِيِّ سُنَّةُ) عَيْنٍ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ وَاحِدًا وَسُنَّةُ (كِفَايَةٍ) إنْ كَانَ جَمَاعَةً أَمَّا كَوْنُهُ سُنَّةً فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: 61] أَيْ لِيُسَلِّمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَقَوْلُهُ {لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: 27] وَلِلْأَمْرِ بِإِفْشَاءِ السَّلَامِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأَمَّا كَوْنُهُ كِفَايَةً فَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «يُجْزِئُ عَنْ الْجَمَاعَةِ إذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ وَيُجْزِئُ عَنْ الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَالْإِمَامُ وَأَبُوهُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ مَنْ فَرَضَ الْعَيْنَ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَالْمُتَبَادِرُ إلَى الْأَذْهَانِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فِيمَا عَلِمْت أَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ أَفْضَلُ لِشِدَّةِ اعْتِنَاءِ الشَّارِعِ بِهِ بِقَصْدِهِ حُصُولَهُ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ فِي الْأَغْلَبِ وَلِمُعَارَضَةِ هَذَا الدَّلِيلِ الْأَوَّلِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى النَّظَرِ بِقَوْلِهِ زَعَمَهُ. اهـ. وَقَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ صَرِيحًا وَإِلَّا فَقَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَقَدْ قَالُوا: إنَّ قَطْعَ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَكْرُوهٌ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ لَا يَحْسُنُ تَرْكُهُ فَرْضَ الْعَيْنِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الطَّوَافِ، وَنَصُّ الْأُمِّ إنْ كَانَ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ أَحْبَبْت أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ ثُمَّ يَعُودَ إلَى طَوَافِهِ وَيَبْنِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْوِتْرِ أَوْ سُنَّةَ الْفَجْرِ أَوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ فَلَا أُحِبُّ تَرْكَ الطَّوَافِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَقْطَعَ فَرْضًا لِنَفْلٍ أَوْ فَرْضَ كِفَايَةٍ اهـ وَهَذَا التَّعْلِيلُ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ أَفْضَلُ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ اجْتَمَعَ جِنَازَةٌ وَجُمُعَةٌ وَضَاقَ الْوَقْتُ قُدِّمَتْ الْجُمُعَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَالَ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ فِي سَفَرِ الْجِهَادِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَ الْفَرْضَ الْمُتَعَيِّنَ عَلَيْهِ وَيَشْتَغِلَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكُلُّ هَذَا يَرُدُّ إطْلَاقَ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِيَامِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ إسْقَاطِهِ الْحَرَجَ عَنْ الْأُمَّةِ وَالْعَمَلُ الْمُتَعَدِّي أَفْضَلُ مِنْ الْقَاصِرِ وَمِنْ هَذَا لَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ مَنْعُ الْوَلَدِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْجِهَادِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهُمَا لِأَنَّ رِضَاهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ، وَالْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفَرْضُ الْعَيْنِ مُقَدَّمٌ اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْكُسُوفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ جِنَازَةٌ وَجُمُعَةٌ وَضَاقَ الْوَقْتُ قُدِّمَتْ الْجُمُعَةُ فَالتَّقْدِيمُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ لَا لِلْأَفْضَلِيَّةِ بِدَلِيلِ تَقْدِيمِ الْجِنَازَةِ إذَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَكَذَلِكَ تَقْدِيمُ إنْقَاذِ الْغَرِيقِ عَلَى الصِّيَامِ فِي صَائِمٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ إلَّا بِالْإِفْطَارِ إنَّمَا هُوَ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ وَلَا دَلَالَةَ فِي التَّقْدِيمِ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ إذْ تُقَدَّمُ السُّنَّةُ عَلَى الْفَرْضِ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ كَالْكُسُوفِ مَعَ الْمَكْتُوبَةِ الْمُتَّسَعَةِ الْوَقْتَ إذَا خِيفَ الِانْجِلَاءُ اهـ وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيُّ فِي كِتَابِ لَطَائِفِ الْمَعَارِفِ إنَّ فُرُوضَ الْأَعْيَانِ أَفْضَلُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. [فَصْلٌ الِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ] (فَصْلُ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ) (قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ) أَيْ فَلَا يُسَنُّ عَلَى الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ (قَوْلُهُ: حَتَّى عَلَى الصَّبِيِّ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ وَضِيئًا يُخْشَى مِنْهُ الِافْتِتَانُ كَالشَّابَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ (قَوْلُهُ سُنَّةُ كِفَايَةٍ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ (قَوْلُهُ {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النور: 27] أَيْ تَسْتَأْذِنُوا كَمَا قُرِئَ بِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 أَحَدُهُمْ» وَلِخَبَرِ «إذَا سَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْمِ أَجْزَأَ عَنْهُمْ» رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَلِأَنَّ مَا قُصِدَ بِهِ الْأَمَانُ حَاصِلٌ بِسَلَامِ الْوَاحِدِ. (وَرَدُّهُ وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ صَبِيًّا فَرْضُ) عَيْنٍ إنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا مُكَلَّفًا وَفَرْضُ (كِفَايَةٍ) إنْ كَانَ جَمَاعَةً أَمَّا كَوْنُهُ فَرْضًا فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] وَأَمَّا كَوْنُهُ كِفَايَةً فَلِمَا مَرَّ هَذَا إذَا سُنَّ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ وَإِنْ كُرِهَتْ صِيغَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنْ لَمْ يُسَنَّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَإِنَّمَا كَانَ الرَّدُّ فَرْضًا وَالِابْتِدَاءُ سُنَّةً؛ لِأَنَّ أَصْلَ السَّلَامِ أَمَانٌ وَدُعَاءٌ بِالسَّلَامَةِ وَكُلُّ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا آمَنُ مِنْ الْآخَرِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ آمِنًا مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَنْ يَسْكُتَ عَنْهُ لِئَلَّا يَخَافَهُ. (وَشَرْطُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ (إسْمَاعٌ) لَهُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِهِ وَإِلَّا لَزِمَ تَرْكُ سُنَّةِ الِابْتِدَاءِ أَوْ وُجُوبُ الرَّدِّ (وَاتِّصَالٌ) لِلرَّدِّ بِالِابْتِدَاءِ (كَاتِّصَالِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ) فِي الْعُقُودِ، وَالْإِلْزَامُ تَرْكُ وُجُوبِ الرَّدِّ. (فَإِنْ شَكَّ) أَحَدُهُمَا (فِي سَمَاعِهِ) أَيْ الْآخَرِ (زَادَ فِي الرَّفْعِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ نِيَامٌ خَفَضَ صَوْتَهُ) بِحَيْثُ لَا يَتَيَقَّظُونَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَالْقَارِئُ كَغَيْرِهِ) فِي اسْتِحْبَابِ السَّلَامِ عَلَيْهِ وَوُجُوبِ الرَّدِّ بِاللَّفْظِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْوَاحِدِيِّ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ السَّلَامِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ إنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ كَفَاهُ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ضَعَّفَهُ فِي التِّبْيَانِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ أَمَّا إذَا كَانَ مُشْتَغِلًا بِالدُّعَاءِ مُسْتَغْرِقًا فِيهِ مُجْتَمِعَ الْقَلْبِ عَلَيْهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ هُوَ كَالْمُشْتَغِلِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي هَذَا أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَكَّدُ بِهِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ مَشَقَّةِ الْأَكْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِذَا اتَّصَفَ الْقَارِئُ بِذَلِكَ فَهُوَ كَالدَّاعِي بَلْ أَوْلَى لَا سِيَّمَا الْمُسْتَغْرِقُ فِي التَّدَبُّرِ. (وَلَا يَكْفِي رَدُّ صَبِيٍّ) مَعَ وُجُودِ مُكَلَّفٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ بِأَنَّ السَّلَامَ أَمَانٌ وَهُوَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَبِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالصَّلَاةِ الرَّحْمَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ لِلْمَيِّتِ بِخِلَافِ السَّلَامِ وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ فِيهِمْ امْرَأَةٌ فَرَدَّتْ هَلْ يَكْفِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يُشْرَعُ لَهَا الِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ فَحَيْثُ شُرِعَ لَهَا كَفَى جَوَابُهَا وَإِلَّا فَلَا وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ. (وَلَا) يَكْفِي رَدُّ (غَيْرِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِمْ) بَلْ يَلْزَمُهُمْ الرَّدُّ. (وَيَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ عَلَى مَنْ رَدَّ) السَّلَامَ (عَلَى أَصَمَّ) لِيَحْصُلَ بِهِ الْإِفْهَامُ وَيَسْقُطَ عَنْهُ فَرْضُ الْجَوَابِ (وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَصَمِّ (جَمَعَ بَيْنَهُمَا) أَيْضًا لِيَحْصُلَ بِهِ الْإِفْهَامُ وَيَسْتَحِقَّ الْجَوَابَ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ فَهِمَ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ الْحَالِ وَالنَّظَرِ إلَى فَمِهِ لَمْ تَجِبْ الْإِشَارَةُ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (وَتُجْزِئُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا) ؛ لِأَنَّ إشَارَتَهُ بِهِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْعِبَارَةِ. (وَصِيغَتُهُ) أَيْ السَّلَامِ (ابْتِدَاءُ السَّلَامُ) عَلَيْكُمْ (أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ فَإِنْ قَالَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيمٌ (وَكُرِهَ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ: لِأَنَّهُ يُسَمَّى سَلَامًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا كُرِهَ الِابْتِدَاءُ بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ الْمُسَلِّمُ جَوَابًا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَكَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ سَلَامٌ أَمَّا لَوْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ فَلَيْسَ بِسَلَامٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ نَقَلَهُ فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الْمُتَوَلِّي. (وَيُسَنُّ صِيغَةُ الْجَمْعِ لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا أَمْ جَمَاعَةً لَكِنَّ الشِّقَّ الثَّانِيَ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا يَأْتِي فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بَدَلَ مُطْلَقًا فِي الْوَاحِدِ (وَيَجُوزُ) أَيْ يَكْفِي (الْإِفْرَادُ لِلْوَاحِدِ) وَيَكُونُ آتِيًا بِأَصْلِ السُّنَّةِ وَالْأَوْلَى مُرَاعَاةُ صِيغَةِ الْجَمْعِ مَعَهُ لِيَحْصُلَ بِهَا التَّعْظِيمُ أَمَّا الْإِفْرَادُ لِلْجَمَاعَةِ فَلَا يَكْفِي وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِالْوَاحِدِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ فِي صِيغَةِ الرَّدِّ. (وَالْإِشَارَةُ بِهِ) بِيَدٍ أَوْ نَحْوِهَا بِلَا لَفْظِ (خِلَافُ الْأَوْلَى) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَلَا يَجِبُ لَهَا رَدٌّ. (وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّفْظِ أَفْضَلُ) مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى اللَّفْظِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ) أَيْ إذَا سَلَّمَ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ (قَوْلُهُ: فَرْضُ عَيْنٍ إنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا) قَالَ فِي الْخَادِمِ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ مَا إذَا سَلَّمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْقَاضِي وَلَمْ يُسَلِّمْ الْآخَرُ فَقَضِيَّةُ مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَقْضِيَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُجِيبُهُ وَإِنَّمَا يُجِيبُهُ إذَا سَلَّمَ الْآخَرُ (قَوْلُهُ: وَفَرْضُ كِفَايَةٍ) حُكْمُ الرَّدِّ خَالَفَ غَيْرَهُ مِنْ الْفُرُوضِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ شَأْنَ الْفَرْضِ تَفْضِيلُهُ عَلَى السُّنَّةِ وَهَاهُنَا الِابْتِدَاءُ أَفْضَلُ مِنْ الرَّدِّ عَلَى الصَّحِيحِ وَالثَّانِي إنَّ شَأْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ إذَا فَعَلَهُ جَمْعٌ ثُمَّ آخَرُونَ كَانَ فِعْلُ الثَّانِي تَطَوُّعًا وَهَاهُنَا يُثَابُ الْجَمِيعُ ثَوَابَ الْفَرْضِ وَلَوْ فَعَلُوهُ عَلَى التَّعَاقُبِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ جَمَاعَةً) فَلَوْ رَدَّ كُلٌّ مِنْهُمْ وَقَعَ فَرْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَصْلَ السَّلَامِ أَمَانٌ إلَخْ) وَلِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ الرَّدِّ إهَانَةٌ لِلْمُسْلِمِ وَاسْتِخْفَافٌ بِهِ وَإِنَّهُ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَبِهِ أَجَابَ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي هَذَا أَنَّهُ يُكْرَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالدَّاعِي بَلْ أَوْلَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا الْمُسْتَغْرِقُ فِي التَّدَبُّرِ) وَكَذَا الْمُسْتَغْرِقُ فِي الذِّكْرِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي رَدُّ صَبِيٍّ) أَيْ أَوْ مَجْنُونٍ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ سُنِّيَّةَ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ لَا تَسْقُطُ عَنْ الْجَمَاعَةِ بِسَلَامِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ (قَوْلُهُ: فَحَيْثُ شَرَعَ لَهَا كَفَى جَوَابُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُمْ الرَّدُّ) وَلَوْ رَدَّ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِمْ كَفَى فَلَوْ رَدَّ غَيْرُهُ بَعْدَ رَدِّهِ وَقَعَ فَرْضًا أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إنْ عُلِمَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَائِدَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَسَائِلُ السَّلَامِ تَحْتَمِلُ مُجَلَّدَةً (قَوْلُهُ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامُ عَلَيْكُمْ) بِغَيْرِ تَنْوِينٍ فَقَدْ حَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ خِلَافًا فِي حُصُولِ التَّحَلُّلِ مِنْ الصَّلَاةِ بِهَا وَعَلَّلَ الْأَجْزَاءَ بِأَنَّ تَرْكَ التَّنْوِينِ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَوَى بِيَدِهِ بِالتَّسْلِيمِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ أَبَا دَاوُد رَوَاهُ وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ «فَسَلَّمَ عَلَيْنَا» . (وَصِيغَتُهُ رَدًّا وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ وَعَلَيْك السَّلَامُ لِلْوَاحِدِ (وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الْوَاوَ) فَقَالَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهَا أَفْضَلَ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُ (فَإِنْ عَكَسَ) فِيهِمَا فَقَالَ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ (جَازَ) وَكَفَى (فَإِنْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ وَسَكَتَ) عَنْ السَّلَامِ (لَمْ يَجُزْ) إذْ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلسَّلَامِ وَقِيلَ يُجْزِئُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ يُؤَيِّدُ الثَّانِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِ ذِمِّيٌّ لَمْ يَزِدْ فِي الرَّدِّ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْك وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ ثَمَّ السَّلَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ بَلْ الْغَرَضُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ لِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ. (وَهُوَ) أَيْ السَّلَامُ ابْتِدَاءً وَرَدًّا (بِالتَّعْرِيفِ أَفْضَلُ) مِنْهُ بِالتَّنْكِيرِ فَيَكْفِي سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْكُمْ سَلَامٌ وَإِنْ كَانَا مَفْضُولَيْنِ. (وَزِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ) عَلَى السَّلَامِ (ابْتِدَاءً وَرَدًّا أَكْمَلُ) مِنْ تَرْكِهَا وَجَاءَ فِيهِ فِي الِابْتِدَاءِ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. (وَإِنْ سَلَّمَ كُلٌّ) مِنْ اثْنَيْنِ تَلَاقِيًا (عَلَى الْآخَرِ مَعًا لَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (الرَّدُّ) عَلَى الْآخَرِ وَلَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ بِالسَّلَامِ (أَوْ مُرَتَّبًا كَفَى الثَّانِي سَلَامُهُ رَدًّا) نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ صَرَفَهُ عَنْ الْجَوَابِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِكَفَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُجِيبَ بِغَيْرِ سَلَامِهِ. (وَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَفَاهُ) أَنْ يَقُولَ (وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ بِقَصْدِهِمْ) أَيْ بِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا كَمَا لَوْ صَلَّى عَلَى جَنَائِزَ صَلَاةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَكْفِهِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ. (وَيُسَلِّمُ) نَدْبًا (الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَالْمَاشِي عَلَى الْوَاقِفِ وَالصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَ) الْجَمْعُ (الْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ فِي) حَالِ (التَّلَاقِي) فِي طَرِيقٍ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِالسَّلَامِ الْأَمَانُ وَالْمَاشِي يَخَافُ الرَّاكِبَ وَالْوَاقِفُ يَخَافُ الْمَاشِي فَأَمَرَ بِالِابْتِدَاءِ لِيَحْصُلَ مِنْهُمَا الْأَمْنُ وَلِلْكَبِيرِ وَالْكَثِيرِ زِيَادَةُ مَرْتَبَةٍ فَأَمَرَ الصَّغِيرَ وَالْقَلِيلَ بِالِابْتِدَاءِ تَأَدُّبًا فَلَوْ تَلَاقَى مَاشٍ وَكَثِيرُ رَاكِبٍ تَعَارَضَا. (وَإِنْ عُكِسَ) بِأَنْ سَلَّمَ الْمَاشِي عَلَى الرَّاكِبِ وَالْوَاقِفُ عَلَى الْمَاشِي وَالْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَثِيرُ عَلَى الْقَلِيلِ (لَمْ يُكْرَهْ) وَإِنْ كَانَ خِلَافَ السُّنَّةِ، وَذِكْرُ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي سَلَامِ الْكَبِيرِ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ. (وَكُلُّهُمْ يُسَلِّمُ) فِيمَا إذَا وَرَدُوا عَلَى قَاعِدٍ (عَلَى الْقَاعِدِ مُطْلَقًا) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ثُمَّ هَذَا الْأَدَبُ فِيمَا إذَا تَلَاقَيَا أَوْ تَلَاقَوْا فِي طَرِيقٍ فَأَمَّا إذَا وَرَدُوا عَلَى قَاعِدٍ أَوْ عَلَى قُعُودٍ فَإِنَّ الْوَارِدَ يَبْدَأُ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا انْتَهَى وَكَالْقَاعِدِ الْوَاقِفُ وَالْمُضْطَجِعُ. (وَيُكْرَهُ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ) مِنْ الْجَمْعِ بِالسَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْمُؤَانَسَةُ وَالْأُلْفَةُ وَفِي تَخْصِيصِ الْبَعْضِ إيحَاشُ الْبَاقِينَ وَرُبَّمَا صَارَ سَبَبًا لِلْعَدَاوَةِ. [فَرْعٌ السَّلَامُ لِلنِّسَاءِ] (فَرْعٌ وَيُسَنُّ) السَّلَامُ (لِلنِّسَاءِ) مَعَ بَعْضِهِنَّ وَغَيْرِهِنَّ (لَا مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ) أَفْرَادًا وَجَمْعًا. (فَيَحْرُمُ) السَّلَامُ عَلَيْهِمْ (مِنْ الشَّابَّةِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا) خَوْفَ الْفِتْنَةِ (وَيُكْرَهَانِ) أَيْ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ وَرَدُّهُ (عَلَيْهَا) نَعَمْ لَا يُكْرَهُ سَلَامُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ مِنْ الرِّجَالِ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يُخَفْ فِتْنَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْأَذْكَارِ وَذِكْرُ حُرْمَةِ وَكَرَاهَةِ ابْتِدَائِهَا بِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ. (لَا عَلَى جَمْعِ نِسْوَةٍ أَوْ عَجُوزٍ) أَيْ لَا يُكْرَهُ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ وَرَدُّهُ عَلَيْهِنَّ لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ بَلْ يُنْدَبُ الِابْتِدَاءُ بِهِ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهِنَّ وَعَكْسُهُ وَيَجِبُ الرَّدُّ لِذَلِكَ وَذِكْرُ الِابْتِدَاءِ مِنْهُنَّ مَا عَدَا الْعَجُوزَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُسْتَثْنَى عَبْدُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ يُبَاحُ نَظَرُهُ إلَيْهَا كَمَمْسُوحٍ. (وَلَوْ سَلَّمَ بِالْعَجَمِيَّةِ جَازَ إذَا فَهِمَ) الْمُخَاطَبُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ (وَوَجَبَ الرَّدُّ) ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى سَلَامًا. (وَلَا يَبْدَأُ بِهِ) أَيْ بِالسَّلَامِ (فَاسِقًا وَ) لَا (مُبْتَدِعًا عَلَى الْمُخْتَارِ إلَّا لِعُذْرٍ) كَخَوْفٍ مِنْ مَفْسَدَةٍ وَالتَّرْجِيحُ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي مَسْأَلَةِ الْفَاسِقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ الرَّدِّ عَلَى الْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ وَقَدْ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُسَلِّمَ عَلَيْهِمَا وَلَا يَرُدَّ عَلَيْهِمَا السَّلَامَ كَمَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَفِي وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَى الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ) إذَا سَلَّمَا (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ عِبَادَةٌ وَهِيَ لَا تُقْصَدُ مِنْهُمَا. (وَيَحْرُمُ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ) الشَّخْصُ (ذِمِّيًّا) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ. (فَإِنْ بَانَ) مَنْ سَلَّمَ هُوَ عَلَيْهِ (ذِمِّيًّا فَلْيَقُلْ لَهُ اسْتَرْجَعْت سَلَامِي) تَحْقِيرًا لَهُ كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ والَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ وَالْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِمَا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَرِدَّ سَلَامَهُ بِأَنْ يَقُولَ: رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُوحِشَهُ وَيُظْهِرَ لَهُ أَنْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أُلْفَةٌ وَرُوِيَ أَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ صَرَفَهُ عَنْ الْجَوَابِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ وَالرَّدَّ فَكَذَلِكَ فَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ) دَفْعَةً أَوْ مُرَتِّبًا وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ بَيْنَ سَلَامِ الْأَوَّلِ وَالْجَوَابِ (قَوْلُهُ: كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ) قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هَذَا إذَا سَلَّمُوا دَفْعَةً أَمَّا لَوْ سَلَّمُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَكَانُوا كَثِيرِينَ فَلَا يَحْصُلُ الرَّدُّ لِكُلِّهِمْ إذْ قَدْ مَرَّ أَنَّ شَرْطَ حُصُولِ الرَّدِّ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْفَوْرِ قَالَ وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ غَيْرُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا) أَوْ بِقَصْدِ الرَّدِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَاقِفِ) أَيْ وَالْقَاعِدِ (قَوْلُهُ لَا مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ) بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ وَلَا مَحْرَمِيَّةٌ وَلَا تَكُونُ أَمَتَهُ وَلَا سَيِّدَتَهُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهَانِ عَلَيْهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَخْشَ الْفِتْنَةَ وَإِلَّا فَيَحْرُمَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخُنْثَى مَعَ الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ مَعَهَا وَمَعَ الرَّجُلِ كَالْمَرْأَةِ مَعَهُ ش (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً) ذَكَرَهُ فِي الْأَذْكَارِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى عَبْدُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُبْدَأُ بِهِ فَاسِقًا) أَيْ مُتَجَاهِرًا بِفِسْقِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ يَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَنْعُ) أَيْ إلَّا أَنْ يُخَافَ مِنْ تَرْكِهِ شَرٌّ فَيَجِبُ دَفْعًا لِلشَّرِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَيْهِمَا اهـ قَالَ فِي الْخَادِمِ جَزَمَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ السَّلَامُ عَلَيْهِمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 ابْنَ عُمَرَ سَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ يَهُودِيٌّ فَتَبِعَهُ وَقَالَ لَهُ: رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي انْتَهَى وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّيغَتَيْنِ كَافِيَةٌ. (وَإِنْ سَلَّمَ الذِّمِّيُّ) عَلَى مُسْلِمٍ (قَالَ لَهُ) وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَعَلَيْك) فَقَطْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ خَبَرَ «إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ السَّامُّ عَلَيْك فَقُولُوا وَعَلَيْك» وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ سُفْيَانُ يَرْوِي عَلَيْكُمْ بِحَذْفِ الْوَاوِ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَذَفَهَا صَارَ قَوْلُهُمْ مَرْدُودًا عَلَيْهِمْ وَإِذَا ذَكَرَهَا وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ مَعَهُمْ وَالدُّخُولُ فِيمَا قَالُوهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَعْنَى وَنَحْنُ نَدْعُو عَلَيْكُمْ بِمَا دَعَوْتُمْ بِهِ عَلَيْنَا عَلَى أَنَّا فَسَّرْنَا السَّامَّ بِالْمَوْتِ فَلَا إشْكَالَ لِاشْتِرَاكِ الْخَلْقِ فِيهِ (وَيَسْتَثْنِيه) أَيْ الذِّمِّيَّ وُجُوبًا وَلَوْ (بِقَلْبِهِ إنْ كَانَ بَيْنَ مُسْلِمِينَ) وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ مَعَ مُسْلِمٍ كَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ. (وَلَا يَبْدَأُ) الذِّمِّيَّ (بِتَحِيَّةِ غَيْرِ السَّلَامِ) أَيْضًا (إلَّا لِعُذْرٍ) كَقَوْلِهِ: هَدَاك اللَّهُ أَوْ أَنْعَمَ اللَّهُ صَبَاحَك أَوْ صُبِّحْت بِالْخَيْرِ أَوْ بِالسَّعَادَةِ أَوْ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ لَمْ يَبْدَأْهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْإِكْرَامِ أَصْلًا فَإِنَّ ذَلِكَ بَسْطٌ لَهُ وَإِينَاسٌ وَمُلَاطَفَةٌ وَإِظْهَارُ وُدٍّ وَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِالْإِغْلَاظِ عَلَيْهِمْ وَمَنْهِيُّونَ عَنْ وُدِّهِمْ فَلَا تُظْهِرْهُ قَالَ تَعَالَى {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] . (وَإِنْ كَتَبَ إلَى كَافِرٍ) كِتَابًا وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ سَلَامًا (قَالَ) أَيْ كَتَبَ نَدْبًا «مَا كَتَبَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى هِرَقْلَ السَّلَامُ عَلَى مِنْ اتَّبَعَ الْهُدَى» . (وَلَوْ قَامَ عَنْ جَلِيسٍ) لَهُ (فَسَلَّمَ) عَلَيْهِ (وَجَبَ الرَّدُّ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ مِنْهُ سُنَّةٌ لِخَبَرِ «إذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتْ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنْ الْآخِرَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ الرَّدُّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا صَرَّحَ بِتَرْجِيحِهِ صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ. (وَمَنْ دَخَلَ دَارِهِ فَلْيُسَلِّمْ) نَدْبًا (عَلَى أَهْلِهِ) لِخَبَرِ أَنَسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ إذَا دَخَلْت عَلَى أَهْلِك فَسَلِّمْ يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْك وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ. (أَوْ) دَخَلَ (مَوْضِعًا خَالِيًا) عَنْ النَّاسِ (فَلْيَقُلْ) نَدْبًا (السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) لِمَا رَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ حِينَئِذٍ وَقَالَ تَعَالَى {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61] . (وَيُسَمِّ اللَّهَ) نَدْبًا (قَبْلَ دُخُولِهِ وَيَدْعُو) بِمَا أَحَبَّ ثُمَّ يُسَلِّمُ بَعْدَ دُخُولِهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «إذَا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَ الْمَوْلَجِ وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ» . (وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ فِي الْحَمَّامِ) أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُ بَيْتُ الشَّيْطَانِ وَلِاشْتِغَالِهِ بِالْغُسْلِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ الْأَوَّلَ دُخُولُ مَحَلِّ نَزْعِ الثِّيَابِ، وَالثَّانِيَ خُرُوجُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ جَرَى الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَ) لَا عَلَى مِنْ (يَقْضِي الْحَاجَةَ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِأَنَّ مُكَالَمَتَهُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْأَدَبِ وَالْمُرُوءَةِ. (أَوْ) عَلَى مَنْ (يَأْكُلُ) وَخَصَّهُ الْإِمَامُ بِحَالَةِ الْمَضْغِ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ كَمَا فِي التَّعْلِيقَةِ. (أَوْ) عَلَى مَنْ (يُصَلِّيَ) لِاشْتِغَالِهِ بِالصَّلَاةِ وَفِي مَعْنَاهَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ. (أَوْ) عَلَى مَنْ (يُؤَذِّنُ) وَالضَّابِطُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ بِحَالَةٍ لَا يَلِيقُ بِالْمُرُوءَةِ الْقُرْبُ مِنْهُ فِيهَا فَيَدْخُلُ النَّائِمُ وَالنَّاعِسُ وَالْخَطِيبُ. (وَلَا يَلْزَمُ) مَنْ لَا يُسْتَحَبُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ (الرَّدُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ السَّلَامُ عَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ بِمَا فِيهِ. (وَيَرُدُّ الْمُلَبِّي) فِي الْإِحْرَامِ (بِاللَّفْظِ) عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ قَطْعُ التَّلْبِيَةِ انْتَهَى وَرَدُّ الْمُلَبِّي مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِمَا مَرَّ آنِفًا. (وَيُكْرَهُ) الرَّدُّ (لِمَنْ يَبُولُ أَوْ يُجَامِعُ) أَوْ لِنَحْوِهِمَا كَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِنْجَاءِ. (وَيُسَنُّ) الرَّدُّ (لِمَنْ يَأْكُلُ أَوْ فِي الْحَمَّامِ) بِاللَّفْظِ (وَكَذَا) يُسَنُّ (لِلْمُصَلِّي وَنَحْوِهِ) كَسَاجِدٍ لِتِلَاوَةٍ وَمُؤَذِّنٍ (بِالْإِشَارَةِ) وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَيُسَنُّ إرْسَالُ السَّلَامِ إلَى غَائِبٍ) عَنْهُ (بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ وَيَجِبُ) عَلَى الرَّسُولِ (التَّبْلِيغُ) لِلْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ (وَ) يَجِبُ عَلَى الْغَائِبِ (الرَّدُّ) فَوْرًا بِاللَّفْظِ فِي الرَّسُولِ وَبِهِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ فِي الْكِتَابِ (وَيُسْتَحَبُّ الرَّدُّ عَلَى الْمُبَلِّغِ أَيْضًا) فَيَقُولُ وَعَلَيْهِ وَعَلَيْك السَّلَامُ. (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَحْرِصَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَلَاقِيَيْنِ عَلَى الْبُدَاءَةِ) بِالسَّلَامِ لَخَبَرِ «أَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّيغَتَيْنِ كَافِيَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا سَلَّمَ الذِّمِّيُّ) وَخَرَجَ بِالذِّمِّيِّ الْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ لَهُ وُجُوبًا) كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بِإِيجَابِ الرَّدِّ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ وَجَرَى عَلَى بَحْثِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْك فَقَطْ) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَذْهَبُنَا تَحْرِيمُ ابْتِدَائِهِمْ بِهِ وَوُجُوبُ رَدِّهِ عَلَيْهِمْ أَيْ بِلَفْظِ وَعَلَيْك أَوْ وَعَلَيْكُمْ دُونَ لَفْظِ السَّلَامِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أب (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْدَأُ الذِّمِّيَّ بِتَحِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ يَحْرُمُ وَكَتَبَ أَيْضًا عِبَارَةَ الْأَنْوَارِ وَتَجُوزُ تَحِيَّةُ الذِّمِّيِّ بِغَيْرِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي خُرُوجُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ جَرَى الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَوْضِعُ الِاغْتِسَالِ وَنَحْوِهِ فَقَطْ وَتَعْلِيلُهُمْ يُرْشِدُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ الْإِمَامُ بِحَالَةِ الْمَضْغِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَنْ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ) أَوْ يَخْطُبُ (قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ بِمَا فِيهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْقِيَاسُ أَنَّ هَذَا يَعُمُّ كُلَّ خَطِيبٍ (قَوْلُهُ: وَرَدُّ الْمُلَبِّي مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأَمَالِي (قَوْلُهُ: وَيُجَامِعُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِتَحْرِيمِ السَّلَامِ عَلَى الْمُجَامِعِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَذَى وَالتَّخْجِيلِ وَقِلَّةِ الْحَيَاءِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِحَالِهِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 أَوْلَى النَّاسِ بِاَللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ» . (وَ) أَنْ (يَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِ التَّلَاقِي) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ «أَنَّهُ جَاءَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرًا «إذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ» وَخَرَجَ بِتَكَرُّرِ التَّلَاقِي مَا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ بِأَنْ اتَّحِدَ مَجْلِسُ سَلَامٍ بِأَنْ سَلَّمَ فِيهِ عَلَى رَجُلٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ فِيهِ ثَانِيًا فَلَا يُسْتَحَبُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيِّ. (وَأَنْ يَبْدَأَ بِهِ قَبْلَ الْكَلَامِ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا خَبَرُ السَّلَامُ قَبْلَ الْكَلَامِ فَضَعِيفٌ. (وَإِنْ كَانَ) مَارًّا (فِي سُوقٍ أَوْ جَمْعٍ لَا يَنْتَشِرُ فِيهِمْ السَّلَامُ) الْوَاحِدُ كَالْجَامِعِ (سَلَّمَ عَلَى مَنْ يَلِيه) فَقَطْ (أَوَّلًا) أَيْ أَوَّلَ مُلَاقَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ عَلَى الْجَمِيعِ تَعَطَّلَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمْ وَخَرَجَ بِهِ عَنْ الْعُرْفِ وَإِذَا سَلَّمَ عَلَى مَنْ يَلِيه كَانَ مُؤَدِّيًا سُنَّةَ السَّلَامِ فِي حَقِّ مَنْ سَمِعَهُ وَيَدْخُلُ فِي وُجُوبِ الرَّدِّ كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ. (فَإِنْ) جَلَسَ إلَى مَنْ سَمِعَهُ سَقَطَ عَنْهُ سُنَّةُ السَّلَامِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ. وَإِنْ (تَخَطَّى وَجَلَسَ إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ) سَلَامَهُ (سَلَّمَ ثَانِيًا وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ) لِلرَّدِّ (عَنْ الْأَوَّلِينَ بِرَدِّ الْآخَرِينَ) . (وَلَا يَتْرُكُ السَّلَامَ خَوْفَ عَدَمِ الرَّدِّ) عَلَيْهِ لِتَكَبُّرٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ الْمَارُّ أَنْ يُسَلِّمَ لَا أَنْ يَحْصُلَ الرَّدُّ مَعَ أَنَّ الْمُرُورَ بِهِ قَدْ يُرَدُّ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَلَّمَ عَلَى إنْسَانٍ وَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الرَّدُّ فَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُحَلِّلَهُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ: أَبْرَأْته مِنْ حَقِّي فِي رَدِّ السَّلَامِ أَوْ جَعَلْتُهُ فِي حِلٍّ مِنْهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ لَهُ بِعِبَارَةٍ لَطِيفَةٍ رَدُّ السَّلَامِ وَاجِبٌ فَيَنْبَغِي لَك أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ لِيَسْقُطَ عَنْك الْفَرْضُ. (وَالتَّحِيَّةُ) مِنْ الْمَارِّ عَلَى مَنْ خَرَجَ مِنْ حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِنَحْوِ صَبَّحَك اللَّهُ بِالْخَيْرِ) أَوْ بِالسَّعَادَةِ أَوْ قَوَّاك اللَّهُ أَوْ طَابَ حَمَّامُك أَوْ غَيْرُهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُرْفِ (لَا أَصْلَ لَهَا) إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا شَيْءٌ (وَلَا جَوَابَ) لِقَائِلِهَا عَلَى الْمَدْعُوِّ لَهُ (فَإِنْ أَجَابَهُ بِالدُّعَاءِ فَحَسَنٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ تَأْدِيبَهُ) لِتَرْكِهِ السَّلَامَ فَتَرْكُ الدُّعَاءِ لَهُ حَسَنٌ. (وَأَمَّا الطَّلْبَقَةُ) أَيْ التَّحِيَّةُ بِهَا وَهِيَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك (فَقِيلَ بِكَرَاهَتِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ أَوْ الْعِلْمِ أَوْ مِنْ وُلَاةِ الْعَدْلِ فَالدُّعَاءُ لَهُ بِذَلِكَ قُرْبَةٌ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ بَلْ حَرَامٌ وَكَلَامُ ابْنِ أَبِي الدَّمِ يُشِيرُ إلَى مَا قَالَهُ. (وَحَنْيُ الظَّهْرِ مَكْرُوهٌ) لِخَبَرِ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ قَالَ لَا قَالَ أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ قَالَ لَا قَالَ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ قَالَ نَعَمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَلَا يُغْتَرُّ بِكَثْرَةِ مَنْ يَفْعَلُهُ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى عِلْمٍ وَصَلَاحٍ وَغَيْرِهِمَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ مِنْ جَوَازِ الِانْحِنَاءِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَلِلْمَعْرُوفِ فِي الْمَذْهَبِ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ. (وَالْقِيَامُ لِلدَّاخِلِ مُسْتَحَبٌّ إنْ كَانَ فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ) أَوْ شَرَفٍ (أَوْ وِلَادَةٍ) أَوْ رَحِمٍ (أَوْ وِلَايَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا وَيَكُونُ هَذَا الْقِيَامُ (لِلْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ) وَالِاحْتِرَامِ لَا لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ يَظْهَرُ وُجُوبُهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ دَفْعًا لِلْعَدَاوَةِ وَالتَّقَاطُعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الْمَفَاسِدِ. (وَيَحْرُمُ) عَلَى الدَّاخِلِ (مَحَبَّةُ الْقِيَامِ لَهُ) فَفِي الْحَدِيثِ الْحَسَنِ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ النَّاسُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَالْمُرَادُ بِتَمَثُّلِهِمْ لَهُ قِيَامًا أَنْ يَقْعُدَ وَيَسْتَمِرُّوا قِيَامًا لَهُ كَعَادَةِ الْجَبَابِرَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ وَمِثْلُهُ حُبُّ الْقِيَامِ لَهُ تَفَاخُرًا وَتَطَاوُلًا عَلَى الْأَقْرَانِ أَمَّا مَنْ أَحَبَّ ذَلِكَ إكْرَامًا لَهُ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَتَّجِهُ تَحْرِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شِعَارًا فِي هَذَا الزَّمَنِ لِتَحْصِيلِ الْمَوَدَّةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ. (وَتَقْبِيلُ الْيَدِ لِزُهْدٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ) كِبَرِ (سِنٍّ) أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ كَشَرَفٍ وَصِيَانَةٍ (مُسْتَحَبٌّ) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ (وَ) تَقْبِيلُهَا (لِدُنْيَا وَثَرْوَةٍ) وَنَحْوِهِمَا كَشَوْكَةٍ وَوَجَاهَةٍ عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا مَكْرُوهٌ (شَدِيدُ الْكَرَاهَةِ) . (وَتَقْبِيلُ خَدِّ طِفْلٍ) وَلَوْ (لِغَيْرِهِ لَا يُشْتَهَى وَ) سَائِرِ (أَطْرَافِهِ) أَيْ تَقْبِيلُ كُلٍّ مِنْهَا (شَفَقَةً) وَرَحْمَةً (مُسْتَحَبٌّ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ أَمَّا تَقْبِيلُهَا بِشَهْوَةٍ فَحَرَامٌ. (وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ) لِلتَّبَرُّكِ. (وَيُسَنُّ تَقْبِيلُ وَجْهِ صَاحِبٍ قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ) أَوْ نَحْوِهِ (وَمُعَانَقَتُهُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَيُكْرَهُ) ذَلِكَ (لِغَيْرِ الْقَادِمِ) مِنْ سَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَنْيِ الظَّهْرِ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ الْوَجْهِ أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ تَقْبِيلُهُ بِكُلِّ حَالٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُعَانَقَتَهُ كَتَقْبِيلِهِ أَوْ قَرِيبَةٌ مِنْهُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُقَبِّلُ وَالْمُقَبَّلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَحَنْيُ الظَّهْرِ مَكْرُوهٌ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَنْكِيسُ الرُّءُوسِ إنْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ فَلَا يُفْعَلُ كَالسُّجُودِ وَلَا بَأْسَ بِمَا يَنْقُصُ عَنْ حَدِّ الرُّكُوعِ لِمَنْ يُكْرِمُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَشْهَدُ لِمَا ذَكَرَهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يَجُوزُ الرُّكُوعُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 صَالِحَيْنِ أَمْ فَاسِقَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا صَالِحًا وَالْآخَرُ فَاسِقًا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْأَذْكَارِ. (وَتُسَنُّ الْمُصَافَحَةُ مَعَ الْبَشَاشَةِ) بِالْوَجْهِ (وَالدُّعَاءِ) بِالْمَغْفِرَةِ وَغَيْرِهَا (لِلتَّلَاقِي) فِي الثَّلَاثَةِ لِلْخَبَرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ آنِفًا وَلِخَبَرِ «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلِخَبَرِ أَنَّ «الْمُسْلِمَيْنِ إذَا الْتَقَيَا فَتَصَافَحَا وَتَكَاشَرَا بِوُدٍّ وَنَصِيحَةٍ تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا بَيْنَهُمَا» وَفِي رِوَايَةٍ «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا وَحَمِدَا اللَّهَ تَعَالَى وَاسْتَغْفَرَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُمَا» قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ مُصَافَحَةِ الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ الْوَجْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَسِّ. (وَلَا أَصْلَ لَهَا) أَيْ لِلْمُصَافَحَةِ (بَعْدَ صَلَاتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَ) لَكِنْ (لَا بَأْسَ بِهَا) فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُصَافَحَةِ، وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهَا. (وَإِنْ قَصَدَ بَابًا مُغْلَقًا) لِغَيْرِهِ (فَالسُّنَّةُ أَنْ يُسَلِّمَ) عَلَى أَهْلِهِ (ثُمَّ يَسْتَأْذِنَ) فَيَقُولَ وَهُوَ عِنْدَ الْبَابِ بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُ إلَى مَنْ بِدَاخِلِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ رَوَاهُ هَكَذَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (فَإِنْ لَمْ يُجَبْ أَعَادَهُ إلَى ثَلَاثٍ) مِنْ الْمَرَّاتِ (فَإِنْ أُجِيبَ) فَذَاكَ (وَالْأَرْجَحُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَك وَإِلَّا فَارْجِعْ» (فَإِنْ قِيلَ) لَهُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ بِدَقِّ الْبَابِ أَوْ نَحْوِهِ (مَنْ أَنْتَ فَلْيَقُلْ) نَدْبًا (فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ) أَوْ فُلَانُ الْمَعْرُوفُ بِكَذَا أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْرِيفُ التَّامُّ بِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُكَنِّيَ نَفْسَهُ) أَوْ يَقُولَ الْقَاضِي ك فُلَانٌ أَوْ الشَّيْخُ فُلَانٌ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ تَبْجِيلًا لَهُ (لِيُعْرَفَ) أَيْ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُخَاطَبُ إلَّا بِهِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ دَعَتْ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ إرَادَةِ الِافْتِخَارِ (وَيُكْرَهُ اقْتِصَارُهُ) فِي التَّعْرِيفِ (عَلَى) قَوْلِهِ (أَنَا أَوْ الْخَادِمُ) أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِهِ كَالْمُحِبِّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَقَقْت الْبَابَ فَقَالَ مَنْ ذَا فَقُلْت أَنَا فَقَالَ أَنَا أَنَا كَأَنَّهُ كَرِهَهَا» . (وَتُسَنُّ زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ وَالْجِيرَانِ) غَيْرِ الْأَشْرَارِ (وَالْإِخْوَانِ) وَالْأَقَارِبِ وَإِكْرَامِهِمْ (بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ) عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ فَتَخْتَلِفُ زِيَارَتُهُمْ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ وَفَرَاغِهِمْ لِلْأَخْبَارِ الْمَشْهُورَةِ فِي ذَلِكَ. (وَ) تُسَنُّ (اسْتِزَارَتُهُمْ) بِأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُمْ أَنْ يَزُورُوهُ وَأَنْ يُكْثِرُوا زِيَارَتَهُ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِجِبْرِيلَ مَا يَمْنَعُك أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا فَنَزَلَتْ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: 64] » . (وَ) تُسَنُّ (عِيَادَةُ الْمَرْضَى) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى نَادَاهُ مُنَادٍ بِأَنْ طِبْت وَطَابَ مَمْشَاك وَتَبَوَّأْت مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا» . (وَأَنْ يَضَعَ الْعَاطِسُ) أَيْ الَّذِي جَاءَهُ الْعُطَاسُ (يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ) أَوْ نَحْوَهُ (عَلَى وَجْهِهِ وَيَخْفِضَ صَوْتَهُ) مَا أَمْكَنَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ خَبَرًا «أَنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ» (وَ) أَنْ (يَحْمَدَ اللَّهَ) عَقِبَ عُطَاسِهِ بِأَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ فَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَانَ أَحْسَنَ وَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَانَ أَفْضَلَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلْيَقُلْ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَيَقُولُ هُوَ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» . (وَإِنْ كَانَ) الْعَاطِسُ (فِي صَلَاةٍ أَسَرَّ بِهِ) أَوْ فِي حَالَةِ الْبَوْلِ أَوْ الْجِمَاعِ أَوْ نَحْوِهِمَا حَمِدَ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَتَقَدَّمَتْ الْأُولَى فِي الِاسْتِنْجَاءِ. (فَإِنْ حَمِدَ) اللَّهَ (شُمِّتَ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ. فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْعُطَاسُ مُتَوَالِيًا سُنَّ تَشْمِيتُهُ لِكُلِّ مَرَّةٍ (إلَى ثَلَاثٍ) مِنْ الْمَرَّاتِ لِتَكَرُّرِ السَّبَبِ وَفِيهِ خَبَرٌ رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ (ثُمَّ) إنْ زَادَ عَلَيْهَا (يُدْعَى لَهُ بِالشِّفَاءِ وَيُذَكَّرُ بِالْحَمْدِ إنْ تَرَكَهُ) ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْرُوفٍ وَلَا يُشَمِّتُهُ حَتَّى يَسْمَعَ تَحْمِيدَهُ وَأَقَلُّ الْحَمْدِ والتَّشْمِيتِ وَجَوَابِهِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ صَاحِبُهُ وَإِذَا قَالَ الْعَاطِسُ لَفْظًا آخَرَ غَيْرَ الْحَمْدِ لَمْ يُشَمَّتْ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى فَشَمِّتُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ تَعَالَى فَلَا تُشَمِّتُوهُ» صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ. (فَإِنْ شُمِّتَ قَالَ) نَدْبًا لِمُشَمِّتِيهِ (يَهْدِيكُمْ اللَّهُ أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ) أَوْ نَحْوِهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وغَيْرِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِي أَنَّ هَذَا سُنَّةٌ، وَرَدُّ السَّلَامِ وَاجِبٌ أَنَّ التَّشْمِيتَ لِلْعُطَاسِ وَلَا عُطَاسَ بِالْمُشَمِّتِ وَالتَّحِيَّةُ تَشْمَلُ الطَّرَفَيْنِ وَفِي حُصُولِ الْفَرْقِ بِمَا قَالَهُ نَظَرٌ. (وَالتَّشْمِيتُ) لِلْمُسْلِمِ (يَرْحَمُك اللَّهُ) أَوْ رَبُّك لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ الْآتِي وَكَيَرْحَمُكَ اللَّهُ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ وَرَحِمَك اللَّهُ وَرَحِمَكُمْ اللَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْأَذْكَارِ. (وَهُوَ) أَيْ التَّشْمِيتُ (سُنَّةُ كِفَايَةٍ) كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ. (وَ) التَّشْمِيتُ (لِلْكَافِرِ يَهْدِيك اللَّهُ) وَنَحْوُهُ لَا يَرْحَمُك اللَّهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ. (وَيُسَنُّ رَدُّ التَّثَاؤُبِ) مَا اسْتَطَاعَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا عَطَسَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْتَرَزَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُخَاطَبُ إلَّا بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْعُطَاسُ مُتَوَالِيًا إلَخْ) لَوْ عَطَسَ مَرَّاتٍ مُتَتَابِعَةً صَبَرَ حَتَّى فَرَغَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ يَقُولُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَتَكْفِيهِ مَرَّةٌ وَلَوْ عَطَسَ عَشْرًا (قَوْلُهُ: وَالتَّشْمِيتُ يَرْحَمُك اللَّهُ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُقَالُ لِلصَّغِيرِ أَصْلَحَك اللَّهُ أَوْ بَارَكَ اللَّهُ فِيك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ أَحَدُكُمْ إذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ» قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعُطَاسَ سَبَبُهُ مَحْمُودٌ وَهُوَ خِفَّةُ الْجِسْمِ الَّتِي تَكُونُ لِقِلَّةِ الْأَخْلَاطِ وَتَخْفِيفِ الْغِذَاءِ وَهُوَ أَمْرٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُضْعِفُ الشَّهْوَةَ وَيُسَهِّلُ الطَّاعَةَ، وَالتَّثَاؤُبُ بِضِدِّ ذَلِكَ (فَإِنْ غَلَبَ) هـ التَّثَاؤُبُ (سَتَرَ فَمَه) بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فَمِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ» سَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا وَالتَّقْيِيدُ بِالْغَلَبَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ. (وَأَنْ يُلَبِّيَ الدَّاعِي) أَيْ الْمُنَادِي لَهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ أَوْ لَبَّيْكَ فَقَطْ (وَ) أَنْ (يُرَحِّبَ بِالْقَادِمِ) عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ مَرْحَبًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَحْرِيمُ تَلْبِيَةِ الْكَافِرِ وَالتَّرْحِيبِ بِهِ وَيَبْعُدُ اسْتِحْبَابُ تَلْبِيَةِ الْفَاسِقِ وَالتَّرْحِيبِ بِهِ أَيْضًا (وَ) أَنْ (يُخْبِرَ أَخَاهُ بِحُبِّهِ لَهُ فِي اللَّهِ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ (وَ) أَنْ (يَدْعُوَ لِمَنْ أَحْسَنَ إلَيْهِ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا أَوْ حَفِظَك اللَّهُ أَوْ نَحْوَهُمَا لِلْأَخْبَارِ الْمَشْهُورَةِ فِي ذَلِكَ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ لِلرَّجُلِ الْجَلِيلِ فِي عِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاك أَوْ فِدَاك أَبِي وَأُمِّي وَنَحْوِهِمَا، وَدَلَائِلُهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ. (الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْجِهَادِ) وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ وَيُكْرَهُ الْغَزْوُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ) نَادِبًا مَعَهُ وَلِأَنَّهُ أَعْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ بِمَصَالِحِ الْجِهَادِ وَلَا يَحْرُمُ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ التَّغْرِيرِ بِالنُّفُوسِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجِهَادِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالْمُتَطَوِّعَةِ أَمَّا الْمُرْتَزِقَةُ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُمْ مَرْصُودُونَ لِمُهِمَّاتٍ تَعْرِضُ لِلْإِسْلَامِ يَصْرِفُهُمْ فِيهَا الْإِمَامُ فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأُجَرَاءِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ مَا لَوْ كَانَ الذَّهَابُ لِلِاسْتِئْذَانِ يُفَوِّتُ الْمَقْصُودَ أَوْ عَطَّلَ الْإِمَامُ الْغَزْوَ وَأَقْبَلَ هُوَ وَجُنُودُهُ عَلَى الدُّنْيَا أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إنْ اُسْتُؤْذِنَ لَمْ يَأْذَنْ. (وَإِنْ بَعَثَ سَرِيَّةً سُنَّ) لَهُ (أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا وَ) أَنْ (يُلْزِمَهُمْ طَاعَتَهُ وَيُوصِيَهُ بِهِمْ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اُغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ» . (وَ) أَنْ (يُبَايِعَهُمْ أَنْ لَا يَفِرُّوا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَ) أَنْ (يَخْرُجُوا صُبْحَ) يَوْمِ (الْخَمِيسِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ فِيهِ. (وَ) أَنْ (يَبْعَثَ الطَّلَائِعَ) وَيَتَجَسَّسَ أَخْبَارَ الْكُفَّارِ وَأَنْ يَعْقِدَ الرَّايَاتِ. (وَيَجْعَلَ لِكُلِّ فَرِيقٍ رَايَةً وَشِعَارًا) حَتَّى لَا يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بَيَانًا. (وَ) أَنْ (يُعَبِّيَهُمْ) بِالْبَاءِ الْمُشَدَّدَةِ بَعْدَ الْعَيْنِ (لِلْقِتَالِ) بِأَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ بِتَعْبِيَةِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَأَهْيَبُ. (وَ) أَنْ (يُحَرِّضَهُمْ) عَلَيْهِ وَعَلَى الصَّبْرِ وَالثَّبَاتِ. (وَ) أَنْ (يَدْعُوَ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَ) أَنْ (يَسْتَنْصِرَ بِالضُّعَفَاءِ) . (وَ) أَنْ (يُكَبِّرَ بِلَا إسْرَافٍ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ) وَكُلُّ ذَلِكَ مَشْهُورٌ فِي سِيَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَيَجِبُ عَرْضُ الْإِسْلَامِ أَوَّلًا) عَلَى الْكُفَّارِ بِأَنْ يَدْعُوَهُمْ إلَيْهِ (إنْ) عَلِمْنَا أَنَّهُ (لَمْ تَبْلُغْهُمْ الدَّعْوَةُ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ) . (وَجَازَ بَيَاتُهُمْ) أَيْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ لَيْلًا بِغَيْرِ دُعَاءٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ» «وَسُئِلَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ هُمْ مِنْهُمْ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَأَمَّا خَبَرُ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِمْ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ السَّبْيِ؛ لِأَنَّهُمْ غَنِيمَةٌ. (وَ) جَازَ (قِتَالُهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُؤَدِّيَ أَهْلُ الْجِزْيَةِ الْجِزْيَةَ) وَيَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ تُسْبَى نِسَاءُ غَيْرِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ وَأَنْ تُغْنَمَ أَمْوَالُهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا كَمَا سَيَأْتِي. (وَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ) عَلَيْهِمْ (بِعَبِيدٍ أُذِنَ لَهُمْ وَمُرَاهِقِينَ أَقْوِيَاءَ) كَذَلِكَ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْمُكَاتَبَ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ سَيِّدِهِمَا وَفِيمَا قَالَهُ فِي الْمُكَاتَبِ وَقْفَةٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: سَتَرَ فَمَه بِيَدِهِ) أَيْ الْيُسْرَى وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الْيُسْرَى لِأَنَّهَا لِتَنْحِيَةِ الْأَذَى وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ الْمُتَجَشِّي وَالْأَبْخَرُ فِي الْجَمَاعَةِ لِئَلَّا يُؤْذِي بِرِيحٍ فِيهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْجِهَادِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْجِهَادِ) (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ: إنَّهُ الظَّاهِرُ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْقَطْعُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: سُنَّ أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا) وَيُسَنُّ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا فِي الْأَحْكَامِ الدِّينِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَخْرُجُوا صُبْحَ يَوْمِ الْخَمِيسِ) وَلَا يَبْعَثُ السَّرَايَا إلَّا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَرْضُ الْإِسْلَامِ أَوَّلًا إلَخْ) فَإِنْ قُتِلَ مِنْهُمْ إنْسَانٌ قَبْلَ ذَلِكَ ضُمِنَ بِالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُؤَدِّي أَهْلُ الْجِزْيَةِ الْجِزْيَةَ) مَحَلُّهُ قَبْلَ نُزُولِ عِيسَى فَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ (قَوْلُهُ: وَمُرَاهِقِينَ أَقْوِيَاءَ) نَاقَشَ الْبُلْقِينِيُّ فِي اعْتِبَارِ كَوْنِهِمْ مُرَاهِقِينَ بَلْ إذَا حَصَلَتْ مِنْ الْمُمَيِّزِ إعَانَةٌ وَرَأَى الْإِمَامُ اسْتِصْحَابَهُ جَازَ كَمَا يَقْتَضِيه نَصُّ الْأُمِّ وَكَوْنُهُمْ أَقْوِيَاءَ بَلْ الْمُعْتَبَرُ حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ بِهِمْ وَقَدْ أَطْلَقَ الشَّيْخَانِ جَوَازَ اسْتِصْحَابِ الْمُرَاهِقِينَ لِمَصْلَحَةِ سَقْيِ الْمَاءِ وَمُدَاوَاةِ الْجَرْحَى كَمَا يُسْتَصْحَبُ النِّسَاءُ لِمِثْلِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَجَانِينِ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُقَالُ كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ مُسَلَّمٌ وَلَمْ يَتَوَارَدْ هُوَ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَالنَّوَوِيُّ فَرَضَ كَلَامَهُ فِي الِاسْتِعَانَةِ لِلْقِتَالِ إذْ كَلَامُهُ فِيهِ وَقَرِينَةُ الْمَقَامِ مُخَصِّصَةٌ وَالْبُلْقِينِيُّ فَرَضَ كَلَامَهُ فِي مُطْلَقِ الْمَنْفَعَةِ بِهِمْ فَنَاسَبَ الْغَرَضَ الْأَوَّلَ الْمُرَاهَقَةُ وَالْقُدْرَةُ دُونَ الثَّانِي كا (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَخْ اسْتِثْنَاؤُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَرْدُودٌ إذْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ السَّيِّدِ فِيهِمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 وَالنِّسَاءُ وَالْخَنَاثَى إنْ كَانُوا أَحْرَارًا فَكَالْمُرَاهِقِينَ فِي اسْتِئْذَانِ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ أَرِقَّاءَ فَكَالْعَبِيدِ فِي اسْتِئْذَانِ السَّادَاتِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِي الرَّقِيقِ إذْنَ سَيِّدِهِ لَا أَصْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُبَعَّضِ إذْنُ أَصْلِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَإِذْنُ سَيِّدِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ. (وَ) لَهُ الِاسْتِعَانَةُ (بِكُفَّارٍ) ذِمِّيِّينَ أَوْ مُشْرِكِينَ (أَمَّنَّاهُمْ) بِأَنْ عَرَفْنَا حُسْنَ رَأْيِهِمْ فِينَا (وَنَحْنُ نُقَاوِمُ الْفَرِيقَيْنِ) أَيْ الْمُسْتَعَانَ بِهِمْ وَالْمُسْتَعَانَ عَلَيْهِمْ لَوْ اجْتَمَعْنَا بِأَنْ لَا يَكْثُرَ الْعَدَدُ بِالْمُسْتَعَانِ بِهِمْ كَثْرَةً ظَاهِرَةً وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ لِذَلِكَ وَالْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ لِلْمَنْعِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ إحْضَارِ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ كَالْمُسْلِمِينَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ بِلَا تَرْجِيحٍ. ثَانِيهِمَا لَا إذْ لَا قِتَالَ مِنْهُمْ وَلَا رَأْيَ وَلَا يُتَبَرَّكُ بِحُضُورِهِمْ وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَيَتَمَيَّزُونَ) عَنَّا (أَوْ يَخْتَلِطُونَ) بِنَا (بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ) الَّتِي يَرَاهَا الْإِمَامُ. (وَيُرَدُّ مُخَذِّلٌ) عَنْ الْخُرُوجِ فِي الْجَيْشِ وَهُوَ مَنْ يُخَوِّفُ النَّاسَ كَأَنْ يَقُولَ عَدُوُّنَا كَثِيرٌ وَخُيُولُنَا ضَعِيفَةٌ وَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ (وَمُرْجِفٌ) وَهُوَ مَنْ يُكْثِرُ الْأَرَاجِيفَ كَأَنْ يَقُولَ قُتِلَتْ سَرِيَّةُ كَذَا أَوْ لَحِقَهُمْ مَدَدٌ لِلْعَدُوِّ مِنْ جِهَةِ كَذَا أَوْ لَهُمْ كَمِينٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا (وَخَائِنٌ) وَهُوَ مَنْ يَتَجَسَّسُ لَهُمْ وَيُطْلِعُهُمْ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ وإنَّمَا «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فِي الْغَزَوَاتِ» وَهُوَ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ مَعَ ظُهُورِ التَّخْذِيلِ وَغَيْرِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا أَقْوِيَاءَ فِي الدِّينِ لَا يُبَالُونَ بِالتَّخْذِيلِ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَطَّلِعُ بِالْوَحْيِ عَلَى أَفْعَالِهِ فَلَا يَسْتَضِرُّ بِكَيْدِهِ (وَيُمْنَعُ) كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ حَتَّى سَلَبِ قَتِيلِهِ. [فَصْلٌ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِلْجِهَادِ] (فَصْلٌ لَا يَصِحُّ) مِنْ أَحَدٍ (اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِلْجِهَادِ) ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْإِجَارَةِ مَعَ زِيَادَةٍ (وَلَوْ عَبْدًا) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ لِلْجِهَادِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ الْكُفَّارُ دَارَنَا تَعَيَّنَ عَلَى الْعَبْدِ الْجِهَادُ. (وَلِلْإِمَامِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (بَذْلُ الْأُهْبَةِ) وَمِنْهَا السِّلَاحُ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَهُ) الْأَوْلَى فَلَهُ (ثَوَابُ عَمَلِهِ) أَيْ إعَانَتِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا» . (وَثَوَابُ الْجِهَادِ لِمُبَاشِرِهِ) وَكَذَا لِلْآحَادِ بَذْلُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِمْ وَلَهُمْ ثَوَابُ إعَانَتِهِمْ وَثَوَابُ الْجِهَادِ لِمُبَاشِرِهِ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُسْلِمِ أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا بَلْ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى اجْتِهَادٍ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَخُونُ وَمَا ذُكِرَ مَحَلُّهُ إذَا بَذَلَ ذَلِكَ لَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْغَزْوُ لِلْبَاذِلِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَمَا يُدْفَعُ إلَى الْمُرْتَزِقَةِ مِنْ الْفَيْءِ) وَإِلَى الْمُتَطَوِّعَةِ مِنْ الصَّدَقَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَيْسَ بِأُجْرَةٍ) لَهُمْ (بَلْ) هُوَ (مُرَتَّبُهُمْ) وَجِهَادُهُمْ وَاقِعٌ عَنْهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَلَوْ أَجْبَرَ الْإِمَامُ حُرًّا عَلَى غُسْلِ) أَوْ دَفْنِ (فَقِيرٍ) مَيِّتٍ (وَلَا بَيْتَ مَالٍ) ثَمَّ (فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجْبَرَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ أَوْ كَانَ غَنِيًّا أَوْ كَانَ ثَمَّ بَيْتُ مَالٍ كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ، وَقَوْلُهُ حُرًّا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِرَجُلًا كَانَ أَوْلَى وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الِاخْتِصَارَ فِي قَوْلِهِ (أَوْ) أَجْبَرَ حُرًّا مُسْلِمًا (عَلَى الْجِهَادِ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَإِنْ قَاتَلَ (إنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ) لِمَا مَرَّ (وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الذَّهَابِ أَوْ) أَجْبَرَ عَلَيْهِ (عَبْدًا فَلِسَيِّدِهِ الْأُجْرَةُ) مِنْ حِينِ ذَهَابِهِ إلَى عَوْدِهِ لِيَدِهِ. (وَلِلْإِمَامِ لَا لِغَيْرِهِ اسْتِئْجَارُ كَافِرٍ لِلْجِهَادِ وَلَوْ بِأَكْثَرَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ) وَقَوْلُهُ قَالَ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُبَعَّضِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِكَفَّارٍ إلَخْ) نَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَمَاعَةٍ اشْتِرَاطَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَكْثُرَ الْمُسْتَعَانُ بِهِمْ) كَثْرَةً ظَاهِرَةً كَأَنْ يَكُونَ الْكُفَّارُ مِائَتَيْنِ وَالْمُسْتَعَانُ بِهِمْ خَمْسِينَ وَالْمُسْلِمُونَ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَحَكَى فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ شَرْطًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدًا لِعَدُوٍّ كَالْيَهُودِ مَعَ النَّصَارَى قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: كَلَامُ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَقَدْ غَزَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَهُمْ مُشْرِكُونَ قَالَ فِي التَّصْحِيحِ الْأَصَحُّ عِنْدَنَا الْجَوَازُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأُمِّ وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ مَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَهُ وَقَوْلُهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ حِصَارِ نِسَائِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْأُمُّ) فَقَالَ وَنِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ فِي هَذَا وَصِبْيَانُهُمْ كَرِجَالِهِمْ لَا يَحْرُمُ أَنْ يَشْهَدُوا الْقِتَالَ اهـ وَيُسَاعِدُهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ إنَّ نِسَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا خَرَجْنَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَهُنَّ الرَّضْخُ وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْغَنِيمَةِ (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ) شَمِلَ إجَارَةَ عَيْنِهِ وَذِمَّتِهِ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ هُوَ بِسَبِيلِ مِنْ أَنْ يَسْتَنِيبَ عَنْهُ كَافِرًا عِوَضًا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ خَاصٌّ بِالْإِمَامِ لَا بِالْآحَادِ كا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا) أَوْ صَبِيًّا (قَوْلُهُ: وَثَوَابُ الْجِهَادِ لِمُبَاشِرِهِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمَالِيهِ أَيُّمَا أَفْضَلُ الْمُجَاهِدُ الَّذِي يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الَّذِي يُسْلِمُ وَيَقْتُلُ الْكُفَّارَ فَأَجَابَ بِأَنَّ الثَّانِيَ أَفْضَلُ لِمَحْوِهِ الْكُفْرَ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ إلَّا مُؤْمِنًا لَكِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كا (قَوْلُهُ: أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا بَلْ يَرْجِع فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ مَحَلُّهُ إذَا بُذِلَ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ لَا لِغَيْرِهِ اسْتِئْجَارُ كَافِرٍ لِلْجِهَادِ) مَحَلُّ جَوَازِ اسْتِئْجَارِهِ مِنْ حَيْثُ تَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ حَيْثُ تَمْتَنِعُ فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا اسْتِمْرَارُ الْإِجَارَةِ وَلَوْ أَسْلَمَ لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ طَاهِرًا لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ فَحَاضَتْ مِنْ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ انْفِسَاخُهَا هُنَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ تَعَذَّرَ سَفَرُ الْجَيْشِ لَصَلُحَ صَدْرٌ قَبْلَهُ كَانَ عُذْرًا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْفَسِخُ بِالْعُذْرِ وَيَسْتَرْجِعُ الْإِمَامُ مِنْهُمْ مَا دَفَعَهُ لَهُمْ وَإِنْ كَانَ بَعْد وُرُودِهِ لَهُمْ دَارَ الْحَرْبِ لَمْ يَسْتَرْجِعْ مِنْهُمْ شَيْئًا لِأَنَّ سَيْرَ الْجَيْشِ إلَيْهِمْ أَثَّرَ فِي الرَّهْبَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَبْلَ دُخُولِهِمْ أَرْضَ الْحَرْبِ فَفِي اسْتِحْقَاقِهِمْ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ الْمَسَافَةِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَرْجَحُ فِي نَظِيرِهَا مِنْ الْحَجِّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا فَكَذَلِكَ الْأَرْجَحُ هُنَا وَإِنْ كَانَ تَرَكَ الْجِهَادَ لِانْهِزَامِ الْعَدُوِّ اسْتَحَقُّوا الْأُجْرَةَ وَإِنْ تَرَكُوهُ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ رَدُّوا مِنْ الْأُجْرَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 مِنْ سَهْمٍ) لِرَاجِلٍ أَوْ فَارِسٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُ وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِأَعْمَالِ الْقِتَالِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي مُعَامَلَاتِ الْكُفَّارِ لِمَصَالِح الْقِتَالِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعِلْجِ الْآتِيَةِ فِي بَابِ الْأَمَانِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ الْإِمَامِ اسْتِئْجَارُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ لِكَوْنِ الْجِهَادِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَيُفَارِقُ صِحَّةَ اسْتِئْجَارِهِ فِي الْأَذَانِ بِأَنَّ الْأَجِيرَ ثَمَّ مُسْلِمٌ وَهُنَا كَافِرٌ لَا تُؤْمَنُ خِيَانَتُهُ. (وَالْأُجْرَةُ) الْوَاجِبَةُ لِلْكَافِرِ مُسَمَّاةً كَانَتْ أَمْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ تُؤَدَّى (مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ) مِنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ أَوْ غَيْرِهَا لَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ وَلَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْضُرُ لِلْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ (فَإِنْ أَكْرَهَهُ) الْإِمَامُ عَلَيْهِ (أَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِمَجْهُولٍ) كَأَنْ قَالَ أُرْضِيك أَوْ أُعْطِيك مَا تَسْتَعِينُ بِهِ (وَقَاتِلْ وَجَبَتْ) لَهُ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقَاتِلْ كَنَظَائِرِهِ وَقَوْلُهُ وَقَاتِلْ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ قَهَرَهُمْ) أَيْ الْكُفَّارَ (عَلَى الْخُرُوجِ) لِلْجِهَادِ (وَلَمْ يُقَاتِلُوا فَلَا أُجْرَةَ) لَهُمْ (لِمُدَّةِ وُقُوفِهِمْ) فِي الصَّفِّ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ وَلَمْ يَحْصُلْ وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ لَا تُضْمَنُ إلَّا بِالتَّفْوِيتِ وَخَرَجَ بِمُدَّةِ وُقُوفِهِمْ مُدَّةُ ذَهَابِهِمْ فَلَهُمْ أُجْرَتُهَا (أَوْ هَرَبُوا قَبْلَ الْوُقُوفِ فِي الصَّفِّ) أَوْ خَلَّى سَبِيلَهُمْ قَبْلَهُ (فَلَهُمْ أُجْرَةُ الذَّهَابِ فَقَطْ) وَإِنْ تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُمْ فِي الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْصَرِفُونَ حِينَئِذٍ كَيْفَ شَاءُوا وَلَا حَبْسَ وَلَا اسْتِئْجَارَ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ فَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ وُقُوفِهِمْ لِيَكُونَ جَوَابُ مَا بَعْدَهُ جَوَابًا لِلْجَمِيعِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ. (وَإِنْ رَضُوا بِالْخُرُوجِ وَلَمْ يَعِدْهُمْ) بِشَيْءٍ (رَضَخَ لَهُمْ) مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا وَيُفَارِقُ الْأُجْرَةَ بِأَنَّهُ إذَا حَضَرَ طَائِعًا بِلَا مُسَمًّى فَقَدْ تَشَبَّهَ بِالْمُجَاهِدِينَ فَجُعِلَ فِي الْغَنِيمَةِ مَعَهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا حَضَرَ بِأُجْرَةٍ فَإِنَّهَا عِوَضٌ مَحْضٌ وَنَظَرُهُ مَقْصُورٌ عَلَيْهَا فَجُعِلَتْ فِيمَا يَخْتَصُّ بِيَدِ الْإِمَامِ وَتَصَرُّفِهِ وَلَا يُزَاحِمُهُمْ فِيهِ الْغَانِمُونَ (لَا إنْ خَرَجُوا بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الذَّبِّ عَنْ الدِّينِ بَلْ مُتَّهَمُونَ بِالْخِيَانَةِ وَالْمَيْلِ إلَى أَهْلِ دِينِهِمْ سَوَاءٌ أَنَّهَا هَمٌّ عَنْ الْخُرُوجِ أَمْ لَا بَلْ لَهُ تَقْرِيرُهُمْ فِيمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ إنْ رَآهُ. [فَصْلٌ يُكْرَهُ لِغَازٍ قَتْلُ قَرِيبٍ لَهُ مِنْ الْكُفَّارِ] (فَصْلٌ وَيُكْرَهُ) لِغَازٍ (قَتْلُ قَرِيبٍ) لَهُ مِنْ الْكُفَّارِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الرَّحِمِ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَحْمِلُهُ الشَّفَقَةُ عَلَى النَّدَمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِضَعْفِهِ (وَ) قَتْلُ الْقَرِيبِ (الْمَحْرَمِ أَشَدُّ) كَرَاهَةً مِنْ قَتْلِ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] «وَقَدْ مَنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ عَنْ قَتْلِ ابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ يَوْمَ بَدْرٍ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ» (لَا إنْ سَمِعَهُ يَسُبُّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُرَادُ أَنْ يَذْكُرَهُ بِسُوءٍ فَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ تَقْدِيمًا لِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ رَسُولِهِ؛ لِأَنَّ «أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ قَتَلَ أَبَاهُ حِينَ سَمِعَهُ يَسُبُّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ» . (وَيَحْرُمُ قَتْلُ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) مِنْ الْكُفَّارِ لِلنَّهْيِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَإِلْحَاقِ الْجُنُونِ بِالصَّبِيِّ وَالْخُنْثَى بِالْمَرْأَةِ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَةٍ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ وَرُبَّمَا يُسْتَرَقُّونَ فَيَكُونُونَ قُوَّةً لَنَا (إلَّا إنْ قَاتَلُوا) فَيَجُوزُ قَتْلُهُمْ وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُمْ بِغَيْرِهِ وَفِي مَعْنَى الْقِتَالِ سَبُّ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى لِلْمُسْلِمِينَ. (وَيُقْتَلُ مُرَاهِقٌ أَنْبَتَ) الشَّعْرَ (الْخَشِنَ) عَلَى عَانَتِهِ؛ لِأَنَّ إنْبَاتَهُ دَلِيلُ بُلُوغِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ (لَا إنْ ادَّعَى اسْتِعْجَالَهُ) بِدَوَاءٍ (وَحَلَفَ) أَنَّهُ اسْتَعْجَلَهُ بِذَلِكَ فَلَا يُقْتَلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِنْبَاتَ لَيْسَ بُلُوغًا بَلْ دَلِيلُهُ (وَحَلِفُهُ) عَلَى ذَلِكَ (وَاجِبٌ) وَإِنْ تَضَمَّنَ حَلِفَ مَنْ يَدَّعِي الصِّبَا (لِظُهُورِ أَمَارَةِ الْبُلُوغِ) فَلَا يُتْرَكُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ. (وَيَجُوزُ قَتْلُ رَاهِبٍ) شَيْخٍ أَوْ شَابٍّ (وَأَجِيرٍ وَمُحْتَرِفٍ وَشَيْخٍ) وَلَوْ ضَعِيفًا (وَأَعْمَى وَزَمِنٍ) وَمَقْطُوعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ وَالصَّفُّ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ خَبَرَ «اُقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ واسْتَحْيُوا شَرْخَهُمْ» أَيْ مُرَاهِقِيهِمْ وَلِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ مُكَلَّفُونَ فَجَازَ قَتْلُهُمْ كَغَيْرِهِمْ. (وَيُقْتَلُ مِنْهُمْ ذُو الرَّأْيِ) وَغَيْرُهُ فَلَوْ ذُكِرَ غَيْرُهُ كَانَ أَوْلَى (وَكَذَا السُّوقَةُ) بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْوَاوِ (لَا الرُّسُلِ) فَلَا يُقْتَلُونَ لِجَرَيَانِ السُّنَّةِ بِذَلِكَ. (وَيَجُوزُ حِصَارُهُمْ) فِي الْبِلَادِ وَالْقِلَاعِ وَالْحُصُونِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ وَاحْتَمَلَ أَنْ يُصِيبَهُمْ. (وَ) يَجُوزُ (إتْلَافُهُمْ بِالْمَاءِ وَالنَّارِ) قَالَ تَعَالَى {وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} [التوبة: 5] «وَحَاصَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ الطَّائِفِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَنَصَبَ عَلَيْهِمْ الْمَنْجَنِيقَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقِيسَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَعُمُّ الْإِهْلَاكُ بِهِ نَعَمْ لَوْ تَحَصَّنُوا بِحَرَمِ مَكَّةَ لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُمْ بِمَا يَعُمُّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ   [حاشية الرملي الكبير] بِالْقِسْطِ وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ تَقْسِيطَهُ فِي قَطْعِ الْمَسَافَةِ مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ وَالْقِتَالِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمَا اسْتِمْرَارُ الْإِجَارَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ فَلَا أُجْرَةَ إلَخْ) الْأَوْلَى مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنَّ أُجْرَةَ مِثْلِ رُجُوعِهِمْ فِي الْأُولَى قَدْ تَجِبُ إذَا لَمْ يَزُلْ قَهْرُ الْإِمَامِ عَنْهُمْ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَقَتْلُ الْقَرِيبِ وَالْمَحْرَمِ أَشَدُّ) خَرَجَ بِهِ الْمَحْرَمُ الَّذِي لَيْسَ بِقَرِيبٍ كَالرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَسُبُّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَلْتَحِقُ بِهَذَا مَا إذَا قَصَدَ قَتْلَهُ أَوْ قَتْلَ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمْكَنَهُ دَفْعُهُ عَنْهُ وَلَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَتْلِهِ أَوْ كَانَ بَطَلًا لَيْسَ لَهُ كُفْءٌ غَيْرُ قَرِيبِهِ وَخَشِيَ أَنَّهُ لَوْ كَفَّ عَنْهُ لَأَنْكَى فِي الْمُسْلِمِينَ أَوْ بَدَّدَ جَمْعَهُمْ وَمَا فِي مَعْنَى هَذَا وَهَذَا وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مَسْطُورًا فَهُوَ وَاضِحٌ جَلِيٌّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَلْتَحِقُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى الْقِتَالِ سَبُّ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى لِلْمُسْلِمِينَ) أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى مِنْ قَوْمٍ لَا كِتَابَ لَهُمْ كَالدَّهْرِيَّةِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَامْتَنَعَا مِنْ الْإِسْلَامِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقْتَلَانِ أَوْ لَمْ يَجِدْ الْمُضْطَرُّ سِوَاهُمَا فَلَهُ قَتْلُهُمَا وَأَكْلُهُمَا وَمِثْلُهُمَا فِي هَذَا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ (تَنْبِيهٌ) مِنْ الْمَعْلُومِ الْمَقْطُوعِ بِهِ أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْكُفَّارِ يَمُوتُ كَافِرًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَحَصَّنُوا بِحَرَمِ مَكَّةَ لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْ إذَا أَمْكَنَ إصْلَاحُ الْحَالِ بِدُونِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ إتْلَافُهُمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 يَجُوزُ إتْلَافُهُمْ بِمَا ذُكِرَ وَإِنْ قَدَرْنَا عَلَيْهِمْ بِدُونِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ لَكِنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ. (وَ) يَجُوزُ (سَبْيُ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا أَيْ صِغَارِهِمْ وَمَجَانِينِهِمْ مَعَ أَنَّ ذَرَارِيَّهُمْ تَشْمَلُ نِسَاءَهُمْ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ قُرْقُولٍ (وَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ) . (وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ) وَهُمْ بِالْبَلْدَةِ أَوْ الْقَلْعَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا (مُسْلِمٌ كُرِهَ) إتْلَافُهُمْ بِالْمَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَلَا يَحْرُمُ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الْجِهَادُ لِحَبْسِ مُسْلِمٍ فِيهِمْ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ قَدْ لَا يُصَابُ وَلِأَنَّ الدَّارَ دَارُ إبَاحَةٍ فَلَا يَحْرُمُ الْقِتَالُ بِكَوْنِ الْمُسْلِمِ فِيهَا كَمَا أَنَّ دَارَنَا لَا تَحِلُّ بِكَوْنِ الْمُشْرِكِ فِيهَا (إلَّا) إنْ فَعَلَ ذَلِكَ (لِضَرُورَةٍ) كَخَوْفِ ضَرَرِنَا أَوْ لَمْ يَحْصُلْ فَتْحُ الْقَلْعَةِ إلَّا بِهِ فَلَا يُكْرَهُ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ يُصِيبُ مُسْلِمًا دَفْعًا لِضَرَرِنَا وَنِكَايَةً فِيهِمْ، وَحِفْظُ مَنْ مَعَنَا أَوْلَى مِنْ حِفْظِ مَنْ مَعَهُمْ وَإِنْ هَلَكَ أَحَدٌ مِمَّنْ مَعَهُمْ رُزِقَ الشَّهَادَةَ (فَإِنْ أَصَابَهُ) بِمَا يَعُمُّ أَوْ بِغَيْرِهِ (وَقَدْ عَلِمَهُ فِيهِمْ وَجَبَتْ دِيَةٌ وَكَفَّارَةٌ وَإِلَّا فَكَفَّارَةٌ) فَقَطْ وَهَذَا حَكَاهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ وُجُوبِ الدِّيَةِ كَمَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي الْجِنَايَاتِ. (وَمَتَى تَتَرَّسُوا) فِي الْقِتَالِ (بِصِبْيَانِهِمْ وَنِسَائِهِمْ) وَنَحْوِهِمْ (وَلَوْ فِي قَلْعَةٍ رَمَيْنَاهُمْ) وَإِنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ كَمَا يَجُوزُ نَصْبُ الْمَنْجَنِيقِ عَلَى الْقَلْعَةِ وَإِنْ كَانَ يُصِيبُهُمْ وَلِئَلَّا يَتَّخِذُوا ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى تَعْطِيلِ الْجِهَادِ أَوْ حِيلَةً إلَى اسْتِبْقَاءِ الْقِلَاعِ لَهُمْ وَفِي ذَلِكَ فَسَادٌ عَظِيمٌ وَخَالَفَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَنَا رَمْيُهُمْ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَتْلِهِمْ بِلَا ضَرُورَةٍ وَقَدْ نُهِينَا عَنْ قَتْلِهِمْ. (أَوْ) تَتَرَّسُوا (بِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَلَا) تَرْمِيهِمْ إنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ وَاحْتَمَلَ الْحَالُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُمْ صِيَانَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَفَارَقَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ بِأَنَّ الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ مَحْقُونَا الدَّمِ لِحُرْمَةِ الدِّينِ وَالْعَهْدِ فَلَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ حُقِنُوا لَحِقَ الْغَانِمِينَ فَجَازَ رَمْيُهُمْ بِلَا ضَرُورَةٍ فَلَوْ رَمَى رَامٍ فَقَتَلَ مُسْلِمًا فَحُكْمُهُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ (فَلَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ) إلَى ذَلِكَ بِأَنْ تَتَرَّسُوا فِي حَالِ الْتِحَامِ الْقِتَالِ بِهِ وَكَانُوا بِحَيْثُ لَوْ كَفَفْنَا عَنْهُمْ ظَفِرُوا بِنَا وَكَثُرَتْ نِكَايَتُهُمْ (جَازَ) رَمْيُهُمْ لِمَا مَرَّ (وَتَوَقَّيْنَاهُ) أَيْ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ الْإِعْرَاضِ أَكْثَرُ مِنْ مَفْسَدَةِ الْإِقْدَامِ وَلَا يَبْعُدُ احْتِمَالُ قَتْلِ طَائِفَةٍ لِلدَّفْعِ عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ وَمُرَاعَاةِ الْأُمُورِ الْكُلِّيَّاتِ وَكَالذِّمِّيِّ الْمُسْتَأْمَنِ وَالْعَبْدِ لَكِنْ حَيْثُ تَجِبُ دِيَةٌ تَجِبُ فِي الْعَبْدِ قِيمَتُهُ (فَإِنْ قُتِلَ مُسْلِمٌ) وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَعُرِفَ قَاتِلُهُ) لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ جَدْوَى (وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ) ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ مَعْصُومًا (وَكَذَا الدِّيَةُ إنْ عَلِمَهُ) الْقَاتِلُ (مُسْلِمًا) إنْ كَانَ يُمْكِنُهُ تَوَقِّيه وَالرَّمْيُ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ فِيهِمْ مُسْلِمًا لِشِدَّةِ الضَّرُورَةِ (لَا الْقِصَاصِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَ تَجْوِيزِ الرَّمْيِ لَا يَجْتَمِعَانِ. (وَإِنْ تَتَرَّسَ) كَافِرٌ (بِتُرْسِ مُسْلِمٍ) أَوْ رَكِبَ فَرَسَهُ (فَرَمَاهُ مُسْلِمٌ) فَأَتْلَفَهُ (ضَمِنَهُ إلَّا: إنْ اُضْطُرَّ) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِي الِالْتِحَامِ الدَّفْعُ إلَّا بِإِصَابَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ (فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ. (فَصْلٌ يَحْرُمُ انْهِزَامُ مِائَةِ رَجُلٍ وَلَوْ) كَانُوا (سُكَارَى عَنْ مِائَتَيْنِ) وَالْمُرَادُ يَحْرُمُ انْهِزَامُ مَنْ عَلَيْهِ الْجِهَادُ مِنْ الصَّفِّ إنْ كَانَ الْكُفَّارُ مِثْلَيْنَا فَأَقَلَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 66] وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ أَيْ لِتَصْبِرْ مِائَةٌ لِمِائَتَيْنِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال: 45] (وَإِنْ خَافُوا الْهَلَاكَ) بِالثَّبَاتِ إذْ الْغُزَاةُ يَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَأَمَّا قَوْلُهُ {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] فَفُسِّرَتْ التَّهْلُكَةُ فِيهِ بِالْكَفِّ عَنْ الْغَزْوِ وَبِحُبِّ الْمَالِ وَبِالْفِرَارِ مِنْ الزَّحْفِ وَبِالْخُرُوجِ بِغَيْرِ نَفَقَةٍ وَالْمَعْنَى فِي وُجُوبِ الثَّبَاتِ لِلْمِثْلَيْنِ أَنَّ الْمُسْلِمَ عَلَى إحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إمَّا أَنْ يُقْتَلَ فَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَوْ يَسْلَمَ فَيَفُوزَ بِالْأَجْرِ وَالْغَنِيمَةِ، وَالْكَافِرُ يُقَاتِلُ عَلَى الْفَوْزِ بِالدُّنْيَا (إلَّا مُتَحَرِّفِينَ لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزِينَ إلَى فِئَةٍ وَلَوْ بَعُدَتْ) فَلَا يَحْرُمُ الِانْهِزَامُ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} [الأنفال: 16] وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَا فِئَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ وَجُنُودُهُ بِالشَّامِ وَالْعِرَاقِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لَكِنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ) مَا بَحَثَهُ ظَاهِرٌ إنْ اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَلِمَهُ فِيهِمْ) أَيْ وَعَرَفَ مَكَانَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ وُجُوبِ الدِّيَةِ إلَخْ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ جَارٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي تَعْلِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ: إنَّهُ إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ مِثْلُ إنْ بَيَّتُوهُمْ لَيْلًا فَقَتَلُوهُمْ وَكَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ أَوْ قَتَلَهُ فِي غَارَةٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا الْكَفَّارَةُ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى فِي التَّهْذِيبِ ثُمَّ زَادَ فَقَالَ: سَوَاءٌ عَرَفَ أَنَّ فِي الدَّارِ مُسْلِمًا أَوْ لَمْ يَعْرِفْ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو الطَّيِّبِ هَا هُنَا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ أُبِيحَ لَهُ الرَّمْيُ إلَى هَذِهِ الدَّارِ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَكَالذِّمِّيِّ الْمُسْتَأْمَنِ) أَيْ وَالْمُعَاهَدِ (قَوْلُهُ: وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: فَفُسِّرَتْ التَّهْلُكَةُ فِيهِ بِالْكَفِّ عَنْ الْغَزْوِ) أَيْ وَالْإِنْفَاقِ فِيهِ فَإِنَّهُ يُقَوِّي الْعَدُوَّ وَيُسَلِّطُهُمْ عَلَى إهْلَاكِكُمْ (قَوْلُهُ: وَبِالْخُرُوجِ بِغَيْرِ نَفَقَةٍ) وَبِالْإِسْرَافِ وَتَضْيِيعِ وَجْهِ الْمَعَاشِ (قَوْلُهُ: إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ) قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ إنْ لَمْ تَنْكَسِرْ أَيْ الْفِئَةُ الَّتِي انْصَرَفَ عَنْهَا بِانْصِرَافِهِ، فَإِنْ انْكَسَرَتْ بِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الِانْصِرَافُ مُتَحَرِّفًا وَلَا مُتَحَيِّزًا وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الشَّرْطِ الْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ فِي كُتُبِهِ الثَّلَاثَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُعْظَمُ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا سِيَّمَا لَوْ عَلِمَ الْمُتَحَيِّزُ أَنَّهُ كَانَ إنْ وَلَّى وَلَّى النَّاسُ مَعَهُ لِكَوْنِهِ زَعِيمَ الْجَيْشِ أَوْ أَمِيرَهُمْ أَوْ نَحْوَهُ مِنْ رُؤَسَاءِ النَّاسِ الْمَتْبُوعِينَ وَأَبْطَالِهِمْ الْمَشْهُورِينَ وَيُنَزَّلُ إطْلَاقُ الْأَئِمَّةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَهْنًا وَلَا يَنْقَدِحُ غَيْرُ هَذَا قَالَ شَيْخُنَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ الْعَصْرِ وَنُقِلَ عَنْ الْوَالِدِ اعْتِمَادُهُ وَأَنَّهُ قَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَعَرُّضِ الْمُعْظَمِ لَهُ تَضْعِيفُهُ لِأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْهُ لِوُضُوحِهِ وَوَجْهٌ ظَاهِرٌ (تَنْبِيهٌ) لَيْسَ لَنَا عِبَادَةٌ يَجِبُ الْعَزْمُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَلِأَنَّ عَزْمَهُ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْقِتَالِ لَا يَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ (وَالْمُتَحَرِّفُ مَنْ يَخْرُجُ) مِنْ الصَّفِّ (لِيَكْمُنَ) بِمَوْضِعٍ وَيَهْجُمَ (أَوْ يَنْحَرِفَ إلَى مَوْضِعٍ أَصْلَحَ لِلْقِتَالِ) كَأَنْ يَفِرَّ مِنْ مَضِيقٍ لِيَتْبَعَهُ الْعَدُوُّ إلَى مُتَّسِعٍ سَهْلٍ لِلْقِتَالِ أَوْ يَنْصَرِفَ مِنْ مُقَابَلَةِ الشَّمْسِ أَوْ الرِّيحِ إلَى مَحَلٍّ يَسْهُلُ فِيهِ الْقِتَالُ (وَالْمُتَحَيِّزُ مَنْ يَقْصِدُ الِاسْتِنْجَادَ بِفِئَةٍ) لِلْقِتَالِ (سَوَاءٌ قَلَّتْ أَمْ كَثُرَتْ بَعُدَتْ أَوْ قَرُبَتْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بَعُدْت قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمَنْ عَجَزَ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ أَوْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ سِلَاحٌ فَلَهُ الِانْصِرَافُ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ أَيْضًا فِي الطَّرَفِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ السَّابِقِ. (وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ فَرَّ) لِعَجْزٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ (قَصْدُ التَّحَيُّزِ) أَوْ التَّحَرُّفِ لِيَخْرُجَ عَنْ صُورَةِ الْفِرَارِ الْمُحَرَّمِ وَهَذَا قَدَّمَهُ فِي الْعَجْزِ ثُمَّ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالِاسْتِحْبَابِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَلِّيَ مُنْحَرِفًا أَوْ مُتَحَيِّزًا. (وَلَيْسَ لِمُتَحَيِّزٍ بَعْدُ) فِي تَحَيُّزِهِ إلَى فِئَةٍ (حَقٌّ فِيمَا يَغْنَمَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَحَيُّزِهِ لِعَدَمِ نُصْرَتِهِ بِخِلَافِ مَا يَغْنَمُ قَبْلَ تَحَيُّزِهِ لِبَقَائِهَا وَبِخِلَافِ الْمُتَحَيِّزِ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ يُشَارِكُ فِيمَا غَنِمَ مُطْلَقًا لِذَلِكَ فَهُوَ كَالسَّرِيَّةِ الْقَرِيبَةِ تُشَارِكُ الْجَيْشَ فِيمَا غَنِمَهُ وَالْمُرَادُ بِالْقَرِيبَةِ أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ يُدْرِكُ غَوْثَهَا الْمُتَحَيِّزُ عَنْهَا عِنْدَ الِاسْتِغَاثَةِ. (وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ) لِيُقَاتِلَ (مَعَ الْفِئَةِ) ؛ لِأَنَّ عَزْمَهُ الْعَوْدَ لِذَلِكَ رَخَّصَ لَهُ الِانْصِرَافَ فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ بَعْدُ وَالْجِهَادُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ. (وَلَوْ ذَهَبَ سِلَاحُهُ وَأَمْكَنَهُ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ لَمْ يَنْصَرِفْ) عَنْ الصَّفِّ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّمْيُ بِهَا. (أَوْ) ذَهَبَ (فَرَسُهُ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّرَجُّلِ) أَيْ عَلَى قِتَالِهِ رَاجِلًا (انْصَرَفَ) جَوَازًا أَوْ وُجُوبًا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. (وَإِنْ زَادُوا) أَيْ الْكُفَّارُ (عَلَى الضِّعْفِ وَرُجِيَ الظَّفَرُ) بِأَنْ ظَنَنَّاهُ إنْ ثَبَتْنَا (اُسْتُحِبَّ) لَنَا (الثَّبَاتُ وَلَوْ غَلَبَ) عَلَى ظَنِّنَا (الْهَلَاكُ بِلَا نِكَايَةٍ فِيهِمْ وَجَبَ) عَلَيْنَا (الْفِرَارُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] (أَوْ بِنِكَايَةٍ) فِيهِمْ (اُسْتُحِبَّ) لَنَا الْفِرَارُ. (وَيَحْرُمُ انْصِرَافُ مِائَةِ بَطَلٍ) مِنَّا (عَنْ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدٍ) مِنْهُمْ (ضُعَفَاءَ لَا مِائَةٍ ضُعَفَاءَ مِنَّا عَنْ مِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَطَلًا) مِنْهُمْ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَإِنَّمَا نُرَاعِي الْعَدَدَ عِنْدَ تَقَارُبِ الْأَوْصَافِ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذِكْرَ الْوَاحِدِ مِثَالٌ وَالْعِبْرَةُ بِأَنْ يَكُونَ مَعَنَا مِنْ الْقُوَّةِ مَا يَغْلِبُ بِهِ الظَّنُّ أَنَّا نُقَاوِمُ مَنْ بِإِزَائِنَا مِنْ الْعَدُوِّ وَنَرْجُو الظَّفَرَ بِهِ وَبِالْعَكْسِ. (وَهَلْ لِرَجَّالَةٍ عِنْدَ الْفُرْسَانِ كَالضُّعَفَاءِ عِنْدَ الْأَبْطَالِ أَوْ يَسْتَوُونَ، فِيهِ تَرَدُّدٌ) أَخَذَهُ مِنْ بَحْثِ الرَّوْضَةِ حَيْثُ نَقَلَ فِيهَا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ أَنَّهُ تَجُوزُ الْهَزِيمَةُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ الْمِثْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فُرْسَانًا وَالْكُفَّارُ رَجَّالَةً وَيَحْرُمُ مِنْ الْمِثْلَيْنِ وَإِنْ كَانُوا بِالْعَكْسِ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَيْ فِي الضُّعَفَاءِ مَعَ الْأَبْطَالِ فِي أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْمَعْنَى أَوْ بِالْعَدَدِ. (فَرْعٌ الثَّبَاتُ) إنَّمَا هُوَ (مَشْرُوطٌ فِي الْجَمَاعَةِ فَإِنْ لَقِيَ مُسْلِمٌ) شَخْصَيْنِ (مُشْرِكَيْنِ جَازَ) لَهُ (الْفِرَارُ) مِنْهُمَا (ولَوْ طَلَبَهُمَا) هُوَ وَلَمْ يَطْلُبَاهُ. (وَإِنْ تَحَصَّنَتْ الْجَمَاعَةُ قَبْلَ اللِّقَاءِ فِي قَلْعَةٍ حَتَّى يَجِيءَ) لَهُمْ (مَدَدٌ جَازَ) أَيْ لَوْ قَصَدَ الْكُفَّارُ بَلَدًا فَتَحَصَّنَ أَهْلُهُ إلَى أَنْ يَجِدُوا قُوَّةً وَمَدَدًا لَمْ يَأْثَمُوا إنَّمَا الْإِثْمُ عَلَى مَنْ فَرَّ بَعْدَ اللِّقَاءِ. [فَصْلٌ الْمُبَارَزَةُ لِلْقِتَالِ] (فَصْلٌ الْمُبَارَزَةُ) لِلْقِتَالِ وَهِيَ ظُهُورُ اثْنَيْنِ مِنْ الصَّفَّيْنِ لِلْقِتَالِ (مُبَاحَةٌ) لَنَا؛ لِأَنَّ «عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ وَابْنَيْ عَفْرَاءَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ سَمِعَتْ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ قَسَمًا أَنَّ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةَ وَعَلِيٍّ وَعُبَيْدَةِ بْنِ الْحَارِثِ وَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ. (فَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ اُسْتُحِبَّ لِمَنْ فِيهِ قُوَّةٌ) بِأَنْ عَرَفَهَا مِنْ نَفْسِهِ (مُبَارَزَتُهُ) ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهَا حِينَئِذٍ إضْعَافًا لَنَا وَتَقْوِيَةً لَهُمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِحْبَابِ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِقَتْلِهِ ضَرَرٌ عَلَيْنَا بِهَزِيمَةٍ تَحْصُلُ لَنَا لِكَوْنِهِ كَبِيرَنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ عَبْدًا وَلَا فَرْعًا مَأْذُونًا لَهُمَا فِي الْجِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالْإِذْنِ فِي الْبَرَازِ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ لَهُمَا ابْتِدَاءً وَإِجَابَةً وَمِثْلُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ الْمَدِينُ (وَكُرِهَتْ) مُبَارَزَتُهُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ مَنْ فِيهِ قُوَّةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ لَنَا بِهِ ضَعْفٌ. (وَلَوْ بَارَزَ) مُسْلِمٌ (بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ كُرِهَ) ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ نَظَرًا فِي تَعْيِينِ الْأَبْطَالِ، وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَيُكْرَهُ نَقْلُ رُءُوسِ الْكُفَّارِ) وَنَحْوِهَا مِنْ بِلَادِهِمْ (إلَى بِلَادِنَا) لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ «أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْكَرَ عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] عَلَيْهَا وَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا سِوَى الْفَارِّ مِنْ الصَّفِّ يَقْصِدُ التَّحَيُّزَ إلَى فِئَةٍ يَجُوزُ وَإِذَا تَحَيَّزَ إلَيْهَا لَا يَلْزَمُ الْقِتَالُ مَعَهَا فِي الْأَصَحِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ تَصْرِيحًا بِبَيَانِ الْقَرِيبَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ الْقَرِيبَةُ مَنْ يُمْكِنُ كُرْهًا وَالِاسْتِنْجَادُ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْعُرْفِ فِي الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ هُوَ الصَّحِيحُ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَزْمُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا مِائَةٍ ضُعَفَاءَ مِنَّا عَنْ مِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ تَكَلُّفَ هَذَا الْمِثَالِ تَبَعًا لِلْبَسِيطِ مَعَ إمْكَانِ التَّعْبِيرِ بِالْمِائَتَيْنِ ذُهُولٌ عَنْ جَوَازِ الِانْصِرَافِ عَنْ الضَّعْفِ اهـ جَوَازُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْبِيرِهِمَا وَلَوْ عَبَّرَا بِالْمِائَتَيْنِ لَمْ يُسْتَفَدْ مِنْهُ حُكْمُ مَا ذَكَرَاهُ فَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الذُّهُولُ (قَوْله بَطَلًا مِنْهُمْ) وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ ضُعَفَائِهِمْ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ وَالصَّوَابُ مِنْ أَبْطَالِهِمْ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ ذِكْرَ الْوَاحِدِ مِثَالٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْتَوُونَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ الثَّبَاتُ فِي الْجِهَاد] (قَوْلُهُ: الْمُبَارَزَةُ مُبَاحَةٌ) أَيْ فَلَيْسَتْ مَكْرُوهَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ اُسْتُحِبَّ لِمَنْ فِيهِ قُوَّةٌ مُبَارَزَتُهُ) أَيْ إذَا أَذِنَ لَهُ فِيهَا الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِحْبَابِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ: فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبَارِزَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِالْكَرَاهَةِ خَاصَّةً. اهـ. وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ الْمَدِينُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ الْإِذْنُ فِي الْقِتَالِ يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ وَقَدْ لَا يَكُونُ الْآذِنَ حَاضِرًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 فَاعِلِهِ وَقَالَ لَمْ يُفْعَلْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَمَا رُوِيَ مِنْ حَمْلِ رَأْسِ أَبِي جَهْلٍ فَقَدْ تَكَلَّمُوا فِي ثُبُوتِهِ وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ إنَّمَا حُمِلَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ لَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَكَأَنَّهُمْ فَعَلُوهُ لِيَنْظُرَ النَّاسُ إلَيْهِ فَيَتَحَقَّقُوا مَوْتَهُ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ مَا إذَا كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ فِي الْكُفَّارِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْجُمْهُورُ. [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي سَبْي وَاسْتِرْقَاقِ نِسَاءُ الْكُفَّارِ] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي سَبْيِهِمْ) وَاسْتِرْقَاقِهِمْ (يَرِقُّ بِالْأَسْرِ نِسَاءُ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانُهُمْ) وَمَجَانِينُهُمْ وَخَنَاثَاهُمْ (وَعَبِيدُهُمْ) أَيْ يَصِيرُونَ بِهِ أَرِقَّاءَ لَنَا وَيَكُونُونَ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَالْبَاقِي لِلْغَانِمِينَ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْسِمُ السَّبْيَ كَمَا يَقْسِمُ الْأَمْوَالَ» . (وَلَا يُقْتَلُونَ) لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصَّبِيَّانِ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُمَا (فَإِنْ قَتَلَهُمْ الْإِمَامُ) وَلَوْ لِشَرِّهِمْ وَقُوَّتِهِمْ (ضَمِنَ) قِيمَتَهُمْ (لِلْغَانِمِينَ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَذِكْرُ هَذَا فِي غَيْرِ الْعَبِيدِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَيَفْعَلُ فِي رِجَالِهِمْ) الْكَامِلِينَ إذَا أُسِرُوا مَا يَرَاهُ ( بِالْمَصْلَحَةِ ) لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ لَا بِالتَّشَهِّي (وَيَتَوَقَّفُ) فِي فِعْلِهِ وَيَحْبِسُهُمْ (حَتَّى يَظْهَرَ) لَهُ وَجْهُ الْمَصْلَحَةِ مِنْ أَحَدِ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ (مِنْ قَتْلٍ بِالسَّيْفِ لَا تَغْرِيقٍ وَنَحْوِهِ) كَتَحْرِيقٍ (وَلَا تَمْثِيلٍ) بِهِمْ (وَمِنْ مَنٍّ) عَلَيْهِمْ بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ (وَكَذَا اسْتِرْقَاقٌ) الْأَوْلَى وَمِنْ اسْتِرْقَاقٍ (وَإِنْ كَانُوا عَرَبًا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (أَوْ وَثَنِيِّينَ وَمِنْ فِدَاءٍ بِمَالٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُمْ (لِلْغَانِمِينَ أَوْ بِرِجَالٍ) أَوْ نِسَاءٍ أَوْ خَنَاثَى كَمَا فُهِمَا بِالْأَوْلَى (مِنَّا) مَأْسُورِينَ مَعَهُمْ (وَإِنْ قَلُّوا عَنْهُمْ) كَانَ فَدْيُ مُشْرِكَيْنِ بِمُسْلِمٍ (وَبِأَسْلِحَتِنَا) الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَرْبَعَةِ وَقَالَ تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] وَقَالَ {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] وَقَالَ {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محمد: 4] أَيْ بِالِاسْتِرْقَاقِ وَقَوْلُهُمْ مَنًّا تَبَعًا لِلنَّصِّ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ فَإِنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ. (وَلَا يَرُدُّ أَسْلِحَتَهُمْ) الَّتِي بِأَيْدِينَا عَلَيْهِمْ (بِمَالٍ) يَبْذُلُونَهُ لَنَا كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ نَبِيعَهُمْ السِّلَاحَ (وَهَلْ يَرُدُّهَا) لَهُمْ (بِأَسَارَى) مِنَّا كَمَا تَجُوزُ الْمُفَادَاةُ بِهِمْ وَلِأَنَّ مَا تَأْخُذُهُ خَيْرٌ مِمَّا يَبْذُلُهُ أَوْ لَا كَمَا لَا يَرُدُّهَا بِمَالٍ (وَجْهَانِ) أَوْجُهُهُمَا الْأَوَّلُ. (وَمَنْ اسْتَبَدَّ بِقَتْلِ أَسِيرٍ عُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا أَمَانَ لَهُ وَهُوَ حُرٌّ إلَى أَنْ يُسْتَرَقَّ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ، وَالْأَمْوَالُ لَا تُرَدُّ إلَيْهِمْ بَعْدَ الِاغْتِنَامِ (وَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ إنْ كَانَ قَدْ اُسْتُرِقَّ) قَبْلَ قَتْلِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ إنْ حَكَمَ بِقَتْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ سِوَى التَّعْزِيرِ وَإِنْ أَرَقَّهُ ضَمِنَهُ الْقَاتِلُ بِقِيمَتِهِ وَيَكُونُ غَنِيمَةً وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِ فَإِنْ قَتَلَهُ قَبْلَ حُصُولِهِ فِي مَأْمَنِهِ ضَمِنَ دِيَتَهُ لِوَرَثَتِهِ أَوْ بَعْدَهُ هُدِرَ دَمُهُ وَإِنْ فَدَاهُ فَإِنْ قَتَلَهُ قَبْلَ قَبْضِ الْإِمَامِ فَدَاهُ ضَمِنَ دِيَتَهُ لِلْغَنِيمَةِ أَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ وَإِطْلَاقِهِ إلَى مَأْمَنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَوْدِهِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَسْرِهِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا وَصَلَ إلَى مَأْمَنِهِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ دِيَتَهُ لِوَرَثَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَيَصِحُّ اسْتِرْقَاقُ بَعْضِ شَخْصٍ) مِنْهُمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ بِنَاءً عَلَى تَبْعِيضِ الْحُرِّيَّةِ فِي وَلَدِ الشَّرِيكِ الْمُعْسِرِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ. (وَإِنْ أَسَرْنَا صَبِيًّا مُنْفَرِدًا) عَنْ أَبَوَيْهِ (رَقَّ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَذَكَرَهُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَرِقُّ إذَا لَمْ يَكُنْ مُنْفَرِدًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ يَرِقُّ بِالْأَسْرِ نِسَاءُ الْكُفَّارِ) وَلَوْ وَثَنِيَّاتٍ أَوْ دَهْرِيَّاتٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ النِّسَاءَ بِالْكِتَابِيَّاتِ قَالَ: فَإِنْ كُنَّ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُنَّ كَدَهْرِيَّةٍ وَوَثَنِيَّةٍ وَامْتَنَعْنَ مِنْ الْإِسْلَامِ يُقْتَلْنَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُسْتَرَقَّن وَهُوَ غَرِيبٌ وَلَعَلَّ مَادَّتَهُ وَجْهُ الْإِصْطَخْرِيِّ وَهُوَ أَنَّ الْوَثَنِيَّ لَا يَسْتَرِقُّ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ وَفِي اسْتِرْقَاقِهِ تَقْرِيرُهُ وَالْمَذْهَبُ التَّقْرِيرُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ الْمَنُّ عَلَيْهِ وَفِدَاؤُهُ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ كَمَا فِي الْكِتَابِيِّ (قَوْلُهُ وَعَبِيدُهُمْ) وَلَوْ كَانُوا مُرْتَدِّينَ أَوْ مُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَتَلَهُمْ الْإِمَامُ ضَمِنَ لِلْغَانِمِينَ) هَذَا فِي الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ إذَا لَمْ يَقْتُلَا مُسْلِمًا، فَإِنْ قَتَلَتْ مُسْلِمًا ثُمَّ سُبِيَتْ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهَا وَكَذَا لَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا ثُمَّ سُبِيَ (قَوْلُهُ: وَيَفْعَلُ) أَيْ الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْجَيْشِ (قَوْلُهُ: بِالْمَصْلَحَةِ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ حَظَّ الْمُسْلِمِينَ مَا يَعُودُ إلَيْهِمْ مِنْ الْغَنَائِمِ وَحِفْظِ مُهَجَّنِهِمْ فَفِي الِاسْتِرْقَاقِ وَالْفِدَاءِ حَظُّ الْمُسْلِمِينَ وَفِي الْمَنِّ حَظُّ الْإِسْلَامِ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي الِاسْتِرْقَاقِ وَالْفِدَاءِ حَظُّ الْمُسْلِمِينَ بِمَا يَعُودُ إلَيْهِمْ مِنْ الْغَنَائِمِ وَفِي الْمَنِّ حَظُّ الْإِسْلَامِ قَالَ شَيْخُنَا كَمَا ذَكَرَ قَرِينُهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا اسْتِرْقَاقٌ) يَحِلُّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ بِاسْتِرْقَاقِهِ لَوْ بَاعَهُ الْإِمَامُ صَحَّ وَكَانَ حُكْمًا مِنْهُ بِإِرْقَاقِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَلْ يَجُوزُ رِقَاقُ بَعْضِ الشَّخْصِ بِنَاءً عَلَى اسْتِيلَادِ الشَّرِيكِ الْمُعْسِرِ هَلْ يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا أَمْ قَدْرُ مِلْكِ أَبِيهِ مِنْهُ فِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَالتَّجْوِيزُ بَعِيدٌ لِعَدَمِ النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ غَالِبًا وَلَيْسَ الْبِنَاءُ بِالْبَيْنِ وَقَوْلُهُ هَلْ يَجُوزُ كَتَبَ الشَّيْخُ عَلَيْهِ يَجُوزُ إرْقَاقُ بَعْضِ الشَّخْصِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ فَدَى) بِفَتْحِ الْفَاءِ مَعَ الْقَصْرِ وَبِكَسْرِهَا مَعَ الْمَدِّ (قَوْلُهُ كَمَا فِيهِمَا بِالْأَوْلَى) أَيْ مِنْ الْفِدَاءِ بِالْمَالِ وَمِنْ الْمَنِّ وَمِنْ الْفِدَاءِ بِأَسْلِحَتِنَا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ) هُوَ كَمَا قَالَ إذًا لِمَصْلَحَةٍ قَدْ تَقْتَضِيه (قَوْلُهُ أَوْجُهُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ) لَا يُقَالُ: إنَّهُ فَوْقَ الْإِرْقَاقِ فَهَلَّا كَانَ بِمَثَابَةِ تَفْوِيتِ الرِّقِّ بِالْغُرُورِ وَالْمَغْرُورِ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِقَطْعِ الرِّقِّ مِنْ الْجَرَيَانِ قُلْنَا ذَاكَ الرِّقُّ كَانَ يَجْرِي لَا مَحَالَةَ لَوْلَا الْغُرُورُ فَالْغُرُورُ دَفَعَ الرِّقَّ الَّذِي لَا حَاجَةَ لِتَحْصِيلِهِ وَالرِّقُّ لَا يَجْرِي عَلَى الْأَسِيرِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ وَأَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِمَا نَحْنُ فِيهِ إتْلَافُ الْجِلْدِ الْقَابِلِ لِلدِّبَاغِ قَبْلَ الدَّبَّاغِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ مَعَ تَهَيُّئِهِ لِلدِّبَاغِ ابْتِدَاءً فَإِنْشَاءُ الدِّبَاغِ كَإِنْشَاءِ الْإِرْقَاقِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْخَمْرَةِ الْمُحْتَرَمَةِ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ عَلَى وَجْهٍ لِأَنَّهَا لَوْ تُرِكَتْ فَإِلَى الْخَلِّ مَصِيرُهَا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: مُنْفَرِدًا) قَيَّدَ لِقَوْلِهِ وَتَبِعَ السَّابِي فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتْبَعُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ (تَنْبِيهٌ) يُتَصَوَّرُ سَبْيُ الْوَلَدِ وَاسْتِرْقَاقُهُ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ مُسْلِمًا فِي صُوَرٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ رَقِيقًا لِلْكَافِرِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ حَرْبِيٌّ بِأَمَةٍ لِحَرْبِيٍّ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ أَوْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ وَلَدَ الْحَرْبِيِّ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْأَبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِنَّ الْأَبَ يَصِيرُ مُسْلِمًا مَعَ كَوْنِهِ لِحَرْبِيٍّ، فَإِذَا سَبَاهُ شَخْصٌ مَلَكَهُ أَوْ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 وَلَيْسَ مُرَادًا (وَتَبِعَ السَّابِي) فِي إسْلَامِهِ (فَإِنْ قَتَلَهُ عَبْدُ اُقْتُصَّ مِنْهُ) لِمُكَافَأَتِهِ لَهُ، فَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ فَهُوَ قِيمَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ. (وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ مَنْ رَقَّ بِالْأَسْرِ) وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ لِعُمُومِ خَبَرِ «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ» إذْ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهِ بَيْنَ الْمَنْكُوحَةِ وَغَيْرِهَا وَلِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَعَنْ زَوْجَتِهِ أَوْلَى، وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَإِنْ أُسِرَ صَبِيٌّ لَهُ زَوْجَةٌ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بِأَسْرِهِ. (وَكَذَا) يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَسِيرِ (إنْ اُسْتُرِقَّ لَا إنْ كَانَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ رَقِيقِينَ) فَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ إذْ لَمْ يَحْدُثْ رِقٌّ وَإِنَّمَا انْتَقَلَ الْمِلْكُ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ وَذَلِكَ لَا يَقْطَعُ النِّكَاحَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا وَالْآخَرُ حُرًّا فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمَا إنْ سُبِيَا أَوْ الْحُرُّ وَحْدَهُ وَأَرَقَّهُ الْإِمَامُ فِيمَا إذَا كَانَ زَوْجًا كَامِلًا انْفَسَخَ النِّكَاحُ لِحُدُوثِ الرِّقِّ أَوْ الرَّقِيقِ وَحْدَهُ فَلَا لِعَدَمِ حُدُوثِهِ. (وَإِنْ أَسْلَمَ) مِنْ الْأَسْرَى (رَجُلٌ حُرٌّ) مُكَلَّفٌ (قَبْلَ اخْتِيَارٍ) مِنْ الْإِمَامِ (فِيهِ عَصَمَ دَمَهُ) مِنْ الْقَتْلِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» (وَلَمْ يَرِقَّ) بِإِسْلَامِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَيَخْتَارُ فِيهِ الْإِمَامُ مَا سِوَى الْقَتْلِ) مِنْ إرْقَاقٍ وَمِنْ فِدَاءٍ كَمَا أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ يَبْقَى مُخَيَّرًا بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ (لَكِنْ لَا يُفَادِي إلَّا مَنْ كَانَ عَزِيزًا فِي قَوْمِهِ) أَوْ لَهُ فِيهِمْ عَشِيرَةٌ (وَلَا يَخْشَى الْفِتْنَةَ فِي دِينِهِ) وَلَا فِي نَفْسِهِ. (أَوْ) أَسْلَمَ كَافِرٌ مُكَلَّفٌ (قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً عَصَمَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ) لِخَبَرِ السَّابِقِ (وَ) عَصَمَ (وَلَدَهُ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ) الْحُرَّيْنِ مِنْ السَّبْيِ (وَكَذَا الْحَمْلُ) تَبَعًا لَهُ فِيهِمَا (لَا إنْ اُسْتُرِقَّتْ) أُمُّهُ (قَبْلَ إسْلَامِ الْأَبِ) فَلَا يَعْصِمُهُ إسْلَامُهُ أَيْ لَا يَبْطُلُ رِقُّهُ كَالْمُنْفَصِلِ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ (وَكَذَا) يَعْصِمُ إسْلَامُهُ (وَلَدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ) وَإِنْ كَانَ الِابْنُ حَيًّا (وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ وَلَدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ تَبَعًا لَهُ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ وَلَوْ عَبَّرَ بِوَلَدِ وَلَدِهِ كَانَ أَوْلَى (وَلَا يَعْصِمُ) إسْلَامُهُ (زَوْجَتَهُ) مِنْ السَّبْيِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَيُفَارِقُ عَتِيقَهُ بِأَنَّ الْوَلَاءَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَرْتَفِعُ وَإِنْ تَرَاضَيَا؛ لِأَنَّهُ لَحْمَةٌ كَلَحْمَةِ النَّسَبِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ بِأَسْبَابٍ مِنْهَا حُدُوثُ الرِّقِّ وَيُفَارِقُ أَيْضًا مَا لَوْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ حَيْثُ يَمْتَنِعُ إرْقَاقُ زَوْجَتِهِ وَابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ بِأَنَّ مَا يُمْكِنُ اسْتِقْلَالُ الشَّخْصِ بِهِ لَا يُجْعَلُ فِيهِ تَابِعًا لِغَيْرِهِ وَالْبَالِغَةُ تَسْتَقِلُّ بِالْإِسْلَامِ وَلَا تَسْتَقِلُّ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ. (وَإِنْ اُسْتُرِقَّتْ) وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ (انْقَطَعَ نِكَاحُهُ) لِزَوَالِ مِلْكِهَا عَنْ نَفْسِهَا فَزَوَالُ مِلْكِ الزَّوْجِ عَنْهَا أَوْلَى كَمَا مَرَّ وَلِامْتِنَاعِ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ الْأَمَةَ الْكَافِرَةَ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَفِي تَعْبِيرِهِمْ هُنَا وَفِيمَا قَبْلَهُ بِاسْتُرِقَّتْ تَجُوزُ فَإِنَّهَا تَرِقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ فَلَوْ عَبَّرُوا بِرَقَّتْ كَانَ أَوْلَى. (وَلَا يَعْصِمُ) إسْلَامُهُ (ابْنَهُ) الْأَوْلَى وَلَدُهُ (الْبَالِغُ الْعَاقِلُ) لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْإِسْلَامِ. (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مُسْلِمٌ حَرْبِيًّا) رَقِيقًا أَوْ حُرًّا (فَاسْتُرِقَّ أَوْ دَارُهُ فَغُنِمَتْ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ مُدَّتِهِ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْأَمْوَالِ مَمْلُوكَةٌ مِلْكًا تَامًّا مَضْمُونَةٌ بِالْيَدِ كَأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ وَكَمَا لَا تُغْنَمُ الْعَيْنُ الْمَمْلُوكَةُ لِلْمُسْلِمِ لَا تُغْنَمُ الْمَنَافِعُ الْمَمْلُوكَةُ لَهُ بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَإِنَّهَا تُسْتَبَاحُ وَلَا تُمْلَكُ مِلْكًا تَامًّا وَلِهَذَا لَا تُضْمَنُ بِالْيَدِ. (وَتُسْتَرَقُّ زَوْجَةُ الذِّمِّيِّ الْحَرْبِيَّةُ وَعَتِيقُهُ) الْحَرْبِيُّ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ اُسْتُرِقَّ فَزَوْجَتُهُ وَعَتِيقُهُ أَوْلَى وَفِي قَوْلِهِ تَسْتَرِقُّ تَجُوزُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّوْجَةِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَاسْتَشْكَلَ مَا ذُكِرَ بِمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا عُقِدَتْ لَهُ الْجِزْيَةُ عَصَمَ نَفْسَهُ وَزَوْجَتَهُ مِنْ الِاسْتِرْقَاقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ ثَمَّ الزَّوْجَةُ الْمَوْجُودَةُ حِينَ الْعَقْدِ لِيَتَنَاوَلَ الْعَقْدَ لَهَا عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ وَهُنَا الزَّوْجَةُ الْمُتَجَدِّدَةُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ لَهَا أَوْ يُحْمَلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ دَاخِلَةً تَحْتَ الْقُدْرَةِ حِينَ الْعَقْدِ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ. (وَكَذَا) تُسْتَرَقُّ (زَوْجَةُ الْمُسْلِمِ) الْحَرْبِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ إسْلَامِهِ (لَا عَتِيقُهُ) كَمَا فِي زَوْجَةِ مَنْ أَسْلَمَ وَعَتِيقُهُ وَخَالَفَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فَصَحَّحَ عَدَمَ جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ زَوْجَتِهِ مَعَ تَصْحِيحِهِ جَوَازَهُ فِي زَوْجَةِ مَنْ أَسْلَمَ. (وَإِنْ نَقَضَ ذِمِّيٌّ) عَهْدَهُ (فَاسْتُرِقَّ وَمَلَكَهُ عَتِيقُهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (الْوَلَاءُ عَلَى الْآخَرِ) فَوَلَاءُ السَّيِّدِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمَا إنْ سَبَّبَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ رَجُلٌ حُرٌّ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ إلَخْ) فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ فِيهِ الْمَنَّ أَوْ الْفِدَاءَ أَوْ الرِّقَّ لَمْ يَتَخَيَّرْ فِي الْبَاقِي بَلْ يَتَعَيَّنُ مَا اخْتَارَهُ (قَوْلُهُ: فَيَخْتَارُ الْإِمَامُ فِيهِ مَا سِوَى الْقَتْلِ إلَخْ) وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْأَسْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا بِحَقِّهَا وَمِنْ حَقِّهَا أَنَّ مَالَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَسْرِ غَنِيمَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَرِدُ عَلَى مَفْهُومِهِ الْحَرْبِيُّ إذَا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ أَمَانٍ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَتَخَيَّرُ فِيهِ كَالْأَسِيرِ لَكِنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَاحِدَةً سَقَطَ الْكُلُّ بِخِلَافِ الْأَسِيرِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فِي بَابِ الْهُدْنَةِ أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ فِي السِّيَرِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الْهُدْنَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ) أَيْ اسْتِرْقَاقِهِ (قَوْلُهُ وَتُسْتَرَقُّ زَوْجَةُ الذِّمِّيِّ الْحَرْبِيَّةِ) لِأَنَّ مَحَلَّ الرِّقِّ الرَّقَبَةُ وَهِيَ فَارِغَةٌ عَنْ اسْتِحْقَاقِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّ حَقَّهُ الْمَنْفَعَةُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ هُنَا يُخَالِفُ كَلَامَهُمْ فِي أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا بَذَلَ الْجِزْيَةَ عَصَمَ نَفْسَهُ وَزَوْجَتَهُ مِنْ الِاسْتِرْقَاقِ وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُرَادَ ثَمَّ الزَّوْجَةُ الْمَوْجُودَةُ حِينَ الْعَقْدِ يَتَنَاوَلُهَا الْعَقْدُ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ وَالْمُرَادُ هُنَا الزَّوْجَةُ الْمُتَّخَذَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا أَوْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ دَاخِلَةً تَحْتَ الْقُدْرَةِ عِنْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ ثَمَّ الزَّوْجَةُ الْمَوْجُودَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَا عَتِيقُهُ) وَلَوْ كَانَ حِينَ أَعْتَقَهُ كَافِرًا لَكِنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ الْأَسْرِ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فَصَحَّحَ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ لَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا الْمُقْتَضَى كَلَامَ أَصْلِهِ وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ قَالَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ لَوْ تَزَوَّجَ بِذِمِّيَّةٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ إنَّهَا أُلْحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا تُسْتَرَقُّ قَوْلًا وَاحِدًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 لَا يَبْطُلُ بِاسْتِرْقَاقِهِ. (وَإِنْ اُسْتُرِقَّ حَرْبِيٌّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) أَوْ مُعَاهَدٍ (لَا حَرْبِيٍّ لَمْ يَسْقُطْ) عَنْهُ؛ لِأَنَّ شَغْلَ ذِمَّتِهِ قَدْ حَصَلَ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُسْقِطُهُ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ (وَقُضِيَ مِنْ مَالِهِ الْمَغْنُومِ بَعْدَ الرِّقِّ) فَيُقَدَّمُ الدَّيْنُ عَلَى الْغَنِيمَةِ كَمَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ بِالرِّقِّ كَمَا يُقْضَى دَيْنُ الْمُرْتَدِّ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَلِأَنَّ الرِّقَّ كَالْمَوْتِ وَالْحَجْرِ وَكِلَاهُمَا يُعَلِّقُ الدَّيْنَ بِالْمَالِ (لَا) مِنْ الْمَغْنُومِ (قَبْلَهُ) لِانْتِقَالِهِ لِلْغَانِمِينَ (وَكَذَا لَوْ قَارَنَ) الْغُنْمُ الرِّقَّ لِتَعَلُّقِ الْغَنِيمَةِ بِالْعَيْنِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ كَمَا يُقَدَّمُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنُهُ (صَبَرَ) رَبُّ الدَّيْنِ عَلَيْهِ (إلَى الْعِتْقِ) وَالْيَسَارِ فَيُطَالِبُهُ بِهِ (فَلَوْ مَلَكَهُ) أَيْ الْحَرْبِيَّ الْمَدِينَ (الْغَرِيمُ سَقَطَ) عَنْهُ الدَّيْنُ وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِمِلْكِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِلسَّابِي لِاعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ شَيْئًا اخْتِلَاسًا أَوْ سَرِقَةً فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ غَنِيمَةٌ وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْلِكُ السَّابِي مِنْ الْمَسْبِيِّ إلَّا أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْ كُلِّهِ. (وَإِنْ اُسْتُرِقَّ) الْحَرْبِيُّ (وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى مُسْلِمٍ) أَوْ ذِمِّيٍّ (لَمْ يَسْقُطْ) بَلْ هُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ (كَوَدِيعَتِهِ) فَيُطَالِبُهُ بِهِ سَيِّدُهُ مَا لَمْ يَعْتِقْ فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ عَلَى حَرْبِيٍّ سَقَطَ) كَمَا لَوْ رَقَّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ زَالَ مِلْكُهُ وَلَيْسَ الْحَرْبِيُّ مُلْتَزِمًا حَتَّى يُطَالَبَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ مِثْلُهُ. (وَإِنْ أَسْلَمَ حَرْبِيَّانِ وَلِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنُ مُعَاوَضَةٍ) كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ وَعَقْدِ صَدَاقٍ (لَمْ يَسْقُطْ وَلَوْ سَبَقَ إسْلَامُ الْمَدْيُونِ) إسْلَامَ الدَّائِنِ لِالْتِزَامِهِ بِعَقْدٍ فَاسْتُدِيمَ حُكْمُهُ كَمَا فِي أَحْكَامِ عُقُودِ أَنْكِحَتِهِمْ وَكَإِسْلَامِهِمَا قَبُولُهُمَا الْجِزْيَةَ أَوْ الْأَمَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (نَعَمْ) لَا مَوْقِعَ لَهَا وَالْأَوْلَى وَإِنْ (كَانَ) الدَّيْنُ (دَيْنَ إتْلَافٍ سَقَطَ) إذْ لَا الْتِزَامَ وَلَا عَقْدَ يُسْتَدَامُ وَالْإِتْلَافُ نَوْعُ قَهْرٍ وَلِأَنَّ إتْلَافَ مَالِ الْحَرْبِيِّ لَا يَزِيدُ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْحَرْبِيِّ وَكَإِسْلَامِهِمَا إسْلَامُ أَحَدِهِمَا وَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ بِإِسْلَامِ الْمُتْلِفِ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِسَقَطَ تَسَمُّحٌ لِاقْتِضَاءِ أَنَّ الدَّيْنَ ثَبَتَ أَوَّلًا فَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ يُطَالَبْ كَانَ أَوْلَى. (وَإِنْ قَهَرَ مَدْيُونٌ غَرِيمَهُ أَوْ عَبْدٌ سَيِّدَهُ أَوْ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا أَوْ وَالِدٌ وَلَدَهُ وَهُمَا حَرْبِيَّانِ مَلَكَهُ) وَإِنْ كَانَ الْمَقْهُورُ كَامِلًا؛ لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ إبَاحَةٍ وَاسْتِيلَاءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ؛ لِأَنَّهَا دَارُ إنْصَافٍ قَالَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا فِي الْقَهْرِ قَصْدَ الْمِلْكِ وَعِنْدِي لَا بُدَّ مِنْهُ فَقَدْ يَكُونُ الْقَهْرُ لِلِاسْتِخْدَامِ وَغَيْرِهِ وَلَا مُمَيِّزَ (لَكِنْ لَيْسَ لِلْأَبِ) فِي الْأَخِيرَةِ (بَيْعُهُ) لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ (وَبَطَل الدَّيْنُ) فِي الْأُولَى (وَالرِّقُّ) فِي الثَّانِيَةِ (وَالنِّكَاحُ) فِي الثَّالِثَةِ. (وَإِنْ سُبِيَتْ امْرَأَةٌ وَوَلَدُهَا الصَّغِيرُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا فِي الْقِسْمَةِ) بَلْ يُقَوَّمَانِ، فَإِنْ وَافَقَتْ قِيمَتُهُمَا نَصِيبَ أَحَدِ الْغَانِمِينَ جُعِلَا لِوَاحِدٍ وَإِلَّا اشْتَرَكَ فِيهِمَا اثْنَانِ أَوْ بِيعَا وَجُعِلَ ثَمَنُهُمَا فِي الْمَغْنَمِ (وَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُ تَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا بِالْقِسْمَةِ وَنَحْوِهَا مَعَ زِيَادَةٍ (فِي الْبَيْعِ) . [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي إتْلَافِ أَمْوَال الْكُفَّارِ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي إتْلَافِ أَمْوَالِهِمْ) مِنْ تَخْرِيبِ بِنَاءٍ وَقَطْعِ شَجَرٍ وَغَيْرِهِمَا (لِلْإِمَامِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لِلْمُسْلِمِينَ (إتْلَافُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ مِنْهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحشر: 2] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَّقَ عَلَيْهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا} [الحشر: 5] الْآيَةَ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ لِأَهْلِ الطَّائِفِ كُرُومًا» سَوَاءٌ أَتْلَفَهَا لِحَاجَةٍ أَوْ لَا مُغَايَظَةً لَهُمْ وَتَشْدِيدًا عَلَيْهِمْ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ} [التوبة: 120] الْآيَةَ (فَإِنْ ظَنَّ حُصُولَهَا لَنَا كُرِهَ) إتْلَافُهَا حِفْظًا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ وَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ شَيْئًا فَيَظْهَرُ خِلَافُهُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ نُدِبَ تَرْكُهُ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ الْأُولَى تَرْكُهُ، فَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ الْكَرَاهَةُ فَلَا خِلَافَ أَمَّا الْحَيَوَانُ أَيْ الْمُحْتَرَمُ فَيَحْرُمُ إتْلَافُهُ لِحُرْمَتِهِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ. (وَإِنْ غَنِمْنَاهَا) بِأَنْ فَتَحْنَا دَارَهُمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ مُعَاهَدٍ) أَوْ مُسْتَأْمَنٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَارَنَ الْغُنْمُ الرِّقَّ) يَظْهَرُ وُجُودُ الْمُقَارَنَةِ فِي النِّسْوَةِ وَقَدْ يَفْرِضُ ذَلِكَ فِي الْكَامِلِ بِأَنْ يَقَعَ الِاغْتِنَامُ مَعَ اسْتِرْقَاقِ الْإِمَامِ لَهُ (قَوْلُهُ: لِاعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ شَيْئًا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ أَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا دَارَنَا بِلَا أَمَانٍ فَسَرَقَ مِنْهُمْ شَيْئًا لَا يَكُونُ غَنِيمَةً والظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَقَدْ نَقَلَا عَنْ التَّهْذِيبِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ صَبِيٌّ أَوْ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ بِلَادَنَا فَأَخَذَهُ رَجُلٌ يَكُونُ فَيْئًا وَإِنْ دَخَلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ فَأَخَذَهُ مُسْلِمٌ كَانَ غَنِيمَةً لِأَنَّ لِأَخْذِهِ مُؤْنَةً وَعَلَى هَذَا فَذِكْرُ دَارِ الْحَرْبِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ انْتَهَى وَسَيَأْتِي كُلٌّ مِنْهُمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْلِكُ السَّابِي مِنْ الْمَسْبِيِّ إلَّا أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ) بِأَنْ اخْتَارَ تَمَلُّكَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ اسْتِرْقَاقَهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ مِثْلُهُ) الْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ كَالذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ بِإِسْلَامِ الْمُتْلِفِ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ) أَيْ وَقَبُولُ أَحَدِهِمَا الْجِزْيَةَ وَالْأَمَانَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَإِذَا ثَبَتَ الْخِلَافُ مَعَ إسْلَامِ الْمُتْلِفِ فَمَعَ إسْلَامِ الْمُتْلَفِ عَلَيْهِ أَوْلَى وَقَدْ أَطْلَقَ ذَلِكَ فِي الْوَجِيزِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَهَرَ مَدْيُونٌ غَرِيمَهُ أَوْ عَبْدٌ سَيِّدَهُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ أَقَصَدَ تَمَلُّكَهُ أَمْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ اسْتِخْدَامَهُ أَوْ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ: لِلْإِمَامِ إتْلَافُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ مِنْهَا) أَيْ لِحَاجَةِ الْقِتَالِ وَالظَّفَرِ بِهِمْ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا عَلِمْنَا أَنَّا لَا نَصِلُ إلَى الظَّفَرِ بِهِمْ إلَّا بِهِ وَجَبَ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ظَنَّ وُصُولَهَا لَنَا كُرِهَ) جَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ الْكَلَامَ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا أَنْ نَعْلَمَ أَنَّا لَا نَصِلُ إلَيْهِمْ إلَّا بِذَلِكَ فَيَجِبُ لِأَنَّ مَا أَدَّى إلَى الظَّفَرِ بِهِمْ وَجَبَ وَالثَّانِي أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الظَّفَرِ بِهِمْ بِدُونِ ذَلِكَ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهَا مَغْنَمٌ لَنَا وَالثَّالِثُ أَنْ يَنْفَعَنَا ذَلِكَ وَلَا يَنْفَعُهُمْ فَهُوَ مُبَاحٌ وَالرَّابِعُ أَنْ لَا يَنْفَعَنَا وَلَا يَنْفَعُهُمْ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لَا مَحْظُورٌ (قَوْلُهُ: عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ نُدِبَ تَرْكُهُ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ) خِلَافُ الْمَنْدُوبِ وَالْأَوْلَى يَصْدُقُ بِالْمَكْرُوهِ وَهُوَ الْمُرَادُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 قَهْرًا أَوْ صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَنَا أَوْ غَنِمْنَا أَمْوَالَهُمْ وَانْصَرَفْنَا (حَرُمَ) إتْلَافُهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ غَنِيمَةً لَنَا وَكَذَا إنْ فَتَحْنَاهَا صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ (فَإِنْ خِفْنَا اسْتِرْدَادَهَا وَكَانَتْ غَيْرَ حَيَوَانٍ جَازَ إتْلَافُهُ) أَيْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ لِئَلَّا يَأْخُذُوهَا فَيَتَقَوَّوْا بِهَا (أَوْ) كَانَتْ (حَيَوَانًا فَلَا) يَجُوزُ إتْلَافُهُ لِمَا مَرَّ (لَكِنْ يُذْبَحُ) الْمَأْكُولُ مِنْهُ (لِلْأَكْلِ) خَاصَّةً لِمَفْهُومِ خَبَرِ النَّهْيِ السَّابِقِ. (وَيُعْقَرُ) الْحَيَوَانُ (لِلْحَاجَةِ) فِي الْقِتَالِ إلَى عَقْرِهِ لِدَفْعِهِمْ أَوْ لِلظَّفَرِ بِهِمْ (إنْ رَكِبُوهُ لِقِتَالِنَا أَوْ خِفْنَا أَنْ يَرْكَبُوهُ) لِلْعُذْرِ وَلِأَنَّهُ كَالْآلَةِ لِلْقِتَالِ. (وَإِنْ خِفْنَا اسْتِرْدَادَ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ) وَنَحْوِهِمَا مِنَّا (لَمْ يُقْتَلُوا) لِتَأَكُّدِ احْتِرَامِهِمْ. [فَرْعٌ مَا حَرُمَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ كُتُبِ الْكُفَّار] (فَرْعٌ مَا حَرُمَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ كُتُبِهِمْ الْكُفْرِيَّةِ وَالْمُبَدَّلَةِ) وَالْهَجَوِيَّةِ وَالْفَاحِشِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ (لَا التَّوَارِيخِ وَنَحْوِهَا) مِمَّا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَكُتُبِ الطِّبِّ وَالشِّعْرِ وَاللُّغَةِ (يُمْحَى) بِالْغَسْلِ (إنْ أَمْكَنَ) مَعَ بَقَاءِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ (وَإِلَّا مُزِّقَ) وَإِنَّمَا نُقِرُّهُ بِأَيْدِي أَهْلِ الذِّمَّةِ لِاعْتِقَادِهِمْ كَمَا فِي الْخَمْرِ وَخَرَجَ بِتَمْزِيقِهِ تَحْرِيقُهُ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَضْيِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ لِلْمَزْقِ قِيمَةٌ وَإِنْ قَلَّتْ وَلَا يَشْكُلُ بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ الْقُرْآنَ جَمَعَ مَا بِأَيْدِي النَّاسِ وَأَحْرَقَهُ أَوْ أَمَرَ بِإِحْرَاقِهِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْفِتْنَةَ الَّتِي تَحْصُلُ بِالِانْتِشَارِ هُنَاكَ أَشَدُّ مِنْهَا هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى أَمَّا مَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَهُوَ بَاقٍ بِحَالِهِ (وَأَدْخَلَ) مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَغْسُولِ وَالْمُمَزَّقِ (فِي الْغَنِيمَةِ) فَيُبَاعُ أَوْ يُقْسَمُ. (وَتُتْلَفُ الْخَنَازِيرُ وَالْخُمُورُ لَا أَوَانِيهَا الثَّمِينَةُ) فَلَا تُتْلَفُ بَلْ تُحْمَلُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ثَمِينَةً بِأَنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهَا عَلَى مُؤْنَةِ حَمْلِهَا أُتْلِفَتْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ إتْلَافِهَا إذَا لَمْ يَرْغَبْ أَحَدٌ مِنْ الْغَانِمِينَ فِيهَا وَيَتَكَلَّفُ حَمْلُهَا لِنَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ تُدْفَعُ إلَيْهِ وَلَا تُتْلَفُ وَبَيَّنَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْخِنْزِيرَ إنْ كَانَ يَعْدُو عَلَى النَّاسِ وَجَبَ إتْلَافُهُ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُتَخَيَّرُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ أَيْضًا وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ تُرَاقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَدْوَى. (وَكَلْبُ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةُ) وَالزَّرْعُ وَنَحْوُهَا يُعْطَى (لِمَنْ أَرَادَهُ) مِنْ الْغَانِمِينَ أَوْ أَهْلِ الْخُمُسِ إنْ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِيهِ (فَإِنْ تَنَازَعُوا) فِيهِ (وَكَانَتْ) أَيْ الْكِلَابُ (كَثِيرَةً) وَأَمْكَنَ قِسْمَتُهَا عَدَدًا (قُسِمَتْ بِالْعَدَدِ) إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا حَتَّى تُقْسَمَ بِالْقِيمَةِ (وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ) وَهَذَا مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَوْجُودُ فِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ لَكِنْ أَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ بِهَا مَنْ شَاءَ وَكَذَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الرَّافِعِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ وَقَالَ: إنَّ الْبَنْدَنِيجِيَّ وَابْنَ الصَّبَّاغِ وَالْمَاوَرْدِيَّ قَالُوا: إنْ كَانَ فِي الْغَانِمِينَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ دُفِعَ إلَيْهِ وَإِلَّا دُفِعَ إلَى مَنْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْخُمُسِ وَنَقَلَ الْقَاضِي ذَلِكَ عَنْ النَّصِّ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِ الْخُمُسِ مَنْ يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ تُرِكَ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ لَمْ أَجِدْهُ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ بَلْ قَالَ فِي الشَّامِلِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ أَنَّ أَصْحَابَنَا لَمْ يَذْكُرُوا مَا إذَا تَنَازَعَ فِيهَا الْغَانِمُونَ وَأَبْدَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ احْتِمَالًا لِنَفْسِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَتَقَدَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ قِيمَةَ الْكِلَابِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً وَيَعْتَبِرُ مَنَافِعَهَا فَيُمْكِنُ مَجِيئُهُ هُنَا قُلْت: الظَّاهِرُ عَدَمُ مَجِيئِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِمْ: قُسِمَتْ عَدَدًا وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ وَيُفَارِقُ الْوَصِيَّةَ بِأَنَّ بَابَهَا أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ. (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الِاغْتِنَامِ لَوْ دَخَلَ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (وَاحِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ) مِنَّا (دَارَهُمْ مُخْتَفِيًا فَسَرَقَ أَوْ اخْتَلَسَ أَوْ الْتَقَطَ مِنْ مَالِهِمْ فَهُوَ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ) لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْآخِذُ تَنْزِيلًا لِدُخُولِهِ دَارَهُمْ وَتَغْرِيرِهِ بِنَفْسِهِ مَنْزِلَةَ الْقِتَالِ (وَإِنْ أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ) ثُمَّ جَحَدَهُ أَوْ هَرَبَ (فَهُوَ لَهُ) وَلَا يُخَمَّسُ وَقَوْلُهُمْ دَخَلَ دَارَهُمْ لَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَوْ أَخَذَ مِنْ مَالِهِمْ فِي دَارِنَا وَلَا أَمَانَ لَهُمْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. (وَمَنْ قَهَرَ) مِنَّا (حَرْبِيًّا وَأَخَذَ مَالَهُ وَهَدَايَاهُ فَغَنِيمَةٌ) مُخَمَّسَةٌ لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْآخِذُ وَقَوْلُهُ وَهَدَايَاهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ هَدَايَاهُ الْمَحْمُولَةُ مَعَهُ لِغَيْرِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ. (وَلَوْ قَدَّمَ الْكَافِرُ الْهَدِيَّةَ إلَى الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ فَهِيَ غَنِيمَةٌ) لَا يَخْتَصُّ بِهَا الْمُهْدَى إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ خَوْفًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَهَا إلَيْهِ وَالْحَرْبُ غَيْرُ قَائِمَةٍ. (فَرْعٌ) لَوْ (احْتَمَلَ كَوْنُ اللُّقَطَةِ) الْمَوْجُودَةِ (بِدَارِهِمْ لِمُسْلِمٍ عَرَّفَهَا) الْآخِذُ وُجُوبًا (قِيلَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ) لِيَصِلَ إلَى الْأَجْنَادِ (وَقِيلَ سَنَةً) كَسَائِرِ اللُّقَطَاتِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ تَرْجِيحُهُ (ثُمَّ) بَعْدَ تَعْرِيفِهِ (يُخَمَّسُ غَنِيمَةً) . (وَالصَّيْدُ) الْبَرِّيُّ وَالْبَحْرِيُّ (وَالْحَشِيشُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: لِأَنَّ لِلْمُمَزَّقِ قِيمَةً وَإِنْ قَلَّتْ) الْعِلَّةُ الْأُولَى ضَعِيفَةٌ وَالثَّانِيَةُ هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُعْتَبَرُ فِي التَّعْلِيلِ تَضْيِيعُ الْمَالِ، فَإِذَا انْتَفَى كُرِهَ التَّحْرِيقُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ احْتِمَالًا لِنَفْسِهِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ إلَّا فِي الشَّامِلِ غَرِيبٌ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ فِي الْمُعْتَمَدِ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرُهُمْ ر (قَوْلُهُ: قُلْت الظَّاهِرُ عَدَمُ مَجِيئِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الِاغْتِنَامِ] (قَوْلُهُ: لَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) وَظَاهِرُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ تَرْجِيحُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْبِهُ حَمْلَ الْأَوَّلِ عَلَى الْخَسِيسِ وَالثَّانِي عَلَى النَّفِيسِ وَحَاوَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا وَاسْتَدَلَّ لَهُ ثُمَّ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالظَّاهِرُ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ لُقَطَةِ دَارِ الْإِسْلَامِ فِي مُدَّةِ التَّعْرِيفِ، وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ وَهُوَ قَضِيَّةٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 الْمُبَاحُ) وَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ كَالْحَطَبِ وَالْحَجَرِ أَيْ كُلٌّ مِنْهَا مِلْكٌ (لِمَنْ أَخَذَهُ) مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كَدَارِ الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ غَنِيمَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِلْكُ كَافِرٍ (فَإِنْ مَلَكُوهُ) أَيْ الْحَرْبِيُّونَ وَلَوْ ظَاهِرًا كَأَنْ وُجِدَ الصَّيْدُ مَوْسُومًا أَوْ مُقَرَّطًا بِأَنْ جُعِلَ الْقُرْطُ فِي أُذُنِهِ أَوْ الْحَشِيشُ مَجْزُوزًا أَوْ الْحَجَرُ مَصْنُوعًا (فَغَنِيمَةٌ) فَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ لِمُسْلِمٍ فَهُوَ كَسَائِرِ اللُّقُطَاتِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ. (وَلَوْ دَخَلَ صَبِيٌّ أَوْ امْرَأَةٌ) أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ خُنْثَى مِنْهُمْ (بِلَادَنَا فَأُخِذَ) أَيْ أَخَذَهُ مُسْلِمٌ أَوْ أَخَذَ ضَالَّةً لِحَرْبِيٍّ مِنْ بِلَادِنَا (كَانَ) الْمَأْخُوذُ (فَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِلَا قِتَالٍ وَمُؤْنَةٍ. (أَوْ) دَخَلَهَا (رَجُلٌ) حَرْبِيٌّ فَأَخَذَهُ مُسْلِمٌ (فَغَنِيمَةٌ) ؛ لِأَنَّ لِأَخْذِهِ مُؤْنَةً وَ (يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ) فَإِنْ اسْتَرَقَّهُ كَانَ الْخُمُسُ لِأَهْلِهِ وَالْبَاقِي لِمَنْ أَخَذَهُ بِخِلَافِ الضَّالَّةِ لِمَا مَرَّ. [فَصْلٌ التَّبَسُّطُ فِي الْغَنِيمَةِ لِلْغَانِمِينَ] (فَصْلٌ لِلْغَانِمِينَ) قَبْلَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ وَقَبْلَ رُجُوعِهِمْ لِعُمْرَانِ دَارِ الْإِسْلَامِ (التَّبَسُّطُ فِي الْغَنِيمَةِ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (بِأَكْلِ الْقُوتِ وَالْأُدْمِ وَالْفَاكِهَةِ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يُعْتَادُ أَكْلُهُ لِلْآدَمِيِّ عُمُومًا كَالشَّحْمِ وَاللَّحْمِ (وَالْعَلَفِ) لِلدَّوَابِّ (شَعِيرًا وَتِبْنًا) وَنَحْوَهُمَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد الْحَاكِمِ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ «أَصَبْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ طَعَامًا فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَأْخُذُ مِنْهُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ» وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ» وَالْمَعْنَى فِيهِ عِزَّتُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ غَالِبًا لِإِحْرَازِ أَهْلِهِ لَهُ عَنَّا فَجَعَلَهُ الشَّارِعُ مُبَاحًا وَلِأَنَّهُ قَدْ يَفْسُدُ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ نَقْلُهُ وَقَدْ تَزِيدُ مُؤْنَةُ نَقْلِهِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُ طَعَامٌ يَكْفِيه أَمْ لَا لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ وُجِدَ فِي دَارِهِمْ سُوقًا وَتَمَكَّنَ مِنْ الشِّرَاءِ مِنْهُ جَازَ التَّبَسُّطُ أَيْضًا إلْحَاقًا لِدَارِهِمْ فِيهِ بِالسَّفَرِ فِي التَّرَخُّصِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّا لَوْ جَاهَدْنَاهُمْ فِي دَارِنَا امْتَنَعَ التَّبَسُّطُ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَحَلِّ لَا يَعِزُّ فِيهِ الطَّعَامُ لِمَا سَيَأْتِي (وَيَتَزَوَّدُونَ مِنْهُ) لِقَطْعِ الْمَسَافَةِ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ التَّبَسُّطِ وَالتَّزَوُّدِ (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَوْ) كَانُوا (أَغْنِيَاءَ عَنْهُ) لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ طَعَامَ الْوَلَائِمِ وَهُوَ مُبَاحٌ مُطْلَقًا وَلَوْ أَكَلَ فَوْقَ حَاجَتِهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِهِ فِي عَلَفِ الدَّوَابِّ (لَا) بِأَكْلِ (الْفَانِيدِ وَالسُّكَّرِ وَالْأَدْوِيَةِ) الَّتِي تَنْدُرُ الْحَاجَةُ إلَيْهَا لِنُدُورِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا (وَلَا تَوْقِيحِ الدَّوَابِّ) بِالْقَافِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَسْحِهَا (بِالدُّهْنِ) الْمُذَابِ أَيْ الْمَغْلِيِّ كَالْمُدَاوَاةِ (وَلَا إطْعَامِ الْبُزَاةِ وَنَحْوِهَا) كَالصُّقُورِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا بِخِلَافِ الدَّوَابِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ صَاحِبُهَا عَلَى إطْعَامِهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أَرْسَلَهَا وَذَبَحَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ (وَلَا الِانْتِفَاعُ بِمَرْكُوبٍ وَمَلْبُوسٍ) مِنْ الْغَنِيمَةِ فَلَوْ خَالَفَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ كَمَا تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ إذَا أَتْلَفَ بَعْضَ الْأَعْيَانِ (فَإِنْ احْتَاجَ) إلَى الْمَلْبُوسِ (لِبَرْدٍ أَوْ حَرٍّ لَبِسَهُ الْإِمَامُ) لَهُ إمَّا (بِالْأُجْرَةِ) مُدَّةَ الْحَاجَةِ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَى الْمَغْنَمِ (أَوْ حَسَبَهُ عَلَيْهِ) مِنْ سَهْمِهِ (كَالْأَدْوِيَةِ) وَالْفَانِيدِ وَالسُّكَّرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا فَيُعْطِي الْإِمَامُ الْمَرِيضَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهَا قَدْرَ حَاجَتِهِ بِقِيمَتِهِ أَوْ يَحْسِبُهُ عَلَيْهِ مِنْ سَهْمِهِ. (وَلَهُ الْقِتَالُ بِالسِّلَاحِ) بِلَا أُجْرَةٍ (لِلضَّرُورَةِ) إلَيْهِ فِيهِ (وَيَرُدُّهُ) إلَى الْمَغْنَمِ بَعْدَ زَوَالِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَوْ اضْطَرَّ إلَى رُكُوبِ الْمَرْكُوبِ فِي الْقِتَالِ فَلَهُ رُكُوبُهُ بِلَا أُجْرَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ كَالْقِتَالِ بِالسِّلَاحِ. (وَلَوْ ذَبَحَ) حَيَوَانًا (لِلْأَكْلِ جَازَ) وَلَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ كَتَنَاوُلِ الْأَطْعِمَةِ وَدَعْوَى النُّدُورِ مَمْنُوعَةٌ سَوَاءٌ الْغَنَمُ وَغَيْرُهَا بِخِلَافِ ذَبْحِهِ لِغَيْرِ الْأَكْلِ (وَرَدَّ جِلْدَهُ) إلَى الْمَغْنَمِ (إلَّا مَا يُؤْكَلُ مَعَ اللَّحْمِ) فَلَهُ أَكْلُهُ مَعَهُ (فَإِنْ اتَّخَذَ مِنْهُ شِرَاكًا) أَوْ سِقَاءً أَوْ نَحْوَهُ (فَكَالْمَغْصُوبِ) فَيَأْثَمُ بِذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ بِصَنْعَتِهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِيهَا بَلْ إنْ نَقَصَ لَزِمَهُ الْأَرْشُ وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ. (وَلَا يَتَبَسَّطُ مَدَدٌ لَحِقُوا) الْجَيْشَ (بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَلَوْ قَبْلَ حِيَازَةِ الْغَنِيمَةِ كَمَا لَا يَسْتَحِقُّ مِنْهَا شَيْئًا وَلِأَنَّهُمْ مَعَهُمْ كَغَيْرِ الضَّيْفِ مَعَ الضَّيْفِ وَمَا قَرَرْته هُوَ مُقْتَضَى مَا فِي الرَّافِعِيِّ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ اعْتِبَارُ بَعْدِيَّةِ حِيَازَةِ الْغَنِيمَةِ أَيْضًا وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ. (فَإِنْ ضُيِّفَ بِمَا فَوْقَ حَاجَتِهِ الْغَانِمِينَ جَازَ) وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا تَحَمُّلُ التَّعَبِ عَنْهُمْ (أَوْ) ضِيفَ بِهِ (غَيْرُهُمْ فَكَغَاصِبِ ضَيْفِ) غَيْرِهِ بِمَا غَصَبَهُ فَيَأْثَمُ بِهِ وَيَلْزَمُ الْآكِلَ ضَمَانُهُ وَيَكُونُ الْمُضَيِّفُ لَهُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ. (وَيَعْلِفُ الرَّجُلُ) جَوَازًا مَا مَعَهُ مِنْ الدَّوَابِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلَوْ دَابَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ) وَإِنْ لَمْ يُسْهِمْ إلَّا لِفَرَسٍ. (وَإِذَا دَخَلُوا) أَيْ الْمُتَبَسِّطُونَ (عُمْرَانَ دَارِ الْإِسْلَامِ) وَلَمْ يَعِزَّ الطَّعَامُ (لَا خَرَابُهُ) الْأَوْلَى خَرَابُهَا (رَدُّوا فَضْلَ الزَّادِ) لِزَوَالِ الْحَاجَةِ وَكَوْنُ الْمَأْخُوذِ مُتَعَلِّقُ حَقِّ الْجَمِيعِ (إلَى الْمَغْنَمِ قَبْلَ   [حاشية الرملي الكبير] فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: لِلْغَانِمِينَ التَّبَسُّطُ) ظَاهِرُهُ تَنَاوُلُ مَنْ لَهُ سَهْمٌ وَمَنْ لَهُ رَضْخٌ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنَّ مُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ قَيَّدَهُ بِالْمُسْلِمِينَ وَهُوَ اللَّائِقُ بِالْقَوَاعِدِ انْتَهَى يُرَدُّ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْمُسْلِمِينَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ لِأَنَّهُ يَرْضَخُ لَهُ وَالرَّضْخُ أَعْظَمُ مِنْ الطَّعَامِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْغَانِمِينَ يَشْمَلُ مِنْ لَا يُرْضَخُ لَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِينَ لِلْجِهَادِ حَيْثُ صَحَّحْنَاهُ وَلِهَذَا عَبَّرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِالْجَيْشِ فَتَنَاوَلَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ وَجَدَ فِي دَارِهِمْ سُوقًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَحَلِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ لَوْ وَقَعَ الْقِتَالُ فِي أَكْتَافِ دَارِ الْإِسْلَامِ فِي مَحَلٍّ يَعِزُّ وُجُودُ الطَّعَامِ فِيهِ وَلَا يَجِدُونَهُ بِشِرَاءٍ فَيَجُوزُ لَهُمْ التَّبَسُّطُ فِي طَعَامِ الْغَنِيمَةِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِهِ فِي عَلَفِ الدَّوَابِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالسُّكَّرُ) أَيْ وَالْحَلْوَى (قَوْلُهُ: فَلَهُ رُكُوبُهُ بِلَا أُجْرَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذَبْحِهِ لِغَيْرِ الْأَكْلِ) كَاِتِّخَاذِ جِلْدِهِ حِذَاءً وَرَكْوَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ حِيَازَةِ الْغَنِيمَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَرَرْته هُوَ مُقْتَضَى مَا فِي الرَّافِعِيِّ) صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّبَسُّطُ لِمَنْ لَحِقَ بَعْدَ الْحَرْبِ وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 الْقِسْمَةِ وَإِلَى الْإِمَامِ بَعْدَهَا فَإِنْ كَثُرَتْ) بَقِيَّةُ مَا أُخِذَ لِلتَّبَسُّطِ (قُسِّمَتْ) كَمَا قُسِّمَتْ الْغَنِيمَةُ (وَإِلَّا جُعِلْت فِي سَهْمِ الْمَصَالِحِ) قَالَ الْإِمَامُ وَلَا رَيْبَ أَنَّ إخْرَاجَ الْخُمُسِ مِنْهَا مُمْكِنٌ وَإِنَّمَا هَذَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ وَكَدَارِ الْإِسْلَامِ بَلَدُ أَهْلِ ذِمَّةٍ أَوْ عَهْدٍ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ مُعَامَلَتِنَا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُضَافَةً إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ فِي قَبْضَتِنَا بِمَثَابَتِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ. (فَرْعٌ لَيْسَ لَهُمْ التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فِيمَا تُزَوِّدُونَهُ وَمِنْ الْمَغْنَمِ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهُ بِالْأَخْذِ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُمْ الْأَخْذُ وَالْأَكْلُ كَالضَّيْفِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا طَعَامَ أَنْفُسِهِمْ وَيَصْرِفُوا الْمَأْخُوذَ إلَى حَاجَةٍ أُخْرَى كَمَا لَا يَتَصَرَّفُ الضَّيْفُ فِيمَا قُدِّمَ لَهُ إلَّا بِالْأَكْلِ. (فَلَوْ أَقْرَضَ) مِنْهُ (غَانِمٌ غَانِمًا) آخَرَ (فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ) بِعَيْنِهِ أَوْ (بِمِثْلِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ) مَا لَمْ يَدْخُلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ (لَا مِنْ) خَالِصِ (مَالِهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ صَارَ أَحَقَّ بِهِ وَلَمْ تَزُلْ يَدُهُ عَنْهُ إلَّا بِبَدَلٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ قَرْضًا مُحَقَّقًا؛ لِأَنَّ الْآخِذَ لَا يَمْلِكُ الْمَأْخُوذَ حَتَّى يَمْلِكَهُ لِغَيْرِهِ فَلَوْ رَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَمْلُوكِ لَا يُقَابَلُ بِالْمَمْلُوكِ وَعَلَيْهِ (فَإِنْ نَفِدَ الطَّعَامُ) أَيْ فَرَغَ (سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ) وَإِذَا رَدَّ مِنْ الْمَغْنَمِ صَارَ الْأَوَّلُ أَحَقَّ بِهِ لِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ. (أَوْ دَخَلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ) وَلَمْ يَعِزَّ الطَّعَامُ (رَدَّهُ الْمُقْتَرِضُ إلَى الْإِمَامِ) لِانْقِطَاعِ حُقُوقِ الْغَانِمِينَ عَنْ أَطْعِمَةِ الْمَغْنَمِ (فَإِنْ بَقِيَ) بِيَدِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ (عَيْنُ الْمُقْتَرَضِ رَدَّهُ إلَى الْمَغْنَمِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَضْلَ الزَّادِ يَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ وَهَذِهِ تُعْلَمُ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْأُولَى فِي رَدِّ الْمُقْرِضِ بِأَنْ رَدَّ لَهُ الْمُقْتَرَضُ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِهِمْ دَارَ الْإِسْلَامِ، وَالثَّانِيَةُ فِي رَدِّ الْمُقْتَرِضِ بِأَنْ لَمْ يَرُدَّهُ لِلْمُقْرِضِ قَبْلَ ذَلِكَ. (وَإِنْ تَبَايَعَا) أَيْ غَانِمَانِ مَا أَخَذَاهُ (صَاعًا بِصَاعٍ أَوْ بِصَاعَيْنِ فَكَتَنَاوُلِ الضَّيْفَانِ بِاللُّقَمِ) أَيْ فَكَإِبْدَالِهِمْ لُقْمَةً بِلُقْمَةٍ أَوْ بِلُقْمَتَيْنِ فَلَا يَكُونُ رِبًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ مُحَقَّقَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَوْلَى بِمَا صَارَ إلَيْهِ (فَيَأْكُلَانِهِ وَلَا يَتَصَرَّفَانِ) فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ. (فَإِنْ قَلَّ الطَّعَامُ) الْمَغْنُومُ وَاسْتَشْعَرَ الْإِمَامُ الِازْدِحَامَ وَالتَّنَازُعَ فِيهِ (خَصَّ الْإِمَامُ بِهِ الْمُحْتَاجِينَ) إلَيْهِ بِقَدْرِ حَاجَاتِهِمْ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ غَيْرَهُمْ مِنْ مُزَاحِمَتِهِمْ. [فَصْلٌ مَا تَمْلِك بِهِ الْغَنِيمَةَ] (فَصْلٌ لَا يَمْلِكُونَ الْغَنِيمَةَ لَا بِالْقِسْمَةِ وَالِاخْتِيَارِ) لِلْغَنِيمَةِ أَوْ لِتَمَلُّكِهَا أَيْ لَا يَمْلِكُونَهَا إلَّا بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَلَوْ عَبَّرَ بِأَوْ بَلْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الِاخْتِيَارِ كَانَ أَوْلَى فَقَدْ قَالَ فِي الْأَصْلِ الْعِبْرَةُ بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ لَا بِالْقِسْمَةِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْقِسْمَةُ لِتَضَمُّنِهَا اخْتِيَارَ التَّمَلُّكِ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا مَلَكُوا أَنْ يَتَمَلَّكُوا كَحَقِّ الشُّفْعَةِ كَمَا قَالَ (وَلَهُمْ اخْتِيَارُ التَّمَلُّكِ بَعْدَ الْحِيَازَةِ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ مَلَكُوا لَمْ يَصِحَّ إعْرَاضُهُمْ كَمَنْ احْتَطَبَ. (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمْ (الْإِعْرَاضُ عَنْ حَقِّهِ) مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ (وَلَوْ بَعْدَ إفْرَازِهِ لَهُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ) أَيْ مَا أُفْرِزَ لَهُ (أَوْ) لَمْ (يَخْتَرْ التَّمَلُّكَ) لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ مِنْ الْجِهَادِ إعْلَاءُ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالذَّبُّ عَنْ الْمِلَّةِ، وَالْغَنَائِمُ تَابِعَةٌ فَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا فَقَدْ جَرَّدَ قَصْدَهُ لِلْغَرَضِ الْأَعْظَمِ أَمَّا إذَا قَبِلَ مَا أُفْرِزَ لَهُ أَوْ اخْتَارَ التَّمَلُّكَ فَلَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُ كَمَا مَرَّ لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ وَكَمَا أَنَّ مَنْ اخْتَارَ فِي الْعُقُودِ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ لَا يَعْدِلُ إلَى الْآخَرِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ عَلَى أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ حُقُوقَهُمْ بِإِقْرَارِ الْإِمَامِ مَعَ قَبْضِهِمْ لَهَا وَبِدُونِهِ مَعَ حُضُورِهِمْ. (فَإِنْ وَهَبَ) بَعْضُهُمْ (نَصِيبَهُ لِلْغَانِمِينَ) أَيْ لِبَاقِيهِمْ (وَأَرَادَ الْإِسْقَاطَ) لَهُ (سَقَطَ أَوْ) أَرَادَ (تَمْلِيكَهُمْ) إيَّاهُ (فَلَا) يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَهُ وَلِأَنَّهُ مَجْهُولٌ. (وَمَنْ مَاتَ) مِنْهُمْ عَنْ نَصِيبِهِ (فَوَارِثُهُ كَهُوَ) فِيهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ فَيَمْلِكُهُ إنْ سَبَقَ اخْتِيَارُ التَّمَلُّكِ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ طَلَبُهُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْهُ كَالشُّفْعَةِ. (فَلَوْ أَعْرَضُوا جَمِيعًا جَازَ وَصُرِفَ) الْجَمِيعُ (مَصْرِفَ الْخُمُسِ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُصَحِّحَ لِلْإِعْرَاضِ يَشْمَلُ الْبَعْضَ وَالْجَمِيعَ. (وَالسَّالِبُ) أَيْ مُسْتَحِقُّ السَّلَبِ (وَذُو الْقُرْبَى) وَلَوْ وَاحِدًا (وَالسَّفِيهُ لَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُمْ) ؛ لِأَنَّ السَّلَبَ مُتَعَيِّنٌ لِمُسْتَحِقِّهِ بِالنَّصِّ كَالْوَارِثِ وَكَنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْحَةٌ أَثْبَتَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ بِالْقَرَابَةِ بِلَا تَعَبٍ وَشُهُودِ وَقْعَةٍ كَالْإِرْثِ فَلَيْسُوا كَالْغَانِمِينَ الَّذِينَ يَقْصِدُونَ بِشُهُودِهِمْ مَحْضَ الْجِهَادِ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالسَّفِيهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَمَا ذَكَره مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ إعْرَاضِهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَفَقَةِ الْإِمَامِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا إنَّمَا فَرَّعَهُ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ الِاغْتِنَامِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ فَقَالَ: وَالسَّفِيهُ يَلْزَمُ حَقُّهُ عَلَى قَوْلِنَا: يَمْلِكُ وَلَا يَسْقُطُ بِالْإِعْرَاضِ إلَّا عَلَى قَوْلِنَا: إنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالِاخْتِيَارِ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ صِحَّةَ إعْرَاضِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الرَّاجِحُ صِحَّةُ إعْرَاضِهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَكَدَارِ الْإِسْلَامِ بَلَدُ أَهْلِ ذِمَّةٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ) وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا قَدْ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ الْقَوْلِ بِجَوَازِ التَّبَسُّطِ لِمَنْ مَعَهُ مَا يُغْنِيه وَسِيَاقُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَ الْجَيْشِ سَوْقٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ التَّبَسُّطُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ سَاكِتٌ عَنْ هَذَا وَعَمَّا أَبْدَاهُ غ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَبَايَعَا صَاعًا بِصَاعَيْنِ فَكَتَنَاوُلِ الضَّيْفَانِ بِاللُّقَمِ) اسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَبَعًا لِلْقَمُولِيِّ إبَاحَةُ هَذَا الْعَقْدِ مَعَ فَسَادِهِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا عَجِيبٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا إنَّ هَذَا عَقْدٌ وَإِنَّمَا هُوَ إبَاحَةٌ مِنْ خَصَائِصِ طَعَامِ الْحَرْبِ وَلِهَذَا قَصَرُوهُ عَلَى بَيْعِ الْمَأْكُولِ بِالْمَأْكُولِ كَمَا كَانَ مَقْصُورًا عَلَى إبَاحَةِ الْمَأْكُولِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ بِذَهَبٍ وَلَا وَرِقٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُونَ الْغَنِيمَةَ لَا بِالْقِسْمَةِ) قَالَ الْجُوَيْنِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ أُصُولُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مُتَطَابِقَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ وَطْءِ السَّرَارِيِّ اللَّاتِي يُجْلَبْنَ الْيَوْمَ مِنْ الرُّومِ وَالْهِنْدِ وَالتُّرْكِ إلَّا أَنْ يُنَصِّبَ الْإِمَامُ مَنْ يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا ظُلْمٍ وَكَذَا قَالَهُ شَيْخُهُ الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَبَّرَ بِأَوْ بَلْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الِاخْتِيَارِ كَانَ أَوْلَى) الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ كَمَا صَنَعَهُ وَقَدْ صَرَّحَ بَعْدَهُ بِأَنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ بِالِاخْتِيَارِ وَحْدَهُ لَا بِالْقِسْمَةِ وَحْدَهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قَبِلَ مَا أُفْرِزَ لَهُ أَوْ اخْتَارَ التَّمَلُّكَ إلَخْ) كَقَوْلِهِ اخْتَرْت الْغَنِيمَةَ أَوْ اخْتَرْت الْقِسْمَةَ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 (وَبَاقِي أَصْحَابِ الْخُمُسِ لَا يُتَصَوَّرُ إعْرَاضُهُمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ. (وَالْمُعْرِضُ) مِنْ الْغَانِمِينَ (كَالْمَعْدُومِ) فَيُقْسَمُ الْمَالُ خَمْسًا وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إعْرَاضٌ فَالْإِعْرَاضُ إنَّمَا تَرْجِعُ فَائِدَتُهُ إلَى بَاقِي الْغَانِمِينَ دُونَ أَرْبَابِ الْخُمُسِ. (وَيَصِحُّ إعْرَاضُ مُفْلِسٍ) مَحْجُورٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَ التَّمَلُّكِ كَالِاكْتِسَابِ، وَالْمُفْلِسُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْإِعْرَاضَ يَمْحَضُ جِهَادُهُ لِلْآخَرِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ. (لَا) إعْرَاضَ (عَبْدٍ وَصَبِيٍّ) عَنْ الرَّضْخِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيمَا غَنِمَهُ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ وَعِبَارَةُ الصَّبِيِّ مُلْغَاةٌ (بَلْ) الْإِعْرَاضُ (لِلسَّيِّدِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحَقُّ نَعَمْ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ الدُّيُونُ فَلَا يُظْهِرُ صِحَّةَ إعْرَاضِهِ فِي حَقِّهِمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي الثَّانِي نَظَرٌ (لَا لِلْوَلِيِّ) لِعَدَمِ الْحَظِّ فِي إعْرَاضِهِ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَإِنْ بَلَغَ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ التَّمَلُّكَ صَحَّ إعْرَاضُهُ. (فَرْعٌ) لَوْ (سَرَقَ) مِنْ الْغَنِيمَةِ (غَانِمٌ أَوْ وَلَدُهُ أَوْ وَالِدُهُ أَوْ عَبْدُهُ) أَوْ سَيِّدُهُ (قَدْرَ نَصِيبِهِ) مِنْهَا (رَدَّهُ) إلَيْهَا (فَإِنْ تَلِفَ فَبَدَلُهُ) يَرُدُّهُ إلَيْهَا (وَلَمْ يُقْطَعْ) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِيهَا (وَكَذَا) لَوْ سَرَقَ (أَكْثَرَ) مِنْ نَصِيبِهِ يَرُدُّهُ فَإِنْ تَلِفَ فَبَدَلُهُ وَلَا يُقْطَعُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ قَدْرَ نَصِيبِهِ إنْ كَانَ الْغَانِمُونَ مَحْصُورِينَ كَمَا فِي الْمَهْرِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْفَرْعِ الْآتِي (وَلَوْ بَعْدَ إفْرَازِ الْخُمْسِ) سَوَاءٌ أَسَرَقَ مِنْهُ أَمْ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ وَإِنْ بَلَغَ مَا سَرَقَهُ مِنْهَا نِصَابًا لِذَلِكَ. (أَوْ) سَرَقَهُ (أَجْنَبِيٌّ) غَيْرُ كَافِرٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ (قَبْلَ إفْرَازِ الْخُمْسِ أَوْ مِنْ الْخُمْسِ) بَعْدَ إفْرَازِهِ وَقَبْلَ إخْرَاجِ خُمُسِهِ أَوْ مِنْ (خُمُسِهِ) أَيْ خُمُسِ الْخُمُسِ بَعْدَ إفْرَازِهِ (لَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَالًا لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَهُ فِيهِ حَقٌّ (أَوْ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ قُطِعَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا (وَكَذَا) لَوْ سَرَقَ (مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْخُمُسِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ أَهْلِ اسْتِحْقَاقِهَا وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعْ. (وَمَنْ غَلَّ) مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْئًا وَكَانَ مِنْ الْغَانِمِينَ (عُزِّرَ) . [فَرْعٌ وَطِئَ غَانِمٌ جَارِيَةً مِنْ الْغَنِيمَةِ] (فَرْعٌ) لَوْ (وَطِئَ غَانِمٌ جَارِيَةً) مِنْ الْغَنِيمَةِ (قَبْلَ الْقِسْمَةِ) وَقَبْلَ (اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّانِي كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا شُبْهَةَ مِلْكٍ وَهَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ بَعْدَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ أَيْضًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَيُعَزَّرُ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ) لَا جَاهِلٌ بِهِ بِأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ بَلْ يُنْهَى عَنْهُ وَيُعَرَّفُ حُكْمَهُ (وَلَزِمَهُ الْمَهْرُ) لِلشُّبْهَةِ كَوَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ (فَإِنْ أَحَبْلَهَا لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيلَادُ) فِي حِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا لِعَدَمِ الْمِلْكِ، فَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدُ بِسَهْمِهِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُعْسِرِ. (وَلَزِمَهُ أَرْشُ نَقْصِ الْوِلَادَةِ) لِحِصَّةِ   [حاشية الرملي الكبير] يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ اخْتِيَارُ التَّمَلُّكِ وَهُوَ حَقٌّ مَالِيٌّ وَلَا يَجُوزُ لِلسَّفِيهِ إعْرَاضُهُ عَنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ كَالسِّرْجِينِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَأَمَّا الْقِصَاصُ فَإِنَّهُ مَحْضُ عُقُوبَةٍ وَشُرِعَ لِلتَّشَفِّي فَلِهَذَا مَلَكَ الْعَفْوَ عَنْهُ فس وَكَتَبَ أَيْضًا الْفِقْهُ مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْغَنِيمَةِ إنْ حَصَلَ بِنَفْسِ الْحِيَازَةِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ فَإِثْبَاتُ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ لِلسَّفِيهِ حَقٌّ مَالِيٌّ وَلَا يَجُوزُ إعْرَاضُهُ عَنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ كَالسَّرْجَيْنِ الْخَمْر وَجَلَدَ الْمَيِّتَة وَأَمَّا الْقِصَاص فَإِنَّهُ مَحْض عُقُوبَة شُرِعَ لِلتَّشَفِّي وَهُوَ الْوَاجِب عَيْنًا عَلَى الْأَصَحّ ت (قَوْلُهُ: فَالْإِعْرَاضُ إنَّمَا تَرْجِعُ فَائِدَتُهُ إلَخْ) وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ نَصِيبِ الْمُعْرِضِ لِلْغَانِمِينَ وَخُمُسَهُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ اهـ وَهُوَ سَهْوٌ مِنْهُ وَقَدْ بَيَّنَ الْأَذْرَعِيُّ كَلَامَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَالْمُفْلِسُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) فِي فَوَائِدِ الرِّحْلَةِ لِابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ الدَّيْنُ بِسَبَبٍ هُوَ عَاصٍ بِهِ كَمَا لَوْ حَرَّقَ ثَوْبَ إنْسَانٍ عُدْوَانًا فَعَلَيْهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنْ يَكْتَسِبَ وَلَوْ بِتَأْجِيرِ نَفْسِهِ لِوَفَاءِ ذَلِكَ الدَّيْنِ إذْ الْخُرُوجُ مِنْ الظَّلَّامَةِ أَحَدُ شُرُوطِ التَّوْبَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هَذَا هُنَا فَلَا يَعْرِضُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَوْلُهُ فِي فَوَائِدِ الرِّحْلَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) وَهُوَ ظَاهِرٌ فَيَصِحُّ إعْرَاضُ الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الْخَادِمِ وَيَصِحُّ إعْرَاضُ السَّيِّدِ فَبِالثَّانِي كَالْمُفْلِسِ بَلْ أَوْلَى قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَاسْتَحَقَّ لِرَضْخٍ صَحَّ إعْرَاضُهُ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى النَّصِّ إنْ كَسَبَهُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ يَكُونُ لَهُ إذَا أَعْتَقَ وَالْمُبَعَّضُ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فَالِاعْتِبَارُ بِمَنْ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي نَوْبَتِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ دُخُولُ النَّادِرِ فِي الْمُهَايَأَةِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ إعْرَاضُهُ عَنْ الْمُخْتَصِّ بِهِ دُونَ الْمُخْتَصِّ بِالْمَالِكِ قَالَ وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِهِمْ التَّعَرُّضَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ إعْرَاضُ السَّيِّدِ فِي الثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ أَوْصَى وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْمُبَعَّضُ إنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ قَدْرَ نَصِيبِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَأَنْ مَلَكَهَا بَعْدُ بِسَهْمِهِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) انْعَكَسَ عَلَيْهِ تَصْحِيحُ الرَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَالصَّحِيحُ فِي الْأُولَى النُّفُوذُ وَفِي الثَّانِيَةِ تَفْرِيعًا عَلَى عَدَمِ النُّفُوذِ فِي الْحَالِ عَدَمُ النُّفُوذِ أَيْضًا إذَا مَلَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ تَحْكِي الْمَنْعَ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ الَّذِي يُوجَدُ فِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَإِذَا قِيلَ بِهِ فَلَوْ مَلَكَ الْجَارِيَةَ بِالْوُقُوعِ فِي سَهْمِهِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ فَفِي نُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ قَوْلَانِ يَطَّرِدُ أَنَّ فِي نَظَائِرِهِ وَالظَّاهِرُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَنْفُذُ فَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْمَنْصُوصُ رَاجِعٌ إلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ النُّفُوذُ فِي الْحَالِ وَهُوَ مُقَابِلُ الْمَحْكِيِّ أَوَّلًا عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَكَثِيرٍ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ حَكَى فِيهَا قَوْلَيْنِ بِغَيْرِ تَرْجِيحٍ هُنَا وَذَكَرَ تَفْرِيعَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَ الثَّانِيَ ثُمَّ ذَكَرَ الثَّانِيَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَصَحَّحَهُ وَيُعْلَمُ التَّرْجِيحُ فِي التَّفْرِيعِ مِنْ نَظَائِرِهِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ فِي نَظَائِرِهِ عَدَمُ النُّفُوذِ كَمَا سَيَأْتِي فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ النَّصَّ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ قَالَ شَيْخُنَا وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا بِنَحْوِ وَرَقَتَيْنِ فَقَالَ وَالنَّصُّ فِيمَا إذَا اسْتَوْلَدَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ جَارِيَةً مِنْ الْمَغْنَمِ أَنَّهُ يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ عَلَى مَا مَرَّ وَكَذَلِكَ النَّقْلُ بَعْدَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَحَصَلَ فِي الرَّوْضَةِ الْخَلَلُ فِي التَّرْجِيحِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَفِي النَّقْلِ الْمَذْكُورِ آخِرَ الْمَسْأَلَةِ بِسَبَبِ مَا فَهِمَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) عِبَارَتُهُ فَفِي نُفُوذِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 غَيْرِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ لَكِنَّ عَدَمَ ثُبُوتِهِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَكَثِيرٌ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ فِي شَرْحَيْهِ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ ثُبُوتُهُ فِي حِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ كَمَا فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغَانِمِ أَقْوَى وَعَلَى مَا رَجَّحَهُ يَسْرِي الِاسْتِيلَادُ مِنْ حِصَّةِ الْمُوسِرِ إلَى الْبَاقِي فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ حِصَّةِ شُرَكَائِهِ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ وَيَدْخُلُ فِيهَا أَرْشُ نَقْصِ الْوِلَادَةِ وَفِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ هُنَا تَوَهُّمٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ أَشَرْت إلَى بَعْضِهِ بِمَا تَقَرَّرَ (وَيَسْقُطُ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الْمَهْرِ إنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ) بِأَنْ تَيَسَّرَ ضَبْطُهُمْ إذْ لَا مَعْنَى لِأَخْذِهَا مِنْهُ وَرَدِّهَا عَلَيْهِ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ فِي مَعْرِفَتِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُونُوا مَحْصُورِينَ وَلَمْ يُفْرِزْ الْإِمَامُ الْخُمُسَ لِأَرْبَابِهِ وَلَا عَيَّنَ شَيْئًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (أَخَذَ) الْمَهْرَ وَضَمَّ إلَى الْمَغْنَمِ (وَهُوَ) أَيْ نَصِيبُهُ (يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ) وَلَا يُكَلَّفُ الْإِمَامُ ضَبْطَهُمْ وَمَعْرِفَةَ نَصِيبِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلْيَخُصَّ مَا ذَكَرُوهُ بِمَا إذَا طَابَتْ نَفْسُهُ بِغُرْمِ الْجَمِيعِ، فَإِنْ قَالَ أَسْقِطُوا نَصِيبِي فَلَا بُدَّ مِنْ إجَابَتِهِ وَيُؤْخَذُ الْمُتَيَقَّنُ وَيُوقَفُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُ مَا قَالَهُ وَيَحْتَمِلُ أَخْذَ هَذَا الْقَدْرِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ يَسْتَحِقُّهُ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ وَالْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ وَلِئَلَّا يُقَدَّمَ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي الْإِعْطَاءِ عَلَى بَعْضٍ أَيْ مَعَ ارْتِكَابِ الْمَشَقَّةِ. (وَلَوْ جَعَلَ الْخُمُسَ) بِأَنْ أَفْرَزَهُ الْإِمَامُ (لِأَرْبَابِهِ) وَكَانَ وَطْءُ الْغَانِمِ بَعْدَ تَمَلُّكِ الْغَانِمِينَ (وَخَرَجَتْ) أَيْ الْجَارِيَةُ (فِي) حِصَّةِ (قَوْمٍ هُوَ) أَيْ وَاطِئُهَا (مِنْهُمْ فَهُمْ شُرَكَاؤُهُ) فِيهَا (وَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ) مِنْ أَنَّهُ يَغْرَمُ مِنْ الْمَهْرِ قِسْطَهُمْ (وَإِنْ كَانَ قَبْلَ تَمَلُّكِهِمْ فَكَمَا لَوْ كَانُوا مَحْصُورِينَ إلَّا أَنَّ الْمَهْرَ لَا يُخَمَّسُ) هُنَا بَلْ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ فَيَسْقُطُ عَنْ الْوَاطِئِ حِصَّتُهُ مِنْهُ وَيَلْزَمُهُ حِصَّةُ الْبَاقِينَ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَحْكَامِ الْمَهْرِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي قِيمَةِ السِّرَايَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَلَا يَثْبُتُ فِيهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ (الْقِسْمَةُ وَهِيَ حَامِلٌ بِحُرٍّ إنْ جَعَلْنَاهَا) أَيْ الْقِسْمَةَ (بَيْعًا وَهَلْ تُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمُ الْقِيمَةَ) لِلْإِمَامِ فَيَجْعَلُهَا فِي الْمَغْنَمِ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَحْبَالِ حَالَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَبَيْنَهَا بَيْعًا وَقِسْمَةً (أَمْ تَكُونُ) الْجَارِيَةُ (حِصَّتَهُ إنْ احْتَمَلَ) أَيْ احْتَمَلَتْهَا حِصَّتُهُ (أَمْ تَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ) وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا بِحُرٍّ لِلضَّرُورَةِ (فِيهِ خِلَافٌ) وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ. (فَإِنْ وَضَعَتْ) حَمْلَهَا (فَهُوَ حُرٌّ) نَسِيبٌ لِلشُّبْهَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَاطِئُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا هَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا كَالْعِرَاقِيِّينَ وَقِيلَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَالْحُرُّ مِنْهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ فَقَطْ كَإِيلَادِهِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ كَأَصْلِهِ فِي النِّكَاحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى وَطْءِ الْأَبِ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَ ابْنِهِ وَأَجْنَبِيٍّ قَالَا هُنَا وَالْخِلَافُ فِي تَبْعِيضِ الْحُرِّيَّةِ يَجْرِي فِي وَلَدِ الشَّرِيكِ الْمُعْسِرِ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ أَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ دِيَةِ الْجَنِينِ وَبَابِ الْكِتَابَةِ التَّبْعِيضَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَضْعَ الْوَلَدِ مَعَ أَنَّهُ حُرٌّ قَبْلَ وَضْعِهِ لَيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ) ؛ لِأَنَّهُ مُنِعَ رِقُّهُ بِإِحْبَالِهِ مَعَ عَدَمِ تَقْوِيمِ الْأُمِّ عَلَيْهِ (وَحُكْمُهَا) أَيْ قِيمَةِ الْوَلَدِ (حُكْمُ الْمَهْرِ) وَقِيمَةُ السِّرَايَةِ فِيمَا مَرَّ (وَتُجْعَلُ الْأُمُّ فِي الْمَغْنَمِ) فَتُخَمَّسُ مَعَ بَقِيَّةِ الْمَالِ (وَإِنْ وَضَعَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ) وَإِلَّا خُمِّسَتْ وَحْدَهَا وَقَوْلُهُ وَهَلْ تُقَوَّمُ إلَى آخِرِهِ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ وَلَوْ أَوْلَدَ امْرَأَةً بَعْضُهَا حُرٌّ بِنِكَاحٍ أَوْ زِنًا فَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ جَوَابُ الْقَاضِي أَنَّهُ كَالْأُمِّ حُرِّيَّةً وَرِقًّا قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبَبَ لِحُرِّيَّتِهِ إلَّا حُرِّيَّةُ الْأُمِّ فَيَتَقَدَّرُ بِهَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ الْخُمُسِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بَعْدَ إفْرَازِ الْخُمُسِ (غَانِمٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ حُدَّ كَوَطْءِ جَارِيَةٍ بِبَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ سَرِقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مِنْهُ النَّفَقَةَ لَا الْإِعْفَافَ وَإِنْ وَطِئَ الْأَجْنَبِيُّ) جَارِيَةً (مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ حُدَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْغَانِمِينَ وَلَدٌ) أَوْ مُكَاتَبٌ. (وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ كَانَ فِيهَا مِنْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ لَمْ يَعْتِقْ) قَبْلَ اخْتِيَارِهِ التَّمَلُّكَ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَفَارَقَ ثُبُوتَ الِاسْتِيلَادِ عَلَى مَا مَرَّ بِقُوَّةِ الِاسْتِيلَادِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ اسْتِيلَادِ الْمَجْنُونِ وَاسْتِيلَادِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ دُونَ إعْتَاقِهِمَا وَبِأَنَّ الْوَطْءَ اخْتِيَارٌ لِلتَّمَلُّكِ بِدَلِيلِ جَعْلِ وَطْءِ الْبَائِعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَسْخًا بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ أَمَّا بَعْدَ اخْتِيَارِهِ التَّمَلُّكَ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيُنْظَرُ إلَى يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ فِي تَقْوِيمِ الْبَاقِي. (فَرْعٌ) لَوْ (دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَ الْحَرْبِ مُنْفَرِدًا وَأَسَرَ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ الْبَالِغَ) الْعَاقِلَ (لَمْ يَعْتِقْ) مِنْهُ شَيْءٌ فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلَانِ كَنَظَائِرِهِ أَظْهَرُهُمَا النُّفُوذُ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ وَعَنَى بِنَظَائِرِهِ إيلَادُ الْمَرْهُونَةِ وَالْجَانِيَةِ وَنَحْوِهِمَا أَوْ إيلَادُ أَمَةِ الْغَيْرِ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ وَلَا يُنَافِيه تَرْجِيحُ النُّفُوذِ هُنَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاتِّحَادِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَمَةِ الْمَغْنَمِ وَأَمَةِ الْغَيْرِ ظَاهِرٌ ش وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الْمُتَّجَهُ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ نُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ بِخِلَافِ أَمَةِ الْغَيْرِ إذَا اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ مَلَكَهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ جَارِيَةَ الْغَنِيمَةِ إنْ كَانَتْ بَعْدَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ أَوْ قَبْلَهُ وَقُلْنَا يَمْلِكُونَ فَنُفُوذُهُ وَاضِحٌ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُونَ فَشُبْهَةُ حَقِّهِ فِي الْغَنِيمَةِ نَزَّلَتْهَا مَنْزِلَةَ الْمَمْلُوكَةِ بِدَلِيلِ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَنَفْيِ الْحَدِّ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهِيَ كَالْمَرْهُونَةِ إذَا اسْتَوْلَدَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ وَقُلْنَا بِعَدَمِ نُفُوذِهِ فِي الْحَالِ ثُمَّ انْفَكَّ الرَّهْنُ فَإِنَّ الِاسْتِيلَادَ يَثْبُتُ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَا الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ إذَا اسْتَوْلَدَهَا وَهَذِهِ النَّظَائِرُ أَوْلَى بِالْحَمْلِ عَلَيْهَا وَهُوَ مَا فَهِمَهُ النَّوَوِيُّ فَوَضَحَ أَنَّ الصَّحِيحَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَنَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ بِالنَّظَائِرِ مَا قُلْنَاهُ ت (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُ مَا قَالَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ أَخْذَ هَذَا الْقَدْرِ مِنْهُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِالْإِحْبَالِ حَالَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَبَيْنَهَا) فَالْقِيمَةُ هُنَا لِلْحَيْلُولَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ كَأَصْلِهِ فِي النِّكَاحِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَتِنَا ظَاهِرٌ (قَوْلِهِ: لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ دِيَةِ الْجَنِينِ وَبَابِ الْكِتَابَةِ التَّبْعِيضَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ الْوَجْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْغَانِمِينَ وَلَدٌ) أَيْ أَوْ وَالِدٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ) أَيْ فَلَيْسَ اخْتِيَارًا لِلتَّمَلُّكِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا: الْفَرْقُ الثَّانِي مَمْنُوعٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِقُّ بِالْأَسْرِ (حَتَّى يَخْتَارَ الْإِمَامُ اسْتِرْقَاقَهُ وَحِينَئِذٍ لِلسَّابِي تَمَلُّكُهُ فَإِنْ تَمَلَّكْهُ عَتَقَ) عَلَيْهِ (أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ الْخُمُسُ) لِأَهْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَلَّكْهُ لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ مِنْهُ وَكَذَا إذَا لَمْ يَخْتَرْ الْإِمَامُ اسْتِرْقَاقَهُ بِأَنْ اخْتَارَ قَتْلَهُ أَوْ فِدَاءَهُ أَوْ الْمَنَّ عَلَيْهِ. (وَإِنْ أَسَرَ أُمَّهُ أَوْ بِنْتَهُ الْبَالِغَةَ رَقَّتْ) بِالْأَسْرِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اخْتِيَارِ الْإِمَامِ (فَإِنْ اخْتَارَ) السَّابِي (التَّمَلُّكَ فَكَمَا مَرَّ) فِي نَظِيرِهِ قَبْلَهَا (وَكَذَا ابْنُهُ) الْأَوْلَى وَلَدُهُ (الصَّغِيرُ) إنْ أَسَرَهُ رَقَّ بِالْأَسْرِ وَجَرَى فِيهِ مَا ذُكِرَ (إنْ كَانَ رَقِيقًا) لِحَرْبِيٍّ كَأَنْ تَزَوَّجَ حَرْبِيٌّ أَمَةً لِحَرْبِيٍّ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ أَوْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ وَلَدَ الْحَرْبِيِّ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْأَبُ فِي الثَّلَاثَةِ وَهَذَا الشَّرْطُ مِنْ زِيَادَتِهِ ذَكَرَهُ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ لِتَصْوِيرِ سَبْيِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ (لِأَنَّ الصَّغِيرَ يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي الْإِسْلَامِ) فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ سَبْيُهُ فَإِذَا كَانَ رَقِيقًا لِحَرْبِيٍّ تُصُوِّرَ مِنْهُ ذَلِكَ. (وَإِنْ كَانَ الْغَانِمُونَ قَلِيلِينَ وَأَخَذُوا) أَيْ غَنِمُوا (مِنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِمْ) جَمِيعًا (لَمْ يَتَوَقَّفْ عِتْقُهُمْ) لَهُ (إلَّا عَلَى اخْتِيَارِهِمْ) التَّمَلُّكَ. [فَصْلٌ حُكْمِ عَقَارِ الْكُفَّارِ] (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ عَقَارِ الْكُفَّارِ (وَيَمْلِكُ عَقَارَهُمْ بِالِاسْتِيلَاءِ) عَلَيْهِ مَعَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ كَالْمَنْقُولَاتِ وَلِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ وَخَرَجَ بِعَقَارِهِمْ مَوَاتُهُمْ فَلَا يُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهُ إذْ لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْإِحْيَاءِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ. (أَمَّا مَكَّةُ فَفُتِحَتْ صُلْحًا) لَا عَنْوَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ} [الفتح: 22] الْآيَةَ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ وَقَوْلُهُ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] وَقَوْلُهُ {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} [الفتح: 20] إلَى قَوْلِهِ {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} [الفتح: 21] أَيْ بِالْقَهْرِ قَبْلَ الَّتِي عَجَّلَهَا لَهُمْ، غَنَائِمُ حُنَيْنٍ وَاَلَّتِي لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهَا غَنَائِمُ مَكَّةَ وَمَنْ قَالَ فُتِحَتْ عَنْوَةً مَعْنَاهُ أَنَّهُ دَخَلَ مُسْتَعِدًّا لِلْقِتَالِ لَوْ قُوتِلَ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ. (فَبُيُوتُهَا مِلْكٌ لِأَهْلِهَا) لَا وَقْفَ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا إذْ لَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَهَا وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ دَارٍ» يَعْنِي أَنَّهُ بَاعَهَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَيُكْرَهُ بَيْعُهَا وَإِجَارَتُهَا لِلْخِلَافِ وَنَازَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَقَالَ إنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُوصُ. (وَأَمَّا سَوَادُ الْعِرَاقِ) مِنْ الْبِلَادِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ إلَى بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ السَّوَادَ أَزْيَدُ مِنْ الْعِرَاقِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ فَرْسَخًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَسُمِّيَ سَوَادًا؛ لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ الْبَادِيَةِ فَرَأَوْا خُضْرَةً الزَّرْعِ وَالْأَشْجَارِ الْمُلْتَفَّةِ، وَالْخُضْرَةُ تُرَى مِنْ الْبُعْدِ سَوَادًا فَقَالُوا: مَا هَذَا السَّوَادُ وَلِأَنَّ بَيْنَ اللَّوْنَيْنِ مُتَقَارِبًا فَيُطْلَقُ اسْمُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (فَفُتِحَ) فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (عَنْوَةً) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ قَهْرًا وَغَلَبَةً؛ لِأَنَّهُ قَسَمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ (وَأَرْضَى عُمَرُ عَنْهُ الْغَانِمِينَ) بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِهِ وَاسْتَرَدَّهُ (وَوَقَفَهُ) دُونَهُ بِنِيَّةِ دَوْرِهِ عَلَيْنَا؛ لِأَنَّهُ خَافَ تَعَطُّلَ الْجِهَادِ بِاشْتِغَالِهِمْ بِعِمَارَتِهِ لَوْ تَرَكَهُ بِأَيْدِيهِمْ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَحْسَنْ قَطْعُ مَنْ بَعْدَهُمْ عَنْ رَقَبَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ (وَأَجَّرَهُ مِنْ أَهْلِهِ إجَارَةً مُؤَبَّدَةً) بِالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ عَلَى خِلَافِ سَائِرِ الْإِجَارَاتِ (وَجُوِّزَتْ) كَذَلِكَ ( لِلْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ؛ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِرْدَادِ رَجَعَ إلَى حُكْمِ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ بِالْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ فِي أَمْوَالِهِمْ مَا لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي أَمْوَالِنَا كَمَا يَأْتِي مِثْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَدْأَةِ وَالرَّجْعَةِ وَغَيْرِهِمَا. (وَالْخَرَاجُ) الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِ (أُجْرَةٌ) مُنَجَّمَةٌ تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ لِمَصَالِحِنَا (وَلَيْسَ لِأَهْلِ السَّوَادِ بَيْعُهُ وَرَهْنُهُ) وَهِبَتُهُ لِكَوْنِهِ صَارَ وَقْفًا (وَلَهُمْ إجَارَتُهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً لَا مُؤَبَّدَةً) كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي إجَارَةِ عُمَرَ لِلْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ كَمَا مَرَّ. (وَلَا يَجُوزُ) لِغَيْرِ سَاكِنِيهِ (إزْعَاجُهُمْ عَنْهُ) وَيَقُولُ أَنَا أَسْتَغِلُّهُ وَأُعْطِي الْخَرَاجَ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا بِالْإِرْثِ الْمَنْفَعَةَ بِعَقْدِ بَعْضِ آبَائِهِمْ مَعَ عُمَرَ وَالْإِجَارَةُ لَازِمَةٌ لَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ. (وَأَمَّا دُورُهُمْ) أَيْ أَبْنِيَتُهَا (فَيَجُوزُ بَيْعُهَا) إذْ لَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ وَلِهَذَا لَا يُؤْخَذُ عَلَيْهَا خَرَاجٌ وَلِأَنَّ وَقْفَهَا يُفْضِي إلَى خَرَابِهَا نَعَمْ إنْ كَانَتْ آلَتُهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَ الْحَرْبِ مُنْفَرِدًا وَأَسَرَ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ] فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُ عَقَارَهُمْ بِالِاسْتِيلَاءِ) إنَّمَا تَعَرَّضُوا لِلْعَقَارِ مَعَ شُمُولِ الْغَنِيمَةِ لَهُ لِلْإِشَارَةِ لِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ خَيَّرَ الْإِمَامَ بَيْنَ قِسْمَتِهِ وَتَرْكِهِ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ وَوَقَفَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَحُجَّتُنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْمَنْقُولِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَكَّةُ فَفُتِحَتْ صُلْحًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ إلَّا فِي أَسْفَلِهَا فَإِنَّهُ وَقَعَ فِيهِ بَعْضُ قِتَالٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ فِي فَتْحِهَا لِحُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الفتح: 22] إلَخْ) وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَاسْتَثْنَى أَشْخَاصًا أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ فَدَلَّ عَلَى عُمُومِ الِائْتِمَانِ لِلْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ دَارٍ» ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُوَرَّثُ إلَّا مَا كَانَ الْمَيِّتُ مَالِكًا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر: 8] فَنَسَبَ الدِّيَارَ إلَيْهِمْ كَمَا نَسَبَ الْأَمْوَالَ إلَيْهِمْ وَلَوْ كَانَتْ الدِّيَارُ لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لَهُمْ لَمَا كَانُوا مَظْلُومِينَ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ دُورٍ لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لَهُمْ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: 25] جَمِيعُ الْحَرَمِ وَإِنَّ اسْمَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاقِعٌ عَلَى جَمِيعِ الْحَرَمِ لَمَا جَازَ حَفْرُ بِئْرٍ وَلَا قَبْرٍ وَلَا التَّغَوُّطُ وَلَا الْبَوْلُ وَلَا إلْقَاءُ الْجِيَفِ وَلَا النَّتِنِ وَلَا نَعْلَمُ عَالِمًا مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا كُرِهَ جُنُبٌ وَلَا حَائِضٌ دُخُولَ الْحَرَمِ وَلَا الْجِمَاعَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَجَازَ الِاعْتِكَافُ فِي دُورِ مَكَّةَ وَحَوَانِيتِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ) قَالُوا يُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ وَإِطَالَةُ الْجُلُوسِ عَلَى الْخَلَاءِ لِقَوْلِ لُقْمَانَ إنَّهُ يَحْدُثُ مِنْهُ الْبَاسُورُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ الْمَكْرُوهُ بِمَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ بِخُصُوصِهِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَبِدَلِيلِ كَرَاهَةِ لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنَّ مَا فِيهِ نَهْيٌ بِخُصُوصِهِ مَكْرُوهٌ لَا أَنَّ الْمَكْرُوهَ مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ بِخُصُوصِهِ ع (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَتْ آلَتُهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 الْمَوْقُوفَةِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَفَقُّهًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ وَقَطَعَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ الدُّورِ حَالَ الْفَتْحِ وَقْفٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. (ثُمَّ مَا فِيهَا) أَيْ أَرْضِ سَوَادِ الْعِرَاقِ (مِنْ الْأَشْجَارِ ثِمَارُهَا لِلْمُسْلِمِينَ يَبِيعُهَا الْإِمَامُ وَيَصْرِفُهَا) أَيْ أَثْمَانَهَا وَلَهُ أَنْ لَا يَبِيعَهَا وَيَصْرِفَهَا نَفْسَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (مَصَارِفُ الْخَرَاجِ وَمَصَارِفُهُ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ) مِنْهَا (وَمِنْهَا أَهْلُ الْفَيْءِ) أَغْنِيَاؤُهُمْ وَفُقَرَاؤُهُمْ. (وَحَدُّ السَّوَادِ مِنْ عَبَّادَانَ) بِالْبَاءِ الْمُشَدَّدَةِ (إلَى حَدِيقَةِ الْمَوْصِلِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْمِيمِ (طُولًا وَمِنْ) عُذَيْبِ (الْقَادِسِيَّةِ إلَى حُلْوَانَ) بِضَمِّ الْحَاءِ (عَرْضًا) بِإِجْمَاعِ أَهْلِ التَّارِيخِ (مَا خَلَا الْبَصْرَةَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ أَشْهُرُ مِنْ ضَمِّهَا وَكَسْرِهَا فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي حَدِّ السَّوَادِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ فَتْحِهِ وَوَقْفِهِ فَأَحْيَاهَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَلَمْ يُعْبَدْ بِهَا صَنَمٌ قَطُّ (إلَّا الْفُرَاتُ شَرْقِيَّ دِجْلَتِهَا وَ) إلَّا (نَهْرُ الصَّرَاةِ غَرْبِيَّهَا) أَيْ غَرْبِيَّ دِجْلَتِهَا (وَهُوَ) أَيْ حَدُّ السَّوَادِ بِالْفَرَاسِخِ (مِائَةٌ وَسِتُّونَ فَرْسَخًا طُولًا وَثَمَانُونَ عَرْضًا) وَبِالْجَرِيبِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ أَلْفَ جَرِيبٍ، وَثَانِيهِمَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ أَلْفٍ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَرْجِعَ التَّفَاوُتُ إلَى مَا يَقَعُ الْحَدُّ الْمَذْكُورُ مِنْ السِّبَاخِ وَالتُّلُولِ وَالطُّرُقِ وَمَجَارِي الْأَنْهَارِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُزْرَعُ فَكَانَ بَعْضُهُمْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْحِسَابِ. (وَالْخَرَاجُ) أَيْ قَدْرُهُ (فِي كُلِّ سَنَةٍ) مَا فَرَضَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ لَمَّا بَعَثَهُ عُمَرُ مَاسِحًا وَهُوَ (عَلَى جَرِيبِ شَعِيرٍ دِرْهَمَانِ وَ) جَرِيبِ (حِنْطَةٍ أَرْبَعَةٌ وَ) جَرِيبِ (شَجَرٍ وَ) جَرِيبِ قَصَبِ (سُكَّرٍ سِتَّةٌ وَ) جَرِيبِ (نَخْلٍ ثَمَانِيَةٌ وَ) جَرِيبِ (كَرْمٍ عَشْرَةٌ وَ) جَرِيبِ (زَيْتُونٍ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا) وَالْجَرِيبُ عَشْرُ قَصَبَاتٍ كُلُّ قَصَبَةٍ سِتَّةُ أَذْرُعٍ بِالْهَاشِمِيِّ كُلُّ ذِرَاعٍ سِتُّ قَبَضَاتٍ كُلُّ قَبْضَةٍ أَرْبَعُ أَصَابِعَ فَالْجَرِيبُ سَاحَةٌ مُرَبَّعَةٌ مِنْ الْأَرْضِ بَيْنَ كُلِّ جَانِبَيْنِ مِنْهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا هَاشِمِيًّا وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ الْجَرِيبُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةِ ذِرَاعٍ. وَأَمَّا مِصْرُ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ: إنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَقِيلَ فُتِحَتْ صُلْحًا ثُمَّ نَكَثُوا فَفَتَحَهَا عُمَرُ ثَانِيًا عَنْوَةً وَفِي وَصِيَّةِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا. وَأَمَّا الشَّامُ فَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُورِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مُدَّتَهَا فُتِحَتْ صُلْحًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْهَا فُتِحَ عَنْوَةً. (فَرْعٌ إنْ رَأَى الْإِمَامُ) الْيَوْمَ (أَنْ يَقِفَ أَرْضِ الْغَنِيمَةِ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (جَازَ) وَكَذَا سَائِرُ عَقَارَاتِهَا وَمَنْقُولَاتِهَا (إنْ رَضِيَ الْغَانِمُونَ) بِذَلِكَ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (لَا قَهْرًا) عَلَيْهِمْ (وَإِنْ خَشِيَ أَنَّهَا تَشْغَلُهُمْ عَنْ الْجِهَادِ) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ لَكِنْ يَقْهَرُهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْجِهَادِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَقْهَرْهُ وَيَكُونُ أَحَقَّ بِمَالِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ. (وَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ إلَى الْكُفَّارِ إلَّا بِرِضَا الْغَانِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا أَنْ يَتَمَلَّكُوهَا. [الْبَابُ الثَّالِثِ فِي الْأَمَانِ] (الْبَابُ الثَّالِثِ فِي الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ وَالْأَصْلُ فِيهِ آيَةُ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا أَيْ نَقَضَ عَهْدَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ وَالْحُرْمَةُ وَالْحَقُّ وَأَمَّا الذِّمَّةُ فِي قَوْلِهِمْ ثَبَتَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ فَلَهَا مَعْنًى آخَرُ بَيَّنْتُهُ فِي الْبَيْعِ (لِكُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ غَيْرِ أَسِيرٍ وَلَا مُكْرَهٍ حَتَّى امْرَأَةٍ أَوْ عَبْدٍ) أَوْ فَاسِقٍ أَوْ سَفِيهٍ (أَمَانُ كَافِرٍ وَكَافِرَةٍ غَيْرِ كَافِرٍ أَسِيرٍ) سَوَاءٌ أَكَانَا بِدَارِ الْحَرْبِ أَمْ لَا (وَأَمَانُ جَمَاعَةٍ مَحْصُورِينَ كَقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) أَيْ أَهْلِهَا فَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَلَيْسَ أَهْلًا لِلنَّظَرِ لَنَا وَبِالْمُكَلَّفِ غَيْرُهُ لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ الْمُكْرَهُ وَالْأَسِيرُ أَيْ الْمُقَيَّدُ أَوْ الْمَحْبُوسُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ بِأَيْدِيهِمْ لَا يُعْرَفُ وَجْهُ الْمَصْلَحَةِ وَلِأَنَّ وَضْعَ الْأَمَانِ أَنْ يَأْمَنَ الْمُؤْمِنُ وَلَيْسَ الْأَسِيرُ أَمِينًا أَمَّا أَسِيرُ الدَّارِ وَهُوَ الْمُطْلَقُ بِبِلَادِ الْكُفْرِ الْمَمْنُوعُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْهَا فَيَصِحُّ أَمَانُهُ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَحَدُّ السَّوَادِ مِنْ عَبَّادَانَ إلَخْ) الْمَبْدَأُ وَهُوَ عَبَّادَانُ دَاخِلٌ فِي الْحَدِّ وَكَذَا الْغَايَةُ وَهِيَ حَدِيقَةُ الْمَوْصِلِ وَكَذَا الْمَذْكُورَانِ فِي الْعَرْضِ دَاخِلَانِ (قَوْلُهُ: وَالْخَرَاجُ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَخْ) كَانَ مَبْلَغُ ارْتِفَاعِ خَرَاجِ السَّوَادِ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِائَةَ أَلْفِ أَلْفٍ وَسِتَّةً وَثَلَاثِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ تَنَاقَصَ إلَى أَنْ بَلَغَ فِي أَيَّامِ الْحَجَّاجِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِظُلْمِهِ وَغَشْمِهِ فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ارْتَفَعَ بِعَدْلِهِ وَعِمَارَتِهِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى إلَى ثَلَاثِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إلَى سِتِّينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: إنْ عِشْت لَأَرُدَّنَّهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَمَاتَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فس (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِصْرُ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِتَابِهِ النَّفَائِسُ فِي هَدْمِ الْكَنَائِسِ الصَّحِيحُ كَمَا حَكَاهُ النَّقَلَةُ الَّذِينَ يُرْجَعُ إلَى قَوْلِهِمْ فِي نَقْلِ الْمَذَاهِبِ أَنَّ الْقَاهِرَةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ الصَّحِيحُ وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَالطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَأَنَّ عُمَرَ وَضَعَ عَلَى أَرَاضِيهِمْ الْخَرَاجَ د (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الشَّامُ إلَخْ) رَجَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّ دِمَشْقَ فُتِحَتْ عَنْوَةً (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَمَانِ) (قَوْلُهُ: لِكُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ) مِثْلُ الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ (قَوْلُهُ: وَفَاسِقٌ) وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ بِسَبَبِ مَعُونَتِهِ لِلْحَرْبِيِّينَ عَلَيْنَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْأَسِيرُ أَمِينًا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي أَمَانٍ مِمَّنْ هُوَ فِي أَسْرِهِ صَحَّ أَمَانُهُ إيَّاهُ إذَا صَدَرَ مِنْهُ مَعَ مَعْرِفَتِهِ وَجْهَ النَّظَرِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: أَمَّا أَسِيرُ الدَّارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّنْبِيهِ) وَفِي التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ مَا يَقْتَضِيه وَاعْتَمَدَهُ النَّسَائِيّ فِي نُكَتِهِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ الْأَصَحُّ بُطْلَانُ أَمَانِ الْأَسِيرِ الذِّمِّيِّ أُطْلِقَ مِنْ الْقَيْدِ وَالْحَبْسِ وَبَقِيَ عِنْدَهُمْ مَمْنُوعًا مِنْ الْخُرُوجِ، وَإِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا يَكُونُ مُؤَمَّنُهُ آمِنًا مِنَّا بِدَارِ الْحَرْبِ لَا غَيْرُ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالْأَمَانِ فِي غَيْرِهَا وَبِغَيْرِ الْأَسِيرِ الْكَافِرِ الْأَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَسْرِ ثَبَتَ فِيهِ حَقٌّ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِغَيْرِ الَّذِي أَسَرَهُ أَمَّا الَّذِي أَسَرَهُ فَإِنَّهُ يُؤَمِّنُهُ إذَا كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ الْإِمَامُ كَمَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَتَرْجِيحُ صِحَّةِ الْأَمَانِ لِلْكَافِرَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهَا جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَبَعِيَّةُ أَمَانِهِمَا لِأَمَانِ السَّيِّدِ وَالرَّجُلِ لَا تَمْنَعُ إفْرَادَ صِحَّةِ الْعَقْدِ لَهُمَا وَبِالْمَحْصُورِينَ غَيْرُهُمْ كَأَهْلِ بَلَدٍ أَوْ نَاحِيَةٍ فَلَا يُؤَمِّنُهُمْ الْآحَادُ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الْجِهَادُ فِيهَا بِأَمَانِهِمْ. وَقَدْ بَيَّنَ ضَابِطَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَالشَّرْطُ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ) الْأَمَانُ (إلَى إبْطَالِ الْجِهَادِ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ) ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ شِعَارُ الدِّينِ وَالدَّعْوَةِ الْقَهْرِيَّةِ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ مَكَاسِبِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ بِأَمَانِ الْآحَادِ انْسِدَادُهُ (وَ) لَا إلَى (تَكْلِيفِ حَمْلِ الزَّادِ) وَالْعَلَفِ فَلَوْ آمَنَّا آحَادًا عَلَى طَرِيقِ الْغُزَاةِ وَاحْتَجْنَا إلَى حَمْلِ ذَلِكَ وَلَوْلَا الْأَمَانُ لَأَخَذْنَا أَطْعِمَةَ الْكُفَّارِ لَمْ يَصِحَّ الْأَمَانُ لِلضَّرَرِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَلَوْ أَمَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنَّا وَاحِدًا أَوْ (جَمَاعَةً) مِنْهُمْ (وَتَعَاقَبُوا صَحَّ أَمَانُهُمْ إلَى ظُهُورِ الْخَلَلِ) وَإِنْ أَمَّنُوهُمْ مَعًا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ. (وَقَوْلُهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ وَإِنْ تَعَدَّدَ (كُنْت أَمَّنْته مَقْبُولٌ قَبْلَ الْأَسْرِ لَا بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَمَانَهُ قَبْلَ الْأَسْرِ لَا بَعْدَهُ نَعَمْ إنْ شَهِدَ لَهُ اثْنَانِ لَمْ يُشَارِكَاهُ فِي الْأَخْبَارِ قُبِلَ مِنْهُ. (وَلَا يُنْقَضُ أَمَانُ مُسْلِمٍ لِكَافِرِ إلَّا لِخَوْفِ خِيَانَةٍ) سَيَأْتِي مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ. [فَصْلٌ انْعِقَادُ الْأَمَانُ بِالْقَوْلِ الصَّرِيحِ] (فَصْلٌ وَيَنْعَقِدُ) الْأَمَانُ (بِالصَّرِيحِ كَأَجَّرْتُكَ وَأَمَّنْتُك وَأَنْتَ مُجَاوِرٌ) أَنْتَ (آمِنٌ وَلَا بَأْسَ عَلَيْك وَلَا تَخَفْ وَلَا تَفْزَعْ وَمِتْرَسٌ بِالْعَجَمِيَّةِ) أَيْ لَا خَوْفَ عَلَيْك وَإِدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الْأَمْثِلَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَبِالْكِنَايَةِ كَانَتْ عَلَى مَا تُحِبُّ وَكُنْ كَيْفَ شِئْت وَنَحْوُهُ) كَالْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ (وَبِكِتَابَةِ) بِالْفَوْقَانِيَّةِ (وَبِإِرْسَالِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ الْمَذْكُورِ مُكَلَّفًا (وَلَوْ كَافِرًا وَبِالتَّعْلِيقِ بِالْغَرَرِ) كَقَوْلِهِ إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ أَمَّنْتُك لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَى التَّوَسُّعَةِ (وَبِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ) لَكِنْ يُعْتَبَرُ فِي كَوْنِهَا كِنَايَةً مِنْ الْأَخْرَسِ أَنْ يَخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونِ فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ الطَّلَاقِ وَلَفْظِهِ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا. (فَإِنْ أَمَّنَهُ) الْمُسْلِمُ (فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ) وَلَوْ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ (أَمَّنَ فِيهِ وَفِي طَرِيقِهِ إلَيْهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَا) فِي (غَيْرِهِ) . (وَإِنْ أَطْلَقَ) أَمَانَهُ لَهُ (وَهُوَ وَالٍ) إمَامًا كَانَ أَوْ نَائِبَهُ بِإِقْلِيمٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَفِي) أَيْ فَهُوَ آمِنٌ فِي (مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَإِلَّا فَفِي مَوْضِعِ سُكْنَاهُ وَفِي الطَّرِيقِ إلَيْهِ) مِنْ دَارِ الْحَرْبِ (مَا لَمْ يَعْدِلْ) عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ. (وَيُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ الْأَمَانِ (عِلْمُ الْكَافِرِ) بِهِ (وَكَذَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ) لَهُ وَلَوْ بِمَا يُشْعِرُ بِهِ كَمَا يَأْتِي (وَيَجُوزُ قَتْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ عِلْمِهِ وَقَبُولِهِ (وَيَكْفِي مَا يُشْعِرُ بِالْقَبُولِ كَتَرْكِ الْقِتَالِ) وَكَإِشَارَةٍ وَتَقَدُّمِ اسْتِجَارَةٍ مِنْهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَبُولِ رَجَّحَهُ الْمِنْهَاجُ تَبَعًا لِقَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَالْأَصْلُ الظَّاهِرُ اعْتِبَارُهُ زَادَ الْأَصْلُ وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَاكْتَفَى الْبَغَوِيّ بِالسُّكُوتِ وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ الْمَنْقُولُ وَالْأَوَّلُ إنَّمَا هُوَ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ النَّقِيبِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ. (فَإِنْ قَبِلَ) الْكَافِرُ الْأَمَانَ (وَقَالَ لَا أُؤَمِّنُك فَهُوَ رَدٌّ) لِلْأَمَانِ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ لَا يَخْتَصُّ بِطُرُقٍ. (فَإِنْ أَشَارَ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ فَظَنَّهُ أَمَّنَهُ) بِإِشَارَتِهِ (فَجَاءَنَا وَأَنْكَرَ الْمُسْلِمُ) أَنَّهُ أَمَّنَهُ بِهَا (أَوْ أَمَّنَهُ صَبِيٌّ وَنَحْوُهُ) مِمَّنْ لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ (وَظَنَّ صِحَّتَهُ)   [حاشية الرملي الكبير] كَانَ أَمَانُهُ بِاخْتِيَارِهِ عَلَى عَكْسِ مَا فِي التَّنْبِيهِ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ فِي أَيْدِيهِمْ اهـ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ يُمْكِنُهُ إظْهَارُ دِينِهِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا يَكُونُ مُؤَمِّنُهُ آمِنًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِالْأَسْرِ ثَبَتَ فِيهِ حَقٌّ لِلْمُسْلِمِينَ) مِنْ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَفُوتُ بِالْأَمَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ مُسْلِمٌ أَوْ جَمَاعَةٌ كُنَّا أَمَّنَاهُ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى فِعْلِهِمْ وَلَوْ قَالَهُ وَاحِدٌ وَشَهِدَ اثْنَانِ قُبِلَتْ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَدْ يُمْنَعُ جَوَازُ قَتْلِهِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَنْعُ أَمَانِهِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَعَطَّلُ الْجِهَادُ فِيهَا بِأَمَانِهِمْ) عُلِمَ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَمَانُ النِّسَاءِ غَيْرِ الْمَحْصُورَاتِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ يُؤَمِّنُ الْمُؤَمِّنُ الْمُكَلَّفُ طَوْعًا لَا الْأَسِيرُ مَحْصُورِينَ وَامْرَأَةً اهـ وَالْمُرَادُ بِالْمَرْأَةِ الْجِنْسُ لَا لِوَاحِدَةٍ فَقَطْ قَالَ الكوهكيلوني وَعُلِمَ مِنْ لَفْظِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَمَانُ النِّسَاءِ غَيْرِ الْمَحْصُورَاتِ قَالَ شَيْخُنَا وَعُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أَدَّى أَمَانُ الْآحَادِ لِمَحْصُورٍ إلَى سَدِّ الْجِهَادِ امْتَنَعَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَفَاءً بِالضَّابِطِ وَعُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَحْصُورِ الْمَذْكُورِ فِي النِّكَاحِ بَلْ مَحْصُورٌ خَاصٌّ بِمَا هُنَا وَهُوَ أَمَانُ مَنْ لَمْ يَنْسَدَّ بِسَبَبِهِ بَابُ الْغَزْوِ عَنَّا وَمَنْ سَوَّى بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا فِي النِّكَاحِ فَقَدْ وَهِمَ كا (قَوْلُهُ: وَبِالْكِنَايَةِ) أَيْ مَعَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَفِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) وَلَوْ عُزِلَ عَنْ بَعْضِ عَمَلِهِ لَمْ يَزُلْ أَمَانُهُ مِنْهُ وَإِنْ قُلِّدَ غَيْرُهُ لَمْ يَدْخُلْ أَمَانُهُ فِيهِ اعْتِبَارًا بِعَمَلِهِ وَقْتَ أَمَانِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَبُولِ رَجَّحَهُ الْمِنْهَاجُ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَصُورَةُ تَرْكِ الْقِتَالِ أَنْ يَكُونَ مُقَاتِلًا بِالْفِعْلِ أَوْ مُتَهَيِّئًا لَهُ كَشَهْرِ سِلَاحٍ مَثَلًا فَيُؤَمِّنُهُ فَيَتْرُكُ ذَلِكَ فَهُوَ قَرِينَةٌ مُشْعِرَةٌ بِالْقَبُولِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ إنَّمَا هُوَ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) أَيْ بِحَسَبِ مَا رَأَوْهُ وَإِلَّا فَفِي الذَّخَائِرِ وَإِنْ سَكَتَ فَقَدْ حَكَى الْخُرَاسَانِيُّونَ فِيهِ تَرَدُّدٌ أَوْ قَالَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْأَمَانُ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ أَوْ الْقَرِينَةِ وَأَمَّا الْعِرَاقِيُّونَ فَلَمْ يَشْتَرِطُوا سِوَى عَدَمِ الرَّدِّ اهـ وَاكْتِفَاءُ الْبَغَوِيّ كَالْعِرَاقِيِّينَ يُخَالِفُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ شَيْخِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ عَلِمَ بِإِيجَابِ عَقْدِ الْأَمَانِ لَهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ وَإِرْقَاقُهُ فَإِذَا قَتَلَهُ انْعَقَدَ لَهُ الْأَمَانُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ وَمَتَى قَالَ أَمَّنْتُك أَوْ أَجَرْتُك أَوْ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ لَا بَأْسَ عَلَيْك أَوْ لَا يَدُلُّ لَكِنَّهُ نَوَى بِهِ ذَلِكَ فَقَدْ حَصَلَ الْأَمَانُ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ) كَمَجْنُونٍ أَوْ مُكْرَهٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 أَيْ الْأَمَانِ (بَلَّغْنَاهُ مَأْمَنَهُ) وَلَا نَغْتَالُهُ لِعُذْرِهِ، فَإِنْ قَالَ فِي الْأُولَى عَلِمْت أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْأَمَانَ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ لَمْ يُبَلَّغْ الْمَأْمَنَ بَلْ يَجُوزُ اغْتِيَالُهُ إذْ لَا أَمَانَ لَهُ (فَإِنْ مَاتَ الْمُشِيرُ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ فَلَا أَمَانَ وَلَا اغْتِيَالَ) فَيُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ. (فَرْعٌ) مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ صِيغَةِ الْأَمَانِ هُوَ فِيمَا إذَا دَخَلَ الْكُفَّارُ بِلَادَنَا بِلَا سَبَبٍ أَمَّا (مَنْ دَخَلَ) إلَيْهَا (رَسُولًا أَوْ لِسَمَاعِ الْقُرْآنِ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَنْقَادُ بِهِ لِلْحَقِّ إذَا ظَهَرَ لَهُ (فَهُوَ آمِنٌ) . (لَا) مَنْ دَخَلَ (لِتِجَارَةٍ) فَلَيْسَ آمِنًا (فَلَوْ أَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ أَنَّهَا) أَيْ التِّجَارَةَ أَيْ الدُّخُولَ لَهَا (أَمَانٌ فَإِنْ صَدَّقَهُ بَلَغَ الْمَأْمَنَ) وَلَا يُغْتَالُ وَكَذَا لَوْ سَمِعَ مُسْلِمًا يَقُولُ: مَنْ دَخَلَ تَاجِرًا فَهُوَ آمِنٌ فَدَخَلَ وَقَالَ ظَنَنْت صِحَّتَهُ وَبِهِ صُوَرٌ لِأَصْلٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ (اُغْتِيلَ) وَكَذَا يُغْتَالُ إنْ لَمْ يُخْبِرْهُ مُسْلِمٌ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ الدُّخُولَ لَهَا أَمَانٌ إذْ لَا مُسْتَنَدَ لِظَنِّهِ (وَلِلْإِمَامِ لَا لِلْآحَادِ جَعْلُهَا) أَيْ التِّجَارَةِ أَيْ الدُّخُولِ لَهَا (أَمَانًا) إنْ رَأَى فِي الدُّخُولِ لَهَا مَصْلَحَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، فَإِذَا قَالَ مَنْ دَخَلَ تَاجِرًا فَهُوَ آمِنٌ جَازَ وَاتُّبِعَ وَمِثْلُهُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْآحَادِ. (وَمُدَّتُهُ) أَيْ الْأَمَانِ (وَإِنْ أَطْلَقَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) فَيَصِحُّ بِخِلَافٍ فِي الْهُدْنَةِ فَهَذَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ الْأَمَانُ كَالْهُدْنَةِ؛ لِأَنَّ بَابَهُ أَوْسَعُ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مِنْ الْآحَادِ بِخِلَافِهَا (وَلَوْ عَقَدَ بِأَكْثَرَ) مِنْهَا (بَطَلَ الزَّائِدُ) عَلَيْهَا أَيْ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ (فَقَطْ) أَيْ لَا فِيمَا عَدَاهُ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ وَأَمَّا الزَّائِدُ لِضَعْفِنَا الْمَنُوطِ بِنَظَرِ الْإِمَامِ فَكَهُوَ وَفِي الْهُدْنَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ التَّقْيِيدُ بِمُدَّةٍ فِي الرِّجَالِ أَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِنَّ لِتَقْيِيدِهِ بِمُدَّةٍ وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ مَا يُؤَيِّدُهُ قَالَ: وَإِنَّمَا مُنِعَ الرِّجَالُ مِنْ السُّنَّةِ لِئَلَّا يُتْرَكَ الْجِهَادُ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهِ (وَبَلَغَ بَعْدَهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (الْمَأْمَنَ) . (وَيَبْطُلُ أَمَانُ مُتَجَسِّسٍ وَطَلِيعَةٍ) إذْ مِنْ شَرْطِ الْأَمَانِ أَنْ لَا يَتَضَرَّرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ (وَ) مَعَ ذَلِكَ (يُغْتَالُ) كُلٌّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ دُخُولَ مِثَالِهِ خِيَانَةٌ فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْأَمَانِ انْتِفَاءُ الضَّرَرِ دُونَ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّمَا يَجُوزُ بِالْمَصْلَحَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْأَرْجَحُ نَظَرًا. (وَلِلْكُفَّارِ) وَفِي نُسْخَةٍ وَلِلْكَافِرِ (نَبْذُهُ) أَيْ الْأَمَانَ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مِنْ قِبَلِهِمْ (لَا لَنَا) وَإِنْ اسْتَشْعَرْنَا خِيَانَةً مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ مِنْ قِبَلِنَا. (وَلِلْإِمَامِ نَبْذُهُ لِلْخِيَانَةِ) أَيْ لِاسْتِشْعَارِهِ الْخِيَانَةَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُهَادَنَةَ تُنْبَذُ بِذَلِكَ فَأَمَانُ الْآحَادِ أَوْلَى. [فَصْلٌ الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ] (فَصْلٌ: تَجِبُ الْهِجْرَةُ) مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ (عَلَى مُسْتَطِيعٍ) لَهَا (إنْ عَجَزَ عَنْ إظْهَارِ دِينِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النحل: 28] الْآيَةَ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ» سَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَظْهَرَ حَقًّا بِبَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إظْهَارِهِ تَلْزَمُهُ الْهِجْرَةُ مِنْهَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ صَاحِبِ الْمُعْتَمَدِ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ أَيْضًا وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ فِي إقَامَتِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَجُوزُ لَهُ الْإِقَامَةُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْهِجْرَةَ فَهُوَ مَعْذُورٌ إلَى أَنْ يَسْتَطِيعَ، فَإِنْ فُتِحَ الْبَلَدُ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ سَقَطَ عَنْهُ الْهِجْرَةُ صُرِّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَإِنْ قَدَرَ) عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ لِكَوْنِهِ مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ أَوْ لِأَنَّ لَهُ عَشِيرَةً تَحْمِيه (وَلَمْ يَخَافُ فِتْنَةً فِيهِ اُسْتُحِبَّ) لَهُ أَنْ يُهَاجِرَ لِئَلَّا يَكْثُرَ سَوَادُهُمْ أَوْ يَمِيلَ إلَيْهِمْ أَوْ يَكِيدُوا لَهُ وَلَا يَجِبُ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عُثْمَانَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ إلَى مَكَّةَ» ؛ لِأَنَّ عَشِيرَتَهُ بِهَا فَيَقْدِرُ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ (لَا إنْ رَجَا إسْلَامَ غَيْرِهِ) ثُمَّ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُهَاجِرَ بَلْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُقِيمَ. ثُمَّ (فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الِاعْتِزَالِ وَالِامْتِنَاعِ) فِي دَارِ الْحَرْبِ مَعَ كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ وَلَمْ يَخَفْ فِتْنَةً فِيهِ (حَرُمَتْ) أَيْ الْهِجْرَةُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهُ دَارُ إسْلَامٍ فَلَوْ هَاجَرَ لَصَارَ دَارَ حَرْبٍ نَعَمْ إنْ رَجَا نُصْرَةَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَلَا نَغْتَالُهُ لِعُذْرِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ أَمَّنَهُ مُرْتَدٌّ وَجَهِلَ رِدَّتَهُ أَوْ قَالَ ظَنَنْت إسْلَامَهُ وَقَوْلُهُ وَكَذَا يَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِسَمَاعِ الْقُرْآنِ أَوْ نَحْوِهِ) كَالْحَدِيثِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمُدَّةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَلْ بِمُدَّةِ إمْكَانِ الْبَيَانِ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَيُقَاسُ بِهِ الدُّخُولُ لِلتِّجَارَةِ وَلِلسِّفَارَةِ فَتَتَقَيَّدُ مُدَّتُهُ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَكَلَامُهُمْ يَفْهَمُهُ (قَوْلُهُ وَمُدَّتُهُ إنْ أَطْلَقَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا أَلْحَقَ أَمَانَ الْآحَادِ لِلْآحَادِ بِأَمَانِ الْإِمَامِ فِي الْمُهَادَنَةِ أَلْحَقَ بِهِ فِي مُدَّتِهِ عِنْدَ الْقُوَّةِ وَكَانَ قِيَاسُهُ أَنْ يَلْتَحِقَ بِهِ فِي حَالَةِ الضَّعْفِ أَيْضًا لَكِنْ مَنَعَ مِنْهُ أَنَّ مُدَّتَهُ عِنْدَ الضَّعْفِ مَنُوطَةٌ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْآحَادِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَقَدَ بِأَكْثَرَ بَطَلَ الزَّائِدُ فَقَطْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ أَمَانَ الْآحَادِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ فَمَا دُونَهَا وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ الشَّافِعِيُّ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الْقُدَمَاءِ وَإِنَّمَا الْتَبَسَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِهِمْ فَخَلَطَ أَمَانَ الْإِمَامِ بِأَمَانِ الْآحَادِ وَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي أَمَانِ الْآحَادِ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَقْدِيرُ مُدَّتِهِ وَيَنْظُرُ الْإِمَامُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ إقْرَارُهُ أَقَرَّهُ عَلَى الْأَمَانِ وَقَرَّرَ لَهُ مُدَّةَ مُقَامِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّ التَّقْيِيدِ بِمُدَّةٍ فِي الرِّجَالِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ أَمَانَهُ عَلَى مَالِهِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ وَفِي ذُرِّيَّتِهِ وَجْهَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يَتَقَدَّرُ فِي الذُّرِّيَّةِ إذْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْأَرْجَحُ نَظَرًا) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ فِي أَمَانِ الْآحَادِ أَمَّا أَمَانُ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالنَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ نَصَّ عَلَيْهِ ع وَقَوْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: مِنْ دَارِ الْكُفْرِ) عَبَّرَ فِي التَّنْبِيهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهَا لَا تَجِبُ مِنْ بَلَدِ الْهُدْنَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إظْهَارِهِ) أَوْ خَافَ فِتْنَةً فِيهِ وَكَتَبَ أَيْضًا تَلْزَمُهُ الْهِجْرَةُ مِنْهَا لِأَنَّ الْمُقَامَ عَلَى مُشَاهَدَةِ الْمُنْكَرِ مُنْكَرٌ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَبْعَثُ عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْمُعْتَمَدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ الْإِقَامَةُ) بَلْ تُرَجَّحُ عَلَى الْهِجْرَةِ فَقَدْ قِيلَ: إنَّ «إسْلَامَ الْعَبَّاسِ كَانَ قَبْلَ بَدْرٍ وَكَانَ يَكْتُمُ إسْلَامَهُ وَيَكْتُبُ بِأَخْبَارِ الْمُشْرِكِينَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَتَقَوَّى بِهِ الْمُسْلِمُونَ وَكَانَ يُحِبُّ الْهِجْرَةَ فَكَتَبَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ مُقَامَك بِمَكَّةَ خَيْرٌ لَك» الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 الْمُسْلِمِينَ بِهِجْرَتِهِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُهَاجِرَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَقَاتَلَهُمْ) عَلَى الْإِسْلَامِ (إنْ قَدَرَ) وَإِلَّا فَلَا. (وَعَلَى الْأَسِيرِ) وَلَوْ مُخْلًى وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ (الْهَرَبُ إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ لِخُلُوصِهِ بِهِ مِنْ قَهْرِ الْأَسْرِ فَوَصْفُ الْأَصْلِ الْأَسِيرَ بِالْمَقْهُورِ بَيَانٌ لِحَقِيقَتِهِ لَا لِإِخْرَاجِ أَسِيرٍ غَيْرِ مَقْهُورٍ وَتَقْيِيدِي بِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَالْقَمُولِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْهِجْرَةِ لَكِنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ أَمْ لَا وَنَقَلَهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ. (وَإِنْ أَطْلَقُوهُ) مِنْ الْأَسْرِ (بِلَا شَرْطٍ فَلَهُ اغْتِيَالُهُمْ) قَتْلًا وَسَبْيًا وَأَخْذًا لِلْمَالِ إذْ لَا أَمَانَ. (وَإِنْ أَطْلَقُوهُ عَلَى أَنَّهُ آمِنٌ) مِنْهُمْ (حَرُمَ) عَلَيْهِ (اغْتِيَالُهُمْ) وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنْهُمْ وَكَذَا إنْ أَمَّنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنُوهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ لَا يَخْتَصُّ بِطَرَفٍ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الْأُمِّ مَا لَوْ قَالُوا أَمَّنَّاك وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْك وَلَوْ تَبِعَهُ قَوْمٌ بَعْدَ خُرُوجِهِ فَلَهُ قَصْدُهُمْ وَقَتْلُهُمْ فِي الدَّفْعِ بِكُلِّ حَالٍ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (أَوْ) أَطْلَقُوهُ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْهُمْ وَحَلَّفُوهُ مُكْرَهًا) عَلَى ذَلِكَ (وَلَوْ بِالطَّلَاقِ خَرَجَ) وُجُوبًا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ وَحَرُمَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ وَالْيَمِينِ لَا تُبِيحُ لَهُ الْإِقَامَةَ حَيْثُ حَرُمَتْ (وَلَمْ يَحْنَثْ) لِعَدَمِ انْعِقَادِ يَمِينِهِ (وَإِنْ حَلَفَ لَهُمْ تَرْغِيبًا) لَهُمْ لِيَثِقُوا بِهِ وَلَا يَتَّهِمُوهُ بِالْخُرُوجِ (بِلَا شَرْطٍ) مِنْهُمْ (وَلَوْ) كَانَ حَلِفُهُ (قَبْلَ الْإِطْلَاقِ حَنِثَ) بِخُرُوجِهِ لِانْعِقَادِ يَمِينِهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ شَرْطٌ بِأَنْ قَالُوا: لَا نُطْلِقُك حَتَّى تَحْلِفَ أَنَّك لَا تَخْرُجُ فَحَلَفَ فَأَطْلَقُوهُ فَخَرَجَ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ أَخَذَ اللُّصُوصُ رَجُلًا وَقَالُوا: لَا نَتْرُكُك حَتَّى تَحْلِفَ أَنَّك لَا تُخْبِرُ بِمَكَانِنَا فَحَلَفَ ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَكَانِهِمْ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ يَمِينُ إكْرَاهٍ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِلَا شَرْطٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ. (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اغْتِيَالُهُمْ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَمَّنُوهُ. (وَلَهُ) عِنْدَ خُرُوجِهِ (أَخْذُ مَالِ مُسْلِمٍ) وَجَدَهُ عِنْدَهُمْ (لِيَرُدَّهُ) عَلَيْهِ (وَلَوْ أَمَّنَهُمْ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَى الْحَرْبِيِّ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ إذَا أَخَذَهُ شَخْصٌ مِنْ الْغَاصِبِ لِيَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ فَأُدِيمَ حُكْمُهُ وَتَرْجِيحُ عَدَمِ الضَّمَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَإِنْ الْتَزَمَ) لَهُمْ قَبْلَ خُرُوجِهِ (مَالًا) فِدَاءً (وَهُوَ مُخْتَارٌ) لَا مُكْرَهٌ (أَوْ أَنْ يَعُودَ) إلَيْهِمْ بَعْدَ خُرُوجِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ (حَرُمَ) عَلَيْهِ (الْعَوْدُ) إلَيْهِمْ (وَاسْتُحِبَّ) لَهُ (الْوَفَاءُ بِالْمَالِ) الَّذِي الْتَزَمَهُ لِيَعْتَمِدُوا الشَّرْطَ فِي إطْلَاقِ الْأَسْرَى وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِغَيْرِ حَقٍّ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمَالُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِمْ فِدَاءٌ لَا يَمْلِكُونَهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِغَيْرِ حَقٍّ. (وَإِنْ بَايَعَهُمْ لَزِمَ الثَّمَنُ إنْ صَحَّ الْبَيْعُ) كَمَا لَوْ بَايَعَ مُسْلِمًا (وَإِلَّا رَدَّ الْعَيْنَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُمْ الْأَسِيرُ شَيْئًا لِيَبْعَثَ إلَيْهِمْ ثَمَنَهُ أَوْ اقْتَرَضَ فَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا لَزِمَهُ الْوَفَاءُ أَوْ مُكْرَهًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ وَيَجِبُ رَدُّ الْعَيْنِ كَمَا لَوْ أَكْرَهَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا عَلَى الشِّرَاءِ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَجْرِ لَفْظُ بَيْعٍ بَلْ قَالُوا: خُذْ هَذَا وَابْعَثْ إلَيْنَا كَذَا مِنْ الْمَالِ فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ كَالشِّرَاءِ مُكْرَهٌ. (وَإِنْ وَكَّلُوهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ) لَهُمْ (بِدَارِنَا بَاعَهُ وَرَدَّ ثَمَنَهُ) إلَيْهِمْ. (فَرْعٌ) لَوْ (تَبَارَزَا) أَيْ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ بِدُونِهِ (بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِعَانَةِ) أَيْ أَنْ لَا يُعَيِّنَ الْمُسْلِمُونَ الْمُسْلِمَ وَلَا الْكُفَّارُ الْكَافِرَ إلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ (أَوْ) بِغَيْرِ شَرْطٍ لَكِنْ (كَانَ) عَدَمُ الْإِعَانَةِ (عَادَةً فَقَتَلَ) الْكَافِرُ (الْمُسْلِمَ أَوْ وَلَّى أَحَدُهُمَا) مُنْهَزِمًا (أَوْ أَثْخَنَ الْكَافِرُ قَتَلْنَاهُ) جَوَازًا؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ كَانَ لِانْقِضَاءِ الْقِتَالِ وَقَدْ انْقَضَى وَإِنْ شُرِطَ أَنْ لَا يُتَعَرَّضَ لِلْمُثْخَنِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَإِنْ شَرَطَ الْأَمَانَ إلَى دُخُولِهِ الصَّفَّ وَفَّى) لَهُ (بِهِ) وُجُوبًا. (وَإِنْ فَرَّ الْمُسْلِمُ) عَنْهُ فَتَبِعَهُ لِيَقْتُلَهُ (أَوْ أَثْخَنَ) أَيْ أَثْخَنَهُ الْكَافِرُ (مَنَعْنَاهُ) مِنْ قَتْلِهِ وَقَتَلْنَاهُ (وَإِنْ خَالَفَ الشَّرْطَ) أَيْ شَرْطَ تَمْكِينِهِ مِنْ إثْخَانِهِ لِنَقْضِهِ الْأَمَانَ فِي الْأُولَى وَانْقِطَاعِ الْقِتَالِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ شَرَطَ لَهُ التَّمْكِينَ مِنْ قَتْلِهِ فَهُوَ شَرْطٌ بَاطِلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَهَلْ يَفْسُدُ بِهِ أَصْلُ الْأَمَانِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَإِنْ أَعَانَهُ أَصْحَابُهُ قَتَلْنَاهُمْ) مُطْلَقًا (وَقَتَلْنَاهُ أَيْضًا إنْ رَضِيَ) بِإِعَانَتِهِمْ لَهُ بِأَنْ اسْتَنْجَدَهُمْ أَوْ لَمْ يَسْتَنْجِدْهُمْ لَكِنْ لَمْ يَمْنَعْهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرْضَ بِأَنْ مَنَعَهُمْ فَلَمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَاتِلْهُمْ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فَوَصْفُ الْأَصْلِ الْأَسِيرَ بِالْمَقْهُورِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ حَذَفَ فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمُحَرَّرِ لَفْظَةَ الْمَقْهُورِ وَهُوَ الْأَجْوَدُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ ذَلِكَ قَيْدٌ فِي الْوُجُوبِ حَتَّى لَا يَلْزَمَ غَيْرَ الْمَقْهُورِ الْهَرَبُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ) عِبَارَتُهُ وَحَكَى الْإِمَامُ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ إذَا أَمْكَنَتْهُ إقَامَةُ شِعَارِ الشَّرِيعَةِ قَالَ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ مُنْتَهَرٌ مُهَانٌ (قَوْلُهُ: جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ) لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْأَسِيرِ وَعِبَارَتُهُ يَجِبُ عَلَى الْأَسِيرِ أَنْ يَهْرُبَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمٌ مُسْتَضْعَفٌ فِيهَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ اهـ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُمْكِنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْهُمْ أَوْ لَا قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إذَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَأَمْكَنَهُ إقَامَةُ شِعَارِ الشَّرِيعَةِ جَازَ لَهُ الْمُقَامُ وَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ أَمْ لَا) تَخْلِيصًا لِنَفْسِهِ مِنْ رِقِّ الْأَسْرِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: قَتَلَهُمْ بِكُلِّ حَالٍ إلَخْ) لِأَنَّ الْقَتْلَ لِلدَّفْعِ لَيْسَ اغْتِيَالًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ الْعَهْدُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَقْتُلُهُمْ لِأَجْلِ الدَّفْعِ فَيُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِي الصَّائِلِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْإِمَامِ جَوَازُ الِاغْتِيَالِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ الْأَمَانُ بِذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي بَابِ الْهُدْنَةِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْمَرَاوِزَةِ لِأَنَّهُمْ بِطَلَبِهِ نَاقِضُونَ لِلْعَهْدِ مَعَهُ وَصَرَّحَ الْكُلُّ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِغَيْرِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فس (قَوْلُهُ: فَإِنْ الْتَزَمَ مَالًا فِدَاءً) بِأَنْ عَاقَدَهُمْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُمْ إلَخْ) مَا عَبَّرَ بِهِ هُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) هُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ شَرَطَ الْأَمَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَفْسُدُ بِهِ أَصْلُ الْأَمَانِ) وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَفْسُدُ وَكَتَبَ أَوَّلًا مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْفَسَادِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعَانَهُ أَصْحَابُهُ) أَيْ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 يَمْتَنِعُوا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِدُونِ مَا ذُكِرَ بَلْ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ وَبِالْعَادَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ الْمُبَارَزَةَ عَظِيمَةُ الْوَقْعِ وَلَا تَتِمُّ إلَّا بِأَنْ يَأْمَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ قَرْنِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَشْرِطْ عَدَمَ الْإِعَانَةِ وَلَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ مُطْلَقًا. (فَصْلٌ) لَوْ (عَاقَدَ الْإِمَامُ عِلْجًا) وَهُوَ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ سُمِّيَ بِهِ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِقُوَّتِهِ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْعِلَاجُ عِلَاجًا لِدَفْعِهِ الدَّاءَ (لِيَدُلَّ عَلَى قَلْعَةٍ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ أَشْهُرُ مِنْ فَتْحِهَا (وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ) نَازِلًا (تَحْتَهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي) بِهَا (بِجَارِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُبْهَمَةٍ مِنْهَا لَا مِنْ غَيْرِهَا اسْتَحَقَّهَا) وَفَاءً بِالشَّرْطِ وَصَحَّ ذَلِكَ مَعَ إبْهَامِهَا وَعَدَمِ مِلْكِهَا وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِمِيهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ رَقِيقَةً كَانَتْ أَوْ حُرَّةً؛ لِأَنَّهَا تَرِقُّ بِالْأَسْرِ هَذَا (إنْ فُتِحَتْ) أَيْ الْقَلْعَةُ (بِدَلَالَتِهِ وَلَوْ فِي وَقْتٍ آخَرَ) كَأَنْ تَرَكْنَاهَا ثُمَّ عُدْنَا إلَيْهَا (وَلَوْ لَمْ يَظْفَرْ) مِنْهَا (بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ الْجَارِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَاقَدَهُ بِجَارِيَةٍ مِنْ غَيْرِهَا فَيُعْتَبَرُ فِي الصِّحَّةِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا فِي سَائِرِ الْجَعَالَاتِ وَخَرَجَ بِالْعِلْجِ مَا لَوْ عَاقَدَ مُسْلِمًا بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَنْوَاعَ غَرَرٍ فَلَا يَحْتَمِلُ مَعَهُ وَاحْتَمَلَتْ مَعَ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِأَحْوَالِ قِلَعِهِمْ وَطُرُقِهِمْ غَالِبًا وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فَرْضُ الْجِهَادِ وَالدَّلَالَةُ نَوْعٌ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ. كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ جَوَازَهُ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ تَصْحِيحَهُ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ الِاسْتِحْقَاقُ بِدَلَالَتِهِ تَحْتَ الْقَلْعَةِ وَقَالَ الرَّاجِحُ بِمُقْتَضَى مَا ذُكِرَ فِي الْجَعَالَةِ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعَبِ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ بِدَلَالَتِهِ تَحْتَ الْقَلْعَةِ وَقِيَاسُهُ عَلَى رَدِّ الْعَبْدِ مِنْ الْبَلَدِ وَاضِحُ الْبُطْلَانِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْكُلْفَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ فِيهِ تَعَبٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلْعَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمُبْهَمَةِ بِخِلَافِ ظَاهِرِ قَوْلِ أَصْلِهِ قَلْعَةُ كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ التَّعْيِينِ كَمَا صَوَّرَهُ بِهِ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ يَكْثُرُ فِيهَا الْغَرَرُ وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ لَكِنْ فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَبْهَمَ فِي قِلَاعٍ مَحْصُورَةٍ (فَإِنْ لَمْ تُفْتَحْ أَوْ فُتِحَتْ بِغَيْرِ دَلَالَتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ) وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْفَتْحِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْجَارِيَةِ بِدُونِ الْفَتْحِ فَكَأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مُقَيَّدٌ بِالْفَتْحِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ دَلَالَتِهِ بَلْ بِالْفَتْحِ بِهَا. وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ فَتَحَهَا طَائِفَةٌ أُخْرَى وَلَوْ بِدَلَالَتِهِ لِانْتِفَاءِ مُعَاقَدَتِهِ مَعَهَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمُعَيَّنَةُ فِيهَا أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ اشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْإِمَامِ لِإِعْطَائِهَا لِلْعِلْجِ (فَلَا شَيْءَ) لَهُ لِفَقْدِ الْمَشْرُوطِ (أَوْ) مَاتَتْ (بَعْدَهُ) وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ تَسْلِيمِهَا (وَجَبَتْ قِيمَةُ مَنْ مَاتَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ) لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا وَقَدْ حَصَلَتْ فِي يَدِ الْإِمَامِ فَكَانَ التَّلَفُ مِنْ ضَمَانِهِ (لَا) مَنْ مَاتَتْ (قَبْلَهُ) فَلَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَقِيلَ تَجِبُ لَهُ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ بِهَا وَهِيَ حَاصِلَةٌ لَكِنْ تَعَذَّرَ التَّسْلِيمُ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ فَرَدَّهُ وَقَدْ مَاتَتْ يَلْزَمُهُ الْبَدَلُ. وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَلَيْسَ لَهُ نَصٌّ يُخَالِفُهُ وَلَوْ هَرَبَتْ فَهِيَ كَمَا لَوْ مَاتَتْ وَإِذَا وَجَبَتْ قِيمَتُهَا فَلْتَجِبْ (مِنْ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضْخُ) أَيْ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ لَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ وَلَا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ (وَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ دُونَهُ) أَيْ الْعِلْجِ (أُعْطِيَ قِيمَتَهَا) لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا لَهُ بِالْإِسْلَامِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ جَوَازِ شِرَاءِ الْكَافِرِ مُسْلِمًا لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْبِنَاءُ مَرْدُودٌ بَلْ يَسْتَحِقُّهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالظَّفَرِ وَقَدْ كَانَتْ إذْ ذَاكَ كَافِرَةً فَلَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ بِإِسْلَامِهَا كَمَا لَوْ مَلَكَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَكِنْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ بَلْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهَا كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ الَّذِي بَاعَهُ الْمُسْلِمُ لِلْكَافِرِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَكِنْ هُنَاكَ يَقْبِضُهُ لَهُ الْحَاكِمُ وَهُنَا لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ وَمَا ذُكِرَ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهَا هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ أُجْرَةٌ لِمِثْلِ أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ الْعِلْجُ أَيْضًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَدْرِي بِجَارِيَةٍ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ جَوَازَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ تَصْحِيحَهُ) فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ النَّفَلَ زِيَادَةُ مَالٍ عَلَى سَهْمِ الْغَنِيمَةِ مَثَّلَ لَهُ بِأُمُورٍ مِنْهَا الْمَذْكُورُ هُنَا وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ السَّهْمَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُسْلِمٍ فَلَزِمَ مِنْ إطْلَاقِهِ وَتَعْبِيرِهِ بِالسَّهْمِ جَوَازُهُ مَعَ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ) وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَنَسَبَهُ فِي تَنْقِيحِهِ لِلرَّوْضَةِ وَوَهَّمَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَعِبَارَتِهَا وَالثَّانِي يَجُوزُ وَبِهِ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لِلْحَاجَةِ فَقَدْ يَكُونُ الْمُسْلِمُ أَعْرَفَ وَهُوَ أَنْصَحُ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ يَتَعَلَّقُ بِالْكُفَّارِ اهـ فَالْتَبَسَ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ أَنْصَحُ بِأَصَحَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ) وَكَسَائِرِ الْجَعَالَاتِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْوَجْهَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى تَصْحِيحِ اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ لِلْجِهَادِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَعَ مُسْلِمٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ لِلْجِهَادِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هَذَا نَظِيرُ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ الْإِمَامُ لِدَلَالَةِ الطَّرِيقِ إلَى الْكُفَّارِ وَذَلِكَ جَائِزٌ ش (قَوْلُهُ بِأَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ) أَيْ وَغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ إنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْبِنَاءُ مَرْدُودٌ بَلْ يَسْتَحِقُّهَا قَطْعًا لِأَنَّهُ إلَخْ) وَمَا قَالَهُ هُوَ قَضِيَّةٌ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي آخَرِ سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِهِ أَنَّ ذَلِكَ فِي أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ ش (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهَا هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ) وجَزَمَ بِهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْقَطْعُ بِهِ قَالَ وَالسَّبَبُ فِي امْتِنَاعِ مَجِيءِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ هُنَا هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ سُومِحَ فِيهَا لِلْحَاجَةِ إلَى نِكَايَةِ الْكُفَّارِ وَالْفَتْحِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَنَظَرَ فِيهَا إلَى الَّذِي انْصَبَّ قَصْدُ الدَّالِّ إلَيْهِ وَهُوَ الْجَارِيَةُ فَحَيْثُ غَرِمْنَا عِوَضَهَا فَهُوَ قِيمَتُهَا لِأَنَّ الدَّالَّ إنَّمَا يَشْرِطُ شَيْئًا كَثِيرًا زَائِدًا عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْلَمَ بَعْدَهَا لِانْتِقَالِ حَقِّهِ مِنْهَا إلَى قِيمَتِهَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْبِنَاءِ السَّابِقِ وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ (لَا) إنْ أَسْلَمَتْ (قَبْلَ الظَّفَرِ وَهِيَ حُرَّةٌ) فَلَا يُعْطَى قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّ إسْلَامَهَا مُطْلَقًا يَمْنَعُ تَسْلِيمَهَا إلَيْهِ كَمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ وَقَبْلَ الظَّفَرِ يَمْتَنِعُ إرْقَاقُهَا وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْطَى قِيمَتَهَا مِنْ تَصَرُّفِهِ. وَكَلَامُ أَصْلِهِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا لَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهَا قَدْ فَاتَتْهُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ مُتَبَرِّعًا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيه (وَالتَّعْيِينُ فِي) الْجَارِيَةِ (الْمُبْهَمَةِ) فِيمَا ذُكِرَ (إلَى الْإِمَامِ) وَيُجْبَرُ الْعِلْجُ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ جَارِيَةٌ وَهَذِهِ جَارِيَةٌ كَمَا أَنَّ لِلْمُسْلِمِ إلَيْهِ أَنْ يُعَيِّنَ مَا شَاءَ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ وَيُجْبِرُ الْمُسْتَحِقَّ عَلَى الْقَبُولِ (فَإِنْ مَاتَتْ الْجَوَارِي) فِيمَا إذَا عَاقَدَهُ عَلَى مُبْهَمَةٍ (بَعْدَ الظَّفَرِ فَقِيمَةُ جَارِيَةٍ) مِنْهُنَّ (يُعَيِّنُهَا) لَهُ (الْإِمَامُ) كَمَا يُعَيِّنُ الْجَارِيَةَ (هَذَا) كُلُّهُ (إنْ فُتِحَتْ عَنْوَةً فَإِنْ فُتِحَتْ صُلْحًا وَدَخَلَتْ) أَيْ الْجَارِيَةُ الْمَشْرُوطَةُ (فِي الْأَمَانِ وَلَمْ يَرْضَوْا) أَيْ أَصْحَابُ الْقَلْعَةِ (بِتَسْلِيمِهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ إلَيْهِ (وَلَا) رَضِيَ (الْعِلْجُ بِعِوَضِهَا وَأَصَرُّوا) كُلُّهُمْ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا بِذَلِكَ (نَقَضْنَا الصُّلْحَ وَبُلِّغُوا الْمَأْمَنَ) بِأَنْ يُرَدُّوا إلَى الْقَلْعَةِ ثُمَّ يُسْتَأْنَفُ الْقِتَالُ؛ لِأَنَّهُ صُلْحٌ مَنَعَ الْوَفَاءَ بِمَا شَرَطْنَاهُ قَبْلَهُ (وَإِنْ رَضُوا) أَيْ أَصْحَابُ الْقَلْعَةِ بِتَسْلِيمِ الْجَارِيَةِ إلَيْهِ بِقِيمَتِهَا (أُعْطُوا قِيمَتَهَا) وَأَمْضَى الصُّلْحَ (وَهَلْ هِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ (أَوْ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ) حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ أَوْ مِنْ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضْخُ (وَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي أَمَّا إذَا كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ الْأَمَانِ بِأَنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى أَمَانِ صَاحِبِ الْقَلْعَةِ وَأَهْلُهُ وَلَمْ تَكُنْ الْجَارِيَةُ مِنْهُمْ فَتُسَلَّمُ إلَى الْعِلْجِ. (فَرْعٌ مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ دَارَنَا بِأَمَانٍ) مِنْ الْإِمَامِ (أَوْ ذِمَّةٍ كَانَ مَا صَحِبَهُ لَا مَا خَلَّفَهُ) بِدَارِ الْحَرْبِ (مِنْ الْمَالِ وَالْوَلَدِ فِي أَمَانِ وَلَوْ) لَمْ يَشْرِطْ دُخُولَهُمَا فِيهِ أَوْ كَانَ مَا صَحِبَهُ مِنْ الْمَالِ (وَدِيعَةَ حَرْبِيٍّ) آخَرَ بِخِلَافِ مَا خَلَّفَهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ إلَّا إنْ شَرَطَ الْإِمَامُ دُخُولَهُ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ آخَرَ الْبَابِ (وَقَاتِلُهُ يَأْثَمُ) ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَمَانِ عَصَمَ دَمَهُ (قَالَ الْإِمَامُ وَعَلَيْهِ دِيَةُ ذِمِّيٍّ) . (وَكَذَا) يَكُونُ مَا مَعَهُ مِمَّا ذُكِرَ فِي أَمَانٍ (إنْ أَمَّنَهُ رَجُلٌ) مِنْ الْآحَادِ (فِي دَارِنَا) أَوْ فِي غَيْرِهَا (وَاشْتَرَطَ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّ مَا مَعَهُ فِي أَمَانٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ (دَخَلَ) فِي الْأَمَانِ (مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) مُدَّةَ أَمَانِهِ (مِنْ الْمَالِ) الَّذِي مَعَهُ مِنْ مَلْبُوسٍ وَمَرْكُوبٍ وَنَفَقَةٍ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْوَلَدِ وَمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْمَالِ لِلْعُرْفِ الْجَارِي بِذَلِكَ وَدُونَ مَا خَلَّفَهُ سَوَاءٌ أَشَرَطَ دُخُولَهُ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي أَمَانِ الْإِمَامِ لِقُوَّتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَبِمَا قَرَّرْته انْدَفَعَ مَا قِيلَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْأَصْلِ تَنَاقُضًا. (وَإِنْ نَقَضَ) عَهْدَهُ (وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ) وَمِنْ أَسْبَابِ النَّقْضِ أَنْ يَعُودَ لِيَتَوَطَّنَ ثَمَّ (فَوَلَدُهُ) الَّذِي عِنْدَنَا (بَاقٍ عَلَى أَمَانِهِ) وَإِنْ مَاتَ هُوَ فَإِذَا بَلَغَ وَقَبِلَ الْجِزْيَةَ تُرِكَ وَإِلَّا بُلِّغَ الْمَأْمَنَ (وَكَذَا مَالُهُ) الَّذِي عِنْدَنَا بَاقٍ عَلَى أَمَانِهِ مَا دَامَ حَيًّا (وَلَوْ دَخَلَ) دَارَنَا (لِأَخْذِهِ وَرَجَعَ لَمْ يُقْتَلْ) وَلَمْ يُسْبَ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ لِأَخْذِهِ يُؤَمِّنُهُ كَالدُّخُولِ لِرِسَالَةِ هَذَا (إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَخْذِهِ دَفْعَةً) فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ وَأَخَذَ شَيْئًا مِنْهُ ثُمَّ عَادَ لِيَأْخُذَ الْبَاقِيَ فَقَدْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ وَالْأَسْرِ فَعَلَيْهِ إذَا أَخَذَ مَالَهُ أَنْ يُعَجِّلَ فِي تَحْصِيلِ غَرَضِهِ وَلَا يُعَرِّجَ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَإِذَا مَاتَ) وَلَوْ (هُنَاكَ) بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَهُوَ)   [حاشية الرملي الكبير] فِي الْعَادَةِ فَإِذَا تَخَيَّلَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ إلَّا أُجْرَةُ مِثْلِهِ تَعَزَّزَ وَفَاتَ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْطِي قِيمَتَهَا مِنْ تَصَرُّفِهِ) هُوَ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا إذَا مَاتَتْ قَبْلَ الظَّفَرِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا أَيْ لِأَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَعَدَمِ الْقُدْرَةِ الْحِسِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَتَهُ لَوْ وَجَدْنَا الْجَارِيَةَ مُسْلِمَةً إنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الظَّفَرِ وَهِيَ حُرَّةٌ لَمْ يَجُزْ اسْتِرْقَاقُهَا وَعَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ فِيهِ قَوْلًا إنَّهَا تُسَلَّمُ إلَى الْعِلْجِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ اهـ لَكِنْ فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ قِيمَتُهَا فَإِنْ أَسْلَمَهَا سُلِّمَتْ إلَيْهِ لَا قَبْلَ الظَّفَرِ وَهِيَ حُرَّةٌ اهـ أَيْ فَإِنَّهَا لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ بَلْ يُعْطَى قِيمَتَهَا وَهَذِهِ هِيَ الْمُوَافِقَةُ لِأَصْلِهِ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَإِنْ وُجِدَتْ لَكِنْ أَسْلَمَتْ نَظَرْت فَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الظَّفَرِ لَزِمَتْ الْقِيمَةُ لِأَنَّ إسْلَامَهَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الرِّقِّ عَلَيْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ الْجَوَارِي إلَخْ) لَوْ مَاتَ كُلُّ مَنْ فِيهَا فَهَلْ تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ قِيمَةُ مَنْ تُسَلَّمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ احْتِمَالَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِلَا تَرْجِيحٍ وَقَدْ جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ الرَّاجِحُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَارِيَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً مِنْ أَهْلِهَا خَارِجَهَا فَأَسَرْنَاهَا أَنَّهُ لَا يُعْطَاهَا وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَارِيَةٌ وَوُجِدَتْ فِي غَيْرِهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِهَا فَهِيَ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضْخُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَالِ وَالْوَلَدِ) أَمَّا زَوْجَتُهُ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا إذَا صَرَّحَ بِذِكْرِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا خِلَافَ فِيهِ غ الْأَوْجَهُ دُخُولُهَا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَمَانِ الْمَرْأَةِ اسْتِقْلَالًا وَكَنَظِيرِهِ فِي الْجِزْيَةِ ش وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا خَلَفَهُ) أَيْ بِدَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشْرِطَ الْإِمَامُ) أَيْ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَلْبُوسٍ إلَخْ) وَمَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي حِرْفَتِهِ مِنْ الْآلَاتِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي أَمَانِ الْإِمَامِ) أَمَّا إذَا كَانَ الْأَمَانُ لِلْحَرْبِيِّ بِدَارِهِمْ فَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ بِدَارِهِمْ دَخَلَا وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ إنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ وَإِنْ أَمَّنَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَدْخُلْ أَهْلُهُ وَلَا مَا لَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِالشَّرْطِ وَإِنْ كَانَا بِدَارِنَا دَخَلَا إنْ اشْتَرَطَهُ الْإِمَامُ لَا غَيْرُهُ ش (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَسْبَابِ النَّقْضِ إلَخْ) إذَا رَجَعَ الْمُؤَمَّنُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ انْقَطَعَ أَمَانُهُ فَإِنْ أَرَادَ الدُّخُولَ إلَيْنَا ثَانِيًا احْتَاجَ إلَى أَمَانٍ جَدِيدٍ قَالَهُ الْأَصْحَابُ فَلَوْ عَادَ وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّ أَمَانِي بَاقٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُصَدَّقَ وَيُرَدَّ إلَى مَأْمَنِهِ غ وَقَوْلُهُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُصَدَّقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 أَيْ مَالُهُ (لِوَارِثِهِ) لَا فَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَمَانٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَالْأَمَانُ حَقٌّ لَازِمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ فَيَنْتَقِلُ بِحُقُوقِهِ إلَى وَارِثِهِ (الذِّمِّيِّ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْحَرْبِيِّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ وَعَلَيْهِ يُقَالُ لَنَا حَرْبِيٌّ يَرِثُهُ ذِمِّيٌّ (فَإِنْ فُقِدَ) وَارِثُهُ (فَفَيْءٌ وَكَذَا يَكُونُ) مَالُهُ (فَيْئًا إذَا سُبِيَ) وَاسْتُرِقَّ (وَمَاتَ رَقِيقًا) ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يُورَثُ (فَإِنْ عَتَقَ) كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فِيمَا يَظْهَرُ (فَلَهُ) أَيْ فَمَالُهُ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ كَانَ مَالُهُ لِوَارِثِهِ. (وَتَحْرُمُ أَمْوَالُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى مَنْ أَمَّنُوهُ) مِنَّا فَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ فَاقْتَرَضَ مِنْهُمْ شَيْئًا أَوْ سَرَقَ وَعَادَ إلَى دَارِنَا لَزِمَهُ رَدُّهُ إذْ لَيْسَ لَهُ التَّعَرُّضُ لَهُمْ إذَا دَخَلَ بِأَمَانٍ. (فَصْلٌ) لَوْ (حَاصَرْنَا قَلْعَةً) مَثَلًا (فَنَزَلُوا) أَيْ أَهْلُهَا (عَلَى حُكْمِ الْإِمَامِ أَوْ رَجُلٍ عَدْلٍ) فِي الشَّهَادَةِ (عَارِفٍ بِمَصَالِحِ الْحَرْبِ جَازَ) ؛ لِأَنَّ بَنِي قُرَيْظٍ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّعْوِيلُ إلَّا عَلَى رَأْيِ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وِلَايَةُ حُكْمٍ كَالْقَضَاءِ فَخَرَجَ بِذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَالْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ وَالرَّقِيقُ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرُ الْعَارِفِ بِمَصَالِح الْحَرْبِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْأَصْلِ التَّكْلِيفَ وَالْحُرِّيَّةَ وَالْإِسْلَامَ اكْتِفَاءً بِالْعَدَالَةِ (وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا الرَّأْيُ وَيُمْكِنُ الْأَعْمَى أَنْ يَبْحَثَ وَيَعْرِفَ مَا فِيهِ صَلَاحُ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَالشَّهَادَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ تَصِحُّ مِنْ الْأَعْمَى وَيَجُوزُ نُزُولُهُمْ عَلَى حُكْمِ أَكْثَرَ مِنْ رَجُلٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) يَجُوزُ نُزُولُهُمْ عَلَى حُكْمِ (مَنْ يَخْتَارُهُ الْإِمَامُ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَنْ يَتَّفِقُونَ عَلَيْهِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا مَنْ يَصْلُحُ لِلْحُكْمِ (لَا) مَنْ يَخْتَارُهُ (هُمْ) فَلَا يَجُوزُ نُزُولُهُمْ عَلَى حُكْمِهِ (حَتَّى تُشْتَرَطَ فِيهِ الْأَوْصَافُ) الْمَذْكُورَةُ بِأَنْ يَشْتَرِطُوهَا فِيهِ. (وَكُرِهَ تَحْكِيمُ مُصَادِقِهِمْ) أَيْ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ صَدَاقَةٌ. (وَلَوْ اسْتُنْزِلُوا عَلَى قَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ) أَيْ اسْتَنْزَلَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّ مَا يَقْضِيه اللَّهُ فِيهِمْ يُنْفِذُهُ (لَمْ يَجُزْ لِجُهَّالِهِمْ بِهِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ بُرَيْدَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ وَإِنْ حَاصَرْت أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوك أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِك فَإِنَّك لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا» قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ اسْتَنْزَلَهُمْ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كُرِهَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ مَنْصُوصًا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَحْصُلُ مِنْهُ اخْتِلَافٌ هَكَذَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ انْتَهَى. (وَإِنْ حَكَمَ اثْنَانِ فَاخْتَلَفَا) فِي الْحُكْمِ (وَرَضِيَا) أَيْ الْفَرِيقَانِ (مَعًا بِحُكْمِ أَحَدِهِمَا جَازَ) وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفَا فَوَاضِحٌ (فَإِنْ مَاتَ الْمُحَكَّمُ) قَبْلَ الْحُكْمِ سَوَاءٌ الْمُحَكَّمُ وَحْدَهُ أَمْ مَعَ غَيْرِهِ (أَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا) لِلْحُكْمِ (رُدُّوا إلَى الْقَلْعَةِ) إلَّا أَنْ يَرْضَوْا بِحُكْمِ حَاكِمٍ فِي الْحَالِ. (وَلْيَحْكُمْ) الْمُحَكَّمُ (بِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ) لِعُلُوِّ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ وَيَتَخَيَّرُ فِيمَنْ يَرِقُّ بِالْأَسْرِ كَالنِّسَاءِ بَيْنَ الْمَنِّ وَالْإِرْقَاقِ وَالْفِدَاءِ. (فَإِنْ حَكَمَ بِمُحَرَّمٍ) أَيْ بِمَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ (كَقَتْلِ الذَّرَارِيِّ) وَالنِّسَاءِ (لَمْ يَنْفُذْ) وَلَوْ حَكَمَ بِقَتْلِ الْمُقَاتِلَةِ وَسَبْيِ الذُّرِّيَّةِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ جَازَ وَتَكُونُ الْأَمْوَالُ غَنِيمَةً أَوْ بِاسْتِرْقَاقِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ وَقَتْلِ مَنْ أَقَامَ مِنْهُمْ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ بِاسْتِرْقَاقِ مَنْ أَسْلَمَ وَمَنْ أَقَامَ عَلَى الْكُفْرِ جَازَ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ وَيَنْفُذُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ عَلَى الْإِمَامِ. (وَلِلْإِمَامِ التَّخْفِيفُ مِنْ حُكْمِهِ) أَيْ الْمُحَكَّمِ (لَا التَّشْدِيدُ) فِيهِ فَإِذَا حَكَمَ بِالْقَتْلِ أَوْ بِالْفِدَاءِ فَلَهُ الْمَنُّ أَوْ بِالْمَنِّ فَلَيْسَ لَهُ مَا عَدَاهُ (لَكِنْ لَا يُسْتَرَقُّ إنْ حَكَمَ بِالْقَتْلِ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِرْقَاقَ يَتَضَمَّنُ ذُلًّا مُؤَبَّدًا وَقَدْ يَخْتَارُ الْإِنْسَانُ الْقَتْلَ عَلَيْهِ (وَكَذَا لَا يَمُنُّ إنْ اسْتَرَقَّ) أَيْ حَكَمَ بِاسْتِرْقَاقِهِ (إلَّا بِرِضَا الْغَانِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَالًا لَهُمْ بِنَفْسِ الْحُكْمِ وَالْفِدَاءِ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِمْ قَبْلَ قَبْضِهِ. (وَلَوْ حَكَمَ) عَلَيْهِمْ (بِالْجِزْيَةِ أَوْ الْفِدَاءِ أُلْزِمُوهُمَا) أَيْ أُلْزِمُوا بِقَبُولِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ بِهِ الْأَسِيرُ لِرِضَاهُمْ بِحُكْمِهِ أَوَّلًا بِخِلَافِهِ (فَإِنْ امْتَنَعُوا) مِنْ الْقَبُولِ (فَكَأَهْلِ ذِمَّةٍ امْتَنَعُوا) مِنْ بَذْلِ الْجِزْيَةِ. (وَمَنْ أَسْلَمَ) مِنْهُمْ (قَبْلَ الْحُكْمِ) عَلَيْهِ (حَقَنَ دَمَهُ وَمَالَهُ وَوَلَدَهُ) وَلَمْ يَجُزْ اسْتِرْقَاقُهُ بِخِلَافِ الْأَسِيرِ يُسَلِّمُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ وَثَبَتَ بِالسَّبْيِ حَقُّ الِاسْتِرْقَاقِ فِيهِ وَذِكْرُ الْوَلَدِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (أَوْ) أَسْلَمَ (بَعْدَ الْحُكْمِ) عَلَيْهِ (بِالْقَتْلِ خُلِّيَ سَبِيلُهُ) فَيَمْتَنِعُ قَتْلُهُ وَإِرْقَاقُهُ وَفِدَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُنْزِلُوا هَذَا الشَّرْطَ. (أَوْ) أَسْلَمَ (بَعْدَ الْحُكْمِ) عَلَيْهِ (بِالرِّقِّ) أَيْ بِالْإِرْقَاقِ (لَا قَبْلَهُ اُسْتُرِقَّ) ؛ لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ الْمُحَكَّمِ وقَدْ حَكَمَ بِإِرْقَاقِهِ وَالْإِسْلَامُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْقَاقَ الَّذِي كَانَ جَائِزًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِإِرْقَاقِهِ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ بِالْإِرْقَاقِ لَا يَسْتَلْزِمُ الرِّقَّ عَكْسُ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ إلَّا بِرِضَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ التَّخْفِيفُ مِنْ حُكْمِهِ) فَلَهُ تَقْرِيرُهُمْ بِالْجِزْيَةِ إذَا حُكِمَ بِقَتْلِهِمْ أَوْ إرْقَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: فَإِذَا حُكِمَ بِالْقَتْلِ إلَخْ) وَإِذَا حُكِمَ بِالْقَتْلِ أَوْ الْإِرْقَاقِ لَمْ يَجِبْ تَقْرِيرُهُمْ بِالْجِزْيَةِ لَوْ طَلَبُوا وَهَلْ لِلْإِمَامِ تَقْرِيرُهُمْ تَرَدَّدَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا وَالْأَرْجَحُ هُنَا الْجَوَازُ لِأَنَّهُمْ فِي قُوَّةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَتِمَّ الْأَمْرُ يَرُدُّونِ إلَى قَلْعَتِهِمْ وَقَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ هُنَا الْجَوَازُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 الْغَانِمِينَ وَالْوَجْهُ مَا قَدَّمَهُ ثَمَّ وَجَرَى عَلَيْهِمْ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ لَا قَبْلَهُ وَقَالَ بَدَلَ اُسْتُرِقَّ اسْتَمَرَّ رِقُّهُ لَوَافَقَ ذَلِكَ. (فَرْعٌ) لَوْ (صَالَحَ زَعِيمٌ) لِقَلْعَةٍ أَيْ سَيِّدُ أَهْلِهَا (عَلَى أَمَانِ مِائَةٍ) مِنْهُمْ (فَعَدَّ مِائَةً غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ نَفْسِهِ (جَازَ) لِلْإِمَامِ (قَتْلُهُ) لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمِائَةِ، وَقَدْ اتَّفَقَ مِثْلُهُ ذَلِكَ فِي مُحَاصَرَةٍ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَصَحَّحَ الْأَمَانَ الْمَذْكُورَ وَإِنْ جُهِلَتْ أَعْيَانُهُمْ وَصِفَاتُهُمْ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ. (فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ) تَتَعَلَّقُ بِكِتَابِ السِّيَرِ (يَسْقُطُ) عَنْ الْكَافِرِ (بِالْإِسْلَامِ) أَيْ إسْلَامِهِ (حَدُّ الزِّنَا) الَّذِي لَزِمَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] مَعَ كَوْنِ الْحَقِّ لَهُ تَعَالَى (لَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَظِهَارٍ وَقَتْلٍ) فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِإِسْلَامِهِ كَالدَّيْنِ. (وَعَلَيْهِ) بَعْدَ إسْلَامِهِ (رَدُّ مَالِ الْمُسْلِمِ) الَّذِي كَانَ قَدْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَإِنْ أَحْرَزَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ (فَإِنْ غَنِمَ) بِأَنْ غَنِمْنَاهُ وَلَوْ (مَعَ أَمْوَالِهِمْ رَدٌّ) لِمَالِكِهِ (وَإِنْ خَرَجَ لِوَاحِدٍ) بَعْدَ الْقِسْمَةِ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ وَ (غَرِمَ لَهُ) الْإِمَامُ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) بَدَلَهُ (فَإِنْ فُقِدَ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ كَانَ مَا هُوَ أَهَمُّ أَوْ اسْتَوْلَتْ عَلَيْهِ الظَّلَمَةُ (نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ) . (فَإِنْ اسْتَوْلَدَ الْكَافِرُ جَارِيَةَ مُسْلِمٍ) ثُمَّ (وَقَعَتْ فِي الْمَغْنَمِ أَخَذَهَا وَوَلَدَهَا) مَالِكُهَا وَإِنْ اسْتَوْلَدَهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ أَخَذَ مَالِكُهَا مِنْهُ مَعَهَا الْمَهْرَ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ عِنْدَ انْعِقَادِهِ حُرًّا بِشُبْهَةٍ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ مَالِكَهَا إذَا أَخَذَهَا (اسْتِبْرَاؤُهَا) ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ عَنْهَا (بَلْ يُسْتَحَبُّ) . (وَإِنْ نَكَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمَةً) أَوْ أَصَابَهَا بِلَا نِكَاحٍ فَأَوْلَدَهَا (ثُمَّ ظَفِرْنَا بِهِمْ لَمْ يَرِقَّ الْوَلَدُ) كَأُمِّهِ (لِلْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ) تَبَعًا لَهَا (وَيَلْحَقُ النَّاكِحُ) أَوْ الْمُصِيبُ (لِلشُّبْهَةِ) . (وَيُصَدَّقُ) بِيَمِينِهِ (فِي دَعْوَى الْإِسْلَامِ وَالذِّمَّةِ لِدَفْعِ رِقِّ أَسِيرِ غَيْرِ) أَيْ أَسِيرٌ وُجِدَ بِغَيْرِ (دَارِ الْحَرْبِ) بِخِلَافِ أَسِيرٍ وُجِدَ بِدَارِ الْحَرْبِ. (وَإِنْ غَنِمْنَا رَقِيقًا مُسْلِمًا اشْتَرَاهُ) كَافِرٌ (مُسْتَأْمَنٌ) أَوْ غَيْرُهُ (مِنْ مُسْلِمٍ رَدَّ لِبَائِعِهِ وَرَدَّ) بَائِعُهُ (الثَّمَنَ لِلْمُسْتَأْمَنِ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ. (فَرْعٌ) فِدَاءُ الْأَسِيرِ مُسْتَحَبٌّ لِلْآحَادِ فَلَوْ (قَالَ) شَخْصٌ (لِلْكَافِرِ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَسِيرِ أَطْلِقْهُ وَ) لَك (عَلَيَّ أَلْفٌ) مَثَلًا فَأَطْلَقَهُ (لَزِمَهُ) الْأَلْفُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ أُمَّ وَلَدِك بِكَذَا فَفَعَلَ (وَلَا رُجُوعَ) لَهُ عَلَيْهِ بِهِ (أَوْ) قَالَ لَهُ ذَلِكَ (بِإِذْنِهِ) فَأَطْلَقَهُ (فَلَهُ الرُّجُوعُ) عَلَيْهِ بِهِ إذَا غَرِمَهُ (وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ) أَيْ الرُّجُوعَ كَقَوْلِ الْمَدِينِ لِغَيْرِهِ اقْضِ دَيْنِي. (فَلَوْ قَالَ الْأَسِيرُ لِلْكَافِرِ أَطْلِقْنِي بِكَذَا أَوْ قَالَ لَهُ الْكَافِرُ افْتَدِ نَفْسَك بِكَذَا فَقَبِلَ لَزِمَهُ) مَا اُلْتُزِمَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ الْتَزَمَ لَهُمْ مَالًا لِيُطْلِقُوهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَمِنْ أَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا لَهُ: خُذْ هَذَا وَابْعَثْ لَنَا كَذَا مِنْ الْمَالِ فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ كَالشِّرَاءِ مُكْرَهًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا كَذَلِكَ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا مَرَّ فِي الْأُولَى صُورَتُهُ أَنْ يُعَاقِدَهُ عَلَى أَنْ يُطْلِقَهُ لِيَعُودَ إلَيْهِ أَوْ يَرُدَّ إلَيْهِ مَالًا كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ الدَّارِمِيُّ وَهُنَا عَاقَدَهُ عَلَى رَدِّ الْمَالِ عَيْنًا وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا عَقْدَ فِيهَا الْحَقِيقَةُ. (وَلَوْ غَنِمَهُ) أَيْ مَا فَدَى بِهِ الْأَسِيرُ (الْمُسْلِمُونَ رُدَّ لِلْمُفَادِي) وَلَا يَكُونُ غَنِيمَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ. (وَإِنْ أَسَرُوا مُسْلِمَةً وَأَمْكَنَ أَحَدًا تَخْلِيصُهَا لَزِمَهُ) وَمِثْلُهَا الْمُسْلِمُ كَمَا عُلِمَ مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ السِّيَرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي مَعْنَاهَا مَنْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا الْمُسْلِمُ ثَمَّ أَوْ أَسْلَمَتْ بِنَفْسِهَا وَطَلَبَتْ إنْجَاءَ نَفْسِهَا مِنْهُمْ. (وَإِنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ) حَرْبِيٍّ (مُسْتَأْمَنٍ وَأَمَانَةِ مُخْتَصٍّ بِبَلَدٍ بَلَغَ مَأْمَنَهُ أَوْ) وَأَمَانَةِ (عَامٍّ) فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ (لَمْ يَجِبْ تَبْلِيغُهُ) مَأْمَنَهُ؛ لِأَنَّ مَا يَتَّصِلُ مِنْ بِلَادِنَا بِبِلَادِهِمْ مِنْ مَحَلِّ أَمَانَةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُدَّةِ الِانْتِقَالِ مِنْ مَوْضِعِ الْأَمَانِ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ مَا قَدَّمَهُ ثُمَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ وَقَالَ إلَخْ) هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ إذْ مَعْنَى قَوْلِهِ اسْتَرَقَّ اسْتَمَرَّ رَقِيقًا فَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ اسْتَرَقَّ مَمْلُوكَهُ وَأَرَقَّهُ نَقِيضُ أَعْتَقَهُ (قَوْلُهُ: لَوْ صَالَحَ زَعِيمٌ عَلَى أَمَانِ مِائَةٍ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الزَّعِيمَ إنْ لَمْ يَكُنْ كَامِلًا لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بَلْ يَرِقُّ وَإِنْ كَانَ كَامِلًا تَخَيَّرَ الْإِمَامُ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ بِالْمَالِ وَالرِّجَالِ [فَصْلٌ مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِكِتَابِ السِّيَرِ] (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْإِسْلَامُ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ» قُلْت لَعَلَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِسُقُوطِ الْحَدِّ بِالتَّوْبَةِ وَالْمُرَجَّحُ خِلَافُهُ وَقَدْ قَالَ الدَّارِمِيُّ إذَا أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ كَانَ زَنَى فَهَلْ يُحَدُّ عَلَى وَجْهَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت الشَّافِعِيَّ قَالَ فِي الْأُمِّ فِي ذِكْرِ مَا يَكْتُبُ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ عَلَى الْجِزْيَةِ عَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ رِجَالِهِمْ أَصَابَ مُسْلِمَةً بِزِنًا أَوْ اسْمَ نِكَاحٍ وَعَدَّ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ إلَى أَنْ قَالَ أَيُّهُمْ قَالَ أَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا وَصَفْته كَانَ نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَلَوْ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَوْلًا وَكَذَا إنْ كَانَ فِعْلًا لَمْ يُقْتَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ قُتِلَ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا فَيُقْتَلُ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَا نَقْضِ عَهْدٍ اهـ وَهُوَ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ إسْلَامَهُ لَا يَعْصِمُهُ مِنْ الْحَدِّ الْوَاقِعِ فِي كُفْرِهِ وَصَرَّحَ بِأَنَّ ذَلِكَ وَشِبْهَهُ نَقْضٌ لِلْعَهْدِ فَاعْلَمْهُ غ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي كِتَابِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ فِي الْأُصُولِ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَكْلِيفِ الْكَافِرَةِ بِالْفُرُوعِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا زَنَى ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْحَدُّ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ سُقُوطِ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَأَنَّ ابْنَ الْمُنْذِرِ نَقَلَهُ فِي الْأَشْرَافِ فَقَدْ رَاجَعْت كَلَامَ ابْنِ الْمُنْذِرِ فَوَجَدْته نَسَبَهُ لِقَوْلِهِ إذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ فَهُوَ قَدِيمٌ قَطْعًا ونَصُّ الْأُمِّ جَدِيدٌ فَتَخَرَّجَ لَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَإِنَّ أَصَحَّهُمَا عَدَمُ السُّقُوطِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا قَالَ فِي الْإِسْعَادِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِحْبَابِ بَعْثِ الْفِدَاءِ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا عَقْدَ فِيهَا فِي الْحَقِيقَةِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُعَاقَدَةَ الْمَذْكُورَةَ تَقْتَضِي عِوَضًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَوْ صَحَّتْ لَمَلَكَ الْأَسِيرُ نَفْسَهُ بِهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْمَالِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَإِنَّ الْفِدَاءَ إنَّمَا يَقْتَضِي حُصُولَ غَرَضٍ لِمُلْتَزِمِهِ لَا حُصُولَ مِلْكٍ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ طَلِّقْ زَوْجَتَك بِكَذَا أَوْ أَعْتِقْ مُسْتَوْلَدَتَك بِكَذَا فَفَعَلَ صَحَّ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَلَزِمَهُ الْعِوَضُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 [كِتَابُ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَفِيهِ طَرَفَانِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِ الْجِزْيَةِ] [الرُّكْن الْأَوَّلُ الْعَاقِدُ] (كِتَابُ عَقْدِ الْجِزْيَةِ) لِلْكُفَّارِ تُطْلَقُ الْجِزْيَةُ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى الْمَالِ الْمُلْتَزَمِ بِهِ، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُجَازَاةِ لِكَفِّنَا عَنْهُمْ وَقِيلَ مِنْ الْجَزَاءِ بِمَعْنَى الْقَضَاءِ قَالَ تَعَالَى {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48] أَيْ لَا تَقْضِي وَيُقَالُ جَزَيْت دَيْنِي أَيْ قَضَيْته وَجَمْعُهَا جِزَىً كَقَرْيَةٍ وَقُرًى وَالْعُقُودُ الَّتِي تُفِيدُ الْكَافِرَ الْأَمْنَ ثَلَاثَةٌ: أَمَانٌ وَهُدْنَةٌ وَجِزْيَةٌ؛ لِأَنَّ التَّأْمِينَ إنْ تَعَلَّقَ بِمَحْصُورٍ فَهُوَ الْأَمَانُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوْ بِغَيْرِ مَحْصُورٍ كَأَهْلِ إقْلِيمٍ أَوْ بَلَدٍ فَإِنْ كَانَ إلَى غَايَةٍ فَهُوَ الْهُدْنَةُ وَسَتَأْتِي أَوَّلًا إلَى غَايَةٍ فَهُوَ الْجِزْيَةُ وَهُمَا مُخْتَصَّانِ بِالْإِمَامِ بِخِلَافِ الْأَمَانِ كَمَا مَرَّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ تَأْمِينَ الْإِمَامِ غَيْرُ مَحْصُورَيْنِ لَا يُسَمَّى أَمَانًا، وَإِنَّ الْجِزْيَةَ لَا تَصِحُّ فِي مَحْصُورِينَ وَلَيْسَ مُرَادًا وَالْأَصْلُ فِي الْجِزْيَةِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] إلَى قَوْلِهِ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] وَقَدْ «أَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ» كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَمِنْ أَهْلِ أَيْلَةَ كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ فِي أَخْذِهَا مَعُونَةً لَنَا وَإِهَانَةً لَهُمْ وَرُبَّمَا يَحْمِلُهُمْ ذَلِكَ عَلَى الْإِسْلَامِ (وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا، وَهِيَ خَمْسَةٌ) عَاقِدٌ وَصِيغَةٌ وَمَعْقُودٌ لَهُ وَمَكَانٌ وَمَالٌ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ (الْأَوَّلُ الْعَاقِدُ، وَهُوَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ) لَهُمْ (إنْ طَلَبُوا) عَقْدَهَا (وَأَمِنَ مَكْرَهُمْ) سَوَاءٌ أَرَأَى فِيهَا مَصْلَحَةً أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] وَلِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطْلُبُوا أَوْ خَافَ مَكْرَهُمْ فَلَا يُجِيبُهُمْ (فَإِنْ عَقَدَ) هَا لَهُمْ (غَيْرُهُ) مِنْ الْآحَادِ (لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأُمُورِ الْكُلِّيَّةِ فَيَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ (وَ) لَكِنْ (يَبْلُغُونَ الْمَأْمَنَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَعْقُودِ لَهُ، وَإِنْ أَقَامَ سَنَةً فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَغْوٌ وَلَوْ قَالَ عَلَيْهِمْ كَانَ أَنْسَبَ (وَيَكْتُبُ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (بَعْدَ الْعَقْدِ أَسْمَاءَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَحُلَاهُمْ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا، وَهُوَ تَكْرَارٌ فَقَدْ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مَعَ زِيَادَةٍ آخِرَ الْكِتَابِ (الرُّكْنُ الثَّانِي الصِّيغَةُ) كَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَهِيَ (كَأَقْرَرْتُكُمْ أَوْ أَذِنْت لَكُمْ فِي الْإِقَامَةِ بِدَارِنَا) مَثَلًا (عَلَى الِانْقِيَادِ لِلْحُكْمِ) أَيْ حُكْمِنَا الَّذِي يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ دُونَ غَيْرِهِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَنِكَاحِ الْمَجُوسِ الْمَحَارِمَ (وَيَذْكُرُ) لَهُمْ فِي الْعَقْدِ (الْجِزْيَةَ) أَيْ الْتِزَامَهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِانْقِيَادَ وَالْجِزْيَةَ كَالْعِوَضِ عَنْ التَّقْرِيرِ فَيَجِبُ ذِكْرُهُمَا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَفَسَّرَ إعْطَاءَ الْجِزْيَةِ فِي الْآيَةِ بِالْتِزَامِهَا وَالصَّغَارَ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِنَا قَالُوا وَأَشَدُّ الصَّغَارِ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَعْتَقِدُهُ وَيَضْطَرُّ إلَى احْتِمَالِهِ (وَيُشْتَرَطُ تَقْدِيرُهَا) كَالثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ (لَا التَّعَرُّضُ لِلْكَفِّ) أَيْ لِكَفِّهِمْ (عَنْ اللَّهِ) تَعَالَى (وَرَسُولِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لِدُخُولِهِ فِي) ذِكْرِ (الِانْقِيَادِ وَلَا بُدَّ) فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ (مِنْ لَفْظٍ دَالٍّ عَلَى الْقَبُولِ) كَمَا فِي الْإِيجَابِ (كَرَضِيتُ وَقَبِلْت) وَقَوْلُهُ (وَنَحْوِهِ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَيَكْتَفِي بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ وَبِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ اتِّصَالُ الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ كَالْبَيْعِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَقْرُبُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ (وَيَلْزَمُ) الْعَقْدُ (بِقَوْلِهِ) أَيْ الْكَافِرِ (قَرِّرْنِي بِكَذَا فَقَرَّرَهُ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيجَابَ كَالْقَبُولِ (فَإِنْ عَقَدَهَا مُؤَقَّتًا) بِوَقْتٍ مَعْلُومٍ (أَوْ) مَجْهُولٍ كَأَنْ (قَالَ) أَقْرَرْتُكُمْ (مَا شِئْنَا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ) أَوْ زِيدَ أَوْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ (لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ مُؤَقَّتًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ» فَإِنَّمَا جَرَى فِي الْمُهَادَنَةِ حِينَ وَادَعَ يَهُودَ خَيْبَرَ لَا فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْلَمُ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالْوَحْيِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ التَّأْبِيدِ بَلْ يَجُوزُ الْإِطْلَاقُ، وَهُوَ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ (أَوْ) قَالَ أَقْرَرْتُكُمْ (مَا شِئْتُمْ صَحَّ) ؛ لِأَنَّ لَهُمْ نَبْذَ الْعَقْدِ مَتَى شَاءُوا فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا التَّصْرِيحُ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ (بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ) لَا تَصِحُّ بِهَذَا اللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ عَقْدَهَا عَنْ مَوْضُوعِهِ مِنْ كَوْنِهِ مُؤَقَّتًا إلَى مَا يَحْتَمِلُ تَأْبِيدَهُ الْمُنَافِيَ لِمُقْتَضَاهُ (فَرْعٌ) لَوْ (أَقَامَ مَنْ عَقَدَ لَهُ الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ الْجِزْيَةَ   [حاشية الرملي الكبير] كِتَابُ عَقْدِ الْجِزْيَةِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعِظَامِ فَاخْتَصَّ بِمَنْ لَهُ النَّظَرُ الْعَامُّ؛ وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ بِهَذَا الْعَقْدِ لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ وِلَايَةُ الْعَقْدِ لَهُمَا كَالْعَقْدِ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَغْوٌ) أَيْ بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ [الرُّكْنُ الثَّانِي الصِّيغَةُ] (قَوْلُهُ كَأَقْرَرْتُكُمْ أَوْ أُقِرُّكُمْ) وَالْمُضَارِعُ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ يَقْتَضِي الْوَعْدَ لَكِنْ الْمُرَادُ بِهِ الْإِنْشَاءُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ التَّجَرُّدِ مِنْ الْقَرَائِنِ يَكُونُ لِلْحَالِ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ صِيغَةَ الْمُضَارِعِ تَأْتِي لِلْإِنْشَاءِ كَأَشْهَدُ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ بِدَارِنَا مَثَلًا) وَإِلَّا فَقَدْ يُقِرُّهُمْ بِهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالْمُرَادُ بِدَارِنَا غَيْرُ الْحِجَازِ لِمَا سَيَأْتِي وَلَا بُدَّ مِنْهُ إنْ عَقَدَ مُطْلَقًا وَالْخِطَابُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ عَقَدَ لِغَائِبِينَ فَقَبِلُوهُ عِنْدَ بُلُوغِهِمْ الْخَبَرَ جَازَ (قَوْلُهُ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَرَامَةِ الْمُتْلَفَاتِ (قَوْلُهُ وَنَحْوَهُ) أَيْ نَحْوَ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ اتِّصَالُ الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ) فَلَوْ عَقَدَ لِغَائِبِينَ فَرَضُوا بِذَلِكَ عِنْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ جَازَ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَقْرُبُ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ بِقَوْلِهِ قَرِّرْنِي بِكَذَا) أَوْ أَمِّنِّي عَلَى كَذَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيجَابَ كَالْقَبُولِ) وَنَصَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِقَوْلِهِ سَأَلْتُك أَنْ تُؤَمِّنَنِي فَأَمَّنَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَقَدَهَا مُؤَقَّتًا إلَخْ) هَلْ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا أَقَّتَ بِزَمَانٍ لَا يَعِيشُ الذِّمِّيُّ أَكْثَرَ مِنْهُ قَطْعًا كَذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ احْتِمَالَانِ مَأْخُوذَانِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَقْرَبُ هُنَا اعْتِبَارُ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مُؤَقَّتًا، وَهُوَ مُفْسِدٌ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 بِدَارِنَا (سَنَةً) فَأَكْثَرَ (بِعَقْدٍ فَاسِدٍ سَقَطَ الْمُسَمَّى) لِفَسَادِ الْعَقْدِ (وَوَجَبَ لِكُلِّ سَنَةٍ دِينَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجِزْيَةِ (وَبَلَغَ الْمَأْمَنَ أَوْ) أَقَامَ كَافِرٌ سَنَةً فَأَكْثَرَ (بِغَيْرِ عَقْدٍ فَلَا مَالَ) عَلَيْهِ لِمَا مَضَى بِخِلَافِ مَنْ سَكَنَ مِنْ الْمُلْتَزِمِينَ لِلْأَحْكَامِ دَارًا غَصْبًا كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ عِمَادَ الْجِزْيَةِ الْقَبُولُ، وَهَذَا الْحَرْبِيُّ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ (وَجَازَ) لَنَا (اغْتِيَالُهُ) أَيْ قَتْلُهُ غِيلَةً (وَاسْتِرْقَاقُهُ وَأَخْذُ مَالِهِ) وَيَكُونُ فَيْئًا (وَالْمَنُّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ) بِخِلَافِ سَبَايَا الْحَرْبِ وَأَمْوَالِهَا؛ لِأَنَّ الْغَانِمِينَ مَلَكُوهَا فَاشْتُرِطَ اسْتِرْضَاؤُهُمْ (وَيَلْزَمُ الْمَالُ) أَيْ الْأُجْرَةُ (مَنْ سَكَنَ) دَارًا (غَصْبًا) كَمَا تَقَرَّرَ (وَمَتَى مَنَّ عَلَيْهِ وَبَذَلَ الْجِزْيَةَ قُبِلَتْ) مِنْهُ وُجُوبًا (وَإِذَا بَذَلَهَا الْأَسِيرُ حَرُمَ قَتْلُهُ) ؛ لِأَنَّ بَذْلَهَا يَقْتَضِي حَقْنَ الدَّمِ كَمَا لَوْ بَذَلَهَا قَبْلَ الْأَسْرِ (لَا اسْتِرْقَاقُهُ) فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ مِنْ قَبُولِ الْجِزْيَةِ وَالْإِسْلَامُ بَعْدَ الْأَسْرِ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِرْقَاقَ فَقَبُولُ الْجِزْيَةِ أَوْلَى أَنْ لَا يُمْنَعَ وَمَالُهُ مَغْنُومٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) مَنْ رَأَيْنَاهُ فِي دَارِنَا (دَخَلْت لِسَمَاعِ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِأَمَانِ مُسْلِمٍ أَوْ لِأَدَاءِ رِسَالَةٍ وَلَوْ وَعِيدًا) أَيْ وَلَوْ فِي وَعِيدٍ وَتَهْدِيدٍ (صُدِّقَ) فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُ كِتَابٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْحَرْبِيِّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ دَارَنَا بِغَيْرِ أَمَانٍ فَقَوْلُهُ مُوَافِقٌ لِلظَّاهِرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا إذَا ادَّعَى ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ عِنْدَنَا أَسِيرًا وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ) احْتِيَاطًا وَذِكْرُ تَحْلِيفِ مَنْ دَخَلَ لِسَمَاعِ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِأَمَانٍ مُسَلَّمٌ مِنْ زِيَادَتِهِ (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَعْقُودُ لَهُ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ عَقْلٌ وَبُلُوغٌ وَحُرِّيَّةٌ وَذُكُورَةٌ وَكَوْنُهُ كِتَابِيًّا) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّنْ يَأْتِي (فَلَا جِزْيَةَ عَلَى مَجْنُونٍ) مُطْبَقٌ جُنُونُهُ؛ لِأَنَّهَا لِحَقْنِ الدَّمِ، وَهُوَ مَحْقُونُهُ (وَطَرَيَانُهُ) أَيْ الْجُنُونِ فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ عَلَى الْمَعْقُودِ لَهُ (كَمَوْتِهِ) فِيهِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (فَلَوْ تَقَطَّعَ) جُنُونُهُ (لَفَّقَ) زَمَنَهُ (إنْ أَمْكَنَ) كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ أَوْ وَيَوْمَيْنِ فَإِذَا تَمَّ زَمَنُ إفَاقَتِهِ عَامًا فَأَكْثَرَ أُخِذَتْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ اعْتِبَارًا لِلْأَزْمِنَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ بِالْأَزْمِنَةِ الْمُجْتَمِعَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّلْفِيقَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمَجْنُونِ (وَلَا أَثَرَ لِيَسِيرِهِ) أَيْ زَمَنِ جُنُونِهِ (كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ) فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، وَكَذَا لَا أَثَرَ لِيَسِيرِ زَمَنِ الْإِفَاقَةِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَلَوْ أُسِرَ) مَنْ لَمْ يَجُزْ مَعَهُ عَقْدٌ وَلَا أَمَانٌ (حَالَةَ جُنُونِهِ رُقَّ) فَلَا يُقْتَلُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْجُنُونِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُسِرَ حَالَ إفَاقَتِهِ (وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَرَقِيقٍ وَلَوْ مُبَعَّضًا) أَوْ مُكَاتَبًا لِمَا مَرَّ وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ لَا تَأْخُذُوا الْجِزْيَةَ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَجَّهَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا» وَرَوَى «لَا جِزْيَةَ عَلَى الْعَبْدِ» ؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ وَالْمَالُ لَا جِزْيَةَ فِيهِ وَلَا جِزْيَةَ عَلَى سَيِّدِهِ بِسَبَبِهِ وَيُفَارِقُ الْمُبَعَّضُ مَنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ بِأَنَّ الْجُنُونَ وَالْإِفَاقَةَ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (فَإِنْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ (أَوْ عَتَقَ) الْعَبْدُ وَطَلَبْنَا مِنْهُ الْجِزْيَةَ فَامْتَنَعَ (وَلَمْ يَبْذُلْهَا بَلَغَ الْمَأْمَنَ) سَوَاءٌ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ (وَإِنْ بَذَلَهَا لَمْ يَكْفِ عَقْدُ أَبٍ وَسَيِّدٍ وَلَوْ كَانَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (قَدْ أَدْخَلَهُ فِي عَقْدٍ إذَا بَلَغَ) أَوْ عَتَقَ كَأَنْ: قَالَ قَدْ الْتَزَمْت هَذَا عَنِّي وَعَنْ ابْنِي إذَا بَلَغَ أَوْ عَبْدِي إذَا عَتَقَ وَإِذَا لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ (فَيُعْقَدُ لَهُ) عَقْدٌ مُسْتَأْنَفٌ (وَيُسَاوَمُ كَغَيْرِهِ) لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ بِالْكَمَالِ وَلِوُجُوبِ جِزْيَةٍ أُخْرَى وَتَقَدَّمَ أَنَّ إعْطَاءَهَا فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الْتِزَامِهَا (وَيَجْعَلُ) الْإِمَامُ (حَوْلَهُمَا) أَيْ التَّابِعِ وَالْمَتْبُوعِ (وَاحِدًا) لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ أَخْذُ الْجِزْيَةِ (وَيَسْتَوْفِي) الْمَالَ (الْمُنْكَسِرَ) ، وَهُوَ مَا لَزِمَ التَّابِعَ فِي بَقِيَّةِ الْعَامِ الَّذِي اتَّفَقَ الْكَمَالُ فِي أَثْنَائِهِ إنْ رَضِيَ التَّابِعُ بِذَلِكَ (أَوْ يُؤَخِّرُهُ إلَى الْحَوْلِ الثَّانِي) فَيَأْخُذُهُ مَعَ جِزْيَةِ الْمَتْبُوعِ فِي آخِرِهِ لِئَلَّا يَخْتَلِفَ أَوَاخِرُ الْأَحْوَالِ (وَإِنْ شَاءَ أَفْرَدَهُمَا بِحَوْلٍ) فَيَأْخُذُ مَا لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ (وَلَوْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ (سَفِيهًا فَعَقَدَ) لِنَفْسِهِ (هُوَ أَوْ وَلِيُّهُ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّ الْحَقْنَ مُمْكِنٌ بِدِينَارٍ (أَوْ بِدِينَارٍ صَحَّ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةَ حَقْنِ الدَّمِ (وَإِنْ اخْتَارَ) السَّفِيهُ (إلْحَاقَهُ) أَيْ الْتِحَاقَهُ (بِالْمَأْمَنِ لَمْ يَمْنَعْهُ الْوَلِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مَالِهِ لَا عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَقَامَ مَنْ عُقِدَ لَهُ الْجِزْيَةَ بِدَارِنَا سَنَةً فَأَكْثَرَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ] قَوْلُهُ سَقَطَ الْمُسَمَّى لِفَسَادِ الْعَقْدِ) كُلُّ عَقْدٍ فَسَدَ سَقَطَ فِيهِ الْمُسَمَّى إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا عَقَدَ الذِّمَّةَ مَعَهُمْ عَلَى السُّكْنَى فِي أَرْضِ الْحِجَازِ فَإِنَّهُمْ إذَا سَكَنُوهُ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَجَبَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْعِوَضَ وَلَيْسَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ فَيَرْجِعُ إلَى الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ أَوْ أَقَامَ بِغَيْرِ عَقْدٍ فَلَا مَالَ) مِثْلُهُ عَقْدُ الْآحَادِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ فَاسِدِ الْعُقُودِ حُكْمُ صَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَعَقْدَ الْآحَادِ لَهَا لَاغٍ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ وَإِذَا بَذَلَهَا الْأَسِيرُ حَرُمَ قَتْلُهُ لَا اسْتِرْقَاقُهُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْرِيرُهُ بِالْجِزْيَةِ وَتَرَدَّدَ الْبُلْقِينِيُّ فِي جَوَازِ إجَابَتِهِ لِذَلِكَ ثُمَّ رَجَّحَ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَنْ يُجَابُ عَنْهُ كَمَلِكٍ لَهُ جَيْشٌ أَوْ مُطَاعٍ صَاحِبِ عَشَرَةٍ جَازَ تَقْرِيرُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ قُوَّةً فِي الْمَعْنَى وَإِلَّا فَلَا قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ رَجَّحَ أَنَّهُ إنْ كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ قَالَ مَنْ رَأَيْنَاهُ فِي دَارِنَا دَخَلْت لِسَمَاعِ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ لِأَدَاءِ رِسَالَةٍ] (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا إذَا ادَّعَى ذَلِكَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ احْتِيَاطًا) أَيْ لَا وُجُوبًا جَمَعَ بِهِ بَيْنَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَبَيْنَ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَحْلِيفُهُ [الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَعْقُودُ لَهُ] (قَوْلُهُ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَعْقُودُ لَهُ وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) لَا يُقْبَلُ بَعْدَ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَّا الْإِسْلَامُ فَقَطْ قَالَ شَيْخُنَا إذْ شَرِيعَتُنَا بِالنِّسْبَةِ لِقَبُولِ الْجِزْيَةِ مُغَيَّاةٌ بِنُزُولِهِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمَجْنُونِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا أَثَرَ لِيَسِيرِ زَمَنِ الْإِفَاقَةِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ) أَيْ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَلَغَ سَفِيهًا فَعَقَدَ إلَخْ) لَوْ قَبِلَ رَشِيدٌ بِدِينَارَيْنِ ثُمَّ سَفِهَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ اخْتَارَ إلْحَاقَهُ بِالْمَأْمَنِ لَمْ يَمْنَعْهُ الْوَلِيُّ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَأْخَذَهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ مِنْ أَنَّ الْعَهْدَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوِلَايَةِ إذْ لَوْ دَخَلَ لَتَوَقَّفَ عَقْدُهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْوَلِيِّ أَوْ إذْنِهِ ع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 نَفْسِهِ (وَإِنْ صَالَحَ السَّفِيهُ عَنْ الْقِصَاصِ) الْوَاجِبِ عَلَيْهِ مُسْتَحَقُّهُ (بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ لَمْ يَمْنَعْ) أَيْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْوَلِيُّ كَمَا يَشْتَرِي لَهُ الطَّعَامَ فِي الْمَخْمَصَةِ بِثَمَنٍ غَالٍ صِيَانَةً لِرُوحِهِ (وَالْفَرْقُ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْعِهِ لَهُ مِنْ عَقْدِ الْجِزْيَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ (أَنَّ صَوْنَ الدَّمِ) فِي تِلْكَ (يَحْصُلُ بِالدِّينَارِ) وَصَوْنَ الرُّوحِ لَا يَحْصُلُ فِي هَذِهِ إلَّا بِالزِّيَادَةِ (وَتُعْقَدُ الذِّمَّةُ لِامْرَأَةٍ وَخُنْثَى) طَلَبَهَا بِلَا بَذْلِ جِزْيَةٍ (وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمَا) أَمَّا فِي الْمَرْأَةِ فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا فِي الْخُنْثَى فَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى وَيُعْلِمُهُمَا الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمَا فَإِنْ رَغِبَا فِي بَذْلِهَا فَهِيَ هِبَةٌ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِمَا الْتِزَامَ الْأَحْكَامِ) وَذِكْرُ الْعَقْدِ لِلْخُنْثَى مَعَ اشْتِرَاطِ الِالْتِزَامِ عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتُسْتَرَقُّ) الْمَرْأَةُ (إنْ دَخَلَتْ) دَارَنَا (بِلَا أَمَانٍ وَنَحْوِهِ) كَطَلَبِ أَمَانٍ (كَالصَّبِيِّ) وَنَحْوِهِ (وَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ فِيهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (حَالَ الْقِتَالِ) مِنْ قَتْلٍ وَاسْتِرْقَاقٍ وَغَيْرِهِمَا (يَفْعَلُهُ بِمَنْ دَخَلَ) دَارَنَا (بِلَا أَمَانٍ) وَنَحْوِهِ، وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلَوْ بَانَ الْخُنْثَى) الْمَعْقُودُ لَهُ الْجِزْيَةُ (ذَكَرًا طَالَبْنَاهُ) بِجِزْيَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ عَمَلًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَنَا وَبَقِيَ مُدَّةً ثُمَّ اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ لَا نَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا لِمَا مَضَى كَمَا مَرَّ إذْ لَمْ تُعْقَدْ لَهُ الْجِزْيَةُ (وَإِنْ حَاصَرْنَا قَلْعَةً) مَثَلًا أَيْ أَهْلَهَا (فَبَذَلُوا الْجِزْيَةَ عَنْ النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ لَمْ نُصَالِحْهُمْ) فَإِنْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِيهَا (إلَّا نِسَاءٌ وَطَلَبْنَ الْعَقْدَ بِالْجِزْيَةِ فَفِي قَوْلٍ تُعْقَدُ لَهُنَّ) ؛ لِأَنَّهُنَّ يَحْتَجْنَ إلَى صِيَانَةِ أَنْفُسِهِنَّ عَنْ الرِّقِّ كَمَا يَحْتَاجُ الرِّجَالُ إلَى الصِّيَانَةِ عَنْ الْقَتْلِ فَعَلَيْهِ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِنَّ الْتِزَامُ الْأَحْكَامِ وَلَا يُسْتَرْقَقْنَ (وَلَا يَلْزَمُهُنَّ الْمَالُ) أَيْ الْجِزْيَةُ (فَإِنْ بَذَلْنَهَا جَاهِلَاتٍ) بِلُزُومِهَا (رُدَّتْ عَلَيْهِنَّ) ؛ لِأَنَّهُنَّ دَفَعْنَهَا عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ (فَإِنْ عَلِمْنَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُنَّ) الْأَوْلَى أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُنَّ فَبَذَلْنَهَا (فَهِيَ هِبَةٌ تَلْزَمُ بِالْقَبْضِ بِالْإِذْنِ) وَالتَّصْرِيحُ بِالْإِذْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَفِي قَوْلٍ) لَا تُعْقَدُ لَهُنَّ بَلْ (يُسْبَيْنَ) ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ لِقَطْعِ الْحَرْبِ وَلَا حَرْبَ فِيهِنَّ فَإِنْ عُقِدَ لَهُنَّ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُنَّ حَتَّى يَرْجِعْنَ إلَى الْقَلْعَةِ فَإِذَا فَتَحْنَهَا سَبَاهُنَّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالْقَوْلَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُنَّ جِزْيَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ أَخْذُ الْتِزَامٍ (فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ) فِي الْقَلْعَةِ (رَجُلٌ وَبَذَلَ الْجِزْيَةَ) جَازَ وَ (عَصَمَهُنَّ) مِنْ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا أَطْلَقَهُ مُطْلِقُونَ وَخَصَّهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِمَا إذَا كُنَّ مِنْ أَهْلِهِ، وَهُوَ حَسَنٌ (فَرْعٌ يَدْخُلُ فِي) عَقْدِ (الذِّمَّةِ) لِلْكَافِرِ (الْمَالُ حَتَّى الْعَبْدُ وَكَذَا زَوْجَةٌ وَطِفْلٌ) وَمَجْنُونٌ لَهُ وَسَائِرُ مَا يَسْتَحِقُّهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ دُخُولُهُمْ اعْتِمَادًا عَلَى قَرِينَةِ الْحَالِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَأْمَنُ إذَا لَمْ يَأْمَنْ عَلَيْهَا فَبَذْلُهُ الْجِزْيَةَ إنَّمَا هُوَ لِعِصْمَتِهَا فَيَحْرُمُ إتْلَافُهَا، وَعَلَى مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْهَا غَيْرَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا الضَّمَانُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إتْلَافُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ إذَا أَظْهَرَهُمَا وَكَذَا يَدْخُلُ فِيهِ (مَنْ اُشْتُرِطَ) دُخُولُهُ مَعَهُ فِيهِ (مِنْ نِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ وَمَجَانِينَ) وَخَنَاثَى وَأَرِقَّاءَ (لَهُمْ مِنْهُ قَرَابَةٌ وَعَلَقَةٌ وَلَوْ مُصَاهَرَةً) بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُشْتَرَطْ دُخُولُهُ مِنْهُمْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَتْبِعَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ الضَّبْطِ وَاسْتَشْكَلَ صَاحِبُ الْوَافِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الِاسْتِتْبَاعُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالشَّرْطِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْأَقَارِبِ وَنَحْوِهِمْ قَالَ وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِالشَّرْطِ أَنْ يَقُولَ بِشَرْطِ دُخُولِ أَتْبَاعِي فِي الْعَقْدِ وَلَا يُعَيِّنُهُمْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِلَّا فَفِيهِ احْتِمَالٌ انْتَهَى. نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ (فَرْعٌ) لَوْ (صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ مِنْ مَالِهِمْ عَنْ) مَا يُنْسَبُ إلَيْهِمْ مِنْ (النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ) وَالْمَجَانِينِ سِوَى مَا يُؤَدُّونَهُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ (جَازَ) وَكَأَنَّهُمْ قَبِلُوا جِزْيَةً كَثِيرَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوهَا مِنْ مَالِ الْمَذْكُورِينَ إلَّا النِّسَاءَ فَإِنَّهُنَّ إنْ أَذِنَ لَهُمْ فَهُمْ وُكَلَاءُ عَنْهُنَّ وَفِي بَذْلِهِنَّ لَهَا مَا مَرَّ [فَصْلٌ لَا تُعْقَدُ الْجِزْيَةُ إلَّا لِأَهْلِ الْكتاب] (فَصْلٌ لَا تُعْقَدُ) الْجِزْيَةُ (إلَّا لِيَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (أَوْ مَجُوسِيٍّ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ الْمَجُوسِ وَقَالَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» ؛ وَلِأَنَّ لَهُمْ شُبْهَةَ كِتَابٍ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ فَرُفِعَ (وَكَذَا مَنْ زَعَمَ التَّمَسُّكَ) تَبَعًا لِتَمَسُّكِ أَبِيهِ (بِالزَّبُورِ) أَيْ بِزَبُورِ دَاوُد (وَصُحُفِ إبْرَاهِيمَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَإِنْ صَالَحَ السَّفِيهُ عَنْ الْقِصَاصِ إلَخْ) مُفَادَاتُهُ نَفْسَهُ كَذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا الظَّاهِرُ أَنَّ مُفَادَاتَهُ نَفْسُهُ بِالْمَالِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَانَ الْخُنْثَى الْمَعْقُودُ لَهُ إلَخْ) أَفَادَ الشَّارِحُ بِمَا قَرَّرَهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَجَوَابُهُ أَمَّا الِاعْتِرَاضُ، فَهُوَ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَصْحِيحُ عَدَمِ الْأَخْذِ مِنْهُ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَنَا وَبَقِيَ مُدَّةً ثُمَّ اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ لَا نَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا لِمَا مَضَى؛ لِأَنَّ اعْتِمَادَ الْجِزْيَةِ الْقَبُولُ، وَهَذَا حَرْبِيٌّ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا وَذَلِكَ بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ هُنَا بَلْ أَوْلَى لِتَحَقُّقِ الْأَهْلِيَّةِ هُنَاكَ، وَأَمَّا الْجَوَابُ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ تُصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ هُنَا بِأَنَّهُ صَدَرَ مَعَهُ عَقْدٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ بِظُهُورِ حَالِهِ صِحَّةُ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ بِخُنْثَيَيْنِ ثُمَّ بَانَا رَجُلَيْنِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْفَرْقُ بَيْنَ الْخُنْثَى إذَا بَانَتْ ذُكُورَتُهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْحَرْبِيِّ أَنَّهُ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ وَمَا يُتْلِفُهُ عَلَيْنَا مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْمَنَافِعِ لَا يَضْمَنُهُ بِخِلَافِ الْخُنْثَى فَإِنَّهُ قَدْ دَخَلَ وَأَقَامَ جَهْرَةً وَالْتَزَمَ أَحْكَامَ الْمُسْلِمِينَ فَلَزِمَتْهُ الْجِزْيَةُ لِمُدَّةِ إقَامَتِهِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ فَرَضَ أَنَّ الْخُنْثَى أَقَامَ خَفِيَّةً إلَى أَنْ ظَهَرْنَا عَلَيْهِ فَبَانَتْ ذُكُورَتُهُ فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ كَالْحَرْبِيِّ الْمَذْكُورِ وَأَوْلَى قس قَالَ أَبُو الْحَسَنِ السُّلَمِيُّ فِي كِتَابِ الْخُنَاثَى: لَا تُعْقَدُ لِلْخُنْثَى الذِّمَّةُ وَيُعْقَدُ لَهُ الْأَمَانُ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ فَإِذَا أَمِنَ وَدَامَ سِنِينَ ثُمَّ بَانَ رَجُلًا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ لِمَا مَضَى؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَيَسْتَأْنِفُ مَعَهُ عَقْدُ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ لِلْكَافِرِ الْمَالُ حَتَّى الْعَبْدُ وَسَائِرُ مَا يَسْتَحِقُّهُ] (قَوْلُهُ قَالَ وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِالشَّرْطِ وَنَحْوِهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ) الظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَالَيْنِ وَاغْتُفِرَ اشْتِرَاطُ مَنْ لَهُ بِهِ عَلَقَةٌ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْتِزَامِهِ الْمَالَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 وَنَحْوِهِمَا (وَلَوْ لَمْ يُقِيمُوا بَيِّنَةً) بِتَمَسُّكِهِمْ بِذَلِكَ فَإِنَّهَا تُعْقَدُ لَهُمْ (وَإِنْ حَرُمَتْ ذَبِيحَتُهُمْ وَمُنَاكَحَتُهُمْ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ؛ وَلِأَنَّهَا تُعْقَدُ لِلْمَجُوسِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي أَصْلِ كِتَابِهِمْ فَلِهَؤُلَاءِ أَوْلَى وَكَمَا يَحْرُمُ ذَبَائِحُ هَؤُلَاءِ وَمُنَاكَحَتُهُمْ يَحْرُمَانِ مِنْ الْمَجُوسِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مَحَلِّهِ، وَإِنَّمَا حُرِّمَا وَحَلَّ عَقْدُ الْجِزْيَةِ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ فِيهِمَا أَمَّا غَيْرُ الْمَذْكُورِينَ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُ وَلَا شُبْهَةَ كِتَابٍ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالشَّمْسِ فَلَا تُعْقَدُ لَهُمْ الْجِزْيَةُ (فَرْعٌ تُعْقَدُ) أَيْضًا (لِمَنْ دَخَلَ أَصْلَهُ التَّهَوُّدُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ) الْأَنْسَبُ وَالتَّنَصُّرُ (وَلَوْ بَعْدَ التَّبْدِيلِ) فِي دِينِهِ (لَا) بَعْدَ (النَّسْخِ) لَهُ (وَلَوْ بِعِيسَى) أَيْ بِشَرِيعَتِهِ فَتُعْقَدُ لِأَوْلَادِ مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ النَّسْخِ لِدِينِهِ أَوْ مَعَهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّبْدِيلِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُبْدَلَ مِنْهُ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ؛ وَلِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ؛ وَلِأَنَّهُمْ، وَإِنْ بَدَّلُوا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ بَقِيَ فِيهِ مَا لَمْ يُبَدَّلْ فَلَا يَنْحَطُّ التَّمَسُّكُ بِهِ عَنْ شُبْهَةِ كِتَابِ الْمَجُوسِ وَلَا تُعْقَدُ لِأَوْلَادِ مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ بَعْدَ النَّسْخِ بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا أَوْ تَهَوَّدَ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى كَآبَائِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ تَمَسَّكُوا بِدِينٍ بَطَلَ وَسَقَطَتْ فَضِيلَتُهُ (فَإِنْ شَكَكْنَا) فِي دُخُولِهِمْ فِيهِ أَكَانَ قَبْلَ النَّسْخِ أَمْ بَعْدَهُ (أَقْرَرْنَاهُمْ) بِالْجِزْيَةِ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ (كَالْمَجُوسِ) وَبِهِ حَكَمَتْ الصَّحَابَةُ فِي نَصَارَى الْعَرَبِ (وَتُعْقَدُ لِمَنْ تَوَلَّدَ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيٍّ) ، وَإِنْ كَانَ الْكِتَابِيُّ أُمَّهُ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ؛ لِأَنَّ شُبْهَةَ الْكِتَابِ مَوْجُودَةٌ وَفِي الْمُنَاكَحَةِ وَالذَّبِيحَةِ غَلَّبْنَا التَّحْرِيمَ احْتِيَاطًا (لَا لِجَاسُوسٍ) يُخَافُ شَرُّهُ لِلضَّرَرِ وَالْجَاسُوسُ صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ كَمَا أَنَّ النَّامُوسَ صَاحِبُ سِرِّ الْخَيْرِ [فَصْلٌ تُعْقَدُ الْجِزْيَةُ لِلصَّائِبَةِ وَالسَّامِرَةِ] (فَصْلٌ تُعْقَدُ) الْجِزْيَةُ (لِلصَّائِبَةِ وَالسَّامِرَةِ إنْ لَمْ تُكَفِّرْهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى) وَلَمْ يُخَالِفُوهُمْ فِي أُصُولِ دِينِهِمْ وَإِلَّا فَلَا تُعْقَدُ لَهُمْ (وَكَذَا) تُعْقَدُ لَهُمْ (لَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُمْ، وَإِنْ ظَفِرْنَا بِقَوْمٍ وَادَّعَوْا أَوْ بَعْضُهُمْ التَّمَسُّكَ) تَبَعًا لِتَمَسُّكِ آبَائِهِمْ (بِكِتَابٍ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ) الْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ وَلَوْ بَعْدَ التَّبْدِيلِ (صَدَّقْنَا الْمُدَّعِينَ) دُونَ غَيْرِهِمْ (وَعَقَدَ لَهُمْ) الْجِزْيَةَ؛ لِأَنَّ دِينَهُمْ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِمْ وَالتَّصْرِيحُ بِقَبْلِ النَّسْخِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (فَإِنْ شَهِدَ عَدْلَانِ) وَلَوْ مِنْهُمْ بِأَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ اثْنَانِ وَظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمَا (بِكَذِبِهِمْ فَإِنْ) كَانَ قَدْ (شَرَطَ) فِي الْعَقْدِ (قِتَالَهُمْ إنْ بَانَ كَذِبُهُمْ اغْتَالَهُمْ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ (فَوَجْهَانِ) : أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ التَّهْذِيبِ وَالْوَسِيطِ وَغَيْرِهِمَا وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ الظَّاهِرُ كَذَلِكَ لِتَلْبِيسِهِمْ عَلَيْنَا وَثَانِيهِمَا لَا بَلْ يُلْحَقُونَ بِالْمَأْمَنِ (فَرْعٌ إذَا تَوَثَّنَ نَصْرَانِيٌّ بَلَغَ الْمَأْمَنَ) كَمَا مَرَّ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ (ثُمَّ أَطْفَالُهُمْ) أَيْ الْمُتَوَثِّنِينَ (مِنْ) أُمِّهِمْ (النَّصْرَانِيَّةِ نَصَارَى وَكَذَا مِنْ) أُمِّهِمْ (الْوَثَنِيَّةِ فَتُعْقَدُ) الْجِزْيَةُ (لِمَنْ بَلَغَ) مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ عَلَقَةُ التَّنَصُّرِ فَلَا تَزُولُ بِمَا يَحْدُثُ بَعْدُ [فَصْلٌ مِنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ] (فَصْلٌ تَجِبُ الْجِزْيَةُ عَلَى شَيْخٍ هَرِمٍ وَزَمِنٍ وَأَجِيرٍ وَرَاهِبٍ وَأَعْمَى وَفَقِيرٍ غَيْرِ مُكْتَسِبٍ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ) ؛ لِأَنَّهَا كَأُجْرَةِ الدَّارِ؛ وَلِأَنَّهَا تُؤْخَذُ لِحَقْنِ الدَّمِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَ لِأَهْلِ خَيْبَرَ كِتَابًا بِإِسْقَاطِهَا عَنْهُمْ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (فَيُطَالَبُ) الْفَقِيرُ فِي صُورَتِهِ (إنْ أَيْسَرَ) بِهَا [الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَكَانُ الْقَابِلُ لِلتَّقْرِيرِ] (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَكَانُ الْقَابِلُ) لِلتَّقْرِيرِ (فَيُمْنَعُ الْكُفَّارُ) وَلَوْ ذِمِّيِّينَ (الْإِقَامَةُ بِالْحِجَازِ، وَهُوَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَمَخَالِيفُهَا) بِالْمُعْجَمَةِ جَمْعُ مِخْلَافٍ أَيْ قُرَاهَا (كَالطَّائِفِ) وَوَجٍّ (وَخَيْبَرَ وَكَذَا الطُّرُقُ الْمُمْتَدَّةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحِجَازِ سَوَاءٌ أَقَامُوا فِيهِ بِجِزْيَةٍ أَمْ لَا لِشَرَفِهِ وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ «آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ مِنْ مَالِهِمْ عَنْ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِمْ] قَوْلُهُ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ فِيهِمَا) وَلِأَنَّ هَذِهِ الْكُتُبَ لَمْ يَنْزِلْ بِهَا جِبْرِيلُ وَإِنَّمَا أُلْهِمُوهَا إلْهَامًا، وَهِيَ مَوَاعِظُ لَا أَحْكَامَ فِيهَا فَلَمْ تُلْحَقْ بِالْكِتَابِيِّينَ (قَوْلُهُ فَلَا تُعْقَدُ لَهُمْ الْجِزْيَةُ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِقَتْلِ جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ إلَى أَنْ يُسْلِمُوا بِقَوْلِهِ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] وَخَصَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] إلَى قَوْلِهِ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] أَيْ يَلْتَزِمُوهَا وَمَنْ لَهُ شُبْهَةُ كِتَابٍ وَهُمْ الْمَجُوسُ بِالْخَبَرِ فَبَقِيَ الْحُكْمُ فِيمَنْ عَدَا الْمَذْكُورِينَ بِعُمُومِ الْآيَةِ [فَرْعٌ تُعْقَدُ الْجِزْيَةُ لِمَنْ دَخَلَ أَصْلَهُ التَّهَوُّدُ وَالنَّصْرَانِيَّة] (قَوْلُهُ تُعْقَدُ لِمَنْ دَخَلَ أَصْلُهُ إلَخْ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ أَصْلُهُ أُمُّهُ فَلَا اعْتِبَارَ بِهَا، وَكَتَبَ أَيْضًا عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا دَخَلَ آبَاؤُهُمْ وَكَذَا فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ الْأَبُ فِي التَّنْصِيرِ بَعْدَ النَّسْخِ وَدَخَلَتْ الْأُمُّ فِيهِ قَبْلَهُ لَمْ يَقِرَّ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَهُمَا بِالْجِزْيَةِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ فِي الْفَتْوَى (قَوْلُهُ لَا بَعْدَ النَّسْخِ لَهُ وَلَوْ بِعِيسَى) إسْرَائِيلِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ النَّاسِخُ لِشَرْعِ مُوسَى بِعْثَةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ التَّهَوُّدَ بَعْدَ بِعْثَةِ عِيسَى كَالتَّهَوُّدِ وَالتَّنَصُّرَ بَعْدَ بِعْثَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ فَلَا يَقِرُّ بِالْجِزْيَةِ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ التَّوْرَاةَ مَنْسُوخَةٌ بِالْإِنْجِيلِ وَالْيَهُودِيَّةَ مَنْسُوخَةٌ بِالنَّصْرَانِيَّةِ ثُمَّ نَسَخَ الْقُرْآنُ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ الْإِسْرَائِيلِيَّ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تُعْقَدُ لِمَنْ تَهَوَّدَ أَصْلُهُ أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ النَّسْخِ ثُمَّ انْتَقَلَ هُوَ عَنْ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَخَرَجَ بِأَصْلِهِ أُمُّهُ (قَوْلُهُ وَتُعْقَدُ لِمَنْ تَوَلَّدَ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيٍّ) مَحَلُّهُ إذَا بَلَغَ وَدَانَ ابْنُ الْوَثَنِيِّ مِنْ كِتَابِيَّةٍ بِدِينِ أُمِّهِ فَإِنْ دَانَ بِدِينِ أَبِيهِ لَمْ يَقِرَّ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ قَضِيَّةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِتَلْبِيسِهِمْ عَلَيْنَا) وَالْأَمَانُ الْفَاسِدُ إنَّمَا يَمْنَعُ الِاغْتِيَالَ عِنْدَ ظَنِّ الْكَافِرِ صِحَّتَهُ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَعَلَى إطْلَاقِ الِاغْتِيَالِ جَرَى الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَفُرُوعُهُ [فَرْعٌ إذَا تَوَثَّنَ نَصْرَانِيٌّ بَلَغَ الْمَأْمَنَ] (قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ الْكَافِرُ الْإِقَامَةَ بِالْحِجَازِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا أَطْلَقَ الْعَقْدَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ هَلْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ أَوْ يَفْسُدُ الْإِطْلَاقُ وَيَتَقَيَّدُ بِغَيْرِ الْحِجَازِ هَذَا مُحْتَمَلٌ وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي (فَرْعٌ) لَوْ أَرَادَ الْكَافِرُ أَنْ يَتَّخِذَ دَارًا بِالْحِجَازِ وَلَمْ يَسْكُنْهَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ مَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ اتِّخَاذُهُ كَالْأَوَانِي وَآلَاتِ اللَّهْوِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَتَّخِذُ الذِّمِّيُّ شَيْئًا مِنْ الْحِجَازِ دَارًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَأَخْرَجْنَا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَالْمُرَادُ مِنْهَا الْحِجَازُ الْمُشْتَمِلَةُ هِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَجَلَاهُمْ مِنْهُ وَأَقَرَّهُمْ فِيمَا عَدَاهُ مِنْ الْيَمَنِ وَنَجْرَانَ وَسُمِّيَ ذَلِكَ حِجَازًا؛ لِأَنَّهُ حَجْزٌ بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ (لَا بَحْرًا) أَيْ يُمْنَعُونَ الْإِقَامَةَ بِمَا ذَكَرَ لَا رُكُوبَ بَحْرِ الْحِجَازِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعُ إقَامَةٍ (وَيُمْنَعُونَ مِنْ) الْإِقَامَةِ فِي (جَزَائِرِهِ وَسَوَاحِلِهِ الْمَسْكُونَةِ) بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَسْكُونَةِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ التَّقْيِيدُ بِالْمَسْكُونَةِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ: التَّقْيِيدُ بِهِ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْبَغَوِيّ وَالصَّوَابُ حَذْفُهُ كَمَا حَذَفَهُ الشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يُلَائِمُ مَا رَجَّحُوهُ مِنْ الْمَنْعِ مِنْ الْإِقَامَةِ بِالطُّرُقِ الْمُمْتَدَّةِ. وَالْبَغَوِيُّ إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ (فَإِنْ دَخَلَ) الْكَافِرُ الْحِجَازَ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْإِمَامِ (أُخْرِجَ) مِنْهُ (وَيُعَزَّرُ إنْ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ) لِدُخُولِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَهُ (وَيُؤْذَنُ) لَهُ جَوَازًا مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ (فِي دُخُولِ الْحِجَازِ غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ) إنْ كَانَ دُخُولُهُ (لِلْمَصْلَحَةِ) لَنَا (كَأَدَاءِ رِسَالَةٍ وَعَقْدِ ذِمَّةٍ وَهُدْنَةٍ وَحَمْلِ) مَتَاعِ (تِجَارَةٍ يُحْتَاجُ) إلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ (اشْتَرَطَ) فِي الْإِذْنِ لَهُ فِي الدُّخُولِ (أَخْذَ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ مَتَاعِهَا (وَقَدْرُهُ) أَيْ الْمَشْرُوطِ مَنُوطٌ (بِرَأْيِ الْإِمَامِ وَ) إذَا دَخَلَهُ بِالْإِذْنِ (لَا يُقِيمُ) فِيهِ (أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (سِوَى يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ) ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا ثُمَّ سَوَاءٌ أَدَخَلَ لِمَصْلَحَةٍ أَمْ لَا (وَيَشْتَرِطُ ذَلِكَ عَلَيْهِ عِنْدَ الدُّخُولِ وَيُوَكِّلُ) غَيْرَهُ كَمُسْلِمٍ (بِقَبْضِ دَيْنَهُ) إنْ كَانَ لَهُ ثَمَّ دَيْنٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ (وَلَهُ إقَامَةُ ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ وَفِي نُسْخَةٍ ثَلَاثٌ (فِي كُلِّ قَرْيَةٍ) حَيْثُ كَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى أُخْرَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْوَافِي وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ قَرْيَتَيْنِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَإِلَّا فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْإِقَامَةِ. (وَيُمْنَعُ الْمُرُورَ بِحَرَمِ مَكَّةَ) وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] وَالْمُرَادُ جَمِيعُ الْحَرَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} [التوبة: 28] أَيْ فَقْرًا بِمَنْعِهِمْ مِنْ الْحَرَمِ وَانْقِطَاعِ مَا كَانَ لَكُمْ بِقُدُومِهِمْ مِنْ الْمَكَاسِبِ فَسَوْفَ يُغْنِيكُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَلْبَ إنَّمَا يُجْلَبُ إلَى الْبَلَدِ لَا إلَى الْمَسْجِدِ نَفْسِهِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ فَعُوقِبُوا بِالْمَنْعِ مِنْ دُخُولِهِ بِكُلِّ حَالٍ (وَيَخْرُجُ) وَاحِدٌ مِنَّا (إلَيْهِ لِسَمَاعِ رِسَالَةٍ) وَيُبَلِّغُهَا لِلْإِمَامِ (فَإِنْ قَالَ لَا أُؤَدِّيهَا إلَّا مُشَافَهَةً خَرَجَ إلَيْهِ الْإِمَامُ، وَإِنْ طَلَبَ) مِنَّا (الْمُنَاظَرَةَ) لِيُسْلِمَ (خَرَجَ إلَيْهِ مَنْ يُنَاظِرُهُ فَإِنْ بَذَلَ عَلَى دُخُولِهِ) الْحَرَمَ (مَا لَا لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ (فَإِنْ أُجِيبَ) فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ (وَ) إنْ (وَصَلَ الْمَقْصِدَ أُخْرِجَ وَثَبَتَ الْمُسَمَّى) وَيُفَارِقُ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ حَيْثُ يَجِبُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِأَنَّهُ لَا يُقَابِلُ بِعِوَضٍ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ (أَوْ) وَصَلَ (دُونَهُ) أَيْ الْمَقْصِدِ (فَبِالْقِسْطِ) مِنْ الْمُسَمَّى يُؤْخَذُ وَحَرَمُ مَكَّةَ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَمِنْ طَرِيقِ الْعِرَاقِ وَالطَّائِفِ عَلَى سَبْعَةٍ وَمِنْ طَرِيقِ الْجِعْرَانَةِ عَلَى تِسْعَةٍ وَمِنْ طَرِيقِ جُدَّةَ عَلَى عَشَرَةٍ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضِ طَيْبَةَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهُ وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٌ وَطَائِفٌ وَجُدَّةُ عَشَرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَةُ وَزَادَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ وَمِنْ يَمَنٍ سَبْعٌ وَكَرُّ زَلِّهَا اهْتَدَى فَلَمْ يَعُدْ سَيْلُ الْحِلِّ إذْ جَاءَ بُنْيَانُهُ (وَلَا يَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ) لِاخْتِصَاصِ حَرَمِ مَكَّةَ بِالنُّسُكِ وَثَبَتَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدْخَلَ الْكُفَّارَ مَسْجِدَهُ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ نُزُولِ بَرَاءَةٌ» (وَإِنْ دُفِنَ) الْكَافِرُ (فِي حَرَمِ مَكَّةَ نُبِشَ) قَبْرُهُ وَأُخْرِجَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَجَلَاهُمْ مِنْهُ) وَكَانُوا زُهَاءَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا (قَوْلُهُ لَا بَحْرًا) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ الْمَقَامِ فِي الْمَرْكَبِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ وَأَقَامَ بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ، وَهُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ حَذْفُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُلَائِمُ مَا رَجَّحُوهُ مِنْ الْمَنْعِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَيُعَزَّرُ إنْ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ) وَبَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنْ الْحِجَازِ. (قَوْلُهُ وَحَمْلِ مَتَاعِ تِجَارَةٍ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ مَا ذَكَرُوهُ فِي التِّجَارَةِ فِي الذِّمِّيِّ أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ دُخُولِ الْحِجَازِ لِلتِّجَارَةِ وَحَكَى نَصًّا لِلشَّافِعِيِّ يَقْتَضِيهِ قَالَ وَعَلَى مُقْتَضَاهُ جَرَى الْأَصْحَابُ وَدَخَلَ فِي عِبَارَتِهِ الْمَرْأَةُ فَهِيَ فِي ذَلِكَ كَالرَّجُلِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَلَّ مَنْ ذَكَرَهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحَلُّ مَا ذَكَرُوهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ إقَامَةُ ثَلَاثَةٍ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ إلَخْ) وَفِي الْبَسِيطِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يَتَرَدَّدُونَ فَرْسَخًا فَرْسَخًا وَيُقِيمُونَ فِي كُلِّ فَرْسَخٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَا مَنْعَ فَإِنَّهُ فِي صُورَةِ السَّفَرِ اهـ وَكَانَ الْمُرَادُ حَالَةَ الِاجْتِيَازِ وَإِلَّا فَقَدْ يَتَّخِذُ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى التَّوَطُّنِ كَأَهْلِ النُّجْعَةِ وَأَصْلُهُ قَوْلُ إمَامِهِ لَوْ كَانُوا يَتَنَاقَلُونَ مِنْ بُقْعَةٍ إلَى بُقْعَةٍ وَلَوْ لُفِّقَتْ أَيَّامُ تَرَدُّدِهِمْ لَزَادَتْ عَلَى مَقَامِ الْمُسَافِرِينَ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ خُطَّةَ الْحِجَازِ لَا يُمْكِنُ قَطْعُهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَتَّى قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يُكَلِّفُهُمْ أَنْ يَجْرُوا فِي انْتِقَالِهِمْ عَلَى الْمَنَازِلِ الْمَعْهُودَةِ وَلَوْ قَطَعُوا فَرْسَخًا فَرْسَخًا وَكَانُوا يُقِيمُونَ عَلَى مُنْتَهَى كُلِّ فَرْسَخٍ فَلَا مَنْعَ وَلَا حَجْرَ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ. (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْوَافِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَهَذَا، وَإِنْ أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُرَادُهُمْ فَإِنَّ الْمُسَافِرَ إذَا أَقَامَ فِي مَسِيرِهِ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا إلَّا أَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا انْتَهَى سَفَرُهُ بِوُصُولِهِ إلَى الْمَقْصِدِ فَانْتِقَالُهُ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ مَا لَمْ يَكُنْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَا يُعَدُّ بِهِ مُسَافِرًا ر (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ جَمِيعُ الْحَرَمِ بِإِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِينَ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَكُلُّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ فِيهِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَالْمُرَادُ بِهِ الْحَرَمُ إلَّا فِي قَوْله تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَعْبَةُ (قَوْلُهُ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ نُزُولِ بَرَاءَةٍ) فَإِنَّهَا نَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَقُدُومُ نَصَارَى نَجْرَانَ فِي جُمْلَةِ الْوُفُودِ سَنَةَ عَشَرَةٍ فَأَنْزَلَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَسْجِدِ وَضَرَبَ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 لِأَنَّ بَقَاءَ جِيفَتِهِ فِيهِ أَشَدُّ مِنْ دُخُولِهِ لَهُ حَيًّا (مَا لَمْ يَتَهَرَّ) أَيْ يَتَقَطَّعْ فَإِنْ تَهَرَّى تُرِكَ (وَلَا يُنْقَلُ الْمَرِيضُ مِنْ الْحِجَازِ) ، وَإِنْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ (إلَّا مِنْ حَرَمِ مَكَّةَ) فَيُنْقَلُ مِنْهُ، وَإِنْ خِيفَ مِنْ النَّقْلِ مَوْتُهُ (وَلَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ) فِيمَا ذَكَرَ (حَرَمُ الْمَدِينَةِ) لِمَا مَرَّ (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ) إلْحَاقُهُ بِهِ فِيهِ (وَلَا يُدْفَنُ) الْكَافِرُ (فِي الْحِجَازِ إنْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ قَبْلَ التَّغَيُّرِ) وَإِلَّا دُفِنَ فِيهِ (فَلَوْ دُفِنَ) فِيهِ (لَمْ يُنْبَشْ) ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَعَلَيْهِ قَالَ الْإِمَامُ: لَا يَبْعُدُ أَنْ لَا يَرْفَعَ نَفْسَ قَبْرِهِ (وَلَا يَدْخُلُ حَرْبِيٌّ سَائِرَ الْبِلَادِ) أَيْ بَاقِيهَا (إلَّا بِإِذْنٍ) فَيَجُوزُ دُخُولُهُ وَيَجُوزُ تَقْرِيرُ الْكَافِرِ فِيهِ بِالْجِزْيَةِ (وَلَا يُؤْذَنُ لَهُ) أَيْ لِلْحَرْبِيِّ فِي دُخُولِهِ لَهُ (إلَّا) لِحَاجَةٍ كَمَا فُهِمْت بِالْأَوْلَى أَوْ (لِمَصْلَحَةٍ) لَنَا (كَرِسَالَةٍ وَتِجَارَةٍ) وَعَقْدِ ذِمَّةٍ أَوْ هُدْنَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدْخُلَ لِتَجَسُّسٍ أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ فَسَادٌ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي الْأَمَانِ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِنَفْيِ الْمَضَرَّةِ لَا بِوُجُودِ الْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِدُخُولِهِمْ بِلَادِنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ (وَيَقِفُ) أَيْ يَمْكُثُ إذَا دَخَلَ لِمَا ذَكَرَ (بِقَدْرٍ لِحَاجَةٍ وَلَا يَدْخُلُ مَسَاجِدَهَا) أَيْ بَقِيَّةَ الْبِلَادِ (إلَّا بِإِذْنٍ وَيَأْذَنُ لَهُ الْآحَادُ) كَالْإِمَامِ (وَلَوْ فِي دُخُولِهِ الْجَامِعِ لِحَاجَةِ مُسْلِمٍ أَوْ حَاجَتِهِ) هُوَ (إلَيْهِ وَلِسَمَاعِ قُرْآنٍ) وَحَدِيثٍ وَعِلْمٍ (لَا أَكْلٍ) وَشُرْبٍ (وَنَوْمٍ وَيُعَزَّرُ إنْ دَخَلَ) مَسْجِدًا (بِلَا إذْنٍ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِلَا إذْنٍ (أَوْ جَاهِلًا فَلَا) يُعَزَّرُ لِعُذْرِهِ (وَيُعَرَّفُ) الْحُكْمَ (وَجُلُوسُ الْقَاضِي فِيهِ إذْنٌ لِلْكَافِرِ الْمُخَاصَمِ) فِي الدُّخُولِ (وَلِلْإِمَامِ إنْزَالُ وَفْدِهِمْ) أَيْ الْقَادِمِينَ مِنْ الْكُفَّارِ عَلَيْنَا (بِمَسْجِدٍ وَلَوْ) كَانَ الْوَافِدُ (جُنُبًا لَا حَائِضًا تُلَوِّثُ) الْمَسْجِدَ (وَلَا صَبِيًّا وَمَجْنُونًا) غَيْرَ مُمَيِّزَيْنِ صِيَانَةً لِلْمَسْجِدِ عَنْ الْقَاذُورَاتِ الْحَاصِلَةِ فِيهِ بِذَلِكَ (وَغَيْرُ الْمَسْجِدِ أَوْلَى) بِالْإِنْزَالِ فِيهِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَبَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عُلِمَ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَلَوْ سَأَلَ مَنْ لَا يُرْجَى إسْلَامُهُ تَعْلِيمَ الْعِلْمِ مُنِعَ) مِنْهُ بِخِلَافِ مَنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ كَمَا فِي تَعْلِيمِهِ الْقُرْآنَ (وَلَوْ عِلْمَ نَحْوًا أَوْ شِعْرًا) أَوْ نَحْوَهُمَا (جَازَ) ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ (وَلَا يُمَكَّنُ) إذَا دَخَلَ لِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ (مِنْ إظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ) وَلَا يَأْذَنُ لَهُ الْإِمَامُ فِي حَمْلِ شَيْءٍ مِنْهُمَا إلَى دَارِنَا (الرُّكْنُ الْخَامِسُ الْمَالُ وَأَقَلُّهُ دِينَارٌ لِكُلِّ سَنَةٍ) عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُعَاذٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مِنْ الْمَعَافِرِ» ثِيَابٌ تَكُونُ بِالْيَمَنِ وَظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ أَقَلَّهَا دِينَارٌ أَوْ مَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ وَبِهِ أَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْمَنْصُوصُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّ أَقَلَّهَا دِينَارٌ، وَعَلَيْهِ إذَا عَقَدَ بِهِ جَازَ أَنْ يُعْتَاضَ عَنْهُ مَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ عَقْدُهَا بِمَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ قَدْ تَنْقُصُ عَنْهُ آخِرَ الْمُدَّةِ وَمَحَلُّ كَوْنِ أَقَلِّهَا دِينَارًا عِنْدَ قُوَّتِنَا وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ الدَّارِمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُهَا بِأَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرٌ مُتَّجَهٌ (وَتُسْتَحَبُّ الْمُمَاكَسَةُ) أَيْ الْمُشَاحَةُ مَعَ الْكَافِرِ الْعَاقِلِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ فِي قَدْرِ الْجِزْيَةِ حَتَّى يَزِيدَ عَلَى دِينَارٍ بَلْ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَعْقِدَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْقِدَ بِدُونِهِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَيُسَنُّ أَنْ يُفَاوَتَ بَيْنَهُمْ (فَيَعْقِدُ لِلْغَنِيِّ بِأَرْبَعَةٍ وَالْمُتَوَسِّطِ بِدِينَارَيْنِ) وَالْفَقِيرِ بِدِينَارٍ (فَإِنْ أَبَى) عَقْدَهَا (إلَّا بِدِينَارٍ أُجِيبَ) ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ وَالْمُمَاكَسَةُ كَمَا تَكُونُ فِي الْعَقْدِ تَكُونُ فِي الْأَخْذِ بَلْ الْأَصْحَابُ إنَّمَا صَدَّرُوا بِهِ فِي الْأَخْذِ فَقَالُوا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ الْمُمَاكَسَةُ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا يُنْقَلُ الْمَرِيضُ مِنْ الْحِجَازِ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ، وَإِنْ مَرِضَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْحِجَازِ وَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ فِي نَقْلِهِ تُرِكَ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ لَا إنْ مَرِضَ وَشَقَّ نَقْلُهُ (قَوْلُهُ فَيُنْقَلُ مِنْهُ) ، وَإِنْ خِيفَ مِنْ النَّقْلِ مَوْتُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْحِجَازِ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَلُ مِنْهُ إنْ شَقَّ نَقْلُهُ أَوْ خِيفَ مَوْتُهُ مِنْهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا دُفِنَ فِيهِ) مَحَلُّهُ فِي الذِّمِّيِّ أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلَا يَجِبُ دَفْنُهُ بَلْ فِي وَجْهٍ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ وَيَأْذَنُ لَهُ الْآحَادُ) شَرْطُ الْإِذْنِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا وَفِي الْكَافِي أَنْ لَا يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ فِي عَهْدِهِ عَدَمَ الدُّخُولِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَجُلُوسُ الْقَاضِي فِيهِ إذْنٌ لِلْكَافِرِ الْمُخَاصِمِ) قُعُودُ الْمُفْتِي فِيهِ لِلِاسْتِفْتَاءِ كَذَلِكَ [الرُّكْنُ الْخَامِسُ الْمَالُ] (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ دِينَارٌ) وَأَكْثَرُهُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ التَّرَاضِي؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّرَاضِي فَجَازَ بِمَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ مِمَّا لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِخِلَافِهِ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُوَ مُبَيِّنٌ لِمَا أُرِيدَ بِالْجِزْيَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] قَالَ وَلَا نَعْلَمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَالَحَ أَحَدًا عَلَى أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالْمُتَوَسِّطُ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ الدِّينَارَ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَلِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِحَقْنِ الدَّمِ أَوْ لِسُكْنَى الدَّارِ أَوْ لِلْمَجْمُوعِ وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالْمُتَوَسِّطُ يَسْتَوُونَ فِي ذَلِكَ فَاسْتَوَوْا فِي مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرٌ مُتَّجَهٌ) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ [الْمُمَاكَسَةُ فِي الْجِزْيَةُ] (قَوْلُهُ وَتُسْتَحَبُّ الْمُمَاكَسَةُ) ، وَإِنْ عَلِمُوا جَوَازَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الدِّينَارِ (قَوْلُهُ بَلْ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَعْقِدَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ إلَخْ) فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَاقِدِ إذَا قَدَرَ عَلَى الْعَقْدِ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهَا دَانِقًا، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فَأَمَّا إذَا عَقَدَ لَهُمْ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ مِنْ الْأُمِّ وَقَوْلُهُ فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَتُعْقَدُ لِلْغَنِيِّ بِأَرْبَعَةٍ وَالْمُتَوَسِّطِ بِدِينَارَيْنِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَذْكُرُوا ضَابِطَ الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ يُحْتَمَلُ كَمَا فِي النَّفَقَةِ وَالْعَاقِلَةِ وَيُحْتَمَلُ الرُّجُوعُ إلَى الْعُرْفِ اهـ وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُهُمَا بِمَا فِي الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ بَلْ الْأَصْحَابُ إنَّمَا صَدَّرُوا بِهِ فِي الْأَخْذِ فَقَالُوا إلَخْ) الْمُمَاكَسَةُ لَا تَكُونُ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فَأَمَّا إذَا انْعَقَدَ الْعَقْدُ لَهُمْ بِشَيْءٍ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَمَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَعْقِدَ لِلْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ بِمَا ذَكَرَ فَيُؤْخَذُ مِنْهُمَا ذَلِكَ لَكِنْ لَهَا حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَعْقِدَ لِمَنْ عُلِمَ غِنَاهُ أَوْ تَوَسُّطُهُ بِمَا ذَكَرَ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَيَعْقِدُ لِلْغَنِيِّ إلَى آخِرِهِ ثَانِيهِمَا أَنْ يَعْقِدَ عَلَى صِفَةِ الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَالتَّوَسُّطِ وَتَغْيِيرِ حَالِ الْآخِذِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ شَرَطَ وَأَطْلَقَ عَلَى كُلِّ فَقِيرٍ إلَى آخِرِهِ فَقَدْ قَالُوا هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فَأَمَّا إذَا انْعَقَدَ لَهُمْ الْعَقْدُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 الْغَنِيِّ إلَى آخِرِهِ وَيُسْتَثْنَى السَّفِيهُ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ وَلَا عَقْدُ الْوَلِيِّ لَهُ بِالزَّائِدِ عَلَى الدِّينَارِ خِلَافًا لِلْقَاضِي (فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ) بَذْلِ (الزَّائِدِ) عَلَى دِينَارٍ (بَعْدَ الْعَقْدِ) بِهِ (فَنَاقِضٌ) لِلْعَهْدِ كَمَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ أَصْلِ الْجِزْيَةِ فَيَبْلُغُ الْمَأْمَنَ كَمَا سَيَأْتِي فَعُلِمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَ كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ (فَإِنْ بَلَغَ الْمَأْمَنَ وَعَادَ بَاذِلًا لِلدِّينَارِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَعَادَ وَطَلَبَ الْعَقْدَ بِدِينَارٍ (أُجِيبَ) كَمَا لَوْ طَلَبَهُ أَوَّلًا (فَإِنْ شُرِطَ وَأُطْلِقَ عَلَى كُلِّ فَقِيرٍ دِينَارٌ وَ) كُلِّ (غَنِيٍّ أَرْبَعَةٌ وَ) كُلِّ (مُتَوَسِّطٍ دِينَارٌ إنْ اُعْتُبِرَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ) أَيْ الْفَقْرُ وَالْغِنَى وَالتَّوَسُّطُ (وَقْتَ الْأَخْذِ) لَا وَقْتَ طُرُوِّهَا وَلَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَأُطْلِقَ أَيْ الشَّرْطُ مَا لَوْ قَيَّدَ بِأَنْ قُيِّدَتْ الْأَحْوَالُ الْمَذْكُورَةُ بِوَقْتٍ فَيُتَّبَعُ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْفَقْرِ) أَوْ التَّوَسُّطِ مِنْهُمْ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ أَوْ يُعْهَدُ لَهُ مَالٌ وَكَذَا مَنْ غَابَ وَأَسْلَمَ ثُمَّ حَضَرَ وَقَالَ أَسْلَمْت مِنْ وَقْتِ كَذَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ (وَلَا تُؤْخَذُ) الْجِزْيَةُ (فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِالْقِسْطِ) اتِّبَاعًا لِسِيرَةِ الْأَوَّلِينَ (إلَّا مِمَّنْ مَاتَ) أَوْ أَسْلَمَ أَوْ اسْتَقَالَ مِنْ الْعَقْدِ أَوْ نَبَذَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَيُؤْخَذُ بِالْقِسْطِ إذْ وُجُوبُهَا بِالسُّكْنَى فَإِذَا سَكَنَ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَجَبَ قِسْطُهُ كَالْأُجْرَةِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ فَتِرْكَتُهُ كُلُّهَا فَيْءٌ فَلَا مَعْنَى لِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ أُخِذَ مِنْ نَصِيبِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْجِزْيَةِ وَسَقَطَتْ حِصَّةُ بَيْتِ الْمَالِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِسْطُ حِينَئِذٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَخْذِهِ (فَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ) مَعَ الْجِزْيَةِ (دَيْنٌ لِآدَمِيٍّ) وَضَاقَ مَالُهُ عَنْهُمَا (سَوَّى بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ حَتَّى تَكُونَ كَالزَّكَاةِ؛ وَلِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا حَقٌّ الْآدَمِيِّ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا أُجْرَةٌ (وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ طَلَبُ تَعْجِيلِ الْجِزْيَةِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُؤْخَذُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِالْقِسْطِ [فَصْلٌ أَقَرُّوا بِبَلَدِهِمْ بِجِزْيَةٍ] (فَصْلٌ فَإِنْ أَقَرُّوا بِبَلَدِهِمْ) بِجِزْيَةٍ (اُسْتُحِبَّ) مَعَهَا (اشْتِرَاطُ ضِيَافَةِ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَّا) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَارُّ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ (لَا عَلَى فَقِيرٍ) ؛ لِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ فَلَا يَتَيَسَّرُ لِلْفَقِيرِ الْقِيَامُ بِهَا وَالْأَصْلُ فِي اشْتِرَاطِهَا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَالَحَ أَهْلَ أَيْلَةَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَانُوا ثَلَثَمِائَةِ رَجُلٍ وَعَلَى ضِيَافَةِ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» (وَيُبَيِّنُ) لَهُمْ فِي الْعَقْدِ (أَيَّامَ الضِّيَافَةِ) أَيْ قَدْرَهَا (فِي الْحَوْلِ) كَمِائَةِ يَوْمٍ فِيهِ (وَمُدَّةَ الْإِقَامَةِ) كَيَوْمٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ لِيَنْتَفِيَ الْغَرَرُ (وَلَا تَزِيدُ) مُدَّتُهَا أَيْ لَا تُنْدَبُ زِيَادَتُهَا (عَلَى الثَّلَاثِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا مَشَقَّةً فَإِنْ وَقَعَ تَوَافُقٌ عَلَى زِيَادَةٍ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَنَقَلَ فِي الذَّخَائِرِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ تَزْوِيدَ الضَّيْفِ كِفَايَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (وَيُبَيِّنُ) لَهُمْ (عَدَدَ الضِّيفَانِ خَيْلًا وَرَجْلًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ (كَعِشْرِينَ) ضَيْفًا فِي الْعَامِ مِنْ الْفُرْسَانِ كَذَا وَمِنْ الرَّجَّالَةِ كَذَا (عَلَى الْوَاحِدِ) مِنْهُمْ (أَوْ أَلْفٍ) كَذَلِكَ (عَلَى الْجَمِيعِ وَ) هُمْ (يُوَزِّعُونَهَا) عَلَى أَنْفُسِهِمْ (بِقَدْرِ الْجِزْيَةِ) أَوْ يَتَحَمَّلُ بَعْضُهُمْ عَنْ   [حاشية الرملي الكبير] عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ كَذَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُرَادُ الْمُمَاكَسَةُ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ لِلْغَنِيِّ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ وَلِلْمُتَوَسِّطِ بِدِينَارَيْنِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا أَوْ يَعْقِدَ عَلَى صِفَةِ الْغَنِيِّ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ وَعَلَى صِفَةِ التَّوَسُّطِ بِدِينَارَيْنِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ثَانِيًا قَالَ شَيْخُنَا وَبِهَذَا الْجَمْعِ يُوَافِقُ كَلَامُ الشَّارِحِ كَلَامَ الْأَصْحَابِ وَإِلَّا فَهُوَ مَرْدُودٌ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ أَيْ الْمُمَاكَسَةِ عِنْدَ الْأَخْذِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَلَخَّصُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ تَارَةً يُعْقَدُ عَلَى الْأَشْخَاصِ وَتَارَةً يُعْقَدُ عَلَى الْأَوْصَافِ فَإِنْ عَقَدَ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ فَالْمُمَاكَسَةُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الثَّانِي فَعِنْدَ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الزَّائِدِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَنَاقِضٌ لِلْعَهْدِ) شَمِلَ مَا لَوْ عَقَدَهَا رَشِيدٌ ثُمَّ سَفِهَ، وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ إلَّا مِمَّنْ مَاتَ) أَيْ أَوْ جُنَّ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَخْذِهِ) فَقَالَ: وَإِنْ فَلَسَهُ لِأَهْلِ دِينِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ ضَرَبَ مَعَ غُرَمَائِهِ بِحِصَّةِ جِزْيَتِهِ لِمَا مَضَى عَلَيْهِ مِنْ الْحَوْلِ. اهـ. فَالنَّصُّ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا قَسَمَ مَالَهُ حِينَئِذٍ وَتُحْمَلُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَخْذِهِ) أَيْ إنْ قَسَمَ مَالَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَإِلَّا فَلَا يُؤْخَذُ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا إذْ عِبَارَتُهُ، وَإِنْ فَلَسَهُ لِأَهْلِ دِينِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ ضَرَبَ مَعَ غُرَمَائِهِ بِحِصَّةِ جِزْيَتِهِ لِمَا مَضَى عَلَيْهِ مِنْ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَ) أَيْ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَرُّوا بِبَلَدِهِمْ) بِجِزْيَةٍ وَلَوْ كَانَتْ بِدَارِنَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَّا) خَرَجَ بِهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَيُشْبِهُ جَوَازَ شَرْطِهِ نَعَمْ فِي اسْتِحْقَاقِهِمْ الضِّيَافَةَ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مُطْلَقًا تَرَدَّدَ لِلْإِمَامِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ قَبُولُهَا دَنَانِيرَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ الْحَقُّ أَنَّ الضِّيَافَةَ كَالْقَدْرِ الزَّائِدِ عَلَى الدِّينَارِ فَمَنْ قَدَرَ عَلَى شَرْطِهِ وَجَبَ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ عَلِمُوا جَوَازَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الدِّينَارِ وَتَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا صُولِحُوا فِي بَلَدِهِمْ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِيمَا إذَا صُولِحُوا بِدَارِنَا أَوْ بِبَلَدٍ فِيهِ مُسْلِمُونَ وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ لَكِنْ حَكَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ وَجْهًا وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى إجْرَاءِ النَّصِّ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَوْ لَمْ يَمُرَّ بِهِمْ أَحَدٌ سَنَةً لَمْ يَلْزَمْهُمْ شَيْءٌ (قَوْلُهُ لِضِيَافَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ (قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ أَيَّامَ الضِّيَافَةِ فِي الْحَوْلِ كَمِائَةِ يَوْمٍ فِيهِ) كَذَا قَالَاهُ ثُمَّ نَقَلَا عَنْ الْبَحْرِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ وَشَرَطَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عِنْدَ قُدُومِ كُلِّ قَوْمٍ فَوَجْهَانِ إنْ جَعَلْنَاهَا جِزْيَةً لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ انْتَهَى قَالُوا وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمُدَّةُ الْإِقَامَةِ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ) وَلِأَنَّ الضِّيَافَةَ تَخْتَصُّ بِالْمُسَافِرِينَ وَمَنْ قَصَدَ إقَامَةً أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ) وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ عَدَدَ الضِّيفَانِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّمَا يُشْتَرَطُ إذَا جُعِلَتْ مِنْ الْجِزْيَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ لَمْ يُشْتَرَطْ التَّعَرُّضُ لِلْعَدَدِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ مُفَرَّعٌ عَلَى الضَّعِيفِ قَالَ شَيْخُنَا الْمُعَوَّلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا كَأَصْلِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 بَعْضٍ وَإِذَا تَفَاوَتُوا فِي الْجِزْيَةِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفَاوِتَ بَيْنَهُمْ فِي الضِّيَافَةِ فَيَجْعَلُ عَلَى الْغَنِيِّ عِشْرِينَ مَثَلًا وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ عَشَرَةً وَلَا يُفَاوِتُ بَيْنَهُمْ فِي جِنْسِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ عَلَى الْغَنِيِّ أَطْعِمَةً فَاخِرَةً أَجْحَفَ بِهِ الضِّيفَانُ (وَ) يُبَيِّنُ لَهُمْ (جِنْسَ الطَّعَامِ وَالْأُدْمِ وَقَدْرِهِمَا) بِالنِّسْبَةِ (لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنَّا كَأَنْ يَقُولَ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَذَا مِنْ خُبْزِ الْبُرِّ. وَكَذَا مِنْ السَّمْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا بِحَسَبِ عَادَتِهِمْ (وَ) يُبَيِّنُ (الْعَلَفَ) أَيْ عَلَفَ الدَّوَابِّ مِنْ تِبْنٍ وَحَشِيشٍ وَقَتٍّ (لَا قَدْرَهُ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ (إلَّا الشَّعِيرُ) إنْ ذَكَرَهُ (فَيُقَدِّرُهُ) وَإِطْلَاقُ الْعَلَفِ لَا يَقْتَضِي الشَّعِيرَ فَإِنْ كَانَ لِوَاحِدٍ دَوَابُّ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَدَدًا مِنْهَا لَمْ يَعْلِفْ إلَّا وَاحِدَةً نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَا يَلْزَمُهُ) الْأَنْسَبُ يَلْزَمُهُمْ (أُجْرَةُ طَبِيبٍ وَحَمَّامٍ وَثَمَنُ دَوَاءٍ وَ) يُبَيِّنُ لَهُمْ (الْمَنَازِلَ) أَيْ مَنَازِلَ الضِّيفَانِ (مِنْ فُضُولِ مَنَازِلِهِمْ) وَبُيُوتِ الْفُقَرَاءِ الَّذِينَ لَا ضِيَافَةَ عَلَيْهِمْ (وَالْكَنَائِسَ) وَنَحْوِهَا (الدَّافِعَةَ لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ) وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ تَعْلِيَةَ الْأَبْوَابِ لِيَدْخُلَهَا الْمُسْلِمُونَ رُكْبَانًا كَمَا شَرَطَهُ عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ (وَلَا يُخْرَجُونَ) أَيْ أَرْبَابُ الْمَنَازِلِ (مِنْ مَنَازِلِهِمْ) ، وَإِنْ ضَاقَتْ (وَهِيَ) أَيْ الضِّيَافَةُ (زِيَادَةٌ عَلَى الْجِزْيَةِ) لَا مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالْجِزْيَةُ عَلَى التَّمْلِيكِ؛ وَلِهَذَا لَا يُجْزِئُ فِيهَا التَّغْدِيَةُ وَالتَّعْشِيَةُ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ (تَلْزَمُ بِالْقَبُولِ) مِنْهُمْ (وَإِنْ اعْتَاضَ عَنْهَا) أَيْ الضِّيَافَةِ (الْإِمَامُ دَرَاهِمَ) أَوْ دَنَانِيرَ وَبِهَا عَبَّرَ الْأَصْلُ (بِرِضَاهُمْ جَازَ وَاخْتَصَّتْ بِأَهْلِ الْفَيْءِ) كَالْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الدِّينَارُ وَيُفَارِقُ الضِّيَافَةَ بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهَا تَقْتَضِي التَّعْمِيمَ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ رِضَاهُمْ؛ لِأَنَّ الضِّيَافَةَ قَدْ تَكُونُ أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ (فَرْعٌ لِضَيْفِهِمْ حَمْلُ الطَّعَامِ) مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ بِخِلَافِ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُمَةٌ وَمَا هُنَا مُعَارَضَةٌ (لَا الْمُطَالَبَةُ بِالْعِوَضِ وَ) لَا (طَعَامِ الْغَدِ وَلَا) طَعَامِ (الْأَمْسِ) الَّذِي لَمْ يَأْتُوا بِطَعَامِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ زَائِدَةٌ عَلَى الْجِزْيَةِ (وَإِنْ ازْدَحَمَ الضِّيفَانُ عَلَى الْمُضِيفِ) لَهُمْ (أَوْ عَكْسُهُ خُيِّرَ الْمُزْدَحَمُ عَلَيْهِ) فَيُخَيَّرُ الْمُضِيفُ فِي الْأُولَى وَالضَّيْفُ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْ كَثُرَتْ الضِّيفَانُ عَلَيْهِمْ بَدَءُوا بِالسَّابِقِ) لِسَبْقِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تُسَاوَوْا (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ وَلِيَكُنْ لِلضِّيفَانِ عَرِيفٌ يُرَتِّبُ أَمْرَهُمْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَصْلٌ وَالْجِزْيَةُ تُؤْخَذُ) مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ (بِرِفْقٍ كَسَائِرِ الدُّيُونِ) وَيَكْفِي فِي الصَّغَارِ الْمَذْكُورِ فِي آيَةِ الْجِزْيَةِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ الْحُكْمُ بِمَا لَا يَعْتَقِدُونَهُ كَمَا فَسَّرَهُ الْأَصْحَابُ بِذَلِكَ وَتَفْسِيرُهُ بِأَنْ يَجْلِسَ الْآخِذُ وَيَقُومَ الذِّمِّيُّ وَيُطَأْطِئَ رَأْسَهُ وَيَحْنِيَ ظَهْرَهُ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ فِي الْمِيزَانِ وَيَقْبِضَ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ وَيَضْرِبَ لِهْزِمَتَيْهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ بَاطِلَةٌ وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا أَوْ وُجُوبِهَا أَشَدُّ خَطَأً وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَحَدًا مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا (فَلَهُ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ فِي أَدَائِهَا وَتَضْمِينُهُ) لَهَا (وَالْحَوَالَةُ) بِهَا (عَلَيْهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْهَيْئَةَ الْمَذْكُورَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ (فَصْلٌ) لَوْ (طَلَبَ قَوْمٌ) مِمَّنْ يُعْقَدُ لَهُمْ الْجِزْيَةُ عَرَبٌ أَوْ عَجَمٌ (أَنْ يُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ بِاسْمِ الزَّكَاةِ) لَا بِاسْمِ الْجِزْيَةِ (وَقَدْ عَرَفُوهَا) حُكْمًا وَشَرْطًا (وَ) أَنْ (يُضَعَّفَ) عَلَيْهِمْ (أُجِيبُوا) إلَى ذَلِكَ إنْ رَآهُ الْإِمَامُ وَسَقَطَ عَنْهُمْ الْإِهَانَةُ وَاسْمُ الْجِزْيَةِ اقْتِدَاءً بِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي نَصَارَى الْعَرَبِ لَمَّا قَالُوا لَهُ نَحْنُ عَرَبٌ لَا نُؤَدِّي مَا تُؤَدِّيهِ الْعَجَمُ فَخُذْ مِنَّا مَا يَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ يَعْنُونَ لِزَكَاةٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ فِيهِ أَحَدٌ فَكَانَ إجْمَاعًا وَعَقَدَ لَهُمْ الذِّمَّةَ مُؤَبَّدًا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُ مَا فَعَلَهُ هَذَا (إنْ تَيَقَّنَّا وَفَاءَهَا بِدِينَارٍ) وَإِلَّا فَلَا يُجَابُوا (وَلَوْ اقْتَضَى) إجَابَتُهُمْ (تَسْلِيمَ بَعْضٍ) مِنْهُمْ (عَنْ بَعْضٍ) مَا الْتَزَمُوهُ فَإِنَّهُمْ يُجَابُونَ وَلِبَعْضِهِمْ أَنْ يَلْتَزِمَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ وَغَرَضُنَا تَحْصِيلُ دِينَارٍ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ (فَيَقُولُ الْإِمَامُ) فِي صُورَةِ الْعَقْدِ (جَعَلْت عَلَيْكُمْ ضِعْفَ الصَّدَقَةِ أَوْ صَالَحْتُكُمْ عَلَيْهِ) أَوْ نَحْوَهُ (وَهِيَ) أَيْ الْأَمْوَالُ الْمَأْخُوذَةُ بِاسْمِ الزَّكَاةِ (جِزْيَةٌ) حَقِيقَةً، وَإِنْ بُدِّلَ اسْمُهَا (تُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ) فَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ هَؤُلَاءِ حَمْقَى أَبَوْا الِاسْمَ وَرَضُوا بِالْمَعْنَى (وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ) وَخُنْثَى بِخِلَافِ الْفَقِيرِ (فَإِنْ وَفَّى قَدْرَ الزَّكَاةِ) بِلَا تَضْعِيفٍ (أَوْ نِصْفَهَا) أَنَّ نِصْفَهَا (بِالدِّينَارِ يَقِينًا لَا ظَنًّا كَفَى أَخْذُهُ) فَلَوْ كَثُرُوا وَعَسُرَ عَدَدُهُمْ لِمَعْرِفَةِ الْوَفَاءِ بِالدِّينَارِ لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بَلْ يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُ أَخْذِ دِينَارٍ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ وَلَا يَتَعَيَّنُ تَضْعِيفُهَا وَلَا تَنْصِيفُهَا فَيَجُوزُ تَرْبِيعُهَا وَتَخْمِيسُهَا وَنَحْوُهُمَا عَلَى مَا يَرَوْنَهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ (وَلَوْ شَرَطَ الضِّعْفَ) لِلزَّكَاةِ (وَكَثُرَ) أَيْ زَادَ عَلَى دِينَارٍ (وَبَذَلُوا الدِّينَارَ) بِأَنْ سَأَلُوا إسْقَاطَ الزَّائِدِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إلَّا الشَّعِيرَ) أَيْ أَوْ نَحْوَهُ [فَرْعٌ ضَيْفُ أَهْلُ الْجِزْيَةِ يَحْمِلُ طَعَامَهُ] (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ زَائِدَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ فَهِيَ مُوَاسَاةٌ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ بَدَءُوا بِالسَّابِقِ) قَالَ شَيْخُنَا يَظْهَرُ أَنَّهُ عَلَى الْوُجُوبِ [فَصْلٌ الْجِزْيَةُ تُؤْخَذُ مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ بِرِفْقٍ] (قَوْلُهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ) فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ آخِذُهَا ذِمِّيًّا (قَوْلُهُ وَيَقْبِضُ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ وَيَضْرِبُ لِهْزِمَتَيْهِ وَيَقُولُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَدِّ حَقَّ اللَّهِ) كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ وَالْغَزِّيُّ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِمْ فس (قَوْلُهُ مَرْدُودٌ) هَذَا خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَتَفْسِيرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ بَاطِلَةٌ) فَتَكُونُ حَرَامًا (قَوْلُهُ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) فَهِيَ حَرَامٌ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ إنْ تَأَذَّى بِهَا وَإِلَّا فَمَكْرُوهَةٌ [فَصْلٌ طَلَبَ قَوْمٌ مِمَّنْ يُعْقَدُ لَهُمْ الْجِزْيَةُ أَنْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ بِاسْمِ الزَّكَاةِ] (قَوْلُهُ وَأَنْ تُضَعَّفَ عَلَيْهِمْ أُجِيبُوا) شَمِلَ تَضْعِيفُ زَكَاةِ الْمَالِ التِّجَارَةَ وَالْمَعْدِنَ وَالرِّكَازَ (قَوْلُهُ كَفَى أَخْذُهُ) وَاسْتَحَبَّ جَمَاعَةٌ زِيَادَةَ شَيْءٍ عَلَى قَدْرِ الزَّكَاةِ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 وَإِعَادَةَ اسْمِ الْجِزْيَةِ (أُجِيبُوا) ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ أُثْبِتَتْ لِتَغْيِيرِ الِاسْمِ فَإِذَا رَضُوا بِالِاسْمِ وَجَبَ إسْقَاطُهَا (وَإِنْ قَلَّ) الضِّعْفُ (عَنْ الدِّينَارِ زَادَ فِي التَّضْعِيفِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ) (فَرْعٌ تُضَعَّفُ الْمَاشِيَةُ) أَيْ الزَّكَاةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَيُؤْخَذُ مِنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاتَانِ) وَمِنْ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ شَاتَانِ وَمِنْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعَانِ وَمِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا دِينَارٌ وَمِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَمِمَّا سُقِيَ بِلَا مُؤْنَةٍ الْخُمُسُ وَمِمَّا سُقِيَ بِمُؤْنَةٍ الْعُشْرُ وَمِنْ الرِّكَازِ خُمُسَانِ وَهَكَذَا (وَلَا يُضَعَّفُ الْجُبْرَانُ لَوْ أَخَذْنَاهُ) أَوْ أَعْطَيْنَاهُ لِئَلَّا يُكْثِرَ التَّضْعِيفُ؛ وَلِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ بِهِ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ فَلَوْ مَلَكَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا بِنْتَا لَبُونِ أَخْرَجَ بِنْتَيْ مَخَاضٍ مَعَ إعْطَاءِ الْجُبْرَانِ أَوْ حَقَّتَيْنِ مَعَ أَخْذِهِ فَيُعْطِي فِي النُّزُولِ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَيَأْخُذُ فِي الصُّعُودِ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلَ ذَلِكَ (وَيُعْطَى) الْإِمَامُ (الْجُبْرَانَ مِنْ الْفَيْءِ) كَمَا يَصْرِفُهُ إذَا أَخَذَهُ إلَى الْفَيْءِ (وَلَا يَأْخُذُهَا مِنْ دُونِ النِّصَابِ) بِالْقِسْطِ كَشَاةٍ مِنْ عِشْرِينَ وَنِصْفِ شَاةٍ مِنْ عَشَرٍ؛ لِأَنَّ الْأَثَرَ إنَّمَا وَرَدَ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ وَهَلْ يَعْتَبِرُ النِّصَابُ كُلَّ الْحَوْلِ أَوْ آخِرَهُ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ قِيَاسُ بَابِ الزَّكَاةِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَقِيَاسُ اعْتِبَارِ الْغِنَى وَالْفَقْرِ وَالتَّوَسُّطِ آخَرَ الْحَوْلِ فِي هَذَا الْبَابِ تَرْجِيحُ الثَّانِي (وَيُؤْخَذُ مِنْ مِائَتَيْنِ) مِنْ الْإِبِلِ (ثَمَانُ حِقَاقٍ أَوْ عَشَرُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَلَا) يُفَرِّقُ فَلَا (يَأْخُذُ أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَخَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ) كَمَا لَا يُفَرِّقُ فِي الزَّكَاةِ (قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا تَشْقِيصَ) هُنَا بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ (فَصْلٌ لَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْ حَرْبِيٍّ دَخَلَ) دَارَنَا (رَسُولًا أَوْ بِتِجَارَةٍ نَضْطَرُّ) نَحْنُ (إلَيْهَا) أَوْ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ لَهُ الدُّخُولَ بِلَا إذْنٍ (فَإِنْ لَمْ نَضْطَرَّ) إلَيْهَا (وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ) أَخْذَ شَيْءٍ (وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ عُشْرِهَا جَازَ) كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْعُشْرِ كَمَا فِي زِيَادَةِ الْجِزْيَةِ عَلَى دِينَارٍ (وَيَجُوزُ) لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِمْ (دُونَهُ) أَيْ الْعُشْرِ (وَ) أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِمْ أَخْذَ شَيْءٍ (فِي نَوْعٍ) مِنْ تِجَارَاتِهِمْ (أَكْثَرَ مِنْ نَوْعٍ) آخَرَ (وَلَوْ أَعْفَاهُمْ) عَنْ الْأَخْذِ (جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ لِاتِّسَاعِ الْمَكَاسِبِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ شَرَطَ) عَلَيْهِمْ (عُشْرَ الثَّمَنِ) أَيْ ثَمَنِ مَا بِيعَ مِنْ تِجَارَاتِهِمْ (أُمْهِلُوا إلَى الْبَيْعِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تِجَارَاتِهِمْ (وَالْمَأْخُوذُ) أَيْ مَا يُؤْخَذُ (فِي الْحَوْلِ) لَا يُؤْخَذُ إلَّا (مَرَّةً وَلَوْ تَرَدَّدُوا) إلَى بِلَادِهِمْ كَالْجِزْيَةِ (وَلَا يُؤْخَذُ) شَيْءٌ (مِنْ تِجَارَةِ ذِمِّيٍّ وَلَا ذِمِّيَّةٍ اتَّجَرَتْ إلَّا إنْ شَرَطَ) عَلَيْهِمَا (مَعَ الْجِزْيَةِ) اقْتِدَاءً بِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَوَاءٌ أَكَانَا بِالْحِجَازِ أَمْ بِغَيْرِهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ اتَّجَرَتْ (وَلَا) يُؤْخَذُ شَيْءٌ (مِنْ غَيْرِ مُتَّجِرٍ) دَخَلَ بِأَمَانٍ، وَإِنْ دَخَلَ الْحِجَازَ (وَيَكْتُبُ لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ) بَرَاءَةً (حَتَّى لَا يُطَالَبُ) مَرَّةً (أُخْرَى) قَبْلَ الْحَوْلِ [فَصْلٌ صَالَحْنَاهُمْ وَأَبْقَيْنَا أَرْضَهُمْ عَلَى مِلْكِهِمْ وَضَرَبْنَا عَلَيْهَا خَرَاجًا كُلَّ سَنَةٍ يَفِي بِالْجِزْيَةِ] (فَصْلٌ) لَوْ (صَالَحْنَاهُمْ وَأَبْقَيْنَا أَرْضَهُمْ عَلَى مِلْكِهِمْ وَضَرَبْنَا عَلَيْهَا خَرَاجًا) يُؤَدُّونَهُ (كُلَّ سَنَةٍ) عَنْ كُلِّ جَرِيبٍ كَذَا (يَفِي) ذَلِكَ الْخَرَاجُ (بِالْجِزْيَةِ) عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (جَازَ) فَالْمَأْخُوذُ جِزْيَةٌ تُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى (وَيُؤْخَذُ) الْخَرَاجُ مِنْهُمْ (وَإِنْ لَمْ تُزْرَعْ) أَيْ الْأَرْضُ أَوْ بَاعُوهَا أَوْ وَهَبُوهَا (مَا لَمْ يُسْلِمُوا) ؛ لِأَنَّهُ جِزْيَةٌ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ اشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ أَوْ اسْتَأْجَرَهَا فَعَلَيْهِ الثَّمَنُ) فِي الْأُولَى (وَالْأُجْرَةُ) فِي الثَّانِيَةِ (وَالْخَرَاجُ) بَاقٍ (عَلَى الْبَائِعِ) وَالْمُؤَجِّرِ (وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ) الْخَرَاجُ (فِي مَوَاتٍ يَذُبُّونَ عَنْهُ لَا غَيْرِهِ) أَيْ لَا فِي مَوَاتٍ لَا يَذُبُّونَ عَنْهُ (وَإِنْ أَحْيَوْهُ إلَّا بِشَرْطٍ) بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ عَمَّا يُحْيُونَهُ (وَإِنْ ضَرَبْنَاهُ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَنَا) وَيَسْكُنُونَهَا وَيُؤَدُّونَ كُلَّ سَنَةٍ عَنْ كُلِّ جَرِيبٍ كَذَا (فَهُوَ) أَيْ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ (أُجْرَةٌ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَقْدُ إجَارَةٍ فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَبْلُغَ دِينَارًا (وَالْجِزْيَةُ بَاقِيَةٌ) فَتَجِبُ مَعَ الْأُجْرَةِ (وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهَا) أَيْ الْأَرْضِ وَلَا هِبَتُهَا وَلَهُمْ إجَارَتُهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ يُؤَجَّرُ (وَيُؤْخَذُ) ذَلِكَ (مِنْ أَرْضِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ) مِمَّنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ فَيَلْزَمُنَا) بَعْدَ عَقْدِهَا لَهُمْ (الْكَفُّ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِعِصْمَتِهِمَا وَرَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرَ «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (وَلَوْ غُصِبَتْ لَهُمْ خَمْرٌ) وَخِنْزِيرٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِذَا رَضُوا بِالِاسْمِ وَجَبَ إسْقَاطُهُ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ أَمَّا مَا اسْتَقَرَّ وَاجِبُهُ فَلَا يُغَيَّرُ ع [فَرْعٌ تُضَعَّفُ الزَّكَاةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الْجِزْيَةِ] (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَكْثُرَ التَّضْعِيفُ) أَيْ لِئَلَّا يُضَعَّفَ الضِّعْفُ رَافِعِيٌّ (قَوْلُهُ فَيُعْطِي فِي النُّزُولِ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ إلَخْ) نَصَّ الشَّافِعِيُّ هُنَا عَلَى أَنَّ الْخِيرَةَ لِلْإِمَامِ أَيْ لِاتِّهَامِ الْكَافِرِ فَلَمْ يُفَوِّضْ الْأَمْرَ إلَى خِيرَتِهِ (قَوْلُهُ قِيَاسُ بَابِ الزَّكَاةِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ) الْأَصَحُّ اعْتِبَارُ كُلِّ الْحَوْلِ فِي غَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَأْخُذُ أَرْبَعَ حِقَاقٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ فَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُ التَّفْرِيقِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ صَاحِبُ الْمِائَتَيْنِ حِقَّتَيْنِ وَثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ أَوْ أَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةً جَازَ، وَإِنْ تَفَرَّقَتْ الْفَرِيضَةُ لِعَدَمِ التَّشْقِيصِ [فَصْلٌ لَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْ حَرْبِيٍّ دَخَلَ دَارَنَا] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ) (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِعِصْمَتِهَا) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ مِنْ قِتَالِهِمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يَبْذُلُوا الْجِزْيَةَ وَالْإِسْلَامُ يَعْصِمُ النَّفْسَ وَالْمَالَ فَكَذَا الْجِزْيَةُ وَإِذَا أَتْلَفْنَا عَلَيْهِمْ نَفْسًا أَوْ مَالًا وَجَبَ عَلَيْنَا ضَمَانُهُ كَمَا يَجِبُ ضَمَانُ مَالِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَائِدَةُ عَقْدِ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ حَرُمَ قَبُولُهُ إنْ عَلِمَ) الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 وَنَحْوُهُمَا (رُدَّتْ) إلَيْهِمْ لِعُمُومِ خَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» (وَيَعْصِي مُتْلِفُهَا إلَّا إنْ أَظْهَرُوهَا) فَلَا يَعْصِي (وَلَا يَضْمَنُ) ، وَإِنْ لَمْ يُظْهِرُوهَا (وَتُرَاقُ) الْخَمْرُ (عَلَى مُسْلِمٍ اشْتَرَاهَا) مِنْهُمْ وَقَبَضَهَا (وَلَا ثَمَنَ) عَلَيْهِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ تَعُدُّوا بِإِخْرَاجِهَا إلَيْهِ (وَلَوْ قَضَى) الذِّمِّيُّ (دَيْنَ مُسْلِمٍ) كَانَ لَهُ عَلَيْهِ (بِثَمَنِ خَمْرٍ) أَوْ نَحْوِهِ (حَرُمَ) عَلَى الْمُسْلِمِ (قَبُولُهُ إنْ عَلِمَ) أَنَّهُ ثَمَنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ فِي عَقِيدَتِهِ (وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَبُولُهُ مَعَ الْعِلْمِ مَمْنُوعٌ (وَيَلْزَمُنَا الذَّبُّ عَنْهُمْ) لِعِصْمَتِهِمْ (لَا) إنْ كَانُوا مُقِيمِينَ (فِي دَارِ الْحَرْبِ) وَلَيْسَ مَعَهُمْ مُسْلِمٌ إذْ لَا يَلْزَمُنَا الذَّبُّ عَنْهَا بِخِلَافِ دَارِنَا (إلَّا أَنَّ شَرَطَ) الذَّبَّ عَنْهُمْ ثَمَّ (أَوْ انْفَرَدُوا عَنَّا) بِبَلَدٍ (مُجَاوِرِينَ لَنَا) فَيَلْزَمُنَا ذَلِكَ لِالْتِزَامِنَا إيَّاهُ فِي الْأُولَى، وَإِنْ كُرِهَ لَنَا طَلَبُهُ وَإِلْحَاقًا لَهُمْ فِي الثَّانِيَةِ بِبَاقِي الْعِصْمَةِ (وَإِنْ عُقِدَتْ) أَيْ الذِّمَّةُ (بِشَرْطِ أَنْ لَا نَذُبَّ عَنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ بِنَا) مِمَّنْ يَقْصِدُهُمْ بِسُوءٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ (وَهُمْ مُجَاوِرُونَ لَنَا) أَوْ أَنْ لَا نَذُبَّ عَنْهُمْ وَهُمْ مَعَنَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَسَدَ الْعَقْدُ) لِتَضَمُّنِهِ تَمْكِينَ الْكُفَّارِ مِنَّا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا نَذُبَّ عَنْهُمْ مَنْ لَا يَمُرُّ بِنَا أَوْ مَنْ يَمُرُّ بِنَا وَهُمْ غَيْرُ مُجَاوِرِينَ لَنَا (وَيَجِبُ عَلَيْنَا وَعَلَى مَنْ هَادَنَّاهُ غُرْمُ) بَدَلِ (مَا أَتْلَفْنَاهُ) أَيْ نَحْنُ وَمَنْ هَادَنَّاهُ (عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ لِلْعِصْمَةِ فِي الْجَانِبَيْنِ نَعَمْ إنْ كَانَ إتْلَافُ مَنْ هَادَنَّاهُ بَعْدَ نَقْضِهِ الْعَهْدَ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ، وَهَذَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (فَإِنْ لَمْ نَذُبَّ عَنْهُمْ فَلَا جِزْيَةَ) لِمُدَّةِ عَدَمِ الذَّبِّ كَمَا لَا يَجِبُ أُجْرَةُ الدَّارِ إذَا لَمْ يُوجَدْ التَّمْكِينُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا (فَإِنْ ظَفِرَ الْإِمَامُ بِمَنْ أَغَارَ عَلَيْهِمْ) وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ (رُدَّ) عَلَيْهِمْ (مَا وَجَدُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَا يَضْمَنُونَ) أَيْ الْمُغِيرُونَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ (مَا أَتْلَفُوهُ إنْ كَانُوا حَرْبِيِّينَ) كَمَا لَوْ أَتْلَفُوا مَالَنَا (فَصْلٌ وَيُمْنَعُونَ) وُجُوبًا هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي (مِنْ إحْدَاثِ كَنِيسَةٍ وَبَيْعَةٍ وَصَوْمَعَةٍ) لِلرُّهْبَانِ وَنَحْوِهَا (فِي بَلَدٍ أَحْدَثَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) كَبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ (أَوْ) بَلَدٍ (أَسْلَمَ أَهْلُهُ) كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا صَارَ مِلْكًا لَنَا؛ وَلِأَنَّ إحْدَاثَهَا مَعْصِيَةٌ فَلَا يَجُوزُ فِي دَارِنَا (فَإِنْ وُجِدَتْ كَنَائِسُ) مَثَلًا فِيمَا ذَكَرَ (جُهِلَ أَصْلُهَا بَقِيَتْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي قَرْيَةٍ) أَوْ بَرِيَّةٍ (فَاتَّصَلَ بِهَا عُمْرَانُ مَا أَحْدَثَ) مِنَّا بِخِلَافِ مَا لَوْ عُلِمَ إحْدَاثُ شَيْءٍ مِنْهَا بَعْدَ بِنَائِهَا (وَإِنْ شَرَطَ حِدَاثَهَا) فِي بِلَادِنَا (فَسَدَ الْعَقْدُ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ (وَمَنْ بَنَى مِنْهُمْ دَارًا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ مِنَّا وَمِنْهُمْ لَمْ يُمْنَعُ) لِانْتِفَاءِ الْمَعْصِيَةِ (فَإِنْ خَصَّصَ الذِّمِّيِّينَ) بِهَا (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الشَّامِلِ كَذَلِكَ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا انْفَرَدُوا بِسُكْنَاهَا صَارَتْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ إلَخْ) الَّذِي فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مَا إذَا بَاعَ كَافِرٌ كَافِرًا أَوْ أَقْرَضَهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ قَاضِيهِمْ لَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِمْ اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُنَا الذَّبُّ عَنْهُمْ) فَيَلْزَمُنَا أَنْ نَدْفَعَ عَنْهُمْ الْحَرْبِيِّينَ وَالذِّمِّيِّينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيُلْحَقُ بِالْكَفِّ وَالدَّفْعِ أَمْرٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ اسْتِنْقَاذُ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ وَاسْتِرْجَاعُ مَا أُخِذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ (فَائِدَةٌ) فِي ذِكْرِ شُرُوطِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ صَالَحَ نَصَارَى الشَّامِ فَكَتَبَ إلَيْهِمْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إلَى نَصَارَى الشَّامِ إنَّكُمْ لَمَّا قَدِمْتُمْ عَلَيْنَا سَأَلْنَاكُمْ الْأَمَانَ لِأَنْفُسِنَا وَذَرَارِيّنَا وَأَمْوَالِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا وَشَرَطْنَا لَكُمْ عَلَى أَنْفُسِنَا أَنْ لَا نُحْدِثَ فِي مَدِينَتِنَا وَلَا فِيمَا حَوْلَهَا دَيْرًا وَلَا كَنِيسَةً وَلَا قَلَّايَةً وَلَا صَوْمَعَةَ رَاهِبٍ وَلَا نُجَدِّدُ مَا خَرِبَ مِنْهَا وَلَا نُحْيِي مَا مَاتَ مِنْهَا فِي خُطَطِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا نَمْنَعُ كَنَائِسَنَا أَنْ يَنْزِلَهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَأَنْ نُوَسِّعَ أَبْوَابَهَا لِلْمَارَّةِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَأَنْ يَنْزِلَ مَنْ مَرَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ نُطْعِمُهُمْ وَلَا نُؤَدِّي فِي كَنَائِسِنَا وَلَا فِي مَنَازِلِنَا جَاسُوسًا وَلَا نَكْتُمُ عَيْنًا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا نُعَلِّمُ أَوْلَادَنَا الْقُرْآنَ وَلَا نُظْهِرُ شِرْكًا وَلَا دَعْوًا إلَيْهِ وَلَا نَمْنَعُ أَحَدًا مِنْ ذَوِي قَرَابَتِنَا الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ إذَا أَرَادُوهُ وَأَنْ نُوَقِّرَ الْمُسْلِمِينَ وَنَقُومَ لَهُمْ مِنْ مَجَالِسِنَا إذَا أَرَادُوا الْجُلُوسَ وَلَا نَتَشَبَّهُ بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ لِبَاسِهِمْ فِي قَلَنْسُوَةٍ وَلَا عِمَامَةٍ وَلَا نَعْلَيْنِ وَلَا فَرْقِ شَعْرٍ وَلَا نَتَكَلَّمُ بِكَلَامِهِمْ وَلَا نَكْتَنِي بِكُنَاهُمْ وَلَا نَرْكَبُ السُّرُوجَ وَلَا نَتَقَلَّدُ وَلَا نَتَّخِذُ شَيْئًا مِنْ السِّلَاحِ وَلَا نَحْمِلُهُ مَعَنَا وَلَا نَنْقُشُ عَلَى خَوَاتِمِنَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا نَبِيعُ الْخَمْرَ، وَإِنْ نَجُزُّ مَقَامَ رُؤْسِنَا وَأَنْ نَلْتَزِمَ دِينًا حَيْثُمَا كُنَّا وَأَنْ نَشُدَّ زَنَانِيرَ عَلَى أَوْسَاطِنَا وَأَنْ لَا نُظْهِرَ الصَّلِيبَ عَلَى كَنَائِسِنَا وَأَنْ لَا نُظْهِرَ صُلْبَانَنَا وَلَا كُتُبَنَا فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ وَأَسْوَاقِهِمْ وَأَنْ لَا نَضْرِبَ نَاقُوسًا فِي كَنَائِسِنَا إلَّا ضَرْبًا خَفِيًّا وَلَا نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا فِي كَنَائِسِنَا فِي شَيْءٍ مِنْ حَضْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا مَعَ أَمْوَاتِنَا وَلَا نُظْهِرَ النِّيرَانَ مَعَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَضْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَسْوَاقِهِمْ وَلَا نُجَاوِزُهُمْ بِمَوْتَانَا وَلَا نَتَّخِذُ مِنْ الرَّقِيقِ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا نَطَّلِعُ فِي مَنَازِلِهِمْ وَلَا نَضْرِبُ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ شَرَطْنَا لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا وَقَبِلْنَا عَلَيْهِ الْأَمَانَ فَإِنْ نَحْنُ خَالَفْنَا شَيْئًا مِمَّا شَرَطْنَا لَكُمْ فَقَدْ ضَمِنَا عَلَى أَنْفُسِنَا أَنْ لَا ذِمَّةَ لَنَا وَقَدْ حَلَّ لَكُمْ مِنَّا مَا يَحِلُّ لَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْمُعَانَدَةِ وَالشِّقَاقِ (قَوْلُهُ وَهُمْ غَيْرُ مُجَاوِرِينَ لَنَا) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا يُقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ هُنَا [فَصْلٌ إحْدَاثِ كَنِيسَةٍ وَبَيْعَةٍ وَصَوْمَعَةٍ فِي بَلَدٍ أَحْدَثَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ] (قَوْلُهُ وَيُمْنَعُونَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِمْ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَالِحَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى أَنْ يُنْزِلَهُ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مَنْزِلًا يُظْهِرُ فِيهِ جَمَاعَةً وَلَا كَنِيسَةً وَلَا نَاقُوسًا إنَّمَا يُصَالِحُهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِي بَلَدِهِمْ الَّتِي وُجِدُوا فِيهَا فَفَتَحَهَا عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا وَيَجُوزُ أَنْ يَدَعَهُمْ أَنْ يَنْزِلُوا بَلَدًا لَا يُظْهِرُونَ هَذَا فِيهِ فَيُصَلُّونَ فِي مَنَازِلِهِمْ بِلَا جَمَاعَاتٍ تَرْفَعُ أَصْوَاتَهُمْ وَلَا نَوَاقِيسَ وَلَا يَكْفِهِمْ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظَاهِرًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَصَوْمَعَةٍ) لِلرُّهْبَانِ وَنَحْوِهَا كَدَيْرٍ وَبَيْتِ نَارِ مَجُوسٍ وَمُجْتَمَعِ صَلَوَاتٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ شُرِطَ إحْدَاثُهَا) أَوْ إبْقَاؤُهَا (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الشَّامِلِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ وَرَجَّحَهُ فِي الْخَادِمِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 كَكَنَائِسِهِمْ (وَلَوْ فَتَحْنَا بَلَدًا عَنْوَةً نَقَضْنَا كَنَائِسَهُمْ الْقَائِمَةَ) ؛ لِأَنَّا قَدْ مَلَكْنَاهَا بِالِاسْتِيلَاءِ فَيَمْتَنِعُ إبْقَاؤُهَا كَنَائِسَ (وَلَمْ نُبْقِ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ مُتَعَبَّدَاتِهِمْ) لِذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ بِنَاءُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (أَوْ) فَتَحْنَاهُ (صُلْحًا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَنَا) وَيَسْكُنُونَهَا بِخَرَاجٍ (وَشَرَطُوا إبْقَاءَ الْكَنَائِسِ) مَثَلًا لَهُمْ (أَوْ إحْدَاثَهَا مُكِّنُوا) مِنْ ذَلِكَ وَكَأَنَّهُمْ اسْتَثْنَوْهَا وَقَوْلُهُ مُكِّنُوا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَلَمْ يَرِدُ الشَّرْعُ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ عَدَمُ الْمَنْعِ نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطُوا ذَلِكَ (مُنِعُوا وَلَوْ مِنْ إبْقَائِهَا) كَمَا يُمْنَعُونَ مِنْ إحْدَاثِهَا؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَلَدَ كُلَّهُ صَارَ لَنَا (أَوْ) فَتَحْنَاهُ صُلْحًا (عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ) يُؤَدُّونَ خَرَاجَهَا (لَمْ يُمْنَعُوا مِنْ الْكَنَائِسِ) وَنَحْوِهَا (وَلَوْ أَحْدَثُوهَا) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَالدَّارَ لَهُمْ (وَلَا) يُمْنَعُونَ (مِنْ إظْهَارِ شَعَائِرِهِمْ) كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَأَعْيَادِهِمْ وَضَرْبٍ نَاقُوسِهِمْ (وَيُمْنَعُونَ مِنْ التَّجَسُّسِ) أَيْ إيوَاءِ الْجَاسُوسِ (وَتَبْلِيغِ الْأَخْبَارِ) وَسَائِرِ مَا نَتَضَرَّرُ بِهِ فِي دِيَارِهِمْ (وَلَهُمْ عِمَارَةُ) أَيْ تَرْمِيمُ (كَنَائِسَ جَوَّزْنَا إبْقَاءَهَا) إذَا اسْتُهْدِمَتْ؛ لِأَنَّهَا مُبْقَاةٌ فَتُرَمَّمُ بِمَا تَهَدَّمَ لَا بِآلَاتٍ مِنْ جَدِيدٍ كَذَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ أَنَّهَا تُرَمَّمُ بِآلَاتٍ جَدِيدَةٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَجِبُ إخْفَاؤُهَا فَيَجُوزُ تَطْيِينُهَا مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ (لَا إحْدَاثُهَا؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ) الْمَذْكُورَةَ (لَيْسَتْ بِإِحْدَاثٍ) هَذَا التَّعْلِيلُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفِيهِ إيهَامٌ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِلْأَخِيرِ لَكِنْ لَا يَخْفَى الْمُرَادُ. (فَلَوْ انْهَدَمَتْ) أَيْ الْكَنَائِسُ الْمُبْقَاةُ وَلَوْ بِهَدْمِهِمْ لَهَا تَعَدِّيًا خِلَافًا لِلْفَارِقِيِّ (أَعَادُوهَا) هَذَا يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ (وَلَيْسَ لَهُمْ تَوْسِيعُهَا) ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي حُكْمِ كَنِيسَةٍ مُحْدَثَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْأُولَى (وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ النَّاقُوسِ) هَذَا سَيَأْتِي وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُمْنَعُونَ مِنْ ضَرْبِ النَّاقُوسِ فِي الْكَنِيسَةِ كَمَا يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ الْخَمْرِ (لَا فِي بَلَدِهِمْ) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ: وَأَمَّا نَاوُوسُ الْمَجُوسِ فَلَسْت أَرَى فِيهِ مَا يُوجِبُ الْمَنْعَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَحُوطٌ وَبُيُوتٌ تُجَمِّعُ فِيهَا الْمَجُوسُ جِيَفَهُمْ وَلَيْسَ كَالْبَيْعِ وَالْكَنَائِسِ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالشِّعَارِ (وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ) وُجُوبًا مِنْ (تَطْوِيلِ بِنَائِهِ عَلَى) بِنَاءِ (جَارِهِ الْمُسْلِمِ) ، وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِمْ فِي الْعَقْدِ لِخَبَرٍ «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى» وَلِيَتَمَيَّزَ الْبِنَاءَانِ وَلِئَلَّا يَطَّلِعَ عَلَى عَوْرَاتِنَا هَذَا (إنْ لَمْ يَنْفَرِدُوا بِقَرْيَةٍ) فَإِنْ انْفَرَدُوا بِهَا جَازَ تَطْوِيلُ بِنَائِهِمْ وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا لَا يُنَاسِبُ الْمُقَيَّدَ إذْ لَا جَارَ لَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حِينَئِذٍ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْجَارِ فَلَوْ قَالَ لَا إنْ انْفَرَدُوا بِقَرْيَةٍ بَلْ وَأَخَّرَهُ إلَى قَوْلِهِ لَا عَالٍ كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ رَضِيَ الْجَارُ) بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لِحَقِّ الدَّيْنِ لَا لِمَحْضِ حَقِّ الْجَارِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِنَاءُ الْمُسْلِمِ مُعْتَدِلًا أَمْ فِي غَايَةِ الِانْخِفَاضِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) عُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْوَافِي تَفَقُّهًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْلَى أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى بَلَدٍ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَفِيهِ كَنَائِسُهُمْ ثُمَّ اسْتَعَادَهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهَا حُكْمُ مَا كَانَ لَهَا قَبْلَ اسْتِيلَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ مِلْكًا لَنَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ إحْدَاثَهَا مُكِّنُوا) تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَحَمَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى مَا إذَا دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ قَالَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ وَعَنْ الْمَاوَرْدِيِّ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ وَحَمَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْ الْكَنَائِسِ) لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ دُخُولُ الْكَنَائِسِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ وَاللَّفْظِيِّ؛ لِأَنَّهُمْ يَكْرَهُونَ دُخُولَ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ بِالْإِذْنِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِيهَا صُورَةٌ كَمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَقَرُّونَ عَلَيْهَا جَازَ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةُ الْإِزَالَةِ وَقَوْلُهُ قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ كَمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ (قَوْلُهُ إذَا اسْتَهْدَمَتْ) بِفَتْحِ التَّاءِ (قَوْلُهُ كَذَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَإِذَا أَشْرَفَ الْجِدَارُ عَلَى الْخَرَابِ فَلَا وَجْهَ إلَّا أَنْ يَبْنُوا جِدَارًا دَاخِلَ الْكَنِيسَةِ وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى جِدَارٍ ثَالِثٍ وَرَابِعٍ فَيَنْتَهِي الْأَمْرُ إلَى أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ الْكَنِيسَةِ شَيْءٌ اهـ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْجُدُرِ آلَةٌ قَدِيمَةٌ وَفِي شَرْحِ الْوَجِيزِ لِابْنِ يُونُسَ فِي تَوْجِيهِ الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ مِنْ اتِّسَاعِ الْخُطَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ إعَادَةُ الْكَنِيسَةِ وَالزِّيَادَةُ تَابِعَةٌ لَهَا فَكَأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ مَا لَوْ أَعَادُوهَا بِغَيْرِ تِلْكَ الْآلَةِ الْقَدِيمَةِ. اهـ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْإِعَادَةِ بِغَيْرِ الْآلَةِ الْقَدِيمَةِ قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ إذَا لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ (قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَاخْتَارَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهَا إنْ صَارَتْ دِرَاسَةً مُسْتَطْرَقَةً كَالْمَوَاتِ مُنِعُوا لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْإِنْشَاءِ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا جُدْرَانٌ وَآثَارٌ أُعِيدَتْ (قَوْلُهُ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ تَطْوِيلِ بِنَائِهِ إلَخْ) لَوْ رَفَعَ بِنَاءَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَأَرَادَ الْمُسْلِمُ أَنْ يَرْفَعَ بِنَاءَهُ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَخِّرْ هَدْمَ بِنَائِهِ بِذَلِكَ فَلَوْ تَأَخَّرَ فَلَمْ يَنْقُضْ حَتَّى رَفَعَ الْمُسْلِمُ بِنَاءَهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّ النَّقْضِ بِذَلِكَ، وَهُوَ كَمَا لَوْ رَفَعَ بِنَاءَهُ فَحَكَمَ حَاكِمٌ بِنَقْضِهِ فَبَاعَهُ لِمُسْلِمٍ هَلْ يَصِحُّ وَيَسْقُطُ حَقُّ النَّقْضِ أَوْ لَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي حَاشِيَةِ الْكِفَايَةِ: يَظْهَرُ تَخْرِيجُهَا عَلَى وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَ الْمُسْتَعِيرُ مَا بَنَاهُ عَلَى الْأَرْضِ الْمُسْتَعَارَةِ بَعْدَ رُجُوعِ الْمُعِيرِ وَكَذَا بَيْعُ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَيَّامِهَا وَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ د وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ لَا وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ مَلَكَهُ الْمُسْلِمُ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِنَقْضِهِ فَلَا يُهْدَمُ لِانْتِفَاءِ دَلِيلِ الْهَدْمِ حِينَئِذٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ كَانَ جَارُهُ مَسْجِدًا أَوْ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ أَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمِلْكِ وَالْجِيرَانُ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَهِيَ الْيَمِينُ وَالْيَسَارُ وَالْأَمَامُ وَالْخَلْفُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ وَهَلْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ جِيرَانُهُ الْمُقَابِلُونَ لَهُ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ أَوْ يُطْلَقُ عَلَى الَّذِي يُلَاصِقُ دَارِهِ هَذَا مُحْتَمَلٌ وَقَوْلُهُ وَهَلْ يَدْخُلُ فِي جِيرَانِهِ الْمُقَابِلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَأَفْتَيْت بِمَنْعِ بُرُوزِ الذِّمِّيِّ فِي الْبَحْرِ وَالْخُلْجَانِ وَنَحْوِهَا عَلَى جَارٍ لَهُ مُسْلِمٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّعْظِيمِ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرُ فِي مَنْعِ الْإِعْلَاءِ بَلْ قِيَاسُ مَنْعِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْبِنَاءِ مَعَ الْمُسَاوَاةِ فِي الْبُرُوزِ فِيهِ بُعْدٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ بِنَاءُ الْمُسْلِمِ مِمَّا يُعْتَادُ فِي السُّكْنَى فَلَوْ كَانَ قَصِيرًا لَا يُعْتَادُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمُّ بِنَاؤُهُ أَوْ لِأَنَّهُ هَدَمَهُ إلَى أَنْ صَارَ كَذَلِكَ لَمْ يُمْنَعْ الذِّمِّيُّ مِنْ بِنَاءِ جِدَارِهِ عَلَى أَقَلَّ مِمَّا يُعْتَادُ فِي السُّكْنَى لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ عَلَيْهِ حَقُّهَا الَّذِي عَطَّلَهُ الْمُسْلِمُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ تَعَطَّلَ عَلَيْهِ بِإِعْسَارِهِ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْجَارِ أَهْلُ مَحَلَّتِهِ دُونَ جَمِيعِ الْبَلَدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَكَذَا) يُمْنَعُ مِنْ (الْمُسَاوَاةِ) لِمَا مَرَّ (فَيُهْدَمُ) مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّطْوِيلُ وَالْمُسَاوَاةُ (لَا عَالٍ اشْتَرَاهُ) مَثَلًا وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَحَقَّ الْهَدْمِ (أَوْ بَنُوهُ قَبْلَ أَنْ تُمْلَكَ بِلَادُهُمْ) فَلَا يُهْدَمُ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ لَكِنْ يُمْنَعُ طُلُوعَ سَطْحِهِ إلَّا بَعْدَ تَحْجِيرِهِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ وَيُمْنَعُ صِبْيَانُهُمْ مِنْ الْإِشْرَافِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ صِبْيَانِنَا حَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَإِنْ انْهَدَمَ الْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ امْتَنَعَ الْعُلُوُّ وَالْمُسَاوَاةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا عَالِيَةً لَمْ يُمْنَعْ مِنْ سُكْنَاهَا بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ فِي الْمُرْشِدِ وَهَلْ يَجْرِي مِثْلُهُ فِيمَا لَوْ مَلَكَ دَارًا لَهَا رَوْشَنٌ حَيْثُ قُلْنَا لَا يُشْرَعُ لَهُ الرَّوْشَنُ أَيْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ أَوْ لَا يَجْرِي؛ لِأَنَّ التَّعْلِيَةَ مِنْ فَوْقِ الْمِلْكِ وَالرَّوْشَنَ لِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ زَادَ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى (وَ) يُمْنَعُونَ (مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ) إنْ لَمْ يَنْفَرِدُوا؛ لِأَنَّ فِيهِ عِزًّا (فَإِنْ انْفَرَدُوا) بِبَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ فِي غَيْرِ دَارِنَا (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا يُمْنَعُونَ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَتَقَوَّوْا بِهِ عَلَيْنَا وَثَانِيهِمَا لَا يُمْنَعُونَ كَإِظْهَارِ الْخَمْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى النَّصِّ قَالَ وَلَوْ اسْتَعَنَّا بِهِمْ فِي حَرْبٍ حَيْثُ يَجُوزُ فَالظَّاهِرُ تَمْكِينُهُمْ مِنْ رُكُوبِهَا مِنْ الْقِتَالِ (لَا) مِنْ رُكُوبِ (الْبِغَالِ وَلَوْ نَفِيسَةً) ؛ لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا خَسِيسَةٌ (وَ) لَا مِنْ رُكُوبِ الْحُمُرِ وَلَوْ نَفِيسَةً لِذَلِكَ. (وَكَذَا الْبَرَاذِينُ الْخَسِيسَةُ) بِخِلَافِ النَّفِيسَةِ (وَيَرْكَبُونَهَا عَرْضًا) بِأَنْ يَجْعَلُوا أَرْجُلَهُمْ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَحْسُنُ أَنْ يَتَوَسَّطَ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَرْكَبُوا إلَى مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ إلَى بَعِيدَةٍ فَيُمْنَعُونَ فِي الْحَضَرِ وَيَرْكَبُونَهَا (بِالْأَكُفِّ لَا السَّرْجِ وَبِالرِّكَابِ الْخَشَبِ) لَا الْحَدِيدِ وَنَحْوِهِ تَمْيِيزًا لَهُمْ عَنَّا لِيُعْطَى كُلٌّ حَقَّهُ (وَيُمْنَعُونَ مِنْ حَمْلِ السِّلَاحِ) مُطْلَقًا (وَ) مِنْ (اللُّجُمِ الْمُزَيِّنَةِ بِالتِّبْرَيْنِ) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى: وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَضَرِ وَنَحْوِهِ دُونَ الْأَسْفَارِ الْمَخُوفَةِ وَالطَّوِيلَةِ (هَذَا) كُلُّهُ (فِي الرِّجَالِ لَا) فِي (النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ) وَنَحْوِهِمَا فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ إذْ لَا صِغَارَ عَلَيْهِمْ كَمَا لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ حَكَاهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَأَقَرَّهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ الْأَشْبَهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُمْ صَحَّحُوا أَنَّ النِّسَاءَ يُؤْمَرْنَ بِالْغِيَارِ وَالزُّنَّارِ وَالتَّمْيِيزِ فِي الْحَمَّامِ قَالَ وَمَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَجْهٌ ضَعِيفٌ انْتَهَى. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ كَالضَّرُورِيِّ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَيَنْبَغِي مَنْعُهُمْ مِنْ خِدْمَةِ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ كَمَا يُمْنَعُونَ مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ (فَرْعٌ وَيُلْجَأُ فِي الزَّحْمَةِ إلَى أَضْيَقِ الطُّرُقِ وَلَا يُصَدَّرُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ مُسْلِمُونَ) بِحَيْثُ لَا يَقَعُ فِي وَهْدَةٍ وَلَا يَصْدِمُهُ جِدَارٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إلَى أَضْيَقِهِ فَإِنْ خَلَتْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِمْ فِي الْعَقْدِ) وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَقَالَ إنَّهُ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْعَقْدِ وَلَوْ شَرَطَ كَانَ تَأْكِيدًا وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ قَوْلَ التَّنْبِيهِ وَيُمْنَعُونَ أَيْ بِالشَّرْطِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ثُمَّ قَالَ وَإِذَا لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَعْلُوَ اهـ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُلَقِّنِ: فَقَيَّدَ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ فَإِنْ شَرَطَ مُنِعُوا بِلَا خِلَافٍ اهـ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُ هَدَمَهُ) أَوْ انْهَدَمَ (قَوْلُهُ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْجَارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَيْتَ شَعْرِي أَيَعْتَبِرُ فِي الْجَارِ أَرْبَعُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَمْ لَا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ الْمُرَادُ هُنَا الْجَارُ الْمُلَاصِقُ فَقَطْ أَوْ الْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ أَوْ يُعْتَبَرُ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَوْ مَنْ كَانَ بِنَاؤُهُ عَلَى دَارِ غَيْرِهِ أَوْ الْعِبْرَةُ بِالْمَحَلَّةِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا إلَّا قَوْلَ الْجُرْجَانِيِّ فِي الشَّافِي أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّعْلِيَةِ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ دُونَ جَمِيعِ الْبَلَدِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَالْمَذْكُورُ فِي الْمُعْتَمَدِ. اهـ. وَقَالَ فِي الطُّرَرِ: الْمَذْهَبُ وَالْجَارُ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ تَحْجِيرِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَدْ يُقَالُ التَّحْجِيرُ إحْدَاثُ تَعْلِيَةٍ إنْ كَانَ بِبِنَاءٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ حَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُجْرَى مِثْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ) الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَمِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ} [الأنفال: 60] فَأَمَرَ أَوْلِيَاءَهُ بِإِعْدَادِهَا لِأَعْدَائِهِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» أَيْ الْغَنِيمَةُ وَرُوِيَ «الْخَيْلُ ظُهُورُهَا عِزٌّ» وَقَدْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى النَّصِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْبِهُ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبِنَاءِ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ فس وَقَالَ الدَّمِيرِيِّ يَظْهَرُ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ تَمْكِينُهُمْ مِنْ رُكُوبِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا خَسِيسَةٌ) وَلِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَرْكَبُونَهَا بِلَا سَرْجٍ وَبِإِكَافٍ وَرِكَابِ خَشَبٍ وَلَيْسَتْ حِينَئِذٍ مِمَّا يَرْكَبُهَا أَعْيَانُ النَّاسِ وَلَا تَجَمُّلَ وَلَا تَعَاظُمَ بِرُكُوبِهَا (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُحْسِنُ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعُوا الرُّكُوبَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فِي مَوَاطِنِ الزَّحْمَةِ كَالْأَسْوَاقِ الْجَامِعَةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهَانَةِ لَهُمْ وَالْأَذَى وَالتَّأَذِّي بِهِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ غ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَضَرِ وَنَحْوِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَيَنْبَغِي مَنْعُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فِي فَتَاوِيهِ يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ الذِّمِّيُّ مِنْ اسْتِخْدَامِ مَنْ فِيهِ فَرَاهَةٌ مِنْ الْعَبِيدِ كَالتُّرْكِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ وَالسُّرُوجِ لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّرَفِ (قَوْلُهُ وَيُلْجَأُ فِي الزَّحْمَةِ إلَى أَضْيَقِ الطُّرُقِ) أَيْ وُجُوبًا قَالَ فِي الْحَاوِي وَلَا يَمْشُونَ إلَّا أَفْرَادًا مُتَفَرِّقِينَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 الطُّرُقُ عَنْ الزَّحْمَةِ فَلَا حَرَجَ وَلَا يُوَقَّرُ» كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَا يُصَدَّرُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ مُسْلِمُونَ) إهَانَةً لَهُ (وَتَحْرُمُ مَوَادَّتُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] الْآيَةَ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ أَنَّهُ تُكْرَهُ مُخَالَطَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَطَةَ تَرْجِعُ إلَى الظَّاهِرِ وَالْمُوَادَّةُ إلَى الْمَيْلِ الْقَلْبِيِّ (فَصْلٌ وَعَلَيْهِمْ وَلَوْ نِسَاءً) فِي دَارِنَا (لُبْسَ الْغِيَارِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ، وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِمْ (وَهُوَ أَنْ يَخِيطَ) كُلٌّ مِنْهُمْ (بِمَوْضِعٍ لَا يُعْتَادُ) الْخِيَاطَةُ عَلَيْهِ كَالْكَتِفِ (عَلَى ثَوْبِهِ الظَّاهِرِ لَوْنًا يُخَالِفُهُ) أَيْ يَخِيطُ عَلَيْهِ مَا يُخَالِفُ لَوْنَهُ (وَيَلْبِسُهُ) وَذَلِكَ لِلتَّمْيِيزِ؛ وَلِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَالَحَهُمْ عَلَى تَغْيِيرِ زِيِّهِمْ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَهُودِ الْمَدِينَةِ وَنَصَارَى نَجْرَانَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَلِيلِينَ مَعْرُوفِينَ فَلَمَّا كَثُرُوا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَخَافُوا مِنْ الْتِبَاسِهِمْ بِالْمُسْلِمِينَ احْتَاجُوا إلَى تَمْيِيزٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَإِلْقَاءُ مِنْدِيلٍ وَنَحْوِهِ كَالْخِيَاطَةِ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَالْأَوْلَى بِالْيَهُودِ الْأَصْفَرُ وَبِالنَّصَارَى الْأَزْرَقُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ الْأَكْهَبُ وَيُقَالُ لَهُ الرَّمَادِيُّ (وَبِالْمَجُوسِ الْأَحْمَرِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ الْأَسْوَدِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْأَوْلَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ انْتَهَى وَيُكْتَفَى عَنْ الْخِيَاطَةِ بِالْعِمَامَةِ كَمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ الْآنَ (وَيَشُدُّ) كُلٌّ مِنْهُمْ (زُنَّارًا) بِضَمِّ الزَّايِ (وَهُوَ خَيْطٌ غَلِيظٌ) يُشَدُّ بِهِ وَسَطَهُ (فَوْقَ الثِّيَابِ) لِمَا مَرَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَسْتَوِي فِيهِ سَائِرُ الْأَلْوَانِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ لَهُمْ إبْدَالُهُ بِمِنْطَقَةٍ وَمِنْدِيلٍ وَنَحْوِهِمَا (وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْغُبَارِ وَالزُّنَّارِ (أَوْلَى) مُبَالَغَةً فِي شُهْرَتِهِمْ (وَمَنْ لَبِسَ مِنْهُمْ قَلَنْسُوَةً يُمَيِّزُهَا) عَنْ قَلَانِسِنَا (بِذُؤَابَةٍ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ عَلَامَةٍ (فِيهَا فَإِنْ دَخَلُوا حَمَّامًا بِهِ مُسْلِمُونَ أَوْ) كَانُوا فِي غَيْرِهِ (مُتَجَرِّدِينَ) عَنْ ثِيَابِهِمْ بِحَضْرَةِ مُسْلِمِينَ (تَمَيَّزُوا) عَنْهُمْ (بِجَلَاجِلَ فِي أَعْنَاقِهِمْ أَوْ خَوَاتِمَ حَدِيدٍ أَوْ رَصَاصٍ) لَا ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ لِمَا مَرَّ (وَيَجْزُونَ نَوَاصِيَهُمْ) كَمَا أَمَرَ بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَلَا يُرْسِلُونَ الضَّفَائِرَ) كَمَا يَفْعَلُهُ الْأَشْرَافُ وَالْأَجْنَادُ (وَتَجْعَلُ الْمَرْأَةُ خُفَّيْهَا لَوْنَيْنِ) كَأَنْ تَجْعَلَ أَحَدَهُمَا أَسْوَدَ وَالْآخَرَ أَبْيَضَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّمْيِيزُ بِكُلِّ هَذِهِ الْوُجُوهِ بَلْ يَكْفِي بَعْضُهَا (وَلِلْمُسْلِمَاتِ دُخُولُ الْحَمَّامِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَيُكْرَهُ بِلَا حَاجَةٍ) كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي الْغُسْلِ مَعَ دَلِيلِهِ (وَيُمْنَعَنَّ) بِنُونِ التَّوْكِيدِ (الذِّمِّيَّاتُ دُخُولَهُ مَعَ الْمُسْلِمَاتِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُنَّ أَجْنَبِيَّاتٌ فِي الدِّينِ وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ مَا لَهُ بِهَذَا تَعَلُّقٌ (وَلَوْ لَبِسَ الذِّمِّيُّ الْحَرِيرَ أَوْ تَعَمَّمَ أَوْ طَيْلَسَ لَمْ يُمْنَعْ) كَمَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ رَفِيعِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ (وَعَلَيْهِمْ الِانْقِيَادُ لِحُكْمِنَا) الَّذِي يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ فَإِذَا فَعَلُوهُ أَجْرَيْنَا عَلَيْهِمْ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ كَمَا مَرَّ (وَ) عَلَيْهِمْ (الْإِعَانَةُ) لَنَا (بِلَا تَضَرُّرٍ) مِنْهُمْ إذَا اسْتَعَنَّا بِهِمْ (وَالْكَفُّ عَنْ إظْهَارِ اعْتِقَادِهِمْ) الْمُنْكَرَ كَاعْتِقَادِهِمْ (فِي الْمَسِيحِ وَعُزَيْرٍ) - صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا - (وَ) مِثْلُ (التَّثْلِيثِ) أَيْ قَوْلِهِمْ اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ (وَيُمْنَعُونَ) فِي دَارِنَا (مِنْ إظْهَارِ الْخَمْرِ وَالنَّاقُوسِ وَالْخِنْزِيرِ وَأَعْيَادِهِمْ وَقِرَاءَةِ كُتُبِهِمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ شَعَائِرِ الْكُفْرِ (وَ) مِنْ (إظْهَارِ دَفْنِ مَوْتَاهُمْ وَالنَّوْحِ) وَاللَّطْمِ (وَ) مِنْ (إسْقَاءِ مُسْلِمٍ خَمْرًا) أَوْ إطْعَامِهِ خِنْزِيرًا (وَ) مِنْ (رَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَ) مِنْ (اسْتِبْذَالِهِمْ إيَّاهُمْ فِي الْمِهَنِ) أَيْ الْخِدْمَةِ (بِأُجْرَةٍ وَغَيْرِهَا) سَوَاءٌ أَشُرِطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا (فَإِنْ أَظْهَرُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عُزِّرُوا وَلَمْ يُنْتَقَضْ) بِهِ (عَهْدُهُمْ وَلَوْ شُرِطَ) عَلَيْهِمْ (نَقْضُهُ) أَيْ انْتِقَاضُهُ (بِهِ) ؛ لِأَنَّا لَا نَتَضَرَّرُ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِهِ بِخِلَافِ الْقِتَالِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَأْتِي وَحَمَلُوا الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ عَلَى تَخْوِيفِهِمْ وَذِكْرُ التَّعْزِيرِ فِي إظْهَارِ دَفْنِ مَوْتَاهُمْ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَعَدَمُ انْتِقَاضِ عَهْدِهِمْ بِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا يُوَقَّرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا يُصَدَّرُ إلَخْ) فَيَحْرُمُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ اُسْتُفْتِيت فِي جَوَازِ سُكْنَى نَصْرَانِيٍّ فِي رَبْعٍ فِيهِ مُسْلِمُونَ فَوْقَ مُسْلِمِينَ فَأَفْتَيْت بِالْمَنْعِ وَأَلْحَقْته بِالتَّصْدِيرِ فِي الْمَجْلِسِ وَقَوْلُهُ وَأَفْتَيْت بِالْمَنْعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إهَانَةً لَهُ) دَخَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضِ مُلُوكِ الْعَرَبِ وَعِنْدَهُ يَهُودِيٌّ أَدْنَاهُ وَعَظَّمَهُ فَأَنْشَدَهُ يَا ذَا الَّذِي طَاعَتُهُ جَنَّةٌ وَحُبُّهُ مُفْتَرِضٌ وَاجِبٌ أَنَّ الَّذِي شُرِفْت مِنْ أَجَلِهِ يَزْعُمُ هَذَا أَنَّهُ كَاذِبٌ فَاشْتَدَّ غَضَبُ الْمَلِكِ وَأَمَرَ بِسَحْبِ الْيَهُودِيِّ وَصَفَعَهُ لِاسْتِحْضَارِهِ تَكْذِيبَ الْمَعْصُومِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ شَرَفِهِ وَشَرَفِ أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَتَحْرُمُ مُوَادَّتُهُ) نَعَمْ إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ فَيُظْهِرُ اسْتِجْلَابَهُ بِالْمَوَدَّةِ وَنَحْوِهَا مَعَ الِاقْتِصَادِ غ [فَصْلٌ عَلَى أَهْلُ الذِّمَّةِ وَلَوْ نِسَاءً فِي دَارِنَا لُبْسَ الْغِيَارِ] (قَوْلُهُ فِي دَارِنَا) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا انْفَرَدُوا بِمَحَلِّهِ فَإِنَّ لَهُمْ تَرْكُهُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ أَنْ يَخِيطَ بِمَوْضِعٍ لَا يُعْتَادُ إلَخْ) تَبَعًا فِي تَفْسِيرِ الْغِيَارِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَمَا أَوْرَدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ بَعْضُ الثِّيَابِ الظَّاهِرَةِ مِنْ عِمَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ مَمْنُوعٌ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى بِالْيَهُودِ الْأَصْفَرُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ لَبِسَ الْكُلُّ لَوْنًا وَاحِدًا جَازَ وَمَنْ تَمَيَّزَ مِنْهُمْ بِلِبَاسٍ وَأَلِفْنَاهُ لَيْسَ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ لِلِاشْتِبَاهِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ) قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَيُمْنَعْنَ الذِّمِّيَّاتُ دُخُولَهُ مَعَ الْمُسْلِمَاتِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَنْعِهِنَّ مِنْهُ بِمَا إذَا كَشَفَتْ الْمُسْلِمَاتُ مِنْ جَسَدِهِنَّ زِيَادَةً عَلَى مَا يَبْدُو حَالَ الْمِهْنَةِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يُبْدِينَهُ لِلْكَافِرَاتِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ اهـ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ أَنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُ مَا فِي الرَّوْضَةِ ش وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: يَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يُمْنَعْ) قَالَ الْغَزِّيِّ وَغَلِطَ مَنْ فَهِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْإِبَاحَةَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمَنْعِ أَعَمُّ مِنْ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ الْخَمْرِ إلَخْ) ، وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِمْ فِي الْعَقْدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَنَقَلَهُ فِي الذَّخَائِرِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ الْمَعَازِفِ وَإِظْهَارُهَا اسْتِعْمَالُهَا بِحَيْثُ يَسْمَعُهَا مَنْ لَيْسَ فِي دُورِهِمْ قَالَهُ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ وَكَتَبَ أَيْضًا بِضَابِطِ التَّظَاهُرِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 (فَإِنْ قَاتَلُوا) الْمُسْلِمِينَ (بِلَا شُبْهَةٍ أَوْ مَنَعُوا الْجِزْيَةَ أَوْ الِانْقِيَادَ لِلْحُكْمِ) بِمَعْنَى امْتِنَاعِهِمْ مِنْهُ بِالْقُوَّةِ وَالْعُدَّةِ لَا بِالْهَرَبِ (انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ) ، وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِمْ الِانْتِقَاضُ بِذَلِكَ وَلَا الِامْتِنَاعُ مِنْهُ لِمُخَالَفَتِهِمْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَاتَلُوا لِشُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْبُغَاةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَخَصَّهُ الْإِمَامُ بِالْقَادِرِ أَمَّا الْعَاجِزُ إذَا اسْتَمْهَلَ فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِذَلِكَ قَالَ وَلَا يَبْعُدُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ الْمُوسِرِ الْمُمْتَنِعِ قَهْرًا وَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَيُخَصُّ قَوْلُهُمْ بِالْمُتَغَلِّبِ الْمُقَاتِلِ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ الْأَوَّلَ مَفْهُومٌ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْحَابِ بِالْمَنْعِ (وَلَوْ نَكَحَ مُسْلِمَةً) وَوَطِئَهَا (أَوْ زَنَى بِهَا) مَعَ عِلْمِهِ بِإِسْلَامِهَا (أَوْ قَتَلَ) مُسْلِمًا (قَتْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ) ، وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ عَلَيْهِ كَذِمِّيٍّ حُرٍّ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا (أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا) عَلَى مُسْلِمٍ (أَوْ تَجَسَّسَ لِلْكُفَّارِ) أَيْ لِأَجْلِهِمْ بِأَنْ تَطَلَّعَ عَلَى عَوْرَاتِنَا وَنَقَلَهَا إلَيْهِمْ أَوْ آوَى جَاسُوسًا لَهُمْ (أَوْ دَعَا) مُسْلِمًا (إلَى دِينِهِ) أَوْ فَتَنَهُ عَنْ دِينِهِ (أَوْ قَذَفَ مُسْلِمًا أَوْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ أَوْ الْإِسْلَامَ) أَوْ الْقُرْآنَ (جَهْرًا) أَوْ نَحْوَهَا (مِمَّا لَا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ فَإِنْ شُرِطَ انْتِقَاضُ الْعَهْدِ بِهِ اُنْتُقِضَ وَإِلَّا فَلَا) يُنْتَقَضُ لِمُخَالَفَتِهِ الشَّرْطَ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَصْحِيحٌ أَنَّهُ لَا انْتِقَاضَ بِذَلِكَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ نَكَحَ كَافِرَةً ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُ فَقَدْ يَسْلَمُ فَيَسْتَمِرُّ نِكَاحُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْقِيَاسُ أَنَّ لِوَاطَهُ بِمُسْلِمٍ كَزِنَاهُ بِمُسْلِمَةٍ وَسَوَاءٌ انْتَقَضَ عَهْدُهُ أَمْ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ مُوجَبُ مَا فَعَلَهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَمَّا مَا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ كَقَوْلِهِمْ الْقُرْآنُ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَلَا انْتِقَاضَ بِهِ مُطْلَقًا (فَلَوْ شَرَطَ) عَلَيْهِ (ذَلِكَ) أَيْ الِانْتِقَاضَ بِهِ (ثُمَّ قُتِلَ بِمُسْلِمٍ أَوْ بِزِنَاهُ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُحْصَنًا بِمُسْلِمَةٍ صَارَ مَالُهُ فَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ مَقْتُولٌ وَمَالُهُ تَحْتَ أَيْدِينَا لَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِأَقَارِبِهِ الذِّمِّيِّينَ لِعَدَمِ التَّوَارُثِ وَلَا لِلْحَرْبِيِّينَ؛ لِأَنَّا إذَا قَدَرْنَا عَلَى مَالِهِمْ أَخَذْنَاهُ فَيْئًا أَوْ غَنِيمَةً وَشَرْطُ الْغَنِيمَةِ هُنَا لَيْسَ مَوْجُودًا وَقِيلَ لَا يَصِيرُ فَيْئًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ (فَرْعٌ إذَا نَقَضَ الذِّمِّيُّ الْعَهْدَ بِقِتَالِهِ) لَنَا (قُتِلَ) وَلَا يَبْلُغُ الْمَأْمَنَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: 191] ؛ وَلِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِإِبْلَاغِهِ مَأْمَنَهُ مَعَ نَصْبِهِ الْقِتَالَ (أَوْ) انْتَقَضَ عَهْدُهُ (بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَسْأَلْ تَجْدِيدَ الْعَهْدِ فَلِلْإِمَامِ الْخِيرَةُ فِيهِ مِنْ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ) مِنْ اسْتِرْقَاقٍ وَمَنٍّ وَفِدَاءٍ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُلْحِقَهُ بِمَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا أَمَانَ لَهُ كَالْحَرْبِيِّ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ تَجْدِيدَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَأَخْرَجَ مَا لَوْ سَأَلَ ذَلِكَ فَتَجِبُ إجَابَتُهُ وَيُفَارِقُ مَا ذَكَرَ مِنْ أَمْنِهِ صَبِيٍّ حَيْثُ يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ بِأَنْ ذَلِكَ يَعْتَقِدُ لِنَفْسِهِ أَمَانًا، وَهَذَا فَعَلَ بِاخْتِيَارِهِ مَا أَوْجَبَ الِانْتِقَاضَ وَاسْتَشْكَلَ مَا ذُكِرَ بِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ فَإِنْ قَاتَلُوا بِلَا شُبْهَةٍ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ النَّقْضَ بِالْقِتَالِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ فَكَيْفَ تُقْطَعُ الْعُقُودُ بِالْأَفْعَالِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ الذِّمَّةَ لَمَّا كَانَتْ جَائِزَةً مِنْ جَانِبِ الذِّمِّيِّ اُلْتُحِقَتْ فِي حَقِّهِ بِالْعُقُودِ الْجَائِزَةِ وَالْعَقْدُ الْجَائِزُ إذَا انْتَفَى مَقْصُودُهُ بِالْكُلِّيَّةِ لَمْ يَبْعُدْ انْقِطَاعُهُ، وَإِنْ كَانَ الصَّادِرُ فِعْلًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَاتَلُوا لِشُبْهَةٍ إلَخْ) وَكَقِتَالِهِمْ الصَّائِلِينَ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ مِنَّا (قَوْلُهُ وَخَصَّهُ الْإِمَامُ بِالْقَادِرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ زَنَى بِهَا) قَالَ النَّاشِرِيُّ وَحُكْمُ مُقَدَّمَاتِ الْجِمَاعِ كَالزِّنَا، وَهُوَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا) مُقْتَضَى تَقْيِيدِ التَّنْبِيهِ بِالْمُسْلِمِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ ذِمِّيًّا أَوْ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ لَكِنْ عَبَّرَ الْحَاوِي الصَّغِيرُ بِقَوْلِهِ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ وَقَتْلٌ مُوجِبٌ الْقِصَاصَ وَكَذَا عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِفِعْلِ ذَلِكَ مَعَ الذِّمِّيِّ وَقَيَّدَ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ قَطْعَ الطَّرِيقِ بِكَوْنِهِ عَلَى مُسْلِمٍ وَفِي مَعْنَاهُ الْقَتْلُ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ حَرَامٌ كَالتَّعَرُّضِ لِلْمُسْلِمِينَ وَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُمْ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ الْمُلْتَزَمَةِ بِعَقْدِ الْجِزْيَةِ وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا دَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ وَاسْتِنْقَاذُ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ كَمَا قَالَهُ فِي التَّنْبِيهِ وَقَوْلُهُ مُقْتَضَى تَقْيِيدِ التَّنْبِيهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ. (قَوْلُهُ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا) أَوْ فَرْعَهُ الْمُسْلِمَ (قَوْلُهُ أَوْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ ذَكَرَهُ بِمَا يُخَالِفُ مَذْهَبَهُمْ كَنِسْبَتِهِ إلَى الزِّنَا أَوْ الْقَدْحِ فِي نَسَبِهِ انْتَقَضَ شَرَطَ أَوْ لَمْ يَشْرِطْ وَقِيلَ ذِكْرُهُ بِمَا يُخَالِفُ مَذْهَبَهُمْ كَذِكْرِهِ بِمَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) قَدْ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا مَا لَوْ أَشْكَلَ الْحَالُ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَمْ لَا لَكِنْ قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي الِانْتِصَارِ يَجِبُ تَنْزِيلُهُ عَلَى أَنَّهُ مَشْرُوطٌ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْعَقْدِ يُحْمَلُ عَلَى الْمُتَعَارَفِ، وَهَذَا الْعَقْدُ فِي مُطْلَقِ الشَّرْعِ كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى هَذِهِ الشَّرَائِطِ، وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّ فِيهِ نَظَرًا (قَوْلُهُ لِمُخَالَفَتِهِ الشَّرْطَ فِي الْأَوَّلِ) كَبَذْلِ الْجِزْيَةِ وَلِإِضْرَارِهِ بِالْمُسْلِمِينَ كَالْقِتَالِ (قَوْلُهُ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ إلَخْ) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْفُونِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَفُرُوعِهِ. (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) ، وَهُوَ غَرِيبٌ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْقِيَاسُ أَنَّ لِوَاطَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ إنَّهُ الْأَصَحُّ) بَلْ الصَّوَابُ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يَتَلَقَّى حُكْمُهَا مِمَّا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْأَمَانِ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ عَقْدِ ذِمَّةٍ أَوْ لِرِسَالَةٍ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَالْتُحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَذَكَرَ عَقْدَ الْجِزْيَةِ ثُمَّ ذَكَرَ أَحْكَامَ مَوْتِهِ بَعْدَ النَّقْضِ وَأَنَّ الْأَصَحَّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ مَالَهُ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَسِيَرِ الْوَاقِدِيِّ وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَكُونُ فَيْئًا قَالَ الرَّافِعِيُّ: عَنْ الْقَوْلِ الْأَصَحِّ أَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ هـ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ هُنَا قُتِلَ بِمُوجِبِ مَا انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ [فَرْعٌ نَقَضَ الذِّمِّيُّ الْعَهْدَ] (قَوْلُهُ فَلِلْإِمَامِ الْخِيرَةُ فِيهِ مِنْ قَتْلٍ إلَخْ) فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْأُمُورُ الْأَرْبَعَةُ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ امْتَنَعَ غَيْرُ الْمَنِّ أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ اخْتِيَارِ الرِّقِّ فَيَرِقُّ أَوْ الْقَتْلِ فَيُطْلَقُ أَمَّا الْمُفَادَاةُ فَتَلْزَمُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 الدَّاخِلَ دَارَنَا بِهُدْنَةٍ أَوْ أَمَانٍ يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ إذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُ مَعَ أَنَّ حَقَّ الذِّمِّيِّ آكَدُ مِنْهُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ مُلْتَزِمٌ لِأَحْكَامِنَا وَبِالِانْتِقَاضِ زَالَ الْتِزَامُهُ لَهَا بِخِلَافِ ذَاكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُلْتَزِمًا لَهَا وَقَضِيَّةُ الْأَمَانِ رَدُّهُ إلَى مَأْمَنِهِ (وَ) إذَا انْتَقَضَ أَمَانُ رَجُلٍ (لَمْ يُنْتَقَضْ أَمَانُ نِسَائِهِ وَصِبْيَانِهِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُمْ الْأَمَانُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ خِيَانَةٌ نَاقِضَةٌ فَلَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ وَلَا إرْقَاقُهُمْ وَيَجُوزُ تَقْرِيرُهُمْ فِي دَارِنَا (فَإِنْ طَلَبُوا دَارَ الْحَرْبِ بَلَغْنَ) أَيْ النِّسَاءُ مَأْمَنَهُنَّ (دُونَ الصِّبْيَانِ حَتَّى يَبْلُغُوا أَوْ يَطْلُبَهُمْ مُسْتَحِقُّ الْحَضَانَةِ) إذْ لَا حُكْمَ لِاخْتِيَارِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِصَدَدِ أَنْ تُعْقَدَ لَهُمْ الْجِزْيَةُ فَلَا يَفُوتُ ذَلِكَ عَلَيْنَا فَإِنْ بَلَغُوا وَبَذَلُوا الْجِزْيَةَ فَذَاكَ وَإِلَّا أَلْحَقُوا بِدَارِ الْحَرْبِ وَكَالنِّسَاءِ الْخُنَاثَى وَكَالصِّبْيَانِ الْمَجَانِينُ وَالْإِفَاقَةُ كَالْبُلُوغِ (وَلَوْ نَبَذَ ذِمِّيٌّ) إلَيْنَا (الْعَهْدَ وَسَأَلَ إبْلَاغَهُ الْمَأْمَنَ أَجَبْنَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَبْدُ مِنْهُ خِيَانَةٌ (وَيَكْتُبُ الْإِمَامُ) بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ (اسْمَ مَنْ عَقَدَ لَهُ وَدِينَهُ وَحِلْيَتَهُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَيَتَعَرَّضُ لِسِنِّهِ أَهُوَ شَيْخٌ أَمْ شَابٌّ (وَيَصِفُ أَعْضَاءَهُ الظَّاهِرَةَ) مِنْ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ وَجَبْهَتِهِ وَحَاجِبَيْهِ وَعَيْنَيْهِ وَشَفَتَيْهِ وَأَنْفِهِ وَأَسْنَانِهِ وَآثَارِ وَجْهِهِ إنْ كَانَ فِيهِ آثَارٌ (وَلَوْنَهُ) مِنْ سُمْرَةٍ وَشُقْرَةٍ وَغَيْرِهِمَا (وَيَجْعَلُ لِكُلٍّ) مِنْ طَوَائِفِهِمْ (عَرِيفًا مُسْلِمًا يَضْبِطُهُمْ وَيُعَرِّفُ) الْإِمَامَ الْأَوْلَى لِيَعْرِفَ (بِمَنْ مَاتَ أَوْ أَسْلَمَ) أَوْ بَلَغَ مِنْهُمْ (أَوْ دَخَلَ فِيهِمْ، وَأَمَّا مَنْ يَحْضُرُهُمْ لِأَدَائِهَا) أَيْ لِيُؤَدِّيَ كُلٌّ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ (أَوْ لِيَشْتَكِيَ إلَيْهِ) أَيْ الْإِمَامِ (مِمَّنْ تَعَدَّى) عَلَيْهِمْ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ (فَيَجُوزُ) جَعْلُهُ عَرِيفًا لِذَلِكَ (وَلَوْ) كَانَ (كَافِرًا) ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ إسْلَامُهُ فِي الْغَرَضِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُعْتَمَدُ خَبَرُهُ [كِتَابُ عَقْدِ الْهُدْنَةِ] (كِتَابُ عَقْدِ الْهُدْنَةِ) (وَتُسَمَّى الْمُوَادَعَةُ وَالْمُعَاهَدَةُ) وَالْمُسَالَمَةُ وَالْمُهَادَنَةُ لُغَةً الْمُصَالَحَةُ وَشَرْعًا مُصَالَحَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْهُدُونِ، وَهُوَ السُّكُونُ تَقُولُ هَدَّنْتُ الرَّجُلَ وَأَهْدَنْتُهُ إذَا سَكَّنْته وَهَدَنَ هُوَ سَكَنَ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 1] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61] الْآيَةَ «وَمُهَادَنَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ» كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَهِيَ جَائِزَةٌ لَا وَاجِبَةٌ (وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِهَا فَيُشْتَرَطُ) لَهَا أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ (أَنْ يَتَوَلَّاهَا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) إنْ كَانَتْ لِلْكُفَّارِ مُطْلَقًا أَوْ لِأَهْلِ إقْلِيمٍ كَالْهِنْدِ وَالرُّومِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأُمُورِ الْعِظَامِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَرْكِ الْجِهَادِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَوْ فِي جِهَةٍ وَلِمَا فِيهَا مِنْ الْأَخْطَارِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رِعَايَةِ مَصْلَحَتِنَا فَاللَّائِقُ تَفْوِيضُهَا لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (وَلِلْوَالِي) بِإِقْلِيمٍ (مُهَادَنَةُ بَعْضِ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ) لِتَفْوِيضِ مَصْلَحَةِ الْإِقْلِيمِ إلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُهَادِنُ جَمِيعَ أَهْلِ الْإِقْلِيمِ وَبِهِ صَرَّحَ الْفُورَانِيُّ لَكِنْ صَرَّحَ الْعِمْرَانِيُّ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ (فَإِنْ عَقَدَ) هَا (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَنْ ذَكَرَ فَدَخَلَ قَوْمٌ مِمَّنْ هَادَنَهُمْ دَارَنَا لَمْ قَدِرَتْ لَكِنْ (بَلَغُوا الْمَأْمَنَ) ؛ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَى اعْتِقَادِ صِحَّةِ أَمَانِهِ (وَأَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهَا مَصْلَحَةٌ) كَقِلَّتِهِمْ أَوْ قِلَّةِ مَالِهِمْ أَوْ تَوَقُّعِ إسْلَامِهِمْ بِاخْتِلَاطِهِمْ بِهِمْ أَوْ الطَّمَعِ فِي قَبُولِهِمْ الْجِزْيَةَ بِلَا قِتَالٍ، وَإِنْفَاقِ مَالٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا مَصْلَحَةٌ لَمْ يُهَادِنُوا بَلْ يُقَاتِلُوا إلَى أَنْ يَسْلَمُوا أَوْ يَبْذُلُوا الْجِزْيَةَ إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِهَا قَالَ تَعَالَى {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} [محمد: 35] . (وَلَوْ طَلَبُوهَا لَمْ تَلْزَمْنَا إجَابَتُهُمْ فَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ) وُجُوبًا (فِي الْأَصْلَحِ) مِنْ الْإِجَابَةِ وَالتَّرْكِ (وَأَنْ يَخْلُوَا) عَقْدُ الْهُدْنَةِ (عَنْ كُلِّ شَرْطٍ فَاسِدٍ) كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَذَلِكَ (كَالْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ لَهُمْ) الْعَاقِدُ (مُسْلِمًا) أَسِيرًا (أَوْ مَالَهُ أَوْ يَرُدَّ) إلَيْهِمْ (مَنْ جَاءَتْ) إلَيْنَا مِنْهُمْ (مُسْلِمَةً) وَلَوْ أَمَةً أَوْ كَانَ لَهَا عَشِيرَةٌ (أَوْ عَلَى أَنْ يُعْطُوا جِزْيَةً أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ أَوْ) أَنْ (يُعْطِيَهُمْ مَالًا) وَلَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنْ يُقِيمُوا بِالْحِجَازِ أَوْ يَدْخُلُوا الْحَرَمَ أَوْ يُظْهِرُوا الْخُمُورَ فِي دَارِنَا قَالَ تَعَالَى {فَلا تَهِنُوا} [محمد: 35] الْآيَةَ وَفِي ذَلِكَ إهَانَةٌ يَنْبُو عَنْهَا الْإِسْلَامُ وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ «أَنَّهُ جَاءَتْ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ مُهَاجِرَاتٌ فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إلَى قَوْلِهِ {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] فَامْتَنَعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ رَدِّهِنَّ» ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَفْتِنَ الْمُسْلِمَةَ زَوْجُهَا الْكَافِرُ أَوْ تَزَوَّجَ كَافِرًا وَسَوَاءٌ أَجَاءَتْ مُسْلِمَةً أَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَا جَاءَتْ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ وَمَالِهِ الْكَافِرُ وَمَالُهُ فَيَجُوزُ شَرْطُ تَرْكِهِمَا وَبِالْمُسْلِمَةِ الْكَافِرَةُ وَالْمُسْلِمُ فَيَجُوزُ شَرْطُ رَدِّهِمَا -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْفَرْقُ أَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ ثَبَتَ فِي مُقَابَلَةِ الِانْقِيَادِ وَلَمْ يُوجَدْ فَانْتَفَى بِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ بِخِلَافِ عَقْدِ الْأَمَانِ فَإِنَّا الْتَزَمْنَاهُ لَا فِي مُقَابَلَةٍ فَوَجَبَ عَلَيْنَا الْوَفَاءُ بِهِ وَأَيْضًا فَفِي تَبْلِيغِهِ الْمَأْمَنَ مَعَ نَقْضِ الْعَهْدِ تَرْغِيبٌ لَهُ فِي دُخُولِ دَارِ الْإِسْلَامِ وَعَقْدُ الْجِزْيَةِ فِيهِ تَرْغِيبٌ لِأَهْلِ الْحَرْبِ فِي دُخُولِ دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْإِقَامَةِ بِهَا وَذَلِكَ وَسِيلَةٌ إلَى عَقْدِ الْجِزْيَةِ الَّذِي بِهِ يُرْجَى إسْلَامُهُمْ (كِتَابُ عَقْدِ الْهُدْنَةِ) [الطَّرَفُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِ الْهُدْنَةُ] (قَوْلُهُ وَلِلْوَالِي مُهَادَنَةُ بَعْضِ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي إقْلِيمِهِ وَلَكِنْ مُجَاوِرَةً لَهُ وَرَأَى الْمَصْلَحَةَ لِأَهْلِ إقْلِيمِهِ فِي الْهُدْنَةِ مَعَهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ إقْلِيمِهِ وَقَالَ أَيْضًا يَنْبَغِي عَلَى مُقْتَضَى مَا قَالُوهُ أَنْ لَا يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِوَالِي إقْلِيمٍ بَلْ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْقِيَامَ بِمَصَالِحِ بَلْدَةٍ مُجَاوِرَةٍ لِلْعَدُوِّ جَازَتْ لَهُ الْهُدْنَةُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ مَصْلَحَةَ بَلَدِهِ، وَهَذَا مِنْهَا (قَوْلُهُ لِتَفْوِيضِ مَصْلَحَةِ الْإِقْلِيمِ إلَيْهِ) ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ فِعْلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ الْعِمْرَانِيُّ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ) ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ ش بَلْ الْأَصَحُّ إذْ عَلَتْهُ وُجُودُ الْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ فَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي الْأَصْلَحِ) قَالَ الْإِمَامُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِاجْتِهَادِهِ لَا يُعَدُّ وَاجِبًا، وَإِنْ كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْأَصْلَحِ (قَوْلُهُ أَوْ مَالَهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِهِ مَالُ أَهْلِ ذِمَّتِنَا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ تَرْكَ مَا اُسْتُوْلُوا عَلَيْهِ لِأَهْلِ ذِمَّتِنَا كَانَ فَاسِدًا كَتَرْكِ مَالِنَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 224 كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. (فَلَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ) إلَى إعْطَائِهِمْ مَالًا كَأَنْ خِفْنَا مِنْهُمْ الِاصْطِلَامَ لِإِحَاطَتِهِمْ بِنَا أَوْ كَانُوا يُعَذِّبُونَ أَسْرَانَا (وَجَبَ إعْطَاؤُهُمْ) ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي السِّيَرِ مِنْ نَدْبِ فَكِّ الْأَسْرَى وَأُجِيبُ بِحَمْلِ نَدْبِ مَا هُنَاكَ عَلَى عَدَمِ تَعْذِيبِ الْأَسْرَى أَوْ خَوْفِ اصْطِلَامِهِمْ وَهَلْ الْعَقْدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحِيحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عِبَارَةُ كَثِيرٍ تُفْهِمُ صِحَّتَهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهُ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ (وَلَمْ يَمْلِكُوهُ) أَيْ مَا أُعْطِيَ لَهُمْ لِأَخْذِهِمْ لَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَزِيدَ) فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ (عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ مُطْلَقًا وَأَذِنَ فِي الْهُدْنَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بِقَوْلِهِ {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] قَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَقْوَى مَا كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عِنْدَ مُنْصَرِفِهِ مِنْ تَبُوكَ وَرُوِيَ أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَادَنَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَسْلَمَ قَبْلَ مُضِيِّهَا» (وَعَلَى عَشْرِ سِنِينَ إنْ كَانَ) بِالْمُسْلِمِينَ (ضَعْفٌ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَادَنَ قُرَيْشًا فِي الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَوْ اُحْتِيجَ إلَى زِيَادَةٍ عَلَى الْعَشْرِ عَقَدَ عَلَى عَشْرٍ ثُمَّ عَشْرٍ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ الْأُولَى جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ. وَلَا يَجُوزُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ (وَمَتَى زَادَ) الْعَاقِدُ (عَلَى الْجَائِزِ) مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ قُوَّتِنَا أَوْ عَشْرِ سِنِينَ عِنْدَ ضَعْفِنَا (بَطَلَ الزَّائِدُ) أَيْ الْعَقْدُ فِيهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَهُ فِي الْمَزِيدِ عَلَيْهِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَنْفُسِهِمْ أَمَّا أَمْوَالُهُمْ فَيَجُوزُ الْعَقْدُ لَهَا مُؤَبَّدًا وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ الْمُهَادَنَةَ مَعَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا تَجُوزُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمُدَّةٍ مِنْ الْمُدَّتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ (فَإِنْ انْقَضَتْ) أَيْ الْعَشْرُ (وَالضَّعْفُ) بِنَا (مُسْتَمِرٌّ اُسْتُؤْنِفَ عَقْدٌ) جَدِيدٌ (وَتَتِمُّ الْمُدَّةُ إنْ اسْتَقْوَيْنَا) فِيهَا عَمَلًا بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ (فَلَوْ هَادَنَ مُطْلَقًا) عَنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ (بَطَلَ الْعَقْدُ) وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَشْرُوعَةِ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ (أَوْ قَالَ) هَادَنْتُكُمْ (مَا شَاءَ فُلَانٌ) مُثِيرُ (الْعَدْل مِنَّا ذِي رَأْيٍ صَحَّ) الْعَقْدُ فَإِذَا نَقَضَهَا انْتَقَضَتْ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشَاءَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ قُوَّتِنَا وَلَا أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ عِنْدَ ضَعْفِنَا (لَا لِرَجُلٍ مِنْهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَحْكُمُ عَلَيْنَا وَلَا لِفَاسِقٍ وَلَا لِمَنْ لَا رَأْيَ لَهُ (فَإِنْ قَالَ) هَادَنْتُكُمْ (مَا شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ لَمْ يَحِلَّ وَلَمْ يَصِحَّ لِلْجَهَالَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَادَنْتُكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ؛ فَلِأَنَّهُ يُعْلَمُ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالْوَحْيِ دُونَ غَيْرِهِ (وَلَوْ دَخَلَ) إلَيْنَا (بِأَمَانٍ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ فَاسْتَمَعَ فِي مَجَالِسَ يَحْصُلُ فِيهَا الْبَيَانُ) التَّامُّ (بَلَغَ الْمَأْمَنَ وَلَا يُمْهَلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) لِحُصُولِ غَرَضِهِ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا فَبِالْعَقْدِ) الْفَاسِدِ لَهَا (نُبَلِّغُهُمْ الْمَأْمَنَ) وَنُنْذِرُهُمْ إنْ كَانُوا بِدَارِنَا وَيَجُوزُ قِتَالُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانُوا بِدَارِهِمْ جَازَ قِتَالُهُمْ بِلَا إنْذَارٍ (وَبِالصَّحِيحِ يُكَفُّ عَنْهُمْ) الْأَذَى مِنَّا وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ (إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ) إلَى أَنْ (يَنْقُضُوهَا) أَيْ الْهُدْنَةَ بِأَنْ يَصْدُرَ مِنْهُمْ مَا يَقْتَضِي الِانْتِقَاضَ قَالَ تَعَالَى {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: 4] وَقَالَ {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة: 7] (وَلَا يَلْزَمُنَا دَفْعُ الْحَرْبِيِّينَ عَنْهُمْ وَلَا) مَنْعُ (بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْهُدْنَةِ الْكَفُّ لَا الْحِفْظُ بِخِلَافِ الذِّمَّةِ (فَإِنْ أَخَذَ الْحَرْبِيُّونَ مَالَهُمْ) بِغَيْرِ حَقٍّ (وَظَفِرْنَا بِهِ رَدَدْنَاهُ) إلَيْهِمْ لُزُومًا، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْنَا اسْتِنْقَاذُهُ كَمَا نَرُدُّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمِّيِّينَ (وَلَا يُنْتَقَضُ الْعَهْدُ بِمَوْتِ الْإِمَامِ وَعَزْلِهِ) فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ بَعْدَهُ إمْضَاؤُهُ (وَلَا) يُنْتَقَضُ (بِتَبَيُّنِ فَسَادِهَا) أَيْ الْهُدْنَةِ (بِالِاجْتِهَادِ بَلْ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ) (وَيَنْبَغِي) لِلْإِمَامِ إذَا عَقَدَ الْهُدْنَةَ (أَنْ يَكْتُبَ بِهَا) كِتَابًا (وَيُشْهِدَ عَلَيْهَا) فِيهِ لِيَعْمَلَ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ ذَلِكَ الِاسْتِحْبَابُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِبَ لِيَرْجِعَ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي شُرُوطِهَا (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ) فِيهَا (لَكُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) (وَذِمَّتِي) (فَإِنْ أَخَذُوا مَالًا أَوْ سَبُّوا) اللَّهَ أَوْ الْقُرْآنَ أَوْ (رَسُولَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ مُخَالِفًا وَأَنَّ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآحَادِ وَالْكَلَامُ هُنَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمَامِ وَلِهَذَا قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ ذَلِكَ أَوْ يَجُوزُ لَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ وَقَدْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الْقِيَامُ بِمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْآحَادِ. (قَوْلُهُ أَوْ خَوْفِ) عُطِفَ عَلَى تَعْذِيبِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهُ إلَخْ) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: هَلْ الْمُرَادُ بِالْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَنْ تَكُونَ صِحَاحًا أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى عَشَرِ سِنِينَ إنْ كَانَ ضَعْفٌ) فِي مَعْنَى الضَّعْفِ شِدَّةُ الْمَشَقَّةِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَعِنْدَ الضَّعْفِ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَى عَشَرِ سِنِينَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ انْدَفَعَتْ الْحَاجَةُ بِدُونِ الْعَشَرِ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ الصُّلْحِ بِدَلِيلِ آيَةِ الْقِتَالِ وَقَدْ وَرَدَ التَّحْدِيدُ بِالْعَشَرِ فَتَبْقَى الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ أَمَّا أَمْوَالُهُمْ فَيَجُوزُ الْعَقْدُ لَهَا مُؤَبَّدًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الذُّرِّيَّةِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا دَامُوا صِغَارًا وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ الْمُهَادَنَةَ مَعَ النِّسَاءِ إلَخْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ هَادَنَ مُطْلَقًا عَنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ بَطَلَ الْعَقْدُ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَهَلْ تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ اهـ كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي اشْتِرَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ عِنْدَ ضَعْفِنَا) أَيْ أَوْ انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْهُدْنَةُ] (قَوْلُهُ بِأَنْ يَصْدُرَ مِنْهُمْ مَا يَقْتَضِي الِانْتِقَاضَ) كَقِتَالِنَا بِلَا شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُنَا دَفْعُ الْحَرْبِيِّينَ عَنْهُمْ) لَوْ انْفَرَدُوا بِبَلَدٍ بِطَرَفِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَلْزَمْنَا دَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ وَلَوْ أَمْكَنَ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ ذَلِكَ الِاسْتِحْبَابُ) هُوَ الْأَصَحُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 اللَّهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ (أَوْ آوَوْا عَيْنًا) عَلَيْهِمْ أَوْ قَتَلُوا مُسْلِمًا (أَوْ تَجَسَّسُوا) كَأَنْ كَاتَبُوا أَهْلَ الْحَرْبِ (جَمِيعًا) فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا (أَوْ) فَعَلَ (بَعْضُهُمْ) شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (وَسَكَتَ الْبَاقُونَ عَنْهُ انْتَقَضَ) الْعَهْدُ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمُوهُ نَقْضًا) وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِنَقْضِهِ لِإِتْيَانِهِمْ بِمَا يَخِلُّ بِالْعَقْدِ (وَبَيَّتُوا فِي بِلَادِهِمْ بِلَا إنْذَارٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ مَا أَتَوْا بِهِ نَاقِضًا لِآيَةِ {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} [التوبة: 12] وَلِصَيْرُورَتِهِمْ حِينَئِذٍ كَمَا كَانُوا قَبْلَ الْمُهَادَنَةِ (وَالنَّازِلُ بِنَا) أَيْ بِدَارِنَا بِأَمَانٍ أَوْ هُدْنَةٍ (نَبْلُغُهُ الْمَأْمَنَ) وَلَا نَغْتَالُهُ قَبْلَ وُصُولِهِ الْمَأْمَنَ (فَإِنْ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ الْبَاقُونَ) فِيمَا مَرَّ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ بِأَنْ اعْتَزَلُوهُمْ أَوْ بَعَثُوا إلَى الْإِمَامِ بِأَنَّا مُقِيمُونَ عَلَى الْعَهْدِ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا أَتْبَاعًا ثُمَّ (نَظَرْت فَإِنْ تَمَيَّزُوا عَنْهُمْ بَيَّتْنَاهُمْ) أَيْ مُنْتَقَضِي الْعَهْدَ (وَإِلَّا أَنْذَرْنَاهُمْ) أَيْ الْبَاقِينَ (لِيَتَمَيَّزُوا) عَنْهُمْ (أَوْ يُسْلِمُوهُمْ إلَيْنَا فَإِنْ أَبَوْا) ذَلِكَ (مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِ (فَنَاقِضُونَ) لِلْعَهْدِ (بِخِلَافِ عَقْدِ الذِّمَّةِ) فَنَقْضُهُ مِنْ الْبَعْضِ لَيْسَ نَقْضًا مِنْ الْبَاقِينَ بِحَالٍ لِقُوَّتِهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُنْكِرِ النَّقْضِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَلَوْ) أَيْ وَكُلُّ مَا (اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ نَاقِضًا فِي الْجِزْيَةِ نُقِضَ هُنَا قَطْعًا) لِضَعْفِ هَذَا وَقُوَّةِ ذَاكَ وَتَأَكُّدِهِ بِالْجِزْيَةِ (فَرْعٌ لَوْ اسْتَشْعَرَ الْإِمَامُ خِيَانَتَهُمْ بِأَمَارَاتٍ) تَدُلُّ عَلَيْهَا (لَا) بِمُجَرَّدِ (تَوَهُّمٍ لَمْ يُنْتَقَضْ) عَهْدُهُمْ (بَلْ يُنْبَذُ) إلَيْهِمْ جَوَازًا (الْعَهْدُ) قَالَ تَعَالَى {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ} [الأنفال: 58] بِخِلَافِ عَقْدِ الذِّمَّةِ لَا يُنْبَذُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مُؤَبَّدٌ؛ وَلِأَنَّ أَهْلَهَا فِي قَبْضَتِنَا فَيَسْهُلُ التَّدَارُكُ عِنْدَ ظُهُورِ الْخِيَانَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ جَانِبُهُمْ وَلِهَذَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَيْهِ بِخِلَافِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ وَجَرَوْا فِي التَّعْلِيلِ الثَّانِي عَلَى الْغَالِبِ مِنْ كَوْنِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِبِلَادِنَا وَأَهْلِ الْهُدْنَةِ بِبِلَادِهِمْ وَاعْتَبَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي جَوَازِ النَّبْذِ بِالْخَوْفِ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَيُنْذِرُهُمْ) بَعْدَ نَبْذِ عَهْدِهِمْ (وَيَبْلُغُهُمْ مَأْمَنَهُمْ) قَبْلَ قِتَالِهِمْ إنْ كَانُوا بِدَارِنَا وَفَاءً بِالْعَهْدِ؛ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ قَبْلَ ذَلِكَ (وَهُوَ) أَيْ مَأْمَنُهُمْ (دَارُ الْحَرْبِ) وَتَبْلِيغُهُمْ إيَّاهُ يَكُونُ (بِالْكَفِّ) لِلْأَذَى مِنَّا وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ (عَنْهُمْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حَقِّ الْآدَمِيِّ مِنْهُمْ) إنْ كَانَ (فَرْعٌ) يَجِبُ عَلَى الَّذِينَ هَادَنَهُمْ الْإِمَامُ الْكَفُّ عَنْ قَبِيحِ الْقَوْلِ وَالْعَمَلُ فِي حَقِّنَا وَبَذْلُ الْجَمِيلِ مِنْهُمَا فَلَوْ (نَقَصُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْكَرَامَةِ) لَهُمْ (أَوْ الْإِمَامَ مِنْ التَّعْظِيمِ) لَهُ بَعْدَ أَنْ كَانُوا يُكْرِمُونَهُمْ وَيُعَظِّمُونَهُ (سَأَلَهُمْ) عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يُقِيمُوا حُجَّةً) أَيْ عُذْرًا (وَلَمْ يَنْتَهُوا نَقَضَ الْعَهْدَ وَأَنْذَرَهُمْ) قَبْلَ نَقْضِهِ، وَإِنْ أَقَامُوا عُذْرًا يُقْبَلُ مِثْلُهُ قِبَلَهُ [فَصْلٌ صَالَحَ الْإِمَامُ الْكُفَّارَ بِشَرْطِ رَدِّ مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ مُسْلِمًا] (فَصْلٌ) لَوْ (صَالَحَ) الْإِمَامُ الْكُفَّارَ أَيْ هَادَنَهُمْ (بِشَرْطِ رَدِّ مَنْ جَاءَ) نَا (مِنْهُمْ مُسْلِمًا صَحَّ) فَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} [الإسراء: 34] (وَلَمْ يَجُزْ) بِذَلِكَ (رَدُّ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ) إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصِيبَهَا زَوْجُهَا الْكَافِرُ أَوْ تَزَوَّجَ بِكَافِرٍ؛ وَلِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ الْهَرَبِ مِنْهُمْ وَأَقْرَبُ إلَى الِافْتِتَانِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} [الممتحنة: 10] الْآيَةَ (فَإِنْ صَرَّحَ بِشَرْطِ رَدِّهَا لَمْ يَصِحَّ) لِذَلِكَ (وَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ (فَإِنْ جَاءَتْ) إلَيْنَا (مُسْلِمَةً) أَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَجِيئِهَا (وَطَالَبَ الزَّوْجُ بِمَهْرِهَا) لِارْتِفَاعِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ قَتَلُوا مُسْلِمًا) أَيْ ذِمِّيًّا وَكَتَبَ أَيْضًا إذَا كَانَ عَمْدًا مَحْضًا أَوْ عُدْوَانًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ لَا خَطَأً وَدَفْعًا لِصَائِلٍ أَوْ قَاطِعٍ غ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا أَطْلَقَهُ فِي قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ مَوْضِعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِشُبْهَةٍ أَمَّا لَوْ أَعَانُوا الْبُغَاةَ مُكْرَهِينَ فَيُشْبِهُ أَنْ لَا يُنْتَقَضَ كَمَا سَبَقَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ لِإِتْيَانِهِمْ بِمَا يُخِلُّ بِالْعَقْدِ) «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا هَادَنَ بَنِي قُرَيْظَةَ أَعَانَ بَعْضُهُمْ أَبَا سُفْيَانَ عَلَى حَرْبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَنْدَقِ فَنَقَضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهْدَ جَمِيعِهِمْ وَغَزَاهُمْ» وَكَذَلِكَ لَمَّا قَتَلَ رَجُلَانِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ وَهُمْ حُلَفَاءُ قُرَيْشٍ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ وَهُمْ حُلَفَاءُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوَى بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ الْقَاتِلَ وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ غَزَاهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَتَحَ مَكَّةَ وَلِأَنَّ عَقْدَ الْهُدْنَةِ يَتِمُّ بِعَقْدِ بَعْضِهِمْ وَرِضَا الْبَاقِينَ وَيَكُونُ السُّكُونُ رِضًا بِذَلِكَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ النَّقْضُ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا أَتْبَاعًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} [الأعراف: 165] [فَرْعٌ اسْتَشْعَرَ الْإِمَامُ خِيَانَة أَهْلُ الذِّمَّةِ بِأَمَارَاتٍ تَدُلُّ عَلَيْهَا] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْهُدْنَةَ أَمَانٌ فَنُقِضَتْ بِالْخَوْفِ؛ وَلِأَنَّ الذِّمَّةَ أَقْوَى بِدَلِيلِ تَأْبِيدِهَا (قَوْلُهُ وَاعْتَبَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي جَوَازِ النَّبْذِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ نَقْضَ الْإِمَامِ لَا يَنْفُذُ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ بِنَفْسِ الْخَوْفِ وَظُهُورِ الْأَمَارَةِ خِلَافًا لِأَبِي حَامِدٍ وَكَلَامُ الْحَاوِي صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ) فَقَالَ، وَهُوَ عَجِيبٌ أَوْقَعَهُ فِيهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ، وَهُوَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ بِنَفْسِ الْخَوْفِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَحْكُمَ بِنَقْضِهِ أَيْ يَقْوَى عِنْدَهُ الْحُكْمُ بِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ وَغَيْرُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمُرَادُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ بِنَفْسِ الْخَوْفِ وَظُهُورِ الْأَمَارَةِ خِلَافًا لِأَبِي حَامِدٍ وَكَلَامُ الْحَاوِي صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيُبَلِّغُهُمْ مَأْمَنَهُمْ) لَوْ كَانَ لَهُ مَأْمَنٌ لَزِمَ الْإِمَامَ إلْحَاقُهُ بِمَسْكَنِهِ مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَ يَسْكُنُ بَلَدَيْنِ تَخَيَّرَ الْإِمَامُ [فَرْعٌ عَلَى الَّذِينَ هَادَنَهُمْ الْإِمَامُ الْكَفُّ عَنْ قَبِيحِ الْقَوْلِ وَالْعَمَلُ فِي حَقِّنَا] (قَوْلُهُ لَوْ صَالَحَ بِشَرْطِ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا صَحَّ) أَيْ إذَا كَانَ لَهُ عَشِيرَةٌ تَحْمِيهِ وَتَمْنَعُهُ وَضَابِطُهُ كُلُّ مَنْ لَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ جَازَ شَرْطُ رَدِّهِ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجُزْ بِذَلِكَ رَدُّ الْمَرْأَةِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا شَرَطَ جَاءَتْهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مَسْلَمَةَ فَجَاءَ أَخَوَاهَا عُمَارَةُ وَالْوَلِيدُ فِي طَلَبِهَا وَجَاءَتْ سُبَيْعَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةُ مُسْلِمَةً فَجَاءَ زَوْجُهَا فِي طَلَبِهَا وَجَاءَتْ سُعْدَى زَوْجَةُ صَيْفِيِّ بْنِ إبْرَاهِيم بِمَكَّةَ فَجَاءَ فِي طَلَبِهَا وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قَدْ شَرَطْت لَنَا رَدَّ النِّسَاءِ فَارْدُدْ عَلَيْنَا نِسَاءَنَا فَتَوَقَّفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَوَقِّعًا لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى نَزَلَ {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إلَى قَوْلِهِ {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] فَامْتَنَعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ رَدِّهِنَّ» (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 نِكَاحِهَا بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (لَمْ نُعْطِهِ) لَهُ أَيْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْنَا إعْطَاؤُهُ لَهُ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ} [الممتحنة: 10] أَيْ الْأَزْوَاجَ مَا أَنْفَقُوا أَيْ مِنْ الْمُهُورِ فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي وُجُوبِ الْغُرْمِ مُحْتَمِلٌ لِنَدْبِهِ الصَّادِقِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ الْمُوَافِقِ لِلْأَصْلِ وَرَجَّحُوهُ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا غُرْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ الْمَهْرَ؛ فَلِأَنَّهُ كَانَ قَدْ شَرَطَ لَهُمْ رَدَّ مَنْ جَاءَتْنَا مُسْلِمَةً ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ فَغَرِمَ حِينَئِذٍ لِامْتِنَاعِ رَدِّهَا بَعْدَ شَرْطِهِ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ) أَيْ وَصَفَتْ الْإِسْلَامَ (مَنْ لَمْ تَزَلْ مَجْنُونَةً فَإِنْ أَفَاقَتْ رَدَدْنَاهَا لَهُ) لِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهَا وَزَوَالِ ضَعْفِهَا وَالتَّقْيِيدُ بِالْإِفَاقَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا لَمْ تُفِقْ فَلَا تُرَدُّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْمَجْنُونِ (وَكَذَا إنْ جَاءَتْ عَاقِلَةً، وَهِيَ كَافِرَةٌ) سَوَاءٌ أَطَلَبَهَا فِي الصُّورَتَيْنِ زَوْجُهَا أَمْ مَحَارِمُهَا (لَا إنْ أَسْلَمَتْ) قَبْلَ مَجِيئِهَا أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ جُنَّتْ) أَوْ جُنَّتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَ إفَاقَتِهَا (وَكَذَا إنْ شَكَكْنَا) فِي أَنَّهَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ جُنُونِهَا أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهَا (لَا تُرَدُّ) وَلَا نُعْطِيهِ مَهْرَهَا (وَلَوْ جَاءَتْ صَبِيَّةٌ مُمَيِّزَةٌ تَصِفُ الْإِسْلَامَ لَمْ نَرُدَّهَا) ؛ لِأَنَّا، وَإِنْ لَمْ نُصَحِّحْ إسْلَامَهَا نَتَوَقَّعُهُ فَيُحْتَاطُ لِحُرْمَةِ الْكَلِمَةِ (إلَّا إنْ بَلَغَتْ وَوَصَفَتْ الْكُفْرَ) فَنَرُدُّهَا (وَلَوْ هَاجَرَ) قَبْلَ الْهُدْنَةِ أَوْ بَعْدَهَا (الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ وَلَوْ مُسْتَوْلِدَةً وَمُكَاتَبَةً ثُمَّ أَسْلَمَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (عَتَقَ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ قَاهِرًا لِسَيِّدِهِ مَلَكَ نَفْسَهُ بِالْقَهْرِ فَيُعْتَقُ؛ وَلِأَنَّ الْهُدْنَةَ لَا تُوجِبُ أَمَانَ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ فَبِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى نَفْسِهِ مَلَكَهَا (أَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ هَاجَرَ قَبْلَ الْهُدْنَةِ فَكَذَا) يُعْتَقُ لِوُقُوعِ قَهْرِهِ حَالَ الْإِبَاحَةِ (أَوْ بَعْدَهَا فَلَا) يُعْتَقُ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَهُمْ مَحْظُورَةٌ حِينَئِذٍ فَلَا يَمْلِكُهَا الْمُسْلِمُ بِالِاسْتِيلَاءِ (وَلَا يُرَدُّ) إلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مُسْلِمًا مُرَاغِمًا لَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَرِقُّهُ وَيُهِينُهُ وَلَا عَشِيرَةَ لَهُ تَحْمِيهِ (بَلْ يُعْتِقُهُ السَّيِّدُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَاعَهُ الْإِمَامُ) عَلَيْهِ (لِمُسْلِمٍ أَوْ اشْتَرَاهُ لِلْمُسْلِمِينَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ أَوْ دَفَعَ قِيمَتَهُ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَأَعْتَقَهُ عَنْهُمْ وَلَهُمْ وَلَاؤُهُ) وَاعْلَمْ أَنَّ هِجْرَتَهُ إلَيْنَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي عِتْقِهِ بَلْ الشَّرْطُ فِيهِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَتْ هُدْنَةً وَمُطْلَقًا إنْ لَمْ تَكُنْ فَلَوْ هَرَبَ إلَى مَأْمَنٍ ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَوْ بَعْدَ الْهُدْنَةِ أَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ هَرَبَ قَبْلَهَا عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يُهَاجِرْ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ هِجْرَتِهِ مَاتَ حُرًّا يَرِثُ وَيُورَثُ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا هِجْرَتَهُ؛ لِأَنَّ بِهَا يُعْلَمُ عِتْقُهُ غَالِبًا (وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَتَبْقَى مُكَاتَبَةً إنْ لَمْ تُعْتَقْ فَإِنْ أَدَّتْ) نُجُومَ الْكِتَابَةِ (عَتَقَتْ) بِهَا (وَوَلَاؤُهَا لِسَيِّدِهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ وَرَقَّتْ وَقَدْ أَدَّتْ شَيْئًا) مِنْ النُّجُومِ (بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا قَبْلَهُ حُسِبَ) مَا أَدَّتْهُ (مِنْ قِيمَتِهَا) الْوَاجِبَةِ لَهُ (فَإِنْ وَفَّى بِهَا أَوْ زَادَ) عَلَيْهَا (عَتَقَتْ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ (وَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ) وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُتَبَرِّعَةِ عَنْهُمْ بِهِ وَلِفَوْزِهَا بِالْعِتْقِ فِي مُقَابَلَتِهِ (وَلَا يَسْتَرْجِعُ) مِنْ سَيِّدِهَا (الْفَاضِلَ) أَيْ الزَّائِدَ (وَإِنْ نَقَصَ) عَنْهَا (وَفَّى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) (وَلَا يُرَدُّ صَبِيٌّ وَ) لَا (مَجْنُونٌ) لِضَعْفِهِمَا وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ بِشَرْطِ رَدِّهِمَا (حَتَّى يَبْلُغَ) الصَّبِيُّ (أَوْ يُفِيقَ الْمَجْنُونُ وَيَصِفَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (الْكُفْرَ) أَوْ لَمْ يَصِفْ شَيْئًا فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ وَصَفَ الْإِسْلَامَ لَمْ يُرَدَّ (وَإِنْ جَاءَ) مِنْهُمْ (حُرٌّ بَالِغٌ) عَاقِلٌ (مُسْلِمٌ وَالرَّدُّ مَشْرُوطٌ) عَلَيْنَا (نَظَرْت فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَشِيرَةٌ تَحْمِيهِ لَمْ يُرَدَّ وَإِلَّا رُدَّ إنْ طَلَبْته عَشِيرَتُهُ) ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُمْ كَمَا «رَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا جَنْدَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ يَحْمُونَهُ، وَأَمَّا كَوْنُهُمْ أَنْفُسُهُمْ يُؤْذُونَهُ بِالتَّقْيِيدِ وَنَحْوِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَهُ تَأْدِيبًا فِي زَعْمِهِمْ (لَا) إنْ طَلَبَهُ (غَيْرُهُمْ) فَلَا يُرَدُّ (إلَّا إنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ يَقْهَرُهُمْ) وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ فَيُرَدُّ وَعَلَيْهِ حُمِلَ «رَدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَصِيرٍ لَمَّا جَاءَ فِي طَلَبَهُ رَجُلَانِ فَقَتَلَ أَحَدَهُمَا فِي الطَّرِيقِ وَأَفْلَتَ الْآخَرُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْهُ أَحَدٌ فَلَا يُرَدُّ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالرَّدُّ مَشْرُوطٌ مَا إذَا لَمْ يُشْرَطْ فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ مُطْلَقًا (وَلَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ الرُّجُوعُ) إلَيْهِمْ (بَلْ لَهُ قَتْلُ طَالِبِهِ) دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَدِينِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَبِي بَصِيرٍ امْتِنَاعَهُ وَقَتْلَ طَالِبِهِ. (وَلَنَا التَّعْرِيضُ لَهُ بِهِ) أَيْ بِقَتْلِهِ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي جَنْدَلٍ: حِينَ رُدَّ إلَى أَبِيهِ أَنَّ دَمَ الْكَافِرِ عِنْدَ اللَّهِ كَدَمِ الْكَلْبِ يُعَرِّضُ لَهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا الْتَزَمَ بِالْهُدْنَةِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْهُمْ وَيَمْنَعَ الَّذِينَ يُعَادُونَهُمْ، وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ يَوْمئِذٍ فَأَمَّا مَنْ أَسْلَمَ بَعْدُ فَلَمْ يَشْرِطْ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا وَلَا تَنَاوَلَهُ شَرْطُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي قَبْضَتِهِ وَخَرَجَ بِالتَّعْرِيضِ التَّصْرِيحُ فَيَمْتَنِعُ نَعَمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْهُدْنَةِ لَهُ أَنْ يُصَرِّحَ بِذَلِكَ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ عَلَى نَفْسِهِ أَمَانًا لَهُمْ وَلَا تَنَاوَلَهُ شَرْطُ الْإِمَامِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْنَا إعْطَاؤُهُ لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَيْسَ بِمَالٍ حَتَّى يَشْمَلَهُ الْأَمَانُ كَمَا لَا يَشْمَلُ الْأَمَانُ زَوْجَتَهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ رَدُّ بَدَلِهَا لَكَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ لِلْحَيْلُولَةِ فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ مَهْرُ الْمِثْلِ لَمْ يَجِبْ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ وَلَا يُرَدُّ صَبِيٌّ إلَخْ) مَا صَرَّحَ بِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ مِنْ امْتِنَاعِ الرَّدِّ يُخَالِفُ مَا رَجَّحَاهُ فِي بَابِ اللَّقِيطِ مِنْ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ بَيْنَ الصَّبِيِّ إذَا أَسْلَمَ وَبَيْنَ أَهْلِهِ مُسْتَحَبَّةٌ لَا وَاجِبَةٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكَلَامَ هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانُوا فِي دَارِنَا وَالْكَلَامُ هُنَا فِي جَوَازِ رَدِّهِ إلَى دَارِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُمْ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ اسْتِمَالَتِهِ وَرَدِّهِ إلَى الْكُفْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانُوا مُقِيمِينَ عِنْدَنَا فَإِنَّهُمْ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ وَأَيْضًا فَالصَّبِيُّ إذَا وَصَفَ الْإِسْلَامَ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَأْمُرَهُ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ لِيَتَمَرَّنَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ وَفِي رَدِّهِ إلَى دَارِ الْكُفْرِ تَضْيِيعٌ لِهَذَا الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَصِفْ شَيْئًا فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يُرَدَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجْبَارُ الْمُسْلِمِ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَى دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ الرُّجُوعُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعُ لَكِنْ فِي الْبَيَانِ أَنَّ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ أَنْ يَهْرَبَ مِنْ الْبَلَدِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا سِيَّمَا إذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْفِتْنَةَ بِالرُّجُوعِ (قَوْلُهُ وَلَنَا التَّعْرِيضُ لَهُ بِهِ) قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْإِمَامِ اهـ مَا ذَكَرَهُ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ نَعَمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 (وَلَا يُمْنَعُ الْإِقَامَةَ) عِنْدَنَا (بَلْ يُؤْمَرُ بِهَا نَدْبًا سِرًّا) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ الْإِمَامُ سِرًّا لَا تَرْجِعْ، وَإِنْ رَجَعْت فَاهْرَبْ إنْ قَدِرْت قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيَقُولُ لِلطَّالِبِ لَا أَمْنَعُك مِنْهُ إنْ قَدِرْت عَلَيْهِ وَلَا أُعِينُك إنْ لَمْ تَقْدِرْ (وَمَعْنَى الرَّدِّ لَهُ التَّخْلِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ) كَمَا فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ لَا إجْبَارُهُ عَلَى الرُّجُوعِ إذْ لَا يَجُوزُ إجْبَارُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْإِقَامَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ (فَلَوْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ الْإِمَامُ) إلَيْهِمْ (لَمْ يَصِحَّ) إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْبَعْثِ الرَّدُّ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَصِحُّ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ شَرَطَ الْإِمَامُ فِي الْهُدْنَةِ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِمْ مَنْ جَاءَهُ مُسْلِمًا فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: يَجِبُ الْوَفَاءُ بِشَرْطِهِ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ لَا يُعْتَبَرَ الطَّلَبُ وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِهَذَا الشَّرْطِ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ لَوْ طَلَبُوا مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ، وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى كُفْرِهِ مَكَّنَّاهُمْ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا شَرَطُوا أَنْ تَقُومَ بِرَدِّهِ عَلَيْهِمْ وَفَّيْنَا بِالشَّرْطِ انْتَهَى بِزِيَادَةٍ (فَصْلٌ) لَوْ (عُقِدَتْ) أَيْ الْهُدْنَةُ (بِشَرْطِ أَنْ يَرُدُّوا مَنْ جَاءَهُمْ) مِنَّا (مُرْتَدًّا صَحَّ) وَلَزِمَهُمْ الْوَفَاءُ بِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلًا أَمْ امْرَأَةً حُرًّا أَوْ رَقِيقًا (فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ رَدِّهِ فَنَاقِضُونَ) لِلْعَهْدِ لِمُخَالَفَتِهِمْ الشَّرْطَ (أَوْ) عُقِدَتْ (عَلَى أَنْ لَا يَرُدُّوهُ جَازَ وَلَوْ) كَانَ الْمُرْتَدُّ (امْرَأَةً) فَلَا يَلْزَمُهُمْ رَدُّهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ «شَرَطَ ذَلِكَ فِي مُهَادَنَةِ قُرَيْشٍ حَيْثُ قَالَ لِسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَقَدْ جَاءَ رَسُولًا مِنْهُمْ مَنْ جَاءَنَا مِنْكُمْ مُسْلِمًا رَدَدْنَاهُ وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا فَسُحْقًا سُحْقًا» وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَغْرَمُونَ) فِيهَا (مَهْرَهَا) أَيْ الْمُرْتَدَّةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تَقْتَضِي انْفِسَاخَ النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَوَقُّفَهُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَعْدَهُ فَإِلْزَامُهُمْ الْمَهْرَ مَعَ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ أَوْ إشْرَافِهِ عَلَى الِانْفِسَاخِ لَا وَجْهَ لَهُ (وَكَذَا) يَغْرَمُونَ (قِيمَةَ رَقِيقٍ) ارْتَدَّ دُونَ الْحُرِّ (فَإِنْ عَادَ) الرَّقِيقُ الْمُرْتَدُّ إلَيْنَا بَعْدَ أَخْذِنَا قِيمَتَهُ (رَدَدْنَاهَا) عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَهْرِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: لِأَنَّ الرَّقِيقَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ يَصِيرُ مِلْكًا لَهُمْ وَالنِّسَاءُ لَا يَصِرْنَ زَوْجَاتٍ قَالَ: وَيَغْرَمُ الْإِمَامُ لِزَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّا بِعَقْدِ الْهُدْنَةِ حُلْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلَوْلَاهُ لَقَاتَلْنَاهُمْ حَتَّى يَرُدُّوهَا وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْغُرْمُ لِزَوْجِهَا مُفَرَّعًا عَلَى الْغُرْمِ لِزَوْجِ الْمُسْلِمَةِ الْمُهَاجِرَةِ وَلَمْ أَرَهُ مُصَرَّحًا بِهِ، وَقَدْ يُشْعِرُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ بِخِلَافِهِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ يَصِيرُ مِلْكًا لَهُمْ جَارٍ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْبَيْعِ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِهِ لِلْكَافِرِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ ثَمَّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ (كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ) عَلَى الْخَيْلِ وَالسِّهَامِ وَنَحْوِهِمَا فَالْمُسَابَقَةُ تَعُمُّ الْمُفَاضَلَةَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: النِّضَالُ فِي الرَّمْيِ وَالرِّهَانُ فِي الْخَيْلِ وَالسِّبَاقُ فِيهِمَا (وَهِيَ لِقَصْدِ الْجِهَادِ سُنَّةٌ) لِلرِّجَالِ لِلْإِجْمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] الْآيَةَ وَفَسَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُوَّةَ فِيهَا بِالرَّمْيِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ «قَالَ أَجْرَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا ضَمُرَ مِنْ الْخَيْلِ مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَمَا لَمْ يَضْمُرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ قَالَ سُفْيَانُ مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ وَمِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ مِيلٌ» وَخَبَرِ أَنَسٍ «كَانَتْ الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تُسْبَقُ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فَسَبَقَهَا فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا إلَّا وَضَعَهُ» وَخَبَرِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ فَقَالَ ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا» رَوَاهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ الْإِمَامُ إلَيْهِمْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِهَذَا الشَّرْطِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْبَعْثَ فَكَأَنَّهُ مَنَعَهُمْ الْإِسْلَامَ وَالْهِجْرَةَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ [فَصْلٌ عُقِدَتْ الْهُدْنَةُ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدُّوا مَنْ جَاءَهُمْ مِنَّا مُرْتَدًّا] (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَرُدُّوهُ جَازَ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ الْأَحْرَارَ الْمَجَانِينَ بَعْدَ الرِّدَّةِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إلَيْهِمْ فِي حَالِ جُنُونِهِمْ نُطَالِبُهُمْ بِرَدِّهِمْ؛ لِأَنَّ مَجِيئَهُمْ إلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهِمْ فَلَا أَثَرَ لَهُ فَإِنْ ذَهَبُوا فِي حَالِ عَقْلِهِمْ ثُمَّ جُنُّوا هُنَاكَ لَمْ نُطَالِبْهُمْ بِرَدِّهِمْ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّ مُرَادَهُ بِالِاخْتِيَارِ الَّذِي نَفَاهُ عَنْ الْمَجْنُونِ الِاخْتِيَارُ الصَّادِرُ عَنْ رُؤْيَةٍ وَتَأَمُّلٍ وَإِلَّا فَلَهُ اخْتِيَارٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَبَانَ لِلدَّابَّةِ اخْتِيَارٌ وَقَوْلُهُ نُطَالِبُهُمْ بِرَدِّهِمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا وَجْهَ لَهُ) فَإِنْ قِيلَ وَجْهُهُ الْقِيَاسِ عَلَى مَنْ جَاءَتْنَا مِنْ نِسَائِهِمْ مُسْلِمَةً نَغْرَمُ الْمَهْرُ عَلَى قَوْلٍ سَبَقَ فَإِسْلَامُ تِلْكَ كَارْتِدَادِ هَذِهِ قُلْنَا ذَاكَ مِنْ أَجْلِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالصُّلْحِ وَمُرَاعَاةِ الْمُسْلِمَةِ نَغْرَمُ لَهُمْ عَلَى قَوْلٍ الْمَهْرَ لِظَاهِرِ آيَةِ الِامْتِحَانِ {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10] فَلَا يُقَالُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُسْلِمُ مَهْرَ بِضْعٍ بَائِنٍ مِنْهُ أَوْ مُشْرِفٍ عَلَى الْبَيْنُونَةِ اهـ وَقَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ وَجْهَهُ حُصُولِ حَيْلُولَتِهِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا إذْ لَوْلَاهَا لَأَكْرَهْنَاهَا عَلَى الرُّجُوعِ عَلَى الْإِسْلَامِ فَغَرِمُوا لِذَلِكَ كَاتِبَهُ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْغُرْمُ لِزَوْجِهَا مُفَرَّعًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ كَمَا قَالَ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فَقَالَ: وَبِسَبَبٍ وَلَا نَرُدُّ إلَى الْأَزْوَاجِ الْمُشْرِكِينَ عِوَضًا لَمْ نَأْخُذْ لِلْمُسْلِمِينَ فِيمَا فَاتَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ عِوَضًا. اهـ. [كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَفِيهِ بَابَانِ] (كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ) (قَوْلُهُ فَالْمُسَابَقَةُ نِعْمَ الْمُفَاضَلَةُ) وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} [يوسف: 17] أَيْ نَنْتَضِلُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ، وَهِيَ لِقَصْدِ الْجِهَادِ سُنَّةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ أَنَّ الْمُسَابَقَةَ وَالْمُنَاضَلَةَ سُنَّةٌ تَسَاوِيهِمَا فِي الْمَطْلُوبَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُنَاضَلَةُ آكَدُ فَفِي السُّنَنِ مَرْفُوعًا ارْمُوا وَارْكَبُوا، وَإِنْ تَرْمُوا خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّهْمَ يَنْفَعُ فِي السَّعَةِ وَالضِّيقِ كَمَوَاضِعِ الْحِصَارِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الْفَرَسِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ فِي الضِّيقِ بَلْ رُبَّمَا ضَرَّ اهـ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالْجِهَادِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَمُبَاحٌ إذَا قَصَدَ بِهِ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عُدَّةً لِلْجِهَادِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذَا قَصَدَ بِهِ اللَّهْوَ أَمَّا إذَا قَصَدَ تَعَلُّمَهُ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَغْرَاضِ الْمُحَرَّمَةِ فَلَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 الْبُخَارِيُّ وَخَبَرِ «لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ يُرْوَى سَبْقُ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرًا وَبِفَتْحِهَا الْمَالُ الَّذِي يُدْفَعُ إلَى السَّابِقِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُكْرَهُ لِمَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ تَرْكَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرْكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا أَوْ قَدْ عَصَى» (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي السَّبَقِ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِهِ، وَهِيَ عَشَرَةٌ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عُدَّةً لِلْقِتَالِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّأَهُّبُ لِلْقِتَالِ وَبِهَذَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: لَا يَجُوزُ السَّبَقُ وَالرَّمْيُ مِنْ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ أَهْلًا لِلْحَرْبِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِعِوَضٍ لَا مُطْلَقًا فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ عَائِشَةَ سَابَقَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (وَالْأَصْلُ) فِي السَّبَقِ (الْخَيْلُ وَالْإِبِلُ الْمَرْكُوبَةُ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهَا الَّتِي يُقَاتَلُ عَلَيْهَا غَالِبًا وَتَصْلُحُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ بِصِفَةِ الْكَمَالِ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ رَاكِبِ الْإِبِلِ السَّهْمَ الزَّائِدَ بِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ مَنُوطٌ بِزِيَادَةِ الْمَنْفَعَةِ، وَهِيَ فِي الْخَيْلِ مِنْ الِانْعِطَافِ وَالِالْتِوَاءِ وَسُرْعَةِ الْإِقْدَامِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْإِبِلِ وَخَرَجَ بِالْمَرْكُوبَةِ غَيْرُهَا كَالصَّغِيرَةِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَاَلَّذِي تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَيْهِ مِنْ الْخَيْلِ قِيلَ الَّذِي يُسْهَمُ لَهُ، وَهُوَ الْجَذَعُ أَوْ الثَّنْيُ وَقِيلَ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَالتَّقْيِيدُ بِالْمَرْكُوبَةِ فِي الْإِبِلِ وَتَرْجِيحُ اعْتِبَارِهِ فِي الْخَيْلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَيَجُوزُ) السَّبْقُ (عَلَى الْفِيلِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَالرَّمْيُ بِأَنْوَاعِ الْقِسِيِّ وَالسِّهَامِ) وَلَوْ بِمِسَلَّاتٍ وَإِبَرٍ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ السَّابِقِ (وَكَذَا الْمَزَارِيقُ) ، وَهِيَ الرِّمَاحُ الْقَصِيرَةُ (وَالزَّانَاتُ) بِالزَّايِ وَالنُّونِ، وَهِيَ الَّتِي لَهَا رَأْسٌ دَقِيقٌ وَحَدِيدَتُهَا عَرِيضَةٌ تَكُونُ مَعَ الدَّيْلَمِ وَهُمْ جِيلٌ مِنْ النَّاسِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَسْلِحَةٌ يَرْمِي بِهَا وَيَبْتَغِي بِهَا الْإِصَابَةَ كَالسِّهَامِ (وَرَمْيُ الْحَجَرِ بِالْيَدِ وَالْمِقْلَاعِ وَالْمَنْجَنِيقِ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ فِي الْحَرْبِ بِخِلَافِ إشَالَتِهِ بِالْيَدِ وَيُسَمَّى الْعِلَاجَ وَبِخِلَافِ الْمُرَامَاتِ بِأَنْ يَرْمِيَ كُلُّ وَاحِدٍ الْحَجَرَ أَوْ السَّهْمَ إلَى الْآخَرِ وَتُسَمَّى الْمُدَاحَاةَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَنْفَعَانِ فِي الْحَرْبِ (وَالتَّرَدُّدُ بِالسُّيُوفِ وَالرِّمَاحِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ يَنْفَعُ فِي الْحَرْبِ وَيَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةٍ وَحِذْقٍ (وَأَمَّا الْمُسَابَقَةُ عَلَى الْأَقْدَامِ وَالسِّبَاحَةُ) فِي الْمَاءِ (وَالزَّوَارِقُ وَالْبَقَرُ) وَنَحْوُهَا كَالْكِلَابِ (وَالطُّيُورُ وَالصِّرَاعُ وَالْمُشَابَكَةُ) بِالْيَدِ وَكُلُّ مَا يَنْفَعُ فِي الْحَرْبِ كَلِعْبِ شِطْرَنْجٍ وَخَاتَمٍ وَكُرَةِ صَوْلَجَانٍ وَرَمْيٍ بِبُنْدُقٍ وَوُقُوفٍ عَلَى رِجْلٍ وَمَعْرِفَةِ مَا فِي يَدٍ مِنْ شَفْعٍ وَوَتْرٍ (فَيَجُوزُ بِلَا عِوَضٍ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسَابَقَ هُوَ وَعَائِشَةُ عَلَى الْأَقْدَامِ» وَقِيسَ بِهِ الْبَقِيَّةُ أَمَّا بِعِوَضٍ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ آلَاتِ الْقِتَالِ؛ وَلِأَنَّ الزَّوَارِقَ سَبْقُهَا بِالْمَلَّاحِ لَا بِمَنْ يُقَاتِلُ فِيهَا وَالتَّجْوِيزُ بِلَا عِوَضٍ فِي الْبَقَرِ وَالتَّرْجِيحُ فِي الْمُشَابَكَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) عَلَى (مُنَاطَحَةِ الْكِبَاشِ وَمُهَارَشَةِ الدِّيَكَةِ) فَلَا تَجُوزُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا سَفَهٌ وَكَذَا عَلَى الْغَطْسِ فِي الْمَاءِ إلَّا إنْ جَرَتْ عَادَةٌ بِالِاسْتِعَانَةِ بِهِ فِي الْحَرْبِ فَكَالسِّبَاحَةِ الشَّرْطُ (الثَّانِي مَعْرِفَةُ الْمَوْقِفِ) الَّذِي يَجْرِيَانِ مِنْهُ (وَالْغَايَةُ) الَّتِي يَجْرِيَانِ إلَيْهَا لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ (وَتَسَاوِيهِمَا فِيهِمَا) فَلَوْ شَرَطَا تَقَدُّمَ مَوْقِفِ أَحَدِهِمَا أَوْ تَقَدُّمَ غَايَتِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مَعْرِفَةُ فَرُوسِيَّةِ الْفَارِسِ وَجَوْدَةِ سَيْرِ الْفَرَسِ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ مَعَ تَفَاوُتِ الْمَسَافَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّبَقَ حِينَئِذٍ لِقِصَرِ الْمَسَافَةِ لَا لِحِذْقِ الْفَارِسِ وَلَا لِفَرَاهَةِ الْفَرَسِ (فَلَوْ أَهْمَلَا الْغَايَةَ وَشَرَطَ أَنَّ الْمَالَ لِمَنْ سَبَقَ) مِنْهُمَا (أَوْ عَيَّنَا الْغَايَةَ وَقَالَا إنْ اتَّفَقَ السَّبَقُ فِي وَسَطِ الْمَيْدَانِ لِوَاحِدٍ) مِنَّا (كَانَ فَائِزًا بِالسَّبَقِ لَمْ يَصِحَّ) أَمَّا فِي الْأُولَى؛ فَلِأَنَّهُمَا قَدْ يُدِيمَانِ السَّيْرَ حِرْصًا عَلَى الْمَالِ فَيُتْعَبَانِ وَتَهْلِكَ الدَّابَّةُ وَلِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الدَّوَابِّ فِي قُوَّةِ السَّيْرِ فِي الِابْتِدَاءِ وَبَعْدَهُ فَتَعَيَّنَتْ الْمَعْرِفَةُ لِقَطْعِ النِّزَاعِ كَمَا فِي الثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا السَّبَقَ فِي خِلَالِ الْمَيْدَانِ لَاعْتَبَرْنَاهُ بِلَا غَايَةٍ مُعَيَّنَةٍ؛ وَلِأَنَّ الْفَرَسَ قَدْ يُسْبَقُ ثُمَّ يَسْبِقُ وَالْعِبْرَةُ بِآخِرِ الْمَيْدَانِ (وَلَوْ قَالُوا) الْأَنْسَبُ قَالَا بَعْدَ أَنْ عَيَّنَا غَايَةَ السَّبَقِ (إلَى هَذِهِ) الْغَايَةِ (فَإِنْ تَسَاوَيَا) فِيهِ (فَإِلَى غَايَةٍ) أُخْرَى (بَعْدَهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا) بَيْنَهُمْ (جَازَ) لِحُصُولِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ الشَّرْطِ (الثَّالِثُ) فِيمَا إذَا عَقَدَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَبِفَتْحِهَا الْمَالُ الَّذِي يُدْفَعُ إلَى السَّابِقِ) وَالثَّانِيَةُ أَثْبَتُ [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي السَّبَقِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِ السَّبَقِ] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ أَهْلًا لِلْحَرْبِ) مِثْلُهُنَّ الْخُنَاثَى وَتَعَقَّبَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا التَّعْلِيلَ وَقَالَ بَلْ هُنَّ أَهْلٌ لِلْحَرْبِ وَلَكِنْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْفُرُوسِيَّةِ وَالرَّمْيِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِنَّ (قَوْلُهُ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِعِوَضٍ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِبِلُ الْمَرْكُوبَةُ) بِأَنْ يَعْتَادَ الْمُسَابَقَةَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَتَرْجِيحُ اعْتِبَارِهِ فِي الْخَيْلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ السَّبَقُ عَلَى الْفِيلِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ) وَقَيَّدَهَا الْبُلْقِينِيُّ بِمَا يُعْتَادُ الْمُسَابَقَةُ عَلَيْهَا أَمَّا غَيْرُهَا فَالْمُسَابَقَةُ عَلَيْهَا لَا تُظْهِرُ فَرُوسِيَّتَهُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ السَّبَقِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَالصِّرَاعِ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَسَبَقَ قَلَمُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فَضَبَطَهُ بِضَمِّهَا وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَرَمْيٍ بِبُنْدُقٍ) تَبِعَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ الْبَغَوِيّ وَفِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ جَوَازُهُ وَحَكَاهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْخَذْفِ» ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْخَذْفَ الرَّمْيُ بِحَصَاةٍ وَنَحْوِهَا بَيْنَ الْإِصْبَعَيْنِ وَلَا تَحْصُلُ بِهِ نِكَايَةٌ فِي الْعَدُوِّ بِخِلَافِ رَمْيِ الْبُنْدُقِ بِالْقَوْسِ فَإِنَّ فِيهِ نِكَايَةً كَنِكَايَةِ الْمِسَلَّةِ فَيُرَجَّحُ فِيهِ الْجَوَازُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبُنْدُقِ الرَّمْيِ بِهِ إلَى حُفْرَةٍ وَنَحْوِهَا وَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِالْحُكْمِ السَّابِقِ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ، وَأَمَّا الرَّمْيُ بِهِ عَنْ قَوْسِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَبَالَغَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَزَعَمَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ لَكِنْ الْمَنْقُولُ فِي الْحَاوِي الْجَوَازُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَهُوَ أَقْرَبُ وَكَتَبَ أَيْضًا أَمَّا الْتِقَافٌ فَلَا نَقْلَ فِيهِ وَالْأَشْبَهُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ فِي حَالَةِ الْمُسَابَقَةِ وَقَدْ يَمْنَعُ خَشْيُهُ فَسَادَ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ د وَقَوْلُهُ وَالْأَشْبَهُ جَوَازُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 بِعِوَضٍ (الْمَالَ) فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِهِ كَكَلْبٍ (وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا) كَالثَّمَنِ هَذَا مُكَرَّرٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْطِ التَّاسِعِ (وَأَنْ يَحْصُلَ كُلُّهُ وَأَكْثَرُهُ لِلسَّابِقِ فَإِنْ تَسَابَقَا وَالْمَالُ مِنْ غَيْرِهِمَا) مَثَلًا (وَجَعَلَهُ لِلسَّابِقِ) مِنْهُمَا (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ (وَلَوْ جَعَلَ لِلثَّانِي) مِنْهُمَا (أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْعَى وَيَجْتَهِدُ فِي السَّبَقِ لِيَفُوزَ بِالْأَكْثَرِ (لَا) إنْ جَعَلَ لَهُ (مِثْلَهُ وَلَا أَكْثَرَ) مِنْهُ أَوْ جَعَلَهُ كُلَّهُ لَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى فَلَا يَجُوزُ وَإِلَّا لَمْ يَجْتَهِدْ أَحَدٌ فِي السَّبَقِ فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ (وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً) مَثَلًا (وَشَرَطَ الْمَالَ بَاذِلُهُ لِلْأَوَّلِ دُونَهُمْ) الْأَوْلَى دُونَ الْآخَرِينَ (جَازَ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَجْتَهِدُ فِي السَّبَقِ لِيَفُوزَ بِالْمَالِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَ لِلثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ) حَتَّى لَوْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُفَضِّلَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ (فَلَوْ شَرَطَ لِلثَّانِي الْأَكْثَرَ) أَوْ الْكُلَّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (لَمْ يَجُزْ) لِمَا مَرَّ فِي الِاثْنَيْنِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الثَّانِي وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ (أَوْ) شَرَطَ لَهُ (كَالْأَوَّلِ) أَيْ مِثْلَهُ (جَازَ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَجْتَهِدُ هُنَا أَنْ يَكُونَ أَوَّلًا أَوْ ثَانِيًا وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ عَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَجْتَهِدْ أَحَدٌ فِي السَّبْقِ (وَيُمْنَعُ) الْبَاذِلُ لِلْمَالِ (الثَّالِثَ أَوْ يُنْقِصُهُ) عَنْ الثَّانِي فَلَا يَشْتَرِطُ لَهُ مِثْلَهُ وَلَا أَكْثَرَ مِنْهُ (فَلَوْ مَنَعَ الثَّانِيَ) وَشَرَطَ لِلْآخَرَيْنِ كَأَنْ شَرَطَ لِلْأَوَّلِ عَشَرَةً وَلِلثَّالِثِ تِسْعَةً (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ الْمُسَمَّى بِالْفِسْكِلِ كَمَا يَأْتِي يَفْضُلُ مَنْ قَبْلَهُ وَأَصَحُّهُمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْبَابِ الْجَوَازُ وَيُقَامُ الثَّالِثُ مَقَامَ الثَّانِي وَكَأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ فَبُطْلَانُ الْمَشْرُوطِ فِي حَقِّ بَعْضِهِمْ لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي ثَمَّ وَاعْلَمْ أَنَّ خَيْلَ السِّبَاقِ يُقَالُ لِلْجَائِي مِنْهَا أَوَّلًا السَّابِقُ وَالْمُجْلِي وَثَانِيًا الْمُصَلِّي وَثَالِثًا الْمُسَلِّي وَرَابِعًا التَّالِي وَخَامِسًا الْعَاطِفُ وَيُقَالُ الْبَارِعُ وَسَادِسًا الْمُرْتَاحُ وَسَابِعًا الْمُرَمِّلُ بِالرَّاءِ وَيُقَالُ الْمُؤَمِّلُ بِالْهَمْزِ وَثَامِنًا الْخَطِّيُّ وَتَاسِعًا اللَّطِيمُ وَعَاشِرًا السُّكَيْتُ مُخَفَّفًا كَالْكُمَيْتِ وَمُثْقَلًا أَيْضًا وَيُقَالُ لَهُ الْفِسْكِلُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْكَافِ وَيُقَالُ بِضَمِّهِمَا وَقِيلَ فِيهِمَا غَيْرُ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ حَادِيَ عَشَرَ سَمَّاهُ الْمُقَرْدِحَ وَالْفُقَهَاءُ قَدْ يُطْلِقُونَهَا عَلَى رِكَابِ الْخَيْلِ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) وَاحِدٌ (مَنْ سَبَقَ) مِنْ هَؤُلَاءِ (فَلَهُ كَذَا فَجَاءُوا مَعًا وَتَأَخَّرَ وَاحِدٌ) مِنْهُمْ (اسْتَحَقُّوهُ دُونَهُ) فَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ قَالَ لِلْأَوَّلِ دِينَارٌ وَلِلثَّانِي نِصْفٌ) مِنْ دِينَارٍ (فَسَبَقَ وَاحِدٌ وَجَاءَ الْبَاقُونَ مَعًا أَخَذَ) أَيْ الْوَاحِدُ (الدِّينَارَ وَأَخَذُوا) أَيْ الْبَاقُونَ (النِّصْفَ) ، وَإِنْ جَاءُوا مَعًا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ (وَإِنْ سَبَقَ ثَلَاثَةٌ) مِنْهُمْ بِأَنْ جَاءُوا مَعًا (وَتَأَخَّرَ وَاحِدٌ فَلِلثَّلَاثَةِ دِينَارٌ وَلِلْوَاحِدِ نِصْفٌ) التَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) قَالَ (كُلُّ مَنْ سَبَقَ فَلَهُ دِينَارٌ فَسَبَقَ ثَلَاثَةٌ فَلِكُلٍّ) مِنْهُمْ (دِينَارٌ) الشَّرْطُ (الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مُحَلِّلٌ) إذَا شَرَطَ كُلٌّ مِنْهُمْ الْغُنْمَ وَالْغُرْمَ وَسُمِّيَ مُحَلِّلًا؛ لِأَنَّهُ يُحَلِّلُ الْعَقْدَ وَيُخْرِجُهُ عَنْ صُورَةِ الْقِمَارِ الْمُحَرَّمِ (فَإِنْ أَخْرَجَ الْمَالَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ اثْنَيْنِ (وَشَرَطَهُ لِلسَّابِقِ مِنْهُمَا جَازَ) لِانْتِفَاءِ صُورَةِ الْقِمَارِ (وَإِنْ أَخْرَجَاهُ مَعًا عَلَى أَنَّ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (يَأْخُذُ الْمَالَيْنِ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَغْنَمَ وَأَنْ يَغْرَمَ، وَهُوَ عَلَى صُورَةِ الْقِمَارِ (إلَّا بِمُحَلِّلٍ مُكَافِئٍ) فَرَسُهُ (لِفَرَسَيْهِمَا يَغْنَمُ إنْ سَبَقَ وَلَا يَغْرَمُ) إنْ سُبِقَ فَيَجُوزُ لِخُرُوجِهِ بِذَلِكَ عَنْ صُورَةِ الْقِمَارِ وَلِخَبَرِ «مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ، وَقَدْ أُمِنَ أَنْ يَسْبِقَهُمَا فَهُوَ قِمَارٌ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَسْبِقَهُمَا فَلَيْسَ بِقِمَارٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الثَّالِثَ لَا يَسْبِقُ يَكُونُ قِمَارًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا الثَّالِثُ فَأَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ قِمَارًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرَسُهُ مُكَافِئًا لِفَرَسَيْهِمَا بِأَنْ كَانَ ضَعِيفًا يُقْطَعُ بِتَخَلُّفِهِ أَوْ فَارِهًا يُقْطَعُ بِتَقَدُّمِهِ لَمْ يَجُزْ لِوُجُودِ صُورَةِ الْقِمَارِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَعْدُومِ، وَسَيَأْتِي هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ أَيْضًا وَذِكْرُهُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ شَرَطَ لِلْمُحَلِّلِ الْكُلَّ إنْ سَبَقَ) الْمُتَسَابِقَيْنِ (وَأَنَّ السَّابِقَ مِنْهُمَا يَأْخُذُ مَالَهُ فَقَطْ جَازَ) بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ شَرَطَ لِلْمُحَلِّلِ الْكُلَّ وَأَنَّ السَّابِقَ مِنْهُمَا يَأْخُذُهُ جَازَ أَيْضًا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ (وَالسَّابِقُ يُطْلَقُ عَلَى) السَّابِقِ (الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ إلَى الْفَهْمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَلَوْ جَاءَ الْمُحَلِّلُ أَوَّلًا ثُمَّ أَحَدُهُمَا ثُمَّ الثَّالِثُ أَخَذَ الْمُحَلِّلُ الْجَمِيعَ، وَإِنْ جَاءَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْمُحَلِّلِ أَحْرَزَ مَالَهُ ثُمَّ يُشَارِكُ الْمُحَلِّلَ) فِيمَا أَخْرَجَهُ الْآخَرُ (فَلَوْ تَوَسَّطَ الْمُحَلِّلُ) بَيْنَهُمَا (حَازَ الْأَوَّلُ الْجَمِيعَ) ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ (فَإِنْ سَبَقَاهُ وَجَاءَا مَعًا أَحْرَزَا مَالَهُمَا) أَيْ أَحْرَزَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَالَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ (وَيَجُوزُ مُحَلِّلَانِ فَأَكْثَرُ) فَلَوْ تَسَابَقَ اثْنَانِ وَمُحَلِّلَانِ فَسَبَقَ مُحَلِّلٌ ثُمَّ مُتَسَابِقٌ ثُمَّ الْمُحَلِّلُ الثَّانِي ثُمَّ الْمُتَسَابِقُ الثَّانِي أَوْ جَاءَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ مُحَلِّلٌ ثُمَّ الْمُحَلِّلُ الْآخَرُ فَالْجَمِيعُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ أَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ فِي مَسْأَلَةِ الثَّلَاثَةِ فِيمَا إذَا شَرَطَ لِلثَّانِي الْكُلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي وَحْدَهُ دُونَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ صَحِيحًا بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا وَكَأَنَّ الْعَقْدَ جَرَى بَيْنَهُمَا مِنْ الِابْتِدَاءِ وَالثَّانِي عُدِمَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ عَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَأَصَحُّهُمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ [فَرْعٌ قَالَ وَاحِدٌ مَنْ سَبَقَ مِنْ هَؤُلَاءِ فَلَهُ كَذَا فَجَاءُوا مَعًا وَتَأَخَّرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ] (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ مَنْ سَبَقَ فَلَهُ كَذَا) كَأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ مَنْ سَبَقَ فَلَهُ كَذَا فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ مَالُ الْمَصَالِحِ فَأَمَّا غَيْرُ مَالِ الْمَصَالِحِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ قَالَ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ يَكْتَفِيَ بِالْإِطْلَاقِ وَيَنْزِلُ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَصَالِحِ قُلْنَا الْأَرْجَحُ اعْتِبَارُ التَّقْيِيدِ وَقَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ مَالُ الْمَصَالِحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ يَكْتَفِيَ بِالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ صُورَةِ الْقِمَارِ) فَإِنَّ الْمُخْرِجَ حَرِيصٌ عَلَى أَنْ يَسْبِقَ كَيْ لَا يَغْرَمَ وَالْآخَرُ حَرِيصٌ عَلَيْهِ لِيَأْخُذَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 لِلسَّابِقِ الْأَوَّلِ الشَّرْطُ (الْخَامِسُ إمْكَانُ سَبْقِ كُلٍّ) مِنْ الْمُتَسَابِقَيْنِ وَالْمُحَلِّلِ (فَلَوْ نَدَرَ الْإِمْكَانَ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّسَابُقِ تُوقِعُ سَبْقَ كُلٍّ لِيَسْعَى فَيَتَعَلَّمُ أَوْ يُتَعَلَّمُ مِنْهُ فَلَا يَكْفِي الِاحْتِمَالُ النَّادِرُ كَذَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ (وَقَالَ الْإِمَامُ: لَوْ أَخْرَجَ الْمَالَ مَنْ يُقْطَعُ بِتَخَلُّفِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَاذِلِ جُعْلًا) فِي نَحْوِ قَوْلِهِ لِغَيْرِهِ ارْمِ كَذَا فَإِنْ أَصَبْت مِنْهُ كَذَا فَلَكَ هَذَا الْمَالُ وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَهُ مَنْ يُقْطَعُ بِسَبْقِهِ وَهَذِهِ مُسَابِقَةٌ بِلَا مَالٍ (وَلَوْ أَخْرَجَاهُ مَعًا وَلَا مُحَلِّلَ وَأَحَدُهُمَا يُقْطَعُ بِسَبْقِهِ فَالسَّابِقُ مُحَلِّلٌ) أَيْ كَالْمُحَلِّلِ (لِأَنَّهُ لَا يَغْرَمُ) شَيْئًا وَشَرْطُ الْمَالِ مِنْ جِهَتِهِ لَغْوٌ (وَهُوَ) أَيْ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ حَسَنٌ (وَلَوْ اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ) الْأَوْلَى النَّوْعُ (كَعَتِيقٍ وَهَجِينٍ) مِنْ الْخَيْلِ (وَنَجِيبٍ وَبُخْتِيٍّ) مِنْ الْإِبِلِ (جَازَ) السِّبَاقُ عَلَيْهِمَا إذَا لَمْ يَنْدُرْ سَبْقُ أَحَدِهِمَا (كَمَا فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ وَأُلْحِقَ بِهِمَا حِمَارٌ وَبَغْلٌ) لِتَقَارُبِهِمَا (لَا) إنْ اخْتَلَفَ (الْجِنْسَانِ) الْأَوْلَى الْجِنْسُ (كَفَرَسٍ وَبَعِيرٍ) أَوْ فَرَسٍ وَحِمَارٍ (وَلَوْ أَمْكَنَ سَبْقُ كُلٍّ) مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْبَعِيرَ وَالْحِمَارَ لَا يُلْحِقَانِ الْفَرَسَ غَالِبًا الشَّرْطُ (السَّادِسُ تَعْيِينُ الْمَرْكُوبَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ سَيْرِهِمَا، وَهُوَ يَقْتَضِي التَّعْيِينَ (وَلَوْ) كَانَ تَعْيِينُهُمَا (بِالْوَصْفِ) كَمَا فِي الرِّبَا وَالسَّلَمِ (وَيَنْفَسِخُ) الْعَقْدُ (بِمَوْتِ الْمُشَارِ إلَيْهِ) كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ اخْتِيَارُهُ (لَا) بِمَوْتِ (الْمَوْصُوفِ) كَالْأَجِيرِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَرْكُوبَيْنِ يَتَعَيَّنَانِ بِالتَّعَيُّنِ لَا بِالْوَصْفِ فَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْأَوَّلِ وَيَجُوزُ فِي الثَّانِي وَفِي مَعْنَى الْمَوْتِ الْعَمَى وَذَهَابُ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ (السَّابِعُ أَنْ يَرْكَبَا) الْمَرْكُوبَيْنِ (لِلْمُسَابَقَةِ وَلَا يُرْسِلَا) هُمَا فَلَوْ شَرَطَا إرْسَالَهُمَا لِيَجْرِيَا بِأَنْفُسِهِمَا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُمَا يَنْفِرَانِ بِهِ وَلَا يَقْصِدَانِ الْغَايَةَ بِخِلَافِ الطُّيُورِ إذَا جَوَّزْنَا الْمُسَابَقَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ لَهَا هِدَايَةً إلَى قَصْدِ الْغَايَةِ (الثَّامِنُ أَنْ لَا تَقْطَعَهُمَا) أَيْ الْمَرْكُوبَيْنِ (الْمَسَافَةَ) فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُهُمَا قَطْعُهَا بِلَا انْقِطَاعٍ وَتَعَبٍ وَإِلَّا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ (التَّاسِعُ كَوْنُ الْمَالِ) عَيْنًا أَوْ دَيْنًا (مَعْلُومًا كَالْأُجْرَةِ) فَلَوْ شَرَطَا مَالًا مَجْهُولًا كَثَوْبٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ أَوْ دِينَارٍ إلَّا ثَوْبًا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ (فَإِنْ كَانَ) لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (مَالٌ فِي الذِّمَّةِ وَجَعَلَاهُ عِوَضًا) بِأَنْ قَالَ لَهُ: إنْ سَبَقْتنِي فَلَكَ عَلَيَّ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَيْك (فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ) فَيَجُوزُ (وَلِلْأَجْنَبِيِّ) إذَا أَخْرَجَ الْمَالَ (أَنْ يَشْرِطَ لِأَحَدِهِمَا إذَا سَبَقَ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ) وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ إذَا سَبَقَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَإِنْ أَخْرَجَهُ الْمُتَسَابِقَانِ فَلِأَحَدِهِمَا إخْرَاجُ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ) وَلَا بُدَّ مِنْ مُحَلِّلٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ اشْتِرَاطُ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ فِي مَخْرَجِ الْمَالِ دُونَ الْآخَرِ وَالْأَرْجَحُ اعْتِبَارُ إسْلَامِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ انْتَهَى. وَفِي الثَّانِي وَقْفَةٌ (الْعَاشِرُ اجْتِنَابُ شَرْطٍ مُفْسِدٍ فَإِنْ قَالَ إنْ سَبَقْتنِي فَلَكَ هَذَا الدِّينَارُ وَلَا أَرْمِي) أَوْ لَا أُسَابِقُك (بَعْدَهَا أَوْ لَا أُسَابِقُك إلَى شَهْرٍ بَطَلَ الْعَقْدُ) كَمَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ؛ وَلِأَنَّهُ شَرْطُ تَرْكِ قُرْبَةٍ مَرْغُوبٍ فِيهَا فَفَسَدَ وَأَفْسَدَ الْعَقْدَ (وَكَذَا) يَبْطُلُ (لَوْ شَرَطَ) عَلَى السَّابِقِ (أَنْ يُطْعِمَهُ) أَيْ الْمَالَ (أَصْحَابَهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِشَرْطٍ يَمْنَعُ كَمَالَ التَّصَرُّفِ فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ [فَصْلٌ الْمُعْتَبَرُ فِي السَّبَقِ] (فَصْلٌ اعْتِبَارُ السَّبَقِ فِي الْخَيْلِ) وَنَحْوِهَا (بِالْعُنُقِ) وَيُسَمَّى الْهَادِيَ (وَ) فِي (الْإِبِلِ) وَنَحْوِهَا (بِالْكَتَدِ) بِفَتْحِ التَّاءِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا، وَهُوَ مَجْمَعُ الْكَتِفَيْنِ بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ وَيُسَمَّى الْكَاهِلَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخَيْلَ تَمُدُّ أَعْنَاقَهَا فِي الْعَدْوِ بِخِلَافِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا تَرْفَعُهَا فِيهِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا فَالْمُتَقَدِّمُ بِبَعْضِ الْعُنُقِ أَوْ الْكَتَدِ سَابِقٌ (فَإِنْ طَالَ عُنُقُ السَّابِقِ مِنْ الْفَرَسَيْنِ اُعْتُبِرَ) فِي السَّبَقِ (زِيَادَةٌ) مِنْهُ (عَلَى قَدْرِ الْآخَرِ) -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ) أَيْ كَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَوْ أَخْرَجَ الْمَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ) أَيْ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ حَسَنٌ تَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ إذَا قَطَعَ بِتَخَلُّفِ الْمُخْرِجِ لِلْمَالِ أَوْ بِسَبَقِ الْمُحَلِّلِ لَمْ تَظْهَرْ الْفُرُوسِيَّةُ الْمَقْصُودَةُ بِالْعَقْدِ فَيَبْطُلُ وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ إنْ أَصَبْت كَذَا فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَحْرِيضًا لَهُ عَلَى الْإِصَابَةِ قَالَ فِي الْأَظْهَرِ عِنْدَنَا مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ قَالَ شَيْخُنَا مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ هُوَ الْأَوْجَهُ (قَوْلُهُ السَّادِسُ تَعْيِينُ الْمَرْكُوبَيْنِ) أَيْ وَالرَّاكِبَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُهُمَا بِالْوَصْفِ) بِخِلَافِ وَصْفِ الْفَارِسَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ اشْتِرَاطُ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ إلَخْ) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ دُونَ الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ إمَّا آخِذًا لِلْمَالِ وَإِمَّا غَيْرَ غَارِمٍ (قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ اعْتِبَارُ إسْلَامِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ أُبِيحَ لِلْمُسْلِمِينَ لِيَتَقَوَّوْا عَلَى جِهَادِ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ التَّاسِعُ كَوْنُ الْمَالِ مَعْلُومًا) أَيْ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ اعْتِبَارُ إسْلَامِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ اعْتِبَارُ السَّبَقِ فِي الْخَيْلِ إلَخْ) قَالَ الكوهكيلوني لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ السَّبَقَ فِي غَيْرِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ بِمَاذَا قُلْت السَّبَقُ بِعُنُقِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَبِعُنُقِ الْفِيلِ أَوْ بِكَتِفِهِ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ بِكَتَدِ الْإِبِلِ وَعُنُقِ غَيْرِهَا كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَجْمَعُ الْكَتِفَيْنِ إلَخْ) فِي مَوْضِعِ السَّنَامِ مِنْ الْإِبِلِ هَذَا أَحَدُ تَأْوِيلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ الْكَتِفُ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ تَأْوِيلَيْنِ أَحَدَهُمَا الْكَتِفُ وَالثَّانِيَ مَا بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ، وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْكَتِفَيْنِ فِي مَوْضِعِ السَّنَامِ مِنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخَيْلَ تَمُدُّ أَعْنَاقَهَا إلَخْ) اقْتَضَى أَنَّ الْخَيْلَ لَوْ كَانَتْ تَرْفَعُهَا اُعْتُبِرَ فِيهَا الْكَتَدُ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ التَّصْرِيحَ بِهِ عَنْ الْفُورَانِيِّ وَالْجُرْجَانِيِّ وَاعْتَمَدَاهُ فَجَعْلُ الشَّيْخَيْنِ ذَلِكَ وَجْهًا ضَعِيفًا عَجِيبٌ وَقَوْلُهُ اُعْتُبِرَ فِيهَا بِالْكَتَدِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ زِيَادَةٌ عَلَى قَدْرِ الْآخَرِ) فَإِنْ تَقَدَّمَ بِزِيَادَةِ الْخِلْقَةِ فَمَا دُونَهَا فَلَيْسَ بِسَابِقٍ، وَإِنْ تَقَدَّمَ بِأَكْثَرَ مِنْهَا فَهُوَ سَابِقٌ أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الَّذِي هُوَ أَقْصَرُ عُنُقًا فَهُوَ السَّابِقُ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَوْ شَرَطَا لِلسَّبَقِ التَّقَدُّمَ بِشَيْءٍ تَعَيَّنَ مَا شَرْطَاهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 (فَرْعٌ) لَوْ (سَبَقَ أَحَدُهُمَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَسَطَ (الْمَيْدَانِ وَالثَّانِي آخِرَهُ فَالسَّابِقُ الثَّانِي) ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِآخِرِهِ (وَإِنْ عَثَرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الْمَرْكُوبَيْنِ (أَوْ وَقَفَ) بَعْدَ مَا جَرَى (لِمَرَضٍ) أَوْ نَحْوِهِ (فَسُبِقَ فَلَا سَبْقٌ أَوْ) وَقَفَ (بِلَا عِلَّةٍ فَمَسْبُوقٌ لَا) إنْ وَقَفَ (قَبْلَ أَنْ يَجْرِيَ) فَلَيْسَ مَسْبُوقًا سَوَاءٌ أَوَقَفَ لِمَرَضٍ أَمْ غَيْرِهِ (وَلَوْ شَرَطَا السَّبَقَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ لِمَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا (بِأَذْرُعٍ مَعْلُومَةٍ) بَيْنَهُمَا عَلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ (جَازَ) وَالْغَايَةُ فِي الْحَقِيقَةِ نِهَايَةُ الْأَذْرُعِ الْمَشْرُوطَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَكِنَّهُ شَرَطَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ تَخَلُّفَ الْآخَرِ عَنْهَا بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ (وَلِيَجْرِيَا) أَيْ الْمُتَسَابِقَانِ بِالْمَرْكُوبَيْنِ (فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَعْدَ التَّسَاوِي فِي الْأَقْدَامِ) بِالْمَوْقِفِ وَالتَّصْرِيحُ بِاعْتِبَارِ التَّسَاوِي فِي ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَفِي تَعْبِيرِهِ كَغَيْرِهِ بِالْأَقْدَامِ تَجَوُّزٌ فَلَوْ عَبَّرَ بِالْقَوَائِمِ كَانَ أَوْلَى (وَيُسْتَحَبُّ جَعْلُ قَصَبَةٍ فِي الْغَايَةِ يَأْخُذُهَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ يَقْطَعُهَا (السَّابِقُ) لِيَظْهَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَبْقُهُ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْمُسَابَقَةِ] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا) أَيْ الْمُسَابَقَةِ (عَقْدُهَا لَازِمٌ كَالْإِجَارَةِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَاللُّزُومُ فِي حَقِّ مُخْرِجِ الْمَالِ) وَلَوْ غَيْرَ الْمُتَسَابِقَيْنِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مُحَلِّلًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَلَا لُزُومَ فِي الْمُسَابَقَةِ بِلَا عِوَضٍ وَلِمَنْ كَانَ الْعَقْدُ فِي حَقِّهِ جَائِزًا فَسْخُهُ وَلَوْ بِلَا عَيْبٍ دُونَ مَنْ كَانَ فِي حَقِّهِ لَازِمًا فَلَا يُفْسَخُ إلَّا بِسَبَبٍ كَمَا قَالَ (وَيُفْسَخُ بِعَيْبٍ) ظَهَرَ (فِي الْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ) كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا أَوْ بِمُوَافَقَةِ الْآخَرِ لَهُ عَلَى الْفَسْخِ وَلَا يَتْرُكُ الْعَمَلَ إلَّا إنْ سَبَقَ وَامْتَنَعَ لُحُوقُ الْآخَرِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَهُ تَرْكُهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (وَيُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ (الْقَبُولُ بِالْقَوْلِ إنْ سَبَّقَ أَحَدُهُمَا) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ أَيْ أَخْرَجَ السَّبَقَ بِفَتْحِهَا وَظَاهِرُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ فِيمَا لَوْ سَبَّقَا مَعًا فَلَوْ تَرَكَ التَّقْيِيدَ كَانَ أَوْلَى وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ لَفْظًا (وَلَا يُكَلَّفُ الْمُسَبِّقُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا (الْبُدَاءَةُ بِالتَّسْلِيمِ) لِلْمَالِ (بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ) تُسَلَّمُ لِلْمُكْرِي بِالْعَقْدِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّ فِي الْمُسَابَقَةِ خَطَرًا فَيَبْدَأُ فِيهَا بِالْعَمَلِ (وَيَصِحُّ ضَمَانُ السَّبَقِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ (وَالرَّهْنُ بِهِ) وَلَوْ قَبْلَ الْعَمَلِ إنْ كَانَ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ كَالْأُجْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا نَعَمْ يَجُوزُ لِلْكَفِيلِ الْتِزَامُ تَسْلِيمِهِ كَمَا فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ (وَإِنْ كَانَ) الْعِوَضُ عَيْنًا لَزِمَ الْمُسَبِّقَ تَسْلِيمُهَا فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ وَحَبَسَهُ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَ) إنْ (تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ) فَرَاغِ (الْعَمَلِ ضُمِنَتْ) عَلَيْهِ كَالْمَبِيعِ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ (أَوْ قَبْلَهُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ) كَالْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ (لَا إنْ مَرِضَتْ) يَعْنِي تَعَيَّبَتْ بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ (بَلْ يُنْتَظَرُ زَوَالُهُ) أَيْ الْعَيْبِ كَالْمَبِيعِ وَيَنْبَغِي فِيهِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ (وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَعَقَدَ الْمُسَابَقَةَ بِعَشَرَةٍ) مَثَلًا (فَجَمْعُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ) فِي صَفْقَةٍ فَيَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسَابَقَةَ لَازِمَةٌ (وَإِنْ بَانَ الْعَقْدُ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ (فَاسِدًا فَلِلسَّابِقِ) الْمَشْرُوطُ لَهُ الْمَالُ عَلَى الْمُلْتَزِمِ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) كَالْإِجَارَةِ وَالْقِرَاضِ الْفَاسِدَيْنِ (وَهِيَ مَا يُتَسَابَقُ بِمِثْلِهِ فِي) مِثْلِ (تِلْكَ الْمَسَافَةِ) غَالِبًا (فَلَوْ فَسَدَ عِوَضُ) السَّابِقِ (الْأَوَّلِ) مَثَلًا (اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَلَمْ يَبْطُلْ مُسَمَّى مَنْ بَعْدَهُ) وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْمَشْرُوطِ لَهُ زَائِدًا عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا وَقَعَ فِيمَا يُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ بِهِ [الْبَابُ الثَّانِي فِي الرَّمْيِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِ الرَّمْيِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الرَّمْيِ وَفِيهِ طَرَفَانِ) (الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِهِ، وَهِيَ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ الْمُحَلِّلُ كَمَا) مَرَّ بَيَانُهُ (فِي السَّبَقِ وَالْحِزْبَانِ) فِي ذَلِكَ (كَالشَّخْصَيْنِ) فَإِنْ أَخْرَجَ الْمَالَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَجْنَبِيٌّ جَازَ، وَإِنْ أَخْرَجَاهُ اُشْتُرِطَ مُحَلِّلٌ إمَّا وَاحِدٌ أَوْ حِزْبٌ (وَالْمُحَلِّلُ) يَكُونُ (مِنْ غَيْرِهِمَا) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ (وَلَوْ أَخْرَجَهُ الْحِزْبَانِ عَلَى أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ أَحَدِهِمَا (إذَا غَنِمَ حِزْبُهُ يَغْنَمُ مَعَهُمْ وَلَا يَغْرَمُ) شَيْئًا (إذَا غَرِمُوا أَوْ اشْتَمَلَ كُلُّ حِزْبٍ) مِنْهُمَا (عَلَى مُحَلِّلٍ هَكَذَا) أَيْ عَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ (لَمْ يَجُزْ إذْ شَرْطُ الْمُحَلِّلِ أَنْ لَا يُشَارِكَهُ أَصْحَابُهُ) فِي الْمَالِ وَهُنَا يُشَارِكُونَهُ فِيهِ (فَإِنْ شَرَطَ كُلٌّ مِنْهُمْ) الْأُولَى مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْحِزْبَيْنِ (الْمَالَ) كُلَّهُ (لِمُحَلِّلِهِمْ إنْ غَلَبُوا لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فَائِزًا لِغَيْرِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ أَحَدُهُمَا الشَّرْطُ (الثَّانِي اتِّحَادُ الْجِنْسِ) لِآلَاتِ الرَّمْيِ (فَلَوْ كَانَتْ سِهَامًا وَمَزَارِيقَ لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ كَمَا فِي الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ مَعَ الْإِبِلِ (وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ نَوْعٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ عَقْدُهَا لَازِمٌ) مِثْلُهُ عَقْدُ الْمُنَاضَلَةِ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ ضَمَانُ السَّبَقِ وَالرَّهْنِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا إلَخْ) قَالَ الْفَتِيُّ هَذَا الِاخْتِصَارُ لِكَلَامِ الرَّوْضَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَخَّصْت كَلَامَ الرَّوْضَةِ وَقُلْت وَيَصِحُّ ضَمَانُ السَّبَقِ وَالرَّهْنِ بِهِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا لَزِمَهُ تَسْلِيمُهَا وَيُجْبَرُ وَيُحْبَسُ إنْ امْتَنَعَ وَلَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْعَمَلِ ضُمِنَتْ فَلْتُصَلَّحْ النُّسَخُ هَكَذَا (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي ثُبُوتُ الْخِيَارِ) قَدْ شَمِلَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ وَيَنْفَسِخُ بِعَيْبٍ فِي الْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ (الْبَابُ الثَّانِي فِي الرَّمْيِ) (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ أَحَدُهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 كَالْقَوْسِ الْعَرَبِيِّ مَعَ) الْقَوْسِ (الْفَارِسِيِّ وَكَالنَّبْلِ) وَهُوَ مَا يُرْمَى بِهِ عَنْ الْقَوْسِ الْعَرَبِيَّةِ (مَعَ النُّشَّابِ) ، وَهُوَ مَا يُرْمَى بِهِ عَنْ الْفَارِسِيَّةِ كَاخْتِلَافِ أَنْوَاعِ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ (وَمِنْ النَّوْعِ) أَيْ أَنْوَاعِ الْقِسِيِّ (قَوْسُ الْحُسْبَانِ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْوَصَايَا (ثُمَّ إنْ عَيَّنَا) أَيْ الْمُتَنَاضَلَانِ (نَوْعًا) مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا (تَعَيَّنَ وَلَمْ يُبَدَّلْ فَإِنْ أُبْدِلَ) وَلَوْ (بِدُونِ الشَّرْطِ) كَمَا إذَا عَيَّنَا الْفَارِسِيَّةَ فَأُبْدِلَتْ بِالْعَرَبِيَّةِ (لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ اسْتِعْمَالُهُ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ وَرَمْيُهُ بِهِ أَجْوَدَ (وَإِنْ عَيَّنَا قَوْسًا أَوْ سَهْمًا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَجَازَ إبْدَالُهُ) بِمِثْلِهِ (مِنْ نَوْعِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ خَلَلٌ يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَهُ (بِخِلَافِ الْفَرَسِ) الْمُعَيَّنِ لَا يُبَدَّلُ بِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُبَدَّلَ فَسَدَ الْعَقْدُ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الرَّامِي قَدْ تَعْرِضُ لَهُ أَحْوَالٌ خَفِيَّةٌ تَحُوجُهُ إلَى الْإِبْدَالِ وَفِي مَنْعِهِ مِنْهُ تَضْيِيقٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَأَشْبَهَ تَعْيِينَ الْمِكْيَالِ فِي السَّلَمِ (وَلَوْ أَطْلَقَا) الْعَقْدَ (وَلَمْ يُعَيِّنَا نَوْعًا جَازَ) ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ نَوْعٌ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَتَرَامَوْنَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الرَّامِي (وَفَسَخَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَفُسِخَ الْعَقْدُ فِي هَذِهِ (إنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى نَوْعٍ أَوْ) عَلَى (نَوْعَيْنِ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (نَوْعٌ) بِأَنْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا نَوْعًا وَالْآخَرُ آخَرَ وَأَصَرَّا عَلَى الْمُنَازَعَةِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ جَازَ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ الشَّرْطُ (الثَّالِثُ تَكَافُؤُهُمَا) أَيْ تَقَارُبُ الْمُتَنَاضَلَيْنِ فِي الْحَذْفِ بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَاضِلًا وَمَنْضُولًا فَإِنْ تَفَاوَتَا فَكَانَ أَحَدُهُمَا مُصِيبًا فِي أَكْثَرِ رَمْيِهِ وَالْآخَرُ مُخْطِئًا فِي أَكْثَرِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ حَذْفَ النَّاضِلِ مَعْلُومٌ بِلَا نِضَالٍ فَأَخْذُهُ الْمَالَ كَأَخْذِهِ بِلَا نِضَالٍ وَقِيلَ يَجُوزُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَيْهِ (وَإِمْكَانُ الْإِصَابَةِ وَالْخَطَأِ فَيَبْطُلُ) الْعَقْدُ (إنْ امْتَنَعَتْ الْإِصَابَةُ) عَادَةً (لِصِغَرِ الْغَرَضِ) أَوْ بُعْدِ الْمَسَافَةِ أَوْ كَثْرَةِ الْإِصَابَةِ الْمَشْرُوطَةِ (وَ) ذَلِكَ مِثْلُ (إصَابَةِ عَشَرَةٍ مُتَوَالِيَةٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُفْضِي إلَى مَقْصُودِهِ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ بَذْلِ الْمَالِ الْحَثُّ عَلَى الْمُرَامَاةِ طَمَعًا فِي الْمَالِ وَالْمُمْتَنِعُ لَا يُسْعَى فِيهِ (وَكَذَا) يَبْطُلُ (لَوْ نَدَرَتْ) أَيْ الْإِصَابَةُ (كَإِصَابَةِ تِسْعَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ) وَكَالتَّنَاضُلِ إلَى مَسَافَةٍ يَنْدُرُ فِيهَا الْإِصَابَةُ وَالتَّنَاضُلِ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ قَدْ يَتَرَاءَى لَهُمَا لِبُعْدِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَالتَّمْثِيلُ الْمَذْكُورُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ تَيَقَّنَتْ) أَيْ الْإِصَابَةُ عَادَةً (كَإِصَابَةِ حَاذِقٍ وَاحِدًا مِنْ مِائَةٍ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ خَطَرٌ لِيَتَأَنَّقَ الرَّامِي فِي الْإِصَابَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ لِيَتَعَلَّمَ الرَّمْيَ بِمُشَاهَدَةِ رَمْيِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْبُلْقِينِيُّ الشَّرْطُ (الرَّابِعُ الْإِعْلَامُ) بِأُمُورٍ يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِاخْتِلَافِهَا (فَيُبَيِّنَانِ عَدَدَ الْإِصَابَةِ كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْإِصَابَةِ وَبِهَا يَتَبَيَّنُ حِذْقُ الرَّامِي وَجَوْدَةُ رَمْيِهِ (وَ) يُبَيِّنَانِ (صِفَتَهَا مِنْ الْقَرْعِ، وَهُوَ الْإِصَابَةُ) وَلَوْ بِلَا خَدْشٍ (وَالْخَزْقَ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ (وَهُوَ أَنْ يَثْقُبَ) الْغَرَضَ (وَلَا يَثْبُتَ) فِيهِ بِأَنْ يَعُودَ أَوْ يَمْرُقَ (وَالْخَسْقَ، وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ) فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ كَافٍ فَلَا يَضُرُّ مَا فَوْقَهُ مَا دُونَهُ وَلَا يَضُرُّ سُقُوطُهُ بَعْدَ مَا ثَبَتَ كَمَا لَوْ نَزَعَ بِقِرْبَةٍ مَا سَيَأْتِي فِي الطَّرَفِ الثَّانِي (وَالْخُرْمَ، وَهُوَ أَنْ يَخْرِمَ طَرَفَ الْغَرَضِ وَالْمَرَقَ) بِالرَّاءِ (وَهُوَ أَنْ) يَثْقُبَهُ وَ (يَخْرُجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ) لِلْعَقْدِ (وَيَقْنَعُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا) فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنْ نَصَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا تَعَيَّنَ هُوَ أَوْ مَا فَوْقَهُ (وَأَمَّا الْمَسَافَةُ) الَّتِي يَرْمِيَانِ فِيهَا أَيْ بَيَانُهَا (وَبَيَانُ طُولِ الْغَرَضِ وَعَرْضِهِ وَارْتِفَاعِهِ مِنْ الْأَرْضِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لِلرُّمَاةِ (عُرْفٌ) غَالِبٌ فِي ذَلِكَ (وَجَبَ بَيَانُهُ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (وَإِلَّا فَلَا) يَجِبُ بَيَانُهُ بَلْ يُتَّبَعُ الْعُرْفُ فِيهِ كَمَوَاضِعِ النُّزُولِ بِالطَّرِيقِ وَالْمَغَالِيقِ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّارِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْغَرَضُ عَلَى هَدَفٍ أَمْ لَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ نَوْعِ مَا يَرْمِي بِهِ كَالْقَوْسِ الْعَرَبِيِّ وَالْفَارِسِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ نَوْعٌ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا وَأَطْلَقَ أَيْضًا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ بَيَانُ عَدَدِ الرَّمْيِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِعَادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَذَكَرَ فِي اشْتِرَاطِ الْبَادِئِ نَحْوَهُ وَهُمَا مُخَالِفَانِ لِكُلٍّ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ وَالْمُتَّجَهُ اسْتِوَاءُ الْجَمِيعِ فِي اعْتِبَارِ الْعَادَةِ أَوْ عَدَمِهَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْأَصْلِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ فِي الْأَخِيرَيْنِ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا بِخِلَافِ مَا يَرْمِي بِهِ، وَأَمَّا الْمَسَافَةُ التَّابِعُ لَهَا مَا ذَكَرَ مَعَهَا فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْمَسَافَةِ الْمُسْتَأْجَرِ لِقَطْعِهَا بِسَيْرِ الدَّابَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَالْإِصَابَةُ) لِلْغَرَضِ (مُمْكِنَةٌ فِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا) رَوَى الطَّبَرَانِيُّ أَنَّهُ قِيلَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ كَيْفَ كُنْتُمْ تُقَاتِلُونَ الْعَدُوَّ فَقَالَ إذَا كَانُوا عَلَى مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا قَاتَلْنَاهُمْ بِالنَّبْلِ وَإِذَا كَانُوا عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَاتَلْنَاهُمْ بِالْحِجَارَةِ وَإِذَا كَانُوا عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَاتَلْنَاهُمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عَيَّنَا نَوْعًا إلَخْ) فَلَوْ لَمْ يُعَيِّنَا نَوْعَهُ فَهَلْ يَقُومُ تَعْيِينُ الْقَوْسِ مَقَامَ تَعْيِينِ النَّوْعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَمْ نَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَقُومُ هُنَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ بَقِيَ الْعُمُومُ إذْ لَا عُمُومَ فِي تَعْيِينِ الْقَوْسِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ حَذْفَ النَّاضِلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَيْهِ) وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ لَيْسَ بِتَفْسِيرٍ مُعْتَمَدٍ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْمَرْقَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَيَقَعَ مِنْهُ، وَبِهِ فَسَّرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَقَالَ: إنَّهُ مِنْ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمْيَةِ فَلَمْ يَبْقَ لِلْمَارِقِ فِي الدِّينِ عَلَقَةً كَمَا أَنَّ السَّهْمَ مَرَقَ مِنْ الرَّمْيَةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا عَلَقَةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ بَيَانُهُ) بَلْ يُتَّبَعُ الْعُرْفُ فِيهِ لَوْ كَانَتْ هُنَاكَ عَادَةً مَعْرُوفَةً وَلَكِنْ الْمُتَنَاضَلُونَ غُرَبَاءُ يَجْهَلُونَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا قس وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ غَرَضٌ مَعْلُومٌ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يُرْمَى بِهِ) إذْ الِاعْتِمَادُ فِي الرَّمْيِ عَلَى الرَّامِي لَا عَلَى مَا يُرْمَى بِهِ (قَوْلُهُ فِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا) هَذَا الذِّرَاعُ لَمْ يُبَيِّنْهُ الْأَصْحَابُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ ذِرَاعُ الْيَدِ الْمُعْتَبَرِ فِي مَسَافَةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَفِي الْقُلَّتَيْنِ د وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 233 بِالرِّمَاحِ وَإِذَا كَانُوا عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَاتَلْنَاهُمْ بِالسَّيْفِ (وَتَتَعَذَّرُ) الْإِصَابَةُ (بِمَا فَوْقَ ثَلَثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَرَوَوْا أَنَّهُ لَمْ يَرْمِ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ إلَّا عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ (وَتَنْدُرُ) الْإِصَابَةُ (فِيمَا بَيْنَهُمَا) (وَلَوْ تَنَاضَلَا عَلَى الْبُعْدِ) أَيْ عَلَى أَنْ يَكُونَ السَّبَقُ لَا بَعْدَهُمَا رَمْيًا وَلَمْ يَقْصِدَا غَرَضًا (جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْأَبْعَادَ مَقْصُودٌ أَيْضًا فِي مُحَاصَرَةِ الْقِلَاعِ وَنَحْوِهَا وَحُصُولُ الْإِرْعَابِ وَامْتِحَانُ شِدَّةِ السَّاعِدِ وَتَخَالُفُ الْغَايَةِ فِي السِّبَاقِ بِالدَّابَّةِ لِإِفْضَاءِ طُولِ الْعَدُوِّ إلَى الْجَهْدِ (فَيُرَاعَى لِلْبُعْدِ اسْتِوَاؤُهُمَا) أَيْ الْمُتَنَاضَلَيْنِ (فِي شِدَّةِ الْقَوْسِ وَرَزَانَةِ السَّهْمِ) وَخِفَّتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ تَأْثِيرًا عَظِيمًا (وَالْهَدَفُ مَا يُرْفَعُ) مِنْ حَائِطٍ يُبْنَى أَوْ تُرَابٍ يُجْمَعُ أَوْ نَحْوِهِ (وَيُوضَعُ عَلَيْهِ الْغَرَضُ وَالْغَرَضُ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ (شَنٌّ) أَيْ جِلْدٌ بَالٍ (أَوْ قِرْطَاسٌ أَوْ خَشَبٌ) وَقِيلَ كُلُّ مَا نُصِبَ فِي الْهَدَفِ فَقِرْطَاسٌ كَاغِدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَمَا عَلِقَ فِي الْهَوَاءِ فَغَرَضٌ (وَالرُّقْعَةُ عَظْمٌ وَنَحْوُهُ) يُجْعَلُ (وَسَطَ الْغَرَضِ وَالدَّارَةُ نَقْشٌ مُسْتَدِيرٌ) كَالْقَمَرِ قَبْلَ اسْتِكْمَالِهِ قَدْ يُجْعَلُ بَدَلَ الرُّقْعَةِ (فِي وَسَطِ الْغَرَضِ وَالْخَاتَمُ نَقْشٌ) يُجْعَلُ (فِي وَسَطِهَا) أَيْ الدَّارَةِ (فَيُبَيِّنَانِ الْإِصَابَةَ) أَيْ مَوْضِعَهَا أَهُوَ (فِي الْغَرَضِ أَوْ الْهَدَفِ أَوْ الدَّارَةِ) أَوْ الْخَاتَمِ وَقَدْ يُقَالُ لَهُ الْحَلْقَةُ وَالرُّقْعَةُ وَقَدْ تَجْعَلُ الْعَرَبُ بَدَلَ الْهَدَفِ تُرْسًا وَتُعَلِّقُ فِيهِ الشَّنَّ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ (وَلَوْ شَرَطَ الْخَاتَمَ) أَيْ إصَابَتَهُ (أُلْحِقَ بِالنَّادِرِ) فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ (وَيَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنْ يَرْمِيَ الْأَوَّلُ سِهَامَهُ ثُمَّ الثَّانِي) كَذَلِكَ (وَإِنْ أَطْلَقَا حُمِلَ عَلَى سَهْمٍ سَهْمٌ) وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ عَدَدِ نُوَبِ الرَّمْيِ بَيْنَ الرُّمَاةِ كَأَرْبَعِ نُوَبٍ، كُلُّ نَوْبَةٍ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ (وَلَا يَلْزَمُ التَّعَرُّضُ) فِي الْعَقْدِ (لِلْمُحَاطَةُ) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ (وَالْمُبَادَرَةُ) خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ (بَلْ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُبَادَرَةِ) ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ (فَالْمُحَاطَّةُ أَنْ يَشْتَرِطَ) فِي الْعَقْدِ (أَنَّ النَّاضِلَ مَنْ زَادَتْ إصَابَتُهُ عَلَى إصَابَةِ صَاحِبِهِ بِخَمْسَةٍ مَثَلًا مِنْ عَدَدٍ مَعْلُومٍ) كَعِشْرِينَ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) فِي إصَابَةِ خَمْسَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ لَمْ يَسْتَوِيَا (وَزَادَ أَحَدُهُمَا أَقَلَّ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْخَمْسَةِ (فَلَا نَاضِلَ) ، وَإِنْ زَادَ بِهَا فَهُوَ النَّاضِلُ وَلَوْ زَادَتْ إصَابَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى إصَابَةِ الْآخَرِ بِخَمْسَةٍ قَبْلَ إتْمَامِ الرَّمْيِ لَزِمَ إتْمَامُهُ لِجَوَازِ أَنْ يُصِيبَ الْآخَرُ فِيمَا بَقِيَ مَا تَخْرُجُ بِهِ زِيَادَةُ ذَاكَ عَنْ كَوْنِهَا خَمْسَةً نَعَمْ إنْ لَمْ يَرْجُ بِالتَّمَامِ الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا لَوْ رَمَى أَحَدُهُمَا فِي الْمِثَالِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَصَابَهَا وَرَمَى الْآخَرُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَصَابَ مِنْهَا خَمْسَةً فَلَا يَلْزَمُ إتْمَامُ الرَّمْيِ كَمَا سَيَأْتِي لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ فَإِنَّهُ لَوْ أَصَابَ فِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ لَمْ يَخْرُجْ النَّاضِلُ عَنْ كَوْنِهِ زَادَ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ (وَالْمُبَادَرَةُ أَنْ يَشْتَرِطَ) فِي الْعَقْدِ (أَنْ يَسْبِقَ أَحَدُهُمَا إلَى إصَابَةِ خَمْسَةٍ مَثَلًا مِنْ عِشْرِينَ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَدَدِ الْمَرْمِيِّ بِهِ (فَإِنْ أَصَابَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بِخَمْسَةٍ فَلَا نَاضِلَ، وَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا بِخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ وَرَمَى الْآخَرُ تِسْعَةَ عَشَرَ وَأَصَابَ أَرْبَعَةً فَلَا) نَاضِلَ بَلْ لَا (بُدَّ أَنْ يُتِمَّ الْعِشْرِينَ) لِجَوَازِ أَنْ يُصِيبَ فِي الْبَاقِي فَلَا يَكُونُ الْأَوَّلُ نَاضِلًا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَوْلُنَا مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَدَدِ الْمَرْمِيِّ بِهِ احْتِرَازٌ عَنْ هَذِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بَدَرَ لَكِنْ لَمْ يَسْتَوِيَا بَعْدُ (وَإِنْ أَصَابَ) الْآخَرُ مِنْ التِّسْعَةَ عَشَرَ (بِثَلَاثَةٍ لَمْ يُتِمَّ) الْعِشْرِينَ (وَصَارَ مَنْضُولًا) لِيَأْسِهِ مِنْ الْمُسَاوَاةِ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي رَمْيِ عِشْرِينَ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ عَدَدِ الْأَرْشَاقِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ رَشْقٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهِيَ الرَّمْيُ، وَأَمَّا بِكَسْرِهَا فَهُوَ النَّوْبَةُ مِنْ الرَّمْيِ تَجْرِي بَيْنَ الرَّامِيَيْنِ سَهْمًا سَهْمًا أَوْ أَكْثَرَ (مُحَاطَّةً كَانَتْ أَوْ مُبَادَرَةً) لِيَكُونَ لِلْعَمَلِ ضَبْطٌ وَالْأَرْشَاقُ فِي الْمُنَاضَلَةِ كَالْمَيْدَانِ فِي الْمُسَابَقَةِ (وَلَوْ تَنَاضَلَا عَلَى إصَابَةِ رَمْيَةٍ وَاحِدَةٍ) وَشَرَطَا فِي الْمَالِ لِلْمُصِيبِ فِيهَا (جَازَ) ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَتَّفِقُ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ إصَابَةُ الْأَخْرَقِ دُونَ الْحَاذِقِ (وَالرَّمْيُ) مِنْ أَحَدِهِمَا (فِي غَيْرِ النَّوْبَةِ) الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ (لَاغٍ وَلَوْ جَرَى) ذَلِكَ (بِاتِّفَاقِهِمَا) فَلَا تُحْسَبُ الزِّيَادَةُ لَهُ إنْ أَصَابَ وَلَا عَلَيْهِ إنْ أَخْطَأَ (وَإِنْ عَقَدَا عَلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ كَأَنْ يَرْمِيَ كُلٌّ) مِنْهُمَا كُلَّ يَوْمٍ (بُكْرَةً كَذَا وَعَشِيَّةً كَذَا وَجَبَ) عَلَيْهِمَا (الْوَفَاءُ) بِذَلِكَ بِأَنْ لَا يَتَفَرَّقَا كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَا الْمَشْرُوطَ فِيهِ (إلَّا لِعَارِضِ مَرَضٍ أَوْ رِيحٍ) عَاصِفَةٍ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ فَيَقْطَعَانِ الرَّمْيَ ثُمَّ يَرْمِيَانِ عَلَى مَا مَضَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ بَعْدَهُ إذَا زَالَ الْعُذْرُ (وَيَجُوزُ شَرْطُهُ) أَيْ الرَّمْيِ (فِي جَمِيعِ النَّهَارِ فَلَا يَدَعَانِهِ) أَيْ يَتْرُكَانِهِ (إلَّا وَقْتَ الطَّهَارَةِ) وَالصَّلَاةِ وَالْأَكْلِ وَنَحْوِهَا (فَهَذِهِ) الْأَوْقَاتُ (تَقَعُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَالْمُحَاطَّةُ أَنْ يَشْرِطَ أَنَّ النَّاضِلَ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ شَرَطَا النَّضْلَ بِوَاحِدٍ بَعْدَ الطَّرْحِ وَمَا لَوْ شَرَطَا بَعْدَ طَرْحِ الْمُشْتَرَكِ نَضْلَ شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَمَا لَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْعِشْرِينَ خَمْسَةً وَلَمْ يُصِبْ الْآخَرُ شَيْئًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 مُسْتَثْنَاةً) كَمَا فِي الْإِجَارَةِ (وَلَوْ أَطْلَقَا وَلَمْ يُبَيِّنَا وَظِيفَةَ كُلِّ يَوْمٍ جَازَ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ أَيْ يَدَعَانِ الرَّمْيَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ (وَيَجُوزُ) لَهُمَا (التَّرْكُ) لِلرَّمْيِ (بِالتَّرَاضِي وَبِعُذْرِ مَطَرٍ وَرِيحٍ) عَاصِفَةٍ (وَمَرَضٍ) وَنَحْوِهَا (لَا حَرٍّ وَرِيحٍ خَفِيفَيْنِ) وَصْفُ الرِّيحِ بِالْخِفَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَ) بَقِيَ (عَلَيْهِمَا شَيْءٌ) مِنْ وَظِيفَةِ الْيَوْمِ لَمْ يَرْمِيَا لَيْلًا لِلْعَادَةِ (وَ) إنْ (شَرَطَا رَمْيَهُ) أَيْ الْبَاقِي عَلَيْهِمَا (لَيْلًا لَزِمَ وَالْقَمَرُ قَدْ يَكْفِي) ضَوْءُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَمَرٌ (فَشَمْعَةٌ) مَثَلًا يَكْفِي ضَوْءُهَا إنْ وَجَدَاهَا (أَوْ) يَرْمِيَانِ (مِنْ الْغَدِ) إنْ لَمْ يَجِدَاهَا وَذِكْرُ لُزُومِ الرَّمْيِ لَيْلًا وَالرَّمْيِ مِنْ الْغَدِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُشْتَرَطُ رَمْيُهُمَا مُرَتَّبًا) بِخِلَافِ الْمُتَسَابِقَيْنِ يُجْرِيَانِ الْفَرَسَيْنِ مَعًا؛ لِأَنَّهُمَا إذَا رَمَيَاهُ مَعًا اشْتَبَهَ الْمُصِيبُ بِالْمُخْطِئِ (وَ) يُشْتَرَطُ (تَبْيِينُ الْبَادِئِ) مِنْهُمَا بِالرَّمْيِ (فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنَاهُ فَسَدَ الْعَقْدُ) ؛ لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِالْبُدَاءَةِ وَالرُّمَاةُ يَتَنَافَسُونَ فِيهَا تَنَافُسًا ظَاهِرًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُبْتَدِئَ بِالرَّمْيِ يَجِدُ الْغَرَضَ نَقِيًّا لَا خَلَلَ فِيهِ، وَهُوَ عَلَى ابْتِدَاءِ النَّشَاطِ فَتَكُونُ إصَابَتُهُ أَقْرَبَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ تَأَثَّرَ الْعَقْدُ بِإِهْمَالِهِ (وَلَوْ بَدَأَ أَحَدُهُمَا فِي نَوْبَةٍ) لَهُ (تَأَخَّرَ) عَنْ الْآخَرِ (فِي الْأُخْرَى وَلَوْ شَرَطَ تَقْدِيمَهُ أَبَدًا لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّ الْمُنَاضَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّسَاوِي (وَيُسْتَحَبُّ نَصْبُ غَرَضَيْنِ) مُتَقَابِلَيْنِ (يَرْمُونَ مِنْ) عِنْدَ (أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ ثُمَّ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ يَأْتُوا إلَى الْآخَرِ وَيَلْتَقِطُونَ السِّهَامَ وَيَرْمُونَ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُمْ بِذَلِكَ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ وَلَا تَطُولُ الْمُدَّةُ أَيْضًا الشَّرْطُ (الْخَامِسُ تَعْيِينُ الرُّمَاةِ فَيَجِبُ) تَعْيِينُهُمْ (فِي الْعَقْدِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ حِذْقِهِمْ وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَعْيِينِهِمْ (وَيُشْتَرَطُ لِكُلِّ حِزْبٍ زَعِيمٌ) أَيْ كَبِيرٌ يُعِينُ أَصْحَابَهُ وَيَتَوَكَّلُ عَنْهُمْ فِي الْعَقْدِ بَعْدَ تَعْيِينِهِمْ فَلَا يَجُوزُ زَعِيمٌ وَاحِدٌ لِلْحِزْبَيْنِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَكَّلَ وَاحِدٌ فِي طَرَفَيْ الْبَيْعِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَا قَبْلَ التَّعْيِينِ وَطَرِيقُ التَّعْيِينِ الِاخْتِيَارُ كَمَا قَالَ (وَيَخْتَارُ هَذَا وَاحِدًا ثُمَّ هَذَا وَاحِدًا وَهَكَذَا إلَى آخِرِهِمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدُهُمَا أَصْحَابَهُ أَوَّلًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسْتَوْعِبَ الْحُذَّاقَ (وَلَا) أَنْ يُعَيِّنَهُمْ (بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَجْمَعُ الْحُذَّاقَ فِي جَانِبٍ) فَيُفَوِّتُ مَقْصُودَهَا الْمُنَاضَلَةَ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا أَخْتَارُ الْحُذَّاقَ وَأُعْطِي السَّبَقَ أَوْ الْخَرْقَ وَآخُذُ السَّبَقَ لَمْ يَجُزْ؛ وَلِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْعُقُودِ؛ وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ الْمُنَاضَلَةُ عَلَى تَعْيِينِ مَنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِمْ نَعَمْ إنْ رَضِيَا بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ وَعَقَدَا عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ تَنَاضَلَا عَلَى أَنْ يَخْتَارَ كُلُّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةً وَلَمْ يُسَمِّهِمْ لَمْ يَجُزْ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مَنْ يَرْمِي مَعَهُ بِأَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا يَعْرِفُهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي مَعْرِفَةٌ لِزَعِيمَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَعْرِفَ الْأَصْحَابُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا (وَابْتِدَاءُ أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ) بِالرَّمْيِ (كَابْتِدَاءِ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ) بِهِ (فَلَا يَتَقَدَّمُ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ) بِغَيْرِ رِضَا الزَّعِيمَيْنِ، وَهَذَا التَّفْرِيعُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ بَدَلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَا أَنْ يَتَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْحِزْبِ فُلَانٌ وَيُقَابِلُهُ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ فُلَانٌ ثُمَّ فُلَانٌ؛ لِأَنَّ تَدْبِيرَ كُلِّ حِزْبٍ إلَى زَعِيمِهِمْ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مُشَارَكَتُهُ فِيهِ (فَرْعٌ) لَوْ (أَدْخَلَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّعِيمَيْنِ (غَرِيبًا) ظَنَّهُ جَيِّدَ الرَّمْيِ (فَبَانَ) خِلَافَهُ بِأَنْ بَانَ (غَيْرَ حَاذِقٍ لَمْ يَضُرَّ) فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ (أَوْ غَيْرَ رَامٍ) أَصْلًا (بَطَلَ الْعَقْدُ) فِيهِ كَمَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْكِتَابَةِ فَبَانَ غَيْرَ كَاتِبٍ (وَ) بَطَلَ (فِي مُقَابِلِهِ) مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ كَمَا أَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ يَسْقُطُ قِسْطُهُ مِنْ الثَّمَنِ (لَا فِي الْجَمِيعِ) عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْحِزْبَيْنِ (الْفَسْخُ) لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمَا (فَإِنْ أَجَازُوا) الْعَقْدَ (وَتَنَازَعُوا فِي) تَعْيِينِ مَنْ يُجْعَلُ فِي (مُقَابِلِهِ) مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ (فُسِخَ) الْعَقْدُ لَتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ (أَوْ) بَانَ (فَوْقَ مَا ظَنُّوا فَلَا فَسْخَ لِلْآخَرِينَ) أَيْ لِلْحِزْبِ الْآخَرِ (وَلَوْ تَنَاضَلَ غَرِيبَانِ) لَا يَعْرِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ (جَازَ فَلَوْ بَانَا غَيْرَ مُتَكَافِئَيْنِ بَطَلَ الْعَقْدُ) لِتَبَيُّنِ فَوَاتِ الشَّرْطِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ تَسَاوَى عَدَدُ الْأَرْشَاقِ) يَعْنِي تَسَاوَى فِيهَا وَفِي عَدَدِ الْإِصَابَةِ الْحِزْبَانِ (وَاخْتَلَفَ عَدَدُ الْحِزْبَيْنِ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مَعْرِفَةُ حِذْقِهِمْ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا مَعَ التَّسَاوِي إذْ بِدُونِهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَضَّلَ النَّاضِلِينَ لِكَثْرَةِ الْعَدَدِ لَا لِلْحِذْقِ فَتَسَاوِي الْحِزْبَيْنِ شَرْطٌ وَقِيلَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا ثَلَاثَةً وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ لِكُلِّ حِزْبٍ زَعِيمٌ) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا أَحْذَقَ الْجَمَاعَةِ وَالْعِبْرَةُ بِنَصَبِ الْقَوْمِ لَهُمَا وَرِضَاهُمْ لَا بِانْتِصَابِهِمَا (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ كُلَّ وَاحِدٍ) أَيْ مِنْ الزَّعِيمَيْنِ [فَرْعٌ أَدْخَلَ أَحَدُ الزَّعِيمَيْنِ غَرِيبًا ظَنَّهُ جَيِّدَ الرَّمْيِ فَبَانَ خِلَافَهُ] (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَ رَامٍ بَطَلَ فِيهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ اخْتَارَ مَجْهُولًا ظَنَّهُ غَيْرَ رَامٍ فَبَانَ رَامِيًا فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ) ؛ لِأَنَّ مَنْ فِي مُقَابَلَتِهِ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ فَلَيْسَ لِزَعِيمِهِمْ تَعْيِينُهُ فِي أَحَدِهِمْ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ أَحَدُهُمْ فِي إبْطَالِ الْعَقْدِ فِي حَقِّهِ بِأَوْلَى مِنْ إثْبَاتِهِ وَلَيْسَ لِدُخُولِ الْقُرْعَةِ فِيهَا تَأْثِيرٌ؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي إثْبَاتِ عَقْدٍ وَلَا إبْطَالِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي حُقُوقِ الْجَمِيعِ بَاطِلًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَقَطَ فِي مُقَابَلَتِهِ وَاحِدٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْكَافِي وَالشَّاشِيُّ فِي الْحِلْيَةِ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ أَنَّهُ يَسْقُطُ الَّذِي عَيَّنَهُ الزَّعِيمُ فِي مُقَابَلَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ؛ لِأَنَّ الْإِبْطَالَ عَلَى الْإِبْهَامِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِيهِ غَدْرٌ عَظِيمٌ لَا يُحْتَمَلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 235 وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقْسِمَ عَلَيْهِمْ) عَدَدَ الْأَرْشَاقِ (بِالسَّوَاءِ) أَيْ قَسْمًا صَحِيحًا (فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً اشْتَرَطَ) أَنْ يَكُونَ لِعَدَدِ الْأَرْشَاقِ (ثُلُثٌ صَحِيحٌ أَوْ) كَانُوا (أَرْبَعَةً فَرُبُعٌ صَحِيحٌ وَالزَّعِيمَانِ وَكِيلَاهُمَا) أَيْ الْحِزْبَيْنِ (مُوَزَّعَانِ) الْمَالَ (الْمُلْتَزِمَ بِالْإِذْنِ) مِنْ مُوَكِّلِهِمَا أَوْ بِالْتِزَامِهِ مَعَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَيْ يُوَزِّعَانِهِ فِي أَخْذِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ (عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَكَذَا يَقْسِمُ السَّبَقَ إذَا نَضَلَ أَحَدُ الْحِزْبَيْنِ عَلَى) عَدَدِ (الرُّءُوسِ لَا) عَلَى عَدَدِ (الْإِصَابَةِ) عَكْسُ مَا وَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ (إلَّا بِشَرْطِهِ) أَيْ بِشَرْطِ قَسْمِهِ عَلَى عَدَدِ الْإِصَابَةِ فَيُوَزِّعَانِهِ عَلَى عَدَدِهَا عَمَلًا بِالشَّرْطِ. الشَّرْطُ (السَّادِسُ تَعْيِينُ الْمَوْقِفِ) الَّذِي يُرْمَى مِنْهُ وَتَسَاوِي الْمُتَنَاضَلَيْنِ فِيهِ (فَلَوْ شَرَطَ قُرْبَ) مَوْقِفِ (أَحَدِهِمَا لَمْ يَجُزْ) كَمَا فِي الْمُسَابَقَةِ (وَ) لَكِنْ (لَا بَأْسَ بِتَقْدِيمِ قَدَمِهِ) فَقَدْ تَعْتَادُهُ الرُّمَاةُ وَلَوْ وَقَفَ الرُّمَاةُ صَفًّا فَالْوَاقِفُ فِي الْوَسَطِ أَقْرَبُ إلَى الْغَرَضِ لَكِنَّهُ تَفَاوُتٌ مُحْتَمَلٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِتَقْدِيمِ الثَّانِي خُطْوَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا) وَاطَّرَدَتْ (احْتَمَلَ) ذَلِكَ لِلْعَادَةِ، وَقِيلَ لَا يُحْتَمَلُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهَا عَادَةٌ (فَلَا) يُحْتَمَلُ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) عَادَتُهُمْ فِيهِ (فَالْأَقَلُّ) مُعْتَبَرٌ وَالْمَعْنَى فِي تَقَدُّمِ الثَّانِي أَنَّهُ يَقَعُ فِي مُقَابَلَةِ قُوَّةِ النَّفْسِ بِالْبُدَاءَةِ (فَرْعٌ لَوْ تَنَازَعُوا فِي الْوُقُوفِ وَسَطَ الصَّفِّ وَقَفَ بِهِ مُسْتَحِقُّ الِابْتِدَاءِ) بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَقِفَ بِهِ، وَأَنْ يَقِفَ بِغَيْرِهِ (وَ) وَقَفَ (مَنْ بَعْدَهُ بِجَنْبِهِ) يَمِينًا أَوْ شِمَالًا (وَهَلْ لَهُ) أَيْ لِمَنْ بَعْدَهُ (إزَاحَتُهُ عَنْ مَوْقِفِهِ عِنْدَ الرَّمْيِ) أَيْ رَمْيِهِ أَوَّلًا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ (فَإِنْ رَمَيَا بَيْنَ غَرَضَيْنِ، وَانْتَهَيَا إلَى الثَّانِي تَخَيَّرَ الثَّانِي) كَالْأَوَّلِ فِي أَنَّهُ يَقِفُ حَيْثُ شَاءَ (فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أَقْرَعَ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ عِنْدَ الْغَرَضِ الثَّانِي) فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَقَفَ حَيْثُ شَاءَ (فَإِنْ عَادُوا إلَى) الْغَرَضِ (الْأَوَّلِ بَدَأَ الثَّالِثُ بِلَا قُرْعَةٍ) وَوَقَفَ حَيْثُ شَاءَ (فَرْعٌ لَوْ تَأَخَّرَ وَاحِدٌ عَنْ الْمَوْقِفِ بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ) لِمُخَالَفَتِهِ وَضْعَ الْعَقْدِ؛ وَلِأَنَّ الْقَوْسَ الشَّدِيدَ قَدْ يُحْوِجُ إلَى زِيَادَةِ مَسَافَةٍ فَيَنْتَفِعُ بِالتَّأَخُّرِ (وَكَذَا) لَا يَجُوزُ لَهُ (التَّقَدُّمُ) لِمُخَالَفَتِهِ وَضْعَ الْعَقْدِ فَهُوَ كَمَا لَوْ شَرَطَ الِاسْتِحْقَاقَ لِوَاحِدٍ بِتِسْعِ إصَابَاتٍ وَلِلْآخَرِ بِعَشَرٍ (لَا) التَّقَدُّمُ (الْيَسِيرُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ) عَادَةً فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَقَعُ إذَا وَقَفُوا صَفًّا كَمَا مَرَّ وَيُجْزِئُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُسَابَقَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ (وَلَوْ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى تَقَدُّمِ الْجَمِيعِ أَوْ تَأَخُّرِهِمْ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ تَغْيِيرِ عَدَدِ الْأَرْشَاقِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ (لَمْ يَجُزْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ (وَإِنْ نُصِبَ الْغَرَضُ مُقَابِلٌ الشَّمْسَ) بِأَنْ نَصَبَهُ أَحَدُهُمَا فِيهِ وَدَعَا الْآخَرَ إلَى اسْتِدْبَارِهَا (أُجِيبَ الدَّاعِيَ إلَى اسْتِدْبَارِهَا) ؛ لِأَنَّهُ أَصْلَحُ لِلرَّمْيِ وَمِثْلُهُ اسْتِقْبَالُ الرِّيحِ وَاسْتِدْبَارُهَا [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْمُنَاضَلَةِ] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا) أَيْ الْمُنَاضَلَةِ (فَإِنْ شَرَطَ) فِي الْعَقْدِ (الْإِصَابَةَ أَوْ الْقَرْعَ فَخَسَقَ) الْغَرَضُ (حُسِبَ) وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ التَّأْثِيرِ بِخَدْشٍ أَوْ خَرْقٍ (وَكَذَا) يُحْسَبُ (لَوْ أَصَابَ نَقْبًا فِي الشَّنِّ) ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْ الْغَرَضَ (فَإِنْ أَصَابَ الْجِلْدَ أَوْ الْجَرِيدَ) أَيْ (الدَّائِرَ) عَلَى الشَّنِّ (أَوْ الْعُرْوَةَ) ، وَهِيَ السَّيْرُ أَوْ الْخَيْطُ الْمَشْدُودُ بِهِ الشَّنُّ عَلَى الْجَرِيدِ (كَفَى) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مِنْ الْغَرَضِ (لَا) إنْ أَصَابَ (مَا تَعَلَّقَ بِهِ) الْغَرَضُ فَلَا يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ (وَإِنْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا) أَيْ إصَابَةَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْغَرَضُ أَوْ وَاحِدٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْأَوْلَى أَحَدُهَا أَيْ إصَابَةُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (تَعَيَّنَ) فَلَا يَكْفِي إصَابَةُ غَيْرِهِ (وَالِاعْتِبَارُ) فِيمَا يُصِيبُ فِي السَّهْمِ (بِإِصَابَةِ النَّصْلِ لَا) بِالْإِصَابَةِ (بِفُوقِ السَّهْمِ) بِضَمِّ الْفَاءِ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْوَتَرِ مِنْهُ (وَ) لَا بِإِصَابَةِ (عَرْضِهِ لِدَلَالَتِهِ) الْأَوْلَى لِدَلَالَتِهَا أَيْ الْإِصَابَةِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (عَلَى سُوءِ الرَّمْيِ فَتُحْسَبُ) هَذِهِ الرَّمْيَةُ عَلَيْهِ (وَلَوْ انْصَدَمَ) السَّهْمُ (بِشَيْءٍ) كَجِدَارٍ وَشَجَرَةٍ (فَأَصَابَ) الْغَرَضَ (أَوْ) انْصَدَمَ (بِالْأَرْضِ فَازْدَلَفَ وَأَصَابَ) الْغَرَضَ (حُسِبَ لَهُ) ، وَإِنْ أَعَانَتْهُ الصَّدْمَةُ كَمَا لَوْ صَرَفَتْ الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ السَّهْمَ فَأَصَابَ وَكَمَا لَوْ هَتَكَ السَّهْمُ فِي مُرُورِهِ حِجَابًا عَارِضًا ثُمَّ أَصَابَ (وَإِنْ أَخْطَأَ) بَعْدَ ازْدِلَافِهِ فَلَمْ يُصِبْ الْغَرَضَ (فَعَلَيْهِ) يُحْسَبُ كَمَا لَوْ أَخْطَأَ بِلَا انْصِدَامٍ وَخَالَفَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ (وَإِنْ شَرَطَ الْخَسْقَ فَخَسَقَ وَثَبَتَ ثُمَّ سَقَطَ لَمْ يَضُرَّ) كَمَا لَوْ نَزَعَ (إلَّا) أَيْ لَكِنْ (إنْ لَمْ يَثْبُتْ) فَيَضُرُّ لِعَدَمِ مُرُوقِهِ وَعَدَمِ ثُبُوتِهِ الْمَأْخُوذِ فِي تَفْسِيرِ الْخَسْقِ (وَإِنْ مَرَقَ أَوْ خَرَمَ وَثَبَتَ وَبَعْضُ النَّصْلِ خَارِجٌ) أَوْ كُلُّهُ دَاخِلٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ النَّشَائِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَقْسِمُ السَّبَقَ إذَا نَضَلَ أَحَدُ الْحِزْبَيْنِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ) فَإِنَّهُمْ كَالشَّخْصِ الْوَاحِدِ وَلِأَنَّهُمْ يَسْتَوُونَ فِي الْغُرْمِ لَوْ نُضِلُوا فَيَسْتَوُونَ فِي الْغُنْمِ إذَا نَضَلُوا (قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) هُوَ الْأَصَحُّ [فَرْعٌ تَنَازَعُوا فِي الْوُقُوفِ وَسَطَ الصَّفِّ عِنْدَ الرَّمْيِ] (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ) بَلْ هُوَ الْأَصَحُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (حُسِبَ خَاسِقًا) ؛ لِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ خَرَقَ بِالنَّصْلِ وَثَبَتَ وَفِي الْأُولَى خَرَقَ وَالْمُرُوقُ بَعْدَهُ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْقُوَّةِ، وَلَيْسَ الْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ الثُّبُوتِ فِي تَفْسِيرِ الْخَسْقِ عَيْنُهُ بَلْ أَنْ تَقْوَى الرَّمْيَةُ بِحَيْثُ يَتَأَتَّى مَعَهَا الثُّبُوتُ (وَلَوْ صَادَفَ) السَّهْمُ (ثُقْبًا) فِي الْغَرَضِ (فَثَبَتَ فِي الْهَدَفِ فَخَاسِقٌ إنْ كَانَ فِي السَّهْمِ قُوَّةٌ تَخْرِقُ) الْغَرَضَ (لَوْ أَصَابَ مَوْضِعًا صَحِيحًا) مِنْهُ (وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ كَانَ يَثْبُتُ لَوْ أَصَابَ مَوْضِعًا صَحِيحًا مِنْهُ أَوْ لَا (وَإِذَا خَرَقَ) الْغَرَضَ بِحَيْثُ يَثْبُتُ فِيهِ مِثْلُ هَذَا السَّهْمِ (فَرَّدْته حَصَاةً) أَوْ نَحْوُهَا كَنَوَاةٍ (فَخَاسِقٌ) لِظُهُورِ سَبَبِ الرَّدِّ (وَإِنْ أَنْكَرَ خَصْمُهُ الْحَصَاةَ) أَيْ تَأْثِيرَهَا (وَلَمْ تُوجَدْ) أَوْ وُجِدَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ تَأْثِيرُهَا (صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَالظَّاهِرُ سَوَاءٌ أَعَلِمَ مَوْضِعَ الْإِصَابَةِ أَمْ لَا بِأَنْ كَانَ فِي الْغَرَضِ خُرُوقٌ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَ الْإِصَابَةِ (وَحُسِبَ عَلَى الرَّامِي أَوْ وُجِدَتْ) وَأَمْكَنَ تَأْثِيرُهَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخَسْقِ وَالْخَدْشِ (وَلَا يُحْسَبُ عَلَى الرَّامِي) كَمَا لَا يُحْسَبُ لَهُ (وَإِنْ مَرَقَ السَّهْمُ وَثَبَتَ فِي الْهَدَفِ، وَعَلَيْهِ) أَيْ السَّهْمِ أَيْ نَصْلِهِ (قِطْعَةٌ مِنْ الْغَرَضِ فَادَّعَى الرَّامِي أَنَّ سَهْمَهُ أَبَانَهَا) لِقُوَّتِهِ وَذَهَبَ بِهَا (وَ) ادَّعَى (الْخَصْمُ أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاتَّةً) قَبْلَهُ فَتَعَلَّقَتْ بِالسَّهْمِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخَسْقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: هَذَا إذَا لَمْ يُجْعَلْ الثُّبُوتُ فِي الْهَدَفِ كَالثُّبُوتِ فِي الْغَرَضِ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِهَذَا الِاخْتِلَافِ (وَإِنْ شَرَطَ فِي الْمُبَادَرَةِ الْمَالَ لِمَنْ بَدَرَ) مِنْ الرَّامِيَيْنِ (إلَى إصَابَةِ عَشَرَةٍ مِنْ مِائَةٍ) مَثَلًا (فَرَمَيَا خَمْسِينَ خَمْسِينَ) بِأَنْ رَمَى كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسِينَ (فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا) مِنْهَا (عَشَرَةً وَالْآخَرُ دُونَهَا) أَوْ لَمْ يُصِبْ شَيْئًا (فَالْأَوَّلُ نَاضِلٌ) فَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ (وَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْعَمَلِ) ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ قَدْ تَمَّ فَلَا يَلْزَمُهُ عَمَلٌ آخَرُ (وَلَوْ شَرْطَاهُ) أَيْ الْمَالَ (فِي الْمُحَاطَة لِمَنْ حَصَلَتْ لَهُ زِيَادَةُ عَشَرَةٍ) مِنْ مِائَةٍ فَرَمَى كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسِينَ فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ وَالْآخَرُ خَمْسَةً فَقَدْ خَلَصَ لِلْأَوَّلِ عَشَرَةٌ (وَجَبَ) عَلَيْهِ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَالِ (إتْمَامُ الْمِائَةِ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَنُوطٌ بِحُصُولِ عَشَرَةٍ مِنْ مِائَةٍ وَقَدْ يُصِيبُ الْآخَرُ فِيمَا بَقِيَ مَا يَمْنَعُ حُصُولَ عَشَرَةٍ لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْمُبَادَرَةِ فَإِنَّ الْإِصَابَةَ بَعْدَهَا لَا تَرْفَعُ ابْتِدَارَ الْأَوَّلِ إلَى ذَلِكَ الْعَدَدِ (وَمَتَى بَقِيَ) مِنْ عَدَدِ الْأَرْشَاقِ (مَا لَا يَنْفَعُهُ) لَوْ أَصَابَ فِيهِ (لَمْ يَجِبْ الْإِتْمَامُ) فَظَهَرَ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْمُبَادَرَةِ إلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِيهَا بَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهَا مُسَاوَاتُهُمَا فِي عَدَدِ الْأَرْشَاقِ أَوْ عَجَزَ الثَّانِي عَنْ الْمُسَاوَاةِ فِي الْإِصَابَةِ، وَإِنْ سَاوَاهُ فِي عَدَدِ الْأَرْشَاقِ وَلَا بِمُجَرَّدِ خُلُوصِ الْمَشْرُوطِ فِي الْمُحَاطَّةِ بَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهُ عَجْزُ الثَّانِي عَمَّا يَمْنَعُ مِنْهُ [فَرْعٌ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ ارْمِ بِعَشَرَةٍ فَإِنْ أَصَبْت بِأَكْثَرِهَا فَقَدْ نَضَلْتنِي فَلَكَ كَذَا] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) رَجُلٌ: (لِآخَرَ ارْمِ بِعَشَرَةٍ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ ارْمِ عَشَرَةً (فَإِنْ أَصَبْت بِأَكْثَرِهَا فَقَدْ نَضَلْتنِي فَلَكَ كَذَا لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّ النِّضَالَ عَقْدٌ فَلَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ جَمَاعَةٍ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ (فَلَوْ لَمْ يَقُلْ فَقَدْ نَضَلْتنِي جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ بَذْلُ مَالٍ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ لِغَرَضٍ ظَاهِرٍ، وَهُوَ التَّحْرِيضُ عَلَى الرَّمْيِ وَمُشَاهَدَتِهِ، وَهَذَا لَيْسَ مُنَاضَلَةً بَلْ جِعَالَةً (وَاسْتَحَقَّ) الرَّامِي (الْمَشْرُوطَ) لَهُ إذَا أَصَابَ بِسِتَّةٍ فَأَكْثَرَ (وَعَلَيْهِ) لِلشَّارِطِ (إتْمَامُ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الِاسْتِحْقَاقَ عَلَى عَشَرَةٍ إصَابَتُهَا أَكْثَرُ) وَزَادَ قَوْلَهُ (فَبِإِتْمَامِ الْعَشَرَةِ تَزْدَادُ الْكَثْرَةُ) بِلَا حَاجَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ كَثْرَتُهَا بِإِتْمَامِهَا فَلَوْ قَالَ قَدْ تَزْدَادُ الْكَثْرَةُ كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (ارْمِ عَشَرَةَ خَمْسَةَ عَنِّي وَخَمْسَةً عَنْك) فَإِنْ أَصَبْت فِي خَمْسَتِك أَوْ كَانَ الصَّوَابُ فِيهَا أَكْثَرَ فَلَكَ كَذَا (لَمْ يَجُزْ) لِمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَجْتَهِدُ فِي حَقِّهِ دُونَ حَقِّ صَاحِبِهِ وَلَوْ قَالَ لِرَامِيَيْنِ: ارْمِيَا عَشَرَةً فَمَنْ أَصَابَ مِنْكُمَا خَمْسَةً فَلَهُ كَذَا جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مَعَ زِيَادَةٍ عُلِمَتْ مَعَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ) شَخْصٌ: (لِأَحَدِ الْمُتَنَاضِلَيْنِ) وَقَدْ انْتَهَتْ النَّوْبَةُ إلَيْهِ (إنْ أَصَبْت بِسَهْمِك هَذَا فَلَكَ دِينَارٌ فَأَصَابَ) بِهِ (لَزِمَ) لَهُ الدِّينَارُ (وَحُسِبَ) لَهُ (أَيْضًا) السَّهْمُ أَيْ إصَابَتُهُ (مِنْ مُعَامَلَتِهِ) الَّتِي هُوَ فِيهَا (وَلَوْ نَاضَلَ) غَيْرَهُ (وَالْمَشْرُوطُ عَشَرَةٌ وَشَرَطَ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَشَرَطَ (أَنْ يُنَاضِلَ بِهَا شَخْصًا ثَانِيًا وَثَالِثًا) وَهَكَذَا (جَازَ وَإِذَا فَازَ بِهَا كَانَ نَاضِلًا لَهُمْ جَمِيعًا) عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَتَقْدِيمُهُ جَارٍ عَلَى مَا بَعْدَهُ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِ الْأَصْلِ لَهُ عَنْهُ (وَفِيهِ إشْكَالٌ بِالْإِجَارَةِ) الْمُشْبِهَةِ بِهَا الْمُنَاضَلَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَوْ كَانَتْ تُشْبِهُهَا لَمَا اسْتَحَقَّ بِعَمَلِ وَاحِدٍ مَالَيْنِ عَنْ جِهَتَيْنِ (وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْإِجَارَةِ رَاجِعٌ إلَى الْمُسْتَأْجَرِ) فَالْمَالُ مُسْتَحَقٌّ فِيهَا بِرُجُوعِ الْعَمَلِ إلَيْهِ لَا بِالشَّرْطِ (وَهُنَا مُسْتَحَقٌّ بِالشَّرْطِ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ تَأَخَّرَ وَاحِدٌ عَنْ الْمَوْقِفِ بَعْدَ الْعَقْدِ عِنْدَ الرَّمْيِ] قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ لِأَحَدِ الْمُتَنَاضَلَيْنِ إنْ أَصَبْت بِسَهْمِك هَذَا فَلَكَ دِينَارٌ إلَخْ) لَوْ قَالَ لِمُتَرَاهِنَيْنِ ارْمِيَا عَشَرَةً فَمَنْ أَصَابَ مِنْكُمَا خَمْسَةً فَلَهُ كَذَا جَازَ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ ارْمِ عَشَرَةً فَإِنْ أَصَبْت فِي خَمْسَتِك فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ أَصَبْت أَنَا فَلَا شَيْءَ لِي عَلَيْك جَازَ أَيْضًا، وَإِنْ قَالَ فَإِنْ أَصَبْت فِي خَمْسَتِي فَلِي عَلَيْك كَذَا لَمْ يَجُزْ إلَّا بِمُحَلِّلٍ وَلَوْ قَالَ ارْمِ سَهْمًا فَإِنْ أَصَبْت فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ أَخْطَأْت فَعَلَيْك كَذَا فَهُوَ قِمَارٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 إلَّا بِرُجُوعِ الْعَمَلِ لِلشَّارِطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عِنْدَ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ [فَصْلٌ مِنْ أَنْوَاعِ الرَّمْيِ الْحَوَابِي] (فَصْلٌ مِنْ) أَنْوَاعِ (الرَّمْيِ الْحَوَابِي) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ حَابٍ (وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْأَقْرَبُ) لِلْغَرَضِ (الْأَبْعَدَ) مِنْهُ (فَإِنْ عَيَّنَا حَدَّ الْقُرْبِ مِنْ ذِرَاعٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ) لَمْ يُعَيِّنَاهُ لَكِنْ (كَانَ هُنَاكَ) لِلرُّمَاةِ (عَادَةٌ) مُطَّرِدَةٌ (جَازَ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ فِي الْأُولَى وَحُمِلَا عَلَى الْعَادَةِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا تُحْمَلُ الدَّرَاهِمُ الْمُطْلَقَةُ عَلَى الْعَقْدِ (وَإِلَّا فَلَا) يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ (فَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ لَوْ عَقَدَا) عَلَى أَنْ يَرْمِيَا عِشْرِينَ (عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْأَقْرَبُ الْأَبْعَدَ وَمَنْ فَضَلَ لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ عِشْرِينَ فَهُوَ نَاضِلٌ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ الرَّمْيِ مُعْتَادٌ لِلرُّمَاةِ (وَهُوَ نَوْعُ مُحَاطَّةٍ) وَحِينَئِذٍ (فَإِنْ تَسَاوَتْ سِهَامُهُمَا قُرْبًا وَبُعْدًا) وَكَذَا إنْ لَمْ تَتَسَاوَ لَكِنْ لَمْ يَفْضُلْ الْعَدَدُ الْمَشْرُوطُ (فَلَا نَاضِلَ) وَلَا مَنْضُولَ (فَإِنْ قَارَبَ أَحَدُهُمَا الْغَرَضَ بِسَهْمٍ) بِأَنْ وَقَعَ سَهْمُهُ قَرِيبًا مِنْ الْغَرَضِ (وَرَمَى الْآخَرُ خَمْسَةً) فَوَقَعَتْ (أَبْعَدَ مِنْهَا) الْأَوْلَى مِنْهُ أَيْ مِنْ ذَلِكَ السَّهْمِ (ثُمَّ) رَمَى (الْأَوَّلُ سَهْمًا) فَوَقَعَ (أَبْعَدَ) مِنْ الْخَمْسَةِ (أَسْقَطَتْهُ الْخَمْسَةُ وَأَسْقَطَهَا الْمُقَارِبُ، وَإِنْ رَمَى) أَحَدُهُمَا (خَمْسَةً مُتَفَاضِلَةً فِي الْقُرْبِ) إلَى الْغَرَضِ (وَرَمَى الْآخَرُ خَمْسَةً) فَوَقَعَتْ (أَبْعَدَ مِنْهَا أَسْقَطَتْهَا خَمْسَةُ الْأَوَّلِ وَحُسِبَتْ كُلُّهَا) فَلَا يَسْقُطُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فِي الْقُرْبِ؛ لِأَنَّ قَرِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا يَسْقُطُ بَعِيدًا لِآخَرَ وَلَا يَسْقُطُ بَعِيدُ نَفْسِهِ (وَلَوْ أَصَابَ) سَهْمُ الْآخَرِ (الْغَرَضَ سَقَطَ بِهِ الْأَقْرَبُ) إلَيْهِ كَمَا يُسْقِطُ الْأَقْرَبُ الْأَبْعَدَ؛ وَلِأَنَّ إصَابَةَ الْغَرَضِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْقُوَّةِ فَاعْتُبِرَتْ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ شَرَطَ الْخَسْقَ فَمَرَقَ (وَلَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا الرُّقْعَةَ) فِي وَسَطِ الْغَرَضِ (وَالْآخَرُ خَارِجَهَا مِنْ الْغَرَضِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: أَوْ أَصَابَا خَارِجَهَا وَأَحَدُهُمَا أَقْرَبُ إلَيْهَا (فَهُمَا سَوَاءٌ وَالْعِبْرَةُ) فِيمَا إذَا شَرَطَا احْتِسَابَ الْقَرِيبِ مِنْ الْغَرَضِ (بِمَوْضِعِ الثُّبُوتِ) لِلسَّهْمِ (لَا) بِحَالَةِ (الْمُرُورِ) حَتَّى لَوْ قَرُبَ مُرُورُهُ مِنْ الْغَرَضِ وَوَقَعَ بَعِيدًا مِنْهُ لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ إلَّا إذَا شَرَطَ اعْتِبَارَ حَالَةِ الْمُرُورِ (وَهُوَ) أَيْ الْقُرْبُ مِنْ الْغَرَضِ (مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ سَوَاءٌ) لِوُقُوعِ اسْمِ الْقَرِيبِ عَلَى الْجَمِيعِ وَعَدَّ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الرَّمْيِ الْمُنَاضَلَةَ، وَهُوَ أَنْ يَشْرِطَا إصَابَةَ عَشَرَةً مِنْ عِشْرِينَ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَا جَمِيعًا فَيَرْمِيَانِ جَمِيعَ ذَلِكَ فَإِنْ أَصَابَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْعَشَرَةَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ أَحْرَزَ أَسْبَقُهُمَا، وَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا الْعَشَرَةَ أَوْ فَوْقَهَا وَالْآخَرُ دُونَهَا فَقَدْ نَضَلَهُ (فَصْلٌ) فِي النَّكَبَاتِ الَّتِي تَطْرَأُ عِنْدَ الرَّمْيِ وَتَشَوُّشُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ السَّهْمَ مَتَى وَقَعَ مُتَبَاعِدًا عَنْ الْغَرَضِ تَبَاعُدًا مُفْرِطًا إمَّا مُقَصِّرًا عَنْهُ أَوْ مُجَاوِزًا لَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِسُوءِ الرَّمْيِ حُسِبَ عَلَى الرَّامِي وَلَا يُرَدُّ إلَيْهِ السَّهْمُ لِيَرْمِيَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِنَكْبَةٍ عَرَضَتْ أَوْ خَلَلٍ فِي آلَةِ الرَّمْيِ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ فَلَوْ (حَدَثَتْ فِي يَدِهِ عِلَّةٌ) أَخَلَّتْ بِالرَّمْيِ (أَوْ اعْتَرَضَ) فِي مُرُورِ السَّهْمِ (حَيَوَانٌ) مَنَعَهُ (أَوْ تَلِفَ الْوَتَرُ أَوْ الْقَوْسُ) أَوْ السَّهْمُ (بِلَا تَقْصِيرٍ) مِنْهُ بَلْ لِضَعْفِ الْآلَةِ وَنَحْوِهِ فَلَمْ يُصِبْ (لَمْ تُحْسَبْ عَلَيْهِ) تِلْكَ الرَّمْيَةُ فَيُعِيدُهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ (وَتُحْسَبُ لَهُ إنْ أَصَابَ) ؛ لِأَنَّ الْإِصَابَةَ مَعَ النَّكْبَةِ تَدُلُّ عَلَى جَوْدَةِ الرَّمْيِ فَإِنْ كَانَ بِتَقْصِيرٍ حُسِبَتْ عَلَيْهِ لِيَتَعَلَّمَ (وَلَوْ انْكَسَرَ السَّهْمُ) نِصْفَيْنِ (بِلَا تَقْصِيرٍ فَأَصَابَ إصَابَةً شَدِيدَةً) بِالنِّصْفِ (الَّذِي فِيهِ النَّصْلُ لَا غَيْرُهُ حُسِبَ لَهُ) ؛ لِأَنَّ اشْتِدَادَهُ مَعَ الِانْكِسَارِ يَدُلُّ عَلَى جَوْدَةِ الرَّمْيِ وَغَايَةِ الْحِذْقِ فِيهِ بِخِلَافِ إصَابَتِهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ لَا تُحْسَبُ لَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ انْكِسَارٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْإِصَابَةَ الضَّعِيفَةَ لَا تُحْسَبُ لَهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ (وَإِنْ أَصَابَ بِالنِّصْفَيْنِ حُسِبَ) ذَلِكَ إصَابَةً (وَاحِدَةً كَالرَّمْيِ دَفْعَةً بِسَهْمَيْنِ) إذَا أَصَابَ بِهِمَا (وَلَوْ رَمَى) السَّهْمَ (مَائِلًا عَنْ السَّمْتِ) أَوْ مُسَامِتًا (وَالرِّيحُ لَيِّنَةٌ فَرَدَّتْهُ) إلَى الْغَرَضِ (أَوْ صَرَفَتْهُ) عَنْهُ فَأَصَابَ بِرَدِّهَا وَأَخْطَأَ بِصَرْفِهَا (حُسِبَ لَهُ) فِي الْأُولَى (وَعَلَيْهِ) فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجَوَّ لَا يَخْلُو عَنْ الرِّيحِ اللَّيِّنَةِ غَالِبًا وَيَضْعُفُ تَأْثِيرُهَا فِي السَّهْمِ مَعَ سُرْعَةِ مُرُورِهِ فَلَا اعْتِدَادَ بِهَا وَلَوْ رَمَى رَمْيًا ضَعِيفًا فَقَوَّتْهُ الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ فَأَصَابَ حُسِبَ لَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا) إنْ رَمَى كَذَلِكَ (فِي) رِيحٍ (عَاصِفَةٍ قَارَنَتْ) ابْتِدَاءَ الرَّمْيِ فَلَا يُحْسَبُ لَهُ إنْ أَصَابَ وَلَا عَلَيْهِ إنْ أَخْطَأَ لِقُوَّةِ تَأْثِيرِهَا وَلِهَذَا يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ تَرْكُ الرَّمْيِ إلَى أَنْ تَرْكُدَ بِخِلَافِ اللَّيِّنَةِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ هَجَمَتْ) فِي مُرُورِ السَّهْمِ (نَعَمْ لَوْ أَصَابَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا الرُّقْعَةَ إلَخْ) لَوْ رَمَى وَاحِدٌ سَهْمَيْنِ وَالْآخَرُ سَهْمًا وَاسْتَوَتْ الثَّلَاثَةُ فِي الْقُرْبِ وَاسْتَوَتْ بَقِيَّةُ سِهَامِهِمَا فِي الْبُعْدِ فَهَلْ صَاحِبُ السَّهْمَيْنِ نَاضِلٌ وَيُجْعَلُ السَّهْمُ الزَّائِدُ كَزِيَادَةِ الْقُرْبِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا [فَصْلٌ فِي النَّكَبَاتِ الَّتِي تَطْرَأُ عِنْدَ الرَّمْيِ وَتَشَوُّشُهُ] (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا إنْ رَمَى فِي رِيحٍ عَاصِفَةٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَصُورَتُهَا أَنَّ الرِّيحَ عَاصِفَةٌ فَالْإِصَابَةُ وَعَدَمُهَا مُحَالَةٌ عَلَيْهَا لَا عَلَى الرَّامِي وَلَا كَذَلِكَ مَا سَيَأْتِي كَاتِبُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 فِي الْهَاجِمَةِ حُسِبَ لَهُ) كَمَا فِي السَّهْمِ الْمُزْدَلِفِ (وَلَوْ نَقَلَتْ الرِّيحُ الْغَرَضَ) إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ (فَأَصَابَ) السَّهْمُ (مَوْضِعَهُ حُسِبَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْضِعُهُ لَأَصَابَهُ هَذَا إنْ كَانَ الشَّرْطُ (إصَابَةً وَكَذَا) إنْ كَانَ خَسْقًا (إنْ ثَبَتَ فِي) مَوْضِعٍ (مُسَاوٍ صَلَابَةً) أَيْ يُسَاوِي فِي صَلَابَتِهِ صَلَابَةَ (الْغَرَضِ) أَوْ فَوْقَهُ فِيهَا (وَإِنْ أَصَابَ الْغَرَضَ) فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يُصِبْهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (حُسِبَ عَلَيْهِ) لَا لَهُ (وَإِنْ نَقَلَتْهُ حِينَ اسْتَقْبَلَهُ السَّهْمُ فَأَصَابَ) الْغَرَضَ (لَمْ يُحْسَبْ) لَهُ وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ الْغَرَضِ حُسِبَ لَهُ (وَإِنْ رَمَى الْغَرَضَ فَحَادَ السَّهْمُ عَنْ طَرِيقِهِ حُسِبَ عَلَيْهِ) لِسُوءِ رَمْيِهِ (وَإِنْ أَصَابَ) سَهْمُهُ (سَهْمًا) بِأَنْ أَصَابَ فَوْقَهُ، وَهُوَ (فِي الْغَرَضِ غَارِقًا) فِيهِ (حُسِبَ لَهُ فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الْخَسْقَ أَوْ كَانَ السَّهْمُ خَارِجًا) عَنْ الْغَرَضِ لَا غَارِقًا فِيهِ (لَمْ يُحْسَبْ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَا يَدْرِي هَلْ كَانَ يَخْسِقُ أَوْ لَا، وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَدْرِي هَلْ كَانَ يَبْلُغُ الْغَرَضَ لَوْلَا هَذَا السَّهْمُ أَوْ لَا (وَلَا) يُحْسَبُ (عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَرَضٌ دُونَ الْغَرَضِ عَارِضٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَى ثُبُوتِهِ فِيهِ وَتُقَاسُ صَلَابَةُ ذَلِكَ السَّهْمِ بِصَلَابَةِ الْغَرَضِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (فَإِنْ شَقَّهُ وَأَصَابَ الْغَرَضَ حُسِبَ) لَهُ (وَلَوْ سَقَطَ السَّهْمُ بِالْإِغْرَاقِ) مِنْ الرَّامِي بِأَنْ بَالَغَ (فِي الْمَدِّ) حَتَّى دَخَلَ النَّصْلُ مِقْبَضَ الْقَوْسِ وَوَقَعَ السَّهْمُ عِنْدَهُ (فَكَانْقِطَاعِ الْوَتَرِ وَنَحْوِهِ) كَانْكِسَارِ الْقَوْسِ؛ لِأَنَّ سُوءَ الرَّمْيِ أَنْ يُصِيبَ غَيْرَ مَا قَصَدَهُ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا (فَصْلٌ قَدْ قَدَّمْنَا لُزُومَهَا) أَيْ الْمُنَاضَلَةِ (فَتُفْسَخُ الْمُنَاضَلَةُ بِمَوْتِ الرَّامِي) كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ اخْتِبَارُهُ (وَ) يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ (فِي الْمُسَابَقَةِ بِمَوْتِ الْفَرَسِ لَا) بِمَوْتِ (الْفَارِسِ) ؛ لِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِيهَا عَلَى الْفَرَسِ لَا عَلَى الْفَارِسِ (وَيَتَوَلَّاهَا) أَيْ الْمُسَابَقَةَ (الْوَارِثُ) عَنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالظَّاهِرُ إبْقَاءُ كَلَامِهِمْ عَلَى عُمُومِهِ وَالْوَارِثُ يَشْمَلُ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ (وَيُؤَخَّرُ) الرَّمْيُ فِي الْمُنَاضَلَةِ (لِلْمَرَضِ) أَوْ نَحْوِهِ فَلَا تَنْفَسِخُ بِذَلِكَ (وَلَا يُزَادُ) بَعْدَ عَقْدِهَا وَلَا يَنْقُصُ (فِي عَدَدِ الْأَرْشَاقِ وَ) لَا فِي عَدَدِ (الْإِصَابَةِ إلَّا) بِمَعْنًى لَكِنْ (إنْ فَسَخَا) الْعَقْدَ (وَعَقَدَا) عَقْدًا جَدِيدًا جَازَ لَهُمَا ذَلِكَ (فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَنْضُولُ مِنْ إتْمَامِ الْعَمَلِ حُبِسَ) عَلَى ذَلِكَ وَعُزِّرَ فَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ كَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا (وَكَذَا الْآخَرُ) أَيْ النَّاضِلُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْعَمَلِ وَيُحْبَسُ وَيُعَزَّرُ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْهُ (إنْ تَوَقَّعَ صَاحِبُهُ إدْرَاكَهُ) فَيُسَاوِيهِ أَوْ يَفْضُلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ شَرَطَا إصَابَةَ خَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا خَمْسَةً وَالْآخَرُ وَاحِدًا وَلَمْ يَبْقَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا رَمْيَتَانِ فَلِصَاحِبِ الْخَمْسَةِ أَنْ يَتْرُكَ الْبَاقِيَ (وَيُمْنَعُ) أَحَدُهُمَا (بَعْدَ رَمْيِ صَاحِبِهِ مِنْ التَّبَاطُؤِ) بِالرَّمْيِ (وَلَا يُدْهَشُ اسْتِعْجَالًا) فَلَوْ تَعَلَّلَ بَعْدَ مَا رَمَى صَاحِبُهُ بِمَسْحِ الْقَوْسِ وَالْوَتَرِ وَأَخْذِ النَّبْلِ بَعْدَ النَّبْلِ وَالنَّظَرِ فِيهِ وَالْكَلَامِ مَعَ غَيْرِهِ قِيلَ لَهُ ارْمِ لَا مُسْتَعْجِلًا وَلَا مُتَبَاطِئًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّلُ لِخُطَّائِهِ وَقَدْ يُصِيبُ صَاحِبُهُ فَيُؤَخِّرُ لِتَبْرُدَ يَدُهُ أَوْ يَنْسَى نَهْجَ الصَّوَابِ (وَيُمْنَعُ أَحَدُهُمَا مِنْ أَذِيَّةِ صَاحِبِهِ بِالتَّبَجُّحِ وَالْفَخْرِ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ حَمْلِ أَحَدِهِمَا فِي يَدِهِ مِنْ النَّبْلِ أَكْثَرَ) مِمَّا فِي يَدِ الْآخَرِ (وَلَا أَنْ تُحْسَبَ) لِأَحَدِهِمَا (الْإِصَابَةُ بِإِصَابَتَيْنِ) وَلَا أَنْ يَحُطَّ مِنْ إصَابَاتِهِ شَيْءٌ أَوْ أَنَّهُ إنْ أَخْطَأَ رُدَّ عَلَيْهِ سَهْمٌ أَوْ سَهْمَانِ لِيُعِيدَ رَمْيَهُمَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّسَاوِي (نَعَمْ لَوْ شَرَطَ أَنَّ الْخَاسِقَ بِحَابِيَيْنِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ تَثْنِيَةُ حَابٍ (فِي) صُوَرِ (شَرْطِ الْحَوَابِي جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْخَاسِقَ يَخْتَصُّ بِالْإِصَابَةِ وَالثُّبُوتِ فَجَازَ أَنْ تُجْعَلَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مَقَامَ حَابٍ (وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي التَّرْكِ) لِلرَّمْيِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (أَوْ أَنَّ مَنْ تَرَكَ) الرَّمْيَ (فَهُوَ مَسْبُوقٌ بَطَلَ الْعَقْدُ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ لِمُخَالَفَةِ وَضْعِهِ (وَلَا يَجُوزُ بَذْلُ مَالٍ عَلَى حَطِّ الْفَضْلِ) فَلَوْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِإِصَابَاتٍ فَقَالَ الْمَفْضُولُ: حُطَّ فَضْلَك وَلَك كَذَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ حَطَّ الْفَضْلِ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ (وَلَا) يَجُوزُ (عَقْدُ الشَّرِكَةِ) فِي السَّبَقِ (لِأَجْنَبِيٍّ فِيمَا غَرِمَ الْمُنَاضِلُ أَوْ غَنِمَ) فَلَوْ تَنَاضَلَا أَوْ تَسَابَقَا وَأَخْرَجَ السَّبَقَ أَحَدُهُمَا أَوْ هُمَا وَبَيْنَهُمَا مُحَلِّلٌ فَقَالَ أَجْنَبِيٌّ: لِأَحَدِهِمَا شَارِكْنِي فِيهِ فَإِنْ غَنِمْت أَخَذْت مَعَك مَا أَخْرَجْته، وَإِنْ غَرِمَتْ غَرِمْت مَعَك لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْغُنْمَ وَالْغُرْمَ فِي ذَلِكَ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْعَمَلِ، وَهَذَا الْأَجْنَبِيُّ لَا يَعْمَلُ وَلَوْ تَنَاضَلَا فَرَمَيَا بَعْضَ الْأَرْشَاقَ ثُمَّ مَلَّا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: ارْمِ فَإِنْ أَصَبْت فَقَدْ نَضَلْتنِي أَوْ قَالَ أَرْمِي أَنَا فَإِنْ أَصَبْت هَذِهِ الْوَاحِدَةَ فَقَدْ نَضَلْتُك لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ النَّاضِلَ مَنْ سَاوَى صَاحِبَهُ فِي عَدَدِ الْأَرْشَاقِ وَفَضَلَهُ فِي الْإِصَابَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ أَصَابَ الْغَرَضَ حُسِبَ عَلَيْهِ) لَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ نَقَلَتْ الرِّيحُ الْغَرَضَ فَأَصَابَ مَوْضِعَهُ حُسِبَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الرِّيحُ مَوْجُودَةً فِي الِابْتِدَاءِ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ فِيمَا إذَا طَارَتْ الرِّيحُ بَعْدَ الرَّمْيِ وَنَقَلَتْ الْغَرَضَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَقَلَتْهُ حِينَ اسْتَقْبَلَهُ السَّهْمُ إلَخْ) وَإِنْ ارْتَفَعَ السَّهْمُ ثُمَّ انْحَطَّ فَأَخْطَأَ حُسِبَ عَلَيْهِ أَوْ أَصَابَ فَهَلْ يُحْسَبُ لَهُ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ الْغَرَضِ حُسِبَ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ السَّهْمُ خَارِجًا لَمْ يُحْسَبْ لَهُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ يُحْسَبُ [فَصْلٌ مَا تُفْسَخُ بِهِ الْمُنَاضَلَةُ] (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ بَقَاءُ كَلَامِهِمْ عَلَى عُمُومِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 عَقَدَا فِي الصِّحَّةِ) وَدَفَعَا الْعِوَضَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (فَالْعِوَضُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) كَالْإِجَارَةِ (أَوْ) عَقَدَا فِي (الْمَرَضِ) بِعِوَضِ الْمِثْلِ عَادَةً (فَعِوَضُ الْمِثْلِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَبَرُّعًا وَلَا مُحَابَاةً فِيهِ (وَإِنْ زَادَ) عَلَى عِوَضِ الْمِثْلِ عَادَةً (فَالزِّيَادَةُ مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ (وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْمُسَابَقَةُ) الشَّامِلَةِ لِلْمُنَاضَلَةِ (بِالصَّبِيِّ بِمَالِهِ) ، وَإِنْ اسْتَفَادَ بِهَا التَّعَلُّمَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُرْتَزِقَةِ وَقَدْ رَاهَقَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَدْ أَثْبَتَ اسْمَهُ فِي الدِّيوَانِ وَكَذَا فِي السَّفِيهِ الْبَالِغِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ (وَإِنْ سَأَلَ أَحَدُهُمَا وَضْعَ الْمَالِ) الْمُلْتَزَمِ (عِنْدَ عَدْلٍ) وَالْآخَرُ تَرَكَهُ عِنْدَهُمَا (وَهُوَ عَيْنٌ أُجِيبَ أَوْ دَيْنٌ فَلَا) يُجَابُ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَضْعِهِ عِنْدَ هُمَا أَوْ عِنْدَ عَدْلٍ يَثِقَانِ بِهِ جَازَ وَالثَّانِي أَحْوَطُ وَأَبْعَدُ عَنْ النِّزَاعِ (وَإِنْ اخْتَارَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَدْلًا اخْتَارَ الْحَاكِمُ أَحَدَهُمَا) الْأَنْسَبُ بِمَا يَأْتِي وَبِعِبَارَةِ الْأَصْلِ عَدْلًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ (وَهَلْ يَتَعَيَّنُ) أَحَدُ الْعَدْلَيْنِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِمَا أَوْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ غَيْرَهُمَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي (وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَدْلِ فَإِنْ جَرَتْ بِهَا عَادَةٌ فَوَجْهَانِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: نَقْلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْخَيَّاطِ أَحَدُهُمَا يَسْتَحِقُّهَا وَتَكُونُ عَلَى الْمُتَسَابِقَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا السَّابِقُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا أُجْرَةٌ عَلَى حِفْظِ الْمَالَيْنِ وَثَانِيهِمَا لَا أُجْرَةَ لَهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ تَرْجِيحُ الثَّانِي (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانِ الْمُحَلِّلِ) بِأَنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِعُدُولِهِ عَنْ الْوَسَطِ وَلَمْ يَرْضَ الْآخَرُ أَوْ رَضِيَا بِتَرْكِ تَوَسُّطِهِ وَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَكُونُ عَنْ الْيَمِينِ وَقَالَ الْآخَرُ: عَنْ الْيَسَارِ (لَزِمَ تَوَسُّطُهُ) فَعُلِمَ بِذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُجْرِيَ فَرَسَهُ بَيْنَ فَرَسَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَتَوَسَّطْهُمَا وَأَجْرَاهُ بِجَنْبِ أَحَدِهِمَا جَازَ إنْ تَرَاضَيَا بِهِ (فَإِنْ تَنَازَعَ الْمُتَسَابِقَانِ فِي الْيَمِينِ) وَالْيَسَارِ (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا (وَيَحُثُّ الْفَرَسَ) فِي السِّبَاقِ (بِالسَّوْطِ) وَتَحْرِيكِ اللِّجَامِ (وَلَا يَجْلِبُ عَلَيْهِ بِالصِّيَاحِ) لِيَزِيدَ عَدْوَهُ وَلِخَبَرِ «لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ» وَفِي رِوَايَةٍ رَوَاهَا أَبُو دَاوُد «لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ فِي الرِّهَانِ» قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَذَكَرَ فِي مَعْنَى الْجَنَبِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُجَنِّبُونَ الْفَرَسَ حَتَّى إذَا قَارَبُوا الْأَمَدَ تَحَوَّلُوا عَنْ الْمَرْكُوبِ الَّذِي كَدَّهُ بِالرُّكُوبِ إلَى الْجَنِيبَةِ فَنُهُوا عَنْهُ (وَلَوْ رَمَى أَحَدُهُمَا بِلَا اسْتِئْذَانٍ) لِصَاحِبِهِ (فَهَلْ يُحْسَبُ) أَوْ لَا يُحْسَبُ، وَإِنْ أَصَابَ لِتَرْكِهِ اتِّبَاعَ عُرْفِ الرُّمَاةِ فِي الِاسْتِئْذَانِ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ (تَتِمَّةٌ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْغَرَضِ شَاهِدَانِ لِيَشْهَدَا عَلَى مَا وَقَعَ مِنْ إصَابَةٍ وَخَطَأٍ وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَمْدَحَا الْمُصِيبَ وَلَا أَنْ يَذُمَّا الْمُخْطِئَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالنَّشَاطِ [كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَاب] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الْيَمِينِ] (كِتَابُ الْأَيْمَانِ) جَمْعُ يَمِينٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: 89] الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] وَأَخْبَارٌ مِنْهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَحْلِفُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَوْلُهُ «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ إنْ يَشَاءَ اللَّهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْيَمِينُ وَالْحَلِفُ وَالْإِيلَاءُ وَالْقَسَمُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ (هِيَ) لُغَةً الْيَدُ الْيُمْنَى وَأُطْلِقَتْ عَلَى الْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَحَالَفُوا أَخَذَ كُلٌّ بِيَمِينِ صَاحِبِهِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا تَحْفَظُ الشَّيْءَ عَلَى الْحَالِفِ كَمَا تَحْفَظُهُ الْيَدُ وَاصْطِلَاحًا (تَحْقِيقُ) أَمْرٍ (غَيْرِ ثَابِتٍ) مَاضِيًا كَانَ أَوْ مُسْتَقْبَلًا نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا مُمْكِنًا كَحَلِفِهِ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ أَوْ مُمْتَنِعًا كَحَلِفِهِ لَيَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ أَوْ لَيَقْتُلَنَّ زَيْدًا صَادِقَةً كَانَتْ الْيَمِينُ أَوْ كَاذِبَةً مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ أَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ وَخَرَجَ بِالتَّحْقِيقِ لَغْوُ الْيَمِينِ فَلَيْسَتْ يَمِينًا وَسَيَأْتِي وَبِغَيْرِ ثَابِتٍ الثَّابِتُ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَأَمُوتَنَّ أَوْ لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ فَكَذَلِكَ لِتَحَقُّقِهِ فِي نَفْسِهِ فَلَا مَعْنَى لِتَحَقُّقِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِنْثُ وَفَارَقَ انْعِقَادَهَا فِيمَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْبِرُّ كَحَلِفِهِ لَيَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ أَوْ لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ بِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ وَامْتِنَاعَ الْبِرِّ يُخِلُّ بِهِ فَيُحْوِجُ إلَى التَّكْفِيرِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ الْيَمِينُ تَحْقِيقُ الْأَمْرِ أَوْ تَوْكِيدُهُ (بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَكِنْ يُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ لَا يَدْخُلُ فِي حَقِيقَةِ الْيَمِينِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقَالُ حَلَفْت بِاَللَّهِ وَحَلَفْت بِغَيْرِ اللَّهِ وَفِي الْخَبَرِ «لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» وَأَسْقَطَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حَقِيقَةِ الْيَمِينِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْكَفَّارَةِ (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي الْيَمِينِ فَإِنْ حَلَفَ كَاذِبًا عَالِمًا) بِالْحَالِ (عَلَى مَاضٍ فَهِيَ) الْيَمِينُ (الْغَمُوسُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا لَا أُجْرَةَ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ (كِتَابُ الْأَيْمَانِ) (قَوْلُهُ غَيْرُ ثَابِتٍ) أَيْ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا (قَوْلُهُ أَوْ مُمْتَنِعًا) أَيْ إثْبَاتًا لَا نَفْيًا (تَنْبِيهٌ) الْحَالِفُ هُنَا مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ قَاصِدٌ نَاطِقٌ قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ أَخْرَسُ بِإِشَارَةٍ كَمَا مَرَّ فِي اللِّعَانِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِنْثُ) فَالْمُرَادُ بِالثَّابِتِ مَا هُوَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حَقِيقَةِ الْيَمِينِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ حَلَفَ كَاذِبًا إلَخْ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ كَاذِبًا مَا إذَا كَانَ صَادِقًا وَالْمُرَادُ بِصِدْقِهِ إنْ تَوَافَقَ يَمِينُهُ قَصْدَهُ، وَإِنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ إذَا كَانَ مَا قَصَدَهُ مِنْ مَجَازِ اللَّفْظِ وَلَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحْلِفُ لَهُ حَاكِمًا فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً وَأَرَادَ الْمَنِيَّ أَوْ لَا جَارِيَةَ لَهُ وَأَرَادَ السَّفِينَةَ أَوْ مَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ فِي يَوْمِهِ وَأَرَادَ بِمَكَّةَ أَوْ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ أَوْ مَا كَاتَبْت زَيْدًا وَنَوَى مُكَاتَبَةَ الْعَبْدِ أَوْ مَا عَرَّفْته وَنَوَى مَا جَعَلْته عَرِيفًا أَوْ مَا عَلَّمْته وَنَوَى مَا شَقَقْت شَفَتَهُ أَوْ مَا سَأَلْته حَاجَةً وَنَوَى الشَّجَرَةَ الصَّغِيرَةَ فَإِنَّهَا تُسَمَّى حَاجَةً أَوْ مَا أَكَلْت دَجَاجَةً وَنَوَى كُبَّةَ الْغَزْلِ وَلَا فَرُّوجَةً وَنَوَى الدُّرَّاعَةَ أَوْ مَا فِي بَيْتِهِ حَصِيرٌ وَنَوَى الْحَقِيرَ أَوْ مَا فِيهِ فُرُشٌ وَنَوَى صِغَارَ الْإِبِلِ أَوْ بَارِيَةً وَنَوَى الدِّيَةَ وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت نِسَاءَ قَرَابَتِي لَمْ تَطْلُقْ نِسَاؤُهُ وَلَوْ قِيلَ لَهُ أَطْلَقْت امْرَأَتَك فَقَالَ نَعَمْ وَأَرَادَ نَعَمْ بَنِي فُلَانٍ كَانَ عَلَى مَا نَوَى بَاطِنًا، وَإِنْ كَانَ مَأْخُوذًا بِإِقْرَارِهِ ظَاهِرًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (قَوْلُهُ فَهِيَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ) وَلَا تَنْعَقِدُ كَمَا جَزْم بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ أَوْ فِي النَّارِ، وَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ كَمَا وَرَدَ فِي الْبُخَارِيِّ (وَفِيهَا الْكَفَّارَةُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: 89] الْآيَةَ؛ وَلِأَنَّهُ حَلَفَ بِاَللَّهِ، وَهُوَ مُخْتَارٌ كَاذِبٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ وَالْإِثْمُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَهَا كَمَا فِي الظِّهَارِ وَيَجِبُ فِيهَا التَّعْزِيرُ أَيْضًا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ الصَّلَاحِ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَفِي وُجُوبِهَا الْقَوْلَانِ فِيمَنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا (وَمَنْ حَلَفَ بِلَا قَصْدٍ) بِأَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى لَفْظِ الْيَمِينِ بِلَا قَصْدٍ كَقَوْلِهِ فِي حَالَةِ غَضَبٍ أَوْ لَجَاجٍ أَوْ صِلَةِ كَلَامٍ لَا وَاَللَّهِ تَارَةً بَلَى وَاَللَّهِ أُخْرَى (أَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ) بِأَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى غَيْرِهِ (فَلَغْوٌ) أَيْ فَهُوَ لَغْوُ يَمِينٍ إذْ لَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ تَحْقِيقَ الْيَمِينِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] وَلِخَبَرِ «لَغْوُ الْيَمِينِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الْأُولَى لَغْوٌ وَالثَّانِيَةُ مُنْعَقِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا اسْتِدْرَاكٌ مَقْصُودٌ مِنْهُ (وَيُصَدَّقُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ) تَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ الْيَمِينَ الَّتِي حَلَفَهَا (إنْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ) هَا (وَلَا يُصَدَّقُ) ظَاهِرًا (فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِيلَاءِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ؛ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِجْرَاءِ أَلْفَاظِ الْيَمِينِ بِلَا قَصْدٍ بِخِلَافِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَدَعْوَاهُ فِيهَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ فَلَا يُصَدَّقُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ الْيَمِينَ لَمْ يُصَدَّقْ ظَاهِرًا (وَلَوْ قَالَ أَعْزِمُ) أَوْ عَزَمْت (أَوْ أُقْسِمُ) أَوْ أَقْسَمْت أَوْ آلِي أَوْ آلَيْت (عَلَيْك بِاَللَّهِ) أَوْ أَسْأَلُك أَوْ سَأَلْتُك بِاَللَّهِ (لَتَفْعَلَن) كَذَا (وَقَصَدَ عَقْدَ الْيَمِينِ لِنَفْسِهِ كَانَ يَمِينًا) لِظَاهِرِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِعَزَمَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَيُنْدَبُ) لِلْمُخَاطَبِ (إبْرَارُهُ) لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِيهِ هَذَا (إنْ أُبِيحَ) الْإِبْرَارُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ الْإِبْرَارُ ارْتِكَابَ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ الَّذِي لَا يُكْرَهُ تَرْكُهُ يُسْتَحَبُّ إبْرَارُ الْحَالِفِ عَلَى تَرْكِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَسَيَأْتِي أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى تَرْكِهِ وَالْإِقَامَةِ عَلَيْهِ مَكْرُوهَانِ فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَفِي حَقِّ غَيْرِهِ أَوْلَى انْتَهَى لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا وَاَلَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُخَاطَبِ إبْرَارُ قَسَمِ الْحَالِفِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ شَرْعًا وَرَجَحَتْ مَصْلَحَةُ إبْرَارِهِ انْتَهَى أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ عَقْدَ الْيَمِينِ لِنَفْسِهِ بِأَنْ قَصَدَهُ لِلْمُخَاطَبِ أَوْ قَصَدَ بِهِ الشَّفَاعَةَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَيْسَ يَمِينًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ صَرِيحًا فِيهَا وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّفَاعَةِ (وَيُكْرَهُ السُّؤَالُ بِوَجْهِ اللَّهِ) تَعَالَى (وَرَدُّ السَّائِلِ بِهِ) لِخَبَرِ «لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ إلَّا الْجَنَّةُ» وَخَبَرِ «مَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَأَعْطُوهُ رَوَاهُمَا» أَبُو دَاوُد [فَصْلٌ عَقَّبَ الْحَالِفُ الْيَمِينَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ] (فَصْلٌ) لَوْ (عَقَّبَ) الْحَالِفُ (الْيَمِينَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ) بِالْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (وَلَمْ تَنْعَقِدْ) يَمِينُهُ لِلتَّعْلِيقِ وَقِيلَ تَنْعَقِدُ لَكِنْ الْمَشِيئَةُ مَجْهُولَةٌ فَلَا يَحْنَثُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَجَزَمَ كَأَصْلِهِ بِهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ (وَيُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَقَصْدُهُ) قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ (وَاتِّصَالُهُ) بِهَا فَلَا يَضُرُّ   [حاشية الرملي الكبير] وَالْإِمَامُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ اقْتَرَنَ بِنَفْسِ الْيَمِينِ فِي الظَّاهِرِ وَكَذَا فِي الْبَاطِنِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِي انْعِقَادَهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي انْعِقَادِهَا تَظْهَرُ فِي صُوَرٍ مَا لَوْ حَلَفَ عَلَى مَاضٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ فَعَلَهُ لِنِسْيَانِهِ وَجَهْلِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ كَمَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ مَا دَخَلْت الدَّارَ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ دَخَلَهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا وَكَمَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي ظَنِّهِ ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ مَا وَطِئْتهَا مُتَعَمِّدًا الْكَذِبَ ثُمَّ بَانَ أَنَّ الَّتِي وَطِئَهَا غَيْرُ زَوْجَتِهِ فَإِنْ قُلْنَا أَنَّهَا يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الْكَفَّارَةُ لِمُوَافَقَتِهَا الْوَاقِعَ، وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهَا غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ وَجَبَتْ لِانْتِهَاكِ الِاسْمِ الْمُعَظَّمِ وَتَعَمُّدِ الْكَذِبِ وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَهَا فِي الصَّلَاةِ وَقُلْنَا إنَّهَا غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ بَطَلَتْ قَطْعًا، وَإِنْ قُلْنَا بِانْعِقَادِهَا فَكَمَا لَوْ حَلَفَ غَيْرَهَا فِيهَا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ تَضَمَّنَ خِطَابًا أَبْطَلَهَا وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ نَذَرَ فِي الصَّلَاةِ الْحَجَّ وَنَحْوَهُ وَمِنْهَا لَوْ عَقَّبَهَا بِالْمَشِيئَةِ نَفَعَتْهُ إنْ قُلْنَا بِانْعِقَادِهَا وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا تَرْفَعُ عَنْهُ الْكَذِبَ وَقَوْلُهُ وَلَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِي انْعِقَادَهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا) أَيْ أَوْ نَاسِيًا (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الْأُولَى لَغْوٌ وَالثَّانِيَةُ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ جَمْعِهِمَا وَإِفْرَادِهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُرَدُّ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ بِأَنَّ الْغَرَضَ عَدَمُ الْحِنْثِ ش وَكَتَبَ شَيْخُنَا أَيْضًا يُرَدُّ بِأَنَّ الْفَرْضَ عَدَمُ الْقَصْدِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَمْعِ وَالْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّصْدِيقِ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ كَذَا حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ فَلْيَتَقَيَّدْ بِهِ إطْلَاقُهُ وَقَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَفِي حَقِّ غَيْرِهِ أَوْلَى) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ يُخَاطَبُ الْإِنْسَانُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْعَادَةِ لِحَقِّ الْغَيْرِ وَيُكْرَهُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَمِنْ ذَلِكَ صَوْمُ التَّطَوُّعِ إذَا دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ وَشَقَّ عَلَى الدَّاعِي صَوْمُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْفِطْرُ وَقَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: يَنْبَغِي إبْرَارُهُ إنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِهَا فِي وَقْتٍ لِمَعْنًى دُونَ مَا إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهَا مُطْلَقًا لِغَيْرِ مَعْنًى (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يُنْدَبُ) هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ لَوْ عَقَّبَ الْحَالِفُ الْيَمِينَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ) شَمِلَ إطْلَاقُهُ الْيَمِينَ تَعْلِيقَهَا بِالْمَاضِي كَمَا لَوْ فَعَلَ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ مَا فَعَلْته إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْفِعْلَ عَلَى الْمَشِيئَةِ وَإِنَّمَا عَلَّقَ قَسَمَهُ وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ فِي الدَّعَاوَى أَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ حَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِ الْغَصْبِ فَقَالَ وَاَللَّهِ مَا غَصَبْته إنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ نَاكِلًا وَتُعَادُ الْيَمِينُ فَلَوْلَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَنْفَعُ فِي الْمَاضِي مَا جَعَلُوهُ نَاكِلًا (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِالِاسْتِثْنَاءِ) كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ أَرَادَ اللَّهُ أَوْ إنْ أَحَبَّ اللَّهُ أَوْ اخْتَارَ أَوْ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ بِإِرَادَتِهِ أَوْ اخْتِيَارِهِ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ وَلَوْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِالِاسْتِثْنَاءِ بَلْ نَوَاهُ فَلَا اسْتِثْنَاءَ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ؛ لِأَنَّهُ كَالْفَسْخِ فَلَمْ يَصِحَّ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت فَإِنَّهُ يَدِينُ؛ لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ فَيَجُوزُ بِالنِّيَّةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 تَخَلُّلُ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ لِتَذَكُّرٍ أَوْ عَيٍّ أَوْ تَنَفُّسٍ (كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَيَصِحُّ تَقْدِيمُهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ (عَلَى الْيَمِينِ) بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَالطَّلَاقِ) وَالْعَتَاقِ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَن كَذَا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ (وَ) عَلَى (الْإِقْرَارِ فَإِنْ قَالَ) لِفُلَانٍ (عَلَيَّ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِائَةٌ لَزِمَهُ تِسْعُونَ، وَإِنْ قَدَّمَهُ) عَلَى أَيْمَانٍ (وَلَوْ عَلَى طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ عَبْدِي حُرٌّ بِعَاطِفٍ وَغَيْرِهِ قَصَدَ اسْتِثْنَاءَهُمَا مَعًا أَمْ أَطْلَقَ لَمْ يَقَعَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الْمُتَعَاطِفَاتِ يَعُودُ إلَى جَمِيعِهَا كَالْمُتَأَخِّرِ عَنْهَا أَمَّا مَعَ الْعَاطِفِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا بِدُونِهِ؛ فَلِأَنَّهُ قَدْ يُحْذَفُ مَعَ إرَادَةِ الْعَطْفِ (وَكَذَا إنْ وَسَّطَ) الِاسْتِثْنَاءَ (كَانَتْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى طَالِقٌ) لَا يَقَعُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَالتَّمْثِيلُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَعَبْدِي حُرٌّ وَنَوَى صَرْفَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَيْهِمَا صَحَّ) فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ انْصَرَفَ إلَى الْأَوَّلِ خَاصَّةً فَيَقَعُ الْعِتْقُ دُونَ الطَّلَاقِ (وَقَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) حُكْمُهُ (كَمَا فِي) نَظِيرِهِ مِنْ (الطَّلَاقِ) فَلَا يَحْنَثُ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ وَاَللَّهِ لِأَدْخُلَنَّ الْيَوْمَ) هَذِهِ الدَّارَ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ وَأَرَادَ) إلَّا أَنْ يَشَاءَ (عَدَمَ دُخُولِي فَدَخَلَ) فِي الْيَوْمِ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ وَشَاءَ زَيْدٌ عَدَمَ دُخُولِهِ (لَمْ يَحْنَثْ وَحَنِثَ بِتَرْكِ الدُّخُولِ) فِيهِ (مَعَ مَشِيئَتِهِ لَهُ) أَيْ لِلدُّخُولِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَمَعَ الْجَهْلِ بِهَا) بِأَنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ حِنْثِهِ الْمَشِيئَةُ وَقَدْ جُهِلَتْ (أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الدُّخُولَ حَنِثَ بِالدُّخُولِ قَبْلَ مَشِيئَتِهِ) سَوَاءٌ أَشَاءَ زَيْدٌ عَدَمَ دُخُولِهِ أَمْ لَا وَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ بَعْدَهَا وَلَا بِتَرْكِ الدُّخُولِ (وَمَتَى مَاتَ أَوْ جُنَّ) أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ (وَلَمْ يَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ حَنِثَ) بِالدُّخُولِ لِمَا مَرَّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا (أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ) لَا أَدْخُلُ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ) زَيْدٌ (عَدَمَ الدُّخُولِ لَمْ تَنْعَقِدْ) يَمِينُهُ (حَتَّى يَشَاءَ) عَدَمَ الدُّخُولِ (ثُمَّ يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ) وَإِلَّا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا مَعْنَى لَهَا هُنَا وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَنْ لَا أَدْخُلَ فَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ أَنْ لَا يَدْخُلَ (وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لِأَدْخُلَنَّ إنْ شَاءَ فُلَانٌ دُخُولِي لَمْ يَنْعَقِدْ) يَمِينُهُ (حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ) دُخُولَهُ (فَإِنْ شَاءَ دُخُولَهُ وَدَخَلَ بَعْدَهَا) أَيْ الْمَشِيئَةِ (بَرَّ وَإِلَّا حَنِثَ قَبْلَ الْمَوْتِ) إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الدُّخُولَ بِزَمَنٍ (فَلَوْ لَمْ تُعْرَفْ مَشِيئَتُهُ) أَوْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا أَوْ شَاءَ أَنْ لَا يَدْخُلَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَا يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَنْعَقِدْ (فَصْلٌ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقِ لَا بِسَبْقِ لِسَانٍ مَكْرُوهٌ كَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ) وَجِبْرِيلَ وَالصَّحَابَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» وَلِخَبَرِ «لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ وَلَا تَحْلِفُوا إلَّا بِاَللَّهِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ قَالَ الْإِمَامُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ مَعْصِيَةً مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِيرِ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ حَلَفَ بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ اعْتَقَدَ تَعْظِيمَهُ كَمَا) وَفِي نُسْخَةٍ بِمَا (يُعَظِّمُ اللَّهَ) بِأَنْ اعْتَقَدَ فِيهِ مِنْ التَّعْظِيمِ مَا يَعْتَقِدُهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى (كَفَرَ) وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ الْحَاكِمِ «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ» أَمَّا إذَا سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ بِلَا قَصْدٍ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ هُوَ لَغْوُ يَمِينٍ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي قَالَ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ» (وَإِنْ قَالَ إنْ فَعَلْت) كَذَا (فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ) أَوْ مِنْ رَسُولِهِ أَوْ مِنْ الْإِسْلَامِ (أَوْ مِنْ الْكَعْبَةِ أَوْ) فَأَكُونُ (مُسْتَحِلًّا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ مُسْتَحِلٌّ أَيْ أَوْ أَنَا مُسْتَحِلٌّ (لِلْخَمْرِ) أَوْ الْمَيْتَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (فَلَيْسَ بِيَمِينٍ) لِعُرُوِّهِ عَنْ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَتِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَحْلُوفَ بِهِ حَرَامٌ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا زَانٍ أَوْ سَارِقٌ (فَإِنْ قَصَدَ) بِهِ (تَبْعِيدَ نَفْسِهِ) عَنْ ذَلِكَ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَذْكَارِ (لَمْ يَكْفُرْ) لَكِنَّهُ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ (أَوْ) قَصَدَ (الرِّضَا بِذَلِكَ إنْ فَعَلَهُ كَفَرَ فِي الْحَالِ فَإِنْ لَمْ نُكَفِّرْهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ) فَيَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لَكِنْ ظَاهِرُ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ بِاَللَّاتِي وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِحْبَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ (وَ) أَنْ (يَسْتَغْفِرَ) اللَّهَ تَعَالَى (وَيُسْتَحَبُّ) أَيْضًا (أَنْ يَسْتَغْفِرَ) اللَّهَ (مِنْ كُلِّ إثْمٍ وَيَجِبُ أَنْ يَتُوبَ مِنْهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِكُلٍّ مَنْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ قَبِيحٍ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ وَتَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ كُلِّ كَلَامٍ مُحَرَّمٍ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ وَاَللَّهِ لِأَدْخُلَنَّ هَذِهِ الدَّارَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ وَأَرَادَ عَدَمَ الدُّخُولِ فَدَخَلَ] قَوْلُهُ وَلَا مَعْنَى لَهَا هُنَا) هِيَ سَاقِطَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ [فَصْلٌ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقِ] (قَوْلُهُ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقِ لَا بِسَبْقِ لِسَانٍ مَكْرُوهٌ) ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ» وَرُوِيَ «فَقَدْ أَشْرَكَ» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ فِيمَا حَلَفَ بِهِ مِنْ التَّعْظِيمِ مَا يَعْتَقِدُهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قِيلَ قَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِالنَّجْمِ وَبِالسَّمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ» قُلْنَا أَمَّا فِي الْقُرْآنِ فَذِكْرُ الرَّبِّ فِيهِ مُضْمَرًا أَيْ وَرَبِّ النَّجْمِ وَرَبِّ السَّمَاءِ كَمَا فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ} [الذاريات: 23] وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ اللَّهِ مَنْ يُعَظَّمُ تَعْظِيمَهُ بِخِلَافِنَا وَمَا وَرَدَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى لَغْوِ الْيَمِينِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ النَّهْيِ وَيُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُ مُبَاحًا (قَوْلُهُ كَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ) أَوْ وَرِزْقِ اللَّهِ أَوْ وَإِحْيَاءِ اللَّهِ أَوْ وَإِمَاتَةِ اللَّهِ أَوْ وَتَصْوِيرِ اللَّهِ أَوْ وَثَوَابِ اللَّهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَذْكَارِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْقِيَاسُ التَّكْفِيرُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِيهِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَكِنْ عَارَضَهُ الْعُرْفُ فِي صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ التَّعْلِيقِ إلَى التَّبْعِيدِ وَإِلَى مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ يُشِيرُ كَلَامُ ابْنِ الْعِمَادِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ) وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي مَطْلَبِهِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَأَفْهَمَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَصَدَ الرِّضَا بِذَلِكَ) أَيْ أَوْ التَّعْلِيقَ (قَوْلُهُ فَيَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) قَالَ شَيْخُنَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَعَ لَفْظِ أَشْهَدُ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ) وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّهُ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ وَتَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ كُلِّ كَلَامٍ مُحَرَّمٍ) قَالَ شَيْخُنَا شَمِلَ الصَّغَائِرَ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ تَكْفِيرُ الصَّلَوَاتِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 (فَصْلٌ حُرُوفُ الْقَسَمِ) ثَلَاثَةٌ (الْبَاءُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ) لِاشْتِهَارِهَا فِيهِ شَرْعًا وَعُرْفًا وَزَادَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ الْأَلِفَ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَالْأَصْلُ الْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ ثُمَّ الْوَاوُ ثُمَّ التَّاءُ الْفَوْقِيَّةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ الْوَاوِ وَالْوَاوُ مِنْ الْبَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَلِدُخُولِهَا عَلَى الْمُضْمَرِ كَالْمُظْهَرِ تَقُولُ حَلَفْت بِك وَبِهِ لَأَفْعَلَنَّ وَالْوَاوُ تَخْتَصُّ بِالْمُظْهَرِ وَالتَّاءُ لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (فَإِنْ قَالَ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ) أَوْ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا (وَأَرَادَ غَيْرَ الْيَمِينِ) بِأَنْ قَالَ أَرَدْت تَاللَّهِ أَوْ وَاَللَّهِ ثُمَّ ابْتَدَأْت لَأَفْعَلَن (قُبِلَ) مِنْهُ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لِاحْتِمَالِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الْيَمِينَ أَوْ أَطْلَقَ (وَكَذَا لَوْ قَالَ بِاَللَّهِ بِالْمُوَحَّدَةِ) لَأَفْعَلَن كَذَا فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ الْيَمِينِ بِأَنْ قَالَ أَرَدْت وَثِقْت أَوْ اسْتَعَنْت بِاَللَّهِ قُبِلَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا (وَقَوْلُهُ فَاَللَّهِ) بِالْفَاءِ (أَوْ يَالِلَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ أَوْ آللَّهِ) بِالْمَدِّ لَأَفْعَلَن كَذَا (كِنَايَةً) فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا وَوَجْهُ كَوْنِهِ يَمِينًا فِي الثَّانِيَةِ بِحَذْفِ الْمُنَادَى وَكَأَنَّهُ قَالَ يَا قَوْمُ أَوْ يَا رَجُلُ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْيَمِينَ. (وَلَوْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ الرَّحْمَنِ لَمْ يَجُزْ) أَيْ لَمْ يُحْسَبْ يَمِينًا لِمُخَالَفَتِهِ التَّحْلِيفَ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ يَمِينًا فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ قُلْ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ فَقَالَ بِاَللَّهِ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ وَاَللَّهِ وَفِيهِ تَرَدُّدٌ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَسَأَذْكُرُهُ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي مَحَلِّهِ الَّذِي أَشَارَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ إلَى ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ نُكُولٌ أَوْ لَا (وَلَوْ لَحَنَ فَرَفَعَ الْهَاءَ) أَوْ نَصَبَهَا أَوْ سَكَّنَهَا (لَمْ يَضُرَّ) ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْيَمِينِ (وَلَوْ حَذَفَ حَرْفَ الْقَسَمِ) فَقَالَ اللَّهِ: لَأَفْعَلَنَّ كَذَا بِجَرِّهِ أَوْ نَصْبِهِ أَوْ رَفْعِهِ أَوْ إسْكَانِهِ (فَكِنَايَةٌ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا وَاللَّحْنُ، وَإِنْ قِيلَ بِهِ الرَّفْعُ لَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ كَمَا مَرَّ عَلَى أَنَّهُ لَا لَحْنَ فِي ذَلِكَ فَالرَّفْعُ بِالِابْتِدَاءِ أَيْ اللَّهُ أَحْلِفُ بِهِ وَالنَّصْبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَالْجَرُّ بِحَذْفِهِ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ وَالْإِسْكَانُ بِإِجْرَاءِ الْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُحْتَجُّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ رُكَانَةَ «اللَّهُ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً» رَوَاهُ الْعِمْرَانِيُّ بِالرَّفْعِ وَالرُّويَانِيُّ بِالْجَرِّ وَبِقَوْلِهِ لِابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَتْلِهِ أَبَا جَهْلٍ اللَّهَ قَتَلْته بِالنَّصْبِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ (وَلَوْ قَالَ لَهُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ) بَعْدَ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ (لَغَا) فَلَا يَكُونُ يَمِينًا، وَإِنْ نَوَاهَا هَذَا بَحَثَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَتِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا لَحْنٌ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ مُخَالَفَةُ صَوَابِ الْإِعْرَابِ بَلْ هَذِهِ كَلِمَةٌ أُخْرَى وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَيْسَ هُوَ لَحْنًا بَلْ لُغَةً حَكَاهَا الزَّجَّاجِيُّ أَيْ غَيْرُهُ، وَهِيَ شَائِعَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ يَمِينًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَمَا قَالَهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ وَالْأَوَّلُ نَافٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ اسْتَحْضَرَ النَّوَوِيُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ لَمَا قَالَ مَا قَالَ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَالْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّهَا يَمِينٌ إنْ نَوَاهَا وَيُحْمَلُ حَذْفُ الْأَلِفِ عَلَى اللَّحْنِ؛ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ تَجْرِي كَذَلِكَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ وَالْخَوَاصِّ وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَوْجَهُ لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِبَلِّهِ الْبِلَّةَ بِمَعْنَى الرُّطُوبَةِ (فَصْلٌ يَنْعَقِدُ) الْيَمِينُ (بِأَسْمَاءِ اللَّهِ) تَعَالَى (وَصِفَاتِهِ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا وَأَسْمَاؤُهُ تَعَالَى ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْحُسْنَى كَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ أَمْ لَا كَاَلَّذِي أَعْبُدُهُ أَوْ أَسْجُدُ لَهُ وَمَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَالْغَالِبُ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ تَعَالَى وَمَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَإِطْلَاقُهُ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا وَبَيَانِ أَحْكَامِهَا فَقَالَ: (وَمَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ كَ وَاَلَّذِي أَعْبُدُهُ) أَوْ أُصَلِّي لَهُ (وَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ) أَوْ نَفْسِي بِيَدِهِ (وَالْأَسْمَاءُ الْمُخْتَصَّةُ بِاَللَّهِ كَوَاللَّهِ وَالْإِلَهِ وَالرَّحْمَنِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَالِكِ يَوْمِ الدَّيْنِ وَنَحْوِهِ) كَخَالِقِ الْخَلْقِ وَالْحَيِّ   [حاشية الرملي الكبير] وَنَحْوُهَا لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَفَّرَ بِهَا الْإِصْرَارُ، وَأَمَّا الْإِقْدَامُ فَلَا يُكَفِّرُهُ إلَّا التَّوْبَةُ وَمَنْ أَطْلَقَ الِاكْتِفَاءَ بِالِاسْتِغْفَارِ مُرَادُهُ بِهِ التَّوْبَةُ بِشُرُوطِهَا [فَصْلٌ حُرُوفُ الْقَسَمِ] (قَوْلُهُ وَالتَّاءُ لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى اللَّهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ تَخْصِيصَ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ بِلَفْظِ اللَّهِ إنْ أُرِيدَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ لَمْ يَسْتَقِمْ فَلَوْ قَالَ تَالرَّحْمَنِ أَوْ تَالرَّحِيمِ أَوْ تَحَيَاةِ اللَّهِ انْعَقَدَتْ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ شَاذًّا وَقَوْلُهُ انْعَقَدَتْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ اللَّهُ أَحْلِفُ بِهِ) أَوْ قَسَمِي (قَوْلُهُ وَالرُّويَانِيُّ بِالْجَرِّ) وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ فِي أَصْلٍ جَيِّدٍ مِنْ مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِالنَّصْبِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا لَحْنٌ مَمْنُوعٌ إلَخْ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اصْطِلَاحِ النُّحَاةِ فِي مُسَمًّى لِلَّحْنِ وَعَلَيْهِ بَنَى صَاحِبُ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ اللَّحْنُ الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ) وَالْمُرَادُ بِاللَّحْنِ فِي تَعْلِيلِ الْأَئِمَّةِ السَّابِقِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَهْذِيبِ الْأَزْهَرِيِّ نَقْلًا عَمَّنْ سَمَّاهُ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ بَلْ قَدْ أَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ النَّحْوِ اللَّحْنَ عَلَى الْخَطَأِ فِي غَيْرِ الْإِعْرَابِ وَصَنَّفُوا كُتُبًا فِي ذَلِكَ أب (قَوْلُهُ وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَوْجَهُ) الْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى تَقْيِيدِهِ بِذَلِكَ إذْ هُوَ مُخْرِجٌ لَهُ مِنْ الْإِطْلَاقِ نَعَمْ يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي مُقَابَلَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ يُرَادُ بِهِ مُقَابِلُ قَصْدِ الْيَمِينِ فَلِهَذَا قَيَّدَ بِغَيْرِ الْبِلَّةِ الَّتِي بِمَعْنَى الرُّطُوبَةِ [فَصْلٌ يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ] (قَوْلُهُ الْمُخْتَصَّةُ بِاَللَّهِ) فِيهِ دُخُولُ الْبَاءِ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ وَالْأَفْصَحُ دُخُولُهَا عَلَى الْمَقْصُورِ (فَائِدَةٌ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ هُوَ اللَّهُ (قَوْلُهُ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ) سُئِلَ الْمُزَنِيّ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَرَدَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْمَحَلَّةِ عَنْ شَخْصٍ قَالَ وَرَبِّ يس أَفْعَلُ كَذَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ يس مِنْ كَلَامِ الْبَارِي تَعَالَى وَكَلَامُ اللَّهِ صِفَتُهُ وَالصِّفَةُ لَيْسَتْ مَرْبُوبَةً لِكَوْنِهَا قَدِيمَةً قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَبِالْأَوْلَى أَنْ يَفْصِلَ فَإِنْ قَصَدَ الْحَالِفُ بِرَبِّ مَعْنَى الصَّاحِبِ حَنِثَ، وَإِنْ قَصَدَ مَعْنَى التَّرْبِيَةِ لَا يَحْنَثُ وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات: 180] عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِزَّةِ صِفَتُهُ الْقَدِيمَةُ، وَإِنْ أُرِيدَ صِفَةُ الْفِعْلِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ حَادِثَةٌ سُئِلْت عَمَّا يَحْلِفُ بِهِ أَهْلُ مِصْرَ مِنْ قَوْلِهِمْ وَالْجَنَابِ الرَّفِيعِ فَقُلْت إنْ نَوَى بِهِ اللَّهَ تَعَالَى فَهُوَ يَمِينٌ، وَإِنْ نَوَى بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَيْسَ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا إطْلَاقًا وَاحِدًا بَلْ قَدْ يَغْلِبُ فِي حَقِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ج وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْعِرَاقِيُّ سُئِلْت عَمَّنْ حَلَفَ بِالْجَنَابِ الرَّفِيعِ وَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى هَلْ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ فَأَجَبْت بِأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ جَنَابِ الْإِنْسَانِ فِنَاءُ دَارِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إلْحَادٌ فِي أَسْمَائِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 الَّذِي لَا يَمُوتُ (لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ عَنْ الْيَمِينِ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَقْبَلُهُ فَالْوَجْهُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ أَصْلِهِ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى إلَى غَيْرِهِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، وَإِنْ نَوَاهُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهِ وَأَطْلَقَ كَالْأَكْثَرِينَ الْحُكْمَ فِي الْإِلَهِ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ بِهَا ظَاهِرًا وَيَتَوَقَّفُ بَاطِنًا عَلَى إرَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ هَذَا الِاسْمَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اللَّهِ وَأَوْثَانِهِمْ انْتَهَى وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي وَاَلَّذِي أَعْبُدُهُ أَوْ أُصَلِّي لَهُ أَوْ أَسْجُدُ لَهُ أَوْ نَحْوِهَا (وَمَا لَا يَخْتَصُّ) بِاَللَّهِ (وَهُوَ لِلَّهِ أَغْلَبُ كَالْجَبَّارِ وَالْحَقِّ وَالْمُتَكَبِّرِ وَالْبَارِئِ) التَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْقَادِرِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالرَّحِيمِ) وَالرَّبِّ (لَا يَنْصَرِفُ عَنْ الْيَمِينِ إلَّا بِنِيَّةٍ) بِأَنْ يَنْوِيَ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ فَيَنْصَرِفُ عَنْ الْيَمِينِ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ وَقَدْ نَوَاهُ (وَكَذَا قَوْلُهُ وَحَقِّ اللَّهِ وَحُرْمَتِهِ بِالْكَسْرِ) لَا يَنْصَرِفُ عَنْ الْيَمِينِ إلَّا بِنِيَّةٍ لِذَلِكَ وَخَرَجَ بِالْكَسْرِ وَالْمُرَادُ الْجَرُّ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ يَمِينًا إلَّا بِنِيَّتِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ فِي وَحَقِّ اللَّهِ (أَمَّا الَّذِي يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ وَ) عَلَى (غَيْرِهِ سَوَاءٌ) أَيْ مُسْتَوِيًا (كَالْحَيِّ وَالْمَوْجُودِ وَالْمُؤْمِنِ وَالْكَرِيمِ وَالْغَنِيِّ فَكِنَايَةٌ) إنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ نَوَاهُ (وَمِنْهُ وَالسَّمِيعُ وَالْبَصِيرُ وَالْعَلِيمُ وَالْحَكِيمُ) (وَيَنْعَقِدُ) الْيَمِينُ (بِقَوْلِهِ وَعِلْمُ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَحَقِّهِ وَعَظَمَتِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ) وَنَحْوِهَا مِنْ سَائِرِ صِفَاتِ الذَّاتِ (إلَّا إنْ أَرَادَ بِالْعِلْمِ الْمَعْلُومَ وَبِالْقُدْرَةِ الْمَقْدُورَ وَبِالْحَقِّ الْعِبَادَاتِ) وَبِالْعَظَمَةِ مَا يَأْتِي وَبِالسَّمْعِ الْمَسْمُوعَ وَبِالْبَصَرِ الْمُبْصَرَ فَلَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لَهُ وَلِهَذَا يُقَالُ فِي الدُّعَاءِ اغْفِرْ عِلْمَك فِينَا أَيْ مَعْلُومَك وَيُقَالُ اُنْظُرْ إلَى قُدْرَةِ اللَّهِ أَيْ مَقْدُورِهِ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ وَمَعْلُومِ اللَّهِ وَمَقْدُورِهِ وَخَلْقِهِ وَرِزْقِهِ وَسَائِرِ صِفَاتِ الْفِعْلِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِفَتَيْ الذَّاتِ وَالْفِعْلِ أَنَّ الْأُولَى مَا اسْتَحَقَّهُ فِي الْأَزَلِ وَالثَّانِيَةَ مَا اسْتَحَقَّهُ فِيمَا لَا يَزَالُ دُونَ الْأَزَلِ يُقَالُ عَلِمَ فِي الْأَزَلِ وَلَا يُقَالُ رَزَقَ فِي الْأَزَلِ إلَّا تَوَسُّعًا بِاعْتِبَارِ مَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ الْأَمْرُ (وَكَذَا) قَوْلُهُ (وَعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَعِزَّتِهِ وَجَلَالِهِ) وَبَقَائِهِ وَمَشِيئَتِهِ فَيَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهَا ظُهُورَ آثَارِهَا عَلَى الْخَلْقِ (فَقَدْ يُقَالُ) فِي ذَلِكَ (عَايَنْت عَظَمَتَهُ وَكِبْرِيَاءَهُ) وَعِزَّتَهُ وَجَلَالَهُ (وَيُرَادُ مِثْلُ ذَلِكَ) وَقَوْلُهُ وَحَقِّهِ وَعَظَمَتِهِ مُكَرَّرٌ (وَقَوْلُهُ وَكَلَامُ اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَقُرْآنِهِ يَمِينٌ) كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ (وَكَذَا) قَوْلُهُ (وَالْمُصْحَفِ وَلَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ حُرْمَتَهُ أَوْ حُرْمَةَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ أَوْ الْقُرْآنَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ الْحَلِفَ بِالْقُرْآنِ الْمَكْتُوبِ فَكَانَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (لَا إنْ أَرَادَ) بِهِ (الرَّقَّ وَالْجِلْدَ) أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَا يَكُونُ يَمِينًا (وَلَوْ أَرَادَ بِالْقُرْآنِ الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ) أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ بِالْكَلَامِ الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ الدَّالَّةَ عَلَيْهِ (لَمْ يَنْعَقِدْ) يَمِينُهُ (وَإِنْ قَالَ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ أَوْ أَحْلِفُ) أَوْ حَلَفْت (أَوْ أُولِي) أَوْ آلَيْت (أَوْ أَقْسَمْت) بِاَللَّهِ (فَيَمِينٌ وَلَوْ أَطْلَقَ) ؛ لِأَنَّهُ عُرْفُ الشَّرْعِ قَالَ تَعَالَى {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: 109] (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) بِالْمُضَارِعِ (الْوَعْدَ) بِالْحَلِفِ (وَ) بِالْمَاضِي (الْإِخْبَارَ) عَنْ حَلِفٍ مَاضٍ (قُبِلَ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَوْ فِي الْإِيلَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ الْيَمِينَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا ادَّعَى مَا يُوَافِقُهُ ظَاهِرُ الصِّيغَةِ مِنْ أَقْسَمْت أَوْ أُقْسِمُ أَوْ نَحْوِهِ بِخِلَافِهِ   [حاشية الرملي الكبير] فَإِنْ قُلْت قَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الرَّفِيعُ وَفِي التَّنْزِيلِ {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ} [غافر: 15] وَالرَّفِيعُ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى غَيْرِهِ لَكِنْ قَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِإِرَادَتِهِ فَوَجَبَ صَرْفُ اللَّفْظِ إلَيْهِ قُلْت كَيْفَ يُعْمَلُ بِالنِّيَّةِ فِي ذَلِكَ مَعَ اقْتِرَانِهِ لَفْظًا بِمَا يُنَافِي ذَلِكَ، وَهُوَ الْجَنَابُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الرَّفِيعِ وَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَيْنَا فِيهِ الْخِلَافَ فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ وَالْمَوْجُودِ وَنَحْوِهِمَا أَمَّا بَعْدَ أَنْ قَرَنَ بِهِ مَا يُنَافِيهِ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَعْمَلَ النِّيَّةُ الْمُضَادَّةُ لِلَّفْظِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَوْلَى إلَخْ كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِ الْعِرَاقِيِّ فَأَجَبْت بِأَنَّهَا إلَخْ هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ أَصْلِهِ إلَخْ) هُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ قَالَ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ إلَى آخِرِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَلَامُ الْمَحَامِلِيِّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّالِبِ الْغَالِبِ يَمِينٌ صَرِيحَةٌ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ الْحَلِفَ بِذَلِكَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ وَلَمْ تَرِدْ التَّسْمِيَةُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا اسْتَحْسَنَ الْأَصْحَابُ ذِكْرَهُمَا فِي الْأَيْمَانِ لِيَقَعَ الرَّدْعُ بِهِمَا لِلْحَالِفِ وَفِي مُشْكَلِ الْوَسِيطِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الدَّعَاوَى جَوَازُ إطْلَاقِ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ (قَوْلُهُ أَمَّا الَّذِي يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى غَيْرِهِ إلَخْ) اسْتَفَدْنَا مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا جَوَازَ التَّسْمِيَةِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِهِ أَمَّا الْمُخْتَصُّ بِهِ فَيَحْرُمُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ إنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ إلَخْ) إذْ لَا تَكْفِي نِيَّةُ الْيَمِينِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ وَعِلْمِ اللَّهِ إلَخْ) لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الصِّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الذَّاتِ وَغَيْرِهَا هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ (قَوْلُهُ وَبَصَرِهِ) أَيْ وَحُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا مِنْ سَائِرِ صِفَاتِ الذَّاتِ) الصِّفَاتُ الذَّاتِيَّةُ كَكَوْنِهِ تَعَالَى أَزَلِيًّا وَأَنَّهُ وَاجِبُ الْوُجُودِ، وَهِيَ كَالزَّائِدَةِ عَلَى الذَّاتِ وَمِنْهَا السَّلْبِيَّةُ كَقَوْلِهِ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ وَلَا فِي جِهَةٍ وَلَمْ أَرَ فِيهَا شَيْئًا وَالظَّاهِرُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدِيمَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِاَللَّهِ ر (قَوْلُهُ وَكَذَا وَالْمُصْحَفِ) أَيْ وَالْقُرْآنِ وَكَتَبَ أَيْضًا إذَا حَلَفَ الْمُسْلِمُ بِآيَةٍ مَنْسُوخَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ بِالتَّوْرَاةِ أَوْ بِالْإِنْجِيلِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَمِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي بَابِ مَوْضِعِ الْيَمِينِ مِنْ تَعْلِيقِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَنْسُوخَةُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ مَسُّهُ وَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِقِرَاءَتِهِ وَالصَّحِيحُ لَا يَحْرُمُ وَتَبْطُلُ وَبِهِ يَقْوَى عَدَمُ الِانْعِقَادِ لِانْتِفَاءِ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ فَكَانَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اسْتَحْسَنَ التَّحْلِيفَ بِالْمُصْحَفِ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ الْيَمِينُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَمْ يَحْلِفْ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ بِالْقُرْآنِ الْخُطْبَةَ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204] (قَوْلُهُ وَالصَّلَاةَ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء: 78] (قَوْلُهُ قَالَ تَعَالَى {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: 109] الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 فِيمَا مَرَّ إذْ قَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا فَعَلْت كَذَا لَا يُوَافِقُ مَا ادَّعَاهُ (وَإِنْ حَذَفَ) مِنْ ذَلِكَ (اسْمَ اللَّهِ لَغَا) فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً (وَإِنْ نَوَى) الْيَمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ (وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ (فِي الْإِيلَاءِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ جَعَلَهُ بَعْدَ وَالْأَخْبَارِ كَانَ مُوَافِقًا لِأَصْلِهِ وَلَعَلَّ تَأْخِيرَهُ مِنْ النُّسَّاخِ وَمَعَ هَذَا فَالْأَمْرُ قَرِيبٌ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَذَفَهُ ثَمَّ لِلْإِشْكَالِ الَّذِي أُجِيبَ عَنْهُ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ عَنْهُ جَوَابٌ (وَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ) أَوْ شَهِدْت (أَوْ أَعْزِمُ) أَوْ عَزَمْت (بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا إنْ نَوَى) فَيَمِينٌ قَالُوا لِوُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ فِي أَشْهَدُ قَالَ تَعَالَى: {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 1] إذْ الْمُرَادُ نَحْلِفُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [المجادلة: 16] وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِي فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ يَمِينًا إذَا نَوَى غَيْرَهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ أَطْلَقَ لِتَرَدُّدِهِ وَعَدَمِ إطْرَادِ عُرْفٍ شَرْعِيٍّ أَوْ لُغَوِيٍّ بِهِ (وَلَوْ قَالَ الْمَلَاعِنُ) فِي لِعَانِهِ (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ) وَكَانَ (كَاذِبًا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ) ، وَإِنْ نَوَى غَيْرَ الْيَمِينِ إذْ لَا أَثَرَ لِلتَّوْرِيَةِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّمَا لَا تُؤَثِّرُ التَّوْرِيَةُ حِينَئِذٍ فِي الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ وَالْكَفَّارَةُ حُكْمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَا تَلْزَمُهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْيَمِينَ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْيَمِينِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَالْإِثْمِ حُكْمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَرْتَفِعُ بِالتَّوْرِيَةِ قَطْعًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْكَفَّارَةَ تَعَدَّدَتْ قَطْعًا بِخِلَافِ الْأَيْمَانِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ فِي الْمَاضِي حَلِفٌ وَكَذَا فِي الْقَسَامَةِ انْتَهَى وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الْحِنْثَ فِي الْمَاضِي مُقَارِنٌ لِلْيَمِينِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (وَقَوْلُهُ لَا هَالِلْهُ) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ كِنَايَةٌ إنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي اللُّغَةِ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَ (أَيْمُ اللَّهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَيَجُوزُ قَطْعُهَا (وَأَيْمُنُ اللَّهِ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمِينًا إذَا أَطْلَقَ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ اشْتَهَرَ فِي اللُّغَةِ وَوَرَدَ فِي الْخَبَرِ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ (وَلَعَمْرُ اللَّهِ) وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْبَقَاءُ وَالْحَيَاةُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْعِبَادَاتِ وَالْمَفْرُوضَاتِ (وَكَذَا) قَوْلُهُ (وَعَلَى عَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ وَأَمَانَتِهِ وَذِمَّتِهِ وَكَفَالَتِهِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا كِنَايَةٌ سَوَاءٌ أَضَافَ الْمَعْطُوفَاتِ إلَى الضَّمِيرِ كَمَا مَثَّلَ أَمْ إلَى الِاسْمِ الظَّاهِرِ وَالْمُرَادُ بِعَهْدِ اللَّهِ إذَا نَوَى بِهِ الْيَمِينَ اسْتِحْقَاقُهُ لِإِيجَابِ مَا أَوْجَبَهُ عَلَيْنَا وَتَعَبَّدْنَا بِهِ وَإِذَا نَوَى بِهِ غَيْرَهَا الْعِبَادَاتُ الَّتِي أُمِرْنَا بِهَا وَقَدْ فَسَّرَ بِهَا الْأَمَانَةَ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] (فَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ بِالْكُلِّ انْعَقَدَتْ) يَمِينٌ (وَاحِدَةٌ وَالْجَمْعُ) بَيْنَ الْأَلْفَاظِ (تَأْكِيدٌ) كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْحِنْثِ فِيهَا إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ نَوَى بِكُلِّ لَفْظٍ يَمِينًا كَانَ يَمِينًا وَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى الْفِعْلِ الْوَاحِدِ مِرَارًا وَنَوَى بِكُلِّ مَرَّةٍ يَمِينًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ قَالَ وَحَقُّ اللَّهِ بِالرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ فَكِنَايَةٌ) لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ الطَّاعَةِ وَالْإِلَهِيَّةِ (الْبَابُ الثَّانِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِيهِ أَطْرَافٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ فِي سَبَبِ الْكَفَّارَةِ فَتَجِبُ بِالْيَمِينِ وَالْحِنْثِ جَمِيعًا) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّبَبُ مُجَرَّدَ الْيَمِينِ لَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْحِنْثُ أَوْ مُجَرَّدُ الْحِنْثِ لَمَا جَازَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ (فَصْلٌ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ بِغَيْرِ الصَّوْمِ عَلَى الْحِنْثِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «وَإِذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبَيْنِ فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَحَدِهِمَا كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ أَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَالصَّلَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ؛ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ بِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ الْمَالِيَّةِ وَالْعَجْزُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْوُجُوبِ (وَلَوْ) كَانَ الْحِنْثُ (بِمَعْصِيَةٍ) مِنْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَزْنِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ لِوُجُودِ أَحَدِ السَّبَبَيْنِ وَالتَّكْفِيرُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إبَاحَةٌ وَلَا تَحْرِيمٌ بَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةٌ قَبْلَ الْيَمِينِ وَبَعْدَهَا وَقَبْلَ التَّكْفِيرِ وَبَعْدَهُ وَخَرَجَ بِالْحِنْثِ الْيَمِينُ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبْيَيْنِ وَمِنْهُ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك لَمْ يَجُزْ التَّكْفِيرُ قَبْلَ دُخُولِهَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَنْعَقِدْ بَعْدُ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَكَمَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى السَّبَبَيْنِ لَا تَجُوزُ مُقَارَنَتُهَا لِلْيَمِينِ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ مَنْ يُعْتِقُ عَنْهَا مَعَ شُرُوعِهِ فِي الْيَمِينِ لَمْ يَجُزْ بِالِاتِّفَاقِ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَتَأْخِيرُهَا) عَنْ الْحِنْثِ (أَفْضَلُ) -   [حاشية الرملي الكبير] وَقَالَ تَعَالَى {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106] (قَوْلُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْيَمِينِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْقَسَامَةِ) حَتَّى لَوْ حَلَفَ فِيهَا خَمْسِينَ يَمِينًا كَاذِبًا لَزِمَتْهُ خَمْسُونَ كَفَّارَةً (قَوْلُهُ إنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ وَرَبِّ الدَّابَّةِ لَا أَفْعَلُ كَذَا (قَوْلُهُ الْعِبَادَاتُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ اسْتِحْقَاقُهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ وَحَقِّ اللَّهِ) أَوْ وَعِلْمِ اللَّهِ (قَوْلُهُ بِالرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ فَكِنَايَةٌ) لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَرِّ وَالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فِي الْجَمِيعِ فَيَجُوزُ حَمْلُ إطْلَاقِهِ عَلَى الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يُفَسِّرَهُ بِخِلَافِهِ ع [الْبَابُ الثَّانِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي سَبَبِ كَفَّارَة الْيَمِينِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ) (قَوْلُهُ فَتَجِبُ بِالْيَمِينِ وَالْحِنْثِ جَمِيعًا) ، وَإِنْ كَانَ عَقَدَهَا طَاعَةً، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مَاضٍ وَكَتَبَ أَيْضًا شَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ طَاعَةً وَالْحِنْثُ مَعْصِيَةً خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي قَوْلِهِ أَنَّهَا وَجَبَتْ بِالْحِنْثِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْحَاوِي إنْ كَانَ عَقْدُ الْيَمِينِ طَاعَةً وَحَلُّهَا مَعْصِيَةً مِثْلَ لَا زَنَيْت فَإِذَا زَنَى كَفَّرَتْ إثْمَ الْحِنْثِ، وَإِنْ كَانَ عَكَسَهُ مِثْلَ لَا صَلَّيْت فَإِذَا صَلَّى كَفَّرَتْ إثْمَ الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ وَالْحِلُّ مُبَاحَيْنِ مِثْلَ لَا أَلْبِسُ هَذَا تَعَلَّقَتْ الْكَفَّارَةُ بِهِمَا، وَهِيَ بِالْحِنْثِ أَحَقُّ لِاسْتِقْرَارِ وُجُوبِهَا بِهِ [فَصْلٌ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ بِغَيْرِ الصَّوْمِ عَلَى الْحِنْثِ] (قَوْلُهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ إلَخْ) قَالَ الدَّارِمِيُّ: لَوْ قَدَّمَ ثُمَّ لَمْ يَحْنَثْ اسْتَرْجَعَ كَالزَّكَاةِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَإِنْ أَيِسَ عَنْ الْحِنْثِ وَكَانَ قَدْ شَرَطَ الرُّجُوعَ فَلَهُ الِاسْتِرْجَاعُ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ) وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ بِغَيْرِ حَاجَةٍ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ (وَإِنْ قَالَ أَعْتَقْت عَبْدِي عَنْ كَفَّارَتِي إنْ حَنِثْت فَحَنِثَ أَجْزَأَهُ) ذَلِكَ عَنْ الْكَفَّارَةِ (وَإِنْ قَالَ) أَعْتِقُهُ عَنْهَا (إنْ حَلَفْت لَمْ يَجُزْهُ) عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ التَّعْلِيقَ عَلَى الْيَمِينِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا قَدَّمَهُ عَلَى الْحِنْثِ فَقَطْ (وَإِنْ قَالَ إنْ حَنِثْت) فِي يَمِينِي (غَدًا فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي فَإِنْ حَنِثَ غَدًا عَتَقَ وَأَجْزَأَهُ) عَنْهَا (وَإِلَّا فَلَا) ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لَمْ يُوجَدْ (وَإِنْ قَالَ أَعْتِقُهُ عَنْ كَفَّارَتِي إنْ حَنِثْت فَبَانَ حَانِثًا عَتَقَ وَأَجْزَأَهُ) عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا نَعَمْ إنْ حَنِثَ بَعْدَ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ عَنْهَا (أَوْ) قَالَ أَعَتَقْته عَنْ كَفَّارَتِي (إنْ حَلَفْت وَحَنِثْت فَبَانَ حَالِفًا قَالَ الْبَغَوِيّ لَمْ يَجُزْهُ لِلشَّكِّ فِي الْحَلِفِ) بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّ الشَّكَّ فِي الْحِنْثِ وَالتَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ جَائِزٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ قَالَ هُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرْت فَبَانَ مُظَاهِرًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ (وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُعْتَقُ) بِفَتْحِ التَّاءِ عَنْ الْكَفَّارَةِ (أَوْ مَاتَ) أَوْ تَعَيَّبَ (بَعْدَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِهِ) عَنْهَا كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ فَارْتَدَّ الْآخِذُ لَهَا أَوْ مَاتَ أَوْ اسْتَغْنَى قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ (فَرْعٌ تُجْزِئُ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَالصَّيْدِ غَيْرُ الصَّوْمِ بَعْدَ الْجُرْحِ) وَقَبْلَ الزَّهُوقِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَبِخِلَافِ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الْجُرْحِ لِمَا مَرَّ (وَلِلْمُظَاهِرِ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ قَبْلَ الْعَوْدِ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَصُورَتُهُ أَنْ يُظَاهِرَ مِنْ رَجْعِيَّةٍ ثُمَّ يُرَاجِعَهَا أَوْ يُظَاهِرَ مِنْ زَوْجَتِهِ فَيُطَلِّقُهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ يُكَفِّرُ ثُمَّ يُرَاجِعُهَا) أَوْ يُظَاهِرُ مُؤَقَّتًا وَيُكَفِّرُ ثُمَّ يَطَأُ أَوْ يُظَاهِرُ فَتَرْتَدُّ الزَّوْجَةُ فَيُكَفِّرُ ثُمَّ تُسْلِمُ هِيَ (وَالْعِتْقُ) عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (عَقِيبَ الظِّهَارِ) فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ (عِتْقٌ مَعَ الْعَوْدِ) لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالتَّكْفِيرِ عَوْدٌ، وَإِنْ أَجْزَأَ ذَلِكَ أَيْضًا [فَرْعٌ تَقْدِيمُ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ عَلَيْهِ] (فَرْعٌ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ) فِي رَمَضَانَ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ (عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْسَبُ إلَى الصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ بَلْ إلَى الْجِمَاعِ وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ تُنْسَبُ إلَى الْيَمِينِ (وَكَذَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ فِدْيَةِ الْحَلْقِ وَاللُّبْسِ وَالطِّيبِ عَلَيْهَا) لِمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ (فَلَوْ جُوِّزَتْ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ (لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ جَازَ تَقْدِيمُهَا) عَلَيْهَا لِلْعُذْرِ (وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمَنْذُورِ الْمَالِيِّ) عَلَى الْمَنْذُورِ لَهُ (كَإِنْ شُفِيت فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ) أَوْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا كَمَا فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ الْبَدَنِيِّ كَالصَّوْمِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَلَوْ قَدَّمَتْ الْحَامِلُ) أَوْ الْمُرْضِعُ (الْفِدْيَةَ حَالَ الصِّيَامِ) أَوْ قَبْلَ الْفَجْرِ (عَلَى الْإِفْطَارِ جَازَ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ عَجَّلَتْ) فِدْيَةَ الْإِفْطَارِ (لِأَيَّامٍ) يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ (فَكَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ لِعَامَيْنِ) فَيَمْتَنِعُ فِيمَا زَادَ عَلَى يَوْمِ التَّعْجِيلِ [فَصْلٌ فِي كَرَاهَة الْيَمِينُ] (فَصْلٌ تُكْرَهُ الْيَمِينُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224] أَيْ لَا تُكْثِرُوا مِنْهَا لِتُصَدَّقُوا وَلِخَبَرِ «إنَّمَا الْحَلِفُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْجِزُ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ (إلَّا فِي طَاعَةِ) اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُكْرَهُ (كَالْبَيْعَةِ عَلَى الْجِهَادِ) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَن قُرَيْشًا» (وَالْحَثِّ عَلَى الْخَيْرِ كَوَاللَّهِ إنْ لَمْ تَتُبْ لَتَنْدَمَ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) كَالْيَمِينِ (الصَّادِقَةِ فِي الدَّعَاوَى) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا تُكْرَهُ أَيْضًا فِيمَا إذَا دَعَتْ إلَيْهَا حَاجَةٌ كَتَوْكِيدِ كَلَامٍ وَتَعْظِيمِ أَمْرٍ «كَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَاَللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا» وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يَجِبُ الْيَمِينُ أَصْلًا وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَوْرَدَ صُوَرًا تَجِبُ الْيَمِينُ فِيهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ بَعْدَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَّلَ شَاةً وَمَاتَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ فَإِنَّهَا تَقَعُ الْمَوْقِعَ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْكَفَّارَةِ الذِّمَّةُ فَحَيْثُ أَخْرَجَ عَمَّا يَلْزَمُهَا وَتَبَيَّنَ عَدَمُ إجْزَائِهِ بَقِيَ شَغْلُهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ عَيَّنَ شَاةً عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ تَلِفَتْ قَبْلَ ذَبْحِهَا يَبْقَى الْأَصْلُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الشَّاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الزَّكَاةِ فَمُتَعَلِّقُهَا الْعَيْنُ لَا الذِّمَّةُ وَقَدْ أَخْرَجَ مِنْ الْجِنْسِ ر لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٌ فَلَا نُكَلِّفُهُ الْإِخْرَاجَ مَرَّةً أُخْرَى كَاتَبَهُ وَأَيْضًا مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَقَدْ وَقَعَ الْقَبْضُ الصَّحِيحُ فِي الشَّاةِ الْمُعَجَّلَةِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنْ يُعْتَبَرَ بَقَاءُ سَائِرِ الْأَوْصَافِ وَبَقَاءُ مَنْ صَرَفَ إلَيْهِ الطَّعَامَ أَوْ الْكِسْوَةَ مُسْتَحِقًّا إلَى الْحِنْثِ [فَرْعٌ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَالصَّيْدِ غَيْرُ الصَّوْمِ بَعْدَ الْجُرْحِ وَقَبْلَ الزَّهُوقِ] (قَوْلُهُ فَلَوْ جُوِّزَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ جَازَ تَقْدِيمُهَا) لَوْ فَدَى عَنْ تَطَيُّبٍ وَعَمَّا يُسْتَحْدَثُ مِنْهُ فَفِي الْإِجْزَاءِ لِلثَّانِي وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ (قَوْلُهُ وَكَالْيَمِينِ الصَّادِقَةِ فِي الدَّعْوَى) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ طَاعَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا عَصَى وَكَفَرَ حَتَّى لَوْ حَلَفَ فِي الْقَسَامَةِ خَمْسِينَ يَمِينًا كَاذِبًا لَزِمَتْهُ خَمْسُونَ كَفَّارَةً (قَوْلُهُ وَلَا تُكْرَهُ أَيْضًا إذَا دَعَتْ إلَيْهَا حَاجَةٌ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ ظَنَّ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ سُوءًا وَخِيَانَةً أَوْ ارْتِكَابَ فَاحِشَةٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ بَرَاءَتَهُ وَبَرَاءَةَ الْمَقُولِ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ بَلْ يَنْبَغِي اسْتِحْبَابُ الْحَلِفِ إذَا كَانَ يَصْدُقُ فِيهِ لِيَدْفَعَ ظَنَّ السُّوءِ عَنْ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَدَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَعِرْضِ أَخِيهِ غ وَقَوْلُهُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَوْرَدَ صُوَرًا تَجِبُ الْيَمِينُ فِيهَا) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ قَالَ الْإِمَامُ لَا تَجِبُ الْيَمِينُ قَطُّ وَلَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِهِ أَمَّا يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً لَمْ تَحِلَّ لَهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَلِلْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ حَالَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالْأَمْوَالِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْلِفَ وَبَيْنَ أَنْ يَنْكُلَ إذَا عَلِمَ أَنَّ خَصْمَهُ لَا يَحْلِفُ كَاذِبًا، وَإِنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ كَاذِبًا فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ الْحَلِفُ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ كَذِبِ خَصْمِهِ كَمَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالدِّمَاءِ وَالْإِبْضَاعِ وَلَهُ حَالَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ خَصْمَهُ لَا يَحْلِفُ إذَا نَكَلَ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْحَلِفِ وَالنُّكُولِ كَمَا فِي الْأَمْوَالِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا نَكَلَ أَوْ يَغْلِبَ ذَلِكَ عَلَى ظَنِّهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّسَيُّبِ إلَى الْعِصْيَانِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ حِفْظَ هَذِهِ الْحُقُوقِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 (فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَدَاءِ) أَيْ فِعْلِ (وَاجِبٍ) أَوْ تَرْكِ حَرَامٍ (فَالْيَمِينُ طَاعَةٌ وَحُرِّمَ الْحِنْثُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ عَلَيْهَا وَاجِبَةٌ (أَوْ) حَلَفَ (عَلَى تَرْكِهِ) أَيْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ (فَالْيَمِينُ مَعْصِيَةٌ وَوَجَبَ) عَلَيْهِ (الْحِنْثُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ عَلَيْهَا حَرَامٌ وَلِخَبَرِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ السَّابِقِ» نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُ الْحِنْثِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحِنْثُ كَأَنْ حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ فَإِنَّ لَهُ طَرِيقَيْنِ غَيْرُ الْحِنْثِ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ يُقْرِضَهَا ثُمَّ يُبْرِئَهَا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حَاصِلٌ مَعَ بَقَاءِ التَّعْظِيمِ (أَوْ حَلَفَ لَيَتْرُكَن سُنَّةً) أَوْ لَيَفْعَلَن مَكْرُوهًا (اُسْتُحِبَّ الْحِنْثُ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالْإِقَامَةَ عَلَيْهَا مَكْرُوهَانِ وَفِي مِثْلِهِ نَزَلَتْ آيَةُ {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: 22] وَلِخَبَرِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ السَّابِقِ» (أَوْ) حَلَفَ (عَلَى أَنْ يَفْعَلَهَا) أَيْ السُّنَّةَ أَوْ أَنْ يَتْرُكَ مَكْرُوهًا (كُرِهَ) لَهُ (الْحِنْثُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ عَلَيْهَا مَنْدُوبَةٌ (فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَيِّبًا) أَوْ لَا يَلْبَسُ نَاعِمًا (وَأَرَادَ الِاقْتِدَاءَ بِالسَّلَفِ، وَهُوَ مِمَّنْ يَصْبِرُ) عَلَى خُشُونَةِ الْمَطْعَمِ وَالْمَلْبَسِ (وَقَدْ تَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ) أَوْ لَمْ يَتَفَرَّغْ لَهَا فِيمَا يَظْهَرُ (فَطَاعَةٌ) حَلِفَهُ (وَإِلَّا كُرِهَ) وَعَلَيْهِ حُمِلَ   [حاشية الرملي الكبير] بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ مِنْ أَسْبَابِ الْحِفْظِ وَالْيَمِينُ هَاهُنَا سَبَبٌ حَافِظٌ مُتَعَيَّنٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ وَكَذَلِكَ يَجِبُ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ مِنْ الظَّلَمَةِ بِالْأَيْمَانِ الْحَانِثَةِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْعَبْدِ عَلَى حَقِّ الرَّبِّ فِي اجْتِنَابِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ بِهِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ أَحَدُهَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ أَوْ الْقَطْعِ كَاذِبًا فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ لِئَلَّا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ أَوْ قَطْعِ يَدِهِ الْمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْكُلَ كَيْ لَا يَكُونَ نُكُولُهَا عَوْنًا عَلَى الزِّنَا بِهَا الْمِثَالُ الثَّالِثُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ كَيْ لَا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى جَلْدِهِ وَإِسْقَاطِ عَدَالَتِهِ وَالْعَزْلِ عَنْ وِلَايَتِهِ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهَا الْمِثَالُ الرَّابِعُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى وَلِيِّ الْمُجْبِرِ أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ كَيْ لَا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى تَسْلِيمِ ابْنَتِهِ إلَى مَنْ يَزْنِي بِهَا وَكَذَلِكَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ حَيْثُ تُشْرَعُ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ لَا يَجُوزُ لَهُ النُّكُولُ كَيْ لَا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى ظُلْمًا وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ إذَا لَاعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ كَاذِبًا فَلَا يَحِلُّ لَهَا النُّكُولُ عَنْ اللِّعَانِ كَيْ لَا يَكُونَ النُّكُولُ عَوْنًا عَلَى جَلْدِهَا أَوْ رَجْمِهَا وَفَضِيحَةِ أَهْلِهَا، وَأَمَّا يَمِينُ الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً لَمْ تَحِلَّ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَجِبَ، وَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَلِلْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ حَالَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ فَالْأَوْلَى بِالْمُدَّعِي إذَا نَكَلَ أَنْ يُبِيحَ الْحَقَّ أَوْ يُبْرِئَ مِنْهُ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ إصْرَارِ خَصْمِهِ عَلَى الْبَاطِلِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ وَيَعْلَمُ الْمُدَّعِي أَنَّ الْحَقَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ حِفْظًا لِمَا يَحْرُمُ بَذْلُهُ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ أَحَدُهَا أَنْ تَدَّعِيَ الزَّوْجَةُ الْبَيْنُونَةَ فَتَعْرِضُ الْيَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُهَا الْحَلِفُ حِفْظًا لِبِضْعِهَا مِنْ الزِّنَا وَتَوَابِعِهِ مِنْ الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ فَسُلِّمَتْ إلَيْهِ فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا لَزِمَهَا مَنْعُهُ بِالتَّدْرِيجِ إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ وَقَدَرَتْ عَلَى قَتْلِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لَزِمَهَا ذَلِكَ الْمِثَالُ الثَّانِي أَنْ تَدَّعِيَ الْأَمَةُ أَنَّ سَيِّدَهَا أَعْتَقَهَا فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُهَا الْحَلِفُ حِفْظًا لِبَعْضِهَا وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِحُرِّيَّتِهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ الْمِثَالُ الثَّالِثُ أَنْ يَدَّعِيَ الْعَبْدُ أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُ الْعَبْدَ الْحَلِفُ حِفْظًا لِحُرِّيَّتِهِ وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ كَالْجُمُعَةِ وَالْجِهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ الْمِثَالُ الرَّابِعُ أَنْ يَدَّعِيَ الْجَانِي عَفْوَ الْوَلِيِّ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُ الْجَانِيَ الْحَلِفُ حِفْظًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَطْرَافِهِ الْمِثَالُ الْخَامِسُ أَنْ يَدَّعِيَ الْقَاذِفُ عَفْوَ الْمَقْذُوفِ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُ الْقَاذِفَ الْحَلِفُ حِفْظًا لِجَسَدِهِ مِنْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَوْ نَكَلَ الْوَلِيُّ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ فَإِنْ أَوْجَبْنَا بِهَا الْقِصَاصَ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا الْمِثَالُ غَيْرُ وَاضِحٍ اهـ لَوْ كَانَ الْحَلِفُ وَالْحِنْثُ فِي مِلْكِ زَيْدٍ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَى عَمْرٍو هَلْ يَكُونُ لِعَمْرٍو مِنْ الْمَنْعِ مَا كَانَ لِزَيْدٍ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ زَيْدٌ قَدْ أَذِنَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ انْتَقَلَ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ إلَى مِلْكِ عَمْرٌو فَمَا الْحُكْمُ وَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ فِي مِلْكِ زَيْدٍ ثُمَّ حَصَلَ الْحِنْثُ فِي مِلْكِ عَمْرٍو بِلَا إذْنٍ فَمَا الْحُكْمُ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ لِعَمْرٍو الْمَنْعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَحَيْثُ كَانَ لِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ فَهَلْ عَلَى الْعَبْدِ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ غَائِبًا كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا الظَّاهِرُ لَا حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ فِي صَوْمِهِ فِي غَيْبَتِهِ مِنْ فَوَاتِ مَنْفَعَةٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَاسْتِمْتَاعٍ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ أَجَرَ عَيْنَهُ لِخِدْمَةِ إنْسَانٍ وَرَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِصَوْمِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ هَلْ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ أَمْ لَا إذَا كَانَ الضَّرَرُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَقْصِ الْعَمَلِ وَالْخِدْمَةُ الْأَقْرَبُ لَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ اهـ وَأَطْلَقَ الْأَصْحَابُ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْحِنْثِ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ مُحَرَّمًا فَلْيُنْظَرْ هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنْ كَانَ وَاجِبًا لَهُ الصَّوْمُ بِلَا إذْنٍ وَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى أَنَّ التَّكْفِيرَ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ لَا. وَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: إذَا كَانَ الْحِنْثُ مَعْصِيَةً فَنَعَمْ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ إنْ وَجَبَ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ فَعَلَى التَّرَاخِي أَوْ بِعُدْوَانٍ فَوَجْهَانِ وَقَوْلُهُ هَلْ يَكُونُ لِعَمْرٍو مِنْ الْمَنْعِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ كَتَبَ عَلَيْهِ لِعَمْرٍو الْمَنْعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِشَرْطِهِ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَدَاءِ وَاجِبٍ إلَخْ) الْيَمِينُ لَا تُغَيِّرُ الْأَحْكَامَ فَإِنْ قِيلَ الزَّوْجُ لَا يَلْزَمُهُ الْوَطْءُ فَإِذَا آلَى وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَزِمَهُ قُلْنَا الْمُرَادُ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُصَيِّرُ الْمُبَاحَ حَرَامًا وَلَا الْمُحَرَّمَ وَاجِبًا وَيَمِينُ الْمَوْلَى كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ) أَيْ تَرْكِ وَاجِبٍ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا يُمْكِنُ سُقُوطُهُ كَالْقِصَاصِ لِقِصَّةِ ثَنِيَّةِ الرَّبِيعِ وَالْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ (قَوْلُهُ أَوْ يُقْرِضُهَا ثُمَّ يُبَرِّئُهَا) أَوْ يَهَبُهَا أَوْ يُوَكِّلُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ السَّابِقِ» ) فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ «قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: الَّذِي سَأَلَ عَنْ الصَّلَاةِ وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ» فَلَوْ كَانَ حَلِفُهُ مَكْرُوهًا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ قُلْنَا يُحْمَلُ عَلَى لَغْوِ الْيَمِينِ أَوْ أَرَادَ لَا أَزِيدُ فِي عَدَدِ الْفَرَائِضِ وَلَا أَنْقُصُ مِنْهَا وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْإِنْكَارَ (قَوْلُهُ كَأَنْ حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ إلَخْ) أَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ كَالْقِصَاصِ لِقِصَّةِ ثَنِيَّةِ الرَّبِيعِ وَالْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَتَفَرَّغْ لَهَا فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 قَوْله تَعَالَى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32] (وَلَوْ حَلَفَ عَلَى) فِعْلِ أَوْ تَرْكِ (مُبَاحٍ) لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِثْلُ هَذَا الْغَرَضِ (كَدُخُولِ دَارٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ) وَأَكْلِ طَعَامٍ أَوْ تَرْكِهَا (اُسْتُحِبَّ) لَهُ (الْوَفَاءُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91] وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ حَصَلَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُغَيِّرُ حَالَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَمَّا كَانَ وُجُوبًا وَتَحْرِيمًا وَنَدْبًا وَكَرَاهَةً وَإِبَاحَةً (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّتِهَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ (فَيَتَخَيَّرُ) الْحَالِفُ (بَيْنَ إطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا أَوْ كِسْوَتِهِمْ أَوْ إعْتَاقِ رَقَبَةٍ) لِآيَةِ {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] (وَلَا يَجُوزُ التَّبْعِيضُ فِيهَا) فَلَوْ أَطْعَمَ بَعْضَ الْعَشَرَةِ وَكَسَا بَعْضَهُمْ لَمْ يُجْزِهِ كَمَا لَا يُجْزِئُ أَنْ يُعْتِقَ نِصْفَ رَقَبَةٍ وَيُطْعِمَ أَوْ يَكْسُوَ خَمْسَةً؛ وَلِأَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ يَنْفِي التَّمَكُّنَ مِنْ غَيْرِهَا وَالتَّفْرِيقُ غَيْرُهَا (فَإِنْ أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ) مِسْكِينًا أَوْ كَسَاهُمْ (عَنْ ثَلَاثٍ) مِنْ الْكَفَّارَاتِ (أَوْ أَطْعَمَ عَشَرَةً وَكَسَا عَشَرَةً وَأَعْتَقَ رَقَبَةً) عَنْهَا (جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ فِي الْكَفَّارَاتِ لَا يُشْتَرَطُ (وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْخِصَالِ) الثَّلَاثِ (صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِلْآيَةِ (وَإِنْ تَفَرَّقَتْ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَلِبِنَاءِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ عَلَى التَّخْفِيفِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَالْجِمَاعِ (وَالْعَاجِزُ مَنْ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ) وَالْكَفَّارَةِ مِنْ فَقِيرٍ وَمِسْكِينٍ فَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ فِي الْأَخْذِ فَكَذَلِكَ فِي الْإِعْطَاءِ (وَقَدْ يَمْلِكُ نِصَابًا فَيُزَكِّيَ وَيُبَاحُ لَهُ أَخْذُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (حِينَ لَا يَفِي دَخْلُهُ بِخَرْجِهِ) وَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّا لَوْ أَسْقَطْنَا الزَّكَاةَ خَلَا النِّصَابُ عَنْهَا بِلَا بَدَلٍ وَلِلتَّكْفِيرِ بِالْمَالِ بَدَلٌ، وَهُوَ الصَّوْمُ (وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْعَجْزِ فِي الْكَفَّارَاتِ) (فَرْعٌ إخْرَاجُ الطَّعَامِ وَجَمِيعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) مِنْ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ وَكَيْفِيَّةِ إخْرَاجِهِ وَغَيْرِهَا (كَمَا سَبَقَ فِي الْكَفَّارَاتِ وَكَذَا الْعِتْقُ كَمَا سَبَقَ) ثَمَّ (وَالْكِسْوَةُ يَجِبُ تَمْلِيكُهَا) كَمَا فِي الطَّعَامِ (وَهِيَ قَمِيصٌ أَوْ سَرَاوِيلُ أَوْ عِمَامَةٌ أَوْ مُقَنَّعَةٌ أَوْ إزَارٌ) أَوَجُبَّةٌ أَوْ قَبَاءٌ أَوْ رِدَاءٌ أَوْ مِنْدِيلٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يُحْمَلُ فِي الْيَدِ أَوْ طَيْلَسَانٌ أَوْ دِرْعٌ، وَهُوَ قَمِيصٌ لَا كُمَّ لَهُ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا يُسَمَّى كِسْوَةً (مِنْ صُوفٍ وَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ) وَشَعْرٍ (وَحَرِيرٍ وَلَوْ لِرَجُلٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهُ لِوُقُوعِ اسْمِ الْكِسْوَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ عَلَى ذَلِكَ (رَدِيئًا) كَانَ (أَوْ جَيِّدًا) أَوْ مُتَوَسِّطًا لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ (لَا الدِّرْعُ) مِنْ حَدِيدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ (وَالْمُكَعَّبُ) أَيْ الْمَدَاسُ (وَالنَّعْلُ وَالْخُفُّ وَالْقَلَنْسُوَةُ وَالتُّبَّانُ) ، وَهُوَ سِرْوَالٌ قَصِيرٌ لَا يَبْلُغُ الرُّكْبَةَ وَالْقُفَّازُ وَالْمِنْطَقَةُ وَالْخَاتَمُ وَالتِّكَّةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يُسَمَّى كِسْوَةً فَلَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى كِسْوَةً، وَإِنْ كَانَتْ لَبُوسًا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ الْفِدْيَةُ بِلُبْسِهَا (وَيُجْزِئُ لَبَدٌ أَوْ فَرْوَةٌ اُعْتِيدَ فِي الْبَلَدِ لُبْسُهَا) لِغَالِبِ النَّاسِ أَوْ نَادِرِهِمْ بِخِلَافِ مَا لَا يُعْتَادُ لُبْسُهُ كَجُلُودٍ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْفَرْوَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُمَلَّكِ مِخْيَطًا وَلَا سَاتِرًا لِعَوْرَةٍ وَيُجْزِئُ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْوَفَاءُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ الدِّينِيَّةَ فِي الْحِنْثِ بِأَنْ تَأَذَّى بِذَلِكَ قَرِيبٌ أَوْ جَارٍ أَوْ نَحْوُهُ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِأَنَّ الْحِنْثَ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ حَصَلَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ إلَخْ) هَذَا فِي الْإِبَاحَةِ مُخَالِفٌ لِتَصْحِيحِهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ عَدَمُ الْحِنْثِ فَقَدْ تَغَيَّرَ حُكْمُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَصَارَ تَرْكُهُ أَفْضَلَ مِنْ فِعْلِهِ وَلِهَذَا مَا حَكَى الْإِمَامُ وَجْهًا ثَالِثًا بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَهُمَا قَالَ إنَّهُ يَعْتَضِدُ بِالْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ أَنَّ الْأَيْمَانَ لَا تُغَيِّرُ الْأَحْكَامَ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّة كَفَّارَةِ الْيَمِينُ] (قَوْلُهُ فَيَتَخَيَّرُ الْحَالِفُ بَيْنَ إطْعَامِ إلَخْ) لَوْ عَيَّنَ إحْدَى خِصَالِهَا بِالنَّذْرِ فَإِنْ كَانَتْ أَدْنَاهَا لَمْ تَتَعَيَّنْ وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ (قَوْلُهُ كُلُّ مِسْكِينٍ مُدًّا) مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِ الْحَالِفِ كَالْفِطْرَةِ؛ لِأَنَّهُ حَدُّ سَدَادِ الرَّغِيبِ وَكِفَايَةُ الْمُقْتَصِدِ وَنِهَايَةُ الزَّهِيدِ (قَوْلُهُ أَوْ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) سَلِيمَةٍ مِنْ عَيْبٍ يَضُرُّ بِالْعَمَلِ وَلَوْ عَيَّنَ إحْدَى الْخِصَالِ الثَّلَاثِ بِالنَّذْرِ لَمْ تَتَعَيَّنْ إلَّا إنْ كَانَتْ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ لِآيَةِ {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] ، وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى تَخْيِيرٍ فِي الِابْتِدَاءِ وَتَرْتِيبٍ فِي الِانْتِهَاءِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَيْسَ لَنَا كَفَّارَةٌ فِيهَا تَخْيِيرٌ وَتَرْتِيبٌ غَيْرُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَمَا أَلْحَقَ بِهَا مِنْ نَذْرِ الْحَاجِّ (قَوْلُهُ وَالتَّفْرِيقُ غَيْرُهَا) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيَّرَهُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَلَوْ جَوَّزْنَا إخْرَاجَ جِنْسٍ لَأَثْبَتْنَا تَخْيِيرًا رَابِعًا (قَوْلُهُ أَوْ أَطْعَمَ عَشَرَةً) كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّ طَعَامٍ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِ الْحَالِفِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَفَرَّقَتْ) إنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا التَّتَابُعَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ مُتَتَابِعَاتٍ قَالَ التَّاجُ بْنُ السُّبْكِيّ: كَأَنَّهُ لَمَّا صَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ إسْنَادَهُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - نَزَلَتْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ فَسَقَطَتْ مُتَتَابِعَاتٌ أَيْ نُسِخَتْ تِلَاوَةً وَحُكْمًا إذْ لَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَى سُقُوطِهَا دُونَ نَسْخٍ لِتَكَفُّلِ اللَّهِ بِحِفْظِ كِتَابِهِ قَالَ عَزَّ مَنْ قَالَ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] [فَرْعٌ إخْرَاجُ الطَّعَامِ وَجَمِيعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي كَفَّارَةُ الْيَمِينِ] (قَوْلُهُ لَا الدِّرْعُ مِنْ حَدِيدٍ إلَخْ) وَتَفْسِيرُهُ بِالْقَمِيصِ الَّذِي لَا كُمَّ لَهُ وَهْمٌ، وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُلَقِّنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَوْلُ ابْنِ الْمُلَقِّنِ كَالْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ الْقَمِيصُ الَّذِي لَا كُمَّ لَهُ وَهْمٌ إذْ الْمِنْدِيلُ الَّذِي يُحْمَلُ فِي الْيَدِ يُجْزِئُ وَيُسَمَّى كِسْوَةً فَمَا الظَّنُّ بِالْقَمِيصِ الَّذِي يَسْتُرُ الْبَدَنَ لَا الْيَدَيْنِ فَهُوَ فَوْقَ الْإِزَارِ فِي السُّتُرَاتِ (قَوْلُهُ وَالْقَلَنْسُوَةُ) شَمِلَتْ الْقَلَنْسُوَةَ الْكَبِيرَةَ الَّتِي تُغَطِّي الرَّأْسَ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْقَفَا وَكَتَبَ أَيْضًا وَالطَّاقِيَّةَ وَالْقُبْعُ أَوْلَى بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ مِنْهَا وَكَتَبَ أَيْضًا وَالطَّاقِيَّةُ وَالْقُبْعُ وَالزُّلَالُ وَالْبَسْطُ وَالِانْطِبَاعُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ سِرْوَالٌ قَصِيرٌ لَا يَبْلُغُ الرُّكْبَةَ) ، وَهُوَ يَقْتَضِي مَنْعَ سَرَاوِيلَ صَغِيرٍ لِكَبِيرٍ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ التُّبَّانَ لَا يَسْتُرُ عَوْرَةَ أَحَدٍ مِنْ صَغِيرٍ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ سَرَاوِيلِ الصَّغِيرِ فَإِنْ فَرَضَ أَنَّهُ يَسْتُرُ عَوْرَةَ الصَّغِيرِ دُونَ الْكَبِيرِ أَجْزَأَ ع وَقَوْلُهُ قَدْ يُجَابُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ أَعْطَى عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ثَوْبًا طَوِيلًا فَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِمْ بَعْدَ قَطْعِهِ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ ثَوْبٌ وَاحِدَةٌ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ لَهُمْ سِتِّينَ مُدًّا وَقَالَ قَدْ مَلَّكْتُكُمْ هَذَا بِالسَّوِيَّةِ أَوْ أَطْلَقَ فَقَبِلُوهُ جَازَ خِلَافًا لِلْإِصْطَخْرِيِّ، وَهِيَ كَمَسْأَلَةِ الثَّوْبِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَتِلْكَ أَمِدَادٌ مُجْتَمَعَةٌ د الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 الْمُتَنَجِّسُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يُصَلُّوا فِيهِ وَلَا يُجْزِئُ مَا نُسِجَ مِنْ نَجَسِ الْعَيْنِ كَصُوفِ مَيِّتَةٍ (فَإِنْ كَسَا رَضِيعًا) شَيْئًا (لَائِقًا بِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّ صَرْفَ طَعَامِ الْكَفَّارَةِ وَكِسْوَتَهَا لِلصِّغَارِ جَائِزٌ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَيَتَوَلَّى الْوَلِيُّ الْأَخْذَ (وَكَذَا لَوْ أَعْطَاهُ) أَيْ اللَّائِقَ بِالصَّغِيرِ (كَبِيرًا) لِوُقُوعِ اسْمِ الْكِسْوَةِ عَلَيْهِ كَمَا يُعْطَى مَا لِلْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ وَبِالْعَكْسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُعْتَبَرُ وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ وَإِلَى قَوْله تَعَالَى {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: 89] الْمَنْعُ حَيْثُ أَضَافَ الْكِسْوَةَ إلَى مَنْ يُكْسِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَالَ بِهِ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ سَدُّ خَلَّةِ الْفَقِيرِ (وَيُسْتَحَبُّ) ثَوْبٌ (جَدِيدٌ) خَامًا كَانَ أَوْ مَقْصُورًا (وَيَجُوزُ عَتِيقٌ فِيهِ قُوَّةٌ) كَالطَّعَامِ الْعَتِيقِ وَلِانْطِلَاقِ الْكِسْوَةِ عَلَيْهِ وَكَوْنِهِ يَرِدُ فِي الْبَيْعِ لَا يُؤَثِّرُ فِي مَقْصُودِهَا كَالْعَيْبِ الَّذِي يَضُرُّ بِالْعَمَلِ فِي الرَّقِيقِ (لَا مُنْمَحِقٌ) كَالطَّعَامِ الْمَعِيبِ (وَ) لَا (مُرَقَّعٌ لِبَلَى) لِعَيْبِهِ (لَا) مُرَقَّعٌ (لِزِينَةٍ) أَوْ غَيْرِهَا (وَلَا يُجْزِئُ جَدِيدٌ مُهَلْهَلُ النَّسْجِ) إذَا كَانَ (فِي ضَعْفِ الْبَالِي) أَيْ إذَا كَانَ لُبْسُهُ لَا يَدُومُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَدُومُ الثَّوْبُ الْبَالِي لِضَعْفِ النَّفْعِ بِهِ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ) الْكَفَّارَةُ (وَهُوَ كُلُّ مُكَلَّفٍ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ حَتَّى الْكَافِرُ) الْمُلْتَزِمُ لِلْأَحْكَامِ (فَإِنْ مَاتَ) مَنْ لَزِمَتْهُ قَبْلَ أَخْذِهَا مِنْهُ وَلَهُ تَرِكَةٌ (أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ) كَسَائِرِ الدُّيُونِ [فَصْلٌ الْعَبْدُ يُكَفِّرُ عَنْ الْيَمِينِ وَغَيْرِهَا بِالصَّوْمِ] (فَصْلٌ الْعَبْدُ) مُرَادُهُ الرَّقِيقُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (يُكَفِّرُ) عَنْ الْيَمِينِ وَغَيْرِهَا (بِالصَّوْمِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ (وَقَدْ سَبَقَ فِي الْكَفَّارَاتِ تَفْصِيلٌ فِي احْتِيَاجِهِ إلَى الْإِذْنِ) فِي تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ (فَإِذَا احْتَاجَ) إلَيْهِ فِيهِ (فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُ الْأَمَةِ مِنْهُ) ، وَإِنْ لَمْ يُضْعِفْهَا عَنْ الْخِدْمَةِ لِحَقِّ تَمَتُّعِهِ الْفَوْرِيِّ (وَكَذَا) لَهُ (مَنْعُ عَبْدٍ يُضْعِفُهُ) عَنْ الْخِدْمَةِ (فَإِنْ لَمْ يُضْعِفْهُ) عَنْهَا (لَمْ يَمْنَعْهُ) مِنْ ذَلِكَ (وَلَا مِنْ صَوْمِ تَطَوُّعٍ وَصَلَاتِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْخِدْمَةِ كَمَا لَا يُمْنَعُ مِنْ الذِّكْرِ) وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلَوْ (حَالَ الْعَمَلِ فَلَوْ صَامَ مَنْ يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِلَا إذْنٍ أَجْزَأَهُ) عَنْهَا (كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ) بِلَا إذْنٍ، وَهَذَا كُلُّهُ سِوَى النَّظِيرَيْنِ وَمَنْعُ الْأَمَةِ مِنْ الصَّوْمِ قَدَّمَهُ فِي الْكَفَّارَاتِ (فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ) وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ (فَلِلسَّيِّدِ التَّكْفِيرُ عَنْهُ بِالْمَالِ) ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ إذْ لَا رِقَّ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهُوَ وَالْحُرُّ سَوَاءٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ؛ وَلِأَنَّ التَّكْفِيرَ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ يَتَضَمَّنُ دُخُولَ الْمَالِ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ إذْ لَيْسَ لِلْمَيِّتِ مِلْكٌ مُحَقَّقٌ (لَا بِالْعِتْقِ) عَنْهُ لِنَقْصِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْوَلَاءِ (وَقَدْ سَبَقَ) فِي الصِّيَامِ (ذِكْرُ الصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ) فَيَصُومُ عَنْهُ قَرِيبُهُ لَا غَيْرُهُ وَالْإِشَارَةُ إلَى هَذَا فِي الْعَبْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَصْلٌ) لَوْ (مَاتَ) الْحُرُّ (وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فَهِيَ دَيْنُ اللَّهِ) تَعَالَى (وَحُقُوقُ اللَّهِ) تَعَالَى (مُقَدَّمَةٌ عَلَى حُقُوقِ الْآدَمِيِّ) فَتُخْرَجُ قَبْلَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا لِخَبَرِ «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» (إلَّا إذَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَحْدَهُ بِعَيْنٍ) فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَسَائِرِ الدُّيُونِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ (وَإِلَّا فِي الْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ حَقُّ الْآدَمِيِّ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى (مَا دَامَ حَيًّا فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةً أَعْتَقَ عَنْهُ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ وَالْوَلَاءُ) عَلَى الْعَتِيقِ (لِلْمَيِّتِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِعْتَاقُ أَطْعَمَ مِنْ التَّرِكَةِ (أَوْ) كَانَتْ (ذَاتَ تَخْيِيرٍ وَجَبَ مِنْ الْخِصَالِ) الْمُخَيَّرِ فِيهَا (أَقَلُّهَا) قِيمَةً وَكُلٌّ مِنْهَا جَائِزٌ لَكِنْ الزَّائِدُ عَلَى أَقَلِّهَا قِيمَةً يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى مَا يَأْتِي (وَلَوْ لَزِمَ الْمُرْتَدَّ كَفَّارَةُ تَخْيِيرٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْأَقَلُّ) ، وَإِنْ ضَعُفَ مِلْكُهُ كَمَا لَا يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ (فَلَوْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمَيِّتِ (تَرِكَةٌ وَتَبَرَّعَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ جَازَ) كَالْوَارِثِ (أَوْ بِالْعِتْقِ) وَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ مُخَيَّرَةٌ (فَلَا) يَجُوزُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا مِنْ الْوَارِثِ لِسُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِهِ فَلَا يُعْتِقُ لِمَا فِيهِ مِنْ عُسْرِ إثْبَاتِ الْوَلَاءِ (فَلَوْ كَانَتْ مُرَتَّبَةً جَازَ الْإِعْتَاقُ) عَنْهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِتَعَيُّنِهِ (وَلَوْ أَوْصَى فِي الْمُخَيَّرَةِ بِالْعِتْقِ) عَنْهُ وَزَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى قِيمَةِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ (حُسِبَتْ) قِيمَتُهُ (مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ تَحْصُلُ بِمَا دُونَهَا (فَإِنْ وَفَّى) الثُّلُثُ بِقِيمَةِ عَبْدٍ مُجْزِئٍ أَعْتَقَ عَنْهُ (وَإِلَّا عَدَلَ عَنْهُ) إلَى الطَّعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَنَقَلَ مَعَهُ وَجْهًا أَنَّ قِيمَةَ أَقَلِّهَا قِيمَةً تُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالزِّيَادَةُ إلَى تَمَامِ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ وَفَّى ثُلُثُ الْبَاقِي مَضْمُومًا إلَى الْأَقَلِّ الْمَحْسُوبِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِقِيمَةِ عَبْدٍ أَعْتَقَ عَنْهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَعَدَلَ إلَى الْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ كَأَنْ تَكُونَ التَّرِكَةُ أَرْبَعِينَ وَقِيمَةُ أَقَلِّهَا   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينُ] فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْكَفَّارَاتِ تَفْصِيلٌ فِي احْتِيَاجِهِ إلَى الْإِذْنِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحِنْثُ وَاجِبًا وَجَائِزًا وَمَمْنُوعًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ وَاجِبًا لَهُ الصَّوْمُ بِلَا إذْنٍ إذَا كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ (ر) (قَوْلُهُ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُ الْأَمَةِ مِنْهُ) هَذَا إذَا كَانَتْ مِنْ مَوْطُوآتِهِ فَإِنْ كَانَ لَا يَطَؤُهَا وَلَكِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فَفِي الْمَنْعِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ لِحَقِّ تَمَتُّعِهِ الْفَوْرِيِّ) إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا اث وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَمَةَ الْمُحَرَّمَةَ عَلَى مَالِكِهَا بِنَسَبٍ أَوْ نَحْوِهِ كَالْعَبْدِ فِيمَا ذَكَرُوا وَأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْحَلِفِ الْمُقْتَضِي لِلْكَفَّارَةِ حَالًّا كَالْإِذْنِ فِي الْحِنْثِ وَقَوْلُهُ يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَمَةَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْحَلِفِ إلَخْ [فَصْلٌ مَاتَ الْحُرُّ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ] (قَوْلُهُ وَإِلَّا فِي الْمُفْلِسِ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ مَا دَامَ حَيًّا) قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ فِي الْإِعْسَارِ بِالْجِزْيَةِ فَالسُّلْطَانُ غَرِيمٌ مِنْ الْغُرَمَاءِ لَيْسَ بِأَحَقَّ بِمَالِهِ مِنْ غُرَمَائِهِ وَلَا غُرَمَاؤُهُ مِنْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُخَصَّصُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي عَلَى التَّرَاخِي كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ حَيْثُ لَا تَعَدِّيَ تَقْتَضِي الْفَوْرِيَّةَ فَأَمَّا الْوَاجِبَةُ عَلَى الْفَوْرِ كَالزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ فَفِيهَا الْخِلَافُ وَالْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْجِزْيَةِ وَدَيْنِ الْآدَمِيِّينَ فِي حَالَتَيْ الْمَوْتِ وَحَجْرِ الْفَلَسِ وَقَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فِيهِمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ نَصُّوا عَلَى الْعِتْقِ لِزِيَادَتِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْخِصَالِ غَالِبًا وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِزِيَادَةِ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْهَا عَلَى أَقَلِّهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا بَنَيَاهُ عَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ ضَعِيفٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 عَشَرَةً، وَهِيَ مَعَ ثُلُثِ الْبَاقِي عِشْرُونَ فَإِذَا وَجَدَ بِالْعِشْرِينِ رَقَبَةً نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَقِيسُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ (وَالْمُبَعَّضُ الْمُوسِرُ يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ لَا بِالْعِتْقِ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ الْمُتَضَمِّنَ لِلْوِلَايَةِ وَالْإِرْثِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِمَا وَلَا بِالصَّوْمِ لِيَسَارِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا وَجَدَ ثَمَنَ الْمَاءِ أَوْ الثَّوْبِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَيَمِّمًا أَوْ عَارِيًّا (الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ) وَالْبِرُّ الْأَصْلُ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ فِيهِمَا اتِّبَاعُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْيَمِينُ، وَقَدْ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّقْيِيدُ بِنِيَّةٍ تَقْتَرِنُ بِهِ أَوْ بِاصْطِلَاحٍ خَاصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ وَصُوَرُهُ لَا تَتَنَاهَى لَكِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِيمَا يَغْلِبُ اسْتِعْمَالُهُ لِيُقَاسَ بِهِ غَيْرُهُ (وَهُوَ أَنْوَاعٌ) سَبْعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي الدُّخُولِ وَالْمُسَاكَنَةِ فَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ فَحَصَلَ فِيهَا مِنْ بَابٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَسَطْحٍ (حَنِثَ) وَلَوْ كَانَ رَأْسُهُ أَوْ يَدُهُ خَارِجَهَا (لَا) إنْ حَصَلَ (فِي سَطْحٍ) لَهَا كَانَ (تَسَوُّرُهُ) فَلَا يَحْنَثُ (وَلَوْ) كَانَ السَّطْحُ (مَحُوطًا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ دُخُولًا لَهَا إذْ يُقَالُ أَنَّهُ عَلَى السَّطْحِ وَلَيْسَ فِي الدَّارِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِ تَسْقِيفٌ) لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (حَنِثَ إنْ نُسِبَ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الدَّارِ بِأَنْ كَانَ يُصْعَدُ إلَيْهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَطَبَقَةٍ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهَا (وَكَذَا) يَحْنَثُ (لَوْ دَخَلَ الدِّهْلِيزَ) بِكَسْرِ الدَّالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْهَا وَمَا حُكِيَ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ حَمَلُوهُ عَلَى الطَّاقِ خَارِجَ الْبَابِ (لَا) إنْ دَخَلَ (الطَّاقُ) الْمَعْقُودُ خَارِجَ الْبَابِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا لَا يُقَالُ لِمَنْ دَخَلَهُ أَنَّهُ دَخَلَهَا (وَ) لَا إنْ دَخَلَ (الدَّرْبَ أَمَامَهُ) أَيْ الطَّاقِ وَلَمْ يَكُنْ مُخْتَصًّا بِالدَّارِ أَوْ مُخْتَصًّا بِهَا وَلَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي حَدِّهَا أَوْ دَاخِلًا فِي حَدِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِهِ بَابٌ لِذَلِكَ، وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ مُقَيَّدًا وَعِبَارَتُهُ وَجَعَلَ الْمُتَوَلِّي الدَّرْبَ الْمُخْتَصَّ بِالدَّارِ أَمَامَ الْبَابِ إذَا كَانَ دَاخِلًا فِي حَدِّ الدَّارِ وَلَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِهِ بَابٌ كَالطَّاقِ قَالَ فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ بَابٌ فَهُوَ مِنْ الدَّارِ مُسَقَّفًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ فِي غَيْرِ الْمُسَقَّفِ بَعِيدٌ جِدًّا انْتَهَى (وَلَوْ تَعَلَّقَ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ) فِي الدَّارِ (وَأَحَاطَ بِهِ الْبُنْيَانُ) بِحَيْثُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْضُهُ عَنْ الْبُنْيَانِ (حَنِثَ لَا إنْ ارْتَفَعَ بَعْضُهُ) عَنْهُ فَلَا يَحْنَثُ (أَوْ حَلَفَ لَيَخْرُجَن مِنْهَا بَرَّ بِالْخُرُوجِ إلَى مَا لَا يَحْنَثُ فِي الْأَوَّلِ) ، وَهُوَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا (بِدُخُولِهِ) كَالطَّاقِ خَارِجَ الْبَابِ وَالسَّطْحِ إذَا لَمْ يُنْسَبْ إلَى الدَّارِ (فَرْعٌ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ) الدَّارَ (وَهُوَ بِهَا فَاسْتَدَامَ) الْمُكْثُ فِيهَا (لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دُخُولًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَهُوَ خَارِجَ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الدُّخُولِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (بِخِلَافِ اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالِاسْتِقْبَالِ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ بِمُدَّةٍ كَالسُّكْنَى وَالِانْتِقَالِ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهَا فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا لِصِدْقِ اسْمِهَا بِذَلِكَ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَبِسْت شَهْرًا وَرَكِبْت لَيْلَةً وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ دَخَلْت شَهْرًا، وَإِنَّمَا يُقَالُ سَكَنْت شَهْرًا؛ وَلِأَنَّهُ إذَا قِيلَ لَهُ انْزِعْ الثَّوْبَ حَسُنَ أَنْ يَقُولَ حَتَّى أَلْبِسَ سَاعَةً وَإِذَا قِيلَ لَهُ انْزِلْ عَنْ الدَّابَّةِ حَسُنَ أَنْ يَقُولَ حَتَّى أَرْكَبَ قَدْرَ مَا رَكِبْت وَفِي الدُّخُولِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ حَتَّى أَدْخُلَ سَاعَةً وَكُلُّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا عَمِلَ بِهِ (وَلَيْسَ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ وَالطَّهَارَةِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا بِالْعِتْقِ) اسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا قَالَ لَهُ مَالِكُ بَعْضِهِ إذَا أَعْتَقْت عَنْ كَفَّارَتِك فَنَصِيبِي مِنْك حُرٌّ قَبْلَ إعْتَاقِك عَنْهَا أَوْ مَعَهُ فَيَصِحُّ فِي الْأُولَى قَطْعًا وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِق [الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ) (قَوْلُهُ وَقَدْ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّقْيِيدُ بِنِيَّةٍ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ مَعْنَيَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَنَوَى وَاحِدًا حُمِلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ رَجَّحَ بِالْحَقِيقَةِ ثُمَّ الْمُتَعَارَفِ (قَوْلُهُ فَحَصَلَ فِيهَا إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ أَدْخَلَ فِيهَا إحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهَا فَقَطْ بِخِلَافِ مَا لَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَبِهِ أَفْتَيْت وَشَمِلَ مَا لَوْ حَصَلَ فِي نَهْرٍ فِيهَا بِسِبَاحَةٍ أَوْ سَفِينَةٍ وَلَوْ حَلَفَ عِنْدَ انْسِلَاخِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الشَّهْرَ فَرَغَ فَلَا يَحْنَثُ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ ظَهَرَ عِنْدَ الْيَمِينِ اسْتِهْلَالُهُ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ دُخُولًا لَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ إذْ يُقَالُ إنَّهُ عَلَى السَّطْحِ وَلَيْسَ فِي الدَّارِ) ؛ لِأَنَّ السَّطْحَ حَاجِزٌ يَقِي الدَّارَ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ فَهُوَ كَحِيطَانِهَا، وَهُوَ لَوْ وَقَفَ عَلَى الْعَتَبَةِ فِي سُمْكِ الْحَائِطِ لَمْ يَحْنَثْ فَكَذَا هُنَا؛ وَلِأَنَّ الدَّارَ حِرْزٌ يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْهَا بِخِلَافِ السَّطْحِ فَاخْتَلَفَا، وَإِنَّمَا صَحَّ الِاعْتِكَافُ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ قَرَارِهِ فِي الْحُكْمِ دُونَ التَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَحْنَثُ لَوْ دَخَلَ الدِّهْلِيزَ) ، وَإِنْ كَانَ طَوِيلًا كَدُورِ عُظَمَاءِ الدُّنْيَا (قَوْلُهُ وَجَعَلَ الْمُتَوَلِّي الدَّرْبَ الْمُخْتَصَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَالطَّاقِ خَارِجَ الْبَابِ إلَخْ) وَكَرُقِيِّهِ مِنْ شَجَرَةٍ فِيهَا غُصْنًا خَارِجًا عَنْهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دُخُولًا) ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الِانْفِصَالِ مِنْ خَارِجٍ إلَى دَاخِلٍ وَلَمْ يُوجَدْ (تَنْبِيهٌ) لَوْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ الِاجْتِنَابَ، وَهُوَ فِيهَا فَاسْتَمَرَّ حَنِثَ عَلَى الصَّحِيحِ أَوْ بِحَلِفِهِ أَنْ لَا يَخْرُجَ أَنْ لَا يَنْقُلَ مَتَاعَهُ وَأَهْلَهُ فَنَقَلَهُمَا حَيْثُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدْرَسَةَ وَالرِّبَاطَ وَنَحْوَهُمَا كَالدَّارِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ خَارِجَهَا وَأَغْصَانُهَا فِيهَا أَوْ فَوْقَهَا فَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ الرَّاجِحُ [فَرْعٌ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ وَهُوَ بِهَا فَاسْتَدَامَ الْمُكْثُ فِيهَا] (قَوْلُهُ كَالسُّكْنَى) ؛ لِأَنَّ اسْمَ السُّكْنَى يَقَعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالِاسْتِدَامَةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ إلَخْ) وَلَوْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُ هَذِهِ الْعَيْنَ، وَهُوَ مَالِكُهَا فَاسْتَدَامَ مِلْكُهَا لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَكُلُّ عَقْدٍ أَوْ فِعْلٍ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لَا تَكُونُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ زَيْدًا فَاسْتَدَامَ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِالْحِنْثِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ شِرْكَةً مُبْتَدَأَةً اهـ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْمَارُّ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَقْدِيرُهَا بِمُدَّةٍ وَبِهِ أَفْتَيْت قَالَ الْعِرَاقِيُّ: سُئِلَتْ عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى، وَهُوَ مُتَسَرٍّ هَلْ يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ ذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَبْت بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ التَّسَرِّيَ مِثْلُ التَّزَوُّجِ فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ تَسَرَّيْت شَهْرًا كَمَا لَا يُقَالُ تَزَوَّجْت شَهْرًا، وَإِنَّمَا يُقَالُ تَسَرَّيْت مُنْذُ شَهْرٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 250 وَالْغَصْبُ) وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يُقَدَّرُ بِمُدَّةٍ (كَالْإِنْشَاءِ) لَهَا فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا يَفْعَلُهَا بِاسْتِدَامَتِهَا لِمَا مَرَّ فِي الدُّخُولِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ نَكَحْت شَهْرًا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَبُولُ عَقْدِهِ، وَأُمَّا وَصْفُ الشَّخْصِ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ نَاكِحًا فُلَانَةَ مُنْذُ كَذَا فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ اسْتِمْرَارُهَا عَلَى عِصْمَةِ نِكَاحِهِ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَلَا يَخْلُو بَعْضُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ إشْكَالٍ إذْ قَدْ يُقَالُ صُمْت شَهْرًا وَصَلَّيْت لَيْلَةً وَصُورَةُ حَلِفِهِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَحْلِفَ نَاسِيًا لَهَا أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فَحَلَفَ بِالْإِشَارَةِ (وَكَذَا الطِّيبُ وَالْوَطْءُ) لَيْسَ اسْتِدَامَتُهَا كَالْإِنْشَاءِ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا يَفْعَلُهُمَا بِاسْتِدَامَتِهِمَا؛ وَلِهَذَا لَوْ تَطَيَّبَ ثُمَّ أَحْرَمَ وَاسْتَدَامَ لَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ) ، وَهُوَ فِي السَّفَرِ (فَرَجَعَ فَوْرًا) أَوْ وَقَفَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَكَانَ (قَاصِدًا) بِحَلِفِهِ (الِامْتِنَاعَ) مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ (لَمْ يَحْنَثْ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَصَدَ ذَلِكَ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَوْدِ مُسَافِرٌ أَيْضًا فَقَوْلُهُ قَاصِدًا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ حَلَفَ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ فَرَجَعَ فَوْرًا كَانَ أَوْلَى (فَصْلٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ أَوْ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا وَأَطْلَقَ حَنِثَ) بِالدُّخُولِ أَوْ السُّكْنَى (بِالْبُيُوتِ الْمَبْنِيَّةِ) وَلَوْ مِنْ خَشَبٍ (وَالْخِيَامِ) وَلَوْ مِنْ جِلْدٍ (وَلَوْ) كَانَ الْحَالِفُ (قَرَوِيًّا) لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَيْتِ عَلَى الْكُلِّ لُغَةً وَلَا مُعَارِضَ لَهُ عُرْفًا وَعَدَمُ اسْتِعْمَالِ الْقَرَوِيِّ لِلْخِيَامِ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصًا أَوْ نَقْلًا عُرْفِيًّا لِلَّفْظِ بَلْ هُوَ كَلَفْظِ الطَّعَامِ الَّذِي يَعُمُّ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ مَعَ اخْتِصَاصِ بَعْضِ النَّوَاحِي بِنَوْعٍ أَوْ أَكْثَرَ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ أَنَّ الْعَادَةَ لَا تُخَصَّصُ وَلَا يَرِدُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ أَوْ الرُّءُوسَ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَيْضِ السَّمَكِ وَلَا بِرُءُوسِهِ وَرُءُوسِ الطَّيْرِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْضِ وَالرُّءُوسِ بِقَرِينَةِ تَعَلُّقِ الْأَكْلِ بِهَا لَا يُطْلِقُهُ أَهْلُ الْعُرْفِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ كَثُرَتْ عِنْدَهُمْ وَفَرْقٌ بَيْنَ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ لِلَّفْظِ بِالنَّقْلِ عَنْ مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ إلَى مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَبَيْنَ انْتِفَاءِ اسْتِعْمَالِ أَهْلِ الْعُرْفِ لَهُ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ مُسَمَّاهُ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ وَمِنْهُ اسْمُ الْخُبْزِ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ، وَإِنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَعْضِ مُسَمَّاهُ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ كَخُبْزِ الْأَزْرَقِيِّ طَبَرِسْتَانُ كَمَا سَيَأْتِي وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا عَبَّرَ عَنْ الْبَيْتِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ دَرَخَانَةَ لِرُومٍ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِ الْبَيْتِ الْمَبْنِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَجَمَ لَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى غَيْرِ الْمَبْنِيِّ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (وَإِنْ نَوَى نَوْعًا) مِنْهَا (اُتُّبِعَ) عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (وَلَا يَحْنَثُ بِالْمَسَاجِدِ وَالْبِيَعِ وَبُيُوتِ الْحَمَامِ وَالرَّحَى) وَنَحْوِهَا كَالْكَعْبَةِ وَالْغَارِ الَّذِي لَمْ يُتَّخَذْ سُكْنَةً؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْإِيوَاءِ وَالسَّكَنُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَيْتِ إلَّا بِتَجَوُّزٍ أَوْ بِتَقْيِيدٍ كَمَا يُقَالُ الْكَعْبَةُ بَيْتُ اللَّهِ وَالْبَيْتُ الْحَرَامُ (وَكَذَا)   [حاشية الرملي الكبير] وَتَزَوَّجْت مُنْذُ شَهْرٍ وَبِتَقْدِيرِ إطْلَاقِ الْعِبَارَةِ الْأُولَى فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ حَذْفٍ تَقْدِيرُهُ تَزَوَّجْت فَسَكَنْت مَعَ الزَّوْجَةِ شَهْرًا أَوْ تَسَرَّيْت فَسَكَنْت بِصِفَةِ التَّسَرِّي شَهْرًا فَإِنْ قُلْت بَيْنَ التَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي فَرْقٌ، وَهُوَ أَنَّ التَّزَوُّجَ قَوْلٌ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الِاسْتِدَامَةِ لَيْسَ تَزَوُّجًا وَالتَّسَرِّي فِعْلٌ، وَهُوَ التَّحْصِينُ وَالْوَطْءُ وَالْإِنْزَالُ، وَهُوَ مُسْتَمِرٌّ بَعْدَ الْفِعْلِ فَيَكُونُ دَوَامُهُ كَابْتِدَائِهِ قُلْت لَا بَأْسَ بِهَذَا إنْ حُمِلَ التَّسَرِّي عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْعُرْفِيِّ فَأَهْلُ الْعُرْفِ لَا يُطْلِقُونَ التَّسَرِّي إلَّا عَلَى ابْتِدَائِهِ دُونَ دَوَامِهِ. اهـ. وَقَدْ أَفْتَيْت بِحِنْثِهِ بِاسْتِدَامَةِ التَّسَرِّي إذْ هُوَ أَنْ يَحْجُبَ أَمَتَهُ عَنْ أَجَانِبِهَا الرِّجَالِ وَيَطَأَهَا وَيُنْزِلَ فَيَهَبَ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِيهَا تَسَرِّي سَنَةً مَثَلًا بِخِلَافِ التَّزَوُّجِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَالْغَصْبِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ غَصَبَهُ شَهْرًا أَوْ سَنَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْغَصْبِ، وَفِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ بِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي دَوَامِ الْغَصْبِ غَاصِبٌ فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِالْحِنْثِ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُتَّجِهُ الْأَوَّلُ بِغَصْبٍ يَقْتَضِي بِوَضْعِهِ فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا فَهُوَ فِي مَعْنَى لَا أُنْشِئُ غَصْبًا، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ غَصَبَ شَهْرًا فَمَعْنَاهُ وَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا أَوْ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْغَصْبِ شَهْرًا، وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ غَاصِبًا بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي فَمَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا كَالْمِلْكِ) وَالتَّخَتُّمِ وَالتَّخَضُّبِ (قَوْلُهُ وَلَا يَخْلُو بَعْضُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ إشْكَالٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ يَصْدُقُ وُجُودُهُمَا بِمُجَرَّدِ دُخُولٍ صَحِيحٍ فِيهِمَا، وَإِنْ فَسَدَا بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فَحَلَفَ بِالْإِشَارَةِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: هَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ يَمِينَ الْأَخْرَسِ تَنْعَقِدُ بِالْإِشَارَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَوْدِ مُسَافِرٌ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ ذُهُولٌ عَنْ الْمَنْقُولِ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي تَرْكِ السَّفَرِ وَحَكَى وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ أَقَامَ بِمَكَانِهِ قَالَ أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ لِبَقَائِهِ عَلَى السَّفَرِ وَالثَّانِي لَا لِكَفِّهِ عَنْ السَّفَرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْوُقُوفِ مِنْ النَّظَرِ فِي أَنَّهُ وَقَفَ نَاوِيًا لِلْإِقَامَةِ أَوْ قَاصِدًا لِشَيْءٍ لَا يَقْطَعُ السَّفَرَ اهـ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يُخَالِفُ مَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَخَذَ فِي تَرْكِ السَّفَرِ يَعْنِي ذَلِكَ السَّفَرَ فَتَأَمَّلْهُ ق س وَقَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يُخَالِفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ أَوْ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا وَأَطْلَقَ] (قَوْلُهُ وَالْخِيَامِ) مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا اُتُّخِذَتْ مَسْكَنًا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ قَالَ فَأَمَّا الَّتِي يَتَّخِذُهَا الْمُسَافِرُ وَالْمُجْتَازُ لِدَفْعِ الْأَذَى فَلَا تُسَمَّى بَيْتًا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ إلَخْ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (فَرْعٌ) حَلَفَ عِنْدَ انْسِلَاخِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الشَّهْرَ فَرَغَ فَلَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ ظَهَرَ عِنْدَ يَمِينِهِ اسْتِهْلَالُهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَوَى نَوْعًا مِنْهَا اُتُّبِعَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا فِي الْبَاطِنِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَكَذَلِكَ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ فَلَا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَسَبَقَ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْمَسَاجِدِ) لَوْ دَخَلَ بَيْتًا بَعْضُهُ مَسْجِدٌ وَبَعْضُهُ مِلْكٌ مُشَاعًا فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْحِنْثِ ر (قَوْلُهُ وَالْغَارِ الَّذِي لَمْ يُتَّخَذْ مَسْكَنًا) أَمَّا مَا اُتُّخِذَ مِنْ ذَلِكَ مَسْكَنًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَيْتِ إلَّا بِتَجْوِيزٍ أَوْ تَقْيِيدٍ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 لَا يَحْنَثُ (لَوْ) دَخَلَ أَوْ (سَكَنَ دِهْلِيزًا أَوْ صُفَّةً) أَوْ صَحْنًا لِلدَّارِ إذْ يُقَالُ لَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتَ، وَإِنَّمَا وَقَفْت فِي الدِّهْلِيزِ أَوْ الصُّفَّةِ أَوْ الصَّحْنِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَسْكُنُ دَارًا) أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا (وَهُوَ فِيهَا حَنِثَ بِاللُّبْثِ) فِيهَا (بِلَا عُذْرٍ) ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ السُّكْنَى سُكْنَى كَمَا مَرَّ فَيَحْنَثُ (وَإِنْ أَخْرَجَ أَهْلَهُ) وَمَتَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى سُكْنَى نَفْسِهِ لَا أَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ (فَإِنْ خَرَجَ) مِنْهَا (وَبَقَوْا) أَيْ أَهْلُهُ فِيهَا (لَمْ يَحْنَثْ) إذْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ سُكْنَاهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ إذَا خَرَجَ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ لِيَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّاكِنِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَخْرُجَ وَيَعُودَ إلَيْهِ يُومِئُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَيُخْرِجُ بَدَنَهُ مُتَحَوِّلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكُنْت أَقُولُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَلَا أَحْسِبُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا ثُمَّ رَأَيْت النَّوَوِيَّ قَدْ قَالَ فِيمَا عَلَّقَهُ عَلَى مَوَاضِعَ مِنْ الْمُهَذَّبِ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ شَرَطَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ أَنْ يَخْرُجَ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ، وَقَدْ وَافَقَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ بَعْضُهُمْ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ سَكَنِهِ إلَى السُّوقِ مَثَلًا عُدَّ عُرْفًا سَاكِنًا بِهِ ثُمَّ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ، وَهَذَا فِي الْمُتَوَطِّنِ فِيهِ قَبْلً حَلِفِهِ فَلَوْ دَخَلَهُ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ هَلْ يَسْكُنُهُ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُهُ وَخَرَجَ فِي الْحَالِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا (وَلَوْ مَكَثَ) فِيهَا (لِخَوْفٍ) عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا (أَوْ مَنْعٍ) لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ (أَوْ مَرَضٍ) لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخُرُوجِ (وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْرِجُهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِلْعُذْرِ فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُخْرِجُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِخْرَاجِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ حَدَثَ) لَهُ (الْعَجْزُ) عَنْ الْخُرُوجِ (بَعْدَ الْحَلِفِ فَكَالْمُكْرَهِ) فَلَا يَحْنَثُ (وَإِنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ) كَأَمْرِ أَهْلِهِ بِهِ وَلُبْسِ ثَوْبِهِ (وَجَمْعِ الْمَتَاعِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ بَاتَ) فِيهَا (لِحِفْظِهِ) أَيْ الْمَتَاعِ (لَيْلًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا وَعَطْفُ جَمِيعِ الْمَتَاعِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَعَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْأَعْذَارِ ضِيقُ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فَاتَتْهُ (وَلَا يَضُرُّ عَوْدُهُ) إلَى الدَّارِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا (لِنَقْلُ مَتَاعٍ) قَالَ الشَّاشِيُّ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِنَابَةِ (وَعِيَادَةُ مَرِيضٍ) وَزِيَارَةُ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ فَارَقَهَا وَبِمُجَرَّدِ الْعَوْدِ لَا يَصِيرُ سَاكِنًا نَعَمْ إنْ مَكَثَ ضَرَّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ نَقْلًا عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَأَخَذَ مِنْ مَسْأَلَةِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ الْآتِيَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا خَرَجَ ثُمَّ عَادَ ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ (فَلَوْ عَادَ) الْمَرِيضَ -   [حاشية الرملي الكبير] أَنَّهُ لَوْ نَوَى أَحَدَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ انْصَرَفَتْ الْيَمِينُ إلَيْهِ، وَبِهِ جَزَمَ الْجَاجَرْمِيُّ فِي الْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ حَنِثَ بِاللَّبْثِ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ، وَإِنْ قَلَّ مُكْثُهُ حَتَّى لَوْ وَقَفَ لِيَشْرَبَ حَنِثَ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ بَابِهَا وَبَقَوْا لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يُكَلَّفُ فِي خُرُوجِهِ عَلَى الْعَادَةِ الْعَدْوَ وَالْهَرْوَلَةَ وَلَهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ لَأَخْرُجَن فِي لَمْحَةِ عَيْنٍ وَأَرَادَ تَحْقِيقَ الْوَفَاءِ بِهِ ثُمَّ لَمْ يَتَمَكَّنْ حَنِثَ كَمَا لَوْ قَالَ لَأَصْعَدَن السَّمَاءَ ر غ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْبَابِ لِإِغْلَاقِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَكَانَ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْ السَّطْحِ أَوْ التَّسَوُّرُ مِنْ الْجِدَارِ فَلَمْ يَفْعَلْ هَلْ يَحْنَثُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخُرُوجِ فِي الْجُمْلَةِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّ إغْلَاقَ الْبَابِ عُذْرٌ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ حَيْثُ لَا مَخْرَجَ لَهُ سِوَاهُ أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْ غَيْرِهِ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا خَطَرٍ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَرْكِهِ وَلَوْ أَطْلَقَ الْيَمِينَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِمُدَّةٍ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَنْ لَا أَسْكُنَهَا شَهْرًا مَثَلًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ: إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى حُمِلَ عَلَى مَا نَوَاهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِحَقِّ اللَّهِ الَّذِي يُحْمَلُ فِيهِ عَلَى نِيَّتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ إعْتَاقٍ حُمِلَ عَلَى التَّأْيِيدِ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ لِوُجُودِ خَصْمٍ فِيهِ دِينَ بَاطِنًا فِيمَا نَوَاهُ وَجَزَمَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَكَأَنَّ إطْلَاقَ اللَّفْظِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْيِيدِ وَكَذَا قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمُقْنِعِ. وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى مَا نَوَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: إلَخْ) أَيْ وَالشَّاشِيُّ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ وَصَاحِبُ الْمُسْتَظْهِرِيِّ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ لَوْ أَحْدَثَ النِّيَّةَ بَعْدَ خُرُوجِهِ لَمْ تُفِدْهُ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ سَطْحِهَا إلَى غَيْرِهَا مَعَ إمْكَانِهِ مِنْ الْبَابِ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ بِالصُّعُودِ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَابِهَا لَمْ يَحْنَثْ بِالصُّعُودِ لِلْخُرُوجِ وَلَوْ كَانَ لَهَا بَابَانِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْخُرُوجِ مِنْ أَبْعَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي الْخُرُوجِ، وَإِنْ بَعُدَ مَسْلَكُهُ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت شَهْرًا مَثَلًا فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ قِيلَ وَإِلَّا فَلَا وَيَدِينُ (قَوْلُهُ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَذَا حُكْمُ الْغَرِيبِ إذَا دَخَلَ بَلَدًا وَلَمْ يَسْتَوْطِنْهُ وَخَرَجَ فِي الْحَالِ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ مُنِعَ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ) مِنْ بَابِهَا وَسَطْحِهَا وَتَسَوَّرَ جِدَارَهَا (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِخْرَاجِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلُبْسِ ثَوْبِهِ) أَيْ وَإِغْلَاقِ أَبْوَابِهِ وَإِحْرَازِ مَالِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ اسْتِنَابَةِ أَمِينٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ مَكَثَ لِأَكْلٍ وَشُرْبٍ حَنِثَ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَانَ فِيهَا لِحِفْظِهِ لَيْلًا) أَيْ حَيْثُ عَجَزَ عَنْ اسْتِنَابَةِ أَمِينٍ (قَوْلُهُ وَعَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْأَعْذَارِ ضِيقَ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَن زَوْجَتَهُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَوَجَدَهَا حَائِضًا (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ عَوْدُهُ لِنَقْلِ مَتَاعٍ إلَخْ) وَلَوْ عَادَ وَلَبِثَ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ مِمَّا ذَكَرَ حَنِثَ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّاشِيُّ: وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِنَابَةِ) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ عَادَ لِنَقْلِ عِيَالِهِ أَوْ مَالِهِ لَمْ يَحْنَثْ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالْعَوْدِ لِنَقْلِ رَجُلٍ أَوْ أَهْلٍ سَاكِنًا قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ إجْرَاءُ الْخِلَافِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ يُقَيِّدُ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) أَيْ كَعِمَارَةٍ وَلَوْ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَبِيتَ فِيهَا لَيْلَةً لِحِفْظِ مَتَاعٍ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ كَجٍّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. اهـ. وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ نَقْلًا عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ خَرَجَ فِي الْحَالِ ثُمَّ دَخَلَ أَوْ كَانَ خَارِجًا حِينَ حَلَفَ ثُمَّ دَخَلَ لَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ مَا لَمْ يَمْكُثْ فَإِنْ مَكَثَ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَشْتَغِلَ بِحَمْلِ مَتَاعٍ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ هُنَا قَطَعَ فِعْلَهُ بِخُرُوجِهِ وَثَمَّ اسْتَدَامَ الْفِعْلُ وَاسْتِدَامَةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 (قَبْلَ خُرُوجِهِ) مِنْهَا (وَقَعَدَ عِنْدَهُ حَنِثَ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَهُ مَارًّا فِي خُرُوجِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ حَلَفَ خَارِجَهَا ثُمَّ دَخَلَ لَمْ يَحْنَثْ مَا لَمْ يَمْكُثْ فَإِنْ مَكَثَ إلَّا أَنْ يَشْتَغِلَ بِحَمْلِ مَتَاعٍ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَ حَلِفِهِ فَوْرًا ثُمَّ اجْتَازَ بِهَا بِأَنْ دَخَلَ مِنْ بَابٍ وَخَرَجَ مِنْ آخَرَ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهَا بِلَا غَرَضٍ حَنِثَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالتَّرَدُّدِ زَادَ الرَّافِعِيُّ إنْ أَرَادَ بِلَا أَسْكُنُهَا لَا اتَّخَذَهَا مَسْكَنًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ بِهِ مَسْكَنًا (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَنَوَى) أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ (وَلَوْ فِي الْبَلَدِ حَنِثَ بِمُسَاكَنَتِهِ) وَلَوْ (فِيهَا) الْأَوْلَى فِيهِ أَيْ فِي الْبَلَدِ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) مَوْضِعًا (فَسَكَنَا فِي بَيْتَيْنِ يَجْمَعُهُمَا صَحْنٌ وَمَدْخَلُهُمَا وَاحِدٌ حَنِثَ) لِحُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ وَالْمُرَادُ مَا قَالَهُ الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ مَوْضِعًا حَنِثَ بِالْمُسَاكَنَةِ أَيْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ (لَا) إنْ كَانَ الْبَيْتَانِ (مِنْ خَانٍ) وَلَوْ صَغِيرًا فَلَا يَحْنَثُ (وَإِنْ اتَّحَدَ فِيهِ الْمَرْقِيُّ) وَتَلَاصَقَ الْبَيْتَانِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِمَسْكَنِ قَوْمٍ وَبُيُوتُهَا تُفْرَدُ بِأَبْوَابٍ وَمَغَالِيقَ فَهُوَ كَالدَّرْبِ، وَهِيَ كَالدُّورِ (وَلَا) إنْ كَانَا (مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ) ، وَإِنْ تَلَاصَقَا فَلَا يَحْنَثُ لِذَلِكَ بِخِلَافِهِمَا مِنْ صَغِيرَةٍ لِكَوْنِهِمَا فِي الْأَصْلِ مَسْكَنًا وَاحِدًا بِخِلَافِهِمَا مِنْ الْخَانِ الصَّغِيرِ (وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّارِ) الْكَبِيرَةِ لَا فِي الْخَانِ (أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ بَيْتٍ) فِيهَا (غَلَقٌ) بِبَابٍ (وَمَرْقًى) وَذِكْرُ الْمَرْقَى مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ) لَمْ يَكُونَا أَوْ (سَكَنَا فِي صُفَّتَيْنِ) مِنْ الدَّارِ أَوْ فِي بَيْتٍ وَصُفَّةٍ (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَسَاكِنَانِ عَادَةً وَكَأَنَّ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الصَّحْنِ الْجَامِعِ لِلْبَيْتَيْنِ مَثَلًا، وَفِي الْبَابِ الْمَدْخُولِ مِنْهُ مَعَ تَمَكُّنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ دُخُولِ بَيْتِ الْآخَرِ جُعِلَ كَالِاشْتِرَاكِ فِي الْمَسْكَنِ (وَلَوْ انْفَرَدَ فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ بِحُجْرَةٍ مُنْفَرِدَةِ الْمَرَافِقِ كَالْمَرْقَى وَالْمَطْبَخِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَبَابُهَا) أَيْ الْحُجْرَةِ (فِي الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ كَذَا لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُجْرَةٍ كَذَلِكَ فِي دَارٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَسَاكَنَهُ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِيهِ، وَهُوَ فِيهِ فَمَكَثَ بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ أَوْ فَارَقَهُ فَوْرًا بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ لَمْ يَحْنَثْ (وَلَوْ اشْتَغَلَ بِبِنَاءِ حَائِلٍ) بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَدْخَلًا أَوْ أَحْدَثَا مَدْخَلًا (حَنِثَ) لِحُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ لِاشْتِغَالِهِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ، وَهَذَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَالْمُحَرَّرِ وَنَسَبَ الْأَصْلُ تَرْجِيحَهُ إلَى الْبَغَوِيّ وَتَصْحِيحَ الْأَوَّلِ إلَى الْجُمْهُورِ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ تَبَايَعَا وَبَنَى بَيْنَهُمَا جِدَارًا فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ الْخِيَارَ لِبَقَائِهِمَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَظَاهِرُ النَّصِّ مَعَ الْبَغَوِيّ وَمَنْ خَالَفَهُ أَوَّلَهُ بِمَا إذَا خَرَجَ أَحَدُهُمَا بِنِيَّةِ الِانْتِقَالِ فَبَنَى الْجِدَارَ ثُمَّ عَادَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَارِقُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ بِاشْتِغَالِهِ بِجَمْعِ الْمَتَاعِ بِأَنَّهُ مَعْذُورٌ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا (لَا إنْ خَرَجَ) مِنْ الْبَيْتِ ثُمَّ عَادَ (وَسَكَنَ بَعْدَ بِنَائِهِ) أَيْ الْحَائِلِ فَلَا يَحْنَثُ (وَإِنْ حَلَفَ) لَا يُسَاكِنُهُ (وَهُمَا فِي بَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ فَلَا مُسَاكَنَةَ) وَلَا حَاجَةَ إلَى مُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ (أَوْ) وَهُمَا (فِي بَيْتٍ مِنْهُ فَلْيَنْتَقِلْ) أَحَدُهُمَا (إلَى) بَيْتٍ (آخَرَ) أَيْ يَكْفِي ذَلِكَ فَلَا يُشْتَرَطُ انْتِقَالُهُ إلَى غَيْرِ الْخَانِ (النَّوْعُ الثَّانِي الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ) فَلَوْ (حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ) مَاءٍ (هَذَا النَّهْرِ) مَثَلًا (أَوْ لَأَشْرَبَنَّ مِنْهُ حَنِثَ) فِي الْأَوَّلِ (وَبَرَّ) فِي الثَّانِي (بِمَا يَشْرَبُ مِنْهُ) ، وَإِنْ قَلَّ (أَوْ) حَلَفَ (لَأَشْرَبُ أَوْ لَأَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْحُبِّ) أَوْ الْإِدَاوَةِ (أَوْ)   [حاشية الرملي الكبير] الْفِعْلِ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَائِهِ (قَوْلُهُ وَقَعَدَ عِنْدَهُ حَنِثَ) الْوُقُوفُ عِنْدَهُ كَالْقُعُودِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهَا بِلَا غَرَضٍ حَنِثَ) زَادَ الرَّافِعِيُّ إنْ أَرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ أَوْ لَا أَسْكُنُ مَعَهُ) أَوْ لَا يَسْكُنُ مَعِي أَوْ سَكَنْت مَعَهُ أَوْ لَا سَكَنَ مَعِي (قَوْلُهُ حَنِثَ بِمُسَاكَنَتِهِ وَلَوْ فِيهَا) فَلَوْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا فِي الْحَالِ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ لَمْ يَحْنَثْ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا وَعَمْرًا بَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَالَ لَا سَاكَنْت زَيْدًا وَلَا عَمْرًا لَمْ يَبَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَالَ لَا أَسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ بِمُسَاكَنَتِهِ جَمِيعَ الشَّهْرِ نَقَلَاهُ فِي الطَّلَاقِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيِّ وَلَوْ قَالَ: إنْ أَوَيْت عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ فِي دَارِي فَمَكَثَ زَمَانًا حَنِثَ فَإِنَّ الْإِيوَاءَ هُوَ السُّكُونُ فِي الْمَكَانِ وَالْبَيْتُوتَةَ عِبَارَةٌ عَنْ السُّكُونِ فِي الْمَكَانِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ كَانَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ) وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي بَيْتٍ وَالْآخَرُ فِي حُجْرَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِبِنَاءِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا حَنِثَ) قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ أَرْخَى بَيْنَهُمَا سِتْرًا فِي الْوَقْتِ وَأَقَامَ كُلٌّ فِي جَانِبٍ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْخِيَامِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشْتِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَأَقَامَ فِيهَا أَكْثَرَ الشِّتَاءِ ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ تَمَامِهِ لَمْ يَحْنَثْ (قَوْلُهُ وَتَصْحِيحَ الْأَوَّلِ إلَى الْجُمْهُورِ) وَقَالَ النَّوَوِيُّ: فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَفِيهِ وَجْهٌ صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَطْلَقَ مَحَلَّ الْخِلَافِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْبِنَاءُ بِفِعْلِ الْحَالِفِ أَوْ بِأَمْرِهِ أَوْ بِفِعْلِهِمَا أَوْ بِأَمْرِهِمَا فَلَوْ كَانَ بِأَمْرِ غَيْرِ الْحَالِفِ أَمَّا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ حَنِثَ الْحَالِفُ قَطْعًا؛ لِأَنَّ تَوْجِيهَ عَدَمِ الْحِنْثِ بِاشْتِغَالِهِ يَرْفَعُ الْمُسَاكَنَةَ يَقْتَضِي ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَارِقُ مَا مَرَّ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحِنْثِ فِي بِنَاءِ الْجِدَارِ وَعَدَمِهِ فِي الِاشْتِغَالِ بِجَمْعِ الْمَتَاعِ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِنَقْلِ الْأَمْتِعَةِ اقْتَرَنَ بِهِ نِيَّةُ التَّحَوُّلِ بِخِلَافِهِ مَعَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ نِيَّةَ الْمُسَاكَنَةِ مَوْجُودَةٌ وَلَوْ قَالَ: لَا أَوَيْت عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ فِي دَارِي فَمَكَثَ زَمَانًا حَنِثَ فَإِنَّ الْإِيوَاءَ هُوَ السُّكُونُ فِي الْمَكَانِ ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ ثُمَّ قَالَ، وَأَمَّا الْبَيْتُوتَةُ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِنَا فِيهَا نَصٌّ وَاَلَّذِي يَجِيءُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ السُّكُونِ فِي الْمَكَانِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مَعْذُورٌ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا) عَلَى أَنَّهُ هُنَاكَ مُشْتَغِلٌ بِسَبَبِ الِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ وَهُمَا فِي بَيْتٍ مِنْ خَانٍ إلَخْ) حُكْمُ الْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَالْخَانْقَاهْ حُكْمُ الْخَانِ وَحُكْمُ الْبَيْتِ وَالصِّفَةُ مِنْ الْخَانِ حُكْمُ الْبَيْتَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا أَشْرَبُ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ إلَخْ) وَلَوْ حَلَفَ لَيَشْرَبَن مَاءَ هَذَا النَّهْرِ أَوْ الْبَحْرِ لَمْ يَبَرَّ بِشُرْبِ بَعْضِهِ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْفِعْلِ وَتَحَقَّقَ الْعَجْزُ فِي الْحَالِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَ الْمُتَغَيِّرَ بِمَا خَالَطَ الْمَاءَ مِمَّا يُسْتَغْنَى عَنْهُ كَالزَّعْفَرَانِ لَمْ يَحْنَثْ تَقْدِيمًا لِعُرْفِ الشَّرْعِ عَلَى عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ وَلَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ الْمَاءَ فَاشْتَرَى لَهُ الْوَكِيلُ هَذَا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 نَحْوُهُ مِنْ (مَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ) شُرْبًا (فِي زَمَانٍ) ، وَإِنْ طَالَ (لَمْ يَحْنَثْ) فِي الْأَوَّلِ (وَلَمْ يَبَرَّ فِي الْحَالِ) فِي الثَّانِي بِشُرْبِ بَعْضِهِ بَلْ بِشُرْبِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مُعَرَّفٌ بِالْإِضَافَةِ فَيَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ (أَوْ) حَلَفَ لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ (غَدًا فَغَدًا) يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَعْقُودَةٌ عَلَى الصُّعُودِ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَصْعَدَن السَّمَاءَ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ وَيَحْنَثُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا أَشْرَبُ مَاءَ) هَذَا (النَّهْرِ) أَوْ نَحْوَهُ (أَوْ لَا آكُلُ خُبْزَ الْكُوفَةِ) أَوْ نَحْوِهَا (لَغَا) أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ وَالْأَصْلُ إنَّمَا فَرْضُ الْكَلَامِ فِي الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ بِتَنَاوُلِ الْبَعْضَ وَصَحَّحَ عَدَمَ الْحِنْثِ بِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَعَنْ تَصْحِيحِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْحُبِّ فَشَرِبَ بَعْضَهُ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْقَاضِي فِي الْأُولَى وَمِثْلِهَا الثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَنْعَقِدَ يَمِينُهُ فَإِنْ كَانَ بَحْثُ الْقَاضِي بَيَانًا لِمُرَادِ الْأَصْحَابِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فَاخْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ مُوَفٍّ بِالْغَرَضِ وَإِلَّا فَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى بَحْثِ الْقَاضِي وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَالِفُ عَلَى مَا ذُكِرَ لَا يَحْنَثُ بِتَنَاوُلِ بَعْضِهِ (إلَّا إنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْهُ فَيَحْنَثُ بِهِ) ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْأُولَى. (أَوْ) حَلَفَ (لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ لَغَا) أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ فِيهِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ وَفَارَقَ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا أَمْسُ، وَهُوَ صَادِقٌ حَيْثُ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهِ الْحِنْثُ بِأَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ مُحْتَمِلٌ لِلْكَذِبِ (لَوْ) حَلَفَ (لَأَشْرَبَن مَاءَ هَذَا الْكُوزِ) مَثَلًا (وَكَانَ فَارِغًا) ، وَهُوَ عَالِمٌ بِفَرَاغِهِ (أَوْ لَيَقْتُلَن زَيْدًا، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَوْتِهِ حَنِثَ) فِيهِمَا (فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّ يَمِينَهُ انْعَقَدَتْ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهِ الْبِرَّ كَمَا لَوْ قَالَ فَعَلْت كَذَا أَمْسُ، وَهُوَ كَاذِبٌ وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ الْبَابِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بَيْنَ الِانْعِقَادِ فِيمَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْبِرِّ وَعَدَمِهِ فِيمَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِنْثُ أَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَكَانَ فَارِغًا أَوْ مَيِّتًا فَلَا يَحْنَثُ كَمَا لَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا (وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ فَانْصَبَّ) مِنْهُ (قَبْلَ إمْكَانِ شُرْبِهِ فَكَالْمَكْرَهِ) فَلَا يَحْنَثُ بِخِلَافِ انْصِبَابِهِ بَعْدَ الْإِمْكَانِ فَيَحْنَثُ فِيهِ (أَوْ) حَلَفَ (لَأَشْرَبَن مِنْهُ فَصَبَّهُ فِي مَاءٍ وَشَرِبَ) مِنْهُ (بَرَّ إنْ عَلِمَ وُصُولَهُ إلَيْهِ لَا إنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْكُوزِ فَصَبَّ فِي مَاءٍ وَشَرِبَهُ أَوْ شَرِبَ مِنْهُ لَا يَبَرُّ، وَإِنْ عَلِمَ وُصُولَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْهُ مِنْ الْكُوزِ فِيهِمَا وَلَمْ يَشْرَبْهُ جَمِيعَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْهُ فَصَبَّهُ فِي مَاءٍ وَشَرِبَ مِنْهُ حَنِثَ قَالَ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِ هَذِهِ الْبَقَرَةِ فَخَلَطَهُ بِلَبَنِ غَيْرِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الثَّمَرَةَ فَخَلَطَهَا بِصُبْرَةٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ جَمِيعِ الصُّبْرَةِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ. (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فُرَاتًا) أَوْ مِنْ فُرَاتٍ (حَنِثَ بِالْعَذْبِ) فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ لَا بِالْمَالِحِ (أَوْ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ حُمِلَ عَلَى النَّهْرِ) الْمَعْرُوفِ (فَإِنْ شَرِبَ مِنْ كُوزٍ) مَاؤُهُ مِنْهُ (أَوْ بِئْرٍ مَاؤُهَا مِنْهُ حَنِثَ) وَلَوْ قَالَ لَا أَشْرَبُ مِنْ مَاءِ نَهْرِ كَذَا فَشَرِبَ مِنْ سَاقِيَةٍ تُخْرِجُ مِنْهُ أَوْ مِنْ بِئْرٍ مَحْفُورَةٍ بِقُرْبِ النَّهْرِ يَعْلَمُ أَنَّ مَاءَهَا مِنْهُ حَنِثَ وَلَوْ قَالَ لَا أَشْرَبُ مِنْ نَهْرِ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَاءَ فَشَرِبَ مِنْ سَاقِيَّةٍ تُخْرِجُ مِنْهُ حَنِثَ كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمَاءَ فِي إنَاءٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (أَوْ) لَا يَشْرَبُ (مِنْ هَذِهِ الْإِدَاوَةِ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يُعْتَادُ الشُّرْبُ مِنْهُ (فَصَبَّهَا) أَيْ صَبَّ مَاءَهَا (فِي كُوزٍ) وَشَرِبَهُ (لَمْ يَحْنَثْ) (فَرْعٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ) أَوْ نَحْوَهُمَا (أَوْ لَيَفْعَلَن ذَلِكَ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ) فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةِ (وَالْبِرُّ) فِي الْأَخِيرَةِ (بِهِمَا وَلَوْ فَرَّقَ) الْفِعْلَ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ (وَكَذَا) لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ كَأَنْ حَلَفَ (لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَعَمْرًا) أَوْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ فَيَتَعَلَّقُ الْحِنْثُ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْوَاوَ   [حاشية الرملي الكبير] الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ اسْمِ الْمَاءِ حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِطَلْقٍ فَإِنْ قِيلَ هُوَ فِي الْعُرْفِ يُسَمَّى مَاءً قُلْنَا الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ مُقَدَّمٌ أَمَّا إذَا قُلْنَا أَنَّهُ مُطْلَقٌ مُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ تَعَبُّدًا فَيَجِيءُ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا هَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْمَيْتَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَ مَاءً قَدْ تَنَجَّسَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ لِقِلَّتِهِ فَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ قُلْنَا مُطْلَقٌ مُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ لُغَةً اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ فَيَجِيءُ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَوَّلِ) لَوْ شَكَّ هَلْ ذَهَبَتْ مِنْهُ قَطْرَةٌ بَعْدَ حَلِفِهِ فَفِي الْحِنْثِ بِالْمَوْجُودِ وَجْهَانِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَحْثُ الْقَاضِي بَيَانًا لِمُرَادِ الْأَصْحَابِ) هُوَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي عَقَّبَهَا وَقَدْ قَاسَهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ أَوْ لَيَقْتُلَن زَيْدًا، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَوْتِهِ) أَوْ لَأَصْعَدَن السَّمَاءَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْ مِنْ الْكُوزِ فِيهِمَا) ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ يَكُونُ مِنْ الْكُوزِ عُرْفًا فَتَعَلَّقَتْ الْيَمِينُ بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ جَمِيعِ الصُّبْرَةِ) أَيْ الَّتِي اشْتَبَهَتْ التَّمْرَةُ بِهَا وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْجَنْبِ الَّذِي لَمْ تَقَعْ التَّمْرَةُ فِيهِ وَمَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِ قَوْصَرَّةٍ أَوْ جَوْلَقِ تَمْرٍ فَأَكَلَ الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا مِنْهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَا اخْتَلَفَا بِهِ أَنْوَاعًا وَأَتَى عَلَى غَيْرِ نَوْعِهَا قَالَ الدَّارِمِيُّ وَلَوْ أَخَذَ الطَّائِرُ مِنْ الصُّبْرَةِ تَمْرَةً وَجَازَ أَنَّهَا الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِهَا فَأَكَلَ بَقِيَّةَ الصُّبْرَةِ لَمْ يَحْنَثْ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ جَمِيعِ الصُّبْرَةِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَهَا إلَّا بَعْضَ ثَمَرَةٍ لَمْ يَحْنَثْ (فَرْعٌ) لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً أَيْ أَوْ بَعْضَهَا لَمْ يَحْنَثْ أَيْ إذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ هِيَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا أَوْ لَيَأْكُلَنهَا لَمْ يَبَرَّ بِالْجَمِيعِ أَيْ إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْيَقِينُ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ لَا بِالْمَالِحِ) أَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ أَوْ مَاءً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْعَذْبِ وَالْمِلْحِ، وَإِنَّمَا حَنِثَ بِالْمِلْحِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ شُرْبَهُ اعْتِبَارًا بِالْإِطْلَاقِ وَالِاسْتِعْمَالِ اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَرِبَ مِنْ كُوزٍ أَوْ بِئْرٍ مَاؤُهَا مِنْهُ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ مِنْهُ عُرْفًا شُرْبٌ مِنْ مَائِهِ [فَرْعٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ) ؛ وَلِأَنَّ النَّفْيَ يَنُبْنِي عَلَى الْإِثْبَاتِ، وَهُوَ لَوْ حَلَفَ لَيَلْبَسَنهُمَا لَمْ يَبَرَّ بِلُبْسِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَيْنِ لَمَّا اسْتَوَيَا فِي شَرْطِ الْبِرِّ وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي شَرْطِ الْحِنْثِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 تَجْعَلُ الشَّيْئَيْنِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ (إلَّا إنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ) بِأَنْ أَرَادَ أَحَدَهُمَا فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْحِنْثُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْبِرُّ فِي الْإِثْبَاتِ أَيْضًا، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ (فَإِنْ قَالَ) لَا أُكَلِّمُ (زَيْدًا وَلَا عَمْرًا) أَوْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَلَا الْعِنَبَ (فَيَمِينَانِ) لِإِعَادَةِ حَرْفِ النَّفْيِ فَيَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا تَنْحَلُّ إحْدَاهُمَا بِالْحِنْثِ فِي الْأُخْرَى كَمَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ عَمْرًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْإِثْبَاتَ كَالنَّفْيِ الَّذِي لَمْ يُعِدْ مَعَهُ حَرْفَهُ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لِأُكَلِّمَن زَيْدًا وَعَمْرًا أَوْ لَآكُلَن اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ وَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّهُ كَالنَّفْيِ الْمُعَادِ مَعَهُ حَرْفُهُ حَتَّى يَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ لِوُجُودِ حَرْفِ الْعَطْفِ تُوُقِّفَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَوْجَبَ حَرْفُ الْعَطْفِ تَعَدُّدَ الْيَمِينِ فِي الْإِثْبَاتِ لَأَوْجَبَهُ فِي النَّفْيِ أَيْ غَيْرِ الْمُعَادِ مَعَهُ حَرْفُهُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَحْسِبُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ تَصَرُّفِهِ وَخَرَجَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ فَإِنَّ الْحَالِفَ حِينَئِذٍ حَالِفٌ عَلَى عَدَمِ أَكْلِ الْعِنَبِ بَعْدَ اللَّحْمِ بِلَا مُهْلَةٍ فِي الْفَاءِ وَبِمُهْلَةٍ فِي ثُمَّ فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ اللَّحْمَ فَالْعِنَبَ أَوْ ثُمَّ الْعِنَبَ فَلَا يَحْنَثُ إذَا أَكَلَهُمَا مَعًا أَوْ الْعِنَبَ قَبْلَ اللَّحْمِ أَوْ بَعْدَهُ بِمُهْلَةٍ فِي الْفَاءِ وَبِلَا مُهْلَةٍ فِي ثُمَّ (وَإِنْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ أَحَدَهُمَا) أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا (وَأَطْلَقَ حَنِثَ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ) فَلَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ الْآخَرِ (وَإِنْ قَالَ لَا آكُلُ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا إلَّا حَبَّةً لَمْ يَحْنَثْ أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ لِآكُلَن هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا إلَّا حَبَّةً (لَمْ يَبَرَّ) لِتَعَلُّقِ يَمِينِهِ بِالْجَمِيعِ فِيهِمَا وَخَرَجَ بِالْحَبَّةِ الْقِشْرُ وَالشَّحْمُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَادَةِ (أَوْ لَا آكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَكَلَهُ إلَّا شَيْئًا يُمْكِنُ لَقْطُهُ وَأَكْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ) كَمَا لَوْ قَالَ لَا آكُلُ مَا عَلَى هَذَا الطَّبَقِ مِنْ التَّمْرِ فَأَكَلَ مَا عَلَيْهِ إلَّا تَمْرَةً لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَرْكِ بَعْضِ الطَّعَامِ لِلِاحْتِشَامِ مِنْ اسْتِيفَائِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ) أَوْ الرَّأْسَ (وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى رُءُوسِ نَعَمٍ) ، وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ؛ لِأَنَّهَا تُبَاعُ وَتُشْرَى مُفْرَدَةً فَهِيَ الْمُتَعَارَفَةُ، وَإِنْ اخْتَصَّ بَعْضُهَا بِبَلَدِ الْحَالِفِ (لَا) عَلَى (رُءُوسِ طَيْرٍ وَحُوتٍ وَظَبْيٍ) وَصَيْدٍ آخَرَ (لَمْ يُعْتَدْ بَيْعُهَا مُنْفَرِدَةً فِي بَلَدِهِ) أَيْ الْحَالِفِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ (فَإِنْ اُعْتِيدَ) ذَلِكَ فِي بَلَدِهِ (حَنِثَ بِهَا) الْحَالِفُ أَيْ بِأَكْلِهَا (حَيْثُ كَانَ) إمَّا فِي بَلَدِهِ فَقَطْعًا وَإِمَّا فِي غَيْرِهِ فَعَلَى الْأَقْوَى فِي الْأَصْلِ لِشُمُولِ الِاسْمِ؛ وَلِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِهِ الْعُرْفُ فِي مَوْضِعٍ ثَبَتَ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ كَخُبْزِ الْأَرُزِّ قَالَ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ النَّصِّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَغَيْرِهِ مُقَابِلَهُ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْبِرُّ فِي الْإِثْبَاتِ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَتَبَ أَوَّلًا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِمَّا بَعْدَ كَذَا فَقَطْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا فَيَمِينَانِ) فَلَوْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا وَقَعَ عَلَيْهِ بِكَلَامِهِمَا طَلْقَتَانِ وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى يَوْمَيْنِ فَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الثَّالِثِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا ثُمَّ فُلَانًا فَإِنْ كَلَّمَ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا ثُمَّ الْمَذْكُورَ ثَانِيًا حَنِثَ وَلَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ قَدَّمَ كَلَامَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لَمْ يَحْنَثْ وَأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ فِي قَوْلِهِ فُلَانًا وَفُلَانًا فَإِذَا كَلَّمَهُمَا حَنِثَ بِأَيِّهِمَا بَدَأَ وَحَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا حَنِثَ وَكَانَتْ الْيَمِينُ بَاقِيَةً فِي حَقِّ الْآخَرِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ غُلَامًا فَكَلَّمَ مُلْتَحِيًا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى غُلَامًا وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَمْرَدَ فَكَلَّمَ غُلَامًا حَنِثَ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ امْرَأَةً فَكَلَّمَ مُرَاهِقَةً حَنِثَ (قَوْلُهُ أَوْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَلَا الْعِنَبَ) أَوْ لَا أَشْتَرِي هَذَا وَلَا هَذَا أَوْ لَا أَدْخُلُ هَذَا وَلَا هَذَا أَوْ لَا أَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ لِإِعَادَةِ حَرْفِ النَّفْيِ) أَيْ مَعَ حَرْفِ الْعَطْفِ. (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْإِثْبَاتَ كَالنَّفْيِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ) أَيْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَوْجَبَ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ مُقْتَضَى التَّوَقُّفِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ: لَوْ أَوْجَبَ الْعَطْفَ كَوْنُهُمَا يَمِينَيْنِ لَأَوْجَبَتْهُ التَّثْنِيَةُ فَقَدْ قَالَ الْتِحَاقَاتُ التَّثْنِيَةِ كَالْعَطْفِ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَحْسِبُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ تَصَرُّفِهِ) وَالْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَآكُلَن هَذَا الرَّغِيفَ، وَهَذَا الرَّغِيفَ أَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الثَّانِي هُوَ الْعَامِلُ فِي الْأَوَّلِ بِتَعَدِّيَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ عَنْ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الثَّانِي فِعْلٌ مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُعْرِبِ أَمَّا الْعَامِّيُّ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْفَاءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ إلَخْ) مِثْلُ الْأَكْلِ الشِّرَاءُ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ إطْلَاقَ الْيَمِينِ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ حَتَّى لَوْ أَكَلَ رَأْسًا أَوْ بَعْضَهُ حَنِثَ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ: إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ رُءُوسًا فَعِنْدِي لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَأْكُلَ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةٍ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ وَالرُّءُوسُ وَرُءُوسًا ظَاهِرٌ اهـ أَيْ فَيَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ الرُّءُوسُ بِوَاحِدٍ إذْ اللَّامُ فِيهِ لِلْجِنْسِ وَلَا يَحْنَثُ بِبَعْضِهِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِتَزْوِيجِ وَاحِدَةٍ وَبِشِرَاءِ وَاحِدٍ وَلَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ رُءُوسًا إلَّا بِثَلَاثَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت نِسَاءً أَوْ اشْتَرَيْت عَبِيدًا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ قَالَ شَيْخُنَا كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ وَاضِحٌ إلَّا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ نِسَاءٍ وَالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَوْجُودَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَوَاخِرَ بَابِ الطَّلَاقِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ الصَّوَابُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِثَلَاثٍ مِنْ كُلٍّ لَكِنَّهُ فِي الْفَتَاوَى فِي الْإِيمَانِ سَلَّمَ التَّنَاقُضَ وَأَشَارَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ اُعْتِيدَ ذَلِكَ) فِي بَلْدَةٍ لِكَثْرَتِهَا وَاعْتِيَادِ أَكْلِهَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ النَّصِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 وَغَيْرُهُ وَقَطَعَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَمَالَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَالْأَوَّلُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا انْتَشَرَ الْعُرْفُ بِحَيْثُ بَلَغَ الْحَالِفُ وَغَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ انْتَهَى. وَهَلْ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْحَالِفِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهِ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِهِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْأَصْلِ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ؛ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ يَسْبِقُ إلَى فَهْمِهِ مَا ذَكَرَ عِنْدَهُ مِنْ عُرْفِ بَلَدِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيه وَظَاهِرٌ أَنَّ رُءُوسَ الْخَيْلِ كَرُءُوسِ الظِّبَاءِ (فَإِنْ قَالَ) لَا آكُلُ (رُءُوسَ الشِّوَاءِ فَبِرُءُوسِ الْغَنَمِ) يَحْنَثُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ رُءُوسِ غَيْرِهَا هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَإِنْ خَصَّصَ أَوْ عَمَّمَ) نَوْعًا مِنْ الرُّءُوسِ (اُتُّبِعَ) التَّصْرِيحُ بِالتَّعْمِيمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) قَصَدَ أَنْ لَا يَأْكُلَ (مَا يُسَمَّى رَأْسًا بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ مَا يُسَمَّى رَأْسًا فَيَحْنَثُ بِرَأْسِ الطَّيْرِ وَالْحُوتِ وَغَيْرِهِمَا (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ حَنِثَ بِمَا يُزَايِلُ بَائِضَهُ) أَيْ يَنْفَصِلُ عَنْهُ، وَهُوَ حَيٌّ كَمَا وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ لَفْظِ الْبَيْضِ (كَبَيْضِ الدَّجَاجِ وَالنَّعَامِ وَالْإِوَزِّ وَالْعَصَافِيرِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُنْعَقِدًا وَلَوْ) خَرَجَ (مِنْ مَيْتَةٍ لَا) بَيْضِ (السَّمَكِ وَالْجَرَادِ) ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُمَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِشَقِّ الْبَطْنِ (وَ) لَا خُصْيَةِ (شَاةٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفْهَمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ شَامِلٌ لِبَيْضِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ بِنَاءً عَلَى طَهَارَتِهِ وَحِلِّ أَكْلِهِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ حَلَّ أَكْلُهُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ غَيْرُ مُسْتَقْذَرٍ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ وَالنِّهَايَةِ وَالتَّتِمَّةِ وَالْبَحْرِ عَلَى مَنْعِ أَكْلِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ قَالَ وَلَيْسَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ مَا يُخَالِفُهُ فَيَأْتِي فِي الْحِنْثِ بِأَكْلِهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ لَحْمَ مَيْتَةٍ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ حَنِثَ بِخُبْزِ الْبُرِّ وَالذُّرَةِ وَالْأُرْزِ وَالْبَاقِلَّا وَالْحِمَّصِ) وَالشَّعِيرِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْحُبُوبِ (وَلَوْ لَمْ يَعْهَدْ بَعْضَهَا فِي بَلَدٍ) لَهُ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ خُبْزٌ وَاللَّفْظُ بَاقٍ عَلَى مَدْلُولِهِ مِنْ الْعُمُومِ وَعَدَمُ الِاسْتِعْمَالِ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصًا كَمَا مَرَّ، وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ بِأَيِّ ثَوْبٍ كَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْهُودَ بَلَدِهِ (وَخُبْزَ الْمَلَّةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، وَهِيَ الرَّمَادُ الْحَارُّ (كَغَيْرِهِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ خُبْزٍ (وَإِنْ ثُرِدَ) (أَوْ ابْتَلَعَهُ بِلَا مَضْغٍ) وَخَالَفَ كَأَصْلِهِ فِي الطَّلَاقِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثُمَّ (لَا إنْ جَعَلَهُ فِي مَرَقَةِ حَسُوًّا) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ بِوَزْنِ فَعُولٌ أَيْ مَائِعًا يُشْرَبُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ (فَحَسَاهُ) أَيْ شَرِبَهُ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُسَمَّى خُبْزًا قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْجَوْزَنِيقَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ الْقَطَائِفُ الْمَحْشُوَّةُ بِالْجَوْزِ وَمِثْلُهُ اللَّوْزَنِيقُ، وَهُوَ الْقَطَائِفُ الْمَحْشُوَّةُ بِاللَّوْزِ قَالَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ قَالَ يُقَالُ فِيهَا الْجَوْزَنِيجُ واللَّوْزَنِيجُ بِالْجِيمِ فَلَمَّا عَرَّبُوهُ أَبْدَلُوا الْجِيمَ قَافًا (وَيَحْنَثُ بِرُقَاقٍ وَبُقْسُمَاطٍ) وَكَعْكٍ (وَبَسِيسٍ) ؛ لِأَنَّهَا خُبْزٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَذَكَرَ هَذَا الْحُكْمَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَلَا أَحْسِبُ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى هَذَا بِالْبَسِيسِ مَا فَسَّرَهُ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ مِنْ أَنَّهُ دَقِيقٌ أَوْ سَوِيقٌ أَوْ أَقِطٌ مَطْحُونٌ يُلَتُّ بِسَمْنٍ أَوْ بِزَيْتٍ ثُمَّ يُؤْكَلُ بِلَا طَبْخٍ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَتَعَاطَاهُ أَهْلُ الشَّامِ مِنْ أَنَّهُمْ يَعْجِنُونَ دَقِيقًا وَيَخْبِزُونَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَمِرَ ثُمَّ يَبُسُّونَهُ بِغِرْبَالٍ وَنَحْوِهِ وَيُضِيفُونَ إلَيْهِ سَمْنًا، وَقَدْ يُزَادُ عَلَيْهِ عَسَلٌ أَوْ سُكَّرٌ (أَوْ) -   [حاشية الرملي الكبير] عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ رُءُوسَ الْإِبِلِ لَا تُؤْكَلُ وَتُبَاعُ إلَّا بِبَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَالْحِنْثُ يَحْصُلُ بِهِ أَيْ مُطْلَقًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ وَافَقَ الِاسْمَ عُرِفَ ذَلِكَ لِمَحَلٍّ فَغَلَبَ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ وَجْهَانِ فِي الْأَصْلِ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الثَّانِي) قَالَ شَيْخُنَا الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَتَقْيِيدُ الْبُلْقِينِيِّ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيهِ) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ الْأَقْوَى تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ وَلَمْ يَبْلُغْهُ عُرْفُهُ ثُمَّ جَاءَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ قَطْعًا إلَّا فِي وَجْهٍ غَرِيبٍ حَكَاهُ فِي التَّتِمَّةِ، وَهَذَا إنَّمَا يَجِيءُ عَلَى حِنْثِ الْجَاهِلِ (قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ) أَيْ وَلَا نِيَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ لَا بَيْضَ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ) لَمْ يَسْتَثْنِ الشَّيْخَانِ هُنَا مِنْ بَيْضِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ مَا لَوْ اُعْتِيدَ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا وَأَكْلُهُ وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الرُّءُوسِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ هُنَا كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الْجِيلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَفِي بَيْضِ السَّمَكِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَجَدَّ اسْمًا آخَرَ، وَهُوَ الْبَطَارِخُ ثُمَّ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضَ السَّمَكِ حَنِثَ بِالْبَطَارِخِ؛ لِأَنَّهُ بَيْضُهُ وَ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ شَامِلٌ لِبَيْضِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ إلَخْ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ الْخُبْزَ يَتَنَاوَلُ كُلُّ خُبْزٍ الْخُبْزَ الَّذِي يَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَهُوَ خُبْزُ الْحَشِيشَةِ الْمُفَتِّرَةِ عَلَى قِيَاسِ عَدَمِ الْحِنْثِ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَقَالَ: لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَقَوْلُهُ اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَيْتَةَ نَجِسَةٌ وَلَا كَذَلِكَ الْخُبْزُ فَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ فُرِضَ إسْكَارُهُ أَوْ ضَرَرُهُ حَالَ كَوْنِهِ خُبْزًا اُتُّجِهَ مَا قَالَهُ أَوْ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِهِ لِعَدَمِ صِدْقِ إطْلَاقِ اسْمِ الْخُبْزِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ قَيْدُهُ لَازِمًا فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءَ كَاتِبِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا مِنْ الْحُبُوبِ) خَرَجَ بِهَا خُبْزُ الْحَشِيشَةِ الْمُغَيَّرَةِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ (فَرْعٌ) وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ وَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ لِزَيْدٍ طَعَامًا فَأَكَلَ خُبْزَهُ فَفِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُهُمَا تَعَدُّدُهَا كَ (قَوْلِهِ وَخَالَفَ كَأَصْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ) كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ الْجَوْزَيْنَقْ) ضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهَذَا الْخِلَافُ يَجْرِي فِي الْحَشْكَفَانِ وَالْكَثَّاءِ وَنَحْوِهِمَا وَالْمُكَفَّفِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ لَكِنْ قَدْ يُسَمَّى بَعْضُ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ مَخْبُوزًا فَيَقْرَبُ مِنْ الْحِنْثِ فِيهِ وَمِثْلُهُ اللَّوْزَيْنَقُ ضَبَطَ بِالْقَلَمِ الزَّايَ بِالْكَسْرِ وَالْيَاءَ بِالسُّكُونِ وَالنُّونَ بِالْفَتْحِ وَكَتَبَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِمَّا يَقِلُّ لَا مِمَّا يُخْبَزُ وَقِسْ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالسَّنْبُوسَكِ وَالْقَطَائِفِ وَنَحْوِهِمَا غ (قَوْلُهُ وَبَسِيسٍ) أَيْ وَسَنْبُوسَكٍ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُرَادُ مَا يَتَعَاطَاهُ أَهْلُ الشَّامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَكِنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يُطْلِقُونَ الْبَسِيسَ إلَّا عَلَى نَوْعٍ مِنْ الرُّقَاقِ يُغْلَى بِالشَّيْرَجِ ثُمَّ يُبَسُّ بِالْعَسَلِ وَقَوْلُهُ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ حَنِثَ بِشَحْمِ الظَّهْرِ وَالْجَنْبِ) ، وَهُوَ الْأَبْيَضُ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ الْأَحْمَرُ؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ سَمِينٌ وَلِهَذَا يَحْمَرُّ عِنْدَ الْهُزَالِ (لَا شَحْمِ الْبَطْنِ أَوْ الْعَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفُ اللَّحْمِ فِي الصِّفَةِ كَالِاسْمِ (أَوْ) حَلَفَ لَا يَأْكُلُ (الشَّحْمَ فَبِالْعَكْسِ) أَيْ يَحْنَثُ بِشَحْمِ الْبَطْنِ أَوْ الْعَيْنِ لَا بِشَحْمِ الظَّهْرِ أَوْ الْجَنْبِ، وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ عَرَبِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ لَا شَحْمٌ وَتَرْجِيحُ الْحِنْثِ بِشَحْمِ الْعَيْنِ وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِهِ بِشَحْمِ الْجَنْبِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُحْمَلُ اللَّحْمُ عَلَى كُلِّ لَحْمٍ مَأْكُولٍ) مِنْ نَعَمٍ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ أَكَلَهُ مَطْبُوخًا أَمْ نِيءً أَمْ مَشْوِيًّا (لَا) عَلَى لَحْمٍ (غَيْرِهِ كَالْمَيْتَةِ وَالْحِمَارِ) فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِهِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الِامْتِنَاعُ عَمَّا يُعْتَادُ أَكْلُهُ؛ وَلِأَنَّ اسْمَ اللَّحْمِ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْمَأْكُولِ شَرْعًا (وَلَا) عَلَى لَحْمِ (السَّمَكِ وَالْجَرَادِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ اللَّحْمِ، وَإِنْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى السَّمَكَ لَحْمًا فَقَالَ {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14] وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ فِي ضَوْءِ السِّرَاجِ فَجَلَسَ فِي ضَوْءِ الشَّمْسِ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ سِرَاجًا فَقَالَ {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح: 16] (وَلَيْسَ السَّنَامُ) بِفَتْحِ السِّينِ (وَالْأَلْيَةُ شَحْمًا وَلَا لَحْمًا) فَلَا يَحْنَثُ بِهِمَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا وَلَا لَحْمًا لِمُخَالَفَتِهِمَا لَهُمَا فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ (وَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْأَلْيَةِ (لَمْ يَحْنَثْ بِالسَّنَامِ) كَعَكْسِهِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ وَتَقَدَّمَ فِي الرِّبَا أَنَّ الْجِلْدَ إذَا لَمْ يُؤْكَلْ غَالِبًا لَيْسَ بِلَحْمٍ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَكَذَا بِقَانِصَةِ الدَّجَاجِ (ثُمَّ الدَّسَمِ) ، وَهُوَ الْوَدَكُ (يَتَنَاوَلُ شَحْمَ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْأَلْيَةِ وَالسَّنَامِ وَالْأَدْهَانِ) الْمَأْكُولَةِ لِصِدْقِ اسْمِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا وَخَرَجَ بِالْأَدْهَانِ أُصُولُهَا كَالسِّمْسِمِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ (وَلَا تَدْخُلُ الْأَمْعَاءُ وَالْكَرِشُ وَالْكَبِدُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِ ثَانِيهِمَا عَلَى الْأَشْهَرِ (وَالرِّئَةُ وَالطِّحَالُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ (وَالْمُخُّ وَالْقَلْبُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْخُصْيَةُ وَالثَّدْيُ عَلَى الْأَقْرَبِ (فِي اللَّحْمِ) لِعَدَمِ صِدْقِ الِاسْمِ (وَيَدْخُلُ) فِيهِ (لَحْمُ الرَّأْسِ وَاللِّسَانِ) وَالْخَدِّ (وَالْأَكَارِعُ) لِصِدْقِ الِاسْمِ (أَوْ) حَلَفَ (عَلَى لَحْمِ الْبَقَرِ حَنِثَ بِالْأَهْلِيِّ وَالْوَحْشِيِّ وَالْجَامُوسِ) لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ الْحِمَارَ فَرَكِبَ حِمَارًا وَحْشِيًّا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْمَعْهُودَ رُكُوبُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ بِخِلَافِ الْأَكْلِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (وَلَوْ حَلَفَ عَلَى مَيْتَةٍ لَمْ يَحْنَثْ) بِالْمُذَكَّاةِ وَلَا (بِالسَّمَكِ) وَالْجَرَادِ لِلْعُرْفِ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى الدَّمِ لَا يَحْنَثُ بِالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ (وَالسَّمْنِ غَيْرِ الزُّبْدِ وَالدُّهْنِ) هَذَا يُعْلَمُ مِنْهُ قَوْلِهِ (وَكَذَا الْعَكْسُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ مُغَايِرٌ لِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ فَالْحَالِفُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا لَا يَحْنَثُ بِالْبَاقِي لِلِاخْتِلَافِ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ لَا يَحْنَثُ بِاللَّبَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَاللَّبَنُ) يَتَنَاوَلُ مَا يُؤْخَذُ (مِنْ النَّعَمِ وَالصَّيْدِ) قَالَ الرُّويَانِيُّ وَالْآدَمِيُّ وَالْخَيْلُ سَوَاءٌ فِيهِ (الْحَلِيبُ وَالرَّائِبُ وَالْمَخِيضُ وَالْمَيْشُ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّهُ لَبَنُ ضَأْنٍ مَخْلُوطٌ بِلَبَنِ مَعْزٍ (وَالشِّيرَازُ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ أَنْ يُغْلَى اللَّبَنُ فَيُثْخَنَ جِدًّا وَيَصِيرُ فِيهِ حُمُوضَةٌ (لَا الْجُبْنُ وَالْمَصْلُ وَالْأَقِطُ) وَالسَّمْنُ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا اسْمُ اللَّبَنِ (وَأُمَّا الزُّبْدُ فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ لَبَنٌ فَلَهُ حُكْمُهُ وَإِلَّا فَلَا) وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْقِشْطَةُ مِثْلَهُ (وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الْجَوْزِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ الْبِطِّيخِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْهِنْدِيِّ) مِنْهُ لِلْمُخَالَفَةِ فِي الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَالْبِطِّيخُ الْهِنْدِيُّ هُوَ الْأَخْضَرُ وَاسْتَشْكَلَ عَدَمُ الْحِنْثِ بِهِ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ وَقِيلَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ) لَوْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ تَنَاوَلَهَا لَحْمُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرِشَ وَالْكَبِدَ وَالرِّئَةَ وَالْقَلْبَ وَالْمُخَّ وَالدِّمَاغَ وَنَحْوَهَا مِنْ أَجْزَائِهَا فِي حُكْمِ اللَّحْمِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا (قَوْلُهُ لَا عَلَى لَحْمٍ غَيْرِهِ كَالْمَيْتَةِ وَالْحِمَارِ إلَخْ) هَلْ يَحْنَثُ الْمُحَرِّمُ بِمَا اُصْطِيدَ لِأَجْلِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْأَقْوَى فِيهِ الْحِنْثُ لِحِلِّهِ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَالْأَقْوَى فِيهِ الْحِنْثُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا السَّمَكِ) الْمُرَادُ بِالسَّمَكِ جَمِيعُ حَيَوَانِ الْبَحْرِ الْمَأْكُولِ (قَوْلُهُ وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ فِي ضَوْءٍ إلَخْ) وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا فَشَرِبَ الْفُقَّاعَ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يُسَمَّى نَبِيذًا فِي اللُّغَةِ وَلَا يُسَمَّى بِهِ فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ السَّنَامُ وَالْأَلْيَةُ شَحْمًا وَلَا لَحْمًا) سَكَتَ عَنْ الْجِلْدِ وَذَكَرَ فِي بَابِ الرِّبَا أَنَّ الْجِلْدَ جِنْسٌ آخَرُ غَيْرُ اللَّحْمِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ هُنَاكَ أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَغْلُظَ وَيَخْشُنَ مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ فَهُوَ كَسَائِرِ أَجْزَاءِ اللَّحْمِ فَإِذَا غَلُظَ وَخَشُنَ صَارَ جِنْسًا آخَرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ مُتَعَيِّنٌ هُنَا وَ (قَوْلُهُ لِمُخَالَفَتِهِمَا لَهُمَا فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ) ؛ وَلِأَنَّ الْأَلْيَةَ تُشْبِهُ الشَّحْمَ فِي الْبَيَاضِ وَالذَّوَبَانِ فَأُلْحِقَتْ بِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَكَذَا بِقَانِصَةِ الدَّجَاجِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَدْهَانِ الْمَأْكُولَةِ) وَخَرَجَ بِالْمَأْكُولَةِ مَا لَا يُؤْكَلُ عَادَةً كَدُهْنِ الْخِرْوَعِ وَدُهْنِ اللَّوْزِ الْمُرِّ أَوْ شَرْعًا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَحْنَثُ بِدُهْنِ السِّمْسِمِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَفِي مَعْنَاهُ دُهْنُ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَنَحْوِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرُوا اللَّبَنَ وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرِبَهُ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَقَالَ إنَّ لَهُ دَسَمًا وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْخُصْيَةُ وَالثَّدْيُ عَلَى الْأَقْرَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ) لِلْعُرْفِ أَيْضًا فَإِنَّ الْمَيْتَةَ هُوَ مَا لَمْ يُذْبَحْ مَا يَجِبُ ذَبْحُهُ (قَوْلُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَالْآدَمِيُّ وَالْخَيْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فِيهِ الْحَلِيبُ إلَخْ) حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللِّبَأَ، وَهُوَ أَوَّلُ لَبَنٍ يَحْدُثُ بِالْوِلَادَةِ ثَلَاثَ حَلَبَاتٍ وَذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى هَذَا وَيَنْقُصُ بِحَسَبِ قُوَّةِ الْحَيَوَانِ وَضَعْفِهِ فَهَلْ يَحْنَثُ بِمَا يَحْدُثُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي حِلْيَةِ الشَّاشِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّمَ الَّذِي يَخْرُجُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ هَلْ يَكُونُ نِفَاسًا أَوْ مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْقِشْطَةُ مِثْلَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالْهِنْدِيِّ) سُئِلْت عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بِطِّيخًا وَأَطْلَقَ بِمَاذَا يَحْنَثُ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ الْأَخْضَرَ لَا الْأَصْفَرَ حَلًّا عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ الْآنَ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ عَدَمُ الْحِنْثِ بِهِ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْبِطِّيخِ الْهِنْدِيِّ، وَهُوَ الْأَخْضَرُ فَلَمْ أَرَهُ إلَّا فِي كِتَابِ الْبَغَوِيّ وَلَعَلَّهُ عَرَفَهُمْ هُنَاكَ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّامِ وَنَحْوُهُمْ فَلَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ بَلْ الْأَخْضَرُ عِنْدَهُمْ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 257 يَحْنَثُ بِالْجَوْزِ الْهِنْدِيِّ لِقُرْبِهِ مِنْ الْجَوْزِ الْمَعْرُوفِ طَبْعًا وَطَعْمًا وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزْمُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ (وَلَيْسَ خِيَارُ شَنْبَرٍ خِيَارًا) فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَيْهِ بِهِ (وَالطَّعْمُ وَالتَّنَاوُلُ) شَامِلٌ (لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَطْعَمُ أَوْ لَا يَتَنَاوَلُ شَيْئًا حَنِثَ بِكُلِّ مَا أَكَلَهُ وَشَرِبَهُ وَدَلِيلُ كَوْنِ الشُّرْبِ طَعْمًا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] وَخَبَرُ مَاءِ زَمْزَمَ طَعَامٌ طُعِمَ (فَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مَائِعًا فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ لَيْسَ بِأَكْلٍ (وَإِنْ أَكَلَهُ بِخُبْزٍ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ هَكَذَا يُؤْكَلُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُهُ فَعَكْسُهُ) أَيْ فَإِنْ أَكَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ شَرِبَهُ بِخُبْزٍ حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُ السَّوِيقَ لَمْ يَحْنَثْ بِاسْتِفَافِهِ وَالْتِعَاقِهِ) بِمِلْعَقَةٍ أَوْ أُصْبُعٍ مَبْلُولَةٍ (وَلَوْ كَانَ خَاتِرًا) بِحَيْثُ يُؤْخَذُ بِالْمَلَاعِقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شُرْبًا وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْخَاتِرِ كَأَصْلِهِ مَنْقُولٌ عَنْ الْإِمَامِ وَزَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِهِ) بَلْ بِاسْتِفَافِهِ وَالْتِعَاقِهِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ السَّكَرَ حَنِثَ بِبَلْعِهِ بِمَضْغٍ وَغَيْرِهِ) قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ (فَلَوْ وَضَعَهُ بِفِيهِ وَذَابَ وَابْتَلَعَهُ لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهُ (وَلَا يَحْنَثُ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ إلَّا إنْ نَوَى وَكَذَا الْحُكْمُ فِي التَّمْرِ وَالْعَسَلِ) وَنَحْوِهِمَا (فَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْعِنَبَ وَالرُّمَّانَ فَامْتَصَّهُمَا وَرَمَى الثِّقْلَ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ (لَمْ يَحْنَثْ كَأَكْلِهِ) أَوْ شُرْبِهِ (عَصِيرَهُمَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى أَكْلًا لَهُمَا وَمِثْلُهُمَا كُلُّ مَا يُمَصُّ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ سَمْنًا حَنِثَ بِأَكْلِهِ جَامِدًا) وَحْدَهُ (أَوْ بِخُبْزٍ) وَلَوْ ذَائِبًا (لَا يَشْرَبُهُ ذَائِبًا) لِصِدْقِ اسْمِ الْأَكْلِ فِي ذَاكَ دُونَ هَذَا (وَإِنْ جَعَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ) أَوْ سَوِيقٍ (وَظَهَرَ جِرْمُهُ) فِيهِ بِرُؤْيَتِهِ (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ نَوَى شَيْئًا حُمِلَ عَلَيْهِ (، وَإِنْ جَعَلَ الْخَلَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي سِكْبَاجٍ فَظَهَرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ) أَيْ السَّمْنَ أَوْ الْخَلَّ (فَلَا) يَحْنَثُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ فَذَاقَ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ لَا يَذُوقُ حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ لِتَضَمُّنِهِ الذَّوْقَ (وَكَذَا لَوْ ذَاقَهُ وَمَجَّهُ) ؛ لِأَنَّ الذَّوْقَ إدْرَاكُ الطَّعْمِ، وَقَدْ حَصَلَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَذُوقُ فَأَوْجَرَ فِي حَلْقِهِ وَبَلَغَ جَوْفَهُ لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَذُقْ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَطْعَمُ) كَذَا (حَنِثَ بِالْإِيجَارِ) مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِاخْتِيَارِهِ (لِأَنَّهُ صَارَ طَعَامُهُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا جَعَلْته لِي طَعَامًا أَيْ، وَقَدْ جَعَلَهُ لَهُ طَعَامًا (وَيَدْخُلُ فِي) اسْمِ (الْفَاكِهَةِ) وَشَرْطُهَا النُّضْجُ (رَطْبِهَا وَيَابِسِهَا) كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ الْيَابِسِ وَمُفَلَّقِ الْخَوْخِ وَالْمِشْمِشِ (وَالرُّطَبُ وَالْعِنَبُ وَالْأُتْرُجُّ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَيُقَالُ فِيهِ الْأُتْرُنْجُ وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ (وَاللَّيْمُونُ) وَالنَّارِنْجُ (وَالنَّبْقُ وَالْمَوْزُ وَلُبُّ الْفُسْتُقِ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا (وَالْبُنْدُقُ) بِالْبَاءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِالْفَاءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ (وَالْبِطِّيخُ) وَنَحْوُهَا كَتُفَّاحٍ وَكُمَّثْرَى وَسَفَرْجَلٍ وَذَلِكَ لِوُقُوعِ اسْمِ الْفَاكِهَةِ عَلَيْهَا وَالْعَطْفِ فِي قَوْله تَعَالَى {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68] لِتَخْصِيصِهِمَا وَتَمْيِيزِهِمَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] وَقَيَّدَ الْفَارِقِيُّ اللَّيْمُونَ وَالنَّارِنْجَ بِالطَّرِيَّيْنِ فَالْمِلْحُ مِنْهُمَا لَيْسَ بِفَاكِهَةٍ وَالْيَابِسُ مِنْهُمَا أَوْلَى بِذَلِكَ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ عَدَمُ   [حاشية الرملي الكبير] وَيَبْقَى عِنْدَهُمْ غَالِبَ الْحَوْلِ فَالظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ اهـ وَأَخَذَ صَاحِبُ الْخَادِمِ مَا نَقَلَهُ وَبَحَثَهُ وَلَمْ يَعْزُهُ لَهُ كَعَادَتِهِ وَقَالَ فِي مِفْتَاحِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى عُرْفِ النَّاحِيَةِ فَإِنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ لَا يُسَمُّونَ الْأَخْضَرَ بِطِّيخًا فَيَتَعَيَّنُ عُرْفُهُمْ فِي الْأَصْفَرِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَا ذَكَرَاهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ جَزَمَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ) وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ بَلْ بِاسْتِفَافِهِ وَالْتِعَاقِهِ) أَيْ إذْ لَاكَهُ ثُمَّ ازْدَرَدَهُ فَلَوْ ابْتَلَعَهُ بِلَا لَوْكٍ فَلَا فِي الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الطَّلَاقِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الْمَفْهُومُ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِمَا أَنَّ مُجَرَّدَ الِابْتِلَاعِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَضْغِ كَالْخُبْزِ لَا يُسَمَّى أَكْلًا فَيَصِحُّ فِي مِثْلِهِ أَنْ يُقَالَ ابْتَلَعَ وَمَا أَكَلَ، وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَضْغِ كَالْعَصِيدَةِ وَالْهَرِيسَةِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ يَسِيرًا كَالسُّكْرِ فَابْتِلَاعُهُ يُسَمَّى أَكْلًا (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ التَّنَبُّهُ عَلَيْهِ) تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ) أَيْ زَادَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلَوْ خُلِطَ السَّمْنُ بِالدَّقِيقِ وَعَصَدَهُ عَلَى النَّارِ وَبَقِيَ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ وَاسْتَجَدَّ اسْمًا فَأَكَلَهُ فَوَجْهَانِ. (قَوْلُهُ فَظَهَرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ قَالَ فِي الْحَاوِي: إنْ ظَهَرَ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ أَوْ اللَّوْنُ دُونَ الطَّعْمِ حَنِثَ، وَإِنْ ظَهَرَ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِبَقَاءِ الرِّيحِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَالَ الكوهكيلوني بَعْدَ قَوْلِ الْحَاوِي وَلَا آكُلُ السَّمْنَ أَوْ الْخَلَّ فَفِي عَصِيدَةٍ وَسَكَاجٍ وَظَهَرَ أَثَرُهُ الْمُرَادُ بِالْأَثَرِ الطَّعْمُ أَوْ اللَّوْنُ أَوْ الرَّائِحَةُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ وَحَلَفَ لَيَأْكُلَن هَذَا مُشِيرًا إلَى بَيْضٍ فَأَكَلَ الْبَيْضَ الْمُشَارَ إلَيْهِ فِي النَّاطِفِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ ظَهَرَ أَثَرُهُ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فِي السَّمْنِ رُؤْيَةُ جُرُمِهِ وَفِي الْخَلِّ لَوْنِهِ وَطَعْمِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يَطْعَمُ حَنِثَ بِالْإِيجَارِ) قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا تَطَعَّمْت طَعْمَ هَذَا الطَّعَامِ أَوْ لَا عَرَفْت حَلَاوَتَهُ أَوْ مَرَارَتَهُ فَأَوْجَرَ فِي حَلْقِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مَا عَرَفَ حَلَاوَتَهُ وَتَطَعَّمَ بِطَعْمِهِ بِفِعْلِهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ الْحَلِفَ عَلَى فِعْلِهِ، وَهُوَ لَمْ يَفْعَلْ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي الْفَاكِهَةِ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ عَطْفُ النَّخْلِ وَالرُّمَّانِ عَلَى الْفَاكِهَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا فَاكِهَةً؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايِرَةَ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ اقْتِضَاءَ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] وَهُمَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وقَوْله تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7] الْآيَةَ وَهُمْ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَإِذَا جَازَ الْعَطْفُ عَلَى مَا انْدَرَجَ الْمَعْطُوفُ فِيهِ لِعُمُومِهِ فَعَلَى مَا لَمْ يَنْدَرِجْ فِيهِ الْمَعْطُوفُ أَوْلَى، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّ النَّخْلَ وَالرُّمَّانَ لَمْ يَنْدَرِجَا؛ لِأَنَّ لَفْظَ فَاكِهَةٍ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا يَعُمُّ وَرُدَّ بِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَإِنَّهَا فِي سِيَاقِ الِامْتِنَانِ فَتَعُمُّ (قَوْلُهُ فَالْمُمَلَّحُ مِنْهَا لَيْسَ بِفَاكِهَةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ إلَخْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 دُخُولِ الْبَلَحِ وَالْحِصْرِمِ فِي الْفَاكِهَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي الْبَلَحِ فِي غَيْرِ الَّذِي حَلَّى أَمَّا مَا حَلَّى فَظَاهِرٌ أَنَّهُ مِنْ الْفَاكِهَةِ وَفِي شُمُولِهَا الزَّيْتُونُ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ (لَا الْقِثَّاءُ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا أَوْ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ (وَالْخِيَارُ) فَلَيْسَا مِنْهَا بَلْ مِنْ الْخَضْرَاوَاتِ كَالْبَاذِنْجَانِ وَالْجَزَرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقِثَّاءَ غَيْرُ الْخِيَارِ، وَهُوَ الشَّائِعُ عُرْفًا لَكِنْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ كُلًّا مِنْهُمَا بِالْآخَرِ (وَلَا يَدْخُلُ الْيَابِسُ) مِنْ الثِّمَارِ (فِي الثِّمَارِ) . (فَصْلٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ وَ) حَلَفَ (لَيَأْكُلَن مَا فِي كُمِّ زَيْدٍ فَكَانَ) مَا فِي كُمِّهِ (بَيْضًا فَجَعَلَهُ فِي النَّاطِفِ وَأَكَلَهُ كُلَّهُ لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مَا فِي كُمِّهِ وَلَمْ يَأْكُلْ الْبَيْضَ (فَرْعٌ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ وَالسِّمْسِمُ لَيْسَتْ بِثَمَرٍ وَ) لَا (زَبِيبٌ وَ) لَا (شَيْرَجٌ) وَعَصِيرُ التَّمْرِ وَدِبْسُهُ لَيْسَا بِتَمْرٍ وَكَذَا الْعَكْسُ لِاخْتِلَافِهِمَا اسْمًا وَصِفَةً، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا وَاحِدًا (وَالرُّطَبُ غَيْرُ الْبُسْرِ وَالْبَلَحِ) وَهَلْ يَتَنَاوَلُ الرُّطَبَ الْمُشَرَّخَ، وَهُوَ مَا لَمْ يَتَرَطَّبْ بِنَفْسِهِ بَلْ عُولِجَ حَتَّى تَرَطَّبَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي رُطَبٍ فَأَحْضَرَ إلَيْهِ مُشَرَّخًا لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الرُّطَبِ (فَائِدَةٌ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْبُسْرُ أَوَّلُهُ طَلْعٌ ثُمَّ خَلَالٌ بِفَتْحِ الْخَاءِ ثُمَّ بَلَحٌ ثُمَّ بُسْرٌ ثُمَّ رُطَبٌ ثُمَّ تَمْرٌ (فَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّطَبَ فَأَكَلَ مِنْ الْمُنَصِّفَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُشَدَّدَةِ، وَهِيَ مَا بَلَغَ الْأَرْطَابَ فِيهَا نِصْفَهَا (غَيْرِ الرُّطَبِ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ) أَكَلَ مِنْهَا (الرُّطَبَ حَنِثَ وَكَذَا لَوْ أَكَلَهُمَا جَمِيعًا) قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبُسْرَ فَأَكَلَ الْمُنَصَّفَ فَفِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ وَالْحُكْمُ بِالْعَكْسِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْجَمِيعِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ بُسْرًا أَوْ كَنَظِيرِهِ فِيمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرَةً وَلَا رُطَبَةً فَأَكَلَ مُنَصَّفَةً لَمْ يَحْنَثْ) وَلَفْظَةُ كَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا مَعْنًى لَهَا هُنَا (وَالطَّعَامُ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ (يَتَنَاوَلُ التُّوتَ وَالْفَاكِهَةَ وَالْأُدْمَ وَالْحَلْوَى) وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الرِّبَا الدَّوَاءُ وَفِيهِ فِي الْأَصْلِ هُنَا وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ عَدَمُ الْحِنْثِ بِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فِي بَابِ الرِّبَا (وَهَلْ يَدْخُلُ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ وَاللَّحْمُ فِي الْقُوتِ لِمَنْ لَا يَقْتَاتُهُ) أَيْ كُلًّا مِنْهَا أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ دُخُولِهَا إنْ لَمْ يُعْتَدْ اقْتِيَاتُهَا بِبَلَدِ الْحَلِفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اُعْتِيدَ ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْحَالِفُ يَقْتَاتُهَا (وَمِنْ الْأُدْمِ الْفُجْلُ وَالثِّمَارُ وَالْبَصَلُ وَالْمِلْحُ وَالتَّمْرُ) وَالْخَلُّ وَالشَّيْرَجُ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ حَنِثَ) بِكُلِّ مَاءٍ حَتَّى (بِمَاءِ الْبَحْرِ وَشُرْبُ) مَاءِ (الثَّلْجِ وَالْجَمَدِ لَا أَكْلُهُمَا) فَشُرْبُهُمَا غَيْرُ أَكْلِهِمَا (وَأَكْلُهُمَا غَيْرُ شُرْبِهِمَا وَالثَّلْجُ غَيْرُ الْجَمَدِ وَالِاعْتِبَارُ فِي الطَّبْخِ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِمَّا طَبَخَهُ زَيْدٌ (بِالْإِيقَادِ) مِنْهُ تَحْتَ الْقِدْرِ (حَتَّى يَنْضَجَ) مَا يَطْبُخُهُ، وَإِنْ وُجِدَ نَصْبُ الْقِدْرِ وَتَقْطِيعُ اللَّحْمِ وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَجَمْعُ التَّوَابِلِ مِنْ غَيْرِهِ (أَوْ بِوَضْعِ الْقِدْرِ) مِنْهُ (فِي تَنُّورٍ سُجِّرَ) أَيْ حُمِيَ، وَإِنْ حَمَاهُ غَيْرُهُ (لَانْصَبَّ الْقِدْرُ) عَلَى تَنُّورٍ لَمْ يُسَجَّرْ (وَجَمَعَ التَّوَابِلَ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ (فَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَبِيخَهُ فَشَارِكْهُ غَيْرُهُ) فِي الطَّبْخِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِهِ) مِمَّا تُشَارِكُهُ فِي طَبْخِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالطَّبْخِ (وَلَوْ حَضَرَ الطَّابِخُ) أَيْ الْحَاذِقِ بِالطَّبْخِ قَرِيبًا (وَأَشَارَ) إلَى صَبِيِّهِ بِالْإِيقَادِ أَوْ الْوَضْعِ فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إمَّا مَا حَلَى فَظَاهِرٌ أَنَّهُ مِنْ الْفَاكِهَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِي شُمُولِهَا الزَّيْتُونَ وَجْهَانِ) فِي الْبَحْرِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ شُمُولِهَا لَهُ إذْ الْبَلَحُ إنْ لَمْ يَحْمَرَّ أَوْ يَصْفَرَّ وَيَجْلُوَ لَيْسَ مِنْ الْفَاكِهَةِ فَالزَّيْتُونُ أَوْلَى وَكَتَبَ أَيْضًا جَزَمَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْفَاكِهَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ كُلًّا مِنْهُمَا بِالْآخَرِ) فِي الْمَغْرِبِ لِلْمُطَرِّزِيِّ أَنَّ الْقِثَّاءَ مَعْرُوفٌ وَالْقَتَدَ الْخِيَارُ وَفِي مَوْضِعٍ مِنْ الصِّحَاحِ الْقَتَدُ نَبْتٌ يُشْبِهُ الْقِثَّاءَ وَالْمَشْهُورُ عُرْفًا أَنَّ الْخِيَارَ غَيْرُ الْقِثَّاءِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلِهَذَا صَحَّحَ النَّوَوِيُّ مِنْ زَوَائِدِهِ فِي بَابِ الرِّبَا أَنَّهُمَا جِنْسَانِ [فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ وَحَلَفَ لَيَأْكُلَن مَا فِي كُمِّ زَيْدٍ فَكَانَ مَا فِي كُمِّهِ بَيْضًا] (قَوْلُهُ وَهَلْ يَتَنَاوَلُ الرُّطَبُ الْمُشَرَّخَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الرُّطَبِ) قَالَ شَيْخُنَا: بَلْ كَلَامُهُمْ يَقْتَضِي شُمُولَ الرُّطَبِ بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ لِرَدَاءَتِهِ لَا لِكَوْنِهِ لَا يُسَمَّاهُ (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ) أَيْ وَالْجَاجَرَمِيُّ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ دُخُولِهِمَا) أَصَحُّهُمَا الدُّخُولُ وَيُعْلَمُ تَصْحِيحُهُ مِمَّا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ بِأَكْلِ الرَّأْسِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ رَأْسِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ إنْ بِيعَ مُنْفَرِدًا فِي بَلَدِ الْحَلِفِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْبِلَادِ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِالْعُرْفِ فِي مَوْضِعٍ ثَبَتَ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ كَمَا مَرَّ فِي خُبْزِ الْأُرْزِ وَأَيْضًا فَالِاسْمُ شَامِلٌ وَالْعُرْفُ مُخْتَلِفٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ رَأْسَ الْإِبِلِ لَا يُعْتَادُ بَيْعُهُ وَأَكْلُهُ إلَّا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَالْحِنْثُ يَحْصُلُ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَعَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ يَحْنَثُ بِالْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بِطِّيخًا سَوَاءٌ أَكَانَ فِي مِصْرَ أَوْ فِي غَيْرِهَا أَمَّا الْأَصْفَرُ وَنَحْوُهُ فَلَا يَكُونُ إلَّا مُقَيَّدًا وَكَتَبَ أَيْضًا الْأَصَحُّ دُخُولُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ إذْ الْقُوتُ مَا يَقُومُ بِهِ بَدَنُ الْإِنْسَانِ مِنْ الطَّعَامِ وَاللَّفْظُ بَاقٍ عَلَى مَدْلُولِهِ مِنْ الْعُمُومِ وَعَدَمِ اقْتِيَاتِ الْحَالِفِ وَأَهْلِ بَلَدِهِ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصًا؛ وَلِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِهِ الْعُرْفُ فِي مَوْضِعٍ يَثْبُتُ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ كَمَا فِي خُبْزِ الْأُرْزِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْأُدْمِ) ، وَهُوَ مَا يُؤْتَمُّ بِهِ «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيِّدُ آدَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ» - (قَوْلُهُ حَنِثَ بِمَاءِ الْبَحْرِ وَشُرْبِ مَاءِ الثَّلْجِ إلَخْ) لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِ الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا أَوْ رِيحًا بِمُخَالِطٍ طَاهِرٍ يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْهُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا وَلَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ الْمَاءَ فَاشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ اسْمِ الْمَاءِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ فَإِنْ قِيلَ هُوَ فِي الْعُرْفِ يُسَمَّى مَاءً قُلْنَا الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ مُقَدَّمٌ وَكَذَا لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِ مَاءٍ قَدْ تَنَجَّسَ سَوَاءٌ أَكَانَ قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا وَقَدْ تَغَيَّرَ (قَوْلُهُ فَشَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الطَّبْخِ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِهِ وَلَوْ وُقِدَ وَاحِدٌ حَتَّى تَسَخَّنَ الْمَاءُ ثُمَّ اسْتَتَمَّ الثَّانِي فَالطَّبِيخُ لَهُ وَلَوْ انْتَهَى بِالْأَوَّلِ إلَى مَا يُسَمَّى طَبِيخًا أُضِيفَ إلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 التَّنُّورِ وَالتَّقْلِيلِ أَوْ التَّكْثِيرِ (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّبْخَ هُنَا يُضَافُ إلَى الْأُسْتَاذِ وَالثَّانِي لَا لِانْتِفَاءِ مَا مَرَّ (وَالْخُبْزُ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِمَّا خَبَزَهُ زَيْدٌ (الْإِلْصَاقُ) مِنْهُ لِمَا يُخْبَزُ (بِالتَّنُّورِ لَا سَجْرِهِ) وَعَجْنِ الدَّقِيقِ وَتَقْطِيعِ الرُّغْفَانِ وَبَسْطِهَا النَّوْعُ (الثَّالِثُ الْعُقُودُ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَلْبَسُ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ) أَوْ مِمَّا اشْتَرَاهُ (لَمْ يَحْنَثْ بِمَا رَجَعَ إلَيْهِ) بِرَدٍّ (بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ) ، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا (أَوْ حَصَلَ) لَهُ (بِصُلْحٍ أَوْ قِسْمَةٍ) ، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا (أَوْ إرْثٍ) أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بِشِرَاءٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (وَيَحْنَثُ بِمَا دَخَلَ) فِي مِلْكِهِ (بِسَلَمٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ) أَوْ إشْرَاكٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهَا شِرَاءٌ حَقِيقَةً وَإِطْلَاقًا إذْ يُقَالُ اشْتَرَاهُ سَلَمًا وَتَوْلِيَةً وَإِشْرَاكًا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُهُ مِنْ خِيَارٍ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ اشْتَهَرَ لِكُلٍّ مِنْهَا صِيغَةٌ وَصُورَتُهُ فِي الْإِشْرَاكِ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْدَهُ الْبَاقِي أَوْ تُفْرَزَ حِصَّتُهُ إذْ لَا حِنْثَ بِالْمُشَاعِ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الصُّلْحِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِدَيْنٍ وَكَوْنِهِ بِغَيْرِهِ لَكِنْ قَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِالدَّيْنِ وَلَعَلَّهُ مِثَالٌ (وَلَا يَحْنَثُ بِمَا اشْتَرَاهُ) لَهُ (وَكِيلُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُشْتَرَاهُ إذْ يُقَالُ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ بَلْ وَكِيلُهُ (وَإِنْ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ لِغَيْرِهِ) بِوَكَالَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ (أَوْ اشْتَرَاهُ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ فَأَكَلَهُ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ (وَلَا يَحْنَثُ بِمَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو) شِرْكَةً مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، وَإِنْ أَكَلَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُشْتَرَاهُ إذْ يُقَالُ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ بَلْ زَيْدٌ وَعَمْرٌو فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ مُشْتَرَكٍ نَعَمْ إنْ أَفْرَزَ حِصَّتَهُ فَالظَّاهِرُ حِنْثُهُ إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ إفْرَازًا (فَلَوْ اخْتَلَطَ مَا اشْتَرَاهُ) زَيْدٌ (بِمَا اشْتَرَاهُ غَيْرُهُ فَأَكَلَ) الْحَالِفُ مِنْ ذَلِكَ (قَدْرًا يَعْلَمُ كَوْنَهُ) أَيْ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ (فِيهِ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهُ أَيْ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ (كَالْكَفِّ وَالْكَفَّيْنِ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ فِيهِ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَنَا وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ لِظُهُورِ أَنَّ الْكَفَّ قَدْ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ دَارًا اشْتَرَاهَا) زَيْدٌ (فَمَلَكَ بَعْضَهَا) وَأَكَلَهَا (بِشُفْعَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُسَمَّى شِرَاءً (لَمْ يَحْنَثْ) وَصُورَةُ أَخْذِ الْكُلِّ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا دَارَ جَارِهِ وَيْحَكُمْ لَهُ بِصِحَّةِ الْأَخْذِ أَوْ يَأْخُذَ بِهَا حِصَّةُ شَرِيكِهِ ثُمَّ يَبِيعُ حِصَّتَهُ الْقَدِيمَةَ فَيَبِيعُهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَأْخُذُهَا هُوَ بِالشُّفْعَةِ أَيْضًا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ طَعَامَهُ فَأَكَلَ مُشْتَرَكًا) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرَهُ (حَنِثَ بِخِلَافِهِ) فِي (اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ) لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ فِي الْأُولَى انْعَقَدَتْ عَلَى أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَامًا مَمْلُوكًا لَهُ، وَقَدْ أَكَلَ طَعَامًا مَمْلُوكًا لَهُ وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ انْعَقَدَتْ عَلَى أَنْ لَا يَلْبَسَ ثَوْبًا مَمْلُوكًا لَهُ وَأَنْ لَا يَرْكَبَ دَابَّةً مَمْلُوكَةً وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ بِلُبْسِ الْمُشْتَرَكِ وَرُكُوبِهِ وَفِي مَعْنَى اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ السُّكْنَى وَنَحْوُهَا (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَعْقِدُ عَقْدًا فَوَكَّلَ فِيهِ) غَيْرَهُ (لَمْ يَحْنَثْ) ، وَإِنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ (وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ فِي إنْكَاحِ ابْنَتِهِ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُهَا، وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ فَعَلَهُ الْوَكِيلُ بِحَضْرَتِهِ وَأَمَرَهُ لَكِنْ مَرَّ فِي الْخُلْعِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَتَى أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا سَلِّمْهُ إلَيْهِ فَسَلَّمَهُ طَلُقَتْ وَكَانَ تَمْكِينُهَا الزَّوْجَ مِنْ الْمَالِ إعْطَاءً وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ يَحْنَثَ بِذَلِكَ لَكِنْ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَعَلَّقُ بِاللَّفْظِ فَاقْتَصَرَ عَلَى فِعْلِهِ، وَأُمَّا فِي الْخُلْعِ فَقَوْلُهَا لِوَكِيلِهَا سَلِّمْهُ إلَيْهِ بِمَثَابَةِ خُذْهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا لِانْتِفَاءِ مَا مَرَّ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَالثَّالِثُ الْعُقُودُ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ لَا يَزْرَعُ الْأَرْضَ الْفُلَانِيَّةَ مَا دَامَتْ فِي إجَارَةِ فُلَانٍ فَأَجَرَهَا فُلَانٌ لِغَيْرِهِ ثُمَّ زَرَعَ فِيهَا الْحَالِفُ هَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ مَا دَامَ مُسْتَحِقًّا لِمَنْفَعَتِهَا لَمْ يَحْنَثْ لِانْتِقَالِ الْمَنْفَعَةِ عَنْهُ، وَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ عَقْدُ إجَارَتِهِ بَاقِيًا لَمْ تَنْقَضِ مُدَّتُهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّ إجَارَتَهُ بَاقِيَةٌ لَمْ تَفْرُغْ وَلَمْ يَنْفَسِخْ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يُرِيدُونَ بِكَوْنِهَا فِي إجَارَتِهِ إلَّا أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِمَنْفَعَتِهَا وَقَدْ انْتَقَلَ عَنْهُ الِاسْتِحْقَاقُ وَأَيْضًا قَدْ فُهِمَ مِنْ غَرَضِ الْحَالِفِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَحَكُّمٌ عَلَيْهِ فِي أَرْضٍ يَزْرَعُهَا وَقَدْ زَالَ التَّحَكُّمُ بِانْتِقَالِ الْمَنْفَعَةِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَحْنَثُ فِي مِلْكِهِ بِسَلَمٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهَذَا فِي السَّلَمِ مُنَاقِضٌ لِمُصَحَّحٍ فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ عَدَمِ انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَقَلَّدَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا كَذَلِكَ لَكِنَّهُ خَرَّجَهُ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا وَلَمْ يُصَحِّحْ فِيهَا شَيْئًا وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الصِّيَغَ هُنَاكَ اُشْتُهِرَتْ فِي عَقْدٍ فَلَا تَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ صِنْفًا مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّ التَّوْلِيَةَ وَالْإِشْرَاكَ بَيْعٌ لَكِنْ بِلَفْظِهِمَا وَكَذَا السَّلَمُ بَيْعٌ بِلَفْظِهِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ إثْبَاتُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» قَالَ وَلَمْ يَنْفَرِدْ الْمُتَوَلِّي بِذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَحَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الطَّبَرِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ السَّلَمُ صِنْفٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَلَمْ يَغْلِبْ لَقَبُ السَّلَمِ عَلَيْهِ غَلَبَةً تَمْنَعُ انْدِرَاجَهُ تَحْتَ مُطْلَقِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ مِثَالٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَفْرَزَ حِصَّتَهُ فَالظَّاهِرُ حِنْثُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَالْكَفِّ وَالْكَفَّيْنِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي أَنَّ الْكَفَّ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ الظَّنُّ فَإِنْ اكْتَفَى بِهِ فَلَا يُعَبَّرُ بِالْعِلْمِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَعْقِدُ عَقْدًا فَوَكَّلَ فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ) مِثْلُهُ مَا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَتَحَدَّثُ فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ فَوَكَّلَ فِيهَا أَوْ اسْتَنَابَ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ سَلَّمَ إلَيْهِ فَسَلَّمَ) أَيْ بِحُضُورِهَا (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ يَحْنَثَ بِذَلِكَ) يُخَالِفُهُ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ أَحْكَامَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ فَلَمْ يَجْعَلُوا لِحُضُورِهِ أَثَرًا فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالرُّؤْيَةِ وَبُطْلَانِ عَقْدِ الرِّبَا بِمُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ فِعْلُ الْوَكِيلِ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ كَفِعْلِهِ حَقِيقَةً لَبَطَلَ عَقْدُ الرِّبَا بِمُفَارَقَةِ الْمُوَكِّلِ الْمَجْلِسَ وَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ بِرُؤْيَةِ وَكِيلِهِ دُونَهُ فَلَعَلَّ مَسْأَلَةَ إعْطَاءِ وَكِيلِ الزَّوْجَةِ بِحُضُورِهَا الْمَعْنَى يَخُصُّهَا، وَهُوَ كَوْنُ الدَّفْعِ بِأَمْرِهَا حِينَئِذٍ يُسَمَّى إعْطَاءً وَيُسَمَّى الْآمِرُ مُعْطِيًا، وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُسَمَّى بَائِعًا (قَوْلُهُ لَكِنْ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْيَمِينَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 فَلَاحِظُوا الْمَعْنَى (وَإِنْ وَكَّلَ مَنْ يَتَزَوَّجُ لَهُ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي قَبُولِ سَفِيرٍ مَحْضٍ؛ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمُوَكِّلِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ هُنَا وَفِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فِي النِّكَاحِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِفِعْلِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلِقَاعِدَةِ أَنَّ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى الْحَقِيقَةِ وَلِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ قَالَ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ إلَّا الْبَغَوِيّ انْتَهَى وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُرَاجِعُ مَنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ وَكَّلَ مَنْ رَاجَعَهَا سَوَاءٌ قُلْنَا الرَّجْعَةُ ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ أَمْ اسْتِدَامَةٌ (وَلَوْ عَقَدَ لِغَيْرِهِ مَا سِوَى النِّكَاحِ بِوَكَالَةٍ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَعْقِدُ عَقْدًا (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَمَّا النِّكَاحُ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ بِعَقِدِهِ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ تَجِبُ إضَافَتُهُ لِلْمُوَكِّلِ فَلَا يَحْنَثُ الْوَكِيلُ وَقِيلَ يَحْنَثُ كَمَا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ صُورَةَ هَذِهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَعْقِدُ عَقْدًا وَلَيْسَ مُرَادًا (سَوَاءٌ كَانَ) الْحَالِفُ فِيمَا مَرَّ (مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ) عَقْدُهُ (أَمْ لَا) وَسَوَاءٌ صَرَّحَ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ أَمْ نَوَاهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَبِمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْحَالِفِ لَا يَقُومُ مَقَامَ فِعْلِهِ (حَتَّى لَوْ حَلَفَ الْأَمِيرُ) أَوْ نَحْوُهُ أَنَّهُ (لَا يَضْرِبُ فُلَانًا فَضَرَبَهُ الْجَلَّادُ) وَلَوْ بِأَمْرِهِ (لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ حَقِيقَةً فَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى الْعَادَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَأْكُلُ فَلَبِسَ أَوْ أَكَلَ مَا لَا يَعْتَادُهُ حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَبْنِي بَيْتَهُ فَأَمَرَ الْبَنَّاءَ بِبِنَائِهِ) فَبَنَاهُ (أَوْ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَأَمَرَ بِحَلَّاقٍ) بِزِيَادَةِ الْبَاءِ (فَحَلَقَهُ لَمْ يَحْنَثْ) فِيهِمَا لِذَلِكَ وَقِيلَ يَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْعُرْفِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ مِنْ شَرْحَيْهِ بِالثَّانِي وَصَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ نَوَى) فِيمَا ذَكَرَ (مَنْعَ نَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ) أَيْ مَنْعَ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (اتَّبَعَ) عَمَلًا بِنِيَّتِهِ وَطَرِيقُهُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ أَوْ فِي عُمُومِ الْمَجَازِ كَانَ لَا يَسْعَى فِي فِعْلِ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مَا إذَا كَانَ قَدْ وَكَّلَ قَبْلَ يَمِينِهِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ (أَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لِزَيْدٍ مَالًا فَبَاعَهُ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَحْنَثْ إذْ لَا بَيْعَ) صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ أَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِإِذْنِهِ وَبِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِحَجْرٍ أَوْ امْتِنَاعٍ أَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لِحَجْرٍ أَوْ بِالظَّفَرِ فَيَحْنَثُ وَصَرَّحَ بِبَعْضِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَجَعَلَ ضَابِطَ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَهُ بَيْعًا صَحِيحًا (وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِإِذْنِ وَكِيلِهِ) أَيْ وَكِيلِ زَيْدٍ (وَلَمْ يَعْلَمْ) أَنَّهُ مَالُ زَيْدٍ لَا يَحْنَثُ (لِجَهْلِهِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لِي زَيْدٌ) مَالًا (فَبَاعَ لَهُ بِإِذْنِ وَكِيلِهِ حَنِثَ) سَوَاءٌ عَلِمَ زَيْدٌ أَنَّهُ مَالُ الْحَالِفِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ زَيْدٍ، وَقَدْ فَعَلَ بِاخْتِيَارِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَمَّا إذَا قَصَدَ الْمَنْعَ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُطَلِّقُ) زَوْجَتَهُ (فَفَوَّضَ إلَيْهَا) طَلَاقَهَا (فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا لَمْ يَحْنَثْ) كَمَا لَوْ وَكَّلَ فِيهِ أَجْنَبِيًّا وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ شِئْت فَأَنْت طَالِقٌ فَفَعَلَتْ أَوْ شَاءَتْ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهَا صِفَةٌ، وَهُوَ الْمُطَلِّقُ صُرِّحَ بِهِ الْأَصْلُ [فَرْعٌ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي وَلَا يَهَبُ فَعَقَدَ عَقْدًا فَاسِدًا] (فَرْعٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي) وَلَا يَهَبُ (فَعَقَدَ) عَقْدًا (فَاسِدًا لَمْ يَحْنَثْ) كَمَا عُلِمَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُعَلَّلَةِ بِقَوْلِهِ إذْ لَا بَيْعَ (فَلَوْ) أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مَا لَا يَقْبَلُهُ كَأَنْ (حَلَفَ لَا يَبِيعُ خَمْرًا) أَوْ مُسْتَوْلَدَةً (لَمْ يَحْنَثْ) بِبَيْعِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ سَبَبٌ لِلْمِلْكِ، وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي ذَلِكَ فَلَغَتْ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ صُورَةَ الْبَيْعِ) فَيَحْنَثُ لِوُجُودِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَلَاحِظُوا الْمَعْنَى) ، وَهُوَ كَوْنُ الدَّفْعِ بِأَمْرِهَا بِحَضْرَتِهَا يُسَمَّى إعْطَاءً وَيُسَمَّى الْآمِرُ مُعْطِيًا (قَوْلُهُ، وَإِنْ وَكَّلَ مَنْ يَتَزَوَّجُ لَهُ حَنِثَ) مِثْلُهُ الْمَرْأَةُ إذَا زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِإِذْنِهَا، وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ بَلْ عَقْدٌ يَفْتَقِرُ إلَى الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ وَالذَّخَائِرِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ لَمْ يَحْنَثْ بِقَبُولِهِ النِّكَاحَ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْكَافِي أَنَّهُ الْمَنْقُولُ فِي طَرِيقَتِنَا (قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْجِعُ مَنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا) أَوْ لَا يَتَزَوَّجُهَا (قَوْلُهُ بِوَكَالَةٍ) أَوْ وِلَايَةٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا) قَالَ الْمُفْتِي لَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ هَذَا فِي الْمُوَكِّلِ بِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ حَتَّى لَوْ حَلَفَ الْأَمِيرُ فَأَصْلَحْت الْعِبَارَةَ وَقُلْت حَنِثَ لَا الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ إلَخْ فَلْتُصْلَحْ النُّسَخُ هَكَذَا (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَبْنِي بَيْتَهُ فَأَمَرَ الْبَنَّاءَ بِبِنَائِهِ فَبَنَاهُ أَوْ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَأَمَرَ بِحَلَّاقٍ بِزِيَادَةِ إبْلَاءٍ فَحَلَقَهُ لَمْ يَحْنَثْ فِيهِمَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْتَجِمَ أَوْ لَا يَفْتَصِدَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي الْحَلْقِ فِعْلُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى مَنْعَ نَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ اُتُّبِعَ) وَلَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُهُ بِنَفْسِي وَلَا بِوَكِيلِي ثُمَّ وَكَّلَ وَكِيلُهُ آخَرَ عَنْهُ فَفَعَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مَا إذَا كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَدْ وَكَّلَ قَبْلَ يَمِينِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ (تَنْبِيهٌ) لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَهَبُ وَلَا يُوَكِّلُ وَكَانَ قَدْ وَكَّلَ قَبْلَ ذَلِكَ بِبَيْعِ مَالِهِ فَبَاعَ الْوَكِيلُ بَعْدَ يَمِينِهِ بِالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْيَمِينِ لَمْ يُبَاشِرْ وَلَمْ يُوَكِّلْ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَا تَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِهِ وَكَانَ أَذِنَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْخُرُوجِ إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لِزَيْدٍ مَالًا) أَوْ مَالَ زَيْدٍ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَالَهُ إذْ قَوْلُهُ لِزَيْدٍ نَعْتٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ مَالًا، وَإِنْ كَانَ إعْرَابُهُ حَالًا لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ امْتِنَاعٍ) أَيْ أَوْ غَيْبَةٍ (قَوْلُهُ وَجُعِلَ ضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَهُ إلَخْ) ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ: وَالظَّاهِرُ حَمْلُ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ لَا الْمَنْعَ مِنْ الْمُخَالَفَةُ (قَوْلُهُ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ خَمْرًا) أَوْ مَالَ فُلَانٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 الصِّفَةِ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَحَجَّ) حَجًّا (فَاسِدًا حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ يَجِبُ الْمُضِيُّ فِيهِ كَالصَّحِيحِ وَسَيَأْتِي تَصْوِيرُ انْعِقَادِهِ فَاسِدًا (أَوْ لَا يَبِيعُ) بَيْعًا (فَاسِدًا فَبَاعَ) بَيْعًا (فَاسِدًا فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ) جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَقَالَ الْإِمَامُ: الْوَجْهُ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَحْنَثُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَمْيَلُ قُلْت وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ لَهُ حَنِثَ) بِكُلِّ تَمْلِيكٍ فِي الْحَيَاةِ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ (وَلَوْ بِالصَّدَقَةِ عَلَيْهِ وَالْعُمْرَى وَالرُّقْبَى) ؛ لِأَنَّهَا أَنْوَاعٌ خَاصَّةٌ مِنْ الْهِبَةِ (لَا بِإِعْطَائِهِ الزَّكَاةَ) لِآنِهَا لَا تُسَمَّى هِبَةً (وَ) لَا (ضِيَافَتِهِ) وَلَا إعَارَتِهِ إذْ لَا تَمْلِيكَ فِيهِمَا (وَ) لَا (الْوَصِيَّةِ لَهُ) ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْمَيِّتُ لَا يَحْنَثُ (وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى (وَلَوْ وَهَبَ لَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ) مِنْهُ مَا وَهَبَهُ لَهُ (لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْهِبَةِ لَمْ يَحْصُلْ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَلِفِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْهِبَةِ عَدَمُ التَّبَرُّعِ عَلَى الْغَيْرِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ عِنْدَ عَدَمِ الْقَبْضِ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ وَلَا يَحْنَثُ بِالْهِبَةِ لِعَبْدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ مَعَ الْعَبْدِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا بِمُحَابَاةٍ فِي بَيْعٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَتَصَدَّقُ حَنِثَ بِالصَّدَقَةِ فَرْضًا وَتَطَوُّعًا عَلَى فَقِيرٍ وَغَنِيٍّ وَلَوْ ذِمِّيًّا) لِشُمُولِ الِاسْمِ (وَيَحْنَثُ بِالْإِعْتَاقِ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِرَقَبَتِهِ (لَا الْهِبَةِ) ؛ لِأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْ الصَّدَقَةِ كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ نَوَاهَا بِهَا حَنِثَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْإِعَارَةِ وَالضِّيَافَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهِ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ صَدَقَةٌ لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ بِهِ فِيمَا مَرَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْوَقْفَ صَدَقَةٌ وَكُلُّ صَدَقَةٍ هِبَةٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا الشَّكْلُ غَيْرُ مُنْتِجٍ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْوَسَطِ إذْ مَحْمُولُ الصُّغْرَى صَدَقَةٌ لَا تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَمَوْضُوعُ الْكُبْرَى صَدَقَةٌ تَقْتَضِيهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ فَقَارَضَ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الشَّرِكَةِ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ بَعْدَ حُصُولِ الرِّيحِ دُونَ مَا قَبْلَهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبَرُّهُ حَنِثَ بِجَمِيعِ التَّبَرُّعَاتِ كَإِبْرَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَإِعْتَاقِهِ) وَهِبَتِهِ وَإِعَارَتِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُعَدُّ بِرًّا عُرْفًا (لَا إعْطَائِهِ الزَّكَاةَ) كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنًا (وَالْكَفَالَةَ بِالْبَدَنِ وَالْكِتَابَةِ) لِلرَّقِيقِ (غَيْرِ الضَّمَانِ بِالْمَالِ وَالْعِتْقِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْمَنُ لِفُلَانٍ مَالًا فَكَفَلَ بَدَنَ مَدْيُونِهِ أَوْ لَا يُعْتِقُ عَبْدَهُ فَكَاتَبَهُ وَعَتَقَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ فِيهَا إعْتَاقٌ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ إعْتَاقٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْيَمِينَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُنَزَّلَةٌ عَلَى الْإِعْتَاقِ مَجَّانًا (وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ حَنِثَ) بِكُلِّ مَالِهِ حَتَّى (بِثَوْبِهِ وَدَارِهِ وَعَبْدِ خِدْمَتِهِ وَبِدَيْنِهِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا وَلَوْ عَلَى مُعْسِرٍ) أَوْ جَاحِدٍ لِصِدْقِ الِاسْمِ وَوَجْهُهُ فِي الدَّيْنِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ وَجَوَازُ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْحَوَالَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ دَيْنَهُ عَلَى مَدِينٍ مَاتَ وَلَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً وَدَيْنُهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِمَا (وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ وَضَالٌّ وَمَغْصُوبٌ) وَمَسْرُوقٌ (وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ يَجِبُ الْمُضِيُّ فِيهِ كَالصَّحِيحِ) يَقَعُ النَّظَرُ فِي إلْحَاقِ الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ الْفَاسِدَيْنِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُمَا كَالصَّحِيحَيْنِ فِي حُصُولِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ ر (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ الْوَجْهُ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَحْنَثُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ حَنِثَ بِكُلِّ تَمْلِيكٍ فِي الْحَيَاةِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ فِي الْهِبَةِ بِقَبْضِهِ الْمَوْهُوبَ لَا أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِ حِنْثُهُ بِعَقْدِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالصَّدَقَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَأَمَّا الْهِبَةُ التَّقْدِيرِيَّةُ كَقَوْلِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي مَجَّانًا فَأَعْتَقَهُ مَجَّانًا فَإِنَّهُ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ وَالْقِيَاسُ الْحِنْثُ بِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ (قَوْلُهُ لَا بِإِعْطَاءِ الزَّكَاةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَفَّارَاتِ وَنَحْوَهَا كَالزَّكَاةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي الصَّدَقَةِ الْمَنْذُورَةِ خِلَافٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ الْوَاجِبَاتِ أَمْ لَا غ (قَوْلُهُ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ) قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَوْقُوفِ عَيْنٌ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ كَصُوفِ الْبَهِيمَةِ وَوَبَرِهَا وَلَبَنِهَا الْكَائِنِ فِيهَا عِنْدَ الْوَقْفِ وَكَذَا الثَّمَرَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمَحْكِيَّيْنِ فِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارِمِيِّ وَكَذَا الْحَمْلُ الْكَائِنُ عِنْدَ التَّوَقُّفِ عَلَى رَأْيٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْوَقْفِ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ أَعْيَانًا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَهَذَا مَعْنَى الْهِبَةِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْهِبَةِ لِعَبْدِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ (فَرْعٌ) حَلَفَ لَا يُسْتَوْدَعُ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَمًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَيْئًا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ هَذَا وَكَالَةً لَا وَدِيعَةً (قَوْلُهُ هَذَا الشَّكْلُ) قَالَ شَيْخنَا هُوَ قَوْلُهُ الْوَقْفُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ صَدَقَةٍ هِبَةٌ وَالْوَسَطُ هُوَ قَوْلُهُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ صَدَقَةٍ هِبَةٌ وَالْمَحْمُولُ هُوَ الْخَبَرُ وَهُوَ صَدَقَةٌ وَمَوْضِعُ الْكُبْرَى الْمَوْضُوعُ الْمُبْتَدَأُ وَهُوَ كُلُّ صَدَقَةٍ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ) أَوْ لَا مِلْكَ لَهُ (قَوْلُهُ حَنِثَ بِكُلِّ مَالٍ لَهُ) إنَّمَا يَحْنَثُ بِالْقَلِيلِ إذَا كَانَ مُتَمَوِّلًا كَمَا قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّ الْحِنْثَ بِنَحْوِ حَبَّةِ حِنْطَةٍ وَزَبِيبَةٍ بَعِيدٌ جِدًّا اهـ وَكَلَامُ الْإِمَامِ وَالْفُورَانِيِّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بِمَا يُتَمَوَّلُ قَالَ الْإِمَامُ: الْحَلِفُ عَلَى الْمَالِ يَنْصَرِفُ إلَى كُلِّ مَا يَتَمَوَّلُ وَيَتَهَيَّأُ لِلتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَسْتَدْعِي الْمِلْكَ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ إلَخْ) مَا اسْتَثْنَاهُ مَمْنُوعٌ فَيَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إذْ الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِاسْمِ الْمَالِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ وُجُودِ مَالٍ لِلْمَدِينِ وَقُدْرَةٍ عَلَى أَخْذِهِ بِدَلِيلِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْسِرِ وَالْجَاحِدِ مَعَ أَنَّ لَهُ فَائِدَةً، وَهِيَ أَنَّ لِرَبِّ الدَّيْنِ الْإِبْرَاءَ مِنْهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ يُوَفِّي مِنْهُ ذَلِكَ الدَّيْنَ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ عَلَى الْمُعْسِرِ وَالْجَاحِدِ فِيهِ وَجْهَانِ أَقْوَاهُمَا الْحِنْثُ كَمَا فِي الْمُوسِرِ لِثُبُوتِ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِمَا وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا وُصُولَ إلَيْهِ وَلَا مَنْفَعَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهَا قَالَ فِي الْخَادِمِ وَذَكَرَ الشَّاشِيُّ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْحِنْثُ وَخَصَّ فِي التَّتِمَّةِ الْوَجْهَيْنِ بِمَا إذَا أَطْلَقَ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ لَا مَالَ لِي نَفْيَ مِلْكِ الْمَالِ يَحْنَثُ يَعْنِي قَطْعًا؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ عَدَمَ مَا يَتَمَوَّلُ وَيُرْتَفَقُ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ فِي الْحُكْمِ؛ وَلِهَذَا أَبَحْنَا لَهُ أَخْذَ الزَّكَاةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمِلْكِ فِيهَا وَثَانِيهِمَا لَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا يَحْنَثُ بِالشَّكِّ، وَهَذَا أَوْجَهُ (وَيَحْنَثُ بِأُمِّ الْوَلَدِ) وَالْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّهُمَا مَمْلُوكَانِ وَلَهُ مَنَافِعُهُمَا وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا (لَا الْمُكَاتَبِ) كِتَابَةً صَحِيحَةً إذْ لَا يَمْلِكُ سَيِّدُهُ مَنَافِعَهُ وَلَا أَرْشَ جِنَايَتِهِ فَهُوَ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمَهُ فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ مَالٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَّبَعَ الْعُرْفُ وَالْغَصْبُ تَعَدٍّ يُنَاسِبُهُ التَّغْلِيظُ (وَلَا مَنْفَعَةَ بِوَصِيَّةٍ أَوْ إجَارَةٍ وَلَا بِمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ وَلَا بِاسْتِحْقَاقِ قِصَاصٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَالِ الْأَعْيَانُ (فَلَوْ كَانَ قَدْ عَفَا) عَنْ الْقِصَاصِ (بِمَالٍ حَنِثَ وَلَوْ حَلَفَ لَا مِلْكَ لَهُ حَنِثَ بِمَغْصُوبٍ مِنْهُ) وَآبِقٍ وَمَرْهُونٍ (لَا بِزَوْجَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَفْهُومَةٍ مِمَّا ذُكِرَ هَذَا (إنْ لَمْ تَكُنْ) لَهُ (نِيَّةٌ) وَإِلَّا فَيَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ (وَلَا بِزَيْتٍ نَجِسٍ) أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ زَالَ عَنْهُ بِالتَّنَجُّسِ كَمَوْتِ الشَّاةِ (أَوْ لَا عَبْدَ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِمُكَاتَبٍ) تَنْزِيلًا لِلْكِتَابَةِ مَنْزِلَةَ الْبَيْعِ النَّوْعُ (الرَّابِعُ الْأَوْصَافُ) وَالْإِضَافَاتُ لَوْ (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ حَنِثَ بِدَارٍ يَمْلِكُهَا) ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْإِضَافَةِ إلَى مِنْ يَمْلِكُ بِدَلِيلِ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ (لَا بِمَا يَسْكُنُهُ بِإِجَارَةٍ) أَوْ إعَارَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ (إلَّا إنْ أَرَادَهُ) فَيَحْنَثُ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ مَسْكَنَهُ حَنِثَ بِمَا يَسْكُنُهُ وَلَوْ غَصْبًا إلَّا بِمَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَسْكُنُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْكَنِهِ حَقِيقَةً (إلَّا إنْ أَرَادَهُ) فَيَحْنَثُ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارَ مُكَاتَبِهِ حَنِثَ بِدُخُولِهَا) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ نَافِذُ التَّصَرُّفِ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ فَبَاعَهُمَا) يَعْنِي فَأَزَالَ مِلْكَهُمَا أَوْ مِلْكَ بَعْضِهِمَا (ثُمَّ دَخَلَهَا) أَيْ الدَّارَ (وَكَلَّمَهُ) أَيْ الْعَبْدُ (لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ دَارَ زَيْدٍ وَلَمْ يُكَلِّمْ عَبْدَهُ حَقِيقَةً (فَإِنْ دَخَلَ مَا) أَيْ دَارًا (اشْتَرَاهَا) زَيْدٌ (بَعْدُ لَمْ يَحْنَثْ) بِدُخُولِهَا (إنْ أَرَادَ الْأُولَى، وَإِنْ أَرَادَ مِلْكَهُ) بِأَنْ أَرَادَ أَيَّ دَارٍ تَكُونُ فِي مِلْكِهِ حَنِثَ بِالثَّانِيَةِ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ، وَإِنْ أَرَادَ أَيَّ دَارٍ جَرَى عَلَيْهَا مِلْكُهُ حَنِثَ بِهِمَا (وَلَوْ قَالَ) لَا أَدْخُلُ (دَارَ زَيْدٍ هَذِهِ حَنِثَ بِدُخُولِهَا وَلَوْ بَعْدَ الْبَيْعِ) تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ دُونَ الِاسْمِ (كَمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَوْجَةَ فُلَانٍ هَذِهِ وَكَلَّمَهَا مُطَلَّقَةً) حَنِثَ بِتَكْلِيمِهَا (أَوْ لَا آكُلُ لَحْمَ هَذِهِ الْبَقَرَةِ) مُشِيرًا (لِشَاةٍ حَنِثَ بِأَكْلِهَا) بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا آكُلُ لَحْمَ هَذِهِ السَّخْلَةِ فَكَبُرَتْ وَأَكَلَ لَحْمَهَا أَوْ لَا أُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ فَبَلَغَ وَكَلَّمَهُ لِزَوَالِ الِاسْمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِ الِاسْمِ الْمُطَابِقِ اعْتِبَارُ غَيْرِهِ وَلَا يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ إذْ بَابُ الْإِيمَانِ أَوْسَعُ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا مِنْ هَذَا الْبَابِ فَقُلِعَ وَنُصِبَ عَلَى مَنْفَذٍ آخَرَ) مِنْهَا (فَالْمُعْتَبَرُ) فِي الْحِنْثِ (الْمَنْفَذُ لَا الْخَشَبُ) الْمُرَكَّبُ عَلَيْهِ (فَحَنِثَ بِالْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الدُّخُولِ دُونَ الْبَابِ الْمَنْصُوبِ عَلَيْهِ (لَا بِالثَّانِي إلَّا إنْ نَوَاهُ) فَيَحْنَثُ بِهِ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ بَابِهَا) أَوْ لَا يَدْخُلُ بَابَ هَذِهِ الدَّارِ فَحَوَّلَ الْبَابَ إلَى مَنْفَذٍ آخَرَ (وَدَخَلَ مِنْهُ حَنِثَ) كَمَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ مِنْ الْمَنْفَذِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَابُهَا وَلَا يُشْتَرَطُ لِمَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ وُجُودَهُ عِنْدَ الْيَمِينِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ فَدَخَلَ دَارًا مَلَكَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ حَنِثَ (وَإِنْ تَسَوَّرَ الْجِدَارَ) وَصَارَ فِيهَا (لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ مِنْ بَابِهَا (وَلَوْ مَلَكَ زَيْدٌ عَبْدَهُ دَابَّةً فَرَكِبَهَا رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ زَيْدٍ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهَا دَابَّتُهُ (أَوْ) حَلَفَ لَا يَرْكَبُ (دَابَّةَ عَبْدِهِ لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْمِلْكِ وَلَا مِلْكَ لِلْعَبْدِ (إلَّا إنْ قَالَ) أَرَدْت (مَا مَلَّكَهُ عَبْدَهُ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ فَيَحْنَثُ لِوُجُودِ التَّمْلِيكِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ مِلْكٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْمُدَبَّرِ) شَمَلَ مُدَبَّرُ مُوَرِّثِهِ الَّذِي تَأَخَّرَ عِتْقُهُ لِصِفَةٍ اُعْتُبِرَتْ فِيهِ كَدُخُولِ دَارٍ فَيَحْنَثُ بِهِ كَمَا يَحْنَثُ بِالْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصَى (قَوْلُهُ لَا الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً) وَلَوْ عَجَزَ بَعْدَ الْحَلِفِ (النَّوْعُ الرَّابِعُ الْأَوْصَافُ) (قَوْلُهُ آبِقٍ) أَيْ وَضَالٍّ وَمَسْرُوقٍ، وَإِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ لَا عَبْدَ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِمُكَاتَبٍ) فَإِنْ قِيلَ لَوْ أَعْتَقَهُ نَفَذَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهُ قُلْنَا عِتْقُهُ الْإِبْرَاءُ عَنْ النُّجُومِ وَلِذَلِكَ يَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكِهِ (قَوْلُهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ) لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِ دَارِهِ أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ حَنِثَ بِدُخُولِ بَيْتِهِ (قَوْلُهُ حَنِثَ بِدَارٍ يَمْلِكُهَا لَا بِمَا يَسْكُنُهُ بِإِجَارَةٍ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ حَلَفَ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي حَمْلُهُ عَلَى مَسْكَنِهِ لَا يَكَادُ يَظْهَرُ فَرْقٌ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْفَارِسِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ أَرَادَهُ) هَذَا فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ بِطَلَاقٍ أَوْ إعْتَاقٍ قَبْلَ فِيمَا عَلَيْهِ لَا فِيمَا لَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَيْت فِيمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ تَعَالَ إلَى قَرْيَتِي فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَأْتِيهَا ثُمَّ أَتَى قَرْيَةً يَسْكُنُهَا الْقَائِلُ، وَهِيَ لِغَيْرِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَا شَكَّ عِنْدِي فِي ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ دَارَ زَيْدٍ وَلَمْ يُكَلِّمْ عَبْدَهُ) ضَابِطُ هَذَا النَّوْعِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مُضَافًا إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ) هُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ خِلَافًا لِلْعَبَّادِيِّ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَرَادَ أَيَّ دَارٍ جَرَى عَلَيْهَا مِلْكُهُ حَنِثَ بِهِمَا) يَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا يَتَجَدَّدُ لَهُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ دُونَ الِاسْمِ) ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى عَيْنِهَا وَوَصْفِهَا بِإِضَافَةٍ تَطْرَأُ وَتَزُولُ فَغَلَبَ الْأَقْوَى، وَهُوَ التَّعْيِينُ وَضَابِطُ هَذَا النَّوْعِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مُضَافًا إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَوْجَتَهُ هَذِهِ) أَوْ يَنْوِيَ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا م (قَوْلُهُ فَكَلَّمَهَا مُطَلَّقَةً إلَخْ) اسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ عَلَى صُورَةِ الْكِتَابِ مَا لَوْ قَالَ لَا آكُلُ لَحْمَ هَذِهِ السَّخْلَةِ فَكَبِرَتْ لَا يَحْنَثُ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّهُ سَمَّى وَأَشَارَ وَلَمْ يَجْعَلُوا زَوَالَ الْإِضَافَةِ كَزَوَالِ التَّسْمِيَةِ قَالَ وَالْفَرْقُ عَسُرَ وَفَرْقُ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ لِعُرُوضِهَا عَدَمُ اعْتِبَارِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ لِلُزُومِهَا وَعَدَمُ عُرُوضِهِمَا وَزَوَالُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِتَغَيُّرٍ يَحْصُلُ إمَّا بِعِلَاجٍ أَوْ بِخِلْقَةٍ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ الِاسْمُ مَعَ الْإِشَارَةِ فَعُلِّقَتْ الْيَمِينُ بِمَجْمُوعِهِمَا وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَحَدُهُمَا، وَهُوَ بَعْضُ مَا عُلِّقَ بِهِ الْيَمِينُ لَا كُلُّهُ وَلَا كَذَلِكَ فِي دَارِ زَيْدٍ هَذِهِ الْمُعَوَّلُ الْإِشَارَةُ فَقَطْ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا. اهـ. (قَوْلُهُ حَنِثَ بِتَكْلِيمِهَا) إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا دَامَ مِلْكُهُ فَلَا يَحْنَثُ لِزَوَالِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا سَبَقَ مِنْ التَّخْصِيصِ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ وَلَا بُدَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ لَا بِالثَّانِي إلَّا إنْ نَوَاهُ) فَلَوْ نَوَى كِلَيْهِمَا عَمِلَ بِنِيَّتِهِ (فَرْعٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً لَمْ يَحْنَثْ بِالْحِمَارِ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ مُطَّرِدًا يَعْنِي بِتَسْمِيَتِهِ دَابَّةً الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 (فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً مَلَكَهَا) الْعَبْدُ (بَعْدَ الْعِتْقِ فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يَحْنَثُ لِوُجُودِ الْمِلْكِ وَثَانِيهِمَا لَا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَكِبَ دَابَّةَ حُرٍّ، وَهَذَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ تَفَقُّهًا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَرْكَبُ سَرْجَ هَذِهِ الدَّابَّةِ فَرَكِبَهُ وَلَوْ عَلَى) دَابَّةٍ (أُخْرَى وَكَذَا دُكَّانٌ) حَلَفَ لَا يَدْخُلُهُ، وَهُوَ (يُنْسَبُ إلَى زَيْدٍ بِلَا مِلْكٍ) ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ نِسْبَةَ تَعْرِيفٍ حَنِثَ وَمِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْمِلْكُ فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلْمِلْكِ كَدَارِ الْعَدْلِ وَدَارِ الْوِلَايَةِ وَسُوقِ أَمِيرِ الْجُيُوشِ وَخَانِ الْخَلِيلِيِّ بِمِصْرَ وَسُوقِ يَحْيَى بِبَغْدَادَ وَخَانْ أَبِي يَعْلَى بِقَزْوِينَ وَدَارِ الْأَرْقَمِ بِمَكَّةَ وَدَارِ الْعَقِيقِيِّ بِدِمَشْقَ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ شَيْئًا مِنْهَا حَنِثَ بِدُخُولِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ يُضَافُ إلَيْهِ مَيِّتًا لِتَعَذُّرِ حَمْلِ الْإِضَافَةِ عَلَى الْمِلْكِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مَنَّ) أَيْ أَنْعَمَ (بِهِ عَلَيْهِ فُلَانٌ فَبَاعَهُ ثَوْبًا وَأَبْرَأَهُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ حَابَاهُ) فِيهِ (لَمْ يَحْنَثْ) بِلُبْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمِنَّةَ فِي الثَّمَنِ لَا فِي الثَّوْبِ (وَإِنْ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ حَنِثَ) بِلُبْسِهِ (إلَّا أَنْ يُبَدِّلَهُ) قَبْلَ لُبْسِهِ (بِغَيْرِهِ) ثُمَّ يَلْبَسُ الْغَيْرَ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ تُبْنَى عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْمَقْصُودِ الَّتِي لَا يَحْتَمِلُهَا اللَّفْظُ وَقَوْلُهُ فَبَاعَهُ إلَى آخِرِهِ يَقْتَضِي وُقُوعَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ وُقُوعُهُ بَعْدَهَا لَا حِنْثَ فِيهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ فِي حَلِفِهِ بِالْمَاضِي فَلَوْ قَالَ كَأَصْلِهِ فَلَبِسَ ثَوْبًا بَاعَهُ لَهُ أَوْ وَهَبَهُ إلَخْ كَانَ أَوْلَى وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ لَكِنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ قَالَا: وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ اللُّغَوِيِّ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ مَنَّ) أَيْ عَدَّدَ (عَلَيْهِ) النِّعَمَ غَيْرَهُ (فَحَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً مِنْ عَطَشٍ فَشَرِبَ مَاءَهُ بِلَا عَطَشٍ أَوْ أَكَلَ لَهُ طَعَامًا) أَوْ لَبِسَ لَهُ ثَوْبًا (لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَقْصِدُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْجَمِيعِ (وَإِنْ قَالَ لَا أَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَلَبِسَ ثَوْبًا سَدَاهُ) بِفَتْحِ السِّينِ (مِنْ غَزْلِهَا) وَلُحْمَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ (لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّهُ مَا لَبِسَ مِنْ غَزْلِهَا بَلْ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ (وَإِنْ قَالَ لَا أَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا حَنِثَ بِهِ لَا بِثَوْبٍ خُيِّطَ) بِخَيْطٍ (مِنْ غَزْلِهَا) ؛ لِأَنَّ الْخَيْطَ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ (فَإِنْ قَالَ) لَا أَلْبَسُ (مِمَّا غَزَلَتْهُ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا تَغْزِلُهُ) بَعْدَ الْيَمِينِ بَلْ مَا غَزَلَتْهُ قَبْلَهَا (أَوْ عَكْسِهِ فَعَكَسَ حُكْمَهُ) أَيْ قَالَ لَا أَلْبَسُ مِمَّا تَغْزِلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا غَزَلَتْهُ قَبْلَ الْيَمِينِ بَلْ بِمَا تَغْزِلُهُ بَعْدَهَا (أَوْ) قَالَ: لَا أَلْبَسُ (مِنْ غَزْلِهَا حَنِثَ بِهِمَا) أَيْ بِمَا غَزَلَتْهُ وَبِمَا تَغْزِلُهُ لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهُمَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ يُرَاعَى فِي الْحَلِفِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ فِي تَنَاوُلِهِ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلَ أَوْ أَحَدَهُمَا فَإِذَا قَالَ لَا أَلْبَسُ مَا مَنَّ بِهِ عَلَيَّ فُلَانٌ فَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِلُبْسِ مَا مَنَّ بِهِ فُلَانٌ قَبْلَ الْيَمِينِ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَا بِمَا يَمُنُّ بِهِ بَعْدَهَا وَعَكْسُهُ عَكْسُ حُكْمِهِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ بَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ بِقَمِيصٍ وَرِدَاءٍ وَسَرَاوِيلَ وَجُبَّةِ قَبَاءٍ وَنَحْوِهَا) مِخْيَطًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (مِنْ قُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَصُوفٍ وَإِبْرَيْسَمَ) سَوَاءٌ أَلَبِسَهُ بِالْهَيْئَةِ الْمُعْتَادَةِ أَمْ لَا بِأَنْ ارْتَدَى أَوْ اتَّزَرَ بِالْقَمِيصِ أَوْ تَعَمَّمَ بِالسَّرَاوِيلِ لِتَحَقُّقِ اسْمِ اللُّبْسِ وَالثَّوْبِ (لَا بِالْجُلُودِ وَالْقَلَنْسُوَةِ) وَالْحُلِيِّ لِعَدَمِ اسْمِ الثَّوْبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ نَاحِيَةٍ يَلْبَسُونَهَا وَيَعُدُّونَهَا ثِيَابًا يَحْنَثُ بِهَا (وَلَا بِوَضْعِ الثَّوْبِ عَلَى الرَّأْسِ وَ) لَا (افْتِرَاشِهِ) تَحْتَهُ (وَكَذَا لَوْ تَدَثَّرَ بِهِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى لُبْسًا، وَإِنَّمَا حَرُمَ افْتِرَاشُ الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ اسْتِعْمَالٍ فَكَانَ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الِاسْتِعْمَالِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ فِي التَّدَثُّرِ إذَا كَانَ بِقَمِيصٍ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا صَوَّرَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ أَمَّا إذَا تَدَثَّرَ بِقَبَاءٍ أَوْ فَرَجِيَّةٍ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ أَنَّهُ إنْ أَخَذَ مِنْ بَدَنِهِ مَا إذَا قَامَ عُدَّ لَابِسُهُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ لَمْ يَسْتَمْسِكْ عَلَيْهِ إلَّا بِمَزِيدِ أَمْرٍ فَلَا وَحِينَئِذٍ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ هُنَا عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى. وَرُدَّ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ (وَيَحْنَثُ فِي) الْحَلِفِ عَلَى لُبْسِ (الْحُلِيِّ لَا) الْحُلِيِّ (الْمُتَّخَذِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْجَوَاهِرِ وَلَوْ مِنْطَقَةً مُحَلَّاةً) وَسِوَارًا وَخَلْخَالًا وَطَوْقًا وَدُمْلُجًا وَخَاتَمًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَالِفُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (لَا بِسَيْفٍ مُحَلًّى) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حُلِيًّا (وَ) يَحْنَثُ (بِالْخَرَزِ وَالسَّبَجِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَبِالْجِيمِ، وَهُوَ الْخَرَزُ الْأَسْوَدُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ (إنْ كَانَ مِنْ) قَوْمٍ يُعْتَادُونَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَهَذَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ تَفَقُّهًا) عِبَارَتُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الْعَبْدَ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْأَصَحُّ فِيهِ عَدَمُ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ حَمْلِ الْإِضَافَةِ عَلَى الْمِلْكِ) فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لِلتَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ كَأَصْلِهِ إلَخْ) فَالْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ يَقْصِدُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْجَمِيعِ) وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ مَا ذُقْت لِفُلَانٍ مَاءً لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَكَلَ طَعَامَهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ نَوَى الطَّعَامَ لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حَمْلَ الْمَاءِ عَلَى الطَّعَامِ مَيْلٌ بَعِيدٌ عَنْ مُوجِبِ اللَّفْظِ فَلَا أَثَرَ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا) هَلْ الْمُرَادُ بِغَزْلِهَا مَا غَزَلَتْهُ، وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْهُ أَوْ الْمُرَادُ غَزْلٌ هُوَ مِلْكُهَا، وَإِنْ لَمْ تَغْزِلْهُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْإِرْشَادِ وَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِمَا الْأَوَّلُ كَمَا فِي قَوْلِهِ مِمَّا غَزَلَتْهُ وَصَرَّحَ الرُّويَانِيُّ فِي الْكَافِي بِالثَّانِي فَقَالَ لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ يُحْمَلُ عَلَى الْمِلْكِ وَلَوْ قَالَ مِمَّا غَزَلَتْ يُحْمَلُ عَلَى الْفِعْلِ اث وَقَوْلُهُ أَوْ الْمُرَادُ غَزْلٌ هُوَ مِلْكُهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمِلْكِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَرُدَّ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ) قَالَ فِي التَّعَقُّبَاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ مَدَارُهُ عَلَى السَّتْرِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ لَابِسًا وَالْمُرَادُ هُنَا عَلَى اللُّبْسُ عُرْفًا وَاللُّبْسُ الْعُرْفِيُّ أَنْ يُحِيطَ الْقَبَاءُ بِبَدَنِهِ وَالتَّدَثُّرُ سَتْرٌ وَلَيْسَ بِلُبْسٍ وَكُلُّ لُبْسٍ سِتْرٌ وَلَا عَكْسَ وَقَوْلُ الْإِمَامِ إنْ أَخَذَ مِنْ بَدَنِهِ مَا إذَا قَامَ عُدَّ لَابِسُهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ بَعْضَهُ فَوْقَهُ وَبَعْضَهُ تَحْتَهُ وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا قَامَ اسْتَمْسَكَ الْقَبَاءُ عَلَيْهِ بِمَا تَرَكَّبَ مِنْهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَإِلَّا فَمَتَى وَضَعَ جَنْبَهُ الْوَاحِدَ عَلَى الْأَرْضِ وَتَدَثَّرَ بِهِ عَلَى الْآخَرِ فَهَذَا لَا يُعَدُّ لَابِسًا؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَ سَقَطَ عَنْهُ الثَّوْبُ وَلَوْ جَعَلَ كُمَّيْ الْقَمِيصِ مِمَّا يَلِي رِجْلَيْهِ وَذَيْلَهُ مِمَّا يَلِي كَتِفَيْهِ وَتَدَثَّرَ بِهِ فَهُوَ كَالرِّدَاءِ إذَا تَدَثَّرَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 264 التَّحَلِّي بِهِمَا مِثْلُ (أَهْلِ السَّوَادِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَمَا لَوْ حَلَفَ غَيْرُ الْبَدْوِيِّ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ بَيْتَ شِعْرٍ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْحِنْثِ لَكِنْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِعَدَمِهِ (لَا بِالْمُتَّخَذِ مِنْ شَبَهِ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ نُحَاسٍ (وَحَدِيدٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ قَوْمٍ يَتَحَلَّوْنَ بِذَلِكَ وَيُعِدُّونَهُ حُلِيًّا حَنِثَ بِهِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمِخَدَّةِ وَكَمَا مَرَّ فِي الْخَرَزِ ثُمَّ رَأَيْت الرُّويَانِيَّ قَالَ وَلَوْ تَحَلَّى بِالْخَرَزِ وَالصُّفْرِ فَإِنْ كَانَ فِي عُرْفِهِمْ حُلِيًّا كَأَهْلِ الْبَوَادِي وَسَكَّانِ السَّوَادِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا حَنِثَ بِالْجُلُودِ وَالنَّعْلِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالدِّرْعِ وَنَحْوِهَا) مِنْ سَائِرِ مَا يُلْبَسُ لِصِدْقِ الِاسْمِ (أَوْ لَا يَلْبَسُ قَمِيصًا) مُنَكَّرًا أَوْ مُعَرَّفًا كَهَذَا الْقَمِيصِ (فَارْتَدَى) أَوْ اتَّزَرَ (بِهِ حَنِثَ) لِتَحَقُّقِ اسْمِ اللُّبْسِ وَالْقَمِيصِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْحَلِفِ عَلَى لُبْسِ الثَّوْبِ (لَا) إنْ ارْتَدَى أَوْ اتَّزَرَ بِهِ (بَعْدَ فَتْقِهِ) لِزَوَالِ اسْمِ الْقَمِيصِ فَلَوْ أَعَادَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ الْأُولَى فَكَالدَّارِ الْمُعَادَةِ بِنَقْضِهَا وَسَيَأْتِي (وَلَوْ قَالَ لَا أَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ) وَكَانَ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً (فَجَعَلَهُ) نَوْعًا آخَرَ مِثْلَ (سَرَاوِيلَ حَنِثَ) بِلُبْسِهِ لِتَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِعَيْنِ ذَلِكَ الثَّوْبِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا دَامَ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ لَا أَلْبَسُ هَذَا الْقَمِيصَ) أَوْ الثَّوْبَ (قَمِيصًا فَارْتَدَى) أَوْ اتَّزَرَ أَوْ تَعَمَّمَ (بِهِ لَمْ يَحْنَثْ) لِعَدَمِ صِدْقِ الِاسْمِ (بِخِلَافِ) مَا لَوْ قَالَ (لَا أَلْبَسُهُ، وَهُوَ قَمِيصٌ) فَأَتَى بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَبِسَهُ، وَهُوَ قَمِيصٌ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ وَأَشَارَ إلَى حِنْطَةٍ فَأَكَلَهَا وَلَوْ خُبْزًا حَنِثَ) تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ (أَوْ لَا يَأْكُلُ حِنْطَةً أَوْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ أَوْ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَأَكَلَهَا حَبًّا وَمَقْلِيَّةً وَمَطْبُوخَةً) مَعَ بَقَاءِ حَبِّهَا وَمَبْلُولَةً (لَا مَطْحُونَةً) وَمَعْجُونَةً وَمَخْبُوزَةً (حَنِثَ إنْ أَكَلَهَا) لِصِدْقِ الِاسْمِ (لَا) إنْ أَكَلَ (بَعْضَهَا) فَلَا يَحْنَثُ بِهِ (إلَّا فِي الثَّالِثَةِ) ، وَهِيَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَيَحْنَثُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِهَا مَطْحُونَةً أَوْ مَعْجُونَةً أَوْ مَخْبُوزَةً أَوْ مَطْبُوخَةً مَعَ عَدَمِ بَقَاءِ حَبِّهَا لِزَوَالِ اسْمِ الْحِنْطَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ أَكْلَ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ فِي الْأَوْلَى غَيْرُ مُرَادٍ لِعَدَمِ تَأَتِّيه فِيهَا لِتَنْكِيرِهِ الْحِنْطَةَ (وَالدَّقِيقُ غَيْرُ الْعَجِينِ وَالْخُبْزُ غَيْرُهُمَا) فَلَوْ قَالَ لَا آكُلُ هَذَا الدَّقِيقَ فَأَكَلَ عَجِينَهُ أَوْ خُبْزَهُ أَوْ هَذَا الْعَجِينَ فَأَكَلَ خُبْزَهُ أَوْ هَذَا الْخُبْزَ فَدَقَّهُ بَعْدَ يَبْسِهِ وَأَكَلَ دَقِيقَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَذِكْرُ الْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهَا صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الْغَزْلَ فَلَبِسَهُ ثَوْبًا أَوْ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذَا الْخَرُوفِ فَذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ الْغَزْلَ هَكَذَا يُلْبَسُ وَلَحْمَ الْخَرُوفِ هَكَذَا يُؤْكَلُ وَالْأَوْلَى تَرْكُ لَفْظَةِ لَحْمٍ كَمَا تَرَكَهَا الْأَصْلُ (فَلَوْ ذَبَحَهُ، وَقَدْ صَارَ كَبْشًا) وَأَكَلَهُ (لَمْ يَحْنَثْ) لِزَوَالِ اسْمِ الْخَرُوفِ فَكَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ (وَلَوْ قَالَ) مُشِيرًا (لِصَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ لَا أُكَلِّمُ هَذَا فَكَلَّمَهُ حُرًّا أَوْ بَالِغًا حَنِثَ) وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) قَالَ لَا أُكَلِّمُ (هَذَا الْعَبْدَ أَوْ) هَذَا (الصَّبِيَّ فَكَلَّمَهُ حُرًّا أَوْ بَالِغًا لَمْ يَحْنَثْ) لِزَوَالِ الِاسْمِ (وَكَذَا) لَا يَحْنَثُ لَوْ قَالَ (لَا آكُلُ هَذَا الرُّطَبَ فَصَارَ تَمْرًا أَوْ هَذَا التَّمْرَ فَجُعِلَ حِبْسًا) بِأَنْ خُلِطَا بَعْدَ نَزْعِ نَوَاهُ وَعَجَنَهُ شَدِيدًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَكِنْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِعَدَمِهِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ وَأَشَارَ إلَى حِنْطَةٍ فَأَكَلَهَا وَلَوْ خُبْزًا حَنِثَ) كَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَشْبَاهِهَا بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْجَمِيعِ وَقَالُوا لَوْ قَالَ لَا آكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ فَبَقِيَ مِنْهُ مَا يُمْكِنُ الْتِقَاطُهُ وَأَكْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ فَأَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ مَالًا يُمْكِنُ الْتِقَاطُهُ وَأَكَلَهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحِنْطَةَ إذَا طُحِنَتْ يَبْقَى فِي ثُقُوبِ حَجَرِ الرَّحَى مِنْهَا بَقِيَّةُ دَقِيقٍ وَيَطِيرُ إلَى الْجُدَرَانِ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِذَا عُجِنَتْ يَبْقَى فِي الْمِعْجَنِ غَالِبًا مِنْهَا بَقِيَّةٌ وَإِذَا أَكَلَ الْخُبْزَ قَدْ يَبْقَى مِنْهُ فُتَاتٌ يَسِيرٌ، وَهَذَا كُلُّهُ يُوجِبُ تَوَقُّفًا فِي الْحِنْثِ بِأَكْلِ خُبْزِهَا عِنْدَ مَنْ يَنْظُرُ إلَى حَقِيقَةِ اللَّفْظِ وَيَطْرَحُ الْعُرْفَ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ دَقِيقُهَا قَدْ نُخِلَ ثُمَّ عُجِنَ وَخُبِزَ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحِنْطَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ قَلِيلَةً يُمْكِنُهُ أَكْلُهَا وَلَوْ فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ أَوْ لَا يُمْكِنُ لِكَثْرَتِهَا وَفِيهِ لِلنَّظَرِ مَجَالٌ وَمِمَّا يُرَشِّحُ النَّظَرَ إلَى اعْتِبَارِ اللَّفْظِ وَالْوُقُوفِ مَعَهُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ فِي فَوَائِدِ رِحْلَتِهِ قَالَ كُنْت كَثِيرًا فِي مَجْلِسِ الشَّاشِيِّ يَعْنِي صَاحِبَ الْحِلْيَةِ فَيَأْتِي إلَيْهِ الرَّجُلُ يَقُولُ حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا أَلْبَسَ هَذَا الثَّوْبَ وَقَدْ احْتَجْت إلَى لُبْسِهِ فَيَقُولُ سُلَّ مِنْهُ خَيْطًا مِقْدَارَ شِبْرٍ أَوْ أُصْبُعٍ ثُمَّ يَقُولُ الْبَسْ لَا شَيْءَ عَلَيْك قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ خَطَرَ لِي وَقَدْ أَبَى الْقَلْبُ هَذَا قَوْله تَعَالَى {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: 44] أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ اللَّفْظِ لَا الْمَعْنَى الْمَفْهُومِ مِنْ الْعُرْفِ اهـ وَلَا أَحْسِبُ مَا نَقَلَهُ عَنْ فَتْوَى الشَّاشِيِّ مَحَلَّ وِفَاقٍ لِلْأَصْحَابِ ق و، وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ الْبَسْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْك أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يَأْكُلُ حِنْطَةً إلَخْ) هَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ (قَوْلُهُ وَمَطْبُوخَةً مَعَ بَقَاءِ حَبِّهَا) بِخِلَافِ مَا إذَا طُبِخَتْ بِحَيْثُ زَالَ اسْمُ الْحِنْطَةِ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ أَكْلَ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ فِي الْأَوْلَى غَيْرُ مُرَادٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا آكُلُ لَحْمَ هَذَا الْخَرُوفِ) قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ أَشَارَ إلَى سَخْلَةٍ وَقَالَ لَا آكُلُ لَحْمَ هَذِهِ الْبَقَرَةِ حَنِثَ بِأَكْلِهَا قَطْعًا تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ الَّتِي وُجِدَتْ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَصَارَتْ كَالْمَعْدُومَةِ وَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ لَا آكُلُ لَحْمَ هَذِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ الْعِبَارَةَ فِيهَا صَحِيحَةٌ فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُهَا وَيُخَالِفُ مَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذِهِ السَّخْلَةَ فَإِذَا هِيَ بَقَرَةٌ؛ لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ تَعَبُّدَاتٍ وَإِذَا فَسَدَ بَعْضُ الصِّيغَةِ فَسَدَ كُلُّهَا (قَوْلُهُ فَكَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَا آكُلُ لَحْمَ هَذِهِ السَّخْلَةِ أَوْ الْخَرُوفِ فَصَارَ كَبْشًا فَذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ السَّخْلَةِ اللَّحْمُ وَلَمْ يَزُلْ اسْمُهُ بِكِبَرِهَا بَلْ حَدَثَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ (تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ تَنَاوَلَ لَحْمَهَا دُونَ وَلَدٍ وَلَبَنٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَكَذَا نَقْلَا الْمَسْأَلَةَ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ اللَّحْمِ قَدْ يُفْهِمُ تَخْصِيصَ الْحِنْثِ بِهِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ يُحْمَلُ عَلَى اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ وَالْأَلْيَةِ دُونَ لَبَنِهَا وَمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرِشَ وَالْكَبِدَ وَالرِّئَةَ وَالْقَلْبَ وَالْمُخَّ وَالدِّمَاغَ وَنَحْوَهَا مِنْ أَجْزَائِهَا فِي حُكْمِ اللَّحْمِ هُنَا وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 بِسَمْنٍ وَأَقِطٍ وَأَكَلَهُ كَذَلِكَ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ الْخَاتَمَ فَجَعَلَهَا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَجَعَلَهُ (فِي غَيْرِ خِنْصَرِهِ) مِنْ أَصَابِعِهِ (حَنِثَتْ الْمَرْأَةُ لَا الرَّجُلُ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِي حَقِّهَا دُونَهُ أَمَّا جَعَلَهُ فِي الْخِنْصَرِ فَيَحْنَثُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا وَمَا قَالَهُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الرِّفْعَةِ وَغَيْرَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْوَدِيعَةِ بَلْ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ رَدًّا عَلَى قَوْلِ الْأَصْلِ فَعَنْ الْمُزَنِيّ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُلْبَسُ عَادَةً فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ وَتَابَعَهُ الْبَغَوِيّ وَقَاسَهُ عَلَى مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ الْقَلَنْسُوَةَ فَجَعَلَهَا فِي رِجْلِهِ وَاَلَّذِي حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ مُطْلَقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الرَّاجِحُ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ اللُّبْسِ وَصِدْقِ الِاسْمِ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ لُبْسِهِ فِي الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى وَالسُّفْلَى (فَصْلٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَخْرُجُ فُلَانٌ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ (فَخَرَجَ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (حَنِثَ أَوْ بِإِذْنٍ فَلَا) يَحْنَثُ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) بِإِذْنِهِ لِحُصُولِ الْإِذْنِ (وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ فِي الْحَالَيْنِ) أَيْ حَالَتَيْ الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنٍ أَوْ بِإِذْنٍ لَمْ يَحْنَثْ (وَلَوْ كَانَ) الْحَلِفُ (بِطَلَاقٍ) كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْت أَوْ إنْ خَرَجْت أَبَدًا بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ (فَخَرَجَتْ وَادَّعَى الْإِذْنَ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ وَأَنْكَرَتْ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا (وَتَنْحَلُّ) الْيَمِينُ (بِخَرْجَةٍ) وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِإِذْنٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِخَرْجَةٍ وَاحِدَةٍ إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِوَاحِدَةٍ؛ وَلِأَنَّ لِهَذِهِ الْيَمِينِ جِهَةَ بِرٍّ، وَهِيَ الْخُرُوجُ بِإِذْنٍ وَجِهَةَ حِنْثٍ، وَهِيَ الْخُرُوجُ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَقْتَضِي النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ جَمِيعًا وَإِذَا كَانَ لَهَا جِهَتَانِ وَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْيَوْمَ الدَّارَ وَلَيَأْكُلَن هَذَا الرَّغِيفَ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ فِي الْيَوْمِ بَرَّ، وَإِنْ تَرَكَ أَكْلَ الرَّغِيفِ، وَإِنْ أَكَلَهُ بَرَّ، وَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت لَابِسَةً حَرِيرًا فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَا تَنْحَلُّ حَتَّى يَحْنَثَ بِالْخُرُوجِ ثَانِيًا لَابِسَةً لَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجٍ مُقَيَّدٍ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ الطَّلَاقُ (لَا فِي) التَّعْلِيقِ بِلَفْظِ (كُلَّمَا) أَوْ كُلَّ وَقْتٍ فَلَا يَنْحَلُّ بِخَرْجَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ يَتَكَرَّرُ الْحِنْثُ بِتَكَرُّرِ الْخُرُوجِ لِاقْتِضَائِهِ التَّكْرَارَ هَذَا إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا فَلَا تَكْرَارَ (وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت أَوْ مَهْمَا خَرَجْت) أَوْ نَحْوَهُمَا (غَيْرَ لَابِسَةٍ خُفًّا أَوْ حَرِيرًا) فَأَنْت طَالِقٌ (فَخَرَجَتْ لَابِسَةً) لَهُ (انْحَلَّتْ) يَمِينُهُ لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا) خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَطَرِيقُهُ) فِي عَدَمِ تَكَرُّرِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَنْ يُجَدَّدَ الْإِذْنُ لِكُلِّ خَرْجَةٍ وَيُغْنِيهِ عَنْ ذَلِكَ (أَنْ يَقُولَ أَذِنْت لَك فِي الْخُرُوجِ كُلَّمَا أَرَدْت فَإِنْ أَذِنَ لَهَا) فِي الْخُرُوجِ (ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ الْإِذْنِ (فَخَرَجَتْ) بَعْدُ (لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِهِ) فِي تَعْلِيقِهِ (حَتَّى) أَوْ إلَى أَنْ (آذَنَ) لَك؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ إذْنَهُ غَايَةَ الْيَمِينِ، وَقَدْ حَصَلَ الْإِذْنُ (وَيَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ) فِيهِ (بِغَيْرِ إذْنِي) أَوْ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ بِلَا إذْنِي؛ لِأَنَّ خُرُوجَهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ خُرُوجٌ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا مَانِعَ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ قَالَ لَا أَخْرُجُ حَتَّى أَسْتَأْذِنك فَاسْتَأْذَنَهُ فَلَمْ يَأْذَنْ فَخَرَجَ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْذَانَ لَا يُغْنِي لِعَيْنِهِ بَلْ لِلْإِذْنِ وَلَمْ يَحْصُلْ نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ لَمْ يَحْنَثْ (النَّوْعُ الْخَامِسُ فِي الْكَلَامِ هِجْرَانُ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ فَوْقَ ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (إلَّا لِبِدْعَةٍ أَوْ مَصْلَحَةِ دِينٍ أَوْ مُجَاهَرَةٍ بِظُلْمٍ أَوْ فِسْقٍ) كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي بَابِ الشِّقَاقِ مَعَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمُجَاهِرِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ صَوَّبَهَا الْإِسْنَوِيُّ وَجَزَمَ بِهَا الْأَذْرَعِيُّ قَالَ بَلْ الْمُسْتَتِرُ بِذَلِكَ أَوْلَى بِالْهِجْرَانِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الِارْتِدَاعِ مِنْ الْمُجَاهِرِ (فَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك فَتَنَحَّ عَنِّي أَوْ قُمْ) أَوْ اُخْرُجْ أَوْ غَيْرَهَا (وَلَوْ مُتَّصِلًا) بِالْيَمِينِ (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ (لَا) إنْ كَلَّمَهُ (بِرَسُولٍ وَكِتَابٍ وَإِشَارَةٍ) بِرَأْسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ أَخْرَسَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا أُقِيمَتْ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقَامَ النُّطْقِ لِلضَّرُورَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَتُعُقِّبَ بِمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ الْأَخْرَسُ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَرَأَهُ بِالْإِشَارَةِ حَنِثَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ تَتَبَّعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ لُبْسِهِ فِي الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى) وَالسُّفْلَى قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَحَلُّهُ أَيْضًا مَا إذَا لَبِسَهُ فِي الْأُنْمُلَةِ السُّفْلَى الْمُتَّصِلَةِ بِالْكَفِّ فَإِنْ لَبِسَهُ فِي الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ الَّتِي رَتَّبَهَا الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَخَتِّمًا إذَا لَبِسَهُ فِي غَيْرِ الْأُنْمُلَةِ السُّفْلَى [فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ فُلَانٌ إلَّا بِإِذْنِهِ فَخَرَجَ بِلَا إذْنٍ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ فُلَانٌ إلَّا بِإِذْنِهِ) حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ أَصْلُهُ لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي لِغَيْرِ عِيَادَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لِعِيَادَةٍ وَعَرَضَتْ لَهَا حَاجَةٌ فَاشْتَغَلَتْ بِهَا لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ خَرَجَتْ لَهَا وَلِغَيْرِهَا فَفِي الشَّامِلِ عَنْ الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ قَالَ النَّوَوِيُّ: قُلْت الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هُنَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا) وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ غَيْرَ لَابِسَةٍ خُفًّا أَوْ حَرِيرًا) أَوْ إلَّا لَابِسَتَهُ (النَّوْعُ الْخَامِسُ) (قَوْلُهُ هَجْرُ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ فَوْقَ ثَلَاثٍ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمَحَلُّ جَوَازِ الْهَجْرِ أَنَّ فِي الثَّلَاثِ فِي غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ أَمَّا الْأَبَوَانِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلَدِ مُهَاجَرَتُهُمَا مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَالسَّادَاتُ وَمَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] وَقَوْلُهُ {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] وَقَوْلُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلَدِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك فَتَنَحَّ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك ثُمَّ أَعَادَ مَرَّةً أُخْرَى حَنِثَ بِالْإِعَادَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَكَتُوا عَنْ ضَبْطِ الْكَلَامِ الَّذِي يَحْنَثُ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُوَ اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ لِإِفَادَةِ الْمُخَاطَبِ مَا فِيهِ وَاعْتَبَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَفَّالُ الْمُوَاجِهَةَ بِهِ (قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَ بِمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ إلَخْ) إذَا أَشَارَ بِالْقِرَاءَةِ كَالنُّطْقِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ بِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا إنَّمَا أُقِيمَتْ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ مَقَامَ نُطْقِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْقِرَاءَةِ أَخْذًا مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِهَا عَمَّا طُلِبَ مِنْهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ كَانَ أَخْرَسَ حَالَ حَلِفِهِ وَمَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 266 وَبِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ نَاطِقٍ فَخَرِسَ وَأَشَارَ بِالْمَشِيئَةِ طَلُقَتْ وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْخَرَسَ مَوْجُودٌ فِيهِ قَبْلَ الْحَلِفِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا بَعْدَهُ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْكَلَامَ مَدْلُولُهُ اللَّفْظُ فَاعْتُبِرَ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ، وَإِنْ كَانَتْ تُؤَدَّى بِاللَّفْظِ (وَيَرْتَفِعُ بِهَا) أَيْ بِالرِّسَالَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ (الْإِثْمُ) أَيْ إثْمُ الْهِجْرَانِ (فِي حَالِ الْغَيْبَةِ) لِأَحَدِهِمَا (إنْ) صَوَابُهُ أَوْ (كَانَتْ الْمُوَاصَلَةُ) بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْهِجْرَانِ (بِهَا وَتَضَمَّنَتْ) فِي الْحَالَيْنِ (الْأُلْفَةَ) بَيْنَهُمَا (لَا إنْ كَانَ فِيهَا إيذَاءٌ) وَإِيحَاشٌ فَلَا يَرْتَفِعُ بِهَا الْإِثْمُ بَلْ هِيَ زِيَادَةُ وَحْشَةٍ وَتَأْكِيدٍ لِلْمُهَاجَرَةِ وَلَا إنْ كَانَتْ فِي حَالِ الْحُضُورِ وَلَمْ تَكُنْ الْمُوَاصَلَةُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْهِجْرَانِ بِهَا وَلَوْ حَلَفَ أَنْ يُهَاجِرَهُ فَرَاسَلَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ إثْمُ الْهِجْرَانِ لَا يَرْتَفِعُ بِهَا مَا لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَحْنَثُ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ أَوْ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ (بِسَلَامٍ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ وَسَلَامٌ. (وَكَذَا) بِسَلَامٍ (عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ) وَعَلِمَ بِهِ (وَإِنْ كَانَ سَلَامُ الصَّلَاةِ) عَمَلًا فَظَاهِرُ اللَّفْظِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا سَمِعَ سَلَامَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَنُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ، وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ وَكَانَ لَا يَعْلَمُ بِالْكَلَامِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ وَأَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ، وَهُوَ نَائِمٌ بِكَلَامٍ يُوقِظُ مِثْلَهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا، وَأَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ كَلَامَهُ حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا، سَمِعَ كَلَامَهُ أَمْ لَا وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الْإِيقَاظِ مَعَ زِيَادَةٍ تُوَافِقُ كَلَامَ الْبَغَوِيّ وَتَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْحِنْثِ بِسَلَامِ الصَّلَاةِ وَقَالَ الرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ قَوَاعِدُ الْبَابِ وَالْعُرْفُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ كَلَّمَهُ أَصْلًا بِخِلَافِ السَّلَامِ مُوَاجَهَةً خَارِجَ الصَّلَاةِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ (لَا إنْ اسْتَثْنَاهُ) مِنْ الْقَوْمِ فِي سَلَامِهِ عَلَيْهِمْ (وَلَوْ بِنِيَّتِهِ) فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ (وَيَحْنَثُ بِتَفْهِيمٍ بِقِرَاءَةٍ) بِأَنْ قَرَأَ آيَةً أَفْهَمَهُ بِهَا وَلَمْ يَقْصِدْ قِرَاءَةً؛ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ (لَا بِفَتْحِهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ (وَلَا بِتَسْبِيحٍ وَلَوْ لِسَهْوٍ) مِنْ إمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ وَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا قَصَدَ بِهِ الْقِرَاءَةَ أَوْ الذِّكْرَ وَإِلَّا فَيَحْنَثُ بِهِ فَيُسَاوِي قِرَاءَةَ الْآيَةِ الْمُفْهِمَةِ لِلْغَرَضِ، وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ الْآيَةِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ حَنِثَ) بِكُلِّ كَلَامٍ حَتَّى (بِشِعْرٍ) رَدَّدَهُ مَعَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ (لَا بِذِكْرٍ) مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَكْبِيرٍ وَدُعَاءٍ (وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ) وَلَوْ جُنُبًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ عُرْفًا يَنْصَرِفُ إلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَعُلِمَ بِذَلِكَ تَخْصِيصُ عَدَمِ الْحِنْثِ بِمَا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ قَالَهُ الْجِيلِيُّ (وَ) لَا (قِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ التَّوْرَاةِ) أَوْ الْإِنْجِيلِ (لِلشَّكِّ) فِي أَنَّ الَّذِي قَرَأَهُ مُبَدَّلٌ أَمْ لَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِمَا يَعْلَمُهُ مُبَدَّلًا كَأَنْ قَرَأَ جَمِيعَ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ (أَوْ) حَلَفَ (لَيُثْنِيَن عَلَى اللَّهِ بِأَحْسَنِ الثَّنَاءِ أَوْ أَعْظَمِهِ) أَوْ أَجَلِّهِ (فَلْيَقُلْ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك) زَادَ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ فَلَكَ الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ مَثَلًا ثَنَاءُ اللَّهِ عَلَى نَفْسِهِ؛ وَلِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالْقُصُورِ عَنْ الثَّنَاءِ وَالْحَوَالَةِ عَلَى ثَنَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَبْلَغُ الثَّنَاءِ وَأَحْسَنُهُ وَزَادَ الْمُتَوَلِّي فِي أَوَّلِ الذِّكْرِ سُبْحَانَك (أَوْ) حَلَفَ (لَيَحْمَدَنهُ بِمَجَامِع الْحَمْدِ) أَوْ بِأَجَلِّ التَّحْمِيدِ (فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ) يُقَالُ إنَّ جِبْرِيلَ عَلَّمَهُ لِآدَمَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَبِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ إشَارَتَهُ بِمَشِيئَتِهِ كَنُطْقِهِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى إقَامَتِهَا مَقَامَ الْكَلَامِ فِي الْحِنْثِ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ) أَوْ هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ وَعَلِمَ بِهِ) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ عَامِدًا وَلَا نَاسِيًا فَإِنَّهُ إذَا كَلَّمَهُ نَاسِيًا يَحْنَثُ بِلَا خِلَافٍ لَوْ إذَا حَكَمْنَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدَعَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كُلَّمَا زَادَ فِي سِتَّةٍ إلَّا شَهْرٍ وَلَوْ قَالَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ لَا أُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَالْيَمِينُ عَلَى سَبَّتَيْنِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَأَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْكَلَامِ) كَمَا لَوْ كَلَّمَهُ، وَهُوَ أَصَحُّ (قَوْلُهُ وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الْإِيقَاظِ) قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ حُكْمَ التَّكْلِيمِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَغَيْرِهَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ) وَرَدَّ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّمَا أَخَذَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ الشَّامِلِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ بَحْثًا فَقَالَ أَنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ لَا إنْ اسْتَثْنَاهُ وَلَوْ بِنِيَّتِهِ فَلَا يَحْنَثُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَاسْتَثْنَاهُ بِقَلْبِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِوُجُودِ صُورَةِ الدُّخُولِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَصِحُّ فِي الْأَفْعَالِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ دَخَلْت عَلَيْكُمْ إلَّا زَيْدًا وَيَصِحُّ سَلَّمْت عَلَيْكُمْ إلَّا زَيْدًا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْصِدْ قِرَاءَةً) بِأَنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ فَقَطْ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهَا) وَلَوْ مَعَ التَّفْهِيمِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) سُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ لَيَنْفَرِدَن بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ أَوْ نَذَرَ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّ سَبِيلَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالطَّوَافِ إذَا خَلَا الْبَيْتُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ يَجُوزُ أَنْ يُوَافِقَهُ غَيْرُهُ فِيهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَكَذَلِكَ الِانْفِرَادُ بِالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَكُونُ إلَّا وَاحِدًا فَإِذَا قَامَ بِهَا وَاحِدٌ فَقَدْ انْفَرَدَ بِهَا بِعِبَادَةٍ، وَهِيَ أَعْظَمُ الْعِبَادَاتِ وَسُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ أَشْتَرِ لَك كُلَّ شَيْءٍ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ نَذَرَ لَيَشْتَرِيَن لَهَا كُلَّ شَيْءٍ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَشْتَرِي لَهَا مُصْحَفًا كَرِيمًا فَلَا يَحْنَثُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] (قَوْلُهُ وَعُلِمَ بِذَلِكَ تَخْصِيصُ عَدَمِ الْحِنْثِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَيُثْنِيَن عَلَى اللَّهِ بِأَحْسَنِ الثَّنَاءِ أَوْ أَعْظَمِهَا إلَخْ) وَلَوْ قَالَ لَأَدْعُوَنهُ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ دَعَاهُ بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ اسْمًا فَيَبَرُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 وَقَالَ قَدْ عَلَّمْتُك مَجَامِعَ الْحَمْدِ (وَفُسِّرَ فِي الرَّوْضَةِ يُوَافِي نِعَمَهُ) بِقَوْلِهِ (أَيْ يُلَاقِيهَا حَتَّى يَكُونَ مَعَهَا) وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ يُسَاوِي مَزِيدَ نِعَمِهِ أَيْ يَقُومُ بِشُكْرِ مَا زَادَ مِنْهَا (وَعِنْدِي أَنَّ مَعْنَاهُ يَفِي بِهَا وَيَقُومُ بِحَقِّهَا) وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى هَذَا (وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا) يُقَالُ (فِي التَّشَهُّدِ) فِي الصَّلَاةِ فَلَوْ حَلَفَ لَيُصَلِّيَن عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلَ الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ إلَخْ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ إلَخْ، وَهَذَا مَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الصَّوَابُ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمَرُّوذِيِّ أَنَّ أَفْضَلَهَا أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ وَكُلَّمَا سَهَا عَنْهُ الْغَافِلُونَ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَدْ يُسْتَأْنَسُ لَهُ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَسْتَعْمِلُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَلَعَلَّهُ أَوَّلُ مَنْ اسْتَعْمَلَهَا وَاعْتَرَضَ الْقَمُولِيُّ مَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ فِي ذَاكَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ مَا لَيْسَ فِي هَذَا فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي صَلَاةً وَاحِدَةً وَذَاكَ يَقْتَضِي صَلَاةً مُتَكَرِّرَةً بِتَكَرُّرِ الذِّكْرِ وَالسَّهْوِ فَتَدُومُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَنَحْوَهُ أَفْضَلُ مِنْ أَعْدَادِ التَّسْبِيحَاتِ وَالتَّشْبِيهِ بِالصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا وَقَالَ الْبَارِزِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ الْمَرُّوذِيِّ وَعِنْدِي أَنَّ الْبِرَّ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ صَلَوَاتِك عَدَدَ مَعْلُومَاتِك فَإِنَّهُ أَبْلَغُ فَيَكُونُ أَفْضَلَ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَاءِ زَمَانِنَا إنَّ زَمَانَنَا مَا يُقَالُ عَقِبَ التَّشَهُّدِ وَأَرَادَ بِهِ النَّوَوِيَّ فَإِنَّهُ اجْتَمَعَ بِهِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَتَأَخَّرَتْ وَفَاتُهُ عَنْهُ فَوْقَ سِتِّينَ سَنَةً وَمَا قَالَهُ، وَإِنْ كَانَ أَوْجَهَ مِمَّا قَالَهُ الْمَرُّوذِيُّ فَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ لِثُبُوتِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ مَعَ أَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ غَيْرِهِ إذْ الصَّلَاةُ الْمُشَبَّهَةُ بِصَلَاةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ ذُكِرَ أَبْلَغُ مِنْ غَيْرِهَا بِلَا رَيْبٍ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ الشَّرِيفَةِ إلَّا الْأَفْضَلَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَحْوَطُ لِلْحَالِفِ أَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَصْلٌ) لَوْ (حَلَفَ لَيَتْرُكَن الصَّوْمَ وَالْحَجَّ وَالِاعْتِكَافَ وَالصَّلَاةَ حَنِثَ بِالشُّرُوعِ الصَّحِيحِ) فِي كُلٍّ مِنْهَا (وَإِنْ فَسَدَ) بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى صَائِمًا وَحَاجًّا وَمُعْتَكِفًا وَمُصَلِّيًا فَالشُّرُوعُ هُوَ الْمُرَادُ كَمَا فِي خَبَرِ جِبْرِيلَ حَيْثُ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ» (لَا) بِالشُّرُوعِ (الْفَاسِدِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ (إلَّا فِي الْحَجِّ) فَيَحْنَثُ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلٍ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَذَكَرَهُ هُنَا وَذَكَرَ الْحِنْثَ وَعَدَمَهُ فِيمَا قَبْلَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ (وَصُورَتُهُ) أَيْ انْعِقَادِ الْحَجِّ فَاسِدًا (أَنْ يُفْسِدَ عُمْرَتَهُ ثُمَّ يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَيْهَا) فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا وَتَصْوِيرُهُ بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِ مُجَامِعًا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى وَجْهٍ مَرْجُوحٍ إذْ الْأَصَحُّ عَدَمُ انْعِقَادِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (أَوْ لَا أُصَلِّي صَلَاةً حَنِثَ بِالْفَرَاغِ) مِنْهَا إلَّا بِالشُّرُوعِ فِيهَا (وَلَوْ مِنْ) صَلَاةِ (فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَمِمَّنْ يُومِئُ) ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُعَدُّ صَلَاةً بِالْفَرَاغِ مِنْهَا وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ (لَا إنْ أَرَادَ) صَلَاةً (مُجْزِئَةً) فَلَا يَحْنَثُ بِصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَجِبُ قَضَاؤُهَا عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (لَا بِسُجُودِ تِلَاوَةٍ) وَشُكْرٍ (وَطَوَافٍ) فَلَا يَحْنَثُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى صَلَاةً وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِصَلَاةِ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَفَّالُ: وَلَا يَحْنَثُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَبَادِرَةٍ عُرْفًا (وَإِنْ صَلَّى) صَلَاةً (فَاسِدَةً) وَكَانَ شُرُوعُهُ فِيهَا فَاسِدًا (وَحَلَفَ أَنَّهُ مَا صَلَّى لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ حَنِثَ) بِمَا قَرَأَ وَلَوْ (بِبَعْضِ آيَةٍ) (النَّوْعُ السَّادِسُ) فِي تَأْخِيرِ الْحِنْثِ وَتَقْدِيمِهِ (لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَن هَذَا الطَّعَامَ غَدًا فَتَلِفَ قَبْلَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَمْ يَحْنَثْ) لِفَوَاتِ الْبِرِّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَالْمُكْرَهِ (أَوْ) تَلِفَ كَذَلِكَ (بِاخْتِيَارِ حِنْثٍ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَهَلْ يَحْنَثُ (مِنْ الْآنِ) لِحُصُولِ الْيَأْسِ مِنْ الْبِرِّ (أَوْ مِنْ الْغَدِ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ (وَجْهَانِ) وَقِيلَ قَوْلَانِ وَتَرْجِيحُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى هَذَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ حَلَفَ لَيَتْرُكَن الصَّوْمَ وَالْحَجَّ وَالِاعْتِكَافَ وَالصَّلَاةَ] (قَوْلُهُ لَوْ حَلَفَ لَيَتْرُكَن الصَّوْمَ إلَخْ) مَا الْحُكْمُ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى فِعْلِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إثْبَاتًا أَيَكْتَفِي بِالتَّحَرُّمِ، وَإِنْ فَسَدَتْ أَمْ لَا قَالَ شَيْخُنَا قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي خَطِّ الْوَالِدِ عَلَى الْهَامِشِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فَقَالَ إنْ قَرَأْت سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَرَأَهَا ثُمَّ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ فِي مَسْأَلَةِ الْجُمُعَةِ إثْبَاتًا وَلَا نَفْيًا لَا مَعَ تَمَامِهَا (قَوْلُهُ فِي كُلٍّ مِنْهَا) وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَا أُصَلِّي صَلَاةً حَنِثَ بِالْفَرَاغِ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لَوْ قَالَ إنْ قَرَأْت سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَرَأَهَا ثُمَّ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ لَمْ تَطْلُقْ عَلَى الْمَذْهَبِ اهـ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَاةُ الصُّبْحِ كَقَوْلِهِ لَا أُصَلِّي صَلَاةً (قَوْلُهُ إلَّا إنْ أَرَادَ مُجْزِئَةً) أَيْ مُسْقِطَةً لِلْقَضَاءِ (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَؤُمُّ النَّاسَ فَأَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ جَمَاعَةٌ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ الْإِمَامَةَ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِصَلَاةِ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ إلَخْ) هُمَا وَجْهَانِ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْجِيلِيُّ ثَانِيَهُمَا قَالَ شَيْخُنَا وَجَرَى صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَلَى الْحِنْثِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَفَّالُ وَلَا يَحْنَثُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ فِي الْجُزْءِ الْآخَرِ الْمُعْتَمَدِ الْحِنْثَ بِهَا (قَوْلُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ) بِأَنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ أَوْ أَتْلَفَهُ هُوَ تَأَسِّيًا أَوْ مُكْرَهًا (النَّوْعُ السَّادِسُ) (قَوْلُهُ أَوْ تَلِفَ كَذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ) كَأَنْ أَتْلَفَهُ، وَهُوَ ذَاكِرٌ مُخْتَارٌ أَوْ تَلِفَ بِتَقْصِيرِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَأَمْكَنَهُ دَفْعُهُ وَتَلَفُ بَعْضِهِ كَتَلَفِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ) ؛ لِأَنَّ الْبِرَّ مُقَيَّدٌ بِزَمَانٍ فَكَانَ شَرْطًا كَالْمُقَيَّدِ بِالْمَكَانِ وَقَدْ فَوَّتَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَلَوْ أَخَّرَ أَكْلَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْغَدِ حَنِثَ أَوْ نَاسِيًا فَلَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْلُهُ بَعْدَ الْغَدِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 كَوْنِهِمَا وَجْهَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي النَّوْعِ الثَّانِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي الصِّيَامِ قَالَ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الثَّانِي كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي النَّوْعِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا لَوْ كَانَتْ كَفَّارَتُهُ بِالصَّوْمِ جَازَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ الْغَدِ عَنْهَا وَعَلَى الثَّانِي حِنْثُهُ بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْأَكْلِ مِنْ الْغَدِ أَوْ قُبَيْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَجْهَانِ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَالْإِمَامِ الْأَوَّلُ (أَوْ) تَلِفَ (فِي الْغَدِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ) مِنْ الْأَكْلِ (لَمْ يَحْنَثْ) كَتَلَفِهِ قَبْلَ الْغَدِ بِخِلَافِهِ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْبِرِّ وَلَمْ يَفْعَلْ فَصَارَ كَقَوْلِهِ لَآكُلَن هَذَا الطَّعَامَ وَتَمَكَّنَ مِنْ أَكْلِهِ فَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى تَلِفَ (أَوْ لَآكُلَنهُ قَبْلَ غَدٍ فَتَلِفَ أَوْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ أَكْلِهِ وَقَبْلَ الْغَدِ (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (وَهَلْ هُوَ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ وَجْهَانِ) أَرْجَحُهُمَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ الْأَوَّلُ وَتَلَفُ بَعْضِ الطَّعَامِ كَتَلَفِ كُلِّهِ فِيمَا مَرَّ وَمَوْتُ الْحَالِفِ مُتْلِفِ الطَّعَامِ مُصَرِّحٌ بِهِمَا الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ وَاَللَّهِ (لَأَقْضِيَن حَقَّك) وَمَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ وَلَمْ يَقْضِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا أَوْ لَأَقْضِيَن حَقَّك (غَدًا فَمَاتَ فِيهِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْهُ وَلَمْ يَقْضِهِ حَنِثَ فِي الْحَالِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ (فَكَالْأَكْلِ) فِيمَا مَرَّ فَلَا يَحْنَثُ (وَقَضَاؤُهُ) أَيْ الْحَقِّ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ (كَإِتْلَافِهِ) أَيْ الْمَأْكُولِ فِيمَا مَرَّ فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ لَا أُؤَخِّرُهُ عَنْ غَدٍ) فَلَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ بَلْ يَبَرُّ بِهِ (وَمَوْتُ صَاحِبِ الْحَقِّ هُنَا لَا يَقْتَضِي حِنْثًا) لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ بِالدَّفْعِ إلَى وَارِثِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالْوَارِثُ قَائِمٌ مَقَامَهُ أَوْ) قَالَ (لَأَقْضِيَنك) حَقَّك (غَدًا إلَّا أَنْ تَشَاءَ تَأْخِيرَهُ فَقَضَاهُ غَدًا بَرَّ) شَاءَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَمْ لَا (وَإِنْ لَمْ يَقْضِهِ) فِي الْغَدِ (وَشَاءَ) صَاحِبُهُ (تَأْخِيرَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْغَدِ لَمْ يَحْنَثْ) وَإِلَّا حَنِثَ (فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْحَقِّ قَبْلَ تَمَكُّنِ الْحَالِفِ) مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْغَدِ (فَكَالْمُكْرَهِ) فَلَا يَحْنَثُ (أَوْ بَعْدَهُ حَنِثَ) فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَهَذِهِ لَا يَقُومُ وَارِثُهُ فِيهَا مَقَامَهُ لِإِضَافَةِ الْقَضَاءِ إلَيْهِ فِيهَا (، وَإِنْ سَأَلَهُ أَنْ يُبَرِّئَهُ) مِنْ حَقِّهِ فِيمَا ذُكِرَ (فَأَبْرَأهُ حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ حَيْثُ سَأَلَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْيَمِينِ لَا يَمْضِي الْغَدُ وَحَقُّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ (وَكَذَا) إنْ أَبْرَأَهُ (بِلَا سُؤَالٍ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ الْقَضَاءِ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ أَيْضًا حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْ الْبِرِّ وَلَمْ يَفْعَلْ (لَا قَبْلَهُ) لِفَوَاتِ الْبِرِّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَالْمُكْرَهِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ السُّؤَالِ وَبِعَدَمِهِ مَعَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ التَّمَكُّنِ وَعَدَمِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ الْحَقَّ وَكَانَ عَيْنًا حَنِثَ إنْ قَبِلَ وَإِلَّا فَلَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَبَنَى كَلَامَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْرَاءِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ فِيهِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ (أَوْ) لَأَقْضِيَنك حَقَّك غَدًا (لَا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ تَأْخِيرَهُ فَمَاتَ) زَيْدٌ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْغَدِ (وَلَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ لَمْ يَحْنَثْ) فِي الْحَالِ لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَحْنَثُ (حَتَّى يَنْقَضِيَ) الْغَدُ (بِلَا قَضَاءٍ) ، وَإِنْ مَاتَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ قَبْلَ الْغَدِ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ بَعْدَهُ وَبَعْدَ التَّمَكُّنِ حَنِثَ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْبِرِّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ لَأَقْضِيَنك) حَقَّك (إلَى الْغَدِ فَطَلَعَ الْفَجْرُ) أَيْ فَجْرُ الْغَدِ (وَلَمْ يَقْضِهِ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ إلَى لِلْغَايَةِ وَبَيَانِ الْحَدِّ وَصَوَّرَ الْأَصْلُ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ أَوْ لَأَقْضِيَنك حَقَّك إلَى الْغَدِ إلَّا أَنْ تَشَاءَ تَأْخِيرَهُ فَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْ الْقَضَاءَ عَلَى طُلُوعِ فَجْرِ الْغَدِ وَلَمْ يَشَأْ صَاحِبُ الْحَقِّ تَأْخِيرَهُ حَنِثَ قَالَ: وَلَوْ حَلَفَ لَيُطَلِّقَنهَا غَدًا فَطَلَّقَهَا الْيَوْمَ فَإِنْ اسْتَوْفَى الثَّلَاثَ حَنِثَ وَإِلَّا فَالْبِرُّ مُمْكِنٌ أَوْ لِيُصَلِّيَن مَنْذُورَةً عَلَيْهِ غَدًا فَصَلَّاهَا الْيَوْمَ حَنِثَ (أَوْ) لَأَقْضِيَنك حَقَّك رَأْسَ الشَّهْرِ أَوْ أَوَّلَهُ أَوْ (مَعَ) رَأْسِ (الْهِلَالِ) أَوْ مَعَ الِاسْتِهْلَالِ أَوْ عِنْدَهُ (أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ) أَوْ مَعَ رَأْسِهِ (حُمِلَ عَلَى أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ) مِنْهُ، وَهُوَ وَقْتُ الْغُرُوبِ لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ الْمُقَارَنَةَ وَالْمُرَادُ الْمُقَارَنَةُ الْعُرْفِيَّةُ (فَإِنْ قَضَاهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (فَلْيَتَرَصَّدْ الْغُرُوبَ) وَيُعِدُّ الْمَالَ وَيَقْضِيهِ حِينَئِذٍ وَلَوْ أَخَذَ حِينَئِذٍ فِي مُقَدِّمَاتِ الْقَضَاءِ كَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَحَمَلَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ وَتَأَخَّرَ الْفَرَاغُ لِكَثْرَةِ الْمَالِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَيَشْرَعُ بِهِ) أَيْ بِالْغُرُوبِ أَيْ مَعَهُ (فِي الْكَيْلِ) وَالْوَزْنِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَالْإِمَامِ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ) لَوْ تَرَكَ أَكْلَهُ فِي الْغَدِ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْلُهُ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ أَرْجَحُهُمَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْنَثُ) أَيْ إلَّا إنْ قَتَلَ نَفْسَهُ ذَاكِرًا لِلْحَلِفِ مُخْتَارًا أَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ وَتَرَكَ دَفْعَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ لَا أَقْضِيَنك إلَخْ) حَلَفَ لَا أَقْضِيَنك غَدًا وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ هَلْ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وَإِذَا انْعَقَدَتْ فَأَعْطَاهُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ فِيهِ نَظَرٌ ر (تَنْبِيهٌ) رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَقَالَ إنْ لَمْ آخُذْهُ مِنْك الْيَوْمَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ صَاحِبُهُ: إنْ أَعْطَيْتُك الْيَوْمَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ جَبْرًا فَلَا يَحْنَثَانِ قَالَهُ صَاحِبُ الْكَافِي (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَضَاهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ حَنِثَ) لَوْ نَوَى أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُهُ عَنْهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَوْلَى وَحَنِثَ فِيهَا بِمُضِيِّ قَدْرِ الْإِمْكَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَأَقْضِيَنك غَدًا وَنَوَى أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ عَنْ الْغَدِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِقَضَائِهِ قَبْلَهُ وَيَجِيءُ هُنَا مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَيَشْرَعُ بِهِ فِي الْكَيْلِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ اعْتِبَارُ تَوَاصُلِ الْكَيْلِ أَوْ نَحْوِهِ إلَى كَمَالِ الْحَقِّ حَتَّى لَوْ تَخَلَّلَ فَتَرَاتٌ لَا يُعَدُّ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ مَعَهَا مُتَوَاصِلًا حَنِثَ حَيْثُ لَا عُذْرَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ حَيْثُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ يَطُولُ زَمَنُ قَضَائِهِ كَمِائَةِ مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ اتَّسَعَ زَمَنُ بِرِّهِ إذَا شَرَعَ فِي الْقَضَاءِ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَامْتَدَّ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ مِنْ كَيْلِ هَذَا الْقَدْرِ حَتَّى رُبَّمَا امْتَدَّ أَيَّامًا وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَيْلًا بَعْدَ كَيْلٍ عَلَى الْعَادَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَيْهِ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْقَضَاءِ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يَطُولُ الزَّمَانُ لِوَزْنِهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ضَاقَ زَمَانُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 (وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ كَتَقْرِيبِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ) قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا بِحَيْثُ يَنْطَبِقُ الْفَرَاغُ عِنْدَ الِاسْتِهْلَالِ لِيُقَارِنَهُ الْوَفَاءُ (فَإِنْ شَكَّ فِي الْهِلَالِ) فَأَخَّرَ الْقَضَاءَ عَنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى (وَبِأَنَّ كَوْنَهَا) مِنْ الشَّهْرِ (فَكَمُكْرَهٍ) فَلَا يَحْنَثُ (وَانْحَلَّتْ) يَمِينُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِانْحِلَالِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) لَأَقْضِيَنك حَقَّك (أَوَّلَ يَوْمِ كَذَا فَبِطُلُوعِ فَجْرِهِ) يَشْتَغِلُ بِالْقَضَاءِ (أَوْ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ) أَوْ إلَى رَمَضَانَ (فَلِيُقَدِّمَهُ عَلَيْهِ) كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إلَى الْغَدِ نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِإِلَى مَعْنَى عِنْدَ فَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْقَاضِي مُجَلِّي قَبُولُ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ (أَوْ إلَى حِينٍ أَوْ إلَى زَمَانٍ) أَوْ دَهْرٍ أَوْ حِقَبٍ أَوْ أَحْقَابٍ أَوْ نَحْوِهَا (حَنِثَ بِالْمَوْتِ) أَيْ قُبَيْلَهُ (مُتَمَكِّنًا) مِنْ الْقَضَاءِ لَا بِمُضِيِّ زَمَنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ مُقَدَّرٍ بَلْ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ لَأَقْضِيَن حَقَّك فَمَتَى قَضَاهُ بَرَّ سَوَاءٌ وَصَفَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ بِقُرْبٍ أَمْ بُعْدٍ أَوْ لَا فَجَمِيعُ الْعُمُرِ مُهْلَةٌ لَهُ وَيُخَالِفُ الطَّلَاقُ حَيْثُ يَقَعُ بَعْدَ لَحْظَةٍ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ حِينٍ أَوْ نَحْوِهِ وَفَرَّقَ الْأَصْلُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ حِينٍ تَعْلِيقٌ فَيَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى حِينًا وَقَوْلُهُ لَأَقْضِيَن حَقَّك إلَى حِينِ وَعَدَ، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِأَوَّلِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْضِيَن حَقَّ فُلَانٍ إلَى حِينٍ لَا يَحْنَثُ بَعْدَ لَحْظَةٍ (أَوْ) قَالَ (لَا أُكَلِّمُك حِينًا أَوْ دَهْرًا) أَوْ زَمَانًا أَوْ حِقَبًا أَوْ نَحْوَهُ (بَرَّ بِأَدْنَى زَمَانٍ) لِصِدْقِ ذَلِكَ بِهِ (وَالْمُدَّةُ الْقَرِيبَةُ) وَالْبَعِيدَةُ (كَالْحِينِ) وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَن حَقَّك إلَى مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ لَمْ يَتَقَدَّرْ بِزَمَنٍ أَيْضًا، وَهُوَ كَالْحِينِ (وَلَوْ قَالَ) لَأَقْضِيَن حَقَّك (إلَى أَيَّامٍ فَثَلَاثَةٌ) مِنْهَا يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَأُمَّا إطْلَاقُهَا عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَالْحِينِ فِي قَوْلِهِمْ أَيَّامَ الْعَدْلِ وَأَيَّامَ الْفِتْنَةِ وَنَحْوِهِمَا فَخَرَجَ بِالْقَرِينَةِ هَذَا (إنْ لَمْ يَنْوِ) غَيْرَهَا وَإِلَّا عَمِلَ بِمَا نَوَاهُ (النَّوْعُ السَّابِعُ الْخُصُومَاتُ) وَنَحْوُهَا (لَوْ حَلَفَ لَا يَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي وَعَيَّنَهُ بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ) وَلَوْ (عَلَى التَّرَاخِي وَلَوْ) كَانَ الرَّفْعُ (بِرَسُولٍ وَكِتَابٍ) وَبِدُونِ حُضُورِ مُرْتَكِبِ الْمُنْكَرِ (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ (حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ (لَا إنْ عُزِلَ) الْقَاضِي فَلَا يَحْنَثُ بَلْ يَبَرُّ بِالْفَرْعِ إلَيْهِ كَمَا قَالَ (وَيُرْفَعُ إلَيْهِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مَعْزُولًا) سَوَاءٌ أَرَادَ عَيْنَ الشَّخْصِ بِذِكْرِ الْقَضَاءِ تَعْرِيفًا لَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ أَطْلَقَ تَغْلِيبًا لِلْعَيْنِ كَمَا لَوْ قَالَ: لَأَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ الْيَمِينَ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْعَيْنِ وَكُلٌّ مِنْ الْوَصْفِ وَالْإِضَافَةِ يَطْرَأُ أَوْ يَزُولُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الْعَبْدَ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْعُبُودِيَّةَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَطْرَأَ وَتَزُولَ (لَا إنْ أَرَادَ) أَنْ يَرْفَعَهُ إلَيْهِ (وَهُوَ قَاضٍ) أَوْ تَلَفَّظَ بِهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَيَصِيرُ) أَيْ فَلَا يَبَرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ مَعْزُولًا وَلَا يَحْنَثُ، وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ بَلْ يَصِيرُ (فَقَدْ يَتَوَلَّى) ثَانِيًا فَيَرْفَعُ ذَلِكَ إلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ، وَهُوَ قَاضٍ قَبْلَ أَنْ يَتَوَلَّى تَبَيَّنَ الْحِنْثُ وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عُزِلَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ حَنِثَ حُمِلَ عَلَى عَزْلٍ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا فَإِنَّ الْمِنْهَاجَ كَأَصْلِهِ قَيَّدَ بِدَوَامِ كَوْنِهِ قَاضِيًا فَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا أَصْلًا (وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْقَاضِي) بِأَنْ حَلَفَ لَا يَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي (بَرَّ بِمَنْ قَضَى) أَيْ بِالرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي (فِي بَلَدِهِ) الَّذِي حَلَفَ فِيهِ دُونَ قَضَاءِ بَقِيَّةِ الْبِلَادِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَعْهُودِ   [حاشية الرملي الكبير] بِرِّهِ فَإِنْ أَخَّرَ عَنْهُ بِأَقَلِّ زَمَانٍ حَنِثَ فَإِنْ شَرَعَ فِي حَمْلِهِ إلَيْهِ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَكَانَ بَعِيدَ الدَّارِ مِنْهُ حَتَّى مَضَتْ اللَّيْلَةُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي الْإِمْكَانِ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَطُولُ زَمَانُ قَضَائِهِ كَمِائَةِ مُدٍّ مِنْ بُرٍّ اتَّسَعَ زَمَنُ بِرِّهِ إذَا شَرَعَ فِي الْقَضَاءِ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَامْتَدَّ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ مِنْ كَيْلِ هَذَا الْقَدْرِ حَتَّى رُبَّمَا امْتَدَّ أَيَّامًا فَإِنْ أَخَذَ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فِي جَمِيعِ مَا يَقْضِيهِ وَتَحْصِيلِهِ لِلْقَضَاءِ حَنِثَ، وَإِنْ أَخَذَ فِي نَقْلِهِ إلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ نَقْلَهُ شُرُوعٌ فِي الْقَضَاءِ وَلَيْسَ جَمْعُهُ شُرُوعًا فِيهِ اهـ وَفِيهِ فَوَائِدُ ق و (قَوْلُهُ فَإِنْ شَكَّ فِي الْهِلَالِ إلَخْ) لَوْ رَأَى الْهِلَالَ نَهَارًا بَعْدَ الزَّوَالِ فَهُوَ اللَّيْلَةُ الْمُسْتَقْبِلَةِ فَلَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ لِلْغُرُوبِ لَمْ يَحْنَثْ قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ فَرْعٌ حَسَنٌ قَوْلُهُ فَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ بَلْ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (النَّوْعُ السَّابِعُ الْخُصُومَاتُ) (قَوْلُهُ حَلَفَ لَا يَرْمِي مُنْكَرًا أَوْ غَيْرَهُ) كَلُقَطَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا يَبَرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ مَعْزُولًا) لَوْ كَانَ الْقَاضِي غَيْرَ أَهْلٍ وَلَمْ تَنْعَقِدْ وِلَايَتُهُ بَاطِنًا أَوْ انْعَقَدَتْ وَانْعَزَلَ بَاطِنًا بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ وَالْحَالِفُ يَعْلَمُ ذَلِكَ بَعْدَ حَلِفِهِ هَلْ يَبَرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ أَوْ يَكُونُ كَالْعَدَمِ وَكَمَا لَوْ انْعَزَلَ ظَاهِرًا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَالِفِ فَقِيهًا وَعَامِّيًّا وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى ظَاهِرِ الْحَالِ وَيُعَلِّقَ الْحُكْمَ بِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ غ وَقَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ كَالْعَدَمِ يَكُونُ كَالْعَدَمِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمِنْهَاجَ كَأَصْلِهِ قُيِّدَ بِدَوَامِ كَوْنِهِ قَاضِيًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الدَّيْمُومَةَ تَقْتَضِي الدَّوَامَ وَتَعَاقُبُ الْأَزْمِنَةِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الطَّلَاقِ فَقَوْلُهُ مَا دَامَ قَاضِيًا أَيْ فِي الْوِلَايَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا امَا دَامَ زَيْدٌ فِيهَا فَانْتَقَلَ زَيْدٌ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا وَدَخَلَ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: سُئِلْت عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَزْرَعُ الْأَرْضَ الْفُلَانِيَّةَ مَا دَامَتْ فِي إجَارَةِ فُلَانٍ فَأَجَرَهَا فُلَانٌ لِغَيْرِهِ ثُمَّ زَرَعَ فِيهَا الْحَالِفُ هَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ مَا دَامَ مُسْتَحِقًّا لِمَنْفَعَتِهَا لَمْ يَحْنَثْ لِانْتِقَالِ الْمَنْفَعَةِ عَنْهُ، وَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ عَقْدُ إجَارَتِهِ بَاقِيًا لَمْ تَنْقَضِ مُدَّتُهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّ إجَارَتَهُ بَاقِيَةٌ لَمْ تَفْرُغْ وَلَمْ تَنْفَسِخْ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يُرِيدُونَ بِكَوْنِهَا فِي إجَارَتِهِ إلَّا أَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِمَنْفَعَتِهَا وَقَدْ انْتَقَلَ عَنْهُ الِاسْتِحْقَاقُ وَأَيْضًا قَدْ فُهِمَ مِنْ غَرَضِ الْحَالِفِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ تَحَكُّمٌ عَلَيْهِ فِي أَرْضٍ يَزْرَعُهَا وَقَدْ زَالَ التَّحَكُّمُ بِانْتِقَالِ الْمَنْفَعَةِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ بَرَّ بِمَنْ قَضَى فِي بَلَدِهِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ) فَعُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَبَرُّ إذَا رَفَعَهُ إلَيْهِ، وَهُوَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا لَمْ يَبَرَّ إذْ لَا يُمْكِنُهُ إقَامَةُ مُوجِبِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 سَوَاءٌ أَكَانَ هُوَ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْحَلِفِ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ عُزِلَ مَنْ كَانَ قَاضِيًا أَوْ مَاتَ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ بِالرَّفْعِ إلَى الثَّانِي لَا إلَى الْمَعْزُولِ (وَلَوْ عَلِمَهُ) أَيْ الْقَاضِي الْمُنْكَرَ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْحَالِفِ قَبْلَ رَفْعِهِ إلَيْهِ سَوَاءٌ أَعَلِمَهُ مِنْ مُخْبِرٍ آخَرَ أَمْ مِنْ رُؤْيَتِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ الْبِرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ وَقِيلَ لَا حَاجَةَ لِلرَّفْعِ فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ كَانَ) فِي بَلَدِهِ (قَاضِيَانِ كَفَى الرَّفْعُ إلَى أَحَدِهِمَا) نَعَمْ إنْ اخْتَصَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنَاحِيَةٍ مِنْ الْبَلَدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ قَاضِي النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا فَاعِلُ الْمُنْكَرِ، وَهُوَ الَّذِي تَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَتُهُ إذَا دَعَاهُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ إذَا رَفَعَ الْمُنْكَرَ إلَى الْقَاضِي مَنُوطٌ بِإِخْبَارِهِ كَمَا مَرَّ لَا بِوُجُودِ إجَابَةِ فَاعِلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ نَاحِيَةُ الْحَالِفِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ بَلَدُهُ (وَ) إنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا رَأَيْت مُنْكَرًا (إلَّا رَفَعْته إلَى قَاضٍ فَكُلُّ قَاضٍ) بِبَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ (كَافٍ) فِي الْبِرِّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَاضِيًا عِنْدَ الْحَلِفِ أَمْ لَا (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ) حَقَّهُ (فَفَارَقَهُ) قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ مِنْهُ (كَفُرْقَةِ الْمُتَبَايِعَيْنِ) عَنْ مَجْلِسِ الْبَيْعِ عَالِمًا (مُخْتَارًا حَنِثَ) وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ شَرْعًا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (فَإِنْ فَارَقَهُ الْغَرِيمُ) وَفَرَّ مِنْهُ (فَلَا حِنْثَ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) فِي الْمُفَارَقَةِ أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ أَوْ فَارَقَ الْحَالِفُ بِمَكَانِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَرِيمِهِ (فَإِنْ تَمَاشَيَا وَوَقَفَ أَحَدُهُمَا حَنِثَ) الْحَالِفُ؛ لِأَنَّهُ إنْ وَقَفَ الْغَرِيمُ فَقَدْ فَارَقَهُ الْحَالِفُ بِمَشْيِهِ أَوْ الْحَالِفُ فَقَدْ فَارَقَهُ بِالْوُقُوفِ؛ لِأَنَّهُ الْحَادِثُ فَنُسِبَتْ الْمُفَارَقَةُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا سَاكِنَيْنِ فَمَشَى الْغَرِيمُ دُونَهُ؛ لِأَنَّ الْحَادِثَ ثَمَّ الْمَشْيُ (فَإِنْ قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا تُفَارِقْنِي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ) مِنْك حَقِّي أَوْ حَتَّى تُوَفِّيَنِي حَقِّي (فَفَارَقَهُ الْغَرِيمُ) عَالِمًا (مُخْتَارًا) وَلَوْ بِالْفِرَارِ (حَنِثَ الْحَالِفُ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) فِرَاقَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى فِعْلِ الْغَرِيمِ، وَهُوَ مُخْتَارٌ فِي الْمُفَارَقَةِ (فَإِنْ نَسِيَ الْغَرِيمُ) الْحَالِفَ (أَوْ أُكْرِهَ) عَلَى الْمُفَارَقَةِ (فَفَارَقَ فَلَا حِنْثَ) إنْ كَانَ مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقِسْ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي (وَلَوْ فَرَّ الْحَالِفُ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ) ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ مُتَابَعَتُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى فِعْلِهِ (فَإِنْ قَالَ لَا نَفْتَرِقُ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مِنْك) حَقِّي (حَنِثَ بِمُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا) الْآخَرَ عَالِمًا (مُخْتَارًا وَكَذَا) إنْ قَالَ (لَا افْتَرَقْنَا) حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مِنْك لِصِدْقِ الِافْتِرَاقِ بِذَلِكَ فَإِنْ فَارَقَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (يُنْظَرُ فِي الِاسْتِيفَاءِ) لِلْحَقِّ (فَإِنْ أَبْرَأَهُ) مِنْهُ الْحَالِفُ (حَنِثَ) بِالْإِبْرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْهُ (لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ) بِاخْتِيَارِهِ (وَكَذَا) يَحْنَثُ (لَوْ أَحَالَ) الْغَرِيمُ الْحَالِفَ (بِهِ) أَيْ بِالْحَقِّ (أَوْ) أَحَالَ هُوَ أَجْنَبِيًّا (عَلَيْهِ) بِهِ (أَوْ اعْتَاضَ عَنْهُ) ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعِوَضِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ اسْتِيفَاءً حَقِيقَةً فَهُوَ مُفَوِّتٌ لِلْبِرِّ بِاخْتِيَارِهِ (إلَّا إنْ نَوَى) بِيَمِينِهِ (أَنْ لَا يُفَارِقَهُ وَعَلَيْهِ حَقُّهُ) فَلَا يَحْنَثُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. (فَإِنْ أَفْلَسَ) الْغَرِيمُ أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ (فَفَارَقَهُ) عَالِمًا مُخْتَارًا (حَنِثَ) ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ وَاجِبًا شَرْعًا كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُصَلِّي الْفَرْضَ فَصَلَّى حَنِثَ، وَإِنْ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ شَرْعًا لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (فَإِنْ مَنَعَهُ الْحَاكِمُ) مِنْ مُلَازَمَتِهِ فَفَارَقَهُ (فَمُكْرَهٌ) أَيْ فَكَمُكْرَهٍ فَلَا حِنْثَ (وَإِنْ اسْتَوْفَى) حَقَّهُ (مِنْ وَكِيلِهِ) أَيْ مِنْ وَكِيلِ غَرِيمِهِ (أَوْ) مِنْ (مُتَبَرِّعٍ) بِهِ وَفَارَقَهُ (حَنِثَ إنْ) كَانَ (قَالَ) لَا أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي (مِنْك وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقُلْ مِنْك (فَلَا) يَحْنَثُ (فَإِنْ اسْتَوْفَى) حَقَّهُ ثُمَّ فَارَقَهُ (ثُمَّ وَجَدَهُ مَعِيبًا لَمْ يَحْنَثْ) إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْأَرْشُ كَثِيرًا لَا يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ حَنِثَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ قِيلَ نُقْصَانُ الْحَقِّ مُوجِبٌ لِلْحِنْثِ فِيمَا قَلَّ وَكَثُرَ فَهَلَّا كَانَ نُقْصَانُ الْأَرْشِ كَذَلِكَ قُلْنَا؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْحَقِّ مُحَقَّقٌ وَنُقْصَانُ الْأَرْشِ مَظْنُونٌ (فَإِنْ بَانَ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ) كَمَغْشُوشٍ أَوْ نُحَاسٍ (وَلَمْ يَعْلَمْ) بِالْحَالِ (فَجَاهِلٌ) فَلَا يَحْنَثُ وَإِلَّا حَنِثَ (وَإِنْ حَلَفَ) الْغَرِيمُ فَقَالَ وَاَللَّهِ (لَا أُوَفِّيك حَقَّك فَسَلَّمَهُ) لَهُ (مُكْرَهًا) أَوْ نَاسِيًا (لَمْ يَحْنَثْ أَوْ لَا اسْتَوْفَيْت) حَقَّك مِنِّي (فَأَخَذَهُ مُكْرَهًا) أَوْ نَاسِيًا (فَكَذَلِكَ) أَيْ لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَهُ عَالِمًا مُخْتَارًا، وَإِنْ كَانَ الْمُعْطِي مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا (وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنهُ لَمْ يَكْفِ وَضْعُ سَوْطٍ وَيَدٍ) وَغَيْرِهِمَا عَلَيْهِ (بِلَا اسْمِ ضَرْبٍ) فَإِنْ سُمِّيَ ذَلِكَ ضَرْبًا كَفَى (وَلَا يَكْفِي عَضٌّ) لَا (نَتْفُ شَعْرٍ) وَلَا قَرْصٌ وَلَا خَنْقٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى ضَرْبًا وَلِهَذَا يُقَالُ مَا ضَرَبَهُ وَلَكِنْ عَضَّهُ وَنَتَفَ شَعْرَهُ وَقَرَصَهُ وَخَنَقَهُ (فَلَوْ لَطَمَ أَوْ لَكَمَ فَضَرْبٌ) فَيَكْفِي (وَلَا يُشْتَرَطُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى نَحْوِهِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ قَاضِي النَّاحِيَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي الزَّجْرُ عَنْهُ لِنُفُوذِ حُكْمِهِ عَلَى مُرْتَكِبِهِ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ انْتَفَى ذَلِكَ اب (قَوْلُهُ فَإِنْ فَارَقَهُ الْغَرِيمُ فَلَا حِنْثَ إلَخْ) هَذَا عِنْدَ إطْلَاقِ الْيَمِينِ فَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَدَعَهُ يُفَارِقُهُ وَنَحْوُهُ فَعَلَى مَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى فِعْلِهِ) أَيْ الْغَرِيمِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَن حَقَّهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ أَوْ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَقَّهُ فَالْقَوْلُ فِي مُفَارَقَتِهِ مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا وَفِي الْحَوَالَةِ وَالْمُصَالَحَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا سَبَقَ (قَوْلُهُ فَإِنْ سَمَّى ذَلِكَ ضَرْبًا كَفَى) ، وَهُوَ الصَّدْمُ بِمَا يَعْرِضُ مِنْهُ وُقُوعُ الْأَلَمِ حَصَلَ الْأَلَمُ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ وَكَتَبَ أَيْضًا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الصَّدْمُ بِمَا يُؤْلِمُ أَوْ يَتَوَقَّعُ مِنْهُ إيلَامٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 فِي الضَّرْبِ (الْإِيلَامُ) لِصِدْقِ الِاسْمِ بِدُونِهِ؛ وَلِهَذَا يُقَالُ ضَرَبَهُ وَلَمْ يُؤْلِمْهُ (بِخِلَافِ الْعُقُوبَةِ) مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِيلَامُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا الزَّجْرُ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ وَالْيَمِينُ يَتَعَلَّقُ بِالِاسْمِ نَعَمْ إنْ وَصَفَ الضَّرْبَ بِالشِّدَّةِ فَقَالَ ضَرْبًا شَدِيدًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِيلَامِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ قَالَ وَيُرْجَعُ فِي الشِّدَّةِ إلَى الْعُرْفِ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَضْرُوبِ (وَيَبَرُّ) الْحَالِفُ (بِضَرْبِ السَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ) وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ مَحَلٌّ لِلضَّرْبِ (لَا) بِضَرْبِ (الْمَيِّتِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّهُ (فَرْعٌ) لَوْ (حَلَفَ لَيَضْرِبَنهُ مِائَةَ عُودٍ) أَوْ عَصًا أَوْ خَشَبَةً (فَشَدَّهَا) وَضَرَبَهُ بِهَا مَرَّةً (أَوْ ضَرَبَ) هـ (بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ عُرْجُونٍ (عَلَيْهِ مِائَةٌ) مِنْ الْأَغْصَانِ (مَرَّةً بَرَّ) ؛ لِأَنَّهُ وَفَّى بِمُوجِبِ اللَّفْظِ (وَيَكْفِيهِ) فِي الْبِرِّ (تَثَاقُلُ الْكُلِّ عَلَيْهِ) بِحَيْثُ يَنَالُهُ ثِقَلُ الْجَمِيعِ (وَلَوْ شَكَّ) فِي إصَابَتِهِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَدْخُلَن الدَّارَ الْيَوْمَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَلَمْ يَدْخُلْ وَمَاتَ زَيْدٌ وَلَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ حَيْثُ يَحْنَثُ بِأَنَّ الضَّرْبَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي الِانْكِبَاسِ وَالْمَشِيئَةُ لَا أَمَارَةَ عَلَيْهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَفَارَقَ أَيْضًا نَظِيرُهُ فِي الْحُدُودِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الزَّجْرُ وَالتَّنْكِيلُ وَفِي الْبِرِّ حُصُولُ الِاسْمِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِالشَّكِّ (لَكِنَّ الْوَرَعَ أَنْ يُكَفِّرَ) عَنْ يَمِينِهِ (وَإِنْ حَالَ) بَيْنَ بَدَنِهِ وَمَا ضَرَبَ بِهِ (ثَوْبٌ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا لَا يَمْنَعُ تَأَثُّرَ الْبَشَرَةِ بِالضَّرْبِ) فَإِنَّهُ يَكْفِي فَلَا يَضُرُّ كَوْنُ بَعْضِ الْعِثْكَالِ أَوْ نَحْوِهِ حَائِلًا بَيْنَ بَدَنِهِ وَبَيْنَ بَعْضِهِ الْآخَرَ كَالثِّيَابِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يَمْنَعُ التَّأَثُّرَ (وَلَوْ قَالَ) لَأَضْرِبَنهُ (مِائَةَ سَوْطٍ لَمْ يَبَرَّ بِالْعُثْكَالِ) الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سِيَاطًا (وَ) إنَّمَا (يَبَرُّ بِسِيَاطٍ مَجْمُوعَةٍ بِشَرْطِ عَمَلِهِ إصَابَتِهَا) بَدَنَهُ مَا مَرَّ وَلَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنهُ مِائَةَ خَشَبَةٍ فَشَدَّ مِائَةَ سَوْطٍ وَضَرَبَهُ بِهَا لَمْ يَبَرَّ قِيَاسُ الَّتِي قَبْلَهَا وَمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُ يَبَرُّ فَكَلَامٌ سَقَطَ صَدْرُهُ، وَهُوَ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَجْلِدَنهُ مِائَةَ سَوْطٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ يَبَرُّ بِالْعُثْكَالِ فِي الْأَوْلَى ضَعِيفٌ، وَإِنْ زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ وَأَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ (وَلَوْ قَالَ) لَأَضْرِبَنَّهُ (مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ) مِائَةَ (ضَرْبَةٍ لَمْ يَبَرَّ بِا) لِمِائَةِ (الْمَجْمُوعَةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ بِهَا إلَّا مَرَّةً أَوْ ضَرْبَةً قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَعَلَيْهِ يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّوَالِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ (فَصْلٌ) فِي حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ (لَا يَحْنَثُ نَاسٍ) لِيَمِينِهِ (وَجَاهِلٌ) بِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (وَمُكْرَهٌ) عَلَيْهِ (فِي يَمِينٍ) بِاَللَّهِ تَعَالَى وَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ لِخَبَرٍ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ أَوْ النِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ) بِالْإِتْيَانِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا؛ لِأَنَّا إذَا لَمْ نُحَنِّثْهُ لَمْ نَجْعَلْ يَمِينَهُ مُتَنَاوِلَةً لِمَا وُجِدَ إذْ لَوْ تَنَاوَلَتْهُ لَحَنِثَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَك بِشَهْرٍ فَضَرَبَهَا قَبْلَ مُضِيِّهِ لَمْ تَطْلُقْ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَهَذِهِ مَعَ مَسْأَلَتِنَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَإِنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ قَدْ وُجِدَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ لِمَانِعٍ، وَهُوَ النِّسْيَانُ مَثَلًا هُنَا وَاسْتِحَالَةُ الْحِنْثِ قَبْلَ الْيَمِينِ هُنَاكَ فَالْمُتَّجَهُ مَا هُنَاكَ، وَهُوَ الِانْحِلَالُ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً انْتَهَى يُجَابُ بِأَنَّ وُجُودَ الْفِعْلِ فِي تِلْكَ مُعْتَدٌّ بِهِ شَرْعًا حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ مِنْ الِانْحِلَالِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ امْتَنَعَ الْحِنْثُ بِهِ لِلِاسْتِحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا لَيْسَ مُعْتَدًّا بِهِ شَرْعًا (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ مُخْتَارًا وَلَا مُكْرَهًا وَلَا نَاسِيًا حَنِثَ بِذَلِكَ كُلِّهِ) عَمَلًا بِتَعْلِيقِهِ (فَلَوْ انْقَلَبَ) الْحَالِفُ (مِنْ نَوْمِهِ) بِجَنْبِ الدَّارِ (فَحَصَلَ فِيهَا أَوْ حُمِلَ) إلَيْهَا (وَ) لَوْ (لَمْ يَمْتَنِعْ لَمْ يَحْنَثْ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ وَصَفَ الضَّرْبَ بِالشِّدَّةِ) أَوْ نَوَى ضَرْبًا شَدِيدًا [فَرْعٌ حَلَفَ لَيَضْرِبَنهُ مِائَةَ عُودٍ أَوْ عَصًا أَوْ خَشَبَةً فَشَدَّهَا وَضَرَبَهُ بِهَا مَرَّةً] (قَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ فِي إصَابَتِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مُرَادُهُ بِالشَّكِّ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَذَا فَرَضَ الْجُمْهُورُ مَسْأَلَةَ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا شَكَّ وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي أَنَّهُ إذَا شَكَّ حَنِثَ وَحَمَلَ النَّصَّ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إصَابَةُ الْجَمِيعِ، وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ هَذَا الضَّرْبِ يَشُكُّ فِي الْحِنْثِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ اهـ وَتَنَاوَلَ الشَّكُّ أَيْضًا مَا إذَا تَرَجَّحَ عَدَمُ إصَابَةِ الْجَمِيعِ بِنَاءً عَلَى اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ فِي حَمْلِ الشَّكِّ عَلَى خِلَافِ الْيَقِينِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ مُتَّفِقٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الظَّنِّ هُنَا تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَوْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْجَمِيعِ لَكِنْ تَرَجَّحَ عَدَمُهَا فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمُ الْبِرِّ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ مِائَةَ سَوْطٍ لَمْ يَبَرَّ بِالْعُثْكَالِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت كَيْفَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَبَرَّ فِي يَمِينِهِ إذَا حَلَفَ لَيَضْرِبَن عَبْدَهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ فَقَدْ حَلَفَ عَلَى مُسْتَحِيلٍ شَرْعًا قَالَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ لَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا فِي الْمَنْقُولِ بِذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ الْإِيلَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَضْرِبَهُ مِائَةً لَا إيلَامَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْعَبْدِ فِي ذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا عَجَبٌ إنَّمَا الْمَقْصُودُ أَنَّ الْبِرَّ يَحْصُلُ وَكَوْنُهُ يَعْصَى بِهِ أَوْ لَا كَلَامَ آخَرَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَفْعَلَن أَمْرًا مِنْ قَتْلٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهَا فَفَعَلَ ذَلِكَ يَخْلُصُ مِنْ الْحِنْثِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ تَعَرُّضٌ لِتَجْوِيزِ ضَرْبِ الْمِائَةِ أَصْلًا فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ لَهَا إلَّا مَرَّةً أَوْ ضَرَبَهُ) بِدَلِيلِ مَا لَوْ رَمَى الْجِمَارَ السَّبْعَ دَفْعَةً [فَصْلٌ فِي حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ] (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ مَا هُنَاكَ، وَهُوَ الِانْحِلَالُ إلَخْ) أَمْكَنَ النَّاسِي وَالْمُكْرَهَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِفِعْلِهِمَا مَعْنَى الْحِنْثِ وَالْمَنْعِ فَلَا تَنْحَلُ بِهِ الْيَمِينُ ت وَقَوْلُهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِفِعْلِهِمَا مَعْنَى الْحِنْثِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ثُمَّ أَجَابَ الْأَصْلُ بِأَنَّهُ يَتَّبِعُ اللُّغَةَ تَارَةً إلَخْ قَالُوا فِي الْأَيْمَانِ أَنَّهَا تُبْنَى أَوَّلًا عَلَى اللُّغَةِ عَلَى الْعُرْفِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الشَّرْعِيُّ ثُمَّ الْعُرْفِيُّ ثُمَّ اللُّغَوِيُّ وَالْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَ الْأُصُولِيِّينَ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَقَائِقِ وَالْأَدِلَّةِ الَّتِي اُسْتُنْبِطَ مِنْهَا الْأَحْكَامُ فَيُقَدَّمُ فِيهَا الشَّرْعِيُّ عَلَى الْعُرْفِيِّ كَبَيْعِ الْهَازِلِ وَطَلَاقِهِ فَإِنَّهُ نَافِذٌ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْعُرْفِ لَا يُنَفِّذُونَهُ وَيُقَدَّمُ الْعُرْفِيُّ فِيهِمَا عَلَى اللُّغَوِيِّ عِنْدَ التَّعَارُضِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ طَارِئٌ عَلَى اللُّغَةِ فَهُوَ كَالنَّاسِخِ لَهَا وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَاعِدَةُ الْأَيْمَانِ الْبِنَاءُ عَلَى الْعُرْفِ إذَا لَمْ يَضْطَرِبْ فَإِنْ اضْطَرَبَ فَالرُّجُوعُ إلَى اللُّغَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي الْأُولَى وَلَا فِعْلَ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ) حُمِلَ إلَيْهَا (بِأَمْرِهِ حَنِثَ) كَمَا لَوْ رَكِبَ دَابَّةً وَدَخَلَهَا وَيَصْدُقُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ دَخَلَهَا عَلَى ظَهْرِ فُلَانٍ كَمَا يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ دَخَلَهَا رَاكِبًا [فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ] (فَصْلٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ حَنِثَ، وَإِنْ اسْتَثْنَاهُ) بِلَفْظِهِ أَوْ بِقَلْبِهِ لِوُجُودِ صُورَةِ الدُّخُولِ عَلَى الْجَمِيعِ؛ وَلِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدْخُلُهُ الِاسْتِثْنَاءُ لِمَا يَأْتِي (بِخِلَافِ) نَظِيرِهِ فِي (السَّلَامِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الدُّخُولَ لِكَوْنِهِ فِعْلًا لَا يَتَبَعَّضُ إذْ لَا يَنْتَظِمُ أَنْ يُقَالَ دَخَلْت عَلَيْكُمْ إلَّا فُلَانًا بِخِلَافِ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِيهِمْ فَقَوْلًا) حَنِثَ (الْجَاهِلُ) فَلَا يَحْنَثُ عَلَى الْأَصَحِّ (وَلَوْ دَخَلَ عَالِمًا بِهِ لِشُغْلٍ حَيْثُ هُوَ) أَيْ زَيْدٌ أَيْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (حَنِثَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ دَخَلَ جَاهِلًا بِهِ (فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ زَيْدٌ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ اسْتَدَامَ) الْحَالِفُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا انْعَقَدَتْ عَلَى فِعْلِهِ لَا عَلَى فِعْلِ زَيْدٍ [فَصْلٌ فِي أُصُولٍ تَتَعَلَّقُ بِكِتَابِ الْيَمِين] (فَصْلٌ) فِي أُصُولٍ تَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ (لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُ صَبِيٍّ وَ) لَا (مَجْنُونٍ وَ) لَا (مُكْرَهٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ عِبَارَتِهِمْ شَرْعًا (وَيَمِينُ سَكْرَانَ كَطَلَاقِهِ) فَتَنْعَقِدُ (وَتَنْعَقِدُ مِنْ كَافِرٍ) كَمُسْلِمٍ (وَمَنْ حَلَفَ) عَلَى شَيْءٍ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ (وَقَالَ أَرَدْت شَهْرًا) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يُخَصِّصُ الْيَمِينَ (قُبِلَ) مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى (لَا فِي حَقِّ آدَمِيٍّ كَطَلَاقٍ) وَعَتَاقٍ (وَإِيلَاءٍ) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرًا (وَيَدِينُ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا وَقَالَ أَرَدْت زَيْدًا) مَثَلًا (لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ) عَمَلًا بِنِيَّتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ: لَا أَدْرِي مَاذَا بَنَى الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَيْهِ مَسَائِلَ الْإِيمَانِ إنْ اتَّبَعَ اللُّغَةَ فَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ بِكُلِّ رَأْسٍ، وَإِنْ اتَّبَعَ الْعُرْفَ فَأَصْحَابُ الْقُرَى لَا يَعُدُّونَ الْخِيَامَ بُيُوتًا وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْقَرَوِيِّ وَالْبَدْوِيِّ ثُمَّ أَجَابَ الْأَصْلُ بِأَنَّهُ يَتَّبِعُ اللُّغَةَ تَارَةً عِنْدَ ظُهُورِهَا وَشُمُولِهَا، وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْعُرْفُ أُخْرَى عِنْدَ اطِّرَادِهِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ هَذَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي [فَرْعٌ اللَّفْظُ الْخَاصُّ فِي الْيَمِينِ لَا يُعَمَّمُ بِنِيَّةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا وَالْعَامُّ قَدْ يُخَصَّصُ] (فَرْعٌ اللَّفْظُ الْخَاصُّ) فِي الْيَمِينِ (لَا يُعَمَّمُ) بِنِيَّةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا (وَالْعَامُّ قَدْ يُخَصَّصُ فَالْأَوَّلُ مِثْلُ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ) بِمَا نَالَ مِنْهُ (فَحَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً مِنْ عَطَشٍ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ) مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ وَمَاءٍ مِنْ غَيْرِ عَطَشٍ وَغَيْرِهَا (وَإِنْ نَوَاهُ) وَكَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا تَقْتَضِي مَا نَوَاهُ لِانْعِقَادِ الْيَمِينِ عَلَى الْمَاءِ مِنْ عَطَشٍ خَاصَّةً، وَإِنَّمَا تُؤَثِّرُ النِّيَّةُ إذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ مَا نَوَى بِجِهَةٍ يَتَجَوَّزُ بِهَا (وَيُخَصَّصُ الثَّانِي) أَيْ الْعَامُّ (إمَّا بِالنِّيَّةِ كَلَا أُكَلِّمُ أَحَدًا وَنَوَى زَيْدًا أَوْ بِالِاسْتِعْمَالِ كَلَا آكُلُ الرُّءُوسَ أَوْ بِالشَّرْعِ كَلَا أُصَلِّي حُمِلَ) الْأَخِيرُ (عَلَى الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ) وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا نَوَاهُ وَالثَّانِي عَلَى الْمُسْتَعْمَلِ عُرْفًا فِي الرُّءُوسِ [فَرْعٌ قَدْ يُصْرَفُ اللَّفْظُ مِنْ الْحَقِيقَةِ إلَى الْمَجَازِ بِالنِّيَّةِ] (فَرْعٌ قَدْ يُصْرَفُ اللَّفْظُ) مِنْ الْحَقِيقَةِ (إلَى الْمَجَازِ بِالنِّيَّةِ كَلَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ وَنَوَى مَسْكَنَهُ دُونَ مِلْكِهِ فَيُقْبَلُ) قَوْلُهُ (فِي غَيْرِ حَقِّ آدَمِيٍّ) بِأَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ كَأَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ (وَ) قَدْ يُصْرَفُ إلَيْهِ (بِالْعُرْفِ) بِأَنْ يَكُونَ مُتَعَارَفًا وَالْحَقِيقَةُ بَعِيدَةٌ (كَلَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يُحْمَلُ) اللَّفْظُ (عَلَى) أَكْلِ (الثَّمَرِ لَا) عَلَى أَكْلِ (الْوَرَقِ) وَالْأَغْصَانِ (وَقَدْ تَكُونُ الْحَقِيقَةُ مُتَعَارَفَةً) وَالْمَجَازُ بَعِيدًا (كَلَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ يُحْمَلُ) اللَّفْظُ (عَلَى) أَكْلِ (لَحْمِهَا لَا) عَلَى (اللَّبَنِ وَ) لَحْمِ (الْوَلَدِ، وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا دَخَلْت الدَّارَ وَأَعَادَهَا) أَيْ الْيَمِينَ مَرَّةً (نَاوِيًا) بِهَا يَمِينًا (أُخْرَى) أَوْ أَطْلَقَ (فَيَمِينَانِ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تُشْبِهُ الْحُدُودَ الْمُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ فَتَتَدَاخَلُ كَمَا مَرَّ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ يَتَعَدَّدُ وَفَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الظِّهَارِ حَيْثُ تَتَعَدَّدُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ بِأَنَّ الظِّهَارَ مِنْ الْكَبَائِرِ فَنَاسَبَ أَنْ يُزْجَرَ عَنْهُ بِالْكَفَّارَةِ لِرَفْعِ الْإِثْمِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ؛ لِأَنَّ كَفَّارَتَهَا لَا تَجِبُ فِي مُقَابَلَتِهَا بَلْ فِي مُقَابَلَةِ انْتِهَاكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْحِنْثِ وَالْحِنْثُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْفِعْلِ، وَهُوَ مُتَّحِدٌ، وَأُمَّا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ فَمُلْحَقَةٌ بِالظِّهَارِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ كَرَّرَ) قَوْلَهُ (لَا دَخَلْت الدَّارَ فَقَطْ) أَيْ دُونَ قَوْلِهِ وَاَللَّهِ (فَيَمِينٌ) وَاحِدَةٌ، وَإِنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ (فَرْعٌ) الْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ عَلَى الْمَمْلُوكِ الْمُضَافِ يُعْتَمَدُ الْمَالِكُ دُونَ الْمَمْلُوكِ وَالْمَعْقُودَةُ عَلَى غَيْرِ الْمَمْلُوكِ يُعْتَمَدُ الْمُضَافُ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَلَوْ (حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبِيدَ فُلَانٍ حَنِثَ بِمَا سَيَمْلِكُهُ) مِنْ الْعَبِيدِ (أَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَوْلَادَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا سَيُولَدُ) لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مَوْجُودِينَ وَقْتَ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْيَمِينِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى أَكْلِ لَحْمِهَا) وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ فَمَا أَدْرِي هَلْ يَخْتَصُّ بِهِ أَوْ يَتَنَاوَلُ الشَّحْمَ وَالْأَلْيَةَ وَالْكَبِدَ وَغَيْرَهَا مِمَّا يُؤْكَلُ مِنْهَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ التَّنَاوُلُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّحْمَ لِإِخْرَاجِ اللَّبَنِ وَالْوَلَدِ فِي الْجِلْدِ احْتِمَالٌ وَجَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِ الْمِنْهَاجِ بِتَنَاوُلِهِ جَمِيعَ مَا يُؤْكَلُ مِنْهَا وَصَرَّحَ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْخُوَارِزْمِيّ بِأَنَّهُ يَتَنَاوَل اللَّحْم وَالشَّحْمَ وَالْأَلْيَةَ فِي الشَّاةِ وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ التَّنَاوُلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَجَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ وَكَتَبَ أَيْضًا الشَّحْمَ وَالْأَلْيَة وَالْكَرِشَ وَالْكَبِدَ وَالرِّئَةَ وَالْقَلْبَ وَالْمُخَّ وَالدِّمَاغَ وَنَحْوَهَا مِنْ أَجْزَائِهَا كَاللَّحْمِ [فَرْعٌ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبِيدَ فُلَانٍ] (قَوْله أَوْ أَوْلَادُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا سَيُولَدُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْزِلُ عَلَى مَا لِلْمَحْلُوفِ قُدْرَةٌ عَلَى تَحْمِيلِهِ وَاسْتَشْكَلَ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَمَسُّ شَعْرَ فُلَانٍ فَحَلَقَهُ ثُمَّ ثَبَّتَ شَعْرَ آخَرَ فَمَسَّهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْكَافِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 (أَوْ) قَالَ وَاَللَّهِ (لَا أُكَلِّمُ النَّاسَ حَنِثَ بِوَاحِدٍ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ يَحْنَثُ بِمَا أَكَلَ مِنْهُ وَأَلْ لِلْجِنْسِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا كَلَّمَ ثَلَاثَةً وَأَيَّدَهُ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَوْ) لَا أُكَلِّمُ (نَاسًا فَبِثَلَاثَةٍ) يَحْنَثُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ نِسَاءً أَوْ لَا يَشْتَرِي عَبِيدًا قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِوَاحِدٍ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ قَلَّ (فَرْعٌ) الْمَعْرِفَةُ الْمَقْرُونَةُ بِالنَّكِرَةِ فِي الْيَمِينِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ لِتَغَايُرِهِمَا فَلَوْ (قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا يَدْخُلُ دَارِي أَحَدٌ فَدَخَلَ هُوَ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ غَيْرُهُ حَنِثَ) قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُعَرَّفًا بِإِضَافَةِ الدَّارِ إلَيْهِ (وَكَذَا) لَوْ عَرَّفَ نَفْسَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِإِضَافَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ كَأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ (لَا أُلْبِسُ هَذَا الْقَمِيصَ أَحَدًا) فَأَلْبَسَهُ نَفْسَهُ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ أَلْبَسَهُ غَيْرَهُ حَنِثَ (أَوْ عَرَّفَ) غَيْرَهُ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ كَأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ (لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ أَحَدٌ حَنِثَ بِغَيْرِ زَيْدٍ) أَيْ بِدُخُولِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ دُخُولِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْيَمِينِ الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُعَرَّفًا (أَوْ) قَالَ وَاَللَّهِ (لَا يَقْطَعُ هَذَا الْيَدَ أَحَدٌ يَعْنِي يَدَهُ فَقَطَعَهَا هُوَ لَمْ يَحْنَثْ) لِذَلِكَ (أَوْ) قَالَ (لَأَدْخُلَن هَذِهِ) الدَّارَ (أَوْ هَذِهِ) الدَّارَ الْأُخْرَى (بَرَّ بِوَاحِدَةٍ) أَيْ بِدُخُولِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ أَوْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ إثْبَاتَيْنِ اقْتَضَتْ ثُبُوتَ أَحَدِهِمَا (أَوْ لَا أَدْخُلُ) هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ (لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِدُخُولِهِمَا) لَا بِدُخُولِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ أَوْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ نَفْيَيْنِ كَفَى لِلْبِرِّ أَنْ لَا يَدْخُلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَا يَضُرُّ دُخُولُهُ الْأُخْرَى كَمَا أَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ إثْبَاتَيْنِ كَفَى لِلْبِرِّ أَنْ يَدْخُلَ إحْدَاهُمَا وَلَا يَضُرُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْأُخْرَى، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ رَادًّا بِهِ مَا نَقَلَهُ مِنْ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَيِّهِمَا دَخَلَ؛ لِأَنَّ أَوْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ نَفْيَيْنِ اقْتَضَتْ انْتِفَاءَهُمَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] وَزَعَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ غَيْرُ مُسْتَقِيم وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ إحْدَاهُمَا (أَوْ) قَالَ (لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَبَدًا أَوْ لَأَدْخُلَن) الدَّارَ (الْأُخْرَى الْيَوْمَ فَدَخَلَ الدَّارَ الْأُخْرَى الْيَوْمَ بَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الْأُخْرَى الْيَوْمَ وَلَا الْأُولَى بَرَّ أَيْضًا) أَيْ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَبَدًا وَلَأَدْخُلَن هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى الْيَوْمَ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يَدْخُلْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَنِثَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ دُخُولِ الْأُولَى أَبَدًا شَرْطٌ لِلْبِرِّ وَعَدَمَ دُخُولِ الثَّانِيَةِ فِي الْيَوْمِ شَرْطٌ لِلْحِنْثِ فَإِذَا وُجِدَ شَرْطُهُ حَنِثَ (فَصْلٌ مَنْثُورٌ) مَسَائِلُهُ لَوْ (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ يُشِيرُ إلَى دَارٍ فَانْهَدَمَتْ حَنِثَ بِالْعَرْصَةِ) أَيْ بِدُخُولِهَا (أَوْ) لَا يَدْخُلُ (هَذِهِ الدَّارَ فَلَا) يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا (إلَّا إنْ بَقِيَتْ الرُّسُومُ أَوْ أُعِيدَتْ بِآلَتِهَا) لِبَقَاءِ اسْمِهَا فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ صَارَتْ فَضَاءً وَمَا لَوْ أُعِيدَتْ بِغَيْرِ آلَتِهَا فَلَا حِنْثَ بِدُخُولِهَا لِزَوَالِ اسْمِهَا عَنْهَا (أَوْ لَا أَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ عَرْصَةَ دَارٍ لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى دَارًا (وَلَوْ جُعِلَتْ الدَّارُ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا) أَوْ غَيْرَهُمَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِزَوَالِ اسْمِهَا عَنْهَا (أَوْ) قَالَ وَاَللَّهِ (لَا أَشُمُّ الرَّيْحَانَ أَوْ رَيْحَانًا فَبِالضَّيْمَرَانِ) أَيْ بِشَمِّهِ يَحْنَثُ (فَقَطْ) أَيْ (دُونَ) شَمِّ (الْبَنَفْسَجِ وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالنَّرْجِسِ وَالْمَرْزَنْجُوشِ وَالزَّعْفَرَانِ) وَنَحْوِهَا (أَوْ) لَا أَشُمُّ (مَشْمُومًا حَنِثَ بِشَمِّ جَمِيعِ ذَلِكَ لَا) بِشَمِّ (الْمِسْكِ وَالْكَافُورِ وَالصَّنْدَلِ وَالْعُودِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا لَا يُسَمَّى مَشْمُومًا عُرْفًا وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ حِنْثِهِ بِذَلِكَ إذَا اجْتَذَبَ الرَّائِحَةَ بِخَيَاشِيمِهِ حَتَّى شَمَّهَا؛ لِأَنَّ شَمَّهَا بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ فَلَوْ حَمَلَ النَّسِيمُ الرَّائِحَةَ حَتَّى شَمَّهَا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ شَمَّهَا بِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ لَا أُكَلِّمُ النَّاسَ حَنِثَ بِوَاحِدٍ) مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ أَوْ الْأَطْفَالِ أَوْ الْمَجَانِينِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ نِسَاءً) وَلَا يَشْتَرِي عَبِيدًا أَوْ يُوَافِقُهُ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ لَفْظَ الْجَمْعِ مَعَ لَامِ التَّعْرِيفِ لِلْجِنْسِ وَمُنَكَّرًا لِلْعَدَدِ (قَوْلُهُ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَفِيهِ نَظَرٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَالرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ إذَا حَلَفَ عَلَى مَعْدُودٍ كَالنَّاسِ وَالْمَسَاكِينِ فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى الْإِثْبَاتِ كَقَوْلِهِ لَأُكْلَمَن النَّاسَ وَلَأَتَصَدَّقَن عَلَى الْمَسَاكِينِ لَا يَبَرُّ إلَّا بِثَلَاثَةٍ اعْتِبَارًا بِأَقَلِّ الْجَمْعِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى النَّفْيِ حَنِثَ بِالْوَاحِدِ اعْتِبَارًا بِأَقَلِّ الْعَدَدِ وَالْفَرْقُ أَنَّ نَفْيَ الْجَمِيعِ مُمْكِنٌ وَإِثْبَاتَ الْجَمِيعِ مُتَعَذِّرٌ فَاعْتُبِرَ أَقَلُّ الْجَمْعِ فِي الْإِثْبَاتِ، وَأَقَلُّ الْعَدَدِ فِي النَّفْيِ. اهـ. [فَرْعٌ الْمَعْرِفَةُ الْمَقْرُونَةُ بِالنَّكِرَةِ فِي الْيَمِينِ] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَوْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ نَفْيَيْنِ إلَخْ) يُخَالِفُهُ مَا حَكَاهُ بَعْدَهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا أَكَلَتْ خُبْزًا أَوْ لَحْمًا يَرْجِعُ إلَى مُرَادِهِ مِنْهُمَا فَتَتَعَلَّقُ بِهِ الْيَمِينُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُرَادِ تَعْيِينَ مَا شَاءَ وَعِبَارَتُهُ ظَاهِرَةٌ فِيهِ فَإِنَّهُ عَبَّرَ بِالتَّعْيِينِ فَقَالَ: فَتَتَعَيَّنُ يَمِينُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَزَعَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إلَخْ) عِبَارَتُهُ أَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ فَإِذَا كَانَتْ فِي الْإِثْبَاتِ حَصَلَ الْبِرُّ بِوَاحِدٍ وَإِذَا كَانَتْ فِي النَّفْيِ كَانَ الْمَنْفِيُّ فِعْلَ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْحِنْثَ بِوَاحِدٍ فَقَوْلُهُ كَفَى لِلْبِرِّ أَنْ لَا يَدْخُلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ بَلْ طَرِيقُ الْبِرِّ أَنْ لَا يَدْخُلَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ الدُّخُولِ لِوَاحِدَةٍ مُبْهَمَةٍ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ وَبَحْثُ الرَّافِعِيِّ ضَعِيفٌ جِدًّا [فَصْلٌ مَنْثُورٌ مَسَائِلُهُ] (فَصْلٌ مَنْثُورٌ مَسَائِلُهُ) (قَوْلُهُ أَوْ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ) أَوْ دَارًا وَالْبَيْتُ كَالدَّارِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ بَقِيَتْ الرُّسُومُ) الْمُتَبَادِرُ إلَى الْفَهْمِ مِنْهَا بَقَاءُ شَاخِصٍ، وَهِيَ أَمْثَلُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَالُوا إلَى تَرْجِيحِ اعْتِبَارِ بَقَاءِ اسْمِ الدَّارِ وَنُقِلَ عَنْ تَعْلِيقِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُهَذَّبِ حَيْثُ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ إذَا انْهَدَمَتْ وَصَارَتْ سَاحَةً لَمْ يَحْنَثْ أَمَّا إذَا بَقِيَ مِنْهَا مَا تُسَمَّى مَعَهُ دَارًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا. اهـ. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فَقَالَ وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ فَانْهَدَمَتْ حَتَّى صَارَتْ ثُمَّ دَخَلَهَا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَارٍ اهـ، وَهُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلَيْهِمَا (قَوْلُهُ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إلَخْ) شَمِلَ بَقَاءَ الْأَسَاسِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَمَا لَوْ أُعِيدَتْ بِغَيْرِ آلَتِهَا) أَوْ بِآلَتِهَا وَآلَةٍ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ الْمُشَارِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ فَبِالضَّيْمَرَانِ) أَيْ الرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ حِنْثِهِ بِذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 اجْتَذَبَ بِخَيَاشِيمِهِ مَا حَمَلَهُ النَّسِيمُ إلَيْهِ حَنِثَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشُمُّ طِيبًا حَنِثَ بِكُلِّ مَا حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي إطْلَاقِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعُرْفِ نَظَرٌ (أَوْ لَا أَشُمُّ الْوَرْدَ وَالْبَنَفْسَجَ لَمْ يَحْنَثْ بِدُهْنِهِمَا وَفِي) شَمِّ (يَابِسِهِمَا وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا كَذَلِكَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَسْتَخْدِمُ زَيْدًا فَخَدَمَهُ بِلَا طَلَبٍ لَمْ يَحْنَثْ) ، وَإِنْ كَانَ عَبْدَهُ؛ لِأَنَّ السِّينَ تَقْتَضِي الطَّلَبَ قَالَ صَاحِبُ الْوَافِي: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ اسْتِدَامَةُ الْخِدْمَةِ اسْتِخْدَامًا كَمَا أَنَّ اسْتِدَامَةَ اللُّبْسِ لُبْسٌ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ إنْ طَلَبَ الْخِدْمَةَ يَحْنَثُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْخِدْمَةُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَخْدُمُهُ فَخَدَمَهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ فَيَحْنَثُ (أَوْ لَا يَتَسَرَّى حَنِثَ بِأَنْ يَحْجُبَ الْجَارِيَةَ) عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ حَتَّى عَنْ الضِّيفَانِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ (وَيَطَأُ) هَا (وَيُنْزِلُ) فِيهَا (وَحَنِثَ وَبَرَّ بِالْقِرَاءَةِ جُنُبًا) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ أَوْ لَيَقْرَأَنهُ (وَلَا تُجْزِئُهُ) قِرَاءَتُهُ جُنُبًا (عَنْ نَذْرِهِ) الْقِرَاءَةَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النَّذْرِ التَّقَرُّبُ وَالْمَعْصِيَةُ لَا يُتَقَرَّبُ بِهَا (وَيَنْعَقِدُ يَمِينُهُ لِنَذْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ جُنُبًا) ، وَإِنْ عَصَى؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ يَنْعَقِدُ عَلَى فِعْلِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ بِخِلَافِ النَّذْرِ إذْ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُصَلِّيَ فِي مُصَلَّى فَصَلَّى فِيهِ عَلَى ثَوْبٍ حَنِثَ) كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُصَلِّي فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَصَلَّى عَلَى حَصِيرٍ فِيهِ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت مُلَاقَاتَهُ) أَيْ عَدَمَ مُلَاقَاةِ الْمُصَلَّى بِقَدَمِي وَجَبْهَتِي وَبَدَنِي وَثِيَابِي (قُبِلَ) مِنْهُ فَلَا يَحْنَثُ (لَا) إنْ قَالَ ذَلِكَ (وَالْيَمِينُ بِطَلَاقٍ) أَوْ عِتْقٍ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ وَيَدِينُ (أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ فَأَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ) أَوْ وَلَّاهُ ظَهْرَهُ (فَقَالَ يَا جِدَارُ افْعَلْ كَذَا لِيُفْهِمَهُ) الْغَرَضَ (لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا إنْ أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ) وَتَكَلَّمَ (وَلَمْ يُنَادِهِ أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَجَعَلَ مِنْهُ رُقْعَةً) فِي ثَوْبِهِ (لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لَابِسًا ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا (وَحَنِثَ بِعِمَامَةٍ) تَعَمَّمَ بِهَا، وَقَدْ نُسِجَتْ (مِنْهُ إنْ حَلَفَ بِالْعَرَبِيَّةِ دُونَ الْفَارِسِيَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بِهَا لُبْسًا (لَا) بِالْتِحَافِ (لِحَافٍ) نُسِجَ مِنْهُ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لُبْسًا كَمَا فِي التَّدَثُّرِ بِالثَّوْبِ (وَلَوْ قِيلَ لَهُ كَلِّمْ زَيْدًا الْيَوْمَ فَحَلَفَ وَلَوْ بِطَلَاقٍ لَا يُكَلِّمُهُ فَلِلْأَبَدِ) انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْيَوْمَ) فَيَنْعَقِدُ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي فَصْلٍ لَا يَنْعَقِدُ يَمِينُ صَبِيٍّ بِأَنَّ ذِكْرَ الْيَوْمِ هُنَا فِي السُّؤَالِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ (فَإِنْ كَلَّمَهُ وَالْحَالِفُ مَجْنُونٌ لَمْ يَحْنَثْ) وَقِيلَ يَحْنَثُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ حَانُوتَ فُلَانٍ حَنِثَ بِمَا) أَيْ بِدُخُولِهِ الْحَانُوتَ الَّذِي (يَعْمَلُ فِيهِ وَلَوْ مُسْتَأْجَرًا) لِلْعُرْفِ وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ مَعَ قَوْلِهِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْحِنْثِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ انْتَهَى وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ (وَقَوْلُهُ وَسُلْطَانُ اللَّهِ يَمِينٌ إنْ أَرَادَ الْقُدْرَةَ لَا الْمَقْدُورَ فَإِنْ قَالَ وَرَحْمَةِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ إنْ لَمْ يُرِدْ النِّعْمَةَ وَالْعُقُوبَةَ) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ فِعْلَهُمَا (فَلَيْسَ يَمِينًا أَوْ أَرَادَهُمَا) أَيْ أَرَادَ إرَادَتَهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (فَيَمِينٌ) وَذِكْرُ حُكْمِ عَدَمِ إرَادَةِ شَيْءٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ لَأَضْرِبَنك حَتَّى تَبُولِي أَوْ يُغْشَى عَلَيْك أَوْ حَتَّى تَمُوتِي حُمِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ) مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَخِيرَةِ بَحْثٌ لِلْأَصْلِ وَعِبَارَتُهُ أَوْ حَتَّى أَقْتُلَهَا أَوْ تُرْفَعَ مَيِّتَةً حُمِلَ عَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ وَيَظْهَرُ عَلَى أَصْلِنَا الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَيْضًا انْتَهَى لَكِنَّ مَا بَحَثَهُ جَزَمَ بِهِ فِي أَوَاخِرِ الطَّلَاقِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ حَسَنٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنهَا فِي كُلِّ حَقٍّ وَبَاطِلٍ فَهَذَا عَلَى الشِّكَايَةِ بِأَحَدِهِمَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا يُوجَدُ مِنْهُمَا مِنْ حَقٍّ وَبَاطِلٍ وَلَا تُعْتَبَرُ الشِّكَايَةُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الْخَيْمَةَ فَنُقِلَتْ إلَى مَوْضِعٍ) آخَرَ (وَدَخَلَهَا حَنِثَ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى سَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ) أَيْ عَلَى الْقَطْعِ بِهِ أَوْ بِهِمَا (فَأُعِيدَتْ صَنْعَتُهُ) أَيْ السَّيْفِ بَعْدَ كَسْرِهِ (أَوْ قُلِبَ حَدُّهَا) أَيْ السِّكِّينِ وَجُعِلَ فِي ظُهْرِهَا وَقَطَعَ بِهِمَا (لَمْ يَحْنَثْ) وَفِي مَعْنَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرُ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ بَلْ يُمْكِنُ إدْرَاجُ حُكْمِ السِّكِّينِ فِي حُكْمِ السَّيْفِ بِتَفْسِيرِ ضَمِيرِ صَنْعَتِهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (وَلَا أَثَرَ) فِي الْحِنْثِ (لِتَبْدِيلِ مِسْمَارٍ وَنِصَابٍ) بِغَيْرِهِمَا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَقْرَأُ بِمُصْحَفٍ فَفَتَحَهُ وَقَرَأَ فِيهِ حَنِثَ أَوْ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ زِيَادَةٌ حَادِثَةٌ) فِيهِ بَعْدَ الْيَمِينِ (أَوْ لَا يَكْتُبُ بِهَذَا الْقَلَمِ) ، وَهُوَ مَبْرِيٌّ (فَكُسِرَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا كَذَلِكَ) أَصَحُّهُمَا حِنْثُهُ لِبَقَاءِ رَائِحَتِهَا (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ اسْتِدَامَةَ اللُّبْسِ لَيْسَ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ قَالَ وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى عَنْ الضِّيفَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ) ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (تَنْبِيهٌ) حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً هَلْ يَحْنَثُ بِالْمُسْتَعْمَلِ يَنْبَغِي بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ مُطْلَقٌ مَنَعَ اسْتِعْمَالَهُ تَعَبُّدًا أَوْ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَنَامُ فَهَلْ يَنْزِلُ عَلَى مُطْلَقِ الِاسْمِ أَوْ لَا حَتَّى يُنْقَضَ الْوُضُوءُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّيَ خَلْفَ زَيْدٍ فَحَضَرَ الْجُمُعَةَ فَوَجَدَهُ إمَامًا فَهَلْ يُصَلِّيَ وَيَحْنَثُ أَوْ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ إلَى الصَّلَاةِ بِالْإِكْرَاهِ الشَّرْعِيِّ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَحْلِفُ يَمِينًا مُغَلَّظَةً فَوَجَبَ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَحَلَفَهُ الْقَاضِي وَقُلْنَا بِوُجُوبِ التَّغْلِيظِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَؤُمُّ زَيْدًا فَصَلَّى خَلْفَهُ وَلَمْ يَشْعُرْ هَلْ يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْيَوْمَ إلَّا أَكْلَةً وَاحِدَةً فَاسْتَدَامَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ قَطَعَ الْأَكْلَ قَطْعًا بَيِّنًا ثُمَّ عَادَ حَنِثَ، وَإِنْ قَطَعَ لَيَشْرَبُ الْمَاءَ أَوْ لِلِانْتِقَالِ مِنْ لَوْنٍ إلَى لَوْنٍ أَوْ لِانْتِظَارِ مَا يُحْمَلُ إلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ لَمْ يَحْنَثْ قَطْعًا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَنْزِلُ عَلَى مُطْلَقِ الِاسْمِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَهَلْ يُصَلِّي وَيَحْنَثُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ الْأَشْبَهَ الْحِنْثُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 ثُمَّ بُرِيَ) وَكَتَبَ بِهِ (لَمْ يَحْنَثْ) ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُنْبُوبَةُ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ فِي الْأُولَى لَمْ تَتَنَاوَلْ الزِّيَادَةَ حَالَةَ الْحَلِفِ وَالْقَلَمَ فِي الثَّانِيَةِ اسْمٌ لِلْمَبْرِيِّ دُونَ الْقَصَبَةِ، وَإِنَّمَا تُسَمَّى قَبْلَ الْبَرْيِ قَلَمًا مَجَازًا؛ لِأَنَّهَا سَتَصِيرُ قَلَمًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ فِي الْأُولَى أَنَّ الْأَفْضَلِيَّةَ الثَّابِتَةَ لِمَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْتَفَادَةَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَاصَّةٌ بِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ دُونَ مَا زِيدَ فِيهِ بَعْدُ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَسْجِدَ بَنِي فُلَانٍ فَدَخَلَ زِيَادَةٌ حَادِثَةٌ فِيهِ حَنِثَ قَالَ الرَّافِعِيُّ (أَوْ لَا يَسْتَنِدُ إلَى هَذَا الْجِدَارِ) أَوْ لَا يَجْلِسُ عَلَيْهِ (فَهُدِمَ وَبُنِيَ بِآلَتِهِ لَا بِغَيْرِهَا وَلَا بِبَعْضِهَا) وَاسْتَنَدَ إلَيْهِ أَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ (حَنِثَ) (أَوْ لَا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِهِ فِيمَا) أَيْ فَيَحْنَثُ بِمَا (يَمْلِكُ مِنْ مُبَاحٍ وَبِعَقْدٍ لَا إرْثٍ وَيَحْنَثُ بِكَسْبٍ) كَسْبِهِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ثُمَّ (مَاتَ عَنْهُ وَوَرِثَهُ الْحَالِفُ) وَأَكَلَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ مَا قَبِلَهُ غَيْرُهُ صَارَ مُكْتَسَبًا لَهُ فَلَا يَبْقَى مُكْتَسَبًا لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْمَوْرُوثِ فَيَبْقَى مُكْتَسِبًا لِلْأَوَّلِ وَيَكُونُ كَمَا لَوْ قَالَ لَا آكُلُ مِمَّا زَرَعَهُ فَأَكَلَ مِمَّا زَرَعَهُ وَبَاعَهُ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ قَالَ وَلَك أَنْ لَا تُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَيُشْتَرَطُ لِكَسْبِهِ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ (وَالْحَلْوَى مَا اُتُّخِذَ مِنْ نَحْوِ عَسَلٍ وَسُكَّرٍ) مِنْ كُلِّ حُلْوٍ لَيْسَ فِي جِنْسِهِ حَامِضٌ كَدِبْسٍ وَقَنْدٍ وَفَانِيذٍ لَا عِنَبٍ وَإِجَّاصٍ وَرُمَّانٍ (لَا هُمَا) أَيْ الْعَسَلِ وَالسُّكَّرِ وَنَحْوِهِمَا فَلَيْسَتْ بِحَلْوَى بِدَلِيلِ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ الْحَلْوَى وَالْعَسَلَ فَيُشْتَرَطُ فِي الْحَلْوَى أَنْ تَكُونَ مَعْمُولَةً فَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ الْمَعْمُولِ بِخِلَافِ الْحُلْوِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي اللَّوْزَيْنَجِ وَالْجَوْزَيْنَجِ وَجْهَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ الْأَشْبَهَ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُعِدُّونَهُمَا حَلْوَاءَ قَالَ وَمِثْلُهُ مَا يُقَالُ لَهُ الْمُكَفَّنُ وَالْخُشْكَنَانِ وَالْقَطَائِفُ (وَالشِّوَاءُ يَقَعُ عَلَى اللَّحْمِ) الْمَشْوِيِّ (لَا) عَلَى (الشَّحْمِ) وَالسَّمَكِ الْمَشْوِيَّيْنِ (وَالطَّبِيخُ) يَقَعُ (عَلَى مَرَقٍ وَلَحْمِهِ وَكَذَا) عَلَى (أُرْزٍ وَعَدَسٍ طُبِخَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِوَدَكٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ وَالْمَرَقُ) يَصْدُقُ (بِمَطْبُوخِ اللَّحْمِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْمَرَقَ فَهُوَ مَا يُطْبَخُ بِاللَّحْمِ أَيِّ لَحْمٍ كَانَ (فَإِنْ طُبِخَ بِهِ) أَيْ بِالْمَرَقِ وَالْمُرَادُ بِالْمَاءِ (الشَّحْمُ وَالْبُطُونُ) وَالْكَرِشُ (فَوَجْهَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَكْثَرُ النَّاسِ يُعِدُّونَ ذَلِكَ مَرَقًا وَلَا يُقَصِّرُونَ الْمَرَقَ عَلَى مَا يُطْبَخُ بِاللَّحْمِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْمَطْبُوخَ حَنِثَ بِمَا طُبِخَ بِالنَّارِ أَوْ أُغْلِيَ وَلَا يَحْنَثُ بِالْمَشْوِيِّ وَالطَّبَاهِجَةِ مُسْتَوِيَةٌ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ (وَالْغَدَاءُ) أَيْ وَقْتُهُ (مِنْ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ ثُمَّ الْعَشَاءُ) أَيْ وَقْتُهُ مِنْ الزَّوَالِ (إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَقَدْرُهُمَا) أَنْ يَأْكُلَ (فَوْقَ نِصْفِ الشِّبَعِ ثُمَّ هُوَ) أَيْ مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ (سَحُورٌ) أَيْ وُقِّتَ لَهُ (إلَى) طُلُوعِ (الْفَجْرِ وَالْغَدْوَةِ مِنْ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) إلَى الِاسْتِوَاءِ (وَالضَّحْوَةِ بَعْدَ) طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ حِينِ (زَوَالِ الْكَرَاهَةِ) لِلصَّلَاةِ (إلَى الِاسْتِوَاءِ وَالصَّبَاحُ مَا بَعْدَ الطُّلُوعِ) لِلشَّمْسِ (إلَى ارْتِفَاعِ الضُّحَى) قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي كَوْنِ الْعَشَاءِ مِنْ الزَّوَالِ وَفِي مِقْدَارِ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ وَفِي امْتِدَادِ الْغَدْوَةِ إلَى نِصْفِ النَّهَارِ وَفِي أَنَّ الضَّحْوَةَ مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي تَحِلُّ فِيهَا الصَّلَاةُ قُلْت، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ أَيْضًا فِي كَوْنِ الصَّبَاحِ مُقَيَّدًا بِمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (وَقَوْلُهُ لِمَنْ دَقَّ الْبَابَ) وَكَانَ قَدْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ (مَنْ هَذَا كَلَامٌ) مِنْهُ (لَهُ) فَيَحْنَثُ (إنْ عَلِمَ بِهِ) وَإِلَّا فَلَا (وَكَذَا إيقَاظُ نَائِمٍ) حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ وَأَيْقَظَهُ بِالْكَلَامِ فَإِنَّهُ كَلَامٌ لَهُ فَيَحْنَثُ إنْ عَلِمَ بِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْعِلْمِ بِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا انْتَبَهَ النَّائِمُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فِيهَا نَقْلًا عَنْ الْحَنَفِيَّةِ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَنَبَّهَهُ مِنْ النَّوْمِ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ، وَهَذَا غَيْرُ مَقْبُولٍ فَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ، وَهَذَا غَيْرُ مَقْبُولٍ إلَى مَا ذَكَرْته (وَقَوْلُهُ لَا أُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ وَلَا غَدًا أَوْ الْيَوْمَ وَغَدًا لَمْ يَحْنَثْ بِاللَّيْلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْيَمِينِ (إلَّا بِنِيَّتِهِ) فَيَحْنَثُ بِهِ أَيْضًا (أَوْ) قَالَ (لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ فَالْيَمِينُ عَلَى يَوْمَيْنِ فَقَطْ) فَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ) لَا أُكَلِّمُهُ (يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ فَثَلَاثَةٌ) أَيْ فَالْيَمِينُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ عَطْفٌ مُبْتَدَأٌ (وَيُشْتَرَطُ فِي) الْبِرِّ فِي الْحَلِفِ عَلَى (هَدْمٍ) أَوْ نَقْضِ هَذِهِ (الدَّارِ كَذَا) هَذَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَعُدُّونَ ذَلِكَ مَرَقًا) هُوَ الْأَصَحُّ (98) (فَرْعٌ) لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ثَرِيدًا لَمْ يَحْنَثْ بِخُبْزٍ غَيْرِ مُثْرَدٍ فِي مَرَقٍ وَفِي الْحَاوِي لَوْ حَلَفَ لَا أَكَلَتْ لَذِيذًا فَأَكَلَ مَا يَسْتَلِذُّ بِهِ هُوَ وَلَا يَسْتَلِذُّهُ غَيْرُهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَلَذٍّ بِمَا أَكَلَهُ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا أَكَلْت مُسْتَلَذًّا حَنِثَ بِمَا يَسْتَلِذُّهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَلَذَّ مِنْ صِفَاتِ الْمَأْكُولِ وَاللَّذِيذُ مِنْ صِفَاتِ الْأَكْلِ وَفِيمَا أَطْلَقَهُ نَظَرٌ وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ يَحْنَثُ بِمَا يُعَدُّ مُسْتَلَذًّا عُرْفًا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَلِذَّهُ هُوَ وَإِلَّا فَقَدْ يَسْتَلِذُّ بَعْضُ الْأَجْلَافِ بِمَا لَا يُسْتَلَذُّ أَصْلًا وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُ وَكَذَا الْفَرْقُ لَيْسَ بِالْوَاضِحِ غ (قَوْلُهُ وَالضَّحْوَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ) وَالصَّيْفُ وَالشِّتَاءُ وَالرَّبِيعُ وَالْخَرِيفُ الْمُدَدُ الْمَعْلُومَةُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا تَنَبَّهَ النَّائِمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْجِلْدُ الَّذِي عَلَيْهِ الصُّوفُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَذَبَحَ شَاةً فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ حَنِثَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ إلَخْ. (خَاتِمَةٌ) وَلَوْ قَالَ لَا أَشْرَبُ الْخَمْرَ فَشَرِبَ النَّبِيذَ قَالَ الْقَاضِي لَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: لَا أَبِيعُ الْعَبْدَ فَبَاعَ بَعْضَهُ أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ وَوَهَبَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لَهَا ثَوْبًا فَاشْتَرَى ثَوْبًا بِنِيَّتِهَا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لَهُ لَا لَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِوَكَالَتِهَا وَلَوْ قَالَتْ لَا أَلْبَسُ ثَوْبَهُ فَاشْتَرَى ثَوْبًا بِنِيَّتِهَا فَلَبِسَتْهُ حَنِثَتْ، وَإِنْ مَلَكَهَا فَلَبِسَتْهُ لَمْ تَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ مَا فَعَلْت كَذَا وَعِنْدَهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِهِ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَوْ حَلَفَ لَا لَبِسْت ثَوْبًا فَوَهَبَهُ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ لَمْ يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ لَا أَخَذْت لَهُ دِرْهَمًا فَوَهَبَهُ دِرْهَمًا فَقَبَضَهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ لَهُ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ فَحَالَةُ الْقَبْضِ هُوَ قَابِضٌ دِرْهَمًا لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا الثَّوْبُ فَإِنَّمَا لَبِسَهُ بَعْدَ أَنْ صَارَ لَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 (الْحَائِطَ لَا كَسْرَهُ إزَالَةَ الِاسْمِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ عَلَى كَسْرِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْبِرِّ إزَالَةُ الِاسْمِ (فَرْعٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَزُورُهُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا يَحْنَثُ بِتَشْيِيعِ جِنَازَتِهِ أَوْ لَا يُدْخِلُ بَيْتَهُ صُوفًا فَأَدْخَلَ شَاةً) عَلَيْهَا صُوفٌ وَمِثْلُهُ الْجِلْدُ الَّذِي عَلَيْهِ الصُّوفُ فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ) لَا يُدْخِلُهُ (بَيْضًا فَأَدْخَلَ دَجَاجَةً فَبَاضَتْ) وَلَوْ (فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ) حَلَفَ (لَا يُظِلُّهُ سَقْفٌ حَنِثَ) بِاسْتِظْلَالِهِ (بِالْأَزَجِ أَوْ) حَلَفَ (لَا يُفْطِرُ فَبِأَكْلٍ وَجِمَاعٍ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُفَطِّرُ يَحْنَثُ (لَا رِدَّةٍ وَحَيْضٍ وَ) دُخُولِ (لَيْلٍ) وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُفَطِّرُ عَادَةً كَجُنُونٍ فَلَا يَحْنَثُ بِهَا قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَذْبَحُ الْجَنِينَ فَذَبَحَ شَاةً فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ حَنِثَ؛ لِأَنَّ ذَكَاتَهَا ذَكَاتُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَذْبَحُ شَاتَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ تُرَاعَى فِيهَا الْعَادَةُ وَفِي الْعَادَةِ لَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ ذَبْحٌ لِشَاتَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي الْأُولَى أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَقْرَبُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْبِهُ الْفَرْقَ بَيْنَ عِلْمِهِ بِحَمْلِهَا وَجَهْلِهِ وَظَنِّهِ حِيَالَهَا وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَصْطَادُ مَا دَامَ الْأَمِيرُ فِي الْبَلَدِ فَخَرَجَ الْأَمِيرُ مِنْهَا فَاصْطَادَ ثُمَّ رَجَعَ وَاصْطَادَ لَمْ يَحْنَثْ لِانْقِطَاعِ دَوَامِ الصِّفَةِ انْتَهَى وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ مَا يُوَافِقُهُ (كِتَابُ الْقَضَاءِ) بِالْمَدِّ أَيْ الْحُكْمُ وَجَمْعُهُ أَقْضِيَةٌ كَقَبَاءٍ وَأَقْبِيَةٍ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ يُقَالُ لِإِتْمَامِ الشَّيْءِ وَإِحْكَامِهِ وَإِمْضَائِهِ وَالْفَرَاغِ مِنْهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَتِمُّ الْأَمْرَ وَيُحْكِمُهُ وَيُمْضِيهِ وَيَفْرُغُ مِنْهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وقَوْله تَعَالَى {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42] وقَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 105] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهَا فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «إذَا جَلَسَ الْحَاكِمُ لِلْحُكْمِ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ مَلَكَيْنِ يُسَدِّدَانِهِ وَيُوَفِّقَانِهِ فَإِنْ عَدَلَ أَقَامَا، وَإِنْ جَارَ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ» وَمَا جَاءَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ الْقَضَاءِ كَقَوْلِهِ «مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» مَحْمُولٌ عَلَى عِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ أَوْ عَلَى مَنْ يُكْرَهُ لَهُ الْقَضَاءُ أَوْ يَحْرُمُ عَلَى مَا سَيَأْتِي (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ: الْأَوَّلُ: فِي التَّوْلِيَةِ وَالْعَزْلِ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي التَّوْلِيَةِ وَ) فِي (الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ) أَيْ تَوَلِّيهِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) فِي حَقِّ الصَّالِحِينَ لَهُ (كَالْإِمَامَةِ) بِالْإِجْمَاعِ وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ (وَمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِي نَاحِيَتِهِ صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ غَيْرُهُ (لَزِمَهُ طَلَبُهُ وَقَبُولُهُ) إذَا وَلِيَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِيهَا (وَلَا يُعْذَرُ) الْمُتَعَيِّنُ (لِخَوْفِ مَيْلٍ) مِنْهُ أَيْ جَوْرٍ بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَطْلُبَ وَيَقْبَلَ وَيَحْتَرِزَ مِنْ الْمَيْلِ كَسَائِرِ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ (وَلَا يَفْسُقُ بِالِامْتِنَاعِ) مِنْ ذَلِكَ (لِتَأَوُّلِهِ) فِي امْتِنَاعِهِ، وَإِنْ أَخْطَأَ (وَيُجْبَرُ) عَلَى الْقَبُولِ لِاضْطِرَارِ النَّاسِ إلَيْهِ كَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ وَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ عِنْدَ التَّعَيُّنِ، وَأُمَّا خَبَرُ «أَنَّا لَا نُكْرِهُ عَلَى الْقَضَاءِ أَحَدًا» فَحَمَلُوهُ عَلَى حَالِ عَدَمِ التَّعَيُّنِ مَعَ أَنَّهُ غَرِيبٌ (فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ أَفْضَلُ مِنْهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ) مِنْ الْقَبُولِ (كُرِهَ) لِلْمَفْضُولِ (الطَّلَبُ)   [حاشية الرملي الكبير] [كِتَابُ الْقَضَاءِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي تَوْلِيَة الْقَاضِي وَعَزْلهِ] [الطَّرَفَ الْأَوَّلُ فِي التَّوْلِيَةِ] كِتَابُ الْقَضَاءِ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَالْحُكْمُ الَّذِي يَسْتَفِيدُهُ الْقَاضِي بِالْوِلَايَةِ إظْهَارُ حُكْمِ الشَّرْعِ فِي الْوَاقِعَةِ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إمْضَاؤُهُ وَفِيهِ احْتِرَازٌ عَنْ الْمُفْتِي فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إمْضَاءُ الْحُكْمِ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هُوَ إظْهَارُ حُكْمِ الشَّرْعِ فِي الْوَاقِعَةِ مِنْ مُطَاعٍ وَاحْتَرَزَ بِالْمُطَاعِ عَنْ الْمُفْتِي قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُفْتِي أَيْضًا تَجِبُ طَاعَتُهُ فَهُوَ مُطَاعٌ شَرْعًا قُلْت الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هُوَ الْإِلْزَامُ مِمَّنْ لَهُ فِي الْوَقَائِعِ الْخَاصَّةِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لِمُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا: أَطْرَافُ كُلِّ قَضِيَّةٍ حُكْمِيَّةٍ سِتٌّ يَلُوحُ بِعَدِّهَا التَّحْقِيقُ حُكْمٍ وَمَحْكُومٍ بِهِ وَلَهُ وَمَحْكُومٌ عَلَيْهِ وَحَاكِمٌ وَطَرِيقٌ فَلَا يَحْكُمُ إلَّا بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ، وَهُوَ الْإِيجَابُ أَوْ التَّحْرِيمُ أَوْ الْإِبَاحَةُ أَوْ الصِّحَّةُ أَوْ الْفَسَادُ وَكَذَلِكَ السَّبَبِيَّةُ وَالشَّرْطِيَّةُ وَالْمَانِعِيَّةُ وَلَا يَحْكُمُ بِكَرَاهَةٍ وَلَا نَدْبٍ فَإِنَّهُ لَا إلْزَامَ فِيهِمَا مُبَاشَرَةً وَلَا اسْتِلْزَامًا بِخِلَافِ تِلْكَ الْأُمُورِ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ طِبَاعَ الْبَشَرِ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّظَالُمِ وَمَنْعِ الْحُقُوقِ وَقَلَّ مَنْ يُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَقْدِرُ الْإِمَامُ عَلَى فَصْلِ كُلِّ الْخُصُومَاتِ بِنَفْسِهِ فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ (تَنْبِيهٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ هَلْ التَّصَدِّي لِلْقَضَاءِ أَفْضَلُ أَمْ التَّصَدِّي لِلْفُتْيَا فَأَجَابَ بِأَنَّ التَّصَدِّي لِلْفُتْيَا أَفْضَلُ فَإِنَّ مُتَعَلَّقَهَا أَهَمُّ (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ) هَذَا خَاصٌّ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالنَّظَرِ الصَّحِيحِ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا (قَوْلُهُ أَيْ تَوْلِيَةً) أَمَّا إيقَاعُ التَّوْلِيَةِ لِلْقَاضِي فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى قَاضِي الْإِقْلِيمِ فِي الْمَعْجُوزِ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ الْخَبَرُ لِبُعْدِهِ عَنْهُ تَعَيَّنَ فَرْضُ التَّوْلِيَةِ عَلَى الْقَاضِي، وَإِنْ بَلَغَهُ فَالْفَرْضُ عَلَيْهِمَا فَأَيُّهُمَا وَلِيَ سَقَطَ الْفَرْضُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَأَمَّا إيقَاعُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْإِمَامِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَإِذَا ارْتَفَعَا إلَى النَّائِبِ فَإِيقَاعُ الْقَضَاءِ بَيْنَهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ الدَّفْعُ إذَا كَانَ فِيهِ تَعْطِيلٌ وَتَطْوِيلُ نِزَاعٍ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ إمَّا أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ هُمَا وَهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ (قَوْلُهُ وَمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ طَلَبُهُ) وَلَوْ تَوَقَّفَ عَلَى بَذْلِ مَالٍ لَزِمَهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُجَابُ لِمَا عَلِمَهُ مِنْ فَسَادِ الزَّمَانِ وَأَئِمَّتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ غ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِيهَا) أَيْ النَّاحِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَفْسُقُ بِالِامْتِنَاعِ لِتَأَوُّلِهِ) فَإِنْ قِيلَ قَدْ يَمْتَنِعُ بِلَا تَأْوِيلٍ فَيَفْسُقُ فَلَا بُدَّ بَعْدَ تَوْبَتِهِ مِنْ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَاسِقَ مَتَى حَصَلَ بِتَوْبَتِهِ الْعِلْمُ بِزَوَالِ الْفِسْقِ صَحَّتْ فِي الْحَالِ كَمَا قُلْنَا فِي الْعَاضِلِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ مُدَّةٍ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّزْوِيجِ يَرْتَفِعُ فِسْقُهُ، وَهَذَا مِثْلُهُ وَلَهُ نَظَائِرُ ع (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ أَفْضَلُ مِنْهُ إلَخْ) قَالَ الْمُفْتِي هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إذْ كَيْفَ يَكُونُ مُتَعَيِّنًا وَهُنَاكَ أَفْضَلُ مِنْهُ فَزِدْت بَعْدَ قَوْلِهِ وَيُجْبَرُ لَفْظَةً وَإِلَّا إلَخْ لِيَسْتَقْسِمَ الْكَلَامُ اهـ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَمَنْ تَعَيَّنَ فَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ لَيْسَ عَائِدًا عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ كُرِهَ لِلْمَفْضُولِ الطَّلَبُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحَلُّ وِلَايَةِ الْمَفْضُولِ مَعَ الْفَاضِلِ فِي الْمُجْتَهِدِينَ أَوْ الْمُقَلِّدِينَ الْعَارِفِينَ بِمَدَارِكِ مُقَلَّدِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْفَاضِلُ مُجْتَهِدًا وَأَوْ مُقَلِّدًا عَارِفًا بِمَدَارِكِ إمَامِهِ وَالْمَفْضُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ لَمْ تَجُزْ تَوْلِيَتُهُ وَلَا قَبُولُهُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ تَوْجِيهُ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْحَدِّ الْمَطْلُوبِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ حَيْثُ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ» (وَجَازَ) لَهُ (الْقَبُولُ) إذْ وَلِيَ مَعَ كَرَاهَتِهِ فَلَوْ قَالَ وَالْقَبُولُ كَانَ أَوْلَى وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْتَدِئَهُ بِالتَّوْلِيَةِ أَمَّا إذَا كَانَ الْأَفْضَلُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْقَبُولِ فَكَالْمَعْدُومِ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ كَرَاهَةِ مَا ذُكِرَ مَا إذَا كَانَ الْمَفْضُولُ أَطْوَعَ وَأَقْرَبَ إلَى الْقَبُولِ وَالْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ أَقْوَى فِي الْقِيَامِ فِي الْحَقِّ (وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مِثْلُهُ وَكَانَ هَذَا مَشْهُورًا) يُنْتَفَعُ بِعِلْمِهِ (مُكَفِّيًا) بِغَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ (كُرِهَ لَهُ طَلَبُهُ وَقَبُولُهُ) وَعَلَى هَذَا حُمِلَ امْتِنَاعُ السَّلَفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا أَوْ مَكْفِيًّا (اُسْتُحِبَّ) لَهُ ذَلِكَ (لِيُنْتَفَعَ بِعِلْمِهِ أَوْ لِيَكْتَفِيَ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دُونَهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْقَبُولُ وَكَذَا الطَّلَبُ) ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبَّانِ (إذَا وَثِقَ بِنَفْسِهِ) أَمَّا عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهَا فَيَحْتَرِزُ؛ لِأَنَّ أَهَمَّ الْعَزَائِمِ حِفْظُ السَّلَامَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ حُذِفَ لَفْظَةُ كَذَا كَانَ أَوْلَى (وَحَرُمَ) عَلَى الصَّالِحِ (لِلْقَضَاءِ طَلَبٌ) لَهُ (وَبَذْلُ مَالٍ لِعَزْلِ) قَاضٍ (صَالِحٍ) لَهُ (وَلَوْ) كَانَ (دُونَهُ وَبَطَلَتْ) بِذَلِكَ (عَدَالَتُهُ) فَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ وَالْمَعْزُولُ بِهِ عَلَى قَضَائِهِ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْعَزْلَ بِالرِّشْوَةِ حَرَامٌ وَتَوْلِيَةُ الْمُرْتَشِي لِلرَّاشِي حَرَامٌ (وَلَوْ وَجَبَ أَوْ اُسْتُحِبَّ طَلَبُهُ جَازَ بَذْلُ الْمَالِ وَ) لَكِنَّ (آخِذُهُ ظَالِمٌ) كَمَا إذَا تَعَذَّرَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ فَإِنْ لَمْ يَجِبْ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِيُوَلَّى وَيَجُوزُ لَهُ بَذْلُهُ لِئَلَّا يُعْزَلَ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُهُ لِيُوَلَّى، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ (وَكَذَا يُسْتَحَبُّ بَذْلُهُ لِعَزْلِ) قَاضٍ (غَيْرِ صَالِحٍ) لِلْقَضَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْلِيصِ النَّاسِ مِنْهُ لَكِنَّ آخِذَهُ ظَالِمٌ (وَلَا يَجِبُ) عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ (طَلَبٌ وَ) لَا (قَبُولٌ) لَهُ (فِي غَيْرِ بَلَدِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَتَرْكِ الْوَطَنِ وَفَارَقَ سَائِرَ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْقِيَامُ بِهَا وَالْعَوْدُ إلَى الْوَطَنِ وَالْقَضَاءُ لَا غَايَةَ لَهُ مَعَ قِيَامِ حَاجَةِ بَلَدِ الْمُتَعَيِّنِ إلَيْهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِبَلَدٍ صَالِحَانِ وَوَلِيَ أَحَدُهُمَا مَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْآخَرِ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ آخَرَ لَيْسَ بِهِ صَالِحٌ وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ الْبَلَدُ الْأُخْرَى إنْ لَمْ يَشْمَلْهَا حُكْمُ الْأَوَّلِ مَعَ انْتِفَاءِ حَاجَةِ بَلَدِهِ إلَيْهِ هَذَا وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْبَلَدِ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ اعْتِبَارُ الْبَلَدِ وَالنَّاحِيَةِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ النَّاحِيَةُ فَقَطْ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمِنْهَاجُ (وَإِنْ صَلَحَ) لَهُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا (جَمَاعَةٌ وَقَامَ) بِهِ (أَحَدُهُمْ سَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ) عَنْ الْجَمِيعِ (وَإِنْ امْتَنَعُوا) مِنْهُ (أَثِمُوا) كَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ (وَأَجْبَرَ الْإِمَامُ وَاحِدًا) مِنْهُمْ عَلَيْهِ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ الْمَصَالِحُ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَاضٍ (، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَاضٍ) فَإِنْ كَانَ (غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ) لِلْقَضَاءِ (فَكَالْمَعْدُومِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا) لَهُ (فَطَلَبُ عَزْلِهِ حَرَامٌ) ، وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ عَزَلَ (وَوَلَّى) غَيْرَهُ (نَفَذَ لِلضَّرُورَةِ) أَيْ عِنْدَهَا، وَأُمَّا عِنْدَ تَمَهُّدِ الْأُصُولِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا يَنْفُذُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِيمَا إذَا بَذَلَ مَالًا لِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِدُونِهِ كَذَلِكَ (وَيُشْتَرَطُ) فِيمَنْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ (أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا حُرًّا ذَكَرًا إذَا رَأَى مُجْتَهِدًا) أَيْ (غَيْرَ مُقَلِّدٍ) فَلَا يُوَلَّاهُ كَافِرٌ وَلَوْ عَلَى كُفَّارٍ كَمَا سَيَأْتِي لِعَدَمِ عَدَالَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَلَا مَنْ فِيهِ رِقٌّ لِنَقْصِهِ وَلَا أُنْثَى وَلَوْ فِيمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِيهِ إذْ لَا يَلِيقُ بِهَا مُجَالَسَةُ الرِّجَالِ وَرَفْعُ صَوْتِهَا بَيْنَهُمْ وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» وَلَا خُنْثَى كَالْأُنْثَى وَلَا مُقَلِّدًا كَمَا فِي الْإِفْتَاءِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ مِنْ الْمُقَلِّدِ وَقَوْلُهُ إذَا رَأَى يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَأَنْ يَكُونَ كَافِيًا مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْدُوبَاتِ الْآتِيَةِ. (وَالْمُجْتَهِدُ مَنْ عَلِمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَعَرَفَ) مِنْهُمَا (الْخَاصَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) وَقَوْلُهُ وَالْبُلْقِينِيُّ إلَخْ وَيَلْحَقُ بِالْمَفْضُولِ فِيهِمَا الْمِثْلُ غَيْرُ الْمُحْتَاجِ وَالْحَامِلُ (قَوْلُهُ مَا إذَا كَانَ الْمَفْضُولُ أَطْوَعَ إلَخْ) أَوْ كَانَ الْأَفْضَلُ غَائِبًا أَوْ مَرِيضًا (قَوْلُهُ لِيَنْتَفِعَ بِعِلْمِهِ أَوْ لِيَكْتَفِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُزَادُ مَا إذَا كَانَ الْمِثْلُ يَرْتَكِبُ أُمُورًا يَضْعُفُ مُدْرِكُهَا فَيُنْدَبُ لَهُ الطَّالِبُ وَقَدْ يَقْوَى الْإِيجَابُ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ يُنْقَضُ الْقَضَاءُ فِيهَا أَوْ كَانَ لَا يَقُومُ بِكِفَايَةِ النَّاسِ فِي خُصُومَاتِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ إلَّا بِجَهْدٍ وَتَعَبٍ وَتَكَلُّفٍ وَرُبَّمَا تَأَخَّرَ بَعْضُ الْقَضَايَا لِلْكَثْرَةِ فَيُنْدَبُ الطَّلَبُ لِمَنْ يَقُومُ بِالْمَصَالِحِ بِحَيْثُ يَزُولُ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ أَمَّا عِنْدَ الْخَوْفِ فَيَحْتَرِزُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ الْإِقْدَامِ لَكِنْ قَطَعَ فِي الذَّخَائِرِ بِوُجُوبِ الِامْتِنَاعِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ طَلَبٌ لَهُ) أَيْ وَقَبُولٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ) تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ النُّسَخِ السَّقِيمَةِ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الرَّوْضَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ طَلَبٌ وَلَا قَبُولٌ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ الَّذِي نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الْمَبْعُوثِ إلَيْهَا أَوْ بِقُرْبِهَا صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ وَكَلَامُ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ لَا رَيْبَ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْإِمَامِ وَوُجُوبِ امْتِثَالِ أَمْرِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ اعْتِبَارُ الْبَلَدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِدُونِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا إلَخْ) أَيْ سَمِيعًا بَصِيرًا نَاطِقًا عَدْلًا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ مُجْتَهِدًا) قَالَ الْقَفَّالُ: فِي زَمَانِهِ لَا يُوجَدُ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ، وَأَمَّا الْمُجْتَهِدُ الْمُقَيَّدُ الَّذِي يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَقَدْ عُرِفَ مَذْهَبُهُ وَصَارَ حَاذِقًا فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَشِذُّ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ أُصُولِ مَذْهَبِهِ أَيْ مَنْصُوصَاتِهِ بِحَيْثُ إذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَا يَعْرِفُ فِيهَا نَصًّا لِإِمَامِهِ اجْتَهَدَ فِيهَا وَخَرَّجَهُ عَلَى أُصُولِهِ وَأَفْتَى فِيهَا بِمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فَهَذَا أَعَزُّ مِنْ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ (قَوْلُهُ وَلَا خُنْثَى) كَالْأُنْثَى، وَإِنْ زَالَ إشْكَالُهُ وَبَانَ رَجُلًا أَمَّا إذَا بَانَتْ رُجُولِيَّتُهُ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ صَحَّ تَقْلِيدُهُ جَزْمًا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا بَانَتْ بِغَيْرِ قَوْلِهِ. (قَوْلُهُ وَالْمُجْتَهِدُ مَنْ عَلِمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) أَيْ لَا جَمِيعِهِمَا وَأَيِّ الْأَحْكَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرُهُمَا خَمْسُمِائَةِ آيَةٍ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ كَمَا تُسْتَنْبَطُ مِنْ الْأَوَامِرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 وَالْعَامَّ وَالْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ وَالْمُجْمَلَ وَالْمُبَيَّنَ) وَالنَّصَّ وَالظَّاهِرَ (وَالنَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ) وَعَرَفَ (مِنْ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَ وَالْآحَادَ وَالْمُرْسَلَ وَالْمُتَّصِلَ وَعَدَالَةَ الرُّوَاةِ وَجَرْحَهُمْ) ؛ لِأَنَّ أَهْلِيَّةَ الِاجْتِهَادِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ (وَ) عَرَفَ (أَقَاوِيلَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ إجْمَاعًا وَغَيْرَهُ) لِئَلَّا يُخَالِفَهُمْ فِي اجْتِهَادِهِ (وَ) عَرَفَ (الْقِيَاسَ جَلِيَّهُ وَخَفِيَّهُ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا فِي الْبَابِ الثَّانِي (وَصَحِيحَهُ وَفَاسِدَهُ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَ) عَرَفَ (لِسَانَ الْعَرَبِ لُغَةً وَإِعْرَابًا) لِوُرُودِ الشَّرِيعَةِ بِهِ؛ وَلِأَنَّ بِهِ يُعْرَفُ عُمُومُ اللَّفْظِ وَخُصُوصُهُ وَإِطْلَاقُهُ وَتَقْيِيدُهُ وَإِجْمَالُهُ وَبَيَانُهُ (وَ) عَرَفَ (أُصُولَ الِاعْتِقَادِ) قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَكْفِي اعْتِقَادٌ جَازِمٌ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا عَلَى طُرُقِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَدِلَّتِهِمْ؛ لِأَنَّهَا صِنَاعَةٌ لَمْ يَكُنْ الصَّحَابَةُ يَنْظُرُونَ فِيهَا (وَلَا يُشْتَرَطُ حِفْظُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ) وَلَا بَعْضُهُ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَعْرِفَ مَظَانَّ أَحْكَامِهِ فِي أَبْوَابِهَا فَيُرَاجِعَهَا وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا (وَلَا) يُشْتَرَطُ (التَّبَحُّرُ فِي هَذِهِ الْعُلُومِ بَلْ يَكْفِي جُلٌّ) أَيْ مَعْرِفَةُ جُلٍّ مِنْهَا. (وَ) أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَصْلٌ (مُصَحِّحٌ يَجْمَعُ أَحَادِيثَ الْأَحْكَامِ) أَيْ غَالِبَهَا كَسُنَنِ أَبِي دَاوُد فَيَعْرِفَ كُلَّ بَابٍ فَيُرَاجِعَهُ إذَا احْتَاجَ إلَى الْعَمَلِ بِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ ضَبْطُ كُلِّ مَوَاضِعِ الْإِجْمَاعِ) وَالِاخْتِلَافِ (وَيَكْفِيهِ) الْأَوْلَى بَلْ يَكْفِيهِ (أَنْ يَعْرِفَ أَوْ يَظُنَّ) فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُفْتِي فِيهَا (أَنَّ قَوْلَهُ لَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ لِمُوَافَقَتِهِ غَيْرَهُ) أَوْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا الْأَوَّلُونَ بَلْ تَوَلَّدَتْ فِي عَصْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَكْتَفِي) عَنْ الْبَحْثِ فِي الْأَحَادِيثِ (بِمَا قَبِلَهُ) مِنْهَا (السَّلَفُ وَتَوَاتَرَتْ أَهْلِيَّةُ رُوَاتِهِ) مِنْ الْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ وَمَا عَدَاهُ يَكْتَفِي فِي أَهْلِيَّةِ رُوَاتِهِ بِتَأْهِيلِ إمَامٍ مَشْهُورٍ عُرِفَتْ صِحَّةُ مَذْهَبِهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالضَّبْطِ ثُمَّ اجْتِمَاعِ هَذِهِ الْعُلُومِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يُفْتِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الشَّرْعِ (وَيَجُوزُ أَنْ يَتَبَعَّضَ الِاجْتِهَادُ) بِأَنْ يَكُونَ الْعَالِمُ مُجْتَهِدًا فِي بَابٍ دُونَ بَابٍ فَيَكْفِيهِ عِلْمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الَّذِي يَجْتَهِدُ فِيهِ (وَيُشْتَرَطُ) فِيمَنْ يَتَوَلَّى أَيْضًا (أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا مُكَلَّفًا عَدْلًا فَلَا يُوَلَّى فَاسِقٌ) وَلَا أَعْمَى وَلَا غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ (وَلَا كَافِرٌ) وَلَوْ (فِي كُفَّارٍ) لِمَا مَرَّ. (وَمَنْ نُصِّبَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْكُفَّارِ عَلَيْهِمْ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْوُلَاةِ مِنْ نَصْبِ حَاكِمٍ لَهُمْ (فَهُوَ تَقْلِيدُ رِيَاسَةٍ لَا) تَقْلِيدُ (حُكْمٍ) ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ بِالْتِزَامِهِمْ لَا بِإِلْزَامِهِ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَكُونَ نَاطِقًا سَمِيعًا) فَلَا يَكْفِي كَوْنُهُ أَصَمَّ (وَلَا أَخْرَسَ) ، وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ (وَلَا يَضُرُّ ثِقَلُ سَمْعِهِ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَهُ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَكُونَ كَافِيًا) فِي الْقَضَاءِ (وَلَوْ) كَانَ (أُمِّيًّا) لَا يَكْتُبُ وَلَا يَحْسِبُ وَلَا يَقْرَأُ الْمَكْتُوبَ وَتَعْبِيرُهُ كَالرَّافِعِيِّ بِالْأُمِّيِّ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُحْسِنَ الْكِتَابَةَ عَلَى الْأَصَحِّ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَيَّدَ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِمَا إذَا كَانَ مَنْ يَتَوَلَّى بِمَحَلٍّ فِيهِ مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ مِمَّنْ يَثِقُ هُوَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَإِلَّا لَضَاعَتْ حُقُوقٌ وَمَصَالِحُ كَثِيرَةٌ (وَلَا) الْأَوْلَى فَلَا (يُجْزِئُ ضَعِيفُ رَأْيٍ) لِتَغَفُّلٍ أَوْ اخْتِلَالِ رَأْيٍ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَنُدِبَ) لِتَوَلِّي الْقَضَاءِ (قُرَشِيٌّ وَمُرَاعَاةُ الْعِلْمِ وَالتُّقَى أَوْلَى مِنْ) مُرَاعَاةِ (النَّسَبِ) وَنُدِبَ (ذُو حِلْمٍ وَتَثَبُّتٍ وَلِينٍ وَفَطِنَةٍ وَتَيَقُّظٍ وَكِتَابَةٍ) وَالتَّصْرِيحُ بِنَدْبِ الْكِتَابَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) نُدِبَ (صِحَّةُ حَوَاسَّ) وَأَعْضَاءٍ (وَمَعْرِفَةٌ بِلُغَةِ الْبَلَدِ) الَّذِي يَقْضِي لِأَهْلِهِ (قَنُوعٌ سَلِيمٌ مِنْ الشَّحْنَاءِ صَدُوقٌ) وَافِرُ الْعَقْلِ ذُو وَفَاءٍ وَسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ. وَإِذَا عَرَفَ الْإِمَامُ   [حاشية الرملي الكبير] وَالنَّوَاهِي تُسْتَنْبَطُ مِنْ الْقَصَصِ وَالْمَوَاعِظِ وَنَحْوِهِمَا وَعَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّ عِدَّةَ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ خَمْسُمِائَةٍ كَعَدَدِ الْآيِ وَلَعَلَّ الْحَافِظَ عَبْدَ الْغَنِيِّ جَعَلَ عِدَّتَهُ خَمْسَمِائَةِ حَدِيثٍ لِذَلِكَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ أَحَادِيثَ الْأَحْكَامِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ بَلْ اعْتَرَضَ عَلَى ابْنِ الْجَوْزِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي كَلَامِهِ عَلَى مُشْكِلِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ بِأَنَّهَا تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَغَالِبُ الْأَحَادِيثِ لَا يَكَادُ يَخْلُو عَنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَأَدَبٍ شَرْعِيٍّ وَسِيَاسَةٍ دِينِيَّةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَحْكَامُ الَّتِي هِيَ مَحَالُّ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ وَالْخَفَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ) أَيْ وَالْمُؤَوَّلُ وَالْمَنْطُوقُ وَالْمَفْهُومُ وَمُقْتَضَيَاتُ التَّرْجِيحِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَدِلَّةِ (قَوْلُهُ وَعَرَفَ الْقِيَاسَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا مَعْرِفَتُهُ تَصْحِيحَ حِسَابِ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَوَائِلِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمُقْتَضَيَاتُ التَّرْجِيحِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَدِلَّةِ (قَوْلُهُ وَلَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا عَلَى طُرُقِ الْمُتَكَلِّمِينَ إلَخْ) الْأَوَّلُ نَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ عَنْ الْأُصُولِيِّينَ وَخَالَفَهُمْ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْكَلَامِ الْبَيْضَاوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ عَنْ الْجُمْهُورِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ أَرَ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مَنْ كُتُبِ الْأَصْحَابِ عَدَمَ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الدِّينِ مِنْ شُرُوطِ الِاجْتِهَادِ وَقَوْلُهُ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْكَلَامِ الْبَيْضَاوِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَيَكْفِيهِ أَنْ يَعْرِفَ أَوْ يَظُنَّ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ مَعْرِفَةِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا) أَمَّا الْقَاضِي الَّذِي يَنْزِلُ أَهْلُ الْقَلْعَةِ عَلَى حُكْمِهِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ أَعَمًى كَمَا مَرَّ فِي مَوْضِعِهِ وَلَوْ كَانَ يُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي مَنْعُهُ وَلَوْ كَانَ فِي بَصَرِهِ ضَعْفٌ بِحَيْثُ يَرَى الْإِنْسَانَ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الصُّوَرِ فَكَالْأَعْمَى (قَوْلُهُ عَدْلًا) ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ إذَا مَنَعَ النَّظَرَ فِي مَالِ الِابْنِ مَعَ عِظَمِ الشَّفَقَةِ فَمَنْعُ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ الَّتِي بَعْضُهَا حِفْظُ مَالِ الْيَتِيمِ أَوْلَى وَسَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ أَمْ بِمَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا أَعْمَى) وَلَا مَنْ لَا يُبْصِرُ نَهَارًا وَلَا مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ كَافِيًا) الْكِفَايَةُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ، وَهِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ كُلِّ وِلَايَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ قَطْعًا؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْقَضَاءِ التَّصَرُّفُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ وَشَرَطَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ كَوْنَهُ عَالِمًا بِلُغَةِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ إلَّا بِمَعْرِفَتِهَا لَكِنَّ الْجُمْهُورَ جَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ الْآدَابِ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَحَمَلَ الْحُسْبَانِيُّ كَلَامَ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَفْهَمُ عَنْهُمْ وَلَا يَفْهَمُونَ عَنْهُ وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ عَلَى مَا إذَا عَرَفَ مُصْطَلَحَاتِهِمْ فِي مُخَاطَبَتِهِمْ وَأَقَارِيرِهِمْ وَنَحْوَ ذَلِكَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 أَهْلِيَّةَ أَحَدٍ وَلَّاهُ وَإِلَّا بَحَثَ عَنْ حَالِهِ (وَبِتَوْلِيَةِ مَنْ لَا يَصْلُحُ) لِلْقَضَاءِ (مَعَ وُجُودِ الصَّالِحِ) لَهُ وَالْعِلْمِ بِالْحَالِ (يَأْثَمُ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلِيُّ الْأَمْرِ، وَهُوَ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ (وَالْمُوَلَّى) بِفَتْحِهَا (وَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَإِنْ أَصَابَ) فِيهِ (هَذَا هُوَ الْأَصْلُ) فِي الْبَابِ (لَكِنْ مَعَ عَدَمِهِ) أَيْ الصَّالِحِ لِلْقَضَاءِ كَمَا فِي زَمَنِنَا لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمُجْتَهِدِ (نَفَّذُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ (لِلضَّرُورَةِ قَضَاءَ مَنْ وَلَّاهُ) سُلْطَانٌ (ذُو شَوْكَةٍ، وَإِنْ جَهِلَ وَفَسَقَ) لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ الْمَصَالِحُ وَلِهَذَا يَنْفُذُ قَضَاءُ قَاضِي الْبُغَاةِ كَمَا مَرَّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ زَالَتْ شَوْكَةُ مَنْ وَلَّاهُ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ انْعَزَلَ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ وَأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ أَوْ جَوَامِكَ فِي نَظَرِ الْأَوْقَافِ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ إنَّمَا نَفَذَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمَالِ الَّذِي يَأْخُذُهُ فَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ قَطْعًا انْتَهَى وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْكَافِرِ إذَا وَلِيَا بِالشَّوْكَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا (وَلِلْقَاضِي الْعَادِلِ) الْأَوْلَى وَلِلْعَادِلِ (تَوَلِّي الْقَضَاءِ مِنْ) الْأَمِيرِ (الْبَاغِي) فَقَدْ سُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ ذَلِكَ لِمَنْ اسْتَقْضَاهُ زِيَادٌ فَقَالَتْ إنْ لَمْ يَقْضِ لَهُمْ خِيَارُكُمْ قَضَى لَهُمْ شِرَارُهُمْ (فَرْعٌ يَحْرُمُ) بِمَعْنَى لَا يَحِلُّ وَلَا يَصِحُّ (تَقْلِيدُ مُبْتَدِعٍ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ) الْقَضَاءَ (وَ) كَذَا تَقْلِيدُ (مَنْ يُنْكِرُ الْإِجْمَاعَ وَأَخْبَارَ الْآحَادِ وَالِاجْتِهَادَ) الْمُتَضَمِّنَ إنْكَارُهُ إنْكَارَ الْقِيَاسِ وَالْمُرَادُ مَنْ يُنْكِرُ وَاحِدًا مِنْهَا [فَصْلٌ فِي الْمُفْتِي] (فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْمُفْتِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي النَّاحِيَةِ (غَيْرُهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ) الْفَتْوَى (وَإِنْ كَانَ فِيهَا غَيْرُهُ فَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) كَنَظِيرِهِ فِي الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ (وَمَعَ هَذَا لَا يَحِلُّ التَّسَارُعُ إلَى مَا لَا يَتَحَقَّقُ) هـ فَقَدْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَعَ مُشَاهَدَتِهِمْ الْوَحْيَ يُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْفَتْوَى وَيَحْتَرِزُونَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ مَا أَمْكَنَ (وَيُشْتَرَطُ) فِي جَوَازِ الْفَتْوَى وَقَبُولِهَا (إسْلَامُ الْمُفْتِي وَعَدَالَتُهُ) الظَّاهِرَةُ (فَتُرَدُّ فَتْوَى الْفَاسِقِ) وَالْكَافِرِ وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ إذْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُمْ (وَيَعْمَلُ) الْفَاسِقُ (لِنَفْسِهِ بِاجْتِهَادِهِ وَيُشْتَرَطُ) فِيمَا ذُكِرَ أَيْضًا (تَيَقُّظٌ وَقُوَّةُ ضَبْطٍ) فَتُرَدُّ فَتْوَى مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْغَفْلَةُ وَالسَّهْوُ (وَأَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِ) أَيْ التَّأَهُّلُ لَهُ (فَمَنْ عَرَفَ) مِنْ الْعَامَّةِ (مَسْأَلَةً أَوْ مَسَائِلَ بِأَدِلَّتِهَا لَمْ يَجُزْ فَتْوَاهُ بِهَا وَلَا تَقْلِيدُهُ) فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ أَدِلَّتُهَا نَقْلِيَّةً أَمْ قِيَاسِيَّةً (وَكَذَا مَنْ لَمْ يَكُنْ) مِنْ الْعُلَمَاءِ (مُجْتَهِدًا) لَا تَجُوزُ فَتْوَاهُ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَا تَقْلِيدُهُ (وَلَوْ مَاتَ الْمُجْتَهِدُ لَمْ تَبْطُلْ فَتْوَاهُ)   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ لَكِنْ مَعَ عَدَمِهِ نَفَّذُوا لِلضَّرُورَةِ قَضَاءَ مَنْ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ) أَيْ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِتَنْفِيذِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ جَهِلَ وَفَسَقَ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْحَقُّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ نَفَذَ حُكْمُهُ قَطْعًا وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: فِي تَصْحِيحِ الْمِنْهَاجِ التَّعَذُّرُ فِيمَا ذُكِرَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَإِنَّ السُّلْطَانَ ذَا الشَّوْكَةِ إذَا وَلَّى فَاسِقًا نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ جَمِيعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَإِذَا تَعَذَّرَ فَتَوْلِيَةُ الْمُقَلِّدِ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ صَدَرَتْ مِنْ غَيْرِ ذِي الشَّوْكَةِ وَالْعِبَارَةُ السَّدِيدَةُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْمُجْتَهِدُ صَحَّ تَوْلِيَةُ الْمُقَلِّدِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ وَوَلَّى سُلْطَانٌ لَهُ شَوْكَةٌ مُقَلِّدًا مَعَ وُجُودِ جَاهِلٍ أَوْ جَاهِلًا مَعَ وُجُودِ عَالِمٍ أَوْ فَاسِقًا نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ. اهـ. وَهُوَ فِي غَايَةِ التَّحْقِيقِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَخَرَجَ بِالسُّلْطَانِ مَا إذَا وَلَّى قَاضِي الْقُضَاةِ مَثَلًا فِي النَّوَاحِي مَنْ لَيْسَ بِأَهْلِهِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ وَيُفَارِقُ السُّلْطَانُ بِخَوْفِ سَطْوَتِهِ وَبَأْسِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي غَالِبًا وَقَدْ أَطْلَقَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ إذَا اسْتَخْلَفَ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ فَأَحْكَامُهُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَجُوزُ نَفَاذُهَا وَقَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ كَانَ لَهُ شَوْكَةٌ كَمَا فِي زَمَانِنَا فَهُوَ كَالسُّلْطَانِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إلَخْ) لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا: هِيَ ظَاهِرَةٌ فَحَيْثُ نَفَذَ قَضَاؤُهُ لَمْ يَسْتَرِدَّ مَا أَخَذَهُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَغَيْرُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا) مَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِرِ ظَاهِرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: تَنْفُذُ أَحْكَامُهَا لِلضَّرُورَةِ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ جَدِّهِ رِوَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قُلِّدَتْ الْقَضَاءَ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ شَاهِدَةً فِيهِ فَحَكَمَتْ هَلْ يَحِلُّ لِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ نَقْضُ حُكْمِهَا أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِصْطَخْرِيِّ وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَكَذَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْأَعْمَى لِلضَّرُورَةِ فِيمَا يَعْرِفُهُ وَيَنْضَبِطُ لَهُ قَالَ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيَّ فِي الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ الْمَنْعُ جَزْمًا قَالَ وَاَلَّذِي عِنْدِي فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ تَنْفُذُ أَحْكَامُهُ لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ عِبَارَتُهُ وَقَدْ دَخَلَ جَمِيعُ هَذِهِ الصُّوَرِ فِي قَوْلِ الْحَاوِي فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمَنْ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ وَصَرَّحَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِتَنْفِيذِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ لِلضَّرُورَةِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ التَّنْفِيذِ بِمَا إذَا عَلِمَ بِهِ الْإِمَامُ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلتَّنْفِيذِ وَلَا ضَرُورَةَ لِاحْتِمَالِ بِنَائِهِ عَلَى أَنَّهُ أَهْلٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: تَنْفُذُ أَحْكَامُهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّنْفِيذِ (تَنْبِيهٌ) حَيْثُ نَفَذَ قَضَاءُ مَنْ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ قَالَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ قَطْعًا بَلْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ وَكَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ وَلَا يَجُوزُ لَهُ حِفْظُ مَالِ الطِّفْلِ بَلْ يَتْرُكُهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَإِنَّهُ كَالشَّاهِدِ، وَهُوَ إذَا شَهِدَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يُطَالَبَ الْقَاضِي الْفَاسِقُ بِالْحُكْمِ أَوْ الْإِثْبَاتِ فِي الْأَصَحِّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ نَحْوُهُ فِي جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ لَكِنْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الطِّرَازِ أَنَّهُ يَجُوزُ نَصْبُ أَهْلِ الْبِدَعِ قُضَاةً وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ تَزْكِيَةُ غَيْرِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ وَقَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ قَطْعًا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ حِفْظُ مَالِ الطِّفْلِ إلَخْ [فَرْعٌ تَقْلِيدُ مُبْتَدِعٍ الْقَضَاءَ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ فِي بَيَانِ الْمُفْتِي) هُوَ الْعَدْلُ الْمَقْبُولُ الرِّوَايَةُ الْمُجْتَهِدُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ إسْلَامُ الْمُفْتِي وَعَدَالَتُهُ) وَلَا تُشْتَرَطُ الْمُرُوءَةُ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ الْحُكْمِ وَلَيْسَ كَالشَّهَادَةِ لِقَبُولِهِ مِنْ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ تَيَقُّظٌ) بِأَنْ يَكُونَ مُتَيَقِّظًا فَقِيهَ النَّفْسِ سَلِيمَ الذِّهْنِ رَصِينَ الْفِكْرِ صَحِيحَ التَّصَرُّفِ وَالِاسْتِنْبَاطِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْأَعْمَى وَالْأَخْرَسُ إذَا كَتَبَ أَوْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 وَمَذْهَبُهُ (بَلْ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ) كَمَا يُؤْخَذُ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَطَلَ قَوْلُهُ بِمَوْتِهِ لَبَطَلَ الْإِجْمَاعُ بِمَوْتِ الْمُجْمِعِينَ وَلَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ اجْتِهَادِيَّةً؛ وَلِأَنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ كَالْمُجْمِعِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا مُجْتَهِدَ الْيَوْمَ فَلَوْ مَنَعْنَا تَقْلِيدَ الْمَاضِينَ لَتَرَكْنَا النَّاسَ حَيَارَى (فَعَلَى هَذَا مَنْ عَرَفَ مَذْهَبَ مُجْتَهِدٍ وَتَبَحَّرَ فِيهِ) لَكِنْ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ (جَازَ) لَهُ (أَنْ يُفْتِيَ بِقَوْلِ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ وَلْيُضِفْ) مَا يُفْتِي بِهِ (إلَى) صَاحِبِ (الْمَذْهَبِ) وَفِي نُسْخَةٍ وَلْيُضِفْ الْمَذْهَبَ إلَى صَاحِبِهِ (إنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يُفْتَى عَلَيْهِ) فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ يُفْتِي عَلَيْهِ كَفَاهُ إطْلَاقُ الْجَوَابِ (وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُتَبَحِّرِ) أَنْ يُفْتِيَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ظَنَّ مَا لَيْسَ مَذْهَبًا لَهُ مَذْهَبَهُ لِقُصُورِ فَهْمِهِ وَقِلَّةِ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَظَانِّ الْمَسْأَلَةِ وَاخْتِلَافِ نُصُوصِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ وَالْمُتَأَخِّرِ مِنْهَا وَالرَّاجِحِ (إلَّا فِي مَسَائِلَ مَعْلُومَةٍ مِنْ الْمَذْهَبِ) عِلْمًا قَطْعِيًّا كَوُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ وَالْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَتَبْيِيتِ النِّيَّةِ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ وَصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ بِلَا صَوْمٍ فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (فَرْعٌ لَيْسَ لِمُجْتَهِدٍ تَقْلِيدُ مُجْتَهِدٍ) ، وَإِنْ خَافَ الْفَوَاتَ لِضِيقِ الْوَقْتِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ (وَلَوْ حَدَثَتْ وَاقِعَةٌ) لِمُجْتَهِدٍ (قَدْ اجْتَهَدَ فِيهَا) قُبِلَ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (إعَادَتُهُ) أَيْ الِاجْتِهَادِ فِيهَا كَنَظِيرِهِ فِي الْقِبْلَةِ (إنْ نَسِيَ الدَّلِيلَ) الْأَوَّلَ (أَوْ تَجَدَّدَ) لَهُ (مُشَكِّكٌ) وَفِي نُسْخَةٍ مُشْكِلٌ أَيْ مَا قَدْ يُوجِبُ رُجُوعَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ ذَلِكَ (فَرْعٌ الْمُنْتَسِبُونَ إلَى مَذْهَبِ إمَامِ إمَّا عَوَامُّ فَتَقْلِيدُهُمْ) أَيْ فَجَوَازُ تَقْلِيدِهِمْ لَهُ (مُفَرَّعٌ عَلَى) جَوَازِ (تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ، وَقَدْ مَرَّ) جَوَازُهُ (وَإِمَّا مُجْتَهِدُونَ فَلَا يُقَلِّدُونَ) غَيْرَهُمْ حَتَّى الْإِمَامِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا انْتَسَبُوا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ جَرَوْا عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي الِاجْتِهَادِ وَاسْتِعْمَالِ الْأَدِلَّةِ وَوَافَقَ اجْتِهَادُهُمْ اجْتِهَادَهُ وَإِذَا خَالَفَ أَحْيَانَا لَمْ يُبَالُوا بِالْمُخَالَفَةِ وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ (فَإِنْ وَافَقَ اجْتِهَادُهُمْ اجْتِهَادَهُ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ خَالَفَهُ أَحْيَانَا وَ) أَمَّا (مَنْ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ بَلْ وَقَفَ عَلَى أُصُولِ إمَامِهِ) فِي الْأَبْوَابِ (وَتَمَكَّنَ مِنْ قِيَاسِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ عَلَى الْمَنْصُوصِ) عَلَيْهِ (فَلَيْسَ بِمُقَلَّدٍ فِي نَفْسِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ لِمَنْ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِ مِنْ الْعَوَامّ (بَلْ هُوَ وَاسِطَةٌ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ وَمُقَلِّدٍ لِلْإِمَامِ (فَإِنْ نَصَّ صَاحِبُ الْمَذْهَبِ عَلَى الْحُكْمِ وَالْعِلَّةِ أُلْحِقَ) الْمُتَمَكِّنُ مِنْ الْقِيَاسِ (بِهَا) أَيْ بِالْعِلَّةِ (غَيْرِ الْمَنْصُوصِ) بِالْمَنْصُوصِ (وَلَوْ نَصَّ عَلَى الْحُكْمِ فَقَطْ فَلَهُ أَنْ يَسْتَنْبِطَ الْعِلَّةَ وَيَقِيسَ) بِوَاسِطَتِهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ (وَلْيَقُلْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ (هَذَا قِيَاسُ مَذْهَبِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (لَا قَوْلِهِ) وَمِنْهُ الْقَوْلُ الْمُخَرَّجُ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ إلَّا فِيهِ عَقِبَ قَوْلِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ نَصُّ إمَامِهِ فِي) مَسْأَلَتَيْنِ (مُشْتَبِهَتَيْنِ فَلَهُ التَّخْرِيجُ) لِلْحُكْمِ (مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى) وَبِالْعَكْسِ (فَرْعٌ لِلْمُفْتِي أَنْ يُغَلِّظَ) فِي الْجَوَابِ (لِلزَّجْرِ) وَالتَّهْدِيدِ فِي مَوَاضِعِ الْحَاجَةِ (مُتَأَوِّلًا كَمَا إذَا سَأَلَهُ مَنْ لَهُ عَبْدٌ عَنْ قَتْلِهِ) لَهُ (وَخَشِيَ مِنْهُ) الْمُفْتِي (أَنْ يَقْتُلَهُ جَازَ أَنْ يَقُولَ) لَهُ (إنْ قَتَلْته قَتَلْنَاك مُتَأَوِّلًا) لَهُ (لِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ» ) ؛ وَلِأَنَّ الْقَتْلَ لَهُ مَعَانٍ وَكَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ فَقَالَ لَا تَوْبَةَ لَهُ وَسَأَلَهُ آخَرُ فَقَالَ لَهُ تَوْبَةٌ ثُمَّ قَالَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَرَأَيْت فِي عَيْنَيْهِ إرَادَةَ الْقَتْلِ فَمَنَعْته، وَأُمَّا الثَّانِي فَقَدْ قَتَلَ وَجَاءَ يَطْلُبُ الْمَخْرَجَ فَلَمْ أُقَنِّطْهُ (وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى إطْلَاقِهِ) الْجَوَابُ (مَفْسَدَةٌ) وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ (وَاخْتِلَافُ الْمُفْتِيَيْنِ) فِي حَقِّ الْمُسْتَفْتِي (كَالْمُجْتَهِدِينَ) أَيْ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي حَقِّ الْمُقَلِّدِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُقَلِّدُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فَلِلْمُسْتَفْتِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ كَانُوا يَسْأَلُونَ عُلَمَاءَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَعَ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَيَعْمَلُونَ بِقَوْلِ مَنْ سَأَلُوهُ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ؛ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَهْلٌ (فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْمُسْتَفْتِي) وَآدَابِ الْمُفْتِي (يَجِبُ) عَلَى الْمُسْتَفْتِي عِنْدَ حُدُوثِ مَسْأَلَتِهِ (أَنْ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ) فَيَعْتَمِدُ مُسَطَّرَاتِ مَذْهَبِهِ مِنْ نُصُوصِ إمَامِهِ وَتَفْرِيعَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي مَذْهَبِهِ وَمَا لَا يَجِدُهُ مَنْقُولًا إنْ وُجِدَ فِي الْمَنْقُولِ مَعْنَاهُ بِحَيْثُ يُدْرَكُ بِغَيْرِ كَثِيرِ فِكْرٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا جَازَ إلْحَاقُهُ وَالْفَتْوَى بِهِ وَكَذَا مَا يُعْلَمُ انْدِرَاجُهُ تَحْتَ ضَابِطٍ مُمَهَّدٍ فِي الْمَذْهَبِ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ يَجِبُ إمْسَاكُهُ عَنْ الْفَتْوَى بِهِ وَمِثْلُ هَذَا يَقَعُ نَادِرًا فِي حَقِّ الْمَذْكُورِ إذْ يَبْعُدُ كَمَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنْ تَقَعَ مَسْأَلَةٌ لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهَا فِي الْمَذْهَبِ وَلَا هِيَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ وَلَا مُنْدَرِجَةً تَحْتَ ضَابِطٍ [فَرْعٌ لَيْسَ لِمُجْتَهِدٍ تَقْلِيدُ مُجْتَهِدٍ] (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ وَاسِطَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَوَرَاءَهُ نَوْعٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ الْمُنْحَطُّ عَنْ رُتْبَةِ التَّخْرِيجِ، وَهُوَ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا فَقِيهُ النَّفْسِ حَافِظُ مَذْهَبِ إمَامِهِ عَارِفٌ بِأَدِلَّتِهِ قَائِمٌ بِتَقْرِيرِهَا لَكِنْ قَصَّرَ عَنْ أُولَئِكَ فِي الْحِفْظِ وَالِاسْتِنْبَاطِ وَمَعْرِفَةِ الْأُصُولِ وَنَحْوِهَا وَهَذِهِ صِفَةُ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى آخِرِ الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ وَلَا تَبْلُغُ فَتَاوِيهِمْ فَتَاوَى أَصْحَابِ الْوُجُوهِ وَالثَّانِي قَائِمٌ بِحِفْظِ الْمَذْهَبِ وَنَقْلِهِ وَفَهْمِهِ لَكِنَّهُ يَضْعُفُ عَنْ تَقْرِيرِ أَدِلَّتِهِ فَيُعْتَمَدُ فَتْوَاهُ نَقْلًا وَإِلْحَاقًا بِمَعْنَى الْمَنْقُولِ إنْ كَانَ يُدْرَكُ بِغَيْرِ كَثِيرِ فِكْرٍ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَبُو عَمْرٍو وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ لَهُمَا حِفْظُ مُعْظَمِ الْمَذْهَبِ وَلَا يَجُوزُ لِمُفْتٍ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَكْتَفِيَ فِي نَقْلِهِ بِمُصَنَّفٍ أَوْ مُصَنَّفَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَأَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِهِمْ اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ تَخْيِيرِ الْمُسْتَفْتِي عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُفْتِيِّينَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ فَلَهُ التَّخْرِيجُ مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى) وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِالْمُخَرَّجِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَرْقٌ فَإِنْ كَانَ فَلَا وَيُقَرَّرُ النَّصَّانِ عَلَى حَالِهِمَا (قَوْلُهُ وَكَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَخْ) وَكَمَا إذَا «سُئِلَ أَفِي سَبِّ الصَّحَابِيِّ قَتْلٌ فَوَاسِعٌ أَنْ يَقُولَ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَاقْتُلُوهُ» الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 يَسْتَفْتِيَ مَنْ عَرَفَ عِلْمَهُ وَعَدَالَتَهُ وَلَوْ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ عَارِفٍ أَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ) لِذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْهُمَا (بَحَثَ عَنْ ذَلِكَ) يَعْنِي عَنْ عِلْمِهِ بِسُؤَالِهِ النَّاسَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِفْتَاءُ مَنْ انْتَسَبَ إلَى ذَلِكَ وَانْتَصَبَ لِلتَّدْرِيسِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَنَاصِبِ الْعُلَمَاءِ بِمُجَرَّدِ انْتِسَابِهِ وَانْتِصَابِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِ أَيْضًا وَالْمَشْهُورُ مَا فِي الْأَصْلِ خِلَافُهُ وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُهُ (فَلَوْ خَفِيَتْ) عَلَيْهِ (عَدَالَتُهُ الْبَاطِنَةُ اكْتَفَى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ) ؛ لِأَنَّ الْبَاطِنَةَ تَعْسُرُ مَعْرِفَتُهَا عَلَى غَيْرِ الْقُضَاةِ، وَهَذَا كَمَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِحُضُورِ مَسْتُورَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَفِيَ عَلَيْهِ عِلْمُهُ حَيْثُ لَا يَسْتَفْتِيهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ الْعُلَمَاءِ الْعَدَالَةُ بِخِلَافِ الْعِلْمِ لَيْسَ هُوَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِ النَّاسِ (وَيَعْمَلُ) الْمُسْتَفْتِي (بِفَتْوَى عَالِمٍ مَعَ وُجُودِ أَعْلَمَ) مِنْهُ (جَهِلَهُ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ بِأَنْ اعْتَقَدَهُ أَعْلَمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ الْأَعْلَمِ إذَا جَهِلَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِزِيَادَةِ عِلْمٍ (فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُفْتِيَانِ جَوَابًا وَصِفَةً (وَلَا نَصَّ) مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (قَدَّمَ الْأَعْلَمَ. وَكَذَا إذَا اعْتَقَدَ أَحَدَهُمَا أَعْلَمَ أَوْ أَوْرَعَ) قَدَّمَ مَنْ اعْتَقَدَهُ أَعْلَمَ أَوْ أَوْرَعَ كَمَا يُقَدِّمُ أَرْجَحَ الدَّلِيلَيْنِ وَأَوْثَقَ الرِّوَايَتَيْنِ (وَيُقَدِّمُ الْأَعْلَمَ عَلَى الْأَوْرَعِ) ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْفَتْوَى بِالْعِلْمِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْوَرَعِ فَلَوْ كَانَ ثَمَّ نَصٌّ قَدَّمَ مَنْ مَعَهُ النَّصُّ وَكَالنَّصِّ الْإِجْمَاعُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (وَلَوْ) حَالَ وَ (أُجِيبَ فِي وَاقِعَةٍ لَا تَتَكَرَّرُ) أَيْ لَا يَكْثُرُ وُقُوعُهَا (ثُمَّ حَدَثَتْ) لَهُ ثَانِيًا (لَزِمَ إعَادَةُ السُّؤَالِ إنْ لَمْ يُعْلَمْ اسْتِنَادَ الْجَوَابِ إلَى نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ) بِأَنْ عَلِمَ اسْتِنَادَهُ إلَى رَأْيٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَالْمُقَلَّدُ حَيٌّ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ رَأْيِ الْمُفْتِي فَإِنْ كَثُرَ وُقُوعُ الْوَاقِعَةِ أَوْ عَلِمَ اسْتِنَادَ ذَلِكَ إلَى مَا ذُكِرَ أَوْ كَانَ الْمُقَلَّدُ مَيِّتًا لَمْ يَلْزَمْ إعَادَةُ السُّؤَالِ لِمَشَقَّةِ الْإِعَادَةِ فِي الْأُولَى وَنُدْرَةِ تَغَيُّرِ الرَّأْيِ فِي الثَّانِيَةِ وَعَدَمِهِ فِي الثَّالِثَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ التَّكْرَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ وَبِتَصْحِيحِ لُزُومِ إعَادَةِ السُّؤَالِ فِيمَا ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي أَوَائِلِ مَجْمُوعِهِ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ خَمْسَةِ أَوْرَاقٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُ الْمُفْتِي عَلَيْهِ وَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ (وَلَوْ لَمْ تَطْمَئِنَّ نَفْسُهُ بِجَوَابِ الْمُفْتِي اُسْتُحِبَّ) لَهُ (سُؤَالُ غَيْرِهِ) لِتَطْمَئِنَّ نَفْسُهُ (وَلَا يَجِبُ) التَّصْرِيحُ بِاسْتِحْبَابِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَكْفِي الْمُسْتَفْتِي) فِي اسْتِفْتَائِهِ (بَعْثُ رُقْعَةٍ) إلَى الْمُفْتِي لِيَكْتُبَ عَلَيْهَا (أَوْ) بَعْثِ (رَسُولٍ ثِقَةٍ) إلَيْهِ لِيَسْأَلَهُ فَيَكْفِيهِ تُرْجُمَانٌ وَاحِدٌ إذَا لَمْ يَعْرِفْ لُغَتَهُ وَلَهُ اعْتِمَادُ خَطِّ الْمُفْتِي إذَا أَخْبَرَهُ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ أَوْ كَانَ يَعْرِفُ خَطَّهُ وَلَمْ يَشُكَّ فِيهِ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَمِنْ الْأَدَبِ) لَهُ (أَنْ) لَا (يَسْأَلَ وَالْمُفْتِي قَائِمٌ أَوْ مَشْغُولٌ بِمَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْفِكْرِ) كَأَنْ يَكُونَ مُسْتَوْفِزًا أَوْ مُسْتَضْجِرًا (وَأَنْ لَا يَقُولَ لِجَوَابِهِ) أَيْ الْمُفْتِي (هَكَذَا قُلْت أَنَا) أَوْ كَذَا وَقَعَ لِي أَوْ أَفْتَانِي غَيْرُك بِكَذَا وَأَنْ لَا يَقُولَ لَهُ إنْ كَانَ جَوَابُك مُوَافِقًا لِمَا كَتَبَ فُلَانٌ، وَهُوَ كَذَا فَاكْتُبْ وَإِلَّا فَلَا تَكْتُبْ ذَكَرَهُ الْمَجْمُوعُ (وَ) أَنْ (لَا يُطَالِبَ) هـ (بِدَلِيلٍ) لِلْجَوَابِ (فَإِنْ أَرَادَهُ) أَيْ الدَّلِيلَ أَيْ مَعْرِفَتَهُ (فَبِوَقْتٍ آخَرَ) يُطَالِبُهُ بِهِ (وَلْيُبَيِّنْ) لَهُ فِي الرُّقْعَةِ إنْ طَلَبَ جَوَابَهُ فِيهَا (مَوْضِعَ السُّؤَالِ وَيَنْقُطْ الْمُشْتَبِهَ فِي الرُّقْعَةِ) لِئَلَّا يَذْهَبَ الْوَهْمُ إلَى غَيْرِ مَا وَقَعَ عَنْهُ وَالسُّؤَالُ فَلْيَكُنْ مُرَتِّبُهَا حَاذِقًا (وَيَتَأَمَّلْهَا) أَيْ وَمِنْ أَدَب الْمُفْتِي أَنْ يَتَأَمَّلَهَا كَلِمَةً كَلِمَةً (لَا سِيَّمَا آخِرَهَا) ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ السُّؤَالِ، وَقَدْ يَتَقَيَّدُ الْجَمِيعُ بِكَلِمَةٍ فِي آخِرِهَا وَيَغْفُلُ عَنْهَا (وَيُثْبِتُ) فِي الْجَوَابِ، وَإِنْ وَضَحَتْ أَيْ الْمَسْأَلَةُ (وَلَا يَقْدَحُ الْإِسْرَاعُ) فِي الْجَوَابِ (مَعَ التَّحَقُّقِ) لَهُ بِخِلَافِهِ مَعَ عَدَمِ التَّحَقُّقِ (وَ) أَنْ (يُشَاوِرَ فِيمَا يُحْسِنُ إظْهَارَهُ مَنْ حَضَرَ) مَجْلِسَهُ (مُتَأَهِّلًا) لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ وَلِرَجَاءِ ظُهُورِ وَمَا قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَا يُحْسِنُ إظْهَارَهُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَأَهِّلًا لِذَلِكَ. (وَلَهُ أَنْ يَنْقُطَ مُشْكِلَ الرُّقْعَةِ) وَيُشَكِّلَهُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَعْنَاهُ بِسُؤَالِهِ الْمُسْتَفْتِي (وَ) أَنْ (يُصْلِحَ لَحْنًا فَاحِشًا) وَجَدَهُ فِيهَا (وَلْيَشْغَلْ بَيَاضًا) وَجَدَهُ فِي بَعْضِ السُّطُورِ (بِخَطٍّ كَيْ لَا يَلْحَقَ) فِيهِ (شَيْءٌ) بَعْدَ جَوَابِهِ (وَيُبَيِّنُ خَطَّهُ بِقَلَمٍ بَيْنَ قَلَمَيْنِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلْيُبَيِّنْ خَطَّهُ وَلْيَكُنْ قَلَمُهُ بَيْنَ قَلَمَيْنِ أَيْ لَا دَقِيقٌ خَافٍ وَلَا غَلِيظٌ جَافٍ (وَلَا بَأْسَ بِكَتْبِهِ الدَّلِيلَ) مَعَ الْجَوَابِ إنْ كَانَ وَاضِحًا مُخْتَصَرًا وَقَيَّدَ الْأَصْلُ الدَّلِيلَ بِقَوْلِهِ مِنْ آيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ وَمِثْلُهُمَا الْإِجْمَاعُ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَ وَلَا يُعْتَادُ ذِكْرُ الْقِيَاسِ وَطُرُقِ الِاجْتِهَادِ زَادَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ الْفَتْوَى بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ يُفْتِي فِيهَا غَيْرُهُ بِغَلَطٍ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ لِيُنَبِّهَ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ (لَا السُّؤَالَ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمُسْتَفْتِي وَآدَابِ الْمُفْتِي] فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَحَثَ عَنْ ذَلِكَ) فَإِنَّهُ قَدْ يُقْدِمُ عَلَى الْفَتْوَى ظَانًّا جَوَازَ إقْدَامِهِ وَاعْتِقَادُهُ فِي نَفْسِهِ الْأَهْلِيَّةَ وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَغْلَطُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَيَظُنُّونَ بِهَا مَا لَيْسَ لَهَا، وَهَذَا مُشَاهَدٌ مُسْتَقِرٌّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي الرِّسَالَةِ وَلَقَدْ تَكَلَّمَ فِي الْعُلُومِ أَقْوَامٌ لَوْ سَكَتُوا عَنْهُ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (فَائِدَةٌ) طَلَبَ شَخْصٌ مِنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنْ يُجِيزَهُ بِالْفَتْوَى فَوَعَدَهُ وَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَاسْتَنْجَزَ وَعَدَهُ فَقَالَ هِيَ شَهَادَةٌ عِنْدَ قَاضٍ هَذِهِ شَهَادَةٌ عِنْدَ اللَّهِ حَتَّى أُفَكِّرَ أَتَحَرَّى فَأَمْرُهَا عَظِيمٌ وَخَطَرُهَا جَسِيمٌ (قَوْلُهُ قُدِّمَ الْأَعْلَمُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ) لَا لَيْسَ الصَّحِيحُ طَرْدَ الْخِلَافِ فَإِنَّ الْمُفْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ قَدْ يَتَغَيَّرُ جَوَابُهُ (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا آخِرُهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الِاعْتِنَاءُ بِأَوَّلِ الْكَلَامِ آكَدُ فَإِنَّهُ الَّذِي يُرَتَّبُ عَلَيْهِ وَيَعْتَنِي بِآخِرِ الْكَلَامِ لِيُتْبِعَ الْأَسْئِلَةَ بِجَوَابَاتِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَحْسُنُ إظْهَارُهُ) كَأَنْ يَقْبُحَ إظْهَارُهُ أَوْ يُرِيدَ صَاحِبُ الرُّقْعَةِ إخْفَاءَهُ أَوْ يَكُونَ فِي إشَاعَتِهِ مَفْسَدَةٌ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُمَا الْإِجْمَاعُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ زَادَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ الْفَتْوَى بِقَضَاءِ قَاضٍ إلَخْ) وَقَدْ يَحْتَاجُ الْمُفْتِي فِي بَعْضِ الْوَقَائِعِ إلَى أَنْ يُشَدِّدَ وَيُبَالِغَ فَيَقُولَ، وَهَذَا إجْمَاعٌ أَوْ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا أَوْ مَنْ خَالَفَ فِيهِ فَقَدْ خَالَفَ الْوَاجِبَ أَوْ عَدَلَ عَنْ الصَّوَابِ أَوْ فَقَدْ أَثِمَ أَوْ فَسَقَ أَوْ وَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَأْخُذَ بِهَذَا وَلَا يُهْمِلَ الْأَمْرَ وَمَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى حَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَيُوجِبُهُ الْحَالُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 فَفِي كَتْبِ الْمُفْتِي لَهُ بَأْسٌ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَاسْتَحَبُّوا أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ بِخَطِّ غَيْرِ الْمُفْتِي وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَلَمْ يَسْتَحِبُّوا أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ بِخَطِّ الْمُفْتِي وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْفَقُ بِالْأَوْلَى (وَلَا يَكْتُبُ خَلْفَ) يَعْنِي مَعَ (مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَقْرِيرًا مِنْهُ لِمُنْكَرٍ (وَلَهُ أَنْ يَضْرِبَ عَلَيْهِ إنْ أَمِنَ فِتْنَةً، وَإِنْ سَخِطَ الْمَالِكُ) لِلرُّقْعَةِ (وَيُنْهِي) الْمُفْتِي (الْمُسْتَفْتِي عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَمَّا ارْتَكَبَهُ مِنْ اسْتِفْتَائِهِ مَنْ لَا يَصْلُحُ وَجَهْلِهِ وُجُوبَ بَحْثِهِ عَمَّنْ يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى (وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الرُّقْعَةِ) الَّتِي أَجَابَ فِيهَا مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا إذَا وَجَدَ فُتْيَا مَنْ يَصْلُحُ، وَهِيَ خَطَأٌ قَطْعًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْإِفْتَاءِ تَارِكًا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى خَطَئِهَا إذَا لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ غَيْرُهُ بَلْ عَلَيْهِ الضَّرْبُ عَلَيْهَا أَوْ تَقْطِيعُهَا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا أَوْ نَحْوِهِمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كَتَبَ صَوَابَ جَوَابِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْخَطَأِ وَحَسَنٌ أَنْ تُعَادَ إلَى ذَلِكَ الْمُفْتِي بِإِذْنِ صَاحِبِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخَطَأُ قَطْعًا لَكِنْ وَجَدَهَا بِخِلَافِ مَا يَرَاهُ هُوَ فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى كَتْبِ جَوَابِ نَفْسِهِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا بِتَخْطِئَةٍ وَلَا اعْتِرَاضٍ (وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْحَثَ) أَيْ يَسْأَلَ (أَهْلَ الْعِلْمِ) الْمَشْهُورِينَ فِي عَصْرِهِ (عَمَّنْ يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى لِيَمْنَعَ مَنْ لَا يَصْلُحُ) لَهَا مِنْهَا وَيَتَوَعَّدُهُ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى الْعَوْدِ (وَلْيَكُنْ الْمُفْتِي) مَعَ شُرُوطِهِ السَّابِقَةِ (مُتَنَزِّهًا عَنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ فَقِيهَ النَّفْسِ سَلِيمَ الذِّهْنِ وَحَسَنَ التَّصَرُّفِ) وَالِاسْتِنْبَاطِ (وَلَوْ) كَانَ الْمُفْتِي (عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً) وَأَعْمَى (وَأَخْرَسَ تُفْهَمُ إشَارَتُهُ) أَوْ يَكْتُبُ (وَلَيْسَ هُوَ كَالشَّاهِدِ فِي رَدِّ فَتْوَاهُ لِقَرَابَةٍ وَجَرِّ نَفْعٍ) وَدَفْعِ ضَرَرٍ وَعَدَاوَةٍ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ الشَّرْعِ بِمَا لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِشَخْصٍ فَكَانَ كَالرَّاوِي لَا كَالشَّاهِدِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ قَالَ وَعَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي أَنَّ الْمُفْتِي إذَا نَابَذَ فِي فَتْوَاهُ شَخْصًا مُعَيَّنًا صَارَ خَصْمًا لَهُ فَتُرَدُّ فَتْوَاهُ عَلَيْهِ كَمَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ (وَتُقْبَلُ فَتْوَى مَنْ لَا يَكْفُرُ وَلَا يَفْسُقُ بِبِدْعَتِهِ كَشَهَادَتِهِ) بِخِلَافِ الرَّافِضَةِ نَحْوُهُمْ مِمَّنْ يَسُبُّ السَّلَفَ لَا تُقْبَلُ فَتْوَاهُمْ وَلَا يُنَافِيهِ مَا قَالُوهُ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ قَبُولِهَا مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ فِي قَبُولِ فَتْوَاهُمْ تَرْوِيجًا وَإِعْلَاءً لَهُمْ؛ لِأَنَّهَا دَرَجَةٌ رَفِيعَةٌ وَالتَّنْظِيرُ بِشَهَادَةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُفْتِي) مَنْ يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى (وَلَوْ) كَانَ (قَاضِيًا) فَلَا تُكْرَهُ لَهُ الْفَتْوَى وَلَوْ فِي الْأَحْكَامِ (وَفِي اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْحِسَابِ لِتَصْحِيحِ مَسَائِلِهِ) الْفِقْهِيَّةِ (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ نَعَمْ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ: الْمَذْهَبُ: لَا، وَرَدَّ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لَهُ بِأَنَّ الرُّويَانِيَّ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْقَاضِي لَا يُفِيدُ الْغَرَضَ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تُشْتَرَطْ فِي الْقَاضِي لَمْ تُشْتَرَطْ فِي الْمُفْتِي إذْ لَوْ شُرِطَتْ فِيهِ لَشُرِطَتْ فِي الْقَاضِي؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ مُفْتِيًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ حَاسِبًا فَلْيَكُنْ الْمُفْتِي كَذَلِكَ (وَيُشْتَرَطُ) فِي الْمُفْتِي الْمُنْتَسِبِ إلَى مَذْهَبِ إمَامٍ (أَنْ يَحْفَظَ مَذْهَبَ إمَامِهِ وَيَعْرِفَ قَوَاعِدَهُ وَأَسَالِيبَهُ) وَيَكُونَ فَقِيهَ النَّفْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَيْسَ لِلْأُصُولِيِّ الْمَاهِرِ) التَّصَرُّفُ فِي الْفِقْهِ (وَكَذَا الْبَحَّاثُ فِي الْخِلَافِ مِنْ أَئِمَّةِ الْفِقْهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الْبَحَّاثُ فِي الْفِقْهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْخِلَافِ (وَفُحُولِ الْمُنَاظِرِينَ أَنْ يُفْتِيَ فِي الْفُرُوعِ الشَّرْعِيَّةِ) بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فَلَوْ وَقَعَتْ لَهُ وَاقِعَةٌ لَزِمَهُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِإِدْرَاكِ حُكْمِهَا اسْتِقْلَالًا لِقُصُورِ آلَتِهِ وَلَا هُوَ مِنْ مَذْهَبِ إمَامٍ لِعَدَمِ حِفْظِهِ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ (وَلَا يَجِبُ إفْتَاءٌ فِيمَا لَمْ يَقَعْ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَيَحْرُمُ التَّسَاهُلُ فِي الْفَتْوَى وَ) يَحْرُمُ (اتِّبَاعُ الْحِيَلِ) الْمُحَرَّمَةِ مُطْلَقًا وَكَذَا غَيْرُهَا (إنْ فَسَدَتْ الْأَغْرَاضُ) بِخِلَافِ مَا إذَا صَحَّتْ بِأَنْ احْتَسَبَ فِي طَلَبِهِ حِيلَةً لَا شُبْهَةَ فِيهَا وَلَا تَجُرُّ إلَى مَفْسَدَةٍ لِيُخَلِّصَ بِهَا الْمُسْتَفْتِي مِنْ وَرْطَةِ يَمِينٍ وَنَحْوِهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ هَذَا (وَ) يَحْرُمُ (سُؤَالُ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ) أَيْ بِالتَّسَاهُلِ وَاتِّبَاعِ الْحِيَلِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَا يُفْتِي فِي حَالٍ تُغَيِّرُ أَخْلَاقَهُ وَخُرُوجَهُ عَنْ الِاعْتِدَالِ وَلَوْ بِفَرَحٍ وَمُدَافَعَةِ أَخْبَثَيْنِ) وَنُعَاسٍ وَمَلَالَةٍ (فَإِنْ أَفْتَى) فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ (مُعْتَقِدًا أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَمْنَعْهُ عَنْ دَرْكِ الصَّوَابِ صَحَّتْ فَتْوَاهُ، وَإِنْ خَاطَرَ وَالْأَوْلَى) لِلْمُفْتِي (أَنْ يَتَبَرَّعَ بِالْفَتْوَى فَإِنْ أَخَذَ رِزْقًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ جَازَ إلَّا إنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ) الْفَتْوَى (وَلَهُ كِفَايَةٌ) فَلَا يَجُوزُ (وَلَا يَأْخُذُ أُجْرَةً مِنْ مُسْتَفْتٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِزْقٌ كَالْحَاكِمِ (فَإِنْ جَعَلَ لَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ رِزْقًا) مِنْ أَمْوَالِهِمْ لِيَتَفَرَّغَ لِفَتَاوِيهِمْ (جَازَ، وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ) عَلَى كَتْبِ الْجَوَابِ (جَازَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْفَتْوَى بِالْقَوْلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آنِفًا (وَالْأَوْلَى) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَضْرِبَ عَلَيْهِ إلَخْ) ذَكَرَ الْعَبَّادِيُّ فِي الزِّيَادَاتِ فِي إصْلَاحِ كُتُبِ الْعِلْمِ خِلَافَهُ فَقَالَ لَا يَجُوزُ إصْلَاحُ مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ الْغَلَطِ بِغَيْرِ إذْنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ قُرْآنًا فَيَجِبُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ هُوَ كَالشَّاهِدِ فِي رَدِّ فَتْوَاهُ لِقَرَابَةٍ) لَا يُكْرَهُ إفْتَاءُ وَالِدٍ وَلَدِهِ فِي الْعِبَادَاتِ وَفِي غَيْرِهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَجَرُّ نَفْعٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُطِيعِ هَلْ يَجُوزُ لِلْعَالِمِ أَنْ يُفْتِيَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فِيمَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ فِيمَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ نَعَمْ) هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ اتِّبَاعُ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ إلَخْ) مِنْ الْحِيَلِ الْمَذْمُومَةِ الْمَسْأَلَةُ السُّرَيْجِيَّةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 (كَوْنُهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ لِلْكُتُبِ (بِأُجْرَةٍ مِثْلُ كَتْبِهِ) ذَلِكَ الْقَدْرَ لَوْ لَمْ تَكُنْ فَتْوَى لِئَلَّا يَكُونَ آخِذًا زِيَادَةً بِسَبَبِ الْإِفْتَاءِ (مَعَ كَرَاهَةٍ) لِلْإِيجَارِ لِذَلِكَ (وَلَهُ قَبُولُ هَدِيَّةِ) بِخِلَافِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُهُ (لَا) قَبُولُ (رِشْوَةٍ عَلَى فَتْوَى لِمَا يُرِيدُ) الْمُسْتَفْتِي كَالْحَاكِمِ (وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْرِضَ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (الْمُدَرِّسَ وَمُفْتٍ كِفَايَتَهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِيَسْتَغْنِيَ عَنْ التَّكَسُّبِ وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَعْطَى كُلَّ رَجُلٍ مِمَّنْ هَذِهِ صِفَتُهُ مِائَةَ دِينَارٍ فِي السَّنَةِ (وَلِكُلِّ أَهْلِ بَلَدٍ اصْطِلَاحٌ فِي اللَّفْظِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ أَهْلُ بَلَدٍ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِاللَّفْظِ) كَالْأَيْمَانِ وَالْإِقْرَارِ وَالْوَصَايَا (مَنْ لَا يَعْرِفُ اصْطِلَاحَهُمْ) هَذَا فَاعِلُ يُفْتِي وَمَفْعُولُهُ أَهْلُ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْعَامِلِ وَالْمُفْتِي عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ (الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى) فِي مَسْأَلَةٍ ذَاتِ قَوْلَيْنِ أَوْ وَجْهَيْنِ (بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْوَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بَلْ عَلَيْهِ فِي الْقَوْلَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ) وَيُفْتِيَ (بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا إنْ عَلِمَهُ وَإِلَّا فَبِاَلَّذِي رَجَّحَهُ الشَّافِعِيُّ) إنْ رَجَّحَ شَيْئًا (وَإِلَّا لَزِمَهُ الْبَحْثُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الرَّاجِحِ فَيَعْمَلُ وَيُفْتِي بِهِ (فَإِنْ كَانَ أَهْلًا) لِلتَّرْجِيحِ أَوْ التَّخْرِيجِ (اشْتَغَلَ بِهِ مُتَعَرِّفًا ذَلِكَ مِنْ الْقَوَاعِدِ وَالْمَآخِذِ) لِلشَّافِعِيِّ (وَإِلَّا تَلْقَاهُ مِنْ نَقْلَةِ الْمَذْهَبِ) أَيْ الْمَوْصُوفِينَ بِالْأَهْلِيَّةِ (فَإِنْ عَدِمَ التَّرْجِيحُ) بِأَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ بِطَرِيقٍ (تَوَقَّفَ) حَتَّى يُحَصِّلَهُ (وَحُكْمُ الْوَجْهَيْنِ) فِيمَا ذُكِرَ (كَالْقَوْلَيْنِ لَكِنْ لَا عِبْرَةَ بِالْمُتَأَخِّرِ) مِنْهُمَا (إلَّا إذَا وَقَعَا مِنْ شَخْصٍ) وَاحِدٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَنْصُوصًا وَالْآخَرُ مُخَرَّجًا فَالْمَنْصُوصُ هُوَ الرَّاجِحُ الْمَعْمُولُ بِهِ غَالِبًا كَمَا إذَا رَجَّحَ الشَّافِعِيُّ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ بَلْ هَذَا أَوْلَى (فَإِنْ اخْتَلَفُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ (فِي الْأَرْجَحِ) مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْوَجْهَيْنِ (وَلَمْ يَكُنْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْعَامِلِ وَالْمُفْتِي عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ (أَهْلًا لِلتَّرْجِيحِ اعْتَمَدَ مَا صَحَّحَهُ الْأَكْثَرُ وَالْأَعْلَمُ) إنْ صَحَّحُوا شَيْئًا (وَإِلَّا تَوَقَّفَ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْعَامِلِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْبَحْثُ عَنْ الرَّاجِحِ. وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ اعْتَمَدَ مَا صَحَّحَهُ الْأَكْثَرُ وَالْأَعْلَمُ وَالْأَوْرَعُ فَإِنْ تَعَارَضَ أَعْلَمُ وَأَوْرَعُ قُدِّمَ الْأَعْلَمُ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ عَنْ أَحَدٍ تَرْجِيحٌ اعْتَبَرَ صِفَاتِ النَّاقِلِينَ لِلْقَوْلَيْنِ وَالْقَائِلِينَ لِلْوَجْهَيْنِ فَمَا رَوَاهُ الْبُوَيْطِيُّ وَالْمُزَنِيِّ وَالرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا رَوَاهُ الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ وَحَرْمَلَةُ وَيَتَرَجَّحُ أَيْضًا مَا وَافَقَ أَكْثَرُ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ وَكَذَا مَا وَافَقَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ مَثَلًا إنْ لَمْ يَجِدْ مُرَجِّحًا مِمَّا مَرَّ وَلَوْ تَعَارَضَ جَزْمُ مُصَنَّفَيْنِ فَكَتَعَارُضِ الْوَجْهَيْنِ فَيُرْجَعُ إلَى الْبَحْثِ كَمَا مَرَّ وَكَذَا يُرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ فَلَوْ جَزَمَ مُصَنِّفَانِ بِشَيْءٍ وَثَالِثٌ مُسَاوٍ لِأَحَدِهِمَا بِخِلَافِهِ رَجَّحْنَاهُمَا عَلَيْهِ وَنَقْلُ الْعِرَاقِيِّينَ نُصُوصَ الشَّافِعِيِّ وَقَوَاعِدَ مَذْهَبِهِ وَوُجُوهَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَتْقَنُ وَأَثْبَتُ مِنْ نَقْلِ الْخُرَاسَانِيِّينَ غَالِبًا إنْ لَمْ يَكُنْ دَائِمًا وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُرَجَّحَ بِهِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ كَوْنُ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَهُ فِي بَابِهِ وَمَظِنَّتِهِ وَالْآخَرُ مُسْتَطْرِدٌ فِي بَابٍ آخَرَ انْتَهَى مُلَخَّصًا (وَالْعَمَلُ) يَكُونُ (بِالْجَدِيدِ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) لَا بِالْقَدِيمِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَرْجُوعٌ عَنْهُ (إلَّا فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي نَحْوِ عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً بَيَّنْتهَا فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَالْمَذْكُورُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَسْأَلَةً. فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِعِشْرِينَ بَدَلَ ثَلَاثِينَ كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ كَانَ فِي الرُّقْعَةِ مَسَائِلُ رَتَّبَ) الْمُفْتِي (الْأَجْوِبَةَ عَلَى تَرْتِيبِهَا وَيُكْرَهُ) لَهُ (أَنْ يَقْتَصِرَ) فِي جَوَابِهِ (عَلَى قَوْلِهِ فِيهِ قَوْلَانِ) أَوْ وَجْهَانِ أَوْ خِلَافٌ أَوْ رِوَايَتَانِ أَوْ نَحْوُهَا (إذْ لَا يُفِيدُ) جَوَابًا لِلْمُسْتَفْتِي بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَجْزِمَ لَهُ بِالرَّاجِحِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ انْتَظَرَ ظُهُورَهُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِفْتَاءِ كَمَا فَعَلَهُ كَثِيرٌ (وَلَا يُطْلَقُ) الْجَوَابُ (حَيْثُ) وُجِدَ فِي الْمَسْأَلَةِ (التَّفْصِيلُ فَهُوَ) أَيْ الْإِطْلَاقُ حِينَئِذٍ (خَطَأٌ) اتِّفَاقًا (وَيُجِيبُ عَلَى مَا فِي الرُّقْعَةِ لَا عَلَى مَا يَعْلَمُهُ) مِنْ صُورَةِ الْوَاقِعَةِ (فَإِنْ أَرَادَهُ) أَيْ الْجَوَابَ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ (قَالَ إنْ أَرَادَ كَذَا فَجَوَابُهُ كَذَا) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا فِي الرُّقْعَةِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسْتَفْتِي لِخَبَرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَإِذَا كَتَبَ الْجَوَابَ أَعَادَ نَظَرَهُ فِيهِ وَتَأَمَّلَهُ (وَيُجِيبُ) الْمُفْتِي (الْأَوَّلُ فِي النَّاحِيَةِ الْيُسْرَى) مِنْ الرُّقْعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ (وَإِنْ شَاءَ) أَجَابَ (غَيْرَهَا) أَيْ فِي غَيْرِهَا وَلَوْ فِي الْحَاشِيَةِ (لَا قَبْلَ الْبَسْمَلَةِ) أَيْ فَوْقَهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ إرَادَةِ الْإِفْتَاءِ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْ الشَّيْطَانِ وَيُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَحْمَدَهُ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَقُولَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَيَقْرَأَ {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه: 25] الْآيَةَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ نَحْوَهَا (وَلْيَكْتُبْ) أَوَّلَ فَتْوَاهُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إلَّا فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ تُتَبَّعَ مَا أَفْتَى بِهِ بِالْقَدِيمِ فَوُجِدَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَيْضًا (قَوْلًا بِالْقَدِيمِ مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ مَرْجُوعٌ عَنْهُ الْقَدِيمَ إنَّمَا هُوَ مَرْجُوعٌ عَنْهُ إذَا نَصَّ فِي الْجَدِيدِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَشَارَ إلَى الرُّجُوعِ عَنْهُ وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى النَّصِّ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَنُصَّ فِي الْجَدِيدِ عَلَى خِلَافِهِ فَالْفَتْوَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ مَرْجُوعًا عَنْهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ الرُّجُوعُ عَنْ كُلِّ مَا قَالَهُ فِي الْقَدِيمِ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى وَفْقِهِ فِي الْجَدِيدِ فَإِنَّهُ عَسَّلَهُ وَقَالَ لَيْسَ فِي حِلِّ مَنْ رَوَاهُ عَنِّي كَمَا حَكَاهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بْنُ الْفِرْكَاحِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفَتْوَى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرِينَ خَالَفُوا فِي مُعْظَمِهَا فَأَفْتَوْا فِيهَا بِالْجَدِيدِ؛ وَلِأَنَّ فِي أَكْثَرِهَا قَوْلًا جَدِيدًا مُوَافِقًا لِلْقَدِيمِ فَالْفَتْوَى إنَّمَا هِيَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُطْلِقُ حَيْثُ التَّفْصِيلُ) فَهُوَ خَطَأٌ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى جَوَابِ أَحَدِ الْأَقْسَامِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ الْوَاقِعُ لِلسَّائِلِ ثُمَّ يَقُولُ هَذَا إذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا وَأَنْ يُفَصِّلَ جَوَابِ كُلِّ قِسْمٍ (قَوْلُهُ وَيَقْرَأُ {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه: 25] الْآيَةَ) {سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 32] الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ أَوْ حَسْبُنَا اللَّهُ أَوْ حَسْبِي اللَّهُ أَوْ نَحْوُهَا (وَيَخْتِمُ) جَوَابَهُ (بِقَوْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَوْ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ أَوْ نَحْوُهُ (وَيَذْكُرُ) أَيْ يَكْتُبُ بَعْدَهُ (اسْمَهُ وَنَسَبَهُ) وَمَا يُعْرَفُ بِهِ وَيَنْتَسِبُ إلَى مَذْهَبِهِ فَيَكْتُبُ الشَّافِعِيُّ مَثَلًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالِاسْمِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِالِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ (وَلَا يَقْبُحُ) فِي الْجَوَابِ (أَنْ يَقُولَ عِنْدَنَا) أَوْ الَّذِي عِنْدَنَا أَوْ الَّذِي نَذْهَبُ إلَيْهِ كَذَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَإِذَا أَغْفَلَ الْمُسْتَفْتِي الدُّعَاءَ لِلْمُفْتِي أَوْ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ الْفَتْوَى أَلْحَقَ الْمُفْتِي ذَلِكَ بِخَطِّهِ لِجَرَيَانِ الْعَادِيَةِ بِهِ (، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ) أَيْ الْفَتْوَى (بِالسُّلْطَانِ دَعَا لَهُ وَقَالَ) الْأَوْلَى قَوْلُ الرَّوْضَةِ فَقَالَ (وَعَلَى السُّلْطَانِ) أَوْ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ (سَدَّدَهُ اللَّهُ أَوْ شَدَّ أَزْرَهُ) أَيْ قُوَّتَهُ أَوْ ظَهْرَهُ أَوْ وَفَّقَهُ اللَّهُ أَوْ أَصْلَحَهُ أَوْ نَحْوَهَا (وَيُكْرَهُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ) فَلَيْسَتْ مِنْ أَلْفَاظِ السَّلَفِ (وَيَخْتَصِرُ جَوَابَهُ وَيُوَضِّحُ عِبَارَتَهُ، وَإِنْ سُئِلَ عَمَّنْ تَكَلَّمَ بِكُفْرٍ يُتَأَوَّلُ قَالَ يُسْأَلُ) الْمُتَكَلِّمُ بِهِ (إنْ أَرَادَ) بِهِ (كَذَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ كَذَا فَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَإِلَّا قُتِلَ) ، وَإِنْ سُئِلَ عَمَّنْ قَالَ أَنَا أَصْدَقُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ الصَّلَاةُ لَغْوٌ أَوْ نَحْوُهُمَا فَلَا يُبَادِرُ بِقَوْلِهِ هَذَا حَلَالُ الدَّمِ أَوْ عَلَيْهِ الْقَتْلُ بَلْ يَقُولُ إنْ ثَبَتَ هَذَا بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَإِلَّا فُعِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا وَأَشْبَعَ الْقَوْلَ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَإِنْ سُئِلَ عَمَّنْ قَتَلَ أَوْ جَرَحَ احْتَاطَ) فِي الْجَوَابِ (وَذَكَرَ) عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ فَذَكَرَ (شُرُوطَ الْقِصَاصِ وَيُبَيِّنُ قَدْرَ التَّعْزِيرِ) وَمَا يُعَزَّرُ بِهِ مِنْ عَصًا أَوْ سَوْطٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فِيمَا لَوْ سُئِلَ عَمَّنْ فَعَلَ مَا يَقْتَضِي تَعْزِيرًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُلْصِقَ الْجَوَابَ بِآخِرِ الِاسْتِفْتَاءِ وَلَا يَدَعُ بَيْنَهُمَا فُرْجَةً مَخَافَةَ أَنْ يَزِيدَ السَّائِلُ شَيْئًا يُفْسِدُ الْجَوَابَ (وَيَكْتُبُ) الْجَوَابَ (عَلَى الْمُلْصَقِ مِنْ الْوَرَقَةِ) أَيْ وَإِذَا كَانَ مَوْضِعُ الْجَوَابِ وَرَقَةً مُلْصَقَةً كَتَبَ عَلَى مَوْضِعِ الْإِلْصَاقِ (وَإِنْ ضَاقَتْ) عَنْ الْجَوَابِ (كَتَبَ فِي الظَّهْرِ) أَوْ فِي الْحَاشِيَةِ (وَالْحَاشِيَةُ أَوْلَى) بِهِ (لَا فِي) وَرَقَةٍ (أُخْرَى) خَوْفًا مِنْ الْحِيلَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا كَتَبَ فِي ظَهْرِهَا كَتَبَ فِي أَعْلَاهَا إلَّا أَنْ يَبْتَدِئَ مِنْ أَسْفَلِهَا مُتَّصِلًا بِالِاسْتِفْتَاءِ وَيَضِيقُ الْمَوْضِعُ قِيمَتُهُ فِي أَسْفَلِ ظَهْرِهَا لِيَصِلَ جَوَابُهُ (وَيَحْرُمُ الْمَيْلُ) فِي فَتْوَاهُ مَعَ الْمُسْتَفْتِي أَوْ خَصْمِهِ (بِأَنْ يَكْتُبَ مَا لِأَحَدِهِمَا دُونَ) مَا عَلَيْهِ (وَيُشَافِهُهُ بِمَا عَلَيْهِ) إنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لَا يَرْضَى بِكِتَابَتِهِ (بَلْ إنْ اقْتَضَاهُمَا) أَيْ مَا لَهُ عَلَيْهِ (السُّوَالُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى أَحَدِهِمَا) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَانَ أَوْلَى وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَوُجُوهُ الْمَيْلِ مَعْرُوفَةٌ وَمِنْهَا أَنْ يَكْتُبَ مَا لَهُ دُونَ مَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْلِمَ أَحَدَهُمَا مَا يَدْفَعُ بِهِ حُجَّةَ صَاحِبِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْمُشَافَهَةِ (وَلَا يُلَقِّنُهُ حَجَّتَهُ عَلَى خَصْمِهِ فَإِنْ وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْإِفْتَاءُ) وَلَوْ كِفَايَةً وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ رِقَاعٌ (قَدَّمَ السَّابِقَ) فَالسَّابِقَ (بِفَتْوَى) وَاحِدَةٍ كَالْقَاضِي نَعَمْ إنْ ظَهَرَ لَهُ جَوَابُ الْمَسْبُوقِ دُونَ السَّابِقِ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْمَسْبُوقِ كَذَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ سَابِقٌ بِأَنْ تَسَاوَوْا أَوْ جَهِلَ السَّابِقَ (أَقْرَعَ نَعَمْ يَجِبُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ يَجُوزُ (تَقْدِيمُ نِسَاءٍ وَمُسَافِرِينَ تَهَيُّؤًا) لِلسَّفَرِ (أَوْ تَضَرَّرُوا بِالتَّخَلُّفِ) عَنْ رُفْقَتِهِمْ عَلَى مَنْ سَبَقَهُمْ (لَا إنْ ظَهَرَ) بِتَقْدِيمِهِمْ (تَضَرُّرُ غَيْرِهِمْ بِكَثْرَتِهِمْ) فَلَا يُقَدَّمُونَ (، وَإِنْ سُئِلَ عَنْ) إرْثِ (الْإِخْوَةِ) مَثَلًا بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ (فَصْلٌ) فِي جَوَابِهِ فَيَقُولُ (ابْنٌ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ (الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ عَوْلٌ) كَالْمِنْبَرِيَّةِ (قَالَ) فِي جَوَابِهِ لِلزَّوْجَةِ مَثَلًا (الثُّمُنُ عَائِلًا) ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا أَوْ لَهَا ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا أَوْ صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا وَلَا يَقُولُ لَهَا الثُّمُنُ وَلَا التُّسْعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطْلِقْهُ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ بِخِلَافِ مَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ مِنْ رِقٍّ وَكُفْرٍ وَغَيْرِهِمَا لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ عَدَمِهِ بَلْ الْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ يَسْقُطُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ بَيَّنَهُ) فَيَقُولُ وَسَقَطَ فُلَانٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ نَحْوَهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَرِثُ بِحَالٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا يَرِثُ بِحَالٍ بَيَّنَهُ فَيَقُولُ: وَسَقَطَ فُلَانٌ وَحَسَنٌ أَنْ يَقُولَ وَتُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ مِنْ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ إنْ كَانَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَيَكْتُبُ تَحْتَ الْفَتْوَى الصَّحِيحَةِ) الَّتِي كَتَبَهَا غَيْرُهُ وَخَطُّهُ مُوَافِقٌ لِمَا عِنْدَهُ (إنْ عَرَفَ أَنَّهَا أَهْلٌ) لِلْإِفْتَاءِ (الْجَوَابُ صَحِيحٌ وَنَحْوُهُ) كَهَذَا جَوَابٌ صَحِيحٌ أَوْ جَوَابِي كَذَلِكَ (وَلَهُ أَنْ يُجِيبَ) أَيْ يَكْتُبَ الْجَوَابَ كَمَا لَوْ كَتَبَهُ أَوَّلًا وَقَوْلُهُ (أَنْ أَرَى ذَلِكَ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَيَخْتَصِرُ) فِي الْجَوَابِ أَيْ يَأْتِي بِهِ أَخْصَرَ مِنْ عِبَارَةِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُوَضِّحُ عِبَارَتَهُ) أَيْ بِحَيْثُ تَفْهَمُهَا الْعَامَّةُ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ شُرُوطَ الْقِصَاصِ) وَيُبَيِّنُ قَدْرَ التَّعْزِيرِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ أَوْ التَّعْزِيرَ بِشَرْطِهِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْمَسْبُوقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ يَجُوزُ) عِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ وَالصَّحِيحُ يَجِبُ تَقْدِيمُ امْرَأَةٍ وَمُسَافِرٍ شَدَّ رَحْلَهُ وَيَتَضَرَّرُ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ رُفْقَتِهِ وَعِبَارَةُ الْحِجَازِيِّ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ امْرَأَةٍ وَمُسَافِرٍ شَدَّ رَحْلَهُ وَيَتَضَرَّرُ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ رُفْقَتِهِ اهـ فَلَعَلَّ نُسَخَ الرَّوْضَةِ مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ وَإِذَا سُئِلَ عَنْ الْإِخْوَةِ إلَخْ) مَنْ وَإِذَا سُئِلَ عَنْ ابْنَيْنِ وَبَنَاتٍ أَوْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ كَفَاهُ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَحَسَنٌ أَنْ يَقُولَ تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَعْدَ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ مِنْ دَيْنٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ أَوْ جَوَابِي كَذَلِكَ) أَوْ جَوَابِي مِثْلُهُ أَوْ بِهِ أَقُولُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 السَّابِقِ أَمَّا إذَا عَرَفَ أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ (وَإِنْ جَهِلَ) أَيْ مَنْ كَتَبَ أَوَّلًا (بَحَثَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فَلَهُ أَمْرُهُ) أَيْ الْمُسْتَفْتِي (بِإِبْدَالِهَا) أَيْ الرُّقْعَةِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ أَيْ مِنْ الْكِتَابَةِ مَعَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْمُرَ صَاحِبَهَا بِإِبْدَالِهَا (فَإِنْ تَعَسَّرَ) إبْدَالُهَا (أَجَابَ بِلِسَانِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي لِلْمُسْتَفْتِي أَنْ يَبْدَأَ مِنْ الْمُفْتِيِّينَ بِالْأَسَنِّ الْأَعْلَمِ وَبِالْأَوْلَى فَالْأَوْلَى إذَا أَرَادَ جَمْعَهُمْ فِي رُقْعَةٍ وَإِلَّا فَمَنْ شَاءَ وَتَكُونُ الرُّقْعَةُ وَاسِعَةً يَدْعُو فِيهَا لِمَنْ يَسْتَفْتِيهِ وَيَدْفَعُهَا لَهُ مَنْشُورَةً وَيَأْخُذُهَا كَذَلِكَ فَيُرِيحُهُ مِنْ نَشْرِهَا وَطَيِّهَا (وَإِنْ عَدِمَ) الْمُسْتَفْتِي عَنْ وَاقِعَةٍ (الْمُفْتِي فِي بَلَدِهِ وَغَيْرِهَا) الْأَوْلَى وَغَيْرِهِ (وَلَا) وَجَدَ (مَنْ يَنْقُلُ لَهُ حُكْمَهَا فَلَا يُؤَاخَذُ صَاحِبُ الْوَاقِعَةِ بِشَيْءٍ يَصْنَعُهُ) فِيهَا (إذْ لَا تَكْلِيفَ) عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَفِي نُسْخَةٍ وَمَنْ يَنْقُلُ بِحَذْفِ لَا وَهِيَ أَوْلَى وَأَخْصَرُ (فَرْعٌ) لَوْ (أَفْتَاهُ) مُفْتٍ (ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ فَتْوَاهُ (قَبْلَ الْعَمَلِ) بِهَا كَفَّ (عَنْهُ) وُجُوبًا (وَكَذَا إذَا نَكَحَ امْرَأَةً) أَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى نِكَاحِهَا (بِفَتْوَاهُ ثُمَّ رَجَعَ) عَنْهَا (لَزِمَهُ فِرَاقُهَا كَمَا) فِي نَظِيرِهِ (فِي الْقُبْلَةِ) وَاحْتِيَاطًا لِلْإِبْضَاعِ (وَإِنْ رَجَعَ) عَنْهَا (بَعْدَ الْعَمَلِ) بِهَا (وَقَدْ خَالَفَ) مَا أَفْتَاهُ بِهِ الْمُفْتِي (دَلِيلًا قَاطِعًا نَقَضَهُ) أَيْ عَمَلَهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ قَاطِعًا بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ (فَلَا) يَنْقُضُهُ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ (، وَإِنْ كَانَ الْمُفْتِي مُقَلِّدًا لِإِمَامٍ) مُعَيَّنٍ (فَنَصُّ إمَامِهِ، وَإِنْ كَانَ اجْتِهَادِيًّا فِي حَقِّهِ كَالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ) فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَقِلِّ فَإِذَا رَجَعَ الْمُفْتِي عَنْ فَتْوَاهُ لِكَوْنِهَا خَالَفَتْ نَصَّ إمَامِهِ وَجَبَ نَقْضُ الْعَمَلِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَفْتِي بِرُجُوعِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ فِي حَقِّهِ (وَعَلَى الْمُفْتِي إعْلَامُهُ بِرُجُوعِهِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ وَجَبَ النَّقْضُ، وَإِنْ أَتْلَفَ بِفَتْوَاهُ) مَا اسْتَفْتَاهُ فِيهِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ خَالَفَ الْقَاطِعَ أَوْ نَصَّ إمَامِهِ (لَمْ يَغْرَمْ) مَنْ أَفْتَاهُ (وَلَوْ كَانَ أَهْلًا) لِلْفَتْوَى إذْ لَيْسَ فِيهَا إلْزَامٌ (فَرْعٌ يَجُوزُ) لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ (تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ إنْ دُوِّنَتْ الْمَذَاهِبُ كَالْيَوْمِ) فَلَهُ أَنْ يُقَلِّدَ كُلًّا فِي مَسَائِلَ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَسْأَلُونَ تَارَةً مِنْ هَذَا وَتَارَةً مِنْ هَذَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (وَلَهُ الِانْتِقَالُ مِنْ مَذْهَبِهِ) إلَى مَذْهَبٍ آخَرَ سَوَاءٌ قُلْنَا يَلْزَمُهُ الِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِ الْأَعْلَمِ أَمْ خَيَّرْنَاهُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ فِي الْقِبْلَةِ هَذَا أَيَّامًا، وَهَذَا أَيَّامًا (لَكِنْ لَا يَتَّبِعُ الرُّخَصَ) لِمَا فِي تَتَبُّعِهَا مِنْ انْحِلَالِ رِبْقَةِ التَّكْلِيفِ (فَإِنْ تَتَبَّعَهَا مِنْ الْمَذَاهِبِ الْمُدَوَّنَةِ فَهَلْ يُفَسَّقُ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا لَا بِخِلَافِ تَتَبُّعِهِمَا مِنْ الْمَذَاهِبِ غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ كَانَ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ فَلَا يُفَسَّقُ قَطْعًا وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُفَسَّقُ قَطْعًا (فَصْلٌ يَسْتَخْلِفُ) جَوَازًا (فِي عَامٍّ وَخَاصٍّ) كَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةِ (قَاضٍ أَذِنَ لَهُ) فِي الِاسْتِخْلَافِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى فَصْلِ الْخُصُومَاتِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بِأَنْ أَطْلَقَ لَهُ التَّوْلِيَةَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ (جَازَ) لَهُ الِاسْتِخْلَافُ (فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ) كَقَضَاءِ بَلَدَيْنِ أَوْ بَلَدٍ كَبِيرٍ؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ مُشْعِرَةٌ بِالْإِذْنِ بِخِلَافِ مَا لَا يَعْجِزُ عَنْهُ كَقَضَاءِ بَلَدٍ صَغِيرٍ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَرْضَ بِنَظِيرِ غَيْرِهِ وَلَا قَرِينَةَ تُشْعِرُ بِخِلَافِهِ (فَلَوْ نَهَى عَنْهُ) ، وَقَدْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْ بَعْضِهِ (بَطَلَتْ) تَوْلِيَتُهُ لَهُ (فِيمَا عَجَزَ) عَنْهُ وَصَحَّتْ فِيمَا عَدَاهُ (وَلَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ خَلِيفَتِهِ) حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ (كَخَلِيفَةٍ لَا يَصْلُحُ) لِلْقَضَاءِ (وَالْخَلِيفَةُ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ يَكْفِي فِيهِ أَنْ يَعْرِفَ شُرُوطَ الْوَاقِعَةِ) حَتَّى أَنَّ نَائِبَ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَفْتَاهُ مُفْتٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ فَتْوَاهُ قَبْلَ الْعَمَلِ بِهَا] قَوْلُهُ لَوْ أَفْتَاهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ وَلَكِنْ قَالَ لِلْمُسْتَفْتِي مُجْتَهِدٌ أَخْطَأَ مَنْ قَلَّدْته لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ أَعْلَمَ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ فِيهَا إلْزَامٌ) أَيْ وَلَا إلْجَاءٌ [فَرْعٌ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ إنْ دُوِّنَتْ الْمَذَاهِبُ] (قَوْلُهُ فَهَلْ يَفْسُقُ) وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَفْسُقُ إنْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ [فَصْلٌ يَسْتَخْلِفُ قَاضٍ جَوَازًا فِي عَامٍّ وَخَاصٍّ كَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَسْتَخْلِفُ فِي عَامٍّ وَخَاصٍّ قَاضٍ أَذِنَ لَهُ) شَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ اسْتِخْلَافَ الْقَاضِي وَلَوْ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَاسْتِخْلَافُهُ وَلَدَهُ أَوْ وَالِدَهُ إذَا كَانَ مُسْتَجْمِعًا لِلصِّفَاتِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِهِ كَمَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَيْضًا تَقْلِيدُ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ لِلْقَضَاءِ وَيُشْكِلُ عَلَى جَزْمِهِمْ بِجَوَازِ اسْتِخْلَافِ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ سَمَاعُ الْقَاضِي شَهَادَةَ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ فَإِنَّ الْبَغَوِيّ حَكَى فِيهَا وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ أَبِي الدَّمِ مِنْهُمَا الْمَنْعَ قَالَ فِي الْغُنْيَةِ وَكَأَنَّ وَجْهَهُ تَضَمَّنَهُ التَّعْدِيلُ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ فِيهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي تَفْوِيضِ الْحُكْمِ إلَيْهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَحَلَّ الْجَزْمِ بِصِحَّةِ اسْتِخْلَافِ الْوَلَدِ أَوْ الْوَالِدِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ مُجْتَمِعَةً فِيهِ ظَاهِرَةً عِنْدَ النَّاسِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِمَا عِنْدَ غَيْرِ الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ فَإِنْ كَانَتْ عَدَالَتُهُ مَعْرُوفَةً ثَابِتَةً عِنْدَ غَيْرِ الْأَبِ أَوْ الِابْنِ فَيُجْزَمُ بِالْقَبُولِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ قِسْ (قَوْلُهُ جَازَ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ) وَالْمَرَضُ وَالْغَيْبَةُ عَنْ الْبَلَدِ لِشُغْلٍ كَالْعَجْزِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَعْجِزُ عَنْهُ كَقَضَاءِ بَلَدٍ إلَخْ) هَذَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْعَامِّ أَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ كَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ بَطَلَتْ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ) فَلَوْ كَانَ عَاجِزًا عِنْدَ الْوِلَايَةِ عَنْ شَيْءٍ قَدَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَقْضِ فِيهِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ لَمْ تَشْمَلْهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ خَلِيفَتِهِ) فَإِنْ تَرَاضَيَا بِهِ الْتَحَقَ بِالْمُحَكَّمِ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ هَذَا إذَا عَلِمَا فَسَادَ تَوْلِيَتِهِ فَإِنْ جَهِلَا فَقَدْ بَيَّنَّا الْأَمْرَ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ مُلْزِمٌ بِغَيْرِ تَرَاضِيهِمَا فَلَا يَلْحَقُ بِالْمُحَكَّمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ، وَهَذَا أَشْبَهُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إذَا وَلَّى الْقَاضِي الْكَبِيرُ كَقَاضِي الشَّامِ مَثَلًا قَاضِيًا فِي بَلْدَةٍ هَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ فِي جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ وَعَدَمِهِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي قَاضِي الْإِمَامِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَفِيهِ لِلتَّرَدُّدِ مَجَالٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ فَمَا جَازَ لِلْوَكِيلِ جَازَ لَهُ وَمَا لَا فَلَا وَالْفَرْقُ قُوَّةُ وِلَايَةِ مَنْصُوبِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَائِبٍ لَهُ وَلِهَذَا لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَانْعِزَالُهُ بِخِلَافِ هَذَا وَإِذَا كَانَ الْعَمَلُ مُشْتَمِلًا عَلَى مِصْرَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ كَالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ يَتَخَيَّرُ فَإِذَا نَظَرَ فِي أَحَدِهِمَا فَفِي انْعِزَالِهِ عَنْ الْآخَرِ وَجْهَانِ مُحْتَمَلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَدْ انْعَزَلَ عَنْهُ لِتَعَذُّرِ حُكْمٍ فِيهِ بِالْعَجْزِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 الْقَاضِي فِي الْقُرَى إذَا كَانَ الْمَنُوبُ فِيهِ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ وَنَقْلَهَا دُونَ الْحُكْمِ كَفَاهُ بِشُرُوطِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رُتْبَةُ الِاجْتِهَادِ (وَلَا يَكْفِي) فِي الْخَلِيفَةِ (فِي) الْأَمْرِ (الْعَامِّ إلَّا أَهْلُ الْقَضَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ قَاضٍ (وَلَوْ خَالَفَ اعْتِقَادَهُ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ فَلِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الْحَنَفِيَّ (إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِخِلَافِ مُعْتَقَدِهِ) فَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يَعْمَلُ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ بِاجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ لَمْ يُجْرِ صِيغَةَ شَرْطٍ بَلْ قَالَ الْإِمَامُ قَلَّدْتُك الْقَضَاءَ فَاحْكُمْ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَوْ لَا تَحْكُمُ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ صَحَّ التَّقْلِيدُ وَلَغَا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْأَمْرَ شَرْطًا وَتَقْيِيدًا كَمَا لَوْ قَالَ قَلَّدْتُك الْقَضَاءَ فَاقْضِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَفِي يَوْمِ كَذَا وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ (وَإِنْ قَالَ لَا تَحْكُمُ فِي كَذَا فِيمَا يُخَالِفُهُ فِيهِ) كَقَوْلِهِ لَا تَحْكُمُ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ وَالْحُرِّ الْعَبْدَ (جَازَ وَحَكَمَ فِي غَيْرِهِ) مِنْ بَقِيَّةِ الْحَوَادِثِ (فَإِنْ نَصَّبَ قَاضِيَيْنِ فِي بَلَدٍ وَخَصَّصَ كُلًّا) مِنْهُمَا (بِطَرَفٍ) مِنْهُ (أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعٍ مِنْ الْخُصُومَاتِ جَازَ) وَفَارَقَ الْإِمَامُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ تَعَدُّدُهُ بِأَنَّ الْقَاضِيَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا قَطَعَ الْإِمَامُ اخْتِلَافَهُمَا بِخِلَافِ الْإِمَامَيْنِ (وَكَذَا لَوْ) عَمَّمَ وَ (أَثْبَتَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (اسْتِقْلَالًا) بِالْحُكْمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَالْوَكِيلَيْنِ وَالْوَصِيَّيْنِ (فَإِنْ شَرَطَ) فِي تَوْلِيَتِهِمَا (إجْمَاعَ حُكْمِهِمَا بَطَلَتْ) ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ يَكْثُرُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ فَتَتَعَطَّلُ الْحُكُومَاتُ (وَلَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ اسْتِقْلَالَهُمَا وَلَا اجْتِمَاعَهُمَا (حُمِلَ عَلَى) إثْبَاتِ (الِاسْتِقْلَالِ) تَنْزِيلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى مَا يَجُوزُ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْوَصِيَّيْنِ بِأَنَّ نَصْبَهُمَا بِشَرْطِ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى التَّصَرُّفِ جَائِزٌ فَحُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقَاضِيَيْنِ (فَإِنْ طَلَبَا) أَيْ الْقَاضِيَانِ (خَصْمًا) بِطَلَبِ خَصْمَيْهِ لَهُ مِنْهُمَا (أَجَابَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا بِالطَّلَبِ (وَإِلَّا) بِأَنْ طَلَبَاهُ مَعًا (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا (وَإِنْ تَنَازَعَ الْخَصْمَانِ فِي اخْتِيَارِ الْقَاضِيَيْنِ أُجِيبَ الطَّالِبُ) لِلْحَقِّ دُونَ الْمَطْلُوبِ بِهِ وَقِيلَ يُقْرِعُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ (فَإِنْ تَسَاوَيَا) بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَالِبًا وَمَطْلُوبًا كَتَحَاكُمِهِمَا فِي قِسْمَةِ مِلْكٍ أَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ صَدَاقٍ اخْتِلَافًا يُوجِبُ تَحَالُفَهُمَا (فَأَقْرَبُ الْقَاضِيَيْنِ) إلَيْهِمَا يَتَحَاكَمَانِ عِنْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ (فَالْقُرْعَةُ) يَعْمَلُ بِهَا (لَا الْإِعْرَاضُ عَنْهُمَا) حَتَّى يَصْطَلِحَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى طُولِ التَّنَازُعِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَصْبُ أَكْثَرَ مِنْ قَاضِيَيْنِ بِبَلَدٍ كَنَصْبِ قَاضِيَيْنِ مَا لَمْ يَكْثُرُوا كَذَا قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَفِي الْمَطْلَبِ يَجُوزُ أَنْ يُنَاطَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (فَرْعٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ قَلَّدَهُ بَلَدًا وَسَكَتَ عَنْ ضَوَاحِيهَا فَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِإِفْرَادِهَا عَنْهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي وِلَايَتِهِ، وَإِنْ جَرَى بِإِضَافَتِهَا دَخَلَتْ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ رَوْعِي أَكْثَرُهُمَا عُرْفًا فَإِنْ اسْتَوَيَا رَوْعِي أَقْرَبُهُمَا عَهْدًا (فَصْلٌ يَجُوزُ التَّحْكِيمُ) مِنْ اثْنَيْنِ لِرَجُلٍ غَيْرِ قَاضٍ لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عُمَرَ وَأُبَيُّ بْنَ كَعْبٍ تَحَاكَمَا إلَى   [حاشية الرملي الكبير] وَالثَّانِي لَا وَيَكُونُ بَاقِي الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ يَقْتَضِي صِحَّةَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهَا الْمَقْرُونَةِ بِالنَّهْيِ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِ الصِّحَّةِ مَعَ النَّهْيِ وَعَلَيْهِمَا يَتَخَرَّجُ تَدْرِيسُ مَدْرَسَتَيْنِ بِبَلَدَيْنِ وَكَانَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ عَسَاكِرَ يُدَرِّسُ بِالْبُعُونَةِ وَغَيْرِهَا بِدِمَشْقَ وَيُدَرِّسُ بِالصَّلَاحِيَّةِ بِالْقُدْسِ يُقِيمُ بِهِ أَشْهُرًا وَبِدِمَشْقَ أَشْهُرًا، وَهَذَا مَعَ عِلْمِهِ وَوَرَعِهِ لَكِنَّ الْأَشْبَهَ لَا؛ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا لِأَجْلِ الْحُضُورِ فِي الْآخَرِ لَيْسَتْ بِعُذْرٍ (قَوْلُهُ وَلَغَا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ قَلَّدْتُك الْقَضَاءَ فَاقْضِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَفِي يَوْمِ كَذَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ وَلِهَذَا لَوْ قُلِّدَ الْقَاضِي جَمِيعَ الْبَلَدِ لِيَنْظُرَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْهِ أَوْ فِي مَحَلَّةٍ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ وَيَبْطُلُ التَّقْلِيدُ إنْ كَانَ شَرْطًا، وَإِنْ كَانَ آمِرًا بَطَلَ الْأَمْرُ. اهـ. ع (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لَا تَحْكُمُ فِي كَذَا إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَقْضِيَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَلَا عَلَى غَائِبٍ صَحَّتْ التَّوْلِيَةُ وَلَغَا الشَّرْطُ فَيَقْضِي بِاجْتِهَادِهِ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يُرَاعِيَ الشَّرْطَ هُنَاكَ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ كَالْمَعْزُولِ فِيمَا نَهَى عَنْهُ مُوَلَّى فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَالْوَكِيلَيْنِ وَالْوَصِيَّيْنِ) ؛ وَلِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أَبَا مُوسَى وَمُعَاذًا حَاكِمَيْنِ إلَى الْيَمَنِ وَأَرْدَفَهُمَا بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ» (قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ اجْتِمَاعَ حُكْمِهِمَا بَطَلَتْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْحُكْمِ التَّنْجِيزِيِّ فَإِنْ شَرَطَهُ أَنَّهُ مَتَى حَكَمَ أَحَدُهُمَا فَعَلَى الْآخَرِ تَنْفِيذُهُ جَازَ وَأَنْ يَكُونَ فِي الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا أَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا فَيُقْطَعُ بِالْجَوَازِ وَأَنْ يَكُونَا مِنْ الْمُجْتَهِدَيْنِ أَمَّا الْمُقَلِّدَانِ لِإِمَامٍ وَاحِدٍ فَكَذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا عَمَّ وِلَايَتَهُمَا، وَأَمَّا إذَا فَوَّضَ إلَيْهِمَا مَعًا الْحُكْمَ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا شَكَّ فِي الْجَوَازِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى حُكْمٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فَيَرْفَعَانِهَا إلَى مَنْ وَلَّاهُمَا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ الْمُوصِي أُوصِي إلَى مَنْ شِئْت أَوْ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَنْك فَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى كَوْنِهِ عَنْ الْوَصِيِّ حَتَّى لَا يَصِحُّ وَلَمْ يَنْزِلْ الْمُطْلَقُ عَلَى مَا يَجُوزُ قُلْت وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَصْلَ مِنْهُ وِصَايَةُ الْوَصِيِّ إلَّا إنْ صَرَّحَ الْمُوصِي بِأَنْ وَصَّى عَنْهُ بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ اللَّفْظِ إرَادَةُ الِاسْتِقْلَالِ ع (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَنَازَعَ الْخَصْمَانِ فِي اخْتِيَارِ الْقَاضِيَيْنِ أُجِيبَ طَالِبُ) تَنَازَعَ خَصْمَانِ فِي الْحُضُورِ إلَى الْأَصْلِ وَالنَّائِبِ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الرَّفْعَ إلَى الْأَصْلِ وَالْآخَرُ إلَى النَّائِبِ قَالَ فِي الْحَاوِي إنْ كَانَ الْقَاضِي يَوْمَ التَّرَافُعِ نَاظِرًا فَالدَّعْوَى إلَيْهِ أَوْلَى بِالْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ نَائِبَهُ فَالدَّاعِي إلَيْهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَعْجَلُ وَقَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ يُجَابُ الدَّاعِي إلَى الْأَصْلِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَنَصْبُ أَكْثَرَ مِنْ قَاضِيَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَذَا قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَحُدَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ بِشَيْءٍ وَيَظْهَرُ كَمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ ارْتِبَاطُ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ قَلَّدَهُ بَلَدًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ التَّحْكِيمُ مِنْ اثْنَيْنِ لِرَجُلٍ غَيْرِ قَاضٍ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَجُوزُ التَّحْكِيمُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَنَّ عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ تَحَاكَمَا إلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ أَحَدٌ (حَتَّى بِتَزْوِيجِ فَاقِدَةِ وَلِيٍّ) لَهَا خَاصٍ نَسِيبٍ أَوْ مُعْتَقٍ (لَا فِي حُدُودِ اللَّهِ) تَعَالَى إذْ لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ؛ وَلِأَنَّ نِيَاطَ الْحُكْمِ هُنَا رِضَا مُسْتَحِقِّهِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِيهِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ صُوَرًا أُخْرَى بَيَّنْتهَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَإِنْ وَجَدَ الْقَاضِي) فِي الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّحْكِيمُ (بِشَرْطِ تَأَهُّلِ الْمُحَكَّمِ لِلْقَضَاءِ) وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي (وَ) بِشَرْطِ (رِضَا الْخَصْمَيْنِ بِحُكْمِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّ رِضَاهُمَا هُوَ الْمُثْبِتُ لِلْوِلَايَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِهِ (فَلَوْ حَكَّمَاهُ فِي الدِّيَةِ) عَلَى الْعَاقِلَةِ (لَمْ يُلْزِمْ الْعَاقِلَةَ حَتَّى يَرْضَوْا) بِحُكْمِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِإِقْرَارِ الْجَانِي فَكَيْفَ يُؤَاخَذُونَ بِرِضَاهُ وَلَا يَكْفِي رِضَا الْقَاتِلِ وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ فَرَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ) بَلْ غَايَتُهُ الْإِثْبَاتُ وَالْحُكْمُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّرْسِيمُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَإِذَا حَكَمَ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُقُوبَاتِ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ لَمْ يَسْتَوْفِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْرِمُ أُبَّهَةَ الْوُلَاةِ وَإِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ عِنْدَهُ وَحَكَمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَحْكُمْ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَجْلِسِ خَاصَّةً إذْ لَا يُقْبَلْ قَوْلُهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ كَالْقَاضِي بَعْدَ الْعَزْلِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَا يَحْكُمُ لِنَحْوِ وَلَدِهِ) مِمَّنْ يُتَّهَمُ فِي حَقِّهِ (وَلَا عَلَى عَدُوِّهِ) كَمَا فِي الْقَاضِي وَالتَّرْجِيحُ فِي هَاتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْقَاضِي لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ جَوَازُ الْحُكْمِ لِرِضَا الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا عَلَى عَدُوِّهِ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَيُشْتَرَطُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَوْنُ الْمُتَحَاكِمَيْنِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ عَلَى الْآخَرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا خَصْمِ قَاضٍ اسْتَنَابَ) عَنْهُ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَوْلِيَةٌ وَرَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ ابْنَ الصَّبَّاغِ وَغَيْرَهُ قَالُوا لَيْسَ التَّحْكِيمُ تَوْلِيَةً لَا يَحْسُنُ الْبِنَاءُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا صَدَرَ التَّحْكِيمُ مِنْ غَيْرِ قَاضٍ فَيَحْسُنُ الْبِنَاءُ (وَيُمْضِي الْقَاضِي حُكْمَهُ) أَيْ الْمُحْكَمَ (كَالْقَاضِي) وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ إلَّا بِمَا يُنْقَضُ بِهِ قَضَاءُ غَيْرِهِ. (فَرْعٌ) يَجُوزُ أَنْ يَتَحَاكَمَا إلَى اثْنَيْنِ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُ أَحَدِهِمَا حَتَّى يَجْتَمِعَا وَيُفَارِقُ تَوْلِيَةُ قَاضِيَيْنِ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى الْحُكْمِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ (فَصْلٌ مَنْثُورٌ) مَسَائِلُهُ يَتَعَلَّقُ بِالتَّوْلِيَةِ (لِيَسْأَلْ الْإِمَامُ عَنْ حَالِ مَنْ يُوَلِّيهِ) مِنْ جِيرَانِهِ وَخُلَطَائِهِ (فَإِنْ وَلَّى مَجْهُولًا) أَيْ مَنْ لَا يَعْرِفُ (لَمْ تَنْفُذْ) تَوْلِيَتُهُ (وَإِنْ بَانَ أَهْلًا) لَهَا لِلشَّكِّ مَعَ شِدَّةِ أَمْرِ الْقَضَاءِ وَخَطَرِهِ؛ وَلِأَنَّ تَوْلِيَةَ الْحَاكِمِ حُكْمٌ بِأَهْلِيَّةِ الْمُوَلَّى وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ إلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْمُسْتَنَدِ حَتَّى لَوْ حَكَمَ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى وَفْقِ الْحُكْمِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحُكْمُ نَافِذًا (فَلْيُجَدِّدْ) تَوْلِيَتَهُ بَانَ أَهْلًا أَوْ تَجَدَّدَتْ أَهْلِيَّتُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ نَصْبُ قَاضٍ فِي كُلِّ بَلَدٍ وَنَاحِيَةٍ خَالِيَةٍ عَنْ قَاضٍ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِمْ قَاضِيًا مِنْ عِنْدِهِ أَوْ يَخْتَارَ مِنْهُمْ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: بِحَيْثُ يَكُونُ بَيْنَ كُلِّ بَلَدَيْنِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى. (وَيَجُوزُ تَفْوِيضُ نَصْبِ قَاضٍ إلَى وَالٍ وَ) إلَى (غَيْرِهِ) مِنْ الْآحَادِ (وَلَوْ) كَانَ الْغَيْرُ (أَهْلَ الْبَلَدِ) أَوْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَحْضٌ (وَلَا يَخْتَارُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ) ذَلِكَ (وَلَدًا وَلَا وَالِدًا) لَهُ كَمَا لَا يَخْتَارُ نَفْسَهُ (وَيُشْتَرَطُ فِي التَّوْلِيَةِ تَعْيِينُ   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ شَيْخُنَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْفُذُ عَلَى مَنْ رَضِيَ بِحُكْمِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ صَوْمُهُ لَا عَلَى عُمُومِ النَّاسِ خِلَافًا لَهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ رِضَاهُمْ بِالْحُكْمِ مِنْهُ (قَوْلُهُ لَا فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى) مِثْلُهَا تَعْزِيرُهُ عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى عِنْدَ الْقَاضِي فَكَيْفَ عِنْدَ الْمُحَكَّمِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ صُوَرًا أُخْرَى إلَخْ) الْوَكِيلَيْنِ فَلَا يَكْفِي تَحْكُمُهُمَا، بَلْ الْمُعْتَبَرُ تَحْكِيمُ الْمُوَكِّلَيْنِ وَالْوَلِيَّيْنِ؛ فَلَا يَكْفِي تَحْكُمُهُمَا إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْمُحَكَّمِ يَصُرُّ بِأَحَدِهِمَا، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلَا يَكْفِي رِضَاهُ إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْمُحَكَّمِ يَضُرُّ بِغُرَمَائِهِ وَالْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ فَلَا يَكْفِي تَحْكِيمُهُمَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دُيُونٌ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْغُرَمَاءِ وَالْمُكَاتَبِ إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْمُحَكَّمِ يَضُرُّ بِهِ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا السَّيِّدِ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ لَا أَثَرَ لِتَحْكِيمِهِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ تَأَهُّلِ الْمُحَكَّمِ لِلْقَضَاءِ) قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْحَاوِي وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ وَقَدْ عَثَرْت عَلَى نَصٍّ صَحِيحٍ مِنْ قِبَلِهِمْ وَكَتَبَ أَيْضًا وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ ش (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ) أَيْ عِنْدَ فَقْدِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ وَالْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي) فَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ قَطْعًا بِخِلَافِ مَنْ وَلَّاهُ ذُو الشَّوْكَةِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ وَإِذَا سَمِعَ الْمُحَكَّمُ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ وَلِيَ الْحُكْمَ حَكَمَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَاكِمًا أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الشَّهَادَةِ وَهَلْ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ كَالْحَاكِمِ عَلَى الْمُرَجَّحِ أَمْ لَا لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَطَّرِدَ فِيهِ بِخِلَافِ مُرَتَّبٍ وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ غ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَزْمُ بِالثَّانِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّرْسِيمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَوْفِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ فِي هَاتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ) لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا أَيْ صَرِيحًا اهـ وَقَالَ الدَّمِيرِيِّ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) وَفِي الْحَاوِي قُبَيْلَ الشَّهَادَاتِ إذَا تَحَاكَمَ الْإِمَامُ وَخَصْمُهُ إلَى بَعْضِ الرَّعِيَّةِ لَمْ يُقَلِّدْهُ خُصُوصَ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْخَصْمِ [فَصْلٌ مَنْثُور يَتَعَلَّقُ بِالتَّوْلِيَةِ] (فَصْلٌ مَنْثُورٌ) (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَفْوِيضُ نَصْبِ قَاضٍ إلَى وَالٍ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ وَالِي الْإِقْلِيمِ لَيْسَ لَهُ نَصْبُ الْقَضَاءِ بِمُطْلَقِ وِلَايَةِ الْإِقْلِيمِ (قَوْلُهُ وَإِلَى غَيْرِهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُمَا مَا إذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلِاخْتِيَارِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 الْقَاضِي) فَلَوْ قَالَ وَلَّيْت أَحَدَ هَذَيْنِ أَوْ مَنْ رَغِبَ فِي الْقَضَاءِ بِبَلَدِ كَذَا مِنْ عُلَمَائِهَا لَمْ يَجُزْ (وَ) تَعْيِينُ (مَحَلِّ الْوِلَايَةِ) فِي قَرْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَتَنْعَقِدُ) الْوِلَايَةُ (مُشَافَهَةً وَمُكَاتَبَةً وَمُرَاسَلَةً) عِنْدَ الْغَيْبَةِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ (بِصَرِيحٍ كَوَلَّيْتُكَ الْقَضَاءَ وَاسْتَخْلَفْتُك وَاسْتَنَبْتُكَ) فِيهِ (وَاقْضِ وَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ) وَقَلَّدْتُك الْقَضَاءَ (وَبِالْكِنَايَةِ كَاعْتَمَدْتُ عَلَيْك فِي الْقَضَاءِ أَوْ رَدَدْته إلَيْك أَوْ فَوَّضْته) إلَيْك أَوْ عَهِدْت إلَيْك فِيهِ أَوْ وَكَّلْتُك فِيهِ أَوْ أَسْنَدْته إلَيْك وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَلَّيْتُك الْقَضَاءَ وَبَيْنَ فَوَّضْته إلَيْك أَنَّ الْأَوَّلَ مُتَعَيِّنٌ لِجَعْلِهِ قَاضِيًا وَالثَّانِي مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يُرَادَ تَوْكِيلُهُ فِي نَصْبِ قَاضٍ (بِقَبُولٍ) لِذَلِكَ (وَيُشْتَرَطُ) الْقَبُولُ (فَوْرًا إنْ خُوطِبَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كُوتِبَ أَوْ رُوسِلَ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ إلَّا عِنْدَ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ وَالْأَصَحُّ خِلَافُ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ نَقْلِهِ لَهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ لَكِنْ سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ خِلَافٌ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ، وَأَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ فَلْيَكُنْ هَكَذَا هُنَا وَمِنْ لَازِمِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: لَا كَالْوَكَالَةِ (وَلَوْ وَلَّاهُ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا جَازَ) كَمَا فِي الْوَكَالَةِ (وَيَسْتَفِيدُ الْقَاضِي بِالتَّوْلِيَةِ) الْمُطْلَقَةِ (الْحُكْمَ الْبَاتَّ) الْمُسْتَلْزِمَ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ وَالتَّحْلِيفَ (وَاسْتِيفَاءَ الْحُقُوقِ وَالْحَبْسَ لِلْمُمْتَنِعِ) عَنْ أَدَاءِ الْحَقِّ (وَالتَّعْزِيرَ وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ وَتَزْوِيجَ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا) خَاصٌّ (وَوِلَايَةَ أَمْوَالِ النَّاقِصِينَ) مِنْ الصِّغَارِ وَالْمَجَانِين وَالسُّفَهَاءِ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُمْ خَاصٌّ (وَ) وِلَايَةَ (الضَّوَالِّ وَالْوُقُوفِ وَإِيصَالَهَا إلَى أَهْلِهَا وَالْبَحْثَ عَنْ) حَالِ (وُلَاتِهَا إنْ كَانَ) لَهَا وُلَاةٌ (وَيَعُمُّ نَظَرُهُ الْوُقُوفَ الْعَامَّةَ وَالْخَاصَّةَ) ؛ لِأَنَّ الْخَاصَّةَ سَتَنْتَهِي إلَى الْعُمُومِ (وَالْوَصَايَا إنْ لَمْ يَكُنْ) لَهَا (وَصِيٌّ وَيَنْظُرُ فِي) أَحْوَالِ صَلَاةِ (الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وُلَاةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ الْعَامَّةِ (وَ) فِي (الطُّرُقِ فَيَمْنَعُ مُتَعَدِّيًا فِيهَا بِبِنَاءٍ وَإِشْرَاعٍ لَا يَجُوزُ وَيَنْصِبُ الْمُفْتِينَ وَكَذَا الْمُحْتَسِبِينَ وَآخِذِي الزَّكَاةِ إنْ لَمْ يُنَصِّبْهُمْ الْإِمَامُ وَ) يُنَصِّبُ (أَئِمَّةَ الْمَسَاجِدِ) إنْ لَمْ يُنَصِّبْهُمْ الْإِمَامُ فَلَوْ قَدَّمَ هَذَا عَلَى الشَّرْطِ كَانَ أَوْلَى (وَلَا يَأْخُذُ الْجِزْيَةَ) وَالْفَيْءَ (وَالْخَرَاجَ إلَّا إنْ قُلِّدَ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ وُجُوهَ مَصَارِفِهَا مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الِانْعِزَالِ) وَالْعَزْلِ (فَيَنْعَزِلُ) الْقَاضِي (بِجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَعَمًى وَخَرَسٍ) وَصَمَمٍ (وَعَدَمِ ضَبْطٍ لِغَفْلَةٍ وَنِسْيَانٍ) أَيْ لِأَحَدِهِمَا (وَكَذَا بِفِسْقٍ) لِخُرُوجِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لَا يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ وَلَا بِإِغْمَائِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اضْطِرَابِ الْأُمُورِ وَحُدُوثِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَتُعْقَدُ الْوِلَايَةُ مُشَافَهَةً إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَإِنْ كَانَ مُرْتَزِقًا لَمْ يَسْتَحِقَّ رِزْقَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى عَمَلِهِ فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ وَنَظَرَ اسْتَحَقَّ رِزْقَهُ، وَإِنْ وَصَلَ وَلَنْ يَنْظُرَ فَإِنْ كَانَ مُتَصَدِّيًا لِلنَّظَرِ اسْتَحَقَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ كَالْأَجِيرِ فِي الْعَمَلِ إذَا سَلَّمَ نَفْسَهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ فَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّ لِلنَّظَرِ فَلَا رِزْقَ لَهُ كَالْأَجِيرِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ اهـ وَتَابَعَهُ ابْنُ شَدَّادٍ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ لَا يَنْقَدِحُ فِيهِ خِلَافٌ، وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ الْمُعْظَمُ لِوُضُوحِهِ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ: وَإِذَا قُرِئَ عَهْدُهُ حَكَمَ مَكَانَهُ وَلَوْ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ فِي عَمَلِهِ وَيَسْتَحِقُّ رِزْقَهُ وَلَا أَدْرِي مَا شُبْهَةُ كَثِيرٍ مِنْ قُضَاةِ الْعَصْرِ يَتَوَلَّى أَحَدُهُمْ الْقَضَاءَ مِنْ مِصْرٍ ثُمَّ يَأْتِي عَمَلَهُ الشَّاسِعَ كَحَلَبِ بَعْدَ أَشْهُرٍ فَيُطَالِبُ بِرِزْقِهِ مِنْ تَارِيخِ وِلَايَتِهِ لِمُدَّةٍ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا عَمَلَهُ وَلَا حَكَمَ وَلَا تَصَدَّى لِحُكْمٍ وَأَفْظَعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَسْتَخْرِجُونَ مَا وُظِّفَ لَهُمْ مِنْ الْأَوْقَافِ عَلَى نَظَرٍ وَتَدْرِيسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا عُرِفَ بِالْحَاكِمِ وَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ الْمَعْلُومِ فِيمَا غَبَرَ مِنْ الزَّمَانِ فَإِنَّا لِلَّهِ مِنْ هَذِهِ الْفِتَنِ وَالْمِحَنِ غ (قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ هُنَا كَذَلِكَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الضَّرُورَةَ هُنَا تَمَسُّ غَالِبًا إلَى قَاضٍ يَفْصِلُ بَيْنَ النَّاسِ وَفِي جَعْلِ الْقَبُولِ عَلَى التَّرَاخِي إضْرَارٌ بِالرَّعَايَا بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ الْخَاصَّةِ اهـ فَالرَّاجِحُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَالَ شَيْخُنَا: لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ لَفْظًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا خَاطَبَهُ بِالْوِلَايَةِ فَالْقَرِينَةُ اقْتَضَتْ الْقَبُولَ عَلَى الْفَوْرِ لَفْظًا وَمَا فِي الْفَتَاوَى عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيُشْرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَزْوِيجُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا) خَاصٌّ أَوْ عُضِلَ أَوْ غَابَ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُمْ) خَاصٌّ بِأَنْ عَدِمَ أَوْ عَدِمَتْ أَهْلِيَّتَهُ (قَوْلُهُ وَالْوُقُوفُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا نَصَّبَ لَهَا نَاظِرًا خَاصًّا أَنَّهَا تَخْرُجُ عَنْ نَظَرِ الْقَاضِي وَلَمْ أَرَ فِيهِ كَلَامًا (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُحْتَسِبِينَ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ أَنَّ نَصْبَهُمْ إلَى الْإِمَامِ خَاصَّةً كَوِلَايَةِ الْمَظَالِمِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْوِلَايَاتِ الْعَامَّةِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالْمَعْرُوفُ الطَّرْدُ فِي هَذِهِ الْإِعْصَارِ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الِانْعِزَالِ] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْعَزْلِ) (قَوْلُهُ فَيَنْعَزِلُ بِجُنُونٍ) وَلَوْ مُتَقَطِّعًا وَزَمَنُ إفَاقَتِهِ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ وَعَدَمِ ضَبْطٍ إلَخْ) سَوَاءٌ أَكَانَ مُجْتَهِدًا مُطْلَقًا أَمْ فِي مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ أَمْ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُمْ إذَا ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ أَمَّا الْمُقَلِّدِ لِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا فِيهِ فَإِذَا خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ وَأَوْلَى قَالَ: وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ الْيَوْمَ غَالِبًا فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُشْبِهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ أَدْنَى تَغَفُّلٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ فَيَقْدَحُ فِي وِلَايَتِهِ مَا عَسَاهُ يُغْتَفَرُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا بِفِسْقٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا الْفَاسِقُ الْمَنْصُوبُ لِلضَّرُورَةِ أَوْ مِنْ ذَوِي الشَّوْكَةِ إذَا قُلْنَا بِتَنْفِيذِ أَحْكَامِهِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ فِي نُفُوذِهِ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ الْفِسْقِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مَا لَا يَمْنَعُ التَّنْفِيذَ ابْتِدَاءً لَا يَمْنَعُ دَوَامًا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَالْحَقُّ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ صَرْفُهُ وَالِاسْتِبْدَالُ بِهِ فَأَحْكَامُهُ مَرْدُودَةٌ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ بِحَالِهِ السَّعْيُ فِي صَرْفِهِ نَعَمْ إنْ عَلِمَ الْإِمَامُ بِهِ وَأَقَرَّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَابْتِدَاءِ تَقْلِيدِهِ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ بِعَدَمِ انْعِزَالِ قَاضِي الضَّرُورَةِ بِزِيَادَةِ الْفِسْقِ وَيَظْهَرُ لِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ مَا طَرَأَ عَلَيْهِ لَوْ عَلِمَ بِهِ مُسْتَنِيبُهُ لَمْ يَعْزِلْهُ بِسَبَبِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ وَإِلَّا فَلَا كا (فَرْعٌ) لَوْ أَنْكَرَ الْقَاضِي كَوْنَهُ قَاضِيًا فَفِي الْبَحْرِ عَنْ جَدِّهِ صَارَ مَعْزُولًا كَالْوَكِيلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَوْضِعَهُ فِيمَا إذَا تَعَمَّدَ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي الْإِخْفَاءِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 الْفِتَنِ (وَلَوْ زَالَتْ) هَذِهِ الْأَحْوَالُ (لَمْ يَعُدْ) قَاضِيًا بِلَا تَوْلِيَةٍ (وَإِذَا سَمِعَ الْبَيِّنَةَ وَتَعْدِيلَهَا ثُمَّ عَمِيَ حَكَمَ) فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ (إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إشَارَةٍ) هَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا، وَقَدْ ذَكَرَهَا كَأَصْلِهِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي مُسْتَنَدِ عِلْمِ الشَّاهِدِ (وَإِنْ وَلَّى) الْإِمَامُ (قَاضِيًا ظَانًّا مَوْتَ الْقَاضِي) الْأَوَّلِ أَوْ فِسْقَهُ (فَبَانَ حَيًّا) أَوْ عَدْلًا (لَمْ يَقْدَحْ فِي وِلَايَةِ الثَّانِي) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ انْعِزَالُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَقَامَهُ مَقَامَهُ لَا أَنَّهُ ضَمَّهُ إلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَفَّالِ عَدَمُ انْعِزَالِهِ بِهِ (وَيَجُوزُ) لِلْإِمَامِ (عَزْلُهُ بِخَلَلٍ) لَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ، وَقَدْ (غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ) حُصُولُهُ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَزَلَ إمَامًا يُصَلِّي بِقَوْمٍ بَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ وَقَالَ لَا يُصَلِّي بِهِمْ بَعْدَهَا أَبَدًا» وَإِذَا جَازَ هَذَا فِي إمَامِ الصَّلَاةِ جَازَ فِي الْقَاضِي بَلْ أَوْلَى إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَيِّنًا فَلَا يَجُوزُ عَزْلُهُ وَلَوْ عُزِلَ لَمْ يَنْعَزِلْ أَمَّا ظُهُورُ خَلَلٍ يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَزْلٍ لِانْعِزَالِهِ بِهِ (وَ) لَهُ عَزْلُهُ (بِأَفْضَلَ مِنْهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ خَلَلٌ (وَبِخَوْفِ فِتْنَةٍ) تَحْدُثُ مِنْ عَدَمِ عَزْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ خَلَلٌ وَلَمْ يَعْزِلْهُ بِأَفْضَلَ مِنْهُ نَظَرًا لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (حَرُمَ) عَزْلُهُ (فَلَوْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْفُذْ إلَّا إنْ وُجِدَ غَيْرُهُ) مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ فَيَنْفُذُ عَزْلُهُ مُرَاعَاةً لِطَاعَةِ الْإِمَامِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَمَتَى كَانَ الْعَزْلُ فِي مَحَلِّ النَّظَرِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْإِمَامِ فِيهِ وَيُحْكَمُ بِنُفُوذِهِ وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ تَوْلِيَةَ قَاضٍ بَعْدَ قَاضٍ هَلْ هِيَ عَزْلٌ لِلْأَوَّلِ وَجْهَانِ وَلْيَكُونَا مَبْنِيَّيْنِ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ قَاضِيَانِ انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَزْلٍ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ شَخْصًا ثُمَّ وَكَّلَ آخَرَ فَلَيْسَ بِعَزْلٍ لِلْأَوَّلِ قَطْعًا مَعَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَكِيلِ أَضْعَفُ مِنْ تَصَرُّفِ الْقَاضِي، وَقَدْ سَبَقَ فِي فَصْلِ التَّوْلِيَةِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ انْعِزَالُ الْأَوَّلِ أَمَّا الْقَاضِي فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ بِلَا مُوجِبٍ بِنَاءً عَلَى انْعِزَالِهِ بِمَوْتِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالسُّبْكِيُّ وَخَالَفَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (فَرْعٌ لَا يَنْعَزِلُ) الْقَاضِي (قَبْلَ بُلُوغِ) خَبَرِ (عَزْلِهِ) مِنْ عَدْلٍ لِمَا فِي رَدِّ أَقْضِيَتِهِ مِنْ عِظَمِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْخَصْمُ أَنَّهُ مَعْزُولٌ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ لَهُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ غَيْرُ حَاكِمٍ بَاطِنًا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ وَلَمْ يَبْلُغْ نُوَّابَهُ لَا يَنْعَزِلُونَ حَتَّى يَبْلُغَهُمْ الْخَبَرُ وَتَبْقَى وِلَايَةُ أَصْلِهِمْ مُسْتَمِرَّةً حُكْمًا، وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ وَيَسْتَحِقُّ مَا رُتِّبَ لَهُ عَلَى سَدِّ الْوَظِيفَةِ قَالَ وَلَوْ   [حاشية الرملي الكبير] فَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَهُ لِغَرَضٍ فِي الْإِخْفَاءِ بِأَنْ أَرَادَ مِنْهُ ظَالِمٌ الْحُكْمَ بِمَا لَا يَجُوزُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَزِلَ بِهِ قَطْعًا وَبَقِيَ مَا لَوْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ إمَامًا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْأَشْرَافِ حَكَى فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ خِلَافًا وَقَالَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَزْلٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَالْعَزْلُ إنْشَاءُ تَصَرُّفٍ لَا يُتَصَوَّرُ التَّرَدُّدُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي الْإِخْفَاءِ كَانَ عَزْلًا وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَوْضِعَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ لَمْ يَعُدْ قَاضِيًا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَرِيضِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ الِاجْتِهَادِ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ إغْمَاءٍ فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ فِيهِ لَا يَنْعَزِلُ إذَا كَانَ مَرْجُوَّ الزَّوَالِ فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ فَوِلَايَتُهُ مُسْتَمِرَّةٌ قَطْعًا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَلَا تَوَقُّفَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَفَّالِ عَدَمُ انْعِزَالِهِ بِهِ) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ عَزْلُهُ) كَقَوْلِهِ عَزَلْته أَوْ صَرَفْته عَنْ الْقَضَاءِ أَوْ رَجَعْت عَنْ تَوْلِيَتِهِ (قَوْلُهُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُهُ) كَكَثْرَةِ الشَّكَاوَى مِنْهُ وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا كَثُرَتْ الشَّكَاوَى مِنْهُ وَجَبَ عَزْلُهُ (فَرْعٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ سَافَرَ الْقَاضِي سَفَرًا طَوِيلًا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ حَيْثُ لَهُ ذَلِكَ لَمْ يَنْعَزِلْ بِذَلِكَ وَيَصِيرُ مُعْرِضًا أَوْ يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي عَدَالَتِهِ فِيهِ لِلنَّظَرِ مَجَالٌ وَالْأَقْرَبُ الِانْعِزَالُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا صَرِيحًا (قَوْلُهُ وَلَوْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا تَعَيَّنَ لِلتَّوَلِّي وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لَازِمَةً فِي حَقِّهِ لَا تَقْبَلُ الْعَزْلَ وَالِانْعِزَالَ فَإِنْ عَزَلَ الْإِمَامُ أَوْ الْحَاكِمُ أَنْفُسَهُمَا وَلَيْسَ فِي الْوُجُودِ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ لَمْ يَنْفُذْ عَزْلُهُمَا لِوُجُوبِ الْمُضِيِّ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا فِي الْأَمْرِ الْعَامِّ أَمَّا الْوَظَائِفُ الْخَاصَّةُ كَالْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ وَالتَّصَرُّفِ وَالتَّدْرِيسِ وَالطَّلَبِ وَالنَّظَرِ وَنَحْوِهِ فَلَا تَنْعَزِلُ أَرْبَابُهَا بِالْعَزْلِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ رَزِينٍ وَالسُّبْكِيُّ فَقَالَا: مَنْ وَلِيَ تَدْرِيسًا لَمْ يَجُزْ عَزْلُهُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِدُونِهِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ وَلَا شَكَّ فِي التَّحْرِيمِ وَفِي الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ بَابِ الْفَيْءِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ وَلِيُّ الْأَمْرِ إسْقَاطَ بَعْضِ الْجُنْدِ الْمُثْبَتِينَ فِي الدِّيوَانِ بِسَبَبٍ جَازَ وَبِغَيْرِ سَبَبٍ لَا يَجُوزُ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ فَفِي الْخَاصَّةِ أَوْلَى وَقَدْ قَالُوا إنَّ الْفَقِيهَ لَا يُزْعَجُ مِنْ بَيْتِ الْمَدَارِسِ لِثُبُوتِ حَقِّهِ بِالسَّبَقِ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْفُذُ عَزْلُهُ) مُرَاعَاةً لِطَاعَةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ عَزْلَهُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْإِمَامِ وَأَحْكَامُ الْإِمَامِ لَا تُرَدُّ إذَا لَمْ تُخَالِفْ نَصًّا وَلَا إجْمَاعًا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَزْلٍ) قَالَ شَيْخُنَا: يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُقَالَ إنْ وَلِيَ الثَّانِي عَلَى أَنْ يَجْلِسَ فِي مَحَلِّ الْأَوَّلِ وَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَشَافِعَيْنِ فِي مَحْكَمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي زَمَانِنَا فَهُوَ عَزْلٌ لِلْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلَا كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ أَمَّا الْقَاضِي فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي قَبْلَ بُلُوغِ خَبَرِ عَزْلِهِ مِنْ عَدْلٍ] (قَوْلُهُ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِ خَبَرِ عَزْلِهِ) لَوْ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ وَلَمْ يَعْلَمْ فَحَكَمَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ هُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا (قَوْلُهُ مِنْ عَدْلٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْتَفِي فِيهِ خَبَرُ عَدْلٍ وَاحِدٍ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً كَالرِّوَايَةِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي إلْحَاقُ ذَلِكَ بِخَبَرِ التَّوْلِيَةِ بَلْ أَوْلَى حَتَّى يُعْتَبَرَ شَاهِدَانِ وَتَكْفِي الِاسْتِفَاضَةُ وَلَا يَكْفِي الْكِتَابُ الْمُجَرَّدُ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِمَا فِي رَدِّ أَقْضِيَتِهِ مِنْ عِظَمِ الضَّرَرِ) ؛ وَلِأَنَّهُ نَاظِرٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْإِمَامِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ فَقَوِيٌّ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا: الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِبَقَائِهِ عَلَى وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ بَلَغَهُ إلَخْ) كِلَاهُمَا مَمْنُوعٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ وِلَايَةَ الْأَصْلِ بَعْدَ بُلُوغِهِ خَبَرُ عَزْلِهِ مُسْتَمِرَّةٌ حُكْمًا إذْ لَا مَعْنَى لِاسْتِمْرَارِهَا حُكْمًا إلَّا تَرَتُّبُ أَثَرِهَا، وَهُوَ مُنْتَفٍ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَا رُتِّبَ عَلَى الْوَظِيفَةِ بَعْدَ عَزْلِهِ الْمُضَادِّ لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَكَانَ الْقِيَاسُ عَزْلَ نُوَّابِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ عَزْلَهُ عَزْلُهُمْ لَكِنْ اُغْتُفِرَ عَدَمُ عَزْلِهِمْ لِلضَّرُورَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 بَلَغَ النَّائِبَ قَبْلَ أَصْلِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ وَيَنْفُذُ حُكْمُهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْأَصْلَ انْتَهَى، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِمَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ (فَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ عَزْلَهُ (بِقِرَاءَةِ كِتَابٍ) كَقَوْلِهِ إذَا قَرَأَتْ كِتَابِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ (الْعَزْل) بِقِرَاءَتِهِ (وَلَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إعْلَامُهُ بِصُورَةِ الْحَالِ وَلِهَذَا يَنْعَزِلُ بِمُطَالَعَتِهِ وَفَهْمِ مَا فِيهِ (وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ) كَالْوَكِيلِ فَيَنْعَزِلُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعَزْلِهِ مَنْ وَلَّاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَيِّنًا فَلَا يَنْعَزِلُ (وَيَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ خَلِيفَتُهُ وَلَوْ فِي) الْأَمْرِ (الْعَامِّ) كَمَا فِي الْخَاصِّ كَبَيْعٍ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ سَمَاعِ شَهَادَةٍ فِي حَادِثَةٍ مُعَيَّنَةٍ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ اسْتِخْلَافِهِ مُعَاوَنَتُهُ، وَقَدْ زَالَتْ فَلَا يُشْكِلُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ إذْ لَيْسَ الْغَرَضُ ثَمَّ مُعَاوَنَةَ الْوَكِيلِ بَلْ النَّظَرَ فِي حَالِ الْمُوَكِّلِ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَى إرَادَتِهِ (لَا قَيِّمِ يَتِيمٍ وَوَقْفٍ) فَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِ الْقَاضِي لِئَلَّا تَخْتَلَّ مَصَالِحُهُمَا فَصَارَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ وَالْوَاقِفِ (وَلَا مَنْ اسْتَخْلَفَهُ) الْقَاضِي (بِقَوْلِ الْإِمَامِ) لَهُ (اسْتَخْلِفْ عَنِّي بَلْ لَا يَنْعَزِلُ إنْ عَزَلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ وَالْأَوَّلَ سَفِيرٌ فِي تَوْلِيَتِهِ فَكَانَ كَمَا لَوْ نَصَّبَ الْإِمَامُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِبَلْ إلَى آخَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَنْ يَسْتَخْلِفُهُ فَإِنْ عَيَّنَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ بِانْعِزَالِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَظَرَهُ بِالتَّعْيِينِ وَجَعَلَهُ سَفِيرًا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فِيمَا إذَا اسْتَخْلَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ نَصَّبَ الْإِمَامُ نَائِبًا عَنْ الْقَاضِي فَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَانْعِزَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ انْتَهَى وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا يُوَافِقُ هَذَا الِاحْتِمَالَ (وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ وَوَالٍ بِمَوْتِ الْإِمَامِ) كَمَا لَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ بِغَيْرِ مَوْتِهِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ بِتَعْطِيلِ الْحَوَادِثِ؛ وَلِأَنَّ مَا عَقَدَهُ الْإِمَامُ إنَّمَا هُوَ لِغَيْرِهِ وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ بِمَوْتِ الْوَلِيِّ نَعَمْ لَوْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خُصَمَائِهِ انْعَزَلَ بِذَلِكَ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ مَعْزُولٌ كُنْت حَكَمْت لِفُلَانٍ) بِكَذَا (لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِنْشَاءِ نَعَمْ لَوْ انْعَزَلَ بِالْعَمَى قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا انْعَزَلَ بِالْعَمَى فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِبْصَارِ وَقَوْلُهُ حَكَمْت بِكَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ) وَلَوْ مَعَ آخَرَ بِحُكْمِهِ (لَهُ) أَيْ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَيُخَالِفُ الْمُرْضِعَةَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ؛ وَلِأَنَّ شَهَادَتَهَا عَلَى فِعْلِهَا لَا تَتَضَمَّنُ تَزْكِيَتَهَا بِخِلَافِ الْقَاضِي فِيهِمَا (فَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ قَاضِيًا حَكَمَ بِهِ) وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (كَالْمُرْضِعَةِ) إذَا شَهِدَتْ كَذَلِكَ (فَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ لَمْ يُقْبَلْ) نَظَرًا لِبَقَاءِ التُّهْمَةِ (وَإِنْ شَهِدَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِمَجْلِسِ حُكْمِهِ بِكَذَا) أَوْ أَنَّ هَذَا مِلْكُ فُلَانٍ   [حاشية الرملي الكبير] وَهِيَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَيْسَ الْقِيَاسُ فِيهِ مَا قَالَ بَلْ الْقِيَاسُ فِيهِ عَزْلُ النَّائِبِ مِنْ حِينِ بَلَغَهُ خَبَرُ عَزْلِ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ عَزْلَ أَصْلِهِ عَزْلٌ لَهُ وَقَدْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْعَزِلْ أَصْلُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَهِيَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا ش وَقَوْلُهُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ وِلَايَةَ الْأَصْلِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْقِيَاسُ فِيهِ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ بَلْ الْقِيَاسُ فِيهِ عَزْلُ النَّائِبِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ) فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بُلُوغُ خَبَرِ الْعَزْلِ إلَى الْقَاضِي لَا تَعْلِيقُ الْعَزْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مُجَرَّدُ الْعِلْمِ بِالْعَزْلِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَيَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ ش وَكَتَبَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إعْلَامُهُ بِصُورَةِ الْحَالِ بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ تَفَاصِيلَ الصِّفَاتِ مَرْعِيَّةٌ فِيهِ وَخَرَجَ مَا لَوْ لَمْ يَقْرَأْ الْكِتَابَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَعْلَمَهُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ شَاهِدَانِ وَخَرَجَ بِالتَّعْلِيقِ مَا لَوْ كَتَبَ إلَيْهِ عَزَلْتُك إذًا أَنْت مَعْزُولٌ أَوْ إذَا أَتَاك كِتَابِي فَأَنْت مَعْزُولٌ فَمَا لَمْ يَأْتِهِ الْكِتَابُ لَا يَنْعَزِلُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ جَاءَهُ بَعْضُ الْكِتَابِ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ إنْ انْمَحَى مَوْضِعُ الْعَزْلِ لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ قَصَدْت قِرَاءَتَهُ بِنَفْسِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ (وَيَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ خَلِيفَتُهُ) شَمِلَ كَلَامُهُمْ نُوَّابَ الْقَاضِي الْكَبِيرِ كَقَاضِي الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْقَاضِي الَّذِي وَلَّاهُ الْإِمَامُ قَضَاءَ جَمِيعِ الْبِلَادِ (قَوْلُهُ وَوَقْفٍ) بِأَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَاقِفُهُ لَهُ نَاظِرًا أَوْ انْقَرَضَ مَنْ شَرَطَهُ لَهُ أَوْ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ (قَوْلُهُ فَصَارَ سَبِيلُهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ وَالْوَاقِفِ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِلْحَاكِمِ فَفَوَّضَهُ لِآخَرَ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا آلَ النَّظَرُ إلَى الْقَاضِي الثَّانِي بِشَرْطِ الْوَاقِفِ أَشْبَهَ مَا إذَا شَرَطَ النَّظَرَ لِزَيْدٍ ثُمَّ لِبَكْرٍ فَنُصِّبَ زَيْدٌ قَيِّمًا فِيهِ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ الْقَيِّمُ لَا مَحَالَةَ وَيَصِيرُ النَّظَرُ لِبَكْرٍ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَيَّنَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ بِانْعِزَالِهِ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ الْإِذْنُ مُقَيَّدًا بِالنِّيَابَةِ وَلَمْ يَبْقَ الْأَصْلُ لَمْ يَبْقَ النَّائِبُ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ وَوَالٍ بِمَوْتِ الْإِمَامِ) حُكْمُ وُلَاةِ الْإِمَامِ حُكْمُ قُضَاتِهِ وَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ كُلِّ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ أَمْرًا عَامًّا يَخْتَصُّ بِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ كَوِلَايَةِ بَيْتِ الْمَالِ وَنَظَرِ الْحِسْبَةِ وَالْجُيُوشِ وَالْوُقُوفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ قَبُول قَوْلُ الْقَاضِي الْمَعْزُول] (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ مَعْزُولٌ كُنْت حَكَمْت لِفُلَانٍ بِكَذَا) أَوْ ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا أَوْ عَقَدْت نِكَاحَ فُلَانَةَ عَلَى فُلَانٍ أَوْ بِعْت كَذَا عَلَى مَحْجُورِي بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِنْشَاءِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا أَصْلٌ مُطَّرِدٌ يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ إنْشَاءَ شَيْءٍ مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ وَصَحَّ مِنْهُ وَمَنْ إلَّا فَلَا كَمَا لَوْ قَالَ بَعْدَ الْعِدَّةِ كُنْت رَاجَعْتهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ كُنْت أَعْتَقْته قَبْلَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) مَا قَالَهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَيُخَالِفُ الْمُرْضِعَةَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا إلَخْ) وَفَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ الرَّضَاعَ مِنْ فِعْلِ الْوَلَدِ فَجَازَتْ شَهَادَتُهَا فِيهِ وَالْحُكْمُ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فِيهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ لَمْ يُقْبَلْ) كَمَا لَوْ شَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ هَذَا قَضَى فِي حَالِ وِلَايَتِهِ وَبَقِيَتْ حَالَةٌ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ أَنْ يُضِيفَ الْحُكْمَ لِغَيْرِهِ وَيَكْذِبَ لِيَصِلَ صَاحِبُ الْحَقِّ إلَى حَقِّهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ صَرِيحًا وَقِيَاسُ مَا قُبِلَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَالْمَسَاطِيرِ الْمُكْتَتَبَةِ الَّتِي يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْضَهَا، وَإِنْ اسْتَوْفَى عِوَضًا عَمَّا ضَاعَ وَلَمْ يَسْتَوْفِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 (قُبِلَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْقَاضِي (فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَكَالْمَعْزُولِ) فِي أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ ثُمَّ (وَإِنْ قَالَ، وَهُوَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ حَكَمْت بِطَلَاقِ نِسَاءِ الْقَرْيَةِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَوْ قَالَ عَلَى سَبِيلِ الْحُكْمِ نِسَاءُ الْقَرْيَةِ طَوَالِقُ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ (قُبِلَ) قَوْلُهُ (بِلَا حُجَّةٍ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا لَوْ أَسْنَدَهُ إلَى مَا قَبْلَ وِلَايَتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالُوهُ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ ظَاهِرٌ فِي الْقَاضِي الْمُجْتَهِدِ مُطْلَقًا أَوْ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ أَمَّا غَيْرُهُمَا فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ وَقْفَةٌ، وَقَدْ اسْتَخَرْت اللَّهَ تَعَالَى وَأَفْتَيْت فِيمَنْ سُئِلَ مِنْ قُضَاةِ الْعَصْرِ عَنْ مُسْتَنَدِ قَضَائِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِمُسْتَنَدٍ مُسْتَنَدًا كَمَا هُوَ كَثِيرٌ أَوْ غَالِبٌ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ مَا ذَكَرَ فِي قَرْيَةٍ أَهْلُهَا مَحْصُورُونَ أَمَّا فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ كَبَغْدَادَ فَلَا؛ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِبُطْلَانِ قَوْلِهِ وَإِلَى مَا قَالَهُ يُشِيرُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ بِالْقَرْيَةِ (وَإِنْ قَالَ الْمَعْزُولُ) لِلْأَمِينِ (أَعْطَيْتُك الْمَالَ) أَيَّامَ قَضَائِي لِتَحْفَظَهُ (لِفُلَانٍ فَقَالَ الْأَمِينُ بَلْ) أَعْطَيْتنِيهِ لِأَحْفَظَهُ (لِفُلَانٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَعْزُولِ) لَكِنْ هَلْ يَغْرَمُ الْأَمِينُ لِمَنْ عَيَّنَهُ هُوَ قَدْرَ ذَلِكَ، فِيهِ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَوْجَهُهُمَا الْمَنْعُ (أَوْ قَالَ) لَهُ الْأَمِينُ (لَمْ تُعْطِنِي) شَيْئًا (بَلْ هُوَ لِفُلَانٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْطَاءِ (فَرْعٌ، وَإِنْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ (بِحُكْمٍ مِنْ حُكْمٍ بِشَهَادَتِهِمَا جَازَ) ؛ لِأَنَّهُمَا الْآنَ يَشْهَدَانِ عَلَى أَنْ فَعَلَ الْقَاضِي [فَصْلٌ فِي جَوَازِ تَتَبُّعِ الْقَاضِي حُكْمَ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْقُضَاةِ الصَّالِحِينَ لِلْقَضَاءِ] (فَصْلٌ فِي جَوَازِ تَتَبُّعِ الْقَاضِي حُكْمَ مَنْ قَبْلَهُ) مِنْ الْقُضَاةِ الصَّالِحِينَ لِلْقَضَاءِ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَثَانِيهِمَا الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ السَّدَادُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ وَصَحَّحَهُ الْفَارِقِيُّ وَعَزَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى جُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ فِي الْبَابِ الْآتِي (فَإِنْ تَظَلَّمَ) شَخْصٌ (عِنْدَهُ بِمَعْزُولٍ أَوْ نَائِبِهِ سَأَلَهُ) عَمَّا يُرِيدُ مِنْهُ وَلَا يُسَارِعُ إلَى إحْضَارِهِ فَقَدْ يَقْصِدُ ابْتِذَالَهُ (فَإِنْ ادَّعَى) بِأَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَدَّعِي (مُعَامَلَةً) أَوْ إتْلَافَ مَالٍ أَوْ عَيْنًا أَخَذَهَا بِغَصْبٍ أَوْ نَحْوِهِ (أَحْضَرَهُ) وَفَصَلَ خُصُومَتَهُ مِنْهُ (كَغَيْرِهِ وَكَذَا) لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ (رِشْوَةً) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ (أَوْ حُكْمًا بِعَبْدَيْنِ مَثَلًا) أَيْ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَخْذِ) أَيْ لِأَخْذِ الْمَالِ الْمَحْكُومِ بِهِ (مِنْهُ فَإِنْ أَقَامَ عَلَى الْمَعْزُولِ) بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ الْمَعْزُولُ (حَكَمَ عَلَيْهِ وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ خِيَانَةً وَلِعُمُومِ خَبَرِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَقِيلَ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ فَيُصَانُ مَنْصِبُهُ عَنْ التَّحْلِيفِ وَالِابْتِذَالِ بِالْمُنَازَعَاتِ، وَهَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَغَيْرِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ تَصْحِيحُ النَّوَوِيِّ فِيهِ وَالصَّوَابُ الثَّانِي فَإِنَّهُ الْمَنْصُوصُ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ، وَهَذَا فِيمَنْ عُزِلَ مَعَ بَقَاءِ أَهْلِيَّتِهِ أَمَّا مَنْ ظَهَرَ فِسْقُهُ وَشَاعَ جَوْرُهُ وَخِيَانَتُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَطْعًا (وَلَوْ قَالَ) الْمُتَظَلِّمُ (بَقِيَ عَلَى أَمِينِ الْمَعْزُولِ شَيْءٌ) بَعْدَ الْمُحَاسَبَةِ (فَقَالَ) الْأَمِينُ (أَخَذْته أُجْرَةً) لِعَمَلِي (وَقَدْ اعْتَادَ) أَخْذَهَا بَلْ أَوْ لَمْ يَعْتَدْهُ (فَفِيهِ خِلَافُ مَنْ عَمِلَ) لِغَيْرِهِ (وَلَمْ يُسَمِّ أُجْرَةً) هَلْ يَسْتَحِقُّهَا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَوْ حُوسِبَ الْأَمِينُ فَبَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَقَالَ أَخَذْته أُجْرَةَ عَمَلِي فَصَدَّقَهُ الْمَعْزُولُ لَمْ يَنْفَعْهُ تَصْدِيقُهُ بَلْ يَسْتَرِدُّ مِنْهُ مَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَهَلْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا أَوْ لَا بَلْ يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ بِجَرَيَانِ ذِكْرِ الْأُجْرَةِ وَجْهَانِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُسَمِّ أُجْرَةً هَلْ يَسْتَحِقُّهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا الْبِنَاءُ نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ كَالْوَجْهَيْنِ   [حاشية الرملي الكبير] تَوَصُّلًا إلَى الْحَقِّ الْجَوَازُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ هُنَا مَنْدُوحَةً عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَنْسُبَهُ لِمُبْهَمٍ ر (قَوْلُهُ حَكَمْت بِطَلَاقِ نِسَاءِ الْقَرْيَةِ) وَعِتْقِ عَبِيدِهِمْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا ذَكَرَ فِي الْخَادِمِ مَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَزَادَ فَقَالَ هَذَا إذَا لَمْ يَسْأَلْ فَإِنْ سَأَلَهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَنْ السَّبَبِ فَجَزَمَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَتَبِعَهُ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ إذَا كَانَ قَدْ حَكَمَ بِنُكُولِهِ وَيَمِينِ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ كَانَ بِالْبَيِّنَةِ يَعْنِي فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى مُقَابَلَتِهَا بِمِثْلِهَا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَتُهُ بِالْيَدِ قَالَا وَلَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ قَدْ حَكَمَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ بِحَقٍّ فِي الذِّمَّةِ وَخَرَجَ مِنْ هَذَا تَخْصِيصُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُسْأَلُ عَنْ مُسْتَنَدِهِ أَيْ سُؤَالَ اعْتِرَاضٍ أَمَّا سُؤَالُ مَنْ يَطْلُبُ الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْحَاكِمِ الْإِبْدَاءُ لِيَجِدَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ التَّخَلُّصَ ثُمَّ قَالَ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حُكْمُهُ نَقْضًا لِحُكْمِ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ حَتَّى يُبَيِّنَ السَّبَبَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ مَا ذَكَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) إذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدِي بِكَذَا فَأَنْكَرَا لَمْ يُلْتَفَتْ لِإِنْكَارِهِمَا وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْحَاكِمِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا كَانَ إنْكَارُهُمَا بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ فِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَالَ شَيْخُنَا: يُؤْخَذُ مِنْ تَقْيِيدِ مَا قَبْلَهَا أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الْقَاضِي الْمُجْتَهِدِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَعْزُولِ) أَيْ بِلَا يَمِينٍ كَمَا لَوْ قَالَ صَرَفْت مَالَ الْوَقْفِ إلَى جِهَتِهِ الْعَامَّةِ أَوْ فِي عِمَارَتِهِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا الْحَالُ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ (قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى مُعَامَلَةً أَحْضَرَهُ كَغَيْرِهِ) أَفَادَ قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ وَكِيلَهُ وَلَا يَحْضُرَ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ جَازِمًا بِهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ قَالَ) يَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ، وَهَذَا فِيمَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَطْعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ الْجَزْمُ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ مِثْلُ هَذَا فِي طَلَبِ إحْضَارِهِ فَإِنْ انْعَزَلَ لِمَا طَرَأَ لَهُ مِنْ عَمًى أَوْ صَمَمٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ عَزَلَهُ بِلَا سَبَبٍ لَمْ يَحْضُرْ حَتَّى يَسْتَفْسِرَهُ، وَإِنْ عَزَلَهُ لِظُهُورِ فِسْقِهِ وَجَوْرِهِ وَارْتِشَائِهِ أَحْضَرَهُ بِمُجَرَّدِ طَلَبِ إحْضَارِهِ لِلدَّعْوَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ كَسَائِرِ النَّاسِ (قَوْلُهُ فَفِيهِ خِلَافُ مَنْ عَمِلَ وَلَمْ يُسَمِّ أُجْرَةً) هَلْ يَسْتَحِقُّهَا فَالرَّاجِحُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهَا (قَوْلُهُ بَلْ يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 فِيمَا لَوْ ادَّعَى رَاكِبُ الدَّابَّةِ إعَارَتَهَا وَالْمَالِكُ إجَارَتَهَا وَعَلَى التَّشْبِيهِ اقْتَصَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَقَضِيَّتُهُ الْأَخْذُ بِتَرْجِيحِ الِاسْتِحْقَاقِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ وَالتَّشْبِيهُ أَقْرَبُ مِنْ الْبِنَاءِ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ مَعَ أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مَسْأَلَتِنَا مَفْرُوضَةٌ بِخِلَافِهَا فِي الْمُنَظَّرِ بِهَا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَبْنِ عَلَى تِلْكَ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ، وَإِنَّمَا بَنَى عَلَيْهَا تَوْجِيهَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَقَالَ عَقِبَهُ، وَهَذَا يُلْتَفَتُ إلَى أَنَّ مَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ إلَخْ ثُمَّ ذَكَرَ الْوَجْهَ الثَّانِي (فَرْعٌ لَوْ ادَّعَى) شَخْصٌ (عَلَى قَاضٍ) بَاقٍ عَلَى قَضَائِهِ مُعَامَلَةً أَوْ غَيْرَهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ (حَكَمَ بَيْنَهُمَا خَلِيفَتُهُ أَوْ قَاضٍ آخَرُ) فَصْلًا لِلْخُصُومَةِ (أَوْ) ادَّعَى عَلَيْهِ (أَنَّهُ جَارَ عَلَيْهِ) فِي حُكْمِهِ (أَوْ عَلَى الشَّاهِدِ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَيْهِ زُورًا لَمْ يَحْلِفْ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ شَرْعًا وَلَوْ فُتِحَ بَابُ تَحْلِيفِهِمَا لَتَعَطَّلَ الْقَضَاءُ وَأَدَاءُ الشَّهَادَةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ (وَلَمْ يُفِدْ) فِي ذَلِكَ (إلَّا الْبَيِّنَةُ) فَحِينَئِذٍ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ إنَابَةِ الشَّرْعِ وَمَحَلُّ عَدَمِ سَمَاعِهَا عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (الْبَابُ الثَّانِي فِي جَامِعِ آدَابِ الْقَضَاءِ) وَغَيْرِهَا (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي آدَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْهَا أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الْإِمَامُ) إذَا وَلَّاهُ الْقَضَاءَ فِي بَلَدٍ كِتَابَ الْعَهْدِ (بِالْوِلَايَةِ وَيَعِظُهُ) فِيهِ وَيَذْكُرُ فِيهِ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْقِيَامِ بِهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لِأَنَسٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيُشْهِدُ) وُجُوبًا (عَلَيْهَا) أَيْ الْوِلَايَةِ (لِلْبَعِيدِ) مِنْ مَحَلِّهَا عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ يَبْعَثُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا لَا يَنْتَشِرُ الْخَبَرُ إلَيْهِ فَلْيُشْهِدْ (شَاهِدَيْنِ يَخْرُجَانِ مَعَهُ) يُخْبِرَانِ بِهَا وَعِنْدَ إشْهَادِهِمَا يَقْرَآنِ الْكِتَابَ أَوْ يَقْرَؤُهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ قَرَأَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْظُرَ الشَّاهِدَانِ فِيهِ وَلَوْ أَشْهَدَ وَلَمْ يَكْتُبْ كَفَى فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الشُّهُودِ (وَلَوْ اسْتَفَاضَ) الْخَبَرُ (كَفَى) عَنْ الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ آكَدُ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ الْخُلَفَاءِ الْإِشْهَادُ فَلَا يَقْبَلُ فِي الْوِلَايَةِ قَوْلَ مُدَّعِيهَا فَلَوْ صَدَّقَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ فَفِي وُجُوبِ طَاعَتِهِ وَجْهَانِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ عَدَمُ وُجُوبِهَا لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَنْكَرَ تَوْلِيَتَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَعَلَّ وُجُوبَهَا أَشْبَهُ وَفِي الْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ مَا يُعَضِّدُهُ (وَلَا يَعْتَمِدُ الْكِتَابَ وَحْدَهُ) أَيْ بِلَا إشْهَادٍ وَاسْتِفَاضَةٍ لِإِمْكَانِ تَحْرِيفِهِ (وَ) مِنْهَا (أَنْ يَسْأَلَ قَبْلَ الدُّخُولِ) لِلْبَلَدِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ مَنْ فِيهِ (عَنْ) حَالِ (مَنْ فِي الْبَلَدِ مِنْ الْعُدُولِ وَالْعُلَمَاءِ) لِيَدْخُلَ عَلَى بَصِيرَةٍ بِحَالِ مَنْ فِيهِ فَيَسْأَلَ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْخُرُوجِ فَإِنْ تَعَسَّرَ فَفِي الطَّرِيقِ فَإِنْ تَعَسَّرَ فَحِينَ يَدْخُلُ (وَ) أَنْ (يَدْخُلَ) يَوْمَ (الِاثْنَيْنِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَدِينَةَ فِيهِ» (فَإِنْ تَعَسَّرَ فَالْخَمِيسُ أَوْ السَّبْتُ) كَذَا عَبَّرَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِلَّا فَالسَّبْتُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ صَبِيحَةَ الْيَوْمِ (وَ) أَنْ يَدْخُلَ (فِي عِمَامَةٍ سَوْدَاءَ) فَفِي مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ بِهَا» وَلِأَنَّهَا أَهْيَبُ لَهُ (وَ) أَنْ (يَنْزِلَ وَسَطَ الْبَلَدِ) لِيَتَسَاوَى أَهْلُهُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَأَنَّهُ حَيْثُ اتَّسَعَتْ خُطَّتُهُ وَالْإِنْزَالُ حَيْثُ تَيَسَّرَ قَالَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَوْضِعٌ يَعْتَادُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالتَّشْبِيهُ أَقْرَبُ مِنْ الْبِنَاءِ) الْمَذْهَبُ مَا اقْتَضَاهُ الْبِنَاءُ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ ظَاهِرٌ قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا الْأَصْلُ فِي وَضْعِ يَدِ الشَّخْصِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ الضَّمَانُ وَقَدْ اعْتَرَفَ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى الدَّابَّةِ وَادَّعَى إعَارَتَهَا حَتَّى لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ وَادَّعَى الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ فَصُدِّقَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ اشْتَغَلَتْ ظَاهِرًا بِمُقْتَضَى وَضْعِ الْيَدِ وَيُرِيدُ بَرَاءَةَ ذِمَّةِ نَفْسِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَتُنَا فَلَمْ يَحْصُلْ هُنَا مَا يَقْتَضِي شُغْلَ ذِمَّةٍ بَلْ الْأَصْلُ فِي فِعْلِ الشَّخْصِ بِبَدَنِهِ لِغَيْرِهِ التَّبَرُّعُ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مَسْأَلَتِنَا مَفْرُوضَةٌ) مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحِلَّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْمِيَتِهَا [فَرْعٌ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى قَاضٍ بَاقٍ عَلَى قَضَائِهِ مُعَامَلَةً أَوْ غَيْرَهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ] (قَوْلُهُ أَنَّهُ جَارَ عَلَيْهِ فِي حُكْمِهِ إلَخْ) قَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ يَدَّعِي أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً تَمْنَعُ نُفُوذَ حُكْمِهِ عَلَيْهِ وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى قَبُولُ دَعْوَاهُ وَسَمَاعُ بَيِّنَتِهِ غ (قَوْلُهُ لِتَعَطُّلِ الْقَضَاءِ إلَخْ) عَلَّلَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْقَاضِيَ نَائِبُ الشَّرْعِ وَالدَّعْوَى عَلَى النَّائِبِ كَالدَّعْوَى عَلَى الْمُسْتَنِيبِ وَالدَّعْوَى عَلَى الشَّرْعِ لَا تُسْمَعُ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الْبَابُ الثَّانِي فِي جَامِعِ آدَابِ الْقَضَاءِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي آدَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي جَامِعِ آدَابِ الْقَضَاءِ) (قَوْلُهُ مِنْهَا أَنْ يَكْتُبَ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ الْإِمَامُ) مِثْلُ الْإِمَامِ قَاضِي الْإِقْلِيمِ إذَا وَلَّى نَائِبًا مِنْ عَمَلٍ مِنْ إقْلِيمِهِ (قَوْلُهُ بِالْوِلَايَةِ) قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَّخِذَ لِنَفْسِهِ نُسْخَةً حَتَّى يَتَذَكَّرَ بِهَا إنْ نَسِيَ أَنَّهُ وَلَّاهُ عَمَلَ كَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنْ يَتَذَكَّرَ بِهِ مَا اخْتَلَّ عَلَيْهِ مِنْ شَرْطٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ إلَخْ) وَعُمَرَ لِابْنِ مَسْعُودٍ لَمَّا بَعَثَهُ قَاضِيًا إلَى الْكُوفَةِ (قَوْلُهُ شَاهِدَيْنِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: عِنْدِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَدَارُ عَلَى الْأَخْبَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِوَاحِدٍ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ الْوَجْهُ الْآتِي أَنَّهُمْ إذَا صَدَّقُوهُ لَزِمَهُمْ طَاعَتُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَفَاضَ الْخَبَرُ كَفَى عَنْ الْإِشْهَادِ) وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ بَعِيدًا (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) : أَيْ وَغَيْرُهُ لَعَلَّ وُجُوبَهَا أَشْبَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَرَفُوا بِحَقٍّ عَلَيْهِمْ وَلَا نَعْدَمُ لَهُ مِنْ الْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ دَلِيلًا (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِلَّا فَالسَّبْتُ) فَبَيَّنَ تَقْدِيمَ الْخَمِيسِ عَلَى السَّبْتِ فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ صَبِيحَةَ الْيَوْمِ) لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِمَا يُذْكَرُ مَرْفُوعًا «بِوَرِكِ لِأُمَّتِي فِي سَبْتِهَا وَخَمِيسِهَا» وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَقَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: لَا أَصْلَ لَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِ السُّنَنِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْحُفَّاظِ إنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَأَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 الْقُضَاةُ النُّزُولَ فِيهِ (ثُمَّ) إذَا دَخَلَ (إنْ شَاءَ قَرَأَ الْعَهْدَ فَوْرًا، وَإِنْ شَاءَ وَاعَدَ النَّاسَ لِيَوْمٍ) يَحْضُرُونَ فِيهِ لِيَقْرَأَهُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ شُهُودٌ شَهِدُوا ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى مَنْزِلِهِ وَأَنْ يَبْحَثَ عَنْ الشُّهُودِ وَالْمُزَكِّينَ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَالْأَحْوَطُ السِّرُّ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ لَهُ عَلَى اطِّلَاعِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ أَحْوَالِهِمْ (وَ) أَنْ (يَتَسَلَّمَ دِيوَانَ الْحُكْمِ) ، وَهُوَ مَا كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي قَبْلَهُ (مِنْ الْمَحَاضِرِ) ، وَهِيَ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ مَا جَرَى مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ (وَالسِّجِلَّاتِ) ، وَهِيَ مَا يَشْمَلُ عَلَى الْحُكْمِ (وَحُجَجِ الْأَيْتَامِ وَأَمْوَالِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِنْ الْحُجَجِ الْمُودَعَةِ فِي الدِّيوَانِ كَحُجَجِ الْأَوْقَافِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ الْأَوَّلِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ وَقَدْ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ فَيَتَسَلَّمُهَا لِيَحْفَظَهَا عَلَى أَرْبَابِهَا (ثُمَّ) يَبْحَثُ (عَنْ الْمَحْبُوسِينَ) هَلْ يَسْتَحِقُّونَ الْحَبْسَ أَوْ لَا وَقُدِّمَ عَلَى مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ عَذَابٌ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ مَا مَرَّ لِأَنَّهُ أَهَمُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْبَحْثِ عَنْهُمْ أَيْضًا كُلُّ مَا كَانَ أَهَمَّ مِنْهُ كَالنَّظَرِ فِي الْمَحَاجِيرِ الْجَائِعِينَ الَّذِينَ تَحْتَ نَظَرِهِ وَمَا أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ مِنْ الْحَيَوَانِ فِي التَّرِكَاتِ وَغَيْرِهَا وَمَا أَشْرَفَ مِنْ الْأَوْقَافِ وَأَمْلَاكِ مَحَاجِيرِهِ عَلَى السُّقُوطِ بِحَيْثُ يَتَعَيَّنُ الْفَوْرُ فِي تَدَارُكِهِ (وَ) أَنْ (يَكْتُبَ) فِي رِقَاعٍ (أَسْمَاءَهُمْ وَمَا حُبِسَ بِهِ) كُلٌّ مِنْهُمْ (وَ) مَنْ حُبِسَ (لَهُ) فَإِنْ بَعَثَ إلَيْهِمْ أَمِينًا لِيَكْتُبَ ذَلِكَ كَفَى وَإِنْ بَعَثَ أَمِينَيْنِ فَهُوَ أَحْوَطُ (فَيُنَادِي) بِأَنْ يَأْمُرَ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ لِلْبَحْثِ عَنْهُمْ مَنْ يُنَادِي أَلَا (مَنْ لَهُ حَبِيسٌ فَلْيَحْضُرْ) يَوْمَ كَذَا فَإِذَا جَلَسَ لِذَلِكَ وَحَضَرَ النَّاسُ صُبَّتْ الرِّقَاعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَأْخُذُ رُقْعَةً رُقْعَةً وَيَنْظُرُ فِي الِاسْمِ الْمُثْبَتِ فِيهَا (وَيُحْضِرُ الْمَحْبُوسِينَ وَاحِدًا وَاحِدًا) بِحَسَبِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الرِّقَاعِ فَيَسْأَلُهُمْ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِمْ مَعَ خُصُومِهِمْ عَنْ سَبَبِ حَبْسِهِمْ (فَمَنْ اعْتَرَفَ) مِنْهُمْ (بِحَقٍّ طُولِبَ) بِهِ (وَإِنْ أَوْفَى) الْحَقَّ أَوْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (نُودِيَ عَلَيْهِ فَلَعَلَّ لَهُ غَرِيمًا آخَرَ. ثُمَّ) إذَا لَمْ يَحْضُرْ لَهُ غَرِيمٌ (يُطْلَقُ) مِنْ الْحَبْسِ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَرِيمٍ آخَرَ (وَلَا يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ وَمَنْ لَمْ يُوفِ) الْحَقَّ (وَلَمْ يَثْبُتْ إعْسَارُهُ رُدَّ) إلَى الْحَبْسِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ لَوْ أُنْشِئَتْ الْمُحَاكَمَةُ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي فَاسْتِمْرَارُهُ أَوْلَى (وَإِنْ قَالَ حُبِسْت بِكَلْبٍ) مَثَلًا (أَتْلَفْته أَمْضَاهُ) أَيْ حُكْمَ الْمَعْزُولِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ التَّغْرِيمَ بِذَلِكَ كَالْمُنْعَزِلِ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِمِثْلِهِ (، وَإِنْ قَالَ ظُلِمْت) بِالْحَبْسِ وَأَنْكَرَ خَصْمُهُ (طُولِبَ خَصْمُهُ بِالْبَيِّنَةِ) أَنَّهُ حَبَسَهُ بِحَقٍّ (وَصُدِّقَ) هُوَ (بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ حُبِسَ ظُلْمًا إنْ لَمْ يُقِمْ خَصْمُهُ بَيِّنَةً فَيُطْلَقُ مِنْ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّ اسْتِمْرَارَهُ فِيهِ مَعْصِيَةٌ (وَلَوْ كَانَ) خَصْمُهُ (غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ (طُولِبَ بِكَفِيلٍ أَوْ يُرَدُّ) إلَى الْحَبْسِ وَتَبِعَ فِي مُطَالَبَتِهِ بِكَفِيلٍ الرَّوْضَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ مِنْ الْحَبْسِ وَالرَّافِعِيُّ إنَّمَا فَرَّعَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُطْلَقُ مِنْهُ وَتَرْجِيحُ رَدِّهِ إلَيْهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا رُدَّ إلَيْهِ أَوْ أُطْلِقَ بِكَفِيلٍ (كَتَبَ لِخَصْمِهِ) لِيَحْضُرَ عَاجِلًا فَيَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أُطْلِقَ) كَالْمَحْبُوسِ ظُلْمًا (وَمَنْ قَالَ لَا أَدْرِي فِيمَ حُبِسْت) أَوْ لَا خَصْمَ لِي (نُودِيَ عَلَيْهِ) لِطَلَبِ الْخَصْمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ لَهُ خَصْمٌ حَلَفَ) عَلَى مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ بِلَا خَصْمٍ خِلَافُ الظَّاهِرِ (وَأُطْلِقَ) ، وَإِنْ حَضَرَ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْحَقِّ أَوْ بِأَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَذَاكَ وَإِلَّا أُطْلِقَ بَعْدَ حَلِفِهِ (وَحَالُ الْمُنَادَاةِ) عَلَيْهِ لِطَلَبِ خَصْمِهِ (يُرَاقَبُ وَلَا يُحْبَسُ) وَلَا يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ (وَمَنْ حُبِسَ تَعْزِيرًا أَطْلَقَهُ) مِنْ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ هَلْ كَانَ يُدِيمُ حَبْسَهُ أَوْ لَا (أَوْ يَرُدُّهُ) إلَيْهِ (إنْ رَأَى ذَلِكَ) بِأَنْ بَانَتْ عِنْدَهُ خِيَانَتُهُ (ثُمَّ) يَبْحَثُ (عَنْ الْأَوْصِيَاءِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَبْدَأُ هُنَا بِمَنْ شَاءَ بِلَا قُرْعَةٍ بِخِلَافِ الْمَحْبُوسِينَ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِمْ لَهُمْ وَفِي هَؤُلَاءِ عَلَيْهِمْ (فَيُنَفِّذُ) الْقَاضِي أَيْ يُقَرِّرُ مَا قَضَى لَهُمْ بِهِ (وَمَنْ عُرِفَ فِسْقُهُ) مِنْهُمْ (انْعَزَلَ) فَيُنْزَعُ الْمَالُ مِنْهُ (أَوْ ضَعْفُهُ) عَنْ الْقِيَامِ بِحِفْظِ الْمَالِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ لِكَثْرَتِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (أَعَانَهُ بِآخَرَ أَوْ شَكَّ فِي عَدَالَتِهِ قَرَّرَهُ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَمَانَةُ وَقِيلَ يُنْزَعُ الْمَالُ مِنْهُ حَتَّى تَثْبُتَ عَدَالَتُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ رَجَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي الِانْتِصَارِ الثَّانِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُرْشِدِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْمُخْتَارُ لِفَسَادِ الزَّمَانِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَالنَّظَرِ فِي الْمَحَاجِيرِ إلَخْ) وَخُصُومَةٍ حَاصِلَةٍ وَفَصْلِ مُعْضِلَةٍ أَشْكَلَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَثْبُتْ إعْسَارُهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ التَّغْرِيمَ بِذَلِكَ كَالْمُنْعَزِلِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي لَا يَرَى التَّغْرِيمَ وَالْمَعْزُولُ يَرَاهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ مِنْ الْحَبْسِ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَالرَّافِعِيُّ إنَّمَا فَرَّعَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُطْلَقُ مِنْهُ) ، وَهُوَ الصَّوَابُ غ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ جَارٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَتَبَ لِخَصْمِهِ لِيَحْضُرَ عَاجِلًا) أَوْ يُوَكِّلَ وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْأَبْوَابِ أَنْ يُقَالَ كَتَبَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لَا إلَيْهِ نَفْسِهِ وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ إذْ لَا يَكْتُبُ إلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَالْغَرَضُ إعْلَامُهُ كَيْفَ اتَّفَقَ وَلَوْ بِإِبْلَاغِ عَدْلٍ فِيمَا أَرَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ يَرُدُّهُ إلَيْهِ إنْ رَأَى ذَلِكَ) فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْحَاوِي وَالْبَحْرِ لَوْ قَالَ حَبَسَنِي تَعْزِيرًا لِلَّذِي كَانَ مِنِّي فَقَدْ اسْتَوْفَى حَبْسُ التَّعْزِيرِ بِعَزْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْ مُدَّةَ حَبْسِهِ مَعَ بَقَاءِ نَظَرِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَا يُعَزَّرُ لِذَنْبٍ كَانَ مَعَ غَيْرِهِ وَحَكَاهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ الْمُحِيطِ لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى (قَوْلُهُ ثُمَّ عَنْ الْأَوْصِيَاءِ) لِتَوَلِّيهِمْ مَالَ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ وَلَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَكَانَ النَّظَرُ فِيهِمْ أَوْلَى وَكَتَبَ أَيْضًا إذَا كَانَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِمْ فِي عَمَلِهِ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُمْ فِي غَيْرِهِ وَلَّاهُ لِبَعْضِ مَنْ يَعْرِفُهُ غ فَالتَّصَرُّفُ بِالِاسْتِنْمَاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ لِقَاضِي بَلَدِهِمْ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُمْ فِي الْمَالِ وَالنِّكَاحِ إلَّا الصَّغِيرَ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَسَأَلْت عَنْ وَقْفٍ فِي بَلَدٍ عَلَى قِرَاءَةٍ عَلَى قَبْرٍ فِي بَلَدٍ أُخْرَى وَلِكُلِّ بَلَدٍ قَاضٍ فَمَنْ نَاظَرَهُ مِنْهُمَا فَأُجِبْت بِأَنَّهُ قَاضِي بَلَدِ الْمَيِّتِ قِيَاسًا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجَعَلْت الْمَيِّتَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ الْحُكْمُ ظُهُورًا كُلِّيًّا إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيًّا (قَوْلُهُ فَيُنْزَعُ الْمَالُ مِنْهُ) وَإِنْ كَانَ ثِقَةً فِي الْأَمَانَةِ (قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ فِي عَدَالَتِهِ قَرَّرَهُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 وَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلَ (ثُمَّ إنَّ فَرَّقَ) الْوَصِيُّ (الْوَصِيَّةَ، وَهِيَ لِمُعَيَّنِينَ لَمْ يُبْحَثْ) عَنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ يُطَالِبُونَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَلَهُمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانُوا أَهْلًا لِلْمُطَالَبَةِ فَإِنْ كَانُوا مَحْجُورِينَ فَلَا لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلِيٌّ غَيْرُ الْقَاضِي. (أَوْ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ، وَهُوَ عَدْلٌ أَمْضَاهُ) أَيْ تَصَرُّفَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا (ضَمِنَهُ) أَيْ مَا فَرَّقَهُ (لِتَعَدِّيهِ) بِتَفْرِيقِهِ بِلَا وِلَايَةٍ صَحِيحَةٍ (وَإِنْ فَرَّقَهَا أَجْنَبِيٌّ لِمُعَيَّنِينَ نَفَذَ) تَفْرِيقُهُ؛ لِأَنَّ لَهُمْ أَخْذُهَا بِلَا وَاسِطَةٍ فَلَا يَضْمَنُهُ نَعَمْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْوَصِيِّ لَوْ فَوَّضَ إلَى اجْتِهَادِهِ التَّسَاوِي وَالتَّفْضِيلَ وَكَانَ فَاسِقًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِالتَّفْرِيقِ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ صَحِيحَةٍ فَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْأَجْنَبِيِّ (أَوْ لِعَامَّةٍ) أَيْ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ (ضَمِنَ ثُمَّ يَبْحَثُ عَنْ أُمَنَاءِ الْقَاضِي) الْمَنْصُوبِينَ عَلَى الْأَطْفَالِ وَتَفْرِقَةِ الْوَصَايَا (فَيَنْعَزِلُ) وَفِي نُسْخَةٍ فَيُعْزَلُ (مَنْ فَسَقَ مِنْهُمْ) وَيُعِينُ الضَّعِيفَ بِآخَرَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ (وَلَهُ أَنْ يَعْزِلَ) الْأُمَنَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُمْ (وَيُعَوِّضُ) عَنْهُمْ بِآخَرِينَ بِخِلَافِ الْأَوْصِيَاءِ؛ لِأَنَّ الْأُمَنَاءَ يُوَلَّوْنَ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْأَوْصِيَاءِ وَأُخِّرُوا عَنْ الْأَوْصِيَاءِ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِيهِمْ أَبْعَدُ؛ لِأَنَّ نَاصِبَهُمْ الْقَاضِي، وَهُوَ لَا يُنَصَّبُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْأَهْلِيَّةِ عِنْدَهُ بِخِلَافِ الْأَوْصِيَاءِ (ثُمَّ) يَبْحَثُ (عَنْ الْأَوْقَافِ الْعَامَّةِ) وَمُتَوَلِّيهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَعَنْ الْخَاصَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَؤُولُ لِمَنْ لَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَيَنْظُرُ هَلْ آلَتْ إلَيْهِمْ وَهَلْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ مِنْهُمْ لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَ) عَنْ (اللُّقَطَةِ) الَّتِي لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهَا لِلْمُلْتَقِطِ أَوْ يَجُوزُ وَلَمْ يَخْتَرْ تَمَلُّكَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ (وَ) عَنْ (الضَّوَالِّ فَتُحْفَظُ) هَذِهِ الْأَمْوَالُ (فِي بَيْتِ الْمَالِ مُفْرَدَةً) عَنْ أَمْثَالِهَا (وَلَهُ خَلْطُهَا بِمِثْلِهَا) فَإِذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ غَرِمَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَهُ بَيْعُهَا وَحِفْظُ ثَمَنِهَا لِمَصْلَحَةِ مَالِكِهَا وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بِالنِّسْبَةِ لِلُّقَطَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي جَوَازِ خَلْطِهَا نَظَرٌ إذَا لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِمُلَّاكِهَا وَلَا دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةٌ (وَقُدِّمَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ) مِمَّا ذُكِرَ (الْأَهَمُّ) فَالْأَهَمُّ (وَيَسْتَخْلِفُ) فِيمَا إذَا عَرَضَتْ حَادِثَةٌ (حَالَ شُغْلِهِ بِهَذِهِ) الْمُهِمَّاتِ مَنْ يَنْظُرُ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ أَوْ فِيمَا هُوَ فِيهِ (ثُمَّ بَعْدَمَا ذُكِرَ يُرَتِّبُ أَمْرَ الْكِتَابِ وَالْمُزَكُّونَ وَالْمُتَرْجِمِينَ) وَالْمُسْتَمِعِينَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمْ وَقَدْ «كَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُتَّابٌ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ» (وَيُشْتَرَطُ) فِي هَذَا الْأَدَبِ (كَوْنُ الْكَاتِبِ مُسْلِمًا) ذَكَرًا حُرًّا مُكَلَّفًا (عَدْلًا) فِي الشَّهَادَةِ لِتُؤْمَنَ خِيَانَتُهُ (عَارِفًا بِكُتُبِ الْمَحَاضِرِ) وَنَحْوِهَا لِئَلَّا يُفْسِدَهَا حَافِظًا لِئَلَّا يَغْلَطَ فَلَا يَكْفِي الْكَافِرُ وَلَا الْأُنْثَى وَلَا الْعَبْدُ وَلَا غَيْرُ الْمُكَلَّفِ وَلَا الْفَاسِقُ وَلَا غَيْرُ الْعَارِفِ بِمَا ذُكِرَ وَلَا غَيْرُ الْحَافِظِ (وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ فَقِيهًا) بِمَا زَادَ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ (عَفِيفًا عَنْ الطَّمَعِ) لِئَلَّا يُسْتَمَالَ بِهِ (جَيِّدُ الْخَطِّ وَالضَّبْطِ) لِلْحُرُوفِ لِئَلَّا يَقَعَ الْغَلَطُ وَالِاشْتِبَاهُ حَاسِبًا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي كُتُبِ الْمَقَاسِمِ وَالْمَوَارِيثِ فَصِيحًا عَالِمًا بِلُغَاتِ الْخُصُومِ وَافِرَ الْعَقْلِ لِئَلَّا يُخْدَعَ وَذُكِرَ وُفُورِ الْعَقْلِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَ) أَنْ (يَجْلِسَ) كَاتِبُهُ (بَيْنَ يَدَيْهِ لِيُمْلِيَهُ) مَا يُرِيدُ (وَلِيَرَى كِتَابَهُ) أَيْ مَا يَكْتُبُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُثْبِتُ شَيْئًا بِخِلَافِ الْمُتَرْجِمِينَ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ يَأْتِي (وَيُشْتَرَطُ) فِي التَّرْجَمَةِ فِي إسْمَاعِ الْقَاضِي الْأَصَمِّ كَلَامَ الْخَصْمِ (مُتَرْجِمَانِ وَمُسْمِعَانِ بِلَفْظٍ) أَيْ مَعَ لَفْظِ (الشَّهَادَةِ) بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَشْهَدُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَا (وَ) مَعَ (عَدَالَتِهِمَا) فِي الشَّهَادَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُتَرْجِمَ وَالْمُسْمِعَ يَنْقُلَانِ إلَيْهِ قَوْلًا لَا يَعْرِفُهُ أَوْ لَا يَسْمَعُهُ فَأَشْبَهَا الشَّاهِدَ وَمِنْ هُنَا يُشْتَرَطُ انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ إنْ تَضَمَّنَ حَقًّا لَهُمَا وَيُجْزِئُ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْمُتَرْجِمِينَ وَالْمُسْمِعِينَ (فِي الْمَالِ) أَوْ حَقِّهِ (رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَفِي غَيْرِهِ)   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْغُنْيَةِ إنَّهُ أَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا بَلْ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ إلَى) كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ بَلْ هُوَ ظَاهِرُ (كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ إذَا لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ جَزْمًا اهـ وَهَلْ لِلْقَاضِي إعْضَادُهُ عِنْدَ الرِّيبَةِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ خَلَلٍ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَالرَّافِعِيِّ الْمَنْعُ وَفَسَادُ الزَّمَنِ يَقْتَضِي الْجَوَازَ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ أَهْلًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ قَدْ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ أَوْ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ) أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَمْضَاهُ) فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ طَالِبُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ) ، وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ خَفِيًّا (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَبْحَثُ عَنْ الْأُمَنَاءِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالرُّويَانِيُّ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي بَعْدَ تَصَفُّحِ حَالَ الْأَوْصِيَاءِ وَالْأُمَنَاءِ أَنْ يُثْبِتَ فِي دِيوَانِهِ حَالَ كُلِّ أَمِينٍ وَوَصِيٍّ وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَمَنْ يَلِي عَلَيْهِ مِنْ الْأَيْتَامِ لِيَكُونَ حُجَّةً فِي الْجِهَتَيْنِ فَإِنْ وُجِدَ ذَكَرَهُ فِي دِيوَانِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ عَارَضَ بِهِ وَعَمِلَ بِأَحْوَطِهِمَا اهـ وَفِي الْحَاوِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَكْشِفَ عَنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ مَا لَمْ تَقُمْ الْحُجَّةُ عَلَى الْفِسْقِ وَالْخِيَانَةِ فَإِنَّهُ يَلِي بِنَفْسِهِ (تَنْبِيهٌ) إذَا فَعَلَ الْأَمِينُ مَا لَا يَجُوزُ جَهْلًا لَمْ يَنْعَزِلْ وَيُرَدُّ فِعْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَدَارُكُهُ غَرِمَهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَبْحَثُ عَنْ الْأَوْقَافِ) فَإِنْ قَالَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ صَرَفْت الْغَلَّةَ لِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ مَثَلًا صُدِّقَ، وَإِنْ اتَّهَمَهُ حَلَّفَهُ أَوْ إلَى أَهْلِهِ وَهُمْ مُعَيِّنُونَ لَمْ يُصَدَّقْ وَلَهُمْ طَلَبُ حِسَابِهِ أَوْ غَيْرُ مُعَيِّنِينَ فَهَلْ يُحَاسَبُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ مُحَاسَبَتُهُ إنْ اتَّهَمَهُ (قَوْلُهُ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ) وَعَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ وَاِتَّخَذَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ الْكُتَّابَ؛ وَلِأَنَّ اشْتِغَالَ الْحَاكِمِ بِالْكِتَابَةِ يَقْطَعُهُ عَنْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَقِيهًا بِمَا زَادَ إلَخْ) وَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ اشْتِرَاطِهِ مُرَادَهُمْ بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي أَحْكَامِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ عَفِيفًا عَنْ الطَّمَعِ) الْغَرَضُ أَنْ يَكُونَ عَلِيَّ الْهِمَّةِ شَرِيفَ النَّفْسِ غَيْرَ مُتَطَلِّعٍ إلَى طَمَعٍ وَرِعًا (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ مُتَرْجِمَانِ) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي اتِّخَاذُهُ عَلَى أَيِّ لُغَةٍ فَإِنَّ اللُّغَاتِ لَا تَكَادُ تَنْحَصِرُ وَيَبْعُدُ أَنْ يُحِيطَ الشَّخْصُ بِجَمِيعِهِمَا وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يَتَّخِذُ مِنْ كُلِّ لُغَةٍ اثْنَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ كَثِيرٌ مُشِقٌّ فَالْأَقْرَبُ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ اللُّغَاتِ الَّتِي يَغْلِبُ وُجُودُهَا فِي عَمَلِهِ وَفِيهِ عُسْرٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) قِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِتَرْجَمَةِ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِيمَا يَثْبُتُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 كَنِكَاحٍ وَعِتْقٍ (رَجُلَانِ وَلَوْ فِي زِنًا) كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ (وَ) لَوْ كَانَتْ التَّرْجَمَةُ (عَنْ شَاهِدَيْنِ) فَيَكْفِي رَجُلَانِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَرْبَعَةٌ كَمَا فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ (وَلَا يَضُرُّهُمَا الْعَمَى؛ لِأَنَّهُمَا يُفَسِّرَانِ اللَّفْظَ) وَذَلِكَ (لَا) يَسْتَدْعِي (مُعَايَنَةً) بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَرَى مَنْ يُتَرْجِمُ الْأَعْمَى كَلَامَهُ وَمِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْمُسْمِعَانِ (فَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ أَصَمَّ كَفَاهُ) فِي نَقْلِ كَلَامِ خَصْمِهِ أَوْ الْقَاضِي إلَيْهِ (مُسْمِعٌ وَاحِدٌ) ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مَحْضٌ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ عَلَى الْأَصَحِّ كَهِلَالِ رَمَضَانَ وَلَا يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الرِّوَايَاتِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَكَالْأَصَمِّ فِي ذَلِكَ مَنْ لَا يَعْرِفُ لُغَةَ خَصْمِهِ أَوْ الْقَاضِي. (فَرْعٌ لِلْقَاضِي) ، وَإِنْ وَجَدَ كِفَايَتَهُ (أَخَذَ كِفَايَتَهُ وَكِفَايَةَ عِيَالِهِ) مِنْ نَفَقَتِهِمْ (وَكِسْوَتِهِمْ) وَغَيْرِهِمَا (مِمَّا يَلِيقُ) بِحَالِهِمْ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِيَتَفَرَّغَ لِلْقَضَاءِ وَلِخَبَرِ «أَيُّمَا عَامِلٍ اسْتَعْمَلْنَاهُ وَفَرَضْنَا لَهُ رِزْقًا فَمَا أَصَابَ بَعْدَ رِزْقِهِ فَهُوَ غُلُولٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ وَكِسْوَتَهُمْ كَانَ أَوْلَى (إلَّا أَنْ تَعَيَّنَ) لِلْقَضَاءِ (وَوَجَدَ كِفَايَةً) لَهُ وَلِعِيَالِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي فَرْضًا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَاجِدٌ لِلْكِفَايَةِ (وَيُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ) أَيْ الْأَخْذِ (لِمُكْتَفٍ) لَمْ يَتَعَيَّنْ وَمَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ لِلْمُكْتَفِي وَلِغَيْرِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ بِالْقَضَاءِ صَالِحٌ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْقَضَاءِ) لِمَا مَرَّ فِي بَابِهَا (وَلَا) يَجُوزُ (أَنْ يُرْزَقَ) الْقَاضِي (مِنْ خَاصِّ مَالِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ الْآحَادِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُهُ وَفَارَقَ نَظِيرُهُ فِي الْمُؤَذِّنِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُورِثُ فِيهِ تُهْمَةً وَلَا مَيْلًا؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ لَا يَخْتَلِفُ وَفِي الْمُفْتِي بِأَنَّ الْقَاضِيَ أَجْدَرُ بِالِاحْتِيَاطِ مِنْهُ وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ بِأَنَّ الرَّافِعِيَّ رَجَّحَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ جَوَازَهُ وَأَسْقَطَهُ النَّوَوِيُّ ثَمَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ فِي الْمُحْتَاجِ وَمَا هُنَا فِي غَيْرِهِ (وَأُجْرَةُ الْكَاتِبِ وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي وَثَمَنُ الْوَرَقِ) الَّذِي يَكْتُبُ فِيهِ الْمَحَاضِرَ وَالسِّجِلَّاتِ وَنَحْوَهُمَا (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِمَا هُوَ أَهَمُّ (فَعَلَى) مَنْ لَهُ الْعَمَلُ مِنْ (الْمُدَّعِي) وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ (إنْ شَاءَ) كِتَابَةَ مَا جَرَى فِي خُصُومَتِهِ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ يُعْلِمُهُ الْقَاضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكْتُبْ مَا جَرَى فَقَدْ يَنْسَى شَهَادَةَ الشُّهُودِ وَحُكْمَ نَفْسِهِ (وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ خَيْلٍ وَغِلْمَانٍ وَدَارٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ) عَلَى مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ (كَالصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لِبُعْدِ الْعَهْدِ بِزَمَنِ النُّبُوَّةِ الَّتِي كَانَتْ سَبَبًا لِلنَّصْرِ بِالرُّعْبِ)   [حاشية الرملي الكبير] بِشَهَادَتِهِنَّ وَحْدَهُنَّ لِقَوْلِهِمْ مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ تُقْبَلُ فِيهِ تَرْجَمَتُهَا وَجَعَلَ سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ الضَّابِطَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِقْرَارُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ. وَقَالَ الدَّبِيلِيُّ: وَكُلُّ أَصْلٍ عَلَى حَسَبِ شُهُودِ أَصْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الدَّبِيلِي بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْيَاءِ آخِرَ الْحُرُوفِ سَاكِنَةً ثُمَّ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ هَذَا مَا تَحَرَّرَ لِي وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ الزَّبِيلَيْ بِالزَّايِ تَصْحِيفٌ وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّهُمَا الْعَمَى إلَخْ) مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ سُكُوتًا فَإِنْ تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ بِالتَّرْجَمَةِ قَطْعًا إذَا احْتَمَلَ الِالْتِبَاسَ بِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَالْمُرَادُ إذَا تَكَلَّمَ غَيْرُ الْمُتَرْجِمِ عَنْهُ بِتِلْكَ اللُّغَةِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا الْمُتَرْجِمُ عَنْهُ (قَوْلُهُ لِلْقَاضِي أَخْذُ كِفَايَتِهِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الَّذِي يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ لَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ أَوْ جَوَامِكَ فِي نَظَرِ الْأَوْقَافِ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَتُسْتَرَدُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّا إنَّمَا نَفَّذْنَا قَضَاءَهُ لِلضَّرُورَةِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمَالِ الَّذِي يَأْخُذُهُ فَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ قَطْعًا لَا تَوَقُّفَ فِي ذَلِكَ وَمَنْ تَوَلَّى التَّدْرِيسَ بِالشَّوْكَةِ وَلَيْسَ بِأَهْلٍ لَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ جَامَكِيَّتَهُ وَلْيُقَسْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مَا لَمْ نَذْكُرْهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يَنْفُذُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ جَعَالَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَكِسْوَتُهُمْ كَانَ أَوْلَى) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي فَرْضًا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ) ، وَهُوَ وَاجِدٌ لِلْكِفَايَةِ فَلَمْ يَجُزْ إسْقَاطُهُ بِبَدَلٍ كَعِتْقِ عَبْدٍ عَنْ الْكَفَّارَةِ عَلَى عِوَضٍ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ لِلْمُكْتَفِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ لَا يَعْمَلُهُ الْغَيْرُ عَنْ الْغَيْرِ وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الْغَيْرِ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ فِي الْمُحْتَاجِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا تَعَذَّرَ رِزْقُ الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَأَرَادَ أَنْ يَرْتَزِقَ مِنْ الْخَصْمَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهُ النَّظَرُ عَنْ اكْتِسَابِ الْمَادَّةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرْتَزِقَ مِنْ الْخُصُومِ، وَإِنْ كَانَ يَقْطَعُهُ النَّظَرُ عَنْ اكْتِسَابِ الْمَادَّةِ مَعَ صِدْقِ الْحَاجَةِ جَازَ لَهُ الِارْتِزَاقُ مِنْهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ يَعْلَمَ بِهِ الْخَصْمَانِ قَبْلَ التَّحَاكُمِ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَاهُ إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يَجُزْ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ رِزْقُهُ عَلَى الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَصِيرُ بِهِ مُتَّهَمًا وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ عَنْ إذْنِ الْإِمَامِ لِتَوَجُّهِ الْحَقِّ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَمْ يَجُزْ وَالرَّابِعُ أَنْ لَا يَجِدَ الْإِمَامُ مُتَطَوِّعًا فَإِنْ وَجَدَهُ لَمْ يَجُزْ وَالْخَامِسُ أَنْ يَعْجِزَ الْإِمَامُ عَنْ دَفْعِ رِزْقِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَالسَّادِسُ أَنْ يَكُونَ مَا يُرْزَقُهُ مِنْ الْخُصُومِ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ عَلَيْهِمْ وَلَا مُضِرٍّ بِهِمْ فَإِنْ أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ أَثَّرَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ وَالسَّابِعُ أَنْ لَا يَسْتَزِيدَ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَالثَّامِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْرُ الْمَأْخُوذِ مَشْهُورًا يَتَسَاوَى فِيهِ جَمِيعُ الْخُصُومِ وَإِنْ تَفَاضَلُوا فِي الْمُطَالَبَاتِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ عَنْ زَمَانِ النَّظَرِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ بِمَقَادِيرِ الْحُقُوقِ فَإِنْ فَاضَلَ فِيهِ بَيْنَهُمْ لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ تَفَاضَلُوا فِي الزَّمَانِ فَيَجُوزُ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْوَجْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ وَتَعَذَّرَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ يَجِدْ مُتَطَوِّعًا بِالْقَضَاءِ أَنْ يَجُوزَ لِأَهْلِ عَمَلِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ رِزْقًا سَوَاءٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ أَمْ لَا إذْ لَا سَبِيلَ إلَى التَّعْطِيلِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الِاسْتِجْعَالِ مِنْ أَعْيَانِ الْخُصُومِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ الْكَاتِبِ إلَخْ) أُجْرَةُ كَاتِبِ الصُّكُوكِ تَكُونُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ حِصَصُهُمْ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَأْصِيلًا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ يَنْبَغِي مَعْرِفَتُهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 296 فِي الْقُلُوبِ فَلَوْ اقْتَصَرَ الْيَوْمُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُطِعْ وَتَعَطَّلَتْ الْأُمُورُ (وَيُرْزَقُ) الْإِمَامُ أَيْضًا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (كُلَّ مَنْ كَانَ عَمَلُهُ مَصْلَحَةً عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ كَالْأَمِيرِ وَالْمُفْتِي وَالْمُحْتَسِبِ وَالْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ) لِلصَّلَاةِ (وَمُعَلِّمِ الْقُرْآنِ) وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ (وَالْقَاسِمِ وَالْمُقَوِّمِ وَالْمُتَرْجِمِ وَكُتَّابِ الصُّكُوكِ) وَقَوْلُهُ (وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَالْمُسْمِعِينَ وَالْمُزَكِّينَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا خَفَاءَ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَجِدْ مُتَبَرِّعًا بِذَلِكَ يَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ لَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ لَمْ يُنْدَبْ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ (قَاسِمًا وَلَا كَاتِبًا) وَلَا مُقَوِّمًا وَلَا مُتَرْجِمًا وَلَا مُسْمِعًا وَلَا مُزَكِّيًا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَذَلِكَ لِئَلَّا يُغَالُوا بِالْأُجْرَةِ (وَ) مِنْ الْآدَابِ أَنْ (يَتَّخِذَ الْقَاضِي) لِلْقَضَاءِ (مَجْلِسًا فَسِيحًا) أَيْ وَاسِعًا لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِضِيقِهِ الْحَاضِرُونَ (نَزِهًا عَمَّا يُؤْذِي) مِنْ حَرٍّ وَبَرْدٍ وَرِيحٍ وَنَحْوِهَا فَيَجْلِسُ فِي الصَّيْفِ حَيْثُ يَلِيقُ وَفِي الشِّتَاءِ وَزَمَنِ الرِّيَاحِ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَارِزًا أَيْ ظَاهِرًا لِيَعْرِفَهُ مَنْ يَرَاهُ وَيَصِلُ إلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ هَذَا إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ فَإِنْ تَعَدَّدَ وَحَصَلَ زِحَامٌ اتَّخَذَ مَجَالِسَ بِعَدَدِ الْأَجْنَاسِ فَلَوْ اجْتَمَعَ رِجَالٌ وَخَنَاثَى وَنِسَاءٌ اتَّخَذَ ثَلَاثَةَ مَجَالِسَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ (وَ) أَنْ (يَجْلِسَ عَلَى مُرْتَفِعٍ) كَدِكَّةٍ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ النَّظَرُ إلَى النَّاسِ وَعَلَيْهِمْ الْمُطَالَبَةُ (وَ) أَنْ (يَتَمَيَّزَ) عَنْ غَيْرِهِ (بِفِرَاشٍ وَوِسَادَةٍ) وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ لِيَعْرِفَهُ النَّاسُ وَلِيَكُونَ أَهْيَبَ لِلْخُصُومِ وَأَرْفَقَ بِهِ فَلَا يَمَلُّ (وَ) أَنْ (يَسْتَقْبِلَ) الْقِبْلَةَ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْمَجَالِسِ كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ (وَ) أَنْ (لَا يَتَّكِئَ) بِغَيْرِ عُذْرٍ (وَيُكْرَهُ الْحُكْمُ فِي الْمَسَاجِدِ) أَيْ اتِّخَاذُهَا مَجَالِسَ لَهُ صَوْنًا لَهَا عَنْ ارْتِفَاعِ الْأَصْوَاتِ وَاللَّغَطِ الْوَاقِعَيْنِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ عَادَةً وَقَدْ يَحْتَاجُ لِإِحْضَارِ الْمَجَانِينِ وَالصِّغَارِ وَالْحُيَّضِ وَالْكُفَّارِ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ فِيهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً (لَا) الْحُكْمُ (فِيمَا اتَّفَقَ حَالَ دُخُولِهِ) لَهَا أَيْ وَقْتَ حُضُورِهِ فِيهَا الصَّلَاةَ أَوْ غَيْرَهَا فَلَا يُكْرَهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَلَا فِيمَا إذَا احْتَاجَ إلَيْهَا لِعُذْرٍ مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُكْرَهُ الْجُلُوسُ فِيهَا لِلْحُكْمِ (فَإِنْ جَلَسَ) لَهُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْ دُونِهَا (مَنَعَ الْخُصُومَ مِنْ الْخَوْضِ فِيهِ) بِالْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَنَحْوِهِمَا (وَوَقَّفَ غَيْرَ الْخَصْمَيْنِ) السَّابِقَيْنِ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ (خَارِجَهُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَمْ يُمَكِّنْ الْخُصُومَ مِنْ الِاجْتِمَاعِ فِيهِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَنَحْوِهَا بَلْ يَقْعُدُونَ خَارِجَهُ وَيُنَصِّبُ مَنْ يُدْخِلُ عَلَيْهِ خَصْمَيْنِ خَصْمَيْنِ (وَلَا يَقْضِي) أَيْ يُكْرَهُ أَنْ يَقْضِيَ (فِي حَالِ تَغَيُّرِ الْخُلُقِ بِنَحْوِ غَضَبٍ وَجُوعٍ وَامْتِلَاءٍ) أَيْ شِبَعٍ (مُفْرِطَيْنِ وَمَرَضٍ مُؤْلِمٍ وَخَوْفٍ مُزْعِجٍ وَحُزْنٍ وَفَرَحٍ شَدِيدَيْنِ وَمُدَافَعَةِ خُبْثٍ) وَغَلَبَةِ نُعَاسٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَهُوَ غَضْبَانُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ «لَا يَقْضِي الْقَاضِي» وَفِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ «لَا يَقْضِي الْقَاضِي، وَهُوَ غَضْبَانُ مَهْمُومٌ وَلَا مُصَابٌ مَحْزُونٌ وَلَا يَقْضِي وَهُوَ جَائِعٌ» قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَجَالٌ وَغَيْرِهِ لَمْ يَبْعُدُ نَقْلُهُ عَنْهُ وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الزَّرْكَشِيّ وَاعْتَمَدَهُ وَاسْتَثْنَى الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْغَضَبَ لِلَّهِ تَعَالَى وَاسْتَغْرَبَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ الْغَضَبَ لِلَّهِ يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّعَدِّي بِخِلَافِ الْغَضَبِ لِحَظِّ النَّفْسِ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الرَّاجِحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَالْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ وَكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ تَشْوِيشُ الْفِكْرِ، وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ نَعَمْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْحُكْمِ فِي الْحَالِ وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْحُكْمُ عَلَى الْفَوْرِ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ (فَإِنْ قَضَى) مَعَ تَغَيُّرِ خُلُقِهِ (نَفَذَ) قَضَاؤُهُ لِقَضِيَّةِ الزُّبَيْرِ الْمَشْهُورَةِ (وَيُكْرَهُ) لَهُ إذَا جَلَسَ لِلْحُكْمِ (حَاجِبٌ) أَيْ نَصْبُهُ (حَيْثُ لَا زَحْمَةَ) لِخَبَرِ «مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا فَاحْتَجَبَ عَنْهُمْ حَجَبَهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ «أَيُّمَا أَمِيرٍ احْتَجَبَ عَنْ النَّاسِ فَأَهَمَّهُمْ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ لِلْحُكْمِ بِأَنْ كَانَ فِي وَقْتِ خَلَوَاتِهِ أَوْ كَانَ ثَمَّ زَحْمَةٌ لَمْ يُكْرَهْ نَصْبُهُ وَالْبَوَّابُ، وَهُوَ مَنْ يَقْعُدُ بِالْبَابِ لِلْإِحْرَازِ كَالْحَاجِبِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُرْزَقُ مِنْهُ كُلُّ مَنْ كَانَ عَمَلُهُ إلَخْ) قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا خَفَاءَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ) ثُمَّ يَدْعُو اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك أَنْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ أَوْ أَعْتَدِي أَوْ يُعْتَدَى عَلَيَّ اللَّهُمَّ اغْنَنِي بِالْعِلْمِ وَزَيِّنِّي بِالْحِلْمِ وَأَكْرِمْنِي بِالتَّقْوَى وَجَمِّلْنِي بِالْعَافِيَةِ حَتَّى لَا أَنْطَلِقَ إلَّا بِالْحَقِّ وَلَا أَقْضِيَ إلَّا بِالْعَدْلِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْحُكْمُ فِي الْمَسَاجِدِ لَا فِيمَا اتَّفَقَ إلَخْ) حُكْمُ نِيَّتِهِ كَحُكْمِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ صَوْنًا لَهَا عَنْ ارْتِفَاعِ الْأَصْوَاتِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَحُدُودَكُمْ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ» (قَوْلُهُ وَلَا يَقْضِي فِي حَالِ تَغَيُّرِ الْخُلُقِ إلَخْ) الْمَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ فِي حَالٍ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ اسْتِيفَاءِ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ بِحَيْثُ يَكُونُ سَاكِنَ النَّفْسِ مُعْتَدِلَ الْأَحْوَالِ لِيَقْدِرَ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي النَّوَازِلِ وَيُحْتَرَزُ مِنْ الزَّلَلِ فِي الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ غَضَبٍ) إذَا كَانَ الْغَضَبُ يُخْرِجُهُ عَنْ طَرِيقِ الِاسْتِقَامَةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَفِي نَصِّ الْأُمِّ مَا يَشْهَدُ لَهُ ذِكْرُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ، وَهُوَ غَضْبَانُ وَلَا مُتَغَيِّرُ الْحَالِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ فِي حَالَةٍ مُزْعِجَةٍ كَالْغَضَبِ وَقَوْلُهُ وَفِي نَصِّ الْأُمِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَوْ فَرَّقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) فِي قَوَاعِدِهِ إلْزَامُ الْحُكْمِ فِي الْمَعْلُومِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ لَا يُكْرَهُ فِي حَالِ الْغَضَبِ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ) لَا جُرْمَ قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْفَرْقَ عَنْ بَعْضِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَهَذَا غَرِيبٌ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ ثَمَّ زَحْمَةٌ لَمْ يُكْرَهْ نَصْبُهُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَجِبُ فِي الْحَاجِبِ ثَلَاثَةٌ الْعَدَالَةُ وَالْعِفَّةُ وَالْأَمَانَةُ وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ خَمْسَةٌ أَنْ يَكُونَ حَسَنَ الْمَنْظَرِ جَمِيلَ الْمَخْبَرِ عَارِفًا بِمَقَادِيرِ النَّاسِ بَعِيدًا مِنْ الْهَوَى وَالْعَصَبِيَّةِ مُعْتَدِلَ الْأَخْلَاقِ بَيْنَ الشَّرِسَةِ وَاللِّينِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 فِيمَا ذُكِرَ، وَهُوَ مَنْ يَدْخُلُ عَلَى الْقَاضِي لِلِاسْتِئْذَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَمَّا مَنْ وَظِيفَتُهُ تَرْتِيبُ الْخُصُومِ وَالْإِعْلَامُ بِمَنَازِلِ النَّاسِ أَيْ، وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالنَّقِيبِ فَلَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِهِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ بِاسْتِحْبَابِهِ (فَصْلٌ وَيُشْهِدُ الْقَاضِي) وُجُوبًا شَاهِدَيْنِ (بِإِقْرَارٍ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِمَنْ سَأَلَ) هـ ذَلِكَ (أَوْ بِحَلِفٍ) مِنْ الْمُدَّعِي (بَعْدَ نُكُولٍ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْكِرُ بَعْدُ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِمَا سَبَقَ لِنِسْيَانٍ أَوْ عَزْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (أَوْ بِحَلِفِ مُدَّعًى عَلَيْهِ) ، وَهُوَ السَّائِلُ فِي هَذِهِ فَيُجِيبُهُ الْقَاضِي لِيَكُونَ الْإِشْهَادُ حُجَّةً لَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ خَصْمُهُ مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ أَيْضًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (، وَإِنْ سَأَلَهُ أَحَدُهُمَا كَتْبَ مَحْضَرٍ بِمَا جَرَى) لِيَحْتَجَّ بِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ (وَثَمَّ) أَيْ وَعِنْدَ الْقَاضِي (قِرْطَاسٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ أَتَى بِهِ السَّائِلُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ) ذَلِكَ (وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِالشُّهُودِ لَا الْكِتَابِ) وَلِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَانُوا يَحْكُمُونَ وَلَا يَكْتُبُونَ الْمُحَاضِرَ وَالسِّجِلَّاتِ» وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ قِرْطَاسٌ وَلَا أَتَى بِهِ السَّائِلُ لَمْ يُسْتَحَبَّ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لَا تُنَافِيهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا نَفَى الْوُجُوبَ فَقَطْ (وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا ثَبَتَ) عِنْدَهُ (إنْ سَأَلَ) فِيهِ (فَيَقُولُ حَكَمْت لَهُ بِكَذَا أَوْ نَفَّذْت الْحُكْمَ) بِهِ (أَوْ أَلْزَمْت خَصْمَهُ الْحَقَّ) أَوْ نَحْوَهَا (وَلَا يَجُوزُ) لَهُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ (قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ) نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحُكْمُ لِمَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ، وَهُوَ وَلِيُّهُ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سُؤَالِ أَحَدٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَيُسْتَحَبُّ) إذَا أَرَادَ الْحُكْمَ (أَنْ يُعْلِمَ الْخَصْمَ بِأَنَّ الْحُكْمَ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ) لِيَكُونَ أَطْيَبَ لِقَلْبِهِ وَأَبْعَدَ عَنْ التُّهْمَةِ (وَهَلْ يَحْكُمُ عَلَى مَيِّتٍ بِإِقْرَارِهِ حَيًّا) عَمَلًا بِالْأَصْلِ الْخَالِي عَنْ الْمُعَارِضِ وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ (وَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلَ (وَلَوْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا) بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ (أَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ قَبُولُ الشَّهَادَةِ وَاقْتِضَاءُ الْبَيِّنَةِ صِحَّةَ الدَّعْوَى فَصَارَ كَقَوْلِهِ سَمِعْت الْبَيِّنَةَ وَقَبِلْتهَا؛ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْإِلْزَامُ وَالثُّبُوتُ لَيْسَ بِإِلْزَامٍ وَكَذَا لَوْ كَتَبَ عَلَى ظَهْرِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ صَحَّ وُرُودُ هَذَا الْكِتَابِ عَلَيَّ فَقَبِلْته قَبُولَ مِثْلِهِ وَالْتَزَمْت الْعَمَلَ بِمُوجِبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ تَصْحِيحُ الْكِتَابِ وَإِثْبَاتُ الْحُجَّةِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَوَقَعَ فِي نُسَخٍ غَيْرِ مُعْتَمَدَةٍ أُلْزِمْت بَدَلَ الْتَزَمْت وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ (وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يَحْكُمُ بِهِ وَمَنْ يَحْكُمُ لَهُ لَكِنْ يَجُوزُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِظَالِمٍ) يُرِيدُ مَا لَا يَجُوزُ وَيَحْتَاجُ إلَى مُلَايَنَتِهِ (أَنْ يُلَايِنَهُ كَمَا إذَا عَارَضَ الظَّالِمَ الدَّاخِلَ بَيِّنَةُ خَارِجٍ بِبَيِّنَةٍ فَاسِقَةٍ) وَطَلَب الْحُكْمَ بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ (فَلَهُ إنْ خَافَهُ أَنْ يَكْتُبَ) شَيْئًا (مُوهِمًا يَدْفَعُهُ بِهِ فَيَقُولُ حَكَمْت بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ فِي مُعَارَضَةِ بَيِّنَةِ فُلَانٍ الدَّاخِلِ وَفُلَانٍ الْخَارِجِ وَقَرَّرْت الْمَحْكُومَ بِهِ فِي يَدِ الْمَحْكُومِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ بِاسْتِحْبَابِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَقَالُوا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَّخِذَ حَاجِبًا يَقُومُ عَلَى رَأْسِهِ إذَا قَعَدَ وَيُقَدِّمُ الْخُصُومَ وَيُؤَخِّرُهُمْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا بَلْ لَوْ قِيلَ إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ لَمْ يَبْعُدْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصَالِحِ وَدَفْعِ الْمَفَاسِدِ نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَدْلًا أَمِينًا عَفِيفًا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الظَّاهِرُ وَاسْتَحَبَّ الْمَاوَرْدِيُّ كَوْنَهُ حَسَنَ الْمَنْظَرِ جَمِيلَ الْمَخْبَرِ عَارِفًا بِمَقَادِيرِ النَّاسِ بَعِيدًا مِنْ الْهَوَى وَالْعَصَبِيَّةِ وَذَكَرَ ابْنُ خَيْرَانَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ كَهْلًا سِتِّيرًا أَيْ كَثِيرَ السَّتْرِ عَلَى النَّاسِ [فَصْلٌ يُشْهِدُ الْقَاضِي وُجُوبًا شَاهِدَيْنِ بِإِقْرَارٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمَنْ سَأَلَهُ ذَلِكَ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَيُشْهِدُ الْقَاضِي عَلَيْهِ إلَخْ) لِئَلَّا يُنْكِرَ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَعْدِيلَ الْبَيِّنَةِ وَإِثْبَاتَ حَقِّهِ (قَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ ذَلِكَ) مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْبَالِغِ الْعَاقِلِ فَإِنْ تَعَلَّقَتْ الْحُكُومَةُ بِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَجَبَ التَّسْجِيلُ جَزْمًا كَمَا قَطَعَ بِهِ الزَّبِيلِيُّ وَشُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْتَحِقَ بِهِ الْغَائِبُ حِفْظًا لِحَقِّهِ وَكَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُحْتَاطُ لَهُ فَسُنَّ ر (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَخْ) ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ) مِنْ الْمُهِمِّ مَعْرِفَةُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ وَدَفْعِ الْحُكْمِ: أَنَّ الْحُكْمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ طَرِيقٍ قَوِيَّةٍ، وَهِيَ الْبَيِّنَةُ الْكَامِلَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ أَوْ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْمَالِ أَوْ الْيَمِينِ مَعَ الْيَدِ أَوْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ مَعَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ عِلْمِهِ بِشَرْطِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُقْدِمَ عَلَى حُكْمٍ إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ وَهِيَ طَرِيقٌ خَامِسٌ، وَهِيَ إيمَانُ الْمُدَّعِي مَعَ ظُهُورِ اللَّوْثِ وَأَمَّا دَفْعُ الْحُكْمِ فَأَسْهَلُ مِنْ الْحُكْمِ وَلَهُ أَسْبَابٌ مِنْهَا يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ؛ وَلِذَلِكَ يُكْتَفَى فِيهِ بِالظُّهُورِ وَتَنْدَفِعُ بِهِ الدَّعْوَى وَالْيَمِينُ فِي مَوَاضِعَ لَا يَكْفِي مِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ لِمَا فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْحُكْمِ مِنْ الْقُوَّةِ الزَّائِدَةِ وَالْأَهَمُّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجِبِ يَسْتَدْعِي صِحَّةَ الصِّيغَةِ وَأَهْلِيَّةَ الْمُتَصَرِّفِ وَالْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ يَسْتَدْعِي ذَلِكَ وَأَنَّ التَّصَرُّفَ صَادِرٌ فِي مَحَلِّهِ وَهَذَا نَافِعٌ فِي الصُّوَرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فَإِذَا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ فَحُكْمُ حَاكِمٍ بِمُوجِبِ ذَلِكَ كَانَ حُكْمًا مِنْهُ بِأَنَّ الْوَاقِفَ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ وَأَنَّ صِيغَتَهُ هَذِهِ صَحِيحًا حَتَّى لَا يَحْكُمَ بَعْدَهُ بِبُطْلَانِهَا مَنْ يَرَى الْإِبْطَالَ وَلَيْسَ حُكْمًا بِصِحَّةِ وَقْفِهِ ذَلِكَ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى كَوْنِهِ مَالِكًا لِمَا وَقَفَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ فَإِذَا ثَبَتَ حُكْمٌ حِينَئِذٍ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَالرَّافِعُ لِلْخِلَافِ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَ (قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلَ) هُوَ الْأَصَحُّ وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي إلَخْ) لَوْ قَالَ الْحَاكِمُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فُلَانًا لَمْ يَكُنْ حُكْمًا بِعِتْقِهِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِعَارِضٍ وَقَوْلُهُ بَيِّنَةَ خَارِجٍ مَفْعُولٌ لَهُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْفَتَى إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298 لَهُ وَسَلَّطْته عَلَيْهِ) وَمَكَّنْته مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إلَخْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا قَوْلَهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْلَمَ الْخَصْمُ بِأَنَّ الْحُكْمَ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فَذَكَرَهُ هُنَا فِي الطَّرَفِ الثَّالِثِ. (ثُمَّ إنَّ الْقَاضِيَ إنْ سَأَلَ) الْإِشْهَادَ بِحُكْمِهِ أَوْ كَتْبَ سِجِلٍّ بِهِ (يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ بِالْحُكْمِ لَا الْكَتْبُ) بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ فِي الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ وَالْوُقُوفِ وَأَمْوَالِ الْمَصَالِحِ (كَمَا سَبَقَ) فِي نَظِيرِهِ فِي كَتْبِ الْمَحْضَرِ وَيَأْتِي فِي اسْتِحْبَابِهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ ثَمَّ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ (وَيَكْتُبُ) الْكَاتِبُ (فِي الْمَحْضَرِ حُضُورَ الْخَصْمَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِيَ وَيَصِفُ الْجَمِيعَ) أَيْ الثَّلَاثَةَ (بِمَا يُمَيِّزُهُمْ وَكَذَا) يَكْتُبُ (فِي السِّجِلِّ) ذَلِكَ (وَ) يُكْتَبُ فِيهِمَا (دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِقْرَارَ خَصْمِهِ أَوْ إنْكَارَهُ وَإِحْضَارَهُ الشُّهُودَ وَيُسَمِّيهِمْ) وَقَوْلُهُ (وَيَكْتُبُ حِلْيَتَهُمْ) أَيْ إذَا احْتَاجَ إلَيْهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى كَتْبِ حِلْيَةِ الْخَصْمَيْنِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ الشُّهُودَ وَعَدَمِهَا كَمَا يَأْتِي فِي الْخَصْمَيْنِ (وَالنَّظَرُ إلَى الْمَرْأَةِ فِي هَذَا) أَيْ فِي كَتْبِ الْحِلْيَةِ إذَا كَانَتْ أَحَدَ الشُّهُودِ أَوْ الْخُصُومِ (كَتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ) فَيَجُوزُ إذَا اُحْتِيجَ إلَى إثْبَاتِ حِلْيَتِهَا (فَإِنْ كَانَ) الْقَاضِي (يَعْرِفُ الْخَصْمَيْنِ فَكَتَبَ حِلْيَتَهُمَا) طُولًا وَقِصَرًا وَسُمْرَةً وَشُقْرَةً وَنَحْوَهَا (مُسْتَحَبٌّ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَيَكْتُبُ) مَعَ مَا ذُكِرَ (سَمَاعُ الشَّهَادَةِ بِسُؤَالِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي (فِي مَجْلِسِ حُكْمِ الْقَاضِي وَثُبُوتِ عَدَالَتِهِمْ) عِنْدَهُ (وَيُؤَرِّخُ) مَا يَكْتُبُهُ (وَيَكْتُبُ) الْقَاضِي (عَلَى رَأْسِ الْمَحْضَرِ عَلَامَتَهُ) مِنْ الْحَمْدَلَةِ وَغَيْرِهَا. (وَيَجُوزُ إبْهَامُ الشَّاهِدَيْنِ فَيَكْتُبُ) وَأَحْضَرَ (عَدْلَيْنِ) شَهِدَا بِمَا ادَّعَاهُ (وَإِنْ اكْتَفَى عَنْ الْمَحْضَرِ بِكَتْبِهِ عَلَى شَاهِدَيْ الصَّكِّ شَهِدَا عِنْدِي بِكَذَا وَعَلَامَتُهُ جَازَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي كِتَابٌ فِيهِ خَطُّ الشَّاهِدَيْنِ وَكَتَبَ تَحْتَ خَطِّهِمَا شَهِدَا عِنْدِي بِذَلِكَ وَأَثْبَتَ عَلَامَتَهُ فِي رَأْسِ الْكِتَابِ وَاكْتَفَى بِهِ عَنْ الْمَحْضَرِ جَازَ، وَإِنْ كَتَبَ الْمَحْضَرَ وَضَمَّنَهُ ذَلِكَ الْكِتَابَ جَازَ وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ مَحْضَرٍ يُذْكَرُ فِيهِ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ. (وَفِي السِّجِلِّ يَحْكِي) الْكَاتِبُ (صُورَةَ الْحَالِ وَأَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ) لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ (وَأَنْفَذَهُ بِسُؤَالِ الْمَحْكُومِ لَهُ) وَقَدْ بَيَّنَ الْأَصْلُ صُورَتَيْ الْمَحْضَرِ وَالسِّجِلِّ (وَيَجْعَلُ مِنْ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّانِ نُسْخَتَيْنِ لِتَبْقَى عِنْدَهُ) فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ (وَاحِدَةٌ) لِلْأَمْنِ مِنْ التَّزْوِيرِ (مَخْتُومَةً مُعَنْوَنَةً بِاسْمِ أَصْحَابِهَا) وَيَجْعَلُ الْأُخْرَى عِنْدَ ذِي الْحَقِّ غَيْرَ مَخْتُومَةٍ لِيُلْقِيَ بِهَا الشُّهُودُ وَالْحَاكِمُ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ وَيُذَكِّرَهُمْ لِئَلَّا يَنْسَوْا (وَتُوضَعُ) الَّتِي عِنْدَ الْقَاضِي (فِي الْقِمَطْرِ) ، وَهُوَ السَّفَطُ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ الْمَحَاضِرُ وَالسِّجِلَّاتُ وَيَكُونُ (بَيْنَ يَدَيْهِ) إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ (وَيَخْتِمُ عِنْدَ قِيَامِهِ. وَهُوَ يَنْظُرُ وَيَحْمِلُ مَعَهُ) إلَى مَوْضِعِهِ (وَيَجْمَعُ أُسْبُوعًا) بِأَنْ يَدْعُوَ بِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَيَنْظُرُ فِي الْخَتْمِ وَيَفُكُّ، وَهُوَ يَنْظُرُ وَيَضَعُ فِيهِ كُتُبَ الْيَوْمِ الثَّانِي كَمَا ذُكِرَ وَهَكَذَا يَفْعَلُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأُسْبُوعُ (ثُمَّ إنْ كَثُرَتْ جَعَلَهَا إضْبَارَةً) بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ هِيَ الرَّبْطَةُ مِنْ الْوَرَقِ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالرِّزْمَةِ وَبِالْحُزْمَةِ تَقُولُ ضَبَرْت الْكُتُبَ أَضْبِرُهَا ضَبْرًا إذَا ضَمَمْت بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ وَجَعَلْتهَا رَبْطَةً وَاحِدَةً وَيُسَمَّى أَيْضًا كُلُّ شَيْءٍ مُجْتَمِعٍ ضِبَارَةً بِكَسْرِ الضَّادِ وَجَمْعُهُ ضَبَائِرُ (وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا خُصُومَةَ أُسْبُوعِ كَذَا وَيُؤَرِّخُ) بِأَنْ يَكْتُبَ مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكْثُرْ (جَمَعَهَا فِي السَّنَةِ) بِأَنْ يَتْرُكَهَا حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرٌ ثُمَّ يَعْزِلَهَا فَإِذَا مَضَتْ سَنَةٌ يَجْمَعُهَا (وَيَكْتُبُ) عَلَيْهَا (خُصُومَاتُ سَنَةِ كَذَا) لِيَسْهُلَ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ (وَيَحْتَاطُ فِي حِفْظِهَا) بِأَنْ يَجْعَلَهَا بِمَوْضِعٍ لَا يَصِلُهُ غَيْرُهُ (وَيَتَوَلَّى الْأَخْذَ مِنْهَا بِنَفْسِهِ) إذَا احْتَاجَ إلَى شَيْءٍ مِنْهَا وَيَنْظُرُ أَوَّلًا إلَى خَتْمِهِ وَعَلَامَتِهِ (وَ) يَتَوَلَّى (رَدَّهَا مَكَانَهَا) وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ (يَجْمَعَ) الْقَاضِي بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ (الْعُلَمَاءَ) الْمُوَافِقِينَ لَهُ وَالْمُخَالِفِينَ (الْأُمَنَاءَ لِلْمُشْكِلَةِ) مِنْ الْمَسَائِلِ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَيْهِمْ (وَيُشَاوِرُهُمْ) فِي الْحُكْمِ فِيهَا عِنْدَ تَعَارُضِ الْآرَاءِ وَالْمَذَاهِبِ لِيَأْخُذَ بِالْأَرْجَحِ عِنْدَهُ مِنْ مَجْمُوعِ أَدِلَّتِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] وَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ «الْمُسْتَشِيرُ مُعَانٌ وَالْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» ؛ وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ التُّهْمَةِ وَأَطْيَبُ لِلْخُصُومِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ الْمَعْلُومِ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ وَلَا يُشَاوِرُ غَيْرَ عَالَمٍ وَلَا عَالِمًا غَيْرَ أَمِينٍ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُضِلُّهُ وَإِذَا حَضَرُوا فَإِنَّمَا يَذْكُرُونَ مَا عِنْدَهُمْ إذَا سَأَلَهُمْ (وَلَا يَبْتَدِرُونَ بِالِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا يَجِبُ نَقْضُهُ) كَمَا سَيَأْتِي (وَ) أَنْ (يُؤَدِّبَ مَنْ أَسَاءَ) الْأَدَبَ (بِمَجْلِسِهِ) مِنْ الْخُصُومِ (بِتَكْذِيبِ شَاهِدٍ وَإِظْهَارِ تَعَنُّتٍ لِخَصْمٍ) كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ بِالْحُكْمِ) ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ قَدْ يُنْكِرُ مِنْ بَعْدُ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ أَوْ قَدْ يَنْسَى أَوْ يُعْزَلُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ فِي الْقِمَطْرِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ (قَوْلُهُ وَهُوَ السَّفَطُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْفَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُشَاوِرُهُمْ فِي الْحُكْمِ عِنْدَ تَعَارُضِ الْآرَاءِ) وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ فَإِنَّ الْعُلُومَ مَوَاهِبُ وَقَدْ يُفْتَحُ عَلَى الصَّغِيرِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَ الْكَبِيرِ وَقَدْ «شَاوَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ» وَهُمْ بِلَا شَكٍّ دُونَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ النَّدْبِ فِي الْمُجْتَهِدِ الَّذِي لَهُ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ أَوْ التَّخْرِيجِ عَلَى مَذْهَبِ إمَامِهِ فَإِنْ قَصَّرَ عَنْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ فَيُتَّجَهُ وُجُوبُ إحْضَارِ فُقَهَاءِ مَذْهَبِهِ اهـ فَلَعَلَّهُمْ يُنَبِّهُونَهُ عَلَى نَصٍّ لِإِمَامِهِ أَوْ قَيْدٍ أَوْ شَرْطٍ فِي الْمَسْأَلَةِ أَوْ نَقْلٍ خَاصٍّ فِيهَا لَمْ يَظْفَرْ بِهِ أَوْ تَرْجِيحٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ جَمَاعَةٌ: مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُمْ الَّذِينَ تَجُوزُ تَوْلِيَتُهُمْ الْقَضَاءَ وَقَالَ آخَرُونَ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُمْ الْإِفْتَاءُ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيُشَاوِرُ الْأَعْمَى وَالْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ لَكِنْ لَا تَحْضُرُ الْمَرْأَةُ الْمَجْلِسَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَإِنَّمَا يُشَاوِرُ مَنْ فَوْقَهُ أَوْ مِثْلَهُ فِي الْعِلْمِ لَا دُونَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ قَالَ الْقَاضِي وَإِذَا أَشْكَلَ الْحُكْمُ تَكُونُ الْمُشَاوَرَةُ وَاجِبَةً وَإِلَّا فَمُسْتَحَبَّةٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299 لِي بَيِّنَةٌ وَسَأُحْضِرُهَا ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ ثَانِيًا وَثَالِثًا إيذَاءً وَتَعَنُّتًا (فَيَزْجُرُهُ) وَيَنْهَاهُ (ثُمَّ) إنْ عَادَ (يُهَدِّدُهُ ثُمَّ) إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ (يُعَزِّرُهُ) بِمَا يَقْتَضِيهِ اجْتِهَادُهُ مِنْ تَوْبِيخٍ وَإِغْلَاظِ قَوْلٍ وَضَرْبٍ وَحَبْسٍ وَنَفْيٍ لِيَنْكَفَّ (فَإِنْ اجْتَرَأَ عَلَى الْقَاضِي) كَأَنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ تَجُورُ أَوْ تَمِيلُ أَوْ ظَالِمٌ (فَلَهُ تَعْزِيرٌ) لَهُ (وَعَفْوٌ) عَنْهُ (وَهُوَ أَوْلَى إنْ لَمْ يُسْتَضْعَفْ) أَيْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى ضَعْفِهِ وَإِلَّا فَالتَّعْزِيرُ أَوْلَى لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (وَيُكْرَهُ لَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ) وَسَائِرُ الْمُعَامَلَاتِ (بِنَفْسِهِ) فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ قَلْبُهُ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُحَابِي فَيَمِيلُ قَلْبُهُ إلَى مَنْ يُحَابِيهِ إذَا وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ حُكُومَةٌ وَرُبَّمَا خَافَ خَصْمُ مُعَامِلِهِ مِيلَهُ إلَيْهِ فَلَا يَرْفَعُهُ لَهُ وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مُعَامَلَتَهُ مَعَ إبْعَاضِهِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى إذْ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لَهُمْ وَمَا قَالَهُ لَا يَأْتِي مَعَ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ (لَا تَوْكِيلَ لَهُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ) فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِ وَكِيلِهِ الْمَعْرُوفِ وَإِذَا عُرِفَ بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ أَبْدَلَهُ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) مَنْ يُوَكِّلُهُ (عَقَدَ) بِنَفْسِهِ (لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ وَقَعَتْ لِمَنْ عَامَلَهُ خُصُومَةٌ أَنَابَ) نَدْبًا (غَيْرَهُ) فِي فَصْلِهَا خَوْفَ الْمَيْلِ إلَيْهِ (وَيُوَكِّلُ فِي نَحْوِ) أَمْرِ (ضَيَاعِهِ) مِنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ وَنَحْوِهَا كَمَا يُوَكِّلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِيَتَفَرَّغَ قَلْبُهُ (فَصْلٌ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الرِّشْوَةُ) أَيْ قَبُولُهَا، وَهِيَ مَا يُبْذَلُ لَهُ لِيَحْكُمَ بِغَيْرِ الْحَقِّ أَوْ لِيَمْتَنِعَ مِنْ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ وَذَلِكَ لِخَبَرِ «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي يَأْخُذُ عَلَيْهِ الْمَالَ إنْ كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَخْذُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهِ حَرَامٌ أَوْ بِحَقٍّ فَلَا يَجُوزُ تَوْقِيفُهُ عَلَى الْمَالِ إنْ كَانَ لَهُ رِزْقٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَلِمَنْ لَا رِزْقَ لَهُ) فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِلْقَضَاءِ وَكَانَ عَمَلُهُ مِمَّا يُقَابَلُ بِالْأُجْرَةِ (أَنْ يَقُولَ) لِلْخَصْمَيْنِ (لَا أَحْكُمُ بَيْنَكُمَا إلَّا بِأُجْرَةٍ) أَوْ بِرِزْقٍ بِخِلَافِ الْمُتَعَيِّنِ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ أَخْذِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ أَوْسَعُ وَفِيهِ حَقٌّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَلَا تُهْمَةَ فِي أَخْذِ الرِّزْقِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْأَخْذِ مِنْ الْخُصُومِ وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ يَنْبَغِي تَحْرِيمُ ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ فِي رَوْضَتِهِ وَجَعَلَ ذَلِكَ وَجْهًا ضَعِيفًا انْتَهَى. وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَالثَّانِي أَحْوَطُ (وَيَأْثَمُ مَنْ أَرْشَى) الْقَاضِي لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (لَا) مَنْ أَرْشَاهُ (لِلْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ) حَيْثُ لَا يَصِلُ إلَيْهِ بِدُونِهَا فَلَا يَأْثَمُ، وَإِنْ حَرُمَ الْقَبُولُ كَفِدَاءِ الْأَسِيرِ (وَالْمُتَوَسِّطُ) بَيْنَ الْمُرْتَشِي وَالرَّاشِي (كَمُوَكِّلِهِ) مِنْهُمَا فِيمَا ذُكِرَ (وَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (هَدِيَّةُ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ فِي الْحَالِ) عِنْدَهُ وَلَوْ عُهِدَتْ مِنْهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ لِخَبَرِ «هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَرُوِيَ «هَدَايَا الْعُمَّالِ سُحْتٌ» وَرُوِيَ «هَدَايَا السُّلْطَانِ سُحْتٌ» وَلِأَنَّهَا تَدْعُو إلَى الْمَيْلِ إلَيْهِ وَيَنْكَسِرُ بِهَا قَلْبُ خَصْمِهِ وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ سَبَبُهُ خَلَلٌ وَقَعَ فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِنَفْسِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا احْتَمَلَ وُجُودَ مُحَابَاةٍ فَلَوْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الْمُحَابَاةِ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلنَّدْبِ وَكَذَا مَحَلُّهُ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَفْعَلَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَتَعَاطَاهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يُخَالِفْ النَّدْبَ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحَلُّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مُعَامَلَتَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَالْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا تَحَقَّقَ عَدَمُ الْمُحَابَاةِ (قَوْلُهُ أَنَابَ غَيْرَهُ) قَالَ صَاحِبُ الْوَافِي، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ فِي الِاسْتِخْلَافِ [فَصَلِّ الْقَاضِي تحرم عَلَيْهِ الرشوة] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ تَحْرُمُ الرِّشْوَةُ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الْمَالُ إنْ بُذِلَ لِغَرَضٍ آجِلٍ فَصَدَقَةٌ أَوْ عَاجِلٍ، وَهُوَ مَالٌ فَهِبَةٌ بِشَرْطِ الثَّوَابِ أَوْ عَلَى مُحَرَّمٍ أَوْ وَاجِبٍ مُتَعَيِّنٍ فَرِشْوَةٌ أَوْ مُبَاحٍ فَإِجَارَةٌ أَوْ جَعَالَةٌ أَوْ تَوَدُّدٍ مُجَرَّدٍ أَوْ تَوَسُّلٍ بِجَاهِهِ إلَى أَغْرَاضِهِ فَهَدِيَّةٌ إنْ كَانَ جَاهُهُ بِالْعِلْمِ أَوْ النَّسَبِ، وَإِنْ كَانَ بِالْقَضَاءِ أَوْ الْعَمَلِ فَرِشْوَةٌ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَتَحْرُمُ هَدِيَّةُ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ الْحُسْبَانِيُّ: وَمِمَّا يَنْقَدِحُ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالُ اسْتِعَارَةِ الْقَاضِي مِنْ رَعِيَّتِهِ مِمَّنْ لَمْ تَجْرِ لَهُ عَادَةٌ بِالِاسْتِعَارَةِ مِنْهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ وَيَظْهَرُ الْمَنْعُ فِي الْمَنَافِعِ الْمُقَابِلَةِ بِالْأَمْوَالِ كَدَارٍ يَسْكُنُهَا وَدَابَّةٍ يَرْكَبُهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَا يُقَابَلُ غَالِبًا وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِبَذْلِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهِ كَاسْتِعَارَةِ كُتُبِ الْعِلْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَتَرَدَّدَ السُّبْكِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِيمَا لَوْ شَرَطَ وَاقِفُ تَدْرِيسٍ مَدْرَسَتَهُ لِلْقَاضِي وَكَانَ لِلتَّدْرِيسِ مَعْلُومٌ فَقَالَ يُحْتَمَلُ بُطْلَانُ الشَّرْطِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ طَلَبَ الْقَاضِي التَّدْرِيسَ مِنْ غَيْرِ مَعْلُومٍ أُجِيبَ إلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجَابَ وَيَأْخُذَ الْمَعْلُومَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُعَيَّنًا قَالَ وَهَذَا فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ أَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ فَلَا يُتَخَيَّلُ فِيهِ مَنْعٌ قَالَ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ وَشَرَطْنَا الْقَبُولَ فِي الْوَقْفِ فَهُوَ كَالْهَدِيَّةِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَبْرَأهُ مِنْهُ قَالَ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ لَا يَصِحُّ قَالَ بَلْ يَصِحُّ وَعَلَى الْقَاضِي الِاجْتِهَادُ فِي عَدَمِ الْمَيْلِ قُلْت وَلَوْ وَفَّى عَنْهُ دَيْنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ قَطْعًا فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الرُّجُوعِ لَمْ يَجُزْ قَطْعًا قُلْته بَحْثًا ع وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ دَيْنِهِ جَازَ وَقَوْلُهُ جَازَ قَطْعًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ قَطْعًا وَكَذَا قَوْلُهُ جَازَ وَكَتَبَ أَيْضًا وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْهَدِيَّةُ لِمَحْجُورِهِ كَالْهَدِيَّةِ لَهُ (قَوْلُهُ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ) يَلْتَحِقُ بِمَنْ لَهُ خُصُومَةٌ مَا إذَا كَانَ أَحَسَّ بِأَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ لِخُصُومَةٍ تَأْتِي فَتَحْرُمُ أَيْضًا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ لِيَشْمَلَ ذَلِكَ غ ر (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مُلَخِّصًا لِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْهَدِيَّةُ مِنْ الرَّعَايَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إنْ كَانَتْ لِطَلَبٍ آجِلٍ أَوْ عَاجِلٍ هُوَ مَالٌ أَوْ مَوَدَّةٌ فَجَائِزٌ وَفِي بَعْضِ الصُّوَرِ مُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ كَانَتْ لِأَجْلِ شَفَاعَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الشَّفَاعَةُ فِي مَحْظُورٍ لِطَلَبِ مَحْظُورٍ أَوْ إسْقَاطِ حَقٍّ أَوْ مَعُونَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَقَبُولُهَا حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مُبَاحٍ لَا يَلْزَمُهُ فَإِنَّ شَرْطَ الْهَدِيَّةِ عَلَى الْمَشْفُوعِ لَهُ فَقَبُولُهَا مَحْظُورٌ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ الْمُهْدِي هَذِهِ الْهَدِيَّةُ جَزَاءُ شَفَاعَتِك فَقَبُولُهَا مَحْظُورٌ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهَا الشَّافِعُ وَأَمْسَكَ الْمُهْدِي عَنْ ذِكْرِ الْجَزَاءِ فَإِنْ كَانَ مُهْدِيًا لَهُ قَبْلَ الشَّفَاعَةِ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ الْقَبُولُ وَإِلَّا كُرِهَ لَهُ الْقَبُولُ إنْ لَمْ يُكَافِئْهُ عَلَيْهَا فَإِنْ كَافَأَهُ لَمْ يُكْرَهْ اهـ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ (وَكَذَا) هَدِيَّةُ (مَنْ لَا خُصُومَةَ لَهُ) عِنْدَهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (إنْ لَمْ يُعْهَدْ مِنْهُ) قَبْلَ الْقَضَاءِ لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ سَبَبَهَا الْعَمَلُ ظَاهِرًا وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ أَنَّهَا تُكْرَهُ لَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَلَا يَمْلِكُهَا) لَوْ قَبِلَهَا؛ لِأَنَّهُ قَبُولُ مُحَرَّمٍ (وَيَرُدُّهَا) عَلَى مَالِكِهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ وَضْعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ هَدِيَّةَ إبْعَاضِهِ إذْ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لَهُمْ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهَا إلَيْهِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَرُمَتْ وَذَكَرَ فِيهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهَيْنِ (وَتَحِلُّ) لَهُ مِمَّنْ لَا خُصُومَةَ لَهُ (فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (وِلَايَتِهِ) إذْ لَيْسَ سَبَبُهَا الْعَمَلَ ظَاهِرًا (وَلَا تَحْرُمُ) عَلَيْهِ (مِمَّنْ يَعْتَادُ) هَا مِنْهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ (إنْ لَمْ تَرِدْ عَلَى الْمُعْتَادِ) لِذَلِكَ (وَ) لَكِنْ (الْأَوْلَى) لَهُ (أَنْ يَرُدَّ) هَا (أَوْ يُثِيبَ) عَلَيْهَا (أَوْ يَضَعَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ) إنْ قَبِلَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْبَلُهَا وَيُثِيبُ عَلَيْهَا» أَمَّا إذَا زَادَتْ عَلَى الْمُعْتَادِ فَكَمَا لَوْ لَمْ تَعَهَّدَ مِنْهُ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَقَضَيْتُهُ تَحْرِيمُ الْجَمِيعِ لَكِنْ قَالَ الرُّويَانِيُّ: نَقْلًا عَنْ الْمَذْهَبِ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ الْهَدِيَّةِ جَازَ قَبُولُهَا لِدُخُولِهَا فِي الْمَأْلُوفِ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الذَّخَائِرِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ الزِّيَادَةُ حَرُمَ قَبُولُ الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَالزَّائِدُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ بِالْوِلَايَةِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَجَعَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ الْقِيَاسَ فَإِنْ زَادَ فِي الْمَعْنَى كَأَنْ أَهْدَى مَنْ عَادَتُهُ قُطْنًا حَرِيرًا فَقَدْ قَالُوا يَحْرُمُ أَيْضًا لَكِنْ هَلْ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ أَمْ يَصِحُّ مِنْهَا بِقَدْرِ قِيمَةِ الْمُعْتَادِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالضِّيَافَةُ وَالْهِبَةُ كَالْهَدِيَّةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الصَّدَقَةَ كَذَلِكَ لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: فِي الْحَلَبِيَّاتِ لِلْقَاضِي قَبُولُهَا مِمَّنْ لَيْسَتْ لَهُ عَادَةٌ (وَلَيْسَ لَهُ حُضُورُ وَلِيمَةِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ حَالَ الْخُصُومَةِ وَلَا) حُضُورُ (وَلِيمَتِهِمَا) وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْوِلَايَةِ لِخَوْفِ الْمَيْلِ (وَيُجِيبُ غَيْرَهُمَا اسْتِحْبَابًا إنْ عَمَّ) الْمُولِمُ (النِّدَاءَ) لَهَا (وَلَمْ تَقْطَعْهُ كَثْرَةُ الْوَلَائِمِ عَنْ الْحُكْمِ) بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَتْهُ عَنْهُ فَيَتْرُكُهَا فِي حَقِّ الْجَمِيعِ (وَلَهُ تَخْصِيصُ إجَابَةِ مَنْ اعْتَادَ) تَخْصِيصَهُ بِهَا قَبْلَ الْوِلَايَةِ (وَيُكْرَهُ) لَهُ (حُضُورُ وَلِيمَةٍ اُتُّخِذَتْ لَهُ) خَاصَّةً (أَوْ لِلْأَغْنِيَاءِ وَدُعِيَ فِيهِمْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اُتُّخِذَتْ لِلْجِيرَانِ أَوْ لِلْعُلَمَاءِ، وَهُوَ مِنْهُمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ حُضُورِهِ لَهَا فِيمَا إذَا اُتُّخِذَتْ لَهُ أَخَذَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ التَّهْذِيبِ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ أَنَّ ذَلِكَ كَالْهَدِيَّةِ، وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْفُورَانِيُّ وَالْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ (وَلَا يُضِيفُ) الْقَاضِي (أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْآخَرِ لِخَبَرِ «لَا يُضِيفُ أَحَدُكُمْ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَصْمُهُ مَعَهُ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَهُ لَكِنْ ذَكَرَ لَهُ مُتَابِعًا وَلَا يَلْتَحِقُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ هَدِيَّةَ إبْعَاضِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي التَّبْصِرَةِ لِأَبِي بَكْرٍ الْبَيْضَاوِيِّ لَيْسَ لِلْقَاضِي قَبُولُ الْهَدِيَّةِ إلَّا مِمَّنْ كَانَ يُهَادِيهِ قَدِيمًا وَلَا حُكُومَةَ أَوْ مِنْ ذِي رَحِمِهِ وَلَا حُكُومَةَ لَهُ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِمَّا قُلْنَاهُ حَيْثُ عَدَّاهُ لِغَيْرِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهَا إلَيْهِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَرُمَتْ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ إنْ كَانَ الْمُهْدِي مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ وَإِلَّا جَازَتْ كَمَا لَوْ خَرَجَ الْقَاضِي مِنْ عَمَلِهِ فَأَهْدَى إلَيْهِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى الْمُعْتَادِ) اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ الْمُعْتَادَ عَمَّا إذَا كَانَتْ عَادَتُهُ إهْدَاءَ ثِيَابِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ فَأَهْدَى الْحَرِيرَ وَنَحْوَهُ فَتَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ حِينَئِذٍ بِالْوِلَايَةِ جَزَمَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِ وَقَيَّدَ فِي الْمَطْلَبِ الْجَوَازَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِهْدَاءِ إلَيْهِ فِي حَالَةٍ تُرَشِّحُهُ لِلتَّضَادِّ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُهُ عَنْ قُرْبٍ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ تِلْكَ الْحَالَةَ إهْدَاءٌ إلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُطْلَقَ الْقَوْلُ بِإِبَاحَةِ الْقَبُولِ بَعْدَ التَّوْلِيَةِ قَالَ وَخَبَرُ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ يُرْشِدُ إلَيْهِ وَسَكَتُوا عَمَّا ثَبَتَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ تَصْرِيحًا وَكَلَامُهُ مُلَوِّحٌ بِثُبُوتِهَا بِمَرَّةٍ؛ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ لَمْ تُعْهَدْ مِنْهُ الْهَدِيَّةُ وَالْعَهْدُ صَادِقٌ بِمَرَّةٍ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمِنْهَاجِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ يُهْدِي؛ لِأَنَّهَا تُشْعِرُ بِالدَّوَامِ ر (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الرُّويَانِيُّ: نَقْلًا عَنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَرُمَ قَبُولُ الْجَمِيعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْقِتَالَ فِيهِ نَظَرٌ) فَإِنَّ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ يُطْرَدَانِ فِيمَا تَمَيَّزَ فِيهِ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَالْحَرَامُ هُنَا شَائِعٌ وَعِنْدَ احْتِمَالِ الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ يُغَلَّبُ الْحَرَامُ فَسُنَّ. (قَوْلُهُ فَقَدْ قَالُوا يَحْرُمُ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: فِي الْحَلَبِيَّاتِ إلَخْ) وَقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُتَصَدِّقُ عَارِفًا بِأَنَّهُ الْقَاضِي وَلَا الْقَاضِي عَارِفًا بِعَيْنِهِ فَلَا شَكَّ فِي الْجَوَازِ وَإِلَّا فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ كَالْهَدِيَّةِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقَ بِأَنَّ الْمُتَصَدِّقَ إنَّمَا يَبْغِي ثَوَابَ الْآخِرَةِ قَالَهُ فِي التَّوْشِيحِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ حَقٌّ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ قَطْعًا وَحَكَى عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيِّ أَنَّهُ حَكَى فِي الْفُنُونِ أَنَّ قَبُولَ الصَّدَقَةِ جَائِزٌ مَعَ الْفَقْرِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّنْ لَهُ حُكُومَةٌ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُكْرَهَ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِجِهَةٍ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا انْتَهَى وَكَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَاجِبَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا وَفِي التَّطَوُّعِ فَسُنَّ (قَوْلُهُ لِلْقَاضِي قَبُولًا) ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ يُقْصَدُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ وَالْمُتَصَدِّقُ فِي الْحَقِيقَةِ دَافِعٌ لِلَّهِ مُقْرِضٌ لَهُ وَالْفَقِيرُ يَأْخُذُ مِنْ اللَّهِ لَا مِنْ الْمُتَصَدِّقِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ حُضُورُ وَلِيمَةِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنَّ فِي مَعْنَاهُ كُلَّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى رَعِيَّتِهِ اهـ جَزَمَ بِهِ فِي غُنْيَتِهِ وَهُوَ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لَهُ حُضُورُ وَلِيمَةٍ اُتُّخِذَتْ لَهُ) قَالَ شَيْخُنَا: مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَرَاهَةِ حُضُورِ وَلِيمَةِ اُتُّخِذَتْ لَهُ خَاصَّةً هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الضِّيَافَةَ كَالْهَدِيَّةِ إذْ الْوَلِيمَةُ هُنَا وُجِدَ لَهَا سَبَبٌ فِي الْخَارِجِ أُحِيلَتْ عَلَيْهِ فَضَعُفَ تَخْصِيصُهُ بِهَا وَلَا كَذَلِكَ الضِّيَافَةُ فَأُحِيلَ الْأَمْرُ فِيهَا عَلَى الْوِلَايَةِ فَقَطْ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَصْمُهُ مَعَهُ) إلَّا أَنْ يُعْلَمَ بِالْعَادَةِ أَنَّ ضِيَافَتَهُمَا لِأَجْلِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَهَلْ لَهُ تَخْصِيصُ أَحَدٍ بِالْإِهْدَاءِ لَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا مَنْعُهُ وَمَنْ أَهْدَى لِوَالِي خَرَاجٍ أَوْ صَدَقَةٍ مَثَلًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عِلَّةٍ فَكَمُهَادَاةِ سَائِرِ النَّاسِ وَإِلَّا فَإِنْ قَبِلَ أَخْذَ الْحَقِّ مِنْهُ حَرُمَتْ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ قَدَّمَهُ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ حَرُمَتْ وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يُكَافِئَهُ وَهَلْ يَرُدُّهَا لِلْمُهْدِي أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا فَإِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301 بِالْقَاضِي فِيمَا ذُكِرَ الْمُفْتِي وَالْوَاعِظُ وَمُعَلِّمُ الْقُرْآنَ وَالْعِلْمِ إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ الْإِلْزَامِ (وَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ وَ) أَنْ (يَزِنَ عَنْهُ) مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُهُمَا (وَ) أَنْ (يَعُودَ الْمَرْضَى وَيَشْهَدَ الْجَنَائِزَ وَيَزُورَ الْقَادِمِينَ وَلَوْ) كَانُوا (مُتَخَاصِمِينَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعْمِيمُ أَتَى بِمُمْكِنِ كُلِّ نَوْعٍ وَخَصَّ مَنْ عَرَفَهُ وَقَرُبَ مِنْهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلَائِمِ إذَا كَثُرَتْ بِأَنَّ أَظْهَرَ الْأَغْرَاضِ فِيهَا الثَّوَابُ لَا الْإِكْرَامُ وَفِي الْوَلَائِمِ بِالْعَكْسِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّفْسُ لَا تَكِنُّ إلَيْهِ وَلِعَدَمِ إيضَاحِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ يُسَوَّى أَوْ يُتْرَكُ كَإِجَابَةِ الْوَلِيمَةِ (فَرْعٌ شَهَادَةُ الزُّورِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَهَا مِنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَإِنَّمَا تَثْبُتُ) شَهَادَةُ الزُّورِ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ (أَوْ بِتَيَقُّنٍ) لِلْقَاضِي مِنْهُ (بِأَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ) أَنَّهُ (زَنَى فِي بَلَدٍ) يَوْمَ كَذَا وَقَدْ (رَآهُ الْقَاضِي ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي غَيْرِهِ فَيُعَزِّرُهُ بِمَا يَرَاهُ) مِنْ تَوْبِيخٍ وَضَرْبٍ وَحَبْسٍ وَنَحْوِهَا (وَيُشْهِرُهُ) بِأَنْ يَأْمُرَ بِالنِّدَاءِ عَلَيْهِ فِي سُوقِهِ أَوْ قَبِيلَتِهِ أَوْ مَسْجِدِهِ تَحْذِيرًا عَنْهُ وَتَأْكِيدًا لِلزَّجْرِ وَلَا يَكْفِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ شَهِدَ زُورًا لِاحْتِمَالِ زُورِهَا وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ إقَامَتُهَا بِالْإِقْرَارِ بِهِ (فَصْلٌ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَفُرُوعِهِ وَأُصُولِهِ وَمَمْلُوكٍ) لَهُمْ (وَمُكَاتَبٍ لَهُمْ وَلَا) لِشُرَكَائِهِمْ (فِيمَا لَهُمْ فِيهِ شَرِكَةٌ) لِوُجُودِ التُّهْمَةِ وَلَوْ قَالَ وَمَمْلُوكٍ لَهُمْ وَلَوْ مُكَاتَبًا كَانَ أَوْلَى قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ فِي قَضَائِهِ لَلشَّرِيك فِي صُورَةٍ يُشَارِكُ فِيهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ فِيمَا يَحْصُلُ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ وَمَا قَالَهُ هُوَ مُرَادُهُمْ (وَيَنْفُذُ) قَضَاؤُهُ (عَلَيْهِمْ) كَمَا تَنْفُذُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِمْ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِيمَا عَدَا الْفُرُوعَ وَالْأُصُولَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ نُفُوذُ قَضَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ حَكَمَ عَلَى نَفْسِهِ أَخَذْنَا بِهِ وَهَلْ هُوَ إقْرَارٌ أَوْ حُكْمٌ فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ حُكْمٌ (لَا عَلَى بَعْضٍ لِبَعْضٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ قَضَائِهِ لِبَعْضِهِ فَأَشْبَهَ بَعْضَهُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ (وَيَقْضِي لَهُ وَلِهَؤُلَاءِ) إذَا وَقَعَتْ لَهُ أَوْ لَهُمْ خُصُومَةٌ (نَائِبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ (أَوْ الْإِمَامُ أَوْ قَاضٍ آخَرُ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَلَا) يَقْضِي (عَلَى عَدُوٍّ) لَهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ (وَفِي) جَوَازِ (حُكْمِهِ بِشَهَادَةِ ابْنٍ) لَهُ (لَمْ يُعَدِّلْهُ شَاهِدَانِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْخَصْمُ لَا الشَّاهِدُ وَالثَّانِي لَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَعْدِيلَهُ فَإِنْ عَدَّلَهُ شَاهِدَانِ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِ وَكَابْنِهِ فِي ذَلِكَ سَائِرُ أَبْعَاضِهِ (وَلَهُ اسْتِخْلَافُهُ) أَيْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ كَنَفْسِهِ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَنْفِيذُ حُكْمِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ عَنْ جَدِّهِ قَالَ وَقِيلَ يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِيهِ (وَ) لَهُ أَنْ (يَحْكُمَ لِيَتِيمٍ وَصَّى بِهِ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَلِي أَمْرَ الْأَيْتَامِ كُلِّهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا فَلَا تُهْمَةَ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَشْهَدُ لَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَصَرَّحَ الْجُمْهُورُ بِتَرْجِيحِهِ   [حاشية الرملي الكبير] كَانَ بِلَا سَبَبٍ فَإِنْ كَافَأَهُ حَلَّتْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهَا وَهَلْ تَقَرُّ مَعَهُ أَوْ تُرَدُّ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ إنْ كَانَ لِلْعَامِلِ رِزْقٌ يَكْفِيهِ أُخِذَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا أَقَرَّتْ بِيَدِهِ وُجُوهٌ أَصَحُّهَا أَوَّلُهَا (قَوْلُهُ بِأَنْ أَظْهَرَ الْأَغْرَاضَ فِيهَا إلَخْ) وَلِأَنَّ فِي الْوَلَائِمِ ظِنَّةٌ لَيْسَتْ فِي الْعِيَادَةِ وَحُضُورِ الْجَنَائِزِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَأْمُرَ بِالنِّدَاءِ عَلَيْهِ إلَخْ) أَنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاعْرِفُوهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ شَهِدَ زُورًا إلَخْ) نَعَمْ تَنْدَفِعُ شَهَادَةُ الزُّورِ بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ إنَّهُ شَاهِدُ زُورٍ؛ لِأَنَّهُ جَرْحٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْجَارِحُ سَبَبَ الْجَرْحِ تَوَقَّفْنَا فِي الْحُكْمِ لِأَجَلٍ [فَصَلِّ الْقَاضِي لَا يَنْفُذ قَضَاؤُهُ لنفسه وَفُرُوعه وَأُصُوله] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَمَمْلُوكٍ لَهُمْ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ صُوَرًا الْأُولَى حُكْمُهُ لِرَقِيقِهِ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ قَبْلَ رِقِّهِ بِأَنْ يَجْنِيَ مُلْتَزِمٌ عَلَى ذِمِّيٍّ ثُمَّ يَنْقُضَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْعَهْدَ وَيَلْتَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيُسْتَرَقَّ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ قَالَ وَيُوقَفُ الْمَالُ إلَى عِتْقِهِ فَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا فَالْأَظْهَرُ كَوْنُهُ فَيْئًا الثَّانِيَةُ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ الْخَارِجُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا قُلْنَا إنَّ كَسْبَهُ لَهُ دُونَ الْوَارِثِ وَكَانَ الْوَارِثُ حَاكِمًا فَلَهُ الْحُكْمُ بِهِ بِطَرِيقِهِ الثَّالِثَةُ: الْعَبْدُ الْمَنْذُورُ إعْتَاقُهُ. الرَّابِعَةُ: الْعَبْدُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لِلَّذِي وَرِثَهُ الْحُكْمُ لَهُ بِكَسْبِهِ. الْخَامِسَةُ: إذَا كَانَ عَبْدُ الْحَاكِمِ وَكِيلًا فِي دَعْوَى فَطَلَبَ الْحُكْمَ عِنْدَ تَوَجُّهِهِ حَكَمَ لَهُ مَالِكُهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ لِلْمُوَكِّلِ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ لَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدِ الْمُوَكِّلِ فَلَيْسَتْ كَيَدِ الْمِلْكِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْحُكْمِ لِأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ مَا إذَا كَانَ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ كَمَا سَبَقَ فِيمَا إذَا كَانَ عَبْدُ الْحَاكِمِ وَكِيلًا (قَوْلُهُ لِوُجُودِ التُّهْمَةِ) وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ لَهُمْ فَالْحُكْمُ أَوْلَى وَشَمِلَ تَحْلِيفَهُ إيَّاهُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ حَكَمَ لَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ هُوَ إقْرَارٌ أَوْ حُكْمٌ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا) وَيَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِيمَا لَوْ حَكَمَ عَلَى نَفْسِهِ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الْحُكْمِ دُونَ الْإِقْرَارِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اتِّحَادِ الْحَاكِمِ وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يَسْتَوْفِي مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَالْإِنْسَانُ لَا يَسْتَوْفِي مِنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَقْضِي عَلَى عَدُوٍّ) وَلَوْ لِعَدُوٍّ أَيْضًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَيَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ لِعَدُوِّهِ عَلَى عَدُوِّهِ وَجْهًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ) أَصَحُّهُمَا لَا (قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَنْفِيذُ حُكْمِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِيَتِيمٍ وَصَّى بِهِ إلَيْهِ) يَحْكُمُ لِمَحْجُورِهِ بِالْحُكْمِ وَإِنْ تَضَمَّنَ اسْتِيلَاءَهُ عَلَى الْمَالِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَتَصَرُّفَهُ فِيهِ وَفِي مَعْنَاهُ حُكْمُهُ عَلَى مَنْ فِي جِهَتِهِ مَالُ وَقْفٍ هُوَ تَحْتَ نَظَرِهِ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ وَالْأَوْقَافِ الَّتِي شُرِطَ فِيهَا النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ أَوْ صَارَ فِيهَا النَّظَرُ لَهُ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ لِانْقِرَاضِ نَاظِرِهَا الْخَاصِّ لَهُ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهَا وَمُوجِبِهَا وَإِنْ تَضَمَّنَ الْحُكْمَ لِنَفْسِهِ فِي الِاسْتِيلَاءِ وَالتَّصَرُّفِ وَلِلْإِمَامِ الْحُكْمُ بِانْتِقَالِ مِلْكٍ إلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِيلَاؤُهُ عَلَيْهِ بِجِهَةِ الْإِمَامَةِ وَلِلْقَاضِي الْحُكْمُ بِهِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ يَصْرِفُهُ إلَيْهِ فِي جَامَكِيَّتِهِ وَنَحْوِهَا، وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا إذَا شَهِدَ عَلَى شَخْصٍ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَى بَيْتِ الْمَالِ بِمَا يَقْتَضِي قَتْلَهُ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ الْمَنْعَ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْجُمْهُورُ بِتَرْجِيحِهِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302 (فَصْلٌ فِيمَا يُنْقَضُ مِنْ قَضَائِهِ) أَيْ الْقَاضِي (وَلْنُقَدِّمْ) عَلَيْهِ (قَوَاعِدَ) فَنَقُولُ (الْمُعْتَمَدُ) فِيمَا يَقْضِي بِهِ الْقَاضِي وَيُفْتِي بِهِ الْمُفْتِي (الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ) وَقَدْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَيُقَالُ الْإِجْمَاعُ يَصْدُرُ عَنْ أَحَدِهِمَا وَالْقِيَاسُ يُرَدُّ إلَى أَحَدِهِمَا (وَلَيْسَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ إنْ لَمْ يَنْتَشِرْ) فِي الصَّحَابَةِ (حُجَّةً) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ عَنْ الْخَطَأِ فَأَشْبَهَ التَّابِعِيَّ وَلِأَنَّ غَيْرَهُ يُسَاوِيهِ فِي أَدِلَّةِ الِاجْتِهَادِ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ (لَكِنْ يُرَجَّحُ بِهِ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ) عَلَى الْآخَرِ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ (فَاخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ) فِي شَيْءٍ (كَاخْتِلَافِ) سَائِرِ (الْمُجْتَهِدِينَ) فَلَا يَكُونُ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُجَّةً نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقِيَاسِ فِيهِ مَجَالٌ فَهُوَ حُجَّةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ فَقَالَ: رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ صَلَّى فِي لَيْلَةٍ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سِتُّ سَجَدَاتٍ وَقَالَ لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ لَقُلْت بِهِ فَإِنَّهُ لَا مَجَالَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فَعَلَهُ تَوْقِيفًا انْتَهَى. وَذَكَرَ فِي الْمَحْصُولِ أَيْضًا أَنَّهُ حُجَّةٌ ذَكَرَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ (فَإِنْ انْتَشَرَ قَوْلُ صَحَابِيٍّ فِي الصَّحَابَةِ وَوَافَقُوهُ فَإِجْمَاعٌ حَتَّى فِي حَقِّهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ) كَغَيْرِهِ (مُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ) وَإِنْ خَالَفُوهُ فَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ وَلَا حُجَّةٍ (فَإِنْ سَكَتُوا) بِأَنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِمُوَافَقَتِهِ وَلَا بِمُخَالَفَتِهِ أَوْ لَمْ يُنْقَلْ سُكُوتٌ وَلَا قَوْلٌ (فَحُجَّةٌ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْقَوْلُ مُجَرَّدَ فَتْوَى أَمْ حُكْمًا مِنْ إمَامٍ أَوْ قَاضٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ خَالَفُوهُ لَاعْتَرَضُوا عَلَيْهِ هَذَا (إنْ انْقَرَضُوا) وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ حُجَّةً لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخَالِفُوهُ لِأَمْرٍ يَبْدُو لَهُمْ (وَالْقِيَاسُ جَلِيٌّ) ، وَهُوَ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ تَأْثِيرِ الْفَارِقِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ أَوْ بَعْدَ تَأْثِيرِهِ (وَغَيْرُهُ) ، وَهُوَ مَا لَا يُقْطَعُ فِيهِ بِذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ (فَالْجَلِيُّ كَإِلْحَاقِ الضَّرْبِ بِالتَّأْفِيفِ) فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] وَمَا فَوْقَ الذَّرَّةِ بِهَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] وَمِنْهُ مَا وَرَدَ النَّصُّ فِيهِ عَلَى الْعِلَّةِ كَخَبَرِ «إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ عَلَيْكُمْ» (وَهُوَ كَالْمَنْصُوصِ) فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا مَعْنًى وَاحِدًا (وَغَيْرُهُ الْجَلِيُّ مَا يَحْتَمِلُ الْمُوَافَقَةَ وَالْمُخَالَفَةَ) لِلْأَصْلِ فَمِنْهُ مَا الْعِلَّةُ فِيهِ مُسْتَنْبَطَةٌ كَقِيَاسِ الْأَرُزِّ عَلَى الْبُرِّ بِعِلَّةِ الطَّعْمِ وَمِنْهُ قِيَاسُ الشَّبَهِ، وَهُوَ أَنْ تُشْبِهَ الْحَادِثَةُ أَصْلَيْنِ أَمَّا فِي الْأَوْصَافِ بِأَنْ تُشَارِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْلَيْنِ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي وَالْأَوْصَافِ الْمَوْجُودَةِ فِيهِ، وَأَمَّا فِي الْأَحْكَامِ كَالْعَبْدِ يُشَارِكُ الْحُرَّ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَالْمَالِ فِي بَعْضِهَا فَيَلْحَقُ بِمَا الْمُشَارَكَةُ فِيهِ أَكْثَرُ (وَالْحَقُّ) الَّذِي أَمَرَ الْمُجْتَهِدُ بِإِصَابَتِهِ (مَعَ أَحَدِ الْمُجْتَهِدَيْنِ فِي الْفُرُوعِ) . قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ أَوْ فِي الْأُصُولِ (وَالْآخَرُ مُخْطِئٌ مَأْجُورٌ لِقَصْدِهِ) الصَّوَابَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» (فَقَطْ) أَيْ لَا لِاجْتِهَادِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَفْضَى بِهِ إلَى الْخَطَأِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْلُكْ الطَّرِيقَ الْمَأْمُورَ بِهِ (فَإِنْ بَانَ لِلْقَاضِي الْخَطَأُ فِي حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِ غَيْرِهِ نَظَرْت فَإِنْ خَالَفَ) فِيهِ (قَطْعِيًّا كَنَصِّ كِتَابٍ وَسُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ وَإِجْمَاعٍ أَوْ ظَنِّيًّا مُحْكَمًا) أَيْ وَاضِحَ الدَّلَالَةِ (كَخَبَرِ الْوَاحِدِ أَوْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ نُقِضَ) وُجُوبًا (حُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ الْمُخْطِئِ بِالْإِجْمَاعِ فِي مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الْبَقِيَّةِ (وَعَلَيْهِ إعْلَامُ الْخَصْمَيْنِ بِانْتِقَاضِهِ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَحَاصِلُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَقْضُ حُكْمِهِ وَإِعْلَامُ الْخَصْمَيْنِ   [حاشية الرملي الكبير] وَرَجَّحَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَحْجُورِهِ بِالْحُكْمِ بِأَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي الَّذِي لَيْسَ بِوَصِيٍّ تَنْقَطِعُ عَنْ الْمَالِ الَّذِي حَكَمَ فِيهِ بِانْقِطَاعِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ فَإِنَّ مَا حَكَمَ فِيهِ لِلْيَتِيمِ الَّذِي هُوَ تَحْتَ وَصِيَّتِهِ تَبْقَى وِلَايَتُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَزْلِ فَقَوِيَتْ التُّهْمَةُ فِي حَقِّهِ وَضَعُفَتْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَاكِمَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَوْ شَهِدَ بِالْمَالِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ لَقَبِلْنَا شَهَادَتَهُ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ يَشْهَدُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ بِالْمَالِ لِمَنْ هُوَ مُوصًى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَفِي مَعْنَى هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمُهُ عَلَى مَنْ فِي جِهَتِهِ مَالٌ لِوَقْفٍ هُوَ تَحْتَ نَظَرِهِ بِطَرِيقٍ خَاصٍّ غَيْرِ الْحُكْمِ ع وَالظَّاهِرُ تَفَقُّهًا أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لِجِهَةِ وَقْفٍ كَانَ نَاظِرُهَا الْخَاصُّ قَبْلَ الْوِلَايَةِ وَمِثْلُهُ مَدْرَسَةٌ وَهُوَ مُدَرِّسُهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ لِأَنَّهُ الْخَصْمُ وَالْحَاكِمُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِالنَّظَرِ فَكَوَصِيِّ الْيَتِيمِ وَصَرَّحَ شُرَيْحٌ بِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ فِي الْغَنِيمَةِ بِالْغُلُولِ إلَّا إذَا عَفَا عَنْ حَقِّهِ ع وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ: لَوْ كَانَ الْقَاضِي أَحَدَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ وَتَحَاكَمَ إلَيْهِ أَحَدُ أَرْبَابِ الْوَقْفِ مَعَ غَاصِبٍ أَجْنَبِيٍّ جَازَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَصِيرُ بَعْضِ الْوَقْفِ إلَيْهِ إذْ قَدْ لَا يَصِيرُ إلَيْهِ لِمَوْتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ جَازَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ فِيمَا يُنْقَضُ مِنْ قَضَاء الْقَاضِي] (قَوْلُهُ فَهُوَ حُجَّةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ فَإِنْ انْتَشَرَ قَوْلُ صَحَابِيٍّ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُنْتَشِرَ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ لَوْ كَانَ تَابِعِيًّا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّنْ بَعْدَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحَابِيِّ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ غ (قَوْلُهُ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ) الدَّافَّةُ الْجَيْشُ يَدُفُّونَ نَحْوَ الْعَدُوِّ وَالدَّفِيفُ الدَّبِيبُ صِحَاحٌ وَقَامُوسٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَفَ قَطْعِيًّا) كَأَنْ اسْتَنَدَ إلَى نَصٍّ فَبَانَ مَنْسُوخًا أَوْ إلَى عُمُومٍ فَبَانَ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ خُصَّتْ بِدَلِيلٍ (قَوْلُهُ وَإِجْمَاعُ) قَالَ الكوهكيلوني وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي الْمُقَلِّدُ لِلضَّرُورَةِ بِمَذْهَبِ غَيْرِ مُقَلِّدِهِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ (قَوْلُهُ أَوْ الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ) أَوْ دَلَالَةُ الْعَامِّ (قَوْلُهُ نُقِضَ) كَأَنْ يَقُولَ نَقَضْته أَوْ أَبْطَلْته أَوْ فَسَخْته أَوْ هُوَ بَاطِلٌ أَوْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ أَوْ رَجَعْت عَنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا مِمَّا بِهِ يَحْصُلُ النَّقْضُ بِ " نَقَضْتُهُ " أَوْ فَسَخْته أَوْ أَبْطَلْته وَفِي هَذَا بَاطِلٌ وَنَحْوُهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ نَقْضٌ وَقَدْ قَضَى شُرَيْحٌ فِي زَوْجٍ وَابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ بِأَنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَالْبَاقِيَ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ تَشْبِيهًا لَهُ بِالشَّقِيقِ مَعَ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ فَقَالَ لَهُ عَلَيَّ فِي أَيِّ كِتَابٍ وَجَدْت هَذَا فَنَقْضُهُ عَلَيَّ وَدَفَعَ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسَ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ فِي مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ) كَأَنْ حَكَمَ بِاجْتِهَادٍ أَوْ بِنَصٍّ فَبَانَ نُسْخَةً أَوْ بِعُمُومِ نَصٍّ ثُمَّ بَانَ خُرُوجُ تِلْكَ الصُّورَةِ بِدَلِيلٍ مُخَصِّصٍ وَفِي مَعْنَى قَوْلِهِمْ بِاجْتِهَادِهِ مَا إذَا كَانَ مُقَلِّدًا وَحَكَمَ بِخِلَافِ نَصِّ إمَامِهِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَنَصِّ الشَّارِعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُجْتَهِدِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303 بِصُورَةِ الْحَالِ لِيَتَرَافَعَا إلَيْهِ فَيَنْقُضُهُ سَوَاءٌ أَعَلِمَا أَنَّهُ بَانَ لَهُ الْخَطَأُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَتَوَهَّمَانِ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْحُكْمَ، وَإِنْ بَانَ لَهُ الْخَطَأُ لَكِنْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَنْقُضُهُ، وَإِنْ لَمْ يُرْفَعْ إلَيْهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا أَوْجَهُ مِمَّا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْكِتَابِ وَتَأْوِيلُهَا مُتَعَيِّنٌ انْتَهَى. وَمِنْ ثَمَّ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ إلَى مَا قَالَهُ وَهُوَ حَسَنٌ وَالْمَمْنُوعُ إنَّمَا هُوَ تَتَبُّعُ قَضَاءِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ وَفِي تَعْبِيرِهِمْ بِنَقَضَ وَانْتُقِضَ مُسَامَحَةً إذْ الْمُرَادُ أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَصِحَّ مِنْ أَصْلِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (وَإِنْ بَانَ لَهُ) الْخَطَأُ (بِقِيَاسٍ خَفِيٍّ رَجَّحَهُ) أَيْ رَآهُ أَرْجَحَ مِمَّا حَكَمَ بِهِ (اعْتَمَدَهُ مُسْتَقْبَلًا) أَيْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ أَخَوَاتِ الْحَادِثَةِ (وَلَا يَنْقُضُ بِهِ حُكْمًا) ؛ لِأَنَّ الظُّنُونَ الْمُتَقَارِبَةَ لَا اسْتِقْرَارَ لَهَا فَلَوْ نَقَضَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ لَمَا اسْتَمَرَّ حُكْمٌ وَلِشِقِّ الْأَمْرِ عَلَى النَّاسِ وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ شَرَكَ الشَّقِيقَ فِي الْمُشْرِكَةِ بَعْدَ حُكْمِهِ بِحِرْمَانِهِ وَلَمْ يَنْقُضْ الْأَوَّلَ وَقَالَ ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي. (وَلَوْ قَضَى قَاضٍ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الْمَفْقُودِ زَوْجُهَا بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَ) مُدَّةِ (الْعِدَّةِ أَوْ بِنَفْيِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَ) بِنَفْيِ بَيْعِ (الْعَرَايَا وَمَنْعِ الْقِصَاصِ فِي الْمُثْقَلِ) أَيْ فِي الْقَتْلِ بِهِ (وَ) صِحَّةِ (بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ وَصِحَّةِ نِكَاحِ الشِّغَارِ وَ) نِكَاحِ (الْمُتْعَةِ وَحُرْمَةِ الرَّضَاعِ بَعْدَ حَوْلَيْنِ) أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَقَتْلِ مُسْلِمٍ بِذِمِّيٍّ وَجَرَيَانِ التَّوَارُثِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ (نُقِضَ) قَضَاؤُهُ (كَالْقَضَاءِ بِاسْتِحْسَانِ فَاسِدٍ) وَذَلِكَ لِمُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ فِي عِصْمَةِ النُّفُوسِ فِي الرَّابِعَةِ وَفِي جَعْلِ الْمَفْقُودِ مَيِّتًا مُطْلَقًا أَوْ حَيًّا كَذَلِكَ فِي الْأُولَى وَالْحَاكِمُ الْمُخَالِفُ جَعَلَهُ فِيهَا مَيِّتًا فِي النِّكَاحِ دُونَ الْمَالِ وَلِظُهُورِ الْأَخْبَارِ فِي خِلَافِ حُكْمِهِ فِي الْبَقِيَّةِ وَبُعْدِهَا عَنْ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي عِنْدَهُ وَقِيلَ لَا يُنْقَضُ ذَلِكَ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ فِيمَا عَدَا مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ هُنَا وَاقْتَصَرَ فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى نَقْلِهِ عَنْ الرُّويَانِيِّ نَفْسِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ {وَالِاسْتِحْسَانُ الْفَاسِدُ أَنْ يُسْتَحْسَنَ شَيْءٌ لِأَمْرٍ هَجَسَ فِي النَّفْسِ أَوْ لِعَادَةِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ أَوْ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ مُتَابَعَتُهُ وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ الشَّيْءُ بِدَلِيلٍ يَقُومُ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ} فَيَجِبُ مُتَابَعَتُهُ وَلَا يُنْقَضُ، وَهُوَ مَا احْتَرَزَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ بِقَوْلِهِ فَاسِدٌ (لَا) إنْ قَضَى بِصِحَّةِ (النِّكَاحِ بِالْأُولَى) أَوْ بِشَهَادَةِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَفَاسِقٍ فَلَا يُنْقَضُ قَضَاؤُهُ كَمُعْظَمِ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَالتَّرْجِيحُ فِي هَذِهِ هُنَا وَفِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ مَا عَدَا مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ مِنْ زِيَادَتِهِ هَذَا كُلُّهُ فِي الصَّالِحِ لِلْقَضَاءِ (وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَبِلَهُ مِمَّنْ لَا يَصْلُحُ) لِلْقَضَاءِ (نُقِضَ أَحْكَامُهُ) كُلُّهَا (وَإِنْ أَصَابَ) فِيهَا؛ لِأَنَّهَا صَدَرَتْ مِمَّنْ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ (قُلْت لَعَلَّهُ) فِيمَا إذَا (لَمْ يُوَلِّهِ ذُو شَوْكَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَإِنْ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ بِحَيْثُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ مَعَ الْجَهْلِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يُنْقَضُ مَا أَصَابَ فِيهِ (فَرْعٌ) لَوْ (كَتَبَ إلَيْهِ بِحُكْمٍ لَا يُنْقَضُ وَلَمْ يَعْتَقِدْهُ) بَلْ رَأَى غَيْرَهُ أَصْوَبَ مِنْهُ (أَعْرَضَ عَنْهُ) وَلَا يُنْفِذُهُ كَمَا لَا يَنْقُضُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إعَانَةٌ عَلَى مَا يَعْتَقِدُ خَطَأَهُ وَهَذَا مَا حَكَاهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ ثُمَّ حَكَى عَنْ السَّرَخْسِيِّ تَصْحِيحَ عَكْسِهِ قَالَ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ تَغَيُّرًا لَا يَقْتَضِي النَّقْضَ وَتَرَافُعَ خُصَمَاءِ الْحَادِثَةِ إلَيْهِ فِيهَا فَإِنَّهُ يَمْضِي حُكْمُهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ مِنْهُ أَمَّا لَوْ كَتَبَ إلَيْهِ بِحُكْمٍ يُنْقَضُ فَيَعْرِضُ عَنْهُ جَزْمًا وَيَنْقُضُهُ بِطَرِيقِهِ (وَلَوْ اُسْتُقْضِيَ مُقَلَّدٌ) لِلضَّرُورَةِ (فَحَكَمَ بِمَذْهَبِ غَيْرِ مَنْ قَلَّدَهُ لَمْ يُنْقَضْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْمُقَلِّدِ تَقْلِيدَ مَنْ شَاءَ (فَصْلٌ يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي) الصَّادِرُ مِنْهُ فِيمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ بِأَنْ تَرَتَّبَ عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ (ظَاهِرًا) لَا بَاطِنًا (فَلَا) يَحِلُّ (حَرَامًا وَلَا عَكْسُهُ) فَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ زُورٍ بِظَاهِرَيْ الْعَدَالَةِ لَمْ يَحْصُلْ بِحُكْمِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: تَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَلَا يَأْتِي هُنَا خِلَافُ الِاحْتِيَاطِ فِي الْإِبْضَاعِ (قَوْلُهُ إذْ الْمُرَادُ أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَصِحَّ مِنْ أَصْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ فَقَوْلُهُمْ نَقَضَهُ أَيْ أَظْهَرَ نَقْضَهُ (قَوْلُهُ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَأَمَّا الْقَضَاءُ بِنَفْيِ ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَبِنَفْيِ صِحَّةِ بَيْعِ الْعَرَايَا وَبِنَفْيِ ذَكَاةِ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ وَبِنَفْيِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِهَا كَمَا لَا يُنْقَضُ نِكَاحٌ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ وَقَدْ قَطَعَ فِي الْحَاوِي بِنَقْضِ الْحُكْمِ فِيهَا، وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُوَافِقُ قَوْلَ الرُّويَانِيِّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ النِّكَاحِ بِالْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ بِلَا وَلِيٍّ لَكِنَّهُ يُنْسَبُ النَّقْضُ إلَى الْمُحَقِّقِينَ وَحَذَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى تَصْحِيحِ الرُّويَانِيِّ وَكَتَبَ شَيْخُنَا صَرَّحَ الشَّيْخَانِ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ الْعَدَدِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ بِنَقْضِ الْحُكْمِ فِيهَا وَيُقَاسُ بِهَا غَيْرُهَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلٍ يَقُومُ عَلَيْهِ) كَالتَّحْلِيفِ بِالْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ قُلْت لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُوَلِّهِ ذُو شَوْكَةٍ) قَدْ جَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ حَكَى عَنْ السَّرَخْسِيِّ تَصْحِيحَ عَكْسِهِ قَالَ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَصْفُونِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْحِجَازِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (تَنْبِيهٌ) صِيغَةُ تَنْفِيذِهِ حُكْمَ غَيْرِهِ نَفَّذْت حُكْمَ فُلَانٍ الْقَاضِي أَوْ أَمْضَيْته وَفِي هَذَا الْحُكْمِ صَحِيحٌ أَوْ جَائِزٌ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَنْفُذُ (قَوْلُهُ وَلَوْ اُسْتُفْتِيَ مُقَلِّدٌ فَحَكَمَ بِمَذْهَبِ غَيْرِ مَنْ قَلَّدَهُ لَمْ يُنْقَضْ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ فِي هَذَا الزَّمَانِ بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ فَإِنْ فَعَلَ نُقِضَ لِفَقْدِ الِاجْتِهَادِ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ اتِّسَاعُ حُكْمِهِ بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ وَلَوْ مُقَلِّدًا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى إلَخْ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ حَكَمَ بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ بِالتَّقْلِيدِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304 الْحِلُّ بَاطِنًا سَوَاءٌ الْمَالُ وَالنِّكَاحُ وَغَيْرُهُمَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ إنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ نَارٍ» (وَيُنْتَهَضُ) حُكْمُهُ الْمَذْكُورُ (شُبْهَةً فَلَا يُحَدُّ مَحْكُومٌ لَهُ بِمُزَوَّجَةٍ) مِنْ غَيْرِهِ (وَطِئَهَا) لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَجْعَلُهَا مَنْكُوحَةً بِالْحُكْمِ فَيَكُونُ وَطْؤُهُ وَطْئًا فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِي صِحَّتِهِ وَقِيلَ يُحَدُّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَى الثَّانِي جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَعَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ) مِنْهُ (جَهْدُهَا) فَإِنْ أُكْرِهَتْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَحَمَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى مَا إذَا رُبِطَتْ وَوُطِئَتْ لِئَلَّا يُخَالِفَ مَا مَرَّ فِي أَوَائِلِ الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّ الزِّنَا لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ حُكْمٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا. (وَلِلْأَوَّلِ) فِيمَا إذَا حَكَمَ بِطَلَاقِهَا بِشَاهِدَيْ زُورٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِثَانٍ (وَطْؤُهَا) بَاطِنًا (لَا إنْ وَطِئَهَا الثَّانِي وَلَوْ عَالِمًا) بِالْحَالِ أَوْ نَكَحَهَا أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ وَوَطِئَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ وَطْؤُهَا (حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ) لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ (مَعَ أَنَّهُ) أَيْ وَطْؤُهُ لَهَا حَيْثُ أُبِيحَ لَهُ (مَكْرُوهٌ) ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِلتُّهْمَةِ وَالْحَدِّ وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ فِي وَطْئِهِ بَعْدَ الْعِدَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَمَّا مَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ بِأَنْ تَرَتَّبَ عَلَى أَصْلٍ صَادِقٍ فَيَنْفُذُ الْحُكْمُ فِيهِ بَاطِنًا أَيْضًا قَطْعًا إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ اتِّفَاقِ الْمُجْتَهِدِينَ وَعَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِهِمْ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ لِمَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ كَمَا سَيَأْتِي لِتَتَّفِقَ الْكَلِمَةُ وَيَتِمَّ الِانْتِفَاعُ وَقِيلَ لَا لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ وَقِيلَ لَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ (وَلَوْ قَضَى حَنَفِيٌّ لِشَافِعِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ) أَوْ بِالْإِرْثِ بِالرَّحِمِ (حَلَّ لَهُ الْأَخْذُ) بِهِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي مَنْعُهُ مِنْ الْأَخْذِ بِذَلِكَ وَلَا مِنْ الدَّعْوَى بِهِ إذَا أَرَادَهَا اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَالِاجْتِهَادُ إلَى الْقَاضِي لَا إلَى غَيْرِهِ (وَلَوْ شَهِدَ) شَاهِدٌ (بِمَا يَعْتَقِدُهُ الْقَاضِي لَا الشَّاهِدُ) كَشَافِعِيٍّ شَهِدَ عِنْدَ حَنَفِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ لِذَلِكَ وَلَهَا حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَشْهَدَ بِنَفْسِ الْجِوَارِ، وَهُوَ جَائِزٌ ثَانِيهِمَا أَنْ يَشْهَدَ بِاسْتِحْقَاقِ الْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ أَوْ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ وَيَنْبَغِي عَدَمُ جَوَازِهِ لِاعْتِقَادِهِ خِلَافَهُ كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (فَرْعٌ لَوْ قَالَ خَصْمَانِ لِقَاضٍ حَكَمَ بَيْنَنَا فُلَانٌ بِكَذَا فَانْقُضْهُ وَاحْكُمْ بَيْنَنَا لَمْ يُجِبْهُمَا) ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِمِثْلِهِ (فَصْلٌ مَنْثُورٌ) مَسَائِلُهُ (يُسْتَحَبُّ) لِلْقَاضِي (أَنْ يَبْحَثَ) أَيْ يَسْأَلَ (أَصْدِقَاءَهُ) الْأُمَنَاءَ (عَنْ عُيُوبِ نَفْسِهِ لِيَجْتَنِبَهَا وَأَنْ يَرْكَبَ) فِي مَسِيرِهِ (إلَى مَجْلِسِ) وَفِي نُسْخَةٍ مَوْضِعِ (حُكْمِهِ وَ) أَنْ (يُسَلِّمَ فِي طَرِيقِهِ عَلَى النَّاسِ وَإِذَا دَخَلَ) عَلَيْهِمْ (وَ) أَنْ (يَدْعُوَ بِالتَّوْفِيقِ) وَالتَّسْدِيدِ (إذَا جَلَسَ لِلْحُكْمِ وَ) أَنْ (يَقِفَ عِنْدَهُ أَمِينٌ مَمْسُوحٌ) ذَكَرَهُ لِأَجْلِ النِّسَاءِ (يُرَتِّبُ الْخُصُومَ) وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَسْمُوحِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي الصَّادِرُ مِنْهُ فِيمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ] قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ إلَخْ) وقَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} [البقرة: 188] الْآيَةَ «وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا قِصَاصًا أَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا أَنَّهُ مَا قَتَلَ فَقَتَلْتَهُ دَخَلْتَ النَّارَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ فَأَخْبَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ إذْنِهِ لَهُ فِي قَتْلِهِ أَنَّهُ إنْ صَدَقَ حَرُمَ قَتْلُهُ فَدَلَّ عَلَى نُفُوذِ الْحُكْمِ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَجْعَلُهَا مَنْكُوحَةً بِالْحُكْمِ إلَخْ) وَوَافَقْنَا عَلَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَى حُرَّةٍ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لَهُ بِهَا بِشَهَادَةِ زُورٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَا زُورٍ بِذَلِكَ وَقَضَى بِالزَّوْجِيَّةِ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَوَافَقَ عَلَى أَنَّ الْأَمْوَالَ وَالْقِصَاصَ لَا تَحِلُّ لَهُ بِالْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ لَنَا الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْقِيَاسُ عَلَى مَا وَافَقَ عَلَيْهِ غ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ) أَيْ بِالتَّرْجِيحِ وَكَتَبَ أَيْضًا الَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَدَمُ الْحَدِّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ مِنْهُ جَهْدُهَا) فَإِذَا قَصَدَهَا قَالَ كَثِيرٌ جُعِلَ كَالصَّائِلِ عَلَى الْبُضْعِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا دَفْعُهُ، وَإِنْ أَتَى عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ لَعَلَّهُ مِمَّنْ يَرَى الْإِبَاحَةَ فَكَيْفَ يَسُوغُ دَفْعُهُ وَقَتْلُهُ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُسَوِّغَ لِلدَّفْعِ وَالْمُوجِبَ انْتِهَاكُ الْفَرْجِ الْمُحَرَّمِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ، وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ كَمَا لِوِصَالِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ عَلَى بُضْعِ امْرَأَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا دَفْعُهُ بَلْ يَجِبُ فَسُنَّ. (قَوْلُهُ وَلِلْأَوَّلِ وَطْؤُهَا إلَخْ) وَيَبْقَى التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا لَا النَّفَقَةُ لِلْحَيْلُولَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي الْحُكْمِ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الدَّعَاوَى فِي الْكَلَامِ عَلَى الْيَمِينِ عَنْ مَيْلِ الْأَكْثَرِينَ وَفِي دَعْوَى الذَّمِّ عَنْ مَيْلِ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَقَدْ حَكَى ابْنُ أَبِي الدَّمِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْحَنَفِيَّ إذَا حَلَّلَ خَمْرًا فَأَتْلَفَهَا عَلَيْهِ شَافِعِيٌّ لَا يَعْتَقِدُ طَهَارَتَهَا بِالتَّخَلُّلِ فَتَرَافَعَا إلَى حَنَفِيٍّ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهُ بِطَرِيقِهِ فَقَضَى عَلَى الشَّافِعِيِّ بِضَمَانِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَطَالَبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَدَاءِ ضَمَانِهَا لَمْ يَجُزْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ وَالِاعْتِبَارُ فِي الْحُكْمِ بِاعْتِقَادِ الْقَاضِي دُونَ اعْتِقَادِهِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ وَكَانَ مِمَّنْ يَرَاهُ جَازَ لِلشَّافِعِي فِي الْبَاطِنِ بَيْعُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ كَالْمِلْكِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا بِغَيْرِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَرْعُهُ عَلَى الرَّأْيِ الْمَرْجُوحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَعْلِيلِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلَ فَقَدْ نَقَلَهُ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ عَنْ الْجُمْهُورِ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي الْكَلَامِ عَلَى الْيَمِينِ عَنْ مَيْلِ الْأَكْثَرِينَ وَفِي دَعْوَى الدَّمِ عَنْ مَيْلِ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي النُّفُوذِ بَاطِنًا بَيْنَ مَا يُنْقَضُ وَمَا لَا يُنْقَضُ وَفِيهِ نَظَرٌ لَكِنَّهُ مُسْتَقِيمٌ فَإِنَّهُ لَا مُنَافَاةَ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِد تَخْصِيصُهُمْ النُّفُوذَ بِمَا لَا يُنْقَضُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ ثَانِيهِمَا أَنْ يَشْهَدَ بِاسْتِحْقَاقِ الْآخِذِ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا عِنْدَك وَعَلَى مَذْهَبِك فَهِيَ شَهَادَةٌ بِالْجَوَازِ [فَصْلٌ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ أَصْدِقَاءَهُ الْأُمَنَاءَ عَنْ عُيُوبِ نَفْسِهِ لِيَجْتَنِبَهَا] (فَصْلٌ مَنْثُورٌ مَسَائِلُهُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 305 أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْخَصِيِّ (وَلَهُ) أَيْ لِلْقَاضِي (تَعْيِينُ وَقْتٍ لِلْحُكْمِ) فِيهِ بِحَسَبِ حَاجَةِ النَّاسِ وَدَعَاوِيهِمْ (وَأَنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ (يَسْمَعَ الدَّعْوَى فِي غَيْرِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ إذَا اتَّفَقَ حُضُورُ الْخَصْمَيْنِ (وَيُعْذَرُ) فِي عَدَمِ سَمَاعِهَا (لِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ) كَصَلَاةٍ وَحَمَّامٍ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَّخِذَ دِرَّةً) لِلتَّأْدِيبِ (وَسِجْنًا) لِأَدَاءِ حَقٍّ وَتَعْزِيرٍ وَنَحْوِهِمَا كَمَا اتَّخَذَهُمَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَدْ «حَبَسَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا فِي تُهْمَةٍ ثُمَّ خَلَّى عَنْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (فَرْعٌ) لَوْ (خَشِيَ) الْقَاضِي (هَرَبَ خَصْمٍ مِنْ حَبْسِهِ فَنَقَلَهُ إلَى حَبْسِ الْجَرَائِمِ جَازَ وَلَا يُمْنَعُ) الْمَحْبُوسُ (مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِنِسَائِهِ) فِي الْحَبْسِ (إنْ أَمْكَنَ) فِيهِ (فَإِنْ امْتَنَعْنَ) مِنْ ذَلِكَ (أُجْبِرَتْ أَمَتُهُ) عَلَيْهِ (لَا زَوْجَتُهُ) الْحُرَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى وَلَا الْأَمَةِ (إلَّا إنْ رَضِيَ سَيِّدُهَا) بِذَلِكَ فَتُجْبَرُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ مَنْعِ الْمَحْبُوسِ مِمَّا ذُكِرَ خَالَفَهُ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ ثَمَّ (وَيُجَابُ الْخَصْمُ إلَى مُلَازَمَةِ خَصْمِهِ) بَدَلًا عَنْ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّهَا أَخَفُّ (فَإِنْ اخْتَارَ الْغَرِيمُ الْحَبْسَ عَلَى الْمُلَازَمَةِ وَشَقَّ عَلَيْهِ بِسَبَبِهَا الْعِبَادَةُ أُجِيبَ) فَيُحْبَسُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ (وَهَلْ يُحْبَسُ مَرِيضٌ وَمُخَدَّرَةٌ وَابْنُ سَبِيلٍ) مَنْعًا لَهُمْ مِنْ الظُّلْمِ (أَوْ) لَا يُحْبَسُونَ بَلْ (يُوَكَّلُ بِهِمْ) لِيَتَرَدَّدُوا وَيَتَجَمَّلُوا (وَجْهَانِ) أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ (وَيُحْبَسُ الْوَكِيلُ وَأَبُو الطِّفْلِ وَقَيِّمُهُ فِي دَيْنٍ وَجَبَ بِمُعَامَلَتِهِمْ لَا غَيْرِهَا وَلَا يُحْبَسُ صَبِيٌّ وَ) لَا (مَجْنُونٌ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا (وَلَا مُكَاتَبٌ بِالنُّجُومِ) أَيْ بِسَبَبِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَا بِغَيْرِهَا فِي حَقِّ السَّيِّدِ (وَلَا عَبْدٌ جَانٍ) جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا (وَلَا سَيِّدُهُ) لِيُؤَدِّيَ أَوْ يَبِيعَ (بَلْ يُبَاعُ) عَلَيْهِ (إنْ) وُجِدَ رَاغِبٌ (وَ) امْتَنَعَ (مِنْ بَيْعٍ وَفِدَاءٍ) لَهُ (وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ عَلَى الْمَحْبُوسِ) كَمَا تَجِبُ أُجْرَةُ الْجَلَّادِ عَلَى الْمَجْلُودِ (وَ) أُجْرَةُ (الْوَكِيلِ) أَيْ الْمُوَكَّلِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَبِهِ عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ (عَلَى مَنْ وُكِّلَ بِهِ) بِضَمِّ الْوَاوِ (إنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ) (الطَّرَفُ) الثَّانِي فِي (مُسْتَنَدِ قَضَائِهِ، وَهُوَ الْحُجَّةُ وَإِقْرَارُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعِي (فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَكَذَا عِلْمُهُ) أَيْ الْقَاضِي بِصِدْقِ الْمُدَّعِي (وَلَوْ فِي قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) سَوَاءٌ أَعَلِمَهُ فِي زَمَنِ وِلَايَتِهِ وَمَكَانِهَا أَمْ فِي غَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْوَاقِعَةِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ، وَهِيَ إنَّمَا تُفِيدُ ظَنًّا فَبِالْعِلْمِ أَوْلَى لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فَلَوْ رَامَ الْبَيِّنَةَ نَفْيًا لِلرِّيبَةِ كَانَ أَحْسَنَ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي خُلَاصَتِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ لَنَا مِنْ الْحُجَجِ مَا لَا يَلْزَمُ مَعَهُ الْحُكْمُ إلَّا هَذَا وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ إلَّا مَعَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ عِلْمُهُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ قَدْ عَلِمْت أَنَّ لَهُ عَلَيْك مَا ادَّعَاهُ وَحَكَمْت عَلَيْك بِعِلْمِي فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَنْفُذْ الْحُكْمُ (لَا) فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَمَا اتَّخَذَهُمَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَهِيَ أَهْيَبُ مِنْ سَيْفِ الْحَجَّاجِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْحَبْسُ أَنْوَاعٌ مِنْهَا حَبْسُ الْجَانِي عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُسْتَحِقِّ حِفْظًا لِمَحَلِّ الْقِصَاصِ وَمِنْهَا الْمُمْتَنِعُ مِنْ دَفْعِ الْحَقِّ الْحَالِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَمِنْهَا حَبْسُ التَّعْزِيرِ دَرْءًا عَنْ الْمَعَاصِي وَمِنْهَا حَبْسُ كُلِّ مُمْتَنِعٍ مِنْ تَصَرُّفٍ وَاجِبٍ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَحَبْسِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ وَامْتَنَعَ مِنْ تَعْيِينِ إحْدَاهُمَا أَوْ أَقَرَّ بِإِحْدَى عَيْنَيْنِ وَامْتَنَعَ مِنْ تَعْيِينِهَا وَمِنْهَا مَنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ حُقُوقِ اللَّهِ الَّتِي لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ كَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَذَكَرَ الْإِمَامُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحَبْسِ وَالتَّعْزِيرِ إنْ رَأَى ذَلِكَ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَامْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ لَيْسَ بِمُعْسِرٍ وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَمْ غَيْرُهُ أَمِينًا أَوْ خَائِنًا فَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْقَيِّمُ وَالْوَلِيُّ وَالْوَكِيلُ فِي دَيْنٍ لَمْ يَجِبْ بِمُعَامَلَتِهِمْ وَالْعَبْدُ الْجَانِي وَسَيِّدُهُ وَالْمُكَاتَبُ كَمَا سَيَأْتِي وَيَلْحَقُ بِهِمْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَيْنُهُ وَتَعَذَّرَ عَمَلُهُ بِالْحَبْسِ وَالْأَصْلُ فِي حُقُوقِ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ إلَى حَبْسِ الْجَرَائِمِ) أَوْ قَيَّدَهُ إنْ أَمْكَنَ فِيهِ أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَقْتَضِهِ الْمَصْلَحَةُ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعْنَ أُجْبِرَتْ أَمَتُهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْقَاضِي: وَإِنْ أَرَادَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ فِي الْحَبْسِ فَرَضِيَتْ لَمْ تُمْنَعْ فَإِنْ امْتَنَعَتْ وَكَانَتْ حُرَّةً لَمْ تُجْبَرْ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَبْسٌ وَلَا تُحْبَسُ ظُلْمًا إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهَا لُزُومُ الْمَنْزِلِ، وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ أَمَةً فَرَضِيَ السَّيِّدُ أُجْبِرَتْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ سَيِّدُهَا لَمْ تُجْبَرْ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَلَبَ امْرَأَتَهُ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهَا أُجْبِرَتْ عَلَى ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي الْحَبْسِ مَوْضِعٌ خَالٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ لِمِثْلِهِ مَسْكَنًا وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّبِيلِيُّ إذَا كَانَ مَحْبُوسًا بِصَدَاقِ امْرَأَتِهِ أَوْ بِدُيُونِ النَّاسِ فَدَعَا امْرَأَتَهُ إلَى الْحَبْسِ يَلْزَمُهَا أَنْ تَأْتِيَهُ إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ خَالِيًا يَصْلُحُ أَنْ يَخْلُوَ لِرَجُلٍ بِامْرَأَتِهِ لِحَاجَتِهِ فِيهِ، وَإِنْ قَالَ لَهَا كُونِي مَعِي فِي الْحَبْسِ لَمْ يَلْزَمْهَا ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهَا أَنْ تَأْتِيَهُ فِي الْأَوْقَاتِ إذَا اسْتَدْعَاهَا ثُمَّ الرُّجُوعُ إلَى مَنْزِلِهَا (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ) لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ مَا فِي بَابِ التَّفْلِيسِ فِيمَا إذَا رَأَى الْقَاضِي الْمَصْلَحَةَ فِي مَنْعِهِ وَمَا هُنَا إذَا لَمْ يَرَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ وَيُحْبَسُ الْوَكِيلُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِحَبْسِ الْأُمَنَاءِ فِي دَيْنٍ وَجَبَ بِمُعَامَلَتِهِمْ مَا إذَا كَانُوا قَدْ فَرَّطُوا فِيهِ أَوْ فِي شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ بِحَيْثُ لَزِمَهُمْ ضَمَانُهُ ع [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي مُسْتَنَدِ قَضَاءِ الْقَاضِي] (قَوْلُهُ وَكَذَا عِلْمُهُ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ مُسْتَنَدُ عِلْمِهِ التَّوَاتُرَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالتَّوَاتُرِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَنَازَعَتْهُ فِي التَّوَاتُرِ الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ طَرِيقَ الْحُكْمِ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ أَوْ يَنْقُصُ عَنْهُ اهـ قَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ الْحُسْبَانِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّ كُلَّ مَا تَسُوغُ الشَّهَادَةُ بِهِ يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهِ بَلْ بَابُ الْقَضَاءِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ؛ وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ وَلَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سَمِعَهُ مِنْ عَدْلَيْنِ فَمَتَى تَحَقَّقَ الْحَاكِمُ طَرِيقًا تَسُوغُ الشَّهَادَةُ لِلشَّاهِدِ بِهَا جَازَ لَهُ الْحُكْمُ بِهَا فَلَوْ عَلِمَ مِنْ مُكَلَّفٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ ثُمَّ أَظْهَرَ الرِّدَّةَ قَضَى بِعِلْمِهِ بِالْإِسْلَامِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامَهُ (قَوْلُهُ وَحَدُّ قَذْفٍ) وَإِعْسَارٍ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ إلَّا مَعَ التَّصْرِيحِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَنْفُذْ الْحُكْمُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَهُ وَجْهٌ فِي النَّظَرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَيْهِ وَشَرَطَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَوْنَ الْحَاكِمِ بِهِ ظَاهِرَ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306 (حَدٍّ) وَتَعْزِيرٍ (لِلَّهِ) تَعَالَى لِنَدْبِ السَّتْرِ فِي أَسْبَابِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِذَا نَفَّذْنَا أَحْكَامَ الْقَاضِي الْفَاسِقِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ قَضَاؤُهُ بِعِلْمِهِ بِلَا خِلَافٍ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَنْفِيذِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ النَّادِرَةِ مَعَ فِسْقِهِ الظَّاهِرِ وَعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ قَطْعًا. (وَلَا يَقْضِي) الْقَاضِي (بِخِلَافِ عِلْمِهِ، وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) كَأَنْ عَلِمَ إبْرَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَلَا يُقْضَى بِهَا فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يُقْضَى فِي هَذِهِ بِعِلْمِهِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّاشِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (فَإِنْ قَالَ الْقَاضِي) فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (حَكَمْت بِكَذَا) أَوْ ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا أَوْ نَحْوُهُ (قُبِلَ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَتْ التُّهْمَةُ مُمْكِنَةً) كَمَا أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ وَإِنْ كَانَتْ التُّهْمَةُ مُمْكِنَةً (وَإِذَا ذَكَرَ) وَفِي نُسْخَةٍ تَذَكَّرَ (حُكْمًا) لَهُ (بِحُجَّةٍ) لِأَحَدٍ وَطُلِبَ مِنْهُ إمْضَاؤُهُ (وَجَبَ عَلَيْهِ إمْضَاؤُهُ) كَمَا لَوْ طُلِبَ مِنْهُ الْحُكْمُ بِهِ ابْتِدَاءً (وَلَيْسَ هُوَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ (حُكْمًا بِعِلْمٍ) أَيْ يَقِينٍ (وَإِنَّمَا هُوَ مِثْلُ أَنْ يَرَى الْقَاضِي رَجُلًا يُقْرِضُ رَجُلًا مَالًا أَوْ يُقِرُّ لَهُ بِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ حُكْمِهِ) أَوْ فِيهِ قَبْلَ الدَّعْوَى فَيَحْكُمُ فِيهِ بِظَنِّهِ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ بِقَرِينَةِ تَمْثِيلِهِمْ لِلْقَضَاءِ بِهِ بِمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَقَدْ رَآهُ الْقَاضِي أَقْرَضَهُ ذَلِكَ أَوْ سَمِعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِذَلِكَ إذْ رُؤْيَةُ الْإِقْرَاضِ وَسَمَاعُ الْإِقْرَارِ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ بِثُبُوتِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَقْتَ الْقَضَاءِ فَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّمَا يَقْضِي بِالْعِلْمِ فِيمَا يَسْتَيْقِنُهُ لَا مَا يَظُنُّهُ اخْتِيَارًا لَهُ أَوْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ مَا يَسْتَيْقِنُهُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ الْقَوِيَّ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى مُجَرَّدِ الظَّنِّ أَمَّا الْإِقْرَارُ بِمَجْلِسِ حُكْمِهِ بَعْدَ الدَّعْوَى فَالْحُكْمُ بِهِ لَا بِالْعِلْمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا نَعَمْ إنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ سِرًّا فَهُوَ حُكْمٌ بِالْعِلْمِ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ. وَالْأَصْلُ قَدَّمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي قَدْ عَلِمْت وَحَكَمْت بِعِلْمِي اهـ وَاسْتَغْرَبَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ع (قَوْلُهُ لَا فِي حَدٍّ وَتَعْزِيرٍ فِيهِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ كَالرِّدَّةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ قَالَ وَكَذَا إذَا اعْتَرَفَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ إقْرَارِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي فِيهِ بِعِلْمِهِ وَلَوْ اعْتَرَفَ سِرًّا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِأَنْ يَكُونَ بِحُضُورِ النَّاسِ قَالَ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا مَا إذَا عَلِمَ الْقَاضِي مِنْ مُكَلَّفٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ ثُمَّ أَظْهَرَ الرِّدَّةَ فَقَدْ أَفْتَيْت فِيهِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ بِالْإِسْلَامِ وَيُرَتِّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامَهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ فَقَالَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ تَرَتُّبَ أَحْكَامِ الرِّدَّةِ عَلَيْهِ إنَّمَا وَقَعَ ضِمْنًا لَا قَصْدًا (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ قَضَاؤُهُ بِعِلْمِهِ بِلَا خِلَافٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ لِأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ نُفُوذَ حُكْمِهِ بِحَالٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَقْضِي بِخِلَافِ عِلْمِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِهِ لَكَانَ قَاطِعًا بِبُطْلَانِ حُكْمِهِ وَالْحُكْمُ بِالْبَاطِلِ حَرَامٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي زِنَا الْمَقْذُوفِ بِالْمُشَاهَدَةِ وَلَمْ يُقِمْ الْقَاذِفُ بَيِّنَةً عَلَى زِنَاهُ وَطَلَبَ الْمَقْذُوفُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَحُدَّهُ فَاَلَّذِي أَجَبْت بِهِ أَنَّ الْحَاكِمَ يُجِيبُهُ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاذِفَ إذَا لَمْ يَأْتِ بِالشُّهَدَاءِ كَاذِبٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: 13] وَإِذَا كَانَ كَاذِبًا أَقَامَ عَلَيْهِ حَدَّ الْقَذْفِ وَإِنَّمَا لَا يَقْضِي عَلَى خِلَافِ عِلْمِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ بِعِلْمِهِ وَحُدُودُ اللَّهِ لَا يَقْضِي فِيهَا بِعِلْمِهِ فَيَقْضِي فِيهَا عَلَى خِلَافِ عِلْمِهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ اهـ فِيهِ نَظَرٌ فَسُنَّ بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ وَقَدْ يَنْدَرِجُ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ عِلْمِهِ حُكْمُهُ بِخِلَافِ عَقِيدَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَدَّعِيَ فِيهِ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يُبْرَمُ مِنْ حَاكِمٍ بِمَا يَعْتَقِدُهُ. (قَوْلُهُ وَإِذَا ذَكَرَ حُكْمًا لَهُ بِحُجَّةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إمْضَاؤُهُ) مَا الْمُرَادُ بِالتَّذَكُّرِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى إمْضَاءِ الْحَاكِمِ وَالْحُكْمُ وَأَدَاءُ الشَّاهِدِ الشَّهَادَةَ هَلْ هُوَ التَّذَكُّرُ لِلْحُكْمِ وَالتَّحَمُّلُ مُفَصَّلًا أَوْ يَكْفِي التَّذَكُّرُ الْإِجْمَالِيُّ وَهُوَ أَنْ يَتَذَكَّرَ أَصْلَ الْوَاقِعَةِ دُونَ تَفَاصِيلِهَا إنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلَا عِبْرَةَ بِالتَّذَكُّرِ الْإِجْمَالِيِّ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْخَطُّ مَحْفُوظًا عَنْهُ لِإِمْكَانِ التَّزْوِيرِ وَالتَّحْرِيفِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَحْفُوظًا عِنْدَهُ وَذَكَرَ أَصْلَ الْقَضِيَّةِ دُونَ تَفَاصِيلِهَا فَهُوَ قَرِيبٌ يَحْتَمِلُ حَدًّا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْمَنْعُ وَالْمُخْتَارُ الْجَوَازُ عِنْدَ الْجَزْمِ بِانْتِفَاءِ الرِّيَبِ وَالشُّكُوكِ غ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ أَطْلَقَ التَّذَكُّرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَذَكُّرِ الْقَضِيَّةِ بِتَفَاصِيلِهَا وَلَا يَكْفِي تَذَكُّرُ الْحَادِثَةِ عَلَى الْإِجْمَالِ وَبِهِ صَرَّحَ الْجَاجَرْمِيُّ فِي الْإِيضَاحِ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ عَرَفَ صِحَّةَ خَطِّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَقْتَ حُكْمِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِخَطِّهِ، وَإِنْ صَحَّ فِي نَفْسِهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِخَطِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مِثْلُ أَنْ يَرَى الْقَاضِي رَجُلًا يُقْرِضُ رَجُلًا إلَخْ) أَوْ يُقِرُّ عِنْدَهُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ثُمَّ يَدَّعِي زَوْجِيَّتَهَا أَوْ يَدَّعِي أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ مُوَرِّثَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ قَتَلَهُ أَوْ يَقُولُ هَذِهِ أَمَتِي وَتُصَدِّقُهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا ابْنَتُهُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إذَا رَأَى الْحَاكِمُ رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي دَارِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً مِنْ غَيْرِ مُعَاوَضَةٍ جَازَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِالْمِلْكِ قَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ الْحُسْبَانِيُّ: وَالْأَشْبَهُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَا تَسُوغُ الشَّهَادَةُ بِهِ يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهِ وَقَدْ يُقَالُ بَابُ الْقَضَاءِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ؛ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ وَلَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سَمِعَهُ مِنْ عَدْلَيْنِ فِيمَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ إذْ السَّمَاعُ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَكَذَا فِيمَا تَكْفِي فِيهِ الِاسْتِفَاضَةُ عَلَى الرَّاجِحِ فَمَتَى تَحَقَّقَ الْحَاكِمُ طَرِيقًا تَسُوغُ الشَّهَادَةُ لِلشَّاهِدِ جَازَ لَهُ الْحُكْمُ بِهَا كَمُشَاهَدَةِ الْقَرْضِ وَالْإِبْرَاءِ وَاسْتِصْحَابِ حُكْمِهِمَا وَكَمُشَاهَدَةِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَكَخِبْرَةِ بَاطِنِ الْمُقِرِّ وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْعَدَالَةِ وَطُرُقِ الْإِمْلَاكِ فَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ نَعَمْ لَا يَكْتَفِي فِي ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الظُّنُونِ وَمَا يَقَعُ فِي الْقُلُوبِ بِلَا أَسْبَابٍ لَمْ يَشْهَدْ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهَا، وَأَمَّا كُلُّ سَبَبٍ اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فِي الشَّهَادَةِ وَشَرَعَهَا بِهِ فَالْأَشْبَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ إذَا عَلِمَهَا الْحَاكِمُ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ مَا يَسْتَيْقِنُهُ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ مَا إذَا ظَنَّ أَصْلَ اللُّزُومِ وَفِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ تَحَقَّقَ أَصْلُ اللُّزُومِ وَإِنَّمَا نَشَأَ الظَّنُّ مِنْ جِهَةِ اسْتِصْحَابِ بَقَائِهِ لِجَوَازِ الْوَفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَهَذَا كَالشَّهَادَةِ لَا يَشْهَدُ بِمَا ظَنَّهُ مِنْ غَيْرِ يَقِينٍ إلَّا أَنْ يَنْشَأَ الظَّنُّ مِنْ اسْتِصْحَابٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307 مَسْأَلَةِ ذِكْرِ الْحَاكِمِ حُكْمَهُ وَهُوَ أَنْسَبُ لِتَعَلُّقِ تِلْكَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يُمْضِهِ وَلَوْ كَانَ بِسِجِلٍّ فِي حِفْظِهِ) أَيْ حِرْزِهِ لِاحْتِمَالِ التَّزْوِيرِ وَمُشَابَهَةِ الْخَطِّ؛ وَلِأَنَّ قَضَاءَهُ فِعْلُهُ وَالرُّجُوعُ إلَى الْعِلْمِ هُوَ الْأَصْلُ فِي فِعْلِ الْإِنْسَانِ؛ وَلِهَذَا يَأْخُذُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بِالْعِلْمِ (وَكَذَا الشَّاهِدُ) لَا يَشْهَدُ بِمَضْمُونِ خَطِّهِ، وَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ مَحْفُوظًا عِنْدَهُ وَبَعْدَ احْتِمَالِ التَّزْوِيرِ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْهُ لِذَلِكَ (بِخِلَافِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ) فَإِنَّهَا تَجُوزُ لِلشَّخْصِ اعْتِمَادًا عَلَى الْخَطِّ الْمَحْفُوظِ عِنْدَهُ لِعَمَلِ الْعُلَمَاءِ بِهِ سَلَفًا وَخَلَفًا وَقَدْ يُتَسَاهَلُ فِي الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهَا تُقْبَلُ مِنْ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَمِنْ الْفَرْعِ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ؛ وَلِأَنَّ الرَّاوِيَ يَقُولُ حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ أَنَّهُ يَرْوِي كَذَا وَلَا يَقُولُ الشَّاهِدُ حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِكَذَا (وَتَجُوزُ الرِّوَايَةُ) لِلشَّخْصِ (بِإِجَازَةٍ أَرْسَلَهَا) إلَيْهِ (الْمُحَدِّثُ بِخَطِّهِ إنْ عَرَفَ) هُوَ (خَطَّهُ) اعْتِمَادًا عَلَى الْخَطِّ فَيَقُولُ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ كِتَابَةً أَوْ فِي كِتَابِهِ أَوْ كَتَبَ إلَيَّ بِكَذَا (وَيَصِحُّ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَجَزْتُك مَرْوِيَّاتِي) أَوْ مَسْمُوعَاتِي أَوْ نَحْوَهُمَا (بَلْ) لَوْ (قَالَ أَجَزْت الْمُسْلِمِينَ أَوْ مَنْ أَدْرَكَ زَمَانِي) أَوْ كُلَّ أَحَدٍ أَوْ نَحْوَهُ (صَحَّ لَا) بِقَوْلِهِ أَجَزْت (أَحَدَ هَؤُلَاءِ) الثَّلَاثَةِ مَثَلًا مَرْوِيَّاتِي أَوْ نَحْوَهَا (أَوْ) أَجَزْتُك أَحَدَ (هَذِهِ الْكُتُبِ) لِلْجَهْلِ بِالْمَجَازِ لَهُ فِي الْأُولَى وَبِالْمَجَازِ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَا) بِقَوْلِهِ أَجَزْت (مَنْ سَيُولَدُ) لِي مَرْوِيَّاتِي مَثَلًا لِعَدَمِ الْمَجَازِ لَهُ وَتَصِحُّ الْإِجَازَةُ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ (وَتَكْفِي) الرِّوَايَةُ (بِكِتَابَةٍ وَنِيَّةٍ جَائِزَةٍ) كَمَا تَكْفِي بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ مَعَ سُكُوتِهِ وَإِذَا كَتَبَ الْإِجَازَةَ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَا وَقَوْلُهُ (بِلَا لَفْظٍ) إيضَاحٌ (فَرْعٌ لَوْ وَجَدَ) إنْسَانٌ (بِخَطِّ مُوَرِّثِهِ) أَنَّ لَهُ (دَيْنًا عَلَى شَخْصٍ) أَوْ أَنَّهُ أَدَّى لِفُلَانٍ كَذَا (وَعَرَفَ أَمَانَتَهُ فَلَهُ الْحَلِفُ) عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ أَوْ أَدَائِهِ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ (وَكَذَا) لَوْ وَجَدَ (خَطَّ نَفْسِهِ) بِذَلِكَ (كَمَا ذَكَرَهُ) الْأَصْلُ فِي الدَّعَاوَى (وَاشْتُرِطَ) فِيهِ (هُنَا أَنْ يَتَذَكَّرَ) ذَلِكَ (لِإِمْكَانِ الْيَقِينِ) بِخِلَافِهِ فِي خَطِّ مُوَرِّثِهِ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ وَفَرَّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ بِأَنَّهُمَا يَتَعَلَّقَانِ بِغَيْرِ الْقَاضِي وَالشَّاهِدِ وَبِأَنَّ خَطَرَهُمَا عَظِيمٌ وَعَامٌّ بِخِلَافِ الْحَلِفِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْحَالِفِ وَيُبَاحُ بِغَالِبِ الظَّنِّ وَلَا يُؤَدِّي إلَى ضَرَرٍ عَامٍّ وَتَعْبِيرُهُ بِمُوَرِّثِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأَبِيهِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ خَطُّ مُكَاتَبِهِ الَّذِي مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْكِتَابَةِ وَخَطُّ مَأْذُونِهِ الْقِنِّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَخَطُّ مُعَامِلِهِ فِي الْقِرَاضِ وَشَرِيكِهِ فِي التِّجَارَةِ كَذَلِكَ عَمَلًا بِالظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ وَكَذَا الْخَطُّ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْإِخْبَارُ مِنْ عَدْلٍ مِثْلِهِ (وَيَنْبَغِي) أَيْ يُسْتَحَبُّ (لِلشَّاهِدِ أَنْ يُثْبِتَ حِلْيَةَ مُقِرِّ جَهْلِهِ وَالتَّارِيخَ وَمَوْضِعَ تَحَمُّلِهِ) لِلشَّهَادَةِ (وَنَحْوَ ذَلِكَ) كَمَنْ كَانَ مَعَهُ حِينَئِذٍ لِيَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى التَّذَكُّرِ عِنْدَ الْأَدَاءِ. (وَلَوْ شَهِدَا) عِنْدَهُ (أَنَّك حَكَمْت بِكَذَا) وَلَمْ يَتَذَكَّرْ ذَلِكَ (لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ لَمْ يُحْكَمْ بِقَوْلِهِمَا إلَّا أَنْ يَشْهَدَا بِالْحَقِّ بَعْدَ تَجْدِيدِ دَعْوَى، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ فِعْلُهُ وَالرُّجُوعُ إلَى الْيَقِينِ هُوَ الْأَصْلُ فِي فِعْلِ الْإِنْسَانِ كَمَا مَرَّ (بِخِلَافِهِ فِي الرِّوَايَةِ بَلْ يَجُوزُ) لِلرَّاوِي إذَا نَسِيَهَا أَنْ يَقُولَ (أَخْبَرَنِي فُلَانٌ عَنِّي) بِكَذَا كَمَا وَقَعَ لِسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ فِي رِوَايَتِهِ خَبَرٌ الْقَضَاءُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَمِعَهُ مِنْهُ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ نَسِيَ سُهَيْلٌ ذَلِكَ فَكَانَ يَرْوِيهِ عَنْهُ فَيَقُولُ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ عَنِّي أَنِّي حَدَّثْته عَنْ أَبِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَذَلِكَ لِلْمُسَاهَلَةِ فِيهَا كَمَا مَرَّ وَإِذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ الْقَاضِي فَحَقُّهُ أَنْ يَتَوَقَّفَ وَلَا يَقُولَ لَمْ أَحْكُمْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ تَوَقَّفَ وَشَهِدَا) عَلَى حُكْمِهِ (عِنْدَ) قَاضٍ (غَيْرِهِ نَفَذَ) بِشَهَادَتِهِمَا حُكْمُ الْأَوَّلِ (وَلَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ تَوَقُّفُهُ لَا) إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَلَوْ بِعِلْمِهِ (إنْكَارُهُ) ذَلِكَ فَلَا يُنْفِذُهُ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِأَحَدٍ (أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَاضِي فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (عِنْدَ قَاضٍ) آخَرَ (أَنَّك حَكَمْت لِي) بِكَذَا كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الشَّهَادَةِ. (وَلَوْ كَانَ مَعْزُولًا أَوْ فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (وِلَايَتِهِ سُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ) عَلَيْهِ بِذَلِكَ (لَا إقْرَارُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بَعْدَ عَزْلِهِ وَلَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (وَلَا يَحْلِفُ) سَوَاءٌ أَكَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا لَا يَحْلِفُ الشَّاهِدُ إذَا أَنْكَرَ الشَّهَادَةَ أَمْ فِي غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَدْ يَنْكُلُ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَك أَنْ تَقُولَ سَمَاعُ الدَّعْوَى عَلَى الْقَاضِي مَعْزُولًا أَوْ غَيْرَهُ بِذَلِكَ لَيْسَ عَلَى قَوَاعِدِ الدَّعَاوَى الْمُلْزِمَةِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهَا التَّدَرُّعُ إلَى إلْزَامِ الْخَصْمِ فَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلْيُقِمْهَا فِي وَجْهِ الْخَصْمِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْمَعَ عَلَى الْقَاضِي بَيِّنَةً وَلَا يُطَالَبُ بِيَمِينٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّك شَاهِدِي انْتَهَى (وَهَلْ لَهُ) أَيْ لِمُدَّعِي ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ الْقَاضِي حُكْمَهُ (تَحْلِيفُ خَصْمِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ   [حاشية الرملي الكبير] مَعَ تَحَقُّقِ أَصْلِ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ) مُقْتَضَاهُ الْمَنْعُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَحْفُوظًا عِنْدَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا الْعَمَلُ بِمَا يُوجَدُ مِنْ السَّمَاعِ وَالْإِجَازَةِ تَفْرِيعًا عَلَى جَوَازِهَا مَكْتُوبًا فِي الطِّبَاقِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ السَّمَاعَ وَلَا الْإِجَازَةَ وَلَمْ تَكُنْ الطَّبَقَةُ مَحْفُوظَةً عِنْدَهُ اهـ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَيُرْوَى بِخَطِّهِ الْمَحْفُوظِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ عِنْدَهُ [فَرْعٌ وَجَدَ إنْسَانٌ بِخَطِّ مُوَرِّثِهِ أَنَّ لَهُ دَيْنًا عَلَى شَخْصٍ أَمَانَتَهُ] (قَوْلُهُ وَعَرَفَ أَمَانَتَهُ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ اشْتِرَاطُ الْأَمَانَةِ لَا يَظْهَرُ فِي مَسَائِلَ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ الْأُولَى لَوْ بِيعَ الشِّقْصُ بِصُرَّةٍ فِضَّةٍ وَادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّهَا كَذَا وَنَكَلَ الْمُشْتَرِي جَازَ لِلشَّفِيعِ الْحَلِفُ اعْتِمَادًا عَلَى نُكُولِهِ الثَّانِيَةُ لَوْ نَازَعَ الْمُشْتَرِيَ شَخْصٌ فِي الْبَيْعِ وَادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ غَصَبَهُ مِنْهُ جَازَ لِلْمُشْتَرِي الْحَلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ الْبَائِعِ الثَّالِثَةُ إذَا أَنْكَرَ الْمُودِعُ التَّلَفَ وَتَأَكَّدَ ظَنُّهُ بِنُكُولِ الْمُودِعِ جَازَ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَضَبَطَ الْقَفَّالُ الْوُثُوقَ بِخَطِّ مُوَرِّثِهِ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ بِكَوْنِهِ بِحَيْثُ لَوْ وَجَدَ فِي التَّذْكِرَةِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ بَلْ يُؤَدِّيهِ مِنْ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِقَيْدٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 حُكْمَهُ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الْأَوَّلُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِمْ كُلُّ مِنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ حَلِفٌ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي الْإِكْرَامِ) لَهُمَا (وَ) جَوَابُ (السَّلَامِ) عَلَيْهِمَا (وَالنَّظَرُ) إلَيْهِمَا (وَغَيْرُهُ) مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ كَاسْتِمَاعٍ وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ وَقِيَامٍ لَهُمَا فَلَا يُخَصُّ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَضِيلَةٍ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ قَلْبُ الْآخَرِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ إقَامَةِ حُجَّتِهِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَعَثَهُ قَاضِيًا إلَى الْيَمَنِ قَالَ لَهُ إذَا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْك الْخَصْمَانِ فَلَا تَقْضِ حَتَّى تَسْمَعَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا سَمِعْت مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُبَيَّنَ لَك الْقَضَاءُ» وَعَطْفُ مَا بَعْدَ الْإِكْرَامِ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (فَإِنْ سَلَّمَ) عَلَيْهِ (أَحَدُهُمَا انْتَظَرَ الْآخَرُ أَوْ قَالَ لَهُ سَلِّمْ لِيُجِيبَهُمَا) مَعًا إذَا سَلَّمَ وَكَأَنَّهُمْ احْتَمَلُوا هَذَا الْفَصْلَ لِئَلَّا يَبْطُلَ مَعْنَى التَّسْوِيَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا يَرُدُّهُ عَلَى الْمُسَلِّمِ وَحْدَهُ فِي الْحَالِ ثَانِيهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ ثَالِثُهَا يَرُدُّهُ عَلَيْهِمَا مَعًا فِي الْحَالِ وَلَمْ يَحْكِ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَجْهًا بَلْ عَزَاهُ لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ أَصْحَابِنَا. وَالْمُخْتَارُ مَا مَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَشُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا لَا يُوَافِقُ مَا جَزَمَا بِهِ فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ ارْتَكَبُوا ذَلِكَ هُنَا حَذَرًا مِنْ التَّخْصِيصِ وَتَوَهُّمِ الْمَيْلِ وَلَا يَرْتَفِعُ الْمُوَكِّلُ عَنْ الْوَكِيلِ وَالْخَصْمِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ أَيْضًا بِدَلِيلِ تَحْلِيفِهِ إذَا وَجَبَتْ يَمِينٌ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الزَّبِيلِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ حَسَنٌ وَالْبَلْوَى بِهِ عَامَّةٌ وَقَدْ رَأَيْنَا مَنْ يُوَكِّلُ فِرَارًا مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ (وَيَرْفَعُ فِي الْمَجْلِسِ) جَوَازًا (مُسْلِمًا عَلَى كَافِرٍ) بِأَنْ يُجْلِسَ مَثَلًا الْمُسْلِمَ أَقْرَبَ إلَيْهِ كَمَا جَلَسَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِجَنْبِ شُرَيْحٍ فِي خُصُومَةٍ لَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ وَقَالَ لَوْ كَانَ خَصْمِي مُسْلِمًا لَجَلَسْت مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْك وَلَكِنِّي سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجْلِسِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ. وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيُشْبِهُ أَنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الْأَوَّلُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ] (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ) (قَوْلُهُ وَطَلَاقَةُ وَجْهٍ) أَيْ وَدُخُولٌ عَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا جَاءَ مَعًا وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي إلَّا خَصْمٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْقَاضِي وَدَخَلَ فِي حَاجَتِهِ فَإِنْ حَضَرَ بِطَلَبِ إحْضَارِ خَصْمِهِ أَدْخَلَهُ وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَقَامَ دَعْوَى وَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي خُصُومٌ فَدَخَلَ مَعَ أَحَدِهِمْ وَتَأَخَّرَ الْبَاقُونَ لَمْ يُمْنَعْ ذَلِكَ وَفِي الْأُمِّ وَإِذَا قُدِّمَ الَّذِي جَاءَ أَوَّلًا وَخَصْمُهُ وَكَانَ لَهُ خُصُومٌ فَأَرَادُوا أَنْ يَتَقَدَّمُوا مَعَهُ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَسْتَمِعَ إلَّا مِنْهُ وَمِنْ خَصْمٍ وَاحِدٍ فَإِذَا فَرَغَا أَقَامَهُ وَدَعَا الَّذِي جَاءَ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ كَبِيرُ أَخْذٍ قَالَ وَفِي النَّصِّ الْإِشَارَةُ إلَى مَا قَرَّرْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْقَاضِي مِمَّنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ لِمَصْلَحَةٍ فَعَرَضَتْ لَهُ بِهِ حَاجَةٌ فَطَلَبَ لَهَا لَمْ يَحْرُمْ لَكِنْ الْأَوْلَى لِلْقَاضِي إذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ مَعَ خَصْمٍ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ طَلَبِهِ ذَلِكَ الْوَقْفَ حَتَّى تَنْفَصِلَ الْخُصُومَةُ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَقِيَامٌ لَهُمَا) أَيْ إمَّا أَنْ يَقُومَ لَهُمَا أَوْ يَتْرُكَهُ لَهُمَا وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ عِنْدِي أَنَّهُ يُكْرَهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا شَرِيفًا وَالْآخَرُ وَضِيعًا فَإِذَا قَامَ عَلِمَا أَنَّهُ إنَّمَا قَامَ لِلشَّرِيفِ فَتَرْكُ الْقِيَامِ لَهُمَا أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ وَأَنْفَى لِلتُّهْمَةِ وَعَلَى هَذَا جَرَى سُنَنُ الْحُكَّامِ الْمَاضِينَ فَإِنْ دَخَلَ ذُو هَيْئَةٍ فَقَامَ لَهُ ظَنًّا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي خُصُومَةٍ فَإِمَّا أَنْ يَقُومَ لِخَصْمِهِ كَقِيَامِهِ لَهُ أَيْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقَامُ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَشْعُرْ بِمَجِيئِهِ مُخَاصِمًا حَكَاهُ عَنْهُ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ، وَهُوَ يُؤْخَذُ مِنْ مَنْعِهِ مِنْ ضِيَافَةِ الْخَصْمَيْنِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ يُعْتَادُ الْقِيَامُ لَهُ دُونَ الْآخَرِ فَيَنْبَغِي تَرْكُ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَ عِنْدَ دُخُولِهِمَا ظَهَرَ لِلْحَاضِرِينَ وَلِلْخَصْمِ أَنَّ الْقِيَامَ إنَّمَا هُوَ لِلْكَبِيرِ فَلَا تَحْصُلُ التَّسْوِيَةُ قَالَ وَهَذَا أَخَصُّ مِمَّا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَقَوْلُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُخَصُّ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) ، وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَضِيلَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النساء: 135] قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ نَزَلَتْ فِي الْخَصْمَيْنِ يَجْلِسَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي فَيَلْوِي عَنْ أَحَدِهِمَا وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ (تَنْبِيهٌ) فِي الْأَمْثِلَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَفْعَالِ دُونَ الْقَلْبِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْبَحْرِ قَالَ فَإِنْ كَانَ يَمِيلُ إلَى أَحَدِهِمَا بِقَلْبِهِ وَيُحِبُّ أَنْ يُلْحِنَ بِحُجَّتِهِ عَلَى الْآخَرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا تُمْكِنُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي الْأَفْعَالِ دُونَ الْقَلْبِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْبَحْرِ قَالَ فَإِنْ كَانَ يَمِيلُ إلَى أَحَدِهِمَا بِقَلْبِهِ وَيُحِبُّ أَنْ يُلْحِنَ بِحُجَّتِهِ عَلَى الْآخَرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا تُمْكِنُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ وَمَجْلِسٌ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُهُمَا قَائِمَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ لَا يَسْتَمِعُ الدَّعْوَى وَهُمَا قَائِمَانِ حَتَّى يَجْلِسَا بَيْنَ يَدَيْهِ اهـ مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْأَوْلَى وَالْأَدَبُ (قَوْلُهُ فَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا انْتَظَرَ الْآخَرُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرُدُّ السَّلَامَ وَيُوَجِّهُهُ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ فَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَقَدْ قَامَ بِالسُّنَّةِ عَنْ الْآخَرِ فَجَوَابُ الْحَاكِمِ رَدٌّ عَلَى الْمُسَلِّمِ حَقِيقَةً وَعَلَى الْآخَرِ حُكْمًا. اهـ. وَالصَّحِيحُ مَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ) فَتَلَخَّصَ أَنَّ مَا نَسَبَهُ الرَّافِعِيُّ إلَى الْأَصْحَابِ غَلَطٌ أَوْقَعَهُ فِيهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ التَّابِعُ لِلْقَاضِي. اهـ. جَزَمَ بِهِ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ) فَإِذَا حَضَرَ جَمَاعَةٌ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمْ كَفَى عَنْ سَلَامِ الْبَاقِينَ. (قَوْلُهُ وَلَا يَرْتَفِعُ الْمُوَكِّلُ عَنْ الْوَكِيلِ وَالْخَصْمِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ وَكَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَكِيلًا وَحَضَرَ الْأَرْبَعَةُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ الْخَصْمَانِ عَلَى السَّوَاءِ وَجَلَسَ الْوَكِيلَانِ فِي مَجْلِسٍ دُونَهُمَا أَوْ جَلَسَ الْخَصْمَانِ وَقَامَ الْوَكِيلَانِ أَنَّهُ يَجُوزُ غ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُجْلِسُ مَثَلًا الْمُسْلِمَ أَقْرَبَ إلَيْهِ) فَإِنْ تَحَاكَمَا مِنْ قِيَامٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ قُدِّمَ الْمُسْلِمُ عَلَيْهِ فِي الْمَوْقِفِ وَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ فِي حَالِ دُخُولِهِمَا جَمِيعًا بِخُطُوَاتٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيُشْبِهُ أَنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 309 يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ أَيْ حَتَّى فِي التَّقْدِيمِ بِالدَّعْوَى كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قُلْت الْخُصُومُ الْمُسْلِمُونَ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ لِكَثْرَةِ ضَرَرِ التَّأْخِيرِ (وَلِيُقْبِلَ عَلَيْهِمَا) بِقَلْبِهِ (وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ بِلَا مَزْحٍ) مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا وَلَا تَسَارٍّ (وَلَا نَهْرٍ وَلَا صِيَاحٍ) عَلَيْهِمَا (مَا لَمْ يَتْرُكَا أَدَبًا) فَإِنْ تَرَكَا أَدَبًا نَهَرَهُمَا وَصَاحَ عَلَيْهِمَا وَيُنْدَبُ أَنْ يَجْلِسَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَتَمَيَّزَا وَلِيَكُونَ اسْتِمَاعُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَسْهَلَ وَإِذَا جَلَسَا تَقَارَبَا إلَّا أَنْ يَكُونَا رَجُلًا وَامْرَأَةً غَيْرَ مَحْرَمٍ فَيَتَبَاعَدَانِ (وَلَا يَتَعَنَّتُ شُهُودًا) بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ لِمَ تَشْهَدُونَ وَمَا هَذِهِ الشَّهَادَةُ (وَلَا يُلْزِمُهُمْ) بِهَا وَلَا بِمَنْعِهَا (وَلَا يُلَقِّنُ أَحَدًا) مِنْهُمْ وَلَا مِنْ الْخَصْمَيْنِ حُجَّتَهُ (وَلَا يُشَكِّكُ) أَحَدًا مِنْهُمْ وَذِكْرُ مَنْعِ إلْزَامِهِ الشُّهُودَ بِالشَّهَادَةِ وَمَنْعِ تَشْكِيكِهِ الْخَصْمَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَحْمِلُ) أَحَدًا مِنْهُمْ (عَلَى الْجَرَاءَةِ) كَأَنْ يُجْزِئَ الْمَائِلَ إلَى النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ عَلَيْهَا أَوْ إلَى التَّوَقُّفِ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا (لَكِنْ يُرْشِدُ إلَى الْإِنْكَارِ فِي حُقُوقِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي حُدُودِ (اللَّهِ تَعَالَى) كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَحَلِّهِ (وَلَوْ عَلِمَ) الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدُ (كَيْفَ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ جَازَ) لَمْ يُصَحِّحْ الْأَصْلُ شَيْئًا فِي الْأُولَى فَالتَّصْحِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ. وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْلِمَهُ احْتِجَاجًا وَلِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قَلْبِ صَاحِبِهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ بِأَنَّ الدَّعْوَى أَصْلٌ وَالشَّهَادَةَ تَبَعٌ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْأَلَ) مِنْ الْمُدَّعِي (عَنْ صِفَةِ الدَّرَاهِمِ الْمُدَّعَاةِ) كَأَنْ يَقُولَ أَهِيَ صَحِيحَةٌ أَمْ مُكَسَّرَةٌ (وَنُدِبَ) لَهُ (نَدْبُهُمَا) أَيْ الْخَصْمَيْنِ بَعْدَ ظُهُورِ وَجْهِ الْحُكْمِ (إلَى صُلْحٍ يُرْجَى وَيُؤَخَّرُ لَهُ الْحُكْمُ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ بِرِضَاهُمَا) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرْضَيَا وَالتَّصْرِيحُ بِنَدْبِ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِذَا وَقَفَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ جَلَسَا وَالْمُرَادُ حَضَرَا (بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ) حَتَّى يَتَكَلَّمَا (وَأَنْ يَقُولَ لِيَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي) مِنْكُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ هَيْبَةِ الْقُدُومِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَأَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي إذَا عَرَفَهُ تَكَلَّمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: تَبِعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ وَابْنُ شَدَّادٍ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّهُ مَيْلٌ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ تَرَكَهُ لِذَلِكَ (وَهَذَا) الْقَوْلُ صُدُورُهُ (مِنْ الْأَمِينِ) الْوَاقِفِ عَلَى رَأْسِهِ (أَوْلَى وَيُطَالَبُ) جَوَازُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِجَوَابِ الدَّعْوَى) ، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَصْلُ الْخُصُومَةِ وَبِذَلِكَ تَنْفَصِلُ (فَلَوْ أَقَرَّ) بِالْمُدَّعَى (أَوْ حَلَفَ) الْمُدَّعِي الْيَمِينَ (الْمَرْدُودَةَ) عَلَيْهِ (ثَبَتَ) الْمُدَّعَى (بِغَيْرِ حُكْمٍ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ) ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْإِقْرَارِ وَلَوْ حُكْمًا عَلَى وُجُوبِ الْحَقِّ جَلِيَّةٌ إذْ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَالْبَيِّنَةُ تَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَلِلْمُدَّعِي بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي الْحُكْمَ عَلَيْهِ فَيَحْكُمُ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ اُخْرُجْ مِنْ حَقِّهِ أَوْ كَلَّفْتُك الْخُرُوجَ مِنْ حَقِّهِ أَوْ أَلْزَمْتُك بِهِ. (وَإِنْ أَنْكَرَ سَكَتَ) الْقَاضِي (أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَلَكَ بَيِّنَةٌ) نَعَمْ إنْ جَهِلَ الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَلَا يَسْكُتُ بَلْ يَجِبُ إعْلَامُهُ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا أَفْهَمهُ كَلَامُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنْ عَلِمَ عِلْمَهُ بِذَلِكَ فَالسُّكُوتُ أَوْلَى، وَإِنْ شَكَّ فَالْقَوْلُ أَوْلَى، وَإِنْ عَلِمَ جَهْلَهُ بِهِ وَجَبَ إعْلَامُهُ انْتَهَى وَلَوْ عَبَّرَ بِالْحُجَّةِ بَدَلَ الْبَيِّنَةِ كَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهَا الشَّاهِدَ مَعَ الْيَمِينِ وَالْيَمِينُ إذَا كَانَتْ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي لِكَوْنِهِ أَمِينًا أَوْ فِي قَسَامَةٍ أَوْ فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ فَإِنَّ الْحَقَّ   [حاشية الرملي الكبير] يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَفِي الْإِبَانَةِ لِلْفُورَانِيِّ نَقْلُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْجَمْعَيْنِ (قَوْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ) ذَكَرَهُ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ أَوْ الْوُجُوبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْوُجُوبُ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّمْيِيزِ وَهُوَ قِيَاسُ الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ إذَا جَازَ وَجَبَ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ لَكِنْ صَرَّحَ سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ بِأَنَّهُ فِي الْجَوَازِ وَعِبَارَتُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُرْفَعَ الْمُسْلِمُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُرْتَدًّا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا فَيُتَّجَهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى التَّكَافُؤِ فِي الْقِصَاصِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ دُونَ عَكْسِهِ وَتَعَجَّبَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنَّ التَّكَافُؤَ فِي الْقِصَاصِ لَيْسَ مِمَّا يُخَفْ فِيهِ سَبِيلٌ وَلَوْ اعْتَبَرْنَاهُ لِرَفْعِ الْحُرِّ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ. وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْوُجُوبُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ وَتَعَجَّبَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قُلْت الْخُصُومُ الْمُسْلِمُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلِمَ الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدُ كَيْفَ تُصَحَّحُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ جَازَ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ أَطْلَقَ دَعْوَاهُ اسْتَفْصَلَهُ الْقَاضِي نَدْبًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَقُولَ لِيَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي مِنْكُمَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ هَذَا مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ قَضِيَّتَيْنِ فَإِنْ كَانَ فَيَقُولُ تَكَلَّمَا وَلِهَذَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ لِيَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي مِنْكُمَا قَالَ وَعِنْدَنَا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَعَمِّ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي قَضِيَّتَيْنِ وَلَا سَابِقَ مِنْهُمَا فَيَقُولُ لِيَتَكَلَّمْ وَاحِدٌ مِنْكُمَا بِرِضَا الْآخَرِ بِتَقْدِيمِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ قَالَ تَكَلَّمْ قَالَ وَلَمْ يَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا إذَا لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُمَا لِتَعَبٍ وَنَحْوِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ كَانَ السُّكُوتُ لِلتَّأَهُّبِ فِي الْكَلَامِ تَوَقَّفَ حَتَّى تَسْكُنَ نُفُوسُهُمَا فَيَتَكَلَّمَا (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي) أَيْ وَعَرَفَ بِالْقَرِينَةِ كَذِبَ الْمُدَّعِي كَأَنْ ادَّعَى الذِّمِّيُّ اسْتِئْجَارَ الْأَمِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ لِعَلْفِ الدَّوَابِّ أَوْ كَنْسِ بَيْتِهِ أَوْ الْمَعْرُوفُ بِالتَّعَنُّتِ وَجَرِّ ذَوِي الْأَقْدَارِ بِمَجْلِسِ الْقُضَاةِ وَاسْتِحْلَافِهِمْ لِيَفْتَدُوا مِنْهُ بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ فَلَوْ أَقَرَّ وَحَلَّفَ الْمَرْدُودَةَ ثَبَتَ بِغَيْرِ حُكْمٍ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا عِنْدِي مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْإِقْرَارُ عَلَى صُورَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِالْإِقْرَارِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنْ عَلِمَ عِلْمَهُ بِذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَنْقُولٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 يَثْبُتُ بِلِعَانِهِ (فَإِنْ قَالَ) لِي بَيِّنَةٌ وَأَقَامَهَا فَذَاكَ، وَإِنْ قَالَ (يَحْلِفُ) خَصْمِي وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ لِي بَيِّنَةٌ (حَلَفَ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْلِفُ وَيُقِرُّ فَيَسْتَغْنِي الْمُدَّعِي عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ حَلَفَ أَقَامَهَا وَأَظْهَرَ كَذِبَهُ فَلَهُ فِي طَلَبِ تَحْلِيفِهِ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ غَرَضٌ (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِ خَصْمِهِ (إنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ) بِأَنْ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَأَقَرَّهُ (سُمِعَتْ، وَإِنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي أَصْلًا) لَا حَاضِرَةً وَلَا غَائِبَةً أَوْ كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا فَهِيَ بَاطِلَةٌ أَوْ كَاذِبَةٌ أَوْ زُورٌ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَعْرِفْ أَوْ نَسِيَ ثُمَّ عَرَفَ أَوْ تَذَكَّرَ (فَلَوْ قَالَ شُهُودِي فَسَقَةٌ) أَوْ عَبِيدٌ (فَجَاءَ بِعُدُولٍ وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ) أَوْ عِتْقٍ (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا (فَرْعٌ وَيُقَدَّمُ) وُجُوبًا (السَّابِقُ) لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ جَاءُوا مُتَرَتِّبِينَ وَعُرِفَ السَّابِقُ (وَالْعِبْرَةُ بِالْمُدَّعِي) أَيْ بِسَبْقِهِ لَا بِسَبْقِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَإِنْ جُهِلَ) السَّابِقُ (أَوْ اسْتَوَوْا) فِي مَجِيئِهِمْ (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ وَقَدَّمَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ (فَإِنْ كَثُرُوا) وَعَسِرَ الْإِقْرَاعُ (كَتَبَ الرِّقَاعَ) أَيْ كَتَبَ فِيهَا أَسْمَاءَهُمْ وَصُبَّتْ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي لِيَأْخُذَهَا وَاحِدَةً وَاحِدَةً (وَيَدَّعِي مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ) فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَتِّبَ ثِقَةً يَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ يَوْمَ قَضَائِهِ لِيَعْرِفَ تَرْتِيبَهُمْ وَلَوْ قَدَّمَ الْأَسْبَقُ غَيْرَهُ عَلَى نَفْسِهِ جَازَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ (وَلَا يُقَدَّمُ سَابِقٌ وَقَارِعٌ) أَيْ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ (إلَّا بِدَعْوَى) وَاحِدَةٍ، وَإِنْ اتَّحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْبَاقِينَ فَإِنْ كَانَ لَهُ دَعْوَى أُخْرَى انْتَظَرَ فَرَاغَهُمْ أَوْ حَضَرَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ (وَيُسْتَحَبُّ) لَهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْخُصُومِ عِنْدَهُ (تَقْدِيمُ مُسَافِرِينَ مُسْتَوْفِزِينَ) أَيْ مُتَهَيِّئِينَ لِلسَّفَرِ وَخَائِفِينَ مِنْ انْقِطَاعِهِمْ عَنْ رُفْقَتِهِمْ إنْ تَأَخَّرُوا عَنْ الْمُقِيمِينَ لِئَلَّا يَتَضَرَّرُوا بِالتَّخَلُّفِ (وَ) تَقْدِيمِ (نِسَاءٍ) قَالَ فِي الْأَصْلِ إنْ رَأَى الْقَاضِي تَقْدِيمَهُنَّ طَلَبًا لِسَتْرِهِنَّ (وَلَوْ) كَانَ الْمُسَافِرُونَ وَالنِّسَاءُ (مُدَّعًى عَلَيْهِمْ) فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهُمْ كَذَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمُدَّعِينَ أَيْ كَنَظِيرِهِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْفَرْعِ (بِدَعَاوٍ) أَيْ بِدَعَاوِيهِمْ (إنْ كَانَتْ خَفِيفَةً) بِحَيْثُ (لَا تَضُرُّ) بِالْمُقِيمِينَ فِي الْأُولَى وَبِالرِّجَالِ فِي الثَّانِيَةِ إضْرَارًا بَيِّنًا (فَإِنْ طَالَتْ فَوَاحِدَةٌ) يُقَدَّمُ بِهَا مَنْ ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا مَأْذُونٌ فِيهَا وَقَدْ يَقْنَعُ بِوَاحِدَةٍ وَيُؤَخَّرُ الْبَاقِي إلَى أَنْ يَحْضُرَ كَذَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْدِيمِ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ مَمْنُوعٌ بَلْ الْقِيَاسُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنْ يَسْمَعَ فِي عَدَدٍ لَا يَضُرُّ بِالْبَاقِينَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ أَيْ مِنْ الْمُسَافِرِينَ أَوْ النِّسَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ هَذَا كُلُّهُ إنْ قَلَّ الْمُسَافِرُونَ أَوْ النِّسَاءُ وَالْإِقْدَامُ بِالسَّبْقِ ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ كَمَا فِي بَعْضِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ يَحْلِفُ حَلَفَ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا ادَّعَى لِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ أَوْ النَّظَرِ أَوْ الْوَكَالَةِ أَوْ لِنَفْسِهِ وَلَكِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ مُكَاتَبًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ لِئَلَّا يَحْلِفَ ثُمَّ يَرْفَعُهُ لِحَاكِمٍ يَرَى مَنْعَ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الْحَلِفِ فَيَضِيعُ الْحَقُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَيَأْذَنُ لَهُ مُوَكِّلُهُ فِي ذَلِكَ أَوْ يَأْذَنُ السَّيِّدُ لِلْمَأْذُونِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَكَذَا الْغُرَمَاءُ إنْ رَكِبَهُ دَيْنٌ أَوْ يَأْذَنُ السَّيِّدُ لِلْمُكَاتَبِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ قُلْت قَدْ يُقَالُ الْمُطَالَبَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُدَّعِي فَلَا يُرْفَعُ غَرِيمُهُ إلَّا لِمَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحَلِفِ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يُفَصِّلَ أَمْرَهُ عِنْدَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ يَضْطَرُّ عِنْدَ تَيَسُّرِ الْبَيِّنَةِ إلَى قَاضٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ ع وَقَوْلُهُ اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي أَصْلًا) أَوْ لَا شَهَادَةَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ ثُمَّ شَهِدَا لَهُ بِذَلِكَ أَوْ لَا بَيِّنَةَ لِي أَصْلًا وَعَرَفْت بَاطِنَ الْحَالِ وَظَاهِرَهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَائِهِ قُبِلَتْ) هَذَا إنْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ هِيَ الَّتِي نُسِبَ إلَيْهَا ذَلِكَ أَمَّا لَوْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً عَنْ قُرْبٍ وَقَالَ هَذِهِ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ جَهِلْتهَا أَوْ نَسَبْتهَا فَالْوَجْهُ قَبُولُهَا وَقَوْلُهُ فَالْوَجْهُ قَبُولُهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ وُجُوبًا بِالسَّابِقِ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ مَا إذَا كَانَ كَافِرًا فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَهَذَا لَا تَوَقُّفَ فِيهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ (قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ بِالْمُدَّعِي) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا بُدَّ أَنْ يَسْبِقَ الْمُدَّعِي خَصْمُهُ فَلَوْ سَبَقَ الْمُدَّعِي وَتَأَخَّرَ خَصْمُهُ قَبْلَ حُضُورِ خَصْمِهِ الْآخَرِ وَقَالَ أَيْضًا هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَعَيَّنَ عَلَى الْقَاضِي فَصْلُ الْخُصُومَاتِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ شَاءَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمَدْرَسِ فِي الْعِلْمِ الَّذِي لَا يَجِبُ تَعَلُّمُهُ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَقَالَ لِلْخَصْمَيْنِ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا حَتَّى تَجْعَلَا لِي رِزْقًا فَجَعَلَا لَهُ رِزْقًا جَازَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ لَهُ تَقْدِيمَ مَنْ جَعَلَ لَهُ رِزْقًا، وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا (قَوْلُهُ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ) أَيْ وُجُوبًا وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ الْإِقْرَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ وَيَدَّعِي مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَحَتُّمُهُ لِئَلَّا يُنْسَبَ إلَى الْمَيْلِ وَالْمُحَابَاةِ وَقَوْلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْبَاقِينَ) وَلِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الَّذِي يَلِيهِ سَبَقَهُ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ مُسَافِرِينَ) وَلَوْ سَفَرَ نُزْهَةٍ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِالتَّخَلُّفِ) وَلِأَنَّهُ قَدْ خُفِّفَ عَنْهُمْ بِالْقَصْرِ وَالْفِطْرِ فَلْيُسَامَحُوا بِالتَّقْدِيمِ (قَوْلُهُ فَقَدَّمَ نِسَاءً) وَلَوْ عَجَائِزَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ خَفِيفَةً لَا تَضُرُّ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ إلْحَاقِ النِّسَاءِ بِالْمُسَافِرِينَ فِيمَا ذُكِرَ جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُلَقِّنِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَقْنَعُ بِوَاحِدَةٍ إلَخْ) حَتَّى لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَقْنَعُ بِوَاحِدَةٍ وَأَنَّهُ يَتَخَلَّفُ لَا مَحَالَةَ لِبَقِيَّةِ دَعَاوِيهِ وَحُقُوقِهِ فَلَا وَجْهَ لِتَقْدِيمِهِ بِوَاحِدَةٍ بَلْ إمَّا أَنْ يُقَدَّمَ بِالْكُلِّ أَوْ لَا يُقَدَّمُ بِشَيْءٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمُسَافِرِ الَّذِي شَدَّ رَحْلَهُ وَخَافَ الضَّرَرَ وَالِانْقِطَاعَ عَنْ الرُّفْقَةِ عَلَى الْمُسَافِرِ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُقِيمٌ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ أَوْ لَا يَخْشَى التَّخَلُّفَ عَنْ الرُّفْقَةِ أَوْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ لِكَثْرَةِ الرِّفَاقِ وَأَمْنِ الطَّرِيقِ وَقُرْبِ مَقْصِدِهِ وَأَنْ يُقَدِّمَ الْمُسَافِرَ لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ مُعْتَبَرَةٍ عَلَى الْمُسَافِرِ لِنُزْهَةٍ وَبَطَالَةٍ (قَوْلُهُ هَذَا كُلُّهُ إنْ قَلَّ الْمُسَافِرُونَ أَوْ النِّسَاءُ إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ أَحَدٌ الْكَثْرَةَ وَمَثَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَكُونُوا مِثْلَ الْمُقِيمِينَ أَوْ أَكْثَرَ كَالْحَجِيجِ بِمَكَّةَ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ تُفْهِمُ اعْتِبَارَ الْخُصُومِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ لَا اعْتِبَارَ الْمُسَافِرِينَ بِأَهْلِ الْبَلَدِ كُلِّهِمْ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى فَسُنَّ د وَقَوْلُهُ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ تُفْهِمُ اعْتِبَارَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِقْدَامُ بِالسَّبْقِ) شَمِلَ قَوْلَهُ وَالْإِحَالَةُ الْمُسَاوَاةُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 311 كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ بَعْضِهِ الْآخَرِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَيُقَدَّمُ الْمُسَافِرُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُقِيمَةِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ النِّسَاءِ بِدَعَاوِيهِنَّ إنْ كَانَتْ خَفِيفَةً وَإِلَّا فَبِوَاحِدَةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُسَافِرِينَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخَنَاثَى مِثْلُهُنَّ وَإِذَا قَدَّمْنَا بِوَاحِدَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّقْدِيمُ بِالدَّعْوَى وَجَوَابِهَا وَفَصَلَ الْحُكْمَ فِيهَا نَعَمْ إنْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ لِانْتِظَارِ بَيِّنَةٍ أَوْ تَزْكِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا سَمِعَ دَعْوَى مَنْ بَعْدَهُ حَتَّى يَحْضُرَ هُوَ بِبَيِّنَةٍ فَيَشْتَغِلَ حِينَئِذٍ بِإِتْمَامِ حُكُومَتِهِ إذْ لَا وَجْهَ لِتَعْطِيلِ الْخُصُومِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ أَنَا الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا إلَى الدَّعْوَى لَمْ تُقْطَعْ) دَعْوَاهُ بَلْ عَلَى الْآخَرِ أَنْ يُجِيبَ ثُمَّ يَدَّعِيَ إنْ شَاءَ (وَإِلَّا ادَّعَى مَنْ بَعَثَ) مِنْهُمَا (الْعَوْنَ) خَلْفَ الْآخَرِ وَكَذَا مَنْ أَقَامَ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ أَحْضَرَ الْآخَرَ لِيَدَّعِيَ عَلَيْهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ اسْتَوَوْا أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ ادَّعَى (وَالْمُدَرِّسُ وَالْمُفْتِي فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ) وَفَرْضِ الْعَيْنِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى (يُقَدَّمَانِ بِالسَّبْقِ) إنْ كَانَ ثَمَّ سَبْقٌ (أَوْ بِالْقُرْعَةِ) إنْ لَمْ يَكُنْ سَبْقٌ (وُجُوبًا) أَمَّا فِي غَيْرِ الْفَرْضِ فَالتَّقْدِيمُ بِالْمَشِيئَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُفْتِي مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْبَحْثِ عَنْ) حَالِ (الشُّهُودِ) وَتَزْكِيَتِهِمْ (لَا يَجُوزُ) لِلْقَاضِي (أَنْ يَتَّخِذَ شُهُودًا مُعَيَّنِينَ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ إذْ قَدْ يَتَحَمَّلُ الشَّهَادَةَ غَيْرُهُمْ فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ ضَاعَ الْحَقُّ وَلِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] (بَلْ مَنْ عُرِفَ عَدَالَتُهُ) وَقَدْ شَهِدَ عِنْدَهُ (قَبْلَهُ) وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْدِيلٍ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْخَصْمُ (أَوْ) عُرِفَ (فِسْقُهُ رَدَّهُ) وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى بَحْثٍ (وَإِنْ جَهِلَهُ) أَيْ جَهِلَ (استزكاه) هـ أَيْ طَلَبَ تَزْكِيَتَهُ وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ فِيهِ الْخَصْمُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ فَيَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ شَرْطِهَا كَمَا لَوْ طَعَنَ الْخَصْمُ وَلَا يَكْتَفِي بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الْعَدَالَةُ أَوْ مِنْ حَالِ مَنْ بِدَارِنَا الْإِسْلَامُ وَيَكْتَفِي بِقَوْلِ الشَّاهِدِ أَنَا مُسْلِمٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنَا حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالْإِسْلَامِ دُونَ الْحُرِّيَّةِ (وَلَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِعَدَالَتِهِمَا) الْأَنْسَبُ بِعَدَالَتِهِ بِأَنْ قَالَ هُوَ عَدْلٌ لَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي شَهَادَتِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الاستزكاء؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى؛ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ فَاسِقٍ وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ يَتَضَمَّنُ تَعْدِيلَهُ وَالتَّعْدِيلُ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ (كَقَوْلِهِ) لِلشَّاهِدِ (قَبْلَ) أَدَاءِ (الشَّهَادَةِ أَنْتَ عَدْلٌ فِيمَا تَشْهَدُ بِهِ عَلَيَّ) فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الاستزكاء لِذَلِكَ فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ إنَّهُ تَعْدِيلٌ لِلشَّاهِدِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّعْدِيلِ مِنْ قَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ فَكَيْفَ يُجْعَلُ ذَلِكَ تَعْدِيلًا فَلَوْ صَدَّقَهُ فِيمَا شَهِدَ بِهِ حَكَمَ بِإِقْرَارِهِ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْبَحْثِ عَنْ حَالِ الشَّاهِدِ (فَلَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ) الْعَادِلَةُ عَلَيْهِ (وَأَقَرَّ) وَفِي نُسْخَةٍ فَأَقَرَّ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ ثُمَّ أَقَرَّ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ عَلَيْهِ (قَبْلَ الْحُكْمِ) عَلَيْهِ (لَا بَعْدَهُ فَالْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ لَا بِالشَّهَادَةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ قَدْ مَضَى مُسْتَنِدًا إلَى الشَّهَادَةِ وَإِنْ وَقَعَ إقْرَارُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَالِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْإِقْرَارِ فِيمَا قَالَهُ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الْهَرَوِيِّ وَأَقَرَّهُ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَدَّمْته عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فِي بَابِ الزِّنَا مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَهُ اعْتِبَارًا سَبْقُهُمَا (فَصْلُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مُزَكُّونَ) وَهُمْ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِمْ لِيُبَيِّنُوا حَالَ الشُّهُودِ (عُقَلَاءُ) أَيْ وَأَقَرَّ الْعُقُولَ لِئَلَّا يُخْدَعُوا (بَرِيئُونَ مِنْ الشَّحْنَاءِ) وَالْعَصَبِيَّةِ فِي النَّسَبِ وَالْمَذْهَبِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَحْمِلَهُمْ ذَلِكَ عَلَى جَرْحِ عَدْلٍ أَوْ تَزْكِيَةِ فَاسِقٍ (وَأَنْ يُخْفِيَهُمْ) لِئَلَّا يُشْتَهَرُوا فِي النَّاسِ بِالتَّزْكِيَةِ وَلِئَلَّا يُسْتَمَالُوا أَوْ يَتَوَقَّفُوا عَنْ جَرْحِ مَنْ يُخَافُ شَرُّهُ (وَ) أَنْ يَكُونَ لَهُ (أَصْحَابُ الْمَسَائِلِ) الْأَوْلَى مَسَائِلَ (وَهُمْ رُسُلُهُ إلَيْهِمْ) أَيْ إلَى الْمُزَكِّينَ لِيَبْحَثُوا وَيَسْأَلُوا وَرُبَّمَا فُسِّرُوا فِي لَفْظِ الشَّافِعِيِّ بِالْمُزَكِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ مَسْئُولُونَ وَبَاحِثُونَ (وَيَكْتُبُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخَنَاثَى مِثْلُهُنَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) هُوَ الصَّحِيحُ (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا تُقَدَّمُ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَلَكِنْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّ لِلْقَاضِي تَقْدِيمَ الْمَرِيضِ الْمَسْبُوقِ الَّذِي يَتَضَرَّرُ بِالصَّبْرِ إنْ كَانَ مَطْلُوبًا وَلَا يُقَدِّمُهُ إنْ كَانَ طَالِبًا؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مُجْبَرٌ وَالطَّالِبَ مُجْبَرٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ مُتَعَهِّدِ الْمَرِيضِ بِالْمَرِيضِ اهـ قِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي الْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي الْمَرِيضِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي إلَخْ (قَوْلُهُ يُقَدَّمَانِ بِالسَّبْقِ أَوْ بِالْقُرْعَةِ وُجُوبًا) يَأْتِي فِيهِمَا مَا مَرَّ فِي الْقَاضِي فَيُقَدَّمُ السَّابِقُ وَالْقَارِعُ بِدَرْسٍ وَاحِدٍ وَفَتْوَى وَاحِدَةٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ يَأْتِي هُنَا [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْبَحْثِ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ وَتَزْكِيَتِهِمْ] (قَوْلُهُ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ قَوْمًا مَعَ قَبُولِ غَيْرِهِمْ لَمْ يَحْرُمْ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ لَمْ يُكْرَهْ (قَوْلُهُ بَلْ مَنْ عَرَفَ عَدَالَتَهُ قَبِلَهُ) قَالَ شَيْخُنَا مَحَلُّهُ فِي قَاضٍ لَهُ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْدِيلٍ وَلَوْ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى) وَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ فِي التَّعْدِيلِ بِعِلْمِهِ فِي غَيْرِ أَصْلِهِ وَفِيهِمَا وَجْهَانِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ عِنْدَنَا تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُ لِأَصْلِهِ وَلَا لِفَرْعِهِ كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ أَصْلِهِ وَلَا فَرْعِهِ إذَا عُلِمَ عَدَالَتُهُ وَلَمْ تَقُمْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ بِهَا وَقَوْلُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ عِنْدَنَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ أَخْطَأَ فِي شَهَادَتِهِ) ذَكَرَ تَصْوِيرًا لِلْمَسْأَلَةِ بِأَنْ يَكُونَ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِعَدَالَتِهِمَا بَاقِيًا عَلَى الْإِنْكَارِ أَمَّا لَوْ قَالَ هُمَا عَدْلَانِ فِيمَا شَهِدَا بِهِ عَلَيَّ أَوْ صَادِقَانِ فِيهِ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَزْكِيَةٍ لِإِقْرَارِهِ بِالْحَقِّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ شَهِدَ بِهِ وَاحِدٌ فَالْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ لَا بِالشَّهَادَةِ أَيْ فِي غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَعَازِيرِهِ. (فَرْعٌ) قَالَ الْهَرَوِيُّ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَنَا مَجْرُوحٌ قُبِلَ قَوْلُهُ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَفْسُدْ الْجَرْحُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَمَحَلُّ هَذَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الْهَرَوِيِّ) وَأَقَرَّهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 وَفِي نُسْخَةٍ فَيَكْتُبُ نَدْبًا إذَا أَرَادَ الْبَحْثَ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ إلَى الْمُزَكِّينَ (اسْمَ الشَّاهِدِ وَيَصِفُهُ بِمَا يُمَيِّزُهُ) مِنْ كُنْيَةٍ وَوَلَاءٍ وَاسْمِ أَبٍ وَجَدٍّ وَحِلْيَةٍ وَحِرْفَةٍ وَنَحْوِهَا لِئَلَّا يُشْتَبَهَ بِغَيْرِهِ (وَاسْمَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَ) اسْمَ الْمَشْهُودِ (عَلَيْهِ) فَقَدْ يَكُونُ الشَّاهِدُ بَعْضَ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ عَدُوَّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. (وَكَذَا قَدْرُ الْمَالِ) الْمَشْهُودِ بِهِ فَقَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الشَّاهِدِ فِي الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ فَيَكْتُبُ (لِكُلِّ مُزَكٍّ نُسْخَةً) بِذَلِكَ وَيُرْسِلُهَا (عَلَى يَدِ صَاحِبِ مَسْأَلَةٍ سِرًّا) بِأَنْ يُخْفِيَهَا عَنْ غَيْرِ مَنْ أَرْسَلَهَا إلَيْهِ وَغَيْرِ مَنْ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ احْتِيَاطًا لِئَلَّا يَسْعَى الْمَشْهُودُ لَهُ فِي التَّزْكِيَةِ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي الْجَرْحِ (فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ الرُّسُلُ بِجَرْحٍ) مِنْ الْمُزَكِّينَ (تَوَقَّفَ) عَنْ الْحُكْمِ (وَكَتَمَهُ) أَيْ الْجَرْحَ (وَقَالَ) لِلْمُدَّعِي (زِدْنِي) فِي الشُّهُودِ (أَوْ) عَادُوا إلَيْهِ (بِتَعْدِيلٍ دَعَا مُزَكَّيَيْنِ لِيَشْهَدَا) عِنْدَهُ بِهِ (مُشِيرِينَ إلَيْهِ لِيَأْمَنَ) بِذَلِكَ (الْغَلَطَ) مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ فَالْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ بِقَوْلِهِمْ لَا بِقَوْلِ أَرْبَابِ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّهُمْ الْأَصْلُ وَأُولَئِكَ رُسُلٌ يَشْهَدُونَ عَلَى شَهَادَةٍ فَلَا تُقْبَلُ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ عَلَى مَا يَأْتِي (وَ) لَكِنْ (مَنْ نَصَّبَ مِنْ أَرْبَابِ الْمَسَائِلِ حَاكِمًا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ كَفَى أَنْ يُنْهَى إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْقَاضِي (وَحْدَهُ) ذَلِكَ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ فَالْحُكْمُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ بِالْبَحْثِ فَبَحَثَ وَشَهِدَ بِمَا بَحَثَهُ لَكِنْ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَمَا تَقَرَّرَ هُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ رَافِعًا بِهِ الْخِلَافَ فِي أَنَّ الْحُكْمَ بِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ أَوْ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَاعْتَذَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ كَوْنِهِ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ بِالْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ الْحُضُورَ (وَيُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِيمَنْ نُصِّبَ حَاكِمًا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (عِلْمُهُ بِذَلِكَ) وَاتِّصَافُهُ بِسَائِرِ صِفَاتِ الْقُضَاةِ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ تُعْتَبَرُ فِيهِ صِفَاتُ الْقُضَاةِ (وَفِي الْمُزَكِّي صِفَاتُ الشُّهُودِ مَعَ الْعِلْمِ بِمُوجِبِ الْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ) أَيْ بِسَبَبِهِمَا (وَأَنْ يَكُونَ الْمُعَدِّلُ خَبِيرًا بِالْبَاطِنِ) أَيْ بِبَاطِنِ حَالِ مَنْ يُعَدِّلُهُ بِصُحْبَةٍ وَجِوَارٍ وَمُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهَا فَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ اثْنَيْنِ شَهِدَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُمَا إنِّي لَا أَعْرِفُكُمَا وَلَا يَضُرُّكُمَا أَنِّي لَا أَعْرِفُكُمَا ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا فَأَتَيَا بِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ كَيْفَ تَعْرِفُهُمَا قَالَ بِالصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ قَالَ هَلْ كُنْت جَارًا لَهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا وَمَدْخَلَهُمَا وَمَخْرَجَهُمَا قَالَ لَا قَالَ هَلْ عَامَلْتهمَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي تُعْرَفُ بِهَا أَمَانَاتُ الرِّجَالِ قَالَ لَا قَالَ هَلْ صَاحَبْتهمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ قَالَ لَا قَالَ فَأَنْتَ لَا تَعْرِفُهُمَا ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مُزَكُّونَ لِلْقَاضِيَّ] قَوْلُهُ وَكَذَا قَدْرُ الْمَالِ) لَوْ قَالَ وَمَا شَهِدُوا بِهِ لَكَانَ أَعَمَّ لِيَتَنَاوَلَ النِّكَاحَ وَالْقَتْلَ وَغَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ وَيُرْسِلُهَا عَلَى يَدِ صَاحِبِ مَسْأَلَةٍ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْوَاجِبُ طَلَبُ عَدَالَةِ الشَّاهِدِ لِيُرَتِّبَ الْحُكْمَ عَلَى شَهَادَتِهِ بِالطَّرِيقِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَهُ وَسَوَاءٌ طَلَبَ الْبَيَانَ بِهَذَا الطَّرِيقِ أَمْ بِغَيْرِهِ وَفِي النِّهَايَةِ لَا يَسْتَرِيبُ فَقِيهٌ فِي أَنَّ كِتَابَةَ ذَلِكَ لَيْسَ أَمْرًا مُسْتَحَقًّا فَلَوْ اتَّفَقَ الْهُجُومُ عَلَى السُّؤَالِ لَفْظًا لَمَا امْتَنَعَ غَيْرَ أَنَّ الْأَحْسَنَ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الْمَاضِينَ لِخُبْثِ الزَّمَانِ. وَقَالَ أَيْضًا كِتَابَةُ الْمَشْهُودِ لَهُ وَعَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ الْوَاجِبِ فِي الاستزكاء، وَإِنْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّ اعْتِبَارَهُ لِيُنْجِزَ الْحُكْمَ وَلَا يَقِفَ عَلَى اسْتِكْشَافِ عَدَاوَةٍ وَلَا قَرَابَةٍ وَلَا شَرِكَةٍ تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا فَذَاكَ لَيْسَ مِنْ الاستزكاء فِي شَيْءٍ حَتَّى لَوْ أَغْفَلَهُ وَثَبَتَتْ الْعَدَالَةُ بَقِيَ عَلَى الْقَاضِي النَّظَرُ فِيمَا وَرَاءَ التَّعْدِيلِ وَقَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الْأَحْسَنَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَجَرَى الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى السُّؤَالِ بِاللَّفْظِ وَاعْتَبَرَ فِيهِ تَرْتِيبًا حَسَنًا فَقَالَ كَيْفِيَّةُ سُؤَالِ الْبُعُوثِ أَنْ يَسْأَلُوا أَوَّلًا عَنْ أَحْوَالِ الشُّهُودِ فَإِنْ وَجَدُوهُمْ مَجْرُوحِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ عَدَلُوا سَأَلُوا عَمَّنْ شَهِدُوا لَهُ فَإِنْ ذَكَرُوا أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ لَهُ لَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ وَإِنْ ذَكَرَ جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ لَهُ فَيَسْأَلُوا عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِنْ ذَكَرُوا مَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ لَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ، وَإِنْ ذَكَرُوا جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ لَهُ فَيَسْأَلُوا عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِنْ ذَكَرُوا مَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ لَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ، وَإِنْ ذَكَرُوا جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ ذَكَرُوا حَقِيقَةَ الْعَدُوِّ الَّذِي شَهِدُوا عَلَيْهِ بِهِ وَعَلَى الرُّسُلِ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا عَرَفُوهُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ إنْ اجْتَمَعَتْ وَافْتَرَقَتْ (قَوْلُهُ وَمَا تَقَرَّرَ هُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ إلَخْ) هُوَ مُنْطَبِقٌ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي سَعِيدٍ الْهَرَوِيِّ وَالْمُعَدِّلُونَ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ ثَلَاثُ أَضْرُبٍ الْأَوَّلُ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ الْحَاكِمُ التَّعْدِيلَ يُسْتَحَبُّ اثْنَانِ وَيُكْتَفَى بِوَاحِدٍ وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَيَجُوزُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ يُخْبِرُ حَاكِمًا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَيَقُولُ الْمُعَدِّلُ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ قَبِلْتهَا وَيُخْبِرُ بِهَا الْحَاكِمَ. الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ لِاثْنَيْنِ اذْهَبَا وَتَفَحَّصَا بِأَنْفُسِكُمَا فَيَذْهَبَانِ وَيَبْحَثَانِ عَنْ الْحَالِ وَيُخْبِرَانِ الْحَاكِمَ فَهَذَانِ يَشْهَدَانِ بِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ شَرْطٌ. الضَّرْبُ الثَّالِثُ: إذَا جَاءَ اثْنَانِ إلَى الْمُعَدِّلِ فَشَهِدَا بِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ فَطَرِيقُ ذَلِكَ طَرِيقُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَا تَجُوزُ إلَّا عِنْدَ غَيْبَةِ الْأَصْلِ أَوْ مَرَضِهِ. اهـ (قَوْلُهُ وَاعْتَذَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ الْحُضُورَ) وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُحْضِرَهُمْ لِيَسْأَلَهُمْ فَصَارَ هَذَا عُذْرًا فِي قَبُولِ شَهَادَةِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ عَلَى شَهَادَةِ الْمَسْئُولِينَ كَالْمَرَضِ وَالْغَيْبَةِ فِي شَهَادَةِ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ عَلَى شَاهِدٍ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِهِمَا) ؛ لِأَنَّ بِهِ يَتِمُّ مَقْصُودُ مَا فَوَّضَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ الْمُعَدِّلُ خَبِيرًا بِالْبَاطِنِ) أَيْ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ وَقَرِيبٍ مِنْهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُخْفِي أَسْبَابَ الْفِسْقِ غَالِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِبَاطِنِ حَالِهِ وَهَذَا كَمَا أَنَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِفْلَاسِ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَشْغُوفٌ بِإِخْفَاءِ الْمَالِ وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ تُعْتَبَرُ الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَزَوَّجُ فِي السَّفَرِ أَوْ فِي الْحَضَرِ خُفْيَةً فَيُولَدُ لَهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْخِبْرَةُ فِي التَّعْدِيلِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ فِيهِ إلَى الْيَقِينِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُخْفُونَ عَوْرَاتِهِمْ فَلَا أَقَلَّ مِنْ الظَّنِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 313 وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ أَسْبَابَ الْفِسْقِ خَفِيَّةٌ غَالِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُزَكِّي حَالَ مَنْ يُزَكِّيهِ وَهَذَا كَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِفْلَاسِ. (وَ) أَنْ (يَعْلَمَ الْقَاضِي مِنْهُ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ خَبِيرٌ بِبَاطِنِ الْحَالِ فِي كُلِّ تَزْكِيَةٍ خَفِيَّةٍ أَيْ يُبْنَى عَلَى الظَّاهِرِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: إلَّا إذَا عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ الْخِبْرَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي خِبْرَةِ الْبَاطِنِ التَّقَادُمُ فِي مَعْرِفَتِهَا لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الْمُتَدَاعِيَانِ بِالتَّأْخِيرِ الطَّوِيلِ بَلْ يَكْتَفِي (بِشِدَّةِ الْفَحْصِ عَنْ الشَّخْصِ وَلَوْ غَرِيبًا يَصِلُ) الْمُزَكِّي بِفَحْصِهِ (إلَى ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُهُ خَبِيرًا بِبَاطِنِهِ (فَحِينَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَالَتُهُ بِاسْتِفَاضَةٍ) مِنْ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِبَاطِنِ حَالِهِ (شَهِدَ بِهَا) إقَامَةً لِخِبْرَتِهِمْ مَقَامَ خِبْرَتِهِ كَمَا أُقِيمَ فِي الْجَرْحِ رُؤْيَتُهُمْ مَقَامَ رُؤْيَتِهِ (وَيَعْتَمِدُ) الْمُزَكِّي (فِي الْجَرْحِ الْمُعَايَنَةَ) بِأَنْ يَرَاهُ يَزْنِي أَوْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (وَالسَّمَاعُ بِأَنْ يَسْمَعَهُ يَقْذِفُ) شَخْصًا (أَوْ يُقِرَّ) عَلَى نَفْسِهِ (بِكَبِيرَةٍ) أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَتَعْبِيرُهُ بِكَبِيرَةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِزِنًا أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ (وَكَذَا إنْ سَمِعَ مِنْ غَيْرِهِ وَتَوَاتَرَ أَوْ اسْتَفَاضَ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَمِعَ مِنْ عَدَدٍ لَا يَحْصُلُ بِهِ تَوَاتُرٌ وَلَا اسْتِفَاضَةٌ لَكِنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِمْ بِشَرْطِهِ. (وَلِيُبَيِّنَ) فِي تَجْرِيحِهِ غَيْرَهُ (سَبَبَ الْجَرْحِ) مِنْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَقَدْ يَظُنُّ الشَّاهِدَانِ مَا لَيْسَ بِجَرْحٍ عِنْدَ الْقَاضِي جَرْحًا وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالْجَرْحِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبِهِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ أَصْلًا حَتَّى تُقَدَّمَ عَلَيْهَا بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ التَّوْقِيفُ عَنْ الْعَمَلِ بِهَا إلَى بَيَانِ السَّبَبِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي جَرْحِ الرَّاوِي وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي عَدَمِ الْفَرْقِ وَقْفَةٌ لِلْمُتَأَمِّلِ وَفِي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ مَا يَعْتَمِدُهُ الْمُزَكِّي فِي الْجَرْحِ مِنْ الْمُعَايَنَةِ وَالسَّمَاعِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْأَشْهَرُ نَعَمْ وَثَانِيهِمَا، وَهُوَ الْأَقْيَسُ لَا، ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ اعْتِمَادُ الثَّانِي (فَإِنْ شَهِدَ بِأَنَّهُ زِنًا لَمْ يُجْعَلْ قَاذِفًا) ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ غَيْرُهُ لِعُذْرِهِ (لِأَنَّهُ مَسْئُولٌ) عَنْ شَهَادَتِهِ (وَالْجَوَابُ مِنْهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَوْ عَيْنٍ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِالزِّنَا فَإِنَّهُ يُجْعَلُ قَاذِفًا؛ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى السَّتْرِ فَهُوَ مُقَصِّرٌ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَكِّيَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَ) لِقِيَامِهِ بِأَحَدِ الشَّطْرَيْنِ فَلَا يَقُومُ بِالْآخَرِ (وَلَا وَالِدُهُ وَ) لَا (وَلَدُهُ) كَالْحُكْمِ لَهُمَا (وَإِنْ جُهِلَ مُزَكٍّ زَكَّى) فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ وَعَدَّلَهُمَا آخَرَانِ مَجْهُولَانِ وَزَكَّى الْآخَرَيْنِ مُزَكِّيَانِ لِلْقَاضِي جَازَ. (وَلَا يَكْفِي) فِي ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ (رُقْعَةُ مُزَكٍّ بِالتَّزْكِيَةِ) ؛ لِأَنَّ الْخَطَّ لَا يُعْتَمَدُ فِي الشَّهَادَةِ كَمَا مَرَّ (بَلْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ مَعَهَا) إنْ كَانَ الْقَاضِي يَحْكُمُ بِشَهَادَةِ الْمُزَكِّينَ فَإِنْ وُلِّيَ بَعْضُهُمْ الْحُكْمَ بِالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فَلْيَكُنْ كِتَابُهُ كَكِتَابِ قَاضٍ إلَى قَاضٍ وَالرَّسُولَانِ كَشَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ (وَأَصْحَابُ الْمَسَائِلِ فُرُوعٌ فَلَا يَشْهَدُونَ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ حُضُورِ الْمُزَكِّينَ) هَذَا جَارٍ عَلَى بَحْثِ الْأَصْلِ السَّابِقِ وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ (فَرْعٌ يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ) أَنْ يَقُولَ (أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ) أَوْ مَرَضِيٌّ أَوْ مَقْبُولُ الْقَوْلِ أَوْ نَحْوُهَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ وَلِي؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْعَدَالَةَ الَّتِي اقْتَضَاهَا قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَلَا   [حاشية الرملي الكبير] أَمَّا الْجَرْحُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَظُنُّ الشَّاهِدُ إلَخْ) وَلِهَذَا أَنَّ مَالِكًا يُفَسِّقُ الْحَنَفِيَّ بِشُرْبِ النَّبِيذِ غَيْرِ الْمُسْكِرِ وَنَحْوِهِ وَنَحْنُ لَا نُفَسِّقُهُ، وَإِنْ حَدَّدْنَاهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَنْصُوبِ لِلْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ سُؤَالُهُ عَنْهُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ هَذَا إذَا سَمِعَ الْقَاضِي الْجَرْحَ لَا مِنْ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ أَمَّا إذَا سَمِعَهُ مِنْهُمْ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ مِنْ أَيْنَ تَشْهَدُونَ بَلْ يَسْمَعُ ذَلِكَ كَمَا يَسْمَعُ شَهَادَتَهُمْ فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ وَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَنَا مَجْرُوحٌ قُبِلَ قَوْلُهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْسِيرٍ قَالَ الْهَرَوِيُّ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ قَالَ رَجُلٌ لِلْحَاكِمِ لَا تَقْبَلْ شَهَادَتِي لِأَنِّي جُرِّحْت أَوْ جَرَحْت نَفْسِي لَمْ يَرُدَّهُ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الْعَارِفِ أَمَّا الْعَامِّيُّ إذَا شَهِدَ بِالْعَدَالَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّ غَالِبَهُمْ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَمُعْظَمُ شَهَادَةِ الْعَوَامّ يَشُوبُهَا غُرَّةٌ وَجَهْلٌ، وَإِنْ كَانُوا عُدُولًا فَيَتَعَيَّنُ الِاسْتِفْصَالُ فِيهَا ثُمَّ رَأَيْت الْمَاوَرْدِيَّ ذَكَرَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ سَبَبِ التَّعْدِيلِ شَرَطُوا كَوْنَ الشَّاهِدِ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ. (قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا، وَهُوَ الْأَقْيَسُ لَا) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ لَمْ يُجْعَلْ قَاذِفًا) ، وَإِنْ عَلِمَ فِيهِ جَارِحًا غَيْرَ الزِّنَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ لَا يُزَكِّيَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَ) يَجُوزُ لِاثْنَيْنِ أَنْ يُزَكِّيَا اثْنَيْنِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ فِي شَاهِدَيْ الْفَرْعِ قَوْلَانِ ذَكَرَهُ فِي الْحَاوِي عَقِبَ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ وَقَدْ غَلِطَ فِيهَا قَوْمٌ فَلْتَعْرِفْ ر (قَوْلُهُ وَلَا وَالِدُهُ إلَخْ) هَلْ يَحِلُّ لَهُ إذَا كَانَ الْقَاضِي لَا يَرَى ذَلِكَ، وَهُوَ يَجْهَلُ أَنَّهُ أَبُوهُ قَالَ ابْنُ رِفْعَةَ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيَظْهَرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْفَاسِقِ بَاطِنًا إذَا ادَّعَى لِلْأَدَاءِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ الْإِقْدَامُ اهـ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا شَهِدَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ وَالْعَدُوُّ عَلَى غَيْرِهِ وَالْفَاسِقُ بِمَا يَعْلَمُونَهُ مِنْ الْحَقِّ وَالْحَاكِمُ لَا يَشْعُرُ بِمَانِعِ الشَّهَادَةِ فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْمُخْتَارُ جَوَازُهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الْحَاكِمَ عَلَى الْبَاطِلِ وَإِنَّمَا حَمَلُوهُ عَلَى إيصَالِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ وَإِنَّمَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِلتُّهْمَةِ، وَهِيَ مَانِعَةٌ لِلْحُكْمِ مِنْ جِهَةِ قَدْحِهَا فِي ظَنِّهِ رَهْنًا لَا إثْمَ عَلَى الْحَاكِمِ لِتَوَفُّرِ ظَنِّهِ وَلَا لِخَصْمٍ لِأَخْذِ حَقِّهِ وَلَا لِشَاهِدٍ لِمَعُونَتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُخْتَارُ بَلْ الصَّحِيحُ الْجَوَازُ نَظَرًا إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ نَظَائِرُ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ أَقُولُ يُتَّجَهُ الْجَزْمُ بِالْوُجُوبِ إنْ كَانَ فِيهِ مَنْعُ اسْتِحْلَالِ بُضْعٍ أَوْ دَمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَدِّلِ عَدَاوَةٌ تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ الْعَدْلَ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ لِوُجُودِ الْعَدَاوَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ الْمُعَدِّلُ ذَلِكَ عَلَى قَصْدِ التَّعْمِيمِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِانْتِفَاءِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ يَنْبَغِي إنْ لَاحَظْنَا مَا بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمُزَكِّي اُتُّجِهَ اشْتِرَاطُ لِي فَقَطْ أَوْ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِنْ عَدَاوَةٍ اُتُّجِهَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 يَكْفِي قَوْلُهُ لَا أَعْلَمُ مِنْهُ إلَّا خَيْرًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعْرَفُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ وَلَا قَوْلُهُ لَا أَعْلَمُ مِنْهُ مَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُ مَا يُوجِبُ الْقَبُولَ أَيْضًا (فَصْلُ يُسْتَحَبُّ) لِلْقَاضِي (قَبْلَ التَّزْكِيَةِ أَنْ يُفَرِّقَ شُهُودًا ارْتَابَ بِهِمْ) أَوْ تَوَهَّمَ غَلَطَهُمْ لِخِفَّةِ عَقْلٍ وَجَدَهَا فِيهِمْ (وَيَسْأَلُهُمْ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمْ (عَنْ زَمَانِ التَّحَمُّلِ) لِلشَّهَادَةِ عَامًا وَشَهْرًا وَيَوْمًا وَغَدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً (وَ) عَنْ (مَكَانِهِ) مَحَلَّةً وَسِكَّةً وَدَارًا أَوْ صِفَةً أَوْ صَحَّحْنَا (وَ) عَنْ (مَنْ حَضَرَ) مَعَهُ مِنْ الشُّهُودِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَسْأَلُهُ أَتُحْمَلُ وَحْدَهُ أَمْ مَعَ غَيْرِهِ (وَ) عَنْ (مَنْ كَتَبَ) شَهَادَتَهُ مَعَهُ (وَبِأَيِّ مِدَادٍ كَتَبُوا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَنَّهُ كَتَبَ بِحِبْرٍ أَوْ بِمِدَادٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِيَسْتَدِلَّ عَلَى صِدْقِهِمْ إنْ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ وَإِلَّا فَيَقِفُ عَنْ الْحُكْمِ وَإِذَا جَاءَ بِهِ أَحَدُهُمْ لَمْ يَدَعْهُ يَرْجِعُ إلَى الْبَاقِينَ حَتَّى يَسْأَلَهُمْ لِئَلَّا يُخْبِرَهُمْ بِجَوَابِهِ (فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ التَّفْصِيلِ) وَرَأَى أَنْ يَعِظَهُمْ وَيُحَذِّرَهُمْ عُقُوبَةَ شَهَادَةِ الزُّورِ (وَعَظَهُمْ) وَحَذَّرَهُمْ (فَإِنْ أَصَرُّوا) عَلَى شَهَادَتِهِمْ وَلَمْ يُفَصِّلُوا (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْقَضَاءُ) إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَبْقَى مِنْ رِيبَةٍ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ لَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ اطَّلَعَ عَلَى عَوْرَةٍ اسْتَغْنَى عَنْ الاستزكاء وَالْبَحْثِ عَنْ حَالِهِمْ وَإِلَّا فَإِنْ عَرَفَهُمْ بِالْعَدَالَةِ قَضَى وَإِلَّا اسْتَزْكَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَهُمْ فَجْأَةً قَبْلَ أَنْ يَفْهَمُوا عَنْهُ ذَلِكَ فَيَحْتَالُوا فَيَجْعَلُ كُلَّ وَاحِدٍ بِمَكَانٍ بِمُفْرَدِهِ كَمَا صَنَعَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَإِنْ لَمْ يُرَتِّبْ) بِهِمْ وَلَا تَوَهَّمَ غَلَطَهُمْ (فَلَا يُفَرِّقُهُمْ وَلَوْ طَلَبَ) مِنْهُ (الْخَصْمُ) تَفْرِيقَهُمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَضًّا مِنْهُمْ (فَصْلُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْجَرْحِ) ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَكْثَرَ لِزِيَادَةِ عِلْمِ الْجَارِحِ (إلَّا إنْ شَهِدَتْ الثَّانِيَةُ بِتَوْبَتِهِ مِمَّا جَرَحَ بِهِ) فَتُقَدَّمُ عَلَى الْأُولَى؛ لِأَنَّ مَعَهَا حِينَئِذٍ زِيَادَةَ عِلْمٍ (وَلَوْ عُدِّلَ) الشَّاهِدُ فِي وَاقِعَةٍ ثُمَّ شَهِدَ فِي أُخْرَى (وَطَالَ) بَيْنَهُمَا (زَمَنٌ اسْتَبْعَدَهُ الْقَاضِي) بِاجْتِهَادِهِ (طَلَبَ تَعْدِيلَهُ ثَانِيًا) ؛ لِأَنَّ طُولَ الزَّمَنِ يُغَيِّرُ الْأَحْوَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطُلْ (وَلَوْ عَدَّلَ فِي مَالٍ قَلِيلٍ فَهَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ) أَيْ بِتَعْدِيلِهِ الْمَذْكُورِ (فِي) شَهَادَتِهِ بِالْمَالِ (الْكَثِيرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَدَالَةَ لَا تَتَجَزَّأُ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَتَجَزَّأُ (وَجْهَانِ) قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ فَمَنْ قُبِلَ فِي دِرْهَمٍ يُقْبَلُ فِي أَلْفٍ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَقَرَّهُ (وَلَوْ عُدِّلُوا عِنْدَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَمْ يَعْمَلْ بِهَا) أَيْ بِشَهَادَتِهِمْ إذَا عَادَ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (إذْ لَيْسَ هَذَا قَضَاءً بِعِلْمٍ) بَلْ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ خَارِجَ وِلَايَتِهِ وَقِيلَ يَعْمَلُ بِهَا إنْ جَوَّزْنَا الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَالتَّرْجِيحُ مَعَ التَّعْلِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ الثَّانِيَ مُحْتَجًّا لَهُ بِقَوْلِ الْأَصْلِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ وَسَوَاءٌ مَا عَلِمَهُ فِي زَمَنِ وِلَايَتِهِ وَمَكَانِهَا وَمَا عَلِمَهُ فِي غَيْرِهِمَا وَمَا قَالَهُ مَرْدُودٌ بِمَا عَلَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ) ؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ وَمَنْعُ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ) (وَهُوَ جَائِزٌ) بِشَرْطِهِ الْآتِي لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدَ خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» ، وَهُوَ قَضَاءٌ مِنْهُ عَلَى زَوْجِهَا، وَهُوَ غَائِبٌ وَلَوْ كَانَ فَتْوَى لَقَالَ لَك أَنْ تَأْخُذِي أَوْ لَا بَأْسَ عَلَيْك أَوْ نَحْوَهُ وَلَمْ يَقُلْ   [حاشية الرملي الكبير] اشْتِرَاطٌ عَلَيْهِ فَقَطْ وَيُشِيرُ إلَيْهِ أَوْ يُسَمِّيهِ أَوْ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ مِنْ قَرَابَةٍ اُتُّجِهَ اشْتِرَاطٌ لَهُ فَقَطْ وَيُشِيرُ إلَيْهِ أَوْ يُسَمِّيهِ وَإِنْ لُوحِظَ الِاحْتِيَاطُ اشْتِرَاطُ لِي وَلِلْمَشْهُودِ لَهُ وَعَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. اهـ. [فَصْلُ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي قَبْلَ التَّزْكِيَةِ أَنْ يُفَرِّقَ شُهُودًا ارْتَابَ بِهِمْ] (فَصْلٌ قَوْلُهُ يُسْتَدَلُّ عَلَى صَدَّقَهُمْ) قِيلَ أَوَّلُ مَنْ فَرَّقَ الشُّهُودَ دَانْيَالَ وَقِيلَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ التَّفْصِيلِ إلَخْ) مَحَلُّ عَدَمِ تَعَيُّنِ التَّفْصِيلِ عَلَى الشَّاهِدِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَفُتْ بِذَلِكَ حَقٌّ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْصِلْ لَفَاتَ بِذَلِكَ حَقُّ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ لَا مَحَالَةَ غ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَهُمْ فَجْأَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلُ تَقْدِيم بَيِّنَةُ الْجَرْحِ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ] (قَوْلُهُ تَقَدُّمُ بَيِّنَةُ الْجَرْحِ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ) لِأَنَّهُ عَلِمَ مَا خَفِيَ عَلَى الْمُعَدِّلِ وَلِأَنَّهُ مُثْبِتٌ وَالْمُعَدِّلُ نَافٍ وَالْإِثْبَاتُ أَوْلَى مِنْ النَّفْيِ وَيُشَبَّهُ ذَلِكَ بِمَا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْحَقِّ وَبَيِّنَةٌ بِالْإِبْرَاءِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ شَهِدَتْ الثَّانِيَةُ بِتَوْبَتِهِ مِمَّا جُرِحَ بِهِ) فَتُقَدَّمُ الْأُولَى كَأَنْ جَرَّحَهُ اثْنَانِ بِبَلَدٍ ثُمَّ انْتَقَلَ لِأُخْرَى فَعَدَّلَهُ اثْنَانِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنْ يَعْرِفَ الْمُعَدِّلَانِ مَا جَرَى مِنْ جَرْحِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ وَاضِحٌ وَكَلَامُ الْجُرْجَانِيِّ ظَاهِرٌ فِيهِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ عُدِّلُوا وَطَالَ زَمَنٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الشُّهُودِ الْمُرَتَّبِينَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَمَّا هُمْ فَلَا يَجِبُ طَلَبُ التَّعْدِيلِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْطُلْ) الْمَرْجِعُ فِي قُرْبِ الزَّمَانِ وَبُعْدِهِ إلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ فَيَعْتَمِدُ الْقَاضِي مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ) (قَوْلُهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ) وَالْإِجْمَاعِ بِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَكُونُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْخَصْمِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ، وَهُوَ قَضَاءٌ مِنْهُ عَلَى زَوْجِهَا) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ هَذَا حُكْمٌ مِنْهُ بِالنَّفَقَةِ وَأَبُو سُفْيَانَ لَيْسَ بِحَاضِرٍ وَلَمْ يُنْتَظَرْ حُضُورُهُ وَهَذَا تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ لَكِنْ ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا بِمَكَّةَ وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ كَانَتْ بِمَكَّةَ وَأَبُو سُفْيَانَ حَاضِرٌ فِي يَوْمِ الْفَتْحِ وَشَرْطُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَغِيبَ عَنْ الْبَلَدِ أَوْ يَسْتَتِرَ فَلَا وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الشَّرْطُ فِي أَبِي سُفْيَانَ مَوْجُودًا فَلَا يَكُونُ قَضَاءً بَلْ إفْتَاءً اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا هُوَ الْمُتَّضِحُ وَكَيْفَ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ وَلَمْ يُحَلِّفْهَا وَلَمْ يُقَدِّرْ مَا حَكَمَ بِهِ لَهَا وَتُجْرِي دَعْوَى عَلَى مَا شَرَطُوهُ وَاسْتَدَلَّ ابْنُ خُزَيْمَةَ بِحُكْمِهِ عَلَى الْعُرَنِيِّينَ الَّذِينَ قَتَلُوا الرُّعَاةَ وَحُكْمِهِ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ بِأَنْ يَقْسِمَ أَوْلِيَاءُ عَبْدِ اللَّهِ وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 315 خُذِي وَلِقَوْلِ عُمَرَ فِي خُطْبَتِهِ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الْأُسَيْفِعِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا غَدًا فَإِنَّا بَايِعُوا مَالِهِ وَقَاسِمُوهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَكَانَ غَائِبًا؛ وَلِأَنَّ الْغَيْبَةَ لَيْسَتْ بِأَعْظَمَ مِنْ الصِّغَرِ وَالْمَوْتِ فِي الْعَجْزِ عَنْ الدَّفْعِ فَإِذَا جَازَ الْحُكْمُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْمَيِّتِ فَلْيَجُزْ عَلَى الْغَائِبِ أَيْضًا (حَتَّى فِي الْعُقُوبَةِ) لِآدَمِيٍّ كَقِصَاصٍ وَحْدِ قَذْفٍ (لَا) فِي الْعُقُوبَةِ (لِلَّهِ) تَعَالَى مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) خَمْسَةٌ (الْأَوَّلُ) فِي (الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا عَلَى الْغَائِبِ مَا يُشْتَرَطُ فِيهَا عَلَى الْحَاضِرِ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّعَى) وَقَدْرِهِ وَنَوْعِهِ (وَوَصْفِهِ وَقَوْلُهُ إنِّي مُطَالَبٌ بِالْمَالِ) فَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ لِي عَلَيْهِ كَذَا كَمَا سَيَأْتِي (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَكُونَ لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (بَيِّنَةٌ) أَوْ يَعْلَمَ الْقَاضِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ. (وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ) فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ (جُحُودَهُ) ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَرْطٌ، وَهِيَ لَا تُقَامُ عَلَى مُقِرٍّ فَلَوْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ عَلَى مَا يَأْتِي (وَ) لَكِنْ (لَوْ لَمْ يَذْكُرْ جُحُودًا وَلَا إقْرَارًا سُمِعَتْ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْلَمُ جُحُودَهُ وَلَا إقْرَارَهُ وَالْبَيِّنَةُ تُسْمَعُ عَلَى السَّاكِتِ فَلْتُجْعَلْ غَيْبَتُهُ كَسُكُوتِهِ (فَإِنْ ذَكَرَ إقْرَارَهُ) وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ (لِيَكْتُبَ لَهُ) الْحَاكِمُ بِهِ إلَى حَاكِمِ بَلَدِ الْغَائِبِ (لَمْ تُسْمَعْ) لِمَا مَرَّ (أَوْ لِيَسْتَوْفِيَ لَهُ) الْحَاكِمُ حَقَّهُ (مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ) لِلْغَائِبِ (سُمِعَتْ) وَوَفَّاهُ حَقَّهُ فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِهَا فِيمَا لَوْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا مَنْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِسَفَهٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَمْنَعُ قَوْلُهُ، وَهُوَ مُقِرٌّ مِنْ سَمَاعِهَا وَمَا لَوْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ لَكِنَّهُ مُمْتَنِعٌ وَمَا لَوْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ شَاهِدَةً بِالْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ يَقُولُ عِنْدَ إرَادَةِ مُطَابَقَةِ دَعْوَاهُ بَيِّنَتَهُ أَقَرَّ فُلَانٌ بِكَذَا وَلِي بِهِ بَيِّنَةٌ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْقَاضِي (نَصْبُ مُسَخَّرٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (يُنْكِرُ) عَنْ الْغَائِبِ لِتَكُونَ الْبَيِّنَةُ عَلَى إنْكَارِ مُنْكِرٍ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُقِرًّا فَيَكُونُ إنْكَارُهُ كَذِبًا قَالَ: وَمُقْتَضَى هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَصْبُهُ لَكِنْ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ النَّصْبِ وَعَدَمِهِ فَذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ (فَرْعٌ) لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْغَائِبِ بِإِسْقَاطِ حَقٍّ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته إيَّاهَا أَوْ أَبْرَأَنِي فِيهَا وَلِي بَيِّنَةٌ بِهِ وَلَا آمَنُ إنْ خَرَجَتْ إلَيْهِ أَنْ يُطَالِبَنِي وَيَجْحَدَ الْقَبْضَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَاسْمَعْ بَيِّنَتِي وَاكْتُبْ بِذَلِكَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لَمْ يُجِبْهُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَالْبَيِّنَةُ لَا تُسْمَعُ إلَّا بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِالْحَقِّ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَطَرِيقُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ إنْسَانٌ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ أَحَالَهُ بِهِ فَيَعْتَرِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ لِرَبِّهِ وَبِالْحَوَالَةِ وَيَدَّعِي أَنَّهُ أَبْرَأهُ مِنْهُ أَوْ أَقْبَضَهُ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَالْبَيِّنَةُ، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّحْلِيفِ وَبَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ) وَتَعْدِيلِهَا (يَحْلِفُ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَحَدُّ قَذْفٍ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَنْ لَهُ إسْقَاطُ حَدِّ الْقَذْفِ بِاللِّعَانِ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِهِ فِي غَيْبَتِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إسْقَاطِهِ وَالْقَاضِي إنَّمَا يَقْضِي بِالْأَمْرِ اللَّازِمِ وَهَذَا لَيْسَ بِلَازِمٍ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ) فَلَا يُرَدُّ عَلَى اقْتِصَارِهِ عَلَى الْبَيِّنَةِ لِشَاهِدٍ وَالْيَمِينِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الْبَيِّنَةِ وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَيْ وَلَوْ شَاهِدًا أَوْ يَمِينًا فِيمَا يُقْضَى فِيهِ بِذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا نَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى وَقَالَ هِيَ صَحِيحَةٌ بِدُونِهِ وَلَكِنْ لَا يَحْكُمُ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ قَضَاؤُهُ إلَى الْحُجَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي وَلَوْ ادَّعَى وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فِي عِلْمِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهَا أَوَّلًا فِي الْبَاطِنِ ثُمَّ حَدَّثَ بِشَهَادَةٍ عَلَى الْغَائِبِ فَقَدْ صَدَرَتْ صَحِيحَةً فَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْقَاضِي حَكَمَ بِهَا وَلَوْ سَافَرَ الْقَاضِي بَعْدَهَا إلَى بَلَدِ الْخَصْمِ الَّتِي هِيَ فِي عَمَلِهِ وَالْمُدَّعِي مَعَهُ فَأَخْبَرَهُ بِالدَّعْوَى فَأَقَرَّ أَوْ أَنْكَرَ فَصَلَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِتِلْكَ الدَّعْوَى الْمُتَقَدِّمَةِ قَالَ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فِي الْإِرْسَالِ وَالنُّكُولِ أَوْ رَدِّ الْيَمِينِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِحَلِفِ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ مَعَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ قُلْت هَذَا كُلُّهُ بَعِيدٌ وَالْقَاضِي إنَّمَا يَسْتَقِلُّ بِالْمُهِمَّاتِ النَّاجِزَةِ وَلَيْسَ مِنْهَا سَمَاعُ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ بِلَا بَيِّنَةٍ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ وَالدَّعْوَى لَيْسَتْ مِمَّا يَفُوتُ فَإِذَا وُجِدَتْ الْحُجَّةُ أَوْ جَدَّ الدَّعْوَى ع. (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ) ، وَإِنْ قَالَ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ اسْتِظْهَارًا مَخَافَةَ أَنْ يُنْكِرَ فَسُنَّ ر د (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ لِمَا مَرَّ) أَيْ أَوْ إنْ قَالَ لَسْت آمَنُ أَنْ يَجْحَدَ (قَوْلُهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ) أَيْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَيْضًا مَنْ لَا يَقْبَلُ إقْرَارَهُ لِسَفَهٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِهِ) كَمُفْلِسٍ يُقِرُّ بِدَيْنٍ مُعَامَلَةً بَعْدَ الْحَجْرِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ فَلَا يَضُرُّ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ إنَّهُ مُقِرٌّ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيمَا تُقْصَدُ لَهُ الدَّعْوَى، وَهُوَ الْمُضَارَبَةُ وَكَذَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو فَادَّعَاهَا عَمْرٌو فِي غَيْبَتِهِ لِيُقِيمَ بَيِّنَةً لَا يَضُرُّهُ عَلَيْهَا وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي الشَّارِحِ، وَهُوَ جَلِيٌّ إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى وَمُرَادُهُ بِالثَّلَاثِ هَذِهِ وَالْمَكْتُوبُ يَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا تَتِمَّةٌ لَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَهُوَ مُقِرٌّ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الْعَقْدِ الَّذِي وَقَعَتْ بِهِ الدَّعْوَى قَالَ وَيُتَصَوَّرُ نَحْوُ ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمَا لَوْ كَانَتْ بَيِّنَةٌ شَاهِدَةٌ إلَخْ) وَمَا لَوْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ وَلَسْت آمَنُ أَنْ يَجْحَدَ عَلَى الْأَرْجَحِ بَلْ لَوْ لَمْ يَقُلْ وَلَسْت آمَنُ أَنْ يَجْحَدَ عَلَى الْأَشْبَهِ لِاحْتِمَالِ الْجُحُودِ اهـ مَا ذَكَرَهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَدْ قِيلَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُنَصِّبَ عَنْهُ وَكِيلًا وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْمُخْتَارُ النَّصْبُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَسْتَدْعِي جَوَابًا وَقَدْ تَعَذَّرَ جَوَابُ الْغَائِبِ فَالْمَنْصُوبُ يَقُومُ مَقَامَهُ مُنْكِرًا أَنَّ أَسْوَأَ أَحْوَالِ الْغَائِبِ الْإِنْكَارُ (قَوْلُهُ فَرْعٌ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْغَائِبِ بِإِسْقَاطِ حَقٍّ إلَى آخِرِهِ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قَالَ لِلْقَاضِي كَانَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ عَلَيَّ كَذَا وَقَدْ قَضَيْته وَالْآنَ مُنْكِرٌ الْقَضَاءَ وَلِي بَيِّنَةٌ أُقِيمُهَا عَلَى ذَلِكَ لِتَحْكُمَ بِهِ أَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ وَحَكَمَ بِهَا (الطَّرَفُ الثَّانِي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 وُجُوبًا) يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ (مُدَّعٍ عَلَى غَائِبٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَيِّتٍ بِلَا وَارِثٍ خَاصٍّ أَنَّ مَا ادَّعَاهُ) عَلَيْهِ (بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ) يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ (مَا بَرِئَ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ) بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ احْتِيَاطًا لَهُ إذْ لَوْ حَضَرَ أَوْ كَمَّلَ أَوْ لَمْ يَمُتْ لَكَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ خَاصٌّ اُعْتُبِرَ فِي الْحَلِفِ طَلَبُ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي التَّرِكَةِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ نَائِبٌ خَاصٌّ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ فِي الْيَمِينِ لِصِدْقِ الشُّهُودِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ هُنَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ اقْتَصَرَ) فِي حَلِفِهِ (عَلَى أَنَّهُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ كَفَى) وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ ذِكْرُ لُزُومِ تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ لِتَأْجِيلٍ وَنَحْوِهِ (وَلَوْ ادَّعَى قَيِّمُ طِفْلٍ عَلَى قَيِّمِ طِفْلٍ وَأَقَامَ) بِمَا ادَّعَاهُ (بَيِّنَةً انْتَظَرَ بُلُوغَ الْمُدَّعَى لَهُ لِيَحْلِفَ) لِتَعَذُّرِ تَحْلِيفِ غَيْرِهِ عَنْهُ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَالْإِفَاقَةُ كَالْبُلُوغِ (وَيُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينَيْنِ أَحَدُهُمَا لِتَكْمِيلِ الْحُجَّةِ وَالْأُخْرَى) بَعْدَهَا (لِنَفْيِ الْمُسْقِطِ) مِنْ إبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيُسَمَّى يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى وَكِيلُ غَائِبٍ عَلَى غَائِبٍ لَمْ يَحْلِفْ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَحْلِفُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ بِحَالٍ (وَيُعْطِي الْحَقَّ) الَّذِي ادَّعَاهُ أَيْ يُعْطِيهِ لَهُ الْقَاضِي (إنْ كَانَ) لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (هُنَاكَ مَالٌ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمَجْنُونٍ) فِي مَعْنَاهُ الْأَخْرَسُ الَّذِي لَا تُفْهَمُ إشَارَتُهُ (قَوْلُهُ إنَّ مَا ادَّعَاهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ مَا فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ لِلَّهِ وَلَيْسَ هُوَ فِي الذِّمَّةِ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَبْدٌ عَلَى سَيِّدِهِ الْغَائِبِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَوْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا أَطْلَقَهَا وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ حِسْبَةً عَلَى إقْرَارِ السَّيِّدِ بِالْعِتْقِ أَوْ عَلَى الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ وَطَلَبَا الْحُكْمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّحْلِيفِ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ إذْ لَاحَظَ فِي حُكْمِهِ جِهَةَ الْحِسْبَةِ مُعْرِضًا فِيهِ عَنْ الطَّلَبِ وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فس وَالْمُدَّعَى بِهِ قَدْ يَكُونُ عَيْنًا فَلَا يُحَلِّفُ فِيهَا كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُحَلِّفُ فِي كُلِّ دَعْوَى عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا وَلَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ مَيِّتٍ دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِمْ عَلَى غَائِبٍ وَرَامُوا بِذَلِكَ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُحَلِّفُهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْمُسْقِطَاتِ كَمَا يُحَلِّفُ مُوَرِّثَهُمْ عَلَى الْبَتِّ وَهَذَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ) أَيْ الْآنَ أَوْ فِي وَقْتِي هَذَا. (قَوْلُهُ انْتَظَرَ بُلُوغَ الْمُدَّعَى لَهُ لِيَحْلِفَ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ادَّعَى وَلِيُّ الصَّبِيِّ دَيْنًا لِلصَّبِيِّ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيَّ مِنْ جِنْسِ مَا يَدَّعِيهِ قَدْرَ دَيْنِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ بَلْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ حَلَفَ لَكِنَّهُ فَرَضَ تِلْكَ فِيمَا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ هُوَ الَّذِي ادَّعَى لَهُ خَاصَّةً وَهَذِهِ فِيمَا إذَا كَانَا صَبِيَّيْنِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْيَمِينَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ تَوَجَّهَتْ فِي دَعْوَى أُخْرَى اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ فَإِنَّ فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنَّ قَيِّمَ الصَّبِيِّ ادَّعَى دَيْنًا لَهُ عَلَى حَاضِرٍ رَشِيدٍ فَاعْتَرَفَ بِهِ وَلَكِنْ ادَّعَى وُجُودَ مُسْقِطٍ مِنْ الصَّبِيِّ، وَهُوَ إتْلَافُهُ فَلَا يُؤَخِّرُ الِاسْتِيفَاءَ لِلْيَمِينِ الْمُتَوَجِّهَةِ عَلَى الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطِّفْلِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مِنْ غَائِبٍ وَمَجْنُونٍ لَا يُعْمَلُ بِهَا حَتَّى يَحْلِفَ مُقِيمُهَا عَلَى نَفْيِ الْمُسْقِطَاتِ الَّتِي يُتَصَوَّرُ دَعْوَاهَا مِنْ الْغَائِبِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ فَلَمْ تَتِمَّ الْحُجَّةُ الَّتِي يُعْمَلُ بِهَا إذْ لَا بُدَّ مَعَ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْيَمِينِ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى وَكَتَبَ أَيْضًا وَبِهَذَا عُلِمَ ضَعْفُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ يُونُسَ مِنْ بَيْعِ عَيْنٍ مَرْهُونَةٍ لِمَيِّتٍ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ أَثْبَتَهُ وَكِيلُ غَائِبِينَ وَوَلِيُّ قَاصِرِينَ وَوُقِفَ الْيَمِينُ إلَى الْحُضُورِ وَالْبُلُوغِ (قَوْلُهُ ادَّعَى وَكِيلُ غَائِبٍ عَلَى غَائِبٍ لَمْ يَحْلِفْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ مَمْنُوعٌ وَأَنَّ إيجَابَهُ لِلتَّحْلِيفِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ثُمَّ اسْتَشْهَدَ بِمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِيمَا لَوْ أَقَامَ قَيِّمُ الطِّفْلِ بَيِّنَةً عَلَى قَيِّمِ طِفْلٍ وَقَالَ يُؤَخَّرُ مُسْتَحِقُّ الطِّفْلِ إلَى بُلُوغِهِ وَتَكُونُ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً وَيُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِ حَقِّهِ وَلَا يُؤَخَّرُ حَقُّ الْغَائِبِ الَّذِي يُمْكِنُ حُضُورُهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَى أَنْ يَحْضُرَ هَذَا مِنْ الْعَجَائِبِ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يُقْضَى هُنَا عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُدَّعَى لَهُ وَيَحْلِفَ الْيَمِينَ الْوَاجِبَةَ. اهـ. وَهَلْ الْمُرَادُ الْغَيْبَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْقَضَاءِ عَلَيْهِ أَوْ مُطْلَقُ الْغَيْبَةِ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الثَّانِيَ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ مَمْنُوعٌ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا أَمَّا لَوْ ادَّعَى وَكِيلُهُ مَعَ حُضُورِهِ عَلَى غَائِبٍ فَيَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ وَيُعْطَى الْحَقَّ الَّذِي ادَّعَاهُ) أَيْ وَحَكَمَ بِهِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ مَالٌ) إطْلَاقُهُ لَفْظَ الْمَالِ يَشْمَلُ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ فَإِذَا كَانَ لِلْغَائِبِ دَيْنٌ فَلِلْقَاضِي قَبْضُهُ وَوَفَاءُ دَيْنِ الْغَائِبِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته هُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَأَفْتَى بِهِ وَقَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ وَلَا يُحْجَرُ لِدَيْنِ الْغَائِبِينَ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي مَا لَهُمْ فِي الذِّمَمِ وَإِنَّمَا يَحْفَظُ أَعْيَانَ أَمْوَالِهِمْ فِي الذِّمَمِ وَإِنَّمَا يَحْفَظُ أَعْيَانَ أَمْوَالِهِمْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُوَفَّى مِنْ مَالِ الْحَاضِرِ وَالْغُرَمَاءُ لَا يَدَّعُونَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا فِي التَّفْلِيسِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَلَا يَرُدُّهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي مَا لَهُمْ فِي الذِّمَمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَوْفَاهُ صَارَ أَمَانَةً وَقَدْ يَحْصُلُ تَلَفٌ فَيَفُوتُ عَلَيْهِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ مَضْمُونٌ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمِنَ هَذَا الْمَحْذُورَ عِبَارَةَ الْقَاضِي فِي فَتْوَاهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِمْ إذَا كَانَ لِلْغَائِبِ مَالٌ حَاضِرٌ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي إيفَاءَهُ مِنْهُ أَوْ فَاءَ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ وَلَا يُقَالُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ قَبْضُ دُيُونِ الْغَائِبِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ يَقْتَضِيهِ لِأَنَّهُ بِقَبْضِهِ يَنْقُلُهُ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى الْأَمَانَةِ فَبَقَاؤُهُ فِي ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ أَغْبَطُ لِصَاحِبِهِ أَمَّا حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ فَإِنَّهُ يَسْتَخْرِجُ دَيْنَهُ لِيُوفِيَ ذَلِكَ الْحَقَّ وَلَا يُقَالُ فِي تَوْفِيَةِ الْحَاكِمِ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ حَجَرَ عَلَى الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّ الْخِيرَةَ إلَيْهِ فِي الْوَفَاءِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ أَرَادَ لِأَنَّا نَقُولُ وَكَذَلِكَ فِي وَفَاءِ دَيْنِهِ مِنْ عَيْنٍ مَخْصُوصَةٍ تَحْجِيرٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُرِيدُ الْوَفَاءَ مِنْ هَذَا الْكِيسِ الْمَخْصُوصِ وَإِنَّمَا يُرِيدُ الْوَفَاءَ مِنْ غَيْرِهِ إذَا حَضَرَ يُخَيَّرُ فَإِذَا غَابَ قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فَلَهُ فِعْلُ مَا كَانَ الْمَدْيُونِ يَفْعَلُهُ وَصَارَتْ الْخِيرَةُ الَّتِي لِلْمَدْيُونِ لِلْحَاكِمِ وَلَا يُقَالُ قَدْ قَالُوا يَجُوزُ الظَّفْرُ مِنْ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ حُضُورِ الْغَرِيمِ أَمَّا إذَا غَابَ وَثَبَتَ حَقُّ صَاحِبِ الدَّيْنِ فَرَفَعَ غَرِيمٌ غَرِيمَهُ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الدَّيْنَ وَيُوَفِّيَ بِهِ الْمُدَّعِي فَلَا مَنْعَ مِنْهُ لَا سِيَّمَا إذَا تَعَيَّنَ ذَلِكَ طَرِيقًا لِوَفَاءِ الْمُدَّعِي لَا يَأْخُذُهُ بِيَدِهِ وَإِنَّمَا الْحَاكِمُ يَقْبِضُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يُقِيمُهُ لِذَلِكَ ثُمَّ يُقْبِضُهُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ لَا مَحِيصَ عَنْهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 لِأَنَّهُ نَائِبُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُعْطِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَالٌ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ التَّاجُ السُّبْكِيّ خِلَافُهُ إنْ كَانَ الْمَالُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ هُنَاكَ عَلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ (أَوْ عَلَى حَاضِرٍ فَقَالَ) لَهُ (أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك) الْغَائِبُ عَمَّا ادَّعَيْته عَلَيَّ (لَمْ يُؤَخَّرْ الْحُكْمُ لِيَمِينِهِ) عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ بَعْدَ حُضُورِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ بِالْوُكَلَاءِ (بَلْ) يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ ثُمَّ (يُثْبِتُ) هُوَ (الْإِبْرَاءَ أَوْ يُسَلِّمُ) الْحَقَّ عِبَارَةُ الْأَصْلِ بَلْ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْحَقِّ ثُمَّ يُثْبِتُ الْإِبْرَاءَ (وَكَذَا إنْ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَحَدِ (صَبِيٍّ مَالًا) وَادَّعَاهُ وَلِيُّهُ عَلَيْهِ (فَادَّعَى أَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ عَيْنًا) بَدَلَهَا مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَقَدْرِهِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمُ الْحَقَّ (وَيَحْلِفُ) لَهُ (الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ) عَاقِلًا. (وَلَوْ سَأَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (تَحْلِيفَ الْوَكِيلِ) الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ (أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ) أَنَّ مُوَكِّلَهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الْحَقِّ (أُجِيبَ) إلَيْهِ (وَقَالَ) صَوَابُهُ قَالَهُ (الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَحْلِفُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ هُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْعِرَاقِيُّونَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحِ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَرَضِيَ بِهِ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ وَقَالَ فَفِي الْبَحْرِ: أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ خَرَجَ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْخُصُومَةِ وَلَا يُشْكِلُ بِمَا سَبَقَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْلِيفِهِ هُنَا تَحْلِيفُهُ ثَمَّ؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ هُنَا إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ يَقْتَضِي اعْتِرَافُهُ بِهَا سُقُوطَ مُطَالَبَتِهِ بِخِلَافِ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَإِنَّ حَاصِلَهَا أَنَّ الْمَالَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ أَوْ الْمَيِّتِ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى مِنْ الْوَكِيلِ (وَلَوْ قَالَ) شَخْصٌ لِآخَرَ (أَنْتَ وَكِيلُهُ) أَيْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَلِي عَلَيْهِ كَذَا وَادَّعَى عَلَيْك وَأُقِيمُ بِهِ بَيِّنَةً (فَأَنْكَرَ) الْوَكَالَةَ (أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ) أَنِّي وَكِيلٌ (لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقٌّ لَهُ فَكَيْفَ تُقَامُ بَيِّنَةٌ بِهَا قَبْلَ دَعْوَاهُ وَقَوْلُهُ فَأَنْكَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ وَأَرَادَ أَنْ لَا يُخَاصَمَ فَلْيَعْزِلْ نَفْسَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ أَنِّي وَكِيلٌ وَلَا يَقُولُ لَسْت بِوَكِيلٍ فَيَكُونُ مُكَذِّبًا لِبَيِّنَةٍ قَدْ تَقُومُ عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَيَكْفِي اعْتِرَافُ الْخَصْمِ بِهَا حَتَّى لَوْ صَدَّقَهُ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَبِهِ أَجَابَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَاضِي. وَجَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ تَخَاصُمَهُمَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ نَقَلَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ ثُمَّ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَصْدُ الْوَكِيلِ إثْبَاتَ الدَّيْنِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ أَوْ تَسْلِيمَ الْمَالِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُهُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يُبْرِئُهُ مِنْهُ انْتَهَى وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي) إلَى الْقَاضِي (يَجُوزُ) لِلْقَاضِي (أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ) عَلَى الْغَائِبِ (وَيُنْهِي) الْأَمْرَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لِيَحْكُمَ وَيَسْتَوْفِيَ (وَأَنْ يَحْكُمَ) عَلَيْهِ بِالْحَقِّ (وَيُنْهِي) الْأَمْرَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ يُوَفَّى عَنْهُ مِنْهُ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ التَّاجُ السُّبْكِيّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُحْمَلُ هُنَاكَ عَلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ قَالَ الْغَزِّيِّ وَالْمَالُ الْغَائِبُ الَّذِي فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي كَالْحَاضِرِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَطْلَقَ الْقُضَاةُ عَلَى الْمَالِ الْحَاضِرِ وَمَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْمَالِ الْحَاضِرِ حَقٌّ فَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ عَبْدًا جَانِيًا وَهُنَاكَ فَضْلٌ فَهَلْ نَقُولُ لِلْقَاضِي بِطَلَبِ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُرْتَهِنَ وَالْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ بِأَخْذِ مُسْتَحِقِّهِمَا بِطَرِيقِهِ لِيُوَفِّيَ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ أَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَالْأَرْجَحُ إجَابَةُ الْمَدِينِ لِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا إذَا لَمْ يَقْتَضِ الْحَالُ إجْبَارَ الْحَاضِرِ عَلَى دَفْعِ مُقَابِلِهِ لِلْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ كَمَا فِي الزَّوْجَةِ تَدَّعِي بِصَدَاقِهَا الْحَالِّ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى الْغَائِبِ وَأَنَّ مَالَهُ حَاضِرٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُوَفِّيهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ يُجْبَرَانِ وَمِثْلُهُ لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْغَائِبِ فَإِنَّ دَعْوَاهُ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْغَائِبَ تَسْلِيمُهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلًا وَحَيْثُ قُلْنَا يُجْبَرَانِ فَالْحُكْمُ كَمَا فِي الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ فَقَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك) أَيْ أَوْ اسْتَوْفَاهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ صَبِيٌّ مَالًا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ انْتِظَارِ بُلُوغِ الصَّبِيِّ فِيمَا مَرَّ وَاضِحٌ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنَّ وَلِيَّ الصَّبِيِّ ادَّعَى دَيْنًا لَهُ عَلَى حَاضِرٍ رَشِيدٍ فَاعْتَرَفَ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى وُجُودَ مُسْقِطٍ مِنْ الصَّبِيِّ، وَهُوَ إتْلَافُهُ فَلَا يُؤَخَّرُ الِاسْتِيفَاءُ لِلْيَمِينِ الْمُتَوَجِّهَةِ عَلَى الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطِّفْلِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مِنْ غَائِبٍ وَمَجْنُونٍ لَا يُعْمَلُ بِهَا حَتَّى يَحْلِفَ مُقِيمُهَا عَلَى نَفْيِ الْمُسْقِطَاتِ الَّتِي يُتَصَوَّرُ دَعْوَاهَا مِنْ الْغَائِبِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ فَلَمْ تَتِمَّ الْحُجَّةُ الَّتِي يُعْمَلُ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ وَحْدَهَا (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ أَبْرَأهُ) أَوْ أَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ أَوْ أَنَّهُ عَزَلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ اعْتَرَفَ بِهِ الْوَكِيلُ لَسَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَصْدُ الْوَكِيلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَيُنْهِي) لِمَا رَوَى الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ «وَلَّانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَعْضِ الْأَعْرَابِ ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ وَرِّثْ امْرَأَةَ أَشْيَمَ بِسُكُونِ الشِّينِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ الضَّبَابِيِّ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا فَوَرِثَهَا» رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَاحْتَجَّ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ بِالْإِجْمَاعِ فِيهِ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو لِذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِي بَلَدٍ وَخَصْمٌ فِي بَلَدٍ آخَرَ لَا يُمْكِنُهُ حَمْلُهَا إلَى بَلَدِ الْخَصْمِ وَلَا حَمْلُ الْخَصْمِ إلَى بَلَدِ الْبَيِّنَةِ فَيَضِيعُ الْحَقُّ (تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي عَمَلِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِكِتَابِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي عَالِمًا بِصِحَّةِ وِلَايَةِ الْأَوَّلِ وَبِصِحَّةِ أَحْكَامِهِ وَكَمَالِ عَدَالَتِهِ وَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنَّ الْجُمْهُورَ جَوَّزُوا الْكِتَابَ الْمُطْلَقَ وَالْكِتَابَ إلَى مُعَيَّنٍ وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَبْلُغُهُ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ غَالِبَ قُضَاةِ الْبِلَادِ الْمُتَبَاعِدَةِ وَالْأَقْطَارِ الْمُتَنَائِيَةِ لَا يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ مِنْ حَالِ بَعْضٍ شَيْئًا فَيَتَعَذَّرُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 318 (لَا مَا حَكَمَ فِيهِ بِعِلْمِهِ) فَلَا يُنْهَى الْأَمْرُ فِيهِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ بِعِلْمِ نَفْسِهِ لِيَقْضِيَ بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْعُدَّةِ: لَا يَجُوزُ، وَإِنْ جَوَّزْنَا الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ هُوَ كَالشَّاهِدِ وَالشَّهَادَةُ لَا تَتَأَدَّى بِالْكِتَابَةِ وَفِي أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ جَوَازُهُ وَيَقْضِي بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إذَا جَوَّزْنَا الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّ إخْبَارَهُ عَنْ عِلْمِهِ إخْبَارٌ عَنْ قِيَامِ الْحُجَّةِ فَلْيَكُنْ كَإِخْبَارِهِ عَنْ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَبِمَا قَالَهُ فِي الْعُدَّةِ جَزَمَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْأَصَحُّ مَا فِي أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِعِلْمِهِ جَازَ لَهُ الْإِنْهَاءُ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ عَكْسُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ وَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ (فَإِنْ حَكَمَ عَلَى غَائِبٍ وَسَأَلَ إنْهَاءَ) الْحُكْمِ (إلَى قَاضِي بَلَدِهِ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ بِحُكْمِهِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَكْتُبَ لَهُ) بِذَلِكَ كِتَابًا أَوَّلًا ثُمَّ يَشْهَدَ (وَيَقُولَ) فِيهِ (بَعْدَ ذِكْرِ الْبَيِّنَةِ) الْمَسْبُوقَةِ بِالدَّعْوَى أَيْ بَعْدَ ذِكْرِهِ حَضَرَ فُلَانٌ وَادَّعَى عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ الْمُقِيمِ بِبَلَدِ كَذَا بِكَذَا وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً وَ (حَلَفَ الْمُدَّعِي وَحَكَمْت لَهُ بِالْمَالِ وَسَأَلَ أَنْ أَكْتُبَ لَهُ) إلَيْك بِذَلِكَ (فَكَتَبْت لَهُ) وَأَشْهَدْت بِهِ (وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ) فِيهِ حَكَمْت (بِشَاهِدَيْنِ) ، وَإِنْ (لَمْ يَصِفْهُمَا بِعَدَالَةٍ وَ) لَا (غَيْرِهَا فَحُكْمُهُ بِهَا) أَيْ بِشَهَادَتِهِمَا (تَعْدِيلٌ) لَهُمَا (وَأَنْ يَقُولَ) حَكَمْت بِكَذَا (بِحُجَّةٍ أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ) فَقَدْ يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ بِعِلْمِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْمِيَةُ شُهُودِ الْحُكْمِ وَلَا شُهُودِ الْحَقِّ وَلَا ذِكْرُ أَصْلِ الشَّهَادَةِ فِيهِمَا (وَلِيَقْرَأَ الْكِتَابَ) الَّذِي كَتَبَهُ عَلَى الشُّهُودِ وَيَقْرَأُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَيَقُولُ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ أَوْ عَلَى حُكْمِي الْمُبَيَّنِ فِيهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي الشَّامِلِ لَوْ اقْتَصَرَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانٍ أَجْزَأَ لَكِنْ حَكَاهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِصِيغَةٍ قِيلَ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْظُرَ الشَّاهِدُ أَنَّ وَقْتَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِمَا فِي الْكِتَابِ (فَلَوْ لَمْ يَقْرَأْهُ) عَلَيْهِمَا وَجَهِلَا مَا فِيهِ (وَأَشْهَدَهُمَا عَلَى مَا أَنَّ فِيهِ حُكْمَهُ) أَوْ أَنَّهُ قَضَى بِمَضْمُونِهِ (لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَفْصِلَ) لَهُمَا (مَا حَكَمَ بِهِ) وَلَا يَكْفِي أَيْضًا مَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنْ يُشْهِدَهُمَا عَلَى أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ أَوْ مَا فِيهِ خَطُّهُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُكْتَبُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ تَحْقِيقِهِ (وَلَوْ حَكَمَ بِحُضُورِهِمَا وَلَمْ يُشْهِدْهُمَا فَلَهُمَا الشَّهَادَةُ بِحُكْمِهِ) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ إنْشَاءَ الْحُكْمِ بِحُضُورِهِمَا لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَوْلِهِ اشْهَدَا عَلَيَّ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ إلَّا مَا مَرَّ عَنْ الشَّامِلِ (وَالْمَكْتُوبُ إلَيْهِ يَطْلُبُ) وُجُوبًا (تَزْكِيَةَ الشُّهُودِ الْحَامِلِينَ لِلْكِتَابِ وَلَا يَكْفِي تَعْدِيلُ الْكَاتِبِ إيَّاهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ تَعْدِيلٌ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّهُ كَتَعْدِيلِ الْمُدَّعِي شُهُودَهُ؛ وَلِأَنَّ الْكِتَابَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِمْ فَلَوْ ثَبَتَ بِهِ عَدَالَتُهُمْ لَثَبَتَتْ بِقَوْلِهِمْ وَالشَّاهِدُ لَا يُزَكِّي نَفْسَهُ (وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ) لِآخَرَ (يَسْتَحِقُّ فُلَانٌ عَلَيَّ مَا فِي هَذِهِ الْقُبَالَةِ وَأَنَا عَالِمٌ بِهِ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمَا فِيهَا إنْ حَفِظَهَا) ، وَإِنْ لَمْ يُفَصِّلْهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ وَالْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ بِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ مُخْبِرٌ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ فَالِاحْتِيَاطُ فِيهِ أَهَمُّ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَجَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ بِالْمَنْعِ حَتَّى يَقْرَأَهُ وَيُحِيطَ بِمَا فِيهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِمَضْمُونِ الْقُبَالَةِ مُفَصِّلًا أَمَّا الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا فِيهَا مُبْهَمًا فَيَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ قَطْعًا كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ الْمُبْهَمَةِ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْقَاضِي (خَتْمُ الْكِتَابِ) حِفْظًا لِمَا فِيهِ وَإِكْرَامًا لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرْسِلُ كُتُبَهُ غَيْرَ مَخْتُومَةٍ فَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَبُولِهَا إلَّا مَخْتُومَةً فَاِتَّخَذَ خَاتَمًا وَنَقَشَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» فَصَارَ خَتْمُ الْكُتُبِ سُنَّةً مُتَّبَعَةً وَإِنَّمَا كَانُوا لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إلَّا مَخْتُومًا خَوْفًا مِنْ كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ وَإِضَاعَةِ تَدْبِيرِهِمْ. (وَ) أَنْ (يَتْرُكَ مَعَهُمَا) نُسْخَةً (أُخْرَى) غَيْرَ مَخْتُومَةٍ (يُطَالِعَانِهَا) عِنْدَ الْحَاجَةِ (وَ) أَنْ (يَذْكُرَ فِي الْكِتَابِ نَقْشَ الْخَتْمِ) أَيْ الْخَاتَمِ الَّذِي يَخْتِمُ بِهِ (وَأَنْ يُثْبِتَ اسْمَهُ وَاسْمَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فِي الْعُنْوَانِ أَيْضًا) كَمَا يُثْبِتُهُمَا فِي بَاطِنِ الْكِتَابِ (فَإِنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ) الْحَقَّ بَعْدَ أَنْ أَحْضَرَهُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ (شَهِدَا) عِنْدَهُ (بِأَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانٍ وَخَتْمُهُ وَحَكَمَ بِمَا فِيهِ لِفُلَانٍ   [حاشية الرملي الكبير] الْعَمَلُ بِالْكِتَابِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ أَوْ كَانَ فَطَلَبَ الْمَحْكُومُ لَهُ إنْهَاءَ الْأَمْرِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّةَ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إذَا كَانَ لِلْغَائِبِ مَالٌ حَاضِرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُجِيبُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ لَا مَا حَكَمَ فِيهِ بِعِلْمِهِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلَ لَا وَلَوْ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْعُدَّةِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ جَوَّزْنَا الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنَا عَالِمٌ بِكَذَا إخْبَارٌ عَنْ عِلْمِ نَفْسِهِ، وَهُوَ وَاحِدٌ بَلْ لَوْ شَهِدَ بِهِ لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ فِي غَيْرِ هِلَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَسَأَلَ إنْهَاءَ الْحُكْمِ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ) هَذَا إذَا عَلِمَ بَلَدَهُ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ كَتَبَ الْكِتَابَ مُطْلَقًا إلَى كُلِّ مَنْ يَبْلُغُهُ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ فَمَنْ بَلَغَهُ عَمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَقُولَ بِحُجَّةٍ أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ) ، وَإِنْ حَكَمَ عَلَى غَائِبٍ بِإِقْرَارِهِ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا فِي صِحَّتِهِ وَسَلَامَتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فَهَلْ يَقُومُ حُكْمُهُ مَقَامَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ) وَجَرَى عَلَيْهِ أَتْبَاعُهُ وَمِنْهُمْ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَأَصْلُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ وَلَوْ كَتَبَ كَاتِبٌ إقْرَارًا أَوْ كَتَبَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ فَأَشَارَ إلَى مَجْمُوعَةٍ فَقَالَ الْإِقْرَارُ الْمُثْبِتُ فِي هَذَا الذِّكْرِ إقْرَارِي وَأَنَا مُعْتَرِفٌ بِجَمِيعِ مَا أُثْبِتُهُ فِي هَذِهِ الْأَسْطُرِ فَالْوَجْهُ عِنْدَنَا ثُبُوتُ الْإِقْرَارِ وَجَوَازُ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ ثُمَّ إذَا أَشَارَ الشُّهُودُ إلَى الذِّكْرِ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُؤَاخَذًا بِتَفْصِيلِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَجَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ بِالْمَنْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَطْعًا) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَذْكُرَ فِي الْكِتَابِ نَقْشَ الْخَتْمِ) كُلُّ مَا يَرَاهُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ شَرْطًا فِي الْقَبُولِ يُؤْتَى بِهِ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ لَمْ يُرِهِ الْقَاضِي الْكَاتِبَ وَهَذَا وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْمُؤَنَ عَلَى حُكْمِ الْقَصْدِ ع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 عَلَى هَذَا وَقَرَأَهُ عَلَيْنَا) ، وَإِنْ لَمْ يَقُولَا وَأَشْهَدَنَا بِهِ فَلَا يَكْفِي ذِكْرُهُمَا الْكِتَابَ وَالْخَتْمَ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِحُكْمِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ اسْتَوْفَاهُ مِنْهُ (فَرْعٌ التَّعْوِيلُ عَلَى) شَهَادَةِ (الشُّهُودِ فَلَوْ شَهِدُوا بِخِلَافِ مَا فِي الْكِتَابِ) أَوْ بَعْدَ أَنْ ضَاعَ أَوْ انْمَحَى أَوْ انْكَسَرَ الْخَتْمُ كَمَا فَهِمْت بِالْأَوْلَى (عُمِلَ بِشَهَادَتِهِمْ) ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ كَمَا مَرَّ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْكِتَابِ وَالْكِتَابُ تَذْكِرَةٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ جَرَى رَسْمُ الْقُضَاةِ بِهِ (وَيَشْهَدُ بِهِ) أَيْ بِمَا فِيهِ (رَجُلَانِ وَلَوْ فِي مَالٍ) أَوْ زِنًا أَوْ هِلَالِ رَمَضَانَ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ قَبْلَ فَضِّ الْكِتَابِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ فَضَّهُ الْقَاضِي أَمْ غَيْرُهُ لَكِنْ الْأَدَبُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَشْهَدُوا بَعْدَ فَضِّ الْقَاضِي لَهُ وَقِرَاءَتِهِمْ الْكِتَابَ (فَرْعٌ لَوْ كَتَبَ إلَى) قَاضٍ (مُعَيَّنٍ) بِحُكْمٍ أَوْ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ (فَشَهِدُوا عِنْدَ غَيْرِهِ جَازَ) ، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ الْقُضَاةِ اعْتِمَادًا عَلَى الشَّهَادَةِ (سَوَاءٌ عَاشَ الْكَاتِبُ وَالْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ مَاتَا) ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ بِمَا تَحَمَّلُوهُ عَنْ الْكَاتِبِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي مَوْتِ الْكَاتِبِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ الثَّانِي نَائِبًا عَنْهُ فَإِنْ كَانَ نَائِبًا عَنْهُ تَعَذَّرَ ذَلِكَ وَكَالْمَوْتِ الْعَزْلُ وَالِانْعِزَالُ بِجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَخَرَسٍ وَنَحْوِهَا (وَلَوْ فَسَقَ الْكَاتِبُ أَوْ ارْتَدَّ) ثُمَّ وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الثَّانِي (أَمْضَى حُكْمَهُ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحُكْمِ السَّابِقِ (لَا إنْ كَانَ) الْإِنْهَاءُ (إنْهَاءَ) سَمَاعِ (بَيِّنَةٍ) فَلَا يَقْبَلُهَا وَلَا يُحْكَمُ بِهَا كَمَا لَوْ فَسَقَ الشَّاهِدُ أَوْ ارْتَدَّ قَبْلَ الْحُكْمِ؛ وَلِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا مُشَبَّهَةٌ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَشَهَادَةُ الْفَرْعِ لَا تُقْبَلُ بَعْدَ فِسْقِ الْأَصْلِ أَوْ رِدَّتِهِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ أَجْرَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فِي غَيْرِ الْفِسْقِ وَالرِّدَّةِ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْأَصْلِ (فَرْعٌ يَنْبَغِي) أَيْ يُنْدَبُ (أَنْ يَكْتُبَ الْقَاضِي فِي الْكِتَابِ اسْمَ الْمَحْكُومِ لَهُ وَ) الْمَحْكُومِ (عَلَيْهِ وَ) أَنْ (يَصِفَهُمَا بِمَا يُمَيَّزَانِ بِهِ) مِنْ كُنْيَةٍ وَوَلَاءٍ وَاسْمِ أَبٍ وَجَدٍّ وَحِلْيَةٍ وَحِرْفَةٍ وَنَحْوِهَا لِيَسْهُلَ التَّمْيِيزُ (فَإِنْ شَهِدَا عَلَى الْمَوْصُوفِ) بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ (فَأَنْكَرَ الِاسْمَ وَالنَّسَبَ) وَلَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ لَيْسَ الْمَوْصُوفُ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ وَعَلَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هَذَا الْمَكْتُوبَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ أَمَّا إذَا شَهِدَا عَلَى عَيْنِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ حَكَمَ عَلَيْهِ فَيُسْتَوْفَى مِنْهُ (فَلَوْ قَالَ) لَا أَحْلِفُ عَلَى أَنِّي لَسْت الْمَوْصُوفَ بَلْ (أَحْلِفُ) عَلَى (أَنَّهُ لَا يَلْزَمُنِي) شَيْءٌ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِمَا أَنْكَرَهُ وَقِيلَ يُقْبَلُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الصَّغِيرِ قَالَ وَلَوْ اقْتَصَرَ فِي الْجَوَابِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُنِي شَيْءٌ كَفَاهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ هُوَ اسْمِي وَلَسْت الْخَصْمَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ مُشَارِكٌ) لَهُ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَاتِ (يُعَاصِرُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ) الَّذِي قَالَهُ غَيْرُهُ الْمَحْكُومُ لَهُ (حَكَمَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ. (فَإِنْ وُجِدَ) ، وَهُوَ (مَيِّتٌ) بَعْدَ الْحُكْمِ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَهُ (وَقَدْ عَاصَرَهُ وَقَعَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَلَوْ شَهِدُوا بِخِلَافِ مَا فِي الْكِتَابِ إلَخْ) يَنْبَغِي عِنْدَ الْإِمْكَانِ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِي الْكَاتِبَ فِيمَا كَتَبَ بِهِ وَأَشْهَدَهُمَا عَلَى نَفْسِهِ بِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْقَاضِي رِيبَةٌ فِي قَوْلِهِمَا لِلْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ غ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ نَائِيًا عَنْهُ تَعَذَّرَ ذَلِكَ) إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي اسْتِخْلَافِهِ وَيَقُولُ اسْتَخْلِفْ عَنِّي (قَوْلُهُ بَعْدَ فِسْقِ الْأَصْلِ) أَوْ رِدَّتِهِ خَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ مَا لَوْ فَسَقَ بَعْدَ عَمَلِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِمَا فِي الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ. (قَوْلُهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْأَصْلِ) مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الْقَاضِي بِمَوْتٍ أَوْ عَزْلٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ فِسْقٍ وَتَقَلَّدَ غَيْرُهُ مَكَانَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُ كِتَابٍ إلَى غَيْرِهِ كَالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْمَعْزُولِ لَا يَحْكُمُ بِهَا الْمُوَلَّى بَعْدَهُ وَيَحْكِي فِي الْبَحْرِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا بِخُرَاسَانَ قَالَ إنَّ الْكِتَابَ يَخْرُجُ بِمَوْتِ الْكَاتِبِ عَنْ أَنْ يَكُونَ بَيِّنَةٌ قَالَ وَهَذَا غَلَطٌ وَقَالَ شُرَيْحٌ: إذَا مَاتَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ عُزِلَ ثُمَّ وُلِّيَ غَيْرُهُ وَوَصَلَ الْكِتَابُ إلَيْهِ أَوْ وَصَلَ فِي حَيَاةِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ إلَى قَاضٍ آخَرَ قَبِلَهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَتَعَيَّنُ قَاضٍ، وَإِنْ عَيَّنَهُ فِي كِتَابِهِ (قَوْلُهُ فَإِذَا شَهِدَ عَلَى الْمَوْصُوفِ) قَالَ فِي الْحَاوِي.: إذَا وَقَفَ الْقَاضِي عَلَى عُنْوَانِهِ وَخَتَمَهُ سَأَلَ الشَّاهِدَيْنِ عَنْهُ قَبْلَ فَضِّهِ سُؤَالَ اسْتِخْبَارٍ فَإِذَا أَخْبَرَاهُ فَضَّهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَفُضَّهُ وَيَقْرَأَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْخَصْمِ الْمَطْلُوبِ فَإِذَا قَرَأَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ جَازَ وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ جَوَازِ فَضَّهُ وَقِرَاءَتِهِ قَبْلَ حُضُورِ الْخَصْمِ الْمَطْلُوبِ فَإِذَا قَرَأَهُ الْقَاضِي سَأَلَ الشَّاهِدَيْنِ سُؤَالَ شَهَادَةٍ لَا سُؤَالَ اسْتِخْبَارٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا إلَّا بِحُضُورِ الْخَصْمِ الْمَطْلُوبِ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَيْهِ بِحَقٍّ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ إذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْقَاضِي يَجِبُ أَنْ يَحْضُرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حَضَرَ فَإِنْ اسْتَوْفَاهُ وَإِلَّا فَيَشْهَدَانِ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانٍ وَخَتْمَهُ حَكَمَ فِيهِ لِفُلَانٍ بِكَذَا عَلَى هَذَا وَأَشْهَدَنَا بِهِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَا وَإِنَّهُ كَانَ عَلَى الْقَضَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِمَا أَنْكَرَهُ) جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى حَسَبِ الْجَوَابِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَوْ طَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ الْقَبْضِ أَوْ الْبَرَاءَةِ لَمْ يُجِبْهُ؛ لِأَنَّ الْكَاتِبَ قَدْ حَلَّفَهُ وَلَوْ طَلَبَ يَمِينَهُ عَلَى عَدَالَةِ شُهُودِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ لَمْ يُجِبْهُ أَوْ عَلَى أَنْ لَا وِلَادَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا شَرِكَةَ أُجِيبَ إلَيْهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمَحْكُومِ لَهُ دُونَ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ الَّذِي قَالَهُ غَيْرُهُ الْمَحْكُومُ لَهُ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ) مِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَى مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأَقَرَّ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْحَقُّ كَمَا لَوْ كَتَبَ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فَأَقَرَّ أَنَّهُ الْمُسَمَّى وَأَنْكَرَ أَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يُحْضِرَ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَ بِهَا كَذَلِكَ الْحُجَّةُ إذَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 320 الْإِشْكَالُ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعَاصِرْهُ وَاعْتُبِرَتْ مُعَاصَرَتُهُ لَهُ لِتَمَكُّنِ مُعَامَلَتِهِ لَهُ وَنَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي اعْتِبَارِ الْمُعَاصَرَةِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الدَّيْنِ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُعَاصِرْهُ بِمُعَامَلَةٍ مَعَ مُوَرِّثِهِ مَثَلًا قَالَ، وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى إمْكَانِ صُدُورِ الْمُدَّعَى بِهِ مَعَ الْمَيِّتِ (أَوْ حَاضِرًا حَضَرَ فَإِنْ أَنْكَرَ) الْحَقَّ (كَتَبَ) الْحَاكِمُ الثَّانِي (إلَى الْأَوَّلِ) بِمَا وَقَعَ مِنْ الْإِشْكَالِ (لِيَأْخُذَ مِنْ الشُّهُودِ مَا يَدْرَأُ) أَيْ يَدْفَعُ (الْإِشْكَالَ فِيهِ) أَيْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ طُولِبَ بِهِ وَخَلَصَ الْأَوَّلُ هَذَا كُلُّهُ إذَا أَثْبَتَ الْقَاضِي اسْمَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَنَسَبَهُ وَصِفَتَهُ كَمَا مَرَّ (أَمَّا لَوْ حَكَمَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى مُبْهَمٍ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ الِاسْمِ رَجُلٌ وَأَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقِرَّ) بِالْحَقِّ (لَمْ يَلْزَمْهُ) ذَلِكَ الْحُكْمُ لِبُطْلَانِهِ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْحَقِّ لَزِمَهُ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْإِنْهَاءِ بِالْمُكَاتَبَةِ شَرَعَ فِي الْإِنْهَاءِ بِالْمُشَافَهَةِ فَقَالَ (فَإِنْ شَافَهَ قَاضٍ قَاضِيًا بِالْحُكْمِ وَالْمُنْهَى) لَهُ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَمْ يَحْكُمْ) الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّ إخْبَارَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَإِخْبَارِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ كَانَ الْمُنْهَى فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْمُنْهَى إلَيْهِ فِي غَيْرِهِ. (فَلَهُ الْحُكْمُ إذَا رَجَعَ وِلَايَتَهُ) أَيْ إلَيْهَا أَيْ مَحَلِّهَا (وَهُوَ حَكَمَ بِعِلْمِهِ فَإِنْ كَانَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِمَا كَانَ تَنَادِيًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ) بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي طَرَفِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَنَادَى الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَأَخْبَرَهُ بِمَا حَكَمَ (أَوْ كَانَا قَاضِيَ بَلَدٍ أَوْ أَنْهَى إلَيْهِ نَائِبَهُ فِي الْبَلَدِ وَعَكْسُهُ) بِأَنْ أَنْهَى إلَيْهِ مُنِيبَهُ (أَوْ خَرَجَ الْقَاضِي إلَى قَرْيَةٍ لَهُ فِيهَا نَائِبٌ فَأَخْبَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) بِحُكْمِهِ (أَمْضَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْكِتَابِ وَلِأَنَّ الْقَرْيَةَ فِي الْأَخِيرَةِ مَحَلُّ وِلَايَتِهِمَا (وَلَوْ دَخَلَ النَّائِبُ) بَلَدَ مُنِيبِهِ (فَأَنْهَى) إلَيْهِ (حُكْمَهُ لَمْ يُقْبَلْ) ؛ لِأَنَّ الْمُنْهَى فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (أَوْ أَنْهَى إلَيْهِ الْقَاضِي) حُكْمَهُ (نَفَّذَهُ) إذَا عَادَ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (وَكَانَ حُكْمًا بِعِلْمٍ.) (فَرْعٌ لَهُ أَنْ يُشَافِهَ بِالْحُكْمِ وَالِيًا غَيْرَ قَاضٍ لِيَسْتَوْفِيَ) الْحَقَّ مِمَّنْ لَزِمَهُ (وَلَوْ مِمَّنْ هُوَ فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (وِلَايَتِهِ) ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الْوَلِيِّ مُشَافَهَةً كَشَهَادَةِ الشُّهُودِ عِنْدَ الْقَاضِي وَاخْتَارَ الْإِمَامُ خِلَافَ ذَلِكَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَيْهِ سَمَاعُ قَوْلِ الْقَاضِي كَمَا لَيْسَ إلَيْهِ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ (وَلَا يَكْتُبُ إلَيْهِ إلَّا إنْ فُوِّضَ إلَيْهِ) مِنْ الْإِمَامِ (نَظَرُ الْقَضَاءِ) أَيْ تَوْلِيَةُ مَنْ يَرَاهُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ (وَهُوَ صَالِحٌ لَهُ) فَلَهُ مُكَاتَبَتُهُ كَمَا يَجُوزُ مُكَاتَبَةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا لَمْ يُكَاتِبْهُ فِيمَا عَدَا هَذَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَمَنْصِبُ سَمَاعِهَا يَخْتَصُّ بِالْقَضَاءِ لَكِنَّهُ خَالَفَ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ فَصَحَّحَ فِيهَا قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْقُضَاةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (فَصْلٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ وَأَنْهَى سَمَاعَ الْحُجَّةِ) الْمَسْبُوقَةِ بِالدَّعْوَى (إلَى قَاضٍ آخَرَ مُشَافَهَةً) لَهُ بِهِ (لَمْ يَجُزْ) لَهُ الْحُكْمُ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إنْهَاءَ سَمَاعِهَا نُقِلَ لَهَا كَنَقْلِ الْفَرْعِ شَهَادَةَ الْأَصْلِ فَكَمَا لَا يُحْكَمُ بِالْفَرْعِ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ غَابَ الشُّهُودُ عَنْ بَلَدِ الْقَاضِي لِمَسَافَةٍ يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَازَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ مُكَاتَبَةً جَازَ) الْحُكْمُ بِهِ (حَيْثُ) تَكُونُ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ بِحَيْثُ (يَسْمَعُ) فِيهَا (الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ) بِخِلَافِ الْكِتَابِ بِالْحُكْمِ يَجُوزُ وَلَوْ مَعَ الْقُرْبِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الِاسْتِيفَاءُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ إذْ يَسْهُلُ إحْضَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ وَيُسَمَّى كِتَابُ سَمَاعِهَا كِتَابَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَتْ مُعَاصَرَتُهُ لَهُ لِتَمَكُّنِ مُعَامَلَتِهِ) قَيَّدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْمُعَاصَرَةَ بِمَا إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ عَامِلَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ ر قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالتَّقْيِيدُ بِإِمْكَانِ الْمُعَامَلَةِ مُتَعَيِّنٌ سَوَاءٌ مَاتَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَوْ قَبْلَهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إقْرَارٍ وَكُلُّ مَا لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْمُكَلَّفِ وَكَانَ الْمُوَافِقُ صَغِيرًا طِفْلًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَنْكَرَ الْحَقَّ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَغَيْرُهُ قِيلَ لِلْمَحْكُومِ لَهُ أَلَكَ بَيِّنَةٌ تُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَإِذَا أَتَى بِالْبَيِّنَةِ حَكَمَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا كَتَبَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَى الْكَاتِبِ وَذَكَرُوا مَا سَاقَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ فَإِنَّ الْمُكَاتَبَةَ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَالرَّافِعِيُّ يَقُولُ: بِذَلِكَ وَلَكِنْ الْإِيضَاحُ أَوْلَى (قَوْلُهُ لِيَأْخُذَ مِنْ الشُّهُودِ مَا يَدْرَأُ الْإِشْكَالَ فِيهِ) يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى كِتَابَةِ الصِّفَةِ الْمُمَيِّزَةِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ لَا بُدَّ عِنْدَنَا مِنْ حُكْمٍ مُسْتَأْنَفٍ عَلَى الْمَوْصُوفِ بِالصِّفَةِ الزَّائِدَةِ الْمُمَيِّزَةِ لَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ دَعْوَى وَلَا حَلِفٍ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْحُكْمِ عَلَى مَا قَدَّرْنَاهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ طُولِبَ بِهِ وَخُلِّصَ الْأَوَّلُ) إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى مُبْهَمٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَا بِالْإِشَارَةِ وَلَا بِالصِّفَةِ الْكَامِلَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَقْصَى الْوَصْفَ وَظَهَرَ اشْتِرَاكٌ عَلَى النُّدُورِ (قَوْلُهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ قَدْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ حَيْثُ حَلَّ مِنْ الْبِلَادِ [فَصْلٌ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي وَأَنْهَى سَمَاعَ الْحُجَّةِ الْمَسْبُوقَةِ بِالدَّعْوَى إلَى قَاضٍ آخَرَ مُشَافَهَةً لَهُ بِهِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ الْكَاتِبُ وَالْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي طَرَفِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَأَخْبَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْقُرْبِ) كَأَنْ كَانَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ وَتَيَسَّرَ اجْتِمَاعُهُمَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ إلَخْ) قَضِيَّةُ الْفَرْقِ السَّابِقِ بَيْنَ الْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ شُهُودَ الْأَصْلِ لَوْ حَضَرُوا فِي بُعْدِ الْمَسَافَةِ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْكِتَابِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِمَا اقْتَضَاهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ حَتَّى يَسْمَعَ الشَّهَادَةَ مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ حَيْثُ خَصَّ جَوَازَ الْمُكَاتَبَةِ مَعَ الْقُرْبِ وَالْعَمَلِ بِالْمُشَافَهَةِ بِفَقْدِ شُهُودِ الْأَصْلِ أَوْ غَيْبَتِهِمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ نَقْلُ شَهَادَةٍ لَا حُكْمٌ بِأَدَائِهَا وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ بِلَا شَكٍّ مُنَزَّلٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَعَدَمُ الْعَمَلِ مَعَ مُصَاحَبَةِ شُهُودِ الْأَصْلِ لَهُ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَعْمَلَ بِهِ، وَإِنْ وُجِدَ الْبُعْدُ وَحِينَئِذٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ سُهُولَةُ إعَادَةِ الشَّهَادَةِ فَلَوْ مَاتُوا أَوْ تَعَذَّرَ حُضُورُهُمْ عِنْدَهُ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ تُعْتَبَرْ الْمَسَافَةُ الْمَذْكُورَةُ وَيَجُوزُ كِتَابُ الْقَاضِي بِالسَّمَاعِ مَعَ الْبُعْدِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 321 نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَكِتَابَ الثَّبْتِ أَيْ تَثْبِيتُ الْحُجَّةِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِنَائِبِهِ اسْمَعْ الْبَيِّنَةَ) بَعْدَ الدَّعْوَى (وَانْهَهَا إلَيَّ) فَفَعَلَ (فَإِنَّ الْأَشْبَهَ الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ حُكْمِ مُنِيبِهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَ النِّيَابَةِ لِلِاسْتِعَانَةِ بِالنَّائِبِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الِاعْتِدَادَ بِسَمَاعِهِ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْقَاضِي الْمُسْتَقِلِّ وَمُقَابِلُ الْأَشْبَهِ عَدَمُ الْجَوَازِ كَإِنْهَاءِ أَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ فِي الْبَلَدِ إلَى الْآخَرِ لِإِمْكَانِ حُضُورِ الشُّهُودِ عِنْدَهُ (وَلِيُبَيِّنَ) الْقَاضِي الْكَاتِبُ (الْحُجَّةَ) أَهِيَ بَيِّنَةٌ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ أَوْ يَمِينٌ مَرْدُودَةٌ لِيَعْرِفَهَا الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فَقَدْ لَا يَرَى بَعْضَ ذَلِكَ حُجَّةً (وَيُسَمِّي لَهُ الشُّهُودَ لِيَبْحَثَ عَنْهُمْ) . وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِهِمْ وَيُعَدِّلَهُمْ؛ لِأَنَّ أَهْلَ بَلَدِهِمْ أَعْرَفُ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَى الثَّانِي الْبَحْثُ وَالتَّعْدِيلُ وَإِذَا عَدَّلَهُمْ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ لِلثَّانِي إعَادَةُ التَّعْدِيلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْقَاضِي الْمُوَافِقِ فِي الْمَذْهَبِ فِي التَّعْدِيلِ لَا الْمُخَالِفِ وَفِي نُسْخَةٍ وَلِيَبْحَثَ بِالْوَاوِ (فَلَوْ عَدَّلَهُمْ) الْكَاتِبُ (وَسَكَتَ عَنْ تَسْمِيَتِهِمْ كَفَى) كَمَا فِي الْحُكْمِ وَلَا حَاجَةَ هُنَا إلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلِلْخَصْمِ تَجْرِيحُهَا) أَيْ الْحُجَّةِ وَالْأَوْلَى تَجْرِيحُهُمْ (وَيُمْهِلُ لَهُ) أَيْ لِتَجْرِيحِهِمْ أَيْ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِهِ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ فَأَقَلَّ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إذَا اسْتَمْهَلَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ لَا يَعْظُمُ ضَرَرُ الْمُدَّعِي بِتَأْخِيرِ الْحُكْمِ فِيهَا وَبِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاجَةٌ إلَيْهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ أَبْرَأْتنِي أَوْ قَضَيْت الْحَقَّ وَاسْتُمْهِلَ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ (لَا) إنْ اسْتَمْهَلَ (لِيَذْهَبَ إلَى الْكَاتِبِ وَيَجْرَحَهُمْ عِنْدَهُ) أَوْ لِيَأْتِيَ مِنْ بَلَدِهِ بِبَيِّنَةٍ أُخْرَى دَافِعَةٍ فَلَا يُمْهَلُ (بَلْ يُسَلِّمُ الْمَالَ) لِلْمُدَّعِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا تَوَقَّفَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ مُطْلَقًا سَدًّا لِلْبَابِ (فَإِنْ أَقَامَ دَافِعًا اسْتَرَدَّ) مَا سَلَّمَهُ (فَلَوْ سَأَلَ) الْخَصْمُ (وَالْكَاتِبُ بِالْحُكْمِ تَحْلِيفَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنَّهُ مَا اسْتَوْفَى) مِنْهُ الْحَقَّ أَوْ أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ (فَهَلْ يُجَابُ) إلَيْهِ. كَمَا لَوْ ادَّعَى عِنْدَهُ ابْتِدَاءً أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْكَاتِبَ حَلَّفَهُ (وَجْهَانِ) أَرْجَحُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِي وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرِهِمْ نَعَمْ إنْ ادَّعَى إيقَاعَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ بِلَا شَكٍّ (أَوْ) سَأَلَ تَحْلِيفَهُ (أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَدَاوَةَ الشُّهُودِ لَهُ أُجِيبَ) إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَمِنْ هُنَا زَادَ الْمُصَنِّفُ يَعْلَمُ عَلَى قَوْلِ أَصْلِهِ أَوْ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشُّهُودِ (أَوْ) تَحْلِيفَهُ (أَنَّهُمْ عُدُولٌ لَمْ يُجَبْ) بَلْ يَكْفِي تَعْدِيلُ الْحَاكِمِ إيَّاهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِسْقَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْحُكْمِ بِالشَّيْءِ الْغَائِبِ عَلَى غَائِبٍ وَهَذَا فِي الْأَعْيَانِ) ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَتَّصِفُ بِالْغَيْبَةِ وَالْحُضُورِ (أَمَّا الدَّيْنُ وَنَحْوُ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ) مِنْ رَجْعَةٍ وَإِثْبَاتِ وَكَالَةٍ وَنَحْوِهِمَا (فَلَا يُوصَفُ بِغَيْبَةٍ وَلَا حُضُورٍ) لَا فِي الدَّعْوَى بِهَا وَلَا فِي غَيْرِهَا (ثُمَّ الْعَيْنُ) الْمُدَّعَاةُ (الْغَائِبَةُ عَنْ الْبَلَدِ إنْ كَانَتْ مِمَّا تُعْرَفُ) بِأَنْ يُؤْمَنَ اشْتِبَاهُهَا (كَالْعَقَارِ) الْمَعْرُوفِ وَيُعْتَمَدُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَيَعْرِفُهُ) الْمُدَّعِي (بِذِكْرِ الْبُقْعَةِ وَالسِّكَّةِ وَالْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ) عَلَى مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى (وَكَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ) الْمَعْرُوفَيْنِ (بِالشُّهْرَةِ سُمِعَتْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ بِهَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ دُونَهُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى. (وَمَا لَا شُهْرَةَ لَهُ) كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ (تُسْمَعُ فِيهِ الْأَوْصَافُ) أَيْ الدَّعْوَى بِهِ اعْتِمَادًا عَلَى الْأَوْصَافِ (أَيْضًا لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا كَمَا فِي الْعَقَارِ وَكَمَا تُسْمَعُ عَلَى الْخَصْمِ الْغَائِبِ اعْتِمَادًا عَلَى الصِّفَةِ   [حاشية الرملي الكبير] وَالْقُرْبِ وَحَصَلَ أَنَّ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْكِتَابِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بَلْ الضَّابِطُ مَا ذَكَرْنَاهُ. (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِهِمْ وَيُعَدِّلَهُمْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يُمْكِنُ أَنْ يُعَدِّلَهُمَا أَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَعَلِمَ الْكَاتِبُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعْدِيلُهُمَا هُنَاكَ إمَّا لِعَدَمِ مَنْ يَعْرِفُهُمَا ثُمَّ لِبُعْدِ الدَّارِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ تَعْدِيلِهِمَا بِبَلَدِهِمَا ثُمَّ الْمُكَاتَبَةُ بِمَا شَهِدَا بِهِ غ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْله قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) : أَيْ وَغَيْرُهُ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ) يُشْبِهُ أَنَّهُ مُرَادُ الْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا الْمَنْعَ بِالْأَمْرِ بِطُولٍ فَلَوْ فَعَلْنَا هَذَا وَالظَّنُّ بِالْقَاضِي كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَمْ يَأْلُ جَهْدًا وَلَمْ يُقَصِّرْ لَبَطَلَ أَثَرُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَرَأَيْت فِي الْعُمْدَةِ لِلْفُورَانِيِّ فَإِنْ قَالَ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَرْحِهِمْ فَلَهُ ذَلِكَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُثْبِتَ أَوَّلًا أَنَّ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ ثُمَّ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَرْحِهِمْ فَإِنْ اسْتَمْهَلَ مُدَّةً لِيَخْرُجَ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَيُنْجِزَ كِتَابًا بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ ثُمَّ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ هَا هُنَا عَلَى الْجَرْحِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ اهـ وَقَالَ فِي الْإِبَانَةِ: إذَا اسْتَمْهَلَ حَتَّى يَذْهَبَ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبُ وَيُبَيِّنَ الشُّهُودَ بِالْجَرْحِ يُمْهَلُ غ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَامَ دَافِعًا اسْتَرَدَّ مَا سَلَّمَهُ) لِإِخْفَاءِ أَنَّهُ إذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَنَّهُ عَلَى حُجَّتِهِ مِنْ قَادِحٍ فِي الْبَيِّنَةِ بِجَرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْ الْمُعَارَضَةِ بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا عَلَى إبْرَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَرْجَحُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِي) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ أَوْ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَدَاوَةَ الشُّهُودِ) أَوْ أَنَّ فِيهِمْ رِقًّا أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنْ النَّسَبِ مَا يَمْنَعُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمْ لَهُ أَوْ أَنَّهُمْ يَجُرُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِهَا نَفْعًا أَوْ يَدْفَعُونَ بِهَا عَنْهُمْ ضَرَرًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِسْقَهُمْ) أَيْ أَوْ كَذِبَهُمْ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ لَنَفَعَهُ (قَوْلُهُ الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْحُكْمِ بِالشَّيْءِ الْغَائِبِ عَلَى غَائِبٍ) لَا فَرْقَ فِي مَسَائِلِ هَذَا الطَّرَفِ بَيْنَ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَغَيْبَتِهِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ هُنَا لِمُنَاسَبَةِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ وَالْحُدُودُ الْأَرْبَعَةُ) إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ إلَّا بِهَا فَلَوْ حَصَلَ الْعِلْمُ وَلَوْ بِوَاحِدٍ كَفَى بَلْ لَوْ كَانَتْ مَشْهُورَةً بِاسْمٍ تَنْفَرِدُ بِهِ كَدَارِ النَّدْوَةِ بِمَكَّةَ كَفَى ذِكْرُهُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّرْطَ ذِكْرُ مَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ وَلَوْ بِذِكْرِ حَدٍّ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ مَشْهُورًا لَا يَشْتَبِهُ لَا حَاجَةَ إلَى تَحْدِيدِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 (لَا لِلْحُكْمِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَ خَطَرِ الِاشْتِبَاهِ وَالْجَهَالَةِ بَعِيدٌ (فَيَصِفُهَا) أَيْ الْعَيْنَ الْغَائِبَةَ (الْمُدَّعَى) بِهَا (بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَبِالْقِيمَةِ) عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (قَالُوا وَالرَّكْنُ فِي) تَعْرِيفِ (الْمِثْلِيَّاتِ الْوَصْفُ) أَيْ ذِكْرُهُ (وَذِكْرُ الْقِيمَةِ مُسْتَحَبٌّ وَفِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ) الْأَمْرُ (بِالْعَكْسِ) أَيْ الرَّكْنُ فِي تَعْرِيفِهَا ذِكْرُ الْقِيمَةِ وَذِكْرُ الْوَصْفِ مُسْتَحَبٌّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الدَّعَاوَى مِنْ وُجُوبِ وَصْفِ الْعَيْنِ بِصِفَةِ السَّلَمِ دُونَ قِيمَتِهَا مِثْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَقَوِّمَةً هُوَ فِي عَيْنٍ حَاضِرَةٍ بِالْبَلَدِ يُمْكِنُ إحْضَارُهَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا كَمَا أَشَارُوا إلَيْهِ بِتَعْبِيرِهِمْ هُنَا بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْوَصْفِ وَثَمَّ بِوَصْفِ السَّلَمِ وَالْمُصَنِّفُ كَبَعْضِهِمْ تَوَهَّمَ أَنَّ الْعَيْنَ فِي الْبَابَيْنِ وَاحِدَةٌ فَعَبَّرَ هُنَا بِمَا عَبَّرُوا بِهِ ثَمَّ مِنْ اعْتِبَارِ وَصْفِهَا بِصِفَاتِ السَّلَمِ (وَيَكْتُبُ) الْقَاضِي (بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا جَرَى عِنْدَهُ مِنْ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ (إلَى قَاضِي بَلَدِ الْعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) ثَمَّ (عَيْنٌ أُخْرَى بِتِلْكَ الصِّفَاتِ) الْمَذْكُورَةِ (بَعَثَ) الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ (بِالْعَيْنِ إلَيَّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ لِيَشْهَدُوا) أَيْ الشُّهُودُ عِنْدَهُ (عَلَى عَيْنِهَا) وَيَبْعَثُهَا لَهُ (عَلَى يَدِ الْمُدَّعِي) لَا الْخَصْمِ لِمَا فِي بَعْثِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ. (وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِبَدَنَةٍ) لَا بِقِيمَتِهَا احْتِيَاطًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَيَخْتِمُ عَلَى الْعَيْنِ) عِنْدَ تَسْلِيمِهَا لَهُ (بِخَتْمٍ لَازِمٍ لِئَلَّا تُبْدَلَ) بِمَا لَا يَسْتَرِيبُ الشُّهُودُ فِي أَنَّهَا لَهُ (فَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعَى بِهِ (عَبْدًا جَعَلَ فِي عُنُقِهِ قِلَادَةً وَخَتَمَ عَلَيْهَا وَالْخَتْمُ مُسْتَحَبٌّ وَالْكَفِيلُ وَاجِبٌ أَوْ) كَانَ (جَارِيَةً) لَا يَحِلُّ لِلْمُدَّعِي الْخَلْوَةَ بِهَا (فَكَذَلِكَ) الْحُكْمُ (لَكِنْ يَبْعَثُ بِهَا عَلَى يَدِ أَمِينٍ) فِي الرُّفْقَةِ لَا عَلَى يَدِ الْمُدَّعِي (فَإِنْ شَهِدُوا بِعَيْنِهَا) أَيْ الْعَيْنِ الْمَبْعُوثِ بِهَا إلَى الْكَاتِبِ عِنْدَهُ (حَكَمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ) فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْخَصْمِ بِمُؤْنَةِ الْإِحْضَارِ (وَكَتَبَ بِذَلِكَ لِيَبْرَأَ الْكَفِيلُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَكَتَبَ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ (وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا) بِعَيْنِهَا (فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الرَّدِّ) وَالْإِحْضَارِ لَهَا إلَى الْخَصْمِ لِتَعَدِّيهِ (وَأُجْرَةُ الْعَيْنِ) لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ (وَتَسَامَحُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ (فِي أُجْرَةِ مَا أُحْضِرَ فِي الْبَلَدِ) لِزَمَنِ الْإِحْضَارِ وَالرَّدِّ فَلَمْ يُوجِبُوهَا لِلْخَصْمِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُتَسَامَحُ بِهِ تَوْفِيرًا لِمَجْلِسِ الْقَاضِي وَمُرَاعَاةً لِلْمَصْلَحَةِ فِي تَرْكِ الْمُضَايَقَةِ مَعَ عَدَمِ زِيَادَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ وَلَا يَجِبُ لِلْخَصْمِ أُجْرَةُ مَنْفَعَتِهِ، وَإِنْ أَحْضَرَهُ مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ لِلْمُسَامَحَةِ بِمِثْلِهِ وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ لَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ أَمَّا إذَا وُجِدَتْ عَيْنٌ أُخْرَى بِتِلْكَ الصِّفَاتِ فَقَدْ صَارَ الْقَضَاءُ مُبْهَمًا وَانْقَطَعَتْ الْمُطَالَبَةُ فِي الْحَالِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي الْبَلَدِ وَإِحْضَارُهَا مُتَيَسِّرٌ فَإِنَّهَا تُحْضَرُ لِتَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا) إذْ بِذَلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا لِلْحُكْمِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي الْعَيْنَ الَّتِي شَهِدَ بِهَا الشُّهُودُ فَإِنْ عَلِمَ بِأَنْ كَانَتْ الْعَيْنُ الْغَائِبَةُ مِمَّا هُوَ تَحْتَ نَظَرِهِ مِنْ ضَالَّةٍ أَوْ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ فَيَحْكُمُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَائِمَةٌ دَافِعَةٌ لِلتُّهْمَةِ وَأَنْ تَشْهَدَ بِمِلْكِ الْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ عَلَى إقْرَارِ الْمُسْتَوْلِي عَلَيْهَا فَإِنْ شَهِدَتْ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ حَكَمَ جَزْمًا فَإِنْ أَنْكَرَ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ اشْتِمَالَ يَدِهِ عَلَى عَيْنٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ أَوْ غُرْمِ بَدَلِهَا. (قَوْلُهُ قَالُوا وَالرَّكْنُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْوَصْفُ) قَالَ الْإِمَامُ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا فَقَدْ أَجْمَعَ الْأَصْحَابُ عَلَى تَصْحِيحِ الدَّعْوَى ثُمَّ شَرَطُوا الْمُبَالَغَةَ فِي الْوَصْفِ وَذَلِكَ هَيِّنٌ فِي الْعَقَارِ، وَهُوَ بِذِكْرِ الْمَحَلِّ مِنْ الْبَلَدِ وَالسِّكَّةِ مِنْهَا وَذِكْرِ مَوْضِعِ الدَّارِ مِنْ السِّكَّةِ وَأَنَّهَا الدَّارُ الْأُولَى أَوْ غَيْرُهَا عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ أَوْ عَلَى يَسَارِهِ أَوْ صَدْرِ السِّكَّةِ إنْ لَمْ تَكُنْ نَافِذَةً ثُمَّ التَّعَرُّضُ لِلْحُدُودِ وَيُنْهَى الْأَمْرُ إلَى غَايَةٍ تُفِيدُ الْيَقِينَ فِي التَّعْيِينِ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ اشْتِرَاطُ التَّعَرُّضِ لِجَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ غَرِيبٌ (قَوْلُهُ كَمَا أَشَارُوا إلَيْهِ بِتَعْبِيرِهِمْ هُنَا بِالْمُبَالَغَةِ إلَخْ) وَفَرَّقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بَيْنَ الْمُبَالَغَةِ هُنَا وَبَابِ السَّلَمِ بِأَنَّ الْإِفْرَاطَ وَالتَّنَاهِي فِيهِ يُفْضِي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فِي السَّلَمِ وَالْإِمْعَانُ فِي الْوَصْفِ فِي الْأَعْيَانِ يَزِيدُهَا وُضُوحًا وَتِبْيَانًا (قَوْلُهُ مِنْ اعْتِبَارِ وَصْفِهَا بِصِفَاتِ السَّلَمِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا الْكَلَامُ فِي غَيْرِ النَّقْدِ فَأَمَّا النَّقْدُ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ ذِكْرُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ وَكَوْنُهُ صِحَاحًا أَوْ مُكَسَّرًا (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِبَدَنِهِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ لَكِنْ يَبْعَثُ بِهَا عَلَى يَدِ أَمِينٍ) بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الرَّدِّ) ، وَهِيَ مَا زَادَ بِسَبَبِ السَّفَرِ حَتَّى لَا تَنْدَرِجَ فِيهِ النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ الْعَيْنِ لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ) لِأَنَّهُ عَطَّلَ مَنْفَعَتَهَا عَلَى صَاحِبِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَعَلَّهُمْ جَرَوْا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ الْخُصُومَةُ يَكُونُ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ فَلَوْ اتَّفَقَ تَقَارُبُ عَمَلَيْ الْقَاضِيَيْنِ بِحَيْثُ تَنْفَصِلُ الْقَضِيَّةُ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ وَقَدْ يَزِيدُ زَمَنُ تَعْطِيلِ الْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ بِالْبَلَدِ عَلَى زَمَنِ تَعْطِيلِ الْمُحْضَرَةِ مِنْ عَمَلِ قَاضٍ آخَرَ إمَّا لِإِحْضَارِ الشُّهُودِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ لِيَشْهَدُوا بِالْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ وَإِمَّا لِاسْتِزْكَائِهِمْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَوَقَّفُ إنْهَاءُ الْخُصُومَةِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِمِثْلِ الْعَيْنِ الْمُحْضَرَةِ أُجْرَةٌ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْحَاضِرَةِ بِالْبَلَدِ وَالْمُحْضَرَةِ مِنْ بَلَدٍ أَوْ عَمَلٍ آخَرَ لِظُهُورِ التَّفْوِيتِ فِي الْحَالَتَيْنِ أَوْ يُقَالُ إنْ أَفْضَى التَّعْطِيلُ إلَى تَفْوِيتِ مَنْفَعَةٍ لَهَا وَقَعَ وَجَبَ غُرْمُهَا فِي الْحَالَيْنِ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَلْزَمَ الْحَاكِمُ الْخَصْمَ بِإِحْضَارِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ لِيُشَخِّصَهَا الشُّهُودُ أَمَّا لَوْ أَحْضَرَهَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِحَالٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ أُجْرَةَ الْمُحْضَرَةِ إنَّمَا وَجَبَتْ لِرَفْعِ يَدِ صَاحِبِهَا عَنْهَا بِخِلَافِ الْحَاضِرَةِ فِي الْبَلَدِ غ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْعَيْنُ إذَا كَانَتْ فِي الْبَلَدِ) أَوْ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى فِي عَمَلِ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ وَإِحْضَارُهَا مُتَيَسِّرٌ فَإِنَّهَا تَحْضُرُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا إذَا كَانَ الَّذِي يَتَيَسَّرُ إحْضَارُهُ يَعْرِفُهُ الْمُدَّعِي وَالشُّهُودُ وَيُشَخِّصُهُ الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي ثِيَابٍ مُشْتَبِهَةٍ كَالنَّصَّافِيِّ وَالْبَعْلَبَكِّيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ الْمُدَّعِي فَلَا يَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِحْضَارِهَا؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُشَخِّصْ شَيْئًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ: فِي الْكِرْبَاسِ نَحْوَ ذَلِكَ فَقَالَ إذْ الْمُنْكِرُ لَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُ الْكِرْبَاسِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَاثَلُ، وَإِنْ أُحْضِرَ أَيْ لِأَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي أُحْضِرَتْ لَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323 يَتَوَصَّلُ الْمُدَّعِي إلَى حَقِّهِ فَوَجَبَ إحْضَارُهَا كَمَا يَجِبُ عَلَى الْخَصْمِ الْحُضُورُ عِنْدَ الطَّلَبِ (وَلَا تُسْمَعُ) الْبَيِّنَةُ (عَلَى الْأَوْصَافِ) كَمَا فِي الْخَصْمِ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ فِي الْبَلَدِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِي الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ (وَأَمَّا الْعَقَارُ فَيُوصَفُ وَيُحَدَّدُ) فِي الدَّعْوَى وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِتِلْكَ الْحُدُودِ إذْ لَا يَتَيَسَّرُ إحْضَارُهُ (وَقَدْ تَكْفِي شُهْرَتُهُ) عَنْ تَحْدِيدِهِ (وَيُحْكَمُ بِهِ) لِلْمُدَّعِي كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ (وَكَذَا الْعَبْدُ) مَثَلًا (الْمَشْهُورُ) لِلنَّاسِ (لَا يُحْتَاجُ إلَى إحْضَارِهِ) كَمَا مَرَّ فِي الْعَقَارِ (وَكَذَا إنْ عَرَفَهُ الْقَاضِي) وَحَكَمَ بِعِلْمِهِ (بِنَاءً عَلَى جَوَازِ حُكْمِهِ بِعِلْمِهِ فَإِنْ كَانَتْ) حُجَّتُهُ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا (بَيِّنَةً أُحْضِرَ) لِتُشَاهِدَهُ الْبَيِّنَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ بِالصِّفَةِ وَتَبِعَ فِي هَذِهِ أَصْلَهُ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْعَبْدِ الَّذِي يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِلَا إحْضَارٍ ثُمَّ اعْتَرَضَهُ بِأَنَّ هَذَا بَعِيدٌ فِيمَا إذَا جُهِلَ وَصْفُهُ وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ بِالصِّفَةِ لَكِنْ أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ الشَّهَادَةُ بِوَصْفٍ لَا يَحْصُلُ لِلْقَاضِي بِهِ مَعْرِفَةُ الْمَوْصُوفِ مَعَهُ دُونَ مَا إذَا حَصَلَتْ بِهِ كَمَا هُنَا (وَمَا تَعَسَّرَ إحْضَارُهُ لِثِقَلٍ) فِيهِ (أَوْ إثْبَاتٍ) لَهُ (فِي جِدَارٍ) أَوْ أَرْضٍ وَضَرَّ قَلْعُهُ (وَصَفَهُ الْمُدَّعِي) إنْ أَمْكَنَ وَصْفُهُ. (ثُمَّ يَأْتِيهِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ لِتَقَعَ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَصْفُهُ حَضَرَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ لِلدَّعْوَى عَلَى عَيْنِهِ (وَكَذَا إذَا عَرَفَ الشُّهُودُ الْعَقَارَ دُونَ الْحُدُودِ يُحْضِرُهُ) هُوَ (أَوْ نَائِبُهُ) لِتَقَعَ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ (فَإِنْ وَافَقَتْ الْحُدُودُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُدَّعِي (فِي الدَّعْوَى حَكَمَ لَهُ) وَإِلَّا فَلَا (، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْنَ) الْمُدَّعَاةَ بِأَنْ أَنْكَرَ اشْتِمَالَ يَدِهِ عَلَيْهَا (وَحَلَفَ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا فَلَعَلَّهَا بَلَغَتْ، وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) حِينَ أَنْكَرَ (وَلَمْ يُحْضِرْ الْعَيْنَ حُبِسَ) لِإِحْضَارِهَا (فَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ) لَهَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ (لِئَلَّا يَخْلُدَ عَلَيْهِ الْحَبْسُ) مَعَ إمْكَانِ صِدْقِهِ (وَيُسَلِّمُ الْقِيمَةَ) عَنْهَا (فَإِنْ غَصَبَهُ عَيْنًا أَوْ أَعْطَاهُ) إيَّاهَا (لِيَبِيعَهَا) فَطَالَبَهُ بِهَا (فَجَحَدَهَا وَلَمْ يَدْرِ أَبَاقِيَةٌ هِيَ) فَيُطَالِبُهُ بِهَا (أَمْ لَا) فَيُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهَا فِي الصُّورَتَيْنِ أَوْ بِثَمَنِهَا إنْ بَاعَهَا فِي الثَّانِيَةِ (فَقَالَ) فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ بِهَا (ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا يَلْزَمُهُ رَدُّهَا إلَّا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أَوْ قِيمَتُهَا إنْ تَلِفَتْ أَوْ ثَمَنُهَا إنْ بَاعَهَا سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَرَدِّدَةً لِلْحَاجَةِ وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ الثَّانِيَةَ بِمَا إذَا أَعْطَاهَا لَهُ لِيَبِيعَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ فِيمَا إذَا أَعْطَاهَا لَهُ لِيَبِيعَهَا بِدُونِ قِيمَتِهَا. (فَإِنْ) أَقَرَّ بِشَيْءٍ فَذَاكَ، وَإِنْ (أَنْكَرَ حَلَفَ) يَمِينًا (أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْعَيْنِ وَلَا قِيمَتُهَا وَلَا ثَمَنُهَا فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ وَرَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي (فَقِيلَ يَحْلِفُ كَمَا ادَّعَى) أَيْ عَلَى التَّرَدُّدِ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ) فِي حَلِفِهِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي أَوَائِلِ الدَّعَاوَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الدَّعْوَى بِالْقِيمَةِ مَحَلُّهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَيَدَّعِي فِيهِ بِالْمِثْلِ وَيُرَتِّبُ   [حاشية الرملي الكبير] تَقَعْ الدَّعْوَى بِهَا مُشَخَّصَةً فَالتَّمَاثُلُ حَاصِلٌ، وَإِنْ حَصَلَ الْإِحْضَارُ بَعْدَ الْغَيْبَةِ بِخِلَافِ الْحَاضِرَةِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ الْمُشَخَّصَةِ فِي الدَّعْوَى إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى عَيْنِهَا لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْتِبَاسٌ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَمْيِيزُهُ بِالْوَصْفِ كَأَذْرُعٍ مِنْ كِرْبَاسٍ كَأَنْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي فِي يَدِ هَذَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ مِنْ الْكِرْبَاسِ فَقَالَ فِي يَدِي أَلْفُ ذِرَاعٍ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي قَالَ فَأَحْضِرْ مِنْهَا أَيَّهَا فَهَذَا قِسْمٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى التَّعْيِينِ وَلَا يُكَلَّفُ إحْضَارَ عَيْنٍ إلَّا أَنْ يُصَادِفَ الْمُدَّعِي عَيْنًا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَدَّعِيهَا اهـ وَمُرَادُ الْإِمَامِ أَنَّ تَكْلِيفَهُ إحْضَارُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ صِفَةِ تَمْيِيزٍ لَا وَجْهَ لَهُ، وَكَذَلِكَ تَكْلِيفُهُ إحْضَارَ جَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى عُسْرٍ وَمَشَقَّةٍ. (قَوْلُهُ وَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْأَوْصَافِ) أَفْهَمَ الِاقْتِصَارُ عَلَى نَفْيِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بِالصِّفَةِ جَوَازَ الدَّعْوَى بِهَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ فَقَالَ وَالدَّعْوَى بِالْعَبْدِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِعَيْنِهِ مَسْمُوعَةٌ عَلَى الْوَصْفِ لَا مَحَالَةَ إذْ قَدْ لَا يَقْدِرُ الْمُدَّعِي عَلَى إحْضَارِ الْعَبْدِ، وَهُوَ فِي يَدِ الْخَصْمِ وَنَبَّهَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ شَهَادَةٍ بِصِفَةٍ يُخَالِفُهُ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ عَبْدًا بِصِفَةِ كَذَا فَمَاتَ الْعَبْدُ اسْتَحَقَّ قِيمَتَهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ أَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تُشِيرُ إلَيْهِ فِي الْغَيْبَةِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِأَنْ عَلِمْت أَنَّ الْقَاضِيَ رَآهُ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ رُؤْيَةً يَتَمَيَّزُ بِهَا عِنْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ فَشَهِدَتْ عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي رَآهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ قَالَ وَأَيْضًا فَقَدْ يُقَالُ الْمَمْنُوعُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمَمْنُوعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ دُونَ مَا إذَا حَصَلَتْ بِهِ كَمَا هُنَا) وَقَالَ الْحُسْبَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْعَبْدَ الْمَعْرُوفَ بَيْنَ النَّاسِ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّهُ لَوْ تَعَيَّنَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْقَاضِي فَيَجُوزُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَجْهًا وَاحِدًا أَيْ بِخِلَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ قَالَ وَالْفِقْهُ فِيهِ أَنَّ الْخَصْمَ الْمُتَعَيِّنَ إذَا لَمْ يَحْضُرْ فَسَمَاعُ الْبَيِّنَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ لِلْجَهَالَةِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْمَسْلَكُ الْأَقْرَبُ وَلَا يَتَحَقَّقُ فِي الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يَعْرِفُهُ الْقَاضِي وَالشُّهُودُ (قَوْلُهُ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ حِينَ أَنْكَرَ) صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ فِي يَدِهِ مِثْلَهُ أَوْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ بِمَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي مِنْ عَيْنٍ تَشَخَّصَتْ لَهُ فِي وَقْتٍ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ) الْمَارِّ فِي الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهَا) إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً حَيَّةً يَلْزَمُهُ رَدُّهَا فِي مَكَانِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ أَوْ ثَمَنُهَا إنْ بَاعَهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يَكُونُ بَاعَهُ وَتَلِفَ الثَّمَنُ أَوْ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ تَلَفًا لَا يَقْتَضِي تَضْمِينَهُ وَقَدْ يَكُونُ بَاعَهُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَالدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ جَامِعَةً لِذَلِكَ وَالْقَاضِي إنَّمَا يَسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَرْدُودَةَ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْإِلْزَامَ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ فَلَوْ أَتَى بِبَقِيَّةِ الِاحْتِمَالَاتِ لَمْ يَسْمَعْهَا الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَا لَا إلْزَامَ فِيهِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ إلَخْ) هُوَ تَمْثِيلٌ جَرَيَا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ مَحَلُّهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَوْ الْمِثْلِيِّ إذَا ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ وَلِلنَّقْلِ مُؤْنَةٌ بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324 عَلَيْهِ حُكْمَهُ (وَمَنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِعَبْدٍ مَوْصُوفٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَلَهُ قِيمَتُهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ) (فَرْعٌ لَوْ كَانَ الْخَصْمُ حَاضِرًا وَالْعَيْنُ غَائِبَةً) عَنْ الْبَلَدِ (سَمِعَ) الْقَاضِي (الْبَيِّنَةَ وَلَا يَحْكُمُ) بِهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْخَصْمُ غَائِبًا أَيْضًا (بَلْ يَأْمُرُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِإِحْضَارِهَا إلَى مَجْلِسِهِ) لِيَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى عَيْنِهَا كَمَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْخَصْمِ (فَإِنْ أُحْضِرَتْ وَلَمْ يَشْهَدُوا) بِهَا (لِلْمُدَّعِي لَزِمَهُ مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ) وَالرَّدِّ (وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَ الْخَصْمُ غَائِبًا أَيْضًا (الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى) شَخْصٌ (عَلَى غَائِبٍ فِي الْبَلَدِ يُمْكِنُ إحْضَارُهُ) مَجْلِسَ الْحُكْمِ (لَمْ يَجُزْ) أَيْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَيْ سَمَاعُهَا بَلْ وَلَا سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ وَلَا الْحُكْمُ عَلَيْهِ لِسُهُولَةِ إحْضَارِهِ وَلِيَأْمَنَ الْحَاكِمُ خَطَأَ الْبَيِّنَةِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ أَمْرَ الْقَضَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَصْلِ بِأَقْرَبِ الطُّرُقِ وَلَوْ أُحْضِرَ رُبَّمَا أَقَرَّ فَيُغْنِي عَنْ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالنَّظَرِ فِيهَا (وَكَذَا) لَا يَجُوزُ عَلَى مَنْ (عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى) الْآتِي بَيَانُهَا فِي الطَّرَفِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ أَبْوَابِ الشَّهَادَاتِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ (فَإِنْ تَعَزَّرَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (أَوْ اخْتَفَى سُمِعَتْ) عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَإِلَّا اتَّخَذَ النَّاسُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى إبْطَالِ الْحُقُوقِ (وَهَلْ يَحْلِفُ لَهُ) الْمُدَّعِي يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ (كَالْغَائِبِ) أَوْ لَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْحُضُورِ (وَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ هَذَا احْتِيَاطٌ لِلْقَضَاءِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ ذَلِكَ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِالثَّانِي وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَإِلَى تَرْجِيحِهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ بِقَوْلِهِ (وَقَوَّى الْمَنْعُ قُدْرَتَهُ عَلَى الْحُضُورِ) فَلَا عُذْرَ لَهُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ أَوْ الْغَائِبِ وَكِيلٌ) نَصَّبَهُ بِنَفْسِهِ (فَهَلْ يَحْتَاجُ حُضُورُهُ) يَعْنِي طَلَبَهُ (فِي تَحْلِيفِ الْخَصْمِ) أَيْ فَهَلْ يَحْتَاجُ فِي تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي إذَا قُلْنَا بِهِ إلَى طَلَبِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ حِينَئِذٍ مِنْ وَظِيفَةِ الْوَكِيلِ أَوْ لَا كَالْمُوَكِّلِ (فِيهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِأَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ (فَصْلُ مَنْ اسْتَعْدَى الْقَاضِيَ عَلَى خَصْمٍ) مِنْ أَعْدَى يُعْدِي أَيْ يُزِيلُ الْعُدْوَانَ أَيْ مَنْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَ خَصْمٍ لَهُ (فِي الْبَلَدِ يُمْكِنُ إحْضَارُهُ أَحْضَرَهُ) وُجُوبًا إلَى مَجْلِسِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْمُرُوآتِ (فَيَبْعَثُ إلَيْهِ بِخَتْمٍ مِنْ طِينٍ رَطْبٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَعْتَادُ بِدَفْعِهِ إلَى الْمُدَّعِي لِيَعْرِضَهُ عَلَيْهِ وَلْيَكُنْ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ أَجَابَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ كَانَ الْخَصْمُ حَاضِرًا وَالْعَيْنُ غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ] الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ) (قَوْلُهُ يُمْكِنُ إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ) بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) الْأَشْبَهُ تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا كَانَ جَمِيعُ الْبَلَدِ فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ مَوْضِعُ الْخَصْمِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَكَمَا لَوْ كَانَ خَارِجَ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ وَلْيَأْمَنْ الْحَاكِمُ خَطَأَ الْبَيِّنَةِ فِيهِ) وَلْيَطْعَنْ الْخَصْمُ فِيهِمْ إنْ وَجَدَ مَطْعَنًا وَلِيَمْتَنِعُوا إنْ كَانُوا كَذَبَةً حَيَاءً مِنْهُ أَوْ خَوْفًا (قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى) فَإِنْ كَانَ فَوْقَهَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةُ وَحَكَمَ عَلَيْهِ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْخَصْمُ الْخَارِجُ عَنْ الْبَلَدِ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهَا فَالْبُعْدُ وَالْقُرْبُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةَ وَيَحْكُمَ وَيُكَاتِبَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَوْ اخْتَفَى سُمِعَتْ) أَلْحَقَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِالْغَائِبِ وَالْمُسْتَتِرِ مَا إذَا أَحْضَرَ الْخَصْمُ خَصْمَهُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ ثُمَّ هَرَبَ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ الْحَاكِمُ الْبَيِّنَةَ أَوْ بَعْدَمَا سَمِعَهَا وَقَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَادَّعَى أَنَّ هَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَأَلْحَقَ فِي الْأَشْرَافِ وَغَيْرِهِ الْأَخْرَسَ الَّذِي لَا يَفْهَمُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ قَالَ شَيْخُنَا وَالْكُلُّ صَحِيحٌ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. (قَوْلُهُ وَإِلَى تَرْجِيحِهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ فِي إرْشَادِهِ وَصَحَّحَهُ فِي تَمْشِيَتِهِ وَصَحَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ التَّحْلِيفَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ شَيْخُنَا وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ أَوَّلًا كَالْمُوَكِّلِ) فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبِهِ، وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُخْتَفٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ فِيهِ تَرَدُّدٌ) لَكِنَّهُمَا ذَكَرَا قَبْلَ ذَلِكَ فِي تَوْجِيهِ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ تَعَلَّقَ الْمُدَّعِي بِرَجُلٍ وَقَالَ أَنْتَ وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَلِي عَلَيْهِمْ كَذَا وَادْعِي عَلَيْك وَأُقِيمُ الْبَيِّنَةَ فِي وَجْهِك أَنَّ لِلْمُدَّعِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ لِيَسْتَغْنِيَ عَنْ ضَمِّ الْيَمِينِ إلَى الْبَيِّنَةِ وَلِيَكُونَ الْقَضَاءُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ التَّحْلِيفِ وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ لَمْ أَفْهَمْ هَذَا الْخِلَافَ فَإِنَّ الْغَائِبَ إذَا كَانَ لَهُ وَكِيلٌ فَالْحُكْمُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِحُكْمٍ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا يَمِينَ فِيهِ جَزْمًا وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلُهُ حَاضِرًا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ الْمُسَوِّغَةَ لِلْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ مَوْجُودَةٌ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْوَكِيلِ حَاضِرًا لِأَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْغَائِبِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا غَابَ الْغَيْبَةَ الَّتِي يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ الْمَرْأَةَ بِسَبَبِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِنْ كَانَ وَكِيلُ الْغَائِبِ حَاضِرًا وَفِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ مَا يَشْهَدُ لَهُ فَقَالَ زَوْجُ السُّلْطَانِ أَوْ وَكِيلُ الْغَائِبِ ذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الْمُخْتَصَرِ الْمُنَبِّهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَجُوزُ لِلْقَاضِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ تَبَعًا لِلْعَبَّادِيِّ وَالْهَرَوِيِّ وَقَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ [فَصْلُ اسْتِعْدَاء الْقَاضِيَ عَلَى الْخَصْم] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ مَنْ اسْتَعْدَى الْقَاضِيَ عَلَى خَصْمٍ) أَيْ أَهَلَّ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْجَوَابِ عَنْهَا (قَوْلُهُ أَحْضَرَهُ وُجُوبًا) قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ لَا يَعْلَمَ الْقَاضِي كَذِبَهُ فَإِنْ عَلِمَهُ لَمْ يُحْضِرْهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَنْ يُلْزِمَهُ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا فَلَوْ اسْتَعْدَى مُعَاهِدٌ عَلَى مُعَاهِدٍ لَمْ يَلْزَمْ الْحَاكِمَ إحْضَارُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ وَلَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَأَرَادَ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَحْضُرُ عَنْهُ وَيُحَاكِمُ فَلَا تَوَقُّفَ فِي أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ، وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ الْمُخَدَّرَةِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْمَعْذُورِ إنْ وُكِّلَ لَمْ يُكَلَّفْ الْحُضُورَ إلَّا لِلتَّحْلِيفِ وَفِي الزَّوَائِدِ عَنْ الْعُدَّةِ أَنَّ الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَانَةِ وَتَوَهَّمَ الْحَاكِمُ أَنَّ الْمُسْتَعِدِّي يَقْصِدُ ابْتِذَالَهُ وَأَذَاهُ لَا يُحْضِرُهُ وَلَكِنْ يُنْفِذُ إلَيْهِ مَنْ يَسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ تَنْزِيلًا لِصِيَانَتِهِ مَنْزِلَةَ الْمُخَدَّرَةِ وَجَزَمَ بِهِ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ وَلَوْ اسْتَعْدَى رَبُّ الدَّيْنِ الْمَدِينَ إلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325 الْقَاضِي فُلَانًا وَقَدْ هُجِرَ هَذَا فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ فَالْأَوْلَى مَا اُعْتِيدَ مِنْ الْكِتَابَةِ فِي كَاغَدٍ (أَوْ) يَبْعَثُ إلَيْهِ (بِأَحَدِ أَعْوَانِهِ) الْمُرَتَّبِينَ عَلَى بَابِهِ (وَأُجْرَتُهُمْ) أَيْ أَعْوَانِهِ (عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يُرْزَقُوا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ ثَمَّ الْإِحْضَارُ قَدْ يَكُونُ بِخَتْمٍ طِينٍ رَطْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَدْ يَكُونُ بِشَخْصٍ مِنْ الْأَعْوَانِ الْمُرَتَّبِينَ عَلَى بَابِهِ فَإِنْ بَعَثَ بِالْخَتْمِ فَلَمْ يُجِبْ بَعَثَ إلَيْهِ الْعَوْنَ انْتَهَى وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُؤْنَةُ مَنْ أَحْضَرَهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْحُضُورِ بِبَعْثِ الْخَتْمِ عَلَى الْمَطْلُوبِ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ ثَبَتَ) عِنْدَهُ (امْتِنَاعُهُ) مِنْ الْحُضُورِ (بِلَا عُذْرٍ) أَوْ سُوءِ أَدَبِهِ بِكَسْرِ الْخَتْمِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ بِقَوْلِ الْعَوْنِ الثِّقَةِ (أَحْضَرَهُ أَعْوَانُ السُّلْطَانِ وَعَلَيْهِ) حِينَئِذٍ (مُؤْنَتُهُمْ لِامْتِنَاعِهِ ثُمَّ يُعَزِّرُهُ بِمَا رَأَى) مِنْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَهُ الْعَفْوُ عَنْ تَعْزِيرِهِ إنْ رَآهُ. (فَإِنْ اخْتَفَى نُودِيَ) بِإِذْنِ الْقَاضِي (عَلَى بَابِهِ) أَيْ بَابِ دَارِهِ أَنَّهُ (إنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَى الثَّلَاثَةِ) مِنْ الْأَيَّامِ (سَمَّرَ بَابَهُ) أَوْ خَتَمَ عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ) بَعْدَ الثَّلَاثِ (وَطَلَبَ الْخَصْمُ تَسْمِيرَهُ) أَوْ خَتْمَهُ (أَجَابَهُ) إلَيْهِ (إنْ تَقَرَّرَ عِنْدَهُ أَنَّهَا دَارُهُ) وَلَا يُرْفَعُ الْمِسْمَارُ أَوْ الْخَتْمُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْحُكْمِ ثُمَّ مَحَلُّ التَّسْمِيرِ أَوْ الْخَتْمِ إذَا كَانَ لَا يَأْوِيهَا غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ وَلَا إلَى إخْرَاجِ مَنْ فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ عَرَفَ مَوْضِعَهُ بَعَثَ) إلَيْهِ نِسَاءً أَوْ صِبْيَانًا أَوْ خُصْيَانًا قَالَ فِي الْأَصْلِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْ فَيُقَدَّمُ النِّسَاءُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْخُصْيَانُ (يَهْجُمُونَ) الدَّارَ وَيُفَتِّشُونَ (عَلَيْهِ) قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَغَيْرُهُ: وَيَبْعَثُ مَعَهُمْ عَدْلَيْنِ مِنْ الرِّجَالِ فَإِذَا دَخَلُوهَا وَقَفَ الرِّجَالُ فِي الصَّحْنِ وَأَخَذَ غَيْرُهُمْ فِي التَّفْتِيشِ قَالُوا وَلَا هُجُومَ فِي الْحُدُودِ إلَّا فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِذَا تَعَذَّرَ حُضُورُهُ بَعْدَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ حَكَمَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ وَهَلْ يُجْعَلُ امْتِنَاعُهُ كَالنُّكُولِ فِي رَدِّ الْيَمِينِ؟ الْأَشْبَهُ نَعَمْ لَكِنْ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ إعَادَةِ النِّدَاءِ عَلَى بَابِهِ ثَانِيًا بِأَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْحُضُورِ بَعْدَ النِّدَاءِ الثَّانِي حُكِمَ بِنُكُولِهِ (وَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ الْحُضُورِ (لِعُذْرٍ كَخَوْفِ ظَالِمٍ أَوْ حَبْسِهِ وَمَرَضٍ بَعَثَ إلَيْهِ نَائِبَهُ) لِيَحْكُمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ (أَوْ وَكَّلَ الْمَعْذُورُ) مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ. (وَيَبْعَثُ) إلَيْهِ الْقَاضِي (مَنْ يُحَلِّفُهُ) إنْ وَجَبَ تَحْلِيفُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَعْرُوفِ النَّسَبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا سَمِعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ وَحَكَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ كَالْغَيْبَةِ فِي سَمَاعِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ فَكَذَا فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْبَغَوِيّ (وَأَمَّا إنْ كَانَ) الْخَصْمُ (خَارِجَ الْبَلَدِ، وَهُوَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) أَيْ الْقَاضِي (وَثَمَّ نَائِبٌ) عَنْهُ (كَتَبَ إلَيْهِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ) أَيْ بِأَنَّهُ سَمِعَهَا (وَلَمْ يُحْضِرْهُ) لِمَا فِي إحْضَارِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ ثَمَّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لِمَا مَرَّ أَنَّ الْكِتَابَ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى (وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ نَائِبٌ (وَهُنَاكَ مَنْ يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا بِصُلْحٍ وَنَحْوِهِ) وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَالْمُرُوءَةِ وَالْعَقْلِ فَيَكْتُبُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَتَوَسَّطُ وَيُصْلِحُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُحْضِرُهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ إحْضَارِهِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَا مَنْ يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا (أَحْضَرَهُ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَدْعَى الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ مِنْ الْبَصْرَةِ إلَى الْمَدِينَةِ وَلِئَلَّا يُتَّخَذَ السَّفَرُ طَرِيقًا لِإِبْطَالِ الْحُقُوقِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَيْهِ جَرَى جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ تَبَعًا لِلْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مَا نَقَلَهُ   [حاشية الرملي الكبير] حُضُورِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ بَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ لَا يَعْلَمَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إلَخْ. (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى مَا اُعْتِيدَ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَوْ فُعِلَ لَاسْتُهْجِنَ لِغَرَابَتِهِ وَعَدَمُ الْعَهْدِ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ يَبْعَثُ إلَيْهِ بِأَحَدٍ مِنْ أَعْوَانِهِ) فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ يُرْسِلُ الْخَتْمَ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعَثَ إلَيْهِ الْعَوْنَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ فَإِنَّ الطَّالِبَ قَدْ يَتَضَرَّرُ بِأَخْذِ الْعَوْنِ أُجْرَتَهُ مِنْهُ اهـ أَيْ فَإِنَّ أُجْرَةَ الْعَوْنِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُرْزَقْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فس وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْوِيعِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَاضِي وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْحَاوِي قَالَ وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ مَا يُؤَدَّى بِهِ الِاجْتِهَادُ إلَيْهِ مِنْ قُوَّةِ الْخَتْمِ وَضَعْفِهِ وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّهُ لَا يَبْعَثُ الْعَوْنَ إلَّا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْمَجِيءِ بِالْخَتْمِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ التَّخْيِيرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُؤْنَةُ مَنْ أَحْضَرَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَحْضَرَهُ أَعْوَانُ السُّلْطَانِ) اقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَعْثُ عَوْنِ السُّلْطَانِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ فَقَالَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ مَنْ يَلْزَمُ جَعْلُهُ فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ حَتَّى يَشْهَدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ أَبَى الْمَجِيءَ وَقَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُعَزِّرُهُ بِمَا رَأَى) لَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ يَعْلَمُ أَنَّ الْقَاضِيَ الطَّالِبَ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْجَوْرِ بِرِشْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْحُضُورِ، وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْإِعْسَارِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ لَحُبِسَ وَطَالَ حَبْسُهُ غ قَالَ شَيْخُنَا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عُذْرًا أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا قَبْلَهُ كا وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسَعُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ الْأَشْبَهُ نَعَمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَظْهَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَحْضَرَهُ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ يُقِيمُهَا عِنْدَ الْقَاضِي الْمَطْلُوبِ مِنْهُ إحْضَارُهُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ وَفَصْلُ الْقَضِيَّةِ فَلَا يُجِيبُهُ إلَى الْإِحْضَارِ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْكَافِي إنَّهُ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْجَاجَرْمِيُّ فِي الْإِيضَاحِ إنَّهُ الْأَصَحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي النِّهَايَةِ هُنَا أَنَّهُ إنَّمَا يُعَدَّى الْقَاضِي عَلَى الْخَصْمِ إذَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَإِنْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَاضٍ مِنْ جِهَتِهِ لَمْ يُعَدَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْهُ أَصْلًا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا الْمُدَّعِي وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ أَرَادَ الْقَضَاءَ قَضَى وَإِنْ تَعَذَّرَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 326 الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يُحْضِرُهُ إلَّا إذَا كَانَ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى فَأَقَلَّ (وَلَكِنْ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ جِهَةِ دَعْوَاهُ لِئَلَّا يُتْعِبَهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ) كَذِمِّيٍّ أَرَادَ مُطَالَبَةَ مُسْلِمٍ بِضَمَانِ خَمْرٍ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَحْثِ فِي إحْضَارِهِ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْحُضُورِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَلَا مُؤْنَةٌ أَمَّا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْضِرَهُ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ. (وَكَذَا الْمَرْأَةُ) غَيْرُ الْمُخَدَّرَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي يُحْضِرُهَا الْقَاضِي (وَعَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهَا مَحْرَمًا) لَهَا (أَوْ نِسْوَةً ثِقَاتٍ لِتَخْرُجَ مَعَهُمْ بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ) كَمَا فِي الْحَجِّ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ وَتَرْجِيحُ اشْتِرَاطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (فَصْلٌ وَيَسْتَوْفِي) أَيْ الْقَاضِي (لِمَنْ أَثْبَتَ دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ مِنْ مَالِهِ) الْحَاضِرِ أَوْ الْغَائِبِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إذَا طَلَبَهُ الْمُدَّعِي (وَلَا يُطَالِبُهُ) الْقَاضِي (بِكَفِيلٍ) وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لِلْغَائِبِ دَافِعٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الدَّافِعِ (وَلَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ) فِي عُقُوبَةٍ (لِلَّهِ) تَعَالَى (وَيَحْكُمُ بِهَا لِلْآدَمِيِّ) كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَيْضًا فَكَتَبَ الْقَاضِي بَعْدَ حُكْمِهِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ لِيَأْخُذَهُ بِالْعُقُوبَةِ (فَصْلٌ يَلْغُو الْحُكْمُ بِبَيِّنَةٍ) إذَا (تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا عَزْلٌ) لِلْحَاكِمِ بِأَنْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ فَعُزِلَ ثُمَّ وُلِّيَ ثَانِيًا لِبُطْلَانِ السَّمَاعِ بِالْعَزْلِ بَلْ تَجِبُ الِاسْتِعَادَةُ (لَا خُرُوجَ) لَهُ (عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا يَلْغُو حُكْمُهُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ بَعْدَ عَوْدِهِ إلَى مَحَلِّهَا لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ وَإِنَّمَا فُقِدَ شَرْطُ نُفُوذِ الْحُكْمِ وَلِهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ (وَإِنْ سُمِعَتْ) بَيِّنَةٌ (عَلَى غَائِبٍ فَقَدِمَ أَوْ) عَلَى (صَبِيٍّ فَبَلَغَ) عَاقِلًا وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا (لَمْ تُعَدْ) أَيْ لَمْ يَجِبْ اسْتِعَادَتُهَا بِخِلَافِ شُهُودِ الْأَصْلِ إذَا حَضَرُوا بَعْدَ مَا شَهِدَ شُهُودُ الْفَرْعِ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا يُقْضَى بِشَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ بَدَلٌ وَلَا حُكْمَ لِلْبَدَلِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ (وَمُكِّنَ) الْغَائِبُ بَعْدَ قُدُومِهِ وَالصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَاقِلًا (مِنْ الْجَرْحِ) لِلْبَيِّنَةِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُ شَهَادَتَهَا عَلَيْهِ كَعَدَاوَةٍ (فَإِنْ قَدِمَ) الْغَائِبُ (أَوْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ عَاقِلًا (وَقَدْ حَكَمَ) بِالْبَيِّنَةِ (فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ) فِي إقَامَتِهَا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَجَرْحِ الشُّهُودِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِبُلُوغِ الصَّبِيِّ سَفِيهًا لِدَوَامِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا (فَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِفِسْقِ الشَّاهِدِ أَرَّخَ) فِسْقَهُ بِيَوْمِ الشَّهَادَةِ أَوْ بِمَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَمْضِ زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ (لِأَنَّ الْفِسْقَ يَحْدُثُ) فَلَوْ أُطْلِقَ احْتَمَلَ حُدُوثَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَتَعْبِيرُهُ بَأَرَّخَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بَأَرَّخَ بِيَوْمِ الشَّهَادَةِ (فَصْلُ الْمُخَدَّرَةِ، وَهِيَ مَنْ لَا تَصِيرُ مُتَبَذِّلَةً فِي الْخُرُوجِ لِلْحَاجَاتِ) الْمُتَكَرِّرَةِ كَشِرَاءِ خُبْزٍ وَقُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ بِأَنْ لَمْ تَخْرُجْ أَصْلًا لَا لِضَرُورَةٍ أَوْ لَمْ تَخْرُجْ إلَّا قَلِيلًا لِحَاجَةٍ كَعَزَاءٍ وَزِيَارَةٍ وَحَمَّامٍ (لَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ) إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ (كَالْمَرِيضِ) قَالُوا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَتَوَكَّلْ» أَوْ (يَبْعَثُ) الْقَاضِي (إلَيْهَا) نَائِبَهُ (فَتُجِيبُ مِنْ وَرَاءِ السَّتْرِ إنْ   [حاشية الرملي الكبير] اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ دُونَ حُضُورِ الْخَصْمِ اسْتَحْضَرَهُ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَبَلَغَتْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَالْغَرَضُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُعَدَّى فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ، وَإِنْ زَادَتْ الْمَسَافَةُ فَلَا إعْدَاءَ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْضِرَهُ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُدَّعِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِغَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهَا مَحْرَمًا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي لَا يَتَعَيَّنُ الْبَعْث بَلْ يَأْمُرُ بِإِحْضَارِهَا مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ وَكَذَا وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ يَسْتَوْفِي الْقَاضِي لِمَنْ أَثْبَتَ دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَيَسْتَوْفِي لِمَنْ أَثْبَتَ دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ إلَخْ) حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَحَكَمَ بِهِ فَإِنَّ الثُّبُوتَ لَيْسَ بِحُكْمٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يُجْبَرْ الْحَاضِرُ عَلَى دَفْعِ مُقَابِلِهِ لِلْغَائِبِ فَإِنْ أُجْبِرَ كَالزَّوْجَةِ تَدَّعِي بِصَدَاقِهَا الْحَالَ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى الْغَائِبِ فَلَا يُوفِيهَا الْقَاضِي مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ وَمِثْلُهُ دَعْوَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْمَالِ الْحَاضِرِ حَقٌّ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ كَمَالٍ وُجِدَ لِلْغَائِبِ وَهُنَاكَ بَائِعٌ لَهُ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ وَطَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ الْحَجْرَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْغَائِبِ حَيْثُ اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُوفِي مُدَّعِي الدَّيْنِ مِنْ الْمَالِ الْحَاضِرِ وَيُجِيبُ طَالِبُ الْحَجْرِ إلَى مُدَّعَاهُ وَلَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ قَرِيبٍ قُدِّمَتْ نَفَقَتُهُمَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ إذَا قُدِّمَ ذَلِكَ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَغَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَوْلَى فَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ عَبْدًا جَانِيًا وَهُنَاكَ فَضْلَةٌ فَهَلْ لِلْقَاضِي بِطَلَبِ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُرْتَهِنَ وَالْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ بِأَخْذِ مُسْتَحِقِّهِمَا بِطَرِيقِهِ لِيُوفِيَ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ أَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ لِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحَلُّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ لِذَلِكَ [فَصْلٌ يَلْغُو الْحُكْمُ بِبَيِّنَةٍ إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا عَزْلٌ لِلْحَاكِمِ] (قَوْلُهُ بَلْ تَجِبُ الِاسْتِعَادَةُ) ، وَإِنْ قُلْنَا لَهُ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى صَبِيٍّ فَبَلَغَ أَوْ مَجْنُونٍ فَأَفَاقَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَانَ الْمُرَادُ بُلُوغَهُ رَشِيدًا أَمَّا لَوْ بَلَغَ سَفِيهًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْلُغْ إذْ الْعِبْرَةُ بِالْوَلِيِّ كَمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا لَمْ تُعَدْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إنَّ حُكْمَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إعْلَامِهِ بِالشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُدِّمَ الْغَائِبُ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ تَبَيَّنَ كَوْنَهُ حَاضِرًا عِنْدَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ) أَوْ رَشَدَ السَّفِيهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الْحَاكِمُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلُ حُضُور الْمُخَدَّرَة مَجْلِس الْقَضَاء] (فَصْلٌ قَوْلُهُ الْمُخَدَّرَةُ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ بَرْزَةً ثُمَّ لَزِمَتْ التَّخْدِيرَ قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ لَا تَصِيرُ مُخَدَّرَةً حَتَّى تَمْضِيَ لَهَا سَنَةٌ كَمَا فِي الْفَاسِقِ وَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ) أَيْ لَا يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ (قَوْلُهُ فَتُوَكِّلُ أَوْ يَبْعَثُ الْقَاضِي إلَيْهَا) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ سَمَاعُ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُخَدَّرَةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمَرِيضِ لِأَنَّ الْمَرَضَ وَالتَّخْدِيرَ كَالْغَيْبَةِ فِي سَمَاعِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ فَكَذَا فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِمَا وَبِهِمَا صَرَّحَ فِي التَّهْذِيبِ وَالْكَافِي أَوَّلَ الْبَابِ فِي الْمَرِيضِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327 اعْتَرَفَ الْخَصْمُ أَنَّهَا هِيَ أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ مَحَارِمِهَا أَنَّهَا هِيَ وَإِلَّا تَلَفَّفَتْ) بِمِلْحَفَةٍ (وَخَرَجَتْ) مِنْ السِّتْرِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّخْدِيرِ فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالِ نِسَائِهِمْ التَّخْدِيرُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهَا وَاسْتَثْنَى مَعَ الْمُخَدَّرَةِ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَيْنِهِ وَكَانَ حُضُورُهُ يُعَطِّلُ حَقَّ الْمُسْتَأْجِرِ أَخْذًا مِنْ فَتْوَى الْغَزَالِيِّ بِعَدَمِ حَبْسِهِ وَتُكَلَّفُ الْمُخَدَّرَةُ حُضُورَ الْجَامِعِ لِلتَّحْلِيفِ إذَا اقْتَضَى الْحَالُ التَّغْلِيظَ عَلَيْهَا (وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إنْ وَكَّلَ لَمْ يُكَلَّفْ الْحُضُورَ إلَّا لِلتَّحْلِيفِ) (فَصْلُ لَا يُزَوِّجُ الْقَاضِي امْرَأَةً فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (وِلَايَتِهِ، وَإِنْ حَضَرَ الْخَاطِبُ وَرَضِيَتْ) ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ لِحَاضِرٍ عَلَى غَائِبٍ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ حَاضِرٌ وَالْحُكْمُ يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ مَالٌ غَائِبٌ) عَنْ مَحَلِّ وِلَايَةِ قَاضِي بَلَدِهِ (تَوَلَّى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ حِفْظَهُ) وَتَعَهُّدَهُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ تَرْتَبِطُ بِمَالِهِ (وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِلتِّجَارَةِ) وَالِاسْتِمْنَاءِ وَلَا يُنَصِّبُ قَيِّمًا لَهُمَا (بَلْ ذَلِكَ لِقَاضِي بَلَدِ الْيَتِيمِ) ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ فِي النِّكَاحِ فَكَذَا فِي الْمَالِ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَغَيْرُهُمَا وَرَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ فَلِقَاضِي بَلَدِهِ الْعَدْلِ الْأَمِينِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ قَاضِي بَلَدِ مَالِهِ إحْضَارَهُ إلَيْهِ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ لَهُ فِيهِ لِيَتَّجِرَ لَهُ فِيهِ ثَمَّ أَوْ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ عَقَارًا وَيَجِبُ عَلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ إسْعَافَهُ بِذَلِكَ وَكَالْيَتِيمِ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (وَلِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْغَائِبِ مِنْ ثِقَةٍ لِيَحْفَظَهُ بِالذِّمَّةِ) أَيْ فِيهَا (وَ) لَهُ (بَيْعُ حَيَوَانِهِ لِخَوْفِ هَلَاكِهِ وَنَحْوِهِ) كَغَصْبِهِ سَوَاءٌ فِيهِ مَالُ الْيَتِيمِ الْغَائِبِ وَغَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) لَهُ (تَأْجِيرُهُ) أَيْ إجَارَتُهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَيُؤَجِّرُهُ (إنْ أَمِنَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى أَقَلِّ زَمَنٍ يُسْتَأْجَرُ فِيهِ ذَلِكَ   [حاشية الرملي الكبير] وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ) وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْقَاضِي [فَصْلُ تَزْوِيج الْقَاضِي امْرَأَةً فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا يُزَوِّجُ الْقَاضِي امْرَأَةً فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَحَلِّ الْوِلَايَةِ نَفْسُ الْبَلَدِ الْمُحِيطِ بِهَا السُّوَرُ أَوْ الْبِنَاءُ الْمُتَّصِلُ دُونَ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ فَعَلَى هَذَا لَوْ زَوَّجَ الْقَاضِي امْرَأَةً فِي الْبَلَدِ وَهُوَ بِالْمَزَارِعِ أَوْ الْبَسَاتِينِ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْحُكَّامِ يَتَسَاهَلُ فِي ذَلِكَ وَالْأَحْوَطُ تَرْكُهُ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْ غَيْرَ الْبَلْدَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ بِعْ فِي سُوقِ كَذَا لَا يَبِيعُ فِي غَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ اسْمَ الْقَرْيَةِ هَلْ يَتَنَاوَلُ الْمَزَارِعَ أَوْ لَا وَالْأَصَحُّ عَدَمُ التَّنَاوُلِ وَلَوْ اسْتَنَابَ شَخْصًا فِي بَلَدِهِ وَاسْتَنَابَهُ قَاضٍ آخَرُ فِي أُخْرَى فَهَلْ لَهُ أَنْ يُحْضِرَ خَصْمًا أَوْ يُزَوِّجَ امْرَأَةً فِي إحْدَى الْبَلْدَتَيْنِ، وَهُوَ فِي الْأُخْرَى يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّ تَصَرُّفِهِ وَيَحْتَمِلُ تَخْرِيجَهُ عَلَى تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ مُلَفَّقَةٌ ثُمَّ إنْ أَلْحَقْنَاهُ بِالْجَدِّ زَوَّجَ أَوْ بِالْعَمِّ فَلَا؛ لِأَنَّ الَّذِي اسْتَنَابَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَفَرْعُهُ أَوْلَى وَلَوْ أَقْدَمَ الْقَاضِي عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ يَعْتَقِدُهَا فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِقْدَامِ يَفْسُقُ وَيَخْرُجُ عَنْ الْوِلَايَةِ ر لَا يَفْسُقُ بِهِ وَيَصِحُّ وَقَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُحْضِرَ خَصْمًا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ التَّنَاوُلِ قَالَ شَيْخُنَا مَحَلُّ وِلَايَةِ الْقَاضِي يَشْمَلُ بِلَادَهَا وَقُرَاهَا وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ وَالْبَادِيَةِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ قَالُوا وَلَوْ نَادَاهُ فِي طَرَفَيْ وِلَايَتَيْهِمَا أَمْضَاهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَضَرَا بِخَاطِبٍ وَرَضِيَتْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ لِلْحَاكِمِ فِي تَزْوِيجِهَا، وَهِيَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ إلَى غَيْرِهَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْعَقْدُ فَلَوْ عَادَتْ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَهَلْ يَكْفِي إذْنُهَا السَّابِقُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ آخَرَ الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ فَلِقَاضِي بَلَدِهِ الْعَدْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ النَّاشِرِيُّ) سَأَلْت عَنْ وَقْفٍ فِي بَلَدٍ عَلَى قِرَاءَةٍ عَلَى قَبْرٍ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَلِكُلِّ بَلَدٍ قَاضٍ وَاقْتَضَى الْأَمْرُ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ لِلْقَاضِي فَهَلْ يَكُونُ قَاضِي بَلَدِ الْوَقْفِ أَوْ قَاضِي بَلَدِ الْمَيِّتِ فَأَجَبْت بِأَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ الْمَيِّتِ هُوَ النَّاظِرُ قِيَاسًا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجَعَلْت الْمَيِّتَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ الْحَاكِمُ ظُهُورًا كُلِّيًّا إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيًّا (قَوْلُهُ كَغَصْبِهِ أَوْ كَانَتْ لَهُ مُؤْنَةٌ تَلْحَقُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا شَكَّ فِي وُجُوبِ الْحِفْظِ وَالتَّعَهُّدِ وَنَحْوِهِمَا عِنْدَ خَوْفِ الضَّيَاعِ أَوْ التَّلَفِ وَقَدْ أَوْضَحَ الْقَفَّالُ الْمَسْأَلَةَ فِي الْفَتَاوَى فَقَالَ إذَا غَابَ رَجُلٌ فَأَخْبَرَ الْحَاكِمُ بِأَنَّهُ غَائِبٌ وَمَالُهُ ضَائِعٌ كَانَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا فِيمَا لَهُ يَتَعَهَّدُهُ وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ بَيْعُهُ وَلَا الِاتِّجَارُ فِيهِ وَلَا الْأَخْذُ لِلْغَائِبِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مِمَّا يَضِيعُ كَالْبِطِّيخِ وَالْبَقْلِ فَلِلْقَيِّمِ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ كَانَ لَهُ بَيْعُهُ أَيْ يَأْذَنُ الْحَاكِمُ إذَا كَانَ الصَّلَاحُ فِي بَيْعِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْقَفَّالُ إنَّهُ لَوْ اسْتَوْلَى رَجُلٌ عَلَى عَقَارِ الْغَائِبِ أَوْ غَصَبَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَأَخْبَرَ مُحْتَسِبَ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا يَدَّعِي لِيُخْرِجَ الْحَاكِمُ الشَّيْءَ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ فَجَحَدَهُ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا لِيَدَّعِيَ عَلَى الْمَدِينِ وَيَنْتَزِعَ مِنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَيَّ وُفِّيَ إلَّا أَنَّهُ خِيفَ عَلَيْهِ الْفَلْسُ فَلِلْحَاكِمِ نَصْبُ قَيِّمٍ لِاسْتِيفَائِهِ كَيْ لَا يَتْلَفَ بِفَلَسِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَيَّ وُفِّيَ فَغَابَ أَيْ وَلَمْ يَخْشَ فَلْسَ الْمَدْيُونِ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا لِيَسْتَوْفِيَهُ اهـ وَقَدْ سَأَلْت عَمَّنْ غَابَ وَتَرَكَ دُيُونًا عَلَى النَّاسِ وَجَاوَزَتْ غَيْبَتُهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مَكَانٌ وَقَدْ خَافَتْ وَرَثَتُهُ عَلَى دُيُونِهِ الْفَوَاتَ فَاسْتَخَرْت اللَّهَ تَعَالَى وَأَفْتَيْت بِأَنَّ الْحَاكِمَ يُنَصِّبُ عَدْلًا يَسْتَوْفِيهَا وَيُنْفِقُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْهَا وَاسْتَنْبَطْت ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ عَثَرْت عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ هَذَا فَحَمِدْت اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ غ وَقَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ إنَّهُ لَوْ اسْتَوْلَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَأَفْتَيْت بِأَنَّ الْحَاكِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْإِجَارَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ر كَذَا قَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ وَإِذَا بَاعَ شَيْئًا إلَخْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 328 الشَّيْءُ إذَا أَمْكَنَ لِتَوَقُّعِ قُدُومِ الْغَائِبِ وَحَاجَتِهِ إلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ قَالَ الْقَفَّالُ وَإِذَا بَاعَ شَيْئًا لِلْمَصْلَحَةِ أَوْ أَجَرَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَلِأَنَّ مَا فَعَلَهُ الْقَاضِي كَانَ بِنِيَابَةٍ شَرْعِيَّةٍ (وَمَالَ مَنْ لَا تُرْجَى مَعْرِفَتُهُ لَهُ) أَيْ لِلْقَاضِي (بَيْعُهُ وَصَرْفُهُ) أَيْ صَرْفُ ثَمَنِهِ (فِي الْمَصَالِحِ وَلَهُ حِفْظُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَحْوَطُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ صَرْفُهُ فِي الْمَصَالِحِ لَا حِفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلنَّهْبِ وَمَدِّ أَيْدِي الظَّلَمَةِ إلَيْهِ (فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ يَنْفُذُ كِتَابُ قَاضِي الْبُغَاةَ) أَيْ يُقْبَلُ كَكِتَابِ قَاضِي أَهْلِ الْعَدْلِ (وَلِلْقَاضِي أَنْ يَشْهَدَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْحُكْمُ كَالْإِشْهَادِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا بَأْسَ بِهَا وَمِثْلُهَا الْإِذْنُ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ حُكْمًا كَأَنْ أَذِنَ، وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فِي الْإِفْرَاجِ عَنْ خَصْمٍ مَحْبُوسٍ فِي مَحَلِّهَا بِسُؤَالِ خَصْمِهِ (وَقَوْلُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ) الْمُوَكِّلِ فِي الْخُصُومَةِ (كُنْت عَزَلْت وَكِيلِي) قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ (لَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ) ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ (بِخِلَافِ الْمَحْكُومِ لَهُ) إذَا قَالَ ذَلِكَ يَبْطُلُ الْحُكْمُ (لِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْغَائِبِ بَاطِلٌ وَلَيْسَ لِمَنْ تَحَمَّلَ إشْهَادَهُ بِكِتَابِ حُكْمٍ) أَرْسَلَهُ بِهِ الْقَاضِي الْكَاتِبُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ (وَخَرَجَ بِهِ أَنْ يَتَخَلَّفَ) فِي الطَّرِيقِ عَنْ الْقَاضِي الْمَقْصُودِ (إلَّا أَنْ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ) بِأَنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ شَاهِدَيْنِ يَحْضُرَانِ بِالْكِتَابِ وَيَشْهَدَانِ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي الْمَقْصُودِ (أَوْ شَهِدَ بِهِ عِنْدَ قَاضٍ) فَيُمْضِيهِ (وَيَكْتُبُ) بِهِ (لَهُ) أَيْ لِلْقَاضِي الْمَقْصُودِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) قَاضِيًا وَلَا شُهُودًا (وَطَلَبَ أُجْرَةً) لِخُرُوجِهِ إلَى الْقَاضِي الْمَقْصُودِ (لَمْ يُعْطَ غَيْرَ النَّفَقَةِ وَكِرَاءِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ سُؤَالِهِ ذَلِكَ) أَيْ الْأُجْرَةَ (قَبْلَ الْخُرُوجِ) مِنْ بَلَدِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَيُعْطَاهَا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَا ذُكِرَ (فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْخُرُوجَ) وَالْقَنَاعَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَتَمَكَّنُ مِنْ إشْهَادِ غَيْرِهِ وَهُنَا لِتَحَمُّلِ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ (، وَإِنْ اسْتَوْفَى الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْحَقَّ مِنْ الْخَصْمِ وَسَأَلَهُ) الْخَصْمُ (الْإِشْهَادَ) عَلَى الْمُدَّعِي (بِذَلِكَ أَجَابَهُ) وُجُوبًا (وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ) كِتَابًا بِقَبْضِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يُطَالَبُ بِإِلْزَامِ مَا حَكَمَ بِهِ وَثَبَتَ عِنْدَهُ (وَلَا أَنْ يُعْطِيَهُ مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ) يَعْنِي الْكِتَابَ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ الْحَقُّ (كَمَا لَا يَلْزَمُ مَنْ اسْتَوْفَى مِنْ غَرِيمِهِ) مَا لَهُ عَلَيْهِ بِحُجَّةٍ أَوْ مَنْ بَاعَ غَيْرُهُ شَيْئًا لَهُ بِهِ حُجَّةٌ (أَنْ يُعْطِيَهُ الْحُجَّةَ) ؛ لِأَنَّهَا غَالِبًا تَكُونُ مِلْكَهُ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ اسْتِحْقَاقٌ فَيَحْتَاجُ إلَيْهَا (كِتَابُ الْقِسْمَةِ) هِيَ تَمْيِيزُ الْحِصَصِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: 8] الْآيَةَ وَخَبَرُ «الشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ» «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَرْبَابِهَا» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا فَقَدْ يَتَبَرَّم الشَّرِيكُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ أَوْ يَقْصِدُ الِاسْتِبْدَادَ بِالتَّصَرُّفِ (وَتَصِحُّ) الْقِسْمَةُ (مِنْ الشُّرَكَاءِ) بِأَنْفُسِهِمْ وَمَنْصُوبِهِمْ (بِالتَّرَاضِي) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ (وَمَنْ نَصَّبُوهُ لَهَا وَكِيلٌ لَهُمْ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ فِي مَنْصُوبِ الْإِمَامِ وَتَصِحُّ مِنْ الْإِمَامِ وَمَنْصُوبِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَوْ وَكَّلَ بَعْضُهُمْ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَنْ يَقْسِمَ عَنْهُ قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ إنْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يَفْرِزَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَحْتَاطَ لِمُوَكِّلِهِ وَفِي هَذَا لَا يُمْكِنُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ جُزْءًا وَاحِدًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ وَلِمُوَكِّلِهِ (وَعَلَى الْإِمَامِ إنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ) وَلَمْ يَجِدْ مُتَبَرِّعًا (نُصِّبَ قَاسِمٌ فَأَكْثَرُ) فِي كُلِّ بَلَدٍ (بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَيُرْزَقُونَ) حِينَئِذٍ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ (إنْ كَانَ) فِيهِ سَعَةٌ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بَلْ الْمَسْأَلَةُ كُلُّهَا تَقَدَّمَتْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَعَةٌ أَوْ وَجَدَ مُتَبَرِّعًا (فَلَا يُنَصِّبُ) قَاسِمًا (إلَّا لِمَنْ سَأَلَ) نَصَّبَهُ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَأُجْرَتُهُ) حِينَئِذٍ إذَا لَمْ يُنَصِّبُهُ الْإِمَامُ أَوْ نَصَّبَهُ بِسُؤَالِهِمْ (عَلَيْهِمْ) سَوَاءٌ طَلَبُوا كُلُّهُمْ الْقِسْمَةَ أَمْ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَهُمْ (وَلَا يُعَيِّنُ قَاسِمًا) إذَا لَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَحْوَطُ فِي هَذِهِ إلَخْ) بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ ذَلِكَ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَأَكَلَهُ ظَالِمٌ أَوْ خَائِنٌ غ [فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي الْقَضَاء] (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْإِذْنُ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ حُكْمًا إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ، وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِمَنْ يَحْكُمُ نِيَابَةً عَنْهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يُعْطِيَهُ مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِلْكَهُ قَالُوا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْوَرَقَةُ مِلْكَهُ فَلَهُ غَرَضٌ فِي إمْسَاكِهِ لِتَذْكَارِ الشُّهُودِ فَرُبَّمَا احْتَاجَ إلَى شَهَادَتِهِمْ [كِتَابُ الْقِسْمَةِ] (كِتَابُ الْقِسْمَةِ) (قَوْلُهُ وَمَنْ نَصَّبُوهُ لَهَا وَكِيلٌ لَهُمْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِي مَغْصُوبِهِمْ الرُّشْدُ فَلَا يَصِحُّ صُدُورُ الْقِسْمَةِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ اهـ وَالْعَدَالَةِ إنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ جَوَازُ نَصْبِ الشُّرَكَاءِ امْرَأَةً وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ يَجُوزُ كَوْنُهُ عَبْدًا وَفَاسِقًا وَامْرَأَةً لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِالْمَرْأَةِ الْجُرْجَانِيُّ (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ إلَخْ) فَيَجُوزُ كَوْنُهُ فَاسِقًا وَامْرَأَةً وَهَذَا إذَا كَانُوا مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ فَقَاسَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ قَيِّمُهُ حَيْثُ تَجُوزُ فَلَا بُدَّ فِي الْمَنْصُوبِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا بِكُلِّ حَالٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي لِيُنَصِّبَ قَاسِمًا بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ إنْ وَكَّلَهُ إلَخْ) ، وَإِنْ وَكَّلَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ أَحَدَهُمْ عَلَى أَنْ يَقْسِمَ عَنْهُمْ وَيَرَى فِيمَا أَخَذَهُ بِالْقِسْمَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكِيلًا عَنْ نَفْسِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ أَوْ يُوَكِّلُ بَعْضُهُمْ رَجُلًا لِجَمِيعِ حُقُوقِهِمْ بِالْقِسْمَةِ جُزْءًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَعَلَى الْإِمَامِ إنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ) الرَّاجِحُ أَنَّ نَصَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِمْ) وَفَارَقَ الْقَاضِي بِأَنَّ لِلْقَاسِمِ عَمَلًا يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ فَصَارَ كَصَانِعِ الْأَعْمَالِ فِي جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا وَالْقَضَاءُ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الَّتِي لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا وَبِأَنَّ فِي الْقَضَاءِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَالْقِسْمَةُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الْمُسْتَحَقَّةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 329 (لِئَلَّا يُغَالِيَ فِي الْأُجْرَةِ) وَلِئَلَّا يُوَاطِئَهُ بَعْضُهُمْ فَيَحِيفَ بَلْ يَدَعُ النَّاسَ لِيَسْتَأْجِرُوا مَنْ شَاءُوا وَمَنَعَهُ مِنْ التَّعْيِينِ قَالَ الْقَاضِي عَلَى جِهَةِ التَّحْرِيمِ وَالْفُورَانِيُّ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ (وَالشَّرْطُ فِيمَنْ يُنَصِّبُهُ وَكَذَا) فِي (مَنْ حَكَّمُوهُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا عَدْلًا ذَكَرًا) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ كَالْحَاكِمِ وَحَذَفَ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ مُكَلَّفًا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْعَدْلِ (يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَالْمِسَاحَةَ) ؛ لِأَنَّهَا آلَةُ الْقِسْمَةِ كَمَا أَنَّ الْفِقْهَ آلَةُ الْقَضَاءِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ضَابِطًا سَمِيعًا بَصِيرًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَفِيفًا عَنْ الطَّمَعِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأُمِّ (لَا) أَنْ يَعْرِفَ (التَّقْوِيمَ) وَقِيلَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي أَنْوَاعِ الْقِسْمَةِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ فَقَدْ جَزَمَ بِاسْتِحْبَابِهِ الْقَاضِيَانِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا رَجَعَ إلَى إخْبَارِ عَدْلَيْنِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَرَدَّ الْبُلْقِينِيُّ ذَلِكَ وَقَالَ الْمُعْتَمَدُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي قِسْمَتَيْ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ (وَيُجْزِئُ) أَيْ يَكْفِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ (قَاسِمٌ فِي كُلِّ بَلَدٍ) كَالْوَزَّانِ وَالْكَيَّالِ مِنْ جِهَةِ اسْتِنَادِهِ إلَى عَمَلٍ مَحْسُوسٍ هَذَا (إنْ كَفَى) وَالْأَزْيَدُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ كَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ) لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي الْمُقَوَّمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ بِالْقِيمَةِ (وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ الْقَاسِمِ حَاكِمًا فِي التَّقْوِيمِ فَيَعْمَلُ) فِيهِ (بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ) وَيَقْسِمُ بِنَفْسِهِ (وَلِلْقَاضِي الْحُكْمُ فِي التَّقْوِيمِ بِعِلْمِهِ) كَمَا يَحْكُمُ بِهِ فِي غَيْرِهِ (فَرْعٌ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ) الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ الشُّرَكَاءُ بِهَا وَأَطْلَقُوهَا مُوَزَّعَةً (عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ) لَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فَاسِدَةً أَوْ) الْقِسْمَةُ (بِغَيْرِ عَقْدٍ) بِأَنْ اقْتَصَرُوا عَلَى نَصْبِهِ لَهَا وَقُلْنَا الْأُجْرَةُ وَاجِبَةٌ (أَوْ بِإِخْبَارٍ مِنْ الْقَاضِي) وَلَوْ مِنْ مَنْصُوبِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مُؤَنِ الْمِلْكِ كَالنَّفَقَةِ (وَإِنْ قَدَّرَ) لَهُ (كُلٌّ) مِنْهُمْ (لِنَفْسِهِ) أَيْ عَلَيْهَا (أُجْرَةَ جَازَ) فَلَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ مَا الْتَزَمَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسَاوِيًا لِأُجْرَةِ مِثْلِ حِصَّتِهِ أَمْ لَا (وَلِيَسْتَأْجِرُوا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ) كَأَنْ يَقُولُوا اسْتَأْجَرْنَاك لِتَقْسِمَ بَيْنَنَا كَذَا بِدِينَارٍ عَلَى فُلَانٍ وَدِينَارَيْنِ عَلَى فُلَانٍ (أَوْ يُوَكِّلُوا مَنْ يَعْقِدُ) لَهُمْ كَذَلِكَ (فَلَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (بِعَقْدٍ) لِإِفْرَازِ نَصِيبِهِ (وَتَرَتَّبُوا) أَوْ لَمْ يَتَرَتَّبُوا فِيمَا يَظْهَرُ (لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِرِضَا الْبَاقِينَ) فَيَصِحُّ ذَلِكَ بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَعْقِدَ أَحَدُهُمْ وَيَكُونَ حِينَئِذٍ أَصِيلًا وَوَكِيلًا وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى عَقْدِ الْبَاقِينَ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بِدُونِ رِضَاهُمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَقِيلَ يَصِحُّ فِيمَا قَالَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَاقُونَ؛ لِأَنَّ كُلًّا عَقَدَ لِنَفْسِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ   [حاشية الرملي الكبير] فَجَازَ لِلْقَاسِمِ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مَا إذَا طَلَبَ مِنْ مَنْصُوبِ الْقَاضِي الْقِسْمَةَ فَقَسَمَ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ أُجْرَةٍ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا عُرِفَ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ فِي دَفْعِ ثَوْبٍ إلَى قَصَّارٍ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي فِيمَا إذَا لَمْ يَجْرِ لِلْأُجْرَةِ ذِكْرٌ إنْ أَمَرَ بِهَا الْحَاكِمُ وَجَبَ لِلْقَاسِمِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَإِلَّا فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَصَّارِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالْأَرْجَحُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَقَدْ أَطْلَقَ الرُّويَانِيُّ فِي الْكَافِي الْخِلَافَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ جَرَى ذِكْرُ الْأُجْرَةِ مِنْ بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ لَزِمَ الذَّاكِرَ مَا خَصَّهُ وَيَخْرُجُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ عَلَى الْخِلَافِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْفُورَانِيُّ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ) هُوَ الْأَصَحُّ بَلْ تَقَدَّمَ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ يُنْدَبُ عَدَمُ التَّعْيِينِ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا) أَيْ نَاطِقًا وَعِبَارَةُ التَّرْغِيبِ وَمَنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي يُشْتَرَطُ فِيهِ صِفَاتُ الْقُضَاةِ وَزِيَادَةُ عِلْمِ الْحِسَابِ وَكَيْفِيَّةُ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ (قَوْلُهُ وَالْفُورَانِيُّ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ مَا نَصُّهُ قَدَّمَ الشَّارِحُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي جَامِعِ آدَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ تَعْيِينُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ آخِرًا (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا خَرْصٌ أَوْ كَانَ فِيهَا مَالُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ) هَذَا فِي مَأْذُونِ الْحَاكِمِ أَمَّا الْقِسْمَةُ الْجَارِيَةُ بِإِذْنِ الشُّرَكَاءِ دُونَ إذْنِ الْحَاكِمِ فَيُحْمَلُونَ فِي الْعَدَدِ عَلَى مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ وَلَا يَقْبَلُ الْحَاكِمُ قَوْلَ هَذَا الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَائِبٍ عَنْهُ وَلَا يَسْمَعُ شَهَادَتَهُ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِلَفْظِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَهَادَةً مُحَقَّقَةً وَإِنَّمَا هِيَ إخْبَارٌ عَنْ فِعْلِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ فَيَعْمَلُ فِيهِ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ) أَوْ بِعِلْمِهِ [فَرْعٌ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ الشُّرَكَاءُ بِهَا وَأَطْلَقُوهَا] (قَوْلُهُ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ) إنْ تَعَذَّرَ الْقَاسِمُ قَسَمَ الْمُسَمَّى فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ بِالْعَمَلِ فَفِي الْفَاسِدَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا إذْ الْعَمَلُ مَجْهُولٌ فَلَا يُوَزَّعُ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) لَوْ طَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ جَازَ لَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ لَا أَنْ يَقْسِمَ (قَوْلُهُ لَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ) لِأَنَّهُ قَدْ يَقِلُّ سَهْمُ أَحَدِهِمَا كَسَهْمٍ مِنْ مِائَةٍ فَلَوْ أُلْزِمَ نِصْفَ الْأُجْرَةِ لَجَازَ أَنْ يَسْتَوْعِبَ قِيمَةَ مِلْكِهِ وَهَذَا مَدْفُوعٌ فِي الْعُقُولِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَا رَاعِيًا لِيَرْعَى لَهُمَا مِائَةَ شَاةٍ بَيْنَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا عُشْرُهَا فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ (قَوْلُهُ وَتَرَتَّبُوا) هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَتَرَتَّبُوا فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَفُرُوعِهِ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ مَا صَوَّرَهُ الْإِمَامُ قَالَ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الطَّلَبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ إطْلَاقِ الْجَوَازِ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اسْتَأْجَرُوهُ دُفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ انْفَرَدَ وَاحِدٌ بِالِاسْتِئْجَارِ فِي حِصَّةِ نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ أَوْ عَلَى صُورَةِ الْإِجْبَارِ وَفِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ أَجَّرْت نَفْسِي مِنْك لِإِفْرَازِ نَصِيبِك، وَهُوَ النِّصْفُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ عَلَى كَذَا صَحَّ إنْ رَضِيَ الْبَاقُونَ بِالْقِسْمَةِ أَوْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَحْتَاجُ إلَى رِضَاهُمْ فَأَمَّا حَيْثُ تَحْتَاجُ إلَى الرِّضَا وَلَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 330 الْمَعْرُوفُ الصِّحَّةُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ (وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) فِي الْقِسْمَةِ (غِبْطَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ إلَيْهَا وَاجِبَةٌ وَالْأُجْرَةُ مِنْ الْمُؤَنِ التَّابِعَةِ لَهَا (وَعَلَى الْوَلِيِّ طَلَبُ الْقِسْمَةِ لَهُ حَيْثُ) كَانَ لَهُ فِيهَا (غِبْطَةٌ) وَإِلَّا فَلَا يَطْلُبُهَا، وَإِنْ طَلَبَهَا الشَّرِيكُ أُجِيبَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ فِيهَا غِبْطَةٌ وَكَالصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (فَصْلُ يُمْنَعُونَ مِنْ قِسْمَةِ عَيْنٍ تَتْلَفُ) مَنْفَعَتُهَا (بِهَا كَجَوْهَرَةٍ) وَثَوْبٍ نَفِيسَيْنِ وَزَوْجَيْ خُفٍّ وَمِصْرَاعَيْ بَابٍ؛ لِأَنَّهَا سَفَهٌ وَالتَّقْيِيدُ بِالنَّفَاسَةِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلتَّنْبِيهِ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْعِرَاقِيُّ (وَإِنْ نَقَصَهَا كَسَيْفٍ يُكْسَرُ لَمْ يُجِبْهُمْ) إلَيْهَا الْإِمَامُ لِذَلِكَ (وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ) مِنْ قِسْمَتِهَا بِأَنْفُسِهِمْ كَمَا لَوْ هَدَمُوا الْجِدَارَ وَاقْتَسَمُوا نَقْضَهُ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِعَدَمِ إجَابَةِ الْإِمَامِ إلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ يُصَانُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُلْزَمٌ بِخِلَافِ الْمَالِكِ (وَكَذَا) لَا يُجِيبُهُمْ وَلَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ قِسْمَةِ (مَا يُبْطِلُ مَقْصُودَهُ) بِهَا (كَحَمَّامٍ صَغِيرٍ) لَا يَنْقَسِمُ لِمَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ وَذِكْرُ عَدَمِ مَنْعِهِمْ مِنْهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ انْقَسَمَ) بِأَنْ أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَمَّامَيْنِ (أَجَابَهُمْ) إلَيْهَا وَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ (وَلَوْ احْتَاجَ إلَى إحْدَاثِ بِئْرٍ أَوْ مُسْتَوْقَدٍ) لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ مَعَ تَيَسُّرِ تَدَارُكِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِأَمْرٍ قَرِيبٍ (وَلَوْ كَانَ نَصِيبُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ) الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا (الْعُشْرُ وَ) هُوَ (لَا يَكْفِيهِ مَسْكَنًا) لَوْ قُسِمَتْ (فَلِصَاحِبِهِ لَا لَهُ طَلَبُ الْقِسْمَةِ) وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا إنْ طَلَبَهَا صَاحِبُهُ وَذَلِكَ (لِأَنَّ طَلَبَهُ) لَهَا (تَعَنُّتٌ) وَتَضْيِيعٌ لِمَالِهِ وَصَاحِبُهُ مَعْذُورٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِحِصَّتِهِ وَضَرَرُ صَاحِبِ الْعُشْرِ نَشَأَ مِنْ قِلَّةِ نَصِيبِهِ لَا مِنْ مُجَرَّدِ الْقِسْمَةِ (وَإِنْ كَانَ نِصْفُهَا لِوَاحِدٍ وَنِصْفٌ) آخَرُ (لِخَمْسَةٍ فَطَلَبَ صَاحِبُ النِّصْفِ الْقِسْمَةَ) أُجِيبَ وَحِينَئِذٍ (فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْخَمْسَةِ (الْقِسْمَةُ تَبَعًا لَهُ) ، وَإِنْ كَانَ الْعُشْرُ الَّذِي لِكُلٍّ مِنْهُمْ لَا يَصْلُحُ مَسْكَنًا لَهُ؛ لِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ فَائِدَةً لِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ (وَلَوْ بَقِيَ حَقُّهُمْ) أَيْ الْخَمْسَةِ (مَشَاعًا ثُمَّ طَلَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الْقِسْمَةَ لَمْ يُجْبَرُوا) أَيْ الْبَاقُونَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تَضُرُّ الْجَمِيعَ (وَإِنْ طَلَبَ أَوَّلًا الْخَمْسَةُ إفْرَازَ نَصِيبِهِمْ مَشَاعًا أَوْ كَانَتْ) أَيْ الدَّارُ (لِعَشَرَةٍ فَطَلَبَ خَمْسَةٌ مِنْهُمْ إفْرَازَ نَصِيبِهِمْ مَشَاعًا أُجِيبُوا) إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِنَصِيبِهِمْ كَمَا كَانُوا يَنْتَفِعُونَ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا مُطْلَقَ الِانْتِفَاعِ لِعِظَمِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أَجْنَاسِ الْمَنَافِعِ (فَصْلٌ الْقِسْمَةُ الْجَائِزَةُ أَنْوَاعٌ) ثَلَاثَةٌ (أَحَدُهَا) الْقِسْمَةُ (بِالْإِجْزَاءِ وَتُسَمَّى قِسْمَةَ الْمُتَشَابِهَاتِ) وَقِسْمَةُ الْإِفْرَازِ، وَهِيَ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى رَدٍّ وَلَا إلَى تَقْوِيمٍ (كَالْمِثْلِيَّاتِ) مِنْ حُبُوبٍ وَدَرَاهِمَ وَأَدْهَانٍ وَنَحْوِهَا (وَأَرْضٌ مُسْتَوِيَةُ الْأَجْزَاءِ وَدَارٌ مُتَّفِقَةُ الْأَبْنِيَةِ فَقِسْمَتُهَا قِسْمَةُ إجْبَارٍ) إذْ الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ   [حاشية الرملي الكبير] يَرْضَوْا بَعْدُ فَعَقْدُهُ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَأَمَّا الْغَائِبُ فَتُجْعَلُ الْأُجْرَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِنَصِيبِهِ فِي مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِيهِ غِبْطَةٌ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ لِلطَّالِبِ إنْ قُمْت بِالْأُجْرَةِ قَسَمْت لَك وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَيَقْسِمُ الْقَاضِي عَلَى الْغَائِبِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الشُّفْعَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ فِي ذَلِكَ بَيْتُ الْمَالِ قَسَمَ وَجَعَلَ الْأُجْرَةَ الْمُخْتَصَّةَ بِنَصِيبِهِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ قَالَ، وَأَمَّا قِسْمَةُ الْوَقْفِ عَنْ الطَّلْقِ حَيْثُ أُجْبِرْنَا عَلَيْهَا وَكَانَ عَلَى الْوَقْفِ ضَرَرٌ فِي ذَلِكَ فَالْأَرْجَحُ أَنَّهَا مِنْ الْوَقْفِ كَمَا فِي الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ فَتُجْعَلُ الْأُجْرَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالْأَرْجَحُ أَنَّهَا مِنْ الْوَقْفِ [فَصْلُ قِسْمَة الْعَيْن التَّالِفُ مَنْفَعَتُهَا بِهَا] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يُمْنَعُونَ مِنْ قِسْمَةِ عَيْنٍ تَتْلَفُ كَجَوْهَرَةٍ) لَوْ كَانَ لَهُمْ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي كَسْرِهَا لِيَسْتَعْمِلُوهَا فِي دَوَاءٍ أَوْ كُحْلٍ لَمْ يُمْنَعُوا قَطْعًا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْعِرَاقِيُّ) عِبَارَتُهُ وَقَوْلُ التَّنْبِيهِ كَالْجَوَاهِرِ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ كَجَوْهَرَةٍ وَثَوْبٍ نَفِيسَيْنِ لِاقْتِضَائِهِ تَخْصِيصَ الْمَنْعِ مِنْ قِسْمَةِ الْجَوَاهِرِ بِمَا إذَا كَانَتْ نَفِيسَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ كَانَتْ جَوْهَرَةً غَيْرَ نَفِيسَةٍ مِنْ بَلُّورٍ أَوْ زُجَاجٍ لَمْ يُجْبِرْ الْقَاضِي عَلَى قِسْمَتِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مِمَّنْ صَرَّحَ بِالزُّجَاجِ الْفُورَانِيُّ فِي الْعَمْدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِحُصُولِ الضَّرَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ بِأَنْ أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَمَّامَيْنِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ أَمْكَنَ جَعْلُ نَصِيبٍ مِنْهُ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ حَمَّامًا دُونَ الْآخَرِ فَإِنْ طَلَبَ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ الْقِسْمَةَ أُجِيبَ أَوْ صَاحِبُ الْأَقَلِّ فَلَا وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَمَا ذَكَرُوهُ فِي عُشْرِ دَارٍ لَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى شَاهِدٌ لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ مَعَ تَيَسُّرِ تَدَارُكِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إحْدَاثُ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ فَلَا إجْبَارَ قَطْعًا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَخْرَجْته مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قُلْت، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فَقَدْ يَكُونُ الْحَمَّامُ يَلِي وَقْفًا أَوْ شَارِعًا أَوْ مِلْكًا لَا يَسْمَحُ بِبَيْعِ شَيْءٍ مِنْهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ فَقَالَ لَوْ اقْتَسَمَا دَارًا فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا طَرِيقٌ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى طَرِيقٍ قَالَ أَصْحَابُنَا لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَائِطٌ يَقْدِرُ عَلَى فَتْحِ بَابِ دَارِهِ فِيهِ جَازَتْ الْقِسْمَةُ ر (قَوْلُهُ فَلِصَاحِبِهِ لَا لَهُ طَلَبُ الْقِسْمَةِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا) مَحَلُّ عَدَمِ الْإِجْبَارِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْعُشْرِ مَكَانٌ يَضُمُّهُ إلَى عُشْرِهِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَصْلُحُ الْمَجْمُوعُ لِلسُّكْنَى أُجِيبَ إلَى الْقِسْمَةِ لِانْتِفَاءِ التَّعَنُّتِ فِي طَلَبِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَوَّلًا يَكُونُ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِنَقْضِ نَصِيبِهِ بِأَنْ يَبْنِي بِهِ أَوْ بِبَيْعِهِ لِنَفَاسَتِهِ وَعَدَمِ نَقْصٍ لَهُ بِأَنْ يَقَعَ فِي قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَشَمِلَ إجْبَارُ صَاحِبِ الْعُشْرِ بِطَلَبِ صَاحِبِ التِّسْعَةِ أَعْشَارٍ مَا إذَا كَانَتْ لَا تَصْلُحُ لِلسُّكْنَى وَأَمْكَنَ ضَمُّهَا إلَى مَا جَاوَرَهَا مِنْ مِلْكِهِ بِحَيْثُ إذَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ صَلُحَتْ لِلسُّكْنَى [فَصْلٌ أَنْوَاع الْقِسْمَةُ الْجَائِزَةُ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ الْقِسْمَةُ الْجَائِزَةُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ) طَرِيقُ الْحَصْرِ أَنَّ الْمَقْسُومَ إمَّا أَنْ تَتَسَاوَى الْأَنْصِبَاءُ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ وَالْقِيمَةُ أَوْ لَا فَإِنْ تَسَاوَتْ فَهِيَ قِسْمَةُ الْإِجْزَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَتَسَاوَ فَإِمَّا أَنْ يَحْتَاجَ فِي التَّسْوِيَةِ إلَى إعْطَاءِ شَيْءٍ غَيْرِ الْمُشْتَرِكِ مِنْ الْمُتَقَاسِمِينَ أَوْ لَا فَإِنْ اُحْتِيجَ فَهِيَ قِسْمَةُ الرَّدِّ وَإِلَّا فَهِيَ قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ (قَوْلُهُ مُتَّفِقَةُ الْأَبْنِيَةِ) الْمُرَادُ بِاتِّفَاقِ الْأَبْنِيَةِ فِي الدَّارِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنْ يَكُونَ فِي شَرْقِيِّ الدَّارِ صُفَّةٌ وَبَيْتٌ وَكَذَا فِي غَرْبَيْهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 331 الْأَنْصِبَاءُ مُتَفَاوِتَةً إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهَا (فَتُعَدَّلُ السِّهَامُ) فِي الْمَكِيلِ كَيْلًا وَالْمَوْزُونُ وَزْنًا وَالْمَذْرُوعُ ذَرْعًا (بِعَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ إنْ اسْتَوَتْ) كَالْإِثْلَاثِ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ (وَيَكْتُبُ الْأَسْمَاءَ) لِتَخْرُجَ عَلَى الْأَجْزَاءِ (أَوْ الْأَجْزَاءَ مُمَيَّزَةً بِالْحُدُودِ أَوْ الْجِهَةِ وَنَحْوِهَا) لِتَخْرُجَ عَلَى الْأَسْمَاءِ (فِي رِقَاعٍ وَتُجْعَلُ فِي بَنَادِقَ صِغَارٍ مُسْتَوِيَةٍ) وَزْنًا وَشَكْلًا مِنْ طِينٍ مُجَفَّفٍ أَوْ شَمْعٍ أَوْ نَحْوِهِ وَذَلِكَ لِئَلَّا تَسْبِقَ الْيَدُ لِإِخْرَاجِ الْكَبِيرَةِ وَتَرَدَّدَ الْجُوَيْنِيُّ فِي وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ وَرَجَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَدَمَهُ وَقَوْلُهُ صِغَارٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ وَنَقَلَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْعِتْقِ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَاعُ بِأَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ كَدَوَاةٍ وَقَلَمٍ وَحَصَاةٍ. ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ إذْ لَا حَيْفَ بِذَلِكَ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحَالِ وَأَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ بِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ (وَتُعْطَى) الرِّقَاعُ الْمُدْرَجَةَ فِي الْبَنَادِقِ (مَنْ لَمْ يَحْضُرْ) الْكِتَابَةَ وَالْإِدْرَاجَ بِأَنْ تُجْعَلَ فِي حَجْرِهِ أَوْ نَحْوِهِ وَذَلِكَ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ إذْ الْقَصْدُ سَتْرُهَا عَنْ الْمَخْرَجِ حَتَّى لَا يَتَوَجَّهَ إلَيْهِ تُهْمَةٌ وَمِنْ ثَمَّ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ قَلِيلَ الْفَطِنَةِ لِتَبْعُدَ الْحِيلَةُ (وَصَبِيٌّ وَنَحْوُهُ) كَعَجَمِيٍّ (أَوْلَى) بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ (وَتَعْيِينُ مَنْ يَبْدَأُ بِهِ) مِنْ الْأَسْمَاءِ أَوْ الْأَجْزَاءِ مُفَوَّضٌ (إلَى) نَظَرِ (الْقَاسِمِ) حَسْمًا لِلنِّزَاعِ فَيَقِفُ أَوَّلًا عَلَى أَيِّ طَرَفٍ شَاءَ وَيُسَمِّي أَيَّ شَرِيكٍ شَاءَ أَوْ أَيَّ جُزْءٍ شَاءَ (وَيَأْمُرُهُ) أَيْ الْقَاسِمُ مَنْ يُخْرِجُ الرِّقَاعَ (إنْ كَتَبَ فِيهَا الْأَسْمَاءَ بِالْوَضْعِ) لِرُقْعَةٍ (عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ) فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَخَذَهُ (ثُمَّ) لِأُخْرَى عَلَى (مَا يَلِيهِ) إنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ مِنْ الْبَقِيَّةِ أَخَذَهُ (أَوْ) إنْ كَتَبَ (الْأَجْزَاءَ فَبِالْوَضْعِ) أَيْ فَيَأْمُرُهُ بِوَضْعِ رُقْعَةٍ (عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ) أُخْرَى عَلَى (عَمْرٍو) إنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ (فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً تَعَيَّنَ الثَّالِثُ لِلثَّالِثِ) بِلَا وَضْعٍ، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ زِيدَ فِي الْوَضْعِ لِمَا عَدَا الْأَخِيرِ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَوْ اثْنَيْنِ تَعَيَّنَ الثَّانِي لِلثَّانِي بِلَا وَضْعٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ أَيْ كِتَابَةَ الْأَجْزَاءِ فِي الْإِقْرَاعِ؛ لِأَنَّهَا أَحْوَطُ. (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَنْصِبَاءُ كَنِصْفٍ وَسُدُسٍ وَثُلُثٍ) فِي أَرْضٍ (جُزِّئَتْ) أَيْ الْأَرْضُ عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ، وَهُوَ السُّدُسُ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَدَّى بِهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جُزِّئَتْ عَلَى الْأَكْثَرِ فَتُجْعَلُ (سِتَّةَ أَجْزَاءٍ) وَيُقْسَمُ كَمَا مَرَّ وَيُحْتَرَزُ عَنْ تَفْرِيقِ حِصَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَالْأَوْلَى) فِي الْكِتَابَةِ حِينَئِذٍ (أَنْ يَكْتُبَ الْأَسْمَاءَ) فِي رِقَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي (وَيَخْرُجُ عَلَى الْأَجْزَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَكَسَ فَقَدْ يَخْرُجُ الْجَزَاءُ الرَّابِعُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ فَيَتَنَازَعُونَ فِي أَنَّهُ يَأْخُذُ مَعَهُ السَّهْمَيْنِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ يَخْرُجُ الثَّانِي أَوْ الْخَامِسُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ فَيُفَرَّقُ مِلْكُ أَحَدِ شَرِيكَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ مَا قَالَهُ أَوْلَى لَا وَاجِبًا؛ لِأَنَّ التَّنَازُعَ قَدْ يُمْنَعُ بِمَا سَيَأْتِي وَبِاتِّبَاعِ نَظَرِ الْقَاسِمِ كَمَا فِيمَنْ يَبْدَأُ بِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ أَوْ الْأَجْزَاءِ (وَيَجْعَلُ) أَيْ يَكْتُبُ (الْأَسْمَاءَ فِي ثَلَاثِ رِقَاعٍ) وَيُخْرِجُ رُقْعَةً عَلَى الْجَزَاءِ الْأَوَّلِ (فَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ أَخَذَهُ ثُمَّ إنْ خَرَجَ الثَّانِي) الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الرُّقْعَةُ الثَّانِيَةُ (لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَخَذَهُ وَمَا يَلِيهِ) ، وَهُوَ الثَّالِثُ (وَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لِصَاحِبِ النِّصْفِ، وَإِنْ خَرَجَ) الْأَوَّلُ (لِصَاحِبِ النِّصْفِ أَخَذَ الثَّلَاثَةَ الْأُولَى ثُمَّ إنْ خَرَجَ الرَّابِعُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَخَذَهُ وَمَا يَلِيهِ) ، وَهُوَ الْخَامِسُ (وَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لِصَاحِبِ السُّدُسِ) وَإِنْ خَرَجَ الرَّابِعُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ أَخَذَهُ وَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لِصَاحِبِ الثُّلُثِ، وَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ لَمْ يَخْفَ الْحُكْمُ (وَيَجُوزُ كَتْبُ الْأَسْمَاءِ فِي سِتِّ رِقَاعٍ) اسْمُ صَاحِبِ النِّصْفِ فِي ثَلَاثٍ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ فِي ثِنْتَيْنِ وَصَاحِبُ السُّدُسِ فِي وَاحِدَةٍ. وَيَخْرُجُ عَلَى مَا ذُكِرَ (وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ) زَائِدَةٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ (إلَّا سُرْعَةُ خُرُوجِ اسْمِ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ) وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ حَيْفًا لِتَسَاوِي السِّهَامِ فَجَازَ ذَلِكَ أَيْضًا بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْمُخْتَارُ الْمَنْصُوصُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ مَزِيَّةً بِكَثْرَةِ الْمِلْكِ فَكَانَ لَهُمَا مَزِيَّةٌ بِكَثْرَةِ الرِّقَاعِ (فَإِنْ كُتِبَتْ الْأَجْزَاءُ فَلَا بُدَّ مِنْ) إثْبَاتِهَا فِي (سِتِّ رِقَاعٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثُ رِقَاعٍ وَ) لِصَاحِبِ (الثُّلُثِ ثِنْتَانِ) وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ التَّفْرِيقِ بِأَنْ لَا يَبْدَأَ بِصَاحِبِ السُّدُسِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ (فَإِنْ بَدَأَ بِاسْمِ صَاحِبِ النِّصْفِ فَخَرَجَ لَهُ الْأَوَّلُ أَخَذَ الثَّلَاثَةَ وَلَاءً، وَإِنْ خَرَجَ لَهُ الثَّانِي أَخَذَهُ وَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ) وَلَوْ قَالَ فَكَذَلِكَ كَانَ أَخْصَرَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِعْطَاؤُهُ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ تَحَكُّمٌ فَلَمْ لَا أُعْطِي السَّهْمَانِ مِمَّا بَعْدَهُ وَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ   [حاشية الرملي الكبير] وَالْعَرْصَةُ يُمْكِنُ تَبْعِيضُهَا فَتَشْتَمِلُ كُلَّ حِصَّةٍ عَلَى مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ فَإِنْ قِيلَ قَطَعَ الْأَصْحَابُ بِالْقَوْلِ بِالْإِجْبَارِ عَلَى قِسْمَةِ الدُّورِ وَأَبْنِيَتُهَا مُخْتَلِفَةٌ وَالْعِمَارَةُ فِيهَا تَتَفَاوَتُ وَذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى مَا بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْحَيَوَانِ مِنْ التَّفَاوُتِ قُلْنَا لَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ إذَا كَانَ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ بَيْتٌ وَصُفَّةٌ وَالْجَانِبُ الْغَرْبِيُّ مِثْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ وَالْعَرْصَةُ يُمْكِنُ تَبْعِيضُهَا فَيُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ كَدَارَيْنِ مُتَمَاثِلَيْنِ مُتَقَابِلَتَيْنِ فِي سِكَّةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ التَّعْدِيلِ فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَغْرَاضُ فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِتَخْرِيجِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّعْدِيلِ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَدَمَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ عَنْ صَاحِبِ الْبَحْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْعِتْقِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَوْرَثَ رِيبَةً بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ بِسَبَبِ الِاخْتِلَافِ إذْ قَدْ يَصِيرُ قَرِينَةً تُبَيِّنُ بَعْضَهُ عَنْ بَعْضٍ وَيُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى مَطْلُوبِهِ كا (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ) كَأَنْ تُوضَعُ بِالْأَرْضِ وَتُغَطَّى بِثَوْبِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَوْ عَكَسَ فَقَدْ يَخْرُجُ الْجُزْءُ الرَّابِعُ إلَخْ) أَجَابَ عَنْهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَقَرَّرَ بَيْنَهُمْ قَبْلَ إخْرَاجِ الْقُرْعَةِ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ السَّهْمُ الرَّابِعُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ كَانَ لَهُ مَعَ السَّهْمَيْنِ قَبْلَهُ أَوْ السَّهْمَيْنِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِعْطَاؤُهُ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ تَحَكُّمٌ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِكَلَامِ الشَّيْخَيْنِ إذْ كَلَامُهُمَا مِثَالٌ لِمَا لَا يَقْتَضِي تَفْرِيقَ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ وَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَالْمَحْذُورُ إنَّمَا هُوَ التَّفْرِيقُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 332 وَالْبَاقِي لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ نَظِيرَ هَذَا فِي أَمْثِلَةٍ أَوْ يُقَالُ لَا يَتَعَيَّنُ هَذَا بَلْ يُتْبَعُ نَظَرُ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي نَظَائِرَ لَهُ (أَوْ) خَرَجَ لَهُ (الثَّالِثُ) فَفِي الْأَصْلِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَيَخْرُجُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ فَإِنْ خَرَجَ لَهُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي أَخَذَهُمَا وَأَخَذَ صَاحِبُ النِّصْفِ الثَّالِثَ وَاَللَّذَيْنِ بَعْدَهُ أَوْ الْخَامِسَ أَخَذَهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ قَالَ وَأَهْمَلَ بَاقِيَ الِاحْتِمَالَاتِ ثُمَّ بَحَثَ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ لَهُ الثَّالِثُ (أَخَذَهُ مَعَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ) ثُمَّ يَخْرُجُ بِاسْمِ الْآخَرَيْنِ (أَوْ الرَّابِعَ أَخَذَهُ مَعَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ. وَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالْأَخِيرَيْنِ) الْوَجْهُ وَالْأَخِيرَانِ (لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَوْ الْخَامِسَ أَخَذَهُ مَعَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ وَتَعَيَّنَ السَّادِسُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ) وَالْأَوَّلَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ تَحَكُّمٌ بِلَا دَلِيلٍ إذْ يُقَالُ لَهُ لِمَ لَا قُلْت فِي الْأُولَى أَخَذَهُ مَعَ الثَّانِي وَالرَّابِعِ وَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالْأَخِيرَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَوْ أَخَذَهُ مَعَ اثْنَيْنِ بَعْدَهُ وَيَتَعَيَّنُ الْأَخِيرُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالْأَوَّلَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَلِمَ لَا قُلْت فِي الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَعَ الثَّالِثِ وَالْخَامِسِ وَيَتَعَيَّنُ الْأَخِيرُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالْأَوَّلَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَلِمَ لَا قُلْت فِي الثَّالِثَةِ أَخَذَهُ مَعَ الرَّابِعِ وَالسَّادِسِ ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ لَا سِيَّمَا وَهَذَا الطَّرِيقُ يُؤَدِّي إلَى الْإِقْرَاعِ بَيْنَ الْكُلِّ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ هُوَ (أَوْ) خَرَجَ لَهُ (السَّادِسُ أَخَذَهُ مَعَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (يُخْرِجُ رُقْعَةً أُخْرَى بِاسْمِ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْآخَرَيْنِ (وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ) فَإِنَّهُ إنْ بَدَأَ مِنْهُمَا بِاسْمِ صَاحِبِ الثُّلُثِ فَخَرَجَ لَهُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي أَخَذَهُمَا وَتَعَيَّنَ الثَّالِثُ لِلْآخَرِ أَوْ الثَّالِثُ أَخَذَهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ لِلْآخَرِ أَوْ بِصَاحِبِ السُّدُسِ فَخَرَجَ لَهُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّالِثُ أَخَذَهُ وَتَعَيَّنَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ لِلْآخَرِ، وَإِنْ خَرَجَ لَهُ الثَّانِي لَمْ يُعْطِهِ لِلتَّفْرِيقِ (، وَإِنْ بَدَأَ بِصَاحِبِ السُّدُسِ أَوْ بِصَاحِبِ الثُّلُثِ يَبْنِي عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ) فَإِنْ خَرَجَ لِصَاحِبِ السُّدُسِ الْأَوَّلِ أَوْ السَّادِسِ أَخَذَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ بِاسْمِ أَحَدِ الْآخَرَيْنِ أَوْ الثَّالِثُ أَوْ الرَّابِعُ أَخَذَهُ وَتَعَيَّنَ الْأَوَّلَانِ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَانِ فِي الثَّانِيَةِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَالْبَقِيَّةُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ أَوْ الثَّانِي أَوْ الْخَامِسِ لَمْ يُعْطِهِ لِلتَّفْرِيقِ. وَهَذَا الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ التَّفْرِيقِ بِأَنْ لَا يَبْدَأَ بِصَاحِبِ السُّدُسِ، وَإِنْ خَرَجَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي أَخَذَهُمَا أَوْ الْخَامِسِ أَوْ السَّادِسِ فَكَذَلِكَ ثُمَّ يَخْرُجُ بِاسْمِ أَحَدِ الْآخَرَيْنِ، وَإِنْ خَرَجَ لَهُ الثَّالِثُ أَخَذَهُ مَعَ الثَّانِي وَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ أَوْ الرَّابِعُ أَخَذَهُ مَعَ الْخَامِسِ وَتَعَيَّنَ السَّادِسُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ هُنَا طَرِيقَةً أُخْرَى حَذَفَهَا فِي الرَّوْضَةِ لِطُولِهَا ثُمَّ الْقُرْعَةُ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ لَا تَخْتَصُّ بِقِسْمَةِ الْإِجْزَاءِ وَكَمَا تَجُوزُ بِالرِّقَاعِ الْمُدْرَجَةِ فِي الْبَنَادِقِ تَجُوزُ بِالْأَقْلَامِ وَالْعَصَا وَالْحَصَى وَنَحْوِهَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (فَصْلٌ) تُنْقَضُ (قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ لِلْغَلَطِ) وَلِلْحَيْفِ بِأَنْ ادَّعَاهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ وَبَيَّنَهُ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِجَوْرِ الْقَاضِي أَوْ كَذِبِ الشُّهُودِ (وَمَنْ ادَّعَاهُ مِنْهُمْ مُجْمَلًا) بِأَنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ (لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ فَإِنْ بُيِّنَ لَمْ يَحْلِفْ الْقَاسِمُ) الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي كَمَا لَا يَحْلِفُ الْقَاضِي أَنَّهُ لَمْ يَظْلِمْ وَالشَّاهِدُ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ (بَلْ يَمْسَحُهَا) أَيْ الْعَيْنَ الْمُشْتَرَكَةَ (قَاسِمَانِ) حَاذِقَانِ وَيَعْرِفَانِ الْحَالَ (وَيَشْهَدَانِ) وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَأَلْحَقَ السَّرَخْسِيُّ بِشَهَادَتِهِمَا مَا إذَا عَرَفَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَلْفَ ذِرَاعٍ وَمَسَحَ مَا أَخَذَهُ فَإِذَا هُوَ سَبْعُمِائَةِ ذِرَاعٍ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَالشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ وَعِلْمَ الْحَاكِمِ وَإِقْرَارَ الْخَصْمِ وَيَمِينَ الرَّدِّ كَالشَّاهِدَيْنِ خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ وَسَتَأْتِي الْأَخِيرَةُ فِي كَلَامِهِ (وَلَهُ) إذَا ادَّعَاهُ وَبَيَّنَهُ وَلَمْ يُقِمْ حُجَّةً (تَحْلِيفُ) بَقِيَّةِ (الشُّرَكَاءِ) ؛ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى خَصْمِهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِنَفْعِهِ فَأَنْكَرَ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ (وَمَنْ نَكَلَ) مِنْهُمْ عَنْ الْيَمِينِ (نُقِضَتْ) أَيْ الْقِسْمَةُ (فِي حَقِّهِ) دُونَ حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ الْحَالِفِينَ (إنْ حَلَفَ خَصْمُهُ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ (وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ) أَيْ بَقِيَّتِهِمْ (الْبَيِّنَةُ بِصِحَّتِهَا) أَيْ الْقِسْمَةِ. وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي إنَّ الْقَاسِمَ لَا يُحْسِنُ الْقِسْمَةَ وَالْمِسَاحَةَ وَالْحِسَابَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّتُهَا (وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ الْقَاسِمُ لَمْ تُنْقَضْ) أَيْ الْقِسْمَةُ (إنْ كَذَّبُوهُ) أَوْ سَكَتُوا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ (وَرَدَّ الْأُجْرَةَ) لِاعْتِرَافِهِ بِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا، وَإِنْ صَدَّقُوهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ (كَالْقَاضِي يَعْتَرِفُ بِالْغَلَطِ) أَوْ الْحَيْفِ فِي الْحُكْمِ (إنْ صَدَّقَهُ الْخَصْمُ) الْمَحْكُومُ لَهُ (رَدَّ الْمَالَ) الْمَحْكُومَ بِهِ إلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) فَلَا وَ (غَرِمَ الْقَاضِي)   [حاشية الرملي الكبير] الْمَذْكُورُ كا (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي نَظَائِرَ لَهُ) إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا عَلِمْنَا الطَّرِيقَ الْأَوَّلَ أَخَذَ الْجَمِيعُ بِالْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ إذْ يُقَالُ لَهُ لِمَ قُلْت إلَخْ) فَإِنْ قَبِلَ رَاعَى مَا تُمْكِنُ مَعَهُ الْقُرْعَةُ فِي الْجَمِيعِ وَقَدَّمَهُ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ قُلْنَا قَدْ سَلَكَ عَكْسُ ذَلِكَ عِنْدَ خُرُوجِ الْخَامِسِ (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا وَهَذِهِ الطَّرِيقُ يُؤَدِّي إلَخْ) كَمَا ذَكَرَهُ هُوَ عِنْدَ خُرُوجِ الثَّالِثِ [فَصْلٌ تُنْقَضُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ لِلْغَلَطِ] (فَصْلٌ تُنْقَضُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ لِلْغَلَطِ) (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْمَرْأَتَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ صَدَّقُوهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ) لَوْ صَدَّقَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ وَأَنْكَرَ بَعْضٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْقَاضِي غَلَطَهُ فَهَلْ يَغْرَمُ لِمَنْ صَدَّقَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 333 لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بَدَلَ مَا حَكَمَ بِهِ (وَأَمَّا قِسْمَةُ التَّرَاضِي) بِأَنْ نَصَّبَ الشَّرِيكَانِ قَاسِمًا قَسَمَ بَيْنَهُمَا أَوْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا (فَإِنْ تَرَاضَيَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَهِيَ قِسْمَةُ إفْرَازٍ) وَادَّعَى أَحَدُهُمَا غَلَطًا أَوْ حَيْفًا (نُقِضَتْ إنْ ثَبَتَ الْغَلَطُ) أَوْ الْحَيْفُ إذْ لَا إفْرَازَ مَعَ التَّفَاوُتِ وَحَلَفَ الْخَصْمُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) وَهِيَ قِسْمَةُ (بَيْعٍ فَلَا) تُنْقَضُ وَلَا أَثَرَ لِلْغَلَطِ أَوْ الْحَيْفِ، وَإِنْ تَحَقَّقَ كَمَا لَا أَثَرَ لِلْغَبْنِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِرِضَا صَاحِبِ الْحَقِّ بِتَرْكِهِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ إنَّمَا هُوَ فِي قِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ فَلَوْ قَالَ كَأَصْلِهِ بَدَلَ، وَهِيَ قِسْمَةُ إفْرَازٍ وَبَيْعٍ وَقُلْنَا إنَّهَا قِسْمَةُ إفْرَازٍ أَوْ بَيْعٍ كَانَ أَوْلَى مَعَ أَنَّهُ مَاشٍ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى مَا يَأْتِي تَحْرِيرُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَإِنْ تَرَاضَيَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَمْ تُنْقَضْ، وَإِنْ ثَبَتَ الْغَلَطُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَوْ بَيْعٌ فَلَا بَيَانَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي النَّوْعَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا الْفَصْلِ عَنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ (فَصْلٌ) لَوْ (ظَهَرَ) أَيْ حَدَثَ بَرْدٌ بِعَيْبٍ أَوْ بِتَرَدٍّ فِي بِئْرٍ حُفِرَتْ عُدْوَانًا أَوْ نَحْوَهُ (بَعْدَ الْقِسْمَةِ) لِلتَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ (دَيْنٌ، وَهِيَ إفْرَازٌ بِيعَتْ الْأَنْصِبَاءُ فِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يُوَفُّوا) الدَّيْنَ فَالْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ وَفَّوْهُ فَصَحِيحَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ (أَوْ) ، وَهِيَ (بَيْعٌ بَطَلَتْ) وَبِيعَتْ الْأَنْصِبَاءُ إنْ لَمْ يُوَفُّوا الدَّيْنَ وَإِلَّا صَحَّتْ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ جَائِزَةً لَهُمْ ظَاهِرًا وَيَأْتِي فِي عِبَارَتِهِ مَا قَدَّمْته قُبَيْلَ الْفَصْلِ فَعَلَى كَوْنِ كَلَامِهِ فِي الْمُتَشَابِهَاتِ لَوْ قَالَ ظَهَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ دَيْنٌ بَطَلَتْ إنْ لَمْ يُوَفُّوا السَّلَمَ مِنْ ذَلِكَ وَلَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ) بَعْدَ الْقِسْمَةِ (بَعْضَ مَشَاعٍ) مِنْ الْمَقْسُومِ كَثُلُثٍ (بَطَلَتْ) فِي الْجَمِيعِ لِعَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودِ الْقِسْمَةِ، وَهُوَ التَّمْيِيزُ وَلِظُهُورِ انْفِرَادِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ بِالْقِسْمَةِ (وَمُقْتَضَى مَا فِي الْأَصْلِ) أَيْ الرَّوْضَةِ (الصِّحَّةُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبُطْلَانِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ إذَا جَمَعَ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ لَا يَصِحُّ لِرُجُوعِ الشَّافِعِيِّ إلَيْهِ آخِرًا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ فَوَهْمٌ بَلْ الَّذِي فِيهَا أَنَّهَا تَبْطُلُ فِي الْمُسْتَحَقِّ وَفِي الْبَاقِي طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا قَوْلَانِ بِلَا تَرْجِيحِ وَفَاتِهِ بَيَانُ الرَّاجِحِ مِمَّا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَالْمُحَرَّرُ وَتَبِعَهُ هُوَ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّ فِي الْبَاقِي قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَيَكُونُ الْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْقِسْمَةِ فِيهِ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ (أَوْ) بَعْضُ (مُعَيَّنٍ وَاسْتَوَيَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (فِيهِ صَحَّتْ) فِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَصَلَ إلَى حَقِّهِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِيَا فِيهِ بِأَنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِهِ أَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا مِنْهُ أَكْثَرَ (بَطَلَتْ) فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ مَا يَبْقَى لِكُلٍّ لَا يَكُونُ قَدْرَ حَقِّهِ بَلْ يَحْتَاجُ أَحَدُهُمَا إلَى الرُّجُوعِ عَلَى الْآخَرِ وَتَعُودُ الْإِشَاعَةُ نَعَمْ لَوْ وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ عَيْنٌ لِمُسْلِمٍ أَخَذَهَا مِنْهُ الْكُفَّارُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ رُدَّتْ لِصَاحِبِهَا وَعُوِّضَ عَنْهَا مَنْ وَقَعَتْ فِي نَصِيبِهِ مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ وَلَا تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي بَابِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ نُقِضَتْ إنْ ثَبَتَ الْغَلَطُ) أَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الزَّائِدَ أَوْ عَلِمَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِمَصِيرِهِ لِشَرِيكِهِ أَوْ رَضِيَ بِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الشَّرِيكِ رِضًا أَوْ رَضِيَ بِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ أَمْرٌ يَلْزَمُ بِهِ التَّمْلِيكُ الْمَذْكُورُ فَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِهِ وَرَضِيَ بِمَصِيرِهِ لِشَرِيكِهِ وَرَضِيَ الشَّرِيكُ بِذَلِكَ وَحَصَلَ الْأَمْرُ الْمُلْزِمُ، وَهُوَ الْقَبْضُ بِالْإِذْنِ فَإِنَّهُ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا اقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ الْمُسْتَوِيَانِ فِي النَّصِيبِ عَلَى تَفَاوُتٍ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّفَاوُتِ أَنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ وَبَحَثَ فِيهِ الْإِمَامُ وَنَازَعْنَاهُ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ، وَهِيَ قِسْمَةُ بَيْعٍ فَلَا) مَحَلُّهُ مَا إذَا جَرَى لَفْظُ الْبَيْعِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ قُلْنَا إفْرَازٌ قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي الْبَسِيطِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّفْضِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا فَإِنْ قَالَ إنَّمَا رَضِيت لِاعْتِقَادِي أَنَّ مَا خَرَجَتْ الْقِسْمَةُ بِهِ هُوَ الَّذِي لِي وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهُ وَسَبَبُ غَلْطَى مَجِيءُ كِتَابِ وَكِيلِي بِقَدْرٍ فَخَرَجَ بِخِلَافِهِ أَوْ كَانَتْ لِي شَرِكَةٌ فِي مَكَان آخَرَ فَغَلِطْت مِنْهُ إلَى هَذَا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْته بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ بَلْ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا مُقْتَضَاهُ أَنَّ الشُّرَكَاءَ لَوْ اعْتَرَفُوا بِمَا ادَّعَاهُ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَهَذَا خَرْقٌ عَظِيمٌ وَلَيْسَ هَذَا كَالْغَبْنِ فَإِنَّهُ لَمَّا رَضِيَ هُنَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ لَمْ يَكُنْ نَصِيبُهُ مَكْشُوفًا لَهُ وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا صَرَّحَ بِعَدَمِ النَّقْضِ مَعَ اعْتِرَافِ الْغَرِيمِ لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّ مُقْتَضَى التَّوْجِيهِ بِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْغُرَمَاءَ وَلَوْ اعْتَرَفُوا بِالْغَلَطِ لَمْ يُفِدْهُ اعْتِرَافُهُمْ شَيْئًا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْوَسِيطِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الْوَسِيطِ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لَا تُنْقَضُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِغَبْنٍ وَهَذَا يُتَّجَهُ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا بَيْعٌ فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالْغَبْنِ هَذَا قُلْنَا الْكَلَامَ فِي التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالْغَبْنِ هَذَا لِأَنَّهُ فِي الْغَبْنِ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَّا إلَى مُجَرَّدِ تَخْمِينٍ وَهُنَا اسْتَنَدَ إلَى قِسْمَةٍ بِقُرْعَةٍ ظَنَّ أَنَّهَا عَلَى الْعَدْلِ فَلَا يَكُونُ رِضَاهُ مَعَ الِاسْتِنَادِ الْمَذْكُورِ نَاقِلًا لِلزِّيَادَةِ عَنْ مِلْكِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْهَا اهـ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَوْ بَيْعٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ حَدَثَ بَرْدٌ بِعَيْبٍ أَوْ بِتَرَدٍّ فِي بِئْرٍ حُفِرَتْ عُدْوَانًا أَوْ نَحْوَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِلتَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ] (قَوْلُهُ وَإِلَّا صَحَّتْ لِأَنَّهَا كَانَتْ جَائِزَةً لَهُمْ ظَاهِرًا) لَوْ أَبْقَى الشَّارِحُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ ظَهَرَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمْ يَحْتَجْ كَلَامُهُ إلَى تَقْيِيدٍ فَإِنَّ صُورَتَهَا أَنَّ الدَّيْنَ لَزِمَهُ فِي حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ وَلَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ نَشَأَ مِنْ تَفْسِيرٍ ظَهَرَ بِحَدَثٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهِيَ أَنَّهُ اتَّضَحَ لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ خَفِيًّا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ ظَهَرَ فِي كَلَامِ أَصْلِهِ بِمَعْنًى حَدَثَ لِأَجْلِ حُكْمِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) الْإِسْنَوِيُّ يَمْنَعُ تَخْرِيجَهَا عَلَى خِلَافِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ الْأَظْهَرُ صِحَّةَ الْقِسْمَةِ فِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ) الْمُرَادُ بُطْلَانُهَا فِي الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَبِالِاسْتِحْقَاقِ يَتَبَيَّنُ أَنْ لَا قِسْمَةَ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ عَيْنٌ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يُسْتَثْنَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْقِسْمَةَ لَا تَجْرِي عَلَى حَسَبِ الْقِسْمَةِ فِي الْمُشْتَرِكَاتِ الشَّرِكَةُ الْحَقِيقَةُ بَلْ التَّصَرُّفُ فِيهَا لِلْإِمَامِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي بَابِهِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا بِرَدٍّ وَنَحْوِهِ فَلَا تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ بَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 334 (أَوْ ظَهَرَتْ) بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ (وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ) فِي الذِّمَّةِ (فَكَدَيْنٍ) ظَهَرَ عَلَى التَّرِكَةِ (أَوْ) وَصِيَّةٍ (بِجُزْءٍ شَائِعٍ أَوْ مُعَيَّنٍ فَكَالْمُسْتَحَقِّ) فِي حُكْمِهِ السَّابِقِ ثُمَّ ظُهُورُ الدَّيْنِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَدَعْوَى الْغَلَطِ لَا تَخْتَصُّ بِقِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ عَلَى مَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ بَلْ تَعُمُّ أَنْوَاعَ الْقِسْمَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ النَّوْعُ (الثَّانِي قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ بِالْقِيمَةِ فِيمَا لَا يَتَعَدَّدُ كَأَرْضٍ تَخْتَلِفُ قِيمَةُ أَجْزَائِهَا) بِاخْتِلَافِهَا فِي قُوَّةِ الْإِنْبَاتِ وَالْقُرْبِ مِنْ الْمَاءِ وَفِي أَنَّ بَعْضَهَا يُسْقَى بِالنَّهْرِ وَبَعْضَهَا بِالنَّاضِحِ (فَيَكُونُ مَثَلًا قِيمَةُ ثُلُثِهَا لِجَوْدَتِهِ كَقِيمَةِ ثُلُثَيْهَا فَتُجَزَّأُ) الْأَرْضُ (عَلَى أَقَلِّ الْأَنْصِبَاءِ) إنْ اخْتَلَفَتْ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ فَتُجَزَّأُ سِتَّةُ أَسْهُمٍ (بِالْقِيمَةِ لَا الْمِسَاحَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَدَّى بِهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ كَمَا مَرَّ (وَتُوَزَّعُ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ عَلَى قَدْرِ مِسَاحَةِ الْمَأْخُوذِ لَا) مِسَاحَةِ (النَّصِيبِ) ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْكَثِيرِ أَكْثَرُ (فَهَذَا) الْأَوْلَى وَهَذَا أَيْ النَّوْعُ (قِسْمَةٌ بِالْإِجْبَارِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا أُجْبِرَ عَلَيْهَا الْمُمْتَنِعُ إلْحَاقًا لِلتَّسَاوِي فِي الْقِيمَةِ بِالتَّسَاوِي فِي الْإِجْزَاءِ هَذَا (إذَا لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَةُ الْجَيِّدِ وَحْدَهُ وَالرَّدِيءِ وَحْدَهُ) وَإِلَّا فَلَا إجْبَارَ كَمَا لَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي أَرْضَيْنِ يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِالْإِجْزَاءِ لَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ فِي قِسْمَتِهَا عَلَى التَّعْدِيلِ (وَكَذَا بُسْتَانٌ بَعْضُهُ عِنَبٌ وَبَعْضُهُ نَخْلٌ وَدَارٌ بَعْضُهَا آجُرٌّ وَبَعْضُهَا خَشَبٌ وَطِينٌ) وَنَحْوُهُمَا مِمَّا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ يَجْرِي فِيهِ الْإِجْبَارُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَةُ كُلِّ جِنْسٍ وَحْدَهُ إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِمَا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ لِاخْتِلَافِ صِفَتِهِ. (وَأَمَّا الْمُتَعَدِّدُ فَمَا لَا يَنْقَسِمُ آحَادُهُ كَدَكَاكِينَ) صِغَارٍ (مُتَلَاصِقَةٍ) وَتُسَمَّى عَضَائِدَ (فَتُقَسَّمُ أَعْيَانُهَا إجْبَارًا) لِلْحَاجَةِ وَكَالْخَانِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى بُيُوتٍ وَمَسَاكِنَ (فَإِنْ انْقَسَمَتْ الدُّورُ أَوْ الدَّكَاكِينُ الْمُتَعَدِّدَةُ) الْمُتَسَاوِيَةُ الْقِيمَةِ وَطَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ بِأَنْ يُجْعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ دَارٌ أَوْ دُكَّانٌ (فَلَا إجْبَارَ) سَوَاءٌ تَجَاوَرَتْ الدُّورُ وَالدَّكَاكِينُ أَمْ تَبَاعَدَتْ لِشِدَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ وَالْأَبْنِيَةِ كَالْجِنْسَيْنِ (، وَأَمَّا الْأَرَاضِي فَلَا إجْبَارَ فِيهَا إلَّا إنْ تَلَاصَقَتْ وَاتَّحَدَ الشُّرْبُ وَالطَّرِيقُ) فَيُجْبَرُ فِيهَا فَمَحَلُّ عَدَمِ الْإِجْبَارِ فِيهَا إذَا تَفَرَّقَتْ أَوْ تَلَاصَقَتْ وَلَمْ يَتَّحِدْ الْمَشْرَبُ وَالطَّرِيقُ (وَالْمُتَعَدِّدُ) إنْ كَانَ (مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَعَبِيدٍ وَثِيَابٍ وَشَجَرٍ إنْ أَمْكَنَ التَّسْوِيَةُ) فِيهَا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ (وَلَوْ بِالْقِيمَةِ) كَمَا لَوْ أَمْكَنَتْ بِالْعَدَدِ وَالْقِيمَةِ (أُجْبِرَ) الْمُمْتَنِعُ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى قِسْمَتِهَا أَعْيَانًا (كَثَلَاثَةِ أَعْبُدَ بَيْنَ اثْنَيْنِ قِيمَةُ أَحَدِهَا) الْأَوْلَى أَحَدُهُمْ (مِائَةٌ وَ) قِيمَةُ (الْآخَرَيْنِ مِائَةٌ) وَكَثَلَاثَةِ أَعْبُدَ مُتَسَاوِيَةِ الْقِيمَةِ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ وَذَلِكَ لِقِلَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا عِنْدَ إمْكَانِ التَّسْوِيَةِ عَدَدٌ أَوْ قِيمَةٌ بِخِلَافِ الدُّورِ وَإِلْحَاقًا لِلتَّسْوِيَةِ فِي الْقِيمَةِ بِالتَّسْوِيَةِ فِي الْعَدَدِ وَالْقِيمَةِ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِهَا. وَمَا ذَكَرَهُ فِيهَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْأَكْثَرُونَ مَنْعُ الْإِجْبَارِ فِيهَا (بِخِلَافِ عَبْدَيْنِ) بَيْنَ اثْنَيْنِ (قِيمَةُ ثُلُثَيْ أَحَدِهِمَا يَعْدِلُ قِيمَةَ ثُلُثِهِ مَعَ الْآخَرِ) كَأَنْ سَاوَتْ قِيمَةُ الْأَوَّلِ ثَلَثَمِائَةٍ وَالثَّانِي مِائَةً فَلَا إجْبَارَ فِي قِسْمَتِهِمَا (لِعَدَمِ ارْتِفَاعِ الشَّرِكَةِ) بِالْكُلِّيَّةِ. (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَنْوَاعُ) وَالْأَجْنَاسُ الْمَفْهُومَةُ بِالْأَوْلَى كَعَبْدَيْنِ تُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ وَكَعَبْدٍ وَثَوْبٍ (فَلَا إجْبَارَ) فِي قِسْمَتِهَا (وَلَوْ اخْتَلَطَتْ) وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ كَتَمْرٍ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ لِشِدَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِهَا (وَاللَّبَنُ إنْ اسْتَوَتْ قَوَالِبُهُ فَمُتَشَابِهَاتٌ) أَيْ فَقِسْمَتُهُ قِسْمَةُ الْمُتَشَابِهَاتِ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَالتَّعْدِيلُ) أَيْ فَقِسْمَتُهُ قِسْمَةُ تَعْدِيلٍ فَيَأْتِي فِيهَا الْإِجْبَارُ (وَيُجْبَرُ) الْمُمْتَنِعُ (عَلَى قِسْمَةِ عُلُوٍّ وَسُفْلٍ) مِنْ دَارٍ (أَمْكَنَ) قِسْمَتُهَا (لَا) عَلَى (قِسْمَةِ أَحَدِهِمَا) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَقْتَسِمَانِ الْآخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقَعُ مَا يُحَاذِي نَصِيبَ هَذَا لِذَاكَ (أَوْ) عَلَى (جَعْلِهِ لِوَاحِدٍ وَالْآخَرُ لِآخَرَ) ؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ تَابِعٌ وَالسُّفْلَ مَتْبُوعٌ فَلَا يُجْعَلُ أَحَدُ النَّصِيبَيْنِ تَابِعًا وَالْآخَرُ مَتْبُوعًا؛ وَلِأَنَّ الْعُلُوَّ مَعَ السُّفْلِ كَدَارَيْنِ مُتَلَاصِقَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصْلُحُ سَكَنًا وَقَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ تُمْكِنُ الْقِسْمَةُ عُلُوًّا وَسُفْلًا فَجُعِلَ الْعُلُوُّ لِأَحَدِهِمَا وَالسُّفْلُ لِلْآخَرِ مِنْ جُمْلَةِ قِسْمَةِ   [حاشية الرملي الكبير] مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ وَفِي صِحَّتِهِ فِي مِلْكِ الشَّرِيكِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ عِوَضُ الزَّائِدِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ (النَّوْعُ الثَّانِي فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ) (قَوْلُهُ فَهَذِهِ قِسْمَةٌ بِالْإِجْبَارِ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ فِي أَشْجَارٍ نَابِتَةٍ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ مُحْتَكَرَةٍ وَهُمَا فِي الْمَنْفَعَةِ عَلَى نِسْبَةِ حَقِّهِمَا فِي الْمِلْكِ وَكَانَتْ الْأَشْجَارُ لَا تُقْسَمُ إلَّا بِالتَّعْدِيلِ قَالَ فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ لَا إجْبَارَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى أَنْ تَقَعَ أَشْجَارُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ وَذَلِكَ مَحْذُورٌ. اهـ. (قَوْلُهُ أُجْبِرَ عَلَيْهَا الْمُمْتَنِعُ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهَا بِلَا ضَرَرٍ إلَّا كَذَلِكَ كَالدَّارِ الْوَاحِدَةِ (فَرْعٌ) مَتَى أَمْكَنَتْ قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ أُجِيبَ طَالِبُ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ (قَوْلُهُ إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِمَا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ) لِاخْتِلَافِ صِفَتِهِ لَوْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ لَامْتَنَعَ الْإِجْبَارُ فِي الْبُسْتَانِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْأَشْجَارِ الْمُخْتَلِفَةِ وَفِي الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْحِيطَانِ وَالْأَجْذَاعِ وَالْأَبْوَابِ، وَهُوَ شَأْنُ الْبَسَاتِينِ وَالدُّورِ غَالِبًا وَيَنْجَرُّ ذَلِكَ إلَى أَنْ لَا تَثْبُتَ فِيهَا الشُّفْعَةُ كَالطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ فَتُقْسَمُ أَعْيَانُهَا إجْبَارًا) قَالَ الْجِيلِيُّ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَنْقَضِ الْقِيمَةُ بِالْقِسْمَةِ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ جَزْمًا (قَوْلُهُ فَلَا إجْبَارَ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ الدَّارَيْنِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ لَهُمَا بِمِلْكِ الْقَرْيَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا وَشَرِكَتُهُمَا بِالنِّصْفِ وَمَلَكَا قِسْمَةَ الْقَرْيَةِ وَاقْتَضَتْ الْقِسْمَةُ نِصْفَيْنِ جُعِلَ كُلُّ دَارٍ نَصِيبًا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا خَارِجٌ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي صُورَةِ الْقَرْيَةِ. (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ) هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ احْتَجُّوا لَهُ «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَزَّأَ الْعَبِيدَ السِّتَّةَ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ الرَّجُلُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ» قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَهَذَا مَا نُصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا (قَوْلُهُ فَلَا إجْبَارَ فِي قِسْمَتِهَا) شَمِلَ عَدَمَ الْإِجْبَارِ عِنْدَ اخْتِلَافِ النَّوْعِ مَا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ مَنَافِعُهُ قِيمَةً الجزء: 4 ¦ الصفحة: 335 التَّعْدِيلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ شَأْنَ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ انْقِطَاعُ الْعَلَقَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَهُنَا مُنْتَفٍ فَإِنَّ صَاحِبَ الْعُلُوِّ لَوْ أَرَادَ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ نَازَعَهُ صَاحِبُ السُّفْلِ وَصَاحِبُ السُّفْلِ لَوْ أَرَادَ الْحَفْرَ تَحْتَ بِنَائِهِ نَازَعَهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ (النَّوْعُ الثَّالِثُ قِسْمَةُ الرَّدِّ بِأَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْأَرْضِ بِئْرٌ أَوْ شَجَرٌ) أَوْ بَيْتٌ (تَتَعَذَّرُ قِسْمَتُهُ) وَلَيْسَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مَا يُعَادِلُهُ إلَّا بِضَمِّ شَيْءٍ إلَيْهِ مِنْ خَارِجٍ فَيَرُدُّ مَنْ يَأْخُذُهُ بِالْقِسْمَةِ قِسْطَ قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ أَلْفًا وَلَهُ النِّصْفُ رَدَّ خَمْسَمِائَةٍ (وَكُلُّ مَا لَا يُمْكِنُ تَعْدِيلُهُ إلَّا بِرَدٍّ فَلَا إجْبَارَ) فِيهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمْلِيكًا لِمَا لَا شَرِكَةَ فِيهِ فَكَانَ كَغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَبْدَانِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَالْآخَرِ خَمْسُمِائَةٍ وَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَرُدَّ آخِذُ النَّفِيسِ مِائَتَيْنِ لِيَسْتَوِيَا فَلَا إجْبَارَ (وَلَوْ تَرَاضَيَا بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا النَّفِيسَ وَيَرُدَّ) عَلَى الْآخَرِ ذَلِكَ (جَازَ) ، وَإِنْ لَمْ يُحَكِّمَا الْقُرْعَةَ (، وَهِيَ) أَيْ قِسْمَةُ الرَّدِّ (بَيْعٌ وَكَذَا قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ وَإِنْ أُجْبِرَ عَلَيْهَا) كَمَا مَرَّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِبَعْضِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا صَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ مَا كَانَ لَهُ بِمَا كَانَ لِلْآخَرِ وَإِنَّمَا دَخَلَ الثَّانِيَةَ الْإِجْبَارُ لِلْحَاجَةِ كَمَا يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَ الْمَدْيُونِ جَبْرًا (وَقِسْمَةُ الْإِجْزَاءِ إفْرَازٌ) لِلْحَقِّ لَا بَيْعٌ قَالُوا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمَا دَخَلَهَا الْإِجْبَارُ وَلَمَا جَازَ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْقُرْعَةِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا إفْرَازًا أَنَّ الْقُرْعَةَ تُبَيِّنُ أَنَّ مَا خَرَجَ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ كَانَ مِلْكَهُ (وَقِيلَ بَيْعٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ) إفْرَازٌ فِيمَا كَانَ يَمْلِكُهُ هُوَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَإِنَّمَا دَخَلَهَا الْإِجْبَارُ لِلْحَاجَةِ (فَمَا صَارَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (نِصْفُهُ مَبِيعٌ وَنِصْفُهُ مُفْرَزٌ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ) وَهَذَا الْقَوْلُ جَزَمَ بِهِ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ أَصْلِهِ لَهُ فِي بَابَيْ زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ وَالرِّبَا، وَهُوَ قَوِيٌّ قَالَ فِي الْأَصْلِ: ثُمَّ قِيلَ الْقَوْلَانِ فِيمَا إذَا جَرَتْ الْقِسْمَةُ إجْبَارًا فَإِنْ جَرَتْ بِالتَّرَاضِي فَبَيْعٌ قَطْعًا وَقِيلَ الْقَوْلَانِ فِي الْحَالَيْنِ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَالْأَصَحُّ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَذَا غَلَطٌ عَلَى الْبَغَوِيّ فَإِنَّهُ صَحَّحَ فِي تَهْذِيبِهِ الطَّرِيقَ الثَّانِيَ لَكِنَّهُ انْعَكَسَ عَلَى الرَّافِعِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْأَصَحُّ الثَّانِي، وَهُوَ الصَّوَابُ (فَرْعٌ وَحَيْثُ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ) فَاقْتَسَمَا رِبَوِيًّا (اُشْتُرِطَ فِي الرِّبَوِيِّ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَامْتَنَعَتْ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ وَمَا عَقَدَتْ النَّارُ أَجْزَاءَهُ) كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الرِّبَا وَقَوْلُهُ (وَنَحْوِهِ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ قُلْنَا) هِيَ (إفْرَازٌ جَازَ لَهُمْ) أَيْ الشُّرَكَاءِ (ذَلِكَ) يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ (وَيُقْسَمُ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ فِي الْإِفْرَازِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ (وَلَوْ) كَانَتْ قِسْمَتُهُمَا (عَلَى الشَّجَرِ) خَرْصًا (لَا غَيْرَهُمَا) مِنْ سَائِرِ الثِّمَارِ فَلَا يُقْسَمُ (عَلَى الشَّجَرِ) ؛ لِأَنَّ الْخَرْصَ لَا يَدْخُلُهُ (وَتُقْسَمُ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً وَحْدَهَا وَلَوْ إجْبَارًا) سَوَاءٌ كَانَ الزَّرْعُ بَذْرًا بَعْدُ أَمْ قَصِيلًا أَمْ حَبًّا مُشْتَدًّا؛ لِأَنَّهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) عِبَارَتُهُ عَلَّلَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ مَنْعَ الْإِجْبَارِ بِأَنَّ أَصْلَ الْحُكْمِ أَنَّ مَنْ مَلَكَ السُّفْلَ مَلَكَ مَا تَحْتَهُ وَمَا فَوْقَهُ مِنْ الْهَوَاءِ فَإِذَا أَعْطَى هَذَا سُفْلًا لَا هَوَاءَ لَهُ وَهَذَا عُلُوًّا لَا سُفْلَ لَهُ فَقَدْ أَعْطَى كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى غَيْرِ أَصْلِ مَا يَمْلِكُ النَّاسُ أَيْ وَوَضْعُ الْقِسْمَةِ التَّمْيِيزُ وَقَدْ أَجْمَعَ الْأَصْحَابُ فِيمَا أَعْلَمُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ التَّعْدِيلِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ تَقْطَعُ الْعَلَقَ بَيْنَهُمَا وَاعْتِرَاضُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الْقِسْمَةِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَوْ أُجْبِرْنَا عَلَيْهِ لَمْ تَنْقَطِعْ الْعَلَقُ وَالِاعْتِرَاضَاتُ بَيْنَهُمَا إذْ لَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى عُلُوِّهِ لَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ صَاحِبُ السُّفْلِ بِأَنَّ مَا تُحْدِثُهُ يُثْقِلُ بِنَائِي وَبَغْلَتَهُ وَكَذَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ عَلَى أَرْضِ الْعُلْوِ شَيْئًا ثَقِيلًا أَوْ يَتَّدِ فِيهِ وَتَدًا لَنَازَعَهُ وَمَنَعَهُ وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَنْ يَحْفِرَ تَحْتَ بِنَائِهِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْعُلُوِّ بِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُ جِدَارَك الْحَامِلَ لِعُلُوِّي وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الِاعْتِرَاضَاتِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رَمْزٌ إلَى الْفَرْقِ أَيْضًا. (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا كَانَ بَيْنَهَا قَرْيَةٌ ذَاتُ مَسَاكِنَ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقْسِمَ جَمِيعَ الْقَرْيَةِ وَطَلَبَ الْآخَرُ أَنْ يَقْسِمَ كُلَّ مَسْكَنٍ مِنْهَا قُسِّمَتْ الْقَرْيَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهَا بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ مَسَاكِنِهِ لِأَنَّ الْقَرْيَةَ حَاوِيَةٌ لِمَسَاكِنِهَا كَالدَّارِ الْجَامِعَةِ لِبُيُوتِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ الْإِجْبَارُ عَلَى بَيْتٍ مِنْهَا فَكَذَلِكَ الْقَرْيَةُ (النَّوْعُ الثَّالِثُ قِسْمَةُ الرَّدِّ) (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَا لَا يُمْكِنُ تَعْدِيلُهُ إلَّا بِرَدٍّ فَلَا إجْبَارَ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الرَّدَّ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِدَفْعِ مَالٍ غَيْرِ مُشْتَرَكٍ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يَأْبَاهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ر (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُحَكِّمَا الْقُرْعَةَ) الْأَوْلَى بِالْغَايَةِ، وَإِنْ حَكَّمَا الْقُرْعَةَ فَفِي الْحَاوِي أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِالْقُرْعَةِ فِيهَا فَفِي جَوَازِ الْإِقْرَاعِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَلَيْسَ فِي الْبَيْعِ إقْرَاعٌ وَالثَّانِي يَجُوزُ الْإِقْرَاعُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْقِسْمَةِ وَاعْتِبَارًا بِالْمُرَاضَاةِ (قَوْلُهُ، وَهِيَ بَيْعٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْقَدْرُ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ فِي مُقَابِلِهِ رَدٌّ فَإِنَّ الَّذِي لَهُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْإِشَاعَةِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ بَيْعٌ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَبِيعًا لَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَائِعًا مِلْكَهُ وَمِلْكَ غَيْرِهِ بِمِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْزَاءِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ اهـ وَحَيْثُ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ لَا تَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَقُومُ الرِّضَا مَقَامَهُمَا (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ بَاعَ مَا كَانَ لَهُ) أَيْ بَعْضَ مَا كَانَ لَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَمَا جَازَ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْقُرْعَةِ) وَلَثَبَتَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ لَلشَّرِيك الثَّالِثِ كَمَا إذَا تَقَاسَمَ شَرِيكَانِ حِصَّتَهُمَا وَتَرَكَا حِصَّتَهُ مَعَ أَحَدِهِمَا بِرِضَاهُ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى كَوْنِهَا إفْرَازًا إلَخْ) كَالْمَالِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ يَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ الْمَقْبُوضَةُ دَيْنًا وَلَا يَجْعَلُهَا عِوَضًا عَنْ الدَّيْنِ إذْ لَوْ قَدَّرْنَا ذَلِكَ لَمَا صَحَّ قَبْضُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مِنْ جِهَةِ امْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَثَبَتَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ لَلشَّرِيكِ الثَّالِثِ كَمَا إذَا تَقَاسَمَ شَرِيكَاهُ حِصَّتَهُمَا وَتَرَكَا حِصَّتَهُ مَعَ أَحَدِهِمَا بِرِضَاهُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ قَوِيٌّ) قَالَ شَيْخُنَا بَلْ هُوَ الْأَوْجَهُ كا (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ وَالرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 فِي الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ الْقُمَاشِ فِي الدَّارِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ؛ لِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا بِخِلَافِهِمَا (أَوْ مَعَ الزَّرْعِ قَصِيلًا بِتَرَاضٍ) مِنْ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ حِينَئِذٍ مَعْلُومٌ مُشَاهَدٌ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِتَرَاضٍ أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِي ذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ نَقْلًا عَنْ جَمْعٍ قَالَ وَلَمْ يُوَجِّهُوهُ بِمُقَنَّعٍ (لَا) الزَّرْعَ (وَحْدَهُ وَلَا مَعَهَا، وَهُوَ بَذْرٌ) بَعْدُ (أَوْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ) فَلَا يُقْسَمُ. (وَإِنْ جَعَلْنَاهَا إفْرَازًا) كَمَا لَوْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا؛ لِأَنَّهَا فِي الْأُولَى قِسْمَةُ مَجْهُولٍ وَفِي الْآخِرَتَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ قِسْمَةُ مَجْهُولٍ وَمَعْلُومٍ وَعَلَى الثَّانِي بَيْعُ طَعَامٍ وَأَرْضٍ بِطَعَامٍ وَأَرْضٍ (وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي قِسْمَةٍ هِيَ بَيْعٌ لَا إفْرَازٌ) وَقَوْلُهُ (بَلْ تَلْغُو) إيضَاحٌ (وَتُصَحَّحُ) الْقِسْمَةُ (فِي مَمْلُوكٍ عَنْ وَقْفٍ إنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ لَا) إنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ مُطْلَقًا أَوْ إفْرَازٌ (وَفِيهَا رَدٌّ مِنْ الْمَالِكِ) فَلَا تَصِحُّ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْوَقْفِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُ بِإِزَاءِ مِلْكِهِ جُزْءًا مِنْ الْوَقْفِ فَعُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا تَصِحُّ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا رَدٌّ أَوْ كَانَ فِيهَا رَدٌّ مِنْ أَرْبَابِ الْوَقْفِ (وَلَغَتْ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ (قِسْمَةُ وَقْفٍ فَقَطْ) أَيْ لَا عَنْ مِلْكٍ بِأَنْ قَسَمَ بَيْنَ أَرْبَابِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَغْيِيرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إذَا صَدَرَ الْوَقْفُ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى سَبِيلٍ وَاحِدٍ فَإِنْ صَدَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِجَوَازِ الْقِسْمَةِ كَمَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ مَعَ الْمِلْكِ وَذَلِكَ رَاجِحٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَأَفْتَيْت بِهِ انْتَهَى وَكَلَامُهُ مُتَدَافِعٌ فِيمَا إذَا صَدَرَ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى سَبِيلَيْنِ أَوْ عَكْسِهِ. وَالْأَقْرَبُ فِي الْأَوَّلِ بِمُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْجَوَازُ وَفِي الثَّانِي عَدَمُهُ (وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ) قِسْمَةِ (الْإِجْبَارِ) ، وَهِيَ الْقِسْمَةُ الْوَاقِعَةُ بِالتَّرَاضِي مِنْ قِسْمَةِ الرَّدِّ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ تَوَلَّاهَا مَنْصُوبُ الْحَاكِمِ (التَّرَاضِي قَبْلَ الْقُرْعَةِ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَبَعْدَهَا) أَمَّا فِي قِسْمَةِ الرَّدِّ فَلِأَنَّهَا بَيْعٌ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالْقُرْعَةِ فَاشْتُرِطَ التَّرَاضِي بَعْدَهَا كَمَا اُشْتُرِطَ قَبْلَهَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا مِمَّا يَقَعُ بِالتَّرَاضِي فَقِيَاسًا عَلَيْهَا بِجَامِعِ اشْتِرَاطِ التَّرَاضِي قَبْلَهَا فَإِنْ لَمْ يُحَكِّمَا الْقُرْعَةَ كَأَنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ وَالْآخَرُ الْآخَرَ أَوْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الْخَسِيسَ وَالْآخَرُ النَّفِيسَ وَيَرُدَّ زَائِدَ الْقِيمَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَرَاضٍ ثَانٍ أَمَّا قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الرِّضَا لَا قَبْلَ الْقُرْعَةِ وَلَا بَعْدَهَا (وَيَكْفِي) فِي التَّرَاضِي بِالْقِسْمَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ (رَضِينَا بِهَا وَنَحْوِهِ) كَرَضِينَا بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ وَبِمَا جَرَى؛ لِأَنَّ الرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ فَنِيطَ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ رَضِيت (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْقِسْمَةِ (بَيْعٌ وَلَا تَمْلِيكٌ) أَيْ التَّلَفُّظُ بِهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا (فَصْلٌ تُقَسَّمُ الْمَنَافِعُ) بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ كَمَا تُقَسَّمُ الْأَعْيَانُ (مُهَايَأَةً) أَيْ مُنَاوَبَةً مُيَاوَمَةً (وَمُشَاهَرَةً وَمُسَانَهَةً) وَيُقَالُ مُسَانَاةً وَمُسَانِيَةً (وَعَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَزْرَعَ هَذَا مَكَانًا) مِنْ الْمُشْتَرَكِ (وَهَذَا مَكَانًا) آخَرَ مِنْهُ (لَكِنْ لَا إجْبَارَ فِي الْمُنْقَسِمِ وَغَيْرِهِ) مِنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي طُلِبَتْ قِسْمَةُ مَنَافِعِهَا فَلَا تُقْسَمُ إلَّا بِالتَّوَافُقِ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ تُعَجِّلُ حَقَّ أَحَدِهِمَا وَتُؤَخِّرُ حَقَّ الْآخَرِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ وَلِأَنَّ انْفِرَادَ أَحَدِهِمَا بِالْمَنْفَعَةِ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْعَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا بِمُعَاوَضَةٍ وَالْمُعَاوَضَةُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْإِجْبَارِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا فِي الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ بِحَقِّ الْمِلْكِ فِي الْعَيْنِ أَمَّا الْمَمْلُوكَةُ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَيُجْبَرُ عَلَى قِسْمَتِهَا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ إذْ لَا حَقَّ لِلشَّرِكَةِ فِي الْعَيْنِ قَالَ وَيَدُلُّ لِلْإِجْبَارِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُنَافٍ لِمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا (فَإِنْ تَرَاضَيَا بِالْمُهَايَأَةِ وَتَنَازَعَا فِي الْبُدَاءَةِ) بِأَحَدِهِمَا (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ عَنْ الْمُهَايَأَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِيهَا (فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا) عَنْهَا (بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا لَزِمَ الْمُسْتَوْفِيَ) لِلْآخَرِ (نِصْفُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا اسْتَوْفَى كَمَا إذَا تَلِفَتْ) أَيْ الْعَيْنُ الْمُسْتَوْفِي أَحَدُهُمَا مَنْفَعَتَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُسْتَوْفَى نِصْفُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (فَإِنْ تَمَانَعَا) أَيْ تَنَازَعَا فِي الْمُهَايَأَةِ (وَأَصَرَّا) عَلَى ذَلِكَ (أَجَرَهَا) أَيْ الْعَيْنَ (الْقَاضِي لَهُمَا) بِمَعْنًى عَلَيْهِمَا وَوَزَّعَ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِمَا وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَقَلِّ مُدَّةٍ تُؤْجَرُ تِلْكَ الْعَيْنُ فِيهَا عَادَةً إذْ قَدْ يَتَّفِقَانِ عَنْ قُرْبٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا يَبِيعُهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهَا إنَّمَا تَصِحُّ إلَخْ) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ مَنْعُهَا فِي قِسْمَتَيْ الرَّدِّ وَالتَّعْدِيلِ لِأَنَّهُمَا بَيْعٌ وَجَوَازُهَا فِي قِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ؛ لِأَنَّهَا إفْرَازٌ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ لَمْ تَجُزْ، وَإِنْ قُلْنَا إفْرَازُ حَقٍّ نُظِرَ فِي الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَتْ فِيمَا قَدْ تَمَيَّزَ حُكْمُهُ عَنْ حُكْمِ الْوَقْفِ لِكَوْنِ بَعْضِهِ مِلْكًا وَبَعْضِهِ وَقْفًا أَوْ بَعْضِهِ وَقْفًا لَزِيدَ عَلَى سَبِيلٍ وَبَعْضِهِ وَقْفًا لِعَمْرٍو عَلَى سَبِيلٍ صَحَّتْ الْقِسْمَةُ فِيهِ وَجَازَتْ لِتَمَيُّزِ حُكْمِ الْبَعْضَيْنِ ثُمَّ إذَا تَمَّتْ الْقِسْمَةُ فَهِيَ لَازِمَةٌ لِأَهْلِ الْوَقْفِ فِي الْحَالِ وَلِمَنْ يُفْضَى إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ فِيمَا جَمِيعُهُ وَقْفٌ وَاحِدٌ عَلَى سَبِيلٍ وَاحِدٍ فَفِي جَوَازِهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا تَجُوزُ إذَا قِيلَ إنَّ رَقَبَةَ الْوَقْفِ لَا تُمْلَكُ وَالثَّانِي تَجُوزُ إذَا قِيلَ رَقَبَةُ الْوَقْفِ تُمْلَكُ ثُمَّ هِيَ لَازِمَةٌ لِلْمُتَقَاسِمِينَ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْبُطُونِ اهـ وَقَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا تَجُوزُ هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي رَضِينَا بِهَا) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا صَارَ إلَيْهِ بِالْقُرْعَةِ قَبْلَ رِضَاهُ (قَوْلُهُ كَرَضِينَا بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ) أَوْ بِهَذَا [فَصْلٌ تُقَسَّمُ الْمَنَافِعُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ تُقْسَمُ الْمَنَافِعُ مُهَايَأَةً إلَخْ) إذَا تَهَايَآ فَالنَّفَقَةُ الْمُعْتَادَةُ عَلَى الْعَيْنِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا كَالنَّفَقَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْبَهِيمَةِ عَلَى ذِي النَّوْبَةِ وَالْمُؤَنِ النَّادِرَةِ كَالْفِطْرَةِ وَأُجْرَةِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالطَّبِيبِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ كَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَوُجِدَ أَنَّ الرِّكَازَ فِي زَمَنِ الْمُهَايَأَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِذِي النَّوْبَةِ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْمُؤَنُ النَّادِرَةُ عَلَيْهِ إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا فِي الْمَنَافِعِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ قَالَ وَيَدُلُّ لِلْإِجْبَارِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ) يُمْنَعُ بِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ هُنَاكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) قَالَ وَهَلْ تَتَوَقَّفُ الْمِلْكِيَّةُ لَهُمَا عَلَى بَيِّنَةٍ أَمْ يَكْفِي تَصَادُقُهُمْ عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 337 عَلَيْهِمَا) ؛ لِأَنَّهُمَا كَامِلَانِ وَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِمَا فِيهَا (وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ اسْتَأْجَرَا أَرْضًا) مَثَلًا (فِي الْمُهَايَأَةِ وَالنِّزَاعِ وَتَأْجِيرُ) أَيْ إجَارَةِ (الْقَاضِي لَهُمَا) بِمَعْنًى عَلَيْهِمَا فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَا أَرْضًا وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ الْخِلَافُ فِي الْإِجْبَارِ. (وَإِنْ اقْتَسَمَاهَا بِالتَّرَاضِي ثُمَّ ظَهَرَ عَيْبٌ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَلَهُ بَلْ لَهُمَا) الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَصْلِ بَلْ لِلْآخَرِ (الْفَسْخُ) لِلْقِسْمَةِ وَثُبُوتِ الْفَسْخِ لِلْآخَرِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ بَحْثِ الْقَاضِي، وَهُوَ بَعِيدٌ وَكَلَامُهُ آخِرَ الْبَابِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَإِنْ جَرَتْ الْمُهَايَأَةُ فِي عَبْدٍ) مَثَلًا (مُشْتَرَكٍ) بَيْنَهُمَا (فَقَدْ بَيَّنَّا فِي) بَابِ (اللُّقَطَةِ بِأَنَّ) الْبَاءَ زَائِدَةٌ أَيْ أَنَّ (الْأَكْسَابَ النَّادِرَةَ كَاللُّقَطَةِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا) كَالْوَصِيَّةِ (تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ) كَالْأَكْسَابِ الْعَامَّةِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَنَحْوِهِمَا (وَكَذَا) يَدْخُلُ فِيهَا (الْمُؤَنُ النَّادِرَةُ كَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَالْحَجَّامِ) كَالْمُؤَنِ الْعَامَّةِ فَتَكُونُ الْأَكْسَابُ لِذِي النَّوْبَةِ وَالْمُؤَنُ عَلَيْهِ إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ كَمَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ (وَيُرَاعَى فِي الْكِسْوَةِ قَدْرُ الْمُهَايَأَةِ فَتَجِبُ عَلَيْهِمَا إنْ كَانَتْ مُيَاوَمَةً فَرْعٌ لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي ثَمَرِ الشَّجَرِ) لِيَكُونَ لِهَذَا عَامًا وَلِهَذَا عَامًا (وَ) لَا فِي (لَبَنِ الشَّاةِ) لِيَحْلُبَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رِبَوِيٌّ مَجْهُولٌ (وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ أَنْ يُبِيحَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (لِصَاحِبِهِ مُدَّةً) وَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ لِضَرُورَةِ الشَّرِكَةِ مَعَ تَسَامُحِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ (فَصْلٌ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُجِيبَ) جَمَاعَةً (إلَى قِسْمَةِ) شَيْءٍ (مُشْتَرَكٍ) بَيْنَهُمْ (حَتَّى يُثْبِتُوا) أَيْ يُقِيمُوا (عِنْدَهُ) بَيِّنَةً (بِالْمِلْكِ لَهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي أَيْدِيهِمْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ فَإِذَا قَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ فَقَدْ يَدَّعُونَ الْمِلْكَ مُحْتَجِّينَ بِقِسْمَةِ الْقَاضِي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَخَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ بِالْمُوجِبِ بِمُجَرَّدِ اعْتِرَافِ الْعَاقِدِينَ بِالْبَيْعِ وَلَا بِمُجَرَّدِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمَا بِمَا صَدَرَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي قِيلَ هُنَا يَأْتِي هُنَاكَ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ صَحَّ فَكَأَنَّهُ حَكَمَ بِصِحَّةِ الصِّيغَةِ وَاعْتَرَضَ ابْنُ سُرَيْجٍ عَلَى إجَابَةِ الْقَاضِي لَهُمْ إذَا أَثْبَتُوا عِنْدَهُ الْمِلْكَ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تُقَامُ وَتُسْمَعُ عَلَى خَصْمٍ وَلَا خَصْمَ هُنَا وَأَجَابَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ لَهُمْ بِالْمِلْكِ وَقَدْ يَكُونُ لَهُمْ خَصْمٌ غَائِبٌ فَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ لِيَحْكُمَ لَهُمْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِي الْجَوَابِ نَظَرٌ وَخَرَجَ بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ إثْبَاتُ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَسْتَفِدْ بِهِ شَيْئًا غَيْرَ الَّذِي عَرَفَهُ وَإِثْبَاتُ الِابْتِيَاعِ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ أَوْ نَحْوِهِ كَيَدِهِمْ (سَوَاءٌ) فِي عَدَمِ إجَابَتِهِ لَهُمْ (اتَّفَقُوا) عَلَى طَلَبِ الْقِسْمَةِ (أَوْ تَنَازَعُوا) فِيهِ (وَيُقْبَلُ) فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ (شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ) كَمَا يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدَانِ قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ (لَا شَاهِدٌ وَيَمِينٌ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ) إنَّمَا (شُرِعَتْ لِتَرُدَّ) عَلَى الْخَصْمِ (عِنْدَ النُّكُولِ وَلَا مَرَدَّ لَهَا) هُنَا لِعَدَمِ وُجُودِ الْخَصْمِ وَقِيلَ   [حاشية الرملي الكبير] لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَإِنَّمَا تَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَهُمْ بِالتَّصَادُقِ كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْكَامِلَيْنِ الْمُطْلَقَيْ التَّصَرُّفِ أَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَلَوْ تَمَانَعَ الْوَلِيُّ وَالشَّرِيكُ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّرُ عَلَيْهِمَا جَزْمًا إذَا قُلْنَا يُؤَجِّرُ عَلَى الرَّشِيدِ مِنْ حَيْثُ لَا يَجِدُ رَاغِبًا فِي اسْتِئْجَارِ نَصِيبِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِمُفْرَدِهِ وَلَوْ طَلَبَ الرَّشِيدُ الْمُهَايَأَةَ وَلَا حَظَّ لِلْمَحْجُورِ فِيهَا لَمْ يَجُزْ لِلْوَلِيِّ إجَابَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَيْفَ الْحَالُ إذَا لَمْ تُمْكِنُ إجَارَةُ نَصِيبِهِ بِمُفْرَدِهِ هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ جَمِيعِهِ شَيْئًا [فَصْلٌ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُجِيبَ جَمَاعَةً إلَى قِسْمَةِ شَيْءٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ حَتَّى يُثْبِتُوا عِنْدَهُ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ لَهُمْ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ نَعَمْ يَظْهَرُ الْجَوَازُ إذَا قَسَمَ وَبَيَّنَ مُسْتَنِدَ قِسْمَتِهِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ حِينَئِذٍ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْبَهْجَةِ بِقَوْلِهِ وَبَاغِيهَا أَجِبْ إلَى آخِرِهِ إذْ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كا (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْغَزِّيِّ مَسْأَلَةٌ تَقَعُ كَثِيرًا، وَهِيَ أَنْ يُخَلِّفَ الْمَيِّتُ أَعْيَانَا مِنْ قُمَاشٍ وَنُحَاسٍ وَغَيْرِهِمَا وَبَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبٌ وَيَطْلُبُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِي خَشَبٍ جَاءَ أَوْ إنْ قَطَعَهُ وَبَعْضُ الشُّرَكَاءِ غَائِبٌ فَلَا يُبَاعُ نَصِيبُ الْحَاضِرِ إلَّا إذَا تَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ قَطْعِهِ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ خِيفَ مِنْ إبْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ فَوَاتُ شَيْءٍ قَطَعَ بِالْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ حِفْظِ مَالِ الْغَائِبِ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَتْ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ لِلْمُمَاثَلَةِ بِأَنْ تَسَاوَتْ أَعْيَانُهُ فِي الْقِيمَةِ أَوْ لَمْ تُمْكِنْ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ أَعْيَانِهِ وَأَمْكَنَتْ قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ بِأَنْ تَعَدَّلَ الْأَعْيَانُ بِالْقِيمَةِ قَسَمَهُ الْحَاكِمُ عَنْ الْغَائِبِ مَعَ وَلِيِّ الْيَتِيمِ إنْ كَانَ يَتِيمًا وَحَفِظَ نَصِيبَ الْغَائِبِ إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُ نَصِيبِ الْغَائِبِ مِنْ الْخَشَبِ بِيعَ كُلُّهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ فِيهِ لِعَدَمِ تَمَاثُلِهِ وَإِمْكَانِ تَعْدِيلِهِ وَوَجَدْنَا مَنْ يَشْتَرِي نَصِيبَ الْأَيْتَامِ مَشَاعًا بِيعَ وَحْدَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُسَاوِيَ ثَمَنَ مِثْلِهِ لَوْ بِيعَ مَعَ الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَلَا وَيُبَاعُ الْجَمِيعُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُشْتَرِكَ دَائِرٌ بَيْنَ أَقْسَامِ كُلِّ وَاحِدٍ لَا يَخْلُو عَنْ ضَرَرٍ فَتَعَيَّنَ أَهْوَنُهَا وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي نَظَائِرِهِ، وَهُوَ مَا لَا إجْبَارَ فِي قِسْمَتِهِ فَقِيلَ يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ وَقِيلَ يُعَطَّلُ عَلَى الشُّرَكَاءِ وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَقِيلَ يُبَاعُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُؤَجَّرُ عَلَى الشُّرَكَاءِ وَالْإِجْبَارُ هُنَا مُتَعَذِّرٌ وَمَا ذُكِرَ قَبْلَهَا فَتَعَيَّنَ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ الْبَيْعُ. اهـ. إذَا عُرِفَ هَذَا فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُشْتَرِكَ إذَا كَانَ أَجْنَاسًا أَوْ أَنْوَاعًا لَا إجْبَارَ فِيهِ فَمَتَى اشْتَمَلَتْ التَّرِكَةُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ تَعَيَّنَ الْبَيْعُ بِطَلَبِ الْحَاضِرِ فَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ وَتَمَاثَلَتْ الْقِيمَةُ أَوْ لَمْ تَتَمَاثَلْ وَأَمْكَنَ التَّعْدِيلُ أُجْبِرَ عَلَى قِسْمَتِهَا بِشَرْطِ أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّرِكَةُ عَنْ الْجَمِيعِ فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ التَّعْدِيلُ إلَّا بِعَيْنٍ وَبَعْضِ أُخْرَى فَلَا إجْبَارَ وَيَتَعَيَّنُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ بِحُجَّتَيْنِ بِقِسْمَةِ الْقَاضِي) لِأَنَّهَا قِسْمَةُ إجْبَارٍ وَفِعْلُ الْقَاضِي لَهَا حُكْمٌ وَالْحُكْمُ بِدُونِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَا يُتَّجَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْحَاكِمِ إثْبَاتٌ لِمِلْكِهِمَا وَالْيَدُ تُوجِبُ إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ لَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَخَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَاضِيَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي قِيلَ هُنَا يَأْتِي هُنَاكَ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَتَضَمَّنُ إفْرَازَ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ وَصَيْرُورَتَهُ مُعَيَّنًا بَعْدَ أَنْ كَانَ شَائِعًا وَقَدْ لَا يَكُونُ الطَّالِبُونَ مَالِكِينَ لِذَلِكَ فَيَكُونُ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَمَّا الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ أَوْ الْمُوجِبِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي تَصَرُّفٍ صَدَرَ مِنْ غَيْرِ الْحَاكِمِ وَرَجَعَ إلَيْهِ فَقَدْ يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ وَقَدْ يَحْكُمُ بِمُوجِبِهِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَلَمْ يَتَصَرَّفْ الْحَاكِمُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 338 يُقْبَلُ ذَلِكَ أَيْضًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ: بِالثَّانِي وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ (فَصْلٌ قَوْلُ الْقَاسِمِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ حَالَ وِلَايَتِهِ قَسَمْت كَقَوْلِ الْقَاضِي) ، وَهُوَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (حَكَمْت) فَيُقْبَلُ (وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ بَلْ لَا تُسْمَعْ شَهَادَتُهُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ) ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ أُجْرَةً وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا ذَكَرَ فِعْلَهُ (وَلَوْ) تَقَاسَمَا ثُمَّ (تَنَازَعَا) فِي بَيْتٍ أَوْ قِطْعَةٍ مِنْ الْأَرْضِ (وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا هَذَا) مِنْ نَصِيبِي (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُمَا أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ (تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ) أَيْ الْقِسْمَةُ كَالْمُتَبَايِعِينَ (قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) فَإِنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْيَدِ فِيمَا تَنَازَعَا فِيهِ (حَلَفَ ذُو الْيَدِ) ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ اعْتَرَفَ لَهُ بِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ (وَلِمَنْ اطَّلَعَ) مِنْهُمَا (عَلَى عَيْبٍ فِي نَصِيبِهِ أَنْ يَفْسَخَ) الْقِسْمَةَ كَالْبَيْعِ (وَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الدُّيُونِ) الْمُشْتَرَكَةِ (فِي الذِّمَمِ) ؛ لِأَنَّهَا إمَّا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ أَوْ إفْرَازُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ إفْرَازُ مَا فِي الذِّمَّةِ لِعَدَمِ قَبْضِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ لِأَحَدِهِمَا وَمَا فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو لِلْآخَرِ لَمْ يَخْتَصَّ أَحَدٌ مِنْهُمَا بِمَا قَبَضَهُ (كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) الْأَصْلُ فِيهَا آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] وقَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ» وَخَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ عَنْ الشَّهَادَةِ فَقَالَ لِلسَّائِلِ تَرَى الشَّمْسَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادُهُ (وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَشَرْطِ الشَّاهِدِ) أَيْ شُرُوطُهُ ثَمَانِيَةٌ (إسْلَامٌ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْ كَافِرٍ (وَلَوْ عَلَى كَافِرٍ) لِآيَةِ {وَاسْتَشْهِدُوا} [البقرة: 282] وقَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ رِجَالِنَا وَلَيْسَ بِعَدْلٍ وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] أَيْ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ (وَتَكْلِيفٌ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَالْإِقْرَارِ بَلْ أَوْلَى (وَحُرِّيَّةٌ كَامِلَةٌ) فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ فِيهِ رِقٌّ كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ إذْ فِي الشَّهَادَاتِ نُفُوذُ قَوْلٍ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ نَوْعُ وِلَايَةٍ وَلِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ فَلَا يَتَفَرَّغُ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَلَا لِأَدَائِهَا (وَعَدَالَةٌ) فَلَا تُقْبَلُ مِنْ فَاسِقٍ لِآيَةِ {وَاسْتَشْهِدُوا} [البقرة: 282] وَلِقَوْلِهِ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَالْفَاسِقُ لَيْسَ بِمَرَضِيٍّ وَلِقَوْلِهِ {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] (وَمُرُوءَةٌ وَنُطْقٌ وَعَدَمُ تُهْمَةٍ) فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ لَا مُرُوءَةَ لَهُ وَلَا نُطْقَ وَلَا مِمَّنْ يُتَّهَمُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي كَلَامِهِ وَالْأَصْلُ سَالِمٌ مِنْ تَكْرَارِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (وَكَذَا عَدَمُ حَجْرٍ بِسَفَهٍ قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ (وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (وَعَدَمُ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ) وَلَوْ عَلَى نَوْعٍ كَمَا سَيَأْتِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ) قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ [فَصْلٌ قَوْلُ الْقَاسِمِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ حَالَ وِلَايَتِهِ] (فَصْلُ قَوْلِ الْقَاسِمِ) (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (خَاتِمَةٌ) تَقَاسَمَا دَارًا وَبَابُهَا دَاخِلٌ فِي قِسْمِ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ يَسْتَطْرِقُ إلَى نَصِيبِهِ مِنْ بَابٍ يَفْتَحُهُ إلَى الشَّارِعِ فَمَنَعَهُ السُّلْطَانُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ لَهُ فَسْخُ الْقِسْمَةِ إنْ لَمْ يُمَكِّنْهُ شَرِيكُهُ مِنْ الِاسْتِطْرَاقِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ الْغَيْرَ ظَلَمَهُ بِمَنْعِهِ قَالَ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِكُلِّ قِسْمٍ بَابٌ إلَى شَارِعٍ فَمَنَعَ أَحَدُهُمَا ظَالِمٌ أَنَّهُ لَهُ الْفَسْخُ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا اهـ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ عِنْدَ تَمْكِينِ الشَّرِيكِ عَدَمُ الْفَسْخِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي التَّفَرُّدِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ إذْ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ تَنَازَعَ شَرِيكَانِ فِي بَيْتٍ وَنَحْوِهِ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا هَذَا مِنْ نَصِيبِي وَلَا بَيِّنَةَ تَحَالَفَا وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْيَدِ عَلَى مَا فِيهِ النِّزَاعُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَهَذَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ الْقِسْمَةَ وَأَنْكَرَهَا الْبَاقُونَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِقَاسِمِ الْحَاكِمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ النَّافِي، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ رَجَعَ هُوَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ شَاهِدٌ وَلَوْ قَسَمَ إجْبَارًا وَهُوَ عَلَى وِلَايَتِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ قَسَمْت كَقَوْلِ الْحَاكِمِ فِي حَالِ وِلَايَتِهِ حَكَمْت وَإِلَّا لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ وَلَا شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ وَالْفَرْعَانِ الْأَخِيرَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ [كِتَابُ الشَّهَادَاتِ وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَاب] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَشَرْطِ الشَّاهِدِ] (كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) (قَوْلُهُ وَأَخْبَارٌ إلَخْ) وَأَمَّا خَبَرُ أَكْرِمُوا الشُّهُودَ فَإِنَّ اللَّهَ يَسْتَخْرِجُ بِهِمْ الْحُقُوقَ وَيَدْفَعُ بِهِمْ الظُّلْمَ فَرَوَاهُ صَاحِبُ مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ وَغَيْرُهُ لَكِنْ قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيِّ فِي الْمِيزَانِ إنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ (قَوْلُهُ وَحُرِّيَّةٌ) مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِسْلَامِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَبِالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ شَهِدَ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِالْإِسْلَامِ وَالْإِتْيَانِ بِمَا يُنَافِيهِ وَقَبْلَ ظُهُورِ حُرِّيَّتِهِ بِغَيْرِ الدَّارِ لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَتَهُ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الشَّهَادَةِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إذْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ انْكَشَفَ الْحَالُ فِي إسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَنْكَشِفُ الْحَالُ فِي حُرِّيَّتِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَقَدْ يَظْهَرُ انْكِشَافُهُ وَقَدْ لَا يَظْهَرُ اهـ (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ» (قَوْلُهُ وَمُرُوءَةٌ) بِالْهَمْزِ وَتَرَكَهُ (قَوْلُهُ وَنُطْقٌ) وَتَيَقُّظٌ (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ مِمَّا لَا مُرُوءَةَ لَهُ) لِأَنَّ حِفْظَهَا مِنْ الْحَيَاءِ وَوُفُورِ الْعَقْلِ وَطَرْحِهَا إمَّا لِخَبَلٍ أَوْ قِلَّةِ حَيَاءٍ مُبَالَاةٌ بِنَفْسِهِ وَمَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ يَصْنَعُ مَا شَاءَ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْمُرُوءَةِ هُنَا غَلَبَتُهَا عَلَى أَضْدَادِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الطَّاعَاتِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ السَّفَهَ فِي الْمَالِ مُشْعِرٌ بِخَلَلٍ فِي الْعَقْلِ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِيمَا سَلَفَ وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ لَوْ أَشْعَرَ بِذَلِكَ لِعَبْدٍ حِجْرَ جُنُونٍ وَلَمَّا وَلِيَ النِّكَاحَ لَكِنَّهُ يَلِيهِ عَلَى وَجْهٍ جَيِّدٍ وَقَدْ يَقُولُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إشْعَارُهُ بِهِ لَا يُؤَدِّي إلَى ثُبُوتِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَئِنْ قَالَ ذَلِكَ قُلْنَا فَلَيْسَ مُنْدَرِجًا فِيمَا سَلَفَ انْتَهَى وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي الْوِصَايَةِ مُوَافِقٌ لِلصَّيْمَرِيِّ فَإِنَّهُمَا اشْتَرَطَا فِي الْوَصِيِّ أَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ ثُمَّ قَالَا وَحَصَرُوا الشُّرُوطَ جَمِيعًا بِلَفْظٍ مُخْتَصَرٍ فَقَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ بِحَيْثُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الطِّفْلِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ إلَخْ) هَذَا نَفْسُ الْعَدَالَةِ لَا شَرْطٌ فِيهَا (قَوْلُهُ وَعَدَمُ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ) لِأَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ فِي قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ بِرَدِّ الشَّهَادَةِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 وَفَسَّرَ جَمَاعَةٌ الْكَبِيرَةَ بِأَنَّهَا مَا لَحِقَ صَاحِبَهَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ (فَعَدُّوا مِنْ الْكَبَائِرِ الْقَتْلَ) أَيْ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ بِخِلَافِ الْخَطَأِ (وَالزِّنَا) بِالزَّايِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِك فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَصْدِيقَهَا {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] الْآيَةَ (وَاللِّوَاطَ) لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لِمَاءِ النَّسْلِ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ كَالزِّنَا زَادَ الْبَغَوِيّ وَإِتْيَانَ الْبَهَائِمِ (وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَإِنْ قَلَّ) وَلَمْ يُسْكِرْ وَالْمُسْكِرُ وَلَوْ بِغَيْرِ الْخَمْرِ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ عَلَى اللَّهِ عَهْدًا لِمَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَمَّا شُرْبُ مَا لَا يُسْكِرُ لِقِلَّتِهِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ فَصَغِيرَةٌ (وَالسَّرِقَةَ) قَالَ تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] نَعَمْ سَرِقَةُ الشَّيْءِ الْقَلِيلِ صَغِيرَةٌ قَالَ الْحَلِيمِيُّ إلَّا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مِسْكِينًا لَا غِنَى بِهِ عَنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ كَبِيرَةً (وَالْقَذْفَ) زَادَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ الْبَاطِلَ قَالَ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 23] الْآيَةَ نَعَمْ قَالَ الْحَلِيمِيُّ قَذْفُ الصَّغِيرَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ وَالْحُرَّةِ الْمُتَهَتِّكَةِ مِنْ الصَّغَائِرِ لِأَنَّ الْإِيذَاءَ فِي قَذْفِهِنَّ دُونَهُ فِي الْحُرَّةِ الْكَبِيرَةِ الْمُسْتَتِرَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَذْفُ الْمُحْصَنِ فِي خَلْوَةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ وَالْحَفَظَةُ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ لِانْتِفَاءِ الْمَفْسَدَةِ أَمَّا قَذْفُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَمُبَاحٌ وَكَذَا جَرْحُ الرَّاوِي وَالشَّاهِدِ بِالزِّنَا إذَا عُلِمَ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ (وَشَهَادَةَ الزُّورِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهَا فِي خَبَرٍ مِنْ الْكَبَائِرِ وَفِي خَبَرٍ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ (وَغَصْبَ الْمَالِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» وَقَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ بِمَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ رُبْعَ مِثْقَالٍ كَمَا يُقْطَعُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ وَخَرَجَ بِغَصْبِ الْمَالِ غَصْبُ غَيْرِهِ كَغَصْبِ كَلْبٍ فَصَغِيرَةٌ. (وَالْفِرَارَ مِنْ الزَّحْفِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ أَيْ الْمُهْلِكَاتِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ نَعَمْ يَجِبُ إذَا زَادَ الْعَدُوُّ عَلَى مِثْلَيْهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ نِكَايَةٍ فِي الْعَدُوِّ لِانْتِفَاءِ إعْزَازِ الدِّينِ بِثُبُوتِهِ (وَأَكْلَ الرِّبَا) لِآيَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 278] وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَ) أَكْلَ (مَالِ الْيَتِيمِ) قَالَ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى} [النساء: 10] الْآيَةَ وَقَدْ عَدَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَعُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهُ فِي خَبَرٍ مِنْ الْكَبَائِرِ وَفِي آخَرَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَأَمَّا خَبَرُهُمَا «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ» فَلَا بُدَّ لِأَنَّ عَلَى أَنَّهُمَا كَالْوَالِدَيْنِ فِي الْعُقُوقِ (وَالْكَذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْدًا) الْخَبَرُ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَمَّا الْكَذِبُ عَلَى غَيْرِهِ فَصَغِيرَةٌ (وَكِتْمَانَ الشَّهَادَةِ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] بِخِلَافِهِ بِعُذْرٍ (وَالْإِفْطَارَ فِي رَمَضَانَ عُدْوَانًا) لِأَنَّ صَوْمَهُ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَفِطْرُهُ يُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهِ بِالدِّينِ بِخِلَافِ الْإِفْطَارِ فِيهِ بِعُذْرٍ   [حاشية الرملي الكبير] رَدِّهَا فِي سَائِرِ الْكَبَائِرِ وَفِي مَعْنَاهَا الْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغَائِرِ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِالتَّهَاوُنِ بِأَمْرِ الدِّيَانَةِ وَمِثْلُهُ لَا يَخَافُ وُقُوعَ الْكَذِبِ مِنْهُ وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْكَبِيرَةِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ إنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعْرِ إنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا الْمُوبِقَاتُ (قَوْلُهُ وَفَسَّرَ جَمَاعَةٌ الْكَبِيرَةَ بِأَنَّهَا مَا لَحِقَ صَاحِبَهَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهِيَ أَمْثَلُ قَالَا وَهُوَ مَا يُوجَدُ لِأَكْثَرِهِمْ وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِمَا ذَكَرُوهُ عِنْدَ تَفْصِيلِ الْكَبَائِرِ (تَنْبِيهٌ) أَمَّا مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ مَرْفُوعًا «مَا مِنَّا إلَّا مَنْ عَصَى أَوْ هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ إلَّا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا» فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ فِي مُسْنَدِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ إلَّا أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ لَيْسَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا» فَلَا يُغْتَرَّ بِذِكْرِ أَصْحَابِنَا لَهُ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لِمَاءِ النَّسْلِ) وَقَدْ أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَ لُوطٍ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ إلَّا إذَا كَانَ إلَخْ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَالْقَذْفَ) لَوْ أَقَامَ الْقَاذِفُ بَيِّنَةً بِزِنَا الْمَقْذُوفِ أَوْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ حَلَفَ الْقَاذِفُ لِنُكُولِهِ أَوْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ لِقَذْفِهَا لَمْ يَفْسُقْ إنْ لَمْ تُلَاعِنْ وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَفْسُقُ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَذْفُ الْمُحْصَنِ فِي خَلْوَةٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ إذَا كَانَ صَادِقًا فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَفِيهِ نَظَرٌ لِلْجَرَاءَةِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالْفُجُورِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ مُوجِبَةٌ لِلْحَدِّ فِطَامًا عَنْ جِنْسِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ وَالظَّاهِرُ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] وَهَذَا رَمْيٌ لِمُحْصَنَةٍ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ) وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ عِقَابَ الْمُتَجَاهِرِ بِذَلِكَ فِي وَجْهِ الْمَقْذُوفِ أَوْ مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ بَلْ يُعَاقَبُ عِقَابَ الْكَاذِبِينَ غَيْرِ الْمُصِرِّينَ قُلْت وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِي قَذْفِهِ فِي الْخَلْوَةِ أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ لِصِدْقِهِ وَهَذَا بَعِيدٌ ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْلُغْ الْمَقْذُوفَ الْقَذْفُ الَّذِي جَهَرَ بِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ مَعَ انْتِفَاءِ مَفْسَدَةِ التَّأَذِّي وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَوْ بَلَغَهُ لَكَانَ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ الْقَذْفِ فِي الْخَلْوَةِ إلَى أَنْ قَالَ وَأَمَّا قَذْفُهُ فِي الْخَلْوَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إجْرَائِهِ عَلَى لِسَانِهِ وَبَيْنَ إجْرَائِهِ عَلَى قَلْبِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَغَصْبَ الْمَالِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ أَيْ الْغَصْبَ مُسْتَحِلًّا وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُهُ كَانَ كَافِرًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ كَانَ فَاسِقًا وَغَصْبُ الْمَالِ وَإِنْ قَلَّ مِنْ الْكَبَائِرِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ رُبْعَ دِينَارٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَحَكَى عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ غَصْبَ الْحَبَّةِ وَسَرِقَتَهَا كَبِيرَةٌ وَفِي ثُبُوتِهَا نَظَرٌ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ) وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آكِلَ الرِّبَا وَمُوَكِّلَهُ وَشَاهِدَهُ وَكَاتِبَهُ» وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ «دِرْهَمُ رِبًا يَأْكُلُهُ ابْنُ آدَمَ أَشَدُّ عِنْدَ اللَّهِ إثْمًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً» وَلِخَبَرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 340 (وَالْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ» (وَقَطْعَ الرَّحِمِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ» قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي رِوَايَةٍ يَعْنِي قَاطِعَ رَحِمٍ (وَالْخِيَانَةَ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ) لِغَيْرِ الشَّيْءِ التَّافِهِ قَالَ تَعَالَى {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] الْآيَةَ وَالْكَيْلُ يَشْمَلُ الذَّرْعَ عُرْفًا أَمَّا لِلتَّافِهِ فَصَغِيرَةٌ (وَتَقْدِيمَ الصَّلَاةِ أَوْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا بِلَا عُذْرٍ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ» وَأَوْلَى بِذَلِكَ تَرْكُهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ بِعُذْرٍ كَسَفَرٍ (وَضَرْبَ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ» إلَى آخِرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي التَّقْيِيدِ بِالْمُسْلِمِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ لِلْمَضْرُوبِ رَحِمٌ وَقَرَابَةٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ مُعْتَبَرٌ قَالَ وَأَطْلَقَ الْحَلِيمِيُّ أَنَّ الْخَدْشَةَ وَالضَّرْبَةَ وَالضَّرْبَتَيْنِ مِنْ الصَّغَائِرِ وَقَدْ يُفْصَلُ بَيْنَ مَضْرُوبٍ وَمَضْرُوبٍ مِنْ حَيْثُ الْقُوَّةِ وَضِدِّهَا وَالشَّرَفِ وَالدَّنَاءَةِ. (وَسَبَّ الصَّحَابَةِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَيْءٌ فَسَبَّهُ خَالِدٌ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ» إلَى آخِرِهِ الْخِطَابُ لِلصَّحَابَةِ السَّابِّينَ نَزَّلَهُمْ لِسَبِّهِمْ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِهِمْ مَنْزِلَةَ غَيْرِهِمْ حَيْثُ عَلَّلَ بِمَا ذَكَرَهُ أَمَّا سَبُّ غَيْرِ الصَّحَابَةِ فَصَغِيرَةٌ وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ» مَعْنَاهُ تَكْرَارُ السَّبِّ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى طَاعَاتِهِ (وَأَخْذَ الرِّشْوَةِ) لِمَا مَرَّ فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ (وَالدِّيَاثَةَ) بِالْمُثَلَّثَةِ لِخَبَرِ «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ وَالدَّيُّوثُ وَرَجْلَةُ النِّسَاءِ» رَوَاهُ الذَّهَبِيُّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (وَالْقِيَادَةَ) قِيَاسٌ عَلَى الدِّيَاثَةِ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُمَا فِي الطَّلَاقِ (وَالسِّعَايَةَ عِنْدَ السُّلْطَانِ) وَهِيَ أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهِ لِيَتَكَلَّمَ عِنْدَهُ فِي غَيْرِهِ بِمَا يُؤْذِيهِ بِهِ وَفِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ خَبَرُ السَّاعِي مُثَلِّثٌ أَيْ مُهْلِكٌ بِسِعَايَتِهِ نَفْسَهُ وَالْمَسْعَى بِهِ وَإِلَيْهِ. (وَمَنْعَ الزَّكَاةِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إلَّا إذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفِحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ» إلَى آخِرِهِ (وَتَرْكَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِمَا لِآيَةِ {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ} [المائدة: 78] وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمُنْكَرِ بِالْكَبِيرَةِ (وَالسِّحْرَ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَنِسْيَانَ الْقُرْآنِ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «عُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا» قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَتَكَلَّمَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ (وَإِحْرَاقَ حَيَوَانٍ) إذْ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا خَالِقُهَا (وَامْتِنَاعَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (مِنْ زَوْجِهَا بِلَا سَبَبٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» (وَالْيَأْسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87] (وَأَمْنُ مَكْرِهِ) تَعَالَى بِالِاسْتِرْسَالِ فِي الْمَعَاصِي وَالِاتِّكَالِ عَلَى الْعَفْوِ قَالَ تَعَالَى {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99] (وَالظِّهَارَ) قَالَ تَعَالَى فِيهِ {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2] أَيْ حَيْثُ شَبَّهُوا الزَّوْجَةَ بِالْأُمِّ فِي التَّحْرِيمِ (وَأَكْلَ لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الْآيَةَ. (وَنَمِيمَةً) وَهِيَ نَقْلُ بَعْضِ كَلَامِ النَّاسِ إلَى بَعْضٍ عَلَى وَجْهِ الْإِفْسَادِ بَيْنَهُمْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ» أَمَّا نَقْلُ الْكَلَامِ نَصِيحَةً لِلْمَنْقُولِ إلَيْهِ فَوَاجِبٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةِ {يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} [القصص: 20] (وَالْوَقْعَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ) لِشِدَّةِ احْتِرَامِهِمْ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ الْغَيْبَةُ صَغِيرَةٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلِلتَّوَقُّفِ مَجَالٌ فِي بَعْضِ الْمَذْكُورَاتِ كَقَطْعِ الرَّحِمِ وَتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى إطْلَاقِهِمْ وَنِسْيَانِ الْقُرْآنِ وَإِحْرَاقِ الْحَيَوَانِ وَقَدْ أَشَارَ الْغَزَالِيُّ فِي   [حاشية الرملي الكبير] الْحَاكِمُ «الرِّبَا سَبْعُونَ بَابًا أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ» (قَوْلُهُ وَقَطْعَ الرَّحِمِ) الرَّحِمُ كُلُّ قَرَابَةٍ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا وَقِيلَ كُلُّ قَرَابَةٍ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ جِدًّا وَقِيلَ كُلُّ قَرَابَةٍ تَجِبُ نَفَقَتُهَا وَهَلْ تَخْتَصُّ الْقَطِيعَةُ بِالْإِسَاءَةِ أَوْ تَتَعَدَّى إلَى تَرْكِ الْإِحْسَانِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَسَبَّ الصَّحَابَةِ) كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ صَحَابِيٍّ عِنْدَ وَفَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» إلَخْ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْيَأْسُ مِنْ بُلُوغِ مَنْ بَعْدَهُمْ مَرْتَبَةَ أَحَدِهِمْ فِي الْفَضْلِ فَإِنَّ هَذَا الْمَفْرُوضَ مِنْ مِلْكِ الْإِنْسَانِ ذَهَبًا بِقَدْرِ أُحُدٍ مُحَالٌ فِي الْعَادَةِ لَمْ يَتَّفِقْ لِأَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ وَبِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ وَإِنْفَاقِهِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ لَا يَبْلُغُ الثَّوَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى ذَلِكَ ثَوَابَ الْوَاحِدِ مِنْ الصَّحَابَةِ إذَا تَصَدَّقَ بِنِصْفِ مُدٍّ وَلَوْ مِنْ شَعِيرٍ وَذَلِكَ بِالتَّقْرِيبِ رُبْعُ قَدَحٍ مِصْرِيٍّ وَذَلِكَ إذَا طُحِنَ وَعُجِنَ لَا يَبْلُغُ رَغِيفًا عَلَى الْمُعْتَادِ وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَجِدْ فِي مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ أَبْلَغَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمُنْكَرِ بِالْكَبِيرَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَيُقَالُ إنْ كَانَ كَبِيرَةً فَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى دَفْعِهِ كَبِيرَةٌ وَإِنْ كَانَ صَغِيرَةً فَالسُّكُوتُ صَغِيرَةٌ وَكَذَلِكَ تَرْكُ الْمَأْمُورِ بِهِ يُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ إذَا قُلْنَا إنَّ الْوَاجِبَاتِ تَتَفَاوَتُ وَالظَّاهِرُ تَفَاوُتُهَا وَقَوْلُهُ فَيُقَالُ إنْ كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنِسْيَانَ الْقُرْآنِ) مَحِلُّهُ إذَا كَانَ نِسْيَانُهُ تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا ع (قَوْلُهُ وَإِحْرَاقَ حَيَوَانٍ) وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ كَالْبَقِّ وَالْبُرْغُوثِ (فَرْعٌ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَتْلُ الْهَوَامِّ الَّذِي لَيْسَ بِمُؤْذٍ مِنْ الْكَبَائِرِ لِأَنَّ «امْرَأَةً دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا» وَيَلْحَقُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا وَكَذَلِكَ التَّصْوِيرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا ثَبَتَ لَعْنُ فَاعِلِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 341 الْإِحْيَاءِ إلَى مِثْلِ هَذَا التَّوَقُّفِ انْتَهَى وَلَيْسَتْ الْكَبَائِرُ مُنْحَصِرَةً فِيمَا ذُكِرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي أَوَّلِهَا وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَالسِّحْرُ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ زَادَ الْبُخَارِيُّ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَمُسْلِمٌ بَدَّلَهَا وَقَوْلُ الزُّورِ» وَخَبَرُهُمَا «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْلُ الرِّبَا وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» فَمَحْمُولَانِ عَلَى بَيَانِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مِنْهَا وَقْتَ ذِكْرِهِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ إلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ هِيَ إلَى السَّبْعِمِائَةِ أَقْرَبُ يَعْنِي بِاعْتِبَارِ أَصْنَافِ أَنْوَاعِهَا (وَقِيلَ إنَّ الْكَبِيرَةَ هِيَ الْمَعْصِيَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ وَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمْ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا أَمْيَلُ وَأَنَّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرُوهُ عِنْدَ تَفْصِيلِ الْكَبَائِرِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ عَدُّوا الرِّبَا وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ وَشَهَادَةَ الزُّورِ وَنَحْوَهَا مِنْ الْكَبَائِرِ وَلَا حَدَّ فِيهَا وَقَالَ الْإِمَامُ هِيَ كُلُّ جَرِيمَةٍ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَالْمُرَادُ بِهَا بِقَرِينَةِ التَّعَارِيفِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ الْكَبَائِرِ الِاعْتِقَادِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْبِدَعُ فَإِنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُ شَهَادَةِ أَهْلِهَا مَا لَمْ نُكَفِّرْهُمْ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (وَمِنْ الصَّغَائِرِ) جَمْعُ صَغِيرَةٍ وَهِيَ كُلُّ ذَنْبٍ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ. (النَّظَرُ الْمُحَرَّمُ وَغَيْبَةٌ) لِلْمُسِرِّ فِسْقَهُ (وَاسْتِمَاعُهَا) بِخِلَافِ الْمُعْلِنِ لَا تَحْرُمُ غَيْبَتُهُ بِمَا أَعْلَنَ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ وَبِخِلَافِ غَيْرِ الْفَاسِقِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ غَيْبَتُهُ كَبِيرَةً وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْوُقُوعِ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ كَمَا مَرَّ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَةٌ وَهَذَا التَّفْصِيلُ أَحْسَنُ مِنْ إطْلَاقِ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ وَإِنْ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ وَاسْتِمَاعُهَا أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُهَا وَلَا يَسْمَعُهَا (وَكَذِبٌ لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ) وَقَدْ لَا يَكُونُ صَغِيرَةً كَإِنْ كَذَبَ فِي شِعْرِهِ بِمَدْحٍ وَإِطْرَاءٍ وَأَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ غَرَضَ الشَّاعِرِ إظْهَارُ الصَّنْعَةِ لَا التَّحْقِيقُ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَخَرَجَ بِنَفْيِ الْحَدِّ وَالضَّرَرِ مَا لَوْ وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْكَذِبِ فَيَصِيرُ كَبِيرَةً لَكِنَّهُ مَعَ الضَّرَرِ لَيْسَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا بَلْ قَدْ يَكُونُ كَبِيرَةً كَالْكَذِبِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ لَا يَكُونُ بَلْ الْمُوَافِقُ لِتَعْرِيفِ الْكَبِيرَةِ بِأَنَّهَا الْمَعْصِيَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ أَنَّهُ لَيْسَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا (وَإِشْرَافٌ عَلَى بُيُوتِ النَّاسِ وَهَجْرُ مُسْلِمٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ بِلَا سَبَبٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الشِّقَاقِ. وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ جَوَازَهُ فِي الثَّلَاثِ بِلَا سَبَبٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَكَثْرَةُ خُصُومَاتٍ) وَإِنْ كَانَ مُكْثِرُهَا مُحِقًّا (لَا إنْ رَاعَى حَقَّ الشَّرْعِ) فِيهَا فَلَيْسَتْ صَغِيرَةً (وَضَحِكٌ فِي الصَّلَاةِ وَنِيَاحَةٌ وَشَقُّ جَيْبٍ لِمُصِيبَةٍ وَتَبَخْتُرٌ) فِي الْمَشْيِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ أَرَ عَدَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الصَّغَائِرِ إلَّا لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ تَقْتَضِي أَنَّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ (وَجُلُوسٌ بَيْنَ فُسَّاقٍ إينَاسًا لَهُمْ وَإِدْخَالُ مَجَانِينَ وَنَجَاسَةٍ وَكَذَا إدْخَالُ صِبْيَانَ يَغْلِبُ تَنْجِيسُهُمْ الْمَسْجِدَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ تَنْجِيسُ الصِّبْيَانِ لَهُ (كُرِهَ) وَمِثْلُهُمْ فِي هَذَا الْمَجَانِينُ وَعَلَى عَدَمِ الْغَلَبَةِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَجْمُوعِ الْكَرَاهَةَ فِي إدْخَالِهِمَا الْمَسْجِدَ وَلَا يُنَافِي تَحْرِيمُ إدْخَالِهِمَا إيَّاهُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ إدْخَالِهِمْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لِيُحْرِمَ عَنْهُمْ أَوْلِيَاؤُهُمْ وَيَطُوفُوا بِهِمْ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَجْوِيزِ الْإِدْخَالِ لِحَاجَةِ الْعِبَادَةِ الْجَوَازُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (وَإِمَامَةُ مَنْ) أَيْ قَوْمٍ (يَكْرَهُونَهُ لِعَيْبٍ فِيهِ) تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ (وَاسْتِعْمَالُ نَجَسٍ فِي بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ وَالثَّوْبُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ثُمَّ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثُمَّ (وَالتَّغَوُّطُ مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ (وَ) التَّغَوُّطُ (فِي الطَّرِيقِ) تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّهُ مَكْرُوهٌ مَعَ مَا فِيهِ (وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ حَتَّى كَشْفُ الْعَوْرَةِ) وَلَوْ (فِي خَلْوَةٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) وَمِنْ ذَلِكَ الْقُبْلَةُ لِلصَّائِمِ الَّتِي تَحْرُمُ شَهْوَتُهُ وَالْوِصَالُ فِي الصَّوْمِ وَالِاسْتِمْنَاءُ وَمُبَاشَرَةُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِغَيْرِ جِمَاعٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا أَمْثِلَةً كَثِيرَةً وَبِالْجُمْلَةِ (فَالْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغَائِرِ وَلَوْ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا يُسْقِطُ الشَّهَادَةَ) بِشَرْطٍ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ. (قَالَ الْجُمْهُورُ مَنْ غَلَبَتْ طَاعَتُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَمَحْمُولَانِ) أَيْ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ الْكَبَائِرُ الْحَاضِرَةُ وَخَبَرُهُمَا اجْتَنِبُوا إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْكَبِيرَةُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ رَأَيْت لِشَيْخِنَا الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيِّ جُزْءًا عَدَّ فِيهِ الْكَبَائِرَ وَأَحْسَبُهُ بَلَغَ فِيهَا إلَى نَحْوِ الْأَرْبَعِمِائَةِ أَوْ دُونَهَا أَوْ فَوْقَهَا وَأَنَا بَعِيدُ الْعَهْدِ بِهِ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ الْكَبَائِرُ كُلُّهَا لَا تُعْرَفُ أَيْ لَا تَنْحَصِرُ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمْ إلَى تَرْجِيحِ وَهَذَا أَمْيَلُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ أَمْثَلُ. (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ كُلُّ جَرِيمَةٍ إلَخْ) هَذَا بِظَاهِرِهِ يَتَنَاوَلُ صَغِيرَةَ الْخِسَّةِ كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَالتَّطْفِيفِ بِثَمَرَةٍ وَالْإِمَامُ إنَّمَا ضَبَطَ بِهِ مَا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ مِنْ الْمَعَاصِي الشَّامِلَ لِتِلْكَ الْكَبِيرَةِ فَقَطْ نَعَمْ هُوَ أَشْمَلُ مِنْ التَّعْرِيفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَقَالَ الْبَارِزِيُّ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ كُلُّ ذَنْبٍ قُرِنَ بِهِ وَعِيدٌ أَوْ حَدٌّ أَوْ لَعْنٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ عُلِمَ أَنَّ مَفْسَدَتَهُ كَمَفْسَدَةِ مَا قُرِنَ بِهِ وَعِيدٌ أَوْ حَدٌّ أَوْ لَعْنٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ مَفْسَدَتِهِ أَوْ أَشْعَرَ بِتَهَاوُنِ مُرْتَكِبِهِ فِي دِينِهِ إشْعَارَ أَصْغَرِ الْكَبَائِرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ) أَيْ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ فَهِيَ مُبْطِلَةٌ لِلْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الصَّغَائِرِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّ لُبْسَ الرَّجُلِ لِلْحَرِيرِ صَغِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ لَا يَكُونُ صَغِيرَةً إلَخْ) وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا وَأَمْثِلَتُهُ وَاضِحَةٌ (قَوْلُهُ تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ هَذِهِ فِي كَرَاهَةِ كُلِّهِمْ وَتِلْكَ فِي كَرَاهَةِ أَكْثَرِهِمْ وَكَتَبَ أَيْضًا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي تِلْكَ لِلتَّنْزِيهِ وَفِي هَذِهِ لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ وَمُبَاشَرَةُ الْأَجْنَبِيَّةِ) أَيْ وَالشُّرْبُ مِنْ إنَاءٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَالتَّخَتُّمُ بِالذَّهَبِ وَلُبْسُ الْحَرِيرِ وَالْجُلُوسُ لِلرِّجَالِ وَسَمَاعُ الْأَوْتَارِ وَالْمَعَازِفِ وَالْمِزْمَارِ الْعِرَاقِيِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 342 مَعَاصِيَهُ كَانَ عَدْلًا وَعَكْسُهُ) وَهُوَ مَنْ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِ طَاعَتَهُ فَاسِقٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اسْتَوَيَا (فَرْعٌ يُكْرَهُ الشِّطْرَنْجُ) أَيْ اللَّعِبُ بِهِ وَهُوَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ مُعْجَمًا وَمُهْمَلًا وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ فَتْحَهُ وَاحْتُجَّ لِإِبَاحَةِ اللَّعِبِ بِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ وَبِأَنَّ فِيهِ تَدْبِيرُ الْحُرُوبِ وَلِلْكَرَاهَةِ بِأَنَّ صَرْفَ الْعُمْرِ إلَى مَا لَا يُجْدِي وَبِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِهِ فَقَالَ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (فَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ قِمَارٌ) بِأَنْ شُرِطَ الْمَالُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (أَوْ فُحْشٌ) أَوْ لَعِبٌ مَعَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ (أَوْ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ عَمْدًا وَكَذَا) تَأْخِيرُهَا عَنْهُ (سَهْوًا لِلَّعِبِ بِهِ) بِأَنْ شَغَلَهُ اللَّعِبُ بِهِ حَتَّى خُرُوجِ الْوَقْتِ وَهُوَ غَافِلٌ (وَتَكَرَّرَ) ذَلِكَ مِنْهُ (فَحَرَامٌ) لِمَا اُقْتُرِنَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ وَيُفَارِقُ حُكْمَ السَّهْوِ مَعَ التَّكَرُّرِ هُنَا مَا لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ سَاهِيًا مِرَارًا بِأَنَّهُ هُنَا شَغَلَ نَفْسَهُ بِمَا فَاتَتْ بِهِ الصَّلَاةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا ذَكَرُوهُ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْصِيَةِ الْغَافِلِ ثُمَّ قِيَاسُهُ الطَّرْدَ فِي شَغْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ أَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَادَ إلَى مَا عَلِمَ إنَّهُ يُوَرِّثُهُ الْغَفْلَةَ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ شَغْلَ النَّفْسِ بِالْمُبَاحِ يَفْجَؤُهَا وَلَا قُدْرَةَ عَلَى دَفْعِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَبِأَنَّ مَا شَغَلَهَا بِهِ هُنَا مَكْرُوهٌ وَثَمَّ مُبَاحٌ (فَإِنْ خَرَّجَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ لِمَنْ غَلَبَ) أَيْ لِيَبْذُلَهُ إنْ غَلَبَ وَيُمْسِكَهُ إنْ غَلَبَ أَوْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُمَا (فَلَيْسَ بِقِمَارٍ بَلْ مُسَابَقَةٌ فَاسِدَةٌ) لِأَنَّهُ مُسَابَقَةٌ عَلَى غَيْرِ آلَةٍ فَقَالَ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ حَرَامٌ أَيْضًا لِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ (وَالنَّرْدُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَاللَّعِبُ بِالنَّرْدِ (حَرَامٌ) لِخَبَرِ «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» أَيْ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَفَارَقَ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ بِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِيهِ عَلَى مَا يُخْرِجُهُ الْكَعْبَانِ أَيْ الْحَصَى وَنَحْوُهُ فَهُوَ كَالْأَزْلَامِ وَفِي الشِّطْرَنْجِ عَلَى الْفِكْرِ وَالتَّأَمُّلِ وَإِنَّهُ يَنْفَعُ فِي تَدْبِيرِ الْحَرْبِ (وَهُوَ صَغِيرَةٌ وَالْحَزَّةُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالزَّايِ وَهِيَ قِطْعَةُ خَشَبٍ يُحْفَرُ فِيهَا حُفَرٌ فِي ثَلَاثَةِ أَسْطُرٍ يُجْعَلُ فِيهَا حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا وَتُسَمَّى بِالْمُنَقِّلَةِ وَقَدْ تُسَمَّى بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ (وَالْفَرَقُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ وَيُقَالُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَهُوَ أَنْ يُخَطَّ فِي الْأَرْضِ خَطٌّ مُرَبَّعٌ وَيُجْعَلَ فِي وَسَطِهِ خَطَّانِ كَالصَّلِيبِ وَيُجْعَلَ عَلَى رُءُوسِ الْخُطُوطِ حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا (كَالنَّرْدِ) فِي تَحْرِيمِ اللَّعِبِ بِهِ وَقِيلَ كَالشِّطْرَنْجِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اسْتَوَيَا) كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَعَلَى هَذَا لَا تَضُرُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الصَّغَائِرِ إذْ غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ. اهـ. وَلَا يَضُرُّ أَيْضًا الْمُدَاوَمَةُ عَلَى أَنْوَاعٍ إذَا غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ وَالْمُرَادُ الرُّجُوعُ فِي الْغَلَبَةِ لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مُدَّةَ الْعُمُرِ فَالْمُسْتَقْبَلُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا ذَهَبَ بِالتَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَاحْتَجَّ لِإِبَاحَتِهِ إلَخْ) وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ إذَا سَلِمَ الْمَالُ مِنْ الْخُسْرَانِ وَاللِّسَانُ مِنْ الْبُهْتَانِ وَالصَّلَاةُ مِنْ النِّسْيَانِ فَهُوَ أُنْسٌ بَيْنَ الْخِلَّانِ فَلَا يُوصَفُ بِالْحِرْمَانِ (قَوْلُهُ فَقَالَ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ إلَخْ) إنَّمَا أَنْكَرَهَا كَرَاهَةً لَهَا لَا لِحَظْرِهَا وَإِلَّا لَرَفَعَهَا وَمَنَعَهُمْ مِنْهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا سَمِعُوا الْأَذَانَ وَهُمْ يَتَشَاغَلُونَ بِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَخِفُّونَ بِهَجْرِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا وَقِيلَ إنَّ الشِّطْرَنْجَ إذْ ذَاكَ كَانَتْ صُوَرًا عَلَى صُورَةِ الْأَفِيلَةِ وَالْأَفْرَاسِ وَالرَّجَّالَةِ فَكَرِهَهَا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِأَنْ شُرِطَ الْمَالُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) مَحِلُّهُ مَا إذَا كَانَا قَرِيبًا مِنْ التَّكَافُؤِ فَإِنْ قُطِعَ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا غَالِبٌ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الرَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَ أَنْ يَغْلِبَ فَيَغْنَمَ أَوْ يُغْلَبَ فَيَغْرَمَ وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَعِبَ مَعَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى انْتِهَاكِ الْحُرْمَةِ وَالْجَرَاءَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ تَبَايَعَ رَجُلَانِ وَقْتَ النِّدَاءِ أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَالثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ فَإِنَّ الصَّحِيحَ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَكِنَّ مَسْأَلَتَنَا أَخَفُّ فَإِنَّ تَحْرِيمَ الْبَيْعِ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مَعْلُومٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ وَتَحْرِيمَ لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ غَيْرُ مَعْلُومٍ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَهُ وَإِنَّمَا الْحَرَامُ فِعْلُهُ مَعَ اعْتِقَادِ حُرْمَتِهِ وَهَذَا الْمَجْمُوعُ لَمْ تَحْصُلْ الْمُعَانَةُ عَلَيْهِ إنَّمَا حَصَلَتْ عَلَى مَعْصِيَةٍ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَسَأَلْت الْوَالِدَ أَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَسْقِيَ غَيْرَهُ الْخَمْرَ إذَا كَانَ الشَّارِبُ يَظُنُّهُ غَيْرَ خَمْرٍ وَالسَّاقِي يَعْرِفُ أَنَّهُ خَمْرٌ فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْت لِمَ مَعَ أَنَّ السَّاقِيَ لَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يُعِنْ عَلَى مَعْصِيَةٍ لِأَنَّ الشَّارِبَ لَمْ يَأْثَمْ فَقَالَ لِأَنَّهُ حَقَّقَ الْمَفْسَدَةَ (قَوْلُهُ وَتَكَرَّرَ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ رَاجِعٌ لِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ سَهْوًا (قَوْلُهُ فَحَرَامٌ لِمَا اُقْتُرِنَ بِهِ) فَالْمُحَرَّمُ هُوَ الْمُقْتَرِنُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَالشِّطْرَنْجُ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قِيَاسُهُ الطَّرْدُ فِي شَغْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ) إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَاحَ الْمُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ فَيُفَرَّقُ بِالتَّغْلِيظِ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِالْمَكْرُوهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْمَكْرُوهَ وَالْتَزَمَ الطَّرْدَ غ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِضَابِطِ التَّكْرَارِ وَعِبَارَةُ سَلِيمٍ فِي الْمُجَرَّدِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لَمْ يَقْدَحْ فَإِنْ تَكَرَّرَ رُدَّتْ اهـ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ) وَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا إذَا نَامَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا نَامَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا نَامَ اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ بِالنَّوْمِ وَأَخْرَجَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَجْهُ الْمُشَابَهَةِ أَنَّهُ إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ صَارَ عَادَةً لَهُ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ مَتَى اشْتَغَلَ بِهِ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ م وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّ تَعْصِيَةَ الْغَافِلِ اللَّاهِي إذَا كَانَ بِسَبَبٍ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَقَدْ جَرَّبَهُ وَعَرَفَ أَنَّهُ تُوقِعُهُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ إلَخْ) فَإِنْ أَخَذَهُ فَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَفِي الْكَافِي لِلرُّويَانِيِّ أَنَّهُ خَطَأٌ بِتَأْوِيلٍ فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ إلَّا إنْ أَخَذَهُ قَهْرًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ (قَوْلُهُ وَالنَّرْدُ) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ صَغِيرَةٌ) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّعِبِ مَجَّانًا غ ر وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَنْبَغِي تَصْحِيحُهُ (قَوْلُهُ وَالْقَرَقُ بِفَتْحِ الْقَافِ إلَخْ) يُسَمَّى فِي هَذَا الزَّمَانِ إدْرِيسَ (قَوْلُهُ كَالنَّرْدِ فِي تَحْرِيمِ اللَّعِبِ بِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَالْحَاوِي وَلَفْظُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ إنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي ذَهَبَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 343 تَرْجِيحِ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ بَعْدَ حِكَايَةِ الْوَجْهَيْنِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ مَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى إخْرَاجِ الْكَعْبَيْنِ فَكَالنَّرْدِ أَوْ عَلَى الْفِكْرِ فَكَالشِّطْرَنْجِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ فِيهِمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى الْفِكْرِ لَا عَلَى شَيْءٍ يُرْمَى (فَرْعٌ اتِّخَاذُ الْحَمَامِ) لِلْبَيْضِ أَوْ الْفَرْخِ أَوْ الْأُنْسِ أَوْ حَمْلِ الْكُتُبِ (مُبَاحٌ وَيُكْرَهُ اللَّعِبُ بِهِ) بِالتَّطْيِيرِ وَالْمُسَابَقَةِ وَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ (فَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ قِمَارٌ) أَوْ نَحْوُهُ (رُدَّتْ الشَّهَادَةُ) بِهِ كَالشِّطْرَنْجِ فِيهِمَا (فَرْعٌ الْغِنَاءُ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ (وَسَمَاعُهُ) يَعْنِي اسْتِمَاعَهُ (بِلَا آلَةٍ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (مَكْرُوهٌ) لِمَا فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ هُوَ الْغِنَاءُ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُحَرَّمَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جِوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا أَبَا بَكْرٍ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدٌ وَهَذَا عِيدُنَا» (وَ) اسْتِمَاعُهُ بِلَا آلَةٍ (مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ أَشَدُّ) كَرَاهَةً (فَإِنْ خِيفَ) مِنْ اسْتِمَاعِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ أَمْرَدَ (فِتْنَةٌ فَحَرَامٌ قَطْعًا وَالْحِدَاءُ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَالْمَدِّ وَهُوَ مَا يُقَالُ خَلْفَ الْإِبِلِ مِنْ رَجَزٍ وَغَيْرِهِ (مُبَاحٌ) بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ مَنْدُوبٌ لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَنْشِيطِهَا لِلسَّيْرِ وَتَنْشِيطِ النُّفُوسِ وَإِيقَاظِ النُّوَامِ (وَتَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مَسْنُونٌ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ (وَلَا بَأْسَ بِالْإِدَارَةِ) لِلْقِرَاءَةِ بِأَنْ يَقْرَأَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ قِطْعَةً ثُمَّ الْبَعْضُ قِطْعَةً بَعْدَهَا. قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا بَأْسَ بِتَرْدِيدِ الْآيَةِ لِلتَّدَبُّرِ وَلَا بِاجْتِمَاعِ الْجَمَاعَةِ فِي الْقِرَاءَةِ (وَ) لَا (قِرَاءَتِهِ بِالْأَلْحَانِ) إنْ لَمْ يُفْرِطْ (فَإِنْ أَفْرَطَ) فِي الْمَدِّ وَالْإِشْبَاعِ (حَتَّى وَلَّدَ) حُرُوفًا (أَوْ أَسْقَطَ حُرُوفًا) بِأَنْ وَلَّدَهَا (مِنْ الْحَرَكَاتِ) فَتَوَلَّدَ مِنْ الْفَتْحَةِ أَلِفٌ وَمِنْ الضَّمَّةِ وَاوٌ وَمِنْ الْكَسْرَةِ يَاءٌ أَوْ أَدْغَمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْإِدْغَامِ (حَرُمَ) وَيُفَسَّقُ بِهِ الْقَارِئُ وَيَأْثَمُ الْمُسْتَمِعُ لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ (وَيُسَنُّ تَرْتِيلُهُ وَتَدَبُّرُهُ) لِلْقِرَاءَةِ وَالْبُكَاءُ عِنْدَهَا (وَاسْتِمَاعُ) شَخْصٍ (حَسَنِ الصَّوْتِ) كَمَا مَرَّتْ فِي الْأَحْدَاثِ (وَالْمُدَارَسَةُ) وَهِيَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ لِخَبَرِ «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيُسَنُّ الْجُلُوسُ فِي حِلَقِ الْقِرَاءَةِ (وَأَمَّا الْغِنَاءُ عَلَى الْآلَةِ الْمُطْرِبَةِ كَالطُّنْبُورِ وَالْعُودِ وَسَائِرٍ الْمَعَازِفِ) أَيْ الْمَلَاهِي (وَالْأَوْتَارِ) وَمَا يُضْرَبُ بِهِ (وَالْمِزْمَارِ) الْعِرَاقِيِّ وَهُوَ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ مَعَ الْأَوْتَارِ (وَكَذَا الْيَرَاعُ) وَهُوَ   [حاشية الرملي الكبير] إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَأَنَّهُ يُفَسَّقُ بِهِ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَهَكَذَا اللَّعِبُ بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ الْمُفَوِّضَةُ إلَى الْكِعَابِ وَمَا ضَاهَاهَا فَهِيَ فِي حُكْمِ النَّرْدِ فِي التَّحْرِيمِ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى جَعْلِهِمَا كَالنَّرْدِ اقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَالْحَاوِي وَلَفْظُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ إنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَهَكَذَا اللَّعِبُ بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ الْمُفَوِّضَةُ إلَى الْكِعَابِ وَمَا ضَاهَاهَا فَهِيَ فِي حُكْمِ النَّرْدِ فِي التَّحْرِيمِ قُلْت وَقَضِيَّةُ هَذَا وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِمَا تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ الطَّابَ وَالدُّكَّ فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ فِيهِ عَلَى مَا تُخْرِجُهُ الْقُضْبَانُ الْأَرْبَعَةُ غ وَمِمَّا أَظْهَرَهُ الْمَرَدَةُ لِلتَّرْكِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ أَوْرَاقًا مُقَصَّصَةً مُزَوَّقَةً بِأَنْوَاعٍ مِنْ النُّقُوشِ يُسَمُّونَهَا كَنَجَفَةٍ يَلْعَبُونَ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ عَلَى عِوَضٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَقِمَارٌ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالنَّرْدِ وَنَحْوِهِ لِمَا سَبَقَ مِنْ التَّوْجِيهِ غ ر وَقَوْلُهُ قُلْت وَقَضِيَّةُ هَذَا إلَخْ تَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ الظَّاهِرَ التَّحْرِيمُ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ اللَّعِبُ بِهِ) قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَيَحْرُمُ التَّحْرِيشُ بَيْنَ الْكِلَابِ وَالدُّيُوكِ لِمَا فِيهِ مِنْ إيلَامِ الْحَيَوَانِ بِلَا فَائِدَةٍ وَقَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي أَدَبِ الشُّهُودِ وَيَحْرُمُ تَرْقِيصُ الْقُرُودِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لَهُمْ وَفِي مَعْنَاهُ الْهِرَاشُ بَيْنَ الدِّيكَيْنِ وَالنِّطَاحُ بَيْنَ الْكَبْشَيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً لَهُمْ عَلَى الْحَرَامِ وَكَذَلِكَ عَلَى مَنْ يَلْعَبُ بِالْعُصْفُورِ وَيَجْمَعُ النَّاسَ عَلَيْهَا وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالْحَاثِّ وَمَشْيُ الْبَهْلَوَانِ عَلَى الْحَبْلِ وَاللَّعِبُ بِالْجُلُودِ الْمُقَصَّصَةِ فِي ضَوْءِ السِّرَاجِ الْمُسَمَّى بِخَيَالِ الظِّلِّ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلَّعِبِ بِالْحَيَّاتِ وَمَشْيُ الْبَهْلَوَانِ كَرُكُوبِ الْبَحْرِ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ جَازَ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ الْغِنَاءُ وَسَمَاعُهُ بِلَا آلَةٍ مَكْرُوهٌ) وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْهُ صِنَاعَةً وَالْقِيَاسُ فِي الْغِنَاءِ الْمَضْمُومِ لِلْآلَةِ الْمُحَرَّمَةِ بَقَاءُ الْكَرَاهَةِ فِي الْغِنَاءِ وَلَا يَخْفَى تَحْرِيمُهُ حَيْثُ كَانَ السَّمَاعُ مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَمْرَدَ وَخَشِيَ الْفِتْنَةَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ خِيفَ فِتْنَةً فَحَرَامٌ) وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالْغَصْبِ وَالصَّدَاقِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِلَا آلَةٍ تَحْرِيمَهُ مَعَ الْآلَةِ كَمَا سَيَأْتِي لَكِنَّ الْقِيَاسَ تَحْرِيمُ الْآلَةِ فَقَطْ وَبَقَاءُ الْغِنَاءِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ فِي الشِّطْرَنْجِ (قَوْلُهُ أَوْ أَمْرَدَ) أَيْ جَمِيلٍ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) وَقَالَ الشَّاشِيُّ فِي الْحِيلَةِ فَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ فَأَبَاحَهَا قَوْمٌ وَحَظَرَهَا آخَرُونَ وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ التَّفْصِيلَ وَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ بِأَلْحَانٍ لَا تُغَيِّرُ الْحُرُوفَ عَنْ نَظْمِهَا جَازَ وَإِنْ غَيَّرَتْ الْحُرُوفَ إلَى الزِّيَادَةِ فِيهَا لَمْ تَجُزْ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ مُسْتَحَبَّةٌ مَا لَمْ يُزِلْ حَرْفًا عَنْ حَرَكَتِهِ أَوْ يُسْقِطُ فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ (قَوْلُهُ وَسَائِرِ الْمَعَازِفِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَيَكُونَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحُرَّ وَالْخَمْرَ وَالْحَرِيرَ وَالْمَعَازِفَ» وَلِأَنَّهَا تَدْعُو إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ لَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِهِ وَلِأَنَّ التَّشَبُّهَ بِأَهْلِ الْمَعَاصِي حَرَامٌ وَمِنْ الْمَعَازِفِ الرَّبَابُ وَالْجُنْكُ وَالْكَمَنْجَةُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا الْيَرَاعُ) وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَيَزْعُمُ أَنَّ الشَّبَّابَةَ حَلَالٌ وَيَحْكِيهِ وَجْهًا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَلَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ قَالُوا بِحُرْمَةِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْمَزَامِيرِ وَالشَّبَّابَةُ مِنْهَا بَلْ هِيَ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهَا بِالتَّحْرِيمِ فَقَدْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إنَّهَا مِنْ أَعْلَى الْمَزَامِيرِ وَكُلُّ مَا لِأَجْلِهِ حُرِّمَتْ الْمَزَامِيرُ مَوْجُودٌ فِيهَا وَزِيَادَةً فَتَكُونُ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ (قُلْت) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344 الشَّبَّابَةُ (فَحَرَامٌ) اسْتِعْمَالُهُ وَاسْتِمَاعُهُ وَكَمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ هَذِهِ الْآلَاتِ وَاِتِّخَاذُهَا لِأَنَّهَا مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ وَهِيَ مُطْرِبَةٌ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ حِلَّ الْيَرَاعِ لِأَنَّهُ يُنَشِّطُ عَلَى السَّيْرِ فِي السَّفَرِ وَعَطْفُ الْمَعَازِفِ عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَعَطْفُ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا بِالْعَكْسِ وَمِنْهَا الصَّنْجُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَالْمُرَادُ بِهِ ذُو الْأَوْتَارِ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ. (وَضَرْبُ الدُّفِّ) بِضَمِّ الدَّالِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا (مُبَاحٌ فِي الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ وَغَيْرِهِمَا) مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ كَعِيدٍ وَقُدُومِ غَائِبٍ (وَلَوْ كَانَ بِجَلَاجِلَ) لِأَخْبَارٍ وَرَدَتْ بِحِلِّ الضَّرْبِ بِهِ كَخَبَرِ فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ وَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ بَعْضِ مَغَازِيهِ جَاءَتْهُ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَذَرْت إنْ رَدَّك اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْك بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى فَقَالَ لَهَا إنْ كُنْت نَذَرْت فَأَوْفِ بِنَذْرِك» رَوَاهُمَا ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُمَا وَتَرْجِيحُ الْإِبَاحَةِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْجَلَاجِلِ الصُّنُوجُ جَمْعُ صَنْجٍ وَهُوَ الْحِلَقُ الَّتِي تُجْعَلُ دَاخِلَ الدُّفِّ وَالدَّوَائِرِ الْعِرَاضِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ صُفْرٍ وَتُوضَعُ فِي خُرُوقِ دَائِرَةِ الدُّفِّ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الضَّرْبَ بِالدُّفِّ وَفِيهِ صَنْجٌ أَشَدُّ إطْرَابًا مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ مَمْنُوعٌ (وَلَا يَحْرُمُ مِنْ الطُّبُولِ إلَّا الْكُوبَةَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَهِيَ طَبْلٌ طَوِيلٌ ضَيِّقُ الْوَسَطِ مُتَّسِعُ الطَّرَفَيْنِ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْمَعْنِيُّ فِيهِ التَّشَبُّهُ بِمَنْ يَعْتَادُ ضَرْبَهُ وَهُمْ الْمُخَنَّثُونَ قَالَهُ الْإِمَامُ وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْحَصْرِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَالْمَوْجُودُ لِأَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ هُوَ التَّحْرِيمُ فِيمَا عَدَا الدُّفَّ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ قَيَّدُوهُ بِطَبْلِ اللَّهْوِ قَالَ وَمَنْ أَطْلَقَ التَّحْرِيمَ أَرَادَ بِهِ اللَّهْوَ أَيْ فَالْمُرَادُ إلَّا الْكُوبَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ الطُّبُولِ الَّتِي تُرَادُ لِلَّهْوِ. (وَيَحْرُمُ الصَّفَّاقَتَانِ) وَهُمَا مِنْ صُفْرٍ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَيُسَمَّيَانِ بِالصَّنْجِ أَيْضًا (لِأَنَّهُمَا مِنْ عَادَةِ الْمُخَنَّثِينَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا وَبِالْمُثَلَّثَةِ (وَطُبُولُ لَعِبِ الصِّبْيَانِ كَالدُّفُوفِ) فَهِيَ مُبَاحَةٌ (وَالضَّرْبُ بِالْقَضِيبِ عَلَى الْوَسَائِدِ مَكْرُوهٌ) غَيْرُ مُحَرَّمٍ لِأَنَّهُ لَا يُفْرَدُ عَنْ الْغِنَاءِ وَلَا يُطْرِبُ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْآلَاتِ الْمُطْرِبَةِ (وَالرَّقْصُ) بِلَا تَكَسُّرٍ (مُبَاحٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ لِعَائِشَةَ يَسْتُرُهَا حَتَّى تَنْظُرَ إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَيَزْفِنُونَ وَالزَّفْنُ الرَّقْصُ» لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ حَرَكَاتٍ عَلَى اسْتِقَامَةٍ أَوْ اعْوِجَاجٍ وَعَلَى الْإِبَاحَةِ الَّتِي صَرَّحَ بِهَا الْمُصَنِّفُ الْفُورَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَهِيَ مُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِمَا وَقَالَ الْقَفَّالُ بِالْكَرَاهَةِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ مُحْتَمِلَةٌ لَهَا   [حاشية الرملي الكبير] وَمَا قَالَهُ حَقٌّ وَاضِحٌ وَالْمُنَازَعَةُ فِيهِ مُكَابَرَةٌ غ وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ حَالَةِ التَّدَاوِي فَإِنَّ بَعْضَ الْأَمْرَاضِ يَنْجَحُ فِيهِ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ مِنْ آلَاتِ الطَّرِبِ فَإِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَجْوِيزُهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَقَاصَرُ عَنْ التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَاتِ وَلُبْسِ الْحَرِيرِ لِلْحَكَّةِ ر (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ ذُو الْأَوْتَارِ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ) مَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدُ إنَّ الضَّرْبَ بِالصَّفَاقَتَيْنِ حَرَامٌ وَالصَّنْجُ الْعَرَبِيُّ كَالصَّفَاقَتَيْنِ فِيمَا أَحْسَبُهُ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ الصَّنْجُ هُوَ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْ صُفْرٍ يُضْرَبُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ مُخْتَصٌّ بِالْعَرَبِ وَذُو الْأَوْتَارِ مُخْتَصٌّ بِالْعَجَمِ وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى النَّوْعَيْنِ لَا كَمَا زَعَمَهُ الْبَارِزِيُّ غ (قَوْلُهُ وَضَرْبُ الدُّفِّ مُبَاحٌ فِي الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ) زَادَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فِيهِمَا فَإِنَّ مَدَارَ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى الْجَوَازِ حَدِيثُ أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ وَهُوَ يَقْتَضِي زِيَادَةً عَلَى الْجَوَازِ. اهـ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ هُوَ مُسْتَحَبٌّ فِي الْعُرْسِ وَالْوَلِيمَةِ يَعْنِي وَلِيمَةَ الْعُرْسِ وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ لِلْبَغَوِيِّ إنَّ إعْلَانَ النِّكَاحِ وَضَرْبَ الدُّفِّ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ اهـ وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَقَوْلُهُ زَادَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ) هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا ر وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَرْجِيحُ الْإِبَاحَةِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْجَوَازُ وَلَوْ انْضَمَّ إلَيْهِ الْيَرَاعُ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ اجْتِمَاعُ الدُّفِّ وَالشَّبَّابَةُ حَرَامٌ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ حِلُّهُ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَهُوَ غَيْرُ مُوَافَقٍ عَلَيْهِ بَلْ ظَاهِرُ قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُنْفَرِدَةً تَجْوِيزُهَا مُجْتَمِعَةً وَبِهِ صَرَّحَ أَحْمَدُ الْغَزَالِيُّ أَخُو حُجَّةِ الْإِسْلَامِ وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ وَالْوَرَعِ وَنَقَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ فِي تَصْنِيفِهِ فِي السَّمَاعِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَصَحَّ عَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُمَا سَيِّدَا الْمُتَأَخِّرِينَ عِلْمًا وَوَرَعًا. اهـ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حِلِّ الدُّفِّ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَصَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ وَضَعَّفَ قَوْلَ الْحَلِيمِيِّ إنَّ إبَاحَتَهُ تَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ. (قَوْلُهُ وَالْمَوْجُودُ لِأَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ هُوَ التَّحْرِيمُ فِيمَا عَدَا الدُّفَّ) وَذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْحَلِيِميُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْحُسَيْنُ الطَّبَرِيُّ فِي الْعُدَّةِ وَالرُّويَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَالسُّهْرَوَرْدِي فِي الذَّخِيرَةِ وَابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَمُجَلِّي وَنَقَلَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَرَوَى الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَتَحْرُمُ الصَّفَّاقَتَانِ) وَالتَّصْفِيقُ بِالْيَدِ لِلرِّجَالِ لِلَّهْوِ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ زَرْكَشِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْقَفَّالُ بِالْكَرَاهَةِ إلَخْ) وَأَشَارَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ إلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَحْوَالِ الَّذِينَ يَقُومُونَ بِوَجْدٍ فَمُبَاحٌ لَهُمْ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 345 حَيْثُ قَالَ وَالرَّقْصُ لَيْسَ بِحَرَامٍ (وَبِالتَّكَسُّرِ حَرَامٌ وَلَوْ مِنْ النِّسَاءِ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَفْعَالَ الْمُخَنَّثِينَ (فَرْعٌ الشِّعْرُ) أَيْ إنْشَاؤُهُ وَ (إنْشَادُهُ) وَاسْتِمَاعُهُ أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (مُبَاحٌ) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغِي إلَيْهِمْ مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (لَا الْهِجَاءُ) بِالْمَدِّ فَلَيْسَ بِمُبَاحٍ وَلَوْ هِجَاءً بِمَا هُوَ صَادِقٌ فِيهِ لِلْإِيذَاءِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ الشَّافِعِيُّ خَبَرَ مُسْلِمٍ «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» (فَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا هَجَا بِمَا يُفَسَّقُ بِهِ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ إثْمٌ حَاكَى الْهَجْوَ كَإِثْمِ مُنْشَئِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَهْجُوُّ مَعْرُوفًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ أَنَّ إثْمَ الْحَاكِي أَعْظَمُ مِنْ إثْمِ الْمُنْشِئِ إذَا كَانَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ سِرًّا فَأَذَاعَهُ وَهَتَكَ بِهِ سِتْرَ الْمَهْجُوِّ. (وَفِي التَّعْرِيضِ بِهِ تَرَدُّدٌ) فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِهِ جَزَمَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِأَنَّهَا تُرَدُّ بِهِ بَلْ رَجَّحَهُ الْأَصْلُ حَيْثُ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيضُ هَجْوًا كَالتَّصْرِيحِ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ لَيْسَ التَّعْرِيضُ هَجْوًا انْتَهَى وَمَحِلُّ تَحْرِيمِ الْهِجَاءِ إذَا كَانَ لِمُسْلِمٍ فَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ أَيْ غَيْرِ مَعْصُومٍ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ حَسَّانًا بِهِجَاءِ الْكُفَّارِ وَمِنْ هُنَا صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَمِثْلُهُ فِي جَوَازِ الْهَجْوِ الْمُبْتَدِعُ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَبَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ هَجْوِ الْكَافِرِ الْمُعِينِ وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ عَدَمَ جَوَازِ لَعْنِهِ بِأَنَّ اللَّعْنَ الْإِبْعَادُ مِنْ الْخَيْرِ وَلَاعِنُهُ لَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَهُ مِنْهُ فَقَدْ يُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرٍ بِخِلَافِ الْهَجْوِ. (وَالتَّشْبِيبُ بِمُعَيَّنَةٍ) وَهُوَ ذِكْرُ صِفَاتِهَا مِنْ طُولٍ وَقِصَرٍ وَصُدْغٍ وَغَيْرِهَا (وَوَصْفٌ) أَيْ أَوْ وَصْفُ (أَعْضَائِهَا الْبَاطِنَةِ وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ مُسْقِطٌ لِلْمَرْأَةِ) فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ بَلْ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لِلْإِيذَاءِ وَالْإِشْهَارِ بِمَا لَا يَلِيقُ وَهَتْكِ السِّتْرِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ كَالرَّوْضَةِ فِي حَقِّ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ إنَّمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى خِلَافِهِ فَقَالَ وَمَنْ شَبَّبَ فَلَمْ يُسَمِّ أَحَدًا لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُشَبِّبَ بِامْرَأَتِهِ وَجَارِيَتِهِ وَنُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَدَمُ رَدِّ الشَّهَادَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَزَادَ نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُكْثِرَ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ النَّصَّ الْمَذْكُورَ لَا يُرَدُّ بِهِ ذَلِكَ لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى مَا لَيْسَ حَقُّهُ الْإِخْفَاءَ مِنْ وَصْفِ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ (وَالْغُلَامُ) فِيمَا ذُكِرَ (كَالْمَرْأَةِ إنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَعْشَقُهُ) فَيُشْتَرَطُ فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ تَعْيِينُ الْغُلَامِ (فَإِنْ أَكْثَرَ الْكَذِبَ فِيهِ) أَيْ فِي شِعْرِهِ (وَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) وَإِلَّا فَلَا كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْكَذِبِ (وَإِنْ قَصَدَ بِهِ إظْهَارَ الصِّفَةِ لَا إيهَامَ الصِّدْقِ) فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُرَدُّ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ وَالصَّيْدَلَانِيِّ قَالَا لِأَنَّ الْكَاذِبَ يُوهِمُ الْكَذِبَ صِدْقًا بِخِلَافِ الشَّاعِرِ (وَالتَّشَبُّبُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ صَنْعَةٌ) وَغَرَضُ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ الْكَلَامِ لَا تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ مَعَ الْكَثْرَةِ بَنَاهُ الْأَصْلُ عَلَى ضَعِيفٍ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالْقَلِيلِ (وَلَيْسَ ذِكْرُ امْرَأَةٍ مَجْهُولَةٍ كَلَيْلَى تَعْيِينًا) التَّمْثِيلُ بِلَيْلَى مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ شُرْبُ الْخَمْرِ) عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ (يُوجِبُ الْحَدَّ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ وَإِنْ قَلَّ) الْمَشْرُوبُ وَلَمْ يُسْكِرْ كَمَا مَرَّ (وَتُرَدُّ شَهَادَةُ بَائِعِهَا وَمُشْتَرِيهَا) لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَتَدَاوٍ أَوْ قَصْدِ تَخَلُّلٍ (لَا مُمْسِكِهَا فَرُبَّمَا قَصَدَ) بِإِمْسَاكِهَا (التَّخْلِيلَ) أَوْ التَّخَلُّلَ وَلَا عَاصِرِهَا وَمُعْتَصِرِهَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ شُرْبَهَا أَوْ الْإِعَانَةَ عَلَيْهِ (وَالْمَطْبُوخُ مِنْهَا كَالنَّبِيذِ) فَإِذَا شَرِبَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْقَدْرَ الْمُسْكِرَ حُدَّ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ (فَلَوْ شَرِبَ مِنْهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ الشِّعْرُ وَإِنْشَادُهُ مُبَاحٌ) ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ نَوْعَانِ مَا حَذَّرَ مِنْ الْآخِرَةِ وَمَا حَثَّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ (قَوْلُهُ لَا الْهِجَاءُ فَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ) لِأَنَّهُ يُحْفَظُ عَنْهُ وَيُنْشَدُ كُلَّ وَقْتٍ فَيَحْصُلُ بِهِ التَّأَذِّي لِلْمَهْجُوِّ وَوَلَدِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ النَّظْمِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ إثْمُ حَاكِي الْهَجْوِ كَإِثْمِ مُنْشَئِهِ إذَا اسْتَوَيَا) أَمَّا لَوْ أَنْشَأَهُ وَلَمْ يُذِعْهُ وَأَذَاعَهُ الْحَاكِي وَأَشْهَرَهُ فَهُوَ أَشَدُّ مَأْثَمًا بِلَا شَكٍّ غ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ جَزَمَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِأَنَّهَا تُرَدُّ بِهِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ) أَيْ غَيْرِ مَعْصُومٍ جَازَ فَصَّلَ بَعْضُهُمْ فِي الْكَافِرِ بَيْنَ مَنْ لَهُ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ أَوْ مَيِّتٍ يَتَأَذَّى لِهَجْوِهِ أَهْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الذِّمِّيِّينَ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَقَوْلُهُ فَصَّلَ بَعْضُهُمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لِلْأَذْرَعِيِّ نَظَرٌ فِي حَرْبِيٍّ مَيِّتٍ يَتَأَذَّى بَهِجُوهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ قَالَ شَيْخُنَا لَيْسَ الْكَلَامُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَبَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ تَحْرِيمُهُ إلَّا لِقَصْدِ زَجْرِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَتُوبُ وَتَبْقَى عَلَيْهِ وَصْمَةُ الشَّعْرِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ وَوَصْفُ أَعْضَائِهَا الْبَاطِنَةِ إلَخْ) قَالَ الْفَتَى جَعَلَ وَصْفَ الْأَعْضَاءِ فِي الْمُعَيَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُسْقِطٌ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَعَبَّرْت بِالصَّوَابِ وَقُلْت وَالتَّشْبِيبُ بِمُعَيَّنَةٍ أَوْ يَصِفُ أَعْضَاءً بَاطِنَةً وَلَوْ مِنْ زَوْجَتِهِ مُسْقِطٌ لِلْمُرُوءَةِ. (قَوْلُهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَنُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَدَمُ رَدِّ الشَّهَادَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا يُسْقِطُ مُرُوءَتَهُ مِنْ ذِكْرِ مَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْكَذِبِ فِيهِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الشِّعْرُ الْمَحْظُورُ بِالْكَذِبِ وَالْفُحْشِ هُمَا جَرْحٌ فِي حَقِّ قَائِلِهِ وَأَمَّا مُنْشِدُهُ فَإِنْ حَكَاهُ اضْطِرَارًا لَمْ يَكُنْ جَرْحًا أَوْ اخْتِيَارًا كَانَ جَرْحًا وَقَدْ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ إنَّهُ لَا تَحْرُمُ رِوَايَةُ شِعْرِ الْهَجْوِ فَإِنَّ الْمَغَازِيَ رُوِيَ فِيهَا قَصَائِدُ الْكُفَّارِ الَّذِينَ هَجَوْا الصَّحَابَةَ وَأَذِنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الشِّعْرِ الَّذِي تَقَاوَلُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَغَيْرِهِمَا إلَّا قَصِيدَةَ أُمَيَّةَ بْنِ الصَّلْتِ فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَنْعِ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُ غَيْرَ الْإِيذَاءِ كَشِعْرِ أَهْلِ الزَّمَانِ وَدَأْبِ أَهْلِ اللَّعِبِ وَالْبَطَالَةِ ر (قَوْلُهُ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالْقَلِيلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَلَيْلَى) وَلَبَنَى وَدُعْدَى وَسُعْدَى وَسَلْمَى وَنَحْوِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 346 قَدْرًا لَا يُسْكِرُ وَاعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ) كَالْحَنَفِيِّ (حُدَّ وَلَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ) لِأَنَّ الْحَدَّ إلَى الْإِمَامِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ اعْتِقَادُهُ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ يَعْتَمِدُ اعْتِقَادَ الشَّاهِدِ وَلِأَنَّ الْحَدَّ لِلزَّجْرِ وَشُرْبُ مَا ذُكِرَ يَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ لِسُقُوطِ الثِّقَةِ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ التَّحْرِيمَ (وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ) حُدَّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَ (رُدَّتْ) شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ إذَا ارْتَكَبَ مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ لَمْ يُؤْمَنْ جَرَاءَتُهُ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ وَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ (وَمَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ) وَهُوَ (يَعْتَقِدُهَا أَجْنَبِيَّةً رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَا) مَنْ وَطِئَ (أَجْنَبِيَّةً) وَهُوَ (يَظُنُّهَا أَمَتَهُ) اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ فِيهِمَا وَتَعْبِيرُهُ أَوَّلًا بِالِاعْتِقَادِ وَثَانِيًا بِالظَّنِّ تَفَنُّنٌ (وَإِنْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ) نَكَحَ (نِكَاحَ مُتْعَةٍ وَوَطِئَ) فِيهِمَا وَهُوَ (يَعْتَقِدُ الْحِلَّ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ أَوْ الْحُرْمَةَ رُدَّتْ) لِذَلِكَ. (وَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مُلْتَقِطِ النِّثَارِ وَإِنْ كُرِهَ) الْتِقَاطُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ عِنْدَ جَمَاعَةٍ (وَتُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ تَعَوَّدَ حُضُورَ الدَّعْوَةِ بِلَا نِدَاءٍ أَوْ ضَرُورَةٍ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ اسْتِحْلَالَ صَاحِبِ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ مُحَرَّمًا وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ التَّعَوُّدُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ شُبْهَةٌ حَتَّى يَمْنَعَهُ صَاحِبُ الطَّعَامِ فَإِذَا تَعَوَّدَ صَارَ دَنَاءَةً وَقِلَّةَ مُرُوءَةٍ (لَا دَعْوَةِ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ) فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ تَعَوَّدَ حُضُورَهَا لِأَنَّهُ طَعَامٌ عَامٌّ (الشَّرْطُ الْخَامِسُ الْمُرُوءَةُ وَهِيَ تَوَقِّي الْأَدْنَاسِ) وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ الْمُرُوءَةُ تَخَلُّقٌ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ بَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْبُلْدَانِ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ (فَتَرْكُهَا يُسْقِطُ الشَّهَادَةَ) لِأَنَّهُ إمَّا نَقْصُ عَقْلٍ أَوْ قِلَّةُ مُبَالَاةٍ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ تَبْطُلُ الثِّقَةُ بِقَوْلِهِ وَتَرْكُهَا (مِثْلَ أَنْ يَلْبِسَ الْفَقِيهُ لِبْسَ الْعَرَبِيِّ أَوْ التَّاجِرُ ثَوْبَ الْجَمَّالِ وَيَتَرَدَّدَا فِيهِ بِمَوْضِعٍ لَا يَعْتَادُ مِثْلُهُمَا لُبْسَهُ فِيهِ وَ) مِثْلُ فِعْلِ (كُلِّ مَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ ضُحْكَةً) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ ثَانِيهِ أَيْ يُضْحَكُ مِنْهُ كَأَنْ يَتَعَمَّمُ الْجَمَّالُ وَيَتَطَيْلَسَ وَيَرْكَبَ بَغْلَةً مُثَمَّنَةً وَيَطُوفَ فِي السُّوقِ (وَ) مِثْلُ (الْمَشْيِ فِي السُّوقِ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ مَعَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ (مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ وَأَكْلُ غَيْرِ السُّوقِيِّ فِي السُّوقِ) لِغَيْرِ جُوعٍ شَدِيدٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَغَوِيّ (وَشُرْبِهِ مِنْ سِقَايَاتِهِ لَا) شُرْبِهِ مِنْهَا (لِعَطَشٍ شَدِيدٍ) بِخِلَافِ السُّوقِيِّ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ (وَمَدِّ الرِّجْلِ عِنْدَ النَّاسِ) بِلَا ضَرُورَةٍ وَالْمُرَادُ جِنْسُهُمْ وَلَوْ وَاحِدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْتَشِمُهُ فَلَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ إخْوَانِهِ أَوْ نَحْوِهِمْ كَتَلَامِذَتِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَرْكًا لِلْمُرُوءَةِ (وَتَقْبِيلِ أَمَتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ بِحَضْرَتِهِمْ) . وَأَمَّا تَقْبِيلُ ابْنِ عُمَرَ أَمَتَهُ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَدَّ إلَى الْإِمَامِ إلَخْ) وَلِهَذَا لَوْ غَصَبَهَا وَوَطِئَهَا فِي ظَنِّهِ ثُمَّ بَانَتْ أَنَّهَا أَمَتُهُ فَسَقَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَلَوْ وَطِئَهَا ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ لَمْ تُرَدَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدَّ آكَدُ مِنْ الْفِسْقِ وَلِذَلِكَ يَسْقُطُ الْفِسْقُ بِالتَّوْبَةِ دُونَ الْحَدِّ وَأَيْضًا الْغَرَضُ بِالْحَدِّ الرَّدْعُ فَيُرْدَعُ عَنْ قَلِيلِهِ لِئَلَّا يَدْعُوَ إلَى الْإِسْكَارِ وَهُوَ لِلْإِمَامِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ اعْتِقَادُهُ وَالشَّهَادَةُ مَآخِذُهَا لِثِقَةٍ بِهِ وَمُعْتَقِدُ الْحِلِّ مَوْثُوقٌ بِهِ (قَوْلُهُ تَخَلُّقُهُ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ إلَخْ) فِي رِعَايَةِ مَنَاهِجِ الشَّرْعِ وَآدَابِهِ وَالِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ وَكَتَبَ أَيْضًا اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ خُلُقُ أَمْثَالِهِ حَلْقَ اللِّحَى كَالْقَلَنْدَرِيَّ مَعَ فَقْدِ الْمُرُوءَةِ فِيهِمْ وَقَدْ يَرْتَقِي عَنْ خُلُقِ أَمْثَالِهِ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فَهُوَ ذُو مُرُوءَةٍ وَإِنَّهُ يَشْمَلُ فِعْلَ الطَّاعَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ مَعَ أَنَّ الْمُرُوءَةَ زَائِدَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتَارَ أَنَّهَا صَوْنُ النَّفْسِ عَنْ تَعَاطِي مُبَاحَاتٍ أَوْ مَكْرُوهَاتٍ غَيْرِ لَائِقَةٍ بِفَاعِلِهَا عُرْفًا أَوْ دَالَّةٍ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِمَا يَهْتَمُّ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْمُرُوءَةُ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءُ وَالتَّوَاضُعُ وَالنُّسُكُ ثُمَّ جَوَّزَ الْبُلْقِينِيُّ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى الْمُرُوءَةِ الَّتِي تُعْتَبَرُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَقَسَّمَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمُرُوءَةَ إلَى شَرْطٍ فِي الْعَدَالَةِ وَهُوَ مُجَانَبَةُ مَا سَخُفَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُؤْذِي أَوْ الْمُضْحِكِ وَتَرْكُ مَا مُكَاتَبُهُ مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي يَلْهُو بِهِ وَغَيْرُ شَرْطٍ فِيهَا وَهُوَ الْإِفْضَالُ بِالْمَالِ وَالطَّعَامِ وَالْمُسَاعَدَةُ بِالنَّفْسِ وَالْجَاهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِأَهْلِ الصِّيَانَةِ دُونَ أَهْلِ الْبِذْلَةِ فِي مَلْبَسِهِ وَمَأْكَلِهِ وَتَصَرُّفِهِ فَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي الْعَدَالَةِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ إنْ نَشَأَ عَلَيْهَا مِنْ صِغَرِهِ لَمْ تَقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ وَإِلَّا قَدَحَتْ وَقِيلَ إنْ اخْتَصَّتْ بِالدِّينِ قَدَحَتْ أَوْ بِالدُّنْيَا فَلَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ وَقَوْلُهُ ثُمَّ جَوَّزَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَتَرَدَّدَا فِيهِ فِي مَوَاضِعَ لَا يَعْتَادُ مِثْلُهُمَا لُبْسَهُ فِيهِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ لُبْسَهُ فِي الْبَيْتِ لُبْسٌ كَذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا إذَا كَانَ لَا يَنْتَابُهُ النَّاسُ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالتَّرَدُّدِ فِي الْبَلَدِ فَلَوْ اعْتَادَ ذَلِكَ فِي بَلَدِهِ وَجَاءَ إلَى بَلَدٍ لَا يُعْتَادُ ذَلِكَ فِيهَا فَهَلْ يَتْبَعُ عَادَةَ الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ أَوْ يُتْرَكُ عَلَى سَجِيَّتِهِ الثَّانِي أَظْهَرُ قَالَ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ حَيْثُ لَا يُعْتَادُ لِمَنْ لَمْ يَعْتَدِهِ فِي بَلَدِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَمَّا كَشْفُ الْعَوْرَةِ فَحَرَامٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْوُقُوفُ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ فِي السُّوقِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ بِبَابِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَلِيقُ بِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي السُّوقِ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَكَلَ دَاخِلَ حَانُوتٍ مُسْتَتِرًا وَقَيَّدَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ بِنَصَبِ مَائِدَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ أَجِدْ ذَلِكَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ نَصْبِ مَائِدَةٍ وَغَيْرِهِ قَاعِدًا كَانَ أَوْ قَائِمًا مَاشِيًا كَانَ أَوْ رَاكِبًا لِأَنَّهُ خِلَافُ عَادَةِ الْمُرُوءَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِهِ تَكَرُّرًا دَالًّا عَلَى قِلَّةِ الْمُبَالَاةِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَى الرَّجُلِ الْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَعِبَارَةُ الْوَسِيطِ الْأَكْلُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ مَطْرُوقًا فَإِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي فِي السُّوقِ مَوْجُودٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصُّوفِيِّ الْمُتَزَهِّدِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَغَوِيّ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَقْبِيلِ أَمَتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ بِحَضْرَتِهِمْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ النَّاسُ الَّذِينَ يُسْتَحْيَا مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ وَالتَّقْبِيلُ الَّذِي يُسْتَحْيَا مِنْ إظْهَارِهِ فَلَوْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ أَوْ بِحَضْرَةِ زَوْجَاتٍ لَهُ غَيْرِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ وَمَا يُعْتَادُ مِنْ تَقْبِيلِ الْعَرُوسِ لَيْلَةَ جَلَائِهَا فِي عَدِّهِ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ تَوَقُّفٌ لِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ عَنْ مَقَامِ الِاسْتِحْيَاءِ وَأَمَّا تَقْبِيلُ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ. اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 347 فَكَأَنَّهُ تَقْبِيلُ اسْتِحْسَانٍ لَا تَمْنَعُ أَوْ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَنْظُرُهُ أَوْ لِأَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَضُرُّ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ (أَوْ حِكَايَةِ مَا يَفْعَلُهُ مَعَهَا فِي الْخَلْوَةِ) تَقَدَّمَ كَرَاهَةُ هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ (وَالْإِكْثَارِ مِنْ الْحِكَايَاتِ الْمُضْحِكَةِ وَ) مِنْ (سُوءِ الْعِشْرَةِ مَعَ الْمُعَامِلِينَ) وَالْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ (وَ) مِنْ (الْمُضَايَقَةِ فِي الْيَسِيرِ) الَّذِي لَا يُسْتَقْصَى فِيهِ (وَالْإِكْبَابِ عَلَى لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ وَالْحَمَامِ وَالْغِنَاءِ وَسَمَاعِهِ) أَيْ اسْتِمَاعِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا مَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ (وَكَذَا) الْإِكْبَابُ عَلَى (إنْشَادِ الشِّعْرِ وَاسْتِنْشَادِهِ حَتَّى يَتْرُكَ بِهِ مُهِمَّاتِهِ وَ) مِثْلَ (اتِّخَاذِ جَارِيَةٍ وَغُلَامٍ لِيُغَنِّيَا لِلنَّاسِ) وَالْمُرَادُ جِنْسُهُمْ (وَ) مِثْلُ الْإِكْبَابِ عَلَى (الرَّقْصِ وَ) عَلَى (الضَّرْبِ بِالدُّفِّ وَيَرْجِعُ فِي الْإِكْثَارِ) مِمَّا ذُكِرَ (إلَى الْعَادَةِ وَالشُّخُوصِ) إذْ يُسْتَقْبَحُ مِنْ شَخْصٍ قَدْرٌ لَا يُسْتَقْبَحُ مِنْ غَيْرِهِ (وَلِلْأَمْكِنَةِ) وَالْأَزْمِنَةِ فِيهِ (تَأْثِيرٌ فَلَيْسَ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ) مَثَلًا (فِي الْخَلْوَةِ مِرَارًا كَالسُّوقِ وَالطُّرُقِ) أَيْ كَاللَّعِبِ فِيهِمَا (مَرَّةً) فِي مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ مَا ذُكِرَ بِالْكَثْرَةِ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِيمَا عَدَاهُ لَكِنْ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ فِي الْكُلِّ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ. ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا يُعَدُّ خَارِمًا لَهَا بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَغَيْرِهِ فَالْأَكْلُ مِنْ غَيْرِ السُّوقِيِّ مَرَّةً فِي السُّوقِ لَيْسَ كَالْمَشْيِ فِيهِ مَكْشُوفًا (وَالتَّكَسُّبُ بِالشِّعْرِ وَالْغِنَاءِ قَدْ لَا يَزْرِي بِمَنْ يَلِيقُ بِهِ) فَلَا يَكُونُ تَرْكًا لِلْمُرُوءَةِ هَذَا فِي الشِّعْرِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ وَفِي الْغِنَاءِ بَحَثَهُ وَقَالَ إنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مِنْ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا كَانَ لَا يُتَقَصَّى إذَا مُدِحَ وَلَا يُذَمُّ إذَا مَنَعَ بَلْ يَقْبَلُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ وَرُدَّ الثَّانِي بِأَنَّ الْوَجْهَ إبْقَاءُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَإِنْ ذَلِكَ وَضِيعٌ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَصْلَ مُسَلِّمٌ أَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا ذَلِكَ فَلَا يُنَاسِبُهُ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ (وَحَمْلُ الْمَاءِ وَالْأَطْعِمَةِ إلَى الْبَيْتِ شُحًّا لَا اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ) التَّارِكِينَ لِلتَّكَلُّفِ (قِلُّ) بِمَعْنَى قِلَّةٍ أَيْ خَرْمُ (مُرُوءَةٍ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ) بِخِلَافِ مَنْ يَلِيقُ بِهِ وَمَنْ يَفْعَلُهُ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ (وَالتَّقَشُّفُ فِي الْأَكْلِ) وَاللِّبْسِ (كَذَلِكَ) فَيُخِلُّ بِمُرُوءَةِ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ إنْ فَعَلَهُ شُحًّا لَا اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْحِرَفِ) الْمُبَاحَةِ (الدَّنِيئَةِ) بِالْهَمْزِ (إنْ لَاقَتْ بِهِمْ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حِرْفَةَ آبَائِهِمْ (كَحَجَّامٍ وَكَنَّاسٍ وَدَبَّاغٍ وَكَذَا مَنْ يُبَاشِرُ النَّجَاسَةَ إنْ حَافَظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا فِي ثِيَابٍ طَاهِرَةٍ وَحَارِسٍ وَحَمَّامِيٍّ وَإِسْكَافٍ وَقَصَّابٍ وَحَائِكٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا حِرَفٌ مُبَاحَةٌ وَالنَّاسُ مُحْتَاجُونَ إلَيْهَا وَلَوْ رَدَدْنَا شَهَادَةَ أَرْبَابِهَا لَمْ نَأْمَنْ أَنْ يَتْرُكُوهَا فَيَعُمُّ الضَّرَرُ بِخِلَافِ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ (وَلَيْسَ الصَّبَّاغُ وَالصَّائِغُ مِنْهُمْ) قَضِيَّتُهُ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ لَمْ تَلِقْ بِهِمَا حِرْفَتُهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُمَا كَالْمَذْكُورِينَ لَكِنَّهُمَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ (وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الصَّنَائِعِ) الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهَا (الْكَذِبَ وَخُلْفَ الْوَعْدِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) (تَنْبِيهٌ) التَّوْبَةُ مِمَّا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ سُنَّةٌ كَمَا فِي الْمَعَاصِي ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ (فَرْعٌ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَتَسْبِيحَاتِ الصَّلَاةِ تَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ) لِتَهَاوُنِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَإِشْعَارِهِ بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالْمُهِمَّاتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ فِي الْحَاضِرِ أَمَّا مَنْ يُدِيمُ السَّفَرَ كَالْمَلَّاحِ وَالْمُكَارَى وَبَعْضِ التُّجَّارِ فَلَا (وَكَذَا) يَقْدَحُ فِيهَا مُدَاوَمَةُ (مُنَادَمَةِ مُسْتَحِلِّ النَّبِيذِ مَعَ السُّفَهَاءِ وَ) كَذَا (كَثْرَةُ شُرْبِهِ) إيَّاهُ (مَعَهُمْ) لِإِخْلَالِ ذَلِكَ بِالْمُرُوءَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) كَثْرَةُ (السُّؤَالِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ طَافَ) مُكْثِرُهُ (بِالْأَبْوَابِ) فَلَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى كَسْبٍ مُبَاحٍ يَكْفِيهِ لِحِلِّ الْمَسْأَلَةِ لَهُ حِينَئِذٍ (إلَّا إنْ أَكْثَرَ الْكَذِبَ فِي دَعْوَى الْحَاجَةِ أَوْ أَخْذِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ) أَخْذُهُ فَيَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ فِي الثَّانِيَةِ قَلِيلًا اُعْتُبِرَ التَّكَرُّرُ كَمَا مَرَّ   [حاشية الرملي الكبير] وَفِي مَعْنَى الْقُبْلَةِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى مَوْضِعِ الِاسْتِمْتَاعِ كَالصَّدْرِ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ النَّاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِكْثَارِ مِنْ الْحِكَايَاتِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ مَا عَدَاهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْإِكْثَارِ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ (فَرْعٌ) خِضَابُ اللِّحْيَةِ بِالسَّوَادِ سَفَهٌ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ وَكَذَا نَتْفُهَا إبْقَاءً لِلْمُرُوءَةِ أَوْ عَيْنًا بَعْدَ تَكَامُلِهَا أَوْ تَدَيُّنًا كَالْقَلَنْدَرِيَّ وَنَتْفُ إبِطِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالتَّكَسُّبُ بِالشِّعْرِ) مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى التَّكَسُّبُ بِالشَّهَادَةِ وَذَلِكَ قَادِحٌ فِي الْعَدَالَةِ لَا سِيَّمَا إذَا مَنَعْنَا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ أَوْ كَأَنْ يَأْخُذ وَلَا يَكْتُبَ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قُلُّ مُرُوءَةٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا. (قَوْلُهُ إنْ لَاقَتْ بِهِمْ) أَوْ أَجْبَرَهُمْ الْإِمَامُ عَلَيْهَا وَخَرَجَ بِالْمُبَاحَةِ غَيْرُهَا كَحِرْفَةٍ الْمُنَجِّمِ وَالْعَرَّافِ وَالْكُهَّانِ وَالْمُصَوِّرِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ لِأَنَّ شِعَارَهُمْ التَّلْبِيسُ عَلَى الْعَامَّةِ وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى التَّكَسُّبُ بِالشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ بَاطِلَةٌ وَذَلِكَ قَادِحٌ فِي الْعَدَالَةِ لَا سِيَّمَا إذَا مَنَعْنَا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ أَوْ كَانَ يَأْخُذُ وَلَا يَكْتُبُ فَإِنَّ نُفُوسَ شُرَكَائِهِ لَا تَطِيبُ بِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَسْلَمُ طَرِيقٍ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَرَقُ مُشْتَرَكٍ وَيَكْتُبُ وَيُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ثَمَنِ الْوَرَقِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ وَكَانَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْكِنَانِيُّ يَسْتَشْكِلُ جَعْلَهُمْ الْحِرَفَ الدَّنِيَّةَ مِنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ مَعَ جَعْلِهِمْ الْحِرَفَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ كَلَامَهُمْ يَنْزِلُ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ مَعَ حُصُولِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِهِ ر (قَوْلُهُ وَخُلْفُ الْوَعْدِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ الْأَصْحَابَ أَلْحَقُوا ذَلِكَ بِالْفِسْقِ (قَوْلُهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى تَرْكِ الْفِسْقِ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ تَرَكَ السُّنَنَ وَاشْتَغَلَ بِقَضَاءِ الْفَرَائِضِ فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ الْوِتْرَ أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ أَوْ غَيْرَهُمَا فَلَا (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 348 نَظِيرُهُ (الشَّرْطُ السَّادِسُ عَدَمُ التُّهْمَةِ فَمَنْ جَرَّ بِشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ نَفْعًا أَوْ دَفَعَ) بِهَا عَنْهُ (ضَرَرًا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَلَا تُقْبَلُ) شَهَادَةُ أَحَدٍ (لِعَبْدِهِ) الْمَأْذُونِ لَهُ وَغَيْرِهِ (وَمُكَاتَبِهِ وَمُوَرِّثِهِ وَغَرِيمٍ لَهُ مَيِّتٍ) وَإِنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ تَرِكَتُهُ الدُّيُونَ (أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ) وَذَلِكَ لِلتُّهْمَةِ (وَتُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ لِغَرِيمِهِ الْمُوسِرِ وَكَذَا الْمُعْسِرُ (قَبْلَ الْحَجْرِ) عَلَيْهِ (وَالْمَوْتِ) لِغَرِيمِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِذِمَّتِهِ لَا بِعَيْنِ أَمْوَالِهِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَالْمَوْتِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتُرَدُّ شَهَادَةُ وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ) بِجُعْلٍ وَبِدُونِهِ وَقَيِّمٍ (فِيمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) كُلٌّ مِنْهُمْ لِمَنْ قَامَ هُوَ مَقَامَهُ لِاقْتِضَاءِ شَهَادَتِهِ سَلْطَنَةَ التَّصَرُّفِ فِيمَا شَهِدَ بِهِ وَمَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ مَرَّتْ مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْوَكَالَةِ وَذِكْرُ الْوَلِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) تُرَدُّ شَهَادَةُ (ضَامِنٍ شَهِدَ بِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمِنَ عَنْهُ) أَيْ مِمَّا ضَمِنَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِهَا الْغُرْمَ عَنْ نَفْسِهِ (وَ) شَهَادَةُ (شَرِيكٍ يَشْهَدُ لِشَرِيكِهِ فِيمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ) مَثَلًا (بَيْنَنَا) فَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ وَلِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ الصِّحَّةُ فِي نَصِيبِ زَيْدٍ دُونَ نَصِيبِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَ لِفَرْعِهِ وَأَجْنَبِيٍّ وَمَا بَحَثَهُ يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّصْوِيرِ أَيْضًا فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْمَطْلَبِ. (فَإِنْ شَهِدَ بِنَصِيبِ شَرِيكِهِ وَحْدَهُ قُبِلَتْ) إذْ لَا تُهْمَةَ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ وَارِثٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبْضٌ فَلِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مُشَارَكَةُ الْآخَرِ فِيمَا يَقْبِضُهُ فَلَا تُسْمَعُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَقَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَلشَّرِيك غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ مَا شَهِدَ بِهِ لِشَرِيكِهِ يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ شَيْءٍ لَهُ فِيهِ لَمْ تُسْمَعْ شَهَادَتُهُ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ وَإِلَّا سُمِعَتْ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ الشَّرْطُ السَّادِسُ عَدَمُ التُّهْمَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا} [البقرة: 282] وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ظَنِينٍ» وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذِي الظِّنَّةِ وَلَا ذِي الْحِنَّةِ» ثُمَّ قَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالظِّنَّةُ التُّهْمَةُ وَالْحِنَّةُ الْعَدَاوَةُ (قَوْلُهُ فَمَنْ جَرَّ بِشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ إلَخْ) كَذَا لَوْ جَرَّ إلَى أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ دَفَعَ عَنْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَ لِلْأَصْلِ الَّذِي ضِمْنُهُ ابْنُهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلَا يُقَالُ سَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِأَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا شَهِدَ لَهُمَا بِهِ مَقْصُودًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَوْ شَهِدَ الْخُنْثَى بِمَالٍ لَوْ كَانَ ذَكَرًا لَكَانَ يَسْتَحِقُّ فِيهِ كَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ وَالْمَوْقُوفُ عَلَى الْمَذْكُورِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَتَّضِحُ ذُكُورَتُهُ فَتَكُونُ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ لِعَبْدِهِ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ شَهَادَتَهُ لَهُ عَلَى شَخْصٍ بِأَنَّهُ قَذَفَهُ فَتُقْبَلُ قَالَهُ تَخْرِيجًا قَالَ وَلَوْ شَهِدَ لِعَبْدِهِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ تَسَلَّمَتْ مِنْهُ الصَّدَاقَ مِنْ كَسْبِهِ فِي أَيَّامِ بَائِعِهِ أَوْ مُشْتَرِيهِ وَقُلْنَا إنَّهُ يَعُودُ لِلْبَائِعِ كُلُّهُ بِالْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ شَطْرُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي أَيَّامِ بَائِعِهِ خِلَافًا لِلْمُصَحَّحِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الصَّدَاقِ قَالَ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ لَوْ شَهِدَ لَهُ الْوَارِثُ عَلَى شَخْصٍ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً قُبِلَتْ وَإِنْ كَانَ عَبْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا وَلَوْ اسْتَلْحَقَ عَبْدُهُ لَقِيطًا وَقُلْنَا لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ فَشَهِدَ لَهُ مَالِكُهُ قُبِلَتْ (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبِهِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ وُجِدَ تَبَعًا كَمَا لَوْ شَهِدَ بِشِرَاءِ شِقْصٍ فِيهِ شُفْعَةٌ لِمُكَاتَبِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ تُقْبَلُ قَالَ الْإِمَامُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ يَشْهَدُ لِلْمُشْتَرِي إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ ثُمَّ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ تَبَعًا وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَلَوْ شَهِدَ لِمُبَعَّضٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَكَمَا لَوْ شَهِدَ لِشَرِيكِهِ بِمُشْتَرَكٍ وَلَوْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ أُطْلِقَ فَكَالشَّرِيكِ وَإِنْ قُيِّدَ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا مِمَّا يَمْلِكُهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ قُبِلَ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَكَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِمَّا يَكُونُ لِذِي النَّوْبَةِ هَلْ يُقَالُ إنْ كَانَ فِي نَوْبَةِ الْعَبْدِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا غ وَقَوْلُهُ هَلْ يُقَالُ إنْ كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ) كَذَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مِمَّا يُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ لِحُلُولِ دَيْنِهِ وَتَقَدَّمَهُ عَلَى الْحَجْرِ أَمْ لَا وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يُضَارِبْ فِيمَا شَهِدَ بِهِ لِتَأْجِيلِ دَيْنِهِ أَوْ لِأَنَّهُ عَامَلَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَالِمًا بِحَالِهِ أَوْ شَهِدَ لَهُ بِعَيْنٍ هِيَ رَهْنٌ عِنْدَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ يَسْتَغْرِقُهَا دَيْنُهُ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ وَعَدَمِ عَوْدِ النَّفْعِ إلَيْهِ غَالِبًا غ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يُضَارِبْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ بَاعَ وَكِيلٌ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا وَلَا يَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ وَكِيلًا فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ قَالَهُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ فِي بَابِ الْحِيَلِ الْمُبَاحَةِ انْتَهَى وَصُورَتُهَا أَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ أَوْ سَلَّمَهُ بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ أَوْ بِإِجْبَارِ حَاكِمٍ يَرَاهُ وَقَوْلُهُ قَالَهُ أَبُو عَاصِمٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَضَامِنٍ شَهِدَ بِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمِنَ عَنْهُ) أَيْ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ بِجَرَيَانِ شَرْطٍ يُفْسِدُ الْبَيْعَ الَّذِي ضَمِنَ الثَّمَنَ فِيهِ أَوْ بِاسْتِحْقَاقِ أَجْنَبِيٍّ لِلْمَبِيعِ وَكَّلَ مَا يُخْرِجُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ الضَّمَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ مَنْ ضَمِنَ عَنْهُ فِي مَعْنَاهُ مَنْ ضَمِنَهُ عَبْدُهُ أَوْ مُكَاتَبُهُ أَوْ غَرِيمٌ لَهُ مَيِّتٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ وَمَنْ ضَمِنَهُ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ. (قَوْلُهُ وَشَهَادَةِ شَرِيكٍ يَشْهَدُ لِشَرِيكِهِ فِيمَا هُوَ شَرِيكُهُ فِيهِ) لَوْ شَهِدَ لِمُبَعَّضٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَكَمَا لَوْ شَهِدَ لِشَرِيكِهِ بِمُشْتَرَكٍ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا وَبَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَكَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِمَّا يَكُونُ لِذِي النَّوْبَةِ هَلْ يُقَالُ إنْ كَانَ فِي نَوْبَةِ الْعَبْدِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُ هَلْ يُقَالُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَتُرَدُّ شَهَادَةِ وَارِثٍ بِجَرْحِ مُوَرِّثِهِ) أَيْ وَهُوَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُفْضِيَ إلَى الْهَلَاكِ فَلَوْ شَهِدَ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَهُوَ مَحْجُوبٌ عَنْ الْإِرْثِ بِغَيْرِهِ ثُمَّ صَارَ وَارِثًا قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ لَمْ يَقْضِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يُنْقَضْ وَاسْتَثْنَى ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ كَالْفَارِقِيِّ مَنْ مَنَعَ قَبُولَ شَهَادَةِ الْوَارِثِ بِالْجَرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ مَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمَجْرُوحِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ أَرْشَ الْجِرَاحَةِ وَلَا مَالَ لَهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ قَدْ يُبْرِئُ مِنْهُ ع وَهُوَ مُتَّجَهٌ إذَا كَانَ مُتَعَذِّرَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ كَالزَّكَاةِ وَمَالِ وَقْفٍ عَامٍّ فَلَوْ كَانَ الْجَرْحُ مِمَّا لَا يَسْرِي إلَى النَّفْسِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ ع وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ شَهِدَ بِجِرَاحَةِ مُوَرِّثِهِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لِإِيقَاعِ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قِيَامِ عُذْرٍ لِلْمَجْرُوحِ فِي تَرْكِ حُضُورِ وَظِيفَةٍ أَوْ مَجْلِسِ حُكْمٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 349 (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ (بِبَيْعِ شِقْصٍ) مِنْ عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي بِشِرَائِهِ وَ (لَهُ فِيهِ شُفْعَةٌ) لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ الشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ وَمِثْلُهُ شَهَادَتُهُ بِالشِّرَاءِ صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ وَيُمْكِنُ إدْخَالُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (لَا) شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ (بَعْدَ الْعَفْوِ) عَنْهَا لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْهَا قَبْلَ شَهَادَتِهِ (وَلَا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ) إذْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ فَلَا تُهْمَةَ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى تُهْمَةِ الْخَلَاصِ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ (وَتُرَدُّ شَهَادَةُ وَارِثٍ بِجَرْحِ مُوَرِّثِهِ) عِنْدَهَا (قَبْلَ الِانْدِمَالِ) وَإِنْ انْدَمَلَ بَعْدَهَا لِلتُّهْمَةِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ أَخَذَ الْأَرْشَ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ وَدَخَلَ فِي كَوْنِهِ مُوَرِّثًا لَهُ عِنْدَ شَهَادَتِهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ أَخُو الْجَرِيحِ وَهُوَ وَارِثٌ لَهُ ثُمَّ وُلِدَ لِلْجَرِيحِ ابْنٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ وَلِلْجَرِيحِ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ثُمَّ إنْ صَارَ وَارِثًا وَقَدْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ لَمْ يُنْقَضْ كَمَا لَوْ طَرَأَ الْفِسْقُ أَوْ لَا فَلَا يُحْكَمُ بِهَا وَخَرَجَ بِقَبْلِ الِانْدِمَالِ الْمَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ هُنَا شَهَادَتُهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَمَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ الْجَرِيحُ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ الْجَرْحِ وَادَّعَى بِهِ عَلَى الْجَارِحِ وَأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِأَرْشِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ فَشَهِدَ لَهُ وَارِثُ الْجَرِيحِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ (لَا) شَهَادَتُهُ (بِمَالٍ لَهُ) أَيْ لِمُوَرِّثِهِ وَلَيْسَ بَعْضًا لَهُ فَتُقْبَلُ (وَلَوْ وَهُوَ مَرِيضٌ أَوْ مَجْرُوحٌ) وَلَوْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَفَارَقَ شَهَادَتَهُ بِالْجَرْحِ بِأَنَّ الْجَرْحَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَدِيعِ وَالْمُرْتَهِنِ بِهِمَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ وَالْمَرْهُونِ (لِلْمُودَعِ وَالرَّاهِنِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَسْتَدِيمُ الْيَدَ لِنَفْسِهِ (وَتُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ بِهِمَا (لِغَيْرِهِمَا) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَلَا) تُقْبَلُ (شَهَادَةُ غَاصِبٍ) عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (بِالْمَغْصُوبِ لِأَجْنَبِيٍّ) لِفِسْقِهِ وَلِتُهْمَتِهِ بِدَفْعِ الضَّمَانِ وَمُؤْنَةِ الرَّدِّ عَنْهُ (فَإِنْ شُهِدَ) لَهُ بِهِ (بَعْدَ التَّوْبَةِ وَالرَّدِّ) لَهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ لَا بَعْدَ (التَّلَفِ) لَهُ (قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ التَّلَفِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَرْدُودَ بَعْدَ أَنْ جَنَى فِي يَدِ الْغَاصِبِ جِنَايَةً مَضْمُونَةً كَالتَّالِفِ فِيمَا ذُكِرَ وَالتَّصْرِيحُ بِبَعْدَ التَّوْبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا) شَهَادَةُ (مُشْتَرٍ شِرَاءً فَاسِدًا بَعْدَ الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ (بِالْمِلْكِ) فِيهِ (لِغَيْرِ خَصْمِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْبَائِعِ (إلَّا بَعْدَ الرَّدِّ) لَهُ لِمَا ذُكِرَ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا شَهَادَةُ مُشْتَرٍ) شِرَاءً صَحِيحًا (لِبَائِعٍ) بِالْمَبِيعِ (إنْ) فُسِخَ الْبَيْعُ كَأَنْ (رَدَّ) عَلَيْهِ (بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ) أَوْ خِيَارٍ (لِاسْتِبْقَائِهِ الْغَلَّةَ) لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ تَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْبَيْعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَلَوْ أَثْبَتَ رَجُلٌ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِإِخْوَةِ مَيِّتٍ لَهُ دَيْنٌ) عَلَى شَخْصٍ (فَشَهِدَ الْمَدْيُونُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ يَنْقُلُ مَا عَلَيْهِ لِلْأَخِ إلَى مَنْ شَهِدَ لَهُ بِالْبُنُوَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَتْ شَهَادَتُهُ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْوَارِثِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ (بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَمَنْ أَوْصَى لَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِمَ لَا يُقَالُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا دُونَ حَقِّهِمَا لِقِصَرِ التُّهْمَةِ عَلَيْهِمَا دُونَ غَيْرِهِمَا (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَدْيُونِ بِمَوْتِ الْغَرِيمِ) وَهُوَ الدَّائِنُ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَلَا يُنْظَرُ هُنَا إلَى نَقْلِ الْحَقِّ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ وَكَأَنَّهُ هُوَ (لَا) شَهَادَةُ (الْعَاقِلَةِ) وَلَوْ فُقَرَاءَ (وَالْغُرَمَاءِ بِجُرْحِ مَنْ شَهِدَ بِقَتْلٍ خَطَأٍ) أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ الْعَاقِلَةَ (وَدَيْنٍ) أَيْ وَبِجُرْحِ مَنْ شَهِدَ بِدَيْنٍ آخَرَ (عَلَى الْمُفْلِسِ) الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَا تُقْبَلُ تُهْمَةُ دَفْعِ ضَرَرِ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ وَمُزَاحَمَةِ الْغُرَمَاءِ أَمَّا شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقٍ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِقَتْلٍ عَمْدًا وَبِإِقْرَارٍ بِقَتْلٍ وَلَوْ خَطَأً فَمَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ تَحَمُّلِهِمْ الْعَقْلَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ وَأَلْحَقُوا بِذَلِكَ شَهَادَةَ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ بِجُرْحِ مَنْ شَهِدَ بِمَالٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْيَتِيمِ (فَإِنَّ شَهِدَ) شَخْصٌ (بِوَصِيَّةٍ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ بِوَصِيَّةٍ أَيْضًا. وَلَوْ) كَانَتْ الْوَصِيَّتَانِ (مِنْ تَرِكَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ) أَيْ قُبِلَتْ الشَّهَادَتَانِ لِانْفِصَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْأُخْرَى بِغَيْرِ تُهْمَةٍ وَاحْتِمَالُ الْمُوَاطَأَةِ مُنْدَفِعٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِ الْقَافِلَةِ لِبَعْضٍ عَلَى قُطَّاعِ الطَّرِيقِ) بِمِثْلِ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ الْبَعْضُ الْآخَرُ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَتَانِ إذَا نَسَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا شَهِدَ بِهِ إلَى الْآخَرِ بِأَنْ يَقُولَ أَخَذُوا مَالَ هَذَا فَإِنْ نَسَبَهُ إلَيْهِمَا مَعًا كَقَوْلِهِ أَخَذُوا مَالَنَا لَمْ تُقْبَلَا لِلتُّهْمَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا قَوْلُ الْبَغَوِيّ لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ مِنْ الْفُقَرَاءِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ لَا شَهَادَتُهُ بِمَالٍ لَهُ وَلَوْ وَهُوَ مَرِيضٌ إلَخْ) فَلَوْ مَاتَ الْمَشْهُودُ لَهُ إنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَخَذَ الْوَارِثُ الْمَالَ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ وَمَنْ أَوْصَى لَهُ) أَوْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِمَ لَا يُقَالُ إلَخْ) يَلْزَمُ مِمَّا قَالَهُ تَبْعِيضُ الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْمَوْتِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ فُقَرَاءَ) لَا أَبَاعِدَ (قَوْلُهُ وَدَيْنٍ عَلَى الْمُفْلِسِ) اسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ لِلْغَرِيمِ الشَّاهِدِ رَهْنٌ بِدَيْنِهِ وَلَا مَالَ لِلْمُفْلِسِ غَيْرُهُ أَوْ لَهُ مَالٌ وَيَقْطَعُ بِأَنَّ الرَّهْنَ يُوفِي الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ بِهِ فَتُقْبَلُ لِفَقْدِ ضَرَرِ الْمُزَاحَمَةِ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِيهِ وَقَوْلُهُ اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ بِوَصِيَّةٍ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ بِوَصِيَّةٍ إلَخْ) لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّ لِلْمَيِّتِ عَلَى هَذَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفٍ لِلْمَيِّتِ أَيْضًا جَازَتْ الشَّهَادَتَانِ وَثَبَتَ الْأَلْفَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ شَهِدَ فَقِيرَانِ بِأَنَّ لَهُ هَذَا الْمَالَ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ إلَخْ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِيرَانِ الْمَالِكِ لَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ وَإِنْ كَانَا بِعِيدَيْنِ فَوَجْهَانِ خَوْفًا مِنْ التُّهْمَةِ بِأَنْ تَئُولَ الصَّدَقَةُ إلَيْهِمَا قُلْت وَالْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ الْقَبُولُ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَوْضِعَ الْقَطْعِ بِالْمَنْعِ فِيمَا إذَا كَانَ فُقَرَاءُ الْبَلَدِ مَحْصُورِينَ وَأَوْجَبْنَا الِاسْتِيعَابَ أَمَّا فِي غَيْرِهَا فَيَظْهَرُ جَرَيَانُ خِلَافٍ فِيهِ غ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ أَخَذُوا مَالَ هَذَا) وَلَيْسَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُمَا هَلْ هُمَا فِي الرُّفْقَةِ أَمْ لَا فَإِنْ بَحَثَ فَلَهُمَا أَنْ لَا يُجِيبَا وَأَنْ يَثْبُتَا عَلَى الشَّهَادَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهٍ لِلْفُقَرَاءِ قُبِلَتْ أَوْ بِثُلُثِ مَالِهِ لَنَا لَمْ تُقْبَلْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَبُولُهَا بِمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ فُقَرَاءُ سِوَى الشَّاهِدَيْنِ ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِالْقَبُولِ فَهَلْ يَدْخُلُ الشَّاهِدَانِ فِي الْوَصِيَّةِ فِيهِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ تَبَعًا لِغَيْرِهِمَا وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِحْقَاقُهُمَا بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِمَا قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ وَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ بِأَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ فِيهَا وَمَا بَحَثَهُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الدَّمِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونُوا غَيْرَ مَحْصُورَيْنِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ وَلَا سِيَّمَا إذَا قَلُّوا وَكَثُرَ الْمُوصَى بِهِ وَفِي اعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ وَقْفَةٌ تُتَلَقَّى مِنْ كَلَامٍ لِابْنِ يُونُسَ وَابْنِ الرِّفْعَةِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْوَقْفِ (فَصْلٌ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَصْلٍ) وَإِنْ عَلَا (لِفَرْعِهِ وَمُكَاتَبِ فَرْعِهِ وَمَا دُونَهُ) وَإِنْ قُبِلَتْ عَلَيْهِمْ (وَلَا بِالْعَكْسِ) أَيْ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَرْعٍ وَإِنْ نَزَلَ لِأَصْلِهِ وَمُكَاتَبِ أَصْلِهِ وَمَا دُونَهُ وَإِنْ قُبِلَتْ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهَا كَالشَّهَادَةِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَهُ بَعْضُهُ أَوْ كَبَعْضِهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تَتَضَمَّنَ شَهَادَتُهُ دَفْعَ ضَرَرٍ عَمَّنْ ذُكِرَ كَأَنْ يَشْهَدَ لِلْأَصِيلِ الَّذِي ضَمَّنَهُ بَعْضَهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ نَعَمْ لَوْ ادَّعَى السُّلْطَانُ عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ لِبَيْتِ الْمَالِ فَشَهِدَ لَهُ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ قُبِلَتْ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِعُمُومِ الْمُدَّعَى بِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ لِأَحَدِ ابْنَيْهِ عَلَى الْآخَرِ لَمْ يُقْبَلْ وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَبُولِهَا لِأَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ قَدْ تَعَارَضَ فَيَظْهَرُ الصِّدْقُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ الْمُعَارِضَةِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الْجُمَّيْزِيِّ وَيُقَاسَ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ الصُّوَرِ (فَائِدَةٌ) لَوْ شَهِدَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ أَوْ الْعَدُوُّ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ الْفَاسِقُ بِمَا يَعْلَمُونَهُ مِنْ الْحَقِّ وَالْحَاكِمُ لَا يَشْعُرُ بِمَانِعِ الشَّهَادَةِ فَهَلْ يَأْثَمُونَ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُخْتَارُ جَوَازُهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الْحَاكِمَ عَلَى بَاطِلٍ بَلْ عَلَى إيصَالِ حَقٍّ إلَى مُسْتَحِقَّةِ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْخَصْمِ وَلَا عَلَى الشَّاهِدِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَبِ بِتَطْلِيقِ ضَرَّةِ أُمِّهِ وَقَذْفِهَا) وَإِنْ جَرَّتْ نَفْعًا إلَى أُمِّهِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِمِثْلِ هَذَا الْجَرِّ (لَا) شَهَادَتُهُ (لِأُمِّهِ بِطَلَاقٍ) أَوْ رَضَاعٍ (إلَّا) إنْ شَهِدَ بِهِ (حِسْبَةً ابْتِدَاءً) فَتُقْبَلُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ ابْتِدَاءً وَإِنْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْحِسْبَةِ لَا تَكُونُ إلَّا ابْتِدَاءً (وَتُرَدُّ شَهَادَةُ أَبٍ بِزِنَا زَوْجَةِ ابْنٍ) لَهُ (قَدْ قَذَفَهَا ابْنُهُ وَطُولِبَ بِالْحَدِّ وَإِنْ لَمْ يُطَالَبْ) بِهِ (أَوْ لَمْ يَقْذِفْهُ) هَا (وَشَهِدَ) أَبَاهُ بِذَلِكَ (حِسْبَةً قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) شَخْصٌ لِزَيْدٍ وَفِي يَدِهِ عَبْدٌ (اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِك مِنْ عَمْرٍو وَعَمْرٌو اشْتَرَاهُ مِنْك) وَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ فَأَنْكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ (وَشَهِدَ لَهُ) بِذَلِكَ (ابْنَا عَمْرٍو) أَوْ ابْنَا زَيْدٍ (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ تَضَمَّنَتْ إثْبَاتَ الْمِلْكِ لِأَبِيهِمَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا فِي الْحَالِ الْمُدَّعِي وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا (وَلَوْ شَهِدَ لِوَالِدِهِ) أَوْ نَحْوِهِ (وَلِأَجْنَبِيٍّ قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قُبِلَتْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ لَهُمَا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَبُولُهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونُوا غَيْرَ مَحْصُورَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْوَقْفِ إذَا شُهِدَ لَهُ بِوَقْفِ كَذَا عَلَى جِهَتِهِ لَمْ تُقْبَلْ لِلتُّهْمَةِ بِسَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْهُ [فَصْلٌ شَهَادَةُ أَصْلٍ وَإِنْ عَلَا لِفَرْعِهِ] (فَصْلٌ قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَصْلٍ لِفَرْعِهِ) مَحِلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضِمْنِيًّا كَمَا سَيَأْتِي فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ مِنْ زَيْدٍ وَلَا عَامًّا كَأَنْ ادَّعَى السُّلْطَانُ عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ لِبَيْتِ الْمَالِ فَشَهِدَ بِذَلِكَ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ قُبِلَتْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَا مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلٌ كُلُّهُ لِأَصْلٍ أَوْ لِفَرْعٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَ فَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ فَتُقْبَلُ وِفَاقًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْقَبُولَ أَرْجَحُ (قَوْلُهُ وَإِنْ قُبِلَتْ عَلَيْهِمْ) إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ (قَوْلُهُ الَّذِي ضَمِنَهُ بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ الشَّاهِدِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ لِأَحَدِ ابْنَيْهِ) أَوْ أَبَوَيْهِ (قَوْلُهُ لَمْ تُقْبَلْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ) وَقَدْ رَجَّحَ الشَّيْخَانِ مَنْعَ الْحُكْمِ بَيْنَ أَبِيهِ وَابْنِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَقْوَى الْجَزْمُ بِالْقَبُولِ إذَا شَهِدَا لِأَصْلٍ بَعِيدٍ عَلَى أَصْلٍ قَرِيبٍ وَكَذَا فِي الْفُرُوعِ وَلَا وَجْهَ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى ابْنِهِ لِابْنِ بِنْتِ بِنْتِهِ مَثَلًا وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَزْكِيَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَلَا شَهَادَتُهُ لَهُ بِالرُّشْدِ سَوَاءٌ كَانَ فِي حِجْرِهِ أَمْ لَا وَإِنْ آخَذْنَاهُ بِإِقْرَارِهِ بِرُشْدِ مَنْ فِي حِجْرِهِ. (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ لَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ فَشَهِدَ أَبَاهُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَلَدُهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ وَلِأَنَّهُ شَهِدَ عَلَى ابْنِهِ وَإِنْ كَانَ فِي ضِمْنِهِ الشَّهَادَةُ لِحَفِيدِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ صُورَتَهُ بَعْدَ دَعْوَى فَقَبْلَهَا يَنْبَغِي قَبُولُهَا قَطْعًا إذَا قَبِلْنَا شَهَادَةَ الْحِسْبَةِ فِي النَّسَبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُخْتَارُ جَوَازُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَمَا اخْتَارَهُ هُوَ الْمُخْتَارُ وَصَرَّحَ شُرَيْحٌ بِنَقْلِ وَجْهَيْنِ فِي الْفَاسِقِ وَالْعَدُوِّ لَكِنْ هَمَّا فِي وُجُوبِ الْأَدَاءِ عَلَيْهِمَا وَكَتَبَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي مِنْ الْمَنْعِ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الْحَاكِمَ عَلَى بَاطِلٍ إلَخْ) فِي الْمَطْلَبِ تَعْلِيلًا لِحُكْمٍ وَلِهَذَا امْتَنَعَ عَلَى الشَّاهِدِ إذَا كَانَ فَاسِقًا أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْحَاكِمَ عَلَى الْبَاطِلِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْحَاكِمَ قَضَى بِالْحَقِّ فَكَيْفَ يَكُونُ بَاطِلًا لِأَنَّا نَقُولُ السَّبَبُ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا كَانَ بَاطِلًا شَرْعًا كَانَ الْقَضَاءُ بَاطِلًا وَإِنْ صَادَفَ الْحَقَّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَبِ بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَلَى عَمِّهِ أَوْ أَبِيهِ بِقَتْلٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ الزِّنَا وَهُوَ مُحْصَنٌ وَكَانَ وَارِثُهُ قَالَ الشَّيْخُ الْقَفَّالُ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ لِأَنَّهُ يَجُرُّ مِيرَاثَهُ. اهـ. وَمَثَلُهُ مَا إذَا شَهِدَ بِرِدَّتِهِ أَوْ حِرَابَتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ وَقَوْلُهُ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ الْجَزْمُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَمْرٌو اشْتَرَاهُ مِنْك إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا يَحْتَاجُ عِنْدِي لِهَذَا التَّصْوِيرِ بَلْ لَوْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ أَنَّهُ بَاعَهُ فَشَهِدَ ابْنَاهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ مَنْ كُلُّ مَا تُرَدُّ فِيهِ الشَّهَادَةُ لِلتُّهْمَةِ إذَا جُمِعَتْ مَعَ مَا لَا تُرَدُّ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَلَوْ جَمَعَ فِي شَهَادَتِهِ بَيْنَ مَقْبُولٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ قُبِلَتْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 351 (لِلْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ) لِاخْتِصَاصِ الْمَانِعِ بِغَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ هَذَا لِوَالِدَيْ وَلِفُلَانٍ وَعَكْسُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَدِمَ الْأَجْنَبِيُّ فَإِنْ قَدِمَ الْآخَرُ فَيَحْتَمِلُ الْقَطْعَ بِالْبُطْلَانِ لِلْأَجْنَبِيِّ مِنْ جِهَةِ الْعَطْفِ عَلَى الْبَاطِلِ كَمَا لَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ طَالِقٌ انْتَهَى وَقَوْلُهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي وَهُوَ الْوَجْهُ. (فَرْعٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَعَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ يَطْرَأُ وَيَزُولُ فَلَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الْمُتَآجِرَيْنِ لِلْآخَرِ أَوْ عَلَيْهِ (لَا شَهَادَتُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (بِزِنَاهَا) أَيْ بِزِنَا زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَعَ ثَلَاثَةٍ فَلَا تُقْبَلُ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَالْمُودَعِ (فَصْلٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوٍّ) لَهُ وَإِنْ قُبِلَتْ لَهُ لِلتُّهْمَةِ وَلِخَبَرِ «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ذِي غِمْرٍ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ عَدُوٍّ حَقُودٍ عَلَى أَخِيهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَعَدُوُّ الْمَرْءِ مَنْ (يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ وَيَفْرَحُ بِمُصِيبَتِهِ وَيَحْزَنُ بِمَسَرَّتِهِ) وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَخْتَصُّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ أَفْضَتْ الْعَدَاوَةُ إلَى الْفِسْقِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَالْمُرَادُ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ لِأَنَّ الْبَاطِنَةَ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ (وَإِنْ عَادَى مَنْ سَيَشْهَدُ عَلَيْهِ وَبَالَغَ فِي خِصَامِهِ وَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ شَهِدَ) عَلَيْهِ (لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ) لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى رَدِّهَا وَهَذَا فِي غَيْرِ الْقَذْفِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى قَاذِفِهِ) وَلَوْ قَبْلَ طَلَبِ الْحَدِّ لِظُهُورِ الْعَدَاوَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالنَّصُّ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَبَ) لِلْحَدِّ (لَيْسَ بِشَرْطٍ) فِي عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (عَلَى مَنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ (أَنَّهُ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَأَخَذَ مَالَهُ) وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ النَّصِّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَاذِفِ وَالْمَقْذُوفِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْآخَرِ (فَإِنْ قَذَفَهُ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (بَعْدَ الشَّهَادَةِ) عَلَيْهِ (لَمْ يُؤَثِّرْ) فِي قَبُولِهَا فَيَحْكُمُ بِهَا الْحَاكِمُ (فَرْعٌ الْبُغْضُ لِلَّهِ) الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْأَصْلِ بِالْعَدَاوَةِ الدِّينِيَّةِ (لَيْسَ قَدْحًا) فِي الشَّهَادَةِ (فَمَنْ أَبْغَضْته لِفِسْقِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُك عَلَيْهِ كَشَهَادَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ) وَالسُّنِّيِّ عَلَى الْمُبْتَدِعِ (وَجَرْحِ الْعَالِمِ الرَّاوِي الْحَدِيثَ) أَوْ نَحْوِهِ كَالْمُفْتِي (نَصِيحَةً) كَأَنْ قَالَ لَا تَسْمَعُوا الْحَدِيثَ مِنْ فُلَانٍ فَإِنَّهُ مُخَلِّطٌ أَوْ لَا تَسْتَفْتُوهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْفَتْوَى (لَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ) لِأَنَّهُ نَصِيحَةٌ لِلنَّاسِ (وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ) مِنْ الْعَدُوِّ (لِلْعَدُوِّ) إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضَهُ إذْ لَا تُهْمَةَ وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ. (فَرْعٌ حُبُّ الرَّجُلِ لِقَوْمِهِ لَيْسَ عَصَبِيَّةً) حَتَّى تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لَهُمْ بَلْ تُقْبَلُ مَعَ أَنَّ الْعَصَبِيَّةَ وَهِيَ أَنْ يُبْغِضَ الرَّجُلَ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ لَا تَقْتَضِي الرَّدَّ بِمُجَرَّدِهَا وَإِنَّمَا تَقْتَضِيهِ إنْ انْضَمَّ إلَيْهَا دُعَاءُ النَّاسِ وَتَأَلُّفُهُمْ لِلْإِضْرَارِ بِهِ وَالْوَقِيعَةِ فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ أَلَّبَ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ جَمَعَ جَمَاعَةً (عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] لِلْأَجْنَبِيِّ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّ هَذَا مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي مُشْتَرَكٍ بِحَيْثُ يَنْفَرِدُ الْأَجْنَبِيُّ بِمَا شَهِدَ لَهُ بِهِ فَأَمَّا فِي مُشْتَرَكٍ لَا يَنْفَرِدُ الْأَجْنَبِيُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَالْإِرْثِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّ هَذَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي) وَكَذَا عَبَّرَ بِهِ فِي التَّكْمِلَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ يَطْرَأُ وَيَزُولُ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْإِخْوَةَ لَا تَمْنَعُ الشَّهَادَةَ مَعَ حُصُولِ النَّسَبِ فَالسَّبَبُ أَوْلَى (قَوْلُهُ لَا شَهَادَتُهُ بِزِنَاهَا) وَلَا بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّهِ) فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى عَبْدِهِ [فَصْلٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوٍّ لَهُ وَإِنْ قُبِلَتْ لَهُ لِلتُّهْمَةِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوٍّ لَهُ) وَإِنْ كَانَ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ إنَّ مَحِلَّ رَدِّ الشَّهَادَةِ ظُهُورُ الْعَدَاوَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا دَلَّ عَلَى الْعَدَاوَةِ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ وَنَحْوِهَا كَافٍ فِي ذَلِكَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ فَقَالَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى خَصْمِهِ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ مَوْضِعُ عَدَاوَةٍ وَهَلْ قَاذِفٌ أَمْ رَجُلٌ أَوْ زَوْجَتُهُ عَدُوٌّ لَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ عَدُوٌّ لَهُ. (تَنْبِيهٌ) تَزْكِيَةُ مَنْ شَهِدَ عَلَى الْعَدُوِّ بِحَقٍّ هَلْ تُرَدُّ كَمَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوِّهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فِي بَابِ دَعْوَى الدَّمِ كَانَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَقُولُ بِسَمَاعِهَا لِأَنَّهُ أَثْبَتُ بِالتَّزْكِيَةِ أَمْرًا عَامًّا لَا يَخْتَصُّ بِالْعَدُوِّ وَقَالَ هُنَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَشَهَادَةِ الْعَاقِلَةِ بِتَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ بِجَرْحِ شُهُودِ الْقَتْلِ خَطَأً وَلَوْ شَهِدَ عَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ خَصْمُ وَارِثِهِ هَلْ تُسْمَعُ شَهَادَتِهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَعُودُ إلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ التَّرِكَةَ مَعَ بَقَاءِ الدَّيْنِ فَهِيَ شَهَادَةُ الْخَصْمِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالثَّانِي تُسْمَعُ لِأَنَّهَا عَلَى الْمَيِّتِ لَا عَلَى الْوَارِثِ وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ خَصْمًا لِلْمَيِّتِ دُونَ الْوَارِثِ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تُقْبَلُ وَعَلَى الثَّانِي لَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى هَذَا مَا إذَا ادَّعَى أَوْلَادُ مَيِّتٍ عَلَى شَخْصٍ بِدَيْنٍ وَرِثُوهُ مِنْ أَبِيهِمْ فَأَسْقَطَ أَحَدُهُمْ حَقَّهُ وَأَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ فَعَلَى الثَّانِي لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِلْأَبِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ وَقَوْلُهُ وَقَالَ هُنَاكَ يُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا تُسْمَعُ. (قَوْلُهُ لِلتُّهْمَةِ وَلِخَبَرِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ إلَخْ) وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعَدَاوَةَ تُفْضِي إلَى الشَّهَادَةِ بِالْبَاطِلِ فَإِنَّهَا عَظِيمَةُ الْوَقْعِ فِي النُّفُوسِ تُسْفَكُ بِسَبَبِهَا الدِّمَاءُ وَتُقْتَحَمُ الْعَظَائِمُ (قَوْلُهُ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ تَمَّنِي زَوَالِ نِعْمَتِهِ لَيْسَ تَفْسِيرًا لِلْعَدَاوَةِ وَإِنَّمَا هُوَ الْحَسَدُ وَهُوَ حَرَامٌ وَقَدْ يَنْتَهِي الْحَالُ فِيهِ إلَى الْفِسْقِ وَالْكَلَامُ فِي عَدَاوَةٍ لَا يَفْسُقُ بِهَا قَالَ شَيْخُنَا تَمَنِّي ذَلِكَ لَفْظًا لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ الْعَدَاوَةُ) أَيْ الدُّنْيَوِيَّةُ (قَوْلُهُ وَالنَّصُّ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَبَ لَيْسَ بِشَرْطٍ) فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ صَوَّرَ الْعَدَاوَةَ الْمُوجِبَةَ لِلرَّدِّ بِمَا إذَا قَذَفَ رَجُلٌ رَجُلًا أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَأَخَذَ مَالَهُ فَقَالَ يَصِيرَانِ عَدُوَّيْنِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَاكْتَفَى بِالْقَذْفِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِطَلَبِ الْحَدِّ وَعَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْعَدَاوَةِ الْقَذْفَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 352 أَعْدَائِهِمْ) أَيْ قَوْمِهِ (وَوَقَعَ) مَعَهَا (فِيهِمْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِمْ وَتُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (لِلصَّدِيقِ وَالْأَخِ) وَسَائِرِ الْحَوَاشِي وَإِنْ كَانُوا يَصِلُونَهُ وَيَبَرُّونَهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَلِأَنَّ الصَّدَاقَةَ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا بِخِلَافِ الْعَدَاوَةِ فَعُوقِبَ الْعَدُوُّ عَلَى عَدَاوَتِهِ (فَرْعٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ) كَمُنْكِرِي صِفَاتِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ أَفْعَالَ عِبَادِهِ وَجَوَازِ رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُصِيبُونَ فِي ذَلِكَ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ (إلَّا الْخَطَّابِيَّةِ) وَهُمْ أَصْحَابُ أَبِي الْخَطَّابِ الْأَسَدِيِّ الْكُوفِيِّ كَانَ يَقُولُ بِأُلُوهِيَّةِ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ ثُمَّ ادَّعَى الْأُلُوهِيَّة لِنَفْسِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِمِثْلِهِمْ وَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا (لِتَجْوِيزِهِمْ الشَّهَادَةَ لِمَنْ صَدَّقُوهُ) فِي دَعْوَاهُ أَيْ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ جَوَازَ شَهَادَةِ أَحَدِهِمْ لِصَاحِبِهِ إذَا سَمِعَهُ يَقُولُ لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَيُصَدِّقُهُ بِيَمِينٍ أَوْ غَيْرِهَا وَيَشْهَدُ لَهُ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْذِبُ إذْ الْكَذِبُ عِنْدَهُمْ كُفْرٌ (وَ) إلَّا (مُنْكِرِي الْعِلْمِ) لِلَّهِ تَعَالَى (بِالْمَعْدُومِ وَالْجُزْئِيَّاتِ) وَمُنْكَرِي حُدُوثِ الْعَالَمِ وَالْبَعْثِ وَالْحَشْرِ لِلْأَجْسَامِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (لِلْكُفْرِ) لِإِنْكَارِهِمْ مَا عُلِمَ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ ضَرُورَةً (لَا مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَوْ نَفْيِ الرُّؤْيَةِ) وَمَا وَرَدَ مِنْ كُفْرِهِمْ مُؤَوَّلٌ بِكُفْرَانِ النِّعْمَةِ لَا الْخُرُوجِ عَنْ الْمِلَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يُلْحِقُوهُمْ بِالْكُفَّارِ فِي الْإِرْثِ وَالْأَنْكِحَةِ وَوُجُوبِ قَتْلِهِمْ وَقِتَالِهِمْ وَغَيْرِهَا (فَلَوْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ) فِي شَهَادَتِهِ (رَأَيْت أَوْ سَمِعْت قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ لِتَصْرِيحِهِ بِالْمُعَايَنَةِ النَّافِيَةِ لِاحْتِمَالِ اعْتِمَادِهِ عَلَى إخْبَارِ الْمَشْهُودِ لَهُ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَسُبُّ الصَّحَابَةَ) وَالسَّلَفَ (لِأَنَّهُ يَقُولُهُ اعْتِقَادًا لَا عَدَاوَةً) وَعِنَادًا (فَلَا نُكَفِّرُ مُتَأَوِّلًا) بِمَالِهِ وَجْهٌ مُحْتَمَلٌ (نَعَمْ قَاذِفُ) عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - (كَافِرٌ) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (لِأَنَّهُ كَذَّبَ اللَّهَ) تَعَالَى فِي أَنَّهَا مُحْصَنَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النور: 23] الْآيَةَ وَقَذْفُ سَائِرِ الْمُحْصَنَاتِ يُوجِبُ رَدَّ الشَّهَادَةِ فَقَذْفُهَا أَوْلَى (فَصْلٌ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ الَّذِي لَا يَضْبِطُ) أَصْلًا أَوْ غَالِبًا إذْ لَا يَوْثُقُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ فَسَّرَ) شَهَادَتَهُ (وَبَيَّنَ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَمَكَانَهُ قُبِلَتْ) لِزَوَالِ التُّهْمَةِ (وَكَثِيرُ الْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ) لِلتُّهْمَةِ وَلَا يَضُرُّ قَلِيلُ الْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ إذْ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ (فَصْلٌ وَإِنْ شَهِدَ فَاسِقٌ) وَلَوْ مُعْلِنًا بِفِسْقِهِ (أَوْ عَدُوٌّ فَرُدَّتْ) شَهَادَتُهُ (ثُمَّ حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ وَأَعَادَهَا لَمْ تُقْبَلْ لِلتُّهْمَةِ) بِدَفْعِ عَارِ رَدِّ شَهَادَتِهِ الْأُولَى عَنْهُ نَعَمْ إنْ لَمْ يُصْغِ الْقَاضِي إلَى شَهَادَةِ الْمُعْلِنِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُصْغِي إلَيْهَا كَمَا لَا يُصْغِي إلَى شَهَادَةِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ لِلصَّدِيقِ وَالْأَخِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّهُ مَا لَمْ يَشْهَدْ لَهُ بِالنَّسَبِ عَلَى الْمُنْكِرِ مِنْ الْوَرَثَةِ فَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ فَالْأَرْجَحُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ فِيهَا الشَّهَادَةَ لِنَفْسِهِ بِنَسَبِ الْمَشْهُودِ لَهُ قَالَ وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَفِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَخَوَيْنِ عَلَى الْمُنْكِرِ بِإِخْوَةِ رَابِعٍ لِأَنَّ فِيهَا ضَرَرًا عَلَيْهِمَا فَشَهَادَتُهُمَا أَوْلَى مِنْ شَهَادَةِ الْأَجْنَبِيِّينَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ الْوَرَثَةِ بِزَوْجِيَّةِ أُمِّهَا وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ مُنْكِرُونَ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأُمِّهِمَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِنَفْسِهِمَا بِالْإِخْوَةِ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا. انْتَهَى وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ وَفِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ شَهَادَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ] (قَوْلُهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ) أَيْ الَّذِينَ لَا نُكَفِّرُهُمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ غَيْرُ خَارِجِينَ مِنْ الْمِلَّةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْكُلَّ مِنْ أُمَّتِهِ وَأَنَّ الْمُتَأَوِّلَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْمِلَّةِ وَإِنْ أَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِهِ فَإِذَا لَمْ نُكَفِّرْهُ وَانْضَمَّ إلَيْهِ التَّقْوَى الْمَانِعَةُ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ فَالْمُوجِبُ لِلْقَبُولِ مَوْجُودٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ إذَا لَمْ نُكَفِّرْهُمْ هُمْ فُسَّاقٌ وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الدَّاعِيَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قِيلَ بِرَدِّ رِوَايَتِهِ [فَصْلٌ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ الَّذِي لَا يَضْبِطُ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ التَّعْبِيرُ بِهِ لِأَنَّ مَعْنَى غَفَلَهُ غَيْرُهُ وَمَا كَانَ تَعَدِّيهِ بِالتَّضْعِيفِ لَا يَكُونُ التَّضْعِيفُ فِيهِ دَالًّا عَلَى كَثْرَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا الْفِعْلُ فَلَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ قَالَ وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبِنَاءَ الْمَذْكُورَ يَقْتَضِي الْمُبَالَغَةَ فَقَالَ فِي قَوْلِهِ فِي الْبَقَرَةِ مُسَلَّمَةً أَنَّهُ بِنَاءُ مُبَالَغَةٍ مِنْ السَّلَامَةِ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو حَيَّانَ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ عَطِيَّةَ وَلَيْسَ كَمَا ذُكِرَ لِأَنَّ التَّضْعِيفَ الَّذِي فِي مُسَلَّمَةٍ لَيْسَ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ بَلْ هُوَ تَضْعِيفُ النَّقْلِ وَالتَّعَدِّيَةِ فَلَيْسَ إذًا بِنَاءَ مُبَالَغَةٍ بَلْ هُوَ مُرَادِفٌ لِلْبِنَاءِ الْمُتَعَدِّي بِالْهَمْزَةِ وَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا هُوَ الصَّوَابُ وَاَلَّذِي اعْتَبَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ كَثْرَةُ الْغَفْلَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنْ فَسَّرَ وَبَيَّنَ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَمَكَانَهُ قُبِلَتْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ هَذَا أَخَذَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ الْبَغَوِيّ وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِيمَنْ يَكْثُرُ غَلَطُهُ وَنِسْيَانُهُ وَالشَّيْخَانِ أَطْلَقَا مَنْعَهُ [فَصْلٌ شَهِدَ فَاسِقٌ وَلَوْ مُعْلِنًا بِفِسْقِهِ أَوْ عَدُوٌّ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ] (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ فَاسِقٌ إلَخْ) أَلْحَقَ الْبُلْقِينِيُّ بِمَنْ لَمْ يُصْغِ الْقَاضِي إلَى شَهَادَتِهِ مَا لَوْ كَانَ فِسْقُهُ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَوْ كَانَ مَعَ فِسْقِهِ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ قَوْمٍ مَحْكِيٍّ عَنْهُمْ قَبُولُ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ الَّذِي لَا يَكْذِبُ وَشَهِدَ عِنْدَ مَنْ يَرَى فِسْقَهُ أَوْ يَرَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَكْذِبُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ لِيَسْتَبْرِئَ ثُمَّ تَابَ وَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ عَارَ الْكَذِبِ وَلَا عَارَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ رَدٌّ. اهـ. وَذَكَرَ التَّنْبِيهُ مَعَ الْفَاسِقِ مَنْ لَا مُرُوءَةَ لَهُ ثُمَّ حَسُنَتْ حَالُهُ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ أَصْحَابُ الْمَكَاسِبِ الدَّنِيئَةِ إذَا رَدَدْنَا شَهَادَتِهِمْ وَلَوْ شَهِدَ الْخُنْثَى فِيمَا لَا تُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ فَرُدَّ فَعَادَ وَقَالَ أَنَا رَجُلٌ فَيُحْكَمُ بِذُكُورَتِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمَرْدُودَةُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي الْإِقْرَارِ إلَّا أَنْ يَزُولَ إشْكَالُهُ بِعَلَامَةٍ قَطْعِيَّةٍ أَوْ ظَنِّيَّةٍ (قَوْلُهُ لِلتُّهْمَةِ) وَلِأَنَّ رَدَّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ ثَبَتَ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ جَوَازِ صِدْقِهِ فَرَدُّهُ تَعَلَّقَ بِاجْتِهَادِ الْقَاضِي فَلَوْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ لِأَجْلِ عَدَالَتِهِ وَهِيَ أَيْضًا مُدْرَكَةٌ بِالِاجْتِهَادِ نُقِضَ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 353 الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فَمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ (بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْمُعْلِنِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إذَا) شَهِدُوا شَهَادَةً ثُمَّ (أَعَادُوهَا بَعْدَ الْكَمَالِ قُبِلَتْ) لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ الْأُولَى لَمْ تَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ شَهَادَةً حَتَّى تُوصَفَ بِالرَّدِّ وَالْقَبُولِ وَلِأَنَّهُمْ لَا يَتَعَيَّرُونَ بِرَدِّ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يُتَّهَمُونَ لِأَنَّ نَقْصَ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ لَيْسَ إلَيْهِمَا وَالْكَافِرُ لَا يَعْتَقِدُ كُفْرَهُ نَقْصًا بَلْ يَفْتَخِرُ بِهِ وَلَا يُبَالِي بِرَدِّ شَهَادَتِهِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ وَالْعَدُوِّ وَخَرَجَ بِالْكَافِرِ الْمُعْلِنِ الْمُسِرُّ بِكُفْرِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ بَعْدَ إسْلَامِهِ لِلتُّهْمَةِ (وَلَوْ شَهِدَ) السَّيِّدُ (لِمُكَاتَبِهِ) أَوْ مَأْذُونِهِ (بِمَالٍ) أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ لِمُوَرِّثِهِ بِجِرَاحَةٍ قَبْلَ انْدِمَالٍ) لَهَا (فَرُدَّتْ) شَهَادَتُهُ (ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَالِانْدِمَالِ لَمْ تُقْبَلْ. كَمَا لَوْ شَهِدَ شَفِيعَانِ بِعَفْوِ) الشَّفِيعِ (الثَّالِثِ) قَبْلَ عَفْوِهِمَا (فَرُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا (ثُمَّ أَعَادَاهَا بَعْدَ عَفْوِهِمَا وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ) الشَّاهِدِ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ (لِفِسْقِ الْأَصْلِ فَتَابَ) الْأَصْلُ (ثُمَّ أَعَادَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ لَمْ تُقْبَلْ) لِلتُّهْمَةِ وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِفِسْقِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي شَهَادَةِ الْأَصْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْمُعَادَةِ مِمَّنْ شُهِدَ بِهِ خَرَسٌ ثُمَّ زَالَ انْتَهَى وَمِثْلُهَا الْمُعَادَةُ مِمَّنْ شُهِدَ بِهِ عَمًى ثُمَّ زَالَ (فَصْلٌ وَلَوْ شَهِدَ فِي غَيْرِ) شَهَادَةِ (الْحِسْبَةِ قَبْلَ الدَّعْوَى وَكَذَا) بَعْدَهَا لَكِنْ (قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ) بِهِ (رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) لِتُهْمَتِهِ بِالْحِرْصِ عَلَيْهَا وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ «ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ» وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا يَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ وَهُوَ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مَجْرُوحًا فِي شَهَادَاتِهِ بَلْ فِي شَهَادَتِهِ (بِهَا) أَيْ بِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ (فَقَطْ) أَيْ لَا فِي غَيْرِهَا وَلَا فِيهَا إذَا اُسْتُشْهِدَ (فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) بَلْ أَوْ فِي مَجْلِسِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَالْأَنْوَارِ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ أَعَادَهَا بِالِاسْتِشْهَادِ قُبِلَتْ فَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ زِيَادَةُ ضَرَرٍ (فَرْعٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ اخْتَبَأَ) فِي زَاوِيَةٍ (لِيَسْتَمِعَ) مَا يُشْهَدُ بِهِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْحِرْصِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُوَا إلَيْهِ كَأَنْ يُقِرَّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ إذَا خَلَا بِهِ الْمُسْتَحِقُّ وَيَجْحَدُ إذَا حَضَرَ غَيْرُهُ (وَيُسْتَحَبُّ) لَهُ (أَنْ يُخْبِرَ الْخَصْمَ بِأَنَّهُ اخْتَبَأَ) وَشَهِدَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُبَادِرَ إلَى تَكْذِيبِهِ إذَا شَهِدَ فَيُعَزِّرُهُ الْقَاضِي (وَإِنْ قَالَا) أَيْ اثْنَانِ لِثَالِثٍ (حَاسِبِ بَيْنَنَا) لِنَتَصَادَقَ (وَلَا تَشْهَدْ) عَلَيْنَا بِمَا يَجْرِي (فَفَعَلَ لَزِمَهُ أَنْ يَشْهَدَ) بِمَا جَرَى وَالشَّرْطُ فَاسِدٌ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى) وَالْأَصْلُ فِي قَبُولِهَا خَبَرُ مُسْلِمٍ السَّابِقُ (كَالْحُدُودِ وَالْمُسْتَحَبُّ سَتْرُهَا) أَيْ سَتْرُ مُوجِبَاتِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الزِّنَا وَكَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهِمَا. (وَكَذَا تُقْبَلُ فِيمَا لِلَّهِ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ) وَهُوَ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِرِضَا الْآدَمِيِّ (كَالطَّلَاقِ) رَجْعِيًّا كَانَ أَوْ بَائِنًا لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ بِتَرَاضِي الزَّوْجَيْنِ (لَا فِي مَالِ الْخُلْعِ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ بِخِلَافِ فِرَاقِهِ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ فِي فِرَاقِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْمَالِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَتَبِعَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ (وَكَالْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ لَا) فِي (عَقْدَيْ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ) وَفَارَقَهُمَا الِاسْتِيلَادُ بِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْعِتْقِ لَا مَحَالَةَ بِخِلَافِهِمَا (وَ) لَا فِي (شِرَاءِ الْقَرِيبِ) الَّذِي يُعْتَقُ بِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعِتْقَ لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَالْعِتْقُ تَبَعٌ وَلَيْسَ كَالْخُلْعِ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ تَابِعٌ وَفِي الشِّرَاءِ مَقْصُودٌ فَإِثْبَاتُهُ دُونَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ) فَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِمْ شَهِدُوا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْمُعْلِنِ وَلَوْ مُرْتَدًّا) وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنَّ الْمُرْتَدَّ لَوْ شَهِدَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ قُبِلَتْ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْمُرْتَدَّ الْمُظْهِرَ لِلرِّدَّةِ أَوْ يَكُونُ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسِرِّ لِلْكُفْرِ وَالْمُعْلِنِ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِمُوَرِّثِهِ بِجِرَاحَةٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ إلَخْ) مَثَلُهُ مَا لَوْ شَهِدَ بِالْجِرَاحَةِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَهُوَ وَارِثٌ ثُمَّ حَدَثَ لِلْمَجْرُوحِ مَنْ يَحْجُبُهُ فَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ شَهِدَ فِي غَيْرِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ قَبْلَ الدَّعْوَى] (قَوْلُهُ وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا تَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ إلَخْ) وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ دُونَ غَيْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْكَاذِبِ فِي شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا تَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ) إذْ قَدْ تُسْتَحَبُّ الْمُبَادَرَةُ فِي صُوَرٍ وَقَدْ تَجِبُ فِي صُوَرٍ وَتَجُوزُ فِي صُورَةٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ وَصَاحِبُهَا لَا يَعْلَمُ بِهَا وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ وَقِيلَ عَلَى سُرْعَةِ إجَابَةِ الشَّاهِدِ إذَا اُسْتُشْهِدَ فَلَا يَمْنَعُهَا وَلَا يُؤَخِّرُهَا وَقِيلَ عَلَى حَقِّ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ بَيْنَ مَا لَيْسَ لِلشَّاهِدِ فِيهِ عَلَقَةٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ بَعْدَمَا سَبَقَ وَأَمَّا الْأَبُ إذَا جَاءَ وَقَالَ بَيْنَ بِنْتِي وَفُلَانٍ خَاطِبِهَا رَضَاعٌ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ قَدْ شَهِدَ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَضْلِ مِنْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تُقْبَلْ وَعَلَى هَذَا إذَا جَاءَ رَجُلَانِ وَشَهِدَا أَنَّ هَذَا يَوْمُ الْعِيدِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَكَلَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ (قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ) أَيْ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ تَقَدَّمَتْ الدَّعْوَى أَمْ لَا وَمِنْ فَوَائِدِ سَمَاعِهَا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَكْذِيبِ الْمُدَّعِي إيَّاهَا وَلِهَذَا قَالَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَأَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةً ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ الدَّعْوَى وَكَذَّبَتْ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَسْقُطْ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا مَقْبُولَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَاهَا (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَفَارَقَهُمَا الِاسْتِيلَادُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي الْفَرْقِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا شَهِدَ عَلَى الْمُدَبَّرِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ عَلَى الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَمَّا لَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ قُبِلَتْ لَا مَحَالَةَ (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ) لِأَنَّ الْعِوَضَ رُكْنٌ فِي الْبَيْعِ فَلَوْ أَثْبَتْنَاهُ لَأَثْبَتْنَا الْعِوَضَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَلَوْ أَثْبَتْنَا الْعِتْقَ مِنْ غَيْرِ مَالٍ لَكَانَ إجْحَافًا بِالْمَالِكِ وَلَيْسَ كَالْخُلْعِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 354 الْمَالِ مُحَالٌ (لَا) شَهَادَتُهَا (بِالْعِتْقِ) الْحَاصِلِ بِهَا أَيْ بِالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَشِرَاءُ الْقَرِيبِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا فَتُقْبَلُ وَذِكْرُ هَذَا فِي الثَّالِثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتُقْبَلُ فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ) لِمَا فِي قَبُولِهَا فِيهِ مِنْ سَلَامَةِ النَّفْسِ (وَفِي الْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ إذَا عَمَّتْ جِهَتُهُمَا) وَلَوْ أُخِّرَتْ الْجِهَةُ الْعَامَّةُ فَيَدْخُلُ نَحْوُ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ دَارًا عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَرَثَتُهُ وَتَمَلَّكُوهَا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ حِسْبَةً قَبْلَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِهِ بِوَقْفِيَّتِهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ آخِرَهُ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ (لَا إنْ خُصَّتْ) جِهَتُهُمَا فَلَا تُقْبَلُ فِيهِمَا لِتَعَلُّقِهِمَا بِحُظُوظٍ خَاصَّةٍ. (وَ) تُقْبَلُ (فِي الرَّضَاعِ وَالنَّسَبِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبَقَائِهَا وَتَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ وَالزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ) بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهِمَا (وَالْبُلُوغِ وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالسَّرِقَةِ) وَهَذَانِ مُكَرَّرَانِ لِدُخُولِهِمَا فِي الْحُدُودِ (وَالْإِحْصَانِ) وَالتَّعْدِيلِ (لَا) فِي حَقِّ (الْآدَمِيِّ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْبُيُوعِ وَنَحْوِهَا لَكِنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الْحَقِّ بِهِ أَعْلَمَهُ) الشَّاهِدُ بِهِ (لِيَسْتَشْهِدَهُ) بَعْدَ الدَّعْوَى (وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْحِسْبَةِ) فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَتُهَا اكْتِفَاءً بِشَهَادَتِهَا وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الطَّلَبِ وَالْإِثْبَاتِ بَلْ أُمِرَ فِيهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالدَّفْعِ مَا أَمْكَنَ وَقِيلَ تُسْمَعُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ لَا تُسَاعِدُ وَيُرَادُ اسْتِخْرَاجُ الْحَقِّ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ مَا رَجَّحَهُ نَسَبَهُ الْإِمَامُ إلَى الْعِرَاقِيِّينَ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ وَآخِرِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ تَرْجِيحُ الثَّانِي وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَسَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى عَدَمُ سَمَاعِهَا فِيهَا لَكِنْ مَحِلُّهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ آدَمِيٍّ فَتُسْمَعُ فِي السَّرِقَةِ إذَا لَمْ يَبْرَأْ السَّارِقُ مِنْ الْمَالِ بِرَدٍّ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ لِتَمَحُّضِ الْحَقِّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا فَالْمُعْتَمَدُ سَمَاعُهَا إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا) تُسْمَعُ (شَهَادَتُهَا) أَيْ الْحِسْبَةِ (حَتَّى تَقُولَ شُهُودُهَا) ابْتِدَاءً (لِلْقَاضِي نَشْهَدُ بِكَذَا عَلَى فُلَانٍ فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالُوا ابْتِدَاءً فُلَانٌ زَنَى فَهُمْ قَذَفَةٌ) . نَعَمْ إنْ وَصَلُوا شَهَادَتَهُمْ بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَبِسُوا بِقَذْفَةٍ لَكِنْ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ انْتَهَى (وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ) إلَيْهَا (فَإِنْ شَهِدُوا بِحُرِّيَّةٍ) لِشَخْصٍ (قَالُوا وَفُلَانٌ يَسْتَرِقُّهُ أَوْ) شَهِدُوا (بِرَضَاعٍ) مُحَرِّمٍ لِامْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ (قَالُوا) وَفُلَانٌ (يُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَ) هَا (أَوْ نَكَحَ) هَا قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِطَلَاقٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ جَاءَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا شَهَادَتُهُمَا بِالْعِتْقِ بِهِمَا) فَإِنْ ادَّعَى الْوَارِثُ أَوْ الْمُعَلَّقُ زَوَالَ الْمِلْكِ ثُمَّ عَوْدَهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ وَالْوَقْفِ) مِنْ ذَلِكَ وَقْفُ مَسْجِدٍ أَوْ خَانٍ لِلسَّبِيلِ أَوْ مَقْبَرَةٍ وَكَذَا بِمَا أُخِذَ مِنْ خَشَبِ مَسْجِدٍ أَوْ أَرْضِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ نَحْوُ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ إلَخْ) وَمِمَّا يُسْتَغْرَبُ قَوْلُهُ فِي الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِالسَّفَهِ وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَالنَّسَبِ) لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى إذْ الشَّرْعُ أَكَّدَ الْأَنْسَابَ وَمَنَعَ قَطْعَهَا فَضَاهَى الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ. (قَوْلُهُ لَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْحِسْبَةِ عَلَى قَيِّمِ صَبِيٍّ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا لِلصَّبِيِّ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْقَيِّمَ إنْ اتَّهَمَهُ فِيهِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَإِذَا كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ قَالَ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةُ وَكَثِيرًا مَا يَدَّعِي بَعْضُ أَقْرِبَاءِ الطِّفْلِ أَوْ جِيرَانُهُ عَلَى وَصِيَّةٍ أَنَّهُ أَتْلَفَ لَهُ مَالًا فَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي كَلَامَهُ وَيَقُولُ إنَّهُ فُضُولِيٌّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ قَرِيبٌ لِلْمَيِّتِ عَلَى وَصِيِّهِ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ خِيَانَةً وَنَحْوَهَا مُحْتَسِبًا فَتُرَدُّ دَعْوَاهُ كَمَا شَاهَدْته مِنْ حُكَّامِ الْعَصْرِ مُعْتَلِّينَ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ وَلَا وِلَايَةَ عَلَى الطِّفْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُحَلِّفَ الْقَيِّمَ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ بَلْ أَوْلَى وَلَا أَحْسَبُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَفْرِيعِ الْوَجْهِ الذَّاهِبِ إلَى سَمَاعِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ بِذَلِكَ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ بَلْ هُوَ مَجْزُومٌ بِهِ وَحَسُنَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْحَاكِمُ فِي الدَّعْوَى وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ عِنْدَ ظُهُورِ قَرَائِنِ صِدْقِهِ وَإِفْسَادِ حَالِ الْوَصِيِّ أَوْ جَهَالَةِ حَالِهِ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ. (قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الدَّعَاوَى) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ فِي السَّرِقَةِ خِلَافَهُ فَهُوَ مُؤَوَّلٌ ع (قَوْلُهُ لَكِنْ مَحِلُّهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ سَتْرُهَا وَهَذَا التَّعْلِيلُ قَدْ يُومِئُ إلَى أَنَّ مَحِلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ السَّتْرُ مُسْتَحَبًّا أَمَّا إذَا قُلْنَا لَا يُسْتَحَبُّ حَيْثُ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِتَرْكِ الشَّهَادَةِ إيجَابُ حَدٍّ عَلَى الْغَيْرِ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ كَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ بِالزِّنَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الرَّابِعِ الْأَدَاءُ وَيَأْثَمُ بِالتَّوَقُّفِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ قَالُوا وَفُلَانٌ يَسْتَرِقُّهُ) نَازَعَ فِيهَا الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ لَا يُتَوَقَّفُ سَمَاعُهَا عَلَى الِاسْتِرْقَاقِ بَلْ تُسْمَعُ حَيْثُ حَصَلَتْ فَائِدَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْجُرْجَانِيُّ يَجُوزُ إثْبَاتُ الْجَرْحِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ قَبْلَهَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ إلَخْ) نَازَعَ فِيهَا الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ الْأَرْجَحُ فِيهَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْآنَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ إرَادَةِ نِكَاحِ مَنْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ فَتَنْقَطِعُ الْمَادَّةُ فِي ذَلِكَ بِإِثْبَاتِ الْإِخْوَةِ. اهـ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ لَوْ شَهِدَا حِسْبَةً عَلَى إقْرَارِ غَائِبٍ أَوْ حَاضِرٍ أَوْ مَيِّتٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ حِسْبَةً مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْعَبْدِ فَلَا يَحْتَاجُ الْحُكْمُ إلَى يَمِينِ الْعَبْدِ وَإِذَا طَلَبَ الْعَبْدُ الْحُكْمَ إذَا لَاحَظَ فِي حُكْمِهِ جِهَةَ الْحِسْبَةِ مُعْرِضًا عَنْ طَلَبِهِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَالْمُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ فِي الشَّهَادَةِ حَاجَةٌ فَلَا رَيْبَ فِي سَمَاعِهَا وَمِنْ الْحَاجَةِ قَطْعُ سَلْطَنَةٍ مَوْجُودَةٍ كَإِزَالَةِ الرِّقِّ فِي الْعَبْدِ فَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ مِنْ عَدِمَ سَمَاعَ الشَّهَادَةِ بِالْعِتْقِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَسْتَرِقُّ مَنْ أَعْتَقَهُ مَمْنُوعٌ وَفَتْوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَصَحُّ وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ التَّوْكِيلَ وَجَبَ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَشْهَدَ حِسْبَةً أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَلَا يَذْكُرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِيهِ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ قَبُولُ الشَّهَادَةِ اهـ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا أَنْ يَكُونَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 355 آخَرَانِ يَشْهَدَانِ بِإِخْوَةٍ بَيْنَ الْمُتَنَاكِحَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهَا فِي الْحَالِ وَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهِمَا قَدْ يَتَنَاكَحَانِ بَعْدُ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يَقُولَا وَالْمُطَلِّقُ يُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ لِفَهْمِهِ مَعَ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ (وَتُسْمَعُ) الْبَيِّنَةُ (بِعِتْقِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ) فَلَوْ جَاءَ عَبْدَانِ لِلْقَاضِي فَقَالَا إنَّ سَيِّدَنَا أَعْتَقَ أَحَدَنَا وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ سُمِعَتْ وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فَاسِدَةً لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعِتْقِ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى (فَصْلٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ وَلَوْ عُقِلَتْ إشَارَتُهُ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ فِي الشَّهَادَةِ وَنَحْنُ فِي غَنِيَّةٍ عَنْ شَهَادَتِهِ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَا وَيَكُونُ قَاضِيًا لَا إمَامًا تُعْقَدُ لَهُ) الْإِمَامَةُ لِأَنَّ النَّسَبَ شَرْطٌ فِي الْإِمَامَةِ بِخِلَافِ الْإِمَامَةِ بِالشَّوْكَةِ وَقَوْلُهُ لَا إمَامًا تُعْقَدُ لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ هُنَا (وَ) تُقْبَلُ (شَهَادَةُ مَحْدُودٍ تَابَ) عَمَّا حُدَّ بِهِ (فَصْلٌ التَّوْبَةُ) تَنْقَسِمُ إلَى تَوْبَةٍ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا الْإِثْمُ وَإِلَى تَوْبَةٍ فِي الظَّاهِرِ وَهِيَ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا عَوْدُ الشَّهَادَاتِ وَالْوِلَايَاتِ فَالتَّوْبَةُ (الْمُسْقِطَةُ لِلْإِثْمِ أَنْ يَنْدَمَ عَلَى مَا فَعَلَ) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْصِيَةٌ (وَيَتْرُكُهُ) فِي الْحَالِ (وَيَعْزِمُ) عَلَى (أَنْ لَا يَعُودَ) إلَيْهِ وَأَنْ لَا يُغَرْغِرَ (وَأَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْمَظَالِمِ وَالزَّكَاةِ) الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ وَذَلِكَ بِأَنْ (يَرُدَّهَا) إلَى مُسْتَحِقِّهَا إنْ بَقِيَتْ (وَيَغْرَمُ) بَدَلَهَا (إنْ تَلِفَتْ أَوْ يَسْتَحِلُّ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ) لَهَا (أَوْ مِنْ وَارِثِهِ) فَيُبْرِئُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 135] أَيْ نَدِمُوا وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا أَيْ عَزَمُوا أَنْ لَا يَعُودُوا عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ كَانَتْ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ فِي عِرْضٍ أَوْ مَالٍ فَلْيَسْتَحْلِلْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي الْمُسْتَحِقِّ وَعَطْفُ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَظَالِمِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (وَ) أَنْ (يُعْلِمَهُ) بِهَا (إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) مُسْتَحِقٌّ (أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ سَلَّمَهَا إلَى قَاضٍ أَمِينٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهَا) عَلَى الْفُقَرَاءِ (وَنَوَى الْغُرْمَ) لَهُ إنْ وَجَدَهُ (أَوْ يَتْرُكُهَا) عِنْدَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِتَرْكِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّصَدُّقُ بِهَا بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ وُجُوهِ الْمَصَالِحِ كُلِّهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي الْأَمِينِ صَرْفُ ذَلِكَ فِي الْمَصَالِحِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْآحَادِ. (وَالْمُعْسِرُ يَنْوِي الْغُرْمَ) إذَا قَدَرَ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّكَسُّبُ لِإِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ عَصَى بِهِ لِتَصِحَّ تَوْبَتُهُ (فَإِنَّ مَاتَ مُعْسِرًا طُولِبَ) فِي الْآخِرَةِ (إنْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ) كَمَا يَقْتَضِيهِ ظَوَاهِرُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ (وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ) أَنَّهُ (لَا مُطَالَبَةَ) فِيهَا إذْ لَا مَعْصِيَةَ مِنْهُ (وَالرَّجَاءُ فِي اللَّهِ تَعْوِيضُ الْخَصْمِ وَتُبَاحُ الِاسْتِدَانَةُ لِلْحَاجَةِ لَا فِي سَيْفٍ) وَلَا غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْمَعَاصِي (إذَا رَجَا الْوَفَاءَ) مِنْ جِهَةٍ أَوْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ (وَمَنْ ارْتَكَبَ) مَا يُوجِبُ (حَدَّ اللَّهِ) تَعَالَى كَأَنْ زَنَى أَوْ شَرِبَ (فَالْأَفْضَلُ) لَهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ (أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ) لِخَبَرِ «مَنْ أَتَى مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا» . . . السَّابِقِ فِي بَابِ الزِّنَا (فَإِنْ ثَبَتَ) عَلَيْهِ (فَاتَ السِّتْرُ وَأَتَى) حِينَئِذٍ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ (الْإِمَامَ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ) لَمْ يُعَبِّرْ الْأَصْلُ بِالثُّبُوتِ بَلْ بِالظُّهُورِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الشَّهَادَةُ قَالَ وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ مَا إذَا اشْتَهَرَ بَيْنَ النَّاسِ (وَإِنْ كَانَ) مُوجَبُ مَا ارْتَكَبَهُ   [حاشية الرملي الكبير] الزَّوْجُ طَلَبَ عِشْرَتَهَا فَدَلَّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَمَا قَالَهُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ بِأُجْرَةِ الرَّضَاعِ مُسَلَّمٌ ثُمَّ مَا قَالَ الْقَفَّالُ بَعْدَ مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ لَوْ قَالَ الْوَالِدُ خَطَبَ بِنْتِي فُلَانٌ وَبَيْنَهُمَا رَضَاعٌ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَضْلِ مِنْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ جَاءَ رَجُلَانِ وَشَهِدَا أَنَّ هَذَا يَوْمُ الْعِيدِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَكَلَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ أَكَلَا لَمْ يُقْبَلَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يَقُولَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ] (قَوْلُهُ وَنَحْنُ فِي غَنِيَّةٍ عَنْ شَهَادَتِهِ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِ) بِخِلَافِ الْعُقُودِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُعْرَفُ مِنْ جِهَتِهِ إمَّا بِعَقْدِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ فَصَحَّحْنَاهَا لِلضَّرُورَةِ [فَصْلٌ التَّوْبَةُ تَنْقَسِمُ إلَى تَوْبَةٍ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى] (فَصْلٌ التَّوْبَةُ تَنْقَسِمُ إلَخْ) (قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا الْإِثْمُ) قَوْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ قَوْلِيَّةٍ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْدَمَ عَلَى مَا فَعَلَ) لِخَبَرِ «النَّدَمُ تَوْبَةٌ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْصِيَةٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَابَ عَنْ مَعْصِيَةٍ مَالِيَّةٍ لِشُحِّهِ مَثَلًا أَوْ عَارٍ لَحِقَهُ أَوْ تَعَبِ بَدَنٍ (قَوْلُهُ وَيَعْزِمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَهْمَلَ شَرْطًا رَابِعًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَوْ عُوقِبَ عَلَى جَرِيمَةٍ فَنَدِمَ وَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ لِمَا حَلَّ بِهِ وَخَوْفًا مِنْ وُقُوعِ مِثْلِهِ لَمْ يَكْفِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا الْأُصُولِيُّونَ وَمَثَّلُوهُ بِمَا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ وَنَدِمَ لِكَوْنِهِ وَلَدَهُ أَوْ بَذَلَ شَحِيحٌ مَالًا فِي مَعْصِيَةٍ وَنَدِمَ لِلْغُرْمِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْإِيرَادُ عِنْدَنَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِأَنَّ التَّوْبَةَ عِبَادَةٌ وَالْعِبَادَةُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لِلَّهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَلَا تَوْبَةَ وَلَا عِبَادَةَ قُلْت هَذَا التَّوْجِيهُ فِيهِ اعْتِرَافٌ بِاعْتِبَارِ الْإِيرَادِ غ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ فِيمَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ مِثْلِ مَا قَدَّمَهُ فَلَا يَصِحُّ الْعَزْمُ مِنْ الْمَجْبُوبِ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا وَلَا مِنْ الْأَخْرَسِ وَمَقْطُوعِ اللِّسَانِ عَلَى تَرْكِ الْقَذْفِ وَتَوْبَةُ الْعَاجِزِ عَنْ الْعَزْمِ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُغَرْغِرَ) أَوْ يَصِلَ إلَى الِاضْطِرَارِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَكَتَبَ أَيْضًا وَأَنْ يَتُوبَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِنْ تَابَ بَعْدَهُ وَكَانَ مَجْنُونًا عِنْدَهُ أَوْ وُلِدَ بَعْدَهُ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَإِنَّمَا لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ مَنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مُصِرًّا عَلَى الذَّنْبِ وَقْتَهُ وَأَنْ يَتُوبَ قَبْلَ الِاحْتِضَارِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ) مَا تَفَقَّهَهُ النَّوَوِيُّ لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا جَزَمَ الْأَنْصَارِيُّ تِلْمِيذُ الْإِمَامِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَالَ فَأَمَّا إذَا حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَسْلِيمِ النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ بِمَنْعِ وَحَبْسِ ظَالِمٍ لَهُ وَحُدُوثِ أَمْرٍ يَصُدُّهُ عَنْ التَّمَكُّنِ سَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَزْمُ عَلَى التَّسْلِيمِ إذَا تَمَكَّنَ قَالَ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ اهـ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 356 (قِصَاصًا أَوْ قَذْفًا) أَيْ عُقُوبَتَهُ (أَعْلَمَ الْمُسْتَحِقَّ) لَهُ بِهِ (وَمَكَّنَهُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ) فَيَأْتِي إلَيْهِ فَيَقُولُ أَنَا الَّذِي قَتَلْت أَوْ قَذَفْت وَلَزِمَنِي مُوجِبُهُمَا فَإِنْ شِئْت فَاسْتَوْفِ وَإِنْ شِئْت فَاعْفُ لِمَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ التَّضْيِيقِ. (وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ) تَعَالَى (مِنْ الْغَيْبَةِ) إنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبَهَا بِهَا (فَإِنْ عَلِمَ صَاحِبُهَا) بِهَا (اسْتَحَلَّ مِنْهُ لَا مِنْ وَارِثِهِ) بَعْدَ مَوْتِهِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِحْلَالُهُ لِمَوْتِهِ أَوْ تَعَسَّرَ لِغَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا اعْتِبَارَ بِتَحْلِيلِ الْوَرَثَةِ (وَيَسْتَغْفِرُ) اللَّهَ تَعَالَى (مِنْ الْحَسَدِ) وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَةِ غَيْرِهِ وَيُسَرُّ بِبَلِيَّتِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْحَسَدُ كَالْغَيْبَةِ وَهِيَ أَفْيَدُ (وَلَا يُخْبِرُ صَاحِبَهُ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ إخْبَارُ الْمَحْسُودِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَلْ لَا يُسَنُّ وَلَوْ قِيلَ يُكْرَهُ لَمْ يَبْعُدْ وَفِي الِاسْتِحْلَالِ مِنْ الْغَيْبَةِ الْمَجْهُولَةِ كَلَامٌ تَقَدَّمَ فِي الضَّمَانِ (فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ) أَوْ مَظَالِمُ عَلَى شَخْصٍ (وَلَمْ تَصِلْ إلَى الْوَرَثَةِ) وَمَاتَ الْمَدِينُ (طَالَبَ بِهَا) مُسْتَحِقُّهَا الْأَوَّلُ (فِي الْآخِرَةِ لَا آخِرُ وَارِثٍ) مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ وَرَثَةِ وَرَثَتِهِ وَإِنْ نَزَلُوا (وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْوَارِثِ) عِنْدَ انْتِهَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ إلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي أَوْ أَبْرَأَهُ الْوَارِثُ (خَرَجَ عَنْ مَظْلِمَةِ غَيْرِ الْمَطْلِ) بِخِلَافِ مَظْلَمَةٌ الْمَطْلِ (فَصْلٌ) فِي التَّوْبَةِ فِي الظَّاهِرِ (وَإِنَّمَا تَعُودُ عَدَالَةُ التَّائِبِ عَنْ الْفِسْقِ) النَّاشِئِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي الْكُفْرَ كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ (بِمُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ فِيهَا أَنَّهُ قَدْ صَلُحَ) عَمَلًا وَسَرِيرَةً لَا بِإِظْهَارِ التَّوْبَةِ مِنْهُ إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْإِظْهَارِ غَائِلَةٌ وَغَرَضٌ فَاسِدٌ فَاعْتُبِرَتْ مُدَّةٌ لِذَلِكَ (وَهِيَ سَنَةٌ) لِأَنَّ لِمُضِيِّهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي تَهْيِيجِ النُّفُوسِ لِمَا تَشْتَهِيهِ فَإِذَا مَضَتْ عَلَى السَّلَامَةِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِحُسْنِ السَّرِيرَةِ وَمَحِلُّهُ فِي ظَاهِرِ الْفِسْقِ فَلَوْ كَانَ يُخْفِيهِ وَأَقَرَّ بِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَقِبَ تَوْبَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُظْهِرْ التَّوْبَةَ عَمَّا كَانَ مَسْتُورًا إلَّا عَنْ صَلَاحِ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ فِي كَوْنِ السَّنَةِ تَحْدِيدِيَّةً أَوْ تَقْرِيبِيَّةً وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالْأَوَّلِ (وَيُشْتَرَطُ فِي التَّوْبَةِ مِنْ) الْمَعْصِيَةِ (الْقَوْلِيَّةِ الْقَوْلُ) كَمَا أَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ الرِّدَّةِ بِكَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ. (فَيَقُولُ فِي) تَوْبَتِهِ مِنْ (الْقَذْفِ: قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلْت وَلَا أَعُودُ) إلَيْهِ أَوْ يَقُولُ مَا كُنْت   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَوْ قِيلَ يُكْرَهُ لَمْ يَبْعُدْ) وَهُوَ كَمَا قَالَ وَهُوَ مَا يُفْهِمُهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ غ [فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ أَوْ مَظَالِمُ عَلَى شَخْصٍ] (قَوْلُهُ لَا آخِرُ وَارِثٍ مِنْ وَرَثَتِهِ إلَخْ) قَالَ الْحَنَّاطِيُّ إنَّهُ يَرِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَهُمْ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ فِي الْقِيَامَةِ [فَصْلٌ التَّوْبَةِ فِي الظَّاهِرِ] (فَصْلٌ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَعُودُ عَدَالَةُ التَّائِبِ عَنْ الْفِسْقِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَمَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِمَعْصِيَةٍ غَيْرِ الْكُفْرِ أَوْ لِنُقْصَانِ مُرُوءَةٍ فَتَابَ لَمْ تَقْبَلْ شَهَادَتُهُ حَتَّى يَسْتَمِرَّ عَلَى التَّوْبَةِ سَنَةً وَفِي الْمَطَالِبِ أَلْحَقَ الْأَصْحَابُ ذَلِكَ بِالْفِسْقِ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَهُ وَجْهٌ لِأَنَّ خَارِمَ الْمُرُوءَةِ صَارَ بِاعْتِيَادِهِ سَجِيَّةً لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِبَارِ حَالِهِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ فِي التَّنْبِيهِ وَذَكَرَ فِي الْمَطْلَبِ الِاحْتِيَاجَ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْعَدَاوَةِ أَيْضًا قَوْلُهُ فَإِذَا مَضَتْ عَلَى السَّلَامَةِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِحُسْنِ السَّرِيرَةِ وَلِهَذَا اعْتَبَرَهَا الشَّرْعُ فِي مُدَّةِ التَّغْرِيبِ وَالْعُنَّةِ وَالزَّكَاةِ وَالدِّيَةِ وَالْجِزْيَةِ (قَوْلُهُ وَمَحِلُّهُ فِي ظَاهِرِ الْفِسْقِ إلَخْ) . اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا قَاذِفَ غَيْرِ الْمُحْصَنِ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ فَأَمَّا مَنْ قَذَفَ مُحْصَنَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ وَالصَّبِيُّ إذَا فَعَلَ مَا يَقْتَضِي تَفْسِيقَ الْبَالِغِ ثُمَّ تَابَ وَبَلَغَ تَائِبًا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الِاخْتِبَارُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَقَالَ بَقِيَ اثْنَانِ أُنَبِّهُ عَلَيْهِمَا أَحَدُهُمَا الْعَدُوُّ إذَا زَالَتْ الْعَدَاوَةُ وَكَانَتْ كَبِيرَةً فَتَابَ مِنْهَا فَهَلْ يُشْتَرَطُ الِاخْتِبَارُ لِأَنَّهُ تَائِبٌ مِنْ فِسْقٍ أَوْ لَا لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تَمِيلُ لِلْعَدَاوَةِ غَالِبًا بَلْ تَكْرَهُهَا مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي وَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَطْلَبِ بِالِاخْتِبَارِ فِي الْعَدَاوَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْفِسْقِ فَفِي الْمُفَسِّقَةِ أَوْلَى، الثَّانِي الْمُبَادِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَجْرُوحٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ لَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَاءٍ قَالَهُ الْبَغَوِيّ. اهـ. وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ عَصَى الْوَلِيُّ بِالْفِعْلِ ثُمَّ تَابَ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ فِي الْحَالِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ وَقَالُوا نَاظِرُ الْوَقْفِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ لَوْ فَسَقَ ثُمَّ تَابَ عَادَتْ وِلَايَتُهُ وَلَوْ حَصَلَ خَلَلٌ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ زَالَ احْتَاجَ إلَى تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ ثَانِيًا فَلَمْ يَذْكُرُوا مُضِيَّ الْمُدَّةِ وَقَوْلُهُ قَاذِفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهِ وَقَوْلُهُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِعْلُ الصَّبِيِّ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ فَلَا تُعْتَبَرُ تَوْبَتُهُ مِنْهُ قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ يُخْفِيهِ وَأَقَرَّ بِهِ إلَخْ وَكَذَا مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ رِدَّتِهِ لِإِتْيَانِهِ بِضِدِّ الْمُكَفِّرِ فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ احْتِمَالٌ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا أَسْلَمَ مُرْسَلًا فَإِنْ أَسْلَمَ عِنْدَ تَقْدِيمِهِ لِلْقَتْلِ اُعْتُبِرَ مُضِيُّ الْمُدَّةِ وَشَاهِدُ الزِّنَا إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِنَقْصِ الْعَدَدِ ثُمَّ تَابَ عَلَى الْمَذْهَب كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَالزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ فَيَقُولُ فِي الْقَذْفِ قَذْفِي بَاطِلٌ) يَصِحُّ قَوْلُهُ قَذْفِي بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ حَظَرَهُ وَمَنَعَنِي مِنْ التَّفَوُّهِ بِهِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ أَنْ يَقُولَ قَذْفِي لَهُ بِالزِّنَا كَانَ بَاطِلًا (قَوْلُهُ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلْت) لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلْت فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَلَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَلَا أَتْبَاعُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَلَّ مَنْ ذَكَرَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَأْكِيدٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى إظْهَارِ ضِدِّ الْقَذْفِ كَمَا فِي إظْهَارِ ضِدِّ الْكُفْرِ وَقَالَ إنَّ الْأَرْجَحَ عَدَمُ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ وَلَا أَعُودُ وَهُوَ مُقْتَضَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا هَذِهِ الْمَقَالَةُ وَقَالَ عِنْدِي يُكْتَفَى مِنْ الشَّاهِدِ بِأَنْ يَقُولَ رَجَعْت عَنْ شَهَادَتِي عَلَيْهِ بِالزِّنَا لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا جَلَدَ الثَّلَاثَةَ اسْتَتَابَهُمْ فَرَجَعَ اثْنَانِ فَقَبِلَ شَهَادَتُهُمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَيُشْبِهُ اشْتِرَاطَ كَوْنِ هَذَا الْإِكْذَابِ عِنْدَ الْقَاضِي أَيْ إنْ كَانَ قَذَفَ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْفُونِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ظَاهِرٌ فِيمَنْ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي أَوْ اتَّصَلَ بِهِ قَذْفُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ وَإِلَّا فَفِي جَوَازِ إتْيَانِهِ الْقَاضِيَ وَإِعْلَامِهِ بِالْقَذْفِ بَعْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَذَى بَلْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُكَذِّبُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ مَنْ قَذَفَهُ بِحَضْرَتِهِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَذُكِرَ فِي الْخَادِمِ نَحْوُ ذَلِكَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 357 مُحِقًّا فِي قَذْفِي وَقَدْ ثَبَتَ مِنْهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لِيَنْدَفِعَ عَارُ الْقَذْفِ وَتَبِعَ فِي عَطْفِهِ لَا أَعُودُ بِالْوَاوِ الْأَصْلَ كَالْجُمْهُورِ وَلَكِنْ عَبَّرَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ بِأَوْ (وَلَا يَشْتَرِطُهُ) فِيهَا (أَنْ يَقُولَ كَذَبْت) فِيمَا قَذَفْته بِهِ (فَقَدْ يَكُونُ صَادِقًا) فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِالْكَذِبِ وَأَمَّا خَبَرُ تَوْبَةِ الْقَاذِفِ إكْذَابُهُ نَفْسَهُ فَغَرِيبٌ وَبِتَقْدِيرِ شُهْرَتِهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الرُّجُوعِ وَالْإِقْرَارِ بِبُطْلَانِ مَا صَدَرَ مِنْهُ فَإِنَّهُ نَوْعُ إكْذَابٍ (سَوَاءٌ كَانَ) الْقَذْفُ (بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي) بِأَنْ لَمْ يَكْمُلْ عَدَدُ الشُّهُودِ (أَوْ بِالسَّبِّ وَالْإِيذَاءِ وَ) لَكِنْ لَوْ (كَانَ قَذْفُهُ فِي شَهَادَةٍ لَمْ تَكْمُلْ) عَدَدًا (فَلْيَتُبْ) أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ تَوْبَتُهُ (عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا يُشْتَرَطُ) حِينَئِذٍ (مُضِيُّ الْمُدَّةِ) إذَا كَانَ عَدْلًا قَبْلَ الْقَذْفِ (وَإِنْ كَانَ) قَذَفَهُ (بِالسَّبِّ وَالْإِيذَاءِ اُشْتُرِطَ مُضِيُّهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ فِسْقٌ مَقْطُوعٌ بِهِ بِخِلَافِ الْفِسْقِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ وَلِهَذَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ مَنْ شَهِدَ بِالزِّنَا وَإِنْ لَمْ يَتُبْ وَتَخْصِيصُهُ وُجُوبَ التَّوْبَةِ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْقَذْفِ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ يُشِيرُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّوْبَةِ بِالْقَوْلِ فِي الْقَذْفِ مُشْكِلٌ وَإِلْحَاقُهُ بِالرِّدَّةِ ضَعِيفٌ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ مُطَّرِدٌ فِي الرِّدَّةِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ كَإِلْقَاءِ الْمُصْحَفِ فِي الْقَاذُورَاتِ زَادَ الرَّافِعِيُّ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْقَوْلِ أَنْ يَقُولَ مَا كُنْت مُحِقًّا فِي قَوْلِ كَذَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْفِعْلِ مَا كُنْت مُحِقًّا فِي فِعْلِ كَذَا. وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَطْلَبِ ثُمَّ تَعَقَّبَهُ بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ مَعَ زِيَادَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوْبَةِ مِنْ الرِّدَّةِ مُدَّةٌ وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْمَعَاصِي بِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فَقَدْ أَتَى بِضِدِّ الْكُفْرِ فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ ذَلِكَ احْتِمَالٌ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَعَاصِي فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِمَا إذَا أَسْلَمَ مُرْسِلًا فَإِنْ أَسْلَمَ عِنْدَ تَقْدِيمِ الْقَتْلِ اُعْتُبِرَ مُضِيُّ الْمُدَّةِ (فَرْعٌ لَوْ قَذَفَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى زِنَاهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ) لِإِظْهَارِ صِدْقِهِ بِالْبَيِّنَةِ (وَلَمْ يَقْدَحْ) قَذْفُهُ (فِيهِ) أَيْ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ اعْتَرَفَ) بِهِ (الْمَقْذُوفُ أَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَلَاعَنَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ طَلَبَ الْمَقْذُوفُ الْحَدَّ فَطَلَبَ الْقَاذِفُ يَمِينَهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ فَنَكَلَ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي رَدِّ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ (إحْصَانُ الْمَقْذُوفِ بَلْ قَذْفُهُ لِعَبْدِهِ تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ) وَيَكْفِي تَحْرِيمُ الْقَذْفِ سَبَبًا لِلرَّدِّ (وَشَاهِدُ الزُّورِ يَقُولُ) فِي تَوْبَتِهِ مِنْ شَهَادَتِهِ (كَذَبْت فِيمَا قُلْت وَلَا أَعُودُ) إلَى مِثْلِهِ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِ بِالْعِلْمِ بِأَنَّهُ شَهِدَ زُورًا فَلَيْسَ فِيهِ أَمْرُهُ بِالْكَذِبِ (وَيَسْتَبْرِئُ) مَعَ ذَلِكَ (سَنَةً) كَسَائِرِ الْفَسَقَةِ (ثُمَّ) إذَا ظَهَرَ صَلَاحُهُ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّوْبَةِ بِالْقَوْلِ فِي الْقَذْفِ مُشْكِلٌ وَإِلْحَاقَهُ بِالرِّدَّةِ ضَعِيفٌ إلَخْ) وَيَلْزَمُهُمْ اشْتِرَاطُ الْقَوْلِ فِي كُلِّ قَوْلٍ كَشَهَادَةِ الزُّورِ وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ قَالَ وَقَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ بِهِ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ فَقَالَ التَّوْبَةُ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ كَذَبْت وَلَا أَعُودُ. اهـ. وَحَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُبَادَرَةِ بِالشَّهَادَةِ أَيْضًا عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعِهِ وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَجَابَ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الرِّدَّةَ بِالْقَوْلِ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَطْلَبِ ثُمَّ تَعَقَّبَهُ) أَيْ بِأَنَّ الرِّدَّةَ بِالْقَوْلِ هِيَ الْحَقِيقَةُ وَالْفِعْلُ مُلْحَقٌ بِهِ فَقِيَاسُ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْأَصْلِ قَالَ وَلَا نُسَلِّمُ الِاكْتِفَاءَ فِي الرِّدَّةِ الْفِعْلِيَّةِ بِالْقَوْلِ إذَا لَمْ يُزَلْ الْمُصْحَفُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ إمْكَانِهِ ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَذْفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ أَشَدُّ ضَرَرًا لِأَنَّهُ يُكْسِبُهُ عَارًا بِخِلَافِ شَهَادَةِ الزُّورِ وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي عَنْهُ مِنْ أَنَّ اعْتِبَارَ الْقَوْلِ فِي الْمَعَاصِي الْقَوْلِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا أَبْرَزَهُ قَائِلُهُ عَلَى أَنَّهُ مُحِقٌّ فِيهِ وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ فِي مَعَاصِي الْأَفْعَالِ لِأَنَّهُ مَتَى أَبْرَزَهُ عَلَى أَنَّهُ حَقُّ كُفْرٍ وَقَالَ إنَّهُ مِنْ النَّفَائِسِ وَهُنَا أُمُورٌ أَحَدُهَا حَمَلَ الْبُلْقِينِيُّ كَلَامَهُمْ عَلَى مَا أَتَى بِهِ عَلَى صُورَةِ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِيهِ فَأَمَّا غَيْرُهُ كَاللَّعْنِ، وَقَوْلِهِ يَا خِنْزِيرُ وَنَحْوِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوْبَةِ مِنْهُ الْقَوْلُ قَطْعًا لِعَدَمِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ثَانِيهَا أَنَّ عِبَارَةَ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا الْقَذْفُ بَاطِلٌ. وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ قَذْفِي بَاطِلٌ لَا يُسَاوِيهِ لِاحْتِمَالِ الْإِضَافَةِ لِلْمَفْعُولِ ثَالِثُهَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَقُولُ الْقَذْفُ بَاطِلٌ حَرَامٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَهُ وَجْهٌ قَوِيٌّ فَإِنَّ الْبَاطِلَ يُطْلَقُ عَلَى الْهَدَرِ وَمِنْهُ ذَهَبَ دَمُهُ بُطْلًا وَعَلَى اللَّهْوِ وَمِمَّنْ اعْتَبَرَ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ وَاقْتَصَرَ الْمَحَامِلِيُّ فِي التَّجْرِيدِ عَلَى قَوْلِهِ حَرَامٌ وَهُوَ حَسَنٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَعَلَّهُ لَمَّا أَظْهَرَ الْقَذْفَ وَجَاهَرَ بِهِ حَسُنَ أَنْ يَجِبَ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِالْقَوْلِ جَبْرُ الْقَلْبِ الْمَقْذُوفِ وَصَوْنًا لِمَا انْتَهَكَهُ مِنْ عِرْضِهِ وَأَمَّا الْمَعْصِيَةُ الْفِعْلِيَّةُ فَالْحَقُّ فِي التَّوْبَةِ عَنْهَا مُتَمَحِّضٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّلَفُّظِ بِهَا إذْ الْعُمْدَةُ فِيهَا الصِّدْقُ بَاطِنًا وَذَلِكَ الْمَعْنَى مَعْدُومٌ هُنَا وَأَمَّا الرِّدَّةُ وَكَوْنُهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّلَفُّظِ فِي الْحَالَيْنِ فَفِيهِ تَعَبُّدٌ مِنْ الشَّارِعِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَفَرَ بِالنِّيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَوْ قَذَفَ بِقَلْبِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى لَفْظٍ أَلْبَتَّةَ فِيمَا نَعْتَقِدُهُ بَلْ وَلَوْ قَذَفَ خَالِيًا بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ) وَهُوَ حَسَنٌ ر (قَوْلُهُ وَشَاهِدُ الزُّورِ يَقُولُ كَذَبْت فِيمَا قُلْت وَلَا أَعُودُ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزُّورِ فَأَنْكَرَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا دَامَ مُنْكِرًا لِأَنَّهُ فِي الظَّاهِرِ مُصِرٌّ عَلَى مَا حَدَثَ مِنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَإِذَا ثَبَتَ زُورُ الشَّاهِدِ بِإِقْرَارِهِ فَقَدْ اعْتَرَفَ بِلِسَانِهِ بِزُورِهِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي إعَادَتِهِ وَإِذَا ثَبَتَ بِغَيْرِ إقْرَارِهِ فَيَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ ثَبَتَ مِنْ شَهَادَةِ الزُّورِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَوْلِ شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي شَاهِدِ الزُّورِ الْقَوْلُ بِخِلَافِ الْقَذْفِ لِظُهُورِ زُورِهِ بِالطَّرِيقِ الْمُعْتَبَرِ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ فِي تَوْبَتِهِ حَتَّى أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ لَوْ ظَهَرَ زُورُهُ فِي شَهَادَةِ الْقَذْفِ بِأَنْ شَهِدَ أَنَّهُ رَآهُ يَزْنِي أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ كَذَا وَظَهَرَ بِالطَّرِيقِ الْمُعْتَبَرِ أَنَّ الشَّاهِدَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ بِمِصْرٍ أَوْ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ كَانَ بِمَكَّةَ فَلَا أَعْتَبِرُ فِي التَّوْبَةِ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ لِظُهُورِ بُطْلَانِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَزَالَ مَا كَانَ يَلْحَقُ الْمَقْذُوفَ مِنْ الْعَارِ بِمَا هُوَ أَشَدُّ فِي الْإِزَالَةِ مِنْ الْقَوْلِ. اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 358 (يُقْبَلُ) فِي شَهَادَتِهِ (فِي غَيْرِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ (وَمَنْ غَلِطَ فِي شَهَادَةٍ لَمْ يُسْتَبْرَأْ) أَيْ لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاؤُهُ (بَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِ وَاقِعَةٍ لِغَلَطٍ) وَلَا تُقْبَلُ فِيهَا (فَصْلٌ تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الْفَوْرِ) بِالِاتِّفَاقِ (وَتَصِحُّ مِنْ ذَنْبٍ دُونَ ذَنْبٍ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ) تَوْبَتُهُ (وَتَكَرَّرَ مِنْهُ الْعَوْدُ) إلَى الذَّنْبِ (وَلَا تَبْطُلُ) تَوْبَتُهُ (بِهِ) بَلْ هُوَ مُطَالَبٌ بِالذَّنْبِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (وَإِنْ كَانَتْ) تَوْبَتُهُ (مِنْ الْقَتْلِ) الْمَوْجُودِ لِلْقَوَدِ (صَحَّتْ) تَوْبَتُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ لِيُقْتَصَّ مِنْهُ (وَمَنْعُهُ الْقِصَاصَ) حِينَئِذٍ عَنْ مُسْتَحِقِّهِ (مَعْصِيَةٌ جَدِيدَةٌ لَا تَقْدَحُ فِي التَّوْبَةِ) بَلْ تَقْتَضِي تَوْبَتَهُ مِنْهَا (وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ التَّوْبَةِ كُلَّمَا ذَكَرَ الذَّنْبَ) وَقِيلَ يَجِبُ لِأَنَّ تَرْكَهُ حِينَئِذٍ اسْتِهَانَةٌ بِالذَّنْبِ وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَسُقُوطُ الذَّنْبِ بِالتَّوْبَةِ مَظْنُونٌ) لَا مَقْطُوعٌ بِهِ (وَ) سُقُوطُهُ (بِالْإِسْلَامِ مَعَ النَّدَمِ مَقْطُوعٌ بِهِ) وَثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ إسْلَامُ الْكَافِرِ تَوْبَةً مِنْ كُفْرِهِ وَإِنَّمَا تَوْبَتُهُ نَدَمُهُ عَلَى كُفْرِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ إيمَانُهُ بِلَا نَدَمٍ فَتَجِبُ مُقَارَنَةُ الْإِيمَانِ لِلنَّدَمِ عَلَى الْكُفْرِ. (فَصْلٌ) لَوْ (حَكَمَ) الْقَاضِي (بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ فَبَانَا) لَهُ (كَافِرَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ) أَوْ خُنْثَيَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (نُقِضَ حُكْمُهُ) أَيْ أُظْهِرَ بُطْلَانُهُ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِاجْتِهَادِهِ فَوُجِدَ النَّصُّ بِخِلَافِهِ (وَيَنْقُضُهُ غَيْرُهُ) إذَا بَانَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَهَادَةِ الْعَبِيدِ فَكَيْفَ نَقْضُ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ وَالِاجْتِهَادِ قُلْنَا لِأَنَّ الصُّورَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ لَا يَعْتَقِدُ الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الْعَبِيدِ وَحَكَمَ بِشَهَادَةِ مَنْ ظَنَّهُمَا حُرَّيْنِ فَلَا اعْتِدَادَ بِمِثْلِ هَذَا الْحُكْمِ وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ لِأَنَّ الْعَبْدَ نَاقِصٌ فِي الْوِلَايَاتِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ فَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ (وَإِنْ شَهِدَا ثَمَّ فِسْقًا أَوْ ارْتَدَّ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِمَا) لِأَنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى وَيُشْعِرُ بِخُبْثٍ كَأَمْنٍ وَلِأَنَّ الْفِسْقَ يَخْفَى غَالِبًا فَرُبَّمَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الشَّهَادَةِ (وَإِنْ) شَهِدَا ثُمَّ (مَاتَا أَوْ جُنَّا أَوْ عَمِيَا أَوْ خَرِسَا حُكِمَ) بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تُوقِعُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى (بَلْ يَجُوزُ التَّعْدِيلُ) لَهُمَا (بَعْدَ حُدُوثِهَا) ثُمَّ يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمَا (وَلَوْ فَسَقَا) أَوْ ارْتَدَّا (بَعْدَ الْحُكْمِ) بِشَهَادَتِهِمَا (وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَالِ اسْتَوْفَى كَمَا وَرَجَعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِالْمَالِ الْحُدُودُ فَلَا يُسْتَوْفَى (فَرْعٌ فَإِنْ قَالَ الْحَاكِمُ بَعْدَ الْحُكْمِ بَانَ لِي أَنَّهُمَا كَانَا فَاسِقَيْنِ) وَلَمْ تَظْهَرْ بَيِّنَةٌ بِفِسْقِهِمَا (نُقِضَ) حُكْمُهُ أَيْضًا (إنْ جَوَّزْنَا قَضَاءَهُ بِالْعِلْمِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَلَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ وَلَوْ قَالَ أُكْرِهْت عَلَى الْحُكْمِ) بِشَهَادَتِهِمَا (وَأَنَا أَعْلَمُ فِسْقَهُمَا قُبِلَ) قَوْلُهُ (مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ) عَلَى الْإِكْرَاهِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْقَرِينَةِ لَا يُوَافِقُ تَعْبِيرَ أَصْلِهِ بِالْبَيِّنَةِ الْمُوَافِقِ لِقَوْلِهِمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الشَّخْصِ أَنَّهُ أُكْرِهَ إلَّا بِقَرِينَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ قَبُولِ قَوْلِهِ إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ مِمَّا يُسَوِّغُ الْإِقْدَامَ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَهُوَ مُعْتَرِفٌ عَلَى نَفْسِهِ بِالْخَطَأِ فَلَا يَتَعَدَّى اعْتِرَافُهُ إلَى غَيْرِهِ (وَيُنْقَضُ) الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ (إنْ بَانَا وَالِدَيْنِ أَوْ وَلَدَيْنِ لِلشُّهُودِ لَهُ أَوْ عَدُوَّيْنِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) وَقَوْلُ الْأَصْلِ بَانَا بِالْبَيِّنَةِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلِهَذَا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ قَالَ الْحَاكِمُ كُنْت يَوْمَ الْحُكْمِ فَاسِقًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدَانِ كُنَّ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَاسِقَيْنِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَانَ لِي فِسْقُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِصِفَةِ نَفْسِهِ مِنْهُ بِصِفَةِ غَيْرِهِ فَتَقْصِيرُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَكْثَرُ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الْفَوْرِ] قَوْلُهُ تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ) شَمِلَ قَوْلُهُ الْمَعْصِيَةِ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ وَلَكِنَّ الصَّغَائِرَ قَدْ تُمْحَى بِغَيْرِ تَوْبَةٍ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالصِّيَامِ وَالْوُضُوءِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحَسَنَاتِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَدْ تُكَفِّرُ الصَّلَوَاتُ وَالْجُمَعُ وَصِيَامُ رَمَضَانَ بَعْضَ الْكَبَائِرِ إذَا لَمْ تُوجَدْ صَغِيرَةٌ (قَوْلُهُ لَا يَقْدَحُ فِي التَّوْبَةِ) إنَّمَا صَحَّتْ التَّوْبَةُ فِي هَذِهِ مَعَ بَقَاءِ ظُلَامَةِ الْآدَمِيِّ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَكَادُ يَسْمَحُ بِتَلَفِ نَفْسِهِ وَالْعَفْوُ عَنْهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَهَذَا الْمَنْعُ طَرِيقٌ إلَيْهِ [فَصْلٌ حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ فَبَانَا لَهُ كَافِرَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ] (قَوْلُهُ لَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ فَبَانَا) أَيْ عِنْدَ الشَّهَادَةِ أَوْ عِنْدَ الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ كَافِرَيْنِ إلَخْ لَوْ بَانَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَحَلَفَ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ وَتَبَرَّعَ بِأَنْ تُفْرَضَ فِيهَا لِصِدْقِ شَاهِدَيْهِ عَلَى الْأَرْجَحِ عِنْدَ الْبُلْقِينِيِّ مَنْ تَرَدَّدَ لَهُ لِأَنَّ مُسْتَنَدَ الْحُكْمِ لَا بُدَّ أَنْ يَتَعَيَّنَ لِلْحَاكِمِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ مُسْتَنَدُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ أَيْ أَظْهَرَ بُطْلَانَهُ) فَتَكُونُ الْفَوَائِدُ الْحَادِثَةُ مِنْ الْعَيْنِ الْمَحْكُومِ بِهَا مِنْ وَقْتِ الْحُكْمِ إلَى أَنْ نُقِضَ لِرَبِّهَا (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ قِيلَ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا لَوْ اعْتَقَدَ قَبُولَ الْكَافِرِ أَمَّا عَلَى مِثْلِهِ أَوْ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ قَبُولِ قَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ فِي قَوَاعِدِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى شَهَادَةِ زُورٍ أَوْ عَلَى حُكْمٍ بِبَاطِلٍ فَإِنْ كَانَ مَا أُكْرِهَ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ الْحُكْمِ بِهِ قَتْلًا أَوْ قَطْعَ عُضْوٍ أَوْ إحْلَالَ بُضْعٍ مُحَرَّمٍ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَلَا الْحُكْمُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ أَوْ الْحُكْمُ بِمَالٍ لَزِمَهُ إتْلَافُهُ حِفْظًا لِمُهْجَتِهِ كَمَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهَا بِأَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ وَقَالَ بَعْدَ هَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ بِالْقَتْلِ أَوْ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ كَقَطْعِ عُضْوٍ فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ يَتَضَمَّنُ قَتْلَ نَفْسٍ مَعْصُومَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ لِوَاطًا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ جَازَتْ لِحُرْمَةِ النَّفْسِ وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْحُكْمِ كَهُوَ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ وَصَوَّرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقْتَ الْبَحْثِ وُقُوعَ ذَلِكَ فِي اللِّوَاطِ بِأَنْ يُكْرِهَهُ بِأَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا غُلَامُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ لَاطَ بِهِ بَعْدَ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الزِّنَا بِالْأَمَةِ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 359 (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ) (إنَّمَا يُحْكَمُ بِوَاحِدٍ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ) لِلصَّوْمِ (لَا غَيْرِهِ) لِمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ إنَّهُ يَثْبُتُ بِالْوَاحِدِ أَيْضًا شَهْرٌ نَذَرَ صَوْمَهُ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ مَا فِيهِ (ثُمَّ الشَّهَادَاتُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ الْأَوَّلُ فِي الزِّنَا وَاللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ) وَالْمَيْتَةِ (فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] وقَوْله تَعَالَى {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 13] وقَوْله تَعَالَى {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ «أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَقَالَ نَعَمْ» وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْقَبَائِحِ الشَّنِيعَةِ فَغُلِّظَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ لِيَكُونَ أَسْتَرَ (وَيَثْبُتُ الْإِقْرَارُ بِهِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (كَالْقَذْفِ بِرَجُلَيْنِ) لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ قَوْلٌ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَقْوَالِ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرُوا) أَيْ شُهُودُ الزِّنَا (الْمَرْأَةَ) الزِّنَى بِهَا فَقَدْ يَظُنُّونَ وَطْءَ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَمَةِ ابْنِهِ زِنًا (وَ) أَنْ يَذْكُرُوا (الزِّنَا) مُفَسَّرًا. (وَيَقُولُونَ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَيَقُولُونَ (رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ قَدْرَ الْحَشَفَةِ) مِنْهُ (فِي فَرْجِ فُلَانَةَ عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا) فَقَدْ يَظُنُّونَ الْمُفَاخَذَةَ زِنًا وَفِي الْخَبَرِ «زِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ» بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمْ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ يَكْفِي إطْلَاقُهُمْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ) الشَّاهِدُ بِذَلِكَ رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ نَحْوَهُ فِي فَرْجِهَا (كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ) وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ احْتِيَاطًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا ذِكْرَ مَكَانِ الزِّنَا وَزَمَانِهِ وَهُوَ مَا فِي التَّنْبِيهِ فِي الْمَكَانِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَرَأَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بَعْضُ الشُّهُودِ بِذَلِكَ وَجَبَ سُؤَالُ الْبَاقِينَ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا (وَيَكْفِي) الشَّاهِدُ (فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَقُولَ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ وَيَجُوزُ النَّظَرُ) مِنْهُ (إلَى الْفَرْجِ لِلشَّهَادَةِ) كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ (الضَّرْبُ الثَّانِي فِيمَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ فَالْعُقُوبَاتُ) الَّتِي لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْآدَمِيِّ (كَالشُّرْبِ) أَيْ كَحَدِّهِ (وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالرِّدَّةِ) أَيْ الْقَتْلِ بِهَا (وَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ) لَا بِغَيْرِهِمَا كَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَالنِّسْوَةِ (وَغَيْرُ الْعُقُوبَةِ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَذَلِكَ (كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ وَالْبُلُوغِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَالْإِعْسَارِ وَالْمَوْتِ وَالْخُلْعِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ) بِأَنْ ادَّعَتْهُ عَلَى زَوْجِهَا (وَالْوَلَاءِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) بِالْأَشْهَرِ (وَجَرْحِ الشُّهُودِ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ فِي الشَّهَادَاتُ] الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ) (قَوْلُهُ لَا غَيْرُهُ) كَهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ شَوَّالٍ (قَوْلُهُ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ إنَّهُ يَثْبُتُ بِالْوَاحِدِ أَيْضًا إلَخْ) فِي الْمَجْمُوعِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ عَنْ الْمُتَوَلِّي لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَشَهِدَ عَدْلٌ بِأَنَّهُ أَسْلَمَ لَمْ يَكْفِ فِي الْإِرْثِ وَالْحُرُمَاتِ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ وَفِي قَبُولِ وَاحِدٍ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِخَبَرِ الْعَوْنِ الْوَاحِدِ فِي امْتِنَاعِ الْخَصْمِ الْمُتَعَزِّزِ مِنْ الْحُضُورِ وَيُؤَدِّبُهُ بِذَلِكَ وَأَنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ لَوْثٌ وَالِاكْتِفَاءُ بِقَاسِمٍ وَاحِدٍ وَبِخَارِصٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الِاكْتِفَاءُ وَقَوْلُهُ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ الْقِيَاسُ الْقَبُولُ غ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْقَبُولِ فِي ذَلِكَ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ لَا يُوجِبُ إلَّا التَّعْزِيرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ أَيْضًا وَيَخْرُجُ مِنْهُ مَا لَا عُقُوبَةَ فِيهِ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَمَا سَيَأْتِي وَيُتَصَوَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مِنْهَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَكْرَه أَمَتَهُ عَلَى الزِّنَا وَمِنْهَا إذَا قَذَفَهُ وَأَرَادَ نَفْيَ الْحَدِّ عَنْهُ وَمِنْهَا الْجَرْحُ وَكَذَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى زِنَاهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ قَوْلٌ) فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَقْوَالِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالْمُعَايَنَةِ أَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَتَحَتَّمُ حَدُّهُ بِخِلَافِ الْمُعَايِنِ (قَوْلُهُ وَرَأَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بَعْضُ الشُّهُودِ بِذَلِكَ وَجَبَ سُؤْلُ الْبَاقِينَ وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ سُؤَالُهُمْ عَنْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ إذَا لَمْ يَذْكُرُوهُ لَوَجَبَ سُؤَالُهُمْ عَنْ ثِيَابِهِ وَثِيَابِهِمْ وَعَنْ لَوْنِ الْمَزْنِيِّ بِهَا مِنْ سَوَادٍ أَوْ بَيَاضٍ وَعَنْ سِنِّهَا مِنْ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ وَعَنْ قَدِّهَا مِنْ طُولٍ أَوْ قِصَرٍ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ مُوجِبٌ لِاخْتِلَافِ الشَّهَادَةِ فَيَتَنَاهَى إلَى مَا لَا يُحْصَى وَهَذَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي السُّؤَالِ فَكَذَلِكَ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ إلَّا أَنْ يَبْتَدِئَ بَعْضُ الشُّهُودِ بِذِكْرِهِ فَيَسْأَلَ الْبَاقُونَ عَنْهُ لِيَعْلَمَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ مُوَافَقَةٍ وَاخْتِلَافٍ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمَكَانِ وَلَا الزَّمَانِ وَلَوْ ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّهُودِ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا لَا نَدْرِي فِي أَيِّ زَمَانٍ كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ مَقْبُولَةً وَأَمَّا الْمَكَانُ فَفِي نِسْيَانِهِ أَبْعَدُ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَسْأَلْ عَنْهُ عُمَرُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ وَالشَّافِعِيُّ لَمْ يَعْتَبِرْهُ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ. اهـ. (الضَّرْبُ الثَّانِي) (قَوْلُهُ وَالطَّرَفِ) كَقَطْعِ الْيَدِ مِنْ السَّاعِدِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْكُوعِ وَالْجَرْحِ عَلَى الْفَرْجِ إنْ أَوْجَبَ الْقِصَاصَ (قَوْلُهُ وَالْإِسْلَامِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ ادَّعَى الْإِسْلَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْكُفَّارِ قَبْلَ أَسْرِهِ وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الِاسْتِرْقَاقِ وَالْمُفَادَاةُ دُونَ نَفْيِ الْقَتْلِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِعْسَارِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ إعْسَارُ الْمُكَاتَبِ الَّذِي يُسَلِّطُ السَّيِّدَ عَلَى فَسْخِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ وَالْمَوْتِ) نَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي كَوْنِ الْمَوْتِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَالِبًا إلَّا الرِّجَالُ وَقَالَ لَكِنْ الْمُدْرِكُ لِمَنْعِ الْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ فِيهِ أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْأَمْوَالِ وَعُقُودِهَا وَحُقُوقِهَا قَالَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَوْتِ مَا إذَا كَانَ بِقَتْلٍ مُوجِبٍ لِلْمَالِ كَمَا إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِأَنَّ فُلَانًا مَاتَ بِقَتْلِ فُلَانٍ لَهُ خَطَأً أَوْ بِقَتْلِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ أَوْ بِقَتْلِ حُرٍّ عَبْدًا أَوْ مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا أَوْ أَصْلِهِ لَهُ فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَثْبُتُ الْمَوْتُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْمَالِ بِسَبَبِ الْإِزْهَاقِ. وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَوْتُ بِقَتْلٍ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ السَّلْبِ أَوْ كَانَ مَوْتَ حَيَوَانٍ رَقِيقٍ أَوْ غَيْرِ نَاطِقٍ تَحْتَ يَدِهِ أَمَانَةٌ وَقُلْنَا لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 360 وَتَعْدِيلِهِمْ وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ) وَلَوْ عَلَى مَالٍ (وَالْإِحْصَانِ وَالْكَفَالَةِ) بِالْبَدَنِ (وَرُؤْيَةِ غَيْرِ رَمَضَانَ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ وَكَذَا الْكِتَابَةُ) إنْ ادَّعَى الرَّقِيقُ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ. (وَالْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ وَالْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ) وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ فِي مَالٍ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْوِصَايَةِ وَتَقَدَّمَ خَبَرُ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَقِيسَ بِالْمَذْكُورَاتِ غَيْرُهَا مِمَّا يُشَارِكُهَا فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَالْوَكَالَةُ وَنَحْوُهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي مَالٍ، الْقَصْدُ مِنْهَا الْوِلَايَةُ وَالسَّلْطَنَةُ لَكِنْ لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ اخْتِلَافَهُمْ فِي الشَّهَادَةِ بِالْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنَزَّلَ كَلَامُ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى تَفْصِيلٍ فَيُقَالُ إنْ رَامَ مُدَّعِيهَا إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ أَوْ إثْبَاتَ حِصَّةٍ مِنْ الرِّبْحِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ إذَا الْمَقْصُودُ الْمَالُ وَيَقْرَبُ مِنْهُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ لِإِثْبَاتِ الْمَهْرِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا أَوْصَى إلَى عُمَرَ وَبِإِعْلَائِهِ كَذَا فَتَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ دُونَ الْوِصَايَةِ انْتَهَى وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ فِي نَفْسِهَا مُوجِبَةٌ لِلْقِصَاصِ لَوْ ثَبَتَتْ وَالْمَالُ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْهُ. وَاكْتَفَى فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ بِرَجُلَيْنِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى أَرْبَعَةٍ كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى مُقِرَّيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَرْعَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ الْحَقُّ وَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِ بَلْ يَثْبُتُ بِهَا شَهَادَةُ الْحَقِّ وَالْحَقُّ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ يُصَرِّحُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ فِعْلًا وَلَا سَمِعَ قَوْلًا فَهُوَ كَمَنْ شَهِدَ بِإِقْرَارِ اثْنَيْنِ وَلَوْ قُلْنَا بِقِيَامِهِ مَقَامَهُ قَامَ الرَّجُلَانِ إذَا شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ مَقَامَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُومَا مَقَامَ الثَّانِي كَمَنْ شَهِدَ مَرَّةً بِشَيْءٍ ثُمَّ شَهِدَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى لَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ وَسَوَاءٌ فِي اشْتِرَاطِ الرَّجُلَيْنِ كَانَ الْأَصْلُ رَجُلًا أَمْ رَجُلَيْنِ أَمْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَمْ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِي فِيمَا مَرَّ إنْ ادَّعَى الرَّقِيقُ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ مَا لَوْ ادَّعَاهُ السَّيِّدُ عَلَى مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ أَوْ الْكِتَابَةَ عَلَى الرَّقِيقِ لِأَجَلِ النُّجُومِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِيهَا مَا يُقْبَلُ فِي الْمَالِ (وَمَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ النِّسَاءُ غَالِبًا يُقْبَلْنَ فِيهِ مُنْفَرِدَاتٍ) وَذَلِكَ (كَالْوِلَادَةِ وَالْبَكَارَةِ وَالثِّيَابَةِ وَالرَّتْقِ وَالْقَرْنِ وَالْحَيْضِ وَالرَّضَاعِ وَعَيْبِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَرَصٍ وَغَيْرِهِ) كَجِرَاحَةٍ عَلَى فَرْجِهَا (تَحْتَ الْإِزَارِ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً   [حاشية الرملي الكبير] مَوْتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي فَيَثْبُتُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ لِدَفْعِ الْمُطَالَبَةِ بِبَدَلِهِ وَكَذَا قِيَامُ الْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ بِحُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ غَيْرُ وَارِدٍ عَلَى كَلَامِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا بِنَفْيِ الْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ فِي ثُبُوتِ الْمَوْتِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالَ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى مَا الْغَرَضُ مِنْهُ الْمَالُ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ وَالْوَكَالَةُ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا وَجَزَمَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِأَنَّ الْبَيْعَ الْمُدَّعَى صُدُورُهُ مِنْ وَكِيلِ فُلَانٍ فِي الْبَيْعِ يَثْبُتُ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ الْوَكَالَةَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ مِنْ ثُبُوتِ الْمَهْرِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ إلَخْ) وَلِأَنَّ كُلَّ مَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ إذَا لَمْ تُقْبَلْ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الِانْفِرَادِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ كَالْقِصَاصِ بِوِفَاقِ الْخَصْمِ (قَوْلُهُ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنَزَّلَ كَلَامُ الْفَرِيقَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَيَقْرَبُ مِنْهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ وَلَا مُعْتَمَدٌ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ إرْثُ مَنْ لَمْ تَثْبُتْ زَوْجِيَّتُهَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ تَثْبُتُ زَوْجِيَّتُهُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجَتِهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَهَذَا بَعِيدٌ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يُثْبِتَ لِلْمَرْأَةِ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُهَا وَهُوَ غَرِيبٌ لَا يَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ لِإِثْبَاتِ الْمَهْرِ) أَوْ لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ وَالْحَيْضِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِمَّا تُمْكِنُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ) وَبِهِ صَرَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيِّ لَكِنْ فِي الشَّرْحَيْنِ فِي الطَّلَاقِ لَوْ عُلِّقَ بِحَيْضِهَا فَقَالَتْ حِضْت وَأَنْكَرَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِتَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ شُوهِدَ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ حَيْضٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ فِي الدِّيَاتِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى دِيَةِ الشَّمِّ وَبِهِ أَجَابَ الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَالْحَقُّ الْجَوَازُ وَمَا ذُكِرَ فِي الطَّلَاقِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى عُسْرِ الْبَيِّنَةِ لَا عَلَى التَّعَذُّرِ وَقَوْلُهُ وَبِهِ أَجَابَ الْعِمَادُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَعَيْبِ الْمَرْأَةِ إلَخْ) خَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الْخُنْثَى فَالْمُرَجَّحُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهِ فَلَا يَرَاهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ الرِّجَالُ وَلَا النِّسَاءُ وَفِي وَجْهٍ يُسْتَصْحَبُ حُكْمُ الصِّغَرِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنْ قُلْنَا بِهَذَا فَعُيُوبُهُ تَحْتَ الْإِزَارِ لَا تَثْبُتُ بِالنِّسْوَةِ الْمُتَمَحِّضَاتِ أَيْضًا لِفَقْدِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِقَبُولِ شَهَادَةِ النِّسْوَةِ الْمُنْفَرِدَاتِ (قَوْلُهُ تَحْتَ الْإِزَارِ) مُرَادُهُمْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ تَحْتِ الثِّيَابِ وَبَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ تَفَاوُتٌ لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِمُقْتَضَاهُ لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ تَحْتَ الْإِزَارِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُنَّ بِانْفِرَادِهِنَّ فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَلَا فِيمَا تَحْتَ الرُّكْبَةِ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَذَكَرَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِانْفِرَادِهِنَّ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ الْوِلَادَةِ وَاسْتِهْلَالِ الْمَوْلُودِ إذَا مَاتَ وَالرَّضَاعِ وَالْعُيُوبِ الَّتِي تَحْتَ الثِّيَابِ مِنْ الْحُرَّةِ فِي جَمِيعِ بَدَنِهَا إلَّا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَمِنْ الْأَمَةِ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَقَالَ فِي التَّحْرِيرِ وَالْعُيُوبُ تَحْتَ الثِّيَابِ مِنْ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِانْفِرَادِهِنَّ فِي جَمِيعِ عُيُوبِ النِّسَاءِ فِي جَمِيعِ أَبْدَانِهِنَّ إلَّا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَالْأَمَةُ فِي ذَلِكَ كَالْحُرَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ غ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 361 (وَاسْتِهْلَالِ الْوَلَدِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَوْ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ وِلَادَةِ النِّسَاءِ وَعُيُوبِهِنَّ وَقِيسَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّا شَارَكَهُ فِي الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُنَّ فِي ذَلِكَ مُنْفَرِدَاتٍ فَقَبُولُ الرَّجُلَيْنِ وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْلَى. وَمَا تَقَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي بِمَا إذَا كَانَ الرَّضَاعُ مِنْ الثَّدْيِ فَإِنْ كَانَ مِنْ إنَاءٍ حُلِبَ فِيهِ اللَّبَنُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِهِ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِأَنَّ هَذَا اللَّبَنَ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ غَالِبًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يُقْبَلْنَ فِيهِ مُنْفَرِدَاتٍ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ إلَّا أَرْبَعٌ إلَى آخِرِهِ (وَلَا يَثْبُتُ عَيْبٌ بِوَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا إلَّا بِرَجُلَيْنِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى ذَلِكَ (وَيَثْبُتُ) الْعَيْبُ (فِي الْأَمَةِ فِيمَا يَبْدُو حَالَ الْمِهْنَةِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ) مِنْهُ (الْمَالُ) لَكِنْ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا بِإِتْيَانٍ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ أَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى وَالنَّوَوِيُّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ تَحْرِيمِ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ قَبُولُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ إثْبَاتُ الْعَيْبِ لِفَسْخِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ لِفَسْخِ النِّكَاحِ لَمْ يُقْبَلْ (الضَّرْبُ الثَّالِثُ الْمَالُ وَمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالُ كَالْأَعْيَانِ وَالدُّيُونِ) فِي الْأَوَّلِ (وَالْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ) وَنَحْوِهَا (وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ فِي الثَّانِي (يَثْبُتُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَثْبُتُ أَيْضًا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (وَلَا يَثْبُتُ نِسْوَةٌ مُنْفَرِدَاتٌ) لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِنَّ بِمَعْرِفَتِهِ وَمَثَّلَ لِلْأَمْثِلَةِ السَّابِقَةِ لِكَوْنِهَا مُجْمَلَةً بِقَوْلِهِ (كَالْبُيُوعَاتِ وَالْإِقَالَةِ وَالضَّمَانِ) وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْحَوَالَةِ وَالصُّلْحِ (وَالْإِبْرَاءِ وَالْقَرْضِ وَالشُّفْعَةِ وَالْمُسَابَقَةِ وَالْغَصْبِ وَالْوَصِيَّةِ بِمَالٍ وَالْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ وَوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَالْجِنَايَةِ فِي الْمَالِ وَقَتْلِ الْخَطَأِ وَقَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَ) قَتْلِ (حُرٍّ عَبْدًا وَمُسْلِمٍ ذِمِّيًّا وَوَالِدٍ وَلَدًا) وَالسَّرِقَةِ الَّتِي لَا قَطْعَ فِيهَا (وَكَذَا) يَثْبُتُ بِذَلِكَ (حُقُوقُ الْأَمْوَالِ) وَالْعُقُودِ (كَشَرْطِ الرَّهْنِ وَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ وَقَبْضِ الْمَالِ وَلَوْ أُخِّرَ نَجْمٌ فِي الْكِتَابَةِ) وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَالُ وَالْعِتْقُ يَحْصُلُ بِالْكِتَابَةِ (وَطَاعَةِ الزَّوْجَةِ لِتَسْتَحِقَّ النَّفَقَةِ وَقَتْلِ كَافِرٍ لِسَلْبِهِ وَإِنْ مَاتَ صَيْدٌ لِتَمَلُّكِهِ وَعَجْزِ مُكَاتَبٍ) عَنْ النُّجُومِ. (وَرُجُوعِ الْمَيِّتِ عَنْ التَّدْبِيرِ) بِدَعْوَى وَارِثِهِ (وَإِثْبَاتِ السَّيِّدِ) أَيْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ (بِأُمِّ الْوَلَدِ) الَّتِي ادَّعَاهَا عَلَى غَيْرِهِ فَيَثْبُتُ مِلْكُهَا لَهُ وَإِيلَادُهَا لَكِنْ فِي صُورَةِ شَهَادَةٍ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ يَثْبُتُ عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ بِإِقْرَارِهِ (وَالْعِوَضِ) أَصْلًا أَوْ قَدْرًا (فِي الطَّلَاقِ وَ) فِي (الْعِتْقِ وَ) فِي (النِّكَاحِ وَ) كَذَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ (فَسْخُ الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ) بِخِلَافِ فَسْخِ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ (وَشَهَادَةُ الْخُنْثَى كَالْأُنْثَى) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ أُنْثَى (فَرْعٌ إذَا شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ثَبَتَ الْمَالُ لَا الْقَطْعُ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا (وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا بِوِلَادَةٍ فَشَهِدَ بِهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ) أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ (ثَبَتَتْ دُونَهُمَا) كَمَا يَثْبُتُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِوَاحِدٍ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِاسْتِهْلَالِهِ بِشَهَادَةِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ (وَلَوْ ثَبَتَتْ الْوِلَادَةُ بِهِنَّ) أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ إنْ كُنْت وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ) أَوْ حُرَّةٌ (طَلُقَتْ) وَعَتَقَتْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَاقِعٌ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُعَلَّقِ بِهِ ظَاهِرًا فَنَزَلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُرَاغَمَةٌ لِحُكْمِ الْقَاضِي وَقَدْحٌ فِيهِ وَالتَّعْلِيقُ قَبْلَهُ يَنْصَرِفُ إلَى نَفْسِ الْمُعَلَّقِ بِهِ فَإِذَا شَهِدُوا بِهِ لَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ وَإِنْ ثَبَتَ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ) أَمَّا اعْتِبَارُ الْأَرْبَعِ فَلِأَنَّ مَا لَيْسَ بِمَالٍ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَقَامَ الرَّجُلَ مَقَامَ الْمَرْأَتَيْنِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «لَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ» فَلَزِمَ اعْتِبَارُ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ وَالْمُتَوَلِّي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِأَنَّ هَذَا اللَّبَنَ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ) قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ عَيْبٌ بِوَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا إلَّا بِرَجُلَيْنِ) لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ كَوْنُهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا قَالَ شَيْخُنَا فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ نَظَرَ ذَلِكَ حَرَامًا إذْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ) أَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ نَقْلَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عُيُوبَ النِّسَاءِ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا الرِّجَالُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيهِمَا وَذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي الْحُرَّةِ ثُمَّ أَلْحَقَ بِهَا الْأَمَةَ فِيمَا سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ إطْلَاقُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ الْحُسَيْنُ (الضَّرْبُ الثَّالِثُ الْمَالُ) (قَوْلُهُ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى وَاسْتَشْهِدُوا إلَخْ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الدُّيُونِ وَقِسْنَا عَلَيْهِ الْبَاقِيَ وَالْمَعْنَى فِي تَسْهِيلِ ذَلِكَ كَثْرَةُ جِهَاتِ الْمُدَايَنَاتِ وَعُمُومُ الْبَلْوَى بِهَا وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ قَبُولُهُمْ مَعَ وُجُودِ الرَّجُلَيْنِ وَظَاهِرُ الْآيَةِ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ وَالْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ) أَوْ الْإِرْثِ فِيهِ كَأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ نَكَحَهَا وَطَلَّقَهَا وَطَلَبَتْ شَطْرَ الصَّدَاقِ أَوْ أَنَّهَا زَوْجَةُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَطَلَبَتْ الْإِرْثَ (قَوْلُهُ وَالسَّرِقَةِ الَّتِي لَا قَطْعَ فِيهَا) وَالْمُوضِحَةِ الَّتِي عَجَزَ عَنْ تَعْيِينِهَا أَوْ تَعْيِينِ قَدْرِ مِسَاحَتِهَا (قَوْلُهُ وَالْخِيَارِ) دَخَلَ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَسَبَبِ الْإِفْلَاسِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ مِلْكُهَا لَهُ) لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ وَمَنَافِعَهَا مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ فَهِيَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الثَّابِتَةِ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَسْخِ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ) وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَفَسْخُ الطَّلَاقِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَهُوَ سَهْوٌ (قَوْلُهُ ثَبَتَ الْمَالُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ الْقَطْعِ بِدَلِيلِ اجْتِمَاعِهِمَا بِخِلَافِ الدِّيَةِ مَعَ الْقَوَدِ وَلِأَنَّ الْمَالَ فِي السَّرِقَةِ أَصْلٌ وَالْقَطْعَ فَرْعٌ فَجَازَ ثُبُوتُ حُكْمِ الْأَصْلِ مَعَ سُقُوطِ حُكْمِ الْفَرْعِ وَالْقِصَاصُ مَعَ الدِّيَةِ بِالْعَكْسِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 362 الْمُعَلَّقُ بِهِ كَمَا لَا يَثْبُتُ قَطْعُ السَّرِقَةِ وَإِنْ ثَبَتَ الْمَالُ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنْ تَقْرِيرُ الرُّويَانِيِّ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَيِّنَةِ مَا لَا يَثْبُتُ بِهَا كَالنَّسَبِ وَالْمِيرَاثِ مَعَ الْوِلَادَةِ الثَّابِتَةِ بِالنِّسْوَةِ يَدْفَعُ الْفَرْقَ وَيَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ مُطْلَقًا فِيمَا ذُكِرَ. وَيُؤَيِّدُهُ الْفِطْرُ بَعْدَ ثَلَاثِينَ فِيمَا لَوْ ثَبَتَ الْهِلَالُ بِوَاحِدٍ كَمَا مَرَّ وَرُبَّمَا أَمْكَنَ لَمُّ بَعْضِ الشَّعَثِ بِأَنْ يُقَالَ مَا شَهِدَ بِهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ يَثْبُتُ بِهِمْ كَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ فَإِنْ ثَبَتَ مُوجِبُهُ بِهِمْ كَالْمَالِ فِي السَّرِقَةِ ثَبَتَ وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِهَا بَلْ بِالْمَالِ فِي سَرِقَةٍ شَهِدُوا بِهَا وَإِلَّا كَالْقِصَاصِ فَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ بِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ شَرْعِيًّا كَالنَّسَبِ وَالْمِيرَاثِ الْمُرَتَّبَيْنِ عَلَى الْوِلَادَةِ ثَبَتَ تَبَعًا لِإِشْعَارِ التَّرَتُّبِ الشَّرْعِيِّ بِعُمُومِ الْحَاجَةِ وَتَعَذُّرِ الِانْفِكَاكِ أَوْ تَعَسُّرِهِ وَإِنْ كَانَ وَضْعِيًّا كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُرَتَّبَيْنِ عَلَى التَّعْلِيقِ بِرَمَضَانَ فَلَا ضَرُورَةَ فِي ثُبُوتِ الثَّانِي بِثُبُوتِ الْأَوَّلِ فَإِنْ تَأَخَّرَ التَّعْلِيقُ عَنْ ثُبُوتِهِ أَلْزَمْنَاهُ مَا أَثْبَتْنَاهُ (فَصْلٌ لَوْ شَهِدَا بِعَيْنِ مَالٍ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي أَوْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يُعَدَّ لَهُ) أَيْ يُحَوِّلَهُ (حَتَّى يُزَكِّيَ الشَّاهِدَ إنْ أُجِيبَ) إلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِمَّا لَا يَخَافُ تَلَفَهَا وَلَا تَعَيُّبَهَا كَالْعَقَارِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ وَإِنَّمَا يُتَوَقَّفُ لِلْكَشْفِ عَنْ جَرْحِ الشَّاهِدَيْنِ (أَوْ) شَهِدَا (بِدَيْنٍ لَمْ يُسْتَوْفَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَلَوْ طَلَبَ) الْمُدَّعِي (الْحَجْرَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَبْلَهَا) أَيْ التَّزْكِيَةِ (لَمْ يُجِبْهُ) وَإِنْ كَانَ يَتَّهِمُهُ بِحِيلَةٍ لِأَنَّ ضَرَرَ الْحَجْرِ فِي غَيْرِ الْمَشْهُودِ بِهِ عَظِيمٌ وَقَضِيَّتُهُ إنَّهُ يُجِيبُهُ إلَى الْحَجْرِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَحْدَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَ الْحَقُّ لِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَلِهَذَا قَالُوا فِي الْفَلَسِ إنَّ الْحَاكِمَ يَحْجُرُ لِمَصْلَحَتِهِمْ بِلَا الْتِمَاسٍ (أَوْ) طَلَبَ (حَبْسَهُ أُجِيبَ) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَالْبَحْثُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ وَظِيفَةِ الْقَاضِي. وَظَاهِرُ الْحَالِ الْعَدَالَةُ (وَيُحْبَسُ قَبْلَهَا) أَيْ التَّزْكِيَةِ (لِلْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ) لِأَنَّ الْحَقَّ يَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ فَيُحْتَاطُ لَهُ سَوَاءٌ قَذَفَ زَوْجَتَهُ أَمْ أَجْنَبِيًّا (لَا) لِأَجْلِ (حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى) لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ (وَفِي دَعْوَى النِّكَاحِ تُعَدَّلُ) أَيْ تُحَوَّلُ (الْمَرْأَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ وَتُمْنَعُ الْخُرُوجَ وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْهَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ قَبْلَ التَّعْدِيلِ (لِأَنَّهُ لَيْسَ مُدَّعًى عَلَيْهِ) وَلَيْسَ الْبُضْعُ فِي يَدِهِ وَلَا مَعْنَى لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ (وَلَوْ شَهِدَ لِلْأَمَةِ بِالْحُرِّيَّةِ حِيلَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَهَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ) احْتِيَاطًا لِلْبُضْعِ مَعَ كَوْنِ السَّيِّدِ مُدَّعًى عَلَيْهِ (وَكَذَا الْعَبْدُ) يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ (إنْ طَلَبَ) ذَلِكَ (أَوْ رَآهُ الْقَاضِي وَيُؤَجِّرُ) الْقَاضِي الرَّقِيقَ (وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا) أَيْ السَّيِّدِ وَالرَّقِيقِ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ (وَمَا فَضَلَ عَنْ نَفَقَتِهِ وُقِفَ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْتَسِبًا أُنْفِقَ) عَلَيْهِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ اسْتَمَرَّ رِقُّهُ) لِتَبَيُّنِ جَرْحِ الشُّهُودِ (رَجَعَ بِهِ) أَيْ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (عَلَى السَّيِّدِ وَتُؤَجَّرُ الْأَعْيَانُ الْمَنْزُوعَةُ أَيْضًا) مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ (وَلَوْ أَقَامَتْ) امْرَأَةٌ (شَاهِدَيْنِ بِطَلَاقٍ) لَهَا مِنْ زَوْجِهَا (فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ) احْتِيَاطًا لِلْبُضْعِ. (وَلَا يُحَالُ) بَيْنَ الْمُدَّعَى بِهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَلَا يُحْبَسُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ لِأَنَّ الشَّاهِدَ وَحْدَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ بِخِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ وَلَيْسَتْ التَّزْكِيَةُ جُزْءًا مِنْ الْحُجَّةِ وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِهَا قِيَامُ الْحُجَّةِ وَأَمَّا الْوَاحِدُ مَعَ الْيَمِينِ فَلِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ (وَتَبْقَى الْحَيْلُولَةُ) وَالْحَبْسُ (قَبْلَ التَّعْدِيلِ إلَى ظُهُورِ الْأَمْرِ لِلْقَاضِي) بِالتَّعْدِيلِ أَوْ الْجَرْحِ وَلَا يُقَدِّرُ لَهُمَا مُدَّةً. (فَرْعٌ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُمَا) أَيْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ (فِي الْمَنْزُوعِ) مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَبْلَ التَّزْكِيَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ الْمَنْزُوعِ (أَحَدُهُمَا لِآخَرَ أَوْ أَوْصَى بِهِ) لَهُ (أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ وَبَانَ) أَنَّهُ (لَهُ نَفَذَ) مِنْهُ ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَحْجُرْ) عَلَيْهِ (الْقَاضِي) بِالْقَوْلِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ نَقَلَهُمَا الْأَصْلُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْهَرَوِيِّ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُنْظَرُ مَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ آخِرًا أَمَّا قَبْلَ الِانْتِزَاعِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمُدَّعِي وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَرْعٌ الْغُلَّةُ الْحَادِثَةُ بَيْنَ شَهَادَتِهِمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ (وَالتَّعْدِيلِ) تَكُونُ (لِلْمُدَّعِي وَكَذَا مَا) أَيْ الْغَلَّةُ الْحَادِثَةُ (بَيْنَ شَهَادَةِ) الشَّاهِدِ (الْأَوَّلِ وَالثَّانِي) تَكُونُ لِلْمُدَّعِي (إنْ أَرَّخَ) الثَّانِي مَا شَهِدَ بِهِ (بِيَوْمِ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ) أَوْ بِمَا قَبْلَهُ (فَإِنْ اسْتَخْدَمَ) السَّيِّدُ (الْعَبْدَ) الْمُدَّعِي لِلْعِتْقِ (بَيْنَ شَهَادَتِهِمَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لَهُ (إنْ عَدْلًا)   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ لَوْ شَهِدَا بِعَيْنِ مَالٍ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي أَوْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يُعَدَّ لَهُ] قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَبَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا لَمْ يُجِبْهُ أَوْ حَبَسَهُ أُجِيبَ) فِي نُسْخَةٍ وَلَوْ طَلَبَ قَبْلَهَا الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْهُ أَوْ حَبَسَهُ أُجِيبَ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُجِيبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَكَتَبَ أَيْضًا وَهَذَا عَيْنُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَقَيَّدَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْهَرَوِيِّ بَعْدَ حَجْرِ الْقَاضِي وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 363 (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْتَنَدِ عِلْمِ الشَّاهِدِ) وَحُكْمِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ الْأَوَّلُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الْأَبْصَارِ) وَمَبْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْيَقِينِ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وَقَالَ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] وَتَقَدَّمَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ» وَقَدْ يَتَعَذَّرُ الْيَقِينُ فِي مَوَاضِعَ فَيَكْفِي الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ قَسَّمُوا الْمَشْهُودَ بِهِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مَا يَكْفِي فِيهِ السَّمَاعُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِبْصَارُ وَمَحِلُّ بَيَانِهِ الطَّرَفُ الثَّانِي ثَانِيهِمَا مَا يَكْفِي فِيهِ الْإِبْصَارُ (فَقَطْ وَهُوَ الْأَفْعَالُ) وَمَا فِي مَعْنَاهَا (كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ وَالْوِلَادَةِ وَالرَّضَاعِ وَالِاصْطِيَادِ وَالْإِحْيَاءِ وَ) كَوْنِ (الْيَدِ عَلَى الْمَالِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الرُّؤْيَةُ) الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَا وَبِفَاعِلِهَا (وَلَا يَكْفِي) فِيهَا (السَّمَاعُ) مِنْ الْغَيْرِ لَكِنَّهُ مُعْتَرَضٌ فِي كَوْنِ الْيَدِ عَلَى الْمَالِ إذْ يَكْفِي فِيهِ الِاسْتِفَاضَةُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ نَقَلَ الْأَصْلُ ثَمَّ الِاكْتِفَاءُ بِهَا وَأَبْدَى مَا جَزَمَ بِهِ هُنَا بَحْثًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالِاكْتِفَاءُ بِهَا هُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ نَقَلَهُ الْجُورِيُّ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ إنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ بِهَا (وَيَشْهَدُ بِهَا الْأَصَمُّ) لِإِبْصَارِهِ. (الثَّانِي) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ الطَّرَفُ الثَّانِي وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهُ مَذْكُورٌ بَعْدُ وَإِنَّمَا هَذَا ثَالِثُ الْأَقْسَامِ الَّتِي ذَكَرْتهَا وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ حَذَفَ هُوَ بَعْضَهَا فَحَصَلَ بِهِ خَلَلٌ فِي تَعْبِيرِهِ الَّذِي لَزِمَ مِنْهُ ذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ فَقَطْ فِي غَيْرِ مَحِلِّهَا كَمَا عَرَفْت فَكَانَ حَقُّهُ ذِكْرَ الْأَقْسَامِ كَمَا ذَكَرَهَا الْأَصْلُ وَبِالْجُمْلَةِ ثَالِثُهَا (مَا يَحْتَاجُ إلَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ) مَعًا (كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ وَسَائِرِ الْأَقْوَالِ) كَالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَالْأَقَارِيرِ (فَلَا بُدَّ) فِيهَا (مِنْ سَمَاعٍ وَمُشَاهَدَةٍ وَلَا تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ الْأَصَمِّ) الَّذِي لَا يَسْمَعُ شَيْئًا (وَ) لَا شَهَادَةُ (الْأَعْمَى) اعْتِمَادًا عَلَى الصَّوْتِ لِأَنَّ الْأَصْوَاتَ تَتَشَابَهُ وَيَتَطَرَّقُ إلَيْهَا التَّلْبِيسُ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لِشَهَادَتِهِ   [حاشية الرملي الكبير] [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مستند عِلْم الشَّاهِدِ وَحُكْمِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا] الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْتَنِدِ عِلْمِ الشَّاهِدِ) (قَوْلُهُ وَمَبْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْيَقِينِ) لِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ الَّتِي هِيَ أَقْوَى الْحَوَاسِّ إدْرَاكًا (قَوْلُهُ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] قَالَ فِي الْحَاوِي فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَشْهَدُ بِمَا عَلِمَهُ بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَفُؤَادِهِ فَالسَّمْعُ لِلْأَصْوَاتِ وَالْبَصَرُ لِلْمَرْئِيَّاتِ وَالْفُؤَادُ لِلْمَعْلُومَاتِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي فِيهَا السَّمَاعُ مِنْ الْغَيْرِ) لِأَنَّهُ يَصِلُ بِهَا الْعِلْمُ مِنْ أَقْصَى جِهَاتِهِ وَمَا أَمْكَنَ فِيهِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْدَلَ عَنْهُ إلَى الْأَضْعَفِ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ مَا أَمْكَنَ إدْرَاكُهُ بِالْحَوَاسِّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ بِالِاسْتِدْلَالِ الْمُقْتَضِي لِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ جَوَازَ النَّظَرِ فِي الزِّنَا لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا لَوْ رَأَوْهُ اتِّفَاقًا لَا عَنْ قَصْدٍ فَتُقْبَلُ قَطْعًا وَإِنْ رَأَوْهُ عَبَثًا عَصَوْا وَمَعَ ذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (قَوْلُهُ إذْ يَكْفِي الِاسْتِفَاضَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَا يَحْتَاجُ إلَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مَعًا كَالنِّكَاحِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَحْتَاجُ إلَى شَرْطٍ ثَالِثٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدَانِ عَارِفَيْنِ بِاللُّغَةِ الَّتِي يُعْقَدُ بِهَا النِّكَاحُ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا شَرْطٌ لِانْعِقَادِ النِّكَاحِ وَالْكَلَامُ فِي شَرْطِ الْأَدَاءِ فِي الْأَقْوَالِ قُلْنَا أَدَاءُ الشَّهَادَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ التَّحَمُّلِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ لَا يَصِحُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ. اهـ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ خَفِيفٌ يَشِفُّ فَفِي جَوَازِ شَهَادَتِهِ وَجْهَانِ وَمُقْتَضَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي جَوَازِ نِقَابِ الْمَرْأَةِ الْجَوَازُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا شَرَطُوهُ مِنْ السَّمْعِ وَالْإِبْصَارِ وَإِنْ تَحَقَّقَ بِدُونِ ذَلِكَ مُشْكِلٌ وَقَالَ صَاحِبُ الْوَافِي يَنْبَغِي لَوْ سَمِعَاهُ مِنْ وَرَاءِ الْحَائِلِ وَعَرَفَا صَوْتَهُ ثُمَّ كُشِفَ الْحَائِلُ وَلَيْسَ ثَمَّ غَيْرُهُ أَنْ لَا تَمْتَنِعَ الشَّهَادَةُ قُلْت وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الْكِفَايَةِ لَوْ دَخَلَ رَجُلَانِ بَيْتًا لَا ثَالِثَ لَهُمَا فِيهِ وَقَدْ عَرَفَ ذَلِكَ شَخْصٌ وَجَلَسَ عَلَى بَابِهِ فَسَمِعَهُمَا عَقَدَا عَقْدًا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا يَصِيرُ مُتَحَمِّلًا لِلشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ سِوَاهُمَا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَهَذَا عِنْدِي فَاسِدٌ لِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ لَهُ أَنْ لَا أَحَدَ سِوَاهُمَا فَهُوَ لَا يَعْرِفُ الْبَائِعَ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إنْ عَرَفَ الْبَائِعَ مِنْ الْمُشْتَرِي صَحَّ قَطْعًا وَيُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ ضَبْطِ الْأَعْمَى ر وَبِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي بَيْتٍ بِمُفْرَدِهِ وَالشَّاهِدُ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ وَالْآخَرُ بِمُفْرَدِهِ فِي الْبَيْتِ وَيَرَى الْمُوجِبَ وَحْدَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَيْتِ إلَّا وَاحِدٌ وَالشَّاهِدُ عَلَى بَابِهِ لَا يَرَاهُ فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ وَهُوَ يَسْمَعُهُ وَلَا يَرَاهُ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّحَمُّلُ لَا سِيَّمَا إذَا اسْتَرْعَاهُ وَحِينَئِذٍ إنْ سَلِمَ هَذَا يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِمْ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ. ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ أَبِي الدَّمِ قَالَ اعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ إنْ كَانَ مُدْرَكًا بِالسَّمْعِ كَالْأَقَارِيرِ وَالْعُقُودِ وَالْإِنْشَاءَاتِ الْقَوْلِيَّةِ أَوْ بِالْبَصَرِ كَالْإِتْلَافَاتِ فَلَا بُدَّ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ مُشَاهَدَةِ الْمُقِرِّ أَوْ الْقَابِلِ عَقْدًا أَوْ الْمُنْشِئِ إنْشَاءً مِنْ الْإِنْشَاءَاتِ أَوْ فَاعِلًا فِعْلًا مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِحَاسَّتِهِ وَبَصَرِهِ فَفِي الْأَقْوَالِ لَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَةِ الْقَائِلِ فِي حَالِ تَلَفُّظِهِ بِبَصَرِهِ وَسَمَاعِهِ مَا يَتَلَفَّظُ بِهِ وَفِي الْأَفْعَالِ تَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ فَاعِلًا كَذَا وَسَوَاءٌ فِي هَذَا مَنْ يَتَحَقَّقُ السَّامِعُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ مَنْ يَظُنُّ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُقِرِّ حَالَةَ إقْرَارِهِ بِحَاسَّةِ بَصَرِ السَّامِعِ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَمِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُشَاهِدَ تَلَفُّظَهُ بِبَصَرِهِ حِينَ يَنْطِقُ بِهِ حَتَّى لَوْ وَلَّى الشَّاهِدُ ظَهْرَهُ مَثَلًا ثُمَّ تَكَلَّمَ وَلَيْسَ ثَمَّ غَيْرُهُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ وَلَا خَفَاءَ فِي اسْتِبْعَادِهِ هَذَا وَمَا فِيهِ مِنْ الْجُمُودِ وَحِينَئِذٍ لَا يَبْعُدُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ عَلَى الْغَالِبِ وَتَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ الصُّوَرِ الَّتِي يَحْصُلُ الْعِلْمُ فِيهَا بِصُدُورِ الْقَوْلِ فِيهَا مِنْ قَائِلِهِ وَإِنْ لَمْ يُشَاهَدْ فِيهِ فِي حَالِ تَلَفُّظِهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ وَقَدْ حَكَى الصَّيْمَرِيُّ فِيهَا وَجْهَيْنِ وَالْمُخْتَارُ الْجَوَازُ وَيَدُلُّ لَهُ مَسْأَلَةُ ضَبْطِ الْأَعْمَى غ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَحْتَاجُ إلَى شَرْطٍ ثَالِثٍ هُوَ إلَخْ كَتَبَ عَلَيْهِ هَذَا مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ لَا يَخْتَصُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ بَلْ يَجْرِي فِي سَائِرِ الْعُقُودِ. (قَوْلُهُ وَلَا شَهَادَةُ الْأَعْمَى) فِي مَعْنَى الْأَعْمَى مَا لَوْ كَانَ عَلَى بَابِ بَيْتٍ لَيْسَ فِيهِ إلَّا شَخْصٌ فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ وَهُوَ يَسْمَعُهُ وَلَا يَرَاهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْوَاتَ تَتَشَابَهُ إلَخْ) وَلِأَنَّ مَا أَمْكَنَ إدْرَاكُهُ بِعِلْمِ الْحَوَاسِّ لَا جَوَازَ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ بِالِاسْتِدْلَالِ الْمُقْتَضِي لِغَلَبَةِ الظَّنِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 364 (لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْبَصِيرِ وَلَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا لِلضَّرُورَةِ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يَجُوزُ بِالظَّنِّ) وَمَبْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعِلْمِ مَا أَمْكَنَ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى زَوْجَتِهِ) اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا (كَغَيْرِهَا) وَإِنْ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا بِذَلِكَ لِمَا مَرَّ وَمَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ بِبَابِ بَيْتٍ فِيهِ اثْنَانِ فَقَطْ فَسَمِعَ تَعَاقُدَهُمَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَفَى مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ زَيَّفَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمُوجِبَ مِنْ الْقَابِلِ (وَلَوْ وَضَعَ الرَّجُلُ فَمَه عَلَى أُذُنِهِ) أَيْ الْأَعْمَى فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ (وَيَدُ الْأَعْمَى عَلَى رَأْسِهِ) مَثَلًا (فَضَبَطَهُ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ إلَى أَنْ أَحْضَرَهُ (إلَى الْحَاكِمِ وَشَهِدَ عَلَيْهِ) عِنْدَهُ (بِمَا سَمِعَ) مِنْهُ (قُبِلَ) لِلْعِلْمِ بِمَا شَهِدَ بِهِ حِينَئِذٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَدْ يَشْهَدُ بِالْفِعْلِ كَالزِّنَا وَالْغَصْبِ بِأَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ذَكَرِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجٍ آخَرَ فَتَعَلَّقَ بِهِمَا حَتَّى شَهِدَ بِمَا عَرَفَهُ وَبِأَنْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطٍ لِغَيْرِهِ فَغَصَبَهُ إنْسَانٌ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَبِالْبِسَاطِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حَتَّى شَهِدَ بِمَا عَرَفَهُ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْحَصْرَ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ بِمَا عَلِمَ بِبَاقِي الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ وَهِيَ الذَّوْقُ وَاللَّمْسُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي مَرَارَةِ الْمَبِيعِ أَوْ حُمُوضَتِهِ أَوْ تَغَيُّرِ رَائِحَتِهِ أَوْ حَرَارَتِهِ أَوْ بُرُودَتِهِ أَوْ نَحْوِهَا وَأَجَابَ بِأَنَّ فِيمَا اقْتَصَرُوا عَلَيْهِ تَنْبِيهًا عَلَى جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِمَا يُدْرَكُ بِالْمَذْكُورَاتِ بِجَامِعِ حُصُولِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ اعْتِمَادَ الشَّهَادَةِ عَلَى ذَلِكَ قَلِيلٌ وَهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا مَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ انْتَهَى قِيلَ وَالشَّهَادَةُ بِالْحَمْلِ وَالْقِيمَةِ خَارِجَةٌ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَدْ يُقَالُ بَلْ هُمَا دَاخِلَانِ فِي الْإِبْصَارِ إذْ الْمُرَادُ الْإِبْصَارُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا شَهِدَ بِهِ بِحَسْبِهِ (وَتُقْبَلُ رِوَايَةُ الْأَعْمَى) بِمَا سَمِعَهُ وَلَوْ حَالَ الْعَمَى (إذَا حَصَلَ لَنَا الظَّنُّ الْغَالِبُ بِضَبْطِهِ) لِأَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ كَمَا مَرَّ (وَيَشْهَدُ) الْأَعْمَى (لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ عَلَى مَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ بِمَا تَحَمَّلَ) وَفِي نُسْخَةٍ بِمَا سَمِعَ مِنْهُ (قَبْلَ الْعَمَى) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَجْهُولِيهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا إذْ لَا يُمْكِنُهُ تَعْيِينُهُمَا أَوْ تَعْيِينُ أَحَدِهِمَا نَعَمْ لَوْ عَمِيَ وَيَدُهُمَا أَوْ يَدُ الْمُقِرِّ فِي يَدِهِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَوْ تَرْجَمَ الْأَعْمَى) كَلَامَ الْخَصْمِ أَوْ الشُّهُودِ (لِلْقَاضِي) أَوْ بِالْعَكْسِ (جَازَ) لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّرْجَمَةَ تَفْسِيرٌ لِلَّفْظِ لَا تَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ (وَلَوْ عَمِيَ قَاضٍ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْدِيلِهَا) فِي وَاقِعَةٍ (حَكَمَ) فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ وَإِنْ صَارَ مَعْزُولًا فِي غَيْرِهَا (إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إشَارَةٍ) كَمَا لَوْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَهُوَ بَصِيرٌ ثُمَّ عَمِيَ (فَصْلٌ) لَوْ (رَأْي فِعْلَ إنْسَانٍ أَوْ سَمِعَهُ) يَقُولُ شَيْئًا (شَهِدَ عَلَيْهِ) بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ (إنْ عَرَفَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ غَائِبًا) وَلَوْ بِدَفْنِهِ مَيِّتًا (وَبِالْإِشَارَةِ) إلَيْهِ (إنْ حَضَرَ) لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ) أَيْ دُونَ اسْمِ جَدِّهِ (شَهِدَ بِذَلِكَ وَلَمْ تُفِدْ) شَهَادَتُهُ بِهِ (إلَّا إنْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَمَارَاتٍ يَتَحَقَّقُ بِهَا نَسَبُهُ) أَيْ يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِ حِينَئِذٍ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْغَزَالِيِّ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ غَيْرِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُفِيدُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا حَصَلَتْ الْمَعْرِفَةُ بِذَلِكَ وَالثَّانِي فِيمَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ بِهِ (وَلَوْ سَمِعَ اثْنَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَ هَذَا بِالْبَيْعِ) لِكَذَا (وَأَقَرَّ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ بِأَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ذَكَرِ آدَمِيٍّ إلَخْ) وَبِأَنْ وَضَعَتْ الْعَمْيَاءُ يَدَهَا عَلَى قُبُلِ الْمَرْأَةِ وَخَرَجَ مِنْهَا الْوَلَدُ وَهِيَ وَاضِعَةٌ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهِ إلَى أَنْ تُكْمِلَ خُرُوجَهُ وَتَعَلَّقَتْ بِهِمَا حَتَّى شَهِدَتْ بِوِلَادَتِهَا (قَوْلُهُ فَغَصَبَهُ إنْسَانٌ) أَوْ أَتْلَفَهُ (قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ الْأَعْمَى لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأُمِّ لَوْ امْتَنَعَ لَزِمَ أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ الْبَصِيرِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمَيِّتِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَرَاهُمَا وَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ بِمَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ يَجْرِي عَلَى الْغَالِبِ وَالْغَرَضُ حُصُولُ الْإِعْلَامِ فَلَوْ حَصَلَ بِالِاسْمِ الْمُنْحَصِرِ كَفَى وَالْمَعْرِفَةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ بَلْ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَكَانَتْ يَدُ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ مُسْتَمِرَّةً مِنْ حِينِ التَّحَمُّلِ إلَى الْأَدَاءِ بَعْدَ الْعَمَى جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَا غَيْرَ مَعْرُوفَيْنِ وَيَدُهُمَا بِيَدِهِ وَضَبَطَ الْمَشْهُودَ لَهُ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَلْتَحِقُ بِالْأَعْمَى فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْبَصَرِ مَنْ فِي بَصَرِهِ ضَعْفٌ وَيُدْرِكُ الْأَشْخَاصَ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الصُّوَرِ فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهَا بَعْدَ الْمُقَارَبَةِ وَشِدَّةِ التَّأَمُّلِ قُبِلَتْ مِنْهُ كَالْبَصِيرِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْوَرِ وَالْأَحْوَلِ وَالْأَعْمَشِ فَإِنْ كَانَ الْأَحْوَلُ يَرَى الْوَاحِدَ اثْنَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فِي الْعَدَدِ وَقُبِلَتْ فِيمَا سِوَاهُ [فَصْلٌ لَوْ رَأْي فِعْلَ إنْسَانٍ أَوْ سَمِعَهُ يَقُولُ شَيْئًا شَهِدَ عَلَيْهِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ] (قَوْلُهُ وَبِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ إنْ حَضَرَ) لَوْ غَابَ عَنْهُ بَعْدَ التَّحَمُّلِ ثُمَّ حَضَرَ وَأَعَادَ الْأَدَاءَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُرَتِّبْ فِيهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِمَا تَحَمَّلَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يُفَارِقْهُ مِنْ وَقْتِ التَّحَمُّلِ إلَى الْأَدَاءِ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ هُوَ كَذَا ظَنَنْته وَلَمْ أَنْقُلْهُ غ (قَوْلُهُ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى ذِكْرِ مَا يُعْرَفُ بِهِ كَيْفَمَا كَانَ وَلَوْ بِذِكْرِ الِاسْمِ خَاصَّةً قَوْلُهُ وَلَوْ سَمِعَ اثْنَيْنِ يَشْهَدَانِ إنَّ فُلَانًا وَكَّلَ هَذَا إلَخْ لَوْ شَهِدَ إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَكَّلَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ هَذَا فَهَلْ تَكُونُ الشَّهَادَةُ بِالْوَكَالَةِ مُوجِبَةً لِلشَّهَادَةِ بِنَسَبِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَصَرَهَا مَالِكٌ عَلَى الْوَكَالَةِ دُونَ النَّسَبِ اعْتِبَارًا بِالْمَقْصُودِ مِنْهَا وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تَكُونُ شَهَادَةً بِالْوَكَالَةِ وَالنَّسَبِ جَمِيعًا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُوجِبُ إثْبَاتَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ مَقْصُودٍ وَغَيْرِهِ كَمَنْ شَهِدَ بِثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ صَدَاقٍ فِي نِكَاحٍ كَانَ شَاهِدًا بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَإِنْ قَصَدَ بِهَا الثَّمَنَ وَالصَّدَاقَ وَقَالَ فِي الذَّخَائِرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ يَثْبُتُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ الْوَكَالَةُ وَالنَّسَبُ جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا صَرَّحَا بِهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةً فِيمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ الشَّاهِدَ يَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُ نَسَبَهُ وَإِلَّا فَغَالِبُ مَنْ يَتَحَمَّلُ الشُّهُودَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ لَا يَعْرِفُونَ نَسَبَهُ وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُونَ فِيهِ عَلَى قَوْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ وَعَرَفَاهُ فَذَكَرَ نَسَبَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 365 الْوَكِيلُ (بِالْبَيْعِ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ) لِأَنَّهُ سَمِعَهُ (وَلَا يَشْهَدُ بِالْوَكَالَةِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهَا وَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ بِالْوَكَالَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي (وَلَوْ حَضَرَ عَقْدَ نِكَاحٍ زَعَمَ الْمُوجِبُ أَنَّهُ وَلِيٌّ) لِلْمَخْطُوبَةِ أَوْ وَكِيلُ وَلِيِّهَا (وَأَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ) فِي الْعَقْدِ. (وَلَمْ يَعْلَمْ الْإِذْنَ وَلَا الْوِلَايَةَ) أَوْ الْوَكَالَةَ وَلَا الْمَرْأَةَ أَوْ عَلِمَ بَعْضَ ذَلِكَ (لَمْ يَشْهَدْ بِالزَّوْجِيَّةِ لَكِنْ يَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا قَالَ نَكَحَتْ فُلَانَةُ فُلَانًا) وَقَبِلَ فُلَانٌ فَإِنْ عَلِمَ جَمِيعَ ذَلِكَ شَهِدَ بِالزَّوْجِيَّةِ (وَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْإِشَارَةِ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ فَإِنْ مَاتَ أُحْضِرَ) لِيُشَاهِدَ صُورَتَهُ وَيَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إنْ كَانَ بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُخْشَ تَغَيُّرُهُ بِإِحْضَارِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ حُضُورُ الشَّاهِدِ إلَيْهِ (لَا إنْ دُفِنَ) فَلَا يَحْضُرُ إذْ لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ نَعَمْ إنْ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ صُورَتُهُ جَازَ نَبْشُهُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ لَكِنْ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ (فَلَوْ تَحَمَّلَهَا عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَقَالَ) لَهُ (اسْمِي وَنَسَبِي كَذَا لَمْ يُعْتَمَدْ) هـ (فَلَوْ اسْتَفَاضَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ) بَعْدَ تَحَمُّلِهَا عَلَيْهِ (فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي غَيْبَتِهِ) بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ كَمَا لَوْ عَرَفَهُمَا عِنْدَ التَّحَمُّلِ (وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ) عِنْدَ التَّحَمُّلِ أَوْ بَعْدَهُ (بِنَسَبِهِ) وَاسْمِهِ (لَمْ يَشْهَدْ فِي غَيْبَتِهِ) بِنَاءً عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّسَبِ بِالسَّمَاعِ مِنْ عَدْلَيْنِ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ ادَّعَى أَنَّ لِي عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ كَذَا فَلَا بُدَّ) فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى (أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي) مَعَ ذَلِكَ (وَهُوَ هَذَا) إنْ كَانَ حَاضِرًا. وَلَا يَكْفِي فِيهِ ادَّعَى أَنَّ لِي عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَذَا مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ بِالْحَاضِرِ (فَإِنْ أَحْضَرَ رَجُلًا) عِنْدَ الْقَاضِي (وَقَالَ هَذَا أَقَرَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِكَذَا وَأَنَا هُوَ وَقَالَ الْخَصْمُ) نَعَمْ (أَقْرَرْت وَلَكِنْ لِرَجُلٍ آخَرَ شَارَكَك فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ أَثْبَتَ) الْمُقِرُّ أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِالْآخَرِ) أَيْ بِوُجُودِ الْآخَرِ الْمُشَارِكِ لِلْمُدَّعِي فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ (ثُمَّ يَسْأَلُ) الْآخَرَ (فَإِنْ صَدَّقَهُ سَلَّمَ إلَيْهِ) مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ (وَحَلَفَ لِلْأَوَّلِ) أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ سَلَّمَ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي (وَإِنْ قَالَ) أَقْرَرْت لِأَحَدِهِمَا وَ (لَا أَعْرِفُهُ مِنْهُمَا سَأَلَ الْآخَرَ فَإِنْ قَالَ لَا شَيْءَ لِي عِنْدَهُ أَعْطَى) ذَلِكَ (الْأَوَّلَ) كَمَا لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَقَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَلَا أَدْرِي أَنَّهَا لِأَيِّكُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لَيْسَتْ لِي فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْآخَرِ (وَإِنْ ادَّعَاهُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (فَكَمَا فِي الْوَدِيعَةِ إذَا قَالَ كُلٌّ) مِنْ اثْنَيْنِ (هِيَ لِي) (فَصْلٌ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ) بِالنُّونِ قَبْلَ التَّاءِ (بِمَا لَا يَحْكِي) أَيْ يَصِفُ الرَّائِي مَنْ وَرَاءَهُ (وَجْهَهَا اعْتِمَادًا عَلَى الصَّوْتِ) كَمَا فِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ فِي الظُّلْمَةِ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ صَفِيقٍ لِأَنَّ الْأَصْوَاتَ تَتَشَابَهُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ بِمَا يَحْكِي وَجْهَهَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ (الْآنَ ضَبَطَهَا الشَّاهِدُ حَتَّى دَخَلَ بِهَا لِي الْحَاكِمِ أَوْ عَرَفَهَا بِالنَّسَبِ) وَالِاسْمِ (أَوْ بِالْعَيْنِ) فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا (وَإِلَّا فَلَا بُدَّ) عِنْدَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا (أَنْ يَكْشِفَ وَجْهَهَا لِيَرَاهَا) وَيَضْبِطَ حِلْيَتَهَا (حَتَّى يَعْرِفَهَا إذَا رَآهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ) لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهَا (وَلَوْ عَرَّفَهُ بِهَا عَدْلَانِ) بِأَنْ قَالَا لَهُ هَذِهِ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ (لَمْ يَجُزْ) لَهُ (التَّحَمُّلُ) بِتَعْرِيفِهِمَا (وَجَوَّزَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ بِالسَّمَاعِ مِنْ عَدْلَيْنِ (وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُ بِتَعْرِيفِ وَاحِدٍ وَسَلَكَ بِهِ مَسْلَكَ الْإِخْبَارِ وَأَجَازَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ) . قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْمَيْلِ إلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ قَالَ عَدْلَانِ نَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ تُقِرُّ بِكَذَا فَهُمَا شَاهِدَا أَصْلٍ وَسَامِعُهُمَا شَاهِدُ فَرْعٍ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ دُونَ الْعَيْنِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا سَيَأْتِي (وَإِنْ شَهِدَ) اثْنَانِ (أَنَّ امْرَأَةً مُنْتَقِبَةً أَقَرَّتْ يَوْمَ كَذَا لِفُلَانٍ بِكَذَا فَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ الَّتِي حَضَرَتْ) وَأَقَرَّتْ يَوْمَ كَذَا (هِيَ هَذِهِ ثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ) إلَى وَجْهِهَا (لِلتَّحَمُّلِ إلَّا إنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ) فَإِنْ خَافَ فَلَا كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ فِي غَيْرِهِ غُنْيَةً نَعَمْ إنْ تَعَيَّنَ   [حاشية الرملي الكبير] وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِمَا هَلْ يَكُونُ مُثْبِتًا لِنَسَبِهِ فَقَالَ إنْ كَانَ نَسَبُهُ مَعْرُوفًا فَنَعَمْ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ فَإِنْ شَهِدَا عَلَى عَيْنِهِ كَانَ مُثْبِتًا لِنَسَبِهِ وَإِنْ شَهِدَا فِي غَيْبَتِهِ فَلَا وَلِهَذَا لَوْ أَنْكَرَ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذَا كَانَ بِالْبَلَدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ إلَخْ) وَقَالَ فِي غَيْبَتِهِ إنَّهُ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زَوَائِدِهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَهَذَا حَيْثُ لَا يَكُونُ ثَمَّ مَا يَقْتَضِي جَوَازَ نَبْشِهِ أَوْ وُجُوبِهِ [فَصْلٌ الشَّهَادَةُ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ جَوَازَ التَّحَمُّلِ عَلَيْهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَشْفِ الْوَجْهِ وَلَا عَلَى الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ قَدْ يُلَازِمُهَا إلَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهَا أَوْ يُخْبِرُهُ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا مَنْ يَكْتَفِي بِإِخْبَارِهِمْ فِي التَّسَامُعِ (قَوْلُهُ فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا وَلَا يَضُرُّ النِّقَابُ) بَلْ لَا يَجُوزُ كَشْفُ الْوَجْهِ حِينَئِذٍ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْعُدَّةِ وَغَيْرُهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ حَالَةِ التَّحَمُّلِ بِالتَّنْقِيبِ مَانِعٌ مِنْ الْعَمَلِ بِشَهَادَتِهِ حَتَّى يَرَاهَا الْقَاضِي كَمَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي صُورَةِ الضَّبْطِ وَحَكَاهُ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ وَهَلْ يَسْأَلُ الشَّاهِدَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ رَآهَا سَافِرَةً أَمْ لَا وَجْهَانِ وَقِيلَ إنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ رِيبَةٍ سَأَلَهُ وَإِلَّا لَمْ يَسْأَلْهُ قُلْت وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ فَقِيهًا مَوْثُوقًا بِهِ لَمْ يَسْأَلْهُ وَإِلَّا سَأَلَهُ وُجُوبًا فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَرَى جَوَازَ الشَّهَادَةِ عَلَى الصَّوْتِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ وَجْهِهَا لِيَرَاهَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ يَجُوزُ اسْتِيعَابُ وَجْهِهَا بِالنَّظَرِ لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى مَا يَعْرِفُهَا بِهِ فَإِنْ عَرَفَهَا بِنَظَرِهِ إلَى بَعْضِهِ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَرَّةٍ إلَّا أَنْ لَا يَتَحَقَّقَهَا بِهَا (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ التَّحَمُّلُ بِتَعْرِيفِهِمَا) بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ فِي أَنَّ التَّسَامُعَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ جَمَاعَةٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا) لَيْسَ الْمُرَادُ عَمَلَ الْأَصْحَابِ بَلْ عَمَلُ بَعْضِ الشُّهُودِ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ وَلَا اعْتِبَارَ بِذَلِكَ غ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِلتَّحَمُّلِ إلَّا إنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ) يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ أَيْضًا تَذَكُّرَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَإِلَّا فَلَا يَسُوغُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 366 عَلَيْهِ نَظَرٌ وَاحْتَرَزَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (فَرْعٌ لَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ عَلَى عَيْنِ شَخْصٍ) وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُسَجِّلَ لَهُ الْقَاضِي (جَازَ أَنْ يُسَجِّلَ لَهُ بِالْحِلْيَةِ) فَيَكْتُبُ حَضَرَ رَجُلٌ ذُكِرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَمِنْ حِلْيَتِهِ كَيْتُ وَكَيْتُ فَلَا يُسَجِّلُ بِالْعَيْنِ لِامْتِنَاعِهِ وَلَا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ مَا لَمْ يَثْبُتَا وَلَا يَكْفِي فِيهِمَا قَوْلُ الْمُدَّعِي وَلَا إقْرَارُ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ نَسَبَ الشَّخْصِ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ (فَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى اسْمِهِ وَنَسَبِهِ حِسْبَةً جَازَ وَسَجَّلَ بِهِمَا) بَعْدَ حُكْمِهِ بِهِمَا بِنَاءً عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ فِي النَّسَبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (فَرْعٌ) لَوْ (شَهِدَا عَلَى امْرَأَةٍ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِمَعْرِفَةِ عَيْنِهَا جَازَ) ذَلِكَ (فَإِنْ سَأَلَهُمَا الْحَاكِمُ هَلْ تَعْرِفَانِ عَيْنَهَا فَلَهُمَا أَنْ يَقُولَا لَا يَلْزَمُنَا الْجَوَابُ) عَنْ هَذَا وَلَهُمَا أَنْ يَسْكُتَا نَعَمْ إنْ كَانَا مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِمَا شُرُوطُ الْأَدَاءِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ يَلْزَمُهُمَا الْبَيَانُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَمِنْهُ النَّسَبُ) لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا مَدْخَلَ لِلرُّؤْيَةِ فِيهِ وَغَايَةُ الْمُمْكِنِ رُؤْيَةُ الْوِلَادَةِ عَلَى الْفِرَاشِ لَكِنْ النَّسَبُ إلَى الْأَجْدَادِ الْمُتَوَفِّينَ وَالْقَبَائِلِ الْقَدِيمَةِ لَا تَتَحَقَّقُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى اعْتِمَادِ الِاسْتِفَاضَةِ (وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ) قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ (وَصُورَتُهَا) أَيْ الِاسْتِفَاضَةِ فِي التَّحَمُّلِ (أَنْ يَسْمَعَهُ) أَيْ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودُ بِنَسَبِهِ (يُنْتَسَبُ إلَى الشَّخْصِ أَوْ الْقَبِيلَةِ وَالنَّاسُ يَنْسُبُونَهُ إلَى ذَلِكَ وَامْتَدَّ ذَلِكَ مُدَّةً) وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ امْتِدَادُهُ مُدَّةً بَلْ لَوْ سَمِعَ انْتِسَابَ الشَّخْصِ وَحَضَرَ جَمَاعَةٌ لَا يُرْتَابُ فِي صِدْقِهِمْ فَأَخْبَرُوهُ بِنَسَبِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً جَازَ لَهُ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ (وَلَا تُقَدَّرُ) الْمُدَّةُ (بِسَنَةٍ) بَلْ الْعِبْرَةُ بِمُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّةُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُكْتَفَى بِالِانْتِسَابِ وَنِسْبَةِ النَّاسِ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَارِضَ) هُمَا (مَا لَا يُوجِبُ) أَيْ يُوَرِّثُ (تُهْمَةً فَإِنْ أَنْكَرَهُ) أَيْ النَّسَبَ (الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ) بِهِ (وَكَذَا لَوْ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي نَسَبِهِ) وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا لِاخْتِلَالِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ (وَلَوْ سَمِعَهُ) الشَّاهِدُ (يَقُولُ) لِآخَرَ (هَذَا ابْنِي لِصَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَصَدَّقَهُ الْكَبِيرُ) أَوْ أَنَا ابْنُ فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ (جَازَ) لَهُ (أَنْ يَشْهَدَ بِنَسَبِهِ. وَلَوْ سَكَتَ) الْمَنْسُوبُ الْكَبِيرُ (جَازَ) لِلشَّاهِدِ (أَنْ يَشْهَدَ بِالْإِقْرَارِ) لَا بِالنَّسَبِ وَتَرْجِيحُ الْحَكَمَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا تَخْصِيصُ الْأَوَّلِ بِالصَّغِيرِ وَتَصْدِيقُ الْكَبِيرِ وَالثَّانِي بِسُكُوتِ الْكَبِيرِ وَأَمَّا كَلَامُ أَصْلِهِ هُنَا فَحَاصِلُهُ أَنَّ كَثِيرِينَ جَوَّزُوا الشَّهَادَةَ بِذَلِكَ عَلَى النَّسَبِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْسُوبُ صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا وَصَدَّقَ أَوْ سَكَتَ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي النَّسَبِ كَالْإِقْرَارِ وَأَنَّ الَّذِي أَجَابَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْمَنْعُ وَإِنَّمَا يَشْهَدُ بِالْإِقْرَارِ قَالَ وَهَذَا قِيَاسٌ ظَاهِرٌ وَعَبَّرَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ الظَّاهِرُ وَكَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ يَمِيلُ إلَيْهِ أَيْضًا لَكِنْ اخْتَارَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ الْأَوَّلَ وَالْأَوْجَهُ مَا جَوَّزَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي أَنَّ الرَّاجِحَ ثُبُوتُ النَّسَبِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ حَالَ السُّكُوتِ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ أَصْلُهُ هُنَا كَمَا رَأَيْت فَيُخَالِفُ عَكْسَهُ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي جَرَى هُوَ عَلَيْهِ فِي الْإِقْرَارِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَضَيْتَهُ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت فَيَلْزَمُ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِهِ بِهِ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ قُلْت لَا نُسَلِّمُ لِجَوَازِ أَنْ يُصَدِّقَهُ   [حاشية الرملي الكبير] النَّظَرُ وَهُوَ يَسْتَبْعِدُ تَذَكُّرَهَا إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ وَهَذَا وَاضِحٌ وَإِنْ سَكَتُوا عَنْهُ ر. (قَوْلُهُ جَازَ أَنْ يُسَجِّلَ بِالْحِلْيَةِ) التَّسْجِيلُ بِالْحِلْيَةِ مُشْكِلٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّذَكُّرَ عِنْدَ حُضُورِهِمَا فَصَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ الْمُكَاتَبَةَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ إذَا غَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهُ وَيُقَابِلُ حِلْيَتَهُ بِهِ وَيُلْزِمُهُ بِهِ إنْ أَنْكَرَ فَفِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ قُلْت وَكَذَا إنْ كَانَ الْغَرَضُ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْإِثْبَاتِ وَالْحُكْمِ ثَانِيًا وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَقُولُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالدَّفْنِ وَتَنْزِيلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يَأْبَاهُ كَلَامُهُمْ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الْحِلْيَةَ فِي الْمَجْهُولِ الِاسْمَ وَالنَّسَبَ كَالْمَعْرُوفِ لَكِنْ يَشْهَدُ لَهُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي بَابِ التَّحَفُّظِ فِي الشَّهَادَةِ إنَّ تَحْلِيَةَ الشُّهُودِ يَرُدُّ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَجْهُولًا قَالَ قَوْمٌ تَجِبُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْمَعْرِفَةِ وَقَالَ آخَرُونَ يَمْنَعُ مِنْهُ لِأَنَّ الْحُلِيَّ قَدْ تَشْتَبِهُ وَقَالَ الْجُمْهُورُ هِيَ اسْتِظْهَارُ بَاعِثٍ عَلَى التَّذَكُّرِ كَالْخَطِّ وَالْقَبَالَةِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْأَدَاءِ اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ التَّعْوِيلِ عَلَيْهِ فِي. الْحُكْمِ مِنْ طَرِيقِ أَوْلَى فَلْيَكُنْ الْعَمَلُ عَلَيْهِ ر (قَوْلُهُ لِأَنَّ نَسَبَ الشَّخْصِ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ مَمْنُوعٌ لِأُمُورٍ مِنْهَا قَوْلُهُمْ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فِيمَا إذَا شَهِدَ شُهُودُ الْكِتَابِ عَلَى الْمُسَمَّى فِيهِ لَا عَلَى عَيْنِهِ فَاعْتَرَفَ الْمُحْضَرُ بِأَنَّ ذَلِكَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ أَوْ أَنْكَرَ وَنَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ تَوَجَّهَ لَهُ الْحُكْمُ فَدَلَّ عَلَى ثُبُوتِ نَسَبِهِ بِإِقْرَارِهِ وَمِنْهَا مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يُسْأَلُ عَنْ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَيْهِ وَمِنْهَا أَنَّ النَّاسَ مُؤْتَمَنُونَ عَلَى أَنْسَابِهِمْ وَمَنْ ائْتَمَنَ عَلَى شَيْءٍ رُجِعَ إلَيْهِ فِيهِ قُلْت إنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا عَلَيْهِ لَا فِيمَا لَهُ وَلَوْ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِإِقْرَارِهِ لَاسْتَحَقَّ الْمَسْطُورَ الَّذِي أَقَرَّ فِيهِ لِشَخْصٍ مُسَمًّى مَنْسُوبٍ بِدَعْوَاهُ أَنَّهُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَالْمَنْسُوبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَا مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ) (قَوْلُهُ أَوْ الْقَبِيلَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ) عِبَارَةُ النَّصِّ شَرْطُ ذَلِكَ أَنْ يَتَظَاهَرَ الْخَبَرُ زَمَانًا طَوِيلًا بِمَنْ يَصْدُقُ وَلَا يَكُونُ هُنَاكَ دَافِعٌ وَلَا مُنَازِعٌ وَلَا دَلَالَةٌ يُرْتَابُ بِهَا (تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ فُلَانًا حُرُّ الْأَصْلِ لَمْ يَسَعْهُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَكُنْ عَرَفَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ حُرَّيْنِ بِأَنْ رَأَى فِي بَلَدٍ رَجُلًا تَزَوَّجَ بِحُرَّةٍ وَحَدَثَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْ الْوِلَادَةَ فَيَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ هَذَا حُرُّ الْأَصْلِ كَمَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ إذَا حَدَثَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ غَرِيبًا دَخَلَ بَلَدًا وَأَقَامَ بِهِ سِنِينَ وَلَمْ يَعْرِفْ فِي الْأَصْلِ أَنَّ أَبَوَيْهِ كَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ حُرَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ إلَّا إذَا وَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ. (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مَا جَوَّزَهُ الْمُصَنِّفُ) هُوَ الرَّاجِحُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 367 بَعْدَ سُكُوتِهِ فَيُنْكِرُ إقْرَارَهُ فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِهِ لِيَثْبُتَ النَّسَبُ (فَرْعٌ يَثْبُتُ أَيْضًا بِالِاسْتِفَاضَةِ الْمَوْتُ) كَالنَّسَبِ وَلِأَنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ فَمِنْهَا مَا يَخْفَى وَمِنْهَا مَا يَظْهَرُ وَقَدْ يَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا فَجَازَ أَنْ يُعْتَمَدَ عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ وَيَثْبُتُ بِهَا (الْوَلَاءُ وَالْعِتْقُ وَالْوَقْفُ وَالزَّوْجِيَّةُ) لِأَنَّهَا أُمُورٌ مُؤَبَّدَةٌ فَإِذَا طَالَتْ مُدَّتُهَا عَسِرَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ابْتِدَائِهَا فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالِاسْتِفَاضَةِ وَلِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْحَاصِلِ بِالْعَقْدِ فَأَشْبَهَتْ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي كُتُبِهِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى إنَّمَا هُوَ الْمَنْعُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَوَّلِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ لَا يَثْبُتُ بِهَا شُرُوطُ الْوَقْفِ وَتَفَاصِيلُهُ بَلْ إنْ كَانَ وَقْفًا عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ عَلَى مَدْرَسَةٍ مَثَلًا وَتَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الشُّرُوطِ صَرَفَ النَّاظِرُ الْغَلَّةَ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ مَصَالِحِهَا انْتَهَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ بَلْ الْأَرْجَحُ فِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فَإِنَّهُ قَالَ يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَنَّ هَذَا وَقْفٌ لَا أَنَّ فُلَانًا وَقَفَهُ قَالَ وَأَمَّا الشُّرُوطُ فَإِنْ شَهِدَ بِهَا مُنْفَرِدَةً لَمْ تَثْبُتْ بِهَا وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي شَهَادَتِهِ بِأَصْلِ الْوَقْفِ سُمِعَتْ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ حَاصِلُهُ إلَى بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْوَقْفِ انْتَهَى وَمَا قَالَهُ بِهِ النَّوَوِيُّ قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ (فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِفَاضَةِ أَنْ يَسْمَعَ) الشَّاهِدُ (مِنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُمْ وَيُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ) فَلَا يَكْفِي سَمَاعُهُ مِنْ عَدْلَيْنِ نَعَمْ لَوْ أَشْهَدَاهُ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا (وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُمْ وَحُرِّيَّتُهُمْ وَذُكُورِيَّتُهُمْ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ (فَصْلٌ مَنْ رَأَى رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ فِي يَدِهِ مُتَمَيِّزٍ) عَنْ أَمْثَالِهِ (كَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَاسْتَفَاضَ فِي النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِهِ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَبَبَهُ وَلَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ (وَكَذَا) يَجُوزُ ذَلِكَ (لَوْ انْضَمَّ إلَى الْيَدِ تَصَرُّفُ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ) وَلَوْ (بِغَيْرِ الِاسْتِفَاضَةِ) لِأَنَّ امْتِدَادَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفَ بِلَا مُنَازِعٍ يُغَلِّبُ ظَنَّ الْمِلْكِ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ تَعَيُّنُ التَّسَامُعِ فِيمَا مَرَّ فِي بَابِ اللَّقِيطِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَآهُ يَسْتَخْدِمُ صَغِيرًا لَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ الشَّهَادَةُ لَهُ بِالْمِلْكِ حَتَّى يَسْمَعَ مِنْهُ وَمِنْ النَّاسِ أَنَّهُ لَهُ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَفَرَّقَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ وُقُوعَ الِاسْتِخْدَامِ فِي الْأَحْرَارِ كَثِيرٌ مَعَ الِاحْتِيَاطِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَخَرَجَ بِالْمُتَمَيِّزِ غَيْرُهُ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْحُبُوبِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَتَمَاثَلُ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهَا بِالْمِلْكِ وَلَا بِالْيَدِ (وَلَا يَكْفِي) فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ (يَدٌ مُجَرَّدَةٌ وَلَا تَصَرُّفٌ مُجَرَّدٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ الْمَوْتِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْزُوَ مَوْتَهُ إلَى أَسْبَابِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ كَمَا لَا يُعَيَّنُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ إلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ الْمِيرَاثَ فَيَجُوزُ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ يُسْتَحَقُّ بِالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَكِلَاهُمَا بِالِاسْتِفَاضَةِ (قَوْلُهُ وَالْوَقْفِ) أَيْ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّهُ عِنْدِي فِيمَا إذَا أُضِيفَ إلَى مَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَأَمَّا مُطْلَقُ الْوَقْفِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهُ وَقَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَاسْتَفَاضَ أَنَّهُ وَقْفٌ وَهُوَ وَقْفٌ بَاطِلٌ وَهَذَا مِمَّا لَا تَوَقُّفَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالزَّوْجِيَّةِ) لَوْ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ الصَّدَاقُ فَهَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ قَوْلُهُ فَهَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بَلْ الْأَرْجَحُ فِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) وَنُقِلَ مِنْ خَطِّ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِالنَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ الْفُلَانِيِّ لِزَيْدٍ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْوَاقِفِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ وَالشُّرُوطَ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إطْلَاقُ أَنَّ الشُّرُوطَ بِالِاسْتِفَاضَةِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَالشُّرُوطُ لَا تَسْتَفِيضُ أَصْلًا فَإِنْ اتَّفَقَ شَرْطٌ يَسْتَفِيضُ غَالِبًا كَكَوْنِهِ وَقْفًا عَلَى حَرَمِ مَكَّةَ وَنَحْوِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي ثُبُوتِ أَصْلِ الْوَقْفِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا يَقْتَضِيه وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ حُدُودِ الْعَقَارِ فَإِنَّ الْحُدُودَ لَا تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَسْجِيلٍ لَهُ فِي بِرْكَةِ الْحَبَشِ وُقِفَتْ عَلَيْهِ وَفِيهِ وَلَمْ يُثْبِتْ حُدُودَهَا إذْ الْحُدُودُ لَا تَثْبُتُ عِنْدَهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ غَيْرَ أَنَّ الْحُدُودَ لَا تَسْتَفِيضُ وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا يَقْتَضِي ثُبُوتَهَا بِهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي شَهَادَتِهِ بِأَصْلٍ) فِي مَعْرِضِ بَيَانِ شُرُوطِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ مَا أَجَابَ بِهِ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُمْ) عِلْمًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا وَلَوْ بِانْضِمَامِ الْقَرَائِنِ (قَوْلُهُ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهَا عَلَى الْكَذِبِ) فَيَكْفِي حُصُولُ الظَّنِّ الْغَالِبِ لِأَنَّ النَّسَبَ غَيْرُ مَحْسُوسٍ وَالتَّوَاتُرَ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ فِي غَيْرِ الْمَحْسُوسِ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّهَادَةِ اعْتِمَادُ الْيَقِينِ وَإِنَّمَا يُعْدَلُ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوُصُولِ إلَيْهِ إلَى ظَنٍّ يَقْرَبُ مِنْهُ عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ) ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بَحْثًا وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ. (تَنْبِيهٌ) وَمِمَّا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَكَذَا الْإِعْسَارُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالرُّشْدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِنَّ فُلَانًا وَارِثُ فُلَانٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْغَصْبُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَفِيمَا عُلِّقَ عَنْ الْقَاضِي مَوْهُوبٍ الْجَزَرِيِّ يَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ فِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ مَوْضُوعًا وَهِيَ النَّسَبُ وَالْمَوْتُ وَالنِّكَاحُ وَالْوَلَاءُ وَوِلَايَةُ الْقَاضِي وَعَزْلُهُ وَالرَّضَاعُ وَتَضَرُّرُ الزَّوْجِ وَالصَّدَقَاتُ وَالْأَشْرِبَةُ وَالسَّفَهُ وَالْأَحْبَاسُ وَالتَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَالْإِسْلَامُ وَالْكُفْرُ وَالرُّشْدُ وَالْحَمْلُ وَالْوِلَادَةُ وَالْوَصَايَا وَالْحُرِّيَّةُ وَالْقَسَامَةُ. اهـ. وَكَانَ الْمُرَادُ بِالْقَسَامَةِ ثُبُوتُ اللَّوْثِ وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَهُوَ ضَعِيفٌ بَلْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ وَقَوْلُهُ وَالرَّضَاعُ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ أَنَّ الرَّضَاعَ مِمَّا تَتَوَقَّفُ الشَّهَادَةُ فِيهِ عَلَى الْإِبْصَارِ. [فَصْلٌ رَأَى رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ فِي يَدِهِ كَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَاسْتَفَاضَ فِي النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ] (فَصْلٌ مَنْ رَأَى رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ فِي يَدِهِ) . (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَبَبَهُ) لَا عِبْرَةَ بِاسْتِفَاضَةِ سَبَبِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ إلَّا الْمِيرَاثَ لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَكِلَاهُمَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَسْمَعَ مِنْهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا سَمَاعُهُ مِنْهُ وَحْدَهُ لَا اعْتِبَارَ بِهِ وَالْمَدَارُ عَلَى سَمَاعِهِ مِنْ النَّاسِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ فَلَعَلَّ مَا فِي الْعُبَابِ تَصْوِيرٌ (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ وُقُوعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 368 وَلَا هُمَا) مَعًا (دُونَ طُولِ الْمُدَّةِ) وَالِاسْتِفَاضَةِ لِأَنَّ الْيَدَ الْمُجَرَّدَةَ قَدْ تَكُونُ عَنْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ وَالتَّصَرُّفُ الْمُجَرَّدُ قَدْ يَكُونُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ غَاصِبٍ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ فِيهِمَا بِالْيَدِ. (وَلَوْ تَجَرَّدَتْ الِاسْتِفَاضَةُ لَمْ يَشْهَدْ) بِهَا الشَّاهِدُ عَلَى الْمِلْكِ (حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهَا إمَّا يَدٌ أَوْ تَصَرُّفٌ مَعَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ) فِيهِمَا كَمَا لَا يَشْهَدُ بِهَا عَلَى أَسْبَابِ الْمِلْكِ (فَإِنْ انْضَمَّا) أَيْ الْيَدُ وَالتَّصَرُّفُ (إلَيْهَا) أَيْ الِاسْتِفَاضَةِ (لَمْ يُشْتَرَطْ طُولُ الْمُدَّةِ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَحْدَهَا هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّهِ فِي حَرْمَلَةَ وَعَنْ اخْتِيَارِ الْقَاضِي وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ إنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَ وَالْأَقْرَبُ إلَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ الِاكْتِفَاءُ بِهَا كَالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ انْتَهَى وَنَصَّ عَلَى الثَّانِي أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ خَيْرَانَ وَنَقَلَ الْمِنْهَاجُ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ وَجَزَمَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ (وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ) بِالْمِلْكِ بِنَاءً (عَلَى الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ) مَعَ مَا ذُكِرَ (أَنْ لَا يُعَارِضَهَا مُنَازِعٌ) فِي الْمِلْكِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِهِ إذْ ظَنُّ الْمِلْكِ إنَّمَا يَحْصُلُ حِينَئِذٍ (وَيُرْجَعُ فِي مَعْرِفَةِ طُولِ مُدَّةِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ إلَى الْعُرْفِ وَلَا يَكْفِي الشَّاهِدُ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَنْ يَقُولَ سَمِعْت النَّاسَ) يَقُولُونَ كَذَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ مَبْنِيَّةً عَلَيْهَا (بَلْ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ لَهُ أَوْ أَنَّهُ ابْنُهُ) مَثَلًا (لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ خِلَافَ مَا سَمِعَ) مِنْ النَّاسِ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَلَا يَذْكُرُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْحَاكِمِ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِ مِنْ تَسَامُعٍ أَوْ رُؤْيَةِ يَدٍ أَوْ تَصَرُّفٍ زَائِدٍ فَلَوْ ذَكَرَهُ بِأَنْ قَالَ أَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ أَنَّ هَذَا مَلَكَ زَيْدًا وَأَشْهَدُ أَنَّهُ مَلَكَهُ لِأَنِّي رَأَيْته يَتَصَرَّفُ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالشَّهَادَةِ. وَيُوَافِقُهُ مَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ فِي شَهَادَتِهِ بِالْمِلْكِ بِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الِاسْتِصْحَابَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّضَاعِ عَلَى امْتِصَاصِ الثَّدْيِ وَحَرَكَةِ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ حَمْلُهُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَلِلْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ مَا مَرَّ قَبْلَ بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ الْمُسْتَنَدِ مِنْ تَسَامُعٍ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِقَادِحٍ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ بِذِكْرِهِ تَرَدُّدٌ فِي الشَّهَادَةِ فَإِنْ ذَكَرَهُ لِتَقْوِيَةٍ أَوْ حِكَايَةِ حَالٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ (فَرْعٌ التَّصَرُّفُ الْمُعْتَبَرُ) هُنَا تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ (كَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالْبَيْعِ وَالْفَسْخِ بَعْدَهُ وَكَذَا الْإِجَارَةُ أَوْ الرَّهْنُ) لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ (وَلَا يَكْفِي) التَّصَرُّفُ (مَرَّةً) وَاحِدَةً لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ ظَنًّا (وَلَا يَثْبُتُ دَيْنٌ بِاسْتِفَاضَةٍ) لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ فِي قَدْرِهِ كَذَا عَلَّلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِلْكَ الْحِصَصِ مِنْ الْأَعْيَانِ لَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ قَالَ وَالْوَجْهُ الْقَائِلُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ بِالِاسْتِفَاضَةِ قَوِيٌّ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلنَّوَوِيِّ تَرْجِيحُهُ كَمَا رَجَّحَ ثُبُوتَ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ بِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (وَلَوْ شَهِدَ الْأَعْمَى بِالِاسْتِفَاضَةِ جَازَ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينٍ) وَإِشَارَةٍ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ عَلَى السَّمَاعِ وَالْأَعْمَى فِيهِ كَالْبَصِيرِ (بِأَنْ شَهِدَ عَلَى مَعْرُوفٍ) بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ (أَوْ) شَهِدَ (لَهُ بِنَسَبٍ مُرْتَفِعٍ) أَوْ بِنَسَبٍ أَدْنَى وَصَوَرُهُ بِأَنْ يَصِفَ الشَّخْصُ فَيَقُولُ الرَّجُلُ الَّذِي اسْمُهُ كَذَا وَكُنْيَتُهُ كَذَا وَمُصَلَّاهُ كَذَا وَسَكَنُهُ كَذَا هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ثُمَّ يُقِيمُ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أُخْرَى أَنَّهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ وَالْأَقْرَبُ إلَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَنَقَلَهُ الشَّاشِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ نَصًّا وَحَكَى قَبْلَ ذَلِكَ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْسُوبُ إلَى الْعِرَاقِيِّينَ وَبِهِ جَزَمَ الْفُورَانِيُّ وَحَكَى جَمَاعَةٌ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِهِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ التَّحَفُّظِ فِي الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ خَيْرَانَ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يُعَارِضَهَا مُنَازِعٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ رِيبَةً تُوجِبُ التَّوَقُّفَ كَمَا لَوْ قِيلَ أَصْلُهُ كَانَ وَقْفًا أَوْ رَهْنًا أَوْ غَصْبًا أَوْ قَالَ ذُو الْيَدَانِ هَذِهِ مِلْكٌ لِرَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ أَوْ إنَّهَا لَيْسَتْ لِي ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ مِلْكِيَّتَهَا فَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ وَادَّعَاهَا مِلْكًا لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ سَمِعْت النَّاسَ) أَيْ أَشْهَدُ أَنِّي (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ حَمْلُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِلْجَمِيعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ إلَخْ) وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ ذَكَرَهُ لِتَقْوِيَةٍ أَوْ حِكَايَةِ حَالٍ إلَخْ) بِأَنْ بَتَّ شَهَادَتَهُ ثُمَّ قَالَ مُسْتَنِدِي الِاسْتِفَاضَةُ أَوْ الِاسْتِصْحَابُ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي شَهَادَةِ الْجَرْحِ يَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ رُؤْيَةِ الْجَرْحِ أَوْ سَمَاعِهِ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ فَيَقُولُ رَأَيْته يَزْنِي أَوْ سَمِعْته يَقْذِفُ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَقُولُ فِي الِاسْتِفَاضَةِ اسْتَفَاضَ عِنْدِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَحَاصِلُهُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِهِ [فَرْعٌ التَّصَرُّفُ الْمُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِفَاضَةُ] (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ) يُشْبِهُ أَنَّ مَحِلَّهُ فِيمَنْ لَا يُبَاشِرُ أَمْلَاك النَّاسِ نِيَابَةً عَنْهُمْ كَجُبَاةِ أَمْلَاك الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِالْإِجَارَةِ وَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَقَبْضِ الْأُجْرَة وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِنْ قِيَامِ الْأَيْتَامِ وَالْوُقُوفِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ هَؤُلَاءِ تَطُولُ مُدَّةُ أَيْدِيهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ فِي أَمْلَاك النَّاسِ غَالِبًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَشْهَدُ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ خَبِيرًا بِبَوَاطِنِ أَحْوَالِهِمْ مُمَيِّزًا بَيْنَ مَا هُوَ لَهُمْ وَمَا هُوَ لِغَيْرِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ غ وَقَوْلُهُ يُشْبِهُ أَنَّ مَحِلَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي التَّصَرُّفُ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) أَوْ مَرَّاتٍ فِي مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ دَيْنٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ) قَالَ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ لَوْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا هَلْ كَانَ لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فِيهِ وَجْهَانِ قُلْت الصَّوَابُ الْجَوَازُ غ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] وَقَوْلُهُ {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] وَكَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا كَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ فِي قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَقَدْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ خُزَيْمَةُ وَجَعَلَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَقَدْ اعْتَمَدَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى إخْبَارِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إنْ مَلَكَ الْحِصَصَ مِنْ الْأَعْيَانِ إلَخْ) كَهَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ رُبْعُهَا لِزَيْدٍ وَثُمْنُهَا لِعَمْرٍو وَسُدُسُهَا لِبَكْرٍ (قَوْلُهُ وَصُوَرُهُ) أَيْ النَّسَبِ الْأَدْنَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 369 الَّذِي اسْمُهُ كَذَا وَكُنْيَتُهُ كَذَا إلَى آخِرِ الصِّفَاتِ (أَوْ) شَهِدَ لَهُ (بِمِلْكِ دَارٍ مَعْرُوفَةٍ أَوْ أَرْضٍ مَعْرُوفَةٍ فَرْعٌ مَا شَهِدَ بِهِ) الشَّاهِدُ (اعْتِمَادًا عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ جَازَ الْحَلِفُ عَلَيْهِ) اعْتِمَادًا عَلَيْهَا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْحَلِفُ عَلَى خَطِّ الْأَبِ دُونَ الشَّهَادَةِ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ حَرَامٌ) الْآيَةَ {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] وَلِأَنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ أَدَاؤُهَا (وَيَجِبُ الْأَدَاءُ) لَهَا (عَلَى مُتَعَيَّنٍ) لَهَا وَعَلَى (غَيْرِهِ إنْ دُعِيَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (لِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ) وَهِيَ كَمَا سَيَأْتِي مَسَافَةُ الْعَدْوَى فَأَقَلَّ (وَلَا عُذْرَ لَهُ) مِنْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَهُوَ عَدْلٌ) فَإِنْ لَمْ يُدْعَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ إلَّا فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ بَقِيَّةِ الْمَفَاهِيمِ (فَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ) مِنْ اثْنَيْنِ (وَامْتَنَعَ الْآخَرُ) بِلَا عُذْرٍ (وَقَالَ) لِلْمُدَّعِي (احْلِفْ مَعَهُ عَصَى) وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَرَى الْقَضَاءَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ إذْ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِشْهَادِ التَّوَرُّعُ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ (وَكَذَا شَاهِدَا رَدِّ الْوَدِيعَةِ) إذَا امْتَنَعَا مِنْ الْأَدَاءِ وَقَالَا لِلْمُودَعِ احْلِفْ عَلَى الرَّدِّ يَعْصِيَانِ (وَإِنْ صَدَقَ) الْمُودَعُ (فِي الرَّدِّ بِيَمِينِهِ) وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي الْوَاقِعَةِ (إلَّا شَاهِدٌ) وَاحِدٌ (لَزِمَهُ الْأَدَاءُ إنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) وَكَانَ الْقَاضِي يَرَى الْحُكْمَ بِهِمَا (وَإِلَّا فَلَا) يَلْزَمُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (وَيَجِبُ الْأَدَاءُ) عَلَى الشَّاهِدَيْنِ (وَإِنْ تَحَمَّلَاهَا اتِّفَاقًا) بِأَنْ وَقَعَ السَّمَاعُ أَوْ الرُّؤْيَةُ اتِّفَاقًا (لَا قَصْدًا) لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا فَعَلَيْهِ أَدَاؤُهَا كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثُمَّ بَيَّنَ بَقِيَّةَ مَفَاهِيمِ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ فَقَالَ. (فَإِنْ دُعِيَ لِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهِ (الْأَدَاءُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] وَلِلْمَشَقَّةِ وَلِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ حِينَئِذٍ (وَحَدُّ الْقُرْبِ مَا يَعُودُ فِيهِ) بِمَعْنًى مِنْهُ (الْمُبَكِّرُ مِنْ يَوْمِهِ) أَيْ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُبَكِّرُ إلَيْهِ مِنْ عَوْدِهِ إلَى مَحِلِّهِ فِي يَوْمِهِ (لَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ) تَمَامِ (مَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَلَوْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ إلَى فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لِلْأَدَاءِ لِمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذْ ادَّعَاهُ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ الْحَاكِمُ وَلَيْسَ فِي عَمَلِهِ فَإِنْ دَعَاهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ فِي عَمَلِهِ أَوْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَجِبَ حُضُورُهُ وَقَدْ اسْتَحْضَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الشُّهُودَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْمَدِينَةِ وَرُوِيَ مِنْ الشَّامِ أَيْضًا وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِي الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ دُونَ غَيْرِهِ (وَإِنَّمَا يَجِبُ الْأَدَاءُ عَلَى الْعَدْلِ فَلَوْ أُجْمِعَ عَلَى فِسْقِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ خَفِيَ فِسْقُهُ) لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ بَاطِلٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي تَحْرِيمِ الْأَدَاءِ مَعَ الْفِسْقِ الْخَفِيِّ نَظَرٌ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِحَقٍّ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا إثْمَ عَلَى الْقَاضِي إذَا لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي الْأَدَاءِ إنْقَاذُ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ قَالَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفِسْقِ الظَّاهِرِ بِأَنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ بِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبِالظَّاهِرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ وَصَرَّحَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فَهْمًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ وَقَالَ إنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَنَقَلَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يُوَافِقُهُ وَقَدْ قَدَّمْته   [حاشية الرملي الكبير] الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُدُودِهِ وَأَدَائِهَا) (قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْأَدَاءُ عَلَى مُتَعَيِّنٍ لَهَا) بِأَنْ لَمْ يَتَحَمَّلْ غَيْرَهَا أَوْ مَاتَ الْبَاقُونَ أَوْ جُنُّوا أَوْ فَسَقَوْا أَوْ مَرِضُوا أَوْ غَابُوا أَوْ كَانُوا مَعْذُورِينَ بِأَمْرٍ آخَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] أَيْ لِلتَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ كَمَا قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَوْ لِلْأَدَاءِ كَمَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ أَوْ لِلتَّحَمُّلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لَوْ دُعِيَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فِي الْقَتْلِ عَمْدًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِلْقِصَاصِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِيَثْبُتَ بِهَا اللَّوْثُ (قَوْلُهُ أَيْ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُبَكِّرُ إلَيْهِ مِنْ عَوْدِهِ إلَى مَحِلِّهِ فِي يَوْمِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي أَوَائِلِ اللَّيْلِ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَنْتَهِي بِهِ سَفَرُ النَّاسِ غَالِبًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يُبَيِّنُوا مِقْدَارَ الْإِقَامَةِ فِي الْمُحَاكَمَةِ وَعِنْدِي أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ بُكْرَةً وَاشْتَغَلَ بِالْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْعَادَةِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ لَيْلًا عَلَى مَا فَسَّرْنَاهُ فَهُوَ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لِأَنَّ الْفَوْرَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى زَمَنِ الْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْعَادَةِ يُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ الَّذِي رَاعُوهُ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ لَا مَا بَيْنَهُ) أَيْ مَا يَعُودُ فِيهِ (قَوْلُهُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَجِبَ حُضُورُهُ) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَ وَكَذَا يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَمْكَنَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ كَانَ هُنَاكَ حَاكِمٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَتَعَيَّنَ حُضُورُهُ طَرِيقًا فِي خَلَاصِ الْحَقِّ وَفَصْلِ الْخُصُومَةِ فَإِنْ كَانَ قَدْ تَحَمَّلَ فَيُشْبِهُ اللُّزُومَ لِأَنَّهَا أَدَاءُ أَمَانَةٍ. (قَوْلُهُ فَلَوْ أُجْمِعَ عَلَى فِسْقِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ إلَخْ) وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ أَدَاءَهُ حَمْلُ الْحَاكِمِ عَلَى الْبَاطِلِ إذْ السَّبَبُ الَّذِي يَسْتَنِدُ إلَيْهِ بَاطِلٌ شَرْعًا وَإِنْ وَافَقَ الْحَقَّ بَاطِنًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِحَقٍّ إلَخْ) غَايَةُ مَا يُقَالُ إنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَذَكَرَ الْقَاضِيَانِ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَجَحَدَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ وَلَكِنْ بِيَدِهِ وَثِيقَةٌ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ قَدْ قَبَضَهُ وَالشُّهُودُ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي الْوَثِيقَةِ وَيَقْبِضُهُ قِصَاصًا عَنْ الْمَجْحُودِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الْحُكْمِ بِدَيْنٍ قَدْ بَرِئَ مِنْهُ الْخَصْمُ وَحَمَلَ الشُّهُودُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهِ بَعْدَ سُقُوطِهِ بَاطِنًا وَقَوْلُهُ وَذَكَرَ الْقَاضِيَانِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَصَرَّحَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فَهُمَا) عِبَارَتُهُ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَلِيٍّ قَالَ إنْ كَانَ فِسْقُهُ مَقْطُوعًا بِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَلَوْ شَهِدَ عَصَى وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ خَفِيًّا لِأَنَّهُ يَلْبِسُ الْأَمْرُ عَلَى الْقَاضِي وَتَابَعَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ وَاَلَّذِي فَهِمْته مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَتَلَقَّيْته مِنْ مَدَارِجِ مُصَنَّفَاتِهِمْ أَنَّهُ لَا يَعْصِي وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ وَهِيَ حَقٌّ وَيَجُوزُ لَهُ أَدَاؤُهَا بَلْ يُسْتَحَبُّ وَهُوَ الَّذِي أَرَاهُ صَحِيحًا لَا رَيْبَ فِيهِ وَمِمَّنْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَصَاحِبُهُ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ اهـ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ) أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يُوَافِقُهُ وَقَالَ إنَّهُ الْمُخْتَارُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 370 فِي الْكَلَامِ عَلَى عَدَمِ التُّهْمَةِ. (أَمَّا لَوْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى فِسْقِهِ) بِأَنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ (فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَاضِي يَرَى التَّفْسِيقَ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ بِهِ أَمْ لَا فَقَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ وَيَرَى قَبُولَهَا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ عَدَمُ اللُّزُومِ إنْ كَانَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا يُفَسِّقُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَ مُقَلَّدِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ مِثْلِ هَذَا الْجَوَازِ بَعِيدٌ (وَلَوْ كَانَ مَعَ الْمُجْمَعِ عَلَى فِسْقِهِ عَدْلٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إلَّا فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِيمَا عَدَاهُ (وَهَلْ يَجُوزُ لِعَدْلٍ أَنْ يَشْهَدَ بِبَيْعٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى إثْبَاتَ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ) وَهُوَ لَا يَرَاهُ أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَفْقَهُهُمَا الْجَوَازُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عِنْدَ الْقَاضِي بِمَا يَعْتَقِدُهُ دُونَهُ كَشُفْعَةِ الْجِوَارِ وَذِكْرُ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ مِثَالٌ وَالضَّابِطُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُرَتِّبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْتَقِدُهُ هُوَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَأَمَّا الْمَرِيضُ وَنَحْوُهُ) كَالْخَائِفِ عَلَى مَالِهِ (إذَا شَقَّ عَلَيْهِ الْحُضُورُ) لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ (فَلَا يُكَلِّفُ) لَهُ (بَلْ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ يَبْعَثُ) إلَيْهِ (الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعُهَا) دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْهُ (وَالْمُخَدَّرَةُ كَالْمَرِيضِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَغَيْرُهَا) مِنْ النِّسَاءِ (تَحْضُرُ) وَتُؤَدِّي (وَيَجِبُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا الزَّوْجُ) لِتُؤَدِّي الْوَاجِبَ عَلَيْهَا (وَلَا يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ وَهُوَ فِي) أَكْلِ (طَعَامٍ أَوْ) فِي (حَمَّامٍ أَوْ صَلَاةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَنْ يَقْطَعَهُ لِلْأَدَاءِ بَلْ يُتِمُّهُ ثُمَّ يَمْضِي) لَهُ. (وَلَوْ رَدَّ قَاضٍ شَهَادَتَهُ لِجَرْحِهِ ثُمَّ دُعِيَ إلَى قَاضٍ آخَرَ) لِيُؤَدِّيَ عِنْدَهُ (لَا) إنْ دُعِيَ (إلَيْهِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا وَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ) لِلشَّهَادَةِ (وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي جَائِرًا) أَوْ مُتَعَنِّتًا وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ لَا يَأْمَنُ أَنْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ جَوْرًا أَوْ تَعَنُّتًا فَيَتَعَيَّرُ بِذَلِكَ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ (عِنْدَ أَمِيرٍ وَنَحْوِهِ) كَوَزِيرٍ (إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَصِلُ بِهِ إلَى الْحَقِّ) بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِأَدَائِهِ عِنْدَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْشِيحِ قَالَ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَصِلُ إلَى ذَلِكَ بِالْقَاضِي فَلَا وَجْهَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِسَمَاعِهَا وَقَدْ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ بِأَنَّ مَنْصِبَ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ يَخْتَصُّ بِالْقُضَاةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ دُعِيَ إلَى مَنْ لَا يَعْتَقِدُ انْعِقَادَ وِلَايَتِهِ لِجَهْلٍ أَوْ فِسْقٍ لَزِمَهُ. (فَرْعٌ لَوْ امْتَنَعَ) الشَّاهِدُ (مِنْ الْأَدَاءِ حَيَاءً) مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ (عَصَى وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ إلَى أَنْ تَصِحَّ تَوْبَتُهُ وَلَوْ قَالَ) الْمُدَّعِي (لِلْقَاضِي شَاهِدِي مُمْتَنِعٌ) مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لِي (عِنَادًا) فَأَحْضَرَهُ لِيَشْهَدَ لَمْ يُجِبْهُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ (سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ لَهُ) أَيْ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ بِالِامْتِنَاعِ بِزَعْمِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ عِنَادًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعُهُ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَخَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ظَالِمٍ (فَرْعٌ لَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلشَّاهِدِ (أَخْذُ رِزْقٍ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ) مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الرَّعِيَّةِ تَبِعَ كَالرَّوْضَةِ فِي عَدَمِ أَخْذِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نَسَخَ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةَ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ تَرْجِيحُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَالْقَاضِي وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِلَا تَفْصِيلٍ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي فِي كِتَابَةِ الصُّكُوكِ (وَلَهُ) بِكُلِّ حَالٍ (أَخْذُ أُجْرَةٍ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى التَّحَمُّلِ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ كَمَا فِي   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ عَدَمُ اللُّزُومِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَنَّ مَعَ الْمُجْمَعِ عَلَى فِسْقِهِ إلَخْ) مَثَلُ الْمُجْمَعِ عَلَى فِسْقِهِ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ كَالْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَالْفَرْعِ لِأَصْلِهِ (قَوْلُهُ أَفْقَهُهُمَا الْجَوَازُ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ كَالْخَائِفِ عَلَى مَالِهِ) أَوْ مِنْ عُقُوبَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ عَدُوٍّ قَاهِرٍ أَوْ فِتْنَةٍ عَامَّةٍ (قَوْلُهُ إذَا شَقَّ عَلَيْهِ الْحُضُورُ) لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ شَدِيدٍ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُرَادُ بِالْمَرَضِ مَا يَعْجَزُ مَعَهُ عَنْ الْحَرَكَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْ مَا يُسْقِطُ وُجُوبَ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْحُضُورِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَقَوْلُهُ أَوْ مَا يُسْقِطُ وُجُوبَ الْجُمُعَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) جَعَلَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي التَّلْقِينِ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنَ مَا تَحَمَّلَهُ يَجِبُ الْحُكْمُ بِهِ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ وَسَبَقَ نَقْلُ الدَّارِمِيُّ لَهُ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ إتْلَافُ خَمْرِ الذِّمِّيِّ وَتَضْمِينُهَا لِلْمُتْلِفِ قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْأَدَاءِ إمَّا مَأْثُومًا مِثْلَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنَّهُ قَتَلَ كَافِرًا وَالْحَاكِمُ عِرَاقِيٌّ حَنَفِيٌّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَدَاءُ لِمَا فِيهِ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ قُلْت وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ أَوْ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ أَوْ بِمَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَيَحُدُّهُ بِالتَّعْرِيضِ وَيُعَزِّرُهُ أَبْلَغُ مِمَّا يُوجِبُهُ الشَّافِعِيُّ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ الْوَجْهُ الَّذِي فِي طَلَبِ الشَّافِعِيِّ نَحْوَ شُفْعَةِ الْجِوَارِ مِنْ الْحَنَفِيِّ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ اللَّهِ لِآدَمِيٍّ أَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ جَمَاعَةٌ لَا يُحْمَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى مَنْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَعْتَقِدُ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّه فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِيمَا سَبَقَ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ الشَّافِعِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يُخَالِفُهُ وَطَالَمَا اشْتَبَهَ عَلَى النُّفُوسِ الشَّدِيدَةِ الْقِيَامُ فِي الْبَاطِلِ بِالْقِيَامِ فِي الْحَقِّ قَالَ وَإِنَّنِي سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ وَاَللَّهِ مَا شَهِدْت عَلَى يَسَارٍ قَطُّ وَلَقَدْ سَمِعْت مِنْهُ مَا لَوْ شَهِدْت عَلَيْهِ لَحَدَدْته وَيَنْبَغِي حَيْثُ مَنَعْنَاهُ إذَا شَهِدَ أَنْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ مُطْلَقًا عِنْدَ ذَلِكَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِيمَنْ كَانَ عَاصِيًا حَالَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ر (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْشِيحِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ دُعِيَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ اجْتِهَادٌ فِي صِحَّةِ التَّقْلِيدِ وَفَسَادِهِ وَلَوْ دُعِيَ الشَّاهِدُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إلَى شَهَادَتَيْنِ بِحَقَّيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ أَيْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَخَيَّرَ فِي إجَابَةِ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَقَّانِ فَإِنْ خِيفَ فَوْتُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَجَبَ الْبِدَارُ إلَى مَا خِيفَ فَوَاتُهُ فَإِنْ لَمْ يُخَفْ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ كَذَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُحْتَمَلُ الْإِقْرَاعُ ر وَأَنْ يُقَالَ يُجِيبُ مَنْ تَحَمَّلَ لَهُ أَوَّلًا وَأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ التَّحَمُّلِ قَصْدًا وَاتِّفَاقًا غ [فَرْعٌ امْتَنَعَ الشَّاهِدُ مِنْ الْأَدَاءِ حَيَاءً] (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ إلَخْ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِلَا تَفْصِيلٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 371 تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ. هَذَا (إنْ دُعِيَ لَهُ) فَإِنْ تَحَمَّلَ لِمَكَانِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَمَحِلُّهُ أَيْضًا أَنْ لَا تَكُونَ الشَّهَادَةُ مِمَّا يَبْعُدُ تَذَكُّرُهَا وَمَعْرِفَةُ الْخَصْمَيْنِ فِيهَا لِأَنَّ بَاذِلَ الْأُجْرَةِ إنَّمَا يَبْذُلُهَا بِتَقْدِيرِ الِانْتِفَاعِ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَإِلَّا فَيَصِيرُ آخِذُهَا عَلَى شَهَادَةٍ يَحْرُمُ أَدَاؤُهَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (لَا) أَخْذُ أُجْرَةٍ (لِلْأَدَاءِ) وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عِوَضًا وَلِأَنَّهُ كَلَامٌ يَسِيرٌ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ وَفَارَقَ الْمُتَحَمِّلَ بِأَنَّ الْأَخْذَ لِلْأَدَاءِ يُوَرِّثُ تُهْمَةً قَوِيَّةً مَعَ أَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ لَا تَفُوتُ بِهِ مَنْفَعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ بِخِلَافِ زَمَنِ التَّحَمُّلِ (إلَّا إنْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ عَدْوَى) فَأَكْثَرَ (فَلَهُ نَفَقَةُ الطَّرِيقِ وَأُجْرَةُ الْمَرْكُوبِ) وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ (لَا لِمَنْ) يُؤَدِّي (فِي الْبَلَدِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ لِلْأَدَاءِ وَهَذَا دَاخِلٌ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ السَّابِقِ وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (إلَّا إنْ احْتَاجَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ فَلَهُ أَخْذُهُ (وَلَهُ صَرْفُ مَا يُعْطِيهِ) لَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ (إلَى غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالنَّفَقَةِ (وَكَذَا مَنْ أَعْطَى شَيْئًا فَقِيرًا لِيَكْسُوَ بِهِ نَفْسَهُ لَهُ) أَيْ لِلْفَقِيرِ (أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكِسْوَةِ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِزِيَادَةٍ فِي بَابِ الْهِبَةِ ثُمَّ إنْ مَشَى الشَّاهِدُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرُّكُوبِ قَدْ يَخْرُمُ الْمُرُوءَةَ فَيَظْهَرُ امْتِنَاعُهُ فِيمَنْ هَذَا شَأْنُهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْبَلَدَيْنِ بَلْ قَدْ يَأْتِي فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ فَيُعَدُّ ذَلِكَ خَرْمًا لِلْمُرُوءَةِ إلَّا أَنْ تَدْعُوهُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَوْ يَفْعَلُهُ تَوَاضُعًا (وَلَا يَلْزَمُ مَنْ قُوتُهُ مِنْ كَسْبِهِ) يَوْمًا يَوْمًا (إذَا شَغَلَهُ عَنْهُ إلَّا بِأُجْرَةِ مُدَّتِهِ) أَيْ الْأَدَاءِ لَا بِقَدْرِ كَسْبِهِ فِيهَا وَإِنْ عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَبِمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَبَّرَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (فَرْعٌ كَتْبُ الصُّكُوكِ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِيمَا إذَا طَلَبَ الْخَصْمُ مِنْ الْقَاضِي كِتَابًا بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَوْ حَكَمَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَإِنَّمَا كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي حِفْظِ الْحُقُوقِ وَلَهُ أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي التَّذَكُّرِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْخَطِّ وَحْدَهُ (وَلِكَاتِبِهَا رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يُرْزَقْ) مِنْهُ لِذَلِكَ (فَلَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْكَتْبُ لِطُولِ زَمَنِهِ كَمَا فِي التَّحَمُّلِ (فَصْلٌ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي النِّكَاحِ) لِتَوَقُّفِ انْعِقَادِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ امْتَنَعَ الْجَمِيعُ مِنْهُ أَثِمُوا (وَلَوْ طَلَبَ) شَخْصٌ (اثْنَيْنِ) لِلتَّحَمُّلِ (وَهُنَاكَ غَيْرُهُمَا لَمْ يَتَعَيَّنَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَ الْأَدَاءَ مِنْ اثْنَيْنِ تَحَمَّلَا مَعَ غَيْرِهِمَا شَهَادَةً فَإِنَّهُمَا يَتَعَيَّنَانِ لِأَنَّهُمَا تَحَمَّلَا أَمَانَةً فَيَلْزَمُهُمَا أَدَاؤُهَا عِنْدَ طَلَبِهَا كَمَا مَرَّ (وَكَذَا سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا) تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فِيهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ لِلْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهَا عِنْدَ التَّنَازُعِ (وَلَا يَلْزَمُهُ إجَابَةُ الدَّاعِي) لَهُ لِيَتَحَمَّلَ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ (مِنْ مَرِيضٍ أَوْ مَحْبُوسٍ أَوْ مُخَدَّرَةٍ أَوْ دَعَاهُ قَاضٍ لِيُشْهِدَهُ عَلَى حُكْمٍ) حَكَمَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ لِلْعُذْرِ وَلِئَلَّا يَحْتَاجَ الْقَاضِي إلَى التَّرَدُّدِ لِأَبْوَابِ الشُّهُودِ فَتَتَعَطَّلَ أَحْوَالُ النَّاسِ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَمَحِلُّهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا لِمَنْ يُؤَدِّي فِي الْبَلَدِ) يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى سَعَةِ الْبَلَدِ حَتَّى إذَا اتَّسَعَتْ اتِّسَاعًا فَاحِشًا يَكُونُ لَهُ أُجْرَةُ الْمَرْكُوبِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ وَأَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى قُدْرَةِ الشَّاهِدِ عَلَى الْمَشْيِ وَعَدَمِهَا وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى سَعَةِ الْبَلَدِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْله وَأَيْضًا يَنْبَغِي إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ مَشَى الشَّاهِدُ مِنْ الْبَلَدِ إلَى الْبَلَدِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرُّكُوبِ قَدْ يَخْرِمُ الْمُرُوءَةَ إلَخْ) وَقَدْ لَا يَخْرِمُهَا لِصَرْفِهِ فِيمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ الرُّكُوبِ مِنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَوَفَاءِ دَيْنِهِ لَا إنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بُخْلًا وَإِيثَارًا لِتَحْصِيلِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ امْتِنَاعُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ يَفْعَلُهُ تَوَاضُعًا) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ مَشْيُهُ رَاجِلًا يُعَادِلُ مَشْيَ الْبَهِيمَةِ فَإِنْ كَانَ بَطِيئًا وَخِيفَ أَنْ لَا يُدْرِكَ الْقَاضِيَ أَوْ اسْتَحَثَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ لِجَلْبِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ تَعَيَّنَ الرُّكُوبُ (قَوْلُهُ وَبِمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَبَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ) إذْ لَوْ طَلَبَ قَدْرَ كَسْبِهِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ لَمْ يَجُزْ [فَصْلٌ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاحِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ) تُطْلَقُ الشَّهَادَةُ عَلَى التَّحَمُّلِ وَعَلَى الْأَدَاءِ وَعَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ وَهِيَ الْمُرَادُ هُنَا فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ بِهِ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ إيجَابِ التَّحَمُّلِ الْحُدُودَ لِأَنَّهَا تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَأَدَاؤُهَا وَاجِبٌ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهِ حَدٌّ عَلَى غَيْرِ الشَّاهِدِ مِثْلَ أَنْ لَا يَكْمُلَ النِّصَابُ إلَّا بِهِ فَإِنْ كَمُلَ دُونَهُ لَمْ يَجِبْ (قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَبَ مِنْ اثْنَيْنِ وَهُنَاكَ غَيْرُهُمَا لَمْ يَتَعَيَّنَا) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ وَاضِحٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يَقْتَضِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ فَقَالَ فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَاسْتَثْنَى ابْنُ يُونُسَ فِي التَّنْبِيهِ مِنْ ذَلِكَ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى لِلنَّدَبِ إلَى سَتْرِهَا وَقَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَتَعَيَّنَا) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ مَا إذَا جَوَّزَا إجَابَةَ غَيْرِهِمَا أَمَّا لَوْ ظَنَّا إجَابَةَ غَيْرِهِمَا فَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَحْبُوسٍ) أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ يُشْهِدُ عَلَى حُكْمٍ حَكَمَ بِهِ) وَكَانَ الشَّاهِدُ مُسْتَجْمِعًا لِشَرَائِط الْعَدَالَةِ مُعْتَقِدًا لِصِحَّتِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَجْمِعٍ لَهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَأَمَّا إذَا دُعِيَ إلَى عَقْدٍ لَا يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ وَغَيْرُهُ يُصَحِّحُهُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ دُعِيَ الشَّافِعِيُّ إلَى شَهَادَةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شُفْعَةُ الْجِوَارِ ثُمَّ رَأَيْت الدَّارِمِيَّ قَالَ إذَا كَانَ يُخَالِفُ الْحَاكِمَ بِمَا يَشْهَدُ بِهِ فَوَجْهَانِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ إنْ كَانَ مُتَحَمِّلًا شَهِدَ وَإِلَّا فَلَا إذَا كَانَ ظَاهِرًا وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْمَرْزُبَانِ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ) يَلْتَحِقُ بِهِ مَا إذَا دَعَا الزَّوْجُ أَرْبَعَةً لِيَتَحَمَّلُوا عَلَى زِنَا زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِجَابَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ قَالَ فَلَوْ دَعَا دُونَ أَرْبَعَةٍ لَمْ تَلْزَمْ الْإِجَابَةُ وَكَذَا لَوْ دَعَا غَيْرُ الزَّوْجِ لَنْ تَلْزَمَ الْإِجَابَةُ وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً نَعَمْ لَوْ دَعَا الْقَاذِفُ أَرْبَعَةً لِيَشْهَدُوا بِالزِّنَا فَفِي وُجُوبِ إجَابَتِهِمْ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا وُجُوبُهُمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 372 (فَصْلٌ مِنْ آدَابِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ (أَنْ لَا يَتَحَمَّلَ) شَهَادَةً (وَبِهِ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ الضَّبْطِ) وَتَمَامِ الْفَهْمِ (مِنْ جُوعٍ وَعَطَشٍ وَهَمٍّ وَغَضَبٍ) وَنَحْوِهَا كَمَا لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَبِهِ شَيْءٌ مِنْهَا (وَلَا يَلْتَفِتُ الشَّاهِدُ عَلَى) بِمَعْنَى إلَى قَوْلِ (مَنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) فَلَا يَتَحَمَّلُ عَلَيْهِ (وَلَا عَلَى) بِمَعْنَى إلَى (كِتَابٍ مُخَالِفٍ لِلْإِجْمَاعِ) فَلَا يُثْبِتُ شَهَادَتَهُ فِيهِ (وَيُبَيِّنُ فَسَادَهُ) أَيْ يُظْهِرُهُ وَيُسْتَثْنَى الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُكُوسِ وَنَحْوِهَا فَتَجُوزُ إذَا قَصَدَ الشَّاهِدُ بِذَلِكَ حِفْظَ الْأَمْوَالِ عَلَى أَرْبَابِهَا بِأَنْ يَشْهَدَ لَهُمْ لِيَرْجِعُوا بِهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ عِنْدَ إمْكَانِهِ بِتَوْلِيَةِ عَادِلٍ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (وَيُثْبِتُ شَهَادَتَهُ عَلَى كِتَابٍ) أُنْشِئَ عَلَى مُخْتَلَفٍ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ (يُخَالِفُ مُعْتَقِدَهُ) لِيُؤَدِّيَ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ وَقِيلَ يَعْرِضُ عَنْهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَى الْكَلِمَةِ الْمَكْرُوهَةِ وَالْمُكَرَّرَةِ) لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَسْبِقْهُ بِالشَّهَادَةِ أَحَدٌ (وَ) أَنْ (يُلْحِقَ) بِالْكِتَابِ (مَا تَرَكَ) وَيُبَيِّنَ فِي رَسْمِ شَهَادَتِهِ إلْحَاقَهُ (وَيُتَمِّمَ السَّطْرَ) النَّاقِصَ (بِخَطَّيْنِ) أَوْ بِخَطٍّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِذَا قَرَأَ) الشَّاهِدُ (الْكِتَابَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ قَرَأَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ. (وَقَالَ) لَهُ (أَشْهَدُ عَلَيْك بِذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ وَنَحْوَهُ) كَأَجَلْ وَجَيْرَ وَبَلَى (كَفَى) فِي التَّحَمُّلِ (لَا إنْ) قَالَ لَهُ فِي الْجَوَابِ إنْ (شِئْت وَنَحْوَهُ) كَالْأَمْرِ إلَيْك أَوْ كَمَا تَرَى أَوْ اسْتَخِرْ اللَّهَ (وَإِذَا شَهِدَ عَلَى كِتَابِ عَقْدٍ) بِدَيْنٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَحْوِهَا (أَقَرَّ بِهِ) مَنْ عَقَدَ عَلَيْهِ (فَلَا يَقُلْ أَشْهَدُ بِذَلِكَ بَلْ) يَقُولُ أَشْهَدُ (بِإِقْرَارِهِ) بِذَلِكَ (وَلْيَكْتُبْ) نَدْبًا فِي الْكِتَابِ الَّذِي تَحَمَّلَ فِيهِ (اسْمَهُ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ) اسْمِ (أَبٍ وَجَدٍّ يُعْرَفُ بِهِ وَإِنْ تَخَطَّى إلَيْهِ) أَيْ إلَى جَدٍّ أَعْلَى يُعْرَفُ هُوَ بِهِ لِشُهْرَتِهِ (فَإِنْ شُورِكَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ (ذَكَرَ الْكُنْيَةَ) لِيَتَمَيَّزَ بِهَا (وَيَأْتِي) نَدْبًا (بِمَا يُفِيدُ التَّذَكُّرَ) كَمَا مَرَّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ (وَ) يَكْتُبُ (فِي السِّجِلِّ أَشْهَدُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي) بِمَا فِيهِ (أَوْ) عَلَى (إنْفَاذِ مَا فِيهِ لَا) عَلَى (إقْرَارِهِ إنْ حَكَمَ) وَهُوَ (عِنْدَهُ) فَإِنْ حَكَمَ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ أَخْبَرَهُ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ (وَيَسْأَلُ) الشَّاهِدَ نَدْبًا فِي كِتَابَةِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ (صَاحِبَ الدَّيْنِ كَمْ هُوَ) وَ (أَمُؤَجَّلًا) هُوَ (أَمْ لَا ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يُجِيبَهُ (يَسْأَلُ الْآخَرَ) أَيْ الْمَدِينِ لِأَنَّهُ لَوْ سَأَلَ الْمَدِينَ أَوَّلًا وَأَقَرَّ فَقَدْ يُنْكِرُ صَاحِبَهُ الْأَجَلَ فَيَقَعُ فِي النِّزَاعِ (وَفِي) كِتَابِهِ (السَّلَمِ يَسْأَلُ) نَدْبًا (الْمُسَلِّمَ أَوَّلًا) عَمَّا ذَكَرَ (خَوْفًا) مِنْ (أَنْ يُنْكِرَ السَّلَمَ) وَيُطَالِبُ بِمَا دَفَعَهُ لَوْ سَأَلَ صَاحِبَهُ أَوَّلًا وَأَقَرَّ (وَيُقْعِدُ الْقَاضِي الشَّاهِدَ) الَّذِي أَتَى إلَيْهِ لِيُؤَدِّيَ عِنْدَهُ (عَنْ يَمِينِهِ وَيَنْظُرُ) الشَّاهِدُ (اسْمَهُ الْمَكْتُوبَ) وَيَتَأَمَّلُهُ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ. (فَإِنْ اُسْتُشْهِدَ) بِأَنْ اسْتَشْهَدَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ (اسْتَأْذَنَ الْقَاضِيَ) نَدْبًا (لِيُصْغِيَ إلَيْهِ فَقَدْ لَا يَسْمَعُهُ فَتَلْغُو) شَهَادَتُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَدْعِيَهُمْ لِلشَّهَادَةِ وَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَبْدَءُوا بِهَا قَالَ وَصِيغَةُ إذْنِ الْقَاضِي أَنْ يَقُولَ بِمَ تَشْهَدُونَ وَلَا يَقُولُ اشْهَدُوا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَيُسْتَحَبُّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يُبَجِّلَ الْقَاضِيَ فِي الْأَدَاءِ فَيَقُولُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ سَيِّدِنَا الْحَاكِمِ وَيَزِيدُ مِنْ أَلْقَابِهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ بِمَا يَقْتَضِيهِ حَالُهُ وَقَدْرُهُ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ بِكَذَا (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ) يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ زَادَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأَمْوَالِ وَقَدْ قَالُوا (مَا ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ غَيْرَ عُيُوبِ النِّسَاءِ) الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ (وَنَحْوِهَا)   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ مِنْ آدَابِ الشَّاهِدِ] قَوْلُهُ مِنْ آدَابِهِ أَنْ لَا يَتَحَمَّلَ وَبِهِ مَا يَشْغَلُهُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا احْتَمَلَ الْحَالُ التَّأْخِيرَ أَوْ كَانَ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَإِلَّا تَحَمَّلَ وَاحْتَاطَ فِي الضَّبْطِ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ بِكَذَا) (تَنْبِيهٌ) إنْشَاءُ الشَّهَادَةِ لَا يَصِحُّ بِالْمَاضِي وَيَصِحُّ بِالْمُضَارِعِ وَالْبَيْعُ بِالْعَكْسِ فَمَا الْفَرْقُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُضَارِعَ قَدْ صَارَ صَرِيحًا فِي الْعُرْفِ فِي إنْشَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْمَاضِي فِي الْبَيْعِ صَارَ صَرِيحًا فِيهِ دُونَ الْمُضَارِعِ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفِدْهُ بِأَصْلِ الْوَضْعِ إذْ ذَاكَ لَا يُفِيدُ إلَّا الْإِخْبَارَ وَلَا بِالْعُرْفِ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِيهِ (مَسْأَلَةٌ) أَقَرَّ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ بِمَالٍ لِرَجُلٍ وَأَقَرَّ بِقَبْضِ الْعِوَضِ وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَ عِوَضًا وَشَهِدَ شَاهِدَانِ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا عَلِمَ أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَقْبِضْ عِوَضًا بَعْدَ أَنْ كَتَبَ خَطَّهُ عَلَى الْمُقَرِّ عَلَيْهِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَالشَّاهِدُ الْآخَرُ يَشْهَدُ عَلَى الْقَرَارِ فَقَطْ فَهَلْ يَبْرَأُ الْمُقِرُّ مِنْ الدَّيْنِ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُقْبِضْ الْمُقِرَّ عِوَضًا وَحَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ الشَّاهِدِ الَّذِي يَشْهَدُ بِالْإِقْرَارِ فَقَطْ وَيَسْتَحِقُّ وَهَلْ تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِعَدَمِ الْإِقْبَاضِ كَمَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِدَيْنٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ إنْ شَهِدَ الشَّاهِدُ عَلَى إقْرَارِ الْمُقَرِّ لَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُقْبِضْ الْمُقِرُّ عِوَضًا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ مَعَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ وَتَنْفَصِلُ الْقَضِيَّةُ بِذَلِكَ وَإِنْ شَهِدَ الشَّاهِدُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَمْ يُقْبِضْ الْمُقِرَّ عِوَضًا فَهَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيِ غَيْرِ مَحْصُورٍ وَلَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ فَلَا يُعْمَلُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَإِقْرَارُ الْمُقَرِّ لَهُ إنَّهُ لَمْ يُقْبِضْ الْمُقِرَّ عِوَضًا هِيَ مِنْ بَعْضِ صُوَرِ مَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِشَيْءٍ وَكَذَّبَهُ لَكِنْ إذَا قَالَ الْمُقِرُّ إنَّمَا أَقْرَرْت بِقَبْضِهِ عَلَى أَنْ تَقْبِضَ الْعِوَضَ فَلَمْ تُقْبِضْنِي شَيْئًا وَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْمَذْكُورُ عَلَى إقْرَارِ الْمُقَرِّ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهَا تَبْعُدُ حِينَئِذٍ عَنْ صُورَةِ مَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِشَيْءٍ وَكَذَّبَهُ وَتَصِيرُ قَرِيبًا مِمَّا إذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ عَلَى إقْرَارِ الْمُقَرِّ لَهُ مَعَ سَبْقِ دَعْوَى الْمُقِرِّ ذَلِكَ [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ) (قَوْلُهُ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ) أَمَّا الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَالِ فَتَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَاسْتَثْنَى أَيْضًا التَّرْجَمَةَ فِي الدَّعْوَى بِالْمَالِ أَوْ الشَّهَادَةِ بِهِ فَإِنَّهَا لَا مَدْخَلَ لِلشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِيهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَالًا وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ مَعْنَى لَفْظِ الْمُدَّعِي أَوْ الشُّهُودِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 373 كَالرَّضَاعِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِمَا لِخَطَرِهَا بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ وَحُقُوقِهَا (وَمَا لَا) يَثْبُتُ بِهِمْ (فَلَا) يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ) وَلَوْ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ لِأَنَّ الْمُنْضَمَّ إلَى الْيَمِينِ حِينَئِذٍ أَضْعَفُ شَطْرَيْ الْحُجَّةِ فَلَا يُقْنَعُ بِانْضِمَامِ ضَعِيفٍ إلَى ضَعِيفٍ كَمَا لَا يُقْنَعُ بِانْضِمَامِ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ إلَى مِثْلِهِمَا وَلِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ وَقِيَامِهِمَا مَقَامَ رَجُلٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِوُرُودِهِ (وَالْقَضَاءُ) يَقَعُ (بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ) كَمَا يَقَعُ بِالشَّاهِدَيْنِ (لَا بِالْيَمِينِ وَحْدَهَا) وَالشَّاهِدُ مُؤَكِّدٌ وَلَا بِالْعَكْسِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (فَلَوْ رَجَعَ الشَّاهِدُ غَرِمَ النِّصْفَ وَلَا يَحْلِفُ) الْمُدَّعِي (مَعَ شَاهِدٍ) لَهُ (حَتَّى يَشْهَدَ وَيَعْدِلَ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ مَنْ قَوِيَ جَانِبُهُ وَجَانِبُ الْمُدَّعِي فِيمَا ذُكِرَ إنَّمَا يَقْوَى حِينَئِذٍ وَفَارَقَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ بِقِيَامِهِمَا مَقَامَ الرَّجُلِ قَطْعًا وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ (وَيَحْلِفُ) وُجُوبًا (عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ) لِمَا ادَّعَاهُ. (وَ) عَلَى (صِدْقِ الشَّاهِدِ) فِيمَا شَهِدَ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ إنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ وَإِنِّي مُسْتَحِقٌّ لِكَذَا وَنَبَّهَ بِعَطْفِهِ بِالْوَاوِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ ذِكْرِ الِاسْتِحْقَاقِ وَذِكْرِ صِدْقِ الشَّاهِدِ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَاعْتَبَرَ تَعَرُّضَهُ فِي يَمِينِهِ لِصِدْقِ الشَّاهِدِ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالشَّهَادَةَ حُجَّتَانِ مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ فَاعْتُبِرَ ارْتِبَاطُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى لِتَصِيرَا كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي حَلِفِهِ لِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ أَيْضًا وَلَا يَكْفِي تَعَرُّضُهُ لِصِدْقِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا وَالْمُدَّعِي يُقِرُّ بِفِسْقِهِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْ الْعَدَالَةِ مِنْ وَظِيفَةِ الْحَاكِمِ (وَإِنْ حَدَثَ) لِلشَّاهِدِ (فِسْقٌ بَعْدَ الْحُكْمِ) بِشَهَادَتِهِ (لَمْ يُنْقَضْ أَوْ قَبْلَهُ فَكَأَنْ لَا شَاهِدَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ الْمُدَّعِي) وَلَمْ يُعْتَدَّ بِمَا مَضَى (وَإِنْ نَكَلَ مُدَّعٍ) عَنْ الْيَمِينِ (مَعَ شَاهِدٍ) لَهُ (وَحَلَفَ خَصْمُهُ بِطَلَبِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) بَلْ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَعْدَ حَلِفِ خَصْمِهِ أَوْ نُكُولِهِ هُوَ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ بَيِّنَةٌ حَيْثُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إقَامَتُهَا فَيُعَذَّرُ وَالْيَمِينُ إلَيْهِ بَعْدَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ فَلَا عُذْرَ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ وَكَالْبَيِّنَةِ فِي ذَلِكَ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَقَدَّمْت بَعْضَهُ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ. (وَإِنْ نَكَلَ خَصْمُهُ) عَنْ الْيَمِينِ فِيمَا ذُكِرَ (فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ) قَالَ الشَّيْخَانِ يَمِينُ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ الْحَلِفَ أَوَّلًا (كَنَاكِلٍ عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ وَجَدَ شَاهِدًا) لَهُ (فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ يَمِينَهُ هَذِهِ غَيْرُ الَّتِي امْتَنَعَ عَنْهَا لِأَنَّ تِلْكَ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ بِالشَّاهِدِ وَهَذِهِ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ بِنُكُولِ خَصْمِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ تِلْكَ لَا يُقْضَى بِهَا إلَّا فِي الْمَالِ وَهَذِهِ يُقْضَى بِهَا فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِ الشَّيْخَيْنِ الْحَلِفَ بِيَمِينِ الرَّدِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ الْيَمِينَ الَّتِي تَكُونُ مَعَهُ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْقَسَامَةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَظْهَرِ انْتَهَى وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي مُوَافَقَةَ مَا فِي الْقَسَامَةِ وَالْأَوْجَهُ مَا تَقَرَّرَ أَوَّلًا (وَلَوْ أَرَادَ النَّاكِلُ) عَنْ الْيَمِينِ (مَعَ شَاهِدِهِ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ نُكُولِهِ وَقَبْلَ حَلِفِ خَصْمِهِ) وَلَوْ بِدُونِ اسْتِحْلَافِهِ لَهُ (لَمْ يُمَكَّنْ) مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ صَارَ فِي جَانِبِ خَصْمِهِ (إلَّا) أَنْ يَعُودَ (فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) فَيَسْتَأْنِفُ الدَّعْوَى وَيُقِيمَ الشَّاهِدَ فَحِينَئِذٍ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَذِكْرُ بَعْدَ نُكُولِهِ إيضَاحٌ (فَصْلٌ) لَوْ (ادَّعَى) شَخْصٌ (اسْتِيلَادَ أَمَةٍ فِي يَدِ آخَرَ) غَاصِبٍ لَهَا بِزَعْمِهِ (وَحَلَفَ) عَلَى ذَلِكَ (مَعَ شَاهِدٍ) لَهُ (ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَوْلَدَةِ حُكْمُ الْمَالِ فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ وَإِذَا مَاتَ حُكِمَ بِعِتْقِهَا بِإِقْرَارِهِ لَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا وَمِثْلُهُمَا الشَّاهِدُ وَالْمَرْأَتَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَدَّمْته أَيْضًا فِي الْبَابِ الثَّانِي (لَا مِلْكَ الْوَلَدِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِهِ (وَلَا نَسَبَهُ وَلَا حُرِّيَّتَهُ) فَلَا يَثْبُتَانِ بِذَلِكَ كَمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ عِتْقُ الْأُمِّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدٍ لَهُ حَتَّى يَشْهَدَ وَيَعْدِلَ) وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لَهُ حَلِّفْنِي أَوْ احْلِفْ وَخَلِّصْنِي (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ) وَعَلَى صِدْقِ الشَّاهِدِ لَوْ ادَّعَى وَصِيَّةً بِمَالٍ وَأَقَامَ شَاهِدًا حَلَفَ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدُهُ حَقٌّ وَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى مَاتَ وَلَوْ ادَّعَى هِبَةً وَإِقْبَاضًا وَأَقَامَ شَاهِدًا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُ عَلَى صِدْقِهِ وَأَنَّ الْوَاهِبَ أَقْبَضَهُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ وَكَذَا يُقَالُ فِي إقْبَاضِ الرَّهْنِ وَقِسْ عَلَى هَذَا أَشْبَاهَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْ الْعَدَالَةِ مِنْ وَظِيفَةِ الْحَاكِمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَالْبَيِّنَةِ فِي ذَلِكَ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْقَسَامَةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَظْهَرِ أَيْضًا) وَكَذَا كَلَامُهُ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّهَا إنَّمَا تَسْقُطُ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا قَبْلَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فَقَالَ إذَا أَرَادَ اسْتِحْلَافَ خَصْمِهِ فَنَكَلَ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ وَهَلْ يُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي حَتَّى يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ ثَانِيًا قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ وَقَالَ فِي بَابِ النُّكُولِ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ فَلَمْ يَحْلِفْ فَكَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ الْيَمِينُ إلَيْهِ فَلَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ عَلَّلَ امْتِنَاعَهُ بِعُذْرٍ أُمْهِلَ ثَلَاثًا وَإِنْ لَمْ يُعَلِّلْ أَوْ صَرَّحَ بِالنُّكُولِ فَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ الْحَلِفِ وَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ وَاسْتَمَرَّ الْعِرَاقِيُّونَ عَلَى جَوَازِ الدَّعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَالْحَلِفِ حَتَّى قَالَ الْمَحَامِلِيُّ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِهِ وَاسْتُحْلِفَ الْخَصْمُ انْتَقَلَ الْيَمِينُ مِنْ جَانِبِهِ إلَى جَانِبِ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ وَالْحَلِفُ إلَّا إذَا اسْتَأْنَفَ الدَّعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَأَقَامَ الشَّاهِدَ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَنْفَعُهُ إلَّا بَيِّنَةٌ كَامِلَةٌ. اهـ. وَحَاصِلُهُ رُجْحَانُ مَقَالَةِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ إنَّهُ أَحْسَنُ وَأَقْوَى وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَصَحُّ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي مُوَافَقَةَ مَا فِي الْقَسَامَةِ) قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَرَادَ النَّاكِلُ إلَى آخِرِهِ [فَصْلٌ ادَّعَى شَخْصٌ اسْتِيلَادَ أَمَةٍ فِي يَدِ آخَرَ غَاصِبٍ لَهَا بِزَعْمِهِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ شَاهِدٍ لَهُ] (فَصْلٌ لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ اسْتِيلَادَ أَمَةٍ إلَخْ) (قَوْلُهُ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 374 فَيَبْقَى الْوَلَدُ فِي يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمَحِلُّهُ إذَا أَسْنَدَ دَعْوَاهُ إلَى زَمَنٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ حُدُوثُ الْوَلَدِ أَيْ أَوْ أَطْلَقَ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَأَنَّ الزَّوَائِدَ الْحَاصِلَةَ فِي يَدِهِ لِلْمُدَّعِي وَالْوَلَدَ مِنْهَا وَهُوَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَقَدْ بَانَ انْقِطَاعُ حَقِّ صَاحِبِ الْيَدِ وَعَدَمُ ثُبُوتِ يَدِهِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ وَاللَّقِيطِ فِي اسْتِلْحَاقِ عَبْدِ غَيْرِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ وَيَثْبُتُ فِي حَقِّ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ إذَا صَدَّقَهُ. (وَلَوْ قَالَ) لَهُ الْمُدَّعِي (اسْتَوْلَدْتهَا) أَنَا (فِي مِلْكِك ثُمَّ اشْتَرَيْتهَا) مَثَلًا (مَعَ وَلَدِهَا) فَعَتَقَ عَلَيَّ (وَأَقَامَ) عَلَى ذَلِكَ الْحُجَّةَ (النَّاقِصَةَ) وَهِيَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ وَيَمِينٌ (ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْحُرِّيَّةُ بِإِقْرَارِهِ) الْمُرَتَّبَانِ عَلَى الْمِلْكِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ النَّاقِصَةُ (كَمَنْ ادَّعَى وَالْعَبْدُ فِي يَدِ آخَرَ أَنَّهُ) كَانَ لَهُ وَأَنَّهُ (أَعْتَقَهُ وَأَقَامَ) عَلَى ذَلِكَ الْحُجَّةَ (النَّاقِصَةَ) فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ حُرِّيَّتُهُ الْمُرَتَّبَةُ عَلَى الْمِلْكِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ النَّاقِصَةُ وَالْمُدَّعَى بِهِ يُنْتَزَعُ فِي هَذِهِ وَيُحْكَمُ بِكَوْنِهِ عَتِيقًا لِلْمُدَّعِي كَمَا يُنْتَزَعُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَيُحْكَمُ بِكَوْنِهِ وَالِدًا لَهُ (فَصْلٌ لَا يُحْكَمُ لِلْوَرَثَةِ) الَّذِينَ ادَّعَوْا لِمُوَرِّثِهِمْ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا (إلَّا إذَا أَثْبَتُوا) أَيْ أَقَامُوا بَيِّنَةً (بِالْمَوْتِ وَالْوِرَاثَةِ وَالْمَالِ) أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ (فَإِذَا ادَّعَوْا لِمُوَرِّثِهِمْ مِلْكًا وَأَقَامُوا شَاهِدًا وَحَلَفُوا) مَعَهُ (ثَبَتَ الْمِلْكُ) لَهُ (وَصَارَ تَرِكَةً) يَقْضِي مِنْهَا دُيُونَهُ وَوَصَايَاهُ (وَإِنْ امْتَنَعُوا) مِنْ الْحَلِفِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَوَصَايَا (لَمْ يَحْلِفْ مِنْ أَرْبَابِ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا أَحَدٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ وَفَاءٌ بِذَلِكَ كَنَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ (إلَّا الْمُوصَى لَهُ بِمُعَيَّنٍ) مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَلَوْ مُشَاعًا كَنِصْفٍ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ دَعْوَاهُ لِيَتَعَيَّنَ حَقُّهُ فِيهِ فَتَعْبِيرُهُ بِمُعَيَّنٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِعَيْنٍ (وَإِنْ حَلَفَ) مَعَ الشَّاهِدِ (بَعْضُهُمْ أَخَذَ نَصِيبَهُ) لِثُبُوتِ حُجَّتِهِ (وَلَمْ يُشَارِكْهُ) فِيهِ (مَنْ لَمْ يَحْلِفْ) مِنْ الْغَائِبِينَ وَالْحَاضِرِينَ بِخِلَافِ اثْنَيْنِ ادَّعَيَا دَارًا مَلَكَاهَا بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَإِرْثٍ وَلَمْ يَقُولَا قَبَضْنَاهَا فَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدَهُمَا وَكَذَّبَ الْآخَرَ فَإِنَّ الْمُكَذَّبَ يُشَارِكُ الْمُصَدَّقَ فِيمَا أَخَذَهُ لِأَنَّ الثُّبُوتَ هُنَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَلَوْ شَرِكْنَا لَمَلَّكْنَا الشَّخْصَ بِيَمِينِ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ لَا يُجْزِئُ فِيهَا النِّيَابَةُ وَثَمَّ بِالْإِقْرَارِ ثُمَّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إقْرَارُ الْمُصَدَّقِ بِالْإِرْثِ وَالْإِرْثُ يَقْتَضِي الشُّيُوعَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ هُنَا قَادِرٌ عَلَى الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ بِيَمِينِهِ فَحَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ صَارَ كَالتَّارِكِ لِحَقِّهِ (وَيُقْضَى) مِنْ نَصِيبِهِ (قِسْطُهُ مِنْ الدَّيْنِ) وَالْوَصِيَّةِ لَا الْجَمِيعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ لَا يُشَارِكْ الْحَالِفَ (وَلَا يَحْلِفُ وَرَثَةُ النَّاكِلِ مَعَ الشَّاهِدِ) الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَتَلَقَّى الْحَقَّ عَنْ مُوَرِّثِهِ وَقَدْ بَطَلَ حَقُّهُ أَيْ مِنْ الْيَمِينِ بِنُكُولِهِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بَلْ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ هُوَ وَوَارِثُهُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَرَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ الثَّانِيَ وَيُمْكِنُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ السَّابِقِ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْتَأْنِفْ الدَّعْوَى وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا اسْتَأْنَفَهَا وَأَقَامَ شَاهِدَهُ (فَلَوْ أَرَادُوا ضَمَّ شَاهِدٍ إلَى) الشَّاهِدِ (الْأَوَّلِ) لِيَحْكُمَ لَهُمْ بِالْبَيِّنَةِ (جَازَ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى) وَشَهَادَةُ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ أَقَامَ مُدَّعٍ شَاهِدًا فِي خُصُومَةٍ ثُمَّ مَاتَ فَأَقَامَ وَارِثُهُ شَاهِدًا آخَرَ (بِخِلَافِ مَا لَوْ) كَانَتْ الدَّعْوَى لَا عَنْ جِهَةِ الْإِرْثِ كَأَنْ (قَالَ أَوْصَى لِي وَلِأَخِي الْغَائِبِ) مُوَرِّثُك (بِكَذَا أَوْ بَاعَ مِنَّا) كَذَا (وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ) مَعَهُ (ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنَّهُ يُجَدِّدُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّعْوَى فِي الْمِيرَاثِ عَنْ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمَيِّتُ وَلِهَذَا تُقْضَى دُيُونُهُ مِنْ الْمَأْخُوذِ وَفِي غَيْرِ الْمِيرَاثِ الْحَقُّ لِأَشْخَاصٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لِغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ أَوْ وِلَايَةٍ (وَإِنْ) أَقَامَ الْوَرَثَةُ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ وَ (مَاتَ) بَعْضُهُمْ (قَبْلَ النُّكُولِ) أَيْ نُكُولِهِ وَقَبْلَ حَلِفِهِ (حَلَفُوا) أَيْ وَرَثَتُهُ (وَلَمْ يُعِيدُوا الدَّعْوَى) وَالشَّهَادَةَ. (فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ) أَيْ فِيمَنْ لَمْ يَحْلِفْ (غَائِبٌ أَوْ صَبِيٌّ) أَوْ مَجْنُونٌ (فَقَدِمَ الْغَائِبُ أَوْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ (حَلَفَ) لِإِثْبَاتِ نَصِيبِهِ (وَقَبَضَهُ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ) لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمِيرَاثِ وَإِثْبَاتِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ وَذَلِكَ فِي حُكْمِ خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا ثَبَتَتْ الشَّهَادَةُ فِي حَقِّ الْبَعْضِ ثَبَتَتْ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ الدَّعْوَى مِنْ الْجَمِيعِ وَلَيْسَ كَالْيَمِينِ فَإِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى اخْتِصَاصِ أَثَرِهَا بِالْحَالِفِ وَالشَّهَادَةُ حُكْمُهَا التَّعَدِّي وَالدَّعْوَى وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَعَدَمِ التَّعَدِّي فَإِنَّمَا هِيَ وَسِيلَةٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْأَوَّلُ جَمِيعَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمَحِلُّهُ إذَا أَسْنَدَ دَعْوَاهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ لَا يُحْكَمُ لِلْوَرَثَةِ الَّذِينَ ادَّعَوْا لِمُوَرِّثِهِمْ دَيْنًا إلَّا إذَا أَقَامُوا بَيِّنَةً بِالْمَوْتِ] (قَوْلُهُ وَيُقْضَى قِسْطُهُ مِنْ الدَّيْنِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا (قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ وَرَثَةُ النَّاكِلِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ وَرَثَةُ النَّاكِلِ وَرَثَةُ الْمُتَوَقِّفِ عَنْ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ نُكُولٍ فَإِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ وَبِهَذَا صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ إنْ امْتَنَعُوا مِنْ الْيَمِينِ نُكُولًا فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا بَعْدَ مَوْتِهِمْ لِأَنَّهُمْ أَسْقَطُوا حَقَّهُمْ مِنْ الْأَيْمَانِ بِنُكُولِهِمْ وَإِنْ كَانُوا قَدْ تَوَقَّفُوا عَنْ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ نُكُولٍ عَنْهُ جَازَ لِوَرَثَتِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَيَسْتَحِقُّوا لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَسْقُطُ بِالنُّكُولِ دُونَ التَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ السَّابِقِ حَمْلُ الْأَوَّلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَمْلُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ آنِفًا وَلَوْ أَرَادَ النَّاكِلُ مَعَ شَاهِدِهِ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ نُكُولِهِ وَقَبْلَ حَلِفِ خَصْمِهِ لَمْ يُمَكَّنْ إلَّا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ غَائِبٌ أَوْ صَبِيٌّ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ فِي الْغَائِبِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ أَرْسَلَ لَهُ مَنْ حَلَّفَهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَحَلِفُهُ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يُزَلْ عُذْرُهُ قُلْت الْمُرَادُ إنْ تَأَخَّرَ الْيَمِينُ لِلْعُذْرِ لَا يَقْطَعُ الْحَقَّ مِنْهَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ شَهَادَةٍ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْغَيْبَةِ ع (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 375 الْحَقِّ فَإِنْ كَانَ ادَّعَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ انْتَهَى وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْآتِي قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ الْأَوَّلُ جَمِيعَ الْحَقِّ وَكَالْغَائِبِ فِيمَا ذَكَرَ الْحَاضِرُ الَّذِي لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ بِالْحَالِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ (فَلَوْ فَسَقَ الشَّاهِدُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ (فَهَلْ يُؤَثِّرُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ أَوْ الصَّبِيِّ) أَوْ الْمَجْنُونِ فَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ إنَّمَا اتَّصَلَ فِي حَقِّ الْحَالِفِ فَقَطْ وَلِهَذَا لَوْ رَجَعَ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ ذُكِرَ الْحَلِفُ (أَمْ لَا) يُؤَثِّرُ فِي حَقِّهِ فَيَحْلِفُ (لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ وَجْهَانِ) الْمُخْتَارُ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ (وَإِنْ مَاتَ الْغَائِبُ) أَوْ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ (حَلَفَ وَارِثُهُ) وَأَخَذَ حِصَّتَهُ (وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْحَالِفُ أَوَّلًا) فَلَا تُحْسَبُ يَمِينُهُ الْأُولَى. وَأَقَامَ الظَّاهِرَ فِي قَوْلِهِ الْوَارِثَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ (وَالْحَالِفُ مِنْ الْوَرَثَةِ) عَلَى دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ لِمُوَرِّثِهِ (يَحْلِفُ عَلَى الْجَمِيعِ) لَا عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ سَوَاءٌ حَلَفَ كُلُّهُمْ أَمْ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ يُثْبِتُهُ لِمُوَرِّثِهِ لَا لَهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مُوَرِّثَهُ يَسْتَحِقُّ عَلَى هَذَا كَذَا أَوْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ مِنْ دَيْنٍ جُمْلَتُهُ كَذَا كَذَا وَكَذَا (وَإِنْ ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ لَا) بَعْضُ (الْمُوصَى لَهُمْ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ ثَبَتَ الْجَمِيعُ وَاسْتَحَقَّ الْغَائِبُ وَالصَّبِيُّ) وَالْمَجْنُونُ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ عُلِمَ مِنْ نَظِيرِهِ السَّابِقِ فِيمَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا (وَعَلَى الْقَاضِي) بَعْدَ تَمَامِ الْبَيِّنَةِ (الِانْتِزَاعُ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) أَيْ لِنَصِيبِهِمَا دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا ثُمَّ يَأْمُرُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْغِبْطَةِ لِئَلَّا يَضِيعَ عَيْنُ مَالِهِمَا (وَأَمَّا نَصِيبُ الْغَائِبِ فَيَقْبِضُ لَهُ الْقَاضِي الْعَيْنَ وُجُوبًا لَا الدَّيْنَ) فَلَا يَجِبُ قَبْضُهُ لَهُ (بَلْ يَجُوزُ كَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِغَائِبٍ وَأَحْضَرَهُ) لِلْقَاضِي لِأَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَحْفَظُ لِمَالِكِهِ بِخِلَافِ بَقَاءِ الْعَيْنِ بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَيُؤَجِّرُ الْقَاضِي الْعَيْنَ لِئَلَّا تَفُوتَ الْمَنَافِعُ (وَ) قَدْ مَرَّ (فِي) كِتَابِ (الشَّرِكَةِ أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ) لَا يَنْفَرِدُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَ (لَوْ قَبَضَ مِنْ التَّرِكَةِ شَيْئًا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ) بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ بَقِيَّتُهُمْ وَقَالُوا هُنَا يَأْخُذُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ (وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْغَيْبَةَ) لِلشَّرِيكِ (هُنَا عُذْرًا فِي تَمْكِينِ الْحَاضِرِ) مِنْ الِانْفِرَادِ حِينَئِذٍ وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ شَارَكَهُ فِيمَا قَبَضَهُ (وَيَقْبِضُ وَكِيلُ الْغَائِبِ) فِيمَا مَرَّ وُجُوبًا (الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ وَيُقَدَّمُ) فِي ذَلِكَ (عَلَى الْقَاضِي) كَمُوَكِّلِهِ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَمِثْلُهُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إنْ كَانَ لَهُمَا وَلِيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ (فَصْلٌ يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ اسْتِحْقَاقُ الْمَنَافِعِ فَأَشْبَهَ اسْتِئْجَارَ بَدَنِ الْحُرِّ وَلَيْسَ كَالْعِتْقِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ وَإِثْبَاتُ الْوِلَايَاتِ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ أَحْكَامِ الْمِلْكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا أُتْلِفَ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ بِخِلَافِ الْعَتِيقِ (فَلَوْ أَقَامُوا) أَيْ أَوْلَادُ مَيِّتٍ عَلَى شَخْصٍ (شَاهِدًا بِغَصْبِ دَارٍ وَقَفَهَا أَبُوهُمْ عَلَيْهِمْ وَعَلَى زَيْدٍ وَحَلَفُوا) عَلَى ذَلِكَ مَعَ الشَّاهِدِ (ثَبَتَ الْغَصْبُ وَالْوَقْفُ) وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي ثُبُوتِ الْوَقْفِ (لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ وَإِلَّا فَإِقْرَارُهُمْ) بِهِ (كَافٍ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي مَا يُغْنِي عَنْهُ (وَإِنْ) مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ (ادَّعَى ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ أَنَّ أَبُوهُمْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الدَّارَ) وَأَنْكَرَ بَقِيَّتُهُمْ (وَأَقَامُوا شَاهِدًا فَإِنْ حَلَفُوا) مَعَهُ (ثَبَتَ) الْأُولَى ثَبَتَتْ أَيْ الدَّارُ (وَقْفًا) لَهُمْ (وَلَا حَقَّ فِيهَا لِبَاقِي الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ) مُدَّعَاهُمْ (وَقْفَ تَرْتِيبٍ) بِأَنْ ادَّعَوْا أَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَهَكَذَا وَمَاتَ (بَعْضُهُمْ أَخَذَ مَنْ بَقِيَ) مِنْهُمْ لَا مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْبُطُونِ (نَصِيبَهُ) أَيْ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْبَطْنِ الثَّانِي إنَّمَا هُوَ بَعْدَ انْقِرَاضِ مَنْ قَبْلَهُ (بِلَا يَمِينٍ) لِحَلِفَةِ أَوَّلًا. (فَإِنْ مَاتُوا) أَيْ الثَّلَاثَةُ (كُلُّهُمْ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (أَخَذَهَا) أَيْ الدَّارَ وَقْفًا (مَنْ بَعْدَهُمْ بِلَا يَمِينٍ) وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ مِنْ الْوَاقِفِ لِأَنَّ وَقَفِيَّتَهَا تَثْبُتُ بِحُجَّةٍ يَثْبُتُ بِهَا الْوَقْفُ فَتُدَامُ كَمَا لَوْ ثَبَتَتْ بِشَاهِدَيْنِ وَلِأَنَّهَا ثَبَتَتْ لِمُسْتَحِقٍّ فَلَا يَفْتَقِرُ مَنْ بَعْدَهُ إلَى الْيَمِينِ كَالْمَمْلُوكِ وَلِأَنَّهُمْ خُلَفَاءُ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوَّلًا لَا فَلَا يَفْتَقِرُونَ إلَيْهَا كَالْغَرِيمِ إذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ مِلْكًا لِمُوَرِّثِهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَيَأْخُذُونَهَا (بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ (وَإِنْ نَكَلُوا) عَنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ (فَالدَّارُ) بَعْدَ إحْلَافِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (تَرِكَةٌ) يُقْضَى مِنْهَا الدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ (وَتَصِيرُ حِصَّةُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْآتِي قَدْ يَقْتَضِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَالْغَائِبِ فِيمَا ذُكِرَ الْحَاضِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ الْمُخْتَارُ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ لَا عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ) لِأَنَّ الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فَيَحْلِفُ كَمَا يَحْلِفُ مُوَرِّثُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا إذْ هُوَ خَلِيفَتُهُ (قَوْلُهُ كَذَا كَذَا وَكَذَا) الْأَوَّلُ خَبَرٌ عَنْ جُمْلَتِهِ وَالثَّانِي وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَعْمُولَانِ لِقَوْلِهِ يَسْتَحِقُّ أَيْ وَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ كَذَا وَكَذَا مِنْ دَيْنٍ جُمْلَتُهُ كَذَا (قَوْلُهُ فَيَقْبِضُ لَهُ الْقَاضِي الْعَيْنَ وُجُوبًا) لَكِنْ سَبَقَ فِي الْوَدِيعَةِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ حَمَلَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْقَاضِي وَالْمَالِكُ غَائِبٌ فَفِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ ذَلِكَ الْخِلَافُ هُنَا مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَنَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى إنَّهُ تَقَدَّمَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي انْتِزَاعِ الْحَاكِمِ فِيمَا عَدَا هَذِهِ الصُّورَةَ فَيَجِبُ فِيهَا قَطْعًا حِفْظًا لِحَقِّ الْمَيِّتِ فَهَذَا الْبَحْثُ ذُهُولٌ عَمَّا قَرَّرَهُ هُنَاكَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ ذَلِكَ الْخِلَافُ هُنَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ مُعْتَقِدٌ أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكُهُ فَوَجَبَ أَنْ يَأْخُذَ الْحَاكِمُ نَصِيبَ الْغَائِبِ قَطْعًا لِتَزُولَ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ الْمُؤَدِّيَةُ لِضَيَاعِ حَقِّ الْغَائِبِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْغَاصِبِ الْمُقِرِّ الَّذِي أَحْضَرَ الْمَغْصُوبَ لِلْحَاكِمِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَحْفَظُ لِمَالِكِهِ) وَلَيْسَ فِي الدَّيْنِ شَيْءٌ يُحْبَسُ عَنْهُ صَاحِبُهُ بِخِلَافِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَالدَّيْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ وَقَالَ الْفَارِقِيُّ هَذَا إذَا كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ثِقَةً مَلِيًّا وَإِلَّا فَالْأَخْذُ مِنْهُ أَوْلَى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 376 الثَّلَاثَةِ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِمْ) وَحِصَّةُ سَائِرِ الْوَرَثَةِ طَلْقًا لَهُمْ (فَإِنْ مَاتُوا لَمْ تَثْبُتْ) أَيْ الدَّارُ (وَقْفًا فِي حَقِّ وَرَثَتِهِمْ) أَيْ أَوْلَادِهِمْ (إلَّا بِيَمِينٍ) وَلَا يَكُونُ إقْرَارُ الْأَوَّلِينَ لَازِمًا عَلَيْهِمْ (وَلَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا وَيَأْخُذُوا جَمِيعَ الدَّارِ) وَقْفًا لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ حَقٍّ كَالْأَوَّلِينَ فَإِذَا أَبْطَلُوا حَقَّهُمْ بِالنُّكُولِ فَلِهَؤُلَاءِ أَنْ لَا يُبْطِلُوا حَقَّهُمْ (لَا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِينَ) فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْبَطْنِ الثَّانِي شَرْطُهُ انْقِرَاضُ الْأَوَّلِ (وَإِنْ نَكَلَ اثْنَانِ) مِنْ الثَّلَاثَةِ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الثَّالِثُ (فَنَصِيبُ الْحَالِفِ وَقْفٌ وَحِصَّةُ النَّاكِلَيْنِ تَرِكَةٌ يُقْضَى الدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ مِنْهَا وَيُقَسَّمُ الْفَاضِلُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ) مِنْ النَّاكِلَيْنِ وَالْمُنْكِرَيْنِ (دُونَ الْحَالِفِ) لِأَنَّهُ يُقِرُّ بِانْحِصَارِ حَقِّهِ فِيمَا أَخَذَهُ وَأَنَّ الْبَاقِيَ لِإِخْوَتِهِ وَقْفًا. (ثُمَّ مَا خَرَجَ لَلنَّاكِلَيْنِ يَكُونُ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِمَا فَإِذَا مَاتَ النَّاكِلَانِ وَالْحَالِفُ حَيٌّ أَخَذَ نَصِيبَهُمَا) عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ بِإِقْرَارِهِمَا (بِلَا يَمِينٍ) لِحَلِفِهِ أَوَّلًا فَإِذَا مَاتَ أَخَذَ الْبَطْنُ الثَّانِي نَصِيبَهُ بِلَا يَمِينٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) وَهُوَ (مَيِّتٌ فَلِأَوْلَادِهِمَا أَنْ يَحْلِفُوا) وَيَأْخُذُوا جَمِيعَ الدَّارِ وَقْفًا كَمَا لَوْ نَكَلَ الْجَمِيعُ (وَأَمَّا نَصِيبُ الْحَالِفِ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي) بِلَا يَمِينٍ (دُونَ النَّاكِلَيْنِ لِأَنَّهُمَا أَبْطَلَا حَقَّهُمَا بِنُكُولِهِمَا) وَصَارَا كَالْمَعْدُومَيْنِ (وَأَمَّا إذَا كَانَ) مُدَّعَاهُمْ (وَقْفَ تَشْرِيك) بِأَنْ ادَّعَوْا أَنَّ أَبَاهُمْ وَقَفَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا وَقَامُوا بِذَلِكَ شَاهِدًا (وَحَلَفُوا) مَعَهُ وَأَنْكَرَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَخَذَهَا الْمُدَّعُونَ وَقْفًا (ثُمَّ) إنْ (حَدَثَ) لِأَحَدِهِمْ (وَلَدٌ وُقِفَ لَهُ) فِي يَدِ أَمِينٍ كَمَا فِي الْأَصْلِ (رُبْعُ الْغَلَّةِ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَحْلِفَ أَوْ يَنْكُلَ) فَإِنْ حَلَفَ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى أَرْبَعَةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَإِنْ نَكَلَ صُرِفَ الْمَوْقُوفُ إلَى الثَّلَاثَةِ وَجُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ وَلَا أَثَرَ لِإِقْرَارِهِمْ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ لَهُ لِأَنَّهُمْ إذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ بِتَقْدِيرِ حَلِفِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلِأَنَّ الْوَاقِفَ جَعَلَهُمْ أَصْلًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ أَدْخَلَ مَنْ يَحْدُثُ عَلَى سَبِيلِ الْعَوْلِ فَإِذَا سَقَطَ الدَّاخِلُ فَالْقِسْمَةُ عَلَى الْأُصُولِ كَمَا كَانَتْ (فَإِنْ مَاتَ) الْمَوْلُودُ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَ (قَبْلَ النُّكُولِ حَلَفَ وَارِثُهُ وَاسْتَحَقَّ) الْقَدْرَ (الْمَوْقُوفَ أَوْ بَعْدَ النُّكُولِ فَلَا شَيْءَ لَهُ) مِنْهُ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِالنُّكُولِ (بَلْ يَكُونُ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ الثَّلَاثَةِ) الْأُولَى قَوْلُ أَصْلِهِ بَلْ يَكُونُ لِلثَّلَاثَةِ بِلَا يَمِينٍ وَكَأَنَّ الْمَوْلُودَ لَمْ يُولَدْ قَالَ. وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ فِي صِغَرِ الْوَلَدِ وُقِفَ مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ لِلْوَلَدِ ثُلُثُ الْغَلَّةِ لِعَوْدِ الْمُسْتَحِقِّينَ حِينَئِذٍ إلَى ثَلَاثَةٍ فَإِنْ بَلَغَ وَحَلَفَ أَخَذَ الرُّبْعَ وَالثُّلُثَ الْمَوْقُوفَيْنِ أَوْ نَكَلَ صُرِفَ الرُّبْعُ إلَى الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَوَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَصُرِفَ الثُّلُثُ إلَى الْبَاقِينَ خَاصَّةً (فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ مَجْنُونًا فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تُوقَفُ الْغَلَّةُ) أَيْ رُبْعُهَا أَيْ يُدَامُ وَقْفُهُ طَمَعًا فِي إفَاقَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ قَبْلَ أَنْ يُفِيقَ وُقِفَ لَهُ الْخُمْسُ وَلِوَلَدِهِ الْخُمْسُ مِنْ يَوْمِ وِلَادَتِهِ فَإِنْ أَفَاقَ وَبَلَغَ وَلَدُهُ وَحَلَفَا أَخَذَ الْمَجْنُونُ الرُّبْعَ مِنْ يَوْمِ وِلَادَتِهِ إلَى يَوْمِ وِلَادَةِ وَلَدِهِ وَالْخُمْسَ مِنْ يَوْمئِذٍ وَأَخَذَ وَلَدُهُ الْخُمْسَ مِنْ يَوْمئِذٍ وَلَوْ مَاتَ مَجْنُونًا بَعْدَمَا وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَالْغَلَّةُ الْمَوْقُوفَةُ لِوَرَثَتِهِ إذَا حَلَفُوا وَيُوقَفُ لِوَلَدِهِ مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ رُبْعُ الْغَلَّةِ (وَإِنْ نَكَلَ الثَّلَاثَةُ عَنْ الْيَمِينِ) مَعَ الشَّاهِدِ (فَلِمَنْ) حَدَثَ (بَعْدَهُمْ أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ) لِأَنَّهُ شَرِيكُ الْأَوَّلِينَ يَتَلَقَّى الْوَقْفَ مِنْ الْوَاقِفِ لَا مَحَالَةَ (وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ) دُونَ بَعْضٍ (أَخَذَ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ) وَقْفًا (وَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى مَا كَانَ وَإِنْ تَصَادَقُوا عَلَى الْوَقْفِ) أَيْ عَلَى أَنَّ الدَّارَ وَقْفُ أَبِيهِمْ عَلَيْهِمْ (ثَبَتَ الْوَقْفُ) وَلَا حَاجَةَ إلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَوْا) أَيْ جَمَاعَةٌ (أَنَّ رَجُلًا أَوْ) أَنَّ (أَبَاهُ وَقَفَ عَلَيْهِمْ دَارًا وَهِيَ فِي يَدِهِ وَأَقَامُوا) بِذَلِكَ (شَاهِدًا فَكَمَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّهُ يُنْظَرُ أَحَلَفُوا مَعَ شَاهِدِهِمْ أَوْ نَكَلُوا أَوْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ فَيَجِيءُ فِيهِ مَا مَرَّ (لَكِنْ مَا جُعِلَ هُنَاكَ تَرِكَةً تُرِكَ) هُنَا (فِي يَدِ الرَّجُلِ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) (وَتُقْبَلُ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ} [الطلاق: 2] وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ قَدْ يَتَعَذَّرُ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ حَقٌّ لَازِمُ الْأَدَاءِ فَيُشْهِدُ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَلِأَنَّهَا طَرِيقٌ تُظْهِرُ الْحَقَّ كَالْإِقْرَارِ فَيُشْهِدُ عَلَيْهَا كَالْإِقْرَارِ لَكِنَّهَا إنَّمَا تُقْبَلُ (فِي غَيْرِ حَدٍّ لِلَّهِ) تَعَالَى (وَ) غَيْرِ (إحْصَانٍ كَالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَالْأَقَارِيرِ وَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ) وَالرَّضَاعِ وَالْوِلَادَةِ وَعُيُوبِ النِّسَاءِ سَوَاءٌ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَوَقْفِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ ثُبُوتُ الْوَقْفُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ] قَوْلُهُ وَصُرِفَ الثُّلُثُ إلَى الْبَاقِينَ خَاصَّةً) لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ وَرَثَةَ الْمَيِّتِ نَكَلُوا لِدُخُولِهِمْ فِي الْوَلَدِ الَّذِي نَكَلَ (مِنْهُ) (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَذَا حَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ وَلَمْ يَقْضُوهُ مِنْ مَالِهِمْ فَإِنْ كَانَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ وَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ فِي الْمَرَضِ بَطَلَ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ تَبْطُلُ بِاسْتِغْرَاقِ الدُّيُونِ وَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُمْ وَثَبَتَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَإِنْ عُدِمَتْ الْبَيِّنَةُ حَلَفَ أَرْبَابُ الدُّيُونِ وَصُرِفَتْ فِي دُيُونِهِمْ فَإِنْ نَكَلُوا رُدَّتْ عَلَى الْوَرَثَةِ فَإِنْ حَلَفُوا ثَبَتَ الْوَقْفُ وَإِنْ نَكَلُوا صُرِفَتْ فِي أَرْبَابِ الدَّيْنِ [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ] [الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي كَيْفِيَّةِ تَحَمُّل الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) (قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ لِعُمُومِ وقَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الشَّهَادَةِ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّاهِدِ عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 377 الْمَسَاجِدِ وَالْجِهَاتِ الْعَامَّةِ (وَ) تُقْبَلُ (فِي أَنَّهُ قَدْ حُدَّ لِأَنَّهُ) حَقُّ آدَمِيٍّ فَإِنَّهُ (إسْقَاطٌ) لِلْحَدِّ عَنْهُ أَمَّا حَدُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِحْصَانُ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِمَا لِبِنَاءِ الْحَدِّ الْمَشْرُوطِ بِالْإِحْصَانِ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى التَّخْفِيفِ بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ وَلِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ بَدَلٌ عَنْ شَهَادَةِ الْأَصْلِ وَذَلِكَ يُوَرِّثُ شُبْهَةً لِانْضِمَامِ احْتِمَالِ الْجِنَايَةِ فِي الْفَرْعِ إلَى احْتِمَالِهَا فِي الْأَصْلِ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ شَامِلٌ لِجَوَازِ إشْهَادِ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا يَجُوزُ الضَّمَانُ عَنْ الضَّامِنِ (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي) كَيْفِيَّةِ (تَحَمُّلِهَا) وَإِنَّمَا يَجُوزُ تَحَمُّلُهَا إذَا عُلِمَ أَنَّ عِنْدَ الْأَصْلِ شَهَادَةً جَازِمَةً بِحَقٍّ ثَابِتٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَلَهُ أَسْبَابٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ) الْأَصْلُ أَيْ يَلْتَمِسَ مِنْهُ رِعَايَةَ الشَّهَادَةِ وَحِفْظَهَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ نِيَابَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهَا الْإِذْنُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (فَيَقُولُ أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا وَأُشْهِدُك) أَوْ أَشْهَدْتُك عَلَى شَهَادَتِي بِهِ (أَوْ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي) بِكَذَا (أَوْ إذَا اُسْتُشْهِدْت عَلَى شَهَادَتِي) بِكَذَا (فَقَدْ أَذِنْت لَك أَنْ تَشْهَدَ) بِهِ (فَلَهُ وَلِمَنْ سَمِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ) عَلَى شَهَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ أُشْهِدُك عَلَى شَهَادَتِي وَعَنْ شَهَادَتِي لَكِنَّهُ أَتَمُّ فَقَوْلُهُ أُشْهِدُك عَلَى شَهَادَتِي تَحْمِيلٌ وَقَوْلُهُ عَنْ شَهَادَتِي إذْنٌ فِي الْأَدَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ أَدِّهَا عَنِّي وَلِإِذْنِهِ أَثَرٌ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ بَعْدَ التَّحْمِيلِ لَا تُؤَدِّ عَنِّي امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (إلَّا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْأَدَاءِ وَلَوْ سَمِعَهُ يَقُولُ اشْهَدْ بِكَذَا شَهَادَةً مَجْزُومَةً مَثْبُوتَةً) أَيْ مَقْطُوعًا بِهَا (لَمْ يَكْفِ) فِي التَّحَمُّلِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ سَمِعَهُ يَقُولُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا لَا عَلَى صُورَةِ الْأَدَاءِ فَقَدْ يُرِيدُ عِدَةً كَانَ قَدْ وَعَدَهَا أَوْ يُشِيرُ بِكَلِمَةِ عَلَى إلَى أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَيُنْزِلُهَا مَنْزِلَةَ الدُّيُونِ وَقَدْ يَتَسَاهَلُ بِإِطْلَاقِهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الشَّهَادَةِ أَحْجَمَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَيَتَعَيَّنُ) فِي التَّحَمُّلِ (لَفْظُ الشَّهَادَةِ) مِنْ الْأَصْلِ كَمَا مَرَّ مِثَالُهُ (لَا) قَوْلُهُ (أُعْلِمُك وَأُخْبِرُك) بِكَذَا (وَنَحْوَهُمَا) فَلَا يَكْفِي كَمَا لَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ (عِنْدَ الْقَاضِي) السَّبَبُ (الثَّانِي أَنْ يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ مُحَكَّمٍ) سَوَاءٌ جَوَّزْنَا التَّحْكِيمَ أَمْ لَا (فَلِكُلٍّ) مِمَّنْ سَمِعَهُ (حَتَّى الْقَاضِي التَّحَمُّلُ عَنْهُ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْهَدُ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ بَعْدَ تَحْقِيقِ الْوُجُوبِ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ (السَّبَبُ الثَّالِثُ أَنْ يُبَيِّنَ السَّبَبَ) أَيْ سَبَبَ الْوُجُوبِ (فَيَقُولُ اشْهَدْ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ) أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَلَهُ التَّحَمُّلُ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ مُحَكَّمٍ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الْوَعْدِ وَالتَّسَاهُلِ مَعَ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ (بِخِلَافِ الْمُقِرِّ) كَأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ (كَذَا فَإِنَّ لَك أَنْ تَشْهَدَ عَلَيْهِ) بِذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ) وَلَمْ يَسْتَرْعِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِخَبَرٍ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَكَادُ يَتَسَاهَلُ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَوْسَعُ بَابًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُ الْفَاسِقِ وَالْمُغَفَّلِ وَالْمَجْهُولِ دُونَ شَهَادَتِهِمْ (وَيَقُولُ الْمُحْتَمِلُ عِنْدَ الْأَدَاءِ) لِلشَّهَادَةِ (إنْ اسْتَرْعَى) لَهَا (اشْهَدْ أَنَّ فُلَانًا يَشْهَدُ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ شَهِدَ (أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ وَأَذِنَ لِي أَنْ أَشْهَدَ إذَا اُسْتُشْهِدْت (وَإِلَّا) أَنْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِ (بَيَّنَ أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي) أَوْ الْمُحَكَّمِ (أَوْ أَنَّهُ بَيَّنَ السَّبَبَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْإِحْصَانُ) أَيْ إنْ ثَبَتَ زِنَاهُ لَا مُطْلَقًا وَبَحَثَ ابْنُ النَّقِيبِ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَثْبُتَ زِنَاهُ بِالْإِقْرَارِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي إحْصَانِهِ لِإِمْكَانِ رُجُوعِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ لَهُ وَجْهٌ قَوِيٌّ أَقْوَى مِنْ إطْلَاقِ الثُّبُوتِ قَالَ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ بُلُوغُ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْعُقُوبَةِ وَكَذَا بَقِيَّةُ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْإِحْصَانِ قَالَ وَيُزَادُ عَلَيْهِ لِعَانُ الزَّوْجِ إذَا أَنْكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى لِعَانِهِ إيجَابُ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا لَمْ تُلَاعِنْ وَكَذَا الشَّهَادَةُ بِانْتِقَاضِ عَهْدِ الذِّمِّيِّ لِتَخَيُّرِ الْإِمَامِ فِيهِ بَيْنَ أُمُورٍ مِنْهَا الْقَتْلُ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْإِمَامِ بِاخْتِيَارِ الْقَتْلِ وَعَلَى الْحَاكِمِ الَّذِي حَكَمَ بِقَتْلِ مَنْ نَزَلَ عَلَى حُكْمِهِ مِنْ الرِّجَالِ الْمُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ سَمِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ قَضَاءَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ وَكَذَا الْمُحَكَّمُ إذَا جَوَّزْنَا حُكْمَهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ الْإِذْنِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِ مِنْ أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّ عِنْدَهُ شَهَادَةً بِكَذَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي) إنَّمَا تَعَيَّنَ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَفْظُ اشْهَدْ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْقِيقِ الشَّيْءِ لِمُوَافَقَتِهِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ عَلَى تَعَيُّنِهِ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ اسْمٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ وَهِيَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الشَّيْءِ عِيَانًا وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْمُضَارِعُ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْإِخْبَارِ فِي الْحَالِ وَلِأَنَّهُ قَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي الْقَسَمِ نَحْوَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَقَدْ كَانَ كَذَا أَيْ أَقْسِمُ فَتَضَمَّنَ لَفْظُ أَشْهَدُ مَعْنَى الْمُشَاهَدَةِ وَالْقَسَمِ وَالْإِخْبَارِ فِي الْحَالِ فَكَأَنَّ الشَّاهِدَ قَالَ أَقْسِمُ بِاَللَّهِ وَأَنَا الْآنَ أُخْبِرُ بِهِ وَهَذِهِ الْمَعَانِي مَفْقُودَةٌ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ (قَوْلُهُ حَتَّى الْقَاضِي) أَيْ وَالْمُحَكَّمُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ) بِنَاءً عَلَى تَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ وُجُوبَ أَدَائِهَا عِنْدَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَعِنْدِي يَجُوزُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَقْدُمُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ الْأَمِيرِ أَوْ الْوَزِيرِ وَهُوَ جَازِمٌ بِثُبُوتِ الْمَشْهُودِ بِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْكَبِيرِ الَّذِي دَخَلَ فِي الْقَضِيَّةِ بِغَيْرِ تَحْكِيمٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ) فَلَا يَكَادُ يَتَسَاهَلُ فَإِقْرَارُهُ بِهِ يَقْتَضِي كَوْنَهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ الْمُفَرِّطُ وَمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ هُنَا لَا تَفْرِيطَ مِنْهُ وَالشَّاهِدُ قَدْ يُقَصِّرُ وَيَتَسَاهَلُ فَلَا يَكُونُ تَقْصِيرُهُ سَبَبًا لِإِضْرَارِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَيَقُولُ الْمُتَحَمِّلُ عِنْدَ الْأَدَاءِ إلَخْ) فِي تَعْلِيقِ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ثَمَانِ شِينَاتٍ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ عِنْدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ وَأَذِنَ لِي فِي أَنْ أَشْهَدَ إذَا اُسْتُشْهِدْت وَأَنَا الْآنَ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 378 لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا لَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَحَمَّلَهَا فَيَعْرِفُ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمُ صِحَّتَهَا أَوْ فَسَادَهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ الْجَهْلُ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ (فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) ذَلِكَ (وَوُثِقَ الْقَاضِي) أَوْ الْمُحَكَّمُ (بِعِلْمِهِ جَازَ) أَنْ يَكْتَفِيَ بِقَوْلِهِ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا لِحُصُولِ الْغَرَضِ (وَيُنْدَبُ) لِلْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ (أَنْ يَسْأَلَهُ) إذَا لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ (هَلْ أَخْبَرَهُ الْأَصْلُ كَيْفَ لَزِمَهُ الْمَالُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ أَنْ يَسْأَلَهُ بِأَيِّ سَبَبٍ ثَبَتَ هَذَا الْمَالُ وَهَلْ أَخْبَرَك بِهِ الْأَصْلُ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي) شُرُوطِ (التَّحَمُّلِ لَا يَتَحَمَّلُ) الشَّخْصُ شَهَادَةً (إلَّا عَنْ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِي تَحَمُّلِهَا عَنْ غَيْرِهِ (فَلَوْ تَحَمَّلَ) عَنْ مَقْبُولِهَا (فَطَرَأَ) عَلَيْهِ (فِسْقٌ وَنَحْوُهُ) مِمَّا يَمْنَعُ قَبُولَهَا (كَعَدَاوَةٍ لَغَا التَّحَمُّلُ) فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَهْجُمُ غَالِبًا دَفْعَةً فَيُوَرِّثُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى وَلَيْسَ لِمُدَّتِهِ الْمَاضِيَةِ ضَبْطٌ فَيَنْعَطِفُ إلَى حَالَةِ التَّحَمُّلِ فَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ اُحْتِيجَ إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ (لَا) إنْ طَرَأَ عَلَيْهِ (مَوْتٌ وَجُنُونٌ) مُطْبِقٌ (وَعَمًى) وَغَيْبَةٌ وَمَرَضٌ فَلَا يَلْغُو التَّحَمُّلُ لِأَنَّهَا لَا تُوقِعُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى وَكَالْجُنُونِ الْإِغْمَاءُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ حَاضِرًا فَلَا يَشْهَدُ الْفَرْعُ بَلْ يَنْتَظِرُ زَوَالَ الْإِغْمَاءِ لِقُرْبِ زَوَالِهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَرَضٍ يُتَوَقَّعُ قُرْبُ زَوَالِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّوَابُ الْفَرْقُ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْمَرِيضِ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَلِلْإِسْنَوِيِّ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَأَلْحَقَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْجُنُونِ الْخَرَسَ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَخْرَسِ. (وَإِنْ فَسَقَ الْأَصْلُ أَوْ حَضَرَ) أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَنِّي تَحَمَّلْت أَوْ نَسِيت أَوْ نَحْوَهَا (بَعْدَ الْأَدَاءِ) لِلشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ (لَمْ يُحْكَمْ) بِهَا لِحُصُولِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِلرِّيبَةِ فِيمَا عَدَاهَا (أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ) بِهَا (لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَمْ يُنْقَضْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَجِيءَ فِي تَغْرِيمِهِمْ وَالتَّوَقُّفِ فِي اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَةِ مَا يَأْتِي فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ كَذَّبَهُ قَبْلَهُ) فَيُنْقَضُ إلَّا إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَشْهَدَهُ فَلَا يُنْقَضُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا (وَلَا يَتَحَمَّلُ نِسَاءٌ) شَهَادَةً (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُصُولُ أَوْ بَعْضُهُمْ نِسَاءً أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالْوِلَادَةِ وَالرَّضَاعِ أَمْ لَا لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ تُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا مَا شَهِدَ بِهِ الْأَصْلُ وَنَفْسُ الشَّهَادَةِ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ غَالِبًا (وَيَصِحُّ تَحَمُّلُ نَاقِصٍ) كَصَبِيٍّ وَعَبْدٍ وَفَاسِقٍ وَأَخْرَسَ (أَدَّى وَهُوَ كَامِلٌ) يَعْنِي يَصِحُّ أَدَاءُ الْكَامِلِ وَإِنْ تَحَمَّلَ وَهُوَ نَاقِصٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَوُثِقَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ جَازَ إلَخْ) قَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّ لَهُ الْإِصْرَارُ وَإِنْ سَأَلَهُ الْقَاضِي لَمْ يَلْزَمْهُ التَّفْصِيلُ [الطَّرَفُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ] (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ التَّحَمُّلِ) (قَوْلُهُ فَلَوْ تَحَمَّلَ فَطَرَأَ فِسْقٌ وَنَحْوُهُ إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِجَرْحِ قَرِيبَةٍ وَهُوَ مَحْجُوبٌ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ ثُمَّ مَاتَ الْحَاجِبُ وَصَارَ شَاهِدُ الْأَصْلِ وَارِثًا وَمَا إذَا شَهِدَ لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ أَوْصَى إلَيْهِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ وَمَاتَ أَوْ وَكَّلَهُ فِي الْمُخَاصَمَةِ فِيهِ فَخَاصَمَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَعْنَى تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ إذَا صَارَ الْأَصْلُ إلَيْهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْفَرْعِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ (قَوْلُهُ نُفِيَ التَّحَمُّلُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْفَرْعُ شَاهِدًا عَلَى شَهَادَةِ مَنْ قَضَى بِعِلْمِهِ فَإِنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ مُلَازَمَةٍ لِلْقَضَاءِ فَإِذَا حَدَثَ مِنْ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ رِدَّةٌ أَوْ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ مَا إذَا شَهِدَ الْفَرْعُ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ عِنْدَ حَاكِمٍ فَإِنَّهُ إنْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْأَصْلِ فَلَيْسَ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ مُنْفَكٌّ عَنْ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَتَنَاوَلَ مَا إذَا حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ إقَامَةِ الْفَرْعِ شَهَادَتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الشَّاهِدِ الْأَصْلِيِّ وَحَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يُخَالِفُهُ وَفِقْهُهُ وَاضِحٌ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى إطْلَاقِ أَنَّ حُدُوثَ عَدَاوَةٍ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ. (قَوْلُهُ وَعَمًى) أَيْ وَخَرَسٌ (قَوْلُهُ وَلِلْإِسْنَوِيِّ فِيهِ كَلَامٌ) ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ عِبَارَتُهُ وَغَلَّطَهُ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ بَلْ يُقَوِّيهِ لِأَنَّ وُجُودَ الْأَصْلِ بِصِفَةِ الْأَهْلِيَّةِ أَقْرَبُ إلَى عَدَمِ قَبُولِ الْفَرْعِ مِنْ وُجُودِهِ بِدُونِهَا بِسَبَبٍ لَا تَقْصِيرَ فِيهِ فَإِذَا انْتَظَرْنَا زَوَالَ الْإِغْمَاءِ لِقُرْبِهِ فَزَوَالُ الْمَرَضِ الْقَرِيبِ أَوْلَى وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ أَنَّ الْأَصْلَ إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمَرَضِ وَتَعَذَّرَ حُضُورُهُ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَى الْفَرْعِ الْأَدَاءُ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الْأَصْلَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ فَوَجَبَ عَلَى الْفَرْعِ انْتِظَارُهُ (قَوْلُهُ أَوْ حَضَرَ) أَيْ أَوْ شُفِيَ مِنْ مَرَضٍ أَوْ أَبْصَرَ مِنْ عَمَاهُ أَوْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ أَوْ مِنْ إغْمَائِهِ إنْ مَنَعْنَا الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ مَعَهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ تَوَجَّهَ مِنْ غَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ بِحَيْثُ كَانَ وَقْتَ أَدَاءِ الْفَرْعِ الشَّهَادَةَ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَمَا دُونَهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْأُصُولِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مُقَيَّدٌ فِي الْفِسْقِ وَالرِّدَّةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي حَدٍّ لِآدَمِيٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَمْ يُسْتَوْفَ فَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُسْتَوْفَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ حُدُوثِ الْعَدَاوَةِ وَلَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عِيَادَةُ الْقَاضِي الْمَرِيضَ بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرْعِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ كَمَا إذَا بَرِئَ الْمَرِيضُ قُلْت وَهَذِهِ الصُّورَةُ وَقَعَتْ لِابْنِ أَبِي الدَّمِ وَتَرَدَّدَ فِيهَا نَظَرُهُ وَرَجَّحَ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْأَدَاءُ السَّابِقُ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَرْدِ بِزَوَالِ عُذْرِهِ بِالْبَرْدِ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّورَةِ ر وَتُسْمَعُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ إذَا سُمِعَ بِعَجْزِ الْأَصْلِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ بِالْعَجْزِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا) قَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّ شَاهِدَ الْأَصْلِ لَوْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَهُمَا فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ قَدْ أَشْهَدَهُمَا عَلَى شَهَادَتِهِ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا (قَوْلُهُ وَلَا يَتَحَمَّلُ نِسَاءٌ) الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ لَكِنْ لَوْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ صَحَّ تَحَمُّلُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 379 كَالْأَصْلِ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْعَدَدِ) أَيْ عَدَدِ شُهُودِ الْفَرْعُ (فَيَكْفِي شَاهِدَانِ عَلَى الْأَصْلَيْنِ مَعًا) لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى قَوْلِ اثْنَيْنِ فَصَارَ كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى مُقِرَّيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ لِكُلِّ أَصْلٍ اثْنَانِ وَلَا يَكْفِي لَهُ وَاحِدٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَرْعَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ الْحَقُّ وَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِ بَلْ يَثْبُتُ بِهَا شَهَادَةُ الْحَقِّ وَالْحَقُّ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْأَصْلِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الثَّانِي (وَكَذَا) يَكْفِي شَاهِدَانِ (عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) لِمَا عُلِمَ وَعَطَفَ عَلَى شَاهِدَانِ قَوْلَهُ (لَا كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ الْفَرْعَيْنِ (عَلَى أَصْلٍ) بِأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ وَالْآخَرُ عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ الثَّانِي فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْفَرْعَ يُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ كَمَا مَرَّ (وَالْأَصْلُ شَهِدَ مَعَ فَرْعٍ عَنْ) بِمَعْنَى عَلَى شَهَادَةِ (الْأَصْلِ الثَّانِي) فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ قَامَ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الْبَيِّنَةِ لَا يَقُومُ بِالْآخَرِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْأَدَاءِ) لِشَهَادَةِ الْفَرْعِ (لَا تُسْمَعُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ إلَّا) عِنْدَ تَعَذُّرِ أَوْ تَعَسُّرِ شَهَادَةِ الْأَصْلِ وَذَلِكَ (لِغَيْبَةِ الْأَصْلِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ مَوْتٍ أَوْ عَمًى) لَا تُسْمَعُ مَعَهُ الشَّهَادَةُ (أَوْ جُنُونٍ أَوْ مَرَضٍ مَشَقَّتُهُ ظَاهِرَةٌ) بِأَنْ يَجُوزَ لِأَجْلِهِ تَرْكُ الْجُمُعَةِ (وَخَوْفٍ) مِنْ غَرِيمٍ (وَسَائِرِ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ) فَلَا تُسْمَعُ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ بَابَهَا أَوْسَعُ وَلِهَذَا تُقْبَلُ مِنْ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ إنَّمَا جُوِّزَتْ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا وَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَوْتَ الْأَصْلِ وَجُنُونَهُ وَعَمَاهُ لَا يَمْنَعُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي بَيَانِ طَرَيَان الْعُذْرِ وَهَذَا فِي الْمُسَوِّغِ لِلشَّهَادَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ ضَابِطِ الْمَرَضِ هُنَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَهُوَ بَعِيدٌ نَقْلًا وَعَقْلًا وَبَيَّنَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنَّ إلْحَاقَهُ سَائِرَ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ بِالْمَرَضِ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أَكَلَ مَالَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ عُذِرَ فِي الْجُمُعَةِ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ هُنَا بِأَنَّ أَكْلَ شُهُودِ الْأَصْلِ ذَلِكَ يُسَوِّغُ سَمَاعَ الشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (لَا مَا يَعُمُّ الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ) مِنْ الْأَعْذَارِ (كَالْمَطَرِ وَالْوَحْلِ الشَّدِيدِ) فَلَا تُسْمَعُ مَعَهُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ كَذَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّ مُشَارَكَةَ غَيْرِهِ لَهُ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ عُذْرًا فِي حَقِّهِ فَلَوْ تَجَشَّمَ الْفَرْعُ الْمَشَقَّةَ وَحَضَرَ وَأَدَّى قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَهُوَ حَسَنٌ (وَلَا يُكَلَّفُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ الْحُضُورَ) إلَى الْأَصْلِ (لِيَسْمَعَ) شَهَادَتَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِابْتِذَالِ (فَصْلٌ تُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْأُصُولِ وَتَعْرِيفُهُمْ) مِنْ الْفَرْعِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ عَدَالَتِهِمْ وَلَا تُعْرَفُ عَدَالَتُهُمْ   [حاشية الرملي الكبير] [الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي عَدَدِ شُهُود الشَّهَادَة عَلَى الشَّهَادَةِ] الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْعَدَدِ) (قَوْلُهُ فَيَكْفِي شَاهِدَانِ عَلَى الْأَصْلَيْنِ مَعًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَدِ فِي الْفَرْعِ وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهَا الْوَاحِدُ كَهِلَالِ رَمَضَانَ وَبِهِ صَرَّحُوا هُنَاكَ فَيُشْتَرَطُ اثْنَانِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَاحِدِ وَلَوْ كَانَتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ مِمَّا يُحْكَمُ بِهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَتَحَمَّلَهَا فَرْعٌ وَاحِدٌ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ هَذَا الْفَرْعِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَلَوْ شَهِدَ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ فَرْعَانِ جَازَ لَهُ الْحَلِفُ مَعَهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِمَا شَهَادَةُ الْأَصْلِ الْوَاحِدِ فَصَارَ كَمَا لَوْ شَهِدَ هُوَ [الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ] (قَوْلُهُ الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْأَدَاءِ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ وَقَعَ بِمَرْوٍ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى جَمَلًا وَذَهَبَ بِهِ إلَى مَكَّةَ فَاسْتُحِقَّ وَأَشْهَدَ الْمُشْتَرِي هُنَاكَ لِيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ فَأَفْتَى بِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ إذَا شَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ اشْتَرَى جَمَلًا صِفَتُهُ كَذَا وَقَبَضَهُ وَدَفَعَ الثَّمَنَ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ بِعَيْنَةِ وَقَبَضَهُ مِنْ يَدِهِ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ السَّابِقِ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ الشِّرَاءِ أُشْهِدُوا عَلَى شَهَادَتِهِمْ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ اشْتَرَاهُ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ إنَّ شُهُودَ الْفَرْعِ صَحِبُوا الْمُشْتَرِيَ وَالْمُشْتَرَى إلَى حَالَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَشَهِدُوا بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ هُوَ الَّذِي أَشْهَدَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِأَنَّهُ هُوَ الْمَبِيعُ مِنْ فُلَانٍ الْبَائِعِ وَيُتَصَوَّرُ فِي الْحَضَرِ إنْ شَهِدَ شُهُودُ الْفَرْعِ بِأَنَّ عَيْنًا قَدْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ فُلَانٍ بِالْبَيِّنَةِ بِمَشْهَدِنَا وَكَانَ قَدْ أَشْهَدْنَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِأَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ مِنْ فُلَانٍ فَيَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا حِينَئِذٍ قَالَ الْقَفَّالُ وَلَيْسَ فِي مَسَائِلِ الشَّرْعِ شَيْءٌ تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْفَرْعِ مَعَ شَهَادَةِ الْأَصْلِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ إذْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِلِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الِانْفِرَادِ لَا تَنْفَعُ وَكَذَا شَهَادَةُ الْأَصْلِ عَلَى الِانْفِرَادِ عَلَى التَّصَيُّنِ لَا تُفِيدُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ إذًا. (قَوْلُهُ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرٍ أَوْ تَعَسُّرِ الْأَصْلِ) لِأَنَّ الْأَقْوَى فِي بَابِ الشَّهَادَةِ لَا يُتْرَكُ مَعَ إمْكَانِهِ وَشَهَادَةُ الْأَصْلِ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ الْفَرْعِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ نَفْسَ الْحَقِّ وَشَهَادَةُ الْفَرْعِ إنَّمَا تُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ وَلِأَنَّ احْتِمَالَ الْخَطَأِ وَالْخَلَلِ يَكْثُرُ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَخُذْ مِنْ هَذَا إنَّ فَرْعَ الْفَرْعِ لَا يُقْبَلُ مَعَ حُضُورِ أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ فَرْعٌ لِلْأَصْلِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَسَائِرِ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ) لَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الِاعْتِكَافُ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ فِي بَابِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ هُنَا (قَوْلُهُ كَذَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ) لَمْ يَظْهَرْ لِي حَقِيقَةُ مَا أَرَادَهُ بِهَذَا الْكَلَامِ الَّذِي اسْتَدْرَكَهُ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْعُذْرَ الْعَامَّ يَشْمَلُ الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ فَكَمَا لَا يُكَلَّفُ الْأَصْلُ الْحُضُورَ مَعَهُ لَا يُكَلَّفُ الْفَرْعُ أَيْضًا الْحُضُورَ فَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْغَزَالِيِّ وَإِمَامِهِ بِذَلِكَ أَنَّا لَا نُكَلِّفُ الْأَصْلَ الْحُضُورَ مَعَ الْعُذْرِ الْعَامِّ كَمَا لَا نُكَلِّفُهُ إيَّاهُ مَعَ الْعُذْرِ الْخَاصِّ وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَدْ يُسْمَحُ لِلْفَرْعِ بِالْحُضُورِ لِلْأَدَاءِ فِي الْمَطَرِ وَالْوَحْلِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ فَيُقْبَلُ كَمَا يُقْبَلُ عِنْدَ الْعُذْرِ الْخَاصِّ عِنْدَ عَدَمِ بَذْلِ الْأَصْلِ السَّعْيَ لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْعُذْرِ وَوُجُودِ فَرْعٍ يُؤَدِّي وَقْتَئِذٍ غ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ مُشَارَكَةَ غَيْرِهِ لَهُ لَا تُخْرِجُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ حَسَنٌ) هُوَ ظَاهِرٌ [فَصْلٌ تَسْمِيَةُ الْأُصُولِ وَتَعْرِيفُهُمْ فِي الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ] (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْأُصُولِ) أَفْهَمَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وُجُوبَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْأَصْلُ قَاضِيًا وَلَوْ قَالَ أَشْهَدَنِي قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ بَغْدَادَ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَلَيْسَ بِهَا سِوَاهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ فَفِي سَمَاعِهَا وَجْهَانِ (فَرْعٌ) شَاهِدُ أَصْلٍ وَفَرْعَا أَصْلٍ آخَرَ تُقَدَّمُ شَهَادَةِ الْأَصْلِ ثُمَّ شَهَادَةُ الْفَرْعِ كَمَا إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 380 مَا لَمْ يُعْرَفُوا وَلِيَتَمَكَّنَ الْخَصْمُ مِنْ جَرْحِهِمْ إذَا عَرَفَهُمْ (فَلَا يَكْفِي) قَوْلُ الْفَرْعِ (أَشْهَدَنِي عَدْلٌ) أَوْ نَحْوُهُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَعْرِفُ جَرْحَهُ لَوْ سَمَّاهُ وَلِأَنَّهُ يَسُدُّ بَابَ الْجَرْحِ عَلَى الْخَصْمِ (وَلِفَرْعٍ تَزْكِيَةُ أَصْلٍ) لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهَا (لَا) تَزْكِيَةُ (أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَ) لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ شَهَادَتِهِ هُنَا وَالْمُزَكِّي قَائِمٌ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَصِحُّ قِيَامُهُ بِالثَّانِي وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ تَزْكِيَةُ الْأَصْلِ بَلْ لَهُ إطْلَاقُهَا ثُمَّ الْقَاضِي يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي شَهَادَتِهِ لِصِدْقِ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ حَيْثُ يَتَعَرَّضُ لِصِدْقِهِ لِأَنَّهُ يَعْرِفُهُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْأَصْلُ (فَرْعٌ) لَوْ اجْتَمَعَ أَصْلٌ وَفَرْعَا أَصْلٍ آخَرَ قُدِّمَ عَلَيْهِمَا فِي الشَّهَادَةِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيه يَسْتَعْمِلُهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ) عَنْ الشَّهَادَةِ (فَإِنْ رَجَعُوا) أَيْ الشُّهُودُ (عَنْ الشَّهَادَةِ) قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا (لَمْ يُحْكَمْ بِهَا وَإِنْ أَعَادُوهَا) سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي عُقُوبَةٍ أَمْ غَيْرِهَا لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَدْرِي أَصَدَقُوا فِي الْأَوَّلِ أَوْ فِي الثَّانِي فَيَنْتَفِي ظَنُّ الصِّدْقِ (وَلَا يُفَسَّقُونَ) بِرُجُوعِهِمْ (إلَّا أَنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا) شَهَادَةَ الزُّورِ فَيُفَسَّقُونَ (وَلَوْ رَجَعُوا) عَنْ شَهَادَتِهِمْ (فِي زِنًا حُدُّوا) حَدَّ الْقَاذِفِ وَإِنْ قَالُوا غَلِطْنَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْبِيرِ وَكَانَ حَقُّهُمْ التَّثَبُّتَ وَكَمَا لَوْ رَجَعُوا عَنْهَا بَعْدَ الْحُكْمِ (وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ) وَإِنْ أَعَادُوهَا لِمَا مَرَّ (فَإِنْ قَالُوا) لِلْحَاكِمِ بَعْدَ شَهَادَتِهِمْ (تَوَقَّفْ) عَنْ الْحُكْمِ (ثُمَّ قَالُوا) لَهُ (اُحْكُمْ) فَنَحْنُ عَلَى شَهَادَتِنَا (حَكَمَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ رُجُوعُهُمْ وَلَا بَطَلَتْ أَهْلِيَّتُهُمْ وَإِنْ عَرَضَ شَكٌّ فَقَدْ زَالَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ رِيبَةٌ حَكَمَ وَإِنْ دَامَتْ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى تَسَاهُلٍ فَلَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ سَبَبِ التَّوَقُّفِ هَلْ هُوَ لِشَكٍّ طَرَأَ أَمْ لِأَمْرٍ ظَهَرَ لَهُمْ فَإِنْ قَالُوا لِشَكٍّ طَرَأَ قَالَ لَهُمْ بَيِّنُوهُ فَإِنْ ظَهَرَ مَا لَا يُؤَثِّرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْحُكْمِ (بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ) مِنْهُمْ لِأَنَّهَا صَدَرَتْ مِنْ أَهْلٍ جَازِمٍ وَالتَّوَقُّفُ الطَّارِئُ قَدْ زَالَ (وَإِنْ رَجَعُوا) عَمَّا شَهِدُوا بِهِ (بَعْدَ الْحُكْمِ وَهُوَ بِمَالٍ أَوْ عَقْدٍ وَلَوْ نِكَاحًا نَفَذَ الْحُكْمُ) بِهِ وَاسْتَوْفَى إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَوْفَى إذْ لَيْسَ هُوَ مِمَّا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِالرُّجُوعِ (أَوْ بِعُقُوبَةٍ وَلَوْ لِآدَمِيٍّ لَمْ يَسْتَوْفِ) لِتَأَثُّرِهَا بِالشُّبْهَةِ وَوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ فِيهَا (وَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ فِي قَتْلٍ أَوْ رَجْمٍ أَوْ جَلْدٍ مَاتَ مِنْهُ أَوْ قَطْعٍ بِجِنَايَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا اُقْتُصَّ مِنْهُمْ مُمَاثَلَةً) أَوْ أُخِذَتْ مِنْهُمْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ مُوَزَّعَةً عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ كَمَا مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ وَلَا يَضُرُّ فِي اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مِنْ الْمَرْجُومِ وَلَا قَدْرِ الْحَجْرِ وَعَدَدِهِ قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ ذَلِكَ تَفَاوُتٌ يَسِيرٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَخَالَفَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ يَتَعَيَّنُ السَّيْفُ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ وَيُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ رَجَعَ الرَّاوِي عَنْ رِوَايَةِ خَبَرٍ يُوجِبُ الْقَوَدَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْوَاقِعَةِ فَلَمْ يَقْصِدْ الرَّاوِي الْقَتْلَ. (وَقُدِّمَ حَدُّ قَذْفٍ) لَزِمَهُمْ عَلَى قَتْلِهِمْ لِيَتَأَتَّى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (أَوْ) قَالُوا (أَخْطَأْنَا) فِي شَهَادَتِنَا (فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ مُوَزَّعَةٌ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ) فَتَكُونُ فِي مَالِهِمْ (لَا عَلَى عَاقِلَةٍ كَذَّبَتْ) لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ لَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَا لَمْ تُصَدِّقْهُمْ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَعَ سُكُوتِهَا وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي هَذَا مُتَدَافِعٌ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ كَثِيرٍ عَدَمُ اللُّزُومِ فِيهِ (وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا) لَوْ ادَّعَوْا أَنَّهَا تَعْرِفُ خَطَأَهُمْ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ الدِّيَةَ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ احْتِمَالُ أَنَّ لَهُمْ تَحْلِيفَهَا لِأَنَّهُمْ لَوْ أَقَرُّوا لَغَرِمُوا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ بِأَنَّ الْجَانِيَ إذَا   [حاشية الرملي الكبير] يَسْتَعْمِلُهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَيَمَّمُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَلَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةِ آخَرَ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا لِفُلَانٍ وَلَمْ يَعْرِفْ شَاهِدُ الْفَرْعِ عَيْنَ الْأَرْضِ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ شَاهِدِ الْأَصْلِ قَالَ الرُّويَانِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ تَصِحُّ لِأَنَّهُ نَاقِلٌ لِلشَّهَادَةِ غَيْرُ مُبْتَدِئٍ لَهَا كَمَا أَنَّ النَّاقِلَ لِلْخَبَرِ عَنْ الصَّحَابِيِّ لَا تُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي الْمَنْقُولِ عَنْهُ [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ) (قَوْلُهُ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ) كَقَوْلِهِمْ رَجَعْنَا عَنْهَا أَوْ أَبْطَلْنَاهَا أَوْ فَسَخْنَاهَا أَوْ رَدَدْنَاهَا أَوْ هِيَ بَاطِلَةٌ وَفِي مَعْنَى الرُّجُوعِ طُرُوُّ مَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَكَتَبَ هَلْ يَلْتَحِقُ بِالرُّجُوعِ مَا لَوْ تَضَمَّنَتْ الشَّهَادَةُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَ عَمْرًا فِي كَذَا وَلَكِنْ نَعْلَمُ رُجُوعَهُ فِي وَكَالَتِهِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَفِيهِ جَوَابَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَسْمَعُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَالثَّانِي يَسْمَعُهَا بِالْوَكَالَةِ فَإِنْ ادَّعَى مُدَّعٍ الرُّجُوعَ حِينَئِذٍ تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَصَرِيحُ الرُّجُوعِ رَجَعْت عَنْ شَهَادَتِي وَلَوْ قَالَ أَبْطَلْت شَهَادَتِي أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ رَدَدْتهَا فَهَلْ يَكُونُ رُجُوعًا فِيهِ وَجْهَانِ فِي رَوْضَةِ شُرَيْحٍ قَالَ وَلَوْ قَالَ شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ كَانَ رُجُوعًا وَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ ظَاهِرٌ فِيمَا يَتَوَقَّفُ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْحُكْمِ فَأَمَّا مَا يَثْبُتُ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا بَعْدَ الْحُكْمِ. اهـ. وَأَرْجَحُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ رُجُوعٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا) قَالَ النَّاشِرِيُّ هَلْ الرُّجُوعُ مَعَهُ كَذَلِكَ أَمْ لَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ عَقْدٍ) أَيْ أَوْ فَسْخٍ (قَوْلُهُ وَجَلْدٍ) أَيْ وَمَاتَ مِنْ الْجَلْدِ كَمَا قَيَّدَهُ الْمُحَرَّرُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَاتَ مِنْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَأْتِي فِي الْجَلْدِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ فَإِنْ جُلِدَ الْحَدَّ لَا يُقْتَلُ غَالِبًا فَلَا قِصَاصَ وَلَا تُغَلَّظُ الدِّيَةُ تَغَلَّظَ الْعَمْدِ الْمَحْضِ فَإِنْ خَرَجَ الْجَلْدُ عَنْ الْحَدِّ حَتَّى صَارَ يَقْتُلُ غَالِبًا فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الْمَقْصُودِ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا لَمْ يَمُتْ مِنْ الْجَلْدِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُمْ يُعَزَّرُونَ وَإِنْ حَصَلَ أَثَرٌ يَقْتَضِي الْحُكُومَةَ وَجَبَتْ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ وَفِي نَصِّ الْمُخْتَصَرِ مَا يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ قِصَاصٌ أَغْرَمُوهُ وَعَزَّرُوا اهـ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ يَقْتُلُهُ ذَلِكَ الْجَلْدُ غَالِبًا (قَوْلُهُ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَعَ سُكُوتِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 381 اعْتَرَفَ بِالْخَطَأِ وَكَذَّبَتْهُ الْعَاقِلَةُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَيَكُونُ الصَّحِيحُ خِلَافَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فَإِنَّ الشَّاهِدَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا دَخَلَ ثَمَّ فِي كَلَامِهِ انْتَهَى عَلَى أَنَّ ابْنَ الْقَطَّانِ لَمْ يَجْزِمْ بِذَلِكَ بَلْ حَكَى وَجْهَيْنِ كَمَا حَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ حِكَايَةِ الدَّارِمِيِّ عَنْهُ قَالَ الْإِمَامُ وَقَدْ يَرَى الْقَاضِي فِيمَا إذَا قَالُوا أَخْطَأْنَا تَعْزِيرَهُمْ لِتَرْكِهِمْ التَّحَفُّظَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ وَأَقَرَّهُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ الْمَعْرُوفِ عَدَمِ التَّعْزِيرِ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّي لَكِنْ جَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَرَادُوا أَنَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ التَّعْزِيرُ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ (وَرُجُوعُ الْقَاضِي وَحْدَهُ كَرُجُوعِهِمْ) فَإِنْ قَالَ تَعَمَّدْت الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ أَوْ أَخْطَأْت فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَةٍ كَذَّبَتْهُ (فَإِنْ رَجَعُوا) أَيْ الْقَاضِي وَالشُّهُودُ (مَعًا فَالْقِصَاصُ عَلَى الْجَمِيعِ) إنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا (وَالدِّيَةُ) عَلَيْهِمْ (مُنَاصَفَةً) لِاعْتِرَافِهِمْ بِسَبَبِ قَتْلِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَجِبَ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِ وَحْدَهُ كَمَا لَوْ رَجَعَ بَعْضُ الشُّهُودِ انْتَهَى وَرُدَّ الْقِيَاسُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ يَسْتَقِلُّ بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا إذَا قَضَى بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ الشُّهُودِ وَيُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِ الشُّهُودِ وَحْدَهُمْ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (وَإِنْ رَجَعَ الْوَلِيُّ) لِلدَّمِ وَلَوْ (مَعَهُمْ فَعَلَيْهِ دُونَهُمْ) الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ وَهُمْ مَعَهُ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ (أَوْ) رَجَعَ (الْمُزَكِّي) لِلشُّهُودِ وَلَوْ قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ (لَزِمَهُ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ بِالتَّزْكِيَةِ أَلْجَأَ الْقَاضِيَ إلَى الْحُكْمِ الْمُفْضِي إلَى الْقَتْلِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ عَلِمْت كَذِبَهُمْ وَقَوْلِهِ عَلِمْت فِسْقَهُمْ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَقَالَ الْقَفَّالُ مَحِلُّهُ إذَا قَالَ عَلِمْت كَذِبَهُمْ فَإِنْ قَالَ عَلِمْت فِسْقَهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُصَدَّقُونَ مَعَ فِسْقِهِمْ (وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ شَاهِدَيْنِ (تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ صَاحِبِي فَلَا قِصَاصَ) لِانْتِفَاءِ تَمَحَّضَ الْعَمْدِ لِعِدْوَانٍ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِإِقْرَارِهِ بَلْ يَلْزَمُهُمَا دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ (أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا تَعَمَّدْت وَصَاحِبِي أَخْطَأَ أَوْ) قَالَ تَعَمَّدْت (وَلَا أَدْرِي أَتَعَمَّدَ صَاحِبِي أَمْ لَا وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ غَائِبٌ) لَا يُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى تَعَمَّدْت وَقَالَ صَاحِبُهُ أَخْطَأْت (فَلَا قِصَاصَ) لِمَا مَرَّ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ الْمَعْرُوفِ عَدَمَ التَّعْزِيرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخَطَأَ جَائِزٌ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْجَمِيعِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا رَجَعُوا اخْتَصَّ الْقِصَاصُ بِالْوَلِيِّ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ كَالْوَالِي فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ لَا يَحْكُمَ وَلَا يُقَالُ هُوَ مَلْجَأٌ لِأَنَّ رُجُوعَهُ وَاعْتِرَافَهُ بِالتَّعَمُّدِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَخْتَصُّ الْقِصَاصُ بِالْقَاضِي كَمَا يَخْتَصُّ بِالْوَلِيِّ اهـ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَجِبَ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِ وَحْدَهُ إلَخْ) أَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِجِهَةِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الْحَامِلَةُ بِشَهَادَتِهَا عَلَى الْقَتْلِ وَبِجِهَةِ الْحُكْمِ وَهِيَ الْفَاعِلَةُ لِلْقَتْلِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نَوْعُ اسْتِقْلَالٍ وَنَوْعُ مُشَارَكَةٍ فَإِذَا اخْتَصَّتْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ بِالرُّجُوعِ لَزِمَهَا الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ نَظَرًا إلَى اسْتِقْلَالِهَا فِي جِهَتِهَا وَلِهَذَا نَقُولُ فِي الشُّهُودِ إذَا رَجَعُوا: إنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الْقِصَاصُ عِنْدَ التَّعَمُّدِ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى جِهَةِ الْحُكْمِ حَتَّى تُوجِبَ عَلَى الشُّهُودِ نِصْفَ الدِّيَةِ نَظَرًا إلَى اسْتِقْلَالِهِمْ فِي جِهَةِ الشَّهَادَةِ فَكَذَلِكَ الْقَاضِي إذَا رَجَعَ وَحْدَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ كُلُّ الدِّيَةِ نَظَرًا إلَى اسْتِقْلَالِ جِهَةِ الْحُكْمِ كَاسْتِقْلَالِ جِهَةِ الشَّهَادَةِ فَإِذَا رَجَعَتْ الْجِهَتَانِ فَلَا تَرْجِيحَ وَتَثْبُتُ الْمُشَارَكَةُ وَفِي قَاتِلِي أَبِي جَهْلٍ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِلَاكُمَا قَتَلَهُ» وَخَصَّ بِالسَّلْبِ مَنْ وَجَدَ لَهُ مُرَجِّحًا كَذَلِكَ هُنَا يَخُصُّ الضَّمَانُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ الرُّجُوعُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا إذَا رَجَعَا قَالَ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّ الْأَصْحَابَ وَجَّهُوا الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الْغُرْمِ عَلَى الْقَاضِي وَالشُّهُودِ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ بِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْقَاتِلِينَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي عِنْدَ الِانْفِرَادِ الْقَطْعَ بِإِيجَابِ الْجَمِيعِ لِأَنَّ أَحَدَ الْقَاتِلَيْنِ لَوْ انْفَرَدَ لَغَرِمَ الْجَمِيعُ وَفَارَقَ رُجُوعَ أَحَدِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُمْ بِجُمْلَتِهِمْ كَالْقَاتِلِ الْوَاحِدِ إذْ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمْ بِالْقَتْلِ وَهَذَا كَلَامٌ عَجِيبٌ فَإِنَّا إذَا نَزَّلْنَاهُمَا مَنْزِلَةَ الْقَاتِلِينَ فَكَانَ يَنْبَغِي تَوْزِيعُ الدِّيَةِ فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ وَحَالَةِ الِاجْتِمَاعِ وَأَمَّا فَرْضُ انْفِرَادِ أَحَدِ الْقَاتِلِينَ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ الْقَتْلَ وُجِدَ مِنْ الْكُلِّ فَلَا يُفْرَضُ خِلَافُهُ اهـ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ إذَا انْفَرَدُوا بِالرُّجُوعِ سِوَى النِّصْفِ بَلْ لَا يُطَالَبُونَ بِشَيْءٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُلَّ إذَا رَجَعُوا يَخْتَصُّ الْغُرْمُ بِالْوَلِيِّ وَأَنْ لَا يُطَالِبَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ عِنْدَ انْفِرَادِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النِّصَابَ إذَا بَقِيَ بَعْدَ الرُّجُوعِ لَا يَغْرَمُ الرَّاجِعُ شَيْئًا بَلْ الْوَاجِبُ أَنَّهُمْ كَالشَّرِيكَيْنِ وَلَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ بِالْغُرْمِ وَلَا كَذَلِكَ الشُّهُودُ فَإِنَّهُمْ كَالْقَاتِلِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ الْوَلِيُّ لِلدَّمِ وَلَوْ مَعَهُمْ فَعَلَيْهِ دُونَهُمْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّهُ فِي غَيْرِ قَطْعِ الطَّرِيقِ أَمَّا فِيهِ فَلَا أَثَرَ لِرُجُوعِ الْوَلِيِّ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِ وَلَا يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ وَصَدَّرَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا بَاشَرَ الْوَلِيُّ الْقَتْلَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَنَابَ فِيهِ غَيْرَهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَحِينَئِذٍ فَالظَّاهِرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْإِكْرَاهِ الْعَادِي كَتَقْدِيمِهِ الطَّعَامَ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ إكْرَاهٌ كَانَ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَإِلَّا فَقَدْ شَابَهَ حَالُهُ مَعَ الشُّهُودِ مَعَ الْقَاضِي إذَا رَجَعُوا دُونَ الْوَلِيِّ لِأَنَّ الْقَتْلَ مُسْتَنِدٌ لِقَوْلِ الْجَمِيعِ مَعَ أَنَّهُ لَا إكْرَاهَ فِيهِ فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِإِيجَابِهِ الْقِصَاصَ عَلَى الْجَمِيعِ. اهـ. تَصْوِيرُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ لِلْمَسْأَلَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ الْمُزَكِّي لِلشُّهُودِ إلَخْ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ بِالْقَتْلِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ رَوَى خَبَرًا فِي وَاقِعَةِ قِصَاصٍ لَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ فَاقْتَصَّ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ تَعَمَّدْت فَعَنْ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ فِي آخِرِ الْأَقْضِيَةِ الْمَنْعُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْوَاقِعَةِ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْقَوَدُ كَالشَّاهِدِ إذَا رَجَعَ وَقَوْلُهُ فَعَنْ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 382 وَقِسْطُ الْمُتَعَمِّدِ مِنْ الدِّيَةِ مُغَلَّظٌ وَقِسْطُ الْمُخْطِئِ مِنْهَا مُخَفَّفٌ أَوْ قَالَ تَعَمَّدْت وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي وَهُوَ غَائِبٌ (أَوْ مَيِّتٌ اُقْتُصَّ مِنْهُ أَوْ) قَالَ (كُلٌّ) مِنْهُمَا (تَعَمَّدْت وَلَا أَعْلَمُ حَالَ صَاحِبِي) أَوْ تَعَمَّدْت وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي كَمَا فَهِمَ بِالْأَوْلَى (أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (تَعَمَّدْت اُقْتُصَّ مِنْهُمَا وَإِنْ اعْتَرَفَ) أَحَدُهُمَا (بِعَمْدِهِمَا وَالْآخَرُ بِعَمْدِهِ وَخَطَّأَ صَاحِبَهُ) أَوْ بِخَطَئِهِ وَحْدَهُ أَوْ بِخَطَئِهِمَا (اُقْتُصَّ مِنْ الْأَوَّلِ) لِاعْتِرَافِهِ بِتَعَمُّدِهِمَا جَمِيعًا لَا مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ إلَّا بِشَرِكَةِ مُخْطِئٍ أَوْ بِخَطَأٍ (أَوْ رَجَعَ) أَحَدُهُمَا (وَحْدَهُ وَقَالَ تَعَمَّدْنَا لَا) إنْ قَالَ (تَعَمَّدْت اُقْتُصَّ مِنْهُ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِمْ) بَعْدَ رُجُوعِهِمْ (لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ) بِقَوْلِنَا كَمَنْ رَمَى سَهْمًا إلَى رَجُلٍ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ قَصَدَهُ لَكِنْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ يَبْلُغُهُ (إلَّا لِقُرْبِ عَهْدٍ) مِنْهُمْ (بِالْإِسْلَامِ) أَوْ نَشْأَتِهِمْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ (فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ) لِانْتِفَاءِ تَمَحَّضَ عَمْدِ الْعُدْوَانِ فَعَلَيْهِمْ وَاجِبُهُ (فِي مَالِهِمْ مُؤَجَّلًا ثَلَاثَ سِنِينَ) إلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُمْ الْعَاقِلَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا (وَلَوْ رَجَعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِمَا يُوجِبُ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (بَعْدَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِالْبَيْنُونَةِ) بِطَلَاقٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ نَحْوِهَا (غَرِمَا) لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ مَا يَتَقَوَّمُ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِعِتْقِ عَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَا فَيَغْرَمَانِ (مَهْرَ الْمِثْلِ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَوْ بَعْدَ إبْرَاءِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا عَنْ الْمَهْرِ نَظَرًا إلَى بَدَلِ الْبُضْعِ الْمُفَوَّتِ بِالشَّهَادَةِ إذْ النَّظَرُ فِي الْإِتْلَافِ إلَى الْمُتْلِفِ لَا إلَى مَا قَامَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ سَوَاءٌ أَدَفَعَ الزَّوْجُ إلَيْهَا الْمَهْرَ أَمْ لَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الدَّيْنِ لَا يَغْرَمَانِ قَبْلَ دَفْعِهِ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ هُنَا قَدْ تَحَقَّقَتْ (كَمَا لَوْ شَهِدَا بِطَلَاقٍ وَفَرْضٍ لِمُفَوِّضَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ) وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ مَهْرَ الْمِثْلِ (وَكَذَا لَوْ لَمْ يَشْهَدَا بِالْفَرْضِ) لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَى الزَّوْجِ الْبُضْعَ وَالتَّصْرِيحُ بِالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَهِيَ مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِ مُفَوِّضَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَرْضِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَالْمُتْعَةِ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا مَهْرَ الْمِثْلِ دُونَ الْمُتْعَةِ (وَلَوْ رَجَعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا (فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا (حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ) لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمُرَاجَعَةِ فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا غَرِمَا كَمَا فِي الْبَائِنِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَالْأَصَحُّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا لَا يَغْرَمَانِ شَيْئًا إذَا أَمْكَنَ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ فَتَرَكَهَا بِاخْتِيَارِهِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ تَدَارُكِ دَفْعِ مَا يَعْرِضُ بِجِنَايَةِ الْغَيْرِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ كَمَا لَوْ جَرَحَ شَاةَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَذْبَحْهَا مَالِكُهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ حَتَّى مَاتَتْ (وَلَوْ غَرِمَا) لِرُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ (فِي الطَّلَاقِ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ تَقْتَضِي أَنْ لَا نِكَاحَ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (اسْتَرَدَّا مَا غَرِمَا) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ شَهَادَتَهُمَا لَمْ تُفَوِّتْ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا (أَوْ) شَهِدَا (أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَدَخَلَ) بِهَا (ثُمَّ رَجَعَا) بَعْدَ الْحُكْمِ (غَرِمَا لَهَا مَا نَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا) إنْ كَانَ الْأَلْفُ دُونَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَغْرَمَانِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا إنْ قَالَ تَعَمَّدْت) تَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ إصْرَارَ صَاحِبِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَعَمَّدَ فَهُوَ قَاصِدٌ لِقَتْلِهِ بِحَقٍّ فَكَانَ كَشَرِيكِ الْقَاتِلِ قِصَاصًا أَوْ الْقَاطِعِ حَدًّا وَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِإِيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى الَّذِي قَالَ تَعَمَّدْت. اهـ. الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ نَشْأَتِهِمْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ) أَوْ قَالُوا ظَنَنَّا أَنَّهَا تَجْرَحُ بِأَسْبَابٍ تَقْتَضِي الْجَرْحَ (قَوْلُهُ بَعْدَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَكْفِي التَّفْرِيقُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالتَّحْرِيمِ وَالتَّفْرِيقُ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ يَقْضِي بِالتَّفْرِيقِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَإِنَّمَا لَمْ يُرِدْ الْفِرَاقَ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا فِي الرُّجُوعِ مُحْتَمَلٌ وَلَا يُرَدُّ الْقَضَاءُ بِقَوْلٍ مُحْتَمَلٍ. (قَوْلُهُ بِالْبَيْنُونَةِ) بِطَلَاقٍ بَائِنٍ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَالثَّالِثَةِ أَوْ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ مَجَّانًا وَكَتَبَ أَيْضًا دَخَلَ فِي عِبَارَتِهِمْ مَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى رَجْعِيَّةٍ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْأَرْجَحُ عِنْدِي لِأَنَّهُمْ قَطَعُوا عَلَيْهِ مِلْكَ الرَّجْعَةِ الَّذِي هُوَ كَمِلْكِ الْبُضْعِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ صُوَرٌ إحْدَاهُمَا إذَا لَمْ يَرْجِعُوا إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ لَمْ يُغَرِّمُوا الْوَرَثَةَ شَيْئًا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ الْغُرْمَ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بُضْعِهِ وَلَا حَيْلُولَةَ هُنَا قَالَ وَهَذَا فِقْهٌ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ الثَّانِيَةُ إذَا لَمْ يَرْجِعُوا إلَّا بَعْدَ أَنْ أَبَانَهَا بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ عَلَى زَعْمِهِ فِي بَقَاءِ عِصْمَتِهِ فَلَا غُرْمَ أَيْضًا عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ بَلْ أَوْلَى لِتَقْصِيرِهِ بِالْبَيْنُونَةِ بِاخْتِيَارِهِ الثَّالِثَةَ إذَا قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ إمَّا قَبْلَ رُجُوعِهِمْ أَوْ بَعْدَهُ إنَّهُمْ مُحِقُّونَ فِي شَهَادَتِهِمْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ الرَّابِعَةَ إذَا رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بِالطَّلَاقِ عَلَى عِوَضٍ عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا غُرْمَ عَلَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ وَالْبَغَوِيِّ فِيمَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِأَلْفٍ وَمَهْرُهَا أَلْفَانِ أَنَّ عَلَيْهَا أَلْفًا. وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الْمَرْأَةِ أَلْفٌ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ التَّغْرِيمُ فَلَا يُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ لَا فِي عَدَمِ الْغُرْمِ وَلَا فِي غُرْمِ تَكْمِلَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعِوَضُ الْمَشْهُودُ بِهِ أَلْفًا وَكَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفَيْنِ الْخَامِسَةُ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قِنًّا فَلَا غُرْمَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لَا لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلَا لِمَالِكِهِ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِزَوْجَةِ عَبْدِهِ فَلَوْ كَانَ مُبَعَّضًا غَرِمَ لَهُ الشُّهُودُ بِقِسْطِ الْحُرِّيَّةِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَلَوْ كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى مَجْنُونٍ أَوْ غَائِبٍ فَالْأَرْجَحُ أَنَّ لِوَلِيِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ تَغْرِيمَهُمْ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إنْكَارٌ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَدَفَعَ الزَّوْجُ إلَيْهَا الْمَهْرَ أَمْ لَا) أَوْ قَدَرَ عَلَى الِاجْتِمَاعِ بِهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ تَقْتَضِي أَنْ لَا نِكَاحَ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَشَمِلَتْ عِبَارَتُهُ مَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَمَا لَوْ حَدَثَ الرَّضَاعُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ لِكَوْنِهِ صَغِيرَةً وَلَوْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ بِأَنَّهُ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا غَرَّمَهُمَا مَهْرَ الْمِثْلِ (فَرْعٌ) لَوْ شَهِدَا لِامْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَخُوهَا لَمْ يَضْمَنَا لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِالْعَقْدِ وَلَمْ يَعْلَمَا الْغَيْبَ وَكَذَا لَوْ شَهِدَا بِبَيْعِ عَبْدٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ بِخُلْعٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا أَوْ شَهِدَا لَهُ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْمُقْرِضَ أَبْرَأَهُ لَمْ يَضْمَنَا وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْقَابِضُ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى إقْرَارٍ ظَاهِرٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 383 شَيْئًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي إنَّهُمَا إذَا رَجَعَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ دَخَلَ بِهَا يَغْرَمَانِ مَا نَقَصَ وَهُوَ مَا أَطْلَقَهُ ابْنُ كَجٍّ وَهَذَا الْبَحْثُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ مَنْقُولَهُ وَقِيلَ لَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا شَيْئًا بَلْ الْمُتْلِفُ هُوَ الزَّوْجُ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الرَّاجِحُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ (أَوْ) شَهِدَا (أَنَّهُ طَلَّقَهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ (أَوْ أَعْتَقَهَا) أَيْ أَمَتَهُ (بِأَلْفٍ وَمَهْرُهَا أَوْ قِيمَتُهَا أَلْفَانِ) ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ (غَرِمَا أَلْفًا) وَقِيلَ يَغْرَمَانِ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرَا عِوَضًا وَأَمَّا الْأَلْفُ فَمَحْفُوظٌ عِنْدَهُ لَهَا إنْ قَبَضَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ وَإِلَّا فَيُقِرُّ عِنْدَهَا حَتَّى تَدَّعِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ قَضِيَّةُ مَا مَرَّ قَرِيبًا فِي التَّفْرِيقِ بِالْبَيْنُونَةِ تَرْجِيحُ الثَّانِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ كُلَّ الْقِيمَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ بِأَنَّ الْعَبْدَ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَهُوَ لِلسَّيِّدِ وَالزَّوْجَةِ بِخِلَافِهِ (أَوْ) شَهِدَا (بِعِتْقٍ) لِرَقِيقٍ (وَلَوْ لِأُمِّ وَلَدٍ) ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ (غَرِمَا الْقِيمَةَ) وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِوَقْتِ الشَّهَادَةِ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ ابْنُ الْقَاصِّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اتَّصَلَ بِهَا الْحُكْمُ لِأَنَّهُ وَقْتَ نُفُوذِ الْعِتْقِ وَبِهِ عَبَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ ثَانِيهِمَا اعْتِبَارُ أَكْثَرِ قِيمَةٍ مِنْ وَقْتِ الْحُكْمِ إلَى وَقْتِ الرُّجُوعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ تُؤْخَذُ مِنْهُمَا لِلْحَيْلُولَةِ حَتَّى يَسْتَرِدَّاهَا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ غُصِبَا تُؤْخَذُ قِيمَتُهُمَا لِلْحَيْلُولَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَشَرَطَ لِاسْتِرْدَادِهَا فِي الْمُدَبَّرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ بَعْضُهُ اسْتَرَدَّ قَدْرَ مَا خَرَجَ (أَوْ) شَهِدَا (بِإِيلَادٍ أَوْ تَدْبِيرٍ) ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ (غَرِمَا) الْقِيمَةَ (بَعْدَ الْمَوْتِ) لَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ إنَّمَا يَزُولُ بَعْدَهُ (أَوْ شَهِدَا بِتَعْلِيقِ طَلَاقٍ) أَوْ عِتْقٍ بِصِفَةٍ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ (فَبَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ) يَغْرَمَانِ الْمَهْرَ أَوْ الْقِيمَةَ لِمَا مَرَّ (أَوْ) شَهِدَا (بِكِتَابَةٍ) لِرَقِيقٍ (ثُمَّ رَجَعَا) بَعْدَ الْحُكْمِ (وَعَتَقَ بِالْأَدَاءِ) ظَاهِرًا (فَهَلْ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ) كُلَّهَا لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ مِنْ كَسْبِهِ وَهُوَ لِسَيِّدِهِ (أَوْ نَقَصَ النُّجُومُ عَنْهَا) لِأَنَّهُ الْفَائِتُ وَجْهَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَشْبَهُهُمَا الثَّانِي وَعَزَاهُ الدَّارِمِيُّ لِابْنِ سُرَيْجٍ وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ (أَوْ) شَهِدَا (أَنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى مَسْجِدٍ) أَوْ جِهَةٍ عَامَّةٍ أَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَالدَّارِمِيِّ وَغَيْرِهِمَا (أَوْ) أَنَّهُ (جَعَلَ شَاتَه أُضْحِيَّةً) ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ (فَالْقِيمَةُ) يَغْرَمَانِهَا (وَيَغْرَمَانِ لِذِي مَالٍ) شَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ لِآخَرَ وَلَوْ كَانَ عَيْنًا ثُمَّ (حُكِمَ بِهِ وَغَرِمَهُ) لَهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَدَفَعَهُ ثُمَّ رَجَعَا لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا مَا غَرِمَهُ (وَ) يَغْرَمَانِ (لِعَاقِلَةٍ) شَهِدَا عَلَى مَنْ تَحَمَّلَتْ عَنْهُ بِجِنَايَةٍ أَوْجَبَتْ مَالًا وَحُكِمَ بِهَا وَ (غَرِمَتْ) ثُمَّ رَجَعَا (وَ) يَغْرَمَانِ فِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَى شَرِيكٍ مُوسِرٍ بِأَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فِي رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ وَحَكَمَ بِهِ ثُمَّ رَجَّعَا قِيمَةَ (مَا عَتَقَ) بِالْإِعْتَاقِ (لِشَرِيكٍ) وَهُوَ الْمُعْتِقِ (وَ) قِيمَةَ (سِرَايَتِهِ) أَيْ الْعِتْقِ بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ (وَإِنْ رَجَعَ فُرُوعٌ أَوْ أُصُولٌ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ (غَرِمُوا أَوْ) رَجَعَ (كُلٌّ) مِنْهُمَا (فَالْفُرُوعُ) أَيْ فَالْغَارِمُ الْفُرُوعُ فَقَطْ لِأَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ إشْهَادَ الْأُصُولِ وَيَقُولُونَ كَذَبْنَا فِيمَا قُلْنَا وَالْحُكْمُ وَقَعَ بِشَهَادَتِهِمْ (وَعُزِّرَ مُتَعَمِّدٌ) فِي شَهَادَتِهِ الزُّورَ بِاعْتِرَافِهِ إذَا (لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ) بِأَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِرُجُوعِهِ قِصَاصٌ وَلَا حَدٌّ (وَدَخَلَ) التَّعْزِيرُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْقِصَاصِ أَوْ الْحَدِّ (إنْ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَلَوْ اسْتَوْفَى) الْمَشْهُودُ لَهُ (بِشَهَادَتِهِمَا مَالًا ثُمَّ وَهَبَهُ لِلْخَصْمِ أَوْ شَهِدَا بِإِقَالَةٍ) مِنْ عَقْدٍ (وَحُكِمَ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْغَارِمَ عَادَ إلَى مَا غَرِمَهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ) لَوْ لَمْ يَقُولَا رَجَعْنَا لَكِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرُجُوعِهِمَا لَمْ يَغْرَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ الْحَقَّ بَاقٍ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ غُرْمًا لَهَا وَقَوْلُهُ الرَّاجِحُ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا غُرْمَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَغْرَمَانِ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اتَّصَلَ بِهَا الْحُكْمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ عَبَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ ثَانِيهِمَا اعْتِبَارُ أَكْثَرِ قِيمَةً إلَخْ) هَذَا فِي الْمُتَقَوِّمِ أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ وَلِهَذَا أَلْحَقُوهُ بِضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ غ ر (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشُرِطَ لِاسْتِرْدَادِهَا فِي الْمُدَبَّرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَشْبَهَهُمَا الثَّانِي) نَقَلَ الْبَكْرِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْأَشْبَهَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ فُرُوعٌ وَأُصُولٌ غَرِمُوا) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إذَا رَجَعَ شَاهِدَا الْأَصْلِ فَقَالَا أَشْهَدْنَا الْفَرْعَ عَلَيْنَا غَالِطِينَ فِي الشَّهَادَةِ فَالْغُرْمُ عَلَيْهِمَا دُونَ الْفُرُوعِ وَلَوْ قَالَا لَمْ نُشْهِدْ الْفُرُوعَ عَلَى شَهَادَتِنَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى الْفُرُوعِ وَلَوْ قَالُوا عَلِمْنَا أَنَّ شُهُودَ الْأُصُولِ كَذَبَةٌ غَرِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالُوا مَا عَلِمْنَا كَذِبَهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ لَنَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالُوا إنَّهُمَا أَشْهَدَانَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ سَأَلُوا فَإِنْ قَالُوا عَرَفْنَا ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ ضَمِنُوا وَإِنْ قَالُوا لَمْ نَعْرِفْهُ إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ الْحَقَّ بَاقٍ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) قَالَ شَيْخُنَا سَأَلَ الْوَالِدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ بِأَمْرٍ ثُمَّ حَكَمَ بِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِرُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَمَّا شَهِدَا بِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ فَهَلْ تُسْمَعُ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تُسْمَعُ وَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحُكْمِ لِتَبَيُّنِ أَنْ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ وَقْتَ الْحُكْمِ بِخِلَافِ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُمَا رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 384 (فَصْلٌ إذَا رَجَعُوا) عَنْ شَهَادَتِهِمْ (غَرِمُوا بِالسَّوِيَّةِ) سَوَاءٌ أَرَجَعُوا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَسَوَاءٌ كَانُوا أَقَلَّ الْحُجَّةِ أَمْ زَادُوا (أَوْ) رَجَعَ (بَعْضُهُمْ وَبَقِيَ نِصَابٌ فَلَا غُرْمَ وَلَا قِصَاصَ) عَلَى الرَّاجِعِينَ. (وَإِنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا) لِقِيَامِ الْحُجَّةِ بِمَنْ بَقِيَ (وَإِنْ رَجَعُوا) فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ (إلَّا وَاحِدًا غَرِمُوا النِّصْفَ) لَا الْقِسْطَ بِحَسَبِ عَدَدِ الرُّءُوسِ لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ (وَعَلَى امْرَأَتَيْنِ) رَجَعَتَا (مَعَ رَجُلٍ نِصْفٌ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعٌ لِأَنَّهُمَا نِصْفُ الْحُجَّةِ وَعَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ الْبَاقِي (وَعَلَيْهِ) أَيْ الرَّجُلِ إذَا رَجَعَ (مَعَ) نِسَاءِ (أَرْبَعٍ فِي رَضَاعٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَثْبُتُ بِمَحْضِ النِّسَاءِ (ثُلُثٌ) وَعَلَيْهِنَّ ثُلُثَاهُ إذْ كُلُّ ثِنْتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ تَنْفَرِدُ بِهَا النِّسَاءُ فَلَا يَتَعَيَّنُ الرَّجُلُ لِلنِّصْفِ (فَإِنْ رَجَعَ) هُوَ (أَوْ ثِنْتَانِ) مِنْهُنَّ (فَلَا غُرْمَ) عَلَى الرَّاجِعِ لِبَقَاءِ حُجَّةٍ (وَعَلَيْهِ) إذَا شَهِدَ (مَعَ عَشْرٍ) فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا (سُدُسٌ) وَعَلَى كُلِّ ثِنْتَيْنِ سُدُسٌ (فَإِنْ رَجَعَ) مِنْهُنَّ (ثَمَانٍ أَوْ هُوَ) وَلَوْ (مَعَ سِتٍّ فَلَا غُرْمَ) عَلَى الرَّاجِعِ لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ وَإِنْ رَجَعَ مَعَ سَبْعٍ غَرِمُوا الرُّبْعَ لِبُطْلَانِ رُبْعِ الْحُجَّةِ (أَوْ) رَجَعَ (كُلُّهُنَّ دُونَهُ غَرِمْنَ نِصْفًا أَوْ) رَجَعَ (هُوَ مَعَ ثَمَانٍ غَرِمُوا النِّصْفَ) لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ فِيهِمَا أَوْ مَعَ تِسْعٍ غَرِمُوا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ (وَهُوَ كَامْرَأَتَيْنِ) فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَيْهِمَا (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ شَهَادَةُ الرَّجُلِ وَالنِّسَاءِ (فِي مَالٍ وَرَجَعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ ثَمَانٍ غَرِمَ النِّصْفَ دُونَهُنَّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِنَّ إلَّا نِصْفُ الْحَقِّ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُنَّ مَنْ يَتِمُّ بِهِ ذَلِكَ (أَوْ) رَجَعَ (مَعَ تِسْعٍ فَعَلَيْهِ نِصْفٌ وَهُنَّ) عَلَيْهِمْ (رُبْعٌ) لِبَقَاءِ رُبْعُ الْحُجَّةِ. (وَإِنْ شَهِدُوا بِإِحْصَانِهِ) أَيْ شَخْصٍ وَشَهِدَ آخَرُونَ بِزِنَاهُ (فَرُجِمَ أَوْ) شَهِدُوا (بِالصِّفَةِ) الْمُعَلَّقِ بِهَا طَلَاقٌ أَوْ عِتْقٌ وَشَهِدَ آخَرُونَ بِتَعْلِيقِ ذَلِكَ (فَطَلُقَتْ) أَوْ عَتَقَتْ (ثُمَّ رَجَعُوا) كُلُّهُمْ (فَلَا غُرْمَ) عَلَى شُهُودِ الْإِحْصَانِ أَوْ الصِّفَةِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ شَهَادَتُهُمْ عَنْ شَهَادَةِ الزِّنَا وَالتَّعْلِيقِ إذْ لَمْ يَشْهَدُوا فِي الْإِحْصَانِ بِمَا يُوجِبُ عُقُوبَةً عَلَى الزَّانِي وَإِنَّمَا وَصَفُوهُ بِصِفَةِ كَمَالٍ وَشَهَادَتُهُمْ فِي الصِّفَةِ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ وَالْحُكْمُ إنَّمَا يُضَافُ إلَى السَّبَبِ لَا إلَى الشَّرْطِ عَلَى الْأَصَحِّ هَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمَعْرُوفُ الْغُرْمُ فَقَدْ صَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْجُرْجَانِيُّ انْتَهَى وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُزَكِّيَ يَغْرَمُ فَشُهُودُ الْإِحْصَانِ وَالصِّفَةِ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُزَكِّيَ مُعَيَّنٌ لِلشَّاهِدِ الْمُتَسَبِّبِ فِي الْقَتْلِ وَمَقْتُولِهِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ بِالْإِحْصَانِ أَوْ الصِّفَةِ (وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ) عَلَى شَخْصٍ (بِأَرْبَعِمِائَةٍ فَرَجَعَ وَاحِدٌ) مِنْهُمْ (عَنْ مِائَةٍ وَآخَرُ عَنْ مِائَتَيْنِ وَالثَّالِثُ عَنْ ثَلَثِمِائَةٍ وَالرَّابِعُ عَنْ أَرْبَعِمِائَةٍ فَالرُّجُوعُ) الَّذِي لَا يَبْقَى مَعَهُ حُجَّةٌ (عَنْ مِائَتَيْنِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمِائَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ فِيهِمَا (فَمِائَةٌ يَغْرَمُهَا الْأَرْبَعَةُ) بِاتِّفَاقِهِمْ (وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مِائَةٍ يَغْرَمُهَا غَيْرُ الْأَوَّلِ بِالسَّوِيَّةِ) لِاخْتِصَاصِهِمْ بِالرُّجُوعِ عَنْهَا وَالرُّبْعُ الْآخَرُ لَا غُرْمَ فِيهِ لِبَقَاءِ رُبْعِ الْحُجَّةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ إنَّمَا يَغْرَمُونَ نِصْفَ الْمِائَةِ وَمَا ذُكِرَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَغْرَمُ حِصَّتَهُ بِمَا رَجَعَ عَنْهُ وَمَا قَالَهُ مُتَعَيَّنٌ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ الْآخَرُ لَا غُرْمَ فِيهِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ] قَوْلُهُ إذَا رَجَعُوا غَرِمُوا بِالسَّوِيَّةِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا إذَا شَهِدُوا بِعِوَضِ الْمَالِ الَّذِي فَوَّتُوهُ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ كَأَنْ شَهِدُوا بِشُفْعَةٍ أَوْ بَيْعٍ وَالثَّمَنُ مِثْلُ الْقِيمَةِ ثُمَّ رَجَعُوا فَلَا غُرْمَ كَمَا حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَقَالَ إنَّهُ فِقْهٌ ظَاهِرٌ مَعْمُولٌ بِهِ الثَّانِيَةُ إذَا ادَّعَى بَالِغٌ أَنَّهُ حُرٌّ وَأَنَّ هَذَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظُلْمًا وَادَّعَى صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهُ رَقِيقُهُ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا ثُمَّ رَجَعُوا لَمْ يَغْرَمُوا لِلْعَبْدِ شَيْئًا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ يَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْمَنْقُولَ فِيمَا إذَا ادَّعَى عَبْدٌ أَنَّ مَالِكَهُ أَعْتَقَهُ وَأَجْنَبِيٌّ أَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ فَأَقَرَّ بِالْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِلْعَبْدِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ لَمْ يُقْبَلْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانُوا أَقَلَّ الْحُجَّةِ أَمْ زَادُوا) قَالُوا تَعَمَّدْنَا أَمْ أَخْطَأْنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ الرَّجُلِ نِصْفٌ) الْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ بِمَثَابَتِهَا فِي الشَّهَادَةِ قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ وَفَرَّعَ الْبَارِزِيُّ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى شَيْءٍ وَأَخَذُوا أُجْرَةً يَكُونُ لِلْمَرْأَتَيْنِ نِصْفُهَا وَلِلرَّجُلِ النِّصْفُ الْآخَرُ كَالْغُرْمِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَصَفُوهُ بِكَمَالٍ) كَمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قُذِفَ وَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدٌ فَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَنَّهُ حُرٌّ فَجُلِدَ ثَمَانِينَ فَمَاتَ ثُمَّ رَجَعَ الْكُلُّ فَلَا شَيْءَ عَلَى شَاهِدَيْ الْحُرِّيَّةِ. (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُزَكِّيَ مُعَيِّنٌ لِلشَّاهِدِ) لِأَنَّهُ بِتَزْكِيَتِهِ أَلْجَأَ الْقَاضِيَ إلَى الْحُكْمِ الْمُفْضِي إلَى الْقَتْلِ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِشُهُودِ الزِّنَا الْمُفْضِيَةِ شَهَادَتُهُمْ إلَى الْقَتْلِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الثَّلَاثَ إنَّمَا يَغْرَمُونَ نِصْفَ الْمِائَةِ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ شَهِدَ لِمُدَّعِيهَا يَعْنِي الْأَرْبَعَمِائَةِ أَحَدُهُمْ بِمِائَةٍ وَآخَرُ بِمِائَتَيْنِ وَثَالِثٌ بِثَلَثِمِائَةٍ وَرَابِعٌ بِأَرْبَعِمِائَةٍ فَالثَّابِتُ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ ثَلَثُمِائَةٍ فَإِذَا رَجَعُوا غَرِمُوهَا عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّهُ فِي مِائَةٍ أَخَذَ أَرْبَعَةً وَعَلَى الثَّانِي ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ نَصِيبُهُ مِنْ الْمِائَةِ الْأُولَى وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ نَصِيبُهُ مِنْ الثَّانِيَةِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ نَصِيبُهُ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَنَصِيبُهُ مِنْ الثَّالِثَةِ خَمْسُونَ وَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَ الرَّابِعِ فَغُرْمُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ مَا بِهِ الْحُكْمُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ مَنْ شَهِدَ بِحَقٍّ يَعْلَمُهُ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا أُجِرَ عَلَى قَصْدِهِ وَطَاعَتِهِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا بِسَبَبِ سُقُوطِ الْحَقِّ الَّذِي تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ بِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِسُقُوطِهِ أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ وَلَا يُثَابُ عَلَى شَهَادَتِهِ لِأَنَّهَا مُضِرَّةٌ بِالْخَصْمَيْنِ وَفِي تَفَرُّعِهِ وَرُجُوعِهِ عَلَى الظَّالِمِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الْمَظْلُومِ نَظَرٌ إذْ الْخَطَأُ وَالْعَمْدُ فِي الْأَسْبَابِ وَالْمُبَاشَرَاتِ سِيَّانِ فِي بَابِ الضَّمَانِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 385 (فَصْلٌ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِشُهُودٍ فَبَانُوا مَرْدُودِينَ) فِي شَهَادَتِهِمْ لِكُفْرٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ فِسْقٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ) أَيْ حُكْمَهُ (يُنْقَضُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ (فَتَعُودُ الْمُطَلَّقَةُ) بِشَهَادَتِهِمْ (زَوْجَةً وَالْمُعْتَقَةُ) بِهَا (أَمَةً فَإِنْ اُسْتُوْفِيَ) بِهَا (قَطْعٌ أَوْ قَتْلٌ) أَوْ حَدٌّ أَوْ تَعْزِيرٌ (فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَاضِي) الضَّمَانُ (وَلَوْ فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى) لِتَفْرِيطٍ بِتَرْكِ الْبَحْثِ التَّامِّ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ سَوَاءٌ اسْتَوْفَاهُ الْمُدَّعِي وَلَوْ بِنَائِبِهِ أَمْ الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ يَقُولُ اسْتَوْفَيْت حَقِّي (فَإِنْ كَانَ) الْمَحْكُومُ بِهِ (مَالًا) وَلَوْ (تَالِفًا ضَمِنَهُ الْمَحْكُومُ لَهُ) وَإِنْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِتْلَافِ بِالْقِصَاصِ حَيْثُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِيهِ بِأَنَّ الْإِتْلَافَ إنَّمَا يُضْمَنُ إذَا وَقَعَ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي وَحُكْمُ الْقَاضِي أَخْرَجَهُ عَنْ التَّعَدِّي وَأَمَّا الْمَالُ فَإِذَا حَصَلَ بِيَدِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ مَضْمُونًا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعَدٍّ (فَلَوْ كَانَ) الْمَحْكُومُ لَهُ (مُعْسِرًا) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ غَائِبًا (غَرِمَ الْقَاضِي) لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لَا عَاقِلَتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بَدَلَ نَفْسٍ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِهَا (وَرَجَعَ بِهِ) عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ (إذَا أَيْسَرَ) أَوْ حَضَرَ (وَلَا غُرْمَ عَلَى الشُّهُودِ) لِأَنَّهُمْ ثَابِتُونَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ زَاعِمُونَ صِدْقَهُمْ بِخِلَافِ الرَّاجِعِينَ وَلَا عَلَى الْمُزَكِّينَ لِأَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ مَبْنِيٍّ عَلَى شَهَادَتِهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ تَبَعٌ لِلشُّهُودِ [كِتَابُ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَات وَفِيهِ أَبْوَابٌ] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الدَّعْوَى] (كِتَابُ الدَّعَاوَى) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا (وَالْبَيِّنَاتِ) الدَّعْوَى لُغَةً الطَّلَبُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} [يس: 57] وَأَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ وَشَرْعًا إخْبَارٌ عَنْ وُجُوبِ حَقٍّ لِلْمُخْبِرِ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَالْبَيِّنَةُ الشُّهُودِ سُمُّوا بِهَا لِأَنَّ بِهِمْ يَتَبَيَّنُ الْحَقُّ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ كَخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ جَانِبَ الْمُدَّعِي ضُعِّفَ لِدَعْوَاهُ خِلَافَ الْأَصْلِ فَكُلِّفَ الْحُجَّةَ الْقَوِيَّةَ وَجَانِبَ الْمُنْكِرِ قَوِيَ فَاكْتُفِيَ مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الضَّعِيفَةِ (وَفِيهِ أَبْوَابٌ) سَبْعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي الدَّعْوَى وَفِيهِ مَسَائِلُ) سَبْعَةٌ (الْأُولَى فِي مُوجِبِ الرَّفْعِ) إلَى الْقَاضِي (فَإِنْ كَانَ) الْحَقُّ (عُقُوبَةً كَقِصَاصٍ وَ) حَدِّ (قَذْفٍ اُشْتُرِطَ الرَّفْعُ) فِيهَا (إلَى الْقَاضِي) فَلَا يَسْتَقِلُّ صَاحِبُهَا بِاسْتِيفَائِهَا لِعِظَمِ خَطَرِهَا كَمَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ نَعْمَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ أَوْ حَدُّ قَذْفٍ وَكَانَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَاخِرِ قَوَاعِدِهِ لَوْ انْفَرَدَ بِحَيْثُ لَا يُرَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ الْقَوَدِ لَا سِيَّمَا إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ وَقَدَّمْتُ هَذَا أَيْضًا فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ. (وَكَذَا مَنْ لَهُ عَيْنٌ) عِنْدَ غَيْرِهِ (وَخَشِيَ بِأَخْذِهَا) اسْتِقْلَالًا (فِتْنَةً) يُشْتَرَطُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِهِ بِغَيْرِ إثَارَةِ فِتْنَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَهَا فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا (أَوْ) كَانَ لَهُ (دَيْنٌ عَلَى مُقِرٍّ غَيْرِ مُمْتَنِعٍ) مِنْ أَدَائِهِ (طَالَبَهُ) بِهِ لِيُؤَدِّيَهُ وَلَيْسَ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِشُهُودٍ فَبَانُوا مَرْدُودِينَ] كِتَابُ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قِيلَ إنَّ أَوَّلَ دَعْوَى وَقَعَتْ فِي الْأَرْضِ دَعْوَى قَابِيلِ عَلَى هَابِيلِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِنِكَاحِ تَوْأَمَتِهِ فَتَنَازَعَا إلَى آدَمَ فَأَمَرَهُمَا بِمَا قَصَّهُ اللَّهُ عَلَيْنَا بِقَوْلِهِ {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ} [المائدة: 27] فَقَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلًا فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ اُشْتُرِطَ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي) الْقَاضِي مَثَلٌ فَالْمُحَكِّمُ كَذَلِكَ وَالْمَنْصُوبُ لِلْمَظَالِمِ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَالْوَزِيرُ وَالْمُحْتَسِبُ وَنَحْوُهُمْ إذَا تَضَمَّنَتْ وِلَايَاتُهُمْ ذَلِكَ وَالسَّيِّدُ يَسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى رَقِيقِهِ وَفُهِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِاشْتِرَاطِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْفَاهُ بِدُونِ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ لَكِنْ يَقَعُ فِي الْقِصَاصِ الْمَوْقِعَ فَتُحْمَلُ عِبَارَتُهُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِلْجَوَازِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا إذَا قُتِلَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ قُذِفَ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَلَا يُحْتَاجُ لِدَعْوَى الْحِسْبَةِ بَلْ فِي سَمَاعِهَا خِلَافٌ ثَانِيهُمَا قُتِلَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ الَّذِي لَمْ يَتُبْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ دَعْوَى لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبٍ (قَوْلُهُ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقِيَاسُ الْقِصَاصِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ لَهُ عَيْنٌ عِنْدَ غَيْرِهِ إلَخْ) وَلَيْسَ لِمَنْ هِيَ عِنْدَهُ حَبْسُهَا عَنْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي ذِي الْيَدِ الْعَادِيَةِ وَمَنْ فِي حُكْمِهَا أَمَّا لَوْ كَانَتْ بِيَدِ أَمِينٍ بَاذِلٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا عِلْمِهِ وَلَا دُخُولَ مَنْزِلِهِ لِأَجْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا بَلْ سَبِيلُهُ الطَّلَبُ وَكَذَلِكَ الْمَبِيعُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا أَوْ مَقْبُوضًا وَالْبَائِعُ بَاذِلٌ لَهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَذَى وَالْإِرْغَابِ بِظَنِّ الذِّهَابِ أَلَا تَرَاهُمْ بَوَّبُوا بَابَ أَخْذِ الْحَقِّ مِمَّنْ يَمْنَعُهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَدَخَلَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ عَيْنُ جِلْدِ الْمَيِّتَةِ وَالسِّرْقِينِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ مِمَّا يَثْبُتُ فِيهِ الِاخْتِصَاصُ إذَا غُصِبَ وَلَا بَيِّنَةً لَكِنْ هَلْ يَجُوزُ كَسْرُ الْبَابِ وَنَقْبُ الْجِدَارِ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلْوُصُولِ إلَيْهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَنْعُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا إلَّا لِلْمَالِ. اث وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَنْعُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فِتْنَةَ) أَوْ ضَرَرًا (قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي) اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُحَرَّمُ عَلَيْهِ أَخْذُ عَيْنِهِ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ وَإِنْ خَافَ فِتْنَةً لَا يَنْتَهِي الْحَالُ فِيهَا إلَى ارْتِكَابِ مَفْسَدَةِ مُقْتَضِيَةٍ لِلتَّحْرِيمِ وَتَعْبِيرُهُ يَقْتَضِي امْتِنَاعُ الْأَخْذِ بِمُجَرَّدِ الْخَوْفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ السَّلَامَةُ جَازَ وَالْفِتْنَةُ امْتَنَعَ وَإِنْ اسْتَوَيَا فَاحْتِمَالَانِ وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ تَغْلِيبًا لِلْمَحْذُورِ وَنَظِيرُهُ رُكُوبُ الْبَحْرِ لِحَجِّ الْفَرْضِ، وَتَعَيُّنُ الْقَاضِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الرَّفْعَ إلَى مَنْ لَهُ إلْزَامُ الْحُقُوقِ وَالْإِجْبَارِ وَعَلَيْهَا مِنْ أَمِيرٍ وَوَزِيرٍ وَمُحْتَسِبٍ وَلَا سِيمَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا عِنْدَهُمْ ر (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَهَا فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ وَلِهَذَا قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَيْ عَيْنًا غُصِبَتْ مِنْهُ وَكَذَا قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ مَنْ ائْتَمَنَهُ كَالْوَدِيعَةِ أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَبَذَلَ لَهُ الثَّمَنَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 386 لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهٍ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِي تَعْيِينِ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَى الْمَدِينِ (فَإِنْ) خَالَفَ وَ (أَخَذَ مِنْ مَالِهِ) شَيْئًا (رَدَّهُ) إلَيْهِ إنْ بَقِيَ (فَإِنْ تَلِفَ) عِنْدَهُ (ضَمِنَهُ فَإِنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْحَقَّانِ (جَاءَ التَّقَاصُّ وَإِنْ كَانَ) الدَّيْنُ (عَلَى) مُقِرٍّ (مُمَاطِلٍ) بِهِ (أَوْ مُنْكِرٍ) لَهُ (يَحْتَاجُ) فِي أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ (إلَى بَيِّنَةٍ أَوْ تَحْلِيفٍ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ) اسْتِقْلَالًا وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ يَرْجُو إقْرَارَهُ لَوْ رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي (جِنْسَ حَقِّهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَغَيْرُهُ بِهِ) وَلَا يَجِبُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي لِخَبَرِ هِنْدَ «خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيك وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» وَلِأَنَّ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ مَشَقَّةً وَمُؤْنَةً وَتَضْيِيعَ زَمَانٍ وَيَتَعَيَّنُ فِي أَخْذِ غَيْرِ الْجِنْسِ تَقْدِيمُ النَّقْدِ عَلَى غَيْرِهِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ أَخْذِ غَيْرِ الْأَمَةِ عَلَيْهَا احْتِيَاطًا لِلْإِبْضَاعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ الْمَدِينُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ مَيِّتًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا يَأْخُذْ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ بِالْمُضَارَبَةِ إنْ عَلِمَهَا. (وَيُنَقِّبُ) جَوَازًا (لَهُ) أَيْ لِأَخْذِهِ (الْحِرْزَ إنْ لَمْ يَصِلْ) إلَيْهِ (إلَّا بِهِ) أَيْ بِالنَّقْبِ الشَّامِلِ لِكَسْرِ الْبَابِ لِأَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا اسْتَحَقَّ الْوُصُولَ إلَيْهِ (بِلَا ضَمَانٍ) عَلَيْهِ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْحِرْزُ لِلدَّيْنِ وَغَيْرَ مَرْهُونٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ وَمِثْلُهُ سَائِرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَإِجَارَةٍ وَوَصِيَّةٍ بِمَنْفَعَةٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ وَكَّلَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيًّا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ فَعَلَ ضَمِنَ (ثُمَّ يَتَمَلَّكُ الْجِنْسَ) الْمَأْخُوذَ أَيْ جِنْسَ حَقِّهِ بَدَلًا عَنْهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إنَّمَا يَجُوزُ لِمَنْ يَقْصِدُ أَخْذَ حَقِّهِ بِلَا شَكٍّ؛ وَلِهَذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ أَخَذَهُ لِيَكُونَ رَهْنًا بِحَقِّهِ لَمْ يَجُزْ وَإِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ مُقَارِنًا لِلْأَخْذِ كَفَى وَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ -   [حاشية الرملي الكبير] أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِرْغَابِ بِظَنِّ الذِّهَابِ بَلْ سَبِيلُهُ الطَّلَبُ وَمَنْ لَهُ الْعَيْنُ حَقِيقَةً هُوَ مَالِكُهَا فَيَخْرُجُ مَنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهَا كَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا بَلْ مُقْتَضَى عِبَارَتِهِمْ أَنَّ الِاسْتِقْلَالَ بِالْأَخْذِ لِلْمَالِكِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ الْتِحَاقُ مَنْ ذَكَرْنَاهُ بِالْمَالِكِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُؤَبَّدَةً وَقَدْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا فِي التَّقَدُّمِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُسْتَحِقُّ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ وَسَيَأْتِي مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ تَجْوِيزِ الْأَخْذِ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ ر. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُمَاطِلٍ) مِثْلُهُ الْمُتَوَارِي وَالْمُتَعَزِّزُ وَالْهَارِبُ (قَوْلُهُ أَوْ مُنْكِرٍ لَهُ) أَيْ وَلَوْ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ وَكَتَبَ أَيْضًا بِمَا يَتَحَقَّقُ امْتِنَاعُهُ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ أَحَدُهُمَا بِجُحُودِهِ بَعْدَ رَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ وَالثَّانِي بِأَنْ يُطَالِبَهُ فَيَأْبَى وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ لِحَاكِمٍ وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ بِذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَعَجَزَ عَنْ الْأَخْذِ لِقُوَّةِ سُلْطَانِ الْغَرِيمِ قَالَ فِي الْكَافِي وَكَذَا لَوْ كَانَ بَابُ الْحَاكِمِ فَاسِدًا وَكَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلِلْمَرْءِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ وَحَقِّ مَنْ يَلِي أَمَرَهُ مِنْ مَالِ مَنْ جَحَدَهُ إذَا قُدِّرَ عَلَيْهِ مِثْلُ حَقِّهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا عَرَضًا بَاعَهُ وَاسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ مِقْدَارَ حَقِّهِ. اهـ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِي مَعْنَى الْمُنْكِرِ غَيْرُ مَقْبُولِ الْإِقْرَارِ كَالسَّفِيهِ وَنَحْوِهِ لَكِنْ فِي الذَّخَائِرِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى صَغِيرٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ إنْ ظَفَرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ وَنَبَّهَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْجَزْمِ بِأَخْذِ الْجِنْسِ مَا إذَا كَانَ مِثْلِيًّا فَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَهُوَ كَغَيْرِ الْجِنْسِ حَتَّى يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ وَنَصُّ الْمُخْتَصَرِ يَدُلُّ لِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ بِوَزْنِهِ أَوْ كَيْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ بَاعَ عَرَضَهُ وَاسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ حَقَّهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَسَّمُوا الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِذِكْرِهَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْعَيْنِ إنْ وَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ بِيَدِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَكَالدَّيْنِ إنْ وَرَدَتْ عَلَى الذِّمَّةِ فَلَوْ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِهَا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِ فَلَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِهِ ع وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْمَنْفَعَةِ لَا سِيَّمَا الْمُؤَبَّدَةُ كَالْمَالِكِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَغَيْرُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قَدَرَ عَلَى الْجِنْسِ عِنْدَ الظَّفْرِ لَمْ يَعْدِلْ إلَى غَيْرِهِ قَطْعًا وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ حِينَئِذٍ أَوْ احْتَاجَ فِي أَخْذِهِ إلَى رُكُوبٍ خَطَرٍ لِشِدَّةِ إحْرَازِهِ أَخَذَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ إلَخْ) وَلِأَنَّ فِيهِ غَرَرَا لِأَنَّ الشُّهُودَ رُبَّمَا جُرِحُوا (قَوْلُهُ وَيَتَعَيَّنُ فِي أَخْذِ غَيْرِ الْجِنْسِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ أَخْذِ غَيْرِ الْأَمَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ إلَّا بِهِ) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ بِالْقَاضِي أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا حَرَّرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ (قَوْلُهُ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهُ مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى مُنْكِرٍ وَلَا بَيِّنَةَ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ جَوَازِ كَسْرِ بَابِ الْغَرِيمِ وَنَقْبِ جِدَارِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ الْمُمْتَنِعِ أَوْ الْمُنْكِرِ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْغَائِبِ الْمَعْذُورِ أَوْ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَفِي مَعْنَى الْمَالِ الْمُخْتَصِّ كَمَا تَفَقَّهَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِلْمَدِينِ) أَيْ الْحَاضِرُ أَوْ الْغَائِبُ بِلَا عُذْرٍ أَمَّا الْغَائِبُ الَمَعْذُورِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ وَلَا فِي مِلْكِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ وُكِّلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمَقُولُ خِلَافُهُ. اهـ. فَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ لَهُ تَمَلُّكُهُ أَيْ تَمَوُّلُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْأَخْذِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أَخَذَهُ لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ تَمْلِيكٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ يَصِيرُ عَلَى مِلْكِهِ وَعِبَارَةُ تَعْلِيقِ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ فَإِنْ أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ إنْ كَانَ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَمَا أَخَذَهُ مِلْكَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارِهِ التَّمَلُّكِ. اهـ. بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 387 فَإِنْ قَصَدَ أَخْذَهُ عَنْ حَقِّهِ مَلَكَهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ فَإِذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ انْتَهَى وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ فَمَعْنَى يَتَمَلَّكُهُ يَتَمَوَّلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ (وَلَهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (إنْ لَمْ يَطَّلِعْ الْقَاضِي) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ عَلَى الْحَالِ (بِيعَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرُ جِنْسِ حَقِّهِ لِأَنَّ الْمَدِينَ بِامْتِنَاعِهِ سَلَّطَهُ عَلَى الْبَيْعِ كَالْأَخْذِ وَلَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْرَ حَقِّهِ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْقَاضِي لَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مُؤْنَةٌ وَمَشَقَّةٌ فَوْقَ الْعَادَةِ وَإِلَّا فَلَا يَبْعُدَ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْبَيْعِ كَمَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ وَقَيَّدَ الْأَصْلُ جَوَازَ بَيْعِهِ اسْتِقْلَالًا بِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ أَيْضًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَيْضًا مَعَ وُجُودِهَا وَبَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْ عِلْمِ الْقَاضِي لِأَنَّ الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِخِلَافِهِ بِهَا وَإِنَّمَا يَبِيعُ (بِالنَّقْدِ) أَيْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ (وَيَشْتَرِي) بِهِ (الْجِنْسَ) أَيْ جِنْسَ حَقِّهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدًا) أَيْ نَقْدُ الْبَلَدِ وَيَنْبَغِيَ أَنْ يُبَادِرَ إلَى بَيْعِ مَا أَخَذَهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (فَإِنْ قَصَّرَ) فِيهِ (وَتَلِفَ الْمَأْخُوذُ ضَمِنَهُ بِالْأَكْثَرِ) مِنْ قِيمَتِهِ مِنْ حِينِ أَخْذِهِ إلَى حِينِ تَلَفِهِ كَالْغَاصِبِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ قَبْلَ بَيْعِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِغَرَضِهِ كَالْمُسْتَامِ بَلْ أَوْلَى لِعَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ وَلِأَنَّ الْمُضْطَرَّ إذَا أَخَذَ ثَوْبَ غَيْرِهِ لِدَفْعِ الْحَرِّ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ فَكَذَا هُنَا (وَإِنْ أَخَّرَ بَيْعَهُ) الْأَوْلَى وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ (ضَمِنَ نَقْصَ الْقِيمَةِ لَا إنْ رَدَّهُ) أَيْ الْمَأْخُوذَ فَلَا يَضْمَنُ نَقْصَ قِيمَتِهِ كَالْغَاصِبِ (وَزِيَادَتَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ) لِمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ (أَوْ التَّمَلُّكِ) لِجِنْسِ حَقِّهِ مِلْكٌ (لِلْمَالِكِ) وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ أَوْ التَّمَلُّكُ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ جِنْسَ حَقِّهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ وَقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّهُ (فَإِنْ بَاعَهُ الْآخِذُ وَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ ثُمَّ وَفَّاهُ الْمَدْيُونُ) دَيْنَهُ (رَدَّ) إلَيْهِ (قِيمَتَهُ كَغَاصِبٍ رَدَّ) الْمَغْصُوبَ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (وَقَدْ تَمَلَّكَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ثَمَنَ مَا ظَفِرَ بِهِ) مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَغْصُوبِ (مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ) فَإِنَّهُ يَرُدُّ قِيمَةَ مَا أَخَذَهُ وَبَاعَهُ لَكِنْ مَنْعُ الْأَخْذِ هُنَا وَتَمَلُّكُهُ الثَّمَنَ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ دَفْعِ الْغَرِيمِ وَمَا دَامَ الْمَغْصُوبُ بَاقِيًا فَهُوَ الْمُسْتَحَقُّ وَالْقِيمَةُ تُؤْخَذُ لِلْحَيْلُولَةِ. فَإِذَا رَدَّ الْعَيْنَ رَدَّ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَفْسِهِ وَهُنَا الْمُسْتَحَقُّ الدَّيْنُ فَإِذَا بَاعَ وَأَخَذَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرُدَّ شَيْئًا وَلَا يُعْطِيَ شَيْئًا وَقَدْ بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا مَرَّ عَنْ الْأُمِّ (فَإِنْ أَخَذَ) مِنْ مَالٍ غَرِيمِهِ (فَوْقَ حَقِّهِ وَقَدْرِهِ) أَيْ وَأَخَذَ قَدْرَهُ فَقَطْ (مُمْكِنٌ ضَمِنَ الزَّائِدَ) لِتَعَدِّيهِ بِأَخْذِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخَذَ قَدْرَ حَقِّهِ فَقَطْ (فَلَا) يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ مَعَ الْعُذْرِ بِخِلَافِ الْعُذْرِ بِخِلَافِ قَدْرِ حَقِّهِ (وَالِانْتِفَاعُ بِالْمَأْخُوذِ تَعَدٍّ) فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ (وَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ قَدْرِ حَقِّهِ) فَقَطْ (بَاعَ الْجَمِيعَ) وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ قَدْرَ حَقِّهِ (وَرَدَّ مَا زَادَ) عَلَيْهِ إلَى غَرِيمِهِ (بِهِبَةٍ وَنَحْوِهَا) وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ ذَلِكَ بَاعَ مِنْهُ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَرَدَّ مَا زَادَ كَذَلِكَ (وَيَتَمَلَّكُ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً عَنْ صِحَاحٍ) لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ مَعَ إسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ (لَا عَكْسَهُ) وَقِيمَةُ الصِّحَاحِ أَكْثَرُ لِأَنَّهَا فَوْقَ حَقِّهِ (فَلْيَبِعْهَا بِدَنَانِيرَ وَيَشْتَرِي بِهَا) دَرَاهِمَ (مُكَسَّرَةً وَيَتَمَلَّكُهَا) فَلَا يَبِيعُهَا بِدَرَاهِمَ مُكَسَّرَةٍ لَا مُتَفَاضِلًا لِلرِّبَا وَلَا مُتَسَاوِيًا أَيْ وَقِيمَتُهَا أَكْثَرُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لِلْإِجْحَافِ بِالْغَرِيمِ (وَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ غَرِيمِ غَرِيمِهِ) كَأَنْ يَكُونُ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ فَإِذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ انْتَهَى) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَصِيرُ عَلَى مِلْكِهِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ لِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارِهِ التَّمَلُّكَ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامُ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ عَبَّرُوا بِقَوْلِهِمْ مَلَكَهُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ وَالشَّارِعِ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَبَضَهُ إيَّاهُ الْحَاكِمُ أَوْ الْمَدِينُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَلِهَذَا قَالَ الدَّارِمِيُّ إنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْجِنْسِ بِالْوَزْنِ وَالْكَيْلِ لَا بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ) لِأَنَّهُ بِأَخْذِ الْجِنْسِ عَنْ الْحَقِّ صَارَ مُسْتَوْفِيًا فَمِلْكٌ وَقَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ فَيَمْلِكُهُ إنْ كَانَ بِصِفَتِهِ وَإِلَّا فَكَغَيْرِ الْجِنْسِ وَسَيَأْتِي. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ نَائِبِهِ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُتَوَكَّلَ لَهُ إلَّا مَنْ يُعْتَقَدُ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْ عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ قُلْت فَمَا فَائِدَةُ عَدَمِ وُجُوبِ الْمُرَافَعَةِ إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْبَيْعِ قُلْت فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا ظَفَرَ بِالْجِنْسِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُبَادِرَ إلَى بَيْعِ مَا أَخَذَهُ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ) لَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ فِي الْحَالِ وَلَوْ أَخَّرَهُ لَذَهَبَتْ مَالِيَّتُهُ أَوْ مُعْظَمُهَا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بَدَّلَا عَنْ حَقِّهِ بِالْقِيمَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ هُنَا نَظَرَا لَهُمَا جَمِيعًا وَإِنْ مَنَعْنَاهُ مِنْ تَمَلُّكِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَصَّرَ فِيهِ وَتَلَفَ الْمَأْخُوذُ ضَمِنَهُ بِالْأَكْثَرِ إلَخْ) قَدْ مَرَّ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ يَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ فَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ بِهَذَا الْقَصْدِ فَكَلَامُهُمْ هُنَا فِي غَيْرِ الْجِنْسِ وَمَحَلُّهُ فِيمَا إذَا أَخَذَهُ لِيُبَاعَ وَيَسْتَوْفِي مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ بِقَصْدِ الْبَدَلِيَّةِ فَالْوَجْهُ الْجُرْمُ بِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ كَمَا لَوْ أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَأَوْلَى وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِي الْمَأْخُوذَ إلَّا مُؤَجَّلًا هَلْ لَهُ بَيْعُهُ كَذَلِكَ وَيَتَمَلَّكُ الثَّمَنَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَقَدْرِهِ وَيَرْضَى بِالْأَجَلِ لِلضَّرُورَةِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمِثْلَ هُنَا بِمِثْلِهِ وَيَكُونُ كَلَامُهُمْ مَفْرُوضًا فِي قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ غ وَقَوْلُهُ هَلْ لَهُ بَيْعُهُ كَذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَأْخُوذَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَدْ بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْإِمَامِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الْمَأْخُوذُ بَاقِيًا وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقِيمَةِ إذْ الْبَيْعُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا لَا بِالْقِيمَةِ أَمَّا إذَا كَانَ تَالِفًا فَقَدْ قُلْنَا أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِتَرْكِ الْبَيْعِ حَتَّى تَلْفِتْ الْعَيْنُ كَانَتْ قِيمَتُهَا قِصَاصًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَاضِحٌ وَظَنِّي أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ وَلَا يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَيْهِ مَعَ ظُهُورِ الْفَرْقِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَا وَفَّاهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي النِّهَايَةِ فِي صُورَةِ الْغَصْبِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ لَا فِي مَسْأَلَةِ الظَّفْرِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فَوْقَ حَقِّهِ) وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ إنَّهُ إذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 388 لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرو دَيْنٌ وَلِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ مِثْلُهُ فَلِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ بَكْرٍ مَا لَهُ عَلَى عَمْرٍو. (وَإِنْ رَدَّ) الْغَرِيمُ (إقْرَارَهُ) أَيْ إقْرَارَ غَرِيمِ الْغَرِيمِ (لَهُ) أَوْ جَحَدَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ اسْتِحْقَاقَ رَدِّ الدَّيْنِ عَلَى الْغَرِيمِ وَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَظْفَرَ بِمَالِ الْغَرِيمِ وَأَنْ يَكُونَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ جَاحِدًا أَوْ مُمْتَنِعًا أَيْضًا وَعَلَى الِامْتِنَاعِ يُحْمَلُ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرْطِ الْأَخِيرِ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَلْزَمُ الْآخِذَ أَنْ يُعْلِمَ الْغَرِيمَ بِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ حَتَّى إذَا طَالَبَهُ الْغَرِيمُ بَعْدُ كَانَ هُوَ الظَّالِمَ (وَلَهُ اسْتِيفَاءُ دَيْنٍ) لَهُ عَلَى آخَرَ جَاحِدٍ لَهُ (بِشُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ) لَهُ عَلَيْهِ (قَدْ قُضِيَ) أَيْ أُدِّيَ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَدَاءَهُ (وَلَهُ جَحْدُ مَنْ جَحَدَهُ) أَيْ وَلِأَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ جَحَدَ حَقَّ الْآخَرِ إنْ جَحَدَ الْآخَرُ حَقَّهُ لِيَحْصُلَ التَّقَاصُّ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ النَّقْدَيْنِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لِلْآخَرِ عَلَيْهِ جَحَدَ مِنْ حَقِّهِ بِقَدْرِهِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي حَدِّ الْمُدَّعِي) وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُدَّعِي (مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُوَافِقُهُ) وَلِذَلِكَ جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَى الْمُنْكِرِ لِيَنْجَبِرَ ضَعْفُ جَانِبِ الْمُدَّعِي بِقُوَّةِ حُجَّتِهِ وَضَعْفُ حُجَّةِ الْمُنْكِرِ بِقُوَّةِ جَانِبِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُحْوِجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُطَالِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُجَّتِهِ إذَا تَخَاصَمَا وَقِيلَ الْمُدَّعِي مَنْ لَوْ سَكَتَ خُلِّيَ وَلَمْ يُطَالِبْ بِشَيْءٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَا يُخَلَّى وَلَا يَكْفِيهِ السُّكُوتُ فَإِذَا طَالَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِحَقٍّ فَأَنْكَرَ فَزَيْدٌ خَالَفَ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ مِنْ بَرَاءَةِ عَمْرٍو وَلَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَعَمْرٌو يُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَلَوْ سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَزَيْدٌ مُدَّعٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَخْتَلِفُ مُوجِبُهُمَا غَالِبًا وَقَدْ يَخْتَلِفُ كَالْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ وَقَدْ أَسْلَمَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ (قَبْلَ الدُّخُولِ أَسْلَمْنَا مَعًا) فَالنِّكَاحُ بَاقٍ (وَقَالَتْ) بَلْ أَسْلَمْنَا (مُرَتَّبًا) فَالنِّكَاحُ مُرْتَفِعٌ (فَالزَّوْجُ) عَلَى الْأَصَحِّ (مُدَّعٍ) لِأَنَّ وُقُوعَ الْإِسِلَامَيْنِ مَعًا بِخِلَافِ الظَّاهِرِ وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا وَعَلَى الثَّانِي هِيَ مُدَّعِيَةٌ لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ تُرِكَتْ وَهُوَ مُدَعًّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَوْ سَكَتَ لِزَعْمِهِمَا انْفِسَاخَ النِّكَاحِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ وَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَعَلَى الثَّانِي يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثُمَّ (وَإِنْ قَالَ) لَهَا (أَسْلَمْتِ قَبْلِي فَلَا نِكَاحَ) بَيْنَنَا (وَلَا مَهْرَ) لَك (وَقَالَتْ) بَلْ أَسْلَمْنَا (مَعًا صُدِّقَ) فِي الْفُرْقَةِ بِلَا يَمِينٍ وَفِي الْمَهْرِ (بِيَمِينِهِ) عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَصُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهَا   [حاشية الرملي الكبير] أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ إذَا كَانَ عَلَى صِفَةِ حَقِّهِ أَوْ دُونَهَا أَمَّا لَوْ كَانَ فَوْقَ حَقِّهِ فِي النَّوْعِ أَوْ الصِّفَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَطْعًا لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ قَهْرِيٌّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأَجْوَدِ فِيهِ وَالضَّابِطُ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ كَانَ مَا يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى دَفْعِ مِثْلِهِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ أَجْوَدَ مِنْ حَقِّهِ نَوْعًا أَوْ صِفَةً فَلَا كَمَا لَوْ كَانَ حَقُّهُ مِنْ نَوْعٍ رَدِيءٍ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ نَوْعٍ جَيِّدٍ أَوْ كَانَ حَقُّهُ مَعِيبًا وَالْمَأْخُوذُ سَلِيمًا وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ دُونَ حَقِّهِ فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ بِأَنْ كَانَ بِالْعَكْسِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ إذَا رَضِيَ بِهِ وَسَامَحَ بِالْجَوْدَةِ نَعَمْ لَوْ كَانَ حَقُّهُ وَجَبَ عَنْ سَلَمٍ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَسْتَبْدِلَ عَنْهُ غَيْرَ نَوْعِهِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُ النَّوْعِ هُنَا كَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَدَّ الْغَرِيمُ إقْرَارَهُ لَهُ أَوْ جَحَدَ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ بِالْأَخْذِ وَتَنْزِيلِ مَالِ الثَّانِي مَنْزِلَةَ مَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَظْفَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْآخِذُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ اسْتِيفَاءُ دَيْنٍ بِشُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ قَدْ قُضِيَ) يُظْهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ غَيْرِهِمَا حَيْثُ نُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الْمُسْقِطَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ وَهُوَ إنَّمَا يُحَلِّفُهُ عَلَى مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَإِذَا قَصَدَ بِيَمِينِهِ غَيْرَهُ لَمْ يُطَابِقْ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ صَدَاقِهَا ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْحُكْمِ وَهِيَ ضَامِنَةٌ لَهُ فَهَلْ لَهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى صَدَاقِهَا وَتَحْلِفُ عَلَيْهِ وَتَأْخُذُ الدَّيْنَ وَتَوَفِّيهِ عَنْهُ فَأَجَابَ إنْ كَانَتْ ضَمِنَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا أَوْ بِإِذْنِهِ فَطَرِيقُهَا أَنْ تُؤَدِّيَ عَنْهُ الدَّيْنَ أَوَّلًا ثُمَّ تَحْلِفُ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ أَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَصِفَهُ بِكَوْنِهِ صَدَاقًا فَإِنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا التَّعَرُّضَ لِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ مُشْكِلٌ غ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ: الظَّاهِرَ) الظَّاهِرُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَطْلُوبُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلُهُ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الظَّنُّ الْأَرْجَحُ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ اسْتِصْحَابُ مَا كَانَ مِنْ وُجُودٍ وَعَدَمٍ وَكُلٌّ مِنْهَا مُتَعَذِّرٌ هُنَا لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ مُدَّعِيًا أَبَدًا لِأَنَّ دَلِيلًا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ هَذَا وَآخَرُ عَلَى بَرَاءَةِ هَذَا وَإِنْ أُرِيدَ الثَّانِي فَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْقَرَائِنِ الْوَاقِعَةِ فِي الْحَادِثَةِ فَتَارَةٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الطَّالِبِ وَأُخْرَى صِدْقُ الْمَطْلُوبِ وَإِنْ أُرِيدَ الثَّالِثُ فَلَمْ تُجْعَلْ الْمَرْأَةُ مُدَّعَى عَلَيْهَا إذَا قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ وَهِيَ لَا تَسْتَصْحِبُ شَيْئًا بَلْ تَتْرُكُ اسْتِصْحَابَ الْأَصْلِ الَّذِي كَانَ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يَلْتَزِمُ الثَّالِثُ وَيُمْنَعُ كَوْنُ الْمَرْأَةِ لَيْسَتْ مُسْتَصْحِبَةً بَلْ تَسْتَصْحِبُ بَقَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْكُفْرِ عِنْدَ إسْلَامِ الْآخَرِ ر وَقَالَ الزَّنْجَانِيُّ نَعْنِي بِهِ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُعَيَّنَةِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الِاسْتِصْحَابَ فَإِنْ قَالَ الْمَرْأَةُ لَا تَسْتَصْحِبُ شَيْئًا قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ بَلْ تَسْتَصْحِبُ بَقَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْكُفْرِ عِنْدَ إسْلَامِ الْآخَرِ أَوْ نَقُولُ نَعْنِي بِهِ مَا يَخْرُجُ عَلَى وَفْقِ الْغَالِبِ الْمُسْتَمِرِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّعَاقُبَ كَذَلِكَ لَا التَّسَاوُقَ اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ إلَخْ) شَمِلَ مَا إذَا جَاءَا نَا مَعًا وَمَا إذَا جَاءَتْنَا أَوَّلًا وَعَكْسَهُ (قَوْلُهُ فَالزَّوْجُ عَلَى الْأَصَحِّ مُدَّعٍ) يُمْكِنُ أَنْ يَعْكِسَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَيُقَالُ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِزَعْمِهَا ارْتِفَاعُ النِّكَاحِ وَالظَّاهِرُ دَوَامُهُ غ (قَوْلُهُ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ) لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ فَهُوَ كَالْأَمِينِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ هُنَا خِلَافَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَجِيئُهُمَا مُسْلِمَيْنِ فَلَوْ جَاءَتْنَا مُسْلِمَةً ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى إسْلَامَهُمَا مَعًا صُدِّقَتْ قَطْعًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 389 لَا تُتْرَكُ بِالسُّكُوتِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ سُقُوطَ الْمَهْرِ فَإِذَا سَكَتَتْ وَلَا بَيِّنَةَ جُعِلَتْ نَاكِلَةً وَحَلَفَ هُوَ وَسَقَطَ الْمَهْرُ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْيَمِينِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْأَمِينُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ مُدَّعٍ) لِأَنَّهُ يَزْعُمُ الرَّدَّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنَّهُ (يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَثَبَتَ يَدَهُ لِغَرَضِ الْمَالِكِ وَقَدْ ائْتَمَنَهُ فَلَا يَحْسُنُ تَكْلِيفُهُ بَيِّنَةَ الرَّدِّ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي لَوْ سَكَتَ تُرِكَ (وَفِي التَّحَالُفِ كُلٌّ) مِنْ الْخَصْمَيْنِ (مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ) لِاسْتِوَائِهِمَا (فَصْلٌ لِلدَّعْوَى) أَيْ لِصِحَّتِهَا (شَرْطَانِ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَصْلُ الْأَمْرِ وَإِيصَالُ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي الْعِلْمَ (بِبَيَانِ جِنْسِ الْمُدَّعَى) بِهِ (وَنَوْعِهِ وَقَدْرِهِ) وَصِفَتِهِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ إنْ كَانَ دَيْنًا نَقْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَكَذَا) بِبَيَانِ (صِحَّةِ وَتَكَسُّرِ نَقْدَانِ أَثَّرَا) فِي قِيمَتِهِ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ بِهِمَا كَمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ ظَاهِرِيَّةٍ صِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ فَلَا يَكْفِي إطْلَاقُ النَّقْدِ وَإِنْ غَلَبَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَفَارَقَ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ بِأَنَّ زَمَنَ الْعَقْدِ يُقَيِّدُ صِفَةَ الثَّمَنِ بِالْغَالِبِ مِنْ النُّقُودِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِزَمَنِ الدَّعْوَى لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا نَعَمْ مُطْلَقُ الدِّينَارِ يَنْصَرِفُ إلَى الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ وَزْنِهِ وَفِي مَعْنَاهُ مُطْلَقُ الدِّرْهَمِ أَمَّا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ قِيمَةُ النَّقْدِ بِالصِّحَّةِ وَالتَّكَسُّرِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِمَا لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ دَيْنَ السَّلَمِ فَاعْتَبَرَا بَيَانَهُمَا فِيهِ وَأَضَافَ الْمُصَنِّفُ صِحَّةً إلَى مِثْلِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ تَكَسُّرٌ (وَ) بِبَيَانِ (صِفَةِ سَلَمٍ فِي) دَعْوَى (عَيْنٍ تَنْضَبِطُ) بِالصِّفَةِ كَحُبُوبٍ وَحَيَوَانٍ. (وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةُ الْعَيْنِ وَإِنْ تَلِفَتْ اكْتِفَاءً بِالصِّفَةِ (وَ) لَكِنْ (يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي) دَعْوَى (مُتَقَوِّمٍ تَلِفَ) لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ عِنْدَ التَّلَفِ فَلَا حَاجَةَ مَعَهَا لِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لَكِنْ يَجِبُ ذِكْرُ الْجِنْسِ فَيَقُولُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلَوْ غَصَبَ مِنْهُ غَيْرُهُ عَيْنًا فِي بَلَدٍ ثُمَّ لَقِيَهُ فِي أُخْرَى وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَلِنَقْلِهَا مُؤْنَةٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ذَكَرَ قِيمَتَهَا وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ لِأَنَّهَا الْمُسْتَحَقَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِذَا رَدَّ الْعَيْنَ رَدَّ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَفْسِهِ وَخَرَجَ بِ تَنْضَبِطُ مَا لَا يَنْضَبِطُ كَالْجَوَاهِرِ فَيُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فَيَقُولُ جَوْهَرٌ قِيمَتُهُ كَذَا وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ (وَيُقَوَّمُ بِفِضَّةِ سَيْفٍ مُحَلًّى بِذَهَبٍ) ادَّعَى بِهِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَمَا يُقَوَّمُ بِذَهَبِ سَيْفٍ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ (وَ) يُقَوَّمُ (بِأَحَدِهِمَا) السَّيْفُ (إنْ حُلِّيَ بِهِمَا) لِلضَّرُورَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ كَأَصْلِهِ هُنَا لَكِنْ الْأَصْلُ صَحَّحَ فِي الْغَصْبِ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ ثُمَّ إنَّ الْحُلِيَّ يُضْمَنُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الرِّبَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجْرِي فِي الْعُقُودِ لَا فِي الْغَرَامَاتِ وَالْمُصَنِّفُ جَرَى ثُمَّ عَلَى أَنَّ تِبْرَ الْحُلِيِّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ وَصِفَتِهِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ ثُمَّ (وَيُقَوَّمُ مَغْشُوشُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ كَعَكْسِهِ) فَيَدَّعِي مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِرْهَمًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْأَمِينُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ) أَيْ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ [فَصْلٌ شُرُوط الدَّعْوَى] (فَصْلٌ لِلدَّعْوَى شَرْطَانِ) (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً) فَيَقْدَحُ فِيهَا جَهَالَةٌ تَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَتَوْجِيهِ الْمُطَالَبَةِ نَحْوِهِ وَصِفَتِهِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ فَلَا يَكْفِي اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ صَاعًا بِرْنِيًّا لِصِدْقِهِ بِالرُّطَبِ وَالْبَلَحِ وَالتَّمْرِ (قَوْلُهُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا) مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ النَّقْدُ عَنْ بَيْعٍ بَاعَهُ فِي الْوَقْتِ جَازَ الْإِطْلَاقُ وَحُمِلَ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ كَالْبَيْعِ وَبِهِ صَرَّحَ الدَّبِيلِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ وَزْنِهِ) حَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْوَزْنِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الذَّهَبِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ يُعَبِّرُونَ بِهِ عَنْ قَدْرٍ يَسِيرٍ مِنْ نَقْدِهِمْ مِنْ الْفِضَّةِ كَمَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الْعَجَمِ وَالْعِرَاقِ وَأَعْرَابِ هَذِهِ الْأَمْصَارِ فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ هَؤُلَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ فِي الدَّعْوَى مُرَادَهُ بِالدِّينَارِ لِئَلَّا يَقَعَ الْحُكْمُ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ أَوْ الْوَاجِبِ غ (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ مُطْلَقُ الدِّرْهَمِ) وَهَلْ يَكْفِي الدِّرْهَمُ الْفُلُوسُ إطْلَاقَهُ، كَالدِّرْهَمِ الْفِضَّةِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مِقْدَارِهِ كَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمْكِنَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي غ (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مَتَى ادَّعَى نَقْدًا وَلَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ جِهَةً يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْحُلُولُ كَالْقَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْحُلُولِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا حَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ يَقُولُ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَالَ وَإِنَّمَا يَتَعَرَّضُ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي دَعْوَى مُتَقَوِّمٍ تَلِفَ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ مَبِيعَةً لَمْ تُقْبَضْ وَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَبْلَ التَّلَفِ فَقَالَ وَإِنْ كَانَتْ مَبِيعَةً لَزِمَهُ ذِكْرُ ثَمَنِهَا لِضَمَانِ مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ قُلْتُ تَلَفُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ قُبَيْلَ التَّلَفِ وَانْتِقَالِ الثَّمَنِ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا حَقَّ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ صُوَرِ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ أَصْلًا فَلَا يَنْبَغِي اسْتِدْرَاكُهَا ع (قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ مَعَهَا لِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ذَكَرَ قِيمَتَهَا وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَخْ) وَفِي الْحَاوِي أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِفَ الْأَلْوَانِ ذَكَرَ اللَّوْنَ ثُمَّ حَرَّرَ الدَّعْوَى وَنَفَى الْجَهَالَةَ بِذِكْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا إلَّا بِهَا. (قَوْلُهُ وَيُقَوَّمُ بِأَحَدِهِمَا إنْ حُلَى بِهِمَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَعْنِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَهَذَا عِنْدَ التَّقَارُبِ فِي الْمِقْدَارِ أَمَّا لَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ نُقَوِّمَهُ بِالنَّقْدِ الْآخَرِ لَا مَحَالَةَ مِثَالُهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ وَخَمْسَةَ دَرَاهِمِ نُقَوِّمُهُ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِالدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ كَذَا جَزَمَ الْأَصْلُ هُنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ لِرِبَا إلَخْ) قَالَ وَأَحْسَنُ مِنْهُ تَرْتِيبُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ أَنَّ صِفَةَ الْحُلِيِّ مُتَقَوِّمَةٌ وَفِي ذَاتِهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي التِّبْرِ فَإِنْ قُلْنَا مُتَقَوِّمٌ ضِمْنَ الْكُلَّ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ وَإِنْ قُلْنَا مِثْلِيَّ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَأَصَحُّهُمَا يَضْمَنُ الْوَزْنَ بِالْمِثْلِ وَالصَّنْعَةِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ اهـ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 390 أَوْ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِينَارًا قَالَ فِي الْأَصْلِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْشُوشَ مُتَقَوِّمٌ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِثْلِيًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ. (وَيُبَيِّنُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ النَّاحِيَةَ وَالْبَلَدَ وَالْمَحَلَّةَ وَالسِّكَّةَ وَالْحُدُودَ) وَأَنَّهُ فِي يَمْنَةِ دَاخِلِ السِّكَّةِ أَوْ يَسْرَتِهِ أَوْ صَدْرِهَا ذَكَرُهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْقِيمَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ (صِحَّةُ دَعْوَى مَجْهُولٍ فِي إقْرَارٍ) وَلَوْ بِنِكَاحٍ كَالْإِقْرَارِ بِهِ (وَ) فِي (وَصِيَّةٍ) تَحَرُّزًا عَنْ ضَيَاعِهَا وَلِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْجَهْلَ فَكَذَا دَعْوَاهَا (وَ) فِي (فَرْضٍ لِمُفَوِّضَةٍ) لِأَنَّهَا تَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا الْبَيَانُ وَمِثْلُهُ الْمُتْعَةُ وَالْحُكُومَةُ وَالرَّضْخُ وَحَطُّ الْكِتَابَةِ وَالْغُرَّةُ وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الْمَجْهُولِ فِي إبِلِ الدِّيَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ فِيهَا (أَوْ) فِي (مَمَرٍّ أَوْ) حَقِّ (إجْرَاءِ مَاءٍ فِي أَرْضٍ حُدِّدَتْ) اكْتِفَاءً بِتَجْدِيدِ الْأَرْضِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَمَرِّ وَالْمَجْرَى وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (كَالشَّهَادَةِ بِهَا) أَيْ بِالْمُسْتَثْنَيَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِتَرَتُّبِهَا عَلَيْهَا (وَلَوْ) أَحْضَرَ وَرَقَةً فِيهَا دَعْوَاهُ ثُمَّ (ادَّعَى مَا فِي الْوَرَقَةِ وَهُوَ مَوْصُوفٌ) بِمَا مَرَّ (فَوَجْهَانِ) الظَّاهِرُ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ إذَا قَرَأَهُ الْقَاضِي أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ الشَّرَطُ (الثَّانِي أَنْ تَكُونَ) الدَّعْوَى (مُلْزِمَةً فَلَوْ ادَّعَى) عَلَى غَيْرِهِ (هِبَةً أَوْ بَيْعًا أَوْ دَيْنًا) أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا الْغَرَضُ مِنْهُ تَحْصِيلُ الْحَقِّ (فَلْيَذْكُرْ) فِي دَعْوَاهُ (وُجُوبَ التَّسْلِيمِ) كَأَنْ يَقُولَ وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَى أَوْ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ وَيَفْسَخُ الْبَائِعُ وَيَكُونُ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ مَنْ عَلَيْهِ مُفْلِسًا (وَلَوْ قَصَدَ) بِالدَّعْوَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ) وَبِهِ صَرَّحَ شُرَيْحُ فِي رَوْضَتِهِ فَقَالَ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ دَرَاهِمُ زَائِفَةٌ فَادَّعَاهَا لَمْ تُسْمَعْ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ حَتَّى يَقُولَ قِيمَتُهَا كَذَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ إذَا كَانَتْ تَجُوزُ فِي الْبَلَدِ وَيُتَعَامَلُ عَلَيْهَا وَكَانَتْ مَعْلُومَةً وَأَصْلُهُ الْوَجْهَانِ فِي جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْبَحْثُ الَّذِي ذَكَرَهُ عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمَغْشُوشَ مِثْلِيٌّ فَذَاكَ فِيمَا تَظْهَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ مَغْشُوشًا لَمْ تَظْهَرْ مُمَاثَلَةٌ لِغَيْرِهِ فِي الدَّعْوَى فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْقِيمَةِ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرهَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَوْ يَقُولُ فِي الدَّعْوَى مِنْ مَغْشُوشِ بَلَدِ كَذَا أَوْ قَدْ ظَهَرَتْ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى صِحَّةُ دَعْوَى مَجْهُولٍ فِي إقْرَارِهِ إلَخْ) قَدْ أَنْهَى بَعْضُهُمْ الصُّوَرَ الْمُسْتَثْنَاةَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ إلَى مِائَةِ صُورَةٍ وَصُورَتَيْنِ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ وَفِيهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُلْزَمَةً) مُقْتَضَى كَلَامُهُمْ إنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تَصِحُّ بِمَا يُضْمَنُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُسْمَعُ بِالْكَلْبِ الَّذِي يُقْتَنَى وَالسِّرْجِينِ وَنَحْوِهِ لِطَلَبِ الرَّدِّ لَا لِلضَّمَانِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَشَرْطُهَا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُنَاقِضَةٍ لِمَا قَبْلَهَا وَأَنْ تَكُونَ جَازِمَةً وَأَنْ لَا تَكُونَ فِيمَا يُكَذِّبهُ الْحِسُّ وَأَنْ تَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكِّمٍ فِي غَيْرِ أَبْوَابِ الزَّكَاةِ وَمَوَاضِعِ الْحَاجَاتِ وَالضَّرُورَاتِ وَأَنْ تَكُونَ صَادِرَةً فِي مَحَلِّ عَمَلِ الْحَاكِمِ وَأَنْ تَكُونَ فِي غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْ تَقَعَ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ فِي الْبَلَدِ أَوْ وَكِيلِهِ وَأَنْ يَكُونَ إقَامَتُهَا لِغَرَضِ الْمُدَّعِي الْغَرَضَ الْمُعْتَبَرَ أَوْ لِفَائِدَةٌ مُحَصَّلَةٍ كَالتَّسْجِيلِ بِسَبَبِ الْأَمْلَاكِ وَالْوُقُوفَاتِ وَنَحْوِهَا الَّتِي تَنْشَأُ الدَّعْوَى فِيهَا مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ وَلَا مُطَالِبٍ وَأَنْ تَنْشَأَ فِيمَا هُوَ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَمُضَافٌ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَأَنْ لَا يَسْبِقَ فِيهَا حُكْمُ حَاكِمٍ وَلَا مُحَكِّمٌ صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ وَشَرْطُ الْمُدَّعِي أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا غَالِبًا مُعَيَّنًا وَأَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ وَكِيلِهِ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَسْتَقِلُّ بِإِنْشَاءِ الدَّعْوَى مُنْفَرِدًا وَشَرْطُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا غَالِبًا مُعَيَّنًا وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِحَالَةٍ وَأَنْ يَكُونَ مُنْكِرًا أَوْ مُقِرًّا مُمْتَنِعًا (فَرْعٌ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْشِيحِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَتُسْمَعُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى (فَرْعٌ) لَوْ ادَّعَى الرَّهْنَ عِنْدَ وَلَمْ يَدَّعِ الْقَبْضَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ فَلِيَذْكُرْ وُجُوبَ التَّسْلِيمِ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إيهَامٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قَالَ فِي دَعْوَى الْهِبَةِ وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ تَمَّتْ الدَّعْوَى وَتَوَجَّهَ الْجَوَابُ عَلَى الْخَصْمِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حَصَلَ تَسَامُحٌ فِي التَّعْبِيرِ أَوْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ مُؤْذِنًا بِإِقْبَاضٍ مُتَقَدِّمٍ ثُمَّ حَصَلَ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً) يُسْتَثْنَى مِنْهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِعْسَارِ الْمَدْيُونِ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ تَحْلِيفُهُ فِي الْأَصَحِّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فِي الْبَاطِنِ الثَّانِيَةُ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةٌ بِعَيْنٍ وَقَالَ الشُّهُودُ لَا نَعْلَمُهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ أُحَلِّفَهُ أَنَّهَا مَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ أَدْفَعُهَا لَهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ أَيْ عَنْ حَقِيقَةٍ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِبَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ وَذَكَرَ الْجِيلِيُّ فِي الْإِعْجَازِ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعِ إذَا ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ مَالًا أَوْ قَتْلًا وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ فَأَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ يُحْكَمْ لَهُ حَتَّى يَحْلِفَ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ إلَى الْآنَ وَكَذَا إذَا ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ وَأَنْ يَدَّعِي عَلَى امْرَأَةٍ وَطْئًا وَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَكَارَةِ فَتَحْلِفُ مَعَهَا لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ وَإِذَا أَقَامَ عَلَى رَجُلٍ بَيِّنَةً بِمَالٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ أَنَّك تَسْتَحِقُّ هَذَا الْمَالَ وَلَمْ يُكَذِّبْ الشُّهُودَ وَلَكِنْ قَالَ بَاطِنُ الْأَمْرِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْآنَ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ وَقَالَ أَرَدْت أَنَّهَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً مِنْ غَيْرِي وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً حَلَفَ مَعَهَا أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ وَإِذَا ادَّعَى الْمُودِعُ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى السَّبَبِ حَلَفَ عَلَى الْهَلَاكِ بِهِ وَفِي الْجِرَاحِ فِي الْعُضْوِ الْبَاطِنِ إذَا قَالَ إنَّهُ كَانَ صَحِيحًا وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً حَلَفَ مَعَهَا وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ حَلَفَ مَعَهَا وَفِي بَعْضِ الصُّوَرِ نَظَرٌ وَفِيهَا مَا الْحَلِفُ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ لَا مُسْتَحَقٌّ ر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 391 دَفْعَ (الْمُنَازَعَةِ) لَا تَحْصِيلَ الْحَقِّ (فَقَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِي وَهُوَ يَمْنَعَنِيهَا سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هِيَ فِي يَدِهِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ بِيَدِهِ (وَلِلْقَاضِي طَلَبُ الْجَوَابِ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي) لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْغَرَضُ مِنْ الْحُضُورِ وَإِنْشَاءِ الدَّعْوَى (وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى) مِنْ الْمُدَّعِي عَلَى خَصْمِهِ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةً) وَلَا مُعَامَلَةً وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ طَبَقَاتِ النَّاسِ فَتَصِحُّ دَعْوَى دَنِيءٍ عَلَى شَرِيفٍ وَإِنْ شَهِدَتْ قَرَائِنُ الْحَالِ بِكَذِبِهِ كَأَنْ ادَّعَى دَنِيءٌ اسْتِئْجَارَ أَمِيرٍ أَوْ فَقِيهٍ لِعَلْفِ دَوَابِّهِ وَكَنْسِ بَيْتِهِ (وَإِنْ ادَّعَى شَيْئًا مَعْلُومًا) وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدَيْنِ (فَشَهِدَا لَهُ بِإِقْرَارٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ بِغَصْبِ ثَوْبٍ) مَثَلًا (لَمْ يَصِفَاهُ لَغَتْ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْبَيِّنَةِ أَنْ تُبَيِّنَ مَا شَهِدَتْ بِهِ وَلِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مُوَافَقَتُهَا لِلْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ وَلَيْسَتْ كَالْإِقْرَارِ إذْ يَشْتَرِطُ فِيهَا مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ (وَلَوْ ادَّعَى دَرَاهِمَ مَجْهُولَةً قَالَ لَهُ الْقَاضِي بَيِّنْ أَقَلَّ مَا يَتَحَقَّقُ أَوْ) ادَّعَى (ثَوْبًا) مَجْهُولًا (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ إذْ لَا وَجْهَ لِلْأَخْذِ بِالْأَقَلِّ مِنْ صِفَةِ ثَوْبٍ عَيَّنَهُ أَيْ عِنْدَهُ قَالَهُ الْأَصْلُ الْمَسْأَلَةُ (الثَّالِثَةُ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِمَا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ حُجَّةٍ بَعْدَ قِيَامِ حُجَّةٍ وَلِأَنَّهُ كَالطَّعْنِ فِي الشُّهُودِ وَلِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البقرة: 282] (إلَّا إنْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَدَاءً) لِلْحَقِّ (أَوْ إبْرَاءً) مِنْهُ (أَوْ شِرَاءً) لَهُ (وَنَحْوَهُ) كَاتِّهَابِهِ وَقَبْضِهِ (قَبْلَ) إقَامَةِ (الْبَيِّنَةِ وَكَذَا بَعْدَهَا إنْ أَمْكَنَ) ذَلِكَ بِأَنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِهِ (فَيَحْلِفُ) الْمُدَّعِي (عَلَى نَفْيِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ مَا نَادَى مِنْهُ الْحَقَّ وَلَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا بَاعَهُ لَهُ وَلَا وَهَبَهُ إيَّاهُ (لَا) إنْ ادَّعَى (بَعْدَ الْحُكْمِ) حُدُوثَ ذَلِكَ قَبْلَهُ فَلَا يَحْلِفُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ بِالْحُكْمِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ نَفْعَ خَصْمِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَكَذَا اخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ نُقِلَ عَنْهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ خِلَافُهُ قَالَ وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ هُنَا مِنْ تَصَرُّفِ الْبَغَوِيّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي فَتَاوِيهِ إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدِي (تَنْبِيهٌ) أَوْ رَدَّ عَلَى إطْلَاقِ الْأَدَاءِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْأَجِيرَ عَلَى الْحَجِّ لَوْ قَالَ قَدْ حَجَجْتُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ وَلَا يَمِينٍ (وَإِنْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِفِسْقِ الشُّهُودِ أَوْ كَذِبِهِمْ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَهُ لَنَفَعَهُ (وَكَذَا إنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ بِكُلِّ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَنَفَعَهُ كَأَنْ ادَّعَى (إقْرَارَهُ لَهُ بِكَذَا) أَيْ بِالْمُدَّعَى بِهِ (أَوْ) ادَّعَى عَلَيْهِ (وَقَدْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ قَدْ حَلَّفَهُ) مَرَّةً (قَبْلَهَا أَوْ سَأَلَ الْقَاذِفَ) وَقَدْ أَرَادَ الْمَقْذُوفُ حَدَّهُ (تَحْلِيفَ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى أَوْ) تَحْلِيفَ (وَارِثِهِ أَنَّهُ مَا عَلِمَهُ زَنَى فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْكُلِّ) لَكِنْ مَحَلُّهُ فِي الثَّانِيَةِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَهُ فَإِنْ تَذَكَّرَهُ الْقَاضِي لَمْ يُحَلِّفْهُ وَإِلَّا حَلَّفَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْكُلِّ إيضَاحٌ (وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيفُ الْقَاضِي) وَلَا (الشُّهُودِ) وَإِنْ كَانَ يَنْفَعُ الْخَصْمَ تَكْذِيبُهُمَا أَنْفُسَهُمَا لِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْصِبَهُمَا يَأْبَى التَّحْلِيفَ (وَفِي تَحْلِيفِهِ) أَيْ الْخَصْمِ (أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَيْهِ بَرِئَ وَثَانِيهُمَا لَا وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّعْوَى لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بِتَصَوُّرِ صُلْحٍ عَلَى إنْكَارٍ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ (وَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةِ دَافِعَةٌ) لِلْحَقِّ (اسْتَفْسَرَ إنْ كَانَ جَاهِلًا) لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ مَا لَيْسَ بِدَافِعٍ دَافِعًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَارِفًا (فَإِنْ عَيَّنَ جِهَةً) لِلدَّفْعِ مِنْ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا مِنْ الْأَيَّامِ (بِطَلَبِهِ) لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ لَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ فِيهَا وَمُقِيمُ الْبَيِّنَةِ يَحْتَاجُ إلَى مِثْلِهَا لِإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ وَاثْتِثْبَاتِهَا فِيمَا تَحَمَّلَتْهُ وَلَوْ عَادَ وَلَوْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَحْوِ الْإِبْرَاءِ أَجَابَهُ إلَيْهِ لِتَيَسُّرِهِ فِي الْحَالِ وَلَا يُكَلَّفُ تَوْفِيَةَ الدَّيْنِ أَوْ لَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْوَكِيلِ الْمُدَّعِي أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُكَ حَيْثُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَقُّ وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ وَحَلَّفَهُ لِعِظَمِ -   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَهَا) إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ إلَخْ) وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ لَا مُطْعِنَ لَهُ وَلَا دَافِعَ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا مِنْ نِسْيَانٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ التَّحْلِيفُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَغَيْرِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي قَبْلَ ذَلِكَ إمَّا مَعَ شَاهِدِهِ أَوْ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَى وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى قَضَاءَ الدَّيْنِ وَسَأَلَ إحْلَافه أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِهِ لَمْ يَحْلِفْ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ قَدْ أَحْلَفَهُ قَالَ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي مِثْلِهِ فِي دَعْوَى الْإِبْرَاءِ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُبَرِّئْهُ فَحَصَلَ وَجْهَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي الْعُدَّةِ لِأَنَّ الْبَغَوِيّ يُصَحِّحُ فِي دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْفَضَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ لِلْمُدَّعِي بِغَيْرِ حَلِفٍ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي فَكَيْفَ يُحَلِّفُهُ هُنَا (قَوْلُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينَ) كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَادَّعَتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا قُبِلَ مِنْهَا وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهَا وَلَا يَمِينَ (قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا لَا وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) وَهُوَ الْأَصَحُّ. (فَرْعٌ) فِي يَدِهِ دَارٌ فَادَّعَاهَا آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ دَارِي فَقَالَ نَعَمْ هِيَ دَارُك بِعْتنِيهَا وَأَقَامَ عَلَى الشِّرَاءِ بَيِّنَةً لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا لِلْمُدَّعِي فِي الْحَالِ وَقِيلَ تُقْبَلُ إذَا وَصَلَ بِهِ كَلَامَهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنْ يُقَالَ هَذِهِ دَارُ فُلَانٍ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ أَيْ كَانَتْ دَارِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ دَارُ فُلَانٍ مِلْكِي هَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَجْهَانِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ لِفُلَانٍ هَذَا ذَكَرَهُ شُرَيْحُ فِي رَوْضَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَيَّنَ جِهَةً أُمْهِلَ ثَلَاثًا) فَإِنْ أَحْضَرَهَا فَذَاكَ وَإِنْ أَحْضَرَ فِيهَا شَاهِدًا وَاحِدًا وَاسْتَظْهَرَ بِالثَّانِي اُنْتُظِرَ بِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وَلَوْ أَحْضَرَ فِيهَا شَاهِدَيْنِ وَلَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمَا اُنْتُظِرَ بِهَا ثَلَاثًا لِأَنَّهُ اسْتِظْهَارٌ لِبَيِّنَةٍ فِي شَهَادَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَمُقِيمُ الْبَيِّنَةَ يَحْتَاجُ لِمِثْلِهَا) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي تَوْثِقَةً فِي مُدَّةٍ الْإِمْهَالِ أُجِيبَ فَإِنْ احْضِرْ لَهُ بِكَفِيلٍ فَذَاكَ وَإِلَّا رَسَمَ عَلَيْهِ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 392 الضَّرَرِ بِالتَّأْخِيرِ (فَإِنْ لَمْ) يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ (ادَّعَى جِهَةً أُخْرَى بَعْدَ) انْقِضَاءِ (الْمُدَّةِ لَمْ يُمْهَلْ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ وَإِذَا أَتَى بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَلَمْ تُعَدَّلْ أُمْهِلَ ثَلَاثَةً لِلتَّعْدِيلِ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ الْمَسْأَلَةُ (الرَّابِعَةُ يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الدَّمِ التَّفْصِيلُ) لَهَا (كَمَا سَبَقَ) فِي بَابِهَا (لَا فِي) دَعْوَى (عَقْدٍ مَالِيٍّ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُهَا (بَلْ يَصِفَهُ) فِيهَا (بِالصِّحَّةِ) فَقَطْ وَإِنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَمَةً لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَهُوَ أَخَفُّ حُكْمًا مِنْ النِّكَاحِ وَلِهَذَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِشْهَادُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَصْفُهُ بِالصِّحَّةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُشْتَرَطُ فِي) دَعْوَى (النِّكَاحِ) سَوَاءٌ ادَّعَى ابْتِدَاءَهُ أَوْ دَوَامَهُ (أَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتهَا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَيَصِفُهُمْ بِالْعَدَالَةِ) وَيَصِفُ (الْمَرْأَةَ بِالرِّضَا) بِالنِّكَاحِ (حَيْثُ شُرِطَ) رِضَاهَا بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ (وَالْوَلِيَّ بِأَنَّهُ أَهْلُ الْوِلَايَةِ) إلَّا أَنْ تَكُونَ وِلَايَتُهُ بِالشَّوْكَةِ (وَالْعَقْدَ بِالصِّحَّةِ) لِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ كَالدَّمِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ فَيَكْفِي فِي الدَّعْوَى بِهَا أَنْ يَقُولَ هَذِهِ زَوْجَتِي وَإِنْ ادَّعَى اسْتِمْرَارَ نِكَاحِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي تَقْرِيرَهُ حِينَئِذٍ لَا بُدَّ فِيهَا إذَا كَانَ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا مِنْ قَوْلِهِ نَكَحْتهَا بِإِذْنِ وَلِيٍّ أَوْ مَالِكِيٍّ أَمَّا دَعْوَى الْمَالِ فَيُكْتَفَى فِيهَا بِالْإِطْلَاقِ لِأَنَّ أَسْبَابَ تَحْصِيلِهِ لَا تَنْحَصِرُ فَيَشُقُّ ضَبْطُهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ وَلَا التَّعَرُّضُ لِعَدَمِ الْمَوَانِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَلِكَثْرَتِهَا (وَيُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ الشُّهُودِ) بِالنِّكَاحِ (كَذَلِكَ) تَبَعًا لِلدَّعْوَى (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ عَدَمُ عِلْمِ الْفِرَاقِ) بِأَنْ يَقُولُوا وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ فَارَقَهَا أَوْ هِيَ الْيَوْمَ زَوْجَتُهُ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَأَقَرَّهُ فَتَضْعِيفُ الْمُصَنِّفِ لَهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ بِمَا يَأْتِي عَقِبَهُ لَكِنْ ذَاكَ فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِنَفْسِ النِّكَاحِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ ظَاهِرٌ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلٌ فِي إقْرَارِهَا بِنِكَاحٍ) لِأَنَّهَا لَا تُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ وَتَقَدَّمَ فِيهِ كَلَامٌ فِي النِّكَاحِ (وَلَا قَوْلُ شُهُودِهِ لَا نَعْلَمُهُ فَارَقَهَا) أَوْ هِيَ الْيَوْمَ زَوْجَتُهُ (وَيَتَعَرَّضُ) وُجُوبًا (فِي) دَعْوَى (نِكَاحِ الْأَمَةِ) مَعَ مَا مَرَّ (لِعَجْزِهِ عَنْ) مَهْرِ (الْحُرَّةِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ) الْمُشْتَرَطَيْنِ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَلِكَوْنِهَا مُسْلِمَةً إذَا كَانَ مُسْلِمًا وَلَوْ عَبْدًا لِأَنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ لَهَا (وَالدَّعْوَى) بِالنِّكَاحِ (وَتَكُونُ) إمَّا (عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ عَلَى) وَلِيِّهَا (الْمُجَبِّرِ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إقْرَارِهِمَا بِهِ (وَقَدْ سَبَقَ) ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ تَزْوِيجِ الْوَلِيَّيْنِ الْمَرْأَةَ شَخْصَيْنِ الْمَسْأَلَةُ (الْخَامِسَةُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ) بِالتَّفْصِيلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَوْ لَمْ تُطَالِبْ بِحَقٍّ) مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ لِأَنَّ النِّكَاحَ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلزَّوْجِ فَهُوَ مَقْصُودٌ لَهَا أَيْضًا فَتُثْبِتُهُ وَتَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى حُقُوقِهَا (وَلَيْسَ إنْكَارُهُ) النِّكَاحَ (طَلَاقًا) بَلْ هُوَ كَسُكُوتِهِ فَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ وَحِينَئِذٍ (فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ إنْ اعْتَرَفَ) بِالنِّكَاحِ بَعْدَ إنْكَارِهِ لَهُ وَيُشْبِهُ قَبُولَ رُجُوعِهِ عَنْ إنْكَارِهِ بِمَا إذَا قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ الرَّجْعَةِ ثُمَّ قَالَتْ غَلِطْت فَإِنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا (وَإِنْ حَلَفَ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ) لَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَحِينَئِذٍ (فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا) وَأَرْبَعًا سِوَاهَا (وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ) زَوْجًا غَيْرَهُ وَإِنْ انْدَفَعَ النِّكَاحُ ظَاهِرًا (حَتَّى يُفَارِقَهَا) بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَلْيَرْفِقْ بِهِ الْحَاكِمُ لِيَقُولَ إنْ كُنْت نَكَحْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ) لِيَحِلَّ لَهَا النِّكَاحُ (وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ وَاسْتَحَقَّتْ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ) وَغَيْرَهُمَا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَيُبَاحُ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا حَلَفَتْ حَكَمَ لَهَا عَلَيْهِ بِالزَّوْجِيَّةِ وَحَلَّ لَهُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَإِنْ أَنْكَرَ الْعَقْدَ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ وَيَحْكُمَ عَلَيْهِ بِتَحْرِيمِ التَّمَتُّعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ أَوْ فِيمَا إذَا زَالَ عَنْهُ ظَنُّ حُرْمَتِهَا (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يَصِفُهُ فِيهَا بِالصِّحَّةِ) لَوْ تَبَايَعَ الْكُفَّارُ بُيُوعًا فَاسِدَةً وَتَقَابَضُوا إمَّا بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ بِإِلْزَامِ حَاكِمِهِمْ أَمْضَيْنَاهَا عَلَى الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَصَحَّحَهُ فِي الْوَسِيطِ وَقَضِيَّةُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَقَوْلُهُ يَعْنِي فِي الْوَجِيزِ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَدَّعِي بَيْعًا صَحِيحًا مُعَلَّمٌ بِالْوَاوِ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ إلَخْ) شَمَلَ كَلَامُهُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا فَتُسْمَعُ عَلَى الْأَبِ وَالْجِدِّ فِي الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ فَإِنْ أَقَرَّ فَذَاكَ وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الزَّوْجُ وَسُلِّمَتْ إلَيْهِ وَأَطْلَقَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى نِكَاحِ ثَيِّبٍ صَغِيرَةٍ حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنِّي نَكَحْتهَا وَهِيَ بِكْرٌ فَالْمَذْهَبُ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا ثَيِّبٌ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا وَأَمَّا الدَّعْوَى عَلَى الْقَاضِي فِي إنْكَاحِهِ مَجْنُونَةٍ فَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَذَاكَ وَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ إنْكَارٌ لِلْقَضَاءِ وَهَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَكَحَهَا فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَنْ يَصِفَ الْعَقْدَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكَ الْبِضْعِ لَا النِّكَاحَ قَالَهُ ابْن أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَعْلِيقِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُهَا بِوَلِيٍّ) خَرَجَ بِالْوَلِيِّ مَالِكُ الْأَمَةِ فَيَقُولُ فِيهَا زَوَّجَنِيهَا مَالِكُهَا الَّذِي لَهُ إنْكَاحُهَا أَوْ مَنْ يَلِي أَمْرَ نِكَاحِهَا أَوْ وَلِيُّ مَالِكَتِهَا الْعَدْلِ بِإِذْنِ مَالِكَتِهَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ مُبَعَّضَةٌ بِوَلِيٍّ وَمَالِكٍ (قَوْلُهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ) كَالدَّمِ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الرَّبِّ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ وَلِأَنَّ فِي شُرُوطِهِ خِلَافًا لِلْعُلَمَاءِ فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَشْتَرِطُ الْوَلِيَّ وَمَالِكٌ لَا يَشْتَرِطُ الشُّهُودَ وَنَحْنُ لَا نَعْتَبِرُ رِضَا الْبِكْرِ الْبَالِغِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُهُ فَلِمَ يَجُزْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِظَاهِرِ الدَّعْوَى حَتَّى يَعْلَمَ وُجُودَ الشَّرَائِطِ لِئَلَّا يَحْكُمَ بِصِحَّةِ مَا هُوَ خَطَأٌ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلٌ فِي إقْرَارِهَا) أَيْ الْمُكَلَّفَةُ الْحُرَّةُ وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى جَوَابِ دَعْوَى الزَّوْجِ نِكَاحِهَا (قَوْلُهُ وَيَتَعَرَّضُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ) أَوْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ (قَوْلُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ مَوْتٍ أَوْ فَسْخٍ بِاعْتِبَارِهِ عَلَى قَوْلِ الْبَغَوِيّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلِيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفَسَّخَ بِنَفْسِهَا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ جَوَازُ ذَلِكَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 393 تَحْتَ زَوْجٍ فَالدَّعْوَى عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ الْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ فِي ذَلِكَ فَلَوْ قَالُوا لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ كَانَ أَوْلَى (فَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا) بِأَنْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى (سَقَطَتَا) إذْ لَا تَرْجِيحَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الْأُولَيَيْنِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَخِيرَةِ لِاحْتِمَالِ تَوَافُقِهِمَا فِي التَّارِيخِ (وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخٌ) لِأَحَدِهِمَا (قُدِّمَ السَّابِقُ) تَارِيخًا كَمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِنِكَاحِ خَلِيَّةٍ (وَتُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ) بِالنِّكَاحِ (عَلَى بَيِّنَةِ إقْرَارِهَا) بِهِ (كَمَا لَوْ أَقَرَّ زَيْدٌ بِعَيْنٍ لِرَجُلٍ) فَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ (وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ زَيْدًا غَصَبَهَا مِنْهُ) فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُقَدَّمُ وَذَلِكَ لِأَنَّ بَيِّنَةَ النِّكَاحِ وَالْغَصْبِ تَشْهَدُ بِمُحَقَّقٍ وَبَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ تَشْهَدُ بِإِخْبَارٍ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ وَتَأْخِيرِهَا وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبَغَوِيّ بِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا لِوَاحِدٍ لَا تُسْمَعُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ قُدِّمَتْ وَبِهِ صَرَّحَ فِي فَتَاوِيهِ وَسَيَأْتِي نَقْلُهُ عَنْهُ قُبَيْلَ الْبَابِ السَّابِعِ (فَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا) بِالنِّكَاحِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا (فَكَمَا سَبَقَ فِي النِّكَاحِ) فِيمَا لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ بِاثْنَيْنِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمْ سَبْقَ نِكَاحِهِ (وَإِنْ ادَّعَتْ) ذَاتَ وَلَدٍ عَلَى رَجُلٍ (نِكَاحًا وَوَلَدًا مِنْهُ وَاعْتَرَفَ بِالْوَلَدِ) دُونَ النِّكَاحِ بِأَنْ قَالَ هُوَ وَلَدِي أَوْ وَلَدِي مِنْ غَيْرِهَا (لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ فَإِنْ قَالَ) هُوَ (وَلَدِي مِنْهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ فَقَطْ) لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالنَّسَبِ اعْتِرَافٌ بِالْإِصَابَةِ ظَاهِرًا وَهِيَ تَقْتَضِي الْمَهْرَ وَلَا تَحْمِلُ عَلَى اسْتِدْخَالِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ (وَإِنْ أَقَرَّ) لَهَا (بِالنِّكَاحِ وَقَالَتْ كُنْت مُفَوِّضَةً لَزِمَهُ الْفَرْضُ) لَهَا (إنْ لَمْ يَطَأْهَا) (وَإِنْ وَطِئَهَا) (فَمَهْرُ الْمِثْلِ) وَإِنْ أَنْكَرَ النِّكَاحَ وَالنَّسَبَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ الْمَسْأَلَةُ (السَّادِسَةُ) لَوْ (ادَّعَى) شَخْصٌ (رِقَّ بَالِغٍ فَقَالَ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ) وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِرِقٍّ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي وَسَبَقَ مِنْ مُدَعِّي رِقِّهِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّقِّ ظَاهِرًا كَاسْتِخْدَامٍ وَإِجَارَةٍ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِأَنَّ الْيَدَ وَالتَّصَرُّفَ إنَّمَا يَدُلَّانِ عَلَى الْمِلْكِ فِيمَا هُوَ مَالٌ فِي نَفْسِهِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ مَا لَوْ قَالَ أَنَا عَتِيقٌ وَسَيَأْتِي وَمَا لَوْ قَالَ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ فَالْمُصَدَّقُ السَّيِّدُ لِاعْتِرَافِ الْعَبْدِ بِالرِّقِّ وَأَنَّهُ مَالٌ يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ وَالْيَدُ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ فَلَا تَنْتَقِلُ بِدَعْوَاهُ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِذَلِكَ وَالْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ (فَإِنْ حَلَفَ) الْبَالِغُ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ وَقَدْ اشْتَرَاهُ الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِهِ (رَجَعَ) الْمُدَّعِي (عَلَى بَائِعِهِ) بِالثَّمَنِ (وَلَوْ اعْتَرَفَ حَالَةَ الْخُصُومَةِ بِرِقِّهِ) وَقَالَ إنَّهُ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ (أَوْ اعْتَمَدَ) فِي اعْتِرَافِهِ بِهِ (ظَاهِرَ الْيَدِ وَإِنْ قَالَ) الْبَالِغُ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ (أَعْتَقَنِي مَنْ بَاعَنِي) لَكَ أَوْ أَعْتَقَنِي (طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْتَاقِ (وَإِنْ ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ فِي يَدِهِ) وَلَوْ مُمَيِّزًا (صُدِّقَ) إنْ لَمْ يَلْتَقِطْهُ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ فِي دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ فِي يَدِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ لِخَطَرِ شَأْنِ الْحُرِّيَّةِ (لَا إنْ الْتَقَطَهُ) فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (فَإِنْ بَلَغَ) بِغَيْرِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي رِقِّهِ (وَأَنْكَرَ) الرِّقَّ (لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِسَبْقِ الْحُكْمِ بِالرِّقِّيَّةِ أَمَّا إذَا ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ (وَيَجُوزُ شِرَاءُ بَالِغٍ سَاكِتٍ) عَنْ اعْتِرَافِهِ بِالرِّقِّ وَعَنْ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ مِمَّنْ يَسْتَرِقُّهُ (عَمَلًا بِالْيَدِ) وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ اسْتِرْقَاقِ الْحُرِّ وَالْأَحْوَطُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِالرِّقِّ لِمَنْ يَبِيعُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَمَا نُقِلَ مِنْ تَحْرِيمِ وَطْءِ السَّرَارِي حَتَّى يُخَمَّسْنَ وَيُقَسَّمْنَ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَقُّقِ سَبْيِهِنَّ الْمَسْأَلَةُ (السَّابِعَةُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) وَإِنْ كَانَ بِهِ بَيِّنَةٌ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إلْزَامٌ وَمُطَالَبَةٌ فِي الْحَالِ وَلَا يُحَالُ عَلَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ وَتَأْخِيرِهَا) وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي نَقْلُهُ عَنْهُ قُبَيْلَ الْبَابِ السَّابِعِ) لَا مُخَالَفَةً بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي صُورَتُهُ أَنَّهَا أَقَرَّتْ لِشَخْصٍ بِأَنَّهُ نَكَحَهَا مِنْ سَنَةٍ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ نَكَحَهَا مِنْ شَهْرٍ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ فَقَطْ) فِي النَّفْسِ شَيْءٌ مِنْ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ وَلَا مَهْرَ لَهَا كَمَا لَوْ نَكَحَهَا رَشِيدَةً بِإِذْنِهَا وَهُوَ سَفِيهٌ بِغَيْرِ إذْنٍ وَمَكَّنَتْهُ مُخْتَارَةً فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ أَوْ كَانَتْ الْوَلَدِيَّةُ عَنْ اسْتِيلَادٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهُ نَكَحَهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ غ (قَوْلُهُ بَالِغٌ) أَيْ عَاقِلٌ (قَوْلُهُ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ) وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ لَا تُقْبَلُ وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى نَسَبِهِ وَحُرِّيَّةِ أَصْلِهِ فَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِإِقْرَارِهِ بِالرِّقِّ وَلَا لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُشْتَرِي مِنْ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ بِدَعْوَاهُ أَنَّ الْعَبْدَ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْتَاقِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَلْطَنَةً عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ عَدَمِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ فِي يَدِهِ أَوْ صَدَّقَهُ صَاحِبُ الْيَدِ) وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا إذَا عَرَفَ اسْتِنَادَ يَدِهِ لِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَمَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ اسْتِنَادَهَا لِذَلِكَ وَلَا لِالْتِقَاطٍ (قَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فَيُصَدَّقُ الْمُدَّعِي بِيَمِينِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ وَإِنْ جَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَ الْبَالِغِ لِلْأَصْلِ وَالْغَلَبَةِ الدَّالِّينَ عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَلَا يُعَارِضُهُمَا مُجَرَّدُ الِاسْتِخْدَامِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَتَرَجَّحَ عَلَيْهِمَا وَهُمَا مَوْجُودَانِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وُجُودِهِمَا فِي حَقِّ الْبَالِغِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ) نَعَمْ أَنَّهُ صَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ فَكَاَلَّذِي فِي يَدِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا أَنْ لَا يَعْرِفَ اسْتِنَادَهَا إلَى الْتِقَاطٍ وَالْكَبِيرُ الْمَجْنُونُ الَّذِي لَمْ يُكَلَّفْ فِي وَقْتٍ كَالصَّغِيرِ وَقَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَقُّقِ سَبْيهِنَّ) نَوْعٌ مِنْ الْجَوَارِي وَالْعَبِيدِ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَهُوَ مَا سَبَاهُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ثُمَّ يَبِيعُونَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا خُمْسَ عَلَى الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) خَرَجَ الدَّعْوَى بِدَيْنِ حَالٍ عَلَى عَبْدٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ وَإِنْ كَانَ لَا يُطَالَبُ بِهِ إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ إذَا أُرِيدَ إثْبَاتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا ادَّعَى عَلَى الْقَاتِلِ بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُوجِبُ دِيَةً مُؤَجَّلَةٍ فَلَوْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَمْ تُسْمَعْ جَزْمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ لُزُومِهِ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ لِجَوَازِ مَوْتِهِ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ أَوْ إعْسَارِهِ آخِرِهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 394 مَنْ اعْتَرَفَ الْمُدَّعِي بِإِعْسَارِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُؤَجَّلُ فِي عَقْدٍ كَسَلَمٍ وَقَصْدَ بِدَعْوَاهُ بِهِ تَصْحِيحَ الْعَقْدِ سُمِعَتْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَتُسْمَعُ أَيْضًا بِدَيْنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ وَبَعْضُهُ حَالٌّ وَيَكُونُ الْمُؤَجَّلَ تَبَعًا لِلْحَالِّ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ (وَتُسْمَعُ بِاسْتِيلَادٍ وَتَدْبِيرٍ وَتَعْلِيقِ عِتْقٍ) بِصِفَةٍ وَلَوْ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ نَاجِزَةٌ وَسَتَأْتِي الْأَخِيرَتَانِ فِي التَّدْبِيرِ أَيْضًا (وَجَوَابُ) دَعْوَى (مَنْ ادَّعَى دَيْنًا مُؤَجَّلًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ الْآنَ) وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ تَصْحِيحٌ لِلدَّعْوَى لِأَنَّ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ لَا تُسْمَعُ كَمَا مَرَّ (وَفِي) جَوَازِ (إنْكَارِ اسْتِحْقَاقِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيَّ (وَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْعُ كَمَا حَكَاهُ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ عَنْ جَدِّهِ (وَإِنْ أَقَرَّ) لَهُ خَصْمُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ (بِثَوْبٍ) مَثَلًا (وَادَّعَى تَلَفَهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ) إلَى الْمُدَّعِي (ثُمَّ) بَعْدَ تَحْلِيفِهِ (يَقْنَعُ) مِنْهُ (بِالْقِيمَةِ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ) الْمُدَّعِي (عَلَى بَقَائِهِ طَالَبَهُ بِهِ) (الْبَابُ الثَّانِي فِي جَوَابِ الدَّعْوَى) (إذَا سَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى (وَأَصَرَّ) عَلَى ذَلِكَ (جُعِلَ نَاكِلًا) عَنْ الْيَمِينِ (وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ قَالَ) لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِي مَخْرَجٌ مِنْ دَعْوَاكَ أَوْ لَكَ) عَلَيَّ (أَكْثَرُ) مِمَّا ادَّعَيْت (أَوْ الْحَقُّ يُؤَدَّى) أَيْ أَحَقُّ أَنْ يُؤَدَّى (أَوْ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ) مِمَّا لَكَ (فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ لَهُ) لِاحْتِمَالِ الْخُرُوجِ فِي الْأُولَى بِالْإِنْكَارِ وَأَنْ يُرِيدَ فِي الثَّانِيَةِ لَك مِنْ الْحَقِّ عِنْدِي مَا تَسْتَحِقُّ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَيْت وَأَنَّ الْمَعْنَى فِي الثَّالِثَةِ حَيْثُ يَكُونُ حَقُّهُ فَأَمَّا أَنَا فَبَرِيءٌ وَأَنْ يُرِيدَ فِي الرَّابِعَةِ الِاسْتِهْزَاءَ أَوْ أَنَّ لِزَيْدٍ حُرْمَةً وَحَقًّا أَكْثَرَ مِمَّا لَكَ وَ (لَا) بِإِقْرَارٍ (لِزَيْدٍ) فِي الرَّابِعَةِ (لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَامَةَ فَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ مَالٌ أَكْثَرُ) مِمَّا ادَّعَيْت (فَإِقْرَارٌ لِزَيْدٍ وَيُفَسَّرُ) أَيْ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِأَقَلَّ) مِمَّا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ تَنْزِيلًا عَلَى كَثْرَةِ الْبَرَكَةِ أَوْ الرَّغْبَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ (فَصْلٌ فِيهِ سِتُّ مَسَائِلَ الْأُولَى) لَوْ (ادَّعَى) عَلَيْهِ غَيْرُهُ (عَشَرَةً فَقَالَ لَا تَلْزَمُنِي لَمْ يَكْفِ) فِي الْجَوَابِ (فَلْيَقُلْ) مَعَهُ (وَلَا شَيْءَ مِنْهَا وَكَذَا يُسْتَحْلَفُ) لِأَنَّ مُدَّعِيَهَا مُدَّعٍ لَهَا وَلِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُطَابِقَ الْجَوَابُ وَالْحَلِفُ دَعْوَاهُ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ لَا تَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ سَائِرِ أَجْزَائِهَا (فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ) بَعْدَ اسْتِحْلَافِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ (إلَّا عَلَى) نَفْيِ (عَشَرَةٍ لَمْ تَلْزَمْهُ) بِتَمَامِهَا (وَعُدَّ نَاكِلًا عَمَّا دُونَهَا وَلِلْمُدَّعِي) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَلِلْمُدَّعِي (أَنْ يَحْلِفَ عَلَى) اسْتِحْقَاقِ (مَا دُونَهَا وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ دَعْوَى) بِهِ وَيُطَالِبُهُ بِهِ (إلَّا) أَيْ لَكِنْ (إنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْعَشَرَةِ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْقَاضِي فِي حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ تَحْلِيفِهِ (عَلَى عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا) فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا دُونَهَا إلَّا بَعْدَ تَجْدِيدِ دَعْوَى وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّمَا نَكَلَ عَنْ عَشَرَةٍ وَالنَّاكِلُ عَنْهَا لَا يَكُونُ نَاكِلًا عَنْ بَعْضِهَا هَذَا إذَا لَمْ يُسْنِدْهَا إلَى عَقْدٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْنَدَهَا إلَيْهِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ قَالَتْ) لَهُ (نَكَحْتَنِي أَوْ بِعْتنِي دَارَك بِعَشَرَةٍ فَحَلَفَ مَا نَكَحْتُك أَوْ) مَا (بِعْتُك بِعَشَرَةٍ كَفَى) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لِلنِّكَاحِ أَوْ الْبَيْعِ بِعَشَرَةٍ غَيْرُ مُدَّعٍ لَهُ بِمَا دُونَهَا (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الْأَقَلِّ) مِنْ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا ادَّعَتْهُ أَوَّلًا (إلَّا بِدَعْوَى جَدِيدَةٍ) فَلَهَا أَنْ تَحْلِفَ لِنُكُولِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ ادَّعَى مِلْكَ دَارٍ بِيَدِ غَيْرِهِ فَأَنْكَرَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِي حَلِفِهِ لَيْسَتْ لَكَ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا) وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا كَفَاهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ الْمَسْأَلَةُ (الثَّانِيَةُ) لَوْ (ادَّعَى) عَلَيْهِ غَيْرُهُ (شُفْعَةً أَوْ مَالًا مُضَافًا إلَى سَبَبٍ كَقَرْضٍ وَبَيْعٍ كَفَاهُ) -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْعُ) هُوَ الْأَصَحُّ [الْبَابُ الثَّانِي فِي جَوَابِ الدَّعْوَى] (الْبَابُ الثَّانِي فِي جَوَابِ الدَّعْوَى) (قَوْلُهُ إذَا سَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَصَرَّ جُعِلَ نَاكِلًا) مَحَلَّ جَعْلِهِ نَاكِلًا مَا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِأَنَّهُ نَاكِلٌ بِالسُّكُوتِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ كَوْنِهِ لِدَهْشَةٍ أَوْ غُبَارٍ وَنَحْوِهِمَا وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ شَرْحَهُ لَهُ ثُمَّ الْحُكْمُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا يَحِلُّ لِلْوَلِيِّ السُّكُوتَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَ بِمَا يَعْرِفُهُ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى السُّكُوتِ فَإِنْ كَانَ أَبًا أَوْ جِدًّا أَوْ وَصِيًّا أَحَدُهُمَا عَرَفَهُ الْحَاكِمُ قَدَحَ ذَلِكَ فِي وِلَايَتِهِ وَلِهَذَا السُّكُوتُ شُبِّهَ بِعَضَلِ الْوَلِيِّ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَيَّمَ الْحَاكِمَ زَجَرَهُ وَأَقَامَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ صَمَمٌ وَلَا خَرَسٌ أَمَّا الْأَصَمُّ وَالْأَخْرَسُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ فَكَالنَّاطِقِ وَإِلَّا فَكَالْغَائِبِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَصَمُّ أَوْ الْأَخْرَسُ الَّذِي لَا يَفْهَمُ كَاتِبًا فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كِتَابَتُهُ دَعْوَى وَجَوَابًا كَعِبَارَةِ النَّاطِقِ [فَصْلٌ مَسَائِلَ فِي الدَّعَاوَى] (قَوْلُهُ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) مَحَلُّهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَتْ نَكَحْتنِي إلَخْ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى بِمَبْلَغٍ مُسْنَدٍ إلَى عَقْدٍ وَإِلَّا كَفَاهُ نَفْيِ الْعَقْدِ بِالْمَجْمُوعِ وَالْحَلِفِ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَعْضِ لِلْمُنَاقَضَةِ (قَوْلُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا دُونَهَا) شَمَلَ قَوْلُهُ مَا دُونَهَا مَالًا يَتَمَوَّلُ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (قَوْلُهُ فِي حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) قَالَ الْفَتَى لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَضَرَبَتْهُ فَصَارَ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْقَاضِي فِي عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا فَلِتُضْرَبْ النُّسَخُ (تَنْبِيهٌ) فِي الْحَاوِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَقْرَضْتنِي أَلْفًا ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبِيهِ وَتَبِعَهُ الشَّاشِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ بَلْ نَصَّهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا (قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ لَوْ ادَّعَى شُفْعَةً إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ أَوْ شُفْعَةٌ كَفِي لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْجَوَابُ عَنْ الشُّفْعَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا فِي الشَّرْحِ وَلَا النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شُفْعَةٌ وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ لَا شُفْعَةَ لَكَ عِنْدِي وَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ قِيلَ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ لَا يُكْتَفَى بِهِ وَلِلِاكْتِفَاءِ بِهِ وَجْهٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا نَفْيٌ يَعُمُّ الشُّفْعَةَ وَغَيْرَهَا فَيُكْتَفَى بِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا مِنْ جِهَةِ قَرْضٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 395 فِي الْجَوَابِ (لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا) أَوْ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك فَلَا يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِلسَّبَبِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا فِيمَا ادَّعَاهُ وَيَعْرِضُ مَا يُسْقِطُ الْحَقَّ مِنْ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ فَلَوْ نَفَى السَّبَبَ كَانَ كَاذِبًا أَوْ اعْتَرَفَ بِهِ وَادَّعَى الْمُسْقِطَ طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْهَا فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى قَبُولِ الْجَوَابِ الْمُطْلَقِ (أَوْ) ادَّعَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ (أَنَّهُ طَلَّقَهَا كَفَاهُ) فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ (أَنْت زَوْجَتِي وَحَلَفَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْجَوَابِ الْمُطْلَقِ وَأَفْضَى الْأَمْرَ إلَى حَلِفِهِ (كَجَوَابِهِ أَوْ عَلَى نَفْيِ السَّبَبِ) وَإِنْ كَانَ الْجَوَابُ مُطْلَقًا فَلَا يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِنَفْيِ السَّبَبِ عَيْنًا (وَإِنْ أَجَابَ بِنَفْيِ السَّبَبِ تَعَيَّنَ الْحَلِفُ عَلَيْهِ) لِيُطَابِقَ الْيَمِينُ الْجَوَابَ (وَإِنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ (مَرْهُونًا مَعَهُ أَوْ مُؤَجَّرًا) مَعَهُ (كَفَاهُ) فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ (لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ) إلَيْك (أَوْ يَقُولَ) لَهُ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ بَيِّنَةٍ بِالرَّهْنِ أَوْ الْإِجَارَةِ وَخَافَ جَحْدَ الْمُدَّعِي لَهُمَا لَوْ اعْتَرَفَ لَهُ بِالْمِلْكِ (إنْ ادَّعَتْ مِلْكًا مُطْلَقًا فَلَا يَلْزَمُنِي) تَسْلِيمُهُ (أَوْ مَرْهُونًا) أَوْ مُؤَجَّرًا (عِنْدِي فَأَذْكُرُهُ حَتَّى أُجِيبَ) وَيُحْتَمَلُ هَذَا التَّرْدِيدُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَعَكْسُهُ) بِأَنْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ دَيْنًا وَخَافَ الرَّاهِنُ جَحْدَ الْمُدَّعِي الرَّهْنَ لَوْ اعْتَرَفَ لَهُ بِالدَّيْنِ يَقُولُ فِي جَوَابِهِ (إنْ ادَّعَيْت أَلْفًا لَا رَهْنَ بِهِ فَلَا يَلْزَمُنِي أَوْ بِهِ رَهْنٌ فَاذْكُرْهُ) حَتَّى أُجِيبَ (وَلَا يَكُونُ مُقِرًّا بِذَلِكَ) هُنَا وَلَا فِيمَا مَرَّ (وَكَذَلِكَ يَقُولُ فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ) بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَلْفًا فَيَقُولَ إنْ ادَّعَيْت عَنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ مَقْبُوضٍ فَاذْكُرْهُ حَتَّى أُجِيبَ أَوْ عَنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ فَلَا يَلْزَمُنِي مُطْلَقًا وَذِكْرُ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْقَبْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلِهَذَا مَثَّلَ الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَلْفًا فَيَقُولَ إنْ ادَّعَيْت عَنْ ثَمَنِ كَذَا فَاذْكُرْهُ حَتَّى أُجِيبَ أَوْ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَلَا يَلْزَمُنِي (فَرْعٌ لَوْ ادَّعَتْ) امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ (أَلْفًا صَدَاقًا كَفَاهُ) فِي الْجَوَابِ (أَنْ يَقُولَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْهَا فَإِنْ اعْتَرَفَ بِالزَّوْجِيَّةِ فَمَهْرُ مِثْلٍ) يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يُثْبِتْ) أَيْ يُقِمْ بَيِّنَةً (بِخِلَافِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ نَكَحَهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ (الثَّالِثَةُ) لَوْ (ادَّعَى عَلَيْهِ) غَيْرُهُ (عَيْنًا) عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا (فِي يَدِهِ فَقَالَ هِيَ لِمَجْهُولٍ) أَيْ فَأَضَافَهَا لَهُ كَأَنْ قَالَ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لِطِفْلٍ أَوْ لِمَسْجِدٍ (أَوْ لِطِفْلِي أَوْ لِلْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ) وَهُوَ نَاظِرٌ عَلَيْهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لَيْسَتْ لِي أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا أُسْنِدَ فِيهِ الْإِقْرَارُ لِمَنْ تَتَعَذَّرُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ (لَمْ تُنْزَعْ) مِنْ يَدِهِ (وَلَمْ يُعْذَرْ) بِذَلِكَ أَيْ لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ بِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْيَدِ الْمِلْكُ وَمَا صَدَرَ عَنْهُ لَيْسَ بِمُزِيلٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لِغَيْرِهِ اسْتِحْقَاقٌ فَإِنْ أَقَرَّ لِمُعَيَّنٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ لِمَجْهُولٍ أَوْ قَوْلِهِ لَيْسَتْ لِي قَبْلُ وَانْصَرَفَتْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ وَإِلَّا (فَلْيُثْبِتْ الْمُدَّعِي) أَيْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ (أَوْ يَحْلِفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا) إلَيْهِ رَجَاءَ أَنْ يَقِرَّ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَتَثْبُتُ لَهُ (وَإِنْ ادَّعَاهَا) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بَعْدُ لِنَفْسِهِ سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ وَقِيلَ لَا تُسْمَعُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي مُجَلِّي وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ التَّنْبِيهِ الْمَنْعُ   [حاشية الرملي الكبير] فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي الشُّفْعَةِ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَعُدُّونَ أَنَّ الشُّفْعَةَ مُسْتَحِقَّةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي كَالْمَدِينِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانُهَا كَالْغَصْبِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا قُبِلَ تَفْسِيرُ مَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ بِحَقِّ الشُّفْعَةِ لِأَنَّ لَفْظَهُ عَلَيَّ تُسْتَعْمَلُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فِي غَيْرِ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ هَذَا التَّرْدِيدُ إلَخْ) أَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى اسْتِشْكَالِهِ حَيْثُ قَالَ وَإِذَا سَمِعْنَاهُ أَحْوَجْنَا الْمُدَّعِي إلَى تَعْيِنِ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ نُحْوِجَهُ إلَى بَيِّنَةٍ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ أَوْ يُكْتَفَى بِبَيِّنَةٍ مُطْلَقَةٍ فَإِنْ اكْتَفَيْنَا بِهَا لَمْ يَقْنَعْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالتَّفْصِيلِ وَإِنْ أَحْوَجْنَاهُ إلَى بَيِّنَةٍ مُعَيَّنَةٍ تَضَرَّرَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا قَدْ تُسَاعِدُهُ عَلَى إقْرَارِ الْخَصْمِ بِأَلْفٍ مُطْلَقٍ وَلَا يُمْكِنُهُمْ تَعْيِنَ الْجِهَةِ وَكَمَا اكْتَفَيْنَا بِالْجَوَابِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَيْ لَا يَلْزَمَهُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ لَوْ عَيَّنَ الْجِهَةَ وَعَجَزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ الدَّافِعَةِ وَجَبَ الِاكْتِفَاءُ بِإِطْلَاقِ الْمُدَّعِي وَلَا نَحْوِجُهُ إلَى التَّعْيِينِ كَيْ لَا يَفُوتَ عَلَيْهِ مَا هُوَ فَائِتٌ لِلْعَجْزِ عَنْ الْبَيِّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَأُسْقِطَ هَذَا مِنْ الرَّوْضَةِ وَقَالَ الزَّنْجَانِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ هَذَا التَّرْدِيدُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَكِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَمَلَ فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ إذَا جَحَدَ الْمِلْكَ فَرُبَّمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَعْجِزُ الْمُرْتَهِنُ عَنْ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الرَّهْنِيَّةِ (قَوْلُهُ فَمَهْرُ مِثْلٍ يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ) لِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَيْرُ كَافٍ وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَوْ أَجَابَ بِأَنَّهَا قَبَضَتْهُ أَوْ أَبْرَأَتْهُ فَهُوَ جَوَابٌ صَحِيحٌ ثُمَّ يَنْظُرُ أَتُصَدِّقُهُ أَوْ لَا وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ اعْتَرَفَ بِالسَّبَبِ الْمُلْزِمِ لَا يَكْفِي فِي جَوَابِهِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا كَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَى كَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَقَالَ اشْتَرَيْتُهُ وَقَبَضْته وَلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ حَقًّا أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ ثَوْبًا قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ تَعَدِّيًا أَوْ خَطَأً بِغَيْرِ إذْنِي فَقَالَ أَتْلَفَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِك وَهُوَ مِلْكُك لَكِنْ لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيَّ قِيمَتُهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا فَلَا يُسْمَعُ هَذَا الْجَوَابُ مِنْهُ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّاتِ الَّتِي تَدْعُو إلَيْهَا الضَّرُورَاتُ (قَوْلُهُ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لَا أُسَمِّيه) أَوْ قَدْ نَسِيت اسْمَهُ وَعَيْنَهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِطِفْلِي) فِي مَعْنَى الطِّفْلِ: الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ فَلَوْ قَالَ لِمَحْجُورِي كَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْمَسْجِدِ) فَإِنْ كَانَ نَاظِرُهُ غَيْرَهُ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوَلَيْسَتْ لِي) مُقْتَضَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَتْ لِي جَوَابٌ كَافٍ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَافٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُضَادٌّ لِلْمُدَّعِي فَيُقَالُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ أَصْرَرْت عَلَيْهِ صِرْت مُنْكِرًا وَجُعِلْت بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْك نَاكِلًا فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَحْكُمُ لَهُ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْفِقْهُ الْمُعْتَبَرُ الْجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الْبَابِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِنَظِيرِهِ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْإِضَافَةِ إلَى مَجْهُولٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِقَوْلِهِ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفَهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ التَّنْبِيهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِمَجْهُولٍ لَمْ يُقْبَلْ وَقِيلَ لَهُ إمَّا أَنْ تُقِرَّ لِمَعْرُوفٍ أَوْ نَجْعَلُك نَاكِلًا وَسَكَتَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ التَّنْبِيهِ الْمَنْعُ) وَرَجَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 396 (وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِحَاضِرٍ) فِي الْبَلَدِ يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ (وَصَدَّقَهُ انْتَقَلَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ بِظَاهِرِ الْإِقْرَارِ (وَإِنْ كَذَّبَهُ تُرِكَتْ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ (أَوْ) أَقَرَّ بِهَا (لِغَائِبٍ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ) إلَيْهِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بِهَا (الْمُدَّعِي) بَيِّنَةً (فَقَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ) فَيَحْلِفُ مَعَهَا وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلهِ عَنْ تَرْجِيحِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ أَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى حَاضِرٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَا رَجَّحُوهُ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى حُضُورِ الْغَائِبِ (فَإِنْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ) أَنَّهَا لِلْغَائِبِ (وَأَثْبَتَ أَنَّهُ وَكِيلٌ لِلْغَائِبِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ) بِذَلِكَ عَلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِزِيَادَةِ قُوَّتِهَا إذَنْ بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ لَهُ (فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ) أَيْ يُقِمْ بَيِّنَةً (بِوَكَالَةٍ) لَهُ عَنْ الْغَائِبِ (وَأَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِالْمِلْكِ لِلْغَائِبِ سُمِعَتْ) بَيِّنَتُهُ لَا لِتُثْبِتَ الْعَيْنَ لِلْغَائِبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُ بَلْ لِيَنْدَفِعَ عَنْهُ الْيَمِينُ وَتُهْمَةُ الْإِضَافَةِ إلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ أَتَعَرَّضَتْ بَيِّنَتُهُ لِكَوْنِهَا فِي يَدِهِ بِعَارِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَمْ لَا فَهَذِهِ الْخُصُومَةُ خُصُومَةٌ لِلْمُدَّعِي مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَلَلْمُدَّعِي مَعَ الْغَائِبِ خُصُومَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَ) الْغَائِبُ (كَاذِبًا) فِي زَعْمِ الْمُدَّعِي وَهَذَا الشَّرْطُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَلَوْ قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (هِيَ رَهْنٌ) أَوْ نَحْوُهُ مِنْ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ كَإِجَارَةٍ (مَعِي) وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً لَمْ (تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ مَعَ بَيِّنَتِهِ (لِتَضَمُّنِهَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ لِلْغَيْرِ) بِلَا نِيَابَةٍ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (تَحْلِيفُهُ حَيْثُ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا) إلَيْهِ أَوْ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لَهُ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ وَيُغَرِّمُهُ الْقِيمَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِشَخْصٍ بَعْدَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِلثَّانِي (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِالْعَيْنِ ثَانِيًا (وَغَرِمَ) لَهُ (الْقِيمَةَ ثُمَّ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِالْعَيْنِ) أَوْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الْمُقَرِّ لَهُ (رَدَّ الْقِيمَةَ) وَأَخَذَ الْعَيْنَ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا لِلْحَيْلُولَةِ وَقَدْ زَالَتْ (فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى) عَلَى غَيْرِهِ (وَقْفَ دَارٍ) بِيَدِهِ (عَلَيْهِ وَأَقَرَّ بِهَا ذُو الْيَدِ لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لِيُغَرِّمَهُ) قِيمَتَهَا (لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّ الْوَقْفَ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ وَالْحَيْلُولَةِ فِي الْحَالِ كَالْإِتْلَافِ أَمَّا إذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَلَوْ أَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ فِيمَا مَرَّ بَيِّنَةً عَلَى الْمِلْكِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لِيُغَرِّمَهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ اسْتَقَرَّ بِالْبَيِّنَةِ وَخَرَجَ الْإِقْرَارُ عَنْ أَنْ تَكُونَ الْحَيْلُولَةُ بِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ الْمَسْأَلَةُ (الرَّابِعَةُ) لَوْ (اشْتَرَى شَيْئًا وَادَّعَاهُ آخَرُ فَأَقَرَّ لَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ أَوْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَ الْمُدَّعِي) الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ (وَاسْتَحَقَّهُ لَمْ يَرْجِعْ) مُشْتَرِيهِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ (لِتَقْصِيرِهِ) بِإِقْرَارِهِ أَوْ نُكُولِهِ (وَإِنْ انْتَزَعَهُ) مِنْهُ (بِالْبَيِّنَةِ رَجَعَ) عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ (وَإِنْ قَالَ حَالَةَ الْخُصُومَةِ هِيَ مِلْكُ بَائِعِي أَوْ مِلْكِي أَوْ قَالَ حَالَةَ الشِّرَاءِ بِعْنِي مِلْكَك) هَذَا (مُعْتَمِدًا) فِي ذَلِكَ (ظَاهِرَ الْيَدِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْمُقِرِّ) لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ (أَنْ يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً (بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لِيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ) عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الْمِلْكَ لِغَيْرِهِ بِلَا نِيَابَةٍ كَيْفَ وَالْمُدَّعِي لَوْ أَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ وَالْحَالَةِ هَذِهِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْبَيِّنَةِ بِالْإِقْرَارِ (وَلَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ (لَكِنْ لَوْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ) وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَالْمُحَرَّرُ وَالْمِنْهَاجُ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) وَمَا رَجَّحُوهُ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَعَدْلَهَا فَأَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِالْعَيْنِ لِآخَرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ حَكَمَ الْحَاكِمُ لِلْمُدَّعِي فَهَلْ يَحْكُمُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِ الْمُقِرِّ، لَهُ قَالَ إنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ فِي إقْرَارِهِ حَكَمَ بِتِلْكَ وَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فِي وَجْهِ الْمُقِرِّ، لَهُ. اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ إعَادَةَ الدَّعْوَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعِيدُهَا أَيْضًا غ (قَوْلُهُ وَلِلْمُدَّعِي مَعَ الْغَائِبِ خُصُومَةٌ أُخْرَى) لَوْ أَقَامَ الْحَاضِرُ أَوْ الْغَائِبُ بَعْدَ رُجُوعِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَانْتَزَعَ الْعَيْنَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لِيُغَرِّمَهُ قَالَ الْإِمَامُ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنَّ الْمِلْكَ قَدْ اسْتَقَرَّ لِلْمُقِرِّ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَخَرَجَ الْإِقْرَارُ عَنْ كَوْنِهِ مُقْتَضِيًا حَيْلُولَةٍ قَالَ وَلَا مُبَالَاةَ بِاقْتِضَاءِ الْإِقْرَارِ لَهُ مَا يُرَجِّحُ بَيِّنَتُهُ إذَا كَانَتْ الْإِحَالَةُ عَلَى الْبَيِّنَةِ وَمَا أَحْسَنَ عِبَارَةَ الْبَسِيطِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْغَائِبَ لَوْ عَادَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَحُكِمَ لَهُ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَ الْمُقِرِّ لِيَنْكُلَ فَيُغَرِّمَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ الْمِلْكَ لِلْغَائِبِ بِالْبَيِّنَةِ سَقَطَ أَثَرُ إقْرَارِهِ فَكَانَ كَإِقْرَارِهِ بِمَا فِي يَدِ الْغَيْرِ فَيُحَالُ زَوَالُ الْمِلْكِ عَلَى الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ وَالْحَيْلُولَةُ فِي الْحَالِ كَالْإِتْلَافِ) إنَّمَا تَكُونُ الْحَيْلُولَةُ كَالْإِتْلَافِ فِيمَا يَقْبَلُ الِاعْتِيَاضَ وَإِنَّمَا ضَمِنَ بِقِيمَةٍ عِنْدَ الْإِتْلَافِ لِلضَّرُورَةِ. (مَسْأَلَةٌ) تَقَعُ كَثِيرًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي كِتَابِ وَقْفٍ أَوْ تَبَايُعٍ ذِكْرُ الْحُدُودِ ثُمَّ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ فَيُطْلَب مِنْ الْقَاضِي إثْبَاتَ تِلْكَ الْحُدُودِ كَمَا فِي الْكِتَابِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا فَعَلْته قَطُّ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ فِي الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ مَثَلًا هُوَ الْعَقْدُ الصَّادِرُ عَلَى الْمَحْدُودِ بِتِلْكَ الْحُدُودِ وَقَدْ لَا يَكُونُ الشَّاهِدُ عَارِفًا بِتِلْكَ الْحُدُودِ الْبَتَّةِ وَإِنَّمَا سَمِعَ لَفْظَ الْعَاقِدِ فَهُوَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ وَالْحُدُودُ مَحْكِيَّةٌ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَثَلًا وَهَذَا كِتَابُ الْإِقْرَارِ الْمَشْهُودِ بِهِ فِيهِ إقْرَارُ الْمُقِرِّ وَالْحُدُودِ مِنْ كَلَامِ الشَّاهِدِ فَلَوْ حَصَلَتْ شَهَادَةٌ بِالْمِلْكِ وَالْحِيَازَةِ فِي كِتَابِ تَبَايُعٍ أَوْ وَقْفٍ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ فُلَانًا مَالِكٌ حَائِزٌ لِلْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ الَّذِي حُدُودُهُ كَذَا وَكَذَا وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَكَانُ مَشْهُورًا مَعْرُوفًا لَا مُنَازَعَةَ فِيهِ وَتَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ حُدُودِهِ أَوْ فِيهَا وَقَدْ مَاتَ الْمَشْهُودُ وَالْمَكْتُوبُ قَدْ ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِمْ وَيَطْلُبُ الَّذِي بِيَدِهِ الْمَكْتُوبُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ فِي الْحُدُودِ وَيُنْزَعُ مِنْ صَاحِبِ يَدٍ بَعْضُ مَا فِي يَدِهِ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ وَيَدَّعِي أَنَّ تِلْكَ الْحُدُودَ ثَابِتَةٌ لَهُ بِمُقْتَضَى مَكْتُوبِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ طَلَبَ مِنِّي ذَلِكَ وَلَمْ أَفْعَلْهُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ يَعْلَمُ مِلْكَ زَيْدٍ عِلْمًا يَسُوغُ لَهُ بِهِ الشَّهَادَةُ بِمِلْكِهِ وَيَدِهِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْحُدُودُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَتْ يَدُهُ عَلَى شَيْءٍ اُحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ بِحَقٍّ فَلَا تُنْزَعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ يَدَهُ عَادِيَةٌ وَلَا يُعْتَمَدُ فِي رَفْعِ يَدِهِ عَلَى كِتَابٍ قَدِيمٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 397 بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي سُمِعَتْ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ) لِأَنَّهُ إذَا بَانَ إقْرَارُ الْبَائِعِ مِنْ قَبْلُ لَغَا إقْرَارُ الْمُشْتَرِي (وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا) وَادَّعَى أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ (فَأَقَرَّ) لَهُ (الْمُشْتَرِي بِحُرِّيَّتِهِ فَلَهُ أَنْ يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الْبَائِعِ (بِأَنَّهُ غَرَّهُ بِبَيْعِهِ حُرًّا) لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلِكُلِّ أَحَدٍ إثْبَاتُهَا وَإِذَا ثَبَتَتْ ثَبَتَ الرُّجُوعُ وَلَا تَكْفِي فِيهِ بَيِّنَةٌ بِمُطْلَقِ الْحُرِّيَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَهُ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ بِالْبَيِّنَةِ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْبَائِعَ) كَانَ (اشْتَرَاهَا) الْأَوْلَى اشْتَرَاهُ (مِنْ الْمُدَّعِي) سُمِعَتْ وَ (نُقِضَ الْحُكْمُ) الْأَوَّلُ (وَتَقَرَّرَ الشِّرَاءُ) فَتَكُونُ الْعَيْنُ لِلْمُشْتَرِي [فَصْلٌ ادَّعَى جَارِيَةً عَلَى مُنْكِرهَا فَاسْتَحَقَّهَا بِحُجَّةٍ وَوَطِئَهَا وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ] (فَصْلٌ) لَوْ (ادَّعَى جَارِيَةً عَلَى مُنْكِرهَا فَاسْتَحَقَّهَا) بِحُجَّةٍ (وَوَطِئَهَا وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ تَكُنْ زَانِيَةً بِإِقْرَارِهِ) بِإِكْذَابِهِ نَفْسَهُ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ مَا يَقُولُ (وَلَمْ يَبْطُلْ الْإِيلَادُ وَحُرِّيَّةُ الْوَلَدِ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ (وَإِنْ وَافَقَتْهُ) الْجَارِيَةُ فِي إكْذَابِهِ نَفْسَهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَرْتَفِعُ مَا حُكِمَ بِهِ بِرُجُوعٍ مُحْتَمَلٍ (فَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ) إنْ لَمْ تَعْتَرِفْ هِيَ بِالزِّنَا (وَالْأَرْشُ) إنْ نَقَصَتْ وَلَمْ يُولِدْهَا (وَقِيمَةُ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ) إنْ أَوْلَدَهَا (وَلَا يَطَؤُهَا) بَعْدَ ذَلِكَ (إلَّا بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ فَإِنْ مَاتَ) قَبْلَ شِرَائِهَا أَوْ بَعْدَهُ (عَتَقَتْ) عَمَلًا بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ (وَوُقِفَ وَلَاؤُهَا) إنْ مَاتَ قَبْلَ شِرَائِهَا (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ أَنْكَرَ مَالِكُ الْجَارِيَةِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ صَاحِبُ الْيَدِ (وَحَلَفَ) أَنَّهَا لَهُ (وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) فَلَا تَكُونُ زَانِيَةً بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَبْطُلُ الْإِيلَادُ وَلَا حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالْأَرْشُ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ وَلَا يَطَؤُهَا إلَّا بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ فَإِنْ مَاتَ عَتَقَتْ وَوُقِفَ وَلَاؤُهَا وَيَجِبُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا فِي الْحَالَيْنِ الْمَسْأَلَةُ (الْخَامِسَةُ الدَّعْوَى) فِي الْعُقُوبَةِ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ تَكُونُ (عَلَى الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِيهَا دُونَ السَّيِّدِ (وَفِي مُوجِبِ الْمَالِ) تَكُونُ (عَلَى السَّيِّدِ) لِأَنَّ مَحَلَّ التَّعَلُّقِ مِلْكٌ لَهُ وَلِأَنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ فِيهِ لَا يُقْبَلُ (فَلَوْ ادَّعَى) بِهِ (عَلَى الْعَبْدِ فَفِي سَمَاعِهَا وَجْهَانِ وَالْوَجْهُ أَنَّهَا تُسْمَعُ لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ فِي الذِّمَّةِ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ) وَسُمِعَتْ لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ قَالَ فِي الْأَصْلِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصْلَيْنِ يَعْنِي عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَأَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ بِالْمُؤَجَّلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ وَبِهَذَا جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ قَالَ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ وَاَلَّذِي نَقُولُهُ نَحْنُ إنَّ الْمُتَوَجِّهَ سَمَاعُهَا لِيُقِرَّ بِالْأَرْشِ فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ أَوْ يَنْكَلُ فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لِيَحْلِفَ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا أَيْضًا وَمَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى مَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ سَمَاعِهَا إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ قَالَ وَقَدْ يَمْتَنِعُ إقْرَارُ الشَّخْصِ بِالشَّيْءِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّ السَّفِيهَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ وَكَذَا بِالْجِنَايَةِ عَلَى رَأْيٍ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِأَجَلِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَالَ بَلْ قَالُوا إنَّ الدَّعْوَى بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ عَلَى الْحُرِّ تُسْمَعُ وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَيُؤَاخَذُ الْعَاقِلَةُ بِهَا وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ ابْتِدَاءً لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ فَعَلَهُ وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا وَمَا مَالَ إلَيْهِ هُوَ مَا جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي أَوَائِلِ الْإِقْرَارِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ الْمَسْأَلَةُ (السَّادِسَةُ يُطَالَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفِيلِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ لَمْ تُعَدَّلْ) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَتَى   [حاشية الرملي الكبير] فَصْلٌ لَوْ ادَّعَى جَارِيَةً عَلَى مُنْكِرِهَا إلَخْ) (قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الدَّعْوَى فِي الْعُقُوبَةِ عَلَى الْعَبْدِ إلَخْ) قَدْ يَدَّعِي عَلَى الْعَبْدِ بِمَا لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ، وَذَلِكَ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ خَطَأٌ أَوْ شِبْهُ عَمْدٍ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يُقْسِمُ وَتَتَعَلَّقُ الدِّيَةُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى نِكَاحَ مُكَاتِبَةٍ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهَا وَعَلَى السَّيِّدِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى التَّزْوِيجِ فَلَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ وَأَنْكَرَتْ حَلَفَتْ فَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي حُكِمَ بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَوْ أَقَرَّتْ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَحُكِمَ لَهُ بِالنِّكَاحِ أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ لَمْ يُقْبَلْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِسَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ وَيُقْبَلُ فِي نِصْفِهِ الْحُرُّ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ فَمَتَى صَحَّحْنَا تَصَرُّفَهُ قَبِلْنَا إقْرَارَهُ وَقَضَيْنَاهُ مِنْ مَالِهِ وَمَتَى لَمْ نُصَحِّحْهُ كَانَ كَإِقْرَارِ الْعَبْدِ وَلِيَنْظُرْ فِي الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ هَلْ تُبْنَى عَلَى ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الْبِنَاءُ عَلَى صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَعَدَمِهِ غ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا مَالَ إلَيْهِ) هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ بَقِيٍّ أُمُورٌ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى أَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عَلَيْهِمَا مِنْهَا النِّكَاحُ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِقْرَارِهِمَا جَمِيعًا وَمِنْهَا ضَمَانُ الْإِحْضَارِ وَمِنْهَا النَّسَبُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ مَا قَبْلَ إقْرَارِ الْمُبَعَّضِ بِهِ فَالدَّعْوَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْجَوَابُ وَمَا لَا فَعَلَى السَّيِّدِ وَلَا تُسْمَعُ عَلَى الْمُبَعَّضِ إلَّا إنْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ (تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرِهِ وَادَّعَى الْمُطَلِّقُ أَنَّ نِكَاحَهَا كَانَ فِي الْعِدَّةِ لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى مَا لَمْ يَقُلْ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ تَطْلِيقِي إيَّاهَا كَانَ فِي وَقْتِ كَذَا وَلَا يُحْتَمَلُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَا يُسْمَعُ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ وَأَنَا أُرِيدُ أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَا لَا يَسْمَعُ حَاكِمٌ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُرِدْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى بِدُونِ الْبَيِّنَةِ مُفِيدَةٌ شَيْئًا وَفِيهَا أَنَّهُ لَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ زَوْجٍ وَأَوْصَتْ فِي أَمْرِ مَالِهَا إلَى رَجُلٍ فَجَاءَ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنَ عَمِّهَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تُسْمَعُ عَلَى مَنْ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الشَّيْءِ نَفَعَ إقْرَارُهُ وَقُبِلَ وَنُفِّذَ وَهَهُنَا لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ وَالْوَصِيُّ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يُنَفَّذْ إقْرَارُهُمَا (قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ يُطَالِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفِيلِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَأْمُونًا لَا يُخْشَى هَرَبُهُ وَلَا إفْسَادُهُ الْعَيْنَ أَوْ تَضْيِيعُهَا بِحِيلَةٍ أَنْ لَا يُطَالِبَ بِكَفِيلٍ وَلَا يُحْبَسَ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِ جِنَايَةٍ وَإِنْ خُشِيَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ تُسَلِّمَ الْعَيْنَ أَوْ تَأْتِي بِكَفِيلٍ لِبَدَنِك أَوْ يُوكَلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 398 بِمَا عَلَيْهِ وَالنَّظَرُ فِي حَالِ الْبَيِّنَةِ مِنْ وَظِيفَةِ الْقَاضِي وَالظَّاهِرُ الْعَدَالَةُ (لَا قَبْلَهَا) فَلَا يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ وَإِنْ اعْتَادَ الْقَضَاءُ خِلَافَهُ (فَإِنْ لَمْ يَكْفُلْ) أَيْ يُقِمْ كَفِيلًا (حُبِسَ) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ إقَامَةِ كَفِيلٍ لَا لِثُبُوتِ الْحَقِّ وَامْتِنَاعِهِ مِنْهُ (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ) (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي نَفْسِ الْحَلِفِ وَالْمَقْصُودُ) الْآنَ (بَيَانُ قَاعِدَتَيْنِ الْأُولَى التَّغْلِيظُ) فِي الْأَيْمَانِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الدَّعَاوَى مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ وَتَأْكِيدًا لِأَمْرِهِ وَلِهَذَا اخْتَصَّ بِمَا هُوَ مُتَأَكِّدٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فَتُغَلَّظُ الْيَمِينُ) نَدْبًا (وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ) تَغْلِيظَهَا (فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ) وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَلِعَانٍ وَقَوَدٍ وَعِتْقٍ (وَفِي مَالٍ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةٍ أَوْ) لَمْ يَبْلُغْهُ لَكِنْ (رَآهُ) أَيْ التَّغْلِيظَ (قَاضٍ) لِجَرَاءَةٍ فِي الْحَالِفِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِبَارُ نِصَابِ الزَّكَاةِ مِنْ نَقْدٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى تُغَلَّظَ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا أَوْ قِيمَةً وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ اُعْتُبِرَ بِالذَّهَبِ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا وَحُقُوقُ الْأَمْوَالِ كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ إنْ تَعَلَّقَتْ بِمَالٍ هُوَ نِصَابٌ غُلِّظَ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا. وَاحْتُجَّ لِلتَّغْلِيظِ بِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَحْلِفُونَ بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ فَقَالَ أَعَلَى دَمٍ فَقَالُوا لَا قَالَ فَعَلَى عَظِيمٍ مِنْ الْمَالِ قَالُوا لَا قَالَ خَشِيت أَنْ يَتَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَيَسْتَوِي فِيهِ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي وَلَوْ مَعَ شَاهِدٍ وَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ التَّغْلِيظَ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَمَا ذَكَرُهُ بِقَوْلِهِ (فَيُغَلَّظُ فِيهَا) أَيْ فِي الْيَمِينِ (عَلَى عَبْدٍ خَسِيسٍ) لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصَابَ الزَّكَاةِ (ادَّعَى) عَلَى سَيِّدِهِ (عِتْقًا أَوْ كِتَابَةً) فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ لِأَنَّ مُدَّعَاهُ لَيْسَ بِمَالٍ (لَا عَلَى سَيِّدِهِ) إذَا حَلَفَ لِأَنَّ قَصْدَهُ اسْتِدَامَةُ مَالٍ قَلِيلٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ نَفِيسًا (وَ) يُغَلَّظُ (فِي الْوَقْفِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا عَلَى الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا (وَ) أَمَّا (الْخُلْعُ بِالْقَلِيلِ) مِنْ الْمَالِ (إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ) وَأَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ وَحَلَفَتْ أَوْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ هُوَ (فَلَا تَغْلِيظَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَإِنْ ادَّعَتْهُ) وَأَنْكَرَ وَحَلَفَ أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ هِيَ (غُلِّظَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّ قَصْدَهَا الْفِرَاقُ وَقَصْدَهُ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ أَمَّا الْخُلْعُ بِالْكَثِيرِ فَتُغَلَّظُ فِيهِ مُطْلَقًا. (وَالْمَرِيضُ وَالزَّمِنُ وَالْحَائِضِ) وَالنُّفَسَاءُ (لَا تُغَلَّظُ) الْيَمِينُ (عَلَيْهِمْ بِالْمَكَانِ) لِعُذْرِهِمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ كَالْمُخَدَّرَةِ وَكَالْجُنُبِ لِإِمْكَانِ اغْتِسَالِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ ذَكَرُوا فِي اللِّعَانِ أَنَّ الْحَائِضَ يُغَلَّظُ عَلَيْهَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مِثْلُهُ وَإِنْ لَمَحْنَا فَرْقًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ (وَلَا) يُغَلَّظُ (عَلَى حَالِفٍ بِالطَّلَاقِ مِنْ التَّغْلِيظِ) أَيْ حَالِفٌ بِهِ أَنْ لَا يَحْلِفَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّغْلِيظَ مُسْتَحَبٌّ وَتَقْيِيدُهُ كَأَصْلِهِ بِالطَّلَاقِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَقَضِيَّةُ النَّصِّ وَصَرِيحُ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ وَحَلِفِهِ بِغَيْرِهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَالتَّغْلِيظُ) هُنَا بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ (كَمَا فِي اللَّعَّانِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَبِزِيَادَةِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ -   [حاشية الرملي الكبير] بِك إلَى تَعْدِيلِ بَيِّنَةٍ أَوْ نَحْبِسُكَ فَإِنَّ أَجَابَ إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا قَنَعَ مِنْهُ بِذَلِكَ وَإِنْ عَانَدَ فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا يَرَاهُ الْأَصْلَحَ مِنْ التَّوْكِيلِ أَوْ الْحَبْسِ أَوْ انْتِزَاعِ الْعَيْنِ مِنْهُ غ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ) (قَوْلُهُ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ) أَوْ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْحُقُوقَ كَالسِّرْجِينِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَتْ مَالًا وَلَا يُقْصَدُ مِنْهَا الْمَالُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَغْلِيظَ فِيهَا وَلِوَكَالَةٍ فِي الْمَالِ يُغَلَّظُ فِيهَا مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْمَالُ. اهـ. وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِفَهْمِهِ مِنْ الْمَالِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابَ زَكَاةٍ بِالْأُولَى وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَكَالَةِ الْوِلَايَةُ (قَوْلُهُ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ إلَخْ) فِي الْوَسِيطِ كَالنِّهَايَةِ التَّغْلِيظُ يَجْرِي فِي كُلِّ مَا لَهُ خَطَرٌ مِمَّا لَا يَثْبُت بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَجَرَى فِي عُيُوبِ النِّسَاءِ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا بِقَوْلِ النِّسَاءِ لَا لِنُقْصَانِ الْخَطَرِ وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ تَقْيِيدُ التَّغْلِيظِ فِي غَيْرِ الْمَالِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي إنَّ الضَّابِطَ لِذَلِكَ إنَّ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ تُغَلَّظُ فِيهِ وَمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةٍ) الْمُرَادُ بِالنِّصَابِ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ كَأَنْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَقَالَ الْبَائِعُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي عَشَرَةُ فَلَا تَغْلِيظَ هُنَا لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّفْوِيتُ أَوْ الْإِثْبَاتُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّغْلِيظَ بِذِكْرِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي فِيمَا دُونَ النِّصَابِ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ جَرَاءَةُ الْحَالِفِ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ إنَّ التَّغْلِيظَ بِاللَّفْظِ مَوْكُولٌ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ إلَخْ) هُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَهُوَ تَحْدِيدٌ وَعِبَارَةُ الدَّارِمِيِّ وَغَيْرِهِ وَتُغَلَّظُ الْيَمِينُ إذَا كَانَتْ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ قِيمَةُ ذَلِكَ وَنَحْوِهَا عِبَارَةُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ وَإِنْ كَانَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ غُلِّظَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمَحْنَا فَرْقًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ مِنْ التَّغْلِيظِ) مِنْ تَعْلِيلِهِ أَوْ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ عَنْ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ النَّصِّ وَصَرِيحُ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّغْلِيظُ هُنَا بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ كَاللِّعَانِ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَالزَّمَانُ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَرَجَبِ وَرَمَضَانَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ عَبْدًا غُلِّظَتْ يَمِينُهُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ كَالْحُرِّ فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى حِفْظِ مَالِ سَيِّدِهِ فَخَافَ ضَيَاعَهُ إنْ فَارَقَهُ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ حَاضِرًا تَوَلَّى حِفْظَ مَالِهِ وَحُمِلَ الْعَبْدُ إلَى مَكَانِ التَّغْلِيظِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَقَرَّ الْعَبْدُ عَلَى حِفْظِهِ وَقِيلَ لِلْمُسْتَحْلِفِ أَنْتَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ تَنْظُرَهُ بِالْيَمِينِ إلَى وَقْتِ إمْكَانِهِ مِنْ حُضُورِ الْمَكَانِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَوْ تَعْجِيلِ إحْلَافِهِ فِي مَكَانِهِ قُلْت وَلِيَنْظُرْ فِي الْحُرِّ إذَا كَانَتْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 399 الطَّالِبِ الْغَالِبِ الْمُدْرِكِ الْمُهْلِكِ) الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (وَمَا أَشْبَهُهُ) كَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ مِنْ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنْ الْعَلَانِيَةِ (وَنُدِبَ وَضْعُ الْمُصْحَفِ فِي حِجْرِ الْحَالِفِ) بِهِ وَأَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] الْآيَةَ وَأَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي اتَّقِ اللَّهَ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَائِمًا زِيَادَةً فِي التَّغْلِيظِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَا تُغَلَّظُ هُنَا بِحُضُورِ الْجَمْعِ) لِاخْتِصَاصِهِ بِاللِّعَانِ وَلَا بِتَكْرِيرِ الْأَلْفَاظِ لِاخْتِصَاصِهِ بِاللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ وَهُوَ وَاجِبٌ فِيهِمَا (الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ اشْتِرَاطُ مُطَابَقَةِ الْيَمِينِ لِلْإِنْكَارِ فَإِنْ قَالَ) فِي جَوَابِ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ قَرْضًا (مَا أَقْرَضْتَنِي أَوْ لَا يَلْزَمُنِي شَيْءٌ حَلِفَ كَمَا أَنْكَرَ وَيَلْغُو) الْحَلِفُ (قَبْلَ تَحْلِيفِ الْقَاضِي) وَطَلَبِ الْخَصْمِ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ «رُكَانَةُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ وَقَالَ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَحَلَفَ مَرَّةً أُخْرَى فَرَدَّهَا عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ قَبْلَ التَّحْلِيفِ بَلْ أَعَادَهَا عَلَيْهِ (فَلَوْ قَالَ) لَهُ الْقَاضِي فِي تَحْلِيفِهِ (قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ وَالرَّحْمَنِ أَوْ) قُلْ (وَاَللَّهِ الْعَظِيمِ فَقَالَ وَاَللَّهِ وَسَكَتَ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَغْلِيظِ الْمَكَان وَالزَّمَانِ فَنَاكِلٌ) إذْ لَيْسَ لَهُ رَدُّ اجْتِهَادِ الْقَاضِي (أَوْ قَالَ) لَهُ قُلْ (وَاَللَّهِ فَقَالَ بِاَللَّهِ) بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ بِالْعَكْسِ (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ نُكُولٌ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَثَانِيهُمَا لَا لِأَنَّهُ حَلَفَ بِالِاسْمِ الَّذِي حَلَّفَهُ بِهِ وَالتَّفَاوُتُ فِي مُجَرَّدِ الصِّلَةِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَنَسَبَهُ لِلنَّصِّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَالَ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَجَزَمَ الْعِرَاقِيُّونَ بِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ التَّغْلِيظِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِ لَيْسَ نُكُولًا خِلَافًا لِلْقَفَّالِ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَهُوَ عَلَى الْبَتِّ) فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ (إلَّا عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ كَأَبْرَأَنِي مُوَرِّثُك أَوْ غَصَبَنِي أَوْ بَاعَ مِنِّي مُوَكِّلُك)   [حاشية الرملي الكبير] عَيْنُهُ مُسْتَأْجَرَةً وَكَانَ حَمْلُهُ إلَى مَوْضِعِ التَّغْلِيظِ يُعَطِّلُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْعَمَلُ فَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي إمَّا أَنْ تُحَلِّفَهُ مَكَانَهُ أَوْ تَنْظُرَهُ إلَى فَرَاغِ مَا عَلَيْهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ إتْيَان مَكَانِ الْحَلِفِ مِنْ الْجَامِعِ وَنَحْوِهِ وَالظَّاهِرُ إنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعَبْدِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْوُجُوبِ غ. (قَوْلُهُ الطَّالِبُ الْغَالِبُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَسَمَاعِي مِنْ أَقْضَى الْقُضَاةِ الْحُسَيْنُ خَلِيفَةُ الْحُكْمِ بِمِصْرَ إنَّ الْحَلِفَ بِالطَّالِبِ الْغَالِبِ لَا يَجُوزُ وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ يَنْقُلُهُ عَنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ وَيُوَجِّهُهُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ طَالِبًا غَالِبًا فَأَسْمَاؤُهُ تَوْقِيفِيَّةٌ وَلَمْ تَرِدْ تَسْمِيَتُهُ بِذَلِكَ قُلْت وَالظَّاهِرُ إنَّ أَصْلَهُ قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ وَمِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْحُكَّامِ فِي تَغْلِيظِ الْأَيْمَانِ وَتَوْكِيدِهَا أَنْ يَقُولُوا بِاَللَّهِ الطَّالِبِ الْغَالِبِ الْمُدْرِكِ الْمُهْلِكِ وَلَيْسَ يُسْتَحْسَنُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ أَنْ يُطْلَقَ فِي بَابِ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَسْمَائِهِ وَإِنَّمَا اسْتَحْسَنُوا ذِكْرَهَا فِي الْأَيْمَانِ لِيَقَعَ الرَّوْعُ بِهَا وَلَوْ جَازَ أَنْ يَعُدَّ ذَلِكَ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لَجَازَ أَنْ يَعُدَّ فِيهَا الْمُخْزِيَ الْمُضِلَّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّ أَظْهَرَ قَوْلَيْ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ بِمَا لَمْ يُرِدْ بِهِ تَوْقِيفٌ وَإِنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ مِمَّا يَقْتَضِي مَدْحًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ اسْمِ الْفَاعِلِ الَّذِي غَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الْفِعْلِ دُونَ الصِّفَةِ فَالْتُحِقَ بِالْأَفْعَالِ وَإِضَافَةِ الْأَفْعَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى تَوْقِيفٍ وَلِذَلِكَ تَوَسَّعَ النَّاسُ فِي تَحْمِيدَاتِهِمْ وَتَمْجِيدَاتِهِمْ وَغَيْرِهِمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ يَهْجُو الْمُشْرِكِينَ جَاءَتْ سُحَيْمَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا ... وَلَيُغَلَبَنَّ مَغَالِبَ الْغُلَّابِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ ع غ. (قَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَهُ كَوَاللَّهِ إلَخْ) هَذَا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ يَهُودِيًّا حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَنَجَّاهُ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ نَصْرَانِيًّا حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَالدَّهْرِيُّ وَالْمُلْحِدُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَه إلَّا هُوَ وَالْوَثَنِيُّ بِاَللَّهِ فَقَطْ إذْ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَى مَا يُعَظِّمُونَهُ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَائِمًا إلَخْ) وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَلَا يُشْرَعُ الْقِيَامُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْمَانِ إلَّا فِي يَمِينِ اللِّعَانِ وَقِيلَ يُغَلَّظُ بِالْقِيَامِ فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ هـ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ وَالرَّحْمَنِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ حَلَّفَهُ ابْتِدَاءَ بِالرَّحْمَنِ كَانَ كَافِيًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِ الْقَاضِي قُلْ وَالرَّحْمَنِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ. اهـ. قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ وَاَللَّهِ أَوَتَاللَّهِ أَوْ بِالرَّحْمَنِ أَوْ بِالرَّحِيمِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ غَلَّظَ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالزَّمَانِ أَوْ بِالْمَكَانِ فَامْتَنَعَ كَانَ نَاكِلًا وَقَوْلَهُ كَانَ كَافِيًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا لَا لِأَنَّهُ إلَخْ) هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ الْعِرَاقِيُّونَ إلَخْ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ (قَوْلُهُ وَهُوَ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ الْقَطْعِ وَالْجَزْمِ فِي الْإِثْبَاتِ مِنْهُ حَلَفَ مُدَّعِي النَّسَبِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَمُدَّعِي الْإِعْسَارِ لِأَنَّهُ نَفَى مِلْكَ نَفْسِهِ زِيَادَةٌ عَلَى أَمْرٍ مَخْصُوصٍ وَحَلَفَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى عَيْبِ صَاحِبِهِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لِأَنَّهُ فِعْلُ اللَّهِ فَهُوَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ إثْبَاتًا وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْبَتِّ فِي الْإِثْبَاتِ وَفِي النَّفْيِ وَالْمَطْلُوبُ بِالدَّعْوَى لَاقَاهُ ابْتِدَاءً وَيُمْكِنُ اطِّلَاعُهُ عَلَى سَبَبِ الْمُلَاقَاةِ حَالَ صُدُورِهِ وَلَيْسَ مِمَّا يَغِيبُ غَالِبًا عَنْهُ وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إنْ لَمْ يُلَاقِهِ ابْتِدَاءَ لِأَنَّهُ وَارِثٌ أَوْ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالسَّبَبِ الْمُدَّعَى بِهِ عِنْدَ صُدُورِهِ أَوْ لَاقَاهُ ابْتِدَاءً، لَكِنْ لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُهُ عَلَى سَبَبِ الْمُلَاقَاةِ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشْتَهِرَ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَتِّ دَائِمًا إلَّا إذَا كَانَتْ لِدَفْعِ مُعَارِضٍ لَا لِإِثْبَاتِ الْمَطْلُوبِ مَعَ تَصَوُّرِ الْحَلِفِ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ النَّفِيَّ الْمُطْلَقَ لَا الْمَحْصُورَ كَحَلِفِ الْمُودِعِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِتَلَفِ الْوَدِيعَةِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي أَوَاخِرِ الدَّعَاوَى بِأَنَّ النَّفْيَ الْمَحْصُورَ كَالْإِثْبَاتِ فِي إمْكَانِ الْإِحَاطَةِ بِهِ فَعَلَى هَذَا يَحْلِفُ فِي مِثْلِهِ عَلَى الْبَتِّ وَإِنْ كَانَ بِنَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ كَمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِهِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ أَوْ عَامِلُ الْقِرَاضِ أَوْ الْمُكَاتِبُ وَقَدْ عَامَلُوا عَلَى أَعْيَانٍ أَوْ دُيُونٍ وَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى حَلِفِ الْمَالِكِ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا فَكَيْفَ الْحَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى تَصَرُّفِهِمْ أَهْوَ كَمَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ أَوْ يَحْلِفُ هَاهُنَا كَمَا يَحْلِفُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ لَمْ يَحْضُرْنِي الْآنَ فِيهِ شَيْءٌ وَيَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ وَنَقْلٍ خَاصٍ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فَأَطْلُبُهُ وَفِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 400 وَأَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ (فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ لَا يَعْلَمُ وُجُودَهُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعَدَمَ وَلِأَنَّ النَّفْيَ الْمُطْلَقَ يَعْسُرُ الْوُقُوفُ عَلَى سَبَبِهِ وَلِهَذَا لَا يَشْهَدُ عَلَى النَّفْيِ الْمَحْضِ بِخِلَافِ الْحَلِفِ عَلَى الْإِثْبَاتِ مُطْلَقًا لِسُهُولَةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ كَمَا يَشْهَدُ بِهِ وَبِخِلَافِهِ فِي نَفْيِ فِعْلِهِ لِإِحَاطَتِهِ بِحَالِ نَفْسِهِ (وَلَا يُكَلِّفُهُ) أَيْ مَنْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ (الْقَاضِي الْبَتَّ) أَيْ الْحَلِفُ عَلَيْهِ فَلَوْ حَلَّفَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ ظَلَمَ لَكِنْ يُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ آكَدُ مِنْ نَفْيِ الْعِلْمِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ إلَّا فُلَانٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَتُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِمْ بِوَارِثٍ غَيْرِهِ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (أَتْلَفَ عَلَيَّ عَبْدُك أَوْ بَهِيمَتُك) كَذَا وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ (فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ) لِأَنَّ عَبْدَهُ مَالُهُ وَفِعْلَهُ كَفِعْلِهِ وَلِذَلِكَ سُمِعَتْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ وَضَمَانُ الْبَهِيمَةِ إنَّمَا هُوَ بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا لَا بِفِعْلِهَا. (وَإِنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ دَيْنًا (عَلَى مُوَرِّثِهِ فَلْيَذْكُرْ) مَعَ ذِكْرِ الدَّيْنِ وَوَصْفِهِ (مَوْتَهُ وَحُصُولِ التَّرِكَةِ بِيَدِهِ وَأَنَّهُ عَالِمٌ بِدَيْنِهِ) عَلَى مُوَرِّثِهِ (فَيَحْلِفُ) فِي الْمَوْتِ وَالدَّيْنِ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَفِي عَدَمِ حُصُولِ التَّرِكَةِ) بِيَدِهِ (عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ أَنْكَرَ الدَّيْنَ وَالتَّرِكَةَ مَعًا وَأَرَادَ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ التَّرِكَةِ) فَقَطْ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (تَحْلِيفُهُ مَعَهَا) أَيْ التَّرِكَةِ أَيْ مَعَ حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ حُصُولِهَا بِيَدِهِ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالدَّيْنِ) لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْوَارِثِ شَيْءٌ فَلَعَلَّهُ يَظْفَرُ بِوَدِيعَةٍ أَوْ دَيْنٍ لِلْمَيِّتِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ حَقَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفْهِمُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ لَا تَرِكَةَ لِلْمَيِّتِ كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ لِلْغَرَضِ الْمَذْكُورِ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ أَوْ عَلَى الْمُعْسِرِ قَالَ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْمُدَّعِيَ يَقُولُ وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِكَذَا ظَاهِرٌ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ (وَيَجُوزُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ كَخَطِّ أَبِيهِ) الثِّقَةِ وَخَطِّهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ كَذَا (وَنُكُولِ خَصْمِهِ) عَنْ الْحَلِفِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ حَيْثُ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا اعْتِمَادُ الْخَطِّ لِأَنَّ خَطَرَهُمَا عَظِيمٌ كَمَا مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ. (وَيُعْتَبَرُ) فِي صِحَّةِ الْحَلِفِ (نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ) وَاعْتِقَادُهُ لَا نِيَّةُ الْحَالِفِ وَاعْتِقَادُهُ لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ الْأَيْمَانِ وَتَضِيعَ الْحُقُوقُ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ» وَحُمِلَ عَلَى الْقَاضِي لِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِحْلَافِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ لِيَشْمَلَ الْإِمَامَ وَالْمُحَكَّمَ وَغَيْرَهُمَا مِمَّنْ يَصِحُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ (فَلَا يَدْفَعُ الْإِثْمَ) أَيْ إثْمَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ (بِتَأْوِيلٍ وَاسْتِثْنَاءٍ) كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَنَحْوُهُ) كَشَرْطِ وَصْلِهِ بِالْيَمِينِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ الْقَاضِي عَلَى خِلَافِ نِيَّتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ مُحِقًّا لِمَا نَوَاهُ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ   [حاشية الرملي الكبير] أَخْذِهِ مِمَّا أَطْلَقُوهُ هُنَا هُنَا تَوَقُّفْ وَقَوْلُهُ أَهْوَ كَمَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ) مَحَلُّهُ إذَا عَلِمَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَسِعْهُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ بَهِيمَتِك) الْمُرَادُ بَهِيمَةٌ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَفِعْلِهِ) وَمِنْهُ حَلَفَ بَائِعُ الرَّقِيقِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ عَالِمٌ بِدِينِهِ) وَهَكَذَا كُلُّ مَا يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ لَهُ (قَوْلُهُ وَفِي عَدَمِ حُصُولِ التَّرِكَةِ بِيَدِهِ عَلَى الْبَتِّ) فَإِذَا حَلَفَ كَذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مُدَّعٍ آخَرُ هَلْ يَكُونُ مَانِعًا مِنْ إعَادَةِ التَّحْلِيفِ أَوْ لَا أَجَبْت بِالْأَوَّلِ لِثُبُوتِ عَدَمِ وَضْعِهِ يَدِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَقَدْ أَوْضَحَتْهُ فِي الْفَتَاوَى وَإِنْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ لِلْغَرَضِ الْمَذْكُورِ) لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا مَرَّ فِي الْكَلَامِ إلَخْ) ثُمَّ رَأَيْت شُرَيْحًا قَالَ فِي رَوْضَتِهِ وَإِنْ جَحَدَ الدَّيْنَ وَالتَّرِكَةَ حَلَفَ مَا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ عَلَى أَبِيهِ شَيْئًا وَمَا وَصَلَ إلَى يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى التَّرِكَةِ فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى الدَّيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ لَا يَحْلِفُ وَلَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ ظُهُورِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ قَبْلَ ظُهُورِ التَّرِكَةِ وَهَذَا أَصَحُّ وَقَالَ الْخَفَّافُ يَحْلِفُ هـ. (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِبَارَةٌ نَاقِصَةٌ وَتَمَامُهَا أَنْ يَقُولَ الْمُوَافَقَةُ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ الْوَاجِبِ فِي الْحَلِفِ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّةٍ تُخَالِفُ ظَاهِرَ اللَّفْظِ الْوَاجِبِ فِي الْحَلِفِ فَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ بِغَيْرِ صَكٍّ لَمْ يَقْبِضْهُ وَدَيْنٌ بِصَكٍّ قَبَضَهُ فَأَقَامَ شَاهِدًا بِالدَّيْنِ الَّذِي بِالصَّكِّ وَحَلَفَ مَعَهُ وَنِيَّةُ الْحَلِفِ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي بِلَا صَكٍّ وَنِيَّةُ الْقَاضِي الَّذِي بِالصَّكِّ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّةِ الْقَاضِي لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاجِبَ فِي الْحَلِفِ اسْتِحْقَاقُهُ الدَّيْنَ الشَّرْعِيَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَا الدَّيْنَ الَّذِي فِي الصَّكِّ وَكَذَا حُكْمُ يَمِينِ الرَّدِّ وَالِاسْتِظْهَارِ قَالَ وَهَذَا مُسْتَمَدٌّ مِمَّا لَوْ جَحَدَ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ بِغَيْرِ صَّكِّ وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِصَكٍّ قَدْ قَبَضَهُ وَشُهُودُهُ لَا يَعْلَمُونَ قَبْضَهُ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ الدَّيْنَ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَيَقْبِضَهُ بِدَيْنِهِ الْآخَرِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ قَالَ إنِّي قَبَضْت مَا فِي هَذَا الصَّكِّ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّغَايُرِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَسَامَحَ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدٍ وَيَمِينِ الِاسْتِظْهَار وَقَصْدُهُ بِقَوْلِهِ مَا قَبَضَهُ الدَّيْنُ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِهِ لَا الدَّيْنُ بِالصَّكِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِبَارَةٌ نَاقِصَةٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَدْفَعُ الْإِثْمَ بِتَأْوِيلٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لِقَصْدِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ إذَا كَانَ مَا قَصَدَهُ مِنْ مَجَازِ اللَّفْظِ أَوْ اعْتِقَادِ خِلَافِهِ لِشُبْهَةٍ عِنْدَهُ كَالْحَنَفِيِّ فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ فَمِنْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ وَلَا أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرُ فَدِرْهَمُ: قَبِيلَةٌ، وَدِينَارُ: رَجُلٌ مَعْرُوفٌ، وَمَا قَبْلِي ثَوْبٌ وَلَا شُفْعَةٌ وَلَا قَمِيصٌ فَالثَّوْبُ الرُّجُوعُ وَالشُّفْعَةُ الْبُعْدُ وَالْقَمِيصُ غِشَاءُ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ وَاسْتِثْنَاءٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ظَاهِرُهُ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَنْفَعُ فِي الْمَاضِي حَتَّى لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ مَا قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ قَدْ قَامَ لَا يَحْنَثُ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ هَكَذَا الْمُتَوَلِّي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَمَعْنَى ذَلِكَ صَحِيحٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا قَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَلَا يَقَعَ شَيْءٌ إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 401 بِنِيَّتِهِ لَا بِنِيَّةِ الْقَاضِي فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ كَذَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَسَأَلَ رَدَّهُ وَكَانَ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ فَأَجَابَ بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَالَ خَصْمُهُ لِلْقَاضِي حَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِي شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِي وَكَانَ الْقَاضِي يَرَى إجَابَتَهُ لِذَلِكَ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَنْوِي بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ لَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ تَحْلِيفِ الْحَنَفِيِّ الشَّافِعِيَّ عَلَى شُفْعَةِ الْجِوَارِ فَتَأَمَّلْ (فَإِنْ سَمِعَهُ الْقَاضِي) يَأْتِي بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ (عَزَّرَهُ) إنْ كَانَ عَالِمًا بِعَدَمِ جَوَازِهِ (وَأَعَادَ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ وَصَلَهَا بِكَلَامٍ وَلَمْ يَفْهَمْهُ الْقَاضِي نَهَاهُ) عَنْهُ (وَأَعَادَهَا) عَلَيْهِ وُجُوبًا فَإِنْ قَالَ كُنْت أَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى قِيلَ لَهُ لَيْسَ هَذَا وَقْتَهُ. ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (فَرْعٌ لَوْ كَانَ الْقَاضِي حَنَفِيًّا فَحَكَمَ عَلَى شَافِعِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ نَفَذَ) حُكْمُهُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا فِي حَقِّ الْمُقَلِّدِ وَالْمُجْتَهِدِ (وَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ فَحَلَفَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَثِمَ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْقَاضِي وَإِنْ حَلَفَ كَذَلِكَ) هُنَا وَفِي سَائِرِ الدَّعَاوَى (قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ لَمْ يَأْثَمْ أَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ) أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ لَا يَرَى التَّحْلِيفَ بِهِ كَالشَّافِعِيِّ (أَوْ) حَلَّفَهُ (غَيْرُ الْقَاضِي) مِنْ قَاهِرٍ أَوْ خَصْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَوَرَّى لَمْ يَحْنَثْ) وَنَفَعَتْهُ التَّوْرِيَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِنِيَّتِهِ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ بِغَيْرِ اللَّهِ كَآحَادِ النَّاسِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْحَنَفِيِّ لَمْ تَنْفَعْهُ التَّوْرِيَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْأَذْكَارِ نَفْعَهَا لَهُ فِيمَا لَوْ حَلَّفَهُ بِغَيْرِ اللَّهِ مَنْ يَرَى التَّحْلِيفَ بِهِ كَالْحَنَفِيِّ وَهُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَعَ بُعْدِهِ عَنْ الْمَعْنَى أَيْضًا وَخَالَفَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَحْلِيفِ الْخَصْمِ فَأَلْحَقَهُ بِتَحْلِيفِ الْقَاضِي مُحْتَجًّا بِخَبَرِ مُسْلِمٍ «يَمِينُك مَا يُصَدِّقُك عَلَيْهِ صَاحِبُك» قَالَ أَرَادَ بِهِ الْخَصْمَ وَلَوْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ لَمْ يَأْثَمْ أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَقَوْلُهُ أَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْحَالِفِ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى (وَهُوَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ) هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ لَكِنَّ الْمِنْهَاجَ عَبَّرَ بَدَلَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ بِيَمِينٍ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَهُوَ كُلُّ مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ وَقِيلَ كُلُّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى إلَى آخِرَ مَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ شَرْحٌ لِلْأُولَى انْتَهَى وَمُحَصِّلُ الضَّابِطِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُحَلِّفُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى إلَى آخِرِهِ لَا أَنَّ كُلَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى إلَى آخِرِهِ يَحْلِفُ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ الشَّاهِدُ وَالْقَاضِي حَيْثُ لَا يَحْلِفَانِ وَإِنْ كَانَا لَوْ أَقَرَّ أَلْزَمَهُمَا الْحَقَّ صِيَانَةً لِمَنْصِبِهِمَا وَيَجْرِي التَّحْلِيفُ (فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ) كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ (وَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَلَوْ شَتْمًا وَضَرْبًا أَوْجَبَا تَعْزِيرًا) لِخَبَرِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَخَبَرِ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» (وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى) وَتَعْزِيرِهِ لِمَا مَرَّ فِي الشَّهَادَاتِ فِي الْكَلَامِ عَلَى دَعْوَى الْحِسْبَةِ فَلَا يَأْتِي فِي ذَلِكَ حَلِفٌ (نَعَمْ لَوْ) تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٌّ كَأَنْ (قَذَفَهُ) غَيْرُهُ (فَطَالَبَهُ بِالْحَدِّ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا زَنَى) كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ (فَإِنْ) حَلَفَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ إلَخْ) وَالْعِبْرَةُ هُنَا بِنِيَّةِ الْحَالِفِ الْمُحِقِّ (فَرَعٌ) (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْقَاضِي) هَلْ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ كُلُّ مَنْ وَلِيٍّ قَاضِيًا سَوَاءٌ اتَّصَفَ بِالْأَهْلِيَّةِ أَوْ أَخَلَّ بِبَعْضِهَا أَوْ بِأَكْثَرِ شُرُوطِهَا أَمْ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا نِيَّةُ الْقَاضِي الْعَدْلِ الْأَهْلِ الْمُسْتَحِقِّ لِلتَّوَلِّيَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ مَنْ نَفَّذْنَا حُكْمَهُ اعْتَبَرْنَا تَحْلِيفَهُ وَنِيَّتَهُ وَمَنْ لَا فَلَا غ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ كَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ لَمْ يَأْثَمْ) وَكَذَا لَوْ حَلَّفَهُ قَبْلَ طَلَبِ الْمُدَّعِي تَحْلِيفِهِ أَوْ بِطَلَبِهِ عَنْ دَعْوَى فَاسِدَةٍ أَوْ نَاقِصَةٍ أَوْ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ أَوْ حَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَالْحَالُ يَقْتَضِي تَحْلِيفَهُ عَلَى الْبَتِّ وَمَا أَشْبَهَهُ (قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْحَالِفِ وَهُوَ مَنْ تَوَجَّهَتْ إلَخْ) (ضَابِطٌ) لَا يَكُونُ الْيَمِينُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي فِي غَيْرِ الرَّدِّ إلَّا فِي خَمْسَةِ أَبْوَابٍ بَابُ الْقَسَامَةِ وَبَابُ اللِّعَانِ وَبَابُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَبَابُ الْأُمَنَاءِ الْمُدَّعِينَ الرَّدِّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُمْ غَيْرُ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجَرُونَ لِلْمُتْلِفِ مُطْلَقًا وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ فِي الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ جُعِلَ أَمِينًا مَا خَوَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ مَا اُؤْتُمِنَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْضٍ وَوِلَادَةٍ عَلَى مَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي مَوْضِعِهِ وَالْبَابُ الْخَامِسُ بَابُ التَّحَالُفِ فَإِنَّ الْيَمِينَ جُعِلَتْ فِيهِ فِي الْإِثْبَاتِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إنَّ جَمِيعَ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ الْيَمِينُ فِيهَا يُعْمَلُ بِهَا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ فِي التَّحَالُفِ فَإِنَّهُ لَا يُثْبِتُ لِلْمُدَّعِي حَقًّا وَلِهَذَا أَسْقَطَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَمِينَ الْإِثْبَاتِ وَالثَّانِي أَنَّهُ جَامِعُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بِخِلَافِ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ شَرْحٌ لِلْأُولَى رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ التَّفْسِيرَ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ وَهُوَ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَّا أَنَّ فِيهِ خَلَلًا سَنَذْكُرُهُ وَمَالَ السُّبْكِيُّ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِبَارَتَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَقَالَ فِي عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ شَيْئَانِ يَقْتَضِيَانِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ اخْتِلَافَ الْمَعْنَى أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَقَدْ قِيلَ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ الْعِبَارَةُ الْمَأْلُوفَةُ فِي الْحَالِفِ وَالثَّانِي قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَاءِ صُوَرٍ عَنْ هَذَا الضَّابِطِ وَمَا قَالَ الضَّبْطَيْنِ قَالَ شَيْءٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْمُحَرَّرِ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ فَلَوْ كَانَتْ ضَعِيفَةً عِنْدَهُ لِمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا. اهـ. وَتَفْسِيرُ الرَّوْضَةِ الْحَالِفُ بِمَا تَقَدَّمَ أَرَادَ بِهِ الْحَالِفَ ابْتِدَاءَ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَنْ نَزَلَ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ مَنْزِلَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَالْأُمَنَاءِ وَأَمَّا أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ وَاللِّعَانِ فَلَا تَدْخُلُ فِي ضَابِطِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِينَ وَلَا تَتَوَجَّهَ إلَيْهِمْ دَعْوَى تَحْقِيقًا وَلَا تَقْدِيرًا وَكَذَلِكَ الْحَالِفُ مَعَ شَاهِدَهُ وَالْحَالِفُ يَمِينِ الرَّدِّ لَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الضَّابِطِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِي الشَّهَادَاتِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تُسْمَعُ بِحَيْثُ لَوْ أَقَرَّ ثَبَتَ وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ يَمِينٌ وَلَا رَدَّهَا فَلَا تَأْثِيرَ لِلدَّعْوَى فَلَا تُسْمَعُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ مَا يُوجِبُ التَّعْزِيرُ تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى إذَا تَعَلَّقَ بِالْأُمُورِ الْعَامَّةِ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَأَذَى النَّاسِ وَسَبِّهِمْ وَطَرْحِ الْحِجَارَةِ فِي الطَّرِيقِ وَإِفْسَادِ الْآبَارِ وَنَحْوِهِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 402 حُدَّ الْقَاذِفُ. وَإِنْ (نَكَلَ وَحَلَفَ الْقَاذِفُ سَقَطَ) عَنْهُ (الْحَدُّ وَلَمْ يَثْبُتْ الزِّنَا) عَلَى الْمَقْذُوفِ (بِحَلِفِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِعَدْلَيْنِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (وَكَذَلِكَ) لَهُ (تَحْلِيفُ وَارِثِ الْمَقْذُوفِ) أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ زَنَى (إنْ طَالَبَهُ) بِالْحَدِّ كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ (وَيَثْبُتُ) بِالْيَمِينِ (الْمَرْدُودَةِ) فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ (الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ كَمَا فِي السَّرِقَةِ) هَذِهِ الْإِحَالَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْوَجْهُ تَرْكُهَا لِأَنَّ الَّذِي مَرَّ ثَمَّ ثُبُوتُ الْقَطْعِ أَيْضًا وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَا فِيهِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا هُنَا لِأَنَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (وَإِنْ) أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا وَقُلْنَا لَا يَجِبُ التَّفْصِيلُ فِي الْإِقْرَارِ وَادَّعَى شُبْهَةً كَأَنْ (وَطِئَ أَمَةَ أَبِيهِ وَقَالَ ظَنَنْتُهَا تَحِلُّ) لِي (وَأَمْكَنَ) مَا قَالَهُ (وَحَلَفَ) عَلَيْهِ (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ (وَلَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ حُدَّ وَهُوَ مُشْكِلٌ (وَلَا يَحْلِفُ مُدَّعِي الصِّبَا إنْ احْتَمَلَ بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْلُغَ) وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ فِي وَقْتِ احْتِمَالِهِ قُبِلَ لِأَنَّ حَلِفَهُ يُثْبِتُ صِبَاهُ وَصِبَاهُ يُبْطِلُ حَلِفَهُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالُ تَحْلِيفِهِ (إلَّا كَافِرًا) وَقَعَ فِي السَّبْيِ (أُنْبِتَ) أَيْ نَبَتَتْ عَانَتُهُ (وَقَالَ اسْتَعْجَلْتُهُ) أَيْ الْإِنْبَاتَ بِالْعِلَاجِ (فَيَحْلِفُ لِسُقُوطِ الْقَتْلِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِنْبَاتَ عَلَامَةٌ لِلْبُلُوغِ وَاسْتَشْكَلَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَدَّعِي الصِّبَا لَكِنْ اعْتَمَدُوا فِي تَحْلِيفِهِ الْإِنْبَاتَ وَقَالُوا كَيْفَ يُتْرَكُ الدَّلِيلُ الظَّاهِرُ بِزَعْمٍ مُجَرَّدٍ. (وَحُكِمَ بِرِقِّهِ) كَسَائِرِ الصِّبْيَانِ الْمَسْبِيِّينَ (وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (قُتِلَ) قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَهُوَ حُكْمٌ بِالنُّكُولِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا بَلْ لِدَلِيلِ الْبُلُوغِ دُونَ دَافِعٍ (وَلَا يَحْلِفُ فِي الدَّعْوَى) بِحَقٍّ (عَلَى مَيِّتٍ وَصِيٌّ غَيْرُ وَارِثٍ) لَهُ لِأَنَّ مَقْصُودَ التَّحْلِيفِ الْإِقْرَارُ وَهُوَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ (وَكَذَا قَيِّمُ الْقَاضِي) لَا يَحْلِفُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا وَارِثَيْنِ فَيَحْلِفَانِ بِحَقِّ الْوِرَاثَةِ وَهَذَا فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِتَصَرُّفِهِمَا بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فِي الْوَلِيِّ (وَيَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ فِي غَيْبَةِ الْخَصْمِ) لَكِنَّ الِاحْتِيَاطَ حُضُورُهُ قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ (وَيُكْتَفَى فِيهَا) أَيْ الْوَكَالَةِ أَيْ إثْبَاتِهَا (بِعِلْمِ الْقَاضِي) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ لِلْقَاضِي وَإِلَّا فَلَا (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي فَائِدَةِ الْيَمِينِ) وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا (وَهِيَ قَطْعُ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ) لَا سُقُوطُ حَقِّ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ رَجُلًا بَعْدَمَا حَلَفَ بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ كَأَنَّهُ عَرَفَ كَذِبَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصُحِّحَ إسْنَادُهُ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» فَلَمْ يَجْعَلْ الْيَمِينَ مُبَرِّئَةً فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ (وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ بِهَا وَإِنْ نَفَاهَا الْمُدَّعِي حِينَ الْحَلِفِ كَأَنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي حَاضِرَةً وَلَا غَائِبَةً لِمَا ذُكِرَ وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَنَكَلَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّ نُكُولَهُ لِلتَّوَرُّعِ عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَرَّأُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ الْوَدِيعَةَ لَمْ يُؤَثِّرْ فَإِنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ (وَمَنْ كَذَّبَ شُهُودَهُ سَقَطَتْ بَيِّنَتُهُ) لِتَكْذِيبِهِ لَهَا (لَا دَعْوَاهُ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُحِقًّا فِيهَا وَالشُّهُودُ مُبْطَلِينَ بِشَهَادَتِهِمْ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ وَفِي مِثْلِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] (وَلَوْ أَقَامَ خَصْمُهُ شَاهِدًا أَنَّهُ كَذَّبَ شُهُودَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ) مَعَهُ (لِيَجْرَحَ الشُّهُودَ لَمْ يُمَكَّنْ) مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حِينَئِذٍ الطَّعْنُ فِي الشُّهُودِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمَالٍ (وَلَوْ أَقَامَ) الْمُدَّعِي (شَاهِدَيْنِ بِمِلْكٍ) ادَّعَاهُ (وَكَانَا قَدْ اشْتَرَيَاهُ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلَا) لِلتُّهْمَةِ. (وَلَوْ شَهِدَا) لِشَخْصٍ (بِمِلْكٍ فَقَامَتْ) عَلَيْهِمَا (بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِمَا حِينَ تَصَدَّيَا لِلشَّهَادَةِ أَنْ لَا شَهَادَةَ مَعَهُمَا) بِذَلِكَ (رُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا (أَوْ) قَامَتْ (بِأَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَقَرَّ أَنَّ شَاهِدَيْهِ شَرِبَا خَمْرًا وَقْتَ كَذَا وَقَصُرَتْ الْمُدَّةُ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ (رُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ فِي الْأُولَى بِإِقْرَارِهِمَا بِمَا ذَكَرَ قَبْلَ تَصَدِّيهِمَا لِلشَّهَادَةِ أَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فِي الثَّانِيَةِ (فَلَا) تُرَدُّ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ لِأَنَّ الَّذِي مَرَّ ثُبُوتُ الْقَطْعِ أَيْضًا) عِبَارَتُهُ ثُمَّ فَلَوْ نَكَلَ السَّارِقُ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي لَمْ يُقْطَعْ وَهُوَ مَا عَزَاهُ إلَيْهِ تِلْمِيذُهُ الْفَتَى (قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا بَلْ لِدَلِيلِ الْبُلُوغِ دُونَ دَافِعٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا قَيَّمَ الْقَاضِي وَمُنْكِرُ الْوَكَالَةِ) أَيْ مُنْكِرُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَكِيلُ صَاحِبِ الْحَقِّ وَالسَّفِيهُ فِي إتْلَافِ الْمَالِ وَمُنْكِرُ الْعِتْقِ إذَا ادَّعَى عَلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ فَأَقَرَّ بِالْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِلْعَبْدِ إذَا لَوْ رَجَعَ لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يَغْرَمْ وَإِذَا ادَّعَتْ الْجَارِيَةُ الْوَطْءَ وَأُمِّيَّةَ الْوَلَدِ أَيْ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ فَالصَّحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَإِذَا ادَّعَى مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ ظَاهِرًا مُسْقِطًا فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ إيجَابًا عَلَى الْأَظْهَرِ وَالدَّعْوَى بِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِهَا فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِوُقُوعِهِ نَعَمْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْفُرْقَةِ إنْ ادَّعَتْهَا وَلَوْ ادَّعَى عَلَى قَاضٍ أَنَّهُ زَوَّجَهُ امْرَأَةً وَهِيَ مَجْنُونَةٌ وَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَلَوْ طَالَبَ الْإِمَامُ السَّاعِيَّ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَقَالَ لَمْ آخُذْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا وَأَنَّ أَبَاهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَرَامَ تَحْلِيفِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَمْرو فَادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ لِعَمْرٍو فَأَنْكَرَ وَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يَحْلِفْ وَلَوْ ثَبَتَ لَهُ مَالٌ عَلَى غَائِبٍ فَادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ بِيَدِهِ أَعْيَانًا لِلْغَائِبِ وَطَلَبَ الْوَفَاءَ مِنْ ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا وَفَّاهُ الْحَاكِمُ مِنْهَا وَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ وَلَا تُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) أَيْ وَالنَّسَائِيُّ (قَوْلُهُ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ) مِثْلُ الْبَيِّنَةِ: الشَّاهِدُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا صَرَّحُوا فِي الشَّهَادَاتِ، وَكَتَبَ أَيْضًا تَنَاوَلَ إطْلَاقُهُ الْحُجَّةَ الْكَامِلَةَ وَكَذَا الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ إذَا حَلَفَ مَعَهُ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُ وَغَلَّظَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْضُ الْمُصَنَّفِينَ ر (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ أَجَابَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 403 شَهَادَتُهُمَا إذْ لَا مَانِعَ وَلَوْ حَذَفَ رُدَّتْ الْأُولَى كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ) شَهِدَا بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بِمَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ وَ (لَمْ يُعَيِّنَا) فِي شَهَادَتِهِمَا بِالْإِقْرَارِ بِالشُّرْبِ أَنَّ الْمُقِرَّ عَيَّنَ (وَقْتًا) لِلشُّرْبِ (سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ وَعُمِلَ بِمَا يَقْتَضِيهِ) تَعْيِينُهُ (وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى خَصْمِهِ ثُمَّ قَالَ) لِلْقَاضِي (لَا تَحْكُمْ بِبَيِّنَتِي حَتَّى تُحَلِّفَهُ) بَطَلَتْ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ كَالْمُعْتَرِفِ بِأَنَّهَا مِمَّا لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا (قَالَ النَّوَوِيُّ قُلْت) هَذَا مُشْكِلٌ فَقَدْ يَقْصِدُ تَحْلِيفَهُ لِيُقِيمَ بَعْدَهُ الْبَيِّنَةَ وَيُظْهِرَ إقْدَامَهُ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِدِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي قَدْحًا فِي الْبَيِّنَةِ فَحِينَئِذٍ (يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ) بَيِّنَتُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا كَلَامُ مَنْ سَبَقَ فَهْمُهُ إلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَهِيَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا قَالَهُ بَعْدَهَا فَتَبْطُلُ بِمَا أَيَّدَاهُ مِنْ الْفَائِدَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيِّنَةِ إنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَفِيهِ خَلَلٌ وَاَلَّذِي فِيهَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي الْبَيِّنَةِ انْتَهَى وَمَعَ ذَلِكَ فَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بَاقٍ بِحَالِهِ (وَلَوْ قَالَ) الْخَصْمُ (لِلْقَاضِي قَدْ حَلَّفْتنِي لَهُ) مَرَّةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ بِطَلَبِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفِي (وَلَمْ يَذْكُرْ) الْقَاضِي تَحْلِيفَهُ (حَلَّفَهُ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَاضِيَ مَتَى تَذَكَّرَ حُكْمَهُ أَمْضَاهُ وَإِلَّا فَلَا يَعْتَمِدُ بَيِّنَةً (فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِلْقَاضِي (قَدْ حَلَّفَنِي عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ) أَوْ أَطْلَقَ (فَحَلِّفْهُ) أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي (مُكِّنَ) مِنْهُ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ وَقَوْلِي أَوْ أَطْلَقَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يَسْتَفْسِرُهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ قَدْ يُحَلِّفُهُ وَيَظُنُّ أَنَّهُ كَتَحْلِيفِ الْقَاضِي لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ خَصْمُهُ لَا يَتَفَطَّنُ لِذَلِكَ (وَلَا يَسْمَعُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّعِي) بِأَنْ قَالَ لَا أَحْلِفُ فَقَدْ حَلَّفَنِي عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ أَنَّنِي مَا حَلَّفْته فَحَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ (فَإِنْ) أَقَامَ بَيِّنَةً تَخَلَّصَ عَنْ الْخُصُومَةِ وَإِنْ (اسْتَمْهَلَ فِي) إقَامَةِ (الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ عَلَى قِيَاسِ الْبَيِّنَاتِ الدَّوَافِعِ (فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ ثُمَّ يُطَالِبُهُ) بِالْحَلِفِ وَقَوْلُ الْأَصْلِ ثُمَّ يُطَالَبُ بِالْمَالِ سَبْقُ قَلَمٍ لِأَنَّ دَعْوَى الْمَالِ تَقَدَّمَتْ وَلَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ مَالٌ بَعْدُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ. (وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الرَّدِّ) وَسَقَطَتْ الدَّعْوَى (لَا يَمِينَ الْأَصْلِ إلَّا بِدَعْوَى أُخْرَى) لِأَنَّهُمَا الْآنَ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى الْأُولَى قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتَحَقَّ انْتَهَى وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَرْدُودٌ إذْ لَا وَجْهَ لِإِبْطَالِ الدَّعْوَى الْأُولَى بِالْعَارِضِ الَّذِي زَالَ حُكْمُهُ وَلِي بِمَا قَالَهُ أُسْوَةٌ (وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى شَخْصٍ (مَالًا فَحَلَفَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ) إلَيْهِ (ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَاهُ) عَلَيْهِ (وَقَالَ) لَهُ حَلَفْت يَوْمَئِذٍ لِأَنَّك (كُنْت مُعْسِرًا) لَا يَلْزَمُك تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيَّ (وَالْيَوْمَ يَلْزَمُك) لِأَنَّك قَدْ أَيْسَرْت (سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ لِإِمْكَانِهَا وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَا لَمْ تَتَكَرَّرْ) فَإِنْ تَكَرَّرَتْ لَمْ تُسْمَعْ لِظُهُورِ تَعَنُّتِهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (تَأْخِيرُ الْيَمِينِ) أَيْ يَمِينُ خَصْمِهِ وَتَحْلِيفِهِ إيَّاهَا (بِالدَّعْوَى السَّابِقَةِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ مِنْهَا (وَلَغَتْ يَمِينُ) الْخَصْمِ (قَبْلَ طَلَبِ الْمُدَّعِي) لَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ لَا تَلْغُو إذَا حَلَّفَهُ الْقَاضِي لِكَوْنِهِ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ أَنَّهُ يُرِيدُ التَّحْلِيفَ وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ لِجَهْلٍ أَوْ عِيٍّ (وَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْيَمِينِ (لَمْ يُحَلِّفْهُ إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى) لِسُقُوطِ حَقِّهِ مِنْهَا فِي الدَّعْوَى الْأُولَى قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ الْآتِي بَيَانُهُ فِي نُكُولِ الْمُدَّعِي عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْمَرَاوِزَةِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَسُوغُ لَهُ الدَّعْوَى ثَانِيًا انْتَهَى وَيَفْرُقُ بِأَنَّ إبْرَاءَهُ عَنْ الْيَمِينِ لَا يَقْتَضِي إسْقَاطَ الْحَقِّ فَسَاغَ لَهُ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى بِهِ بِخِلَافِ نُكُولِهِ عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ فِيمَا يَأْتِي ثَمَّ (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي النُّكُولِ) (لَا يُقْضَى لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (بِنُكُولِ خَصْمِهِ) عَنْ الْيَمِينِ (بَلْ يَرُدُّهَا الْقَاضِي عَلَيْهِ) لِيَحْلِفَ لِتَحَوُّلِ الْحَلِفِ إلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَلِأَنَّ نُكُولَ الْخَصْمِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَوَرُّعًا عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَحَرُّزًا عَنْ الْكَاذِبَةِ فَلَا يُقْضَى بِهِ مَعَ التَّرَدُّدِ فَرُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي (وَيَعْرِفُ اسْتِحْقَاقَهُ بِهَا) لِمَا ادَّعَاهُ (إنْ جَهِلَ) تَحَوُّلَهَا إلَيْهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ بِهَا. (فَإِنْ حَلَفَ بَعْدَ أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي لَا قَبْلَهُ قُضِيَ لَهُ) وَإِنَّمَا يُرَدُّ الْيَمِينُ إذَا كَانَ الْحَقُّ لِمُعَيَّنٍ وَالنُّكُولُ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي (احْلِفْ أَوْ قُلْ وَاَللَّهِ) أَوْ بِاَللَّهِ (لَا) أَنْ يَقُولَ لَهُ (أَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ فَيَقُولُ لَا أَوْ يَقُولُ أَنَا نَاكِلٌ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ إلَخْ) لَفْظُهَا إذَا قَالَ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ وَطَلَبَ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ عَلَى الْحَاكِمِ تَحْلِيفُهُ قَالَ الْقَفَّالُ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ تَحْلِيفُهُ بَلْ يَقُولُ احْضِرْ الْبَيِّنَةَ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ حَاضِرَةً أَيْ فِي الْمَجْلِسِ فَقَالَ حَلِّفْهُ لَعَلَّهُ يُقِرَّ فَلَا يَجُوزُ وَجْهًا وَاحِدًا وَكَذَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً فَقَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ قَالَ لَا تَحْكُمُ بِشَيْءٍ حَتَّى تُحَلِّفَهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ بَيِّنَتَهُ بَاطِلَةٌ قُلْت وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ لَا تَحْكُمُ بِشَيْءٍ حَتَّى تُحَلِّفَهُ لَا يَقْدَحُ فِي الْبَيِّنَةِ غ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْأَصْلِ ثُمَّ يُطَالِبُ بِالْمَالِ سَبْقِ قَلَمٍ) لَيْسَ بِسَبْقِ قَلَمٍ بَلْ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ إذْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ عُهْدَةِ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ حَلَّفَنِي الْمُدَّعِي مَرَّةً (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْمَرَاوِزَةِ) وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَاهُ [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي النُّكُولِ فِي الْيَمِينِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي النُّكُولِ) (قَوْلُهُ أَنَا نَاكِلٌ أَوْ نَكَلَتْ) فَلَوْ قَالَ لَا أَحْلِفُ وَأَعْطَى الْمَالَ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُدَّعِي الْقَبُولُ مِنْ غَيْرِ إقْرَارِهِ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَدَّعِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ نَكَلَ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي الْحَلِفَ فَقَالَ لَا تَحْلِفْ وَأَنَا أُعْطِيك الْمَالَ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ اسْتِرْدَادَهُ فَيَقُولُ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ تُقِرَّ بِالْحَقِّ أَوْ حَلِفَ الْمُدَّعِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 404 فَقَوْلُهُ هَذَا بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ نُكُولٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ نُكُولًا بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ أَتَحْلِفُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي اسْتِخْبَارٌ لَا اسْتِحْلَافٌ وَلِهَذَا لَوْ بَدَرَ الْخَصْمُ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ وَحَلَفَ لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَا نَاكِلٌ بَعْدَ الْحَلِفِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالسُّكُوتُ) عَنْ الْحَلِفِ بَعْدَ الِاسْتِحْلَافِ (لَا لِدَهْشٍ وَنَحْوِهِ) كَغَبَاوَةٍ (نُكُولٌ) كَمَا أَنَّ السُّكُوتَ عَنْ الْجَوَابِ فِي الِابْتِدَاءِ إنْكَارٌ هَذَا (مَعَ الْحُكْمِ بِهِ) لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ رَدَّ الْيَمِينِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالنُّكُولِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ وَبِخِلَافِ سُكُوتِ الدَّهْشِ أَوْ نَحْوِهِ لَيْسَ نُكُولًا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّهُ نُكُولٌ (وَقَوْلُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي احْلِفْ حُكْمٌ بِنُكُولِهِ) أَيْ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِنُكُولِ خَصْمِهِ فِي سُكُوتِهِ (وَيُسْتَحَبُّ عَرْضُهَا) أَيْ الْيَمِينِ (عَلَى النَّاكِلِ ثَلَاثًا وَ) عَرْضُهَا (عَلَى سَاكِتٍ) عَنْهَا (آكَدُ) مِنْ عَرْضِهَا عَلَى النَّاكِلِ (وَيُبَيَّنُ حُكْمُ النُّكُولِ لِجَاهِلٍ) بِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ إنْ نَكَلْت عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ مِنْك الْحَقَّ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَحُكِمَ) بِنُكُولِهِ (نَفَذَ) حُكْمُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْ حُكْمِ النُّكُولِ وَقَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ أَيْ نَدْبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُمَا لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ بِالْوُجُوبِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ. وَمَعَ ذَلِكَ صَرَّحَ هُوَ وَالْغَزَالِيُّ بِنُفُوذِ الْحُكْمِ عِنْدَ تَرْكِهِ (وَلَهُ) بَعْدَ نُكُولِهِ (الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِنُكُولِهِ وَإِنْ هَرَبَ وَعَادَ) فَإِنْ حُكِمَ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا بِأَنْ قَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ بِغَيْرِ رِضَا الْمُدَّعِي قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدُ احْلِفْ فَهَلْ هُوَ كَمَا قَالَ احْلِفْ وَجْهَانِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَقَرَّ بِهِمَا نَعَمْ بَلْ نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَلَوْ رَضِيَّ الْمُدَّعِي بِحَلِفِهِ بَعْدَ النُّكُولِ جَازَ) لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا (لَكِنْ إنْ نَكَلَ) عَنْ الْحَلِفِ (لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي) يَمِينَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِرِضَاهُ بِيَمِينِ الْخَصْمِ (فَصْلٌ إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ اسْتَحَقَّ) مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ فَائِدَةُ الرَّدِّ (وَنُكُولُ خَصْمِهِ مَعَ يَمِينِهِ كَإِقْرَارِهِ) لَا كَالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِنُكُولِهِ إلَى الْحَقِّ فَأَشْبَهَ إقْرَارَهُ بِهِ فَيَجِبُ الْحَقُّ بِفَرَاغِ الْمُدَّعِي مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى حُكْمٍ كَالْإِقْرَارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَا تُسْمَعُ) بَعْدَ ذَلِكَ (بَيِّنَتُهُ بِأَدَاءٍ وَنَحْوِهِ) كَإِبْرَاءٍ وَاعْتِيَاضٍ لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِإِقْرَارِهِ هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ شَيْءٌ انْفَرَدَ بِهِ الْقَاضِي وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَصَحُّ سَمَاعُهَا لِأَنَّ قَوْلَنَا أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ وَالْبَيِّنَةُ تَشْهَدُ بِأَمْرٍ تَحْقِيقِيٍّ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْخَامِسِ عَلَى الصَّوَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ انْتَهَى وَسَيَأْتِي جَوَابُهُ ثَمَّ (وَامْتِنَاعُ الْمُدَّعِي عَنْ) الْيَمِينِ (الْمَرْدُودَةِ) بِلَا عُذْرٍ (نُكُولٌ) عَنْهَا (يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ) بِحَقِّهِ (وَ) مِنْ (الْيَمِينِ وَلَا يَنْفَعُهُ) بَعْدَ ذَلِكَ (إلَّا الْبَيِّنَةَ) وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَجْدِيدِ الدَّعْوَى وَتَحْلِيفِ خَصْمِهِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْخَصْمُ وَلِئَلَّا يَتَكَرَّرَ دَعْوَاهُ فِي الْقَضِيَّةِ الْوَاحِدَةِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْبَغَوِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْهَرَوِيِّ وَالرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ. وَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى خَصْمِهِ إذْ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ لَا تُرَدُّ لِأَنَّا لَوْ رَدَدْنَاهَا لَأَدَّى إلَى الدَّوْرِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَيْثُ امْتَنَعَ سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْ سَبَبِ امْتِنَاعِهِ بِخِلَافِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالسُّكُوتُ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ مُطْلَقِ السُّكُوتِ وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ سُكُوتِهِ زَمَنٌ يَسَعُ قَوْلَهُ لَا أَحْلِفُ أَوْ أَنَا نَاكِلٌ (قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ صَرَّحَ هُوَ وَالْغَزَالِيُّ بِنُفُوذِ حُكْمِهِ عِنْدَ تَرْكِهِ) فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ مَحَلَّ الِاحْتِمَالَيْنِ مَعَ عِلْمِ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي حُكْمَ النُّكُولِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنَّ مَحَلَّهُمَا عِنْدَ جَهْلِ الْقَاضِي بِحَالِهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَصَحُّ عِنْدَنَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُقْدِمُ عَلَى الْحُكْمِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَدْرِي أَنَّ امْتِنَاعَهُ يُوجِبُ رَدَّ الْيَمِينِ بَلْ عَلَى الْقَاضِي إعْلَامُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ وَحَكَمَ بِنُكُولِهِ لَمْ يُنَفَّذْ حُكْمُهُ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَدْرِي فَفِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يُنَفَّذُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إزَالَةَ الْمُحْتَمَلِ بِإِظْهَارِ حُكْمِ النُّكُولِ. اهـ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِنُكُولِهِ) كَأَنْ يَقُولَ جَعَلْتُك نَاكِلًا أَوْ نَكَّلْتُك بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِذَا قِيلَ لَهُ احْلِفْ إلَخْ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ [فَصْلٌ حَلَفَ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ] (قَوْلُهُ وَنُكُولُ خَصْمِهِ مَعَ يَمِينِهِ كَإِقْرَارِهِ) لِأَنَّ النُّكُولَ صَدَرَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهِ وَضَعَّفَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُقَابِلَهُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ زَنَيْت فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ فَحَلَفَ الْقَاذِفُ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَقْذُوفِ حَدُّ الزِّنَا وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ سَرَقْت فَنَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَجَبَ الْمَالُ وَلَا قَطْعَ وَلَوْ كَانَتْ كَالْبَيِّنَةِ لَحُدَّ فِي الصُّورَتَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ وَيُجْعَلُ نُكُولُهُ رُجُوعًا (قَوْلُهُ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِأَدَاءٍ وَنَحْوِهِ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ إلَى أَنَّ التَّصْوِيرَ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فَرَدَّ لِمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَحَلَفَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ أَفْتَى بِهِ عُلَمَاءُ الْعَصْرِ. اهـ. وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ سَمَاعِهَا) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَامْتِنَاعُ الْمُدَّعِي عَنْ الْمَرْدُودَةِ نُكُولٌ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ حَلِفُ الْمُدَّعِي يُثْبِتُ لَهُ حَقًّا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ يُسْقِطُ حَقًّا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَلَهُ يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُطَالَبَةُ خَصْمِهِ بِالْحَقِّ الَّذِي ادَّعَى بِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَقَالَ أَقَبَّضْته لَهُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ فَإِنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ. وَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ أَيْضًا وَهُوَ الْمُدَّعِي لِلْقَبْضِ فَالصَّحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الشَّرِكَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُلْزَمُ بِالْأَلْفِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِلُزُومِ الْمَالِ بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاءَ ثَانِيهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ حَقٌّ لِلَّهِ مُؤَكَّدٌ يَسْقُطُ عَنْ الْمُدَّعِي بِحَلِفِهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْقُطْ بِنُكُولِ الْمُدَّعِي كَمَا إذَا وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ وَلَدْت ثُمَّ طَلَّقْتُك وَقَالَتْ وَلَدْت بَعْدَ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ نَكَلَتْ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 405 الْخَصْمِ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ يُثْبِتُ لِلْمُدَّعِي حَقَّ الْحَلِفِ وَالْحُكْمِ بِيَمِينِهِ فَلَا يُؤَخَّرُ حَقُّهُ بِالْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ وَامْتِنَاعُ الْمُدَّعِي لَا يُثْبِتُ حَقًّا لِغَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّ السُّؤَالُ (وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ) عَنْهَا (بَلْ قَالَ عِنْدِي بَيِّنَةٌ) أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَهَا (أَوْ) قَالَ (اُنْظُرْ فِي حِسَابِي أَوْ نَحْوِهِ) كَأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ الْفُقَهَاءَ (أُمْهِلَ ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ فَقَطْ لِئَلَّا تَطُولَ مُدَافَعَتُهُ وَيُفَارِقُ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيِّنَةِ أَبَدًا لِأَنَّهَا قَدْ لَا تُسَاعِدُهُ وَلَا تَحْضُرُ وَالْيَمِينُ إلَيْهِ وَهَلْ هَذَا الْإِمْهَالُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَجْهَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَإِذَا أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثَةً فَأَحْضَرَ شَاهِدًا بَعْدَهَا وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِيَأْتِيَ بِالشَّاهِدِ الثَّانِي أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثَةً أُخْرَى (فَإِنْ عَادَ) بَعْدَ مُدَّةٍ (لِيَحْلِفَ مُكِّنَ) مِنْهُ (فَإِنْ نَسِيَ الْقَاضِي نُكُولَ خَصْمِهِ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً (بِهِ وَحَلَفَ وَكَذَا) لَهُ إثْبَاتُهُ (عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ) وَيَحْلِفُ (وَلَا يُمْهَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي طَلَبِ حَقِّهِ وَتَأْخِيرِهِ. (نَعَمْ يُمْهَلُ) بِطَلَبِهِ الْإِمْهَالَ (فِي) ابْتِدَاءِ (الْجَوَابِ) لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ أَوْ نَحْوَهُ (إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي) عِبَارَةُ الْأَصْلِ إنْ شَاءَ أَيْ الْمُدَّعِي فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي هُوَ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ (ثُمَّ يَحْلِفُ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى كَمَا لَوْ حَضَرَ مُوَكِّلُ الْمُدَّعِي) بَعْدَ نُكُولِ الْخَصْمِ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى (وَنُكُولُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ كَنُكُولِهِ عَنْ) الْيَمِينِ (الْمَرْدُودَةِ) فِيمَا مَرَّ (فَإِنْ قَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ) أَنْتَ (سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحْلِفَ (إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) وَإِقَامَةُ الشَّاهِدِ هَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا بَيِّنَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَرْجِيحَهُ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْخَصْمُ الْمَرْدُودَةَ وَإِلَّا انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ وَلَا كَلَامَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْكَلْ عَنْهَا وَإِلَّا حَلَفَ أَيْ الْمُدَّعِي عَلَى الْأَصَحِّ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ الْقَسَامَةِ انْتَهَى وَفِي هَذَا الْأَخِيرِ وَقْفُهُ (فَصْلٌ) مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي هُوَ الْأَصْلُ لَكِنْ (قَدْ يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ) وَذَلِكَ فِي صُوَرٍ (كَمَا إذَا غَابَ ذِمِّيٌّ) ثُمَّ عَادَ (وَادَّعَى الْإِسْلَامَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ) حَتَّى يَسْقُطَ عَنْهُ قِسْطُ الْجِزْيَةِ وَادَّعَى عَامِلُهَا إسْلَامَهُ بَعْدَهَا حَتَّى يُلْزِمَهُ تَمَامَهَا فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ (وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَقُلْنَا بِوُجُوبِهَا) عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (طُولِبَ بِتَمَامِ الْجِزْيَةِ وَلَيْسَ) ذَلِكَ (قَضَاءً بِالنُّكُولِ بَلْ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ) فَإِنْ لَمْ يَغِبْ وَادَّعَى ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَكْتُمُهُ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِهَا فَلَا يُطَالَبُ بِذَلِكَ (وَكَوَلَدٍ مُرْتَزِقٍ ادَّعَى بُلُوغًا بِاحْتِلَامٍ) وَطَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ (وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا يَثْبُتُ اسْمُهُ) فِيهِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ بُلُوغُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَهُ وَاجِبَةٌ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ (وَكَمُرَاهِقٍ حَضَرَ الْوَقْعَةَ وَادَّعَى احْتِلَامًا) وَطَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتَلَةِ (وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا يُسْهَمُ لَهُ) بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَلَيْسَ مَا ذُكِرَ فِيهِمَا قَضَاءً بِالنُّكُولِ بَلْ لِأَنَّ الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ تُوجَدْ. (وَكَمُتَّهَمٍ بِمَالِ مَيِّتٍ وَارِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ) فَإِنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ وَنَكَلَ (حُبِسَ لِيَحْلِفَ) عَلَى نَفْيِهِ فَيُعْرَضُ عَنْهُ (أَوْ يَقِرَّ) بِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ الْجِزْيَةِ حَيْثُ حُكِمَ فِيهَا بِالْمَالِ فَإِنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِيهَا أَصْلٌ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ فَأَخَذْنَا بِالْأَصْلِ وَهُنَا لَا مُسْتَنَدَ إلَّا النُّكُولُ وَالنُّكُولُ الْمَحْضُ لَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ (وَكَذَا قُيِّمَ وَقْفٌ وَمَسْجِدٌ إذَا) ادَّعَى لَهُمَا شَيْئًا وَ (نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يَقِرَّ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامٌ الْأَصْلِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ قُبَيْلَهُ أَنَّهُ كَالْوَلِيِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَكَوَصِيِّ مَيِّتٍ ادَّعَى عَلَى الْوَارِثِ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَنَكَلَ) فَإِنَّهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يَقِرَّ وَقِيلَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْمَالُ وَقِيلَ يُتْرَكُ لَكِنْ يَأْثَمُ إنْ كَانَ مُعَانِدًا وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى وَلِيِّ صَبِيٍّ أَوْ نَحْوِهِ بِشَيْءٍ عَلَى مُوَلِّيهِ فَأَنْكَرَ أَوْ ادَّعَى هُوَ شَيْئًا لِمُوَلِّيهِ عَلَى غَيْرِهِ فَنَكَلَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَهَلْ الْإِمْهَالُ وَاجِبٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلَهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ إنْ شَاءَ أَيْ الْمُدَّعِي إلَخْ) لَا فَائِدَةَ فِي تَفْسِيرِهِ بِالْمُدَّعِي لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ الطَّلَبَ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي هُوَ بِحَسْبِ مَا فَهِمَهُ جَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَهُوَ وَاضِحٌ وَأَمَّا مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَعِبَارَةُ الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو سَعْدٍ إنَّ الْحَاكِمَ يَمْهِلُهُ لِآخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ رَآهُ. اهـ. وَحَكَى شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ فِيمَا إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَقَالَ أَمْهِلْنِي فَإِنَّ لِي بَيِّنَةً أُقِيمُهَا أَوْ أَنْظُرُ فِي حِسَابِي أَنَّهُ يُمْهِلُ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي. اهـ. وَقَالَ فِي التَّعْلِيقَةِ عَلَى الْحَاوِي وَالْبَارِزِيِّ إنْ شَاءَ الْقَاضِي وَلَا يُزَادُ إلَّا إذَا رَضِيَ الْمُدَّعِي وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) الرَّاجِحُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحْلِفَ إلَّا بِتَجْدِيدِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ. اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَرْجِيحِهِ الْعَوْدُ لِلْحَلِفِ هُنَا وَتَرْجِيحُ عَدَمِ عَوْدِهِ لِلْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ) وَقَالَ الْهَرَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَدَّدَ دَعْوَى جَازَ لَهُ الْحَلِفُ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْخَصْمُ الْمَرْدُودَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْكُلْ عَنْهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) وَهُوَ وَاضِحٌ. [فَصْلٌ تَعَذَّرَ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّ الْحُقُوقَ تَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ النُّكُولُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَا يُمْكِنُ رَدُّ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَلَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرَكِ الْحَقِّ فَتَعَيَّنَ لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 406 بِقَوْلِهِ (فَإِذَا لَمْ يُبَاشِرْ الْوَلِيُّ) وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا (التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ) كَإِتْلَافٍ مِنْ غَيْرِهِ (لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ دَفْعًا) وَلَا (إثْبَاتًا) لِأَنَّ الْحَقَّ لِمُوَلِّيهِ لَا لَهُ وَلَا هُوَ ثَابِتُ بِمُبَاشَرَتِهِ وَإِثْبَاتُ الْحَقِّ لِلشَّخْصِ بِيَمِينِ غَيْرِهِ بَعِيدٌ وَلَا يَقْضِي بِالنُّكُولِ (بَلْ يَكْتُبُ) أَيْ الْقَاضِي بِهِ وَبِمَا جَرَى (مَحْضَرًا وَيَنْظُرُ بُلُوغَ الصَّبِيِّ وَإِفَاقَةَ الْمَجْنُونِ) فَلَعَلَّهُمَا يَحْلِفَانِ أَمَّا إذَا بَاشَرَهُ كَأَنْ ادَّعَى بِثَمَنِ مَا بَاشَرَ بَيْعَهُ لِمُوَلِّيهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهِ زَوْجٌ وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ. اهـ. وَرَجَّحَ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ مَنْعَ التَّحْلِيفِ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ مَيْلِ الْأَكْثَرِينَ ثُمَّ قَالَ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفْصِيلِ وَقَدْ قَدَّمْت هَذَا مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الصَّدَاقِ فِي بَابِهِ وَالْوَكِيلُ كَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ (وَيَحْلِفُ السَّفِيهُ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَلِيُّهُ لَهُ إذَا نَكَلَ خَصْمُهُ (وَيَقُولُ) لَهُ (وَيَلْزَمُك التَّسْلِيمُ إلَى وَلِيِّي) وَلَا يَقُولُ إلَيَّ بِخِلَافِ وَلِيِّهِ فِي دَعْوَاهُ عَنْهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ لَفْظَةِ وَلِيِّي حَيْثُ قَالَ حَلَفَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ هَذَا الْمَالِ وَلَكِنْ لَا يَقُولُ إلَيَّ. (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْبَيِّنَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ) (الْأَوَّلُ فِي الْأَمْلَاكِ فَإِذَا ادَّعَيَا) أَيْ اثْنَانِ (عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً) مُطْلَقَتَيْ التَّارِيخِ أَوْ مُتَّفِقَتَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةٌ وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةٌ وَلَمْ يُقِرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَسْقُطَانِ وَكَأَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِمَا مَرَّ أَوَاخِرَ الْبَابِ الْأَوَّلِ (وَيَحْلِفُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (يَمِينًا) لِخَبَرِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَأَمَّا خَبَرُ الْحَاكِمِ «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعِيرٍ فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْبَعِيرَ كَانَ بِيَدِهِمَا فَأَبْطَلَ الْبَيِّنَتَيْنِ وَقَسَمَهُ بَيْنَهُمَا. وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «أَنَّ خَصْمَيْنِ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَتَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشُهُودٍ فَأَسْهَمَ بَيْنَهُمَا وَقَضَى لِمَنْ خَرَجَ لَهُ السَّهْمُ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ التَّنَازُعَ كَانَ فِي قِسْمَةٍ أَوْ عِتْقٍ (وَإِنْ أَقَرَّ) بِالْعَيْنِ (لِوَاحِدٍ) مِنْهُمَا (بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَتَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِهَا) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (أَوْ) أَقَرَّ لَهُ (قَبْلَ تَمَامِهَا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ تَمَامُهُمَا أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ (قُضِيَ لَهُ بِالْيَدِ وَإِنْ شَهِدَتْ كُلٌّ) مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ (بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ الْعَيْنِ لِمَنْ أَقَامَهَا (وَهِيَ بِيَدِهِمَا فَكُلٌّ تُرَجَّحُ بَيِّنَتُهُ فِيمَا فِي يَدِهِ لَكِنْ يُعِيدُ) الْمُدَّعِي (الْأَوَّلُ) مِنْهُمَا (بَيِّنَتَهُ) لِلنِّصْفِ الَّذِي بِيَدِهِ (لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ ثُمَّ تَبْقَى) الْعَيْنُ (فِي يَدِهِمَا) كَمَا كَانَتْ إذْ لَا مُسْتَحِقَّ لَهَا غَيْرُهُمَا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (وَإِنْ أَثْبَتَ كُلٌّ) مِنْهُمَا أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِمَا فِي يَدِ الْآخَرِ فَقَطْ حُكِمَ لَهُ) بِهِ (وَبَقِيَتْ) أَيْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِمَا (أَيْضًا وَحَيْثُ لَا بَيِّنَةَ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (تَبْقَى) الْعَيْنُ (فِي يَدِهِمَا) أَيْضًا (سَوَاءٌ حَلَفَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (لِلْآخَرِ أَوْ نَكَلَا) الْأَوْلَى أَوْ نَكَلَ (وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ إذَا أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْعَيْنِ (أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ) فَيُقْضَى لَهُ بِجَمِيعِهَا سَوَاءٌ أَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِجَمِيعِهَا أَمْ بِالنِّصْفِ الَّذِي بِيَدِ الْآخَرِ. (وَمَنْ حَلَفَ) مِنْهُمَا (ثُمَّ نَكَلَ صَاحِبُهُ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ) وَرَغِبَ الْآخَرُ فِي الْيَمِينِ (كَفَى الْآخَرَ يَمِينٌ) وَاحِدَةٌ (لِلنَّفْيِ) لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ (وَالْإِثْبَاتُ) لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ فَيَحْلِفُ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ لَا حَقَّ لِلْآخَرِ فِيهِ أَوْ يَقُولُ لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِي (وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً (بِدَارٍ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَثْبَتَ الْآخَرُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِنِصْفِهَا أَوْ ثُلُثِهَا تَعَارَضَتَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ مَيْلِ الْأَكْثَرِينَ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ بِأَنْ يُرَادَ بِمَا أَفْهَمُهُ كَلَامُهُ مِنْ حَلِفِ الْوَلِيِّ عَلَى مَا بَاشَرَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِهِ لَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمْت هَذَا مَعَ الْفَرْقِ إلَخْ) حَاصِلُهُ إنَّ مَا هُنَا حَلِفُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ وَمَا هُنَاكَ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هَكَذَا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامُ الْأَصْلِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالًا [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْبَيِّنَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْبَيِّنَةِ) (قَوْلُهُ فِي يَدِ تَالِفٍ) أَوْ لَا يَدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا خَبَرُ الْحَاكِمِ) أَيْ وَابْنِ حِبَّانَ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَتْ كُلٌّ بِالْكُلِّ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَصْوِيرُهَا بِأَنْ يَدَّعِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَمِيعَهَا وَكَذَا فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَحَمَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهَا كُلَّهَا لَهُ وَلَكِنَّ الدَّعْوَى لَا تَقَعُ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَّا بِالنِّصْفِ فَلَوْ ادَّعَى بِالْكُلِّ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ إلَّا بِالنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ غَرِيمِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَعَرُّضٌ لِقِيمَةٍ تَتَبَعَّضُ فَيُؤَدِّي تَبْعِيضُهَا إلَى الْجَهَالَةِ وَفِي الْمَطْلَبِ إذَا امْتَزَجَتْ الدَّعْوَى بِدَعْوَى الْمُعَارِضَةِ سُمِعَتْ فِي الْجَمِيعِ بِأَنْ يَقُولَ هَذِهِ الدَّارُ مِلْكِي وَأَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ نِصْفِهَا وَتَرْكِ الْمُنَازَعَةِ فِيهَا وَيَقُولُ الْآخَرُ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ عَلَيَّ بَلْ كُلُّ الدَّارِ مِلْكِي وَأَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ تَرْكَ الْمُنَازَعَةِ وَرَفْعِ يَدِهِ عَنْ نِصْفِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي الْكُلِّ، وَالنِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ غَرِيمِهِ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَمْ يَبْعُدْ وَقَوْلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَصْوِيرُهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُعِيدُ الْأَوَّلُ بَيِّنَتَهُ لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ آخِرَ هَذَا الْكَلَامِ يُنَافِي أَوَّلَهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَنَّهُ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالْكُلِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا وَقَدْ قَالَ آخَرُ إنَّهَا تُعَادُ وَالتَّحْقِيقُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَتَانِ إذَا أُقِيمَتَا مَعًا إلَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كُلِّ وَاحِدٍ فِيهِ خَارِجٌ فَيَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى إقَامَتِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ دَاخِلٌ فَإِنْ تَرَتَّبَتَا سُمِعَتْ بَيِّنَةُ السَّابِقِ فِيمَا هُوَ خَارِجٌ فِيهِ دُونَ مَا هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ وَبَيِّنَةُ الْمُتَأَخِّرِ مُطْلَقًا لِتَقَدُّمِ بَيِّنَةِ السَّابِقِ فِيمَا لِمُتَأَخِّرٍ دَاخِلٍ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ تَبْقَى فِي يَدِهِمَا كَمَا كَانَتْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ بِالْيَدِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا تَبْقَى بِالْبَيِّنَةِ الْقَائِمَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا الِاحْتِيَاجُ إلَى الْحَلِفِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَسَبَطَهُ وَصَوَّرَهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ يَدٌ عَلَيْهَا لَيْسَتْ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَأَنَّ صُورَتَهُ فِيمَا إذَا كَانَ عَقَارًا أَوْ مَتَاعًا مُلْقَى فِي الطَّرِيقِ وَلَيْسَا عِنْدَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 407 فِي النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ وَسَلَّمَ الْبَاقِي لِمُدَّعِي الْكُلِّ أَوْ) أَثْبَتَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ وَالدَّارُ (فِي يَدِهِمَا بَقِيَتْ بِيَدِهِمَا) كَمَا كَانَتْ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلْيُصَوَّرْ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَقَامَ مُدَّعِي الْكُلِّ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا لِأَنَّ الْآخَرَ لَا يَدَّعِي إلَّا النِّصْفَ وَهُوَ ذُو يَدٍ فِيهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ ذَا الْيَدِ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ فِي الِابْتِدَاءِ (وَإِنْ ادَّعَى زَيْدٌ نِصْفَ دَارٍ بِيَدِ رَجُلٍ فَصَدَّقَهُ وَادَّعَى عَمْرٌو النِّصْفَ الْآخَرَ فَكَذَّبَاهُ وَلَمْ يَدَّعِيَاهُ) لِنَفْسِهِمَا (نُزِعَ) مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ (وَحُفِظَ) إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ كَذَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ ذُهُولٌ عَمَّا صَحَّحَهُ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهِ كَمَا كَانَ لَكِنْ لَا تَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا بِيَدِهِ مِلْكُهُ وَمَا صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ بِمُزِيلٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لِغَيْرِهِ اسْتِحْقَاقٌ (فَرْعٌ دَارٌ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ وَكُلٌّ) مِنْهُمْ (يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ الْيَدِ فِي جَمِيعِهَا) وَلَا بَيِّنَةَ (إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ يَقُولُ النِّصْفُ مِلْكِي وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِفُلَانٍ) الْغَائِبِ (وَهُوَ فِي يَدِي عَارِيَّةٌ) أَوْ وَدِيعَةٌ (وَالثَّانِي كَذَلِكَ يَدَّعِي الْيَدَ فِي جَمِيعِهَا وَ) أَنَّ مَا (يَمْلِكُهُ مِنْهَا الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْغَائِبِ) وَهُوَ فِي يَدِي عَارِيَّةٌ أَوْ وَوَدِيعَةٌ (وَالثَّالِثُ كَذَلِكَ وَيَقُولُ مِلْكِي) مِنْهَا (السُّدْسُ وَالْبَاقِي لِلْغَائِبِ) وَهُوَ فِي يَدِي عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٌ (فَيَقِرُّ فِي يَدِ كُلٍّ) مِنْهُمْ (الثُّلُثُ) وَتَبْقَى فِي الدَّارِ فِي أَيْدِيهِمْ كَمَا كَانَتْ (لَكِنْ نِصْفُ الثُّلُثِ الَّذِي فِي يَدِ مُدَّعِي السُّدْسِ لِلْغَائِبِ) بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ لَهُ) مِنْهَا (مَا يَدَّعِيهِ) مِنْ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ (لَمْ يُعْطَ صَاحِبُ السُّدْسِ إلَّا السُّدْسَ) أَيْضًا وَلَا نِزَاعَ بَيْنَهُمْ حِينَئِذٍ (وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (بَيِّنَةً عَلَى مَا يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ حُكِمَ) لَهُ (بِهِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ فِيمَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ بَيِّنَةً وَيَدًا وَلِلْأَوَّلِ فِي الثُّلُثِ بَيِّنَةً وَيَدًا وَفِي السُّدْسِ الْبَاقِي بَيِّنَةٌ وَالْآخَرَانِ لَا يَدَّعِيَانَهُ وَلْيُصَوَّرْ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَقَامَ مُدَّعِي النِّصْفِ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَى إقَامَتِهَا لِلسُّدُسِ الزَّائِدِ عَلَى مَا بِيَدِهِ وَالْآخَرَانِ لَا يَحْتَاجَانِ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَرْعِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي احْتِيَاجِ الْآخَرَيْنِ إلَى بَيِّنَةٍ بَعْدَ بَيِّنَةِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ إذْ لَا مُنَازِعَ لَهُمَا وَهُمَا صَاحِبَا يَدٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمْ الْكُلَّ كَمَا مَرَّ وَأَقَامَ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً بِهِ لِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي بَعْضِهِ وَدَفْعِ الْيَمِينِ عَنْهُ فِي بَعْضِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمْ بَيِّنَةً بِمَا يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ لَكِنْ يَحْتَاجُ الْأَوَّلُ إلَى إعَادَةِ بَيِّنَةٍ لِلثُّلُثِ الَّذِي بِيَدِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ وَيَجْرِي نَظِيرُهُ فِيمَا يَأْتِي. (وَإِنْ ادَّعَى) شَخْصٌ (دَارًا وَآخَرُ ثُلُثَيْهَا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَبَقِيَتْ أَيْضًا) لَكِنْ لَا بِجِهَةِ التَّسَاقُطِ وَلَا بِجِهَةِ التَّرْجِيحِ بِالْيَدِ (فَرْعٌ) لَوْ تَدَاعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِأَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِهَا فَالْبَيِّنَةُ الْأُولَى لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ الْغَصْبُ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ فَقَدْ أَقَرَّ هُوَ بِالْمَغْصُوبِ لِغَيْرِهِ فَلَغَا إقْرَارَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَلَا غُرْمَ هَاهُنَا عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَدَّعِيَاهُ لِنَفْسِهِمَا) يُصَدَّقُ بِأَنْ يُسْنِدَهَا صَاحِبُ الْيَدِ إلَى زَيْدٍ وَإِلَى مَنْ لَا تَمْكُنُ مُخَاصَمَتُهُ مِنْ مَجْهُولٍ وَنَحْوِهِ وَبِأَنْ يَنْفِيَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُسْنِدُهَا إلَى أَحَدٍ وَبِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَكْذِيبِ عَمْرو وَلَا يَنْفِيهَا عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ذُهُولٌ عَمَّا صَحَّحَاهُ فِيهَا كَأَصْلِهَا إلَخْ فِيمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَقَالَ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لَا أُسْمِيَهُ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهِ كَمَا كَانَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَعَلَّ هَذِهِ الصُّورَةَ أَوْلَى بِالْإِبْقَاءِ فِي يَدِهِ فَتَأَمَّلْ غ وَكَتَبَ أَيْضًا يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا خَافَ الْحَاكِمُ ضَيَاعَهُ مِنْ بَقَائِهِ فِي يَدِهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَاَلَّذِي يُتَخَيَّلُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ هُنَاكَ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَهُنَا لَمْ يَنْفِهِ عَنْ نَفْسِهِ صَرِيحًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ بِسَبَبٍ لَمْ يَعْرِفْهُ ثُمَّ يَظْهَرُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ مِيرَاثٍ عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يَعْرِفْهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَهُوَ إذًا وَغَيْرُهُ فِي احْتِمَالِ هَذَا النِّصْفِ لَهُ سَوَاءٌ فَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ. [فَرْعٌ دَارٌ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ الْيَدِ فِي جَمِيعِهَا وَلَا بَيِّنَةَ] (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى دَارًا وَآخَرُ ثُلُثَهَا إلَخْ) حَكَى الْبَنْدَنِيجِيُّ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ عَمْرو شَاةٌ فَادَّعَاهَا زَيْدٌ وَأَقَامَ عَمْرٌو بَيِّنَةً أَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ لَهُ بِهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ حَكَمَ لَهُ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا قُضِيَ لِزَيْدٍ بِهَا لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً وَيَدًا وَلِعَمْرٍو بَيِّنَةً بِلَا يَدٍ وَإِنْ كَانَ قُضِيَ بِهَا لِعَمْرٍو لِعَدَالَةِ بَيِّنَتِهِ دُونَ بَيِّنَةِ زَيْدٍ أُقِرَّتْ بِيَدِ عَمْرٍو لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْفَاسِقَةَ إذَا رُدَّتْ ثُمَّ أَعَادَتْ الشَّهَادَةُ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ الثَّانِي عَلَى أَيْ وَجْهٍ وَقَعَ حُكْمُ الْأَوَّلِ وَأَشْكَلَ الْحَالُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَنْقُضُ أَيْضًا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْحَاوِي تَرْجِيحُهُ وَلَوْ تَدَاعَيَا شَيْئًا وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ فِي يَدِهِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُمَا وَلَا خُصُومَةَ إلَّا أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ فِي يَدِي وَإِنَّ هَذَا بِمَا نَعْنِي فَتُسْمَعُ فَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ تَعَارَضَتَا وَبَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ الْحَالِ لِيَتَّضِحَ عِنْدَهُ وَلِيَتَبَيَّنَ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنْ اُشْتُبِهَ الْأَمْرُ فَالْبَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ ذَكَرَهُ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ وَذَكَرَ شُرَيْحٌ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْمَالَ لَهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ فُلَانٌ الْحَاكِمُ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ فَهَلْ يَتَرَجَّحُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَجْهَانِ قَالَ وَذَكَرَ الْعَبَّادِيُّ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى بِالْمِلْكِ لِفُلَانٍ وَآخَرَانِ أَنَّهُ الْآنَ لِفُلَانٍ فَهَذِهِ أَوْلَى لِأَنَّ حَرْفَ الْآنَ آخِرُ حَدِّ الزَّمَانِ الْأَوَّلِ وَأَوَّلُ حَدِّ الزَّمَانِ الثَّانِي فَفِيهِ تَحْدِيدُ الْمِلْكِ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا الْحَاكِمَ قَضَى لَهُ بِهَا وَلَمْ يُزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ سُلِّمْت لِلْمُدَّعِي لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ بِالْحُكْمِ فَيُسْتَصْحَبُ إلَى أَنْ يَعْلَمَ زَوَالَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا لَهُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا الْحَاكِمَ حَكَمَ لَهُ بِهِ فَقَدْ قِيلَ الْحُكْمُ الْأَخِيرُ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَوَّلَ اُسْتُصْحِبَ حُكْمُهُ إلَى وَقْتِ الْحُكْمِ الثَّانِي ثُمَّ ثَبَتَ زَوَالُ الْمِلْكِ بِمُوجِبِ الْحُكْمِ الثَّانِي وَقِيلَ يَتَعَارَضُ الْحُكْمَانِ وَيَبْطُلَانِ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ الشَّيْءَ مِلْكٌ وَادَّعَى خَصْمُهُ أَنَّهُ فِي يَدِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَبَيِّنَةُ الْمِلْكِ أَوْلَى فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ مِلْكُهُ وَالثَّانِي أَنَّهُ فِي يَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفِ الْمُلَّاكِ فَالثَّانِي أَوْلَى بِهِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ لِأَنَّهَا شَهِدَتْ بِمِلْكِهِ وَيَدِهِ قَالَ الْهَرَوِيُّ وَقَدَّمْت أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَمَدَ عَلَيْهَا فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ إنَّمَا تَصِحُّ إذَا قُطِعَ بِإِثْبَاتِ الْمَشْهُودِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 408 وَآخَرُ نِصْفَهَا وَآخَرُ ثُلُثَهَا وَهِيَ فِي يَدِ خَامِسٍ وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (بَيِّنَةً بِمَا يَدَّعِيهِ فَثُلُثٌ لَا يُعَارِضُ فِيهِ مُدَّعِي الْكُلِّ وَالْبَاقِي يَقَعُ فِيهِ التَّعَارُضِ فَالسُّدْسُ الزَّائِدُ عَلَى النِّصْفِ يَتَعَارَضُ فِيهِ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْكُلِّ وَ) بَيِّنَةُ (مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ وَالسُّدْسُ الزَّائِدُ عَلَى الثُّلُثِ يَتَعَارَضُ فِيهِ بَيِّنَتُهُمَا وبَيِّنَةُ مُدَّعِي النِّصْفِ وَفِي الثُّلُثِ الْبَاقِي تَتَعَارَضُ الْبَيِّنَاتُ الْأَرْبَعُ فَيَسْقُطُ الْبَيِّنَاتُ فِي الثُّلُثَيْنِ) فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ يَمِينًا (وَيُسَلِّمُ الثُّلُثَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَلَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمْ جُعِلَتْ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا) لِأَنَّهُمْ إنْ أَقَامُوا بَيِّنَاتٍ فَبَيِّنَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ تُرَجَّحُ فِي الرُّبْعِ الَّذِي بِيَدِهِ بِالْيَدِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي الرُّبْعِ الَّذِي بِيَدِهِ فَإِذَا حَلَفُوا كَانَتْ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا (وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ ثَلَاثَةٍ ادَّعَى وَاحِدٌ) مِنْهُمْ (النِّصْفَ وَالثَّانِي الثُّلُثَ وَالثَّالِثُ السُّدْسَ أُعْطِيَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (مَا ثَبَتَ لَهُ) أَيْ مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ وَلَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ وَالثَّالِثُ الثُّلُثَ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الثُّلُثُ) بِالْبَيِّنَةِ وَالْيَدِ (وَلِمُدَّعِي الْكُلِّ أَيْضًا نِصْفُ الثُّلُثِ) الْبَاقِي بِبَيِّنَتِهِ السَّالِمَةِ عَنْ الْمُعَارِضَةِ (وَنِصْفُهُ) الْآخَرُ (يَسْقُطُ لِلتَّعَارُضِ) بَيْنَ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْكُلِّ وَبَيِّنَةِ مُدَّعِي النِّصْفِ (وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الثَّالِثِ) بِيَمِينِهِ (فَصْلٌ وَإِنْ تَعَارَضَتَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ (وَلِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ (يَدٌ) وَيُسَمَّى الدَّاخِلَ (قُضِيَ لَهُ) بِمَا ادَّعَاهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُ بَيِّنَتِهِ لِتَرَجُّحِهَا بِالْيَدِ كَخَبَرَيْنِ مَعَ أَحَدِهِمَا قِيَاسًا وَإِنَّمَا لَمْ تُرَجَّحْ الْبَيِّنَةُ بِهَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ اللَّقِيطِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ بِخِلَافِ الْمَالِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ أَنْ تُبَيِّنَ سَبَبَ الْمِلْكِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَبَيِّنَةِ الْخَارِجِ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ بَيِّنَتِهِ لِيَقْضِيَ لَهُ كَمَا فِي الْخَارِجِ (وَإِنَّمَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ مَعَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ) لَا قَبْلَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جَانِبِهِ الْيَمِينُ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهَا مَا دَامَتْ كَافِيَةً وَتُسْمَعُ حِينَئِذٍ (وَإِنْ لَمْ تُعَدَّلْ) بَيِّنَةُ الْخَارِجِ لِأَنَّ يَدَ الدَّاخِلِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى الزَّوَالِ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى دَفْعِ الطَّاعِنِ عَنْهَا وَحَمَلَ الْبُلْقِينِيُّ مَنْعَ إقَامَتِهَا قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي إقَامَتِهَا دَفْعُ ضَرَرٍ عَنْ الدَّاخِلِ بِتُهْمَةِ سَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَ فَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ سَمَاعَهَا قَبْلَ إقَامَةِ الْخَارِجِ الْبَيِّنَةَ لِدَفْعِ ضَرَرِ التُّهْمَةِ قَالَ فَإِذَا أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ فَهَلْ يَحْتَاجُ الدَّاخِلُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ هَذَا مُحْتَمَلٌ وَالْأَرْجَحُ احْتِيَاجُهُ إلَى الْإِعَادَةِ (وَتُسْمَعُ) بَيِّنَتُهُ (بَعْدَ الْحُكْمِ) لِلْخَارِجِ (وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ) لِلْمَالِ إلَيْهِ. (وَكَذَا) تُسْمَعُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّسْلِيمِ (إنْ أَسْنَدَتْ) أَيْ الْمِلْكَ (إلَى مَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَاسْتِدَامَتِهِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى (وَاعْتَذَرَ) الدَّاخِلُ بِغَيْبَةِ (شُهُودِهِ) أَوْ نَحْوِهَا (وَتُقَدَّمُ) عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فِي الْحَالَيْنِ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ أَمَّا سَمَاعُهَا وَتَقْدِيمُهَا فِي الْأَوَّلِ فَلِبَقَاءِ الْيَدِ حِسًّا وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْيَدَ إنَّمَا أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ وَقَدْ ظَهَرَتْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْنَدْ الْمِلْكُ إلَى مَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَأَسْنَدَتْهُ إلَيْهِ وَلَمْ يَعْتَذِرْ بِمَا مَرَّ (فَهُوَ) الْآنَ (مُدَّعٍ خَارِجٌ) فَلَا يُقَدَّمُ (وَإِنْ قَالَ الْخَارِجُ) هُوَ (مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْك) وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً (قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِالِانْتِقَالِ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ الدَّاخِلُ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْك وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً (فَالدَّاخِلُ) تُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُقَدَّمٌ فَهُنَا أَوْلَى وَكَذَا لَوْ قَالَ الْخَارِجُ هُوَ مِلْكِي وَرِثْته مِنْ أَبِي وَقَالَ الدَّاخِلُ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ أَبِيكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ   [حاشية الرملي الكبير] بِهِ فَكَأَنَّهُ خَامَرَ قَلْبَهُ رَيْبٌ فَلِذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ بِإِثْبَاتِ الْمَشْهُودِ بِهِ [فَصْلٌ تَعَارَضَتَا الْبَيِّنَتَانِ وَلِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ يَدٌ] (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَارَضَتَا وَلِأَحَدِهِمَا يَدٌ قُضِيَ لَهُ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا فَقَضَى لِلَّذِي بِيَدِهِ» وَدَخَلَ فِي إطْلَاقِ الْيَدِ الْحُكْمِيَّةِ كَالتَّصَرُّفِ وَالْحِسِّيَّةِ كَالْإِمْسَاكِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ إلَخْ) وَلَا فَرْقَ فِي تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ بَيْنَ أَنْ يُبَيِّنَا سَبَبَ الْمِلْكِ أَوْ تُطْلَقَا وَلَا بَيْنَ إسْنَادِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَإِطْلَاقِهِمَا وَأَنْ يَتَّفِقَ السَّبَبَانِ أَوْ يَخْتَلِفَا وَبَيْنَ إسْنَادِهِ إلَى شَخْصَيْنِ وَكَذَا إلَى شَخْصٍ إذَا لَمْ يَسْبِقْ تَارِيخُ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ سَمَاعَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ احْتِيَاجُهُ إلَى الْإِعَادَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتُسْمَعُ بَعْدَ الْحُكْمِ) وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ وَتَكْفِيهِ هُنَا الْبَيِّنَةُ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ وَمُرَجَّحٍ لِبَقَاءِ يَدِهِ. (قَوْلُهُ وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ شُهُودِهِ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِهِ فِي الْبَهْجَةِ وَأَصْلِهَا وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْعُذْرُ إنَّمَا يُطْلَبُ إذَا ظَهَرَ مِنْ صَاحِبِهِ مَا يُخَالِفُهُ كَمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ قُلْت وَلَعَلَّ ذِكْرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّصْوِيرِ دُونَ التَّقْيِيدِ ع وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ جَمَاعَةٌ فِي التَّصْوِيرِ وَعَلَى مُقْتَضَاهُ فَلَا يَنْبَغِي الْحَصْرُ فِيهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بَلْ لَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِأَنَّهَا تُسْمَعُ مِنْهُ مَعَ حُضُورِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ ر وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ وَإِنْ قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَجَرَى عَلَيْهِ هُنَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ دَارًا فِي يَدِهِ وَأَقَامَ عَمْرٌو بَيِّنَةً بِأَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ لَهُ عَلَى زَيْدٍ بِمِلْكِهَا فَإِنْ بَانَ أَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهَا لِأَنَّ زَيْدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بَيِّنَةٌ فَنَزْعُهَا مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ وَجَبَ أَنْ يَتَبَيَّنَ فَسَادُ حُكْمِهِ بِهَا لِعَمْرٍو لِأَنَّ زَيْدًا قَدْ أَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً مَعَ يَدِهِ وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ حَكَمَ بِهَا لَهُ لِعَدَالَةِ بَيِّنَتِهِ وَجَرْحِ بَيِّنَةِ زَيْدٍ فَإِنْ أَعَادَهَا بَعْدَ تَأَهُّلِهَا لَمْ تُقْبَلْ وَإِنْ أَقَامَ غَيْرَهَا حَكَمَ لَهُ بِالدَّارِ وَنَقَضَ الْحُكْمُ بِهَا لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ مُدَّعٍ خَارِجِ) مَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ بِأَنَّ زَوَالَ الْيَدِ مَعْلُومٌ وَقَدْ حَصَلَ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِالْمِلْكِ فَالتَّرْجِيحُ حَاصِلٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ غَيْرِهِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ ر (قَوْلُهُ اشْتَرَيْته مِنْك) أَوْ اتَّهَبْته وَقَبَضْته أَوْ نَحْوُهُ (قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِالِانْتِقَالِ) فِي مَعْنَاهُ مَا إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً بِأَنَّ الدَّاخِلَ غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ وَأَقْبَضَهُ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 409 (وَفِي قَوْلِ الدَّاخِلِ) لِلْخَارِجِ (اشْتَرَيْته مِنْك لَا تُنْزَعُ يَدُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْخَارِجُ بَيِّنَتَهُ فَإِنْ قَالَ هِيَ غَائِبَةٌ اُنْتُزِعَ) الْمَالُ (فَإِنْ بَانَ عَدَمُهَا اُسْتُرِدَّ) قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْخَارِجُ إلَى هُنَا سَهْوٌ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّ الدَّاخِلَ فِي قَوْلِهِ اشْتَرَيْتُهُ مِنْك لَا يُنْتَزَعُ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ إقَامَتِهِ بَيِّنَتِهِ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً فَالتَّأْخِيرُ إلَى إقَامَتِهَا سَهْلٌ فَلَا مَعْنَى لِلِانْتِزَاعِ وَالرَّدِّ فَإِنْ قَالَ هِيَ غَائِبَةٌ اُنْتُزِعَ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ فَإِنْ أَثْبَتَ مَا يَدَّعِيهِ اُسْتُرِدَّ قَالَ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ ادَّعَى دَيْنًا فَقَالَ الْخَصْمُ أَبْرَأَنِي مِنْهُ وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لَا يُلْزَمُ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ قَبْلَ إقَامَتِهَا (وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (الشِّرَاءَ مِنْ الْآخَرِ وَأَقَامَ) بِهِ (بَيِّنَةً وَجَهِلَ التَّارِيخَ قُدِّمَ الدَّاخِلُ) لِانْفِرَادِهِ بِالْيَدِ (فَصْلٌ مَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ مَنْ أَقَرَّ (بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا إنْ ادَّعَى انْتِقَالًا) لَهَا (مِنْهُ) إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيُسْتَصْحَبُ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ الِانْتِقَالُ (بِخِلَافِ مَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِبَيِّنَتِهِ) تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ انْتِقَالًا كَالْأَجْنَبِيِّ نَعَمْ إنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ وَأَضَافَتْهُ إلَى سَبَبٍ يَتَعَلَّقُ بِالْمَأْخُوذِ مِنْهُ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ صَدَرَا مِنْهُ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَتُقَدَّمُ) عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ (بَيِّنَةُ خَارِجٍ قَالَ) لَهُ (غَصَبْتهَا مِنِّي أَوْ أَجَّرْتُكَهَا) أَوْ أَوْدَعْتُكهَا لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ (وَلَوْ اُنْتُزِعَتْ مِنْ دَاخِلٍ) لَا بَيِّنَةَ لَهُ حَاضِرَةً وَقَدْ (نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْخَارِجُ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا (ثُمَّ جَاءَ) الدَّاخِلُ (بِبَيِّنَةٍ سُمِعَتْ) كَمَا لَوْ أَقَامَهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فَانْتِزَاعُ الْعَيْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ (وَالْقِيَاسُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنْ لَا تُسْمَعَ) عِبَارَةُ الْمُهِمَّاتِ وَالصَّحِيحُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ عَدَمُ سَمَاعِهَا لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ لَا كَالْبَيِّنَةِ انْتَهَى وَتُقَدَّمُ ثُمَّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ الصَّوَابَ مَا هُنَا وَالْأَوْجَهُ مَا هُنَاكَ وَمَا هُنَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ. (وَلَوْ أَثْبَتَ كُلٌّ) مِنْ اثْنَيْنِ أَيْ أَقَامَ بَيِّنَتَهُ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً) عَبَّرَ فِي نُسْخَةٍ بِحِينٍ بَدَلَ حَتَّى وَبِإِقَامِهَا بَدَلَ بَانَ عَدَمُهَا وَمَعْنَاهَا وَاضِحٌ وَحِينَئِذٍ (فَاعِلُ قَالَ) وَأَقَامَهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الدَّاخِلِ وَقَوْلُهُ فِي نُسْخَةٍ بِحِينٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ اُنْتُزِعَ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ) لِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لِلْخَارِجِ (قَوْلُهُ وَجَهِلَ التَّارِيخَ قُدِّمَ الدَّاخِلُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ ظَهَرَ التَّارِيخُ فَالسَّابِقُ أَوْلَى [فَصْلٌ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ] (قَوْلُهُ إلَّا إنْ ادَّعَى انْتِقَالًا لَهَا مِنْهُ) هَلْ يَكْفِي فِي دَعْوَى الِانْتِقَالِ أَنْ يَقُولَ انْتَقَلَ إلَيَّ مِنْهُ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ يُشْبِهُ تَخْرِيجَهُ عَلَى مَا قَالُوهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ إنْسَانٍ وَقَدْ حَكَمَ لَهُ حَاكِمٌ بِمِلْكِهَا فَجَاءَ خَارِجٌ وَادَّعَى انْتِقَالَ الْمِلْكِ إلَيْهِ مِنْهُ وَشَهِدُوا عَلَى انْتِقَالِهِ إلَيْهِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُبَيِّنُوهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَفْتَى فُقَهَاءُ هَمْدَانَ فِيهَا بِالسَّمَاعِ كَمَا لَوْ عَيَّنَ السَّبَبَ وَرَأَيْت فَتْوَى الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ بِخَطِّهِمَا بِذَلِكَ قَالَ وَمَيْلِي إلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يُبَيِّنُوهُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ أَسْبَابَ الِانْتِقَالِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ ر غ وَكَتَبَ أَيْضًا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَسَائِلَ مِنْهَا مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْهِبَةِ عَنْ النَّصِّ لَوْ قَالَ وَهِبَتُهُ لَهُ وَمَلَكَهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِلُزُومِ الْهِبَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَعْتَقِدَ لُزُومَهَا بِالْعَقْدِ وَالْإِقْرَارُ يُحْمَلُ عَلَى الْيَقِينِ وَحَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْإِقْرَارِ عَنْ الْبَغَوِيّ فَلَوْ قَالَ هُوَ مِلْكُهُ وَلَمْ يُنْسِبْهُ إلَى هِبَةٍ ثُمَّ قَالَ كَانَ إقْرَارِي عَنْ هِبَةٍ لَمْ تُقْبَضْ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْأَبِ فِي عَيْنٍ أَنَّهَا مِلْكُ وَلَدِهِ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ عَنْ هِبَةٍ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَرْجَحِ لِأَنَّ الْمِلْكَ حَاصِلٌ لِلْوَلَدِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْهِبَةِ وَالْقَبْضِ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ فَحَلَّفُوهُ حَلَفَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِقْبَاضٍ ثُمَّ قَالَ كَانَ فَاسِدًا وَأَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةِ لَمْ يُقْبَلْ وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا وَأَحَالَ بِثَمَنِهِ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِحُرِّيَّتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَالُوا إنَّ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقِيمَهَا الْمُتَعَاقِدَانِ لِأَنَّهُمَا كَذَّبَاهَا بِدُخُولِهِمَا فِي الْعَقْدِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَالْأَرْجَحُ يُقِيمُهَا مَنْ ذَكَرَ عِنْدَ ذِكْرِ التَّأْوِيلِ وَإِذَا بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقْفٌ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّقْيِيدُ بِالْبَيِّنَةِ يُشْعِرُ بِسَمَاعِ دَعْوَاهُ وَتَحْلِيفِ خَصْمِهِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَيْعِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ بِعْته وَأَنَا لَا أَمْلِكُهُ ثُمَّ مَلَكْته بِالْإِرْثِ مِنْ فُلَانٍ فَإِنْ قَالَ حِينَ بَاعَ هُوَ مِلْكِي لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ بِعْتُك سُمِعَتْ دَعْوَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ وَهُوَ مِلْكُهُ قَالَ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ غَيْرَهُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ الْمَبِيعَ وَقْفٌ عَلَيْهِ. اهـ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي عِنْدَ ذِكْرِ التَّأْوِيلِ أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ كَمَا سَبَقَ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الِانْتِقَالُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ وَهِبَتُهُ لَهُ وَمَلَكَهُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِلُزُومِ الْهِبَةِ لِجَوَازِ أَنْ يُعْتَقَدَ لُزُومُهَا بِالْعَقْدِ وَالْإِقْرَارُ يُحْمَلُ عَلَى الْيَقِينِ (قَوْلُهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ انْتِقَالًا وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَفَائِدَةُ سَمَاعِهَا: مُعَارَضَةُ الْبَيِّنَةِ الَّتِي اُنْتُزِعَتْ مِنْهُ الْعَيْنُ بِهَا وَرُجُوعُهَا إلَى يَدِهِ كَمَا لَوْ أَقَامَهَا قَبْلَ الِانْتِزَاعِ وَإِنَّمَا قُبِلَتْ بَعْدَهُ لِاعْتِضَادِهَا بِالْيَدِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَتُقَدَّمُ عَلَى الْبَيِّنَةِ الْمُجَرَّدَةِ بِنَاءً عَلَى تَقَدُّمِ الدَّاخِلِ. (قَوْلُهُ كَالْأَجْنَبِيِّ) وَكَمَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ بَعْدَ انْتِزَاعِ الْعَيْنِ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ أَوْدَعْتُكهَا) أَوْ أَعَرْتُكهَا (قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ عَمَلِهَا بِمَا ذَكَرَ) لِأَنَّهَا شَهِدَتْ لَهُ بِالْمِلْكِ وَالْيَدِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنْ لَا تُسْمَعَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَمَا هُنَا مُفَرَّعُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَنَكَلَ الدَّاخِلُ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَفَ الْخَارِجُ وَحُكِمَ لَهُ ثُمَّ جَاءَ الدَّاخِلُ بِبَيِّنَةٍ سُمِعَتْ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا لَوْ أَقَامَهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ وَقِيلَ لَا تُسْمَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ اهـ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبَيَانِ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ زَالَ الْآنَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَةٍ لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ زَالَ عَنْهُ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 410 (بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ فِي يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْهَا أَوْ بِشَاتَيْنِ وَفِي يَدِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (شَاةٌ قُضِيَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (بِمَا فِي يَدِهِ) لِاعْتِضَادِ بَيِّنَتِهِ بِالْيَدِ (وَإِنْ أَثْبَتَ كُلٌّ) مِنْهُمَا أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِمَا فِي يَدِ الْآخَرِ قُضِيَ لَهُ بِهِ وَلَا تُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ شُهُودِ أَحَدِهِمَا أَوْ تَوَرُّعِهِمْ) أَوْ فِقْهِهِمْ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ لِلشَّهَادَةِ نِصَابًا فَيُتَّبَعُ وَلَا ضَابِطَ لِلرِّوَايَةِ فَيُعْمَلُ بِأَرْجَحِ الظَّنَّيْنِ (وَلَا) يُرَجَّحُ (رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بَلْ) يُرَجَّحَانِ (عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ) لِأَنَّهُمَا حُجَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَبْعَدُ عَنْ تُهْمَةِ الْحَالِفِ بِالْكَذِبِ فِي يَمِينِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) مَعَهُمْ الْأَوْلَى مَعَهُ أَوْ مَعَهُمَا (يَدٌ فَيُرَجَّحُ) أَيْ الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ (عَلَى الرَّجُلَيْنِ) . وَقَوْلُهُ وَلَا يُرَجَّحُ إلَى آخِرِهِ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَتُرَجَّحُ) إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ (بِسَبْقِ التَّارِيخِ) مِنْهَا بِزَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ انْتِقَالُ الْمِلْكِ (فِي نِكَاحٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ عَقْدٍ وَمِلْكٍ فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مِنْ سَنَةٍ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مِنْ أَكْثَرَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْأَكْثَرِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ فِي وَقْتٍ بِلَا مُعَارَضَةٍ وَفِي وَقْتٍ بِمُعَارَضَةٍ فَيَتَسَاقَطَانِ فِي الثَّانِي وَيَثْبُتُ مُوجِبُهَا فِي الْأَوَّلِ وَالْأَصْلُ فِي الثَّابِتِ دَوَامُهُ وَلِأَنَّ مِلْكَ الْمُتَقَدِّمِ يَمْنَعُ أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُتَأَخِّرُ إلَّا عَنْهُ وَلَمْ تَتَضَمَّنْهُ الشَّهَادَةُ لَهُ فَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا وَصَوَّرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ذَلِكَ بِمَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ مَعَ ذَلِكَ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ (وَسَوَاءٌ) فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ (اشْتَرَيَا مِنْ شَخْصٍ أَوْ شَخْصَيْنِ فَلَوْ أَطْلَقَتْ أَحَدَاهُمَا) الْمِلْكَ (وَبَيَّنَتْ الْأُخْرَى سَبَبَ الْمِلْكِ) مِنْ إرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ أَنَّهُ زَرَعَ الْأَرْضَ) الْمُدَّعَاةَ بِأَنْ شَهِدَتْ أَنَّ الْأَرْضَ لَهُ زَرْعُهَا (أَوْ أَنَّ الثَّمَرَ وَالْحِنْطَةَ مِنْ شَجَرِهِ وَبَذْرِهِ قُدِّمَتْ عَلَى الْمُطْلَقَةِ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا وَلِإِثْبَاتِهَا ابْتِدَاءِ الْمِلْكِ لِصَاحِبِهَا وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَ يَدٍ وَإِلَّا فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرَ بِقَوْلِهِ: (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ عَلَى سَابِقَةِ التَّارِيخِ) لِأَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَيَتَسَاقَطَانِ فِيهَا وَيَبْقَى مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الْيَدُ وَمِنْ الْآخَرِ الْمِلْكُ السَّابِقُ وَالْيَدُ أَقْوَى مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ السَّابِقِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تُزَالُ بِهَا فَلَوْ كَانَتْ سَابِقَةُ التَّارِيخِ شَاهِدَةً بِوَقْفٍ وَالْمُتَأَخِّرَةُ الَّتِي مَعَهَا يَدٌ شَاهِدَةٌ بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ قُدِّمَتْ الَّتِي مَعَهَا يَدٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَعَلَيْهِ جَرَى الْعَمَلُ مَا لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْيَد عَادِيَةٌ بِاعْتِبَارِ تَرْتِيبِهَا عَلَى بَيْعٍ صَدَرَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ بَعْضِهِمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَهُنَاكَ يُقَدَّمُ الْعَمَلُ بِالْوَقْفِ وَقَضِيَّةُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَكَثِيرٌ تَقْدِيمُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ أَنِّي اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا وَهُوَ قَوِيُّ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِمَا تَقْدِيمُ سَابِقَةِ التَّارِيخِ حِينَئِذٍ (وَالْمُؤَرَّخَةُ كَالْمُطْلَقَةِ) فَلَا تُقَدَّمُ عَلَيْهَا بَلْ تُسَاوِيهَا لِأَنَّ الْمُطْلَقَةَ قَدْ تُثْبِتُ الْمِلْكَ قَبْلَ ذَلِكَ التَّارِيخِ لَوْ بُحِثَ عَنْهَا نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْحَقِّ وَالْأُخْرَى بِالْإِبْرَاءِ أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى قُدِّمْت بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ (فَصْلٌ لَوْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ لِأَحَدٍ (بِمِلْكِهِ أَوْ يَدِهِ أَمْسِ لَمْ تُسْمَعْ) كَمَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلِأَنَّهَا شَهِدَتْ لَهُ بِمَا لَمْ يَدَّعِهِ وَبِمُعَارَضَةِ السَّبْقِ الْيَدِ الدَّالَّةِ عَلَى الِانْتِقَالِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ ظَنُّ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَلَا تُسْمَعُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ لَهُ بِمِلْكِهِ أَمْسِ (حَتَّى تَشْهَدَ) لَهُ (بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ أَوْ تَقُولُ لَا أَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا) أَوْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ وَأَمَّا مَا يُصَحِّحُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَا يُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ شُهُودِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ وَلَا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَصَوَّرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَيُقَدِّمُ بَيِّنَةَ صَاحِبِ الْيَدِ عَلَى سَابِقَةِ التَّارِيخِ) قَالَ الكوهكيلوني هَلْ تُقَدَّمُ النَّاقِلَةُ عَلَى الْمَضِيفَةِ أَوْ يَعْكِسُ وَهَلْ تُقَدَّمُ النَّاقِلَةُ عَلَى بَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ يَعْكِسُ وَهَلْ تُقَدَّمُ الْمَضِيفَةُ عَلَى بَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ يَعْكِسُ (قَوْلُهُ فَهُنَاكَ يُقَدَّمُ الْعَمَلُ بِالْوَقْفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِانْتِقَالِ الْعَيْنِ مِنْ مِلْكِ زَيْدٍ مِنْ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَلِأَنَّ الثَّانِي اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ بَعْدَ مَا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنَّهَا رُدَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهَا لِلْآخَرِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِأَنَّ الْيَدَ الْقَدِيمَةَ صَارَتْ لِلْأَوَّلِ وَيَدُ الثَّانِي حَادِثَةٌ عَلَيْهَا فَلَا تُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَلَا يَبْقَى الْعَقْدَانِ فَيُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا وَهُوَ الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْيَدَ الْمَوْجُودَةَ إنَّمَا نَعْمَلُ بِهَا وَنُقَدِّمُهَا إذَا لَمْ نَعْلَمْ حُدُوثَهَا فَإِنْ عَلِمْنَا فَالْيَدُ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ الْأَوْلَى فَإِنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ مَعَهَا مُرَجِّحًا وَهُوَ الْيَدُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى ثَالِثٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَسَلَّمَهُ ثَمَنَهَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَسْبَقُ تَارِيخًا سُلِّمَتْ لَهُ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ ادَّعَى بِأَنَّ أَبَاهُ خَلَفَ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ وَادَّعَتْ زَوْجَةُ الْمَيِّتِ بِأَنَّهُ عَوَّضَهَا لَهَا عَنْ صَدَاقِهَا وَأَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ بَيِّنَتَهَا أَوْلَى لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَلَوْ قَالَ الدَّاخِلُ هُوَ مِلْكِي وَرِثْته مِنْ أَبِي وَقَالَ الْخَارِجُ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ أَبِيهِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ (قَوْلُهُ تَقْدِيمُ سَابِقَةِ التَّارِيخِ حِينَئِذٍ) أَيْ قَطْعًا وَقَدْ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ السَّبْقُ بِزَمَانٍ مَعْلُومٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ نَسَبَ الْعَقْدَيْنِ إلَى وَاحِدٍ فَالسَّابِقُ أَوْلَى لَا مَحَالَهْ غ. (قَوْلُهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ وَأَقَرَّ الْمُقِرّ لَهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُقِرّ دَيْنًا وَلَا بَقِيَّةً مِنْ دَيْنٍ وَالْإِقْرَارُ أَنَّ جَمِيعًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ أَيُّهُمَا قَبْلُ فَبِأَيِّهِمَا يَعْمَلُ وَهَلْ يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ يَحْكُمُ بِبَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ الْمُثْبَتِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ بِهِ أَصْلُ شَغْلِ ذِمَّتِهِ إذْ لَوْلَاهُ لَجَعَلَنَا إقْرَارَ الْمُقَرِّ لَهُ تَكْذِيبًا لِلْمُقِرِّ وَلَا يُصَارُ إلَى ذَلِكَ بِالِاحْتِمَالِ وَإِذَا ثَبَتَ أَصْلُ الشَّغْلِ وَالْقَوْلِ بِتَصْدِيقِ الْإِقْرَارَيْنِ مَعًا فَلَا يُصَارُ إلَى تَصْدِيقِهِمَا بِتَقْدِيرِ تَأَخُّرِ الْإِقْرَارِ النَّافِي عَنْ الْإِقْرَارِ الْمُثْبَتِ بَنَاهُ عَلَى احْتِمَالِ طَرَيَان الْبَرَاءَةِ وَالْإِسْقَاطِ فَإِنَّهُ لَا يَتْرُكُ أَصْلَ الشَّغْلِ بِاحْتِمَالِ تَعَقُّبِ الْمُسْقَطِ فَيَتَعَيَّنُ تَصْدِيقُهُمَا فِي وُقُوعِ الْإِقْرَارِ النَّافِي قَبْلَ إقْرَارِ الْمُثْبِتِ وَإِذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ هَذَا فَذَاكَ مَقُولٌ [فَصْلٌ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِأَحَدٍ بِمِلْكِهِ أَوْ يَدِهِ أَمْسِ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ حَتَّى تَشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ) لَوْ شَهِدَتْ أَنَّ هَذَا الْمَمْلُوكَ وَضَعَتْهُ أَمَتُهُ فِي مِلْكِهِ أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 411 الشَّهَادَةُ لَهُ بِالْيَدِ أَمْسِ فَسَيَأْتِي آخِرُ الْفَصْلِ (وَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ) لَهُ (بِالْمِلِكِ فِي الْحَالِ اسْتِصْحَابًا) لِحُكْمِ مَا عَرَفَهُ كَشِرَاءٍ وَإِرْثٍ وَإِنْ اُحْتُمِلَ زَوَالُهُ لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ (وَلَا يُصَرِّحُ) فِي شَهَادَتِهِ (بِالِاسْتِصْحَابِ) فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ لَمْ تُقْبَلْ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّضَاعِ بِامْتِصَاصِ الثَّدْيِ وَحَرَكَةِ الْحُلْقُومِ وَتَقَدَّمَ فِي هَذَا كَلَامٌ وَأَنَّ الْأَوْجَهَ حَمْلُهُ عَنْ مَا إذَا ظَهَرَ بِذِكْرِ الِاسْتِصْحَابِ تَرَدُّدٍ (وَيُسْمَعُ) قَوْلُهُ هُوَ مَلَكَهُ بِالْأَمْسِ (اشْتَرَاهُ) مِنْ خَصْمِهِ أَمْسِ (أَوْ أَقَرَّ) لَهُ (بِهِ أَمْسِ) وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى تَحْقِيقٍ (وَعَنْ النَّصِّ أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (وَيَحْلِفُ مَعَ قَوْلِهِمْ) أَيْ الشُّهُودُ فِيمَا مَرَّ (لَا نَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا) لَا مَعَ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْخَصْمَ غَاصِبٌ أَوْ نَحْوُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَوَجْهُ الْحَلِفِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِإِسْقَاطٍ مَا مَعَ الْخَصْمِ مِنْ الظَّاهِرِ فَأُضِيفَ إلَيْهَا الْيَمِينُ. (فَإِنْ قَالَ) الشَّاهِدُ (لَا أَدْرِي أَزَالَ مِلْكَهُ أَمْ لَا لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُ لِأَنَّهَا صِيغَةُ مُرْتَابٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ (وَلَوْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (بِإِقْرَارِهِ لَهُ بِالْمِلْكِ أَمْسِ سُمِعَتْ) شَهَادَتُهُمَا وَحُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ اسْتِدَامَةٌ لِحُكْمِ الْإِقْرَارِ لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ الْأَقَارِير وَفَارِقٌ مَا لَوْ شَهِدَتْ لَهُ بِالْمِلْكِ أَمْسِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِإِقْرَارٍ شَهَادَةٌ بِأَمْرٍ يَقِينِيٍّ تَحْقِيقِيٍّ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ ثُمَّ يُسْتَصْحَبُ وَالشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ شَهَادَةٌ بِأَمْرٍ تَخْمِينِيٍّ فَإِذَا لَمْ يَنْضَمْ إلَيْهِ الْجَزْمُ فِي الْحَالِ لَمْ يُؤَثِّرْ قَالَ الْإِمَامُ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا أَمْسِ مِنْ ذِي الْيَدِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ الْخَصْمِ وَالْإِقْرَارِ مِنْهُ مِمَّا يُعْرَفُ يَقِينًا وَلَيْسَ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِالشِّرَاءِ أَمْسِ مِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ لِأَنَّ نَفْسَ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَيْرِ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى ذِي الْيَدِ (وَلَوْ قَالَ) لَهُ (الْخَصْمُ كَانَتْ) أَيْ الْعَيْنُ الْمُدَّعَاةُ (مِلْكُك أَمْسِ وَأَخَذْنَاهُ بِإِقْرَارِهِ فَتُنْزَعُ) مِنْهُ كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا أَمْسِ وَفَارَقَتْ مَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكُهُ أَمْسِ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ وَالشَّاهِدُ بِالْمِلْكِ قَدْ يَتَسَاهَلُ وَيَعْتَمِدُ تَخْمِينً فَإِذَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الْجَزْمُ فِي الْحَالِ ضُعِّفَ (أَوْ) قَالَ لَهُ كَانَتْ (فِي يَدِك أَمْسِ فَلَا) يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْيَدَ قَدْ تَكُونُ مُسْتَحَقَّةٌ وَقَدْ لَا تَكُونُ فَإِذَا كَانَتْ قَائِمَةً أَخَذْنَا بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا الِاسْتِصْحَابُ فَإِذَا زَالَتْ ضَعُفَتْ دَلَالَتُهَا وَتَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ مَا يُشَابِهُ ذَلِكَ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. (وَلَوْ شَهِدَتْ) أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ كَانَ (بِيَدِهِ أَمْسِ اُشْتُرِطَ أَنْ تَقُولَ) مَعَ ذَلِكَ (فَأَخَذَهُ الْخَصْمُ مِنْهُ) أَوْ نَحْوُهُ كَغَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ قَهَرَهُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا وَيُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي وَيُجْعَلُ صَاحِبُ يَدٍ وَلَوْ ادَّعَى اثْنَانِ دَارًا بِيَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ غَصَبَهَا مِنْهُ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ وَالْغَصْبُ وَيَلْغُو إقْرَارُ الْغَاصِبِ لِغَيْرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَصْلُ الْبَيِّنَةُ) أَيْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي الْمُطْلَقَةُ (تُظْهِرُ الْمِلْكَ) لَهُ (وَلَا تُوجِبَهُ فَيَجِبُ) لِصِدْقِهَا (تَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا) وَلَوْ (بِلَحْظَةٍ) لَطِيفَةٍ (فَلَوْ شَهِدَتْ) لَهُ (بِمِلْكِ دَابَّةٍ أَوْ شَجَرَةٍ اسْتَحَقَّ الْحَمْلَ) الْمَوْجُودَ عِنْدَ   [حاشية الرملي الكبير] هَذِهِ الثَّمَرَةَ أَثْمَرَتْهَا نَخْلَتُهُ فِي مِلْكِهِ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِمِلْكِ الْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ وَكَذَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا الْغَزْلَ مِنْ قُطْنِهِ أَوْ أَنَّ الطَّيْرَ مِنْ بَيْضِهِ أَوْ الْآجُرَّ مِنْ طِينِهِ أَوْ أَنَّ هَذَا كَانَ عَبْدَهُ وَأَعْتَقَهُ وَفَرَّقُوا بِفَرْقَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ هُنَاكَ بِمِلْكٍ مَقْصُودٍ غَيْرُ تَابِعٍ لِغَيْرِهِ وَلِهَذَا لَمْ تُقْبَلْ بِمِلْكٍ كَانَ حَتَّى يَصِلَ ذَلِكَ بِحَالَةِ التَّنَازُعِ وَهَاهُنَا لِشَهَادَةٍ بِالتَّبَعِ وَالْأَصْلُ مِلْكٌ ثَابِتٌ لَهُ فِي الْحَالِ فَثَبَتَتْ الثِّمَارُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ النَّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ لَمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهِمَا مِلْكٌ صَارَ فِي حُكْمِ تَمَلُّكِهِمَا أَصْلًا وَثَمَّ الْمِلْكُ لَمَّا تَقَدَّمَ فِيهِ مَالِكٌ صَارَ فِي مِلْكِهِ فَرْعًا وَحُكْمُ الْأَصْلِ أَقْوَى مِنْ حُكْمِ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ اسْتِصْحَابًا بِالْحُكْمِ مَا عَرَفَهُ) بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِاعْتِمَادِ الِاسْتِصْحَابِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْيَسَارِ (قَوْلُهُ كَشِرَاءٍ وَإِرْثٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ لِلْوَارِثِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُتَّهِبِ وَنَحْوِهِمْ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِلْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ مِنْهُ بِالْمِلْكِ وَلَا يَكْفِي الِاسْتِنَادُ إلَى مُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ مَعَ جَهْلِهِ بِمِلْكِيَّةِ الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ وَالْمُوَرِّثِ وَنَحْوِهِمْ فَاعْلَمْهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّ الْأَوْجَهَ حَمْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى تَحْقِيقٍ) وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نُؤَاخِذْهُ بِهِ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْأَقَارِير (قَوْلُهُ وَعَنْ النَّصِّ أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) قَالَ الْهَرَوِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ [فَصْلُ الْبَيِّنَةُ] (فَصْلٌ الْبَيِّنَةُ تُظْهِرُ الْمِلْكَ وَلَا تُوجِبَهُ) (قَوْلُهُ فَيَجِبُ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهَا) وَلَوْ بِلَحْظَةٍ حُكِيَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ قَالَ مِنْ شَرْطِ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ تَقَدُّمُ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ عَلَيْهَا وَمُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لَهَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَحْكُمَ بِالْمِلْكِ قُبَيْلَ الدَّعْوَى لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا تَقَدُّمَ الْمِلْكِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تُنْشِئُ الْمِلْكَ وَإِلَّا لَكَانَ الْحُكْمُ مُرَتَّبًا عَلَى دَعْوَى لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهَا وَلَا وَافَقَتْهَا الْبَيِّنَةُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ تَتَضَمَّنُ دَعْوَاهُ وُجُودَ الْمِلْكِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَقَبْلَهَا فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ السَّبْتِ وَلَمْ يُحْكَمْ بِالْمِلْكِ إلَّا قُبَيْلَ الشَّهَادَةِ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمَا لَمْ تَضْمَنْهُ الدَّعْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْمَعَ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ سَلَكُوا فِيهِ طَرِيقَ التَّحْقِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ تَضَمُّنُ شَهَادَتِهِمْ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي أَكْثَرِ مِنْ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَاحْتِمَالُ تَقَدُّمِ الْمِلْكِ عَلَى الدَّعْوَى لَا يُنْكَرُ وَهُوَ الْكَافِي فِي سَمَاعِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا سَمَاعُ الشَّهَادَةِ انْتِظَامُهَا وَإِمْكَانُهَا ظَاهِرٌ إلَّا مُوَافَقَتَهَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقَامُ إلَّا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَيَتَعَذَّرُ عِنْدَ طَلَبِهِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ كَأَنَّهُ مُدَّعٍ لِلْمِلْكِ ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْضًا فَلَمْ تَقَعْ الشَّهَادَةُ مُخَالِفَةً لِلدَّعْوَى. (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ الْحَمْلَ الْمَوْجُودَ عِنْدَ إقَامَتِهَا) وَلَوْ انْفَصَلَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا بِمِلْكِ بَهِيمَةٍ حَامِلٍ أَوْ نَخْلَةٍ قُبَيْلَ اطِّلَاعِهَا ثُمَّ لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ وَضَعَتْ فِيهَا الْبَهِيمَةُ أَوْ أَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ التَّحْلِيفُ لِأَسْبَابٍ كَالسَّعْيِ فِي إكْمَال الْبَيِّنَةِ ثُمَّ لَمْ يَتَّفِقْ إكْمَالُهَا أَوْ غِيبَةِ الْقَاضِي أَوْ مَرَضِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ يَحْلِفُ وَيُقْضَى لَهُ بِالْعَيْنِ فَهَلْ نَقُولُ يُقْضَى لَهُ بِالْمِلْكِ مِنْ حِينِ أَدَاءِ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ حَتَّى تَكُونَ الْفَوَائِدُ الْحَادِثَةُ بَعْدَهَا لَهُ أَوْ مِنْ حِينِ الْحَلِفِ وَيَكُونُ مَا حَدَثَ قَبْلَهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يُبْنَى عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِمَ يَقَعُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 412 إقَامَتِهَا تَبَعًا لِلْأُمِّ كَمَا فِي الْعُقُودِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ انْفِصَالُهُ مِنْهُ بِوَصِيَّةٍ (لَا النِّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ) الظَّاهِرَةَ وَسَائِرًا لِزَوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ عِنْدَ إقَامَتِهَا بَلْ تَبْقَى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَاسْتُحِقَّ) لِغَيْرِهِ (بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ) أَيْ غَيْرُ مُؤَرَّخَةٍ (رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ) بِالثَّمَنِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ انْتِقَالُهُ مِنْهُ إلَى الْمُدَّعِي لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي عُهْدَةِ الْعُقُودِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِهِ مِنْهُ إلَيْهِ فَيَسْتَنِدُ الْمِلْكُ الْمَشْهُودُ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِنَّمَا حُكِمَ بِبَقَاءِ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِ وَقِيلَ لَا رُجُوعَ بِذَلِكَ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ وَالْمَذْهَبُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَالْأَوَّلُ طَرِيقَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ جَامِعَةٌ لِأَمْرٍ مُحَالٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَأْخُذُ النِّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ وَالزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةِ كُلُّهَا وَهُوَ قَضِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ قَضِيَّةُ فَسَادِ الْبَيْعِ وَهَذَا مُحَالٌ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا تَقَرَّرَ (وَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي) لِغَيْرِهِ (وَانْتُزِعَ مِنْ الْمُشْتَرِي) الثَّانِي (رَجَعَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى بَائِعِهِ) فَلَيْسَ لِلثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِ بَائِعَهُ وَإِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِبَائِعِهِ وَفُهِمَ بِالْأُولَى مِنْ قَوْلِهِ مُطْلَقَةٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ بِالْحُجَّةِ الْمُؤَرَّخَةِ بِزَمَنِ الشِّرَاءِ أَوْ بِمَا قَبْلَهُ ثُمَّ مَحَلُّ الرُّجُوعِ إذَا لَمْ يُنْزَعْ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ إذْ إقْرَارُهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ كَمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ (وَلَوْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدُوا بِهِ وَبِسَبَبِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ ادَّعَى مِلْكًا وَذَكَرَ سَبَبَهُ فَشَهِدُوا بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالْمَقْصُودِ وَلَا تَنَاقُضَ فِيهِ لِأَنَّ ذِكْرَ السَّبَبِ لَيْسَ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ كَالتَّابِعِ (لَكِنْ لَا تَرْجِيحَ) لِلْبَيِّنَةِ (بِالسَّبَبِ) لِوُقُوعِهِ قَبْلَ الدَّعْوَى بِهِ وَالِاسْتِشْهَادِ عَلَيْهِ فَلَا يُرَجَّحُ بِهِ (حَتَّى يَدَّعِيَ) الْمُدَّعِي (الْمِلْكَ وَسَبَبَهُ وَيَشْهَدُونَ بِهِ وَإِنْ ذَكَرَ) فِي دَعْوَاهُ (سَبَبًا) لِلْمِلْكِ (وَذَكَرُوا) سَبَبًا (غَيْرِهِ رُدَّتْ) شَهَادَتُهُمْ لِلتَّنَاقُضِ (وَلَوْ شَهِدُوا بِانْتِقَالِ مِلْكٍ مِنْ مِلْكِهِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ لَمْ يُبَيِّنُوهُ فَفِي سَمَاعِهَا خِلَافٌ) قِيلَ تُسْمَعُ كَمَا لَوْ بَيَّنُوا السَّبَبَ وَقِيلَ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ أَسْبَابَ الِانْتِقَالِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَصَارَ كَالشَّهَادَةِ بِأَنَّ فُلَانًا وَارِثُ لَا تُقْبَلُ مَا لَمْ تُبَيَّنْ جِهَةُ الْإِرْثِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ السَّبَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَالَ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَذْهَبَ السَّمَاعُ هُنَا (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْعُقُودِ) لَوْ (اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا اكْتَرَى مِنْ الدَّارِ) مَثَلًا (أَوْ) فِي (قَدْرِ الْأُجْرَةِ أَوْ فِي قَدْرِهِمَا) وَلَا بَيِّنَةَ (تَحَالَفَا وَفُسِخَ) الْعَقْدُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ التَّحَالُفِ (وَسَلَّمَ) الْمُكْتَرِي (أُجْرَةَ) مِثْلِ (مَا سَكَنَ)   [حاشية الرملي الكبير] بِالشَّهَادَةِ أَوْ بِالْيَمِينِ أَوْ بِهِمَا وَقَوْلُهُ فَهَلْ يُقْضَى لَهُ بِالْمِلْكِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ بِهِمَا (قَوْلُهُ وَالثَّمَرَةَ الظَّاهِرَةَ) قَيَّدَهَا الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ لَا تَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ لِكَوْنِهَا مُؤَبَّرَةً فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ أَوْ بِالنُّورِ فِي التِّينِ وَالْعِنَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ دَخَلَتْ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الشَّجَرَةِ فَاسْتَحَقَّهَا مُقِيمُ الْبَيِّنَةِ بِمِلْكِ الشَّجَرَةِ قَالَ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ شَاهِدٌ لَهُ ثُمَّ حَكَى تَعْبِيرَ النِّهَايَةِ بِقَوْلِهِ وَثَمَرَتُهَا بَادِيَةٌ وَإِنْ عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَا تَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ وَفِي الْمَطْلَبِ الْمُرَادُ بِالْبَادِيَةِ الْمُؤَبَّرَةُ لِأَنَّهَا لَا تُتْبَعُ فِي الْبَيْعِ فَفِي الشَّهَادَةِ أَوْلَى. اهـ. وَقَوْلُهُ قَيَّدَهَا الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَالْحَادِثَةُ بَيْنَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِينَ وَشَهَادَةِ الْوَاحِدِ وَالْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَخْذُهُ لِلْمَذْكُورَاتِ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا أَخْذُهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَدْعَاةَ أَصَالَةٍ، وَلَا جُزْءًا مِنْ الْأَصْلِ مَعَ احْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ فَصَحَّ كَلَامُ الْأَصْحَابِ ش. (قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ الرُّجُوعِ إذَا لَمْ يَتَبَرَّعْ إلَخْ) قَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي) أَوْ يَمِينِ الْمُشْتَرِي الْمَرْدُودَةِ (وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يُنْزَعْ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي) أَيْ الصَّرِيحِ أَوْ الضِّمْنِيّ كَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بِالْعَكْسِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ التَّعَرُّضُ لِلسَّبَبِ بَلْ لَوْ شَهِدَا بِدَيْنٍ أَوْ مِلْكٍ ثَبَتَ الدَّيْنُ وَالْمِلْكُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا سَبَبَهُمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَسْبَابِ الْمُثْبِتَةِ لِلدَّيْنِ وَالْمِلْكِ وَقَدْ يَكُونُ الشَّاهِدَانِ يَظُنَّانِ مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ سَبَبًا لَهُمَا وَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِكَثْرَةِ أَسْبَابٍ لِلْمِلْكِ وَالدَّيْنِ إذْ لَا يَلْزَمُ الشَّاهِدُ ذِكْرَ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ذِكْرُ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْمِلْكِ وَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا تَنَاقَضَ فِيهِ) فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَتْ مُنَاقِضَةً لِلدَّعْوَى وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ أَنَّ الشَّاهِدَ لَوْ شَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى وَفْقِ الدَّعْوَى لَا تُقْبَلُ وَأَفْتَى الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ بِأَنَّهَا تُسْمَعُ وَلَا يَكُونُ مَا صَدَرَ مِنْهُ قَادِحًا فِيهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ إذَا غَيَّرَ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ فَزَادَ فِيهَا أَوْ نَقَصَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا نَصٌّ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ مَا لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِ فَقَدْ يَشْهَدُ ثُمَّ يَتَذَكَّرُ فَلَا يُؤْثِرُ فِي شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمِلْكَ وَسَبَبَهُ وَيَشْهَدُونَ بِهِ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ ذِكْرَهُمْ السَّبَبِ إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ هَؤُلَاءِ لَا يُفِيدُهُ شَيْئًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَوَائِدِ الْحَادِثَةِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ مِنْ حِينِ السَّبَبِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يُعِيدَ الدَّعْوَى وَيَذْكُرَ السَّبَبَ ثُمَّ يَشْهَدُونَ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِهِ غ (قَوْلُهُ قَالَ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَذْهَبَ السَّمَاعُ هُنَا) هُوَ الْأَصَحُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَاضِحٌ (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْعُقُودِ) (قَوْلُهُ لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا اكْتَرَى مِنْ الدَّار إلَخْ) إذَا اخْتَلَفَ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي فِي الرِّفَافِ فَإِنْ كَانَتْ مُسَمَّرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مُتَّصِلٍ كَالْأَبْوَابِ وَالتَّأْزِيرَاتِ وَالسَّلَالِمِ الْمُسَمَّرَةِ وَمَا لَا يَتَّصِلُ بِالدَّارِ مِنْ قُمَاشٍ وَنَحْوِهِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُكْتَرِي لِيَدِهِ وَأَمَّا الرِّفَافُ غَيْرُ الْمُسَمَّرَةِ أَيْ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَالسَّلَالِمِ الْمُنْفَصِلَةِ وَإِغْلَاقِ الْأَبْوَابِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَالْعُرْفُ فِيهِ مُضْطَرِبٌ وَالْيَدُ فِيهِ مُشْتَرَكَةٌ قَالَهُ شُرَيْحٌ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَتَكُونُ بَيْنَهُمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقُمَاشِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُكْرِيَ إذَا انْتَقَلَ مِنْ الدَّارِ وَسَلَّمَهَا لِلْمُكْتَرِي لَا يَتْرُكُ قُمَاشَهُ فِيهَا وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِتَرْكِ الرِّفَافِ وَتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُكْتَرِي وَيُحْتَمَلُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُكْتَرِي نَصَبَهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْتَادُ فَيَتَعَارَضُ الْأَمْرَانِ فَقُلْنَا يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ تَكُونُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجِيءُ أَنْ يُقَالَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُكْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ بِجَمِيعِ مَا فِيهَا وَرُبَّمَا يَنْصِبُ السَّاكِنُ الرِّفَافَ بِالْمِسْمَارِ أَيْضًا وَقَدْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ اهـ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 413 فِي الدَّارِ فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ بِهَا (وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا) لِتَكَاذُبِهِمَا فَتَسَاقَطَتَا (ثُمَّ تَحَالَفَا) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ وَأُخْرَى بِأَلْفَيْنِ حَيْثُ يَثْبُتُ الْأَلْفَانِ بِأَنَّهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْأَلْفِ لَا تَنْفِي الْأَلْفَيْنِ وَهُنَا الْعَقْدُ وَاحِدٌ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ التَّارِيخُ بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُرِّخَتَا أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى (وَإِنْ اخْتَلَفَ التَّارِيخُ) بِأَنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّ كَذَا مُكْرًى سَنَةً مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ، وَالْأُخْرَى بِأَنَّ كَذَا مُكْرِيٍّ سِنَةٌ مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) تَارِيخًا لِأَنَّ الْعَقْدَ السَّابِقَ صَحِيحٌ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَكْثَرِ صَحَّ وَلَغَا الْعَقْدُ عَلَى الْأَقَلِّ بَعْدَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ بَطَلَ الثَّانِي فِي الْأَقَلِّ دُونَ الْبَاقِي (إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ) لَمْ يَجْرِ إلَّا (عَقْدًا وَاحِدًا) فَتَتَعَارَضَانِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ مَحَلُّ التَّعَارُضِ فِي الْمُطْلَقَتَيْنِ وَفِي الْمُطْلَقَةِ وَالْمُؤَرَّخَةِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا تَعَارُضَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَتَيْنِ مُخْتَلِفًا وَتَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ غَيْرُ تَارِيخِ الْمُؤَرَّخَةِ فَيَثْبُتُ الزَّائِدُ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ (وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى ثَالِثٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا) أَيْ الدَّارُ (مِنْهُ وَسَلَّمَ الثَّمَنَ وَطَالَبَ بِتَسْلِيمِهَا) لَهُ (فَأَقَرَّ لِوَاحِدٍ) مِنْهُمَا بِمَا ادَّعَاهُ (أَوْ أَقَامَ) أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ (أَوْ أَقَامَاهُمَا وَبَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ) تَارِيخًا (سُلِّمْت لَهُ) لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْعِ لِلثَّانِي (وَطَالَبَهُ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ) جَوَازًا لِأَنَّ ذَلِكَ كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي زَعْمِهِ (وَلَا يُحَلِّفُهُ) لِتَغْرِيمِ الْعَيْنِ بِنَاءً فِي الْأُولَى عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لِأَنَّ قَضِيَّةَ دَعْوَاهُ أَنَّ الْبَيْعَ قَدْ انْفَسَخَ بِتَفْوِيتِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَلَأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ الدَّارَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أُخِذَتْ مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ وَالتَّصْرِيحِ بِمُطَالَبَةِ الْآخَرِ بِعَدَمِ التَّحْلِيفِ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (تَعَارَضَتَا) بِأَنْ لَمْ تَسْبِقْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَاسْتَمَرَّ الثَّالِثُ عَلَى التَّكْذِيبِ (حَلِفَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهُ مَا بَاعَدَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ (وَلَهُمَا اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ) مِنْهُ إذْ لَا تَعَارُضَ فِيهِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا شَهِدَتْ بِتَوْفِيَةِ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّعَارُضُ فِي الدَّارِ لِامْتِنَاعِ كَوْنِهَا مِلْكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَسَقَطَتَا فِيهَا دُونَ الثَّمَنِ (لَا إنْ تَعَرَّضَتْ الْبَيِّنَةُ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ) فَلَيْسَ لَهُمَا اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ مِنْهُ لِتَقَرُّرِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ عُهْدَةُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ (وَمَنْ شَهِدَتْ) مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ (بِالْمِلْكِ) فِي الْمُدَّعَى (لِلْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي الْآنَ أَوْ بِنَقْدِ الثَّمَنِ) دُونَ الْأُخْرَى (قُدِّمَتْ) شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى سَابِقَةً لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَلِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلنَّقْدِ يُوجِبُ التَّسْلِيمَ وَالْأُخْرَى لَا تُوجِبُهُ لِبَقَاءِ حَقِّ الْحَبْسِ لِلْبَائِعِ فَلَا يَكْفِي الْمُطَالَبَةُ بِالتَّسْلِيمِ (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَحَدُهُمَا) لِمَنْ بِيَدِهِ دَارٌ (اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ وَ) قَالَ (الْآخَرُ) اشْتَرَيْتهَا (مِنْ عَمْرٍو وَهِيَ مِلْكُهُ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا ادَّعَيَاهُ (تَعَارَضَتَا) فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَإِنَّمَا شَرَطَ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَهِيَ مِلْكُهُ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى مَالًا بِيَدِ شَخْصٍ وَقَالَ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حَتَّى يَقُولَ اشْتَرَيْته مِنْهُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا) إذْ الزِّيَادَةُ الْمُرَجَّحَةُ هِيَ الْمُشْعِرَةُ بِمَزِيدِ عِلْمٍ وَوُضُوحِ حَالٍ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ مَا فِيهِ التَّنَافِي كَإِسْنَادٍ إلَى سَبَبٍ وَسَبْقٍ وَانْتِقَالٍ عَنْ اسْتِصْحَابِ أَصْلٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا قَالَهُ مِنْ الِاحْتِمَالِ إنَّمَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَةَ مُقَدَّمَةٌ وَقَدْ يُمْنَعُ هَذَا التَّخْرِيجُ فَيُقَالُ لَوْ قُلْنَا بِهِ لَزِمَ كَثْرَةُ التَّقْدِيرِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَجْوِيزِهِ إذَا قَلَّ تَجْوِيزُهُ إذَا كَثُرَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا فَتَارَةً يَتَعَرَّضَانِ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ وَتَارَةً لَا يَتَعَرَّضَانِ لِاخْتِلَافٍ وَلَا اتِّفَاقَ وَقَوْلُهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَتَيْنِ مُخْتَلِفًا قُلْنَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّفِقًا فَلِمَ عَيَّنْت احْتِمَالَ الِاخْتِلَافِ وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ غَيْرَ تَارِيخِ الْمُؤَرَّخَةِ قُلْنَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ هُوَ تَارِيخُ الْمُؤَرَّخَةِ وَقَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَنَافٍ ثَبَتَ أَكْثَرُ الزِّيَادَةِ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ قُلْنَا هَذَا رُجُوعٌ إلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ الَّذِي هُوَ خِلَافُ النَّصِّ الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَقْدًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْعِ لِلثَّانِي) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُصْدِرْ الْمُتَأَخِّرُ حَالَةَ الْخِيَارِ فَإِنْ صَدَرَ فِي الْخِيَارِ فُسِخَ الْأَوَّلُ وَكَانَ هُوَ صَحِيحًا فَإِنْ تَعَرَّضَتْ بَيِّنَةُ الثَّانِي لِذَلِكَ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَيُقْضَى لِلْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ وَلَكِنْ تَعَرَّضَتْ لِكَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ فَالْأَرْجَحُ تَقْدِيمُ شَهَادَةِ مَنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ حَالُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فِي الْأُولَى) هِيَ مَا لَوْ أَقَرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا [فَرْعٌ شِرَاء الدَّار الْمُخْتَلَفُ فِي مِلْكِيَّتِهَا] (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَارَضَتَا حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا) وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا جَمِيعًا جُعِلَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا مَبِيعًا لِكُلٍّ نِصْفُهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ إنْ صَدَّقَاهُ عَلَى قَدْرِهِ فَإِنْ كَذَّبَاهُ حَلَّفَاهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا تَرَجَّحَتْ يَدُهُ أَوْ فِي يَدِهِمَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا أَوْ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَتْ نَائِبَةً عَنْ الْبَائِعِ أَوْ عَنْ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَوْ عَنْهُمَا كَانَ الْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَوْ غَيْرَ نَائِبَةٍ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ لِنِسْبَتِهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا تُوجِبُ بَيِّنَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا انْتِزَاعَ الْعَيْنِ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّ بَيْعَ غَيْرِهِ لَهَا لَا يَجْعَلُهُ مَالِكًا لَهَا وَلَا مُطَالَبَةَ الْبَائِعِ بِهَا لِذِي الْيَدِ أَيْضًا بَلْ تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ عَنْهُ لِأَجَلِ الْبَيِّنَةِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَتُهُ فَإِذَا حُكِمَ بِإِبْطَالِ الْبَيْعَيْنِ وَأَخْذِ الْبَائِعِ بِرَدِّ الثَّمَنَيْنِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الدَّعْوَى هَذَا إنْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ بِمِلْكِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَإِنْ عَارَضَهَا ذُو الْيَدِ بِبَيِّنَتِهِ قُدِّمَتْ وَإِلَّا رُفِعَتْ يَدُهُ وَثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ مِلْكَهُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمِلْكِهِ فِي إحْدَى السَّنَتَيْنِ حُكِمَ بِالْبَيْعِ لِمَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ بِالْبَيْعِ وَالْمِلْكِ دُونَ الْآخَرِ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ وَبَطَلَ حُكْمُ التَّعَارُضِ فِيهِمَا وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْمِلْكِ وَالْبَيْعِ ثَبَتَ حُكْمُ التَّعَارُضِ (قَوْلُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَتَهُ تَعَارَضَتَا) وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 414 وَهُوَ مِلْكُهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ) أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي (اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ تَسَلَّمْتُهَا مِنْهُ أَوْ سَلَّمَهَا إلَيَّ كَالشَّهَادَةِ) يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ اشْتَرَاهَا وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ أَوْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ (لَا) فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ (مِنْ ذِي يَدٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ بَلْ يُكْتَفَى بِأَنَّ الْيَدَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ. (وَإِنْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ لِلْمُدَّعِي فِيمَا ذَكَرَ (بِأَنَّهُ بَاعَهُ) مَا ادَّعَاهُ (وَآخَرَانِ أَنَّ الْبَائِعَ) كَانَ (يَمْلِكُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْبَيْعِ (جَازَ وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً (بِالشِّرَاءِ) لِلدَّارِ مِنْ مَالِكٍ لَهَا (وَ) أَقَامَ (آخَرُ) بَيِّنَةً (بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُثْبِتِ) الْأَوَّلِ (كَفَى) فِي شَهَادَتِهِ بَيِّنَتُهُ فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُثْبِتِ الْأَوَّلِ وَأَنْتَ تَمْلِكُهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامُهُ كَمَا لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَهُ لِصَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ كَالْيَدِ (وَحُكِمَ لِلْآخَرِ) بِبَيِّنَتِهِ (وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِذِي الْيَدِ بِعْتُكهَا) بِكَذَا (وَهِيَ مِلْكِي فَأَدِّ الثَّمَنَ فَأَقَرَّ لَهُمَا) بِمَا ادَّعَيَاهُ (أَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ) لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِانْتِقَالِهَا مِنْهُ إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِأَنْ يَسِعَهُ مَا بَيْنَ الزَّمَنَيْنِ (نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا) لِامْتِنَاعِ كَوْنِهَا مِلْكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَلَا إقْرَارَ وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ لَهُ غَرِمَ لَهُ الثَّمَنَ الَّذِي سَمَّاهُ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ (أَوْ لَمْ يَمْضِ) بَيْنَ الزَّمَنَيْنِ (مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ) مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي ثُمَّ الْعَقْدِ الثَّانِي (لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّمَنَانِ) لِتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَلَوْ حَذَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّمَنَانِ وَأَخَّرَ تَعَارَضَتَا عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْضَحُ وَأَخْصَرُ (وَكَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ) فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ إلَّا إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُ الْإِقْرَارَيْنِ أَوْ لَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ فَلَا يَلْزَمَانِهِ لِلتَّعَارُضِ. (وَلَوْ شَهِدَا) عَلَيْهِ (بِالْبَيْعِ أَوْ الْقَتْلِ فِي وَقْتٍ وَ) شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ (الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ سَاكِتًا) فِيهِ لَا يَقُولُ وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا (تَعَارَضَتَا) بِنَاءً عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالنَّفْيِ الْمَحْصُورِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ) لِسَيِّدِهِ (أَعْتَقَتْنِي وَقَالَ الْآخَرُ بِعْتنِيهِ) بِكَذَا (فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا) بِمَا ادَّعَاهُ (لَمْ يُحَلِّفْهُ الْآخَرُ) لِأَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ فَإِقْرَارُهُ إتْلَافٌ مِنْهُ لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى إتْلَافِ الْبَائِعِ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ حِينَئِذٍ لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمُ نَعَمْ إنْ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ خِيَارًا يَنْفُذُ فِيهِ عِتْقُ الْبَائِعِ فَلِلْعَبْدِ تَحْلِيفُهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ لَقُبِلَ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْغَصْبِ مَا يَقْتَضِيهِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَلَا يَخْتَصُّ التَّصْوِيرُ بِالْعِتْقِ بَلْ سَائِرِ أَسْبَابِهِ مِنْ تَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ وَإِيلَادٍ وَتَعْلِيقِ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَذَلِكَ (وَلِمُسَلِّمِ الثَّمَنِ) بِدَعْوَاهُ وَهُوَ الْآخَرُ (طَلَبُهُ) أَيْ الثَّمَنِ مِنْهُ فَيُحَلِّفُهُ عَلَيْهِ يَمِينًا (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا ادَّعَيَاهُ (قُدِّمَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا تَارِيخًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْبِقْ إحْدَاهُمَا (تَعَارَضَتَا) فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعَارُضِ فِي الْمَوْتِ) وَالْإِرْثِ لَوْ (مَاتَ نَصْرَانِيٌّ) أَيْ رَجُلٌ عُرِفَ تَنَصُّرُهُ عَنْ أَبْنَاءٍ (وَفِي أَبْنَائِهِ مُسْلِمٌ فَادَّعَى إسْلَامَهُ) أَيْ إسْلَامُ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ لِيَرِثَهُ وَأَنْكَرَ الْبَاقُونَ (لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ (فَإِنْ قَامَتْ) بِذَلِكَ (بَيِّنَتَانِ) مُطْلَقَتَانِ بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْأُخْرَى مَاتَ نَصْرَانِيًّا (قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) لِاخْتِصَاصِهَا بِمَزِيدِ عِلْمٍ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ إلَى الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحَبَةٌ لَهَا (كَمَا لَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ وَارِثٍ) أَقَامَهَا (بِتَرِكَةٍ ادَّعَاهَا) إرْثًا (وَ) بَيِّنَةُ (زَوْجَةٍ) لِلْمَيِّتِ أَقَامَتْهَا عَلَى (أَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا) أَوْ بَاعَهَا لَهَا (فَتُقَدَّمُ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ أَوْ تَسَلَّمْتهَا مِنْهُ) أَوْ سَلَّمَهَا إلَيَّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالتَّسْلِيمِ فِيمَا يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ كَالشَّهَادَةِ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ إنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِفُلَانٍ بَلْ شَهِدُوا أَنَّهُ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ أَنَّ ظَاهِرَ النَّصِّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَقُولُوا اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ مَالِكًا لَهُ قَالَ وَعِنْدِي يُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُشْتَرَطَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهِ مِنْ فُلَانٍ شِرَاءً صَحِيحًا وَلَا يَكُونُ مَالِكًا بَلْ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ وَلِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ فَمُطْلَقُ الشِّرَاءِ يُحْمَلُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُوجِبِ لِلْمِلْكِ خَاصَّةً إذَا شَهِدُوا لِهَذَا الْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ. اهـ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ تَارِيخُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الشِّرَاءِ مِنْ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَسْبِقَهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا) بِأَنْ عَيَّنَا وَقْتًا وَاحِدًا بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ يَضِيقُ عَنْ وُقُوعِ عَقْدَيْنِ فِيهِ عَقْدٌ عَقِبَ عَقْدٍ وَلَيْسَ اتِّحَادُ التَّارِيخِ هُنَا كَاتِّحَادِ التَّارِيخِ فِي الصُّورَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي تِلْكَ تَحْصِيلُ رَقَبَةِ ذَلِكَ الَّذِي وَقَعَتْ الدَّعْوَى بِهِ وَالْعَيْنُ الْوَاحِدَةُ لَا تَتَّسِعُ لِتَحْصِيلِ الْغَرَضَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مَالِكَهَا وَالْمَطْلُوبُ فِي هَذِهِ الثَّمَنِ وَهُوَ فِي الذِّمَّةِ وَالذِّمَّةُ مُتَّسِعَةٌ لِلُزُومِ أَثْمَانٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَكَلَامُ غَيْرِهِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ) كَقَوْلِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ إنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ عِنْدَ بُرُوزِ شَيْءٍ مِنْ الشَّمْسِ بِطُلُوعِهَا وَالْأُخْرَى إنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ عِنْدَ بُرُوزِ نِصْفِهَا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالنَّفْيِ الْمَحْصُورِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي آخَرِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ رَأَى ذَهَبًا وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ الذَّهَبُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ فُلَانٍ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الذَّهَبُ وَأَنَّهُ حَانِثٌ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ. اهـ. (قَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ النَّصْرَانِيِّ بِيَمِينِهِ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعَارُضِ فِي الْمَوْتِ) (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْأُخْرَى مَاتَ نَصْرَانِيًّا) هَكَذَا صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَالْأُخْرَى بِأَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ نَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَعِنْدِي أَنَّ شَهَادَةَ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ كَافٍ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِذَلِكَ انْتِقَالُهُ مِنْ التَّنَصُّرِ الَّذِي كَانَ مَعْرُوفًا بِهِ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ وَحُدُوثُ كُفْرِهِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا وَأَلَّا يَرِثَهُ أَحَدٌ وَأَمَّا قَوْلُ إحْدَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْأُخْرَى مَاتَ نَصْرَانِيًّا فَهَذَا لَيْسَ إطْلَاقًا وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ بِحَالَةِ الْمَوْتِ اهـ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 415 بَيِّنَتُهَا) لِذَلِكَ وَكَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولٍ إنَّك عَبْدِي وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَتَهُ أَنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِفُلَانٍ وَأَعْتَقَهُ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ لِذَلِكَ (فَإِنْ) قُيِّدَتَا أَوْ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ كَأَنْ (قَالَتْ إحْدَاهُمَا آخِرُ كَلَامِهِ التَّوْحِيدُ) أَيْ الْإِسْلَامُ أَوْ مَاتَ مُسْلِمًا. (وَ) قَالَتْ (الَأُخْرَى) آخِرُ كَلَامِهِ (التَّثْلِيثَ تَعَارَضَنَا) لِتَنَاقُضِهِمَا (فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ) عَلَى مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِ الْأَبِ وَأَشَارَ بِالتَّثْلِيثِ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي بَيِّنَةِ التَّنَصُّرِ أَنْ تُفَسَّرَ كَلِمَتُهُ بِمَا يَخْتَصُّ بِهِ النَّصْرَانِيُّ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ دِينُ الْأَبِ وَلَا بَيِّنَةٌ) وَالْمَالُ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا (حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (وَيُقَسَّمُ) الْمَالُ (بِحُكْمِ الْيَدِ) يَعْنِي بِحُكْمِ أَنَّهُ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا (نِصْفَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ) وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ ذُو الْيَدِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْيَدِ بَعْدَ اعْتِرَافِ صَاحِبِهَا بِأَنَّهُ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ إرْثًا (فَكَأَنَّهُ بِيَدِهِمَا وَكَذَا) الْحُكْمُ (إنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ) بِمَا ذَكَرَ (وَتَعَارَضَتَا) أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَا فِي الْمُهَذَّبِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إلَى الْبَيَانِ اهـ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ (وَيُدْفَنُ) هَذَا الْمَيِّتُ الْمَشْكُوكُ فِي إسْلَامِهِ (فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَيَقُولُ) مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ (أُصَلِّي عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ. (وَلَوْ خَلَفَ) الرَّجُلُ (مَكَانُ الِابْنِ) الْمُسْلِمِ (أَخًا وَزَوْجَةً مُسْلِمَيْنِ وَأَوْلَادًا كَفَرَةً) فَادَّعَى الْمُسْلِمَانِ إسْلَامَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَأَنْكَرَ أَوْلَادُهُ (وَلَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِ الْمَيِّتِ) وَلَا بَيِّنَةٌ (وُقِفَ الْمَالُ) بَيْنَهُمْ (حَتَّى يَنْكَشِفَ) الْحَالُ (أَوْ يَصْطَلِحُوا) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الْإِمَامُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ قَالَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْأُولَى أَيْ الَّتِي قَدَّمْتُ فِيهَا كَلَامَ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ بِأَنْ عُرِفَ أَنَّهُ كَفَرَ صُدِّقَ الْأَوْلَادُ بِأَيْمَانِهِمْ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَإِنْ أُطْلِقَتَا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمَيْنِ وَإِنْ قُيِّدَتَا أَوْ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ تَعَارَضَتَا (فَلَوْ مَاتَ كَافِرٌ) عَنْ أَبْنَاءٍ وَوُجِدَ فِيهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْلِمٌ (وَقَالَ ابْنُهُ الْمُسْلِمُ أَسْلَمْتُ بَعْدَهُ) فَالْمِيرَاثُ بَيْنَنَا (وَقَالُوا) بَلْ أَسْلَمْت (قَبْلَهُ) فَلَا تَرِثْهُ (أَوْ مَاتَ فِي رَمَضَانَ) بِاتِّفَاقِهِمَا (وَقَالَ) ابْنُهُ الْمُسْلِمُ (أَسْلَمْت فِي شَوَّالِ وَقَالُوا) بَلْ أَسْلَمْت (فِي شَعْبَانَ وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ) عَلَى مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِهِ (وَوَرِثَ) مِنْهُ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ بِهَا (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُمْ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ الْكُفْرِ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِدِينِهِ. (وَإِنْ أَسْلَمَ فِي رَمَضَانَ) بِاتِّفَاقِهِمَا (وَقَالَ مَاتَ فِي شَعْبَانَ وَقَالُوا بَلْ فِي شَوَّالِ) وَلَا بَيِّنَةَ (صُدِّقُوا لِأَنَّ الْأَصْلَ) بَقَاءُ الْحَيَاةِ (وَإِنْ أَقَامُوا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) لِأَنَّهَا تَنْقِلُ مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ فِي شَعْبَانَ وَالْأُخْرَى تَسْتَصْحِبُ الْحَيَاةَ إلَى شَوَّالِ (إلَّا إنْ قَالَتْ بَيِّنَتُهُمْ) فِي هَذِهِ (رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالِ فَيَتَعَارَضَانِ وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ) الْمَحْكُومُ فِيهِمَا بِقَوْلِهِ حَلَفَ وَوَرِثَ (كُنَّا نَسْمَعُ تَنَصُّرَهُ إلَى نِصْفِ شَوَّالِ) الْأُولَى إلَى بَعْدَ الْمَوْتِ (فَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ) أَيْضًا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ أَوْ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ بِالْإِسْلَامِ مُطْلَقَةً وَبِالنَّصْرَانِيَّةِ مُقَيَّدَةً فَلَا تَعَارُضَ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْلِمُ ثُمَّ يَرْتَدُّ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَتَصِحُّ الشَّهَادَتَانِ وَيُحْكَمُ بِرِدَّتِهِ وَيَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا وَقَالَ الْفُورَانِيُّ وَإِذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةً وَالْأُخْرَى مُقَيَّدَةً فَالْعَمَلُ بِالْمُقَيَّدَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَقَالَتْ الْأُخْرَى آخِرُ كَلَامِهِ التَّثْلِيثُ) قَالَ الْعَبَّادِيُّ أَوْ بِأَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ عِيسَى رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ سِوَاهُ. (قَوْلُهُ تَعَارَضَتَا لِتَنَاقُضِهِمَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّعَارُضُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ آخِرَ كَلَامِهِ بِاعْتِبَارِ مَا شَاهَدْته كُلُّ بَيِّنَةِ لَا تُعَارِض فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيَّةِ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ كَلِمَةُ التَّنَصُّرِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي سَكَتَ فِيهَا عَنْ الْكَلَامِ بِحَضْرَتِهِمْ ثُمَّ إنَّهَا ذَهَبَتْ وَاسْتَصْحَبَتْ السُّكُوتَ وَجَاءَتْ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ فَتَكَلَّمَ فِي حَضْرَتِهَا بِالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا تَعَارُضَ حِينَئِذٍ وَيَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا يَقَعُ التَّعَارُضُ لَوْ شَهِدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا كَذَا وَمَكَثَ عِنْدَهُ إلَى أَنْ مَاتَ وَدُفِنَ قَالَ وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ عَلِمْنَا الْحَالَةَ الَّتِي شَاهَدَتْهُ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ فِيهَا وَلَكِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ عَلِمْنَا بِسَبَبِ الْجُرْحِ وَلَكِنَّهُ تَابَ مِنْهُ فَإِنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) وَفِي وُجُوبِ تَفْسِيرِ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَجْهَانِ أَطْلَقَاهُمَا وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمُ الْوُجُوبِ هُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ الْوُجُوبَ سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقَاضِي فِيمَا يُسَلِّمُ بِهِ الْكَافِرُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَيَظْهَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ وَتَعَارَضَتَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا عِنْدِي مَمْنُوعٌ بَلْ الصَّوَابُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَطْرَأُ عَلَى التَّنَصُّرِ فَيَقْطَعُهُ وَلَا يَطْرَأُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيَقْطَعُهُ إلَّا الرِّدَّةُ وَلَا مِيرَاثَ مَعَهَا (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إلَى الْبَيَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَقُولُ أُصَلِّي عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) وَكَذَا يُقَيِّدُ الدُّعَاءَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْأُولَى إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُمْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ تَقْدِيمِ بَيِّنَتِهِمْ إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهَا عَلِمَتْ مِنْهُ دِينَ النَّصْرَانِيَّةِ حِينَ مَوْتِ أَبِيهِ وَبَعْدَهُ وَأَنَّهَا لَمْ تُسْتَصْحَبْ فَإِذَا قَالَتْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ لِأَنَّا لَوْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ النَّصْرَانِيِّ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا حَالَ مَوْتِ أَبِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْكُفْرِ إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهَا عَلِمَتْ مِنْهُ الْكُفْرَ حِينَ مَوْتِ أَبِيهِ وَبَعْدَهُ وَأَنَّهَا لَمْ تُسْتَصْحَبْ فَإِذَا قَالَتْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ لِأَنَّا لَوْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الْكُفْرِ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ فَتَتَعَارَضَانِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ لِاحْتِمَالِ اسْتِنَادِ بَيِّنَةِ شَعْبَانَ لِإِغْمَاءٍ أَوْ اسْتِفَاضَةِ مَوْتٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 416 مُسْلِمٌ) وَلَهُ ابْنَانِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ مُسْلِمًا قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ (وَاخْتَلَفَا فِي تَقَدُّمِ إسْلَامِ الْآخَرِ) عَلَى مَوْتِهِ (فَقَالَ) لَهُ (الْأَوَّلُ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ إسْلَامِك) وَقَالَ هُوَ بَلْ بَعْدَهُ، وَلَا بَيِّنَةَ (صُدِّقَ الْأَوَّلُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُفْرِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ اتَّفَقَا عَلَى مَوْتِ الْأَبِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْأَوَّلُ لِلْآخَرِ أَسْلَمَتْ فِي شَوَّالِ) وَقَالَ هُوَ بَلْ أَسْلَمَتْ فِي شَعْبَانَ وَلَا بَيِّنَةَ (وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِذَلِكَ (قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ (وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْآخَرَ أَسْلَمَ فِي رَمَضَانَ فَادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ فِي شَوَّالِ وَقَالَ الْأَوَّلُ بَلْ مَاتَ فِي شَعْبَانَ صُدِّقَ الْآخَرُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ (وَفِي التَّعَارُضِ) بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ (تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ (فَإِنْ قَالَ كُلٌّ) مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (أَنَا الَّذِي لَمْ أَزَلْ مُسْلِمًا) وَأَنْتَ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ (وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَا وَجُعِلَ) الْمَالُ (بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ ظَاهِرَ الدَّارِ يَشْهَدُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا يَقُولُهُ فِي نَفْسِهِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا وَقَالَ الْآخَرُ لَمْ أَزَلْ مُسْلِمًا أَيْضًا وَنَازَعَهُ الْأَوَّلُ فَقَالَ كُنْت نَصْرَانِيًّا وَإِنَّمَا أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا لِأَنَّ ظَاهِرَ الدَّارِ يَشْهَدُ لَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَقِسْ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ (مَا لَوْ) مَاتَ الْأَبُ حُرًّا وَ (كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا وَالْآخَرُ حُرًّا) بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَاخْتَلَفَا هَلْ عَتَقَ الْأَوَّلُ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ بَعْدَهُ (وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ مَاتَ) مُوَرِّثُنَا (عَلَى دِينِنَا صُدِّقَ الْأَبَوَانِ) لِأَنَّ وَلَدَهُمَا مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ ابْتِدَاءً تَبَعًا لَهُمَا فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ وَقِيلَ يُوقَفُ الْمَالُ حَتَّى يَنْكَشِفَ الْأَمْرُ أَوْ يَصْطَلِحُوا قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ أَرْجَحُ دَلِيلًا لَكِنْ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ (وَإِنْ مَاتَ ابْنُ رَجُلٍ وَزَوْجَتُهُ) أَيْ الرَّجُلُ فَاخْتَلَفَ هُوَ وَأَخُوهَا (فَقَالَ) هُوَ (مَاتَتْ أَوَّلًا فَوَرِثَهَا ابْنِي) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَوَرِثْتهَا أَنَا وَابْنِي وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (ثُمَّ) مَاتَ الِابْنُ وَ (وَرِثْته) أَنَا (وَقَالَ أَخُوهَا بَلْ) مَاتَتْ (آخِرًا فَوَرِثَتْ الِابْنَ) قَبْلَ مَوْتِهَا (ثُمَّ) وَرِثْتهَا أَنَا وَلَا بَيِّنَةَ (صُدِّقَ) الْأَخُ (فِي مَالِ أُخْتِهِ وَالزَّوْجُ فِي مَالِ ابْنِهِ بِيَمِينِهِمَا فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا لَمْ يَرِثْ مَيِّتٌ مِنْ مَيِّتٍ فَمَالُ الِابْنِ لِأَبِيهِ وَمَالُ الزَّوْجَةِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَخِ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِذَلِكَ (تَعَارَضَتَا فَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ) مِنْ الِابْنِ وَالزَّوْجَةِ (يَوْمَ الْجُمُعَةِ) بِاتِّفَاقِهِمَا (وَاخْتُلِفَ فِي مَوْتِ الْآخَرِ) قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (صُدِّقَ مَنْ ادَّعَاهُ بَعْدُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ (فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِذَلِكَ (قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مَنْ ادَّعَاهُ قَبْلُ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ (وَإِنْ قَالَ وَرَثَةُ مَيِّتٍ لِزَوْجَتِهِ) كُنْت أَمَةً ثُمَّ (عَتَقَتْ) بَعْدَ مَوْتِهِ (أَوْ) كُنْت كَافِرَةً ثُمَّ (أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ) بَلْ عَتَقْتُ أَوْ أَسْلَمْتُ (قَبْلُ صُدِّقُوا) بِأَيْمَانِهِمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ وَالْكُفْرِ (وَإِنْ قَالَتْ لَمْ أَزَلْ حُرَّةً أَوْ مُسْلِمَةً صُدِّقَتْ) بِيَمِينِهَا (دُونِهِمْ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا (فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) السَّيِّدُ (لِعَبْدِهِ إنْ قُتِلْت فَأَنْت حُرٌّ أَوْ إنْ مِتَّ فِي رَمَضَانَ فَأَنْت حُرٌّ فَأَثْبَتَ الْعَبْدُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِمُوجِبِ عِتْقِهِ) بِأَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً فِي الْأُولَى أَنَّهُ قُتِلَ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ مَاتَ فِي رَمَضَانَ (وَ) أَقَامَ (الْوَارِثُ) بَيِّنَةً فِي الْأُولَى (بِمَوْتِهِ) حَتْفَ أَنْفِهِ (أَوْ) فِي الثَّانِيَةِ (بِمَوْتِهِ فِي شَوَّالِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ) لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِالْقَتْلِ فِي الْأُولَى وَبِحُدُوثِ الْمَوْتِ فِي رَمَضَانَ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَا قِصَاصَ) فِي الْأُولَى لِأَنَّ الْوَارِثَ مُنْكِرٌ لِلْقَتْلِ (فَإِنْ أَثْبَتَ الْوَارِثُ) أَيْ أَقَامَ فِي الثَّانِيَةِ بَيِّنَةً (بِمَوْتِهِ فِي شَعْبَانَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَلَوْ حُكِمَ بِشَاهِدَيْ رَمَضَانَ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ مَاتَ فِي شَوَّالِ فَهَلْ يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَيُجْعَلُ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ مَعًا أَوْ لَا فَعَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ تَخْرِيجُ قَوْلَيْنِ فِيهِ كَمَا لَوْ بَانَ فِسْقُ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ انْعَكَسَ التَّصْوِيرُ فَكَانَ الْأَبَوَانِ مُسْلِمَيْنِ وَالِابْنَانِ كَافِرَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ حُكِمَ بِإِسْلَامِ وَلَدِهِمَا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا وَكَانَ أَحَقَّ بِمِيرَاثِهِ مِنْ ابْنَيْهِ وَإِنْ عُلِمَ كُفْرُ الْأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْكُفْرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا وَادَّعَاهُ ابْنَاهُ أَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبَوَيْنِ مَعَ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّا عَلَى يَقِينٍ مِنْ حُدُوثِ وِلَادَتِهِ وَعَلَى شَكٍّ مِنْ تَقَدُّمِهَا وَإِنْ كَانَ النِّزَاعُ فِي وَقْتِ إسْلَامِ الْأَبَوَيْنِ فَادَّعَى أَبَوَاهُ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ وَادَّعَى ابْنَاهُ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا بَعْدَ وِلَادَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنَيْنِ مَعَ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمَا عَلَى الْكُفْرِ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْأَبَوَانِ لِأَنَّ وَلَدَهُمَا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُهُ قُصُورُ ذَلِكَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ وَطِئَ مَجُوسِيٌّ أُخْتَهُ مِنْ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ الْأَصْلِيَّيْنِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَمَاتَ عَنْ جَدَّيْهِ أَبِي أَبِيهِ وَأُمُّ أُمِّهِ وَهِيَ أُمُّ أَبِيهِ أَيْضًا وَتَنَازَعَا مَعَ وَلَدٍ لَهُ مُسْلِمٍ فِي كُفْرِهِ وَإِسْلَامِهِ كَانَ كَذَلِكَ قَالَ وَإِنَّمَا فَرَضْنَا ذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمَجُوسِ لِأَنَّ هُنَا أَصْلًا مُسْتَصْحَبًا وَهُوَ كُفْرُ الْأَصْلِ لِلْأَدْنَى فَإِنَّهُ لَوْ تَخَلَّلَ أَبٌ وَأُمٌّ وَكَانَ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْجَدَّيْنِ وَالِابْنَيْنِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَصْلٌ مُسْتَصْحِبٌ لِلْكُفْرِ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ الْجَدَّيْنِ قَالَ وَقَدْ يُفْرَضُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْوَطْءِ بِشُبْهَةِ الْكُفَّارِ وَلَا حَاجَةَ فِي التَّصْوِيرِ لِذِكْرِ الِابْنَيْنِ بَلْ الِابْنُ الْوَاحِدُ كَافٍ وَكَذَا ابْنُ الِابْنِ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ كُفْرُ الْأَبَوَيْنِ الْأَصْلِيِّ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُنَازِعِ فَلَا خِلَافَ فِي تَصْدِيقِهِمَا وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْفَتْوَى عَلَى الْوَقْفِ لِزَوَالِ الِاسْتِصْحَابِ قَالَ وَلَمْ أَرَ هَذَا الَّذِي حَقَّقْنَاهُ فِي كَلَامِ أَحَدٍ وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ إنَّ الْوَقْفَ أَرْجَحُ دَلِيلًا إنَّمَا يَكُونُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ لَنَا أَصْلٌ فِي الْأَبَوَيْنِ نَسْتَصْحِبَهُ فَإِنْ ثَبَتَ فَقَوْلُ الْأَبَوَيْنِ قَطْعًا. (قَوْلُهُ لَكِنْ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ) هَذَا إذَا كَانَ الِابْنَانِ بَالِغَيْنِ أَوْ لَمْ تَكُنْ أُمُّهُمَا مُسْلِمَةً فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا صَغِيرَيْنِ أَوْ أُمُّهُمَا كَافِرَةً وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِسْلَامِهِمَا أَوْ أَقَرَّ الْجَدَّانِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَتَكُونُ الدَّعْوَى مِنْ النَّاظِرِ فِي مَالِهِمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ [فَصْلٌ قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إنْ قُتِلْت فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ إنْ مِتَّ فِي رَمَضَانَ فَأَنْتَ حُرٌّ] (قَوْلُهُ وَلَا قِصَاصَ فِي الْأُولَى إلَخْ) نَعَمْ لَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ الْعَقْلَ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 417 كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ نَقْضِهِ وَعَلَيْهِ جَرَى شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الضَّعِيفِ فَلِهَذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ رَمَضَانَ فَلَا نَقْضَ وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ مِتَّ فَأَنْت حُرٌّ وَشَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ بِقَتْلِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يُعْتَقُ الْعَبْدُ لِأَنَّ مَنْ قُتِلَ فَقَدْ مَاتَ (وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِمَوْتِهِ فِي رَمَضَانَ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَ) عِتْقَ (غَانِمٍ بِمَوْتِهِ فِي شَوَّالٍ أَوْ بِالْبُرْءِ مِنْ مَرَضِهِ فَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمُوجِبِ عِتْقِهِمَا (تَعَارَضَتَا وَرُقَّا) وَجْهُ التَّعَارُضِ فِي الثَّانِيَةِ تُقَابِلُ زِيَادَةُ عِلْمِ إحْدَاهُمَا بِالْمَوْتِ فِي الْمَرَضِ وَزِيَادَةُ عِلْمِ الْأُخْرَى بِالْبُرْءِ وَفِي الْأُولَى تَقَابُلُ عِلْمَيَّ الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْمَوْتِ فِي الْوَقْتَيْنِ وَقِيلَ تُقَدَّمُ فِيهَا بَيِّنَةُ سَالِمٍ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِالْمَوْتِ فِي رَمَضَانَ وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ غَانِمٍ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْأَوْجَه تَقْدِيمُ بَيِّنَةُ سَالِمٍ ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْأَنْوَارِ جَزَمَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ مِتَّ فِي رَمَضَانَ السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْفَصْلِ (وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُ التَّرِكَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجِهَةِ) أَيْ جِهَةُ الْوِرَاثَةِ كَأُبُوَّةٍ وَأُخُوَّةٍ (وَ) مِنْ ذِكْرِ (الْوَارِثَةِ) وَذَلِكَ لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِلْحُكْمِ) لَهُ بِهَا (فَيَقُولُ أَنَا ابْنُهُ وَوَارِثُهُ فَإِذَا أَشْهَدَ عَدْلَانِ خَبِيرَانِ) بِبَاطِنِ حَالِ مُوَرِّثِهِ لِصُحْبَةٍ وَجِوَارٍ وَحَضَرٍ وَسَفَرٍ وَنَحْوِهَا إنَّ هَذَا وَارِثُهُ وَ (أَنَّهُمَا لَا يَعْرِفَانِ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ دُفِعَتْ إلَيْهِ التَّرِكَةُ فَإِنْ كَانَ ذَا فَرْضٍ وَشَهِدَا لَهُ هَكَذَا أُعْطِيَ) فَرْضَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُطَالِبُ وَاحِدًا مِنْهَا بِضَمِينِ لِأَنَّ طَلَبَهُ مَعَ إقَامَةِ الشُّهُودِ طَعْنٌ فِيهِمْ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي (فَإِنْ لَمْ يَقُولَا لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ أَوْ قَالَا) (وَلَمْ يَكُونَا خَبِيرَيْنِ) بِبَاطِنِ الْحَالِ (وَكَانَ سَهْمُهُ غَيْرَ مُقَدَّرٍ أَوْ) كَانَ مُقَدَّرًا لَكِنْ (كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ لَمْ يُعْطَ) شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ (حَتَّى يَبْحَثَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ حَالِ مُوَرِّثِهِ (الْقَاضِي) فِي الْبِلَادِ الَّتِي سَكَنَهَا أَوْ طَرَقَهَا فَيَكْتُب إلَيْهَا لِلِاسْتِكْشَافِ (وَيُنَادِي) الْمُرَادُ وَيَأْمُرُ مَنْ يُنَادِي فِيهَا أَنْ فُلَانًا مَاتَ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ فَلِيَأْتِ الْقَاضِي أَوْ لِيَبْعَثَ إلَيْهِ (وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنْ لَا وَارِثَ لَهُ ثُمَّ يُعْطِيَهُ) حَقَّهُ (بِلَا ضَمِينٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً مُوسِرًا اكْتِفَاءً بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ. ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَإِنْ كَانَ سَهْمُهُ مُقَدَّرًا وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ أُعْطِيَ أَقَلَّ فَرْضِهِ عَائِلًا) بِلَا بَحْثٍ لِأَنَّهُ مُحَقَّقٌ فَالزَّوْجَةُ تُعْطَى رُبْعَ الثُّمْنِ عَائِلًا لِاحْتِمَالِ أَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَالزَّوْجُ يُعْطَى الرُّبْعُ عَائِلًا لِاحْتِمَالِ أَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ مَعَهُ وَيُعْطَى الْأَبُ السُّدُسَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَلَامًا سَقَطَ صَدْرُهُ وَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ شَوَّالٍ كَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ وَوَافَقَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْحَابُ عَنْهُ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ قَدْ أَوْضَحَ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ دَارٍ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَقَالَ رَدَدْتهَا عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَقَالَ الْمُدَّعِي قَدْ أَقَرَّ بِالشِّرَاءِ فَمُرْهُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَى أَنْ يُبَيِّنَ الْعَيْبَ فَقَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْتهَا بِخَمْسِمِائَةٍ لَا بِأَلْفٍ قَالَ الْبَغَوِيّ يُجْعَلُ قَوْلُهُ السَّابِقُ إقْرَارًا بِالْأَلْفِ لِأَنَّهُ جَوَابٌ تَرَتَّبَ عَلَى دَعْوَاهُ بِهِ وَقَالَ قَبْلَ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ هَذَا الْمَالِ إلَيْك الْيَوْمَ أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ مُقِرًّا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَثْبُتُ بِالْمَفْهُومِ وَإِنَّمَا يَثْبُت بِالصَّرِيحِ اهـ وَالصَّرِيحُ الْوَاقِعُ هُنَا مُطْلَقُ الشِّرَاءِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ سَالِمٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ ادَّعَى نِصْفَ عَيْنَيْنِ عَلَى الشُّيُوعِ ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى إحْدَاهُمَا أَوْ ادَّعَى إحْدَاهُمَا ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى نِصْفَهُمَا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ كَذَا فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلشِّرَاءِ قُبِلَتْ قَالَ الْقَاضِي كُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مَا لَمْ يَقُلْ لِي بَيِّنَةٌ أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَهَا فَخَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَائِبٍ لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ نُكِحَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ فَادَّعَى الزَّوْجُ الْأَوَّلُ أَنَّهَا نُكِحَتْ فِي عِدَّتِي لَمْ تُسْمَعْ مَا لَمْ يَقُلْ لِي بَيِّنَةٌ أُقِيمُهَا عَلَى أَنِّي طَلَّقْتهَا يَوْمَ كَذَا وَلَا يُحْتَمَلُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ ظَانًّا بُلُوغَهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً حَالَةَ الْعَقْدِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَلَا إرْثَ لَهَا فَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّغَرِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْبَيْعِ طِفْلًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ (فَرْعٌ) لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ الْخَصْمُ أُقِرُّ بِخَمْسَةٍ وَأَحْلِفُ عَلَى خَمْسَةٍ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ أَحْلِفُ عَلَى خَمْسَةٍ وَأَرَادَ الْيَمِينَ فِي خَمْسَةٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ حَصَلَ مَقْصُودُ الْمُدَّعِي فِي الْبَعْضِ وَهَاهُنَا بِخِلَافِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فَأَنْكَرَ وَقَالَ هِيَ مِلْكِي وَرَثَتَهَا مِنْ أَبِي ثُمَّ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَلَمْ تَكُنْ بِعْتهَا مِنِّي أَوْ مِنْ أَبِي نُزِعَتْ مِنْهُ وَسُلِّمَتْ لِلْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ هَذَا ثُمَّ جَاءَتْ زَوْجَتُهُ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا تُنْزَعُ مِنْ الْمُدَّعِي وَتُسَلَّمُ إلَيْهَا بِبَيِّنَتِهَا ثُمَّ الْمُدَّعِي يُغَرِّمُهُ قِيمَتَهَا لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا بِإِصْدَاقِهَا الزَّوْجَةِ وَلَوْ ادَّعَى عَيْنًا وَأَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً فَقُضِيَ لَهُ بِهَا ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مُدَّعٍ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى لَهُ بِالْمِلْكِ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى لِأَنَّهَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ تَشْهَدُ بِالْقَضَاءِ فَهُوَ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ كَانَ بِالْأَمْسِ مِلْكًا لَهُ وَإِنْ شَهِدَ شُهُودُ ذِي الْيَدِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى لَهُ بِالْمِلْكِ وَلَا نَعْرِفُ زَوَالَ مِلْكِهِ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكُ جَدِّهِ وَقَدْ وَرِثَهَا وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا كَانَتْ لِجَدِّهِ وَهُوَ وَارِثُهُ فَالْأَوْلَى أَوْلَى لِأَنَّ قَوْلَهُمَا وَقَدْ وَرِثَهَا شَهَادَةٌ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَقَوْلُهُمَا إنَّهُ وَارِثُهُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَارِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ فَقَالَ مَاتَ أَبِي وَتَرَكَ هَذَا الْمَالَ لِي وَلِأَخِي هَذَا فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَا ابْنُ فُلَانٍ وَلَسْت بِابْنِهِ فَالْمَالُ لِي دُونَك جُعِلَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ بِالْأُخُوَّةِ فَيَدْفَعُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ نِصْفَهُ وَيَتْرُكُ الْبَاقِي فِي يَدِ الْمُقِرِّ بِحُكْمِ الْيَدِ وَكَذَا لَوْ قَالَ مَاتَتْ زَوْجَتِي فُلَانَةُ وَخَلَفَتْ هَذَا الْمَالَ مِيرَاثًا لِي وَلِأَخِيهَا هَذَا فَقَالَ الْأَخُ أَنَا أَخُوهَا وَلَسَتْ زَوْجًا لَهَا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَى الْأَخِ نَصِيبَهِ وَيَتْرُكُ نَصِيبَ الزَّوْجِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 418 عَائِلًا بِتَقْدِيرِ أَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ وَزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَالْأُمُّ السُّدُسَ عَائِلًا بِتَقْدِيرِ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ مَعَهَا (وَبَعْدَ الْبَحْثِ) إذَا لَمْ يَظْهَرْ غَيْرُ الْمَشْهُودِ لَهُ (يُعْطَى الْبَاقِي) وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً (وَلَا يُؤْخَذُ ضَمِينٌ لِلْمُتَيَقِّنِ وَالزَّائِدِ) عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ (فَلَوْ قَالَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ لَمْ يُقْدَحْ فِيهِمْ) أَيْ فِي شَهَادَتِهِمْ وَالْأَوْلَى فِيهِمَا (وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ) بِهَا (خَطَأً) لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِمَا اعْتَقَدَاهُ وَلَمْ يَقْصِدَا الْكَذِبَ (وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُهُ وَأَخُوهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْوِرَاثَةَ) أَيْ كَوْنُهُ وَارِثًا (نُزِعَ) بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ (الْمَالُ مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ (وَأُعْطِيَهُ بَعْدَ بَحْثِ الْقَاضِي) وَقِيلَ لَا يُعْطَى الْأَخُ لِأَنَّهُ يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الِابْنِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ (وَإِنْ قَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا فِي الْبَلَدِ سِوَاهُ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا) لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْهِمُ أَنَّ لَهُ وَارِثًا فِي غَيْرِ الْبَلَدِ (الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْعِتْقِ) وَالْوَصِيَّةِ (قَدْ تَقَرَّرَ) فِي الْفِقْهِ (أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدَيْنِ مُرَتِّبًا كُلًّا) مِنْهُمَا (ثُلُثَ مَالِهِ وَلَمْ يَجْزِ الْوَرَثَةُ) مَا زَادَ عَلَيْهِ (عَتَقَ الْأَوَّلُ) فَقَطْ (أَوْ) أَعْتَقَهُمَا (مَعًا) أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَعِيَّةٌ وَلَا تَرْتِيبَ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنُسَخِ الْكَبِيرِ الْمُعْتَمَدَةِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا (أَوْ عُلِمَ سَبْقٌ) لِأَحَدِهِمَا وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُهُ (أَوْ) عُلِمَ (سَابِقُ) مِنْهُمَا (وَجُهِلَ) بَعْدُ (فَمِنْ) أَيْ فَيَعْتِقُ مِنْ (كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُهُ) وَلَا قُرْعَةَ لِأَنَّهَا قَدْ تُفْضِي إلَى إرْقَاقِ الْحُرِّ وَالْعَكْسِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِهَذَا بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِهَذَا بِثُلُثِهِ وَلَمْ تُجْزَ الْوَرَثَةُ جُعِلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَكَذَا هُنَا إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الِعَبْدَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَلَا تَارِيخَ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تُجْزَ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ (عَتَقَ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُهُ) جَمْعًا بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَلِامْتِنَاعِ الْقُرْعَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْرُجُ بِرِقِّ الْحُرِّ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمِنْهَاجُ فَقَالَ قُلْت الْمَذْهَبُ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْإِقْرَاعُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي الْحُدُودِ (وَإِنْ أُرِّخَتَا) بِتَارِيخَيْنِ (وَاتَّحَدَا أُقْرِعَ) لِعَدَمِ الْمُرَجَّحِ وَهَلْ يَحْلِفُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ قَوْلَانِ قَالَهُ الْقَاضِي فَإِنْ اخْتَلَفَا تَارِيخًا قُدِّمَتْ السَّابِقَةُ كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنْجَزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ (فَإِنْ كَانَ) فِي الِاتِّحَادِ (أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ سُدْسَ الْمَالِ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ عَتَقَ هُوَ وَ) عَتَقَ مَعَهُ (نِصْفُ الْآخَرِ) لِيَكْمُلَ الثُّلُثُ وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْآخَرِ عَتَقَ وَحْدُهُ (وَلَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ) أُطْلِقَتْ (إحْدَاهُمَا عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (ثُلُثَاهُ) كَمَا لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخِرَ بِسُدُسِهِ أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثُلُثِي مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا فَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ مِمَّا تَقَرَّرَ (وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَتَانِ بِتَعْلِيقِ عِتْقِهِمَا بِمَوْتِهِ) أَوْ بِالْوَصِيَّةِ بِإِعْتَاقِهِمَا (وَكُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (ثُلُثٌ) لِمَالِهِ (وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ) مَا زَادَ عَلَيْهِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَمْ أُرِّخَتَا لِأَنَّ الْعِتْقَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِالْمَوْتِ كَالْوَاقِعَيْنِ مَعًا فِي الْمَرَضِ (وَيُقْبَلُ فِي الْعِتْقِ) وَالْوَصِيَّةِ (شَهَادَةُ الْوَارِثِ فَلَوْ شَهِدَا أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَوَارِثَانِ) لَهُ (حَائِزَانِ) لِمِيرَاثِهِ (أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ هَذَا الْإِيصَاءِ (إلَى عِتْقِ) أَيْ الْإِيصَاءُ بِعِتْقِ (سَالِمٍ وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (ثُلُثُ مَالِهِ تَعَيَّنَ الْعِتْقُ لِسَالِمٍ) بِشَهَادَةِ الْوَارِثَيْنِ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا لِلرُّجُوعِ عَنْ غَانِمٍ بَدَلًا يُسَاوِيهِ فَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ عَنْهُمَا وَلَا نَظَرَ إلَى تَبْدِيلِ الْوَلَاءِ لِأَنَّ الثَّانِي قَدْ لَا يَكُونُ أَهْدَى لِجَمْعِ الْمَالِ وَقَدْ لَا يُوَرَّثُ بِالْوَلَاءِ وَمُجَرَّدِ هَذَا الِاحْتِمَالِ لَوْ رُدَّتْ بِهِ الشَّهَادَةَ لِمَا قُبِلَتْ شَهَادَةُ قَرِيبٍ لِمَنْ يَرِثُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَا يَصْفُو عَنْ إشْكَالٍ لِأَنَّ الْغَرَضَ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِاسْتِبْقَاءِ غَانِمٍ وَإِنْ سَاوَاهُ سَالِمٌ فِي الْقِيمَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ التُّهْمَةَ الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ هِيَ التُّهْمَةُ الْقَوِيَّةُ دُونَ الضَّعِيفَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ هَذَا إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ. (فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ لِاحْتِمَالِ الثُّلُثِ لَهُ (وَثُلُثَا سَالِمٍ) اللَّذَانِ هُمَا قَدْرُ مَا يَحْتَمِلهُ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ غَانِمٍ مُؤَاخَذَةً لِلْوَارِثَيْنِ بِإِقْرَارِهِمَا الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ وَكَانَ غَانِمًا تَلِفَ أَوْ غُصِبَ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَا يَثْبُتُ الرُّجُوعُ بِشَهَادَتِهِمَا لِفِسْقِهِمَا وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْعِتْقِ الْمُنْجَزِ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ الرُّويَانِيِّ عِتْقُهُمَا جَمِيعًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فَيُقَالُ إنْ كَانَ غَانِمُ دَخَلَ فِي يَدِ الْوَارِثَيْنِ قَبْلَ شَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ عَتَقَ جَمِيعُ سَالِمٍ وَإِلَّا فَثُلُثَاهُ لِأَنَّ غَانِمًا إذَا دَخَلَ فِي يَدِهِمَا فَكَأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ امْتِدَادِ يَدِ الْوَارِثِ إلَيْهِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ -   [حاشية الرملي الكبير] الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْعِتْقِ) (قَوْلُهُ عَتَقَ الْأَوَّلُ) أَيْ لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الْمُنْجَزَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الِاتِّحَادُ بِمُقْتَضَى تَعْلِيقٍ وَتَنْجِيزٍ بِأَنْ يَقُولَ إنْ أَعْتَقْت غَانِمًا فَسَالِمٌ حُرٌّ ثُمَّ يَعْتِقُ غَانِمًا فَيَعْتِقُ سَالِمًا مَعَ عِتْقِ غَانِمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ وَالْمَشْرُوطَ يَقَعَانِ مَعًا وَهُوَ الْمُرَجَّحُ وَهَذَا تَارِيخٌ مُتَّحِدٌ وَلَا إقْرَاعَ وَيَتَعَيَّنُ السَّابِقُ وَلَوْ زَوَّجَ بِنْتَه وَزَفَّهَا مَعَ الْجِهَازِ وَقَالَ هَذَا جِهَازُ بِنْتِي فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا يُوَرَّثُ عَنْهَا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَمَاتَتْ فَادَّعَى الزَّوْجُ بِأَنَّهُ جِهَازُهَا فَلِي فِيهِ الْمِيرَاثُ وَقَالَ الْأَبُ بَلْ أَعَرْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ مَعَ يَمِينِهِ قُلْت وَفِيهِ إشْكَالٌ إذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً. (قَوْلُهُ عَتَقَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ) فَإِذَا أَعْتَقْنَا مِنْ كُلٍّ نِصْفَهُ عَتَقَ نِصْفُ الْمُتَقَدِّمِ وَعِتْقُهُ مُسْتَحَقٌّ وَرُقَّ نِصْفُ الْمُتَأَخِّرِ وَرِقُّهُ مُسْتَحَقٌّ وَلِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ وَآخَرَانِ بِأَنْ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو قُسِمَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ حَائِزَانِ) ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا حَائِزَيْنِ بَلْ وَلَا وَارِثَيْنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 419 الْمُعْتَقَيْنِ بَعْدَ امْتِدَادِ يَدِ الْوَارِثِ إلَيْهِ حُسِبَ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ الْعِتْقِ عَلَى أَحَدِ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ كُلُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ امْتِدَادِ يَدِهِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قُرْعَةِ الْعِتْقِ دُونَ الرِّقِّ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ الْعِتْقِ عَلَيْهِ عَتَقَ وَلَوْ خَرَجَتْ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ فَقَطْ فَجَوَابُهُ أَنَّ مَا حَسَبْنَاهُ عَلَى الْوَارِثِ بَعْدَ الِامْتِدَادِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ مَا يُنَافِي يَدَهُ بِخِلَافِ الَّذِي قَدَّرْنَا مَوْتَهُ فَإِنَّهُ وُجِدَ فِيهِ مَا يُنَافِي الْمِلْكَ وَهُوَ الْحُكْمُ بِعِتْقِهِ قَالَ وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ وَالسُّؤَالُ قَوِيٌّ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْتَقُ سَالِمٌ كُلُّهُ مُطْلَقًا لِاعْتِقَادِ الْفَاسِقَيْنِ أَنَّ غَانِمًا مِلْكُهُمَا وَأَنَّ الشَّهَادَةَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا وَقَطَعَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ عَلَى مَا يَشْهَدُ لَهُ. (وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا) وَهُمَا عَدْلَانِ (لِلرُّجُوعِ) عَنْ الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ غَانِمٍ (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) كَمَا لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ أَجَانِبَ نَعَمْ إنْ قَالَا إنَّمَا أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ عَتَقَا نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي تَنْجِيزِ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ فِيمَا يَظْهَرُ غَانِمٌ وَثُلُثَا سَالِمٍ لِاحْتِمَالِ ثُلُثِ الْبَاقِي بَعْدَ عِتْقِ غَانِمٍ لَهُمَا (وَإِنْ كَانَ سَالِمُ السُّدْسَ) أَيْ سُدُسُ الْمَالِ وَقُلْنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا بِالرُّجُوعِ) عَنْ الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ غَانِمٍ لِلتُّهْمَةِ بِرَدِّ الْعِتْقِ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ (وَيُعْتَقُ سَالِمٌ) بِإِقْرَارِهِمَا الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ (أَيْضًا) أَيْ مَعَ عِتْقِ غَانِمٍ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ (أَوْ) يُعْتَقُ مِنْ سَالِمٍ (قَدْرُ نَصِيبِهِمَا مِنْهُ إنْ لَمْ يَكُونَا حَائِزَيْنِ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِمَا وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ نِصْفِ غَانِمٍ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ لَهُ بَدَلًا فَيُعْتَقُ هُوَ مَعَ كُلِّ سَالِمٍ وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ الْمَبْنِيُّ عَلَى النَّصِّ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِرَجُلٍ) فِيمَا إذَا كَانَ سَالِمُ السُّدْسُ (وَشَهِدَ الْوَارِثَانِ) وَهُمَا عَدْلَانِ (بِالرُّجُوعِ عَنْ) الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ (سَالِمٍ لِغَانِمٍ كَمَا مَرَّ) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ مِنْ غَانِمٍ لِسَالِمٍ (زَالَتْ التُّهْمَةُ) لِأَنَّ لَهُمَا رَدُّ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ (فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا) بِالرُّجُوعِ عَنْ غَانِمٍ. (وَيُقَسَّمُ الثُّلُثُ أَثْلَاثًا) بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَبَيْنَ عِتْقِ سَالِمٍ فَيُعْطَى (الثُّلُثَانِ) مِنْهُ (لِلْمُوصَى لَهُ) بِالثُّلُثِ (وَثُلُثٌ) مِنْهُ (يُعْتِقُ بِهِ مِنْ الْعَبْدِ) وَهُوَ سَالِمٌ (ثُلُثَاهُ) وَهُمَا ثُلُثُ الثُّلُثِ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا ذَكَرُوهُ لَكِنَّ رَدَّ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ بَعْضِ أَصْحَابِ الْوَصَايَا بَلْ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ الثُّلُثُ وَقَبُولُ شَهَادَةُ الرُّجُوعِ تُوجِبُ إرْقَاقَ غَانِمٍ وَحِرْمَانِهِ عَنْ التَّبَرُّعِ وَهُوَ مَحَلُّ تُهْمَةٍ لِتَعْلِيقِ الْأَغْرَاضِ بِأَعْيَانِ الْعَبِيدِ وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُهُ فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ فَيُظْهِرْ أَنَّهُ يُعْتِقُ مِنْ كُلٍّ مِنْ غَانِمٍ وَسَالِمٍ نِصْفُهُ وَخَمْسُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عَشَرَةٍ وَأَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِثْلَ مَا عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ وَظَاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَدُورُ إذْ مَا يُعْتَقُ مِنْ غَانِمٍ كَالتَّالِفِ وَمَعْرِفَتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ بِالْعَكْسِ وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِهِ أَنْ يُقَالَ عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ شَيْءُ وَمِنْ سَالِمٍ نِصْفُ شَيْءٍ لِمُسَاوَاتِهِ نِصْفَ غَانِمٍ وَيُفْرَضُ لِلْمُوصَى لَهُ شَيْءٌ وَالتَّرِكَةُ ثَلَاثُونَ يَبْقَى لِلْوَارِثَيْنِ ثَلَاثُونَ إلَّا شَيْئَيْنِ وَنِصْفًا وَذَلِكَ يَعْدِلُ ضِعْفَ مَا فَاتَ عَلَيْهِمَا بِالْإِيصَاءِ بِالثُّلُثِ وَعَتَقَ سَالِمُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ وَمَا عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ كَالتَّالِفِ كَمَا مَرَّ فَيُجْبَرُ وَيُقَابَلُ فَثَلَاثُونَ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ وَنِصْفَ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةٌ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشْرَ جُزْءًا مِنْ الْوَاحِدِ فَيُعْتَقُ مِنْ غَانِمٍ نَظِيرُ ذَلِكَ وَهُوَ مَا مَرَّ وَالْبَاقِي أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَسِتَّةُ أَجَزَاءَ مِمَّا ذُكِرَ ثُلُثُهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَجُزْآنِ مِنْهُ تُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَعِتْقُ سَالِمٍ أَثْلَاثًا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَا ذَلِكَ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِمَّا ذُكِرَ وَلِعِتْقِ سَالِمٍ ثُلُثُهُ وَهُوَ نِصْفُ ذَلِكَ وَالْبَاقِي وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَأَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ مِمَّا ذُكِرَ لِلْوَارِثَيْنِ وَهِيَ ضِعْفُ مَا فَاتَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ مَا عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ. (فَإِنْ كَانَا) فِي الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ (فَاسِقَيْنِ عَتَقَا مَعًا) غَانِمٌ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَسَالِمٌ بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ وَهُوَ دُونَ ثُلُثِ الْبَاقِي مِنْ الْمَالِ بَعْدَ غَانِمٍ وَهَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ السَّابِقِ فِيهَا أَمَّا عَلَى النَّصِّ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ مَا رَجَّحَهُ هُوَ فِيهَا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ السُّدْسُ هُوَ غَانِمٌ) الْأُولَى وَإِنْ كَانَ غَانِمُ السُّدْسَ وَسَالِمُ الثُّلُثَ (وَرَجَعَا) أَيْ شَهِدَا بِالرُّجُوعِ عَنْ وَصِيَّةِ غَانِمٍ (وَهُمَا فَاسِقَانِ عَتَقَا إلَّا سُدْسَ سَالِمٍ لَتَلَفِ سُدْسَ الْمَالِ) بِعِتْقِ غَانِمٍ فَعَتَقَ مِنْ سَالِمٍ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَهِيَ قَدْرُ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ عِتْقِ غَانِمٍ فَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ عَتَقَ سَالِمٌ فَقَطْ (وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي الْمَرَضِ وَشَهِدَ) الْوَارِثَانِ (الْحَائِزَانِ) عَدْلَيْنِ كَانَا أَوْ فَاسِقَيْنِ (أَنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَ سَالِمًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثُلُثٌ) لِمَالِهِ (عَتَقَ) غَانِمٌ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَسَالِمٌ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا حَائِزَيْنِ عَتَقَ مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَجَوَابُهُ إنَّمَا حَسِبْنَاهُ عَلَى الْوَارِثِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ فِيمَا يَظْهَرُ غَانِمٌ وَثُلُثَا سَالِمٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلَهُ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِاتِّحَادِ الْمُسْتَحَقِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 420 سَالِمٍ قَدْرُ حِصَّتِهِمَا (وَقَالَ الرُّويَانِيُّ) وَالْخُوَارِزْمِيّ الْمُعَبَّرُ عَنْهُمَا فِي الْأَصْلِ بِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (قِيَاسُهُ) يَعْنِي مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِالْعِتْقِ وَكَانَ الْوَارِثَانِ فَاسِقَيْنِ (أَنْ يَعْتِقَ مِنْ سَالِمٍ قَدْرَ ثُلُثِ الْبَاقِي) بَعْدَ عِتْقِ غَانِمٍ فَقَطْ وَكَانَ غَانِمًا تَلَفَ (وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ شَهِدَا) وَهُمَا عَدْلَانِ (وَلَمْ يُكَذِّبَا) الْأَجْنَبِيَّيْنِ بَلْ قَالَا أَعْتَقَ سَالِمًا وَلَا نَدْرِي هَلْ أَعْتَقَ غَانِمًا أَوْ لَا (وَجُهِلَ السَّبَقُ) وَالْمَعِيَّةُ الْأَوْفَقُ بِمَا مَرَّ وَبِكَلَامِ أَصْلِهِ وَلَمْ يُؤَرِّخَا (عَتَقَ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُهُ) . كَمَا لَوْ كَانَ شُهُودُ الْعَبْدَيْنِ أَجَانِبَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَذَّبَاهُمَا أَوْ أُرِّخَتَا وَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ فَيُعْتَقَانِ فِي الْأُولَى كَمَا مَرَّ آنِفًا وَيُقْرَعُ فِي الثَّانِيَةِ وَيُقَدَّمُ السَّابِقُ فِي الثَّالِثَةِ كَمَا لَوْ كَانَ الشُّهُودُ أَجَانِبَ (وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ (وَنِصْفُ سَالِمٍ) بِاعْتِرَافِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ فِيمَا قَبْلَهَا هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَكَثِيرِينَ ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ هَذَا سَهْوٌ وَصَوَابُهُ أَنْ يُعْتَقَ خُمُسَاهُ وَذُكِرَ تَوْجِيهُهُ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مَعَ بَيَانِ وَجْهِ السَّهْوِ (فَلَوْ كَانَ سَالِمُ سُدْسِ الْمَالِ فَقِسْ) حُكْمُهُ (عَلَى مَا سَبَقَ) فَيُقَالُ إنْ كَذِبَ الْوَارِثَانِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ عَتَقَا جَمِيعًا وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ وَلَمْ يُؤَرَّخَا عَتَقَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ثُلُثَاهُ بِتَوْزِيعِ الثُّلُثِ عَلَى قِيمَتِيِّ الْعَبْدَيْنِ وَإِنْ أُرِّخَتَا وَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أُقْرِعَ أَوْ اخْتَلَفَ قُدِّمَ السَّابِقُ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ وَثُلُثَا سَالِمٍ (فَصْلٌ) لَوْ (أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ ثُمَّ رَجَعَ وَجَعَلَهُ لِبَكْرٍ ثُمَّ رَجَعَ وَجَعَلَهُ لِعَمْرٍو وَشَهِدَ لِكُلٍّ) مِنْهُمْ بِمَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مَعَ الرُّجُوعِ الْمَذْكُورِ (شَاهِدَانِ وَلَوْ وَارِثَيْنِ سُلِّمَ لِعَمْرٍو) فَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا بِالرُّجُوعِ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْجَمِيعِ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا لِمَا شَهِدَا بِالرُّجُوعِ عَنْهُ بَدَلًا (وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِزَيْدٍ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو وَآخَرَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ أَحَدِهِمَا) الْأَوْلَى إحْدَاهُمَا (وَلَمْ يُعَيِّنَا) الْمَرْجُوعَ عَنْهَا (لَغَتْ) شَهَادَتُهُمَا لِإِبْهَامِهَا كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا (وَقُسِّمَ) الثُّلُثُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِعَمْرٍو وَآخَرَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُعَيِّنَا الْمَرْجُوعَ عَنْهَا لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا وَأُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا السُّدْسَ أَمَّا إذَا عَيَّنَا الْمَرْجُوعَ عَنْهَا فَيُعْطَى الثُّلُثُ فِي الْأُولَى وَالسُّدْسُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْآخَرِ [الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَسَائِل مَنْثُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِأَدَبِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَسَائِل مَنْثُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِأَدَبِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى) (يَحْضُرُ الْخَصْمُ) مَجْلِسَ الْحُكْمِ (وَلَوْ يَهُودِيًّا فِي) يَوْمِ (سَبْتٍ) وَنَصْرَانِيًّا فِي يَوْمِ أَحَدٍ (وَمُسْلِمًا فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ لَا وَقْتَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ) أَيْ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاتِهَا فَلَا يَحْضُرُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْهُمَا (وَلَوْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ (أَنَّهُ غَصَبَهُ) كَذَا (بُكْرَةً وَآخَرَانِ) أَنَّهُ غَصَبَهُ إيَّاهُ (عَشِيَّةً تَعَارَضَتَا) فَلَا يُحْكَمُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَاحْتِمَالُ -   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مَعَ بَيَانِ وَجْهِهِ) عِبَارَتُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ هَذَا سَهْوٌ لِأَنَّ غَانِمًا أَيْضًا لَا يَسْتَحِقُّ بِقَوْلِ الْوَارِثِينَ إلَّا عِتْقِ النِّصْفِ وَقَدْ حَكَمْنَا بِعِتْقِ جَمِيعِهِ فَنِصْفِهِ كَالْمَغْصُوبِ أَوْ الْهَالِكِ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ وَنِصْفِهِ سُدْسِ التَّرِكَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَ عَبْدًا لَا سُدْسَ عَبْدٍ وَقَدْ أُعْتِقَا نِصْفَ عَبْدٍ فَبَقِيَ ثُلُثُ عَبْدٍ بِلَا مَزِيدٍ لَكِنَّ الْعَبْدَيْنِ سَوَاءٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِمَّا يُعْتَقُ مِنْ الْآخَرِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَنْقُصَ مَا عَتَقَ مِنْ الْأَوَّلِ عَنْ النِّصْفِ وَأَنْ يَزِيدَ مَا يُعْتَقُ مِنْ الثَّانِي عَلَى الثُّلُثِ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ عَتَقَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَالْبَاقِي مَغْصُوبٌ وَعَتَقَ مِنْ الثَّانِي شَيْءٌ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ مَعَ الثُّلُثِ الْكَامِلِ مِنْ التَّرِكَةِ فَمَعَهُمْ إذًا ثُلُثَانِ سِوَى شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ ضِعْفَ مَا عَتَقَ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءٍ فَتُجْبَرُ وَتُقَابَلُ فَثُلُثَا التَّرِكَةِ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءٍ فَالشَّيْءُ خُمْسُ ثُلُثَيِ التَّرِكَةِ وَخُمْسُ الثُّلُثَيْنِ خُمْسَا الثُّلُثِ وَكُلُّ عَبْدٍ ثُلُثُ فَيُعْتَقُ مِنْ الْأَوَّلِ خُمُسَاهُ وَالْبَاقِي مَغْصُوبٌ وَمِنْ الثَّانِي خُمُسَاهُ يَبْقَى ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْوَرَثَةِ مَعَ الثُّلُثِ الْكَامِلِ وَهِيَ ثَمَانِيَةُ أَخْمَاسٍ ضِعْفِ مَا عَتَقَ (تَنْبِيهٌ) لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ دَبَّرَ سَالِمًا وَهُوَ الثُّلُثُ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ الثُّلُثُ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِي أَنَّ التَّدْبِيرَ مُقَدَّمٌ لِوُقُوعِ الْعِتْقِ فِيهِ بِالْمَوْتِ فَيُعْتِقُ الْمُدَبَّرُ بِهِ وَيَرِقُّ الْمُوصَيْ بِعِتْقِهِ وَلَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ دَبَّرَ سَالِمًا وَهُوَ الثُّلُثُ وَآخَرَانِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ الثُّلُثُ وَآخَرَانِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا يُقَدَّمُ التَّدْبِيرُ وَالثَّانِي يُشْرِكُ فِي الثُّلُثِ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ وَالثَّالِثُ يُشْرِكُ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَيَدْفَعُ ثُلُثَ الْمَالِ إلَى الْمُوصَى لَهُ وَيَقْرَعُ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ فِي ثُلُثِي الثُّلُثِ فَمَنْ قُرِعَ عَتَقَ ثُلُثَاهُ وَرُقَّ ثُلُثُهُ وَجَمِيعُ الْآخَرِ [فَصْلٌ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ ثُمَّ رَجَعَ وَجَعَلَهُ لِبَكْرٍ ثُمَّ رَجَعَ وَجَعَلَهُ لِعَمْرٍو وَشَهِدَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِمَا أَوْصَى لَهُ بِهِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ) مَنْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَزْوِيجٍ مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَى صِفَةً فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ التَّزْوِيجِ مِمَّا يُوجِبُ بُطْلَانُ الْعَقْدِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِهِ قُبِلَتْ وَأُبْطِلَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالتَّزْوِيجُ وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَجَازَ لَهُمَا تَجْدِيدُ عَقْدِ النِّكَاحِ وَهَذَا إذَا اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا أَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَنْكِحَهُ وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ بِفَسَادِ التَّزْوِيجِ فِي الْأَصْلِ وَالرَّجُلُ يُنْكِرُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَزْوِيجُهَا فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ ثُمَّ أَرَادَ رَفْعَ الطَّلَاقِ فَقَالَ كَانَ عَقْدُ نِكَاحِنَا فَاسِدًا لِعَدَمِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ أَوْ قَالَتْ كُنْت مُعْتَدَّةً وَوَافَقَهَا الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَلَا يُمْكِنُهَا رَفْعُ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ بِقَوْلِهِمَا هَذَا بَلْ طَلَاقُهَا وَاقِفٌ عَلَى دُخُولِهَا فَمَتَى دَخَلَ وَقَعَ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَتَجْدِيدُ نِكَاحِهِمَا صَحِيحٌ وَارْتَفَعَ الْيَمِينُ وَكَأَنَّهُ حَلَفَ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَحْضُرُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُمَا) أَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّهُ مَتَى أَدَّى إحْضَارُهُ إلَى تَفْوِيتِ صَلَاتِهَا لَا يَحْضُرُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ صُعُودِ الْخَطِيبِ الْمِنْبَرِ (قَوْلُهُ تَعَارَضَتَا) لِمَ لَا يُقَالُ لَا تَعَارُضَ لِجَوَازِ أَنَّهُ اسْتَرْجَعَهُ مَالِكُهُ مِنْهُ ثُمَّ سَرَقَهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ عَشِيَّةً وَلَا سِيَّمَا إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ ذَلِكَ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ وَكَانَتْ دَعْوَاهُ أَوَّلًا مُطْلَقَةً لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا زَمَنَ الْأَخْذِ غ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 421 اسْتِرْدَادِهِ ثُمَّ غَصْبِهِ ثَانِيًا بَعِيدًا (أَوْ) شَهِدَ (وَاحِدٌ) هَكَذَا (وَوَاحِدٌ) هَكَذَا (حَلَفَ) الْمُدَّعِي (مَعَ أَحَدِهِمَا) وَأَخَذَ الْغُرْمَ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَلَا تَعَارُضَ (وَلَوْ أَتْلَفَ ثَوْبًا وَقَوَّمَهُ شَاهِدٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَآخَرُ بِدِينَارٍ ثَبَتَ النِّصْفُ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ (وَحَلَفَ) الْمُدَّعِي إنْ شَاءَ (مَعَ الْآخَرِ) أَيْ الَّذِي قَوَّمَ بِالدِّينَارِ وَثَبَتَ النِّصْفُ الْآخَرُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ بِالنِّصْفِ لَا يُعَارِضُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَهَذَا كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ دِينَارًا وَآخَرُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ دِينَارٍ (فَإِنْ تَمَّتْ الْبَيِّنَتَانِ) فِي ذَلِكَ بِأَنْ قُوِّمَتْ إحْدَاهُمَا الثَّوْبُ بِالنِّصْفِ وَالْأُخْرَى بِالدِّينَارِ ثَبَتَ النِّصْفُ أَيْضًا وَ (تَعَارَضَتَا فِي النِّصْفِ) الْبَاقِي (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُتْلَفِ) بِأَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ وَزْنَ الَّذِي أَتْلَفَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دِينَارًا وَأُخْرَى أَنَّ وَزْنَهُ نِصْفُ دِينَارٍ (قُدِّمَتْ شَهَادَةُ الْأَكْثَرِ) لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ (بِخِلَافِ) شَهَادَةِ (التَّقْوِيمِ) لِأَنَّ مُدْرَكَهَا الِاجْتِهَادُ وَقَدْ تَطْلُعُ بَيِّنَةُ الْأَقَلِّ عَلَى عَيْبٍ فَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِعَدَدٍ لِمَعْدُودٍ أَوْ بِأَذْرُعٍ لِمَذْرُوعٍ فَعَارَضَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ أَنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ كَنِصْفِهِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ انْتَهَى وَفِي قَوْلِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ نَظَرٌ وَمَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ التَّقْوِيمِ يُخَالِفُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قِيمَةَ سِلْعَةُ الْيَتِيمِ مِائَةً مَثَلًا فَأَذِنَ الْحَاكِمُ فِي بَيْعِهَا بِالْمِائَةِ فَبِيعَتْ بِهَا ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِأَنَّ قِيمَتَهَا مِائَتَانِ مِنْ أَنَّهُ يُنْقَصُ الْبَيْعُ وَالْإِذْنُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ هُنَا فِيمَا تُلِفَ وَتَعَذَّرَ تَحْقِيقٌ الْأَمْرِ فِيهِ وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي سِلْعَةٍ قَائِمَةٍ يَقْطَعُ بِكَذِبِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِأَنَّ قِيمَتَهَا مِائَةٌ (وَلَا تُسْمَعُ) بَيِّنَةُ مُدَّعِي عَبْدٍ (أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ) فَقَدْ تَلِدُهُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا (وَلَا) بَيِّنَةُ مُدَّعِي ثَمَرَةٍ (أَنَّ الثَّمَرَةَ مِنْ شَجَرَتِهِ) فَقَدْ تُثْمِرُهَا قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا فَلَا تُسْمَعَانِ (حَتَّى يَقُولَا وَلَدَتْهُ أَوْ أَثْمَرَتْهَا فِي مِلْكِهِ) فَتُسْمَعَانِ وَإِنْ شَهِدَتَا بِمِلْكٍ سَابِقٍ لِأَنَّ النَّمَاءَ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ فَإِذَا تَعَرَّضَتَا لِمِلْكِ الْأَصْلِ تَبِعَهُ النَّمَاءُ فِي الْمِلْكِ (وَيُسْمَعُ) مِنْ الْبَيِّنَةِ (نَحْوَ) قَوْلِهَا هَذَا الثَّوْبُ (مِنْ غَزْلِهِ وَالدَّقِيقُ مِنْ حِنْطَتِهِ وَالْفَرْخُ مِنْ بَيْضَتِهِ) وَالْخُبْزُ مِنْ دَقِيقِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْنُ مَالِهِ تَغَيَّرْت صِفَتُهُ بِخِلَافِ وَلَدِ الْأَمَةِ وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ (وَيُقَدَّمُ مَنْ شَهِدَ بِالرِّقِّ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ) لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهِيَ إثْبَاتُ الرِّقِّ (وَلَوْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ (بِدَيْنٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا مُتَّصِلًا) بِشَهَادَتِهِ أَنَّهُ (قَضَاهُ) أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ نَحْوُهُ (بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ) لِلتَّضَادِّ (أَوْ قَالَهُ مُنْفَصِلًا) عَنْهَا (بَعْدَ الْحُكْمِ) بِهَا (لَمْ يُؤْثِرْ) فِي شَهَادَتِهِ (وَكَذَا قَبْلَ الْحُكْمِ إنْ قَالَ قَضَاهُ قَبْلَ شَهَادَتِي) تُبِعَ كَالرَّوْضَةِ فِي هَذَا نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهِ الصَّحِيحَةِ بَعْدَ شَهَادَتِي فَإِنْ قَالَ قَبْلَهَا فَقَدْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلِلْخَصْمِ) فِيمَا إذَا لَمْ تَبْطُلْ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَوَّمَهُ شَاهِدٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ) اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ هَلْ الْقِيمَةُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْعَيْنِ أَوْ هِيَ مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ رَغَبَاتُ الرَّاغِبِينَ فِي ابْتِيَاعِهَا بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْأَظْهَرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ) هُوَ كَمَا قَالَ وَقَدْ فَرَضَهُ الشَّيْخَانِ فِي التَّالِفِ (قَوْلُهُ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَيُحْكَمُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُكِمَ لَنَا عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ سَالِمَةً مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ فَهُوَ كَمَا أُزِيلَتْ يَدُ الدَّاخِلِ بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ ثُمَّ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ لِذَلِكَ وَفِيهِ وَجْهٌ يَجِيءُ هُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ تَلِفَ) أَيْ أَوْ هُوَ بَاقٍ وَلَمْ يَقْطَعْ بِكَذِبِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْأَقَلِّ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَرَّضَتَا لِمِلْكِ الْأَصْلِ تَبِعَهُ النَّمَاءُ فِي الْمِلْكِ) أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى مِلْكِ الشَّيْءِ مُنْذُ سَنَةٍ يَأْخُذُهُ الْمُدَّعِي مَعَ زَوَائِدِهِ فِي السَّنَةِ (قَوْلُهُ وَالْخُبْزُ مِنْ دَقِيقِهِ) أَيْ وَالدَّقِيقُ مِنْ حِنْطَتِهِ وَالزَّرْعُ مِنْ بَذْرِهِ وَهَذِهِ الدَّنَانِيرُ أَوْ الدَّرَاهِمُ مِنْ ذَهَبِهِ وَفِضَّتِهِ وَهَذِهِ النَّخْلَةُ مِنْ نَوَاتِهِ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ مَنْ شَهِدَ بِالرِّقِّ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ) تَبِعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ وَالشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ وَاَلَّذِي حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ وَشَرَحَ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْحُرِّيَّةِ أَوْلَى خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ) وَهِيَ إثْبَاتُ الرِّقِّ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ إحْدَاهَا إذَا بَاعَ شَيْئًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِرُشْدِهِ حَالَةَ الْبَيْعِ وَأُخْرَى بِأَنَّهُ كَانَ سَفِيهًا أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيهَا بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ السَّفَهِ كَمَا تُقَدَّمُ الْجَارِحَةُ عَلَى الْمُعَدَّلَةِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرٍ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ صُورَةِ مَا تَقَعُ بِهِ الشَّهَادَةُ فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ السَّفَهِ بِتَبْذِيرٍ أَوْ فِسْقٍ مُقَارِنٍ لِلْبُلُوغِ مُسْتَمِرٍّ إلَى حِينِ الْبَيْعِ تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الرُّشْدِ تَقْدِيمَ الْبَيِّنَةِ الْجَارِحَةِ عَلَى الْمُعَدَّلَةِ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ رَشِيدٍ وَبَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْعَقْدِ رَشِيدًا فَبَيِّنَةُ الرُّشْدِ أَوْلَى وَكَذَا مَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى الثَّانِيَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَةُ الْجُنُونِ وَالْعَقْلِ أَطْلَقَ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ فِي فَتَاوِيهِ تَقْدِيمَ بَيِّنَةِ الْجُنُونِ لِأَنَّ عِنْدَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهُوَ حُدُوثُ الْجُنُونِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ جُنُونٌ سَابِقٌ فَبَيِّنَةُ الْجُنُونِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ أَيَّامًا وَيُفِيقُ أَيَّامًا وَعُرِفَ مِنْهُ فَالْبَيِّنَتَانِ مُتَقَابِلَتَانِ الثَّالِثَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَتِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ أَفْتَى النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ مُعَاصِرِيهِ بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْمَرَضِ وَخَالَفَهُمْ ابْنُ الْفِرْكَاحِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالصَّوَابُ مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَةِ الْمَرَضِ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَيِّنَةَ الصِّحَّةِ مُسْتَصْحَبَةٌ وَالنَّاقِلَةُ تُقَدَّمُ عَلَيْهَا الرَّابِعَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَتَيْ الْإِكْرَاهِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي الْإِقْرَارِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ الْخَامِسَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَتِي الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمِ كَذَا فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمَ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ قَبْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى وَلَا طَلَبًا أَجَابَ بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ تُقَدَّمُ وَهَذَا فِيهِ إطْلَاقٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ فَفِي رَوْضَةِ شُرَيْحٍ يَشْهَدَا بِالْمَالِ وَآخَرَانِ بِالْإِبْرَاءِ فَشَاهِدُ الْإِبْرَاءِ أَوْلَى إنْ أُطْلِقَتَا وَإِنْ وُقِّتَتَا فَالْأَخِيرَةُ أَوْلَى وَإِنْ أُطْلِقَتْ بَيِّنَةٌ وَأُرِّخَتْ أُخْرَى فَعَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِبْرَاءِ أَوْلَى (قَوْلُهُ إنْ قَالَ قَضَاهُ قَبْلَ شَهَادَتِي) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ شَهَادَتِي (قَوْلُهُ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ) عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ (فُرُوعٌ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 422 شَهَادَةُ الشَّاهِدِ (أَنْ يَسْتَشْهِدَهُ عَلَى الْقَضَاءِ) أَوْ الْإِبْرَاءِ بَعْدَ الدَّعْوَى (وَيَحْلِفُ مَعَهُ عَلَيْهِ) وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِشْهَادِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا قَضَاهُ أَوْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ شَهَادَتِي لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُ بَلْ يُحْكَمُ بِالدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْخَصْمُ مَعَهُ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا أَنَّهُ هُنَاكَ شَهِدَ بِنَفْسِ الْحَقِّ وَالْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ يُنَافِيَانِهِ فَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُ وَهُنَا شَهِدَ بِالْإِقْرَارِ وَهُمَا لَا يُنَافِيَانِهِ فَلَا تَبْطُلُ انْتَهَى وَالْفَرْقُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِشَهَادَتِهِ لَكِنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ مُنْفَصِلًا عَنْهَا كَمَا أَفَادَتْهُ ثُمَّ (وَلَوْ ادَّعَى) عَلَى غَيْرِهِ (أَلْفًا) وَلَهُ بِهِ شَاهِدَانِ (فَشَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا لَكِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ فَقِيلَ لَا تُسْمَعُ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ (وَقِيلَ يَثْبُتُ) بِشَهَادَتِهِمَا (خَمْسُمِائَةٍ وَ) لَكِنْ (يَحْلِفُ) الْمُدَّعِي إنْ شَاءَ (لِلْبَاقِي) مِنْ الْأَلْفِ (مَعَ) الشَّاهِدِ (الْآخَرِ وَقِيلَ يَثْبُتُ بِهَا الْأَلْفُ وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْقَضَاءِ) بَعْدَ إعَادَةِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ الْمَذْهَبَ ثُبُوتُ خَمْسِمِائَةٍ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ يُثْبَتُ الْأَلْفُ وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ مُؤَجَّلًا تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَالْأَوْجَهُ حَذْفُهُ كَمَا فِي بَاقِي نُسَخِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (وَلَوْ شَهِدَ بِالْوَكَالَةِ) مِنْ شَخْصٍ لِآخَرَ (ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا عَزَلَهُ) الْمُوَكِّلُ (بَعْدَ شَهَادَتِهِ لَمْ تُبْطَلْ) شَهَادَتُهُ (وَيُحْكَمُ بِهَا) وَالْعَزْلُ لَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ وَقِيلَ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ بِثُمَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِشَهَادَتِهِ بَطُلَتْ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ (وَلَوْ ادَّعَى الشُّرَكَاءُ عَلَى رَجُلٍ) حَقًّا فَأَنْكَرَ (حَلِفَ لِكُلٍّ) مِنْهُمْ يَمِينًا (فَإِنْ رَضُوا بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ لَمْ تُجِزْهُ) وَإِنْ اُدْعُوا ذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَدَارٍ وَرِثُوهَا مِنْ أَبِيهِمْ كَمَا لَا يُجْزِئُ الْحُكْمُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ وَذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا مَسْأَلَةً تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِذِكْرِهِ لَهَا تَبَعًا لَهُ فِي الْعِتْقِ (وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْوَكَالَةِ) مِنْ شَخْصٍ لِآخَرَ بِكَذَا (وَآخَرُ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ التَّسْلِيطِ) أَوْ الْإِذْنِ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ (لَا الْإِقْرَارَ) بِالْوَكَالَةِ (ثَبُتَتْ) -   [حاشية الرملي الكبير] لَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِدَيْنٍ عَلَى زَيْدٍ فَأَقَامَ زَيْدُ بَيِّنَةً قَبْلَ الْحُكْمِ بِأَنَّ هَذَا الشَّاهِدَ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ قَدْ وَكَّلَنِي فِي اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْ هَذَا الْمَدِينِ وَقُبِلَتْ وَكَالَتُهُ كَانَ ذَلِكَ طَعْنًا فِي شَهَادَتِهِ فَلَوْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالدَّيْنِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَزَلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ قَبْلَ شَهَادَتِهِ سُمِعَتْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَثَبَتَ الدَّيْنُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى سَبِيلِ الْحِسْبَةِ بِأَنَّ هَذَا الَّذِي شَهِدَ عَزْلَ نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ سُمِعَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ ثَبَتَ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ بِبَيِّنَةٍ فَأَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً بِأَنَّ الشُّهُودَ أَعْدَاءُ الْوَارِثِ فَأَفْتَى الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ وَفِي الْبَحْرِ احْتِمَالِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يَكُونُ قَادِحًا لِأَنَّ الضَّرَرَ يَلْحَقُ الْوَارِثَ فَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى الْخَصْمِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالثَّانِي لَا يَكُونُ قَادِحًا وَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ التَّرِكَةَ انْتَقَلَتْ إلَى الْوَارِثِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا خَمْسُمَائَةٍ) هُوَ الصَّحِيحُ (تَنْبِيهٌ) لَوْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ فِي يَدِهِ دَارًا أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِي الْمُدَّعِي ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ وَقَفَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ بَاعَهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَفْسِهِ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا إنْ شَهِدُوا حِسْبَةً أَوْ يَدَّعِي غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ وَقَدْ يُقَالُ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إذَا أَبْدَى عُذْرًا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ كَقَوْلِهِ ظَنَنْت أَنِّي وَرِثْتهَا ثُمَّ ظَهَرَ لِي كِتَابٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ فِيمَنْ اشْتَرَى دَارًا وَحَضَرَ آخَرُ الْبَائِعُ وَصَدَّقَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ الدَّارِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُصَدِّقُ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى الْمُصَدِّقُ أَنَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ وَقْفٌ عَلَيْهِ فَقَالَ إنْ ظَهَرَ لِلْقَاضِي قَرِينَةُ تَقْتَضِي خَفَاءَ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَدِّقِ حِينَ صِدْقِهِ فَلَهُ سَمَاعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ ذَكَرَهُ فِي الشَّهَادَاتِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَقَدَّمْنَا فِي الْوَقْفِ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَقَالَ شُرَيْحٌ لَوْ قَدِمَ شَخْصٌ إلَى بَلَدٍ فَاسْتَأْجَرَ بِهَا دَارًا فَقِيلَ لَهُ هَذِهِ دَارُ أَبِيك وَرَثَتهَا عَنْهُ فَادَّعَاهَا فَفِي سَمَاعِ دَعْوَاهُ وَجْهَانِ. اهـ. وَالرَّاجِحُ السَّمَاعُ حَيْثُ دَلَّ الْحَالُ عَلَى صِدْقِهِ وَخَفَاءِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَلَمَّا حَلَّ نِقَابَهَا قَالَ هَذِهِ جَارِيَتِي وَلَمْ أَعْرِفْهَا لِلنِّقَابِ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ طَلَبَ ابْتِيَاعِ شَيْءٍ مِنْ رَجُلٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لَهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعُوا ذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ إلَخْ) كَذَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ أَطْلَقَا وَغَيْرُهُمَا الْمَسْأَلَةَ وَفِي الْحَاوِي فِي كِتَابِ اللِّعَانِ أَنَّ الْإِصْطَخْرِيُّ قَالَ اسْتَحْلَفَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ أَيْ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ الْمَذْهَبُ رَجُلًا فِي حَقٍّ لِرَجُلَيْنِ يَمِينًا وَاحِدَةً فَأَجْمَعَ فُقَهَاءُ زَمَانِنَا عَلَى أَنَّهُ خَطَأٌ قَالَ الدَّارَكِيُّ فَسَأَلَتْ أَبَا إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنْ كَانَا قَدْ ادَّعَيَا ذَلِكَ الْحَقَّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مِثْلَ إنْ ادَّعَيَا دَارًا وَرِثَاهَا أَوْ مَالَ شَرِكَةٍ بَيْنَهُمَا حَلَفَ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِنْ جِهَتَيْنِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الِانْفِرَادِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ صَحِيحٌ. اهـ. قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فَصَّلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَإِنَّمَا الْوَجْهَانِ فِيمَا إذَا كَانَ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَجْهٍ غَيْرَ وَجْهِ الْمُدَّعِي الْآخَرِ أَفْرَدَهُ بِدَعْوَى مُسْتَقِلَّةٍ وَلَنَا عَوْدَةٌ إلَى هَذَا النَّوْعِ حَيْثُ ذَكَرَاهُ غ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافِ مُشْكِلٌ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِدَعْوَى حِصَّتِهِ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا بِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا وَكَذَلِكَ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ اثْنَانِ وَدِيعَةً وَقَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَقَدْ نَسِيت عَيْنَهُ وَكَذَّبَاهُ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا عِلْمَهُ بِأَنَّهُ الْمَالِكُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودِعِ بِيَمِينِهِ وَتَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِأَنَّ لِلْمُدَّعِي شَيْءٌ وَاحِدٌ هُوَ عِلْمُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْوَكَالَةِ وَآخَرُ بِالتَّفْوِيضِ إلَخْ) لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ هَذِهِ الْعَيْنِ وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِهَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهَا مِلْكُ الْمُدَّعِي وَآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ قَبِلَ نِكَاحَ فُلَانَةَ وَآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَوْلِهِ لَمْ تُلَفَّقَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا إخْبَارٌ وَالْآخَرُ إنْشَاءٌ وَالضَّابِطُ أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا بِعَقْدٍ أَوْ إنْشَاءٍ وَالْآخَرُ بِإِقْرَارٍ بِهِ وَإِنَّمَا تُلَفَّقُ إذَا اتَّفَقْنَا عَلَى ذِكْرِ عَقْدٍ أَوْ ذِكْرِ إقْرَارٍ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْبَيْعِ وَآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ فَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الْإِقْرَارِ وَشَهِدَ بِالْبَيْعِ قُبِلَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُحْضِرَ الْأَمْرَيْنِ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ لِنَفْسِهِ وَكَذَا لَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الْبَيْعِ إلَى الْإِقْرَارِ بِهِ وَيَأْتِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 423 أَيْ الْوَكَالَةُ لِاتِّحَادِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ مَعْنَى بِخِلَافِهِمَا مَعَ الْإِقْرَارِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُك بِكَذَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ أَوْ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُك بِكَذَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ فَوَّضْت إلَيْك لَمْ يَثْبُتْ (أَوْ) شَهِدَ (وَاحِدٌ بِالْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالْآخَرُ) بِالْوَكَالَةِ (بِهِ وَبِقَبْضِ الثَّمَنِ ثَبَتَ الْبَيْعُ) أَيْ الْوَكَالَةُ بِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا (وَلَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الشِّرَاءِ وَالْعِتْقِ) لِعَبْدٍ (عَلَى بَيِّنَةِ مُدَّعِي الشِّرَاءِ) لَهُ (فَقَطْ) فَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْعَبْدَ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَأَعْتَقَهُ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا وَذِكْرُ الْعِتْقِ لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحًا (وَلَوْ شَهِدَا فِي دَابَّةٍ حَدِيثَةٍ) سِنًّا (بِمِلْكٍ قَدِيمٍ) فِيهَا كَأَنْ شَهِدَا أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ فَظَهَرَ أَنَّ لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ فَقَطْ (لَمْ تُسْمَعْ) شَهَادَتُهُمَا لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِمَا (وَالْمُسَنَّاةُ) الْحَائِلَةُ (بَيْنَ نَهْرِ رَجُلٍ وَأَرْضِ آخَرَ تُجْعَلُ بَيْنَهُمَا) كَالْجِدَارِ الْحَائِلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَجْمَعُ بِهَا الْمَاءَ لِنَهْرِهِ وَالثَّانِي يَمْنَعُ بِهَا الْمَاءَ عَنْ أَرْضِهِ وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ: بِنَاءٌ يَمْنَعُ الْمَاءَ عَنْ أَرْضِ شَخْصٍ وَيَجْمَعُهُ لِآخَرَ. (وَلَوْ ادَّعَى) عَلَى غَيْرِهِ (مِائَةً فَقَالَ) لَهُ (قَبَضْت مِنْهَا خَمْسِينَ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالْمِائَةِ) لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الْخَمْسِينَ (وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا) أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَرَثَةُ الْآخَرِ (فِي أَثَاثِ) بِمُثَلَّثَتَيْنِ أَيْ مَتَاعُ (بَيْتٍ يَسْكُنَا بِهِ) مَثَلًا وَالْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ الْيَدُ عَلَى الْأَثَاثِ لَهُمَا (وَلَا بَيِّنَةَ فَهُوَ لِمَنْ حَلَفَ عَلَيْهِ) مِنْهُمَا (فَإِنْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ جُعِلَ بَيْنَهُمَا) فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا حِسًّا أَوْ حُكْمًا كَأَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ صَلُحَ الْأَثَاثُ لِأَحَدِهِمَا) كَالسَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ لِلرَّجُلِ وَالْحُلِيِّ لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ (أَوْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَالِكُ) لِلْبَيْتِ (وَالسَّاكِنُ) فِيهِ (بِإِجَارَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا (صُدِّقَ السَّاكِنُ) بِيَمِينِهِ (أَوْ فِي رَفٍّ مُسَمَّرٍ) أَوْ مُثَبَّتٍ فِيهِ (فَالْمَالِكُ) هُوَ   [حاشية الرملي الكبير] ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقْتَضِ الْأَدَاءُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ إنَّمَا تُجْمَلُ ذَلِكَ لَا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَالْمُسَنَّاةُ الْحَائِلَةُ بَيْنَ نَهْرِ. إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي تَحْرِيرِ النَّوَوِيِّ أَنَّهَا حَفِيرَةٌ تُجْعَلُ فِي جَانِبِ النَّهْرِ لِتَمْنَعَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَعَنْ تَعْلِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّهَا الْأَحْوَاضُ الَّتِي تُجْمَعُ فِيهَا الْمَاءُ تَحْتَ النَّخْلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا حِسًّا أَوْ حُكْمًا كَأَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ فِيمَا هُوَ أَحَقُّ بِمَنْفَعَتِهِ بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ وَقْفٍ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا يَكُونُ فِي مِلْكِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِمَا أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقَوْلِهِمَا مِنْ بَعْدُ وَمَا كَانَ فِي يَدِهِمَا حِسًّا أَوْ كَانَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَسْكُنَانِهِ أَنَّهُمَا لَوْ سَكَنَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مِنْ دَارٍ وَاسِعَةٍ هِيَ مِلْكٌ لِأَحَدِهِمَا إنَّ مَا عَدَا مَا فِي الْبَيْتِ الْمَسْكُونِ بِهِمَا مِمَّا يَكُونُ فِي بَقِيَّةِ بُيُوتِهَا وَصَفَفِهَا أَنَّ الْيَدَ تَكُونُ فِيهِ لِمَالِك الدَّارِ فَقَطْ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِمَا قَدْ تُفْهِمُ خِلَافَهُ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ الَّذِي يَسْكُنَانِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ بِذَلِكَ لَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتَةٌ عَلَى نِصْفِ مَا فِي الدَّارِ فَقُضِيَ لَهُ بِهِ وَيَحْلِفُ الْآخَرُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ قَالَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ مِلْكًا لِلزَّوْجِ أَوْ لَهُمَا أَوْ مُكْتَرَاهُ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي إذَا كَانَا فِي دَارٍ سَكَنَاهَا إمَّا مِلْكًا لَهُمْ أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا فَاخْتَلَفَا فِي مَتَاعِهَا الَّذِي فِيهَا مِنْ آلَةٍ وَبَسْطٍ وَفَرْشٍ وَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ إلَى أَنْ قَالَ فَهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِي الْيَدِ حُكْمًا فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفِهِ. الْمَسْأَلَةُ وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ طِفْلَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ بِالضِّدِّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَيَقُومُ وَلِيُّ النَّاقِصَةِ مَقَامَهَا فِي ذَلِكَ وَفِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ وَلِيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ كَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَحَصَلَ تَنَازُعُ فِيمَا فِي يَدَيْهِمَا بَيْنَ السَّيِّدَيْنِ أَوْ بَيْنَ الْحُرِّ وَسَيِّدِ الرَّقِيقِ مِنْهُمَا هَلْ يَجْعَلُ يَدَ الرَّقِيقَيْنِ كَيَدِ السَّيِّدَيْنِ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ تَنَازَعَ الْحُرَّانِ شَيْئًا فِي يَدِهِمَا أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ حُرًّا فَهَلْ نَقُولُ الْيَدُ لَهُ فَقَطْ أَوَّله وَلِسَيِّدِ الْآخَرِ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ وَلْيُنْظَرْ أَيْضًا فِيمَا لَوْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ الْحُرَّانِ فِي نَفْسِ الدَّارِ الَّتِي يَسْكُنَانِهَا هَلْ تَكُونُ الْيَدُ لَهُمَا جَمِيعًا فِيهَا كَالْمَتَاعِ أَوْ تَكُونُ الْيَدُ لِلزَّوْجِ عَمَلًا بِالْأَغْلَبِ إنَّ الْمَسْكَنَ يَكُونُ لَهُ أَوْ أَنَّ الْيَدَ لَهُمَا فِي الْبَيْتِ الْمَسْكُونِ مِنْهَا دُونَ بَقِيَّتِهَا قُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُفْهِمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْيَدَ لَهُمَا فِي جَمِيعِهِمَا وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ فِيمَا إذَا انْفَرَدَ الزَّوْجَانِ بِمَسْكَنٍ بِمُفْرَدِهِمَا أَمَّا لَوْ كَانَ يُسَاكِنُهُمَا فِيهِ وَلَدٌ كَبِيرٌ وَيَدُهُ مُشَارِكَةٍ لَهُمَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَسَنَذْكُرُهُ آخِرَ الْبَابِ وَلَوْ تَنَازَعَ الْخَيَّاطُ وَصَاحِبُ الدَّارِ فِي الْمِقَصِّ وَالْإِبْرَةِ وَالْخَيْطِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِيهَا أَكْثَرُ أَوْ فِي الْقَمِيصِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ بِيَمِينِهِ وَهَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ النَّجَّارُ وَصَاحِبُ الدَّارِ فِي آلَةِ النَّجَّارِ أَوْ فِي الْخَشَبَةِ الْمَنْجُورَةِ أَوْ نَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ فِي قَوْسِ النَّدْفِ فَهُوَ لِلنَّدَّافِ أَوْ فِي الْفَرْشِ وَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ فَلِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ صَاحِبُ الدَّارِ وَالْقَرَّابُ فِي الْقِرْبَةِ فَهِيَ لِلْقَرَّابِ أَوْ فِي الْخَابِيَةِ وَالْجِدَارِ فَهِيَ لِصَاحِبِ الدَّارِ. (فُرُوعٌ) وَإِنْ تَدَاعَيَا دَابَّةً وَأَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا وَالْآخَرُ سَائِقُهَا أَوْ آخِذٌ بِزِمَامِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالِانْتِفَاعِ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ كُلًّا لَوْ انْفَرَدَ لَكَانَتْ لَهُ وَيَجْرِيَانِ فِي التَّنَازُعِ فِي ثَوْبٍ وَأَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ يُجَاذِبُهُ وَاتَّفَقُوا فِي رَاكِبِ السَّفِينَةِ وَمُمْسِكِهَا عَلَى تَصْدِيقِ الرَّاكِبِ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ وَكَذَا فِي مُمْسِكِهِ جَنْبِهَا وَمُمْسِكِ رِبَاطِهَا يُصَدَّقُ مُمْسِكُ الْجَنْبِ لِأَنَّهُ مِنْهَا أَوْ دَابَّةٌ تَحْتَ يَدِهِمَا وَالْإِسْطَبْلُ لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ فِيهِ دَوَابُّ لِغَيْرِهِ اسْتَوَيَا وَإِلَّا فَهِيَ لِصَاحِبِهِ أَوْ عِمَامَةٌ بِيَدِ أَحَدِهِمَا عُشْرِهَا وَالْآخَرُ بَاقِيهَا فَبَيْنَهُمَا كَدَارِ أَحَدِهِمَا فِي صَحْنِهَا وَالْآخَرُ فِي دِهْلِيزِهَا أَوْ عَلَى سَطْحِهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَ مَحْجُورًا أَوْ عَلَى مُمْرِقٍ أَمْ لَا وَلَوْ تَنَازَعَا مَتَاعًا فِي ظَرْفٍ وَيَدُ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ وَالْآخَرُ عَلَى الْمَظْرُوفِ خُصَّ كُلٌّ بِمَا بِيَدِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَازَعَا عَبْدًا بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَثَوْبِهِ بِيَدِ الْآخَرِ فَإِنَّ الْيَدَ الَّتِي عَلَى الْعَبْدِ عَلَى ثَوْبٍ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ رَاكِبَانِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي السَّرْجِ دُونَ الْآخَرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 424 الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ (وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا) بِخِلَافِ الْأَثَاثِ لِأَنَّ مَالِكَ الْبَيْتِ إذَا أَكْرَاهُ يُنْقَلُ الْأَثَاثُ ظَاهِرًا وَالرَّفُّ تَارَةً يُنْقَلُ وَتَارَةً يُتْرَكُ وَكُلٌّ مُحْتَمَلٌ (وَالْمَتَاعُ فِي الدَّارِ وَالْحَمْلُ فِي الْحَيَوَانِ وَالزَّرْعُ) أَوْ الْغَرْسُ أَوْ الْبِنَاءُ (فِي الْأَرْضِ يُثْبِتُ) كُلٌّ مِنْهَا (الْيَدَ) لِمَالِكِهِ فَلَوْ تَنَازَعَا دَارًا مَثَلًا وَلِأَحَدِهِمَا فِيهَا مَتَاعٌ كَانَتْ الْيَدُ لَهُ نَظَرًا لِلْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الظَّرْفَ تَابِعٌ لِلْمَظْرُوفِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا يَدٌ عَلَى الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَبِهِ يَجْتَمِعُ مَا هُنَا مَعَ مَا مَرَّ أَوَاخِرَ الصُّلْحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ بِكَوْنِ أَمْتِعَةِ أَحَدِهِمَا فِي الدَّارِ (وَلَا يُثْبِتُهَا) أَيْ الْيَدَ (عَلَى عَبْدٍ ثَوْبٌ) هُوَ لَابِسُهُ (لِمُدَّعِيهِ) فَلَوْ تَنَازَعَاهُ وَلِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ ثَوْبٌ لَمْ يُثْبِتْ يَدَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الثَّوْبِ الْمَلْبُوسِ تَعُودُ إلَى الْعَبْدِ لَا إلَى الْمُدَّعِي (وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ) مِنْ اثْنَيْنِ (بَيِّنَةً أَنَّهُ) أَيْ أَنَّ فُلَانًا (أَجَّرَهُ الدَّارَ قُدِّمَ أَقْدَمُهَا تَارِيخًا) لِتَقَدُّمِهَا (وَلَوْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ (أَنَّ زَيْدًا ابْنُهُ) أَيْ ابْنُ فُلَانٍ (وَآخَرَانِ لِعَمْرٍو) أَنَّهُ ابْنُهُ (وَقَالَ كُلٌّ) مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ (لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا غَيْرُهُ) ثُبِتَ (نَسَبُهُمَا) فَلَعَلَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ اطَّلَعَتْ عَلَى مَا لَمْ تَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى (فَصْلٌ إذَا عُرِفَتْ ضَيْعَةٌ بِثَلَاثَةِ حُدُودٍ كَفَى) ذِكْرُهَا وَهَذَا مُقَيَّدٌ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا هُنَا أَنَّ الْعَقَارَ إذَا عُرِفَ بِوَاحِدٍ مِنْهَا كَفَى ذِكْرُهُ وَبِهِ صُرِّحَ فِي الْكِفَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ أَنَّ شُهْرَتَهُ إذَا أَغْنَتْ عَنْ تَحْدِيدِهِ لَمْ يَجِبْ تَحْدِيدُهُ (وَلَوْ غَلَطَ الشُّهُودُ أَوْ الْمُدَّعِي فِي حَدٍّ مِنْ) الْحُدُودِ (الْأَرْبَعَةِ لَمْ تَصِحَّ شَهَادَتُهُمْ) أَيْ الشُّهُودُ وَلَا دَعْوَى الْمُدَّعِي (فَلَوْ قَالَ خَصْمُ الْمُدَّعِي) لَهُ فِيمَا إذَا غَلَطَ فِي التَّحْدِيدِ (لَا يَلْزَمُنِي دَارٌ صِفَتِهِ) الْأَوْلَى صِفَتُهَا (كَذَا كَانَ صَادِقًا) وَإِذَا حَلَفَ كَانَ بَارًّا (أَوْ قَالَ) لَهُ فِي ذَلِكَ (لَا أَمْنَعُهُ إيَّاهَا سَقَطَتْ دَعْوَاهُ) عَنْهُ (وَلَهُ) مَعَ ذَلِكَ (مَنْعُهُ) مِنْ الدَّارِ الَّتِي بِيَدِهِ وَيَقُولُ لَهُ هِيَ غَيْرُ مَا ادَّعَيْت (وَإِنْ أَتَى) الْمُدَّعِي (بِالْحُدُودِ كَمَا هِيَ لَمْ يَمْنَعْهُ) خَصْمُهُ مِنْهَا (إنْ قَالَ لَا أَمْنَعُهُ مِنْهَا فَإِنْ مَنَعَهُ) مِنْهَا (وَقَالَ ظَنَنْته غَلَطَ) فِي الْحُدُودِ (لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ أَوْ) قَالَ إنَّمَا قُلْت لَا أَمْنَعُهُ لِأَنَّهَا (لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِي إلَى الْآنَ قُبِلَ مِنْهُ) بِيَمِينِهِ (فَيَحْلِفُ) عَلَيْهِ (وَيَمْنَعُهُ) مِنْهَا بَعْدَ الْحَلِفِ (وَلَوْ ادَّعَى عَبْدٌ عَلَى سَيِّدِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ) فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ (إذْنًا) مِنْهُ لَهُ (فِي التِّجَارَةِ لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ (أَوْ بَعْدَ مَا اشْتَرَى) وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ (أَوْ بَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ) وَتَلِفَ بِيَدِهِ (فَلِلْبَائِعِ) فِي الْأُولَى إذَا طُلِبَ الثَّمَنُ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَلِلْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ إذَا طُلِبَ الْمَبِيعُ (تَحْلِيفُ سَيِّدٍ) لِلْعَبْدِ عَلَى نَفْيِ الْإِذْنِ إنْ (أَنْكَرَ) الْإِذْنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ (فَإِذَا حَلَفَ) فِيهِمَا حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي الثَّانِيَةِ وَبِمِلْكِ السَّيِّدِ لِلْمَبِيعِ فِي الْأُولَى بِزَعْمِ الْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ (فَلِلْعَبْدِ تَحْلِيفُهُ أَيْضًا لِيَسْقُطَ الثَّمَنُ عَنْ ذِمَّتِهِ) بِتَقْدِيرِ إقْرَارِ سَيِّدِهِ وَلَوْ حُكْمًا نَعَمْ إنْ فَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ بِإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ فِي الْمَبِيعِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ تَحْلِيفُ السَّيِّدِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فِي الثَّانِيَةِ وَأَحَالَ بِهِ وَحَلَفَ السَّيِّدُ لِلْمُشْتَرِي ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَ عَنْهُ الْأَصْلُ غَالِبَهُ وَأَقَرَّهُ وَمَا عُلِمَ مِنْهُ مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِي الْأُولَى قَدْ يَسْتَشْكِلُ بِالْحُكْمِ بِبُطْلَانِهِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ لِزَيْدٍ شَيْئًا بِوَكَالَتِهِ بِذِكْرِهِ وَسَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ فِي الْعَقْدِ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِيهَا فَأَنْكَرَهَا زَيْدٌ وَحَلَفَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعَبْدَ أَقْوَى فِي تَحْصِيلِ الْمِلْكِ لِلسَّيِّدِ مِنْ الْوَكِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِمُوَكِّلِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ إكْسَابَهُ تَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهَا أَمَّا إذْ لَمْ يَحْلِفْ السَّيِّدُ بَلْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَلِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ الَّذِي بِيَدِهِ أَوْ الْمَبِيعِ (وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا بِأَلْفٍ ادَّعَاهُ لِيَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ فَأَقَامَ خَصْمُهُ شَاهِدًا بِإِقْرَارِهِ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ حَلَفَ) خَصْمُهُ (مَعَ شَاهِدِهِ وَسَقَطَتْ دَعْوَاهُ) أَيْ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ غَاصِبٍ غَاصِبَةَ وَإِنْ سَفَلَ وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ) إنْ ادَّعَى الْمَالِكُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدَّ الْمَغْصُوبِ بِصِفَةِ كَذَا أَوْ قِيمَتِهِ وَهِيَ كَذَا (أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدَّ الْعَيْنِ) وَلَا قِيمَتَهَا (لِإِمْكَانِ الرَّدِّ وَعَدَمِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ إنْ قَدِرَ عَلَى الِانْتِزَاعِ لَزِمَهُ الِانْتِزَاعُ وَالرَّدُّ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ إذَا عُرِفَتْ ضَيْعَةٌ بِثَلَاثَةِ حُدُودٍ كَفَى ذِكْرُهَا] قَوْلُهُ كَفَى ذِكْرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ بَيِّنَةَ السَّفَهِ حَالَةِ الْإِقْرَارِ أَوْ التَّصَرُّفِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الرُّشْدِ حِينَئِذٍ قُلْت وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ عَلِمَ سَبْقَ سَفَهِهِ لِذَلِكَ إنَّ بَيِّنَةَ الرُّشْدِ تُقَدَّمُ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ فَإِنَّهَا تَكُونُ مُسْتَصْحَبَةٌ فَتُقَدَّمُ عَلَيْهَا بَيِّنَةُ السَّفَهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَبَيِّنَةُ السَّفَهِ أَوْلَى كَمَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْجُرْحِ عَلَى التَّعْدِيلِ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ زَيْدٍ لِعَمْرٍو بِمَالٍ فِي مَكَانِ كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا وَهُوَ صَحِيحُ الْعَقْلِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ كَانَ مَجْنُونًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمَ وَإِقْرَارُهُ كَانَ فِي جُنُونِهِ قَالَ إنْ لَمْ يُعْرَفْ بِهِ جُنُونٌ سَابِقٌ فَبَيِّنَةُ الْجُنُونِ أَوْلَى لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ أَحْيَانَا وَيُفِيقُ أَحْيَانَا وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ فَالْبَيِّنَتَانِ مُتَقَابِلَتَانِ اهـ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قُلْت وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا بِأَلْفِ إلَخْ) قَالَ الْقَفَّالُ لَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَلْفَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَافِعًا لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إلَّا أَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا فِيهِ فَضَمِنَهُ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَدَدْت أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَيْهِ فَقَالَ الْقَفَّالُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي لِلْمُدَّعِي لَا فِي النِّصْفِ الَّذِي هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَحَدَ النِّصْفَيْنِ قَرْضٌ عِنْدَهُ اهـ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 425 الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ وَلَيْسَ عَلَى الْأَوَّلِ إلَى مَا قَالَهُ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيِّ الصَّحِيحَةِ لِقَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ الصَّوَابُ وَالتَّعْلِيلُ نَاطِقٌ بِهِ (وَتَكْفِي الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي لِدَارٍ (اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكٍ) لَهَا (وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِمِلْكِ الْمُدَّعِي لَهَا الْآنَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَعَلَّ هَذَا مُنَزَّلٌ عَلَى مَا إذَا دَلَّتْ الشَّهَادَةُ عَلَى مِلْكِ الْمُدَّعِي لِمَا ادَّعَاهُ فِي الْحَالِ وَإِلَّا فَمُطْلَقُ الشَّهَادَةِ بِالِانْتِقَالِ إلَيْهِ مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِمِلْكِ الْمُدَّعِي لَهَا الْآنَ. (وَيَدَّعِي الْمَالِكُ عَلَى مَنْ غَصَبَ) مِلْكَهُ (الْمَرْهُونَ) مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّ لِي عِنْدَهُ ثَوْبًا مَثَلًا صِفَتُهُ كَذَا وَ (أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَيَّ وَلَهُ ذِكْرُ كَوْنِهِ مَرْهُونًا) بِأَنْ يَقُولَ كُنْت رَهَنْته عِنْدَ فُلَانٍ وَلَا بَعْدُ فِي قَوْلِهِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَيَّ لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ يَدُ الرَّاهِنِ وَلِهَذَا لَوْ نُوزِعَ فِي الْمَرْهُونِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُهُ (وَلِمَنْ عَرَفَ تَنَاكُحَ وَالِدَيْ شَخْصٍ) وَحُرِّيَّةَ أُمِّهِ (الشَّهَادَةُ) لَهُ (بِأَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ) وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْ الْوِلَادَةَ كَمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ (لَا) الشَّهَادَةَ بِذَلِكَ (لِغَرِيبٍ) دَخَلَ بَلَدًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا تَجُوزُ (وَإِنْ ادَّعَى الْخَارِجُ شِرَاءَ الْعَيْنِ) الْمُدَّعَاةِ (مِنْ الدَّاخِلِ) وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً (وَ) ادَّعَى (الدَّاخِلُ أَنَّهُ وَهَبَهَا مِنْ الْخَارِجِ) وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً (وَلَا تَارِيخَ) لَهُمَا أَوْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ (تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا وَتُقَرُّ) الْعَيْنُ (فِي يَدِ الْخَارِجِ) وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ اسْتَحَقَّتْ) وَأُخِذَتْ مِنْهُ (أَوْ ظَهَرَتْ مَعِيبَةٌ) وَأَرَادَ رَدَّهَا (لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ) فَإِنْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ فَالْمُتَأَخِّرَةُ أَوْلَى قَالَهُ الْقَفَّالُ (وَلَوْ تَنَازَعَا) أَيْ اثْنَانِ (دَارًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي) لَهَا (أَنَّهَا مِلْكُهُ وَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ آخَرَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالشِّرَاءِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهَا يَوْمَئِذٍ (ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً) أُخْرَى (أَنَّ الَّذِي بَاعَهُ إيَّاهَا بَاعَهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ) الْأَوْلَى وَالْأَنْسَبُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أُخْرَى أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهَا يَوْمَ بَيْعِهَا مِنْهُ (جُعِلَتَا كَبَيِّنَةٍ وَتَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا) أَيْ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ وَبَيِّنَةُ الثَّانِي الْحَاصِلَةِ مِنْ بَيِّنَتَيْهِ (وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (عَلَى زَيْدٍ بِمِلْكِ دَارٍ وَانْتَزَعَهَا) مِنْهُ (ثُمَّ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ (آخَرُ) بَيِّنَةً (أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِلْكُهُ قُضِيَ بِهَا لِلْآخَرِ) وَكَانَ كَمَا لَوْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ الِانْتِزَاعِ مِنْهُ (وَإِنْ أَثْبَتَ) الثَّانِي (أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي) الْأَوَّلِ (بَعْدَ الْحُكْمِ لَهُ) بِهَا (لَمْ تَحْتَجْ بَيِّنَتُهُ) فِي الْحُكْمِ لَهُ بِهَا عَلَى الْأَوَّلِ (أَنْ تَقُولَ) أَنَّهُ (اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ) أَثْبَتَ ذَلِكَ (قَبْلَ الْحُكْمِ) لِلْأَوَّلِ بِهَا (فَلَوْ قَالُوا) أَيْ شُهُودُهُ (اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ اُنْتُزِعَتْ) مِنْ ذِي الْيَدِ وَقُضِيَ بِهَا (لِلثَّانِي وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ) بَيِّنَتُهُ (لِلْمِلْكِ سُمِعَتْ) عَلَى الْأَوَّلِ (فَإِذَا حُكْمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي) الْأَوَّلِ (اُنْتُزِعَتْ لِلثَّانِي) وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَلِمُدَّعٍ عَلَى ذِي الْيَدِ شِرَاءُ دَارٍ مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ) وَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ ذَلِكَ (أَنْ يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً (بِالْبَيْعَيْنِ وَلَهُ أَنْ يُفْرِدَ كُلًّا) مِنْهُمَا (بِبَيِّنَةِ وَإِنْ قَدَّمَ وَأَخَّرَ لَمْ يَضُرَّ وَلِمَنْ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ تَبَدَّلَتْ حُدُودُهَا) بَعْدَ الشِّرَاءِ (أَنْ يُثْبِتَ) بِبَيِّنَةٍ (أَنَّهُ اشْتَرَاهَا) مِنْ فُلَانٍ وَقْتَ كَذَا (وَالْحُدُودُ) يَوْمَئِذٍ (كَذَا ثُمَّ يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أُخْرَى (بِكَيْفِيَّةِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ إنَّهُ الصَّوَابُ وَالتَّعْلِيلُ نَاطِقٌ بِهِ) وَكَذَا رَأَيْته بِمَعْنَاهُ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَعَلَّ هَذَا مُنَزَّلُ. . . إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِهِمْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِلْكَهُ أَمْسِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ مِلْكًا لِفُلَانٍ إلَى أَنْ مَاتَ وَخَلَفَهَا مِيرَاثًا لِابْنِهِ هَذَا وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهَا الْآنَ مِلْكُ هَذَا الِابْنِ لَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ وَحُكْمِ هَذَا حُكْمِ مَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ هَذِهِ الدَّارُ كَانَتْ لِفُلَانٍ أَمْسِ لَا يُقْبَلُ فِي الْجَدِيدِ. اهـ. (وَقَوْلُهُ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً) فِي سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ قَبْلَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا نَظَرٌ نَعَمْ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا عِنْدَ ظُهُورِ اسْتِحْقَاقٍ وَغَيْرِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فَظَاهِرٌ غ (فَرْعٌ) إذَا تَدَاعَى رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ دَارًا فِي يَدْيِهِمَا فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا لَهَا وَأَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا وَأَقَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَادَّعَى الرَّجُلُ مِلْكِيَّةَ الدَّارِ وَأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّ الدَّارَ تَكُونُ بَيْنَهُمَا حُكْمًا بِيَدِهِمَا وَالْبَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ فِي الْعُبُودِيَّةِ وَالنِّكَاحِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ تَنَازَعَا سَفِينَةً أَحَدُهُمَا مُمْسِكٌ بِرِبَاطِهَا وَالْآخَرُ بِخَشَبِهَا كَانَتْ الْيَدُ لَهُ لِأَنَّ الْخَشَبَ مِنْ السَّفِينَةِ وَالرِّبَاطَ لَيْسَ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبَهَا وَالْآخَرُ مُمْسِكُهَا كَانَتْ الْيَدُ لِلرَّاكِبِ دُونَ الْمُمْسِكِ لِأَنَّ لِلرَّاكِبِ تَصَرُّفًا لَيْسَ لِلْمُمْسِكِ اهـ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يَسْكُنَانِ دَارًا ادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَالدَّارُ دَارُهُ وَادَّعَتْ أَنَّهُ عَبْدُهَا وَالدَّارُ دَارُهَا قَالَ يَحْلِفُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ وَهِيَ عَلَى نَفْيِ الزَّوْجِيَّةِ وَيَحْلِفَانِ عَلَى الدَّارِ وَتَبْقَى بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قَالَ فَبَيِّنَتُهَا أَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا أَوْلَى لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى رِقِّهِ كَانَ رَقِيقًا وَإِذَا حَكَمْنَا لَهَا بِمِلْكِيَّةِ الرَّجُلِ كَانَتْ الدَّارُ لَهَا امْرَأَةٌ لَهَا وَلَدٌ أَقَامَا بِبَلَدٍ مُدَّةً عَلَى حُكْمِ الْأَحْرَارِ تَقُولُ هَذَا وَلَدِي وَيَقُولُ هُوَ هَذِهِ أُمِّي ثُمَّ جَاءَ مُدَّعٍ وَادَّعَى رِقّهَا فَقَالَتْ كُنْت مَمْلُوكَتَهُ فَأَعْتَقَنِي وَأَنْكَرَ الْوَلَدَ وَقَالَ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ وَلَسْت بِابْنٍ لَهَا حُكِمَ بِرِقِّهَا دُونَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَنَازَعَا دَارًا إلَخْ) لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى ابْنُهُ بِأَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلَادِنَا وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِنَا وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لِأَبِي حِينَ بَاعَهَا وَهُنَاكَ أَوْلَادٌ سُمِعَتْ وَتَبْطُلُ دَعْوَاهُ فِي نَصِيبِهِ دُونَ نَصِيبِ الْأَطْفَالِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ نَصِيبَ أَوْلَادِهِ وَلَا يُحْكَمَ بِبَيِّنَةٍ لَا لَهُ وَلَا لِلْأَطْفَالِ لِخُرُوجِهِ بِإِقْرَارِهِ عَنْ كَوْنِهِ قَيِّمًا لَهُمْ فِي هَذِهِ الدَّارِ بَلْ يُنَصِّبُ الْحَاكِمُ قَيِّمًا يَدَّعِي عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ ثَانِيًا عَلَى نَصِيبِهِمْ إنْ شَاءَ نَصَّبَ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ شَاءَ نَصَّبَ ابْنَ الْبَائِعِ وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي أَقَامَهَا إنَّمَا بَطَلَتْ فِي حَقِّ أَبِيهِمْ لَا فِي حَقِّهِمْ فَلَوْ أَنَّ الِابْنَ الْمُدَّعِي لِلْوَقْفِ ادَّعَى بِأَنِّي كُنْت جَاهِلًا بِالْوَقْفِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَحْلِفُ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَثْبَتَ. .) أَيْ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بَعْدَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 426 التَّبَدُّلِ) لِلْحُدُودِ فَيَشْهَدُونَ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي كَانَتْ بِيَدِ فُلَانٍ الْمَحْدُودِ بِهَا انْتَقَلَتْ إلَى فُلَانٍ وَاَلَّتِي كَانَتْ بِيَدِ فُلَانٍ انْتَقَلَتْ إلَى فُلَانٍ وَهَكَذَا (لِيُقْضَى لَهُ) بِالدَّارِ الْمُدَّعَاةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ شُهُودُ الشِّرَاءِ تَشْخِيصَ الْحُدُودِ فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ بِحُضُورِ الْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ فِيهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى بَيِّنَةٍ أُخْرَى بِالِانْتِقَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ لَا يَجِدُهَا (فَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى غَيْرِهِ (بِمِلْكِ دَارٍ فَقَالَ) لَهُ (الْقَاضِي هِيَ) مِلْكٌ (لِفُلَانٍ بِعِلْمِي فَأَثْبِتْ الشِّرَاءَ) لَكَ (مِنْهُ انْدَفَعَتْ بَيِّنَتُهُ) بِذَلِكَ إذْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِي بِخِلَافِ عِلْمِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي هَذِهِ لِوُجُودِ الْبَيِّنَةِ بِمَا يُخَالِفُ عِلْمُهُ (وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فَقَالَ لَيْسَتْ فِي يَدِي أَوْ لَا أَمْنَعُك مِنْهَا فَكَذَّبَهُ) الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ (لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ بَلْ يَذْهَبُ) أَيْ الْمُدَّعِي إلَيْهَا (فَإِنْ مَنَعَهُ أَحَدٌ) مِنْهَا (ادَّعَى عَلَيْهِ) وَإِلَّا فَلَا مُنَازَعَةَ، وَتَعْبِيرُهُ بِأَوْ فِي أَوْ لَا أَمْنَعُك أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْوَاوِ (فَإِنْ بَاعَ دَارًا فَقَامَتْ بَيِّنَةُ الْحِسْبَةِ بِوَقْفِهَا عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ ثَبَتَ الْوَقْفُ) لَهَا وَنُزِعَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي (وَرَدَّ) عَلَيْهِ الْبَائِعُ (الثَّمَنَ وَتُوقَفُ الْغَلَّةُ) الْحَاصِلَةُ فِي حَيَاةِ الْبَائِعِ (فَإِنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَخَذَهَا وَإِلَّا صُرِفَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْأَقْرَبِ) فَالْأَقْرَبِ (إلَى الْوَقْفِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِبَيِّنَةِ الْحِسْبَةِ أَنَّ الْوَقْفَ يَثْبُتُ بِهَا إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْمَنْعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْجِهَةَ الْعَامَّةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَوْجُودَةٌ فَفِيهِ نَظَرٌ وَكَلَامٌ آخَرْ (وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ وَقْفَهَا وَلَمْ يَكُنْ قَالَ) حِينَ الْبَيْعِ (هِيَ مِلْكِي سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ وَبَيِّنَتُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتَهُ وَتَقْيِيدُ سَمَاعِ دَعْوَاهُ بِكَوْنِهِ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ أُخِذَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمُ سَمَاعِهَا فِيهِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا (وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشَتِّرِي) مِنْهُ (بِعْتُك وَأَنَا لَا أَمْلِكُهُ وَالْآنَ قَدْ مَلَكْته) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ وَلِمَا يَأْتِي وَأَنَا لَا أَمْلِكُهَا وَالْآنَ قَدْ مَلَكْتهَا (وَلَمْ يَكُنْ قَالَ) حِينَ الْبَيْعِ (هِيَ مِلْكِي سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ (بَيِّنَةٌ حَلَّفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ) إيَّاهَا (وَهِيَ مِلْكُهُ) وَإِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتَهُ (فَصْلٌ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ لَا تَلْزَمُنِي الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا) بِهَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَثْبُتُ بِالْمَفْهُومِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْجَوَابَ مَقْبُولٌ وَالصَّحِيحُ كَمَا مَرَّ فِي جَوَابٍ لِدَعْوَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْجَوَابُ إلَّا إذَا نُفِيَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا فَيَقُولُ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمَ شَيْءٍ مِنْهَا قُلْت الْقَاضِي مَاشٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ صِحَّةِ الْجَوَابِ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِيهِ بَلْ فِي أَنَّهُ هَلْ يَكُونُ إقْرَارًا أَوْ لَا وَلَهُ تَحْلِيفُهُ وَلَا تَنْقَطِعُ بِهِ مُطَالَبَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ بَعْدَ الْيَوْمِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ (وَأَنَّهُ تَتَعَارَضُ بَيِّنَةُ وَقْفٍ وَ) بَيِّنَةُ (مِلْكٍ) كَبَيِّنَتِي الْمِلْكِ فَلَا تُقَدَّمُ -   [حاشية الرملي الكبير] مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ أَوْ يَسِيرَةٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَا ذُكِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فُرُوعٌ) بَاعَ حِمَارًا إلَى أَجَلٍ فَلِمَا انْقَضَى تَرَافَعَا إلَى الْحَاكِمِ فَأَنْكَرَ الشِّرَاءَ وَرَدَّ الْحِمَارَ وَحَلَفَ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْكِرَاءِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْحِمَارِ مِلْكًا لَهُ بِالْبَيْعِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْحِسْبَةَ عَلَى قَيِّمِ صَبِيٍّ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا لِلصَّبِيِّ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْقَيِّمَ إنْ اتَّهَمَهُ فِيهِ وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةٍ وَأَنَّهُ مَلِيءٌ بِأَدَائِهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مُفْلِسٌ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى ذَهَابِ مَالِهِ وَأَنَّهُ بِأَيِّ وَجْهٍ صَارَ مُفْلِسًا فَإِنْ أَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي حَلَّفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَهَابَ مَالِهِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِهِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مَلَكَ هَذِهِ الضَّيْعَةُ بِالْإِرْثِ مِنْ أَبِيهِ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِي ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ وَقَفَ الضَّيْعَةَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ بَاعَهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَالَ الْقَفَّالُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَفْسِهِ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا حِسْبَةً وَبِدَعْوَى غَيْرِهِ قُلْت فِي رَدِّ دَعْوَاهُ مُطْلَقًا نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ إذَا أَبْدَى عُذْرًا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ بِأَنْ قَالَ ظَنَنْت أَنِّي وَرِثْتهَا ثُمَّ ظَهَرَ كِتَابٌ بِأَنَّ أَبِي وَقَفَهَا عَلَيَّ فِي حَالَ صِغَرِي وَلِي بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ أَوْ أُخْبِرْت بَعْدَ دَعْوَايَ مِلْكِيَّتِهَا عَنْ أَبِي إرْثًا أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا عَلَيَّ بِشَهَادَةِ جَمَاعَةٍ وَلَمْ أَعْلَمْ بِذَلِكَ وَأَيْضًا فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْعَامَّةِ عَلَى مَا شَهِدْنَاهُ يُسَمِّيَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ مِلْكًا وَيَقُولُ فِي دَعْوَاهُ لَهُ مِلْكِي وَمِلْكُ أَبِي وَجَدِّي وَهَذَا كِتَابِي بِهِ يُرِيدُ كِتَابَ الْوَقْفِ فَمِثْلَ هَذَا لَا يَكُونُ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ غ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ سَمَاعِهَا فِيهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا أَيْ وَإِلَّا كَانَ قَالَ كُنْت جَاهِلًا بِالْوَقْفِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَيَحْلِفُ [فَصْلٌ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ لَا تَلْزَمُنِي الْيَوْمَ] (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ) فِي رَوْضَةِ شُرَيْحٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ وَقْفٌ عَلَيْهِ وَقَفَهَا مَالِكُهَا وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى الْمِلْكِ فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ أَوْلَى لِأَنَّ الْمِلْكَ يَزُولُ بِالْوَقْفِ فَشَهَادَةُ الْوَقْفِ بِأَمْرٍ زَائِدٍ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْوَقْفِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُرَجَّحُ بِالْيَدِ لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الْوَقْفِ وَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ وَالثَّانِي يُرَجَّحُ. اهـ. وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فَطَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ فَقَالَ الدَّارُ لِزَوْجَتِك لَا لَكَ فَقَالَ بَلْ مِلْكِي فَلَهُ إجْبَارُهُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ إلَيْهِ ثُمَّ لِلْمُقِرِّ لَهُ انْتِزَاعِ الدَّارِ مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ قَالَ هِيَ لِزَوْجَتِي وَكَّلَتْنِي فِي بَيْعِهَا نُظِرَ إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً وَصَدَّقَتْهُ فَلَهُ إجْبَارُهُ أَوْ غَائِبَةً فَلَهُ أَيْضًا إجْبَارُهُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بِإِقْدَامِهِ عَلَى الشِّرَاءِ مُقِرٌّ بِصِحَّةِ الْقَبْضِ لَهُ قُلْت وَسَبَقَ عَنْ فَتْوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ الدَّارَ الْمُوصَى بِبَيْعِهَا وَالتَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أُسَلِّمُك الثَّمَنَ حَتَّى تُثْبِتَ وَصِيَّتُك عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ (تَنْبِيهٌ) أَبْرَأَهُ إبْرَاءً عَامًا مُطْلَقًا وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ لَاحِقٌ لَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِقْدَارٌ مِنْ الدِّبْسِ مُسَلَّمًا وَادَّعَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِهِ حَالَةِ الْإِبْرَاءِ وَلَمْ يَرُدَّهُ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُمُومَ مُنْتَشِرُ الْإِفْرَادِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْعَدِّ وَالْحَصْرِ وَغَيْبَةِ بَعْضِهَا عَنْ الذِّهْنِ لَيْسَ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ فَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ وَقَدْ وَجَدْت عَلَى مُوَافَقَةٍ قَرَّرْته نَصًّا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَهُ صَاحِبُ رَوْضَةِ الْحُكَّامِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 427 بَيِّنَةُ الْوَقْفِ (وَ) أَنَّهُ (إنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَلَهَا أَخٌ وَأُخْتٌ وَزَوْجٌ يُسَاكِنُهَا فَادَّعَى) الزَّوْجُ أَنَّ (الْمَتَاعَ) لَهُ (صُدِّقَ فِي النِّصْفِ بِيَمِينِهِ) وَأَخَذَهُ بِحُكْمِ الْيَدِ وَجُعِلَ النِّصْفُ لِلْمَيِّتَةِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ التَّنْصِيف ثِيَابُ بَدَنِهَا الَّتِي عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُنْفَرِدَةٌ بِالْيَدِ عَلَيْهَا فَيَحْلِفُ وَارِثُهَا عَلَيْهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ يُسَاكِنُهَا مَا إذَا لَمْ يُسَاكِنْهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ إذْ لَا يَدَ لَهُ (وَيَحْلِفُ) الزَّوْجُ (لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمَا) أَيْ الْأَخُ وَالْأُخْتُ (يَمِينًا فَإِنْ أَثْبَتَتْ الْأُخْتُ) بَعْدَ حَلِفِهِ لَهَا لِكَوْنِهَا الْحَاضِرَةِ وَالْأَخِ غَائِبًا (أَنَّهُ) أَيْ الْمَتَاعُ (لَهَا وَلِأَخِيهَا ثَبَتَ لَهُمَا) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ فِي الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ (وَ) أَنَّهُ (لَا يُطْلَقُ حَبِيسٌ) بِحَبْسِ الْقَاضِي (إلَّا بِثُبُوتِ إعْسَارِهِ أَوْ رِضَا خَصْمِهِ وَبَعْدَ رِضَاهُ) بِإِطْلَاقِهِ (لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِإِعْسَارِهِ) لِأَنَّهُ لَا حَبْسَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَقَّ حَبَسَهُ (وَمَنْ عَرَفَ عَادَةً قَدِيمَةً بِإِجْرَاءِ مَاءٍ) أَوْ طَرْحِ ثَلْجٍ (فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا مَانِعٍ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِاسْتِحْقَاقِهِ) لِمُدَّعِيهِ (وَلَا تُسْمَعُ) شَهَادَتُهُ بِهِ (إنْ صَرَّحَ بِالْعَادَةِ) بِأَنْ يَقُولَ رَأَيْت ذَلِكَ سِنِينَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ (فَصْلٌ سُئِلَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ عَنْ رَجُلٍ حُكِمَ لَهُ بِمِلْكِ دَارٍ فَادَّعَى آخَرُ وَقْفَهَا عَلَيْهِ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَأَثْبَتَ الْأَوَّلُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِالْحُكْمِ لَهُ بِالْمِلْكِ وَأَثْبَتَ الْآخَرُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِالْحُكْمِ) لَهُ (بِصِحَّةِ الْوَقْفِ قَبْلَ الْحُكْمِ) لِلْأَوَّلِ (بِالْمِلْكِ) وَلَا يَدَ لِأَحَدِهِمَا هَلْ يَثْبُتُ الْوَقْفُ أَوْ الْمِلْكُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ (ثَبَتَ الْوَقْفُ) دُونَ الْمِلْكِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ مِنْ حَيْثُ هُوَ عَلَى الْمِلْكِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ عَنْ الْقَاضِي مِنْ أَنَّ بَيِّنَتِي الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ يَتَعَارَضَانِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَتَعَارَضَانِ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ تَارِيخُهُمَا (وَلَزِمَهُ) أَيْ مُدَّعِي الْمِلْكِ (أُجْرَةُ) مِثْلُ (مُدَّةِ وُقُوفِهِ) الْأَوْلَى وُقُوفِهَا أَيْ الدَّارُ أَيْ مُدَّةُ إقَامَتِهَا (تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ وُقِفَ) مِلْكًا لَهُ (وَأُقِرَّ بِحُكْمِ حَاكِمٍ بِصِحَّتِهِ وَلَمْ يُعِينُهُ ثُمَّ رَجَعَ) عَنْهُ وَرُفِعَ الْأَمْرُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى جَوَازًا لِرُجُوعٍ عَنْهُ كَحَنَفِيٍّ فَهَلْ لَهُ الْحُكْمُ بِنُفُوذِ الرُّجُوعِ أَوْ لَا فَأَجَابَ عَنْهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ بِأَنَّهُ (لَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ تَنْفِيذُ رُجُوعِهِ) أَيْ الْحُكْمُ بِنُفُوذِ رُجُوعِهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ أَمَّا الشَّافِعِيُّ وَمَنْ لَا يَرَى الرُّجُوعَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ (فَصْلٌ) مَنْقُولٌ (مِنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ) لَوْ (ادَّعَى دَارًا عَلَى مَنْ) هِيَ بِيَدِهِ فَذَكَرَ أَنَّهُ (اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِإِقْرَارِ زَيْدٍ لَهُ بِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ بِهَا لِزَيْدٍ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَا تَارِيخَ) لَهُمَا مَعْلُومٌ (قُرِّرَتْ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِاعْتِضَادِ بَيِّنَتِهِ بِالْيَدِ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ مَبِيعًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي سَلَّمْت الثَّمَنَ) لِلْبَائِعِ (فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ (فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً (بِأَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (لَمْ يُسَلِّمْ) هـ (فِي الْمَجْلِسِ شَيْئًا سُمِعَتْ) هَذِهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ فِي مَحْصُورٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ تُسْمَعْ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا لَكِنَّ النَّوَوِيَّ بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ رَدَّهُ وَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ فِي مَحْصُورٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ بِهِ (وَإِنْ ادَّعَتْ) امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ (أَنَّهُ نَكَحَهَا وَطَلَّقَهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ (وَطَالَبَتْ) هـ (بِنِصْفِ الْمَهْرِ أَوْ) ادَّعَتْ (نِكَاحَ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَطَلَبَتْ الْإِرْثَ) مِنْهُ (ثُبِتَ) ذَلِكَ (بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ   [حاشية الرملي الكبير] أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي فِيمَا فِي يَدِ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ لِعَبْدٍ لَمْ أَعْلَمْ كَوْنَهُ فِي يَدِهِ وَقْتِ الْإِقْرَارِ صُدِّقَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَكَتَبَ أَيْضًا ادَّعَتْ صَدَاقَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ أَبْرَأَتْنِي مِنْهُ فَقَالَتْ أَبْرَأْته وَلَمْ أَعْلَمْ مِقْدَارَهُ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ عَقَدَ عَلَيْهَا وَهِيَ صَغِيرَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا وَإِنْ كَانَتْ حِينَ الْعَقْدِ بَالِغَةً عَاقِلَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ فِي عِلْمِهَا بِمِقْدَارِهِ حِينَ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الصَّغِيرَةَ يُعْقَدُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ عِلْمِهَا بِالصَّدَاقِ وَالْكَبِيرَةَ لَا يُعْقَدُ عَلَيْهَا إلَّا بِإِذْنِهَا بِالصَّدَاقِ قُلْت وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الثَّيِّبِ دُونَ الْبِكْرِ الْمُجْبَرَةِ فَقَدْ لَا تُسْتَأْذَنُ أَصْلًا وَلَوْ أَبْرَأَ عَنْ دَيْنٍ وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقْرَضَهُ هُوَ فَإِنَّ الْمُصَدَّقَ بِيَمِينِهِ الْمُقْتَرِضُ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ وَأَخْرَجَ قُبَالَةً مُكْتَتَبَةً بِالشِّرَاءِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَوْمَئِذٍ فِي يَدِ فُلَانٍ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ فَشَهِدُوا عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الْقُبَالَةِ فَإِنَّ الْمِلْكَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لَا يُثْبَتُ لِلْبَائِعِ حِينَ بَاعَهَا لِأَنَّ الْقُبَالَةَ مُكْتَتَبَةٌ مِنْ إقْرَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي شَهِدُوا بِمَا سَمِعُوا مِنْهُمَا فَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِمْ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَشْهَدُوا بِأَنَّهَا يَوْمَ بَاعَهَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ (فُرُوعٌ) لَوْ ادَّعَى أَنَّ عَبْدَهُ هَرَبَ مِنْهُ وَدَخَلَ دَارَ فُلَانٍ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَوْ جَاءَ إلَى الْحَاكِمِ وَقَالَ امْرَأَتِي فِي بَيْتِ هَذَا وَهُوَ يَمْنَعنِي عَنْهَا وَلَا يَأْذَنُ لِي أَنْ أَدْخُلَ دَارِهِ وَأَخْرِجْهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَإِلَّا أَقَامَهَا بِأَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةُ فِي دَارِهِ فَيَسْمَعُهَا الْقَاضِي ثُمَّ الْأَمْرُ إلَى اجْتِهَادِهِ فَإِنْ رَأَى أَنْ يَخْتِمَ بَابَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِيهَا فَعَلَ وَإِنْ رَأَى أَنْ يَهْجِمَ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ فَعَلَ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِكَذَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَأَقَامَ الْخَصْمُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتَ بِمَوْضِعِ كَذَا مِنْ الْغَدَاةِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ سَقَطَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ إنْ حُكِمَ بِهِ وَلَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَقَالَ أَنَا أَبُوهَا وَكُنْت فِي الْبَلَدِ فَالنَّسَبُ ثَابِتٌ وَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ وُجُودِ الْأَبِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا صَحَّ النِّكَاحُ قُلْت وَفِيمَا أَطْلَقَهُ يَعْنِي الْبَغَوِيّ إشْكَالٌ إنْ كَانَ التَّصْوِيرُ أَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ النَّسَبُ بِمُجَرَّدِ تَصَادُقِ الْمَجْهُولِ وَالْمُدَّعِي وَقَدْ ذُكِرَ قَبْلَهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِنَسَبِ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَهِيَ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ وَوَافَقَهُ الْعَبَّادِيُّ وَنَقَلَ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْمُزَنِيّ وَفِيهِ وَحْشَةٌ وَذَكَرَ الْقَاضِي كُرْهَ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَلَا يُطْلَقُ حَبِيسٌ إلَّا بِثُبُوتِ إعْسَارِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ خَصْمُهُ [فَصْلٌ رَجُلٍ حُكِمَ لَهُ بِمِلْكِ دَارٍ فَادَّعَى آخَرُ وَقْفَهَا عَلَيْهِ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً] (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَتَعَارَضَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 428 أَوْ) رَجُلٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِمَا النِّكَاحُ (لِأَنَّ قَصْدَهَا الْمَهْرُ) فِي الْأُولَى (وَالْإِرْثُ) فِي الثَّانِيَةِ وَقَاسَهُ الْغَزَالِيُّ عَلَى مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ وَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْغَصْبِ فَإِنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ السَّارِقُ وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ (فَصْلٌ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ) لِرَجُلٍ (بِنِكَاحٍ مِنْ سَنَةٍ وَأَثْبَتَ آخَرُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِنِكَاحِهَا مِنْ شَهْرٍ حُكِمَ لِلْمُقِرِّ لَهُ) لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهَا النِّكَاحُ الْأَوَّلُ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الطَّلَاقُ لَا حُكْمَ لِلنِّكَاحِ الثَّانِي (وَ) أَنَّهُ (إنْ قَالَ الْمُحَكِّمُ فِي النِّكَاحِ لِلْبِكْرِ قَدْ حَكَّمْتِنِي) لَأَنْ (أُزَوِّجَك هَذَا فَسَكَتَتْ كَانَ) سُكُوتُهَا (إذْنًا) مِنْهَا لَهُ فِيهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْذَنَهَا الْوَلِيُّ فَسَكَتَتْ (وَ) أَنَّهُ (لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ) رَجُلًا (مَنْ ادَّعَتْ عِنْدَهُ طَلَاقًا مِنْ نِكَاحِ) رَجُلٍ (مُعَيَّنٍ) أَوْ مَوْتِهِ عَنْهَا (حَتَّى يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً (بِهِ) لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ لَهُ بِالنِّكَاحِ (فَصْلٌ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ) أَنِّي (مَا قُلْت) لَهَا (إنْ فَعَلْت) كَذَا كَدُخُولٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ (فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا هِيَ بَائِنٌ مِنِّي بِثَلَاثٍ فَقَدْ يَتَأَوَّلُ) أَيْ يَحْلِفُ مُتَأَوِّلًا عَلَى مَذْهَبِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَتَابِعِيهِ (أَنَّ الثَّلَاثَ لَا تَقَعُ مَعًا) أَوْ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُصَحِّحُ الدُّورَ فَيُشَدِّدُ عَلَيْهِ لِيَتَعَرَّضَ لِلْحَادِثَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ مَعَ نَقْلِهِ هَذَا عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ يَكْفِيهِ أَنَّهَا لَمْ تُبِنْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَالَ لَمْ تُبِنْ مِنِّي حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِهَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَيْ وَإِنْ قَالَهُمَا حَلَفَ عَلَيْهِمَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاصِّ عَلَيْهِ وَمَا قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ أَخْصَرُ وَالتَّأْوِيلُ لَا يَنْفَعُ الْحَالِفُ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ لَوْ ادَّعَى دَارًا عَلَى مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِإِقْرَارِ زَيْدٍ لَهُ بِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ] قَوْلُهُ وَقَاسَهُ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ وَلَا مُعْتَمِدٍ عَلَيْهِ فَكَيْفَ تَثْبُتُ إرْثَ مَنْ لَمْ تَثْبُتْ زَوْجِيَّتُهَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ تَثْبُتُ زَوْجِيَّتُهُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجَتِهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَهَذَا بَعِيدٌ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَثْبُتَ لِلْمَرْأَةِ لِنَفَقَتِهِ وَالْكِسْوَةِ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُهَا وَهُوَ غَرِيبٌ لَا يَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَنَازَعَ أَيْضًا فِي ثُبُوتِ الصَّدَاقِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ الْأَصَحُّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ خِلَافُهُ. اهـ. وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ كَمَا فِي الْخَادِمِ لِلزَّرْكَشِيِّ هُوَ مَا جُزِمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَصِحْ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ [فَصْلٌ أَقَرَّتْ لِرَجُلٍ بِنِكَاحٍ مِنْ سَنَةٍ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِنِكَاحِهَا مِنْ شَهْرٍ] (قَوْلُهُ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ إلَخْ) وَفِيهَا رَجُلٌ يُجْرِي مَاءً فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَقَالَ صَاحِبُ الْمِلْكِ لَا حَقَّ لَك فِيهِ إنَّمَا هُوَ عَارِيَّةٌ وَادَّعَاهُ الْمُجْرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمِلْكِ بِيَمِينِهِ قَالَ فَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى رَسْمِ الْمُلَّاكِ وَلَمْ يُنَازِعْهُ صَاحِبُ الْمِلْكِ وَلَا غَيْرُهُ فِيهِ جَازَ أَنْ يُشْهَدَ لَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِجْرَاءَ إنَّمَا حَدَثَ فِي مِلْكِ هَذَا الْمَالِكِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ ابْتِدَاؤُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ غ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ لِزَيْدٍ فَأَقَرَّ زَيْدٌ بِهِ لِعَمْرٍو قَالَ فَلِعَمْرِو أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ وُسْعَ الْبَيِّنَةِ أَنْ تَشْهَدَ جَزْمًا بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْجِهَةِ وَالسَّبَبِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْبِرَهُمْ عَنْهُ وَلَوْ أَنَّ الْمُقِرَّ ادَّعَى أَنَّ الْمُقِرَّ لَهُ أَوَّلًا أَبْرَأَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَا أَقَرَّ بِالْمَالِ لِلْغَيْرِ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ عَنْ مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى قُلْت وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى إبْرَاءَ مُتَقَدِّمِ التَّارِيخِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ لِعَمْرٍو أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَهَلْ تُسْمَعُ لِلتَّحْلِيفِ لِلتَّغْرِيمِ فِيهِ احْتِمَالٌ ع ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ عَبْدًا بِأَلْفٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا أَقْرَرْت بِاللِّسَانِ وَلَمْ أَقْبِضْ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَا رَأَيْنَا ذَلِكَ الْعَبْدَ فِي يَدِهِ وَقَالَ إنَّهُ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقْرَرْت وَلَمْ يَكُنْ وَصَلَ إلَيَّ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي يَدِهِ بِسَبَبٍ لَا بِتَسْلِيمٍ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ ادَّعَى دَارً أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيَّ فَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَقَضَى الْقَاضِي بِالْوَقْفِيَّةِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى مُدَّعٍ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ بِالْوَقْفِيَّةِ بِأَنَّهَا مِلْكِي بِعْتهَا مِنِّي بِكَذَا قَبْلَ دَعْوَى الْوَقْفِيَّةِ وَسَلَّمْتهَا إلَيَّ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً قَالَ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَعَلَى مُدَّعِي الْوَقْفِيَّةِ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَى مُدَّعِي الشِّرَاءِ مِنْهُ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْوَقْفِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ هُوَ مِلْكُهُ زَالَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالْعِتْقِ، وَالْحَقُّ فِيهِ لَا قَوَّامَ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ وَبَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْوَقْفِيَّةِ وَزَوَالِ الْمِلْكِ فِيهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا حُكْمَ لِبَيْعِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ مُدَّعٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ هَلْ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِالْمِلْكِ قَالَ الْقَاضِي نَظَرٌ إنْ كَانَ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْبَائِعِ مِنْهُ بِالْمِلْكِ كَانَ الْوَكِيلُ يَسْتَجِيزُ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَشْهَدَ لِلْبَائِعِ بِالْمِلْكِ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِالْمِلْكِ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا جَوَّزْنَا لَهُ ذَلِكَ شَهِدَ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَا أَنِّي اشْتَرَيْته لَهُ قُلْت هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَسَبَقَ عَنْ جَمَاعَةٍ وَهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ بِعْته مِنِّي وَقَدْ رَدَدْته عَلَيْك وَلَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ هَذَا الْمَالُ إلَيْك فَقَالَ الْمُدَّعِي أَنَا أَدَّعِي عَلَيْهِ مُطْلَقًا قَالَ لِلْقَاضِي أَنْ يُحْضِرَ تِلْكَ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَيُحَلِّفُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْمَالَ مِنْ جِهَةِ تِلْكَ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَيُحَلِّفُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْمَالَ مِنْ جِهَةِ تِلْكَ الْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ وَلَوْ أَوْدَعَهُ عَيْنًا وَقَالَ هِيَ مِلْكُ ابْنِي وَمَاتَ الدَّافِعُ فَادَّعَى مُدَّعٍ الْعَيْنُ عَلَى الْأَمِينِ فَطَرِيقُهُ فِي الْخَلَاصِ مِنْ الْخُصُومَةِ أَنْ يَدْفَعَ الْعَيْنَ إلَى الْحَاكِمِ لِيُسْقِطَ الْيَمِينَ عَنْ نَفْسِهِ [فَصْلٌ أَنْكَرَ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ] (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاصِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالتَّأْوِيلُ إلَخْ) وَقَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (خَاتِمَةٌ) ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَقَالَ ذُو الْيَدِ كَانَتْ لَهُ إلَّا أَنَّهُ بَاعَهَا مِنِّي فَأَنْكَرَ الْبَيْعَ وَشَهِدَ لِذِي الْيَدِ شَاهِدَانِ بِأَنَّ الْعَيْنَ مِلْكُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلشِّرَاءِ مِنْ الْمُدَّعِي فَقَالَ الْقَاضِي تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمِلْكِ لِأَنَّ يَدَهُ قَدْ بَطَلَتْ بِالْإِقْرَارِ فَهُوَ يَدَّعِي مِلْكَ عَيْنٍ لَا يَدَ لَهُ عَلَيْهَا وَأَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ حَتَّى يَشْهَدُوا عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ قُلْت وَهُوَ الصَّحِيحُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَزَفَّهَا مَعَ الْجِهَازِ وَقَالَ هَذَا جِهَازُ ابْنَتِي فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا يُوَرَّثُ عَنْهَا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَمَاتَتْ فَادَّعَى الزَّوْجُ بِأَنَّهُ جِهَازُهَا فَلِي فِيهِ الْمِيرَاثُ وَقَالَ الْأَبُ بَلْ أَعَرْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ قُلْت وَفِيهِ إشْكَالٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 429 بِتَحْلِيفِ الْقَاضِي كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً لَمْ يَكْفِ أَنْ يَقُولَ) فِي الْجَوَابِ (لَا يَلْزَمُنِي الدَّفْعُ) إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُودِعَ لَا دَفْعَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ (بَلْ يَقُولُ) فِي الْجَوَابِ مَا (أَوْدَعْتنِي أَوْ تَلِفَتْ) فِي يَدِي (أَوْ رَدَدْتهَا) إلَيْك وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ مِمَّا ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي مُؤَوَّلٌ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ أَثْبَتَ) شَخْصٌ عَلَى آخَرَ (أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ سَفِينَةٍ) لَهُ (بِدِينَارٍ وَأَثْبَتَ الْآخَرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا) مِنْهُ (بِهِ تَعَارَضَتَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ (أَوْ) شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ (أَنَّهُ قَتَلَهُ فِي وَقْتٍ) مُعَيَّنٍ (وَشَهِدَتْ) الْبَيِّنَةُ (الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتَ عِنْدَنَا) وَلَمْ يَغِبْ عَنَّا (وَأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ تَعَارَضَتَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ فِي مَحْصُورٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ادَّعَى) شَخْصٌ (أَنَّ الدَّارَ مِلْكِي وَفُلَانٌ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (يَمْنَعُنِي مِنْهَا تَعَدِّيًا لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا لَهُ بِالْيَدِ) وَهَذَا طَرِيقٌ يَسْلُكُهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدَّعِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقِرَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَدِ وَظَاهِرُ كَلَامُهُ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْفَصْلِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا نَقَلَ عَنْهُ الْأُولَى فَقَطْ وَنَقَلَ مَا عَدَاهَا عَنْ الْعَبَّادِيِّ (الْبَابُ السَّابِعُ فِي إلْحَاقِ الْقَائِفِ) النَّسَبُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا بِهَا رُءُوسَهُمَا وَقَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا   [حاشية الرملي الكبير] إذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً شَهِدَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا تُسْمَعُ وَلَا يُنْقَضُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ قُبِلَ وَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمَا وَإِنْ أَصَرَّا عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى فِسْقِهِمَا يُمْتَنَعُ الْقَضَاءُ قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَيْضًا لِغَرَضِ التَّغْرِيمِ لِلشُّهُودِ لَا لِإِبْطَالِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بَاعَ دَارًا بِحُضُورِ فَقِيهٍ ثُمَّ صَارَ قَاضِيًا فَادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةٍ عِنْدَهُ أَنَّ تِلْكَ الدَّارُ مِلْكُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مُطْلَقَةً عَلَى ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ عَلِمَ انْتِقَالَ الْمِلْكِ مِنْهُ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الِامْتِنَاعُ عَنْ الْقَضَاءِ بِعِلْمِ نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ انْتِقَالَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ فَتُسْمَعُ وَيَقْضِي لَهُ بِالْبَيِّنَةِ. وَكَذَا لَوْ ادَّعَى وَارِثُهُ عَلَى هَذَا الْمُشْتَرِي رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يَسْكُنَانِ دَارًا فَادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَالدَّارُ دَارِهِ وَهِيَ أَنَّهُ عَبْدُهَا وَالدَّارُ دَارُهَا قَالَ يَحْلِفُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ وَهِيَ عَلَى نَفْيِ الزَّوْجِيَّةِ وَيَحْلِفَانِ عَلَى الدَّارِ وَتَبْقَى بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَبَيِّنَتُهَا أَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا أَوْلَى لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ كَانَ رَقِيقًا وَإِذَا حَكَمْنَا لَهَا بِمِلْكِيَّةِ الرَّجُلِ كَانَتْ الدَّارُ لَهَا قُلْت وَعَنْ رِوَايَةِ شُرَيْحٍ أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَانِ وَقِيلَ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةٍ لِرَجُلٍ فَحَصَلَ ثَلَاثَةُ آرَاءٍ غ وَكَتَبَ أَيْضًا مَدْرَسَةٌ مَوْقُوفَةٌ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ النَّظَرَ لَهُ فِيهَا وَلَمْ يُسَنِّدْ النَّظَرَ إلَى الْوَاقِفِ وَلَا أَنَّهُ تَلَقَّاهُ مِنْ جِهَتِهِ وَكَتَبَ مَحْضَرًا فَشَهِدَ لَهُ جَمَاعَةٌ عُدُولٌ بِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَفِي أَوْقَافِهَا وَلَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ شَهِدَ عَلَى الْوَاقِفِ وَلَا عَلَى شَهَادَةِ مِنْ شَهِدَ عَلَى الْوَاقِفِ فَسَأَلَهُمْ الْحَاكِمُ الْمُتَنَازَعُ لَدَيْهِ عَنْ مُسْتَنِدِ شَهَادَتِهِمْ هَلْ عَلَى الْوَاقِفِ وَإِقْرَارِهِ أَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَلَمْ يُسْنِدُوا ذَلِكَ وَصَمَّمُوا وَقَالُوا نَعْلَمُ ذَلِكَ فَهَلْ تَنْزِلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَهَلْ تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ وَيَثْبُتُ بِهَا النَّظَرُ أَمْ لَا وَهَلْ يَلْزَمُهُمْ بَيَانُ سَبَبِ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ أَجَابَ الْعِمَادُ بْنُ الشِّيرَازِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِمَّنْ فَوَّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْوَاقِفِ النَّظَرَ وَشَرْطٌ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ بِحَيْثُ يُسَنِّدُ ذَلِكَ الْوَاقِفَ بِشَرْطِهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِ الْوَاقِفِ وَلَا فَتَكُونُ شَهَادَةٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ بِذَلِكَ وَلَا يَثْبُتُ مِثْلُ هَذَا النَّظَرِ بِالِاسْتِفَاضَةِ. وَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِمَا مِثَالُهُ إذَا كَانَتْ الْحَالُ فِي ذَلِكَ تَأْبَى تَلْقَيْنَهُ ذَلِكَ مِنْ السَّمَاعِ مِنْ الْوَاقِفِ وَمَنْ لَهُ التَّفْوِيضُ فَذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مُسْتَنِدِ الِاسْتِفَاضَةِ وَلَيْسَ يَظْهَرُ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ كَتَبَ أَيْضًا لَهُ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِزَوْجَتِهِ وَابْنِهِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ فَهَلْ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ أَجَابَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ الْفَزَارِيّ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ وَالْجَوَابُ غَلَطٌ صَرِيحٌ فَإِنَّ الرَّهْنَ لِلْأَوَّلِ بِرِضَا صَاحِبِهِ بِيَدِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِغَيْرِهِ فَإِذَا انْتَقَلَ الَّذِي إلَى غَيْرِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ الرَّهْنُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِيَدِ ذَلِكَ الْآخَرِ وَصُورَةُ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ قَالَ صَارَ الدَّيْنُ لِوَالِدِهِ وَزَوْجَتِهِ بِوَجْهِ حَقٍّ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا يَصِيرُ الدَّيْنُ لَهُمَا بِذَلِكَ بِالْحَوَالَةِ وَإِلَّا فَالدَّيْنُ لَا يَصِيرُ لَهُمَا بِوَجْهٍ لَازِمٍ بِغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ لَوْ قَالَ هَذَا الْمُقِرُّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا صَحِيحًا لِأَنَّهُمَا لَا حَقَّ لَهُمَا عَلَيَّ وَإِنَّمَا قَصَدْت بِذَلِكَ تَخْصِيصِهِمَا بِهَذَا الدَّيْنِ دُونَ الْوَرَثَةِ وَالْحَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ مَرِيضًا حِينَ أَقَرَّ قَالَ الشَّيْخُ وَذَكَرَ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ وَاعْتِيَادِ النَّاسِ ذَلِكَ يَشْهَدُ لَهُ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يَبْقَى الرَّهْنُ كَمَا كَانَ قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بَعْدَ اعْتِذَارٍ مِنْهُ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَعُودُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الْأَوَّلَ أَوْجَبَ فَكَّ الرَّهْنِ وَذَلِكَ حَقٌّ لِآدَمِيِّ فَلَا يُقْبَلُ الرُّجُوعِ قَالَ الشَّيْخُ وَسَمِعْت الْقَاضِيَ نَجْمَ الدِّينِ بْنَ سُنِّيِّ الدَّوْلَةِ أَيْ الْفَقِيهُ الْعَلَّامَةُ يَقُولُ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةٌ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِآخَرِ انْتَقَلَ الدَّيْنُ بِالرَّهْنِ مَعَهُ. اهـ. قُلْت إنْ أَقَرَّ بِأَنَّ اسْمَهُ فِي الْوَثِيقَةِ كَانَ عَارِيَّةَ وَأَنَّ الْمُدَايِنَةَ وَالِارْتِهَانَ كَانَ لَهُمَا فَلَا شَكَّ فِي بَقَاءِ الرَّهْنِ وَإِنْ أَطْلَقَ أَنَّ الرَّهْنَ كَانَ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْحَالِ فَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى احْتِمَالٍ فِيهِ وَإِنْ دَلَّ كَلَامُهُ عَلَى انْتِقَالِهِ إلَيْهِمَا بِحَوَالَةٍ أَوْ بَيْعٍ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فَالِانْفِكَاكُ هُوَ الظَّاهِرُ وَالِاعْتِرَاضُ صَحِيحٌ وَعَجِيبٌ قَوْلُهُ فَإِنَّ الرَّهْنَ ثَبَتَ لِلْأَوَّلِ إلَخْ فَإِنَّ هَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ تَوْجِيهًا لِعَدَمِ إقْرَارِ يَدِهِمَا لَا لِانْفِكَاكِ الرَّهْنِ وَأَمَّا قَبُولُ قَوْلُ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ قَصَدَ التَّخْصِيصَ فَظَاهِرٌ فِي حَقِّ الْوَلَدِ بَعِيدٌ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ لَا يَجِيءُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَصْلًا وَأَمَّا كَوْنُ الرَّهْنِ لَا يَعُودُ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَ فَصَحِيحٌ [الْبَابُ السَّابِعُ فِي إلْحَاقِ الْقَائِفِ النَّسَبُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي إلْحَاقِ الْقَائِفِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 430 مِنْ بَعْضٍ» فَإِقْرَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِيَافَةَ حَقٌّ وَسَبَبُ سُرُورِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا قَالَ مُجَزِّزٌ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ لِأَنَّهُ كَانَ طَوِيلًا أَسْوَدَا أَقْنَى الْأَنْفِ وَكَانَ زَيْدٌ قَصِيرًا بَيْنَ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ أَخْنَسَ الْأَنْفِ وَكَانَ طَعْنُهُمْ مُغَايَظَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ كَانَا حَبِيبُهُ فَلِمَا قَالَ الْمُدْلِجِيُّ ذَلِكَ وَهُوَ لَا يَرَى إلَّا أَقْدَامَهُمَا سُرَّ بِهِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ أَبُو دَاوُد أَنَّ زَيْدًا كَانَ أَبْيَضُ (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْقَائِفُ لِيُعْمَلَ بِقَوْلِهِ فِيمَا ذَكَرَ (أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا عَدْلًا حُرًّا ذَكَرًا بَصِيرًا نَاطِقًا مُجَرِّبًا) كَالْحَاكِمِ وَالتَّجْرِبَةُ لَهُ كَالْفِقْهِ لِلْحَاكِمِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدْلِجِيًّا) أَيْ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ وَهُمْ بَطْنُ مِنْ خُزَاعَةَ وَيُقَالُ مِنْ أَسَدٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِيَافَةَ نَوْعٌ مِنْ الْعِلْمِ فَكُلُّ مَنْ عَلِمَهُ عَمِلَ بِعِلْمِهِ. (وَيَكْفِي وَاحِدٌ) كَالْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَيُقْبَلُ إثْبَاتُ الْقَائِفِ الْوَلَدَ لِعَدُوِّهِ لَا لِلْآخَرِ) الْمُنَازِعُ لِعَدُوِّهِ لِأَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ لِعَدُوِّهِ فِي الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ فِي الثَّانِي (وَبِعَكْسِهِ أُبُوَّةُ) فَيُقْبَلُ إثْبَاتُهُ الْوَلَدَ لِغَيْرِ أَبِيهِ لَا لِأَبِيهِ لِأَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى أَبِيهِ فِي الْأَوَّلِ وَلَهُ فِي الثَّانِي وَخُرِجَ بِإِثْبَاتِ النَّفْيِ فَهُوَ بِالْعَكْسِ مِمَّا ذُكِرَ (وَلَوْ كَانَ) الْقَائِفُ (قَاضِيًا حُكِمَ بِعِلْمِهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ (وَالتَّجْرِبَةُ) أَيْ كَيْفِيَّتُهَا (أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ مَرَّتَيْنِ) كَذَا وَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهَا الصَّحِيحَةِ تَبَعًا لِأَصْلِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ وَكَيْفِيَّةُ التَّجْرِبَةِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةِ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ (ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ هِيَ فِيهِنَّ فَيُصِيبُ فِي الْكُلِّ أَوْ) أَنْ (يُجْمَعَ أَصْنَافٌ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) أَيْ أَحَدُهُمَا وَفِي كُلِّ (صِنْفٍ) مِنْهُمْ أَوْ فِي بَعْضِهِمْ (وَلَدٌ لِبَعْضِهِمْ وَهَذَا) الطَّرِيقُ (أَوْلَى) مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْقَائِفَ فِيهِ قَدْ يُعْلَمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى أُمَّهُ فَلَا يَبْقَى فِيهَا فَائِدَةً وَقَدْ تَكُونُ أَصَابَتُهُ فِي الرَّابِعَةِ اتِّفَاقًا فَلَا يُوثَقُ بِتَجْرِبَتِهِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي مَعَ ذِكْرِ أَوْلَوِيَّتِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَارِزِيُّ مُوَجِّهًا الْأَلْوِيَةُ بِمَا ذَكَرْته وَذَكَرَ الْأَصْلُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ التَّجْرِبَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْأُمِّ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ الْمَوْلُودُ مَعَ أَبِيهِ فِي رِجَالٍ لَكِنْ الْعَرْضُ مَعَ الْأُمِّ أَوْلَى قَالَ الْبَارِزِيُّ. وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَقَالَ الْإِمَامُ الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَقَدْ تَحْصُلُ بِدُونِ ثَلَاثٍ وَإِذَا حَصَلَتْ التَّجْرِبَةُ اعْتَمَدْنَا إلْحَاقَهُ وَلَا تُجَدَّدُ التَّجْرِبَةُ لِكُلِّ إلْحَاقٍ (وَإِذَا تَدَاعَيَا مَجْهُولًا) مِنْ لَقِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ (عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِفُ كَمَا مَرَّ فِي اللَّقِيطِ مَعَ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي وَطْءٍ) لِامْرَأَةٍ (يُثْبَتُ النَّسَبُ) بِأَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ (فَوَلَدَتْ) وَلَدًا (مُمْكِنًا) كَوْنِهِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِتَعَذُّرِ إلْحَاقِهِ بِهِمَا وَنَفْيِهِ عَنْهُمَا وَذَلِكَ (كَوَطْءِ مُشْتَرٍ) مِنْ غَيْرِ أَمَةِ (مَوْطُوءَةٍ) لَهُ (بِلَا اسْتِبْرَاءٍ) لَهَا (مِنْهُمَا) بِأَنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ (وَكَوَطْءِ مَنْكُوحَةٍ بِشُبْهَةِ) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنِهِ مِنْ الْأَوَّلِ أَيْضًا بِأَنَّ الْعِدَّةَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي الْبَرَاءَةِ عَنْ الْأَوَّلِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ (فَإِنْ وَلَدَتْ) مِنْ اشْتَرَكَ فِي وَطْئِهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ وَلَدًا مُمْكِنًا مِنْهُمَا (لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْوَطْأَيْنِ وَادَّعَيَاهُ) بَلْ أَوْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ فَصْلِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ عَدْلًا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْعَدَالَةُ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ فَلَا تَكْفِي الظَّاهِرَةُ غ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ فَيَشْمَلُ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ عَنْ الَّذِي يَنْفِيه عَنْهُ وَانْتِفَاءِ الْوِلَادَةِ عَنْ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِهِ (قَوْلُهُ بَصِيرًا) فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ اعْتِبَارِ السَّمْعِ وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ هُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ نَقْلًا فَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِهِمْ اعْتِبَارِهِ وَمَعْنَى لِأَنَّهُ يُبْصِرُ الصِّفَاتِ وَلَيْسَ هُنَا قَوْلٌ يُعْتَبَرُ سَمَاعُهُ وَقَوْلُنَا لَهُ هَذَا ابْنُ مَنْ فِي هَؤُلَاءِ قَدْ يُعْرَفُ بِكِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ ثُمَّ هُوَ يَنْطِقُ بِمَا ظَهَرَ لَهُ (قَوْلُهُ مُجَرِّبًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا حُكْمَ إلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَكَمَا لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِالْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ كَالْحَاكِمِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ فَشَمَلَ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ عَنْ الَّذِي يَنْفِيه عَنْهُ وَانْتِفَاءَ الْوِلَادَةِ عَنْ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ) جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ الرَّاعِيَّ يَلْتَقِطُ النَّتَاجَ لَيْلًا فَإِذَا أَصْبَحَ جَعَلَ كُلَّ بَهِيمَةٍ عِنْدَ أُمِّهَا مُسْتَدِلًّا بِالصُّوفِ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ فِي التَّنَازُعِ كَالنَّسَبِ وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ فَارِقِينَ بِشَرَفِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَائِفَ فِيهِ يَعْلَمُ إلَخْ) هَذَا إشْكَالٌ أَبْدَاهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي آخِرَهُ الصَّوَابُ أَنَّهُ يُعْرَضُ تَارَةً فِي الْأَوَّلِ وَتَارَةً فِي الثَّانِي وَهَلُمَّ جَرًّا لِيُمْكِنَّ اعْتِبَارُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ الْعَرْضُ مَعَ الْأُمِّ أَوْلَى) بَلْ لَوْ فُقِدَتْ عُرِضَ مَعَ عَصَبَةِ الْمَيِّتِ وَقَرَابَتِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبَارِزِيُّ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ مِنْ لَقِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا كَالطِّفْلِ غ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ شُبْهَةٍ) شَمَلَ وَطْءُ أَبَوَيْ الشَّرِيكَيْنِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ وَوَطْءِ الشَّرِيكِ وَأَبِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْمَجْهُولِ فِي أَحْكَامِ الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأُمُورٍ أَحَدُهَا أَنَّ هَذَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا مُكَلَّفًا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ فِقْهٌ ظَاهِرٌ ثَانِيهَا أَنَّهُ يُعْرَضُ هُنَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا سَاكِنًا أَوْ مُنْكِرًا وَلَوْ أَنْكَرَاهُ مَعًا عُرِضَ ثَالِثُهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الِاشْتِبَاهُ إلَى آخِرَ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) كَانَ أَنْكَرَاهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ) قَالَ الكوهكيلوني لَوْ فُرِضَ أَنَّهُمَا وَطِئَاهَا فِي حَيْضٍ فَلِيَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا إذَا وَطِئَا فِي الطُّهْرِ (تَنْبِيهٌ) إذَا كَانَ الِاشْتِبَاهُ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْفِرَاشِ لَمْ يَصِحَّ إلْحَاقُهُ بِالْقَائِفِ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ تَلْخِيصِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُ ذِكْرِ الْوَطْءِ اشْتِرَاطُ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِمُعْتَبَرٍ فِي هَذَا الْمَكَانِ بَلْ لَوْ لَمْ يُدَخِّلْ الْحَشَفَةَ كُلَّهَا وَأَنْزَلَ دَاخِلَ الْفَرْجِ كَانَ كَالْوَطْءِ وَكَذَا الْإِنْزَالُ خَارِجِ الْفَرْجِ بِحَيْثُ دَخَلَ الْمَاءُ فِي الْفَرْجِ وَاسْتِدْخَالِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَلَدَتْ لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ فَإِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 431 عَدِمِ الْقَائِفِ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ (فَإِنْ تَخَلَّلَتْ) بَيْنَ الْوَطْأَيْنِ (حَيْضَةٌ سَقَطَ حَقُّ الْأَوَّلِ) لِظُهُورِ الْبَرَاءَةِ بِهَا عَنْهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا قَائِمَ الْفِرَاشِ) فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ لِأَنَّ إمْكَانَ الْوَطْءِ مَعَ الْفِرَاشِ بِمَنْزِلَةِ الْوَطْءِ وَالْإِمْكَانُ حَاصِلٌ بَعْدَ الْحَيْضَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمَا شَمَلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إنَّمَا تَصِيرُ فِرَاشًا فِيهِ بِالْوَطْءِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُتَدَاعِيَانِ أَوْ الْوَاطِئَانِ مُسْلِمَيْنِ أَمْ حُرَّيْنِ أَمْ مُخْتَلِفَيْ الْحَالِ وَقَضِيَّةُ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ فَارَقَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ وَطِئَهَا الثَّانِي سَقَطَ حَقُّ الزَّوْجِ وَلَحِقَ الْوَلَدُ الثَّانِي وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (فَصْل) لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ (وَطِئَ مُزَوِّجَةَ) بِغَيْرِهِ (بِشُبْهَةٍ) وَأَتَتْ بِوَلَدٍ (وَادَّعَى) أَنَّ (الْوَلَدَ) مِنْهُ (لَمْ يُعْرَضْ عَلَى الْقَائِفِ) بَلْ هُوَ لَاحِقٌ بِالزَّوْجِ (وَإِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجَانِ) عَلَى الْوَطْءِ (مَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً) لَهُ (بِالْوَطْءِ) لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي النَّسَبِ وَتَصْدِيقِهِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِالْوَطْءِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي اللِّعَانِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ قَالَ إنَّ ذَلِكَ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ تَصْدِيقَ الزَّوْجِ فِي الْوَطْءِ كَافٍ فِي الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِاشْتِرَاطِ الْبَيِّنَةِ (وَيُعْرَضُ) عَلَيْهِ (بِتَصْدِيقِهِ) مُدَّعِي الْوَطْءِ عَلَيْهِ (إنْ بَلَغَ) وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ مَجْهُولًا) نَسَبَهُ وَلَهُ زَوْجَةٌ (فَأَنْكَرَتْهُ زَوْجَتُهُ لَحِقَهُ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (دُونَهَا) لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ زَوْجَةٍ أُخْرَى (وَإِنْ ادَّعَتْهُ) وَالْحَالَةُ هَذِهِ (امْرَأَةٌ أُخْرَى دُونَ زَوْجِهَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَنْكَرَ زَوْجُهَا (وَأَقَامَ زَوْجُ الْمُنْكِرَةِ وَزَوْجَةُ الْمُنْكِرِ بَيِّنَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَسَاقَطَانِ وَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ) الَّذِي فِي الْأَصْلِ فَهَلْ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى أَمْ بَيِّنَتُهَا أَمْ يَتَعَارَضَانِ أَمْ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فَلَمَّا رَأَى الْمُصَنِّفُ الْأَخِيرَيْنِ يَرْجِعَانِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ عَبَّرَ عَنْهُمَا بِمَا قَالَهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أُخِذَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ اللَّقِيطِ (فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهَا لَحِقَهَا دُونَ زَوْجِهَا أَوْ بِالرَّجُلِ لَحِقَهُمَا) أَيْ الرَّجُلُ وَزَوْجَتُهُ وَقَوْلُهُ لَحِقَهَا دُونَ زَوْجِهَا ضَعِيفٌ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ فَقَدْ مَرَّ فِي اللَّقِيطِ أَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيِّنَةً قَالَ فِي الْأَصْلِ فَهَلْ أُمُّهُ الْأُولَى أَمْ الثَّانِيَةِ أَمْ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فَيُلْحِقَهُ بِأَحَدِهِمَا فِيهِ أَوْجُهٌ انْتَهَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ وَلَدُ الْوَاحِدَةِ مِنْهُمَا فَقَدْ سَبَقَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اُسْتُلْحِقَ وَلَدًا لَا يَلْحَقُ زَوْجَتَهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَفِي اللَّقِيطِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهَا عَلَى الصَّحِيحِ (فَصْلٌ) لَوْ (عَدِمَ الْقَائِفُ) بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا مَرَّ فِي الْعَدَدِ (أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ) الْحَالُ بِأَنْ تَحَيَّرَ (أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا وُقِفَ) أَمْرُهُ (حَتَّى يَبْلُغَ) عَاقِلًا (وَيَخْتَارُ) الِانْتِسَابَ إلَى أَحَدِهِمَا بِحَسْبِ   [حاشية الرملي الكبير] وَأَكْثَرِ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْأَيْنِ وَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا رُوجِعَ الْقَائِفُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهِيَ أَحْسَنُ وَأَوْضَحُ نَعَمْ ادِّعَاؤُهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ (فَرْعٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ لَهُ زَوْجَةٌ وَابْنٌ مَاتَا فَاخْتَلَفَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا فِي صَدَاقِهَا فَقَالَ الزَّوْجُ مَاتَتْ أَوَّلًا فَوَرِثْتهَا أَنَا وَابْنِي ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْته أَنَا وَلَا شَيْءَ عَلَيَّ مِنْ الصَّدَاقِ وَقَالَ الْأَخُ بَلْ مَاتَ الِابْنُ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَتْ أُخْتِي فَلِي مِنْ صَدَاقِهَا عَلَيْك النِّصْفُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ مِنْهُمَا مُقْتَضَى قِيَاسُ الْمَنْقُولِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَخِ ذَلِكَ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا اسْتِحْقَاقَ الزَّوْجَةِ لِلصَّدَاقِ فَهُوَ كَالْمَالِ الْمُعَيَّنِ وَشَكَّكْنَا فِي انْتِقَالِ بَعْضِهِ لِلِابْنِ وَالْأَصْلُ عَدَمِهِ فَإِنْ عُورِضَ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاةِ الِابْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى تَقَابُلِ الْأَصْلَيْنِ فَجَوَابُهُ لَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاةِ الزَّوْجَةِ أَيْضًا فَتَسَاقَطَا وَيَبْقَى الْأَصْلُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا فَإِنْ قِيلَ فَالْأَخُ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقًا عَلَى الزَّوْجِ وَالْأَصْلُ عَدَمِهِ قُلْنَا شَغْلُ ذِمَّةِ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ قَدْ تَحَقَّقَ وَالزَّوْجُ يَدَّعِي الْبَرَاءَةَ وَالْأَصْلُ عَدَمِهَا وَالْأَصْلُ الْأَوَّلُ سَالِمٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ اتَّفَقَا وَاخْتَلَفَا فِي تَقَدُّمِ الْآخَرِ وَتَأَخُّرِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي التَّأَخُّرِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا قَائِمُ الْفِرَاشِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُزَادُ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْأَوَّلُ قَدْ حَصَلَ بَعْدَ طَلَاقِهِ حَيْضَةٌ أَمْ حَيْضَتَانِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلثَّانِي بَلْ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ [فَصْل ادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَ مُزَوِّجَةَ بِغَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَادَّعَى أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ هَلْ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ] (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي اللَّعَّانِ) هُنَا ثُمَّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هُنَا مَا إذَا اشْتَرَكَا فِي الْوَطْءِ فَلَا يُعْرَضُ وَيُلْحَقُ بِالْفِرَاشِ عِنْدَهُمَا وَالْمُرَادُ بِمَا فِي اللَّعَّانِ مَا إذَا قَالَ الزَّوْجُ لَمْ أَطَأْ أَصْلًا وَلَيْسَ الْوَلَدُ مِنِّي فَيُعْرَضُ بِشَرْطِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَاهُ وَقَالَ أَنَّهُ مِنِّي وَنَازَعَهُ الْوَاطِئُ فَيَقْوَى جَانِبُهُ بِالْفِرَاشِ عِنْدَهُمَا وَحِينَئِذٍ لَا تَنَافِي بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ غ (قَوْلُهُ وَيُعْرَضُ بِتَصْدِيقِهِ بَلَغَ أَنَّهُ) فِي نُسْخَةٍ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالْوَطْءِ وَيَكْفِي تَصْدِيقُ بَالِغٍ (قَوْلُهُ يَرْجِعَانِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ إلَخْ) قَالَ الْفُورَانِيُّ وَكَانَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ عَدِمَ الْقَائِفُ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ الْحَالُ] (قَوْلُهُ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْحَالُ) لَوْ وَصَفّ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ خَالًا أَوْ أَثَرَ جِرَاحَةٍ بِظَهْرِهِ أَوْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ الْبَاطِنَةِ وَأَصَابَ لَا يُقَدَّمُ جَانِبُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا طَلَبَ الْقَائِفُ أَجْرًا وَلَمْ نَجِدْ لَهُ مُتَطَوِّعًا رُزِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَالْقَاسِمِ وَالْكَاتِبِ وَيَسْتَحِقُّهُ سَوَاءٌ أُلْحِقَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فَأُجْرَتُهُ عَلَى الْمُتَنَازِعَيْنِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا اسْتَحَقَّهَا وَفِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى مَنْ أُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ قَافُهُ مُسْتَأْجِرًا لِلُّحُوقِ دُونَ النَّفْيِ وَالثَّانِي تَجِبُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْعَمَلَ مُشْتَرَكٌ فِي حَقِّهِمَا وَإِنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ لِإِشْكَالِهِ عَلَيْهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِعَدَمِ الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ لِتَكَاثُرِ الِاشْتِبَاهِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَسْتَحِقُّهَا وَالثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّهَا إذَا قِيلَ أَنَّهُ إذَا أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا اُخْتُصَّ بِالْتِزَامِ الْأُجْرَةِ تَعْلِيلًا بِالْإِلْحَاقِ أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ وُقِفَ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَخْتَارَ الِانْتِسَابَ) فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِانْتِسَابِ إلَى أَحَدِهِمَا قَامَتْ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ فِي الِانْتِسَابِ إلَى أَحَدِهِمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 432 الْمَيْلِ الَّذِي يَجِدُهُ (وَيُحْبَسُ) لِيَخْتَارَ (إنْ امْتَنَعَ) مِنْ الِانْتِسَابِ (إنْ لَمْ يَجِدْ مَيْلًا) إلَى أَحَدِهِمَا (فَيُوقِفُ) الْأَمْرَ بِلَا حَبْسٍ إلَى أَنْ يَجِدَ مَيْلًا نَعَمْ إنْ سُئِلَ فَسَكَتَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيَتَّجِهُ الْحَبْسُ إلَى أَنْ يُخْبِرَ بِمَا عِنْدَهُ (وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُ قَائِفٍ) عَنْ إلْحَاقِهِ الْوَلَدَ بِأَحَدِهِمَا (إلَّا قَبْلَ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ) فَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ كَمَا فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ (ثُمَّ لَا يُصَدِّقُ لِلْآخَرِ) أَيْ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي حَقِّهِ لِسُقُوطِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِ وَمَعْرِفَتِهِ. (وَكَذَا) لَا يُصَدِّقُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْآخَرِ (إلَّا بَعْدَ) مُضِيِّ مُدَّةٍ (إمْكَانِ تَعَلُّمِ) لَهُ فِيهَا (مَعَ امْتِحَانٍ) لَهُ لِذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ تَبَعًا لِمُخْتَصَرَيْ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ قَبْلَ الْحُكْمِ مَعَ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ لَا يُصَدِّقُ لِلْآخَرِ ضَعِيفٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ تَصْحِيحٍ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَقِيلَ إنْ رَجَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَلْ وَإِلَّا قُبِلَ لَكِنْ فِي حَقِّ الْآخَرِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَسَبَبُ وُقُوعِهِمْ فِي ذَلِكَ سُقُوطُ لَفْظَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ اخْتَارُوا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مَطْلَبِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامِ الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يُجْعَلَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا فَالْإِمْكَانُ حَمْلُ النَّقْلَيْنِ عَلَى حَالَيْنِ وَذِكْرِ مَا تَقَدَّمَ. (وَلَا يَسْقُطُ حُكْمُ قَائِفٍ بِقَوْلِ قَائِفٍ آخَرَ) فَلَوْ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ آخَرُ بِالْآخَرِ لَمْ يَسْقُطْ قَوْلُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ (وَلَوْ أَلْحَقَ) الْقَائِفُ (التَّوْأَمَيْنِ بِاثْنَيْنِ) بِأَنْ أَلْحَقَ أَحَدُهُمَا بِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ بِالْآخِرِ (بَطُلَ قَوْلُهُ حَتَّى يُمْتَحَنَ وَيَغْلِبَ) عَلَى الظَّنِّ (صِدْقِهِ) فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَلْحَقَ الْوَاحِدَ بِاثْنَيْنِ (وَكَذَا يَبْطُلُ قَوْلُ قَائِفَيْنِ اخْتَلَفَا) فِي الْإِلْحَاقِ حَتَّى يُمْتَحَنَا وَيَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صَدَقَهُمَا (وَيَلْغُو انْتِسَابُ بَالِغٍ أَوْ تَوْأَمَيْنِ إلَى اثْنَيْنِ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ التَّوْأَمَيْنِ إلَى الْآخَرِ قُبِلَ) وَيُؤْمَرُ الْبَالِغُ بِالِانْتِسَابِ إلَى أَحَدِهِمَا (وَمَتَى أَمْكَنَ كَوْنِهِ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ وَإِنْ أَنْكَرَهُ الْآخَرُ) أَوْ أَنْكَرَاهُ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقٌّ فِي النَّسَبِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِنْكَارِ مِنْ غَيْرِهِ (وَيُنْفِقَانِهِ) أَيْ يُنْفِقَانِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْقَائِف أَوْ يُنْتَسَبَ (وَيَرْجِعُ بِهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ مَنْ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ (عَلَى مَنْ لَحِقَهُ) إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ كَمَا مَرَّ فِي الْعَدَدِ (وَيَقْبَلَانِ لَهُ الْوَصِيَّةَ الَّتِي أُوصِيَ لَهُ بِهَا فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ وَتَقَدَّمَ هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْعَدَدِ وَنَفَقَةُ الْحَامِلِ عَلَى الْمُطَلِّقِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْحَامِلِ لَا لِلْحَمْلِ فَيُعْطِيهَا لَهَا (وَيَرْجِعُ بِهَا) عَلَى الْآخَرِ (إنْ أُلْحِقَ) الْوَلَدُ (بِالْآخَرِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَإِنْ مَاتَ) الْوَلَدُ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ (عُرِضَ) عَلَيْهِ مَيِّتًا لِأَنَّ الشَّبَهَ لَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ (لَا إنْ تَغَيَّرَ) قَبْلَ دَفْنِهِ (أَوْ دُفِنَ) لِتَعَذُّرِ عَرْضِهِ فِي الْأُولَى وَهَتْكِ حُرْمَتِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَيَأْتِي فِيهَا مَا مَرَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي مُسْتَنَدِ عِلْمِ الشَّاهِدِ وَيُعْرَضُ السَّقْطُ إنْ ظَهَرَ فِيهِ التَّخْطِيطُ ذَكَرَهُ الْفُورَانِيُّ (وَإِنْ مَاتَ مُدَّعِيهِ) الصَّادِقُ بِالْمُتَدَاعَيَيْنِ وَبِأَحَدِهِمَا الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ بَلْ أَوْ مَاتَ مُنْكِرُهُ (عُرِضَ) عَلَى الْقَائِف (مَعَ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ وَنَحْوِهِ) مِنْ سَائِرِ الْعُصْبَةِ كَعَمِّهِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَوْ عَمِّهِ (وَلَا يُرْجَعُ إلَى قَائِفٍ فِي غَيْرِ آدَمِيٍّ) مِنْ سِخَالٍ وَنَحْوِهَا بَلْ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيِّ لِشَرَفِهِ وَحِفْظِ نَسَبِهِ (فَرْعٌ لَوْ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ) بِأَحَدِهِمَا (بِالْأَشْبَاهِ الظَّاهِرَةِ وَآخَرُ) بِالْآخِرِ (بِأَشْبَاهٍ خَفِيَّةٍ كَالْخُلُقِ وَتَشَاكُلِ الْأَعْضَاءِ فَالثَّانِي أَوْلَى) مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةَ حِذْقٍ وَبَصِيرَةٍ وَلَوْ قَالَ الْقَائِفُ الْوَاحِدُ مَعِي شَبَهٌ جَلِيٌّ وَشَبَهٌ خَفِيُّ أُمِرَ بِالْإِلْحَاقِ بِالْخَفِيِّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ (وَإِنْ ادَّعَى) الْوَلَدَ (مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ وَأَقَامَ الذِّمِّيُّ بَيِّنَةً تَبِعَهُ نَسَبًا وَدِينًا) كَمَا لَوْ أَقَامَهَا الْمُسْلِمُ (أَوْ) لَحِقَهُ (بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ) أَوْ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (تَبِعَهُ نَسَبًا فَقَطْ) أَيْ لَا دِينًا لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ (فَلَا يَحْضُنَهُ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِحَضَانَتِهِ (أَوْ) ادَّعَاهُ (حُرٌّ وَعَبْدٌ وَأَلْحَقَهُ) الْقَائِفُ (بِالْعَبْدِ) أَوْ لَحِقَ بِهِ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (لَحِقَهُ فِي النَّسَبِ وَكَانَ حُرًّا) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حُرَّةٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيَتَّجِهُ الْحَبْسُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَعَ امْتِحَانٍ لَهُ) لَا يَبْعُدَ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ جَرَّبَ عَنْ قُرْبٍ أَمَّا لَوْ كَانَ عَارِفًا بِالْقِيَافَةِ مَشْهُورًا بِمَعْرِفَتِهَا عَلَى تَقَادُمِ الزَّمَانِ فَأَخْطَأَ مَرَّةً وَنَحْوَهَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَجْدِيدِ امْتِحَانٍ كَالْمُجْتَهِدِ إذْ قَلَّ خَطَؤُهُ وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ رُدَّ قَوْلُهُ كَالشَّاهِدِ إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْخَطَأُ غ (قَوْلُهُ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ بِالْأَشْبَاهِ الظَّاهِرَةِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْقِيَافَةِ التَّشَابُهُ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا فِي تَخْطِيطِ الْأَعْضَاءِ وَإِشْكَالِ الصُّوَرِ وَالثَّانِي فِي الْأَلْوَانِ وَالشُّعُورِ وَالثَّالِثُ فِي الْحَرَكَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَالرَّابِعُ فِي الْكَلَامِ وَالصَّوْتِ وَالْحِدَةِ وَالْأَنَاةِ ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَقَطْ أُلْحِقَ بِهِ سَوَاءٌ أَشْبَهَهُ مِنْ وَجْهٍ أَوْ وُجُوهٍ ظَاهِرًا كَانَ الشَّبَهُ أَوْ خَفِيًّا وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وُقِفَ الْأَمْرُ عَلَى الِانْتِسَابِ فِي وَقْتِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَعَلَى أَضْرُبَ أَحَدُهَا أَنْ يَتَمَاثَلَ الشَّبَهَانِ وَلَا مُرَجِّحَ فَيُلْحَقُ بِمَنْ ظَهَرَ فِيهِ الشَّبَهُ دُونَ مَنْ خَفِيَّ فِيهِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا مُرَجَّحٌ فَيُلْحَقُ بِهِ وَالثَّالِثُ أَنْ يَتَمَاثَلَا فِي الظُّهُورِ وَالْخَفَاءِ وَيَخْتَلِفَا فِي الْعَدَدِ فَيَكُونُ الشَّبَهُ فِي أَحَدِهِمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَفِي الْآخَرِ مِنْ وَجْهَيْنِ فَيُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ وَالرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَظْهَرُ شَبَهًا فَيُلْحَقُ بِهِ وَالْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَخْفَى شَبَهًا وَفِي الْآخَرِ أَقَلَّ عَدَدًا وَأَظْهَرُ شَبَهًا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُرَجَّحُ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَالثَّانِي بِظُهُورِ الشَّبَهِ لِقُوَّةِ التَّشَابُهِ إذَا عُلِمَ هَذَا فَإِنْ كَانَ الْقَائِفُ عَارِفًا بِأَحْكَامِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ جَازَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا حَكَمًا وَإِلَّا كَانَ فِيهَا مُخْبِرًا لَا حَكَمًا لِيَحْكُمَ بِهَا مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ يَعْلَمُهَا وَيَجْتَهِدُ رَأْيُهُ فِيهَا. اهـ. غ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حُرَّةٍ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ تَدَّعِهِ مَعَهُ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ وَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِهَا أَيْضًا وَاعْتَبَرْنَا اسْتِلْحَاقَ الْمَرْأَةِ أَيْضًا (خَاتِمَةٌ) سُئِلَ النَّوَوِيُّ عَنْ مُسْلِمِ لَهُ ابْنُ مَاتَتْ أُمُّهُ فَاسْتَرْضَعَ لَهُ يَهُودِيَّةً لَهَا ابْنُ يَهُودِيِّ ثُمَّ غَابَ ثُمَّ حَضَرَ وَقَدْ مَاتَتْ الْيَهُودِيَّةُ الْمُرْضِعَةُ فَلَمْ يُعْرَفْ ابْنَهُ مِنْهُمَا وَلَيْسَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 433 (كِتَابُ الْعِتْقِ) بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ وَهُوَ إزَالَةُ الرِّقِّ عَنْ الْآدَمِيِّ (الْعِتْقُ) مِنْ الْمُسْلِمِ (قُرْبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 13] لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37] أَيْ بِالْإِسْلَامِ {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37] أَيْ بِالْعِتْقِ كَمَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» . وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ مُعْتِقٌ وَعَتِيقٌ وَصِيغَةٌ كَمَا يُعْرَفُ اعْتِبَارُهَا مِنْ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ (وَإِنَّمَا يَصِحُّ مِنْ مَالِكٍ) لَمْ يُصَادِفْ إعْتَاقُهُ مُتَعَلِّقَ حَقٍّ لَازِمٍ لِغَيْرِهِ (مُطْلَقٍ) لِلتَّصَرُّفِ (أَوْ وَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ فِي كَفَّارَةٍ) لَزِمَتْ مُوَلِّيَهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ بِلَا إذْنٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْكَفَّارَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَصِحُّ مِنْ) سَكْرَانَ وَمِنْ (كَافِرٍ) وَلَوْ حَرْبِيًّا (وَيَثْبُتُ وَلَاؤُهُ عَلَى) عَتِيقِهِ (الْمُسْلِمِ) سَوَاءٌ أَعْتَقَهُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا، ثُمَّ أَسْلَمَ (وَلَا يُعْتَقُ مَوْقُوفٌ) أَيْ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ بَقِيَّةِ الْبُطُونِ. (وَصَرِيحُهُ الْعِتْقُ) بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ (وَالتَّحْرِيرُ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا وَفَكُّ الرَّقَبَةِ) لِوُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ وَاشْتِهَارِهَا، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَصَرِيحُهُ مَا تَصَرَّفَ مِنْ الْإِعْتَاقِ وَالتَّحْرِيرِ وَفَكِّ الرَّقَبَةِ كَأَنْتَ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ أَوْ أَعْتَقَتْك أَوْ حُرٌّ أَوْ مُحَرَّرٌ أَوْ حَرَّرْتُك أَوْ مَفْكُوكُ الرَّقَبَةِ أَوْ فَكَّيْتُهَا أَوْ فَكَكْتهَا فَلَوْ قَالَ أَنْتَ إعْتَاقٌ أَوْ تَحْرِيرٌ أَوْ فَكُّ رَقَبَةٍ كَانَ كِنَايَةً كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَلَاقٌ (فَلَا يَحْتَاجُ) ذَلِكَ (نِيَّةً) أَيْ إلَيْهَا كَسَائِرِ الصَّرَائِحِ وَلِأَنَّ هَزْلَهُ جَدٌّ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (وَلَا يَضُرُّ تَذْكِيرٌ وَ) لَا (تَأْنِيثٌ لِغَيْرِ) أَيْ لِغَيْرِ الْمُذَكَّرِ وَغَيْرِ الْمُؤَنَّثِ كَأَنْ يَقُولَ لِلْعَبْدِ أَنْتَ حُرَّةٌ وَلِلْأَمَةِ أَنْتَ حُرٌّ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ عَلَى الْعِبَارَةِ (وَالْكِنَايَةُ كَلَا سُلْطَانَ أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا يَدَ أَوْ لَا خِدْمَةَ) لِي عَلَيْك (أَوْ أَزَلْت حُكْمِي) أَوْ مِلْكِي (عَنْك وَأَنْتِ سَائِبَةٌ وَحَرَامٌ وَمَوْلَايَ وَسَيِّدِي وَكَذَا الظِّهَارُ) أَيْ صَرَائِحُهُ وَكِنَايَتُهُ (وَصَرَائِحُ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتُهُ) لِاقْتِضَائِهَا التَّحْرِيمَ كَحَرَّمْتُك، وَقِيلَ أَنْتَ سَيِّدِي لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السُّؤْدَدِ وَتَدْبِيرُ الْمَنْزِلِ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْعِتْقَ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ اخْتَارَ الزَّرْكَشِيُّ الثَّانِيَ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِغَيْرِ الْوَاقِعِ أَوْ خِطَابُ تَلَطُّفٍ وَلَا إشْعَارَ لَهُ بِالْعِتْقِ (لَا أَنَا مِنْك طَالِقٌ) أَوْ مُظَاهِرٌ أَوْ نَحْوُهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا حَرَّمْتُك، وَكَذَا لَفْظُ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ، وَقَوْلُهُ لَا أَنَا مِنْك طَالِقٌ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ (وَمِنْهَا) أَيْ الْكِنَايَةِ (تَمْلِيكُهُ نَفْسَهُ) كَمَلَّكْتُك أَوْ وَهَبْتُك نَفْسَك كَمَا فِي الطَّلَاقِ (وَإِنْ كَانَ   [حاشية الرملي الكبير] لِلْيَهُودِيَّةِ مَنْ يَعْرِفُ وَلَدَهَا وَلَا أَبَاهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ قَافَةُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُمَا يُوقَفَانِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَافَةٍ أَوْ يَبْلُغَا فَيَنْتَسِبَا انْتِسَابًا مُخْتَلِفًا وَأَطَالَ فِي تَفْرِيعِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَتَاوِيهِ [كِتَابُ الْعِتْقِ] (كِتَابُ الْعِتْقِ) (قَوْلُهُ الْعِتْقُ قُرْبَةٌ) أَيْ سَوَاءٌ أَحَصَلَ بِتَنْجِيزٍ أَمْ بِتَعْلِيقٍ مِنْ الْمُسْلِمِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَقْفِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَعْتَقَ صَارَ الْعَتِيقُ لِلَّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ قُرْبَةٌ (قَوْلُهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ إلَخْ) وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ «أَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فِكَاكًا لَهُ مِنْ النَّارِ» وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ مِنْ الذَّكَرِ فَلَوْ أَعْتَقَ جَمَاعَةٌ عَبْدًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ هَذَا الثَّوَابُ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعِتْقِهَا وَفَكُّ الرَّقَبَة أَنْ يُعِينَ فِي ثَمَنِهَا صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) أَيْ مُخْتَارٍ أَهْلٍ لِلْوَلَاءِ لِيُخْرِجَ الْمُبَعَّضَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُ السَّفِيهِ بِمُبَاشَرَتِهِ إلَّا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: إحْدَاهَا إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي إعْتَاقِ عَبْدِهِ عَنْ اللَّازِمِ لَهُ قَبْلَ حَجْرِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. الثَّانِيَةُ إذَا وَكَّلَهُ إنْسَانٌ بِأَنْ يُعْتِقَ عَبْدَ نَفْسِهِ فَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَ فِي تَوَكُّلِهِ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ جَوَازُهُ. الثَّالِثَةِ قَالَ السَّفِيهُ لِإِنْسَانٍ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي مَجَّانًا، فَقِيَاسُ الْمَذْكُورِ فِيمَا إذَا أَصْدَقَ عَنْ ابْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ الْأَبِ أَنْ يَصِحَّ لِحُصُولِ الْمَصْلَحَةِ ، وَقَوْلُهُ إحْدَاهَا إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ إلَخْ هَذَا لَا يَجِيءُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ فَإِنَّ السَّفِيهَ لَا يُكَفِّرُ بِالْعِتْقِ بَلْ بِالصَّوْمِ كَالْعَبْدِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَكَتَبَ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ أَوْ وَلِيٌّ فِي كَفَّارَةٍ) أَيْ لِلْقَتْلِ لَا لِغَيْرِهِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ يَدْخُلُ فِي الْوِلَايَةِ إعْتَاقُ عَبْدِ بَيْتِ الْمَالِ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ هَذَا الْفَرْعَ فِي كِتَابِ الْهُدْنَةِ فِي الْعَبْدِ الَّذِي جَاءَنَا بَعْدَمَا أَسْلَمَ عِنْدَهُمْ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ وَالْحَالُ حَالُ هُدْنَةٍ فَإِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَالَ لَا يَحْكُمُ بِعِتْقِهِ وَلَكِنْ لَا يُسَلِّمُهُ الْإِمَامُ إلَى سَيِّدِهِ بَلْ يُبَاعُ لِمُسْلِمٍ أَوْ يَشْتَرِيهِ الْإِمَامُ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُعْتِقُهُ عَنْهُمْ وَوَلَاؤُهُ لَهُمْ. اهـ. (قَوْلُهُ وَصَرِيحُهُ الْعِتْقُ إلَخْ) وَابْنِي إنْ أَمْكَنَ هَذَا إذَا قَالَ أَنْتَ ابْنِي، أَمَّا إذَا قَالَ لَهُ يَا ابْنِي عَلَى صِيغَةِ النِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْعِتْقَ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَةِ لِلْمُلَاطَفَةِ، وَمِمَّنْ جَرَى عَلَى هَذَا ابْنُ كَبْنٍ فِي نُكَتِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ مِمَّا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِهِ مِنْ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالنِّدَاءِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْمُلَاطَفَةَ وَقَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا بِنْتِي عَدَمَ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ نِيَّةً) بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ وَإِنْ احْتَفَّ بِهَا قَرَائِنُ أَوْ اشْتَهَرَتْ لِلْعِتْقِ فِي نَاحِيَةٍ (فَرْعٌ) فِي الْكَافِي لَوْ قَالَ لَهُ عَلَى وَجْهِ السُّخْرِيَةِ أَنْت حُرٌّ عَتَقَ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَالْكِنَايَةُ كَلَا سُلْطَانَ إلَخْ) وَضَابِطُهَا كُلُّ مَا لَا يَنْتَظِمُ إلَّا بِتَقْدِيرِ اسْتِعَارَةٍ أَوْ إضْمَارٍ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ لَا أَنَا مِنْك طَالِقٌ) أَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ كَالْمَيْتَةِ أَوْ كَالْخِنْزِيرِ لَا أَنْ يُرِيدَ خِدْمَتَك عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً، وَاسْتَثْنَى أَيْضًا قَوْلَهُ تَجَرَّعِي وَذُوقِي فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَلَا يَجْرِي فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ إلَّا إذَا كَانَ مُرَادُهُمَا دَوَامَ الْمِلْكِ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ كِنَايَةً (قَوْلُهُ كَمَلَكْتُكِ أَوْ وَهَبْتُك نَفْسَك) لَا عَلَى طَرِيقِ التَّمْلِيكِ بَلْ نَوَى بِهِ الْعِتْقَ فَيُعْتَقُ بِلَا قَبُولٍ 1 - (تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 434 اسْمُ أَمَتِهِ قَبْلَ إرْقَاقِهَا حُرَّةً فَسُمِّيَتْ بِغَيْرِهِ فَقَالَ) لَهَا (يَا حُرَّةُ عَتَقَتْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ النِّدَاءَ) لَهَا بِاسْمِهَا الْقَدِيمِ فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ تَعْتِقْ (فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا فِي الْحَالِ حُرَّةً لَمْ تَعْتِقْ إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ) فَتَعْتِقُ (وَإِنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ خَوْفًا مِنْ) أَخْذِ (الْمَكْسِ) عَنْهُ إذَا طَالَبَهُ الْمَكَّاسُ بِهِ (وَقَصَدَ الْإِخْبَارَ لَمْ يَعْتِقْ بَاطِنًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) رَدًّا عَلَى مَفْهُومِ ذَلِكَ (وَلَا ظَاهِرًا) كَمَا اقْتَضَاهُ الْمَذْهَبُ فَفِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَحِلُّهَا مِنْ وَثَاقٍ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ طَلَاقَهَا مِنْ الْوَثَاقِ قُبِلَ لِلْقَرِينَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مُرُورَهُ بِالْمَكَّاسِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي إرَادَةِ صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إنَّمَا هُوَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ إخْبَارٌ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ وَلَا يَسْتَقِيمُ كَلَامُهُ مَعَهُ إلَّا إنْ كَانَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَنَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْوَثَاقِ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَمَتُك قَحْبَةٌ فَيَقُولُ بَلْ هِيَ حُرَّةٌ فَهُوَ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْعِفَّةِ لَا الْعِتْقِ. (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (اُفْرُغْ مِنْ عَمَلِك وَأَنْت حُرٌّ وَقَالَ أَرَدْت حُرًّا مِنْ الْعَمَلِ) دُونَ الْعِتْقِ (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) وَيَدِينُ. (وَلَوْ قَالَ لِمُزَاحِمِهِ) فِي طَرِيقٍ (تَأَخَّرْ يَا حُرُّ فَبَانَ عَبْدَهُ لَمْ يَعْتِقْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ أُرِيدَ فِي الظَّاهِرِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّهُ هُنَا لَا يَدْرِي مَنْ يُخَاطِبُهُ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ يُخَاطِبُ غَيْرَ عَبْدِهِ وَثَمَّ خَاطَبَ الْعَبْدَ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ قَالَ) لَهُ (قَدْ أَعْتَقْتُك، ثُمَّ اشْتَرَاهُ حَكَمْنَا بِعِتْقِهِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ " قَدْ " تُؤَكِّدُ مَعْنَى الْمُضِيِّ فِي الْفِعْلِ الْمَاضِي فَكَانَ إخْبَارًا لَا إنْشَاءً، وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ رَجَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ (وَ) إنْ قَالَهُ (بِحَذْفٍ قَدْ يُرَاجَعُ وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى قَصْدِهِ) أَيْ تَفْسِيرِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْ تَرَكَ (وَ) قَوْلُهُ (أَنَا مِنْك حُرٌّ لَغْوٌ، وَإِنْ نَوَى) بِهِ الْعِتْقَ لِعَدَمِ إشْعَارِهِ بِهِ (وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ نَفْسَك فَقَالَ أَعْتَقْتُك) خَطَأً بِسَيِّدِهِ لِذَلِكَ وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنَّ الَّتِي قَبْلَهَا ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي الطَّلَاقِ (فَرْعٌ يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِ عَبْدِهِ) بِصِفَةٍ قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّوْسِعَةِ فِي تَحْصِيلِ الْقُرْبَةِ وَأَمَّا نَفْسُ التَّعْلِيقِ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ حَثَّ أَوْ مَنْعَ أَيْ أَوْ تَحْقِيقَ خَبَرٍ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَعْلِيقَهُ الْعَارِيَ عَنْ قَصْدِ مَا ذُكِرَ كَالتَّدْبِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَ) يَصِحُّ (إعْتَاقُهُ بِعِوَضٍ) كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَحُكْمُهُ كَالْخُلْعِ فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَمِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدْعِي مُعَاوَضَةٌ نَازِعَةٌ إلَى جَعَالَةٍ كَمَا   [حاشية الرملي الكبير] مَاتَ رَجُلٌ فَقِيلَ لِابْنِهِ أَنَّ أَبَاك قَدْ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ فَقَالَ إنْ كَانَ قَدْ أَعْتَقَهُ فَقَدْ أَعْتَقْته فَبَانَ أَنَّ الْأَبَ لَمْ يَكُنْ أَعْتَقَهُ قَالَ يُعْتَقُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ؛ لِأَنَّ الْأَبَ إنْ كَانَ قَدْ أَعْتَقَهُ فَلَا مَعْنَى لِعِتْقِهِ لَكِنْ مَقْصُودٌ بِهِ أَنَّكُمْ إذَا اتَّفَقْتُمْ عَلَى عِتْقِهِ فَإِنِّي لَا أَرُدُّ قَوْلَكُمْ فَقَدْ أَعْتَقْته وَإِنْ كُنْت مُنْكِرًا لِعِتْقِ الْأَبِ، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ إنَّ امْرَأَتَك قَدْ فَجَرَتْ فَقَالَ إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي قَدْ فَجَرَتْ فَهِيَ طَالِقٌ وَلَمْ تَكُنْ قَدْ فَجَرَتْ يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَجَرَتْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّكُمْ إذَا اتَّفَقْتُمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَهِيَ لَا تَصْلُحُ لِي فَقَدْ طَلَّقْتهَا وَإِنْ لَمْ تَفْجُرْ، قُلْت وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ نَظَرٌ وَالنَّظَرُ فِي الْفَرْعِ أَقْوَى وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ مُرَاجَعَتُهُ وَيَعْمَلَ بِمُقْتَضَى إرَادَتِهِ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ الْمُضَافُ إلَى الْأَبِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَغَيْرِهِ وَالصِّيغَةُ مُحْتَمِلَةٌ، وَقَدْ يُرِيدُ بِهِ الْإِجَازَةَ لَهُ إنْ كَانَ قَدْ صَدَرَ مِنْهُ أَوْ التَّعْلِيقَ عَلَى تَحْقِيقِ صُدُورِهِ مِنْهُ كُلُّ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ وَالْعَامِّيُّ لَا يَعْرِفُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِعِتْقِهِ إنْ كَانَ الْأَبُ أَعْتَقَهُ غ. (قَوْلُهُ فَفِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا إلَخْ) الصَّوَابُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ أَطَلَّقْت زَوْجَتَك فَقَالَ نَعَمْ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الْكَذِبَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ مِنْهُ ظَاهِرًا فَكَذَا هُنَا وَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ حَلِّ الْوَثَاقِ وُجِدَ فِيهَا مَعْنًى ظَاهِرٌ صَالِحٌ لِلْإِرَادَةِ وَهُوَ الْحَلُّ مِنْ الْوَثَاقِ فَقُبِلَتْ دَعْوَى إرَادَتِهِ لِإِمْكَانِهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمِكَاسِ فَإِنْ لَفْظَ حُرٍّ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ ضِدُّ الرَّقِيقِ وَلَيْسَ ثَمَّ مَعْنًى آخَرُ صَالِحٌ ادَّعَى إرَادَتَهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِمُزَاحِمِهِ تَأَخَّرْ يَا حُرُّ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْغَزَالِيَّ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِي الظَّاهِرِ لَكِنْ قَدْ يَخْدِشُهُ أَنَّهُ لَوْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ، قَالَ النَّاشِرِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ قَصَدَ الطَّلَاقَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْعِتْقَ فِي الْعَبْدِ وَإِنَّمَا قَصَدَ النِّدَاءَ، وَقَوْلُهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِي الظَّاهِرِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْحُرِّيَّةَ الشَّرْعِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ لِمَعْنَاهُ وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ أَنْت تَعْلَمُ أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدَيْ حُرٌّ حُكِمَ بِعِتْقِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتَ تَظُنُّ أَنَّهُ حُرٌّ، وَلَوْ قَالَ تَرَى أَنَّهُ حُرٌّ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَقَعَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُحْمَلَ الرُّؤْيَةُ عَلَى الْعِلْمِ وَيَقَعُ. قَالَ الشَّيْخُ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ، وَلَوْ ضَرَبَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَقَالَ سَيِّدُهُ لِلضَّارِبِ عَبْدُ غَيْرِك حُرٌّ مِثْلَك لَا يُحْكَمُ بِالْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْنِ عَبْدَهُ غ [فَرْعٌ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ قَالَ لَهُ قَدْ أَعْتَقْتُك ثُمَّ اشْتَرَاهُ] (قَوْلُهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِ عَبْدِهِ بِصِفَةٍ) قَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ وَالْمُوسِرِ عَلَى صِفَةٍ تُوجَدُ بَعْدَ الْفَكِّ أَوْ يُحْتَمَلُ وُجُودُهَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، وَكَذَا مِنْ مَالِكِ الْعَبْدِ الْجَانِي الَّذِي تَعَلَّقَتْ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ وَمِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ رِدَّةٍ ع وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ الْقَطْعَ بِهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْوَقْفِ أَنَّهُ يَفْسُدُ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَإِذَا وَقَفَهُ نَفَذَ وَلَغَا التَّوْقِيتُ 1 - (فَرْعٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَمْهِيدِهِ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ صُمْت يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا فَأَنْت حُرٌّ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْيَوْمُ الَّذِي بَعْدَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهِ إذْ اللَّيْلُ لَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَصْلِ بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ بِمُهْلَةٍ وَلِتَتَمَيَّزَ عَنْ الْوَاوِ [فَرْعٌ تَعْلِيقُ عِتْقِ عَبْدِهِ بِصِفَةٍ] (قَوْلُهُ وَأَمَّا نَفْسُ التَّعْلِيقِ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ) أَيْ لَيْسَ أَصْلُ وَضْعِهِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَقْتَرِنُ بِهِ مَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ قُرْبَةً كَمَنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى تَحْصِيلِ نَفْعٍ لِمَنْ يَتَقَرَّبُ بِتَحْصِيلِ النَّفْعِ لَهُ كَقَوْلِهِ إنْ خَدَمْت الْعَالِمَ الْفُلَانِيَّ سَنَةً فَأَنْت حُرٌّ أَوْ عَلَى إيجَادِ قُرْبَةٍ كَقَوْلِهِ إنْ صَلَّيْت الضُّحَى فَأَنْتَ حُرٌّ وَنَحْوَ ذَلِكَ ع. (قَوْلُهُ وَمِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدْعِي إلَخْ) وَلَا يَقْدَحُ كَوْنُهُ تَمْلِيكًا إذْ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ. (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ أَذِنَ لِمُشْتَرِيهِ فِي عِتْقِهِ فَأَعْتَقَهُ لَمْ يُعْتَقْ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 435 عُلِمَ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ (وَ) يَصِحُّ (تَفْوِيضُ عِتْقِهِ إلَيْهِ فَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ) الْعِتْقَ (فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْحَالِ عَتَقَ) كَمَا فِي الطَّلَاقِ. (أَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك عَلَى أَلْفٍ إلَى شَهْرٍ فَقَبِلَ فَوْرًا عَتَقَ وَالْأَلْفُ مُؤَجَّلٌ) . وَلَوْ قَالَ لَهُ عَبْدُهُ أَعْتِقْنِي عَلَى كَذَا فَأَجَابَهُ عَتَقَ وَعَلَيْهِ مَا الْتَزَمَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَإِنْ) (أَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ) أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ) عَلَى (خِدْمَةٍ لَمْ تُقَدَّرْ) بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ (أَوْ) قَالَ لَهُ أَعْتَقْتُك عَلَى (أَنْ تَخْدُمَنِي أَبَدًا) (عَتَقَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) كَمَا فِي الْخُلْعِ وَلَا يَقْدَحُ فِي نُفُوذِ الْعِتْقِ كَوْنُ الْعِوَضِ خَمْرًا أَوْ نَحْوَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ تَمْلِيكًا؛ لِأَنَّهُ ضِمْنِيٌّ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَقْصُودِ (أَوْ) عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي (شَهْرًا) مِنْ الْآنِ أَوْ تَعْمَلَ لِي كَذَا وَبَيَّنَهُ (فَقَبِلَ عَتَقَ بِمَا الْتَزَمَ فَإِنْ) خَدَمَهُ نِصْفَ شَهْرٍ، ثُمَّ (مَاتَ) الْعَبْدُ أَوْ تَعَذَّرَتْ خِدْمَتُهُ وَعَمَلُهُ بِغَيْرِ الْمَوْتِ وَلَوْ بِتَرْكِهِ لَهُمَا بِلَا عُذْرٍ (لِنِصْفِ الشَّهْرِ) الْمَذْكُورِ (لَزِمَ تَرِكَتَهُ) فِي صُوَرِ مَوْتِهِ وَذِمَّتِهِ فِيمَا بَعْدَهَا (نِصْفُ قِيمَتِهِ) لِسَيِّدِهِ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ بِزِيَادَةٍ فِي الْكِتَابَةِ. [فَرْعٌ قَالَ مَنْ دَخَلَ الدَّارَ أَوَّلًا مِنْ عَبِيدِي أَوْ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَهَا مِنْهُمْ فَهُوَ حُرٌّ] (فُرُوعٌ) لَوْ (قَالَ مَنْ دَخَلَ الدَّارَ أَوَّلًا مِنْ عَبِيدِي) أَوْ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَهَا مِنْهُمْ (فَهُوَ حُرٌّ فَدَخَلَهُ) الْأَوْلَى فَدَخَلَهَا (وَاحِدٌ) مِنْهُمْ (عَتَقَ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ أَحَدٌ بَعْدَهُ) كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ (وَلَوْ دَخَلَ اثْنَانِ) مَعًا (ثُمَّ ثَالِثٌ فَلَا عِتْقَ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ إذْ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ أَوَّلٌ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي الْمُسَابَقَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ يُطْلَقُ عَلَى الْمُتَعَدِّدِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ مِنْ الْإِطْلَاقِ، ثَمَّ إذْ لَا يَلْزَمُ الْمُخْرِجَ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ بِخِلَافِهِ هُنَا إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ زِيَادَةُ عِتْقٍ لَمْ يَلْتَزِمْهُ (فَإِنْ) كَانَ (قَالَ) فِي هَذِهِ (أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ وَحْدَهُ) حُرٌّ (عَتَقَ الثَّالِثُ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ وَحْدَهُ (وَلَوْ قَالَ آخِرُ مَنْ يَدْخُلُهَا مِنْ عَبِيدِي) حُرٌّ فَدَخَلَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ بَعْضٍ (تَبَيَّنَ عِتْقُ آخِرِ مَنْ دَخَلَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) أَيْ لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَى أَنْ يَمُوتَ السَّيِّدُ فَيَتَبَيَّنُ الْآخِرُ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ وَعِنْدِي لَا يَحْتَاجُ إلَى مَوْتِ السَّيِّدِ بَلْ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً مَثَلًا فَآخِرُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْهُمْ هُوَ الْحُرُّ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ دُخُولُ غَيْرِهِ إذْ الْحَلِفُ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَدْ وُجِدَتْ يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ دُخُولُ الْآخِرِ وَهُوَ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَقَدْ يَصِيرُ الْآخِرُ غَيْرَ آخِرٍ فَلَا عِبْرَةَ بِالْآخِرِ مَا دَامَ حَيًّا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الطَّلَاقِ فِيمَا لَوْ قَالَ آخِرُ مَنْ أُرَاجِعُهَا مِنْكُنَّ طَالِقٌ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّاخِلُ آخِرًا اثْنَيْنِ لَمْ يَعْتِقْ أَحَدٌ. (وَلَوْ قَالَ) لِعَبْدِهِ (إنْ لَمْ أَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ فَأَنْت حُرٌّ) فَمَضَى الْعَامُ وَاخْتَلَفَ فِي أَنَّهُ هَلْ حَجَّ أَوْ لَا (فَثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ عَتَقَ) لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْحَجِّ. (وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ إنْ جَاءَ الْغَدُ فَأَحَدُكُمَا حُرٌّ عَتَقَ بِمَجِيئِهِ) أَيْ الْغَدِ (وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ، وَإِنْ بَاعَ وَاحِدًا) مِنْهُمَا أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ مَاتَ (قَبْلَ) مَجِيءِ (الْغَدِ) وَجَاءَ الْغَدُ وَالْآخَرُ فِي مِلْكِهِ (فَلَا عِتْقَ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ حِينَئِذٍ إعْتَاقَهُمَا فَلَا يَمْلِكُ إعْتَاقَ أَحَدِهِمَا (وَإِنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ مَنْ بَاعَهُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ فَإِنَّهُ لَا عِتْقَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ (وَإِنْ بَاعَ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ أَحَدِهِمَا وَجَاءَ الْغَدُ وَفِي مِلْكِهِ أَحَدُهُمَا وَنِصْفُ الْآخَرِ (فَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ فَإِنْ عَيَّنَ مَنْ لَهُ نِصْفُهُ) عَتَقَ نِصْفُهُ (وَوَقَعَ النَّظَرُ فِي السِّرَايَةِ) ، وَإِنْ عَيَّنَ مَنْ لَهُ كُلُّهُ عَتَقَ. (أَوْ) قَالَ لَهُمَا (إنْ جَاءَ الْغَدُ وَأَحَدُكُمَا) فِي (مِلْكِي فَهُوَ حُرٌّ فَجَاءَ) الْغَدُ (وَلَيْسَ لَهُ إلَّا نِصْفُ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (لَمْ يَعْتِقْ) لِأَنَّ الشَّرْطَ وَهُوَ كَوْنُ أَحَدِهِمَا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَحْصُلْ. [فَصْلٌ خَصَائِصَ الْعِتْقِ] (فَصْلٌ لِلْعِتْقِ خَمْسُ خَصَائِصَ) يَنْفَرِدُ بِهَا عَنْ الطَّلَاقِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ (الْأُولَى السِّرَايَةُ فَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا) شَائِعًا كَنِصْفٍ أَوْ مُعَيَّنًا كَيَدٍ (مِنْ مَمْلُوكِهِ عَتَقَ) الْجُزْءُ (ثُمَّ سَرَى) الْعِتْقُ إلَى الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لِقُوَّتِهِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَلِأَنَّهُ إذَا جَرَتْ السِّرَايَةُ وَالْبَاقِي لِغَيْرِهِ فَلَأَنْ تَجْرِيَ وَالْبَاقِي لَهُ أَوْلَى، وَقِيلَ يَعْتِقُ الْجَمِيعُ دَفْعَةً   [حاشية الرملي الكبير] إنَّمَا كَانَ مَضْمُونًا بِمِلْكِ الْعِوَضِ فَلَمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّصْوِيرَ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ جَاهِلًا بِفَسَادِ الْبَيْعِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فَإِنْ عَلِمَهُ عَتَقَ قَطْعًا غ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ) أَيْ فَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ ثَمَّ (قَوْلُهُ فَقَبِلَ فَوْرًا عَتَقَ) إعَادَةُ الْعِوَضِ فِي الْقَبُولِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلَوْ قَالَ عَتَقْتُك وَعَلَيْك أَلْفٌ عَتَقَ مَجَّانًا، وَإِنْ قَبِلَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ، وَلَوْ بَاعَهُ بَعْضَ نَفْسِهِ فَهَلْ يَسْرِي عَلَى الْبَائِعِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ نَعَمْ إنْ قُلْنَا الْوَلَاءُ لَهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ. (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي الْمُسَابَقَةِ) أَيْ وَالْجَعَالَةِ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَتَبَيَّنُ عِتْقُ آخِرِ مَنْ دَخَلَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ آخِرُهُمْ دُخُولًا مِلْكَهُ حِينَ الْيَمِينِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْتِقَ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ: أَوَّلُ مَا يَدْخُلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لِلْعِتْقِ خَصَائِصُ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ الْأَفْضَلُ الْحُرُّ أَمْ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُفْرَضْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَالْحَجُّ وَالْجِهَادُ وَلِأَنَّهُ اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ مَعَ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى طَاعَةُ الْمَوْلَى؟ قَالَ النَّاشِرِيُّ قَالَ وَالِدِي الْحَدِيثُ «إذَا قَامَ الْعَبْدُ بِحَقِّ رَبِّهِ وَحَقِّ سَيِّدِهِ آتَاهُ اللَّهُ أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ» يَشْهَدُ لِتَفْضِيلِهِ، وَإِنَّمَا حُطَّتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا لِإِشْغَالِهِ بِهَذَا الْفَرْضِ الْمُسْتَغْرِقِ قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ لِتَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ وَأَقُولُ فِيمَا قَالَهُ وَالِدِي نَظَرٌ لِكَوْنِ الْحُرِّ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ مَا لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْعَبْدِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ تَفْضِيلُ الْحُرِّ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ مَمْلُوكِهِ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا بِإِعْتَاقِ رَقِيقٍ فَأَعْتَقَ الْوَكِيلُ نِصْفَهُ فَالْأَصَحُّ عِتْقُ ذَلِكَ النِّصْفِ فَقَطْ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا اشْتَرَتْ الْأَمَةُ وَهِيَ حَامِلٌ نِصْفَ رَقَبَتِهَا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ وَيَعْتِقُ حَمْلُهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ سَرَى الْعِتْقُ إلَى الْبَاقِي إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ السِّرَايَةِ مَانِعٌ، وَقَدْ سَبَقَ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الدَّمِ وَالشَّحْمِ وَالسَّمْنِ وَاللَّبَنِ وَفَضَلَاتِ الْبَدَنِ وَغَيْرِهَا فَوَائِدُ جَمَّةٌ وَالظَّاهِرُ مَجِيئُهَا هُنَا، وَقَدْ أَشَارَ الصَّيْمَرِيُّ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ غ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 436 وَيَكُونُ إعْتَاقُ الْبَعْضِ إعْتَاقًا لِلْكُلِّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَيَعْتِقُ الْحَمْلُ الْمَمْلُوكُ لَهُ) لَا لِغَيْرِهِ بِعِتْقِ أُمِّهِ (تَبَعًا لِلْأُمِّ وَلَوْ اسْتَثْنَاهُ) لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا (وَلَا تَعْتِقُ الْأُمُّ) بِعِتْقِهِ (تَبَعًا لَهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ، وَإِنَّمَا صَحَّ الْعِتْقُ فِي هَذِهِ وَفِي صُورَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لِقُوَّتِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِمَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتْبَعْهَا الْحَمْلُ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ مَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَبَعِيَّةَ مَعَ اخْتِلَافِ الْمِلْكِ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ تَبَعًا أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَعْتِقُ بِعِتْقِ أُمَّةِ سِرَايَةً؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي الْأَشْقَاصِ لَا فِي الْأَشْخَاصِ وَإِلَّا لَتَبِعَتْ الْأُمُّ الْحَمْلَ فِي الْعِتْقِ وَمَحَلُّ صِحَّةِ إعْتَاقِ الْحَمْلِ وَحْدَهُ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ. (وَلَوْ قَالَ) لِأَمَتِهِ (إنْ وَلَدْت فَوَلَدُك) أَوْ كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ (حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدًا عَتَقَ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا) عِنْدَ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ حِينَئِذٍ فَقَدْ مَلَكَ الْأَصْلَ الْمُفِيدَ لِمِلْكِ الْوَلَدِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْلِكْ الْأُمَّ كَأَنْ أَوْصَى لَهُ بِحَمْلِهَا لَمْ يَعْتِقْ وَلَدُهَا إذَا كَانَتْ حَائِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَإِنْ قَالَ) لَهَا (إنْ كَانَ أَوَّلُ مَنْ تَلِدِينَ ذَكَرًا فَهُوَ حُرٌّ أَوْ أُنْثَى فَأَنْت حُرَّةٌ فَوَلَدَتْهُمَا وَ) وَلَدَتْ (الذَّكَرَ أَوَّلًا عَتَقَ دُونَهُمَا أَوْ الْأُنْثَى أَوَّلًا رُقَّتْ) لِأَنَّ عِتْقَ الْأُمِّ طَرَأَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا (وَعَتَقَتْ الْأُمُّ وَالذَّكَرُ) أَيْضًا (لِكَوْنِهِ فِي بَطْنِ عَتِيقَةٍ، وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا الْأَوْلَى السَّبَقُ (فَلَا عِتْقَ) إذْ لَا أَوَّلَ فِي الْأُولَى وَلِلشَّكِّ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْ عُلِمَ سَبْقٌ) لِأَحَدِهِمَا (وَأَشْكَلَ) السَّابِقُ (عَتَقَ الذَّكَرُ) بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ عَتَقَ بِالتَّعْلِيقِ أَوْ سَبَقَتْ هِيَ عَتَقَ بِتَبَعِيَّةِ الْأُمِّ (وَرُقَّتْ الْأُنْثَى) بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ لَمْ يَعْتِقْ غَيْرُهُ أَوْ سَبَقَتْ لَمْ يَعْتِقْ بِتَبَعِيَّةِ الْأُمِّ لِتَأَخُّرِ عِتْقِهَا عَنْ مُفَارَقَتِهَا (وَالشَّكُّ فِي) عِتْقِ (الْأُمِّ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حُرَّةٌ لِسَبْقِ الْأُنْثَى وَأَنَّهَا رَقِيقَةٌ لِسَبْقِ الذَّكَرِ (فَيُؤْمَرُ) السَّيِّدُ (بِالْبَيَانِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ رُقَّتْ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَطَرْحًا لِلشَّكِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْرَعْ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ بِسَهْمِ رِقٍّ وَسَهْمِ عِتْقٍ لِتَبَيُّنِ حُرِّيَّةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّا شَكَكْنَا فِي عِتْقِهَا وَالْقُرْعَةُ لَا تُثْبِتُ مَشْكُوكًا فِيهِ، وَإِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي تَعْيِينِ مَا تَيَقَّنَّا أَصْلَهُ هَذَا إنْ وَلَدَتْ فِي صِحَّةِ السَّيِّدِ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَوَفَّى الثُّلُثُ بِالْجَمِيعِ (فَإِنْ وَلَدَتْ فِي الْمَرَضِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إلَّا هِيَ وَمَا وَلَدَتْ أَقْرَعَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَأُمِّهِ فَإِنْ خَرَجَتْ لَهُ عَتَقَ) وَحْدَهُ (وَإِنْ وَسِعَهُ الثُّلُثُ، أَوْ لِأُمِّهِ قُوِّمَتْ حَامِلًا بِالْغُلَامِ يَوْمَ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ) وَمَحَلُّ الْإِقْرَاعِ وَالتَّقْوِيمِ يَكُونُ (بِفَرْضِ وِلَادَتِهَا أَوَّلًا وَيَعْتِقُ مِنْهَا وَمِنْ الْغُلَامِ قَدْرُ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأُنْثَى مِائَةً وَقِيمَةُ الْأُمِّ حَامِلًا بِالْغُلَامِ مِائَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نِصْفُهَا وَنِصْفُهُ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ النِّصْفَانِ) مُقَوَّمَانِ (بِمِائَةٍ وَالْأُنْثَى) مُقَوَّمَةٌ (بِمِائَةٍ) أُخْرَى. [فَصْلٌ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ مِنْ الرَّقِيقِ وَهُوَ مُعْسِرٌ] (فَصْلٌ) لَوْ (أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ) مِنْ الرَّقِيقِ (وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَا سِرَايَةَ) فَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ (أَوْ) وَهُوَ (مُوسِرٌ بِكُلِّهِ) أَيْ بِكُلِّ الْبَاقِي أَيْ بِقِيمَتِهِ (عَتَقَ كُلُّهُ) عَلَى الْمُعْتِقِ (أَوْ بِبَعْضِهِ فَبِحِصَّتِهِ) يَعْتِقُ (وَأَدَّى) لِشَرِيكِهِ (قِيمَةَ مَا عَتَقَ) مِنْ نَصِيبِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَعْتِقُ الْحَمْلُ الْمَمْلُوكُ لَهُ تَبَعًا لِلْأُمِّ) شَمِلَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَوْضِعَ عِتْقَهُمَا جَمِيعًا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالثُّلُثُ يَحْتَمِلُهُمَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا الْأُمُّ فَقَطْ فَالظَّاهِرُ نَظَرًا لَا نَقْلًا أَنَّهَا تَعْتِقُ دُونَهُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إنْ أَعْتَقْت سَالِمًا فَغَانِمٌ حُرٌّ وَلَا يَحْتَمِلُ الثُّلُثُ إلَّا سَالِمًا وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْن أَنْ يُرَتِّبَ هُوَ الْعِتْقَ أَوْ يُرَتِّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ فِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِي هَذِهِ إلَّا الْأَوَّلُ فَقَطْ، وَلَوْ أَعْتَقَ مَنْ وَضَعَتْ إحْدَى التَّوْأَمَيْنِ وَالْآخَرُ مُجْتَنٍ عَتَقَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَمَلَّكْ الْأُمَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ مِنْ الرَّقِيقِ إلَخْ) أَيْ لَوْ بِإِعْتَاقِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِ نَصِيبِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَمْ بِوَكِيلِهِ قَالَ الرُّويَانِيُّ، وَلَوْ اقْتَرَضَ الْمُعْسِرُ وَأَدَّى الْقِيمَةَ لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ قَبُولُهَا وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ رِقِّ الْبَاقِي فِي الْمُعْسِرِ مَا إذَا بَاعَ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْبَاقِيَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى حِصَّةِ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ كُلَّهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي الْخِيَارِ نَفَذَ وَلَا يُقَالُ لِمَا سَرَى كَانَ فَسْخًا فَلَا شَرِكَةَ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ كَانَتْ قَائِمَةً وَلَكِنْ انْقَطَعَتْ بِالسِّرَايَةِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِشِقْصٍ مِنْ رَقِيقِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْبَاقِيَ عَلَى مِلْكِهِ قَبْلَ لُزُومِ الْبَيْعِ قَالَ وَيُجْرَى هَذَا فِي كُلِّ مُعَارَضَةٍ مَحْضَةٍ فِي حَالِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ نَصِيبَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ، ثُمَّ اشْتَرَى بَعْضَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَهَلْ يَسْرِي؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيَتَّجِهُ أَنَّا إنْ قُلْنَا إنَّهُ شِرَاءٌ سَرَى أَوْ فِدَاءٌ فَلَا، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِلْعَبْدِ فَهَلْ يَسْرِي عَلَيْهِ الْبَاقِي إذَا كَانَ مُوسِرًا بِهِ؟ يَتَّجِهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ بَيْعٍ أَوْ عَتَاقَةٍ. وَ (قَوْلُهُ أَوْ وَهُوَ مُوسِرٌ بِكُلِّهِ إلَخْ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ صُوَرًا لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَسَارُ بِقِيمَةِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ بَلْ بِالثَّمَنِ الَّذِي تَوَاضَعَا عَلَيْهِ الْمُقَابِلُ لِمَحَلِّ السِّرَايَةِ مِنْهَا أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ عَبْدِهِ وَيَلْزَمَ الْبَيْعُ، ثُمَّ يُعْتِقَ الْبَاقِيَ عَلَى مِلْكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَسْرِي إلَى الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ إذَا كَانَ مُوسِرًا بِالثَّمَنِ الْمُقَابِلِ لَهَا وَحِينَئِذٍ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فِي الْأَصَحِّ وَيَعُودُ الثَّمَنُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَعْتَبِرْ الْيَسَارَ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ قَالَ وَيُقَاسُ بِهِ كُلُّ مُعَاوَضَةٍ عَقَدَ فِيهَا عَلَى شِقْصِ رَقِيقٍ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْمَالِكُ الْبَاقِيَ (قَوْلُهُ وَأَدَّى لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ مَا عَتَقَ مِنْ نَصِيبِهِ) عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ قِيمَتُهُ مِائَةٌ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ لَا يَضْمَنُ خَمْسِينَ بَلْ قِيمَةَ نِصْفِهِ إذَا بِيعَ مُنْفَرِدًا. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَهُوَ قِيمَةُ نِصْفٍ مُنْضَمٍّ لَا قِيمَةُ نِصْفٍ مُنْفَرِدٍ يَعْنِي نَاقِصٍ بِالتَّبْعِيضِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَسَائِلَ لَا غُرْمَ فِيهَا عَلَى الْمُعْتِقِ مَعَ يَسَارِهِ مِنْهَا إذَا وَهَبَ الْأَصْلُ لِفَرْعِهِ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَصْلُ الْبَاقِيَ عَلَى مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْفَرْعِ مَعَ الْيَسَارِ وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا عَلَى الْأَرْجَحِ وَمِنْهَا بَاعَ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَأَعْتَقَ الْبَائِعُ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي الَّذِي لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 437 وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَفِي رِوَايَةٍ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي الْعَبْدِ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَهُوَ عَتِيقٌ وَفِي رِوَايَةٍ إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ» وَأَمَّا رِوَايَةُ «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اُسْتُسْعِيَ لِصَاحِبِهِ فِي قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» فَمُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ كَمَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ أَوْ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَسْعَى لِشَرِيكِ الْمُعْتِقِ أَيْ يَخْدُمُهُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِخْدَامُهُ. (وَلِلسِّرَايَةِ شُرُوطٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ) وَفِي نُسْخَةٍ أَحَدُهُمَا (أَنْ يَكُونَ لَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ مَالٌ) يَفِي بِقِيمَةِ الْبَاقِي أَوْ بَعْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَيُبَاعُ فِيهَا مَا (يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا مَرَّ فِي التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ تَصِيرُ كَالدَّيْنِ لِتَنَزُّلِ الْإِعْتَاقِ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ (فَيَسْرِيَ) الْعِتْقُ (وَإِنْ كَانَ) الْمُعْتِقُ (مَدْيُونًا وَاسْتَغْرَقَتْ الْقِيمَةُ مَالَهُ) لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا فِي يَدِهِ نَافِذٌ تَصَرُّفَهُ فِيهِ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ عَبْدًا أَوْ أَعْتَقَهُ نَفَذَ فَكَذَا يَسْرِي فِيمَا ذُكِرَ (حَتَّى يُضَارِبَ الشَّرِيكُ) بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ (مَعَ الْغُرَمَاءِ) فَإِنْ أَصَابَهُ بِالْمُضَارَبَةِ مَا يَفِي بِقِيمَةِ جَمِيعِ نَصِيبِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَخَذَ حِصَّتَهُ وَيَعْتِقُ جَمِيعُ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى حُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ (كَمَنْ لَمْ يَجِدْ عَيْنَ مَالِهِ) الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي أَوْ بَعْضِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ قَالَ مَنْ يَمْلِكُ عَشَرَةً فَقَطْ لِأَحَدِ) الشَّرِيكَيْنِ (الْمُتَنَاصِفَيْنِ فِي عَبْدٍ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ أَعْتِقْ نَصِيبَك) مِنْهُ (عَنِّي عَلَى هَذِهِ الْعَشَرَةِ فَفَعَلَ عَتَقَ) نَصِيبُهُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُسْتَدْعِي (وَلَا سِرَايَةَ) لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ الْعَشَرَةِ بِمَا جَرَى وَهُوَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا (أَوْ) قَالَ لَهُ (أَعْتِقْهُ) عَنِّي (عَلَى عَشَرَةٍ فِي ذِمَّتِي) فَفَعَلَ (عَتَقَ جَمِيعُهُ) بِنَاءً عَلَى حُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ وَأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُهَا (وَتُقْسَمُ الْعَشَرَةُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ) بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ قَسْمُهَا بَعْدَ الْحَجْرِ (وَالْبَاقِي لَهُمَا) لِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ (فِي ذِمَّتِهِ) وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَكِنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ عَشَرَةٌ عَتَقَ جَمِيعُهُ وَيَتَضَارَبُ الشَّرِيكَانِ فِي الْعَشَرَةِ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَدْعِيَ مِنْهُ يَسْتَحِقُّ عَشَرَةً وَالْآخَرُ قِيمَةَ نِصْفِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَلَوْ كَانَتْ بِحَالِهَا لَكِنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ ثَلَاثُونَ عَتَقَ مِنْهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ النِّصْفُ بِالِاسْتِدْعَاءِ وَالْإِجَابَةِ وَالثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ الثُّلُثِ وَيَتَضَارَبَانِ بِالْعَشَرَةِ بِالسَّوِيَّةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ هُنَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَدْعَى مُوسِرًا بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ سَرَى عَلَيْهِ قَطْعًا وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ أَوَاخِرَ الْبَابِ عَنْ الرُّويَانِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَضَرَبَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ. (وَلَوْ مَلَكَ) شَخْصٌ (نِصْفَيْ) وَفِي نُسْخَةٍ نِصْفَ (عَبْدَيْنِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُمَا مَعًا وَهُوَ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ نِصْفٍ) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ (وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (عَتَقَ) نَصِيبُهُ مِنْهُمَا وَسَرَى إلَى نِصْفِ نَصِيبِ   [حاشية الرملي الكبير] بِشَرْطِ الْيَسَارِ وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ صَادَفَ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَرُقَّ مِنْهُ مَا رُقَّ وَأَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَحْمُولُهُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَسْعَى لِشَرِيكِهِ إلَخْ) وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ مَالٌ) الْمُرَادُ بِيَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَقْتُ الْإِعْتَاقِ وَإِطْلَاقُ الْيَوْمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فِي أَنَّ قِيمَتَهُ لَا تَخْتَلِفُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ أَوْ أُرِيدَ بِالْيَوْمِ الْقِطْعَةُ مِنْ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) ضَبَطَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ بِضَابِطٍ آخَرَ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ فَقَالَ الْمُوسِرُ فِي السِّرَايَةِ مَنْ يَمْلِكُ مَا يُوَفِّي الْمَطْلُوبَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ عَيْنًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا مَا سَيَذْكُرُ أَوْ دَيْنًا حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ تَيَسَّرَ تَحْصِيلُهُ مِنْهُ، وَمَادَّةُ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي الزَّكَاةِ مِنْ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ وَمَا فِيهِ قَوْلَانِ فَيَعُودَانِ هُنَا، وَفِي الْأُجْرَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ إلَّا عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي تَقَرَّرَ، وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ هُنَا أَنَّهُ يُعَدُّ بِهِ مُوسِرًا وَيُوَفِّي بِهِ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي مُقَابَلَةِ مَا أَتْلَفَ فَتَعَلَّقَ بِمَا يَمْلِكُهُ الْمُتْلِفُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُوَاسَاةِ، وَإِنَّمَا يُوَاسِي مَنْ تَمَّ مِلْكُهُ قَالَ وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا كَانَتْ مَغْصُوبَةً بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ مَالِكُهَا عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْ الْغَاصِبِ لَا يُعَدُّ بِهَا مُوسِرًا فِي السِّرَايَةِ، وَكَذَا الضَّالُّ وَالْآبِقُ وَالدَّيْنُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَأَمَّا الْعَيْنُ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ عِبَادَةٍ فَلَا يُعَدُّ بِهَا مُوسِرًا وَذَلِكَ فِي الْمَالِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الطَّهَارَةُ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَكَذَا مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ رَهْنٍ مَقْبُوضٍ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَلَا فَضْلَةَ فِيهَا وَلَا فِي الرَّهْنِ بِدَيْنٍ حَالٍّ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ فَضْلَةٌ فَهُوَ مُوسِرٌ بِالْفَضْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى السِّرَايَةِ، وَكَذَا الْمَبِيعُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْحَبْسِ لِلْبَائِعِ، وَإِذَا كَانَتْ الْعَيْنُ غَائِبَةً بِحَيْثُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ بِهَا مُوسِرًا، وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ السَّرِيَّةُ الَّتِي أَعَفَّ الْفَرْعُ أَصْلَهُ بِهَا وَحَجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا فِيهَا فَإِنَّ الْأَصْلَ لَا يُعَدُّ بِهَا مُوسِرًا وَالرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ كَالْوَضْعِيِّ بِدَيْنٍ حَالٍّ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الشَّرْعِيَّ لَا يَكُونُ إلَّا بِدَيْنٍ حَالٍّ وَلَا يُعَدُّ مُوسِرًا بِالْأُجْرَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ قَطْعًا، وَلَوْ أَمْكَنَ إجَارَتُهُ مُدَّةً بِمُعَجَّلٍ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقْبَلِ لَا بِالْكَائِنِ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا ذَكَرَ فِي الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بِنِصْفِ قِيمَةٍ) وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ فَإِنَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ النِّصْفِ لِأَجْلِ التَّشْقِيصِ وَتَكَرَّرَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا يَقْتَضِي قِيمَةَ النِّصْفِ لَكِنَّهُ ضَرَبَ مِثَالًا فِي عَبْدٍ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى إيجَابِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَفِي الْمُهَذَّبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ النِّصْفِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الصَّدَاقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الصُّوَرُ السَّابِقَةُ فِي حَالِ الْخِيَارِ وَفِي حَالِ اللُّزُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَقِ فِيهَا قِيمَةٌ مَعَ وُجُودِ السِّرَايَةِ وَيُضَافُ إلَيْهَا صُوَرٌ تَحْصُلُ فِيهَا السِّرَايَةُ وَلَا يَغْرَمُ فِيهَا الْمُعْتَقُ قِيمَةَ مَا ذُكِرَ. إحْدَاهَا إذَا وَهَبَ الْأَصْلُ لِفَرْعِهِ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَصْلُ الْبَاقِيَ عَلَى مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْفَرْعِ مَعَ الْيَسَارِ وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا عَلَى الْأَرْجَحِ، وَشَاهِدُهُ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْأَصْلُ مَا وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَاجِعًا وَيَصِحُّ الْعِتْقُ عَلَى وَجْهٍ أَوْ رَاجِعًا وَلَا عِتْقَ عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 438 شَرِيكِهِ مِنْ كُلِّ مِنْهُمَا فَيَعْتِقُ (مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ أَوْ) أَعْتَقَهُ (مُرَتِّبًا عَتَقَا جَمِيعًا) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَتَقَ وَهُوَ يَمْلِكُ نِصْفَ قِيمَتِهِ، وَكَذَا الثَّانِي عَتَقَ وَمَعَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ) الْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ قِيمَةُ نِصْفِهِ (لَكِنْ قَدْ صَارَتْ قِيمَتُهُ) النِّصْفَ مِنْ (الْأَوَّلِ دَيْنًا، وَالدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ وَيَصْرِفُ مَا فِي يَدِهِ إلَى شَرِيكِهِ وَالْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَ) أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ (الشِّقْصَيْنِ مَعًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا عَتَقَا وَلَا سِرَايَةَ) لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ (أَوْ) أَعْتَقَهُمَا (مُرَتِّبًا عَتَقَ كُلُّ الْأَوَّلِ) لِأَنَّ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الثَّانِي وَفَاءً بِبَاقِي الْأَوَّلِ (وَ) عَتَقَ (نَصِيبُهُ مِنْ الثَّانِي) لِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ بَلْ هُوَ فِي الذِّمَّةِ (بِلَا سِرَايَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَعْتَقَ شَرِيكٌ نَصِيبَهُ) مِنْ عَبْدٍ (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَخَرَجَ جَمِيعُ الْعَبْدِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ) وَعَتَقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ فِي ثُلُثِ مَالِهِ كَتَصَرُّفِ الصَّحِيحِ فِي الْجَمِيعِ (، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا نَصِيبُهُ عَتَقَ وَلَا سِرَايَةَ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مُعْسِرٌ وَالثُّلُثُ يُعْتَبَرُ حَالَةَ الْمَوْتِ لَا) حَالَةَ (الْوَصِيَّةِ) حَتَّى لَوْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ حَالَ إعْتَاقِهِ، ثُمَّ اسْتَفَادَ مَالًا وَوَفَّى عِنْدَ الْمَوْتِ سَرَى عِتْقُهُ إلَى جَمِيعِهِ. (وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْ الْقِيمَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَإِنْ خَرَجَ الْعَبْدَانِ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَا) سَوَاءٌ أَعْتَقَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِ) وَفِي نُسْخَةٍ نَصِيبِ (شَرِيكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إلَّا نَصِيبَاهُ فَأَعْتَقَهُمَا مَعًا عَتَقَا وَلَا سِرَايَةَ، وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا مُرَتِّبًا عَتَقَ كُلُّ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَعْتِقْ مِنْ الثَّانِي شَيْءٌ) لِأَنَّهُ لَزِمَهُ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَصَارَ نَصِيبُهُ مِنْ الثَّانِي مُسْتَحَقَّ الصَّرْفِ إلَيْهِ (فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ نَصِيبَاهُ وَنَصِيبُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ) الْأَوْلَى وَنَصِيبُ شَرِيكِهِ مِنْ عَبْدٍ (فَإِنْ أَعْتَقَهُمَا مُرَتِّبًا عَتَقَ كُلُّ الْأَوَّلِ وَ) عَتَقَ (نَصِيبُهُ مِنْ الثَّانِي فَقَطْ، وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا فَهَلْ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ) نَصِيبَاهُ وَنِصْفُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ مُوسِرٌ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمَا (أَمْ يَقْرَعُ) بَيْنَهُمَا (فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ كُلُّهُ وَعَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ الثَّانِي) فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ مَشْرُوعَةٌ فِي الْعِتْقِ وَلَا يُصَارُ إلَى التَّشْقِيصِ مَعَ إمْكَانِ التَّكْمِيلِ؟ (وَجْهَانِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ رَجَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الْأَوَّلَ قُلْت وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي تَرْجِيحُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَحَدُ نَصِيبِهِ وَقَدْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا (فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ مِنْهُ جَمِيعُ نَصِيبِهِ وَلَمْ يَعْتِقْ مِنْ الثَّانِي شَيْءٌ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ أَعْتَقَ النَّصِيبَيْنِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ إنْ أَعْتَقَهُمَا مُرَتِّبًا عَتَقَ ثُلُثَا نَصِيبِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ مَالِهِ وَهُوَ ثُلُثُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ سُدُسُهُ مَعَ نِصْفِ الْآخَرِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا وَمَاتَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثُ نَصِيبِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ. (فَرْعٌ لَوْ أَوْصَى) أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فِي عَبْدَيْنِ (بِإِعْتَاقِ نِصْفِهِمَا أَوْ) أَوْصَى شَخْصٌ (بِنِصْفٍ) أَيْ بِإِعْتَاقِ نِصْفِ (عَبْدٍ يَمْلِكُهُ، وَكَذَا لَوْ دَبَّرَهُ) أَيْ النِّصْفَ مِنْهُمَا وَوَجَدَ الْإِعْتَاقَ فِي الْأُولَيَيْنِ (عَتَقَ وَلَمْ يَسْرِ) وَإِنْ خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ (لِأَنَّ الْمَيِّتَ مُعْسِرٌ) لِانْتِقَالِ الْمَالِ بِالْمَوْتِ إلَى الْوَارِثِ. ذَكَرُ التَّدْبِيرِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ أَوْصَى) أَحَدُهُمَا (بِعِتْقِ نَصِيبِهِ)   [حاشية الرملي الكبير] وَجْهٍ أَوْ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ وَلَا الْعِتْقُ فِيهِ وَهُوَ الْمُصَحَّحُ قَالَ وَهَذَا لَا يَأْتِي فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِصِحَّةِ السِّرَايَةِ قَطْعًا فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا وَذَلِكَ يَمْنَعُ الْغُرْمَ. الثَّانِيَةُ بَاعَ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ، ثُمَّ حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَأَعْتَقَ الْبَائِعُ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي الَّذِي لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِشَرْطِ يَسَارِهِ وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ صَادَفَ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ. الثَّالِثَةُ إذَا كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ شِقْصٌ مِنْ رَقِيقٍ فَأَعْتَقَهُ الْإِمَامُ فَيَحْتَمِلُ السِّرَايَةَ مَعَ الْغُرْمِ وَعَدَمِهِ وَعَدَمَ السِّرَايَةِ وَهُوَ أَرْجَحُ فَلَا اسْتِثْنَاءَ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا عَلَى الْأَرْجَحِ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَغْرَمُ (قَوْلُهُ وَالدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ) كَمَا لَا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ وَلِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا فِي يَدِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى بِهِ عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ نَفَذَ فَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ لَازِمٌ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ لَوْ بِيعَ لَمْ يَسْرِ قَطْعًا وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَيُعَيِّنُ لِكُلِّ غَرِيمٍ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَإِنَّ هَذَا إذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ وُهِبَ لَهُ شِقْصٌ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ فَقَبِلَهُ وَقَبَضَهُ لَمْ يَسْرِ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا عَلَى اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ بَابَ السِّرَايَةِ مُسَاوٍ لِبَابِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ يَسْرِي عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِقَدْرِ الْمُضَارَبَةِ كَدَيْنٍ حَدَثَ (قَوْلُهُ وَالثُّلُثُ يُعْتَبَرُ حَالَ الْمَوْتِ لَا الْوَصِيَّةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِبَارُ الثُّلُثِ فِي سِرَايَةِ إعْتَاقِ الْمَرِيضِ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ قَهْرِيَّةٌ فَلَا تَدْخُلُهَا إجَازَةٌ وَأَيْضًا فَهُوَ مُعْسِرٌ بِالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ وَمَعَ الْإِعْسَارِ لَا سِرَايَةَ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ بِالْكُلِّ فَإِنَّهُ يَسْرِي بِشَرْطِ الْيَسَارِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ السِّرَايَةَ وَقَعَتْ عَنْ وَاجِبٍ، وَكَذَا الْمُخَيَّرَةُ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي قَالَ وَكَأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهِ أَعْتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَكَتَبَ أَيْضًا اسْتَشْكَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْيَسَارَ الْمُعْتَبَرَ فِي السِّرَايَةِ إنَّمَا هُوَ الْوُجُودُ حَالَةَ الْإِعْتَاقِ دُونَ مَا يَطْرَأُ بَعْدَهُ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ اعْتِبَارُ الْيَسَارِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ إلَى حَالَةِ التَّقْوِيمِ، وَقَدْ تَزِيدُ وَقَدْ تَنْقُصُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ وَمُخَالِفٌ لِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْقِيمَةِ حَالَةَ الْإِعْتَاقِ تَفْرِيعًا عَلَى تَعْجِيلِ السِّرَايَةِ وَعَلَى الْوَقْفِ، وَكَذَا عَلَى قَوْلِ أَدَاءِ الْقِيمَةِ عَلَى مَا سَبَقَ قَالَ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ السِّرَايَةَ هُنَا إنَّمَا تَكُونُ إذَا قَارَنَ يَسَارُهُ الْإِعْتَاقَ وَاسْتَمَرَّ إلَى حَالَةِ اعْتِبَارِ الثُّلُثِ فَإِنْ حَدَثَ إعْسَارٌ اُعْتُبِرَ لِحَقِّ الْوَارِثِ، وَإِنْ حَدَثَ يَسَارٌ لَمْ يُعْتَبَرْ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ ع. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 439 مِنْ عَبْدٍ (وَتَكْمِيلِ عِتْقِ الْعَبْدِ كَمَّلَ مَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ) حَتَّى لَوْ احْتَمَلَهُ كُلَّهُ عَتَقَ جَمِيعُهُ (قَالَ الْإِمَامُ) وَالْغَزَالِيُّ (هَذَا إذَا قَالَ) فِي وَصِيَّتِهِ بِالتَّكْمِيلِ (اشْتَرُوهُ) أَيْ نَصِيبَ الشَّرِيكِ وَأَعْتِقُوهُ (لَا) إنْ قَالَ (أَعْتِقُوهُ إعْتَاقًا سَارِيًا) فَلَا تَكْمِيلَ إذْ لَا سِرَايَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَعِنْدِي) أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِالتَّكْمِيلِ (لَا يُكْمِلُ إلَّا إذْ رَضِيَ الشَّرِيكُ بِالشِّرَاءِ) مِنْهُ الْمُوَافِقِ لِكَلَامِ أَصْلِهِ بِالسِّرَايَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحَقًّا لَا يَصِيرُ مُسْتَحَقًّا بِاخْتِيَارِ الْمُعْتِقِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُعْتِقَ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا، ثُمَّ أَيْسَرَ أَوْ قَالَ قَوِّمُوهُ عَلَيَّ حَتَّى أَسْتَقْرِضَ لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَيْهِ وَالْجُمْهُورُ أَطْلَقُوا ذَلِكَ، وَوَجَّهَهُ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الصَّرْفِ فِي الثُّلُثِ، وَإِذَا أَوْصَى بِالتَّكْمِيلِ فَقَدْ اسْتَبْقَى لِنَفْسِهِ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ فَكَانَ مُوسِرًا بِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ فَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ وَبِالتَّوْحِيدِ الْمَذْكُورِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِ الْإِمَامِ السَّابِقِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ. (وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ شِقْصَيْنِ مِنْ عَبْدَيْنِ) مُشْتَرَكَيْنِ (وَتَكَمَّلَ عِتْقُهُمَا وَاتَّسَعَ الثُّلُثُ لَهُمَا كَمُلَا) عَتَقَا (وَإِنْ اتَّسَعَ لِتَكْمِيلِ وَاحِدٍ فَقَطْ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَيَعْتِقُ مَنْ قَرَعَ وَ) يَعْتِقُ (نَصِيبُهُ مِنْ الثَّانِي) فَقَطْ، وَقِيلَ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يُعْتِقَ الشِّقْصَ بِاخْتِيَارِهِ) لِأَنَّ التَّقْوِيمَ سَبِيلُهُ سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَعِنْدَ انْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ لَا صُنْعَ مِنْهُ يُعَدُّ إتْلَافًا (فَلَوْ مَلَكَ بَعْضَ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ بِإِرْثٍ لَمْ يَسْرِ) عَلَيْهِ إلَى بَاقِيهِ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى السِّرَايَةِ بِلَا عِوَضٍ لِمَا فِي الْإِجْحَافِ بِالشَّرِيكِ وَلَا بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي التَّفْوِيتَ وَلَا تَفْوِيتَ إذْ لَا صُنْعَ مِنْهُ أَوْ مِلْكِهِ (بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ) أَوْ نَحْوِهَا (سَرَى) إلَى بَاقِيهِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكَاتٌ اخْتِيَارِيَّةٌ تَسْتَعْقِبُ الْعِتْقَ فَكَانَتْ كَالتَّلَفُّظِ بِهِ اخْتِيَارًا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِاخْتِيَارِ الْعِتْقِ مَا يَعُمُّ اخْتِيَارَ سَبَبِهِ (وَلَوْ عَجَزَ مُكَاتَبٌ اشْتَرَى بَعْضَ) أَيْ جُزْءَ (بَعْضِ سَيِّدِهِ عَتَقَ وَلَمْ يَسْرِ) سَوَاءٌ أَعَجَزَ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ أَمْ بِتَعْجِيزِ سَيِّدِهِ لِعَدَمِ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ إنَّمَا قَصَدَ التَّعْجِيزَ وَالْمِلْكُ حَصَلَ ضِمْنًا، (وَلَوْ اشْتَرَى) أَوْ اتَّهَبَ (الْمُكَاتَبُ بَعْضَ ابْنِهِ) أَوْ أَبِيهِ (وَعَتَقَ بِعِتْقِهِ لَمْ يَسْرِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ بِاخْتِيَارِهِ بَلْ ضِمْنًا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَهُوَ مُكَرَّرٌ فَقَدْ ذَكَرَهُ أَوَاخِرَ الْبَابِ تَبَعًا لِنَقْلِ أَصْلِهِ لَهُ عَنْ الْقَفَّالِ، وَقِيلَ يَسْرِي كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُتَّهَبُ حُرًّا وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْكِتَابَةِ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ لَهُ، ثُمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ وَلَوْ اُتُّهِبَ السَّفِيهُ جُزْءَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ قَبِلَ وَصِيَّتَهُ فَفِي السِّرَايَةِ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ وَالظَّاهِرُ مِنْهَا عَدَمُهَا لِمَا فِيهَا مِنْ لُزُومِ الْقِيمَةِ لَهُ. (وَلَوْ مَلَكَ) شَخْصٌ (بَعْضَ ابْنِ أَخِيهِ وَبَاعَهُ بِثَوْبٍ) مَثَلًا (وَمَاتَ فَوَرِثَهُ أَخُوهُ وَرَدَّ) الْأَخُ (الثَّوْبَ بِعَيْبٍ) وَجَدَهُ فِيهِ وَاسْتَرَدَّ الْبَعْضَ (عَتَقَ) عَلَيْهِ (الْبَعْضُ وَسَرَى) ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي تَمَلُّكِهِ بِالْفَسْخِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِ كَالرَّافِعِيِّ قُبَيْلَ الْخَاصَّةِ الثَّالِثَةِ عَدَمُ السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ رَدُّ الثَّوْبِ لَا اسْتِرْدَادُ الْبَعْضِ، وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ إنَّهُ مُقْتَضَى تَعْبِيرِ الرَّافِعِيِّ هُنَا أَيْضًا فِي نُسَخِهِ الصَّحِيحَةِ بِقَوْلِهِ فَالْوَجْهَانِ وَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ قَوْلِهِ فَوَجْهَانِ تَبِعَ فِيهِ النُّسَخَ السَّقِيمَةَ انْتَهَى. وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي تَعْجِيزِ السَّيِّدِ مُكَاتَبَهُ بِأَنَّ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ أَوْصَى أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فِي عَبْدَيْنِ بِإِعْتَاقِ نِصْفِهِمَا] قَوْلُهُ وَالْغَزَالِيُّ) أَيْ وَابْنُ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَعِنْدِي إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا أَوْجَهُ (قَوْلُهُ وَوَجَّهَهُ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) لَا يَخْفَى عَلَيْك ضَعْفُ هَذَا التَّوْجِيهِ غ (قَوْلُهُ فَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ مَرْدُودٌ. (قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يُعْتِقَ الشِّقْصَ بِاخْتِيَارِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهَا عِبَارَةٌ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِالْمَقْصُودِ فَمَنْ اشْتَرَى شِقْصًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ قَبِلَ هِبَتَهُ أَوْ الْوَصِيَّةَ بِهِ سَرَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ إعْتَاقٌ، وَإِنَّمَا صَدَرَ مِنْهُ تَعَاطِي سَبَبِ الْمِلْكِ بِاخْتِيَارِهِ فَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ إعْتَاقِهِ اهـ، وَقَدْ أَفْصَحَ بِذَلِكَ التَّنْبِيهُ فَقَالَ وَإِنْ مَلَكَ بَعْضَهُ أَيْ بَعْضَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِرِضَاهُ وَهُوَ مُوسِرٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْبَاقِي وَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ رِضَاهُ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ. اهـ. وَلَا فَرْقَ فِي شِرَائِهِ لِبَعْضِ أَبِيهِ بَيْنَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ أَبُوهُ وَجَهْلِهِ بِذَلِكَ لِقَصْدِهِ التَّمَلُّكَ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَلِلْبُلْقِينِيِّ فِيهِ احْتِمَالَانِ وَرَجَّحَ هَذَا وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْهُ حَالَ الْكِنَايَةِ مَنْقُولًا ع (قَوْلُهُ وَعِنْدَ انْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ لَا صُنْعَ مِنْهُ) فَلَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مُكْرَهًا فَلَا عِتْقَ وَلَا سِرَايَةَ بَقِيَ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى عِتْقِ بَعْضِ نَصِيبِهِ فَأَعْتَقَ جَمِيعَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُخْتَارٌ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى عِتْقِ كُلِّ نَصِيبِهِ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ فَهَلْ يَكُونُ مُخْتَارًا؟ يُحْتَمَلُ أَنْ يُجْرَى فِيهِ مَا سَبَقَ فِيمَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَوَحَّدَ غ 1 - . (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَاتَبَ شَرِيكَانِ أَمَةً، ثُمَّ أَتَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا بِوَلَدٍ وَاخْتَارَتْ الْمُضِيَّ عَلَى الْكِتَابَةِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَوْلَدُ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ عَتَقَ نَصِيبُ الْمَيِّتِ وَسَرَى وَأَخَذَ لِلشَّرِيكِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْقِيمَةَ حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، وَلَوْ وَصَّى بِصَرْفِ ثُلُثِهِ فِي الْعِتْقِ فَاشْتَرَى الْوَصِيُّ مِنْهُ شِقْصًا وَأَعْتَقَهُ وَبَقِيَ مِنْهُ قَدْرُ قِيمَةِ الْبَاقِي سَرَى الْعِتْقُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ الْبَاقِيَ تَنَاوَلَتْهُ الْوَصِيَّةُ فَكَانَ كَالْوَصِيَّةِ بِالتَّكْمِيلِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ إنَّمَا قَصَدَ التَّعْجِيزَ إلَخْ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يَتَرَجَّحُ عِنْدَنَا السِّرَايَةُ؛ لِأَنَّهُ عَارِفٌ بِأَنَّ شِقْصًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَمْلُوكٌ لِمُكَاتَبِهِ فَإِذَا عَجَزَ مَلَكَ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ فَهَذَا مُحْتَمَلٌ وَالْأَرْجَحُ السِّرَايَةُ فَإِنَّ الْإِتْلَافَ لَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الضَّمَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ بَعْضَ ابْنِهِ وَعَتَقَ بِعِتْقِهِ لَمْ يَسْرِ) لَوْ أَعْتَقَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ فَهَلْ يَسْرِي أَوْ يَكُونُ مِلْكُ الْمُكَاتَبِ مَانِعًا لِكَوْنِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَسْرِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ) يَحْمِلُ مَا فِي الْكِتَابَةِ عَلَى مَا إذَا عَتَقَ بِأَدَائِهِ النُّجُومَ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا عَتَقَ بِغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَاقُضَ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا عَدَمُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 440 الرَّدَّ يَسْتَدْعِي حُدُوثَ مِلْكٍ فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ بِخِلَافِ التَّعْجِيزِ (لَا إنْ رَدَّ عَلَيْهِ الْبَعْضَ بِعَيْبٍ) فَلَا يَسْرِي؛ لِأَنَّهُ قَهْرِيٌّ كَالْإِرْثِ. (وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِبَعْضِ ابْنِ أَخِيهِ فَمَاتَ) زَيْدٌ (قَبْلَ الْقَبُولِ وَقَبِلَهُ الْأَخُ عَتَقَ) عَلَيْهِ ذَلِكَ الْبَعْضُ (وَلَمْ يَسْرِ) لِأَنَّ بِقَبُولِهِ يَدْخُلُ الْبَعْضُ فِي مِلْكِ مُوَرِّثِهِ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ جَارِيَةٍ لَهُ مِنْهَا ابْنٌ فَمَاتَ قَبْلَ الْقَبُولِ وَقَبِلَ ابْنُهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ الْبَعْضُ وَلَمْ يَسْرِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِوَلَدِهِ) أَيْ بِبَعْضِهِ (فَمَاتَ) زَيْدٌ (وَوَارِثُهُ أَخُوهُ وَقَبِلَهُ عَتَقَ عَلَى الْمَيِّتِ وَسَرَى أَنْ وَسِعَهُ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّ قَبُولَ وَارِثِهِ كَقَبُولِهِ) فِي الْحَيَاةِ (قَالَ الْإِمَامُ) كَذَا ذَكَرُوهُ (وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُ) حَصَلَ (بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ) وَالْأَصْلُ مَثَّلَ بِغَيْرِ هَذَا الْمِثَالِ فَقَالَ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِشِقْصٍ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ بِأَنْ أَوْصَى لَهُ بِشِقْصٍ مِنْ أُمِّهِ وَوَارِثُهُ أَخُوهُ مِنْ أَبِيهِ فَمَاتَ قَبْلَ الْقَبُولِ وَقَبِلَ الْوَصِيَّةَ أَخُوهُ إلَى آخِرِهِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ لَكِنْ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِيمَا قَالُوهُ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مُعْسِرٌ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالتَّكْمِيلِ فَيُكَمِّلُ مِنْ ثُلُثِهِ وَهُنَا لَمْ يُوصِ بِالتَّكْمِيلِ فَكَيْفَ يَسْرِي عَلَى الْمُعْسِرِ. (وَإِنْ اشْتَرَيَاهُ) أَيْ اثْنَانِ عَبْدًا (صَفْقَةً) وَاحِدَةً (وَابْنُهُ أَحَدُهُمَا عَتَقَ) نَصِيبُهُ عَلَيْهِ (وَسَرَى) عِتْقُهُ إلَى بَاقِيهِ (الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ لَا تَكُونَ) الْأَمَةُ الْمُعْتَقُ بَعْضُهَا (مُسْتَوْلَدَةً فَلَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ مُسْتَوْلَدَةِ شَرِيكِهِ الْمُعْسِرِ) بِأَنْ اسْتَوْلَدَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ (لَمْ يَسْرِ) الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهَا؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ تَتَضَمَّنُ النَّقْلَ وَالْمُسْتَوْلَدَةُ لَا تَقْبَلُهُ (وَكَذَا لَوْ اسْتَوْلَدَاهَا مُرَتِّبًا وَالْأَوَّلُ مُعْسِرٌ) وَقْتَ اسْتِيلَادِهِ (ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا) لَا يَسْرِي إلَى بَاقِيهَا وَمِثْلُهَا مَا لَوْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ وَفِي قَوْلِهِ مُسْتَوْلَدَةَ شَرِيكِهِ تَجَوُّزٌ إذْ الْمُسْتَوْلَدُ مِنْهَا نَصِيبُهُ لَا كُلُّهَا، وَلَوْ اسْتَوْلَدَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مُعْسِرًا، ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ سَرَى إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ لَا يَسْرِي إلَيْهِ كَعَكْسِهِ مَمْنُوعٌ مَعَ أَنِّي لَمْ أَرَهُ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي. (وَيَسْرِي) الْعِتْقُ (إلَى بَعْضِ مَرْهُونٍ) لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لَيْسَ بِأَقْوَى مِنْ حَقِّ الْمَالِكِ فَكَمَا قَوِيَ الْإِعْتَاقُ عَلَى نَقْلِ حَقِّ الشَّرِيكِ إلَى الْقِيمَةِ قَوِيَ عَلَى نَقْلِ الْوَثِيقَةِ إلَيْهَا (وَ) إلَى بَعْضِ (مُدَبَّرٍ) لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ كَالْقِنِّ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ فَكَذَا فِي السِّرَايَةِ (وَ) إلَى بَعْضِ (مُكَاتَبٍ عَجَزَ) عَنْ أَدَاءِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ (وَسَنُوَضِّحُ فِي كِتَابِ الْكِتَابَةِ مَتَى يَسْرِي) الْعِتْقُ إلَى بَعْضِ الْمُكَاتَبِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ حِينَ عَجْزِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ هُنَا بِقَوْلِهِ عَجَزَ. (الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يُعْتِقَ نَصِيبَهُ) لِيُعْتِقَ أَوَّلًا، ثُمَّ يَسْرِي إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَأَنْ يَقُولَ أَعْتَقْت نَصِيبِي مِنْ هَذَا الْعَبْدِ أَوْ النِّصْفَ الَّذِي أَمْلِكُهُ مِنْهُ أَوْ أَعْتَقْت الْجَمِيعَ (فَإِنْ أَعْتَقَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ لَغَا) إذْ لَا مِلْكَ وَلَا تَبَعِيَّةَ (وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَ الْمُشْتَرَكِ وَأَطْلَقَ فَهَلْ يَقَعُ) الْعِتْقُ عَلَى النِّصْفِ (شَائِعًا) لِأَنَّهُ لَمْ يُخَصِّصْهُ بِمِلْكِ نَفْسِهِ (أَوْ عَلَى مِلْكِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يُعْتِقُ مَا يَمْلِكُهُ؟ (وَجْهَانِ) جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالثَّانِي مِنْهُمَا كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِيمَنْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَ نِصْفَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ يُعْتِقُ نِصْفَهُ الَّذِي لَيْسَ بِمَرْهُونٍ (وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَعْتِقُ جَمِيعُهُ إلَّا إذَا كَانَ) الْمُعْتِقُ (مُوسِرًا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يَكَادُ يَظْهَرُ) لِهَذَا الْخِلَافِ (فَائِدَةٌ إلَّا فِي تَعْلِيقِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ) كَأَنْ يَقُولَ إنْ أَعْتَقْت نِصْفِي مِنْ هَذَا الْعَبْدِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ بِالثَّانِي طَلُقَتْ قَالَ جَمَاعَةٌ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْبَعْضُ وَلَمْ يَسْرِ) وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ السِّرَايَةَ وَقَالَ إنَّهُ مُقْتَضَى نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِيمَا قَالُوهُ وَقْفَةٌ إلَخْ) هَذِهِ الْوَقْفَةُ مَدْفُوعَةٌ بِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ وَكَتَبَ أَيْضًا مُقْتَضَاهُ أَنَّ هَذَا النَّظَرَ لَمْ يَقُلْ بِمُقْتَضَاهُ أَحَدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَلِيٍّ ذَهَبَ إلَى عَدَمِ السِّرَايَةِ وَحَكَاهُ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْرِي مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالثُّلُثِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَذْكُورِ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ صَحِيحًا حَالَةَ مَوْتِ الْمُوصِي بِحَيْثُ يَنْفُذُ تَبَرُّعُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَكَانَ مُوسِرًا بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ وَاسْتَمَرَّ يَسَارُهُ سَرَى إلَى بَاقِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ السِّرَايَةِ الَّتِي تَثْبُتُ بِقَوْلِ وَارِثِهِ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ قَبُولِهِ كَانَ صَحِيحًا، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ اُعْتُبِرَتْ السِّرَايَةُ مِنْ الثُّلُثِ . (تَنْبِيهٌ) سُئِلَ ابْنُ السُّبْكِيّ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدًا فَادَّعَتْ زَوْجَتُهُ أَنَّهُ عَوَّضَهَا إيَّاهُ عَنْ صَدَاقِهَا وَأَنَّهَا أَعْتَقَتْهُ فَهَلْ يَعْتِقُ نَصِيبُهَا وَيَسْرِي إلَى بَاقِيهِ أَوْ لَا؟ فَقَالَ يَعْتِقُ نَصِيبُهَا وَلَا يَسْرِي؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِإِعْتَاقِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي الْمُؤَاخَذَةَ بِنَصِيبِهَا وَعَدَمَ السِّرَايَةِ وَالثَّانِي يَقْتَضِي السِّرَايَةَ فَحُمِلَ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ عَدَمُهَا وَتُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهَا فِي إسْقَاطِ صَدَاقِهَا. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا قَالَ الْوَالِدُ مَا ذَكَرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهَا وَإِلَّا فَتَجِبُ وَيُرَتَّبُ عَلَى قَوْلِهَا مُقْتَضَاهُ وَمِنْ أَنَّهُ سَقَطَ صَدَاقُهَا مَمْنُوعٌ إذْ هُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ الْحَوَالَةَ وَالْمَدْيُونُ الْوَكَالَةَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَدْيُونِ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ لَمْ يَسْقُطْ الدَّيْنُ بَلْ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ مِنْ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِجَحْدِهِ وَحَلِفِهِ وَالْحَيْلُولَةُ مُوجِبَةٌ لِلضَّمَانِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ إنَّمَا اعْتَرَفَ بِبَرَاءَةِ الْمَدْيُونِ فِي مُقَابَلَةِ مَا ثَبَتَ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ رَجَعَ إلَى حَقِّهِ فَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ قَدْ حَالَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَقِّهَا بِجَحْدِهِمْ التَّعْوِيضَ وَحَلِفِهِمْ عَلَى نَفْيِهِ وَهِيَ إنَّمَا اعْتَرَفَتْ بِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ زَوْجِهَا مِنْ صَدَاقِهَا فِي مُقَابَلَةِ تَعْوِيضِهِ إيَّاهَا الْعَبْدَ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ رَجَعَتْ إلَى صَدَاقِهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ سُقُوطِهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا مَا لَوْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِحِصَّةِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ حَقٌّ لَازِمٌ كَمَا إذَا كَانَتْ مَوْقُوفَةً أَوْ مَنْذُورًا إعْتَاقُهَا لَمْ يَسْرِ الْعِتْقُ إلَيْهَا قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالثَّانِي مِنْهُمَا) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَهَذَا الْتِفَاتٌ عَلَى أَنَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 441 مَسَائِلَ أُخَرَ مِنْهَا مَا لَوْ وَكَّلَهُ شَرِيكُهُ فِي إعْتَاقِ نَصِيبِهِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ عَتَقَ جَمِيعُ الْعَبْدِ شَائِعًا عَنْهُ وَعَنْ مُوَكِّلِهِ أَوْ بِالثَّانِي لَمْ يَعْتِقْ نَصِيبُ الْوَكِيلِ وَهَذِهِ سَتَأْتِي بَعْدُ. (فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَا عِتْقَ نَصِيبَيْهِمَا بِقُدُومِ زَيْدٍ) كَأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْت حُرٌّ أَوْ فَنَصِيبِي مِنْك حُرٌّ (فَقَدِمَ أَوْ وَكَّلَا مَنْ يُعْتِقُهُ) فَأَعْتَقْته (دَفْعَةً عَتَقَ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نَصِيبُهُ (وَلَا تَقْوِيمَ) لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ دَفْعَةً سَوَاءٌ أَكَانَا مُوسِرَيْنِ أَمْ مُعْسِرَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا (وَلَوْ سَبَقَ تَعْلِيقُ أَحَدِهِمَا أَوْ تَوْكِيلُهُ) عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ (لِأَنَّ الْعِبْرَةَ) بِالْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبَ (بِوَقْتِ الْقُدُومِ وَالْعِتْقِ) لَا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ وَالتَّوْكِيلِ (فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً، ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَدَخَلَتْهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) كَقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. (وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَنْت حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، ثُمَّ نَجَّزَ الْآخَرُ عِتْقَهُ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمٍ) مَثَلًا (فَإِنْ مَاتَ) الْمُعَلِّقُ (قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ) مِنْ تَمَامِ التَّعْلِيقِ (وَلَوْ) كَانَ النَّاقِصُ مِنْ الشَّهْرِ (بِقَدْرِ صِيغَةِ التَّعْلِيقِ) بِأَنْ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ فَقَطْ مِنْ ابْتِدَاءِ التَّعْلِيقِ (أَوْ) مَاتَ (بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ وَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ عَتَقَ) فِي الصُّورَتَيْنِ (عَلَى الْمُنَجِّزِ) إنْ كَانَ مُوسِرًا. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْتِقَ بِالتَّعْلِيقِ لِئَلَّا يَتَقَدَّمَ الْعِتْقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْعِتْقَ بِالتَّعْلِيقِ إنَّمَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَوْتِ بِشَهْرٍ وَإِعْتَاقُ الْمُنَجِّزِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الشَّهْرِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ وَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بِأَيَّامٍ وَمَعَ هَذَا لَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ أَكْثَرَ مِنْ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (أَوْ) مَاتَ (بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ تَمَامِ) صِيغَةِ (التَّعْلِيقِ عَتَقَ عَلَى الْمُعَلِّقِ) لِتَقَدُّمِ تَرَتُّبِ الْعِتْقِ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى التَّنْجِيزِ (أَوْ) مَاتَ (لِتَمَامِ شَهْرٍ مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الْمُنَجِّزِ عَتَقَ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (نَصِيبُهُ وَلَا تَقْوِيمَ) لِوُقُوعِ الْعِتْقَيْنِ مَعًا. [فَرْعٌ تَقَعُ السِّرَايَةُ إذَا حَكَمْنَا بِهَا بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ مِنْ الشَّرِيكِ] (فَرْعٌ تَقَعُ السِّرَايَةُ) إذَا حَكَمْنَا بِهَا (بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ) مِنْ الشَّرِيكِ وَحِينَئِذٍ (يَصِيرُ حُرًّا قَبْلَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ) وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ وَلِأَنَّ يَسَارَهُ بِقِيمَةِ الْبَاقِي جُعِلَ كَمِلْكِهِ لِلْبَاقِي فِي اقْتِضَاءِ السِّرَايَةِ فَتَحْصُلُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ وَلِأَنَّ الْبَاقِيَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَالتَّقْوِيمُ عَلَيْهِ يُشْعِرُ بِالْإِتْلَافِ، وَهَلْ تَحْصُلُ الْحُرِّيَّةُ دَفْعَةً وَاحِدَةً؟ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ قَالَ الْإِمَامُ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ، ثُمَّ يَعْتِقُ، وَقِيلَ يَحْصُلَانِ مَعًا. (وَيُقَوَّمُ) نَصِيبُ الشَّرِيكِ (عَلَى شَرِيكٍ مُوسِرٍ اسْتَوْلَدَ) الْأَمَةَ (الْمُشْتَرَكَةَ) بَيْنَهُمَا تَنْزِيلًا لِلِاسْتِيلَادِ مَنْزِلَةَ الْإِعْتَاقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَغَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِتْلَافِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ بِاللَّفْظِ فَإِنَّهُ لَغْوٌ مِنْ غَيْرِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ وَخَرَجَ بِالْمُوسِرِ الْمُعْسِرُ فَلَا سِرَايَةَ بِاسْتِيلَادِهِ كَالْعِتْقِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ الْيَسَارِ مَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَوْلِدُ أَصْلًا لِشَرِيكِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ يَسَارُهُ كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ الَّتِي كُلُّهَا لِفَرْعِهِ. قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَيَلْزَمُهُ لِشَرِيكِهِ) مَعَ قِيمَةِ نَصِيبِهِ (نِصْفُ الْمَهْرِ) لِتَمَتُّعِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ (وَيَسْرِي) أَيْ الِاسْتِيلَادُ (بِنَفْسِ الْعُلُوقِ) كَالْإِعْتَاقِ (وَلَا تَجِبُ قِيمَةُ نِصْفِ الْوَلَدِ) لِأَنَّا جَعَلْنَا أَمَةَ أُمِّ وَلَدٍ فِي الْحَالِ فَيَكُونُ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ فَلَا تَجِبُ قِيمَةُ الْوَلَدِ، وَقِيلَ تَجِبُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَ الْإِسْنَوِيُّ الْوُجُوبَ وَنَقَلَهُ عَنْ جَزْمِ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ التَّدْبِيرِ (ثُمَّ لَوْ) (وَطِئَهَا الثَّانِي) قَبْلَ أَخْذِهِ الْقِيمَةَ (لَزِمَهُ لِلْأَوَّلِ الْمَهْرُ) بِنَاءً عَلَى حُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ (وَلَهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَوَّلِ (نِصْفُهُ) أَيْ الْمَهْرِ (فَيَتَقَصَّانِ فِيهِ) وَفِي قَوْلِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَتَقَاصَّانِ فِي الْمَهْرِ تَجَوُّزٌ   [حاشية الرملي الكبير] النِّصْفَ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى مِلْكِهِ أَوْ يَشِيعُ وَذَكَرَ لَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ فَائِدَةً أُخْرَى وَهِيَ مَا إذَا قَالَ أَعْتِقْ نِصْفَك عَنِّي عَلَى أَلْفٍ فَأَطْلَقَ إعْتَاقَ النِّصْفِ فَإِنْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى نِصْفِهِ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ، وَإِنْ قُلْنَا يَكُونُ شَائِعًا حَتَّى لَا يَعْتِقَ أَوَّلًا إلَّا نِصْفَ نَصِيبِهِ، ثُمَّ يَسْرِي فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا نِصْفَ الْأَلْفِ كَمَا صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِيمَا لَوْ سَأَلَتْ الطَّلَاقَ ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَهَا طَلْقَةً وَنِصْفًا؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ عَلَى مَالٍ كَالْخُلْعِ عَلَى مَالٍ. [فَرْعٌ عَلَّقَا عِتْقَ نَصِيبَيْهِمَا بِقُدُومِ زَيْدٍ فَقَدِمَ أَوْ وَكَّلَا مَنْ يُعْتِقُهُ فَأَعْتَقْته دَفْعَةً] (قَوْلُهُ تَنْزِيلًا لِلِاسْتِيلَادِ مَنْزِلَةَ الْإِعْتَاقِ) وَهَلْ هُوَ أَوْلَى بِالنُّفُوذِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ وَالْأَفْعَالُ أَقْوَى وَلِهَذَا يَنْفُذُ اسْتِيلَادُ الْمَجْنُونِ وَالْمَحْجُورِ دُونَ إعْتَاقِهِمَا وَإِيلَادُ الْمَرِيضِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِعْتَاقُهُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ الْعِتْقُ أَوْلَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ حَقِيقَةَ الْعِتْقِ أَوْ هُمَا سَوَاءٌ لِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ فِيهِ؟ أَوْجُهٌ حَكَاهَا الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَعَزَا الْأَوَّلَ لِلْأَكْثَرِينَ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ لَكِنْ لَا فَرْقَ فِيهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) هُوَ الظَّاهِرُ غ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ الْيَسَارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) قَالَ أَيْضًا يُزَادُ اسْتِيلَادُ أَصْلِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَاسْتِيلَادُ رَاهِنِ النِّصْفَ يَسْرِي إلَى الْمَرْهُونِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَثْبُتَ الِاسْتِيلَادُ فِي الْجَمِيعِ بِلَا سِرَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ كُلَّهَا قَالَ وَيَجِيءُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الرَّهْنِ الشَّرْعِيِّ فِي التَّرِكَةِ وَفِي الْجَارِيَةِ الْجَانِيَةِ إذَا كَانَتْ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَفَدَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ الَّذِي لَمْ يَفْدِ وَاسْتَوْلَدَهَا فَإِنَّهُ يَسْرِي الِاسْتِيلَادُ بِشَرْطِ الْيَسَارِ إلَى النِّصْفِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ لِشَرِيكِهِ نِصْفُ الْمَهْرِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إذَا تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَلَوْ سَبْقِ الْإِنْزَالِ فَقَدْ سَبَقَ مَا يَقْتَضِي الِاسْتِيلَادَ الْمُقْتَضِي لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ لِلْمُسْتَوْلَدِ عَلَى مَا يُوجِبُ حِصَّةَ الشَّرِيكِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَتَكُونُ كَحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَهِيَ لَا تَجِبُ عَلَى قَوْلِ التَّعْجِيلِ وَلَا عَلَى قَوْلِ التَّبْيِينِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ نَحْوَ ذَلِكَ فِي اسْتِيلَادِ الْأَصْلِ جَارِيَةَ فَرْعِهِ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرَاهُ هُنَا، وَقَوْلُهُ فَلَوْ سَبَقَ الْإِنْزَالُ أَيْ أَوْ قَارَنَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا يَجِيءُ هُنَا مَا سَبَقَ غَيْرُ مَرَّةٍ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِكْرًا هَلْ تُفْرَدُ الْبَكَارَةُ بِأَرْشٍ أَمْ لَا؟ وَعَلَى الْإِفْرَادِ هَلْ يَجِبُ مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ أَوْ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ؟ خِلَافٌ بَيَّنَّاهُ بِمَا فِيهِ فِيمَا تَقَدَّمَ غ (قَوْلُهُ وَيَسْرِي بِنَفْسِ الْعُلُوقِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقْتُ الْعُلُوقِ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ فَيُقَالُ يَتَبَيَّنُ بِالْوَضْعِ حُصُولُ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ إنْ ظَهَرَ بِإِنْزَالٍ عُرِفَ وَقْتُهُ (قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ قِيمَةُ نِصْفِ الْوَلَدِ) تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِقِيمَةِ النِّصْفِ تَبِعَ فِيهِ الْمُهِمَّاتِ؛ لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ قَالَ إنَّ تَعْبِيرَ الرَّوْضَةِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالصَّوَابُ قِيمَةُ النِّصْفِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 442 (وَيَثْبُتُ الْإِيلَادُ فِي نَصِيبِ الْمُعْسِرِ فَقَطْ) وَنَصِيبُ الْآخَرِ يَبْقَى قِنًّا (وَيَكُونُ وَلَدُهُ) مِنْهَا (حُرًّا) لِلشُّبْهَةِ. (وَإِنْ كَانَ) عَبْدٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ (لِأَحَدِهِمَا) الْمُنَاسِبُ لِأَحَدِهِمْ فِيهِ (نِصْفٌ وَلِآخَرَ ثُلُثٌ وَلِآخَرَ سُدُسٌ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ وَهُوَ مُوسِرٌ نَصِيبَهُ) فِيهِ (عَتَقَ الْعَبْدُ) كُلُّهُ (أَوْ) أَعْتَقَهُ (مُوسِرًا بِثُلُثِ الْبَاقِي عَتَقَ ثُلُثُ نَصِيبِ كُلٍّ) مِنْ الْآخَرَيْنِ (وَإِنْ أَعْتَقَهُ اثْنَانِ) بِأَنْ أَعْتَقَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهُ (مَعًا) أَوْ عَلَّقَا بِشَرْطٍ وَاحِدٍ أَوْ وَكَّلَا مَنْ أَعْتَقَ عَنْهُمَا دَفْعَةً وَكَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا (قُوِّمَ) نَصِيبُ الثَّالِثِ (عَلَى الْمُوسِرِ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ قُوِّمَ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ) أَيْ (عَلَى) عَدَدِ (الرُّءُوسِ) لَا بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا مِنْ فَوَائِدِ الْمِلْكِ وَمَرَافِقِهِ فَكَانَ عَلَى قَدْرِ النِّتَاجِ وَالثَّمَرَةِ وَسَبِيلُ قِيمَةِ السِّرَايَةِ سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَالنَّظَرُ فِيهِ إلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا إلَى قِلَّةِ الْجِنَايَةِ وَكَثْرَتِهَا كَمَا فِي الْجِرَاحَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ التَّسْوِيَةِ وَعَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ. وَالْعِبْرَةُ فِي التَّقْوِيمِ (بِقِيمَةِ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ) أَوْ يَوْمِ الْعُلُوقِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِتْلَافِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ أَمَّا فِيهِ فَيُعْتَبَرُ تَقْوِيمُهُ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ النُّجُومِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ السِّرَايَةِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهَا) أَيْ فِي قِيمَةِ الرَّقِيقِ وَكَانَ حَاضِرًا (وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ رُوجِعَ الْمُقَوِّمُونَ) فِيهَا (فَإِنْ تَعَذَّرَ) حُضُورُهُ (أَوْ تَقَادَمَ الْعَهْدُ صُدِّقَ الْمُعْتِقُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ كَالْغَاصِبِ، وَإِنْ أَعْتَقَ) أَحَدُهُمَا (حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَقَالَ الْآخَرُ تَعَلَّمَ صَنْعَةً بَلَغَتْ قِيمَتُهُ بِهَا مِائَتَيْنِ صُدِّقَ الْمُعْتِقُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا شَرِيكُهُ (إلَّا أَنْ عَلِمْنَا بِالتَّجْرِبَةِ) لِلْعَبْدِ (أَنَّهُ يُحْسِنُ) الصَّنْعَةَ (وَلَمْ يَمْضِ) بَعْدَ الْإِعْتَاقِ (مَا يُمْكِنُ التَّعَلُّمُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ الْآخَرُ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِتَجْرِبَةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتِقِ إنِّي أُحْسِنُ الصَّنْعَةَ وَلَا عَلَى الشَّرِيكِ إنِّي لَا أُحْسِنُهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُمُهَا وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْأَصْلُ. (وَإِنْ ادَّعَى الْمُعْتِقُ عَيْبًا) يُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَأَنْكَرَ الشَّرِيكُ فَإِنْ كَانَ (خَلْقِيًّا كَالْكَمَهِ) وَالْخَرَسِ (وَتَعَذَّرَ الْعِلْمُ) بِحَالِهِ (بِمَوْتِ الْعَبْدِ) أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا (صُدِّقَ الْمُعْتِقُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ وَعَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الشَّرِيكُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَخَصَّهُ الْبَغَوِيّ بِمَا إذَا كَانَ النَّقْصُ فِي الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ لِيَتَمَكَّنَ الشَّرِيكُ مِنْ إثْبَاتِ السَّلَامَةِ فِيهَا فَإِنْ كَانَ فِي الْبَاطِنَةِ فَكَالْحَادِثِ وَحُكْمُهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ حَادِثًا) بَعْدَ السَّلَامَةِ، وَلَوْ فِي الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ كَالْعَمَى وَالسَّرِقَةِ (صُدِّقَ الشَّرِيكُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. (وَتُؤْخَذُ الْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَةُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الَّذِي سَرَى إلَيْهِ الْعِتْقُ (مِنْ تَرِكَةِ مُعْتِقٍ مَاتَ) قَبْلَ أَدَائِهَا (مُوسِرًا فَإِنْ مَاتَ مُعْسِرًا بَقِيَتْ فِي ذِمَّتِهِ وَالْعَبْدُ حُرٌّ) لِثُبُوتِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ كَمَا مَرَّ. (وَوَطْءُ الشَّرِيكِ) لِلْأَمَةِ الَّتِي سَرَى عِتْقُ بَعْضِهَا إلَى نَصِيبِهِ مِنْهَا (قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ شُبْهَةٌ تُوجِبُ الْمَهْرَ لَهَا) بِنَاءً عَلَى حُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ (وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ لِلِاخْتِلَافِ فِي مِلْكِهِ. [فَرْعٌ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ إذَا عَتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي أَوْ فَجَمِيعُ الْعَبْدِ حُرٌّ وَهُوَ مُوسِرٌ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ (إذَا عَتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي) أَوْ فَجَمِيعُ الْعَبْدِ (حُرٌّ أَوْ فَنَصِيبِي حُرٌّ بَعْدَ عِتْقِ نَصِيبِك فَأَعْتَقَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ) عَتَقَ عَلَيْهِ (وَسَرَى) إلَى الْبَاقِي (وَقُوِّمَ عَلَيْهِ) وَإِنَّمَا عَتَقَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ بِالسِّرَايَةِ لَا بِالتَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْعِتْقِ بِالتَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهَا قَهْرِيَّةٌ تَابِعَةٌ لِعِتْقِ النَّصِيبِ لَا مَدْفَعَ لَهَا وَمُوجَبُ التَّعْلِيقِ قَابِلٌ لِلدَّفْعِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَاعْتُرِضَ ذَلِكَ بِأَنَّ حَاصِلَهُ تَقْدِيمُ السِّرَايَةِ عَلَى التَّعْلِيقِ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ أَبْوَابِ الْوَصِيَّةِ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الرَّابِعِ مَا يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا حَيْثُ قَالَ لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ أَمَتِهِ الْحَامِلِ بِعِتْقِ نِصْفِ حَمْلِهَا فَأَعْتَقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ سَرَى الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ وَعَتَقَتْ أُمُّهُ بِالتَّعْلِيقِ، فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ بَاقِي الثُّلُثِ إلَّا نِصْفَهُ الْآخَرَ أَوْ الْأُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَاقِي الْحَمْلِ فَسَوَّى بَيْنَ السِّرَايَةِ إلَى بَاقِي الْحَمْلِ وَعِتْقُ الْأُمِّ بِالتَّعْلِيقِ حَتَّى أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فَإِنَّهُ ازْدَحَمَ ثَمَّ عَلَى الثُّلُثِ حَقُّ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ وَهُمَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ فَسَوَّيْنَا بَيْنَهُمَا وَهُنَا اجْتَمَعَ عَلَى عِتْقِ النَّصِيبِ الْآخَرِ سَبَبَانِ وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَقَدَّمْنَا أَقْوَاهُمَا. (أَوْ) أَعْتَقَهُ (وَهُوَ مُعْسِرٌ أَوْ قَالَ) لَهُ شَرِيكُهُ إذَا أَعْتَقْت نَصِيبَك (فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَ) عِتْقِ نَصِيبِك (أَوْ حَالِ عِتْقِ نَصِيبِك أَوْ قَبْلَ عِتْقِ نَصِيبِك) فَأَعْتَقَهُ (عَتَقَ نَصِيبُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (عَنْهُ) نَصِيبُ الْمُنَجِّزِ بِالتَّنْجِيزِ وَنَصِيبُ الْمُعَلِّقِ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُعْتِقِ إذْ لَا سِرَايَةَ مَعَ الْإِعْسَارِ وَأَمَّا مَعَ الْيَسَارِ فِي الْمَعِيَّةِ وَالْحَالِيَّةِ وَالْقَبْلِيَْةِ فَلِأَنَّ اعْتِبَارَ الْمَعِيَّةِ الْحَالِيَّةِ يَمْنَعُ السِّرَايَةَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ الْمُنَاسِبُ لِأَحَدِهِمْ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ . (قَوْلُهُ أَوْ يَوْمَ الْعُلُوقِ) أَيْ حَالَتَهُ (قَوْلُهُ أَمَّا فِيهِ فَيُعْتَبَرُ تَقْوِيمُهُ عِنْدَ عَجْزِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَخَصَّهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا عَتَقَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ بِالسِّرَايَةِ إلَخْ) كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَحَكَى اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ لِلْفَهْمِ بِقُوَّةٍ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ الْمُعَلَّقَ يَتَعَقَّبُ الْمُنَجَّزَ فَإِنَّ الشَّرْطَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَشْرُوطِ فَإِنْ قُلْنَا بِمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ أَنَّ الْمَشْرُوطَ مُقَارِنٌ لِلشَّرْطِ فِي الزَّمَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الْعِتْقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى عِتْقِ الشَّرِيكِ لِوُقُوعِهِ مَعَهُ وَأَمَّا الْعِتْقُ بِالسِّرَايَةِ فَإِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتِقَ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ زَمَنُ السِّرَايَةِ إلَّا بَعْدَ عِتْقِ الْمُعَلَّقِ فَلَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا ر (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ عِتْقِ نَصِيبِك إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لِعِتْقِ نَصِيبِ الْمُعَلَّقِ عَنْهُ شَرْطٌ وَهُوَ أَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ تَعْلِيقِهِ قَبْلَ إعْتَاقِ الْمُنَجَّزِ زَمَنٌ يَسَعُ الْحُكْمَ بِوُقُوعِ الْعِتْقِ عَنْ الْمُعَلَّقِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ فَقَالَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ بِشَهْرٍ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَعِيشَ بَعْدَ الْقَوْلِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ بِوَقْتٍ يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَقَالَ عَتَقَ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْهُ إذَا كَانَ مُوسِرًا تَبَعَا فِيهِ الْبَغَوِيّ وَالْأَصَحُّ الْمُعْتَمَدُ تَفْرِيعًا عَلَى إبْطَالِ الدَّوْرِ أَنَّهُ يَعْتِقُ كُلٌّ عَنْ الْمُنَجَّزِ بِالْمُبَاشَرَةِ فِي نَصِيبِهِ وَالسِّرَايَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّا إذَا أَبْطَلْنَا الدَّوْرَ أَلْغَيْنَا قَوْلَهُ قَبْلَهُ فَصَارَ كَالْإِطْلَاقِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 443 وَالْقَبْلِيَّةُ مُلْغَاةٌ لِاسْتِحَالَةِ الدَّوْرِ الْمُسْتَلْزِمِ هُنَا سَدَّ بَابِ عِتْقِ الشَّرِيكِ فَيَصِيرُ التَّعْلِيقُ مَعَهَا كَهُوَ مَعَ الْمَعِيَّةِ وَالْحَالِيَّةِ (وَلَوْ أَعْتَقَ الْمُعَلِّقُ نَصِيبَهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ) قَبْلَ إعْتَاقِ شَرِيكِهِ (عَتَقَ وَسَرَى) إنْ كَانَ مُوسِرًا. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ أَعْتَقْت نَصِيبَك) فَعَلَيْك قِيمَةُ نَصِيبِي فَأَنْكَرَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّرِيكِ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْتَاقِ (فَإِنْ حَلَفَ) الشَّرِيكُ (رُقَّ نَصِيبُهُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي) الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ (وَاسْتَحَقَّ الْقِيمَةَ وَلَمْ يَعْتِقْ نَصِيبُ الشَّرِيكِ) لِأَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلدَّعْوَى عَلَى إنْسَانٍ بِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، وَإِنَّمَا هَذَا وَظِيفَةُ الْعَبْدِ (لَكِنْ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ) الْمُدَّعِي (مَعَ آخِرِ حِسْبَةٍ حَصَلَ الْعِتْقُ) فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَالْقِيمَةُ تَثْبُتُ بِحَلِفِهِ السَّابِقِ فَلَا تُهْمَةَ فِي شَهَادَتِهِ (فَأَمَّا نَصِيبُهُ) أَيْ الْمُدَّعِي إذَا حَلَفَ الشَّرِيكُ أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي (فَحُرٌّ بِإِقْرَارِهِ) لِسِرَايَةِ إعْتَاقِ الشَّرِيكِ إلَى نَصِيبِهِ (وَلَا يَسْرِي) الْعِتْقُ (إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ) وَإِنْ كَانَ هُوَ مُوسِرًا (؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْشِئْ عِتْقًا فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ) أَوْ غَيْرِهِ (اشْتَرَيْت مِنْ نَصِيبِي وَأَعْتَقْته وَأَنْكَرَ وَحَلَفَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُدَّعِي وَلَا سِرَايَةَ) وَلِأَنَّ نَصِيبَهُ عَتَقَ لَا بِاخْتِيَارِهِ بَلْ بِقَضِيَّةِ قَوْلِهِ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَهُوَ كَمَا لَوْ وَرِثَ بَعْضَ بَعْضِهِ يَعْتِقُ مَا وَرِثَهُ وَلَا سِرَايَةَ (وَإِنْ كَانَ) الشَّرِيكُ (مُعْسِرًا وَحَلَفَ لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ) مِنْ الْعَبْدِ. (وَإِنْ قَالَ كُلٌّ) مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (أَعْتَقْت نَصِيبَك) فَعَلَيْك قِيمَةُ نَصِيبِي (وَأَنْكَرَا صُدِّقَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بِيَمِينِهِ) فِيمَا أَنْكَرَهُ (وَعَتَقَ الْعَبْدُ) لِاعْتِرَافِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَى نَصِيبِهِ وَلَا قِيمَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَوَقَفَ وَلَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (إلَّا أَنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ) وَقَالَ كُلٌّ لِلْآخَرِ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهُ (فَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ الْآخَرِ عَتَقَ) لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ (وَلَمْ يَسْرِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْشِئْ إعْتَاقًا (أَوْ اشْتَرَاهُمَا) أَيْ النَّصِيبَيْنِ (أَجْنَبِيٌّ) صَحَّ الشِّرَاءُ (وَلَمْ يَعْتِقْ) لِجَوَازِ كَوْنِهِمَا كَاذِبَيْنِ (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا) وَالْآخَرُ مُعْسِرًا (عَتَقَ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ يَتَضَمَّنُ السِّرَايَةَ إلَى نَصِيبِهِ (وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ) لِمَا مَرَّ وَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُوسِرِ (فَإِنْ اشْتَرَاهُ الْمُعْسِرُ عَتَقَ كُلُّهُ) بِاعْتِرَافِهِ. (وَإِنْ عَلَّقَ) أَحَدُهُمَا (عِتْقَ نَصِيبِهِ بِكَوْنِ الطَّائِرِ غُرَابًا وَالْآخَرُ) عِتْقَ نَصِيبِهِ (بِكَوْنِهِ غَيْرَهُ وَأَشْكَلَ) الْحَالُ (فَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَلَا عِتْقَ) لِنَصِيبِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا لَوْ جَرَى التَّعْلِيقَانِ مِنْ اثْنَيْنِ فِي عَبْدَيْنِ أَوْ زَوْجَيْنِ (وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ الْآخَرِ أَوْ اشْتَرَى الْكُلَّ ثَالِثٌ حُكِمَ بِعِتْقِ أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ) لِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَاحِدٌ وَأَحَدُ النَّصِيبَيْنِ حُرٌّ بِيَقِينٍ وَفِي حَقِّ الِاثْنَيْنِ اسْتَصْحَبْنَا يَقِينَ الْمِلْكِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ وَطَرَحْنَا الشَّكَّ (وَلَا رُجُوعَ لِلثَّالِثِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ) يَعْلَمْ بِالتَّعْلِيقَيْنِ قَبْلَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّ نَصِيبَهُ مَمْلُوكٌ (، فَإِنْ اخْتَلَفَ النَّصِيبَانِ عَتَقَ الْأَقَلُّ) مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (وَإِنْ) (تَبَادَلَا) النَّصِيبَيْنِ (فَلَا عِتْقَ) لِشَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ (نَعَمْ مَنْ حَنِثَ صَاحِبُهُ عَتَقَ مَا صَارَ إلَيْهِ) لِاعْتِرَافِهِ بِعِتْقِهِ (وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ) لِمَا مَرَّ وَلَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ نَصِيبِ الْآخَرِ (وَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ عَتَقَ) الْعَبْدُ (عَلَيْهِمَا) لِأَنَّا نَتَحَقَّقُ حِنْثَ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّعْيِينِ فَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَيَسْرِي إلَى الْبَاقِي وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (مُطَالَبَةُ الْآخَرِ وَتَحْلِيفُهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ) الشَّرِيكَانِ أَحَدُهُمَا (مُوسِرٌ) وَالْآخَرُ (مُعْسِرٌ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ) لِأَنَّهُ إمَّا حَانِثٌ أَوْ صَاحِبُهُ حَانِثٌ وَالْعِتْقُ سَارَ إلَيْهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ نَصِيبِ الْمُوسِرِ لِلشَّكِّ فِيهِ. (فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَعْتَقْنَا مَعًا وَهُوَ مُوسِرٌ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ) بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْت أَعْتَقْت   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيَصِيرُ التَّعْلِيقُ مَعَهَا) أَيْ الْقَبْلِيَّةَ [فَرْعٌ قَالَ لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَعَلَيْك قِيمَةُ نَصِيبِي فَأَنْكَرَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ] (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلدَّعْوَى إلَخْ) فِيهِ وَقْفَةٌ بَلْ لَهَا مَعْنًى وَهُوَ تَحْلِيفُ الْمُنْكِرِ لِتَخْلِيصِ الْعَبْدِ مِنْ رِقِّهِ وَدَعْوَى الْحِسْبَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ مَسْمُوعَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْتَقِرْ الْحُكْمُ بِهَا إلَى دَعْوَى، وَقَدْ يَجْهَلُ الْعَبْدُ الْعِتْقَ، وَقَدْ يَكُونُ طِفْلًا أَوْ أَبْكَمَ لَا يَفْهَمُ أَوْ مَجْنُونًا غ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ مَعَ آخَرَ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادَهُ مَا إذَا شَهِدَ قَبْلَ الدَّعْوَى ر وَأَمَّا قَبُولُ شَهَادَةِ الْمُدَّعِي حِسْبَةً فَإِنْ كَانَ قَبْلَ دَعْوَاهُ الْقِيمَةَ وَانْتِصَابِهِ خَصْمًا فَوَاضِحٌ وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا، وَقَالَ الدَّارِمِيُّ إنَّ مَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِشَرِيكِهِ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُعْسِرًا فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ مَعَهُ آخَرُ قَبِلَا عَلَيْهِ وَقَالَ أَيْضًا قُبَيْلَ بَابِ الْوَلَاءِ إنْ قَالَ لِشَرِيكِهِ قَدْ أَعْتَقْت حِصَّتِي وَأَنَا مُعْسِرٌ فَأَعْتَقَ صَاحِبُهُ حِصَّتَهُ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَعْتَقَ لِتَقُومَ حِصَّتُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ حَلَفَ مَا أَعْتَقَ وَقُوِّمَ نَصِيبُهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَبَرِئَ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَلَا تَنَازُعَ إلَّا أَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى شَرِيكِهِ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا لَمْ يَقْبَلْ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا قُبِلَ مَعَ غَيْرِهِ اهـ غ (قَوْلُهُ فَأَمَّا نَصِيبُهُ فَحُرٌّ بِإِقْرَارِهِ) قَيَّدَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إعْتَاقَ نَصِيبِ الْمُدَّعِي بِأَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ يَنْكُلَ وَيَحْلِفَ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ فَإِنَّهُمَا لَوْ نَكَلَا مَعًا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِي ذَلِكَ وَهِيَ إقْرَارُهُ ع وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِيَشْمَلَ كَلَامُهُ حَالَةَ نُكُولِهِمَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَحَلَفَ لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ) كَذَا جَزَمَا بِهِ وَكَأَنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا زَعَمَ الْمُدَّعِي يَسَارَهُ كَمَا فَرَضَهَا الْغَزَالِيُّ أَيْ وَغَيْرُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي عِتْقُ نَصِيبِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِحُصُولِهَا فِيهِ مِنْ الْإِعْتَاقِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ ر (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَلَا عِتْقَ) قَالَ فِي الْخَادِمِ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ لَمْ يَحْكُمْ بِعِتْقِ أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ عِبَارَةٌ مُحَرَّرَةٌ وَلَمْ يَقُلْ لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّهُ لَازَمَ أَحَدَ النَّقِيضَيْنِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ فَقَالَ لَا يَحْكُمُ بِالْعِتْقِ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَلَكِنْ نَعْلَمُ بَاطِنًا أَنَّهُ قَدْ عَتَقَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا. اهـ. وَفَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَا فِي مِلْكِ أَحَدِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدُ [فَرْعٌ قَالَ أَحَدُهُمَا أَعْتَقْنَا مَعًا وَهُوَ مُوسِرٌ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ] (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَعْتَقْنَا مَعًا) بِأَنْ تَلَفَّظَا بِالْعِتْقِ مَعًا بِحَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي الْفَرَاغِ مِنْهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 444 نَصِيبَك وَأَنَا لَمْ أَعْتِقْ (حَلَفَ) أَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْ لِيَأْخُذَ الْقِيمَةَ سَوَاءٌ أَكَانَ مُوسِرًا أَمْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ الْقِيمَةَ وَادَّعَى مَا يُسْقِطُهَا وَهُوَ الْمُوَافَقَةُ فِي الْإِعْتَاقِ فَيَنْدَفِعُ بِيَمِينِهِ الْمُسْقِطِ (وَأَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْمُقِرِّ وَحَكَمَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ) بِإِقْرَارِ الْمُوسِرِ (وَوَلَاءُ نَصِيبِ الْمُنْكِرِ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ) (مَاتَ الْعَتِيقُ وَلَا وَارِثَ لَهُ) إلَّا الْمُقِرُّ (أَخَذَ الْمُقِرُّ نِصْفَ مَالِهِ بِالْوَلَاءِ) عَلَى نِصْفِهِ (وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ) قَدْرَ (مَا غَرِمَ) لِلْمُنْكِرِ (مِنْ الْقِيمَةِ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ صَدَقَ فَالْمُنْكِرُ ظَالِمٌ لَهُ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ وَهَذَا مَالُهُ بِالْوَلَاءِ، وَإِنْ كَذَبَ فَهُوَ مُقِرٌّ بِإِعْتَاقِ جَمِيعِهِ فَجَمِيعُ الْمَالِ لَهُ بِالْوَلَاءِ (وَإِنْ اعْتَرَفَ الْمُنْكِرُ) بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ مَعَ نَصِيبِ الْمُوسِرِ (بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَرَدَّ مَا أَخَذَهُ الْمُقِرُّ مِنْهُ) وَرَدَّ مَا أَخَذَهُ هُوَ مِنْ الْمُقِرِّ، فَإِنْ تَلِفَ الْمَأْخُوذَانِ وَقَعَ الْقِصَاصُ (وَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ كُلَّهُ) أَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ أَوَّلًا (قُبِلَ وَكَانَ جَمِيعُ الْوَلَاءِ لَهُ) وَلَا أَثَرَ لِإِقْرَارِهِ أَوَّلًا بِأَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ إلَّا عَلَى النِّصْفِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ تِلْوَ النَّسَبِ وَهُوَ لَوْ نَفَى نَسَبًا يَلْحَقُهُ، ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ قُبِلَ. (فَرْعٌ عَبْدٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ شَهِدَ اثْنَانِ) مِنْهُمْ (أَنَّ الثَّالِثَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَكَانَ مُعْسِرًا قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمَا (وَعَتَقَ نَصِيبُ الثَّالِثِ وَحْدَهُ أَوْ مُوسِرًا فَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّهَمَانِ بِإِثْبَاتِ الْقِيمَةِ لَهُمَا عَلَيْهِ (وَيَعْتِقُ نَصِيبُهُمَا بِلَا تَقْوِيمٍ) لِاعْتِرَافِهِمَا بِالسِّرَايَةِ إلَيْهِ (لَا نَصِيبُهُ) فَلَا يَعْتِقُ لِبُطْلَانِ الشَّهَادَةِ. (وَإِنْ عَاقَدَ) عَبْدٌ (مُشْتَرَكٌ) بَيْنَ اثْنَيْنِ (أَحَدَ مَالِكَيْهِ بِخَمْسِينَ) دِينَارًا (فِي عِتْقِهِ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَهِيَ قِيمَتُهُ فَأَعْتَقَهُ طَالَبَهُ الشَّرِيكُ بِنِصْفِهَا) لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (وَنِصْفِ قِيمَتِهِ) الْأَوْلَى وَقِيمَةِ نِصْفِهِ (وَرَجَعَ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَتِيقِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ) هَذَا مَنْقُولٌ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ بِدُونِ قَوْلِهِ وَهِيَ قِيمَتُهُ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقَعَ الْعِتْقُ عَلَى عَيْنِ الْخَمْسِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَتَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ مُسَاوِيَةً لِلْخَمْسِينَ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ، أَوْ يَقَعَ عَلَى مَا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَيَبْذُلَ عَنْهُ خَمْسِينَ اكْتَسَبَهَا بَعْدَ إعْتَاقِ نَصِيبِ الْمُعْتِقِ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السِّرَايَةَ إنَّمَا تَقَعُ عِنْدَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَقَعُ بِالْإِعْتَاقِ فَلَا يُطَالِبُهُ الشَّرِيكُ إلَّا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ قِيمَةِ النِّصْفِ؛ لِأَنَّ الِاكْتِسَابَ وَقَعَ فِي الْحُرِّيَّةِ (فَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى سَلَامَةِ الْخَمْسِينَ) لَهُ (لَمْ يَعْتِقْ) لِأَنَّهَا لَمْ تَسْلَمْ لَهُ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ عَاقَدَ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ مَعَ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ الْمُشَارِ إلَيْهِ. (وَلَوْ أَعْتَقَ مُوسِرٌ شِرْكًا لَهُ فِي) أَمَةٍ (حُبْلَى عَتَقَ مَعَهَا وَلَدُهَا، وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّقْوِيمُ) لَهَا إلَى وِلَادَتِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ السِّرَايَةَ فِي الْحَالِ. (وَإِنْ وَكَّلَ شَرِيكَهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ فَأَيَّ النَّصِيبَيْنِ أَعْتَقَ قَوَّمَ عَلَى صَاحِبِهِ نَصِيبَ الْآخَرِ) فَإِنْ قَالَ بَعْدَ إعْتَاقِهِ نِصْفَ الْعَبْدِ أَرَدْت نَصِيبِي قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت نَصِيبَ شَرِيكِي قُوِّمَ عَلَى الشَّرِيكِ نَصِيبُ الْوَكِيلِ (وَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى نَصِيبِ الْوَكِيلِ) ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ عَنْ نَفْسِهِ مُسْتَغْنٍ عَنْ النِّيَّةِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ إعْتَاقِهِ عَنْ غَيْرِهِ فِيمَا هُوَ شَرِيكٌ لَهُ فِيهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ قِيلَ بِالتَّخْيِيرِ كَمَا فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ لَكَانَ مُتَّجَهًا وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْعَبْدَيْنِ ثَمَّ مَمْلُوكَانِ لَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا. (وَإِنْ مَلَكَ مَرِيضٌ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ فَقَطْ وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَقَالَ أَعْتَقْت نَصِيبِي مِنْ سَالِمٍ وَغَانِمٍ عَتَقَ ثُلُثَا نَصِيبِهِ مِنْ سَالِمٍ) وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَلَا يَعْتِقُ مِنْ الْآخَرِ شَيْءٌ (أَوْ) قَالَ أَعْتَقْت (نَصِيبِي مِنْهُمَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ مِنْ هَذَيْنِ (عَتَقَ ثُلُثَا نَصِيبِهِ مِنْ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (بِالْقُرْعَةِ أَوْ) قَالَ مَا ذَكَرَ فِي الصُّورَتَيْنِ (وَهُمَا) أَيْ نِصْفَا الْعَبْدَيْنِ (ثُلُثَا مَالِهِ فَفِي الْأُولَى يَعْتِقُ سَالِمٌ) فَقَطْ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالسِّرَايَةِ (وَفِي الثَّانِيَةِ يَعْتِقُ النِّصْفَانِ) بِالْمُبَاشَرَةِ فَقَطْ أَيْ دُونَ مَا عَدَاهُمَا بِالسِّرَايَةِ لِإِعْسَارِ الْمُعْتِقِ. (وَإِنْ اشْتَرَى) أَمَةً (حَامِلًا) مِنْ زَوْجٍ حُرٍّ (زَوْجُهَا وَابْنُهَا الْحُرُّ مَعًا وَهُمَا مُوسِرَانِ عَتَقَتْ عَلَى الِابْنِ) نِصْفُهُمَا بِالْمِلْكِ وَالْبَاقِي بِالسِّرَايَةِ وَلَزِمَهُ لِلزَّوْجِ قِيمَةُ نِصْفِهَا (وَ) عَتَقَ (الْحَمْلُ عَلَيْهَا وَلَا تَقْوِيمَ) عَلَى أَحَدِهِمَا فِي نَصِيبِ الْآخَرِ وَهَذَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ أَبْوَابِ الْوَصَايَا وَتَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ. ثَمَّ (وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِعِتْقِ مُوسِرٍ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ) وَحَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا (ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ غَرِمَا) لَهُ (نَصِيبَهُ) أَيْ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّ شُهُودَ الْعِتْقِ يَغْرَمُونَ بِالرُّجُوعِ (وَكَذَا) يَغْرَمَانِ لَهُ (نَصِيبَ شَرِيكِهِ) أَيْ قِيمَتَهُ الَّتِي غَرِمَهَا لَهُ كَذَلِكَ هَذَا (إنْ صَدَّقَ) الشَّرِيكُ (الشُّهُودَ) فِي شَهَادَتِهِمْ (وَغَرَّمَهُ) أَيْ الْمُوسِرُ الْقِيمَةَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَذَّبَهُمْ وَلَمْ يَغْرَمْ الْمُوسِرُ الْقِيمَةَ   [حاشية الرملي الكبير] أَوْ عَلَّقَاهُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ كَدُخُولِ الْعَبْدِ الدَّارَ أَوْ وَكَّلَا وَكِيلًا فَأَعْتَقَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ [فَرْعٌ عَبْدٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّ الثَّالِثَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَكَانَ مُعْسِرًا] (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ بَعْدَ إعْتَاقِهِ نِصْفَ الْعَبْدِ إلَخْ) لِإِخْفَاءِ أَنَّ هَذَا عِنْدَ تَصْدِيقِهِ الْوَكِيلَ، أَمَّا لَوْ نَازَعَهُ وَقَالَ إنَّمَا أَرَدْت نَصِيبَك فَفِيهِ وَقْفَةٌ وَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَقَدْ يَظْهَرُ لِلْخِلَافِ فَائِدَةٌ فِيمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَرْهُونًا إمَّا جَمِيعَهُ أَوْ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا أَوْ كَانَ جَانِيًا غ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 445 (فَلَا) يَغْرَمُونَ لَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوسِرَ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا بَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِشَرِيكِهِ حِينَئِذٍ. (وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ بِعِتْقِ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ وَشَهِدَ آخَرَانِ بِعِتْقِ الْآخَرِ نَصِيبَهُ وَهُمَا مُوسِرَانِ، فَإِنْ أُرِّخَتَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ بِتَارِيخَيْنِ (عَتَقَ الْعَبْدُ كُلُّهُ) عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخْ بِتَارِيخَيْنِ عَتَقَ الْعَبْدُ كُلُّهُ (وَلَا تَقْوِيمَ) لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ سَبْقَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ وَبِتَقْدِيرِ السَّبَقِ لَا يُعْلَمُ السَّابِقُ مِنْهُمَا (فَلَوْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَلَى أَحَدِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا؛ لِأَنَّا لَا نَدْرِي أَنَّ الْعِتْقَ فِي النِّصْفِ) الَّذِي شَهِدَا بِهِ (حَصَلَ بِشَهَادَتِهِمَا أَمْ بِشَهَادَةِ الْآخَرَيْنِ بِالسِّرَايَةِ فَلَا نُوجِبُ شَيْئًا بِالشَّكِّ، وَإِنْ رَجَعَ الْجَمِيعُ) عَنْ شَهَادَتِهِمْ (غَرِمُوا جَمِيعًا قِيمَةَ الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ تَارِيخٌ فَالْحُكْمُ بِعِتْقِ الْعَبْدِ يَتَعَلَّقُ بِشَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ وَيُقَدَّرُ كَأَنَّ الْإِعْتَاقَيْنِ وَقَعَا مَعًا. (الْخَصِيصَةُ الثَّانِيَةُ الْعِتْقُ بِالْقَرَابَةِ لَا يَعْتِقُ) عَلَى الْحُرِّ (بِالْمِلْكِ إلَّا أَصْلٌ) وَإِنْ عَلَا (وَفَرْعٌ) وَإِنْ سَفَلَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» أَيْ بِالشِّرَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم: 92] الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا} [مريم: 88] الْآيَةَ دَلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْعَبْدِيَّةِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْقَرَابَةِ فَاسْتَوَى فِيهِ الْجَمِيعُ كَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَسَوَاءٌ الْمِلْكُ الْقَهْرِيُّ بِالْإِرْثِ وَالِاخْتِيَارِيُّ بِالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ عِتْقِ الْقَرِيبِ وَالسِّرَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا عِنْدَ الِاخْتِيَارِ بِأَنَّ الْعِتْقَ صِلَةٌ وَإِكْرَامٌ لِلْقَرِيبِ فَلَا يَسْتَدْعِي الِاخْتِيَارَ وَالسِّرَايَةُ تُوجِبُ التَّغْرِيمَ وَالْمُؤَاخَذَةَ وَذَلِكَ إنَّمَا يَلِيقُ بِحَالِ الِاخْتِيَارِ أَمَّا غَيْرُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعُ مِنْ سَائِرِ الْأَقَارِبِ فَلَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ لِانْتِفَاءِ الْبَعْضِيَّةِ عَنْهُ وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ» فَضَعِيفٌ بَلْ قَالَ النَّسَائِيّ إنَّهُ مُنْكَرٌ وَالتِّرْمِذِيُّ إنَّهُ خَطَأٌ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَسَائِلُ ذُكِرَتْ مُفَرَّقَةً فِي الْكِتَابِ مِنْهَا مَسَائِلُ الْمَرِيضِ (وَيَبْطُلُ شِرَاءُ وَلِيٍّ) مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (مَنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا يَعْتِقُ بِالْمِلْكِ إلَّا أَصْلٌ وَفَرْعٌ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ صُوَرًا: إحْدَاهَا: إذَا اشْتَرَاهُ وَأَلْزَمَ الْبَائِعَ الْبَيْعَ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِإِلْزَامِ الْبَائِعِ الْبَيْعَ فَيَبْقَى الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَيَمْلِكُ الْمَبِيعَ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا الْفَرْعِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَنْبَنِي ثُبُوتُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، فَإِنْ قُلْنَا لِلْبَائِعِ فَلَهُمَا الْخِيَارُ وَلَا يُحْكَمُ بِالْعِتْقِ حَتَّى يَمْضِيَ زَمَنُ الْخِيَارِ، وَإِنْ قُلْنَا مَوْقُوفٌ فَلَهُمَا الْخِيَارُ، وَإِذَا أَمْضَيْنَا الْعَقْدَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ عَتَقَ بِالشِّرَاءِ، وَإِنْ قُلْنَا لِلْمُشْتَرِي فَلَا خِيَارَ لَهُ وَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ حَتَّى يَمْضِيَ زَمَنُ الْخِيَارِ، ثُمَّ يُحْكَمُ يَوْمئِذٍ بِعِتْقِهِ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ وَحَكَى السُّبْكِيُّ فِي الْخِيَارِ عَنْ الْجُورِيُّ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ، وَإِنْ انْقَضَى الْخِيَارُ حَتَّى يُوَفِّيَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ الْحَبْسِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَرِثَهُ مَرْهُونًا. الثَّانِيَةُ: إذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ بَلْ يُكَاتَبُ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ. الثَّالِثَةُ: الْمُبَعَّضُ لَوْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْإِيمَانِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ بِالْإِعْتَاقِ لِتَضَمُّنِهِ الْوَلَاءَ وَالْإِرْثَ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ، ثُمَّ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمِلْكِ وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الْبَعْضِيَّةَ إذَا نَافَتْ الْمِلْكَ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِوُجُودِهِ مَعَ اقْتِرَانِهَا بِسَبَبِهِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ إذَا قَهَرَ مُسْلِمٌ قَرِيبَهُ الْحَرْبِيَّ لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ دَافِعَةٌ وَلِقُوَّةِ هَذَا السُّؤَالِ قَالَ الْغَزَالِيُّ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بَلْ يَنْدَفِعُ الْمِلْكُ بِمُوجَبِ الْعِتْقِ وَيَتَرَتَّبُ الْعِتْقُ عَلَى سَبَبِ الْمِلْكِ لَا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَاخْتَارَهُ هُوَ أَيْضًا فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ تَبَعًا لِأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَفِي آخِرِ النِّهَايَةِ إنَّمَا جَوَّزْنَا الشِّرَاءَ ذَرِيعَةً إلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ الرِّقِّ وَإِلَّا فَالْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الْمِلْكِ مَوْجُودٌ، وَقَوْلُهُ وَحَكَى السُّبْكِيُّ فِي الْخِيَارِ عَنْ الْجُورِيُّ إلَخْ وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَنْ يَجْزِيَ» إلَخْ) وَقَالَ تَعَالَى {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} [الإسراء: 24] وَلَا يَتَأَتَّى خَفْضُ الْجَنَاحِ مَعَ الِاسْتِرْقَاقِ (قَوْلُهُ فَيُعْتِقَهُ) ظَنَّ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِنَصْبِ فَيُعْتِقَهُ عَطْفًا عَلَى يَشْتَرِيَهُ فَيَكُونُ الْوَلَدُ هُوَ الْمُعْتِقُ وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ رَفْعُهُ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ تَقْدِيرُهُ فَيُعْتِقَهُ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ حَصَلَ الْعِتْقُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى لَفْظٍ، وَعَلَى النَّصْبِ يَنْعَكِسُ الْمَعْنَى وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَفِي أُخْرَى فَهُوَ حُرٌّ وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِعْتَاقِ التَّسَبُّبُ إلَيْهِ بِالشِّرَاءِ لَا نَفْسُ التَّلَفُّظِ بِهِ وَفِي الْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ وَجْهَانِ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدُ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ عَتَقَ، وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ هَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ؟ لَمْ أَرَهَا مَسْطُورَةً وَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهَا عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ هَلْ يُعْلَمُ أَوَّلًا؟ ، فَإِنْ قُلْنَا يُعْلَمُ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا ر (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ الْمِلْكُ الْقَهْرِيُّ إلَخْ) وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّهُ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ قَالَ النَّسَائِيّ إنَّهُ مُنْكَرٌ إلَخْ) وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهَمَ فِيهِ رَاوِيهِ، وَلَوْ صَحَّ فَحَقِيقَةُ الرَّحِمِ الِاخْتِصَاصُ بِالْوِلَادَةِ وَفِي غَيْرِهَا مَجَازٌ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَلَوْ سَلِمَ الشُّمُولُ فَنَخُصُّهُ بِالْقِيَاسِ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ قَرِيبٍ لَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ لَهُ لَا يَعْتِقُ بِالْمِلْكِ كَبَنِي الْأَعْمَامِ غ (قَوْلُهُ وَالتِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ خَطَأٌ) أَيْ وَابْنُ عَسَاكِرَ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَسَائِلُ إلَخْ) لَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَوْ وَرِثَ قَرِيبُهُ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا أَوْ فِي مَالِ قَرِيبِهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ أَوْ الَّذِي مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْوَارِثِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُوَفِّيَ مِنْ مَالِهِ دَيْنَ مُوَرِّثِهِ غ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَوْ قَالَ لِمَنْ يَمْلِكُ ابْنَهُ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ لَمْ يَعْتِقْ عَنْ السَّائِلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ السَّائِلِ كُنَّا نُمَلِّكُهُ الْعَبْدَ، ثُمَّ نَجْعَلُ الْمَسْئُولَ نَائِبًا عَنْهُ فِي الْإِعْتَاقِ وَهَا هُنَا يَحْتَاجُ إلَى تَقَدُّمِ الْمِلْكِيَّةِ فِي الْإِعْتَاقِ وَالْمِلْكُ يُوجِبُ الْعِتْقَ فَالتَّوْكِيلُ بَعْدَهُ بِالْإِعْتَاقِ لَا يَصِحُّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 446 يَعْتِقُ عَلَى مَوْلِيٍّ عَلَيْهِ) إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ إلَّا بِالْغِبْطَةِ (وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَ هِبَتَهُ) وَالْوَصِيَّةَ بِهِ (لَهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ) إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَيْهِ مَعَ حُصُولِ الْكَمَالِ، وَقَدْ يُوسِرُ فَيُنْفِقُ عَلَى الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُوسِرُ فَتَجِبُ النَّفَقَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْحَالُ (وَكَذَا) الْحُكْمُ إذَا كَانَ (مُوسِرًا إنْ لَمْ يَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ) فِي الْحَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَزِمَتْهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ لِإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَى مُوَلِّيهِ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِ (فَإِنْ أَبَى) الْوَلِيُّ الْقَبُولَ (قَبِلَهُ لَهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ أَبَى) الْحَاكِمُ (وَهِيَ وَصِيَّةٌ قَبِلَهَا هُوَ إذَا بَلَغَ) الْأَوْلَى إذَا كَمُلَ، نَعَمْ لَوْ أَبَى الْحَاكِمُ الْقَبُولَ عَنْ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ كَأَنْ رَأَى أَنَّ الْقَرِيبَ يَعْجِزُ عَنْ قُرْبٍ أَوْ أَنَّ حِرْفَتَهُ كَثِيرَةُ الْكَسَادِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيُشْبِهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْقَبُولُ بَعْدَ كَمَالِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَبَاهُ بِالْقَوْلِ دُونَ مَا إذَا سَكَتَ وَخَرَجَ بِالْوَصِيَّةِ الْهِبَةُ فَلَا يَقْبَلُهَا إذَا كَمُلَ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ إذَا تَرَاخَى فِيهَا بَطَلَ الْإِيجَابُ. (وَلَوْ وَهَبَ لَهُ) أَيْ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ (بَعْضَ أَصْلِهِ) أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ (وَهُوَ مُعْسِرٌ قَبِلَهُ) لَهُ (الْوَلِيُّ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ مَعَ حُصُولِ حُرِّيَّةِ الْبَعْضِ (أَوْ مُوسِرٌ فَلَا) لِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَ لَهُ لَعَتَقَ عَلَيْهِ وَسَرَى وَلَزِمَهُ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَفِيهِ إضْرَارٌ بِهِ وَخَالَفَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ فَصَحَّحَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَلَا يَسْرِي؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلسِّرَايَةِ الِاخْتِيَارُ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَتَرَكَ هُنَا مَسَائِلَ لِذِكْرِهِ لَهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ. (وَإِنْ جَرَحَ عَبْدٌ أَبَاهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْأَبُ فَمَاتَ مِنْ الْجُرْحِ عَتَقَ) مُعْتَبِرًا ثَمَنَهُ (مِنْ ثُلُثِهِ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ. (وَإِنْ قَالَ لِوَلَدِ عَبْدِهِ) الْحُرِّ (بِعْتُك أَبَاك فَأَنْكَرَ) ذَلِكَ (عَتَقَ الْأَبُ) بِإِقْرَارِ سَيِّدِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (الْخَصِيصَةُ الثَّالِثَةُ امْتِنَاعُ الْعِتْقِ بِالْمَرَضِ وَمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ مُسْتَغْرِقٌ عَتَقَ ثُلُثُهُ) لِأَنَّ الْعِتْقَ تَبَرُّعٌ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَصَايَا، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ وَصِيَّةٌ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا. نَعَمْ إنْ وَفَّى الدَّيْنُ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ عَتَقَ ثُلُثُهُ سَوَاءٌ أَوْفَاهُ لِوَارِثٍ أَمْ أَجْنَبِيٍّ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْوَارِثِ إذَا وَفَّاهُ وَلَمْ يَقْصِدْ فِدَاءَهُ لِيَبْقَى لَهُ وَخَرَجَ بِالْمُسْتَغْرِقِ غَيْرُهُ فَالْبَاقِي بَعْدَ الدَّيْنِ كَأَنَّهُ كُلُّ الْمَالِ فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ (فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ) الَّذِي عَتَقَ ثُلُثُهُ (قَبْلَهُ مَاتَ رَقِيقًا) لِأَنَّ مَا يَعْتِقُ يَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ لِوَرَثَةِ مِثْلَاهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ هُنَا شَيْءٌ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الصَّيْدَلَانِيِّ وَقَطَعَ بِهِ غَيْرُهُ مَعَ نَقْلِهِ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ يَمُوتُ حُرًّا وَثَانِيهِمَا يَمُوتُ ثُلُثُهُ حُرًّا وَبَاقِيهِ رَقِيقًا لَكِنَّهُ نَقَلَ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْأُسْتَاذِ أَنَّهُ يَمُوتُ حُرًّا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ عِتْقِهِ فِي الصِّحَّةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ قَالَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ مَوْلِيٍّ عَلَيْهِ) أَيْ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى مِثَالِ مَقْضِيٍّ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَرَأَيْت الْفُقَهَاءَ يُحَرِّفُونَهُ غ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ فِي الْحَالِ) كَأَنْ كَانَ جَدُّهُ وَابْنُهُ مُوسِرٌ أَوْ كَانَ كَاسِبًا مَا يَفِي بِمُؤْنَتِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيُشْبِهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَخَالَفَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ إلَخْ) وَتَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ . (قَوْلُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْعِبَارَةُ الْوَافِيَةُ بِالْمَقْصُودِ أَنْ يُقَالَ عَتَقَ كُلُّهُ الْآنَ بِمُقْتَضَى الظَّاهِرِ وَلَكِنْ لَا يَنْفُذُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِغَيْرِ إجَازَةٍ إلَّا مَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَفَائِدَةُ الْعِتْقِ ظَاهِرًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ أَمَةً جَازَ لِقَرِيبِهَا تَزْوِيجُهَا قَبْلَ وَفَاةِ مُعْتِقِهَا فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ نَفَّذْنَا الْعِتْقَ مَضَى النِّكَاحُ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَإِنْ رَدَّ الْوَرَثَةُ أَوْ أَجَازُوا وَقُلْنَا الْإِجَازَةُ عَطِيَّةٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ فَسَادَ النِّكَاحِ وَإِلَّا بَانَ صِحَّتُهُ قَالَ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعِتْقُ عَبْدًا وَتَزَوَّجَ مُسْتَقِلًّا صَحَّ تَزَوُّجُهُ ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ أَعْتَقَهُ عَنْ عِتْقٍ وَاجِبٍ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ وَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ الَّذِي وَلَدَتْهُ بَعْدَ نُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَهَذَا لَهُ حُكْمُ الْأُمِّ، فَإِذَا أَعْتَقَهُ عَتَقَ كُلُّهُ الْآنَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَدَرَتْ فِي الصِّحَّةِ فَهَذَا يُخَيَّرُ، فَإِنْ اخْتَارَ الْعَجْزَ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَرُقَّ ثُلُثَاهُ، وَإِنْ اخْتَارَ بَقَاءَ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ كَانَتْ النُّجُومُ مِثْلَ الْقِيمَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَعْتِقُ ثُلُثُهُ وَتَبْقَى الْكِتَابَةُ فِي ثُلُثَيْهِ، وَإِنْ تَفَاوَتَا اُعْتُبِرَ خُرُوجُ الْأَقَلِّ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ) أَيْ وَلَمْ يُبْرِئْ الْغُرَمَاءُ الْمَيِّتَ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُ مَا إذَا أَبْرَأ أَصْحَابُ الدَّيْنِ مِنْ دَيْنِهِمْ أَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ وَاجِبٍ كَكَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ أَعْتَقَ الْمَنْذُورَ إعْتَاقُهُ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ وَفَّى الدَّيْنُ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْمُسْتَغْرِقِ غَيْرُهُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا عَتَقَ مِنْهُ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَهُ الْوَارِثُ، وَإِنْ أَبْرَأ الْغُرَمَاءُ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَحْتَاجُ فِي الرَّائِدِ إلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ، فَإِنْ لَمْ يُبَرِّئُوا وَلَكِنْ قَالُوا نُجِيزُ مَا فَعَلَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْإِجَازَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ وَيَكُونَ تَنْفِيذًا وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ ع (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الصَّيْدَلَانِيِّ) وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَرْجِيحَهُ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَمُوتُ حُرًّا) قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالْأَوَّلُ مِنْ تَخْرِيجِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَيُوَافِقُ مَوْتُهُ حُرًّا مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْتِ الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ فِي يَدِ الْمُتَّهَبِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ الْمَرِيضِ بِلَا مَالٍ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ضَمَانُهُ عَلَى الْمُتَّهَبِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ بُطْلَانُ الْهِبَةِ 1 - (تَنْبِيهٌ) سُئِلَ الْعَبَّادِيُّ عَمَّنْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ فَقَالَ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ ثَالِثًا أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ قَالَ عَتَقَ الْكُلُّ قَالَ وَلَوْ قَالَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ حُرٌّ قَالَهُ ثَلَاثًا لَا يَعْتِقُ إلَّا وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَحَدُ عَبِيدِي يَنْصَرِفُ إلَى الْمِلْكِ، وَقَوْلَهُ أَحَدُ هَؤُلَاءِ لَا يَتَعَيَّنُ فِي الرَّقِيقِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَحُرٌّ أَحَدُكُمَا حُرٌّ يَنْصَرِفُ إلَى الْحُرِّ وَسُئِلَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ عَنْهُ فَقَالَ لَا يَعْتِقُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَانِيًا أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لَهُ عَبِيدٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا عَبْدَانِ قِيلَ لَهُ رَجُلٌ قَالَ عَبِيدِي أَحْرَارٌ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا عَبْدٌ وَاحِدٌ قَالَ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْعَبِيدِ لَا يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ قُلْت وَفِيمَا قَالَهُ الْقَاضِي نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ الْجَوَابُ فِيمَا أَفْتَى بِهِ الْعَبَّادِيُّ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ الْقَاضِي وَفِيمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِيمَا إذَا قَالَ عَبِيدِي أَحْرَارٌ وَلَهُ عَبْدٌ وَاحِدٌ لَا يَعْتِقُ وَقْفَةٌ لِلْفَقِيهِ غ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 447 الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ أَنَّ أَبَا سَهْلٍ الْأَبِيوَرْدِيَّ نَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ انْتَهَى وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَمُوتُ ثُلُثُهُ حُرًّا وَبَاقِيهِ رَقِيقًا كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَهُ قَالَ وَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَعَلَى هَذَا) أَيْ الْقَوْلِ بِمَوْتِهِ رَقِيقًا (لَوْ وَهَبَ مَرِيضٌ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ) وَأَقْبَضَهُ (فَمَاتَ فِي يَدِ الْمُتَّهَبِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ مَاتَ عَلَى مِلْكِ الْوَاهِبِ فَعَلَيْهِ تَجْهِيزُهُ) وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَمُوتُ عَلَى مِلْكِ الْمُتَّهَبِ فَعَلَيْهِ تَجْهِيزُهُ وَعَلَى الثَّالِثِ تُوَزَّعُ مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ عَلَيْهِمَا. (وَلَوْ أَعْتَقَ أَوْ وَهَبَ مَرِيضٌ عَبْدًا) وَأَقْبَضَهُ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَهُ مَالٌ آخَرُ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَهُ لَمْ يُحْسَبْ مِنْ الثُّلُثِ) وَلَمْ يُزَاحِمْ أَرْبَابَ الْوَصَايَا وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِالْمَوْتِ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إلَى الْمَوْتِ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْحِسَابِ (وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْمُتَّهَبُ) فِيمَا ذُكِرَ (حُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ) كَمَا لَوْ كَانَ بَاقِيًا (فَإِنْ لَمْ يَسَعْهُ الثُّلُثُ غَرِمَ الْمُتَّهَبُ) لِلْوَرَثَةِ (الزَّائِدَ) عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَيْسَتْ مُضَمَّنَةٌ بِخِلَافِ الْإِتْلَافِ. (وَلَوْ أَعْتَقَ مَرِيضٌ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ) دَفْعَةً (قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَهُ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ خَرَجَتْ أَوَّلًا الْحُرِّيَّةُ لِلْمَيِّتِ عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا وَرُقَّ الْآخَرَانِ أَوْ) خَرَجَ لَهُ (الرِّقُّ لَغَا) فَلَا يُحْسَبُ عَلَى الْوَرَثَةِ مَعَ أَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْبِضُوهُ بِخِلَافِ الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ الثَّوَابَ (وَأَقْرَعَ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ) كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا عَبْدَانِ فَأَعْتَقَهُمَا (فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ) بِالْحُرِّيَّةِ (عَتَقَ ثُلُثَاهُ) وَرُقَّ ثُلُثُهُ مَعَ الْعَبْدِ الْآخَرِ (وَإِنْ خَرَجَتْ الْحُرِّيَّةُ أَوَّلًا لِحَيٍّ) مِنْ الْآخَرَيْنِ (عَتَقَ ثُلُثُهُ) أَيْضًا وَكَانَ الْحَيَّيْنِ كُلَّ التَّرِكَةِ (وَكَذَا) يُحْكَمُ (لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَبْلَ قَبْضِ الْوَرَثَةِ التَّرِكَةَ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ قَبْضِهِمْ) لَهَا (وَقَبْلَ الْقُرْعَةِ حُسِبَ) الْمَيِّتُ (عَلَيْهِمْ) لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِمْ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ الْحُرِّيَّةُ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ كُلُّهُ (وَإِنْ مَاتَ اثْنَانِ مِنْهُمْ قَبْلَهُ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ خَرَجَتْ) الْحُرِّيَّةُ (عَلَى مَيِّتٍ) مِنْهُمَا (عَتَقَ نِصْفُهُ) وَجُعِلَ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ وَهُوَ الْعَبْدُ الْحَيُّ (وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ الرِّقُّ أُعِيدَتْ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ (فَإِنْ قَرَعَ الْمَيِّتُ) الْآخَرُ بِأَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ (عَتَقَ نِصْفُهُ وَالْعِتْقُ ثُلُثُ الْحَيِّ) وَلَمْ يُحْسَبْ الْمَيِّتُ عَلَى الْوَرَثَةِ (وَإِنْ قُتِلَ الْعَبْدُ) أَيُّ عَبْدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَهُ (فَقِيمَتُهُ قَائِمَةٌ مَقَامَهُ) فَيَدْخُلُ هُوَ فِي الْقُرْعَةِ (وَإِذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ بِحُرِّيَّةِ الْقَتِيلِ فَفِيهِ دِيَتُهُ) لِلْوَرَثَةِ لِتَبَيُّنِ حُرِّيَّتِهِ (لَا قِصَاصَ إنْ قَتَلَهُ حُرٌّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ) لِعَبْدِهِ (إنْ قَتَلَك أَحَدٌ فَأَنْت حُرٌّ قَبْلَهُ) فَقَتَلَهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ مُتَعَيِّنَةٌ فِيهِ وَفِي الْأُولَى التَّعَيُّنُ بِالْقُرْعَةِ، وَإِنْ خَرَجَتْ بِحُرِّيَّةِ أَحَدِ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ كُلُّهُ وَلِلْوَرَثَةِ الْآخَرُ وَقِيمَةُ الْقَتِيلِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ مَا لَوْ مَلَكَ غَيْرَهُمْ فَيُعْتِقُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ. (الْخَصِيصَةُ الرَّابِعَةُ الْقُرْعَةُ) سَقَطَ مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ وَفِيهَا طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي مَحَلِّهَا بِقَرِينَةِ ذِكْرِهِ الثَّانِي بَعْدُ (فَإِذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبِيدًا وَضَاقَ الثُّلُثُ) مِنْهُمْ (وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ) عِتْقَهُمْ (فَإِنْ أَعْتَقَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً) كَأَنْ قَالَ لَهُمْ أَعْتَقْتُكُمْ أَوْ أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ وَكَّلَ بِإِعْتَاقِ كُلٍّ مِنْهُمْ وَكِيلًا فَأُعْتِقُوا مَعًا (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ لِتَجْتَمِعَ الْحُرِّيَّةُ فِي بَعْضِهِمْ فَيَعْتِقُ بِكَمَالِهِ أَوْ يَقْرَبُ مِنْ الْعِتْقِ (أَوْ) أَعْتَقَهُمْ (مُرَتِّبًا كَقَوْلِهِ سَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ وَخَالِدٌ حُرٌّ قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ) إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ (وَإِنْ قَالَ سَالِمٌ وَغَانِمٌ وَخَالِدٌ أَحْرَارٌ أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ (أَوْ حُرٌّ فَكَذَلِكَ إلَّا إنْ أَرَادَ الْأَخِيرَ مِنْهُمْ) فَلَا يَقْرَعُ بَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ (لَا) إنْ أَرَادَ (غَيْرَهُ) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ بَلْ يَقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَمِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ فِيهَا مُتَدَافِعٌ، وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ لَا غَيْرَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا إذَا أَعْتَقَهُمْ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَضِقْ الثُّلُثُ أَوْ ضَاقَ وَأَجَازَ الْوَرَثَةُ فَيَعْتِقُونَ جَمِيعًا وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْوَصَايَا. (وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُمْ بِالْمَوْتِ) كَأَنْ قَالَ إذَا مِتّ فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ أَعْتَقْتُكُمْ بَعْدَ مَوْتِي (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (مُطْلَقًا) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ رَتَّبَ التَّعْلِيقَ) كَأَنْ قَالَ إذَا مِتُّ فَسَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ حُرٌّ وَخَالِدٌ حُرٌّ فَيَقْرَعُ بَيْنَهُمْ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي وَقْتِ نَفَاذِ عِتْقِهِمْ كَمَا مَرَّ فِي الْوَصَايَا (وَإِنْ أَعْتَقَ ثُلُثَ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ كَأَنْ قَالَ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْكُمْ حُرٌّ أَوْ أَثْلَاثُكُمْ أَحْرَارٌ (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ وَلَا يَقْتَصِرُ الْعِتْقُ عَلَى ثُلُثِ كُلٍّ مِنْهُمْ حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ فِي عَبْدِهِ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ بَعْضِهِ كَإِعْتَاقِ كُلِّهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكُمْ وَهَذِهِ قَدَّمَهَا كَأَصْلِهِ فِي الْوَصَايَا (وَإِنْ قَالَ إنْ مِتُّ فَسَالِمٌ حُرٌّ، وَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَغَانِمٌ حُرٌّ) فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا (لِعَجْزِ الثُّلُثِ) أَيْ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ عِتْقِهِمَا (فَإِنْ بَرِئَ مِنْهُ وَمَاتَ)   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إلَخْ) وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لِلْعَبْدِ وَلَدٌ مِنْ عَتِيقَةٍ فَعَلَى الثَّانِي يَنْجَرُّ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ وَعَلَى الثَّالِثِ يَنْجَرُّ وَلَاءُ ثُلُثِهِ (الْخَصِيصَةُ الرَّابِعَةُ) (قَوْلُهُ سَقَطَ مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَقْرَعَ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْمُرَادُ فَجَزَّأَهُمْ عَلَى عِبْرَةِ الْقِيمَةِ فَلَمَّا اسْتَوَتْ خَرَجَ عَدَدُ الرُّءُوسِ عَلَى مُسَاوَاةِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ لَا غَيْرَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ) هُوَ مَفْهُومٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 448 بَعْدَهُ (فَسَالِمٌ) حُرٌّ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ الْمُقَيَّدُ (أَوْ قَالَ إنْ أَعْتَقْت غَانِمًا فَسَالِمٌ حُرٌّ فَأَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَوَسِعَهُمَا الثُّلُثُ عَتَقَا وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَسَعْ إلَّا أَحَدَهُمَا (فَغَانِمٌ) يَعْتِقُ بِلَا قُرْعَةٍ؛ لِأَنَّا لَوْ أَقْرَعْنَا رُبَّمَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ بِالْحُرِّيَّةِ عَلَى سَالِمٍ فَيَلْزَمُ إرْقَاقُ غَانِمٍ فَيَفُوتُ شَرْطُ عِتْقِ سَالِمٍ (وَكَذَا) يَعْتِقُ غَانِمٌ بِلَا قُرْعَةٍ (لَوْ قَالَ) إنْ أَعْتَقْت غَانِمًا (فَسَالِمٌ حُرٌّ حَالَ عِتْقِ غَانِمٍ) ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِهِ (وَإِنْ عَلَّقَ بِعِتْقِهِ) أَيْ غَانِمٍ (عِتْقَ اثْنَيْنِ وَاتَّسَعَ الثُّلُثُ) لِعِتْقِهِمْ (عَتَقُوا وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّسِعْ إلَّا لِعِتْقِ أَحَدِهِمْ عَتَقَ غَانِمٌ وَلَا قُرْعَةَ (فَإِنْ فَضَلَ) مِنْهُ (شَيْءٌ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ كُلُّهُ إنْ خَرَجَ كُلُّهُ، وَبَعْضُهُ إنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بَعْضُهُ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ أَحَدُهُمَا وَبَعْضُ الْآخَرِ عَتَقَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَعَتَقَ مِنْ الْآخَرِ بَعْضُهُ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إنْ مِتُّ إلَى هُنَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَصَايَا مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَهُ فِي ذِكْرِ بَعْضِهِ ثَمَّ. (فَرْعٌ يُعْتَبَرُ لِمَعْرِفَةِ الثُّلُثِ فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ) أَيْ قِيمَتِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاسْتِحْقَاقِ (وَفِيمَنْ نَجَّزَ عِتْقَهُ فِي الْمَرَضِ يَوْمَ الْعِتْقِ) أَيْ قِيمَتُهُ فِيهِ كَذَلِكَ (وَفِيمَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْ) يَوْمِ (الْمَوْتِ إلَى أَنْ يَقْبِضُوا التَّرِكَةَ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْمَوْتِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِمْ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِمْ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِمْ كَاَلَّذِي يُغْصَبُ أَوْ يَضِيعُ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضُوهُ (فَإِذَا أَعْتَقَ) عَبْدًا عِتْقًا (مُنَجَّزًا وَأَوْصَى بِعِتْقِ آخَرَ قَوَّمْنَا كُلًّا) مِنْهُمَا (وَقْتَهُ) فَيُقَوَّمُ الْمُنَجَّزُ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ وَالْآخَرُ وَقْتَ الْمَوْتِ وَيُقَوَّمُ مَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ بِأَقَلَّ قِيمَةٍ مِنْ الْمَوْتِ إلَى الْقَبْضِ (فَإِنْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَا وَإِلَّا فَالْمُنَجَّزُ) إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ (أَوْ مَا خَرَجَ مِنْهُ) إنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إلَّا قَدْرُهُ (فَإِنْ زَادَ الثُّلُثُ عَلَى الْمُنَجَّزِ عَتَقَ) مَعَ الْمُنَجَّزِ (مِنْ الْآخَرِ الزَّائِدُ) . (وَلَوْ قَالَ) الْمَرِيضُ (أَحَدُ هَؤُلَاءِ حُرٌّ وَأَوْصَى بِإِعْتَاقِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) بِأَنْ قَالَ أَعْتِقُوا أَحَدَهُمْ (أَقْرَعَ بَيْنَ التَّرِكَةِ وَالثُّلُثِ) أَيْ مَيَّزَ الثُّلُثَ بِالْقُرْعَةِ لِتَعَذُّرِ التَّقْوِيمِ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ (ثُمَّ بَيْنَ الْمُنَجَّزِ وَالْآخَرِ) لِيَتَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَيَكُونَانِ كَمَا لَوْ عَيَّنَا ابْتِدَاءً، وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ، وَقِيلَ يَكْتُبُ رُقْعَةً لِلْعِتْقِ وَأُخْرَى لِلْوَصِيَّةِ وَرُقْعَتَانِ لِلتَّرِكَةِ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ الْعِتْقُ أَوْ الْوَصِيَّةُ فَكَأَنَّهُ عَيَّنَهُ لِذَلِكَ، وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ أَوْضَحُ مِنْ الْأَوَّلِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ أَوَّلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ، ثُمَّ نَقَلَ الْأَوَّلَ عَنْ الشَّامِلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جَائِزٌ، وَإِنْ أَوْهَمَ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ خِلَافَهُ. (فَرْعٌ مَنْ نَجَّزَ عِتْقَهُ) مَعَ غَيْرِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (وَأَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ حُكِمَ بِعِتْقِهِ مِنْ يَوْمِ عَتَقَ) لَا مِنْ يَوْمِ الْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهَا مُبَيِّنَةٌ لِلْعِتْقِ لَا مُثْبِتَةٌ لَهُ (وَكَسْبُهُ) الَّذِي كَسَبَهُ مِنْ يَوْمِ عِتْقِهِ (لَهُ) فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ سَوَاءٌ أَكَسَبَهُ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ أَمْ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهِ (وَمَنْ رُقَّ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْمُنَجَّزِ عِتْقُهُمْ (فَكَسْبُهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ يُحْسَبُ) مَعَهُ (عَلَى الْوَارِثِ مِنْ الثُّلُثَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (لَا) كَسَبَهُ (بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَوْ قَبْلَ الْقُرْعَةِ) فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ (لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ) أَيْ حَدَثَ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ بِيعَ فِيهِ وَالْكَسْبُ لِلْوَارِثِ لَا يَقْضِي مِنْهُ. (فَلَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ مَعًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةٌ فَكَسَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ مِائَةً) وَلَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ (أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ) وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ مَعًا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ خَرَجَتْ الْحُرِّيَّةُ) أَيْ قُرْعَتُهَا (لِلْكَاسِبِ عَتَقَ وَفَازَ بِكَسْبِهِ) وَرُقَّ الْآخَرَانِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ حِينَئِذٍ ثَلَثُمِائَةٍ وَثُلُثُهُ مِائَةٌ (أَوْ) خَرَجَتْ (لِغَيْرِهِ) مِنْ الْآخَرَيْنِ (عَتَقَ، ثُمَّ يُقْرَعُ) ثَانِيًا (لِاسْتِكْمَالِ الثُّلُثِ بَيْنَ الْآخَرِ وَالْكَاسِبِ) لِزِيَادَةِ الْمَالِ حِينَئِذٍ عَلَى ثَلَثِمِائَةٍ لِدُخُولِ الْكَسْبِ أَوْ بَعْضِهِ فِيهِ (فَإِنْ خَرَجَتْ) قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ الثَّانِيَةِ (لِلْآخَرِ عَتَقَ ثُلُثُهُ) لِكَوْنِ الْمَالِ حِينَئِذٍ أَرْبَعَمِائَةٍ وَيَكُونُ ثُلُثًا وَالْكَاسِبُ وَكَسْبُهُ لِلْوَرَثَةِ وَلَا دَوْرَ (وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْكَاسِبِ حَصَلَ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ يَتَوَزَّعُ عَلَى مَا عَتَقَ) مِنْهُ (وَ) عَلَى (مَا رُقَّ) وَلَا يَحْسِبُ عَلَيْهِ حِصَّةَ مَا عَتَقَ وَتَزِيدُ التَّرِكَةُ بِحِصَّةِ مَا رُقَّ فَتَزِيدُ حِصَّةُ مَا عَتَقَ فَتَنْقُصُ حِصَّةُ التَّرِكَةِ فَعُلِمَ أَنَّ مَعْرِفَةَ مَا يَعْتِقُ مِنْهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا يَبْقَى مِنْ كَسْبِهِ لِلْوَرَثَةِ وَمَعْرِفَةُ مَا يَبْقَى مِنْ ذَلِكَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا يَعْتِقُ مِنْهُ. وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِهِ أَنْ يَقُولَ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَتَبِعَهُ مِثْلُهُ مِنْ كَسْبِهِ فَيَخْرُجُ مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ مِائَةٌ بِالْقُرْعَةِ الْأُولَى وَشَيْئَانِ بِالثَّانِيَةِ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثَلَثُمِائَةٍ إلَّا شَيْئَيْنِ وَمَا عَتَقَ مِائَةٌ وَشَيْءٌ إذْ لَيْسَ الشَّيْءُ الثَّانِي مِمَّا عَتَقَ بَلْ تَابِعٌ لَهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مِثْلَا مَا عَتَقَ فَثَلَثُمِائَةِ إلَّا شَيْئَيْنِ تَعْدِلُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جَائِزٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَرْعٌ مَنْ نَجَّزَ عِتْقَهُ مَعَ غَيْرِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَأَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ] . (قَوْلُهُ حُكِمَ بِعِتْقِهِ مِنْ يَوْمِ عَتَقَ) وَهَذَا كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ إذَا عَيَّنَهُ فِي وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ مِنْ اللَّفْظِ لَا مِنْ حِينِ الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ عَلَى الْأَصَحِّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 449 مِثْلَيْ مَا عَتَقَ وَهُوَ عَبْدٌ وَشَيْءٌ مِنْ عَبْدٍ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَشَيْئَانِ فَأُجْبِرَ وَقَابَلَ ثَلَثَمِائَةٍ تَعْدِلُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ فَأَسْقَطَ مِائَتَيْنِ بِمِائَتَيْنِ تَبْقَى مِائَةٌ تَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ فَالشَّيْءُ رُبُعُ الْمِائَةِ، (فَالْحُكْمُ أَنْ يَعْتِقَ مِنْهُ رُبُعُهُ وَيَتْبَعَهُ رُبُعُ كَسْبِهِ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَسْبِهِ وَالْعَبْدُ الْآخَرُ وَذَلِكَ) مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَهُوَ (ضِعْفُ مَا عَتَقَ، وَلَوْ اكْتَسَبَ أَحَدُهُمْ مِائَتَيْنِ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ الثَّانِيَةُ لِغَيْرِ الْكَاسِبِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَالْكَاسِبُ وَكَسْبُهُ لِلْوَرَثَةِ) وَذَلِكَ ضِعْفُ مَا عَتَقَ. (وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْكَاسِبِ) فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَتَبِعَهُ مِنْ كَسْبِهِ مِثْلَاهُ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ مِثْلَا قِيمَتِهِ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعُمِائَةٍ إلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا عَتَقَ وَهُوَ مِائَةٌ وَشَيْءٌ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَشَيْئَانِ فَأُجْبِرَ وَقَابَلَ تَكُنْ أَرْبَعُمِائَةٍ تَعْدِلُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسَةَ أَشْيَاءَ فَأَسْقَطَ مِائَتَيْنِ بِمِائَتَيْنِ يَبْقَى مِائَتَانِ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ فَالشَّيْءُ خُمُسُ الْمِائَتَيْنِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ فَقَدْ (عَتَقَ) مِنْ الْكَاسِبِ (خُمُسَاهُ وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ وَتَبِعَهُ خُمُسًا كَسْبِهِ وَذَلِكَ ثَمَانُونَ فَاَلَّذِي عَتَقَ مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ وَذَلِكَ سِتُّونَ وَالْعَبْدُ) الْآخَرُ (وَبَاقِي الْكَسْبِ) وَهُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ (وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَثَمَانُونَ) وَهِيَ (مِثْلَا مَا عَتَقَ وَ) أَمَّا (مَنْ كَسَبَ) مِنْهُمْ (بَعْدَ الْمَوْتِ شَيْئًا فَكَسْبُهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ) مِنْ الثُّلُثِ (فَإِنْ عَتَقَ فَازَ بِهِ) كَمَا لَوْ كَسَبَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ (وَإِنْ رُقَّ فَازَ بِهِ الْوَرَثَةُ) فَلَوْ كَسَبَ أَحَدُهُمْ مِائَةً وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ عَتَقَ وَتَبِعَهُ كَسْبُهُ غَيْرَ مَحْسُوبٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِهِ عَتَقَ وَرُقَّ الْآخَرَانِ وَلَا تُعَادُ الْقُرْعَةُ لِلْكَسْبِ بَلْ تَفُوزُ بِهِ الْوَرَثَةُ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهِمْ. (وَكَسْبُ مَنْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ) مِلْكٌ (لِلْمُوصِي) تَزِيدُ بِهِ التَّرِكَةُ (وَبَعْدَ الْمَوْتِ) مِلْكٌ (لِلْعَبْدِ) لَا تَزِيدُ بِهِ التَّرِكَةُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْعِتْقَ بِمَوْتِ الْمُوصِي اسْتِحْقَاقًا مُسْتَقِرًّا. (وَزِيَادَةُ قِيمَةِ مَنْ نَجَّزَ عِتْقَهُ كَكَسْبِهِ) فَمَنْ عَتَقَ تَبِعَتْهُ الزِّيَادَةُ غَيْرَ مَحْسُوبَةٍ عَلَيْهِ (وَكَذَا وَلَدُ الْعَتِيقَةِ) كَالْكَسْبِ فَلَوْ كَانَ فِيمَنْ أَعْتَقَهُمْ أَمَةٌ فَوَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهَا عَتَقَتْ وَتَبِعَهَا الْوَلَدُ غَيْرَ مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ مَنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ أَوْ وَلَدَتْ وَقَعَ الدَّوْرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مَعَ زِيَادَةٍ مَعْلُومَةٍ مِمَّا مَرَّ. (وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ لِأَمَتِهِ الْحَامِلِ أَنْت حُرَّةٌ أَوْ مَا فِي بَطْنِك) حُرٌّ (فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) وَقْتِ (الْإِعْتَاقِ وَمَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ) لِأَحَدِهِمَا (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَلَدِ، فَإِنْ خَرَجَتْ) قُرْعَةُ الْعِتْقِ لَهُ (عَتَقَ) جَمِيعُهُ (أَوْ مَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ) مِنْهُ وَلَمْ يَعْتِقْ مِنْ الْأُمِّ شَيْءٌ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (خَرَجَتْ الْأُمُّ عَتَقَتْ وَتَبِعَهَا الْوَلَدُ) إنْ وَفَّى بِهِمَا الثُّلُثُ (فَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ) عَنْهُمَا (عَتَقَ مِنْهُمَا شَيْءٌ) وَتَبِعَهَا (مِنْ الْوَلَدِ شَيْءٌ وَحَصَلَ الدَّوْرُ) بِمَا تَقَرَّرَ فِي كَسْبِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ كَالْكَسْبِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً فَقُلْ عَتَقَ مِنْهَا شَيْءٌ وَتَبِعَهَا مِنْ الْوَلَدِ شَيْءٌ غَيْرَ مَحْسُوبٍ عَلَيْهَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ رَقِيقَانِ إلَّا شَيْئَيْنِ وَذَلِكَ يَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا عَتَقَ وَهُوَ شَيْءٌ وَذَلِكَ شَيْئَانِ فَأُجْبِرَ وَقَابَلَ يَكُنْ رَقِيقَانِ يَعْدِلَانِ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ فَالشَّيْءُ نِصْفٌ فَيَعْتِقُ مِنْهَا نِصْفُهَا وَيَتْبَعُهَا نِصْفُ الْوَلَدِ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ نِصْفَاهُمَا وَذَلِكَ مِثْلَا مَا عَتَقَ (وَيُقَوَّمُ وَلَدُهَا يَوْمَ الْوِلَادَةِ) إذْ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ قَبْلَهُ (وَلَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) وَقْتِ (الْمَوْتِ فَالْوَلَدُ كَكَسْبٍ) حَصَلَ (بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَعْتَقَ مَعَهَا غَيْرَهَا وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهَا عَتَقَتْ وَتَبِعَهَا الْوَلَدُ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ مَا عَتَقَ وَلَا تُعَادُ الْقُرْعَةُ لِلْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ (أَوْ) وَلَدَتْ (قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ الْمَوْتِ (حُسِبَ) الْوَلَدُ (عَلَى الْوَرَثَةِ) حَتَّى تُعَادَ الْقُرْعَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ (وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ وَاحِدٍ مِمَّنْ نَجَّزَ عِتْقَهُمْ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَإِنْ نَقَصَ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ وَحُسِبَ النَّقْصُ عَلَى الْوَرَثَةِ) الْوَجْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَنْ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِعِتْقِهِ مِنْ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ (أَوْ) نَقَصَ (مِنْ رِقٍّ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْوَرَثَةِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ إلَّا النَّاقِصُ. (فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَعَادَتْ) أَيْ صَارَتْ (خَمْسِينَ عَتَقَ خُمُسُهُ) فَقَطْ (لِأَنَّ قِيمَةَ الْخُمُسِ كَانَتْ عِشْرِينَ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعُونَ) وَطَرِيقُهُ أَنْ يُقَالَ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَعَادَ إلَى نِصْفِ شَيْءٍ فَيَبْقَى خَمْسُونَ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا عَتَقَ وَهُوَ شَيْءٌ وَذَلِكَ شَيْئَانِ فَأُجْبِرَ وَقَابَلَ يَكُنْ خَمْسُونَ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ خُمُسٌ فَيَعْتِقُ مِنْهُ خُمُسُهُ، وَقَدْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ عِشْرِينَ فَعَادَتْ إلَى عَشَرَةٍ وَبَقِيَ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْمَوْتِ أَرْبَعُونَ وَهِيَ مِثْلَا مَا عَتَقَ. (وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ مِائَةٌ فَعَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ) أَيْ صَارَتْ (خَمْسِينَ، فَإِنْ قَرَعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ قُرْعَةُ الْعِتْقِ (عَتَقَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ الْوَجْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ عَلَيْهِ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 450 وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ مِائَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ضِعْفُهَا (وَإِنْ قَرَعَ غَيْرُهُ عَتَقَ مِنْهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ يَبْقَى لِلْوَارِثِ سُدُسُهُ وَالْعَبْدُ الْآخَرُ وَالنَّاقِصُ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ) وَهِيَ (ضِعْفُ مَا عَتَقَ؛ لِأَنَّ الْمَحْسُوبَ عَلَى الْوَرَثَةِ الْبَاقِي بَعْدَ النَّقْصِ وَهُوَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ) . (وَإِنْ كَانَا) أَيْ عَتِيقَاهُ (عَبْدَيْنِ) لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمَا وَقِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةٌ (وَنَقَصَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (خَمْسِينَ فَقَرَعَ الْآخَرُ عَتَقَ نِصْفُهُ وَبَقِيَ) لِلْوَرَثَةِ (نِصْفُهُ مَعَ الْعَبْدِ النَّاقِصِ وَهُمَا ضِعْفُ مَا عَتَقَ أَوْ) قَرَعَ (النَّاقِصُ حَصَلَ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّا نَحْتَاجُ إلَى إعْتَاقِ بَعْضِهِ مُعْتَبَرًا بِيَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَإِلَى إبْقَاءِ ضِعْفِهِ لِلْوَرَثَةِ مُعْتَبَرًا بِيَوْمِ الْمَوْتِ) وَطَرِيقُهُ أَنْ يُقَالَ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَعَادَ إلَى نِصْفِهِ فَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ ضِعْفَ مَا عَتَقَ وَهُوَ شَيْءٌ وَذَلِكَ شَيْئَانِ فَأُجْبِرَ وَقَابَلَ يَكُنْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ، فَالشَّيْءُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ كَمَا قَالَ (وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ) مِنْهُ (ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ) سِتُّونَ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ (وَيَبْقَى خُمُسَاهُ) عِشْرُونَ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ (مَعَ) الْعَبْدِ (الْآخَرِ لِلْوَرَثَةِ) وَذَلِكَ ضِعْفُ السِّتِّينَ (وَإِنْ حَصَلَ النَّقْصُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْإِقْرَاعِ لَمْ يُحْسَبْ عَلَى الْوَارِثِ) كَمَا قَبْلَ الْمَوْتِ (إلَّا إنْ كَانَ قَدْ قَبَضَهُ) . (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْقُرْعَةِ وَهِيَ أَنْ تُكْتَبَ الْأَسْمَاءُ) أَيْ أَسْمَاءُ الْأَرِقَّاءِ (فِي رِقَاعٍ، ثُمَّ تُخْرَجُ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ أَوْ يُكْتَبَانِ) أَيْ الرِّقُّ وَالْحُرِّيَّةُ (فِي الرِّقَاعِ وَتُخْرَجُ عَلَى الْأَسْمَاءِ) وَالْكَيْفِيَّةُ الْأُولَى أَخْصَرُ (وَقَدْ سَبَقَ ذَلِكَ تَامًّا فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ) وَلَا يَعْدِلُ عَنْ الْقُرْعَةِ إلَى غَيْرِهَا (فَإِنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْمُخْرِجُ وَالْأَرِقَّاءُ أَوْ الْوَرَثَةُ وَالْأَرِقَّاءُ (عَلَى طَيَرَانِ غُرَابٍ وَوَضَعَ صَبِيٌّ يَدَهُ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ إنْ طَارَ غُرَابٌ فَفُلَانٌ حُرٌّ أَوْ أَنَّ مَنْ وَضَعَ عَلَيْهِ صَبِيٌّ يَدَهُ فَهُوَ حُرٌّ (لَمْ يُجْزِئْ وَعَلَى جَعْلِ ذَلِكَ إلَى اخْتِيَارِ أَحَدٍ، وَلَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فَكَذَلِكَ، فَإِنْ كَانُوا) أَيْ مَنْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ (عَبِيدًا) وَمَنْ يَعْتِقُ مِنْهُمْ نِصْفَ مَنْ يُرَقُّ (كَثَلَاثَةٍ أَثْبَتَ الرِّقَّ فِي رُقْعَتَيْنِ وَالْحُرِّيَّةَ بِرُقْعَةٍ) أَيْ فِيهَا؛ لِأَنَّ الرِّقَّ ضِعْفُ الْحُرِّيَّةِ فَتَكُونُ الرِّقَاعُ عَلَى نِسْبَةِ الْمَطْلُوبِ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَإِنَّ مَا يَكْثُرُ فَهُوَ أَحْرَى بِسَبْقِ الْيَدِ إلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ احْتِيَاطًا وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ حَيْثُ قَالَ (وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِرُقْعَتَيْنِ) رُقْعَةِ (حُرِّيَّةٍ) وَرُقْعَةِ (رِقٍّ، فَإِنْ) أَخْرَجْنَا رُقْعَةً بِاسْمِ أَحَدِهِمْ (وَخَرَجَتْ الْحُرِّيَّةُ) لَهُ (أَوَّلًا قُضِيَ الْأَمْرُ أَوْ) خَرَجَ (الرِّقُّ أُعِيدَتْ) أَيْ الْقُرْعَةُ (فَإِنْ اخْتَلَفَ) أَيْ مُخْرِجُهَا وَبَقِيَّةُ الْأَرِقَّاءِ أَوْ الْوَرَثَةُ وَالْأَرِقَّاءُ (فِي الْبُدَاءَةِ) كَأَنْ قَالَ الْمُخْرِجُ أُخْرِجُ بِاسْمِ هَذَا وَقَالَ الْآخَرُونَ أَخْرِجْ عَلَى أَسْمَائِنَا (أَوْ) فِي (كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ) كَأَنْ قَالَ أُخْرِجُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَقَالُوا أَخْرِجْ عَلَى الرِّقِّ أَوْ قَالَ الْوَرَثَةُ أَخْرِجْ عَلَى الرِّقِّ فَقَالَ الْعَبِيدُ أَخْرِجْ عَلَى الْحُرِّيَّةِ (فَالنَّظَرُ) فِيهِ (إلَى وَلِيِّ ذَلِكَ) أَيْ مُتَوَلِّي الْإِقْرَاعِ مِنْ قَاضٍ وَوَصِيٍّ وَنَحْوِهِمَا (كَمَا فِي الْقِسْمَةِ) فَيَبْدَأُ بِمَنْ شَاءَ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى مُضَايَقَاتِهِمْ، وَمُقَابَلَةُ الْبُدَاءَةِ بِكَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ مِنْ تَصَرُّفِهِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْإِقْرَاعِ (إعْطَاءُ كُلِّ عَبْدٍ رُقْعَةً بَلْ يَكْفِي الْإِخْرَاجُ) لِلرِّقَاعِ (بِأَسْمَائِهِمْ) أَوْ أَعْيَانِهِمْ. (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ تَجْزِئَةِ الْأَرِقَّاءِ وَتَجْزِئَتُهُمْ تَقَعُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (إذَا أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ هُمَا كُلُّ مِلْكِهِ كَتَبَ الْأَسْمَاءَ) أَيْ اسْمَيْهِمَا (فِي رُقْعَتَيْنِ وَأَخْرَجَ) إحْدَاهُمَا (عَلَى الرِّقِّ أَوْ الْحُرِّيَّةِ) أَوْ كَتَبَ الرِّقَّ وَالْحُرِّيَّةَ فِي رُقْعَتَيْنِ وَأَخْرَجَ عَلَى اسْمَيْهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْحُرِّيَّةُ عَتَقَ ثُلُثَاهُ) وَرُقَّ بَاقِيهِ مَعَ الْآخَرِ (فَإِنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ، وَإِنْ (اخْتَلَفَتْ كَمِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَرَجَتْ) قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ (لِلنَّفِيسِ) مِنْهُمَا (عَتَقَ نِصْفُهُ) وَرُقَّ بَاقِيهِ مَعَ الْآخَرِ (أَوْ) خَرَجَتْ (لِلْآخَرِ فَكُلُّهُ) يَعْتِقُ وَرُقَّ الْآخَرُ. (وَإِنْ أَعْتَقَ ثَلَاثَةً) لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمْ (وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمْ كَمِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ وَثَلَثِمِائَةٍ) فَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَهُمْ (فَإِنْ خَرَجَتْ) قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ (لِلْأَوَّلِ عَتَقَ، ثُمَّ أَخْرَجَ) رُقْعَةً (أُخْرَى، فَإِنْ خَرَجَتْ لِلثَّانِي عَتَقَ نِصْفُهُ) وَرُقَّ بَاقِيهِ مَعَ الثَّالِثِ (أَوْ لِلثَّالِثِ فَثُلُثُهُ) يَعْتِقُ وَيُرَقُّ بَاقِيهِ مَعَ الثَّانِي (وَإِنْ خَرَجَتْ أَوَّلًا لِلثَّانِي عَتَقَ وَرُقَّ أَوْ لِلثَّالِثِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ) وَرُقَّ بَاقِيهِ وَالْآخَرَانِ (وَلَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّا إذَا أَخْرَجْنَا رُقْعَةً عَلَى عَبْدٍ فَخَرَجَ فِيهَا رِقٌّ نَحْتَاجُ إلَى إدْرَاجِهَا فِي بُنْدُقَتِهَا مَرَّةً أُخْرَى فَتَكُونُ ثَلَاثٌ أَرْجَحُ مِنْ رُقْعَتَيْنِ لَا أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ اهـ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ كَلَامُهُمْ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَمُقَابِلُهُ الْبُدَاءَةُ بِكَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ مِنْ تَصَرُّفِهِ) كَلَامُ الْأَصْلِ يُفِيدُهُ فَالْبُدَاءَةُ فِيمَا إذَا أَثْبَتَ الرِّقَّ وَالْحُرِّيَّةَ، وَكَيْفِيَّةُ الْإِخْرَاجِ فِيمَا إذَا أَثْبَتَ الْأَسْمَاءَ. [فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ تَجْزِئَةِ الْأَرِقَّاءِ] (قَوْلُهُ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْحُرِّيَّةُ عَتَقَ ثُلُثَاهُ) لَوْ أُقْرِعَ بَيْنَ الْعَبِيدِ فَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِوَاحِدٍ وَحَكَمْنَا بِحُرِّيَّتِهِ، ثُمَّ اشْتَبَهَ قَالَ الْبَغَوِيّ يُقْرَعُ ثَانِيًا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَالِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ غَانِمًا وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَعُرِفَ سَبْقُ عِتْقِ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ أَسْبَقَ تَارِيخًا وَعُرِفَ عَيْنُ السَّابِقِ، ثُمَّ اشْتَبَهَ لَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ بَلْ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ ثَمَّ ثَبَتَتْ لِلسَّابِقِ قَطْعًا فَلَوْ أَقْرَعْنَا فَرُبَّمَا أَرْقَقْنَا الْحُرَّ وَهَا هُنَا الْقُرْعَةُ ظَنٌّ لَا يُوجِبُ الْحُرِّيَّةَ قَطْعًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ إنْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ لِوَاحِدٍ وَعَرَفَ عَيْنَ السَّابِقِ، ثُمَّ اشْتَبَهَ يُحْكَمُ بِعِتْقِ ثُلُثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ إذَا عَرَفَ السَّابِقَ، ثُمَّ اشْتَبَهَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 451 أَنْ يَكْتُبَ الرِّقَّ فِي رُقْعَتَيْنِ وَالْحُرِّيَّةَ فِي رُقْعَةٍ وَيَخْرُجَ عَلَى أَسْمَائِهِمْ) أَوْ أَعْيَانِهِمْ، وَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمْ، فَإِنْ شَاءَ مُتَوَلِّي الْقُرْعَةِ كَتَبَ أَسْمَاءَهُمْ وَقَالَ لِلْمُخْرِجِ أَخْرِجْ رُقْعَةً عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ عَتَقَ أَوْ قَالَ أَخْرِجْ عَلَى الرِّقِّ حَتَّى يَتَعَيَّنَ فِي الْآخَرِ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِخْرَاجُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى فَصْلِ الْأَمْرِ، وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ عَلَى الرِّقَاعِ الرِّقَّ فِي رُقْعَتَيْنِ وَالْحُرِّيَّةَ فِي رُقْعَةٍ وَقَالَ أَخْرِجْ عَلَى اسْمِ سَالِمٍ أَوْ أَشَارَ إلَى عَيْنِهِ وَقَالَ أَخْرِجْ عَلَى اسْمِ هَذَا، فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ وَرُقَّ الْآخَرُ أَوْ سَهْمُ الرِّقِّ رُقَّ وَأُخْرِجَتْ رُقْعَةٌ أُخْرَى عَلَى اسْمِ غَانِمٍ، فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ وَرُقَّ الثَّالِثُ، أَوْ سَهْمُ الرِّقِّ فَبِالْعَكْسِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَإِنْ) (كَانُوا أَكْثَرَ) مِنْ ثَلَاثَةٍ (وَأَمْكَنَ التَّوْزِيعُ) أَيْ تَسْوِيَةُ الْأَجْزَاءِ (بِالْعَدَدِ وَالْقِيَمِ) كَسِتَّةٍ أَوْ تِسْعَةٍ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ (جُعِلُوا) ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ مِثْلَ (اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ) كَمَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ (أَوْ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً) كَمَا فِي الثَّانِي أَوْ أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً كَمَا فِي الثَّالِثِ (فَإِنْ كَانُوا) سِتَّةً (ثَلَاثَةٌ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ) بِإِعْرَابِهِ بِالْحَرَكَةِ عَلَى لُغَةٍ وَالْمَشْهُورُ خَمْسُونَ بِإِعْرَابِهِ بِالْحَرْفِ (جُعِلَ مَعَ كُلِّ نَفِيسٍ) مِنْهُمْ (خَسِيسٌ وَأُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي سِتَّةٍ اثْنَانِ مِنْهُمْ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَثُمِائَةٍ وَاثْنَانِ قِيمَةُ كُلٍّ مِائَتَانِ وَاثْنَانِ قِيمَةُ كُلٍّ مِائَةٌ فَيُجْعَلُ اللَّذَانِ قِيمَتُهُمَا أَرْبَعُمِائَةٍ جُزْءًا وَيُجْعَلُ مَعَ كُلِّ نَفِيسٍ خَسِيسٌ فَتَسْتَوِي الْأَجْزَاءُ عَدَدًا وَقِيمَةً (أَوْ) أَمْكَنَ التَّوْزِيعُ (بِالْقِيمَةِ) دُونَ الْعَدَدِ (كَخَمْسَةٍ قِيمَةٌ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (مِائَةٌ وَ) قِيمَةُ (اثْنَيْنِ مِائَةٌ وَ) قِيمَةُ (اثْنَيْنِ مِائَةٌ وَزَّعَ) جَمِيعَهُمْ أَيْ جُزِّئُوا (كَذَلِكَ) أَيْ وَاحِدًا وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَأُقْرِعَ بَيْنَهُمْ (أَوْ) أَمْكَنَ التَّوْزِيعُ بِالْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ مِثْلَ (سِتَّةٍ قِيمَةُ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (مِائَةٌ وَ) قِيمَةُ (اثْنَيْنِ مِائَةٌ وَقِيمَةُ ثَلَاثَةٍ مِائَةٌ جُزِّئُوا كَذَلِكَ) أَيْ وَاحِدًا وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثَةً وَأُقْرِعَ بَيْنَهُمْ (وَإِنْ تَعَذَّرَ التَّوْزِيعُ) بِالْعَدَدِ وَالْقِيمَةِ (كَثَمَانِيَةٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ جُزِّئُوا ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ وُجُوبًا) ثَلَاثَةً وَثَلَاثَةً وَاثْنَيْنِ (لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّثْلِيثِ) فِي الْقِيمَةِ مِنْ تَجْزِئَتِهِمْ بِأَرْبَعَةٍ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ مَثَلًا وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الْوَصِيَّةِ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ» الْحَدِيثَ وَيُكْتَبُ فِي رُقْعَةٍ حُرِّيَّةٌ وَفِي رُقْعَتَيْنِ رِقٌّ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، وَقِيلَ لَا يَجِبُ تَجْزِئَتُهُمْ ثَلَاثَةً بَلْ يُسْتَحَبُّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ اسْمَ كُلِّ عَبْدٍ فِي رُقْعَةٍ فَيُخْرِجَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ رُقْعَةً، ثُمَّ أُخْرَى عَلَيْهَا، ثُمَّ أُخْرَى عَلَيْهَا فَيَعْتِقَ الْأَوَّلَانِ وَثُلُثَا الثَّالِثِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا قَالَ فِي الْأَصْلِ إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ وَالثَّانِي هُوَ مَا رَجَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (فَإِنْ خَرَجَ) الْعِتْقُ (عَلَى ثَلَاثَةٍ) مِنْهُمْ (رَقَّ غَيْرَهُمْ) وَانْحَصَرَ الْعِتْقُ فِيهِمْ (ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ بِسَهْمَيْ عِتْقٍ وَسَهْمَيْ رِقٍّ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ الرِّقُّ رُقَّ ثُلُثُهُ وَعَتَقَ ثُلُثَاهُ مَعَ الْآخَرِينَ) وَهُوَ تَمَامُ الثُّلُثِ (فَإِنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ. وَإِنْ (خَرَجَ) الْعِتْقُ (أَوَّلًا عَلَى الِاثْنَيْنِ عَتَقَا، ثُمَّ تُجَزَّأُ السِّتَّةُ ثَلَاثَةً) بِأَنْ يُجْعَلَ كُلُّ اثْنَيْنِ جُزْءًا، ثُمَّ يُقْرَعَ (فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ بِاسْمِ اثْنَيْنِ أُعِيدَتْ) الْقُرْعَةُ (بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ قُرْعَةُ الْعِتْقِ (عَتَقَ ثُلُثَاهُ) هَذَا إذَا كَتَبَ فِي الرِّقَاعِ الرِّقَّ وَالْحُرِّيَّةَ (وَإِنْ كَتَبَ الْأَسْمَاءَ) فِي ثَلَاثِ رِقَاعٍ (وَخَرَجَ اسْمُ الِاثْنَيْنِ وَعَتَقَا أَخْرَجَ رُقْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهَا فَمَنْ قَرَعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ قُرْعَةُ الْعِتْقِ (عَتَقَ ثُلُثَاهُ، وَلَوْ) (كَانُوا سَبْعَةً) قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ (جُزِّئُوا ثَلَاثَةً وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ أَوْ) كَانُوا (أَرْبَعَةً قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ جُزِّئُوا اثْنَيْنِ وَوَاحِدًا وَوَاحِدًا) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَإِنْ خَرَجَ) الْعِتْقُ (لِوَاحِدٍ) مِنْ الْفَرْدَيْنِ عَتَقَ، ثُمَّ (أَقْرَعَ) بَيْنَ الثَّلَاثَةِ (لِيُتِمَّ الثُّلُثَ) فَمَنْ خَرَجَ لَهُ الْعِتْقُ عَتَقَ ثُلُثُهُ (أَوْ) خَرَجَ (لِاثْنَيْنِ رُقَّ الْآخَرَانِ، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْأَوَّلَيْنِ (فَيَعْتِقُ مَنْ قَرَعَ وَثُلُثُ الْآخَرِ أَوْ كَانُوا خَمْسَةً قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ جُزِّئُوا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَوَاحِدًا أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا) أَوْ عَبِيدًا (مِنْ عَبِيدِهِ عَلَى الْإِبْهَامِ جُزِّئُوا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ) أَوْ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً أَوْ أَكْثَرَ (بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) . (مَسَائِلُ) سَبْعٌ (الْأُولَى) لَوْ (أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَبِيدًا) لَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمْ (وَمَاتَ) وَعَلَيْهِ دَيْنٌ (وَدَيْنُهُ مُسْتَغْرِقٌ) لَهُمْ (قُدِّمَ الدَّيْنُ) عَلَى الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا وَلِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ فِي الثُّلُثَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِتْقِ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ فَأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الْعِتْقِ (وَبِيعُوا) وَصَرَفَ ثَمَنَهُمْ إلَى الدَّيْنِ (وَإِنْ) لَمْ يَسْتَغْرِقْهُمْ أَقْرَعَ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالتَّرِكَةِ لِيَنْصَرِفَ الْعِتْقُ عَمَّا يَتَعَيَّنُ لِلدَّيْنِ فَلَوْ (اسْتَغْرَقَ النِّصْفَ مِنْهُ جُزِّئُوا جُزْأَيْنِ دَيْنًا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ وَأَمْكَنَ التَّوْزِيعُ بِالْعَدَدِ وَالْقِيَمِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ حُمِلَ فِعْلُ النَّبِيِّ عَلَى مَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُمْ كَانُوا مُتَسَاوِي الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ خَمْسُونَ بِإِعْرَابِهِ) بِالْحُرُوفِ هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ أَوْ سِتَّةٌ قِيمَةُ وَاحِدٍ مِائَةٌ وَاثْنَيْنِ مِائَةٌ إلَخْ) جَعَلَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ هَذِهِ الصُّورَةَ مِثَالًا لِمَا أَمْكَنَ تَوْزِيعُهُمْ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْعَدَدِ أَيْ فِي غَيْرِ عِتْقِ الِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا تَجِبُ تَجْزِئَتُهُمْ ثَلَاثَةً بَلْ تُسْتَحَبُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا قَالَ فِي الْأَصْلِ إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ) وَفِي الصَّغِيرِ نَحْوُهُ وَنَقَلَهُ غَيْرُهُمَا عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ حَيْثُ قَالَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدِي أَبَدًا إنْ أُقْرِعَ بَيْنَ الرَّقِيقِ أَوْ كَثُرُوا إلَّا عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 452 وَتَرِكَةً وَأُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا بِسَهْمِ دَيْنٍ وَسَهْمِ تَرِكَةٍ (إمَّا بِكَتْبِ الْأَسْمَاءِ) أَيْ أَسْمَاءِ كُلِّ جُزْءٍ فِي رُقْعَةٍ وَإِخْرَاجِ رُقْعَةٍ لِلدَّيْنِ أَوْ التَّرِكَةِ (أَوْ بِكَتْبِ الدَّيْنِ) فِي رُقْعَةٍ (وَالتَّرِكَةِ) فِي أُخْرَى (وَيُلْقِي) أَحَدَهُمَا (عَلَى) أَحَدِ (الْأَجْزَاءِ) أَيْ الْجُزْأَيْنِ (أَوْ اسْتَغْرَقَ الثُّلُثَ) مِنْهُمْ (جَزَّأْنَاهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ) وَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ بِسَهْمِ دَيْنٍ وَسَهْمَيْ تَرِكَةٍ أَوْ اسْتَغْرَقَ رُبُعَهُمْ جَزَّأْنَاهُمْ أَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ وَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ بِسَهْمِ دَيْنٍ وَثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ تَرِكَةٍ. (وَلَا يَجُوزُ أَنْ) يُقْرَعَ لِلدَّيْنِ وَالْعِتْقِ وَالتَّرِكَةِ بِأَنْ (يَجْعَلَ) الْمُخْرَجَ فِي مِثَالِ اسْتِغْرَاقِ الرُّبُعِ (سَهْمَ دَيْنٍ وَسَهْمَ عِتْقٍ وَسَهْمَيْ تَرِكَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَدَّمُ عِتْقٌ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ) وَلَوْ تَلِفَ الْمُعَيِّنُ لِلدَّيْنِ قَبْلَ قَضَائِهِ انْعَكَسَ الدَّيْنُ عَلَى الْبَاقِي مِنْ التَّرِكَةِ وَكَمَا لَا يُقْسَمُ شَيْءٌ عَلَى الْوَرَثَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يَعْتِقُ قَبْلَهُ (ثُمَّ مَا) الْأَوْلَى مَنْ (خَرَجَ) مِنْهُمْ (لِلدَّيْنِ) بِالْقُرْعَةِ (بِيعَ وَقَضَى بِهِ) أَيْ بِثَمَنِهِ الدَّيْنَ (ثُمَّ يُقْرَعُ لِلْعِتْقِ وَحَقِّ الْوَرَثَةِ، فَلَوْ قَالُوا يَقْضِي الدَّيْنَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ وَيَنْفُذُ الْعِتْقُ فِي الْجَمِيعِ نَفَذَ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ النُّفُوذِ الدَّيْنُ فَإِذَا سَقَطَ لِقَضَائِهِ مِنْ غَيْرِ الْعَبِيدِ نَفَذَ كَمَا لَوْ أَسْقَطَ الْوَرَثَةُ حَقَّهُمْ مِنْ ثُلُثِ التَّرِكَةِ وَأَجَازَ وَأَعْتَقَ الْجَمِيعَ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي النُّفُوذِ قَضَاءُ الدَّيْنِ قَبْلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ (فَعَتَقَ بَعْضٌ) بِالْقُرْعَةِ (وَرُقَّ بَعْضٌ، ثُمَّ وُجِدَ لَهُ مَالٌ) غَيْرُهُمْ (وَوَسِعَهُمْ الثُّلُثُ) بِأَنْ كَانَ الْمَالُ مِثْلَيْ قِيمَتِهِمْ (عَتَقُوا) كُلُّهُمْ أَيْ تَبَيَّنَ عِتْقُهُمْ مِنْ حِينِ الْإِعْتَاقِ (وَأَخَذُوا أَكْسَابَهُمْ) مِنْ حِينَئِذٍ، وَكَذَا مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَوَلَدٍ (وَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَ) عَلَيْهِمْ (كَمَنْ ظَنَّ صِحَّةَ نِكَاحِهِ الْفَاسِدِ) لِامْرَأَةٍ (وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ) عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى الْبَائِنِ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِظَنِّ حَمْلِهَا لَا مُتَبَرِّعًا. (فَإِنْ) خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْضُ مَنْ رُقَّ أَعْتَقْنَاهُ بِالْقُرْعَةِ كَأَنْ (أَعْتَقَ وَاحِدًا مِنْ ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ ظَهَرَ مَا يَخْرُجُ بِهِ) عَبْدٌ (آخَرُ) مِنْ الثُّلُثِ (أَقْرَعَ) بَيْنَ اللَّذَيْنِ أَرَقَقْنَاهُمَا فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ (وَلَوْ أَعْتَقْنَاهُمْ) وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ظَاهِرٌ (ثُمَّ ظَهَرَ) عَلَيْهِ (دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ) لِلتَّرِكَةِ (بَطَلَ الْعِتْقُ نَعَمْ إنْ أَجَازَ الْوَارِثُ الْعِتْقَ وَقَضَى الدَّيْنَ) مِنْ مَالٍ آخَرَ (صَحَّ؛ لِأَنَّ إجَازَتَهُ) لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ (تَنْفِيذٌ) لِمَا فَعَلَهُ الْمَيِّتُ لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْهُ مَعَ زَوَالِ الْمَانِعِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ (وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ لَمْ تَبْطُلْ الْقُرْعَةُ) وَلَكِنْ إنْ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِقَضَائِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِلَّا (رَدَّ مِنْ الْعِتْقِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ) فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ نِصْفَ التَّرِكَةِ رَدَّ مِنْ الْعِتْقِ النِّصْفَ أَوْ ثُلُثُهَا رَدَّ مِنْهُ الثُّلُثَ (فَلَوْ كَانُوا مَثَلًا أَرْبَعَةً) قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ (وَعَتَقَ بِالْقُرْعَةِ وَاحِدٌ وَثُلُثٌ، ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ بِقَدْرِ قِيمَةِ عَبْدٍ بِيعَ) فِيهِ (وَاحِدٌ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا) بِالْحُرِّيَّةِ بِسَهْمِ رِقٍّ وَسَهْمِ عِتْقٍ (فَإِنْ خَرَجَتْ لِلْحُرِّ) كُلِّهِ (عَتَقَ وَقُضِيَ الْأَمْرُ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِلَّذِي عَتَقَ ثُلُثُهُ فَثُلُثُهُ) حُرٌّ (وَ) عَتَقَ (مِنْ الْآخَرِ ثُلُثَاهُ) أَوْ كَانُوا سِتَّةً وَقِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ وَعَتَقَ بِالْقُرْعَةِ اثْنَانِ، ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ بِقَدْرِ قِيمَةِ اثْنَيْنِ بِيعَ فِيهِ اثْنَانِ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُمَا الْقُرْعَةُ، ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُمَا بِالْحُرِّيَّةِ بِسَهْمِ رِقٍّ وَسَهْمِ عِتْقٍ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الرِّقِّ رُقَّ ثُلُثَاهُ وَعَتَقَ ثُلُثُهُ مَعَ الْآخَرَانِ ظَهَرَ الدَّيْنُ بِقَدْرِ قِيمَةِ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ أُقْرِعَ بَيْنَ اللَّذَيْنِ كَانَ قَدْ خَرَجَ لَهُمَا سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ مِنْهُمَا عَتَقَ وَرُقَّ الْآخَرُ. الْمَسْأَلَةُ (الثَّانِيَةُ إذَا قَالَ) لِأَرِقَّائِهِ (أَحَدُكُمْ حُرٌّ) أَوْ أَعْتَقْت أَحَدَكُمْ (وَنَوَى مُعَيَّنًا بَيَّنَهُ) وُجُوبًا (وَإِلَّا حُبِسَ) عَلَيْهِ (وَإِنْ بَيَّنَ وَاحِدًا) لِلْعِتْقِ (فَلِلْآخَرِ) إنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ وُجِدَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ) أَيْ كَوَدِيعَةٍ وَدَفِينٍ وَغَائِبٍ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ، وَكَذَا مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَوَلَدٍ) حَتَّى لَوْ نَكَحَ أَمَةً لَا تُبَاحُ فِي الْحُرِّيَّةِ بَطَلَ نِكَاحُهَا، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَزَوَّجَهَا الْوَارِثُ بِالْمِلْكِ بَطَلَ نِكَاحُهَا وَيَسْتَأْنِفُهُ وَلِيُّهَا، وَلَوْ وَطِئَهَا الْوَارِثُ بِالْمِلْكِ لَزِمَهُ مَهْرُهَا، وَلَوْ زَنَى أَحَدُهُمْ وَجُلِدَ خَمْسِينَ كَمُلَ حَدُّهُ إنْ كَانَ بِكْرًا وَرُجِمَ إنْ كَانَ مُحْصَنًا، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ بَاعَ أَحَدَهُمْ بَطَلَ بَيْعُهُ أَوْ رَهَنَهُ بَطَلَ رَهْنُهُ أَوْ أَجَّرَهُ بَطَلَتْ إجَارَتُهُ وَرَجَعَ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ قَدْ أَعْتَقَهُ بَطَلَ عِتْقُهُ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ كَاتَبَهُ بَطَلَتْ كِتَابَتُهُ وَرَجَعَ عَلَى الْوَارِثِ بِمَا أَدَّى، وَلَوْ جَنَى عَلَيْهِ عَمْدًا وَأَخَذَ الْوَارِثُ الْأَرْشَ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ بِيعَ فِي جِنَايَةٍ بَطَلَ بَيْعُهُ وَكَانَتْ جِنَايَتُهُ خَطَأً عَلَى عَاقِلَتِهِ وَعَمْدًا فِي مَالِهِ، ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقِيَاسُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْإِطْلَاقُ مَمْنُوعٌ وَتَفْصِيلُهُ أَنَّ الْوَارِثَ إنْ عَلِمَ بِالْمَالِ وَكَتَمَهُ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ جَهِلَهُ، فَإِنْ اسْتَخْدَمَهُمْ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُمْ عَبِيدُهُ فَلَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ هُوَ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَخْدِمْهُمْ وَاكْتَسَبُوا شَيْئًا فَقَدْ بَانَ أَنَّهُ لَهُمْ فَيَأْخُذُونَ كَسْبَهُمْ وَيَرْجِعُ الْوَارِثُ عَلَيْهِمْ بِمَا أَنْفَقَ وَلَا سِيَّمَا إنْ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فَأَنْفَقَ الْقَاضِي مِنْ مَالِهِ عَلَيْهِمْ أَوْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ وَلِيُّهُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُكَاتَبِ إذَا جُنَّ وَحَلَّ النَّجْمُ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَعَجَّزَهُ السَّيِّدُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْحَاكِمِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُوجِبُ نَفَقَتَهُ عَلَى السَّيِّدِ فَلَوْ ظَهَرَ لِلْمُكَاتَبِ مَالٌ يُرَدُّ عَجْزُهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ مَا إذَا أَنْفَقَ الْوَارِثُ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ مُخْتَارًا، أَمَّا لَوْ أَنْفَقَ جَبْرًا بِالْحَاكِمِ أَوْ أَنْفَقَ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَهُ، ثُمَّ بَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْعِتْقِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ مَا أَدَّى مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ فَتَأَمَّلْهُ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) (قَوْلُهُ وَإِلَّا حُبِسَ إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ يُحْبَسُ) إذَا ظَهَرَ عِنَادُهُ مَعَ عِلْمِهِ أَوْ امْتِنَاعِهِ مِنْ التَّذَكُّرِ فَظَاهِرٌ، وَكَذَا لَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَامْتَنَعَ عَنْهَا وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْهُمْ بِشَرْطِهِ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ يُحْبَسُ مَعَ بَذْلِهِ الْيَمِينَ فَغَرِيبٌ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي كُتُبِ الطَّرِيقَيْنِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِحَبْسٍ وَعِبَارَةُ مَجْمُوعِ الْمَحَامِلِيِّ يُقَالُ لَهُ تَذَكَّرَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 453 كَانَ أَهْلًا لِلتَّحْلِيفِ وَإِلَّا فَلِلْقَاضِي (تَحْلِيفُهُ) أَنَّهُ مَا أَرَادَهُ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَ الْآخَرُ عَتَقَا، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت هَذَا بَلْ هَذَا عَتَقَا) جَمِيعًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (فَإِنْ قَتَلَ أَحَدَهُمْ أَوْ وَطِئَ أَمَةً) وَقَدْ أَعْتَقَ إحْدَى إمَائِهِ وَنَوَى مُعَيَّنَةً (لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيَانًا) لِلْعِتْقِ فِي غَيْرِ الْمَقْتُولِ وَالْمَوْطُوءَةِ (فَإِنْ بَيَّنَ الْحُرِّيَّةَ فِيمَنْ قَتَلَهُ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (وَإِنْ بَيَّنَهَا فِيمَنْ وَطِئَهَا لَزِمَهُ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ لِجَهْلِهَا بِالْعِتْقِ، وَإِنْ مَاتَ) قَبْلَ الْبَيَانِ (وَبَيَّنَ وَارِثُهُ) الْعِتْقَ (فِي وَاحِدٍ فَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُهُ يَمِينَ) نَفْيِ (الْعِلْمِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ (أَوْ لَمْ يَكُنْ) ثَمَّ (وَارِثٌ أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَدْ أَشْكَلَ وَالْقُرْعَةُ تَعْمَلُ فِي الْمُعْتَقِ (وَهَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ سَمَّى) الْمُعْتِقُ (وَاحِدًا) مِنْهُمْ وَأَعْتَقَهُ (ثُمَّ قَالَ أُنْسِيته) فَيُؤْمَرُ بِالتَّذَكُّرِ وَيُحْبَسُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَيَّنَ وَاحِدًا فَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُهُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّذَكُّرِ وَبَيَّنَ وَارِثُهُ فِي وَاحِدٍ فَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُهُ يَمِينَ نَفْيِ الْعِلْمِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ. (وَإِنْ أَبْهَمَ الْعِتْقَ) بِأَنْ لَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا مِنْهُمْ (وَقَفَ) عَنْهُمْ (حَتَّى يُعَيِّنَ) وَالتَّعْيِينُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (وَلَزِمَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِمْ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (وَكَذَا فِي) الْحَالَةِ الْأُولَى هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ عَيَّنَ) الْعِتْقَ (فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يُنَازِعْهُ الْآخَرُ إنْ وَافَقَهُ عَلَى الْإِبْهَامِ، فَإِنْ قَالَ) عَيَّنْت (هَذَا بَلْ هَذَا عَتَقَ الْأَوَّلُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ حَصَلَ بِالْأَوَّلِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ نَوَيْت هَذَا بَلْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ (وَيَقَعُ الْعِتْقُ) فِي الْمُبْهَمِ (حَالَ اللَّفْظِ) لَا حَالَ التَّعْيِينِ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ. (فَإِنْ أَبْهَمَ) الْعِتْقَ (فِي اثْنَيْنِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ) لِلْعِتْقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ يَحْصُلُ حَالَ اللَّفْظِ (وَوَطْءُ إحْدَاهُمَا) أَيْ الْأَمَتَيْنِ (يُعَيِّنُ الْأُخْرَى) أَيْ لِعِتْقِهَا بِخِلَافِهِ فِي التَّبْيِينِ كَمَا مَرَّ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الطَّلَاقِ بِمَا مَرَّ فِيهِ مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ ابْتِدَاءً فَلَا يَتَدَارَكُ بِهِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ (فَلَا حَدَّ بِهِ وَلَا مَهْرَ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَطِئَ أَمَتَهُ (وَالْبَيْعُ وَالْهِبَةُ مَعَ الْإِقْبَاضِ) فِيهَا وَالْإِجَارَةُ لِبَعْضِهِمْ (كَالْوَطْءِ) فِي التَّعْيِينِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهَا مِنْ تَصَرُّفِ الْمُلَّاكِ (وَفِي الْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ) بِوَطْءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا أَنَّهَا تَعْيِينٌ كَالْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ وَثَانِيهِمَا لَا؛ لِأَنَّهَا أَخَفُّ مِنْهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (لَا بِالِاسْتِخْدَامِ) أَيْ لَا يَحْصُلُ التَّعْيِينُ بِهِ (وَ) لَا (الْعِتْقُ) بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ (وَلَا الْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ، وَإِنْ) الْأُولَى، فَإِنْ (عَيَّنَ مَنْ أَعْتَقَ قُبِلَ) مِنْهُ (وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ عَتَقَا وَ) يَلْزَمُهُ (فِي مَقْتُولِهِ دِيَةٌ لِوَرَثَتِهِ إنْ عَيَّنَهُ) لِلْعِتْقِ، وَكَذَا الْكَفَّارَةُ دُونَ الْقِصَاصِ لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْكَفَّارَةُ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ قَتْلَهُ لَيْسَ تَعْيِينًا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَقَتْلُ الْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ) أَحَدَهُمْ (فِي الضَّمَانِ كَقَتْلِهِ) أَيْ الْمُعْتَقِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ إنْ عَيَّنَهُ الْمُعْتِقُ دُونَ الْقِصَاصِ، وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، وَكَذَا الْقِيمَةُ (فَإِنْ مَاتَ) قَبْلَ التَّعْيِينِ (عَيَّنَ الْوَارِثُ) لِأَنَّهُ خِيَارٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ فَيُحَلِّفُ الْوَارِثُ الْمُوَرَّثَ فِيهِ كَمَا فِي خِيَارِ الْبَيْعِ وَالشُّفْعَةِ الْمَسْأَلَةُ (الثَّالِثَةُ لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا، ثُمَّ حَيًّا لَمْ يَعْتِقْ) أَيْ الْحَيُّ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ انْحَلَّتْ بِوِلَادَةِ الْمَيِّتِ كَمَا لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ رَأَيْته مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَرَأَى أَحَدَهُمْ مَيِّتًا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ فَإِذَا رَأَى بَعْدَهُ حَيًّا لَا يَعْتِقُ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ أَمْ لَا. الْمَسْأَلَةُ (الرَّابِعَةُ) لَوْ (قَالَ لِعَبْدِهِ الْمَجْهُولِ) نَسَبُهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُلَاطَفَةِ (أَنْت ابْنِي وَأَمْكَنَ) أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ بِأَنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهُ بِمَا يَتَأَتَّى مَعَهُ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ (عَتَقَ) عَلَيْهِ (وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا، وَكَذَا كَبِيرًا إنْ صَدَّقَهُ وَيَعْتِقُ) عَلَيْهِ (فَقَطْ إنْ كَذَّبَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ) بِأَنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهُ أَوْ مِثْلَهُ سِنًّا أَوْ أَصْغَرَ مِنْهُ بِمَا لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ (لَغَا) قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مُحَالًا (فَإِنْ أَمْكَنَ) أَنْ يَكُونَ مِنْهُ (وَكَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ) مِنْ غَيْرِهِ (عَتَقَ) عَلَيْهِ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ وَالْعِتْقِ فَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ فِي النَّسَبِ لِحَقِّ الْغَيْرِ لَمْ تَمْتَنِعْ مُؤَاخَذَتُهُ بِالْعِتْقِ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ بِنْتِي وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ هُنَا نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ يَا ابْنِي فَإِنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ إذَا نَوَى بِهِ الْعِتْقَ كَنَظِيرِهِ فِي   [حاشية الرملي الكبير] الَّذِي أَعْتَقَهُ وَأَخْبَرَنَا بِهِ، وَعِبَارَةُ التَّنْبِيهِ تَرَكَهُ حَتَّى يَتَذَكَّرَ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ نُوزِعَ فِي ذَلِكَ فَالْحُكْمُ كَمَا فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الطَّلَاقِ قُلْت وَالْمَنْقُولُ ثَمَّ أَنَّهُمَا إنْ صَدَّقَتَاهُ فِي النِّسْيَانِ فَلَا مُطَالَبَةَ بِالْبَيَانِ، وَإِنْ كَذَّبَتَاهُ وَبَادَرَتْ وَاحِدَةٌ وَقَالَتْ أَنَا الْمُطَلَّقَةُ لَمْ يُقْنَعْ مِنْهُ فِي الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ نَسِيت، وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا بَلْ يُطَالَبُ بِيَمِينٍ جَازِمَةٍ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودِ وَأَحَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى كِتَابِ الطَّلَاقِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا أَطْلَقَهُ الْإِمَامُ وَالشَّيْخَانِ مِنْ نَقْلِ الْحَبْسِ عَنْ الْأَصْحَابِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ غ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت هَذَا بَلْ هَذَا) أَيْ أَوْ هَذَا وَهَذَا أَوْ هَذَا مَعَ هَذَا أَوْ هَذَا وَهَذَا (قَوْلُهُ فَإِنْ عَيَّنَهُ فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يُنَازِعْهُ الْآخَرُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ طِفْلًا أَوْ مَجْنُونًا أَنْ يُحَلِّفَهُ الْقَاضِي أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ كَمَا لَوْ قَالَ الْبَالِغُ لَمْ تُبْهِمْ بَلْ نَوَيْتنِي (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ عَنَيْت هَذَا بَلْ هَذَا) أَيْ أَوْ هَذَا وَهَذَا أَوْ هَذَا مَعَ هَذَا أَوْ هَذَا هَذَا (قَوْلُهُ وَوَطْءُ أَحَدِهِمَا تَعْيِينٌ) بِخِلَافِ الْوَطْءِ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ وَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ بِشَهْوَةٍ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) هُوَ الْأَصَحُّ. 1 - (فَرْعٌ) لَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ أُمِّهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَقَرَّتْ الْأُمُّ بِأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ ابْنِي فَهُوَ حُرٌّ لِإِقْرَارِهَا بِالنَّسَبِ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ قُلْت وَكَانَ الْغَرَضُ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ قَوْلِهَا مِنْ ابْنِي لَا يَقْتَضِي النَّسَبَ . (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ رَأَيْته مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الرِّقَّ يَبْقَى بَعْدَ الْمَوْتِ حَتَّى يَصْدُقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَبْدٌ لَهُ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَكْفِيرِ يَمِينِ الْعَبْدِ وَلَا أَثَرَ هُنَا لِلصِّدْقِ الْمَجَازِيِّ بِدَلِيلِ مَا لَوْ رَأَى عَتِيقَهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 454 الطَّلَاقِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّدَاءِ وَغَيْرِهِ أَنَّ النِّدَاءَ تَكْثُرُ فِيهِ الْمُلَاطَفَةُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. الْمَسْأَلَةُ (الْخَامِسَةُ) لَوْ (قَالَ لِعَبْدَيْهِ أَعْتَقْتُ أَحَدَكُمَا) أَوْ أَحَدُكُمَا حُرٌّ (عَلَى أَلْفٍ وَقَبِلَ كُلٌّ مِنْهَا) الْعِتْقَ (بِالْأَلْفِ عَتَقَ أَحَدُهُمَا) ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلَا فَلَا عِتْقَ لِتَعْلِيقِهِ بِالْقَبُولِ كَمَا إذَا قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ إنْ شِئْتُمَا لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا إذَا شَاءَ (لَزِمَهُ الْبَيَانُ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا بِلَا عِوَضٍ (وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْبَيَانِ (وَلَمْ يُبَيِّنْ الْوَارِثُ) أَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ (وَعَلَى مَنْ عَتَقَ) عِوَضٌ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِإِعْتَاقِهِ وَالْعِوَضُ (قِيمَتُهُ) لَا الْمُسَمَّى لِفَسَادِهِ بِإِبْهَامِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ الْعِتْقُ لِقُوَّتِهِ وَتَعَلُّقِهِ بِالْقَبُولِ وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ أَعْطَيْتِينِي عَبْدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ عَبْدًا طَلُقَتْ وَلَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ بَلْ يَرُدُّهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ (وَإِنْ كَانَتَا) أَيْ مَنْ قَالَ لَهُمَا ذَلِكَ وَقَبِلَتَا (أَمَتَيْنِ فَوَطْؤُهُ لِإِحْدَاهُمَا تَعْيِينٌ لِلْعِتْقِ فِي الْأُخْرَى) وَقِيلَ لَا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ حَيْثُ لَا عِوَضَ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ قَبُولِهِمَا فِيمَا ذُكِرَ هُوَ الْمَنْقُولُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِمَا، وَإِنْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ كَفَى قَبُولُهُ وَعَلَى مَا قَالَهُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي يَلْزَمُ الْمُسَمَّى. الْمَسْأَلَةُ (السَّادِسَةُ) لَوْ (وَطِئَ ابْنُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ) فِي أَمَةٍ (الْأَمَةَ بِنِكَاحٍ) بِأَنْ زَوَّجَهَا لَهُ (فَأَتَتْ بِوَلَدٍ) مِنْهُ (عَتَقَ نِصْفُهُ) عَلَى الْجَدِّ (وَلَا يَسْرِي) إلَى النِّصْفِ الْآخَرِ (لِأَنَّهُ يَعْتِقُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ جَدِّهِ) وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ زَوَّجَ بِرِضَاهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ وَالْعُلُوقَ لَا يَتَعَلَّقَانِ بِاخْتِيَارِ الْجَدِّ. الْمَسْأَلَةُ (السَّابِعَةُ) لَوْ (نَكَحَ جَارِيَةَ أَبِيهِ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا) مِنْهُ (لَزِمَهُ قِيمَتُهُ) لِمَالِكِهَا؛ لِأَنَّ الْغُرُورَ أَوْجَبَ انْعِقَادَهُ حُرًّا وَلَمْ يَمْلِكْهُ الْجَدُّ حَتَّى يَعْتِقَ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ صُوَرِ الْغُرُورِ (وَإِنْ كَانَ عَالِمًا) بِالْحَالِ (مَلَكَهُ جَدُّهُ وَعَتَقَ) عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَنْعَقِدَ حُرًّا. [فُرُوعٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ] (فُرُوعٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ) عَلَى شَخْصٍ (بِقَوْلِهِ أَحَدُ عَبِيدِي أَوْ) إحْدَى نِسَائِي (حُرٌّ أَوْ طَالِقٌ) وَبِأَنَّهُ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ أَحَدِ عَبِيدِهِ. (وَيُحْكَمُ بِمُقْتَضَاهَا، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ كَيْفَ شِئْت اشْتَرَطَ) فِي حُصُولِ عِتْقِهِ (مَشِيئَتَهُ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ بِالْمَشِيئَةِ وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ تَفَقُّهًا يَعْتِقُ بِلَا مَشِيئَةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتَ حُرٌّ إيقَاعٌ لِلْعِتْقِ فِي الْحَالِ وَقَوْلَهُ كَيْفَ شِئْت مَعْنَاهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ شِئْت وَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَتَضَمَّنُ تَعْلِيقَهُ بِصِفَةٍ وَمَا قَالَهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ وَالْقَفَّالِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ إنَّ الْأَوَّلَ أَشْبَهُ. (وَإِنْ أَوْصَى) إلَى وَارِثِهِ (بِإِعْتَاقِ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ وَامْتَنَعَ الْوَارِثُ) مِنْهُ (أَعْتَقَهُ السُّلْطَانُ) لِأَنَّهُ حَقٌّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ نَابَ عَنْهُ السُّلْطَانُ. (وَإِنْ قَيَّدَ عَبْدَهُ وَحَلَفَ بِعِتْقِهِ أَنَّ قَيْدَهُ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّهُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ فَشَهِدُوا أَنَّهُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ) وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ فَحَلَّ (فَبَانَ قَيْدُهُ عَشَرَةً فَلَا شَيْءَ عَلَى الشَّاهِدِينَ) بِكَسْرِ الدَّالِ لِيُنَاسِبَ شَهِدُوا (لِأَنَّهُ عَتَقَ بِحَلِّ الْقَيْدِ لَا بِمَا شَهِدُوا بِهِ) لِتَحَقُّقِ كَذِبِهِمْ. (وَإِنْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ (بِعِتْقِ الْمَرِيضِ غَانِمًا) أَوْ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِهِ (وَحَكَمَ بِهَا) أَيْ بِشَهَادَتِهِمَا (ثُمَّ) شَهِدَ (آخَرَانِ بِعِتْقِ سَالِمٍ) أَوَبِأَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِهِ (وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (ثُلُثُهُ) أَيْ ثُلُثُ مَالِهِ (ثُمَّ رَجَعَ الْأَوَّلَانِ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) وَلَا يُرَدُّ الْحُكْمُ بَعْدَ نُفُوذِهِ (فَإِنْ خَرَجَتْ) أَيْ الْقُرْعَةُ (لِلْأَوَّلِ عَتَقَ وَغَرِمَاهُ) لِرُجُوعِهِمَا وَرُقَّ الثَّانِي، فَلَمْ يَفُتْ عَلَى الْوَرَثَةِ شَيْءٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ خَرَجَتْ لِلثَّانِي عَتَقَ وَرُقَّ الْأَوَّلُ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ مَنْ شَهِدَا بِهِ لَمْ يَعْتِقْ قَالَ الْبَغَوِيّ وَعِنْدِي يَعْتِقُ الثَّانِي بِلَا قُرْعَةٍ وَعَلَى الرَّاجِعِينَ قِيمَةُ الْأَوَّلِ لِلْوَرَثَةِ. [فَرْعٌ أَعْتَقَ الْوَارِثُ أَمَةً زَوَّجَهَا أَبُوهُ بِعَبْدٍ لِغَيْرِهِ وَقَبَضَ مَهْرَهَا وَمَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا الزَّوْجُ] (فَرْعٌ) لَوْ (أَعْتَقَ الْوَارِثُ وَهُوَ مُوسِرٌ) ، وَلَوْ غَيْرَ حَائِزٍ (أَوْ مُعْسِرٌ حَائِزٌ أَمَةً زَوَّجَهَا أَبَاهُ بِعَبْدٍ) لِغَيْرِهِ وَقَبَضَ مَهْرَهَا وَمَاتَ (وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا) الزَّوْجُ (وَلَا مَالَ لَهُ) أَيْ لِلْأَبِ (غَيْرُهَا وَأَتْلَفَ الْمَهْرَ) نَفَذَ الْعِتْقُ فِي الْحَالِ (فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مُوسِرًا فَلَهَا الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ النِّكَاحِ (لِكَوْنِهَا عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، فَإِنْ فَسَخَتْ طَالَبَتْ) الْوَجْهُ طَالَبَ أَيْ سَيِّدُهُ (الْوَارِثَ بِمَهْرِهَا) لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا عَلَى مُوَرِّثِهِ هَذَا (إنْ كَانَ) مَهْرُهَا (كَقِيمَتِهَا) أَوْ أَقَلَّ لِتَقْوِيَتِهِ التَّرِكَةَ (فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ) مِنْهَا (لَمْ يُطَالَبْ إلَّا بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِقَدْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ إلَّا ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مُعْسِرًا تَعَذَّرَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّدَاءِ وَغَيْرِهِ أَنَّ النِّدَاءَ يَكْثُرُ فِيهِ الْمُلَاطَفَةُ فَيُتَوَسَّعُ فِيهِ) فَيَقُولُ الشَّخْصُ لِلْأَوْلَادِ الْأَجَانِبِ وَلِعَبْدِهِ وَلِأَمَتِهِ يَا ابْنِي وَيَا بِنْتِي وَيَا أُخْتِي (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) وَجْهُ الْمَنْقُولِ النَّظَرُ فِي الْأَمْرَيْنِ إلَى اللَّفْظِ دُونَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 455 عَلَيْهَا (الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَهْرُ دَيْنًا عَلَى الْهَالِكِ فَيَمْنَعُ نُفُوذَ عِتْقِ الْأَمَةِ) مِنْ الْوَارِثِ الْمُعْسِرِ (فَفَسْخُهَا يُوجِبُ بُطْلَانَ عِتْقِهَا) فَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْفَسْخُ وَالْمَسْأَلَةُ دَوْرِيَّةٌ إذْ فِي إثْبَاتِ الْفَسْخِ نَفْيُهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُعْسِرُ حَائِزًا عَتَقَ نَصِيبُهُ فَقَطْ وَلَا خِيَارَ) هَذَا بَيَانٌ لِلتَّقَيُّدِ فِيمَا مَرَّ بِحَائِزٍ وَكِلَاهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ قَالَ الْوَارِثُ الْحَائِزُ) لِلتَّرِكَةِ (وَالتَّرِكَةُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ أَعْتَقَ أَبِي فِي مَرَضِهِ غَانِمًا، ثُمَّ قَالَ بَلْ غَانِمًا وَسَالِمًا) مَعًا (ثُمَّ قَالَ بَلْ الثَّلَاثَةَ مَعًا فَالْأَوَّلُ حُرٌّ) بِكُلِّ حَالٍ لِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ (وَيُقْرَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي) لِإِقْرَارِهِ الثَّانِي فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ الثَّانِيَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ وَيَعْتِقُ إنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ (ثُمَّ) يُقْرَعُ (بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) مَرَّةً ثَانِيَةً لِإِقْرَارِهِ الثَّالِثِ فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَيَعْتِقُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ فَيُؤَاخَذُ بِمُوجَبِ كُلِّ إقْرَارٍ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ مُقْتَضَى وَاحِدٍ مِنْهَا فَإِذَا أَقْرَعْنَا فِي الْمَرَّتَيْنِ (فَإِنْ خَرَجَتْ) قُرْعَةُ الْعِتْقِ (لِلْأَوَّلِ) فِيهِمَا (عَتَقَ وَحْدَهُ أَوْ) خَرَجَتْ (لَهُ) فِي الْأُولَى (وَلِلثَّانِي) فِي الثَّانِيَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ (أَوْ لِلثَّانِي فِيهِمَا عَتَقَا فَقَطْ أَوْ لِلثَّانِي) فِي الْأُولَى (وَالثَّالِثِ) فِي الثَّانِيَةِ (عَتَقُوا كُلُّهُمْ أَوْ لِلْأَوَّلِ) فِي الْأُولَى (وَالثَّالِثِ) فِي الثَّانِيَةِ (رُقَّ الثَّانِي) فَقَطْ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) قِيمَتُهُمْ (فَكَانَ قِيمَةُ الْأَوَّلِ مِائَةً وَ) قِيمَةُ (الثَّانِي مِائَتَيْنِ وَ) قِيمَةُ (الثَّالِثِ ثَلَثَمِائَةٍ فَالْأَوَّلُ حُرٌّ) بِكُلِّ حَالٍ لِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ دُونَ الثُّلُثِ (فَيُقْرَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي. فَإِنْ خَرَجَ) سَهْمُ الْعِتْقِ (لِلْأَوَّلِ عَتَقَ مَعَهُ نِصْفُ الثَّانِي أَوْ) خَرَجَ (لِلثَّانِي عَتَقَا) الْأَوْلَى عَتَقَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ إقْرَارِهِ الثَّانِي أَنْ يَعْتِقَ الثَّانِي بِكَمَالِهِ أَوْ نِصْفُهُ وَالْأَوَّلُ (ثُمَّ يُقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّلَاثَةِ) الْوَجْهُ ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ وَذَلِكَ لِإِقْرَارِهِ الثَّالِثِ (فَإِنْ خَرَجَتْ) قُرْعَةُ الْعِتْقِ (لِلثَّالِثِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ) وَذَلِكَ ثُلُثُ مَالِهِ (أَوْ لِلثَّانِي لَمْ يَعْتِقْ الثَّالِثُ) سَوَاءٌ أَخْرَجَتْ الْقُرْعَةُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِي أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ ثُلُثُ مَالِهِ (وَلَمْ يَعْتِقْ مِنْ الثَّانِي إلَّا مَا عَتَقَ بِالْقُرْعَةِ الْأُولَى وَهُوَ نِصْفُهُ أَوْ كُلُّهُ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْأَوَّلِ فَهُوَ نِصْفُ الثُّلُثِ فَتُعَادُ الْقُرْعَةُ) لِإِكْمَالِ الثُّلُثِ (بَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الثَّانِي رُقَّ الثَّالِثُ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الثَّالِثِ عَتَقَ ثُلُثُهُ) لِأَنَّ ثُلُثَهُ مَعَ الْأَوَّلِ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَعْتِقْ مِنْ الثَّانِي إلَّا مَا عَتَقَ بِالْقُرْعَةِ الْأُولَى وَهُوَ نِصْفُهُ هُوَ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ، ثُمَّ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ اسْتِدْرَاكًا صَحِيحًا نَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ فَقَالَ إنَّ الثَّانِيَ اسْتَحَقَّ بِالْإِقْرَارِ الثَّانِي أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ وَبِالْإِقْرَارِ الثَّالِثِ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ، فَإِنْ لَمْ تَكْمُلْ لَهُ الْحُرِّيَّةُ فِي الْقُرْعَةُ الْأُولَى لِخُرُوجِ سَهْمِ الْعِتْقِ لِلْأَوَّلِ وَجَبَ أَنْ يَكْمُلَ فِي الْقُرْعَةِ الثَّانِيَةِ إذَا خَرَجَ سَهْمُ الْعِتْقِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْإِقْرَارِ الثَّالِثِ وَلِذَلِكَ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْقِيَمِ إذَا لَمْ يَعْتِقْ بِالْقُرْعَةِ الْأُولَى يَعْتِقُ بِالثَّانِيَةِ إذَا خَرَجَ السَّهْمُ لَهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَبِهِ يُعْلَمُ فَسَادُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي هَذَا الْقِسْمِ، وَقَوْلُهُ كَالرَّافِعِيِّ الْأَوَّلَيْنِ صَوَابُهُ الْآخَرَيْنِ. (فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَوَّلِ ثَلَثَمِائَةٍ وَالثَّانِي مِائَتَيْنِ وَالثَّالِثِ مِائَةً عَتَقَ مِنْ الْأَوَّلِ ثُلُثَاهُ، ثُمَّ يُقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي، فَإِنْ خَرَجَتْ) قُرْعَةُ الْعِتْقِ (لِلْأَوَّلِ لَمْ يَزِدْ شَيْءٌ) عَلَى مَا عَتَقَ (وَإِنْ خَرَجَتْ لِلثَّانِي عَتَقَ كُلُّهُ، ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، فَإِنْ خَرَجَتْ لِلْأَوَّلِ أَوْ لِلثَّانِي لَمْ يَزِدْ شَيْءٌ) عَلَى مَا عَتَقَ (وَإِنْ خَرَجَتْ لِلثَّالِثِ عَتَقَ كُلُّهُ) وَقَدْ عَتَقَ مِنْ قَبْلُ مَا إذَا ضَمَّ إلَيْهِ ثَمَّ الثُّلُثَ بَلْ زَادَ (فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْبَنِينَ مَثَلًا (حَائِزُونَ) لِتَرِكَتِهِ (وَ) عَنْ (ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ عَتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هَذَا) الْعَبْدُ (وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ هُوَ وَهَذَا مَعًا وَقَالَ الثَّالِثُ بَلْ الثَّلَاثَةَ مَعًا عَتَقَ ثُلُثُ الْأَوَّلِ وَهُوَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ فَنَفَذَ فِي حِصَّتِهِ وَهِيَ ثُلُثُهُ (ثُمَّ يُقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَضْمُومِ) إلَيْهِ لِإِقْرَارِ الثَّانِي (فَإِنْ خَرَجَ) سَهْمُ الْعِتْقِ (لِلْأَوَّلِ عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثٌ آخَرُ) وَهُوَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ الثَّانِي (أَوْ) خَرَجَ (لِلثَّانِي عَتَقَ ثُلُثُهُ) لِهَذَا الْمَعْنَى (ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَمَنْ خَرَجَ) لَهُ سَهْمُ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْأَصْلِ أَيْضًا وَصَوَابُهُ فَمَتَى خَرَجَ لِلْأَوَّلِ سَهْمُ الْعِتْقِ (عَتَقَ كُلُّهُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَإِذَا اخْتَصَرْت قُلْت إنْ خَرَجَ سَهْمُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَّتَيْنِ لِلْأَوَّلِ عَتَقَ جَمِيعُهُ أَوْ لِلثَّانِي عَتَقَ ثُلُثَاهُ مَعَ ثُلُثِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ خَرَجَ مَرَّةً لِلْأَوَّلِ وَأُخْرَى لِلثَّانِي عَتَقَ ثُلُثَا الْأَوَّلِ وَثُلُثُ الثَّانِي أَوْ مَرَّةً لِلثَّانِي وَأُخْرَى لِلثَّالِثِ عَتَقَ مِنْ كُلٍّ ثُلُثُهُ (وَلَا سِرَايَةَ هُنَا) لِأَنَّهُمْ لَمْ يُبَاشِرُوا الْإِعْتَاقَ وَلَا أَقَرُّوا بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. وَإِنَّمَا أَقَرُّوا بِهِ عَلَى أَبِيهِمْ (لَكِنْ مَنْ مَلَكَ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْتِقْ مِنْ الثَّانِي إلَّا مَا عَتَقَ بِالْقُرْعَةِ الْأُولَى إلَخْ) قَالَ الْفَتِيُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْتِقْ مِنْ الثَّانِي إلَى قَوْلِهِ أَوْ كُلُّهُ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ فَأَخَّرْته إلَى مَوْضِعِهِ وَقُلْتُ أَوْ لِلثَّانِي لَمْ يَعْتِقْ الثَّالِثُ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْأَوَّلِ فَهُوَ نِصْفُ الثُّلُثِ فَتُعَادُ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الثَّانِي رُقَّ الثَّالِثُ وَلَمْ يَعْتِقْ مِنْ الثَّانِي إلَّا مَا عَتَقَ بِالْقُرْعَةِ الْأُولَى وَهُوَ نِصْفُهُ أَوْ كُلُّهُ فَلْيُصَلَّحْ فِي النُّسَخِ هَكَذَا (قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ اسْتِدْرَاكًا صَحِيحًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 456 بَاقِيَ (مَنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ) يَعْنِي مَنْ عَتَقَ بَعْضُهُ بِالْإِقْرَارِ (عَتَقَ) عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمْ كَأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَوَّلِ مِائَةً وَالثَّانِي مِائَتَيْنِ وَالثَّالِثِ ثَلَاثَمِائَةٍ فَيَعْتِقُ مِنْ الْأَوَّلِ ثُلُثُهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقَرَّ بِأَنَّ الْأَبَ أَعْتَقَهُ وَحِصَّتُهُ مِنْهُ الثُّلُثُ، ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي لِإِقْرَارِ الثَّانِي، فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ الْعِتْقِ لِلثَّانِي عَتَقَ ثُلُثُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّهُ حُرٌّ بِزَعْمِ الثَّانِي إذَا خَرَجَ سَهْمُ الْعِتْقِ لَهُ فَإِنَّهُ ثُلُثُ الْمَالِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي حِصَّتِهِ أَوْ لِلْأَوَّلِ عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثٌ آخَرُ وَمِنْ الثَّانِي سُدُسُهُ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ إقْرَارِهِ أَنْ يُعْتِقَ جَمِيعَ الْأَوَّلِ عِنْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ لَهُ وَمِنْ الثَّانِي نِصْفُهُ لِيُكْمِلَ الثُّلُثَ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ كُلِّ الْأَوَّلِ وَنِصْفِ الثَّانِي، ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ لِإِقْرَارِ الثَّالِثِ، فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ الْعِتْقِ لِلثَّالِثِ عَتَقَ مِنْهُ تُسْعَاهُ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ إقْرَارِهِ إذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ أَنْ يَعْتِقَ ثُلُثَاهُ فَإِنَّهُمَا ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي حِصَّتِهِ وَهُوَ ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ وَذَلِكَ تُسْعَا الْجُمْلَةِ أَوْ لِلثَّانِي عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثُهُ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ إقْرَارِهِ عِتْقُ جَمِيعِهِ فَإِنَّهُ ثُلُثُ الْمَالِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي حِصَّتِهِ أَوْ لِلْأَوَّلِ عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثُهُ لِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى لَكِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَمَالِ الثُّلُثِ فَتُعَادُ الْقُرْعَةُ مَرَّةً أُخْرَى لِيُعْتِقَ حِصَّتَهُ مِنْ تَمَامِ الثُّلُثِ، فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ الْعِتْقِ لِلثَّانِي عَتَقَ مِنْهُ سُدُسُهُ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ مَعَ الْأَوَّلِ تَمَامُ الثُّلُثِ وَحِصَّتُهُ مِنْهُ السُّدُسُ أَوْ لِلثَّالِثِ عَتَقَ مِنْهُ تُسْعُهُ؛ لِأَنَّ ثُلُثَهُ مَعَ الْأَوَّلِ تَمَامُ الثُّلُثِ وَحِصَّتُهُ مِنْهُ التُّسْعُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ. [فَرْعٌ لِمَيِّتٍ عَبْدَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا ثُلُثُ مَالِهِ فَشَهِدَ اثْنَانِ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا وَأَقَرَّ الْوَارِثُ بِالْآخَرِ] (فَرْعٌ لَهُ) أَيْ لِمَيِّتٍ (عَبْدَانِ كُلٌّ) مِنْهُمَا (ثُلُثُ) مَالِهِ (فَشَهِدَ اثْنَانِ) عَلَيْهِ (أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا وَأَقَرَّ الْوَارِثُ بِالْآخَرِ) أَيْ بِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ (فَإِنْ كَذَّبَ الشَّاهِدَيْنِ عَتَقَا) أَيْ الْعَبْدَانِ الْأَوَّلُ بِالشَّهَادَةِ وَالثَّانِي بِالْإِقْرَارِ (وَإِلَّا عَتَقَ الْأَوَّلُ) بِمُوجَبِ الْبَيِّنَةِ (وَأُقْرِعَ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي لِإِقْرَارِ الْوَارِثِ، (فَإِنْ خَرَجَتْ) قُرْعَةُ الْعِتْقِ (لِلْأَوَّلِ لَمْ يَعْتِقْ الثَّانِي أَوْ) خَرَجَتْ (لِلثَّانِي عَتَقَ وَلَمْ يُرَقُّ الْأَوَّلُ) لِأَنَّهُ مُسْتَحِقًّ الْعِتْق بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْوَارِثُ مِنْ إبْطَالِهِ بِالْإِقْرَارِ، وَقَدْ تَعْمَلُ الْقُرْعَةُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ دُونَ الْآخَرِ كَمَا مَرَّ. [فَرْعٌ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ بِأَيْدِيهِمْ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا وَنَسَبُهُ مَجْهُولٌ فَقَالَ أَحَدُهُمْ هِيَ أُمُّ وَلَدِي وَهُوَ وَلَدِي مِنْهَا] (فَرْعٌ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ بِأَيْدِيهِمْ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا وَنَسَبُهُ مَجْهُولٌ فَقَالَ أَحَدُهُمْ هِيَ أُمُّ وَلَدِي وَهُوَ وَلَدِي مِنْهَا وَقَالَ الْآخَرُ هِيَ أُمُّ وَلَدِ أَبُونَا) وَهُوَ أَخُونَا (وَقَالَ الثَّالِثُ هُمَا مِلْكِي لَمْ يَثْبُتْ نَسَبٌ) لِلْوَلَدِ لَا مِنْ أَبِيهِمْ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهِ وَلَا مِنْ الْمُسْتَلْحِقِ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا وَيُصَدِّقَهُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ ثَمَّ (وَالْمُقِرُّ بِاسْتِيلَادِ الْأَبِ) لِلْأَمَةِ (لَا شَيْءَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ شَيْئًا (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْإِيلَادِ عَلَى أَبِيهِ لَا عَلَى نَفْسِهِ (وَلِلْأَمَةِ تَحْلِيفُ مُنْكِرِي إيلَادَهَا) أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ أَنَّ الْأَبَ أَوْلَدَهَا (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْلِيفُ الْآخَرِ) عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِيهِ فِي الثُّلُثِ الَّذِي بِيَدِهِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي مَا بِيَدِ الْآخَرِ هَذَا يَقُولُ هِيَ مُسْتَوْلَدَتِي وَذَاكَ يَقُولُ هِيَ مِلْكِي (وَأَحَدُهُمَا) وَهُوَ مُدَّعِي الِاسْتِيلَادَ (مُقِرٌّ بِإِتْلَافِ نَصِيبِ أَخِيهِ) مِنْ الْأَمَةِ وَالْوَلَدِ (بِالِاسْتِيلَادِ) لَهَا (فَيَغْرَمُ) لَهُ (إنْ اعْتَرَفَ بِالشَّرِكَةِ) فِيهَا (حِصَّةَ مُدَّعِي الْكُلَّ مِنْهُمَا) وَهِيَ ثُلُثُ قِيمَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا فِي أَيْدِي الثَّلَاثَةِ (وَيَسْرِي) الْإِيلَادُ (إلَى نَصِيبِ مُدَّعِي الرِّقَّ بِاعْتِرَافِهِ) . [فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِسَالِمٍ وَغَانِمٍ أَحَدُكُمَا حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لِغَانِمٍ وَآخَرَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِسَالِمٍ وَغَانِمٍ أَحَدُكُمَا حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ لِغَانِمٍ وَآخَرَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ) بِمَعْنَى يُعَيِّنْ (أَقْرَعَ بَيْنَ غَانِمٍ وَسَالِمٍ) لِلْإِعْتَاقِ الْأَوَّلِ (فَإِنْ خَرَجَتْ) قُرْعَةُ الْعِتْقِ (لِسَالِمٍ عَتَقَ، ثُمَّ تُعَادُ) الْقُرْعَةُ (بَيْنَ غَانِمٍ وَالْآخَرِ فَمَنْ قَرَعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ مِنْهُمَا قُرْعَةُ الْعِتْقِ (عَتَقَ) أَيْضًا (أَوْ) خَرَجَتْ (لِغَانِمٍ أَوَّلًا عَتَقَ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ الثَّانِي الْآخَرَ (فَإِنْ خَرَجَتْ لَهُ لَمْ يَعْتِقْ غَيْرُهُ أَوْ لِلْآخَرِ عَتَقَ أَيْضًا) وَقَدْ تُؤَثِّرُ الْقُرْعَةُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ دُونَ الْآخَرِ كَمَا مَرَّ، وَقِيلَ لَا يُقْرَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْقُرْعَةِ كَتَعْيِينِ الْمَالِكِ، وَلَوْ عَيَّنَ غَانِمًا لِلْعِتْقِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ وَلِآخَرَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ كَانَ صَادِقًا وَلَمْ يَقْتَضِي ذَلِكَ عِتْقَ الْآخَرِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ. [فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ مِنْ الْإِمَاءِ كُلَّمَا وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَوَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ حُرَّةٌ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِأَرْبَعٍ) مِنْ الْإِمَاءِ (كُلَّمَا وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَوَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ حُرَّةٌ، فَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُنَّ عَتَقَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُنَّ (وَنَزْعُ) ذَكَرِهِ (بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ) لِإِبْهَامِ الْمَمْلُوكَةِ (وَتَدْخُلُ الْمَوْطُوءَةُ فِي الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ، وَإِنْ قُلْنَا الْوَطْءُ تَعْيِينٌ لِلْمِلْكِ) فِي الْمُوَاطَأَةِ وَلِلْعِتْقِ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ لَكِنَّ الْوَطْءَ الْمَذْكُورَ بِلَا اسْتِدَامَةٍ لَيْسَ تَعْيِينًا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُعَلَّقٌ بِهِ وَمَا لَمْ يُوجَدْ لَا يَثْبُتُ اسْتِحْقَاقُ الْعِتْقِ (وَالْوَطْءُ مَعَ الِاسْتِدَامَةِ) لَيْسَ تَعْيِينًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ (وَطْءٌ وَاحِدٌ) وَلِهَذَا لَا يَسْتَحِقُّ بِالِاسْتِدَامَةِ عِتْقَ آخَرَ (فَيُقْرَعُ) عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ (بَيْنَ الْأَرْبَعِ) فَمَنْ خَرَجَ لَهَا سَهْمُ الْعِتْقِ عَتَقَتْ (وَإِنْ وَطِئَ ثَلَاثًا) مِنْهُنَّ (عَتَقَ بِكُلِّ وَطْءٍ أَمَةٌ) لِأَنَّ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 457 (فَيُقْرَعُ بِوَطْأَيْنِ بَيْنَ الْأُولَى وَبَيْنَ الرَّابِعَةِ) لِأَنَّهُ أَمْسَكَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ بِوَطْئِهِمَا لِلْمِلْكِ وَالرَّابِعَةُ لَمْ يَطَأْهَا بِهَا وَاسْتِدَامَةُ وَطْءِ الْأُولَى لَيْسَ بِإِمْسَاكٍ فَيَتَرَدَّدُ الْعِتْقُ الْمُسْتَحَقُّ بَيْنَهُمَا (فَإِنْ خَرَجَتْ) قُرْعَةُ الْعِتْقِ (لِلرَّابِعَةِ عَتَقَتْ وَبِوَطْءِ الثَّانِيَةِ يُسْتَحَقُّ عِتْقٌ آخَرُ لَكِنْ لَا حَظَّ فِيهِ لِلرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ) بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ (وَلَا لِلثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكَهَا بِالْوَطْءِ) فَهُوَ إذَنْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ (فَيُقْرَعُ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ) فَمَنْ خَرَجَتْ لَهَا قُرْعَةُ الْعِتْقِ عَتَقَتْ (وَبِوَطْءِ الثَّالِثَةِ يُسْتَحَقُّ عِتْقٌ آخَرَ وَلَا حَظَّ فِيهِ لِلرَّابِعَةِ وَلَا لِمَنْ عَتَقَ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، فَإِنْ عَتَقَتْ الْأُولَى أَقْرَعْنَا بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَإِنْ عَتَقَتْ الثَّانِيَةُ أَقْرَعْنَا بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فَإِنْ) الْأَوْلَى وَإِنْ (خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ الْأُولَى لِلْأُولَى دُونَ الرَّابِعَةِ عَتَقَتْ وَبِوَطْءِ الثَّانِيَةِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الرَّابِعَةِ) لِأَنَّ الْأُولَى عَتَقَتْ وَالثَّانِيَةَ تَعَيَّنَتْ بِالْوَطْءِ لِلْإِمْسَاكِ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ عَتَقَتْ (وَبِوَطْءِ الثَّالِثَةِ يُسْتَحَقُّ عِتْقٌ آخَرُ لَا حَظَّ فِيهِ لِلْأُولَى وَلَا لِمَنْ عَتَقَتْ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ، فَإِنْ عَتَقَتْ الثَّانِيَةُ قَرَعْنَا بَيْنَ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَإِنْ عَتَقَتْ الرَّابِعَةُ أَقْرَعْنَا بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَإِنْ وَطِئَ الْأَرْبَعَ عَتَقْنَ) كُلُّهُنَّ (وَأَمَّا الْمَهْرُ فَالضَّابِطُ فِيهِ أَنْ يَنْظُرَ فِي كُلِّ قُرْعَةٍ فَمَنْ بَانَ أَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ وَطْئِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ بِوَطْئِهَا فَلَا) وَيَحْتَاجُ لِلْمَهْرِ فِي هَذَا الْمِثَالِ إلَى الْإِقْرَاعِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَيْنَ الْأَرْبَعِ مَرَّةً بِسَهْمِ عِتْقٍ وَثَلَاثَةِ أَسْهُمِ رِقٍّ، ثُمَّ مَرَّةً بَيْنَ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ بِسَهْمِ عِتْقٍ وَسَهْمَيْ رِقٍّ، ثُمَّ مَرَّةً بَيْنَ الْبَاقِيَتَيْنِ بِسَهْمِ عِتْقٍ وَسَهْمِ رِقٍّ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَلَا قُرْعَةَ فِي حَيَاتِهِ بَلْ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ) بِمَعْنَى التَّعْيِينِ فَلَا تَكُونُ الْقُرْعَةُ فِيمَا مَرَّ وَنَحْوِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ. (وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَوَاحِدَةٌ مِنْ صَوَاحِبِهَا حُرَّةٌ) وَوَطِئَ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْأَصْلِ وَوَطِئَهُنَّ (عَتَقَتْ الرَّابِعَةُ بِوَطْءِ الْأُولَى وَ) عَتَقَتْ (الْأُولَى بِوَطْءِ الثَّانِيَةِ وَ) عَتَقَتْ (الثَّانِيَةُ بِوَطْءِ الثَّالِثَةِ وَرُقَّتْ الثَّالِثَةُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَطْءَ تَعْيِينٌ لِلْمِلْكِ وَأَمَّا الْمَهْرُ فَلَا يَجِبُ لِمَنْ عَتَقَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَيَجِبُ لِمَنْ بَانَ عِتْقُهَا قَبْلَهُ. (وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْوَطْءِ كَتَعْلِيقِهِ بِالطَّلَاقِ) فَلَوْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ وَأَرْبَعُ إمَاءٍ فَقَالَ كُلَّمَا وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ وَكُلَّمَا وَطِئْت ثِنْتَيْنِ فَعَبْدَانِ حُرَّانِ وَكُلَّمَا وَطِئْت ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ وَكُلَّمَا وَطِئْت أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ فَوَطِئَ الْأَرْبَعَ فَهُوَ كَقَوْلِهِ كُلَّمَا طَلَّقْت امْرَأَةً فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ إلَى آخِرِ التَّصْوِيرِ، وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ يُعْتِقُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا. [فَرْعٌ اشْتَرَى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَكَانَتْ الْمُحَابَاةُ قَدْرَ الثُّلُثِ] (فَرْعٌ) لَوْ (اشْتَرَى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدًا) بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَكَانَتْ الْمُحَابَاةُ قَدْرَ الثُّلُثِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ (بِمِائَتَيْنِ) وَهُوَ (يُسَاوِي مِائَةً وَمَالُهُ ثَلَثُمِائَةٍ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ صَحَّ الشِّرَاءُ لَا الْعِتْقُ) لِتَقَدُّمِ الْمُحَابَاةِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَوْفَرَ الثَّمَنَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِمُعَارَضَةٍ وَالْمُعَارَضَةُ تَلْزَمُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ. (فَرْعٌ) لَوْ (أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ حَمْلِ) أَمَةٍ (مُشْتَرَكَةٍ وَهُوَ مُوسِرٌ وَوَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ إعْتَاقِهِ فَهُوَ حُرٌّ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالسِّرَايَةِ فَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُعْتِقَ (قِيمَةُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ) وَفِي نُسْخَةٍ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ (يَوْمَ الْوِلَادَةِ) إذْ لَا يُمْكِنُ تَقْوِيمُهُ قَبْلَهَا (فَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي) عَلَيْهِ (غُرَّةٌ لِوَرَثَتِهِ) لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ (وَعَلَى الْمُعْتِقُ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ لِلشَّرِيكِ) وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْغُرَّةِ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ الرَّقِيقَ يُضْمَنُ بِالْعُشْرِ (أَوْ) أَلْقَتْهُ مَيِّتًا (بِلَا جِنَايَةٍ فَلَا شَيْءَ) عَلَى الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ كَانَ حَيًّا وَلَا أَنَّهُ عَتَقَ حَتَّى يُقَالُ إنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَى شَرِيكِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (خَلَفَ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ كُلٌّ) مِنْهُمْ (ثُلُثُ مَالِهِ فَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَيْنِ) وَفِي نُسْخَةٍ أَحَدَ هَذَيْنِ (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَاعْتَرَفَ الْوَارِثُ بِهِ) أَيْ بِالْإِعْتَاقِ (فِي أَحَدِهِمَا) مُعَيِّنًا (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ فِي إبْطَالِ حَقِّ الْآخَرِ مِنْ الْعِتْقِ (فَمَنْ قَرَعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ قُرْعَةُ الْعِتْقِ (عَتَقَ وَحْدَهُ إنْ كَانَ هُوَ الَّذِي عَيَّنَهُ الْوَارِثُ، وَإِنْ كَانَ) هُوَ (الْآخَرُ، وَقَدْ كَذَّبَ) الشَّاهِدَيْنِ (بِعِتْقِهِ عَتَقَا جَمِيعًا) الْمُعَيَّنُ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ وَالْآخَرُ بِمُقْتَضَى الْقُرْعَةِ الَّتِي اقْتَضَتْهَا الشَّهَادَةُ، وَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْهُمَا بِذَلِكَ كَأَنْ (قَالَ لَا أَدْرِي) حَالَ الْآخَرِ (عَتَقَ مَنْ قَرَعَ) مِنْهُمَا وَرُقَّ الْآخَرُ (وَإِنْ شَهِدَ أَنَّهُ أَعْتَقَ الثَّلَاثَةَ) دَفْعَةً (وَكَذَّبَهُمَا فِي وَاحِدٍ) مُعَيَّنٍ (أُقْرِعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، فَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِلْمُكَذَّبِ بِهِ) أَيْ بِعِتْقِهِ (عَتَقَ وَأُقْرِعَ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ فَمَنْ قَرَعَ) مِنْهُمَا (عَتَقَ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ، وَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ أَوَّلًا لِأَحَدِ الْآخَرَيْنِ عَتَقَ وَحْدَهُ) دُونَ الْآخَرَيْنِ. (الْخَصِيصَةُ الْخَامِسَةُ الْوَلَاءُ) هُوَ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ لُغَةً الْقَرَابَةُ مَأْخُوذٌ مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] الْخَصِيصَةُ الْخَامِسَةُ الْوَلَاءُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 458 الْمُوَالَاةِ وَهِيَ الْمُعَاوَنَةُ وَالْمُقَارَبَةُ وَشَرْعًا عُصُوبَةٌ سَبَبُهَا مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي سَبَبِهِ وَهُوَ زَوَالُ الْمِلْكِ بِالْحُرِّيَّةِ) عَنْ الرَّقِيقِ وَيُقَالُ هُوَ عِتْقُ الْمَمْلُوكِ عَلَى مَالِكِهِ (فَمَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ رَقِيقٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَلَوْ بِبَيْعِ عَبْدِهِ نَفْسَهُ) أَوْ تَدْبِيرِهِ أَوْ إيلَادِهَا أَوْ بِأَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ أَوْ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا أَوْ بِمِلْكِ بَعْضِهِ أَوْ بِإِعْتَاقِ الْمُوسِرِ نَصِيبَهُ أَوْ حَصَلَ بِتَعْلِيقِهِ بِصِفَةٍ (فَوَلَاؤُهُ لَهُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِزَعْمِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا عَتَقَ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ. (وَيَثْبُتُ) الْوَلَاءُ (لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ كَعَكْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَارَثَا) كَمَا تُثْبِتُهُ عَلَقَةُ النِّكَاحِ وَالنَّسَبِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَتَوَارَثَا. (وَلَا يَثْبُتُ) الْوَلَاءُ (بِسَبَبٍ آخَرَ) غَيْرِ الْإِعْتَاقِ كَإِسْلَامِ شَخْصٍ عَلَى يَدَيْ غَيْرِهِ وَكَالْحَلِفِ وَالْمُوَالَاةِ كَمَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِذَلِكَ (فَعِتْقُك) عَبْدَك (عَنْ غَيْرِك بِإِذْنِهِ صَحِيحٌ مُثْبِتٌ لَهُ الْوَلَاءَ) عَلَيْهِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ صَحِيحٌ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمَالِكِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ لَا لِلْمَالِكِ (وَالْوَلَاءُ كَالنَّسَبِ) فِي أَنَّهُ (لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ) لِخَبَرِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَاللُّحْمَةُ بِضَمِّ اللَّامِ الْقَرَابَةُ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا (وَلَا يُورَثُ بَلْ يُورَثُ بِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ وُرِّثَ لَاشْتَرَكَ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَلَاخْتَصَّ الِابْنُ الْمُسْلِمُ بِالْإِرْثِ بِهِ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ الْمُسْلِمُ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَأَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ، ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ عَنْهُمَا. (فَإِنْ أَعْتَقَ) عَبْدَهُ (عَلَى أَنْ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ) أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ سَائِبَةً أَوْ عَلَى أَنَّهُ لِغَيْرِهِ (لَمْ يَبْطُلْ وَلَاؤُهُ) وَلَمْ يَنْتَقِلْ (كَنَسَبِهِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُهُ أَوْثَقُ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» (وَ) كَمَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ عَلَى الْعَتِيقِ (يَثْبُتُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَحْفَادِهِ وَعَتِيقِ عِتْقِهِ) لِأَنَّ النِّعْمَةَ عَلَى الْأَصْلِ نِعْمَةٌ عَلَى الْفَرْعِ (وَلَا وَلَاءَ عَلَى مَنْ أَبُوهُ حُرٌّ أَصْلِيٌّ) وَلَمْ يَمَسَّ الرِّقُّ أَحَدَ آبَائِهِ (وَأُمُّهُ عَتِيقَةٌ) لَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ إذْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ حُرِّيَّتُهُ غَيْرَ مُتَيَقَّنَةٍ بِأَنْ كَانَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى ظَاهِرِ الدَّارِ وَإِنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الِانْتِسَابَ إلَى الْأَبِ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ فَكَذَا الْفَرْعُ، فَإِنَّ ابْتِدَاءَ حُرِّيَّةِ الْأَبِ يُبْطِلُ دَوَامَ الْوَلَاءِ لِمَوَالِي الْأُمِّ كَمَا سَيَأْتِي فَدَوَامُهَا أَوْلَى بِأَنْ يَمْنَعَ ثُبُوتَهُ لَهُمْ (وَلَا) (عَلَى ابْنِ حُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ مَاتَ أَبُوهُ رَقِيقًا، فَإِنْ عَتَقَ) أَبُوهُ (بَعْدَ وِلَادَتِهِ فَهَلْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ) تَبَعًا لِأَبِيهِ (أَمْ لَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَعْدَهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ؟ (وَجْهَانِ) رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ الْأَوَّلَ (وَمَنْ مَسَّهُ مِنْ هَؤُلَاءِ رِقٌّ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ) وَلِعَصَبَتِهِ لَا لِمُعْتِقِ أَحَدِ أُصُولِهِ سَوَاءٌ أَوَجَدُوا فِي الْحَالِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ نِعْمَةَ مَنْ أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ مَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ أُصُولِهِ، وَقَوْلُهُ وَمَنْ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِيمَا مَرَّ. (فَرْعٌ مَنْ انْعَقَدَ حُرًّا وَأَبَوَاهُ عَتِيقَانِ) أَوْ أَبَاهُ عَتِيقٌ (فَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أَبِيهِ) تَبَعًا لِأَبِيهِ وَيُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ حُرًّا أَصْلِيًّا وَأَبَوَاهُ رَقِيقَانِ فِي السَّبْيِ بِأَنْ يُسْتَرَقَّ الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ أَحْرَارٌ وَفِي الْغُرُورِ بِأَنْ يُغَرَّ رَقِيقٌ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ وَفِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَفِي اللَّقِيطَةِ بِأَنْ تَتَزَوَّجَ رَقِيقًا، ثُمَّ تُقِرَّ بِالرِّقِّ فَأَوْلَادُهَا قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَحْرَارٌ (فَإِنْ كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا فَالْوَلَاءُ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ، فَإِنْ أَعْتَقَ الْأَبَ وَالْوَلَدُ حَيٌّ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أَبِيهِ) لِأَنَّ الْوَلَاءَ تِلْوَ النَّسَبِ وَالنَّسَبُ إلَى الْآبَاءِ دُونَ الْأُمَّهَاتِ وَلِأَنَّ ثُبُوتَهُ لِمَوَالِي أُمِّهِ كَانَ لِضَرُورَةِ عَدَمِ الْوَلَاءِ عَلَى الْأَبِ، وَقَدْ زَالَتْ بِعِتْقِهِ فَانْجَرَّ لِمَوَالِيهِ (وَكَذَا يَنْجَرُّ إلَى مَوَالِي الْجَدِّ) أَبِي الْأَبِ، وَإِنْ عَلَا (فِي حَيَاةِ الْأَبِ الرَّقِيقِ) كَمَا يَنْجَرُّ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَبِ. (وَلَوْ اشْتَرَى ابْنُ الْعَتِيقَةِ أَبَاهُ ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ الْوَلَاءُ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ غَيْرُ الِابْنِ (لَكِنْ لَا يَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهِ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ) إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَاءٌ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ كَانَ وَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا تَعَذَّرَ جَرُّهُ بَقِيَ مَوْضِعَهُ. (وَلَوْ خُلِقَ حُرٌّ مِنْ حُرَّيْنِ أَصْلِيَّيْنِ وَفِي أَجْدَادِهِ رَقِيقٌ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَأَجْدَادُهُ أَرِقَّاءٌ (وَيُتَصَوَّرُ) ذَلِكَ (فِي نِكَاحِ الْمَغْرُورِ وَ) فِي (وَطْءِ الشُّبْهَةِ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا قَدَّمْته (فَإِنْ عَتَقَتْ أُمُّ أَبِيهِ فَالْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِمُعْتِقِهَا، فَإِنْ عَتَقَ أَبُو أُمِّهِ انْجَرَّ) الْوَلَاءُ (إلَى مَوْلَاهُ فَإِذَا أُعْتِقَتْ أُمُّ أَبِيهِ انْجَرَّ إلَى مَوْلَاهَا فَإِذَا أُعْتِقَ أَبُو أَبِيهِ انْجَرَّ إلَى مَوْلَاهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا فَأُعْتِقَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ) كُلِّهِمْ (انْجَرَّ إلَى مَوْلَاهُ) ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْأُبُوَّةِ أَقْوَى (وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ) حَتَّى لَا يَعُودَ إلَيَّ مَنْ انْجَرَّ إلَيْهِ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي. (فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ) الَّذِي عَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِمَوَالِي أُمِّهِ (وَالْأَبُ رَقِيقٌ) فَمِيرَاثُهُ لِمَوَالِي الْأُمِّ، فَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَمَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ رَقِيقٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَخْ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ كَافِرًا فَالْتَحَقَ الْعَتِيقُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتُرِقَّ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ الثَّانِي فَإِنَّ وَلَاءَهُ لَهُ؛ لِأَنَّ وَلَاءَ الْأَوَّلِ بَطَلَ بِالِاسْتِرْقَاقِ وَإِعْتَاقَ الثَّانِي أَقْرَبُ إلَى الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَحْفَادِهِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ أُمُّهُمْ حُرَّةً أَصْلِيَّةً (قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّعْمَةَ عَلَى الْأَصْلِ نِعْمَةٌ عَلَى الْفَرْعِ) فُهِمَ مِنْهُ إنْ وُلِدَ بَيْنَ حُرَّيْنِ أَصْلِيَّيْنِ، ثُمَّ طَرَأَ الرِّقُّ عَلَى أَبَوَيْهِ، ثُمَّ زَالَ أَنَّهُ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نِعْمَةَ الْإِعْتَاقِ لَمْ تَشْمَلْهُ لِحُصُولِ الْحُرِّيَّةِ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَيُتَصَوَّرُ فِي الْكُفَّارِ إذَا اُسْتُرِقُّوا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ وَجَعَلَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ وَحَكَمَ بِثُبُوتِ الْوَلَاءِ عَلَى الْوَلَدِ وَفِيهِ نَظَرٌ ر وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ وَجَعَلَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَعْدَهُ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ لَا يَأْتِي فِيمَا إذَا تَزَوَّجَ عَتِيقٌ بِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ (وَقَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ الْأَوَّلَ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أَبِيهِ) لَوْ الْتَحَقَ مَوَالِي الْأَبِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَكَانُوا نَصَارَى فَسُبُّوا وَاسْتُرِقُّوا فَهَلْ يَعُودُ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ فِي التَّجْرِيدِ لِابْنِ كَجٍّ. اهـ. أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 459 (عَتَقَ الْأَبُ) بَعْدُ (لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مَوْلَاهُ) بَلْ الْعِبْرَةُ بِحَالِ الْمَوْتِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَاءٌ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ مَعْنَى الِانْجِرَارِ أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّ الْوَلَاءَ لَمْ يَزَلْ فِي جَانِبِ الْأَبِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ مِنْ وَقْتِ عَتَقَ الْأَبُ عَنْ مَوَالِي الْأُمِّ (فَإِنْ انْقَرَضَ مَوَالِي الْأَبِ بَعْد الِانْجِرَارِ إلَيْهِمْ) مِنْ مَوْلَى الْأُمِّ أَوْ مَوْلَى الْجَدِّ (لَمْ يَعُدْ إلَى مَنْ انْجَرَّ مِنْهُ) إلَيْهِمْ (بَلْ وَارِثُهُ) حِينَئِذٍ (بَيْتُ الْمَالِ) . [فَرْعٌ أَعْتَقَ أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ بِعَتِيقٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ] (فَرْعٌ) لَوْ (أَعْتَقَ أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ بِعَتِيقٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) وَقْتِ (الْعِتْقِ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ) لَا لِمُعْتِقِ الْأَبِ (لِأَنَّهُ بَاشَرَ إعْتَاقَهُ بِإِعْتَاقِهَا) وَوَلَاءُ الْمُبَاشَرَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى وَلَاءِ السِّرَايَةِ (أَوْ) أَتَتْ بِهِ (لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ (وَهُوَ لَا يَفْتَرِشُهَا فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ) أَيْضًا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ نَسَبِهِ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ حِينَئِذٍ (أَوْ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ يَفْتَرِشُهَا أَوْ لِفَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَهُوَ لَا يَفْتَرِشُهَا) أَوْ يَفْتَرِشُهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (فَهُوَ لِمُعْتِقِ الْأَبِ) لِأَنَّا فِي الْأُولَى لَا نَعْلَمُ وُجُودَهُ يَوْمَ الْعِتْقِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَالِافْتِرَاشُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ لِلْحُدُوثِ بَعْدَهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ يُعْلَمُ حُدُوثُهُ لِزِيَادَةِ الْمُدَّةِ عَلَى أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ (أَوْ لِأَقَلَّ) مِنْ فَوْقِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ أَتَتْ بِهِ فِي الْأُولَى لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَفِي الثَّانِيَةِ لِأَرْبَعِ سِنِينَ (فَلِمُعْتِقِ الْأُمِّ) الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِظُهُورِ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعِتْقِ وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ تَقْيِيدِهِ فِيهَا بِالْفَوْقِيَّةِ وَكِلَاهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ حَسَنٌ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ. (وَمَنْ أَعْتَقَ مُزَوَّجَةً بِرَقِيقٍ فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) وَقْتِ (عِتْقِهَا فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوَالِي أُمِّهِ) بِالْمُبَاشَرَةِ (وَلَا يَنْجَرُّ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ) إنْ أَعْتَقَهُ بَعْدُ (لِأَنَّ عِتْقَهُ مُبَاشَرَةٌ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) وَلَمْ تَكُنْ مُفَارِقَةً لِلزَّوْجِ وَكَانَ يَفْتَرِشُهَا فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ أُمِّهِ (ثُمَّ) إذَا (أَعْتَقَ الْأَبُ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ إلَى مُعْتِقِهِ) لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ وُجُودَهُ يَوْمَ عِتْقِ الْأُمِّ (فَإِنْ كَانَتْ مُفَارِقَةً وَوَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ) مِنْ السِّنِينَ (مِنْ الْفُرْقَةِ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ) أَبَدًا (لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ الزَّوْجَ أَوْ لِأَقَلَّ) مِمَّا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي الْأُولَى وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ (لَحِقَ الزَّوْجَ وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ، فَإِذَا عَتَقَ الْأَبُ فَفِي الِانْجِرَارِ) إلَى مُعْتِقِهِ (قَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ لَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ نَسَبِهِ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ فَيَقَعُ عِتْقُهُ مُبَاشَرَةً وَالثَّانِي نَعَمْ وَيُجْعَلُ حَادِثًا وَيُفَارِقُ النَّسَبَ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ وَذِكْرُ حُكْمِ الْأَقَلِّ فِي الْأُولَى مَفْهُومٌ مِنْ تَقْيِيده قَبْلُ بِفَوْقِ وَكِلَاهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ لِلْأَصْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مَسْأَلَتَيْ عِتْقِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ بِعَتِيقٍ مَنْ حَذَفَ فَوْقَ حَذَفَ أَكْثَرَ هُنَا. (فَإِنْ نَفَاهُ الْأَبُ بِاللَّعَّانِ بَقِيَ الْوَلَاءُ لِمَوْلَى الْأُمِّ فِي الظَّاهِرِ، فَإِنْ عَادَ) الْأَبُ (وَاسْتَلْحَقَهُ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ لَحِقَهُ وَاسْتَرَدَّ) مِنْ مَوْلَى الْأُمِّ (إرْثَهُ) فِيمَا إذَا اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (لِأَنَّهُ بَانَ أَنْ لَا وَلَاءَ لَهُمْ) . (وَإِنْ غُرَّ الزَّوْجُ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ) فَنَكَحَهَا (فَأَوْلَدَهَا) بِظَنِّ أَنَّهَا حُرَّةٌ (ثُمَّ عَلَى) أَنَّهَا أَمَةٌ (فَأَوْلَدَهَا ثَانِيًا فَالثَّانِي رَقِيقٌ) وَالْأَوَّلُ حُرٌّ (فَلَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ الثَّانِيَ (السَّيِّدُ مَعَ أُمِّهِ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَبَ انْجَرَّ وَلَاءُ الْأَوَّلِ) إلَى مُعْتِقِ الْأَبِ (لَا) وَلَاءِ (الثَّانِي لِمُبَاشَرَةِ السَّيِّدِ عِتْقَهُ) . (فَإِنْ نَكَحَهَا عَالِمًا) بِأَنَّهَا أَمَةٌ (وَأَوْلَدَهَا، ثُمَّ عَتَقَتْ فَأَوْلَدَهَا) ثَانِيًا (فَالثَّانِي حُرٌّ يَنْجَرُّ وَلَاؤُهُ) لِمُعْتِقِ الْأَبِ (وَالْأَوَّلُ رَقِيقٌ وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ) . (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَلَاءِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْإِرْثُ وَوِلَايَةُ التَّزْوِيجِ وَتَحَمُّلُ الدِّيَةِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ) فِي مَحَالِّهَا (وَكَذَا التَّقَدُّمُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ) وَفِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ (فَيَرِثُهُ) أَيْ الْعَتِيقَ (الْمُعْتِقُ حَيْثُ لَا عَصَبَةَ) مَعَهُ مِنْ النَّسَبِ (يَأْخُذُ كُلَّ الْمَالِ أَوْ) يَأْخُذُ (مَا بَقِيَ) وَفِي نُسْخَةٍ يَبْقَى (بَعْدَ الْفُرُوضِ) فَإِنْ كَانَ مَعَهُ عَصَبَةٌ يَأْخُذُ ذَلِكَ لَمْ يَرِثْ (ثُمَّ) يَرِثُهُ (عَصَبَاتُهُ) الْمُتَعَصِّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ (الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ) ثُمَّ عَصَبَاتُهُ (وَهَكَذَا مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ مُعْتِقُ أَبِيهِ وَجَدِّهِ) ، وَإِنْ عَلَا (لَا مُعْتِقُ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ) لَهُ. (فَصْلٌ الْوَارِثُ بِوَلَاءِ الْعِتْقِ كُلُّ ذَكَرٍ يَكُونُ عَصَبَةً لِلْمُعْتِقِ لَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ يَوْمَ مَوْتِ الْعَتِيقِ بِصِفَةِ الْعِتْقِ) مِنْ إسْلَامٍ أَوْ كُفْرٍ (فَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ وَلِلْمُعْتِقِ أَوْلَادٌ أَوْ إخْوَةٌ وَرِثَهُ الذُّكُورُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْإِنَاثِ لِخَبَرِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» إذْ النَّسَبُ إلَى الْعَصَبَةِ وَالْإِنَاثُ لَيْسُوا بِعَصَبَةٍ، وَقَدْ يَرِثْنَ بِهِ كَمَا قَالَ (وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا) كَالرَّجُلِ لِخَبَرِ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَلِأَنَّ «بِنْتًا لِحَمْزَةَ أَعْتَقَتْ جَارِيَةً فَمَاتَتْ الْجَارِيَةُ عَنْ بِنْتٍ وَعَنْ الْمُعْتِقَةِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِصْفَ مِيرَاثِهَا لِلْبِنْتِ وَالنِّصْفَ لِلْمُعْتِقَةِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَهُوَ حَسَنٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَلَاءِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْعِتْقَ مُقَدَّمٌ عَلَى عَصَبَتِهِ فِيمَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ فِيهِ مَعَ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا وَالْمُعْتِقُ حُرٌّ كَافِرٌ وَلَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ فَمِيرَاثُهُ لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 460 (وَ) مِنْ (أَوْلَادِهِ) وَإِنْ نَزَلُوا (وَعُتَقَائِهِ) وَإِنْ بَعُدُوا كَالرَّجُلِ وَلِأَنَّ نِعْمَةَ إعْتَاقِهَا شَمِلَتْهُمْ كَمَا شَمِلَتْ الْعَتِيقَ فَتَبِعُوهُ فِي الْوَلَاءِ. (وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ عَنْ ابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَخَلَّفَ ابْنًا فَالْوَلَاءُ لِعَمِّهِ دُونَهُ) وَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ لَوْ مَاتَ يَوْمَ مَوْتِ عَتِيقِهِ كَانَ عَصَبَتُهُ الِابْنَ دُونَ ابْنِ الِابْنِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ وَنَحْوُهَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْكُبْرِ بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ الْكَبِيرِ فِي الدَّرَجَةِ وَالْقُرْبِ دُونَ السِّنِّ (فَلَوْ مَاتَ الْآخَرُ وَخَلَفَ تِسْعَةَ بَنِينَ فَالْوَلَاءُ بَيْنَ الْعَشَرَةِ بِالسَّوِيَّةِ) ، فَإِذَا مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثُوهُ أَعْشَارًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ يَوْمئِذٍ وَرِثُوهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ فَإِنَّ نِصْفَهُ لِابْنِ الِابْنِ وَنِصْفَهُ الْآخَرَ لِلتِّسْعَةِ؛ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَنْ آبَائِهِمْ وَالْوَلَاءُ لَمْ يَرِثُوهُ، فَإِذَا مَاتَ الْعَتِيقُ فَمَنْ هُوَ أَحَقُّ إذْ ذَاكَ مِنْ عَصَبَاتِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَهَؤُلَاءِ الْعَشَرَةُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ. (وَيَخْتَصُّ بِوَلَاءٍ) أَيْ بِالْإِرْثِ بِوَلَاءِ (الْعَتِيقِ وَعَتِيقِهِ) وَإِنْ بَعُدَ الْأَبُ وَإِنْ عَلَا وَالِابْنُ، وَإِنْ سَفَلَ (الْأَخُ) أَيْ أَخُو الْمُعْتِقِ (مِنْ الْأَبَوَيْنِ، ثُمَّ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ) ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ (كَمَا سَبَقَ تَرْتِيبُهُ فِي الْفَرَائِضِ إلَّا أَنَّ الْأَخَ وَابْنَهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَدِّ) وَفِي الْفَرَائِضِ يَسْتَوِيَانِ كَمَا مَرَّ. (وَإِنْ أَعْتَقَ مُسْلِمٌ كَافِرًا، ثُمَّ مَاتَ) الْكَافِرُ عَنْ الْمُسْلِمِ وَأَوْلَادِهِ (وَفِي أَوْلَادِهِ كَافِرٌ وَرِثَهُ دُونَهُمْ) لِأَنَّهُ الَّذِي يَرِثُ الْمُعْتَقَ لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ بِصِفَةِ الْكُفْرِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ وَلَاءَ الْعَصَبَةِ ثَابِتٌ لَهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُعْتَقِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ (وَإِنْ) (أَسْلَمَ الْعَتِيقُ) فِي هَذِهِ، ثُمَّ مَاتَ (وَرِثُوهُ دُونَهُ) . [فَرْعٌ الِانْتِسَابُ فِي الْوَلَاءِ] (فَرْعٌ) الِانْتِسَابُ فِي الْوَلَاءِ قَدْ لَا يَكُونُ بِمَحْضِ الْإِعْتَاقِ كَمُعْتَقِ الْمُعْتَقِ وَمُعْتَقِ مُعْتَقِ الْمُعْتَقِ، وَقَدْ يَتَرَكَّبُ مِنْ الْإِعْتَاقِ وَالنَّسَبِ كَمُعْتَقِ الْأَبِ، وَأَبِي الْمُعْتَقِ، وَمُعْتَقِ أَبِي الْمُعْتَقِ، وَإِذَا تَرَكَّبَ الِانْتِسَابُ فَقَدْ يُشْبِهُ حُكْمَ الْوَلَاءِ وَيُغَالَطُ بِهِ بِأَنْ يُقَالَ اجْتَمَعَ أَبُو الْمُعْتَقِ وَمُعْتَقُ الْأَبِ فَأَيُّهُمَا أَوْلَى؟ وَجَوَابُهُ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ أَبُو مُعْتَقٍ كَانَ لَهُ مُعْتِقٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَلَاءَ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ أَصْلًا كَمَا مَرَّ فَلَا مَعْنَى لِمُقَابَلَةِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَطَلَبِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ مُعْتَقُ أَبِي الْمُعْتَقِ وَمُعْتَقُ الْمُعْتَقِ فَالْوَلَاءُ لِمُعْتِقِ الْمُعْتَقِ؛ لِأَنَّ وَلَاءَهُ بِجِهَةِ الْمُبَاشَرَةِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (فَرْعٌ) لَوْ (مَلَكَتْ) امْرَأَةٌ (أَبَاهَا فَعَتَقَ) عَلَيْهَا (ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا وَمَاتَ عَتِيقُهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَرِثَتْهُ) لَا لِكَوْنِهَا بِنْتَ الْمُعْتِقِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا لَا تَرِثُ بَلْ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةُ الْمُعْتِقِ (لَا إنْ كَانَ لِأَبِيهَا عَصَبَةٌ) بِالنَّسَبِ كَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ، وَإِنْ بَعُدَ فَلَا تَرِثُ (لِأَنَّهَا مُعْتِقَةُ مُعْتِقِهِ) فَتَتَأَخَّرُ عَنْ عَصَبَةِ النَّسَبِ فَالْمِيرَاثُ لَهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَسَمِعْت بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ أَخْطَأَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ؛ لِأَنَّهُمْ رَأَوْهَا أَقْرَبَ بِمُبَاشَرَتِهَا الْإِعْتَاقَ وَهِيَ عَصَبَةٌ لَهُ بِوَلَائِهَا عَلَيْهِ وَغَفَلُوا عَنْ تَقْدِيمِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ عَلَى مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ. (فَإِنْ اشْتَرَتْ الْأَبَ هِيَ وَأَخُوهَا) فَعَتَقَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا (وَمَاتَ عَتِيقُ الْأَبِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَخَلَفَهُمَا فَقَطْ وَرِثَهُ الْأَخُ دُونَهَا) ؛ لِأَنَّهَا عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ بِالنَّسَبِ وَهِيَ مُعْتِقَةُ الْمُعْتِقِ (بَلْ لَوْ كَانَ لِلْأَبِ) وَفِي نُسْخَةٍ لَهَا (ابْنُ عَمٍّ بَعِيدٌ وَرِثَهُ الْأَخُ دُونَهَا) لِذَلِكَ (وَلَوْ مَاتَ الْأَخُ) بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ (وَلَمْ يَخْلُفْ سِوَاهَا فَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ نِصْفٌ بِالْأُخُوَّةِ وَنِصْفُ الْبَاقِي بِالْوَلَاءِ) لِأَنَّ لَهَا نِصْفَ وَلَاءِ الْأَخِ لِإِعْتَاقِهَا نِصْفَ أَبِيهِ (وَلَوْ مَاتَ الْعَتِيقُ) بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ وَالِابْنِ (وَلَمْ يَخْلُفْ سِوَاهَا فَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ) أَيْضًا (نِصْفٌ لِكَوْنِهَا مُعْتِقَةَ نِصْفِ الْمُعْتَقِ وَنِصْفُ الْبَاقِي لِكَوْنِهَا مُعْتِقَةَ نِصْفِ أَبِي مُعْتِقِ نِصْفِ مَنْ أَعْتَقَهُ وَالْبَاقِي) فِي الصُّورَتَيْنِ لِمَوَالِي الْأُمِّ إنْ كَانَتْ عَتِيقَةً وَإِلَّا فَيَكُونُ (لِبَيْتِ الْمَالِ) وَلَفْظَةُ نِصْفِ الْأَخِيرَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْهَا (وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ وَلَمْ يَخْلُفْ إلَّا الْبِنْتَ فَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَثُمُنُ النِّصْفِ بِالْبُنُوَّةِ وَالرُّبُعُ؛ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةُ نِصْفِهِ وَنِصْفُ الرُّبْعِ) الْبَاقِي (لِأَنَّ لَهَا نِصْفَ وَلَاءِ الْأَخِ بِإِعْتَاقِهَا نِصْفَ أَبِيهِ) وَأَخُوهَا مَوْلَى الْأَبِ فِي النِّصْفِ فَهِيَ مَوْلَاةُ مَوْلَى الْأَبِ فِي النِّصْفِ وَالثُّمُنُ الْبَاقِي لِمَوَالِي الْأُمِّ إنْ كَانَتْ عَتِيقَةً وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ. [فَرْعٌ لَوْ غُرَّ عَبْدٌ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ فَنَكَحَهَا فَأَوْلَدَهَا بِنْتَيْنِ] (فَرْعٌ) لَوْ (غُرَّ عَبْدٌ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ) فَنَكَحَهَا (فَأَوْلَدَهَا بِنْتَيْنِ فَهُمَا حُرَّتَانِ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِمَا بِالْمُبَاشَرَةِ) كَمَا لَا وَلَاءَ عَلَيْهَا بِالسِّرَايَةِ الْآنَ (فَإِنْ اشْتَرَتْ إحْدَاهُمَا الْأَبَ وَالْأُخْرَى الْأُمَّ فَعَتَقَا) عَلَيْهِمَا بِأَنْ عَتَقَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُشْتَرَاهُ (فَمَاتَ الْأَبَوَانِ) عَنْهُمَا (وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيهِمَا) وَهُوَ أَنَّ لَهُمَا الثُّلُثَيْنِ مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْبُنُوَّةِ وَالْبَاقِي مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمُشْتَرِيَتِهِ بِالْوَلَاءِ (ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَرِثَتْهَا الْأُخْرَى النِّصْفَ بِالْأُخُوَّةِ وَالنِّصْفَ) الْآخَرَ (بِالْوَلَاءِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْوَلَاءَ عَلَى الْأُخْرَى) تَبَعًا لِلْوَلَاءِ عَلَى مُشْتَرَاهَا، وَقَوْلُهُ   [حاشية الرملي الكبير] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 461 وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيهِمَا جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ وَجَوَابُ الشَّرْطِ وَرِثَتْهَا الْأُخْرَى. (وَإِنْ اشْتَرَتَا أَبَاهُمَا، ثُمَّ اشْتَرَتْ إحْدَاهُمَا الْأَبَ أَبَا الْأَبِ وَعَتَقَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي لِجَدِّهِمَا) أَبِي الْأَبِ السُّدُسُ بِالْفَرْضِ وَالْبَاقِي بِعُصُوبَةِ النَّسَبِ (فَإِنْ مَاتَ) الْجَدُّ (بَعْدَهُ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ) بِالْبُنُوَّةِ (وَالْبَاقِي نِصْفُهُ لِمُعْتِقَتِهِ مَعَ الْأَبِ) لِإِعْتَاقِهَا نِصْفَهُ (وَنِصْفُهُ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا) لِإِعْتَاقِهِمَا مُعْتَقَ نِصْفِهِ، وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا بَعْدُ وَخَلَفَتْ الْأُخْرَى فَعَلَى مَا مَرَّ صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ. (وَإِنْ اشْتَرَتَا أُمَّهُمَا، ثُمَّ اشْتَرَتْ الْأُمُّ أَبَاهُمَا وَأَعْتَقَتْهُ فَلَهُمَا الْوَلَاءُ عَلَيْهِمَا) مُبَاشَرَةً (كَمَا لَهَا) الْوَلَاءُ (عَلَيْهِمَا) سِرَايَةً؛ لِأَنَّهَا مُعْتَقَةُ أَبِيهِمَا (فَإِنْ مَاتَ الْأَبَوَانِ وَرِثَاهُمَا) الثُّلُثَيْنِ (بِالْبُنُوَّةِ وَ) الْبَاقِيَ بِجِهَةِ (الْوَلَاءِ، ثُمَّ إذَا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُمَا بَعْدَهُ (فَلِلْأُخْرَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَالِهَا) النِّصْفُ بِالْأُخُوَّةِ وَنِصْفُ الْبَاقِي بِإِعْتَاقِهَا نِصْفَ مُعْتِقِ أَبِيهَا (وَالْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ اشْتَرَتَا أَبَاهُمَا فَاشْتَرَتْ إحْدَاهُمَا وَالْأَبُ وَهُوَ مُعْسِرٌ أَخَاهَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخَاهَا (عَتَقَ عَلَيْهِ نِصْفُهُ) فَقَطْ (لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ وَأَعْتَقَتْ الْمُشْتَرِيَةُ بَاقِيَهُ، فَإِنْ مَاتَ الْأَخُ بَعْدَ) مَوْتِ (الْأَبِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ بِالْأُخُوَّةِ وَالْبَاقِي نِصْفُهُ لِلْمُشْتَرِيَةِ) لِإِعْتَاقِهَا نِصْفَهُ (وَبَاقِيهِ بَيْنَ الْبِنْتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مُعْتَقَتَا الْأَبِ الَّذِي أَعْتَقَ نِصْفَ الْأَخِ فَهِيَ) أَيْ الْقِسْمَةُ (مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفُ نِصْفِ ثُلُثٍ (لِمُشْتَرِيَةِ الْأَخِ) مِنْهَا (سَبْعَةٌ وَلِلْأُخْرَى خَمْسَةٌ، وَلَوْ مَاتَتْ الَّتِي لَمْ تَشْتَرِ الْأَخَ أَوَّلًا، ثُمَّ) مَاتَ (الْأَبُ، ثُمَّ الْأَخُ فَمَالُ الْمَيِّتَةِ أَوَّلًا لِأَبِيهَا وَمَالُ الْأَبِ لِابْنِهِ وَبِنْتِهِ أَثْلَاثًا وَمَالُ الْأَخِ نِصْفُهُ لِلْأُخْتِ الْبَاقِيَةِ) بِالنَّسَبِ (وَنِصْفُ بَاقِيهِ لَهَا بِإِعْتَاقِهَا نِصْفَهُ وَالْبَاقِي وَهُوَ الرُّبُعُ) لِلْأَبِ لَوْ كَانَ حَيًّا فَيَكُونُ (لِمُعْتِقِ الْأَبِ) أَيْ الْأُخْتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مُعْتَقَتَاهُ (فَلِهَذَا) الْأَوْلَى قَوْلُهُ أَصْلُهُ فَلِهَذِهِ (نِصْفُهُ وَنِصْفُهُ لِلْمَيِّتَةِ فَيَكُونُ لِمَوَالِيهَا وَهُمْ هَذِهِ الْأُخْتُ وَمَوَالِي الْأُمِّ إنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً) بَيْنَهُمَا (نِصْفَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأُمِّ مَوْلًى فَبَيْتُ الْمَالِ) بَدَلُهُ. (فَرْعٌ أُخْتَانِ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِمَا اشْتَرَتَا أُمَّهُمَا فَاشْتَرَتْ الْأُمُّ وَأَجْنَبِيٌّ أَبَاهُمَا وَأَعْتَقَاهُ فَمَاتَتْ الْأُمُّ فَمَالُهَا لِلْبِنْتَيْنِ) ثُلُثَاهُ (بِالنَّسَبِ وَ) بَاقِيهِ لِجِهَةِ (الْوَلَاءِ، فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ بَعْدَهَا فَلَهُمَا ثُلُثَاهُ) بِالنَّسَبِ (وَنِصْفُ الْبَاقِي لِلْأَجْنَبِيِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ نِصْفَهُ (وَالْبَاقِي لَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مُعْتِقَتَا مُعْتِقَةِ نِصْفِهِ، وَإِنْ مَاتَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبَوَيْنِ فَنِصْفُ مَالِهَا لِلْأُخْرَى) بِالنَّسَبِ (وَنِصْفُ الْبَاقِي) وَهُوَ الرُّبُعُ (لِلْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ نِصْفَ أَبِيهَا وَ) الرُّبُعُ (الْبَاقِي) كَانَ (لِلْأُمِّ) لَوْ كَانَتْ حَيَّةً؛ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةُ النِّصْفِ الْآخَرِ (وَهِيَ) الْآنَ (مَيِّتَةٌ فَيَصِيرُ) الْبَاقِي (لِلْأُخْتَيْنِ بِالْوَلَاءِ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّهُمَا مُعْتَقَتَاهَا (لِلْبَاقِيَةِ) مِنْهُمَا (نِصْفُهُ) وَهُوَ الثُّمُنُ (وَلِلْأُخْتِ الْمَيِّتَةِ الْبَاقِي وَهُوَ الثُّمُنُ يَرْجِعُ إلَى مَنْ لَهُ وَلَاؤُهَا وَهُوَ الْأَجْنَبِيُّ وَالْأُمُّ وَنَصِيبُ الْأُمِّ يَرْجِعُ إلَى الْحَيَّةِ وَالْمَيِّتَةِ وَحِصَّةُ الْمَيِّتَةِ) تَرْجِعُ (إلَى الْأُمِّ وَالْأَجْنَبِيِّ وَهَكَذَا يَدُورُ أَبَدًا) وَلِذَلِكَ سُمِّيَ سَهْمَ الدَّوْرِ (فَيُجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ بِنَسَبٍ وَلَا وَلَاءٍ. وَهَذَا مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَنَقَلَهُ أَبُو خَلَفٍ الطَّبَرِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ يُقْطَعُ السَّهْمُ الدَّائِرُ وَهُوَ الثُّمُنُ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَيُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى بَاقِي السِّهَامِ وَهُوَ سَبْعَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ مَخْرَجُ الثُّمُنِ الدَّائِرِ خَمْسَةٌ لِلْأُخْتِ الْبَاقِيَةِ وَسَهْمَانِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَزَيَّفَ الْإِمَامُ الْوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْوَلَاءَ ثَابِتٌ وَنِسْبَةَ الدَّوْرِ مَعْلُومَةٌ فَيَجِبُ تَنْزِيلُ السَّهْمِ الدَّائِرِ وَقِسْمَتُهُ عَلَى تِلْكَ النِّسْبَةِ، وَالثَّانِيَ بِأَنَّ ضَمَّ مَا لِلْأُخْتِ بِالنَّسَبِ إلَى حِسَابِ الْوَلَاءِ لَا مَعْنَى لَهُ، ثُمَّ قَالَ وَالْوَجْهُ إنْ انْفَرَدَ النِّصْفُ وَلَا نُدْخِلُهُ فِي حِسَابِ الْوَلَاءِ وَيُنْظَرُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْوَلَاءِ فَنَجِدُ نِصْفَهُ لِلْأُمِّ وَنِصْفَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَمَا لِلْأُمِّ يَصِيرُ لِلْأُخْتَيْنِ، ثُمَّ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا نِصْفُهُ لِلْأُمِّ وَنِصْفُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَنَصِيبُ الْأُمِّ لِلْأُخْتَيْنِ فَبَانَ أَنَّ لِلْأَجْنَبِيِّ مِنْ النِّصْفِ ضِعْفَ مَا لِلْأُخْتِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ مَا لِلْأُمِّ وَمَا لِلْأُمِّ يَتَنَصَّفُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فَالْمَالُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا فَيَحْتَاجُ فِي التَّأْصِيلِ إلَى عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَلِنِصْفِهِ ثُلُثٌ وَأَقَلُّهُ سِتَّةٌ لِلْأُخْتِ نِصْفُهَا بِالنَّسَبِ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ لَهَا مِنْهَا سَهْمٌ وَلِلْأَجْنَبِيِّ سَهْمَانِ فَالْحَاصِلُ لَهَا الثُّلُثَانِ مِنْ سِتَّةٍ وَلِلْأَجْنَبِيِّ الثُّلُثُ وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى ثَلَاثَةٍ وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ (وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ) أَيْ قَبْلَ مَوْتِ أَبَوَيْهَا (فَمَا لَهَا لِأَبَوَيْهَا) لِلْأُمِّ مِنْهُ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ (ثُمَّ إنْ مَاتَتْ الْأُمُّ فَلِلْبِنْتِ) الْبَاقِيَةِ (النِّصْفُ) بِالنَّسَبِ (وَلَهَا نِصْفُ الْبَاقِي لِإِعْتَاقِهَا نِصْفَ الْأُمِّ وَ) نِصْفُهُ (الْبَاقِي لِلْأَبِ) ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ مُعْتَقُهُ النِّصْفُ مِنْ النَّسَبِ وَلَا دَوْرَ (وَإِنْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ) مَوْتِ (الْأَبِ وَالْأُمُّ بَاقِيَةٌ فَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَالِهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ الْوَارِثُ بِوَلَاءِ الْعِتْقِ] قَوْلُهُ وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 462 وَلِلْأُخْتِ نِصْفُهُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأُمِّ وَالْأَجْنَبِيِّ) لِأَنَّهُمَا مُعْتَقَتَا أَبِيهَا. (فَإِنْ مَاتَتْ أُمُّهَا بَعْدَهَا فَنِصْفُ مَالِهَا لِلْبِنْتِ) الْبَاقِيَةِ (بِالْبُنُوَّةِ وَلَهَا مِنْ) النِّصْفِ (الْبَاقِي نِصْفُهُ) لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْ نِصْفَهَا (وَالنِّصْفُ الْآخَرُ حِصَّةُ) الْبِنْتِ (الْمَيِّتَةِ) لَوْ كَانَتْ حَيَّةً هِيَ الْآنَ مَيِّتَةً فَيَكُونُ (لِمَوَالِيهَا وَهُمَا الْأَجْنَبِيُّ وَالْأُمُّ) لَكِنَّ الْأُمَّ مَيِّتَةٌ (فَلِلْأَجْنَبِيِّ نِصْفُهُ) وَهُوَ الثُّمُنُ (يَبْقَى مَنْ يَرْجِعُ إلَى الْأُخْتَيْنِ لِإِعْتَاقِهِمَا الْأُمَّ وَهُوَ سَهْمُ دَوْرٍ يَرْجِعُ لِبَيْتِ الْمَالِ) عَلَى مَا مَرَّ وَعَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لِلْأَجْنَبِيِّ سُدُسُ الْمَالِ وَلِلْأُخْتِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ إذْ لَهَا مَعَ النِّصْفِ بِالْبُنُوَّةِ نِصْفُ الْبَاقِي بِالْوَلَاءِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا إذْ لَهُ مِنْهُ ضِعْفُ مَالَهَا مِنْهُ فَيَحْتَاجُ إلَى عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَلِنِصْفِهِ نِصْفُ ثُلُثٍ وَأَقَلُّهُ اثْنَا عَشَرَةَ لِلْأُخْتِ مِنْهَا عَشَرَةٌ وَلِلْأَجْنَبِيِّ اثْنَانِ وَيَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى سِتَّةٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَرْضِيِّينَ قَالُوا إنَّمَا يَحْصُلُ الدَّوْرُ فِي الْوَلَاءِ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: تَعَدُّدُ الْمُعْتَقِ وَتَعَدُّدُ مَنْ مَاتَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَنْ لَا يَحُوزَ الْبَاقِي مِنْهُمْ إرْثَ الْمَيِّتِ قَبْلَهُ وَأَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ أَحْوَالًا أُخَرَ نَاشِئَةً مِنْ مَوْتِ الْأَبَوَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْتَيْنِ بِتَرَتُّبٍ أَوْ مَعِيَّةٍ أَوْ اخْتِلَافٍ مِنْهُمَا وَعَلَى التَّقَادِيرِ إمَّا أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ بَاقِيَةً أَوْ لَا فَعَلَيْك بِتَفْصِيلِ ذَلِكَ. [فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي الْعِتْق] (فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ) لَوْ (أَعْتَقَ عَتِيقٌ أَبَا مُعْتِقِهِ فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (الْوَلَاءُ عَلَى الْآخَرِ) . (وَإِنْ أَعْتَقَ أَجْنَبِيٌّ أُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ) أَوْ لِأَبٍ (فَاشْتَرَتَا أَبَاهُمَا فَلَا وَلَاءَ لِوَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (عَلَى الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (وَلَاءَ مُبَاشَرَةٍ) ، فَإِذَا مَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَلِلْأُخْرَى نِصْفُ مَا لَهَا بِالْأُخُوَّةِ وَالْبَاقِي لِمُعْتَقِهَا بِالْوَلَاءِ. (وَلَوْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ بَعْضَ أَبِيهِ، ثُمَّ عَتَقَ بِعِتْقِهِ لَمْ يَسْرِ) الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ (لِأَنَّهُ عَتَقَ لَا بِاخْتِيَارِهِ) بَلْ ضِمْنًا كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَفِي الْكِتَابَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، ثُمَّ السِّرَايَةُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. (وَلَوْ قَالَ) لِغَيْرِهِ (أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ فَأَعْتَقَ وَهُوَ مُسْتَأْجِرٌ أَوْ مَغْصُوبٌ أَوْ غَائِبٌ عَلِمَهُ حَيًّا نَفَذَ) الْعِتْقُ وَالْأُولَيَانِ تَقَدَّمَتَا فِي الْكَفَّارَةِ، وَقَوْلُهُ (قَطْعًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ عَلِمَهُ حَيًّا. (وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ عَلَى وَجْهِ السُّخْرِيَةِ قُمْ يَا حُرُّ حُكِمَ) عَلَيْهِ (بِعِتْقِهِ) لِخَبَرِ «ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ وَمِنْهَا الْعَتَاقُ» . (وَإِعْتَاقُ مُضْغَةٍ لَغْوٌ إذَا لَمْ يُنْفَخْ فِيهَا الرُّوحُ) وَفِي نُسْخَةٍ إعْتَاقُ مُضْغَةٍ لَمْ يُنْفَخْ فِيهَا الرُّوحُ لَغْوٌ (فَإِنْ قَالَ مُضْغَةُ أَمَتِي حُرٌّ فَهُوَ إقْرَارٌ بِانْعِقَادِهِ) أَيْ الْوَلَدِ (حُرًّا، فَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا صَارَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ) وَإِلَّا فَلَا تَصِيرُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ وَطْءِ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا غَيْرُ كَافٍ وَصَوَابُهُ، فَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذِهِ الْمُضْغَةَ مِنْهُ قَالَ، وَقَوْلُهُ مُضْغَةُ أَمَتِي حُرٌّ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْإِقْرَارِ فَقَدْ يَكُونُ لِلْإِنْشَاءِ كَقَوْلِهِ أَعْتَقْت مُضْغَتَهَا أَيْ فَيَلْغُو لِمَا مَرَّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا صَوَّبَهُ غَيْرُ كَافٍ أَيْضًا حَتَّى يَقُولَ عَلِقْت بِهَا فِي مِلْكِي أَوْ نَحْوِهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْإِقْرَارِ. (وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ قُلْ عِنْدَ النَّاسِ أَنَا حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ) بَلْ هُوَ أَمْرٌ بِكَذِبٍ (أَوْ) (قَالَ) لَهُ (اللَّهُ أَعْتَقَك عَتَقَ) لِأَنَّهُ إخْبَارٌ (أَوْ) قَالَ لَهُ (أَعْتَقَك اللَّهُ فَلَا) يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَهُ بِالْإِعْتَاقِ، وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ فِيهِمَا، وَقِيلَ يَعْتِقُ فِيهِمَا وَتَرْجِيحُ التَّفْصِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ لِأَمَتِهِ أَعْتَقَك اللَّهُ صَرِيحٌ فِي الْعِتْقِ أَنَّهُ يَعْتِقُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَاعَك اللَّهُ وَأَقَالَك. (وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ بِبِشَارَةٍ فَأَرْسَلَ عَبْدٌ) مِنْ عَبِيدِهِ (عَبْدًا آخَرَ) مِنْهُمْ (لِسَيِّدِهِ لِيُبَشِّرَهُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُك فُلَانٌ يُبَشِّرُك بِكَذَا) وَأَرْسَلَنِي لِأُخْبِرَك (عَتَقَ الْمُرْسِلُ) لِأَنَّهُ الْمُبَشِّرُ (لَا الرَّسُولُ) . (وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقًا بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ صَفْقَةً) بِأَنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ فَلِلَّهِ عَلَيَّ إعْتَاقُهُمَا (فَاشْتَرَى ثَلَاثَةً صَفْقَةً لَزِمَهُ الْوَفَاءُ) بِإِعْتَاقِ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ هَذَا إنْ قَصَدَ الشُّكْرَ عَلَى حُصُولِ الْمِلْكِ، فَإِنْ قَصَدَ الِامْتِنَاعَ مِنْ تَمَلُّكِهِمَا فَهَذَا نَذْرٌ لُجَاجٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ النَّذْرِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. (وَلَا يَعْتِقُ) عَلَى رَجُلٍ (وَلَدُ زِنَاهُ بِمِلْكِهِ) لَهُ لِانْتِفَاءِ نَسَبِهِ. (وَإِنْ قَالَ) لِعَبْدِهِ (أَنْت حُرٌّ مِثْلُ هَذَا وَأَشَارَ إلَى عَبْدِهِ الْآخَرِ عَتَقَا) كَذَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَصَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ عِتْقَ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ لَفْظَتَيْ حُرٌّ وَمِثْلُ خَبَرَانِ عَنْ أَنْتَ مُسْتَقِلَّانِ لَا ارْتِبَاطَ لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَرُدَّ بِأَنَّ الصَّوَابَ قَوْلُ النَّوَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْمِثْلَيْنِ هُمَا اللَّذَانِ يَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَثْبُتُ لِلْآخَرِ وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ مَا يَسْتَحِيلُ عَلَى الْآخَرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعِتْقُ الثَّانِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِالْمُؤَاخَذَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَعْتِقْ بَاطِنًا. (فَإِنْ قَالَ) لَهُ أَنْت حُرٌّ (مِثْلُ هَذَا الْعَبْدِ عَتَقَ الْمُخَاطَبُ فَقَطْ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَعَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لِلْأَجْنَبِيِّ سُدُسُ الْمَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مِنْ وَطْءِ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ) كَزَوْجٍ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا وَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ إضَافَةٌ إلَيْهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا غَيْرُ كَافٍ وَصَوَابُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا صَوَّبَهُ غَيْرُ كَافٍ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ . (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَعْتِقُ فِيهِمَا) لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ أَعْتَقَك اللَّهُ قَدْ صَارَ صَرِيحًا فِي الْعُرْفِ غ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي الْبَيْعِ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْبَيْعِ بَاعَك اللَّهُ أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِيهِ وَفِي النِّكَاحِ زَوَّجَك اللَّهُ بِنْتِي وَفِي الْإِقَالَةِ أَقَالَك اللَّهُ أَوْ قَدْ رَدَّهُ اللَّهُ عَلَيْهِ كِنَايَةٌ قَالَ الشَّيْخَانِ وَقَوْلُ الْمُسْتَحِقِّ لِلْغَرِيمِ أَبْرَأَك اللَّهُ كَقَوْلِ الزَّوْجِ طَلَّقَك اللَّهُ (قَوْلُهُ هَذَا إنْ قَصَدَ الشُّكْرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَعِتْقُ الثَّانِي يَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 463 لِأَنَّ وَصْفَ الثَّانِي بِالْعَبْدِيَّةِ يَمْنَعُ عِتْقَهُ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (قَالَ لِرَجُلٍ أَنْت تَعْلَمُ أَنَّ عَبْدِي حُرٌّ عَتَقَ) بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخَاطَبُ عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ الطَّلَاقِ أَوَاخِرَ الطَّرَفِ الْأَوَّلِ مِنْهُ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (لَا) إنْ قَالَ لَهُ (أَنْت تَظُنُّ أَوْ تَرَى) أَنَّ عَبْدِي حُرٌّ فَلَا يَعْتِقُ وَيُفَارِقُ الْأُولَى بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حُرًّا فِيهَا لَمْ يَكُنْ الْمُخَاطَبُ عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهِ، وَقَدْ اعْتَرَفَ بِعِلْمِهِ وَالظَّنُّ وَنَحْوُهُ بِخِلَافِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي اسْتِفْسَارُهُ فِي صُورَتَيْ تَظُنُّ وَتَرَى وَيَعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ. (وَإِنْ وَلَدَتْ عَتِيقَةٌ تَحْتَ رَقِيقٍ وَلَدًا فَمَاتَ فَثُلُثُ مِيرَاثِهِ لِأُمِّهِ وَالْبَاقِي لِمَوَالِيهَا) لِوَلَائِهِمْ عَلَيْهِ (فَإِنْ وُلِدَ لَهُ) أَيْ لِلرَّقِيقِ (مِنْ حُرَّةٍ) أَصْلِيَّةٍ (وَلَدٌ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ (بِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ (اسْتَرَدَّهُ) أَيْ الْبَاقِيَ (مِنْ الْمَوَالِي) لِتَقَدُّمِ عَصَبَةِ النَّسَبِ عَلَى عَصَبَةِ الْوَلَاءِ (أَوْ) وَلَدَتْهُ (لِسِتَّةِ) أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ (فَلَا) يَسْتَرِدُّهُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلِيَجِيءَ فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ بَيْنَ افْتِرَاشِ الزَّوْجِ وَعَدَمِهِ. (وَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ لِضَارِبِ عَبْدِهِ) مُعَاتِبًا لَهُ عَلَى الضَّرْبِ (عَبْدُ غَيْرِك حُرٌّ مِثْلَك لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ، وَقَوْلُهُ إنْ وَلَدَتْ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي عِتْقِ عَبْدٍ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ عَتَقَ وَلَمْ يَسْرِ) إلَى بَاقِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا خَالَفَ أَمْرَ مُوَكِّلِهِ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَعْتِقَ شَيْءٌ لَكِنْ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ أَوْجَبَ تَنْفِيذَ مَا أَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ وَلَمْ تَتَرَتَّبْ السِّرَايَةُ عَلَى مَا يَثْبُتُ عِتْقُهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَلِأَنَّ عِتْقَ السِّرَايَةِ قَدْ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُبَاشَرَةِ فَيَفُوتُ غَرَضُ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوَكِّلُهُ فِي عِتْقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَلَوْ نَفَّذْنَا عِتْقَ بَعْضِهِ بِالسِّرَايَةِ لَمَا أَجْزَأَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَاحْتَاجَ الْمَالِكُ إلَى نِصْفِ رَقَبَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِعِتْقِ النِّصْفِ فَقَطْ فَإِنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ يُمْكِنُ عِتْقُهُ بِالْمُبَاشَرَةِ عَنْ الْكَفَّارَةِ. (وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ) لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ (أَوْ الشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ) فِيهِ (أَعْتِقْ نَصِيبَك عَنِّي بِكَذَا فَفَعَلَ فَوَلَاؤُهُ لِلْآمِرِ بِهِ وَقُوِّمَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ عَلَى الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ لِغَرَضِهِ) وَهُوَ الْعِوَضُ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ وَ (قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ) أَنَّهُ (لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ عَنْهُ. (كِتَابُ التَّدْبِيرِ) هُوَ لُغَةً النَّظَرُ فِي الْعَوَاقِبِ، وَشَرْعًا تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ الَّذِي هُوَ دُبُرُ الْحَيَاةِ فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لَا وَصِيَّةٍ وَلِهَذَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى إعْتَاقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَسُمِّيَ تَدْبِيرًا مِنْ الدُّبُرِ، وَقِيلَ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ دَبَّرَ أَمْرَ دُنْيَاهُ بِاسْتِخْدَامِهِ وَأَمْرَ آخِرَتِهِ بِإِعْتَاقِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا مَرْدُودٌ إلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي الْأَمْرِ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ الدُّبُرِ أَيْضًا وَكَانَ مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي مَعْنَاهُ فَأَقَرَّهُ الشَّرْعُ عَلَى مَا كَانَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَجُلًا دَبَّرَ غُلَامًا لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَاعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَتَقْرِيرُهُ لَهُ وَعَدَمُ إنْكَارِهِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ وَاسْمُ الْغُلَامِ يَعْقُوبُ وَمُدَبِّرُهُ أَبُو مَذْكُورٍ. (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْمَحَلُّ وَالصِّيغَةُ وَالْأَهْلُ فَالْمَحَلُّ الرَّقِيقُ) ، وَلَوْ مُكَاتَبًا (لَا مُسْتَوْلَدَةً) فَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ بِالْمَوْتِ بِجِهَةٍ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ (وَالصِّيغَةُ صَرِيحُهَا) مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ التَّدْبِيرِ (كَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَعْتَقْتُك) أَوْ حَرَّرْتُك (بَعْدَ مَوْتِي، وَكَذَا دَبَّرْتُك أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ) أَوْ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ عَتِيقٌ (فَيَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَالْكِنَايَةُ) مَا يَحْتَمِلُ التَّدْبِيرَ وَغَيْرَهُ (كَخَلَّيْتُ سَبِيلَك)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلِيَجِيءَ فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي عِتْقِ عَبْدٍ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ عَتَقَ وَلَمْ يَسْرِ إلَى بَاقِيهِ) اسْتَشْكَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ شَرِيكَهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ النَّصِيبَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ سَرَى إلَى نَصِيبِ الْوَكِيلِ قَالَ فَإِذَا حُكِمَ بِالسِّرَايَةِ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِالْعِتْقِ الصَّادِرِ مِنْ الْوَكِيلِ فَلَأَنْ يَسْرِيَ إلَى مِلْكِ نَفْسِهِ أَوْلَى فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّمَا لَمْ يَسْرِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا خَالَفَ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ وَأَعْتَقَ الْبَعْضَ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَعْتِقَ شَيْءٌ لَكِنَّ تَشَوُّفَ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ أَوْجَبَ تَنْفِيذَ مَا أَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ حَذَرًا مِنْ بَقَاءِ الرِّقِّ وَلَمْ تَتَرَتَّبْ السِّرَايَةُ عَلَى مَا ثَبَتَ عِتْقُهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَأَيْضًا فَلِأَنَّ عِتْقَ السِّرَايَةِ قَدْ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُبَاشَرَةِ فَيَفُوتُ غَرَضُ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوَكِّلُهُ فِي عِتْقٍ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَلَوْ نَفَّذْنَا بَعْضَهُ بِالسِّرَايَةِ لَمَا أَجْزَأَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَاحْتَاجَ الْمَالِكُ إلَى نِصْفِ رَقَبَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا يَعْتِقُ النِّصْفُ خَاصَّةً فَإِنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ يُمْكِنُ عِتْقُهُ بِالْمُبَاشَرَةِ عَنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ يُمْكِنُ عِتْقُهُ بِالْمُبَاشَرَةِ عَنْ الْكَفَّارَةِ) وَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِ عَدَمِ السِّرَايَةِ لَا يَشْكُلُ بِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَ شَرِيكَهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ النِّصْفَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ سَرَى إلَى نَصِيبِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ) قَدْ سَبَقَ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ مُوَافَقَةُ هَذَا التَّصْوِيبِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ التَّهْذِيبِ وَأَحْسَبُهُ طَرِيقَةَ الْمَرَاوِزَةِ قَاطِبَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ فِي الْعِتْقِ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَفِي التَّرْغِيبِ إنْ قَالَ اعْتِقْ نَصِيبَك عَنِّي عَلَى كَذَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَأَعْتَقَهُ صَحَّ وَسَرَى عَلَيْهِ غ [كِتَابُ التَّدْبِيرِ] [الْبَاب الْأَوَّل فِي أَرْكَان التَّدْبِير] (قَوْلُهُ لَا مُسْتَوْلَدَةٌ) وَلَيْسَ لَنَا مَا يَمْتَنِعُ التَّدْبِيرُ فِيهِ مَعَ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ سِوَى هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ وَأَعْتَقْتُك بَعْدَ مَوْتِي) نَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي قَوْلِهِ أَعْتَقْتُك بَعْدَ مَوْتِي أَوْ حَرَّرْتُك بَعْدَ مَوْتِي؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمَاضِيَ لَا يَكُونُ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ أَوْ مَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ إلَّا وَعْدًا لَا جَوَابًا وَلَا دُعَاءً؛ لِأَنَّهُ مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَ عَبْدِهِ وَأَيَّدَهُ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ طَلَّقْتُك كَانَ وَعْدًا وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا قَالَ وَلَمْ أَرَهُ فِي غَيْرِ تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ. اهـ. هَذَا مَمْنُوعٌ فِيمَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ مُطْلَقًا وَأَمَّا فِيهِ نَفْسِهِ فَالْأَمْرُ فِيهِ مَوْكُولٌ إلَى الْقَرَائِنِ فَقَدْ يَكُونُ وَعْدًا كَمَا فِي النَّصِّ الَّذِي أَيَّدَ بِهِ، وَقَدْ يَكُونُ جَوَابًا كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك إنْ شِئْت (قَوْلُهُ وَالْكِتَابَةُ كَخَلَّيْتُ سَبِيلَك) نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ خَلَّيْت فِعْلٌ مَاضٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ مِثْلُهُ فِي أَعْتَقْتُك بَعْدَ مَوْتِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 464 أَوْ حَبَسْتُك (بَعْدَ مَوْتِي مَعَ نِيَّةِ الْعِتْقِ وَ) قَوْلُهُ (دَبَّرْت نِصْفَك) مَثَلًا صَحِيحٌ، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ ذَلِكَ الْجُزْءُ (وَلَا يَسْرِي) إلَى بَاقِيهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَسْرِي عَلَى الْمَيِّتِ لِإِعْسَارِهِ كَمَا مَرَّ (وَ) قَوْلُهُ (دَبَّرْت يَدَك) مَثَلًا (هَلْ هُوَ لَغْوٌ) يَعْنِي لَيْسَ بِصَرِيحٍ (أَمْ تَدْبِيرٌ صَحِيحٌ) فِي جَمِيعِهِ؟ (وَجْهَانِ) كَنَظِيرِهِ فِي الْقَذْفِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَقَوْلُهُ أَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ لَسْت بِحُرٍّ لَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ (كَمِثْلِهِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ) فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَسْت بِطَالِقٍ، وَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَسْت بِحُرٍّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ تَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا عَلَى سَبِيلِ الْإِقْرَارِ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ فِي مَعْرِضِ الْإِنْشَاءِ طَلُقَتْ فَيَجِبُ أَنْ يُرَاجَعَ السَّيِّدُ هُنَا بِإِرَادَتِهِ وَيُحْمَلُ مَا ذُكِرَ عَلَى مَا إذَا أَطْلَقَ أَوْ جُهِلَتْ إرَادَتُهُ انْتَهَى. (فَرْعٌ: يَصِحُّ) التَّدْبِيرُ (مُقَيَّدًا) بِقَيْدٍ فِي الْمَوْتِ كَمَا يَصِحُّ مُطْلَقًا (كَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ فِي سَفَرِي هَذَا) أَوْ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَوْ حَتْفَ أَنْفِي (فَأَنْتَ حُرٌّ وَيُقَيِّدُ بِهِ) عَمَلًا بِتَقْيِيدِهِ فَلَا يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ الْخَالِي عَمَّا قَيَّدَ بِهِ وَمَحَلُّ صِحَّتِهِ مُقَيَّدًا أَنْ يُمْكِنَ وُجُودُ مَا قَيَّدَ بِهِ فَلَوْ قَالَ إنْ مِتُّ بَعْدَ أَلْفِ سَنَةٍ فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَيْسَ بِتَدْبِيرٍ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْبَحْرِ لِلرُّويَانِيِّ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ. (وَ) قَوْلُهُ (أَنْت حُرٌّ بَعْدَ) أَوْ قَبْلَ (مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ) أَوْ إذَا مِتُّ وَمَضَى يَوْمٌ أَوْ شَهْرٌ فَأَنْت حُرٌّ (تَعْلِيقٌ) لِلْعِتْقِ (لَا تَدْبِيرٌ) كَسَائِرِ التَّعَالِيقِ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ بِالْقَوْلِ قَطْعًا بَلْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُقَيَّدَ بِقَيْدٍ فِي الْمَوْتِ تَدْبِيرٌ، وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ تَدْبِيرًا وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ، ثُمَّ قَالَ وَكَأَنَّهُ مَصِيرٌ إلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِمُطْلَقِ الْمَوْتِ وَأَنَّهُ لَا يَنْقَسِمُ إلَى مُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَعِبَارَةُ الْبُوَيْطِيِّ، وَإِنْ قَالَ أَنْت حُرٌّ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ فِي سَفَرِي أَوْ فِي عَامِي هَذَا فَهَذَا وَصِيَّةٌ وَلَيْسَ بِتَدْبِيرٍ وَحَكَاهُ مَعَ نَصِّ الْأُمِّ الْبُلْقِينِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَلَمْ أَجِدْ لِلشَّافِعِيِّ نَصًّا يُخَالِفُهُ فَهُوَ مَذْهَبُهُ، وَإِنْ لَمْ نَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَهُ انْتَهَى لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ نَصَّ الْبُوَيْطِيِّ لَكِنَّ سِيَاقَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ كَلَامِهِ لَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَرَأَيْت الْأَصْحَابَ يَنْسُبُونَ إلَى النَّصِّ أَشْيَاءَ مِنْ كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ وَيَكُونُ مِنْ كَلَامِهِ لَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَيَظُنُّ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فَيُصَرِّحُ بِنَقْلِهَا عَنْهُ وَسَبَبُ ذَلِكَ عَدَمُ التَّأَمُّلِ. (وَيَجُوزُ) (تَعْلِيقُ التَّدْبِيرِ) كَالْعِتْقِ وَالْوَصِيَّةِ (كَإِنْ) أَوْ إذَا أَوْ مَتَى (دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ) فَأَنْتَ (مُدَبَّرٌ، فَإِذَا دَخَلَ) وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي (قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا) فَيَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَاعْتُبِرَ وُجُودُ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ بِهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمُعَلَّقِ بِهَا (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ قَبْلَ مَوْتِهِ (لَغَا) التَّعْلِيقُ (نَعَمْ إنْ قَالَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي) أَوْ إذَا مِتُّ، ثُمَّ دَخَلْت الدَّارَ (فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ تَعْلِيقٌ لَا تَدْبِيرٌ) هَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَيَمْتَنِعُ) الْأَوْلَى وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ (بَيْعُهُ) بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ إذْ لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ تَعْلِيقِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ وَمَاتَ لَيْسَ لِوَارِثِهِ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيْعُهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إزَالَةُ مِلْكِهِ، وَلَوْ بِغَيْرِ الْبَيْعِ (وَعَتَقَ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ) لَا قَبْلَهُ لِتَصْرِيحِهِ بِالتَّرْتِيبِ فِي ذَلِكَ (سَوَاءٌ بَادَرَ بِهِ) بَعْدَ الْمَوْتِ (أَمْ لَا) وَمُقْتَضَاهُ تَرْكُ الْعَبْدِ عَلَى اخْتِيَارِهِ حَتَّى يَدْخُلَ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْوَارِثِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ عَرْضِ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَأَمَّا لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ فَأَبَى فَلِلْوَارِثِ بَيْعُهُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا يَأْتِي فِي آخِرِ الْفَرْعِ الْآتِي (وَكَذَا لَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ إنْ (قَالَ إنْ مِتُّ وَدَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ اشْتَرَطَ الدُّخُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) الدُّخُولَ (قَبْلَهُ) فَيَتْبَعُ كَذَا نَقَلَ الْأَصْلُ هَذَا الِاشْتِرَاطَ عَنْ الْبَغَوِيّ   [حاشية الرملي الكبير] (قَوْلُهُ مَعَ نِيَّةِ الْعِتْقِ) عُلِمَ مِنْهُ اعْتِبَارُ مُقَارَنَتِهَا اللَّفْظَ وَيَجِيءُ مَا سَبَقَ فِي كِنَايَةِ الطَّلَاقِ وَأَنَّ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ كِنَايَاتٌ فِيهِ وَأَنَّ اشْتِهَارَهَا فِي الِاسْتِعْمَالِ لَا يُلْحِقُهَا بِالصَّرِيحِ (قَوْلُهُ وَدَبَّرْت يَدَك) أَيْ أَوْ إذَا مِتُّ فَيَدُك حُرٌّ هَلْ هُوَ لَغْوٌ أَمْ تَدْبِيرٌ صَحِيحٌ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا إذْ كُلُّ تَصَرُّفٍ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّهِ وَمَا لَا فَلَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ لَفَظَ بِصَرِيحِ التَّدْبِيرِ أَعْجَمِيٌّ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَمْ يَصِحَّ وَأَنَّهُ لَوْ كَسَرَ التَّاءَ لِلْمُذَكَّرِ أَوْ فَتَحَهَا لِلْمُؤَنَّثِ لَمْ يَضُرَّ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ قَالَ دَبَّرْت وَجْهَك أَوْ رَأْسَك هَلْ يَكُونُ كَقَوْلِهِ دَبَّرْت بَدَنَك أَوْ دَبَّرْتُك أَمْ كَقَوْلِهِ دَبَّرْت يَدَك غ (قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ لَسْت بِحُرٍّ) أَيْ أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ لَسْت مُدَبَّرًا أَوْ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَا (قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ) قَالَ شَيْخُنَا عَلَّلَهُ فِي الشَّامِلِ بِأَنَّ لَفْظَةَ الِاسْتِفْهَامِ دُونَ الْإِيقَاعِ وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُطْلِقِينَ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ فَتَلَخَّصَ مِنْ ذَلِكَ أَحْوَالٌ: الْحَالُ الْأَوَّلُ أَنْ يَقْصِدَ الِاسْتِفْهَامَ. الثَّانِي أَنْ يَقْصِدَ الْإِخْبَارَ. الثَّالِثُ أَنْ لَا يَقْصِدَ شَيْئًا. وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَوَجْهُهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ أَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لِرَقِيقِهِ وَمِلْكَ الْعِصْمَةِ لِلزَّوْجِ مُحَقَّقٌ فَلَا نَقْطَعُهُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، فَإِنْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ عَمِلْنَا بِقَصْدِهِ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ وَنَفَّذْنَا وُقُوعَ ذَلِكَ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ حُمِلَ عَلَى غَيْرِ الْإِنْشَاءِ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ أَنْ يُرَاجَعَ السَّيِّدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ . (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِتَدْبِيرٍ عَلَى الصَّحِيحِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ لِلرُّويَانِيِّ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَشْهَدُ لَهُ نَظَائِرُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَالْعِتْقِ وَالْوَصِيَّةِ) أَيْ لِأَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَصِيَّةً أَوْ عِتْقًا بِصِفَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ (قَوْلُهُ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْوَارِثِ) لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ عَاجِزًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فَيَصِيرُ كُلًّا عَلَيْهِ لَكِنْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْمَشِيئَةِ بِأَنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافِ هُنَا قَبْلَ عَرْضِ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَأَمَّا لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ فَأَبَى فَلِلْوَارِثِ بَيْعُهُ قَطْعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُقَيَّدْ إطْلَاقُهُ هُنَا ر (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَ الْأَصْلُ هَذَا الِاشْتِرَاطَ عَنْ الْبَغَوِيّ إلَخْ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ مَمْنُوعٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 465 قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا قُبَيْلَ الْخُلْعِ مَا يُوَافِقُهُ وَخَالَفَ فِي الطَّلَاقِ فَجَزَمَ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَكَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَتَأَخُّرِهِ، ثُمَّ قَالَ وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَى وَجْهٍ فِي اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصَّوَابُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ هُنَا كَمَا هُنَاكَ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ؟ . (وَلَوْ قَالَ الشَّرِيكَانِ) لِعَبْدَيْهِمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (إذَا مُتْنَا فَأَنْت حُرٌّ) لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَمُوتَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (فَإِنْ مَاتَا مَعًا فَهُوَ تَعْلِيقٌ لَا تَدْبِيرٌ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِمَوْتِهِ بَلْ بِمَوْتِهِ وَمَوْتِ غَيْرِهِ (وَإِنْ تَرَتَّبَا) مَوْتًا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا (صَارَ نَصِيبُ الثَّانِي مُدَبَّرَ التَّعْلِيقِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لِتَعَلُّقِ (الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ وَحْدَهُ) وَكَأَنَّهُ قَالَ إذَا مَاتَ شَرِيكِي فَنَصِيبِي مِنْك مُدَبَّرٌ وَنَصِيبُ الْمَيِّتِ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا (وَلِوَارِثِهِ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ التَّصَرُّفُ فِيهِ) أَيْ فِي نَصِيبِ مُوَرِّثِهِ (بِمَا لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ) كَاسْتِخْدَامٍ وَإِجَارَةٍ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحَقَّ الْعِتْقِ بِمَوْتِ الشَّرِيكِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ تَعْلِيقِ الْمَيِّتِ (كَمَا لَا يَبِيعُونَ) أَيْ الْوَرَثَةُ (مَا أَوْصَى) مُوَرِّثُهُمْ (بِهِ) وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيْعُهُ (وَلَا يَرْجِعُونَ فِي دَارٍ أَوْصَى) مُوَرِّثُهُمْ (بِعَارِيَّتِهَا شَهْرًا) وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا. (وَإِنْ قَالَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ لِعَبْدَيْهِمَا (أَنْت حَبِيسٌ عَلَى آخِرِنَا مَوْتًا، فَإِذَا مَاتَ عَتَقْت فَكَمَا لَوْ قَالَا إنْ مُتْنَا) فَأَنْتَ حُرٌّ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ (إلَّا أَنَّ الْكَسْبَ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ هُنَا لِلْآخَرِ) وَهُنَاكَ كَسْبُ نَصِيبِ الْأَوَّلِ لِوَرَثَتِهِ (وَكَانَ الْأَوَّلُ) مِنْهُمَا مَوْتًا (أَوْصَى بِهِ لِآخِرِهِمَا مَوْتًا) فَكَانَ كَسْبُهُ لِآخِرِهِمَا (وَإِنْ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَعَتَقَ بِالْمَوْتِ لَمْ يَسْرِ) إلَى بَاقِيهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا سِرَايَةَ عَلَى الْمَيِّتِ. [فَرْعٌ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ دَبَّرْتُك إنْ شِئْت أَوْ إنْ شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ فَأَنْتَ حُرٌّ إذَا مِتُّ] (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت مُدَبَّرٌ) أَوْ دَبَّرْتُك (إنْ شِئْت) أَوْ إنْ شِئْت فَأَنْت مُدَبَّرٌ أَوْ فَأَنْت حُرٌّ إذَا مِتُّ (اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ فَوْرًا) فِي صِحَّةِ التَّدْبِيرِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ بِهَا خِطَابًا، وَإِذَا كَانَ (بِخِلَافِ) مَا لَوْ ذَكَرَ بَدَلَهَا (مَتَى أَوْ مَتَى مَا وَنَحْوَهُ) مِمَّا لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ كَمَهْمَا وَأَيَّ حِينٍ فَلَا تُشْتَرَطُ الْمَشِيئَةُ فَوْرًا وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَتَى وَمَهْمَا (وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَالَيْنِ الْمَشِيئَةُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ) كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمُعَلَّقِ بِهَا وَلِأَنَّهَا مَشِيئَةٌ فِي عَقْدِ التَّدْبِيرِ وَهُوَ لَا يَنْعَقِدُ بَعْدَ الْمَوْتِ (إلَّا إذَا صَرَّحَ بِالْمَشِيئَةِ) أَيْ بِوُقُوعِهَا (بَعْدَ الْمَوْتِ) أَوْ نَوَاهَا (فَإِنَّهَا تُشْتَرَطُ بَعْدَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ الْمَوْتِ الْفَوْرُ) لَهَا (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مَتَى وَنَحْوَهُ قَالَ) الْمُنَاسِبَ لِكَلَامِ أَصْلِهِ قَالَهُ (الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ إذَا تَأَخَّرَتْ عَنْ الْخِطَابِ وَاعْتُبِرَ وُقُوعُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِ اتِّصَالِهَا بِالْمَوْتِ مَعْنًى وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الْوَصِيَّةِ. (فَإِذَا قَالَ إذَا مِتُّ فَشِئْت فَأَنْت حُرٌّ اشْتَرَطَ الْفَوْرَ) لِلْمَشِيئَةِ (بَعْدَ الْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ (وَكَذَا سَائِرُ التَّعْلِيقَاتِ) الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْفَاءِ (كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ اشْتَرَطَ) فِي مَدْخُولِهَا (الْفَوْرَ) لِذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمِثَالِ اتِّصَالُ الْكَلَامِ بِالدُّخُولِ (وَقَوْلُهُ إذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْت) أَوْ إذَا شِئْت (أَوْ أَنْتَ حُرٌّ إذَا مِتّ إنْ شِئْت) أَوْ إذَا شِئْت (يُحْتَمَلُ) أَنْ يُرِيدَ بِهِ (الْمَشِيئَةَ فِي الْحَيَاةِ وَ) الْمَشِيئَةَ   [حاشية الرملي الكبير] وَأَمَّا إذَا مِتُّ فَدَخَلْت الدَّارَ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمَشِيئَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهَا بِالْمَوْتِ عَلَى الْأَصَحِّ فَكَذَا هُنَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ إذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَاَلَّذِي يُنَاسِبُهُ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْمَشِيئَةِ أَنَّهُ يُرَاجَعُ، فَإِنْ أَطْلَقَ فَفِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ اهـ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ إنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ عَتِيقٌ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي فَفَعَلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَتَقَ، وَإِنْ أَرَادُوا بَيْعَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ فَيُقَالُ لَهُ إنْ فَعَلْت كَذَا وَإِلَّا جَعَلْنَا لَهُمْ التَّصَرُّفَ فِيك. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصَّوَابُ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ مِنْ فِعْلِهِ فَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَأَنَّ الصِّفَةَ الْأُولَى فِي مَسْأَلَتِنَا لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ وَذِكْرُ الَّتِي مِنْ فِعْلِهِ عَقِبَهَا يُشْعِرُ بِتَأَخُّرِهَا عَنْهَا (قَوْلُهُ أَوْصَى بِعَارِيَّتِهَا شَهْرًا) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُفْهَمُ مِنْ تَمْثِيلُهُ فِي الْعَارِيَّةِ بِشَهْرٍ التَّصْوِيرُ بِالْمُؤَقَّتَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا الْمُطْلَقَةُ فَيَبْعُدُ مَنْعُ الْوَارِثِ مِنْ إبْطَالِهَا؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ فَلْيُمَكَّنْ مِنْهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةَ فَوْرًا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَوْرِيَّةِ مَعَ أَنَّ مَوْضِعَهُ إذَا أَضَافَهُ لِلْعَبْدِ كَمَا صَوَّرَهُ الْمُصَنِّفُ فَلَوْ قَالَ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إذَا شَاءَ زَيْدٌ فَأَنْت مُدَبَّرٌ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْفَوْرَ فَمَتَى شَاءَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَيِّزِ الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ فَهُوَ كَتَعْلِيقِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ صِفَةٌ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا فَاسْتَوَى فِيهَا قُرْبُ الزَّمَانِ وَبُعْدُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ تَمْلِيكٌ أَوْ تَخْيِيرٌ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قُرْبُ الزَّمَانِ وَبُعْدُهُ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَشِيئَةِ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْهَا حَتَّى لَوْ شَاءَ الْعِتْقَ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَشَأْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ قَالَ وَإِنْ قَالَ لَا أَشَاءُ الْعِتْقَ ثُمَّ قَالَ أَشَاءُ لَمْ يُسْمَعْ وَلَمْ يَعْتِقْ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا ر (قَوْلُهُ فَلَا تُشْتَرَطُ الْمَشِيئَةُ فَوْرًا) لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلزَّمَانِ فَاسْتَوَى فِيهَا جَمِيعُ الزَّمَانِ، وَإِنْ مَوْضُوعَةٌ لِلْفِعْلِ فَاعْتُبِرَ فِيهَا زَمَانُ الْفِعْلِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا قَيَّدَهُ بِزَمَانٍ أَوْ بِمَجْلِسٍ فَيُعْتَبَرُ مَا قَيَّدَهُ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ (قَوْلُهُ وَتُشْتَرَطُ فِي الْحَالَيْنِ الْمَشِيئَةُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ) فَلَوْ قَالَ فِي حَيَاتِهِ شِئْت، ثُمَّ قَالَ لَمْ أَشَأْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي بُطْلَانِ التَّدْبِيرِ، وَلَوْ قَالَ لَسْت أَشَاءُ، ثُمَّ قَالَ شِئْت ثَبَتَ التَّدْبِيرُ بِالْمَشِيئَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ هُنَا عَلَى التَّرَاخِي فَرَاعَيْنَا وُجُودَهَا مُتَقَدِّمَةً وَمُتَأَخِّرَةً وَهُنَاكَ عَلَى الْفَوْرِ فَرَاعَيْنَا مَا تَقَدَّمَ ر وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْمَشِيئَةُ فَوْرِيَّةً فَالِاعْتِبَارُ بِمَا شَاءَ أَوَّلًا أَوْ مُتَرَاخِيَةً ثَبَتَ التَّدْبِيرُ بِمَشِيئَتِهِ لَهُ سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَتْ مَشِيئَةٌ لَهُ عَلَى رَدِّهِ أَمْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ (قَوْلُهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (تَنْبِيهٌ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَةِ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَبَهِيمَةٍ فُرُوعٌ وَتَفَاصِيلُ كَثِيرَةٌ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَلَا هَا هُنَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً صَالِحَةً فَعَلَيْك أَنْ تُرَاجِعَهَا وَتُلْحِقَ بِكُلِّ مَوْضِعٍ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ غ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 466 (بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ) شَيْئًا (حُمِلَ عَلَى الْمَشِيئَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ ذِكْرَهَا عَنْ ذِكْرِهِ وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْهُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ وَكَأَنَّهُمْ لَحَظُوا فِي هَذَا التَّمْلِيكِ فَاعْتَبَرُوا فِيهِ تَأْخِيرَ الْمَشِيئَةِ لِتَقَعَ الْحُرِّيَّةُ عَقِبَ الْقَبُولِ وَإِلَّا فَيُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَوَالَى الشَّرْطَانِ يُعْتَبَرُ تَقْدِيمُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ الزَّوْجَةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ يُشْكِلُ أَيْضًا عَلَى مَا لَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَأَنْتَ حُرٌّ إذَا مِتُّ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَشِيئَةُ فِي الْحَيَاةِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ الْجَزَاءُ فِيهِ مُتَوَسِّطًا بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا ذُكِرَ فِيهِ لِتَقَدُّمِ الْمَشِيئَةِ ثَمَّ وَتَأَخُّرِهَا هُنَا (وَكَذَا) سَائِرُ التَّعْلِيقَاتِ الَّتِي تَوَسَّطَ فِيهَا الْجَزَاءُ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ (إنْ) أَوْ إذَا (دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا) فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا حُمِلَ عَلَى تَأْخِيرِ الشَّرْطِ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ (وَتُشْتَرَطُ هُنَا الْمَشِيئَةُ فَوْرًا بَعْدَ الْمَوْتِ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْأَكْثَرِينَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ مِنْهُمْ الْعِرَاقِيُّونَ (وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ) عَنْ الْإِمَامِ، وَالْغَزَالِيُّ آنِفًا لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الْإِطْلَاقِ لِاحْتِمَالِهِ الْقَبْلِيَّةَ عَلَى الْبَعْدِيَّةِ لَا يُقَاوِمُ التَّصْرِيحَ بِهَا أَوْ بِنِيَّتِهَا الْمُبْطِلَ لِلْفَوْرِيَّةِ. (وَلَوْ قَالَ وَلَا نِيَّةَ) لَهُ (إنْ رَأَيْت عَيْنًا فَأَنْت حُرٌّ وَالْعَيْنُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْعَيْنِ النَّاظِرَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ الْبَاصِرَةِ (وَعَيْنِ الْمَاءِ وَ) عَيْنِ (الدِّينَارِ فَيَعْتِقُ بِرُؤْيَةِ أَحَدِهَا وَحَيْثُ اعْتَبَرْنَا الْمَشِيئَةَ عَلَى الْفَوْرِ فَأَخَّرَهَا بَطَلَ التَّعْلِيقُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَبِرْ) كَمَا فِي قَوْلِهِ فَأَنْتَ حُرٌّ مَتَى شِئْت (وَأَخَّرَهَا عَرَضَ عَلَيْهِ الْوَرَثَةُ الْمَشِيئَةَ أَوْ الدُّخُولَ) أَوْ نَحْوَهُ (إنْ عَلَّقَ بِهِ) كَمَا يُقَالُ لِلْمُوصَى لَهُ اقْبَلْ أَوْ رُدَّ (فَإِنْ امْتَنَعَ فَلَهُمْ بَيْعُهُ وَلَا يُبَاعُ قَبْلَ الْعَرْضِ) لِذَلِكَ (عَلَيْهِ) (فُرُوعٌ) لَوْ (قَالَ إذَا شَاءَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَعَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَشَاءَ جَمِيعًا صَارَ مُدَبَّرًا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ لَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا حَتَّى يَشَاءَ جَمِيعًا لِإِيهَامِ الْفَاءِ التَّعْقِيبَ (وَيَلْغُو) قَوْلُهُ (إذَا مِتّ فَشِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ) لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَحْصُلُ بَعْدَ الْمَوْتِ (وَكَذَا) يَلْغُو قَوْلُهُ (إذَا مِتُّ فَدَبِّرُوا عَبْدِي، وَلَوْ قَالَ إذَا مِتُّ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَمَاتَ) وَلَمْ يُبَيِّنْ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ. (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ قَرَأْت الْقُرْآنَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْت حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِقِرَاءَةِ جَمِيعِهِ بِخِلَافِ) قَوْلِهِ لَهُ (إذَا قَرَأْت قُرْآنًا) بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِقِرَاءَةِ بَعْضِ الْقُرْآنِ وَالْفَرْقُ التَّعْرِيفُ وَالتَّنْكِيرُ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْأَهْلُ فَلَا يَصِحُّ) التَّدْبِيرُ (إلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ وَلَوْ سَفِيهًا لِزَحْمَتِنَا) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعُقُودِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ إلَّا أَدْفَاءٌ لَكِنَّهُ جَرَى عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ (وَلِوَلِيِّ السَّفِيهِ) الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ تَدْبِيرٌ (الرُّجُوعُ فِيهِ بِالْبَيْعِ لِلْمَصْلَحَةِ ) الَّتِي رَآهَا فِيهِ (وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ كَافِرٍ) وَلَوْ حَرْبِيًّا (وَإِيلَادُهُ وَتَعْلِيقُهُ) الْمُعْتَقُ بِصِفَةٍ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحُ الْمِلْكِ (وَتَدْبِيرُ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفٌ) كَمِلْكِهِ إنْ أَسْلَمَ بَانَ صِحَّتُهُ، وَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ فَسَادُهُ. (وَإِنْ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ أَوْ السَّيِّدُ أَوْ اسْتَوْلَى عَلَى الْمُدَبَّرِ أَهْلُ الْحَرْبِ لَمْ يَبْطُلْ تَدْبِيرُهُ وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) صِيَانَةً لِحَقِّهِ عَنْ الضَّيَاعِ وَكَمَا لَا يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ الْبَيْعُ وَالْإِيلَادُ وَالْكِتَابَةُ وَغَيْرُهَا. (وَإِذَا لَحِقَ الْمُدَبَّرُ الْمُسْلِمُ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لَمْ يُسْتَرَقَّ) وَإِنْ سُبِيَ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ إنْ كَانَ حَيًّا فَهُوَ لَهُ وَإِلَّا فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ (وَلِكَافِرٍ حَمْلُ مُدَبَّرِهِ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ الْكَافِرَيْنِ) الْأَصْلِيَّيْنِ (إلَى دَارِ الْحَرْبِ) سَوَاءٌ أَجْرَى التَّدْبِيرَ وَالِاسْتِيلَادَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَمْ بِدَارِ الْحَرْبِ،   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِتَقَدُّمِ الْمَشِيئَةِ ثَمَّ وَتَأَخُّرِهَا هُنَا) قَالَ شَيْخُنَا فَتَقْدِيمُ الْمَشِيئَةِ هُنَاكَ فِي اللَّفْظِ يُشْعِرُ بِتَقَدُّمِهَا فِي الْوُجُودِ وَتَقْدِيمُ الْمَوْتِ فِي اللَّفْظِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ عَلَى الْمَشِيئَةِ يُشْعِرُ بِتَأَخُّرِهَا عَنْهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَكَذَا سَائِرُ التَّعْلِيقَاتِ إلَخْ فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَالثَّانِي إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَيُشْتَرَطُ أَنْ يُقَدِّمَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الدُّخُولُ عَلَى الْكَلَامِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ دَخَلْت بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إذَا مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ، وَقَوْلُهُ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ شِئْت فَتَقْدِيمُ الدُّخُولِ عَلَى التَّكْلِيمِ يُشْعِرُ بِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اعْتَرَضَ شَرْطٌ عَلَى شَرْطٍ كَقَوْلِهِ إنْ كَلَّمْت إنْ دَخَلْت فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَفْعَلَ الدُّخُولَ ثُمَّ التَّكْلِيمَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ الْمَذْكُورَ فِي الطَّلَاقِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا قَدَّمَ لَفْظَ الطَّلَاقِ أَوْ أَخَّرَهُ وَكَلَامُنَا هُنَا فِيمَا إذَا وَسَّطَهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْأَكْثَرِينَ) قَالَ فِي الذَّخَائِرِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ (قَوْلُهُ لَا يُقَاوِمُ التَّصْرِيحَ بِهَا) قَالَ شَيْخُنَا إذْ التَّصْرِيحُ بِهَا يُفِيدُ عَدَمَ الْفَوْرِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا (قَوْلُهُ وَعَيْنِ الدِّينَارِ) أَيْ وَعَيْنِ الرُّكْبَةِ وَلِكُلِّ رُكْبَةٍ عَيْنَانِ وَهُمَا نَقْرَتَانِ فِي مُقَدَّمِهَا عِنْدَ السَّاقِ وَعَيْنِ الشَّمْسِ وَالْمَالِ النَّاضِّ وَالدَّنْدَبَانِ وَالْجَاسُوسِ، وَعَيْنُ الشَّيْءِ خِيَارُهُ وَعَيْنُ الشَّيْءِ نَفْسُهُ وَعَيْنُ الْمِيزَانِ وَاحِدُ الْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَيَتَعَدَّى فِي اللُّغَةِ إلَى نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ مُسَمًّى (قَوْلُهُ فَيَعْتِقُ) بِرُؤْيَةِ أَحَدِهَا وَلَا يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى جَمِيعِهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤْمَرَ الْمُعَلَّقُ بِتَعْيِينِ أَحَدِهَا (قَوْلُهُ وَحَيْثُ اُعْتُبِرَتْ الْمَشِيئَةُ عَلَى الْفَوْرِ فَأَخَّرَهَا بَطَلَ التَّعْلِيقُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ لِغَيْبَتِهِ أَوْ نَحْوِهَا، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ مُدَّةٍ أَنَّ مَشِيئَتَهُ لَا تَسْقُطُ إذَا شَاءَ عِنْدَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ نَائِمٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مَجْنُونٌ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَأَفَاقَ فَشَاءَ عَلَى الْفَوْرِ أَنَّهُ يَعْتِقُ وَلَمْ يَحْضُرْنِي نَقْلٌ فِي هَذَا غ (قَوْلُهُ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِقِرَاءَةِ جَمِيعِهِ) شَمِلَ قِرَاءَتَهُ عَنْ غَيْرِ ظَهْرِ الْقَلْبِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْحِفْظُ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ. اهـ. وَشَمِلَ بَعْضُ الْقُرْآنِ بَعْضَ آيَةٍ (الرُّكْنُ الثَّالِثُ) (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ إلَخْ) ، وَإِنْ جَهِلَ حُكْمَ التَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَحَّحَ الْمِلْكَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [الأحزاب: 27] فَأَضَافَهَا إلَيْهِمْ إضَافَةَ مِلْكٍ، وَإِذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ صَحَّ تَدْبِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يُفْضِي لِلْعِتْقِ وَعُقُودُهُمْ جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ الْأَصْلِيَّيْنِ) خَرَجَ بِهِ الْمُرْتَدَّانِ فَيُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِمَا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ، وَكَذَا يُمْنَعُ مِنْ حَمْلِ مُكَاتَبَةِ الْمُرْتَدِّ، وَإِنْ أَطَاعَهُ لِمَا ذَكَرْته وَفِي مَعْنَى الْمُرْتَدِّ مَا لَوْ انْتَقَلَ الْعَبْدُ الْمُدَبَّرُ أَوْ الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ أَوْ الْمَكَاتِبُ أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ إلَى دِينٍ آخَرَ وَقُلْنَا لَا يَقْنَعُ مِنْهُ إلَّا بِالْإِسْلَامِ وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا غ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 467 ثُمَّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ بَاقِيَةٌ (لَا) حَمْلُ (مُكَاتَبِهِ) الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ (قَهْرًا) لِظُهُورِ اسْتِقْلَالِهِ (وَإِنْ أَسْلَمَ مُدَبَّرٌ وَسَيِّدُهُ كَافِرٌ لَمْ يُبَعْ) بَلْ يَبْقَى التَّدْبِيرُ لِتَوَقُّعِ الْحُرِّيَّةِ وَالْوَلَاءِ وَلَكِنْ يُخْرَجُ مِنْ يَدِهِ وَيُجْعَلُ بِيَدِ عَدْلٍ دَفْعًا لِلذُّلِّ عَنْهُ (وَيَسْتَكْسِبُ لَهُ) كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ مُسْتَوْلِدَتُهُ (فَإِنْ لَحِقَ) سَيِّدُهُ (بِدَارِ الْحَرْبِ) أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ وَ (بَعَثَ بِفَاضِلِ كَسْبِهِ لَهُ) ، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ لِلْوَرَثَةِ بِيعَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ أَنْفَقَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ. (وَإِنْ أَسْلَمَ مُكَاتَبٌ لِكَافِرٍ لَمْ يُبَعْ) بَلْ يَبْقَى مُكَاتَبًا لِانْقِطَاعِ سَلْطَنَةِ السَّيِّدِ عَنْهُ وَاسْتِقْلَالِهِ بِالْكِتَابَةِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ النُّجُومِ وَعَجَّزَهُ سَيِّدُهُ (بِيعَ) عَلَيْهِ (وَلَا يَسْرِي التَّدْبِيرُ) مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِنَصِيبِهِ مِنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا (إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ) الْآخَرِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ فَلَا يَقْتَضِي السِّرَايَةَ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ نَصِيبِهِ بِصِفَةٍ وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ إمَّا وَصِيَّةٌ بِالْعِتْقِ أَوْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي وَكُلٌّ مِنْهُمَا بَعِيدٌ عَنْ السِّرَايَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِيلَادِ حَيْثُ يَسْرِي؛ لِأَنَّهُ كَالْإِتْلَافِ لِمَنْفَعَةِ الْمَبِيعِ وَلَا سَبِيلَ إلَى رَفْعِهِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ (وَلَا) يَسْرِي (الْعِتْقُ بِهِ) أَيْ بِالتَّدْبِيرِ لِنَصِيبِ أَحَدِهِمَا إلَى نَصِيبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مُعْسِرٌ (وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُ نَصِيبِهِ بِصِفَةٍ إذَا وُجِدَتْ وَهُوَ مُوسِرٌ) عَتَقَ وَ (سَرَى) الْعِتْقُ (إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ) . (وَيَرْتَفِعُ التَّدْبِيرُ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ) عَنْ الْمُدَبَّرِ (كَبَيْعٍ) بَتٍّ أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي (وَهِبَةٍ بِقَبْضٍ وَوَصِيَّةٍ) سَوَاءٌ كَانَ التَّدْبِيرُ مُطْلَقًا أَمْ مُقَيَّدًا؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَرَوَى الْحَاكِمُ خَبَرًا أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بَاعَتْ مُدَبَّرَةً لَهَا سَجَرَتْهَا وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَاسْتَشْكَلَ الْبُلْقِينِيُّ جَعْلَ الْوَصِيَّةِ مُزِيلَةً لِلْمِلْكِ بِمَا مَرَّ فِي بَابِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّا بِالْقَبُولِ لَهَا تَتَبَيَّنُ أَنَّ الْوَصِيَّ لَهُ مِلْكٌ بِالْمَوْتِ وَهَذَا أَقْوَى مِنْ تَرَتُّبِ الْمُعْتَقِ بِالتَّدْبِيرِ عَلَى الْمَوْتِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ (لَا اسْتِخْدَامٍ وَتَزْوِيجٍ وَوَطْءٍ) ، وَإِنْ لَمْ يُعْزَلْ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنَافِي الْمِلْكَ بَلْ تُؤَكِّدُ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا بَطَلَ) التَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّ الْإِيلَادَ أَقْوَى مِنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ الدَّيْنُ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَيَرْفَعُهُ الْأَقْوَى كَمَا يَرْفَعُ مِلْكُ الْيَمِينِ النِّكَاحَ وَلَا يَرْفَعُ التَّدْبِيرُ الْإِيلَادَ بَلْ لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ الْمُسْتَوْلَدَةِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ بَاعَ نِصْفَهُ) أَيْ الْمُدَبَّرُ (لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ (فِي الْبَاقِي) مِنْهُ وَذِكْرُ الْبَيْعِ وَالنِّصْفِ مِثَالٌ (وَالتَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لَا وَصِيَّةٍ) بِالْعِتْقِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِمَوْتِ الْغَيْرِ وَلِأَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ وَلِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى إحْدَاثِ تَصَرُّفٍ أَوْ قَبُولٍ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ (فَلَا يُبْطِلُهُ فَسْخٌ) لَهُ (وَلَا رُجُوعٌ) عَنْهُ (بِلَفْظٍ) كَرَجَعْتُ عَنْهُ أَوْ أَبْطَلْته أَوْ فَسَخْته أَوْ رَفَعْته كَمَا فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ وَالْفَسْخُ دَاخِلٌ فِي الرُّجُوعِ كَمَا صَنَعَ الْأَصْلُ. (وَلَا يَعُودُ) التَّدْبِيرُ (بِعَوْدِ الْمِلْكِ) بَعْدَ زَوَالِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ. (وَقَوْلُهُ أَعْتِقُوا عَبْدِي) عَنِّي (إذَا مِتُّ وَصِيَّةٌ يَرْجِعُ فِيهَا بِالْقَوْلِ لَا إنْ) ضَمَّ إلَى الْمَوْتِ الْمُعَلَّقِ بِهِ الْعِتْقَ صِفَةً أُخْرَى كَأَنْ (قَالَ إذَا مِتُّ وَدَخَلْت الدَّارَ) أَوْ لَبِسْت الثَّوْبَ (فَأَنْت حُرٌّ) فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ بِالْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ (وَلَا يُبْطِلُهُ) أَيْ التَّدْبِيرَ (هِبَةٌ بِلَا قَبْضٍ) لِعَدَمِ إزَالَةِ الْمِلْكِ (وَلَا) يُبْطِلُهُ (رَهْنٌ) وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ عَلَى وَجْهٍ لِذَلِكَ. (وَيَصِحُّ كِتَابَةُ الْمُدَبَّرِ) كَعَكْسِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعِتْقِ الْمَقْصُودِ بِهِمَا (وَيَجْتَمِعَانِ) أَيْ الْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ فِيهِ فَيَكُونُ مُدَبَّرًا مُكَاتَبًا (كَمَا فِي تَعْلِيقِ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَجْتَمِعُ فِيهِ التَّعْلِيقُ بِهَا وَالتَّدْبِيرُ كَعَكْسِهِ وَفِي نُسْخَةٍ وَتَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ (وَيَعْتِقُ بِالسَّابِقِ) مِنْ الْمَوْتِ وَأَدَاءِ النُّجُومِ أَوْ وُجُودِ الصِّفَةِ (فَإِنْ) أَدَّى النُّجُومَ أَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ أَوْ بِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَإِنْ (مَاتَ السَّيِّدُ) قَبْلَ الْأَدَاءِ أَوْ وُجُودِ الصِّفَةِ (عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ) أَوْ التَّعْلِيقُ بِالصِّفَةِ، وَقَوْلُهُ وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِنْ مُقَابِلِهِ فِيهَا الَّذِي جَرَى هُوَ عَلَيْهِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ فَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ هُنَا لَاحِقَةٌ وَفِيمَا يَأْتِي سَابِقَةٌ (فَإِنْ عَجَزَ) فِي صُورَةِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا حَمْلُ مُكَاتَبِهِ قَهْرًا) هَذَا فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَالظَّاهِرُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ غ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ مُدَبَّرٌ وَسَيِّدُهُ كَافِرٌ لَمْ يُبَعْ) ، وَلَوْ كَانَ لِكَافِرٍ رَقِيقٌ مُسْلِمٌ فَدَبَّرَهُ نُقِضَ وَبِيعَ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْرِي التَّدْبِيرُ إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَلَا يَسْرِي تَدْبِيرٌ وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهَا يُؤْخَذُ مِنْهَا ذَلِكَ وَمَا لَوْ دَبَّرَ الْمَالِكُ نِصْفَ عَبْدِهِ لَمْ يَسْرِ إلَى الْبَاقِي عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ وَبِهِ جَزَمَ فِي التَّنْبِيهِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ التَّدْبِيرِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ التَّدْبِيرِ) (قَوْلُهُ وَيَرْتَفِعُ التَّدْبِيرُ إلَخْ) لَوْ دُبِّرَ، ثُمَّ خَرِسَ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا كِتَابَةٌ أَوْ جُنَّ قَامَ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ رَجُلٍ دَبَّرَ عَبْدَهُ فَحَكَمَ بِهِ حَنَفِيٌّ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ عَالِمًا بِالْخِلَافِ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ إنْ كَانَ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ حَكَمَ بِمَنْعِ بَيْعِهِ فِي صُورَةٍ لَا تُخَالِفُ حَدِيثَ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي بَيْعِ الْمُدَبَّرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَكَمَ بِمُوجَبِ التَّدْبِيرِ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ فِي الصُّورَةِ وَأَمَّا إنْ كَانَ حَكَمَ بِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَلَيْسَ فِي بَيْعِهِ نَقْضُ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُفِيدُ الْحُكْمُ فِيهَا بِالْمُوجَبِ مَا لَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ، وَقَدْ بَسَطَ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ الْمُوهَبِ فِي الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ عَلَى وَجْهٍ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي هَذِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ مُجَرَّدُ وُجُودِ الصِّفَةِ وَهُوَ عِتْقٌ لَا إعْتَاقٌ وَفِي تِلْكَ التَّعْلِيقُ وَوُجُودُ الصِّفَةِ وَهُوَ إعْتَاقٌ وَكَتَبَ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهَا مِثْلُهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 468 الْكِتَابَةِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ عِتْقِهِ (الثُّلُثَ) عَتَقَ قَدْرُهُ (وَبَقِيَ الْبَاقِي مُكَاتَبًا) ، فَإِذَا أَدَّى قِسْطَهُ عَتَقَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ إذَا دَبَّرَ عَبْدًا وَبَاقِي مَالِهِ غَائِبٌ لَا يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الْمَالِ وَلَا يَعْتِقُ ثُلُثُهُ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ فِي تَنْجِيزِ الْعِتْقِ تَنْفِيذًا لِلتَّبَرُّعِ قَبْلَ تَسَلُّطِ الْوَرَثَةِ عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يُنَجِّزْ الْعِتْقَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ مِثْلَاهُ وَلِأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْبَاقِي وَالنُّجُومُ قَدْ تَكُونُ مُؤَجَّلَةً إلَى مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَالْمَذْكُورُ إنَّمَا يَجِيءُ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ بَابِ الْمُعَارَضَاتِ وَامْتِنَاعُ الْوَرَثَةِ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ وُجُودِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ فِي حَوْزَتِهِمْ لَا يَمْنَعُ عِتْقَ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِي الْمُكَاتَبِ بِتَعْجِيزِهِ وَعِنْدَ عَجْزِهِ وَبِمُطَالَبَتِهِ بِالنُّجُومِ عِنْدَ حُلُولِهَا بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ فَإِنَّهُمْ لَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِوَجْهٍ. (وَإِنْ مَاتَ، وَقَدْ دَبَّرَ مُكَاتَبًا عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ عِنْدِي لَا تَبْطُلُ (وَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ كَمَنْ أَعْتَقَ مُكَاتَبًا) لَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَكَمَا لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْكِتَابَةِ بِالْإِعْتَاقِ فَكَذَا بِالتَّدْبِيرِ قَالَ أَعْنِي ابْنَ الصَّبَّاغِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِالْبُطْلَانِ زَوَالَ الْعَقْدِ دُونَ سُقُوطِ أَحْكَامِهِ وَلَمْ يُصَحِّحْ الْأَصْلُ مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ شَيْئًا وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّحِيحُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَأَوَّلَ التَّأْوِيلَ الْمَذْكُورَ وَذَكَرَ الْأَصْلُ الْمَسْأَلَةَ آخِرَ الْحُكْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ صَحَّحَ فِيمَنْ أَحْبَلَ مُكَاتَبَةً، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا أَنَّهَا تَعْتِقُ عَنْ الْكِتَابَةِ لَا عَنْ الْإِيلَادِ حَتَّى يَتْبَعَهَا وَلَدُهَا وَكَسْبُهَا، ثُمَّ قَالَ وَأَجْرَى هَذَا الْخِلَافَ فِي تَعْلِيقِ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ بِصِفَةٍ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّاجِحَ فِي التَّدْبِيرِ أَنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِحْبَالِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى حَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ الْكِتَابَةُ بِالْإِيلَادِ مَعَ كَوْنِهِ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ عِتْقِهِ (الثُّلُثَ) عَتَقَ قَدْرُهُ (وَبَقِيَ الْبَاقِي مُكَاتَبًا) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَإِنْ أَدَّى النُّجُومَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ، وَلَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ أَوْ عَجَّزَهُ سَيِّدُهُ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَبَقِيَ التَّدْبِيرُ. (وَبَيْعُ مَنْ خَرِسَ) مُدَبَّرُهُ بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ (رُجُوعٌ) عَنْ تَدْبِيرِهِ (إنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ) أَوْ كَانَ لَهُ كِتَابَةٌ (وَإِلَّا فَلَا وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى) مِنْ الْعَبْدِ (بِالتَّدْبِيرِ وَالتَّعْلِيقِ) لِعِتْقِهِ بِصِفَةٍ (عَلَى السَّيِّدِ) فِي حَيَاتِهِ (وَالْوَرَثَةِ) بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ نَاجِزَانِ (وَيَحْلِفُونَ) أَيْ الْوَرَثَةُ (يَمِينَ) نَفْيِ (الْعِلْمِ) بِذَلِكَ وَيَحْلِفُ السَّيِّدُ عَلَى الْبَتِّ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي ذَلِكَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّ إنْكَارَ السَّيِّدِ التَّدْبِيرَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ وَإِلَّا لَا غَنَاءَ عَنْ الْحَلِفِ وَلَكَانَ رُجُوعًا بِاللَّفْظِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ (وَيُقْبَلُ عَلَى الرُّجُوعِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ) أَوْ وَامْرَأَتَانِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ (لَا عَلَى التَّدْبِيرِ) بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَهُوَ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا. (فَرْعٌ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ) مُعْتَبَرٌ (مِنْ الثُّلُثِ) بَعْدَ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ يَلْزَمُ بِالْمَوْتِ فَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْإِعْتَاقَ فِي الْمَرَضِ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ مُنَجَّزٌ وَلَازِمٌ لَا رُجُوعَ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ فَالتَّدْبِيرُ أَوْلَى أَنْ يُعْتَبَرَ مِنْهُ، فَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِلتَّرِكَةِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ، وَإِنْ كَانَ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ نِصْفَهُ بِيعَ نِصْفُهُ فِي الدَّيْنِ وَيَعْتِقُ ثُلُثُ الْبَاقِي مِنْهُ (فَإِنْ قَالَ هُوَ حُرٌّ قَبْلَ مَرَضِ مَوْتِي بِيَوْمٍ، وَإِنْ مِتُّ فَجْأَةً فَقَبْلَ مَوْتِي بِيَوْمٍ وَمَاتَ بَعْدَ التَّعْلِيقَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ. (وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَمَالُهُ) أَيْ بَاقِيهِ (غَائِبٌ) عَنْ بَلَدِ الْوَرَثَةِ أَوْ كَانَ (عَلَى مُعْسِرٍ) أَوْ جَاحِدٍ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ مُمَاطِلٍ أَوْ مُتَعَزِّزٍ (لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى يَقَعَ) أَيْ يَصِلَ (لِلْوَرَثَةِ) مِنْ الْمَالِ (الْغَائِبِ مِثْلَاهُ)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ عِنْدِي لَا تَبْطُلُ) الرَّاجِحُ عَدَمُ بُطْلَانِ الْكِتَابَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْوَلَدُ وَالْكَسْبُ (قَوْلُهُ كَمَنْ أَعْتَقَ مُكَاتَبًا) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْعِتْقِ بِالتَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ قَالَ أَعْنِي ابْنَ الصَّبَّاغِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى فِي الْبَحْرِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَنْطَبِقُ عَلَى مَا أَبْدَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ احْتِمَالًا لِنَفْسِهِ مَا أَوْرَدَهُ هُوَ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْإِمَامُ هُنَا فِي مَسْأَلَةِ إحْبَالِ الْمُكَاتَبَةِ بِأَنَّ السَّيِّدَ إذَا مَاتَ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَيَتْبَعُهَا كَسْبُهَا وَوَلَدُهَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إذَا وَقَعَ بِالْكِتَابَةِ لَا يَبْطُلُ حُكْمُهَا كَمَا لَوْ بَاشَرَهَا بِهِ، وَإِذَا كَانَ الِاسْتِيلَادُ الْقَوِيُّ لَا يُبْطِلُ أَحْكَامَ الْكِتَابَةِ إذَا حَصَلَ الْعِتْقُ بِسَبَبِهِ فَالتَّدْبِيرُ الَّذِي هُوَ ضَعِيفٌ بِذَلِكَ أَوْلَى. اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْجَمَّالُ فِي شَرْحِهِ لِلتَّنْبِيهِ وَاَلَّذِي تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ إلَّا أَنَّهَا تَبْطُلُ أَحْكَامُهَا حَتَّى تَعُودَ أَكْسَابُهُ إلَى السَّيِّدِ كَمَا قَالَ فِي الْمُكَاتَبَةِ إذَا اسْتَوْلَدَهَا السَّيِّدُ وَمَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا مَالَ الْكِتَابَةِ أَنَّهَا تَعْتِقُ بِالِاسْتِيلَادِ وَيَعُودُ الْكَسْبُ إلَى السَّيِّدِ قُلْت وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ أَثْبَتَ لِلْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ سَبَبَيْنِ يُفْضِيَانِ إلَى الْعِتْقِ بِسَبْقِهِمَا وَلَا كَذَلِكَ إنْشَاءُ عِتْقِ السَّيِّدِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّا نُؤَاخِذُهُ بِهِ وَنَجْعَلُهُ كَتَأْدِيَةِ الْكَاتِبِ مَالَ الْكِتَابَةِ حَتَّى يَأْخُذَ الْمُكَاتَبُ كَسْبَهُ بِخِلَافِ مَوْتِ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ مُؤَاخَذَةٌ بَلْ إذَا حَصَلَ الْعِتْقُ بِالْمَوْتِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ الصَّحِيحُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) قَدْ مَرَّ أَنَّ وَلِيَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) أَنَّ إنْكَارَ السَّيِّدِ التَّدْبِيرَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ وَجَعَلَهُ فِي الدَّعَاوَى رُجُوعًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَذْكُورُ هُنَا هُوَ الصَّوَابُ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ اهـ وَتَبِعَهُ عَلَى التَّصْوِيبِ جَمَاعَةٌ [فَرْعٌ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ] (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ وَلَا مَالَ لَهُ سَوَاءٌ عَتَقَ ثُلُثُهُ) هَذَا إذَا مَاتَ عَنْ وَارِثٍ خَاصٍّ فَلَوْ لَمْ يَخْلُفْ وَارِثًا سِوَى بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ لَا يَمْلِكُ سِوَاهُ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الثُّلُثُ بَلْ يَعْتِقُ جَمِيعُهُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمُسْلِمِينَ ثُلُثَاهُ ر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 469 لِئَلَّا يَنْفُذَ التَّبَرُّعُ قَبْلَ تَسَلُّطِهِمْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ (فَيَتَبَيَّنَ عِتْقُهُ مِنْ) حِينِ (الْمَوْتِ وَيُوقَفَ كَسْبُهُ) قَبْلَ وُصُولِ ذَلِكَ، فَإِذَا وَصَلَ تَبَيَّنَ مَعَ عِتْقِهِ أَنَّ الْكَسْبَ لَهُ وَأَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِذَلِكَ قَوْلُ أَصْلِهِ بَعْدَ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ فَعَلَى هَذَا تُوقَفُ الْأَكْسَابُ، فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ بَانَ أَنَّهُ عَتَقَ وَأَنَّ الْأَكْسَابَ لَهُ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً وَالْغَائِبِ مِائَتَيْنِ فَحَضَرَ مِائَةٌ عَتَقَ نِصْفُهُ لِحُصُولِ مِثْلَيْهِ لِلْوَرَثَةِ، فَإِنْ تَلِفَتْ الْأُخْرَى اسْتَقَرَّ عِتْقُ ثُلُثَيْهِ وَتَسَلَّطَتْ الْوَرَثَةُ عَلَى ثُلُثِهِ وَعَلَى الْمِائَةِ (وَإِنْ اسْتَغْرَقَ التَّرِكَةَ دَيْنٌ وَثُلُثُهَا يَحْتَمِلُ الْمُدَبَّرَ فَأُبْرِئَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ (تَبَيَّنَ عِتْقُهُ مِنْ) وَقْتِ (الْإِبْرَاءِ) لَا مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ سُقُوطِ الدَّيْنِ. (وَلَا يَصِحُّ إبْرَاءُ) دَائِنٍ (مُعْسِرٍ) مَدِينِهِ (عَنْ ثُلُثِ الدَّيْنِ) الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْوَرَثَةُ الثُّلُثَيْنِ) مِنْهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَصْلُ مَا لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا دَيْنًا عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ نِصْفِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَإِلَّا لَاخْتَصَّ بِحَقِّهِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَفَّرَ عَلَى الْآخَرِ حَقُّهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالصَّحِيحُ مَا جَزَمَ بِهِ أَيْ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا. (وَالْعِتْقُ إنْ عُلِّقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ) بِصِفَةٍ كَأَنْ قَالَ فِيهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ وَوُجِدَتْ (اُعْتُبِرَ) عِتْقُهُ (مِنْ الثُّلُثِ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ حِينَئِذٍ وَكَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى الْمَوْتِ (أَوْ) عُلِّقَ فِي الصِّحَّةِ (بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَوُجُودِ الْمَطَرِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ) لَا مِنْ الثُّلُثِ يُعْتَبَرُ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ عَلَّقَ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا بِإِبْطَالِ حَقِّ الْوَرَثَةِ (أَوْ) وُجِدَتْ فِيهِ (بِاخْتِيَارٍ كَدُخُولِ الدَّارِ فَمِنْ الثُّلُثِ) يُعْتَبَرُ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ حُصُولَ الْعِتْقِ فِي مَرَضِهِ، وَذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا مَسْأَلَةً تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِذِكْرِهِ لَهَا تَبَعًا لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ. (وَلَوْ عَلَّقَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ لِلْعِتْقِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ فِي) حَالٍ (حَجْرِ الْفَلَسِ) عَلَيْهِ (بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا) نَظِيرُ مَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الِاخْتِيَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ وُجِدَتْ وَبِهِ جُنُونٌ أَوْ حَجْرُ سَفَهٍ) عَتَقَ أَيْضًا. (وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقًا بِجُنُونِهِ) بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ جُنِنْت فَأَنْت حُرٌّ (فَجُنَّ فَفِي وُقُوعِهِ) أَيْ الْعِتْقِ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ فِي حَالِ جُنُونِهِ وَثَانِيهِمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْإِيقَاعِ حَصَلَ فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا لَوْ عَلَّقَ عَلَى فِعْلِهِ نَاسِيًا. (وَإِنْ) (عَلَّقَهُ بِمَرَضٍ مَخُوفٍ فَمَرِضَهُ وَعَاشَ) مِنْهُ (عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْهُ فَمِنْ الثُّلُثِ) يَعْتِقُ. (فَرْعٌ الْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ فِي الْجِنَايَةِ مِنْهُ وَعَلَيْهِ فَيَبْقَى التَّدْبِيرُ) بِحَالِهِ (إنْ فَدَاهُ) يَعْنِي الْعَبْدَ الْجَانِيَ سَيِّدُهُ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ أَوْ الْقِيمَةُ (وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ قَتَلَ أَنْ يُدَبِّرَ بِقِيمَتِهِ عَبْدًا) بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا وَيُدَبِّرَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَوْقُوفُ فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِقِيمَتِهِ مِثْلَهُ وَيُوقَفُ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَقْفِ انْتِفَاعُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَهُمْ بَاقُونَ وَمَقْصُودَ التَّدْبِيرِ انْتِفَاعُ الْعَبْدِ بِهِ وَلَمْ يَبْقَ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ لَازِمٌ فَيَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِبَدَلِهِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ (وَإِنْ بِيعَ بَعْضُهُ) فِي الْجِنَايَةِ (بَقِيَ الْبَاقِي مُدَبَّرًا، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ، وَقَدْ جَنَى) الْمُدَبَّرُ وَلَمْ يَبِعْهُ وَلَمْ يَخْتَارُ فِدَاءَهُ (فَكَعِتْقٍ) أَيْ فَمَوْتُهُ كَإِعْتَاقِ الْقِنِّ (الْجَانِي، فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا عَتَقَ وَفَدَى مِنْ التَّرِكَةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِالتَّدْبِيرِ السَّابِقِ وَيَفْدِيهِ (بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ) لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ لِلْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ إنْ اسْتَغْرَقَتْهُ الْجِنَايَةُ وَإِلَّا فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثُلُثُ الْبَاقِي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ الْمَيِّتُ مُعْسِرٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ هَذَا تَرْجِيحَ عَدَمِ النُّفُوذِ هُنَا وَحَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ فَأَوْهَمَ تَرْجِيحَ خِلَافِهِ اعْتِمَادًا عَلَى التَّرِكَةِ قُلْت وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُفَارِقُ السِّرَايَةَ بِأَنَّ سَبَبَ الْعِتْقِ فِيهِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمَوْتِ وَسَبَبَ السِّرَايَةِ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ (وَلَوْ ضَاقَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ مَالِ الْجِنَايَةِ (الثُّلُثُ) وَمَاتَ السَّيِّدُ (فَفَدَاهُ الْوَارِثُ) مِنْ مَالِهِ (فَوَلَاؤُهُ) كُلُّهُ (لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ تَنْفِيذَ الْوَارِثِ إجَازَةٌ) لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَمِّمٌ بِهِ قَصْدَ الْوَارِثِ. (فَصْلٌ يَجُوزُ وَطْءُ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا) بِصِفَةٍ لِكَمَالِ الْمِلْكِ وَنَفَاذِ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا وَلِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ يَجُوزُ وَطْؤُهَا مَعَ أَنَّ حَقَّ الْعِتْقِ فِيهَا آكَدُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا أَوْلَى وَيُفَارِقُ الثَّلَاثَ الْمُكَاتَبَةُ بِأَنَّهَا صَارَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهَا إذَا وُطِئَتْ يَكُونُ الْمَهْرُ لَهَا، وَإِذَا جُنِيَ عَلَيْهَا يَكُونُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ لَهَا بِخِلَافِ الثَّلَاثِ فَإِنَّ مُهُورَهُنَّ وَأُرُوشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِنَّ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا السَّيِّدُ بَطَلَ التَّدْبِيرُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) كَمَا مَرَّ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ قَالَ كُلُّ مُدَبَّرَةٍ لِي حُرَّةٌ فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ. (وَلَوْ أَتَتْ الْمُدَبَّرَةُ بِوَلَدٍ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا)   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لِئَلَّا يَنْفُذَ التَّبَرُّعُ قَبْلَ تَسْلِيطِهِمْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ الْوَارِثُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ فَالْمُعْتَبَرُ مُضِيُّ زَمَانِ الْقُدْرَةِ (قَوْلُهُ فَأُبْرِئَ مِنْهُ) إمَّا بِأَدَاءِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِإِبْرَاءِ مُسْتَحِقِّهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالصَّحِيحُ مَا جَزَمَا بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إلَخْ) أَيْ وَالْمِلْكُ بِالْإِرْثِ لَا يَتَأَخَّرُ وَلِهَذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ إنْ عُلِّقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ) لَوْ قَالَ أَنْت حُرٌّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ صِحَّتِي الْمُتَّصِلِ بِمَرَضِ مَوْتِي فَقِيلَ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِتَقَدُّمِ الْعِتْقِ عَلَى مَرَضِ الْمَوْتِ وَقَالَ فِي الْبَيَانِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ لَا تُوجَدُ إلَّا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَهِيَ كَقَوْلِهِ إذَا مَرِضْت فَأَنْتَ حُرٌّ، وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْبَيَانِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ وُجِدَتْ وَبِهِ جُنُونٌ أَوْ حَجْرُ سَفَهٍ عَتَقَ أَيْضًا) لِأَنَّ حَجْرَ السَّفَهِ وَالْجُنُونَ لَيْسَ لِحَقِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ حَجْرِ الْفَلْسِ وَالْمَرَضِ فَإِنَّهُمَا لِحَقِّ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ قُلْت وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [فَصْلٌ وَطْءُ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ] (قَوْلُهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا) تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ فَلَوْ أَتَتْ بِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ حُرًّا وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ عَلَى فِرَاشِ زَوْجٍ وَنَفَاهُ بِاللِّعَانِ أَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْ السَّيِّدِ وَنَفَاهُ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْمُخْتَصَرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَمَا وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِهِ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ وَهِيَ مُخْتَصَرَةٌ شَامِلَةٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 470 بِأَنْ عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ (لَمْ يَسْرِ التَّدْبِيرُ إلَيْهِ) كَمَا فِي وَلَدِ الْمَرْهُونَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْبَلُ الرَّفْعَ (وَكَذَا الْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا) بِصِفَةٍ (وَالْمُوصَى) بِهَا أَيْ بِعِتْقِهَا لَا يَسْرِي إلَى وَلَدِهِمَا التَّعْلِيقُ وَالْإِيصَاءُ لِذَلِكَ وَمَا قَرَّرْته فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ يَأْتِي هُنَا، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لَا فَرْقَ فِي وَلَدِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بَيْنَ أَنْ تَعَلَّقَ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ مَمْنُوعٌ. (وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْت حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي بِعَشْرِ سِنِينَ) مَثَلًا (لَمْ تَعْتِقْ إلَّا بِمُضِيِّ) تِلْكَ (الْمُدَّةِ) مِنْ حِينِ الْمَوْتِ (وَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا) فِي حُكْمِ الصِّفَةِ (إلَّا أَنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ) ، وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَيَتْبَعُهَا فِي ذَلِكَ (فَيَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) كَوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ الْقِيَاسِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَمَّا وَلَدُ الْمُدَبَّرِ فَلَا يَتْبَعُهُ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. [فَرْعٌ دَبَّرَ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا ثُمَّ حَمَلَتْ وَمَاتَ قَبْلَ انْفِصَالِ الْحَمْلِ] (فَرْعٌ) لَوْ (دَبَّرَ حَامِلًا) أَوْ حَائِلًا، ثُمَّ حَمَلَتْ وَمَاتَ قَبْلَ انْفِصَالِ الْحَمْلِ (تَبِعَهَا فِيهِ) أَيْ فِي تَدْبِيرِهَا (الْحَمْلُ) وَإِنْ انْفَصَلَ قَبْلَ الْمَوْتِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذِهِ طَرِيقَةٌ مَرْدُودَةٌ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى خِلَافِهَا (وَكَذَا لَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا الْعِتْقُ (وَهِيَ حَامِلٌ) وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا حِينَ التَّعْلِيقِ يَتْبَعُهَا الْحَمْلُ فِي الْعِتْقِ بِالصِّفَةِ، فَإِنْ وَلَدَتْهُ وَمَاتَتْ قَبْلَ وُجُودِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِنْهَا كَدُخُولِهَا الدَّارَ لَمْ يَعْتِقْ لِفَوَاتِ الصِّفَةِ بِمَوْتِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا كَدُخُولِ سَيِّدِهَا الدَّارَ وَعَتَقَ بِالصِّفَةِ كَوَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ، وَتَبَعِيَّتُهُ فِي الْحَامِلِ عِنْدَ التَّدْبِيرِ أَوْ التَّعْلِيقِ لَيْسَتْ بِالسِّرَايَةِ بَلْ بِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ لَفْظُ الْأُمِّ فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْيَقِينُ غَالِبًا وَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَرُبَّمَا كَانَتْ الْأُمُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ دُونَ الْحَمْلِ، ثُمَّ مَا نَقَلْته عَنْ الْأَصْلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى الْوَلَدَ فَقَالَ أَنْتِ مُدَبَّرَةٌ دُونَ حَمْلِك صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَشَرَطَا أَنْ تَلِدَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، فَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ بَطَلَ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَلِدُ إلَّا حُرًّا انْتَهَى. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِثْنَائِهِ مِنْ عِتْقِ أُمِّهِ ظَاهِرٌ (وَيُعْرَفُ وُجُودُهُ) عِنْدَ التَّدْبِيرِ مَثَلًا (بِوَضْعِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ حِينِ التَّدْبِيرِ (فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْ حِينَئِذٍ (لَمْ يَتْبَعْهَا) لِحُدُوثِهِ وَانْفِصَالِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ (أَوْ) وَضَعَتْهُ (لِمَا بَيْنَهُمَا فُرِّقَ بَيْنَ مَنْ لَهَا زَوْجٌ يَفْتَرِشُهَا) فَلَا يَتْبَعُهَا (وَ) بَيْنَ (غَيْرِهَا) فَيَتْبَعُهَا، وَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهَا قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا (كَمَا سَبَقَ فِي نَظَائِرِهَا) وَلَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ قَدْ فَارَقَهَا قَبْلَ التَّدْبِيرِ وَوَلَدَتْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ حِينِ الْفِرَاقِ تَبِعَهَا. (وَيَجُوزُ تَدْبِيرُ الْحَمْلِ) وَحْدَهُ وَلَا يَتَنَاوَلُ أُمَّهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ (وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ دُونَهَا) لِذَلِكَ (وَيَصِحُّ بَيْعُهَا) حَامِلًا بِهِ (وَيَبْطُلُ بِهِ تَدْبِيرُهُ) لِدُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الرُّجُوعَ. (وَلَوْ قَالَتْ) بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ (دَبَّرَنِي حَامِلًا) فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَقَالَ لَهَا (الْوَارِثُ بَلْ) دَبَّرَكِ (حَائِلًا) فَهُوَ قِنٌّ (أَوْ) قَالَتْ (فَوَلَدْته بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ) فَهُوَ حُرٌّ (فَقَالَ الْوَارِثُ بَلْ) وَلَدْته (قَبْلَهُ أَوْ قَبْلَ التَّدْبِيرِ) فَهُوَ قِنٌّ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّدْبِيرِ، وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا الصُّورَةُ الْأُولَى وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ بَدَلُهَا لَوْ قَالَ السَّيِّدُ أَوْ وَارِثُهُ وَلَدْته قَبْلَ التَّدْبِيرِ وَقَالَتْ بَعْدَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (، وَكَذَا) الْحُكْمُ (إذَا اخْتَلَفَا فِي وَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ) هَلْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ أَوْ بَعْدَهُ. (وَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا التَّدْبِيرَ) وَالْعِتْقَ (لِوَلَدِهَا حِسْبَةً) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِهِمَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِنَّةً وَادَّعَتْ عَلَى السَّيِّدِ ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهَا. (فَرْعٌ فِي يَدِ مُدَبَّرٍ مَالٌ ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهُ كَسْبُهُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ) فَهُوَ تَرِكَةٌ (وَقَالَ) الْمُدَبَّرُ (بَلْ) كَسَبْته (بَعْدَهُ) فَهُوَ لِي (صُدِّقَ الْمُدَبَّرُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ كَسْبِهِ إلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ، وَقَدْ وُجِدَ بَعْدَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ دَعْوَاهَا الْوَلَدَ؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهُ حُرٌّ وَالْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَبَّرِ لِاعْتِضَادِهَا بِالْيَدِ (بَلْ لَوْ أَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً أَنَّهُ) أَيْ الْمَالَ (كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَقَالَ) الْمُدَبَّرُ (كَانَ) فِي يَدَيْ (وَدِيعَةٌ لِرَجُلٍ وَمَلَكْته بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ الْعِتْقِ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (أَيْضًا) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَتَعَرَّضْ إلَّا لِلْيَدِ وَلِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِيَدٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَيَدُ الْمُدَبَّرِ ثَابِتَةٌ فِي الْحَالِ. (فَصْلٌ) لَوْ (دَبَّرَ عَبْدًا، ثُمَّ مَلَّكَهُ أَمَةً فَوَطِئَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ مَلَكَهُ السَّيِّدُ) سَوَاءٌ أَقُلْنَا أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ أَمْ لَا (وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ) مِنْ الْعَبْدِ (وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ. (وَإِنْ دَبَّرَ رَجُلَانِ أَمَتَهُمَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ) وَ (ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا لَحِقَهُ وَضَمِنَ) لِشَرِيكِهِ (نِصْفَ قِيمَتِهَا) وَفِي نُسْخَةٍ قِيمَتَهُمَا أَيْ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا (وَ) ضَمِنَ لَهُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا أَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) بِحَيْثُ لَا يَكُونُ حُرًّا أَوْ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ عَلَى فِرَاشِ زَوْجٍ وَنَفَاهُ الزَّوْجُ بِاللِّعَانِ أَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْ السَّيِّدِ وَنَفَاهُ (قَوْلُهُ لَوْ دَبَّرَ حَامِلًا تَبِعَهَا فِيهِ الْحَمْلُ) قَالَ فِي الْحَاوِي، فَإِنْ اسْتَثْنَاهُ فِي التَّدْبِيرِ فَقَالَ أَنْتِ مُدَبَّرَةٌ دُونَ حَمْلِك صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ إنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَبَطَلَ إنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَلِدُ إلَّا حُرًّا (قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَتْ دَبَّرَنِي حَامِلًا إلَخْ) لَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ وَيَخْتَلِفَا فِي وَقْتِ التَّدْبِيرِ أَوْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ التَّدْبِيرِ وَيَخْتَلِفَا فِي وَقْتِ الْوِلَادَةِ أَوْ يُطْلِقَا نَظِيرُ مَا سَبَقَ فِي الْعَدَدِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ عَجَّلْت لَك الْحُرِّيَّةَ تَعَجَّلَتْ وَيَعْتِقُ فَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ عَجَّلْت لَك الْحُرِّيَّةَ لَا يَعْتِقُ قَالَهُ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ إذَا لِلْوَقْتِ لَا لِلشَّرْطِ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوَقْتِ، وَإِنْ لِلشَّرْطِ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوَقْتِ وَهَذَا إنَّمَا يَجِيءُ عَلَى وَجْهٍ مَذْكُورٍ فِي بَابِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ بَدَلُهَا إلَخْ) لَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبَتِهِ وَلَدْته قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ قِنٌّ لِي وَقَالَتْ بَلْ بَعْدَهَا وَتُكَاتَبُ وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُدَبَّرُ بِيَمِينِهِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنُ الْكِتَابَةِ عَادَةً (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ كَسْبِهِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِأَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ كَسْبُ مِثْلِ ذَلِكَ الْمَالِ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ ر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 471 (نِصْفَ مَهْرِهَا وَأَخْذُ الْقِيمَةِ) أَيْ وَأَخْذُ شَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا (مِنْهُ رُجُوعُ فِي التَّدْبِيرِ) وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ رُجُوعٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ السِّرَايَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ مِنْ ضَمَانِ نِصْفِ الْوَلَدِ الْمُوَافِقِ لَهُ نُسْخَةُ قِيمَتِهِمَا. (وَيَلْغُو رَدُّ الْمُدَبَّرِ التَّدْبِيرَ) فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ. [كِتَابُ الْكِتَابَةِ] بِكَسْرِ الْكَافِ، وَقِيلَ وَبِفَتْحِهَا كَالْعَتَاقَةِ وَهِيَ لُغَةً الضَّمُّ وَالْجَمْعُ وَشَرْعًا عَقْدُ عِتْقٍ بِلَفْظِهَا بِعِوَضٍ مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَسُمِّيَ كِتَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمِّ نَجْمٍ إلَى نَجْمٍ، وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ يُوثَقُ بِهَا غَالِبًا وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْمُعَامَلَاتِ لِدَوَرَانِهَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَرَقِيقِهِ وَلِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وَخَبَرُ «مَنْ أَعَانَ غَارِمًا أَوْ غَازِيًا أَوْ مُكَاتَبًا فِي فَكِّ رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ» وَخَبَرُ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُمَا وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِالْعِتْقِ مَجَّانًا وَالْعَبْدُ لَا يَتَشَمَّرُ لِلْكَسْبِ تَشَمُّرَهُ إذَا عُلِّقَ عِتْقُهُ بِالتَّحْصِيلِ وَالْأَدَاءِ فَاحْتَمَلَ فِيهِ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ فِي غَيْرِهِ كَمَا اُحْتُمِلَتْ الْجَهَالَةُ فِي رِبْحِ الْقِرَاضِ وَعَمَلِ الْجَعَالَةِ لِلْحَاجَةِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهِيَ إسْلَامِيَّةٌ لَا تُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ) لَا وَاجِبَةٌ، وَإِنْ طَلَبَهَا الرَّقِيقُ قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ وَشِرَاءِ الْقَرِيبِ وَلِئَلَّا يَبْطُلَ أَثَرُ الْمِلْكِ وَتَحْتَكِمَ الْمَمَالِيكُ عَلَى الْمَالِكِينَ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ (إنْ طَلَبَهَا أَمِينٌ مُكْتَسِبٌ) أَيْ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ الْخَبَرَ فِي الْآيَةِ وَاعْتُبِرَتْ الْأَمَانَةُ لِئَلَّا يَضِيعَ مَا يُحَصِّلُهُ فَلَا يَعْتِقُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ لِيُوَثِّقَ بِتَحْصِيلِ النُّجُومِ. وَيُفَارِقُ الْإِيتَاءَ حَيْثُ أُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ مِنْ الْوُجُوبِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ وَأَحْوَالُ الشَّرْعِ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَهَا كَالزَّكَاةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ فُقِدَ الشَّرْطَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا (فَمُبَاحَةٌ) إذْ لَا يَقْوَى رَجَاءُ الْعِتْقِ بِهَا وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ فَقْدِ الشَّرْطَيْنِ قَدْ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ نَعَمْ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ فَاسِقًا بِسَرِقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَعَلِمَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ لَاكْتَسَبَ بِطَرِيقِ الْفِسْقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ (وَإِنْ امْتَنَعَ الْعَبْدُ) مِنْهَا، وَقَدْ طَلَبَهَا السَّيِّدُ (لَمْ يُجْبَرْ) عَلَيْهَا كَعَكْسِهِ. (وَفِيهَا بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) صِيغَةٌ وَعِوَضٌ وَسَيِّدٌ وَمُكَاتَبٌ (الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ كَكَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا وَيَذْكُرُ النُّجُومَ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ) مَعَ ذَلِكَ (فَإِذَا أَدَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلَوْ) قَالَهُ (بِالنِّيَّةِ) وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ، وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ حَيْثُ يَصِحُّ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ دَبَّرْتُك أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يُغَيَّرْ كَمَا مَرَّ. وَالْكِتَابَةُ تَقَعُ عَلَى الْعَقْدِ الْمَعْلُومِ وَعَلَى الْمُخَارَجَةِ وَهِيَ تَوْظِيفُ خَرَاجٍ عَلَى عَبْدِهِ الْكَسُوبِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمْيِيزِ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ مِثْلُهُ قَوْلُهُ، فَإِذَا بَرِئْت مِنْهُ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلَا يَكْفِي عَلَى الصَّحِيحِ التَّمْيِيزُ بِغَيْرِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ لَفْظُ الْحُرِّيَّةِ كَقَوْلِهِ وَتُعَامِلُنِي أَوْ أَضْمَنُ لَك أَرْشَ الْجِنَايَةِ أَوْ تَسْتَحِقُّ مِنِّي الْإِيتَاءَ أَوْ مِنْ النَّاسِ سَهْمَ الرِّقَابِ، وَعُدُولُهُ إلَى كَكَاتَبْتُكَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ كَاتَبْتُك إلَى آخِرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْكِتَابَةِ كَعَاقَدْتُكَ بِكَذَا وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ نَعَمْ تَنْعَقِدُ بِذَلِكَ إنْ نَوَاهَا بِهِ فَتَكُونُ كِنَايَةً (وَيُشْتَرَطُ) فِي صِحَّتِهَا (الْقَبُولُ) مِنْ الْعَبْدِ فَوْرًا فَلَا تَصِحُّ بِدُونِهِ كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَامَلَةِ. (فَرْعٌ)   [حاشية الرملي الكبير] [فَصْلٌ دَبَّرَ عَبْدًا ثُمَّ مَلَّكَهُ أَمَةً فَوَطِئَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ] كِتَابُ الْكِتَابَةِ) (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ) لِأَنَّ الرَّقَبَةَ وَالْكَسْبَ مَالُهُ وَكَوْنُهُ يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لِمَالِكِهِ مَالًا ابْتِدَاءً وَكَوْنُهُ يُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَهِيَ إسْلَامِيَّةٌ لَا تُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ) كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا بِدَلِيلِ مُكَاتَبَةِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ (قَوْلُهُ إنْ طَلَبَهَا أَمِينٌ مُكْتَسِبٌ) شَمِلَ الْمُبَعَّضَ وَالِاعْتِبَارُ بِالْكَسْبِ الْمُوَفِّي لِلنَّجْمِ لَا كَسْبِ مَا بِحِرْفَةٍ مُبَاحَةٍ مِنْ صَنْعَةٍ وَغَيْرِهَا كَاحْتِطَابٍ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ السُّؤَالُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فِيمَا أَرَاهُ فَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ حِرْفَةً وَلَا تُرْسِلُوهُمْ عَلَى النَّاسِ غ (قَوْلُهُ أَيْ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ) قُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُفْهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقُدْرَةُ عَلَى كَسْبِ مَا يَفِي بِالنَّجْمِ الَّذِي الْتَزَمَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ ذَلِكَ أَوْ مَا يَدْنُوَ مِنْهُ مِثَالُهُ النَّجْمُ فِي الشَّهْرِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَهُوَ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى كَسْبِهَا أَوْ كَسْبِ غَالِبِهَا، أَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَكْسِبُ إلَّا دُونَ ذَلِكَ فَلَا وَلَا سِيَّمَا إذَا قَلَّ كَعَشَرَةٍ وَنَحْوِهَا غ (قَوْلُهُ وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ الْخَبَرَ فِي الْآيَةِ) لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَعَمَّتْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمُبَاحَةٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ فَاسِقًا يُضَيِّعُ مَا يَكْتَسِبُهُ فِي الْفِسْقِ وَاسْتِيلَاءُ السَّيِّدِ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ فَتُكْرَهُ كِتَابَتُهُ، وَقَدْ يَنْتَهِي الْحَالُ إلَى التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ [الْبَاب الْأَوَّل فِي أَرْكَان الْكِتَابَة] (قَوْلُهُ بَلْ مِثْلُهُ قَوْلُهُ فَإِذَا بَرِئَتْ مِنْهُ إلَخْ) إذْ حُرِّيَّةُ الْمُكَاتَبِ تَحْصُلُ بِأَدَاءِ النُّجُومِ أَوْ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ فَإِذَا بَرِئَتْ مِنْهُ يَشْمَلُ الْبَرَاءَةَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْبَرَاءَةَ الْمَلْفُوظَ بِهَا وَكَذَلِكَ فَرَاغُ الذِّمَّةِ يَكُونُ بِالِاسْتِيفَاءِ وَبِالْإِبْرَاءِ اللَّفْظِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ قَالَ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا مُنَجِّمًا الْكِتَابَةَ الَّتِي يَحْصُلُ فِيهَا الْعِتْقُ كَانَ كَافِيًا فِي الصَّرَاحَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إخْرَاجُ كِتَابَةِ الْخَرَاجِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَتْ كِتَابَةَ الْخَرَاجِ فَالظَّاهِرُ صَرَاحَتُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي عَلَى الصَّحِيحِ التَّمْيِيزُ بِغَيْرِ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَوْ ذَكَرْنَا شَيْئًا مِنْ لَوَازِمِ الْكِتَابَةِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ تُعَامِلُنِي أَوْ يَتْبَعُك أَوْلَادُك أَوْ تَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ سَهْمِ الرِّقَابِ قَامَ ذَلِكَ مَقَامَ النِّيَّةِ. اهـ. وَهُوَ فَرْعٌ نَفِيسٌ يَطَّرِدُ فِي كُلِّ كِنَايَةٍ قَرَنَ بِهَا لَازِمَ الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ نَعَمْ تَنْعَقِدُ بِذَلِكَ إلَخْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَخْتَصُّ بِصِيغَةٍ إلَّا السَّلَمُ وَالنِّكَاحُ وَتَنْعَقِدُ بِالِاسْتِيجَابِ وَالْإِيجَابِ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَالنُّطْقِ وَبِالْكِتَابَةِ كَالْبَيْعِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 472 لَوْ (قَالَ) لِرَقِيقِهِ (أَنْت حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ عَتَقَ فِي الْحَالِ وَلَزِمَ) الْأَلْفُ (ذِمَّتَهُ) كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ (أَوْ) قَالَ (إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ لَغَا لِاشْتِرَاطِ الْفَوْرِيَّةِ وَلَا مِلْكَ لَهُ) فَلَا يُمْكِنُهُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا (وَلَا يَعْتِقُ بِمَالِ الْغَيْرِ) أَيْ بِإِعْطَائِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ أَلْفًا مَغْصُوبًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِلْغَاءِ جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ أَيْضًا وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إنْ أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثَمَّ. (فَرْعٌ وَيَصِحُّ أَنْ يَبِيعَهُ) أَيْ رَقِيقَهُ (نَفْسَهُ وَيَثْبُتُ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ وَيَعْتِقُ فِي الْحَالِ) وَيَثْبُتُ لِسَيِّدِهِ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (بِعْتُك نَفْسَك فَأَنْكَرَ حَلَفَ) أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَعَتَقَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ) قَالَ (بِعْتُك نَفْسَك بِهَذِهِ الْعَيْنِ أَوْ بِخَمْرٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَخِنْزِيرٍ فَقَبِلَ (عَتَقَ) وَثَبَتَ لِسَيِّدِهِ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ) لِسَيِّدِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ (وَلَوْ) (وَهَبَهُ نَفْسَهُ وَقَبِلَ) فَوْرًا (عَتَقَ، أَوَأَوْصَى لَهُ بِهَا فَقَبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ عَتَقَ) نَعَمْ إنْ نَوَى بِالْهِبَةِ الْعِتْقَ عَتَقَ بِلَا قَبُولٍ، وَلَوْ حَذَفَ عِتْقَ الْأَوَّلِ أَغْنَى عَنْهُ الثَّانِي. (وَعِتْقُ الْعَبْدِ) أَيْ إعْتَاقُهُ (بِعِوَضٍ وَشِرَاؤُهُ) نَفْسَهُ (مُوَافِقَانِ) أَيْ يُشَارِكَانِ (الْكِتَابَةَ فِي التَّعَاوُضِ) أَيْ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَضَمَّنُ إعْتَاقًا بِعِوَضٍ (وَيُخَالِفَانِهَا فِي الشُّرُوطِ) وَالْأَحْكَامِ. (الرُّكْنُ الثَّانِي الْعِوَضُ وَهُوَ مَالُ) عَيْنٍ (أَوْ مَنْفَعَةٍ) كَبِنَاءِ دَارٍ وَخِدْمَةِ شَهْرٍ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَالِ) وَلَوْ عَرَضًا (دَيْنًا مُؤَجَّلًا مُنَجَّمًا) أَيْ مُؤَقَّتًا (وَلَوْ) كَانَتْ الْكِتَابَةُ (لِمُبَعَّضٍ) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا قُدْرَةَ لَهُ فِي الْحَالِ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مُنَجَّمًا يُغْنِي عَنْهُ مَا يَأْتِي (وَلَوْ أَسْلَمَ إلَى الْمُكَاتَبِ عَقِيبَ الْعَقْدِ) لِلْكِتَابَةِ (فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَوَجَّهْت الصِّحَّةَ بِقُدْرَتِهِ بِرَأْسِ الْمَالِ قَالَ وَالْخِلَافُ قَرِيبٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ مِنْ الْمُعْسِرِ وَالْبَيْعُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَحْتَمِلُ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ الْمُسْلَمُ فِيهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَفِي الِاعْتِيَاضِ عَنْ الثَّمَنِ خِلَافٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَحَلُّهُ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ أَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَيَصِحُّ فِيهِ جَزْمًا كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَهُوَ وَاضِحٌ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُنَجِّمَ) الْمَالَ (بِنَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَلَوْ كَفَى نَجْمٌ لَفَعَلُوهُ مُبَادَرَةً لِلْقُرُبَاتِ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ إرْفَاقٍ وَمِنْ تَتِمَّةِ الْإِرْفَاقِ التَّنْجِيمُ وَلِذَلِكَ ضُرِبَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُنَجَّمَةً لِيَتَيَسَّرَ عَلَيْهِمْ الْأَدَاءُ (وَلَا بَأْسَ بِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ) وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ (حَالَّةً لِقُدْرَتِهِ عَلَى الشُّرُوعِ فِيهَا) حَالًا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ عَلَى دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا حَالٌّ وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ (وَيَصِحُّ بِنَجْمَيْنِ قَصِيرَيْنِ) ، وَلَوْ (فِي مَالٍ كَثِيرٍ) لِإِمْكَانِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (كَالسَّلَمِ إلَى مُعْسِرٍ فِي مَالٍ كَثِيرٍ) إلَى أَجَلٍ قَصِيرٍ. (وَلَوْ كَاتَبَ) عَبْدَهُ (عَلَى خِدْمَةِ شَهْرَيْنِ وَجَعَلَ كُلَّ شَهْرٍ نَجْمًا لَمْ يَصِحَّ) قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّهْرِ الثَّانِي مُتَعَيَّنَةٌ وَالْمَنَافِعُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ لَا تُؤَجَّلُ كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ) كَاتَبَهُ (عَلَى خِدْمَةِ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ فَأَوْلَى بِالْفَسَادِ) لِانْقِطَاعِ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ عَنْ آخِرِ الْأُولَى (وَيُشْتَرَطُ) فِي الصِّحَّةِ (أَنْ يَصِلَ الْخِدْمَةَ وَالْمَنَافِعَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْأَعْيَانِ بِالْعَقْدِ) فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ كَمَا أَنَّ عَيْنَ التَّبِيعِ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ فَلَوْ كَاتَبَهُ فِي رَمَضَانَ عَلَى خِدْمَةِ شَوَّالٍ لَمْ يَصِحَّ. (أَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مِنْ الْآنِ وَعَلَى إلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ بَعْدَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُلْتَزَمَةَ) فِي الذِّمَّةِ (تَتَأَجَّلُ بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ) وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ أَيْ الْآنَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بَعْدَ انْقِضَائِهِ بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ، وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ وَجَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَقْتًا مَعْلُومًا صَحَّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَصِحُّ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مُتَّصِلٍ بِالْعَقْدِ وَ) عَلَى (دِينَارٍ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ) لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ فِي الْحَالِ وَالْمُدَّةِ لِتَقْدِيرِهَا وَالتَّوْفِيَةُ فِيهَا وَالدِّينَارُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا لِاسْتِحْقَاقِهِ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الِاسْتِحْقَاقُ حَصَلَ التَّنْجِيمُ (لَا) الْكِتَابَةُ (عَلَى دِينَارٍ يُؤَدِّيهِ آخِرَ الشَّهْرِ وَ) عَلَى (خِدْمَةِ الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ) لِعَدَمِ اتِّصَالِ الْخِدْمَةِ بِالْعَقْدِ (وَيَكْفِي إطْلَاقُ الْخِدْمَةِ) وَيَتْبَعُ فِيهَا الْعُرْفَ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْإِجَازَةِ، وَقِيلَ لَا يَكْفِي بَلْ يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْعَمَلِ فِيهَا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ. (لَا) إطْلَاقُ (الْمَنْفَعَةِ) بِأَنْ قَالَ كَاتَبْتُك عَلَى مَنْفَعَةِ شَهْرٍ فَلَا يَكْفِي لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ (وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ فَمَرِضَ فِي الشَّهْرِ) وَفَاتَتْ الْخِدْمَةُ (انْفَسَخَتْ) أَيْ الْكِتَابَةُ (فِي قَدْرِ الْخِدْمَةِ وَفِي الْبَاقِي خِلَافٌ) فَقِيلَ يَبْطُلُ فِيهِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي بَعْضِ الْعَبْدِ، وَقِيلَ هُوَ كَمَنْ بَاعَ عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ لِرَقِيقِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ] قَوْلُهُ قَالَ أَنْت حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ) أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا أَوْ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا عَلَى أَلْفٍ، وَقَوْلُهُ فَقَبِلَ أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ) ثُمَّ يُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ عَقْدٌ وَارِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى الرَّقَبَةِ وَيُغْتَفَرُ فِي الْأَوَّلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الثَّانِي (وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَهَبَهُ نَفْسَهُ وَقَبِلَ فَوْرًا عَتَقَ) مُقْتَضَى تَقْيِيدِهِ بِالْقَبُولِ اشْتِرَاطُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الْإِسْقَاطَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَقَدْ نَقَلَا فِي بَابِ الضَّمَانِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ لِعَبْدِهِ مَلَّكْتُك رَقَبَتَك وَلِزَوْجَتِهِ مَلَّكْتُك نَفْسَك يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لِكَوْنِهِ إسْقَاطًا لَا تَمْلِيكًا وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَهَبْت مِنْك نَفْسَك أَوْ مَلَّكْتُك نَفْسَك احْتَاجَ إلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّ فِيهِ شَائِبَتَيْ التَّمْلِيكِ وَالْإِسْقَاطِ، وَقَوْلُهُ مُقْتَضَى تَقْيِيدِهِ بِالْقَبُولِ اشْتِرَاطُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَوَجَّهْت الصِّحَّةَ إلَخْ) وَهِيَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَهُوَ وَاضِحٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَ الْإِسْنَوِيِّ أَجَلٌ يُمْكِنُ فِيهِ التَّسْلِيمُ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْحَالِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي مَالٍ كَثِيرٍ) أَوْ فِيمَا يَنْدُرُ وُجُودُهُ (قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ الصِّحَّةُ) هِيَ الْمَذْهَبُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 473 أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَفِي الْبَاقِي طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَبْطُلُ وَالثَّانِي قَوْلَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالصَّحِيحُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ الصِّحَّةُ فَقَالَ لَوْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ اُعْتُبِرَتْ كِتَابَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ فَالْبَاقِي قِنٌّ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ بِأَنَّ ذَاكَ ابْتِدَاءُ كِتَابَةٍ وَهُنَا وَرَدَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى الْجَمِيعِ، ثُمَّ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى إبْطَالِهَا فِي الْبَعْضِ قَالَ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى مَا يُوَافِقُ الْبُطْلَانَ فَقَالَ إذَا انْتَقَضَتْ الْكِتَابَةُ فِي الْبَعْضِ انْتَقَضَتْ فِي الْكُلِّ. (فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ) عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي (أَبَدًا فَقَبِلَ عَتَقَ) فِي الْحَالِ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْهُ مَجَّانًا (أَوْ) قَالَ (عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا مِنْ الْآنِ فَقَبِلَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ الْوَفَاءُ) بِالْخِدْمَةِ لِتَعَيُّنِ زَمَنِهَا (فَإِنْ تَعَذَّرَتْ الْخِدْمَةُ فِيهِ) بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (رَجَعَ) عَلَيْهِ السَّيِّدُ (بِقِيمَتِهِ) لَا بِأُجْرَةِ الْخِدْمَةِ كَالصَّدَاقِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ إذَا تَلِفَا قَبْلَ الْقَبْضِ. (أَوْ) قَالَ (كَاتَبْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي أَبَدًا) أَوْ أَطْلَقَ (لَمْ يَعْتِقْ) وَإِنْ قَبِلَ لِاسْتِغْرَاقِ الْخِدْمَةِ مُدَّةَ عُمُرِهِ فَيُؤَدِّي إلَى عَدَمِ عِتْقِهِ (أَوْ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا فَقَبِلَ وَخَدَمَهُ شَهْرًا عَتَقَ وَلَهُ) عَلَى سَيِّدِهِ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلسَّيِّدِ) ؛ لِأَنَّهَا كِتَابَةٌ فَاسِدَةٌ (فَإِنْ خَدَمَهُ أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ لَمْ يَعْتِقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ. (وَيُشْتَرَطُ) فِي صِحَّتِهَا (بَيَانُ قَدْرِ الْعِوَضِ وَصِفَتِهِ، وَقَدْرِ الْآجَالِ وَقِسْطِ كُلِّ نَجْمٍ) لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالنَّجْمُ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَالِ الْمُؤَدَّى فِيهِ وَيُسَمَّى الْوَقْتُ نَجْمًا؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تَعْرِفُ الْحِسَابَ بَلْ كَانَتْ تَبْنِي أُمُورَهَا عَلَى طُلُوعِ النَّجْمِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ إذَا طَلَعَ نَجْمُ الثُّرَيَّا أُؤَدِّي مِنْ حَقِّك كَذَا (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِيمَا إذَا أَقَّتَ بِنَجْمَيْنِ مَثَلًا (تَسَاوِيهِمَا) فَيَجُوزُ تَفَاوُتُهُمَا وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ ابْتِدَاءِ النَّجْمِ فَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَيَكُونُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ (وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ النَّقْدِ إنْ لَمْ يَكُنْ) ثَمَّ (نَقْدٌ غَالِبٌ) وَاخْتَلَفَتْ قِيمَةُ النُّقُودِ وَإِلَّا كَفَى الْإِطْلَاقُ (وَ) يُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا عَقَدَ بِعَرْضٍ (وَصْفُ الْعَرْضِ بِصِفَةِ السَّلَمِ، فَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى ثَوْبٍ) مَثَلًا (مَوْصُوفٍ) عَلَى أَنْ (يُؤَدِّيَ نِصْفَهُ) مَثَلًا (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ بَعْدَهَا (وَنِصْفَهُ الْآخَرَ لِسَنَتَيْنِ) أَيْ بَعْدَهُمَا (لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ النِّصْفَ فِي الْمُدَّةِ الْأُولَى تَعَيَّنَ النِّصْفُ الثَّانِي لِلثَّانِيَةِ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ (أَوْ) كَاتَبَهُ (عَلَى مِائَةٍ تُؤَدَّى كَذَلِكَ) أَيْ نِصْفُهَا مَثَلًا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ (صَحَّ) لِأَنَّ الْمِائَةَ مُتَفَاضِلَةٌ بِخِلَافِ الثَّوْبِ (فَإِنْ قَالَ) عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ (بَعْضَهَا لِسَنَةٍ وَبَعْضَهَا لِسَنَتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا) لَوْ قَالَ (عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَهَا فِي عَشْرِ سِنِينَ لِلْجَهْلِ بِالتَّوْزِيعِ) فِيهِمَا وَلِأَنَّهَا فِي الثَّانِيَةِ كِتَابَةٌ إلَى أَجَلٍ وَاحِدٍ (وَلَوْ قَالَ) عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَهَا (فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ) فِي (وَسَطِ الشَّهْرِ أَوْ فِي يَوْمِ كَذَا فَهَلْ هُوَ مَجْهُولٌ أَوْ يُحْمَلُ) فِي غَيْرِ الْوَسَطِ (عَلَى أَوَّلِهِ وَفِي الْوَسَطِ عَلَى نِصْفِهِ) لِأَنَّهُ الْوَسَطُ الْحَقِيقِيُّ؟ (وَجْهَانِ) كَنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ كَذَا نَظَرَ بِهِ الْأَصْلُ فِي غَيْرِ الْوَسَطِ وَقَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ فِي الْوَسَطِ وَغَيْرِهِ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ (أَوْ) قَالَ عَلَى أَنْ (تُؤَدِّيَهَا إلَى عَشْرِ سِنِينَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ أَجَلٌ وَاحِدٌ أَوْ) عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَهَا (فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كُلُّ شَهْرٍ قِسْطُهُ) أَيْ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ (عِنْدَ انْقِضَائِهِ فَلَا) يَجُوزُ (حَتَّى يُبَيِّنَ حِصَّةَ كُلِّ شَهْرٍ) . (وَلَوْ كَاتَبَهُ بِنَجْمَيْنِ) مَثَلًا (عَلَى أَنْ يَعْتِقَ بِالْأَوَّلِ صَحَّ وَعَتَقَ بِالْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مُطْلَقًا وَأَدَّى بَعْضَ الْمَالِ فَأَعْتَقَهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ ابْتِدَاءً. [فَرْعٌ بَيَانُ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ لِلنُّجُومِ] (فَرْعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ) لِلنُّجُومِ أَوْ لَا؟ (فِيهِ الْخِلَافُ) الْمَذْكُورُ (فِي السَّلَمِ) قَضِيَّةُ تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ بِمَوْضِعٍ لَا يَصْلُحُ لِتَسْلِيمِهَا أَوْ يَصْلُحُ لَهُ وَلِحَمْلِهَا مُؤْنَةٌ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ (فَإِنْ) عَيَّنَ لَهُ مَكَانًا، ثُمَّ (خَرِبَ الْمَكَانُ الْمُعَيَّنُ فَهَلْ يُؤَدِّي إلَيْهِ) أَيْ فِيهِ (أَوْ) يُؤَدِّي (إلَى) أَيْ فِي (أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ) إلَيْهِ؟ (فِيهِ وَجْهَانِ) قِيَاسُ مَا فِي السَّلَمِ تَرْجِيحُ الثَّانِي. (وَتَفْسُدُ مُكَاتَبَتُهُ بِمَالِ الْغَيْرِ لَكِنْ يَعْتِقُ بِأَدَائِهِ) لَهُ (بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَيَجِبُ الرَّدُّ) لَهُ (وَالرُّجُوعُ إلَى الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ (لِفَسَادِ الْكِتَابَةِ) أَمَّا إذَا أَدَّاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَعْتِقُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ إذَا أَدَّاهُ عَتَقَ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَقًّا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَفِي   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ قَالَ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي أَبَدًا فَقَبِلَ] قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ الْعِوَضِ إلَخْ) وَأَنْ يَكُونَ عَامَّ الْوُجُودِ عِنْدَ الْمَحِلِّ لَا يَتَعَسَّرُ عَلَى الْعَبْدِ تَحْصِيلُهُ فَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَا يَنْدُرُ فَوَجْهَانِ لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ عَظِيمٍ فِي نَجْمَيْنِ قَصِيرَيْنِ، وَقَضِيَّةُ الْبِنَاءِ الصِّحَّةُ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيهِ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فَانْقَطَعَ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَكَالسَّلَمِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ) فِي نُسْخَةٍ لَوْ قَالَ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ يَوْمِ كَذَا فَكَالسَّلَمِ أَوْ فِي وَسَطِهِ فَهَلْ هُوَ مَجْهُولٌ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى نِصْفِهِ؟ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ فِي الْوَسَطِ وَغَيْرِهِ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَجْهُ الصِّحَّةِ بَعِيدٌ جِدًّا (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ فِي السَّلَمِ احْتِيَاطًا فَاعْتُبِرَ فِيهِ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِي غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ذَلِكَ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَا فِي أُجْرَةٍ وَلَا فِي صَدَاقٍ وَلَا خُلْعٍ وَلَا صُلْحٍ عَنْ دَمٍ فَالْكِتَابَةُ كَذَلِكَ. اهـ. قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ صَرِيحٌ فِي الِاشْتِرَاطِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ مَا تَجُوزُ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبَةُ وَإِنْ كَاتَبَهُ بِعِوَضٍ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَوْصُوفًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَإِذَا كَانَ يُحَمِّلُهُ مُؤْنَةً لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ وَحَكَى الدَّارِمِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَيْنِ أَحَدَهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ، وَالثَّانِيَةُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي بَادِيَةٍ أَوْ خَرَابٍ يَعْنِي فِي مَوَاضِعَ لَا تَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ اهـ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ فِي شُرُوطِ الصَّدَاقِ مَعْلُومِ الْأَجَلِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا مَعْلُومَ التَّسْلِيمِ إنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَقَالَ فِي شُرُوطِ عِوَضِ الْخُلْعِ مَعْلُومِ الْأَجَلِ مَعْلُومِ التَّسْلِيمِ إنَّ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةً (قَوْلُهُ قِيَاسُ مَا فِي السَّلَمِ تَرْجِيحُ الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 474 مَحْضِ التَّعْلِيقِ يَعْتِقُ بِالْمُسْتَحَقِّ كَإِنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا) فَأَعْطَاهُ (فَإِنَّهُ يَعْتِقُ) لِكَوْنِهِ مَحْضَ تَعْلِيقٍ وَتِلْكَ كِتَابَةٌ تُوجِبُ التَّمْلِيكَ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ إذْنٌ لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي الْمِلْكَ فَلَمْ يُوجَدْ عِتْقٌ (وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَيَرُدُّهُ) كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ يُعْرَفُ أَنَّ فِي تَعْبِيرِهِ كَغَيْرِهِ بِمَحْضِ التَّعْلِيقِ تَسَمُّحًا بَلْ ذَلِكَ مُعَارَضَةٌ غَلَبَ فِيهَا جَانِبُ التَّعْلِيقِ. (فَرْعٌ) لَوْ (كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ دَارِهِ) مَثَلًا أَوْ يَبِيعَهُ شَيْئًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَسَدَتْ) أَيْ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ. (وَإِنْ كَاتَبَ عَبِيدًا بِأَلْفٍ) مَثَلًا (صَفْقَةً) كَأَنْ قَالَ كَاتَبْتُكُمْ بِأَلْفٍ إلَى وَقْتَيْ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أَدَّيْتُمْ فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ (صَحَّ) الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ مَالِكَ الْعِوَضِ وَاحِدٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ خَالَعَ نِسْوَةً (وَوَزَّعَ) الْمُسَمَّى (عَلَى قَدْرِ الْقِيَمِ) أَيْ قِيمَتِهِمْ لَا عَدَدِهِمْ (وَقْتَ الْكِتَابَةِ فَمَنْ أَدَّى) مِنْهُمْ (حِصَّتَهُ عَتَقَ وَمَنْ عَجَزَ) أَوْ مَاتَ (رُقَّ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ مِائَةً وَقِيمَةُ الثَّانِي مِائَتَيْنِ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ ثَلَثَمِائَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ الْمُسَمَّى وَعَلَى الثَّانِي ثُلُثُهُ وَعَلَى الثَّالِثِ نِصْفُهُ، فَإِنْ قُلْت لِمَ عَتَقَ الْمُؤَدِّي بِأَدَائِهِ، وَقَدْ عَلَّقَ السَّيِّدُ بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ؟ قُلْت لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا إذَا أَبْرَأ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ عَتَقَ، وَإِذَا مَاتَ لَمْ تَبْطُلْ الْكِتَابَةُ بِخِلَافِ التَّعْلِيقَاتِ. (الرُّكْنُ الثَّالِثُ السَّيِّدُ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَبَرُّعٌ إذْ الْمُكَاتَبُ وَكَسْبُهُ لِلسَّيِّدِ فَمُقَابَلَةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نُزُولٌ عَنْ أَحَدِهِمَا بِلَا عِوَضٍ (فَتَلْغُو) الْكِتَابَةُ (مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ) مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (وَأَوْلِيَائِهِمْ) وَمُكْرَهٍ وَسَيَأْتِي. (فَرْعٌ) لَوْ (كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي الْمَرَضِ حُسِبَ) قِيمَتُهُ (مِنْ الثُّلُثِ) وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا (فَإِنْ مَاتَ وَخَلَفَ مِثْلَيْ قِيمَتِهِ صَحَّتْ) كِتَابَتُهُ لِخُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ (وَلَوْ كَاتَبَهُ وَلَا مَالَ لَهُ) سِوَاهُ (عَلَى مِثْلَيْ قِيمَتِهِ فَأَدَّاهَا) أَيْ نُجُومَ الْكِتَابَةِ (فِي حَيَاتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (عَتَقَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ أَوْ) كَاتَبَهُ (عَلَى مِثْلِ قِيمَتِهِ فَأَدَّاهَا) أَيْ نُجُومَ الْكِتَابَةِ (فَثُلُثَاهُ) يَعْتِقَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ مِائَةً وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ نَفَذَ التَّبَرُّعُ فِي ثُلُثِهِمَا وَهُوَ ثُلُثَا الْمِائَةِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ بَاعَ نَسِيئَةً فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَأَخَذَهُ حَيْثُ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبِعْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الثَّمَنُ وَهُنَا لَوْ لَمْ يُكَاتَبْ حَصَلَتْ لَهُ أَكْسَابُهُ (أَوْ أَدَّى النِّصْفَ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ فِي نِصْفِهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ) شَيْئًا (حَتَّى مَاتَ) السَّيِّدُ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ (صَحَّتْ) كِتَابَتُهُ (فِي ثُلُثِهِ) ، فَإِذَا أَدَّى حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ (وَلَا يَزِيدُ الْعِتْقُ بِالْأَدَاءِ) أَيْ لَا يُزَادُ فِي الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ نِصْفِ مَا أَدَّى وَهُوَ سُدُسٌ (لِبُطْلَانِهَا فِي الثُّلُثَيْنِ) فَلَا يَعُودُ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِذَا (أَجَازَ الْوَرَثَةُ فِي جَمِيعِهَا عَتَقَ) كُلُّهُ (أَوْ فِي بَعْضِهَا عَتَقَ مَا أَجَازُوا) وَفِي نُسْخَةٍ أَجَازَ أَيْ الْوَارِثُ (وَالْوَلَاءُ) عَلَيْهِ فِيمَا أَجَازُوهُ (لِلْمَيِّتِ) لَا لَهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إجَازَتَهُمْ تَنْفِيذٌ لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ. (وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا عَبْدَيْنِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَكَاتَبَ فِي الْمَرَضِ أَحَدَهُمَا وَبَاعَ الْآخَرَ نَسِيئَةً وَمَاتَ وَلَمْ يَحْصُلْ) بِيَدِهِ (ثَمَنٌ وَلَا نُجُومٌ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ فِي ثُلُثِ هَذَا وَالْبَيْعُ فِي ثُلُثِ ذَاكَ إذَا لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ) مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ (وَلَا يُزَادُ فِي الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ وَالنُّجُومِ) لِبُطْلَانِهِمَا فِي الثُّلُثَيْنِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ. (وَلَوْ كَاتَبَ فِي الصِّحَّةِ وَأَبْرَأَهُ عَنْ النُّجُومِ أَوْ أَعْتَقَهُ فِي الْمَرَضِ وَلَمْ يَمْلِكْ سِوَاهُ فِيهِمَا، فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ) وَرُقَّ ثُلُثَاهُ (وَإِنْ اخْتَارَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا قَالَ إذَا قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَدَّاهُ عَتَقَ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَقًّا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْضُ تَعْلِيقٍ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ ضَرْبُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَنَّهُ مَحْضُ تَعْلِيقٍ وَلَيْسَ فِي مَحْضِ التَّعْلِيقِ رُجُوعٌ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ حَيْثُ أَوْجَبْنَا فِيهَا الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ مَحْضَ تَعْلِيقٍ بَلْ فِيهَا مُعَاوَضَةٌ فَلْتُضْرَبْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مِنْ النُّسَخِ (قَوْلُهُ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ دَارِهِ مَثَلًا فَسَدَتْ) لَوْ قَالَ كَاتَبْتُك وَبِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِأَلْفٍ وَنَجَّمَ الْأَلْفَ وَعَلَّقَ الْحُرِّيَّةَ بِأَدَائِهِ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ دُونَ الْبَيْعِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ قَبِلْتهمَا أَوْ قَبِلْت الْكِتَابَةَ وَالْبَيْعَ أَوْ الْبَيْعَ وَالْكِتَابَةَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَلْفُ لَيْسَ كُلُّهُ مُقَابَلًا فِي الْكِتَابَةِ فَيُؤَدِّي هَذَا التَّصْوِيرُ إلَى تَعْلِيقِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْكِتَابَةِ بِأَدَاءِ مَالٍ آخَرَ غَيْرِ مَالِ الْكِتَابَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَوْضُوعِهَا فَتَكُونُ فَاسِدَةً وَوَقَعَ هَذَا التَّصْوِيرُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِزِيَادَتِهِ إذَا أَدَّى مَا خَصَّ الْكِتَابَةَ يَعْتِقُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التَّعْلِيقِ وَلَمْ نَرَ هَذَا التَّصْوِيرَ فِي كَلَامِ أَحَدٍ وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا فِيهِ فَسَادُ الْكِتَابَةِ وَلَا نَصَّ لِلشَّافِعِيِّ يُخَالِفُ مَا قَرَّرْنَاهُ بَلْ قَوَاعِدُهُ شَاهِدَةٌ لَهُ قَالَ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ مُبَعَّضًا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَكَانَ ذَلِكَ فِي نَوْبَةِ الْحُرِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَيْضًا لِفَقْدِ الْمُقْتَضِي لِلْإِبْطَالِ وَهُوَ تَقَدُّمُ أَحَدِ شِقَّيْهِ عَلَى مَصِيرِ الْعَبْدِ أَهْلًا لِمُعَامَلَةِ السَّيِّدِ قَالَ وَتَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْمُبَعَّضِ مَعَ السَّيِّدِ فِي الْأَعْيَانِ مُطْلَقًا وَفِي الذِّمَّةِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَهُوَ مِنْ دَقِيقِ الْفِقْهِ. (قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) شَمِلَ السَّكْرَانَ وَالْأَعْمَى تَغْلِيبًا لِلْعِتْقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ كَاتَبَ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَالْإِعْتَاقِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ [فَرْعٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي الْمَرَضِ] (قَوْلُهُ لَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي الْمَرَضِ حُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ) لَوْ أَوْجَبَ السَّيِّدُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ فَطَرَأَ الْمَرَضُ فَقَبِلَ الْعَبْدُ فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ وَقَعَا مَعًا فِي الْمَرَضِ وَقِسْ عَلَى هَذَا نَظَائِرَهُ مِنْ الْعِتْقِ غ (قَوْلُهُ صَحَّتْ كِتَابَتُهُ فِي ثُلُثِهِ) وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى كِتَابَةِ بَعْضِ عَبْدٍ؛ لِأَنَّ ذَاكَ ابْتِدَاءُ كِتَابَةٍ وَهُنَا وَرَدَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى الْجَمِيعِ، ثُمَّ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْإِبْطَالِ فِي الْبَعْضِ، فَإِنْ قِيلَ لَوْ وَرَدَتْ عَلَى الْجَمِيعِ، ثُمَّ رُدَّتْ عَلَى الْجَمِيعِ، ثُمَّ رُدَّتْ فِي الْبَعْضِ نَرُدُّهَا فِي الْكُلِّ فِيمَا إذَا كَانَ عَبْدَيْنِ اثْنَيْنِ وَكَاتَبَاهُ وَعَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا أَجَابَ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنَّا إنَّمَا قُلْنَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ وَبَاقِيهِ مُكَاتَبٌ تَضَرَّرَ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ فَأَبْطَلْنَا الْجَمِيعَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الشَّرِيكِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا انْتَقَلَ الْعَبْدُ إلَيْهِمْ نَاقِصًا بِالْكِتَابَةِ فَلَا مَعْنَى لِإِزَالَةِ الْكِتَابَةِ مِنْ بَاقِيهِ. اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 475 بَقَاءَ الْكِتَابَةِ وَالنُّجُومُ مِثْلُ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَتِهِ (عَتَقَ ثُلُثُهُ وَبَقِيَتْ الْكِتَابَةُ فِي الثُّلُثَيْنِ أَوْ) وَ (أَحَدُهُمَا أَقَلُّ) مِنْ الْآخَرِ (اُعْتُبِرَ الْأَقَلُّ) أَيْ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ إنَّمَا يَسْتَقِرُّ عَلَى الْأَقَلِّ مِنْهُمَا (وَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُهُ (فِي الْوَصَايَا) لَمْ يَسْبِقْ إلَّا فِي أَصْلِهِ وَبَيَانُهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ النُّجُومُ أَقَلَّ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَسَقَطَ ثُلُثُهَا وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ النُّجُومُ إنْ أَدَّى وَإِلَّا فَثُلُثَا الرَّقَبَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ كَأَنْ كَانَتْ مِائَةً وَالنُّجُومُ مِائَتَيْنِ حَصَلَ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّا نَحْتَاجُ أَنْ يُعْتِقَ شَيْئًا مِنْهُ مَحْسُوبًا مِنْ الثُّلُثِ وَسَقَطَ مِثْلُهُ مِنْ النُّجُومِ غَيْرَ مَحْسُوبٍ مِنْهُ فَيُقَالُ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَسَقَطَ مِنْ النُّجُومِ شَيْئَانِ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مِنْهَا مِائَتَانِ إلَّا شَيْئَيْنِ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ ضِعْفَ مَا عَتَقَ فَبَعْدَ الْجَبْرِ مِائَتَانِ يَعْدِلَانِ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ فَالشَّيْءُ خَمْسُونَ وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الَّذِي عَتَقَ نِصْفُ الْعَبْدِ وَأَنَّهُ سَقَطَ نِصْفُ النُّجُومِ. قَالَ الْأُسْتَاذُ فَإِنْ عَجَّلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ نِصْفُهُ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِ شَيْءٍ أَيْ زَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ، ثُمَّ كُلَّمَا أَدَّى شَيْئًا حُكِمَ بِعِتْقِ نِصْفِ مَا أَدَّى حَتَّى يُؤَدِّيَ نِصْفَ الْكِتَابَةِ وَيَسْتَوْفِيَ وَصِيَّتَهُ أَيْ وَهِيَ النِّصْفُ. (وَلَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ مُكَاتَبِهِ أَوْ إبْرَائِهِ فَكَمَا سَبَقَ) فِي الَّتِي قَبْلَهَا (إلَّا أَنَّهُ يَحْتَاجُ) هُنَا (إنْشَاءَ عِتْقٍ أَوْ إبْرَاءٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ كَاتَبَ فِي الصِّحَّةِ وَقَبَضَ النُّجُومَ فِي الْمَرَضِ أَوْ) قَبَضَهَا وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (أَوْ أَقَرَّ) هُوَ فِي الْمَرَضِ بِالْقَبْضِ لَهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ (عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَمَّا فِي الْأُولَيَيْنِ فَكَمَا لَوْ بَاعَ بِمُحَابَاةٍ فِي الصِّحَّةِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فِي الْمَرَضِ أَوْ قَبَضَهُ وَارِثُهُ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَلِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا يَقْدِرُ عَلَى إنْشَائِهِ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ يَسْتَوِي فِيهِ الصِّحَّةُ وَالْمَرَضُ. [فَصْلٌ الْكِتَابَةُ مِنْ الْكَافِر] (فَصْلٌ تَصِحُّ الْكِتَابَةُ مِنْ كَافِرٍ كَإِعْتَاقِهِ وَلَا تَصِحُّ مِنْ مُرْتَدٍّ) وَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّ مِلْكَهُ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالْعُقُودُ لَا تُوقَفُ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ وَالتَّعْلِيقُ يَقْبَلُ الْوَقْفَ. (وَلَا) الْأَوْلَى فَلَا (يَعْتِقُ) الْعَبْدُ (بِأَدَائِهِ) النُّجُومَ فِي كِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ لِبُطْلَانِهَا وَالْمَسْأَلَةُ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ الرِّدَّةِ أَيْضًا (وَلَا تُبْطِلُهَا رِدَّةُ السَّيِّدِ) الطَّارِئَةُ بَعْدَهَا كَمَا لَا يَبْطُلُ بَيْعُهُ (وَتَصِحُّ كِتَابَةُ عَبْدٍ مُرْتَدٍّ) كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَتَدْبِيرُهُ وَإِعْتَاقُهُ (وَيَعْتِقُ) الْأَوْلَى فَيَعْتِقُ (بِالْأَدَاءِ) وَلَوْ فِي زَمَنِ رِدَّتِهِ (وَإِنْ قَبِلَ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَمَا فِي يَدِهِ لِلسَّيِّدِ) وَارْتَفَعَتْ الْكِتَابَةُ بِقَتْلِهِ، وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُكَاتَبُ لَمْ تَبْطُلْ كِتَابَتُهُ، فَإِنْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ كَانَ مَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ وَارْتَفَعَتْ الْكِتَابَةُ كَمَا فُهِمَ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَلَوْ لَحِقَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا وَوَقَفَ مَالِهِ تَأَدَّى الْحَاكِمُ كِتَابَةَ مُكَاتَبِهِ) أَيْ نُجُومَهَا (وَعَتَقَ) بِالْأَدَاءِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَوَقَفَ لَهُ (فَإِنْ عَجَزَ) فَفَسَخَ الْكِتَابَةَ (أَوْ عَجَّزَهُ) الْحَاكِمُ (رُقَّ، فَإِنْ جَاءَ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ) ، وَلَوْ مُسْلِمًا (بَقِيَ التَّعْجِيزُ) بِحَالِهِ (وَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ) وَكَانَ قَدْ دَفَعَ إلَيْهِ النُّجُومَ أَوْ بَعْضَهَا حَالَ رِدَّتِهِ (اعْتَدَّ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ) وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ كَانَ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا أَسْلَمَ صَارَ الْحَقُّ لَهُ فَيَعْتَدُّ بِقَبْضِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ بَقَاءَ التَّعْجِيزِ. [فَرْعٌ كَاتَبَ ذِمِّيٌّ أَوْ مُسْتَأْمَنٌ ذِمِّيًّا عَلَى خَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا بَعْدَ قَبْضِ الْجَمِيعِ] (فَرْعٌ) لَوْ (كَاتَبَ ذِمِّيٌّ) أَوْ مُسْتَأْمَنٌ (ذِمِّيًّا) أَوْ مُسْتَأْمَنًا (عَلَى خَمْرٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَخِنْزِيرٍ (ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا) إلَيْنَا (بَعْدَ قَبْضِ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْعِوَضِ (عَتَقَ وَلَا رُجُوعَ) لِلسَّيِّدِ عَلَى الْعَبْدِ (أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ أَبْطَلْنَاهَا وَلَا أَثَرَ لِلْقَبْضِ بَعْدُ) فِي الْعِتْقِ إذْ لَا أَثَرَ لِلْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ بَعْدَ إبْطَالِهَا (فَإِنْ قَبَضَ) الْعِوَضَ أَوْ الْبَاقِيَ مِنْهُ (بَعْدَ الْإِسْلَامِ) وَقَبْلَ إبْطَالِهَا (ثُمَّ تَرَافَعَا) إلَيْنَا (حَكَمْنَا بِعِتْقِهِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَرَجَعَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ) وَلَا تُوَزَّعُ الْقِيمَةُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَقْبُوضِ وَالْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَتَعَلَّقُ بِالنَّجْمِ الْأَخِيرِ، وَقَدْ وُجِدَ فِي الْإِسْلَامِ وَالنُّجُومُ لَا يَثْبُتُ لَهَا حَقِيقَةُ الْعِوَضِيَّةِ إلَّا إذَا تَمَّتْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ فَرْضُ عَجْزٍ لَمْ يَكُنْ الْمَقْبُوضُ مِنْ قَبْلُ عِوَضًا بَلْ كَسْبُ رَقِيقٍ (وَلَا يَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ) عَلَى السَّيِّدِ (بِقِيمَةِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ) وَلَا بِمِثْلِهِمَا (وَيَرْجِعُ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ) . (وَلَوْ أَسْلَمَ) عَبْدُ شَخْصٍ (ذِمِّيٌّ فَكَاتَبَهُ صَحَّتْ) كِتَابَتُهُ لِخُرُوجِهِ بِهَا عَنْ تَصَرُّفِهِ وَاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ فِيهَا حَظًّا لِلْعَبْدِ بِتَوَقُّعِ عِتْقِهِ (وَلَوْ أَسْلَمَ) الْعَبْدُ الذِّمِّيُّ (بَعْدَ الْكِتَابَةِ لَمْ تَبْطُلْ) كِتَابَتُهُ (وَلَوْ سَلَّمَ الْبَعْضَ) مِنْ النُّجُومِ قَبْلَ إسْلَامِهِ هَذِهِ فُهِمَتْ بِالْأَوْلَى مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا الْقُوَّةُ الدَّوَامُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَ الْبَعْضَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ، وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ الْبَعْضَ. [فَرْعٌ كِتَابَةُ الْحَرْبِيِّ] (فَرْعٌ تَصِحُّ كِتَابَةُ الْحَرْبِيِّ) لِأَنَّهُ مَالِكٌ كَالذِّمِّيِّ (فَإِنْ قَهَرَ) السَّيِّدُ (بِدَارِ الْحَرْبِ مُكَاتَبَهُ بَطَلَتْ) كِتَابَتُهُ وَصَارَ قِنًّا (أَوْ قَهَرَهُ الْمُكَاتَبُ) هُنَاكَ (صَارَ حُرًّا   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَالَ الْأُسْتَاذُ، فَإِنْ عَجَّلَ مَا عَلَيْهِ إلَخْ) يُشْبِهُ أَنَّ كَلَامَ الْأُسْتَاذِ مُقَيِّدٌ لِكَلَامِ غَيْرِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إنْ عَجَّلَ لِلْوَرَثَةِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ نِصْفُهُ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِ شَيْءٍ إلَخْ مِنْهُ (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ كِتَابَةُ عَبْدٍ مُرْتَدٍّ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ لِحِرَابَةٍ لَا تَصِحُّ مُكَاتَبَتُهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ غ (قَوْلُهُ لَوْ كَاتَبَهُ ذِمِّيٌّ) أَيْ أَوْ مُعَاهَدٌ (قَوْلُهُ ذِمِّيًّا) أَيْ أَوْ مُعَاهَدًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 476 وَمَلَكَ سَيِّدَهُ) لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ قَهْرٍ (لَا إنْ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ) وَقَهَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيهِمَا فَلَا يَأْتِي فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ حَقٍّ، وَإِنْصَافٍ (وَكَذَا لَوْ قَهَرَ حُرٌّ حُرًّا) بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِدَارِنَا يَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ وَذِكْرُ حُكْمِ ذَلِكَ بِدَارِنَا مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَوْ هَرَبَ إلَيْنَا الْمُكَاتَبُ) مِنْ سَيِّدِهِ، وَلَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ (بَطَلَتْ كِتَابَتُهُ وَصَارَ حُرًّا) لِأَنَّهُ قَهَرَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ (فَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ طُولِبَ بِالْجِزْيَةِ) أَيْ بِعَقْدِهَا إنْ رَضِيَ بِهَا وَكَانَ مِنْ أَهْلِهَا (فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ) وَإِنْ جَاءَنَا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَبِإِمَامِنَا لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا اسْتَمَرَّتْ الْكِتَابَةُ كَمَا لَوْ جَاءَنَا السَّيِّدُ بِأَمَانٍ، وَلَوْ جَاءَنَا السَّيِّدُ مُسْلِمًا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمُكَاتَبِهِ هُنَاكَ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (وَلَوْ دَخَلَ) دَارَنَا حَرْبِيٌّ (وَمُكَاتَبُهُ بِأَمَانٍ) وَلَمْ يَقْهَرْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِمُكَاتَبِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ) أَوْ كَاتَبَهُ بَعْدَ مَا دَخَلَا وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِهِ (فَامْتَنَعَ) مِنْ ذَلِكَ (لَمْ يُجْبَرْ) عَلَيْهِ كَمَا لَا يُسَافِرُ الْمُسْلِمُ بِمُكَاتَبِهِ (بَلْ يُوَكِّلُ) إنْ شَاءَ (مَنْ يَقْبِضُ النُّجُومَ) عَنْهُ (وَلَا يَقِفُ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ بِدَارِنَا (لَهَا) أَيْ لِلنُّجُومِ أَيْ لِيَقْبِضَهَا (إلَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ وَالْتَزَمَهَا) أَوْ أَمَّنَاهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقِفَ لِذَلِكَ (ثُمَّ إنْ عَجَزَ مُكَاتَبُهُ نَفْسُهُ فَفِي بَقَاءِ أَمَانِهِ بَعْدَ عَوْدِ السَّيِّدِ) إلَى دَارِ الْحَرْبِ (خِلَافٌ) ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْأَمَانِ فِيمَنْ رَجَعَ وَخَلَفَ عِنْدَنَا مَالًا وَصَحَّحُوا بَقَاءَهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، ثُمَّ لِأَنَّ الْمَالَ يَنْفَرِدُ بِالْأَمَانِ وَلِهَذَا لَوْ بَعَثَ حَرْبِيٌّ مَالَهُ إلَى دَارِنَا بِأَمَانٍ ثَبَتَ الْأَمَانُ لِمَا لَهُ دُونَهُ وَنَقَلَ الْأَصْلُ ذَلِكَ هُنَا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ، ثُمَّ قَالَ وَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ ثَمَّ فَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ. (وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ) وَقَدْ بَطَلَ أَمَانُهُ (وَلَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ بَعَثَ بِمَالِ الْكِتَابَةِ إلَى وَارِثِهِ) لِبَقَاءِ الْأَمَانِ فِيهِ، وَقَدْ وَرِثَهُ وَارِثُهُ مِنْ مُوَرِّثِهِ وَمَنْ وَرِثَ مَالًا وَرِثَهُ بِحُقُوقِهِ كَالرَّهْنِ وَالضَّمِينِ أَمَّا إذَا لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُهُ فَوَارِثُهُ الذِّمِّيُّ وَنَحْوُهُ فَقَطْ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْأَمَانِ. (وَلَوْ رَجَعَ) السَّيِّدُ (دَارَهُمْ وَمَالُ الْكِتَابَةِ عِنْدَنَا، ثُمَّ أَسَرْنَاهُ لَمْ يَنْتَقِضْ الْأَمَانُ فِي مَالِهِ) وَإِنْ انْتَقَضَ أَمَانُهُ هُوَ بِالرُّجُوعِ فَيَأْخُذُ النُّجُومَ إنْ مَنَنَّا عَلَيْهِ أَوْ فَدَى نَفْسَهُ وَهُوَ بِذَلِكَ فِي أَمَانٍ مَا دَامَ فِي دَارِنَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَإِنْ اُسْتُرِقَّ) السَّيِّدُ (بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ زَالَ مِلْكُهُ) كَسَائِرِ الْأَرِقَّاءِ (وَالْأَمَانُ بَاقٍ فِي مَالِ الْكِتَابَةِ فَيَنْتَظِرُ بِهِ عِتْقَ السَّيِّدِ) وَمَصِيرَهُ مَالِكًا (وَبِاسْتِرْقَاقِهِ) بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ (يَبْطُلُ الْوَلَاءُ) لَهُ (عَلَى مُكَاتَبِهِ) لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ وَلَا يَنْتَقِلُ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ وَالْمُرَادُ بِبُطْلَانِهِ انْتِفَاءُ حُكْمِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَوْقُوفٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي آخِرَ الْفَرْعِ. (فَإِنْ اُسْتُرِقَّ السَّيِّدُ قَبْلَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ فَمَالُ الْكِتَابَةِ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ عَتَقَ سَيِّدُهُ دَفَعَهُ الْمُكَاتَبُ إلَيْهِ وَصَارَ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ قَالَ لَنَا الْمُكَاتَبُ حَالَ التَّوَقُّفِ خُذُوا الْمَالَ عَنِّي) وَفِي نُسْخَةٍ مِنِّي (لَأَعْتَقَ أَجَابَهُ الْحَاكِمُ) إلَيْهِ (فَإِنْ عَتَقَ) السَّيِّدُ (أَخَذَ) مِنْهُ (مَالَهُ وَثَبَتَ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ مَاتَ قِنًّا فَمَالُهُ فَيْءٌ وَيَسْقُطُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَسَقَطَ (الْوَلَاءُ) . [فَرْعٌ كَاتَبَ مُسْلِمٌ كَافِرًا بِدَارِنَا أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ] (فَرْعٌ) لَوْ (كَاتَبَ مُسْلِمٌ كَافِرًا) بِدَارِنَا أَوْ بِدَارُ الْحَرْبِ (صَحَّ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ عَتَقَ قَرَّرَ بِالْجِزْيَةِ) لَا بِدُونِهَا (وَإِنْ لَحِقَ) الْكَافِرُ (بِدَارِ الْحَرْبِ وَأُسِرَ لَمْ تَبْطُلْ كِتَابَتُهُ) لِأَنَّهُ فِي أَمَانِ سَيِّدِهِ (وَكَذَا) لَا تَبْطُلُ كِتَابَتُهُ (إذَا اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَيْهِ كَمُدَبَّرِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ (وَمُسْتَوْلَدَتِهِ) أَيْ كَمَا لَا يَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ وَاسْتِيلَادُهُ بِذَلِكَ (وَإِنْ خَلَصَ) الْمُكَاتَبُ مِنْ يَدِ الْكُفَّارِ (حَسَبَ) عَلَيْهِ (مُدَّةَ الْأَسْرِ مِنْ الْأَجَلِ) أَيْ أَجَلِ مَالِ الْكِتَابَةِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِ السَّيِّدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَبَسَهُ هُوَ مُدَّةً (وَلَوْ انْقَضَتْ) مُدَّةُ أَجَلِ كِتَابَتِهِ (وَهُوَ فِي الْأَسْرِ فَسَخَهَا السَّيِّدُ) إنْ شَاءَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِيمَا ذَكَرَ وَيَفْسَخُهَا (بِنَفْسِهِ) كَمَا لَوْ حَضَرَ الْمُكَاتَبُ وَاحْتَرَزَ بِهَذَا عَنْ الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَبْحَثَ هَلْ لَهُ مَالٌ يَفِي بِمَا عَلَيْهِ (فَإِنْ أُطْلِقَ) مِنْ يَدِ الْكُفَّارِ (وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِمَا عَلَيْهِ أَدَّاهُ وَعَتَقَ) وَبَطَلَ الْفَسْخُ. (الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُكَاتَبُ وَشَرْطُهُ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا) فَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ (فَلَوْ كَاتَبَهُ) أَيْ الْمُكَلَّفُ الْمُخْتَارُ (لِنَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ) أَوْ الْمَجَانِينِ (صَحَّتْ) أَيْ الْكِتَابَةُ (لَهُ دُونَهُمْ) عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (وَإِنْ كَاتَبَ) عَبْدًا (صَغِيرًا) أَوْ مَجْنُونًا (وَقَالَ) فِي كِتَابَتِهِ (إذَا أَدَّيْت) النُّجُومَ (فَأَنْت حُرٌّ فَأَدَّى عَتَقَ وَلَا تَرَاجُعَ) بَيْنَهُمَا (لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ) فَعِتْقُهُ حَصَلَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَصَحَّحُوا بَقَاءَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ) قَالَ الْفَتِيُّ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ خِلَافٌ فَصَيَّرْته كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، ثُمَّ إنْ عَجَزَ مُكَاتَبُهُ نَفْسُهُ بَقِيَ أَمَانُهُ بَعْدَ عَوْدِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا) مِثْلُهُ السَّكْرَانُ (قَوْلُهُ مُخْتَارًا) شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ السَّفِيهَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرْ الْأَدَاءُ مِنْ الْكَسْبِ فَقَدْ يُؤَدِّي مِنْ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا رَكِبَتْهُ الدُّيُونُ وَحَجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فِي أَكْسَابِهِ لِيَصْرِفَهَا فِي دُيُونِهِ فَلَا تَصِحُّ كِتَابَتُهُ وَتَصِحُّ كِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ كَبَيْعِهِ، ثُمَّ إنْ أَدَّى النُّجُومَ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا وَأَسْلَمَ بَقِيَ مُكَاتَبًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فِي الْحِرَابَةِ لَا تَصِحُّ مُكَاتَبَتُهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 477 بِمُجَرَّدِ الصِّفَةِ، وَقِيلَ إنَّمَا حَصَلَ بِحُكْمِ كِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِعِتْقِهِ إلَّا بِعِوَضٍ فَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا دَفَعَ وَهَذَا مَا احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَلَا تَرَاجُعَ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ قَبُولَ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ بَاطِلٌ فَالْعَقْدُ مَعَهُ لَيْسَ بِعَقْدٍ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَتَلِفَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ الْمُكَلَّفُ شِرَاءً فَاسِدًا وَتَلِفَ عِنْدَهُ. (وَتَصِحُّ كِتَابَةُ مُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَمُسْتَوْلَدَةٍ) لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْعِتْقُ أَيْضًا فَيَعْتِقُ الثَّانِي بِوُجُودِ الصِّفَةِ إنْ وُجِدَتْ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ وَإِلَّا فَبِأَدَائِهَا وَالْآخَرُ أَنْ يَمُوتَ السَّيِّدُ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَإِلَّا فَبِالْأَدَاءِ (لَا) كِتَابَةُ (مَرْهُونٍ) لِأَنَّهُ مَرْصَدٌ لِلْبَيْعِ وَالْكِتَابَةُ تَمْنَعُ مِنْهُ (وَ) لَا كِتَابَةُ (مُسْتَأْجَرٍ) لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ الْمَنْفَعَةَ فَلَا يَتَفَرَّعُ لِلِاكْتِسَابِ لِنَفْسِهِ وَلَا كِتَابَةُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَا كِتَابَةُ الْمَغْصُوبِ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَإِطْلَاقُ الْعِمْرَانِيِّ الْمَنْعَ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ. (وَلَوْ قَبِلَ الْكِتَابَةَ) مِنْ السَّيِّدِ (أَجْنَبِيٌّ لِيُؤَدِّيَ عَنْ الْعَبْدِ) النُّجُومَ (لَمْ تَصِحَّ) الْكِتَابَةُ لِمُخَالَفَتِهَا مَوْضُوعَ الْبَابِ (فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ) الْعَبْدُ (لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَرَجَعَ) السَّيِّدُ (عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِالْقِيمَةِ وَرَدَّ لَهُ مَا أَخَذَ) مِنْهُ. [فَصْلٌ كِتَابَةُ الْمُبَعَّضِ] (فَصْلٌ وَتَصِحُّ كِتَابَةُ الْمُبَعَّضِ إنْ اسْتَغْرَقَ) عَقْدُهَا (الْبَاقِيَ مِنْهُ) كَمَا تَصِحُّ كِتَابَةُ جَمِيعِ الْعَبْدِ بِجَامِعِ إفَادَتِهَا كُلًّا مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْبَاقِيَ مِنْهُ (فَإِنْ كَاتَبَ كُلَّهُ صَحَّتْ فِي الْقِنِّ مِنْهُ بِقِسْطِهِ) مِنْ النُّجُومِ وَبَطَلَتْ فِي الْبَاقِي عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (وَكَذَا لَوْ ظَنَّهُ قِنًّا فَبَانَ مُبَعَّضًا صَحَّتْ بِقِسْطِهِ) مِنْ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرَ (فَإِنْ كَاتَبَ بَعْضَ عَبْدِهِ فَفَاسِدَةٌ) كِتَابَتُهُ كَمَا لَا يَتَبَعَّضُ عِتْقُ عَبْدِهِ وَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّرَدُّدِ لِاكْتِسَابِ النُّجُومِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَرْفُ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ إلَيْهِ (فَإِنْ أَدَّى) النُّجُومَ (قَبْلَ فَسْخِ السَّيِّدِ) كِتَابَتَهُ (عَتَقَ وَسَرَى) إلَى بَاقِيهِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَيَرْجِعُ) الْمُكَاتَبُ (عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى وَ) يَرْجِعُ (السَّيِّدُ) عَلَيْهِ (بِقِيمَةِ الْقَدْرِ الْمُكَاتَبِ) لَا بِقَدْرِ مَا سَرَى الْعِتْقُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ بِحُكْمِ الْكِتَابَةِ وَمَحَلُّ فَسَادِهَا فِيمَا ذُكِرَ إذَا كَاتَبَهُ فِي الصِّحَّةِ، فَإِنْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَحَّتْ بِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ مَوْقُوفًا عَلَى خِدْمَةِ مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ وَبَعْضُهُ رَقِيقًا وَكَاتَبَهُ مَالِكُهُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَصِحَّ بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا الْمِلْكُ فِي الْوَقْفِ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فِي الْجُمْلَةِ. كَذَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمُنَافَاتِهِ تَعْلِيلَيْهِمْ السَّابِقَيْنِ، وَلَوْ سَلِمَ فَالْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ لَا يَخْتَصُّ بِالْوَقْفِ عَلَى الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ. (وَلَوْ كَاتَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ) نَصِيبَهُ فِي الْمُشْتَرَكِ (لَمْ تَصِحَّ) كِتَابَتُهُ (وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ) لِأَنَّ لِلشَّرِيكِ مَنْعَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ وَالسَّفَرِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَصْرِفَ إلَيْهِ سَهْمَ الْمُكَاتَبِينَ مِنْ الزَّكَاةِ (فَإِنْ أَدَّى النُّجُومَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ كَسْبِهِ) الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُكَاتِبْهُ (قَبْلَ فَسْخِ سَيِّدِهِ) الْكِتَابَةَ (عَتَقَ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ الشَّرِيكِ بِشَرْطِهِ) وَهُوَ الْيَسَارُ (وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ) عَلَيْهِ (بِمَا دَفَعَ) لَهُ (وَالسَّيِّدُ) عَلَيْهِ (بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ) مِنْهُ (وَإِنْ أَدَّى) الْعَبْدُ (إلَى الَّذِي كَاتَبَهُ جَمِيعَ الْكَسْبِ) حَتَّى تَمَّ قَدْرُ النُّجُومِ (لَمْ يَعْتِقْ) لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ تَقْتَضِي إعْطَاءَ مَا يَمْلِكُهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ (كَمَنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِإِعْطَاءِ عَبْدٍ فَأَعْطَاهُ) عَبْدًا (مَغْصُوبًا) فَلِلَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِمَّا أَخَذَهُ الَّذِي كَاتَبَ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (فَإِنْ أَتَمَّ الْعَبْدُ النُّجُومَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ كَسْبِهِ عَتَقَ) وَإِلَّا فَلَا. [فَرْعٌ كَاتَبَهُ الشَّرِيكَانِ مَعًا أَوْ مَا دُونَهُمَا أَوْكَاتَبَاهُ بِتَوْكِيلِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ] (فَرْعٌ) لَوْ (كَاتَبَهُ الشَّرِيكَانِ مَعًا أَوْ مَا دُونَهُمَا أَوْ) كَاتَبَاهُ (بِتَوْكِيلِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ صَحَّتْ) كِتَابَتُهُمَا إنْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ جِنْسًا وَصِفَةً وَأَجَلًا وَعَدَدًا وَجَعَلَا الْمَالَ عَلَى نَسَبِهِ مِلْكَيْهِمَا أَوْ أَطْلَقَا فَإِنَّهَا تُقْسَمُ كَذَلِكَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى انْتِفَاعِ أَحَدِهِمَا بِمَالِ الْآخَرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (لَا إنْ شُرِطَ تَفَاضُلٌ فِي الْوَصْفِ أَوْ) فِي (نِسْبَةِ الْمِلْكِ، وَلَوْ عَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا) وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ وَأَرَادَ الْآخَرُ إبْقَاءَهُ فِيهَا، وَإِنْظَارَهُ (بَطَلَ) عَقْدُهَا (فِي الْجَمِيعِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَا كِتَابَةُ مَرْهُونٍ) أَيْ رَهْنًا لَازِمًا بِالْقَبْضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَفِي مَعْنَاهُ الْجَانِي جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ فَلَوْ أَوْجَبَتْ قِصَاصًا فَكَاتَبَهُ، ثُمَّ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَالٍ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَلَا يَصِحُّ كِتَابَةُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَلَا مُسْتَأْجِرٍ) لِمَ لَا يَفْصِلُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مَعَهَا مِنْ الِاكْتِسَابِ كَاسْتِئْجَارِهِ لِلْخِدْمَةِ وَمَا يَسْتَغْرِقُ غَالِبَ نَهَارِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّصُّ وَبَيْنَ مَا لَا يَمْنَعُهُ الِاكْتِسَابَ كَالْحِرَاسَةِ لَيْلًا فَقَطْ أَوْ لِلنِّظَارَةِ مَثَلًا، وَكَسْبُهُ بِخِيَاطَةٍ أَوْ وَرَّاقَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُمْكِنُ عَمَلُهُ مَعَ الْقِيَامِ بِمَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ فَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَتَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ لِفَقْدِ الْمَانِعِ الْمُشَارِ إلَيْهِ (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ كِتَابَةُ الْمُبَعَّضِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ بَعْضُ عَبْدِهِ مَوْقُوفًا عَلَى خِدْمَةِ مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ وَبَاقِيهِ رَقِيقٌ وَكَاتَبَهُ مَالِكُ بَعْضِهِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَصِحَّ عَلَى قَوْلِنَا الْمِلْكُ فِي الْوَقْفِ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا تَبْقَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ مَالِكٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ بَعْضَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ كَذَا خَطَرَ لِي وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا قَالَ النَّاشِرِيُّ فِيمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ نَظَرٌ، فَإِنَّ وَقْفَ الْبَعْضِ عَلَى خِدْمَةِ مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ كَالْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّ نَاظِرَ الْجِهَةِ فِي ذَلِكَ كَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الِاسْتِقْلَالُ بِالْكَسْبِ. اهـ. سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ظَنَّهُ قِنًّا فَبَانَ مُبَعَّضًا صَحَّتْ بِقِسْطِهِ) لَوْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدٍ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بَعْضُهُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكَاتِبُ ذَلِكَ الْقَدْرَ وَعَنْ النَّصِّ وَالْبَغَوِيِّ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ بِكِتَابَةِ بَعْضِ عَبْدِهِ وَعَنْ الْمَرُّوذِيِّ صِحَّةُ كِتَابَةِ بَعْضٍ هُوَ ثُلُثُ مَالِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَاعْتَمَدَهُ جَمَاعَةٌ لَكِنْ نَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ الصِّحَّةَ فِيهِمَا عَنْ الطَّالِبِ وَنَازَعَ فِيهَا وَاعْتَمَدَ الْبُطْلَانَ، وَلَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُمَا كَاتَبَاهُ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَحِصَّةُ الْمُصَدِّقِ مُكَاتَبَةٌ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْخِصَالِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمُنَافَاتِهِ إلَخْ) هُوَ كَمَا قَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 478 كَالْوَارِثَيْنِ) لِمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ فَعَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ وَأَرَادَ الْآخَرُ إنْظَارَهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا سَوَاءٌ فِيهِمَا أَذِنَ الشَّرِيكُ أَمْ لَا كَابْتِدَاءِ الْكِتَابَةِ. [فَصْلٌ مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْكِتَابَةِ] (فَصْلٌ: مَا لَا يَصِحُّ مِنْهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ قِسْمَانِ (بَاطِلَةٌ وَفَاسِدَةٌ فَالْبَاطِلَةُ مَا اخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا كَالصَّبِيِّ يُكَاتِبُ أَوْ يُكَاتِبُ لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ الْمُكْرَهِ) عَلَيْهَا (أَوْ) كَاتَبَ (بِعِوَضٍ لَا يُقْصَدُ كَالدَّمِ وَالْحَشَرَاتِ أَوْ لَا يُتَمَوَّلُ) كَحَبَّتَيْ حِنْطَةٍ (أَوْ اخْتَلَّتْ الصِّيغَةُ) بِأَنْ فُقِدَ الْإِيجَابُ أَوْ الْقَبُولُ أَوْ لَمْ يُوَافِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَهَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَمْثِلَةِ لَا عَلَى " اخْتَلَّ رُكْنٌ " لِاقْتِضَائِهِ حِينَئِذٍ أَنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ رُكْنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ لَا يُتَمَوَّلُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَاغِيَةٌ) أَيْ إذَا عَرَفَ ذَلِكَ فَالْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ لَاغِيَةٌ (لَا إنْ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي دَمًا أَوْ مَيْتَةً) فَأَنْتَ حُرٌّ (وَهُوَ أَهْلٌ) لِلتَّعْلِيقِ (فَأَعْطَاهُ) دَمًا أَوْ مَيْتَةً فَلَا تَلْغُو بَلْ يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ التَّعْلِيقِ. (وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ فَهِيَ الَّتِي) لَمْ يَخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا لَكِنْ (اخْتَلَّتْ) صِحَّتُهَا (لِشَرْطٍ فَاسِدٍ فِي الْعِوَضِ كَخَمْرٍ أَوْ مَجْهُولٍ أَوْ) مَعْلُومٍ (بِلَا تَنْجِيمٍ أَوْ) لِأَجْلِ (كِتَابَةِ بَعْضٍ) مِنْ عَبْدٍ، (وَسَائِرُ الْعُقُودِ) أَيْ بَاقِيهَا (لَا فَرْقَ بَيْنَ بَاطِلِهَا وَفَاسِدِهَا) بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْعِتْقُ وَهُوَ لَا يَبْطُلُ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى فَاسِدٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا وَجَّهَ الْإِمَامُ لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ تَكُونَ الْبَاطِلَةُ إذَا صَحَّ التَّعْلِيقُ فِيهَا كَالْفَاسِدَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ بَيْنَ بَاطِلِهَا وَفَاسِدِهَا مَمْنُوعٌ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا أَيْضًا فِي الْخُلْعِ وَالْعَارِيَّةِ اهـ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ، فَقَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَاسِدَ وَالْبَاطِلَ مِنْ الْعُقُودِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا الْحَجُّ وَالْعَارِيَّةُ وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ وَتَوَهَّمَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ النَّوَوِيَّ حَصَرَ ذَلِكَ فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ وَهَذَا حَصْرٌ غَيْرُ جَيِّدٍ بَلْ يُتَصَوَّرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ عَقْدٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ كَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّهُمَا لَوْ صَدَرَا مِنْ سَفِيهٍ أَوْ صَبِيٍّ وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُتَّهَبِ وَجَبَ الضَّمَانُ، وَلَوْ كَانَا فَاسِدَيْنِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ. (وَلِلتَّعْلِيقِ) لِلْعِتْقِ بِالصِّفَةِ (ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ خَالٍ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ) فَأَنْتَ حُرٌّ (وَكَذَا إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنَّ الْمَالَ هُنَا لَمْ يُذْكَرْ لِلْمُعَاوَضَةِ فَهَذَا) الْقِسْمُ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (لَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِلْعَبْدِ) وَلَا لَهُمَا (إبْطَالُهُ وَيَبْطُلُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) وَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ عَتَقَ (فَإِنْ أَدَّى الْأَلْفَ) لَهُ فِي حَيَاتِهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (فَلَا تَرَاجُعَ) بَيْنَهُمَا، وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ (وَكَسْبُهُ الْمَاضِي) أَيْ الْحَاصِلُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ (لِلسَّيِّدِ) . الْقِسْمُ (الثَّانِي التَّعْلِيقُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ. الثَّالِثُ) التَّعْلِيقُ (فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ) وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَكِنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْأُولَى مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ (وَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ فِي أُمُورٍ) ثَلَاثَةٍ (أَحَدُهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ) لِلنُّجُومِ (لِوُجُودِ الصِّفَةِ لَكِنْ لَا يَعْتِقُ بِإِبْرَاءِ السَّيِّدِ) لَهُ (وَ) لَا (أَدَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ وَلَا بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ) أَيْ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَا تَحْصُلُ بِهَا فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ النُّجُومِ لِلسَّيِّدِ فِي مَحَلِّهَا كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ هُنَا وَفِي الشُّفْعَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي عَدَمُ الصِّحَّةِ فَتَسْتَوِي الْفَاسِدَةُ وَالصَّحِيحَةُ فِي ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ وَالنُّجُومَ ثَمَنٌ وَالِاعْتِيَاضَ عَنْهُ جَائِزٌ. (الثَّانِي أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالِاكْتِسَابِ) فَيَتَرَدَّدَ وَيَتَصَرَّفَ لِيُؤَدِّيَ النُّجُومَ وَيَعْتِقَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَذْكُرْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابَةِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهَا تَنْجِيزُ عَقْدِهَا وَلَكِنْ ذَكَرَ صِيغَتَهَا بِصُورَةِ التَّنْجِيزِ فَإِذَا أَتَى بِالْكِتَابَةِ مُعَلَّقَةً وَوُجِدَ الشَّرْطُ فَهَلْ هِيَ فَاسِدَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ كِتَابَةٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَكُونَ بَاطِلَةً وَلِذَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فَإِذَا أَدَّيْت إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ كِتَابَةً، وَإِنَّمَا هُوَ مُدَبَّرٌ وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ وَبَعْدَهُ قَالَ وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ هَذَا الْفَرْعَ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى نُجُومٍ وَقَالَ فَإِذَا أَدَّيْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَمَضَى بَعْدَ الْأَدَاءِ شَهْرٌ وَنَحْوُهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ تَعْلِيقًا مَحْضًا وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ أَيْضًا، وَإِذَا كَاتَبَ عَنْ الْعَبْدِ غَيْرُهُ وَفَرَّعْنَا عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ فَإِنَّهُ قَالَ عَتَقَ بِالصِّفَةِ وَيَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى السَّيِّدِ بِمَا أَدَّى وَالسَّيِّدُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ دَاخِلَةً فِيمَا ذَكَرَاهُ فِي تَعْرِيفِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي دَقَائِقِهِ إلَخْ) وَحَكَاهُ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ بِلَفْظٍ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَأْتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الْإِسْنَوِيِّ فِي النَّقْلِ عَنْهُ (قَوْلُهُ مِنْهَا الْحَجُّ إلَخْ) وَالْوَكَالَةُ وَعَقْدُ الْجِزْيَةِ وَالْعِتْقُ (قَوْلُهُ فَقَالَ) أَيْ كَالْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ بَلْ يُتَصَوَّرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي الْقِرَاضِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ وَفِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَنًا وَسَلَّمَ وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي وَجْهٍ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَفِي آخَرَ لَا إذْ لَا بَيْعَ أَصْلًا فَتَكُونُ أَمَانَةً. اهـ. (قَوْلُهُ أَحَدُهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ لِلنُّجُومِ) أَيْ إلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالِاكْتِسَابِ) لَيْسَ لَنَا عَقْدٌ فَاسِدٌ يُمْلَكُ بِهِ كَالصَّحِيحِ إلَّا هَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَا وَهُوَ الْعِتْقُ قَدْ حَصَلَ فَتَبِعَهُ مِلْكُ الْكَسْبِ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا وَوَجْهُهُ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ أَثْبَتَ لِلسَّيِّدِ عِوَضًا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَمْلِكَ فِي مُقَابَلَتِهِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَهُوَ الرَّقَبَةُ كَيْ لَا يَبْقَى الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ لِوَاحِدٍ فَلَمَّا تَعَذَّرَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَوْ مَلَّكَهَا الْعِتْقَ كَانَ تَأْثِيرُ الْعِتْقِ فِي الْمَنَافِعِ وَالْأَكْسَابِ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْجَدِيدِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 479 (وَمَا فَضَلَ) مِنْ الْكَسْبِ (عَنْ النُّجُومِ فَهُوَ لَهُ) لِأَنَّ الْفَاسِدَةَ كَالصَّحِيحَةِ فِي حُصُولِ الْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ فَكَذَا فِي الْكَسْبِ (وَيَتْبَعُهُ) فِي الْكِتَابَةِ (وَلَدُ أَمَتِهِ) مِنْهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبِ مِنْ جَارِيَتِهِ كَكَسْبِهِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ، فَإِذَا عَتَقَ تَبِعَهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَهَلْ يَتْبَعُ الْمُكَاتَبَةَ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَلَدُهَا؟ طَرِيقَانِ الْمَذْهَبُ نَعَمْ كَالْكَسْبِ. اهـ. (الثَّالِثُ سُقُوطُ نَفَقَتِهِ) عَنْ سَيِّدِهِ (إذَا اسْتَقَلَّ) بِالْكَسْبِ (وَلَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ) هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ، ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّهُ أَقْوَى وَنَقَلَ قَبْلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَامِلَهُ كَالْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً، وَقَدْ رَاجَعْت كَلَامَ الْبَغَوِيّ فَرَأَيْته إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ تَفْرِيعًا عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ كِتَابَتِهِ وَدَفَعَهُ إلَى سَيِّدِهِ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ فَالْأَقْوَى قَوْلُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ. (فَرْعٌ تُفَارِقُ) الْكِتَابَةُ (الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ فِي أُمُورٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً (السَّفَرُ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ لِعَدَمِ لُزُومِهَا بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحَةِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ تَحِلَّ النُّجُومُ (وَأَنَّهُ إذَا عَتَقَ) بِالْأَدَاءِ إلَى سَيِّدِهِ (تَرَاجَعَا) أَيْ يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا أَدَّى إنْ بَقِيَ وَبِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ سَيِّدُهُ وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ، وَقَدْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ فَهُوَ كَتَلَفِ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا بَعْدَ الْقَبْضِ، نَعَمْ مَا أَخَذَهُ الْكَافِرُ مِنْ مُكَاتَبِهِ الْكَافِرِ حَالَ الْكُفْرِ يَمْلِكُهُ وَلَا تَرَاجُعَ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ (وَيُقَوَّمُ يَوْمَ الْعِتْقِ) لَا يَوْمَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَزَّعَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْعَبِيدِ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْعَقْدِ هُوَ يَوْمُ الْحَيْلُولَةِ فِي الصَّحِيحَةِ وَهُنَا إنَّمَا تَحْصُلُ الْحَيْلُولَةُ بِالْعِتْقِ (وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ) بَيْنَ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ، فَإِنْ فَضَلَ لِأَحَدِهِمَا شَيْءٌ رَجَعَ بِهِ (وَلَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِنَحْوِ خَمْرٍ) وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ. (وَلِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ) بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ كَالْبَيْعِ لِجَوَازِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلِأَنَّ الْمُسَمَّى فِيهَا لَا يَسْلَمُ لِلسَّيِّدِ كَمَا مَرَّ فَكَانَ لَهُ فَسْخُهَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْفَسْخَ بِالسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ هُوَ الَّذِي فَارَقَتْ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ بِخِلَافِهِ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَطَّرِدُ فِي الصَّحِيحَةِ أَيْضًا عَلَى اضْطِرَابٍ وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ، ثُمَّ إذَا فَسَخَهَا فَسَخَهَا (بِنَفْسِهِ أَوْ الْحَاكِمُ بِإِذْنِهِ) أَيْ طَلَبِهِ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مَعِيبًا لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْحَاكِمِ، فَإِنْ أَدَّى الْمُسَمَّى لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ غَلَبَ فِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَهُوَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ ارْتَفَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ التَّعْلِيقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلْيُشْهِدْ السَّيِّدُ عَلَى الْفَسْخِ أَيْ احْتِيَاطًا (وَإِنْ ادَّعَى الْأَدَاءَ قَبْلَ الْفَسْخِ) لِيُعْتِقَ وَقَالَ سَيِّدُهُ بَلْ بَعْدَهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفَسْخِ قَبْلَ الْأَدَاءِ (وَعِتْقُ السَّيِّدِ لَهُ لَا عَنْ الْكِتَابَةِ فَسْخٌ) لَهَا (فَلَا يَسْتَتْبِعُ كَسْبًا وَ) لَا (وَلَدًا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ) لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ فِيهَا اسْتَحَقَّ عَلَى السَّيِّدِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ الْعِتْقَ وَاسْتِتْبَاعُ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِهِ فِي الْفَاسِدَةِ (وَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ) بِقَبْضٍ (فَسْخٌ) لِكِتَابَتِهِ (وَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا (وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إلَى وَارِثِهِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ (إلَّا إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِالْأَدَاءِ إلَى الْوَارِثِ) بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَعْتِقُ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْت حُرٌّ وَقَيَّدَ الْبُطْلَانَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ لِمَا مَرَّ فِي تَقْيِيدِ الْفَسْخِ بِهِ (وَلَا يَجِبُ فِيهَا الْإِيتَاءُ) لِأَنَّ النُّجُومَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ (وَلَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً (بِالْعَوْدِ إلَيْهِ) بِالْفَسْخِ، وَلَوْ قَبْلَ عَجْزِهَا (وَلَوْ عَجَّلَ النُّجُومَ لَمْ يَعْتِقْ) لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تُوجَدْ عَلَى وَجْهِهَا بِخِلَافِهَا فِي الصَّحِيحَةِ (وَيَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ) وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ وَلَا يُعْطِي مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ كَمَا مَرَّ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمَا فَضَلَ عَنْ النُّجُومِ فَهُوَ لَهُ) وَلَوْ مَهْرَ أَمَتِهِ الْوَاجِبَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ بِالْعَقْدِ مِنْ مُسَمًّى صَحِيحٍ أَوْ مَهْرِ مِثْلٍ بِسَبَبِ تَسْمِيَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ تَلَفِ الْمُسَمَّى قَبْلَ قَبْضِ الزَّوْجَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ، وَكَذَا لَهُ الْفَرْضُ فِي الْمُفَوَّضَةِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْمَسِيسِ فِي الْمُفَوِّضَةِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَرْأَةِ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً (قَوْلُهُ وَلَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ) وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيمَا فِي يَدِهِ كَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي تَرَجَّحَ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيمَا فِي يَدِهِ وَقَضِيَّةُ مِلْكِهِ لِأَكْسَابِهِ أَنْ يُعَامِلَ السَّيِّدَ، وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيمَا فِي يَدِهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّهُ أَقْوَى) هُوَ الْقِيَاسُ غ (قَوْلُهُ تُفَارِقُ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ فِي أُمُورٍ) قَالَ صَالِحٌ الْبُلْقِينِيُّ تُخَالِفُ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ فِي نَحْوِ مِائَةِ مَوْضِعٍ أَوْ أَكْثَرَ نَذْكُرُهَا عَلَى تَرْتِيبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، ثُمَّ سَرَدَهَا فِي تَتِمَّةِ التَّدْرِيبِ (قَوْلُهُ نَعَمْ مَا أَخَذَهُ الْكَافِرُ مِنْ مُكَاتِبِهِ الْكَافِرِ حَالَ الْكُفْرِ يَمْلِكُهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَمْلِكُهُ فَإِذَا حَصَلَ الْعِتْقُ ارْتَفَعَ ذَلِكَ الْمِلْكُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى إعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ فَأَعْطَتْهُ غَيْرَ الْغَالِبِ مِلْكَهُ وَلَهُ رَدُّهُ وَطَلَبُ الْغَالِبِ غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْكِتَابَةِ يَرْتَفِعُ الْمِلْكُ قَهْرًا وَهُنَا يَرْتَفِعُ بِرَدِّ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ) وَلَوْ أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَبْطَلْنَاهَا وَلَا أَثَرَ لِلْقَبْضِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ فَكَذَلِكَ فَلَوْ قَبَضَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَقَبْلَ إبْطَالِهَا عَتَقَ وَرَجَعَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، وَلَوْ قَبَضَ الْجَمِيعَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ تَرَافَعَا فَكَذَلِكَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى السَّيِّدِ بِشَيْءٍ لِلْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُسَمَّى قِيمَةٌ رَجَعَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْأَصْلِيَّيْنِ دُونَ الْمُرْتَدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِي الْأُمِّ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ لَا أُجِيزُ كِتَابَةَ السَّيِّدِ الْمُرْتَدَّ وَالْعَبْدَ الْمُرْتَدَّ إلَّا عَلَى مَا أُجِيزَ عَلَيْهِ كِتَابَةُ الْمُسْلِمَيْنِ بِخِلَافِ الْكَافِرَيْنِ الْأَصْلِيَّيْنِ يُتْرَكَانِ عَلَى مَا يَسْتَحِلَّانِ مَا لَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا (قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ) تَعَقَّبَ الْبُلْقِينِيُّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ، أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا يَرْتَفِعُ بِالْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْفَعُ الصِّحَّةَ. قَالَ وَإِنَّمَا يُقَالُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ لِلسَّيِّدِ إبْطَالَهَا (قَوْلُهُ وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) أَيْ وَبِجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَخَرَجَ بِحَجْرِ السَّفَهِ حَجْرُ الْفَلَسِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ، فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ بَطَلَتْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 480 وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا (بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) كَمَا تَقَرَّرَ وَلَيْسَتْ الصُّوَرُ مُنْحَصِرَةً فِيمَا ذُكِرَ فَمِنْهَا عَدَمُ صِحَّةِ الْتِقَاطِهِ كَالْقِنِّ وَمِنْهَا عَدَمُ وُجُوبِ الْأَرْشِ عَلَى سَيِّدِهِ إذَا جَنَى عَلَيْهِ وَمِنْهَا مَنْعُهُ مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ إذَا حَلَفَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَانَ أَمَةً أَوْ يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ) (الْأَوَّلُ الْعِتْقُ) أَيْ وُقُوعُهُ (وَيَقَعُ بِأَدَاءِ كُلِّ النُّجُومِ) لَا بَعْضِهَا لِخَبَرِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» (وَالْإِبْرَاءِ) عَنْهَا عَلَى قِيَاسِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ (وَالْحَوَالَةِ بِهَا لَا عَلَيْهَا) بِنَاءً عَلَى صِحَّتِهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا (وَلَا) يَعْتِقُ (بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهَا) لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ وَتَقَدَّمَ مَا فِي هَذَا (وَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهُ وَعَلَيْهِ) مِنْ النُّجُومِ (دِرْهَمٌ) أَوْ أَقَلُّ لِمَا مَرَّ وَكَنَظِيرِهِ مِنْ الرَّهْنِ لَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهُ مَا بَقِيَ ذَلِكَ. (وَلَا يَنْفَسِخُ بِجُنُونِهِمَا) وَلَا إغْمَائِهِمَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِلُزُومِهَا مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ كَالرَّهْنِ، وَإِنَّمَا يَنْفَسِخُ بِهِ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (فَإِنْ جُنَّ السَّيِّدُ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ فَسَلَّمَ) الْمُكَاتَبُ الْمَالَ (إلَى وَلِيِّهِ عَتَقَ) لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ شَرْعًا (أَوْ) سَلَّمَهُ (إلَيْهِ فَلَا) يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ فَاسِدٌ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مَالِكِهِ (وَلَا يَضْمَنُهُ) لَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ لِتَقْصِيرِ الْمُكَاتَبِ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ (فَإِنْ عَجَّزَهُ الْوَلِيُّ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى سَيِّدِهِ (فِي) حَالِ (الْحَجْرِ) عَلَيْهِ بِالْجُنُونِ أَوْ السَّفَهِ (ثُمَّ ارْتَفَعَ عَنْهُ الْحَجْرُ اسْتَمَرَّ الرِّقُّ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ) الْمَالَ (فِي) حَالِ (جُنُونِهِ) إلَى السَّيِّدِ (أَوْ أَخَذَ مِنْهُ السَّيِّدُ بِلَا أَدَاءً) مِنْهُ إلَيْهِ (عَتَقَ) لِأَنَّ قَبْضَهُ مُسْتَحَقٌّ، وَلَوْ أَخَذَهُ بِلَا إقْبَاضٍ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَقَعَ مَوْقِعُهُ. (وَتَبْطُلُ) الْكِتَابَةُ (الْفَاسِدَةُ بِجُنُونِ السَّيِّدِ وَإِغْمَائِهِ وَبِالْحَجْرِ عَلَيْهِ) لِسَفَهٍ (لَا بِجُنُونِ الْعَبْدِ وَإِغْمَائِهِ) ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي الْكِتَابَةِ لِلْعَبْدِ لَا لِلسَّيِّدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَبَرُّعٌ فَيُؤَثِّرُ اخْتِلَالُ عَقْلِ السَّيِّدِ لَا عَقْلِ الْعَبْدِ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ الصَّحِيحَةَ أَيْضًا جَائِزَةٌ فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَجَوَازُهَا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا بِمَا ذُكِرَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَنْعُهُ مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ إلَخْ) وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ فَإِذَا أَدَّيْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِيهَا يَغْلِبُ وَالصِّفَاتُ لَا تَحْصُلُ بِالنِّيَّةِ وَعَدَمُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْأَمَةِ فِيهَا وَعَدَمُ وُجُوبِ مَهْرٍ لَهَا بِهِ وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ حَوَالَتُهُ لِسَيِّدِهِ بِالنُّجُومِ وَأَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ الْإِحْرَامِ وَتَحْلِيلَهُ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ حِينَئِذٍ. وَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدٌ لِكَافِرٍ فَكَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً لَمْ يَكْفِ فِي إزَالَةِ سَلْطَنَتِهِ عَنْهُ وَأَنَّ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ فِي الْخِيَارِ لَيْسَتْ فَسْخًا مِنْ الْبَائِعِ وَالْإِجَارَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَعْتِقَ بِالْأَدَاءِ فِي الْخِيَارِ، وَأَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِعَبْدٍ اشْتَرَاهُ بَعْدَ أَنْ كَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً لَمْ يَمْتَنِعْ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَأَنَّ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا تَمْنَعُ عَوْدَ الْمُكَاتَبِ إلَى الْبَائِعِ بِإِقَالَةٍ أَوْ فَسْخٍ بِتَحَالُفٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ وَأَدَاؤُهُ عَنْ سَلَمٍ لَزِمَهُ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ وَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ فَإِذَا قَبَضَهُ الْمُقْتَرِضُ مَلَكَهُ وَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا عَنْ الْمُرْتَدِّ فِي قَبْضِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ مِنْ سَيِّدِهِ وَلَا عَنْ مُعَامِلِ سَيِّدِهِ فِي صَرْفٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَأَنَّ لِبَائِعِهِ فَسْخَ الْبَيْعِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ قَدْ كَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ بِالنُّجُومِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِالْفَاسِدَةِ مِنْ السَّيِّدِ وَلَا تَصْدُرُ مِنْ الْوَكِيلِ أَصْلِيَّةً وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ لِشَائِبَةِ الْمُعَاوَضَةِ وَفِي تَوْكِيلِ الْعَبْدِ مَنْ يَقْبَلُهَا لَهُ تَرَدُّدٌ فَعَلَى الْمَنْعِ تُخَالِفُ الصَّحِيحَةَ. وَالْأَرْجَحُ الِاسْتِوَاءُ وَأَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ السَّيِّدُ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ النُّجُومَ وَلَا الْعَبْدُ مَنْ يُؤَدِّيهَا عَنْهُ رِعَايَةً لِلتَّعْلِيقِ بِقَوْلِهِ فَإِذَا أَدَّيْت إلَيَّ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا إذَا قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالْمَنْقُولُ أَنَّهَا إذَا أَرْسَلَتْهُ مَعَ وَكِيلِهَا فَقَبَضَهُ الزَّوْجُ لَمْ تَطْلُقْ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُ السَّيِّدِ بِهِ كَعَبْدِهِ الْقِنِّ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَفِيهِ اخْتِلَافُ تَرْجِيحٍ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ وَأَنَّهُ يَقْبَلُ إقْرَارَ السَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً بِمَا يُوجِبُ الْأَرْشَ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَجْعَلَهُ أُجْرَةً فِي الْإِجَارَةِ وَجُعْلًا فِي الْجَعَالَةِ وَيَقِفُهُ وَيَكُونُ فَسْخًا وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ رُجُوعَ الْأَصْلِ فِيمَا وَهِبَةً لِفَرْعِهِ وَأَنَّهَا لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا وَأَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ نَظَرُهُ إلَى مُكَاتَبَتِهِ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ جَوَازُ خِطْبَتِهَا مِنْ السَّيِّدِ وَأَنَّهُ يُزَوِّجُهَا إجْبَارًا، وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ فَسْخٌ لِلْكِتَابَةِ وَأَنَّ لَهُ مَنْعَ الزَّوْجِ مِنْ تَسْلِيمِهَا نَهَارًا وَأَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِهَا وَمَنْعَ الزَّوْجِ مِنْ السَّفَرِ بِهَا وَأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِتَسْلِيمِ الْمَهْرِ الْحَالِّ، وَلِسَيِّدِهَا تَفْوِيضُ بُضْعِهَا وَحَبْسُهَا لِلْفَرْضِ وَتَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ وَأَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا بِعَبْدِهِ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ وَأَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُهَا صَدَاقًا وَيَكُونُ فَسْخًا وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ رُجُوعَ الزَّوْجِ إلَى كُلِّ الصَّدَاقِ أَوْ شَطْرِهِ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُخَالِعَ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَيَكُونُ فَسْخًا وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالتَّخَلُّفِ وَالْإِقَالَةِ وَغَيْرِهَا مَا سَبَقَ [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ) (قَوْلُهُ لِخَبَرِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَهُوَ مَثَلٌ لِلتَّعْلِيلِ، فَلَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ أَقَلُّ مِنْ دِرْهَمٍ وَلَوْ فَلْسًا كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْحَوَالَةُ بِهَا) مُقْتَضَاهُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ مِنْ الْمُكَاتَبِ لَا مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَتْ الْحَوَالَةُ بِهِ إذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ أَنَّهَا بَيْعٌ جَازَ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ فَلْيُمْعِنْ الْفَقِيهُ نَظَرًا فِي ذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ عَلَى صِفَةٍ فَوُجِدَتْ عَتَقَ وَتَضَمَّنَ الْإِبْرَاءَ عَنْ النُّجُومِ حَتَّى تَتْبَعَهُ أَكْسَابُهُ، وَلَوْ لَمْ يَتَضَمَّنْ الْإِبْرَاءَ لَكَانَ عِتْقُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَنْهَا فَلَا تَتْبَعُهُ الْأَكْسَابُ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ تَعْلِيقِهِ، وَقَالَ الْإِمَامُ الْإِبْرَاءُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ قَصْدًا وَيَقْبَلُهُ ضِمْنًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ لِذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِحَيَاةِ السَّيِّدِ بَلْ فِيمَا إذَا دَبَّرَهُ وَمَاتَ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَمَسْأَلَتُنَا فِي الْعِتْقِ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، نَعَمْ ذُكِرَ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي ثُمَّ كَاتَبَهُ فَهَلْ يُجْزِئُهُ عَنْهَا؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ التَّعْلِيقِ أَوْ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْإِجْزَاءِ وَأَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَقَعُ عَنْ الْكِتَابَةِ ر. (قَوْلُهُ فَيُؤَثِّرُ اخْتِلَالُ عَقْلِ السَّيِّدِ لَا عَقْلُ الْعَبْدِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 481 فَكَذَا فِي الْفَاسِدِ. قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَلَيْسَ عَلَى أَصْلِنَا عَقْدٌ جَائِزٌ لَا يَزُولُ بِالْجُنُونِ مِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا وَيَزُولُ بِمَوْتِهِ إلَّا هَذَا، فَلَوْ أَفَاقَ وَأَدَّى الْمَالَ عَتَقَ وَتَرَاجَعَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالُوا وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ السَّيِّدُ فِي جُنُونِهِ، وَقَالُوا يُنَصِّبُ الْحَاكِمُ مَنْ يَرْجِعُ لَهُ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْتِقَ بِأَخْذِ السَّيِّدِ هُنَا، وَإِنْ قُلْنَا يَعْتِقُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ هُنَا التَّعْلِيقُ وَالصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا الْأَدَاءُ مِنْ الْعَبْدِ وَلَمْ تُوجَدْ انْتَهَى. (وَإِنْ كَاتَبَهُ الشَّرِيكَانِ مَعًا ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ النُّجُومِ وَهُوَ مُعْسِرٌ عَتَقَ وَ (لَمْ يَسْرِ) إلَى نَصِيبِ الْآخَرِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ انْعَقَدَ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ لِلنَّصِيبِ الْآخَرِ وَفِي التَّعْجِيلِ ضَرَرٌ بِالسَّيِّدِ لِفَوَاتِ الْوَلَاءِ، وَبِالْمُكَاتَبِ لِانْقِطَاعِ الْوَلَدِ وَالْكَسْبِ عَنْهُ فَلَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِهِ (حَتَّى يَعْجِزَ) الْمُكَاتَبُ (وَيَرِقَّ) فَيَعْتِقَ حِينَئِذٍ بِالسِّرَايَةِ (وَيُقَوَّمَ عَلَيْهِ) وَيَكُونَ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ فَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ وَلَمْ يَرِقَّ بَلْ أَدَّى نَصِيبَ الْآخَرِ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ وَكَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْجِيزِ) وَالْأَدَاءِ (مَاتَ مُبَعَّضًا، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَفَّاهُمَا) النُّجُومَ (وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا) عَلَيْهِ (وَحَلَفَ الْآخَرُ) عَلَى نَصِيبِهِ (عَتَقَ نَصِيبُ الْمُصَدِّقِ وَلَمْ يَسْرِ) الْعِتْقُ إلَى نَصِيبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ عَتَقَ النَّصِيبَانِ مَعًا بِالْقَبْضِ فَلَا مَعْنَى لِإِلْزَامِهِ السِّرَايَةَ (وَلِلْمُكَذِّبِ مُطَالَبَةُ الْمُكَاتَبِ) إمَّا (بِكُلِّ نَصِيبِهِ أَوْ بِالنِّصْفِ) مِنْهُ (وَيَأْخُذُ نِصْفَ مَا بِيَدِ الْمُصَدِّقِ) لِأَنَّ كَسْبَ الْمُكَاتَبِ مُتَعَلِّقٌ حَقُّهُمَا بِالشَّرِكَةِ (وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُصَدِّقُ) عَلَى الْمُكَاتَبِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ. (وَتُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ) لِلْمُكَاتَبِ (عَلَى الْمُكَذِّبِ) لِتُهْمَةِ دَفْعِ مُشَارَكَتِهِ لَهُ عَنْهُ (وَإِنْ ادَّعَى) الْمُكَاتَبُ (دَفْعَ الْجَمِيعِ لِأَحَدِهِمَا) بِأَنْ قَالَ لَهُ دَفَعْت إلَيْك جَمِيعَ النُّجُومِ لِتَأْخُذَ نَصِيبَك وَتَدْفَعَ لِلْآخَرِ نَصِيبَهُ (فَقَالَ) لَهُ (بَلْ أَعْطَيْت كُلًّا) مِنَّا نَصِيبَهُ بِنَفْسِك وَأَنْكَرَ الْآخَرُ الْقَبْضَ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ وَ (لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ) عَلَى الْآخَرِ لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ شَيْئًا (وَصُدِّقَ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَ الْآخَرِ بِحَلِفِهِ) وَصُدِّقَ الْآخَرُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ شَيْئًا (ثُمَّ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَبْدِ إنْ شَاءَ أَوْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُقِرِّ نِصْفَ مَا أَخَذَ) وَيَأْخُذَ (النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ الْعَبْدِ) وَلَا يَرْجِعُ الْمُقِرُّ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (فَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ عَمَّا طَالَبَهُ الْمُنْكِرُ بِهِ (عَجَزَ وَرَقَّ) نَصِيبُهُ (وَيُقَوَّمُ) مَا رَقَّ (عَلَى الْمُقِرِّ) بِخِلَافِهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ ثَمَّ يَقُولُ أَنَا حُرٌّ كَامِلُ الْحُرِّيَّةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ التَّقْوِيمَ وَهُنَا يَعْتَرِفُ بِأَنَّ نَصِيبَ الْمُنْكِرِ مِنْهُ لَمْ يَعْتِقْ (وَإِنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا أَعْطَيْتُك) النُّجُومَ (لِتُعْطِيَ شَرِيكَك نَصِيبَهُ) وَتَأْخُذَ نَصِيبَك (فَقَالَ) لَهُ (قَدْ فَعَلْت) ذَلِكَ (وَأَنْتَ حُرٌّ فَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَحَلَفَ) عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ (بَقِيَ نَصِيبُهُ مُكَاتَبًا) وَعَتَقَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ وَلَا يَضُرُّ التَّبْعِيضُ لِلضَّرُورَةِ (وَخُيِّرَ) فِي أَخْذِ نَصِيبِهِ (بَيْنَ مُطَالَبَةِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُقِرِّ) بِهِ لِإِقْرَارِهِ بِأَخْذِهِ وَمِنْ أَيِّهِمَا أَخَذَ عَتَقَ نَصِيبُهُ. (فَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْمُكَاتَبِ رَجَعَ) الْمُكَاتَبُ (عَلَى الْمُقِرِّ) لِأَنَّهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الدَّفْعِ إلَى الشَّرِيكِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ (أَوْ) أَخَذَ (مِنْ الْمُقِرِّ لَمْ يَرْجِعْ) عَلَى الْمُكَاتَبِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ طَالَبَهُ) الْوَجْهُ طَالَبَ أَيْ الْمُنْكِرُ (الْمُكَاتَبُ) وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِذَا اخْتَارَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَلَمْ يَأْخُذْ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُقِرِّ وَلَمْ يَدْفَعْهَا إلَى الْمُنْكِرِ (وَعَجَّزَ نَفْسَهُ) صَارَ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ رَقِيقًا (وَقُوِّمَ) نِصْفُهُ الرَّقِيقُ (عَلَى الْمُقِرِّ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمُنْكِرُ) قِيمَةَ النِّصْفِ وَأَخَذَ مِنْهُ (أَيْضًا نِصْفَ مَا قَبَضَ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ) يَعْنِي كَسْبَ النِّصْفِ الَّذِي كَانَ مَلَكَهُ. [فَرْعٌ كَاتَبَ عَبْدٌ أَوْ مَاتَ وَخَلَفَ ابْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ] (فَرْعٌ) لَوْ (كَاتَبَ) عَبْدٌ أَوْ مَاتَ (وَخَلَفَ ابْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ) وَلَوْ بِإِعْتَاقِهِ جَمِيعَهُ (أَوْ أَبْرَأَهُ) عَنْ نَصِيبِهِ مِنْ النُّجُومِ (عَتَقَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ الْأَبُ عَنْ بَعْضِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبْرِئْهُ عَنْ جَمِيعِ حَقِّهِ بِخِلَافِ الِابْنِ فَكَانَ كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ (وَلَمْ يَسْرِ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِخِلَافِ) نَظِيرِهِ فِي (الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ لِأَنَّهُ عَتَقَ (هُنَا عَنْ الْمَيِّتِ) كِتَابَةٌ وَالسِّرَايَةُ مُمْتَنِعَةٌ فِي حَقِّهِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ عِتْقِهِ ثَمَّ (وَنَصِيبُ) الِابْنِ (الْآخَرِ مُكَاتَبٌ) كَمَا كَانَ (فَإِنْ عَتَقَ بِأَدَاءٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ إبْرَاءٍ فَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لِلْأَبِ) لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ (وَإِنْ عَجَزَ) وَرَقَّ (بَقِيَ نَصِيبُهُ رَقِيقًا، وَلَوْ خَصَّ) الْمُكَاتَبُ (أَحَدَهُمَا بِالْإِيفَاءِ) لِنَصِيبِهِ مِنْ النُّجُومِ (وَلَوْ بِإِذْنِ الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ) فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُهُ كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِهِ. [فَرْعٌ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ وَعَبْدٍ ثُمَّ ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَيْهِمَا أَنْ أَبَاهُمَا كَاتَبَهُ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِذَلِكَ وَكَذَّبَاهُ] (فَرْعٌ) لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ وَعَبْدٍ ثُمَّ (ادَّعَى) -   [حاشية الرملي الكبير] قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فَسْخِ الْكِتَابَةِ وَرَفْعِهَا صَحِيحَةً كَانَتْ أَوْ فَاسِدَةً، وَإِنَّمَا يُعَجِّزُ نَفْسَهُ ثُمَّ السَّيِّدُ يَفْسَخُ إنْ شَاءَ، وَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ الْفَسْخَ لَمْ يُؤَثِّرْ جُنُونُهُ وَأَسْقَطَ هَذَا التَّعْلِيلُ فِي الرَّوْضَةِ فَسَلِمَ مِنْ التَّنَاقُضِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ الْمُفْتَى بِهِ الْجَوَازُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي مَوَاضِعَ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَفَاقَ وَأَدَّى الْمَالَ عَتَقَ) لَا خِلَافَ أَنَّ الْعَبْدَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا جُنَّ فَأَدَّى الْمَالَ إلَى السَّيِّدِ أَنَّهُ يَعْتِقُ (قَوْلُهُ وَقَالُوا يُنَصِّبُ الْحَاكِمَ مَنْ يَرْجِعُ لَهُ) قَوْلُ الرَّوْضَةِ يُنَصِّبُ السَّيِّدُ سَبْقُ قَلَمٍ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بَدَلُ الْحَاكِمِ السَّيِّدُ، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْتِقَ بِأَخْذِ السَّيِّدِ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا نَزَّلُوا أَخْذَ السَّيِّدِ حِينَئِذٍ مَنْزِلَةَ أَدَاءِ الْعَبْدِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 482 الْعَبْدُ عَلَيْهِمَا (أَنْ أَبَاهُمَا كَاتَبَهُ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً) بِذَلِكَ وَكَذَّبَاهُ (حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُمَا (وَمَنْ نَكَلَ) مِنْهُمَا عَنْ الْيَمِينِ (فَنَصِيبُهُ مُكَاتَبٌ بِيَمِينِ الْمُكَاتَبِ) الْمَرْدُودَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَوْ صَدَّقَاهُ فَمُكَاتَبٌ (فَإِنَّ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَحَلَفَ رَقَّ نَصِيبُهُ وَلَهُ مَعَ الْعَبْدِ الْمُهَايَأَةُ) فِي الْكَسْبِ (بِلَا إجْبَارٍ) عَلَيْهَا (وَلَا تَقْدِيرٍ) أَيْ لَازِمٍ فِيهَا لِلنَّوْبَتَيْنِ فَيَجُوزُ بِيَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ (وَصَارَ نَصِيبُ الْمُصَّدِّقِ مُكَاتَبًا) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَضُرُّ التَّبْعِيضُ لِلضَّرُورَةِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ عَلَى الْمُكَذِّبِ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَأَمَّا اسْتِحْقَاقُهُ لِمَا يَخُصُّهُ مِنْ النُّجُومِ الْمُشْتَرَكَةِ فَلَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُقِرٌّ بِهِ فَلَا تُهْمَةَ وَإِذَا أَدَّى النُّجُومَ وَفَضَلَ شَيْءٌ مِمَّا كَسَبَهُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُصَدِّقُ) نَصِيبَهُ (أَوْ أَبْرَأَ) عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ النُّجُومِ (أَوْ قَبَضَ حِصَّتَهُ) مِنْهَا (عَتَقَ) كَمَا فِي الْمُشْتَرَكِ (وَلَمْ يَسْرِ) أَيْ نَصِيبُ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا (لِأَنَّ) الْعِتْقَ إنَّمَا وَقَعَ (عَنْ الْمَيِّتِ) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَلِأَنَّ الْمُكَذِّبَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَالْإِبْرَاءُ وَالْقَبْضُ عِنْدَهُ لَغْوٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَدِّقَ مُجْبَرٌ عَلَى الْقَبْضِ فِي صُورَتِهِ فَلَا يَكُونُ الْعِتْقُ بِاخْتِيَارِهِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الثَّالِثَةِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَرْجِيحَهُ فِي الْأُولَى لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فِيهَا أَنَّ الْمَذْهَبَ السِّرَايَةُ إنْ كَانَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ يَقُولُ إنَّهُ رَقِيقٌ لَهُمَا فَإِذَا أَعْتَقَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ ثَبَتَتْ السِّرَايَةُ بِقَوْلِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِالسِّرَايَةِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُكَاتَبِ كُلِّهِ لِمَا فِيهَا مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الشَّرِيكِ فِي كِتَابَتِهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَفْقُودَةٌ هُنَا فَلَا مَحْذُورَ فِي السِّرَايَةِ وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا غُرْمَ لِلسِّرَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ يَزْعُمُ أَنَّ الْمُصَدِّقَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ الْمَيِّتِ وَالْمُصَدِّقُ يُنْكِرُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ أَنْتَ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَأَنْكَرَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ (وَوَلَاءُ مَا عَتَقَ لِلْمُصَدِّقِ) فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِالتَّكْذِيبِ كَمَا لَوْ ادَّعَى وَارِثَانِ دَيْنًا وَأَقَامَ شَاهِدٌ أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا مَعَهُ دُونَ الْآخَرِ يَأْخُذُ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ الْوَلَاءَ مَوْقُوفٌ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ (فَإِنْ عَجَّزَهُ الْمُصَدِّقُ عَادَ قِنًّا فَيَأْخُذُ مَا بِيَدِهِ) مِنْ الْكَسْبِ (لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ أَخَذَ حِصَّتَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا) فِي شَيْءٍ مِنْ أَكْسَابِهِ (فَقَالَ الْمُصَدِّقُ اكْتَسَبَ هَذَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَ) قَدْ (أَخَذْت نَصِيبَك مِنْهُ فَهُوَ لِي، وَقَالَ الْمُكَذِّبُ بَلْ) اكْتَسَبَهُ (قَبْلَهَا) وَكَانَ لِلْأَبِ فَوَرِثْنَاهُ مِنْهُ (صُدِّقَ الْمُصَدِّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْكَسْبِ) قَبْلَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا اعْتَرَفَ الْمُكَذِّبُ بِأَنَّهُ أَخَذَ مَا خَصَّهُ مِنْ كَسْبِهِ قَبْلَ تَعْجِيزِ الْمُصَدِّقِ قَالَ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ. (فَرْعٌ) لَوْ (وَجَدَ) السَّيِّدُ (بِالنُّجُومِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهَا) إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَطَلَبَ بَدَلَهَا، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ يَسِيرًا كَالْبَيْعِ بِجَامِعٍ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ بِالتَّرَاضِي (فَإِنْ رَضِيَ) بِهِ (عَتَقَ بِقَبْضِ النَّجْمِ الْأَخِيرِ) وَيَكُونُ رِضَاهُ كَالْإِبْرَاءِ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْقَبْضِ لَا بِالرِّضَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّيْنِ إذَا اسْتَوْفَاهُ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَرَضِيَ بِهِ لَا نَقُولُ مَلَكَهُ بِالرِّضَا بَلْ بِالْقَبْضِ وَتَأَكَّدَ الْمِلْكُ بِالرِّضَا (وَإِنْ رَدَّ) الْمَعِيبَ (بَانَ أَنْ لَا عِتْقَ) إذْ لَوْ حَصَلَ عِتْقٌ لَمْ يَرْتَفِعْ (فَإِنْ أَبْدَلَهُ) بَعْدَ اسْتِرْدَادِهِ أَيْ أَعْطَاهُ بَدَلَهُ (سَلِيمًا عَتَقَ، وَإِنْ عَلِمَ) بِعَيْبِهِ (بَعْدَ التَّلَفِ) عِنْدَهُ (وَلَمْ يَرْضَ) بِهِ بَلْ طَلَبَ الْأَرْشَ (بَانَ أَنْ لَا عِتْقَ فَإِنْ أَدَّى) إلَيْهِ (الْأَرْشَ عَتَقَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ أَدَّاهُ فَإِنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ نَفَذَ الْعِتْقُ (فَإِنْ عَجَزَ وَعَجَّزَهُ) سَيِّدُهُ (رَقَّ) كَمَا لَوْ عَجَزَ بِبَعْضِ النُّجُومِ (وَالْأَرْشُ) أَيْ قَدْرُهُ (مَا نَقَصَ مِنْ النُّجُومِ) الْمَقْبُوضَةِ (بِسَبَبِ الْعَيْبِ) لَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ بِحَسَبِ نُقْصَانِ الْعَيْبِ مِنْ قِيمَةِ النُّجُومِ كَمَا هُوَ وَجْهٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ رُكْنًا فِي الْعَقْدِ وَلِذَلِكَ لَا يَرْتَدُّ الْعَقْدُ بِرَدِّهِ فَلَا يُسْتَرَدُّ فِي مُقَابِلَةِ نُقْصَانِهِ جُزْءٌ مِنْ الْمُعَوِّضِ كَمَا لَا يُسْتَرَدُّ الْعِوَضُ إذَا كَانَ بَاقِيًا بِرَدِّ الْمَعِيبِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَقَدْ رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَإِنْ وُجِدَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمُكَذِّبَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ) أَيْ الْمُصَدِّقِ (قَوْلُهُ فَلَا مَحْذُورَ فِي السِّرَايَةِ) نَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي السِّرَايَةِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ الْمُصَدِّقُ، وَقَالَ نَصًّا فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمُصَدِّقِ إذَا عَتَقَ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَعُمُّ عِتْقَهُ بِالْقَبْضِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَاَلَّذِي عَلَّلَ بِهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ فَعَلَهُ الْأَبُ هَذَا يَعُمُّ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ، وَمِنْ شَرْطِ السِّرَايَةِ أَنْ يَكُونَ مَا أَعْتَقَهُ الْمُعْتِقُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ، وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ قَدْ اسْتَشْكَلَ تَصْحِيحُ السِّرَايَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ نَصِيبَ الْمُصَدِّقِ مَحْكُومٌ فِي الظَّاهِرِ بِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مُكَاتَبٌ أَيْضًا وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ مُكَاتَبًا أَنْ لَا يَسْرِيَ فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْمُصَدِّقَ حُكْمُ السِّرَايَةِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَعْتَرِفْ بِمَا يُوجِبُهَا. قَالَ أَبِي وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ أَنَّ الْمُكَذِّبَ يَزْعُمُ أَنَّ الْكُلَّ قِنٌّ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ إعْتَاقَ شَرِيكِهِ نَافِذٌ سَارٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ فِي الْعَبْدِ الْقِنِّ أَنْتَ أَعْتَقَتْ نَصِيبَك وَأَنْتَ مُوسِرٌ فَإِنَّا نُؤَاخِذُهُ وَنَحْكُمُ بِالسِّرَايَةِ إلَى نَصِيبِهِ، لَكِنَّا لَا نُلْزِمُ شَرِيكَهُ الْقِيمَةَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ إعْتَاقِهِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا بَيِّنَةَ وَهُنَا لَمَّا ثَبَتَتْ السِّرَايَةُ بِإِقْرَارِ الْمُكَذِّبِ وَهِيَ مِنْ أَثَرِ إعْتَاقِ الْمُصَدِّقِ وَإِعْتَاقُهُ ثَابِتٌ فَهُوَ بِإِعْتَاقِهِ مُتْلِفٌ لِنَصِيبِ شَرِيكِهِ بِالطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا أَتْلَفَهُ قَالَ وَيَزِيدُ ذَلِكَ وُضُوحًا أَنَّا فِي الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ كُلِّهِ إنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِالسِّرَايَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الشَّرِيكِ فِي كِتَابَتِهِ، وَهَذِهِ عِلَّةٌ مَفْقُودَةٌ هُنَا لَا مَحْذُورَ فِي السِّرَايَةِ فَلِذَلِكَ كَانَ الْأَصَحُّ الْقَوْلَ بِهَا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ يَسْرِي وَلَا يَغْرَمُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَالْحَقُّ أَنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ وَقْفِ الْعِتْقِ لَا عَلَى الْعِتْقِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا غُرْمَ لِلسِّرَايَةِ إلَخْ) مَا اسْتَظْهَرَهُ مَرْدُودٌ. (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ بِجَامِعٍ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَالْبَيْعِ أَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ الرَّدُّ لَهُ إذَا لَمْ يَحْدُثْ مَا يَمْنَعُهُ، فَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ فَلَهُ الْأَرْشُ فَإِنْ دَفَعَهُ الْمُكَاتَبُ اسْتَقَرَّ الْعِتْقُ وَإِلَّا ارْتَفَعَ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يُسْتَرَدُّ الْعِوَضُ إذَا كَانَ بَاقِيًا بِرَدِّ الْمَعِيبِ) أَيْ الثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ مِنْهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 483 مَا قُبِضَ) مِنْ النُّجُومِ (نَاقِصٌ وُزِنَ) فِي الْمَوْزُونِ (أَوْ كِيلَ) فِي الْمَكِيلِ (فَلَا عِتْقَ) سَوَاءٌ أَبَقِيَ بِيَدِهِ أَمْ تَلِفَ لِخَبَرِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» (وَإِنْ رَضِيَ) بِهِ (عَتَقَ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ الْبَاقِي) . فَرْعٌ لَوْ (اُسْتُحِقَّ بَعْضُ النُّجُومِ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ بَانَ أَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا) ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَمْ يَصِحَّ (وَتَرِكَتُهُ لِلسَّيِّدِ لَا لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ قَالَ لَهُ حِينَ أَدَّى) النُّجُومَ (اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ) أَوْ فَقَدْ عَتَقْت (لِأَنَّهُ بَنِي عَلَى الظَّاهِرِ) وَهُوَ صِحَّةُ الْأَدَاءِ فَهُوَ (كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَاسْتُحِقَّ فَقَالَ فِي الْمُخَاصَمَةِ) مَعَ الْمُدَّعِي (هُوَ مِلْكُ بَائِعِي) إلَى أَنْ اشْتَرَيْته مِنْهُ (لَمْ يَضُرَّهُ) فِي رُجُوعِهِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ (فَيَرْجِعُ) عَلَيْهِ بِهِ (فَلَوْ قَالَ) الْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ (أَعْتَقْتنِي بِقَوْلِك أَنْت حُرٌّ) أَوْ فَقَدْ عَتَقْت (وَقَالَ) السَّيِّدُ إنَّمَا (أَرَدْت) أَنَّك حُرٌّ (بِمَا أَدَّيْت) وَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ الْأَدَاءُ (صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ لِلْقَرِينَةِ) أَيْ عِنْدَهَا كَقَبْضِ النُّجُومِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْحُرِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا فُقِدَتْ. (وَلَوْ قِيلَ لَهُ طَلَّقْت امْرَأَتَك فَقَالَ نَعَمْ طَلَّقْتهَا ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي جَرَى بَيْنَنَا طَلَاقٌ وَقَدْ أَفْتَانِي بِخِلَافِهِ الْفُقَهَاءُ، وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ بَلْ طَلَّقْتنِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْ الزَّوْجِ) مَا قَالَهُ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) كَأَنْ تَخَاصَمَا فِي لَفْظَةٍ أَطْلَقَهَا فَقَالَ ذَلِكَ ثُمَّ إذَا ذَكَرَ التَّأْوِيلَ يُقْبَلُ قَالَ فِي الْوَسِيطِ وَهَذَا فِي الصُّورَتَيْنِ تَفْصِيلٌ لِلْإِمَامِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ، وَقَالَ إنَّهُ قَوِيمٌ لَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ بِهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْوَسِيطِ فِي الْأُولَى إنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ سَوَاءٌ أَقَالَهُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِ حُرِّيَّتِهِ أَمْ ابْتِدَاءً اتَّصَلَ بِقَبْضِ النُّجُومِ أَوْ لَا، وَأَطْلَقَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ فِيهِمَا أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا فِي الْوَسِيطِ قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِيهِمَا وَكَلَامُ الْإِمَامِ بَحْثٌ لَهُ قَائِلًا فِيهِ وَتَصْدِيقُهُ بِلَا قَرِينَةٍ عِنْدِي غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ جَرَى بِالتَّصْرِيحِ فَقَبُولُ قَوْلِهِ فِي دَفْعِهِ مُحَالٌ وَقَدْ يُؤَيِّدُ كَلَامَهُ بِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ، ثُمَّ قَالَ كَانَ فَاسِدًا وَأَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يُعَيِّنْ مُسْتَنَدَ ظَنِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَامِ الصَّيْدَلَانِيِّ بِجَعْلِ الْقَرِينَةِ شَامِلَةً لِلْحَالِ وَالْمَاضِي. (الْحُكْمُ الثَّانِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ الْإِيتَاءُ) لِلْمُكَاتَبِ (فِي صَحِيحِ الْكِتَابَةِ) دُونَ فَاسِدِهَا قَالَ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] وَفُسِّرَ الْإِيتَاءُ بِأَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ النُّجُومِ أَوْ يَبْذُلَهُ وَيَأْخُذَ النُّجُومَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ (وَالْحَطُّ) عَنْهُ (أَفْضَلُ مِنْ إعْطَائِهِ وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْإِعْطَاءُ بَدَلٌ عَنْهُ) لِأَنَّ الْإِعَانَةَ فِيهِ مُحَقَّقَةٌ وَفِي الْإِعْطَاءِ مَوْهُومَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْفِقُ الْمَالَ فِي جِهَةٍ أُخْرَى (وَإِنْ أَبْرَأَهُ) عَنْ النُّجُومِ (أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ، وَلَوْ بِعِوَضٍ فَلَا إيتَاءَ) عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ أَيْضًا بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِيهِ خَاصَّةً وَالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا الْهِبَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الصَّدَاقِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، ثُمَّ إنَّهُ يَجِبُ الْإِيتَاءُ إنْ كَانَ السَّيِّدُ قَبَضَ النُّجُومَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ إبْرَاءٌ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَاسْتَثْنَى أَيْضًا الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ مَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالثُّلُثُ لَا يَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَنْفَعَتِهِ. (وَوَقْتُ الْوُجُوبِ) لِلْإِيتَاءِ (قَبْلَ الْعِتْقِ) لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى تَحْصِيلِهِ كَمَا يَدْفَعُ إلَيْهِ سَهْمَ الْمُكَاتَبِينَ قَبْلَ الْعِتْقِ، فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ أَثِمَ وَكَانَ قَبْضًا، فَقَوْلُ الْأَصْلِ وَيَجُوزُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَالْعِتْقِ لَكِنْ يَكُونُ قَضَاءً فِيهِ تَمَسُّحٌ (وَيَجُوزُ) الْإِيتَاءُ (مِنْ) وَقْتِ (الْعَقْدِ) لِلْكِتَابَةِ (وَيَتَعَيَّنُ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ فِي غَيْرِهِ) فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الْأَخِيرِ عَيْنًا لَكِنَّهُ أَلْيَقُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ النُّجُومِ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَإِلْزَامِ الْحَاكِمِ لَا بِإِقْرَارٍ وَيَمِينٍ مَرْدُودَةٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَنَى عَلَى الظَّاهِرِ) فَمُطْلَقُ قَوْلِ السَّيِّدِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِمَا أَدَّى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إرَادَتَهُ قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَيُسْتَغْنَى عَنْ النِّيَّةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا نَظِيرَ ذَلِكَ مَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ إنَّ عَبْدَهُ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ إنَّمَا قُلْت ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ لِظَنِّيِّ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ أَوْ نَحْوِهَا ثُمَّ أَفْتَانِي الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ، وَقَالَ الْعَبْدُ إنَّمَا أَرَدْت الْإِنْشَاءَ فَالْمُصَدَّقُ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتنِي بِقَوْلِك أَنْتَ حُرٌّ) أَيْ قَصَدْت إنْشَاءَ عِتْقِي (قَوْلُهُ كَقَبْضِ النُّجُومِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْحُرِّيَّةِ) إذْ السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ مُطْلَقَ قَوْلِ السَّيِّدِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِمَا أَدَّى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إرَادَتَهُ، وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَيُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ النِّيَّةِ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَقَالَهُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِ حُرِّيَّتِهِ أَمْ ابْتِدَاءً) اتَّصَلَ بِقَبْضِ النُّجُومِ أَمْ لَا لِشُمُولِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ فَقَبُولُ قَوْلِهِ فِي دَفْعِهِ مُحَالٌ) وَلَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَمَا اسْتَقَرَّ إقْرَارٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَامِ الصَّيْدَلَانِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ. قَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَسْأَلَةَ الْكِتَابَةِ بِمَا إذَا قَصَدَ الْإِخْبَارَ قَالَ فَإِنْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ بَرِئَ الْمُكَاتَبُ وَعَتَقَ، فَلَوْ قَالَ أَرَدْت الْأَوَّلَ، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ بَلْ الثَّانِي صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ جَزَمَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْبَغَوِيُّ وَقَيَّدَهَا الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا بِقَصْدِ الْإِخْبَارِ، فَلَوْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْشَاءِ أَوْ أَطْلَقَ عَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهُ كَسْبُهُ وَأَوْلَادُهُ وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى مَا يَقْتَضِيه فَقَالَ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ إحْدَاثَ عِتْقٍ لَهُ عَلَى غَيْرِ الْكِتَابَةِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ لَيْسَ هَذَا النَّصُّ إلَّا حَالَةَ إرَادَةِ الْإِنْشَاءِ وَالْأَمْرُ فِيهَا بَيِّنٌ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِحَالَةِ الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ الْحُكْمُ الثَّانِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ الْإِيتَاءُ) فِي صَحِيحِ الْكِتَابَةِ قَالَ الْخَفَّافُ فِي الْخِصَالِ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَجِبُ حَطُّ شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِيهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ وَالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ) قَالَ الْفَتِيّ لَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّهُ إذَا أَبْرَأَهُ عَنْ مُتَمَوَّلٍ حَصَلَ الْإِيتَاءُ فَكَيْفَ يَقُولُ إنَّهُ إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِ النُّجُومِ فَلَا إيتَاءَ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى أَيْضًا الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ أَلْيَقُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَإِنَّمَا يَتَرَجَّحُ النَّجْمُ الْأَخِيرُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّفْعِ أَوَّلًا مَا يُعِينُ عَلَى الْكَسْبِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَرَجَّحُ هَذَا وَيَنْضَمُّ إلَى ذَلِكَ التَّعْجِيلِ بِأَدَاءِ الْوَاجِبِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 484 (وَيَكْفِي) فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ (مُتَمَوِّلٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَقْدِيرٌ وَلِظَاهِرِ قَوْلِهِ قَوْله تَعَالَى فِي الْآيَةِ {مِنْ مَالِ اللَّهِ} [النور: 33] وَلَا يَخْتَلِفُ أَيْ الْوَاجِبُ بِحَسَبِ الْمَالِ قِلَّةً وَكَثْرَةً (وَيُسْتَحَبُّ رُبْعٌ وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَسْمَحْ بِهِ نَفْسُهُ (فَسَبْعٌ) رَوَى النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَحُطُّ عَنْ الْمُكَاتَبِ قَدْرَ رُبْعِ كِتَابَتِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ رَفْعُهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَحَطَّ عَنْهُ سُبْعَهَا خَمْسَةَ آلَافٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَقِيَ بَيْنَهُمَا السُّدُسُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أَسِيدٍ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتِي دِرْهَمٍ قَالَ فَأَتَيْته بِمُكَاتَبَتِي فَرَدَّ عَلَيَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَمُرَادُهُ بَقِيَ مِمَّا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَالْخُمْسُ أَوْلَى مِنْ السُّدُسِ وَالثُّلُثُ أَوْلَى مِنْ الرُّبْعِ وَمِمَّا دُونَهُ (وَإِنْ لَمْ يَحُطَّ) عَنْهُ شَيْئًا (وَأَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) أَيْ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ كَأَنْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ (لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] قَالَ الرَّافِعِيُّ يُرِيد بِهِ مَال الْكِتَابَةِ (وَيَجُوزُ) قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ قَبِيلِ الْمُعَاوَضَاتِ (أَوْ) أَعْطَاهُ (مِنْ جِنْسِهِ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ (وَجَبَ قَبُولُهُ) كَالزَّكَاةِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِعَانَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِذَلِكَ (فَإِنْ مَاتَ) السَّيِّدُ (وَلَمْ يُؤْتِهِ) شَيْئًا (لَزِمَ الْوَرَثَةَ) إنْ كَانُوا مُكَلَّفِينَ (أَوْ الْوَلِيَّ) إنْ كَانُوا غَيْرَ مُكَلَّفِينَ الْإِيتَاءَ (فَإِنْ كَانَ النَّجْمُ بَاقِيًا تَعَيَّنَ) الْوَاجِبُ فِي الْإِيتَاءِ (مِنْهُ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ (وَقُدِّمَ عَلَى الدَّيْنِ) لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ (وَإِنْ تَلِفَ) النَّجْمُ (قُدِّمَ) الْوَاجِبُ (عَلَى الْوَصَايَا) كَسَائِرِ الدُّيُونِ (وَإِنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ فَالزَّائِدُ) عَلَيْهِ (مِنْ الْوَصَايَا، وَإِنْ بَقِيَ) عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ النُّجُومِ (قَدْرُهُ) أَيْ قَدْرُ الْوَاجِبِ (فَلَا تَقَاصَّ) قَالُوا لِأَنَّا وَإِنْ جَعَلْنَا الْحَطَّ أَصْلًا فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِهِ (وَلَا تَعْجِيزَ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِثْلَهُ فَيَرْفَعُهُ الْمُكَاتَبُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَفْصِلَ الْأَمْرَ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقِهِ. (فَصْلٌ) لَوْ (أَدَّى) النُّجُومَ أَوْ بَعْضَهَا (قَبْلَ الْمَحَلِّ أَوْ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْعَقْدِ (لَزِمَ) السَّيِّدَ (قَبُولُهُ) لِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ غَرَضًا ظَاهِرًا فِيهِ وَهُوَ تَنْجِيزُ الْعِتْقِ أَوْ تَقْرِيبُهُ وَلَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْقَبُولِ وَلِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَإِذَا أَسْقَطَهُ بِالْأَدَاءِ سَقَطَ (إلَّا إنْ تَضَرَّرَ) فِي قَبُولِهِ (بِلُحُوقِ مُؤْنَةٍ) لَهُ كَالْحَيَوَانِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَى حِفْظٍ (أَوْ) بِلُحُوقِ (خَوْفٍ تَغَيُّرٍ أَوْ نَهْبٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ (وَإِنْ أَنْشَأَهَا) أَيْ الْكِتَابَةَ (فِي زَمَنِ نَهْبٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَزُولُ) عِنْدَ الْمَحَلِّ وَلِمَا فِي قَبُولِهِ مِنْ الضَّرَرِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْخَوْفُ مَعْهُودًا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ لَزِمَهُ الْقَبُولُ وَجْهًا وَاحِدًا. (وَإِنْ أَحْضَرَهُ فِي الْمَحَلِّ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا ضَرَرَ) عَلَى السَّيِّدِ فِي قَبُولِهِ (وَقَدْ غَابَ) أَوْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ (قَبَضَ الْقَاضِي عَنْهُ) وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْغَائِبِينَ وَالْمُمْتَنِعِينَ (وَلَيْسَ لِلْقَاضِي قَبْضُ دَيْنِ الْغَائِبِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ إلَّا سُقُوطَ الدَّيْنِ عَنْهُ، وَالنَّظَرُ لِلْغَائِبِ أَنْ يَبْقَى الْمَالُ فِي ذِمَّةِ الْمَلِيِّ فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَصِيرَ أَمَانَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ (وَإِنْ أَتَى) إلَى سَيِّدِهِ (بِنَجْمٍ فَقَالَ لَا أَقْبِضُهُ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ) أَيْ لَيْسَ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَيَكْفِي مُتَمَوَّلٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مِنْ الْفَضَلَاتِ فَإِنَّ إيتَاءَ فَلْسٍ عَلَى مَنْ كُوتِبَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ تَبْعُدُ إرَادَتُهُ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ قَالَ أَيْضًا لَا يَظْهَرُ مِنْهُ مَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا كَاتَبَا عَبْدَهُمَا وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مَا يَلْزَمُ الْمُنْفَرِدَ بِالْكِتَابَةِ، وَلَوْ كَاتَبَ بَعْضَ عَبْدٍ بَاقِيه حُرٌّ أَوْ وَصَّى بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بَعْضُهُ وَكُوتِبَ ذَلِكَ الْبَعْضُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ مَا يَلْزَمُ فِي الْكِتَابَةِ الْكَامِلَةِ قَطْعًا وَأَمَّا الْوَرَثَةُ فَاللَّازِمُ لَهُمْ مَا كَانَ يَلْزَمُ مُوَرِّثَهُمْ نَصَّ عَلَيْهِ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَحْطُوطِ مَعْلُومًا، وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى بَعِيرَيْنِ فِي نَجْمَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَكْلِيفِ حَطِّ بَعِيرٍ كَامِلٍ وَلَا دَفْعِهِ بَعْدَ أَخْذِهِ، وَفِي تَكْلِيفِهِ حَطّ جُزْءٍ مِنْهُ أَوْ دَفْعَهُ مِنْ الضَّرَرِ مَا لَا يَخْفَى وَتَحْصِيلُ شِقْصٍ عَزِيزٍ وَضَرَرُ الشَّرِكَةِ بَيِّنٌ فَكَيْفَ الْحَال فِي مِثْلِ هَذَا وَكَيْفَ يَكُونُ الْإِيتَاءُ إذَا كَانَتْ النُّجُومُ مَنَافِعَ غَيْرَ نَفْسِهِ؟ غ وَيَقْرُبُ أَنْ يُقَالَ يُجْزِئُهُ هُنَا الْإِيتَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَمَا قِيلَ فِي مَوَاضِعِ الضَّرُورَةِ فِي الزَّكَاةِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ مِثْلَهُ) فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا كَانَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ فَلِمَ لَا تَحْصُلُ الْمُقَاصَّةُ وَيَعْتِقُ؟ قُلْنَا الْعِتْقُ مُعَلَّقٌ بِالْأَدَاءِ وَلَمْ يَحْصُلْ (قَوْلُهُ حَتَّى يَفْصِلَ الْأَمْرَ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقِهِ) بِأَنْ يُلْزِمَ السَّيِّدَ بِالْإِيتَاءِ وَالْمُكَاتَبَ بِالْأَدَاءِ وَيَحْكُمَ بِالتَّقَاصِّ لِلْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَنْفِيَّ إنَّمَا هُوَ التَّقَاصُّ بِنَفْسِ اللُّزُومِ ع. [فَصْلٌ أَدَّى النُّجُومَ أَوْ بَعْضَهَا قَبْلَ الْمَحَلِّ أَوْ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ فِي الْكِتَابَة] (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ) لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي امْتِنَاعِهِ مِنْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ الْأَغْرَاضِ أَنَّ الدَّيْنَ فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ إذَا كَانَ نَقْدًا لَا زَكَاةَ فِيهِ فَإِذَا جَاءَ بِهِ قَبْلَ الْمَحَلِّ كَانَ لِلْمَالِكِ غَرَضٌ فِي أَنْ لَا يَأْخُذَهُ لِئَلَّا تَتَعَلَّقَ بِهِ الزَّكَاةُ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُهُ وَذَكَرُوا فِيمَا إذَا أَتَى الْمُكَاتَبُ بِمَالٍ فَقَالَ السَّيِّدُ هَذَا حَرَامٌ وَلَا بَيِّنَةَ أَنَّهُ إذَا خَالَفَ الْمُكَاتَبُ أَنَّهُ حَلَالٌ أُجْبِرَ السَّيِّدُ عَلَى أَخْذِهِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي وَلَمْ يَذْكُرُوا مِثْلَ ذَلِكَ هُنَا فَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِحُلُولِ الْحَقِّ هُنَاكَ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْإِجْبَارُ عَلَى الْقَبْضِ بَلْ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْإِبْرَاءِ أَيْ أَوْ الْإِعْتَاقِ إنْ كَانَ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ. قَالَ فِي التَّوْشِيحِ لَا يَتَبَيَّنُ لِي مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ يُجْبَرُ، وَالْفِقْهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ إجْبَارِهِ عَلَى الْقَبْضِ وَالْقَبْضِ كَمَا فِي الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ وَيُقَالُ يُجْبِرُهُ فَإِنْ عَجَزَ أَوْ لَمْ يَفْدِ قَبَضَ لَهُ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ ذِكْرُ قَبْضِ الْقَاضِي هُنَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَاهُ فِيمَا إذَا أَتَى بِالنَّجْمِ وَالسَّيِّدُ غَائِبٌ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَذْكُرُوا مِثْلَ ذَلِكَ هُنَا كُتِبَ عَلَيْهِ ذَكَرُوهُ بَعْدَهُ ر وَقَوْلُهُ وَالْفِقْهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَتَخَيَّرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِمَا فِي قَبُولِهِ مِنْ الضَّرَرِ) وَقَدْ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» . (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي قَبْضُ دَيْنِ الْغَائِبِ) قَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ وَنَقَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَفْظَهُ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ قَبَضَهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ الْفَارِقِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ ثِقَةً مَلِيًّا وَإِلَّا فَعَلَى الْحَاكِمِ قَبْضُهُ بِلَا خِلَافٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 485 مِلْكَهُ (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِذَلِكَ (صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ مِلْكُهُ لِظَاهِرِ الْيَدِ (وَأُجْبِرَ) السَّيِّدُ (عَلَى أَخْذِهِ أَوْ إبْرَائِهِ) مِنْ النَّجْمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ لَتَضَرَّرَ الْمُكَاتَبُ بِبَقَاءِ الرِّقِّ (فَإِنْ أَبَى) ذَلِكَ (قَبَضَهُ الْقَاضِي وَعَتَقَ) الْمُكَاتَبُ (وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ السَّيِّدُ) وَكَانَ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ حَرَامٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمَالِكُ (وَلَا يَثْبُتُ بِبَيِّنَتِهِ وَلَا يَمِينِهِ لِمَنْ عَيْنُهُ لَهُ) وَلَا يَسْقُطُ بِحَلِفِ الْمُكَاتَبِ حَقُّهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ يَمِينِ السَّيِّدِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (لَكِنْ إذَا أَخَذَهُ السَّيِّدُ أُمِرَ بِتَسْلِيمِهِ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ) إنْ صَدَّقَهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَالِكًا) أَوْ عَيَّنَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ (أَقَرَّ فِي يَدِهِ) كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ (وَمُنِعَ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يُكَذِّبَ نَفْسَهُ) فِي قَوْلِهِ إنَّهُ حَرَامٌ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ حِينَئِذٍ. (وَإِنْ عَجَّلَ نَجْمًا قَبْلَ الْمَحَلِّ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ) لَهُ عَنْ الْبَاقِي (فَأَخَذَهُ) مِنْهُ (وَأَبْرَأَهُ) عَنْ الْبَاقِي (لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ وَلَا الْبَرَاءَةُ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ (وَلَا الْعِتْقُ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقَبْضِ وَالْبَرَاءَةِ (وَيَرُدُّ) عَلَيْهِ السَّيِّدُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ لِذَلِكَ (سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ السَّيِّدِ أَوْ الْعَبْدِ) وَلَوْ أَنْشَأَ رِضًا جَدِيدًا بِقَبْضِ ذَلِكَ عَمَّا عَلَيْهِ حُكِمَ بِصِحَّتِهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ الْمُرْتَهِنِ فِي قَبْضِ مَا بِيَدِهِ عَنْ جِهَةِ الشِّرَاءِ أَوْ الرَّهْنِ (وَإِنْ أَتَى بِهِ فِي الْمَحَلِّ بَطَلَ الشَّرْطُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْقَبْضِ وَالْبَرَاءَةِ وَالْعِتْقِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبْرِئَهُ عَنْ الْبَاقِي (وَلَوْ عَجَّلَ وَلَمْ يَشْرُطْ) بَرَاءَةً (فَأَخَذَهُ) مِنْهُ (وَأَبْرَأَهُ مِنْ الْبَاقِي بِلَا شَرْطٍ أَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ فَأَبْرَأَهُ) مِنْ الْبَاقِي أَوْ أَعْتَقَهُ (عَتَقَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ إنْ عَجَّزَتْ نَفْسَك وَأَدَّيْت كَذَا فَأَنْت حُرٌّ فَعَجَّزَ) نَفْسَهُ (وَأَدَّى عَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ) يَعْنِي التَّعْجِيزَ (لَا يَفْسَخُ) الْوَجْهُ لَا يَنْفَسِخُ (بِهِ الْكِتَابَةُ مَا لَمْ يَنْفَسِخْ) بَعْدَ التَّعْجِيزِ وَلَهُ (إكْسَابُهُ) لِعِتْقِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ (وَيَرْجِعُ) عَلَيْهِ السَّيِّدُ (بِالْقِيمَةِ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى عِوَضَيْنِ التَّعْجِيزِ وَالْمَالِ الْمَذْكُورِ وَالتَّعْجِيزُ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا فَكَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ (وَ) يَرْجِعُ (الْمُكَاتَبُ) عَلَيْهِ (بِمَا أَدَّى) إلَيْهِ (بَلْ لَوْ قَالَ) السَّيِّدُ (لِمُكَاتَبِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْت حُرٌّ فَأَعْطَاهُ عَتَقَ وَهُوَ عِوَضٌ فَاسِدٌ فَيَتَرَاجَعَانِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُعَاوَض عَلَيْهِ) أَيْ لَا يُجْعَلُ عِوَضًا فَيَعْتِقُ بِالصِّفَةِ لَا بِالْكِتَابَةِ (وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ النَّجْمَ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ وَيُبْرِئَهُ) عَنْ الْبَاقِي (فَفَعَلَ عَتَقَ) عَنْ الْكِتَابَةِ (وَرَجَعَ كُلٌّ عَلَى الْآخَرِ) وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ. [فَرْعٌ حَلَّ عَلَى الْمُكَاتَبِ نَجْمٌ فَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ وَاسْتَنْظَرَ سَيِّدُهُ فِي ذَلِكَ] (فَرْعٌ) لَوْ (حَلَّ) عَلَى الْمُكَاتَبِ (نَجْمٌ فَعَجَزَ) عَنْ أَدَائِهِ (وَلَوْ عَنْ بَعْضِهِ وَاسْتَنْظَرَ) سَيِّدُهُ فِي ذَلِكَ (سُنَّ) لَهُ (إنْظَارُهُ) كَسَائِرِ الْمَدْيُونِينَ (وَلَهُ الْفَسْخُ) وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَجْزُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ لِتَعَذُّرِ وُصُولِهِ إلَى الْعِوَضِ كَالْبَائِعِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَيَفْسَخُ (بِنَفْسِهِ وَكَذَا الْقَاضِي) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ كَفَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعِتْقِ (لَكِنْ عِنْدَهُ) أَيْ الْقَاضِي (يَحْتَاجُ أَنْ يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً (بِالْكِتَابَةِ وَحُلُولِ النَّجْمِ وَمَتَى فُسِخَتْ) أَيْ الْكِتَابَةُ (يَفُوزُ) السَّيِّدُ (بِمَا أَخَذَهُ) لِأَنَّهُ كَسَبَ عَبْدَهُ (لَكِنْ يَرُدُّ مَا أَعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ) عَلَى مَنْ أَعْطَاهَا إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا (وَيُمْهَلُ لِإِحْضَارِ مَالٍ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَ) إحْضَارِ (دَيْنٍ حَالٍّ عَلَى مَلِيءٍ) مُقِرٍّ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ (وَ) إحْضَارِ مَالٍ (مُودَعٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقَهَا أَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مَلِيءٍ مُنْكِرٍ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ. (وَيُقَاصُّ بِالدَّيْنِ) الَّذِي لِلْمُكَاتَبِ (عَلَى السَّيِّدِ) إنْ اتَّحَدَ جِنْسُ الدَّيْنَيْنِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ أَحْضَرَهُ) أَيْ السَّيِّدُ الدَّيْنَ لِلْمُكَاتَبِ (لِيُبَاعَ فِي النَّجْمِ وَيُمْهَلُ) الْمُكَاتَبُ بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ (لِبَيْعِ عَرْضٍ ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ كَمَا يُمْهِلُهَا الْخَصْمُ لِإِحْضَارِ بَيِّنَتِهِ الشَّاهِدَةِ لَهُ بِالْأَدَاءِ وَنَحْوِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ (حَلَّ نَجْمٌ وَالْمُكَاتَبُ غَائِبٌ) وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ غَابَ بَعْدَ حُلُولِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ) لِلْكِتَابَةِ لِتَقْصِيرِهِ بِالْغَيْبَةِ بَعْدَ الْمَحِلِّ وَالْإِذْنُ قَبْلَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ لَهُ فِي اسْتِمْرَارِهَا إلَى مَا بَعْدَهُ وَيَفْسَخُ (بِنَفْسِهِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ السَّيِّدُ عَلَى أَخْذِهِ إلَخْ) مِنْ نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ ادَّعَى بَائِعٌ عَلَى الْمُفْلِسِ أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ تَأْبِيرِ الثَّمَرَةِ فَتَكُونُ لَهُ صَدَقَةُ الْغُرَمَاءِ دُونَ الْمُفْلِسِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمْ عَلَى الْمُفْلِسِ وَلَهُ إجْبَارُهُمْ عَلَى أَخْذِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ، وَلِلْبَائِعِ نَزْعُهَا مِنْهُمْ وَإِلَّا فَيُجْبِرُهُمْ عَلَى قَبُولِ ثَمَنِهَا أَوْ الْإِبْرَاءِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ أَصْلُ ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَا إذَا أَتَى إلَيْهِ بِلَحْمٍ فَقَالَ هَذَا غَيْرُ مُذَكًّى فَقَالَ بَلْ مُذَكًّى فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ مُدَّعِي عَدَمِ التَّذْكِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ وَشَكَكْنَا فِي حُصُولِ الذَّكَاةِ. (قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ إنْظَارُهُ) لَا شَكَّ أَنَّ الْإِمْهَالَ لِلتَّمَهُّلِ وَالِاكْتِسَابَ مُسْتَحَبٌّ لَا غَيْرُ وَأَنَّ الْإِمْهَالَ بِقَدْرِ مَا يُخْرِجُ الْمَالَ مِنْ الصُّنْدُوقِ وَالدُّكَّانِ وَالْمَخْزَنِ وَيَزْنُ أَوْ يَكِيلُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَمْهِلْنِي قَدْرَ مَا أَسْتَدِينُ النَّجْمَ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ أَنْ يُجَابَ إذَا ظُنَّ صِدْقُهُ، وَأَنَّ ثَمَّ مَنْ يُعْطِيهِ كَمَا يُنْظَرُ لِبَيْعِ الْمَتَاعِ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ اسْتَكَانَ لِلتَّعْجِيزِ غ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَمْهِلُونِي لِأَتَدَيَّنَ النَّجْمَ وَأُحَصِّلَهُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ أَنَّهُ تَجِبُ إجَابَتُهُ إذَا ظُنَّ صِدْقُهُ وَأَنَّ ثَمَّ مَنْ يُعْطِيه كَمَا يُنْظَرُ لِبَيْعِ الْمَتَاعِ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُلْهُ وَاسْتَكَانَ لِلتَّعْجِيزِ فَتَأَمَّلْهُ وَقَوْلُهُ أَنْ تَجِبَ إجَابَتُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُمْهَلُ لِإِحْضَارِ مَالٍ) أَيْ يُمْهَلُ وُجُوبًا (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ مَا إذَا زَادَ الْأَجَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَمَّا لَوْ كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ دُونَ الثَّلَاثِ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ إمْهَالُهُ إلَى حُلُولِهِ كَالْغَائِبِ فِيمَا دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ غ وَقَوْلُهُ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَحْضَرَهُ لِيُبَاعَ فِي النَّجْمِ) فَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُعْسِرًا بِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُمْهَلُ لِبَيْعِ عَرْضٍ ثَلَاثًا) أَيْ وَيُمْهَلُ وُجُوبًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 486 وَيُشْهِدُ) عَلَى الْفَسْخِ لِئَلَّا يُكَذِّبَهُ الْمُكَاتَبُ (وَكَذَا) يَفْسَخُ (بِالْحَاكِمِ) نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَجْزِ (لَكِنْ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ) أَيْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (بِالْحُلُولِ) لِلنَّجْمِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ لَهُ ثَمَّ أَنْ يَقُولَ هُنَا بِالْكِتَابَةِ وَالْحُلُولِ (وَالتَّعَذُّرِ) لِتَحْصِيلِ النَّجْمِ (وَالْحَلِفِ) مِنْ السَّيِّدِ (أَنَّهُ مَا قَبَضَ) ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا مِنْ وَكِيلِهِ (وَلَا أَبْرَأَهُ) مِنْهُ وَلَا أَنْظَرَهُ فِيهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ (وَلَا يَعْلَمُ مَالًا حَاضِرًا) لِأَنَّ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ وَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِفَايَتِهِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ قُلْت وَالْقِيَاسُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدَوِيِّ (وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي الْأَدَاءُ) لِلنَّجْمِ (مِنْهُ وَيُمَكِّنُ) الْقَاضِيَ (السَّيِّدَ لِيَفْسَخَ) أَيْ مِنْهُ (وَإِنْ عَاقَ الْمُكَاتَبَ) عَنْ حُضُورِهِ (مَرَضٌ أَوْ خَوْفٌ) فِي الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَجَّزَ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَمْ يُؤَدِّ الْمَالَ وَرُبَّمَا فَسَخَ الْكِتَابَةَ فِي غَيْبَتِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لَهُ مَالًا حَاضِرًا لَا يَجْتَمِعَانِ انْتَهَى. وَالتَّحْلِيفُ الْمَذْكُورُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَأَقَرَّهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ غَرِيبٌ وَعَلَيْهِ لَا إشْكَالَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْأَدَاءِ عَنْ الْغَائِبِ قَدْ خَالَفَهُ آخِرَ الرُّكْنِ الثَّالِثِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَسِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَلَامٌ نَازِلٌ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ وَعَلَى مَا تَخَيَّلَهُ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَسِيرِ وَغَيْرِهِ. (وَلَوْ أَنْظَرَهُ) السَّيِّدُ بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ (وَسَافَرَ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ نَدِمَ) عَلَى إنْظَارِهِ (لَمْ يَفْسَخْ) فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ غَيْرُ مُقَصِّرٍ وَرُبَّمَا اكْتَسَبَ فِي السَّفَرِ مَا يَفِي بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَلَا يَفْسَخُ سَيِّدُهُ (حَتَّى يُعْلِمَهُ) بِالْحَالِ (بِكِتَابِ الْقَاضِي) أَيْ قَاضِي بَلَدِ سَيِّدِهِ (إلَى قَاضِي بَلَدِهِ) بِأَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ وَيُثْبِتَ الْكِتَابَةَ وَالْحُلُولَ وَالْغَيْبَةَ وَيَحْلِفَ أَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ وَيَذْكُرَ أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى الْإِذْنِ وَالْإِنْظَارِ وَرَجَعَ عَنْهُمَا. وَيَكْتُبُ الْقَاضِي إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمُكَاتَبِ بِذَلِكَ لِيُعَرِّفَهُ الْحَالَ (فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ كَتَبَ بِهِ) قَاضِي بَلَدِهِ (إلَى قَاضِي بَلَدِ السَّيِّدِ) لِيَفْسَخَ إنْ شَاءَ (وَإِنْ بَذَلَ) الْمُكَاتَبُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (وَلِلسَّيِّدِ وَكِيلٌ هُنَاكَ سَلَّمَ إلَيْهِ) فَإِنْ أَبَى ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ لِلسَّيِّدِ وَلِلْوَكِيلِ أَيْضًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ هُنَاكَ وَكِيلٌ (أَلْزَمهُ الْقَاضِي إرْسَالَهُ) إلَيْهِ (فِي الْحَالِ) إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى رُفْقَةٍ (أَوْ مَعَ أَوَّلِ رُفْقَةٍ) يَخْرُجُ (إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا وَعَلَى السَّيِّدِ الصَّبْرُ إلَى مُضِيِّ) مُدَّةِ (إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَيْهِ، ثُمَّ) إذَا مَضَتْ وَلَمْ يُوصِلْهُ (يَفْسَخُ إنْ قَصَّرَ) فِي إيصَالِهِ (وَإِنْ سَلَّمَ إلَى وَكِيلِهِ وَ) بَانَ أَنَّهُ (قَدْ عَزْله فَإِنْ كَانَ) التَّسْلِيمُ إلَيْهِ (بِأَمْرِ الْقَاضِي بَرِيءَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ) أَوْجُهُهُمَا الْمَنْعُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ بَرَاءَتِهِ بِذَلِكَ أَنَّ لِقَاضِي بَلَدٍ الْمُكَاتَبِ الْقَبْضَ عَلَى السَّيِّدِ. (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) بِبَلَدِ السَّيِّدِ قَاضٍ (وَبَعَثَ السَّيِّدُ) إلَى الْمُكَاتَبِ (مَنْ يُعْلِمُهُ) بِالْحَالِ (وَيَقْبِضُ مِنْهُ) النَّجْمَ (فَهُوَ هُوَ كَكِتَابِ الْقَاضِي) إلَى الْقَاضِي فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ (أَمْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ) وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ. (فَرْعٌ) لَوْ (امْتَنَعَ) الْمُكَاتَبُ (مِنْ الْأَدَاءِ) لِلنُّجُومِ بَعْدَ الْمَحِلِّ (وَهُوَ قَادِرٌ) عَلَيْهِ (لَمْ يُجْبَرْ) عَلَى أَدَائِهَا لِجَوَازِ الْكِتَابَةِ مِنْ جِهَتِهِ وَلِأَنَّ الْحَظَّ فِيهَا لَهُ وَلِتَضَمُّنِهَا   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ لَوْ حَلَّ نَجْمٌ وَالْمُكَاتَبُ غَائِبٌ وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ غَابَ بَعْدَ حُلُولِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ] قَوْلُهُ وَالْحَلِفُ مِنْ السَّيِّدِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْمَحَامِلِيِّ وَالرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ إذَا جَاءَ السَّيِّدُ إلَى السُّلْطَانِ فَسَأَلَهُ تَعْجِيزَهُ لَمْ يُعَجِّزْهُ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ كِتَابَتُهُ وَحُلُولُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ وَيُحَلِّفُهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا قَبَضَهُ مِنْهُ وَلَا قَابِضَ لَهُ وَلَا أَنْظَرَهُ بِهِ، فَإِذَا فَعَلَ عَجَّزَهُ لَهُ وَجَعَلَ الْمُكَاتَبَ عَلَى حُجَّتِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ (قَوْلُهُ وَلَا أَبْرَأَ مِنْهُ) أَيْ وَلَا احْتَالَ بِهِ (قَوْلُهُ قُلْت وَالْقِيَاسُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدَوِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُمَكِّنُ الْقَاضِي السَّيِّدَ الْفَسْخَ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنْ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخَ فِي الْحَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُوقَفُ مَالُهُ وَيُنْتَظَرُ فَإِنْ أَدَّى وَإِلَّا فَلِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا النَّصَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) كَابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ (قَوْلُهُ لَا يَجْتَمِعَانِ) الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ بِأَنَّ ذَاكَ فِي فَسْخِ الْحَاكِمِ وَهَذَا فِي فَسْخِ السَّيِّدِ مُمْكِنٌ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ الْوَقْفِ كَمَا فِي الْإِنْظَارِ لَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْقَاضِيَ يُوَفِّيه مِنْهُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ كَلَامٌ نَازِلٌ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْفَسْخِ لِلتَّعْجِيزِ وَهُنَا فِي الْفَسْخِ لِلْغَيْبَةِ وَأَمَّا الْفَرْقُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فَهُوَ أَنَّ الْأَسِيرَ مَقْهُورٌ بِخِلَافِ الْغَائِبِ بِلَا أَسْرٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ أَنْظَرَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ) إلَى غَيْرِ أَجَلٍ أَوْ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَمْضِ (قَوْلُهُ فَلَا يَفْسَخُ سَيِّدُهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَكُونُ الْإِنْظَارُ فِيهِ مُؤَثِّرًا لَازِمًا غَيْرَ هَذَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْإِذْنِ وَالْإِنْظَارِ إلَّا أَنْ تَجْعَلَ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ وَاعْتَرَضَ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ الْإِنْظَارُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُلُولِ النَّجْمِ بَلْ لَوْ أَنْظَرَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَ الْحُلُولِ سَوَاءٌ كَمَا سَبَقَ فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ قَالَ وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فَإِنْ جَاءَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَإِلَّا عَجَّزَهُ حَاكِمُ بَلَدِهِ فَظَاهِرٌ عِنْدِي أَنَّ الَّذِي يُعَجِّزُ حَاكِمُ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ وَتَقَدَّمَ عَنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ حَاكِمُ بَلَدِ السَّيِّدِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا عِنْدِي لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ حَاكِمُ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الضَّرُورِيَّةِ أَنْ يَكْتُبَ إلَى حَاكِمِ بَلَدِ السَّيِّدِ وَذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ بِالتَّأْخِيرِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ إلَى مُدَّةٍ يَصِلُ فِيهَا كِتَابُ حَاكِمِ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ قَالَ وَهَذَا مَوْضِعٌ مُهِمٌّ يَتَّفِقُ الْأَصْحَابُ الْمَذْكُورُونَ عَلَى أَمْرٍ مُخَالِفٍ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَمُؤَدٍّ إلَى ضَرَرِ السَّيِّدِ. قُلْت الضَّرَرُ وَالتَّطْوِيلُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْمُعَجِّزُ لَهُ حَاكِمَ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَحْتَاجُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ وُصُولِهِ إلَى الْكِتَابِ لَهُ وَإِرْسَالِ وَكِيلٍ لِطَلَبِ الْحُكْمِ مِنْهُ بِذَلِكَ ثُمَّ لَا يَظْهَرُ لَهُ الْحُكْمُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ، وَأَمَّا حَاكِمُ بَلَدِ السَّيِّدِ فَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ إلَى شَيْءٍ بَلْ يُبَادِرُ بِالْحُكْمِ وَقَوْلُهُ يَحْتَاجُ حَاكِمُ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ الْمُدَّةِ إلَى مُكَاتَبَةِ حَاكِمِ بَلَدِ السَّيِّدِ لَا مَعْنَى لَهُ ع (قَوْلُهُ أَوْجُهُهُمَا الْمَنْعُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ بَرَاءَتِهِ بِذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ الرَّاجِحُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 487 التَّعْلِيقَ بِصِفَةٍ وَهُوَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا (وَلِلسَّيِّدِ تَعْجِيزُهُ) أَيْ فَسْخُ الْكِتَابَةِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ وَعَلَى هَذَا جَرَى جَمْعٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ الْفَسْخَ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ (فَإِنْ أَمْهَلَ) السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ وَلَمْ يَفْسَخْ (فَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ) كَمَا أَنْ لِلْمُرْتَهِنِ فَسْخُ الرَّهْنِ. (فَصْلٌ وَلَوْ جُنَّ) الْمُكَاتَبُ (فَأَرَادَ السَّيِّدُ الْفَسْخَ لَمْ يَفْسَخْ بِنَفْسِهِ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمَ وَيُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةِ (بِجَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ) فِيمَا (إذَا أَرَادَ الْفَسْخَ عَلَى الْغَائِبِ) مِنْ الْكِتَابَةِ وَالْحُلُولِ وَتَعَذُّرِ التَّحْصِيلِ (عِنْدَ الْحَاكِمِ) وَيُطَالِبُ بِحَقِّهِ وَيَحْلِفُ عَلَى بَقَائِهِ (فَإِنْ وَجَدَ الْقَاضِي لَهُ مَالًا أَدَّاهُ) عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (لِيَعْتِقَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ فَيَنُوبُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ الْغَائِبِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ أَدَّاهُ كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يُؤَدِّي إنْ رَأَى لَهُ مَصْلَحَةً فِي الْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَضِيعُ بِهَا لَمْ يُؤَدِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا أَحْسَنُ لَكِنَّهُ قَلِيلُ النَّفْعِ مَعَ قَوْلِنَا أَنَّ لِلسَّيِّدِ إذَا وَجَدَ مَالَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحَاكِمَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْأَخْذِ وَالْحَالَةِ هَذِهِ أَيْ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ) لَهُ الْقَاضِي مَالًا (فَسَخَ السَّيِّدُ) بِإِذْنِ الْقَاضِي (وَعَادَ) بِالْفَسْخِ (قُلْنَا) لَهُ (فَإِنْ أَفَاقَ) مِنْ جُنُونِهِ (وَ) ظَهَرَ (لَهُ مَالٌ) كَانَ حَصَّلَهُ (مِنْ قَبْلِ الْفَسْخِ دَفَعَهُ إلَى السَّيِّدِ وَنَقَضَ التَّعْجِيزَ وَعَتَقَ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَأَحْسَنَ الْإِمَامُ إذْ خَصَّ نَقْضَ التَّعْجِيزِ بِمَا إذَا ظَهَرَ الْمَالُ بِيَدِ السَّيِّدِ وَإِلَّا فَهُوَ مَاضٍ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ حِينَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ حَقُّهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا فَحَضَرَ بَعْدَ الْفَسْخِ (وَطَالَبَهُ السَّيِّدُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ) قَبْلَ نَقْضِ التَّعْجِيزِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّعْ عَلَيْهِ بِهِ، وَإِنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ (إلَّا إنْ عَلِمَ بِالْمَالِ) فَلَا يُطَالِبُهُ بِذَلِكَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ أَقَامَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ مَا أَفَاقَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَدَّى النُّجُومَ حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَبِسَ وَأَنْفَقَ عَلَى عِلْمٍ بِحُرِّيَّتِهِ فَيُجْعَلُ مُتَبَرِّعًا، فَلَوْ قَالَ نَسِيت الْأَدَاءَ فَهَلْ يُقْبَلُ لِيَرْجِعَ فِيهِ؟ وَجْهَانِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عَدَمُ الرُّجُوعِ أَيْضًا. (وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ شَيْءٌ) مِنْ النُّجُومِ (وَلَوْ قَبِلَ الْإِيتَاءَ مَاتَ رَقِيقًا) وَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ بِمَوْتِهِ فَلَا يُورَثُ وَتَكُونُ أَكْسَابُهُ لِسَيِّدِهِ وَتَجْهِيزُهُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَخْلَفَ وَفَاءً بِالنُّجُومِ أَمْ لَا وَذَلِكَ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْعَقْدِ الرَّقَبَةُ وَالْمَقْصُودُ مُرْتَقَبٌ فِيهَا فَإِذَا فَاتَتْ كَانَ فَوَاتُهَا كَتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ الْبَاقِي قَبْلَ الْإِيتَاءِ مَعَ أَنَّهُ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ مَعْلُومٌ (بَلْ لَوْ أَرْسَلَ بِهِ) أَيْ بِالْمَالِ إلَى سَيِّدِهِ (فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ السَّيِّدُ مَاتَ رَقِيقًا) -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ امْتَنَعَ الْمُكَاتَبُ مِنْ الْأَدَاءِ لِلنُّجُومِ بَعْدَ الْمَحِلِّ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ] قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ) فَالْخِيَارُ فِي هَذَا الْفَسْخِ عَلَى التَّرَاخِي، فَلَوْ صَرَّحَ بِالْإِمْهَالِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الْفَسْخُ عِنْدَ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ جَازَ (قَوْلُهُ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ الْفَسْخُ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسِهِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ فَالسَّيِّدُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ. اهـ. قَالَ فِي الْأَصْلِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ حِيلَةً يَعْتِقُ بِهَا بِمَا عَجَّلَ وَيَكُونُ لِجِهَةِ الْكِتَابَةِ فَقَالَ الْأَصْحَابُ طَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ إذَا عَجَّزَتْ نَفْسَك وَأَدَّيْت كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَاتُ عَتَقَ عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرْتَفِعُ بِمُجَرَّدِ تَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ، وَإِنَّمَا تَرْتَفِعُ إذَا فَسَخَهَا بَعْدَ التَّعْجِيزِ، وَإِذَا عَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ كَانَتْ الْأَكْسَابُ لَهُ. اهـ. وَقَدْ مَرَّ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَكَذَا أَطْلَقَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَ كَافِرٌ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ إعَادَةِ مِلْكِ الْكَافِرِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ) جَزَمَ فِي الْعَزِيزِ فِي مَوَاضِعَ بِمَنْعِ الْمُكَاتَبِ مِنْ فَسْخِ الْكِتَابَةِ مُطْلَقًا بَلْ يُعَجِّزُ نَفْسَهُ ثُمَّ السَّيِّدُ يَفْسَخُ إنْ شَاءَ وَصَوَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَغَيْرِهَا الْجَوَازَ وَنُسِبَ لِنَصِّ الْأُمِّ. [فَصْلٌ جُنَّ الْمُكَاتَبُ فَأَرَادَ السَّيِّدُ الْفَسْخَ] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَلَوْ جُنَّ فَأَرَادَ السَّيِّدُ الْفَسْخَ لَمْ يَفْسَخْ بِنَفْسِهِ) عَدَمُ الِانْفِسَاخِ مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْجَائِزَ يَنْفَسِخُ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ وَكَانَ ذَلِكَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى بَقَائِهِ) وَكَذَا عَلَى نَفْيِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْغَائِبِ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْيَمِينُ وَاجِبَةً قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ أَدَّاهُ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْكِتَابَةِ) وَحُلُولِ النَّجْمِ وَحَلَّفَهُ عَلَى بَقَاءِ اسْتِحْقَاقِهِ وَكَذَا عَلَى نَفْيِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يُؤَدِّي إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ مَا يَقْتَضِيه (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنَّهُ إلَخْ) فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَابُ عَمَّا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ إذَا جُنَّ الْعَبْدُ وَقُلْنَا لَا تَنْفَسِخُ عَلَى الْأَصَحِّ فَالْقَاضِي إنْ عَلِمَ لَهُ مَالًا وَرَأَى مَصْلَحَتَهُ فِي الْعِتْقِ أَدَّى عَنْهُ، وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَضِيعُ إنْ عَتَقَ فَلَهُ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ عَنْهُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ السَّيِّدَ يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ إذْ ذَكَرُوا أَنَّ الْقَبْضَ مِنْ الْعَبْدِ الْمَجْنُونِ يُوجِبُ الْعِتْقَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَرْضَ بِالْعِتْقِ وَالْأَدَاءِ إذَا أَفَاقَ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَقْدِرُ عَلَى إعْتَاقِهِ بِكُلِّ حَالٍ فَإِذَا فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ كَسْبُهُ عَنْ جِهَةِ النُّجُومِ أَوْ عَنْ الرِّقِّ هَذَا كَلَامُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا دَفَعَ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَفْقِ الْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ تَصَرُّفَاتِهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ الِاسْتِبْدَادُ بِالْأَخْذِ إذْ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ وَيُعْتِقَهُ إذَا امْتَنَعَ فَلَا فَائِدَةَ فِي مَنْعِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَأَحْسَنَ الْإِمَامُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْبَسِيطِ فَقَالَ لَوْ فَسَخَ السَّيِّدُ فَأَفَاقَ وَأَقَامَ بَيِّنَتَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي يَدِ السَّيِّدِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْكِتَابَةَ مُسْتَمِرَّةٌ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْرِفُهُ فَالْفَسْخُ نَاجِزٌ. اهـ. (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا مَعَ مُصَادَمَتِهِ لِإِطْلَاقِهِمْ مُصَادِمٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ الْحَاكِمِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَالِ ثُمَّ حُضُورِهِ بِخِلَافِ وُجُودِهِ بِالْبَلَدِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ) الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عَدَمُ الرُّجُوعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 488 أَيْضًا (وَلَوْ ادَّعَى أَوْلَادُهُ الْأَحْرَارُ) بَعْدَ مَوْتِهِ (الْإِقْبَاضَ) لِلْمَالِ الْمُرْسَلِ إلَى السَّيِّدِ (قَبْلَ الْمَوْتِ) وَكَذَّبَهُمْ السَّيِّدُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِقْبَاضِ (فَإِنْ أَقَامُوا بَيِّنَةً بِالتَّسْلِيمِ) لَهُ (يَوْمَ مَوْتِهِ لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُمْ (حَتَّى يَقُولُوا) وَقَعَ التَّسْلِيمُ (قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَ الظُّهْرِ) مَثَلًا (وَ) كَانَ (مَوْتُهُ بَعْدَهُ وَتُقْبَلُ بِقَبْضِ السَّيِّدِ شَهَادَةَ وَكِيلِهِ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ لَا شَهَادَةَ (وَكِيلِ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَ الظُّهْرِ) لِاتِّهَامِهِ، نَعَمْ إنْ لَمْ يَذْكُرْ فِعْلَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا تُقْبَلُ. (فَرْعٌ قَوْلُ السَّيِّدِ فَسَخْت الْكِتَابَةَ وَأَبْطَلْتهَا وَنَقَضْتهَا) وَرَفَعْتهَا (وَعَجَّزَتْهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا وَمِمَّا يُشْبِهُهَا (فَسْخٌ وَلَا يَعُودُ بِالتَّقْرِيرِ) عَلَيْهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِهَا؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ الِاعْتِمَادِ فِي الْعِتْقِ بِهَا عَلَى التَّعْلِيقِ وَالتَّقْرِيرُ لَا يَصْلُحُ لَهُ (وَلَوْ سَكَتَ عَنْ مُطَالَبَتِهِ بَعْدَ الْحُلُولِ مُدَّةً، ثُمَّ حَضَرَ) إلَيْهِ (الْمَالُ لَزِمَهُ قَبْضُهُ) مِنْهُ (وَإِنْ تَبَرَّعَ آخَرُ بِأَدَائِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ قَبِلَ) السَّيِّدُ (عَتَقَ) الْمُكَاتَبُ لِمَا سَيَأْتِي (وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ) إذْ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (كَذَا فِي الْعَزِيزِ) لِلرَّافِعِيِّ (وَارْتَضَاهُ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ وَعَكْسُهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَقَالَ) بَدَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ (بِإِذْنِهِ) وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ وَارْتَضَاهُ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ، وَقَالَ عَقِبَ بِإِذْنِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ كَانَ مُوَافِيًا بِكَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى بَيَانِ ذَلِكَ نَعَمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلُهُ بِإِذْنِهِ سَهْوٌ تَبِعَ فِيهِ نُسَخَ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ وَلَفْظُهَا إذَا كَانَ بَعْدَ إذْنِهِ وَالصَّوَابُ مَا فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَالَ فِي الْبَسِيطِ فَإِنْ قِيلَ بِرِضَا الْمُكَاتَبِ عَتَقَ أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَفِي حُصُولِ الْعِتْقِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ قِيَاسُ سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ أَنَّهُ يَعْتِقُ وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ عَلَى أَدَائِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ جَانِبِ التَّعْلِيقِ فِي الْجُمْلَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُشَاحَّةَ إنَّمَا هِيَ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي الْعِتْقِ فَلَا يَلِيقُ بِالْمُصَنِّفِ إذْ الْعِتْقُ نَافِذٌ إذَا قَبِلَ سَوَاءٌ أَوْقَعَ التَّبَرُّعَ بِالْإِذْنِ أَمْ بِدُونِهِ نَعَمْ تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ حَسَنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَوَازِ الْفَسْخِ. (وَيَرِقُّ كُلُّ مَنْ يُكَاتِبُ عَلَيْهِ مِنْ وَلَدٍ وَوَالِدٍ) إذَا مَاتَ رَقِيقًا أَوْ فَسَخَ السَّيِّدُ كِتَابَتَهُ لِعَجْزٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَصَارُوا) جَمِيعًا (وَمَا فِي يَدِهِ) مِنْ الْمَالِ وَنَحْوِهِ (لِلسَّيِّدِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ) وَإِلَّا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ. (وَلَوْ اسْتَعْمَلَ سَيِّدٌ مُكَاتَبَهُ) أَوْ حَبَسَهُ بِلَا اسْتِعْمَالٍ مُدَّةً (قَهْرًا لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ) لَهَا (لِإِمْهَالِهِ) بَعْدَ مَجِيءِ الْمَحِلِّ (كَتِلْكَ الْمُدَّةِ) أَيْ مِثْلِهَا بَلْ لَهُ تَعْجِيزُهُ وَالْفَسْخُ كَمَا لَا يَلْزَمُ الدَّائِنَ إذَا حَبَسَ مَدِينَهُ مُدَّةَ الْأَجَلِ إمْهَالَهُ بَعْدَهَا وَمَا فَوَّتَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَنَافِعِ صَارَ مَجْبُورًا بِالْأُجْرَةِ (فَإِنْ حَبَسَهُ غَيْرُ السَّيِّدِ) وَلَوْ بِلَا اسْتِعْمَالٍ (لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَلَا إمْهَالَ) كَمَا لَوْ حَبَسَهُ السَّيِّدُ بَلْ أَوْلَى. (فَرْعٌ) إذَا كَانَ (لِلسَّيِّدِ دَيْنٌ) بِمُعَامَلَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ (عَلَى الْمُكَاتَبِ وَفِي يَدِهِ مَا يَفِي بِالنُّجُومِ دُونَ الدَّيْنِ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ تَقْدِيمِ النُّجُومِ) لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ مَرْجِعًا لِلدَّيْنِ الْآخَرِ إذَا قَدَّمَهَا فَرِضَاهُ بِتَقْدِيمِهِمَا مُعْتَبَرٌ (وَيَأْخُذُ مَا مَنَعَهُ مِنْ) أَيْ بَدَلَ (دَيْنِ مُعَامَلَتِهِ) أَوْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ (إنْ ثَبَتَ) أَنَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُعَجِّزُهُ (وَلَهُ تَعْجِيزُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ مَا فِي يَدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مُطَالَبَتِهِ بِالدَّيْنَيْنِ مَعًا وَأَخَذَ مَا بِيَدِهِ عَنْهُمَا (فَإِنْ اخْتَلَفَا وَقَدْ قَبَضَهُ) أَيْ مَا بِيَدِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلْجِهَةِ (فَقَالَ السَّيِّدُ قَصَدْت) أَنْت (دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ) أَوْ الْأَرْشَ (، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ بَلْ قَصَدْت الْكِتَابَةَ) أَيْ نُجُومَهَا أَوْ قَالَ ابْتِدَاءً قَصَدْتهَا فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ) بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنَانِ وَلَهُ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ أَدَّيْت دَيْنَ الرَّهْنِ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَ أَعْنِي الْأَصْلَ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ تَصْدِيقَ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ هُنَا إلَيْهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ وَمَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. (وَيَحْجُرُ عَلَيْهِ بِالدُّيُونِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ لِلسَّيِّدِ أَمْ لِغَيْرِهِ أَمْ لَهُمَا (كَالْحَجْرِ بِالْفَلَسِ وَيُقْسَمُ مَالُهُ) بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ (وَلَا يُجْعَلُ) بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ دَيْنٌ (مُؤَجَّلٌ) كَالْمُفْلِسِ (بِخِلَافِ حَرْبِيٍّ اُسْتُرِقَّ) وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَإِنَّهُ يَحِلُّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا لَمْ يَحِلَّ الْمُؤَجَّلُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ (فَيُقْسَمُ) مَا بِيَدِهِ (عَلَى الدُّيُونِ الْحَالَّةِ) دُونَ الْمُؤَجَّلَةِ كَمَا فِي الْفَلَسِ (وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ النُّجُومِ) لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ وَالْمُكَاتَبُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إسْقَاطِهَا (وَحَيْثُ لَا حَجْرَ) عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مَالُهُ وَافِيًا بِالدُّيُونِ قُضِيَتْ وَإِلَّا فَلَهُ تَقْدِيمُ مَا شَاءَ مِنْهَا فَأَخَّرَ الْمُفْلِسُ أَيْ غَيْرَ النُّجُومِ كَمَا مَرَّ (لَهُ تَعْجِيلُ النُّجُومِ لَا غَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ) فَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيلُهَا إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَلَوْ كَانَ فِي مُعَامَلَتِهِ كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ (وَالْأَوْلَى) فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ دُيُونٌ لِغَيْرِ السَّيِّدِ أَوَّلُهُمَا وَلَمْ يَفِ بِهَا مَا بِيَدِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ (تَقْدِيمُ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ) عَلَى غَيْرِهِ إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا بِيَدِهِ وَلَا بِرَقَبَتِهِ. (ثُمَّ) إنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 489 (الْأَرْشِ) عَلَى دَيْنِ النُّجُومِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ وَالنُّجُومُ مُعَرَّضَةٌ لِلسُّقُوطِ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ فِي الْقِنِّ فَكَذَا فِي الْمُكَاتَبِ (ثُمَّ النُّجُومِ فَإِنْ قَدَّمَهَا) عَلَى غَيْرِهَا بِرِضَا السَّيِّدِ (عَتَقَ وَبَاقِي الدُّيُونِ عَلَيْهِ فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ) بِالْتِمَاسِهِ أَوْ بِالْتِمَاسِ الْغُرَمَاءِ (قَدَّمَ الْحَاكِمُ) وُجُوبًا (دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ) عَلَى غَيْرِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِمَا بِيَدِهِ خَاصَّةً وَالْأَرْشُ مُتَعَلِّقٌ آخَرُ وَهُوَ الرَّقَبَةُ وَيُسَوِّي بَيْنَ النَّقْدِ وَالْعَرْضِ (ثُمَّ الْأَرْشِ) عَلَى النُّجُومِ لِمَا مَرَّ (ثُمَّ النُّجُومِ فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ سَقَطَتْ) عَنْهُ (دُيُونُ السَّيِّدِ) وَلَوْ دَيْنَ مُعَامَلَةٍ لِعَوْدِهِ إلَى الرِّقِّ (وَصُرِفَ مَا فِي يَدِهِ لِدَيْنِ) الْأَجَانِبِ مِنْ (الْمُعَامَلَةِ وَالْأَرْشِ فَإِنْ لَمْ يَفِ) مَا بِيَدِهِ بِهِمَا (تَقَاسَمَاهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقَّانِ (بِالنِّسْبَةِ وَمَا بَقِيَ) مِنْهُمَا (فَتَعَلَّقَ الْأَرْشُ) مِنْهُ (الرَّقَبَةُ) تُبَاعُ فِيهِ (وَ) مُتَعَلِّقُ (دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ الذِّمَّةُ) يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَلِمُسْتَحَقِّ الْأَرْشِ لَا) مُسْتَحَقِّ (دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ تَعْجِيزُ الْمُكَاتَبِ) لِتُبَاعَ رَقَبَتُهُ فِي حَقِّهِ (بِالْقَاضِي فَقَطْ) أَيْ لَا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ الْكِتَابَةَ حَتَّى يَفْسَخَهَا أَمَّا مُسْتَحِقُّ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ فَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ. (وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْدِيَهُ) وَتَبْقَى الْكِتَابَةُ وَيَمْتَنِعُ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْأَرْشِ التَّعْجِيزُ وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ رَقِيقُ السَّيِّدِ وَلَهُ غَرَضٌ فِي إتْمَامِ الْعِتْقِ وَفِي اسْتِيفَائِهِ لِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يَتِمَّ فَمُكِّنَ مِنْ الْفِدَاءِ (وَاعْلَمْ أَنَّ لِلسَّيِّدِ الْمُضَارَبَةَ) مَعَ الْغُرَمَاءِ (بِدَيْنِ مُعَامَلَتِهِ وَأَرْشِ جِنَايَتِهِ) لِأَنَّهُمَا إذَا سَقَطَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَدَلٌ كَدُيُونِ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ النَّجْمِ فَإِنَّهُ إذَا سَقَطَ عَادَ السَّيِّدُ إلَى الرَّقَبَةِ (إلَّا إنْ عَجَّزَ) الْمُكَاتَبُ (نَفْسَهُ أَوْ عَجَّزَهُ هُوَ) أَيْ السَّيِّدُ (أَوْ مُسْتَحِقُّ الْأَرْشِ) فَلَيْسَ لَهُ الْمُضَارَبَةُ بِدَيْنِهِ بَلْ يُبَاعُ الْمُكَاتَبُ فِي أَرْشِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا لِلسَّيِّدِ (لِعَوْدِهِ إلَى مِلْكِهِ) وَلَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ (وَلِلسَّيِّدِ وَلِصَاحِبِ الْأَرْشِ) إذَا أَمْهَلَاهُ بَلْ وَلِأَحَدِهِمَا (الرُّجُوعُ عَنْ الْإِمْهَالِ وَتَعْجِيزِهِ) فَإِذَا عَجَزَ بِيعَ فِي الْأَرْشِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ وَتَسْقُطُ النُّجُومُ وَدَيْنُ الْمُعَامَلَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ) قَبْلَ قِسْمَةِ مَا بِيَدِهِ (انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَسَقَطَتْ النُّجُومُ) وَغَيْرُهَا مِمَّا لِلسَّيِّدِ لِعَوْدِهِ إلَى مِلْكِهِ (لَا الْأَرْشُ وَلَا الْمُعَامَلَاتُ) أَيْ دُيُونُهَا الثَّابِتَاتُ لِلْأَجْنَبِيِّ لِتَعَلُّقِهِمَا بِمَا خَلَّفَهُ (وَقُسِمَ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ) وَقِيلَ يَسْقُطُ الْأَرْشُ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ (بَيْنَهُمَا عَبْدٌ بِالسَّوِيَّةِ) مَثَلًا (فَكَاتَبَاهُ مَعًا) لَمْ يَكُنْ لَهُ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا فِي الدَّفْعِ وَلَا تَفْضِيلُهُ فِي قَدْرِ الْمَدْفُوعِ؛ لِأَنَّ أَكْسَابَهُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا فَإِنْ خَالَفَ (فَسَلَّمَ إلَى أَحَدِهِمَا حِصَّتَهُ) وَلَوْ (بِإِذْنِ الْآخَرِ لَمْ يَعْتِقْ) مِنْهُ شَيْءٌ (لِأَنَّ حَقَّهُ) بَاقٍ (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكُهُ فَلَا أَثَرَ لِلْإِذْنِ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَاءَ بِالْمَالِ يُسَلِّمُهُ لَهُمَا فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِأَنْ يَزِنَ لِلْآخَرِ أَوَّلًا فَفَعَلَ وَسَلَّمَهُ لَهُ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَزِنَ لِلْآخَرِ، وَلَوْ هَلَكَ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ يَزِنَ لِلثَّانِي كَانَ الْمَدْفُوعُ لِلْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا فَكَذَا هُنَا (وَلِلْآذِنِ) فِي ذَلِكَ (طَلَبُ الْآخَرِ بِحِصَّتِهِ مِمَّا قُبِضَ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ أَدَّى جَمِيعَ النُّجُومِ إلَيْهِ بِالْإِذْنِ) مِنْ الْآخَرِ (عَتَقَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ فِي الْقَبْضِ أَوْ بِغَيْرِ الْإِذْنِ فَلَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْجَمِيعَ بَلْ أَدَّى الْبَعْضُ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْبَاقِي (فَلَهُمَا تَعْجِيزُهُ) . (فَرْعٌ) لَوْ (كَاتَبَ عَبِيدًا بِشَرْطِ ضَمَانِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ) أَيْ عَنْ بَعْضِهِمْ النُّجُومَ (فَفَاسِدَةٌ) الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ النُّجُومِ بَاطِلٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي أَنَّ مِثْلَ هَذَا الشَّرْطِ لَوْ وَقَعَ فِيمَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ كَالْبَيْعِ كَانَ صَحِيحًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَإِنْ تَضَامَنُوا بِلَا شَرْطٍ لَغَا) الضَّمَانُ (وَإِنْ كَاتَبَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ) عَنْهُ (فُلَانٌ لَمْ تَصِحَّ) الْكِتَابَةُ لِمَا مَرَّ. (وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ) ، وَلَوْ (فِي عَقْدَيْنِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِإِذْنِهِ وَإِذْنِ السَّيِّدِ صَحَّ الْأَدَاءُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ) أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا أَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَقَطْ فَلَا لَكِنَّ الْأَدَاءَ صَحِيحٌ فِي الْأَخِيرَةِ. هَذَا إذَا أَدَّى عَنْهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِإِذْنِ السَّيِّدِ لِصِحَّةِ تَبَرُّعِ الْمُؤَدِّي حِينَئِذٍ بِلَا إذْنٍ (وَالْأَدَاءُ) مِنْ أَحَدِهِمَا (إلَى السَّيِّدِ عَنْهُ بِعِلْمِهِ) الْمُرَادُ أَنَّ أَخْذَ السَّيِّدِ مِنْ الْمُؤَدِّي عَنْ الْآخَرِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ (كَالْإِذْنِ) مِنْهُ فِي الْأَدَاءِ (فَإِنْ) لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَالِ كَأَنْ (ظَنَّهُ وَكِيلًا) عَنْهُ فِي الْأَدَاءِ وَأَنَّ الْمُؤَدَّى كَسْبُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ (لَمْ يَصِحَّ) الْأَدَاءُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ (وَإِذَا صَحَّ الْأَدَاءُ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ أَدَّى) عَنْهُ (بِإِذْنِهِ) وَإِلَّا فَلَا (لَا عَلَى السَّيِّدِ) هَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَقَدَّمَ) الْمَرْجُوعَ بِهِ (عَلَى النُّجُومِ) لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَالنُّجُومُ لَهَا بَدَلٌ عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَهُوَ الرَّقَبَةُ وَلِأَنَّ دَيْنَ الرَّاجِعِ لَازِمٌ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ سَقَطَتْ) يُشْتَرَطُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ عَجَّزْت صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 490 لَا يُمْكِنُ إسْقَاطُهُ بِخِلَافِ النُّجُومِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِلْمُكَاتَبِ تَقْدِيمُ مَا شَاءَ مِنْ الدُّيُونِ وَأَنَّ التَّرْتِيبَ السَّابِقَ إنَّمَا يَجِبُ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَمْرُ إلَى خِيرَتِهِ بِلَا مُخَاصِمَةٍ وَحَاكِمٍ وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ (وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الْأَدَاءُ لَمْ يَرْجِعْ) الْمُؤَدِّي (عَلَى صَاحِبِهِ لَكِنْ يَسْتَرِدُّ مِنْ السَّيِّدِ) مَا أَدَّاهُ مَا لَمْ يَعْتِقْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْأَدَاءِ وَالسَّيِّدُ يُطَالِبُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِمَا عَلَيْهِ (فَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ) عَلَى الْمُؤَدِّي وَقَدْ تَلِفَ مَا أَدَّاهُ إلَى السَّيِّدِ (تَقَاصَّا) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ هُنَا (وَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّ مِنْ السَّيِّدِ حَتَّى) أَدَّى النُّجُومَ (عَتَقَ، ثُمَّ يَسْتَرِدُّ) مِنْهُ عَلَى النَّصِّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ لِنُقْصَانِهِ فَلَمَّا عَتَقَ صَارَ كَامِلًا فَصَحَّ أَدَاؤُهُ لِصِحَّةِ تَبَرُّعِهِ. (وَلَوْ كَاتَبَ رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَبْدَهُ فَأَدَّى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ لَمْ يَصِحَّ) أَدَاؤُهُ (وَاسْتَرَدَّ) مِنْ السَّيِّدِ مَا أَدَّاهُ إلَيْهِ (مَا لَمْ يَعْتِقْ) وَإِلَّا فَلَا يَسْتَرِدُّ (أَوْ) أَدَّى عَنْهُ (بِإِذْنِهِ صَحَّ) أَدَاؤُهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُ ذَلِكَ [فَرْعٌ اخْتَلَفَ الْمُكَاتَبُونَ دَفْعَةً فِيمَا أَدَّوْهُ إلَى السَّيِّدِ] (فَرْعٌ) لَوْ (اخْتَلَفَ الْمُكَاتَبُونَ دَفْعَةً) فِيمَا أَدَّوْهُ إلَى السَّيِّدِ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ) وَهُمْ مَنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمْ (أَدَّيْنَا عَلَى قَدْرِ الْقِيَمِ، وَقَالَ الْآخَرُونَ) وَهُمْ مَنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُمْ أَدَّيْنَا (عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ صُدِّقَ الْآخَرُونَ) وَإِنْ أَدَّى الْكُلُّ جَمِيعَ النُّجُومِ وَادَّعَى الْآخَرُونَ أَنَّهُمْ أَدَّوْا أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِمْ لِيَكُونَ وَدِيعَةً لَهُمْ عِنْدَ السَّيِّدِ أَوْ قَرْضًا عَلَى الْأَوَّلِينَ (لِاسْتِوَائِهِمْ فِي التَّسْلِيمِ) وَلِثُبُوتِ يَدِهِمْ فِي الْأَصْلِ عَلَى مَا ادَّعُوهُ (وَكَذَا حُكْمُ مَنْ اشْتَرَيَا شَيْئًا عَلَى التَّفَاضُلِ وَأَدَّيَا) الثَّمَنَ (مَعًا) وَاخْتَلَفَا فِي أَنَّهُمَا أَدَّيَا مُتَفَاضِلًا أَوْ مُتَسَاوِيًا. [فَصَلِّ فِي الِاخْتِلَاف بَيْن السَّيِّد وَالْعَبْد] (فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ (الْقَوْلُ قَوْلُ سَيِّدٍ) فِي حَيَاتِهِ (وَ) قَوْلُ (وَارِثٍ) لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ (أَنْكَرَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (الْكِتَابَةَ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (وَيَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِذَلِكَ وَالسَّيِّدُ عَلَى الْبَتِّ وَهَذِهِ عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ فِي فَرْعِ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُمَا كَاتَبَهُ (وَكَذَا إنْ قَالَ) لِعَبْدِهِ (كَاتَبْتُك وَأَنَا مَحْجُورٌ عَلَيَّ) أَوْ مَجْنُونٌ وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (إنْ عُرِفَ لَهُ حَجْرٌ) أَوْ جُنُونٌ سَابِقٌ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِذَلِكَ (وَإِلَّا فَيُصَدَّقُ الْعَبْدُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ السَّيِّدُ وَلَا قَرِينَةَ وَالْحُكْمُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ بِنْتَه، ثُمَّ قَالَ كُنْت مَحْجُورًا عَلَيَّ أَوْ مَجْنُونًا يَوْمَ زَوَّجْتهَا لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ عُهِدَ لَهُ ذَلِكَ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ تَعَلَّقَ بِثَالِثٍ بِخِلَافِهِ هُنَا. (وَإِنْ. قَالَ كَاتَبْتُك وَأَنْكَرَ) الْعَبْدُ (صَارَ قِنًّا) وَجُعِلَ إنْكَارُهُ تَعْجِيزًا مِنْهُ لِنَفْسِهِ (وَإِنْ قَالَ كَاتَبْتُك وَأَدَّيْت) الْمَالَ وَعَتَقْت (عَتَقَ بِإِقْرَارِهِ فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ الْمَالُ) الَّذِي أَدَّيْته إلَيْك لَيْسَ لِي بَلْ (لِزَيْدٍ وَادَّعَاهُ) زَيْدٌ (صُدِّقَ) الْعَبْدُ بِيَمِينِهِ (وَيُصَدَّقُ) بِيَمِينِهِ (سَيِّدٌ أَنْكَرَ الْأَدَاءَ) وَادَّعَاهُ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَيُمْهَلُ الْمُكَاتَبُ فِي) إحْضَارِ (الْبَيِّنَةِ) بِالْأَدَاءِ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ (فَإِنْ أَحْضَرَ بَعْدَ الثَّلَاثِ شَاهِدًا وَسَأَلَ مُهْلَةً فِي) إحْضَارِ (الْآخَرِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا) أُخْرَى. قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ أَحْضَرَ شَاهِدَيْنِ أُنْظِرَ لِإِثْبَاتِ عَدَالَتِهِمَا ثَلَاثًا (وَهَلْ الْإِمْهَالُ مُسْتَحَقٌّ أَوْ مُسْتَحَبٌّ) ؟ فِيهِ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الِاسْتِحْقَاقُ وَذُكِرَ هَذَا فِي الْإِمْهَالِ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ) بِالْكِتَابَةِ (ذِكْرُ التَّنْجِيمِ وَقَدْرِ كُلِّ نَجْمٍ وَوَقْتِهِ وَيَثْبُتُ الْأَدَاءُ) ، وَلَوْ لِلنَّجْمِ الْأَخِيرِ (بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) أَوْ وَامْرَأَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الشَّهَادَةُ بِهِ الْمَالُ، وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعِتْقُ وَشِبْهَ ذَلِكَ بِمَا إذَا ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ أَبَاهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدًا مَعَ يَمِينٍ يَثْبُتُ الْبَيْعُ وَيَتْبَعُهُ الْعِتْقُ. [فَرْعٌ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ النُّجُومِ أَوْ فِي وَصْفٍ مِنْ صِفَاتِهَا فِي الْكِتَابَة] (فَرْعٌ) لَوْ (اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ النُّجُومِ أَوْ) فِي (وَصْفٍ مِنْ صِفَاتِهَا) كَعَدَدِهَا أَوْ جِنْسِهَا أَوْ قَدْرِ أَجَلِهَا (وَلَا بَيِّنَةَ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (تَحَالَفَا) كَمَا فِي الْبَيْعِ (فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعِتْقُ بِاتِّفَاقِهِمَا) بِأَنْ لَمْ يَقْبِضْ جَمِيعَ مَا يَدَّعِيه أَوْ قَبَضَ غَيْرَ الْجِنْسِ الَّذِي يَدَّعِيه (فُسِخَتْ) أَيْ الْكِتَابَةُ (كَمَا فِي الْبَيْعِ) فَيَفْسَخَانِهَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنْ يَفْسَخَهَا الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْفَسْخَ هُنَا غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ بَلْ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْعُنَّةَ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ (وَإِنْ حَصَلَ الْعِتْقُ بِاتِّفَاقِهِمَا كَأَنْ سَلَّمَ) الْمُكَاتَبُ (إلَيْهِ مَا يَدَّعِيه وَهُوَ أَلْفٌ) مَثَلًا (وَقَالَ الْكِتَابَةُ) وَقَعَتْ (عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَالْبَاقِي وَدِيعَةٌ) عِنْدَهُ (وَقَالَ السَّيِّدُ بَلْ) الْكِتَابَةُ عَلَى (أَلْفٍ تَحَالَفَا) وَاسْتَمَرَّ نُفُوذُ الْعِتْقِ (وَرَجَعَ الْمُكَاتَبُ) عَلَى السَّيِّدِ (بِمَا أَدَّى) لَهُ (وَ) رَجَعَ عَلَيْهِ (السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ) إذْ لَا يُمْكِنُ رَدُّ الْعِتْقِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا صَدَرَ الِاخْتِلَافُ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ تَلَفِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ قَالَ كَاتَبْتُك وَأَنَا مَحْجُورٌ عَلَيَّ) أَيْ بِسَفَهٍ طَارِئٍ أَوْ بِفَلْسٍ، فَلَوْ كَانَ لِصِبًا أَوْ سَفَهٍ مُقَارِنٍ لِلْبُلُوغِ لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ إنْ عُرِفَ لَهُ حَجْرٌ. ((قَوْلُهُ أَوْجُهُهُمَا الِاسْتِحْقَاقُ) هُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ فَيَفْسَخَانِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ الْحَاكِمُ) إنَّمَا يَفْسَخُ الْحَاكِمُ إذَا أَصَرَّا عَلَى النِّزَاعِ وَلَمْ يَفْسَخَا أَوْ الْتَمِسَا الْفَسْخَ، فَلَوْ أَعْرَضَا عَنْ الْخُصُومَةِ فَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهَا إلَى أَنْ يَطْلُبَا أَوْ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ أَوْ يَتَّفِقَا عَلَى أَمْرٍ (قَوْلُهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 491 الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ) بَيْنَهُمَا. (وَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ الْكِتَابَةُ) وَقَعَتْ (عَلَى نَجْمٍ، وَقَالَ الْعَبْدُ) بَلْ (عَلَى نَجْمَيْنِ) قَالَ الْبَغَوِيّ (صُدِّقَ السَّيِّدُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي فَسَادَ الْعَقْدِ (وَقَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي مُفْسِدٍ) لِلْعَقْدِ أَيْ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُكَاتَبِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا قَالَ الْبَغَوِيّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَرَى أَنَّ الْقَوْلَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ قَوْلُ مُدَّعِي فَسَادِهَا وَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ بِكَلَامِهِ الْمَذْكُورِ (وَلَوْ أَقَامَ) الْعَبْدُ (بَيِّنَةً عَلَى الْكِتَابَةِ بِمِائَةٍ وَ) أَقَامَ (السَّيِّدُ) بَيِّنَةً عَلَى الْكِتَابَةِ (بِمِائَتَيْنِ وَاتَّفَقَ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ وَاحِدَةٌ) سَوَاءٌ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أُمّ اخْتَلَفَ (تَسَاقَطَتَا) فَيَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ تُكَذِّبُ الْأُخْرَى (وَإِنْ ذَكَرَتَا تَارِيخَيْنِ) وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ وَاحِدَةٌ (قُدِّمَتْ الْمُتَأَخِّرَةُ) تَارِيخًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَاتَبَ فِي التَّارِيخِ السَّابِقِ، ثُمَّ ارْتَفَعَتْ تِلْكَ الْكِتَابَةُ وَأَحْدَثَ أُخْرَى أَيْ مَعَ كَوْنِ الْكِتَابِيَّةِ مُعَرَّضَةً لِلْفَسْخِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَّا أَنْ تَقُولَ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى أَنَّهُ أَدَّى وَعَتَقَ فَتَعَارَضَ الْبَيِّنَتَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُكَاتَبًا بَعْدَ الْعِتْقِ. (وَإِنْ ادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّ مُكَاتَبَهُ أَدَّى النُّجُومَ، ثُمَّ مَاتَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمَاتَ (حُرًّا وَجَرَّ) عِتْقُهُ (وَلَاءَ أَوْلَادِهِ) الْحَاصِلِينَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْعَتِيقَةِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى السَّيِّدِ (فَأَنْكَرَ) ذَلِكَ (مَوَالِي أُمِّهِمْ صُدِّقُوا) بِأَيْمَانِهِمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَلَاءِ لَهُمْ (وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَلَوْ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ) أَوْ يَمِينًا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّهَادَةِ بِهِ الْمَالُ، وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعِتْقَ وَيَدْفَعُ الْمُكَاتَبُ إلَى وَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ لِإِقْرَارِ السَّيِّدِ أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا، وَلَوْ أَقَرَّ فِي حَيَاةِ الْمُكَاتَبِ بِأَنَّهُ أَدَّى النُّجُومَ عَتَقَ وَجَرَّ إلَيْهِ وَلَاءَ أَوْلَادِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. (وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ) وَلَوْ فِي صَفْقَةٍ (وَأَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى نُجُومَ أَحَدِهِمَا) أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهَا (أَمَرَ بِالْبَيَانِ) فَإِنْ قَالَ نَسِيئَةً أُمِرَ بِالتَّذْكِيرِ وَلَا يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا مَا دَامَ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَذَكَّرُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ بَيَّنَ فِي وَاحِدٍ) مِنْهُمَا وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الْآخَرُ (عَتَقَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْآخَرُ) وَقَالَ اسْتَوْفَيْت مِنِّي أَوْ أَبْرَأْتنِي (حَلَفَ السَّيِّدُ وَبَقِيَ الْآخَرُ مُكَاتَبًا) إلَى الْأَدَاءِ أَوْ نَحْوِهِ (وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ الْمُكَذِّبُ وَعَتَقَ أَيْضًا) كَمَا عَتَقَ الْأَوَّلُ (وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ فَلَهُمَا تَحْلِيفُهُ فَإِنْ حَلَفَ) لَهُمَا (بَقِيَا عَلَى الْكِتَابَةِ) وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُعَيَّنًا إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ نَحْوِهِ وَقِيلَ تَتَحَوَّلُ الدَّعْوَى إلَيْهِمَا فَإِنْ حَلَفَا عَلَى الْأَدَاءِ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ نَكَلَا بَقِيَا عَلَى الْكِتَابَةِ أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَبَقِيَ الْآخَرُ مُكَاتَبًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ (وَإِنْ اعْتَرَفَ) السَّيِّدُ (بِأَدَاءِ بَعْضِ نُجُومِ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ وُقِفَ الْأَمْرُ وَلَا يُسْمَعُ قَوْلُ أَحَدِهِمَا نَوَيْتنِي بِالْإِقْرَارِ) الَّذِي أَبْهَمْته وَلَمْ يَقُلْ اسْتَوْفَيْت مِنِّي أَوْ أَبْرَأْتنِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا ثَابِتًا بَلْ أَخْبَارًا قَدْ يَصْدُقُ فِيهِ وَقَدْ يَكْذِبُ (وَإِنْ مَاتَ) قَبْلَ الْبَيَانِ (قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْبَيَانِ) وَلَا قُرْعَةَ فَإِنْ بَيَّنَ أَحَدُهُمَا فَكَمَا مَرَّ فِي بَيَانِ الْمُوَرِّثِ (فَإِنْ قَالَ لَا أَعْرِفُهُ فَلَهُمَا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (تَحْلِيفُهُ وَيَمِينُهُ) حَيْثُ طُلِبَتْ مِنْهُ تَكُونُ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، ثُمَّ) إذَا حَلَفَ لَهُمَا (يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا) لِلْعِتْقِ لَا لِلْمَالِ إذْ لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْقُرْعَةِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ وَعَلَى الْآخَرِ أَدَاءُ نُجُومِهِ (وَإِنْ قَالَ الْوَارِثُ لِمُدَّعِي الْأَدَاءِ لَسْت الْمُؤَدِّي عَتَقَ الْآخَرُ) بِإِقْرَارِهِ الْحَاصِلِ بِإِنْكَارِهِ (لَا إنْ قَالَ) لَهُ (لَا أَعْلَمُ) أَنَّك الْمُؤَدِّي أَوْ نَحْوُهُ. (وَإِنْ. قَالَ الْمُكَاتَبُ لِلسَّيِّدِ أَلَمْ أُوَفِّك فَقَالَ بَلَى) أَوْ. قَالَ السَّيِّدُ ابْتِدَاءً اسْتَوْفَيْت (ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ) الْمُكَاتَبُ وَفَيْتُك (الْكُلَّ فَقَالَ السَّيِّدُ بَلْ) وَفَيْتنِي (الْبَعْضَ صُدِّقَ السَّيِّدُ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُمَا جَمِيعًا وَالْأَصْلُ عَدَمُ اسْتِيفَاءِ الْجَمِيعِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا وَضَعَهُ السَّيِّدُ عَنْهُ) مِنْ النُّجُومِ فَقَالَ الْمُكَاتَبُ وَضَعْتهَا عَنِّي، وَقَالَ السَّيِّدُ بَلْ بَعْضَهَا (أَوْ) اخْتَلَفَا (مِنْ أَيِّ نَجْمٍ وَضَعَهُ) فَقَالَ السَّيِّدُ وَضَعْت مِنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ بَلْ مِنْ الْأَخِير (صُدِّقَ السَّيِّدُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَضْعِ وَلَا أَحَدَ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ. (وَإِنْ وَضَعَ عَنْهُ دِينَارَيْنِ وَالْكِتَابَةُ بِدَرَاهِمَ لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت مَا يُقَابِلُهَا) الْأَوْلَى مَا يُقَابِلُهُمَا (مِنْ الدَّرَاهِمِ صَحَّ إنْ جَهِلَاهُ) كَمَا لَوْ أَوْصَى بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ وَأَجَازَ الْوَارِثُ وَهُوَ جَاهِلٌ بِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا ظَنَّهُ. (وَإِنْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ أَنَّهُ) أَيْ سَيِّدَهُ (أَرَادَ الْقِيمَةَ) أَيْ الْمَعْنَى السَّابِقَ وَهُوَ مَا يُقَابِلُ الدِّينَارَيْنِ مِنْ الدِّرْهَمِ (وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ صُدِّقَ السَّيِّدُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ. (الْحُكْمُ الثَّالِثُ فِي تَصَرُّفَاتِ السَّيِّدِ فِي الْمُكَاتَبِ) وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَفِي تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُكَاتَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُعَيَّنًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَتَحَوَّلُ الدَّعْوَى) بِأَنْ يَدَّعِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ الْمُؤَدِّي مِنْهُ. (الْحُكْمُ الثَّالِثُ فِي تَصَرُّفَاتِ السَّيِّدِ فِي الْمُكَاتَبِ) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 492 لَيْسَ لِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ الْكَسْبِ وَالْأَرْشِ فَيَمْنَعُ الْبَيْعَ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إمَّا أَنْ يَرْفَعَ الْكِتَابَةَ وَهُوَ بَاطِلٌ لِلُزُومِهَا مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ أَوْ لَا فَيَبْقَى الْمُكَاتَبُ مُسْتَحِقَّ الْعِتْقِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ، نَعَمْ إنْ رَضِيَ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ صَحَّ وَكَانَ رِضَاهُ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقَدْ رَضِيَ بِإِبْطَالِهِ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَمِنْهُ بَيْعُ بَرِيرَةَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي صِحَّةُ بَيْعِهِ أَيْضًا مِنْ نَفْسِهِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ لَازِمَةٌ فَجَازَ الْبَيْعُ تَعْجِيلًا لِلْعِتْقِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَقَدْ يَعْكِسُ هَذَا انْتَهَى، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَتَرْتَفِعُ الْكِتَابَةُ وَيَعْتِقُ لَا عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ فَلَا تَسْتَتْبِعُ كَسْبًا وَلَا وَلَدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ النُّجُومِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَأْخُذْ عِوَضًا عَنْ الْعِتْقِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ (وَلَا هِبَتُهُ) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ بَاعَهُ) وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ النُّجُومَ (لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْ النُّجُومِ) إلَيْهِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَالْأَصْلُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذَا، وَإِنَّمَا قَالَ فَلَوْ أَدَّى النُّجُومَ إلَى مُشْتَرِيه فَهَلْ يَعْتِقُ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ دَفَعَ النُّجُومَ إلَى مُشْتَرِيهَا (وَ) لَزِمَهُ (أُجْرَةُ) مِثْلِ مُدَّةِ (اسْتِخْدَامه) لِلْمُكَاتَبِ كَغَيْرِ الْمُشْتَرِي. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِاسْتِخْدَامِهِ (وَتُحْسَبُ مُدَّةُ إقَامَتِهِ مَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْأَجَلِ) كَمَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ السَّيِّدُ، وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَعْتِقْ مُكَاتَبَك بِكَذَا أَوْ أَعْتِقْهُ عَنِّي بِكَذَا أَوْ مَجَّانًا فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَعْتِقْ مُسْتَوْلَدَتَك وَقَدْ مَرَّ فِي الْكَفَّارَاتِ. ذَكَرَهُ الْأَصْلُ. (وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ التَّصَرُّفُ فِي شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ) بِبَيْعٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ النُّجُومِ الَّذِي عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ وَلِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ فِيهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مَعَ لُزُومِهِ لِتَطَرُّقِ السُّقُوطِ إلَيْهِ فَالنُّجُومُ بِذَلِكَ أَوْلَى وَصَحَّحَ الْأَصْلَ هُنَا عَدَمُ صِحَّةِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهَا كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِمَا قَدَّمَهُ كَأَصْلِهِ فِي الشُّفْعَةِ مِنْ أَنَّهُ صَحِيحٌ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَذَكَرَ فِي الْبُوَيْطِيِّ مَا يَدُلُّ لَهُ (وَلَا يَعْتِقُ) الْمُكَاتَبُ (بِتَسْلِيمِهَا) أَيْ النُّجُومِ (إلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ بِالْإِذْنِ) مِنْ السَّيِّدِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ تَلْفِت بِيَدِهِ ضَمِنَهَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَلِأَنَّهُ، وَإِنْ أَذِنَ فَإِنَّمَا يَأْذَنُ بِحُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ بِالْوَكَالَةِ (فَيُطَالِبُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبَ (السَّيِّدُ بِهَا وَهُوَ) أَيْ الْمُكَاتَبُ (يَسْتَرِدُّ) هَا (مِنْ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (وَالسَّيِّدُ مَعَهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْأَجْنَبِيِّ) فَيُبَايِعُهُ وَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْكِتَابَةِ الْعِتْقُ بِالْأَدَاءِ فَلْيَتَمَكَّنْ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمُعِينِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَ هُوَ الْمَالِكُ لِمَا بِيَدِهِ دُونَ السَّيِّدِ إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ لِئَلَّا يَعْجَزَ فَيَفُوتُ الْعِتْقُ. (فَلَوْ ثَبَتَ لَهُ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ) بِمُعَامَلَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَلِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ النُّجُومُ أَوْ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ (تَقَاصَّا كَمَا) يَأْتِي بَيَانُهُ (فِي الْفَرْعِ بَعْدَهُ فَرْعٌ فِي التَّقَاصِّ) لَا تَقَاصَّ فِي الْأَعْيَانِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ، وَإِنَّمَا يَأْتِي فِي الدُّيُونِ فَإِذَا ثَبَتَ لِكُلِّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ (فَإِنْ كَانَ الدَّيْنَانِ نَقْدَيْنِ وَاتَّفَقَا جِنْسًا وَحُلُولًا وَصِفَةً سَقَطَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ كُرْهًا) أَيْ قَهْرًا مِنْ غَيْرِ رِضًا، إذْ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِمِثْلِ مَا عَلَيْهِ عِنَادٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى وَارِثِهِ دَيْنٌ وَمَاتَ سَقَطَ وَلَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا) فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (وَلَوْ فِي الْحُلُولِ وَالصِّحَّةِ وَالتَّكَسُّرِ) وَقَدْرِ الْأَجَلِ (أَوْ لَمْ يَكُونَا نَقْدَيْنِ) وَإِنْ كَانَا جِنْسًا (فَلَا تَقَاصَّ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى النَّقْدَيْنِ لَيْسَ عَقْدَ مُغَابَنَةٍ وَمُرَابَحَةٍ لِقِلَّةِ الِاخْتِلَافِ فِيهِمَا فَقَرُبَ فِيهِمَا التَّقَاصُّ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا، وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ) شَمِلَ الْبَيْعَ الضِّمْنِيَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ إلَخْ) وَلِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ وَارِدٌ عَلَى الرَّقَبَةِ وَالنُّجُومِ، فَلَوْ صَحَّ بَيْعُهَا لَاجْتَمَعَ عَلَيْهَا عَقْدَانِ يَقْتَضِيَانِ نَقْلَ الْمِلْكِ فِيهَا بِعِوَضٍ وَذَلِكَ لَا يُعْقَلُ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ رَضِيَ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ صَحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَانَ رِضَاهُ) أَيْ مَعَ بَيْعِهِ وَقَوْلُهُ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ مَرْدُودٌ بِمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فَسْخًا وَأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَبْطُلُ إلَّا بِالْبَيْعِ حَتَّى لَوْ رَضِيَ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَهُ اسْتَمَرَّتْ الْكِتَابَةُ كَمَا حَكَى عَنْ النَّصِّ وَلَيْسَ فِي النَّصِّ الَّذِي نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ بَيْعُ بَرِيرَةَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ إذَا بِيعَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ صَحَّ وَارْتَفَعَتْ الْكِتَابَةُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي إعْتَاقَهُ وَالْوَلَاءُ لَهُ تَخْرِيجًا؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَطْلَقَ جَوَازَ بَيْعِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ بَرِيرَةَ، وَالْحَالُ أَنَّهَا كَانَتْ مُكَاتَبَةً. اهـ. وَقَدْ أَجَابَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ بِأَنَّ بَرِيرَةَ الْمُسَاوِمَةُ بِبَيْعِهَا عَائِشَةُ وَالْمُخْبِرَةُ عَنْ الْعَجْزِ بِطَلَبِهَا أُوقِيَّةً وَرَاضِيَةٌ بِالْبَيْعِ وَحَاصِلُهُ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ: أَحَدُهَا أَنَّ الْكِتَابَةَ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ وَبَرِيرَةُ سَاوَمَتْ عَائِشَةَ لِمَوَالِيهَا مِنْ ابْتِيَاعِ نَفْسِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا. الثَّانِي أَنَّهَا عَجَزَتْ فَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ. الثَّالِثُ أَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْبَيْعِ وَامْتِنَاعُ الْبَيْعِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ وَإِلَّا جَازَ وَكَانَ فَسْخًا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكَبِيرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقَدْ رَضِيَ بِإِبْطَالِهِ ر (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ جَزَمَ بِهَا الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الْحُكْمِ الثَّانِي (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِاسْتِخْدَامِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْأَصْلُ هُنَا عَدَمَ صِحَّةِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ لِشُمُولِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ) عِبَارَتُهَا وَلَوْ حَلَّ نُجُومُهُ كُلُّهَا وَهِيَ دَنَانِيرُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا مِنْهُ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا يَتَرَاضَيَانِ وَيَقْبِضُهُ السَّيِّدُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ وَكَانَ حُرًّا إذَا قَبَضَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْإِذْنِ مِنْ السَّيِّدِ فِيهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لِلْمُشْتَرِي فِي قَبْضِهَا مَعَ عِلْمِهِمَا بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَإِلَّا عَتَقَ بِقَبْضِهِ قَطْعًا اهـ وَهُوَ وَاضِحٌ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ سَقَطَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ كُرْهًا) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا وَدَيْنُهُ مُتَعَيِّنٌ صَرْفُهُ لِنَفَقَتِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 493 سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ عِتْقٌ فَفِي الْأُمِّ لَوْ حَرَقَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ مِائَةَ صَاعٍ حِنْطَةً مِثْلَ حِنْطَتِهِ وَالْحِنْطَةُ الَّتِي عَلَى الْمُكَاتَبِ حَالَةَ كَانَتْ قِصَاصًا، وَإِنْ كَرِهَ سَيِّدُهُ، ثُمَّ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْحِنْطَةِ جِنَايَةٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ لَمْ تَخْتَلِفْ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ مِنْ جَرَيَانِ التَّقَاصِّ فِي الدِّيَاتِ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةٍ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَاجِبُ النَّقْدَ بِأَنَّ أَعْوَزَتْ الْإِبِلُ وَرَجَعَ الْوَاجِبُ إلَى النَّقْدِ جَمْعًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ ثَمَّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِجَعْلِ الْحَالِ قِصَاصًا عَنْ الْمُؤَجَّلِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا كَمَا فِي الْحَوَالَةِ كَذَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ، وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ عِتْقٌ فَفِي الْأُمِّ لَوْ جَنَى السَّيِّدُ عَلَى مُكَاتَبِهِ فَأَوْجَبَ مِثْلَ النُّجُومِ وَكَانَتْ مُؤَجَّلَةً لَمْ يَكُنْ قِصَاصًا إلَّا أَنْ يَشَاءَهُ الْمُكَاتَبُ دُونَ سَيِّدِهِ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ بِرِضَا الْمُكَاتَبِ وَحْدَهُ فَبِرِضَاهُ مَعَ السَّيِّدِ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ بِأَجَلٍ وَاحِدٍ فَوَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ التَّقَاصُّ وَعِنْدَ الْبَغَوِيّ الْمَنْعُ وَنَقَلَهُمَا الْأَصْلُ، وَفِي تَنْصِيصِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْحُلُولِ دُونَ التَّأْجِيلِ إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِ الثَّانِي وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي لِانْتِفَاءِ الْمُطَالَبَةِ وَلِأَنَّ أَجَلَ أَحَدِهِمَا قَدْ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّرَاضِي وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ، وَقَالَ فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ مَا يَدُلُّ لَهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَشَرْطُ التَّقَاصِّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُسْتَقِرَّيْنِ فَإِنْ كَانَا سَلَمَيْنِ فَلَا تَقَاصَّ، وَإِنْ تَرَاضَيَا لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُمَا. قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ (فَإِنْ مَنَعْنَا) التَّقَاصَّ فِي الدَّيْنَيْنِ (وَهُمَا نَقْدَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ) كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ (فَالطَّرِيقُ) فِي وُصُولِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (أَنْ يَأْخُذَ) أَحَدُهُمَا (مَا عَلَى الْآخَرِ، ثُمَّ يَجْعَلَ الْمَأْخُوذَ) إنْ شَاءَ (عِوَضًا عَمَّا عَلَيْهِ وَيَرُدَّهُ إلَيْهِ) لِأَنَّ دَفْعَ الْعِوَضِ عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي الذِّمَّةِ جَائِزٌ (وَلَا حَاجَةَ) حِينَئِذٍ (إلَى قَبْضِ) الْعِوَضِ (الْآخَرِ أَوْ) هُمَا (عَرْضَانِ) مِنْ جِنْسَيْنِ (فَلْيَقْبِضْ كُلٌّ) مِنْهُمَا (مَا عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ قَبَضَ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (لَمْ يَجُزْ رَدُّهُ عِوَضًا عَنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ عَرْضٍ قَبْلَ الْقَبْضِ) وَهُوَ مُمْتَنِعٌ (إلَّا إنْ اُسْتُحِقَّ) ذَلِكَ الْعَرْضُ (بِقَرْضٍ أَوْ إتْلَافٍ لَا عَقْدٍ) إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرْضُ فِيهِ ثَمَنًا فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ كَأَصْلِهِ لَا عَقَدَ لِدُخُولِهِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا) وَالْآخَرُ عَرْضًا (وَقَبَضَ الْعَرْضَ مُسْتَحِقُّهُ جَازَ) لَهُ (رَدُّهُ) عِوَضًا (عَنْ النَّقْدِ) الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ سَلَّمَ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا إنْ قَبَضَ النَّقْدَ مُسْتَحِقُّهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ عِوَضًا عَنْ الْعَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ (إلَّا) إنْ اُسْتُحِقَّ الْعَرْضُ (فِي الْقَرْضِ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْإِتْلَافِ أَوْ كَانَ ثَمَنًا (وَإِنْ امْتَنَعَ التَّقَاصُّ وَامْتَنَعَ كُلٌّ) مِنْ الْمُتَدَايِنَيْنِ (مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ) لِمَا عَلَيْهِ (حَبَسَا) حَتَّى يُسْلِمَا كَذَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ السَّيِّدَ وَالْمُكَاتَبَ يَحْبِسَانِ إذَا امْتَنَعَا مِنْ التَّسْلِيمِ وَهُوَ مُنَابِذٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْكِتَابَةَ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ وَلَهُ تَرْكُ الْأَدَاءِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ الَّتِي تَسْتَمِدُّ مِنْ الشَّامِلِ كَالْبَحْرِ وَحُلْيَةِ الشَّاشِيِّ وَبَيَانِ الْعِمْرَانِيِّ، وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ فَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا أَدْفَعُ مَا عَلَيَّ حَتَّى أَقْبِضَ مَالِي كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَبْسُ مَا لِصَاحِبِهِ عَلَى حَقِّهِ وَلَا يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا فِي تَقْدِيمِ الْقَبْضِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَمَا وَقَعَ فِي الشَّامِلِ مِنْ إيهَامِ الْحَبْسِ سَبْقُ قَلَمٍ أَوْ تَحْرِيفٌ مِنْ نَاقِلٍ وَأَمَّا حَبْسُ السَّيِّدِ أَوْ الْمُكَاتَبِ فَلَا وَجْهَ لَهُ انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ حَبْسَهُمَا بِمَا ذُكِرَ إنَّمَا يُنَابِذُ مَا قَالَهُ لَوْ لَمْ يَمْتَنِعَا مِنْ تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ أَمَّا لَوْ امْتَنَعَا مِنْهُ مَعَ امْتِنَاعِهِمَا مِمَّا مَرَّ فَلَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ. (فَرْعٌ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ) مِنْ السَّيِّدِ (بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ) وَإِنْ عَجَّزَهُ بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَوْصَى بِعَبْدِ الْغَيْرِ (فَإِنْ عَلَّقَهَا بِتَعْجِيزِهِ وَعَوْدِهِ رَقِيقًا صَحَّتْ) كَمَا لَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ نَخْلَتِهِ وَحَمْلِ جَارِيَتِهِ وَكَمَا لَوْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدَ فُلَانٍ فَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْوَصَايَا وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَعَوْدِهِ رَقِيقًا (فَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ النُّجُومِ فِي هَذِهِ (وَأَنْظَرَهُ الْوَارِثُ فَلِلْمُوصَى لَهُ تَعْجِيزُهُ) لِيَأْخُذَهُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ رَقَبَتَهُ فَلَهُ التَّوَصُّلُ إلَى حَقِّهِ بِتَعْجِيزِهِ وَالْوَارِثُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا، وَإِنَّمَا يُعَجِّزُهُ الْمُوصَى لَهُ (بِالْقَاضِي) أَيْ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالنُّجُومِ) الَّتِي عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَقِرَّةً كَمَا تَصِحُّ بِالْحَمْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا فِي الْحَالِ (فَيَأْخُذُهَا الْمُوصَى   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ مَا هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ تَقَيُّدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ عِتْقٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ بِرِضَا الْمُكَاتَبِ وَحْدَهُ) كَأَنْ يَقُولَ جَعَلْت مَا وَجَبَ لِي قِصَاصًا (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الْبَغَوِيّ الْمَنْعُ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْمُطَالَبَةِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ بَاعَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ أَجَرَهُ بِأَجْرٍ فِي ذِمَّتِهِ عَالِمًا بِحَجْرِهِ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى مُعَامَلَةٍ مُوَافِقٌ لَهُ فِي الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالْحُلُولِ أَنَّهُ لَا تَقَاصَّ لِعَدَمِ مُشَارَكَتِهِ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ وَعَدَمِ مُطَالَبَتِهِ لِلْمَدْيُونِ بِهِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ التَّقَاصِّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُسْتَقِرَّيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مِمَّا يُبْنَى عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَفَرُ الْمُسْتَحِقِّ بِحَقِّهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ أَخْذِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ جَائِزٌ إلَّا فِي حَقِّ الْمَجَانِينِ وَالْأَيْتَامِ وَالْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَاضِي إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ دَيْنِ السَّلَمِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ دَيْنِ السَّلَمِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ السَّيِّدَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا حَبْسُ السَّيِّدِ أَوْ الْمُكَاتَبِ فَلَا وَجْهَ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي بَابِ جَامِعِ آدَابِ الْقَضَاءِ قُبَيْلَ الطَّرَفِ الثَّانِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُحْبَسُ لِلنُّجُومِ وَلَا لِغَيْرِهَا فِي حَقِّ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّ حَبْسَهُمَا مِمَّا ذُكِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 494 لَهُ إنْ أُدِّيَتْ وَالْوَلَاءُ عَلَى) الْمُكَاتَبِ (لِلسَّيِّدِ فَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ عَنْهَا (عَجَّزَهُ الْوَارِثُ وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ، وَإِنْ أَنْظَرَهُ الْمُوصَى لَهُ فَإِنْ أَبْرَأَهُ) الْمُوصَى لَهُ عَنْ النُّجُومِ (عَتَقَ) كَمَا لَوْ أَبْرَأَهُ السَّيِّدُ عَنْهَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْلِكُ الِاسْتِيفَاءَ فَيَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ مِلْكُهُ اسْتِيفَاءُ النُّجُومِ لَا تَفْوِيتُ الرَّقَبَةِ عَلَى الْوَارِثِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ جَزْمِ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَتَصْحِيحِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ (وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالنُّجُومِ لِوَاحِدٍ وَبِالرَّقَبَةِ إنْ رَقَّ لِآخَرَ) فَإِنْ أَدَّى الْمَالَ بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ، وَإِنْ رَقَّ بَطَلَتْ الْأُولَى صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَبَعْدَ صِحَّةِ الْوَصِيَّتَيْنِ إنْ طَلَبَ الثَّانِي تَعْجِيزَهُ وَالْأَوَّلُ إنْظَارَهُ وَقُدِّمَ الثَّانِي أَوْ بِالْعَكْسِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّتَانِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَاعٍ إلَى إبْطَالِ وَصِيَّتِهِ فَصَارَ ذَلِكَ مُبْطِلًا لَهَا وَيَعُودُ الْمُكَاتَبُ إلَى الْوَرَثَةِ وَهُمْ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إنْظَارِهِ وَتَعْجِيزِهِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ. (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمَا يُعَجِّلُ) الْمُكَاتَبُ (مِنْ النُّجُومِ فَإِنْ) لَمْ يُعَجِّلْ شَيْئًا بَلْ (أُدِّيَتْ) كُلُّهَا بِمَحِلِّهَا (بَطَلَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّعْجِيلِ لِتَنْفُذَ الْوَصِيَّةُ (وَلَوْ أَوْصَى بِالرَّقَبَةِ وَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ صَحَّتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ قِنٌّ (وَتَضَمَّنَتْ الْفَسْخَ) لِلْكِتَابَةِ (وَكَذَا تَصِحُّ، وَلَوْ كَانَ جَاهِلًا) بِفَسَادِ الْكِتَابَةِ اعْتِبَارًا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، وَلَوْ. قَالَ صَحَّتْ تَضَمَّنَتْ الْفَسْخَ، وَلَوْ جَاهِلًا كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالنُّجُومِ هُنَا فَبَاطِلَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُهَا فِي الذِّمَّةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت بِمَا أَقْبِضُهُ مِنْ نُجُومِ الْفَاسِدَةِ فَتَصِحُّ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ إذَا أَضَافَهُ إلَى مِلْكِهِ بَلْ أَوْلَى فَإِنْ قُلْت هُنَا لَا يَمْلِكُ مَا يَقْبِضُهُ بِدَلِيلِ تَرَاجُعِهِمَا كَمَا مَرَّ قُلْت قَدْ يُقَالُ بَلْ هُوَ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ أَيْ بِقَبْضِهِ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ الْمُرَتَّبِ عَلَى قَبْضِهِ حَيْثُ لَا وَصِيَّةَ بِهِ، أَمَّا مَعَ الْوَصِيَّةِ بِهِ فَلَا لِتَقَدُّمِ تَعَلُّقِ الْوَصِيَّةِ بِهِ عَلَى خُرُوجِهِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْعِتْقِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْقَبْضِ، وَهَذَا كَمَا تَرَى مَعَ مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً فَاسِدَةً لَا يَمْلِكُ كَسْبُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ مَحَلُّ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ كَأَنْ أَقْبَضَ بَعْضَ النُّجُومِ وَعَجَزَ عَنْ الْبَاقِي أَوْ عَتَقَ لَكِنْ قَالَ سَيِّدُهُ أَوْ نَوَى مَعَ أَوْصَيْت بِمَا أَقْبِضُهُ مِنْ النُّجُومِ وَأَمْلِكُهُ بِقَرِينَةِ مَا نَظَّرُوا بِهِ (وَحُكْمُ الْوَصِيَّةِ بِالْمَبِيعِ) بِالْبَيْعِ (الْفَاسِدِ كَذَلِكَ) فَتَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِفَسَادِ الْبَيْعِ (وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً فَاسِدَةً أَوْ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا أَوْ رَهَنَهُ أَوْ وَهَبَهُ، وَلَوْ جَاهِلًا بِالْفَسَادِ (فَكَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِ) فَيَصِحُّ ذَلِكَ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا. (فَرْعٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِوَضْعِ النُّجُومِ) عَنْ الْمُكَاتَبِ (وَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ كَضَعُوا) عَنْهُ (كِتَابَتَهُ) أَوْ مَا عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (أَوْصَى بِنَجْمٍ) مِنْ النُّجُومِ أَيْ بِوَضْعِهِ عَنْهُ (فَلِلْوَارِثِ جَعَلُهُ أَقَلَّ نَجْمٍ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَلِصِدْقِ النَّجْمِ عَلَيْهِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ قَالَ ضَعُوا عَنْهُ مَا قَلَّ أَوْ مَا كَثُرَ أَوْ مَا خَفَّ أَوْ مَا ثَقُلَ) لِأَنَّهَا أُمُورٌ إضَافِيَّةٌ (وَلَوْ قَالَ ضَعُوا عَنْهُ مَا شَاءَ أَوْ مَا شَاءَ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فَشَاءَ الْجَمِيعُ) أَيْ وَضْعَهُ (لَمْ يُوضَعْ بَلْ يَبْقَى) مِنْهُ (أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ) لِأَنَّ مَنْ فِي الثَّانِيَةِ لِلتَّبْعِيضِ وَالْمَعْنَى فِي الْأُولَى ضَعُوا مِنْ نُجُومِ كِتَابَةِ مَا شَاءَ وَإِلَّا. قَالَ ضَعُوا عَنْهُ النُّجُومَ فَتَرْجِعُ إلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (أَوْ) لَقَالَ (ضَعُوا) عَنْهُ (أَكْثَرَ مَا عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَضَعَ عَنْهُ نِصْفَهُ وَزِيَادَةَ مَا شَاءَ الْوَارِثُ) لِأَنَّ أَكْثَرَ الشَّيْءِ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِهِ. وَلَوْ قَالَ ضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مَا عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَمِثْلُ نِصْفِهِ وُضِعَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَا عَلَيْهِ وَزِيَادَةُ شَيْءٍ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نُسَخِهِ الصَّحِيحَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْمُرَادُ بِزِيَادَةِ شَيْءٍ مَا شَاءَهُ الْوَارِثُ وَنِصْفُهُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعِبَارَةِ أَنْ يُحَطَّ النِّصْفُ وَشَيْءٌ وَنِصْفُهُمَا جَمِيعًا، فَلَوْ كَانَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاخْتَارَ الْوَارِثُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ دِرْهَمًا وَضَعَ عَنْهُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ نِصْفَهَا فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ سَبْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَنِصْفًا (أَوْ) قَالَ ضَعُوا عَنْهُ (أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ أَوْ مَا عَلَيْهِ وَأَكْثَرُ حُطَّ) عَنْهُ (الْكُلُّ وَنُفِيَ الزَّائِدُ) لِاسْتِحَالَةِ وَضْعِهِ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ النُّجُومُ أَقْدَارًا وَآجَالًا فَقَالَ حُطُّوا) عَنْهُ (أَكْثَرَهَا) أَوْ أَكْبَرَهَا (رُوعِيَ الْقَدْرُ أَوْ طُولُهَا) أَوْ أَقْصَرُهَا (رُوعِيَتْ الْمُدَّةُ أَوْ أَوْسَطُهَا عَيَّنَ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْ) أَوْسَطِ (عَدَدِ النُّجُومِ وَآجَالِهَا وَأَقْدَارِهَا) إنْ اخْتَلَفَتْ النُّجُومُ فِيهَا جَمِيعًا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِلْأَوْسَطِ فِي كُلٍّ مِنْهَا (فَإِنْ قَالَ الْمُكَاتَبُ) لِلْوَرَثَةِ (أَرَادَ بِالتَّوَسُّطِ) أَيْ بِالْأَوْسَطِ (غَيْرَ مَا عَيَّنْتُمْ حَلَّفَهُمْ يَمِينَ) نَفْيِ (الْعِلْم) بِذَلِكَ (فَإِنْ تَسَاوَوْا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ تَسَاوَتْ   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ الْوَصِيَّةُ مِنْ السَّيِّدِ بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ] قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ مَحَلُّ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 495 أَيْ النُّجُومُ (فِي الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ) حُمِلَتْ عَلَى الْعَدَدِ فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ نُجُومٍ مَثَلًا فَالْوَسَطُ وَاحِدٌ (وَ) إنْ (كَانُوا) الْأَوْلَى كَانَتْ (أَرْبَعَةَ نُجُومٍ) مَثَلًا (فَالْوَسَطُ) مِنْهَا (اثْنَانِ) الثَّانِي وَالثَّالِثُ (فَيُعَيِّنُ الْوَارِثُ أَحَدَهُمَا) إذْ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْلَى بِاسْمِ الْأَوْسَطِ مِنْ الْآخَرِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْأَوْسَطُ كِلَاهُمَا فَيُوضَعَانِ وَهَذَا مُقْتَضَى مَا فِي التَّهْذِيبِ انْتَهَى. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ. (وَإِنْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعَيَّنَ مَالًا) لَهَا (كُوتِبَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَالْعَادَةُ) أَنْ يُكَاتِبَ الْعَبْدُ بِمَا (فَوْقَ قِيمَتِهِ فَإِنْ ضَاقَ عَنْهُ الثُّلُثُ وَلَمْ يُجِيزُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ الزَّائِدَ عَلَيْهِ (كُوتِبَ بَعْضُهُ) الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ (وَجَازَ) أَيْ وَصَحَّ وَلَا يُبَالَى بِالتَّبْعِيضِ إذَا أَفَضْت الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ وَإِذَا أَدَّى عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُوصِي وَالْبَاقِي رَقِيقٌ، وَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ مَا ذُكِرَ وَعَتَقَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُوصِي هَذَا كُلُّهُ إذَا رَغِبَ الْعَبْدُ فِي الْكِتَابَةِ وَإِلَّا تَعَذَّرَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ وَلَا يُكَاتِبُ بَدَلَهُ آخَرَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمَالٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ لَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِهِ. (وَإِنْ قَالَ كَاتِبُوا أَحَدَ عَبِيدِي لَمْ تُكَاتَبْ أَمَةٌ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٌ حَتَّى تَظْهَرَ ذُكُورَتُهُ) لِعَدَمِ صِدْقِ الِاسْمِ، وَلَوْ قَالَ كَاتِبُوا إحْدَى إمَائِي لَمْ يُكَاتَبْ عَبْدٌ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٌ حَتَّى تَظْهَرَ أُنُوثَتَهُ (وَيَدْخُلَانِ) أَيْ الْأَمَةُ وَالْمُشْكِلُ (فِي) إطْلَاقِ (الرَّقِيقِ) وَنَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْمُشْكِلَ لَا يَدْخُلُ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ. [فَصْلٌ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ فِي التَّصَرُّفَاتِ] لِأَنَّ مَقْصُودَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ تَحْصِيلُ الْعِتْقِ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّصَرُّفِ (إلَّا فِيمَا) أَيْ فِي تَصَرُّفٍ (فِيهِ تَبَرُّعٌ أَوْ خَطَرٌ) كَمَا سَيَأْتِي وَالْخَطَرُ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ. قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (فَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَيَشْفَعُ) أَيْ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ (وَيُؤَجِّرُ) نَفْسَهُ وَأَمْوَالَهُ، وَإِنْ زَادَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ عَلَى مُدَّةِ النُّجُومِ فَإِنْ عَجَّزَهُ السَّيِّدُ فِي الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَسْتَأْجِرُ وَيَحْتَطِبُ) وَيَصْطَادُ (وَيُسَافِرُ) ، وَلَوْ (بِلَا إذْنٍ) فِي الْجَمِيعِ (وَيُؤَدِّبُ عَبِيدَهُ) الْأَوْلَى أَرِقَّاءَهُ (وَيَخْتِنُهُمْ) وَيَفْصِدُهُمْ إصْلَاحًا لِلْمَالِ وَيَقْبَلُ الْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَالصَّدَقَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا فِيهِ جَلْبُ مَالٍ. (وَيَبْطُلُ مِنْهُ عِتْقٌ) وَلَوْ فِي كَفَّارَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ كَالْقِنِّ، وَكَالْعِتْقِ الْكِتَابَةُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِبْرَاءٌ) عَنْ دَيْنٍ (وَهِبَةٌ) لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ (وَوَصِيَّةٌ) سَوَاءٌ أَأَوْصَى بِعَيْنٍ أَمْ بِثُلُثِ مَالِهِ (وَقَرْضٌ) وَلَوْ بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ وَالْكَفِيلُ قَدْ يُفْلِسُ وَالرَّهْنُ قَدْ يَتْلَفُ وَيْحُكُمْ حَاكِمٌ لِلْمُقْرِضِ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ (وَقِرَاضٌ) لِذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْعَامِلَ قَدْ يَخُونُ أَوْ يَمُوتُ فَيَضِيعُ الْمَالُ (وَسَلَمٌ) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَسْلِيمَ رَأْسِ مَالِهِ فِي الْمَجْلِسِ وَانْتِظَارِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا (وَتَعْجِيلُ) دَيْنٍ (مُؤَجَّلٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَالِ بِلَا ضَرُورَةٍ (وَشِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) لِتَضَمُّنِهِ تَفْوِيتَ الْمَالِ (وَتَزْوِيجُ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ أَوْ نَقْصِ الْقِيمَةِ، وَالتَّصْرِيحِ بِذِكْرِ الْأَمَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَوْلُهُ وَتَزْوِيجُ نَفْسِهِ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (وَتَسَرٍّ) أَيْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ هَلَاكِ الْجَارِيَةِ فِي الطَّلْقِ وَلِضَعْفِ مِلْكِهِ. وَكَمَا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ التَّسَرِّي بِالْوَطْءِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ لِاعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ فِيهِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ (وَمُحَابَاةٌ) فِي شِرَاءٍ (وَبَيْعٍ بِغَبَنٍ) لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ (وَ) بَيْعُ (نَسِيئَةٍ، وَلَوْ) تَوَثَّقَ (بِرَهْنٍ وَكَفِيلٍ) أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الْمَالِ عَنْ الْيَدِ بِلَا عِوَضٍ تَبَرُّعٌ فِي الْحَالِ وَلِأَنَّ فِيهِ خَطَرًا. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَالْوَلِيِّ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَالِ الطِّفْلِ نَسِيئَةً وَأَنْ يَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ لِلْحَاجَةِ أَوْ لِلْمُصْلِحَةِ الظَّاهِرَةِ بِأَنَّ الْمَرْعِيَ ثَمَّ مَصْلَحَةُ الطِّفْلِ وَالْوَلِيُّ نُصِبَ لِيَنْظُرَ لَهُ وَالْمَطْلُوبُ هُنَا الْعِتْقُ وَالْمَرْعِيُّ مَصْلَحَةُ السَّيِّدِ وَلَمْ يُنْصَبْ الْمُكَاتَبُ لَهُ. قَالَ هُوَ وَالنَّوَوِيُّ وَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ أَنَّ بَعْضَهُمْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَازِ لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ هُنَا الْمَنْعُ وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ هُنَا هُوَ مَا صَحَّحَاهُ ثَمَّ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُتَوَسَّطَ فَيُقَال إنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ كَمَا فِي وَقْتِ النَّهْبِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَاظِرًا لِلسَّيِّدِ حَتَّى يَتَحَمَّلَ الْخَطَرَ لِمَصْلَحَةٍ -   [حاشية الرملي الكبير] [فَرْعٌ الْوَصِيَّةُ بِوَضْعِ النُّجُومِ عَنْ الْمُكَاتَبِ] قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْأَوْسَطُ كِلَاهُمَا إلَخْ) جَوَابُهُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْأَوْسَطِ لِوَاحِدٍ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ (فَصْلٌ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ فِي التَّصَرُّفَاتِ) (قَوْلُهُ إلَّا فِيمَا فِيهِ تَبَرُّعٌ وَخَطَرٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِمَّا فِيهِ تَبَرُّعٌ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ لَحْمٍ وَخُبْزٍ مِمَّا الْعَادَةُ أَنْ يُؤْكَلَ وَلَا يُبَاعُ فَإِذَا أَهْدَى شَيْئًا مِنْهُ لِأَحَدٍ كَانَ لِلْمُهْدَى إلَيْهِ أَكْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ فَوَجَبَ تَقْيِيدُ نُصُوصِهِ الْمُطْلَقَةِ بِهِ بِالْمُسَامَحَةِ بِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا اسْتَثْنَاهُ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا فِيهِ خَطَرٌ مَا الْغَالِبُ فِيهِ السَّلَامَةُ وَيُفْعَلُ لِلْمَصْلَحَةِ كَتَوْدِيجِ الْبَهَائِمِ وَقَطْعِ السَّلَعِ مِنْهَا وَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَخَتْنِ الرَّقِيقِ وَقَطْعِ سَلْعَتِهِ الَّتِي فِي قَطْعِهَا خَطَرٌ لَكِنَّ فِي بَقَائِهَا أَكْثَرَ أَوْ كَانَ فِي قَطْعِهَا خَطَرٌ وَفِي إبْقَائِهَا خَطَرٌ وَيُسْتَثْنَى تَبَرُّعُهُ عَلَى السَّيِّدِ وَبِأَدَاءِ دَيْنِ السَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبٍ آخَرَ وَقَبِلَهُ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) سَتَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ وَتَزْوِيجُ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ) لِأَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَيُنْقِصُ قِيمَتَهُ لَوْ كَانَ لِلسَّيِّدِ وَشَمِلَ إطْلَاقَهُ الْمُكَاتَبَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا (قَوْلُهُ لِاعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ فِيهِ) وَسَتْرِهَا عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ (قَوْلُهُ قَالَ هُوَ وَالنَّوَوِيُّ وَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ كَالْوَلِيِّ حَرْفًا بِحَرْفٍ يُرْهَنُ لِلضَّرُورَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَاهُ ثَمَّ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ) وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِ الْوَسِيطِ هُنَاكَ أَنَّ حُكْمَ الْمُكَاتَبِ حُكْمُ وَلِيِّ الطِّفْلِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 496 يَرَاهَا بِخِلَافِ الْوَلِيِّ (وَتَبَسُّطٌ فِي أَكْلٍ وَلُبْسٍ) أَيْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ وَلَا يُكَلَّفُ فِيهِمَا التَّقْتِيرَ الْمُفْرِطَ. (وَلَهُ اقْتِرَاضٌ وَأَخْذُ قِرَاضٍ وَشِرَاءُ جَوَارٍ لِتِجَارَةٍ) تَوْسِيعًا لَهُ فِي طُرُقِ الِاكْتِسَابِ (وَهِبَةٌ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ) ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ (وَبَيْعُ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَةٍ نَقْدٍ أَوْ عَشْرَةٍ) أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا (نَسِيئَةً وَشِرَاءُ النَّسِيئَةِ) إنْ كَانَ (بِثَمَنِ النَّقْدِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَرْهَنُ بِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ يَتْلَفُ فَإِنْ كَانَ بِثَمَنِ النَّسِيئَةِ فَقَالَ الْبَغَوِيّ تَبَعًا لِلْقَاضِي لَمْ يَجُزْ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ يَجُوزُ إذْ لَا غَبْنَ فِيهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ جَرَى الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَجْهٌ شَاذٌّ لِلْقَاضِي تَبِعَهُ عَلَيْهِ. (لَا تَسْلِيمُ الْعِوَضِ قَبْلَ الْمُعَوَّضِ) فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدِ عَنْ الْمَالِ بِلَا عِوَضٍ نَوْعُ غَرَرٍ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِالْعِوَضِ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَجَزَمَ فِي غَيْرِهِ بِالْجَوَازِ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَعْسُرُ ضَبْطُهُ (وَلَا قَبُولُ هِبَةِ) أَوْ وَصِيَّةٍ (مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) لَوْ كَانَ حُرًّا لِزَمَانَةٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ (إلَّا كَسُوبًا كِفَايَتَهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ) لَهُ (قَبُولُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ مَعَ تَرَقُّبِ عِتْقِهِ (ثُمَّ) لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ضَعِيفٌ وَلَا يَبِيعُهُ بَلْ (يُكَاتِبُ عَلَيْهِ) فَيَعْتِقُ بِعِتْقِهِ وَيَرِقُّ بِرِقِّهِ (وَنَفَقَتُهُ فِي كَسْبِهِ وَالْفَاضِلُ) مِنْهُ (لِلْمُكَاتَبِ) يَسْتَعِينُ بِهِ فِي أَدَاءِ النُّجُومِ (فَإِنْ مَرِضَ قَرِيبُهُ) الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا (أَوْ عَجَزَ لَزِمَ الْمُكَاتَبَ نَفَقَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَلَاحِ مِلْكِهِ وَلَيْسَ كَالْإِنْفَاقِ عَلَى أَقَارِبِهِ الْأَحْرَارِ حَيْثُ يُمْنَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قَبُولِ هِبَتِهِ أَوْ نَحْوِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا إنَّمَا هُوَ عَدَمُ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ لَا لُزُومُ نَفَقَتِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ نَفَقَةُ قَرِيبِهِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ نَفَقَتُهُ فِي الْكَسُوبِ الَّذِي عَرْضَ لَهُ مَرَضٌ بِسَبَبِ الْمِلْكِ لَا بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ كَمَا عُرِفَ (وَإِنْ جَنَى) قَرِيبُهُ الْمَذْكُورُ (بِبَيْعٍ فِيهَا) أَيْ فِي الْجِنَايَةِ (وَلَا يَفْدِيه) لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الشِّرَاءِ (بِخِلَافِ) جِنَايَةِ (عَبْدِهِ) الَّذِي لَيْسَ بِقَرِيبٍ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ تَبْقَى لَهُ يَصْرِفُهَا فِي النُّجُومِ. [فَصْلٌ أَذِنَ السَّيِّدُ فِيمَا مَنَعَ مِنْهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ لِلْمُكَاتَبِ] (فَصْلٌ إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ فِيمَا مَنَعَ) مِنْهُ (مِنْ التَّصَرُّفَاتِ صَحَّ) التَّصَرُّفُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا فَإِذَا تَوَافَقَا عَلَيْهِ صَحَّ كَمَا لَوْ وَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِإِذْنِ الْآخَرِ (إلَّا فِي إعْتَاقِ رَقِيقِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَ) فِي (كِتَابَتِهِ) لِتَضَمُّنِهِمَا الْوَلَاءَ، وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ كَالْقِنِّ (وَ) فِي (التَّسَرِّي) لِضَعْفِ الْمِلْكِ وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ إعْتَاقُهُ عَنْ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ (، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ) لِنَفْسِهِ أَوْ رَقِيقِهِ (وَ) فِي (التَّفْكِيرِ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ) لَا بِالْإِعْتَاقِ (صَحَّ) كُلٌّ مِنْ النِّكَاحِ وَالتَّكْفِيرِ بِذَلِكَ لِوُجُودِ الْإِذْنِ وَلِأَنَّ الْقِنَّ إذَا صَحَّ نِكَاحُهُ بِالْإِذْنِ فَالْمُكَاتَبُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ وَتَرْجِيحُ جَوَازِ التَّكْفِيرِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِفَايَتِهِ (كَهِبَتِهِ لِلسَّيِّدِ وَلِطِفْلِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (وَإِقْرَاضِهِ وَمُحَابَاتِهِ) فِي مُعَامَلَتِهِ مَعَهُ وَبَيْعِهِ نَسِيئَةً (وَتَعْجِيلِ دَيْنِهِ) الْمُؤَجَّلِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُ لَهَا كَإِذْنِهِ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) فِي الْهِبَةِ لِغَيْرِهِ (فَوَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ) السَّيِّدُ عَنْ الْإِذْنِ (قَبْلَ الْإِقْبَاضِ) لِلْمَوْهُوبِ (امْتَنَعَ) الْإِقْبَاضُ (وَإِنْ اشْتَرَى قَرِيبُهُ) الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ حُرًّا (بِالْإِذْنِ) مِنْ سَيِّدِهِ (يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ) كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَصْلِ. (وَتَزْوِيجُ السَّيِّدِ الْمُكَاتَبَةَ بِإِذْنِهَا صَحِيحٌ) وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ ضَعْفُ مِلْكِهِ لَهَا وَنَقْصُهَا. (وَلِلْمُكَاتَبِ) وَلَوْ بِلَا إذْنٍ (شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ) وَقَبُولُ هِبَتِهِ وَالْوَصِيَّةُ لَهُ بِهِ تَوْسِيعًا لَهُ فِي طُرُقِ الِاكْتِسَابِ (وَلَا يَعْتِقُ) عَلَى سَيِّدِهِ (إلَّا إنْ رَقَّ) الْمُكَاتَبُ (وَهُوَ) أَيْ وَمِنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ (مِلْكُهُ) فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ صَرْفِ الْمَالِ إلَى عِوَضِ مَنْ عَسَاهُ يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا نَظَرُوا إلَى لُزُومِ النَّفَقَةِ لَهُ بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا الْحَالَ (فَإِنْ كَانَ) مَا مَلَكَهُ بِمَا ذُكِرَ (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ (وَلَمْ يَخْتَرْ) سَيِّدُهُ (تَعْجِيزَهُ) بَلْ هُوَ الَّذِي عَجَّزَ نَفْسَهُ (لَمْ يَسْرِ) عِتْقُ ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَى الْبَاقِي، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا كَمَا لَوْ وَرِثَ بَعْضَ قَرِيبِهِ (وَإِنْ اخْتَارَ) سَيِّدُهُ (تَعْجِيزَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ) أَوْ مُعْسِرٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (فَكَذَلِكَ) لِأَنَّ مَقْصُودَهُ فَسْخُ الْكِتَابَةِ وَدُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ ضِمْنِيٌّ قَهْرِيٌّ وَقِيلَ يَسْرِي فِيمَا قَالَهُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِاخْتِيَارِ التَّعْجِيزِ فَصَارَ كَمَا لَوْ مَلَكَ بِالشِّرَاءِ وَالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَتَبِعَهُ هُوَ ثَمَّ أَيْضًا، وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَصَحَّحَ الثَّانِيَ -.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ يَجُوزُ إذْ لَا غَبْنَ فِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ جَرَى الْعِرَاقِيُّونَ) وَهُوَ الْوَجْهُ وَعَلَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ الْغَرَرَ فِيهِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ لَا عَلَى الْمُكَاتَبِ وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ غَيْرُ سَدِيدٍ إذْ لَا تَبَرُّعَ. (قَوْلُهُ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَمْ أَجِدْهَا فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَلَا الْأَصْحَابِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلِتَفَاعُلِ مَعَانٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ تَبِعَهُ فِي الْمَقْصِدِ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَهُوَ مَنْعُ بَيْعِهِ وَأَنَّهُ يَرِقُّ بِرِقِّهِ وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهِ وَهَذَا اصْطِلَاحٌ شَرْعِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا فِي إعْتَاقِ رَقِيقِهِ عَنْ نَفْسِهِ) وَلَوْ عَنْ كَفَّارَةٍ أَمَّا عَنْ سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَيَصِحُّ بِالْإِذْنِ فِي الْأَظْهَرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 497 (وَلِلْعَبْدِ) الْقِنِّ (أَنْ يَتَّهِبَ بِلَا إذْنٍ قَرِيبًا يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ) فِي الْحَالِ لِكَوْنِهِ كَسُوبًا أَوْ السَّيِّدِ فَقِيرًا وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ قَهْرًا كَمَا لَوْ احْتَطَبَ (وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ) فَإِنْ لَزِمَتْهُ فِي الْحَالِ لِكَوْنِهِ زَمِنًا أَوْ نَحْوَهُ وَالسَّيِّدِ مُوسِرًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالسَّيِّدِ (وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ قَبُولِهِ) أَيْ الْعَبْدِ الْهِبَةَ كَمَا فِي الْمِلْكِ الْحَاصِلِ بِالِاحْتِطَابِ (وَكَذَا) لَهُ أَنْ يَتَّهِبَ (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ بِلَا إذْنٍ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ (فَيَعْتِقُ) ذَلِكَ الْبَعْضُ عَلَى السَّيِّدِ (وَلَا يَسْرِي) عِتْقُهُ إلَى الْبَاقِي لِحُصُولِ الْمِلْكِ قَهَرَا كَمَا وَرِثَهُ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا وَبَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ لَكِنَّهُ جَزَمَ قَبْلَهُ فِيهَا كَأَصْلِهَا وَالْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ، ثُمَّ بِالسَّرَايَةِ، وَلَوْ أَخَّرَ كَأَصْلِهِ قَوْلَهُ وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ قَبُولِهِ إلَى هُنَا كَانَ أَوْلَى. (وَلَوْ اشْتَرَى مَرِيضٌ أَبَاهُ) بِأَلْفٍ مَثَلًا (وَدَيْنُهُ مُسْتَغْرِقٌ) لِتَرِكَتِهِ (صَحَّ وَلَا يَعْتِقُ) عَلَيْهِ (وَيُبَاعُ فِي دُيُونِهِ، وَلَوْ وُهِبَ لِمُكَاتَبٍ بَعْضُ أَبِيهِ) أَوْ ابْنِهِ (الْكَاسِبِ فَقَبِلَهُ، ثُمَّ عَتَقَ) الْمُكَاتَبُ (عَتَقَ عَلَيْهِ) ذَلِكَ الْبَعْضُ (وَسَرَى) إلَى بَاقِيه (إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ ابْنَ سَيِّدِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ بِأَبِي السَّيِّدِ صَحَّ وَمَلَكَ الْأَبَ فَإِنْ رَقَّ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ الْأَبُ عَلَى السَّيِّدِ) لِأَنَّهُ صَارَ مَالِكًا لَهُ (فَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ الْأَرْشُ لَا الرَّدُّ) لِتَعَذُّرِهِ (فَإِنْ نَقَّصَ) الْعَيْبُ (الْعُشْرَ) مِنْ قِيمَةِ الْأَبِ (رَجَعَ بِعُشْرِ الِابْنِ) الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ (وَلَا يَسْرِي) عِتْقُهُ إلَى الْبَاقِي (، وَلَوْ عَجَّزَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ) لِحُصُولِ الِاسْتِحْقَاقِ قَهْرًا، وَإِنْ تَوَقَّفَ الْمِلْكُ عَلَى طَلَبِ الْأَرْشِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ السِّرَايَةَ فِيمَا لَوْ بَاعَ شِقْصًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ مِنْ ابْن أَخِيهِ مَثَلًا بِثَوْبٍ فَمَاتَ وَوَارِثُهُ أَخُوهُ فَرَدَّ الثَّوْبَ بِعَيْبٍ وَاسْتَرَدَّ الشِّقْصَ مِنْ ابْنِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَسَرَى وَمَسْأَلَتُنَا أَوْلَى لِتَوَجُّهِ الْقَصْدِ إلَى اخْتِيَارِ مِلْكِ بَعْضِ الِابْنِ وَهُنَاكَ تَوَجَّهَ الْقَصْدُ إلَى الرَّدِّ وَمَلَكَ الْبَعْضَ مِنْ الِابْنِ تَبَعًا فَالسِّرَايَةُ هُنَا أَوْلَى انْتَهَى وَتَقَدَّمَ ثَمَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ. (فَرْعٌ) لَوْ (وَطِئَ الْمُكَاتَبُ أَمَتَهُ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (وَلَا مَهْرَ) لَهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَثَبَتَ لَهُ (وَالْوَلَدُ نَسِيبٌ) لِلشُّبْهَةِ (فَإِنْ وَلَدَتْهُ وَهُوَ مُكَاتَبٌ مَلَكَهُ) لِأَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ (وَلَمْ يَمْلِكْ بَيْعَهُ) لِأَنَّهُ وَلَدُهُ (وَتَكَاتَبَ عَلَيْهِ) فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ (فَإِذَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ الْوَلَدُ وَفَازَ الْمُكَاتَبُ) لَا الْوَلَدُ (بِكَسْبِهِ) لِأَنَّهُ كَسْبُ مَمْلُوكِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَازَ بِهِ الْوَلَدُ لَوُقِفَ، وَإِنْ رَقَّ صَارَ لِلسَّيِّدِ (وَلَا تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ) لِلْمُكَاتَبِ، وَإِنْ مَلَكَهَا مِلْكًا تَامًّا عِنْدَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهَا عُلِّقَتْ بِمَمْلُوكٍ فَأَشْبَهَتْ الْأَمَةَ الْمَنْكُوحَةَ وَحَقُّ الْحُرِّيَّةِ لِلْوَلَدِ لَمْ يَثْبُتْ بِالِاسْتِيلَادِ فِي الْمِلْكِ بَلْ بِمَصِيرِهِ مِلْكًا لِأَبِيهِ كَمَا لَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ (وَلَوْ جَنَى الْوَلَدُ) وَتَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ (وَأَبُوهُ مُكَاتَبٌ فَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ فَلَهُ بَيْعُهُ كُلِّهِ) ، وَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْشِ (وَأَخَذَ الزَّائِدَ) عَلَيْهِ بَعْدَ صَرْفِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ بَلْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ) وَإِنْ كَانَ يَفْدِيه مِنْ كَسْبِهِ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْوَلَدِ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْمُكَاتَبِ وَالْفِدَاءُ كَالشِّرَاءِ وَلَيْسَ لَهُ صَرْفُ الْمَالِ الَّذِي يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ إلَى غَرَضِ وَلَدِهِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ (وَلَا يُبَاعُ) مِنْهُ (إلَّا قَدْرُ الْأَرْشِ) كَمَا لَا يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ إذَا جَنَى إلَّا قَدْرَ الْأَرْشِ أَيْ إنْ تَيَسَّرَ بَيْعُهُ فِيهِمَا وَإِلَّا بِيعَ كُلُّهُ. قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِذَا فَدَاهُ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَفْدِيه لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بَلْ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَنْفُذُ إذَا اشْتَرَاهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَفْدِي وَلَدَهُ وَأَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا قَدْرَ الْأَرْشِ هُوَ الصَّحِيحُ فَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِالْأُولَى فِي تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ وَنَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ كَمَا نَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ فِي زَوَائِدِهِ (وَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ حِينِ الْعِتْقِ (فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ يَكُونُ الْوَلَدُ مِلْكًا لِلْوَاطِئِ وَلَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ وَلَا تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ وَقَعَ فِي الرِّقِّ (أَوْ) وَلَدَتْهُ (لِأَكْثَرَ) مِنْ دُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينَئِذٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ فِي السِّتَّةِ لِقَوْلِهِ (فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ (مِنْ) حِينِ (الْوَطْءِ فَهِيَ مُسْتَوْلَدَتُهُ) لِظُهُورِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَالْوَلَدُ حِينَئِذٍ حُرٌّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ إلَّا بِالْوَلَاءِ عَلَى أَبِيهِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى احْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِي الرِّقِّ تَغْلِيبًا لِلْحُرِّيَّةِ (وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا) بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَوَهَبَ إلَخْ) مَحَلَّهُ فِي الْهِبَةِ إذَا أَذِنَ فِي الْإِقْبَاضِ أَيْضًا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَبَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابُ الْعِتْقِ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ ضَعِيفٌ، وَقَالَ فِي الْبَسِيطِ إنَّهُ فَاسِدٌ لَا وَجْهَ لَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ قَبُولَ الْعَبْدِ كَقَبُولِ السَّيِّدِ شَرْعًا مَمْنُوعٌ فِيمَا يَضُرُّ بِالسَّيِّدِ، لَكِنْ صَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلِهَذَا صَحَّحُوا أَنَّ السَّيِّدَ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي نَفْيِ فِعْلِ عَبْدِهِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ فِعْلَهُ كَفِعْلِهِ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الِاسْتِحْقَاقِ قَهْرًا) إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّمَلُّكَ، وَإِنَّمَا قَصَدَ التَّعْجِيزَ وَالْمِلْكُ حَصَلَ ضَمَانًا فَأَشْبَهَ مَا إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ نَفْسُهُ وَيُفَارِقُ الرَّدَّ بِعَيْبٍ بِأَنَّ الرَّدَّ يَسْتَدْعِي حُدُوثَ مِلْكٍ أَبَدًا فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ بِخِلَافِ التَّعْجِيزِ. (قَوْلُهُ بَلْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ فِي زَوَائِدِهِ) فَهُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَصْوَبُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ لَحْظَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ لِظُهُورِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ) قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَا إذَا تَحَقَّقَ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِأَنْ لَمْ يَطَأْ قَبْلَهُ أَوْ وَطِئَ وَاسْتَبْرَأَ مِنْهُ، فَلَوْ وَطِئَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ ثُمَّ وَطِئَ بَعْدَهُ وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا لَمْ أَحْكُمْ بِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَلَا بِاسْتِيلَادِ أُمِّهِ وَفِي الْأُمِّ مَا يَقْتَضِي مَا قَرَرْته، وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ حَتَّى تَلِدَ مِنْهُ بِوَطْءٍ كَانَ بَعْدَ عِتْقِهِ قَالَ وَلَمْ يُقَيِّدْ أَحَدٌ بِمَا قَيَّدْته وَأَيَّدْته بِنَصِّ الْأُمِّ. اهـ.، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِمْ وَلَا يُنْظَرُ إلَى احْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِي الرِّقِّ تَغْلِيبًا لِلْحُرِّيَّةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 498 وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ (لَمْ تَصِرْ مُسْتَوْلَدَةً) . قَالَ الرَّافِعِيُّ وَأَوْلَادُ الْمُكَاتَبَةُ كَأَوْلَادِهَا. (الْحُكْمُ الرَّابِعُ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ) لَوْ (كَاتَبَ أَمَةً وَلَهَا وَلَدٌ لَمْ يَلْحَقْهَا) فِي الْكِتَابَةِ بَلْ هُوَ بَاقٍ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ (فَإِنْ شَرَطَا دُخُولَهُ) فِيهَا (فَسَدَتْ) لَكِنْ يَبْقَى التَّعْلِيقُ (فَيَعْتِقُ مَعَهَا بِالْأَدَاءِ) مِنْهَا لِلنُّجُومِ (لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَإِنْ كَاتَبَهَا) وَفِي يَدِهَا مَالٌ (عَلَى أَنَّ مَا فِي يَدِهَا لَهَا فَهُوَ جَمْعُ بَيْعٍ وَكِتَابَةٍ) بِعِوَضٍ وَاحِدٍ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَصِحُّ الْكِتَابَةُ بِالْقِسْطِ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَالرَّوْضَةِ وَهُوَ بَحْثٌ لِلرَّافِعِيِّ أَيَّدَهُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى فَسَادِ الْكِتَابَةِ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الرَّاجِحَ فَسَادُ الْكِتَابَةِ وَلَا يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى الْبَيْعِ الْمَضْمُومِ لِلْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَصَدَا الْعَقْدَيْنِ فَأَمْكَنَ إعْطَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ حُكْمَهُ وَهُنَا أَوْرَدَاهُمَا عَلَى هَذِهِ الشَّرِيطَةِ وَهِيَ فَاسِدَةٌ فَأَفْسَدَتْ (وَيَتْبَعُهَا فِي الْكِتَابَةِ حَمْلٌ) لَهَا (مَوْجُودٌ) عِنْدَ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ كِتَابَتُهُ وَحْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ فَيَعْتِقُ بِعِتْقِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ بِأَنْ يَعْتِقَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهَا أَوْ بِالْإِعْتَاقِ وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَحْدَهُ. (وَكَذَا) يَتْبَعُهَا (مَا حَدَثَ) مِنْهَا (مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ مِنْ حَمْلٍ) مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا (بَعْدَ الْكِتَابَةِ) لِأَنَّ سَبَبَ الْحُرِّيَّةِ كَحَقِيقَتِهَا فِي عِتْقِ الْأَوْلَادِ بِدَلِيلِ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ كَسْبُهَا فَيُوقَفُ أَمْرُهُ عَلَى رِقِّهَا وَحُرِّيَّتِهَا كَسَائِرِ أَكْسَابِهَا (إلَّا أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِنَجْمٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْتِزَامٌ (وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ رَقَّتْ رَقَّ) تَبَعًا لَهَا وَصَارَ لِلسَّيِّدِ (وَلَوْ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ وَعَتَقَتْ) بَعْدَ الْفَسْخِ (لَمْ يَعْتِقْ بِعِتْقِهَا) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ بِعِتْقِهَا مِنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ وَقَدْ زَالَتْ (وَحَقُّ الْمِلْكِ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ لِلسَّيِّدِ كَأُمِّهِ) وَكَوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ (فَلَوْ أَعْتَقَهُ عَتَقَ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ) مِنْ أَمَتِهِ فَإِنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ فَيُصْرَفُ كَسْبُهُ لَهُ وَلَا يَعْتِقُ بِإِعْتَاقِ السَّيِّدِ لَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ وَهِيَ مِلْكٌ لَهُ، وَلَوْ وَلَدَتْ أَمَتُهُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا أَوْلَادًا فَهُمْ عَبِيدٌ كَسَائِرِ أَكْسَابِهِ فَكَذَا هَذَا الْوَلَدُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ بَلْ يُكَاتِبُ عَلَيْهِ بِالْقَرَابَةِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ قُتِلَ وَلَدُ) الْمُكَاتَبَةِ (فَالْقِيمَةُ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ كَقِيمَةِ أُمِّهِ لَوْ قُتِلَتْ (وَأَمَّا كَسْبُهُ وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ) فِيمَا دُونَ نَفْسِهِ (وَمَهْرُ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ فَمَوْقُوفٌ) بَاقِي كُلٍّ مِنْهَا بَعْدَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْهُ (فَإِنْ عَتَقَ مَعَ أَمَةٍ فَذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ) كَمَا أَنَّ كَسْبَ الْأُمِّ إذَا عَتَقَتْ يَكُونُ لَهَا وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ وَلِأَنَّا وَإِنْ جَعَلْنَا حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لِلسَّيِّدِ فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ فَلْيَكُنْ كَسْبُهُ كَنَفْسِهِ. (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْوَلَدِ (أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْهُ عَنْهَا) نُجُومَهَا (إنْ عَجَزَتْ) عَنْ الْأَدَاءِ أَوْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (لِتَعْتِقَ) هِيَ فَيَعْتِقَ بِعِتْقِهَا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي الْعِتْقِ وَلَيْسَ لَهَا إذَا عَجَزَتْ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ كَسْبِهِ الْمَوْقُوفِ لَهُ لِتَسْتَعِينَ بِهِ فِي أَدَاءِ نُجُومِهَا إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ صُرِفَ الْمَوْقُوفُ إلَى السَّيِّدِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَمُؤَنُ الْوَلَدِ) تَكُونُ (مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ) أَوْ لَمْ يَفِ كَسْبُهُ بِمُؤْنَةٍ (فَعَلَى السَّيِّدِ) لَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ لَهُ (وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ) بِيَمِينِهِ (أَنَّهُ) أَيْ وَلَدَ مُكَاتَبِهِ (وَلَدٌ قَبْلَ الْكِتَابَةِ) حَتَّى يَكُونَ رَقِيقًا لَهُ (وَإِنْ أَمْكَنَ) أَنَّهُ وَلَدٌ (بَعْدَهَا) أَيْ وَالْحَالَةُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي وَقْتِ الْكِتَابَةِ فَصُدِّقَ فِيهِ كَأَصْلِهَا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ مِلْكِهِ وَهِيَ تَدَّعِي حُدُوثَ مَانِعٍ مِنْهُ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ قَالَ الدَّارِمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَبْلُغَ الْوَلَدُ وَيَحْلِفَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَحْلِفَ الْأُمُّ فَإِنْ نَكَلَتْ فَهَلْ يَحْلِفُ الْوَلَدُ عَلَى؟ وَجْهَيْنِ (فَإِنْ شَهِدَ لِلسَّيِّدِ بِدَعْوَاهُ) السَّابِقَةِ (أَرْبَعُ نِسْوَةٍ قُبِلْنَ) فِي شَهَادَتِهِنَّ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْوَلَدِ وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ ضِمْنًا (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا ادَّعَيَاهُ (تَعَارَضَتَا) . (وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ، ثُمَّ كَاتَبَهُ، ثُمَّ بَاعَهَا مِنْهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ الْمُكَاتَبُ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَهُوَ مِلْكِي) تَكَاتَبَ عَلَيَّ (فَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ) بِيَمِينِهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ هُنَا يَدَّعِي مِلْكَ الْوَلَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّ وَلَدَ أَمَتِهِ مِلْكُهُ وَالْمُكَاتَبَةُ ثَمَّ لَا تَدَّعِي الْمِلْكَ بَلْ تَدَّعِي ثُبُوتَ حُكْمِ الْكِتَابَةِ فِيهِ (وَلَوْ كَاتَبَ الْأَمَةَ بَيَّنَ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَكَذَا يَتْبَعُهَا مَا حَدَثَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ إلَخْ) لَا تَجُوزُ لَهُ مُعَامَلَةُ السَّيِّدِ، وَلَوْ قُلْنَا يَتَوَقَّفُ فِي أَكْسَابِهِ، وَهُوَ الْمُرَجَّحُ؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَجْزِمْ فِيهَا بِمَا جَزَمْنَا بِهِ فِي كَسْبِ الْمُكَاتَبِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي بُطْلَانَ تَصَرُّفِهِ مَعَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ وَلِلسَّيِّدِ مُكَاتَبَتُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ لَهُ إعْتَاقَهُ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَهُ كِتَابَةٌ تَبَعِيَّةٌ لَا اسْتِقْلَالِيَّةٌ، وَلَوْ كَانَ أُنْثَى فَوَطِئَهَا السَّيِّدُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ مَهْرٌ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِي الْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ (قَوْلُهُ وَحَقُّ الْمِلْكِ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ لِلسَّيِّدِ كَأُمِّهِ) مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدُهَا مِنْ عَبْدِهَا فَإِنْ كَانَ مِنْ عَبْدِهَا فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَوَلَدِ الْمُكَاتَبِ مِنْ جَارِيَتِهِ يَعْنِي فَيَكُونُ حَقُّ الْمِلْكِ فِيهِ لِلْأُمِّ قَطْعًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ وَهْمٌ فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ يَمْلِكُ جَارِيَتَهُ وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ إنَّمَا جَاءَهُ الرِّقُّ مِنْ أُمِّهِ لَا مِنْ رَقِّ أَبِيهِ الَّذِي هُوَ عَبْدُهَا. اهـ. وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْفُونِيُّ وَلَا الْحِجَازِيُّ وَلَا الْمُصَنِّفُ وَلَا صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَمَهْرُ وَطْءِ شُبْهَةٍ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالشُّبْهَةِ بَلْ لَهُ مَهْرُ جَارِيَتِهِ الْوَاجِبُ بِالْعَقْدِ مِنْ مُسَمًّى صَحِيحٍ أَوْ مَهْرِ مِثْلٍ بِسَبَبِ تَسْمِيَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ تَلَفِ الْمُسَمَّى قَبْلَ قَبْضِ الزَّوْجَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ، وَكَذَا لَهُ الْفَرْضُ فِي الْمُفَوَّضَةِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْمَسِيسِ فِي الْمُفَوَّضَةِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَرْأَةِ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً (قَوْلُهُ فَإِنْ عَتَقَ مَعَ أُمِّهِ) كَذَا قَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ بِإِعْتَاقِ السَّيِّدِ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ لِلْوَلَدِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَذَا وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً صَحِيحَةً إذَا عَتَقَ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ مَعَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ فَعِتْقُهُ عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ فَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَأَوْلَادُهُ نَعَمْ لَوْ رَقَّتْ الْأُمُّ بَعْدُ فَالْأَرْجَحُ عَوْدُ كَسْبِهِ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْبَعْهَا كَسْبُهَا وَالْفَرْعُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. اهـ. بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ قَالَ الدَّارِمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وُقِفَ الْأَمْرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 499 وَضْعَ التَّوْأَمَيْنِ فَالْأَوَّلُ لِلسَّيِّدِ وَالثَّانِي كَالْأُمِّ) أَيْ يَتْبَعُهَا فِي الْكِتَابَةِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (فِي الْبَيْعِ) يَكُونُ (الْمُنْفَصِلُ لِلْبَائِعِ وَالْمُجْتَنُّ لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّ الْحَمْلَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْبَيْعِ. [فَصْلٌ وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ كِتَابَةً صَحِيحَةً] (فَصْلٌ وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ) كِتَابَةً صَحِيحَةً (حَرَامٌ) لِاخْتِلَافِ مِلْكِهِ فِيهَا، وَكَالْوَطْءِ فِي التَّحْرِيمِ سَائِرُ التَّمَتُّعَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الظِّهَارِ (وَلَا حَدَّ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (بِهِ) ، وَإِنْ عُلِمَ تَحْرِيمُهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (بَلْ يُعَزَّرُ) بِهِ الْعَالِمُ بِتَحْرِيمِهِ (وَيُوجِبُ الْمَهْرَ) لَهَا عَلَيْهِ، وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ لِذَلِكَ (وَتَأْخُذُهُ) هِيَ (فِي الْحَالِ فَإِنْ) لَمْ تَأْخُذْهُ وَقَدْ (حَلَّ) عَلَيْهَا (نَجْمٌ جَاءَتْ الْمُقَاصَّةُ) بِشَرْطِهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ قَبْلَ أَخْذِهِ سَقَطَ (وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْعِتْقِ) بِالْكِتَابَةِ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا صَارَتْ) مَعَ كَوْنِهَا مُكَاتَبَةً (مُسْتَوْلَدَةً) لِأَنَّهَا عَلَقَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ فِي مِلْكِهِ فَيَعْتِقُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ بِمَوْتِهِ (وَالْوَلَدُ حُرٌّ) لِذَلِكَ (وَلَا يَجِبُ لَهَا) عَلَيْهِ (قِيمَتُهُ) لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لَهُ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ مَاتَ) السَّيِّدُ قَبْلَ تَعْجِيزِهَا (عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ) لَا بِالِاسْتِيلَادِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ النُّجُومِ (وَتَبِعَهَا كَسْبُهَا وَأَوْلَادُهَا الْحَادِثُونَ) مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا (بَعْدَ الْكِتَابَةِ) وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ كَسَائِرِ الْمُكَاتَبَاتِ (وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ قَبْلَ الْأَدَاءِ) لِلنُّجُومِ عَتَقَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهُ كَسْبُهُ وَأَوْلَادُهُ الْحَادِثُونَ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ لَا يَقَعُ إلَّا عَنْ الْكِتَابَةِ، وَلَوْ أَوْلَدَهَا، ثُمَّ كَاتَبَهَا وَمَاتَ قَبْلَ تَعْجِيزِهَا عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهَا أَوْلَادُهَا الْحَادِثُونَ وَكَسْبُهَا الْحَاصِلُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ مَاتَ) السَّيِّدُ (بَعْدَ التَّعْجِيزِ عَتَقَتْ بِالْإِيلَادِ) وَالْأَوْلَادُ الْحَادِثُونَ بَعْدَهُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا يَتْبَعُونَهَا وَالْحَادِثُونَ قَبْلَهُ أَرِقَّاءُ لِلسَّيِّدِ (وَتَبْطُلُ) بِمَعْنَى تَفْسُدُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (كِتَابَةُ أَمَةٍ بِشَرْطِ وَطِئَهَا) لِفَسَادِ الشَّرْطِ. (فَرْعٌ وَطْءُ أَمَةِ الْمُكَاتَبِ حَرَامٌ عَلَى السَّيِّدِ) كَالْمُكَاتَبَةِ بَلْ أَوْلَى (وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ سَيِّدَهَا (وَيَلْزَمُهُ) لَهُ (الْمَهْرُ بِوَطْئِهَا) لِأَنَّ أَكْسَابَهَا لِسَيِّدِهَا وَالْمَهْرُ مِنْهَا (وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ) لِلشُّبْهَةِ (لَا تَجِبُ قِيمَتُهُ) عَلَى وَاطِئُهَا؛ لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ فِي مِلْكِهِ (وَتَصِيرُ الْأَمَةُ مُسْتَوْلَدَةً) لَهُ (وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا) لِسَيِّدِهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ. (وَمَنْ كَاتَبَ أَمَةً) لَهُ (حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْءُ بِنْتِهَا الَّتِي تَكَاتَبَتْ عَلَيْهَا) لِثُبُوتِ حُكْمِ الْكِتَابَةِ لَهَا (وَيَلْزَمُهُ بِهِ الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ فِيهِمَا (وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَمِنْ) بَاقِي (كَسْبِهَا وَيُوقَفُ الْبَاقِي فَإِنْ عَتَقَتْ مَعَ الْأُمِّ فَهُوَ لَهَا وَإِلَّا) بِأَنْ عَجَزَتْ بِتَعْجِيزِ أُمِّهَا (فَلِلسَّيِّدِ) فَإِنْ أَوْلَدَهَا صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ (وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ) لِأُمِّهِ لِمَا مَرَّ (وَلَا قِيمَةُ أُمِّهِ) لِأُمِّهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهَا، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهَا حَقُّ الْعِتْقِ بِعِتْقِهَا وَقَدْ تَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالِاسْتِيلَادِ وَيَبْقَى حَقُّ الْكِتَابَةِ فِيهَا (وَ) حِينَئِذٍ (تَعْتِقُ) إمَّا (بِعِتْقِ أُمِّهَا) وَيَكُونُ الْكَسْبُ لَهَا (أَوْ مَوْتِ سَيِّدِهَا) . فَرْعٌ لَوْ (وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مُكَاتَبَتَهُمَا لَزِمَهُ مَهْرُهَا) وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَالِكِ الْوَاحِدِ (وَ) لَزِمَهُ (تَسْلِيمُهُ) لَهَا (فِي الْحَالِ إنْ لَمْ يَحِلَّ) عَلَيْهَا (نَجْمٌ، وَإِنْ حَلَّ) عَلَيْهَا نَجْمٌ وَاتَّحَدَ مَعَ الْمَهْرِ جِنْسًا وَقَدْرًا (وَفِي يَدِهَا قَدْرُ الْمَهْرِ أَخَذَهُ) مِنْهَا (الْآخَرُ وَبَرِئَ الْوَاطِئُ) مِنْ الْمَهْرِ، وَالْمُكَاتَبَةُ مِنْ قَدْرِهِ مِنْ نَجْمِ الْوَاطِئِ بِالتَّقَاصِّ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ) آخَرُ (فَالتَّقَاصُّ) جَارٍ (فِي نِصْفِ نَجْمِ الْوَاطِئِ) مَعَ نِصْفِ الْمَهْرِ (وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يُدْفَعُ لِغَيْرِ الْوَاطِئِ، وَإِنْ عَتَقَتْ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ دَفْعِ قَدْرِ الْمَهْرِ وَالتَّقَاصِّ (أَخَذَتْهُ) أَيْ الْمَهْرَ (وَإِنْ عَجَزَتْ) بَعْدَ أَخْذِهِ (وَرَقَّتْ اقْتَسَمَاهُ) إنْ بَقِيَ، وَإِنْ تَلِفَ تَلِفَ مِنْ مِلْكِهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ وَرَقَّتْ قَبْلَ أَخْذِهِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهَا بِقَدْرِ الْمَهْرِ مَالٌ أَخَذَهُ الْآخَرُ وَبَرِئَتْ ذِمَّةُ الْوَاطِئِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْمَهْرِ مِنْ الْوَاطِئِ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ أَمَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا (وَإِنْ أَحْبَلَهَا) الْوَاطِئُ مِنْهُمَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ (وَلَحِقَهُ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ وَطْئِهِ إنْ لَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً أَوْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ ادَّعَاهُ (ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ) مِنْ الْأَمَةِ (مَعَ) بَقَاءِ (الْكِتَابَةِ) فِيهِ. وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ بِأَنْ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، أَوْ لَمْ يَدَّعِهِ وَأَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْوَطْءِ فَلَا اسْتِيلَادَ وَهُوَ كَوَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ (فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ الِاسْتِيلَادُ) إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ (فَإِنْ أَدَّتْ) إلَيْهِمَا النُّجُومُ (عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ) وَبَطَلَ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ إنْ كَانَ (وَإِنْ عَجَزَتْ) وَرَقَّتْ (فَنِصْفُهَا قِنٌّ وَنِصْفٌ) مِنْهَا (مُسْتَوْلَدٌ، وَإِنْ مَاتَ الْوَاطِئُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ كِتَابَةً صَحِيحَةً) أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ وَيُوجَبُ الْمَهْرُ) ظَاهِرُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْوَطْءُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي الصَّدَاقِ لَكِنْ فِي الْأُمِّ عَلَى مَهْرٍ وَاحِدٍ حَتَّى تُخَيَّرَ فَتَخْتَارَ الصَّدَاقَ أَوْ الْعَجْزَ فَإِذَا خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ الصَّدَاقَ ثُمَّ أَصَابَهَا فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ وَكُلَّمَا خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ الصَّدَاقَ ثُمَّ أَصَابَهَا فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ كَنَاكِحِ امْرَأَةٍ نِكَاحًا فَاسِدًا فَالْإِصَابَةُ مِرَارًا تُوجِبُ صَدَاقًا وَاحِدًا، فَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقَضَى بِالصَّدَاقِ ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا آخَرَ فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ إيجَابِ الْمَهْرِ الْمُكَاتَبَةُ بِالتَّبَعِيَّةِ وَحَقِّ الْمِلْكِ فِيهَا لِلسَّيِّدِ كَبِنْتِ الْمُكَاتَبَةِ فَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ عَلَى السَّيِّدِ بِوَطْئِهَا (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) خَرَجَ بِذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ بِالتَّبَعِيَّةِ كَبِنْتِ الْمُكَاتَبَةِ فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهَا لَهُ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 500 وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ عَتَقَ نِصْفُهَا وَبَقِيَ النِّصْفُ) الْآخَرُ (مُكَاتَبًا) أَوْ بَعْدَ الْفَسْخِ عَتَقَ نِصْفُهَا الْمُسْتَوْلَدُ وَالْبَاقِي قِنٌّ (وَأَمَّا الْوَلَدُ فَنِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ مُكَاتَبٌ عَلَى أَمَةٍ) لِأَنَّ أَحَدَ نِصْفَيْهَا لَيْسَ لَهُ فَإِنْ عَتَقَتْ عَتَقَ النِّصْفُ الْمَذْكُورُ وَإِلَّا رَقَّ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ (وَلَا يَجِبُ) عَلَى الْوَاطِئِ (قِيمَةُ) نِصْفِ (الْوَلَدِ) الْحُرِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ لِلسَّيِّدِ (فَإِنْ أَدَّتْ) إلَى الشَّرِيكَيْنِ النُّجُومَ (عَتَقَا) أَيْ النِّصْفُ الْمُكَاتَبَ وَالْأَمَةُ (بِالْكِتَابَةِ وَبَطَلَ الِاسْتِيلَادُ) وَقَوْلُهُ (وَأَخَذَتْ نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ) أَيْ مِنْ الْوَاطِئِ، بِنَاءُ الْأَصْلِ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ لَهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ مُوسِرًا لَمْ يَسْرِ الِاسْتِيلَادُ) إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ (إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ) فَيَسْرِي وَانْعَقَدَ الْوَلَدُ كُلُّهُ حُرًّا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ (فَإِنْ أَدَّتْ) إلَيْهِمَا النُّجُومَ (عَتَقَ) كُلُّ الْأَمَةِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ عَتَقَتْ (عَنْ الْكِتَابَةِ وَوَلَاؤُهُ) أَيْ عِتْقُهَا (بَيْنَهُمَا وَيَبْطُلُ الِاسْتِيلَادُ وَلَهَا الْمَهْرُ عَلَى الْوَاطِئِ) فَتَأْخُذُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ أَخَذَتْهُ (وَعَلَيْهِ لَلشَّرِيك نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ) بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْكِتَابَةِ فِيهِ وَإِنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لِلسَّيِّدِ (وَإِنْ عَجَزَتْ) وَرَقَّتْ (لَزِمَ الْوَاطِئَ لَلشَّرِيك النِّصْفُ مِنْ قِيمَتِهَا وَمِنْ مَهْرِهَا وَمِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ) . (فَرْعٌ) هَذَا إنْ وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا (وَإِنْ وَطِئَاهَا جَمِيعًا) وَلَمْ تَأْتِ بِوَلَدٍ (فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مَهْرٌ كَامِلٌ فَإِنْ رَقَّتْ وَقَدْ قَبَضَتْهُمَا وَهُمَا سَوَاءٌ اقْتَسَمَاهُمَا بِالسَّوِيَّةِ) إنْ كَانَا بَاقِيَيْنِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مُطَالَبَةُ الْآخَرِ بِشَيْءٍ وَحُكْمُ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَهُمَا سَوَاءٌ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُضِرٌّ (وَإِنْ رَقَّتْ قَبْلَ قَبْضِهِمَا سَقَطَ) عَنْهُمَا (نِصْفَاهُمَا) أَيْ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مَا لَزِمَهُ (وَتَقَاصَّا فِي الْبَاقِي) إنْ تَسَاوَى الْمَهْرَانِ (فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَهْرَيْنِ أَكْثَرَ) مِنْ الْآخَرِ لِكَوْنِهَا بِكْرًا عِنْدَ وَطْءِ أَحَدِهِمَا ثَيِّبًا عِنْدَ وَطْءِ الْآخَرِ أَوْ لِاخْتِلَافِ حَالِهَا صِحَّةً وَمَرَضًا أَوْ لِغَيْرِهِمَا (أَخَذَ صَاحِبُهُ) أَيْ الْأَكْثَرُ (الْفَضْلَ فَإِنْ أَفْضَاهَا أَحَدُهُمَا أَوْ افْتَضَّهَا وَهِيَ بِكْرٌ سَقَطَ) عَنْهُ (حِصَّتُهُ مِنْ الْأَرْشِ أَيْضًا) أَيْ مَعَ سُقُوطِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمَهْرِ وَلَزِمَهُ حِصَّةُ الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْأَرْشِ فِي الْأُولَى نِصْفُ الْقِيمَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ الْحُكُومَةُ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِنْ افْتَضَّاهَا أَحَدُهُمَا لَزِمَهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ لَلشَّرِيك، وَإِنْ افْتَضَّهَا لَزِمَهُ نِصْفُ أَرْشِ الِافْتِضَاضِ مَعَ الْمَهْرِ أَيْ مَهْرِ بِكْرٍ لَا ثَيِّبٍ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَهِيَ بِكْرٌ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمُفْضِي أَوْ الْمُفْتَضِّ) لَهَا مِنْهُمَا (حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَلَا يَخْفَى حُكْمُ النُّكُولِ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَا فَلَا شَيْءَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ أَحَدِهِمَا قَضَى لِلْحَالِفِ (وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَلَمْ يَدَّعِيَا الِاسْتِبْرَاءَ) أَوْ ادَّعَيَاهُ وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ (فَلَهَا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَلَهُ (أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يُمْكِنَ لُحُوقُهُ بِأَحَدِهِمَا) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ الْأَوَّلِ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ آخِرِهِمَا وَطْئًا أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ ادَّعَيَاهُ (فَلَا يَلْزَمُهُمَا إلَّا الْمَهْرُ كَمَا سَبَقَ) فَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. الْحَالُ (الثَّانِي أَنْ يُمْكِنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَطْ) فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ (لَحِقَهُ وَثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا) فَلَا سِرَايَةَ وَتَبْقَى الْكِتَابَةُ فِي جَمِيعِهَا (وَ) حِينَئِذٍ إنْ (أَدَّتْ النُّجُومَ عَتَقَتْ وَلَهَا عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (مَهْرٌ كَامِلٌ، وَإِنْ رَقَّتْ فَنِصْفُهَا قِنٌّ لِلْآخَرِ) وَنَصِيبُ الْأَوَّلِ يَبْقَى مُسْتَوْلَدًا (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (عَلَى الْآخَرِ نِصْفُ مَهْرِهَا فَيَتَقَاصَّانِ وَنِصْفُ الْوَلَدِ حُرٌّ كَمَا سَبَقَ) فِيمَا لَوْ وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا وَأَوْلَدَهَا (وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَالْوَلَدُ كُلُّهُ حُرٌّ وَيَسْرِي الِاسْتِيلَادُ) مِنْ نَصِيبِهِ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ (عِنْدَ التَّعْجِيزِ، ثُمَّ الْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ) ثُمَّ وَمَا مَرَّ ثَمَّ فِيمَا إذَا عَجَزَتْ وَرَقَّتْ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ لَلشَّرِيك عَلَى الَّذِي أَوْلَدَهَا النِّصْفُ مِنْ مَهْرِهَا وَقِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الْوَلَدِ يَجِبُ هُنَا لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ (وَأَمَّا وَطْءُ الثَّانِي فَإِنْ كَانَ بَعْدَ حُكْمِنَا بِمَصِيرِ جَمِيعِهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ فَهُوَ بِلَا شُبْهَةِ زِنَا) يُوجِبُ الْحَدَّ (فَإِنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أُخْرَى) أَيْ غَيْرِ شُبْهَةِ الْمِلْكِ الْمُنْتَفِيَةِ (لَزِمَهُ الْمَهْرُ، وَإِنْ ثَبَتَتْ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ بَقِيَتْ (الْكِتَابَةُ فِي نَصِيبِ الْأَوَّلِ فَالنِّصْفُ) مِنْ الْمَهْرِ (لَهَا وَالنِّصْفُ) الْبَاقِي (لِلْأَوَّلِ) وَإِنْ ارْتَفَعَتْ فِي نَصِيبِهِ أَيْضًا فَجَمِيعُهُ لَهُ (وَإِنْ كَانَ) وَطْؤُهُ (قَبْلَ الْحُكْمِ) بِذَلِكَ (لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهِ (إلَّا نِصْفُهُ) ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ إذَا حَصَلَتْ أَخِيرًا انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَعَادَ نِصْفُهُ رَقِيقًا فَتَكُونُ الْأَكْسَابُ لَهُ وَالْمَهْرُ مِنْهَا (وَهُوَ) أَيْ نِصْفُهُ (لِلْمُكَاتَبَةِ إنْ بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ فِي نَصِيبِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلَهُ) لِأَنَّهَا مُسْتَوْلَدَتُهُ. الْحَالُ (الثَّالِثُ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَهُوَ مُضِرٌّ) هُوَ حَسَنٌ بَيَّنَ بِهِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَهَا لِيَصِحَّ قَوْلُهُ اقْتَسَمَاهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَقَوْلُهُ سَقَطَ نِصْفَاهُمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَهْرَيْنِ أَكْثَرَ أَخَذَ صَاحِبُهُ الْفَضْلَ) قَالَ الْفَتِيّ صَوَابُ الْعِبَارَةِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَهْرَيْنِ أَكْثَرَ دَفَعَ صَاحِبُهُ الْفَضْلَ أَوْ أَخَذَ صَاحِبُ الْأَقَلِّ الْفَضْلَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 501 إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الثَّانِي فَقَطْ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ الْأَوَّلِ وَلِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي أَوْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ اسْتِبْرَائِهِ إنْ ادَّعَاهُ (لَحِقَ بِهِ وَثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ) وَلَا سِرَايَةَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا (وَنِصْفُ الْوَلَدِ حُرٌّ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا سَرَى) الِاسْتِيلَادُ (كَمَا سَبَقَ) فِي الْحَالِ الثَّانِي (وَيَجِبُ) هُنَا (عَلَيْهِ وَمَا وَجَبَ هُنَاكَ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَعَلَيْهِ كَمَالُ الْمَهْرِ لِلْمُكَاتَبَةِ إنْ كَانَ الثَّانِي مُعْسِرًا) أَوْ مُوسِرًا وَاسْتَمَرَّتْ الْكِتَابَةُ (وَإِلَّا فَنِصْفُهُ) . الْحَالُ (الرَّابِعُ أَنْ يُمْكِنَ كَوْنُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَ دُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ ادَّعَيَاهُ (فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ) فَمَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ مِنْهُمَا كَانَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ تَعَيَّنَ الْإِمْكَانُ مِنْهُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) إلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا بِالْقَائِفِ (فَبِانْتِسَابِهِ) إلَيْهِ (بَعْدَ بُلُوغِهِ) يَلْحَقُ بِهِ (فَإِنْ لَحِقَ بِوَاحِدٍ) مِنْهُمَا (فَكَمَا سَبَقَ) فِيمَا لَوْ تَعَيَّنَ الْإِمْكَانُ مِنْهُ (وَلَوْ ادَّعَيَا الْوَلَدَ مِنْ مَمْلُوكَةٍ لَهُمَا غَيْرِ مُكَاتَبَةٍ وَأَلْحَقهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا) لَحِقَهُ وَ (حُكِمَ بِاسْتِيلَادِ جَمِيعِهَا لِإِقْرَارِ الْآخَرِ) بِهِ (وَلَمْ يَسْرِ) إلَى نَصِيبِهِ إنْ كَانَ الْمُلْحَقُ بِهِ مُعْسِرًا (وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا سَرَى وَلَكِنْ قَدْ أَقَرَّ) الْآخَرُ (بِالِاسْتِيلَادِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ شَرِيكِهِ) بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (وَإِنْ تَعَذَّرَ الْقَائِفُ وَالْمُدَّعِيَانِ) لِلْوَلَدِ (مُوسِرَانِ حُكِمَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (بِاسْتِيلَادِ نِصْفِهَا بِإِقْرَارِهِ وَلَا سِرَايَةَ) إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِهَا مِنْ الْآخَرِ (وَإِنْ اعْتَرَفَا بِالْوَطْءِ دُونَ الْوَلَدِ فَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ وَسَرَّى) إنْ كَانَ مُوسِرًا (وَيَغْرَمُ) لِشَرِيكِهِ إذْ لَمْ يُوجَدْ هُنَا إقْرَارٌ يُنَافِي الْغُرْمَ (كَمَا سَبَقَ) فِي بَابِ الْعِتْقِ (وَإِنْ ثَبَتَ) اللُّحُوقُ بِأَحَدِهِمَا (بِانْتِسَابِ الْوَلَدِ) إلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ (فَفِي الْغُرْمِ وَجْهَانِ) قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِهِ كَمَا لَوْ لَحِقَ بِالْقَائِفِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. أَمَّا إذَا ادَّعَيَا الِاسْتِبْرَاءَ وَحَلَفَا عَلَيْهِ وَأَتَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يَلْحَقُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ كَوَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا. (فَرْعٌ) لَوْ (وَطِئَا مُكَاتَبَتَهُمَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى) الْوَلَدِ (الْأَوَّلِ) مِنْهُمَا (فَنِصْفٌ) مِنْهَا (مُسْتَوْلَدَةٌ) لَهُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا سَوَاءٌ كَانَ الثَّانِي مُعْسِرًا أَيْضًا أَمْ لَا (فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا) سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّانِي مُوسِرًا أَيْضًا أَمْ لَا (فَهِيَ عِنْدَ التَّعْجِيزِ) لَا الْعُلُوقِ (مُسْتَوْلَدَةٌ لَهُ وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي النِّصْفُ مِنْ مَهْرِهَا وَمِنْ قِيمَتِهَا وَمِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنْ وَطِئَهَا وَكُلُّهَا مُسْتَوْلَدَةٌ لِلْأَوَّلِ عَالِمًا) بِالْحَالِ (لَزِمَهُ الْحَدُّ وَرَقَّ وَلَدُهُ) لِلْأَوَّلِ (أَوْ جَاهِلًا) بِالْحَالِ (فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ) لِلْأَوَّلِ (الْمَهْرُ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوَضْعِ إنْ) كَانَتْ (عَجَّزَتْ نَفْسَهَا عَنْ نَصِيبِهِمَا) فِي الْأَخِيرِينَ (فَإِنْ) كَانَتْ (عَجَّزَتْ نَفْسَهَا عَنْ نَصِيبِ الثَّانِي فَقَطْ فَلَهَا) عَلَيْهِ (نِصْفُ الْمَهْرِ وَلِلْأَوَّلِ) عَلَيْهِ (نِصْفُهُ وَنِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ) الْوَجْهُ حَذْفُ لَفْظَةِ نِصْفِ الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ كُلِّهَا وَذِكْرُ النِّصْفِ وَهْمٌ حَصَلَ بِإِسْقَاطِ شَيْءٍ مِنْ الرَّوْضَةِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهَا عَلَى مَا يُوَافِقُ الْمُرَادَ (فَإِنْ وَطِئَهَا الثَّانِي قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ) هِيَ (جَمِيعُهَا مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَوَّلِ وَذَلِكَ قَبْلَ التَّعْجِيزِ) مِنْهَا (لَزِمَهُ) لِلْأَوَّلِ إنْ لَمْ تَسْتَمِرَّ كِتَابَتُهَا وَلَهَا إنْ اسْتَمَرَّتْ (نِصْفُ الْمَهْرِ) فَقَطْ؛ لِأَنَّ لِلْأَوَّلِ بَعْدُ (وَنِصْفُ الْوَلَدِ حُرٌّ) إنْ كَانَ مُعْسِرًا. (وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا فَلَا سِرَايَةَ فَإِذَا أَحْبَلَهَا الثَّانِي ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ) أَيْضًا (وَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (الْمَهْرُ لِلْمُكَاتَبَةِ فَإِنْ عَجَزَتْ) وَرَقَّتْ (قَبْلَ قَبْضِهَا) الْمَهْرَ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (عَلَى شَرِيكِهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ أَيْضًا) بِحُكْمِ الِاسْتِيلَادِ (وَأَمَّا الْوَلَدُ فَوَلَدُ الْمُوسِرِ حُرٌّ كُلُّهُ وَيَتَبَعَّضُ وَلَدُ الْمُعْسِرِ، وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا بَعْدَ تَعْجِيزِهَا (أَنَّهُ السَّابِقُ) بِالْإِيلَادِ وَاحْتُمِلَ صِدْقُهُ (فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ فَكُلٌّ) مِنْهُمَا (مُقِرٌّ لِلْآخَرِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَنِصْفِ الْمَهْرِ وَنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ) لِأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا وَلَدْتهَا وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ فَصَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِي (وَهُوَ يُكَذِّبُهُ فَيَسْقُطُ) إقْرَارُهُ (وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (يَدَّعِي عَلَى الْآخَرِ الْمَهْرَ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ) لِأَنَّهُ يَقُولُ وَطِئْتهَا وَهِيَ مُسْتَوْلَدَتِي (فَإِنْ اقْتَضَى الْحَالُ التَّسْوِيَةَ) بَيْنَهُمَا (تَقَاصَّا وَإِلَّا حَلَفَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (لِلْآخَرِ عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِيه فَإِذَا حَلَفَا لَمْ يَثْبُتْ) لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (شَيْءٌ وَبَقِيَ الِاسْتِيلَادُ) فِيهَا لِأَحَدِهِمَا (مُبْهَمًا وَيُنْفِقَانِ عَلَيْهَا، ثُمَّ تَعْتِقُ بِمَوْتِهِمَا لَا) بِمَوْتِ (أَحَدِهِمَا) لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مُسْتَوْلَدَةُ الْآخَرِ (وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ) بَيْنَهُمَا (وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَهُوَ كَمَا لَوْ عَرَفَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (وَهُمَا مُعْسِرَانِ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرُهُ بِهِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ [فَرْعٌ وَطِئَا مُكَاتَبَتَهُمَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا] (قَوْلُهُ الْوَجْهُ حَذْفُ لَفْظَةِ نِصْفِ الْأَخِيرَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 502 فَمَنْ مَاتَ) مِنْهُمَا (عَتَقَ نَصِيبُهُ وَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا فَقَطْ فَيَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِي) أَيْ يَدَّعِيه الْآخَرُ (عَلَيْهِ وَيَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ فِي نَصِيبِ الْمُوسِرِ) بِلَا تَنَازُعٍ (وَيَبْقَى التَّنَازُعُ فِي نَصِيبِ الْمُعْسِرِ وَعَلَى الْمُعْسِرِ رُبْعُ النَّفَقَةِ) لِلْأَمَةِ (وَالْبَاقِي عَلَى الْمُوسِرِ) لِاخْتِصَاصِهِ بِنِصْفِهَا وَمُشَارَكَتِهِ لِلْمُعْسِرِ فِي الْبَاقِي (فَإِنْ مَاتَ الْمُعْسِرُ أَوَّلًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا بِمَوْتِهِمَا جَمِيعًا) فَتَعْتِقُ كُلُّهَا (وَنِصْفُ الْوَلَاءِ لِلْمُوسِرِ) فَيَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ (وَالْبَاقِي) مِنْ الْوَلَاءِ (مَوْقُوفٌ) بَيْنَهُمَا (وَإِنْ مَاتَ الْمُوسِرُ أَوَّلًا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَعَتَقَ الْبَاقِي بِمَوْتِ الْمُعْسِرِ وَالْوَلَاءُ كَمَا سَبَقَ) فَيَكُونُ نِصْفُهُ لِلْمُوسِرِ وَالْبَاقِي مَوْقُوفٌ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ قَالَ كُلٌّ) مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (أَنْتَ الْوَاطِئُ أَوَّلًا) فَيَسْرِي إيلَادُك إلَى نَصِيبِي (وَهُمَا مُوسِرَانِ تَحَالَفَا) بِأَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِيه (وَعَلَيْهِمَا نَفَقَتُهُمَا، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُ الْحَيِّ بِإِقْرَارِهِ) أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْلَدَهَا أَوَّلًا، ثُمَّ سَرَى إلَى نَصِيبِهِ وَعَتَقَ بِمَوْتِهِ وَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْآخَرَ سَبَقَهُ بِالْإِيلَادِ (وَعَتَقَتْ كُلُّهَا بِمَوْتِ الْآخَرِ وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ) بَيْنَهُمَا (وَإِنْ كَانَ الْمُوسِرُ) مِنْهُمَا (وَاحِدٌ فَقَالَ الْمُعْسِرُ سَرَى إيلَادُك إلَى نَصِيبِي وَالْمُوسِرُ مُنْكِرٌ لِلسَّبْقِ) بِأَنْ قَالَ أَنْتَ أَوَلَدْت أَوَّلًا وَلَمْ يَسْرِ إلَى نَصِيبِي (تَحَالَفَا) بِأَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِيه (وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا وَأَنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَإِنْ (مَاتَ الْمُوسِرُ أَوَّلًا عَتَقَتْ كُلُّهَا أَمَّا نَصِيبُهُ فَبِمَوْتِهِ وَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ وَأَمَّا نَصِيبُ الْمُعْسِرِ فَبِإِقْرَارِهِ وَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ) بَيْنَهُمَا (وَلَا يَعْتِقُ بِمَوْتِ الْمُعْسِرِ أَوَّلًا شَيْءٌ مِنْهَا لِاحْتِمَالِ سَبْقِ الْمُوسِرِ) لَهُ بِالْإِحْبَالِ (فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ بَعْدُ عَتَقَتْ كُلُّهَا) وَوَلَاءِ نَصِيبه لِعَصَبَتِهِ (وَوَلَاءُ نَصِيبِ الْمُعْسِرِ مَوْقُوفٌ) بَيْنَهُمَا وَالِاعْتِبَارُ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ بِحَالَةِ الْعُلُوقِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا. (الْحُكْمُ الْخَامِسُ فِي الْمُكَاتَبِ إذْ جَنَى أَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَإِذَا جَنَى عَلَى أَجْنَبِيٍّ) بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا (اُقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنْ عَفَا) عَنْهُ (عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَتْ) جِنَايَتُهُ (تُوجِبُهُ) أَيْ الْمَالَ (لَمْ يُطَالَبْ إلَّا بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِهَا وَقِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ تَعْجِيزَ نَفْسِهِ وَإِذَا عَجَّزَهَا فَلَا مُتَعَلِّقَ سِوَى الرَّقَبَةِ (لَا أَكْثَرَ) مِنْ قِيمَتِهِ بِأَنْ زَادَ الْأَرْشُ عَلَيْهَا فَلَا يُطَالِبُ بِهِ وَلَا يَفْدِي نَفْسَهُ بِهِ (إلَّا بِالْإِذْنِ) مِنْ سَيِّدِهِ لِتَبَرُّعِهِ (وَيَفْدِي نَفْسَهُ بِهِ) أَيْ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ، وَلَوْ (بِلَا إذْنٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ) يَفِي بِالْأَرْشِ (فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَعْجِيزُهُ بِالْقَاضِي) كَمَا مَرَّ فِي أَثْنَاءِ الْحُكْمِ الثَّانِي (ثُمَّ يَبِيعُ) الْقَاضِي (مِنْهُ بِقَدْرِ الْأَرْشِ) إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْغَدَاءِ (وَيَبْقَى بَاقِيه مُكَاتَبًا) حَتَّى يَعْتِقَ عَنْ الْكِتَابَةِ بِأَدَاءِ قِسْطِهِ أَوْ الْإِبْرَاءِ عَنْهُ أَوْ الْإِعْتَاقِ، وَقَضِيَّةُ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ فِي الْبَاقِي أَنَّهُ لَا يَعْجَزُ الْجَمِيعِ فِيمَا إذَا اُحْتِيجَ إلَى بَيْعِ بَعْضِهِ خَاصَّةً لَكِنَّ قَضِيَّةَ صَدْرِ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ الْجَمِيعَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ تَعْجِيزٌ مُرَاعًى حَتَّى لَوْ عَجَّزَهُ ثُمَّ أُبْرِئَ عَنْ الْأَرْشِ بَقِيَ كُلُّهُ مُكَاتَبًا (وَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَفْدِيَهُ مِنْ الْبَيْعِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ وَالْقِيمَةِ، وَعَلَى الْمُسْتَحَقِّ) لِلْأَرْشِ (الْقَبُولُ) كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي (فَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ اخْتِيَارِ فِدَائِهِ) أَيْ سَيِّدِهِ لَهُ (لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (بِشَرْطِ فِدَائِهِ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ أَوْ قَتَلَهُ السَّيِّدُ أَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْ النُّجُومِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ (لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقَ حَقِّهِ وَلَزِمَهُ أَيْضًا (فِدَاءُ مَنْ يَعْتِقُ بِعِتْقِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (إنْ جَنَى) بَعْدَ مُكَاتَبَتِهِ عَلَيْهِ وَأَعْتَقَ هُوَ الْمُكَاتَبَ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ النُّجُومِ لَا إنْ قَتَلَهُ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ خِلَافَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِبْرَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَوْ عَتَقَ) الْمُكَاتَبُ (بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَقَدْ جَنَى) عَلَى أَجْنَبِيٍّ (فَدَى نَفْسَهُ بِالْأَقَلِّ) مِمَّا مَرَّ (وَلَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ) فِدَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقَابِضُ لِلنُّجُومِ؛ لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى قَبُولِهَا فَالْحَوَالَةُ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَوْلَى (وَلَوْ جَنَى جِنَايَاتٍ وَعَتَقَ بِالْأَدَاءِ فَدَى نَفْسَهُ) كَمَا فِي الْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ (أَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ تَبَرُّعًا) كَأَنْ أَبْرَأَهُ عَنْ النُّجُومِ (لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ وَلَا يَلْزَمُهُمَا الْفِدَاءُ إلَّا بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ) الْوَاجِبِ بِالْجِنَايَاتِ (وَالْقِيمَةِ) كَمَا فِي الْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ سَوَاءٌ تَفَرَّقَتْ الْجِنَايَاتُ أَمْ وَقَعَتْ مَعًا؛ لِأَنَّهَا جَمِيعُهَا تَعَلَّقَتْ بِالرَّقَبَةِ فَإِذَا أَتْلَفَهَا بِالْعِتْقِ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا مَا أَتْلَفَ وَلِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْبَيْعِ حَصَلَ بِالْإِعْتَاقِ وَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَلَمْ يُوجَدْ إلَّا مَنْعٌ وَاحِدٌ (، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ) يَفِي بِالْأَرْشِ (فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِمْ تَعْجِيزُهُ بِالْحَاكِمِ وَيَبِيعُ) فِيهَا إنْ اسْتَغْرَقَتْ قِيمَتُهُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ أَرْشِهَا (وَقَسَمَ) الثَّمَنَ (فِيمَنْ لَمْ يُبْرِئْهُ) مِنْ -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ قِيمَتَهُ) فَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ الْقِيمَةَ يَبِيعُ كُلَّهُ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ وَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ صَدْرِ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ الْجَمِيعَ) أَيْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّمَا يُعَجِّزُ مِنْهُ الْقَدْرَ الَّذِي يَبِيعُهُ وَلِهَذَا قَالُوا وَيَبْقَى بَاقِيه مُكَاتَبًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 503 حِصَّتِهِ مِنْهَا. قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ اخْتَارَ السَّيِّدُ فِدَاءَهُ بَعْدَ التَّعْجِيزِ لَمْ يَبِعْ انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبْقَى مُكَاتَبًا، وَإِنْ لَمْ يُحَدِّدْ كِتَابَتَهُ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ. (وَإِنْ جَنَى) الْمُكَاتَبُ (عَلَى عَبْدِ سَيِّدِهِ أَوْ عَلَى سَيِّدِهِ) بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ (فَلَهُ) إنْ كَانَ حَيًّا (أَوْ لِوَرَثَتِهِ) إنْ كَانَ مَيِّتًا (الْقِصَاصُ) كَجِنَايَةِ عَبْدِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَبْدِهِ بَلْ أَوْلَى لِمُقَابَلَتِهِ الْإِحْسَانَ بِالْإِسَاءَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ حُكْمِ قِصَاصِ الْوَرَثَةِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى عَبْدِ السَّيِّدِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ) عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ أَوْ (أَوْجَبَتْ) جِنَايَتُهُ (مَالًا تَعَلَّقَ بِمَا فِي يَدِهِ) لِأَنَّهُ مَعَهُ كَأَجْنَبِيٍّ (وَيَفْدِي نَفْسَهُ بِالْأَقَلِّ) مِمَّا مَرَّ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ، وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ بِالْأَرْشِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ وَاجِبَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِرَقَبَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي عَلَى اضْطِرَابٍ فِيهِ وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ (وَلِلسَّيِّدِ) إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ مَا يَفِي بِالْأَرْشِ (تَعْجِيزُهُ بِسَبَبِ الْأَرْشِ) كَمَا فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ (وَيَسْتَفِيدُ بِهِ رِقَّهُ) الْمَحْضَ (وَيَسْقُطُ عَنْهُ) حِينَئِذٍ (الْأَرْشُ) كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ غَيْرِهِ دَيْنٌ فَمَلَكَهُ (وَجِنَايَتُهُ عَلَى طَرَفِ ابْنِ سَيِّدِهِ كَجِنَايَتِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، وَإِنْ قَتَلَ ابْنَ سَيِّدِهِ فَلِلسَّيِّدِ الْقِصَاصُ فَإِنْ) عُفِيَ عَلَى مَالٍ أَوْ (كَانَ) الْقَتْلُ (خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (فَكَجِنَايَتِهِ عَلَى السَّيِّدِ) فِيمَا قَالَهُ وَكَابْنِ سَيِّدِهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَرِثُهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ (وَلَوْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ جِنَايَتِهِ عَلَى السَّيِّدِ بِالْأَدَاءِ) لِلنُّجُومِ (لَمْ يَسْقُطْ الْأَرْشُ) كَمَا لَا يَسْقُطُ إذَا جَنَى عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَأَدَّى النُّجُومَ وَعَتَقَ (وَفَدَى نَفْسَهُ بِالْأَرْشِ بَالِغًا مَا بَلَغَ) وَفَارَقَ الْأَجْنَبِيَّ بِأَنَّ وَاجِبَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِرَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ فَيَجِبُ بِكَمَالِهِ كَالْحُرِّ بِخِلَافِهِ فِي الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا فَجَازَ أَنْ لَا يُزَادَ عَلَيْهَا (وَإِنْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ) بَعْدَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ (تَبَرُّعًا وَفِي يَدِهِ مَالٌ تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِهِ) كَمَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ (وَإِلَّا سَقَطَ) عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمِلْكَ عَنْ الرَّقَبَةِ الَّتِي كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْأَرْشِ بِاخْتِيَارِهِ وَلَا مَالَ غَيْرُهَا. (وَإِنْ جَنَى عَبْدُ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ اُقْتُصَّ مِنْهُ) كَغَيْرِهِ (فَإِنْ) عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ أَوْ (أَوْجَبَتْ) جِنَايَتُهُ (مَالًا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَبِيعَ) فِيهِ (إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمُكَاتَبُ بِالْأَقَلِّ) مِمَّا مَرَّ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ آبِقًا فَلَا يَجُوزُ فِدَاؤُهُ أَيْ بِغَيْرِ إذْنٍ. نَقَلَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرٌ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا إنْ كَانَ مَعْلُومَ الْمَكَانِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَكَانَ الْحَظُّ لِلْمُكَاتَبِ فِي فِدَائِهِ فَلَا مَنْعَ مِنْ فِدَائِهِ (وَ) الْوَقْتُ (الْمُعْتَبَرُ فِيهِ) قِيمَةُ الْعَبْدِ (يَوْمُ الْجِنَايَةِ) لَا يَوْمُ الِانْدِمَالِ وَلَا يَوْمُ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالرَّقَبَةِ. (وَإِنْ جَنَى مَنْ تَكَاتَبَ عَلَيْهِ كَابْنِهِ مِنْ أَمَتِهِ) عَلَى أَجْنَبِيٍّ (لَمْ يَفْدِهِ) الْمُكَاتَبُ (إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِأَنَّ فِدَاءَهُ كَشِرَائِهِ وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ. (وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَقْتَصَّ لِعَبْدِهِ) مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ (وَلَوْ مِنْ عَبْدِهِ) الْآخَرِ، وَلَوْ (بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْمِلْكِ (لَا) إنْ قُتِلَ (وَالْقَاتِلُ) لَهُ (أَبُو الْمُكَاتَبِ أَوْ) أَبُو (الْمَقْتُولِ) فَلَا يَقْتَصُّ لَهُ (وَلَهُ قَتْلُ وَلَدِهِ) الْمَمْلُوكِ (بِعَبْدِهِ لَا بَيْعُهُ فِي الْأَرْشِ) الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ وَالْأَصْلُ مَنْعُ بَيْعِ الْوَلَدِ (فَإِنْ جَنَى عَبْدُهُ عَلَيْهِ جِنَايَةً تُوجِبُ الْمَالَ سَقَطَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَمْ يَجِبْ إذْ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ (أَوْ عَلَى سَيِّدِ سَيِّدِهِ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ فَدَاهُ) سَيِّدُهُ. . [فَرْعٌ جَنَى عَلَى طَرَفِ الْمُكَاتَبِ بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا] (فَرْعٌ) لَوْ (جَنَى عَلَى طَرَفِ الْمُكَاتَبِ) بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا (فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ) مِنْ الْجَانِي عَلَيْهِ (وَلَوْ مِنْ عَبْدِهِ) أَوْ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ السَّيِّدِ كَمَا يَقْتَصُّ الْمَرِيضُ وَالْمُفْلِسُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ (وَإِنْ عُفِيَ) عَنْهُ (بِمَالٍ) أَوْ أَوْجَبَتْهُ (ثَبَتَ) عَلَى الْجَانِي (لَا عَلَى عَبْدِهِ) إنْ كَانَ هُوَ الْجَانِي إذْ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ كَمَا مَرَّ (أَوْ) أَوْجَبَتْ جِنَايَتُهُ قِصَاصًا وَعُفِيَ عَنْهُ (مَجَّانًا) أَيْ بِلَا مَالٍ سَوَاءٌ أَصَرَّحَ بِعَدَمِ الْمَالِ أَمْ أَطْلَقَ (صَحَّ) فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ (وَإِنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ مَالًا لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ) عَنْهُ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ (وَحَيْثُ ثَبَتَ الْمَالُ) بِالْجِنَايَةِ عَلَى طَرَفِ الْمُكَاتَبِ (فَهُوَ لِلْمُكَاتَبِ) يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى أَدَاءِ النُّجُومِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ فَهُوَ كَالْمَهْرِ تَسْتَحِقُّهُ الْمُكَاتَبَةُ وَلِأَنَّ كَسْبَهُ لَهُ وَهُوَ عِوَضُ مَا تَعَطَّلَ مِنْ كَسْبِهِ بِإِتْلَافِ طَرَفِهِ وَمَعَ ذَلِكَ (يَسْتَحِقُّ أَخْذَهُ فِي الْحَالِ) فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِانْدِمَالِ مُبَادَرَةً إلَى تَحْصِيلِ الْعِتْقِ وَقِيلَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِانْدِمَالِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ. وَصَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا -   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ بِالْأَرْشِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إلَخْ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَاجِبُ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِرَقَبَتِهِ) بَلْ بِذِمَّتِهِ فَيَكُونُ كَالْأَحْرَارِ (قَوْلُهُ وَفَدَى نَفْسَهُ بِالْأَرْشِ بَالِغًا مَا بَلَغَ) هَذَا جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ آبِقًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا إنْ كَانَ مَعْلُومَ الْمَكَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 504 أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصِر الرَّوْضَةِ، فَتَرْجِيحُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلَ مِنْ تَصَرُّفِهِ فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّوَقُّفِ وَقَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَإِنْ سَرَتْ الْجِنَايَةُ إلَى النَّفْسِ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَعَلَى الْجَانِي الْقِيمَةُ لَلسَّيِّدِ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا، وَإِنْ انْدَمَلَتْ وَالْجَانِي أَجْنَبِيٌّ أَخَذَ الْمُكَاتَبُ نِصْفَ قِيمَتِهِ أَوْ السَّيِّدُ اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَهُوَ يَسْتَحِقُّ النُّجُومَ فَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ وَاتَّحَدَ الْحَقَّانِ جِنْسًا وَصِفَةً تَقَاصَّا وَأَخَذَ مَنْ لَهُ الْفَضْلُ الْفَضْلَ أَوْ اخْتَلَفَا أَخَذَ كُلٌّ حَقَّهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَخْذِ فِي الْحَالِ (فَإِنْ وَجَبَ لَهُ) عَلَى الْجَانِي (دِيَاتٌ) أَيْ أُرُوشٌ (لَمْ يَأْخُذْ) مِنْهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ (إلَّا قَدْرَ الدِّيَةِ) إنْ لَمْ يَنْقُصْ الْوَاجِبُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ تَسْرِي إلَى نَفْسِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ فَيَعُودُ الْوَاجِبُ إلَى الدِّيَةِ فَإِنْ نَقَصَ الْوَاجِبُ عَنْهَا أَخَذَ قَدْرَهُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ تَسْرِي إلَى نَفْسِهِ فَيَعُودُ الْوَاجِبُ إلَى الْقِيمَةِ (فَإِنْ انْدَمَلَتْ الْجِرَاحَاتُ) بَعْدَ أَخْذِ ذَلِكَ (أَخَذَ الْبَاقِيَ) لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الضَّمَانِ بِحَالِ الِاسْتِقْرَارِ وَهَذَا آخِرُ التَّفْرِيعِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ مِنْ أَخْذِ ذَلِكَ فِي الْحَالِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ مَتَى أَخَذَهُ أَخَذَهُ (لِنَفْسِهِ) لَا لِسَيِّدِهِ (وَلَوْ مِنْ السَّيِّدَانِ كَانَ هُوَ الْجَانِي بِخِلَافِ الْقِنِّ إذْ جَنَى عَلَيْهِ السَّيِّدُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ) لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ مَاتَ الْقِنُّ بِالسِّرَايَةِ (لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ مَضْمُومَةٌ بِخِلَافِ الْقِنِّ وَسَوَاءٌ عَتَقَ) الْمُكَاتَبُ (بِالتَّقَاصِّ أَمْ لَا) وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِ الْأَصْلِ عَلَى عِتْقِهِ بِالْأَدَاءِ أَوْ التَّقَاصِّ. (وَإِنْ جَنَى) السَّيِّدُ (عَلَى طَرَفِ مُكَاتَبِهِ وَالْأَرْشُ كَالنُّجُومِ) قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً (عَتَقَ بِالتَّقَاصِّ، وَإِنْ) الْأَوْلَى فَإِنْ (جَنَى عَلَيْهِ) بَعْدَ عِتْقِهِ (ثَانِيًا) بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا (اُقْتُصَّ مِنْهُ) لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى حُرِّ (سَوَاءٌ عَلِمَ بِالتَّقَاصِّ أَمْ لَا) كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ كَانَ عَبْدًا فَعَتَقَ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِهِ (وَلَا يَمْنَعُ التَّقَاصَّ كَوْنُ الدِّيَةِ إبِلًا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الِابْتِدَاءِ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَبِهَا) أَيْ بِالْقِيمَةِ (يَحْصُلُ التَّقَاصُّ) لِكَوْنِهَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ (وَيَجِبُ الْفَاضِلُ مِنْ الْإِبِلِ) إنْ كَانَ فَاضِلٌ وَسَرَتْ الْجِنَايَةُ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَلَوْ بَطَلَ عَفْوُ الْمُكَاتَبِ) عَنْ الْمَالِ (ثُمَّ عَتَقَ) قَبْلَ أَخْذِهِ لَهُ (فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِذَلِكَ الْمَالِ) لِأَنَّ عَفْوَهُ وَقَعَ لَاغِيًا. (وَلَوْ اخْتَلَفَ مُكَاتَبٌ عَتَقَ وَالْجَانِي) عَلَيْهِ (فِي حُرِّيَّتِهِ حَالَ الْجِنَايَةِ) عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُكَاتَبُ كُنْت حُرًّا عِنْدَ الْجِنَايَةِ، وَقَالَ الْجَانِي بَلْ مُكَاتَبًا (صُدِّقَ الْجَانِي) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكِتَابَةِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ بِمَا ادَّعَاهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَإِنْ مَاتَ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ دِيَاتٌ) أَيْ أُرُوشٌ (قَبْلَ عِتْقِهِ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ) وَمَاتَ رَقِيقًا (وَسَقَطَتْ الدِّيَاتُ وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ) . قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى نَفْسِ الْمُكَاتَبِ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَمَاتَ رَقِيقًا، ثُمَّ إنْ قَتَلَهُ السَّيِّدُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْكَفَّارَةُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَلِلسَّيِّدِ الْقِصَاصُ أَوْ الْقِيمَةُ وَلَهُ أَكْسَابُهُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ إلَّا بِالْإِرْثِ وَهَذَا مَا احْتَرَزَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْفَرْعِ جَنَى عَلَى طَرَفِ الْمُكَاتَبِ. [فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْمُكَاتَبَة] (فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ. وَإِنْ عَلَّقَ حُرِّيَّةَ مُكَاتَبِهِ بِعَجْزٍ) مِنْهُ عَنْ النُّجُومِ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْ عَجَزَتْ عَنْ النُّجُومِ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ (لَمْ يَعْتِقْ إلَّا إنْ عَجَزَ) عَنْهَا (وَعَجَّزَ نَفْسَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْحُلُولِ) لِلنُّجُومِ (فَإِنْ ادَّعَى الْعَجْزَ) عَنْهَا (وَلَهُ مَالٌ) يَفِي بِهَا (أَوْ) ادَّعَاهُ (قَبْلَ الْحُلُولِ) لَهَا (لَمْ يَعْتِقْ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَفِي بِهَا وَادَّعَى الْعَجْزَ بَعْدَ الْحُلُولِ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَجَّزَ نَفْسَهُ لَا دَلَالَةَ لِلَّفْظِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مُضِرٌّ. (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْمُكَاتَبِ بِالدُّيُونِ) أَيْ دُيُونِ الْمُعَامَلَةِ (وَبِمَا لَهُ إنْشَاؤُهُ) كَبَيْعٍ (وَفِي قَبُولِ إقْرَارِهِ بِجِنَايَةٍ) تُوجِبُ قَدْرَ قِيمَتِهِ (فَمَا دُونَهَا) (لَا أَكْثَرَ) مِنْهَا (قَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَثَانِيهمَا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْعَ وَجْهٌ شَاذٌّ لِبَعْضِ الْمَرَاوِزَةِ وَالْمَنْصُوصُ الْقَبُولُ أَمَّا إقْرَارُهُ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا يُقْبَلُ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ قَطْعًا (فَإِنْ قَبِلْنَا إقْرَارَهُ) بِالْجِنَايَةِ (وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مَالٌ بِيعَ) فِي دِيَتِهَا (وَإِلَّا فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَعَادَ رَقِيقًا) قُبِلَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ (فَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) فَتُبَاعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ فِي وَقْتٍ كَانَ إقْرَارُهُ مَقْبُولًا (أَوْ بِذِمَّتِهِ) إلَى أَنْ يَعْتِقَ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَجْزِ صَارَتْ رَقَبَتُهُ لِلسَّيِّدِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْعَجْزِ؟ (قَوْلَانِ) أَوْجُهُهُمَا الْأَوَّلُ. (فَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِجِنَايَةٍ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ عَزَاهَا إلَى مَا قَبْلَ الْكِتَابَةِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ بِالْكِتَابَةِ كَمَا لَوْ خَرَجَ عَنْ يَدِهِ بِالْبَيْعِ (لَكِنْ لَوْ عَجَزَ) وَرَقَّ (لَزِمَ السَّيِّدُ إقْرَارَهُ، وَإِنْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَتَرْجِيحُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلَ مِنْ تَصَرُّفِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَثَانِيهمَا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ لَا يُقْبَلُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ أَوْجُهُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الرَّاجِحُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 505 مَاتَ سَيِّدُهُ وَلَهُ وَرَثَةٌ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِأَدَاءِ حُقُوقِهِمْ إلَيْهِمْ) كُلِّهِمْ (أَوْ إلَى وَلِيِّ الطِّفْلِ) أَوْ نَحْوِهِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ وَصِيَّانِ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِالدَّفْعِ إلَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الِاسْتِقْلَالُ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَأَوْصَى بِوَصَايَا) فَإِنْ أَوْصَى بِتَنْفِيذِهَا (إلَى وَصِيٍّ) غَيْرِ الْوَارِثِ (لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِالدَّفْعِ إلَى الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ) فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْوَصِيُّ عَتَقَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَالْقَاضِي) يَقُومُ مَقَامَهُ (لَا بِالدَّفْعِ إلَى الْغَرِيمِ وَلَا إلَى الْوَارِثِ إلَّا إنْ قَضَى الدَّيْنَ وَالْوَصَايَا) فَيَعْتِقُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ (وَفِي عِتْقِهِ بِالْأَدَاءِ إلَى غَرِيمٍ دَيْنُهُ مُسْتَغْرِقٌ) لِلتَّرِكَةِ (وَإِلَى الْمُوصَى لَهُ بِالنُّجُومِ خِلَافٌ) ذُكِرَ الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ عَدَمِ التَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ الْجَزْمُ فِيهَا بِأَنَّهُ يَعْتِقُ بِالدَّفْعِ إلَى الْمُوصَى لَهُ، وَأَمَّا الْأَوْلَى فَحَكَى الْأَصْلُ فِيهَا عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِيهَا بِالدَّفْعِ إلَى الْغَرِيمِ وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِهِ إنْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَا قَالَهُ الْقَاضِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ. قَالَ لَكِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ اسْتِغْرَاقَ الدَّيْنِ لِلتَّرِكَةِ وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ الْإِرْثَ، وَأَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَغْرِقِ مِنْهُ لَيْسَ كَالْمُسْتَغْرِقِ فِي الْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي التَّرِكَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِمُقَابِلَتِهِمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالرَّاجِحُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ. (وَإِنْ أَوْصَى بِالنُّجُومِ لِلْفُقَرَاءِ) أَوْ الْمَسَاكِينِ (أَوْ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ) مِنْهَا (تَعَيَّنَتْ لَهُ) كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهَا لِإِنْسَانٍ (وَسَلَّمَهَا) الْمُكَاتَبُ (إلَى الْمُوصَى لَهُ) بِتَفْرِقَتِهَا أَوْ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْهَا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْقَاضِي يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ، وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (كَاتَبَ ابْنَ أَخِيهِ وَمَاتَ وَوَارِثُهُ أَخُوهُ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ) عَلَيْهِ. عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى الْوَارِثِ عَتَقَ عَلَيْهِ. (وَإِنْ وَرِثَ رَجُلٌ زَوْجَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ أَوْ وَرِثَتْ هِيَ) أَيْ امْرَأَةٌ (زَوْجَهَا الْمُكَاتَبَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَلَكَ زَوْجَهُ أَوْ بَعْضَهُ (وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَتَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ) وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَلَكَ زَوْجَهُ. (كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا جَمْعُ أُمٍّ وَأَصْلُهَا أُمَّهَةٌ بِدَلِيلِ جَمْعِهَا عَلَى ذَلِكَ. قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ وَالْأُمَّاتُ لِلْبَهَائِمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ يُقَالُ فِيهِمَا أُمَّهَاتٌ وَأُمَّاتٌ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَكْثَرُ فِي النَّاسِ، وَالثَّانِيَ أَكْثَرُ فِي غَيْرِهِمْ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ «أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَخَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مَارِيَةَ أُمِّ إبْرَاهِيمَ لَمَّا وَلَدَتْ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» أَيْ أَثْبَتَ لَهَا حَقُّ الْحُرِّيَّةِ رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ وَصَحَّحَهُ وَلَكِنْ عَلَّلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَخَبَرُ «أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَا وَقْفَهُ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَخَالَفَ ابْنُ الْقَطَّانِ فَصَحَّحَ رَفْعَهُ وَحَسَّنَهُ، وَقَالَ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَاسْتَشْهَدَ الْبَيْهَقِيُّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «لَمْ يَتْرُكْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً» وَكَانَتْ مَارِيَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَلَّفِ عَنْهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا أُعْتِقَتْ بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَبَبُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ انْعِقَادُ الْوَلَدِ حُرًّا لِلْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا» وَفِي رِوَايَةٍ رَبَّهَا أَيْ سَيِّدَهَا فَأَقَامَ الْوَلَدَ مَقَامَ أَبِيهِ وَأَبُوهُ حُرٌّ. فَكَذَا هُوَ (إذَا أَحْبَلَ) رَجُلٌ حُرٌّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ (أَمَتَهُ) بِأَنْ عَلَقَتْ مِنْهُ، وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ أَوْ ذَكَرِهِ وَهُوَ نَائِمٌ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ كَمَا فِي مَحَلِّهِ (فَوَلَدَتْ) وَلَدًا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا (وَلَوْ) مُضْغَةً   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ وَفِي عِتْقِهِ بِالْأَدَاءِ إلَى غَرِيمٍ دَيْنُهُ مُسْتَغْرِقٌ إلَخْ) الرَّاجِحُ عِتْقُهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَحَكَى الْأَصْلُ فِيهَا عَنْ الْبَغَوِيّ إلَخْ) هَذَا إذَا دَفَعَهُ إلَى الْغَرِيمِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَارِثِ فَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِإِذْنِهِ فَلَا شَكَّ فِي الْإِعْتَاقِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ يُقَالُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَبْضُ الْوَارِثُ صَحِيحًا فِي الِابْتِدَاءِ فَكَيْفَ قَالَ آخَرُ أَلَا يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ وَإِنْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ غَيْرَ صَحِيحٍ فَإِذَا قَضَى الْوَارِثُ الدَّيْنَ وَالْوَصَايَا لِمَ قُلْت يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ بِقَبْضٍ غَيْرِ صَحِيحٍ وَجَوَابُهُ أَنَّا نَقُولُ هُوَ صَحِيحٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَيْسَ كَبَيْعِ الْوَارِثِ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ الْمُقَارِنِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ تَفْوِيتٌ وَلَكِنَّهُ إذَا لَمْ يَقْضِ الدَّيْنَ بَانَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ كَانَ مَرْهُونًا عِنْدَ أَصْحَابِ الدَّيْنِ رَهْنًا بِالشَّرْعِ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ فَلَمَّا قَبَضَ الْوَارِثُ كَانَ قَدْ قَبَضَ بِالْمِلْكِ فَلَمَّا لَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ لَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ كَمَا لَوْ بِيعَ الْمَرْهُونُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِلْوَفَاءِ فَتَلِفَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَعُودُ الرَّهْنُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَتَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) الرَّاجِحُ فِي الثَّانِيَةِ عَدَمُ انْفِسَاخِهِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ فِي الثَّانِيَةِ خِلَافُهُ [كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ] (كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اُخْتُلِفَ أَيُّهُمَا أَقْوَى الْعِتْقُ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالِاسْتِيلَادِ فَقِيلَ الْعِتْقُ أَقْوَى لِتَرَتُّبِ مُسَبَّبِهِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَتَأَخُّرِهِ فِي الِاسْتِيلَادِ وَلِحُصُولِ الْمُسَبَّبِ فِي الْعِتْقِ قَطْعًا بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ لِجَوَازِ مَوْتِ الْمُسْتَوْلَدَةِ أَوْ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ بِالْقَوْلِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ وَقِيلَ الِاسْتِيلَادُ أَقْوَى لِنُفُوذِهِ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَدَلَّ عَلَى زِيَادَةِ اهْتِمَامِ الشَّرْعِ بِالِاسْتِيلَادِ فَيَكُونُ أَقْوَى. اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) أَيْ وَأَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ (قَوْلُهُ رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ وَصَحَّحَهُ) وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْهَدَ الْبَيْهَقِيُّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ يَتْرُكْ رَسُولُ اللَّهِ إلَخْ) رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ مَارِيَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَلَّفِ عَنْهُ) وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فِي حَيَاتِهِ وَلَا عَلَّقَ عِتْقَهَا بِوَفَاتِهِ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إلَخْ) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَأْتِي السَّبَايَا وَنُحِبُّ أَثْمَانَهُنَّ فَمَا تَرَى فِي الْعَزْلِ فَقَالَ مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ» (قَوْلُهُ حُرٌّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ) بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ أَوْ بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ) أَيْ الْمُحْتَرَمِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ إلَخْ) فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 506 ظَهَرَ (فِيهَا خِلْقَةُ آدَمِيٍّ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ إلَّا لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ) مِنْ النِّسَاءِ أَوْ غَيْرِهِنَّ وَاقْتِصَارُ الْأَصْلِ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ عَلَى النِّسَاءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ (وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ) ، وَلَوْ بِقَتْلِهَا لَهُ لِمَا مَرَّ وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ أُمُّ الْوَلَدِ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا، وَإِنْ كَانَ سُقْطًا وَكَالْمُضْغَةِ بَعْضُهَا وَلِهَذَا قَالَ الدَّارِمِيُّ وَكَذَا لَوْ وَضَعَتْ عُضْوًا، وَإِنْ لَمْ تَضَعْ الْبَاقِيَ وَعِتْقُهَا (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) لَا مِنْ ثُلُثِهِ (وَإِنْ أَحْبَلَهَا فِي الْمَرَضِ) أَوْ أَوْصَى بِهَا مِنْ الثُّلُثِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَإِنْفَاقِهِ الْمَالَ فِي اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ وَأَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا قَالَهُ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِشُمُولِ عِتْقِهَا بِإِعْتَاقِهِ لَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ (وَيُقَدَّمُ) عِتْقُهَا (عَلَى) قَضَاءِ (الدُّيُونِ) الْمُقَدَّمَةِ عَلَى الْوَصَايَا وَالْإِرْثِ (لَا إنْ لَمْ يَكُنْ) فِيمَا وَضَعَتْهُ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ (وَقُلْنَ) أَيْ الْقَوَابِلُ هَذَا أَصْلُ آدَمِيٍّ (وَلَوْ بَقِيَ لَتَصَوَّرَ) فَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ كَمَا لَا تَجِبُ فِيهِ الْغِرَّةُ (وَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُ ذَلِكَ (فِي الْعَدَدِ) وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ خُفْيَةً وَخَرَجَ بِأَمَتِهِ غَيْرُهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ يَثْبُتُ بِإِحْبَالِ الْأَصْلِ أَمَةَ فَرْعِهِ وَالشَّرِيكِ الْمُوسِرِ الْمُشْتَرَكَةَ وَالسَّيِّدِ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ. (فَصْلٌ لَا يَصِحُّ) هَذَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِيَحْرُمُ (بَيْعُ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَهِبَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا) وَرَهْنُهَا لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ السَّابِقِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَقِيَاسًا لِلْبَاقِي عَلَيْهِمَا وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهَا وَاشْتَهَرَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمًا عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَتِهِ اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرُ عَلَى أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ يُبَعْنَ وَأَنَا الْآنَ أَرَى بَيْعَهُنَّ فَقَالَ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ رَأْيُك مَعَ رَأْيِ عُمَرَ وَفِي رِوَايَةٍ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ رَأْيِك وَحْدَك فَقَالَ اقْضُوا فِيهِ مَا أَنْتُمْ قَاضُونَ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُخَالِفَ الْجَمَاعَةَ (وَيُنْقَضُ حُكْمٌ) جَرَى (بِبَيْعِهَا) أَيْ بِصِحَّتِهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ وَمَا كَانَ فِي بَيْعِهَا مِنْ خِلَافٍ بَيْنَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ فَقَدْ انْقَطَعَ وَصَارَ مُجْمَعًا عَلَى مَنْعِهِ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «عَنْ جَابِرٍ كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِيَّنَا وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا» -   [حاشية الرملي الكبير] يَنْفُذُ إيلَادُهَا كَإِيلَادِ الْمُعْسِرِ الْمَرْهُونَةَ أَوْ الْمُتَعَلِّقَ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ أَوْ جَارِيَةَ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَالْوَارِثِ جَارِيَةَ تَرِكَةِ الْمَدْيُونِ أَوْ جَارِيَةً اشْتَرَاهَا مُوَرِّثُهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهَا وَأَوْصَى بِإِعْتَاقِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثَمَنِهَا، وَأَمَةَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلْسٍ أَوْ وَطْءِ صَبِيٍّ يُمْكِنُ بُلُوغُهُ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَثْبُتُ إيلَادُهُ وَبُلُوغُهُ. وَأَمَةُ السَّفِيهِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهَا فِرَاشًا لَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيلَادِهَا لَمْ يُقْبَلْ، وَلَوْ لَمْ يَنْفُذْ اسْتِيلَادُ أَمَتِهِ وَبِيعَتْ ثُمَّ مَلَكَهَا حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا قَالَ الْإِمَامُ الظَّاهِرُ تَعَدِّي أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ إلَى الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تَأَكَّدَتْ فِيهَا تَأَكُّدًا لَا يَرْتَفِعُ وَالْوَلَدُ مُتَّصِلٌ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ حَكَاهَا الرَّافِعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ فَقَالَ لَوْ وَطِئَ أَمَةَ الْغَيْرِ بِشُبْهَةٍ وَأَحْبَلَهَا وَقُلْنَا لَوْ مَلَكَهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، فَلَوْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا هَلْ يُحْكَمُ لِلْوَلَدِ بِحُكْمِ أُمِّهِ حَتَّى يَعْتِقَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ كَالْحَادِثِ بَعْدَ الْمِلْكِ؟ أَجَابَ لَا؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالَةِ الْعُلُوقِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ الظَّاهِرُ تَعَدِّي أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَفِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلْسٍ خِلَافٌ فَرَجَّحَ فِي الْمَطْلَبِ نُفُوذَهُ وَعَلَيْهِ مَشَى الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَتَدْرِيبِهِ. وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ يَظْهَرُ الْقَطْعُ بِهِ؛ لِأَنَّ حَجْرَ الْمُفْلِسِ دَائِرٌ بَيْنَ حَجْرِ السَّفَهِ وَالْمَرَضِ وَكِلَاهُمَا يَنْفُذُ مَعَهُ الْإِيلَادُ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ خِلَافَهُ وَعَلَيْهِ جَرَى الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ قِيَاسُ إيلَادِ الرَّهْنِ الْمُعْسِرِ فَيَحْتَاجُ صَاحِبُ الْمَطْلَبِ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْحَجْرَ مِنْ السَّيِّدِ فَلَسٌ وَقَوْلُهُ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ خِلَافَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ) شَمَلَتْ عِبَارَتُهُ مَا لَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ وَضْعِهَا ثُمَّ وَضَعَتْهُ لِمُدَّةٍ يُحْكَمُ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ وَيَتَبَيَّنُ عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ وَلَهَا كَسْبُهَا مِنْ حِينَئِذٍ وَمَا لَوْ قَارَنَ مَوْتُهَا مَوْتَهُ (قَوْلُهُ وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ إلَخْ) مُقْتَضَى كَلَامِ الْبَيْهَقِيّ فِي مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ لَا مِنْ قَوْلِ ابْنِهِ وَصَرَّحَ بِرِوَايَتِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ فَعَادَ الْحَدِيثُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ، وَهُوَ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ وَضَعَتْ عُضْوًا وَإِنْ لَمْ تَضَعْ الْبَاقِيَ) قَالَ شَيْخُنَا حَيْثُ لَا اتِّصَالَ فَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ مَعَ الِاتِّصَالِ لَمْ تَعْتِقْ إلَّا بِتَمَامِ الِانْفِصَالِ حَتَّى لَا يُخَالِفَ هَذَا قَوْلَهُمْ أَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ بَعْضُهُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَبَاقِيه بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ تَعْتِقْ إلَّا بِتَمَامِ انْفِصَالِهِ (قَوْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ بِإِحْبَالِ الْأَصْلِ أَمَةَ فَرْعِهِ) وَلَوْ مُكَاتَبَتَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ وَالشَّرِيكُ الْمُوسِرُ الْمُشْتَرَكَةَ) أَوْ كَانَ شَرِيكُهُ فَرْعَهُ وَلَوْ بَاعَ بَعْضَ أَمَةٍ ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، وَهُوَ مُوسِرٌ بِالثَّمَنِ سَرَى إلَى حِصَّةِ الْمُشْتَرِي وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ وَلَوْ نَكَحَ حُرٌّ جَارِيَةَ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ مَلَكَهَا ابْنُهُ أَوْ عَبْدٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ ثُمَّ عَتَقَ فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، فَلَوْ أَوْلَدَهَا فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ وَمَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ لَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي النِّكَاحِ وَرَجَّحَهُ الْأَصْفُونِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْحِجَازِيُّ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرِقِّ وَلَدِهِ حِينَ نَكَحَهَا قَالَ شَيْخُنَا وَلِأَنَّ النِّكَاحَ حَاصِلٌ مُحَقَّقٌ فَيَكُونُ وَاطِئًا بِالنِّكَاحِ لَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحٌ. [فَصْلٌ بَيْعُ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَهِبَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا وَرَهْنُهَا] (قَوْلُهُ وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهَا) وَقَدْ اسْتَنْبَطَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - امْتِنَاعَ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] فَقَالَ وَأَيُّ قَطِيعَةٍ أَقْطَعُ مِنْ أَنْ تُبَاعَ أُمُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ وَكَتَبَ إلَى الْآفَاقِ لَا تُبَاعُ أُمُّ حُرٍّ فَإِنَّهُ قَطِيعَةٌ وَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مُطَوَّلًا (قَوْلُهُ كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِيَّنَا وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ إلَخْ) زَادَ الْحَاكِمُ «فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَقَالَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْيِ أَوْ قَبْلَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ عُمَرُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عِتْقِهِنَّ وَمَنْ فَعَلَهُ مِنْهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُ ذَلِكَ. اهـ.، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ قَوْلَهُ لَا نَرَى بِالنُّونِ لَا بِالْيَاءِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 507 فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَبِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ قَوْلًا وَنَصًّا وَهُوَ خَبَرُ الدَّارَقُطْنِيِّ السَّابِقُ وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ كَمَا وَرَدَ فِي خَبَرِ الْمُخَابَرَةِ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ كُنَّا نُخَابِرُ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى أَخْبَرَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُهِيَ عَنْ الْمُخَابَرَةِ فَتَرَكْنَاهَا» وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ الْإِيلَادُ فَإِنْ ارْتَفَعَ بِأَنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَيْسَتْ لِمُسْلِمٍ وَسُبِيَتْ وَصَارَتْ قِنَّةً صَحَّ جَمِيعُ ذَلِكَ (وَلِلسَّيِّدِ بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَبَيْعِهَا فِي ذَلِكَ هِبَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِهَا لِاحْتِيَاجِهَا إلَى الْقَبُولِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَعِتْقُهَا يَقَعُ عَقِبَهُ (وَ) لَهُ (إجَارَتُهَا) مِنْ غَيْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ إجَارَتِهَا مِنْ نَفْسِهَا وَلَيْسَ مُرَادًا، وَإِنَّمَا جَازَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى عِتْقٌ كَمَا مَرَّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَوَدِدْت لَوْ قِيلَ بِجَوَازِ بَيْعِهَا مِمَّنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ بِقَرَابَةٍ وَبِمَا وَدَّهُ أَخَذَ بَعْضُ مَشَايِخِي وَفِيهِ نَظَرٌ. (فَرْعٌ: الْوَلَدُ) أَيْ وَلَدُ الْأَمَةِ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَوْلَدَةٍ (مِنْ السَّيِّدِ حُرٌّ) لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَانِعَ الرِّقِّ قَارَنَ سَبَبَ الْمِلْكِ فَدَفَعَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ (وَمَا عَلَقَتْ بِهِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ اسْتِيلَادِهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا أَوْ شُبْهَةٍ بِظَنِّ أَنَّهُ يَطَأُ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ (قِنٌّ) وَإِنْ وَلَدَ فِي مِلْكِهِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ أُمِّهِ لِحُصُولِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ لَهَا (أَوْ) عَلَقَتْ بِهِ (بَعْدُ فَلَهُ حُكْمُهَا) لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْحُرِّيَّةِ فَكَذَا فِي حَقِّهَا اللَّازِمِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ بَيْعُهُ (وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ) أَيْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ إذَا مَاتَتْ أَوْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ وَيَكُونُ الْوَلَدُ رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ بِعِتْقِهَا تَبَعًا بِلَا أَدَاءً مِنْهُ أَوْ نَحْوِهِ وَوَلَدُ الْمُسْتَوْلَدَةِ إنَّمَا يَعْتِقُ بِمَا تَعْتِقُ هِيَ بِهِ وَهُوَ مَوْتُ السَّيِّدِ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ الْوَلَدِ أَوْ الْمُدَبَّرَةَ لَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ كَالْعَكْسِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ إذَا أَعْتَقَهَا يَعْتِقُ وَلَدُهَا (إلَّا إنْ وَطِئَهَا رَجُلٌ يَعْتَقِدُ) وَفِي نُسْخَةٍ مُعْتَقِدًا (أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ) أَوْ أَمَتُهُ فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدِ (فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ حُرًّا) عَمَلًا بِظَنِّهِ (وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ كَأُمِّهِ) وَهُوَ كَمَا لَوْ أَتَتْ بِهِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا. (فَرْعٌ لَهُ وَطْءُ) أَمَتِهِ (الْمُسْتَوْلَدَةِ) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ السَّابِقِ لَا وَطْءُ بِنْتِهَا لِحُرْمَتِهَا بِوَطْءِ أُمِّهَا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى الْمُبَعَّضُ فَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ مُسْتَوْلَدَتِهِ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِ بَعْضِهِ انْتَهَى. وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ (وَهِيَ كَالْمَمْلُوكَةِ) لَا فِي نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهَا وَلَا فِيمَا يُفْضِي إلَيْهِ كَالرَّهْنِ بَلْ (فِي) نَحْوِ (الِاسْتِخْدَامِ وَغُرْمِ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَتِهَا أَوْ قِيمَةِ بَعْضِهَا لَهُ (بِإِتْلَافٍ أَوْ تَلَفٍ) لَهَا أَوْ لِبَعْضِهَا (فِي يَدٍ) نَحْوِ غَاصِبٍ لَهَا (وَكَذَا وَلَدُهَا) حُكْمُهُ حُكْمُهَا فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ لِمُلْكِهِ لَهُمَا وَلِمَنَافِعِهِمَا كَالْمُدَبَّرَةِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِمَا لِتَأَكُّدِ حَقِّ الْعِتْقِ فِيهِمَا. (وَلَوْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ عَلَى إقْرَارِ سَيِّدِ الْأَمَةِ (بِإِيلَادِهَا وَحُكِمَ بِهِ، ثُمَّ رَجَعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا (لَمْ يَغْرَمَا) شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ فِيهِمَا وَلَمْ   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَإِنَّ ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ رَوَاهُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ ذَكَرَ لِي أَنَّهُ زَجَرَ عَنْهُنَّ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ كَانَ مُبَاحًا ثُمَّ نَهَى عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخَرِ حَيَاتِهِ وَلَمْ يَشْتَهِرْ ذَلِكَ النَّهْيُ فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ نَهَاهُمْ اهـ (قَوْلُهُ لِلسَّيِّدِ بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا إلَخْ) وَالْحُكْمُ فِي وَلَدِهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَبَيْعِهَا فِي ذَلِكَ هِبَتُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَكَالشِّرَاءِ سَائِرُ التَّمْلِيكَاتِ الْمُمْكِنَةِ ش (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَدِدْت لَوْ قِيلَ بِجَوَازِ بَيْعِهَا مِمَّنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي صِحَّةُ بَيْعِهَا مِمَّنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَصْلِهَا أَوْ فَرْعِهَا. اهـ. وَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِبُطْلَانِهِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي إرْشَادِهِ وَهِيَ بِوَلَدٍ قِنٍّ لَا فِي نَقْلِ مِلْكٍ، وَقَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ الْمُسْتَوْلَدَةُ وَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَبْدِ الْقِنِّ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِيمَا يَنْتَقِلُ بِهِ الْمِلْكُ أَوْ يَئُولُ إلَى انْتِقَالِهِ وَفِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهَا نَحْوَهُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. [فَرْعٌ وَلَدُ الْأَمَةِ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَوْلَدَةٍ مِنْ السَّيِّدِ] (قَوْلُهُ فَلَهُ حُكْمُهَا وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) أَيْ إنْ لَمْ تَبِعْ فَإِنْ بِيعَتْ فِي رَهْنٍ أَوْ نَحْوِهِ فَوَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا ثُمَّ مَلَكَهَا الْمُسْتَوْلِدُ وَأَوْلَادَهَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ حُكْمُ أُمِّهِمْ فِي الْأَصَحِّ لِانْعِقَادِهِمْ فِي حَالَةِ الْأُمِّ لَيْسَ فِيهَا سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ مُتَحَتِّمًا لَهَا بِخِلَافِ الْحَادِثِينَ بَعْدَ إيلَادِهَا وَقَبْلَ بَيْعِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمْ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ وَطِئَهَا رَجُلٌ) وَلَوْ زَوَّجَهَا (قَوْلُهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ) شَمِلَ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ وَالْمُرَادُ بِالشُّبْهَةِ شُبْهَةُ الْفَاعِلِ فَلَا اعْتِبَارَ بِشُبْهَةِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ أَوْ أَمَتُهُ) أَيْ أَمَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ أَمَةُ فَرْعِهِ أَوْ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ فَرْعِهِ وَغَيْرِهِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَالْمُرَجَّحُ أَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ عَمَلًا بِظَنِّهِ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ وَمِنْ تَعْلِيلِهِمْ أَنَّ مَنْ أَطْلَقَ الشُّبْهَةَ أَرَادَ بِهَا شُبْهَةَ الْفَاعِلِ فَتَخْرُجُ شُبْهَةُ الطَّرِيقِ وَهِيَ الْجِهَةُ الَّتِي يُبِيحُ الْوَطْءَ بِهَا عَالِمٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْتِفَاءِ ظَنِّ الزَّوْجِيَّةِ وَالْمِلْكِ وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ أَوْ وَالِدَتِهِ ظَانًّا جَهْلَهَا أَوْ أَكْرَهَ عَلَى الْوَطْءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ مَعَ أَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ يُسْقِطُ الْحَدَّ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْتِفَاءِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا لَوْ تَزَوَّجَ بِأُمِّ الْوَلَدِ الَّتِي لِغَيْرِهِ فَوَلَدُهُ مِنْهَا كَالْأُمِّ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الْمُسْتَوْلَدَةِ يَكُونُ حُرًّا فَيَكُونُ حُرًّا يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ مِنْ بَابِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ كَأُمِّهِ) عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَأُمِّهِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ أَمَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ انْعَقَدَ الْوَلَدُ حُرًّا. [فَرْعٌ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ الْمُسْتَوْلَدَةِ] (قَوْلُهُ لَهُ وَطْءُ الْمُسْتَوْلَدَةِ) أَيْ الَّتِي لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ وَطْئِهَا مَانِعٌ بِخِلَافِ مَا إذَا مُنِعَ كَأُمِّ وَلَدِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةِ وَأُمِّ وَلَدِ الْمُسْلِمِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْوَثَنِيَّةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَنْفُذْ الْإِيلَادُ لِرَهْنٍ وَضْعِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ أَوْ لِجِنَايَةٍ وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى الْمُبَعَّضُ إلَخْ) وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الَّتِي لَمْ يَنْفُذْ فِيهَا الِاسْتِيلَادُ لِرَهْنٍ وَضْعِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ أَوْ لِجِنَايَةٍ وَأُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَتْ أَوْ كَانَتْ مَحْرَمًا لِوَلَدِهَا أَوْ مَوْطُوءَةَ ابْنِهِ أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُرْتَدَّةً (قَوْلُهُ وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْإِذْنِ مِنْ قَوْلِهِ الْإِذْنُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 508 يُفَوِّتَا إلَّا سَلْطَنَةَ الْبَيْعِ وَلَا قِيمَةَ لَهَا بِانْفِرَادِهَا وَلَيْسَ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ مِنْ يَدِ غَاصِبِهِ فَإِنَّهُ فِي عُهْدَةِ ضَمَانِ يَدِهِ حَتَّى يَعُودَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ (إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ فَيَغْرَمَانِ (لِلْوَارِثِ) لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَا تَنْحَطُّ عَنْ الشَّهَادَةِ بِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ، وَلَوْ شَهِدَا بِتَعْلِيقِهِ فَوُجِدْت الصِّفَةُ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ، ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا. (وَلِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُهَا) وَلَوْ (إجْبَارًا وَكَذَا) لَهُ تَزْوِيجُ (بِنْتِهَا) كَذَلِكَ كَمَا فِي الْقِنَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إجَارَتَهُمَا فَيَمْلِكُ تَزْوِيجَهُمَا وَلِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّمَتُّعُ بِالْأُمِّ فَيَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا كَالْمُدَبَّرَةِ (لَكِنَّ الْبِنْتَ لَا تُسْتَبْرَأُ) أَيْ لَا حَاجَةَ إلَى اسْتِبْرَائِهَا بِخِلَافِ الْمُسْتَوْلَدَةِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَزْوِيجِ الْمُسْتَوْلَدَةِ مُسْتَوْلَدَةُ الْمُبَعَّضِ فَقَالَ الْبَغَوِيّ لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ تَزْوِيجَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مَوْجُودٌ (وَابْنُهَا يَنْكِحُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ) لَا بِدُونِهِ كَالْعَبْدِ. (فَصْلٌ لَوْ لَحِقَهُ وَلَدٌ) وَلَوْ حُرًّا (مِنْ أَمَةِ غَيْرِهِ) أَوْ لَمْ يَلْحَقْهُ لِكَوْنِهَا أَتَتْ بِهِ مِنْ زِنَاهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (ثُمَّ مَلَكَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) لِانْتِفَاءِ إحْبَالِهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَلِأَنَّ الْإِيلَادَ لَمْ يَثْبُتْ حَالًّا فَكَذَا بَعْدَ الْمِلْكِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَ غَيْرِهِ، ثُمَّ مَلَكَهُ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ لَا يَثْبُتَانِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ حَالًا وَلَا مَآلًا فَكَذَا الْإِيلَادُ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ مَلَكَهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ فَوَضَعَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) حِينِ (الْمِلْكِ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْهُ (إنْ لَمْ يَطَأْهَا) بَعْدَهُ لَكِنْ يَعْتِقُ الْوَلَدُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ زِنَاهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ وَلَدَهُ وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ قَاصِرٌ وَالْأَوْلَى لِأَرْبَعِ سِنِينَ (فَإِنْ) وَطِئَهَا بَعْدَهُ وَ (وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) حِينِ (الْوَطْءِ بَعْدَ الْمِلْكِ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ وَحُرِّيَّةُ الْوَلَدِ) وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُ الْعُلُوقِ سَابِقًا عَلَى الِاسْتِيلَادِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سَبْقِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الْمِلْكِ هُوَ مَا فِي الرَّافِعِيِّ وَهُوَ حَسَنٌ فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ مِنْ وَقْتِ الْمِلْكِ سَبْقُ قَلَمٍ وَقَوْلُهُ فَإِنْ وَضَعَتْهُ إلَى آخِرِهِ فِيهِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا مِنْهُ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا وَالْمُقْسِمُ قَبْلَهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ. (وَإِنْ أَوْلَدَ مُرْتَدٌّ أَمَتَهُ وَأَسْلَمَ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ (وَإِلَّا فَلَا) فَالِاسْتِيلَادُ قَبْلَ إسْلَامِهِ مَوْقُوفٌ كَمِلْكِهِ (وَلَا تُبَاعُ مُسْتَوْلَدَةٌ كَافِرَةٌ أَسْلَمَتْ) وَلَا مَنْ اسْتَوْلِدْهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (بَلْ تُجْعَلُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ) لِيُحَالَ بَيْنَهُمَا (وَقَدْ ذَكَرَ) ذَلِكَ (فِي) كِتَابِ (الْبَيْعِ وَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ وَكَسْبُهَا لَهُ) فَإِنْ أَسْلَمَ رُفِعَتْ الْحَيْلُولَةُ، وَإِنْ مَاتَ عَتَقَتْ (وَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ) لَا السَّيِّدُ لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ (بِإِذْنِهَا إنْ طَلَبَتْ) ذَلِكَ (أَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ إنْ طَلَبَ) هُوَ، وَإِنْ كَرِهَتْ هِيَ (وَالْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ) وَقِيلَ لَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ أَيْضًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ بِإِذْنِهَا وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ إنْ طَلَبَتْ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ كَأَصْلِهِ وَيُوهِمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ مَعَ ذَلِكَ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَزْوِيجِ أَمَتِهِ فَتَحَرَّرَ أَنَّهَا إنْ طَلَبَتْ مِنْ الْحَاكِمِ تَزْوِيجَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ السَّيِّدِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِيهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى طَلَبِهَا. (وَلَا حَضَانَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا وَقَدْ تَثْبُتُ لِلرَّقِيقَةِ، فَلَوْ أَتَتْ مُسْتَوْلَدَةُ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةُ بِوَلَدٍ مِنْهُ فَهِيَ أَحَقُّ بِحَضَانَتِهِ مَا لَمْ يَقُمْ بِهَا مَانِعٌ مِنْ تَزَوُّجٍ أَوْ غَيْرِهِ لِزِيَادَةِ شَفَقَتِهَا فَإِنْ قَامَ بِهَا مَانِعٌ لَمْ تَنْتَقِلْ الْحَضَانَةُ إلَى الْأَبِ لِكُفْرِهِ. [فَرْعٌ أَوْلَدَ عَبْدٌ أَمَةَ ابْنِهِ] (فَرْعٌ) لَوْ (أَوْلَدَ عَبْدٌ أَمَةَ ابْنِهِ) الْأَوْلَى وَلَدُهُ أَوْ فَرْعُهُ (ثَبَتَ النَّسَبُ) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (لَا الِاسْتِيلَادِ، وَلَوْ كَانَ مُكَاتَبًا) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ التَّامِّ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَثْبُتُ اسْتِيلَادُهُ بِإِيلَادِهِ أَمَةَ نَفْسِهِ، فَعَدَمُ ثُبُوتِهِ بِإِيلَادِهِ أَمَةَ ابْنِهِ بِالْأَوْلَى وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ كَمَا فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ وَقَيَّدَ الْأَصْلُ الِابْنَ بِالْحُرِّ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِفَهْمِهِ مِنْ نِسْبَةِ الْمِلْكِ إلَيْهِ وَلْيَدْخُلْ فِيهِ الْمُبَعَّضُ وَالْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ فَقَدْ مَرَّتْ مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ (وَجَارِيَةُ بَيْتِ الْمَالِ كَجَارِيَةِ الْأَجْنَبِيِّ) فَيُحَدُّ وَاطِئُهَا، وَإِنْ أَوْلَدَهَا فَلَا نَسَبَ وَلَا اسْتِيلَادَ، وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ غَنِيًّا أَمْ فَقِيرًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِعْفَافُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَوَلَدُهُ مِنْ مَمْلُوكَتِهِ) الْمُزَوَّجَةِ أَوْ (الْمُحَرَّمَةِ) عَلَيْهِ (بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ حُرٌّ نَسِيبٌ وَهِيَ مُسْتَوْلَدَةٌ لَكِنْ يُعَزَّرُ بِوَطْئِهَا) إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَلَا يُحَدُّ لِشُبْهَةٍ الْمِلْكِ تَمَّ.   [حاشية الرملي الكبير] قَوْلُهُ فَقَالَ الْبَغَوِيّ لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا) قَالَ لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ الْعَقْدَ مُمْتَنِعَةٌ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ مَا لَمْ تَكْمُلْ الْحُرِّيَّةُ وَكَتَبَ أَيْضًا فَرْعَهُ عَلَى رَأْيٍ لَهُ مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الَّتِي لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا. [فَصْلٌ لَحِقَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَةِ غَيْرِهِ مِلْكهَا] (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سَبْقِهِ) وَلِأَنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ مَاضٍ وَالِاسْتِيلَادُ سَبَبٌ حَاضِرٌ فَكَانَ أَوْلَى بِإِحَالَةِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِيَدْخُلَ فِيهِ الْمُبَعَّضُ) أَيْ وَالْمُكَاتَبُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 509 (يَقُولُ رَاجِي غُفْرَانِ الْمَسَاوِئِ مُصَحِّحُهُ مُحَمَّدُ الزُّهْرِيُّ الْغَمْرَاوِيُّ) أَمَّا بَعْدَ حَمْدِ مُفِيضِ الْخَيْرَاتِ وَمُنْزِلِ الْآيَاتِ تَنْوِيرًا لِقُلُوبِ ذَوِي الْبَصَائِرِ مِنْ الْكَائِنَاتِ وَمُغْدِقِ النَّعْمَاءِ بِتَبْصِرَةِ الْفُقَهَاءِ بِتَدْوِينِ الْأَحْكَامِ وَمُكَرِّرِ الْحُجَّةِ عَلَى خَلْقِهِ بِتَوْفِيقِ الْأُمَنَاءِ مِنْ الْعُلَمَاءِ لِتَبْيِينِ مَا يَرْضَاهُ مِنْ أَفْعَالِ الْأَنَامِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَاسِطَةِ عَقْدِ النَّبِيِّينَ الْقَائِلِ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهُهُ فِي الدِّينِ وَعَلَى آلِهِ السَّادَةِ الْأَخْيَارِ وَصَحْبِهِ الدَّامِغِينَ لِحِزْبِ الْبَاطِلِ بِكُلِّ قَاطِعٍ بَتَّارٍ فَقَدْ تَمَّ بِحَمْدِهِ تَعَالَى طَبْعُ كِتَابِ شَرْحِ الرَّوْضِ الْمُسَمَّى أَسْنَى الْمَطَالِبِ شَرْحُ رَوْضِ الطَّالِبِ لِإِمَامِ أَهْلِ التَّحْقِيقِ بِلَا خَفَاءٍ وَقُدْوَةِ ذَوِي الرُّسُوخِ بِلَا امْتِرَاءٍ مَنْ إلَيْهِ الْمَرْجِعُ فِي لَيْلِ الْمُدْلَهِمَّاتِ وَعَلَى بَيَانِهِ الْمُعَوَّلُ عِنْدَ مَزَالِقِ الْأَقْدَامِ فِي الْمُشْتَبِهَاتِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَعُمْدَةِ الْفُضَلَاءِ مِمَّنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الْعَلَّامَةِ أَبِي يَحْيَى زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيِّ لَازَالَ سَحَابُ الْإِحْسَانِ عَلَى مَقَرِّهِ جَارٍ، وَهُوَ كِتَابٌ جَمَعَ مِنْ دُرَرِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ كُلَّ فَرِيدَةٍ وَحَوَى مِنْ غَرَائِبِ آيَاتِ التَّحْقِيقِ كُلَّ مُفِيدَةٍ خُصُوصًا وَقَدْ وُشِّيَتْ غُرَرُهُ وَحُلِّيَتْ طُرُرُهُ بِحَاشِيَةِ مَنْ أُلْقِيَتْ إلَيْهِ أَزِمَّةُ التَّحْقِيقِ وَكَانَ قَوْلُهُ مَحَجَّةً فِي كُلِّ جَلِيلٍ وَدَقِيقٍ عَلَّامَةِ عَصْرِهِ الشَّهِيرِ الْإِمَامِ شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ الرَّمْلِيِّ الْكَبِيرِ لَازَالَ عَلَيْهِ سَحَائِبُ الرِّضْوَانِ مَا بَرِحَتْ مُؤَلَّفَاتُهُ تَزْرِي بِعُقُودِ الْجُمَانِ فَجَاءَ كِتَابًا لَمْ يَسْبِقْ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَهُ مَثِيلٌ وَلَا قَرَّتْ عُيُونُ الْفَضْلِ بِمِثْلِ طَبْعِهِ إذْ كَانَ مِنْهُ عَلَى نُقُولِهِ التَّعْوِيلُ وَذَلِكَ بِالْمَطْبَعَةِ الْمَيْمَنِيَّةِ بِمِصْرَ الْمَحْرُوسَةِ الْمَحْمِيَّةِ بِجِوَارِ سَيِّدِي أَبِي الْبَرَكَاتِ الدَّرْدِيرِيِّ قَرِيبًا مِنْ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ الْمُنِيرِ إدَارَةِ الْمُفْتَقِرِ لِعَفْوِ رَبِّهِ الْقَدِيرِ أَحْمَدَ الْبَابِيِّ الْحَلَبِيِّ ذِي الْعَجْزِ وَالتَّقْصِيرِ وَقَدْ بَدَأَ بَدْرُ طَبْعِهِ فِي شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ (1313) مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى التَّحِيَّةِ آمِينَ   [حاشية الرملي الكبير] [خَاتِمَة الْكتاب] (خَاتِمَةٌ) وَنَسْأَلُ اللَّهُ حُسْنَهَا لَوْ أَتَتْ أَمَتُهُ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَهُ فَشَهِدَ أَبُوهُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَلَدُهُ قِيلَ فِي الْأَصَحِّ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ وَلِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى وَلَدِهِ وَفِي ضِمْنِهِ الشَّهَادَةُ لِوَلَدِ وَلَدِهِ هَذَا آخِرُ مَا وَجَدْته بِخَطِّ شَيْخِ الشُّيُوخِ وَخَاتِمَةِ الْعُلَمَاءِ أَهْلِ الرُّسُوخِ فَقِيهِ عَصْرِهِ وَوَحِيدِ دَهْرِهِ مَوْلَانَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَسَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا شَمْسِ الدِّينِ وَخَاتِمَةِ الْعُلَمَاءِ أَهْلِ التَّمْكِينِ فَقِيهِ زَمَانِهِ وَوَحِيدِ أَوَانِهِ وَلَدِهِ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ وَالَى اللَّهُ عَلَى قَبْرِ كُلٍّ سَحَائِبَ الرِّضْوَانِ وَجَعَلَ جَزَاءَهُمَا الْفَوْزَ بِالْفِرْدَوْسِ فِي أَعْلَى الْجِنَانِ وَذَلِكَ بِهَامِشِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَفَاضَ اللَّهُ عَلَى قَبْرِهِ سَوَابِغَ الْإِكْرَامِ، وَنُجِّزَ تَجْرِيدُ هَذَا الرُّبْعِ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْمُبَارَكِ سَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَأَلْفٍ عَلَى يَدِ الْعَبْدِ الْفَقِيرِ إلَى اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّوْبَرِيِّ ثُمَّ الْأَزْهَرِيِّ غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ وَسَتَرَ فِي الدَّارَيْنِ عُيُوبَهُ وَنَقَلَ ذَلِكَ بِوَالِدَيْهِ وَمَشَايِخِهِ وَإِخْوَانِهِ وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ آمِينَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 510